o 0 13 ‏ا‎ ‎2 1 0 E ‏ا‎ ‎NODE ‎REINA MEREN PER و ر 2 ‎r‏ 1 4 19 : : م :۱ : ‎PE‏ ا , ‎e‏ : 1 : 2 2 7 ٣ 2 ‎RRR SSS‏ ا ن ۱ ت ی ن ‎E SE‏ ر 4 2 1 ا ‎EARN E‏ 2 ‎2K‏ ۴ . 2 : 2 1 : O 3 : 0 ‏ن‎ 3 A. ESR 2۳ 1 3 :7 ی , ا ‎"r‏ ^ و 7 1 3 ٍ ‏ت‎ ER - ۱ be ‏ا‎ ‎ERC یہ . ن REX IRD RARER RRND ‏ا‎ EER DEAS EEO ‏ر ا ` 7 0 ر پاي‎ LPO 4 1 “ 7 ۱ CR 7 " 7 ا ب چاج ایر بجی ع : ر 1 - / رب .ر ا ا س . ا سے تر کن کیا ی )س نی مک س 2 سپ / 4 4 7َ 723 7 7 0 ‏ان ناتنا‎ 4 ‏لاوت القع اف لل ل‎ e AEE EN AN SE AE RK سے + )۷ 7 2# الب وارسان التسل تاليف اشح اين دلي المجرو الناف PN 1۸AT - DNL. وصلى اله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين . سورة البقرة سيب التسمية ؟ سميت بذلك لذكر البقرة فيها في قصة بني إسرائيل في قوله عز وجل : «لوإذ قال موسى لقومه إن اله يأمركم أن تذبحوا بقرة . . () . وقد أسلفنا في مقدمة تفسير الفاتحة الشريفة أن بعضهم يكره هذه التسمية » ويرى أن يقال : السورة الي تذكر فيها البقرة . وكذا في أمثالا استنادا إلى ما أخرجه ابن الضريس والطبراني ف الأوسط 6 وابن مردویه والبيهقي ف الشعب عن أنس بن مالك - رصي الله عنه ‏ قال : قال رسول الله کي : «لا تَمولوا سوره البقرة ٠ ولا سورة ال عمران ٠ ولا سورة النساء £ وكذا القران كله . ولكن قولوا السورة الي تذكر فيها البقرة » والسورة التي يذكر فيها ال عمران ٠ وكذا القران كله» . وما أخرجه البيهقى في الشعب بسند صحيح عن ابن عمر - رضي الله عنہا قال : «لا تقولوا سورة البقرة ولكن قولوا السورة التي تذكر فيها البقرة» . ولكن ال جمهور على خلاف ذلك للروايات الصحيحة الدالة على جواز هذه التسمية. منها اللرفوع ومنا الموقوف . وقد ١ سورة البقرة : الأية ١06۷ أسلفنا ذكر بعضها. وما يستند إليه المانعون لاأيقوى على معارضتها . ما حدیث انس فهو ضعیف جدا » في إسنادہ یحی بن میمون الخواص »٠ وليست في روايته حجة » ولذلك قال الحافظ ابن كثير : هذا حديث غريب لا يصح رفعه . ما حديث ابن عمر فهو موقوف ٤ غاية ما فيه انه رأي صحابي ٠ وقد عورض برأي الأغلبية الساحقة من الصحابة - رصي الله تعالی عنہم ء فضلا عن معارضته بالأحاديث المرفوعة الصحيحة . السورة مدنية : وهي مدنية » وحكى غير واحد من المفسرين الأجماع على ذلك » غير أن قطب الأئمة ‏ رحمه الله - في تفسيره «هيميان الزاد» حکی عن بعضهم ان ایتین منہا مکیتان » وهما قوله تعالی : ود كثير من أهل الکتاب لو يردونکم من بعد إیمانکم کفارا حسدا من عند أنفسهم .. 4( (الآية) › وقوله : ليس عليك هداهم ولكن الله يمدي من يشاء . . 4) «الآية» . ولا مستند لهذا القول ٠ بل الصبغة المدنية ظاهرة عليه . فإن أولاهما في مواجهة أهل الكتاب ٠ ومن المعلوم أن المعركة بين الدعوة الاسلامية وأهل الكتاب ل تبداً إلا بعد الحجرة . وأما ٹانيت| فقد جاءت في سياق آيات الانفاق المدنية » ومن المعلوم أن الآيات المكية وإن أقى فيها ذكر الانفاق فهو ذكر عابر ليس فيه ذلك التفصيل الذي نجده في القران ۱ - سورة البقرة : الأية ۹« ٢ - سورة البقرة : الآية ٢۲۷» المدني » وروي عن مجاهد : أنها سورة أنزلت بعد الحجرة . وهو محمول على فاتحتها دون جمیعھا ٠ إِذ إنہا قد صاحبت ‏ نزولا - جميع مراحل الدعوة بعد الحمجرة حتى قيل إن اية منہا هي اخر ما نزل من القرآن » وهي قوله سبحانه : #إواتقوا يما ترجعون فيه إلى الله ثم توئی کل نفس ما کسبت وهم لا یظلمون ') ء نزلت فیا قیل بہنی يوم النحر في حجة الوداع › وهذا لا ينافي ما قلناء من مدنية جميع السورة لما عرفته أن المكي ما كان قبل الججرة والمدني ما كان بعدها بغض النظر عن مكان النزول . ولا يشكل عليك نزول اياتها طوال فترة إقامة النبي يَيِةٍ بالمدينة مم نزول عدد من سور القران خلال تلك الفترة . فإن السورة الواحدة لا يلزم أن تنزل متتابعة » فد تنزل ایات منہا ثم تنزل ايات من غيرها قبل استكماها » وإنما كان النبي ية يأمر أن توضم کل ايه موضعها » وعند ما قبض كان جميع القرآن مرتبا متلوا . أما ترتيب الصحابة - رضي الله تعالى عنم له بعد انتقاله ية إلى الرفيق الأعلى ٠ فلا يعدو ترتيب تدوينه في الألواح بحسب ما ترتب في الأذهان . عدداياتہا: وآياتها مائتان وست وثمانون - وهو المعتمد عليه في الملصاحف المنتشرة » وعزاه ابن عاشور إلى أهل العدد بالكوفة - وقيل مائتان وسبع وثمانون ٠ وعزاه إلى أهل العدد بالبصرة . وذكر القطب في هيميانه قولا اخر- صدره وأتبعه القولين السابقين ‏ أنها مائتان وخخس ١ - سورة البقرة : الأية ۱۶٢۲ وثمانون . وهذا القول صدره أيضا ابن عاشور » وعزاه إلى اهل العدد بالمدينة . أطوار الدعوة في هذه السورة : وإذا كانت هذه السورة قد مرت بجميعم أطوار الدعوة والتشريع بعد ال حجرة فلا غرو إذا وجدناها تتناول بالتفصيل اللشاكل التنوعة الى كان المسلمون يواجهونها حتى أنها سميت لكثرة أحكامها ووفرة فوائدها- فسطاط القرآن . والدعوة - مجرته ي وهجرة أصحابه - رضي الله عنہم ‏ قد دخلت طورا جديدا » فلذلك نجد في ثنايا القران المدني من الأوامر والأحكام » والإرشاد والتوجيه . مالا نجده في القران المكي . الاعوة ف مكة : ولم تكن هذه ال حمجرة حادثا اختياريا ‏ وإنما كانت أمرا ضروریا فرضه الواقع الملرير » وصرفه القدر النفاذ ( . فالدعوة بدأ صوتها ي شعاب مكة المكرمة همسا بين ضجيج الجاهلية وصخبها › وما لبث هذا الصوت المامس أن تحول من الخفوت إلى الحدير الذي أصم أسماع شياطين الباطل ٠ وأرجف قلوبهم ٠ وزلزل الأرض من تحت أقدامهم » فبذلوا جهدهم لأجل إسكاته . وحاولوا الحيلولة بينه وبين مسامع الجمهور لا يخشونه من استقطابہم لأنه صوت الفطرة الذي يخرج بالانسان من مضيق الكفر إلى رحاب الايمان » ولم يألوا جهدا في فرض أنواع العقوبات الرهيبة على كل من حدئته نفسه بان ١ ۔ اسب إلقاء هذا الكلام - ئي درس التفر ‏ الاحتفال بذکری الحجرة ي المحرم عام ۳٢اه . يقاومون مر الله الذي لا يعجزه شی ء 6 فا لنت الدعوة ُن افتحمت السدود 6 واجحتاحت العراقيل 6 ووصلت إلى نموس اللستضعفين الذين نكبوا بقهر الحبارين »٠ وبطش الظالين ٠ فأفرغت فيها السكينة . وأفاضت عليها الطمأنينة . وهنا نشأت القاومة العنيفة بين معسكر الايمان الذي يجمع لفيفا من المستضعفين ٠ ومعسکر الكفغر الذي يضم الطواغيت الملتسلطن 6 ومن حيث ٳِن السلطان كان في أيدي أولئك الطواغيت الذين لا تعرف الرحمة طريقا إلى قلوبهم ٠ تعرض فريق المؤمنين لضروب الايذاء وأنواع الحن . فكان صبحهم لايتجلى إلاعن جديد من المكائد والمؤ امرات » وليلهم لا يغشى إلا بأنثْقال الجموم التي كادت تسد على نفوسهم منافذ الصبر وتطفىء منها شعلة الرجاء . محنة تجتازها الدعوة : غير أن حكمة الله عز وجل اقتضت أن يقوم من نفس سادات قریش من یشد زر هذه الدعوة ويساند نبيها يَيةٍ 6 وهو ابو طالب 6 عم الرسول يَيةٍ ٠ الذي أبت عليه مروءته الحاشمية وحميته العربية إلا أن يقف ي جنب ابن أخيه مع تمسكه بدين ابائه » المناقض لذا الدين الحديد . فكانت هذه المؤازرة وسيلة لأن تشق الدعوة طريقها بن تحىديات المعارضين 6 ومؤٌ امرات الحاقدين 6 ولكن إرادة الله شاءەت أن لا يستمر هذا الو 6 فمنيت الدعوة بفقد مؤازرها أي طالب ٠ كا رزئت بمصاب إحدى دعائمها الكبرى وهي السيدة خديبة أم المؤمنين ‏ رضي الله عنها - التي جمعت للنبي يَيةٍ بين وفاء الزوج اللخلصة وحنان الأم الرؤ وم . وكثيرا ما كانت تمسح بيدها الحانية عليه فتجفف منه عرق الارهاق الذي يعروه . وتأسو كلوم المآسى الى يعانيها , فلا غرو أن كانت وفاتها رزية فادحة حلت بالنبي. و وبالدعوة التي كادت حركتها تتجمد . وكاد صوتها يفت ٠ إِذ لم يبق من بني هاشم أسرة النبي يي » من بقي على دين قريش - من يجمع بين عاطفة أبي طالب وقوة شخصيته التي تفرض على قريش تقديرها واحترامها . أما المؤمنون منهم فلم يكن لم ي المجتمع المكي ما كان لأي طالب من المكانة الاجتماعية . لأن إيمانهم بالرسول يَلٍ أفقدهم كل تقدير عند طواغيت الكفر . وتلك عحنة عنيمة كابدها المؤمنون مناص عن البحث عن قاعدة تارز إليها الدعوة 6 ويأوي إليها رجالا » لينطلق منہا صوتها عاليا يدوي في جنبات الأرض متحديا ضراوة الكفر وأحقاد الجاهلية . يثرب للمهمة الحلى : وکان القدر الالجي قد هيأ مدينة يثرب هذه المهمة ال جلى التي لم يكن لأي مكان أن يكسب شرفها » فكانت هى دار الحجرة ال احتضنت الرسول ی وأصحابه المهاجرين 6 وازرت دعونه »٩ وكانت هذه الحجرة إليها مسبوقة بجرتين إلى الحبشة لتكونا تجربتين n عمليتين للمهاجرين › وفي وسط تاريخ الدعوة المكي ٠ كانت تتنزل ايات بين حين واخر » تلمح متها إِماءات إلى الحجرة ٠ وتفوح منہا روائح البشائر للمهاجرين بعز الدنيا وسعادة الأخرة وذلك لأجل إعداد النفوس ها . وتوطينها على تحمل أعبائها . وما لا يخفى على ذي بال أن الوضع في مكة لم يكن يسمح للمؤمنين أن يقيموا حیاتہم الاجتماعية على سس الاأسلام « إذ لم يكن للجاهلية فيها - وهي في أوج سلطانها وعنفوان جبروتها - أن تقف مكتوفة الأيدي عن أقلية خارجة عليها وهي تجببي الصدقات ٠ وتفيم ا لحدود 6 وتبني الحياة السياسية 6 والاجتماعية عل فواعد الاسلام المناقض لا . فكان من الضرورة بمكان أن يفتش المسلمون الأوس وا خزرج اللتين اتفقتا على نصرة هذا الدين ٠ وإيواء نبيه › جرد رجاا عزائمهم على تحدي الزمن 6 ومواجهه جميع الصعاب 6 ترابها دولة الايمان والحق التي تقوم على تعاليم القران ٠ فتم إنشاء هذه الدولة فعلا . وأخذ الشرك يحسب ها كل حساب . ظهور طائفة المنافقين : وإذا كانت المعركة في مكة المكرمة كانت رحاها تدور بين طائفتي الاسلام والشرك . فإن أحداث الحجرة تمخضت عن ميلاد طائفة ثالثة . هي طائفة المنافقين . الذين أرعدت فرائصهم قوة n الاسلام . وهالمم سلطانه 9 ولم يكن لم من الحرأة والصراحة ما للمشركين ٠ فلم يروا أمامهم طريقا إلا أن يرتدوا أردية الا سلام ليخفوا ما يكنونه من معتقدات الحاهلية . وما يضمرونه من الحقد الدفين ٠ وكانوا يرون أن سياستهم هذه ناجحة لأنهم يهدفون إلى التمتع بالاستقرار والطمأنينة في ظل دولة الاسلام . ومشاركة اللسلمين في المغانم والحقوق ما دامت هذا الدين قوة › وكانوا يطمعون أن لا يكون سلطان الاسلام أكثر من سحابة صيف ٤ غير أن الله سبحانه ما كان ليدعهم يعبثون بين ظهراني المسلمين من غير أن ينزل فيهم من الآيات ما يكشف عن طوایا ضمائرهم . ويجلي خبث سرائرهم » ويتوعدهم بوان الدنيا وعذاب يوم الدين ٠ ولم يكن الوضع بمكة المكرمة يقتضي وجود هذه الفئة » إذ المشركون فيها هم المتسلطون القابضون على أزمة أوضاعها › فليس تم من داع لأن يتستر أحد بالاسلام مع إبطانه خلافه . كيف والمسلم كان هناك مهيض الجناح مسلوب الحقوق معرضا لصروف الأذى وضروب البلاء . الفريق الآخر ؛ اليهود الحاقدون : هذا وقد كان بالمدينة فريق اخر من أعداء الدعوة الألداء £ وهم اليهود » الذين أشربت قلوبهم الضلال ٠ وخيّم عليها الحقد ٠ واستولى عليها الحسد » وكانت لحم من قبل عدة محاولات لطمس نور احق ٠ وتشويه وجه الحقيقة في سلسلة أحداثهم الي من بینہا مؤامراتهم على أنبيائهم ٠ وتحريفهم ما أُنزل عليهم . وقد امتزج کره -۔ ۱۲ ۔ الحق وعداوة أهله . والحقد على الانسانية › بلحومهم ودمائهم ٩ مكانة في أيام الجاهلية . لأنهم آهل کتاب بین آمیین ٠ وقد استطاعوا بمكرهم ودهائهم ٠ أن يسيطروا على تبارة المدينة . ویرهقوا سکانها - من الأوس وال خزرج - بضرائب فادحة ٠ بطرق الربا الذي يمتصون به الثروات مقابل ما يعطونه من الذين . وعند ما شم نور الاسلام بين جنبات المدينة . وطوى ظلمات الكفر من نفوس أكثر الأوس والخزرج ٠ أحس اليهود بفداحة الخطب النازل بهم ٠ لأغهم شعروا بتقلص سلطانهم الروحي 6 وفشل حيلهم المادية 6 واحسوا اہم مام طريقين ؛ إما الرضى بالانتظام ف سلك الدين اللجحديد 6 والاندماج مم غيرهم ٠ والتساوي معهم في الحقوق والأحكام ٠ وإما التمسك با كانوا عليه من عقائد مع فقدان ما كانوا يتمتعون به من مزايا خاصة . وكلا الأمرين صعب عليهم »٠ فإنهم يحرصون دائ أن يبقوا طبقة متميزة » ويحذرون من الذوبان في أي أمة أو شعب أو جتمعم 6 وکانوا يتطلعون إل السيادة ف الأرض ٠ والقيادة ف البشر ٠ لأنهم يعرفون لا تبقى عندهم من علم الكتاب - أن نبيا قد أظل زمنه » تعم دعوته وتسود أمته » وما کانوا یظنونه سیظهر من غير الشعب الاسرائيلى » فكانوا يترقبون دائما أن ينشاً بينهم هذا النبي 6 لا لأجل اتباع هداه ٩ ولكن لأجل ما يطمحون إليه من العلوّ في الأرض . فلا انكشف الأمر على خلاف ما كانوا يطمعون . زاغت ۱۳ -۔ أفكارهم واضطربت نفوسهم » واشتعلت بين جوانحهم نار الحسد » فضاعفوا جهودهم ف الصد عن هذه الدعوة والافتراء عليها والتامر على أهلها › تارة بتأليب المشركين خارج المدينة › وأخرى بتشجيم النافقين داخلها . السورة تصور أحوال كل فريق : وتصور لنا بداية هذه السورة وهي أول مانزل في هذا الطور- طبيعة كل فريق من هذه الطوائف .٠ فقد استهلت براعتها بإعلان أن الكتاب المنزل هدى للمتقين ٠ وكشفت الستار عن صفاتهم التي يتحلون با ي الدنيا » وجلت المصير الذي ينقلبون إليه يوم القيامة . ثم عطفت العنان إلى فريق المشركين الذين جاهروا بعقيدتهم ٠ ثم أفاضت في وصف الفريق الثالث - فريق المنافقين المذبذبين بين هؤلاء وهؤلاء - وكشفت أنواع المخازي التي يوارونها بأستار الخداع › ولأجل خطورة هذا الفريق على الدعوة ورجالما › ومؤ امراتهم على الاأسلام ونبيه » لم تقتصر السورة على مقدار يسير في تعرية أحوالهم ٠ بل توالت ثلاث عشرة اية كل واحدة منہا ذات دلالة واسعة على خطورة النفاق ومساوىء المنافقين . ثم واجهت البشر جميعا على اختلاف مسالكهم بدعوتہم إل عبادة الله وتذکیرهم بالائه المتمثلة في خلق الانسان وخلق ما في هذا الكون ٠ أرضه وسمائه . لتحقيق منفعته . وتغلل ذلك وعد بالثواب ووعيد بالعقاب ٠ للحث على الخير والردع عن الشر » ثم ولي ذلك بيان خلق الأنسان والتعريف بمنصبه وهو الخلافة في الأرض » مع تحذیره ٤ا - مما هدد أمنه من وساوس الشيطان ومکائده ٠ وتبیان ما تقتضیه هذه الخلافة . وتستلزمه محاربة الشيطان من اتباع هدى الله . واستلهام الرشد من قبله . نم عادت السورة فواجهت الفريق الرابع - وهم اليهود - واستهلت هذه المواجهة بتذكيرهم بنعم الله » الي من بينها تفضيل أسلافهم با أوتوه من الحهدى » وتعاقب رسل الله إليهم ٠ ودعتهم إلى الوفاء بعهد الله ٠ والايمان با أنزل مصدقا لما معهم ٤ وحذرتهم أن يكونوا أول كافر به » وأن يشتروا بایات الله ثمنا قلیلا . وأن يلبسوا الحق بالباطل ويكتموا الحق . ودعتهم إلى إقام الصلاة وإيتاء الزكاة . ووبختهم على أمر الناس بالبر ونسيان أنفسهم . ثم انقلبت بهم إلى قصتهم مع فرعون ٠ ومنة الله عليهم إد أنجاهم منه ومن اله » وفرق لم البحر فأنجاهم وأهلك به فرعون ومن معه »٩ ثم كشفت لم تاريخهم الأسود في عهد موسی ‏ عليه السلام - مبتدئة بتأليههم العجل وقولحم لموسى : «ۇلن نؤمن لك حتى نرى الله جهرةڳ() ء وتبديلهم القول الذي قيل لحم ٠ وما وراء ذلك من ضروب العناد وأنواع الفساد » مع تذكيرهم بكثير من الاء الله الي كان يفيضها عليهم مع انحرافهم عن الصراط السويي ٠ وعلمه بدخائلهم ابتلاء منه سبحانه واختبارا » وهكذا نجد أكثر من مائة اية من السورة الكريمة ذات علاقة ببني اسرائيل أتت تارة مذكرة وتارة منذرة وأخرى موبْخة . كا انطوت على تحذير ١ سورة البقرة : الآية و55٥1 ١۵ ۔ المؤمنين منم » وتبصيرهم بمو امراتهم ومكائدهم . وهي دليل على ما کان عليه اليهود في وقت نزول السورة من معاداة احق ومضافرة الجهد للصد عنه ٠ ك أنها دليل على شرتهم بظهور نبوة النبي العري يو وانتشار دعوته وحسدهم المؤمنين على التئام شملهم بعد الفرقة . واتحاد كلمتهم بعد الاختلاف ٠ وتواد طوائفهم بعد التباغض ٠ وتأزرها بعد التنابذ ‏ وتناصرها بعد التحارب . اليهود مخسرون مکانتهم بي المدينة : وشن الیهود ۔ کا هو دیدنهم دائا - الاصطياد في الماء العكر » وقد كانوا مستفيدين من حروب الأوس والخزرج التي دامت مائة وعشرین عاما » وکانوا هم من ورائها يضرمون نارها » ويحمون وطیسها بشرر فتنہم » ووقود دسائسهم ٠ وعند ما التأم الشمل بين هاتين القبيلتين المتناحرتين ك) التأم بينا وبين المهاجرين عند ما تعاقدوا بالخناصر على مناصرة الله ورسوله ٠ وأذابوا خلافاتهم في بوتقة الايمان › شعر اليهود أنهم أمام طرق مسدودة ٠ فلا سبیل م إلى ما اعتادوه من التحريش بإثارة الأضغان وإلحاب الحفائظ . كا شعروا نهم فقدوا ‏ بإشراق شمس الاسلام على أرجاء المدينة اللنورة - ما كانوا يتمتعون به فيها من قيادة فكرية بين العرب الأميين ٠ كا فقدوا وسائل ابتزاز الثروات وتضخيم رؤ وس الأموال واحتكارها › لأن الدين الجحديد لن يتساهل معهم في ذلك ٠ وسوف يقيم حياة الناس الاقتصادية على أسس العدالة والاستقلال عن جميع نظم الظلم التي تفشت ٠ كا يقيم الحياة الفكرية على دعائم العلم ١٦۱ - والبرهان 6 فلا يستغرب منہم إن جريوا کل محاوله لتحطيم فوة الاسلام وإطفاء نوره 6 ومزیق شمله 6 إيريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ویأں الله إلا أن يتم نوره ولو کره الكافرونچي() . وبإدراك هذه الظروف الى أحاطت بالأمة المسلمة ‏ ك| أحاطت بالدعوة الاسلامية بدار الحجرة عل صاحبها أفضل الصلاة والسلام - يمكن لن تأمل أن يدرك أبعاد الحجرة وأن يفهم واقم حياة اللهاجرين » فإنهم لم ينتقلوا إلى الدّعة والراحة والكسل › وإنغا انتقلوا إ ى لون اخر من ألوان ال جحد والكفاح ٠ والعمل والفداء . مكانة الحجرة ي الأسلام : ولأجل هذه الخصائص ال كانت للهجرة 6 اعتبرت من صميم الدين › ومن هم الغرى التي يجب على المؤمن أن يتمسك بجا . إذ لم تكن أمرا جانبيا طافيا على سطح حياة الأمة . وإنما كانت قاعدة أساسية من قواعدها . ولذلك توالى التأكيد عليها في القران كا في قوله عز وجل : إن الذين امنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالحم وأنفسهم في سبيل الله والذين اووا ونصر وا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين امنوا ول يہاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتی یہاجرواڳ(") , فانظر كيف اعتبرت الحمجرة متممة للايمان ولم يكن وحده يمجزيا للربط بين اللؤمنين دونها . بل لا يستکمل معناہ إلا بہا » بدليل قوله تعالى : ١ سورة التوبة : الآية و۳۲» ۲ سورة الأنفال : الأية ‎A‏ ۱۷ ۔ والذين امنوا وهاحر وا وجاهدوا ئ سبیل الله والذين اووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا»() . وبتصور تلك المعركة الحامية الوطيس بعد الحمجرة - بين فئه الحق المتحدة بإيمانها » القوية بيقينها . المتماسكة بإخلاصها لدينها › وفئات الباطل الملختلفة الى تلتقى حميعا على محاربة الله ورسوله والتآمر على دينه » وعباده اؤ منين -يمكنك إذا تلوت القرآن المدني أن تستجلي ما تشبر اليه ایاته من وصف هذه المعركة » وتحليل دوافع الحاقدين الذين كانوا لا يفت ون يؤ ججون سعيرها » كا يمكنك فهم الحكمة مما تحجده في ثنايا الآيات التنزلة ي العهد المدني من دعوة إلى الصبر والمصابرة . وتوطين النفوس على تلقي ما ينزل عليها من البلاء . كى تيد ذلك واضحا في هذه السورة في قوله سبحانه : لإولنبلونكم بشيء من الخوف وال جوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ویشر الصابر ين كه (") وما بعدها من الآيات 6 وقوله : طأم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولا يأتكم مثل الذين خلوا من تبلكم . .4 (الآية) . هذا ؛ وبا أن هذه السورة كانت اياتها تنزل طوال العهد المدني ٠ وهو عهد يتسم بالتشريع ٠ انطوت على كثير من الأحكام التشريعية سواء ما يتعلق منہا بالعبادات أو بالمعاملات .٠ وقد لخصها ١ سورة الأنفال : الآية ٤۷ء ٢ سورة البقرة : الآية ١١٥٠٠ ۳ - سورة البقرة : الأية 7٢ ۲۱» ١ إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة بمدح أهلها في الآية «©۳» › والأمر | ي الآية «١١١٠» . ۲ تحريم السح وعذه كفرا وفتنة أو مستلز ما للكفر في الأية (١١٠» . ۴ - أحكام القصاص في القتلى وهو المساواة فيها وحكمته ي ايت )۱۷۸ ۱۷۹ , ٤ الوصية للوالدين والأقربين في ايتي ١۱۸۱ء ۱۸۲» . ٥ - أحكام الصيام مفصلة وقد نزلت في السنة الثانية للهجرة . ايات (۱۸۳- ۱۸۷) . ٦ - تحريم أكل أموال الناس بالباطل والادلاء سہا إلى الحكام للاستعانة بهم على أکل فریق منہا بالإثم » كا هو الفاشي في هذه الأزمنة في اية ۱۸۸( . ۷ جعل الأشهر الحلالية هى المعتمدة في المواقيت الدينية للناس 6 ومنہا : الصيام 6 وا حج ى وعحده النساء » ومده الأيلاء 6 في اية ۱۸۹ » . ۸ أحكام القتال - وقيده صاحب النار بقتال من یقاتلنا وہدد حرية دیننا دون غیرهم - وتحریم الاعتداء فيه » وغایته منع الفتنة ي ۱۹ ۔ الاين › وهو الاكراه فيه والتعذيب والايذاء للصد عنه ٠ والراد مایسمی ئي عرف هذا العصر بحرية الاعتقاد والوجدان ٠ ومنه أحكام القتال في الشهر الحرام ف الآأيات ١۹٠ -١۱۹» و ٦۷۱۸-۲۱« نم ٢٤۲۲-٢٢۲( . ٩ - الأمر بإنفاق المال في سبيل الله لأنه وسيلة للوقاية من التهلكة ٠ وهذا يتناول الانفاق في الاستعداد للقتال الذي يرجى أن يكون سببا للسلم ٠ ومن القتال والسلامة من اللاك ٠ ويتناول غير ذلك كمنم العدوان العام وا خاص ۾ والنظم الضارة بالاجتماع › الأية () ء ثم الأمر بالانفاق من أجل السلامة من هلاك الأخرة » في الآية «٤٠۲» » ثم الترغيب في الانفاق والوعد بمضاعفة الأجر عليه بسبعمائة ضعف وأكثر ٠ وبيان شروط قبوله وادابه › وضرب الأمثال للاخلاص والرياء فيه في سياق طويل ٠ الآيات ۱٢٦۲ - ٢ ۲۷» . ٠ - أحكام الحج والعمرة . الآيات «۳-۱۹١۲» . ١ - النفقات والمستحقون فا من الناس › الآيات ٢٠۲ › ۹ء ۲۷۳« . ۲ - تحريم الخمر والميسر تحريما ظنيا إجتهاديا راجحا غير قطعي 6 تهيدا للتحريم الصريح بالنص القطعي 6 الأية ر۲۱۹ » . ۳ - معاملة اليتامى ومحالطتهم في المعيشة الأية (٢٢۲» . ٤ - تحريم نکاح الؤمنن اللشركات وإنكاح المشركين 7 اللؤمنات › الآية «۲۲۱» . ر۲۲۲ < ۲۳۲( . ١ - بعض أحكام الأيمان بالله . كجعلها مانعة من البر والتقوی › والاصلاح وعدم المؤ اخحذة يمين اللو ©٠ ف ايقي (٢۲۲ ۰ ٢۲۲( . ۷ - حكم الايلاء من النساء » في ایتي د٢۲۲ ٩ ۲۲۷» . ۸ - أحكام الزوجية من الطلاف والرضاعة 6 والعدة 6 وخطة المعتدة » ونعفتها » ومتعه الملطلقة ٠ الآيات (٢۲۲۸ ۔ ۲۳۷ « ٢١٢۲« . ٩ - حظر الرباء والأمر بترك مابقي منه » والاكتفاء برؤ وس الأموال منه » وإيجاب إنظار المعسر أي إمهاله إلى ميسرة » الآأيات ٢۲۷ - ۸۰٢۲» . ٠ - أحکام الدين من كتابة وإشهاد . وشهادة . وحكم النساء والرجال فيها . ووجوب أداء الأمانة . وتحريم كتمان الشهادة . في ایقي ۲۸۲ ٠ ۲۸۳» . ١ - خاتمة الأحكام العملية . الدعاء العظيم في خاتمة ا۲ - السورة الآية (۲۸» .. انتهى ما لخصه صاحب الثار . الحانب العقائدي في السورة : وبجانب هذه الأحكام العملية . فقد تناولت السورة جانب العقيدة . ومنه : بيان أركان الايمان ي الآية (۷١۱) . والتصريح بوحدة الدين » ووجوب الامان بجميع رسالات المرسلين » في قصة ابتلاء إبراهيم بکلمات ». وما کان بينه وبين ربه من خطاب ۽ ودعائه بأمن البلد الحرام ورزق أهله من الثمرات من امن منهم بالله واليوم الآخر › وقصة رفعه مع ولده إسماعیل قواعد البيت ٠ واشتراكه| في الدعاء بأن يتقبل الله متنا . وأن يجبعلها مسلمين له ومن ذريته) أمة مسلمة له » وأن یریهم مناسکهم ۽ وان يتوب عليهم › وأن يبعث فيهم رسولا منېم يتلو عليهم ایاته » ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ٠ وبيان استقامة ملة إبراهيم ٠ واصطفائه ي الدنيا , وصلاحه في الأخرة » وإسلامه لربه » ووصيته لبنيه ووصية يعقوب لبنيه أيضا بالاسلام » وبيان أن الحجدى في حنيفية إبراهيم ٠ والأمر بإعلان الايمان بكل ما أنزل على النبي ٠ وحاجة أهل الكتاب الممارين ي ذلك ٠ الآيات )۱۲-١٤۱( ِ ومنه بيان أساس الدين وهو توحيد الله عز وجل ٠ ووصفه بصفات الحلال والكمال ٠ الآيات (۱۱۳ ۰ ٢٥۲ . ٢۲۸) . هذا - ۲۲ بجانب ما يأتي في فواصل كثبر من الآيات من وصف الله سبحانه ما يليق به من عظائم الصفات . ومنه التطواف بالعقل البشري في أرجاء ملكوت الله للوقوف على المعالم الشاهدة على توحيد ربوبيته 9 أية (١١٦۱) . وكا واجهت السورة بنى إسرائيل الذين بدلوا ايات الله واشتروا بها ثمنا قليلا » وكتموا كثيرا مما أنزل من البينات بقوارع الأتكار . واجهت بئلها مشركي العرب الذين ركنوا إلى التقليد » وعصبوا أعينهم عن رؤية نور الحقيقة » وسدوا اذانهڄم عن سماع صوت الحق . وشبهتهم بالصم البكم العمي ٠ ایتا ر۱۷۰ ٩ ۱۷۱) . وتعرضت في مواجهة أهل الكتاب والمشركين لحدث مهم ٠ وهو تحويل قبلة الملسلمين من بيت المقدس إلى البيت الحرام › ذلك الحدث الذي جعل منه أهل الكتاب ومشركو العرب سه مسموما لطعن الدين ٠ ومنفذا إلى انتقاد سلوك نبيه يي ٠ والاستخفاف بدعوته » وقد فندت السورة فريتهم وبددت شبهتهم ٠ وأقامت الحجة على أهل الكتاب من نفس كتابهم . الآيات ( ١١۱-١١۱( . قواعد دينية : ومن حيث إن السورة الكريمة حاوية لحل أهداف الدين ۲۳ ۔ ومقاصد شريعته . فبإمكان من درسها أن يستظهر كثيرا من القواعد الدينية التي ترجع إليها جزئيات أحكامه من بين طواياها › وقد انتزع منا العلامة السيد محمد رشيد رضا ثلانا وثلاثين قاعدة ٠ أوردها ي مقدمة تفسيرها في المنار » ولأجل احرص على مام الفائدة رأيت إيراد هذه القواعد بشيء من التلخيص والاجاز مع إبداء ما يبدو لي من الللاحظات على بعض كلامه : القاعدة الأولى : ان اتباع هدى الله المنزل على رسله - وهو الدين - موجب للسعادة . بأن أصحابه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون » وهذا وعد يشمل الدنيا والآخرة لاطلاقه . ولكنه بي الدنيا إضافي مطرد في الأمم › وإضافي مقيد غير مطرد ي الأفراد . وفي الأخرة حقيقي مطرد للجميع » وموجب لشقاء من أعرض بعد ٻلوغ دعوته على وجهها على نسبة مقابلة في الدارين › والشاهد عليه قوله لادم ومن معه : لإقلنا اهبطوا منها جيعا فإما يأتينكم مني هدى . . 0(4 . وراجع معناه في سورة (طه) : فإما يأتینکم مني هی فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقی که (۲) ‘ فهي موضحه للمقصود هنا . القاعدة الثانية : ان سعادة الدين إنما تحصل بإقامته › والشاهد من السورة فوله تعالى : مإوأوفوا بعهدي أوف بعهدكم . . 4 . ومثله في باب الاطلاق قوله سبحانه : لإوكان ١ سورة البقرة : الآية د۳۸٠ ٢ سورة طه : الآيات ١۱۲۳ . ١١۱۲ء ۳ ۔ سورة الإقرة : الأية ‎ts‏ ٢٤۲ - حقا علينا نصر المؤمنين4) ء وفي باب التقييد : $ . . إن تنصروا الله ينص رکم 4 (۲) . وهو شاهد على التقييد الذي سبق ذكره في القاعدة الأولى ٠ ومثله : فا جزاء من يفعل ذلك منکم إلا خزي في الحياة الدنيا . . 4#( . القاعدة الثالثة : قبح عمل من يأمر غيره بالخير وهويتركه » أو ينهاء عن فعل ما يضره من الشر وهو يفعله » ومحل الشاهد : لإأتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون»() . وهي صريحة في أن هذا العمل مخالف للمعقول الفطري ٠ وللمنقول الشرعي ٠ وهو الكتاب العزيز » فصاحبه يقيم به الحجة على نفسه ٠ ولا يكون أهلا لأن يمتثل أمره أو هيه . القاعدة الرابعة : وجوب ترجيح الأعلى على الأدنى ٠ وإيثار الخبر على الشر » والارشاد إلى طلب ما هو خير وأفضل ما يقابله › وطلب المعالي والكمال في أمور الدنيا والآخرة . والدليل عليه :٠ إأتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير(°) . وفي معناه قوله تعالى : ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسە() . القاعدة الخامسة : إتحاد أصول دين الله تعالى على ألسنة جميع رسله وهي ثلائة : الايمان بال . والايمان باليوم الأخر وما فيه من ١ - سورة الروم : الأية ۷۶٤٠ ٢ سورة النتال : الأية ٠۷٠ ۴ - سورة البقرة : الأيات «£ ۸ © ٦۸8» ٤ سوره البقرة : الأية 31 ٥ سورة البقرة : الأية ١١6٦» ١ سورة البقرة : الأية ١١۳٠ء 0 الجحزاء » والعمل الصالح . بدليل قوله تعالى : إن الذين امنوا والذين هادوا . ‎O.‏ . ومثله ما ذکر ئي الأية ‎(AY)‏ من میثای بني إسرائيل ٠ فثمرة الايمان منوطة بالثلائة . القاعدة السادسة : ان الحزاء على الايمان والعمل معا . لأن الدين إِيمان وعمل ٠ ومن الغرور أن يظن المنتمي إلى دين نبي من الأنبياء أنه ينجو من الخلود في النار بمجرد الانتماء › والشاهد عليه ما حكاه الله عن بني إسرائیل » وما رد به عليهم حت لا نتبم سنتهم فيه وهو : للإوقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة . . € .٠ وما حكاه عن اليهود والنتصارى جيعا من قوم : #إلن يذخل الحنة إلا من کان هودا أو نصاری . . 4) . ولکننا قد اتبعنا سننہم شبرا بشبر وذراعا بذراع » مصداقا ما ورد في الحديث الصحيح ٠ وإنغا تاز عليهم بأن المتبعين لمم منا بعض الأمة لا كل الأمة . وبحفظ نص كتابنا كله . وضبط سنة نبينا ي ي بيانه » وبأن حجة اهل العلم والحهدى منا قائمة إلى يوم القيامة(› . هذا كلامه في هذه القاعدة . ولي وقفة معه قبل أن أوالي الاتيان بالقواعد التي أوردها فهو إن دل على شىء فإنما یدل على ان هذا العلامة الكبير قد أزاح عن عينيه حجاب التقليد في هذه ١ سورة اللقرة : الآية ١١٠٦٠ ۲ سورة البقرة : الآيات د٠۸ 5٠ ۸۲» ۳ سورة البقرة : الآيتان ١١١٠ . ١۱۱» ٤ امارح ١ ص ١۱۱ ط ٤ ٢۲ - المسألة » وهو كثيرا ما حال بين الأبصار ورؤ ية الحق ٠ وبين البصائر ونهم الحقيقة . وهذه القاعدة مهمة جدا لما يترتب على مثل هذه الأماني الى اغتر ا أهل الكتاب من قبل » من إهدار الحقوق ٠ وإضاعة الواجبات والانحراف الفكري والسلوكي . وهل جرا اليهود على نبذ الكتاب الذي أوتوه وراء ظهورهم إلا هذا الاعتقاد ٠ فقد أخبر الله بذلك ٠ وهو أصدق القائلين ٠ إذ قال : «ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحکم بینهم ثم يتولى فريق متهم وهم معرضون ذلك بأنهم قالوا لن تمستا التار إلا أياما معدودات وغرهم في دینہم ما کانوا يفتر ون( . وقد أصيبت هذه الأمة بالداء الذي أصاب من قبلهم ٠ فتعلق كثير منها بالأماني الفارغة التي أدت بهم إلى نبذ الكتاب الذي أوتوه › والاستهانة بالأمانة الي جلوها . ظنا منم أن محرد انتمائهم إلى الاسلام كاف في إسعادهم ٠ ووقايتهم من العذاب ٠ متعامين عن بوارق الحجج ٠ متصامين عن قوارع النذر التي تدعو إلى الحذر من الاغترار بالأماني . والركون إليها . نحو قوله عز وجل : ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا»(") . ولو أن جيع المسلمين سلكوا هذا اللسلك في البحث » وارتقوا عن #حضيض التقليد للأقوال العارية عن الأدلة . وأخذوا الدليل من فهم نصوص الكتاب والسنة الثابتة الصحيحة ٠ لكان شأن الأمة اليوم خلاف ما نشاهدها عليه . ولعل ۱ سوره ال عمرال : الأيتان ۳ ن ‎f‏ ‏٢ ۔ سورة النساء : الأية ‎e۱۳‏ ۲۷ ۔ الله يقيض من أعلام الفكر وقادة الاصلاح في الأمة الاسلامية من يأخذ بيدها نحو هذا المسلك السليم ٠ وما ذلك على الله بعزيز . القاعدة السابعة : أن شرط الايمان الاذعان النفسي الذي يلزمه العمل عند انتفاء المانع ومأخذه قوله تعالى : «لإوإذ أخذنا ميشاق بني إسرائيل ..4(). وقوله : وأو كلا عاهدوا عهدا . . 4() . فمن ترك بعض العمل بجهالة فهو فاسق إلى أن يتوب ٠ ومن تركه لعدم الاذعان له كان كافرا به » والكفر بالبعض كالكفر بالكل › والشاهد عليه قوله تعا ى : «ژأفتؤمنون بېبعض الكتاب وتكفر ون ببعض4(") . - قال وليس هذا من الكفر العملي الذي لا خرج به صاحبه من اللة الذي استشهدوا له بحديث : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» .. الخ » کا قال بعض العلاء . لأن هذا النوع من عمل الأفراد الذي تغلبهم عليه داعية طبيعية كالشهوة والغضب .٠ وما نحن فيه عبارة عن عدم العمل بالشرع الاي لعدم الاذعان له . كاستباحة قتل فريق من الأمة › ونفي فريق اخر من وطنه بمحض اتباع ا هوی ٠ والطمع في عرض الدنيا لا بجهالة عارضة يغلب فيها الفرد على أمره ثم يثوب إليه رشده فيتوب إلى ربه . القاعدة الثامنة : أن النسخ أو الإنساء للآيات الالحية الي يؤيد الله بها رسله ٠ كما يقتضيه سياق قوله تعا ى : لما ننسخح من اية أو ننسها . . 94)٠ أو للآيات التشريعية . كما فهم الجمهور . ١ - سورة البقرة : الأيات ۸۲۰ ٦۸ء ۲ - سورة اليقرة : الآية ١١٠١٠۱.٠ ٢۲ - سورة اليقرة : الآية ۰٥۸.٠ .٤ - سورة اليقرة : الآىتان ١١١٠ - ١۷١٠ء ۸ - كلاهما من رحمة الله بجعل البدل خيرا من الأصل أو مثله على الأفل . أو تكون الخيرية في المثل التنويم وكثرة الأيات . القاعدة التاسعة : عداوة اليهود والنصارى لأهل ملة الاسلام إلا أن ينسلخوا من ملتهم . ويتبعوهم في ضلالتهم . ومحل الشاهد : #ولن ترضى عنك اليهود ولا التصارى حتى تتبع ملتهم . . ۱ . فهي اية للنبي كاشفة عن حال أهل الملتين في عصره ٠ ولا تزال مطردة في أمته من بعده . قال : وقد اغتر بعض زعماء الشعوب الاسلامية فحاولوا إرضاء بعض الدول با دون اتباع ملتهم من الكفر ٠ فلم يرضوا عنهم ٠ ولو اتبعوا ملتهم لاشترطوا أن يتبعوهم في فهمها . وصور العمل بہا حت لا يبقی م آدنی استقلال )ا( ئي دینہم ولا في انفسهم القاعدة العاشرة : أن الولاية العامة الشرعية حق أهل الايمان والعدل ٠ وأن الله تعالى لن يعهد بإمامة الناس وتولي أمورهم للظالين . فكل حاكم ظالم فهو ناقض لعهد الله تعالی . راجم قول الله تعالى في إبراهيم ‏ عليه السلام ‏ بعد ابتلائه با ظهر به استحقاقه للامامة : قال إِني جاعلك للناس إماما قال ومن ذریتي قال لا ينال عهدي الظالين #() . القاعدة الحادية عشرة : أن الايمان الحق ٠ والاعتصام بدين ١ سورة البقرة : الاية ١١١٠ ٢ النار ح ١ ص ۱۱۳ طبعة ٤ ۴ سورة اليقرة : الأية ١١۱۲ء ٠ المرجه السابق ۲۹ ۔ الله المنزل کا نله 6 يفتصي الوحدة والاتفاف 6 وترك الاهتداء ره يورٿث الاختلاف والشقاف 6 وشواهده من السورة قوله تعالی : لإفإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم ي شقاق 4( . وقوله : #إذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد4) . وقوله : كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين #”") . القاعدة الثانية عشرة : الاستعانة على النهوض بمهمات الأمور بالصبر والصلاة › قال تعالى : #واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين»() . وقال : #زيا أيها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين (°) . قال : وهذ قاعدة جليلة راجع تفسيرها في تفسيرنا للآيتين وأمثالما . القاعدة الثالثة عشرة : بطلان التقليد للآباء والأجداد والمشايخ والمعلمين والرؤ ساء لأنه جهل وعصية جاهلية ٠ والشواهد عليه ي هذه السورة وغيرها عديدة » أظهرها هنا ما حکاه. تعالى لنا عن تبرؤ التبوعين من الأتباع يوم القيامة في ايتي (١۱ 5 ۷١۱) . وقوله عز وجل : «#وإذا قيل هم اتبعوا ما أنزل لله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه اباءنا أو لو كان اباؤهم لا يعقلون شیئا ولا يېتدونچ() . ١ - سورة البقرة : الآية ۱۳۷۰ ۲ - سورة اليقرة : الآية ١٦١۱۷٠ ٢۲ - سورة البقرة : الآية ۲۱۳۰ء ٤ - سورة البقرة : الآية .49٠ ٠ - سورة البقرة : الآية ١١١٠۱.٠ 1٦ - سورة اليقرة : الآية ۱۷۰« - ۳۰ - قال : وإن في تحريم التقليد وتصريح الكتاب العزيز بأن الله لا يقبله ولا يعذر به صاحبه في الآخرة . لتأكيدا شديدا لايجباب العلم الاستدلالي الاستقلالي في الدين . وهو لا يقتضي الاجتهاد الملطلق في جميم مسائل التشريم ٠ أعني الاستنباط العام لكل ما يحتاج إليه الأفراد والحكام . وإن في إطلاق مقلدة المصنفين من خلف القرون الوسطى القول بإيجاب تقليد المجتهدين في أمور الدين وتحريم الأخذ بالدليل فيه لاشتراطهم فيه استعداد كل مستدل مستقل للتشريم - لافتغاتا على دين الله ونسخا لكتاب الله وشرعا لم أن به الله خلاصته تحريم العلم وإيجاب الحهل ٠ وهذا منتهى الافساد للفطرة والعقل › وهو أقطع المدى لأوصال الاسلام ٠ وأفعل اللعاول في هدم قواعد الايمان . وعلة العلل لانتشار البدع الي ذهبت بداية الدين واستبدلت با الخرافات ودجل الدجالين . القاعدة الرابعة عشرة : إباحة جميع طيبات المطعم الطبيعية بحسب أفرادها . وإيجاب الأكل متها بحسب جنسها وامتناع التحريم الديني العام لما لم يحرم الله تعالى منها وذلك قوله تعالى : ليا أيها الناس كلوا ما في الأرض حلالا طيبا . . ١)٠ وقوله : ليا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم . . 4(٩ , وقوله بعدها : #إإنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله . . #() , فحصر المحرمات في هذه الأربعة . ومثله في سورت الأنعام والتحل من السور المكية ء وفي سورة المائدة المدنية. تفصيل ١ سورة البقرة : الأية ١۸١٦۱ ٢ - سورة البشرة : الأية ‎a VV‏ ۳ - سورة البقرة : الأية ١۱۷۳ء ا۳ في الميتة بجعل اللنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وأكيلة السبع منها إذا ماتت بذلك ولم تدرك ذكاتها » وقيّدت اية الأنعام الدم المسفوح . القاعدة الخامسة عشرة : إباحة المحرمات للمضطر إليها › بشرط أن یکون غیر باغ ا ولا عاد فیها » بتجاوز قدر الضرورة أو الحاجة منها 9 وذلك قوله تعالى في تتمة الآية الأخيرة من شواهد القاعدة الي قبل هذه : لإفمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحیم 4(') وليست القاعدة مقصورة على محرمات اللطاعم ٠ بل عامة لكل ما يتحقق الاضطرار إليه لأجل الحياة واتقاء الحلاك ولم يعارضه مثله أو ما هو أقوی منه ٠ فالزنا ليس مما يضطر الناس إليه » لذلك ك قال العلماء ومن اضطر إلى رغيف مضطر مثله فليس له أن يرجح نفسه على صاحب اليد وهو مالك الرغيف . القاعدة السادسة عشرة : بناء الدين عباداته وغيرها على أساس اليسر ورفع الحرج والعسر ٠ ك| علل سبحانه رخصة الفطر في رمضان بقوله : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر . . 6 . ومثله تعليل رخصة التيمم برفع الحرج كيا في سورة المائدة . وهذه القاعدة أوسع مما قبلها 9 لأن هذه في ترك الواجب إلى بدل عاجل أو أجل ٠ وتلك في استباحة المحرم ولو مؤقتا . فإن ترك الواجبات أهون من فعل المنهيات » لقوله يَيٍ : «فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا هيتكم عن شيء فدغوه» » وسبب هذا أن الترك أهون على غير المضطر من الفعل ١ سورة البقرة : الآية ١۱۷۳ء ٢ سورة البقرة : الأية ١١۸٠ - ۳۲. لأن الأصل عدمه . القاعدة السابعة عشرة : عدم تكليف ما لا يطاف ٠ وهذه أصل للتين قبلها والنص فيها قوله تعالى في اخر اية من السورة : إلا يكلف اله نفسا إلا وسعها . . #(٠) ووسع الانسان ما لا حرج فيه عليه ولا عسر ٥ لأنه ضد الضيق ٠ ولهذا كانت هذه أوسع ولا يدخل في وسعنا امتثاله بغير عسر ولا حرج ٠ فإذا عرض العسر عروضا بأسبابه العادية كالاضطرار لأكل اليتة . والدم المسفوح ٠ وكاللرض والسفر اللذين يشق فيه الصوم » واستعمال الماء في الغفسل والوضوء 6 أو يضر ترك الأول شه القضاء ٠ والثاني إل التيمم المبيح للصلاة ٠ ولا تترك الصلاة نفسها لعسر أحد شروطها تعال ومناحاة له بکتابه 6 ودکره ودعائه . فان شی عل الصلى القاعدة الثامنة عشرة : حظرٌ التعرض للهلكة في قوله تعالى : لإولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة . . 0(4 . فلا يجوز للمؤمنين ولا سيا جماعتهم - أن يتعمدوا إلقاء أنفسهم إلى الحلاك بسعيهم واختيارهم » ويلزمه وجوب اجتناب أسباب التهلكة من فعلية وتركية - وبتعبير المناطقة من سلبية وإيجابية - ويدل عليه ذكر هذا ١ سورة البقرة : الأية ۶١۱۸ء ٢ سورة البقرة : الأية ١١۹٠ء - ۳۳ النبى عقب الأمر بالانفاق في سبيل الله لا يحتاج إليه الدفاع من النفقات الكثيرة ٠ ولا سي في هذا العصر الذي تعددت فيه الات القتال ووسائله وعظمت نفقاتها . فصارت الأمم العزيزة تنفق الللايين من الحنيهات على وسائل الحرب البرية والبحرية وال جحوية › وفروع هذه القاعدة كثيرة . هذا كلامه في هذه القاعدة المهمة ٠ وإذا كانت الأمم ذات القوة في عهد صاحب النار تنفق الملايين من الحنيهات على وسائل الحرب ٠ فا أدراك ما هي نفقات الدول الكبرى في سباق التسلح ثي عصرنا هذا › فقد كادت تكون أرقام هذه النفقات خيالية » وليست عاقبتها إلا دمار الانسانية المسكينة وإهلاك الحرث والنسل › والاأمة السلمة -بجانب هذه المخاطر التي تهددها وتهدد البشر أجمع - م تأخذ بوسائل الحيطة ٠ ول مسك بأسياب القوة › هي مع ما وتيت من ثراء وافر وما يتدفق في أرضها من طاقة هائله - عالة على غيرها في التسلح وغيره . ولذلك كانت ثرواتها عرضة للتبديد والاتلاف ٠ وكانت سلامتها موقوفة على مسالتها خصومها واستسلامها لأعدائها › وهذا هو نفس الالقاء بالأيدي إلى التهلكة › الذي حذرت منه الآية » فمتى يثوب إليها رشدها فتتيقظ لما يراد با » وتنمض لاستعادة عزتها ؟! القاعدة التاسعة عشرة : إتيان البيوت من أبوامها لا من ظهورها › أي طلب الأشياء بأسبابما دون غيرها » فلا تجعل العادة ٤۳ ۔ عبادة . ولا العبادة عادة . فلا تطلب فنون الدنيا من نصوص الدين : «أَنتم أعلم بأمر دنیاکم» کا قال خاتم النبيين يي ٠ وأصل هذه القاعدة ما يدل عليه قوله تعالى : #ژوليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البیوت من آبوابا . . )0 ٠ فللزراعة والتجارة والصناعة وفنون الحرب والاته وأسلحته أبواب لا يصل إليها إلا من يدخل متها ولعقائد الدين وعباداته وادابه وحلاله وحرامه أبواب معروفة من كتاب الله وسنة رسوله كي ٠ ولأصول تشريعه السياسى أبواب من النصوص والاجتهاد معروفة أيضا . قال : فما اعتيد في هذه القرون الأخيرة من قراءة صحيح البخاري في المساجد لأجل النصر على الأعداء حالف لذه القاعدة ٠ وليس من المخالف فا الدعاء وتوجه المقاتلة إلى الله لتصرهم ٠ بعد إعداد ما استطاعوا من القوة لعدوهم ٠ فإن الدعاء من أسباب القوة المعنوية . القاعدة العشرون : حرية الدين والاعتقاد ومنع الاضطهاد الديني ولو بالقتال › حتى يكون الدين كله لله وذلك قوله تعالى : إوقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين له فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالن ك( . قال : الفتنة اضطهاد إنسان لأجل دينه بالتعذيب والقتل والنفي ٠ كا فعل المشركون بالسلمين في صدر الاسلام ٠ ولذلك قال في اية القتال التي نزلت قبل هذه في سورة الحج : «أذن للذين ١ سورة البقرة : الآية ۱۸۹ ٢ - سورة البقرة : الأية ١۱۹۳٠ ۳۵ ۔ 1 اد فولوا را4 للك مود ذه الغاية هنا بقوله قبلها : إواقتلوهم حيث قفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل #() . ثم قفى عليها بقوله : إيسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل اله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دینکم إن استطاعو اه (") . قال : وأما النبي عن الاكراه ني الدين حت الاسلام فقوله تعالى : «إلا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغى #(*) . قال : وقد ذكرنا في تفسيرها ما رواه المحدثون ومصنفو التفسير المأثور من سبب زوا . وملخصه انه کان لدی بي النضبر من هود المدينة. أولاد لتواتر إيذائهم أراد الملسلمون أن يأخذوا أبناءهم منهم ويكرهوهم على الاسلام ٠ فنزلت الاية فقال النبى يي : «قد خير الله أصحابكم فإن اختاروهم فهم منم وإِن اختاروكم فهم منكم» . ومع هذه النلصوص لا يزال يوجد حت في المسلمين من يصدق إفتراء أعداء الاسلام بأنه قام بالسيف والاكراه على الدين ٠ وأن النبى ية هو الذي كان يبدا المشركين بالقتال . ١ سورة الحج : الأيتان ۳۹۶ .٠ ١٤ء ٢ سورة البقرة : الأية :١۱۹٠ ۴ سورة البقرة : الأية ٢۷٠۲ء ٤ سورة البقرة : الأية 1٦٥۲٠ ۔ ۹٦۳ ۔ القاعدة الحادية والعشرون : أن القتال شرع في الاسلام مصلحتين أو ثلاث ؛ الأولى : الدفاع عن المسلمين وأوطانهم »٠ فإِن المشركين أخرجوا النبي ية ومن كان معه من أهل مكة ٠ ثم بدأوهم بالقتال وساعدهم عليهم هل الكتاتب 6 وما زالوا يبدأ ونم ویقاتلونېم حی عجزوا ‏ وذلك قوله تعا ى : ##وقاتلوا ي سبيل اله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لاحب المعتدين (٠) . الثانة : تأمين حرية الدين ومنع الاضطهاد فيه 6 وهو قوله : إوقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين له فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالين#") . هذا ما نزل في هذه السورة . الثالثة : ما في سورة التوبة من تأمين سلطان المسلمين وسيادته بدفع المخالفين له للجزية . القاعدة الثانية والعشرون : أن من شأن المسلمين طلب ما هو تُر لازم للاسلام من سعادة الدنا والاخرة معا ٠٩ کا تدم ف القاعدة الأولى ٠ وإنما تتحقق الغايات ولوازم الأمور بطلبها والسعي فا › فليس من هديه أن يترك المسلمون الدنيا ومعائشها وسياستها ويكونوا كالأنعام » لا هم لحم إلا في شهواتهم البدنية » وكالوحوش التي يفترس قوبها ضعيفها . وهذا الجحمع بين الأمرين مقتضى الفطرة ٠ ١ سورة البقرة : الأية ١١۹٠ء ٢ - سورة البقرة : الأية ١۱۹۳ء - ۳۷V والاسلام دين الفطرة . وذلك هو ما أرشدنا اله إليه بقوله : فمن الناس من يقول ربنا آتنا ي الدنيا وما له في الآخرة من خلاف ومنهم من يقول رينا اتنا ئ الدنيا حسنة وي الآخرة حسنة وقنا عذاب النارڳ() . القاعدة الثالثة والعشرون : أن الأحكام الاجتهادية التي لم تثبت بالنص القطعي الصريح 6 رواية ودلالة لا تجعل تشريعا عاما إلزاميا . بل تفوض إلى اجتهاد الأفراد في العبادات الشخصية والتحريم الديني اخاص بهم ٠ وإلى اجتهاد أولي الأمر من الحكام › وأهل الحل والعقد في الأمور السياسية والقضائية والادارية » ومأخذ ذلك قوله تعالى : #إيسألونك عن الخمر والميسر قل فيه إثم كبير ومنافع للناس وأثمه) أكبر من نفعه)|»() ,. ووجهه أن هذه الاية تدل على تحريم الخمر والميسر بضرب من الاجتهاد ي الاستدلال 6 وهو ما كان إثمه وضرره أكبر من نفعه 9 فهو حرم يبب اجتنابه » وذلك ما فهمه بعض الصحابة 6 فامتنعوا من الخمر والميسر ٠ ولكن النبي ية ل يلزم الأمة هذا . بل أقر من تركهما ومن لم يتركها على اجتهادهما › إلى أن نزل النص القطعي الصريح ي تحريمها › والأمر باجتناما في سورة المائدة . فحينئذ بطل الاجتهاد فيا › وأهرق كل واحد من الصحابة ما کان عنده من الخمر ٠ وصار النبي ی يعاقب من شرا . قال : وبناء على هذه القاعدة كان يعذر كل أحد من سلف ۱ سورة البقرة :الأيتان ء٢٠۲ ٣a‏ ۲ سورة البقة : الايه ‎AL‏ “۳۸ الأمة من خالفه أو خالف بعض الأخبار والآثار الاجتهادية غير القطعية رواية ودلالة . ولم يوجبوا على أحد أن يتبم أحدا في اجتهاده كا يفعل الخلف المقلدون ٠ وضرب مثلا لطريقة السلف عدم قبول الامام مالك من المنصور أولا . ثم هارون الرشيد ثانيا » أن يحملا الملسلمين على العمل بكتبه » حتى بالموطاً الذي هو صح ما رواه من الأخبار المرفوعه واثار الصحابة 6 وواطأه عليه جمهور من علاء عصره . القاعدة الرابعة والعشرون إلى السابعة والعشرين : بناء أمور الزوجين والبيوت ٠ وتربية الأولاد على أربم دعائم : ١ قیام النساء بالأمور الى تقتضيها وظيفتهن ٠ كالرضاعة وغيرها من أمور تربية الأطفال ٠ وقيام الزوج بالنفقة كلها . ۲ أن لا يكلف کل منہا ما ليس في وسعه مما يدخل في حدود وظيفته والواجب عليه . ۳ - أن لا يضار أحد من| بالولد ولا بغيره بالأو ى ٠ والمضارة دون تكليف ما ليس في الوسع . ٤ - إبرام الأمور غير القطعية بالتراضي والتشاور . وهذه القواعد ظاهرة صريحة في قوله : والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار ۳۹ ۔ والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض من وتشاور فلا جناح عليه ا( . ولو عمل السلمون ذه القواعد وأمثالها من أحكام الكتاب والسنة › 4 لكانوا أسعد الأمم في بيوتهم » ولا وجد من أعدائهم ولا من زنادقتهم من بهذي بإسناد ظلم النساء إلى الاسلام ٠ أو حاجة المسلمين إلى تقليك غیرهم ئي شيء من إصلاح البيوت (العائلات) . القاعدة الثامنة والعشرون : جعل سد ذرائع الفساد والشر وتفریر الملصالح 6 وإقامه احق والعدل في تنازع الناس بعضهم مع بعضص » مناطا للتشريم 6 وأصلا من أصول الأحكام الاجتهادية 6 وذلك أن الله تعا ى علل به شرعه للقتال › ومنته على نبيه داود وجنده بالنتصر على عدوهم 6 وما ترتب عليه من إيتائه الحكم والنبوة 6 إٍد قال : للإفهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت واتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمينچ() . وني معناه تعليل الاذن للمسلمين بالقتال أول مرة بايات من سورة الحج ٠ التي سبق الاأستشهاد با في القاعدة العشرين : «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لحدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد یذکر فیها اسم اف کیرا 2 . وما هنا أعم ٩ لأنه يشمل درء هذه المفسدة في الدين وغيره من الفساد الديني والدنيوي ٠ وهو المتأخر في النزول . ١ سورة البقرة : الأية ۱۲۳۳ ٢ - سورة البقرة : الأية د٢٢۲ ۳ - سورة احج : الأية 11 0 القاعدة التاسعة والعشرون : أن الامان بلقاء الله تعالى في الأخرة . والاعتصام بالصبر الذي هو من أركان البر وكماله » ومن ثمرات الايمان › سببان من أسباب نصر العدد القليل على العدد الكثر » وذلك قوله عز وجل : «لقال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين»” . القاعدة الثلاثون : تحريم أكل أموال الناس بالباطل في اية (۱۸۸)» وهي أصل لكل المحرمات ومن أدلتها تعليل تحريم الربا بعد الأمر بترك ما كان باقيا لأصحابه منه لدى المدينين لقوله تعالى : لإوإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون4) . فإن الذي كان يقرض المحتاج بالربا إلى أجل إذا حل قال له : إما أن تقضي وإما أن تربي فإن لم يجد ما يقضي به أنساً له في الدين إلى أجل اخر بمثل الربا الأول ٠ فإذا حل الأجل الثاني قال له : إما أن تقضي وإما أن تربي » وهلم جرا فكل ما يأخذه من هذه الزیادات باطل لا مقابل له » وهو ظلم ٠ وأما العقود والمعاملات التي لا ظلم فيها بأكل مال أحد المتعاقدين بالباطل ٠ فليست من الربا . القاعدة الحادية والثلاثون : أن عمل كل إنسان له أو عليه › لا یحجزی إلا به ولا یجزی به سواه 6 فلا ينفعه عمل غيره ولا يضره 6 وذلك قوله تعا ل ف خاتمة هذه السورة : ولا ما کسبت وعليها ما اكتسبت() . ويعززها قوله تعالى في الآية التى ورد أنها اخر اية ١ سورة البقرة : الآية ٢٢٤۲ء ۲ - سورة البقرة : الأية ‎V۹‏ ۳ سورة البقرة : الأية ‎e۸۹‏ 1٤ نزلت من القرآن ٠ وأمر النبي يَف بوضعها بعد ايات الربا من هذه السورة . وهي : إواتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفئی كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) ء وإن لم ترد لصيغة الحصر ٠ وفيه ايات كثيرة » وقد سبق بيان هذه القاعدة من قواعد العقائد ي السور المكية التي نزلت قبلها » كقوله تعالى في سورة النجم : ألا تزر وازرة وزر أخرى») . لون ليس للانسان إلا ما سعى4(") . وكقوله في سورة الأنعام : ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى»() . ويجد القارىء في تفسير هذه الآية ما يؤ يد هذه القاعدة من الشواهد › وما جعلوه معارضا ا محخصصا لعمومها بانتفاع اليت والحي بعمل غيره وما يصح منه وما لا يصح ٠ وكون الصحيح لا ينافي عموم القاعدة . القاعدة الثانية والثلاثون : بيان بطلان الشفاعة الوثنية الى كانت أساس شرك العرب ومن قبلهم . وهي التقرب إلى غير الله تعا ى بالدعاء وغيره » ليشفعوا لحم عند الله تعا ى فیکشف ما ہم من ضر ويؤتيهم ما طلبوا من نفع » وزاد عليه مشركو آهل الکتاب والمؤمنون بالبعث » الاعتماد على الشفعاء في النجاة من عذاب الأخرة . قال تعالى : #ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله( . وقد نفى الله ١ سورة اليقرة : الآيه ۸۱۰٢۲٠ ۲ - سورة النجم : الآية 0۳۸۰ ٢ - سورة النجىم : الآية ۳۹ء ٤ - سورة الأنعام : الآية ١4٤١0۱ ٥ - سورة يونس : الآية ١۸٠۱٠ - 4۲ تعالى هذه الشفاعة بقوله من هذه السورة خطابا لحذه الأمة : «يا أيها الذين آمنوا أنفقوا ما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة() . وقوله في خطاب بني إسرائيل : واتقوا يوما لا نجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منہا شفاعة ولا يؤخذ منہا عدل ولا هم ينصرون4(") , وفي معناها الآية (۱۲۳) وأما الشفاعة الثابتة ي الأحاديث فهى غير هذه ولا تناي التوحيد » وكون الشفاعة لله جميعا وسیأق بیانها . القاعدة الثالثة والثلاثون : بناء أصول الدين في العقائد وحكمة التشريع على إدراك العقل لها واستبانته لما فيها من الحق والعدل ومصالح العباد وسد ذرائم الفساد . والشاهد عليه من هذه السورة قوله تعالى في الاستدلال على توحيده باياته في السموات والأرض وما بيا : #إإن في خلق السموات والأرض . . 4 إلى قوله : لآيات لقوم يعقلون*) ٠ ثم قوله في إبطال التقليد : لإوإذا قيل لم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه اباءنا أو لو كان اباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون»() . وكذلك قال تعالى بعد ذكر طائفة من الأحكام العملية : #كذلك يبين اه لكم اياته لعلكم تعقلون »(°) ِ ثم قال بعد إيراد هذه القواعد : هذا ما فتح الله عل بتصفح ١ سورة البقرة : الأية ٢٢٢۲ء ٢ - سورة البقرة : الأية «۸8٤» ۳ سورة البقرة : الآية ١١٦٠٠ ٤ - سورة البقرة : الأية ١١۱۷ء ٥ سورة البقرة : الأية «٤٢٤۲» - 4۳ صحائف السورة دون تلاوتها 9 وتكن الزيادة عليها بالتأمل فيها وتديرها . وإنما وعدنا بتلخيصها بإجمالا دون التمصيل والله يقول الح وهو يمدي السبيل . تعقيب على بعض هذه القواعد : وأقول : إن هذه القواعد التي انتزعها من السورة فأوردها في مقدمة تفسيرها » قواعد مهمة جدا » غبر أني أرى لزوم الوقوف عند بعضها لاعادة النظر فيها . وهي الثالثة عشرة ٠ والرابعة عشرة › والعشرون . والحادية والعشرون ٠ والثالثة والثلاثون . الاجتهاد للعلاء فقط : أما في القاعدة الثالثة عشرة فقد أطلق وجوب العلم الاستقلالي الاستدلالي في الدين على جميع اللسلمين ٠ وهو أمر فيه حرج عظیم على عوام الناسر الذين لا يفهمون معنى الدليل › فضلا عن تصور دلالته . إذ لو لزم كل أحد أن يستقل بفهم الدين للزم جميع الناس بلوغ درجة الاجتهاد في الفقه . فإن استتباط الأحكام الشرعية وترجيح الراجح من أدلتها يستوجب أن يجمع الانسان فنونا من العلم تمكنه من فهم أدلة الشرع ومقاصد التشريم بعد التمحيص وإمعان الفكر . وإطلاق لزوم الاجتهاد أو إباحته لن لم يستجمع الاته الضرورية » أمر يترتب عليه الخوض في أحكام الله بدون علم 9 وهو من أكبر الكبائر » ولذلك قرنه الله تعالى بالشرك في قوله : فل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم ٤ ۔ والبفي بغير الحق وأن تشركوا باه ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالا تعلمون#() . وإطلاق مثل هذا القول جرا جهلة الناس في زماننا على القول بدون علم في دين الله ٠ والتطاول على فقهاء الاسلام الذين رسخت في الفقه أقدامهم ٠ ودقت في مسائله أنظارهم ٠ بحيث أصبح كثير من الجهلة يعمل ويفتي بحسب ما ملي عليه هواه » إستنادا إلى الأجتهاد المزعوم . حتى بلغ التنطع بكثير متهم إلى رد ما استقر عليه إجماع الأمة » وأطيق عليه السلف والخلف ٠ وإنما يعاب على من أبصر الدليل وأدرك الحق إِذا تعامى عن ذلك استسلاما لما ألفه من التقليد . والافراط والتفريط كلاهما غير محمود . وإنما السلامة ثي الاعتدال . وهو يقتضي وجوب الاجتهاد على العلاء الذين بإمكانهم تمحيص الأدلة وجمع حصيلتها بعد المقارنة بينها » وعذر عوام الناس في حسن ظنهم بعلمائهم إِذا م يتبین لحم منہم باطل ٤ أو ينووا متابعتهم على أي حال سواء أصابوا أم أخطأوا . فإن ذلك ليس بحسن ظن ٠ وإنما هو من التعصب اللمقوت . من المطعومات المحرمة مالم تذكره اية البقرة : وأما في القاعدة الرابعة عشرة فقد أطلق القول بإباحة اللطعومات ما عدا ما استثنى في هذه السورة وفي سورتي المائدة والأنعام . وهو اليتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله ٠ وحصر المحرمات في هذه الأربعة . مع أن الآيات الي استند إليها ١ سورة الأعراف : الأية ۳۳٠ - 0 عامة دخل عليها ال لتخصيص من عدة وجوه » ومن المسلم عند الأصوليين والفقهاء أن ا لخصوص مغلب على العموم › وكا خصص هذا العموم بتحريم الخمر الذي صرح به النص القطعي في سورة المائدة . خصص أيضا بتحريم ما لم يذكر اسم الله عليه » وبتحريم الصيد على المحرم بالنصوص القرانية . وبتحريم ذوات التاب من السباع » واللخالب من الطير» والحمر الأهلية من طريق السنة › ولا مناص عن اعتبار هذه الملخصصات . حصر الحهاد ئي الدفا ع عن الاسلام فكرة استشراقية : وأما في القاعدتين العشرين والحادية والعشرين ٠ فقد أطلق القول بحرية الأديان وحصر الجهاد في بعض المصالح ٠ ولم يذكر متها نشر دعوة الاسلام . ونحن نوافقه على أن الاسلام انتشر بالاقتاع لا بالاكراء 9 فإنه دين الفطرة الذي لاينبو عنه عقل سليم ٠ ولا يصطدم مع طبع مستقيم › ووضوح حجته ٠ ونصوع برهانه ٩ وبساطة تعاليمه . وسماحة أحكامه كفيلة بإشعاع نوره على العقول اللبصرة ٠ ولكنا مم ذلك نرفض كل الرفض دعوى أن الجهاد في الاسلام محصور في الدفاع عنه ٠ وحماية أتباعه وأوطانهم ٠ فإن هذه فكرة استشراقية تلقاها كثير من المفكرين الاسلاميين بالقبول كرد فعل لما أشاعه المستشرقون السابقون من أن الاسلام دين إرهاب ٠ وأنه فرض على الناس بالحديد والنار » وكان لذه الفرية أثر بالغ في بلبلة الضعفاء من المسلمين ٠ فحاولوا أن يجدوا ما يدفعون به عن دينهم وأنفسهم سوء الأحدوثة الناتج عن هذه الفرية . وبينما هم في 7 هذا الاضطراب إذ طلم عليهم جماعة من دهاة المستشرقين › کتوماس آرنولد صاحب كتاب «الدعوة إلى الاسلام» بفكرة معاكسة ملخصها أن الاسلام دين الحرية . لا يعارض أحدا في معتقده › ولا يمانع إنسانا نما يميل إليه طبعه » وتهواه نفسه ٤ وهو دين مسالة لا يأمر بالجهاد إلا لصد عدوان . وما الحدف من ذلك إلا تجميد حركة الاسلام وإضعاف الدعوة إليه ٠ ومغ الأسف الشديد لقيت هذه الفكرة قبولا في الأوساط الاسلامية ورواجا في سوق الكتاب حتى صار من خالفها معرضا للنقد والاستخفاف ٠ خصوصا عند تلامذة المستشرقين الذين يتقمصون الفقه في الدين وهم عمي عنه أو متعامون ٠ وقد أفضى الال بأحد هؤلاء أنه ألقى محاضرة في الجهاد أمام حاكم بلاده وجم غفير من المستمعين ۽ جاء فيها : إن الاسلام ما جاء إلا لتأمين حريات الناس في المعتقد والسلوك » وهو كلام يترتب عليه إلغاء الأحكام الشرعية ٠ وتحطيم القيود الخلقية والاجتماعية الى فرضها الدين والعقل ٠ إذ لا معنى لحد الزاني أو الشارب مثلا مادام لكل أحد في الاسلام حريته الملطلقة . في سلوكه الفردي أو الاجتماعى ٠ فضلا عا يقتضيه كلامه من تجميد حركة الدعوة الاسلامية » لمصادمتها حريات الناس ي معتقداتهم ٠ ونحن إن أسفنا فإنا نأسف لثل صاحب النار ‏ في سعة أفقه وغزارة علمه ٠ ونبل قصده ‏ أن تنطلى عليه هذه الخدعة الاستشراقية . وأن يسلم لذا المنطق الضطرب ' والقول الفصل الذي تدل عليه النصوص ويشهد بصحته - 6V التاريخ أن الاسلام وصل إلى عقول الناس بال حجة والبرهان لا بالسيف والسنان . ولكن السيف كان عاملا مها في تذليل العقبات في طريقه ٠ وفتح الأبواب الموصدة بين يديه . فإن طواغيت الكفر - الذين سيطروا على حياة الناس الخاصة والعامة » وجعلوا من أنفسهم اة تعبّد » لحم مطلق الأمر والنبي في العباد والبلاد لم تكن نفوسهم لتسمح بفتح الأبواب أمام الدعوة الاسلامية حتى تشق طريقها إلى عقول الجماهير الذين استعبدوهم ٠ ونفوس المستضعفين الذين استذلوهم » فكان الواجب أولا يقتضي أن يقضى على سلطة هؤلاء المتكبرين ٠ لتجد الدعوة الاسلامية الباب مفتوحا بين يدبا . ولو أن هذا الدين انتشر بالارهاب كا يزعم أعداۋه › لانحسر مع انحسار قوته وتلاشی بارتفاع الارهاب ٠ کا هو شان جيم البادىء الي فرضت على الناس بالقوة والبطش › فهذه الشيوعية التي هي أشد المبادىء قسوة . وأكثرها مصادرة لحريات الناس . لايكاد إرهابما يرتفعم من أرض إلا ويتنفس أهلها الصعداء . ويعلنون مساوئها على رؤ وس الأشهاد . بين بلاد الاسلام وإن احتلتها قوی معادية له » وانحسر نفوذه فإن عقيدته تبقى في نفوس أتباعه ٠ وقد تتزلزل أحيانا نتيجة عواصف الأحداث التي تتعاقب عليها . ولكن لا تلبث أب تعود إلى استقرارها . هذا وليس من المقبول منطقيا أن تكون الغزوات الاسلامية مجرد صد عدوان على بلاد الاسلام أو رجاله ولو کان الأمر كا يقولون لما کان داع لتجهيز الجيوش الأسلامية إلى امبراطوريتي - 4۸ الاسلامية » أو على رجالا في جزيرة العرب ٠ اللهم إلا ما كان من قتل قيصر الروم أحد رسل النبي يٍَ . الذي ترتبت عليه معركة مؤتة الشهيرة . وليت شعري ما الداعي ‏ لو كان الجهاد محصورا في الدفاع ‏ أن يكلف المسلمون أنفسهم الشطط فيدفعوا بأعز رجاحم إلى وطيس المعارك ›» حتى يصلوا إلى اللحيط الأطلسي ٠ ويبلغ بأحد قادتهم في الحروب أن يخوض بقوائم جواده عباب المحيط وهو ینادیه قائلا : والله لو كنت أعلم أن خلفك أرضا لخضتك مجاهدا في سبيل الله . فهل يعني ذلك أن خوضه لدفم عدوان من خلف المحيط على الدولة الاسلامية . أو لأجل بث دعوة الحق في الأرض ؟ والآيات الى استند إليها صاحب النار لا تدل بحال على صحة الفكرة التي انتهجها . بل منها ما يدل على خلافها . فقوله تعالى : لإوقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله . . 0(4 . دليله واضح على أن الجهاد شرع لرفع راية الح ونشر عقيدة الاسلام » إذ ليس من المعقول أن يكون الدين لله مع تقديس الأوثان وعبادة الأصنام ٠ واتغاذ الأنداد لله سبحانه › أو مع التجرد من الدين . واتباع اللعتقدات الال حادية . وفي معنى الآية حديث ابن عمر - رضي الله عنما عند الشيخين : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله . ويقيموا ١ سورة البقرة : الآية ١۱۹۳ء - 4۹ الصلاة ٠ وي توا الزكاة › فإدا فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأموال حم إلا بحق الاسلام وحسابہم على الله» وهو نص لیس عليه غبار في مشروعية الجهاد لأجل نشر الدين › ويؤيده قوله سبحانه : إن تابوا وأقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم 4( . وهل لله سبحانه دين غبر الاسلام مع قوله : إن الدين عند الله الاسلامڳ() . وإذا كان هذا حكم الجهاد بالنظر إلى الطبقة الحاكمة من الكفار الحائلة دون انتشاره بجبروتهم وسلطانهم › فإن حكم العامة يختلف باختلاف معتقداتهم ٠ فأهل الكتاب وهم اليهود والنصارى - يدعون إلى قبول الاسلام » وتشرح هم معتقداته › وأحكامه » وتوضح م براهینه وحججه » فَإن رفضوه أخذت منم الجزية وكانوا في ذمة المسلمين يتمتعون معهم بحي المواطنة › وينعمون بالأمن والاطمئنان شريطة رضوخهم ل حكم الاسلام ٠ وقبوطم أداء الحزية 9 وهذا التمييز لحم لأجل ما تبقى بأيديهم من الكتاب وإن حرفوه بافتراء اتهم المزورة » وتأويلاتهم الفاسدة › وفي حكمهم المجوس »٠ والصابئون . وأما غير هؤلاء من المشركين فلا يقرون على عبادة الأوثان وممارسة طقوسهم الدينية الي لا تمت بصلة إلى تعاليم الاسلام › ۱ سورة التوية : الآية ‎O‏ ‏٢ ۔ سورة ال عمران : الأية ۹« وهؤلاء هم المعنيون في قوله تعا ى : ##وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين له( . وأما الفريق الأول فهم المقصودون في قوله عز وجل : قاتلوا الذين لا يؤمنون باه ولا باليوم الآأخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون4() , وسنعود إن شاء الله إلى الموضوع ببسط في محله من التفسير . العقل الأنساني عاجز عن إدراك جميع حكم التشريع : وأما في القاعدة الثالثة والثلاثين ؛ فقد أطلق القول بإدراك العقل لأصول الدين في العقائد وحكمة التشريم في الأوامر والنواهي . مم أن كثيرا من أحكام الدين لا يكن استظهار حكمها » وإنا على العبد أن يسلم تسليا فيها 9 ثقة وإمانا بان كل أحكام الدين لا تخغلو من حكم بالغة . علمها الناس أو جهلوها › وإلا فمن أين لنا أن نعلم حكمة كون فرض الظهر أربعا . وكذا العصر والعشاء . وفرض المغرب ثلاثا . والفجر ركعتين . إلى ما وراء ذلك مما لا يكن للعقل الإلمام بحكمته . هذا وبإمكان من يدرس السورة بإمعان أن يکتشف فیها کثیرا من القواعد المهمة غبر هذه المذكورة . ولكنى رأيت الاكتفاء بذكر ما استخرجه صاحب النار مم قصد تفصیل محملاتها وبيان نظائرها ي صلب تفسير السورة إن شاء الله . ١ سورة البقرة : الآية ١۱۹۳ ٢ سورة التوبة : الآية د۲۹٤ ا0۱ “ فضل سورة البقرة : ِ ۱ ولأجل ما تنطوي عليه هذه السورة من عقائد واداب واحكام وحكم وأمثال وأخبار. كان السلف حريصين جدا على حفظها وتعلم ما فيها » حت روي أن ابن عمر ۔ رضي الله عنما - اقام ثماني سنين يتعلمها » وكان الأنصار - رضي الله عنهم - مشهورين بالعناية ها » ولذلك عند ما أراد رسول الله ية أن يلهب حماسهم عند ما انكشف المسلمون يوم حنين » أمر أن ينادوا يا أصحاب سورة البقرة » وذكر بعض العلاء أن فيها ألف أمر . وألف نبي ٠ وألف خبر . ء ووردت فيها أحاديث كثيرة دالة على فضلها . منہا ما هو خاص بہا » ومنہا ما هو مشترك بینہا وبين غيرها » من ذلك ما رواه أحمد وحمد بن نصر والطبراني بسند صحيح عن معقل بن يسار » ان رسول الله ي قال : «البقرة سنام القران وذروته نزل مم كل اية منہا ثمانون ملكا واستخرجت (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) من تحت العرش فوصلت بها» » وروی أحمد ومسلم في صحيحه ٠ والترمذي والنسائي من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه ‏ أن رسول الله ية قال : «لا تجبعلوا بيوتكم قبورا » فإن البيت الذي تقر فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان» . وأخرج نحوه أبو عبيد القاسم بن سلام بإسناده عن آنس ۔ رضي الله عنه - مرفوعا » ورواه ابن علي في الکامل . وابن عساکر في تاره مرفوعا من طريق أبي الدرداء » وأخرجه الدارمي والبيهقي ٠ والحاكم وصححه » من حديث ابن مسعود يرفعه » وأنخرجه سند ضعيف من طريقه أيضا النسائي والطبراني والبيهقي › .“ 0۲ ورواه الطبراني بسند ضعيف عن عبدالله بن مغفل مرفوعا » وأخرج أبو يعلى وابن حبان والطبراني والبيهقي عن سهل بن سعد الساعدي قال : قال رسول الله َي : « إن لكل شيء سناما » وسنام القران سورة البقرة » من قرأها في بيته نهارا لم يدخله الشيطان ثلائة أيام › ومن قراها في بيته ليلا يدخله الشيطان ثلاث ليال» . وأخرج أبو عبيد وأحمد ومسلم والنسائي عن أسيد بن حضير قال : بين هو يقرا من الليل سورة البقرة » وفرسه مربوطة عنده » إذ جالت الفرس فسکت فسکنت » ثم قرا فجالت الفرس فسکت فسکنت »٠ ثم قرا فجالت الفرس فسکت فسکنت »٩ فانصرف إلى ابنه یحی وکان قریبا منها » فأشفق أن تصيبه ٠ فلا أخذه رفم رأسه إلى السياء فإذا هو بمثل الظلة فيها أمثال المصابيح عرجت إلى السياء حتى ما يراها » فلا أصبح حذث رسول الله يَيةٍ بذلك فقال رسول الله يَف : «أتدري ما ذاك ؟ قال : لا يارسول الله . قال : تلك اللائكة دنت لصوتك .٠ ولو قرأت لأصبحت تنظر إليها الناس لا تتواری منهم» . وأخرجه البخاري في صحيحه تعليقا . وأخرج الترمذي وحسنه › والنسائي وابن ماجة وابن حبان » والحاكم وصححه عن أبي هريرة - رضي الله عنه ‏ قال : بعث رسول الله يي بعثا فاستقراً كل واحد منہم ما معه من القران فأق على رجل من أحدثهم سنا فقال : «ما معك يا فلان» قال : معي كذا وكذا وسورة البقرة . قال : «أمعك سورة البقرة ؟» قال : نعم . قال : «اذهب فانت -“ 0۳ أميرھ.. › . وأخرج البيهقي بي الدلائل عن عثمان ابن أي العاص قال : استعملني رسول الله ي وأنا أصغر القوم الذين وفدوا عليه من ثقيف ٠ وذلك أني كنت قرأت سورة البقرة . وأخرج البيهقي في الشعب بسند صحيح عن الصلصال بن الديممس أن رسول الله ية قال : «اقرأوا سورة البقرة في بيوتكم ولا تجعلوها قبورا» . وأحرج أحمد والبخاري في تاريخه » ومسلم والترمذي ٠ ومحمد بن النصر عن النواس بن سمعان قال : سمعت رسول الله ي يقول : «يؤي بالقران وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمهم سورة البقرة وال عمران» . قال : وضرب لم رسول الله يل ثلائة أمثال ما نسيتهن بعد ٠ قال : «كأنې| غمامتان أو كأم| غیایتان أو كأنې| ظلتان سوداوان أو كأ| فرقان من طبر صواف تحاجان عن صاحبها» . وأخرج أحمد وابن أبي شيبة والدارمي وحمد بن نصر وا حاكم وصححه عن بريدة قال : قال رسول الله يي : «تعلموا سورة البقرة فإن أخذها بركة » وتركها حسرة » ولا تستطيعها البطلة » ثم سكت ساعة ثم قال : تعلموا سورة البقرة وال عمران فإنم) الزهراوان تظلان صاحبها يوم القيامة كأنمما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طبر صواف» » قال الحافظ ابن كثير : إسناده حسن على شرط مسلم . وأخرج أحمد وأبو عبيد وحمید بن زنجویه ومسلم وابن حبان » - 0 والطبراني والحاكم ٠ والبيهقي عن أبي أمامة قال : سمعت رسول الله يي يقول : «اقرأوا القران فإنه شافع لأهله يوم القيامة › اقرأوا الزهراوين ؛ البقرة وال عمران ٠ فإنم) يأتيان يوم القيامة كأنبا .غمامتان أو كأ| غيايتان أو كأ فرقان من طبر صواف اجان عن أهله) يوم القيامة ‏ ثم قال اقرأوا البقرة فإن أخذها بركة ٠ وتركها حسرة 5 ولا تستطيعها المطلة» وأخرج الطبراني وأبو ذر ا روي نحوه عن ابن عباس مرفوعا وأخرج البزار في سننه نحوه بسند صحيح عن أي هريرة مرفوعا . وبالحملة فإن الروايات الناصة على فضائلها متضافرة » وهي دليل على ما ينبغي من العناية بهذه السورة حفظا وفه| وتلاوة . وقد كان عليه أفضل الصلاة والسلام كثيرا ما يتلوها في تہجده ٠ کا جاء ئي رواية عائشة وحذيفة وعوف بن مالك .٠ وإذا کان ابن عمر اللحدث الفقيه عنى بدراستها ثماني سنين ٠ فإن أباه الصحابي الحليل والخليفة الراشد بقي اثنتي عشرة سنة يتعلمها . وهو إن دل على شيء فإنما يدل على عناية السلف الصالح ‏ رضي الله عنهم ‏ بالقران ٠ ورغبتهم في استجلاء معانيه وفهم أحكامه وحكمه . فا أجدر من أراد لنفسه السلامة في الدنيا والآخرة أن يقفو اڻا لظف ما لسد رهم 2 ل - ل نساً ^ مر و اد ٦ - يسم الله الرحمن الرحيم (i ‏کلمات تسرد سردا غیر مرکبة ترکیب احمل » افتتحت بہا‎ ‏هذه السورة ». وشقيقتها ثانية الزهراوين من السور المدنية . كا‎ ‏افتتحت با وبنظائرها من قبل سبع وعشرون سورة مكية ۽ وهي‎ ‏كلمات ذات غرابة طبعا » إذ لم يكن مألوفا أن تسرد هذا السرد في‎ ‏غير التهجي ٠ ومع ذلك لم تكن العرب على معرفة بالقراءة والكتابة‎ ‏إلا قليلا منهم فلا غرو إذا م يكن جمهورهم بحاجة إلى معرفة هذه‎ ‏اللصطلحات في تسمية الحروف التي تتكون منها كلماتهم . لأن‎ مقاصد هذه الكلمات المقطعة : وبدهى أن تختلف الآراء وتتعدد الأقوال في تحديد مقاصد هذه ومھے| يکن فان هذه الفواتح وأمثاا هي أساء ومسمیاتما الحروف الحجائية الى تتركب منا المفردات ٠ وهذا واضح لانطباق - 0۷ حد الاسم عليها 6 ولأنها تعتورها علاماته كالتعريف والاسناد 6 وال جمع والاضافة وال جر » ووصفها بالحرفية لا يعدو أن يكون مجازا 6 لأن مدلولاتها - وهي أحرف المجاء - حروف . وإيضاح ذلك أن الباء - مثلا- اسم ٠ ومسماه أول حرف من بان وباع » وأوسط حرف من جبن وقبع واخر حرف من ضرب وجرب . فإذا أردت النطق باللسمى وحده وهو الحرف » قلت (به) بإدخال هاء السكت ٠ وقس على ذلك سائرها . ولا يرد على ذلك ما أخرجه البخاري في تاريخه والترمذي والحاكم وصححاه عن ابن مسعود - رضى الله عنه _ أن النبى يَيٍِ قال : «من قرا حرفا من كتاب الله فله حسنة » والحسنة بعشر أمثالما » لا أقول (أم) حرف ٠ بل ألف حرف ولام حرف وميم حرف» . وفي رواية عند الترمذي والدارمي : «لا أقول )أ( حرف وذلك الكتاب حرف ٠ ولكن الألف حرف »› واللام حرف ٠ واليم حرف » والذال حرف ٠ والكاف حرف» . لأن الاصطلاح على تقسيم أنواع الكلام إلى اسم وفعل وحرف إصطلاح طارىء لا يحمل عليه الكلام النبوي الشريف ٠ وقد كانوا قبل حدوث هذا الاصطلاح يطلقون الحرف على الحروف البسيطة ٠ التي يتركب منها الكلام » وهي مسميات هذه الكلمات ك قلنا . وربما أطلقوه تجوزا على نفس الكلمات ٠ والرسول يٍَِْ أراد بقوله : «لا أقول ا حرف ..( الخ » دفع ظن - 0۸ التجوز ٠ والظاهر ما حرره بعض المفسرين أن المراد من الحديث بيان أن الحسنات على تلاوة القران تكون بحسب حروفه المكتوبة إذ لو كانت بحسب النطق لعدت (ألف) ثلائة أحرف ٠ ويؤيده مافي رواية الترمذي والدارمى من زيادة : «والذال حرف والكاف حرف» فإن الذال بمدها تتولد من فتحتها ألف ٠ فلو اعتبر التلفظ لكان الجدير اعتبارها مع مدتها حرفين ٠ ويومىء إلى ذلك التعبير بكتاب الله المفهم للكتابة دون كلام الله أو القران . إعراب هذه الكلمات : وإذا عرفت أنها أسماء فاعلم أنها غير مبنية › لأن الاعراب هو الأصل فيها . ولكنها سكنت أعجازها هنا لأجل معاملتها معاملة الاسم الموقوف عليه » لأنها سردت سردا من غير أن تلحقها عوامل تفتضي حالة من حالات الاعراب . معانيها : ما معانيها ي طلائع السور فقد اختلف فيها المفسرون سلفا وخلفا » ونستطيم أن نرد اراءهم إلى موقفين ؛ موقف الذين تهيبوا من الخوض في معانيها حذرا من الانزلاق » لأنهم عدوه من التقول على الله بغيرعلم ٠ وليس الموقف بالحين ٠ فالكلام كلام الله © ونسبة مالم يرده تعالى إليه كنسبة مالم يقله . وموقف الذين تجباسروا على القول فيها بحسب ما توحي به ۹٥ - القرائن » وترشد إليه الدلائل ٠ ولم نعثر في هذه الفواتح على شيء يعزى إلى النبي ية من تفسيرها ولو من وجه ضعيف ٠ ولو حصل وثبت لتبخر النزاع » وزال الشقاق لوجوب التسليم له عليه أفضل الصلاة والسلام . فهو أعلم بالتنزيل ومقاصده ٠ والتأويل وطرائقه » ولكلا الفريقين حجة يستندون إليها . استدلال من لا يرى الخوض ئي معانيها : أما الأولون فقد احتجوا بالمعقول والمنقول : أما المعقول ؛ فهو أن الله سبحانه تعبدنا بأعمال منها ما تعرف حكمته » ومنها ما لا نعرف »٠ فالصلاة والزكاة والصوم كلها عبادات ذات أثر واضح 5 ومنفعة بينة في حياة العابد الشخصية والاجحتماعة 6 إن الصلاة با فيها من تذکر بالله وفدرته وسلطانه ومنته وإحسانه . ہی عن الفمحشاء والمنكر . والزكاة سد ہا حاجات الفقراء ٠ وتنتزع من قلوبهم كراهة الأغنياء مع أثرها الطيب ي نفس المزكي »٠ عندما تطهرها من رجس شهوة المال . فمنفعتها عائدة على الجانيين ٠ والصوم وسيلة للحد من طغيان الشهوة ٠ وكسر شوكتها » ورد جماحها 9 مع ما فيه من تذكير الأغنياء بالام البؤساء الجائعين . وبجانب هذه العبادات ذات النافع المعقولة . والحكم الواضحة »٠ تم عبادات أخرى لا سبيل لنا إلى استظهار حكمتها . ١1 - كرمي الجمرات ٠ والسعي بين الصفا والمروة . وال رمل والاضطباع ٠ وكا كان لائقا بحكمة الله أن يأمر عباده بالتوع الأول يليق بحكمته كذلك الأمر بالنوع الثاني من غير خلاف ٠ وقد يكون الامتثال في هذا النوع أدل على الاذعان والطاعة . لأن فاعله لا يدرك له حكمة ٠ ولا يلمس منه منفعة عاجلة . بخلاف النوع الأول ٠ إذ ليس من المستحيل أن يكون إتيانه لمعرفته بمنفعته » وإذا جاز ذلك في التعبد العملي ٠ فلم لا يجوز في التعبد القولي ؟ وهو أن يأمرنا الله أن نعبده تارة با نفهم معناه من الكلام ٠ وتارة با لا نفهم ٠ ليتجلى الانقياد والتسليم من المأمور للآمرء هذا بجانب كون غموض المعنى من اللفظ داعيا إلى الالتفات إليه ٠ والتعلق به ٠ والتفكر فيه خصوصا عند ما يعلم أنه صادر من أحكم الحاكمين »٠ وهذا التعلق باللفظ هو في حقيقته تعلق بالله عز وجل ٠ الذي أنزله بعلمه › وذلك هو عين الذكر وروح العبادة . وأما المنقول ؛ فهو دلالة القران نفسه على انقسامه إلى محكم ومتشابه » وجاء فيه عن المتشابه #لإوما يعلم تأويله إلا اللهك( والوقف هنا ضروري لأسباب ؛ أحدها : أنه لو عطف الراسخون في العلم على اسم الحلالة للزم إما انقطاع امنا به عم قبله » وهو غير جائز لعدم إفادته › وإما رجوعه إلى المعطوف والمعطوف عليه ٠ فيترتب عليه أن يكون الحق تعالی قائلا : #امنا به كل من عند ربناڳ واعتقاد ذلك عين ١ سورة ال عمران : الآية ۷ ا٦ - ثانيها : ان مدح الراسخين في العلم بإیمانهم به دليل على أنه يختلف عن المحكم الذي فهموه » ولو كانا سواء في فهمهم لا كان ثالثها : نسبة الزيغ إلى الذين يريدون تأويله ولو كان كالمحكم وعزّز ھؤلاء رأیہم ننه مروي عن أجل الصحابة - رضوان الله عليهم ‏ منم الخلفاء الأربعة . وابن مسعود وابن عباس ٤ وهو قول جماعة من أعلام الأمة كالشعبي ٠ وسفيان الثوري › والربيع بن خئيم 6 وکٹر من المحدڻئن . ححة الفغريق الثاني : وأما الآخرون فاحتجوا أيضا بالمعقول والمنقول ٠ أما المعقول فمن وجوه : أحدها : أنه لو تعذرت معرفة شيء من القران على أفهام الأمة ما كانت لانزاله فائدة . وكانت خاطبة الناس به كمخاطبة ثانيها : أن الخطاب إنما يوجه إلى المخاطبين لأجل الافهام › فإن تعذر فهمه عليهم جميعا فهو عبث وسفه لا يليق بمقام الربوبية . - ۲ ثالثها : أن القران متحدذى به ولا يتحدى إلا بالمعلوم . وأما المنقول فبعضه من القرآن وبعضه من السنة » فمن القران قوله تعالى : لأفلا يتدبرون القران أم على قلوب أقفالهاك() . فإن التوبيخ على عدم تدبره لا يكون إلا لأن تدبره مطلوب ٠ وهو دليل إمكان فهمه » إذ لو كان متعذر الفهم ما كانت ي تدبره فائدة . وفي معنى ذلك قوله : لأفلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا#() . ومن البدهي أن معرفة سلامته من التناقض تتوقف على فهم جميع معانيه . وقوله : #وإنه لتنزيل رب العالين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عري مبين(") , فإن الانذار يتوقف على فهم المنذرين ما أنذروا بهت وهذه الآيات دالة على أن الانذار بجميع التنزيل . فليس من المعقول أن يكون منه ما لا يفهم معناه » ويزيد ذلك تأكيدا ووضوحا قوله : بلسان عربي مبين . ومن المعلوم أن العرب أول من خوطبوا به » وهو بلسانهم البين › ولو لم تصل أفهامهم إلى شيء منه لكان في ذلك ما يدعوهم إلى رفضه ٠ والطعن في وصفه بالابانة . فإن هذا الوصف يتناف مع بقاء شيء منه غامض المعنى . وقوله تعالى : #وإلعلمه الذين يستنبطونه منېم4() , فإن الاستنباط يتوقف على الاحاطة بالمعنى . وقوله : تبيانا لكل شيء*(°) . وقوله : #إقد جاءكم من الله نور وكتاب ١ - سورة القتال : الآية ٤٠ء ٢ - سورة النساء : الآية ١۸۲ ۳ سورة الشعراء : الآيات ١۱۹۳ ١۹٠› ٤ - سورة النساء : الآية «۸8۳» ٥ - سورة التحل : الآية د۸8۹: - ۳ ميين() . وقوله : أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون 0(4 . وقوله : هذا بلاغ للناس ولينذروا بە»(") . وقوله : قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إلیکم نورا مبیناڳ”*) . وغرهذه من الآيات الدالة على أن القران ميسر فهمه 9 واضح معناء › مبشر ومنذر › وهاد إلى ' ومن السنة قوله ية : «إني تركت فيكم ما إن تمسکتم به لن تضلوا أبدا ؛ کتاب الله وسنتي» . وحديث علي في وصفه : «فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدکم وحكم ما بينكم» الخ . ف المسألة جال للاجتهاد : وأنت تدري أن أمثال هذه الحجج التي استند إليها كلا الفريقين ٠ ليس فيها ما يقطع به صحة أحد الرأيين ٠ فتبقى المسألة مجالا للاجتهاد . ومن تجاسر على الخوض في تفسير هذه الفواتح ليس له أن يقطع بأن ما قاله هو عين المراد بها » فإن غاية ما في أقوال الخائضين في تفسيرها » الاستناد إلى قرائن قد تكون صحيحة أو غير صحيحة ٠ وإنما يستأنس بجواز فهم معانيها بعدم وجود ما يدل على استنكار العرب الجاهليين فا مع قراءة النبي يٍَ القران عليهم ٠ بل ١ سورة المائدة : الآية ١١٠» ٢ سورة العنكبوت : الآية ١1 °» ۴ - سورة ابراهیم : اليه «۲©» ٤ سورة النساء : الآية ١٤۷٠ ٤1 - أثر ما يدل على تأثْر بعضهم مع سماع سورة مفتتحة با . وهو عتبة بن ربيعة . الذي أق النبي ب يعرض عليه عروضا في مقابل تنازله عن دعوته » فأسمعه النبي ية سورة (فصلت) ٠ فلا وصل إلى قوله عز وجل : «إفإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة العذاب ٠ وانصرف إلى قومه طالبا منم أن يكفوا عن النبي يي › ولم يذکر أنه استنکر شیئا مما سمعه . وکان سبب إسلام عمر - رضي الله عنه ما قرأه عند أخته من سورة (طه) . ولو کان شيء ما سمعاه لا تستسيغه فهوم العرب ا كان منم هذا التأثر . بل لأدى ذلك إلى سخریته)ا واستخفافې| به 9 کا يستأنس للجواز با روي عن الصحابة ‏ رضى الله تعالی عنہم - من تفسير هذه الكلمات .٠ فإن معظم من روى عنهم التوقف عن القول فيها » رويت عنم كذلك أقوال في بيان معانيها . الأقوال الواردة في معانيها : ونسب ابن عطية وأبو حيان والز حشري جواز تفسيرها إلى الجمهور ونسبه الفخر إلى المتكلمين » وهؤلاء اختلفوا في المراد بها على نحومائة قول أكثرها ليس له قسط من الدليل ٠ بل مسحة كذب أهل الكتاب ظاهرة على كثبر منها » ورد العلامة ابن عاشور في تفسيره (التحرير والتنوير) هذه الأقوال بعد حذف متداخلها وتوحيد متشاكلها › إلى عشرين قولا ء وقد رأيت أن أقتصر عليها مع ۱ - سورة فصلت : الأية د۱۳٤ ١1 = الافاضة فيها بتفصيل أدلتها وعزوها إلى أصحابما . وتبيان ما قيل فيها قبولا وردا . وإليكموها على الترتيب : أولما : أنها حروف اقتضبت من أساء وصفات لله عز وجل افتتحت بحروف مماثلة لا . ف (ألم) مثلا ؛ الألف تشير إلى أحد أو أول أو آخر » واللام إلى لطيف » واليم إلى ملك أو مجيد أو نحو ذلك . وهو المفهوم مما أخرجه ابن جرير في تفسيره عن أبي مالك وعن أي صالح عن ابن عباس رضي الله عن - وعن مرة الحمداني عن ابن مسعود وناس من أصحاب النبي يق أنهم قالوا : ما (آلم) فهو حرف اشتق من حروف هجاء أسماء الله جل ٹناؤه . وأخرج ابن جرير آيضا عن أي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ئي قوله : «الم» و «حم» و ا«ان» » قال : اسم مقطع . وروي مثل ذلك عن محمد بن كعب القرظي ۽ والربیم بن آنس » واعترض عليه بان صحة ما قالوه يتوقف على التوقيف وأنى لحم به . ثانيها : أنها رموز لأساء الله تعالى وأساء الرسول كٍَِ والملائكة . ف دالم» مثلا › الألف من الله . واللام من جبريل › والميم من محمد . قاله الضحاك ٠ وهو كالذي قبله في توقف صحته على التوقيف . ثالثها : أنها أساء للملائكة . وأنها إذا تليت كانت للنداء ملائكتها وتصغي اللائكة إلى مايقوله التالي بعد النطق بها فيقولون : صدقت ؛ إن كان ما بعدها خبر › ويقولون : هذامؤمن ٦ حقا . نطق حقا . وأخبر بحق . فیستغفرون له . وهو قول حي الدين بن عربي صاحب الشطحات الصوفية المتطرفة في كتابه (الفتوحات المكية) وما هو إلا خبط بلا هاد ولا نظر › فإنه قول بعيد عن أسلوب القران ومقاصده . رابعها : أنها رموز لأساء النبى يي وأوصافه خاصة › فالألف مکنی به عن حملة اسمائه الفتتحة بالألف ٠ كأحمد وأبي القاسم › واللام مكنى به عن صفاته مثل لب الوجود › والیم مکنی به عن محمد » وما ماثله كمبشر ومنذر » ونسب ابن عاشور هذا القول إلى الشيخ محمد بن صالح التونسي المعروف بابن ملوكة في رسالة له › ثم قال : وعلق على هذه الرسالة تلميذه شيخ الاسلام محمد معاوية تعليقة أكثر فيها من التعداد وليست ما ينشلج بمباحثه الفؤاد » ويرد هذا القول إلتزام حذف حرف النداء . وما قاله من ظهوره في (يس) مبني على قول من قال إن (يس) بمعنی يا سيد » وهو ضعيف لأن الياء فيه حرف من حروف الحجاء » ولأن الشيخ نفسه عد (يس) بعد ذلك من الحروف الدالة على الأساء مدلولا لنحو الياء من (كهيعص)() . خامسها : نها رمور دة دوام هذه الأمة بحساب الجمل 6 قاله أبو العالية استنادا إلى ما رواه البخاري في تأريخه وابن اسحاق وابن جرير بسند ضعيف عن ابن عباس عن جابر بن عبدالله بن رئاب »٠ قال : مر أبو ياسر ابن أخطب برسول الله َو وهو يتلو فاتحة - ۷ سورة البقرة ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه ٠ فأق أخاه حيبي ابن أخطب في رجال من بود فقال : تعلمون والله لقد سمعت محمدا يتلو فيا أنزل الله عز وجل عليه ألم ذلك الكتاب . . ¶ فقالوا : أنت سمعته ؟ قال : نعم . قال : فمشى حبي بن أخطب في أولئك النفر من يهود إلى رسول الله يَيِةٍ فقالوا : يا محمد ؛ ألم يذكر لنا أنك تتلو فيا أنزل عليك ألم ذلك الكتاب . . 4 فقال رسول الله َة : بلي . فقالوا : أجاءك بهذا جبريل من عند الله ؟ قال : نعم . قالوا : لقد بعث الله جل ثناؤه قبلك أنبياء » ما بين لنبي منم مامدة ملكه وما أجل أمته غيرك . فقال حيبي بن أخطب - وأقبل على من كان معه : الألف واحدة .. واللام ثلاثون . والميم أربعون » فهذه إحدى وسبعون سنة . قال : فقال لحم : أتدخلون في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة ؟ ٹم أقبل على رسول الله يٍَ فقال : يا محمد ؛ هل مع هذا غیره ؟ قال : نعم . قال : ماذا ؟ قال : لالص« قال : هذه أثْقل وأطول ؛ الألف واحدة ٠ واللام ثلاثون › واليم أربعون ٠ والصاد تسعون › فهذه مائة وإحدی وستون سنة » هل مم هذا یا محمد غیره ؟ قال : نعم . قال : ماذا ؟ قال : «الر قال : هذه أثْقل وأطول ؛ الألف واحدة › واللام ثلاثون ٠ والراء مئتان » فهذه إحدى وثلاثون ومئتا سنة . قال : هل مم هذا غیره یا محمد ؟ قال : نعم ؛ لامر قال : فهذه أثقل وأطول ؛ الألف واحدة ٠ واللام لاون ٠ والميم أربعون » والراء مثتان › فهذه إحدى وسبعون ومئتا سنة . ثم قال : “۸ لقد لبس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا » ثم قاموا عنه . فقال أبو ياسر لأخيه حبي بن أخطب ولن معه من الأحبار : ما يدريكم لعله قد جمم هذا كله لمحمد. إحدى وسبعون . وإحدى وستون ومائة . ومئتان وإحدى وڻلانون ٠ ومئتان وإحدى وسبعون ٠ فذلك سبعمائة سنة وأربع وڻلاٿون . فقالوا : لقد تشابه علينا أمره . قال ابن جریر : ويزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم : لهو الذي أنزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب وأخر متشاہات»() . وليس في هذه القصة دليل على صحة هذا القول ٠ ولو قدرنا صحتها ‏ فما بالكم وسندها ضعيف بالاتفاق ‏ فإن القران لا يعول في تفسيره على خرافات أهل الكتاب التي لا تستند إلا على الأوهام › وليس في إجابة الرسول يَيٍ إياهم بعدة حروف أخرى من هذه الحروف المتقطعة في أوائل السور تقرير لما ذهبوا إليه من أنها ترمز إلى مدة بقاء هذه الأمة 4 وإنما يحمل ذلك لو صح وما هو بصحیح - على قصده عليه أفضل الصلاة والسلام إبطال مزاعمهم وتفنيد فهومهم على الطريقة المعروفة عند أهل الحدل بالنقض ٠ ومرجعها إلى المنم ٠ وقد قيل إن المانم لا مذهب له » ولا يستفاد من ضحکه يي إلا الاستغراب من جهلهم . أفاد ذلك الامام ابن عاشور . وإن تعجب فعجب كيف يستند أئمة التفسير في بيان مراد الله من كتابه بدعاوى أهل الكتاب الذين لا يتورعون عن تحريف الكلم ١ سورة ال عمران : الآية «۷» - 1۹ عن مواضعه في الكتاب الذي أوتوه . فا بالك بتحريف التأويل فيا هم بصدد اللدد والكيد له » وتكذيب الرسول الذي أنزل عليه ومثل هذه الأقوال جديرة بنفيها عن ساحة التفسير . وعدم شغل دو؛وينه بذكرها › لولا بغية التحذير منها والتنبيه على زيفها حذر اغترار العامة بها أثناء اطلاعهم عليها في أمهات التفسير القديمة . سادسها : انها رموز ؛ کل حرف منہا رمز إلى كلمة » فنحو دال أنا الل أعلم . و(المر) أنا الله أرى » و(الملص) أنا الله أعلم وأفصل . رواه ابن جریر من طریق أبي الضحی عن ابن عباس ٤ وروی مثله عن سعید بن جبیر » وهو کالقول الثاني مبني على ما عرف عن العرب أنهم يتكلمون با حروف المقطعة أحيانا بدلا من الكلمات الي تتألف منہا ‘6 وهو معروف عنہم نظا ونٹرا » ومنه قول زهبر : بالخير خيرات وان شر فا. . ولا أريد الشر إلا أن تا. . أراد : وإن شر فشر » وأراد : إلا أن تشا » فاکتفی من کل تاداهم أن الجحموا الا تا. . قالوا جیعا كلهم ألا فا. . أراد بالأول : ألا تركبون » وبالثاني : ألا فاركبوا . وقول الوليد بن المغيرة : فلت ها قفي لنا قالت : قاف . أراد : قد وقفت . وئ الحديث : «من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة» هو أن يقول كلمة : أق . . مكان أقتل . وفي حدیث سعد بن عبادة عند ابن ماجة : «کفی بالسیف شا . . » أي شاهدا . وقال لبيد : درس النا. . فمتالع فابان فتقادمت بالحبس فالسوبان أراد المنازل . وقال علقمة الفحل : كان إبريقهم ظبي على شرف مقدم بسبا. . الكتان ملثوم وهو - ك قال العلامة ابن عاشور - يوهنه أنه لا ضابط له ٠ لأنه أخحذ مرة بمقابلة الحرف بحرف أول الكلمة . ومرة بمقابلته بحرف وسط الكلمة › وما ذدکر من الشواهد لا يصح حمل فواتح القران على مثل ذلك . سابعها : أنها ترمز إلى أحوال نفسية تترتب على تزكية القلب وتحلية النفس بالحقائق الايمانية . وهو مبنی على اعتبار عدد الحروف المفتتح بها بتكرارها فهي ثمانية وسبعون حرفا » ویشار بہا إلى شعب الايمان في حديث أبي هريرة : «الايمان بضع وسبعون شعبة» » فهذه الحروف هی ش شعب الايمان ٠ ولا تكمل لأحد أسراره حح يعثم حقائیق هذه الحروف ف سورها ٩ والبضع يصدی A على الثمانية فهى الرادة به » وقد أطال صاحب الفتوحات في الانتصار لهذا القول يما أورده من الرموز الصوفية التي لا يكاد يفهم ها معنی ٠ وتابعه الألوسي ئي «روح المعاني» » وليس ذلك لعمري إلا من شطحات الغلاة التي يجب تنزيه القران وتفسيره عنها › وما كان ذكري لهذا القول إلا للتحذير من الاغترار به كا تقدم في نظیره . وهذه الأقوال السبعة تخغرج من باب واحد وهو اعتبار الحروف رموزا إما إلى كلمات اقتطعت منها » أو إلى حقائق تشبر إليها . ثامنها : أنها أساء للسور التي افتتحت بها » وهو قول زيد بن أسلم » ونسب إلى الخليل وسيبويه » وقال به جم غفير من السلف والخلف ٠ واختاره الفخر الرازي ٠ وعزاه إلى أكثر المحققين ٠ كا عزاه الز حشري إلى الأكثر ٠ واقتصر عليه الامام محمد عبده ٠ وأقره تلميذه السيد محمد رشيد رضا في تفسير سورة البقرة من «المنار» › ونظروه بالتسمية لما أشبه أسماء الحروف ك (لام) اسما لوالد حارثه بن لا م الطائي و (عین) اسا للذهب والشمس ومنبع الماء وحاسة البصر » و (غين) اسا للسحاب ٠ و (نون) اسا للحوت ٠ و (ق) اسما لجحبل موهوم » و (حا) اسا لقبيلة من مذحج . وأیدوه بقول شریح بن آوئی : يذکرني حامیم والرمح شاجر فهلا تلا حامیم قبل التَقدم واعترض بأمور : V۲ الأول : أن الاشتراك بين يجموعة من السور في فاتحة من هذه الفواتح بعينها ك (الم) و(حم) يفقد فائدة التسمية فا . الثاني : أن التسمية تقتضي الاشتهار ولم تشتهر هذه السور بها » وإنما اشتهرت بأسماء أخرى »٠ كالبقرة وال عمران ويونس وهود ويوسف . الثالث : أن العرب لم تتجاوز فيا سمت به مجموع اسمين كمعدي كرب 5 وبعلبك »٠ ولم يسم أحد منهم بمجموع ثلاثة أسماء أو أربعة أو خمسة ٠ فالقول بأنها أساء لسورها خروج عن لغتهم . الرابع : وجوب التغاير بين الاسم والمسمى والقول بإسميتها يقتضي اتحعادهما . الخامس : أن هذه الألفاظ داخلة في السور وجزء الشيء متقدم على جيعه رتبة » واسمه متأخر عنه ٠ فيلزم أن يكون متقدما متأخرا معا . وهو محال . وأجيب عن الأول بأن الأعلام كثيرا ما تكون مشتركة بين الناس أو البلدان أو غيرهما » وإنغا صح الاشتراك لأن العلم يوضع لكل واحد وضعا مستقلا ٠ وما يتبع هذه التسميات من اللأضافات وغيرها كاف لتعيين المراد ہا . وعن الثاني بأنه ورد عنه یٍَ : «يس قلب القران» » و«امن قرا حم حفظ إلى أن يصبح» . وفي السنن وغيرها أن - V۳ النبي يل سجد في (ص) وإذا ثبت في البعض ثبت لي الجميع إذ لا فارق » واشتهار أحد العَلَمِين لا يضير عَلمية الآخر » فكثير من الأساء مجهولة لا يتوصل إلى معرفتها إلا بعد التفتيش لغلبة الكنى أو الألقاب عليها . كأبي هريرة وذي اليدين ٠ وقد يكون عدم الاشتهار لنفس الاشتراك فيترك لاحتياجه إلى ضميمة . ك (الم) هنا . وعن الثالث بأن التسمية بثلاثة أسياء فما فوق إنما تمتنم إذا ركبت تركيبا مزجيا » وجعلت إسا واحدا » أما إذا نثرت نثر أساء الأعداد فلا تمتنم لأنها من باب التسمية بما حقه الحكاية » وقد وردت التسمية بجملة تركبت من أكثر من كلمتين : كشاب قرناها » وسر من رأى ٠ وناهيك أن سيبويه سوى بين التسمية بالجملة » والبيت من الشعر وطائفة من أساء حروف المعجم . وعن الرابع بأن التغاير الحاصل بين الكل والجزء كاف لتسويغ تسمية أحدهما بالآخر . ولذلك كان الحرف الحجائى المسمى جزءا من إسمه في الغالب ٠ فلا مانع من العكس ‏ على أن تسميات سور القران غالبا تكون كلمة مأخوذة من السورة المسماة . وعن الخامس : بأن التقدم والتأخر إا هما بحسب الأعتبارات »٠ فالحزء مقدم على الكل من حيث ذاته 9 وم خر عنه من حيث الوصف وهو الاسمية إن اعتبر اسا له » وقد سبق في الجواب الذي قبله أن غالب التسميات المشهورة لسور القرآن تكون بانتزاع كلمات منها كالبقرة وال عمران والنساء والمائدة › والأنعام ٤۷ - وهلم جرا . تاسعها : انها أساء للقران دکره ابن جرير ونسبه إلى قتادة ومجاهد وابن جريج ٠ ونسبه غيره إلى الكلبي والسدي ٠ ورده ابن عاشور لأنه قد وقع بعد بعضها ما لا يناسبها أن لو كانت آساء للقران › نحو الم غلبت الروم» و الم أحسب الناس . . € . عاشرها : أن كل مجموعة مركبة منها هي اسم من أساء الله » واستؤنس له بما روي عن علي أنه کان يقول : يا كهيعص »٠ يا حم عست . وعليه فال حروف المفردة یرجع بہا إلى ما يناسبها أن تندرج تحته من الأقوال » وأبطله ابن عاشور لعدم الإرتباط بين بعضها وما بعده بحيث يسوغ أن يکون خبرا أو نحوه عن اسم الله » مثل مالم ذلك الكتاب . ‎ .‏ و ملالر كتاب أنزلناه إليك . . 4‹) . الحادي عشر : أنها أفعال » فإن حروف (ألم كتاب) هي نفس الحروف التي في (ألم) بمعنى نزل » فالمراد من الم ذلك الكتاب . . € نزل علیکم قاله الماوردي « ورد بأنه لا تقر بصيغ الأفعال مع عدم إمكان حمل جيعها على هذا التأويل نحو (كهيعص »٠ والر) وهو کا قيل لولا غرابته لكان حريا بالإعراض عنه . وهذه الأقوال الأربعة ترجع إلى اعتبار أن هذه الحروف ١ أول سورة |براهیم “V0. وضعت بتلك الحيئات أساء أو أفعالا . الثاني عشر : أن هذه الحروف أقسام أقسم اللہ بہا كا أقسم بالقلم تنويها بشأنها » لأن أساء الله تألفت من مسمياتها » وهي كذلك أساس التخاطب ٠ ومصدر العلوم › وهذا القول نسبه ابن جرير إلى ابن عباس وعكرمة » ونسبه غيره إلى الأخفش ٠ وضعف بحذف حرف القسم مم أنه لا يحذف عند البصريين إلا مع اسم الجحلالة . وورود أقسام بعدها في بعض المواضع نحو «ن والقلم» و«حم والكتاب البين» مع استکراههم الجمع بين قسمين على مقسم عليه واحد » وفي كلا الأمرين بحوث متسعة اثرنا ضرب الصفح عن ذكرها رغبة في تبريد هذا التفسير من التعقيدات الناشئة عن البحوث العربية وغيرها . الثالث عشر : أنها سيقت على طريقة التهجى مسرودة على غط التعديد في التهجية » لإيقاظ شعور السامعين 3 وإثارة فكرهم . ليدركوا أن هذا الكتاب - الذي تحدوا ببلاغته ». وحاروا عندما طولبوا بأن يأتوا بأقصر سورة من مثله وهم فرسان البلاغة القابضون على نواصيها والرائضون لعاتيها ومستعصيها - ٳنغا هو من جنس كلامهم الذي ألفوه . وحروفه هي نفس الحروف التي يصوغون منہا كلامهم ٠ فلو كان صادرا عن ملكات البشر لكان بإمکانېم ُن يعارضوه فيقابلوا الكلمة بكلمات › والسورة بسور » ولكن عجزهم دل على أنه فوق مدارك الأفهام . وأسمى من أن تناله ملكات الأنام . فهو من عند الله الذي لا يكتنه عظمه ٠ ولا يقدر قدره . ٦۷ - وهذا القول منسوب إلى البرد وقطرب والفراء . وعليه ابن تيمية والحافظ المزي شيخ ابن كشير المفسر » وانتصر له ال حشري في كشافه أتم الانتصار واختاره الامام ابن عاشور » وذكر أن المناسبة لوقوعها في فواتح السور ان كل سورة مقصودة بالاعجاز لقوله تعالى : لإفأتوا بسورة من مثله . . 4/) , فناسب افتتاح ما به الأعجاز بالتمهيد لمحاولته . وأيده بأن التهجي ظاهر في هذا اللقصد .٠ فلذلك سكتت عنها العرب لظهور أمره › لأن التهجى معروف عندهم 5 فإذا ذكرت حروف الحجاء على تلك الكيفية الي عهدت في التعليم في غير مقامه أدرك السامعون أنهم عوملوا معاملة اللتعلم لتشابه الحالين في العجز عن الإتيان بكلام بليغم » وفي هذا تعريض بهم بعاملتهم معاملة الصبيان أول تعليمهم القراءة والكتابة . وفي ذلك مالا يخفى من الإغراء والإثارة على التحدي والمعارضة ٠ ك أيده أيضا بأن معظم هذه الحروف نزلت في أوائل السور المكية ٠ وإنما شاركتها من المدنية البقرة وال عمران ›. ولعل ذلك لنزوهم) بِعَيْدَ ا ججرة من مكة ٠ وقصد التحدي في القران المكي قصد أولي وعضده أيضا بأن الحروف المختتمة أسماؤ ها بألف بمدودة كالياء والحاء والراء والطاء والحاء . قرئت في هذه الفواتح محففة على وللسيد محمد رشيد رضا في تفسير فاتحة الأعراف بحث نفيس بين فيه تناسب هذه الفواتح مع ما بعدها » ومن الممكن أن يستنتج ١ سورة البقرة : الآية ۲۳ء “VV من هذا البحث تأييد هذا الرأي ٠ وإن كان هو نفسه أميل إلى القول من افتتاح هذه السور مده المواتح تنبيه السامع مہا الصوت إلى ما سيلم إليه بعده من الكلام حتى لا يفوته منه شيء ٠ فهي شبيهه الطوال والئين والمثاني والمفصل ٠ لأن النبي يي كان يتلوها على اللشركين بمكة لدعوتهم بها إلى الاسلام ٠ وإثبات الوحي والنبوة › وكلها مكية ما عدا الزهراوين » والدعوة فيها موجهة إلى آهل الكتاب 6 وئي كلها لي هذه الفواتح دکر الكتاب ما عدا مریم والعنكبوت والروم و(ن) » وفي كل منہا معنى مما ي هذه السور يتعلق بإثبات النبوة والكتاب 6 فما سورة مریم فد ني يها بتفصیل قصتها بعد افتتاحها بقصة زكريا ويحيى المشابهة لا » وتليت القصتان بذكر رسالة إبراهیم وموسی وإسماعیل وإدریس مبدوءا کل منہا بقوله تعالى : ل إواذكر في الكتاب . . €( . والمراد بالكتاب القران » فكأنه قال في كل من قصة زكریا ويحى وفصة مريم وعيسى واذكر ئي الكتاب »٠ وذكر هذه القصص ئي القران من دلائل كونه من عند الله تعالى لأن النبي ية م يكن يعلم ذلك ٠ ولم یکن قومه على علم به کا صرح به في سورة هود بعد تفصيل قصة نوح مع قومه بقوله : تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة ١ سورة مريم : الآيات ١١٠ ١ ١4 9 51 5 6٦8 للمتقين 0(4 . وكا قال في اخر سورة يوسف بعد سرد قصته مع إخوته : ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمکرونه() . وختمت هذه السورة ‏ أى سورة مريم - بإبطال الشرك وإثبات التوحيد » ونفي اتخاذ الله تعالى للولد » وتقرير عقيدة البعث والحزاء . فهي بمعنى سائثر السور التي كانت تتلى للدعوة ٠ ويقصد با إثبات التوحيد والبعث ورسالة خاتم النبيين . وصدق كتابه الحكيم . وأما سورة العنكبوت وسورة الروم فد افتتحت كل من بعد (الم) بذكر أمر من أهم الأمور المتعلقة بالدعوة . فالأول الفتنة في الدين وهي إيذاء الأقوياء للضعفاء . واضطهادهم لأجل صرفهم عن دينهم بالقوة القاهرة . کان مشرکو قريش يظنون اهم يطفئون الإاسلام ويبطلون دعوته بفتنتهم للسابقين إليه لا سيا الضعفاء الذين م يكن لم ناصر من الأقوياء بحمية نسب ولا رابطة ولاء . وكان المضطهدون من المؤمنين لا يدركون حكمة اله في ظهور أعدائه عليهم ٠ فبين الله في فاتحة هذه السورة أن الفتنة في الدين من سننه تعالى في نظام الاجتماع » يمتاز بها الصادقون من الكاذبين ٠ ليمحص الله الذين امنوا ويمحق الكافرين ٠ وتكون العاقبة للمتقين الصابرين ٠ فكانت السورة جديرة بأن تفتتح با حروف المنهة لما بعدها. ١ - سورة هود : الأيةَ و٩٤» ۲ - سوره يوسف : الأية ۰9 ۷۹ ۔ والأمر الثاني الذي افتتحت به سورة الروم هو الإنباء بأمر وقع في عهد النبى يٍَ قبل وصول خبره إلى قومه ٠ والإأنباء ما سيعقبه ما هو في طوايا الغيب » ذلك أن دولة فارس غلبت دولة الروم في القتال الذي كان قد طال أمره بينم » فأخبر الله رسوله يي بذلك › وبأن الأمر سيدول وتغلب الروم الفرس في مدى بضع سنين ٠ وفد صدق الخبر ونجز الوعد . فكان كل من معجزة من أظهر معجزات القران ٠ والآيات الثبتة لرسالة محمد ية . ولوفات من تلاها عليهم النبى ية من أولها ما فهموا مما بعدها شيئا » فكانت جديرة بأن تبداً هذه الحروف المسترعية للأسماع » المنبهة للأذهان » وكان هذا بعد انتشار الاسلام بعض الاأنتشار وتصدي رؤساء قريش لنع النبي يي من الدعوة وتلاوة القران على الناس ٠ ولا سيا في موسم الحج ٠ وكان السفهاء يلغطون إذا قرأ ويصخبون ٠ كما أخبر عنهم سبحانه في قوله : لإوقال الذين كفروا لا تسمعوا غذا القران والغوا فيه لعلكم تغلبون4() . وأما سورة (ن) ففاتحتها وخاتمتها في بيان تعظيم شأن الرسول صاحب الدعوة يي . ودفع شبهه الجنون عنه وهي أول ما نزل بعد سورة العلق وكانت شبهة رميه - حماه الله وكرمه - بتهمة ال حنون مما يتبادر إلى الأذهان من غير عداوة ولا مكابرة ٠ فإن رجلا أمينا فقيرا وادعا سلا لیس برئیس قوم ولا قائد جند . ولم يکن ذا تأثير في الشعب بخطابة ولا شعر . يدعي أن جيم البشر على ضلال الكفر 1 ۱ - سورة نفصلت : الأية ‎«N‏ ۸۰ والفسق ٠ وأنه مرسل من الله لحداية الخلق ٠ وأن دينه سيهدي العرب والعجم ٠ وإصلاح شرعه سيعم جميع الأمم ٠ لا يستغرب من مدارك أولئك اللشركين الجاهلين بسنن الله ي الأمم ٠ واياته في تأييد المرسلين ٠ أن يكون أول ما يصفون به صاحب هذه الدعوة قبل ظهور الآيات والعلوم بقوحم : إنه مجنون » وبعد ظهورها بقوشم : ساحر او کاهن او يمجنون ٠ وبعد ظهور العلم والعرفان بقوحم : معلم يجنون : #كذلك ما أق الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنؤن أتواصوا به بل هم قوم طاغونڳ() . نعم ؛ قد قيل إن (ن) هنا بعنى الدواة . ولذلك قرن بالقلم لبيان أن هذا الدين يقوم بالعلم والكتابة . كا قال في أول ما نزل عليه قبلها : #لإقرا وربك الأكرم الذي علم بالقلم 04 . وقيل إنه بعنى الحوت ٠ لأن في السورة ذكرا لصاحب الحوت - يونس عليه السلام - › ولو صح هذا أو ذاك لما كتبت النون مفردة ونطقت ساكنة . بل كانت تذكر مركبة ومعربة . كقوله : #إوذا النون إذ ذهب مغاضيا . . ۲(4 وإنما يصح أن يكون فیھا إشارة إلى ما ذکر کہا يصح في سائر تلك الحروف أن تكون فيها إشارات إلى معاني معينة تظهر لبعض الناس دون بعض ٠ أو غير معينة تذهب فيها الأفهام مذاهب تفيد أصحابها علا أو عبرة » بشرط أن تتفق مع هداية القران ٠ وإن لم يصح أن يقال إنها مرادة لله تعالى بحسب دلالة الألفاظ العربية على معانيها() . ١ سورة الذاريات : الأيتان ۲© 3٠ ۴٥ء ٢ - سورة العلق : الأيتان «۳ £ £» ۴ سورة الأنبياء : الآية ۸8۷9ء ٤ تفسي المنار ح ١ ص ۲۹ - ٩۲۹ ط دار المعرفة للطباعة والنشر . - ۸۱ وأتبم ذلك ذكر أمثلة » منها ما أوردناه ئي القول السادس عن بعض السلف أن هذه الحروف ترمز إلى أساء وصفات وأفعال لله عز وجل . ثم ذكر عقب هذا أن ما أورده من هذه المناسبات اللطيفة لا يتنافى مم ما اختاره في تفسير سورتي البقرة وال عمران أن هذه الحروف أساء للسور المصدرة بها . والخلاصة أنه يستفاد من كلامه أن هذه الفواتح أريد بها التنبيه على ما سيعقبها كسائر أدوات الافتتاح - وهو رأي لعله لم يسبق إليه - غير أن كون القران لا يخرج وضعه في حروفه وکلماته عما تعورف عليه بين العرب ينع ذلك ٠ إِذ لم يعهد من العرب التنبيه بمثل هذه الكلمات بل للتنبيه عندهم كلمات معهودة › والأقرب - حسب| أرى - أن تكون هذه المناسبات اللطيفة التي وفق هذا العلامة الغيلم لاستظهارها مؤيدة لرأي من يرى أن سرد هذه الفواتح لتنبيه الغافلين بأن القران م يأت بجديد من الحروف والكلمات عا هو معهود عند العرب وإنا سرت في حروفه وكلماته نفخة من روح الله عز وجل الذي أنزله بعلمه فتجاوز بلاغات جيع بلغاء الدنيا حتى أن الثقلين لو تظاهروا على الإتيان بشيء من مثله لارتدوا خاسئين . ظلاله . هذا الرأي الذي اختاره وعول عليه حيث قال : والشأن في هذا الاعجاز هو الشأن في خلق الله جميعا » وهو مثل صنم الله ئي کل - AY. شيء وصنع الناس ٠ إن هذه التربة الأرضية مؤلفة من ذرات معلومة الصفات ٠ فإذا أخذ الناس هذه الذرات فقصارى ما يصوغونه منها لبنة أو اجرة أو آنية أو أسطوانة أو هیکل أو جهاز كائن في دقته ما يكون ٠ ولكن الل المبدع يجعل من تلك الذرات حياة » حياة نابضة خافقة تنطوي على ذلك السر الاي العُجز سر الحياة . ذلك السر الذي لا يستطيعه بشر ٠ ولا يعرف سره بشر › وهكذا القران » حروف وكلمات يصوغ منها البشر كلاما وأوزانا › ويجعل الله منها قرانا وفرقانا , والفرق بين صنم البشر وصنع الله من هذه الحروف والكلمات هو الفرق ما بين الحسد الخامد والروح النابض ٠ هو الفرق ما بين صورة الحياة وحقيقة الحياة( . الرابع عشر : أنها أريد بها تعليم العرب الأميين للحروف للقطعة ٠ كما يعلم الصبيان ٠ فإذا وردت عليهم بعد ذلك مركبة كانت آسهل عليهم ۽ وهو قول عبدالعزيز بن يى ۽ وهذا لان العرب ندر فيهم من قرا وكتب لأن عنايتهم كانت موجهة إلى فنون الفروسية وطرائق القتال وكان جلهم أهل بادية لا يدعوهم داع إلى تعلم الكتابة والقراءة › وإذا وجد بينهم من تعلمها فلا يكون إلا في الحواضر كحواضر اليمن والحجاز › ومع ذلك كانوا قله نادرة مغمورة بالسواد الأعظم من الأميين ومن حيث أن القران نزل قاضيا على الأمية كانت يجموعة من سوره مفتتحة بهذه الفواتح المقتضبة للتهجي الذي هو مفتاح القراءة والكتابة . ١ في ظلال القران ح ١ ص ٢۳ دار الشروق . “۸۳ واعترض بأن الحروف المصدرة بها في السور ليست جميع شاء الله . الخامس عشر : أنها حروف أريد بها التنبيه كأدوات النداء › والأخفش وأبي عبيدة . قال ابن عطية : كا يقول في إنشاد أشهر القصائد لا وبل : وفي معناه قول الفخر الرازي في تفسير فاتحة العنكبوت : إن الحكيم إذا خاطب من يكون في محل الغفلة أو من يکون مشغول البال بشغل من الأشغال ٠ يقدم على الكلام المقصود شيئا غيره ليلتفت المخاطب لسببه إليه » ويقبل بفكره عليه ٠ ثم يشرع في اللقصود . وذلك المقدم قد يكون كلاما ذا معنى مفهوم كقول القائل : اسمع واجعل بالك إِلي وکن لي ٠ وقد يکون شيئا هو ئي معنى الكلام المفهوم كقول القائل : أزيد ويا زيد وألا يا زيد › وقد يكون صوتا غير مفهوم كمن يصفر خلف إنسان ليلتفت إليه » وقد يكون ذلك الصوت بغير الفم كما يصفق الانسان بيديه ليقبل السامع عليه » ثم إن موقم الغفلة كلا كان أتم والمقصود كان أهم . كان اللقدم على المقصود أكثر ٠ وغذا ينادى القريب بالحمزة فيقال : أزيد » والبعيد بيا » فيقال : يا زيد › والعاقل ينبه أولا فيقال : الايا زيد . ثم قال : إِذا ثبت هذا فنقول إن النبي يي وإن كان - ۸A يقظان الحنان ولكنه إنسان يشغله شان عن شأن . فحسن من الحكيم أن يقدم في خطابه حروفا هي كالنبهات ٠ ثم إن تلك الحروف إن كانت لا يفهم معناها كانت أتم فائدة لأن المقصود بها إقبال السامع على المتكلم لسماع ما بعدها › فلو كانت كلاما منظوما وقولا مفهوما لربما ظن سامعها أنها غاية المقصود . وليس شيء وراءها فيقطم التفاته عن المتكلم ٠ أما إن كانت صوتا بلا معنى كانت أدعی إلى إقبال السامع واستدامة إصغائه للمتكلم لعلمه أن وراءها غاية م يصل إليها‹ . وهذا القول يتفق مع ما تقدم نقله عن السيد رشيد رضا مما فصله في تفسير سورة الأعراف من النار » وقد تقدم ما فيه ثم فلا داعي إلى تكراره 9 غير أي أضيف إلى ما هناك ان جيء هذه الفواتح على غير وتيرة واحدة مما يضعف هذا القول . فاختلافها بحيث تأي تارة على حرف وتارة على حرفين إلى خمسة أحرف » يدل على أن هذا التفاوت لحكمة مقصودة ٠ فلا تحمل على قصد إيقاظ السامع وحده . السادس عشر : أن تصدير بعض السور بهذه الفواتح أريد به شد انتباهء السامعين إلى معجزة القران المنزل على النبي الأمي ٠ وذلك أن النطق بهذه الحروف مركبة في الكلمات أمر تساوى فيه العرب ٠ فلا فرق بين الأميين وأهل الكتاب متهم بخلاف النطق بأسمائها › فإنه كان نادرا لا يتجاوز القرّاء والكتاب الذين خالطوا ١ مفاتيح الغيب ح ١٠ ص ٢۲ ط ۲ بتصرف . - ۸0 أهل الكتاب فاقتبسوا منهم معرفة الكتابة والقراءة » ويستبعد جدا النطق بها من أمي لم تسبق له قراءة ولا كتابة استبعاد القراءة والكتابة نفسها . ک| قال سبحانه : وما كنت تتلو من قبله من کتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون»() . فكان نطقه يي بہا مع اشتهار عدم اقتباس شيء منہا من الکتاب والقراء معجزا إعجاز ما احتواه القرآن من أخبار لم يكن هو ولا قومه يعلمونها » ففي كلا الأمرين شهادة على عدم تلقيي) إلا من وحي الله ٠ إذ مثلهما كمثل وتعقبه الامام ابن عاشور بأن الأمي لا تعسر عليه التهجية . السابم عشر : أنها أوردت هكذا ليصغي إليها المشركون لا فيها من الغرابة » فينصب في آذانهم ما يليها من المعاني التي یتدفق بہا بيان الفرقان . وذلك أنهم كانوا يتصامون عنه خشية تأثيره عليهم ببيانه البليغ . ومعناه الساطع ›. كا حكى الله عنم قوشم : للا تسمعوا هذا القران والغوا فيه لعلكم تغلبون») . فكانت هذه الفواتح وسيلة لأنصاتهم . قاله قطرب ٠ وهو قريب من بعض ما تقدم . الثامن عشر : أنها علامة لأهل الكتاب وعدوا بها من قبل أنبيائهم في سوز الكتاب الذي ينزل على النبي المنتظر عليه أفضل الصلاة والسلام . ١ - سورة المنكبوت : الآية (4۸8) ٢ سورة فصلت : الآية (٦۲) التاسم عشر : أنها أوردت هكذا تنبيها على تركب كلمات القران من الحروف الحادثة التي يتركب منها سائر الكلام » ليكون في ذلك هدم لدعوى من يقول بقدم القران من هذه الأمة . وذلك أن الله سبحانه علم أن قوما سيقولون ذلك » فأنزْل هذه الحروف لتكون دلیلا على بطلان معتقداتهم . وتعقبه ابن عاشور بأن هذا وهم ٠ لأن تأليف الكلام من أصوات الكلمات أشد دلالة على حدوثه من دلالة الحروف المقطعة العشرون : نها ثناء أن الله به على نفسه . روي عن ابن عباس وهو يرجم آیضا إلى بعض ماست . وأكثر هذه الأقوال ليس بحاجة إلى دليل على ضعفه ٠ ومن ورائها أقوال أكثر منها » فإن ما قيل في هذه الفواتح يناهز مائة قول أو يتجاوزها ‏ فما من اسم من أساء الله أو صفة من صفاته فيه حرف من هذه الحروف إلا قيل إنه المراد بذلك الحرف » سواء کان في أوله أو وسطه أو اخره © وما لا يمارى فيه أن الأقوال - وان جلت منزلة قائلها- إذا م تعضدها الأدلة لا تعدو أن تكون دعاوى أعوزتها البينات . وإذا كان العلاء المتقدمون تباروا حسب فهومهم في تبيان المراد هذه الفواتح ٠ فإن المتأخرين من فرسان علم التفسير المعاصرين لم “AV يكونوا أل منهم عناية بها » وقد مر بكم ما استظهره العلامة صاحب المنار من نكت لطيفة ٠ وبدائم ظريفة تتعلق بہا . ومن جرى في هذا المضمار شيخنا العلامة أبو إسحق إبراهيم اطفيش ‏ رحه الله تعالى - » فقد سمعت منه في دروسه التفسيرية الى كان يلقيها بجزيرة زنجبار ايام زیارته ا عام ۱۳۸۰ ه٠ ما رأيته من بعد منقولا عنه ف كتاب (إعجاز القران البياني ن النظرية والتطبيق) للدكتور حفني محمد شرف .٠ وإليكم نص ما نقله عه . إن فواتح السور من كتاب الله العزيز فيها من المعاني ما تحار فيه ألباب أساطين العلماء . فمع جمعها لعلوم شتى ٠ فإن الفواتح الملعجمة متها إِذا نظرنا إلى كل سورة ابتدئت بحرف أو حرفين أو ثلائة أو أربعة أو خمسة » فإننا نستطيم إدراك معنى تلك الحروف المفردة في أول السورة بالمعاني القي مضت في السورة التي قبلها » وبالتامل في هذه الحروف نرى أنها أسماء للرسول يَة . وهذا رأي قال به السيوطي ٠ فنجد قوله تعالى : #لإن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجحنون؟» أن معنى الحرف (ن) : نور » وأنه نداء مرخم ٠ ونور من أساء الرسول يَيٍ حيث يقول الله تعالى : قد جاءكم من الله نور وؤكتاب مبين() وإن ذهب بعض المفسرین إلى معان أخرى في لفظ النون ٠ ولكن القسم والآية بعده يدلان على أن اللخاطب الرسول يي » أما إذا رجعنا إلى سورة الملك قبلها فإننا نرى ۱ - سصورة المائدة : الأية 6 في أثناء تلك السورة ما يشعر بتهديد المشركين للرسول يي وتكذيبهم له وفيها من الأيات المقرعة لم المهددة بالعذاب في الدنيا والآخرة » فيا يجتمع من كل هذه المعاني العظيمة يؤكد أن الخطاب للرسول يِل بالنور ليشعره الله بالأنس وارتفاع المكانة . وكذلك فاتحة سورة (ص) ومعناها يا صادق ٠ و (طه) ومعناها يا طاهر ٩ و (الم) ومعناها يا أيها المرسل » و(الر) ومعناها يا أيها الرسول › و (الملص) ومعناها يا أيها المرسل الصادق › وأما (حم عسق) فمعناها يتضح بعد قراءة سورة فصلت ٠ وما فیھا من تہدیدات متعددة مشركي العرب ٠ ولشركي قريش ٠ ثم ختم السورة بقوله تعالى : سنريهم اياتنا في الأفاق . . 4() الآية . ولو علمنا أن السورة نزلت في مكه وكان بعدها غزوة بدر الكبرى التي انتصر فيها اللسلمون انتصارا عظيما كسر شوكة المشركين ء فإننا نجد معنى حروف (حم عسق) يتضح ويدل على المعنى الآتي : يا أحمد - وهو من أسمائه ‏ عذاب انه سيأتيهم قريبا . فتكون الحاء والميم إشارة إلى اسم الرسول . والعين إشارة إلى عذاب الله ٠ والسين إلى إتيان العذاب مستقبلا . والقاف للدلالة على إتيانه قريبا . ومعنى (كهيعص) - بعد ما في سورة الكهف من اشتداد الأمر على رسول الله وكثرة همومه من أمر المشركين - الاشارة إلى كمال هذا الأمر وهو النصر اليقينى فعليك بالصبر . فتكون الكاف إشارة إلى كماله › والهاء إشارة إلى هذا الأمر . والياء إلى يقيني بدليل قوله تعالى : #إواعبد ربك حتى يأتيك اليقين() وهو النصر قطعا . والعين ۱ - سور و فصلت : الأية ‎On‏ ‏٢ سورة الحجرات : الاية د۹٩0 ۸۸ إشارة إلى الصبر» والمعنى الزم الصبرء كما لزمه زكريا - عليه السلام _ اه . والظاهر أن في هذا النقل سقطا لا تتم الفائدة بدون اعتباره ٠ وغام العبارة : فالعين إشارة إلى عليك »٠ والصاد إشارة إلى الصبر . وقد لاحظ الناقل الدكتور حفنى محمد شرف أن هذا الرأي ليس بجديد» وإما الجديد فيه ربط السور القرآنية برباط الوحدة الفنية الي توجد في القران › كا أن هذا الرأي قائم على أن ترتيب السور القرانية ترتيب إلي ٠ بدليل قوله تعالى : #إن علينا جمعه وقرآنه»() . كى لاحظ على هذا الرأي الاختلاف في معنى هذه الحروف 5 فمرة يجعلها الشيخ إشارة إلى أشياء » ومرة يجعل الحرف الواحد إسا للرسول ينادى مرخما أو غير مرخم ٠ كا أنه فسر العين بتهسيرين محتلفين . وأضيف إلى ما قاله الدكتور حفني أن رأي الشيخ في هذه الفواتح لا يختلف عن رأي أغلب الذين حاولوا فك رموزها في عدم ءاستناده إلى دليل ٠ والقرائن التي استأنس بها لا تكفي لأن تكون سندا يُعتمد عليه في بيان ما غمض من معان القرآن » وما يوهن رأیه أنه يؤدي إلى الخروج ببعض كلمات القران عن مألوف أساليب العرب في الكلام . كقوله إن (ن) ترخيم لنور. فالمعروف في الترخيم أن لا يحذف فيه أكثر من حرف . وحكمته اختصار ١ - سورة القيامة : الآية (۱۷) 4۰ الكلام » ومن البديهي أن هذه الحكمة تتلاشی عند ما يحذف من نور حرفان » وينطق باسم الحرف الباقي بدلا من المسمى ٠ فإِن وزن (ن) هو وزن نور نفسه » فضلا عا في ذلك من مخالفة الأسلوب العري في الترخيم » على أن استدلاله بقوله تعالى : قد جاءكم من لله نور وكتاب مبين»() لكون النور من أسمائه يَيةٍ لا يتم جحواز عطف اسم على اسم ٠ أو صفة على صفة مع اتحاد حقيقة المعطوف والمعطوف عليه لأجل ملاحظة بعض الاعتبارات . کا في قوله تعا ى : «لوإِذ اتينا موسى الكتاب والفرقان»”) فإن الفرقان هو نفس الكتاب عند كثير من المفسرين »٠ فلا يمنع أن يكون النور هو نفس الكتاب ٠ وقد جاء صريحا تسميته بالنور في قوله عز وجل : لوأنزلنا إليكم نورا مبينا»() . وقوله : #ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادناڳ() , وقوله : #لإفامنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا4(°) . كا وصفه رسول الله َي بأنه نور الله في قوله : لهو حبل اله المتين ونوره المبين . ‎ .‏ ويمكن الاستئناش لكون النور هو نفس الكتاب بإفراد الضمير المذكور بعدهما في الاية التالية وهي قوله تعالى : يمدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام»() . وقد أدلى المستشرقون من جانبهم بدلوهم في تفسير هذه الفواتح ٠ وقد اثرت تنزيه هذا التفسيرعن ذكر شيء مما قالوه » فإن ١ سورة المائدة : الأية ١١٠٠ ٢ سورة البقرة : الآية «۳٥» ۳ - سورة النساء : الآية ١۷٠۱ ٤ سورة الشورى : الآية ٠۲ 5٥» ٥ سورة التغابن : الآية «۸8» ١ سورة المائدة : الآية «١١٠» ۹۱ بها ولاعجب فإنهم ينطلقون في كل ما يکتبون أو يقولون عن الاسلام من مبداً كراهيتهم له وحقدهم عليه . هذا وقد أتبغ الزحشري تفسيره ذه الفواتح بذکر نكت لطيفة ينبغى أن لا نغفل إيرادها لما فيها من الفوائد ٠ وإليكم نص کلامه : «واعلم أنك إذا تأملت ما أورده الله عز سلطانه في الفواتح من هذه الأساء وجدتها نصف أسامي حروف المعجم أربعة عشر سواء » وهي : الأألف واللام والميم والصاد والراء والكاف والماء والياء والعين والطاء والسين والحاء والقاف والنون . في تسع وعشرين سورة على عدد حروف المعجم ٠ ثم إذا نظرت في هذه الأربعة عشر وجدتها مشتملة على أنصاف أجناس الحروف ٠ بيان ذلك ان فيها من المهموسة نصفها الصاد والكاف والماء والسين والحاء . ومن المهجورة نصفها الألف واللام والميم والراء والعين والطاء والقاف والياء والنون ٠ ومن الشديدة نصفها الألف والكاف والطاء والقاف ٠ ومن الرخوة نصفها : اللام والميم والراء والصاد والاء والعين والسين والحاء والياء والنون › ومن المطبقة نصفها الصاد والطاء ومن المنخفضة نصفها الألف واللام والميم والراء والكاف والاء والياء والعين والسين والجاء والنون ومن حروف القلقلة نصفها القاف والطاء . ۹۲ ۔ ثم إذا استقريت الكلمة وتراكيبها رأيت الحروف الي ألغى الله ذكرها من هذه الأجناس المعدودة مكثورة من المذكورة متها فسبحان الذي دقت في کل شیء حکمته . وقد علمت أن معظم الشيء وجله ينزل منزلة كله » وهو المطابق للطائف التنزيل واختصاراته . فكأن الله عز اسمه عذد على العرب الألفاظ التي متها تراكيب كلامهم ٠ إشارة إلى ما ذكرت من التبكيت لم ٠ وإلزام الحجة إياهم . وما يدل على أنه تعمد بالذكر من حروف المعجم أكثرها وقوعا في تراكيب الكلم . أن الألف واللام لما تكاثر وقوعه) فيها جاءتا في معظم هذه الفواتح مكررتين ٠ وهي فواتح سورة البقرة وال عمران والروم والعنكبوت ولقمان والسجدة والأعراف والرعد ويونس وإبراهيم وهود ويوسف والحجر() . وقد كنت أظن ما يظنه الكثير أن الز حشري هو رائد المفسرين في التنقيب عن لطائف هذه الأسرار . ومن كان يظن ذلك السيد الجرجاني ٠ فبعد تحليله كلام الز حشري ي حواشيه على الكشاف قال : - مشيرا إلى هذه اللطائف ‏ ربا لم يفطن ها قبل المصنف أحد من حذاق العلماء المتبحرين) . ولكني أثناء مطالعاقي لكتاب إعجاز القران للامام الباقلاني رأيت بعض ما أورده الز شري وهو دليل على أن الز حشري مسبوق من قبل غيره من علماء القرآن ٠ فإن الباقلاني سابق عليه زمنا » وذكر الدكتور حفني محمد شرف في کتابه إعجاز ١ الكشاف وال حاشية ح ١ ص ١٠٠ - ١٠٠ ط دار الباز . ٢ - المرجع السابق . ۹۳ ۔ القرآن البياني بين النظرية والتطبيق أن الباقلاني هو أيضا مسبوق إلى ذلك » غير أنه لم يذكر هذا السابق وإنا جل المفسرين الذين عنوا بيحث هذه اللطائف قد اغترفوا من متهل الكشاف ونجد لحم ئي ذلك موقفين ؛ موقف المؤيد وموقف المعارض . ما المؤ يدون فهم الغالبية العظمى 6 ونذکر من بینہم السبيد الحرجاني 6 وبا السعود 6 وناصر الدين بن المنر الاسكندري 6 وابن کٹیر » والبيضاوي 6 وقطب الأئمة والملحقق الخليلي 4 ومن هؤلاء من أضاف لطائف أخرى إلى ما أورده الز شري ٠ من شاء الوقوف عليها فليرجع إليها ي مراجعها كتفسير البيضاوي › وهميان الزاد » وجوابات الحقق الخليلى . وأما المعارض فهو الشوكاني حيث قال في تفسيره فتح القدير : هذا التدقيق لا يأتي بفائدة يعتد با وبيانه أنه إذا كان المراد منه إلزام الحجة والتبكيت ك قال فهذا متيسر بأن يقال لحم هذا القران هو من الحروف التي تتكلمون بها » ليس هومن حروف مغايرة لا » فیکون هذا تبكيتا وإلزاما يفهمه كل سامع منهم من دون إلغاز وتعمية وتفريق ذه الحروف في فواتح تسع وعشرين سورة . فان هذا مع ما فيه من التطويل الذي لا يستوفيه سامعه إلا بسماع جميع هذه الفواتح ٠ هو أيضا مما لا يفهمه أحد من السامعين ٠ ولا يتعقل شيئا منه فضلا عن أن يكون تبكيتا له وإلزاما للحجة أيّا كان ٠ فإن ذلك هو أمر وراء الفهم مترتب عليه ولم يفهم السامع هذا ولا ذكر أهل ٤۹ العلم عن فرد من أفراد الجاهلية الذين وقع التحدي لم بالقران أنه بلغ فهمه إلى بعض هذا فضلا عن كله » ثم كون هذه الحروف مشتملة على النصف من جميع الحروف التي تركبت لغة العرب منبا › وذلك النتصف مشتمل على أنصاف تلك الأنواع من الحروف المتصفة بتلك الأوصاف هو أمر لا تتعلق به فائدة لجاهلي ولا إسلامي ٠ ولا مقر ولا منكر ٠ ولا مسلم ولا معارض ١٠ ولا يصح أن يكون مقصدا من مقاصد الرب سبحانه الذي أنزل كتابه للارشاد إلى شرائعه والحداية به . وهب أن هذه صناعة عجيية ٠ ونكتة غريبة . فليس ذلك ما يتصف بفصاحة ولا بلاغة » حتى يكون مفيدا أنه کلام بليغ أو فصيح »٠ وذلك لأن هذه الحروف الواقعة في الفواتح ليست من جنس كلام العورب حتى يتصف بهذين الوصفين ٠ وغاية ما هناك أنها من جنس حروف كلامهم ٠ ولا مدخل لذلك فيا ذكر . وأيضا فلو فرض أنها كلمات متركبة بتقدير شيء قبلها أو بعدها لم يصح وصفها بذلك لأنها تعمية غير مفهومة للسامم إلا أن يأتي من يريد بيانها بمثل ما يأقي به من أراد بيان الألغاز والتعمية . وليس ذلك من الفصاحة والبلاغة في ورد ولا صدر » بل من عکسه)| وضد رسمها . . إلى اخر ما قاله() . والذي يستخلص من كلامه أن إعجاز القران الكريم كان ينبغي أن يكون مفهوما عند العرب الأميين الذين كان بجبتاح ١ - فتح القدير ح ١ ص ٠ ط دار الفكر . ۳ ضلالاتهم بسیب بیانه » ویبدد شبهاتهم بشمس فرقانه » ولعمري إن القرآن حافل بالآيات البينات التي لم تقف في وجهها ضلالة من ضلالات الحاهلية . غير أن تالق حجته وإشراق معجزته ليسا محصورين إبان نزوله 9 فهو نداء الح الذي لا يسكته مرور الزمن وتعاقب الأجيال » فا من زمن إلا وتتجلی فيه منه ایات باهرات تقف بالناس على صدق قوله وعدل حكمه »٠ وأنه يستحيل أن يکون من عند غير الله . وإذا كان أئمة الضلال وقادة الجاهلية كانوا يتصامون عن قوارع نذره » ويتعامون عن بوارق اياته » ويتواصون بذلك ٠ فن تلامذتهم في كل عصر لا ينفكون عن هذا الملسلك ٠ وکل رجائهم ان يكدروا صفوه ويطمسوا نوره ما يقذفونه في خضمه النوراني من الأكاذيب والشبه . وهو يغرق في أعماقه قذائفهم من غير أن يكون لا أي أثر على صفوه ونوره . وفي العصر الحديث طائفة من الملاحدة الأفاكين الذين منوا أنفسهم بالنجاح في هذه المحاولة » من بينم من خلم عليه من قبل أساتذته الذين اختاروه هذا الغرض - لقب عميد الأدب العربي ٠ فقد بلغ به جهله ووقاحته أن صرح بمحاولته اختصار القران لتجريده من الحشو الذي يدعيه فيه » وقد حفظ الله كتابه من كيد التامرين » وصانه عن أيدي العابثين » واستأصل بحجته شُبَهَ دعاوى المبطلين . وإذا کان هذا دیدن اللتنطعين الحرومين من هدايته 6 ي عصر ٦۹ نزوله » فما المانع أن يكون في طوايا اياته ما م تتكشف أسراره للجيل الذي نزل فيه ؟ وأن يكون با لمن ياي من بعدهم ممن یکونون على شاكلتهم في الانطواء على عداوة الحق ٠ ومحاربة الحقيقة . فلعل بعض التنطعين حال تفتيشه عن الثغرات التي يتخيلها في القران يواجه بمثل هذه الآيات الدالة على عجز البشر عن الاتيان بمثله فيكون من نتيجة ذلك إما انصرافه عن الغى إلى الرشد ٠ وإما افتضاحه وتحطم كيده 5 وما لا يُشك فيه أن الاتيان بهذه الفواتح على النحو الذي أوضحه الزمحشري وغيره ليس من مقدور البشر ولا يضير هذا الأاعجاز كونه لم يتكشف للعرب الذين نزل بين ظهرانيهم ٠ فإن نداء القران ليس قاصرا عليهم ٠ واياته لا تزال تتجدد بتجدد أطوار الناس ٠ وتتجلى في كل عصر با يقیم حجته على الخلق أجمعين ٠ «لوما هو إلا ذكر للعالين4() , «ولتعلمن نبأه بعد حین4() . ۴ ١ - سورة القلم : الآية ٦٥ء ۲ - سورة « ص »٤ : الآية ‎«AAs‏ ۹۷ ذلك الكتاب لا ريب فيه * ذا من أساء الاشارة . يشار بها إلى القريب والبعيد › فإن كان المشار إليه قريبا جردت أو اقترنت ا المفيدة للتنبيه » وإن كان بعيدا اقترنت بالكاف الدالة على الخطاب 3 وتأتي تارة مع اللام في قولك (ذلك) › وأخرى بدونها في فولك (ذاك) . عظم قدر القران ودلالاته : والمشار إليه هنا الكتاب المرموز إليه ب (ألم) لأن هذه الكلمات ک| تقدم ‏ تدل عل بعص الحروف الي تركب منہا 6 وجي ء الإشارة بالصيغة الدالة على البعد مم قرب المشار إليه حمولة على التنويه به » وبعظم قدره وعلو شأنه » ک| قال تعالى عن نفسه : ذلك عالم الغيب والشهادة العمزيز الحكيم 4 ومثله وارد ي فصیح الكلام العري كقول خفاف بن ندبة السلمي : فن تك خيلي قد أصيب صميمها فعمدا على عين تیممت مالكا أقول له والرمح يأطر متته تأمل خفافا إنني أنا ذلكا فإنه عدل عن قوله أنا هذا لما ذكرناه من النكتة وهى بيان رفعة شانه وعلو فدره 4 ومن هنا ال ابن عباس وابن جریج ومحاهد وعكرمة والسدي فے| رواه عم ابن جریر ۔ : المراد ذلك الكتاب ؛ هذا الكتاب . وروي مثله عن أبي عبيدة . وقال جماعة : - ۹۸ لا داعي إلى هذا التأويل الذي يخرج بكلمة ذلك عن أصل مدلوفا . واختلف هؤلاء في المشار إليه على أقوال : أولا : أنه الكتاب الذي كتبه الله على خلقه . فيه ذكر سعادتهم وشقاوتهم واجالم وأرزاقهم » والمراد بکونه لا ریب فيه » لا مدل له . ثانيها : أنه الكتاب الذي كتبه الله على نفسه في الأزل . أن رحمته سبقت غضبه » کا جاء في حديث أي هريرة عند مسلم ٤ وهذان القولان من الضعف بمكان ٠ وإخباره تعالى عن الكتاب بأنه هدى للمتقين كاف ي إبطالما . ثالثها : أنه الكتاب الذي وعد الله به رسوله يي » وهو المعني ئي حديث عياض بن حار المجاشعي عند مسلم أن رسول الله يَاٍ قال : «إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ٠ وقال إنما بعثتك لأبتليك وأبتلى بك وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائ ويقظان . . ال أخره) . رابعها : أن المشار إليه ما نزل من القران بمكة ؛ لأن البقرة أول القران نزولا بعد الحمجرة . خامسها : أنه القول الموعود به في قوله عز وجل : «إنا ستلقي عليك قولا ثقیلاې() وذلك ن رسول الله علا يزل يستشرف لانزال هذا الوعد من ربه ٠ فلا نزلت فاتحة البقرة بالمدينة كان المراد ۱ - سورة ازمل : الأية 9©( ۹۹ بذلك الكتاب ما وعد الله به رسوله يلأ بمكة أن يوحيه إليه » وهذا القول والقول الثالث ينبعان من نبعم واحد . سادسها : أن الاشارة إلى ما في التوراة والانجيل و (ألم) اسم للقرآن . والمراد أن هذا القران هو ذلك الكتاب الذي دلت عليه التوراة والانجيل ٠ فه) يشهدان بصحته وهو يستغرق ما فيه ويزيد عليه . سابعها : أن الاشارة إلى نفس التوراة والانجيل ٠ والمراد مروي عن عكرمة ورده الألوسي وما أحراه بالرد . ثامنها : أن المشار إليه ما بقي في اللوح المحفوظ من القران غير نازل عند نزول الاية . تاسعها : أنه الكتاب الذي وعد الله به أهل الكتاب أن ينزله على خاتم النبيين . عاشرها : أنه الكتاب الذي كانوا يستفتحون به على الذين كفروا . وذکر بو حيان عن شیخه أبي جعفر بن إبراهیم بن الزبير أنه كان يقول : ذلك إشارة إلى الصراط في قوله : إاهدنا الصراط ك كأنهم لما سلوا الحداية إلى الصراط المستقيم قيل لمم : ذلك الصراط الذي سألتم الحداية إليه هو الكتاب ٠ ثم قال أبو حيان إثر ذلك وبهذا الذي ذكره الأستاذ تبين وجه ارتباط سورة البقرة بسورة الحمد . وهذا القول أولى لأنه إشارة إلى شىء سبق ذکره لا إلى شيء لم مجر له ذكر. اه ۱ وما أبعد هذا القول عن التحقيق ٠ وأدناه إلى الحذيان ٠ وإذا تأملت هذه الأقوال الاحدى عشرة المبنية على أن المشار إليه بذلك بعيد . وجدتها جيعا ملتبسة بأنواع التكلفات التي يجدر بامفسر أن لا يحمل عليها أفصح الكلام وأ بلغه ‏ وإن تعجب فعجب أن ياي هؤلاء إخراج (ذلك) عن الاشارة بها إلى البعيد واللجوء إلى مثل هذه التأويلات الى لا تستند إلى حجة ٠ على أن تعاقب أداي الاشارة إلى القريب وإلى البعيد لا يخفى على من تأمل آيات الكتاب وتتبع الفصيح من کلام العرب ٠ ونم وجه اخر وهو أن الكلام الذي تقضى له حكم البعيد وإن قرب عهده » کا حرره صاحب الكشاف . وبا أن فاتحة السورة وصلت من المرسل إلى المرسل إليه › كان لما حكم البعد » فصح أن تقم إشارته عليها » ونحوه قوله عز وجل : إلا فارض ولا بكر عوان بين ذلك 0(4 فالاشارة إلى فارض وبكر » وإنما شير إليهما بصيغة البعد لتقضي ذكرهما › ومثله ذلك نما علمنى ري( . ودكر اسم الاشارة مراعاة لتذكير الكتاب سواء كان الكتاب خبرا أم بدلا » فإن اعتبر خبرا فهذه المراعاة واضحة لشيوع ١ سورة البقرة : الآية «6۸» ٢ - سورة يوسف : الآية ر(۳۷» TE اعتبار أحوال الأخبار في التذكير والتأنيث والافراد والجمع ٠ كقول امریء القيس : | وبدلت قرحا داميا بعد صحة فيالك من نعمى تحولن آبؤسا فالضمير في تحولن عائد إلى نعمى ٠ وإنما جمع مراعاة للخبر وهو أبؤس » وإن عد بدلا فالتذكير أوضح لأن الاشارة واقعة على الكتاب . وعلى الأول فالتعريف للجنس »٠ ويستفاد من التركيب قصر. حقيقة الكتاب على القران لما فيه من تعريف المسند والمسند إليه › وهو داخل فيا يسمى بالقصر الإدعائي » ويراد أنه الكتاب الجحامع للصفات الكمالية في جنس الكتب ٠ حتى صار ما عداه بجانبه ي حكم العدم » ومثله شائم في الكلام العربي كقوشم : محمد هو الرجل . ويراد به أنه اجتمعت فيه صفات الرجولة حتى كأن من عداه لم يعد لحم شيء منہا › ومن هذا الباب قول الشاعر : وإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد وما أجدر هذا الكتاب ‏ الذي جمم ما تفرق من الحدایات ٠ وتجددت في كل عصر اياته » وتجلت في کل طور مزاياء » وبقي دون غيره محفوظا من أيدي العابثين » وكيد المغرضين ‏ أن يعد وحده الحقيق باسم الكتاب ٠ لا سيا وأن الرجوع إلى غيره من الكتب لا يصح بعد إنزاله . فقد اختفت مشاعلها جميعا ببزوغ شمسه › وانطوت اياتها بانتشار ايته » مع ما أصيبت به من تحريف الأيدي ۲١ = العابثة . وإدخال أصحاب الأهواء والأغراض ما أرادوا فيها . وعلى الثاني ؛ فالتعريف للعهد ويراد به الكتاب المنزل على الرسول يي ٠ المرموز إليه بفانحة هذه السورة . ولا يضير كونه لم يكتمل إنزاله عند ما نزلت الاية لأن للبعض حكم الكل ٠ وما نزل قبلها جانب عظيم منه » فإن أغلبه كان نزوله بمكة » ومع ذلك یکن أن تكون في هذا التعبير إشارة لطيفة إلى أن الله تعالى سينجز وعده لرسول الله يَيةٍ بإنزال جميع الكتاب عليه . والكتاب بمعنى المكتوب ٠ وهذا الوزن شائع فيا هو بمعنى المفعول » كلباس بمعنى الملبوس ٠ وإله بمعنى المألوه ». وعماد بمعنى الملعمود به . وحروفه دالة على الجحمع والضم ٠ ومنه الكتيبة فإنها تجمع شتات القاتلين » والكتاب يجمع حروفا وكلمات ٠ والقرآن الكريم جامع لسور. وسوره جامعة لآيات وجمل ومفردات وحروف ١٩ فمن ثم صدق عليه معنى الكتاب ٠ وي هذه التسمية إيماء إلى أمر النبي يي بكتابته ٠ وهو مو بوجوب تدوینه ل حفظه من الذهاب ٠ وصونه عن النسيان . ولأجل هذا قال العلاء : إن كتابة القران فرض كفاية على المسلمين . و (الريب) : الشك . روي ذلك عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أخرجه عنه ابن جرير وال اکم وصححه ٤ وأخرج مثله ابن اسحاق وابن جرير وابن ابي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنہا-. وروى أحمد في الزهد وابن أي حاتم نحوه عن - ۱۰۳ أي الدرداء 6 ومثله عن قتادة عند عبد بن ميد وعن محاهد وعطاء والسدي والربيع بن أنس عند ابن جرير » ويعضده إطلاق العرب الريب على الشك كقول عبدالله بن الرَبَعْرَى : ليس في الحق يا أميمة ريب إِنما الريب ما يقول الجهول ويطلقونه على التهمة كقول جيل : وأصله القلق واضطراب النفس ٠ فإن الشك من لازمة الاضطراب وعدم الارتياح 4 ومنه حديث «دع مايريېك إلى مالا يريبك» » وقيل إن الشك ريبة وإن الصدق طمأنينة . فإن الأمر متى كان مشكوكا فيه كان مصدرا للقلق وعدم الاستقرار › ومتى كان صدفقا ظاهرا اطمأنت إليه النفس وسكنت › ولأجل ذلك قيل : ريب الزمان في نوائبه » لأنها مزعجة للنفس مقلقة للقلب . ومن العلماء من يفرق بين الريب والشك ٠ فبعضهم يقول : الريب هو الشك مع التهمة . وهو يعني أن الريب أعمق من الشك . وقال الراغب : إن الشك وقوف النفس بين شيئين متقابلين بحيث لا يترجح أحدهما على الآخر » والريب التوهم في الشيء › ثم انكشافه عم توهم فيه » وأضاف إلى ذلك التفرقة بيغا وبين المرية » فقال عن المرية : هي التردد في المتقابلين . وطلب الامارة مأخوذة من مرى الضرع إذا مسحه للدر . وقال الجحولي : الشك ٤١ - ما استوی فيه الاعتقادان أو لم يستويا 6 ولكن لم ينته أحدهما لدرجة الظهور الذي تنبني عليه الأمور › والريب ما لم يبلغ درجة اليقين وإن ظهر نوع ظهورا) . مقاصد القران الكريم : والكتاب العزيز ليس موضعا لريب » فإن مقاصده ظاهرة › ومعانيه ناصعة ٠ واياته ساطعة » فلا يخامر العقل السليم شك في أنه من عند الله . وأنه مصدر هداية الناس ٠ ومنبعم سعادتېم »٠ وبهذا يندفع ما عسى أن يقال إن كثیرا من الناس مرتابون فيه غير مطمئنین إلى صدقه . فكيف ينفى الريب عنه لاسا وآن المكذبين به والمعرضين عنه أكثر من الذين صدقوا به واتبعوه ؟ وی كد ما ذكرناه في المراد بنفي الريب أن الله عز وجل وجه الخطاب إلى المرتابين فيه بقوله : لإوإِن كنتم في ريب ما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله() . حيث أت بإن الشرطية المستعملة في الشك دون إذا اللستعملة في اليقين . وذلك أن الكتاب ليس مظنة للريب ٠ فلو خامرهم منه شيء لضعف عقوم وغلبة الموى عليها فعليهم أن يستعرضوا ملكاتېم البيانية ويختبروا طاقاتهم . هل بإمكانهم أن ياتوا بسورة من مثله ؟ ولو استنفدوا قواهم واستظهروا بنتصرائهم ٠ مع كونهم فرسان البيان الذين لا يركب في أثرهم » وقد أنزل القرآن على مي نشا بين ظهرانيهم وقد اكتشموا عاداته . ودرسوا سیرته ٧ ١ روح المعاني للالوسي ح ١ ص ١٠٠ إدارة الطباعة المنيرية دار إحياء التراث العربي بيروت - لبتان . ٢ سورة البقرة : الأية و۲۳ » ۳ واکتشفوا سريرته » ولم يعرفوا منه في عنفوان شبابه طموحا إلى وهذا التركيب يفيد نفي الريب عن القران من غير تعرض لإثباته أو نفيه عن غيره » فلذلك لم يقل : لا فيه ریب کہا قال ي خمر الجنة : لا فيها غول() تعريضا بخمور الدنيا التي تغتال العقول › أفاد ذلك الزشري وهو واضح لن درس قواعد البلاغة وفهم مقاصد البلغاء وإن أنكره أبوحيان . والجمهور قرأوا بنتصب ريب بلا النافية للجنس ٠ وهي قراءة تتص على نفي كل فرد من أفراد الريب »٠ ولذلك قالوا إنہا توجب الاستغراق ٠ وذكر عن أي الشعثاء سليم بن أسود الملحاري أنه قرا بالرفم » وهي محتملة لنفي ال جنس ٠ أونفي فرد من أفراده . فلذلك قالوا إنها تجوز الاستغراق ٠ وقراءة الجمهور أبلغْ › وعليها الاعتماد في الصلاة وغيرها بخلاف الأخرى لشذوذها . والوقف على فيه لا على ريب؟ عند الأكثر ٠ لارتباط فيه بالجملة ». وروي عن نافع وعاصم أن) وقفا على لا ريب وربطا فيه بال جملة الثانية » وقراءتم) تقتضي تقدير خبر للا كما في قوله تعا ى : إقالوا لا ضير »”) . وقول العرب لا بأس ٠ وتقديره فيه . فيه هدى للمتقين ٠ واعتمد ذلك القرطبي حيث فصل «فيه» عن جملة لا ريب وربطها بقوله «هدى للمتقين» وأبي ذلك ۱ سورة الصافات : الآية 14 ۲ - سورة الشعراء : الآية و60 أكثر المفسرين ٠ لأن اعتبار الكتاب بأن نفسه هدى أبلغ من اعتباره منطويا على الهدى ٠ ك| أن ما في سورة السجدة وهو قوله تعالى : تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالين»() يتفق مع قراءة الجمهور وتفسيرهم . ١ سورة السجدة : الآية 6٦0 ۷١۱ - هدى للمتقين €) القران هداية للمتقين : بدأ سبحانه بنفي الريب عن كتابه ليكون ذلك كالتقعيد لائبات هدايته . لان ما حام حوله الريب لا يصلح لأن يكون هاديا » وثنى على ذلك بإثبات أنه هدى للمتقين › وهو من باب قوشم التخلية قبل التحلية ٠ وما جانبه الريب جدير أن يكون هدى › إذ ادى لظهوره ونصوع دلالته لا يبقى معه شيء من الريب ٠ وهو مصدر هذى »٠ كالسرى والتقى والبكى بالقصر في لغة ٠ وقد سبق ي تفسير الفاتحة تفصيل معناه وشرح أقسامه ۽ وبقي أن أضيف إلى ما تقدم أنه لا خلاف في كون هذه الكلمة تفيد الدلالة ٠ وإنما الخلاف في كون هذه الدلالة موصّلة إلى البغية أولا » فالز شري يرى أنها موصّلة ويستدل لذلك بثلائثة أوجه : وما : وقوع الضلال مقابلا للهدى في قوله تعالى : لإ أولئك الذين اشتروا الضلالة با حهدى»() , وقوله : لعلى هدى أو في ضلال مبين() . والضلالة هي الخيبة وعدم الوصول إلى الطلوب » فلوم يعتبر الوصول في الحمدى ل يبز التقابل بينبا لإمكان اجتماعه| . ثانيها : أن كلمة مهدي تفيد المدح كالمهتدي ٠ ولا يوصف ١ سورة البقرة : الآية ١١٠» ۲ سورة سا : الأية ‎Ya‏ ۸١۱ - بالاهتداء إلا الواصل إلى البغية المطلوبة بالحداية . ثالثها : أن اهتدى مطاوع هدى ولا يختلف مفهوم المطاوع عن مفهوم أصله ؛ ککسرته فانکسر وجبرته فانجبر . ووافق الز حشري على رأيه هذا البيضاوي والجحرجاني . وقد أذ ال جرجاني ‏ في حاشية الكشاف -يدفع عن كلام الز شري كل ما أورد عليه وخالفه قطب الأئمة في هميانه . والفخر الرازي في مفاتيح الغيب ٠ وأبو السعود والألوسي في تفسيريما . وأطال أبو السعود في نقض كل ما تعلق به الز حشري ٠ وأخذ يحلل مفهوم الحداية المتعدية واللازمة تحليلا فلسفيا . وانتهى بعد تطوافه الطويل بين المعالم اللغوية والفلسفية - إلى أن اللازمة لا تكون لازمة للمتعدية وإن كانت أثرا من اثارها . أتواع الحداية : وإذا رجعت إلى ما تقدم تحريره في الفاتحة الشريفة » أدركت أن الحداية تختلف باختلاف نوعها » فإن كانت هداية توفيق - وهي لا تكون إلا من الله - فهى موصّلة إلى البغية قطعا . وإن كانت هداية بيان فهي توصل إليها إن اقترنت بتوفيق الله للمهدي » أما إِذا م تقترن به فلا تؤدي إليها . بدليل قوله تعالى : «لوأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى() وهذه المداية تسند إلى الله كا في هذه الآية. وإلى غيره كا في قوله : يدون ۱ سورة نصلت : الأيةٌ 1۷9١0 ۱۹ ۔ بأمرناي() , ومقابلة الحدى بالضلال في قوله : لعلى هدى أو في ضلال مبينڳ لا يستدل با على الإيصال › لأن الحدى فيه بمعنى الاهتداء . وهو لازم والاختلاف إنما هو في المتعدي ويقابله الاضلال لا الضلال . ک)| لا يدل مجيء اهندی مطاوعا لدی ان فعل الحداية موصل إلى البغية › لأن الفعل المتعدي لا يستلزم وقوع اللطاوعة في مقابله . ولذلك جاز نفي للطاوعة › في نحو أمرته فلم يأتمر » ونهيته فلم ينته » وعلمته فلم يتعلم › وهذبته فلم يتهذب ٠ وہذا تعلم عدم امتناع قول القائل : هديته فلم ہتد . وإطلاق الهدي في موضع المدح لأن الحداية سبب للاهتداء » مع حصول التوفيق » ويمكن أن يكون الخلاف اعتباريا › فمن نظر إلى اقتران الحداية بالتوفيق اعتبرها موصّلة » ومن قطع النظر عن ذلك جوز أن تكون موصلة وغر موصلة ٠ وقد مر بكم في تفسير الفاتحة أن الحمداية تكون تكوينية » وهي هداية الفطرة والحواس والعقل › ولا غموضص ي أن الحداية الفطرية والحداية الحسية موصلتان إلى البغية › وكذلك هداية العقل لن وفق لاستخدامه » وإذا ما رجعتم إلى ما ذكرته هناك كملت لكم الفائدة وانجلى عنكم اللبس . وبهذا التحرير يمكنكم فهم وجه تخصيص هدى الكتاب بالمتقين هنا وبالۇمنىين في قوله تعالى : ¥هدى وبشرى للمؤمنين€) . وقوله : هدى ورحة للمحسنين() , مع قوله ئي ايات الصوم من هذه السورة «#شهر رمضان الذي أنزل فيه ١ سورة السجحدة : الآية ٢۲» ٢ - سورة النمل : الآية ٠٢» ۳ سورة لقمان : الآية (۳» ١ا٠ - القران هدى للناس چ وقوله : وما هو إلا ذكر للعالين »() › ذلك لأن الو منين ‏ وهم المتقون والمحسنون - هم المنتفعون بهداية القران » إذ لم يلبثوا عندما أشرق لحم نوره فأبصروا الحق أن اتبعوه › أما غيرهم فقد أخلدوا إلى الباطل وتصاموا عن حجج القران وتعاموا عن حقائقه . ذلك لأنهم استحكم في نفوسهم التقليد الأعمى ٠ فکان حاجزا حدیدیا بینہم وبين الانتفاع بهداه › وإِن کان منشورا لحميع الناس ليس بينه وبينهم حائل إلا هذا العتو والاستكبار › وذلك معنى قول الحق تعالى : لإوننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالين إلا خسارا»”) , فهو شفاء لنفوس أهل الامان من أمراض الحهل والمعصية ورحمة م ٠ لأنهم اتبعوه في الانيا فاقتادهم إلى مواطن السلامة وبحبوحة السعادة . أما غيرهم من الذين أصروا واستکبروا استکبارا . فانم لم یزدادوا به إلا خسارا ‏ لأنهم بتكذيبهم إياء . وإعراضهم عنه ‏ بعد انبلاج حجته - ازدادوا كفرا إلى كفرهم . وضلالا مع ضلالم . وذلك المراد من قوله تعالى : قل هو للذين امنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في اذانهم وقر وهو عليهم عم () . فالحدى هنا هو هدى التوفيق » بخلافه في نحو قوله تعالى : هدى للناس فهو محمول على هدى البيان . ١ سورة البقرة : الآية ١١1۸» ٢ ۔ سورة القلم : الأية ‎(o‏ ‏۳ - سورة الاسراء : الأية ‎AY‏ ٤ سورة فصلت : الأية 7٤٤» -۱۱۱- معنى التقوى ومالاتها : و #المتقون» جمع متق » وهو دال على الاجتناب › لأنه مأخوذ من وقاه يقيه فاتقاه ؛ بمعنی : جنبه یجنبه فاجتنبه واستخدم مجازا ي اجتناب ما يسخط الله » وقد تکرر کثیرا ي القران نحو : #وإياي فاتقون» › #واتقوا الله . لواتقون يا أولى الألباب . فإنه ليس من المعقول أن يراد باتقاء الله اجتناب ذاته تعالي لاستحالة ذلك ٠ وإنما يراد به اتقاء عذابه الذي يوجبه التهاون بأوامره وارتكاب نواهيه . وإنما أضيفت التقوى إلى الله لتعظيم شأن مخالفته ٠ وتهويل ما يترتب عليها من عقاب . وذكر اللغويون أن الوقاية فرط الصيانة » ومن هذا المعنى أخذ علماء الشريعة تعريف التقوى فقالوا : إنها صيانة الإنسان نفسه مما يوجب العقوية من فعل أو ترك » وقسموها إلى مراتب : أولها : توقي الشرك . ثانيها : توقي الكبائر » ومنها الأصرار على الصغائر . ثالثها : ما أشار إليها حديث عطية السعدي عند أحمد وعبد بن ميد » والبخاري في تاريخه » والترمذي وحسنه . وابن ماجة . وابن أي حاتم . والحاكم وصححه ۽ والبيهقي ئي ۱۱۲ ۔ الشعب » قال : قال رسول الله يي : «لا يبلغ العبد أن يكون من التقين حتى يدع مالا بأس به حذرا مما به بأس» . وذكر بعض العلماء أن الرتبة الأولى هي تقوى العوام . والثانية هي تقوی ال خواص والثالثة هي تقوى خواص ال خواص . ويا أن أصدق ما يفسر به القران القران نفسه ٠ فإن علينا - ونحن بصدد بيان ما يراد بالمتقين ‏ أن نستلهم حقيقة التقوى مها وصف الله به المتقين في كتابه » كقوله هنا في وصفهم : «الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة وما رزقناهم ينفقون¶) . وقوله بعد بيان أركان البر الاعتقادية والعملية واخلقية في هذه السورة : للإأولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون4) وقوله في سورة آل عمران : قل أَؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجبري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله واه بصير بالعباد الذين يقولون ربنا إننا امنا فاغفر لنا ذنوبنا وقثا عذاب النار الصابرين والصادقين والقانتين والنفقين والمستغفرين بالأسحار»”) . وقوله فيها : إوسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن التاس والله يحب المحسنين والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا ١ سورة البقرة : الآية ۳۶» ٢ - سورة البقرة : الآية ١۱۷۷» ۳ سورة آل عمران : الآيات ١١٠ £ ١١» ۱۱۳ . على ما فعلوا وهم يعلمون 4( . وما روي من أقوال المفسرين من الصحابة والنابعين في التقوى وامتقين . فهو مقتبس من هذه الأيات ونظائرها » وهو متحد في معناه وإن اختلفت عباراتهم عنه » من ذلك ما أخرجه ابن إسحاق وابن جریر وابن ابي حاتم عن ابن عباس ۔ رضي الله عنہا ‏ انه قال في قوله «هدى للمتقين» : أي الذين يحذرون من الله عقوبته يي ترك ما يعرفون من الهدی . ويرجون رحمته ف التصديق با جاء منه وأخرج ابن أي حاتم عن معاذ ‏ رضي الله عنه ‏ آنه قیل له : من اللتقون ؟ فقال : قوم اتقوا الشرك وعبادة الأوثان وأخلصوا لله العبادة . وأخرج أحمد في «الزهد» عن ن أي الدرداء قال : تام التقوى أن يتقي الله العبذ حتى يتقي من مثقال ذرة حين يترك بعض ما یری أنه حلال خشية أن يكون حراما » یکون حجابا بینه وبين الحرام وروي مثله عن جماعة من التابعين ٠ وأخرج ابن ابي الدنيا عن أي هريرة أن رجلا قال له : ما التقوی ؟ قال : هل وجدت طريقا ذا شوك ؟ قال : نعم . قال : فكيف صنعت ؟ قال : إذا رأيت الشوك عدلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه . قال : ذاك التقوى”) . وذكر القرطبي أن عمر سأل ابيا رضي الله عنبا -عن التقوى فقال : هل أخذت طريقا ذا شوك ؟ قال : نعم . قال : فما صنعت فيه ؟ قال : تشمرت وحذرت . قال : فذاك التقوى . ونظم معنى هذه الأجابة ابن المعتز في قوله : ١ سورة ال عمران : الایات ١۱۳۳ ١۳٠۱ء ٢ - فتح القدير ح ١ ص ٢۲ ٠ ص ۲۳ ٠ مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر . ٤۱۱ ۔ خحل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى لا تحقرن صغيرة إن الحبال من الخحصى() وذكر أبو السعود عن عمر بن عبدالعزيز - رضي الله عنه ‏ أن التقوى ترك ما حرم الله وأداء ما فرض . وعن شهر ابن حوشب : لتقي من يترك ما لا بأس به حذرا من الوقوع فيا فيه باس . وعن أبي يزيد أن التقوى هو التورع عن كل ما فيه شبهة . وعن محمد بن حنيف : أنه مجانبة كل ما يبعدك عن الله تعالى . وعن سهل : المتقي من تبر من حوله وقدرته . وقال بعضهم : التقوى ألا يراك الله حيث نهاك ٠ ولا يفقدك حيث أمرك . وقال ميمون بن مهران : لا يكون الرجل تقيا حتى يكون أشد محاسبة لنفسه من الشريك الشحيح ٠ والسلطان الجحائر . وقال بعض الحكاء : لا يبلغ الرجل سنام التقوى إلا أن يكون لو جعل ما ني قلبه في طبق فطيف به ئي السوق لم يستحي ممن ينظر إليه . وقيل : التقوى أن تزين سرك للحق كا تزين علانيتك للخلق . وهذه الأقوال كلها صادرة من أصل واحد › فهي متحدة المضمون وإن اختلفت بحسب اختلاف نظر أصحابها إلى مراتب التقوى ومقامات المتقين » فمنہم من نظر إلى أصل التقوى أو إلى زاوية من زوایاء » ومنہم من نظر إلى ذروته وسنامه أو إلى قاعدته الكلية الملستجمعة ل حميم جزئياته . ومما ذكرناه من المعنى اللغوي للتقوى يستفاد أن أصله دال على ١ الجامع لاحکام القران ح ١ ص ١ ۱ء ص ١١۱ ط ۴ دار الكتاب العري . ١۱٠ - السلب »٠ لأنه بعنى التجنب والترك ٠ ولكن بالرجوع إلى الآيات الى أسلفنا ذكرها وأمثالها » وإلى أحاديث الرسول ي وأقوال السلف الصالح ٠ يتضح أن للتقوى في الشرع شقين ؛ شقا سلبيا وهو ترك ما نهى الله عنه » واخر إيبابيا وهو فعل ما آمر به » ولا بد من الجحمع بين| للاتصاف بحقيقة التقوى الشرعية » وقد جمعت كلمة التقوى في الشرع بين السلب والايجاب مع أن حقيقتها الوضعية للسلب - لأجل ما في فعل الطاعات واجتناب المعاصي من توقي سخط الله المؤدي إلى عقابه . هذا ويرى العلامة السيد رشيد رضا أن العقاب اللي الذي يجب على الناس اتقاؤه قسمان ؛ دنيوي وأخروي ٠ وکل منہا یتقی باتَقاء أسبابه » وهى نوعان ؟؛ مخالفة دين الله وشرعه ٠ ومخالفة سننه في نظام خلقه » فما عقاب الآخرة فيتقى بالإيمان الصحيح ٠ والتوحيد الخالص »٠ والعمل الصالح ٠ واجتناب ما ينافي ذلك من الشرك والكفر والمعاصي والرذائل . وذلك مبين في كتاب الله وسنة رسوله ي » وأفضل ما يستعان به على فهمه) واتباعهما سيرة السلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة الأولين من ال الرسول ي وعلاء الأمصار . وأما عقاب الدنيا فيجب أن يستعان على اتقائه بالعلم بسنن الله تعالى في هذا العام ولاسيا سنن اعتدال المزاج ٠ وصحة الأبدان وأمثلتها ظاهرة » وسنن الاجتماع البشري »٠ فاتقاء الفشل والخذلان في القتال يتوقف على معرفة نظام الحرب وفنونها › وإتقان الاتها وأسلحتها التي ارتقت في هذا العصر ارتقاء عجيبا وهو ٦١۱ المشار إليه بقوله تعالى : لإوأعدوا لحم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل . . 0(4 . كا يتوقف على أسباب القوة المعنوية من اجتماع الكلمة واتحاد الأمة والصبر والثبات والتوكل على الله ٠ واحتساب الأجر عنده › «يا أيها الذين امنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين») . وما ذكره يؤ كد شمول مفهوم التقوى لحميم أعمال الخبر سواء كانت فائدتها عاجلة أم اجلة . والأنسان مطالب باستصحاب التقوى من بداية طريق حیاته إلى نهايتها » لأنها محفوفة بالمخاطر › مفروشة بالأشواك . فإن كل خطوة يخطوها الانسان مهددة بكمين »٠ إما من غرائزه وشهواته › وإما من عواطفه ونزعاته . وإما من مطامعه ومطامحه ٠ وإما من خوفه ورجائه . وهي طبائع موجودة في کل أحد وکل منہا صالح لاستخدامه في الخير والشر › فلذا كان كل واحد منہا سلاحا ذا حدين ٠ وكان الانسان على أي حال مطالبا بضبطها وتوجيهها إلى الخبر والصلاح والبناء . والتقوى هي العامل الوحيد لضبطها وعدم إرسال العنان لما . والباعث على استخدامها في| يعود بالملصلحة على صاحبها وعلى محجتمعه وأمته . وناهيك أن التقوى تستلزم تجريد النفس من كل خوف ورجاء إلا خوف خالقها ورجاءه › وبهذا يتضح لك أن الحركات النفسية داخلة في مدلول التقوى ٠ وهو الذي ۱ - سورة الأتفال : الآأية ۹9« ٢ سورة الأنفال : الأيتان ©4 © ٩ تفسير المنارح ١ ص ١۱۲ الطعة الرابعة دار المنار بمصر . - ۱۱۷ يقتضيه قوله تعالى : ومن يعظم شعائر الله فإنما من تقوی القلوب4() . وقوله : «لأولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى»") . وقد صرح بذلك يَلٍ في فوله : «التقوى ها هنا» وأشار إلى قلبه . وتدخل في ضمن التقوى أقوال الخبر كا تدخل أعماله › بدليل قوله تعالى : #وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها() . وليس قوله يل : «التقوى ها هنا» بمقتض حصر التقوى في صفات القلب ٠ وإنما يشير إلى أن صلاح القلب هو أساس لصلاح الأعمال . لأنه سلطان الحوارح الذي يوجهها › إما إلى الخيروإما إلى الشر.ء ك| جاء في حديث النعمان بن بشير عند الشيخين : «.. ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الحسد كله ٠ وإذا فسدت فسد الجسد كله › ألا وهي القلب» . ولأهمية التقوى وكونها مصدر كل صلاح ومنبع كل فضيلة وأساس كل خير » تكرر الأمر بها في الكتاب العزيز » وتكرر الثناء على المتقين ٠ ولا تكاد تجد أمرا مكررا في القران كالأمر بالتقوى سواء كان صريحا أو في معرض الثناء على المتقين › وتبد ذلك مقرونا بالأوامر والنواهي ›. والتبشير والانذار . والقصص والأمثال ٠ والامتنان والاخبار » فاقراً مثلا قول الله عز وجل : إنساؤكم حرث ١ سورة الحج : الآية د٢۳» ٢ - سورة الحجرات : الآية (۳» ٢ - سورة الفتح : الآية د٢۲ - ۱۱۸ لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين١) تبد الأمر بالتقوى يتوسط التشريع والانذار والتبشير . وتأمل قوله عز وجل في تقریر تمتيع اللطلقات : إوللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين 4( . وقوله تعالى بعد ذكر طائفة من أحكام الذين في !به الأ لى : واتقوا الله ويعلمكم الله( . وبعد ذكر جانب من أحكامه ءالأمر بأداء الأمانة في ايت الثانية : #وليتق الله ربه') . وقوله في سورة الطلاق في معرض تبيان أحكامه : ليا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة . . °4 , تدرك أن تقوى الله سبحانه هو الفلك الذي يدور فيه تشربعه الحكيم . واقراً في باب الامتنان قول الله تعالى : ليا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منہا زوجھا وبٹ منہا رجالا كثيرا ونساء4() . وقوله : «إواتقوا الذي أمدكم با تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيونڳ) . واقرأ في باب التبشير والانذار قوله تعالى : لولعم دار المتقين جنات عدن (^) . وقوله : «يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة ١ - سورة البقرة : الاية د۲۳۳٤ ٢ سورة البقرة : الأية ٤٢٤۲ ۴ - سورة البقرة : الأية و۲٢۲ » ٤ سورة البقرة : الأية ٢۸۳٨۲ » ٥ سورة الطلاق : الآية الأولى - سورة النساء : الآية الأولى ۷ سورة الشعراء : الآأبات ۱۳۲س ١۱۳٠ ۸ - سورة التحل : الايتان ٢۳۰ . 0۳۱ - ۱۱۹ الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عم أرضعت») ٠ وقوله سبحانه : #ليا أيها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خببر بما تعملون4() , وغيرها من ايات الوعد والوعيد . تدرك قيمة التقوى عند الله وأهميتها في الحياة . التقوى جاع الخبر في الدنيا والآخرة : ولا للتقوى من قيمة كانت ميزان التفاضل عند الله . كا قال سبحانه : جیا أيا الئاس إنا خلقناكم من ذکر وأنٹی وجعلناکم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) . وجعلت هى الغاية من العبادة » كا ني قوله عز وجل : ەليا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون»(*) 4 وک| جاء ذكرها مقرونا بمطلق العبادة . جاء في معرض العبادات المفصلة ٠ ومنه قوله تعا لى في الصوم : يا أيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون(°) , وقوله في الحج : لالحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا حدال ف احج وما تفعلوا من خر يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب() . وقوله : جواذكروا الله فِ ايام معدودات فمن تعحل ئ ومين ١ سورة الحج : الآیتان ١٠ ١١ ٢ء ٢ سورة الحشر : الآية ١۸٠۱ء ۴ سورة الحجرات : الآية ١۳٠۱ء ٤ سورة البقرة : الآية ٠۲ » ٥ سورة البقرة : الأية ١۱۸۳ » ١ سورة البقرة : الآية ١0۱۹۷ - ۱۲ فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إِثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم اليه تحشرون»() . وقوله : ومن يعظم شعائر الله فإنہا من تقوى القلوب4() . وني معنى ذلك قوله تعالى ني الصلاة : للإوأقم الصلاة إن الصلاة تبى عن الفحشاء والمنكر ي(") , وتلك هي حقيقة التقوى © وي معناه أيضا قوله في الزكاة : خذ من أموالحم صدقة تطهرهم وتزکیهم اڳ( . وقد وعد الله بمعيته المتقين من عباده في قوله : «وإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون4) . وجعل ولايته لمن جمع بين الامان والتقوى . ووعد هؤلاء بالبشارة في الحياة الدنيا والأخرة › وعدم خوفهم وحزنهم يوم الفزع الأكبر وذلك في قوله : ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين امنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة . . €( ٠ كا وعد سبحانه المتقين بحسن العاقبة في الدارين » أما في الدنيا فبالعز والتصر › وأما في الاخرة فبالسعادة والفلاح . وذلك في قوله : ج . . والعاقبة للتقوى») . وقوله : ل . . والعاقبة للمتقين »^ . ويكفي ما ذكرته من الآيات شاهدا ودلیلا على أن التقوى هي ١ - سورة البقرة : الأية و۲۰۳٠ ٢ سورة احج : الآيةً و۳۲٥ ۳ سورة العنكبوت : الآية د©£» ٤ سورة التوبة : الآيةً ١۳١١٠ » ٥ - سورة التحل : الآية «۱۲۸۶» ١ سورة يونس : الآیات ١۲٦ = ٤٠٦» ۷ سورة طه : الأية «۱۳۲» ۸ - سورة الأعراف : الآيةً ۸۶١٠ .ا١۱۲ - منبم السعادة والفوز في الآخرة » ومنشاً العز والكرامة في الدنيا › وهي مم ذلك سبيل النجاة من الشدائد › ومفتاح لباب الرزق والخير » كما يدل على ذلك قوله تعالى : #ولو أن أهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من الساء والأأر ض4( . وقوله : إومن يتق الله يجعل له محرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب 4١" . جعلنا الله من عباده المتثين وحزنه المفاحين . ولربما تساءل بعض الناس : هل المتقون بحاجة إلى الحداية مع تسنمهم ذروة التقوى وبلوغهم منتهى الصلاح ؟ والحواب : أن العبد مها بلغ من مراتب التقوى وقطع من مراحل الاهتداء لايزال بحاحهة إل مرید عنايه من الله تنمحه بروح الحمداية 6 ولطلف للتقين : «لإهدنا الصراط المستقيم» › وقد سبق الكلام على ذلك ء٠ وليس ببعيد أن يكون اراد هدى للذين علم الله صيرورتهم إلى التقوى » لجواز أن يطلق على الشيء اسم ما يصير إليه » ومن هذا الباب قول الرسول ية : «من قتل قتيلا فله سلبه» فإنه عندما وقع عليه القتل لم يكن قتيلا . وروي من طريق ابن عباس - رضي الله عنې|- : «إذا أراد أحدكم الحج فليعجل فإنه برض المريض وتضل الضالة» . وقد حكى الله عن نوح ‏ عليه السلام ‏ أنه قال في دعائه على قومه : ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا؟(' يعنى صائرا إلى الفجور والكفر » ولو روعي ما كانوا عليه من الضلال عند بداية ١ سورة الأعراف : الآية ۶5٦۹ ٢۲ ۔ سورة الطلاق : الآيتان ٠۲ ١ ۳« ۴ سورة نوح : الاي ٢۲۷« ۱۲۲ ۔ نزول القران فقيل : «هدی للضالين» ل يستقم المعنى . لأن من الضالين من ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم . وجعل على أبصارهم غشاوة 9 فلا يمتدون بأسباب الحداية . ولذا قال تعالى تنذرهم لا يؤمنون») . وقال عنهم : #لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون . . 4) , فلا يصح اعتبار القران هدى لحم لأنهم لا ينتفعون بهدايته » وإنما المنتفع فريق كان على الضلال فلا تجلت له حقائق التنزيل ونارت لعقله دلائله » بارح الضلالة إلى الحدى » وفارق الجحاهلية إلى الإسلام . ولو أريدت الترجمة الدقيقة المعبرة عن جميم هذه الأحوال . لقيل هدى للذين تحولؤا عن الفجور إلى التقوى » وخرجوا من الكفر إلى الإيمان » ولكن بجانب ما في هذه العبارة من الطول فإن عبارة القران سادّة مسدّها ومغنية عنها مع تهيزها برقة الأسلوب . والمراد بالمتقين الذين نعتوا من بعد با في الأيات اللاحقة › وهم الذين وفقوا للتخلص من علائق الكفر › والتطهر من أدران الجاهلية » سواء كانوا من قبل من الوثنيين أو من أهل الكتاب ٤ وهو محمد عبده رأي اخر فيهم لخصه السيد رشيد رضا فيا يلي : كان من الجاهلين من مقت عبادة الأصنام وأدرك أن فاطر ١ سورة البقرة : الآية «٦» ٢ سورة يسن : الآيات ‎Vp‏ ٠0( ۱۲۳ “۔ الخبر ويبغض الشر» فكان متهم من اعتزل الناس لذلك ٠ وكانوا لا يعرفون من عبادة الله إلا الالتجاء والابتهال وتعظيم جانب الربوبية ‏ وذلك ما كان يسمى صلاة في لسانهم - وبعض اخيرات الى بهتدي إليها العقل في معاملة الخلق ٠ وكان من أهل الكتاب من وصفهم الله تعالى بمثل قوله : «ل.. من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات اله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الأخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون ي اخيرات وأولئك من الصالحين4() . وبقوله : #ولتجدن أقرهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نتصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنہم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع نما عرفوا من الحق يقولون ربنا امنا فاكتبنا مع الشاهدين #() فأمثال هؤلاء من الفريقين هم المراد بالتقين » ولا حاجة إلى تخصيص ماجاء في وصفهم بالؤمنين منهم بعد الإسلام › أو باللسلمين › بل أولئك هم الذين كان في قلوہهم اشمئزاز مما عليه أقوامهم » وفي نفوسهم شيء من التشوق إلى هداية بہتدون ہا › ويشعرون باستعداد ا » إِذا جاءهم شيء من عند الله تعالی ٩ فالتقون في هذه الآية إِذا هم الذين سلمت فطرتهم فأصابت عقولحم ضربا من الرشاد » ووجد في أنفسهم شيء من الاستعداد لتلقي نور . الحق يحملهم على توفي سخط الله تعا ى والسعي ي مرضاته بحسب ١ سورة آل عمران : الآیتان ١١۱۱ ١ ١٠۱٠ء ۲ سورة المائدة : الآيتان ۸۲ ١٤ ۸۳ ٤۱۲ - ما وصل إليه علمهم ‘6 وأداهم إليه نظرهم واجتهادهم (۱) . وبنى الأستاذ على رأيه هذا تفسيره ما يأتي من نعوت التقين ٠ وكلامه ككلام غيره قابل للنقاش ٠ وسوف تأت إن شاء الله مناقشته ي المكان المناسب من الآيات الناعتة للمتقين . ١ تفسير المتار ح ١ ص ١۱۲ ط ٤ دار امار بمصر . «الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلوة وما رزقناهم ينفقونڳ () معنی اليمان وأثره : الإيمان هو أساس الحداية . ومصدر التقوى وينبوع الفضائل » وأصله التصديق نحو قوله عز وجل : وما أنت بمؤمن لنا ..4(). ومأخذه من الأمن . لأن المصدق امن محدثه التكذيب › والايمان بالغيب هو نقطة الافتراق بين أصحاب الفطر السليمة والنفوس الزكية والعقول الراسخة والأفكار الواعية ٠ الذين يتصلون با وراء هذا العالم اللحسوس » ويدركون أنه محاط بقوة تقهره وإرادة تدبره › وأن الوجود لا ينتحصر فيم تدرك الحواس » وأن الحياة ليست مقيدة بهذه الرحلة العابرة على ظهر الأرض ٠ وبين الذين تكدرت فطرهم ٠ وأظلمت نفوسهم » واضطربت عقوم ٠ وانغلقت أفكارهم ٠ فلم يفهموا تفسيرا للوجود إلا ما وقعت عليه حواسهم المحدودة » ولا معنى للحياة إلا هذه الرحلة التي يقطعونها على ظهر الأرض 4 وهم الماديون اللتحبسون في مضائق المادة ؛ الذين سدوا على أنفسهم منافذ التفكير › وحالوا بين عقوم ومسارح الاعتبار › فلا يتجاوزون حدود الحواس إلا في حيط الاكتشافات بالأجهزة التي هي في حقيقتها امتداد للحواس ويتضح سہذا الفارق . بين الطائفتين . فالمؤمنون بالغيب ينطلقون بأرواحهم وعقوم وقلوبهم في فسيح ملكوت الله ١ - سورة يوسف : الآية ١١٠ -۔ ۱۲۹ - الواسع » ويرون أن هدف الحياة أسمى من أن يکون من أجل شهوات الدنيا والتنافس على حطامها والتناحر على منافعها › بينما الذين يكذبون بالغيب لا يعرفون هدفا في الحياة إلا إرضاء العواطف الطائفتن ٠ وتختلف موازین الأمور بینېا ٠ فال منون بالغيب يلمحون في كل شيء البداً والملصير . فيحرصون على أن تكون أعمالحم كلها خالصة لبدئهم تعالى ٠ ومنطبقة على المقاييس الي أنزلها . ومؤمنة لمصيرهم في الدار الآخرة . ومن تم کان الأيان بالغيب القاعدة الأساسية الق يقوم عليها العمل الاسلامي وينطلق منها المسلم في اتجاهه إلى ربه في جميع محالات الحياة . فالأنظمة كلها ي الإسلام يجب أن يكون بناؤها على هذه القاعدة ٠ سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية . ك| أن جميع التصورات والأفكار الإاسلامية لا تنشاً إلا عنما ء ولا ترتكز إلا عليها › ويهذا تعلمون سبب تصدير صفات المتقين في هذه الآية بالايمان بالغيب ٠ ولأ ينبغي أن يفوتنا الحديث عن وضع كل من كلمتي الإيمان والغيب : أما الإمان ؛ فقد ذكرت لكم في أول هذا الحديث أنه مأخوذ من معناه اللغوي وهو التصديق . ولوحظ هذا المعنى في الحقيقة الشرعية لذه الكلمة . غير أن الشرع قد يطلقها على العقيدة - ۱۲۷ وحدها » کا يستفاد من حدیث جبريل عليه السلام - في ركان الان » وهو : «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر وبالقدر خیره وشره من الله» » وعلى هذا المعنى يحمل الأيمان عندما يعطف عليه العمل الصالح ٠ وقد يطلقها عليها وعلى ما تستلزمه من صالح العمل ٠ وتدل على ذلك صفات المؤمنين المبينة في القران كقوله تعالى في فاتحة سورتهم : لإقد أفلح المؤمنون الذين هم ئي صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العمادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم عل صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون 4گ( . وقوله في سورة الأنفال : إا المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم ایاته زادتہم إمانا وعلی رہم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة وما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا فم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق کر یم ه١ ۱ وقوله في سورة الحجرات : #إإنما المؤمنون الذين امنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموا حم وأنفسهم في سبيل اله أولئك هم الصادقون() . إلى غيرها من الآيات الواضفة للمؤّمنين ١ - سورة المؤمنون : الآيات (١ - ١٠) ٢ - سورة الأنفال : الآيات (۲ - ٤) ٢۲ - سورة الحجرات : الآيه )٥( - ۱۲۸ الكاشفة لخصال الإيمان . وهي تدل على أن الان الصحيح هو ما اقترن ره ه العمل الصالح 6 واجتناب اللحرمات 6 ويؤ كلا هذا إطلاق إسم الإيمان عل بعض الأعمال كما في قوله تعالى : وما كان لله ليضيع إيمانكم() أي صلاتكم ...' وروی الشيخان عن ابي هريرة - رضي الله عنه ‏ أن النبي کی قال : «الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها كلمة لا إِله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق» . ومن أمعن ف أصول الاأيمان وأرکانه الق ق ہا حدیث جبريل » يجدها تقتضي الاستقامة في الدين باتباع أوامر الله واجتناب نواهيه والاقتصار على ما أباحه ومراقبة النفس مع ذلك مراقبة دقيقة لئلا تزل عن هذا المنهج السوي ٠ ذلك لأن الايمان بالله وبصفاته وبأفعاله يستلزم جبه على ما أنعم ورجاء بره وفضله › وخشية. عقوبته ؤمكره وهي كلها حوافز إلى طاعته » واجتناب معصیته » والأيمان بملائكته يقتضي استشعار أعمالحم ووظائفهم ٠ ومنها مراقبة الانسان وتسجيل أعماله وأقواله . ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد4() , «وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلو ن 4 (۳) ۱ ومن شأن ذلك التيقظ والمراقبة الدقيقة للنفس حذرا من تورطها . وتسجيل السيئات عليها » وحرصا على الأعمال الصا حة ١ سورة البقرة : الآية (١٤۱) ٢ سورة ف : الآية (۱۸) ۴ - سورة الانفطار : الآيات (١٠ ‏ ١۱) - ۱۲۹- الي ينقلب با الملائكة الى ربهم وهم يشهدون با . والإيمان بالكتب يفضي إلى اتباع هداها . والانتفاع بمراشدها . والإيمان بالرسل يؤدي إلى حسن الاقتداء . وجميل التأسي بهم . والایمان باليوم الآخر أكبر داع إلى توطين النفس على الخبر لتزوده للك اليوم ۽ الذي يکون فيه كل أحد رهين عمله . والايمان بقضاء الله وقدره من مقتضياته تعلق النفمس بالله وحده ٠ وتوطنها على مايصيبها من مكاره الدنيا . من ذلك تجبد الحم الغفير من علماء السلف يقولون إن الاأيمان ليس محصورا في الاعتقاد وإنا يصدق عليه مع ما يقتضیه من صادق القول وصالح العمل.. وهذا القول هو الذي درج عليه أصحابنا ونقله عبدالرزاق ي مصنفه عن سفيان الثوري ومالك بن آنس والأوزاعي وابن جريج ومعمر وغیرهم ٥ ونقله أبوالقاسم اللالكائي في كتاب السنة عن الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي بيد وغيرهم » وروي بإسناد صحيح عن البخاري قال : لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار فم رأيت أحدا متهم يختلف في أن لمان قول وعمل . وذكر ابن كثير في تفسیره ان الشافعي وأحمد ين حنبل وأبا عبيدة وغير واحد حكوا الإجماع عليه وهذا هو الإيمان المطلوب شرعا » وهو الذي يترتب عليه الفوز بنعيم الأخرة والنجاة من عقابها . وذلك معنى الفلاح في قوله تعالى : قد أفلح الملؤمنون» ٠ ولا يناي ما ذكرنا أنه يقصد بالإيمان تارة الاعتقاد -۔ ۱۳ وحده ٠ فإن الاعتقان هو منشاً العمل كما ذكرت ٠ ومن هنا کان الاقتران بينم في كثير من الآيات وفيا قاله رسول الله ية كفاية في الدلالة على حقيقة الأيمان الشرعى المطلوب ٠ من ذلك ما أخرجه الشيخان عن أنس رضي الله عنه- عن النبي ية أنه قال : «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» ٠ فإن في هذا الحديث ما لا يخفى من كون الانصاف من النفس للغير من جوهر الان » وهو يقتضي استقامة التعايش الاجتماعي بين المؤمنين . وفي حديث أنس أيضا عند الشيخين : «ٹلاث من کن فيه وجد حلاوة الامان ؛ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما › وأن يحب الرء لا يحبه إلا لله » وأن يكره أن يعود في الكفر كا يكره أن يقذف في النار» . وفي الصحيح عن أبي هريرة - رضي اله عنه ‏ مرفوعا : «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده» » ورواه عن انس رضي الله عنه ي الصحيح مرفوعا بلفظ : «لا يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من والده وولده والناس أمعين» ٠ ومن ن البدهي أن المجبة تستلزم متابعة اللحبوب في أمره.ونهيه ٠ فمحبة الله ومحبة رسوله يل لا تتحققان إلا بامتثال أمرهما والانتهاء عن يها 9 وإذا كانت ثم أقوال لأصحاب الفرق في جوهر الإمان تخالف ما ذکرته 4 فإن المعول في فهم معناه وتجلية حقيقته على نصوص الكتاب والسنة ٠ ثم على أقوال أسلاف الأمة الذين كانوا أغزر علا وأعمق فها › وأقرب عهدا بزمن الرسالة ...وفيا ذكرته مُن ذلك غني عن الاطالة . ٠ - ۱۳۱_- وبناء على ما سلف من أن الايمان الشرعي يطلق على الاعتقاد الصحيح » ويطلق عليه مع اقترانه بصادق القول وصالح العمل ٠ اخحتلف المفسرون في الراد بالاممان هنا فعن ابن مسعود وابن عباس - رضي الله عن أن المراد بيؤمنون ؛ يصدقون . أخرجه ابن جرير عنما . وروي عن الربيع بن انس أن المراد به يخشون . وعن الزغري أن المراد به العمل . وأتبع ذلك ابن جرير قوله : «الامان كلمة جامعة للاقرار بالله وكتبه ورسله وتصديق الاقرار بالفعل . وإذا كان ذلك كذلك فالذي هو أولى بتأويل الاية وأشبه بصفة القول أن يكونوا موصوفين بالتصديق بالغيب قولن واعتقادا وعملا» . وحكى ابن كثبر عن بعض المفسرين أن المراد بإيمانم بالغيب تساوي غيبهم وشهادتهم في الان بخلاف النافقين الذين أخبر الله عنہم بقوله : وإذا لقوا الذين. اموا قالوا امنا وإذا خلوا ال شياطينهم قالوا إنا معكم إنا نحن مستهزؤون4) › وقوله : إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول اله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن النافقين لكاذبون») . وله تعالى : إن الذين يشون ر پل وقول ۱ سورة البقرة : الأية ن‘ ۲ سورة المنافقون : الآية الأولى ۳ - سورة الملك : الآية ١١٠ ۔ ۱۳۲ - من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب) . مفهوم الغيب وأثره : وأما الغيب فا غاب عن علمك »٠ واختلف المفسرون في كونه هنا صفة للمؤ من أو المؤمن به . وعلى الأول فقوله بالغيب حال من الضميرفي يؤمنون- كما سبق أي يؤمنون غائبين ومتعلق الإيمان غير مذكور لعلمه من سائر الأدلة . واستدل له الزغحشري في كشافه بها أخرجه سفيان بن عيينة وسعید بن منصور وأ حمد بن منيع في مسنده وابن آي حاتم وابن الضباري والحاكم وصححه عن ابن مسعود - رضی الله عنه - أنه قال : إن أمر محمد کان بينا لمن رآم» والذي لا إله غيره ما آمن مؤمن أفضل من إِيمان بغیب »٤ ثم قرا : ءألم ذلك الكتاب لا ريب فيه. . إلى قوله . . المفلحون؟ ٠ ومن هذا الباب قوله تعالى حكاية عن امرأة العزيز : ذلك ليعلم أي ل أخنه بالغيب4) . وعلى الثاني فالغيب هو متعلق الإيمان , واختلف فيه » فعن ابن عباس رضي الله عنما أنه ماجاء منه اي من الله جل ثناؤه- . أخرجه عنه ابن جرير وأخرج عنه وعن ابن مسعود وناس من أصحاب النبي يِل » أن الغيب ما غاب عن العباد من أمر الحنة وأمر النار › وما ذکر الله تبارك وتعالى في القران لم يكن تصديقهم بذلك من قبل أصل کتاب او علم کان عندهم ٩ وهذا مبني ١ سورة ف : الأية و۳۳» ۲ ۔ سورة يوسف : الأية ‎«o‏ ۔ ۱۳۳ - على أن هذا الوصف خاص بمؤمني العرب كا سيأقي . وأخرج ابن جرير أیضا عن زربن حبیش قال : الغيب ؛ القرآن » والظاهر أنه يعني بذلك ما حواه القران من أمور غيبية . وعن قتادة أن المراد به الحنة والنار والبعث بعد الموت ويوم القيامة . وعن الربيع بن أنس أنه قال : الذين يؤمنون بالغيب امنوا بالله وملائكته ورسله واليوم الأخر وجنته وناره ولقائه وامنوا بالحياة بعد الوت . وقيل : الغيب ؛ القضاء والقدر . وقيل : كل ما أخبر به الرسول يَأ مالا تهتدي إليه العقول من أشراط الساعة وعذاب القبر وا حشر والنشر والصراط والميزان والحنة والنار . وقيل : هوالله سبحانه » وضعفه ابن العربي . وأنت تدري أن مفهوم الغيب يصدق على كل ما غاب عن الحواس ٠ سواء اهتدى إليه الإنسان بعقله أو دله عليه دليل الوحي ٠ فيدخل في ذلك كل ما ذكره المفسرون » کا يدخل فيه کل مادل عليه القران أو تواترت به السينة من أخبار الأمم البائدة › وأحوال الأحداث المستقبلة » فإن الإيمان به إيمان يغير حسوس »٠ بل يدخل فيه التصديق بالعبادات المشروعة المعلومة من طرق الأخبار الثابتة والعمل با ء بدليل ما أخرجه ابن أبي حاتم والطبراني وابن منده وآبو نعيم عن تويلة بنت أسلم قالت : صليت الظهر أو العصر في مسجد بني حارثة 9 فاستقبلنا مسجد إيليا فصلينا ١٤۱۳ - سجدتين ٤ ثم جاءنا من يخبرنا بان رسول الله ي قد استقبل البيت ٠ فتحول الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال ٠ فصلينا السجدتين الباقيتين ونحن مستقبلون البيت الحرام . فبلغ ذلك رسول الله كَل فقال : «أولئك قوم امنوا بالغيب» . وما أخرجه البزار وأبويعلى والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب ٠ قال : كنت جالسا مع النبي يَيٍ فقال : «أنبئوني بأفضل اهل الأيمان إِيانا . فقالوا : يا رسول الله ؛ الملائكة . قال : هم كذلك ويحق لحم ٠ وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلم بها ء قالوا : يا رسول الله ؛ الأنبياء الذين أكرمهم الله برسالته والنبوة . قال : هم كذلك ويحق لحم ٠ وما يمنعهم وقد أنزلحم الله المنزلة التي أنزلحم بها . قالوا : يا رسول الله ؛ الشهداء الذين استشهدوا مع الأنبياء . قال : هم كذلك ٠ وما يمنعهم وقد أكرمهم الله بالشهادة . قالوا : فمن يا رسول الله ؟ قال : أقوام في أصلاب الرجال يأتون من بعدي »٠ يؤمنون بي ولم يروني . ويصدقوني ولم يروني . يجدون الورق المعلق فيعملون با فيه . فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إمانا» . وبا أن الإيمان بالغيب المطلوب هو الان العميق الأثر 9 القوي التأثير › الذي يقود صاحبه إلى مناهج الخير والصلاح ٠ ويبعد به عن مسالك الشر والفساد ٠ وليس الايمان التقليدي الذي لا أثر له في سلوك صاحبه . ولا تأثير له على وجدانه ومشاعره ٩ وصف الله سبحانه هؤ لاء المؤمنين بصفات تدل على التزامهم موجب لمان . وتكييف حياتهم بمقتضاه . وذلك بتصديق الإيمان بالعمل . ١۱۳ - إقام الصلاة أول صفات المؤمن : وأول ما وصفوا به من الأعمال التي يلتزمونها تصديقا لايمانهم : إقام الصلاة . لأن الصلاة هي عمود الدين وإمام الواجبات العملية . والمحافظة عليها ركن من أركان الاسلام › ولأجل ذلك تتابم التأكيد عليها في القران حتى في أوائل السور نزولا » واقترنت بالترغيب والترهيب . ففي سورة العلق - وهي أول ماأنزل- يقول تعالى : للأرأيت الذي يى عبدا إذا صلى 0 . وأمر بها سبحانه في سورة المزمل التي کان نزوا في آوائل العهد المكي ٠ وذلك في قوله : إوأقيموا الصلاة واتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسناڳ() . وبين أن المهتدين بالكتاب أول صفاتهم العملية وأبرزها إقام الصلاة كما في هذه السورة » وفي سورة النمل في قوله : هدى وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة»(") . ومثل ذلك في سورة لقمان في قوله : هدى ورحمة للمحسنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة»(9) . وبين تعا ى صفات نصرة الله من العبد الى تؤدي إلى نصرة الله للعبد » وصدّرها بإقام الصلاة في قوله : إالذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة واتوا الزكاة(°) (الآية) . وذكر إسماعيل عليه السلام - فوصفه بقوله : لإوكان يأمر أهله بالصلاة ١ سورة العلق : الآيتان د4٠١ ١٠ء ۲ - سورة المزمل : الآية ٢٠٢۲ء ۳ سورة النمل : الآيتان ٠٠ ٠ ۳» ٤ سورة لقمان : الآيتان د۳ 0£ ٤» ٥ سورة ال حج : الآية ١١ £4» 4۔٦۱۳ - والزكاة»() . ودكر إبراهیم وإسحاق ويعقوب فال : لإ وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاةه(۲) . وعندما وعد الذين امنوا وعملوا الصالحات بالاستخلاف في الأرض في قوله : وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفتهم في الأرض . . 4 (الآية) › أتبع ذلك قوله : لإوأقيموا الصلاة واتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون4() . تنبيها على أن أول أسباب النصر على الأعداء والاستخلاف في الأرض ؛ إقام الصلاة › وفي سورة «المؤمنون» صدرت صفاتهم بال خشوع في الصلاة › واختتمت بالمحافظة عليها › في قوله تعالى : #إقد أفلح المؤمنون الذين هم ف صلا تہم خاشعون إلى وله - والذين هم عل صلواتہم يحافظون »)° . وذكر تعالى المؤمنين أيضا في سورة الأنفال ٠ فكان أول ما ذكر من صفاتهم العملية إقام الصلاة . وذلك في قوله : إا المؤمنون الذين إذا ذكر لله وجلت قلوبہم وإذا تلیت عليهم ایاته زادتهہم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة وبمارزقناهم ينفقون»() . وشرط ف نحق الأخوة الدينية إقام الصلاة » حيث قال : «إفإن تابوا وأقاموا الصلاة واتوا الزكاة فإخوانكم في الدين €”). ١ - سورة مريم : الآية ٥٥ء ٢ - سورة الأنيياء : الآية ۰٠۷۲۳٠ ٢ - سور الور : الآية ٦٥ء ٤ - سورة الور : الآية ٠۷٥» ° - سورة المؤّمنون : الآيات ١٠ - ۹٠ 1 سورة الانفال : الآيتان ٢٠۲ - ٢٠ ۷ - سورة التوبة : الآية ١۱١٠ء - ۱۳۷ _ وفيه أيضا دليل على أن توبة الكافر مشروطة بإقام الصلاة › لان الاسلام يتحقق بها ء وكذلك مسالة المؤمنين » كا يدل على ذلك قوله سبحانه : إن تابوا وأقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبیلهم (') . وعلى ذلك نص حديث ابن عمر ۔ رضي الله عنہ| - عند الشيخين أن النبي َي قال : «أمرت ُن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤ توا الزكاة فان فعلوا ذلك فمد عصموا مي دماءهم وأموا حم إلا بحق الإاسلام وحسامهم عل الله» . وإذ؛ كانت صفات الؤ منين تبداً غالبا بإقام الصلاة فإن صفات اللشركين والمنافقين تصدر بتضييعها . ک| في قوله تعا لى : فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا() . وقوله في ذكر ما يكون من تساؤل بين أهل الجنة وهل النار : في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا م نلك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين»”) , فانظر كيف ذكروا أول ما ذكروا من أعمالهم التي سلكتهم في سقر» تركهم الصلاة ٠ وقدموا ذلك على تكذيبهم بالدين › ففى هذا ما يكفى لأن يكون رادعا عن التهاون بالصلاة وباعثا على المحافظة عليها . وبجانب هذه الآيات البينة لشأن الصلاة وقدرها في الاسلام وأثرها في النفس ۱ سورة التوبة : الأية 00( ٢ - سورة مریم : الآية 7 4©» ۴ سورة المدثر : الآيات «46 - 47» - ۱۳۸_- والمجتمع ›. وما تضمنته من وعد على إقامتها ووعيد على التفريط نيها . تضافرت كذلك روايات جمة عن رسول الله َي تتعلق بالصلاة وأدائها » منہا حدیث ابن عمر الذي مر انفا وحديث في أركان الاسلام عند أحمد والشيخين › وحديث عائشة - رضي الله عنہا- عند الربيع ‏ رحمه الله - مرفوعا : «لكل شيء عمود وعمود الدين الصلاة وعمود الصلاة الحشو ع» . وأخرج الربيع عن ابن عباس رضي الله عنما أن النبي يَأ قال : «لا إِمان لن لا صلاة له .٠ وروی الربيم عن ابن عباس - رضي الله عنما - أيضا عن النبي يِل أنه قال : «ليس بين العبد والكفر إلا تركه الصلاة» » ورواه الجحماعة إلا البخاري والنسائي عن جابر - رضي الله عنه ‏ مرفوعا بلفظ : «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة» . وروى أحمد وأصحاب السنن وابن حبان وال حاكم وصححه النسائي والعراقي عن بريدة قال : سمعت رسول الله َي يقول : «العهد الذي بيننا وبينكم الصلاة فمن تركها فقد كفر» › وروى أحمد بإسناد رجاله ثقات ٠ والطبراني في الكبير والأوسط عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي يي ذكر الصلاة يوما فقال : «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة » ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة » وكان يوم القيامة مع فرعون وقارون وهامان وأ بن خلف» . وذكر بعض العلماء مناسبة لذكر هؤلاء الأربعة دون غيرهم من الكفار » وهي أن مضيع الصلاة إما أن يكون ملكا فيشغله عنها ملكه › أوغنيا فيشغله عنہا ماله ٠ أو - ۱۳۹ _ وزیرا فتشغله عنہا وزارته » أو تاجرا فتشغله عنہا بارته . فان کان ملكا حشر مع فرعون . وان کان غنيا حشر مع قارون . وان کان وزیرا حشر مع هامان » وان کان تاجرا حشر مع آي بن خلف ‏ وهو أحد تجار مكة الذين حاربوا الله ورسوله وقاوموا دينه وصدوا عن سبله - . وروى الربيع عن أنس رضي الله عنه ‏ أنه قال : ذکر رسول الله يِل تأخر الصلاة فقال : «تلك صلاة المنافقين يجلس أحدهم يتحدث حتى إذا اصفرت الشمس وكانت بين قرني الشيطان ثم يقوم فينقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا» . وأخرج الجماعة إلا البخاري وابن ماجة معناهء عن أنس أيضا . وفي حديث أنس كذلك عن الربيع أن رسول الله يي قال : «ألا أخبركم مما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؛ إسباغ الوضوء على المكاره » وكثرة الخطى إلى المساجد ٠ وانتظار الصلاة بعد الصلاة ٠ فذلك الرباط» فالا ٹلاڻا . أثر الصلاة في تهذيب النفوس : وإذا كانت العبادات المتنوعة الي شرعت في الاسلام ذات اثر عميق ي الإأصلاح النفسي والاجتماعي ٠ وتنوير الفكر › وتمذيب الأخلاق وإمداد العقيدة بالطاقات الى تمكنها من الحيمنة على العقل والقلب والروح وال جسم والعواطف والغرائز › فإن الصلاة أعمق أثرا وأغزر عطاء » ولذلك شرعت متكررة في کل يوم دون ٤١٤ا ۔ غیرها » وهي مہذا التكرار تسد جانيا مھا من المراغ الروحي 6 ذلك لأن للروح مطالب كمطالب الحسم 5٠ وقد هيا الله سبحانه لكل من مطالبه بحسب مقتضى ضرورته إليها , فالجسم ال حي أحوج ما يكون إلى الحواء فالماء فالطعام فالدواء » وكل ما كانت الحاجة إليه أدعى کان يسر من عیره 6 فالحواء يسر من الماء 6 والماء يسر من الطعام ‏ والطعام أيسر من الدواء . وذلك مثل مطالب الروح ٠ وهى العبادات المشروعة » فما كانت الضرورة إليه أبلغ كانت تمارسته أيسر » ومن هنا كرر وجوب الصلاة في اليوم » وجعلت آيسر من سائر العبادات كالصيام والزكاة والحج . حكمة مشر وعية الصلاة : ومعرفة حكمة مشروعية الصلاة موقوفة على إخبار الشارع الحكيم تعالى عنها » وفي كتاب الله المبين وسنة رسوله ية ما يغنينا عن التخمين في ذلك ٠ فإذا تأملنا اي الذكر الحكيم وطالعنا مدونات السنة النبوية خرجنا بدليل قاطع على أن الصلاة إنما شرعت لذكر الله تعالى الذي يترتب عليه محق السيئات وتثبيط العزائم عنما . وتقوية عزائم الخبر » وتواصل قلوب الم منين برباط الايمان . وذلك فيا إِذا حافظ عليها الد وأداها على المج المشروع › ومن الآيات الواضحة في ذلك قوله تعالى : وأقم الصلاة إن الصلاة تى عن الفحشاء والمنكر»() , وقوله : «إوأقم الصلاة لذكري€4”) ٠ وقوله : إن الانسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه ۱ سورة العنكبوت : الآية 0 ٢ سورة طه : الآية ,١١٠» .١٤۱ - الخير منوعا إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون»() ٠ وي هذه الآيات الأخيرة بيان أن الصلاة با لها من سلطان روحي وأثر نفسي تأي على خصال جبلية مذمومة فتجتثها من نفس من داوم عليها ۽ وهي وإن كانت مشتركة مع سائر أعمال البر في ذلك ٠ کا يشهد به عطف هذه الأعمال عليها فهي أبعد أثرا منها . بدليل تقديمها عليها والتنويه بها مرة أخرى في نهاية سردها في قوله عز وجل : للإوالذين هم على صلواتهم يحافظون»”) . بل يشير ذلك إلى أنها سور للأعمال الصالحة جميعا . وي سورة الماعون شاهد على أن التهاون بالصلاة منشاً لأعمال الشر › ذلك أن الله عز وجل ذكر فيها التكذيب بالدين ودع اليتيم وعدم الحض على طعام المسكين ٠ ثم أتبع ذلك قوله : إفويل للمصلين الذين هم عن صلاتهمم ساهون4) , والسياق يقتضي أن يقول فويل لم ولکن عدل عن ذلك فأ بالاسم الظاهر مكان الضمير › وكان هذا المظهر المصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون » للدلالة على أن السهوعن الصلاة هو باب هذه الموبقات كلها » ويشهد لذلك العطف بالفاء الي تقتضي ربط ما بعدها با قبلها . ورب قائل يقول : إِذا کانت الصلاة مشروعة لتزكية النفس - حسب ما قلت فيا بال كثير من الناس يحافظون عليها ي مواقيتها ويؤدونها مع الجماعات كا أمر ہا« ومع ذلك ليس ها أي أثر نفسي عليهم فلا تردعهم عن اللتكرات » ولا تمنعهم من الدنايا » ولا تبعثهم إلى الصالحات ؟ ۱ - سورة اللمعارج : الأيات ء۹ - ‎T۳‏ ‏۲ - سورة المؤمنون : الآية 1٩0 ۳ - سورة الماعون : الأيتان ‎T54‏ ٥0 .١۱ - والحواب عن هذا التساؤل أن الصلاة المؤثرة هى الصلاة المؤداة بحسب ما شرعت روحا وشكلا بحيث تشعر القلب عظمة الخالق المعبود وعظم منته وإحاطة علمه وقدرته . وشدة بطشه ونقمته ٠ وسعة ثوابه ورحمته » فيستشعر بها المصلي افتقاره إلى المعبود › واستغناء المعبود عنه ٠ وذلك داع إلى تحري مرضاته فيا يصدر عنه فعلا وتركا » أما الصلاة الخالية من هذه الروح فهي صلاة ميتة بعيدة عن هذه المزايا » لا يحصل منها أي أثر نفسي أو اجتماعي . وقد أجاد الأستاذ الامام الشيخ محمد عبده إذ قسم الصلاة إل عادة وعبادة » فالعادة هي صلاة أكثر العوام . فإن أحدهم وهو في طور الرشد والعقل إذا قام يصلى ل تختلف صلاته عنبا في طور طفولته عندما كان يحاكي أباه فيها . والعبادة هي هیکل وروح . فالهيکل ما شرع من الأقوال والأفعال الظاهرة فيها المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم . فهي لا تعدو أن تكون بثابة الجسم اميت الذي لا حراك له ولا جدوى منه مالم تقترن بروحها » وروحها الخشوع الذي يوصل القلب والعقل بالله عز وجل( . الخشوع روح الصلاة : ومن ثم كان الفلاح منوطا بالخشوع ك في قوله تعالى : «قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعونڳ ٠ وقد نص حديث عائشة رضي الله عنما السالف الذكر على أن الخشوع هو عمودها . ١ تفسير المنار ح ١ ص ۸٥٠ ص ۱۲۹ الطبعة الرابعة دار المثار بمصر . -_ ١٤٤۱ - ولكون المحافظة على الصلاة الشرعية المستكملة لأركانها الظاهرة والباطنة هو من أعظم الواجبات الدينية . تضافرت الأحاديث عن رسول الله يَية بالتشنيع والوعيد على من يفرط في أي شيء من واجبات الصلاة . كأولئك الذين يحولون أبصارهم فيها تارة إلى الميمنة وأخرى إلى الميسرة » ويرفعون رؤ وسهم إلى الأعلى مرة ويطأطئونها أخرى غير مبالين باداب المناجاة التي يقتضيها المقام واستغناء المناجى وافتقار المناجي وأولئك الذين يمختلسون منها الركوع والسجود والطمأنينة . ويبدلون هياتها » وما ورد في ذلك حدیث آي هريرة » قال : نهاني رسول الله ييا عن ثلاث ؛ عن نقرة كنقرة الديك »٠ وإقعاء كإقعاء الكلب ٠ والتفات كالتفات الثعلب . وروی أحمد ومسلم وأبو داود عن عائشة - رضي الله عنہا ‏ قالت : كان رسول الله يي يفتتح الصلاة بالتكبير » وكان إذا ركع لم يرفع رأسه ولم يصوبه وكان بين ذلك ٠ وكان إِذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حت يستوي قائما » وإذا رفم رأسه من السجود لم يسجد حتی يستوي جالسا ›. وكان يقول في كل ركعتين التحية . وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى ٠ وكان يهى عن عقب الشيطان ٠ وكان ينبى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع › وكان يحختتم الصلاة بالتسليم . وروی الربيع عن آبي عبيدة عن جابر بن زید عن ابن عباس رضي الله عنهم ‏ أنه نى المصلي أن يقعي ني صلاته إقعاء الكلب ٠ ٤٤۱ - فعود القرد . قال الربيع : إقعاء الكلب أن يفرش ذراعيه ولا ينصبهما » وقعود القرد أن يقعد على عقبيه وينصب قدميه › قال : ومن فعل شيئا من هذه الوجوه الأربعة فعليه إعادة الصلاة . وروی أحمد والبخاري والنسائي وأبو داود عن عائشة - رضي الله تعالى عنها ‏ قالت : سألت رسول الله يَيٍِ عن التلفت في الصلاة ٠ قال : اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد . وروى الترمذي وصححه عن أنس - رضى الله عنه ۔ قال : قال رسول الله يٍَ : «إياك والالتفات في الصلاة فإن الالتمات في الصلاة هلكة . .» (الحديث) . وروى أحمد والنسائي وأبو داود عن أبي ذر - رضي الله عنه ‏ قال : قال رسول الله يَلٍ : «لا يزال الله مقبلا على العبد في صلاته ما لم يلتفت فإذا صرف وجهه انصرف عنه» . وروى الحماعة إلا البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله يي قال : «لينتهين أقوام عن رفع رؤ وسهم في الصلاة أو لتخطفن أبصارهم» » وروی من طريقه البخاري أن النبي ية قال : «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم ا بي الصلاة - واشتد ذلك عليه حتى قال لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم» › وروی أحمد والشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه ‏ أن رسول الله يَلِ دخل اللسجد › فدخل رجل فصل ٠ ثم جاء فسلم على النبي ية . فال : «ارجم فصل فإنك لم تصل» » فرجم فصلی کا صلل 4 ثم جاء فسلم على النبي ية ٠ فقال : «ارجع فصل فإنك لم تصل» ٠ فرجع فصلی کيا صلی ٤ ثم جاء فسلم على النبي ي فقال : ١٥٤۱ «ارجع فصل فإنك لم تصل» لاا . فقال : والذي بعثك باحق ما أحسن غيره فعلمني » فقال : «إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرا ما تيسر معك من القران » ثم اركع حتی تطمئن راکعا » ٹم ارفع حتی تعتدل قائا » ثم اسجد حتی تطمئن ساجدا ‏ ثم ارفع حتی تطمئن جالسا» ثم اسجد حت تطمئن ساجدا » ثم افعل ذلك في صلاتك كلها» . وروى أحمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : دلا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده» » وروی أحمد وابن ماجة عن علي بن شیبان ان رسول الله ياو قال : «لا صلاة لن لم يقم صلبه في الركوع والسجود» » وروی أحمد وأصحاب السنن . وصححه الترمذي عن أي مسعود الأنصاري . قال : قال رسول الله يي : «لا تجزىء صلاة لا يقيم فيها الرجل صلبه ف الركوع والسجود» . وروی أحمد والبخاري عن حذيفة - رضي الله عنه ‏ أنه رأی رجلا لا یتم رکوعه ولا سجوده ٤ فلا قضی صلاته دعاه . فقال له حذيفة : ما صلیت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا يي . صفة الصلاة الصحيحة : وبالحملة فإن الأدلة متضافرة على أن الصلاة الصحيحة المقبولة عند الله هي الصلاة الملصحوبة بالطمأنينة والسكينة . المقترنة بروحها ومصدر سلطانها - وهو الخشوع- وبدون ذلك لا کون شا على النفس سلطان ولا في الحياة أثر» فإنها تعد ميتة لا تغني شيئا ١۱ - ولا تحى قلبا . وأذا أردت أن تعرف حقيقة ذلك فأمعن فكرك فيم تقوله في صلاتك مستحضرا معانيه » مستشعرا عظمة الله المعبود الذي أنت واقف بين يديه , تجد كل كلمة تلفظ بها دافقة بمعنى حيوي يسري في نفسك كما تسري الروح في جسمك . وأول ما تنطق به التكبير » وبه تدخل في صلاتك ٠ وهو يسكب في نفسك شعورا بأن كل ما في الوجود - وإن عظم شأنه وعلا قدره عند الخلق - هو صغير حقير بجانب كبرياء الله تعالى وعظمته . ٳِذ ليس من اللعقول أن يقارن بين الخالق والمخلوق › وبين القديم والحادث › وبين الباقي والفاني ٠ فالمخلوق مها أوتي من قوة او سلطان فهو نسبي في حدوده لا يوازي شيئا بجانب قوة الله المطلقة . وسلطانه المهيمن على الوجود » وإذا استشعرت هذه الحقيقة كان لا أثر نفسي عليك ؛ لأنك إما أن تكون من ذوي القدر والمكانة عند الناس بنصبك 3 أو مالك ٠ أو جاهك ووجاهتك ٠ وإما أن تكون من الذين تتجاوزهم الأنظار ولا زنة لك عند الناس لضعفك المادي › ولضعة قدرك بينهم ٠ فإن كنت من الصنف الأول . كان نطقك بتكبير الله عز وجل كافيا في تنبيه قلبك الغافل ٠ وإيقاظ بصيرتك النائمة بأنك لا مزية لك على غيرك من الناس › فأنتم جميعا متساوون في الضعف . والفقر . والذلة والمسكنة أمام الله » ولیس ما أوتيته ‏ مما تظنه أو يظنه غيرك مزية لك وعلوا لقدرك ‏ إلا ابتلاء من الله تعالى مالك الملك ذي الطول والحول الذي يؤي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء » ويهب النعمة من يشاء . ويسلبها من _ ٧٤۱ - يشاء » وله ما اق وما نزع » وبیده ما وهب وما سلب »٠ فیکون لك من ذلك دواء لغرورك » وكبح لشرورك . لأنك تستشف بهذا الشعور عيوبك التنوعة » سواء ما كان خاصا بك أو كان مشتركا بينك وبين الناس »٠ وتدرك أنك واحد من العباد المفتقرين إلى الله لا مزية لك بينم ». ولا فضل لك عليهم إلا بقدر ما تتقي ربك ٠ وتتقرب إليه بالتذلل والخضوع وال خشية والخشوع . وذلك يناي ما أنت فيه من الغرور والاستكبار والتطاول على الناس با ابتلاك الله به . وإن كنت من الصنف الثاني كان شعورك با يوحيه التكبير كافيا لأن يرفم من قدرك » فلا ترضى أن تنزل منزلة المهانة والذلة بين الناس بسبب فقرك أو ضعفك 3 فا: نهم مثلك . وكلكم ئي الضعف سواء » ولئن كان بعضهم أوتي ما ل تؤته من أسباب القوة ووسائل النعيم في الحياة الدنيا ؛ فإن ذلك لا يعدو أن يكون ظلا زائلا » وخيالا عابرا » وإذا أنت تقربت إلى الله بصالح الأعمال ©۴ واستمسكت بعروة التقوى كنت أجدر منهم بالعزة . وأولى منہم بالكرامة » وهذا الشعور نفسه كفيل بتحرير نفسك من الذل لغبر الله وجعلك تقصر خضوعك على مقام الربوبية » فم أعظم هذه التربية النفسية للمصلين ٠ سواء كانوا من الفريق الأول أو الثاني . وإدا شرعت في التلاوة وافتتحتها بالاستعاذة عملا بقول الله تعالى : «فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان - ۱۸ الرجيم*() . شعرت أنك تلجاً إلى حى الله المنيم هروبا من الشيطان ووساوسه ومكائده » وفي ذلك ما يوقظ نفسك لا يريد بك الشيطان من سوء » وما يقصدك به من إضلال ٠ فهو عدوك الذي لا ينفك عن الكيد لك ؛ حتى يرديك في الجحيم إن لم يتداركك الله بلطفه › ويعصمك منه بحوله › وهذا يقتضي أن لا يكون ل حوؤۇك إلى الله لحوءا قوليا فحسب »٠ بل لحوءا قلبيا وعملیا بحیٹ تستنفُد طاقتك في مقاومة مكائد إبليس بالطاعات الى تؤهلك للدخول في حى الله .٠ أما إذا قلت ذلك بلسانك فخسب ۵ وكان قلبك وجوارحك في قبضة الشيطان › ل يغنك هذا القول شيئا › وإنما يكون مثلك مثل الأسير في قبضة عدوه لا يستطيم الانفلات منه ٠ وهو مع ذلك يدعي بلسانه أنه هارب من ذلك الأسر › ولاجىء إلى مى أحد الملوك » وكيف يكون لثله اللجوء وقد أحاطت به حبال الأسر › ومنعته من قصده قيود القهر . فإذا نطقت بالبسملة استشعرت عظمة الموقف الذي أنت واقفه . وقدر العمل الذي أنت عامله ٠ فإنك واقف بين يدي الله ٠ وعامل باسمه ٠ ومن شأن ذلك أن يوحي إليك أنه لا اعتداد بشيء مالم يكن لله تعالى خالصا › فإذا قلت «الحمد لله رب العالمين» شعرت بفيض من نعم الله تعا ى يغمر جوانبك ويملا وجودك ووجود كل شيء ٠ فإن كون الحمد محصورا في الله سبحانه دلیل على انه مصدر كل نعمة » وهذا داع إلى قطم حبال التعلق بغیره تعالى ؛ ١ سور التحل : الآية (۹۸) - ۱4۹ لأجل تحقيق منفعة أو دفم مضرة . ويؤكد ذلك وصفه بأنه رب العالين › فهو مشعر بخضوع كل مافي الوجود لعزه وسلطانه › وافتقار كل كائن إلى فضله وإحسانه » فما من ذرة في الكون إلا وهي واقعة تحت حيطة قدرته . معلنة بلسان حالما افتقارها إلى فضله ومنته . وشعورك بذلك يقوي صلتك به تعالی بحیث لا تری غیره أهلا لأن يرجى أو يتقى ٠ كما يستدعي أن تكون في أحوالك المتقلبة . وتصرفاتك التنوعة تتحرى مرضاته » وثتجبانب سخطه ٠ ولا ريب أن قلبك - في مثل هذا الموقف الذي تتجلی فيه ایات توحیده تعا ى › وتشاهد شواهد عظمته وجلاله - تغمره الدهشة وتمتلكه الحيبة . غير أك إذا قلت «الرحمن الرحيم» أحسست بالسكينة تسري في نفسك » وتمتزج بدهشتك » وبالطمأنينة تزاحم الحيبة في قلبك ٠ فتتعادل فيه كفتا الخوف والرجاء › لأنك تستشعر أن ربوبيته تعا ى مع جلاله الباهر وسلطانه القاهر - هي ربوبية رحمة وإنعام وفضل وإحسان ٠ ويقوي هذا التعادل إذا ما قلت : «مالك يوم الدين» واستشعرت خطورة ذلك الموقف الذي ثل فيه بين يدي رب العالين ٠ وقد جردت من كل ما خولته في الدنيا . وقطعت جميع علائقك بأحبابك ونصرائك فيها . لتعرض عليك أعمالك السيئة والحسنة فلا يخفى منا خافية » وأنت بين الجحنة والنار › أولاما عن مينك والثانية عن شمالك › لا تدري إلى أا منقلبك والله بك محيط لا مهرب لك عنه ٠ ولا نصير لك دونه . وفي شعورك بهذا تقوية لعزائم الخيرفي نفسك » وكبح لعزائم الشر التي يمليها عليك هواك . ۱ -۔ فإذا قلت «إياك نعبد وإياك نستعين» » أحسست بتضاعف اليبة › لأنك انتقلت إلى خطاب الله تعالى خطاب الحاضر › ومضموں الخطاب نفسه يستلزم منتهى الخضوع والوصول إلى أقصى حد في التواضع ٠ لأن معنى خطابك تقديم عبادتك إليه تعالى وهو غني عنك وعنہا . وإنما هي وظيفتك التي لأجلها خلقك ٠ ورفع قدرك با بسط لك من نعمه وسخر لك من خلقه »9 فقيامك با إنما هو شرف لنفسك ومنفعته عائدة إليك . وهذا الخطاب منك يقتضي عدة أمور » منها : صدق المقال ٠ وإخلاص السريرة » وتعظيم المقام 9 والاستمرار على الخضوع الملطلق للمعبود . وطاعته الدائية . والعطف والرحمة بعباده . فإن لله علمك ي هذا الخطاب أن تشرك نفسك مع غيرك من عباده العابدين . ولم يعلمك أن تخاطبه بصيغة فردية . التي تقتضي استقلالك عنهم ٠ وي هذا ما يقتضي وحدة الأمة المؤمنة القائمة بعبادة ربها ء وحدة عامة ي الشعور والاحساس .٠ وفي القول والعمل ٠ وفي البادىء والأهداف ٠ وفي الآلام والآأمال . فإذا قلت. : «وإياك نستعين» شعرت بقيمتك عند خالقك .٠ إذ لم يجعل بينك وبينه وسائط تستعین بها في طلب محبوب أو اتقاء تحوف » کا أنه م يجعل بينك وبينه وسائط تعبدها دونه . فالعبادة والاستعانة خاصتان به تعالى وذلك فيا م يجعل الله التعاون فيه بين الناس من سنن کونہم ونوامیس حیاتہم كا تقدم تفصيله في تفسير الفانحة الشريفة - وفي شعورك بهذا تخغليص لك من التشبث بالأوهام › ا١١۱ - كالضراعة إلى الموق في القبورء أو إلى الأشجار والأحجار . أو العيون والأنهار » أو الجن والشياطين » في طلب فكاك من معضلة أو وصول إلى هدف . فإذا قلت : «إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين» » شعرت أنك أمام طريقين : طريق الحداية والاستقامة المؤدي إلى نعمة الله تعالى بالتوفيق والفوز بالرضوان › وهو الذي وفق الله لسلوكه عباده الصالحين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسّن أولئك رفيقا . وطريق الضلال والانحراف المؤدي إلى غضب الله وعقوبته › وتتشعب منه مسالك لا تحصى كلها ملتوية مطموسة المعالم » وهو طريق الفريق الأخر الذي نكب عن صراط الحق ٠ وتعرض لغخضب الخالق سبحانه . وفي هذا الشعور ما يدعو إلى التبصر في مسالك الحياة والدؤ وب على اتباع الحق ٠ واجتناب الباطل » ويدعو إلى الترابط كونها حلقات متواصلة بي سلسلة واحدة . وهكذا شأن الخاشع ي صلاته في كل مايتلوه من القران وما يكرره من تكبير وتسبيح وتعظيم ٠ وجمیم حرکاته من قیام وقعود وركوع وسجود . ۲١١ „ فإذا أدى صلاته على هذا النحو خرج منها طاهر الروح » زکي اللفس ٠ نقي الوجدان » مرهف الحس › مهذب الأخلاق . فإذا خاض من بعد غمار الحياة وکاد یتلوث من جدید بدخانها وغبارها » عاد إلى هذا المعين الفياض فارتمى فيه وتطهر من أوضاره وتخغلص من أكداره » وهكذا تتكرر العملية في اليوم والليلة خخس مرات » فضلا عن الرواتب والنوافل . وقد صور رسول الله يي هذا الأثر النفسي للصلاة وتطهيرها باطن الانسان من الأرجاس المعنوية في صورة المحسوس المألوف وهو الطهارة الحسية _ حيث قال َة : «أرأيتم لو أن على باب أحدكم نهرا جاريا غمرا ينغمس فيه كل يوم ولیلة خمس مرات أیبقی من درنه شيء؟ قالوا : لايا رسول الله » قال : فذلك مثل الصلوات الخمس» ‏ 3 وهومثل أراد به ي إفهام العقول وتقريب المعاني › فإن النفس الف للمحسوس وأدرك لحقيقته . وإلا فشتان بين نقاء الظاهر ونقاء الباطن » وطهارة الجسم وطهارة الروح . معنى الاأقامة ومغزاه : والذي يلاحظ أن الأمر بالصلاة في القران ل يأت بلفظ صلوا › وكذلك الثناء م يكن للمصلين من غير اقتران بذكر إقامة الصلاة , أو المحافظة والمداومة عليها 9 بل نجد أن الأمر أكثر ما يكون بإقامة الصلاة ‏ وقد يأ بلفظ المحافظة عليها كا في قوله عز ۳١١ ۔ من قائل : ل حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى . . 4( ٠ وكذلك الثناء يختص بالمقيمي الصلاة والمحافظين عليها » والمراد بكل من إقامة الصلاة واللحافظة عليها ؛ الإتيان بها مستكملة جميع أركانها وهيئاتها وآدابا الظاهرة والباطنة » بل مدلوطم) الحقيقي توفية الصلاة حقها والقيام بكل لوازمها . والدليل على أن ذلك هو المراد بالإقامة قوله تعالى : «يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والانجيل 4(" ى حتى توفوهما حقها من العلم والعمل › وقوله تعا ى : ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من رهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم () . وفي هذا ما یکفي دليلا على أن الصلاة التي أمر بها الناس » والتي أثنى الله بها على عباده للؤمنين ؛ هي الصلاة التامة الأركان » المستوفية الشروط » المعتدلة الحيئات ٠ الممتزجة بروحها وهي الخشوع . وذكر أئمة التفسير وجوها في معنى الاقامة غايتها واحدة . وإن اختلفت ألفاظها باختلاف أنظار قائليها . أحدها : أن المراد بها الاتيان بها مستوية . كالجحسم القائم ثانيها : أنها بمعنى المداومة عليها ؛ من قوم قام على الشيء إذا داوم عليه . واستدل له بقوله تعا لى : الذين هم عل صلا تهم دائمون»(*) . وقوله : والذين هم على صلواتهم يحافظون €( . ١ - سورة البقرة : الآية ٨۲۳۸ء ٢ سورة المائدة : الآية :1۸٦٠ ٢ - سورة المائدة : الآية ١1١1ء ٤ - سورة المعارج : الآية ٢٢۲. د - سورة المؤومنون : الآية ٠۹٠ - ثالثها : أنها مأخوذة من إقامة السوق ؛ إذا أعد شا الاعداد التام » حتى تصير رائجة الزبائن ؛ لأنها بالمحافظة التامة عليها تكون كالبضاعة النافقة التي تتجه إليها الأنظار ويتنافس فيها التجار › بخلاف ما إذا أهملت ٠ ومنه قول الشاعر : وإذا يقال أتيتم لم يبرحوا حتى تقيم الخيل سوق طعان وقول اخر : أقامت غزالة سوق الطعان لأهل العراقين حولا قميطا وقول غیره : أقمنا لأهل العراقين سوق الضف راب فخاسوا وولوا جميعا رابعها : أن إقامتها عبارة عن استجماع الحمة وتحريك العزيمة لأدائها ؟؛ من قوشم قام بالشىء إدا اشتدت به همته 6 وبالغ بالعناية به » ولم يتمم لوازمه » ومن المعلوم أن القيام في العمل لا يكون إلا لداعى الاهتمام به . كقيام الخطيب في خطبته فإنه دليل على اهتمامه با يتحدث به وحرصه على وصوله إلى مسامع الحاضرين ٠ وولوجه إلى أذهانمم » وامتزاجه بأفهامهم وكذلك قيام الصانع في صنعته . وهكذا » ويدل كذلك على صعوبة ما يمارسه القائم من . 0 القول أو العمل . ونم وجه آخر ؛ وهو أن ذكر الإقامة جاء تنويها بالقيام في الصلاة ٠ لأنه ركن من أركانها » وجزء مهم من أعمالما › ولاحظ عليه قطب الأئمة - رحمه الله في الحيميان بأن الجزء الذي يذكر عن الكل يلزم أن يكون جزءا مهما » وكل من الركوع والسجود أدل على الحضوع وأقرب إلى الخشوع من القيام » فكيف يذكر دون مع قصد الصلاة نفسها . وأجاب عن هذه الملاحظة بأن للقيام في الصلاة أهمية لا تقل عن أهمية الركو ع والسجود » لأنه يدل على غاية الامتثال ومنتهى التذلل . ومثله فيها مثل ما يكون من المحكومين أمام الحاكمين » والمرؤ وسين أمام الرؤساء » ومن هنا أمر الله تعالى بالقيام بين يديه في قوله : «وقوموا له قانتين*() وذلك ي الصلاة قطعا . وما ذكرته أولا من تفسير إقام الصلاة معناء محكي عن بعض السلف ٠ فقد أخرج ابن جرير عن عكرمة وسعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عن أنه قال : المراد «بيقيمون الصلاة» أنهم يقيمونها بفروضها » وروي عنه من طريق الضحاك أنه قال : إقام الصلاة تام الركوع والسجود والتلاوة والخشوع › والإقبال عليها فيها . وأخرج عبد بن حيد عن قتادة : أن إقامة الصلاة المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها › ولا يعد هذا اختلافا بينهم لأنه ناشىء عن اختلاف مقامات السؤال بحسب ١ سورة البقرة : الأية (۲۳۸» ٦١۱ - أنظار المجيبين إلى أحوال السائلين . أو إلى الظروف الملابسة وأكثر المفسرين على أن المراد بالصلاة هنا الصلوات المفروضة لأنها هي التي يتوقف عليها الفلاح ٠ كما ي حديث الأعرابي : «أفلح إن صدق» ٠ ونسب ذلك ابن جرير إلى الضحاك ٠ ونسب أيضا إلى ابن عباس رضي الله عنا- ولا مانم من دخول صلاة النفل فيها تبعا » نظرا إلى أن من صفات التقين المسابقة إلى كل ما يقرهم إلى الله كا هو شأنهم ٠ وكا يدل عليه وصفهم في القران . معنى الصلاة لغة واصطلاحا : وأصل الصلاة عند العرب الدعاء ٠ ومنه قول الشاعر : تقول بنتي وقد قربت مرتحلا يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا عليك مثل الذي صليت فاغتمضي نوما فإن ل حنب المرء مضطجعا وقول غيره : وفابلها الريح في دنا وصلى على دنا وارتسم وقول الأعشى : لا حارس لا يبرح الدهر بيتها وإن ذبحت صل عليها وزمزما ويرى ابن جرير أن الصلاة نقلت من هذا المعنى اللغوي إلى معناها الشرعي - وهو العبادة الملخصوصة المفتتحة بالتكبير المختتمة - ۱۷ بالتسليم » المشتملة على القيام والقعود والركوع والسجود مع التلاوة والتسبيح والتعظيم ‏ لأن امصلي متعرض لاستنجاح طلبته من ثواب الله لعمله مع ما يسأل ربه فيها من حاجاته ؛ تعرض الداعي بدعائه ربه لاستنجاح حاجاته وسۇلە . وذهب بعض المفسرين إلى أنها مأخوذة من اللزوم من قوشم : صل النار . ومنه قوله تعالى : للإتصلى نارا حامية») وذلك لأن الصلِ يلازم العبادة حسب ما أمره الله » وقيل : هي مأخوذة من تصلية العود بالنار لأجل تقومه وتليينه » لأن المصلي يقوم نفسه بخشوعه وخضوعه في الصلاة » وذهب الز حشري إلى أنه مأخوذ من الصلا وهو عرق في الظهر يفترق عند عجم الذنب فيكتنف جانباه الوركين » ويسميان الصلوين ٠ وهذا لأن المصلي يحرك صلويه في رکوعه وسجوده ٠ وتابعه على رأیه جم غفير » غير أن الفخر الرازي بالغ في انتقاد قول الزغغشري ٠ مدعيا أن كلامه يفضي إلى طعن عظيم في كون القران حجة ٩ وذلك لأن لفظ الصلاة من أعظم الألفاظ شهرة ٠ وأكثرها دورانا على ألسنة المسلمين ٠ واشتقاقه من تحريك الصلوين من أبعد الأشياء عن الاشتهار فيم بين أهل النقل › ولو جوز أن يكون ذلك أصل مسمى الصلاة › ثم خفي واندرس حتى صار لا يعرف إلا عند الأحاد . لكان مثله جائزا ئي سائر الألفاظ ٠ ولو جوز مثل ذلك لا جاز القطع بأن مراد الله تعالى من هذه الألفاظ ما يتبادر إلى الأذهان من المعاني ٠ لاحتمال أنها كانت في ٢ - سوره الغاشية : الآية 3 - ۱۵۸ زمن الرسول ذات معان أخر» وهى المرادة منها » وما بطل ذلك بالاجماع بطل الاشتقاق الذي ادعاه الز حشري . وتعقبه ابن عاشور بأنه لا مانم من أن يكون لفظ'المشهور منقولا من معني خفي لأن العبرة في الشيوع بالاستعمال › وما الاشتقاق فبحث علمى ٠ وعضد ذلك بقول البيضاوي واشتهار هذا اللفظ في المعنى الثاني مع عدم اشتهاره في الأول لا يقدح في نقله منه وأيد ابن عاشور قول الزشري بأن الصلاة مأخوذة من الصلا بها معناه أن كتابة الصلاة في المصاحف بالواو تشير إلى اشتقاقها من الصلا › إذ لولم تقصد الاشارة إلى ذلك لا كان وجه لكتابته بالواو › وإما ذلك نظير صنيعهم في كتابة الزكاة والربا والحياة بالواو إشارة إلى أصلها ٠ وانتقد ابن عاشور توجيه الز حشري في كشافه کتابتها بالواو بأها واردة على لفظ المفخم ٠ أي لغة تفخيم اللام من حيث لم يصنع مثل ذلك في غيرها من اللامات المفخمة() . وقيل : هي مأخوذة من المصلي في حلبة السباق ٠ وهوياتي بعد اللجلي ٠ وقد روعي في هذا الأخذ محجيئها تالية للركن الأول من أركان الاسلام » والمجلى هو الأول من الخيل في حلبة السباق ٠ واملصلي الذي يليه ٠ لأنه يأ ورأسه بين صلوي سابقه . ولا يتبادر من هذه الاأراء إلا الأول وهو أنها مأخوذة من الصلاة ال هي الدعاء 6 لأن کلا من الداعى والصلي لاجیء إل الله عر ١ التفسير الكبير ح ۲ ص ٢۲ ط ۲ ٢ - التحرير والتنوير ح ١ ص ۲۳۳ 5١ ٢۲۴ الدار التونسية للنشر . - ۱۹ وجل » راج منه الفوز بالمطلوب والوصول إلى المحبوب ٠ وأرى أن سائر الأقوال لا تخلو من تكلف ٠ وإذا كانت كتابة الصلاة في اللصاحف بالواو تشير- حسب) يقول ابن عاشور - إلى أصل اشتقاقها فإن هذا لا يدل على صحة هذا الاشتقاق بحيث لا ينازع فيه . فإٍن الكتابة لا تعدو أن تكون اصطلاحا ناشئا عن اجتهاد بعض السابقين ٠ وقد تابعهم عليه من جاء بعدهم ٠ وذلك لا يقتضي أن ما اصطلحوا عليه حجة قاطعة في بيان أصول الاشتقاق ٠ ولو كان الأمر كذلك لاتفقت كلمة مفسري السلف على ما تقتضيه هذه الاشارة المزعومة من أن الصلاة من الصلا ٠ وقد علمت نا تقدم أن اراءهم تحخالف ذلك ٠ ولعل الزعحشري لم يسبق إلى المذهب الذي اختاره » فكيف يکون أمر اصطلحوا عليه دلیلا على خلاف ما ذهېوا إليه ؟ وقد أجاد الأستاذ الإمام في قوله : الصلاة إظهار الحاجة والأفتقار إلى المعبود بالقول أو العمل ٠ وهو المراد بقوشم : الصلاة معناها الدعاء » لأن إظهار الحاجة إلى العظيم الكريم ولو بالفعل فقط ٠ التماس للحاجة واستدرار للنعمة أو طلب لدفع النقمة ٠ أرأيتم أولئك الذين يقفون بين أيدي الملوك ناكسي رؤ وسهم حاني ظهورهم ٠ وتارة يقعون على أقدامهم يقبلونها » أليس الباعث على هذا العمل إما خوف من عقوبة يطلبون به دفعها وإما حذر على نعمة يتقون سلبها ورفعها فيلتمسون بقاءها ويرجون زيادتها ونغاءها ؟ هذه الصلاة كانت توجد عند بعض الجاهليين وهم الذين كانوا يعرفون بالحنيفيين والحنفاء » وعند بعض أهل الكتاب ‏ ثم قال والصلاة بالمعنى الذي ذكرناه قد ظهر في الاسلام في أفضل أشكاله . وهو تلك الصلاة الى فرضها الله على المسلمين ٠ فإن هذه الأقوال والأفعال الفتتحة بالتكبير والمختتمة بالتسليم على النحو الذي جاءت به السنة المتواترة من أفضل ما يعبر به عن الاحساس بالحاجة إلى المعبود › وشعور الأنفس بعظمته لو أقامها الملصلون وأتوا مها على وجهها() . ونما دکره نتصح لك المناسية بن الصلاة الى ھی الدعاء والصلاة ال هي العصبادة المعروفة 6 ولذلك أطلق عليها اسمها . والصلاة مصدر صل 4 والأصل في نحوه مما جاء على وزن (فعُل) وهو معتل اللام أن يكون مصدره على وزن تفعلة . کزکی اتزكية » ونغى تنمية » ولكن خولف هذا الأصل هنا لئلا تلتبس هذه العبادة المقدسة بالتصلية بالنار إن جاءت على لفظها . حتى أن بعض كبراء أئمة اللغة زعم أنه م يستعمل في كلام العرب لفظ التصلية بمعنى الصلاة . وليس كذلك ٠ فقد نقل بعضهم استعماله بهذا المعنى وهو نادر » ومنه قول الشاعر : تركت القيان وعزف القيان وأدمنت تصلية وابتهالا وي نقل الصلاة وأمثالها من الحقائق الشرعية عن أصوفا اللغوية جال واسم لناقشات علماء أصول الفقه وغيرهم ٠ فمن أراد الاطلاع على ذلك فليرجع إلى الكتب الخاصة بهذه الفنون . ١ المنارح ١ ص ۱۲۸ ط ٤ . ١۱۹۱ - الإنفاق ركيزة من ركائز الان ” وبعد تثنية وصف التقين بإقام الصلاة ثلث بالإنفاق من رزق الله . وقد تتابعت هذه الصفات حسب أهميتها وترتبها الواقعي ٠ فالاان بالغيب كا سبق هو القاعدة الأساسية التي تقوم عليها الأعمال الصالحة وتنبثق منها الفضائل ٠ وهو صفة لأزمة للمتقين لا تنفك عنم في جميع الأحوال . والصلاة هي إمام الأعمال البدنية » وأقواها في تهذيب النفس وتقويم السلوك » وأجداها في إمداد العقيدة لما فيها من التذكير بالله وسلطانه وإحسانه - كا تقدم تفصيله - وهي أكثر الوظائف اليومية للمسلم تكررا . والأنفاق من رزق الله هو الركن المالي الاجتماعي من أركان هذا الاين » وبه يتم تماسك المجتمع وترابط الأمة » لأن الله تعالى اقتضت حكمته أن لا يستقل أحد من الناس بمصالحه الحيوية ٠ مها أوتي من بسطة في الجسم وسعة في الرزق ونبوغ في التفكير › وبالانفاق من رزق الله من عباده الأغنياء على إخوانهم الفقراء يحصل بينم التعاون الذي يترتب عليه التعايش السلمى والاستقرار النفسي والاجتماعي ٠ وقبل حديثي عن الانفاق خسن أن أتعدث عن الرزق من حيث معهومه اللغوي والديني . معنى الرزق لغة واصطلاحا : الرزق مأخوذ من رزق يرزق رقا بالفتح - إذا أعطى ٠ وهو ۲٦۱ . بالكسر إسم للشيء الذي يرزق ويحصل به الانتفاع › وقيل : هو مصدر أيضا وهو عند أهل اللغة بعنى النصيب أو الحظ كا في قوله تعالى : «إوتجعلون رزقكم أنكم تكذبون . .0 أي حظكم التكذيب » وروی ابن السكیت عن آزد شنز أنه بمعنى الشكر وحمل عليه الاية 4 وروي عن بعصهم أن الرزف كل شيء يؤ كل أو وأبطله الفخر نظرا إلى أن الله أمر عباده أن ينفقوا ما رزقهم في قوله : أنفقوا مما رزقناكم») فلو كان الرزق هو المأكول ا أمكن إنفاقه . وحكى الفخر عن جماعة بأن الرزق هو ما ِلك ٠ وأبطله أيضا لحواز أن يقول الانسان اللهم ارزقني ولدا صالا › أمرأة صا وعقلا يسوسني إل اير » مع أنه ليس من العقون أن يملك أحد عقله کا أنه ليس من المشروع أن يملك ولده أو امرأته . وفيا قاله نظر . لأن من الظاهر أن المراد من قول القائل أن الرزق هو ما يؤكل ويستعمل »٠ ما جرت العادة بأكله واستعماله › ولا يلزم أن يكون المرزوق هو الذي يأكله أويستعمله » وإنما يكفي ي اعتباره مرزوقا ِیاه ؛ تمکنه من أكله أو استعماله . وقول القائل اللهم ارزقنى ولدا صالا أو امرأة صالحة أو عقلا أعيش به » لا ينافي أن يكون المرزوق مالكا لرزقه » لأن املك إما أن يكون ملك عين »٠ أو ملك منفعة ٠ ولا يشك أحد أن الانسان مالك ١ سورة الواقعة : الآية ۲٩ء ٢ سورة البقرة : الآية د٢٢۲» ¬ ۱۹۳ للمنفعة الى تحصل له من ولده أو امرأته أو عقله . نعم يصح أن يعترض بجواز ما ذكره على القول السابق › واختلف علاء الشرع في تعريف الرزق . فقال أبوالحسين البصري : هو تمكين الحيوان من الانتفاع بالشيء والحظر على غيره أن يمنعه من الانتفاع به . وذهب بعض الأشاعرة إلى أنه ؛ ما ساقه الله تعالى إلى الحيوان فانتفع به » سواء كان حلالا أو حراما من المطعومات أو المشروبات أو وقیل : هو اسم لا يسوفه الله تعالى إلى الحيوان ليتغذی به 6 وعلى هذا فالرزق قاصر على ما يطعم دون سائر المنافع . والأقرب شمول الرزق لكل ما ينتفع به » بدلیل جواز قول القائل : اللهم ارزقني ولدا صالا أو امرأة صالحة أو مسكنا واسعا . وحصر الرزق في المطعومات عا لم يقم عليه دليل ٠ بل الدليل قائم عل خلافه . فن الله قال ئي قارون : لإواتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة() ثم حكى الحوار الذي كان في شأنه بين الذين أوتوا العلم والذين يريدون الحياة الدنيا » وقفى ذلك حكاية قولحم بعد هلاكه : «ِوَيكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر»(”) وهم يشيرون بذلك إلى ما أوتيه قارون من ۱ - سوره القصص : الأية ‎«۷s‏ ‏٢ - سورة القصص : الآية ۸۲9» .٤٦۱ - الكنوز . وعندما ذكر الله تعال ى أحكام المواريث في سورة النساء قال : لإوإذا حضر القسمة أولوا القري واليتامى والمساكين فارزقوهم منه() مع أن المقسوم لا يلزم أن يكون ممايتغذى به . وقال تعالى : لإلينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلینفق مما اتاه اللهڳ() , والنفقة غير محصورة في صنوف الأغذية . وقال تعالى : الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر»() . وقال : «إولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض“() ومن الظاهر أن البسط لا يكون ي المطعومات وحدها . وظاهر كلام ابن عاشور أن الرزق صوص بالانسان دون عیره من أنواع الحيوان 4 ويتضح ذلك من تعريفه للرزق حيث قال : والرزق ما يناله الانسان من موجودات هذا العالم الى يسل سہا صروراته » وحاجاته ›. وینال مہا ملائمه . وقد زاد ذلك وضوحا قوله من بعد : وأما إطلاقه على ما يتناوله الحيوان من المرعى والماء ٠ فهو على المجاز كا في قوله تعالى : وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها»(°) وقوله : إوجد عندها رزقا»() وقوله : لا يأتيكما طعام تر زقانه گه(۷) . ١ سورة النساء : الأية «8» ٢ سورة الطلاق : الأية «۷» ۳ سورة الرعد : الآية [٢۲» ٤ سورة الشورى : الآية «(۷» ٥ - سورة هود : الآية «1» 1 سورة ال عمران : الآية ۳۷ء ۷ سورة يوسف : الآية «د۳۷» . التنوير والتحرير ح ١ ص ٢۲۳ ٠ ص ٢۲۴ الدار التونسية للنشر . ١٦۱ - وإن تعجب فعجب إدراجه الآيتين الأخيرتين فيا مثل له من إطلاق الرزق مجازا حسب قوله- على غير ما أوتيه الحنس البشري فإن الضمير في قوله تعالى : إوجد عندها رزقا» عائد إلى مريم -عليها السلام - والخطاب في قوله : «لا يأتيكما طعام تر زقانە إنما هو لصاحبي السجن اللذين دخلاه مع يوسف الصديق عليه السلام -» والجحميع من الجنس البشري . ونحن لا نسلم ذه المجازية التي يدعيها ي هاتين الايتين وفيا قبله) » فإن حمل الألفاظ على المجاز لا يكون إلا مع القرائن الصارفة ماعن حقائقها . وإذا عرفت أن الغاية من الرزق هي المنفعة أدركت أن الحيوان مرزوق حقيقة لأنه ينتفع برزقه » على أن قوله سبحانه : وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها» . يدخل في عموم مدلوله الإنسان ؛ لصدق مفهوم الدابة لغة على كل ما يدب على الأرض »٠ وإذا كان إطلاق الرزق على منافم الانسان حقيقة وعلى منافم الحيوان مجازا » لزم أن يكون لفظه في الآية حقيقة ومجازا ي ان واحد » وهو مردود عند أهل التحقيق ٠ ويؤكد أن الرزق ليس من اختصاص الإنسان قوله تعالى : وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله ير زقها وإیاکم ې( . ومذهينا ومذهب الأشاعرة وجمهور الأمة أن الرزف یشمل الحلال والحرام . كا تقدم ذكره ي التعريف المنسوب إلى بعض الأشاعرة . وهذا لأن الحل والحرمة إنما هما بالنظر إلى العبد المرزوف ١ - سورة العنكبوت : الأية 9٠6» - ٦۱ - لا إلى الرب الرازق ٠ وخالفهم المعتزلة ؛ فزعموا أن الرزق لا يكون إلا حلالا محضاء. وهو مبني على قاعدتهم ي وجوب مراعاة الصلاحية والأصلحية على الله تعالى الله عن ذلك - ولعل ابتناء قولحم هذا على هذه القاعدة الفاسدة هو الذي شجع خصومهم على التشنيع عليهم في هذه المسألة . ورأي الامام ابن ابي نبھان ۔ ر حم الله انها ليست من مسائل الأصول ٠ فلا تشنيم عنده على المخالف فيها » والظاهر أنه لم يلتفت إلى تلك القاعدة الى قامت عليها . واحتجت المعتزلة لقوفا بدلائل من الكتاب والسنة ‏ ومدلول الكلمة نفسها . ما الكتاب فقد استدلوا منه بقوله تعالى : وما رزقناهم ينفقون» وهو مدح لعباده المتقين بإنفاقهم من رزقه . وهو لا يمدحهم بإنفافق الحرام وبقوله عز وعلا : طلأنفقوا مما رزقناكم) ولا يأمر بالإنفاق من ارام » وبقوله سبحانه : لإقل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل الله أُذن لکم ام على الله تفترونڳ() . وأما السنة فقد استدلوا بما أخرجه ابن ماجة وأبو نعيم والديلمي من حديث صفوان ابن أمية » قال : جاء عمرو بن قرة فقال : يا رسول الله ؛ إن الله قد كنب عل الشقوة فلا أراني أرزق إلا من دفي بكفي ٠ فأذْن لي في الغناء من غير فاحشة » فقال ي : ہے ١ سورة يونس : الآية و٩٥ - ۱۱۷ رلا إذن لك ولا كرامة ولا نعمة كذبت أي عدو الله . لقد رزقك الله مکان ما أحل الله لك من حلاله» . وأما مدلول الكلمة فمن حيث إن الله عز وجل منع عباده من الحرام وتوعدهم عليه وأمر بزجرهم عنه » لا يصح أن يقال انه رزقهم إياه كا لا يقال رزق السلطان جنده مالا وقد متعهم من أخذه › وأجيب عن تمسكهم بالآيات بأن الاسم قد يخص ببعض أفراد مدلولاته في الاستعمال لأجل التنويه والتشريف ك) في قوله تعالى : إن عبادي ليس لك عليهم سلطان() . وقوله : #عينا يشرب با عباد الله ڳ() , فقد خص لفظ العباد بي الآيتين بالتقين › وإن كان بحسب مدلوله يشمل المتقين والفجار فإن الكل عباده عز وجل ٠ وإنما خص بالتقين في الآيتين تشريغا لم وتنویہا بقدرهم ٠ وكذلك إطلاق الرزق في الآيات الى تعلق با المعتزلة على الحلال وحده » إنما هومن هذا الباب ومنه قول الداعي : يا خالق العرش والكرسي والشمس والقمر › دون يا خالق الخنازير والكلاب ٠ مع أن الكل من خلقه تعالی . وأما الحديث فهو أدل على خلاف ما ذهېبوا إليه . لأن قوله َي : «فاخترت ما حرم الله عليك من رزقه» دليل على دخول الحرام في ضمن الرزق . وأجیب عا استدلوا به من مدلول الكلمة اللغوي بأن المفاهيم اللغوية لا تغضع للمقاييس العقلية . فلا دخل لأدلة العقل في التسميات . ١ سورة الحجر : الآية ٤4 ٢ سورة الانسان : الأية 9٦٠ - ۱۹۱۸ هذا وقد استدل أصحابنا والجمهور لما ذهبوا إليه بقوله عز وجل : وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقهاچ . مع تصور إمكان أن يعيش الانسان على الحرام طيلة حياته . وذلك بأن ينشاً طفلا مع اللصوص وقطاع الطرق يطعمونه مما ينهبون ٠ حتى إِذا بلغ الم ودخل في دور التكليف صنع صنيعهم وعاش عيشتهم إلى أن لقي الله فإنه يلزم على مذهب المعتزلة أن يكون مثل هذا لم يصب من رز الله شيئا . وهو نما تبطله الاية . ويرى الإمام الألوسي أن هذا الاستدلال ليس بشيء ٠ وأن للمعتزلة أن ينفكوا عن هذا اللزوم باعتبار أن الرزق غير قاصر على الغذاء » بل يشمله ويشمل غيره من المنافع الجسدية والروحية » مع استحالة أن يعيش الانسان من غبر أن يصيب منفعة محللة منذ ولادته إلى موته . لا مصضة ثدي ولا رشفة ماء ولا نسمة هواء . ولا نظرة سارة ولا وصولا إلى بغية ٠ ولو قدر وقوع ذلك لساغ أن يقال إن ذلك مباح في حقه لقوله تعالى : «إفمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه () . وللمعتزلة أن يعترضوا غيرهم بمن عاش يوما ثم مات قبل أن يتناول حلالا أو حراما وما يتوجه إليهم من جواب یمکنهم أن یبوا به أيضا على أن الآية الكرمة لا تدل على أن الله يوصل إلى كل أحد ما ينتفع به » فإن الواقم يدل على خلافه » بل تدل على أنه عز وجل يسوق الرزق ويمكن من الانتفاع به » فإذا حصل إعراض من أحد ہے ١ سورة البقرة : الآية ‎A‏ ۹٦۱ - عن الحلال إلى الحرام . لم يكن ذلك قادحا في تحقق کون الله رازقا له ولقائل أن يقول إن معنى الآية ما من دابة متصفة بالمرزوقية ٠ فلا تدخل مادة النقض ليضر خروجها » كما أن قول القائل كل دابة تذبح بالسكين ؛ لا يقتضي شمول السمك لعدم اتصافه بالمذبوحية . ولأجل هذه الايرادات الى تتجه إلى استدلال الجحمهور ؛ اختار الألوسي أن يكو ن الاستدلال بالاجماع المنعقد قبل ظهور اللعتزلة وخلافهم على أن اكل الحرام طول عمره مرزوق طول عمره ذلك الحرام ٠ وأنت تدري أن الاجماع يحتاج إلى ثبوت النقل بصحهة وقوعه 3 والظاهر أن هذه المسألة ل تر عند السلف إلا بعد ظهور العتزلة بجدشم الكلامي . فدعوى الاجماع غير مسلمة فيها › ولأجل قوة أدلة الفريقين أجنح إلى ما راه الإمام ابن أبي نبهان من انها مسألة فرعية يسوغ يها الاجتهاد » وإنما عدت عند الأكثرين من الأصول للاحظة القواعد الاعتزالية الى يمكن بناؤها عليها › كالقول بوجوب مراعاة الصلاحية والأصلحية على الله - كما تقدم - والقول بالتحسين والتقبيح العقليين . ولولا ملاحظة هاتين القاعدتين الفاسدتين ؛ واحتمال بناء المعتزلة مذهبهم في هذه المسألة عليي| » لما اعتبرت هذا الخلاف إلا لفظيا . على أننا نجد من وافق المعتزلة فيها من غیرهم ؛ کا حخصاص صاحب كتاب أحكام القران . ۱ - روح المعاني ح ١ ص ۱۱۸ ط دار إحياء التراث العربي بیروت لبنان . ٠۱۷ - ولا خلاف بين الجحميع في أن الانفاق المشار إليه في الآية › وال مأمور به في كثير من اي الكتاب 6 هو الانفاق من الرزف اللحلال اللحض . فإن الله سبحانه لا يأمر بالإنفاق من الحرام ولا يدح به › وقد جاء في الحديث التنبيه على أن الصدقة المقبولة لا تكون إلا من الحلال ٠ ومنه قوله يَيٍِ : «لا يقبل الله صدقة من غلول» وقوله : «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا» . والاأنفاق : جعل الشيء نافا ٩ والنفاف كالنفاد : هو خروج امال من يد إلى يد . والأنفاق الشرعي : هو إخراج امال أو جزء منه في السبل التي أمر الله سبحانه بإخراجه فيها » وهو آية من آيات صدق الإمان ٠ فإن كثيرا ممن يدعون الإيمان قد يقضون أوقاتمم ئي ضروب من العبادات البدنية . فإذا عرضت مسألة الانفاق وطولبوا به قبضوا يديهم عنه لضيق صدورهم منه 6 ولذلك تكرر ئي كتاب الله وصف اللؤمنين الصادقين بالإنفاق من فضل الله . ك في قوله تعالى : إنما المؤمنون الذين امنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموا لحم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون€”) . الحض على الإنفاق يوسع دائرة الخبر : كثيرا ما اقترن الحض على الانفاق في سبيل الله بالوعد أو الوعيد › نحو قوله تعالى : «إمن ذا الذي يقرض اله قرضا حسنا ١ سورة الحجرات : الآية ١٠ س ١۱۷ فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون 4( . وقوله : ليا أيها الذين آمنوا أنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة 4( . وقوله : «إوأنفقوا ما رزقناكم من قبل ان أن أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ي . ومن حيث إن المال قوام الحال » تتوقف عليه مصالح النفس وترتبط به شئون الحياة » كان الانفاق المأمور به الذي مدح الله به عباده المتقين . هولبعض المال لا لكل المال . وذلك واضح في هذه الآية . فقد قال تعالى فيها : وما رزقناهم ينفقون» ولم يقل وما رزقناهم ينفقون . ونحوه قوله سبحانه : لوإأنفقوا ما رزقناكم » وهذا هو المنهج المعتدل بين الافراط والتفريط »٠ فلا تبذير ولا تقتير ي الانفاق الشرعي . أفاد ذلك الزغشري وتابعه جل اللفسرين › وخالفهم أبوالسعود حيث رأى أن دخول من على اللوصول للتنبيه على أن إنفاق بعض المال كاف في جعل المنفق من اللتصفين بالحداية المستحقين للفلاح . وذكر أن ما قاله الز حشري وتابعه عليه غيره تخصوص بن ل يصبر على مشقة الفقر وإلا فلا مانع شرعا من التصدق بجميع المال . کا فعل الصديق - رضي الله عنه ولم ينكره عليه النبي ية معرفته با هوعليه من الصبر وما وقر في ١ - سورة البقرة : الآية ٥٤۲» ٢ - سورة البقرة : الآية ٢٢0۲ ۳ - سورة المنافقون : الآية 9١٠» - ۱۷۲ قلبه من الايمان . ومن ثم لما قيل للحسن بن سهل لا خير في الإسراف › أجاب : لا إسراف في الخبر . والنكتة الي نبه عليها الزححشري المشار إليها بن يدل على قصدها ما أمر لَه سبحانه به في غير هذه الآية من الاعتدال ئي الانفاق بين طرفي التفريط والافراط » وذلك في قوله : ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما نحسوراڳ() . وهو مسلك اقتصادي وسط بين التبذير والتقتير » وهو الأليق بالتوجيه العام للناس › أما مسلك الصديق - رضي الله عنه - فهو مسلك لا يليق إلا بالقلة النادرة من الذين عزفوا عن الدنيا تهائيا › فلم يفتحوا عليها أبصارهم ول تمل الى شيء من حطامها قلوبہم ٤ وحكم هؤلاء ووصفهم لا ينسحبان على عامة المؤمنين ولكل درجات نما عملواڳ . واختلف في الإنفاق المقصود هنا . فعن ابن عباس رضي الله عنبما ‏ أنه زكاة الأموال › أخرجه عنه ابن جرير وابن آبي حاتم وابن إسحاق ٠ ويعني ذلك أن الانفاق النفلي غير مقصود هنا › وهو يتفق مع قوله الذي أخرجه عنه المذكورون أن الراد بالصلاة الصلوات الخمس »٠ ويحتمل أن يكون استناده على اقتران الانفاق -_-——ے ۱ - سورة الاسراء : الآأية ۹ - ۱۷۳ بالصلاة في الآية . ومن المعلوم أن الصلاة شقيقة الزكاة . ولا تذكر غالبا إلا مقترنة بها . وروى ابن جريرعن الضحاك »٠ قال : كانت النفقات قربات يتقربون بها إلى الله على قدر ميسورهم وجهدهم » حتی نزلت فرائض الصدقات سبع يات في سورة براءة.ما يذكر فيهن الصدقات وروی ابن جرير عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عن - واخرين من أصحاب النبي يَيٍ أن النفقة اللقصودة هنا هي نفقة الرجل على أهله وذلك قبل أن تنزل الزكاة . واختار ابن جریر أنها شاملة لحميع النفقات با في ذلك النفقات الواجبة . كالزكاة والانفاق على العيال . وأخرج عبد بن ميد عن قتادة أنها النفقة في فرائض الله الي افترض عليهم في طاعته وسبيله » وأخرج مثله ابن المنذرعن سعيد بن جبير » وصدر القطب رحمه الله - في هيميانه القول بشمول هذا الانفاق للنفقات الواجبة ٠ كالزكاة وإقراء الضيف الواجب وتنجية المضطر ٠ ونفقة من لزمتهم نفقته , وأداء ما وجب من الكفارات » ونحو ذلك ٤ ونفقات التطوع في وجوه الأجر . وهو يتفق في ذلك مع الفخر الرازي الذي نص في تفسير الآية على شمول هذا الانفاق لنوعيه الواجب والمندوب »٠ ومن دواعي الاستغراب أن يقول ذلك الفخر في ٤۱۷ - تفسير هذا الانفاق الذي مدح به المؤمنون مع أنه نفسه حصر الصلاة الى مدحوا بإقامتها ي هذه الآية نفسها في الصلوات المفروضة ك| قم وابن عطية لا يعد الاختلاف عن السلف في هذا خلافا . وإا يحمله على قصد التمثيل بحسب ملاءمة الظروف التي تحيط بهم حال السؤّال ٠ ويرى الألوسي احتمال ذلك ٠ وحكى عن بعضهم أنه عد ذلك خلافا . ويرى العلامة ابن عاشور أن الانفاق على النفس والعيال لا يدخل فيا مدحوا به ٠ لأنه مما تدعو إليه الحبلة وتقتضيه الضرورة ٠ فلا يعتنى الدين بالتحريض عليه ٠ وهويتفق في رأيه هذا مع الامام محمد عبده » ويضيف الامام إلى ذلك بأن ما تعورف على تسميته بال جود والكرم كقري الضيوف ابتغاء عوض كالشهرة وال جاه أو الأنس بالأصحاب .٠ لا يعد من الانفاق المقصود هنا 9 ورأما لا يتفق مم ما ثبت من الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ية في فضل الانفاق على العيال ٠ ومن ذلك ما رواه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله يي : «دينار أنفقته ئي سبیل الله » ودينار أنفقته ي رقبة » ودینار تصدقت به على مسکین ٠ ودینار أنفقته على أهلك ؛ أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك١ › . وروي من طريق ثوبان مرفوعا : «أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله . ودينار ينفقه الرجل على دابته ي سبيل الله عز وجل ٠ ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله» . قال أبو قلابة - وهو أحد رجال سند هذا الحدیث - : وي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم أو ينفعهم الله به ویغنيهم . وقد جاء في الحديث الصحيح في تعداد ما يثاب عليه المرء مع حسن النية : «حتى ما تجعله في في امرأتك» . والانفاق على النفس مطلوب من المسلم للتقوى على طاعة أ لله وكفها عن المحارم › فلا ریب أنه نما یثاب عله مع هذه النية اللحسنة » وأما إكرام الضيف فهو من ن الواجبات المالة الاحتماعية ٠ لحديث رسول الله يي : «من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم کمٹلي| ¢ 1 0 6 ولا ينقص ذلك من قيمة الواجب ولا يقلل من مم إخلاص النية ي أدائه . وأنت إذا تدبرت ما شرعه الاسلام من النفقات الخاصة والعامة المنظمة وغير المنظمة . أدركت أن الآية شاملة لا حميعا › حصوصیين كالعيال . والعام ما كان لعامة الملحتاجن 6 وي سائر السبل الخيرية » والمنظم منا الزكاة التي خصصها الله لأصناف محصوصين من الئاس في أصناف خصوصة من المال » مم بلوغه مقادير معينة » وبنسب معينة . وغير المنظم سائر النفقات الواجبة الى لا تقدر إلا بقدر الحاجة » وهي أيضا تدخل في ضمن المفروض مع عدم سداد العوز -۔ ٦۷ = بدونها » كا يدل على ذلك قول الله تعالى في بيان أعمال البر : إواق الال على حبه ذوي القربي واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة واق الزكاة . حيث ذكر الزكاة من بعد ذكر إيتاء امال لذوي القربي إلى اخره معطوفة عليه › ومن شأن العطف التغاير بين المعطوف والمعطوف عليه . وفي هذا ما يكفي دليلا على أن الحقوق المالية المذكورة في الآية قبل الزكاة خارجة عنہا » وهو الذي يدل عليه حديث فاطمة بنت قيس عند الترمذي أن رسول الله يِل قال : «إن في المال حقا سوى الزكاة» وهو وإن أعل بأبي حمزة ميمون الأعور القصاب › فإن له ما يعضده عند ابن ماجة » كا أن صريح الآية واضح في الدلالة على هذا المعنى › وي هذا المقام مباحث أرى إرجاءها إلى أن أصل إن شاء الله بعونه سبحانه وتوفيقه إلى تفسير اية البر من هذه السورة . الإنفاق في سبيل الله يعالج الشح والأئرة : والاسلام بما شرعه من الانفاق يعالج النفس البشرية الي من طبعها حب المال ٠ والرغبة في الاستكثار منه » فإنها إذا أرسل فا العنان ي هذه الرغبة تباوزت جميع الحدود . واستخفت بکل الواجبات الأسرية والاجتماعية › وأصبح همها الوحيد ما تكسبه من مال تستكثر به على الآخرين » ولن تبالي ي هذه الحالة ي الوطء على كل القيم والفضائل » وقطع جميع الوشائج والأواصر » ما دام في - ۱۷۷ ذلك تحقيق لرغبتها الجامحة ٠ وإرواء لظمئها الملتهب . وفي مثل هذه اللحالات تنصتب العواطف وتعور مشاعر الرحمة 6 وبغلظ الاحساس في الانسان . وتستعر البغضاء والعداوات حتى بين الأقرباء الأدنين ٠ فلا والد يعطف على ولده ٠ ولا ولد يوقر والده . ك| هو الشأن السائد ني المجتمعات التى تعبد المادة » وتقدس الثروة ٠ وفي هذا الانفاق علاج ذا المرض الفتاك » فهو يرهف الحس ٠ ويفجر مشاعر الرحمة وعواطف الاحسان بين ذوي القري خاصة ٠ وسائر الناس عامة . والله تعا ى قدير على إغناء كل أحد حتى يستقل بمصال حه عن غيره » ولكنه أراد با طبع عليه النفوس من الاحتياج إلى الغير » وآمر به من التعاون بين الناس ٠ تربية الضمير الانساني وتمتين العلاقات بين أفراد الجنس البشري ٠ وإا انحراف الناس عن هذا المنهج الستقيم الواضح هو السبب في وجود العداوات في القلوب ٠ وتأجج الأحقاد في الصدور » وتحول الانسان إلى سبع ضار لا يبالي بن يفتك به ما دام ذلك يحقق رغبته » وليس شيء أسرع في اشتعال نار الفتنة بين الناس من حب المال » فكم من ولد استعجل وفاة والده ‎HF‏ ‏قريب استطال حياة قريبه فسقاه السم الزعاف ٠ أو استخدم أية وسيلة في القضاء على حياته . وما الغاية من ذلك إلا حيازة تركته والتنعم بروته . ومن استقراً التاريخ البشري لم يجد عدالة في الاقتصاد أو غيره - ۱۷۸ كعدالة الاسلام » دين الله الحق الذي كفل لكل إنسان حقه › فإن جميع الأنظمة البشرية التي عاشتها الانسانية في أطوارها المتقلبة وعصورها المختلفة لم تكن إلا مصدر شقاء وبلاء ‏ فقد اکتوی الفقراء والبؤساء بسعيرها اللاهب ء› ولم تمتد منها يد عادلة لتنتزع من الطبقات الغنية ما احتكرته من حقوق الناس ٠ ومن أمثلة ذلك ما ذكرته المصادر التاريخية أن وادي النيل في العهود القديمة كان ينتج من المحصولات الزراعية أضعاف ما كان يحتاج إليه مواطنوه » ولكن م تكن تنتصب فوائدها إلا في خزائن الأغنياء والطبقات المستعلية من الناس » بينم الجحماهير الكادحة تكتوي بنار المسغبة » وتتقلب على رمضاء الماسي »٠ وقد أدى الحال في المجاعة المشهورة في الأسرة الثانيةعشرة أن باع الفقراء نفوسهم للأغنياء من أجل الحصول على لقمة العيش ٠ وحدث عن مثل ذلك في مالك كل من بابل ٠ وفارس واليونان » بل ثبت أن في مملكة اليونان كان الأغنياء يذبحون الفقراء ذبح الأغنام لأتفه الأسباب ٠ وفي أثينا نفسها كان الفقراء يباعون مع الماشية والأرض ووقم مثل ذلك في مملكة الرومان() » وفي هذا ما يكفي دليلا على أن شهوة المال إذا استحكمت في النفس جعلت صاحبها يتخطى جيم حدود الانسانية » ويتجاوز ما طبع الله عليه البشر من العطف والرقة والحنان » وهذا هو سر تحذير الله تعالى من احتكار طائفة مخصوصة من الناس رؤ وس الأموال . وذلك في فوله » بعد تبيان أحكام الفيء وقسمه : كيلا يكون دولة بين الأغنياء منکم 6 . للأستاذ محمد فريد وجدي , ص ۱۷۹ - ص ١۱۸۱ ط ١ . ۲ - سورة الحشر : اليه ‎«Vp‏ - ۱۷۹ وإذا جهل الانسان أو تجاهل تاريخ الظلم المالي في العصور البشرية الغابرة السحيقة › فا عليه إلا أن يفتح عينيه على الأنظمة المالية السائدة في العالم اليوم والي هي نتيجة الأطوار الاقتصادية الي مر بها الانسان » ففي العالم اليوم نظامان ماليان خطيران » کل متا يلتهم حقوق الانسان بأتونه المستعر › وهما النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي » وما الفرار من أحدهما إلى الآخر إلا فرار من جهنم إلى الجحيم » ولست أتحدث عنما عن خبر قرأته أو سمعته 9 وإنما أتحدث عن مشاهد رأيتها وماس أحسستها . تتفطر منها الكبد ويذوب منها الفؤاد » فقد كنت في زيارة لدولة اشتراكية شيوعية » فشاهدت عيناي جاهير الشعب تساق بعصى الذل والحوان ٠ ليس لأحد منهم اختيار في مأكله أو مشربه أو ملبسه أو عمله أو مسكنه أو حركته وتنقلاته . وإنما يأكل كل أحد مایشتهی له من قوت لا ما يشتهيه ›. ي الوقت الذي يعين له لا في الوقت الذي يعينه بنفسه » وقل مثل ذلك في مشربه ومسكنه وعمله » ولا يحق لأحد أن ينتقل من مدينة إلى أخرى باختياره » وإنما ذلك إذا اختير له 9 ولم تكد هذه المشاهد المؤلمة تتواری عنى حتی واجهت مشاهد أخری في دولة رأسمالية لاتقل عم قبلها إيلاما » وإنما الفارق بين السابقة واللاحقة تنوع أسلوب القهر والظلم ٠ فبينا كنت أشاهد العمارات الضخمة التي كأنما تعانق السحاب › وتناغي النجوم . وهي ملك لأفراد من الناس » إذا بي أشاهد أفواجا من بني الانسان قد أعوزهم المأوى الذي يقيهم لفح الصيف وقسوة الشتاء › ولم يجدوا إلا أن ١٠۱۸ -۔ يأووا إما إلى القوارب في البحر » أو إلى الكهوف في الحبال ٠ أو إلى هياكل السيارات المتحطمة » ألا يكفي ذلك دليلا أن الانسان يفقد كل ما يحتاج إليه من عطف بني جنسه ورحمتهم وحنانہم وإحسانهم في غير ظل الاسلام دين الحق والعدل ؟ إن الاسلام لا يقتصر في الانفاق على المحرومين ومواساتهم على الحض فقط ٠ ثم يكل ذلك إلى مروءات الأغنياء وضمائرهم ٠ وإنما يجعل الانفاق ركنا أساسيا من أرکانه » لا یکتمل دونه بنیانه ٠ ولأجل ذلك نجد الحض على الانفاق واردا في ايات نزلت في مرحلة مبكرة من تاریخ الدعوة . ومن أمثلة ذلك ما في سورة المزمل التي هي من أوائل السور اللكية نزولا » ففيها الأمر الصريح بإيتاء الزكاة في قوله تعالى : #إوأقيموا الصلاة واتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجراڳ() . وي هذا دليل على أن الزكاة فرضت قبل الحجرة بزمن طویل ٠ ولیس کہا يقول جل العلماء إنها لم تفرض إلا بالمدينة بعد الحمجرة » وقد اشتهر ذلك بینہم حتی أصبح من المسلمات . وإنما يتضح من خلال دراسة آيات الانفاق في القران الكريم أن فرضيتها اقترنت بفرضية الصلاة , أوجاءت بعدها بقليل » وإنما كانت بادىء الأمر غير منظمة ٠ وقد كانت موكولة إلى ضمائر الأغنياء ے ١ سورة المزمل : الآية د٠۲» وسخائهم . مع تتابع الأمر الاجمالي با إلى أن قامت دولة الاسلام على تربة دار الحمجرة الزكية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ء فبينت مقاديرها وفضّلت أحكامها . ولنا في هذا المقام وقفة مع الدكتور يوسف القرضاوي في قوله : «والملاحظ في السور المكية عن الزكاة أنها م توردها بصيغة الأمر الدال على الوجوب دلالة مباشرة › ولكنها أوردتها في صورة خبرية » باعتبارها وصفا أساسيا للمؤ منين وامتقين والمحسنين . الذين يؤتون الزكاة . والذين هم للزكاة فاعلون ٠ والذين خصهم الله بالفلاح وأولثتك هم المفلحون › كا أخبر أن تركها من خحصائص المشركين الذين لا يؤتون الزكاة› . فإن هذا الاطلاق غير مسلم » بدليل ما ذكرناه آنفا من النص الصريح في الأمر بها في آخر آية من سورة المزمل المكية » ومثلها في سوره الأنعام قوله تعالى : لواتوا حقه يوم حصاده() ء وي سورة الاسراء : وات ذا القري حقه والمسكين وابن السبيل€”) . والسورتان مكيتان أيضا . وأما ما استند إليه الدكتور القرضاوي من قول بعضهم إن أية اللزمل نزلت بالمدينة فلا يدفع ما قلناه ؛ لأنه قول قائل » وهو کغیره من الأقوال يفتقر إلى ما يسنده من الدليل ٠ ولا دليل له إلا ما اشتهر من أن فرضية الزكاة كانت بالمدينة ولم تكن بمكة » والآيات المكية اللصرحة بذكر الزكاة المادحة لمن أتاها › والمتوعدة لمن فرط فيها › ١ فقه الزكاء » ح ١ ص ١۰٦ ۲ - سورة الأنعام : الآية ١ £» ۴ سورة الاسراء : الأية 9٢۲ - ۱۸۲ ترد على هذه الشهرة . ومن هذه الآيات قوله تعالى في سورة فصلت : #وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة#(› ٠ وفي سورة النمل : «هدى وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة»() ٠ وفي سورة لقمان : #هدى ورحمة للمحسنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة#)") ٠ وفي سورة المؤمنون : #والذين هم للزكاة فاعلون #(*) » ومثله ما في سورة الذاريات وهو قوله : توفي أموالهم حق للسائل والمحروم(°) ٠ وقوله في سورة اللعارج : ##إوالذين في أموالحم حق معلوم للسائل والمحروم4() ٠ فإنه من المعلوم أن الحق المقصود هو الزكاة وجميم هذه السور مكية . هذا ؛ وفي وصف المشركين في سورة فصلت باأنهم لا يؤتون الزكاة . إيماء إلى أن تركها ليس من صفة المؤمنين ٠ وكفى ذلك داعيا لذوي العقول السليمة إلى الثابرة إلى أدائها . والمحافظة عليها » ومنذرا لمن استخف بحقها وتهاون في أدائها . والزكاة إنما هي جزء من الأنفاق الواجب كا سلف . وفرص الانفاق في الاسلام مبني على اعتبار ما بايدي الأغنياء من الأموال - مال الله سبحانه »٩ وما هم إلا مستخلفون فيه ٩ ومو تمنون عليه . والدلالة على ذلك واضحة في قوله تعالى : ١ سورة فصلت : الآیتان ۶ا٦ . ٩ ۲ سورة النمل : الآيتان (۲ - ۴) ٢ - سورة لقمان : الآيتان ۳ ٠ 4٤) ٤ سورة المؤمنون : الآية ‹4» ٥ - سورة الذاريات : الآية «۹٠» ١ سورة المعارج : الآیتان ٢٤۲ ١٠ ٢۲» - ۱۸۳ إواتوهم من مال اله الذي أتاكم »)٠ وقوله : #إوآنفقوا ما جعلکم مستخلفین فيه () . والشعور بذلك ينم الغني إذا مد يده إلى الفقر بشىء من المال من الاستعلاء والاستكبار » كما أنه يحمى الفقبر حين يمد يده لتناول حقه من الغنى من الذلة والانتكسار › فالعطي ل يعط إلا من مال الله » الذي منّ الله عليه به » وأوجب عليه الانفاق منه › والآخذ ل يأخذ إلا حقه الشرعي الذي فرضه الله له ما جعله تعالى في أيدي الأغنياء من المال › فلا من ولا إيذاء › ولا استعلاء ولا استكبار من قبل المعطى ٠ ولا ذلة ولا انکسار ولا خضوع ولا استخذاء من قبل الأخذ ٤ وهذه اللبادىء القيمة هي الي أسعدت الأمة المسلمة عندما حرصت على تطبيقها › وكانت شا حلصا من محن الفقر ولأواء الفاقه » حتى بلغ الحال في عهد الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز - رضي الله تعا ى عنه ‏ أن كان المسئولون عن الزكاة يجهدون في البحث عن الفقراء الذين يستحقونها فلا جدونهم » حت أمر عمر أن یزوج منہا العراب ٠ وان یبنی با بيوت للذين لا يملكون مساكن » ولم تكن نعمة هذه المبادىء خاصة بالسلمين › بل نعم بها أهل الذمة في ظل دولة الاسلام › فقد أغنوا بالزكاة عندما لم يوجد فقراء من أهل ملة التوحيد ٠ ولو أن المسلمين اليوم - مع ما تحت أيديهم من الثروات التي من الله عليهم بها - أخذوا بهذه المبادىء » لبهروا العام بأسره . وما استطاعت لسان أن تنال من حرمة الاسلام أو تجرح كرامة المسلمین ٠ ولکن تہاونهم بأمر الله » واستخفافهم بحقوقه . واندفاعهم وراء شهوات أنفسهم ٤ ١ - سورة النور : الأية ۳۳ء ٢ سورة الحديد : الأية «۷» ٤۱۸ - هو الذي أوقفهم موقف الذلة والحوان بين الأمم ٠ فمزقت كرامتهم الألسن . واستخفت بأقدارهم الأعين › ذلك لأنهم فتحوا على أنفسهم الثغور بتبذيرهم الجنوني لا أفاء الله عليهم من رزق ٤ ووهبهم من فضل ٠ في الفساد والدناءات ٠ حتى أغنوا أعداءهم بأموا لحم اللتدفقة في دور البغاء ونوادي القمار وجميع أماكن اللعنة ومجامم الشرور . يجري ذلك كله وجماهير من أبناء الاسلام لا تبد ما يسد عوزها من لقمة العيش الخشن ٠ وأطمار الثياب البالية . أما ان لحؤلاء الغارقين في سكرة الحوى أن يفيقوا من سکرتېم » ویدرکوا ما ددهم من خطر لا يبقي ولا يذر ‏ والعياذ بالله -؟ أما ان هذه الأمة أن تستدرك فائتها » وتعيد كرتها فتستحق أن تسود في الأرض با جاء به دینہا من مبادىء الرحمة التي تعتبر الانسانية اليوم في أمس الحاجة إليها ؟ أما ان لا أن تثبت للعالم بأسره أن سعادة النفس البشرية لا تكون إلا في ظل الاسلام الحنيف ؟ إنني من منطلق النتصح الديني الذى فرضه الله على عباده وجعله من صميم دينهم ٠ أناشد كبراء هذه الأمة وأهل الحل والعقد فيها » أن ينظروا في مغبة حالا » ويسعوا لتخليصها من قيود المهانة الي ترسف فيها . ووطأة الذل الى تئن تحتها . وليس لذلك طريق إلا اتباع هدى الله الذي جاء به كتابه الكريم » ومثله رسوله العظيم عليه أفضل الصلاة والتسليم . ولست أنسى هنا ما ذكره الداعية „ ۱۸۵ الكبر الأستاذ أبو الحسن علي الحسني الندوي في كتابه القيم «مادا خسر العالم انحطاط المسلمين» ٠ فبعد أن أسهب في بيان الأمراض المتفشية في العالم الاسلامي عامة ١ والعري خاصة ٠ قال : وقد اعتاد العرب - لأسباب كثيرة وبتأثير الحضارة الغربية - حياة الترف والدعة والاعتداد الزائد بالكماليات وفضول الحياة والاأسراف والتبذير والاستهانة بمال الله ي سبيل اللذة والشهوة والفخر والزينة وبجانب هذا الترف والنعيم وحياة البذخ والتبذير ؛ جوع وعري وفقر فاضح ٠ يرى الناظر مناظره الشائنة في عواصم البلاد العربية › فتدمم العين ويحزن القلب وينتكس الرأس حياء وخجلا › فبينما هنالك رجل عنده فضول الثياب ٠ وزائد الطعام والشراب ٠ لا يعرف كيف يستهلکه » إذا ببدوي لا يعرف قوت یومه وکسوته . وبين أمراء العرب وأغنياؤ هم على سيارات تباري الريح وتثير النقع ٠ إذا بفوج من النساء والأطفال عليهم ثياب سوداء فد أصبحت خيوطا من طول اللبس » يعدو لأجل فلس أو قرص . ف دامت المدن العربية نجمع بين القصور الشاغة والسيارات الفاخرة ٠ وبين الأكواخ الفقيرة والبيوت المتداعية الضيقة المظلمة . وما دامت التخمة وال جوع يزخران في مدينة واحدة ٠ فالباب مفتوح على مصراعيه للشيوعية والثورات والاضطراب والقلق . لا تقفها دعاية ولا قوة 9 وإذا لم يسد النظام الاسلامي في بلاده بجماله واعتداله ٠ محل محله نظام جائر بعسفه وقهره ٩ عقابا من الله کرد فعل عنف(۱) . ١ ماذا خر العال بانحطاط المسلمين . ط ۷ ص ٢۲۸۷ - ۸۸٢۲ء 4٦۱۸ - والسيد أبو الحسن الذي سال قلمه بهذه العبارات الدافقة بهذه اللعاني البليغة . كان ينظر إلى حالة العرب حينا سجل هذه العبارات منذ ثلث قرن من الزمان » فيستشف منها ما ينتظرهم من مستقبل سىء حافل بالثورات والقلق والاضطراب »٠ نتيجة اعتناق السفهاء والأوغاد المبادىء الحدامة الي لا تبقي ولا تذر . کرد فعل لما عليه الترفون من الأنحلال والفساد . ومنم حقوق الناس في مال الله الذي بأيديهم ٠ وتبذیره في غير حدود في شھواتہم وملذاتهم . وقد أرسل كلماته هذه نذيرا صارخا لعلها تصادف قلبا واعيا وسمعا صاغيا . لكن كان مع الأسف ‏ كمن ينفخ في رماد ويصرخ في واد . وقد وقع فعلا ما كان يحذره ويحذر منه » ومازالت هذه الأمة إلى اليوم تعاني من ويلات الاضطراب والقلق في كثير من أنحاء البلاد . فمتى تصحو من سكرتها ؟! ويثوب إليها رشدها » عسى أن يكون ذلك یوما قريبا . - ۱۸۷ لإوالذين يؤمنون با أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالأخرة هم يوقنون ې( . أقوال في المعنيين بالوصف : اخحتلف في المعنيين بهذا الوصف ٠ هل هم نفس الطائفة اللوصوفة في الآية السابقة بأنمم يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة وينفقون مما رزقهم الله , أوهم طائفة أخرى ؟ وبناء على هذا الرأي الأخيرء فمن المراد بهم ؟ روی ابن جریر في تفسیره عن ترجاني القران ابن مسعود وابن عباس - رضي الله عنما - أن المراد بالذين يؤمنون بالغيب . . الخ مافي الآية السابقة » مؤمنو العرب ٠ إذ لم يكن هم رصيد من علم الكتب السماوية من قبل ٠ وإنما فوجئوا به على لسان محمد يي وهو ما لم يكونوا يألفونه » فكان إيمانهم به يل وبا أنزل إليه أحرى بان يوصف أنه إيمان بالغيب ٠ وأما هذه الآية فهي في أهل الكتاب ٠ لأنجم سبق لم إِيمان با أنزل على النبيين من قبل » فلا جاءهم النبي ية بالحدى من عند الله . عرفوا صدقه بماسبق لحم من العلم بالنبوات » وما كانوا يتلونه في كتبهم من البشائر ببعثته عليه أفضل الصلاة والسلام . واختار هذا القول ابن جرير واستدل له با ذكرته » وعضده بتقسيم المعرضين عن هدي ما أنزل الله على رسوله َل ي الآيات الآتية ‏ إلى طائفتين ؛ طائفة جاهرت بالكفر - ۱۸۸ وأعلنت التكذيب ٠ وأخرى أسرّت كفرها في قرارة نفسها ولم تبح بالتكذيب إلا فا بینها . وهذا التقسيم يتناسب - حسب رأيه - مم تقسيم المؤمنين اللتفعين بهدى التنزيل إلى طائفتين ؛ مؤمني العرب ٠ ومؤمني أهل الكتاب ٠ واستشهد ابن كثير هذا القول بقوله تعالى : #وإن من أهل الكتاب لن يؤمن باقه وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين ه() . وقوله سبحانه : بإالذين اتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا کنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرأون بالحسنة (۲) / ۱ لسيئة ونما رزقناهم ينمقون #' «ثلائة يؤ تون أجرهم مرتين ؛ رجل من اهل الکتاب امن بنبيه وامن بي ٠ ورجل مملوك أدی حق الله وحق موالیه . ورجل أدب جاریته فاحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها» . ویلمح من کلام القطب رحمه الله يي هيميانه أنه يجنح إلى هذا القول . وذلك من تصديره إياء . وإتباعه كثيرا من البحوث المتفرعة عنه . واعتمده من المعاصرين العلامة ابن عاشور . واستدل له کا يوجه تکرار اللوصول من التغاير ۴ غر أنه نبه على دخول اهل الكتاب ‏ إن امنوا- في عموم الفريق الأول ٠ لانم يصدق عليهم سے ۱ - سورة ال عمران : اليا ۱۱۹۹ ٢ سورة القصص : الأيات ۰٥٥ _ ٤٥ء - ۱۹ _- غم يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة وما رزقهم الله ينفقون . وكلامه يقتضى أن عطف الموصول الثاني على الأول من باب ابن جریر ول يعره إل أحد 6 ووصمه صاحب المنار بالشذود . وقيل : كلتاهما بي كل المؤمنين محمد ية ٠ المتبعين لديه سواء منهم العرب الذين كانوا على الحاهلية الجهلاء » أو من كان من قبل على ملة كتابية » وعزا ابن جرير هذا القول إلى جاهد والربيع بن أنس ورجحه ابن كثير في تفسيره مع استشهاده للقول الأول با تقدم ذكره - والشوكاني في فتح القدير . وتردد جار الله الز حشري والعلامة الألوسي بين هذا القول والقول الأول . وفرق الامام محمد عبده بين الموصوفين في الآيتين تفريقا دفيقا » سلك فيه مسلكا غريبا وافقه عليه تلميذه السيد رشيد رضا › لأنه حسب رأيه- أقرب إلى مدلول النظم وإن كان أبعد عن الروايات . وخلاصة قوله أن الناس قسمان : مادي لا يؤمن إلا بالحسيات ٠ وغير مادي يؤمن با لا يدركه الحس متى أرشد إليه الدليل أو الوجدان السليم . والايمان بالله وملائكته وباليوم الآخر › إيان بالغيب ٠ ومن لم يكن مؤمنا بالله لا يمكن أن يہتدي بالقران › ۹٠۱ ۔ ومن يتصدى لدعوته . عليه أولا أن يقيم الحجة العقلية على أن لذا العالم إلا متصفا بصفات الكمال التي يتوقف عليها وصف الألوهية ٠ ثم يقنعه بأن هذا القران هداية من عنده سبحانه . لذلك كان الايمان بالغيب أول ما وصف الله به المتقين الذين يتدون بالقران . وهو ثي حقيقته الايمان بما وراء المحسوس ٠ ومن اتصف بهذا الايمان فهو واقف على رأس طريق الرشاد » لا يحتاج إلا إلى من يأخذ بيده فيسلك به فيه » فإن من يعتقد بن وراء المحسوسات موجودات يصدق با العقل وإن كانت لا تقع تحت إدراك الحس إذا أقمت له الدلائل » ونصبت له الشواهد على وجود موجد الوجود . الذي ليس كمثله شيء » لم يشق عليه تصديقك ولم يتردد ي النظر في جلي اللقدمات وخفيها . وإذا جاءه الرسول بوصف اليوم الآخر أو وصف عام من عوالم الغيب التي استأثر الله بعلمها . كعالم الملائكة › لم يشق على نفسه تصديق ما جاء به الخبر. بعد ثبوت النبوة . وذلك بخلاف شأن أولئك الذين انحبسوا في مضائق المادة فصاروا ينفرون من کل خبر عا وراءها . ويرى الأستاذ أن التقين هنا هم طائفة من العرب في الجاهلية . كان عندهم إيمان جزئي بالغيب أداهم إلى مقت عبادة الأصنام لما عرفوه بالفطرة من أن فاطر السموات والأرض لا يرضيه الخضوع لمان وأنه يحب الخير ويبفض الشر» وقد أدى ذلك ببعضهم إلى اعتزال الناس ٠ وكانوا لا يعرفون من عبادة الله إلا الالتجاء والابتهال ٠ وتعظيم جانب الربوبية ‏ وذلك ما كان يسمى - ۱۹۱ صلاة في عرفهم - وبعض الخبرات التي يهتدي إليها العقل ئي معاملات الخلق . وطائفة من أهل الكتاب ٠ وهم الموصوفون بقوله سبحانه : لمن أهل الكتاب أمة قائمة يتلون ايات اله اناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المتكر ويسارعون فى الخيرات وأولئك من الصالحين ١ ٠ وقوله : إولتجدن أقرهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن متهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما آنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا امنا فاكتبنا مع الشاهدين #4( . فإن كلتا الطائفتين على استعداد لتلقى هداية الحق والاستجابة له والانضمام إليه » لأنهم كانوا جميعا مشمئزین ما عليه أقوامهم من الكفر والضلال ٠ ومتطلعين إلى شعاع من الجدى يلوح لهم فينير هم الطريق ٠ فهم جديرون بوصف التقوى ٠ لأنهم زكت فطرهم فأصابت عقوم ضربا من الرشاد . واستعدت لتلقي نور الحق الذي يحملها على توقي سخط الله واتباع مرضاته . فالطائفتان هما في نظر الامام - أحرى بالوصف الذي في قوله سبحانه : الذين يؤمنون بالغيب . ‎ .‏ «الآية« . وأما الموصوفون في هذه الآية فهم عنده الذين تحققت هدايتهم . ووصلوا إلى الغاية الي ينشدونها › إذ امنوا فعلا بالرسول واتبعوا النور الذي جاء به › فهم ١ سورة ال عمران : الآیتان ۱۱۳۶ ١ ١۱۱٠ء ٢ سورة المائدة : الآيتان و۸۲۶ ١ ۸۳ ۱۹۲ أرقى درجة في الخبر ء وأبعد مدى في الحدى »٠ واستدل الأستاذ للتغاير بيغا بمثل ما استدل به العلامة ابن عاشور ٠ وهو إعادة لفظ لوصول معطوفا ٠ كما استأنس لرأيه بتكرار اسم الاشارة مع العطف في قوله تعالى بعد ذلك : #أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحونچ() . الرأي الراجح في هذه الأقوال : هذا ؛ وقد تأملت هذه الأقوال وتتبعت أدلتها ؛ فوجدت في نفسي ميلا إلى رأي من یری أن هذه الصفات التي ذكرت في هذه الآيات ۽ هي لطائفة واحدة وهم المتقون حقا . الذين صدقوا الي ل واتبعوا النور الذي جاء به والتزموا منهاج الحق ٠ فإن هذه الصفات هي صفات التقوى الي لا تنفك عن المتقين ولا ينفكون عنها » ولا داعي للتفرقة بين من كان من قبل على جاهلية العرب أو على ملة كتابية | بحيث يعد بعض هذه الأوصاف خاصة بأهل الكتاب ٠ والبعض الآخر خاصا بمؤمني العرب ٠ فإن الحميع انصهروا في بوتقة الايمان . وصاروا كال حسد الواحد . وهم محاطبون بالايمان بمحمد ية وبالنبيين من قبله وما أنزل إليه وإليهم ٠ کا ئي قوله تعالى : #إقولوا امنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوقي موسیى وعیسى وما أوتي النبيون من ربهم لاانفرق بين أحد منېم ونحن له مسلمون4() 5 وهذا الايمان بجميم النبوات وكل ما أنزل على ۱ - سورة البقرة : الآية و٥» ۲ - سورة البقرة : الأية ١١۱۳ء - ۱۹۳ النبيين هو الذي وصف الله به رسوله والمؤمنين في قوله : #امن الرسول مما أنزل ليه من ربه والمؤمنون كل امن بالله وملائکته وکتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله#() , أما إعادة اسم الموصول معطوفا على ما قبله فليس فيه دليل على التغاير بين الموصوف باللوصولَين لمجيء ذلك كثيرا في القران » وفي الكلام العربي مع اتحاد اللوصوف »٠ ومنه قوله تعالى : سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرح المرعى() . فقد تکرر فيه اللوصول ثلاث مرات ٠ ولا يقصد به إلا الرب الأعلى . ونحوه قوله سبحانه في وصف عباده : لإوعباد الرحمن الذين بمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لر بهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابہا کان غراما#(") «الآيات» ٠ فانظر كيف تكرر الموصول ثمانی مرات ٤ ولا يقصد به إلا عباد الرحمن ٠ ومثل ذلك في فاتحة سورة (المؤمنون) ئ وصفهم ٠ ولي سورة المعارج في وصف المصلين . ولا إشكال في العطف »٠ ولو أن القاعدة فيه تقتضى التغاير بين المعطوف والمعطوف عليه لأن التغاير لا يلزم أن یکون ف الذوات › بل كثيرا ما يلحظ في الصفات ٠ فتعطف صفة على أخرى والموصوف واحد » كما في الآيات التي استدللنا بها ومنه قول الشاعر : ١ ۔ سورة البقرة : الأية ‎eos‏ ‏٢ سورة الأعلى : الأيات وا ۳ ۳ - سورة الفرقان : الآيات ١۳٠ - ١٠٦٠ ٤۱۹ - إلى الملك القرم وابن الحمام ‏ وليث الكتيبة بي المزدحم ويؤ كد أن هذه الصفات جارية على جميع المؤمنين بالكتاب من غير تفرقة بين من كان من قبل على ملة كتابية أو على طريقة جاهلية أنهم جميعا جمعوا في الوصف في سائر السور » کا في قوله سبحانه : تلك ايات القران وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآأخرة هم يوقنون»() . وقوله : تلك ايات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحونڳ) . وي تعدد الاشارة في سورة لقمان مع أن المشار إليه طائفة واحدة - وهي طائفة المحسنين ‏ نقض لاستدلال الامام محمد عبده بتعدد الاشارة في سورة البقرة على اختلاف المشار إليه ٠ كا سنبينه إن شاء الله في الاية الى تلى هذه . أما ما ذكره ابن جرير من أن في تقسيم المؤمنين إلى طائفتين تناسبا مع ما يأتي من بعد من تقسيم غيرهم إلى طائفتين آيضا ؛ طائفة الكفار . وطائفة المنافقين » فهو ا لا ينبغي التعويل عليه في تأويل الكتاب ٠ فإن تقسيم الكفار إلى طائفتين إنا هو بحسب ما هم عليه في ال حال لا بحسب ما کانوا عليه من قبل . واللؤمنون بعد إيمانهم توحدت حافهم فلا داعي لاعتبار ١ سورة التمل : الآيات ,١ ۳؛ ۲ - سورة لقمان : الآيات ,۲ _ ٥» ١۱۹ - ما کانوا عليه قبل أن يکرمهم الله با هدی ٠ على أن الحق هو مذهب واحد بخلاف الباطل » فإنه على طرائق ؛ بدليل قوله تعالى : #ژوأن هذا صراطي مستق| فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبیلهگه() . أثر الإمان بالغيب في صفاء النفوس : والخلاصة : أن الصحيح ما تقدم من الأقوال قول مجاهد والربيم بن أنس ومن وافقه| › وهو أن هذه الصفات هي لحميع الملؤمنين » وذلك الذي يقتضيه تناسق الآيات وترابط النعوت .٠ فالله عز وعلا عندما ذكر الكتاب بين أن هدايته خاصة بالتقين » والتقوى تستلزم صفاء الروح ٠ وروحانية النفس »٠ وزكاء الفطرة وسلامه الجس ٠ وطهارة اللسان ٠ ونقاء الوجدان ٠ واستقامة الأركان › وحياة الضمير . وبهذا يتم التناسق بين المشاعر الباطنة . والحركات الظاهرة عند المتقين . وبسبب هذا النقاء الباطنى تشف السرائر وتتألق البصائر ٠ وترتفع عن النفوس حجب الطبع الكثيفة الحائلة بين كثير من الناس »٠ واتصالم بعالم الغيب ٠ وبارتفاعها عن نفوس اللتقين تتجلى لم الحقائق الغيبية بحسب ما تفيضها الأدلة العقلية أو التقلية . تجليا لا يدع مالا للشك أو الريب . ومن ثم كان الان بالغيب أول ما نعت به المتقون هنا . والايمان شعلة في النفس تطوي من جنباتها سجاف ظلماتها ٠ ١ سورة الانعام : الأية ١١١٠ء ٦۱۹ ۔ فتستنير ها مسالك الحياة » وينكشف ها ما فيه سلامتها أو خطرها . وهذه الشعلة المعنوية لا تختلف عن الشعل الحسية في حاجتها إلى ما يدها بالطاقة ؛ وإلا خبا نورها واختفى شعاعها . وقد جعل الله سبحانه عباداته المتنوعة وقودا روحانيا للايمان . وعلى رأس هذه العبادات الصلاة الى تتميز بعمق أثرها وقوة تأثيرها . فلذلك كانت إقامتها الصفة الثانية للمتقن ٠ وما أن الإيمان بالغيب ٠ وإقام الصلاة يسكبان في النفس الإنسانية الشعور بالام الآخرين ويبعثان فيها الاحساس بضرورة العطف على البؤساء والمحرومين . وهو ممايدفع صاحبه إلى الأحسان ٠ كان ثالث ما وصفوا به الإنفاق من رزق الله . ومعم كل :ذلك فالضرورة داعية إلى الوحدة الفكرية والرابطة الروحية التي تنتظم عباد الله منذ بداية الخلق إلى أن يرث الكون مکونه ٠ وبدونها تتقطع جميم الروابط وتنحل كل الوشائج ٠ وهذه هي المناسبة في اختتام هذه الصفات بكونهم يؤمنون با أنزل إلى النبي يي وما أنزل إلى من قبله من النبيين » وهذا مما يقتضي وراثة هذه الأمة لمن تقدمها من الأمم في هدي أنبيائها › كا يؤ كد وحدة رسالات الله التي تتابعت مواكب رسله لنقل هدايتها إلى الناس . والإنزال : نقل الشيء من جهة عالية إلى أدون منها » ويطلق تازا على الإيصال والإبلاغ . كا يطلق النزول على الوصول والحلول » نحو قوله تعالى : «لإفإذا نزل بساحتهم فساء صباح - ۱۹۷ اللنذرين 0 . وقد يطلق على إنشاء النعم أو إظهارها نحو قوله : لإوأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس (2 ٠ وقوله : «إوأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج 4€( . والتحقيق أنه لا بد من رعاية معنى العلو في مصدره » والله سبحانه متعال فوق خلقه بقهره وسلطانه . فلذا صح إطلاق لفظ الانزال على ما يصدر منه من إحسان إلى خلقه . ويكون العلو معنويا كا يكون حسيا . وإنزال القران وسائر الكتب السماوية إنما هو عبارة عن نزول املك المكلف بإبلاغها متلبسا بها حتى تصل إلى المرسل إليه بأمر الله . والملك يتلقاها من الله سبحائه بالطريقة التي تقتضيها مشيئته تعالى . وقد أخبر سبحانه أن تكليمه للبشر لا يكون إلا بصفات ثلاث » بينها ني قوله : وما كان لبشر أن يكلمه اله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاءڳ) . وبين النبي يِل كيفية تلقيه للوحي في جوابه للحارث بن هشام الذي رواه الامام الربيع والشيخان من طريق عائشة - رضي الله عنباقالت : سأل الحارث بن هشام رسول الله يَيٍ قال : كيف يتيك الوحي يا رسول الله ؟ قال : «أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده عل فيفصم عني وقد وعیت ما قال . وأحیانا ١ سورة الصافات : الأية «۷۷٠۱» ٢ - سورة ال حديد : الآية ٢٢۲» ۳ سورة الزمر : الآية 060 ٤ سورة الشورى : الأية و« - ۱۹۸ يتمثل لي املك رجلا فيكلمني فأعي مايقول» . وبناء على رأي من قال إن هذه الأية في مؤمنى أهل الكتاب خاصة 5 استظهر العلامة ابن عاشور فائدة من الاتيان بالموصول في قوله : ملا أنزل إليك وما أنزل من قبلك# ٠ ولم تكن العبارة والذين يؤمنون بك من أهل الكتاب ٠ وهى الدلالة بالصلة على أن هؤلاء کانوا آمنوا بما ثبت نزوله من الله على رسلهم دون تخليط بتحريفات صدت قومهم عن الدخول في الاسلام . ككون التوراة لا تقبل النسخ ٠ وأنه يجيء في اخر الزمان من عقب إسرائيل من يلص بني إسرائيل من الأسر والعبودية . ونحو ذلك من كل مالم ينزل في الكتب السابقة . ولكنه من الموضوعات أو من فاسد التأويلات - قال - ففيه تعريض بغلاة اليهود والنصارى الذين صدهم غلوهم في دينهم . وقولم على الله غير الحق عن اتباع البي ية . هذا ؛ وقد عبر في الآية بصيغة الماضى في قوله مما أنزل إليك ٠ مع أن القرآن م يكن كله منزلا عند نزول هذه الآية ٠ والناس مطالبون بالايمان بكل ما أنزل أو سوف ينزل على الرسول ية . وذلك لأن الايمان با تحقق نزوله يقتضى الايمان با سوف ينزل » لاندراجه فيه » ويرى بعض المفسرين أن هذا التعبير من باب اللجاز العقلي ٠ وهو تغليب ما أنزل على مالم ينزل ٠ ویری غيرهم أنه جاز لغوي ٠ وذلك أنه أستعير ما أنزل لما ل ينزل . - ۱۹۹ وانتقد القطب رحه الله هذين الرأيين لما فيه من الجمع بين الحقيقة والمجاز » واختار ما تقدم ذكره من أن الايمان با أنزل يقتضي الايمان با سوف ينزل . وهو الذي يقتضيه كلام المحقق ابن عاشور » إذ يرى أن الثناء على المهتدين إنما يكون بأنهم حصل منهم إيمان با نزل لا توقم إيمانهم با سينزل . لعدم احتياج ذلك إلى الذكر » فإنه من المعلوم أن الذي يؤمن يستمر إيمانه بكل ما يتزل على الرسول ٠ لأن العناد وعدم الاطمئنان إنما يكونان في أول الأمر » فإذا زالا بالامان أمنَ من الارتداد » ك قال هرقل : وكذلك الايمان حين تخالط بشاشته القلوب . فالايمان بما سينزل في المستقبل حاصل بفحوى الخطاب ٠ وهى الدلالة الأخروية . وليس هو مدلولا للفظ الملاضي بطريق التغليب ٠ ولكنه مراد من الكلام() . لمان بالقرآن الكريم وأثره : والايمان با أنزل على النبى يي يجب أن يكون إيمانا تفصيليا ٠ بحيث يقصد المؤّمن بإيمانه الكتاب المنزل إليه للاعجاز والمداية الذي رقم ي المصاحف وتناقلته الألسنة بالتواتر . أما الايمان با أنزل من قبل على سائر الرسل فيكفي أن يکون إيمانا إجماليا » بل هذا هو الواجب نظرا إلى أن المتزل إليهم لم يبق کا هو بل دخله التحريف والتبديل . فليس ثم شيء معين ما آنزل إليهم باقيا على ما كان عليه حتى يقصد بالايمان . وهذا أحد سببين ١ - التنوير والتحرير ٠ ح ١ ص ۲۳۸٨ ص ۲۳۹ ط الدار التونسية للنشر ٠ (بتصرف) . أوجبا التفرقة في الايمان بين القران والكتب السالفة . وثاني السببين أن القران تعبدنا بالعمل به بخلاف تلك الكتب . فقد انتهيى أمدها وهيمن عليها جميعا هذا الكتاب الخالد الذي لا أمد لأثْره وهدايته » ولا يكن العمل به إلا بعد تشخيصه ئي الايمان . وذهب جماعة ٠ متهم الفخر الرازي وأبو السعود والألوسي ٠ إلى أن الايمان بالقران الواجب على العوام هو إيمان إجمالي أيضا كغيره من الكتب النزلة لتعذر الاحاطة بدقائق حكمه وتفاصيل أحكامه عل عوام الناس ٠ وإنما رأوا الايمان به تفصيلا فرضا كفائيا بغوم به العلاء المتبحرون الذين يستخرجون من أعماق بحاره الزاخرة مکنون جواهر حکمه وأحکامه . وذكر العلامة الألوسي اختلاف الفقهاء في قدر المسافة الي يجب أن يتوفر فيها من يقوم بهذه المهمة بين الناس » فمنہم من رأی وجوب وجود مثله في كل حد مسافة القصر من البلاد الاسلامية لئلا تبقى طائفة من الناس تتخبط في ظلمات جهلها بدون مرشد ولا دلیل ٠ ويحرم ‏ عند هؤلاء ‏ على الامام إخلاء مثل هذه المسافة من مثل هذا الشخص الجحامع لذ الصفات . ومنہم من یری وجوب توفر مثله ئي کل إقلیم » ومنہم من یری أن وجود مثله ي أي جزء من العالم الاسلامى يسقط هذا الواجب ٠٢۲۰ ۔ عن جيم الأمة . وفي امقام بحث نرجئه إلى مكانه المناسب بتوفيق الله . ولا أرى فارقا معنويا بين ما قالوه وما قلته في تحديد الايمان الواجب با أنزل على الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ٠ فإن مرادهم بالتفصيل الاحاطة بکل محتوی ما يؤمن به . ومرادي به تشخیصه بالامان وغییزه عن غیره 6 واتباع ما جاء به بحیث يصبح مسيطرا على شعاب النفس وموجها للجوارح والأركان . وهذه هي صفة المؤمنين بايات الله كا وصفهم با في قوله : #ۇإنما يؤمن ہایاتنا الذين إذا ذکروا ہا خروا سجدا وسبحوا بحمد رہم وهم لا يستکبرون تتحائی جنوہم عن اللضاجع یدعوں رہم خوفا وطمعا وما رزقناهم ينفقون (۱) ۱ وقد وبخ الله سبحانه الذين ادعوا الايمان بالقران ثم هموا بن يتحاکموا إلى غیرہ حیث قال : تألم تر إلى الذين يزعمون أنهم امنوا ما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا(") . وإذا كان الله تعالى جعل صنيع بني إسرائيل - إذ عملوا ببعض ما أنزل إليهم وأعرضوا عن بعض ‏ من باب الخلط بين الاان والکفر » حیث قال بعد تعداد ما صدر منہم : ئأفتؤمنون ببعض ١ سورة السجدة : الآيتان ١١٠ £ ١٠ ٢ ۔ سورة النساء : الآية ۹9٤ 7 ۳ الكتاب وتكفرون ببعض فيا جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي ي الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عا تعملون €( . فإن هذا الحكم نفسه يسري على الذين ينتسبون إلى القران وهم يعرضون عنه بمجانبة هديه وتعطيل أحكامه ومخالفة تعاليمه ٠ وابتغاء ال حق ئي غیره . ومن ثم حکم سبحانه وتعا ی عل من لم یحکم با أنزل بالكفر والظلم والفسق . وذلك في قوله : ومن لم يحكم ما أنزل الله فأولئك هم الكافرون») , لإومن ل يحكم مما أنزل الله فأولئك هم الظالمون() , ومن ل يحكم ما أنزل اله فأولئك هم الفاسقون؟4)*) . وبهذا يتبين أن الامان بالقران له معنى عميق ترتبط به حياة المؤمن ٠ وذلك أن يتكيف في فعله وترکه بحسب ما تقتضيه أحكامه وتعاليمه . | وقد كان السلف الصالح يعدون مجانبة شيء من هديه منافيا للايمان به » كا قالت أم المؤمنين عائشة ‏ رضي الله عنہا- عندما أبصرت امرأة عليها یاب رقاق : «ما امنت بسورة النور امرأة لبست هذه الثياب» ٠ فأعجب لأولئك الذين يزعمون اهم من أمة القران وهم يرتعون في المعاصي ٠ غير مبالين بخلق ولا فضيلة ولا شرف ٠ ما قيمة إِيمان هؤلاء بالقرآن ؟ إن القران الكريم مليء بأوامر الله اللوجهة إلى عباده . منها مايتعلق بالحياة الفكرية › ومنها ١ سورة البقرة : الآية د٥8 ١ - سورة المائدة : الأية 5٤٤« ۳ - سورة المائدة : الأية :45ء ٤ - سورة المائدة : الأآية ٤٤ » 2 A ما يتعلق بالشعائر التعبدية . ومنها ما يتعلق بالشؤ ون السياسية › ومنها ما يتعلق بالنظم الاقتصادية . ومنها ما يتعلق بالواجبات الاجتماعية ٠ ومنها ما يتعلق بالأحكام القانونية . والواجب على من امن به أن يسلم تسلي) لذلك کله وينقاد له بفكره ومشاعره وجوارحه » حتى يتحول القران إلى واقع محسوس يتجلى للناس جميعا ف حياة المؤمنين الخاصة والعامة . َر الأيقان بالآخرة : واختتم تعا ى صفات هذه الطائفة بذكر الأيقان بالآخرة »9 لأنه ملاك الأمر . وسور الصالحات ٠ والحاجز دون تردي النفس في مهاوي شهواتها ونزواتها . لأن فيه ربط العمل بالجزاء » ووصل لبد باللصير » وما قبل الموت با بعده » ولأن اليقين بالحياة المطلقة الأبدية بعد هذه الحياة المقيدة الفانية ؛ هو مفترق الطرق بين أولئك الذين يعيشون ي مضيق الحس لا يعرفون وجودا إلا هذا الوجود الحسوس 5 ولا متعة إلا هذه المتعة الفانية . ولا هدفا إلا ما يختص بحياة الأرض ٠ وأولئك الذين تفتحت مداركهم واتسعت افاق أفكارهم فأيقنوا أن الملحسوس ليس هو كل شيء في الوجود » ون هذه الحياة ليست هي كل وجود الانسان » وأن متعها الفانية ليست هي كل شيء بالنسبة إلى منافعه ومصال حه وأن أهدافها يجب أن تكون وراءها أهداف أسمی منہا قدرا . وأغلی مها قيمة . فان من شأن هذا الإيقان أن يدفع بصاحبه إلى التفكبر في العاقبة وال حزاء على الأعمال وتكييفها بحسب رغبته في نوع جزائها . ٢٤ ۔ والاخرة وصف أغنى عن الموصوف في التعبير ٠ لاستقراره ي الأفهام › والمراد به الحياة الآأخرة . أو الدار الآخرة » حيث يحاسب كل أحد على عمله . ویجزی به جزاء وفاقا » والامان بہا یشمل الاعان بكل ما يحدث فيها ٠ تما تضمنته النتصوص القاطعة . واليقين : قيل هو الاعتقاد للواقم الذي لا يقبل الشك ولا الزوال . ذلك لأن الاعتقاد إما أن يكون اعتقادا بأن الشيء كذا £ أو اعتقادا بأنه لا يمكن إلا أن يكون کذا . وقيل : هو الاعتقاد الحازم في غير الحسيات والضروريات ٠ ويعم الحزم بخبر الصادق والاعتقاد المبى على الأدلة والأمارات إن كان ثابتا لا شك فيه . وفسره أئمة اللغة بأنه العلم وإزاحة الشك وتحقيق الأمر . وقالوا : إنه تقيض الشك 6 کا أن العلم تقيض الجهل 6 ولعل هذا التفسير دعا بعض المفسرين من المتقدمين والتأخرين إلى القول بأنه العلم بالشيء عن نظر واستدلال ٠ أو بعد شك سابق . والشك إنما يكون فيا يستوجب النظر › وعليه فيكون اليقين أخص من الايمان ومن العلم . واحتج بعضهم لذلك بقوله تعالى : كلا لو تعلمون علم اليقين لترون ال ححيم 4() . ومن ثم لا يطلق الايقان على علم الله ولا على العلوم ١ سورة التكائر : الآیتان ده | ١٠ الضرورية ٠ وبناء على هذا فإن إيثار مادة الايقان في ذكر الايمان بالآخرة لما فيها من الاشعار بن علمهم بالآخرة ناتج عن كد الفكر وسعة التأمل في الاستدلال »٠ لأن الحياة الأخروية حياة غائبة عن الأبصار وسائر الحواس ٠ غريية على الأفكار المنغلقة بين جدران الحس ٠ وقد تراكمت على هذه الأفكار شبه جمة حالت بينها وبين إدراكها حالة الدار الأخرة . وهى مناسبة جديرة بالاعتبار في اقتناص دقائق أسرار التعبير القرانى وقد نه عليها أحد أئمة التفسير الحاذقين . وبناء على ما ذهب إليه الامام محمد عبده من التفرقة بين الطائفتين الموصوفتين في الآيتين . وأن الأولى كانت على إِمان جزئي ٠ والثانية هي التي امنت الايمان الكلي . قال ما معناه : وصفت هذه الطائفة التي اكتمل إيمانها بالإيقان بالآخرة › لأنجم مؤمنون بالقران » بخلاف الأول فإنها كانت فقط على جزء من الأيمان » وهي في طريقها إلى الايمان الكامل لا أوتيت من الاستعداد لذلك . الصفات الواردة يي الايتين هي لموصوف واحد ٠ وهو الطائفة المؤمنة . واليقين هو أساس الايمان الذي لا يقوم إلا عليه . فإن إِيمان من يعتمد على مرد الظن إِمان متزلزل لا ثبات له . فهو منہار الأسس منېد الأركان . ولذلك قال سبحانه ب اعتقاد بعضص -- E الناس : وما لحم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شیئاڳ() . وإذا کان هذا هو حکم الظن في الاعتقاد . ف بالك با دونه واليقين الحق في الايمان بالنه واليوم الآخر إنما يعرف باثاره في الأعمال کا سبق دکره ف اللحديث عن الامان وصفات اللؤمنن حسب ما يدل عليه القران . وذكر الامام محمد عبده من أمثلة من لم يقم إيمانه على الايقان . من يأتي إلى محكمة بدعوى كاذبة یرید با أكل مال أخیه بعر حق ٩ أو بشهادة مفتراة يجامل بها صديقه ٠ أو ینتقم بہا من عدوه . وهو يعلم باطله وزوره ٠ فيوعظ ويذكر : #ويوم يعض الظالم على يديه( فيقول : أعوذ بالله أنا أعلم ذلك اليوم الذي أمامي ٠ وان بين يدي شبرا من الأرض - يعنى القبر - وأن الدثيا لا تغني عن الأخرة . ويحلف اليمين الغموس باسم الله تعالی بانه محق ي كلامه . ثم يكشف التحقيق عن إفكه ٠ ويضطر إلى الأعتراف بزوره . فكأن الايمان بالته واليوم الآخر عنده خيال يلوح له عندما يريد أن يخادع غيره . وشرك يصطاد به حقوق الناس بغير حیق . ١ ۔ سورة النجم : الأيةً ۲ه ۲ - سورة الفرقان : الآية ۲۷: - ۰۷ صفة الأيمان اليقيني : وذكر الامام أن الامان المبني على اليقين هو الذي يكون معه إحساس من طريق الوجدان يجعل المؤمن كأنه یری ما امن به.. وهذا الايمان هو الذي يملك نفس صاحبه ٠ وهو يأ من طريقين : الأول : النظر الصحيح فيا دعت الحاجة فيه إلى النظر ٠ كالايقان بوجود الله ورسالة رسله . وذلك بتخليص المقدمات إلى أن تصل إلى حد الضروريات ٠ فيكون الانسان بذلك كأنه راء بعينيه ما استقرت عقيدته عليه . الثاني : خبر الصادق المعصوم بعدما دلت على صدقه الدلائل » وفامت على عصمته الشواهد . ولا يكون ذلك الخبر طريقا لليقين حتى يسمعه السامع من نفس المعصوم عليه أفضل الصلاة والسلام ٠ أويصل إليه من طريق لا يحوم حوفا الريب ٠ وهي طريق التواتر دون سواها 9 فلا مصدر لليقين بعد طول الزمن بيننا وبين النبوة فيا أي من طريق النقل إلا التواتر الذي لا خلاف فيه وذلك في الأمور الغيبية الق لا سبيل للعقل إليها . نحو وصف الآخرة وأحوالا والملاً الأعلى وصفاته . وكذلك صفات الله تعالى الي تتوقف معرفتها على الوحي . وتقديم الجار وا مجرور ‏ وهما بالأخرة ‏ على متعلقي| - وهو يوفنون ‏ وبناؤه على الضمبر يفيدان الحصر عند الز حشري 6 وي -“ ۰۸ ذلك تعريض بأهل الكتاب الذين لا يؤمنون بالآخرة على حقيقتها › وخالفه في ذلك العلامة ابن عاشور » فرأى أن تقديم الحار والملجرور إا هو لمجرد الاهتمام مع رعاية الفاصلة ٠ وفيه ثناء على هؤلاء لأنهم أيقنوا بأهم ما يوقن به المؤمن ٠ وأنكر الحصر الذي ادعاه الز حشري لاقتضائه أن يكونوا يوقنون بالآخرة دون غیرها . ورای أن تکلف إخراج الحصر عن تعلقه بذات المحصور فيه إلى تعلقه بأحواله غير معهود . - ۰۹ إأولئك على هدی من رہم وأولئك هم الملفلحون ¢ )°( الاشارة متوجهة أن تكون لمشاهد معن ٩ عر ن الاستعبال قد مجعلها لخر 1 إدا سبقها من وصفه ما يجعل حفيقته مستحضرة في الذهن . فإن تصور أحواله . وإدراك صفاته يجعلانه في حكم المشاهد ٠ وقد يتبع الاشارة الأتية بعد صفات المشار إليه حكم ٠ فيدل ذلك على أن تلك الصفات هي منشاً ذلك الحكم ٠ لأنها هي السبب في استحضار ذات المشار إليه » فالحكم للمشار إليهم هنا بأنهم على هدی من رهم ٠ وأنهم هم المفلحون ناتج عن وصفهم بتلك النعوت الفاضلة الي تميزهم عن غيرهم من الناس ٠ ومثله مألوف في كلام العرب ٠ ومنه فول حاتم الطائي : وله صعلوك يساور همه فت طلبات لا يرى الخمص ترحة إدا ما رای یوما مکارم أعوضت یری رڅه أو نبله و يجنه وأحناء سرج قاتر ولجامه ويغشى إذا ما كان يوم رة إذا الحرب أبدت ناجذيا وشمرت وعضي عل الأحداث والدهر مقدما اها عد مغنے| تيمم كراهن مت صما وذا شطب عضب الضرية محذما ولا شبعة إن عتاد خي هيجا هيجا وط رفا مسوما صدذور العوال وهو حتضب دما وول هذان الغو م أفبل معل| ٠ ۔ فذلك إن يلك فحسنى ثناؤە وإن عاش ل يقعد ضعيفا مما وجملة أولئك على هدى مستأنفة استئنافا بيانيا مترتبا على ما وصفوا به من النعوت من قبل ٠ فإن السامع إذا وقعت تلك الصفات الي ميزوا با في سمعه تطلع إلى مايترتب عليها من فائدتها » وإيثار اسم الاشارة على ذكر الضمير الذي يعود إليهم لأن الاشارة تجعل جميع ما وصفوا به مستحضرا ئي ذهن السامع ٠ إذ الأشارة هنا ليست إلى ذواتهم فحسب » وإنما هي إليها وإلى الصفات الي تلبست ما فميزتها عن سائر الذوات .٠ وفي ذلك ما لا يخفى من التنويه بالصفات المشار إليها ٠ وما يعقب اسم الاشارة من الأحكام الناشئة عنها . المتقون محتصون بال دى : واللشار إليه هو فريق المتقين . وقد سبق في كلامنا ما يفيد ترجيح أن جميع الصفات التي لحقتهم هي صفات جارية عليهم جميعا › إذ هم فريق واحد وليسوا بفريقين خلافا من قال ذلك اعتبارا لحالتهم قبل التلبس بالايمان » وهم يوافقوننا أن الاشارة هنا كالي بعدها _ يراد با كلتا الطائفتين لأنهم جيعا متمكنون من ادى ومنقلبون إلى الفلاح ٠ وإنما شد الامام محمد عبده فقال بتعدد المشار إليه كا تعددت الاشارة . ورأيه مبني على ما تقدم نقله عنه من أن الهديين منقسمون إلى طائفتين ؛ طائفة أخذت تبحث عن الحق -۲۱۱ ۔ وتحعاول الوصول إليه 6 وأخری وصلت إليه فعلا . فأولى الاشارتين إلى الطائفة الأولى ٠ وثانيتها إلى الأخرى . وعزز رأيه با يدل عليه تنكير هدى من النوعية . فالطائفة الأولى حسب رأيه - أصابوا ضربا من الحدى لتفتيشهم عن الصواب ٠ وبحثهم عن الحقيقة . فقد امنوا بالغيب ٠ وأقاموا الصلاة بالمعنى الذي سبق في كلامه . وأنفقوا مما رزقهم الله . فهم متمكنون مما وصلوا إليه من الحدى » ومستبصرون ي طريق البحث عن المزيد من أنواعه » وذلك وإن لم يكن كافيا لاسعادهم وفلاحهم . فهو كاف لاعدادهم › وتأهيلهم لم بالايمان التفصيلي النزل . ولذلك قبلوا عندما بلغتهم دعوته . ويرى الامام أن الطائفة الثانية - وهم المؤ منون بما جاء به محمد ي مشاركة للطائفة الأولى في الحهدى الذي وصلت إليه . وإنا زادت عليها با انتهت إليه من الايمان الكامل بالقران ٠ وبسائر الكتب السماوية ٠ ويقينهم بالآخرة » فهم أوسع منهم إِمانا . لأن إيمانهم بالغيب قد تجباوز حدود الاجمال إلى التفصيل ٠ ولذلك كانت الاشارة إليهم متضمنة وعدهم بالفلاح في قوله إوأولئتك هم المفلحون» ٠ وعزز رأيه أيضا ‏ في التغاير بين مرجع الاشارتين - بترك ضمير الفصل (هم) في الأولى وذكره في الثانية » وقال إن المشار إليه لو كان واحدا لذكر الفصل في الأولى لأن المؤمنين بالقران هم الذين على الحهدى الصحيح ٠ فهو خاص بهم دون سواهم ٤ لكنه اكتفى عن التنصيص على تمكنهم من ادى بحصر الفلاح فيهم . -“ ۲۱۲ وأنت إذا تدبرت هذه الآية وما قبلها من الآيات .٠ لن تجد دليلا على التغاير بين الاشارتين ٠ ولا على انقسام المهتدين إلى طائفتين › وحسبك ما مر بك في تفسير ما قبلها وضوحا بان جميع تلك الصفات جارية على فريق المتقين من غبر التفات إلى أي انقسام يهم . أما تتکر «هدی» فهو للتنويه بشأن ما تمكنوا منه من ادى ٠ ويعزز ذلك وصفه بآنه من (ربهم) فإنه دليل كونهم موضع عناية الله سبحانه . وأما عدم اقتران الاشارة الأولى بضمير الفصل واقتران الثانية به » فلأجل الترقي في العبارة . ونحوه ما في سورة لقمان مع اتحاد الملشار إليه . كا تقدم بيانه . وكذلك في هذه السورة في قوله تعالى بعد وصف الصابرين : #أولئك عليهم صلوات من رهم ورحمة وأولئك هم المهتدون؟ . وقد بين الله سبحانه اختصاص هؤلاء المتقين بالحهدى › بيانا يصور لك هذه الحقيقة المعنوية . ويبليها في صورة المحسوس ٠ حيث قال : «على هدى» دون أولئك أصحاب هدى مثلا . لأن «على» دالة على الاستعلاء . وهو يقضي بتمكن اللستعلي من المستعلى عليه وقدرته على تصريفه وترويضه ٠ فهؤلاء التقون متمكنون من الحدى تمكن الراكب من مركوبه . وفي الاستعارة الي ينطوي عليها هذا التعبير وجوه : أولها : أنها تبعية . نظرا إلى أن المستعار الأصلي هو n الاستعلاء » ثم سرت إلى الحرف الدال عليه وهو (على) وقد جنح إلى هذا الوجه السيد الجرجاني وحمل عليه كلام صاحب الكشاف . ثانيها : أنها تمثيلية . لأن المشبه هيئة منتزعة من عدة أشياء وهي المتقون وال دى » وتمكنهم منه ٠ والمشبه به صورة منتزعة من أشياء متعددة كذلك وهي الراكب والمركوب والاستعلاء » ثم طویت اللشبهات لحلول المشبه بها محلها على طريق الاستعارة . وأظهرت (على) من بين الصورة المستعارة لأنها العمدة في هذا التشبيه من بين سائر أركانه » وتدخل بقية الأركان ضمن ألفاظ منوية وإن لم يقتضها سیا الكلام » ولم يبعد الجحرجاني هذا الوجه . ثالثها : أن تكون مكنية مرموزا إلى حملتها بعلى الدالة على الاستعلاء الذي هو لازم التشبيه المقصود ٠ وكثير من الناس يسمونها وجمع أنواع الاستعارات الثلاث يحتملها هذا امقام ٠ غير أن معركة جدلية حادة نشأت بين علمي البلاغة البارزين ؛ السيد الجرجاني ٠ والسعد التفتازاني , مثارها : جواز محامعة التمثيلية للتبعية أوعدمه › فالتفتازاني مع اختياره للتمثيلية يرى أن حجيء كلمة (على) ي التركيب يقتضي أن يكون معناها ‏ وهو الاستعلاء - مستعارا على حدة لما يماثله في جانب المستعار له . وهو التمكن ٠ وأنکر الجرجاني ذلك بشدة لأنه رأى فيه حمعا بين متنافيين ٠ إذ الأستعارة التمثيلية إِنما ينظر فيها إلى الصورة المنتزعة من متعدد من ٢٤۲۱ ۔ غير التفات إلى أفرادها . والاستعلاء المستفاد من حرف الحر هنا إنما هو فرد من هذه الأفراد . وأطال في حاشيتيه على الكشاف وعلى اللطول في شرح حججه . كا أطال السعد في الانتصار لمذهبه في اللطول وحاشية الكشاف . وشغلت هذه المسألة أذهان الناس واستهلكت جانبا ما من فراعهم في عصر هما وبعده ٩٠ وعقدت فيها حالس للحوار 6 أوضا کان حصر نيمور لنلك 6 وکان الحكم فيه نعمال الخوارزمي \ فحكم للجرجاني على خصمه غر ُن أراء الذين جاءوا من بعدهم أثقلت كفة السعد التفتازاني ٠ وقد أفردت هذه المسألة بمؤلفات خاصة . ومن عنى مها الشوكاني 5٠ فقد خصصها برسالة سماها (الطود الئيف في الانتصار لا قاله السعد على ما قاله الشريف) . ودکر الألوسى ئ تمسیره أنه أطال بحنها € کتابه (الأجوية العراقية على الأسئلة الايرانية) وقد امتدت أذيال العناية بهذا البحث ي تفسيره (التحرير والتنوير) . فقد حاول فيه التوسط بال حكومة العادلة بين هذين القطبين . لكنه لم يلبث أن وقف في صف التفتازاني . تنر یه القران الكريم عن المحادلات اللغوية والبلاغية : ۵ا۲ ۔ للمباريات البيانية 6 خروجا ہذا العلم الجليل عن حدوده ذلك على ما يلي من الآية جوهر معناها » ويزيح الستار عن إعجاز مبناها . أما الزيادة على ذلك فقد تفضي إلى تلاشي المقاصد الأساسية الى يجب أن ينحوها المفسر . فالقران أنزل لوصل النفوس ببارئها وصقل العقول من أصداء الشك حتى يتجلى ها العلم اليقين وتتخلص من وساوس الشيطان ٠ وتتطهر من أرجاس الطبع وتستقيم على صراط الله العزيز الحميد . وأكثر التفاسير - مع الأسف - بعيدة عن رعاية هذه الأهداف ٠ بل ربا ظن قارئها أنه يتلو كتابا ني الاعراب أو في اللغة واشتقاقاتها أو في البلاغة وأساليبها . وهكذا . وفي وسط هذه التيارات تتلاشى مقاصد التفسير الأساسية › وهي إيضاح ما انبهم من هداية القران » وبيان موضم العبرة من قصصه وأمثاله 4 ومحط الحكمة من تشريعاته وأحكامه . وأدهى من ذلك حشو مؤلفات التفسير بمخلفات اليونان وغيرهم ٠ من الفلسفات العقيمة والأساطير القديمة . ولعمري إن ذلك ليس من تفسير القران في شيء » بل هو أحرى أن یکون تعتیما على هداه ۔ وحجبا لحقائقه » نسأل الله العافية . هذا ٩ وقد علمت نما سبق انحاد مرجم الاشارتين في الاية 6 ٦۲ ۔ ووجه تکرار اسم الاأشارة التنبيه على أن اختصاصهم بالحداية ٠ واختصاصهم بالفلاح ٠ كل من جدير بالعناية وحقيق بان يستقل في التنويه به فلا يكون أحد الأمرين تابعا للآخر ٠ ولذلك خص كل واحد منې| بجملة وإشارة . وفي ذلك أيضا تنويه بالموصوفين أنهم جمعوا بين المنقبتين ٠ واختصوا بكلتا المأثرتن . وعطفت الحملة اللاحقة على السابقة لأجل توسطه) بين كمال الاتصال ٠ وكمال الانقطاع ٠ فإن كلا من الحدى والفلاح له مفهومه الخاص ٠ وزمانه الخاص ٠ إذ الحجدى يتلبس به في الحياة الدنيا » والفلاح يتوصل إليه في الدار الأخرة . غير أن كون ادى سبب الوصول إلى الفلاح يعد رباطا نن الجملتين وتوسط الحملتين بين كمالي الاتصال والانقطاع من دواعي العطف ك| قرره علاء المعاني . الاسلام هو طريق الفلاح : وتوسط ضمير الفصل بين المسند والمسند إليه المعرفين دال على تأكيد الحصر المستفاد من تعريفه) » وهو هنا قاض بانحصار الفلاح ئي الطائفة الى جمعت بين خصائص الايمان المذكورة في هذه الآيات » وذلك يعني وحدة طريق الفلاح ٠ وهو طريق الحق والرشد الذي بعث الله به حمدا ية ٠ كما بعث به النبيين من قبل ٠ وهو يتمثل في هدى القران الكريم وسنة الرسول ية » فمن حاد عنما فقد حاد عن طريق الفلاح ٠ وانتهى به السير إلى مهاوي الخسران - ۲۱۷ _ والعياذ بالله . والفلاح هو النجاة . ولذلك فسر المفلحون هنا بالمنجحين كا وأدركوا الضالة المنشودة وهي الفوز برضوان الله الذي تترتب عليه النحاة من ليم عقایه . والخلد ف بحبوحه توابه وذلك معن ما رواه ابن جریر عن ابن عباس ۔ رضی الله عنې) ۔ آنه قال : في اعقلي إن كنت لا تعقلي ‏ ولقد أفلح من کان عقل ويجيء بمعنى البقاء . ومنه قول الشاعر : نحل بلادا كلها حل قبلنا ‏ ونرجو الفلاح بعد عاد وحمير ومادته تدل على الشق كسائر الكلمات الى ينتظمها معه الاشتقاق الأكبر » كالفلج والفلق ٠ ومن هنا سمي الأكار فلاحا . لأنه يشق الأرض لأجل الزرع . ويرى الامام محمد عبده «أنه لا يقال أفلح الرجل إذا فاز بمرغوبه عفوا من غير تعب ولا معاناة . بل لبد من تحقيق المعنى اللغوي في هذه المادة من السعي ل الرغيبة والاجتهاد لادراكها . فهم ما كانوا مفلحين إلا بالاتمان بجا أنزل إلى النبي. ييج » وما أنزل من قبله . وبإتباع هذا الامان بامتثال الأوامر واجتناب النواهي التي نيط بها الوعد والوعيد في نززل ۱۸ ۔„ إليه ية مع اليقين بالحزاء على جميع ذلك في الآخرة . اتسا ع مفهوم الفلاح وشموله : سائر الرذائل كالشرّه والطمع ٠ والجحبن والملم ٠ والبخل والجور والقسوة 6 وما نشا عن هذه الصفات من الأفعال الذميمة 6 وارتکاب الفواحش والمنكرات 6 والانغماس في ضروب اللذات ٠ كا تدخل فيه الفضائل الى هى أضداد هذه الرذائل المتروكة . وميع ما سماه القران عملا صالحا من العصادات وحسن المعاملة مع الناس 6 والسعى ئي توفیر منافعهم الخاصة والعامة مع التزام العمل والوقوف عند ما حده الشرع القويم والاستقامة عل صراطه المستقيم ٠ ثم قال عقب ذلك : وجلة القول أن الامان با أنزل على النبي يِل هو الايمان بالدين الاسلامي جملة وتفصيلا › فما علم من ذلك بالضرورة ›. ولم يخالف فيه مالف يعتد به ٩ فالامان به إمان 6 والا سلام به لله إسلام 6 وإنکاره خروج وواسطة الوحدة الاسلامية . وما كان دون ذلك في الثبوت ودرجة العلم فموكول إلى اجتهاد المجتهدين ٠ ولا يصح أن يكون شيء من ذلك مثار اختلاف في الدين» . - ۲۱۹ وذكر السيد رشيد رضا أن الأستاذ زاد بخطه بعد قوله اجتهاد الملجتهدين ما نصه : أو ذوق العارفين أو ثقة الناقلين بهن نلوا عنه ليكون معتمدهم فيها يعتقدون بعد التحري والتمحيص .٠ وليس لحؤلاء أن يلزموا غيرهم ما ثبت عندهم ٠ فإن ثْقة الناقل بمن ينقل عنه حالة خاصة به لا يكن لغیره أن يشعر بہا حتی یکون له مع اللنقول عنه في الحال مثل ما للناقل عنه فلا بد أن يكون عارفا بأحواله وأخلاقه 9 ودخائل نفسه ونحو ذلك مما يطول شرحه . وتحصل الثقة للنفس با يفول القائل() . وأتبع ذلك السيد رشيد رضا قوله : معني هذا أن أحاديث الأحاد تكون حجة على من ثبتت عنه واطمان قلبه ہا . ولا تکكون حجة على غيره يلزم العمل بها . ولذلك ل يكن الصحابة - رضي الله عنم - يكتبون جيم ما سمعوا من الأحاديث . ويدعون إليها مع دعوتهم إلى اتباع القران والعمل به . وبالسنة العملية المتبعة المبينة له إلا قليلا من بيان السنة كصحيفة على كرم الله وجهه المشتملة على بعض الأحكام كالدية وفكاك الأسير وتحريم المدينة كمكة ٠ ولم يرض الامام مالك من الخليفتين المنصور والرشيد أن يحملا الناس على العمل بكتبه حتى الموطاً » وإنما يجب العمل بأحاديث الأحاد على من وثق بها رواية ودلالة » وعلى من وثق برواية أحد وفهمه لشي ء منہا أن يأخذه عنه ولكن لا يجعل ذلك تشريعا عاما . ١ تفي انار ح ١ ٠ ص ۱۳۴۷ .٠ ۱۳۸ .٠ الطبعة الرابعة . ١٢۲ “۔ حجة شرعية بالاجماع إلا ما كان من استفتاء القلب في الشبهات ١ - المرجع السابق . ا٢۲ ۔ إن الذين كفروا سواء عليهم ءَأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون؛ ”› كان ما تقدم وصفا للكتاب استتبعم وصف الذين استضاؤ وا بهشكاته وأصغوا إٍ ی مراشده فاتبعوا هدیه . وسلکوا نېجه فجمعوا بين الاستقامة في الدنيا والفلاح يوم القيامة . وهذا الوصف في الحقيقة هو وصف للكتاب 3 لأنه هو الذي قادهم في النقلة من الضلال إلى الحدى ٠ ومن الحيرة إلى البصيرة . ومن الخطر إلى السلامة » وكان جديرا بعد ذلك أن يقفي ذكرهم بذكر أضدادهم الذين أخلدوا إلى الضلال . واثروه على الحجدى . وأغمضوا أبصارهم لئلا ترى نوره وتشاهد حماله فينفذ أثر ذلك إلى بصائرهم ٠ وسدوا اذانمم ئلا تسمع حجته فتلج إلى أفکارهم ووجدانهم ١ وهؤلاء فريقان : فریق کان صريجا ئي منابذته للحق . مکشوفا ئي عداوته له . وفريق كان ملتويا في أمره . يظهر للمؤمنين أنه على الامان وما دعواه الايمان إلا ستار يرخيه على ما يكنه من الكفر ويضمره من الحقد . والفريق الأول هو المراد بهذه الآية والتي تليها . وإنا قدم ذكره ۔ڈ ٢٢۲ ۔ لاستواء ظاهره وباطنه في الكفر ٠ وتظاهر سريرته وعلانيته على نصرة الباطل ومنابذة الحق 5 ولأن حالته كانت مكشوفة وضرره معلوما بخلاف الفريق الثاني فهو أقبح طوية وأسواً حالا . وأخطر مالا . وتعريته من لبوس الخداع يحتاج إلى بيان أوسع وعناية أبلغ . فلذلك أخر ذكره وجاءت بصدده إحدى عشرة اية متوالية . وفصلت هاه الأية عا قبلها ما بينسا من كمال الانقطاع ٠ فما تقدمها في ذكر ادى والمهتدين ٠ وهى في بيان الضلال والضالين ٠ وصدرت بحرف التأكيد لاثارة الاهتمام بمحتواها . ولاستئصال رجاء المؤمنين في تراجم هذه الطائفة عن غيها وثوبها إلى رشدها . فالمعنيون هنا قد رانت على قلوهم الضلالة واستولى على تفكيرهم الباطل فتعفنت فطرهم وأظلمت عقوم وتكدرت طبائعهم ٠ فلم يعد للحق مساغ في نفوسهم . واختلف المفسرون في المعنيين بالذين كفروا هنا ٠ قيل : هم طائفة من اليهود الذين كانوا بنواحى المدينة على عهد رسول الله . سب في علم الله عدم إيمانهم ۱ وهو الذي رواه ابن جرير عن ابن عباس رضی الله عنه ‏ . وفیل هم فادة الأحزاب الذين قتلوا في معركة يدر . روک ذلك ابن جرير عن الربيع بن انس . وهو قول طائفة من للفسرين ٠ واستدل من قال بذلك بأن الواقع قد كشف عن هؤلاء امم لا تجدي فيهم الموعظة شيئاء فقد استوى فيهم الانذار ۔ڈ ۳٢۲ ۔ وعدمه ٠ وذلك أن الدعوة كانت تواجههم مند انبلاج فحر ها بقوار ع نذرها . وبواری حججها. وصواعق وعيدها 6 فلم يعير وها إلا اذانا صا » حتى حق عليهم قول الله فهلكوا شر مهلك . وشفی . الله صدور المؤمنين إذ نصرهم عليهم فكان مهلكهم على أيديهم ٠ ورجح ابن جرير أنهم أحبار اليهود الذين أصروا على محاربة الدين الحنيف 6 ومماومه دعوه محمد عاي حسدا مہم 6 م اہم کانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم لا سبق عندهم من علم الكتاب ٠ واستدل لذلك بأن ما قبل الآية كان ثناء على مؤمني أهل الكتاب ٠ فكان جديرا أن يقفي ذكرهم بذكر أضدادهم وکشف سوء حام وبیان شر منقلبهم ٠ لانم جميعا ينحدرون من سلالة واحدة . وإنغا كا استدل له مما تتابع من بعد في السورة مع تقريع بني إسرائيل على كفرهم وتوبيخهم على ضلالحم . وكکشف طوايا نفوسهم ٠ وتعداد مثالبهم في تاريخهم الطويل مع النبوات والأنبياء . وأنت تدري أن استدلال ابن جرير بماذكرنا على ان للقصودين ئي الاية كفار بني إسرائيل فحسب غير واضح ٠ فإِن القران الكريم كان يواجه بصوادع دعوته جميم المشركين على اختلاف طوائفهم ٠ وتباين مللهم ٠ وكلمة «الذين كفروا» تعمهم حميعا ٠ أن مثل ما في الآية من الاخبار بعدم إيمان الكفار جاء في قوله تعالى من سورة (يس) : ##وسواء عليهم وَأنذرتهم ام م تنذرهم ٢٤٢۲۲ ۔ لا يؤمنون»() ٠ وقد نزلت بمكة قبل نشوب المعركة بين المؤمتين وهل الكتاب 6 ولا نسلم أن ما قبل الاية من الثناء والوعد خاص بمؤمني أهل الكتاب »٠ فقد مر بك ما يكفيك حجة ودليلا أن الثناء والوعد في الآيات السابقة شاملان لكل الؤ منين من غير ييز بين من كان قبل على ملة كتابية أو على طريقة جاهلية . كا أن تعنيف أهل الكتاب في السورة وتعداد مثالبهم ليس دلیلا على ہم وحدهم المعنيون هنا . والذي يدل عليه اللفظ ويقتضيه السياق أن المعنيين كل من كفر بمحمد جَيْةٍ وأصر على كفره إل أن مات ٠ فهؤلاء لا تنجم فيهم الدعوة . ولا تتخلل نفوسهم الملوعظة ٠ فهم الحقيقون بهذا الوصف والحديرون بهذا الوعيد . هذا . وتأول بعض المفسرين (الذين كفروا) بمعنى الذين فضي عليهم بالكفر والشقاء . وجعله نظيرا لقوله سبحانه : إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون4) ٠ وهو تأويل غير مقبول لأن اللفظ لا يقتضيه ٠ والقرائن لا تساعد عليه ومه| يكن المعنيون في الآية . فإن عدم اهتدائهم بالقرآن إنما هو لأمر يعود إلى نفوسهم لا إلى القران » ولا يحل ذلك بوصفه با حداية . ولا يدل على نقص دلالته على الخير فهو ک| أخبر الله عنه «ذكر للعالين» ٠ «وهدى للناس» ٠ وما مثل الذين عميت بصائرهم عنه » ونبت عقوم عن قبوله .. إلا كمثل الخفافيش الى تأنس إلى الظلام وتستوحش من النور والضياء ‏ ولا يقلل ذلك من قيمة الضوء » فحال هؤلاء س ١ سورة یس : الآية ۶١١» 7 سورة يونس : الأآية ,٦٩ء ٢۲۲ ۔ لا يناي ما وصف به القران . والآية وإن كانت تفيد العموم ‏ بناء على أن الموصول يفيد الحنسية ١ والحنس يقتضى الاستغراق - فإنها قد خصصت بالشاهدة 9 فكثر من مشركى العرب ومن أهل الكتاب آمنوا بعد كفرهم 5 وأسلموا بعد عنادهم . فهي من باب العموم الذي يراد به الخصوص » كالآية الي سبق الاستشهاد بها من سورة (يس) › وكقوله سبحانه في أهل الكتاب : «#ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل اية ما تبعوا قبلتك » وإنا هذا الوصف في قوم حقت عليهم كلمة الله كا أخبر عز وجل بقوله : إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل اية حتى يروا العذاب الأليم؟ . الكفر قسمان : وأصل الكفر الستر والاخفاء › ومنه تسمية الزارع كافرا › کا ي قوله تعا لى : ليمجب الكفار نباتە#) . ثم خص عرفا بإخفاء النعمة وجحدها ٠ وإن من أشد كفران النعم جحد المنعم بها أو صفاته الكمالية » ومن ثم كان إنكار الخالق تعالى أو إنكار صفة من صفاته أو فعل من أفعاله . أو حكم من أحكامه كفرانا بنعمته التي أنعم بها على جاحدها › وغلب اسم الكفر على هذا الباب وهو ينقسم عندنا وعند جماعة من المحققين إلى ١ - سورة الحديد : الآية ٢٢٠٠ ٦۲۲ ۔ كفرين ؛ كفر شرك ٠ ويعبر عنه بكفر الجححود » وكفر نعمة ٩ ويطلق عليه اسم الفسوق والنفاف . والأول : هو الذي عرف بأنه إنكار ما دلت عليه الأدلة القاطعة . وتناقلته جميع الشرائم الصحيحة الماضية حتى علمه البشر وتوجهت عقوطم إلى البحث عنه » ونصبت عليه الأدلة . كوحدانية الله تعالى ووجوده » ويدخل فيه إنكار كل ماعلم من الدين بالضرورة . وقال أبو بكر الباقلاني : الكفر بالله هو الجهل بوجوده . ویری الحنفية أن الكفر جحد ما ثبت بدليل قاطع ٠ والذي عول عليه الشافعية أنه إنكار ما علم يجيء الرسول يَلٍ به ما اشتهر حت عرفه الخواص والعوام . وفرعوا عن ذلك أنه لا يكفر جاحد المجمع عليه على الأطلاق ٠ وإنما اشترطوا أن يكون فيه نص بحيث يصبح من الأمور الظاهرة الي يشترك الناس في معرفتها » كوجوب الصلوات الخمس وحرمة الخمر والميسر . وبناء على ما قالوا لا يكفر من جحد المجمع عليه إن کان غير معروف إلا عند الخواص »٠ كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب ٠ ومن جحد مجمعا عليه ظاهرا لا نص فيه ففي الحكم بتکفیره خلاف عندهم . والذي اشتهر عندنا ي المذهب أن هذا الكفر يكون بجحد ماعلم من الدين بالضرورة » وهو معنى ما قالته الحنفية . ۷٢۲ - وقال القراني : إن الكفر انتهاك خاص ل حرمة الربوبية › ويكون بال جهل بالل أو بصفاته أو بالحراءة عليه . جرأة عل الله . والذي يظهر لي أن القراني لم يرد تعريف كفر ال جححود › وإنما أراد تعريف مطلق الكفر الشامل له ولكفر النعمة كى سيأتي › وإغا ينظر في إطلاقه أن الجهل بصفات الله كفر من غير تقیيد بقيام الحجة » فإن الحق أن العبد غير مطالب من أول وهلة أن يعرف جميع صفات الله حتى تقوم عليه حجتها » لما في هذه المطالبة قبل الحجة من العنت والمشقة اللذين رفع الله عن عباده . فضلا منه وإحسانا . والحق أن كفر الشرك أعم من أن يكون بالقول وحده › فقد يكون به وبالفعل وبالاعتقاد . فالقول إنكار ما علم من الدين بالضرورة مما نص عليه في الكتاب العزيز أو السنة المتواترة أو أحمعت عليه الأمة إحماعا قاطعا £ فاشتهر عند الخواص والعوام . والفعل : إتيان بعمل لا يجامع عقيدة التوحيد . كالسجود للصنم وتقديم القرابين إلى الشياطين والحن . والاعتقاد : أن يعتقد بقلبه ما لا يتفق مم عقيدة الاسلام ٠ A كوجود شريك لله تعالى . فلذلك أرى أن يعرف هذا القسم من الكفر بأنه الاجتراء على الله با هدم عقيدة الاسلام من قول أو عمل أو اعتقاد » وهو يرج بصاحبه من اللة فلا يناكح ولا یوارث ولا يدفن في مقابر المسلمين . أما القسم الثاني - وهو كفر النعمة - فهو الاجتراء على الله بترك ما فرضص كالصلاة والصوم والزكاة 6 وارتکاب ما حرم 6 کالزنا والربا والسرقة وشرب الخمر من غير استحلال للفعل أو الترك ٠ وهو لا يؤدي بصاحبه إلى الخروج من الله . إذ تبقى له جميع أحکام ويدفن مع المسلمين ٠ غير أنه يسلب الولاية - وهي المحبة في الله - وينقلب إلى صدها وهو البراءة 6 وهذا القسم کالذي قله ابت بالكتاب والسنة . فمن الكتاب قوله تعالى : #إولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالين»() » وقوله : وهل نجازي إلا الكفور»!°) » مع ثبوت حجازاة غر الملشركين بأعماحم الباطلة بنصوص الكتاب والسنة ٠ وقوله سبحانه حكاية عن سليمان : #إليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنا يشكر لنفسه ومن کفر فن ربي غني کريم؟) . فإن الشكر المقصود هنا هو الوفاء بحق النعمة من طاعة المنعم بها الواجبة على المنعم عليه › وفي مقابلة الكفر وهو التقصير في الطاعة . ١ سورة ال عمران : الأية ر۹۷› ١ سورة سب : الآية «١٠» ٢ سورة النمل : الآية «6 4« - ۲۲۹ وأما السنة : فهي حافلة بكثير من التصوص الدالة على كفر مرتكب الكبائر» منها مارواه الامام الربيم ‏ رحمه الله - عن أي عبيدة عن جابر بن زید عن ابن عباس ۔ رضي اللہ عنہم - عن رسول الله يِل أنه قال : «من أت الرجال شهوة دون النساء أو أق النساء في أعجازهن فقد كفر» . ومنها ما أخرجه الربيع بهذا السند مرفوعا : «ليس بين العبد والكفر إلا تركه الصلاة» ٠ ورواه الحماعة إلا البخاري والنسائي عن جابر - رضي الله عنه - مرفوعا بلفظ «بين الرجل والكفر ترك الصلاة» . وروى أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة وا حاكم وابن حبان عن بريدة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله يي يقول : «العهد الذي بيننا وبينكم الصلاة فمن تركها فد كفر» . وصححه النسائي والعراقي . ومنہا ما رواه البخاري عن ابن عباس ۔ رضي اللہ عنہا - قال : قال النبي يي : «أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن © فيل : أيكفرن بالل ؟ قال : يكفرن العشير ويكفرن الاحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت : ما رأيت منك خیرا قط» » وروی مثله مسلم عن ابن عمر ۔ رضي الله عنہا - وحكى الحافظ في الفتح في شرح هذا الحديث عن القاضي أبي بكر ابن العربي أنه قال في شرحه له : مراد المصنف أن يبين أن الطاعات كما تسمى إِمانا كذلك المعاصي تسمى كفرا › وحكى ذلك عنه أيضا العلامة العيني في شرحه القيم على صحيح البخاري ۲۳ ۔ واستدل مسلم في صحيحه هذا النوع من الكفر بکٹر من الأحاديث التي أخرجها ؛ منها ما رواه عن ابن عمر وجرير أن النبي يي في حجة الوداع قال : «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعضص» ٥ وما رواه عن أبي هريرة أن النبى يي قال : «اثنتان في الناس هما بهم كفر : الطعن في النسب والنياحة على اليت» ٠ وما أخرجه عن ابن مسعود - رضي الله عنه ‏ قال : قال رسول الله َة : «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» » وما أخرجه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - يقول إن رسول الله يي قال : «لا ترغبوا عن ابائکم فمن رغب عن أبیه فهو كفر» ٠ وما رواه عن أبي ذر رضي الله عنه ‏ أنه سمم رسول الله ية يقول : «ليس من رجل ادعی لغبر أبيه وهو يعلمه إلا كفر . ومن ادعی ما لیس له فليس منا وليتبوا مقعده من النار » ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه» . ومثل هذا في السنة كثير . وإن تعجب فعجب نن ينكر هذا القسم من الكفر بعد تبوته بالكتاب والسنة . ويشنع على الأباضية بأغهم يقولون به ويلقيهم -بسبب ذلك - في مصاف الخوارج الذين يكفرون أهل التوحيد تكفيرا يخرجهم من اللة . وأنت إذا تدبرت كلام اللحققين من المحدثين وغيرهم وجدتهم يصرحون بصحة ما ذهب إليه أصحابنا من تکفير مرتکب ۲۳ ۔ الكبائر كفر نعمة لا كفر شرك ٠ وكفى بإمامي المحدثين - البخاري ومسلم - اللذين صرحا ئي : صحيحيي| سہذا الكفر غر مرة . وقد مر بك كلام الامام ابن العربي » وهو في مقدمة أئمة المالكية فقها وحديثا وتفسيرا . وتجد نحوه في كلام النووي في شرحه على صحيح مسلم ٠ ومثله ما قاله المحققون من شراح البخاري كالحافظ ابن حجر في فتح الباري » والعيني في عمدة القاري . والقسطلاني ئي إرشاد الساري .٠ وهو الحق الذي لا غبار عليه . أما الذين يشنعون على من قال بكفر النعمة ٠ فلا يلو إما أن يكون تشنيعهم نتيجة سوء فهم وقلة علم ٠ وإما أن يكون بباعث حالة نفسية تدفم إلى تشويه الحقيقة ومكابرة الحق ٠ وكثيرا ما يرتبك هؤلاء عندما يواجهون مثل هذه النصوص . فيتكلفون لا تأويلات شتى ٠ كالقول بأنها يراد بها المبالغة ني التنفيرعن تلك الأعمال ٠ أو أنها أطلق عليها اسم الكفر لأنها من شأن الكفار غالبا . وهي تأويلات لا تتفق مع سياق النصوص »٠ وإنا يلجئهم إليها التقليد الأعمى والتعصب البغيض . والكفر المعني هنا هو الكفر الذي يخرج بصاحبه من الملة › سواء قلنا إن المعنيين به مشركو العرب أو كفرة أهل الكتاب أو الطائفتان جميعا كا هو الصحيح ٠ لأنهم جميعا يصدق عليهم وصف الكفر المخرج من اللة . وقال الامام محمد عبده : الكفر هنا عبارة عن جحود ما صرح ٠۳۲ “۔ الكتاب المنزل أنه من عند الله » أو جحود الكتاب نفسه أو النبى الذي جاء به . وبال جحملة ماعلم من الدين بالضرورة بعد ما بلغت الجاحد رسالة النبي يَيةٍ بلاغا صحيحا . وعرضت عليه الأدلة على صحتها لينظر فيها ؛ فأعوض عن شيء من ذلك وجحده عنادا او تساهلا أو استهزاء . نعني بذلك أنه لم يستمر في النظر حتى يؤمن ثم قال ولم نسمم أن أحدا من الصحابة - رضي الله عنهم - كفر أحدا با وراء هذا فى عداه من الأفاعيل والأقاويل المخالفة لبعض ما أسند إلى الدين ولم يصل العلم بأنه منه إلى حد الضرورة ‏ أي لم يكن سنده قطعيا كسند الكتاب - فلا يعد منكره كافرا إلا إذا قصد تكذيب النبي ية . فمتى كان للمنكر سند من الذين يستند إليه فلا يكفر . وإن ضعفت شبهته في الاستناد إليه مادام صادق النية فيا يعتقد ٠ ولم يستهن بشي ء مما ثبت بالقطم وروده عن المعصوم ييو . وقد تبر بعض المتأخرين على تكفير من يتأول بعض الظنيات أو يخالف شيئا مما سبق الاجتهاد فيه أوينكر بعض المسائل الخلافية › فجرأوا الناس على هذا الأمر العظيم حتى صاروا يكفرون من يخالفهم ي بعض العادات وإن كانت من البدع المحظورات »٠ ثم هم على عقائد الكافرين وأخلاق المنافقين ٠ ويعملون أعمال المشركين ٠ ويصفون أنفسهم بامؤمنين الصادقين«› . وهذا كلام في منتهى النفاسة ٠ فإن التجرؤ على إخراج أحد من الموحدين من حظيرة الملة أمر لا يستهان به . فهو تترتب عليه sss” ١ تفسير انار ح١ ص ١٤٠ ط ٤ -“ ۲۳۳ عواقب سيئة في الدنيا والآخرة » لأنه سبب انفكاك الغرى واتحلال الروابط وتقطع الصلات بين الأمة . ومن ثم نجد أصحابنا- رجهم الله لا يكفرون كفر شرك من يصطدم بالنصوص القاطعة إن كان متشبثا بشيء من التأويل › وإن كان في ذاته أو هي من نسج العنكبوت »٠ وإنا يصفون مثله بالتفاف وكفر النعمة . أما المسائل الاجتهادية فللرأي فيها محال رحب عندهم ٠ فلا يعنف من قال برأي مالم يصطدم بنص قاطم ولا يفسق من عمل به . هذا 3 وقسم الأستاذ الامام الكافرين إلى أقسام › فقال : منهم من يعرف الحق وينكره عنادا › وهؤلاء هم الأقلون ولا ثبات لحم ولا قوام » وكان منهم في زمن النبي يل ولم يلبثوا أن انقرضوا قال - كنت قلت بهذا المعنى كلمة جديرة بأن تحفظ ». وهي : أن جحود الحق مع العلم به كاليقين في العلم › كلاهما قليل في الناس . ومنم من لا يعرف الحق ولا يريد ولا يحب أن يعرفه . وهم الذين قال الله تعالى فيهم : إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم لله فيهم خیيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون”) . فھؤلاء كلا صاح بهم صائح الحق فزعوا ونفروا وأعرضوا واستكبروا » ففي أنفسهم شعور با حق ٠ _—— ١ سورة الأنفال : الآيتان و٢۲ £ ۲۳ء ٢۲۳ - ولكنهم يجدون فيه زلزلة كلا لاح لحم شعاعه يحجبونه عن أعینہم بأيديهم . وسبب ذلك أنهم لم يستعملوا أنظارهم في فهم الحق › ويخغافون أن لو استعملوها أن ينقصهم شيء ما يظنونه خیرا ویتوهمونه معقودا بعقائدهم التي وجدوا عليها اباءهم وساداتهم . ومنہم من مرضت نفسه واعتل وجدانه › فلا يذوق للحق لذة » ولا يجد نفسه فيه رغبة » بل انصرف عنه إلى موم آخر ملکت قلبه وأسرت فؤاده . كالحموم الي غلبت أغلب الناس اليوم على عقوم ودینہم . وهي ما استغرقت کل ما توفر لدیہم من عقل وإدراك » واستنفدت كل ما يملكون من حول وقوة ئي سبیل کسب مال أو توفير لذة جسمانية أو قضاء شهوة وهمية . فعمي عليهم کل سبیل سوی سبل ما استهلکوا فيه . فإٍذا عرض عليهم الحق او ناداهم إليه مناد رأيتهم لا يفهمون ما يقول الداعي ٠ ولا بميزون بين ما يدعو إِليه وبين ما هم عليه . فيكون حظ الحق منهم الاستهزاء والاستهانة بأمره . فإذا وعدهم أو أوعدهم النذير قالوا لا نصدق ولا نكذب حت ننتهي إلى ذلك المصير» وهذا القسم كالذي قبله كثير العدد في الناس في كل زمان ومكان . خصوصا في الأمم التي يفشو فيها الجهل وتنطمس من أفرادها أعين الفطرة ٠ وتنضب من أنفسهم ينابيع الفضائل ٠ فيصبحون كالبهائم السائمة لا هم لحم إلا فيا يملا بطونهم أو يداعب أوهامهم . ويصح جمع هذين القسمين تحت قسم واحد . وهو قسم المعرضين الجاحدين الجاهلين . والقسم الأول هو قسم المعاندين المكابرين” ٠ ١ التار. ح١ ص ١١٤۱-٤٤۱ ط ٤ ٢۲۳ - هذا کلامه ٤ وهو مم نفاسته ينبغي ان ينظر فيه ٠ فإِن الشواهد قائمة على كثرة أفراد القسم الأول . فاليهود الذين كذبوا النبي يل قال الله فيهم : يعرفونه ك يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمونڳ”) . وقد ذکرهم الله في كثير من الآيات بأنهم يحرفون الكلم عن مواضعه » ويبدلون ما أنزل الله فا بأيدهم من الکتاب من ايات كاشفة للحق لأجل منفعة مادية زائلة » أو من أجل حسدهم أهل الحق أو بباعث العنت والاستكبار . وقد كانوا يستفتحون بمبعث النبي ية على الذين كفروا من العرب الأميين فل جاءهم ما عرفوا كفروا به » ومن فحص أحوال اليهود » وجدهم من أعرف الناس برسالة محمد ية وصدقها . وإنا اثروا ما توهموه مصلحة لم على الايمان فباؤ وا بالخسران وهووا في دركات الموان . أما مشركو العرب فإنهم وإن كانوا على جاهلية جهلاء وأمية متأصلة فيهم ٠ فقد كانوا يتصفون برقة الشعور ودقة النظر . وقد أوتوا من ملكة البيان ما کانوا به متفوقين على غيرهم . فلم يکن يعزب عن أذهانهم صدق النبي يل وما كانوا عميا عن إشراف حجته ونصوع دلیله . كيف وقد كان عليه أفضل الصلاة والسلام مشهورا بينہم بالصدق والأمانة لا يختلف في ذلك اثنان منم . وكان القران يصبحهم ويمسيهم بقذائف إعجازه ويدعوهم إلى التحدي والمعارضة ۱ - سوره البقرة : الأية 79١1١ ٦۲۳ ۔ بأسلوب يبعث عزائم الخاملين منم ٠ وقد وقفوا مشدوهين أمام سطوع حججه »٠ وظهور براهينه . ولم تحدثهم نفوسهم العاتية بن ينزلوا إلى ميدان المعارضة فيحاولوا أن يأتوا ولو ثل أقصر سورة من وره » وهم الذين لا يصطلى بنارهم في البيان . ولا يجری في مضمارهم في منثور القول ومنظومه . على أن كل ما كان يدعو إليه ية من عقيدة وأعمال وأخلاق ٠ هو نفسه شاهد على صدقه ٠ لأنه نابم من الفطرة الانسانية وملب لضرورات البشر. فلم يكن الباعث على كفرهم إلا العناد والمكابرة . كا ثبت ذلك في أقوال بعض كبرائهم . أقوال ئي إعراب «سواء» : اوسواء» ؛ اسم مصدر بمعنى الاستواء » يبر به عن المفرد وغيره من غير أن تدخل عليه علامة للتثنية أو الحمع ٠ قال تعالى : فأنتم فيه سواء»() . ويوصف به المفرد وغيره كذلك ٠ فمثال وصف المفرد قوله تعالى : إتعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم4) . ومثال وصف الحمع قوله سبحانه : في أربعة أيام سواء للسائلين») . على قراءة من جر سواء . وكا أن الملصدر يحل محل اسم الفاعل لقصد البالغة » نحو محمد عدل ٠ بمعنى عادل ٠ إذا أردت أن العدل يتمثل في شخصه ١ سورة الروم : الآية ۶٢۲٤ ٢ سورة ال عمران : الآيةَ ,١٤٠٦ء ٢ سورة فصلت : الأية ١٠١٠ء - ۲۳۷ واختلف علاء العربية والتفسير في إعراب سواء هنا ٠ مہم من أعربه خبرا لإن ورفع به الفاعل المفهوم من و أأنذرتهم أم لم تتذرهم 4 , كأنه قيل إن الذين كفروا مستو عليهم إنذارك وعدمه ٠ ومنېم من أعربه خبر مبتداً محذوف ٩ تفدیره الأمران سواء ثم بين الأمرين بقوله : بنذ رتهم م ل تنذرهم ‏ ۱ ومنهم من أعربه خبرا مقدما لمبتداأ مؤ خر أي سواء عليهم إنذارك وعدمه وهو المشهور على الألسنة 6 وأورد عله أمور : أولها : أن الفعل يسند ولا يسند إليه . ثانيها : أن الاستفهام له صدر الكلام ٠ وهذا الاعراب يبطل ذلك . الثها : أن الحمزة وأُم موصوعان لأحد آمرین 6 ولفظ سواء لأيدل على مفرد » لأنه بمعنى الاستواء وهو يقتضي الاشتراك ٠ ولذلك يقال استوی وجوده وعدمه ٩٠ ولا يقال أو عدمه . رابعها : أن تقديمه مع تقديره خبرا يؤدي إلى التباس البتداً وأجيب عن الأول بأنه من جنس الكلام الذي يهجر فيه جانب ۲۳۸ -۔ اللفظ إلى جانب المعنى ٠ ومثله شائع عند العرب ٠ كقوهم لا تأكل السمك وتشرب اللبن ٠ فإِن إجراءه على ظاهره يستلزم عطف الاسم المتصوب على الفعل ٠ بل المفرد على جملة لا محل ا وعن الثاني والثالث : بأن الحمزة وأم قد جردا هنا عن معني الاستفهام عن أحد الأمرين ولأجل استوائه] في علم المستفهم جعلا مستویین في تعلق الحکم با حت قیل إن تجوز با عن معنی الواو العاطفة الدالة على اجتماع متعاطفيها في نسبة ما من غير ملاحظة تقدم أو تأخر . وحاصل هذا الحواب أن يدلان على الاشتراك فقط ولا ملاحظة فی | للاستفهام . وجيب عن الرابع : بأن الالتباس إنما حصل في الخبر الفعلي نحو زيد فام . وإذا لم يتنم تقديمه وهو صفه صريحه فعدم امتناعه هنا اولي . واستظهر ابن عاشور أن المبتدأ بعد سواء مقدر يدل عليه الاستفهام الواقع معه وأن التقدير سواء جواب «أأنذرتهم أم ل تنذرهم» » ومثل لذلك بقول القائل : علمت أزيد قائم . فإن تقديره علمت جواب هذا السؤال ٠ وهذا الاعراب مبين للمعني لمراد غير أنه لا يتفق مع أصول الفن . وأجيز جعل سواء مبندا واقعا لفاعل سد مسد الخبر لأن سواء بمعنى مستو فهو كاسم الفاعل ٠ فلذلك أعطى حكمه في رفم الفاعل الساد مسد خبر المبتداً . ومها يكن الاعراب فإن الأية تفيد عدم جدوی الانذار ئي ۲۳۹ ۔ هؤلاء الناس 6 فلذلك تساوی مع علذمه . مهمه الداعى الاأصلاح : وإنما واجب الرسول يَثِةٍ القيام بماأمر به من الانذار والتبليغ » وليس في مقدوره ولا في مقدور أحد من الناس تمكين 7 القلوب ٠ وإنما هو من مقدور الله وحده ٠ وفائدة تبليغ ‎NEN‏ إقامة حجة الله عليهم لئلا ‏| : ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع اياتك من قبل ان نذل 4 . وي ذلك إِيماء إلى أن مهمة الداعي عحاولة استصلاح الناس وإن أيس من نجاح هذه المحاولة . كا سيأتي إن شاء الله موضحا في موضعه . ‏وتعدية سواء بعلى للدلالة على التمن ٠ فقد سبق أن على تفيد الاستعلاء . وهو يقتضي تمكن المستعلي من المستعلى عليه ٠ ويراد به هنا استواء الانذار وعدمه عند هؤلاء المعنيين . ‏وقوله «لا يؤمنون» يفيد تقرير ما تقدم » وهو إما تأکید له . وإما خبر بعد خبر » ولا يصح أن يكون خبر إن ». وحملة «سواء عليهم أأنذرتهم أم م تنذرهم» اعتراضية وإن جوّزه صاحب الكشاف لأن فائدة الاخبار بيان استواء الانذار وعدمه لا إفادة عدم إيمانهم ‏فحسب . ‎7 ‏۱ سورة طه : الأية ‎e۳‏ ‎"2 ‎ لا يكلف اله إلا با في وسع المكلفين : هذا وقد تشبث ذه الاية كثير من القائلين بجواز التكليف بالمحال ووقوعه » ووجه استدلا م أن الله سبحانه أخبر عن هؤ لاء الكفار بعدم إيمانهم ٠ واستواء الانذار وعدمه عليهم ٠ وهم مع ذلك محاطبون بالامان مکلفون به مع عدم جواز تبديل شيء من کلمات الله تعالى » وهو يعني أنهم مطالبون بأن يؤمنوا أنهم لا يؤمنون لاندراج ذلك في| طولبوا بالامان به من الكتاب . هذا ملخص ما يقولونه . ولحم في الاستدلال لذلك مسالك متشعبة ووجوه مختلفة . وكأني بهؤلاء يتصاممون عن قوله تعالى نلا يكلف اله نفسا إلا وسعهابة ٠ وقوله : إلا يكلف اله نفسا إلا ما اتاهاچ . والآيات الدالة على أن عدم إممان الكفار ناتج عن عنادهم وإخلادهم إلى الضلالة . وإصرارهم على الباطل ٠ كقوله تعالى : وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الحهدى ويستغفروا ربهم إلا أن أيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا*#() . وقوله : #وماذا عليهم لو امنواڳ(") . والقول الحق ي ذلك أن إخبار الله عز وجل بعدم إيمانهم إا هو إخبار عا علمه من حالم 5٠ فلا يسقط ذلك تكليفهم بالامان ٠ ولا يدل على أنهم طولبوا بها هم عاجزون عنه ٤ فإٍنهہم کانوا قادرین على التسليم ٠ وإنما باعدهم عنه ما رسخ في نفوسهم من كراهة سے ١ سورة الكهف : الأية ٥٥م ١ سورة النساء : الأية ۳۹ء .ا٢٢۲ - الحق 3 وعداوة أهله . ويرى العلامة ابن عاشور أن الاخنلاف في هذه المسألة ناشىء عن الالتباس الحاصل من مفهوم المحال ٠ فهو يطلق على ما هو حال عقلا . كجمع النقيضين ٠ ومحال عادة . كصعود السياء » وما فيه حرج وإعنات كذبح المرء ولده » ووقوف الواحد لعشرة من أقرانه . وما عرضت له الاستحالة بالنظر إلى شيء اخر » كإممان من علم الله عدم إِيمانه وحج من علم الله أنه لا يجج ٠ وكل ذلك مندرج فا لا یطاق ك ي قوله سبحانه : مولا تحملنا ما لا طاقة لنا بە كه ٠ فإِن المراد بذلك ما يشق على النفس مشقة عظيمة . وأطلق لفظ المحال على كل واحد من هذه الأقسام حقيقة ومطابقة في بعضها . والتزاما ئي البعض ومازا في البعض ِ۱ وأطلق عليها عدم المقدور كذلك . ك أطلق الجواز على الامكان وعلى الامكان للحكمة . وعلى الوقوع . فكان ذلك منشاً الأختلاف الذي ملا الفضاء حتى جاء من فتح إغلاق الاشكال مفاتيح التحرير › فتبين أن الجواز الامكاني ثابت لأن يفعل ما يشاء لو شاء ٠ وثبت أن الجواز الملائم للحكمة منتف عند الطائفتين وإن اختلفتا في تفسير الحكمة . لاتفاق الكل على أن فائدة التكليف تنعدم إذا كان المكلف به متعذر الوقوع . وثبت أن الممتنم لتعلق العلم بعدم وقوعه مكلف به جوازا ووقوعا . وجل التكاليف لا تلو من ذلك ٠ وثبت ما هو أخص وهو رفع الحرج الخارجي عن الحد .٢٢۲ - التعارف تفضلا من الله تعالى لقوله : وما جعل عليكم في الدين من حرج( . وقوله : علم أن لن تحصوه فتاب عليكم € › أي لا تطيقونه كا أشار إليه ابن العربي في الأحكام . انتهى المراد من كلامه بتصرف . ولا يماري عاقلٌ في أن الله يفعل ما يشاء » ویحکم ما یرید ۔ ون يع أفعاله عدل لا يوصف شيء منہا بالظلم والجور » ولکنه سبحانه أخبرنا بعدم تكليفه إلا بما في وسع المكلفين »٠ فليس لنا أن نتجاوز ذلك فنصفه با مخالفه . ومن المعلوم أن الله هدى كل أحد السبيل وفتح لکل من شاء أبواب الرشاد › فانحراف الانسان إلى مسالك الغواية ليس بسبب حيلولة القدر بينه وبين الرشد ٠ وإنما هو باستحباب نفسه » كما أخبر الله عن ثمود بقوله : موأما ثمود فهديناهم قاستحبوا العمى على الحهدى4) , والله يعلم ما اشتملت عليه طوايا الأنفس وحنايا الضمائر » فلا غرو في إخباره عمن أخبر عنه بعدم الايمان مع دعوته إليه › إذ الخبر إنما هو عا علمه الله من هوى نفسه وميلولة رغبته . وبهذا يندفم الاعتراض الذي تصوره الامام ابن عاشور في دعوة أمثال هؤلاء إلى الحق مع العلم بعدم استجابتهم ولا داعي إلى ما أجاب به من أن الرسول يَيٍ ل يقصد أحدا بعينه من هؤلاء الذين ماتوا مصرين على الكفر فيخصه بالدعوة إلى الایمان كا صنع ١ ۔ سورة الحج : الأية و٥۷۸» 7 - سورة المزمل : الآية ٢٠٠» ۳ سورة فصلت : الآية «۷١» ٣٢۲ - مم عمر بن الخطاب حين جاءه ٩ إذ قال له : أما ان لك يا ابن الخطاب أن تقول : لا إله إلا الله ؟ وكا صنع مع غيره ممن أسلم . وکلامه هذا دعوی لم تنہض بها حجة » ومن اين له أن رسول الله ييو ل يدع أحدا بعينه ممن لم يسلموا إلى الاسلام 9 مع قوله تعا ى : #لتنذر قوما ما أنذر اباؤهم فهم غافلون . . 4 إلى قوله : «. . لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنونچ9 . ودعوته يِل ل تختلف عن دعوات النبيين من قبله ثي حيثية الاتحجاه بها إلى جميع من أرسل إليهم ٠ سواء من وفق لقبوا منہم ومن م يوفق » وقد أرسل الله موسى وهارون ‏ عليه) السلام - برسالة الحق إلى فرعون الكافر العنيد » الذي سبق في علم الله أنه سيموت على كفره وضلاله » وأمرهما أن يقولا له قولا لينا » وبين هذا القول اللين قوله تعالى : #فقل هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشی 4() . وهكذا كانت رسالات جميع المرسلين إلى أقوامهم کا هو واضح لن تدبر القران . وليت شعري ما هو الفارق بين دعوة الأعيان ودعوة المجموعة . على أن الدعوة هى تكليف إلى للرسل ولأجل ذلك أمر الله نبيه ية أن يحط عن صدره أثْقال ا حموم الي كان ينوء بها بسبب ما کان یلقاء من قومه من صدود » وقال له ١ سورة يس : الآيات ,6 5٤ ۷٤ ٤٢٤۲ - تعالى : إا عليك البلاغ وعلينا الحساب€() . هذا وقد شدد الأستاذ الامام الشيخ محمد عبده التكير على القائلين بالتكليف بالمحال ٠ وذكر أن الصحابة - رضي الله عنم - ما كان ذلك يخطر على بال أحد منہم ٠ ثم قال : إن الاتفاق واقع بين الأئمة . بل بين الأمة على أن التكليف بالمحال غير واقع وأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها › كا صرح به الكتاب وتضافرت عليه الأحاديث النبوية() . وقس كلامه هذا إلى ما قاله الفخر الرازي من أن القول بجوازه هو قول أهل السنة . والقول بعدم جوازه هو قول المعتزلة . ١ سورة الرعد : الآية ٤٤ء ¶ - سورة انار ح ١ ص ١٤۱ ۸٤۱ ط ٤ ٢٥٤۲ ۔ «إختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولحم عذاب عظیم ڳه () تكن الضلال من نفوس الكافرين : حال هؤلاء الذين كفروا تدعو إلى الاستغراب وتبعث الحيرة ي نفوس السامعين › ما بام لا يؤمنون » وقد توفرت دواعي الايمان › فهو سبب سلامة الدنيا وسعادة العقبى ٠ وقد برزت معاله ووضحت مسالكه ٠ وتبراً من كل أسباب الشك ودواعي اللبس » ليس فيه ما لا تستسيغه العقول المبصرة وتيل إليه الطبائم السليمة ٠ فإذا طرق مسامم الناس ما تقدم في الآية السابقة من استواء الانذار وعدمه عليهم ٠ حاروا من ذلك ولم يدركوا السبب الذي أدى بهم إلى هذه الحالة . حيث استولى الضلال على عقوم وهيمن العناد على نفوسهم » فلذلك عقبت تلك الأية بمذه ليكون ما فيها كالتعليل ا تقدم › فهي مم تقريرها لسابقتها كاشفة عن علة ما فيها » ولا ينافي ذلك ما قيل إن جملة ختم الله على قلوبهم استئناف بياني یفید جواب سائل یسال عن سبب کونهم لا يؤمنون . ومن ناحية أخرى هي مقابلة لجحملة «أولئك على هدى من رہم » فتلك مشعرة بتمکن المؤمنين من الحدى والثناء عليهم بارتقائهم في درجاته . وهذه مشعرة بتمكن الضلال من نفوس ٢٢۲ ۔ الكافرين وإحاطته با حتى لم يعد للحق سبيل إليها © كا أنها مشعرة بذمهم على انحطاطهم في دركات الضلال . والختم والكتم أخوان . كما قال الزحشري ٠ لأن تقارا اللفظي يشعر بالتقائه| ي المعنى ٠ وحقيقته ي المحسوسات كال ختم على الاناء بمعنى سده » واختم على الكتاب بوضع علامة - مرسومة ي خاتم ‏ عليه ليمنم ذلك من فتحه . فذهبت طائفة من مفسري السلف إلى أن الختم واقع حقيقة على القلوب ٠ ومن ذلك ما رواه ابن جرير عن الأعمش ٠ قال : أرإنا مجاهد بيده فقال کانوا يرون ان القلب في مثل هذا يعني الكف - فإذا أذنب العبد ذنبا ضم منه - وقال بإصبعه الخنصر هكذا - فإذا لاتب شم وقال ال ياصع أخری » فإذا أذتب ضم وقال بإصبعم بطابع . قال مجاهد : وكانوا يرون أن ذلك ا واختار هذا القول ابن جرير والقرطبي ٠ وعضداء با رواه الترمذي - وصححه - والنسائي وابن ماجة وابن جرير نفسه عن أي هريرة - رصي الله عنه _ قال : قال رسول الله ية : «إن المذنب إذا أذنب ذنبا كان نكنة سوداء في قلبه » فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه . وإن زاد زادت حت يُغلف قلبه وذلك الران الذي قال EET ١ تفسير ابن جرير » ح ١ ص ۸۷ ط دار المعرفة . ٢ - الله جل ثناؤه : لکلا بل ران على قلوبہم ما کانوا یکسبون چ( . القلوب أغلفتها . وإذا أغلفتها أتاها حينئذ الختم من قبل الله عز وجل والطبع 9 فلايكون للايمان إليها مسلك ولا للكفر متها حلص ) . وعضده القرطبي أيضا با رواه مسلم عن حذيفة - رضي الله عنه _ قال : حدثنا رسول الله ي حديثين »٠ قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر » حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ٠ ثم نزل القران فعلموا من القران . وعلموا من السنة ٠ ثم حدثنا عن رفع الأمانة , قال : ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرهامثل الوكت ٠ ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه مُتتبرا ولیس فيه شيء- ثم أخذ حصى فدحرجه عل رجله - فيصبح الناس يتبایعون لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يقال إن في بني فلان رجلا أمينا ٠ حتى يقال للرجل ما أجلده ما أظرفه ما أعقله ٩ وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إمان » ولقد أ عل زمان وما أبالي اکم بایعت لئن کان مسلما ليردنه علي دينه ۽ ولئن کان نصرانیا أو بہودیا لیردنه علي ساعيه ‏ وأما اليوم فم كنت لأبايم منكم إلا فلانا وفلانا 09 . ١ سورة المطففين : الأية ١٠ء ۲ المرجع السابق ح ١ ص ۸۷ ط دار المعرفة . ۴ الوكت : الآثر اليسير في الشيء . المجل : ما يشبه البثر من العمل بالأشياء الصلبة الخشنة . الانتبار : الارتفاع . انتهى ملخصا من اللسان . ومثله في تفسير القرطبي ؛ إلا في المجل فقد فسره با يكون بين الحلد واللحم من ماء . ۸٤۲ - وعضده كذلك بحديث حذيفة عند البخاري . قال : سمعت رسول الله يَيَةٍ يقول : «تعرض الفتن على القلوب كا حصير عودا عودا ٩ فاي قلب أشرها نكت فيه نكتة سوداء ٩ واي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بیضاء حتی تصیر على قلبین على أبیض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض ٠ والآخر أسود مُرْبادٌ کالکوز عَحّيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه . .»() «الحديث» . وذهب أكثر مفسري الخلف إلى أن ذلك من باب المجاز » فإن عدم وعي القلوب للحق ونبوها عن قبوله جعلها كأنها توم عليها بسداد يحول بينها وبين وصول الحق إليها . ويقال مثال ذلك ئي ختم الأسماع › ومثله في تغشية الأبصار . وإيضاح ذلك ٠ أن يصور رفض عقوطم ا أنزل الله من هدى - بسبب كفرهم بالله الذي ملا تفكيرهم وسيطر على نفوسهم ومج أسماعهم لأصوات الحق ‏ في صورة الاستيثاق بالختم ٠ ويصور إعراضهم عن النظر في ايات الله الدالة على وحدانيته » في صورة تغشية الأبصار بغشاوة حائلة بينہا وبين الإبصار . فيكون المجاز استعاريا ويصح أن يکون من باب الملجاز التمثيلي ٠ بأن تشبه هيئة منتزعة من تصميمهم على الكفر ٠ وإعراضهم عن داعي الحق الصادع بقواطع البراهين » بهيئة الختم المنتزعة من فعله وفاعله . وهو الخاتم ٠ والواقع عليه الفعل ٠ وهو الملختوم عليه » وتشبه حالة أبصارهم في عدم تأمل دلائل وحدانية الله ١ المرباد : ما تغير الى لون يضرب الى السواد . المجخي : الائل . كذا في اللسان . ۹٢۲ - وصدق رسوله ميئة الغشاوة . ويجوز أيضا أن يكون من باب المجاز الارسالي فان لازم الختم والغشاوة عدم العقل والحس » فيراد هذا اللازم بذكر ملزومه وأنكر أصحاب هذا القول على أصحاب القول الأول ووصفوهم بالظاهرية . وقد ظهر لي بعد إمعان النظر ئي القولى أن الثانى هم الراحح ٠ فإن اقتران القلوب بالأسماع ٠ لصرف لفظ الختم عن حقيقته إلى محجازه . فإن الأسماع يتعذر أن يكون ختمها حقيقيا 9 فإذا حمل ختم القلوب على الحقيقة . كان ذلك من باب حمل اللفظ على حقيقته وجازء في إطلاق واحد ٠ وذلك مالا يصح . عل أن ختم الأسماع لو كان حقيقيا ما وصل إل مسامعهم صوت ٠ وكذلك يتعذر حمل الغشاوة الي في الإأبصار على معناها الحقيقي ٠ إذ لا غشاوة حسية تشاهد ٠ ولو أن عليها غشاوة حسية لامتنم عليها الابصار رأسا . وذلك لا ينافي أن تَتأثْر القلوب تأثرا محسوسا بمعصية الله 9 ك) يقيده ظاهر حديث أبي هريرة . وحديثي حذيفة - رضي الله عنما على انني أميل إلى أن المراد من هذه الأحاديث تصوير الرسول ية ٠ ما يعرو القلوب بسبب المعصية من الانقباض عن الحق ٠ واستئقاله والانبساط للباطل ٠ والارتياح له » في صورة الأمر الملحسوس تيسيرا للأفهام . وتقريبا للأذهان › کا هو شانه ت ف غالب کلامه . واشتراکي| ق الختم 6 ودکر عشاوة الأنصار من بعد ن فا كافه والغشاوة ما يغشى العين من موانم الابصار ء كا قال الشاعر : صحبتك إذ عيني عليها غشاوة فلا انجلت قطعت نفسي ألومها وأصلها بمعنى الغطاء ٠ وإنما قصرت الغشاوة على الأبصار › وألحقت الأسماع بالقلوب في الختم ليتفق ما في هذه الآية مع ما في قوله تعالى : #وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة() ,. ولأن الغشاوة أنسب بالأبصار . والختم بالقلوب والأسماع . لأن الختم من شأنه أن يكون على المستور المكنون › وهكذا موضع حس السمع ٠ وموضع إدراك العقل ٠ أما حاسة البصر فهي منكشفة ظاهرة . فلذلك كانت الغشاوة هي الناسبة فا . هذا › وما أصاب هؤلاء من الختم على قلوهم » وعلى أسماعهم » وغشاوة أبصارهم . ليس إلا نتيجة إصرارهم على الكفر » وإخلادهم إلى الضلال ٠ كا يدل عليه قوله سبحانه : فبا نقضهم ميثاقهم وكفرهم بايات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقوم قلوبنا غلف بل طبع اله عليها بكفرهم فلا يؤمتون إلا قليلا4) . وقوله : «ذلك بهم امئوا ثم كفروا فطبع على قل وم 4 (") ِ وهذا لأن الاسترسال في العصيان ٠ والاستسلام لمطالب الشيطان . يؤديان إلى الحبوط في دركات المعاصي ٠ وحضيض الضلال » حتى يحرم صاحب ذلك من عناية الله التي تفك عنه أغلال الغواية » وتغلصه من حبائل الحوى . س ۱ - سورة الحائية : الآية و۲۳» ٢ سورة النساء : الآية ١١١1› ۳ - سورة المنافقون : الآية ۳» ٢٢۲ - ومه| يكن المراد بالختم في الآية . فإن إسناده إلى الله حقيقى ٠ لأن القلوب كسائر غلوقاته واقعة في قبضته ٠ يصرفها کہا يشاء 2 وما المداية إلا محض فضل من كا أن الخذلان ليس هو إلا عدلا منه سبحانه «إلا يسأل عا يفعل وهم سلون »() . الافراط والتفريط في نسبة الأفعال : وبهذا تعلم أن معصية العبد لربه لها صلة بقدرة الله وإرادته › فهو سبحانه الخالق ا عندما تتجه إرادة العبد إلى اكتسابها » ومثل ذلك يقال في طاعته » وهذه مسألة اضطربت فيها الأفهام . وكثر فيها الحدل منذ القرن الأول الحمجري ٠ وقد ضلت فيها طائفتان ؛ طائفة تطاولت على الله عز وجل ٠ فادعت اشتراكها معه ي الاعباد ٠ ويل هذه الطائفة المعتزلة . أصحاب واصل بن عطاء ٠ الذين نفوا تعلق قدرة الله وإرادته بأفعال العبد . وزعموا أن العبد يستقل استقلالا تاما بخلق أفعاله . وطائفة ما قدرت الله حق قدره ٠ إذ نسبت إليه معاصي العباد » وزعمت أن العبد ليست له إرادة فيا يفعل ٠ وإنما هو مصرف في ذلك تصريفا إجباريا كالخيط في المواء الذي تحركه الرياح ٠ ويمثل هذه الطائفة الجبرية » أصحاب جهم ابن صفوان . وإذا كانت الطائفة الأولى فرطت في نسبة القدر والمقدور إلى الله حتى سلبته تعالى الارادة والقدرة ي أفعال العباد › فإن هذه الطائفة أفرطت في نسبة ما يصدر من العبد إليه عز وجل ٠ حتى زعمت أنه يجبر العباد على المعاصي التي يرتكبونها ثم يعاقبهم ١ سورة الأنبياء : الآية د۲۳٠ ٢٢ - عليها . وليس قولحم هذا إلا صريجا ي نسبة الظلم إليه تعالى › والقضية مزلة للأقدام ٠ ومزلقة للأفهام › فيجب على من رام الهدى والسلامة أن يتبصر فيها . ولا ينسب إلى الله ما هو برريء منه » ولا يسلبه ما هو حقيق به . والقول الفصل الذي هدى الله إليه أهل البصائر فاعتقدوه دينا . هو أن الفعل تتعلق به قدرتان وإرادتان ؛ فدرة العصد وإرادته . وما متعلقتان بكسبه ولا تستقلان بإمجاده . وقدرة الله وإرادته وهما اللتان تهيئان أسباب الكسب للعبد »٠ وتغلقان له الفعل عندما يريد اكتسابه . سواء کان حقا أو باطلا ‏ من غير إكراء للعبد عليه ٠ وبهذا ندرك أن الله لا يعصى مكرها › ولا يۇ اخذ العباد با لم يجعل لحم محيصا عنه ٠ ولا حلصا منه ٠ وبهذا يجمع بين الأيات التي قد يحسبها الغبي متناقضة بسبب قلة تدبره وسوء فهمه . فكل ما دل على نسبة أفعال العباد إلى الله 9 فهو يعني به خلق هذه الأفعال . وكل ما دل على إسناده إلى العباد فيقصد به الكسب دون الخلق ٠ وثواب الله وعقابه متعلقه| كسب العباد » کا قال عز من فائل : #ها ما كسبت وعليها ما اكتسبت4() . وقد علم الله تعالى ئي الأزل ما سيختاره كل أحد من أعمال الخير والشر » فكان قدره تعالى في ذلك بحسب ما سبق من علمه ٩ وقد أمر سبحانه بال خیر » وخی عن الشر » وأئنی على من عمل خيرا » وذم من عمل سوءا » وذلك لأنه سبحانه وهب الحميع القدرة على الأمرين ٠ فكان الثناء والذم على اختيار الناس بأنفسهم . ولا شك أنها مسألة دقيقة › ولذلك كان جل الذين بحثوها لم يرووا ببحثهم غليلا › ولم يشفوا ١ سورة البقرة : الآية ۲۸» ۳٢ - علة . بل كثيرا ما أدت بحونهم إلى التعقيد » وقد تردد بعض العلماء بين المذهبين » مذهب البر ومذهب القدر » ولم يستقر رأيه على أحدهما . ومن هؤلاء الفخر الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب ٠ فبعد أن أقى بأدلة الطائفتين صرح أن كلا الفريقين ما طلب إلا إثبات جلال الله . وعلو كبريائه » وإنما وقع نظر فريق منم على العظمة ٠ ونظر فريق خر إلى ال حكمة » وروي مثل هذا القول عن أبي القاسم الأنصاري 4 ولم ير الفخر القطم با تفيده الأدلة السمعية في المسألة بناء على أصله أن الدلالة السمعية لا تتجاوز الظن إلى القطع ٠ ولم ير كذلك القطم بمفاد الأدلة العقلية ٠ نظرا إلى ما توهمه من التعارض بينها » والأدلة إذا تعارضت تساقطت . وما أن اللعتزلة ومن حذا حذوهم يفرون من نسبة إبباد أفعال العباد إلى القه » هاموا في مثل هذه الآية وسلكوا طرائق قددا في تأويلها » كما ترى ذلك في الكشاف وغيره ما دبّجته أقلامهم ٠ فقالوا تارة إن القوم لما أعرضوا وتركوا الاهتداء بدلائل القه حتى صارت اللعصية مألوفة لحم ٠ كانوا كأنما طبعوا عليها › فأشبهت حالم حال من منع عن الشيء وصد عنه » فلذلك أضيف إلى الله تعالی ما حل هم » لأن هذه الصفة في تمكنها وقوة ثباتها كالشيء الخلقي ٠ وتارة قالوا إن الشيطان هو الخاتم في الحقيقة › أو الكافر نفسه ٤ وإنا إسناد ذلك إلى الله لأن إقدار الشيطان والكافر منه عز وجل ٠ وقالوا تارة أخرى إنه ما اتفق أن يكون كفرهم عند ورود دلائل الله عليهم ٠ کان ورود هذه الدلائل كالسبب لا حصل منهم من الكفر فلذلك 0 أسند إليه تعالى الختم المذكور . وذلك على غرار قوله سبحانه : إوأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم () . ومرة قالوا إن القوم لما بلغوا من الكفر مبلغا لا يمكن معه إيمانم , إلا بالقسر والالجاء من الله » وما لم يفعل ذلك بهم ناسب ذلك إسناد الختم إليه عز وجل ٠ إلى غبر ذلك من التأويلات المتشابة في التكلف والحروب من الحقيقة » ولعمري لو أنصفوا لرأوا الحق جليا . ولا أدى بهم اللجاج إلى الحروب من الواضح إلى المشكل ٠ ومن الحقيقة إلى الوهم ٠ ومن الصواب إلى الخطاً . ولسنا نشك في كونهم أرادوا تنزيه الله تعا ى من نسبة المعاصي إليه ٠ ولكنهم وقعوا في هو أعظم منبا » وهو نسبة العجز إليه سبحانه ٠ إذ لو كانت المعصية الصادرة من العبد وقعت على كره منه تعالى . لما كان لذلك تفسير » إلا أنه تعالی يحدث في ملکه ما ليس من مقدوره ضده ٠ وبال جملة فإٍن علینا أن نتقيد في ذلك بدلائل النص ٠ وأن لا نطلق لأنفسنا عنان الفكر الشارد الذي كثيرا ما يموي بصاحبه في مهاوي الأوهام . وللعقل البشري حدود مرسومة . لو حاول تجاوزها تردى في المخاطر والعياذ بالله . وهذه المسألة ترتبط بقاعدتين اعتزاليتين ؛ أولاهما : تحكيم العقل ٠ فإن المعتزلة يبنون معتقداتهم وسائر ارائهم على العقل › ويرون الشرع لا يكون إلا مؤكدا للعقل أو مبينا له » وإذا تصادما وجب الاستمساك بالعقل لأنه الأصل . ٹانیتھ| : وجوب مراعاة الأصلحة والصلاحية على الله 9 ١ سورة التوبة : الآية ١١۲٠ء - 0 ومن تأمل هذه الأصول الثلاثة التي هي أمهات الاعتزال › راها لا ينفك بعضها عن بعض ٠ فالقول بنفي خلق الأفعال عن الله فيه التفات إلى كل واحد من الأصلين الآخرين ٠ فهو من ناحية ناشىء عن كون العقل يستقبح أن يلق الله للعبد ما يعذبه به ٠ وما أن ذلك ومن ناحية أخرى فإن ذلك يتناف مع ما يتبادر من مصلحة العباد» ويجب على الله في زعمهم - أن لا يفعل إلا ما فيه مصلحتهم ٠ وسيأتي إن شاء الله بحث كل واحد من هذه الأصول با فيه مقنع لمن وفقه الله للهدى . وبالحملة فإن إسناد الختم إلى الله حقيقي ولا داعي إلى تكلف الاجابات المتنوعة التي جاء با الزغشري ٠ إذ لا يصار إلى المجاز إلا مم تعذر الحقيقة » والشواهد قائمة - بحمد الله - على أن الحقيقة هنا مقصودة . والمراد بالقلب هنا العقل ٠ فإن العرب تطلق القلب على اللحمة الصنوبرية المعروفة في الجسم بهذا الاسم ٠ وتطلقه على العقل والادراك ٠ ومن هذا الاطلاق قوله عز وجل : «وإن في ذلك لذكرى لن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد») . وهذا الاطلاق ناشىء عا بين العقل والقلب من الترابط ٠ فإن العقل وإن كان سلطانه في الدماغ أو هو نفسه في الدماغ . كا ١ سورة ق : الآية ۳۷» ٢٢۲ - ومنبم العواطف وعحل الوجدان باتفاق الجميع ٠ ولكل ذلك تأثير على العقل ولا يبعد أن يكون للقلب أثر في تكوين الفكر في الدماغ . إليه قول الرسول يي : «قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن» » وما هو إلا كناية عن تصريف الله تعا ل له بحكمته ولطفه . ومن ثم قال الشاعر : ما سمي القلب إلا من تقلبه فاحذر على القلب من قلب وتحويل المودعة في الحارحة . ويطلق على نفس الجارحة وهي الأذن . والبصر : هو القوة المدركة للصور › ويطلق على الجارحة الي يحل فیھا . کا يطلق على الأبصار فيكون اسم مصدر . واختلف في إفراد السمع مع جمع القلوب والأبصار › فقيل : هو لأجل لمح أصله وهو المصدر › فإن من شأن المصادر أن لا تشنى ولا تجمع ٠ ومن ثم جم عندما أبدل لفظه بالأذن کا في قوله تعا ى : بجعلون أصابعهم في آذانهم»() , وقوله : «وفي آذانهم وقراڳ(") , أما القلوب فهي متعددة . والأبصار جمع بصر › وهو اسم وليس بمصدر ۽ وقيل هو على ۱ - سورة البقرة : الأآية د۱۹٠ آ ۔ سورة الأنعام : اليه ٢۲ء - 0۷ تقدير محذوف نحو وعلى حواس سمعهم أو على جوارح سمعهم ٥ وهذا ضعيف 3 فإن التقدير لا يصار إليه إلا مع الضرورة . والمعنى وقيل إن في إفراد السمع لطيفة من لطائف التعبير القراني ٠ وهي جديرة بأن تعد من مزاياه الى لا يرقى إليها سائر الكلام ٠ فإن السمع مصدر من مصادر العلم والناس متساوون فيه ٠ فإ تلقى الينبوع الواحد المتدفق با يعم حميع الواردين . اما القلوب فهى تتفاوت في استقبالما المعلومات بتفاوت استعدادها واشتغاها ئا تتلقاه . وىتماوت ما يلمح شا من الأدلة والبراهين › واختلاف مايرد عليها من الأفكار . قلة وكثرة ٠ وكذلك الأبصار متفاوتة في مشاهدة المبصرات التي توحى إلى النفس أنواعا من العلوم » فلكل بصر حظه من النظر في آيات الله في الأنفس وي الأفاق الشاهدة بوحدانيته . واتصافه بكل كمال ذاق والدالة على صدق رسله فيا يدعون إليه الناس ٠ ولذا كان الأنسب بالقلوب والأبصار الجمع ‘6 وبالسمع الافراد ‘6 وأجیز بان يكون الاأفراد هنا لامن اللبس ٠ كا في قول الشاعر : كلوا في بعض بطنكم تعفوا فإِن زمانكم زمن مص وقول الأخر : ۸٢۲ „ کأنه وجه ترکیین قد غضبا مستهدف لطعان غبر تذبیب وهو شائع في الشعر العربي ٠ ولکني لا ری تغریج ما ي القرآن عليه لسمو القرآن عن درجات الشعر . وإذا كان النثر البليغ يستعصي أحيانا تخريجه على ما يباح في الأشعار › فا بالك بكلام الله تعالى الذي لا يعدل فيه عن لفظة إلى أخرى إلا وفي طي هذا العدول معنى بلي يشار به إليه . وبعد أن بين سبحانه حال هؤلاء . في الدار الدنيا بأهم لا يهتدون سبيلا ولا يسمعون للحق قيلا » لما على قلوبهم وسمعهم من الختم » وعلى أبصارهم من الغشاوة » أتبعه ببيان مالم في الدار الأخرة . بجا يوعدهم به من العذاب العظيم ٠ هذا إن قلنا إن العذاب المتوعد به هو عذاب الآخرة » وهو التبادر » وأجاز بعض اللفسرين أن يقصد به إما عذاب النار في الآخرة . وإما عذاب القتل والسغب في الدنيا . إذا أمسك عنه › کا يقال فيه نکل عنه . أو من قوم عذب الرجل إذا ترك المأكل والنوم » فهو عاذب وعذوب ٠ وبناء على ذلك فالتعذيب أصله حمل الانسان على أن يعذب أي جوع ويسهر . وقیل : هو مأخوذ من العذب والعذوية ٠ وعليه معن ۹٢ - التعذيب إزالة عذوبة حياة الملعذب ٠ كا يقال مَرّضته أي أزلت مرصه 6 وقذيته أي أزلت ذاه . طرفه ٩ وبناء عل ما تقدم فالعذاب ردیف النكال ویراد ا العقاب . وقيل : إن العذاب أعم منا » فهو يشمل ما يلم بالنفس أو الجسم من الل سواء كان رادعا عن العصيان آم غير رادع . أما النتكال والعقاب ٠ فلا يكادان يطلقان إلا على ما يردع . والعظيم قيل هو كالكبير› وقيل فوقه لأنه يقابله الحقير › ویقابل الكبير الصغير ٠ والحقير أدنى من الصغير › فیلزم أن يکون العظيم أعلى من الكبير . واستشكل ذلك مع قوله تعالى في الحديث القدسي : «الكبرياء ردائي والعظمة إزاري» حيث جعل تعالى الكبرياء ي مقام الرداء والعظمة في مقام الازار» مع أن الرداء أرفم من الأزار › ويترتب عليه كون الكبرياء أرفع من العظمة . ويندرىء هذا الاشكال باعتبار أن المراد من هذا الحديث القدسى بيان اختصاص الله تعالى بالكبرياء والعظمة 9 كاختصاص أحدنا بردائه وإزاره › وليس الراد منه بيان التفاضل بين الصفتين ٠ ولو قلنا بالتفاضل لاعتبرنا ما كان في محل الازار أكثر اختصاصا لأن ملابسة الازار ٦۲ ۔ لصاحبه أكثر من ملابسة الرداء عادة » ويغنيك هذا الجحواب ع| ساقه الألوسي من الأجوبة كقوله بأن ما ذكر خاص با إذا استعمل الكبير والعظيم في غيره تعالى.. أو في إذا خلا الكلام عن قرينة تقتضي العكس .٠ أو أنه سبحانه جعل العظمة وهي أشرف من الكبرياء إزارا لقلة العارفين به جل شأنه بهذا العنوان إذا ما قيسوا إلى عارفيه بعنوان الكبرياء . فلقلة أولئك كانت إزارا . ولكثرة هؤلاء كانت رداء » ولا يخلو جواب نما ذكره من التكلف والتعسف الظاهرين ٠ ولا يستند شيء متها إلى دليل عقلي أو نقلي . والعظمة تكون حسية . وذلك إذا وصفت با الأجسام › ومعنوية إذا وصفت با الأساء الدالة على المعاني . وتنكير عذاب للدلالة على أنه نوع غريب من أنواع جنسه ٤ وذهب بعضهم إلى أن التنكير للتعظيم ٠ وما وليه من وصفه بأنه عظيم إِنما هو لتأكيد هذا التعظيم المستفاد من التتكير » ورده الامام ابن عاشور بأن دلالة التنكير على التعظيم غير وضعية والدلائل غير الوضعية يستغنى عنما مع وجود ما يدل على المراد وضعا . n ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنىن چ (^) ذكر صفات النافقين : بعدما ذكر الله تعالى فريق الكفار المصارحين بما تنطوي عليه نفوسهم من الضلال وما تغلي به صدورهم من عداوة الحق وأهله ٠ عطف على قصتهم قصة فريق اخر » لا يقل عن ذلك الفريق خطورة على الاسلام وأهله » بل هو أشد منه خطرا » وأبلغ منه ضررا ۔ کہا سيأتي بيانه - وهو فريق يرتدي أردية الاسلام ليغطي بها خفايا الكفر وبواطن الضلال . وهذه الصفة سميت في العرف الشرعي بالنفاق . وقصة المنافقين هنا جاءت في جمل متتابعة منتظمة في سلك من الي . معطوفة على ما سبق وقد كان هذا العطف مثار اهتمام الباحثين من المفسرين وغيرهم » وقد ظل أكثرهم يتخبط في قيود الأشكال حتى جاء من أزاح الستار عن وجهه وكشف ما خفي من حفيقته » وهو العلامة جار الله الزغخشري ٠ في تفسيره المشهور «الكشاف» فقد بين فيه أنه عطف قصة على قصة أخرى وكل واحدة من القصتين تحتوي على مجموعة من ال حمل »٠ وبهذا تندفم الحاجة إلى مناسبة للعطف كالتي تكون بين الجملتين إن عطفت إحداهما على "e الأخرى »٠ وإنما يكمي في مثل هذا الموضع التناسب بين الغرضين من القصتين دون احاد احمل الوافعه ميه| . ولم تفصل هذه القصة عا قبلها ك ئي قوله تعالى : #إن الذين كفروا . . 4 (الآية) . لأن الفصل هناك لأجل تطلم السامعين بعد ذكر فريق المؤمنين إلى خبر ذلك الفريق الأخر الذي ظاهر قوله عقيدته الضالة الفاسدة ٠ فكان السامع كالسائل عنه › فجاء الفصل لاستئناف بيانه . أما هذا الفريق فلالتوائه في معاملته وستره قبائح طواياه بمحاسن ظاهره . کان أغمض حالا وأندر وصفا . وأغرب تصورا ` بحيث لا بطر بالبال وجود مثله 9 فلم يکن داع إلى استئناف بیانه لأن السامعين ‏ لفراغ باهم منه ‏ لم يكونوا يتطلعون إلى خبره » ومن تم كان هذا العطف . وقبل الكلام عن تفاصيل ما تحتويه الآية الكريمة جملة وإفرادا أرى من المناسب أن أذكر النفاق ومدلوله اللغوي والعرفي . مدلول النفاق ومعناه : أما لغة : فهو من نَفَّق اليربوع تنفيقا ٠ ونافق نفاقا إذا دخل في نافقائه . وذلك أن لبيت اليربوع بابين ؛ ظاهرا وخفيا › فإذا أراد أحد اصطياده وترصد له في بابه الظاهر . خرج من بابه الخفي ٠ وفات اللصطاد . ويسمى الظاهر قاصعاء ٠ والخفي نافقاء . ویقال ۳٢ - إذا حرج من النافقاء فق بکسر الفاء وفتحها - وانتفق ونمق . وأما اصطلاحا فهو الدخول في الاسلام من وجه والخروج عنه من وجه اخر » وهو بهذا المعنی اسم جديد جاء به القران ولم تكن العرب تعرفه في جاهليتها »وهو مأخوذ من المعنى اللغوي المتقدم . فإن المنافق بصنيعه هذا يشبه اليربوع في محادعته لمن يحاول اصطیاده بدخوله من باب ظاهر وخروجه من باب خفي . وكا يطلق النفاق شرعا على غخالفة العقيدة للقول . يطلق كذلك على عدم التزام واجبات الاسلام العملية . والتلبس بالأعمال والأخلاق النافية لصفاء الدين وطهارته . والدلائل على ذلك من سنة رسول الله ية وأقوال صحابته - رضي الله عنہم ‏ كثيرة يشد بعضها بعضا . منها ما أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عبداللةه بن عمرو بن العاص »٠ قال : قال رسول الله َو : «اأربم من کن فيه کان منافقا خالصا . ومن كانت فيه خحصلة متهن كانت فيه خحصلة من النفاق حتى يدعها ؛ إِذا أئتمن خان » وإذا حدث كذب » وإذا عاهد غدر » وإذا خاصم فجر» ٤ وي رواية للنسائي : «إذا وعد أخلف» بدلا من «إذا ائتمن خان» وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريره قال : قال رسول الله ي : «آية المنافق ثلاث ؛ إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر» . وي رواية مسلم : «وإن صام وصلى ورعم أنه "n مسلم » بعد قوله ارأية المنافق ثلاث» . وفي رواية لما وللترمذي والنسائي مثل ما تقدم ولكن بإبدال «إذا ائتمن خان» من قوله «إذا عاهد غدر» . وأخرج النسائي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : «ثلاث من کن فيه فهو منافق ؛ إِذا حدث كذب وإذا ائتمن خان وإذا وعد أخلف فمن كانت فيه واحدة منہن لم تزل فيه خصلة من النماى حت یترکها» . وأخرج البخاري عن زید بن عبدالله بن عمر قال : قال ناس لابن عمر : إنا لندخل إلى سلطاننا وأمرائنا فنقول لحم بخلاف ما نتکلم إذا خرجنا من عندهم » فقال : کنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله َي . وهو نص في ان الصحابة - رضي الله عنہم ‏ کانوا يدون مخالفة الحق في العمل من النفاق › وهذا هو قول أصحابنا - رحمهم الله - وهو الذي اعتمده الحافظ بن حجر ئي شرحه لأحادیثٹ النفاق من صحيح البخاري ٠ وعزاه كل من ابن حجر والعيني ئي شرحيها على البخاري إلى القرطبي ٠ وعزاه العيني إلى الخطابي ونسه الترمذي ف جامعه إلى أهل العلم . فس| النفاق : وبهذا يتبين لك أن النفاق ينقسم إلى : نفاق عقيدة ٠ ونفاق عمل . وبما أن كثيرا من علاء المذاهب ينكرون نفاق العمل ولا يرون النفاق إلا ي إبطان خلاف الظاهر من الاعتقاد . أشكلت عليهم 2 هذه الأحاديث ٠ وجرهم ذلك إلى تأويلها با يتفق مع رأهم ٠ وإن خالف ظاهر مدلوها . والحق أن الكتاب والسنة فوفق الأراء والمذاهب ٠ فيجب أن تخضع لم الآراء دون العكس ٠ وليس في نسبة ثلاث خصال أو أربع إلى النفاق ما منم من كون النفاق العملي ينسحب حكمه على كل ما خالف الدين من الأعمال ٠ فإن ذكر هذه الخصال لا يقتضي الحصر . وإنما هو من باب التمثيل والتقريب للأذهان › وما هو ظاهر بداهة أن التمثيل با دال على خطورتما ٠ ومقتض للتحذير منها والعدد هنا ليس له مفهوم . والنوع الأول من النفاق هو الذي كان على عهد رسول الله ية بعدما هاجر إلى المدينة . ولم يكن في عهد الدعوة المكي وجود للمنافقين » إذ لم يكن ثم مناخ ملائم لنت النفاق . فقد كان السلطان بأيدي المشركين وكان المسلمون معرضين للأذى من قبلهم ٠ فلم يكن داع لأن يتملق أحد إلى المسلمين بإعلان الاسلام مع استسرار ضده كا ألمحت إلى ذلك في مقدمة تفسير هذه السورة . وعندما هاجر رسول الله يي م تتلبس دار الججرة بادىء الأمر بالنفاق ٠ إذ كان الناس فيها بين مؤمن صادق الايمان ٠ وكافر باهر بكفره » سواء كان بهوديا أو وثنيا » حتى تحقق للاسلام النصر المؤ زر ئي غزوة بدر الكبرى التي كانت إيذانا بظهور الح واكتساحه الباطل ٠ فرجفت القلوب المريضة ممن تغلف عن ركب الايمان من ٦٢۲ - الأوس وا خزرج وأحلافهم من اليهود . وکان بنو قينقاع أحلاف الخزرج ٠ وبنو قريظة والنضير أحلاف الأوس . واليهود من طبعهم الحقد الأسود » والكراهة المتأصلة للحق والعداء الملستحكم لأهله ٠ وقد شعروا أن دعوة الحق التي اتغذت من المدينة مركزا لا سوف تبتر منم سلطانهم الروحي وسوف تکشف ما كانوا يطوونه عن الناس من قبائح صنعهم عبر تاريخهم الطويل ٠ كقتلهم الأنبياء بغير حق وافترائهم على الله بتحريف ما أنزل » فكان ذلك الشعور نارا حامية تتأجج بين جوانحهم فتلهب صدورهم بإوار الحسد للدعوة ورجاها . ومن بين أفراد الأوس وا خزرج من کان لم ترق له هذه الدعوة » كعبد الله بن أي ابن سلول »٠ الذي فكر أن الايمان والحجرة قد اختطفا من يديه أعز ما كان يطمح إليه ؛ وهو تتویجه ملكا على يثرب بعد التناحر الطويل بين قبيلتيها › وكان ذلك على وشك أن يتم لول إكرام الله المدينة ومن فيها بإبدالحم ما فيه عز الدنيا وسعادة الأخرة ٠ وهو إشراق أنوار النبوة في ربوعها . وتحول أهلها من الضلالة إلى الحهدى ٠ ومن التشتت إلى الوئام » فلا عجب إذا وقف عبدالله بن أي موقف الخصم اللدود من هذه الدعوة لهذا السبب ٠ مع ما كان متلبسا به من خبث الطوية وانحراف الطبع وفساد الفطرة . وعندما هزت أصداء الانتصار الحاسم الذي أحرزه الاسلام في غزوة بدر أركان المشركين والمفسدين » أخذ يحسب يهود اللدينة والذين بقوا على الكفر من الأوس والخزرج ألف حساب 7 مستقبل هذا الدين . فدلتهم خسة طباعهم على إظهار هذه اللجموعة اللتخلفة عن الامان من الأوس واخزرج مع تله من اليهود - الاسلام بألسنتهم مع بقائهم على عقيدة الكفر وشرور الأعمال وخبث النوايا » وكانوا يمدفون من ذلك إلى أمرين : أو | : الأمن على أنفسهم وأموا حم من سطوة الاسلام مع ما ي ذلك من مشاركه اللسلمين ف منافع الجياة الدنيا . ثانيها : انتهاز الفرص الواتية لطعن الاسلام من الخلف وإثارة الاضطراب بين المسلمين من الداخل . فتم بهذا ميلاد عهد المواجهة بين الاسلام وعدو ماكر خبیث يرتدي ملابس الأصدقاء » ذلكم العدو هو النفاق الذي كان يعد أخطر من الكفر الصريح ٠ غير أن الوحي كان واقفا لحؤلاء المنافقين باللرصاد » فکان ینزل بین حین واخر ببیانه البليغ ليفضح طواياهم ٠ ويعري دخائلهم › ويكشف مؤامراتهم . وما أن هذه الطائفة جمعت بين الكفر بالته الذي أخلدت إليه ئي سريرتها وبين الهزء بالؤمنين » ومعاملتهم بالكذب وا خداع كانت بحق أشد وأنكى وأدهى وأمر من الطائفة السالفة الذكر وهي طائفة الكفار » ولذلك خصت تلك بايتين فقط » بين تتابعت في هذه إحدى عشرة آية تصمهم بقوارع إنكارها › وتمطرهم بصيب وعيدها . - ۲۸ وما يجب أن لا يعزب عن فهم اللبيب أن هذه الطائفة لم تنته بانتهاء عهد النبوة . ولم تنعدم بانعدام أولئك الأفراد . فا أكثر اللنافقين ئي عصور ما بعد النبوة الذين يتمسحون بالدين لقصد نقض عراه » ودك قواعده . ومن بين هؤلاء من يدع الناس بمظهر عنايته بالدين . فيجب على المسلمين أن يكونوا من أمثالهم على بصيرة ٠ وكفى بالقران كاشفا عن سماتهم التي يتميزون بها وأحوال حم التي يختصون بہا دون غيرهم . ولعمري ليست هذه العناية البالغة بتك أستار المنافقين وإعلان أسرارهم على اللا لأجل حفنة منم كانت تندس بين صفوف الاسلام في عهد الرسول ية ٠ وإنما هي لأجل تنبيه الأمة بخاطر أعقابمم الذين لا يلو منم عصر ولا یسلم منہم جيل . وأكثر المنافقين في عهده يِل لم يكونوا معروفين بأعيانهم » وإنا يمتدى إليهم بهذه السمات الخاصة بهم ٠ خلافا لن قال إن النبي ية كان يحيط بجميعهم علا ٠ فإننا إذا تصفحنا ايات القران وجدنا ما يدل على خلاف ذلك ٠ كقوله تعالى : #وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على الفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم4() . وقوله : ئن ل ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا4(") . وقوله : ءإولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ١ سورة التوبة : الآية ١٠١٠ء ۲ سورة الأحزاب : الآية و٠6› ۹٦۲ ۔ ولتعرفتهم في لحن القول»4”) . وفيه دليل على أن الرسول يٍَ كان يستدل عليهم بفلتات ألسنتهم وسائر بوادرهم ٠ كا يستدل عليهم بما يبدو على قسمات وجوههم من شارات المكر وإشارات الزور › ولا منم ذلك أن تكون منهم جماعة مكشوفة بأعيانما كا يدل على ذلك حديث حذيفة - رضي الله عنه - ومن هؤلاء الذين تامروا على النبي يَلةٍ على رأس العقبة عند عودته من تبوك بمحاولة إثارة دابته حت يسقط عنہا » وقد أخبر الله نبيه بشأنهم وكانوا أربعة عشر كا جاء به حديث حذيفة عند ملم وقوله تعالى : «ومن الناس» شروع في الاخبار عن هذه الطائفة المتلوية والكشف عن صفاتها » وهو خبر مقدم على البتداً © وهو من ٠ سواء قلنا إنها موصولة أو موصوفة . وقد استشکل اعتبار من الناس خبرا لأن الخبر ما تحصل به الفائدة . وكون هؤلاء من الناس ليس أمرا عازبا عن الأفهام حتى يتاج إلى البيان › والكل يعرف أنهم ليسوا من الملائكة ولا الجن ولا البهائم ٠ والنظر إلى ما بعد المبتداأ يقضي على هذا الاشكال ٠ إذ ليس القصد الاخبار عن إنسانيتهم وإنما الاخبار عن وجود طائفة من الناس تتلون في حالاتها وتتلوى في معاملاتها تدعي الايمان بألسنتها وتهدم ما تدعيه بأفعالا لأن أفئدتها فارعة من جوهر الايمان ٠ ويغنيكم هذا النظر عن كثير من التأويلات الي لا إليها اللفسرون ٠ كقول السيد الحرجاني بأن ١ سورة القتال : الأية و۳۰٠ - ٠ „ مضمون الحار والمجرور هنا مبتدأ على معنى وبعض الناس وخبره من كانت تنافي الانسانية كانت حاهم جديرة بالاستغراب ٠ وحسن أن يخبر عنهم بأنهم من الناس ء٠ ویرده وقوع مثل هذا التركيب حيث ما عاهدوا لله عليه 4١ . وكقول يشر ارين أن هؤلاء لسوء حالم وفساد أخلاقهم حقيقون بأن يستحى من ذكر أشخاصهم ٥ فلذلك اكتفى سبحانه ئي الاخحبار عنم بقوله «ومن الناس» . ونحو ذلك ما جاء في الأخبار أن النبي يي كان إذا أراد التعريض ببعض الناس قال : «ما بال رجال يفعلون كذا . .» والناس جمع إنسي -بكسر الحمزة وياء النسب - عوضا عن أناسي 9 وهو الجحمع القياسي له ٠ ولا يبعد أن يكون اسم جمع وليس بجسع الخروجه عن افيسة الجموع المطردة . ويرى بعض أئمة العربية أن (أل) فيه عوض عن همزة ناس © ويرد ذلك قول عبید بن الأبرص : إن المنايا يطلعغنَ على الأناس الأمنينا حيث جمع بينا مع عدم اجتماع العوض والمعوض عنه . و (أل) فيه للجنس لأنه التبادر عند الاطلاق ٠ وجوز بعضهم أن تكون للعهد والمعهود هم الناس المومى إِليهم بقوله : «إن الذين ۱ - سورة الأحزاب : الأية م۲۳ ‎e‏ E AE كفروا» أو الناس المعهودون عند النبي بَيِةٍ والمؤمنين بأنهم متصفون بهذا الشأن » والعهد ذكري على الأول . ذهني على الثاني ٠ والراجح كونها للجنس ؛ لأن اعتبارها للعهد والعهود الذين كفروا يناقي ما تقدم ذکره ؟؛ من أن هؤلاء قسم برأسه لاختلافهم عن الكفار في غموض حافم والتواء مسلکهم . مہا الشأن 6 فهو يناي ُن هذه الأيات ھی الى حاءەت لتعريف أحوالحم وتعرية صفاتہم وکشف بواطنہم ٠ کا يناي ٿا رجحناه من قبل واستدللنا له من أن النبي ية لم يكن يحيط بأعيانهم علما فما بالكم بللۇمنين . وقوهم : امنا بالله واليوم الآخر إيهام للنبي ي والمؤمنين بأغهم أمسكوا من الايمان بطرفيه وأحاطوا من اليقين بقطريه . ذلك لأن الايمان بالله يعني الايمان بصفاته وأفعاله ؛ بما في ذلك بعث الرسل وإنزال الكتب ٠ فيدخل فيه ضمنا الايمان محمد يَيٍ وبالقران ٠ والايمان باليوم الأخر يستلزم العمل الصالح الذي هو عدة المؤمنين وزادهم لذلك اليوم » فهم بقولحم هذا يوهمون المؤمنين بأنهم جمعوا بين رسوخ العقيدة وصلاح العمل ٠ وما يتبادر أيضا أن الامان بالل المعبود يقتضي الوفاء بحق عبادته على أنه في الحقيقة مبدا للاعتقادات الحقة جيعها . لأن من لم يؤمن بإله واحد لا يصل إلى الايمان بالرسول ولا غيره من سائر أركان الایمان . ك أن الايمان باليوم ٢۷ -۔ الآخر هو الباعث على صالح الأعمال ٠ والوازع عن سيئها . وجوز بعض أئمة التفسير أن يكون اقتصارهم على ذكر هذين الركنين من أركان الايمان لأمر في نفوسهم ٠ وهو أنهم يأنفون من ذکر الامان بالرسول يَية وما أنزل إليه ما وجدوا إلى ترك ذكرهما سبلا » ويومون من يسمعهم من الو منين بقوطم هذا أنهم أرادوا به الاكتفاء وليس الأمر كذلك . ومن حيث أن جلهم أو جل قادتهم من اليهود وهم عندهم بقية من التصديق باليوم الأخر كا يصدقون بوجود الله م يجدوا في ذکر هذین الرکنین ما یل با استقروا عليه من الاعتقاد . وما جوزه مدفوع مما في صدر سورة المنافقين وهو قوله تعال ی : «إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول اله واه يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون() , فإنه نص على أنهم کانوا يؤ کدون له يَةٍ تصديقهم برسالته بأوضح بيان » ولا أدل على ذلك من تصدير كلامهم المحكي بالشهادة الي هي في حقيقتها - اعتراف باللسان با اطمأن إليه القلب وصدق به العقل ٠ مع تأكيد ذلك باللام المقوية لما في إن من التوكيد » وذلك يدل على أنهم کانوا يجهدون في إيهام النبي يَيةٍ والمؤمنين أنهم مصدقون برسالته عليه أفضل الصلاة والسلام . ومنخرطون في سلك الذين أخلصوا اليمان بها » وحرضوا على الوفاء بحقها » وهو الذي يدل عليه قوله تعالى في نفس سورة المنافقون ماتخذوا أيمانهم جنة . وبهذا تدركون أن الوجه في الاقتصار على ذكر الايمان بالله ہے ١ سورة التافقون : الآية الأوى . ۷۳٧ “- واليوم الآأخر هو ما أسلفناه من قبل . واليوم الأخر بدایته یام الساعة ٠ واه استفرار السعداء شِ الجنة , والأشقياء في النار . والايمان به يشمل الايمان بالبعث والحساب . والثواب والعقاب ٠ وقيل بدايته قيام الساعة وليست له نهاية . فإن اليوم اللحدد هوما اكتنفه الليل في أوله وأخره » واليوم الآخر لا ليل بعده ولذلك كان اخرا . وما يكن الراد به فإنه لابد في تحقق الايمان به من الايمان ا أسلفناه . وهؤلاء المنافقون ليسوا من الامان في شيء وإنما تستروا بظواهر الايمان حفاظا على سلامة حياتهم . وحرصا على تأمين مصالحهم الدنيوية . فلذلك كشف اله ما ستروا . وأبطز ما ادعوه بقوله «وما هم بمؤمنين» » وجاء نفي الايمان عنهم بصيغة تختلف عن صيغة ادعائهم له » فهم ادعوه بقونهم «امنا» وهو جملة فعلية تنبیء عن حدوث الايمان ٠ ورد عليهم بقوله وما هم بمؤمنين 4 وهو جملة إسمية دالة على الاستمرار والدوام » وهي أبلمْ في الدلالة على نفي ما ادعوه » لأن انتظامهم في سلك المؤمنين من لوازم ثبوت الايمان الحقيقي لحم ٠ وانتفاء اللازم أقوى دليل على انتفاء الملزوم © واستمرار النفي أدل على انتفاء حدوث الواقم المزعوم مطلقا 9 ٢٤۲۷ - ويتأكد ذلك النفى بدخول الباء وهذا هو سبب العدول في الرد عم يطابق قوشم ٠ نحو «وما آمنوا» وفي هذا الرد ما يدل على بطلان قول من زعم من المرجئة أن الامان هو محرد القول ». ولو لم يقترن به اعتقاد فإن المنافقين كانوا يزعمون بملء أفواههم امم امنوا وينطقون بالشهادتين أمام جماهير المؤمنين » ولم يغنهم ذلك شيئا عند اله خلو بواطتهم من أصل الايمان . 3 - Vo لإيخادعون اله والذين امنوا ومايخدعون إلا أنفسهم وما يشعرونڳ () جلة يخادعون مبدلة من جملة يقول امنا بالله . . الخ . لأنهم ما قصدوا بهذا القول إلا الخداع ٠ ويجوز أن تکون استئنافا بيانيا أو ويخادعون من خادع الدال على الاشتراك في الخدع ٠ وهو أن يوهم أحد غیره بقوله أو فعله عکس ما يریده به من المکروه 4 من خدع الضب إذا أوهم حارشه أنه يريد الخروج من الجهة الي أدخل الحارش فيها يده » ثم يخرج من جهة أخرى لئلا يرقبه الحارش نیصطاده . والاشتراك هنا شكل من وجهين : أوما : أنه إذا أمكن للمنافقين أن يخدعوا المؤمنين بإظهارهم جميل القول وحسن المعاملة وإعلانهم الامان ٠ فلا مكنم بحال أن يحدعوا قيوم السموات والأرض ٠ العليم با تنطوي عليه حنايا الضمائر » وما تكتنفه أعماق النفوس . ثانيهما : إِذا كان الخدع من دیدن المنافقين فليس هو من شان المؤمنين 6 لأنه صفة مذمومة 6 اللهم إلا ما استثنى من خدع العدو بي الحرب لأجل إحراز النصر . وقد يحمد من المؤمن التغاضي ٦٢۲۷ “ والصفح اللذان قد يتوهم أنبا ناشئان عن البله » كما جاء في الحديث «المؤمن غر كريم» وهو معنى قول الفرزدق : استمطروا من قریش کل منتخدع إن الكريم إذا خادعته انخدعا وقول ذي الرمة : تلك الفتاة الي علقتها عرضا إن الحليم وذا الاسلام يختلب فلا عجب إن كانوا محدوعين بظواهر أعمال النافقين ؛ لأن من شأنهم إحسان الظن وغض الطرف عن الحفوات ٠ مع توقد المنافقين في إظهار غير ما يبطنون وإعلان خلاف ما يسرون . وإدا کان صدور الخدع من المؤ منين متنعا فأحرى أن يمتنع من عالم الغيب والشهادة الذي هو عل کل شيء فدير . ومن الظاهر بداهة أن الخداع لا يكون إلا لضعف الخادع وقوة المخدوع ٠ وإذا كان هذا في البشر فكيف يمكن صدور مثله ممن لا يعجزه شيء ف الأرض ولا ئي الس|ء ۰ وأجيب عن الأول بوجوه : أولا : أن الخداع قد يصدر من أحد لغيره فيصادف غير مقصوده . كمن يخدع عامل ال حاکم أو وكيله فينبه بن صنيعه هذا يتجه إلى الحجاكم. - ۲۷۷ وهكذا شأن المنافقين فهم قصدوا بخداعهم المؤمنين الذين صنعوا على عين الله وأحيطوا بکلاءته وشملوا برعایته » فنبه أولئك النافقون الخادعون بأن خداعهم للمؤ منين هو في حقيقته خداع لله سبحانه « إذ هو الكفيل بنصر عباده ودفع المكاره والأذى عنہم . ثانيها : أن صورة صنيعهم مم الله سبحانه صورة صنيع اللخادع › فهم يظهرون الايمان ويبطنون خلافه . ويدعون الانخراط في سلك المؤمنين وهم أكثر ما يكونون بعدا عنم وكيدا لحم » على أنه لا يبعد أن يكون هذا التعبير بالنظر إلى معتقداتهم الفاسدة ونواياهم السيئة في حق الله تعالى ٠ فإن كثيرا منم كانوا من اليهود . واليهود لا يتورعون عن مثل هذا الاعتقاد . كيف وهم الذين حكى الله عنهم قولحم : للإإن الله فقير ونحن أغنياء»() ٠ وقولحم : ليد الله مغلولة») . وما بأيديهم من نسخ التوراة المحرفة شاهد على أنهم أضل الناس اعتقادا في الله › وأبعدهم عن أن يقدروه حق قدره . تعالی الله عا يقولون وع يعتقدون علوا كبیرا » ومن کانت هذه عقیدته فليس ببعيد أن يعتقد أنه يخدع الله سبحانه فضلا عن اعتقاده محادعة الملؤمنين . ثالثها : أن المراد بمخادعتهم لله محادعتهم لرسوله يِل وإنما ذكر اسم الله عز وجل بدلا من اسمه تشريفا له وإعلاء لقدره وإعلاما آنه محموف بعصمة الله وحاط بعنایته . فلا يخلص ٳليه شيء من کید ١ سورة آل عمران : الأية ١۱۸۱ء ۲ - سورة المائدة : الآية ر“ - ۷V۸ الكائدين » وذلك ك)| أخبر تعالى أن مبايعته يي هى مبايعة لله وذلك في قوله : إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله »0 . وهذا الوجه مع ما فيه من التنويه بقدره ية غير خال من الضعف ٠ فإن إطلاق اسم الله مع قصد رسوله لا يصح إلا بقرينة كما في أية المبايعة . وأجيب عن الثاني بوجوه أيضا : أولا : أن وزن فاعل لا يستلزم المشاركة دائا » فقد يقي خاليا جميعا صادر من جهة واحدة ٩ فلا يبعد أن يأتي خادع بمعنی خدع . يجهدون أنفسهم في خدع المؤمنين وابتكار الحيل والأساليب المؤدية لهذا الغرض ٠ فكان فعلهم كأنما يصدر من أكثر من جهة ٠ وتؤيد هذا التأويل قراءة يخدعون الله وهو إنما يدفم هذا الاشكال دون الذي قبله . ثانيها : أن المؤمنين أمروا من قبل الله بالاغضاء عن بوادر لمنافقين وفلتات ألسنتهم وهفوات أفعالحم وكبوات تصرفاتهم الي يستشف من ورائها النفاق . ك) أمروا أن يعاملوهم معاملة أنفسهم ٠ فكان ذلك ما يجرئهم على الاسترسال في غيهم والانجماك ئي فسادهم متخيلين أنهم قد أحرزوا أنفسهم من الخطر ووقوها __—— ١ سورة الفتح : الأية ١٠١٠ء ۲۷۹ ۔ الملخاوف بهذا الصنيع فكان هذا الأمر منه تعالى شبيها بخدعهم 5٠ لأن من ورائه ما ينتظرهم من العقاب الأليم والعذاب العظيم ٠ فجاز أن يستعار هذه المعاملة اسم الخداع » وما كان صدور ذلك من اللؤمنين بإذن منه تعالى . صح إسناد ذلك إليه وإليهم ٠ ونحوه ثي إسناد الخدع إلى الله في قوله تعا ى : إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم 0(4 . ثالثها : حمل هذا التعبير على الاستعارة التمثيلية . تشبيها لما يحصل من إملاء الله لم والابقاء عليهم ومعاملة المؤمنين إياهم معاملة أنفسهم في إجراء أحكام الاسلام عليهم - بفعل من يخدع غيره بمختلف الأساليب في المعاملة » ك تشبه بذلك أيضا حالتهم في معاملتهم للمؤمنين ولدين الله » ثم بين سبحانه ما يؤ ول إليه خداعهم بقوله : وما يخدعون إلا أنفسهم» . حيث نفى سبحانه أن تكون مغبة هذا الخداع واقعة إلا عليهم ٠ لأنهم الذين يجنون ثمرتها المرة » ويكابدون غصصها المؤلمة . وقد يتبادر للسامع أو القارىء وجود تناقض بين ما في صدر الكلام وعجزه » حيث أثبت تعالى أولا أنهم يجخادعون الله والذين منوا » ثم نفى ما أثبته ضمن فوله : وما يخدعون إلا أنفسهم . تلك الأقوال والأعمال الي كانوا يبدونها مع انطوائهم على نقائضها ٠ ثم أطلق اسم الخداع على لازم معاملتهم . وهو الضر الماحق ١ سورة النساء : الآية ١١٠۱» 0 والعاقبة الوخيمة › وذلك واقع بهم دون غيرهم كا علمت »٠ وهذا من باب المجاز على المجاز. لأن المخادعة استعيرت أولا لما استعیرت له من معاملتهم للمؤمنين ودين الله ٠ ثم نزلت منزلة الحقيقة فاستعملت يازا ثي لازم ذلك المعنى الذي استعيرت له . وهذه الحملة حال من فاعل (يخادعون) في الجملة الى قبلها › وفيها قراءتان مشهورتان : الأولى : (وما يخدعون) وبا قرا ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي ٠ من السبعة ٠ كما قرا بها أبو جعفر ويعقوب »٠ من سائر العشرة . والثانية : (وما يخادعون) بزيادة ألف المفاعلة ٠ وبا قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو » من السبعة » وخلف من بقية العشرة . وم قراءات أخرى من الشواذ غبر المعوّل عليها . ولا إشكال في القراءة الأولى ٠ وإنما الاشكال في الثانية لاقتضائها في المشاركة التي لا تصدر إلا عن جهتين فصاعدا » مع أن الجهة هنا متحدة ويندرىء الاشكال باعتبار أن من يقدم على جريرة من الحرائر لابد له أن تتفاعل في نفسه خواطر متضادة منها ما ينشاً عن بصيرة العقل ووحي الضمير › ومنها ما ينشاً عن رعونة العواطف واضطراب المواجس »٠ فيتولد ما يشبه العداوة بين الجانبين . ويظل المرء في تردد بين إقدام وإحجام ٠ حسب إصغائه تارة إلى صوت العقل › وأخری إلى داعي الجوی . ومن نم جاءت هذه القراءة هنا مصوره لعداوة تنجم بين ا۸ - هؤلاء المنافقين ونفوسهم الداعية إلى الخير بطبيعة الفطرة » وصورت ما يصدر متهم من شغلها بالأماني واقتيادها إلى الشر بالمخادعة » وثي كلام العرب ما ينحو هذا المنحى في التعبير . كقول عمروبن معد يکرب : فجاشت علي النفس أول مرة فردت على مكروهها فاستقرت وقول عروة بن أذينة : وإذا وجدت لا وساوس سلوة شفع الفؤاد إلى الضمير فسلها وربما جعلوا هذه النوازع التباينة نفسين محتلفين في شخص واحد › كقول بعض الأعراب : [ تدر ما (لا) ولست قائلها عمرك ما عشت اخر الأبد وم تؤامر نفسيك بمتريا فيها وفي أختها ولم تكد وقول الأخر : يؤامر نفسيه وي العيش فسحة أيستوبع الذوبان أم لا يطورهل(')› وقول غيره : وكنت كذات الضنى ل تدر إذ بفت تؤامر نفسيها أتسرق أم تزفي ؟ ويحتمل أن يكون خادع هنا بمعنى خدع مع قصد البالغة کہا ١ كذا في البحر المحيط لأبي حيان ولم أجد البيت في غيره . والظاهر أن الصواب «يستوعب» بتقديم العين على الباء الموحدة بمعنى يستأصل ٠ والذءبان : اللصوص ٠ وبطلق على الصعاليك ٠ ويطور : يقرب . - ۸۲ َقَدم في تفسير صدر الآية . وبناء على ذلك يكون معنى القراءتين واحدا . وانتقد ابن جرير قراءة (وما خادعون) فعدها غير صحيحة ٥ وقد بنى هذا الانتقاد على أن فعل هو الذي يكشف عاقبة المفاعلة دون فال . كا يقال قاتل فلان فلانا . وما قتل إلا نفسه ٠ إِذا كانت عاقبة المقاتلة رجعت عليه دون صاحبه ٠ وعزز ذلك بأن محادعتهم لله وللمؤمنين مثبتة في صدر الاية . فإذا حصرت المخادعة بعد في أنفسهم انتفى ما كان مثبتا . وهو تناقض لا يحوم حول ساحة القران . وقد علمت أن هذه القراءة هى قراءة ثلائة من السبعة اللشهورين ٠ وقراءة كل واحد من القرّاء السبعة معدودة في المتواتر الذي لا يصح إنكاره أو رفضه ٠ فرد أية قراءة من السبع عثرة لا تقال » وقد تكرر وقوع ابن جرير في هذه الورطة على إمامته ئي التفسير . كا سنبين ذلك إن شاء الله كلا في موضعه . وكا اتفق الجحمهور على تواتر قراءتقي «ملك ومالك» اتفقوا على تواتر قراءتي «يخدعون ويخادعون» › ذلك لأن الاختلاف فيه عائد إلى جوهر القراءة › وهو مما يعد من المتواتر عندهم وإنما اختلفوا فيا كان من قبيل الأداء . كالامالة والمد والترقيق والتفخيم والغنة ٠ فقيل بتواتره في السبم ٠ وقيل بعدمه . وما دکرته من توجيه هذه القراءة يندفع الاشكال الذي زعمه - ۸۳ ابن جرير » وما ذكره من لزوم نفي ما أُثبت عليها . مدفوع بان جهتي الائبات والنفي محتلفتان › وبذلك يندفم المحذور ›. ونحوه ما في قوله تعالى : وما رميت إِذ رميت ولكن الله رمى 4< ٠ ففي صدر الآية نفي الرمي عن رسول الله ية . وي وسطها إثباته » وي اخرها إسناده إلى الله تعالى ٠ فلو أخد بظاهر اللفظ لقيل بالتناقض ٠ غير أن الرمي المنفي عن رسول الله ية والمثبت لله هو غير الذي أثبت للرسول » والقران نزل بلسان العرب الذي يستعمل الكلمات في حقيقتها تارة وي مجازها أخرى ٠ والقرائن هي الكفيلة ببيان المراد . وذكر أبو حيان في البحر أن بعضهم ادعى بأن في عبارة هذه الآية قلبا . وأن الأصل وما يخادعهم إلا أنفسهم لأن الانسان لا يخدع نفسه » بل هي التي تخدعه وتسول له وتأمره بالسوء » وأورد أشياء مما قلبته العرب ٠ وذكر أبوحيان أن للنحويين مذهبين في القلب : أحدهما : جوازه ف النثر والشعر اتساعا واتکالا عل فهم المعنى . ثانيهما : عدم جوازه إلا في الشعر في حالة الاضطرار . قال : وهذا الذي صححه أصحابنا ثم أتبع ذلك بأن هذا اللدعي للقلب نظر إلى قوله تعالى : بل سولت لكم أنفسكم أمراڳ) . ١ سورة الأنفال : الأية «(١۱۷» ۲ - سورة يوصف : الآية «۱۸» - ۸ وقولهم : منتك نفسك »٠ فتخيل أن الممني والمسول غير اللمتى والسول له ٠ ثم عكر عليه بأن الأمرليس كا تغيل ٠ فالفاعل هنا هو اللفعول كما يقال أحب زيد نفسه وعظم نفسه ٠ فلا يتصور تباین بين الفاعل والمفعول إلا من حيث اللفظ مع وحدة المدلول ٠ وإذا صح المعنى دون القلب فلا داعي إليه . مع أن الصحيح عدم جوازه إلا في الشعر. فا أجدر كتاب الله عز وجل أن ينزه عنه . والنفس : حقيقة الشيء وذاته » ولا تختص بالأجسام لقوله تعالى : sإتعلم‏ ما في نفسي ولا أعلم ما في نفىىك 4( , وقوله : لإكتب على نفسه الرحة) . وقوله : الإويجذركم الله تفسه)() . هذا هو المعنى اللغوي للنفس ٠ أما ما عدا ذلك من المعاني فهو من اصطلاح الحكاء الذي لا داعي إليه في فهم مقاصد القران . وجملة «وما يشعرون» إما مستأنفة وإما معطوفة على حملة «وما يحدعون» » والشعور : يطلق على العلم بدقائق الأشياء الخفية » ويرى بعض أهل اللسان أنه مأخوذ من إصابة الشعر فإنه لدقته مما يستصعب 35 وكذلك الشعور هو إصابة ما دق من المعاني › والتفط ٠ ‎Li‏ خمي من الأمور . وأصل الشعر العلم هذه الدقائق › ومنه قولحم : ليت شعري ٠ ثم نقل إلى الكلام الموزون المقفى لا في تركيبه من الدقة ١ سورة المائدة : الآية ١١١٠ء ۲ سورة الأنعام : الآية ۶١٠» ٢ - سورة ال عمران : الأية ۳۰۱» ٢۸۵ - وما يحتويه من خفى المعاني ودقيق المقاصد الي لا يتفطن شا إلا أصحاب الاحساس المرهف» ومن هنا قيل إن الشعور لا يستعمل إلا فےادف من حسي وعقلي »٠ فلا يقال : شعرت بحلاوة العسل ٠ وبصوت الصاعقة › وبألم كية النار › وإنما يقال : شعرت بملوحة في الماء أو مرارة ‏ إذا كانت قليلة - وهينمة وراء الجحدار » وبحرارة ئي بدني . وهذا الوصف في النافقين مشعر, بتحجر عقوم وخبو فطنهم . وهو كا قيل ‏ أبلغ في الذم من وصفهم بعدم الاحساس » لأن الذم على أمر يكن حصوله ألذع وأنكى من الذم با يتحقق عدمه › وإحساسهم أمر معلوم لحم وللناس »٠ فلا يغيظهم أن يوصفوا بعدمه » بخلاف وصفهم بعدم الشعور المتضمن لمعنى الىلادة . ومن حيث أن الشعور يتميز عن العلم باختصاصه بدقائق الأمور ال محسوسة والمعقولة أوثر ي التعبير هنا على العلم نظرا إلى أن محادعتهم لأنفسهم ما لا يظهر إلا لذوي الفطن المتوقدة . والمدارك للتفتحة » والمنافقون بما ران على قلوبهم من النفاق واستحكم في عقوم من الضلال ليسوا من الذين يراقبون الله عز وجل › فهم إن وجد بینهم من يؤمن بوجود الله سبحانه فإِمانه سطحي ل يتغلغل ئي أعماق نفسه 9 ولم يلامس شغاف قلبه , فلذلك كانوا أبعد ما يكونون عن خشيته ومراقبته » والتفكر فيم برضيه وما يغضبه ٠ حيلته » ويؤثر فيه مكره . وما كانوا يتفطنون أن عاقبة مکرهم ستعود عليهم بشر مما کانوا يتوفعون . وي تفسير المنار بحث نفیس للامام محمد عبده کشف فيه سر محادعتهم بأسلوبه الأدي الرفيم وتحليله المنطقي البديع ٠ ولا في هذا البحث من فوائد حمة رایت إیراده برمته . قال : قام لحم من أنفسهم ما يسهل لم أمره » من أمل في الغفران أو تأويل إلى غير المراد » أو تحريف إلى ما يخالف القصد من الخطاب وذلك با رسخ في نفوسهم من ملکات السوء المغشاة بصور من العقائد الملونة › با قد يتجلى للأعين فيا يسمونه إيمانا وما هم في الحقيقة بمؤمنين ٠ وإِنما هم خادعون محدوعون ٠ ولكنهم لما عمي عليهم من أمر أنفسهم لا يشعرون لأن ذلك يمر في أنفسهم وهم عنه غافلون . وفرق ظاهر بين ماتستحضره النفس من المعلومات وتستعرضه عندما تسأل عنه . وما هو راسخ فيها من تلك المعلومات بصيرورته ملكة في النفس متصرفة في الارادة باعثة لها على العمل © فمن العلوم ما هو ثابت في النفس ممتزج با على النحو الذي ذكرنا › فيتبع امتزاجه هذا تمكن ملكات أخر تصدر عنها الأعمال ٠ وهو ما يعبر عنه بالأخلاق والصفات ٠ كالكرم والشجاعة ونحوهما › - ۸V فإنها إنما تنطبم في النفس تبعا للعلم الذي يلائمها . وهو العلم الحقيقى الذي تصدر عنه الأعمال . وربا يغفل الانسان عنه ولا يلاحظه عندما يعمل ٠ وفرق بين ملاحظة العلم واستحضاره › وبين وجوده وتحققه ي نفسه . ١ ومن العلوم ما يلاحظ الانسان أنه عنده 9 فهو صورة عند النفس تستحضره عند المناسبة ويغيب عنها عند عدمها . لأنه لم يُشرّبه القلب ٠ ولم يمتزج بالنفس فيصير صفة من صفاتها الراسخة التي لا تزايلها . وهذا النوع من العلم يتعلق با تعلق به النوع الأول كعلم الحلال والحرام الذي يحصله طلبة الفقه الاسلامي مثلا ء وكعلم مزايا الفضيلة . ورزايا الرذيلة الذي يخزنه طلاب علوم الأداب والأخلاق ٠ والنظار في كتب الأوائل والأواخر لتعزير مادة العلم وتوسيع محال القول وتوفير القدرة على حسن المنطق ونحو ذلك . فهذا العلم كالأداة المنفصلة عن العامل ٠ يبقى في خزانة الخيال » تستحضره النفس عندما تدفعها الشهوة إلى تزيين ظاهر. المقال لا إلى تحسين باطن الجال » ولن يكون ذا الضرب من العلم أدى أثر في عمل من أعمال صاحبه ٠ وتسميته علا لأنه يدخل في تعريفه العام (صورة من الشيء حاضرة عند النفس) وعند التدقيق لا ترتفع به منزلته إلى أن يندرج في معنى العلم الحقيقي ٠ فاستحضار هذا العلم كاستحضار الكتاب واللوح وإدراك ما فيه » ثم الذهول عنه ونسيانه عند الاشتغال بشىء اخر . فهؤلاء الذين يخدعون أنفسهم ويخادعون الله تعالى عندهم علم حقيقي تنبعث عنه أعمالحم . وان کان باطلا ئي نفسه ٠ وهو تصديقهم با ي شھواتہم من المصلحة لذواتهم وهو الذي رجح عندهم اختيار ما فيه قضاؤ ها والانصباب إلى ما تدعو إليه . وهو ما أنساهم ما کانوا خزنوا في أنفسهم من صور الاعتقادات الدينية . فأبعدهم ذلك عن الاعتقاد الحقيقى الذي يعتد به ٠ وجعله رسا محزونا في الخيال لا أثْر له في الأفعال يدعونه بألسنتهم وتكذبه في دعواه أعماشم وأحوا حم ¶٩ ولذلك نسبهم إلى الدعوى القولية وا يقل فيهم ما قال في ذلك الفريق الأول #إالذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة وما رزقناهم ينفقون؟ . فإنه هناك ذكر إِيمانهم وقفى عليه بذكر العمل الذي يشهد له . ومن هنا يعلم ما الايمان الذي يعتد به القران ٠ وهو يظهر لن يقرا القران ليحاسب به نفسه ٠ ويزن إيمانه وأعماله بها حكم به على إيمان من قبله.وأعمالهم ٠ لا لمن يقرأه على أنه قصة تاريخية مات من يحکي عنہا واستثنی القارىء نفسه ممن حكم عليهم فيها . فٳِن کان مات من كانوا سبب النزول فالقران حي لا يموت » ینطبق حکمه ويحكم سلطانه على الناس في كل زمان › فكل مؤمن بالله واليوم الأخر وهو يصدر في عمله عن شهواته ولا منعه إيمانه عن ركوب خطيئاته » فاعتقاده إنما هو خيال لا يعدو عن لفظ في مقال ٠ ودعوی عند جدال ٠ فإذا ركن إلى هذا المعتقد فهو خادع لنفسه محادع لربه › يظن أن علام الغيوب لا ينظر إلى ما في القلوب . اه () . سے ١ تفسير انار ح ١ ص ١١٠ - ١١٠ الطبعة الرابعة . - ۲۸۹ وبإمكاننا أن نستوحي من هذا البحث أن الامام يرى ما في هذه الأيات شاملا للصنفين من النافقين ٠ من كان نفاقه عقائديا ومن كان نفاقه عمليا . ولعله يرد ذلك إلى أن النفاق العملى لا ينشاً إلاعن ضعف العقيدة وعدم تمكنها في النفس ٠ كتمكن عقيدة المؤمنين الذين كانت ظواهرهم شاهدة عل سلامه بواطنہم وأعمام مصدقة لرا سخ اعتقادهم . ۲۹۰ ۔ لإفي قلوبهم مرض فزادهم اله مرضا وم عذاب أليم بجا کانوا يکذبون ې ۰۱٠0 ذكر العلامة ابن عاشور في تفسيره أن الآية استئناف محض لعد مساوىء المنافقين ٠ وأجاز أن تكون استئنافا بيانيا لجحواب سؤ ال متعجب مما سمع عن الأحوال التي وصفوا بها من قبل في قوله تعالى يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون» ٠ فإن من يسمم أن طائفة تخادع الله وتخادع المؤمنين - وهم قوم عديدون ‏ وتطمم أن خداعها يبلغها فیهم ما ترید ٠ ولا تشعر بأن ضرر الخداع لاحت با ء يشعر بالعجب وتلىء بالاستغراب من شأن هذه الطائفة . وينشاً عن ذلك تساؤ ل منه كيف خطر ذلك بخواطرها ؟ فجاء قوله فی قلوہم مرض بیانا منطویا على جواب هذا التساؤ ل . وهو أن قلوبهم انحرفت عن وضعها الطبيعي حتى بلغت إلى حد الأفن . ولذا قدم الظرف وهو في لوبهم ٠ فإن ي التقديم إِيماء إلى الاهتمام وهي جديرة به › فإنها منشاً فكرة الخداع » ومن حيث أن المسؤ ول عنه ما نشا عنہا » کان انطواء الجحواب على وصف حالما هو الأليق في مقام الخطاب . والتعبير بالقلوب عن العقول معهود عند العرب كيا تقدم ٠ وتتكير مرض للدلالة على التعظيم . واللرض : حالة تلم بالبدن فتخرجه عن اعتدال امزاج وصحة ۲۹۱ ۔ الأعضاء ٠ وتؤدي بها إلى اختلال بعض وظائفها وأعمالا ٠ وتعرض الأم لها . ويطلق على نفس الألم الذي هو أظهر اثاره » ويطلق على ما يلم بالنفس فيخل بكماا ويغرج با عن اعتدالا من الطبائع المذمومة والأخلاق الفاسدة . وهذا الاطلاق الأخير داخل في ضمن الاستعمال المجازي غذا اللفظ بجامع أنه في استعماليه مؤد إلى الحلاك . فالأمراض الحسمية مؤدية إلى هلاك الحسد وفوات المنفعة العاجلة . وهذا المرض النفسي مؤد إلى هلاك الروح وفوات المنفعة الأجلة . والبون بينا كالبون بين قيمة الحسد والروح ٠ وقدر الحياتين العاجلة والاجلة . وفسر المرض هنا بالتفاق ابن عباس ۔ رضي الله عنہما ۔ کہا رواه ابن جرير عنه . وأخرج عنه وعن ابن مسعود وناس من أصحاب اللي كير نېم فسروه بالشك »٠ وروی مثله عن الربيع بن أنس وعبدال ر من بن زيد » وفي رواية عن عبدالر من قال هذا مرض ف الاين وليس مرضا في الأجساد . وهذه الأقوال وإن اختلفت ألفاظها فهى متحدة المعاني ٠ فإِن شأن المنافق أن يكون أسير شكه متخبطا في أوهامه » ولا ريب أن الشك ظلمة تيم على العقل فتحيط به من جوانبه فلا ينفذ له نور إلى ما وراء المشاهدات المحسوسة › ولا يمتد له شعاع إلى ما خلف التكاليف من آُسرار وحكم . - ۹۲ وإذا كانت العرب تطلق اسم المرض على الظلمة الحسية كما في قول الشاعر : ئي ليلة مرضت من كل ناحية فا يجس ہا نجم ولا قمر فإن هذه الظلمة المعنوية التي تتراكم على العقل أجدر بهذا الاطلاف . وإذا كانت للجسم وظائف لا يتوقف عنها إلا بإلام المرض الجسدي به ؛ فإن توقف العقل عن وظيفته الى هي اكتناه الحقائق › واكتشاف الأسرار من وراء المشاهدات لا ينتج إلا عن إمام مرض خطير به » وهذا النوع من المرض لا يفقد العقل وظيفته فحسب ١٠ بل يجعل وظائف الحواس في حكم المعدوم أيضا لعدم الانتفاع بها › ولذلك يقول الله تعالى في المصابين بمذه الأمراض لحم قلوب لا يفقهون بہا ولحم أعين لا يبصرون با ولحم اذان لا يسمعون بہا أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ( . ويرى الأستاذ الامام الشيخ محمد عبده ان هذا النوع من اللرض واقع فيه جيم أولئك الذين لا يتلقون العقيدة عن نظر وبصيرة . ولكن عن وراثة وتقليد . فإن إيمانهم لا يعدو أن يکون شكليا يجتثه أدنى ما يمب من العواصف ٠ ويزلزله أل ما يقم من الحركات ٠ لأنه لم يطرق قلوبهم بقوة البرهان ولم يحل مذاقه منم في الوجدان » فلا تصدر عنه تصرفاتهم في الأعمال لفقده قوة التأثبر في نفوسهم . سے ١ سورة الأعراف : الآية ر١۱۷۹» - ۹۳ وذكر أن علاج أمراض هؤلاء هو التمرن على الأعمال الصالحة عن فهم وإخلاص . حتى يحدث لقلوهم الوجدان. الصالح ٠ وهذا لأن أهل اليقين يبعتهم يقينهم على العمل الصالح ٠ وأهل التقليد يُلحقهم دؤويهم على صالحات الأعمال بأرباب اليقين ئي الانتفاع بإيمانهم ٠ والفريق المعني بهذه الآيات ٠ الموصوف بالكذب والخداع › قد فقد الأمرين معا . ولا صحة للقلوب إلا اء فمن فقدهما مرض ٠ ولا يلبث مرضه أن يقتله . ثم ذكر منشاً هذه العلة فقال : ولضعف العقل أسباب : متها ما هو فطري ک)| هو حال اهل الله والعتّه › وهو الذي لا يكلف صاحبه ولا يلام . ومنها ما يكون من فساد التربية العقلية كا هو حال المقلدين الذين لا يستعملون عقوم ٠ وإنما يكتفون بما عليه قومهم من التقاليد والعادات ولا يعتنون با أمر الله به من تمزيق هذه اللحجب ٠ وإزالة هذه السحب للوقوف على ما وراءها من محدرات العرفان › ونجوم الفرقان » وشموس الايمان ٠ بل يكتفون با حکى الله عنہم ي قوله : «إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون() ٠ حتى يجيء اليوم الذي يقولون فيه : لإربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السېيلاگ) . ١ سورة الزخرف : الآية و۲۳» ۲ - سورة الأحزاب : الآية ۱0٠ نسي انار ٠ ح ۱ ص ٤0 الطبعة الرابعة . ٤۲۹ ۔ وفي حديث رسول الله ي دلالة ظاهرة وتنبيه بين على خطورة هذا الصنف من المرض »٠ وذلك ني قوله يَف : «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الحسد كله ٠ وإِذا فسدت فسد الحسد كله ألا وهي القلب» ٠ فإن جميع منافع الحسد متوقفة على سلامة القلب من الأمراض »٠ فإذا غشيته هذه الأدواء لم تلبث منافع البدن أن تتحول إلى مضار قاتلة . لأن الاتحراف النفسى يأ عليه فيحوله عن طبعه . ' هذا وإذا كان جل المفسرين ‏ من السلف وا خلف - يرون أن هذا المرض معنوي ٠ فإن طائفة خالفتهم في رأيهم هذا حيث قالت : إنه كان مرضا حقيقيا أ بقلوب أولئك النافقين ما يشاهدونه من انتشار الاسلام وسرعة أثره في النفوس ٠ واكتساح تياره جميع العقائد الزائغة . والمبادىء الجحاهلية الفاسدة . فكانت هذه اللشاهدات تعتصر قلوبهم ٠ وتضاعف همومهم › والحسد من شأنه أن يجر الأمراض إلى قلب صاحبه ؛ لأن الحسود لا يقر له قراز » وقد کانوا یظنون بالاسلام أنه طفرة سوف تېد وأن تياره عاصفة سوف تتوقف 5٠ وأن سوقه مهددة بالكساد » غير أن هذا الظن قد خاب عندما شاهدوه يحرز الانتصارات التتابعة . ويلحق بأعدائه الحزائم اللتلاحقة » ويغرز أعلام النتصر في كل مكان » فكان ذلك منشأ ما ألم بقلوهم من الآلام . وبعض المفسرين يرى أن جعل قلوبهم محل امرض من باب - ۹ التعبير باسم المحل عن الحال ٠ كا قال تعالى #واسأل القرية» ٠ إذ اللرض هو ي معتقداتہم ال لابست عقوم . ومازجت قلوہہم « فإنهم كانوا ينطوون على الشرك وإن أبدوا خلافه . وذكر الامام ابن عاشور في تفسيره أن النفاق منشاً لثلائة أنواع من أصول الأمراض النفسانية . وكل أصل منها تنشاً عنه مجموعة من الأمراض الفرعية . أولها : الكذب القولي . والشاهد عليه من القران قوله تعالى : ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين» ٠ وقوله : لولم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ٠ وينشاً عنه الجهل ٠ وإليه الاشارة بقوله تعالى : #ولكن لا يعلمون4 ٠ والغباوة ٠ وإليه الاشارة بقوله وما يشعرون» . ومن لازم هاتين العلتين قلة الذكاء . لأن الذكي يدرك أنه لو كذب على الناس فإن عقوم لأ تستسيغ كذبه » كما يعلم أن في الناس من هو مثله أو خير مه . والكذب يعود فكر صاحبه الحقائق المحرفة . وإذا طال استرساله في ذلك اشتبهت عليه ولربما اعتقد ما اختلقه واقعا . وينشاً كذلك عن هذين الداءين داء أخر وهو السفْه » وهو خلل في الرأي وأفن في العقل . وإليه الاشارة بقوله تعالى ألا إنجم -٦۲۹ -۔ کا يشير قوله سبحانه في قلوبهم مرضڳ إلى فساد الرأي الناتج عن السفه . والجهل من نتائجه الكفر. وإليه الاشارة بقوله تعالى : وما هم بمؤمنين؟ . والغباوة ينشاً عنها العجب والغرور ويشير إلى الأول قوله تعالى : لإأنؤمن كما امن السفهاء» ٠ وإلى الثاني قوله : #إنما نحن مصلحون ې . ثانيها : الكذب الفعلي ؛ وهو الخداع . والشاهد عليه قوله سبحانه : #لإيخادعون اله والذين امنواڳه ٠ ويجر إلى أشياء . منہا الفساد ٠ وإليه الاشارة بقوله : ألا نهم هم المنففسدون“ ٠ وعداوة الناس ٠ لأنهم عندما يشعرون بخداعه تتنكر له قلوبهم ٠ وتستوحش منه نفوسهم ٠ ومه) أظهر لحم من دلائل الاخلاص فإنهم لا ينفكون يتوجسون منه خيفة » وإلى ذلك يشب قوله تعال ی حاکیا عنہم ما يلقون به شياطينهم : الوا إنا معكم ٠ وقوله في وصفهم : لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء» , ومنها نكاية الناس به » لأن الفريقين يتفقان على التوقي منه والنكاية به » وإلى ذلك الاشارة بقوله تعالى : وما يخدعون إلا أنفسهم , وعاقبة ذلك كله أمران : أحدهما : في الدنيا . وهو صيرورته هزأة للناس . ثانيها : في الآخرة » وهو العقاب ٠ وإلى الأول الاشارة بقوله - ۹۷ سبحانه : لله يستهزىء بهم ؛ أي يجعلهم موضع الحزء » وإلى الثاني الاشارة بقوله : بوم عذاب اليم 4 . ثالثها : الخوف ؛ لأن الكذب والخدا ع إنما يصدران يمن يتوقى إظهار حقيقة أمره » وذلك لا يكون إلا خوف ضر أو خوف إخفاق سعي وكلاهما مؤدن مله الشحاعة والثبات 6 والثْقة بالنفس وبحسن السلوك ٠ ويشبر إلى هذه الخصلة قوله سبحانه فيهم : وتتفرع عن الخوف أخلاق متنوعة منها اللؤم ٠ ويشير إليه قوله تعالى : لإويقبضون أيديهم 4 . والعزلة عن الناس ٠ وإليها الاشارة قوله سبحانه فيهم : يحسبون كل صيحة عليهم . وقوله : لإليولن الأدبار ثم لا ينتصرون . والتستر ٠ وإليه الاشارة بقوله عز وجل : #وإذا خلوا إلى شياطينهم . .4 (الآية) . ويتفرع عن اللوم خون الأمانة والشاهد عليه قوله تعالى فيهم : إن الله لا يحب من كان خوانا أثيماڳ ٠ ويتفرع عن العزلة جفاء الطبع ٠ ويدل عليه قوله : أنؤمن كما آمن السفهاء . وتتفرع عن الجحبن المذلة » وإلى ذلك الاشارة بقوله تعالى : لوه العزة ولرسوله وللمؤمنين4 . وينشاً عن التستر دوام الضلال وازدياد النقائص ٠ ويشير الى ١ سورة الحشر :الأية ۱۳ء ۹۸ -۔ الأول قوله تعالى : وما هم بمؤمنين» ٠ وإلى الثاني قوله : لإفزادهم الله مرضاڳ . هذه أمراض النفاق التي استظهرها ابن عاشور ما نزل في المنافقين من الايات ٠ وما اعتيد تلبسهم به من الصفات ٠ وقد رتبها ‎SEER:‏ أرتاب -ك) لا يرتاب أحد - أن النفاق منطو على هذه الأمراض كلها . بل وعلى أكثر منها » فهو مجمع كل رذيلة » ومنشاً کل فساد ٥ وإنما آری أن ابن عاشور تکلف في ترتیب نشوئها » فلو سردها سردا لكان أبعد عن التكلف . كما أنني أرى أنه تجوز في حمل بعض الآيات على الاشارة إلى ما ذكره من هذه الأمراض ٠ بل بعضها أقرب دلالة إلى مالم يذکره من الصفات ٠ فقوله تعالى ‏ مثلا - : لإويقبضون أيديهم 4 أدل على البخل منه على اللؤم » وإنما دلالته على اللؤم من حيث أنه الأصل للبخل ٠ إذ البخل لا ينشاً إلا عن لؤم الطبع وفساد الفطرة . ومهم يكن فإن هذا الاستخراج مهم ومفيد ثي مجموعه ٠ وبما أن النفاق يستر مساوىء صاحبه ويضفي عليها ثوبا مهلهلا من محاسن الأعمال والأقوال الظاهرة . كان مدعاة لنمو الر وزياده النقائص . لأنها تترعرع بعيدة عن أنظار المربين الملصلحين ٠ في توالدها حى تون كل رذيلة مشا لذائل » وكل نقيصة عضا ۲۹۹ -۔ لنقائص »٠ فلذلك قال الله سبحانه : #إفزادهم الله مرضاڳە . الفاق سبب لزيادة المرض : إن هذه الزيادة إنا هى نتيجة ما تلبسوا به من قبل ٠ والشاهد عليه العطف بالفاء الموحية بالسببية » وإغا أسندت هذه الزيادة إلى الله لأنه خالق كل شىء » فالتوالد وأسبابه من مخلوقاته . وفي هذا الاسناد مالا يخفى من التنبيه على خطورة الاسترسال في أعمال النفاق ٠ والانطواء على أدوائه الدفينة . فإن من شأن ذلك أن تزداد هذه الأمراض تمكنا في نفس النافق حت تستولي عليها وتكون كالشيء الجحبل فيها › فلا يمكنه الفكاك عنها والتخلص متها . ومن ناحية أخرى فإن أعمال المنافق داعية لغضب الله عليه وحرمانه من التوفيق ورميه بسهم الخذلان ٠ فيظل بذلك منہمكا ي غیه » سادرا في غفلته » فيتعمق ضلاله ويستفحل داؤه » وفي ضمن هذا التنبيه على خطورة أدواء النفاق تحذير للمؤمنين من ملابسة المنافقين » ولعل في تنكير مرض في الموضعين ما يوحي با تقدم ٠ إذ ليس ببعيد أن يكون التنوين في الأول للاشعار بالتنويع والتكثير › وي الثاني للاشعار باختلاف المرض المزيد على المزيد عليه . وجملة «فزادهم الله مرضا» خبرية على الصحيح ٠ معطوفة على قوله «في فلوہم مرضص» حال محل الاستئناف للبيان . فلريما كان الحديث عنهم مدعاة للتساؤل عن سبب انهماكهم في الغي واسترسام في الفساد » وعدم إجداء الزواجر والنذر فيهم › فكان في هذه الحملة وفيا قبلها جواب عن ذلك يفيد أن حالتهم ناتجبة عن مرض في قلوبهم يتضاعف برور الأيام تضاعفا مقدرا من الله فلا طمع في تخلصهم منه ٠ وقيل هي جملة إنشائية أريد بها الدعاء عليهم نحو قول الشاعر : تباعد عني فطخل إذ دعوته ‏ أمين فزاد الله ما بيننا بعدا والمراد بالدعاء هنا الايجاب . لأن الله القادر على كل شىء ٠ اللصرف لكل أمر يوجب ولا يدعو . واعترض ذلك ابن عاشور بأنه خلاف الأصل في العطف بالفاء يعني عطف الحملة الاعتراضية - وبأن تصدي القران لشتمهم ليس من دابه 6 وين الدعاء عليهم بزيادة الغي يناي ما عهد من الدعاء للضالين بالحداية في نحو داللهم اهد قومي فانم لا يعلمون» . وللقائلين بأنها دعائية أن يدفعوا الاعتراض الأول بأن تصدير الجملة الاعتراضية بالفاء معهود عند العرب كا نص عليه صاحب التلويح 4 ومن شواهده قول الشاعر : واعلم - فعلم المرءِ ينفعه - أن سوف يأتي كل ما قَدُرا كما أن لم أن يدفعوا الاعتراضين الأخيرين بقوله تعالى : لثم انصرفوا صرف اله قلوهم ”2 ٠ وقد علمت أن الدعاء في ہہ ١ سورة التوبة : الآية «۸١٠۱» 7 A وفسر ابن مسعود وابن عباس واخرون من الصحابة - رضوان الله عليهم ‏ المرض الثاني با فسروا به المرض الأول وهو الشك ٠ وروي نحو ذلك عن مجاهد وعكرمة والحسن البصري وأبي العالية والربيع بن أنس وقتادة . وفسره عبدالرحمن بن زید بن آسلم بالرجس » واستدل بقوله تعالى : للإوأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم 4( . وفسر الرجس بالشر والضلالة › واستحسن تفسيره ابن كثير وعذه من باب (الجزاء من جنس العمل) » ونظره بقوله تعالى : «إوالذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم ) ' وهذا كله لا يناني ما سبق تفصيله من الأمراض الخلقية الناشئة عن النفاق ٠ فإنها جيعا من جنس الشر والضلالة ولا تتولد إلا في نفس خيمت عليها ظلمات الشك ٠ وقد حمل ابن جرير تفسير السلف بزيادة الشك على ما يستجد من شكوكهم كلا نزلت أية › واستشهد له بقوله تعا لى : إفزادتهم رجسا إلى رجسهم 4 . وأما على اعتبار امرض حقيقيا , فإن المراد بزيادته تضاعف مومهم ٠ واكتظاظ صدورهم بالحسد الناشىء عن ظهور المؤمنين وارتفا ع أعلام الدين وإقبال الناس عليه . وعلى هذا القول فإن إسناد الزيادة إلى الله حقيقي ٠ لأنه هو الذي هيا أسباب ظهور المؤمنين › ورفع مكانتهم بين العالمين › وأظهر دینهم على کل دين » فأمرض بذلك قلوب أعدائهم المنافقين . ١ سورة التوبة : الآية ١١۲٠» ٢ - سورة القتال : الآية ١۱۷» ٠۳۰۲ - وإنما قال سبحانه : #فزادهم الله مضا ولم يقل «فزاد قلوبہم مرضا» مع قوله من قبل وني قلوبهم مرض الدال على أن القلوب هي وعاء هذا المرض ٠ لأن مرض القلب مرض سائر الحسد ک)| يدل عليه حديث «ألا وإن في الجحسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الحسد كله» › أولأن القلب من حيث إنه مصدر العواطف ومنبم الوجدان ومرتبط بالحنان كانت إنسانية الأنسان لا تتحقق إلا به » فلذلك أعيد الضمير إليهم بدلا من إعادته إلى قلوهم . وبعد أن أخبر سبحانه بسوء حاههم في الدنيا بين شر ماحم في الأخرة بقوله : وم عذاب با كانوا يكذبونڳ ٤ وهو معطوف على قوله ت فزاردهم الله مرضاه وبهذا العطف تكمل فائدة البيان عنهم با فيه من الاخبار عا ينتظرهم في الدار الأخرة نتيجة ما قدموه ئي الدنيا . وهل يحصد الانسان إلا ما زرع؟ وقد تقدم معنى العذاب ٠ ووصفه هنا بأنه أليم لأجل تأكيد مدلوله ٠ فإن العذاب لا يكون إلا ألا » ولكن يتفاوت ألمه بتفاوت قدره 9 والأليم بمعنى المؤ لم كالبصير بمعنى المبصر › وزنة فعله) جميعا أفعل » وذهب الز شري إلى أن «أليا» مأخوذ من أل اللازم لا من الم التعدي ٠ فهو فعيل بمعنى فاعل » وحمل وصف العذاب به على نحو تحية بينهم ضرب وجيم ٠ وهذا على طريقة قولحم جڏ جذ » حيٹ أسند فيه الفعل إلى ال جحد - وهو مصدر - وحقيقته للجاد فإسناد الألم إلى العذاب وهو للمعذب . وإسناد الوجع إلى الضرب وهو - ۳۰۳ للمضروب › كلاهما من هذا الباب ٠ وتابع الزشري على رأيه هذا حماعة من المفسرين كالسيد الحرجاني وأبي السعود والقطب في الميميان والتيسر . والرأي الأول أبعد عن تكلف التأويل » على أنه حمل بعضهم (وجيم) في البيت على حقيقته وجعله بمعنى موجع على البناء للفاعل ٠ ومجيء فعيل بمعنی مُفُعِل مشهور في کلام العرب ٠ ومنه قول الشاعر : أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع وجاء في شعر ذي الرمة أليم بمعنى مؤلم في قوله : ونرفع من صدور شمردلات ‏ يصك وجوهها وهج اليم فإن كون الوهج أليما بمعنى مؤلم فيه ممالا يحتاج إلى بيان ٠ وكذلك السميع بمعنى مُسمع في البيت الذي قبله 9 إذ الداعي يوصف بأنه مُسمع ‏ على زنة اسم الفاعل لا مُسمَع على زنة اسم اللفعول - » وبهذا يتضح لك أن إنكار الز حشري في تفسير قوله تعال «بديع السموات والأرض» مجيء فعيل بمعنى مُفعل على وزن اسم الفاعل ‏ ليس بشيء » وقد تكلف تأويل بديم السموات بعنى مبذّعة سماواته 9 وتابعه السيد وأبو السعود › إذ أحالا ما هنا على ما جاء ثي تفسير إبديع السموات والأرض؟. وأنت تدري أنه إذا جاز ولو على بعد حمل «لبديع ٢٤۳۰“ السموات على معنى مبدعة سماواته . فن حمل حکیم علی غير معنی كم يکاد یکون متعذرا . وي هذا ما يكفي دحضا لقالة ال حشري ومن تابعه بأن فعيلا لا يكون بمعنی مفعل بالکسر » ولیت شعري ماذا عساهم يقولون في اتصاف الله بأنه بصبر ؟ ويؤيد الرأي الذي اخترته أنه قال به مفسرو السلف كالضحاك والربيع بن أنس ٠ وعليه عول ابن جرير والقرطبي ٠ وذكر ابن عاشور في تفسيره ان مجيء فعیل بمعنی مفعل كثیر في الکلام البليغ 6 وإنما اختلف في جواز القياس عليه ٠ واختار أن منم القياس عليه للمولدين ل يُقصد منه إلا التباعد عن مخالفة القياس بدون داع لثلا يلتبس حال الجاهل بحال البليغ . وأنه لا مانع من تغريج الكلام الفصيح عليه() . وإذا كان هذا الوعيد هنا منصبا على النافقين بسبب نفاقهم › فلا مانع ُن یکونوا داخلین أيضا في عموم وعید الكفار بقوله تعالى لولحم عذاب عظيم »٠ فإن المنافقين جمعوا بين الكبيرتين » الكفر وخداع المؤمنين » فكانوا أحرياء بالوعيدين › فلهم عذاب عظيم على كفرهم »٩ ولحم عذاب أليم على خداعهم . - م صحة قراءق «يكذبون» : واختلف في فراءة «يكذبون» ف فحمزة والكسائي وعاصم قرأوها بالتخفيف من الكذبْ ٠ ونافع وابن کثر وأبو عمرو وابن عامر -____ے ١ - التحریر والتنویر ح ١ ص ۲۸۲ الدار التونسية للنشر . ٢۳۰ “- قرأوها بالتثقيل من التكذيب ٠ وما أجدر المنافقين بوعيد الكاذبين واللكذبين لجمعهم بين صفتيهم واتصافهم بمساوئهم غير أن ابن جریر ‏ کعادته في انتقاد ما لا يعجبه من القراءات ‏ خطاً قراءة التثقيل ظانا أن الذين قرأوا بها لا يرون الكذب من غير تكذيب يوجب شيئا من العذاب فضلا عن كونه اليا . وأطال في الرد عليهم » واستدل لتصحيح قراءة التخفيف بأنها تتفق مع السياق ٠ فإن قصة المنافقين صدّرت بقول الله عز وجل لإومن الئاس من يقول امنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ٠ وهو دال على كذبهم ٠ فالوعيد على ماسبق ذكره من الكذب أولى من أن يون على التكذيب الذي ل يذكر » كا استدل لذلك با وصف به المنافقون من الكذب ي غير هذه الآيات ٠ كقوله سبحانه في سورتهم : إذا جاءك النافقون قالوا نشهد إنك لرسول اله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل لله إنهم ساء ما كانوا يعملون() , وقوله في سورة المجادلة : اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل اله فلهم عذاب مهن ڳ(۲) . فإن ذلك كله يفيد اتصافهم بالكذب ووعيدهم عليه دون التكذيب() . ولا زلت أستغرب من جرأة ابن جریر على انتقاد ما تواتر من القراءات كأنها جرد اراء لأصحابها » وليست روايات متواترة النقل عن المعصوم . على أن ابن جرير من أولي الخبرة في الروايات ١ سورة المنافقون : الآيتان ۶١١ ٠ ٢» ٢ - سورة المجادلة : الأيةً ,١٠ ٦۳۰ - وما یتصل ہا 6 فکيف سمحت له نفسه أن يخطىء قراءة ثبت نقلها بالتواتر عن إمام الحداة وأفصح العرب وأعلم الخلق سيدنا رسول الله يياو . ولیس ما احتج به صالحا للاستناد عليه ؟! أما ما قاله من أن قراءة التثقيل لا تقتضى الوعيد إلا على التكذيب دون الكذب ٠ فا هو إلا وهم اصطبم به ذهنه فحال بینه وبين درك المراد ‏ فإن الوعيد على الشيء لا يعني عدم الوعيد على غيره ›» والمنافقون متلبسون بالكذب والتكذيب »٠ فلا غرو إِذا توعدوا على الكذب تارة » وعلى التكذيب أخرى ٠ وليس في وعيدهم على أحد الأمرين ما يناي الوعيد على الآخر» وأنت إذا تدبرت ل تد فارقا معنويا بين کذہم وتكذيبهم . فان دعواهم الايمان بألسنتهم محض كذب وخلو قلوهم منه هو عين التكذيب با مجحب الايمان به . وأما ما ذكره من اقتضاء السياق وعيدهم على الكذب الذي سبق ذكره لا على التكذيب الذي ل يكن له ذكر » وتعزيز ذلك بأن المنافقين وصفوا بالكذب وتوعدوا عليه في سائر السور » فهو مدفوع بجا علمت من أن كذبهم ينطوي على التكذيب ٠ كيف والايمان نفسه أهم عناصره التصديق ٠ بل هو حقيقته اللغوية ؟ فقوله سبحانه وما هم بمؤمنين» يفيد أنهم من المكذبين › وكذلك رده عليهم في سورة المنافقون ما حكاه عنهم من قوم لإنشهد إنك لرسول الله » بقوله :لوالله يشهد إن النافقين لكاذبونه يفيد أنجم - ۳۰۷ مكذبون بالرسول يَِوٍ وما أنزل إليه » فأي غرابة مع ذلك إذا توعدوا على التكذيب . وجوز الزغشري أن يكون المشدد دالا على ما يدل عليه الخفف مع امبالغة » كم يقال بين الشيء بمعنى بان » وصدّق بمعنى صدق »٠ وموتت الابل بمعنی ماتت ٠ کا جوز أن يکون من کذب الوحش إذا جرى ووقف لينظر ما وراءء . وتلك حالة المتحبر كا هو شأن المنافق الذي دل عليه حديث ابن عمر ‏ رضي الله عنېا - عند مسلم والنسائي » قال : قال رسول الله َي : «مثل المنافق كالشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة» » وزاد النسائي «لا تدري أي تتبم» » ووافق الزغشري على هذين التأويلين لقراءة التشديد السيد الحرجاني وأبو السعود والألوسي ٠ ولست أرى ما يدعو إلى هذه التأويلات القاصية عن الأفهام مع وجود ما يغني عنها من المعنى القريب الذي يمكن أن تحمل عليه القراءة بدون تكلف . عواقب الكذب وخيمة وهو مشتمل على الكفر : ولعل تساؤ لا يخطر لبعض الناس عن سبب توعدهم على الكذب دون الكفر مع أن الكفر بالله ورسله أكبر الكبائر » وأترك الأجابة عنه لفيلسوف الاسلام الامام محمد عبده حيث قال : »إن الكفر داخل في هذا الكذب »٠ وإنما اختبر لفظ الكذب في التعبير للتحذير عنه وبيان فظاعته وعظم جرمه ٠ ولبيان أن الكفر من - ۳۰۸ مشتملاته وينتهي إليه في غاياته . ولذلك حذر القران منه أشد التحذير . وتوعد عليه أسواً الوعيد » وما فشا الكذب في قوم إلا فشت فيهم كل جريمة وكبيرة » لأنه ينشاً من دناءة النفس وضعف الحياء والمروءة » ومن كان كذلك لا يترك قبيحا إلا بالعجز عنه › نعوذ بالله تعالی من عمله ومنه»() . وما أحرى الكذب بالوعيد » وما أجدره بالتحذير منه . فإنه عش الرذيلة » وسم الفضيلة . وديدن الأنذال » وشعار الفجار › ولذلك تبد التحذير منه والتنفير عنه في أحاديث رسول الله يي شديدا بالغا . من ذلك ما أخرجه الترمذي عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنما - أن رسول الله يي قال : «إذا كذب العبد تباعد عنه الملك ميلا من نتن ما جاء به» » وأخرج آبو داود عن سفیان بن أسيد قال : سمعت رسول الله يي يقول : «كبرت خيانة أن تعدث أخاك حديثا هو لك به مصدق وأنت له به كاذب» › وأخرج مسلم وأبو داود عن أي هريرة ۔ رضی الله عنه ‏ قال : قال رسول الله ييو : «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بکل ما سمع» . وفي هذا ما لا يخفى على ذي بال من وجوب الحيطة في الحديث وعدم التسرع ئي نقل ما يسمع من الكلام ؛خشية الوقوع في الإفك والإسهام ئي ظط سره . وقد حذر الرسول ية مما يدور في مجالس التسلية عند عوام الناس من أحاديث لا أصل لا . لقصد الابداع في النكتة وإثارة —___-- ١ تفسير النار . ح ١ ص ١١۱ الطبعة الرابعة دار المنار بمصر . - ۳۰۹ استغراب السامعين وحملهم على الضحك © فقد أخرج أبو داود والترمذي عن بهزبن حکيم عن بيه عن جده . قال : سمعت رسول الله يَلٍ يقول : «ويل للذي يحذث بالحديث ليضحك به القوم فيکذب » ويل له » ويل له» » ونفى رسول الله ية عن المؤ من صفة الكذب »٠ فقد أخرج مالك في الموطاً عن صفوان بن سليم - رضي الله عنه ‏ › قال : «قلنا يا رسول الله ؛ أيكون المؤمن جبانا ؟ قال : ˆ نعم » قيل له : أيکون بخیلا ؟ قال : نعم . قیل : ایکون کذابا ؟ قال : لا» » ذلك لأن الجبن خلقة جبلية في الجبان » فلذلك لم يناف الايمان » وحب امال أمر مركوز في نفس البخيل غير أن المان يُعْلبه على هذا الطبع ٠ فلا يحول بينه وبين إيتاء الزكاة . وأداء سائر الواجبات المالية . أما الكذب فإنه ينشاً عن اختيار صاحبه › وتعويد لسانه عليه » فلذلك لم يكن يجامم الايمان . وجاء ي حدیث مرفوع عند أحمد وغيره «يطبع المؤمن على جميم الخلال ليس الخيانة والكذب» › وقد تقدم ما يدل على أن الكذب من خصال النفاق وصفات النافق في الأحاديث التي أوردناها عن ابن مسعود وأبي هريرة وعبدالله بن عمرو بن العاص في علامة المنافق وخصال النفاق . والكذب إذا اعتاده الانسان م يلبث أن يتحول إلى سجية لا ينفك عنبا . كا هو شأن الكذابين الذين خبرناهم وعرفنا عنم الكثير من مساوىء الأعمال وقبائح الخصال . وهو الذي يعنيه حديث ابن مسعود ‏ رضي الله عنه - الذي رواه الشيخان من طريقه ۳۱۰ -۔ مرفوعا : «إن الصدق يدي إلى البرء وإن البر هدي إلى الجنة . وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقا › وإن الكذب يدي إلى الفجور » والفجور هدي إلى النار . وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا» . وقد جاء وعيد الكذابين في أحاديث متعددة عن رسول الله َي منہا حدیث رؤ يا منامه َي . وإذا كان الكذب لا ينشاً إلا عن فساد الفطرة ٠ فإنه لا جد له مناخا إلا في البيئة التي تسودها الرذيلة وتتقلص منها الفضيلة ٠ وي مثلها لا يكاد الانسان يثق بمحدث ولا يطمئن إلى حدیث » بخلاف بيئة المؤمنين الصالحين ٠ ففيها يطمئن الانسان إلى الحديث ويرتاح إليه » ويثق بمحدثه ويعول عليه . تعريف الكذب : وقبل أن أغادر هذا الموضوع أرى من الملائم أن أكمل الفائدة بذكر بعض ما قيل في تعريف الكذب : فهو عند ال جمهور الاخبار عن الشيء بخلاف الواقع ٠ وبناء على هذا الرأي فإن الكذب اللوم عليه هو ما صدر عن قصد ويمكن القائل فيه . وعند الجاحظ ما خالف الواقم والاعتقاد . ۳۱۱ ۔ سبب إمهال الرسول يي المنافقين : هذا وقد يتساءل من يسمع قصة المنافقين ومعاملة رسول الله ية لحم عن السبب في إمهالحم وترك قتلهم مع ظهور أمرهم وانکشاف سرهم بشواهد حالم . وما کان ينزل فيهم من ایات القرآن شارحا لأحوالحم ومشيرا إلى ما يشخصهم من الصفات ؟ وقد أجيب عن هذا التساؤل بأربعة أجوبة : أولحا : أن حالم لم يكن مكشوفا لعامة الناس ٠ وإنما كان رسول الله يو وحده يعرف حقيقة أمرهم » وليس للحاكم أن يقتل بعلمه باتفاق » وإن أجاز له بعض العلاء الحكم بعلمه فيا دون القتل › واعترض هذا الجحواب ابن العربي في أحكام القران بأن النبي ل قتل الحارٹ بن سويد , بن الصامت لقتله المجذر بن زياد غيلة يوم أحد لأن المجذر قتل أباء سويدا يوم بعاث »٠ فأخبر جبريل النبي يٍَ بأمره فقتله به » ورد القرطبي هذا الاعتراض بأن الإجماع إن ثبت لا يْقَضَهُ ما ذكر فإن انعقاد الإجماع لا يكون إلا بعد موت النبي ية وانقطاع الوحي » ولا يعد أن تکون هذه القضية واقعة حال أو منسوخة بالا جماع . ثانيها : أن ترك قتلهم لأن الزنديق ‏ وهو الذي يبطن الكفر ويظهر الإيمان - يستتاب ولا يقتل » أجاب به بعض أصحاب الشافعي ٠ ووهنه ابن العربي بأن النبي يي م يستتبهم إذ لم يروذلك أحد عنه ‏ وكان يعرض عنهم ولا يتعرض فم مم علمه بهم . - ۳۱۲ الثها : أنه يل كف عنهم رعاية ملصلحة الأمة والدين › فقد كان يخشى لو تعرض هم أن ينفر عنه قلوبا هو أحوج إلى تأليفها ‏ وإلى ذلك يشير جوابه ية لعمر - رضى الله عنه ۔ حیث قال له : «معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي» رواه الشيخان . ومثل ذلك إعطاؤء ي للمؤّلفة قلوبهم مع علمه بسوء اعتقادهم © ونسب هذه الأجابة القرطبي إلى علماء المالكية » وبمثله يوحي كلام ابن عطيه ٠ وذكر أنه ممن نص على ذلك من أصحاب مالك محمد بن الجهم والقاضي إسماعيل والأبهري وابن الماجشون ٠ واستدل لذلك بقوله تعالى : «لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يباورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينا ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا() . فإن ذلك منوط بإعلانهم النفاق كا قال قتادة . وهذا يناي ما روي عن مالك وبعض المالكية أن ترك النبي يي قتل المنافقين ليبين لأمته أن الحاكم لا يحكم بعلمه » إِذ لم يشهد على المنافقين › وهذا يتفق مع الجحواب الأول . وذكر القاضي إسماعيل أن عبدالله بن أبي لم يشهد عليه إلا زيد بن أرقم » وكذلك لم يشهد عل الاس بن سويد إلا ربيبه عمير بن سعد ٠ ولو شهد على أحدهما رجلان بكفره ونفاقه لقتل ٠ وروي عن مالك : «النفاق في عهد رسول الله يَأ هو الزندقة فينا اليوم » فقتل الزنديق إذا شهد عليه بها دون استتابة» وهو أحد قولي __- ١ سورة الأحزاب : الآيتان ۶١6 ٠ ١٦ء - ۳۱۳ الشافعي . واحتج الشافعي للقول الآخر بأن السنة فيمن شهد عليه بالزندقة فجحد وأعلن الايمان وتبرأ من كل دين سوى الاسلام أن ذلك ينع من إراقة دمه » فإن امتناع النبي ية من قتل المنافقين ما كانوا يظهرونه من الاسلام مع العلم بنفاقهم لأن ما يظهرونه يجب ما قبله 9 وبهذا القول قال أصحاب الرأي وأحمد والطبري واخرون . ولا يسلم للشافعي أن السنة فيمن شهد عليه بالنفاق فتبراً مما نسب إليه أن يسك عن قتله لأن المنافقين في عهده ية كانوا محتاطين لأنفسهم فلا يبوحون با يقطع بکفرهم عند من تقوم عليهم بهم الحجة من المؤمنين ٠ وإن استدل على طواياهم بفلتات ألسنتهم وقرائن أحوالحم » فليس في ذلك ما يعد بينة يصح با القتل . واستدل الطبري لما ذهبوا إليه بتكذيب الله تعالى ظواهر النافقين ي قوله : #إوالله يشهد إن النافقين لكاذبون؟ ٠ وتعقبه ابن عطيه بأن للمالكية أن ينفصلوا عر ألزموا بهذه الآية بأنها ل تعين أشخاصهم » وإغا توبيخها يشمل كل مغموص عليه بالنفاق » وبقي لكل واحد منهم أن يتخلص بدعوی أنه لم یرد با وأنه مؤمن » ولو غين احد لا جب كذبه شيئا » وتعقب القرطي هذا التعقب أن هذا الانفصال فيه نظر » فإن النبي يَيٍ كان يعلمهم أو يعلم كثيرا منم بأسمائهم وأعيانهم بإعلام الله تعالى إِياء , وكان حذيفة - رضي ‎û‏ ٤۳۱ -۔ عنه ‏ يعلم ذلك بإخبار النبي يٍَ له » حتى أن عمر - رضي الله تعالى عنه - كان يشفق أن يكون منہم ٠ فيقول له : يا حذيفة ؛ هل انا منہم ؟ فیقول له : لا . هذا وقد سبق ما يدلك على أن النبي يي ل يكن يحيط علا بجميم المنافقين ٠ وإنما يعرف بعضهم بإخبار الله عنهم أو بتشخيص الوحي لأحوالحم . رابعها : أن ترك قتلهم للأمن من شرهم ٠ فإن الله قد حفظ أصحاب النبي يَأةٍ من إفساد المنافقين دينهم › بخلاف الأجيال الي جاءت من بعدهم فلا يؤمن عليها من شر أهل النفاق ومكائدهم . وفي هذا الجواب نظر لا يخفى على من أمعن في اي القران » ودرس سيرة الرسول ية » فكم حاول النافقون أن يثبطوا المؤمنين عن الجحهاد » ويشيعوا فيهم روح الحزيمة » کا هو واضح فیا نزل ئي غزوة أحد من سورة آل عمران ٠ وما نزل في غزوة تبوك من سورة التوبة » وبهذا يتضح أن أولى الأجوبة بالصواب هو الحواب الأول › ولا منم ذلك أن تضم إليه حكمة مراعاة الملصلحة بتأليف القلوب ٠ وتجنب ما ينفرها كا ذكر في الجحواب الثالث . ٢۵ا۳ - وإذا قيل لحم لا تفسدوا ئي الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرونې (۱٠٠) هذا هو ديدن النافقين » ومسلك المفسدين ٠ فإن الغرور يتفلغل في نفوسهم فيعميها عن الحق ٠ ويبعدها عن الحقيقة » فإذا طولبوا بالصلاح . والكف عن الفساد . استخفوا ذه المطالبة ونظروا إلى صاحبها شزرا » وأعاروه أذنا صاء زاعمين أن ما هم فيه وعليه هوعين الصلاح ٠ وروح الإأصلاح ٠ فكيف يطالبون بالكف عنه والتحول إلى نقيضه . وهو إن دل على شيء فإنما يدل على ما وصلت إليه قلوهم من المرض ٠ وانتهت إليه أفكارهم من الأتحراف ٠ وبلغت إليه فطرهم من التعفن ٠ وهو الذي أدى إلى انقلاب موازين الأمور عندهم 5 وانعکاس مقاييسها . فهم يرون الباطل حقا » والح باطلا »,والصلاح فسادا › والفساد صلاحا ٠ وهكذا . ولیس ذلك مقصورا على ذلك الجيل من المنافقن الذين لانتشار ضيائها . وجزعوا من عموم هداها ۽ بل هذه هي سمة اهل ٦۳۱ - النفاق » وطريقة أهل الفساد في كل عصر خصوصا عندما يستشري داؤ هما في محتمم أو شعب أو أمة ٠ فلا تستغرب إن وصفوا المعروف بصفة المنكر أو ألبسوا المنكر خلة المعروف »٠ ك أشار إلى ذلك حديث رسول الله ية » وهذا أمر لا يحتاج إلى أن يقام عليه برهان لوضوحه في تلف العصور لا سيا هذا العصر الذي فتك فيه بالانسانية عامة » وبهذه الأمة خاصة داء الحاهلية العضال › تلك الجحاهلية الي جليت للناس في ثوب مهلهل براق محبوك بخيوط من الزور ومصبوغ بألوان من الخداع . فقد عرت عقول الناس بسبب ذلك موجة من الضلال الفكري ٠ فغرقت في ظلمات الجهل والأوهام حتى ل تعد تبصر الحقيقة أو تفرق بين الحق والباطل ٠ فكم من مأساة ارتکبت في هذا العصر باسم العلم أو التقدم أو الحرية » وكم تهمة وجهت فيه إلى الدين وأهله . وإذا خوطب أحد من هؤلاء المتشبثين بغروره › الغارقين في ضلاله . بايات الله البينات ولى مستكبرا كأن م يسمعها كأن في أذنيه وقرا . ومن أمثلة ذلك ما كان من أحد الطواغيت - الذين طواهم الزمن - عندما طولب بتطبيق شرع الله » فأجاب ساخرا من هذه الملطالبة ومهن صدرت منه : «إن زماننا هذا أوسع من أن تتسع له شريعة الله» كأنما شرع القه الذي وسع السموات والأرض ٠ والذي فام على موازينه الوجود » أضيق مالا وأقل عطاء في نظره من تلك الأوهام الضالة التي أخرجت للناس في صورة قوانين لتبث في الأرض الفساد وره تشيم الظلم بين الناس . - ۳۱۷ ومما شاع في أوساط كثير من أولئك الذين أصيبوا بهذا الداء الجاهل الدفين » أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تدخل غاشم في شئون الناس الخاصة . ومصادرة لحرياتهم الشخصية ضاربين عرض الحائط بقوله عز وجل : ولتكن متكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون»() . ول يقف الأمر عند هذا الحد » بل اعتبروا المحافظة على الدين من العيوب التي يستحبي منها الفرد الكيس ٠ ويترفع عنها المجتمع الواعي ٠ فلم يتورعوا أن يصفوا التمسك بالبادىء الحقة تارة بال جمود » وتارة بالتحجر » ومرة بالرجعية › وأخرى بالتطرف ٠ ولا أزال أذكر جواب أحد المغرورين عندما وجه إليه أحد دعاة الخير نصيحة بالكف عن مفسدة فقال له ساخرا منه ومن نصیحته : (ما أغلى نصحك وأحلى كلامك غير أا لم يأتيا في زمنم) المناسب › فقد تأخرا عن وقتها قرنا من الزمن » وعجلة الأيام لا تعود إلى الخلف) . وهو كلام يدل على أن صاحبه يعتقد بأن الدين طواه الزمن وأبلاء الدهر › فلا يصلح اليوم لما كان يصلح له بالأمس › ولكن ‏ بحمد الله - أصيب الذين يسودهم هذا التفكير بخيبة أمل عندما أثتت الأيام أن الدين وحده هو القوة الغيبية الى تتلاشى بين یدیا جميع القوی » وأنه - رغم محاربته والتامر عليه بشتی اللكائد - لا يزال ي إقبال ونو كا شرع أول مرة » فهذه الصحوة الأسلامية - والحمد لله أخذت تقض على الجحاهلية الحديثة مضجعها ٠ وتثير ي أعماق نفسها الخوف والرعب ٠ وسوف يأتي اليوم الذي يسود فيه mn ١ سورة ال عمران : الآية ١ ١٠» هذا الدين إن شاء الله » ويد أركان هذه الجحاهلية » ویجتٹ بنیانہا کہا فعل بسالفتها الجاهلية القَديمة ؛› عندما طوى ظلامها بإشراق نوره وسطو ع هده . وكثيرا ما يتردد على ألسنة منافقي العصر الحديث التشدق. بالاسلام . ودعوى الانتاء إليه › والاعتزاز به » ليواروا بذلك ما ينطوون عليه من الكفر والشر والفساد » غير أن طبيعتهم المنحرفة تجعلهم أحيانا تفيض ألسنتهم با تطفح به صدورهم من الحقد الدفين والكراهية المتأصلة للاسلام والمسلمين . وقوله تعا ى : وإذا يل شم . . $ «الاية» . وارد مورد تعداد مساوىء المنافقين ٠ وهتك أستارهم والنعي عليهم › فلذلك لا أجد داعيا إلى السؤال هل هو معطوف على حملة «يكذبون» من الآية السابقة كا رجحه الز حشري ٠ أو معطوف على «ومن الناس من يقول امنا بالله واليوم الآخر» ك) اختاره الألوسي ٠ أو معطوف على «يقول امنا» كا حكاه الز حشري ٠ أو على «یي قلوہم مرض» کا استظهره ابن عاشور ؟ فإنه مع جواز عطف القصة على القصة - کا تقدم ‏ لا يمنم أن تساق أحوال طائفة محصوصة في نسق يتبع بعضها بعضا سواء كان الحديث عن بعضها في جملة أو أكثر ٠ إذ المراد تجلية هذه الأحوال للسامعين ليكونوا منها على بصيرة ومن أصحابها على حذر . ويرى بعض أهل التفسير أن إذا هنا عارية عن معنى الشرط ٠ - ۳۱۹ وإنغا هى للظرفية وحدها . ويترتب على ذلك كونها للمضي وليست للاستقبال ك إذا كانت شرطية » وهو واضح لأن ذلك دیدنهم قبل الاخبار عنهم » ونحوها قوله تعالى : حت إذا فشلتم وتنازعتم في الأمري«) ٠ فإن دلالتها على المضي فيه واضحة . وتقديم الظرف على «قالوا إنا نحن مصلحون» هو - كا يقول ابن عاشور - لايقاظ الأفكار وتنبيه العقول على ما وصلوا إليه من الفساد » وانتهوا إليه من الضلال ٠ وفي ذلك تعجيب من حالم ٠ فإن من شأن الفساد أن يكون باديا للأنظار السليمة ومتشخصا للأفكار المستقيمة . ولا تكون المكابرة بإنكاره ودعوى أنه عين الصلاح وروحه إلا ممن بلغ الفساد فيه غايته » خصوصا عندما يكون مثل هذا ال جحواب موجها إلى الناصح الأمين في مقام التوعية والتنبيه . واختلف في قائلي «لا تفسدوا في الأرض» هل هو الله أو رسوله أو المؤمنون ؟ ولا فارق بين أن يكون قائل ذلك هو الله أو الرسول ٠ نظرا إلى أن الرسول يي هو المبلغ عن الته . أما القول الثالث - وهو أن قائله المؤمنون - فهو محمول على أن طائفة من المؤمنين كانت تكتشف خبايا المنافقين بما يكون بينهم من الاتصال بسبب قرابة أو صحبة ٠ ولا يألون جهدا عندما يكتشفون نفاقهم ‏ أن يوجهوا إليهم النصح ٠ ويحاولوا تخليصهم ما هم فيه من الضلال راجين أن تجبدي فيهم اللوعظة ويؤثر فيهم التذكير. وهذا القول مروي عن ابن عباس رضي الله عا » وروي مثله عن مقاتل » واعتمده ١ سورة آل عمران : الأية ١١٠» - ۳۲۰ العلامة ابن عاشور نظرا إلى أنه لو كان قائل ذلك هو الله أو رسوله لانكشف أمرهم وانهتك سرهم ولم يعودوا ي طوايا الخفاء . ولو کان هذا الخطاب موجها إليهم إجمالا ك تتنزل مواعظ القران » لم يستقم جواہہم «إنغا تحن مصلحون» لأن مثل هذا الحواب المقرون بالتأكيد لا يصدر إلا ممن خص بال خطاب . واستشكل كون طائفة من المؤمنين عرفت أشخاص النافقين أو بعضهم ٠ واكتشفت خبايا نفاقهم » ولا تكشف مم ذلك أمرهم وأجيب عنه بجوابين : أولما : أن المكتشفين كانت بينهم وبين من اكتشفوهم صلة قربي تجعلهم يطمعون أن تجدي فيهم موعظتهم . ویؤٹر فيهم تذكيرهم » فلذلك كانوا يؤ ثرون سترهم رجاء أن يتحولوا في يوم من الأيام عم هم فيه من الضلال ٠ وإن كانوا أحيانا يشارفون اليأس من صلاحهم عندما يقرعونهم بمثل هذا الحواب الذي يستأصل كل طمع ف ارعوائهم . ثانيهما : أنه لا يبعد أن يکونوا قد كشفوا أمرهم لرسول الله يي ولكن المنافقين كانوا من الحذر على أنفسهم بحيث لا ينكشف أمرهم إلا مع الوحدان دون الجماعات ٠ فلم تكن الحجة تقوم بهم عليهم 5 وهذا الحواب هو الذي يجب الاعتماد عليه - فيم أرى - لثلانة أوجحه ٠ - ۳W... أوها : أن المؤمنين لم يكونوا يرعون في جنب الحق قرابة قريب ولا صلة واصل »٠ وما كانوا تأخذهم في الله لومة لائم . بل کانوا يؤثرون الحق على ابائهم وأبنائهم ٠ وأحب الأحباب إليهم ٠ كا يدل على ذلك موقف ابن رأس النفاق عبدالله بن أي من آبيه حال رجوع المسلمين من غزوة بني المصطلق ٠ فقد اعترض دخوله المدينة إلا بعد إذن رسول الله يَيتة ٠ ورماه بألذ ع الكلمات انتصارا للنبي ية ٠ ولم يقف أمره عند هذا الحد » بل استأذن النبي يي في قتله . ثانيها : أنه سبق ذكر بعض من شهد على آهل النفاق من قرابتهم كربيب ال حلاس الذي شهد عليه . ثالثها : أن في القرآن الكريم تصريحا بأن المنافقين كانوا يتوقون بالأمان 6 فقد قال تعانی عنہم : اتخذوا يمانم جنة و( 6 وقال : لفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر#”› . وكفى بذلك شاهدا على ان أصحاب رسول الله يٍَ الذين أخلصوا لله إيمانمم ومحصضوه ولاءهم کانوا يمضحون کل من بدرت منه بادرة سوء من المنافقين أمام النبي يَأ والؤمنين » وذلك الذي يلجىء المنافقين إلى تكرار الأيمان اتقاء لما عسى أن يترتب على ما نسب إليهم من الأحكام . واستظهر بعض المفسرين ُن قائل «لا تفسدوا ف الأرض» هو من نفس النافقين »٠ إذ لا يبعد أن يلمع لبعضهم بريق من الفطرة ١ سورة المجادلة : الآية ۹« ٢ - سورة التوبة : الأية ٤ ۷» ۔ ۳۲۲ “۔ فيدرك أن المغبة السيئة لما هم فيه لن تعود إلا عليهم ٠ وأن إغراق رؤ سائهم في النفاق ٠ وخحاربة الاسلام وأتباعه ٠ وتأليب اللشركين على المسلمين من خلف الأستار فتنة عمياء قد يكونون هم الذين يصطلون نارها › فلعل المشركين إن تمكنوا من المسلمين ينقلبون عليهم ویتخلصون منہم کا تخلصوا من المسلمين . غر أن رؤساءهم يرون أن خطتهم هي عين الصواب ٠ فقد سبق للمشركين أن جاوروهم زمنا طويلا فلم ينتزعوا منہم سلطانهم الروحي ولم يهددوهم في مصالحهم المادية » بل كانوا ينظرون إليهم نظر إعظام وإكبار لتميزهم عليهم با عندهم من علم الكتاب ٠ وانفرادهم بينهم بمعارف النبوات حتى أنهم كانوا يدفعون إليهم أفلاذ أكبادهم لينشأوا على دينهم ويتغذوا بمعارفهم › فرعبهم ٳنما هو من اللسلمين دون غيرهم » وهذا مبني على أن المنافقين كانوا من اليهود کا تقدم . والفساد خروج الشيء عن الاعتدال اللائق به الذي تتوقف عليه منفعته » وإفساده إخراجه عن ذلك »٠ وقسم بعضهم الفساد إلى فسمین ٩ فساد طاریء وفساد أصيل فالفساد الطارىء تحول الشيء من المنفعة إلى المضرة ٠ والفساد الأصيل وجوده ضارا من أول الأمر » وعليه فالافساد يكون إما باستخدام ما ينفع في يضر › وإما إيجباد ما يكون منه ضرر من غير منفعة » واستظهر ابن عاشور أن الفساد موضوع للقدر المشترك من هذين المعنيين » فيتناو ما مع إطلاقه » وليس من الوضع المشترك بحيث يستقل كل واحد من - ۳۲۳ العنيين بدلالة اللفظ عليه فيكون إطلاقه عليهما من باب إطلاق اللشترك على معنييه . والإفساد في الأرض يكون بتحويل المنافع إلى مضار كالغفش في البضائم . وبالقضاء على منافعها . كالاحراق ٠ وقتل من لا يستحق »٠ وبإثارة الفتن بين أهلها لما يترتب عليها من الأحقاد الق تقطم العلاقات وتحل الوشائج 4 والحروب الي تملك الحرث والنسل . ومن أنواع الإفساد » تحسين المنكرات ٠ وتزيين الباطل › والتنفر عن الحق »٠ وتقبيحه بدعايات الزور › والمنافقون قد أخذوا بحظ وافر من أنواع الفساد جيعها › ولا يبعد أن يكون حذف معمول تفسدوا لأجل تأكيد العموم المستفاد من وقوع الفعل في حيز النفي كا نبه عليه المحقق ابن عاشور » على أن ذكر مكان الافساد وهو الأرض من أدلة قصد العموم ٠ فكأن كل جزء منہا مصاب بأثر إفسادهم . وهذا لأن مايقم في أي رقعة من هذه الأرض من اللنكرات ينعكس أثره على جيعها . واختلف أهل التفسير في المراد بالافساد هنا 9 قيل إنه الكفر › رواه ابن جرير عن ابن مسعود وابن عباس واخرین من أصحاب النبي ی وقيل هو المعصية ٠ رواه ابن جرير عن الربيع بن انس ٠ ونسبه الفخر الرازي إلى ابن عباس والحسن وقتادة والسدي ٠ وحكى تقريره عن القفال بأن معصية الله في الأرض إنما ٣٤۳۲ - كانت فسادا » لأن الشرائع سنن موضوعة بين العباد › فإذا تمسك الخلق بها زال العدوان . ولزم كل أحد شأنه » وحقنت الدماء › وسكنت الفتن ٠ وكان فيه صلاح الأرض وصلاح أهلها 3 أما إذا تركوا التمسك بالشرائع وأقدم كل أحد على ما يهواه » لزم احرج والمرج والأضطراب » ولذلك قال تعالى : #فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض“” ٠ نبههم على أنهم إن أعرضوا عن الطاعة م يحصلوا إلا على الافساد في الأرض ٠ وقيل هو مايكون من اللنافقين من مداراة للكفرة والاختلاط بهم » لا في ميلولتهم إلى الكفر مع تظاهرهم بالايمان من إيهام بضعف النبي يَيةٍ والمؤمنين › وما يترتب عليه من تبرؤ الكفرة على إظهار عداوة الرسول ية وإيقاد نار الحرب له وطمعهم في الانتصار عليه ٠ وقيل إنهم كانوا يدعون في السر إلى تكذيبه يَيةٍ وجحد الاسلام . وإثارة الشبه حوله› . وذكر المحقق ابن عاشور أن إيقاعهم الفساد ينقسم إلى مراتب : أولها : إفسادهم أنفسهم بإصرارهم على تلك الأمراض النفسية الناشئة عن النفاق الى سلف ذكرها › وما يتولد منها من ثانيها : إفسادهم أولادهم وحواشيهم ٠ لانم يقتدون بهم ئي مساوئهم » وإفسادهم الناس ببث تلك الصفات الذميمة بينہم ك ا ١ سورة القتال : الآية ٢۲ء ٢ - التفسير الكبير ح ۲ ص ٢٩ الطبعة الثانية بتصرف . ٥۳۲ - ودعوتہم إليها 6 وهذا ماحکی الله عن توح عله السلام ‏ أنه ال : «إنك إن تذرهم يضلوأ عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا کفاراې() . ثالثها : إفسادهم مجتمعهم بأفعالهم التي يستشري داؤها في أوساط الناس » كإلقاء النميمة ٠ وإثارة العداوة ٠ وتسعير الفتن ۴٠ وتأليب الأحزاب على المسلمين . وإحداث العقبات في طريق اللصلحين . والافساد يعم ذلك كله ٠ كا يعم كل ما ينشاً عنه من مضرة في الدين أو الدنيا » كانتشار الجهل ٠ وحصول الانحراف الفكري أو السلوكي ٠ وقتل الأنفس ٠ وغصب الأموال وإتلافها . وانتهاك الأعراض ٠ وهو نما يترتب على أعمال المنافقين من إثارة الأحقاد › وتأليب الأحزاب »٠ وإلقاء الشبه . وإغراء العداوات والبغضاء بين الناس . واختلف في اراد بالأرض هنا فقيل أرض المدينة » وعليه ف (أل) للعهد الذهني ٠ للعلم بأن القران كان يتحدث عن النافقين اللوجودين في عصر النبوة . وكانوا منيثين في أنحاء المدينة المنورة وما حوفا . وقيل بل الراد بالأرض الكرة الأرضية وما فيها من الناس وال حيوانات والنبات والحماد والنواميس والأنظمة › لانعكاس أثر الفساد على ذلك كله ٠ فإن الأرض جزء من مملكة الله الواسعة تربطها بسائر الأجزاء نواميس وأنظمة . وسنن وطبائم » وفي خروج ١ - سورة وح : الأية (۲۷» ۹٦۳۲ - الانسان عن منہج الله إخلال سېذه الرابطة 6 وشص لعرى هذه الوحدة . وأنت إذا تدبرت ما أسلفناهء من أن الحديث عن النافقين في القران لا يتحصر في تلك الطائفة التي كانت في عهد النبوة ٠ وأنه يتجه إلى كل من شاكلهم ئي أي عصر ء أدرکت رجحان الرأي الأخير على أنه مما ينبغي ألا يغفل عنه أن في ذكر الأرض تنبيها لأولئك المفسدين المخاطبين بأن عاقبة فسادهم تنقلب عليهم باللضرة » وتعود عليهم بالخسران » فالأرض مهادهم في حیاتهم ٠ عليها يستقرون » ومثواهم بعد مماتهم إليها يرجعون » ومصدر كثير من نعم الله عليهم ٩ وقد أعدت با جهزت به من تلف الطبائع لأن تكون صالحة للاستقرار » ومتلائمة مع سنن الكون ونواميس الوجود ». ففساد المفسدين فيها ينعكس أثره السلبي عليها › ولذلك تكرر تحذير الانسان من الافساد في الأرض ٠ وتوبيخ المفسدين فيها ي اي القران ٠ نحو قوله عز وجل : لإولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها() ٠ وجاء في القران ما يدل على أن الاستقامة على منبجح الله من أسباب استمرار الخبر » وحصول النافم ٠ وتتابع النعمة › فالله تعا ى يقول : لإوآن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدفاې() . ويحکي عن نوح عليه السلام - قوله لقومه : استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السياء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ویجعل لکم جنات وجعل لکم اهارا »٠ ١ سورة الأعراف : الأية 0۹1( ٢ - سورة ال حن : الآية ١٠ء ۳ سورة وح : الآیات ,١٠ ١۱» - ۳۷V. وكثيرا ما تكرر في القران تذكير الانسان بنعمة الله عليه بخلق الأرض وما فيها لأجله . وبتهيئة أسباب عيشه وراحته فيها . ومنه قوله تعالى : للوالأرض بعد ذلك دحاها أخرج منبا ماءها ومرعاها والجحبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم 2(4 ›. وقوله : «وفلينظر الانسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا متاعا لكم ولأنعامكم € وئي طي هذا التذكر تحذير من كفران هذه النعم واستخدامها في غير ما خلقت لأجله . وقوهم : ١إا نحن مصلحون» رد على نسبة الافساد إليهم ٠ با يفيد أنهم أبعد ما يكونون عن الحوم حول الفساد أو الافساد › حيث نسبوا في هذا الرد إلى أنفسهم الاصلاح الذي هو نقيض الافساد » وأتوا بالجملة الاسمية في مقابل الفعلية الى خوطبوا بها › لتأكيد استمرارهم على منهج الإصلاح ٠ وهذا لأن شأن الحملة الاسمية إفادة الثبوت والدوام » وأكدوا مرادهم بِإِا المفيدة للقصر › كل ذلك لدرء ما وجه إليهم من تهمة الإفساد » والتتصل مما رُموا به بسبب ما ينکشف منہم من بوادر السوء » ويفيض على ألسنتهم أحيانا من عبارات تكن الحقد والكراهية ». وهو معنی ما رواه ابن جرير في تفسير الآية عن مجاهد أن مرادهم بهذه الاجابة أنهم على ادى مصلحون ٠ وثم أقوال أخرى للمفسرين : منها ما أخرجه ابن جریر عن ابن عباس ۔ رضي الله عنب| - أن ERNE, ١ سورة النازعات : الآيات و۳۰ _ ۳٢۳» - سورة عبس : الآيات ٢۲ ۳۲» ۳۲۸ -۔ مرادهم بهذا القول إنما نريد الإأصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب ٠ ومعنى ذلك أنهم يريدون إرضاء الطائفتين › والتقريب بين معتقداتما . وقيل إن الحواب يتضمن الاعتراف ا اتهموا به من موالاة الكفار وممالأتهم ٠ ولكنهم نفوا عن ذلك صفة الفساد زاعمين أنهم يما يأتون مصلحون » لأنهم يرعون به قرابة ذوي القرى من الكفار المعاندين . ويتبادر أن أصحاب هذا القول والذي قبله يستندون فيه إلى ما يوحي به قوله عز وجل : فكيف إذا أصابتهم مصيبة با قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون باه إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا4«› › ولعل أكثر المفسرين أميل إلى القول الأول . ويعتضد رأيهم بقوله سبحانه : لإأفمن زين له سوء عمله فراه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء¶”) » وقوله : قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا يې ) ِ وفي تصدير جوابهم بأداة القصر تأكيد لما يزعمونه من الإأصلاح ٠ فإنهم أرادوا معاكسة متهميهم بالإفساد بهذا القصر القلبي ٠ بحيث يوهمونهم أن الإصلاح متمحض فيهم ٠ وأن شائبة من الإفساد لم تحم حوضم »٠ فإن الذين اتهموهم إما أن يريدوا بقوشم حم رلا تفسدوا في الأرض» لا يكن عملهم إفسادا من غير إصلاح ‘ ١ سورة النساء : الآية ١٦ء ۲ - سوره فاطر : الأية »۸ ۳ سورة الكهف : الأآيات ۶ 5۱ ٤١1 - ۳۲۹ وإما أن يريدوا به لا تغلطوا بين الصالح والفاسد من الأعمال ٠ فإن الفاسد يؤثر على الصالح فيفقده منفعته . فكان جوابهم يفيد أن أعمالحم كلها مقصورة على الاصلاح . وهو ناتج عن ضلال فكرهم 3 وفساد فطرهم » وقد رد الله عليهم بقوله : ألا إنهم هم اللفسدون ولكن لا يشعرون» لاستئصال ما تشبثوا به من دعوی فارغة بأغهم لم يتعدوا حدود الأصلاح . وقد صدر هذا الرد بأداة الاستفتاح المفيدة للتأكيد › ووليت ذلك «إن» المختصة به » وجىء بالمسند معرفا لافادة قصره على المسند إليه » ووُسط بينا ضمير الفصل المؤكد هذه الإفادة . ليكون ذلك أبلغ في نقض دعواهم وكبح غرورهم وفضح سرائرهم » فظاهر الرد يقضي أن الافساد منحصر فيهم › وأنه صفتهم الوحيدة التي يتميزون بها ». وذلك لا يناي أن يكون في الأرض من لا يحصی عددا من المفسدين غيرهم » كالمشركين المجاهرين بشركهم ٠ لأن القصر ئي الرد هو قصر قلب کا سبق بیانه في تفسیر جوابهم . وهو من صروب تأکيد الكلام . وحصر الافساد ف هؤلاء لانم بمسلکهم الملتويى وسلوكهم التلون أخطر ما يكونون بين الناس ٠ فإنهم يحبون أن تشيع الفاحشة ي الذين امنوا ء وأن تتفشى العداوة بين الناس ٠ وأن تتقطع الصلات بن الأقربين 6 وأن تتحول أسباب الجر والرحمة 6 والمودة » إلى أضدادها » وإنما يحول بينهم وبين إدراك خطاً ما هم فيه وضرر ما هم عليه ؛ تبلد أذهانهم وانطماس بصائرهم حتی صاروا = ۳۳۰ ونفي الشعور عنهم يعم نفي شعورهم بسوء حالم في الدنيا › وشر ماحم في الآخرة » فإنهم لو رزقوا شيئا من نور العقل لأدركوا أن ما يزعمونه إصلاحا ويعتقدونه صلاحا .٠ هو مفتاح کل شر على أنفسهم ٠ ولأدركوا أن عاقبة مكرهم ستحيق بهم ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله» ٠ ولو فكروا قليلا فيا بعد هذه الحياة لبادروا إلى الإقلاع عن حالتهم والرجوع عن غيهم . والظاهر أن الشعور المنفى هنا هو شعور مقيد › وهو إدراك خطاً ما يأتونه من الأعمال الى يعاكسون بها دعوة الملصلحين ٠ أو إدراكهم شر ما ينتظرهم من العذاب في الآأخرة ومن المهانة في الدنيا كما أشرنا إليه من قبل » وقيل هو مطلق الشعور ؛للإيغال في ذمهم والمبالغة في تسفيههم ٠ فقد أنزلوا منزلة البهائم العجياء التي لا تيز بين الخير والشر » ولا تفرق بين النافع والضار » وعليه ففي هذا تسلية لرسول الله يَلاٍ وللمؤمنين حتى لا يبالوا با يلقونه من عنت هؤلاء المنافقين ٠ ومن نظرائهم في كل عصر » وذلك أن مسلك أهل النفاق لا يكاد يختلف بين زمان واخر » وما يلقاء منهم المؤمنون الصالحون صورة متكررة مما صدر من أسلافهم الذين كانوا مصدر عنت وبلاء في عهد النبوة » وإذا كان رسول الله يي مم علو منزلته ورفعة قدره عند الله قد لاقى الذي لاقاء منم » فلا عجب إن لقي أتباعه يي في العصور التتابعة من سفه الضالين وعنت النافقين ما يكاد يزه النفوس ويطير العقول ؛ لولا صلتها بالله وثقتها بوعده . ا۳۳ ۔ £ ۰ وروی ابن جرير عن سلمان الفارسي ‏ رضي الله عنه ‏ آن اللذكورين في الآية ل يأتوا بعد » وحمله ابن جرير على أن أكثر اللتصفين هذه الصفات إنما يأتون بعد عهد النبوة . ما عدا طائفة منہم كانت في عهده يي . وهي قليلة إِذا ما قيست بن يأتي من بعدها ممن هو على شاكلتها . وي هذا ما یؤید ما ذکرته من قبل من تكرر صورة النفاق والمنافقين في كل عصر › خصوصا عندما يشعرون بدنو قوة الاسلام ويتوجسون خيفة من سلطانه ٠ فإنہم لا مغر لحم في هذه الحالة من أن يلبسوا لبوسه » ويمشوا في ركاب أهله . وليس مرادهم من ذلك إلا انتهاز الفرصة المواتية ليطعنوه من الخلف ٠ مع ما ينالونه بهذا الملسلك من أغراض دنيوية ومنافع عاجلة يريدون أن يطفئوا نور اله بأفواههم ويأي اله إلا أن يتم نوره ولو کره الكافرون هو الذي أرسل رسوله بال حهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون»”) . هذا ويرى بعض المفسرين عدم اشتراط وقوع ما ذکر من القول والجحواب في الآية » فقد جوز أن يكون من باب التصوير لحالهم » فكان شأنهم شأن من إذا طولب بالكف عن الفساد ونصح بلزوم مسلك الصلاح ازدرى بناصحه ٠ وزعم ان ما يأتيه هو عين الصلاح ٠ وهذا كا لو أردت أن تكشف سجية أحد فقلت لن تحدثه عنه إن قلت له كذا أجابك بكذا . وعد هذا القول مكان «إذا» ١ سورة التوبة : الآيتان ۳۲۶ 5٤ ۳۳ ۳۳۲ ۔ الفيدة لتحقق الوقوع . - ۳۳۳ لإوإذا قيل حم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما امن السفهاء ألا انهم هم السفهاء ولکن لا يعلمون »۱۳ يسوغ هنا ما سبق في قوله «وإذا قيل لحم لا تفسدوا في الأرض» أن يعتبر قائل ذلك هو الله أو رسوله أو المؤمنون أو المنافقون أنفسهم » عندما يفكر بعضهم في عاقبة هذا النفاق وما يكلفهم من ابتكار الحيل وانتحال الأكاذيب لأجل درء التهم ٠ وتحسين المظهر ٠ فتكون إجابة أولئك الذين مردوا على النفاق وغرقوا فيه إلى الأذقان ماحكي عنهم هنا وهناك ٠ والمراد بالناس الذين جمعوا صفات الانسانية الكاملة . فلذلك اعتبرت محصورة فيهم . وكأن من عداهم ليس من الانسانية ئي شيء . وروی ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنما أن المراد بهم رسول الله يي ومن کان معه من المهاجرين والأنصار › الذين رسخت أقدامهم في الان › وانشرحت صدورهم باليقين » وعليه عول كثير من المفسرين ٠ وقيل : المراد بهم من امن من أهل الکتاب ٤ کعبدالله بن سلام رضي الله عنه - » وهو مبني على ما سبق ذكره من أن الخطاب نافقي اليهود » وقيل : المراد بهم الناس الذين يعتقدون فيهم كمال الأنسانية ورقي الأفكار وإشراق العقول . كإبراهيم وإسحق ويعقوب وغيرهم من النبيين الذين يفخرون بالانتاء إليهم . ٢٤۳۳ - الفاق يزين الباطل ويقبح الحق : وعلى أى حال فإن هذا الوصف يصور لنا ما يصل إليه النفاق بأهله من تزيين الباطل وتمجيد ذويه ٠ وتقبيح الحق وتسفيه أتباعه ت وإعراضهم عن الناصح واستخمافهم بنصیحته ٩ ولا عجب فإن الحق من دلائل صدقه استهانة المبطلين به ٠ وإن من علامات كمال الفضيلة ف الانسان ٠ واتصافه بأرقی الصفات الاأنسانية › استخفاف سفهاء الأحلام به » ورميهم إِياه بالمذام والنقائص . کا قال المتنبى : وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل باللصلحين واستخفافهم بحلومهم ٠ ونبزهم بالألقاب الشائنة › ولزهم بالعبارات الجارحة . إلا امتدادا لأحوال قديمة دأب عليها ومجيء هذه النصيحة بعد ما قبلها ما في تلك من الحض على توقي الفساد » وما في هذه من الدعوة إلى التلبس بضده . وهو معنى ما قيل «التخلي قبل التحلي» فالنفس لا تتاأهل لأن تكون وعاء للخير حتى تتطهر من أدران الشر ». ولا بمكنها أن تتحلى بالفضائل المحمودة حتى تتخلى عن الرذائل المذمومة . وكيف يقر الإمان في نفس لوثها الفسباد . وألفت الشقاق والنفاق ؟ اللهم إلا أن يتغير مسلكها › وتتبدل عاداتها . فتكون كأنما أنشئت نشأة جديدة بعيدة عن تلك „- ۳۳0 الطباع التي كانت عليها » والمفاسد التي أحاطت با . ویری ابن عاشور في تفسیره أن ذکر الناس هنا جار على سنن كلام العرب عندما يريدون إغراء المخاطب بشيء . وحضه على المسارعة إليه » فإنهم يستخدمون كلمة الناس وسيلة لتنبيه المخاطب بأن من عداه من هذا الحنس قد سبقوه إلى هذا الفعل ٠ فجدير به أن لا يتوانى في اللحاق بهم ٠ ومثل ذلك استخدامهم نا إِذا ما قصدوا التسلية أو الإئتساء كا في قول النهمي : وننصر مولانا ونعلم أنه ك الناس مجروم عليه وجارم ويرى صاحب النار أن الشرط والحزاء مفروضان هنا وفےا تقدم فرضا لأجل كشف ما ينطوون عليه » وإحضار حقيقة أمرهم في صورة المحسوس جريا على أساليب الكلام المألوفة عند العرب إِذا أريد تنبيه الأذهان وتوجيهها إلى الاحاطة بمعاني الكلام › ولأجل ذلك استخدم العلماء الباحثون هذا الأسلوب عندما يرومون الكشف عن محدرات المسائل وحل عويصات المشكلات ٠ فإنهم كثيرا ما يقولون إن قيل كذا أجبنا بكذا ؛ وبناء على رأيه هذا فلا داعي إلى البحث عن الداعي إلى الايمان » هل هو الرسول يي أو المؤمنون أو جماعة من النافقين أنفسهم ٠ بحسب ما تقدم . وهو رأي وجیه ٤ وقد المحت إليه وعزوته إلى بعض المفسرين في آخر تفسير الآيتين السابقتين . ويرى جمهور المفسرين أن مرادهم بقولحم ئي الرد على داعي ٦۳۳ - الايمان «أنؤمن كا امن السفهاء» التبرؤ مما دعوا إليه من الحق على أبلغ وجه ٠ فقد اعتبروا ذلك من شأن السفهاء الذين طاشت حلومهم وزاغت أفكارهم » وذلك مالا يتفق مع ما يرون عليه أنفسهم من رجاحة العقل ٠ واتقاد الذهن ٠ ونفاذ البصيرة › وينطوي - مع ذلك جوابهم على قصد التعريض بالؤ منين بان السفه هو الذي قادهم إلى الايمان › والتخلي عا كانوا عليه من العقائد والعبادات ٠ ولا يبعد أن يقصدوا التعريض بالسابقين الأولين من المهاجرين ٠ فإن جلهم كانوا من المستضعفين › كصهیب وبلال ٠ ومن عادة المتكبرين في الأرض احتقار طقة الضعفاء ووصمهم إياهم ولا يرد على ذلك كون ضعفهم تحول إلى قوة بعد ا حجرة وقیام الدولة الاسلامية التي أظلت الحميم بظلها الوارف ٠ واوتهم في حصنا الحصين »٠ وتازر المؤمنون على القيام بواجباتها بحيث صاروا كالبنيان يشد بعضه بعضا » وكا حسد يشتكي كل عضو منه إذا ما تأ والاطمئنان . ذلك لأن اللامزين هذا الوصف إنما كانوا يعيرونهم با كانوا عليه من قبل من الذلة والضعف والفقر . ويحتمل ُن یریدوا بالسفهاء اللهاجرين والأنصار حجيعا لاعتبارهم ما أتوه سفها يرباون بأنفسهم عنه » فالمهاجرون خرجوا ۳۳۷ -۔ من ديارهم وقد تركوا وراءهم الموطن والأولاد والأموال بعدما تقطعت الصلات بينم وبين عشائرهم الأدنين . وحلت عحلها العداوات والإحن بسبب اعتناق هذا الدين والقيام بالدعوة إليه › والأنصار أووا المهاجرين في بلادهم وأشركوهم في أموالحم واثروهم على أنفشهم وعيالحم وكلا الأمرين في نظر المنافقين سفه وضلال ٠ لأنهم ينظرون إلى الأمور بالمنظار المادي ٠ ومن شأن الناس أن يعدوا امال قوام الحياة » وأن يعتبروا الأهل والعشيرة معقل العز » كا أن من شأنهم أن يضيقوا ذرعا بالمهاجرين إليهم إذا ما شاركوهم ئي معايشهم .٠ وضايقوهم ي مساكنهم »٠ فلا غرو إذا نظر المنافقون إلى طائفتي المهاجرين والأنصار نظر الاستخفاف والازدراء » ونسبوهم إلى السفه » وحكموا عليهم بالضلال . وبناء على ما تقدم رأى أكثر المفسرين أنه لا يتأ صدور هذا القول متهم إلا فيا بينهم » أو أنهم كانوا يقولونه في سرائرهم من غير أن يبوحوا به ؛ وإلى الاحتمال الأول ذهب الواحدي حيث قال : إنهم كانوا يظهرون هذا القول فيا بينهم لا عند المؤمنين ٠ فأخبر الله تعالى نبيه يي والؤمنين بذلك عنهم . وهذا لأنهم لو كانوا يعلنون تسفيه الحق وتضليل المحقين أمام للؤمنين لكانوا مجاهرين بالكفر وغدوا من الكفرة الصرحاء لا من اللنافقين المتكتمين ٠ فإن الفاق يقتضي أن يطوي صاحبه سريرته عن الناس ويبدي لحم خلافها . - ۳۳۸ وضعف أبو السعود في تفسيره رأي الجمهور ؛ نظرا إلى أن الذي تقتضيه جزالة عبارات التنزيل أن يكون صدور هذا الجحواب بمحضر من المؤمنين الناصحين لم ٠ لأن السياق يدل على حوار بين طائفتي الايمان والنفاق ٠ وتدافع بين كتلتي الوفاق والشقاق » واختار أن قوم هذا وإن صدر عنم بحضور الناصحين - لا يقتضي كونهم مجاهرين وإنما هو أسلوب من أساليب الخداع» وفن من فنون النفاق وارد مورد قولحم #إواسمع غير مسمع”) › من احتمال الأمرين بحسب تقدير المعمول إِذ يمكن أن يحمل على الدعاء بالخبر إن قدر غير مُسمع مكروها » وبعکسه إن قدر غير مسمع خیرا » وکانوا يلقون هذا الكلام على النبي يَيةٍ استخفافا وسخرية . فقد كانوا يوهمونه قصد الدعاء بالخير وهم يبطنون ضده » فنزل القران هاتكا سترهم كاشفا سرهم » حتى لا يتطاولوا على حضرة صاحب الرسالة بعبارات الزء والسخرية . وجعل أبي السعود ما في هذه الآية نظبر ما في تلك يعني أنهم كانوا يواجهون نصحاءهم بمثل هذا الحواب استنکارا منہم لدعوتهم إلى الإيمان كا آمن الناس » زاعمين أنهم على ذروة الإيمان › فإذا م يكن إيمانجهم كإِيمان الناس الذين بهم الاعتداد » وفيهم الأسوة › فهل إيجانهم كإيمان السفهاء والجانين الذين لأاعتداد بم ولا بعقائدهم 5 وهكذا يوهمون النصحاء الدعاة إلى الأيمان مع انطواء جوابہم على مغزی اخر من مغازي الكلام ء وهو لز المؤمنين کے س ١ سورة النساء : الآية 7٦٤٠ء - ۳۳۹ بالسفه والطيش ». وإلى ذلك كانوا يېدفون . وقد مر بكم في تفسير الآيتين السالفتين بيان احتمال أن تكون هذه الفلتات من النافقين بمحضر وحدان المؤمنين دون جماعاتهم بحيث يمكنهم التخلص منم ٠ وما يترتب على رفائعهم ‏ لو كشفوا أمرهم للنبي يَيٍ وللمؤمنين ‏ بالمعاذير التي ينتحلونها والأيمان الي يکررونها » وبهذا ينحل كل ما تصوروه من إشكال في هذا التقاول ٠ ويستغنى عا جاء به أبو السعود زاعم) أنه الحق الذي لا محيد عنه › وبحسبكم ما ذكرته ثم من شواهد الآيات الدالة على أن المنافقين كانوا يجهدون في اختلاق المعاذير وانتحال الأكاذيب وإغلاظ الأيمان لأجل درء التهم عنم وتخلصهم مما ينسبه إليهم المطلعون على أمرهم من المؤمنين- دليلا على صحة كون هذا التقاول بينم وبين الؤمنين . هذا وقد عزا الألوسى ما ذكره أبو السعود إلى الشهاب الخفاجي » وذکر أنه ادعی ُن ذلك من بنات أفکاره . ورد عليه الألوسي بن فوشم «أَنؤ من» إتكار للفعل في الحال ٠ وقوحم «کا امن السفهاء» بصيغة الماضي صريح في نسبة السفاهة إلى المؤمنين بسبب الإيمان » فلا تورية ئي خطابم ٠ ول ير الألوسي مانعا أن يصدر عن أحد اللتحاورين ي الخلاء ما هو حري أن يكون في مقام التحاور وإذا تأملتم ما حررته لکم هنا وف تقدم کنتم في غنی عن جمیع ¢ هذه التكلفات . وأصل السفه عند العرب الرقة والخفة ٠ ولذا يوصف به الثوب الرديء النسج 4 ومن عادة الخفيف الاضطراب وعدم الاستقرار » ولذا أطلقوا السفه على هذه الحالة ك| قال ذو الرمة : مشين كما اهتزت رماح تسفهت أعاليها مر الرياح النواسم وأطلق على الطيش ٠ واضطراب الرأي ٠ وسوء التدبير ما يستلزم ذلك من خفة النفس وعدم استقرار أفكارها . ولذلك وصف القران المبذرين للأموال بالسفه لفقدانهم الضبط ٠ ومنه قوله تعالى : لإولا تؤتوا السفهاء أموالكم 2 ٠ وقوله : إفإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا»”) ٠ ويطلق السفه في الاسلام على تفويت المنفعة العاجلة أو الآأجلة ٠ ومنه قوله سبحانه وتعالى : ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسهە” . وقد انتصر الله سبحانه لعباده المؤمنين وحزبه المفلحين من أعدائهم النافقين بأن سجل عليهم صفة السفه التي رموهم بہا ووسمهم مع ذلك بالجهل 4 وما أضل من حكم الله عليه بالسفه › وما أحير من رماه تعالى بال جهل . وجاء الرد مصدرا بأداة الاستفتاح ومؤ كدا بحرف التأكيد › ومعرفا طرفاء ‏ وهما المسند والمسند إليه مم توسيط ضمير الفصل ہے ۱ ۔ سور النساء : الآأية 4 ۲ - سورة البقرة : الآية ۲۶٢۲ء سورة البقرة : الأية ٠۳٠0 ٢۳ - بينها - كل ذلك لتأكيد الدلالة على أن السفاهة مقصورة عليهم دون اللؤمنين الذين وسموهم بها › وقد جعل سفههم من الظهور بحيث لا يخفى على متأمل ٠ ولكن جهلهم بالأمور هو الذي حال بینہم وبين إدراكه ولذلك ذيلت الآية بقوله ¥إولكن لا يعلمون؟ . وجاءت هذه الفاصلة مغايرة لما قبلها » ففي تلك نفي عنهم الشعور » وفي هذه في العلم اعتبارا ما وُصفوا به في المقامين ٠ فثم وصفوا بالفساد › والفساد أمر محسوس يتجلى لکل من له نظر ؛ ما يترتب عليه من إهاجة الفتن وسفك الدماء وتقطيم الصلات وإثارة الأضغان وتأجيج الأحقاد . وما من شيء من ذلك إلا وضرره معلوم › وخطره محسوس »٨ فإيثار التلبس به لا يكون إلا من بلغت به البلادة وانطماس الفكر إلى فقدان الاحساس وهنا وصفوا بالسفه اناي للعلم ٠ فاقتضى القام أن ينفى عنم العلم ليتم الطباق بين ما أثبت لم ونفي عنهم . وأيضا فإنهم هنا محاطبون بالامان ٠ وأمر الان لا يتضح إلالمن كان على علم به ؛ لأنه يقتضي فهم عاقبة المؤمنين وعاقبة أضدادهم الكفار » ك أن للايمان مسالك ومبادىء وغايات ٠ قد تكون من الدقة بحيث تخفى على من لم ينور الله بصيرته بالعلم › ويشرح صدره بالعرفان » وهؤلاء المنافقون بسبب إخلادهم إلى العناد وإصرارهم على نهج المسالك الملتوية لم یکونوا على استعداد ذهني لادراك هذه الحقائق . فكانوا أحرياء بأن يوصفوا في هذا لوقف بعدم العلم . ٢٢٤۳ - هذا وقد علمتم مما أسلفته غير مرة أن هذه الصفات الدنية لا تتحصر في ذلك الفريق المحدود العدد من منافقي المدينة في عهد النبوة » وإنما تنجرٌ إلى كل من كان على شاكلتهم في جميع العصور › فالذين يسفهون الحق ٠ ويزينون الباطل ٠ ويحتقرون المحقين ٠ ويجلون المبطلين ٠ هم أحقاء بكل هذه الأوصاف من الفساد وفقدان الاحساس والوعي ٠ وعدم المعرفة بحقائق الأمور وعواقبها . .٣٢۳ - «إوإذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم نما نحن مستهزئون « لله یستهزیء بهم ویمدهم في طغیانہم ن۱9 4 ©\( يبين لنا الله تعالى هنا نمطا من أنغماط معاملتهم لغيرهم ٠ وأسلوبا من أساليب الخداع التي يلجأون إليها . هروبا من الفضيحة ٠ وركونا إلى السلامة مما يترتب على انهتاك سترهم وظهور أمرهم » فهم يلقون الناس بوجهين » ويتحدثون إليهم بلسانين لأجل إرضاء كل طائفة والتوقي من كل فريق » وهو شر ما يکون في الانسان ٠ ولذلك ترتب عليه أعظم الوعيد » كما جاء في الحديث : «من کان له وجهان ف الدنيا كان له وجهان من النار يوم القيامة › ومن كان له لسانان في الدنيا كان له لسانان من النار يوم القيامة» . يقة المنافقين في التعامل : هذه الطريقة متبعة عند منافقي جميم العصور على اختلافها › فهم عندما يحسون بقوة الحق . وظهور المحقين لحأوا إلى هذا اللسلك » فلقوا المحقين بوجه . والمبطلين باخر » متصورين أن هذه براعة وفطنة وذكاء . وما هي إلا غباوة ونذالة وانحطاط وسفاهة ٠ ٤٤۳ -۔ لا يرضاها إلا الأدنياء . فلذلك عدوا أسواً حالا ممن أعلن باطله وجاهر بكفره » فإنهم مع ما اشتركوا فيه مع الكفار من عقيدة الكفر › تميزوا بهذا الأسلوب الذي يسخرون به من المؤمنين ويستخفون به مما أنزل الله من الحق ٠ وتلك هي الحقيقة التي يبدونها لشياطينمم حتى يطمئنوا إليهم ويثقوا فيهم . وإنما قلت إن هذا هو ديدن أهل النفاق عندما يشعرون بسلطان الحق ٠ ويرون اثار مده . لأن استشراء النفاق إِنا بدأ بعد ما أخذ الاسلام يمز قواعد الكفر ويزلزل أركان الجاهلية › وقد علمت نا تقدم أن النفاق إنما عهد بعد غزوة بدر الي جعلت شياطين الكفر يحسبون كل حساب غذا الدين() ٠ ولم يكن الذين لجأوا إلى النفاق من الشهامة والرجولة بحيث يتمكنون من النابذة الصريحة والمقاومة المكشوفة . فلم يبدوا أمامهم إلا هذه الطريقة الملتوية فصاروا مذبذبين بين الطائفتن . وقوله عز من قائل «لوإذا لقوا الذين آمنوا قالوا امنا توطئة لا بعده © فلا يعد تكرارا ما في قوله #لإومن الناس من يقول امنا باه وباليوم الأخرڳ . وأری أن هذا العطف والذي قبله جيء با لتعداد مساوىء أهل التفاق كا سبق ذكره . قول المافقون ودين فى كلوه برشل شركولاء دير واأالء ١ اي 44ء ١ فان دل هذ الأ عل وجود طائفة من المنافقين في المدينة أثناء خروج المسلمين لمواجهة الكفار في بدر وسخريتهم من المؤمنين ومن دينهم واضحة لا غبار عليها . ٥۳ - وذكر كثير من المفسرين ي سبب نزول هاتين الايتين قصة أخرجها الثعلبي والواحدي في أسباب النزول من رواية السدي الصغير › وحمد بن مروان عن أي صالح عن ا بن عباس رضي الله عنما وملخصها أن عبدالله بن أي وأصحابه خرجوا يوما فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله ية . فقال عبدالله : أنظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم . فأخذ بيد أبي بكر فقال : مرحبا بالصديق سيد بني تيم وشيخ الاسلام وثاني رسول الله في الغار › الباذل ماله ونفسه لرسول الله » ثم أخذ بيد عمر فقال : مرحبا بسيد بني عدي الفاروق القوي في دين الله › الباذل نفسه وماله لرسول الله » ثم أخذ بيد علي فقال : مرحبا بابن عم رسول الله وختنه » سيد بني هاشم ما خلا رسول الله » ثم افترقوا فقال لأصحابه : كيف رأيتموني فعلت ؟ فاثنوا عليه خيرا» فنزلت الآيتان فيهم . وإسناد هذه القصة من الضعف بمكان ٠ فقد ذكر الحافظ ئي تخريبه أحاديث الكشاف أن محمد بن مروان متروك متهم بوضع الحديث وقال عن هذا الحديث إنه في غاية النكارة . وذكر الألوسي أن سلسلة هذه الرواية سلسلة الكذب وليست بسلسلة الذهب . وأنتم إذا نظرتهم إلى سياق الآيات رأيتموها متناسقة › أخذا بعضها بحجزة بعض ٠ كل اية منها كاشفة عن جانب مهم من مساوىء أهل النفاق , وذلك يقتضي عدم انفصال بعضها عن بعض بالاستقلال بالسببية ٠ وإنما مجموع أعمال المنافقين في مجملها - ٦٢٤۳ - سبب رئيسي لنزول جميع هذه الآأيات . ولقاؤ هم الذين امنوا الذي يترتب عليه قولحم أمنا هو عند اجتماعهم بهم ي مالس الرسول يَيةٍ وغيرها . وخلوهم إلى شياطينمم عودهم إليهم ئي مجامعهم التي هي محل استقرارهم ومظان والأصل تعدى خلا بالباء أو مع » يقال خلوت به أو خلوت معه » وتعديه هنا بإلى لتضمنه معنى اب ورجع ٠ فإنهم منقلبهم الذي يعودون إليه . لأن لقاءهم بامؤمنين لا يكون إلا عرضا بخلاف لقائهم بشياطينهم . والشياطين جمع شيطان وهو جنس من المخلوقات ٠ ذو روح شريرة » طبعه الحرارة النارية › لأن النار عنصر تكوينه › بدليل قوله تعا ى حكاية عن إبليس لعنه الله - : #خلقتني من نار وخلقته من طين»”) » وقوله : إوالجان خلقناه من قبل من نار السموم” › وهم من جنس الجن لقوله تعالى : كان من الجن . .€ ٠ وأطلقت العرب اسم الشيطان على كل عات متمرد من أي جنس كان » فقد جاء في القاموس واللسان : «الشيطان كل عات متمرد من اللأنس وال حن والدواب» . وهذا لأن طبيعة الشياطين التمرد والعتو . فأطلق اسمهم على كل ما شابههم في وصفهم على طریق الاستعارة . ومن هذا الباب قوله عز وجل : وكذلك جعلنا _—_ ١ سورة الأعراف : الآية «١٠» ٢ سورة الحجر : الآية د٢۲» ۳ سورة الكهف : الآية د٠ 5٥» ٧٢٤۳ - لکل ہی عدوا شیاطین الاأنس والحن )۱ 6 وي الحديث : «الكلب الأسود شیطان» . وقال جریر : أيام يدعونني الشيطان من غزلي وهن بہوينني إِذ كنت شیطانا وقد أطال علاء العربية وتبعهم المفسرون ئي بيان اشتقاق هذه الكلمة › وقد ذهبوا فيها مذاهب ؛ منہم من عدها من شطن بعنی بعد » ومنهم من قال هي من شاط بمعنی هاج او احترق او بطل ٤ ولا أجد داعيا إلى حشو التفسير بمثل هذه الأمور الى هى أخص بفنون أخرى » وذهب ابن عاشور إلى أن الشیطان اسم جامد شابه ي حروفه مادة مشتقة . ودخل في العربية من لغة سابقة ٠ لأنه من الأساء المتعلقة بالعقائد والأديان › ولم يأت بدليل يقضي بصحة قوله . واختلف المفسرون في المراد بالشياطين هنا › قيل هم اليهود › وهو مقتضى ما أخرجه ابن جرير وابن ابي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنما قال : «كان رجال من اليهود إذا لقوا أصحاب النبي يَية قالوا إنا على دينكم » وإذا خلوا إلى شياطینهم - وهم إخوانهم - قالوا إنا معكم على مثل ما أنتم عليه . الخ» ‘ وأخرج نحوه البيهقي ي الأسماء والصفات ٠ وقيل : هم رؤساؤهم ئي الكفر » روى ذلك ابن جرير عن ابن مسعود ‏ رضي الله تعالی عنه - » ورواه هو وعبد بن ميد عن قتادة » وروي مثله عن ابن عباس والسدي ٠ وعزي إلى الكلبي أنهم شياطين الجن ء وهو ت ١ سورة الأنعام : الآية د١١٠ ۸٤۳ - مشكل ٠ وقيل هم الكهان ٠ وعزاه القرطبي إلى جمع من المفسرين › والأظهر آم قادة اليهود . فإنهم الذين ديدنهم تأجيج الفتنة ٠ وتمزيق الشمل »٠ والتشكيك في الحق ٠ وقد كانوا يستغلون المنافقين لهذا الغرض ٠ على أن كثيرا من أهل النفاق كانوا من العنصر اليهودي . والمراد بعيتهم ئي قوله ##إنا معكم مجامعتهم لحم على الكفر بالإاسلام ء ومناوأة المسلمين ٠ وعدم تأثر نفوسهم بالإيمان › وهو معني ما روي عن ابن عباس «إنا معكم على مثل ما أنتم عليه» . وفي مثل هذا الموقف قد تثور خواطر الشكوك في نفوس أولئك الشياطين ؛ لا يعرفونه عن أهل النفاق من التملق للمسلمين وإبداعهم في محجاملتهم . ومحاولة التتصل أمامهم من كل العقائد المغايرة للاسلام . وقد تؤدي هذه الشكوك إلى مساءلتهم ؛ ما بالكم تتملقون لدى المسلمين وتتوددون إليهم بالكلمات الطيبة والعبارات المليئة بالتقدير والاحترام ؟ فيدفع المنافقون عن أنفسهم التهم ٠ ويتنصلون إلى شياطينهم بقولم «إنا نحن مستهزئون» ليستأصلوا متهم الشك ٠ وليغرسوا في أنفسهم الثقة بهم والطمأنينة إليهم ٠ أي إا نأي الذي نأتيه مع المؤمنين استخفافا بهم وسخرية منهم . ويبحث في وجه تأكيدهم لخطاب الشياطين دون خطاب اللؤمنين » مع أن التبادر أنهم أحوج إلى التأكيد في خطاب أولي الإمان ليدرأوا عن أنفسهم تهمة الفاق ٠ وأجيب عنه بجوابين : ۹٢۳ - أو ا : أن خطابہم لأهل الايمان ل يصدر عن باعثٹ ف نفوسهم فلذلك اختصروا ؛ لأن ألسنتهم لا تطاوعهم على التأكيد ما وقر في قلوهم من الكراهة المتأصلة للحق ولأهل الحق ٠ على أنهم لا يعون عندهم أنهم على ذروة ايان لعدم رجائهم رواج ذلك بين من یخاطب وهم 6 كيف وهم بين ظهراني المهاجرين والأنصار الذين مثلهم في التوراة والانجيل ٠ وإنما يقنعون بادعاء آم منتظمون ئي سلك عامة أهل الإيمان . وبعكس ذلك خطابهم للشياطين › فإنه خطاب ناشىء من أعماق نفوسهم وصادر عن أقصی رعبتهم ٩٤ وتأکید الخطاب يراعى فيه تارة جانب المتكلم ٠ وتارة جانب اللخاطب »٠ وأخرى جانبي| معا . ثانيه) : أن العدول عن مقتضى الظاهر في خطابهم للمؤمنين ولشياطينهم ؛ لأنهم لا يريدون أن يضعوا أنفسهم موضع من يتطرق ساحته الشك في صدقه ٠ إذ لو خاطبوا المؤمنين بالتأكيد لكان من خطابهم ما يشكك المؤمنين في يقولون » وهذا من إتقان نفاقهم ٠ على أن المؤمنين قد يكونون أخلياء الذهن من الشك في النافقين لعدم تعينهم عندهم ٠ فتعبيرهم عن إِيمانهم جدير بأن يکون تعبيرا عاديا خاليا من المؤكدات . وذلك بخلاف مخاطبتهم لقومهم . فإِن إبداعهم في الفاق واختراع أساليب الخداع عند لقائهم بالمؤمنين قد يثير شكوك کبرائهم في بقائهم على دینہم . فلذلك احتاجوا إلى التأكيد في مخاطبتهم ليتقرر في نفوسهم بقاؤهم على الكفر . أساليب النافقين في الخطاب : وأنتم إذا أمعنتم النظر فيا ورد من اي الكتاب حاكيا أقوال اللنافقين . أدركتم أن خطاممم للمؤمنين كان يتلون بحسب اللقامات ٠ فتارة يكون مؤكدا . وتارة خاليا من التأكيد ٠ وكثيرا ما يقترن بتغليظ الأيمان ٠ وهذا يرجم حسبا أرى ‏ إلى اختلاف أحوال المؤمنين المخاطبين أو أحوال النافقين المتكلمين ٠ فخطامم للذين يتفطنون لأحوالهم ويتنبهون لغاياتهم ليس كخطاب غيرهم مهن یکون خالی الذهن من تصور عمق النفاق وإدراك ملامح أهله ١ ولذا عندما يحكى خطامم لرسول الله َي تلقاهء مقرونا بمؤ كدات أكثر مما إذا حكي خطابهم لغيره ‏ كا تجد ذلك في نحو ب إنشهد إنك لرسول الله . وذلك لا يعرفونه عنه ية من عمق إدراكه وسرعة تمطنه لمكائدهم ٥٠ كيف وهو الذي يتلقى عن الله تعالى وحيه الكاشف لخفايا الأمور . وكذا يستدعى حال الذين شهروا بالتفاق عند المؤمنين أن يكون كلامهم أكثر تأكيدا من كلام غيرهم » محاولة منهم لتبرئة ساحتهم وتغطية مساوئهم . والفرق بين خطابهم للمؤمنين الذي جاء جملة فعلية › وخطابهم لغيرهم الذي صيغ من الحملة الإسمية . لأنهم عند اللزمنين يذعون حدوث الايمان في نفوسهم بعد أن كانوا على ملة الكفر » والحملة الفعلية من شأنها الدلالة على الحدوث والتجدد › بينم يؤ كدون لشياطينهم بقاءهم على ما كانوا عليه من عقيدة الكفر › ا٢٢۳ ۔ وذلك يستفاد من كون الجحملة الدالة عليه اسمية ؛ فإنها من شأنها الدلالة على الثبوت والدوام . ويتضح مما قررناهء سابقا أن جملة تإتما نحن مستهزئونڳ مستأنفة استئنافا بیانیا » جوابا لتساؤ ل شیاطینہم عما یکون منہم في خطابهم للمؤمنين من دعوى الايمان مع أنهم على مثل ما كانوا عليه من الكفر ء فيجيبونهم بان ذلك ناشىء عن استهزائهم بهم » ليس غير » وقال بعض آهل التفسير هو بدل من «إنا معكم» . واختلفوا هل هو بدل اشتمال أو كل أو بعض ٤ وذهب الفخر إلى أنه تأكيد له » والصحيح ما أسلفناه . والاستهزاء : الاستخفاف . ومادته دالة عله ٠ فانم يقولون تېز به ناقته إذا أسرعت وخفت »٠ وذكر الامام الغزالي أنه الاستحقار والاستهانة » والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يضحك منه 6 وذكر الفخر أنه عبارة عن إظهار موافقة مع إبطان ما يجري مجری السوء على طريق السخرية » وأتبع ذلك بقوله : فعلى هذا قوم إا نحن مستهزئون يعني نظهر لحم الموافقة على دينهم لنأمن شرهم 4 ولقف عل أسرارهم 6 ونأخذ من صدقا تمم »۱ . ورده الألوسي بأنه حالف للغة والعرف . وبعد أن حكى الله سبحانه عن أولئك السفهاء ما حكاه من استخفافهم بأولي الحلوم الراجحة » والايمان الراسخ »٠ رد على يعمهون ې ليكون في هذا الرد الصريح تسلية للمؤمنين في ذلك ۔ ۲٢۳ »„ العصر › وفيا يتبعه من العصور ؛ بأن الله تعالى كافيهم مكائد خصومهم الذين يلقونهم بوجوه الخير ويخفون وراءها قلوبا طافحة بالشر » غاصة بالأحقاد › ومثله قوله لرسوله َة : إنا كفيناك اللستهزئين»”2 ٠ ولي هذا تثبيت لعزائم أهل الحق ٠ وبعث لم لأن يشقوا طريقهم » لا يلوون على أحد من مناوئيهم ٠ ما دام الله سبحانه هو المتکفل بآن جزیهم جزاء من جنس عملهم . والآية الكريمة وإن نزلت في النافقين الذين كانوا في عهد الرسالة » فمدلوا يشمل كل من كان على شاكلتهم ٠ وما أكثر أولي الاستخفاف بالحق والاستهزاء بأهله الذين يلقون المؤمنين بالألسنة الكاذبة . والقلوب الحاقدة والنوايا السيئة . وإنما سلو المؤمنين في هذه الكفاية الربانية لإوكفى باه وليا وكفى باله نصيرا4”) . وقطم هذه الحملة عا قبلها لأن عطفها قد يوهم أنها من مقول المنافقين » وأنهم يدعون أن الله تعالى يؤيدهم ويعزز جانبهم ٠ إذ يستهزىء بالمؤمنين كما يستهزئون › فكان فصلها دالا على استقلاها عن کلامهم » وأنہا من کلام الله تعالی تبکیتا لهم وانتصارا لعباده اللؤمنين ٠ وثم سبب آخر » وهو أن حكاية ما كان من المنافقين ئي معاملتهم أهل الإيمان . ومصارحتهم قومهم بأنهم يستهزئون بهم با يلقونهم به من الكلم الطيب ٠ يجعل الأعناق تشرئب ٠ والعيون تتطلع إلى ما يحدث من رد فعل من جانب المؤمنين ٠ فرب قائل یقول ماذا عسى أن يفعل الذين آمنوا ء وقد اصطبغوا بخديعة اهل ۱ - صورة الحجر : الآية ر٥ ٩» ٢ - سورة النساء : الآية «4°» ۳٢٢۳ - النفاق ٠ ووقعوا في فخ كيدهم ٠ وشراك مكرهم ؟ فجاء هذا الرد من قبل الله بن ذلك ليس موكولا إليهم ٠ وإنما الله الذي هداهم إلى الح هو المتكفل بخصومهم ٠ وفي القطم في هذا المقام من الحزالة مالا يفى . ومن ناحية أخرى فإن العطف يقتضي أن يكون استهزاؤ هم ما يعد به » وترکه يشعر انه لا شيء بجانب استهزاء الله بہم ٤ فهم لن يستطيعوا أن يصلوا إلى شيء من مرادهم في الذين امنوا لن الله وما يؤكد اعتبار الاستئناف تقديم اسم الحلالة على الخبر الفعلي الذي وليه ٠ إذ لم يقل يستهزىء الله بهم . لأنه مما يجول في خواطر السامعن السؤال عن من يتولى جزاء ہ صنيعهم 6 وي هذا الجواب تنبيه على أن الله تعال وحده هو الذي يتولی ذلك . وفيه ما لا يحفى من رفعة قدر المؤمنين عنده . ونحوه قوله سبحانه إن لله يدافع عن الذين امنوا#(. على أن بعض أهل البلاغة يرى أن تقديم المسند إليه هنا قاض بقصر المسند عليه . وهو مقتضى مذهب إمامي البلاغة عبدالقاهر الجرجاني وجارالله الز حشري . وفد کان مقتضی الظاهر أن يمال : الله مستهزىء ہم ليوافق قولحم إا نحن مستهزئون؛ غير أنه عدل عن الاسم إلى الفعل ١ سورة الحج : الأية ۳۸ء ٢٤٢۳ „ فيه من نعمة ظاهرة 9 فإن البلاء بهم متلاحق »٠ والحزاء فيهم متنوع » والمحن عليهم مسترسلة » أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين»() ٠ وكان الخوف يساورهم ٠ یحذرون دائما من تمتك أستارهم ٠ وانتشار أسرارهم ۽ وبدو أمرهم ٠ وكانوا وجلين من كل ما ينزل من الآيات للإيحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم مما ي قلوہم قل استهزئوا إِنْ الله حرج ما تحذرون چ . وقد سبق معنى الاستهزاء وهو في حقيقته لا ينشاً إلا عن الجهل ٠ ولذلك أجاب موسى عليه السلام - عندما قيل له : إأتتخذنا هزواكه بقوله للإأعوذ بالله أن أكون من الحاهلين 4 › وبهذا تعلم أن حقيقته مستحيلة على الله عز وجل ٠ ولذا اختلف المفسرون فيا يراد به هنا . فمن قائل هو بمعنى الانتقام . وقد ورد نحوه في کلام العرب ومنه قوله : قد استهزأوا منهم بألفي مدجج ‏ سراتهم وسط الصحاصح جُثم وهو معنى ما أخرجه ابن جرير وابن ابي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنما أنه قال في معنى ذلك : يسخر بهم للنقمة منهم . ومن قائل : أطلق الاستهزاء على جزائه لما عرف من إطلاق اسم الشيء على ما يترتب عليه » نحو قوله تعالى : إوجزاء سيئة سيئة مٹلها(٠) 6 وقوله : فمن اعتدی عليکم ناعتدوا عليه بمٹل e ١ سورة التوية : الآيةً ١١۲٠» ۲ - سورة التوبة : الأية ,٤٦٠ ٢ سورة البقرة : الآية «۷٠٦» ٤ - سورة الشورى : الأآية ‎tn‏ ٢۳ - مااعتدى عليكم»(). وقوله : #يخادعون اله وهو خادعهم ) 6 وقوله : ¥ومكروا ومکر اه ه۳( 4 ومنه قوله اللهم والعنه عدد ما هجاني» ٠ أي اجزه جزاء هجائه . وهذا من العرب »٠ كا قال عمرو بن كلثوم : وأرى أنه لا يختلف عا قبله 9 فإن إطلاق الاستهزاء على الانتقام لا يعني إلا العقوبة على ما صدرمن المنتقم منه من الاستهزاء والاستخفاف . وذهب اخرون إلى أن إسناد الاستهزاء هنا إلى الله إنما هومن حيث كونه سبحانه يصرف عن عباده المؤمنين ضرر استهزاء خصومهم ٠ وينزله بالمستهزئين ٠ وني هذا ما يشبه الاستهزاء بهم › فلذلك استعير له اسمه. وقيل : لما كان الاستهزاء من لازمه حقارة الملستهزاً به وهوانه » والمنافقون من الحقارة والجوان بمكان ٠ أطلق اسم الملزوم على اللازم على طريقة المجاز الإرسالي ٠ وقيل : إن الأستهزاء هنا عبارة عم شرعه الله من أحكام في الدنيا تجعل المنافقين يطمئنون إلى أنهم لا يختلفون عن الذين آمنوا » مع أنه تعالى أعد لحم ١ سورة النساء : الآية ١١٤٠ء ۳ سورة ال عمران : الأية ‎«O‏ ٦۳۵ - في الآخرة عذاب الحون ٠ كا أظهروا للنبي يي وللمؤمنين أمرا يبطنون ضده . وضعف الفخر الرازي هذا القول ؛ لأنه تعالى عندما شرع لحم هذه الأحكام في الدنيا لم يكتم عنم مصيرهم في الآخرة . وقيل : إن الله سبحانه عاملهم معامله اللستهزىء في الدنيا والآخرة » أما في الدنيا فمن حيث أظهر رسول الله يَيْةٍ على ما کانوا يخفونه » وأما في الآخرة فقد زوي أنه يفتح لأحدهم باب إلى الحنة فیقال هلم هلم ٠ فيجيء ء بکربه وغمه ». فإذا جاء أغلق دونه ٩ ثم بفتح له باب آخر فیقال هلم هلم » ۽ فيجيء ء بکربه وغمه فإذا آنه هلم فما يأتيه » عُزي ذلك إلى ابن عباس والحسن وقال قوم : ِن النار تجمد ك| تجمد الأهالة . فيمشون عليها ويظنونها منجاة فتخسف بهم » وحمل ابن جرير هذا الاستهزاء على ما أخبر الله تعالی به في قوله : « يوم يقول النافقون والمنافقات للذين امنوا انظرونا نقتبس من نورکم قیل ارجعوا وراءکم فالتمسوا نورا فضرب بینہم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذابڳ . ومها يكن فإن حقيقة الاستهزاء منتفية عن الله سبحانه › ولا معنى لا يقوله البعض من امتناع التأويل وحمل هذا اللفظ على حقيقته مع مراعاة التنزيه في جانب الله تعالى » فإن من لازم الحمل على الحقيقة التشبيه . وهو لا يكن أن يجامع التنزيه » على أن ١ - سورة الحديد : الآية ۱۳ء ۳ المتأولين هم أرسخ قدما في العربية ٠ کا نهم أعمق فه| لمقاصد القران , وإن أطال ابن جرير في الانتصار للفريق الآخر » ولم يبعد والمد الزيادة مأخوذ من مده » وفي معناه أمده 9 وفرق بینہا بعضهم بأن المجرد يستخدم في معنى زيادة الشر » والمزيد في زيادة الخير. وهي ي الحقيقة قاعدة أغلبية كى) أفاد القطب رحمه الله وغیره » ویدل على عدم التفرقة قراءة ابن محيصن وشبل بضم الياء من أمد الرباعى »٠ ونسبت هذه القراءة إلى ابن کشر » کا یدل على ذلك أيضا قوله تعالى : إوالبحر يمده من بعده سبعة أبحر چ« › ويطلق المد على زيادة العمر غير أنه يتعدى باللام › وادعى بعض اللفسرين أنه هو المراد هنا وأن انتصاب الضمير إنما هو باب الأتتصاب بنزع الخافض ٠ ويرده أن نزع الخافض ليس قياسيا › ولا يكون إلا مع أمن اللبس ٠ واللبس هنا حاصل . والطغيان مصدر كالشكران والكفران . وهو دال على البالغة ئي الطغي وأصله من طغى الماء إذا جاوز حده المألوف ٠ واستعمل عرفا بي مجاوزة الحد ي العصيان . ولا إشكال ي إسناد المد في الطغيان إلى الله تعالى ما علمته من أن العقيدة الحقة أن أفعال العباد غلوقة له تعالى ٠ وأن كل ما يحدث إما هو بإرادته . ١ - سورة لقمان : الأية ر٢۲» ۸٥۳ - ومن حيث إن المعتزلة ينفون عن الله سبحانه خلق أفعال العباد حملوا المد هنا على خذلانهم ٠ ومنعهم الألطاف التي يهبها تعا ى عباده اللؤمنين . أو على عدم قسرهم وإلجائهم إلى الطاعة ٠ أو على أنه سبحانه خلى بينم وبين الشيطان فتمكن من إغوائهم . وذهب العلامة ابن عاشور إلى أن إسناد المد إلى الله عز وجل هنا هو من باب إسناد ما خفي فاعله إليه تعالى لأنه الموجد للاأسباب الأصلية والمرتب لنواميسها بكيفية لا يعلم الناس سرها» من غير مشاهدة من تسند إليه على الحقيقة غيره » وذلك أن النفاق إذا دخل القلوب كان من اثاره عدم انقطاعه عنها . ولا كان من شأنه أن تتمى عنه الرذائل المتنوعة . كان تکونه في نفوسهم ناشئا عن شتی الأسباب في طباعهم ٠ متسلسلا بحسب ارتباط المسببات بأسبابا › وهي أسباب شتى 5٠ وقد حرمهم الله توفيقه الذي يباعدهم عن تلك الجبلة بمحاربة نفوسهم ٠ فكان هذا الحرمان مقتضيا استمرار طغيانهم وتزایده بالرسوخ ٠ ومن حيث ٳن الله سبحانه هو الذي خلق النظم الي هي أسباب ازدياده أسند هذا المد إليه » وهذا الاسناد معدود من الحقيقة العقلية . هذا ما ذهب إليه . وهو ئي جوهره يتمق مع مذهب المعتزلة وإن اختلف المذهبان من حيث إن المعتزلة يعدون هذا الاسناد من باب المجاز العقلي كا هو واضح من کلام الز حشري . وتعرّيف الطغيان بالاضافة إلى الضمير العائد إليهم › إما للاشعار بأنه حاصل بسبب إخلادهم إلى النفاق من تلقاء أنفسهم من - ۳۹ غير أن يجبروا عليه » وإما للاشعار بأنه نوع غريب من الطغيان اختصوا به ولم يشاركهم فيه غيرهم . وفسر ابن عباس الطغيان هنا بالکفر » أخرجه عنه ابن جریر وابن أي حاتم والبيهقي ٠ وأخرج مثله ابن جرير عن ابن مسعود - رصي الله تعال ی عنه » وروي عنه تفسير مدهم بالاملاء لحم 6 وروي عن آبي العالية وفتادة 6 والربيع ابن نس 6 ومحاهد 6 وأبي . مالك وعبدالرحمن بن زيد نحو ما تقدم في تفسير الطغيان . والعمه فسّر بالتردد والتحبر . وروی ابن جرير عن ابن مسعود - رصي الله تعال ى عنه ‏ أنه فسر يعمهون بيتمادون . وروی ابن أبي حاتم وابن المنذر وابن جریرعن ابن عباس رضي الله تعالی عنما مثله ٠ وأخرج الفريابي › وابن أبي شيبة » وعبد ابن مید ٤ وابن جریر . وابن المنذر › أنه فسره بيلعبون ويترددون . وأصله انطماس البصيرة . فهو كالعمى . إلا أن بعضهم قال بأن العمى مختص بالبصر »٠ والعمه بالبصيرة وذهب الز حشري إلى أن العمى عام » والعمه خاص بالقلب ٠ وهذا أولى لقوله تعالى : فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب»› ٠ وهو نص صريح في إطلاق العمى على انطماس البصيرة . وإذا تأملت مفهوم الكلمة اللغوي أدركت أن المأثور ١ سورة الحج : الآية 7٩٤ ۰٠٦۳ - من تفسيرها إنما هو تفسیر باللازم » فإِن من تعمق في الطغیان لابد آن يبقى حائرا مترددا متماديا في ضلالته . نسأل الله تعالى العافية . “۳۹۱ مهندين ۶#٠٠ هذا الكلام يفيد تقرير ماتقدم من أوصاف أهل النفاق وما يترتب عليها » ومن حيث إن التقرير ئي مضمونه التأكيد قطع عا قبله 9 وقد يقتضى الال أن يسال السامع لأوصافهم المتلوة فيا تقدم عن منشاً تلك العجرفة وسبب ذلك الغرور ٠ فيجاب ¥ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالحهدى وهذا يعني أنه استؤنف استئنافا بيائيا » وهو من دواعي عدم العطف أيضا ٠ ومن ناحية أخرى فإن هده فذلكة لما سبق ٠ ومن عادة الفذلكة أن تكون مقطوعة کا في قوله تعالى : لإتلك عشرة كاملة ك . والأصل في الاشارة أن تكون إلى متعين إما بحضور شخصه ٠ أو بتعين وصفه ٠ كا تقدم في قوله تعالى لإأولئك على هدى من رهم ٠ وامشار إليهم هنا ليست شخوصهم كلها معلومة للرسول 9 كما يدل عليه قوله تعال بلا تعلمهم نحن نعلمهم 4 ٠ وثم الكثير من الأحاديث الدالة على أن جمهرة من المنافقين لم يكونوا متعينين بشخوصهم للنبي يي وللمؤ منين ٠ وإنما جازت الأشارة إليهم لما تقدم من الآيات الكاشفة لأحوالحم . المحددة لأوصافهم ٠ ۲٦۳ ۔ والاشارة هنا لا تفيد قربا ولا بعدا لعدم الاأشارة إلى مكان الملشار إليه . والاشتراء هو أخذ المثمن ودفع الثمن . فهو كالابتياع › وذهب بعض أئمة اللغة إلى أن فعل وافتعل يتعاقبان في مادة الشراء £ ولعلهم يستدلون لذلك بقول الشاعر : فإ شريت الحلم بعدك بالجهل وانتقد ابن عاشور التسوية بين| » وذكر أن الذي جرأهم عليه سوء التأمل في قوله تعالى : #وشروه بثمن بخس دراهم معدودة 2 5 فتوهموا أن الضمير عائد إلى المصريين ٠ مع أن معاده واضح فریب وهو سیاره من قوله تعال : وجاءت سيار ة ه() 6 أي باعوه 6 نم قال : «(وحسىكڭ شاهدا على ذلك فوله» چ وکانوا فه من الزاهدین ‏ أما الذي اشتراه فهو فيه من الراغبین » ألا تری قوله لامرأته ل أكرمي مثو اه »۳٩ . وللغويين أن يستدلوا لقولحم بقول الشاعر : إن الشباب رابح من باعه فإنه من المعلوم أن اخذ الشباب هو الرابح وليس باذله » ومن ےہ ١ سورة يوسف : الآية و١٠٤ ٢ - سورة يوسف : الآية «۱۹» ۳ - سورة يوسف : الأية ٥ء »؛» التحرير والتنوير ح ١ ص ٤ الدار التونسية للنشر . ۳۳ الواضح أن البائعين كلاهما اخذ ومعط ٠ فما المانع من جواز تعاقب وما أن البيع والشراء يقتضيان استبدال شيء باخر » أطلقت العرب الاشتراء على مطلق الاستبدال ٠ ومنه قول الشاعر : أخحذت بالحمة رأسا أزعرا وبالثنايا الواضحات الدردرا وبالطويل العمر عمرا حيدرا ‏ كا اشترى المسلم إذ تنصرا وقول الأخر : إا بني نشل لا ندعیى لأب عنه ولا هو بالأبناء يشرينا وبحوه ف البيع كقول الحماسي . وما إن بعت منزلة بأخری حللت بأمره وبه تسیر وحمل حماعة من المفسرين الاشتراء هنا على هذا المعنى ٠ ورأیى اخرون أن إطلاق الاشتراء على اختيارهم الضلالة على الحدى ٠ لأن من اشتری شيئا لا يشتريه إلا وهو فيه راغب » وئي ٹمنه زاهد » ومن حيث إن هؤ لاء زهدوا في الحدى ورغبوا ني الضلالة . أطلق على فعلهم الاشتراء » وهو من المجاز اللرسل بعلا فه اللزوم . وانتقد الامام محمد عبده تفسير الاشتراء بالاستيدال لما بين اللفظين من فارق ٠ والقرآن الكريم لا يؤثر لفظا على لفظ إلا لزية. فيه » ولخص الفارق بين في وجهين : ٤٢٦۳ - أحدهما : أن الشراء لا يكون إلا لفائدة يطلبها كل من البائع والمشتري ٠ سواء كانت حقيقية أو وهمية . والاستبدال أعم من ذلك . انيا : أن الشراء يكون بين طرفين ولا يلزم ذلك في الاستبدال » فقد يستبدل أحد ثوبا من ثيابه بثوب من غير أن یکون في مقابله أحد . ولا يصدق على ذلك آنه بيع أو شراء . وفي هذا ما يدل على أن معنى الآية أن أولئك القوم اختاروا الضلالة على الحمدى لفائدة يتوهمونها » فهو معاوضة بين طرفين يقصد با الربح . ثم أوضح الامام ذلك ما معناه نمم كانت عندهم کتب سماوية فيها مواعظ وأحكام وتبشير بمبعث نبي يحل لم الطیبات ٠ ويحرم عليهم الخبائث ٠ ويضم عنم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم . ويغمر الأرض نوره . ويشمل الأمم هداء ٠ فيعطي العقول حقها من الاستقلال » ويجعل لكل فرد حرية في الأفكار › فکان عندهم بذلك حظ من هداية العقل ٠ والمشاعر » وهدايه الاين والكتاب ٠ غير أنهم تفشت متهم الأحداث والبدع › واستولت عليهم الانحرافات والضلالات . فعلا سلطان ذلك على سلطان الدين ٠ ونتج عنه ضلال الرؤساء ثي فهمه بإخلادهم إلى تحكيم تقاليدهم الموروثة ونبذهم الكتاب بطرق من التحريف والتأويل ٠ كا نتج عنه إهمال المرؤ وسين التفكر والنظر في الكتاب بسبب حظر الرؤساء ذلك عليهم ٠ ومن هنا ضل الفريقان ي استخدام العقل ٠ وفي فهم الوحي بعد أن كان ذلك ميسرا لا › ٢0٦۳ - واستعاضا عنه المنافع العاجلة ٠ فللرؤ ساء المال والجاه والتفخيم باسم الدين › وللمرؤ وسين الاستعانة بجاه الرؤ ساء على مصالحهم ومنافعهم 3 ورفم أثْقال التكاليف بالفتاوى الباطلة . والتأويل الحرف ٠ هكذا استحبوا العمى على الجدى ٠ وهو العقل والدين رغبة في الحطام 9 وطمعا في الجاه الكاذب . هذا معنی کلامه » وهو مبني على ما تقدم ذکره عنه آنه یری آن المنافقين المعنيين في الآيات كانوا من اليهود وحدهم ٠ ولغيره أن يتعقب تفسيره للاشتراء بأن المعاوضة التي تكون بين طرفي المبايعة اللغوية غبر موجودة هنا ١ إذ لم يكن فريق آخر دفعوا إليه ما كان عندهم من ادى وأخذوا ما عنده من الضلال ٠ على أن العرب يطلقون هذا اللفظ أحيانا على مطلق الاستبدال من غير مراعاة للقيود الي ذكرها . كالشاهد المتقدم : فإفي شريت الحلم بعدك بال جهل إذ لم يكن في ذلك طرفان ٠ بائع ومشتر . ولا فائدة في هذا الشراء حقيقية أو وهمية › وقد أخرج ابن جرير عن ابن مسعود - رصي الله تعا ى عنه ‏ أنه قال : «أخذوا الضلالة وتركوا الهدى» ٠ ومثله عن ابن عباس »٠ وأناس من الصحابة ‏ رضوان الله عليهم - » وأخحرج هو وابن أبي حاتم . وعبدالرزاق » وعبد بن مید عن قتادة أنه قال : «استحبوا الضلالة على الحدى» . ويعضده قول الله سبحانه : لإوأما مود فهديناهم فاستحبوا العمى على ٦۳ الحدی چ( . وفسر ابن عباس - رضي الله عن| - الضلالة هنا بالكفر › الشريفة . ولسائل أن يسأل ٠ كيف استعاضوا الضلالة با حدى مع أنهم لم يكونوا مهتدين من قبل ٠ على أن قطب الأئمة ‏ رحمه الله - فسر في هيميانه اشتراءهم الضلالة بالحدى ببقائهم على الضلالة وإعراضهم عن الهدی . والجواب انهم کانوا متمکنین من الحهدی »٠ إِذ لم یکونوا مکرهین على الضلالة ٠ وقد لاحت لحم أعلام الحق ٤ وأشرقت بين أيديہم أنوار الحقيقة ٠ وإنما رفضوه من تلقاء أنفسهم على أن الدين القويم هو نفسه فطرة الله التى فطر الناس عليها » فيا من أحد إلا وهو مفطور عليه » عبر أن البيثات الفاسدة ٠ والتربيات المنحرفة ٠ وإيثار العاجلة على الأجلة . هي السبب في انتزاع هداية الدين › والحاجز بين النفس والانتفاع هذه الحداية . ومن المفسرين من يحمل هذا الوصف على قوم امنوا من قبل ثم ارتدوا في سريرتهم » وهم المعنيون بقوله تعالى كيف يهدي الله وما كفروا بعد إيمانهم 4 » وقوله ذلك بأنهم امنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) . وهو معنى ما أخرجه __ ١ سورة فصلت : الآية ۱۷ء ٢ - سورة ال عمران : الآية د٦۸ ۳ سورة النافقون : الآية ۳۶ء ۹۷٦۳ - ابن جریر وابن ن ابي حاتم » وعبد بن حمید عن مجاهد » قال امنوا ثم كفروا › وهو مقتضى قول قتادة : قد والله رأيتموهم خرجوا من الحدى إلى الضلالة . ومن الحماعة إلى الفرقة . ومن الأمن إلى الخوف ٠ ومن السنة إلى البدعة . وانتقد ابن جرير من قال إن هذا الوصف فیمن امن ثم کفر » لأن السياق يأي ذلك ٠ فإن كل ما في سورة البقرة من وصف النافقين دال على أن الايمان لم يصل إلى سويداء لوهم في وقت من الاوقات وإن ادعوه بأطراف ألسنتهم وهذا يعنى أن فريق النافقين المذكور هنا غير الذين ذكروا في قوله ذلك با نهم آمنوا ثم کفرواڳ » وقوله كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إیمانهمڳ . ولا كان كل من التبايعين ب يسعى إلى الربح »٠ إذ هي نمرة التجارة ومطمح التجار › عُقَب ما تقدم سيان ُن هؤلاء المنافقين فشلوا في سعيهم ٠ وخابوا في أملهم ٠ ومن المعلوم قطعا أن من اثر الضلال على الحهدى » واختار الكفر على الايمان ٠ فقد بذل ما ينفع في مقابل ما يضر » وتلك هي الخسارة العظمى ٠ وإنما م التتصيص على خسرا: نهم إلى نفي ربحهم للتنبيه على أنهم بصنيعهم يہدفون إلى مكاسب يبتغونها » ومنافم يتصورونها اجدی شم من هداية الدين › وما كانت تلك النافع لا توازي شیئا بجانب ما افتقدوه من الحدى مع ما كان ينخصها عليهم من الخوف والحذر » نعي عنهم الربح لعدم الاعتداد بها ومن المعلوم أنهم أضاعوا رأسمالحم بهذا العسف »3 ففقدوا الطلبتين بقاء رأس المال وحصول a. الربح . ولا كان انتفاء الربح مترتبا على الاشتراء طف عليه بالفاء . والتجارة هي صنعة التاجر ٠ والربح طلبته منها . اختار بعض المفسرين أن يكون قوله عز وجل من بعد وما کانوا مهتدين* نفيا للهدى اللغوي حتى لا يكون ذلك تكرارا مع ما ئي قوله لإ أولئك الذين اشتر وا الضلالة بالحدى 4چ » وهو معن قول بعضهم وما كانوا مهتدين في هذا الخداع لأنهم رجوا فلاحهم ٠ فخاب رجاؤ هم مما تفشى من فضيحتهم عند الناس ٠ ويحتمل أن يكون المراد بنفي الاهتداء أنهم ليسوا أهلا له بسبب ما طراً على فطرتہم من الفساد 9 وهذا أولى من حمل الألفاظ الشرعية على المفاهيم اللغوية الق نقلها عنها الشارع . هذا ويرى بعضهم أن ما كان عليه المنافقون في الظاهر من نطق بالشهادتين › وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة » والتحلي بسائر خصال الاسلام ضرب من الهدی » فإِذا رجحوا عليه ما في قرارة نفوسهم من عقيدة الكفر » فقد اشتروا الضلالة با حدى ٠ وهو رأي مردود إذ لا وزن للأعمال الظاهرة مع خلو الباطن من أصلها » وهو الايمان بها » والاخلاص فيها » فالنطق بالشهادتين إن م يكن صادرا عن عقيدة راسخة في النفس » لا زنة له عند الله . ومثل ذلك جميع الأعمال كإقام الصلاة . وإيتاء الزكاة . ۹٦۳ - وانتقد بعض المفسرين تفسير الحدى هنا بالفطرة . لأن اللنافقين كانوا مشتركين مع غيرهم ي أصل هذه الفطرة . ثم اشتركوا مع المشركين الصرحاء في الانسلاخ منها . وإيثار الضلال عليها 9 ولقائل أن يقول بأن ذلك لا يمنع من وصف النافقين با وصفوا به ؛ لأن القصر هنا ادعائي ليس إلا . والأصل في الربح أن يُسند إلى التاجر » ولكنه أسند هنا إلى التجارة لأجل الملابسة . وهذا من باب ما يسمى عند أهل المعاني باللجاز العقلي » وهو ضرب من ضروب البلاغة › وذكر الربح والتجارة بعد ذكر الاشتراء ترشيحٌ للاستعارة ما يلائم المستعارمنه ٠ وهو أسلوب من أساليب البلاغة الشائعة عند البلغاء . وهذه الأية مرتبطة بسابقاتها » فهي في المنافقين کا هو بدهي ولا معنى لقول من يقول إنہا في ُهل الكتاب أو الملشركين 4 أو إنها شاملة للمنافقين وأهل الكتاب ٠ لأنه يفضى إلى خروجها عن نسق ما تقدم وما يأ » ولا دليل عليه - ۳۷۰ لإمثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلم أضاءت ما حوله ذهب الله بتورهم وتركهم ئي ظلمات لا يبصرون ي0۱ هذه الآية مسبوقة بتسع ايات هاتكة أستار أهل النفاق ٠ كاشفة خباياهم » سواء كانوا من اليهود أو من العرب الوثنيين ٠ وجاءت بعد‌ها هذه الأية ترسم ر صورة تحسوسه للنغاف ا وأحوال ثالثة ذه 3ت . الأمثال ترسخ المعاني وتقرّب الحقائق : وضرب الأمثال أسلوب معروف عند العرب وعند غيرهم ٠ ولكتاب الله سبحانه الحظ الأوفر منه . كيف لا وهو أعلى قدحا وأسمى غاية من أي كلام » فلذلك كانت أمثال القرآن أعرق الأمثال ئي البلاغة . وأدقها في التصوير . وأدلا على المقاصد › وقد قال تعالى «وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العاملون»” © وقال : «لإوتلك الأمثال نضرسا للناس لعلهم يتفكرون”› » ومن فوائد الأمثال ترسيخ المعاني في الأذهان » وتقريب الحقائق حتى تكون كالصور البارزة للعيان. ومم ذلك ففيها ١ سورة العنكبوت : الآية ٤4 » ٢ - سورة الحشر : الآية ٢۲» - ۳V إيجاز للقول بعد الاطناب ٠ وإجمال بعد التفصيل ٠ فإن المعاني إذا تقدمت في عبارات متفرقة ربما تتشتت في الذهن »٠ فإذا جمعت في الأمثال كان ذلك أدعى لأن تعيها الأذهان وترتسم في الأدمغة » على أن الوهم قد يكابر العقل في المعقولات ٠ ولكنه أضعف من المكابرة ف اللحسوسات »› فإذا ما أبرزت الحقائق المعنوية ئي معرض الصور اللحسوسة كان ذلك أدعى لأن تتضاءل الأوهام » وتتىدد اله ‘ فتستسيغ العقول تلك الحقائق المجلوة بدون تردد . ولذلك كتر ضرب الأمثال ي معرض التفخيم والتحقير . والتكثير والتقليل › والتهويل والتهوين » والترغيب والترهيب . وأصل الثل ‏ بالتحريك - والثل ‏ بكسر فسكون ‏ والثيل كالشبه والشْبّه والشّبيه » دال على تشابه أمرين في وصف ومأخذه من مَثل الشيء مثولا إذا انتصب ٠ وإنما شاع المثل فيا إذا كانت اللماثلة بين محسوس ومعقول ٠ أو بين محسوسين مركبين »٠ ولفظة الثل موحية بالاستدلال على الممثل له بالممثل به » فإن نفس التمثيل دلیل إمكان وجود الملثل . وما ذكرته من أن المثل إنما هو في النافقين هو الذي يقتضيه السياق . وذهب قطب الأئمة - رحمه الله - إلى جواز أن يشمل معهم اليهود والمشركين ٠ لأنهم طمسوا نور الفطرة بكفرهم وذهب فریق من السلف إلى أن المثل في اليهود كا سيأتي ٠ والأول هو الذي عليه الجمهور » وبه قال ترجمانا القران ؛ ابن مسعود وابن عباس رضي الله تعا ی عنہم ۔. - ۳۷۲ وذهب الأستاذ الامام الشيخ محمد عبده إلى أن هذا المثل والذي بعده ليس مضربما واحدا » وإنما كل واحد متا لفريق من اليهود والمنافقين . وحاصل ما يقوله أن هذا المثل في قوم أكرمهم الله تعا ى بهداية الدين . ودرج عليها سلفهم ٠ فجنوا ثمارها وصلحت أحوالحم ٠ إذ استقاموا على طريقتها عندما كانوا يبصرون بنور من الوحي ويقفون عند حدود الشريعة « ثم جاء من بعدهم هؤ لاء الأخلاف فانحرفوا عن تلك الطريقة إذ لم يبصروا الحقيقة » بل ظنوا أن ما كان عليه السلف من نعمة وسعادة أمر اختصوا به أو خير سيق إليهم لسبب امتازوا به عن غيرهم ممن لم يأخذ بدینہم . وان کان ما استحقوا به هذه المزية أمرا شكليا م يصل إلى سرائرهم فعدلوا عن الدين إلى تقاليد وعادات تمكنت في نفوسهم فلم تدع مالا لغيرها ٠ ولذلك لم يفكروا في الاعتصام با اعتصم به سلفهم ٠ ولم يبيحوا لأنفسهم فهم الكتاب الذي اهتدى به من قبلهم لدعواهم أن فهمه حصت به طائفة من رؤ ساء الدين يۇ خذ بأقوالهم إذا وُجدوا وبكتبهم اذا فقدوا » فمثل هذا الفريق المخذول ي فقده لما کان عنده من نور الحداية الدينية . وحرمانه من الانتفاع بها بالمرة » وانطماس الصوى بینہا وبینه مثل من استوقد نارا . . الخ »٠ ووجه التمثيل أن من يدعي الايمان بکتاب نزل من عند الله طالب بإمانه أن توقد له نار يهتدي بها في سره ويستضيء با في ظلمات اللبس ٠ ويبصر بضوئها ما يصادفه من خاطر الأهواء والشهوات ٠ فلم أضاءت ما حوله بنور ادى والرشاد . وكاد بالنظر فيها يهشي على هداية وسداد » عادت إليه - ۳V۳ ظلمة التقليد » وعصب عينيه شيطان الباطل لئلا يبصر ذلك النور › وأطبق عليه جو الضلالة فانطفاً فيه نور الفطرة ٠ وتعطلت مداركه فلم يبصر ما بين يديه » فإذا هو بمنزلة الأعمى الأصم الذي لا يبصر ولا يسمع . وأما المثل الثاني وهو قوله #أو كصيب من السياء# ٠ فيراد به فريق اخر بقيت له نظرات إلى الحدى بين اونة وأخری » وأنوار التنزيل تسطع بين يديه فيرى الحقيقة ماثلة أمام عينيه ٠ وفطرته بقي لها شيء من هدايتها غير أن التقاليد والبدع تطغى ظلماتها على ذلك كله . فلذلك يتخبط في امهالك مم سماعه قوارع النذر الالحية › وإبصاره بوارق البراهين الفرقانية . فإذا أضاء له ذلك البرق سار › وإذا اختفى بشبه الضلالات والغرور قام وتحبر. لا يدري أين يذهب »٠ وكثيرا ما يعرض عن سماع النذر وأصوات الحق ٠ كمن يضم أصبعيه ف أذنيه للا يسمع إرشاد المرشد › ولا نصح الناصح ٠ ياف إن أصغى إلى تلك القوارع أن تقتله » ويحذر من صواعق النذر أن تهلكه . هذا حاصل رأيه في المثلين » ويظهر منه أن المثل الأول في قوم استحكم في نفوسهم الحوى » واستولى على أفكارهم الباطل ٤ وأحاطت بهم الضلالة من كل جانب »٠ فلا يسمعون للحق نداء › ولا يبصرون له ضياء » وليس في نفوسهم عزم على البحث عنه » أو الرجوع إليه إن انکشف هم » لأنهم غلذون إلى ماهم فيه من ٤۳۷ - الضلال . ومستمسكون با ورثوه من ابائهم المحرفين ٠ وقادتهم الدجالين › وهم مغترون بذلك › فلا يرون أن شیئا فضل ما هم عليه ٠ وأما المثل الثاني فهو مصروب فیمن تردد بن الهدی والضلال 6 والرشد والغي 6 لا يستقرون على حال 6 وإنما ضلاشم بلغ من هداهم » وعماهم أعمق من بصيرتهم »٠ قد ييصرون للحق نورا فتتكکشف لم حقيقته إلا انهم بسبب طغیان اوی على نفوسهم لا مکنہم الانفلات من قيود الباطل .٠ والانطلاق من أغلال التقاليد . هذا 2 والذي أراه أن ما ذكره من صفات أصحاب الثل الأول لا ينطبق على النافقين . وإنما ينطبق على اليهود التمسكين بيهوديتهم ٠ المستعلين على الناس بغرورهم › فإنهم يرون نېم أولى الناس بالحدى » وأن النبوة لا تخرج عنهم إلى غيرهم » بل أفرطوا في الغرور حتى ادعوا ‏ زورا وبهتانا- أنهم أبناء الله وأحباؤۋه › ومن المعلوم ُن أحبارهم حرفوا الكلم عن مواضعه ١٩ ونسوا حظا الذي اصطنعوه دینا حم ولأتباعهم فلذلك لا يصغون لصوت ناصح « ولا يقبلون عذل عاذل . وقد سلبوا هدايه أنبيائهم 6 وانطفأت أنوار ما كان بأيديهم من الكتاب . وإذا ألقينا نظرة إلى سياق هذه الآيات م نجدها إلا ي المنافقين سواء کانوا من منافقي اليهود أو منافقي العرب »٠ والثلان مضروبان -“ ۳۷o فيهم لا ي غیرهم ٤ ولا مانم من الانتقال من مثل إلى اخر مع کون الممثل له واحدا 6 فإن ذلك معروف عند العرب 6 وستات له شواهد إن شاء الله عندما نصل إلى الئل الثاني . ووجه ضرب هذا المثل في المنافقين نهم استضاءوا بشيء من نور الاسلام حال اجتماعهم بالنبي يي وبامؤمنين › وسماعهم ما يدور ئي مجالسهم من مواعظ وأمثال » ومشاركتهم في الأعمال الدينية الظاهرة . ولكن سرعان ما تنطفىء هذه الشعلة عندما يفارقونهم » فتتراكم في نفوسهم ظلمات العقيدة التي يبطنونها › وهذا هو المروي عن محاهد ؛ وقال عطاء الخراساني : هذا مثل لمنافق يبصر أحيانا » ويعرف أحيانا » ثم يدركه عمى القلب ٠ وعزا ذلك ابن أبي حاتم إلى عكرمة » والحسن » والسُدي ٠ والربيع بن أنس › وروي عن عبدالرحمن بن زید بن أسلم . وما ذكروه من إبصارهم أحيانا يحتمل أن یکون عند لقائهم بالۇمنين وسماعهم منہم » وان يكون بمجرد تفکرهم في الأمور › فإن الفطرة داعية إلى الحق لولا ما يضعفها من الجوى والضلال . وروی ابن جرير عن آبي صالح عن ابن عباس ٤ وعن مرة الحمداني عن ابن مسعود » وعن ناس من أصحاب النبي يِل ن الآية ني قوم دخلوا ني الاسلام عندما قدم النبي يَلةٍ المدينة » ثم إنهم نافقوا . وکان مثلهم کمثل رجل کان في ظلمة فأوقد نارا > فلا أضاءت ما حوله من قذی وأذی فأبصره حتى عرف ما يتقي منه ‘ ٦۳۷ - فبينا هو كذلك إذ طفئت ناره فأقبل لا يدري مایتقی من أذی ٨ فذلك المنافق » كان في ظلمة الشرك فعرف الحلال والمحرام » والخبر والشر » فبينا هو كذلك إذ كفر فصار لا يعرف الحلال من الحرام £ ولا الخير من الشر ؛ وروي عن عبدالرحمن بن زید بن أسلم مثله . وأنکر ابن جریر ان يکون هؤ لاء أسلموا في وقت من الأوقات لقوله تعالى فيهم #إومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين» ٠ وتعقبه ابن كثير بأن هذا إخبار عنہم في حال نفاقهم وكفرهم ٠ وهو لا ينافي أن یکونوا امنوا من قبل ثم سُلبوا الان 6 وطبع عل قلوہہم » واستدل بقوله تعالى : ذلك بانہم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوهم فهم لايفقهون€ . ولابن جرير أن يتخلص با ذكرته من قبل ٠ وهو أن المنافقین أصناف .٠ منہم من امن ثم ارتد ٩ ومنهم من ل تخالط بشاشة الإممان قله ولکنه ادعاه بلسانه . وروی ابن جرير ٠ وابن المنذر » وابن ابي حاتم رأيا اخر في الاية لابن عباس - رضى الله تعالی عن » قال : هذا مثل ضربه الله للمنافقين . كانوا يعتزون بالاسلام فيناكحهم المسلمون ويوارثونهم » ويقاسمونهم الفيء ٠ فلا ماتوا سلبهم الله ذلك العز کا سلب صاحب النار ضوءه 6 وروي مثله عن قتادة 6 وهو الذي والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا - ۳۷۷ وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بینهم بسور له باب باطنه فيه الر حمة وظاهره من قبله العذاب 2$ ٠ فإن فيها ما يدل على أن المنافقين يطلبون المؤمنين يوم القيامة أن يختلطوا بهم ليستمدوا متهم المنافع كما كانوا يستمدون في دار الدنيا . ولكن لا يجديهم النفاق يومئذ شيئا › فُفصلون عن المؤمنين إلى الذين كانوا معهم في سرائرهم . وذهب سعيد بن جبير » وعطاء » ومحمد بن کعب ۽ ومان ابن رئاب إلى أن الآية في أهل الكتاب الذين كانوا على علم بمبعث النبي الخاتم » فلا بعث وانکشفت لحم ایاته » وہرتهم معجزاته كفروا به » فكان ما عندهم من علم الكتاب كالنار المستوقدة للإضاءة › وما كان منهم من كفر بمثابة انطفاء تلك النار » لعدم استفادتهم من الضوء . وهذا لا يتفق مم السياق كا سبق . و «الذي» يستعمل للمفرد غالبا لوجود صيغة جمم له وهي «الذين» 4 وقد د يستعما للجمع تشبيها بن وما . وعليه قول الشاعر : وإن الذي حانت بفلج دماؤ هم هم القوم كل القوم يا أم خالد وحمل عليه قوله تعالى : لإوخضتم كالذي خاضوا»”› › وهذا أو ى أن يحمل عليه هنا من دعوى بعضهم أنه وصف لموصوف محذوف دال على الجمع تمدیره كالفوج الذي استوقد 6 أو كا حمع الذي استوقد لأن الأصل عدم الحذف ٠ وفي مثل هذا الحال يجوز في ہے —_——_—_ ١ سورة الحديد : الأيهَ ۳١۱٠ ٢ سورة التوبة : الآية «14» - ۳V۸ الضمائر أن تفرد مراعاة للفظ لظ ٠ وأ يمع مراعاة لسم ٠ وكذا الصمات والاأحوال » ومجور أن ينظر إلى اللفظ آولا ژ نم انى ايا خالدین ها أا » وهذا من باب التفنن المحمود في البلاغة ٠ وعله حمل اختلاف الضمائر هنا . فمد روعي لمظ «الذي» ف «استوقد» ومعناه في «ذهب الله بنورهم» . واستوقد بمعنى أوقد لترادف استفعل وأفعل أحيانا » ومنه استجاب وأجاب »٠ واستنار وأنار » ويجوز أن يكون بعنی طلب الاغائة . نظرا إلى أنه بمباشرة الأسباب والأخذ في الوسائل طالب لا تفضى إليه هذه الوسائل والأسباب .› أو أن المراد طلب من غيره الايقاد والأول أظهر . والاضاءة فرط الانارة » ويستعمل فعل أضاء لازما ومتعديا › لتجرده تارة عن الحمزة كقول العباس ‏ رضي الله عنه ‏ ي النبي وأنت لما ظهرت أشرقت الأر ض وضاءت بنورك الأفق وافترانه ہا تارة مع کونه ع اللجرد 6 وأخری للتعدية › وحتمل أن يكون هنا لازما ومتعديا . فإن حمل على اللزوم (فما) هي الفاعل 6 وجاز تأنيث الفعل لاعتبار التعدد ي معنى «ما حوله)» 6 لأن سے ١ سورة الجن : الآية و۲۳ - ۳۷۹ المراد به الأماكن المحيطة بالمستوقد » وهي متعددة ٠ فإن الخلف غير الأمام » واليمين غير الشمال ٠ وعضد الز حشري هذا التأويل بقراءة ابن ابي عبله «ضاءت» بالتجرید » وذكر الز حشري وجھا اخر وهو أن يستتر في الفعل ضمير النار » ويجعل ال حول ظرفا و (ما) إما مزيدة أو موصولة » بمعنى الأمكنة . وإن حمل على التعدي (فما) موصول مفعول به » و(حوله) صلته ويراد تصييرها الأماكن التي حول الملستوقد مُتحسرا عنما الظلام . والحول يراد به المكان القريب لما أضيف إليه ». ويرى الزغحشري أن تأليفه للدوران والأطافة ٠ ومنه تسمية العام حولا لأنه يدور » ولم ير لزوم ذلك ابن عاشور » والأظهر أن النظر إلى الدوران فيه حكم غالب وليس لازما . والمراد بذهاب الله بنورهم إطفاء النار التي هي مصدر النور › وإنما ذكر النور دون الضياء إما لأن ذهابه يستلزم ذهاب الضياء بناء على ما تقدم من أن الإضاءة فرط الإنارة » وهويعتي أن النور أعم من الضوء » ولا بقاء للأخص مع ذهاب الأعم ٠ وإما لأن المراد تلاشي فائدة تلك المظاهر الاسلامية الى كان النافقون يخدعون با الؤمنين ٠ وقد شاع التعبير بالنور عن الاسلام في القرآن » فصار اختيار لفظه أنسب . وإنا عبر بالذهاب بالنور دون إذهاب النور ما في ذلك من البالغة » فإن أصل استعماله أن يكون مع استصحاب الفاعل اللمفعول به › نحو قوله تعالى : فلم ذهبوا بە »2 › وهو اكد فيا يراد ذهابه من محرد الاذهاب لوقوعه تحت رقابة الفاعل نفسه › بخلاف ما لو قيل أذهبه . إذ لا يلزم منه أن يكون ذهاب المفعول تحت إشراف الفاعل وحراسته » ثم استعمل هذا اللفظ حال قصد اللبالغة . ولو لم تكن مصاحبة . ولم تتصور الحراسة » نحو قول القائل «ذهب ماله الدين» . وحملة «ذهب الله بنورهم» جواب للشرط الذي تقتضيه لما عل الصحيح » وهو الذي عليه الجمهور : ولا داعي إلى تكلف الز حشري تقدير جواب قبله نحو (فل) أضاءت ما حوله خمدت فبقوا خابطين في ظلام متحيرين متحسرين على فوت الضوء » خائبین بعد الكدح في إحياء النار) . وهو مما يجب تنزيه ساحة التنزيل عنه ٠ وبناء على قوله هذا کون قوله «ذهب الله بنورهم» كلاما مستأنفا استئنافا بيانيا جوابا ما ينشاً عن هذا الوصف من السو ال عن حال هذا المستوقد بعد خمود النار » وعلى هذا فهو داخل في التمثيل ٠ أو يكون بدلا من جملة التمثيل بأسرها على سبيل البيان ‏ فیکون مرجع الضمبير فيه إلى المنافقين لعدم اتحاد اليدل والميدل منه ٠ ويقرب من هذا الوجه الأخبرما ارتاه الإمام ابن عاشور » وهوأن يكون الضمير في التمثيل يعود تارة إلى المشبه وأخرى إلى المشبه به » وعلى رأيه فهو عائد هنا إلى المشبه وهو المنافقون ٠ لأن الغرض الأصلي الاخبار عن انطفاء نور الايمان منهم ٠ وشبهه بتجريد الاستعارة المفردة » وعد —- ١ سورة يوسف : الأيةَ ١١٠» ۳۸۱ ۔ من محسناته جمم التمثيل بين ذكر المشبه وذكر المشبه به . فالتكلم بالخيار في مراعاة ما شاء منبما » لأن الوصف فما » فم ثبت للمشبه به يلاحظ كالثابت للمشبه ٠ ومن مراعاة الأمرين إفراد الضمبر تارة وجمعه أخرى ٠ ولأجل ذلك اختير هنا لفظ النور عوضا عن النار المبتداً به تنبيها على الانتقال من التمثيل إلى الحقيقة . للدلالة على أن الله أذهب نور الايمان من قلوب النافقين . وعد ابن عاشور هذا من الإيجباز البديم لإفادته ذهاب نور الايمان من قلوب النافقين كا تنطفىء النار بعد اتقادها . وذكر أنه أسلوب لم تكن العرب تعهده » فهو من أساليب الأعجاز . وجعل قريبا منه قوله تعالى : للإبل قالوا إنا وجدنا اباءنا على أمة وإنا على اثارهم مهتدون . وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا اباءنا على أمة وإنا على اثارهم مقتدون . قال أو لو جئتكم بأهدى نما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به کافرون(۱) . حيث جمم ضمير الخطاب ئي «أرسلتم» حكاية خطاب أقوام الرسل بمعرض جواب سؤال النبي يي اموجه إلى قومه بقوله «أو لو جئتكم» وبهذا يكون ما في هذه الآية موافقا ما في التشبيه الاي من قوله «يجعلون أصابعهم في اذانهم» فإنه يتعين رجوعه لبعض الملشبه به دون المشبه . والذي يقوله ابن عاشور لا يبعد مما قاله الزعحخشري على الوجه الأخير › وإنما الفارق بينم أن حملة «ذهب الله بنورهم .. الخ» ١ - سورة الزخرف : الآيات ,٢۲ - ٢٤۲» - ۳۸۲ خارجة عن التمثيل عند الزححشري ٠ على هذا الوجه ٠ وداخلة فيه عند ابن عاشور » ولكن التفت فيها إلى المشبه كما يفرق بين أنها جواب «لما» عند ابن عاشور » وجوابہا عند الز شري مقدر کا ذكرت من قبل ٠ وما ذكره الز حشري من الجحواب المقدر ينكشف للفهم على ما ذهب إليه ابن عاشور ولو بدون تقدير . وإذا رجعت تتأمل ما أوردته من اراء السلف في الآية الكريمة علمت احتمال أن يكون ذهاب هذا النور ممن ضرب فيهم الئل وهم المنافقون - لي الدنيا والآخرة معا فأما ذهابه في الدنيا فما يعترهم من الشكوك فيا أدركوا حقه من عقيدة التوحيد » وعلموا صدقه من رسالة النبي الخاتم يَةٍ 9 وما يتبم هذه الشكوك من رسوخ الكفر في نفوسهم واستحكام الضلال ٠ وأما في الآخرة فإن المنافق بمجرد موته أو إشرافه عليه تنتكشف له حقيقة الأمر ولا يعود ينفعه ما كان يتشبث به في الدنيا عند الناس من تدين ظاهري ٤ وهو معنی ما سبقت روایته عن ابن عباس رضي الله عنہا . وما أن الامام محمد عبده يرى أن هذا الئل ي اليهود ومن کان على شاکلتهم ک| سبق » ذهب في تطبيقه عليهم إلى أنهم استوقدوا ثار الحداية الاية بفط رتهم السليمة عندما صدقوا رسله . فلم أشرقت لحم 6 واستنارت لحم الطريق ٠ انتحرفت ‎r‏ التقاليد والعادات وصرفتهم عنہا المنافع الق یتو مونها والفوائد العاجلة ال يفصدونها . فحرموا الأنتفاع بذلك النور واستبدلوا به ظلمات الليل البهيم . - ۳۸۳ ومهما قيل في معنى المثل فليس فيه ما يدل على أنهم أجبروا على الزيغ عن الحدى إلى الضلال ٠ وعن النور إلى الظلمات ٠ وإنما كان ذلك باختيار أنفسهم ٠ وعندما يركن أحد إلى الضلال ٠ وينحرف: عن طريق الاستقامة » يتوا ى عليه خذلان الله سبحانه فيسلبه نور الفطرة باستحبابه العمى على الحدى . وفسر ابن عباس - رضی الله عن - النور بالايمان 6 رواه عنه ابن جریر » وابن أبي حاتم » وأخرج ابن جریر وعبد بن مید نحوه عن محاهد وقتادة » ورواأه ابن اي حاتم عن عكرمة 6 وا لجسن 6 والسدي 6 والربيم بن أنس » وروی مثله عن الضحاك . ومادة الترك تستعمل في الطرح والاهمال ٠ ومفارقة الشيء لغيره » وكثيرا ما تذكر معها الحال الى باين التارك المتروك عليها › وفي مثل هذا الاستعمال يضمن الترك معنى الجعل والتصيير فينصب مفعولين . وغالبا ما يدل ذلك على الزهد في الشىء أو تحقيره › ويراعى إذا اعتبر المنصوب الثانى مفعولا به كونه هو محل الفائدة اللقصودة بالاخبار . ' والظلمات جمع ظلمة . وهي نقيض النور » وكثيرا ما يفرد النور وتجمع الظلمة في كلام العرب ٠ ول يأتيا في القرآن إلا كذلك ٠ وفسر ابن عباس الظلمات بالكفر . وروي عنه تفسيرها بالضلال وهو غير بعيد نما قبله . وروي عنه أيضا تفسيرها بالعذاب ٠ وهو مبني على ما سبق نقله عنه من أن انحسار هذا النور إِنما يكون بعد ٤۳۸ -۔ مفارقة الحياة » وروي مثل ذلك عن الحسن البصري ٠ وعن السدي أنه فسر الظلمات بالنفاق . ولا فارق بين هذه الأقوال ٠ فإن الضلال يصدق على الكفر والنفاق » والنفاق ثي حقيقته كفر » وإنما يزيد عليه با يكون عليه المنافق من الخداع لله ورسوله وللمؤمنين › فالخلاف ما بين هذه الآراء لا يعدو أن يكون لفظيا . وإنما الخلاف المعنوي بينها وبين قول من يرى أنها العذاب ٠ وإن كان كل من الكفر والنفاق والضلال مفضيا إلى العذاب ٠ ذلك لأن من فسر الظلمات ا اعتبر أن ذهاب النور حاصل في الدنيا قبل الآخرة ٠ ومن فسرها بالعذاب ذهب إلى أن النور ما يتمتم به المنافق في الدنيا بسبب كلمة التوحيد » وأن الظلمات ذهاب ذلك بعد مفارقته لا كا تقدم . أحوال المنافقين كلها ظلمات : ذهب ابن عاشور ان جمع الظلمات في هذه الآية يشار به إلى أحوال المنافقين الي يصلح تشبيه كل منها بالظلمة . وهي الكفر والكذب والاستهزاء بالمؤمنين » وما يتبعها من اثار النفاق المتنوعة ٠ وذكر أن طي وجه الشبه في هذا التشبيه لأجل الاعتماد على فطنة السامع . فإنه يمكنه أن يستظهره من مجموع ماتقدم من شرح أحوالمم ؛ ابتداء من قوله : «إومن النتاس من يقول امنا . . ك الخ ٠ وما يتضمنه المثلان من الاشارة إلى وجوه المشابهة بين أجزاء أحوالهم وأجزاء الحالة التي شبّهوا با » فإن إظهارهم ٢۳۸ - 'الإيمان بقوهم «امنا بالله» » وقولم «إنما نحن مصلحون» » وقول حم عند لقاء المؤمنين «امنا» أحوال وسظاهر حسنة تلوح على المنافتن حينا يحضرون مجلس النبي يي » وحينا يتظاهرون بالاسلام ٠ ويأتون بواجباته ؛ كالصلاة والصدقة والصيام ٠ ويصدر منم طيب القول » وقويم السلوك » وتُشرق عليهم الأنوار النبوية » فيكاد نور الاعان ترق إلى فلوہم ولكن سرعان ما تنقلب تلك الحالة إلى نقيضها عندما ينفضون عن تلك المجالس ٠ ويجتمعون ببطانتهم من كبرائهم أو من أتباعهم ٠ فتعاودهم الأحوال الذميمة ؛ من مزاولة الكفر› وخداع المؤمنين . والحقد عليهم والاستهزاء ہم ووصفهم بالسّفه › فهذا التظاهر وما تبعه من الإنقلاب مثلا بحال الذي استوقد نارا ثم ذهب عنه نورها . وأتبع ذلك ابن عاشور أن من بدائم هذا التمثیل کونه مع ما فيه من تركيب اليئة المشبه بها ومقابلتها للهيئة المركبة من حاحم - قابلا لتحليله بتشبيهات مفردة لكل جزء من هيئة أحوالهم بجزء مفرد من اليئة المشبه بها فيشبه استماعهم القران باستيقاد النار › ويتضمن تشبيه القران في إرشاد الناس إلى الخبر والحق بالنار في إضاءة المسالك للسالكين »٠ ويشبه رجوعهم إلى كفرهم بالظلمات › ويشبهون بقوم انقطع إبصارهم . وم يذكر مفعول «لا يبصرون» لقصد عموم المبصرات › لأن الفعل المتعدي قد ينزل في مثل هذه الحالة منزلة اللازم لافادة تأكيد 2 العموم ٠ فكأنه قيل ليس من شأنهم الابصار رأسا » وجملة «وتركهم في ظلمات . . الخ» جاءت تقريرا لمضمون ما تقدمها ؛ لأن من شأن من ذهب نوره أن يكون في ظلمة لا يبصر » والحملة التقريرية وإن كان مدلولما تتضمنه الحملة المقررة قبلها ؛ فإن فيها من الفائدة إيقاظ الذهن الخامل لا قد يعزب عنه من هذا المدلول . وذلك أن الذهن قد لا يتصور النتيجة المترتبة على ذهاب الله بنورهم إلا عندما يوقظ ٩ بأنها كانت تَبْطهم في ظلماتهم بعدم إيصارهم . ولا يلو إما أن يكون ترك هنا متعديا إلى مفعول واحد أو إلى مفعولين ؛ إن ضمُن معنی صبر وجعل کم تقدم وعلى الأول فالحار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من المفعول ». وجملة «لا يبصرون» حال مرادفة . ويجبوز أن يكون «في ظلمات» متعلقا بترك ٠ و «لا يبصرون» حال .٠ وعلى الثاني فالمفعول الثاني «في ظلمات» و«لا يبصرون» جملة حالية من المفعول أيضا ٠ ولا يجوز أن تكون جملة «لا يبصرون» هى المفعول الثاني . و «في ظلمات» ي موضعم الحال 2 لأن المفعول الثاني خبر في الأصل » والأخبار لا تُساق للتأكيد » ومن المعلوم أن من ترك في الظلمات لا يبصر › فإذا صرح بعدم إبصاره کان في هذا التصريح تأكيد لما سبقه . “۳۸۷ لصم بكم عمي فهم لا يرجعون»”) اختلف في هذه الآية هل هي من ضمن التمثيل ٠ أو هي خارجة عنه ويعود ما فيها من الوصف إلى المقصودين بالتمثيل وهم المنافقون ؟ وعلى الأول فوجه علاقتها بالمثل أن مستوقدي النار لافتقارهم إلى الضوء تشتد حسرتهم 6 وتتضاعف مصيبتهم .: ما أ عليها عاصف من الريح فأطفأها بعد إشراق ضوئها » وبدو منمعتها » كيف وقد فا تهم ما يأملون مما هم في أمس الحاجة إليه من الانتفاع بہا ؛ مع ضياع جهدهم الجهيد في إيقادها › فإذا ولي ذلك آنکی هحم » وأبلغ في حیرتهم » إذ لا أمل لحم يبقى في الاهتداء بصوت يسمع »٠ ولا بشبح یری ٠ ولا بسؤال يجاب ٤ فلا مناص نحم عن الا ستسلام للا مر الواقع حیث لا داعي .ولا جيب . وهذا شان الذين ضرب ف فيهم المثل » فهم بعد ان طفئت نار هدايتهم ل تَعْدُ لحم وسيلة إلى الخبر بعد ما قطعوا جميم الوسائل باستحبابهم العمى على الحدى › فيم اله عل لوم وطمس حواسهم ومشاعرهم . وعلى الثاني فإن في الآية عودا إلى المشبه بعد التشبيه بتجلية - ۳۸۸ بعض صفاته لاعن طريق التمثيل ٠ ويؤيد هذا الرأي الأخير أن ذكر الاستيقاد يدل على إبصار المستوقد › فإِذا ما وصف بعد بالعمى وسائر العاهات المذكورة کان ف هذا الوصف منافاة ما تقدم من حواس النافقين فقدت منافعها : وإنما وصفوا بجا وصفوا به من الصمم والبكم والعمى مع اكتمال حواسهم ‏ لأجل فقدانهم منافعها › فأسماعهم لا تصغي إلى الحق . وإن أصغت إليه م تعقله لعدم تقبلها إياء » وألسنتهم لا تتحدث به ولا تدعو إليه . وأبصارهم لا تتوصل إليه ؛ لأنها معرضة عنه » فهم لا يختلفون عمن فقد هذه الحواس رأسا . واختلف في هذه الطريقة ؛ هل هي من باب الاستعارة أو الحقيقة ؟ فذهب ال حشري وأكثر علماء التفسير من المتقدمين والمتأخرين ؛ إلى أن ذلك من باب التشبيه البليغ » وهو ضرب من الحقيقة ؛ لأن الاستعارة لا تكون إلا مع طي ذكر المشبه - وهو اللستعار له - بحيث يكون تركيب الكلام صالا لأن يراد به المنقول عنه والمنقول إليه لولا القرينة المعينة للمراد » والمشبه هنا في حكم المذكور لأجل بناء الكلام على تقديره » وتعقب ذلك السيد ال جرجاني ئي حواشيه على الكشاف با معناه : أنه ل يقصد هنا تشبيه ذوات بذوات »٠ وإنما قصد تشبيه صفات بصفات ٠ والصفات المشبهة مطوية › فلا مانع من عد ذلك من باب الاستعارة التصريية - ۳۸۹ التبعية » ورد عليه بأن تشبيه الصفات بالصفات يتعدّى إلى تشبيه الذوات بالذوات › فلذلك كان هذا الاستعمال معدودا من التشبيه البليغ الذي تحذف منه آلة التشبيه مع جواز ذكرها › إِذ لا مانع من أن يقال هم كالصم البكم العمي ٠ وإنما ني التشبيه البليغ من الفائدة مالا يوجد فيا لو ذكرت آلة التشبيه . فإن المراد هنا الإيغال في وصفهم بفقدان منافم حواسهم ؛ حتی اعتبروا کان ذواتہم ذوات صم بكم عمي . وأجاز الألوسي أن يكون الضمير المنوي المسند إليه يرمز إلى ذوات هؤلاء مع استحضار ماسبق من أوصافهم » ککونهم لا يشعرون ولا يعلمون ٠ فيكون ذلك دليلا على الراد بصممهم وبكمهم وعماهم » ولا يخرج عن دائرة التشبيه البليغ . والذي يتبادر لي أن نية المسند إليه لا تمنع من عد هذه الطريقة من باب الاستعارة ؛ فإن للمشتقات أحكاما تختلف عن أحكام الجوامد » ألا ترى أن قول القائل : «أراك تَقَدم رجلا وت خر أخری» معدود ف الاستعارة التمثيلية باتفاق البلغاء » مع ذكر الضمير المنصوب العائد إلى ذات المستعار له هذا الوصف »٠ ومثله قول القائل : «فلان يوقد النار» والقصد إثارة الفتنة والبغضاء » فإن ذكر اسمه صريحا لا يمنع من عد هذا الأسلوب من باب الاستعارة , وقد عدوا قول الشاعر : ويصعد حتى يظن الجهول بأن له حاجة في السياء ۳۹ من آبلغ أنواع الاستعارة مع نية ضمير الموصوف . ولا أرى فارقا بين الفعل وسائر المشتقات ٠ وتشبيه الصفات بالصفات لا يتعدى إلى تشبيه الذوات بالذوات ٠ ففى هذه الآية مثلا لم يرد التشبيه بذوات معينة متصفة بالصمم والبكم والعمى ٠ وإنما الملاحظ في التشبيه نفس هذه الأحوال ولو لم توجد في الخارج . وما تقدم من صفات هؤلاء المنافقين لا يصرف هذه الصورة عن حكم الاستعارة . وإفهامها للمراد لا يعدو أن يكون من باب القرينة المشخصة للمراد من اللفظ ٠ وهو نما يفتقر إليه كل مجاز › على أنهم اتفقوا بأن ذكر المشبه في غير جملة الاستعارة لا يؤ ٹر شيئا على قامت تظللني من الشمس نفس أعز عل من نفسي فقد اتفقوا على أن لفظة شمس في البيت الثاني استعارة » مع أن المراد بها منتصوص عليه في البيت الذي قبله » وإذا كان هذا مع التقارب بين الحقيقة والاستعارة . فكيف إذا كانت بينم يات متعددة 9 وأقرب ما في البيتين قول الآخر : والصمم هو عدم السمع بمن من شأنه أن يسمع ٠ ولفظه دال على السداد › فانم یسمون السداد صماما لحيلولته دون دخول - ۳۹۱ ما كان خارجه إلى داخله » ومن هذا الباب قوم «صخرة صماء» ٠ فإن تلاحم ذراتها مانم من وصول الواء أو غيره إلى داخلها » وبا ن العروق السمعية إذا أصيبت انسدت ٠ فلا يصلها الأثير الملتموج الناقل للأصوات › سميت هذه الاصابة بالصمم . والبكم هو عدم النطق ممن من شأنه أن ينطق ٠ وقيل عدم النطق والفهم ©٠ وفرّق بينه وبين ال خرس ؛ بأن البكم ما كان بالطبع › وا خرس ما كان بحدوث افة » وقيل الخرس عدم النطق ٠ والبكم عدم النطق والسمع . والعمى هو. عدم البصر ممن من شأنه الاأبصار › ولذلك لا توصف ره الأشجار والأحجار › فلا يقال شجرة عمياء 6 ولا صخرة عمياء ٠ وهكذا في| ماثلي| . النجاة . فإن الحواس والنطق وسائل لتسيير الانسان نفسه وتبصيرها من يأخذ بيده » فإما أن يهلكه السغب والظماً ‏ وإما أن تفترسه السباع الكاسرة › وليس له عن ذلك مناص . وفصل الأية بقوله «لا يرجعون» دون عيره نحو «ا يهتدون» ؛ لأن من اهتدى بعد ضلاله » ورشد بعد غيه ۽ هو ثب إلى الفطرة الي نشز عنبا . ۳۹۲ ۔ وقد حمل بعض المفسرين هذا الوصف الشنيع في الآية على طائفة من المنافقن علم الله عدم ارعوائها 6 وهم الذين قال الله فيهم : «إن تستغفر شم سبعين مرة فلن يغفر الله م ؟() » وحملها اخرون على جيعهم حال إخلادهم إلى النفاق وعدم تأثرهم بالوعظ . __—- ١ سورة التوبة : الآية د0 8» أو كصيب من الساء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم ئي اذاغېم من الصواعق حذر الموت واه محيط بالکافرین”۹') يکاد البرق يخطف أبصارهم كلا أضاء لحم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على کل شيء قدیر ې( ٦) هذا انتقال من تثيل إلى اخر لتعرية أحوالحم وبيان أوصافهم » والانتقال من مثل إلى اخر مألوف في القران الكريم ٠ وي كلام بلغاء العرب منظومه ومنثوره . وهو لا يأتي إلا مع قصد التأكيد على الشيء لأجل مزيد العناية به » سواء كان لقصد تحبيبه إلى النفوس وتأليفها عليه » أو لقصد تكريبه إليها وتنفيرها منه » ومن أمثلة ما ورد منه في القرآن قوله تعالى : لإوالذين كفروا أعمانم كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماء حتى إذا جاءه لم یجده شیئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب ۽ أو کظلمات في بحر جي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يکد يراها ومن لم بجعل اله له نورا فم له من نور ”9 » ومن أمثلة ما ورد من ذلك في کلام العرب قول امرىء القيس : ١ سورة النور : الأيتان ۳۹ .4 ٢٤۳۹ - أصاح ترى برقا أريك وميضه كلمع اليدين ئي حبي ملل يصيء سناه ُو مصابیح راهب أمال السلط بالذبال الفتل فقوله أو مصابیح راهب .. الخ» معطوف عل التشبيه ف قوله «كلمع اليدين» ؛ وقول لبيد في وصف ناقته : فلها هباب في الزمام كأنه صهباء خف مع ال حنوب جهامها أو ملمع وسقت لأحقب لاحه طرد الفحول وضربها وكدامها أفتلك م وحشية مسبوعة خذلت وهادية الصواري قوامها ونحوه قول ذي الرمّة : وثب الملسحج من عانات معقلة كأنه مستبان الشك أو جنب ثم قال : أذاك أم نمش بالوشي أكرعه مسفم الخد غاد ناشع شبب ثم قال : أذاك أم خاضب بالسي مرتعه أبو ثلائين أمسى وهو منقلب ويجبوز أن يكون العطف في مثل ذلك بأو وبغیرها کا علمت ٠ وأصل أو لتساوي الأمرين في الشك ٠ ثم استعملت في مطلق التسوية . وهي هنا دالة على جواز التمثيل بما سبقها وما وليها . ولا إشکال في ورود مٹلین 6 أو تعاقب عدة أمثال حالة واحدة ٢۳۹ ۔ كا عرفت من الشواهد › وهذا ينبئك أن المقصود بضرب هذا المثل هو نفس الفريق الذي ضرب له المثل السابق ٠ وهو فريق المنافقين › وهذا هو المأثور عن السلف ك| سيأتي إن شاء الله . وعليه أكثر اللفسرين › وقد تقدم أن الامام محمد عبده يرى أن تنوع المثلين لاختلاف الراد بکل منہا . وقد سبقه إلى مل ر رأيه هذا الامام ابن كثير في تفسيره » ورأا وإن اختلف في بعض الوجوه فهو متقارب ٠ وذلك أن ابن كثير يتفق مع الامام محمد عبده عل ان أصحاب الثل الأول أسواً حالا من أصحاب الثل الثاني ٠ فعنده أن الفريق الأول أعمق في النفاق وأنأى عن الحق ٠ أما الفريق الثاني فهم منافقون يترددون بين الحق والباطل » والحدى والضلال ٠ فتارة يلمع لم نور الايمان فيبصرون ٠ وتارة يبو فيبقون في ضلالحم يعمهون » وحمل على مثل ذلك مَثْلْ سورة النور في الذين كفروا › فخص أولا بأولي الجهل المركب ٠ وثاني) بأصحاب الجهل البسيط . وقد سبق ملخص تفسير الأستاذ الامام لأحوال أصحاب الثلين . وحصره كلتا الطائفتين في اليهود » غير أننا نجده في تفسيره كل الاي جل أصحابه فته اېشر ومرضا في الأمم . وحجة على الدين في جيع العصور› لا نهم يصارعون بہواهم عقوم ٠ ويقاومون بشهواء تېم مشاعرهم ومدارکهم ويستطرد في تبيان أحوافم بأسلوبه البليغ حت ينهي به مطاف إل أ نبذوا كتاب الله إذ لم يدرسوه على حقيقته » بل درسوه بجدليات النحو والكلام ء ٦۳۹ فطمسوا .أنواره الحادية إلى الحق ٤٠ وقرأوه بالتجويد والأنغام مع ماحم حکمه وأحكامه » ولم يقصدوا من دراسته إلا جمع حطام الدنيا . والاستكثار من منافعها » ولم يعنوا با فيه من تفاصیل الحلال والحرام » وعدلوا عن إصلاح القلوب به » ومعالجة النفوس بهداه إلى معالحة الأبدان من الأسقام بكتابته » إلى اخر ما وصفهم به . وآنتم ترون أن ما ذكره هنا يناي ما حدده أولا من أن الفريقين من اليهود » فإن هذه الصفات الى ذكرها إنما تنطبق على ضلال هذه الأمة ؛ الذين اكتفوا من القرآن الكريم بتلاوته بالأنغام الشجية والألحان المطربة في الحفلات والمؤتمرات »٠ ولم يعنوا بإصلاح نفوسهم به » وتنشئة أولادهم عليه » كأنما القران أنزل للاطراب والتسلية › لا للاصلاح والعمل والحداية . اللهم إلا أن يكون الأستاذ أراد ما أورده هنا 9 أن المثل وإن كان مضروبا في اليهود الذين استبدلوا الضلالة بالجدى »٠ واستحبوا العمى على البصيرة بإهمالهم ما أنزل عليهم ٠ وإطفائهم أنوار الفطرة في نفوسهم بعواصف الأهواء . فإنه ينطبق على من سلك مسلكهم من هذه الأمة › كأولئك الذين وصفهم با وصفهم به . وقد علمتم مما سبق أن الذي يقتضيه السياق ٠ ويدل عليه اللفظ ٠ هو أن هذه الأوصاف شاملة لنافقي هذه الأمة » بغض النظر عن كونهم من العنصر اليهودي » أو من العرب ٠ كا علمتم أن هذه العناية بشرح أوصافهم » وتجبلية حالاتهم النفسية . وإماطة الستار عن طواياهم دليل على أنهم لم يكونوا محصورين ئي زمن - ۳۹۷ الرسالة » وأنهم لم يكونوا مصدر خطر على هذه الأمة ودينها في ذلك العصر فحسب › بل هم مصدر بلاء وعنت وشقاق ئي کل عصر ۽ فإنهم بالتواء مسالكهم واختلاف مداخلهم وخارجهم ٤ وتعدد وجوههم » يعسر الحذر منهم » ويقل الأنتباء مكرهم . والصيب ؛ المطر › مأخوذ من صاب يصوب إذا نزل » ومنه فول علقمة : فلا تعدلي بيني وبين مَعُمُر سقتك روايا الزن حيث تصوب وأصله صيوب ‏ بإسكان الياء وكسر الواو ‏ ولكن أبدلت الواو ياء وأدغمت » ونحوه ميت وسيد وهين ٠ وتفسيره بالمطر هو راي الأكثرين › وعزي إلى ابن مسعود وابن عباس ٤ واخرين من الصحابة . وأبي العالية ومجاهد ›. وسعيد بن جبيرء وعطاء ٠ والحسن البصري 6 وقتادة 6 وعطية العوئي 6 وعطاء الخراساني 6 والربيع بن أنس ٠ وروي عن الضحاك أنه السحاب . واستدل له بقول الشاعر : وأسحم دان صادق الرعد صيب وهو ي هذا المثل مشبه به القران . روى ذلك ابن جرير واستدل له بقوله َي : «مثل ما بعثنى الله به من ادى كمئثل الغيث أصاب أرضا فكانت منها نقية . . الخ» . - ۳۹۸ والساء ما كان أعلى الأرض ٠ وسنتكلم إن شاء الله عنہا فا يأقي ٠ والصيب لا ينزل إلا من - جهة الساء . فالاخبار عنه أنه من الساء ؛ إما لمزيد الكشف والبيان لأجل التهويل والتعظيم » نحو قول امرىء القيس : كجلمود صخر حطه السيل من عل مم العلم أن الخحط لا يكون إلا من أعلى ٠ ومنه قوله تعالى : لإفأمطر علينا حجارة من الساء »2 ٠ وإما للدلالة على غزارة الصيب لانحداره من جميم جهات السياء » بناء على اعتبار كل افق سماء » وأن التعريف للجنس »٠ وهو قاض بعموم جميع مدلولاته › وهذا هو توجيه الز حشري وفيه نظر لأن دلالة التعريف الجنسي على العموم إنما هي في جزئيات الكلي لافي أجزاء الكل ٠ وإما للاشعار بأنه أمر لا يملكون دفعه › ولیس ملاکهُ في ایدیہم 6 وقد اشتهر عند العرب التعبير ع ألم بالناس ولم يكونوا يملكون دفعه بأنه نازل من السماء » وهو توجيه الامام محمد عبده ٠ وبناه على أن اللقصود بالصيّب في المثل الارشادات الالية التي تسنح للأفكار عندما ينقدح ضوء الفطرة ٠ وهو أمر وهبي واقع ماله من دافع ٠ ولا يخلو هذا الوجه من النظر أيضا » فإن المتبادر هنا من كون الصيب من السياء أمر حسي مشاهد ؛ وليس حقيقة معنوية معقولة › والأصل أن لا يعدل عن التبادر إلى غيره » وهذا يتضح أن التوجيه الأول هو الذي ينبغي أن لا يعدل عنه . ١ سورة الأنفال : الآية ۳۲ء - ۳۹۹ والظلمات جمع ظلمة » وقد تقدم معناها . فإن أريد بالصيّب الملطر كا هو رأي الجمهور - فالراد بالظلمات ظلمة تتابع قطره ٠ وظلمة تطبيق غمامه مع ظلمة الليل الساجي ٠ وتكون «ئي» هنا. بمعنی مع وإن كان المراد به السحات - ک| هو راي الضحاك - فالمراد بالظلمات ظلمة سحمته . وظلمة الليل . وظلمة غزارة قطره . والرعد هو الصوت الذي يصدر من السحاب ٠ والبرق هو اللمعان الملضيء في الأفق ٠ وغالبا ما يكون ي السحاب ٠ وقد هام أكثر اللفسرين في تفسيرهما » وكانت أقوالهم تدور بين ما تلقوه من الأكاذيب الأسرائيلية والأوهام الاغريقية ؛ فمنهم من قال : إن الرعد ملك يزجر السحاب بصوته ٠ ومتبم من قال : هو ملك سبح » والصوت المسموع هو من تسبيحه » وذهب اخرون إلى أنه اسم لصوت اللّك » وذهبوا إلى أن البرق راق من حديد يسوق به الللك السحاب › ومنهم من قال : إنه سوط من نور ء إلى ما وراء ذلك من الأقوال العارية عن الدليل ٠ وقد عزاها جماعة من المفسرين إلى جماعة من الصحابة والتابعين ٠ وذكر بعضهم - كابن جرير - أسانيد إلى من رويت عنهم من الصحابة والتابعين . وهي أسانيد كلها معلولة » لم يثبت شيء منها › ول يُعْرَ شيء من ذلك إلى الرسول . اللهم إلا ما أخرجه الترمذي عن ابن عباس قال : سالت اليهوذ النبي يَيٍ عن الرعد ما هو؟ قال : «مَلَك من الملائكة بيده حاریق من نار ؛ يسوق با السحاب حيث شاء الله . قالوا : فما هذا الصوت الذي نسمع ؟ قال : (ز جره بالسحاب إذا زجره ٩ حت ينتهى إلى حيث أمره» . قالت : صدفت . وهو حدیث ضعيف افق على ضعفه أئمة الحديث » وإن تعجب فاعجب لأولئك الذين يصون على ضعف هذا الحديث ٠ ثم يعولون عليه في تفسير الرعد والبرق في القرآن » ويبطلون به سائر الأقوال . الأدلة على منشاً الرعد والبرق : والأدلة العلمية تدل على أن منشاً الرعد والبرق ؛ ما يكون من ماس بين السالب والموجب من الكهرباء التي هي في السحاب بجانب كهرباء الأثير. فإن الطاقة الكهربائية منبثة في كل هذه اللخلوقات ٠ فإذا حصل هذا التماس انقدح هذا النور اللامع ونتج عنه هذا الصوت المادر . وإذا ما ازداد هذا التماس نزلت هذه الصواعق المهلكة والعياذ بالله . وعندما أدرك الناس هذه الحقيقة وانجلت عنہا ستر الأوهام ٠ أخذوا يتوقون وقع الصواعق بما يرفعونه على مبانيهم الشاهقة من عمد › يسمونها عمد الصاعقة ٠ على أنه لو کان ما يروونه صحيحا » وثبتت نسبته إلى الرسول يي ما کان ئي ذلك منافاة للحقيقة العلمية الثابتة . إذ غاية ما كانت تدل عليه هذه الروايات أن وراء هذه الظواهر الطبيعية ملائكة يسيّرونها » ومع عدم صحة تلك الروايات › لا داعى إلى تكلف هذا التأويل . هذا مع إيماننا ال جازم بان کل شيء مسخر بأمر الله . ولم يجمع الرعد والبرق كما جمعت الظلمات ؛ إما لأن المراد ا4۰“ بالرعد والبرق مصدر رَعَد وبْرَق » والأصل في المصادر أن لا تجمع ٠ وإما لأجل النظر إلى هذا الأصل . وإن كان المراد به هو عينہا › وتنتكر صيب ورعد وبرق لأجل النوعية . فكأنه قيل صيب غدق ٠ ورعد قاصف ٩٠ وبری وامض . والتمثيل بأصحاب الصيّب - وإن م يذكروا - لاقتضاء المقام ذلك » فالضمائر لابد ا من مرجع . وئي قوله : «يجعلون أصابعهم في اذانمم» ثلائةه ضمائر حمعية . فلذلك قدروا أو كذوي وذهب الأكثرون من المفسرين والبلغاء إلى أن الأصابع هنا مجازعن الأنامل لعلاقة الجزئية والكلية . والداعي إلى التجوز المبالغة في وصف حالم وما أصابهم من الحلع » حتى يكاد أحدهم أن يغرز جميع أصبعه في أذنه . ولا داعي إلى ما ذهبوا إليه » فن جعل الأصبع في الأذن يصدق حقيقة على إدخال بعضها أو كلها 9 كا لو فال قائل : لمست بدن فلان ٠ فلا يلزم منه أن يحيط اللمس بجميع بدنه » ومثله يقال في أي عضو ٠ فإن الاخبار عنه بشيء لا يقتضي حاطة حت لا فرج جزم مته عن مدلول ذلك الخبر ۾ ألا ترون أن الأمة أجمعت على حمل قوله تعالى : للإوالسارق والسارقة فاقطعوا أيديا” على القطع من الرسغ ٠ مع أن لفظ اليد يصدق على الكف والساعد والعضد إلى المنكب . ١ سورة المائدة : الأية ۳۸» - 40۲ وجملة «يجعلون أصابعهم .. الخ» قيل : إنها حاليّة لايضاح الملقصود من اليئة المشبه بها ؛ لأنها كانت يحجملة ٠ ولا أدري ما هو العامل فيها عند هذا القائل ٠ على أن المعهود في الأحوال أن تأق للكشف عن الفردات لا الجمل ٠ وقد قالوا إن للجمل حكم التكرات ولا تأي حال من نكرة إلا إذا تقدمتها نحو «لية موحشا طلل» . وقيل إنها استئناف بياني لأنه لما ذكر الصيب ورعده وبرقه تبادر سؤال سائل ٠ كيف كانوا يفعلون مع ذلك ؟ فأجیب با . وقد سبق الكلام عن الصواعق وهي مأخوذة من الصعق ؛ وهو الصوت الشديد . ويقال : صعقته الصاعقة إذا أهلكته . ك| يقال صعق إذا مات ٠ وقوله «من الصواعق» تعليل لقوله «يجعلون أصابعهم في اذانېم» 6 فهو ساد مُسد المفعول لأجله » وقوله : «حذر الملوت» تعليل للمعلول مع علته فلا يرد عليه أنه لا يترادف تعليلان معلول واحد » أفاد ذلك ابن هشام وقطب الأئمة . وذلك أن التعليل الأول بمثابة القيد والمقيد غبر المطلق . والتمثيل يدل على حماقة أصحاب هذه الصورة الممثل بها واستيلاء الحيرة عليهم 5 فهم عندما انهمر الصيب ٤ وطبق سحابه الأرجاء ٠ وتوالى قصف رعده » ولعان برقه » كانوا يلجأون إلى سداد آذاغمم خحشية أن يلج إلى مسامعهم هذا الصوت اللزعج فيهلكهم ٠ ظانين أن عدم وصوله إلى مسامعهم مظنة لسلامتهم 7 7 ما يحذرون . مع أن الموت إنما يكون بمفارقة الأرواح الأحساد ۴ فلا يقى منه اتقاء شىء من الأصوات بسد الآذان دونه . ولكن ذلك شأن الحماقة والجحبن إذا استحكما في النفس ٠ ولذلك أردف الله سبحانه بقوله «والله حيط بالكافرين» للتنبيه على أن ما يفعلونه لم يكن ليقيهم شيئا من أمر الله الذي خلق الموت والحياة . واختلف في هذا التذييل ؛ هل هو داخل في التمثيل أو هو خارج عنه جاء معترضا لبيان أن ما استحقه المنافقون إنما کان بسبب كفرهم الذي يوارونه بخداعهم ٠ وفي هذا تقرير حال الذين ضرب فيهم المثل لئلا يشتغل السامم بالثل عن الممثل له ٠ كا أنه يتضمن وعيدا لأصحاب هذه الحالة ‏ وتحذيرا لحم بأن الله تعالى لا تغفى عنه طوایاهم . وإحاطة الله يمكن أن تكون إحاطة علمية ىا في قوله : «إأحاط بكل شيء علا »٠ أو إحاطة قدرة کا في قوله : ل والله من ورائهم حيط . أو بمعنى الاهلاك كا في قوله : إلا أن يحاط بكم ٠ فإن امقام قابل لكل معنى من هذه المعاني ٠ والتعبير بالأحاطة من باب الاستعارة » إما على طريقة التمثيلية وإما على طريقة التبعية . وقوله «يكاد البرق» يصح أن يكون استئنافا بيانيا لجواز التساؤ ل عن حالم مع البرق بعد الاخبار عن حالم مم الرعد › ١ سورة الطلاق : الأية ۶١١4 ۲ سورة البروج : الآية ر٠٠» ٢ - سورة يوسف : الآية 7٦1٦ء ٤4 -۔ ويجوز أن يكون حالا من الضمير في «يجعلون» . والخطف ؛ الأخذ بسرعة . والتعبير بكلا في جانب الاضاءة » وبإذا ئي جانب الأظلام » يفيل اہم حريصون على اللشي ٠ فلا يترددون ‏ إذا ما أبصروا الطريق من لمعان البرق - ني الإسراع فيه » وقد تقدم أن «أضاء» يصح أن يكون لازما وأن يكون متعديا » وكذلك «أظلم» غير أن اللزوم في هذا الأخير أكثر ٠ وإغا يترجح التعدي هنا لمقارنته «أضاء» مع قرائن الحال الدالة على أنهم كانوا ينتفعون بإضاءة الطريق فيحرصون عليها . وعليه فيقدر اللفعول - وهو الطريق أو الممشى - في الموضعين » والمراد بقيامهم واختلف في أفراد هذه الصورة التمثيلية . هل كل فرد منها واقم إزاء نظبر له في الصورة الممثلة ؛ بحيث يصح أن يستقل بالتشبيه . أو هي مندمحة بالتركيب » ولا داعي إلى الالتفات إلى ما بین کل فرد واخر من التناسب ؟ أقوال في مفردات هذا التمثيل : وعلى القول الأول فلا محيص عن البحث عم يقابل كل فرد من الحيئة المشبه بها من أفراد الحيئة المشبهة » وهو الذي عليه جمهور أهل التفسير من السلف وا خلف »٠ وقد سبق أن جماعة من الصحابة فمن بعدهم قالوا : إن المراد بالصيب القرآن ؛ بجامع أن كلا منا سبب - £00 للمنفعة والحياة » وإليكم بعض ما قيل في المراد بهذه المفردات من التمثيل : ١ الصيب هو القران ٠ وما فيه من الاشكال عليهم والعمى هو الظلمات ٠ وما فيه من الوعيد والزجر هو الرعد ٠ وما فيه من النور والحجج التي تبهر عقوم هي البرق » وتخوفهم وروعهم وحذرهم هي جعل أصابعهم في اذانمم » وفضح نفاقهم واشتهار کفرهم وما يکرهونه من تکالیف الشرع كالجهاد والزكاة هي الصواعق ٠ وعزا ذلك ابن عطية إلى الحمهور » وحمل عليه ما روي عن ابن مسعود ‏ رضي الله عنه ‏ أن المنافقين في مجلس رسول الله يي كانوا يجعلون أصابعهم في اذانهم لئلا يسمعوا القران › فضرب الله المثل لمم . ٢ أن الصيب مثل الاسلام ٠ والظلمات مثل لا في قلوبهم من النفاق والبرق والرعد مثلان لما يخوفون به . ۳ - أخرج ابن جرير وابن إسحاق وابن أي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنما أنه قال : الصيب هو المطر » وهو مثل للمنافق في ضوئه يتكلم با معه من القران مراءاة للناس »٠ فإذا خلا وحده عمل بغيره » فهو في ظلمة ما أقام على ذلك » وأما الظلمات فالضلالات . وأما البرق فالايمان . ٤ البرق مثل للاسلام ٠ والظلمات مثل للفتنة والبلاء . 7 _ أن الصيب هو القران وهدی الاسلام » والظلمات ما يعترهم من الوحشة عند سماعه ؛ کا تعتري السائر في الليل هديه من خلال الزواجر . ١ - أن الصيب هو القران ٠ وأن الظلمات هي الكفر ؛ بجامع أن كلا من مهلك ٠ وسبب للحيرة » والرعد هو الوعيد › والبراهين الساطعة هي البرق ٠ وإعراضهم عن القران هو سداد اذانمم عن الصواعق وترکھم دینہم هو اموت عندهم . وم أقوال أخرى كثبر منها قريب مما ذكرنا » وبعضها بعید عن مدلول الاية . ليس على صحته من دليل . والقول الثاني: هو الذي ذهب إليه الز حشري وعزاه إلى علاء البيان » وتابعه عليه السيد الحرجاني وأبو السعود وأبو حيان › وحاصله أنه لا داعى إلى تكلف البحث عن وجه الشبه بين مفرد واخر › لأن القصد من التمثيل تشبيه هيئة مركبة من عدة أفراد › تضامت حتى صارت شيئا واحدا بهيئة أخرى مثلها › والصورة المشبه بها إذا ما اندجت أفرادها كانت ذات أثر نفسي بالغ › بخلاف ما إذا عزل بعضها عن بعض »٠ فتشبيه المنافقين بالساري في ظلمات الليل » إذا نمرت عليه السياء بودقها » وأحاط به رعدها وبرقها › وهو في صحراء لا جد مأوی ولا واقیا » ادل على حیرتہم ما لو فكك التشبيه فشبه كل فرد بأخر » وكذلك تشبيههم في المثل الأول بمن - 40۷ طفئت ناره ‏ بعد إيقادها وإضاءتها ما حوله - فتخبط في ظلمته . وهام في حيرته أبلغ في تصوير حالتهم النفسية وما يعتريهم من الاضطراب مالو روعي في التمثيل التشابه بين كل فرد في الحيئة الملشبهة ونظير له في الحيئة اللشبه بها » وهذا يعني تناسي الأفراد رسا في التشبيه المركب ٠ ووصف الزغشري هذا الرأي بأنه القول الفحل ٠ والمذهب الحزل ٠ وبناء عليه لا داعي إلى تقدير مضاف قبل لفظة صيب ٠ لولا ما يقتضيه من ضرورة وجود معاد للضمائر ئي فوله «يجعلون أصابعهم ف اذانہم» 4 وما في الاية الثانية من الضمائر . وراد بمشيهم فيه مشيهم حيث يشرق نوره » واختلف في فوله «ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم» قيل : هو داخل ي التمثيل . وعليه فمعاد ضمائره إلى أصحاب الصيب ٠ وقيل : هو عائد إلى المنافقين الذين ضرب هم المثل ؛ وعلى الأول فالمراد ؛ ولو شاء الله لذهب بسمعهم بقصيف الرعد ٠ وأبصارهم بوميض البرق » وهويدل على هول ما لقوا » فقد كان الرعد من قوة الصوت بحيث يذهب بالأسماع ؛ لولا أن الله لم يشا ذلك . وهكذا کان معان البرق من الشدة بحيث يذهب بالأبصار ؛ لولا مشيئة الله غير ذلك » وذهب بعضهم إلى أن ذهاب السمع والأبصار كناية عن الوت ٠ لأن من مات فقد سمعه وبصره ؛ وعلى الثاني فالمقصود أن الله عز وجل لو شاء لأى على جميع وسائل الحداية عند المنافقين حتى لأ يجدي فيهم وعظ واعظ » ولا يفیدهم إرشاد مرشد » غير أنه - £0۸ تعالى أبقى عليهم هذه الأسباب لتكون حجة على من أصر على كفره ». وطريقا إلى رشد من عدل عن غیه . وبناء على الرأي الأول يعد هذا الوصف ساريا من الصورة اللشبه بها إلى الصورة المشبهة ٠ ويقصد بذلك ما أشرنا إليه من أن الله تعالى أمهل لأولئك المنافقين ليتوب من تاب منهم ٠ وليزداد المصرون ضلالا وإثا . وهو يتضمن وعيدا لهم إن لم يبادروا بالاقلاع عن غيهم ٠ والتخلص من النفاق الذي مردوا عليه ٠ ويتأكد ذلك بقوله من بعد «إن الله على كل شيء قدير» » فمن خلق السموات والأرض ٠ وبيده ملكوت كل شىء ٠ لا يعجزه إتلاف حواس من شاء من خلقه بما شاء من الأسباب » بل لا يعجزه القضاء على حياة من شاء متي شاء . وهذا التذييل يتلاءم كل الملاءمة مع ما تقدم من تهديد أهل النفاق . وكل ما سبق في وصف النافقين من بداية قوله تعالى ومن الاس من يقول امنا »4 إلى خاتمة هذه الآية ٠ ينطبق على المنافقين في كل عصر ». وكذا ما تجدونه هنا وفيا سبق من الوعید يشمل منافقي جميع العصور » فلا يغْرّن أحد نفسه بأن هذا الوعيد خاص بطائفة محخصوصة في عصر معين » فالنفاق هو النفاق في أي عصر كان » ولا أثر لاختلاف الأزمان في اختلاف وعيده » نسأل الله تعالى العافية وحسن الخاتمة . 7 يا أيها الناس اعبدو ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون") الذي جعل لكم الأرض فراشا والساء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجبعلوا له أندادا وأنتم تعلمو ن۲( الآيات السابقة قسمت الناس إلى طوائف ثلاث ٠ مؤمنة ظاهرا وباطنا 6 وكافرة ظاهرا وباطنا 6 ومذبذية بين الطائفمتن ٠ مؤمنة في الظاهر وكافرة في الباطن ٠ وبينت صفات كل طائفة ٩ وما يؤ ول إليه أمرها . وجاء عقبها هذا النداء العام الموجه الى عموم الناس على انقسام طوائفهم ٠ يدعوهم إلى عبادة الله » ويذكرهم مختلف الائه وفي هذا النداء إيناس للنافر المستوحش تا سبق من فوارع الإنكار » وتذكير للغافل با تستوجبه نعم الله عليه من أداء شكرها بإخلاص العبادة لمن أسبغها عليه . وهو في حقيقته نداء موجه الى الفطرة الانسانية لايقاظها من نومها . وتنبيهها من نداء الفطرة أنجح طرق التربية النفسية : ونداء الفطرة يعد أنجح طريقة في التربية النفسية ٠ ففيا تقدم من قواصف الانکار وصوادع الوعيد ؛ كفكفة للنفس الطائشة عن SE غلوائها في الشر » وفي النداء الذي يتبم ذلك تذكير فا بأنها م تزل مع سوابق إعراضها وبعد شططها ي الصدود - يراد نما الخبر › ولا يطلب منها إلا ما فيه مصلحتها . وبهذا الذي ذكرته ينكشف ما بين الأيات السابقة وبين هذه الأية وما بعدها من رباط . ولطف الخطاب هنا بعد شدته هناك للحكمة الى ذكرتها- لا ينافي اندراج الطائفة الأولى في عموم هذا الخطاب »٠ فإن سلاسة القول كا تتألف النافرء وتقرب البعيد » تزيد الأليف ألفة › والقريب قربا » وتمنحه) باعثا نفسيا على إِتيان ما يراد متنا من الخير » وتزيد متها نشاطا › وفكرتې) اتقادا » ورؤ يتھا وضوحا › على أن تلك الطائفة المؤ منة نفسها لا تخلوعادة من تأثْر بالوعيد الموجه إلى غيرها ». لأن من شأن المؤمن أن يكون شديد الحذر » مشفقا على نفسه من انزلاق قدمه فيكون في عداد أهل الضلال . وإدا كانت الآأيات السابقة تثبر الوجل وتبعث القلق ف نهس اللؤمن بهذا السبب ». فإن هذا الخطاب يفيض عليه الأنس والطمأنينة . فتتعادل في نفسه كفتا الخوف والرجاء . وهذا الذي قلته هو الذي يقتضيه اللفظ ٠ فإن تعريف الناس تعريف جنسي ‏ إذ لا عهد۔ فيشمل جيع الناس على اختلاف طوائفهم . ومن المفسرين من يخص هذا الخطاب بطائفتي الكفر - £۱۱ والنفاق » وهو الذي رجحه ابن جرير وعزاه إلى ابن عباس رضي الله عنما » ومنهم من یری أنه خاص بالنافقين وحدهم ٠ وعزي إلى ابن عباس أيضا › ومنهم من يقول إنه خاص بكفار العرب »٠ ومنہم من يقول إنه لليهود وحدهم ٠ والتخصيص بغير مخصص تحکم ٥ ويقوي العموم جواز التأكيد بما يفيد العموم في مثل هذا اللفظ ٠ وجواز الاستثناء » وصدر الخطاب ب «يا» وهي أصل حروف النداء فيه » ولذلك ينادى بها القريب والبعيد على الراجح » خلافا من قال : إنها تخصوصة بالبعيد » وإن نودي بها القريب فلتنزيله منزلة البعيد » إما لسهوه وغفلته . وإما لاعتقاد البعد المعتوي بين المنادي والمنادى ›. ولذلك ينادى با الله سبحانه وتعالى لأجل تنزيل المنادي نفسه منزلة البعد لضعفه وعجزه وقصوره هضا لنفسه ٠ واعترافا با هو متلبس به مما يبعد عن مقامات الزلفى ودرجات المقربين . و«أي» وله لنداء ما دخل عليه الألف واللام . وخاطبة الناس هنا بعد الاخبار عنہم فا سبق » التفات كالذي تقدم شرحه ئي قوله تعالى : ##إياك نعبد وإياك نستعين» ٠ والذي يحسنه هنا- بجانب النكتة العامة وهي تطريه الكلام ونحیدید نشاط سامعه - أن توصيف كل طائفة من تلك الطوائف الثلاث وبيان أحوالما ›. جعلها في حكم الحضور فحسن نداؤها وتعميمها بالخطاب . مع ما ذكرته من أن أنس هذا الخطاب يجبدد نشاط الصالح ٠ ويكف من شطط المفسد . ١6۱ - والعبادة سبق تفسيرها في الفانحة › واختيار لفظة الرب دون ثر أسمائه تعالى ؛ لا في مدلوله من معنى التربية بمختلف الآلاء الظاهرة والباطنة . وفي هذا حفز للمسارعة إلى ما أمر به من العبادة . لأن الخطاب صادر من الرب والعبادة المأمور بها له › وفيه نوع تعليل للأمر ؛ لأن من القواعد المعروفة أن الحكم على المشتق يؤدن بعليته 6 ويفغوي ذلك ما ولي اسم اللوصول من دکر الخلق وما بعده . وهذا لا ينافي أن يكون الله تعا ى حقيقا بالعبادة . وجديرا بالطاعة المطلقة بنفس علو ذاته وكمال صفاته › مع قطم النظر عما أفاضه على عباده من صنوف النعم ؛ أهمها إخراجهم من العدم إلى الوجود » الذي ترتبت عليه بقية الآلاء » إذ لا مانم أن يراعى في للعابدين ٠ بل هذا هو المطلوب . والخلق أصله التقدير والتهيئة ٠ يقال خلق الأديم إذا هيأه للقطع 6 وخلق الأمر إدا قذّره » ومنه قول الشاعر : ولأنت تفري ما خلقت وبع ض الناس يملق ثم لا يفري يعني ان اللمدوح يتبع التقدير العمل بخلاف بعض الناس ›ء وإذا نسب الخلق إلى الله سبحانه فهو بمعنى الانشاء والاختراع على غير سبق مثال » وأقرّب ذلك أن يقال : هو الاخراج من العدم إلى الوجود » وبهذا المعنى فهو من اختصاص الله سبحانه وتعالى فلا يصح إسناده إلى غيره ب فلا يوصف لوق بالخالقية » وأما ما جاء ئي - 4۱۳ سورة آل عمران من قوله حكاية عن عيسى عليه السلام : ¥ أفي أخلق لكم من الطين كهيئة الطبر 4١ ومثله ما في سورة المائدة ‏ فهو محمول على مطلق الصنع ٠ ولم یرد به اختراع على غير سبق مثال » وكان ذلك قبل تخصيصه في العرف الأسلامي بالله عز وجل ٠ وبحوه أي عبداللة البصري المعتزلي إن إطلاق الخالق على الله محال لمصادمته وصف الله نفسه بالخالقية في نحو قوله : هو الله الخالق البارىء4” . وإن علل رأيه بأن التقدير يستدعي الفكر والحسبان ؛ إذ لا قيمة للنظر مع ورود النص »٠ على أن قياس الغائب ما يحتاج إِليه المخلوقون من الوسائل . وبا أن أقرب شيء إلى الانسان نفسه ذكر المخاطبون أولا وجودهم على وجودها » ومن المعلوم أن من لم تيده الموعظة من نفسه نجده من غيره » والخلق هو أصل النعم جميعا › وک| أن خلق الإنسان نفسه نعمة جل فخلق أصوله يعد من كبريات النعم ٠ لترتب وجوده على وجودها ک| تقدم . واستشكل القائلون بعدم خطاب المشرك بفروع الشريعة › نوجیه هذا النداء إلى عموم الناس من مؤ من ومشرك وتصمنه الأمر ١ سورة ال عمران : الآية ٩٤» ٢ سورة المؤمنون : الآية ,١٠ء ۳ سورة الحشر : الأية ‎«Ts‏ ٤4 - بالعبادة . وتكلفوا الأجابة عن ذلك بالعديد من الأجوبة هروبا من الواضح إلى المشكل ٠ وما أنني أرى أن الخطاب بفروع الشريعة شامل للمسلمين وال مشركین ‏ کا سيأتي بيانه إن شاء الله في موضعه - لا أجد ما يدعوني إلى ذكر هذه التكلفات والحمد لله . ولعل تفيد التوقع المشترك بين الرجاء والاشفاق ٠ فإن كان المتوقع محبوبا فهي للرجاء . وإن كان مرهوبا فهي للاشفاق ٠ مثال الأول قول التائب : «لعل الله يرحمني» » ومثال الثاني قول الخائف : «لعل العدو يد همني» » وكلا الأمرين مستحيل على الله سبحانه › فمن بيده ملكوت السماوات والأرض وهو بكل شيء عليم ٩ يستحيل عليه الرجاء والاشفاق ٠ ومن ثم کان مجيء لعل في کلامه تعالى داعيا إلى إمعان النظر فيا يراد بها . وقبل الحديث في هذا الموضوع ينبغي النظر فيا ترتبط به هنا › فقد تقدمها الأمر بالعبادة في قوله : اعبدوا» . وذكر الخلق في قوله : إخلقكم ٠ وكل منا يسوغ ارتباطها به - فيا يتبادر لي - وإن زعم القرطبي بأن تعلقها بخلقكم لا يجوز ؛ لأن من ذرأه الله تعالى لجهنم لم يخلقه للتقوى ٠ وقد عزا ذلك أبو حيان في البحر اللحيط إلى المهدوي ٠ وهو قول مرفوض لأن الله تعالى يقول : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”) ٠ وهو نص صريح على أنهم لوقون للعبادة » ولا ينافي ذرء كثير متهم جهنم كا أخبر الله » فإن استحقاقهم العذاب إنما هو بسبب إعراضهم عم خلقوا له ۱ - سوره الذاريات . الأية ‎LRT‏ ٢١ا ۔ من العبادة والتوحيد ٠ وذلك ل ينشاً إلا عن اختيارهم بأنفسهم واستجابتهم لدعاء الشيطان ٠ وم يجبروا على شيء منه وإِن مضی اقلم بحسب ما علم الله ما يكون منہم . وإذا جاز کونهم محلوقين للعبادة في مانم من أن یکونوا محلوقين للتقوى مع أن التقوى هي الغاية من العبادة . وما منعه المهدوي والقرطبي هو الذي عول عليه الز شري واقتصر عليه في كشافه . وسوغه ابن عطية ٠ وإنما قلت بصحة كلا المذهبين لأن قوله تعالى : وما خلقت ال حن والانس إلا ليعېدون ظاهر في جواز تعلقها بخلق كا ذكرت »٠ والرأي الآخر يعززه اقتران ذكر العبادات بذكر التقوى في مواضع من القران ٠ کايات الحج ٠ وبداية ايات الصوم ٠ وهي قوله : «يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تقون . وفي معنى ذلك قوله سبحانه : ءوأقم الصلاة ان الصلاة تنبى عن الفحشاء والمنكر»”) › وهذه هي عين التقوى ٠ وقوه : «خذ من أمواهم صدقة تطهَرّهُمْ وتزكيهم بہا4› ٠ وقد تقدم ‏ والحمد لله بيان حكمة مشروعية الصلاة ٠ وأنها من أسباب الصلاح الظاهر والباطن ٠ وسيأتي الحديث عن سائر العبادات في مواضعها إن شاء الله . وإذا عرفت الاختلاف في ترتبط به «لعل» في هذه الآية عليه سبحانه ٩ وللعلاء في ذلك مذاهب : ١ سورة البقرة : الأيةً ۱۸۳۶ء ٢ سورة العنكبوت : الأية د4 » ٢ سورة التوبة : الأية ۹۳« ٦١4۱ - أولها : لسيبويه وجمهرة من أئمة العربية والتفسير › وهو أنها عل حقيقتها من معنى الرجاء » غير أن هذا الرجاء ليس متلبسا بالل سبحانه . وإنما هو متلبس بالمخاطبين وهم الناس 6 ومعنى ذلك أنهم مأمورون بأن يعبدوا الله وهم راجون أن تفضي بہم عبادتہم إلى التقوى » وهو صلاح الظاهر والباطن كم هو شأن العبادة ‏ وعليه «فلعل» متعلقة ب «اعبدوا» دون «خلقكم» لتعذر ان يكونوا حال خلقهم راجين أن يتقوا ء إذ لم يكونوا ان ذاك أهلا للتفكير أو الرجاء . ثانيها : لبعض المفسرين ٠ وهو أن الرجاء لا يلزم أن يكون من المخاطب أو المخاطب ٠ وإنما يكون حسب الواقع ؛ وذلك أن يكون الأمر مثنة لرجاء كل من أمعن فيه النظر لتوفر أسباب الرجاء › والباعث عليه هنا أن الله عز وجل خلق الناس في أحسن تقويم ٠ وهداهم النجدين ٠ وأفاض عليهم نعمه 9 وأرسل إليهم رسله وأنزل إليهم كته » فكانوا مثنة لأن يرجى منهم التقوى . ثالثها : أن لعل هنا محمولة على التعليل ؛ وهو قول طائفة من التحويين › منم الكسائي . وقطرب ٠ وأبو علي الفارسي ٠ وابن كيسان ٠ وابن الأنباري ٠ ونحا نحوهم بعض المفسرين وي مقدمتهم ابن جرير . واستدلوا له بقول الشاعر : وقلتم لنا كفوا الحروب لعلنا نكف ووثقتم لنا كل موق فلم كففنا الحرب كانت عهودكم كلمع سراب في اللا متالق - £۱۷ فإنه يتعذر كون «لعل» للترجي في البيت مع فوله:«وونقتم لنا كل موثق» » وقوله ي البيت الثاني : «كانت عهودكم» إذ لا معنى لكونها دالة على الترجي مع بذل الناطقين بها العهود والموائيق على الكف » وإذا تعذر حملها على الترجي فلا معنى تحمل عليه إلا التعليل » لجواز أن تحل محلها اللام أو كي التعليليَان والذي آراه أن كثيرا من الآيات شاهدة بصحة هذا المذهب ٠ كقوله عز وجل : ولقد اتینا موسی الكتاب لعلهم يهتدون() إذ لا مساغ للترجي هنا إلا على ما تقدم في المذهب الثاني وهو لا دليل عليه 9 وبالغ الزعحشري في إنكار مجيئها للتعليل ٠ وتابعه الجحرجاني ٠ وأبوحيان › وجماعة من المفسزين وغيرهم ٠ وما ذكرته من الشواهد قاض بصحة ما أنكروه » والأولى أن يصار إلى الدليل ٠ وذكر ابن أي حاتم أن لعل في القران تعليلية إلا في موضع واحد » وهو مروي عن بعض التقدمين من أئمة التفسير › ولا يخلو من مبالغة . رابعها : أنها للإطماع » وذكر الز شري أنها جاءت للاطماع ئي مواضع من القران » وعد قول من قال بأنها تأي بمعنى کي ساريا إلى أدمغة الذين قالوه من حيث إن إطماع الله لعباده جار مجری وعده اللحتوم » ونظره با يكون من الملوك في مقابل مطالب الرعايا من الاقتصار على الرمزة . أوالإبتسامة » أوالنظرة الحلوة » أو الكلمات اللؤشرة إلى الفوز بالمطلوب ٠ وإذا ماحصل ذلك متهم لم يبق للطالب شك في نجاح مطلوبه والفوز بمرغوبه » وعلى هذا السنن __—_——__—_— ١ سورة المؤمنون : الآية 44 - £6۱۸ خامسها : أن الاتيان بلعل لأجل النظر إلى أن الله سبحانه خلق الناس واختصهم من بين خلقه بالعديد من المزايا › وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة . وأقام عليهم حجته بإرسال رسله وإنزال كتبه » وأمرهم بالاستقامة على الخير » ونهاهم عن الاتحراف إلى جانب الشر ء ووعدهم وتوعدهم . وهي حالة مرجحة لاستمساكهم بحبل التقوی عند كل من يفکر في آمرهم » فعبر بلعل الدالة على الرجاء عن طلب التقوى الصادر من الله تعالى إليهم ٠ على طريقة الاستعارة التبعية . ويحتمل أن تكون الاستعارة تمثيلية إذا شبهت حالة بحالة . وذلك أن ينظر إلى جانب الخالق والخلق والمخلوقين » وطلب التقوى منهم ٠ فيقابل ذلك با إذا حصل رجاء من راج في مرجو منه ٠ وقد طويت أركان هذا التشبيه ما عدا لعل لأنها العمدة فيه وإن لم يقتضها سياق الكلام » والذي يتبادر لي أن هذا اذهب لا يختلف عن المذهب الثاني إلا في اسلوب العرض ٠ وعلى كلا المذهبين فهى مرتبطة بخلق ٠ وأما اذهب الأول فهو مبني على ارتباطها ب «اعبدوا» كا علمت »٠ وأما على المذهبين الثالث والرابع فيجوز الأمران » والصحيح عندي المذهب الثالث لبعده عن التكلف وظهور أدلته . وان أنكره من أنكر . وقد سبق الكلام على التقوى في قوله تعالى : هدى للمتقين ¶ فلا داعي إلى تکراره . - 4۱۹ هذا وقد جعل ابن جرير من الاية الكريمة سندا لمذهبه في جواز التكليف با لا يطاق حيث أمر الله عز وجل عباده بعبادته مع علمه بأن كثيرا منهم لا يؤمنون » وتابعه على ذلك جماعة من المفسرين ولا مستند لحم في الآية ٠ فإن إعراضهم عن الهدی ليس بإجبار من الله وإنما كان بمحض اختيارهم ٠ وما كتبه الله عز وجل عليهم ٳِغما هو بحسب ماعلم من هذا الاختيار . ولا إشكال في دخول المؤمنين في عموم هذا الخطاب الداعي إلى عبادة الله 9 وإن کانوا من قبل يعبدونه لا یشرکون به شیئا . لأن الأمر بالعبادة أعم من أن يحصر في إنشائها أو المواظبة عليها والاستزادة منہا . فيحمل خطاب کل فریق على ما یلائم حاله . والخطاب كا أنه موجه إلى المعاصرين لنزوله › يتوجه إلى من بعدهم من أجيال البشر التعاقبة بطريق النص لا القياس ٠ فإنه خطاب صادر من الخالق العظيم إلى هذا الجنس من المخلوقين ٠ وليس خطاب الحق كخطاب الخلق ٠ إذ لم يكن خطاب مشافهة حتی يقال كيف يخاطب من هم في أصلاب الآباء أو أرحام الأمهات ؟ ونما هو خطاب لا تعتبر فيه مقایيس الخلق ٤ فهو نداء سرمدي یواجه کل من سمعه أو تلا من جدید ٠ وبہذا یستغنی عا قاله أکثر المسرين في هذا الموضوع . وبعد تذكير الناس بنعمة الله عليهم المتمثلة في إيجادهم وإيجاد أ صو ٠ ينتقل بهم الخطاب إلى تذكيرهم بنعم الله في الكائنات من ۲۰٤ ۔ والقاضية بوجوب الأنقياد له والأذعان لأمره ونهيه ٩ فهو مرتط با أمروا به من عبادته . ومعنى جغل الأرض فراشا ؛ تهيئتها لأن تكون مستقرا ومستودعا للمخلوقين فيها » فهي كالفراش من حيث أنهم يتقلبون عليها حسبما أرادوا › فعلى ظهرها يشون ويقعدون وينامون » ومن حكمته سبحانه لم يجعلها رخوة كالوحل والدقيق ٠ ولا لطيفة کالاء والحواء . ولا صلبة كالصلد . بل جعلها مهيأة لراحة الانسان كا يقتضيه حاله » وتقديم ذكرها على ذكر الساء لأنها إلى الإنسان أقرب وحاجته إليها أمس . والأصل في لفظة الساء أن تطلق على كل ماعلا كسقف البيت والخيمة ٠ لأنها مأخوذة من سا يسمو إذا ارتفم » وخصّصت ي العرف بهذا الفضاء المحيط بالكرة الأرضية الذي نرى أبعاده شبيهة بقبة زرقاء مضروبة على الأرض »٠ ولذلك تعتقد العامة أنها جسم أزرق مبني كالقبة › وما هي إلا فضاء واسع يسبح ف عبابه ما لا يحصى من الأجرام الفلكية , وهذا لا يناني كونها طبقات › ما عرف من أن الفضاء يتكون من طباق ٤ کم أخبر الله سبحانه وفسره الاكتشاف العلمى ٠ ومن الأدلة البارزة أن المراد بالساء هو هذا الفضاء » قوله سبحانه في الشجرة الطيبة : #إأصلها ثابت وفرعها في السماءك) ء مع العلم أن فرعها لا يمتد إلى الأجرام الفلكية › ۱ - سورة ابراهيم : الآيةَ 7٢٤۲ء ۳ ومثله قوله هنا : «إوأنزل من الساء ماء مع كون الاء ينزل من طبقة قريبة جدا من الأرض ينشاً فيها السحاب ويشبه في تراكمه الجبال » وهو المراد بقوله : #وينزّل من الساء من جبال فيها من برد( » والراكب على الطائرة يخترق هذه الطبقة ويتجاوز هذا السحاب . والمراد من جعل السياء بناء الربط بين أجرامها بسنة الجحاذبية › التي هي أشبه بوضع لبنة على لبنة في البناء ‏ فإنها يشد بعضها بعضا با أودع الله سبحانه ئي کل منہا من طبائم تتلاءم كا يشد اللبن بعضه بعضا » وذلك من أسباب تمكن الإنسان من الإستقرار على الأرض حتى يأتي وعد الله بانحلال هذا الرباط وتداعى هذا البناء » كا أخبر تعالى في قوله : «إإذا الساء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت )٠ وبجانب ذلك فإن الغلاف الموائى المحيط بالكرة الأرضية أشبه ما يكون بالسقف البنى الواقى ٠ فالشهب التي تتقاذف في أرجاء الفضاء لا تكاد تصلنا بسبب هذا الحاجز الطبيعى ٠ وكذلك الأهوية المنبعثة من الأجرام السماوية ذات الطبائع اللهلكة أو المؤذية › فإنها باتصاها بهذا الحاجز يصدها عن الوصول إلينا إلا بعد أن تلطلف وتتكيف مم طبيعة هذه الكرة الأثيرية الملائمة لطبيعة الأرض ومن يها » وعلى كلا المعنيين يتضح معنى جعل الساء بناء لنا » وهو يعد من الإأعجاز العلمي الذي سبق القول فيه في الحزء الأول ٠ إذ لم تكن هذه الحقائق واضحة للناس في عهد نزول القران » خصوصا أولئك ۱ - سوره النور : الأية ‎f۳‏ ‏۳ - سورة الانفطار : الأيتان نٿ« - 4۲۲ الأميين الذين نزل بینہم » وبجانب هذا فإن التعبر عن هذه الحقائق بهذا الأسلوب الغريب يعد نمطا من أنماط الإعجاز البيانى الذى تحدثنا عنه . وذلك أن القران واجه عصورا مختلفة تنوعت فيها الثقافات ٠ وتباينت فيها التصورات باختلاف أطوار الشر› واختلاف علومهم وادابہم ومع ذلك فْقَد وسع هذا التعبير جميع هذه الأحوال ٠ ولم يصطدم مم مفاهيم أي جيل من هذه الأجيال ٠ فالبدوي البدائي الذي لم يكن يدرك شيئا ما سبق الحديث عنه ؛ من ٬ ترابط الأجرام الفلكية ٠ وإحاطة الأرض بمظلة هوائية › إذا تلا هذه الآية أو تليت عليه فهم من معناها ما وصل إليه فهمه › ولم تصطدم بشيء من تصوراته حول الكون ٠ والعالم الفلكي في هذا العصر الذي توفرت لديه وسائل الاكتشاف التي لم تكن ي الحسبان من قبل يرى أن الآية الكريمة ما جاءت إلا لتخاطب أمثاله » فسبحان من وسع كلامه جميع خلقه . وهو بکل شيء عليم . والمراد بإنزال الماء من الساء ؛ إنراله من هذا الفضاء الذي يعلو الأرض بعد أن تتصاعد إليه الأبخرة ‏ بتأثير حرارة الشمس - من المحيطات والبحار والأنهار فتتجمد في الفضاء لتأثبر البرودة ٠ ويتكون منها السحاب فتذوبه الطاقة الحرارية » وينهمر منه هذا الودق النافع للعباد 2 وذلك كله بمشيئة الله ٠ ولو شاء خلت الماء في هذه الأرض نفسها من غير أن يتنزل من السماء » ومن غير أن يمر بأي طور من هذه الأطوار ك| أنه سبحانه لو شاء أن يلق الناس والبهائم من غير لقاء بين الذكر والأنثى ٠ ومن غبر مرور بأطوار ۳٢4 ۔ الحمل لكان ذلك ٠ ولكنه - جلت حكمته - أراد بتنقل الأشياء من طور إلى اخر » وتقلبها من حال إلى أخرى تذكيرا للعباد » وتبصيرا بحكمة المىداً وإمکان المعاد . هذا وقد جمد كثير من المفسرين على ظاهر الآية » وزعموا أن لطر يتنزل من السموات العالية حيث الأجرام الفلكية وادعوا أن السحاب ليس هو إلا غربالا له » ومنهم من قال إن القطرات التي تتنزل من السموات هي في حجم الحمال ثم تتفرق عندما تقم على هذا الغربال فتنزل بحسب حافا الذي نشاهده › وبالغ بعضهم فادعى أن المطر ينزل من تحت شجرة من أشجار الحنة وقد بالغوا ي رد الرأي الصحيح وعَدوه من الأوهام الفلسفية » وما دروا أغهم هم الذين أسرتهم الأوهام بسبب ركونهم إلى الروايات الكاذبة الي راجت في أوساط الناس بعد ما مهد اليهود لرواجها » وليس لشيء منها سند يعول عليه » إِذ لم يثبت أي شيء منہا عن الرسول َي أو عن أصحابه - رضي الله تعا لى عنہم - » ولا يصح الآن بعد ما وضح الصبح لذي عينين أن يتعلق أحد بهذه الأوهام › فقد دلت المشاهدة على كذبا . فكئثيرا ما يخترق الراكبون على الطائرات طبقات السحاب الماطر » حتى إذا جاوزوه وكانوا أعلاء م يروا للمطر أثرا › فين هذه القطرات التي هي ي حجم الحمال ؟ والعجب من أولئك الذين صدقوا هذه الأوهام ٤ فعولوا القران لإنشاء السحاب نحو قوله : ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم ٢٤6۲ - يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الوق بيرج من خلالەچ«› | وقوله : «الّه الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يرج من خلاله»”) › وقوله : مإوالله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناء إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها» ٠ وهذه الآية نص صريح على أن المطر من نفس السحاب لأن الأحياء إنما يكون به » والضمبر في قوله : لإفأحيينا به الأرض؟ عائد إلى السحاب . وكذلك نجد من الناس من يتعلق بقوله تعالى : إوالأرض فراشاه في إنكار كروية الأرض .٠ مع أن كونها فراشا لا يناي كرويتها بحال ٠ كما نص عليه الز حشري وهو من المفسرين القدامى ٠ ونبه عليه كثير من المتقدمين ٠ وذلك أن صلاحها للاستقرار عليها هو معنی کونها فراشا . ومن حكمة الله تعالى أن جعل في الماء خاصية الإنبات ٠ وجعل في الأرض مثلها . وعندما تلتقى الخاصيتان وتتفاعلان يتولد النبات بمشيئته تعالى كما يكون اللقاح باجتماع ماء الذكر والأنشى في الرحم » وذلك هو المقصود بقوله : لإفأخرج به من الثمرات رزقا کم . واختلف فيا عُطف عليه قوله : لفلا تجعلوا لله أندادا › فذهب فريق إلى أنه معطوف على اعبدوا ربكم » لأن العبادة المطلوبة EEE ‏ہے‎ ١ سورة النور : الآية ٤٤» ۲ سورة الروم : الأية ۸9٤ » ۳ سورة فاطر : اليه ر٩» ٢٥٢ - هى العبادة الماحضة الى لا يشوبا شرك »٠ وجعل الأنداد لله مناف فا فلا غرو إذا كان الأمر با يتضمن النبي عن اتخاذ الأنداد بطريق اللزوم . غير أنه قد يخفى على الكثير ممن تربوا على الجاهلية واعتادوا اتخاذ الأنداد له سبحانه 9 فمن ثم صرح بهذا اللازم معطوفا على ملزومه بالفاء الرابطة بين معطوفيها » وذهب اخرون إلى أنه معطوف على «تتقون» ٠ ونظروه «فأطلم» من قوله سبحانه : ئلعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى2”4› ٠ وعليه فهو من ضمن ما يتعلق بلعل ؛ سواء قيل إنها تعليلية أو للترجي على حسب الاختلاف الذي أوردته من قبل ٠ وقيل : هو مرتبط بجملة «الذي جعل لكم الأرض فراشا» . وعليه فالموصول مقطوع عا قبله » وإنما هو خبر لبتداً محذوف ولا يخلو من تكلف . والذي يظهر لي أنه مرتبط بجميع ما تقدم من تعداد الآلاء المتنوعة التي تبداً بخلقهم وخلق من قبلهم ٠ وما ذكر بعده من جعل الأرض فراشا م 4 والساء بناء © وإنزال الماء من الساء . وما يتبعه من إخراج رزقهم من الأرض ٠ فإن جيم ذلك باعث على إخلاص العبادة لله الذي أغدق عليهم هذه النعم ٠ فكان يهم عن اتغاذ الأنداد له سبحانه - بعد تذكيرهم بنعمه التي تقتضي منهم الشكر النائي للاشراك ‏ من الملاءمة لا تقدمه بمكان . والند هو المثل المعارض ٠ وقيل : ولو لم يكن معارضا وإنما الغالب في الأنداد التنافس والتعارض بينها . فلذا خصه الأولون ١ - سورة فاطر : الآیتان و٣۳ | ۴۳۷» - ٢٢6 - بالمعارض ٠ وهؤلاء المخاطبون لم يكونوا يعتقدون في معبوداتېم ها معارضة لله تعالى › وإنما كانوا يعتقدونها وسيلة توصلهم إلى مقامات الزلفى منه . غيرأنهم عدوا بمنزلة من اعتبرها معارضا له نظرا إلى أن العبادة من خحصوصيات الخالق ٠ فإشراك غيره فيها يعنى اعتبار ذلك الغبر في مقام الند له . ' والنمي عن جعل الأنداد لله يعم جميع أنواع الجعل ٤ سواء كان بالتوجه إليها بالعبادات المعروفة ؛ كالتقرب إليها بالركوع والسجود » والقرابين والنذور . أم كان بالضراعة والابتهال وطلب قضاء الحاجات التي لا يمكن لمخلوق قضاؤها . أم كان باعتقاد قدرتها على التصرف في هذا الوجود . أم كان بالطاعة المطلقة التي تخرج بالصادرة منه عن طاعة الله سبحانه وتعالی . وقد روي عن سلف الأمة ما يدل على ذلك كله ٠ والاختلاف فيا روي عنم لا يتجاوز أن يكون من باب الاختلاف في مراعاة الأحوال بحسب اختلاف المقامات ٠ وإلا فالمي شامل لذلك كله . ومن ذلك ما أخرجه ابن اسحاق وابن جرير وابن ابي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنب) في قوله : «إفلا تجعلوا لله أنداداك أنه قال : «أي لا تشرکوا به غیره من الأنداد الي لا تضر ولا ت تنفع ٠ وأنتم تعلمون نه لا رب لکم بر زقکم غيرهه © وأنخوج عنه بن جریر وای ن ابي حاتم قال : «أندادا أي أشباها» 6 وأخرج ابن آي شه وأحمد والبخاري في الأدب المفرد ؛ والنسائى ٠ وابن ماجة ٠ وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال : قال رجل للنبي ية : رما شاء الله وشئت» فقال له ۷٢4 - صلى الله عليه وسلم : أجعلتني لله ندا ؟ قل ما شاء الله وحده» ٠ وأخرج عبد بن حمید عن قتادة قال : «أندادا أي شرکاء) ٩ وأخرج أحمد وأبو داود . وابن بي شيبة » والنسائي ٠ وابن ماجة . والبيهقي ٠ عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : قال رسول لله ي : «لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان 9 قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان» وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن عباس قال : «الأنداد الشرك اخفى من دبيب النمل على صفا سوداء في ظلمة الليل ٠ وهو أن تقول والله وحياتك يا فلان وحياي ٠ وتقول لولا کلب هذا لأتانا اللصوص ٠ ولولا القط في الدار لأ اللصوص ٠ وقول الرجل ما شاء الله وشئت »٠ وقول الرجل لولا الله وفلان » هذا كله شرك» ٠ وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنہا ان المراد من قوله : «فلا تجعلوا لله أندادا» فلا تجعلوا من الرجال أكفاء لَه تطیع وهم ف معصية الله . وما أدق هذه التفاسير المأثورة عن السلف الصالح رضي الله عنهم ي معنى الأنداد . وما أعزب فهم كثير من الناس عنها › فلعلهم يتصورون ان اتخاذهم الأنداد لا يعدو عبادة الأصنام المنحوتة من الأحجار › ولا يدركون أن الأمر أعم منه » فد تکون أصنام البشر أضر من أصنام الحجر إذا ما عَظم الطواغيت وانقادت لم الناس » وخضعوا لأحكامهم الحائرة 9 واثروا ضلالهم على هدى الله » ورددوا شعاراتہم الزائفة الي ما أنزل الله ہا من سلطان ٠ ولا يقصد بي إلا نقض عرى الدين هدم صرح التوحيد" واإذا کان - £۸ من شان عقيدة التوحيد تطهير النفوس من الأوهام ٠ وتزكية الأعمال بإخلاصها لله ٠ فإن من شأنها أيضا تحرير الإنسانية حتى لا تخضع لغير الله ولا تتحاكم إلى غير شرعه ولا تنقاد إلا لحكمه ٠ ولا تذعن لغبر طاعته » فلله الخلق ولله الأمر . وكل من تطاول فأمر با يخالف أمره تعالى فهو متطاول على سلطان الله . وتذييل الآية بقوله : إوأنتم تعلمون» لأجل حفزهم على النظر في ملكوت الله الدال على ملكه القاهر وسلطانه الباهر ٠ لينشاً عن هذا النظر إخلاص العبادة لوجهه والاستسلام لأمره ونهيه › والمراد بكونهم يعلمون أن الله خلقهم مهيئين للعلم با اتاهم من أسبابه ومنح كلا منهم من القوة الفكرية ما يمكنه من التفرقة بين الحق والباطل ٠ والتمييز بين ادى والضلال ٠ لولا اتباع الشهوات ٠ وحکيم العادات »٠ والتائر بالبيئات فن هذه هي عوامل إطفاء نور الفطرة وإخماد جذوة الفكر . فإذا لم يبصر أحد الحدى فا هو إلا من تقصيره في النظر والملامة لا تعود إلا عليه . فالخلقة كاملة والفطرة وكونهم من شأنهم العلم لا يناي ما سبق من وصف النافقين بعدم العلم وعدم الشعور » فإن العلم والشعور المتفيين هناك علم خاص وشعور خاص لا مطلق العلم والشعور » وقد علمت أن منشاً عدم شعورهم وعلمهم تقصيرهم في النظر بسبب هوى نفوسهم واتباع شياطينهم » وليس ذلك فيهم جبليا . هذا وفي تذكيرهم بأنهم يعلمون في مقام التقريع والزجر › ۹٢ - تربية نفسية بالغة » فإن تذكير الانسان بأسباب الكمال في نفسه حافز له على استخدام هذه الأسباب في تغطية جوانب نقصه 6 وهو مسلك تربوي قراني جاء ممن يعلم خفايا النفوس »٠ ويحيط بأسرار طبائعها . ولا داعي إلى تقدير مفعول ل «تعلمون» لأن المراد به انهم متصفون بالعلم › وليس الراد تذكيرهم بعرفتهم بشيء معين ٠ خلافا لبعض المفسرين الذي قدر بعضهم ؛ وأنتم تعلمون أن أولئك الأنداد ليسوا أهلا لأن يُعبدوا » وقدر اخرون منهم ؛ وأنتم تعلمون أن الله وحده هو الخالق ٠ واخرون ؛ وأنتم تعلمون أن الله لا ند له في التوراة . وهذا مبنى على أن الخطاب موجه إلى اليهود فحسب ١٠ وقد علمت أن الصحيح غير ذلك . واستدل الفخر الرازي ‏ با جاء في هاتين الآيتين من الأستدلال على وجود الله . وعظمته . وعلو شأنه 9 وانفراده باستحقاق العبادة بأنواع محلوقاته - على صحة المنمج الكلامي وأسلوب علياء الكلام » وأطال في الاستدلال لرأيه هذا › وساق له العديد من الأمثلة في القران » وشنم على الذين ينكرون على علاء الكلام هذا المسلك » وبين شْبَهَهُم التي يتعلقون بها ء وأطال في تفنيدها ودحضها شبهة شبهة » والقول الفصل في هذا أن علم الكلام إن سلك مسلك القران في إثبات المعتقدات الصحيحة بدلائل الفطرة والبيئة . فذلك مسلك سليم وطريقة ناجحة ٠ وإنا عاب على المتكلمين اتباعهم أسلوب فلاسفة اليونان القدامى ٠ وحشر مصطلحاتهم ي البحث والحدل وهي طريقة عقيمة ليست - 6۳۰ من ورائها فائدة إلا كثرة الكلام وما لنا وللجدل الاغريقي وقد أغنانا الله بكتابه الكريم الذي يخاطب الانسان بمنطق الفطرة › ويقيم عليه الحجة مما انطوت عليه نفسه » واشتمل عليه خلقه من ايات الله . ويفتح عينيه ليتأمل الآيات الكبرى في فسيح الكون من حوله » ويبين له بدلائله الصادقة وبراهينه الصادعة أن الله سبحانه ميزه عن سائر المخلوقات بما اختصه به من المواهب ٠ ومخلق الأرض وما فيها له » وتسخير منافم الكون لأجله حتى صار القطب الذي تدور عليه رحى هذا الوجود . ولعمري إن هذه الطريقة هي أنجح طريقة في إيقاظ الفطرة من سباتها » وتنبيهها من غفلتها . وكانت هي الوسيلة لاقناع الناس بهذا الدين » من غير تعمق في ال جدل ولا غلو في البحث ٠ بخلاف اللنطق الإغريقي الذي لا يت بصلة إلى الفطرة الانسانية » ولوقدرنا أنه صالح للإقناع في عصر ما فإنه لا يصلح لأغلب العصور» وما يؤسف له أن ينساق علماء الكلام وراء هذا المنطق ٠ ويحشروا جل مؤلفاتهم أو كلها بجدلياته العقيمة حتى خرجوا بعلم الكلام إلى متاهات شتی ٠ فلم يکن قاصرا على تنزیه الله سبحانه » بل أصبح أشبه بالعلوم الفلسفية منه بالعلوم الشرعية . والذي أراء - واقترحه على المفكرين المسلمين - تجريد مباحث علم التوحيد عن هذه الفلسفات والسير بها في منباج القرآن » ولست , أنحي باللائمة على المتكلمين وحدهم ٠ فالذين يتعامون عن دلائل العقل . ويتصاممون عن حججه ليسوا من هدي القرآن في شيء ٠ - 4۳۱ فالله تعالى يقول : لإوتلك الأمثال نضربما للناس وما يعقلها إلا العالمونڳ(› . ويقول : ان في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أل الله من الساء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين الساء والأرض لأيات لقوم يعقلون»”) ويقول : ان في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب چ ٠ ويقول : كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون»› . فشحذ الفكرة واستخدام العقل أمران لا بد متا ي فهم مقاصد الوحي . وني هاتين الأيتين تنبيه لأولي الألباب على الوحدة الكونية القاضية بوحدة المكون الذي لا إله إلا هو وإليه المصير . ١ - سورة العنكبوت : الآية ٤٤» ٢ سورة البقرة : الأيهً ١١١٦١٠» ۴ - سورة ال عمران : الآية ١١۱۹» ٤ سورة يونس : الآية ٢٤۲» - 4۳۲ «#وإن كنتم ئي ريب ما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله وادعو شهداءکم من دون الله إن کنتم صادقين”") فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الى وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين »9"› . هذا انتقال من إثبات وحدانية الله سبحانه إلى تقرير نبوة عبده ورسوله يَيةٍ . ومحيئه بعده لأن الايمان بالألوهية والايمان بالنبوة لا يفترقان إذ لا يتم أحدهما إلا بالآخر » والخطاب موجه إلى الناس المأمورين بالعبادة في تقدم وما كان هناك من اختلاف . هل هم الجاهليون ٠ أو المشركون والنافقون واليهود؟ فهو هنا كذلك ٠ والصحيح ما صححته ثم من ان الخطاب شامل لجميع الناس ٠ ولا إشكال في شموله للمؤمنين وإن م يكونوا على شك في شيء مما على أن مثل هذا الخطاب كان للرسول صلى الله عليه وسلم نفسه ؛ في قوله تعالى : لإفإن كنت في شك ما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك4” . ولم يُعلق هذا الشرط بإذا اللفيدة للجزم بالوقوع » بل علق بإن المميدة للشك ف مشروطها ٠ مع القطع بان اللشركين والمنافقن ١ سورة يونس : الآية ٤ ٩» - 4۳۳ واليهود كانوا في ريب ما نزل على الرسول يَيِةٍ نظرا إلى أن ريبهم کان مستضعفا » ولم ينشاً إلا عن مكابرتهم للحق وتعاميهم عن الحقيقة › وإلا فالقران من وضوح الحجة ونصوع البرهان بمكان لا يرقى إليه شك »٩ ممن استنار فکره واتقد ذهنه وانجلت بصیرته . ودهب بعضهم إلى أن إن هنا بمعنى إذا » وهولا يصح لعدم ثبوته عن أحد مهن يعند به . وقد سبق تفسير الريب والراد به هنا الشك ٠ وبه قال أئمة التفسير من الصحابة فمن بعدهم ٠ والتعبير بالتنزيل دون الأنزال - فيل - لدلالة التفعيل على الكثرة . وقد كان من بواعث شكوك هؤلاء الشكاك في القران أن إنزاله م يكن دفعة . وإنما كان نجوما بحسب الوقائم والأحداث »٠ وهو ل يختلف ‏ حسب) كانوا يرون -عن عادة الناس في كلامهم « فالشاعر لا يلقي بقصائده دفعة واحدة ٩ والخطيب لا يجمع جميع خطبه في مقام واحد » وإنما ینظر کل منہا إلى اللناسبات التي تستوجب الحديث عنما نظا أو نثرا » ومثل ذلك شأن الكتاب والقصاص ۾ وقد رأى أولئك الذين شككوا في صحة نزول القران من عند الله » أنه لو كان حقا منه تعالى لكان له شأن من هذه الناحية مغاير لأحوال الناس ٠ وقد حكى الله عنهم ذلك في قوله : لوقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة»‹› › وقد قيل فم هنا : إن كنتم في شك منه بسبب ما ذکرتموه فَلمانوا نتم بمثل نويه واحدة من نوبه وهي سورة من قصار سوره أفاد ذلك ١ - سورة الفرقان : الآية و۳۲ ٤۳ - الزتخشري ٠ وتعقبه أبو حيان بأن دلالة التفعيل على الكثرة لا حرج بالفعل عن اللزوم إلى التعدي . فالفعل اللازم إذا ضعُف يبقى على لزومه » والمتعدي يبقى كذلك متعديا . وإنا يفهم من الفعلين وقوعه بالكثرة » مثال ذلك جرح وجرح »٠ فإن الفعلين متعديان وإنا يمتاز المضعّف عن المجرد بالدلالة على كثرة الوقوع » وإذا انتقل الفعل بالتضعيف عن اللزوم إلى التعدي نحو بان وبين لم يدل تضعيفه على الكثرة . ومن هذا الباب نزل ونرّل ٠ فإن نزّل- بالتضعيف لا يختلف عن أنزل في شيء » ويؤيد ذلك قوله تعالى : لإوقال الذين كفروا لولا نزل عليه القران حملة واحدة حيث ضَعّف الفعل ولم يُقصد به إلا المرة » وبهذا يتبين ان التعبير بالإنزال تارة وبالتنزيل أخرى ليس لفارق بين » وإنما هو من باب التفنن في الكلام ٠ وكثيرا ما يأي لفظ التنزيل في القران فيا لا يحتمل التكثير إلا بضرب من التأويل البعيد › كقوله تعالى : «لنزلنا عليهم من الساء ملكا رسولا »2 ٠ وفوله : «وفالوا لولا نزل عليه اية من ربه») » هذه خلاصة رد أبي حيان على الز حشري ٠ وهوفي منتھی القوة والوضوح . العبودية له أرقى درجات التكريم : وذكر النبى يَأ بلقب العبودية في مقام الدفاع عنه مؤذن بأن عبودية الانسان لله شرف له إذ هي أرقى الدرجات الروحية الي يصلها العبد بجهاده وبعناية الله 6 وي هذه الأضافة ِل الضمبر ١ سورة الاسراء : الآية «05 4ء ۲ - سورة الأنعام : الآية «۳۷» ٢6)۳ = العائد إليه تعالى تشريف له يَأ . وتنويه بأنه تحت رعاية الله وفي می عنایته . وئي قوله : ل فأتوا بسو ره من مثله چ تحد حم واستمزاز لنخواتهم ٠ واستنفار لعزائمهم ٠ أي إن كنتم صادقين بأن ما أنزل على عبدنا ما يحوم حوله الريب ويرقى إلى عليائه الشك أو أنه تَعَلمَهُ من غیره ؟ أو افتراه بنفسه 5٠ أو أنه أساطير الأولين اكتتىها ٠ ف عليكم إلا أن تصدقوا مقالتكم فتأتوا بجزء قصير من الكلام الذي يشبه ما جاء به أسلوبا › وبلاعة ٩٠ وعزارة معن . والسورة معروفه وهي ايات مستقلة تشتمل على غرض أو أغراض لا فاتحة وخاتمة » ولكل سورة ترجمة في الملصحف الشريف ٠ وتقدم في مقدمة تفسير الفاتحة بیان معن السورة لغة واصطلاحا 6 وذكر الاختلاف في كونها مأخوذة من السور أو من السۇ ر - بالحمز - وهو ضعيف جدا لدلالته على الاحتقار اومن السورة بمعنى المنزلة › وفيا ذكرته هناك غنى عن تكراره » والثل كالشبه لفظا ومعنى . واختلف في الضمير الذي أضيف إليه «مثل» هل هوعائد إلى اللوصول وهو «ما» أو هو عائد إلى عبد ؟ والأول هو الذي عليه الأكثرون ٠ ونسب إلى عمر وابن مسعود وابن عباس من الصحابة رضي الله عنهم ٠ وإلى الحسن البصري ومجاهد وقتادة من التابعين ٠ واختاره ابن جرير والز حشري والرازي وأبو حيان والألوسي والقطب في التيسير » ورجح بكثير من المرجحات منها أن سياق الكلام فيا - ٦۳٤ -۔ نزل عليه صلوات الله وسلامه عليه لا في شخصه ولا في نبوته » ون ارتبطت نبوته مما أنزل عليه ٠ ومنها مراعاة التواؤ م بين صدر الكلام وعجزه » وشرّطه وجزائه » ومنها موافقة ما في بقية السور. نحو قوله تعالى : «أم يقولون تَقوَلهُ بل لا يؤمنون . فليأتوا بحديث مثله إن انوا صادقين»(2 ٠ وقوله : «أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إِن کنتم صادقين») › وقوله : «لأم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون اله إن کنتم صادقین »۲٩ ٤ وقوله : لإقل لئن اجتمعت الانس وال حن على أن يأتوا بمثل هذا القران لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا4) ٠ ومنہا ان عود الضمبر على النزّل لا المنزل عليه أدل على كمال التحدي لا فيه من إرخاء العنان وتوسيع المجال للخصوم ٠ بحيث طلب منهم جميعا على اختلاف طبقاتهم الفكرية وتباين ملكاتهم البيانية أن يأتوا بجزء يسير من مثل ما هم شاكون فيه » بخلاف ما إذا حصرّت الطالبة فيمن كان مثل النبي يي ي الأمية . ويؤيد ذلك قوله : وادعوا شهداءكم من دون الله ٠ وقوله : #وادعوا من استطعتم من دون الله 4 ف ايت يونس وهود . وقوله : ولو کان بعضهم لبعض ظهيراڳ» في آية الاسراء . والمراد بامثلية أن تكون مثل سورة من القرآن في تلام ألفاظها وتواؤم معانيها . وتناسق حروفها 9 وتاخي كلماتها 9 وسلاسة ١ سورة الطور : الآیتان ۳۳ ۵٤ ٢۳ء 1 سورة هود : الأية ١۳٠› ۳ سورة يونس : الآية د۱۳۸ ٤ سورة الاسراء : الآية «8۸› 6۳۷ - أسلوبها » كما سبق بيان ذلك في الإعجاز البياني ؛ وقيل المراد بالمثلية أن تكون كسورة من القران فيا تشتمل عليه من أوامر ونواء » ووعد ووعيد . وقصص وحكم ٠ ومواعظ وأمثال . وقيل : المراد أن تكون منطوية على مثل ما في القران من أخبار الغيوب التي لم تكن العرب تحيط با علما › وقيل : كونها كالقران في عدم فناء عجائبه وانقضاء غرائبه . وأنه لا يمحوه الماء ولا تله الأسماع ٠ ولا يزداد إلا تجددا ما تجبدد الجحديدان . والقول الأول هو الصحيح لأن العرب هروا بأُسلوب القران الراقي . مع غض النظر عن عجائب محتوياته » وهم كانوا يكذبون بوعده ووعيده . وقصصه وأخباره ٥ ومواعظه وأمثاله . وأوامره ونواهيه . وعلى أي حال فالمثلية مفروضة ‏ كا قال الز حشري - وليست واقعة » ولا معنى لا يقوله انبعض من أن لفظة مثل زائدة کزیادتها ئي ليس كمثله شيء4”) › على رأي بعضهم ٠ لأن ذلك يفضي إلى أن المراد فأتوا بسورة منه » مع أن المطلوب منهم أن يعارضوا القران بشيء يشبهه ٠ كما كانوا يدعون بقوغم لو نشاء لقلنا مثل هذا ٠ وإنا قلنا بفرض الثلية دون حصوفا » ليتفق ما هنا مم ما في قوله تعالی من بعد : «ولن تفعلوا» » وقوله : لا يأتون بمثله» ٠ وفرضها مبني على اعتقاد المخاطبين ٠ وما کانوا ينون به أنفسهم في دحض حجة القران » وسوق الكلام مساق التعجيز والتحدي شاهد على عدم وجود المثل ٠ وانتقد أبو حيان الز حشري في جعله المثلية مفروضة › ١ - سورة الشورى : الآية ١١٠» - 6۳۸ مع ان ذلك لا يتأق إن أعيدالضمير في «مثله» على المنزل عليه وهو الرسول يَية . لوجود عدد كبير ي العرب بمن يشبهه في الأمية › وكذلك إن أعيد الضمير عل المنزل ٠ لوجود الكلام البليغ فيا تنطق به العرب ٠ وهو بجعل الممائلة حاصلة له من بعض الوجوه . وليس فيا قاله الز حشري موضع للنقد : إما أولا فقد بنى مذهبه على ما اختاره سابقا من عود الضمير في مثله إلى المنزّل ٠ وهذا الذي اختاره أبو حيان نفسه وعزاه إلى الأكثرين ٠ ومن المعلوم أن وإما ثانيا فلأن البلاغة وحدها لا تكفي لعد سائر الكلام العري البليغ مماثلا للقران . لا علمته من اختصاص القران بروح بيانية غيبية لا توجد في أي كلام اخر » ولولاها م يكن لفرسان البلاغة العربية أن يقفوا مشدوهين أمام معجزته » متحيرين من ترتيب حروفه . ورصف كلماته بطريقة تجعل كل حرف وکل كلمة ینبضان بحياة لا توجد في سائر الكلام . وقد سبق شرح ذلك ي الإأعجاز البياني » وهو يعني أن البلاغة المتيسرة للكلام العري لا تكفي لأن ترفع ذلك الكلام إلى هذا المستوى الرفيع . وبناء على القول بعود الضمير على «عبد» فالمراد بامثلية أن يكون مثله في صفة الأمية التي من شأنها عدم اتساع الأفق العلمي والمعرفة بأحوال الأمم . وأخبار النبيين ٠ والأمور التشريعية › والأوضاع الاجتماعية » إلى غير ذلك مما حواه القران الكريم » وعلى - 4۳۹ هذا مشى الامامان محمد عبده وحمد رشيد في المنار . واستدل له الاستاذ الامام بدخول «من» الدالة على النشوء على لفظة «مثل» ٠ وفرق السيد محمد رشيد بين هذه الآية وسائر آيات التحدي في الاسراء ويونس وهود ؛ بأن التحدي في سورتي يونس وهود خاص ببعض أنواع الأعجاز › وهو ما يتعلق بالأخبار . كقصص الرسل مع أقوا مهم التي لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قومه طون بها علا من قبل ٠ وجوّز أن يكون التحدي بعشر سور مفتريات دون سورة واحدة لإرادة نوع خاص من أنواع الإعجاز › وهو تعديد الأساليب في الاخبار بالشيء الواحد مع عدم تفاوتها في البلاغة » كما يظهر ذلك في بعض القصص التي ترد في القرآن بعبارات محتلفة الأسلوب والنظم من مختصر ومطول ٠ والتحدي بمثله لا يظهر في قصة محترعة مفتراة . بل لا بد من التعدد الذي يظهر فيه التعبير عن المعنى الواحد ٠ والقصة الواحدة . بأساليب مختلفة › وتراكيب متعددة » کا هو واضح في سُوره . ومن هنا أباح لحم ان تكون هذه السورة التي طولبوا بها مفتراة كا وصفوا بذلك القرآن . وأما في سورة يونس فقد اكتفى بالتحدي بسورة واحدة ؛ في مقام الرد على قولحم افتراه لعدم التقييد بكونها مفتراة . لا لأجل التخفيف عنهم بالواحدة بعد عجزهم عن العشر › وعليه فيقتضي ذلك انطواءها على خبر الغيب والتزامها بالصدق ٠ وفي هذه السورة التي أعادت هذا التحدي في مواجهة اليهود بالمدينة المنورة بعدما تكرر بمكة المكرمة . كان التقييد في المطالبة بالإتيان بسورة مشتملة على ٤٤ - ما تشتمل عليه سور القران من مثل الرسول َي ئي أميته لأجل أن اليهود لم يكونوا يعذون التحدث عا جاءت به الرسل من الغيوب › فكأم طولبوا بالإتيان بذلك من رجل أمي كالرسول عليه أفضل الصلاة والسلام . هذه خلاصة تفرقته . ورأي الحجمهور أوضح حجة وأقوی دليلا » لا علمته من ان المقصود بيان عجز الناس - ولو تضافرت جهودهم وتظاهرت قواهم - عن محاكاة القران » وقد سبق لك ان الأاسلوب القراني وحده كان كافيا في تبكيت العرب وإقامة الحجة عليهم بأن البيان الذي تحدوا به لم ينشاً عن ملكة بشرية ٠ وإنما هو نداء غيبي يخرس صوت كل معاند » ويستأصل شبهة کل مشاقق ٥ ويهدي أولي البصائر الى سواء السبيل . وذلك مع غض النظر عن محتواه من الغيوب وغيرها . وأخبار النبوات وان كانت هي من ضروب إعجازه فإنها م تكن هي المبكتة لطواغيت الجاهلية الذين ل يكونوا يؤمنون بالنبوات ٠ ولا يصفون هذه الأخبار إلا بکونها أساطير الأولين › ولو كان التحدي في مكة لمكرمة بضمون القران دون لفظه لكان في ذلك محال للكفار بان موا بعض الأساطير الكاذبة › ويوهموا أتباعهم بأنها نظيرة ما في القران » إذلاحكم يحتكم إليه ئي مثل هذه الأمور عندهم بيخلاف البلاغة فإن الحكم فيها الذوق والوجدان ٠ والكل مشتركون فيه » وعدم التقييد ثي المطالبة بالاتيان بكون الآتي مثل الرسول ية في الأمية أبلغ في التحدي وأوغل في التبكيت لا فيه من إفساح لجال للمعارضة ا٤4 - وإرخاء العناء للمعارضن . ولیست ف (من) دلالة عل ما قاله الأستاذ الامام ‏ لأنها موضوعة لابتداء الغاية غالبا »ء وإذا كانت السورة المطلوبة متهم مؤلفة من كلام مثيل لا في القران م تخرج (من» عن هذا اللعنى الذي وضعت له . والشهداء جمع شهيد › وهو الذي يقتضيه القياس › وحمله حضر ٠ ک)| ف قوله تعالى : ولا يأب الشهداء إذا ما دعواگ(۱) 6 واستعمل بمعنى النصير لأن الشاهد يناصر المشهود له بشهادته › الله » والمراد بدعوتہم استحضارھم لأجل مناصرتہم کہا هو شانهم ي وأفاد الإمام ابن عاشور بأن في الآية إدماجا لأنها جمعت بين تعجيزهم عن المعارضة ٠ وتوبيخهم على الشرك . وهو من أفانين البلاغة » ويحتمل أن يراد بالشهداء نصراؤ هم من أهل البلاغة › أصحاب الملكات البيانية » ويعُضدُه قوله تعالى : ولو كان بعضهم وروي عن ابن عباس والسدي 6 ومقاتل والفراء ۽ أن المراد بهم الذين يشهدون لمم عند الله في زعمهم ٠ وهو كالقول الأول لأن اتحاذهم الآلحة من دون الله إنما هو لأجل تقريبهم إليه كا يقتضيه قوله ١ سورة البقرة : الآيةَ ۲٢۲ » ٢٤£ - تعا لى حاكيا عنهم : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ”0 ٠ وروي عن ابن عباس ومجاهد أن الراد بهم الذين يشهدون لم ماثلة ما جاءوا به للقران » فإنهم لو احتكموا إلى أرباب الصناعة البيانية ممن هم على مثل اعتقادهم ٠ وجاءوا با يزعمون أنه مثل القران ما كانوا ليشهدوا لحم ٠ فإن من شان البارعين في الصناعة الأنفة من ان يسجل عليهم تصحيح فاسدها أو تزييف صحيحها › وقد جرت العادة عند العرب إذا ما تنافرت أن تحتكم إلى عقلائها › وكان المحتكم إليهم يحرصون على تنزيه ساحتهم من نسبة الور أو الغلط إليهم فيا يحكمون ٠ ولذلك قال السمَوأل : إنا إِذا مالت دواعي الحوى وأنصت السامع للقائل لانجعل الباطل حقا ولا نلظ دون الحق بالباطل تخاف أن تفه أحلامنا فتخمل الدهر مع الخامل و «من دون الله» متعلق ب «ادعوا» أي استنصروا بشهدائکم ولا تستنصروا بالقه » فإنه لن ينصركم » وهو مبني على أن المراد بالشهداء المناصرون › أما إن قيل إن المراد بهم الذين يشهدون لحم بضارعة ما جاءوا به للقران ›. فيكون المعنى ادعوا الذين يشهدون لكم بذلك ولا تدعوا الله إن كنتم تتصورون أن من أعوانکم ونصرائكم من تطاوعه لسانه فينطق بالتسوية بين القران وما جئتم به » وهذا يعنى أن يجعلوا جانب الله تعا ى كالمشهود عليه ٠ وهو أيضا من باب توسعة میدان اللعارضة لحم بحيث سمح لحم أن يأتوا بن ۱ - سورة الزمر : الأية «۳» - 64۳ شاءوا من دون الله » ممن يطمعون أن ممیلوا إلى جانبهم فیرفعوا ما يلفقونه من القول إلى مقام القران . ويصح أن يكون متعلقا بشهداء › وعليه فالمراد استحضروا الذين اتغذتموهم الحة من دون الله زاعمين أنهم يشهدون لكم يوم القيامة . و«دون» على هذا القول مستعملة في التجاوز › وجؤز بعضهم أن تكون بمعنى أمام أخذا من قول الشاعر : تريك القذی من دونها وهي دونه ومعنى ذلك ادعوا الذين يزعمون أنهم يشهدون لكم بين يدي الله » أما إن قيل إن الشهداء الذين يشهدون لم بأن ما يأتون به كالقران ف «دون» دالة على التجاوز لا غير » وجوز بعضهم تقدير مضاف › أي من دون حزب الله ويراد بهم المؤمنون توسعة لمم أن يتوا بهن شاءوا من الحكام الذين هم على ملتهم کا تقدم . وقوله : «إن كنتم صادقين» تذیيل لا تقدم با يثیر حماسهم من تكرار التحدي وتأکیده » والمراد به إن کنتم صادقین أنه کلام بشر » أو أنه مظنة للريب ٠ أو أن الاتيان بمثله أمر مقدور عليه » وجىء ب «إن» دون إذا لأن صدفهم لا مكان له هنا » وقد تقدم الكلام على الصدق ي معرض الحديث عن نقيضه وهو الكذب فلا داعي لتكراره . وإيثار «إن» على إذا في قوله : «إفإن ل تفعلوا» مع القطع ٤٤٤ - بأخڄم لا يفعلون ‏ لأجل ملاينتهم وإطماعهم في القدرة على الإتيان بالملطلوب ٠ بعد إثارة نعراتهم با تقدم من التعريض بهم أنهم كاذبون » وهم أحرص ما يكونون على إلقاء هذه الوصمة الشائنة › ودرء هذا العار البغيض عن أنفسهم »٠ وقد كانوا أصحاب الحمية المتوقدة . والعصبية الثائرة . فلا يمكن مع ماسبق من تكرار التحدي وتتابع التقريع إلا أن يفکروا في استعراض ملکاتهم ٤ والمقارنة بين ما تحدوا به من القول وما هو من مقدور ألسنتهم ٠ فكأنه قيل لحم قدروا أنكم عاجزون عن فعل ما طولبتم به » ثم أتبعت هذه الملاينة الملطمعة بالشدة المؤيسة في قوله : «إولن تفعلوا» لثلا يبقى لحم عذر أو دعوى يتشبثون بها في تركهم المعارضة ٠ فقد آغروا بہا بأنواع القول . وفي قوله : لإفإن لم تفعلوا اختصار » لأنه بمعنى فإن لم تأتوا بسورة من مثله » وكذا في قوله : إولن تفعلواڳ لأن مؤ داه ولن تأتوا بسورة من مثله » و «لن» لا تأي إلا مم قصد تأكيد النفي أو تأبيده أو لأجلي| معا . وهى هنا مفيدة للتأكيد والتأبيد كا في قوله تعالى : «لن يخلقوا ذبابا«) لتعذر أن يأتي أحد بمثل القرآن أوبمثل سورة منه في أي عصر کان . وجملة «ولن تفعلوا» معترضة بين الشرط وجوابه » وهي تميد خبرا غيبيا صدقه الواقم » فقد تعاقبت عند العرب منذ نزول هذه الآية مدارس بيانية متنوعة » وكان من بين تلامذتها كثير ممن أوغل ئي ١ سورة الج : الآية ۷۳« ٥٤ - الا لحاد › وبالغ في محاربة القران » غير أنهم لم تحدثهم أنفسهم أن يخوضوا تجربة فيحاولوا إنشاء سورة واحدة من مثل قصار سوره لتثبيت عقيدتهم وتأييد نزعتهم ٠ بل قصرت عزائمهم جيعا عن الطموح إلى ذلك ٠ على أن الوقت الذي نزل فيه القران كان زاخرا بأرباب ملكات البيان » فقد بلغت فيه اللغة العربية أوج ارتفاعها › وانتهى طوفان الكلام عند العرب إلى أقصى حده . وكانت عداوة الحق وكره الرسالة الجحديدة . والتكذيب با قد جمعت بين فئاتهم ٠ والتقى عليها كتابيهم ووئنيهم ٠ وقد تعاقدوا بال خناصر . وتشادوا بالعهود على محاربة الله ورسوله . إلا من رحم ربك ممن شرح الله صدره للاسلام » وقليل ما هم في بداية الأمر وكانت ايات التحدي تقرع مسامعهم جميعا » ومع ذلك رضوا لأنفُسهم الذلة واخنوع من اثار هزيمتهم في هذا المجال ٠ لأنهم شعروا من أعماق نفوسهم أنهم لو نزلوا حلبة المعارضة لا جاءوا بشيء ما عدا السخافات التي يربأون بأنفسهم عنہا › وسجل التاريخ عليهم هزية نكراء لا يعرفون شا نظيرا » ويتضح بهذا أن هذه الحملة الإعتراضية - بجانب إعجاز بيانها- تحتوي على إعجاز خبري أقره التأريخ . وسلم له الحميم والعدو . وجملة : «فإن لم تفعلوا .. إلى اخره» ؛ مفرعة على الشرط وجوابه عل الصحيح 6 ولیست فذلكة ل تدم کا قال الألوسي 6 فإن المراد فإن عجزتم عن الاتيان بسورة مماثلة لا فيه القران ٠ أو حاولتم المعارضة ٠ ولم يكن لشهدائكم أن يسجلوا لكم بأنكم بلغتم ٦ - با أتيتم به شأو القران › فأيقنوا أن ما جاءكم حق نازل من عند الله 6 وأنكم اجترأتم عله بتکذیب رسوله الملؤيد مېذه المعجزة الخالدة , فاتقوا عقابه المعد لأمثالكم من الكفار المكذبين . وعزا القرطبي إلى جماعة من المفسرين أن في الآية تقديما وتأخيرا . وأن الأصل وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين ٠ ولن تفعلوا فإن لم تفعلوا فاتقوا النار ‏ وفرع عليه عدم تمام الوقف على صادقين › وهو قول مرفوض » لا علمته من أن جملة «ولن تفعلوا» جاءت معترضة ئي موضع حسن فيه مثل هذا الاعتراض ٠ والتجرؤ على القول بأن في القران تقديم ما حقه التأخير أو العكس اجتراء عظيم على من أنزله بحسب هذا الترتيب › لأن تقديم ما حقه التأخير لا يصدر إلا ممن يعييه ترتيب الكلمات أو الحمل بحسب ما تقتضيه معانيها . وهو عجز لا تصح نسبته إلى الله . ومن نسبه إليه فقد كفر والعياذ بالله ٠ وما أشبه هذا الذي عزاه القرطبي إلى جماعة من المفسرين - في الغرابة والبعد ‏ بما ذكره ابن عطية والقرطبي أيضا أن بعضهم ذهب إلى أن الضمير في قوله «من مثله» عائد إلى ما نزل من قبل من كتب الله » وفساد هذا الرأي ظاهر بداهة لمخالفته ما يتبادر من معنى الآية ومعاني نظائرها . ولأن التحدي إِنما هو بالقران وليس با تقدمه من الكتب . والمراد باتقائهم النار اتقاؤ هم الأسباب الموصلة إليها . وأهمها ركوب متن العناد ٩ والأخلاد إل الكفر والشقاف کرها للحق وتعاميا - £ عن الحقيقة مع ضطوع حجتهما وإشراق براهينا » وهو من التعبير باللسبب عن السبب . وهو بفتح الواو في قراءة العشرة وقراً الحسن بن أبي الحسن ٠ ومحاهد ٠ وطلحة بن مصرف ١٩ وآبو حیوهة ». وعیسی بن عمر الحمداني بضم الواو » وهي محمولة على أنه مصدر للمبالغة كا قال الشاعر : فما هي إقبال وإدبار وذلك بأن يجعل ذلك عين اتقادها » ولا معنى لتقدير بعضهم مضافا - وهو ذوو - قبل وقود لأنه ما ينفر عنه الطبع السليم ويأباه الذوق المستقيم » فضلا عن كون هذا المحذوف ليس إليه من داع فالعنى واضح حسب التأويل الذي سبق 5 على أن المضموم من هذه اللفظة يأتي بمعنى المفتوح ٠ والعكس كما ذكره بعض من يعوّل عليهم من أئمة العربية . والمراد بالناس الكفار المكذبون بالرسول يي وما نزل عليه › وهو مبني على أنها نار تخصوصة بالکفار » وثم نيران أخری لغیرهم من أصحاب الكبائر › ويدل عليه تذييل الآية بقوله : «أعدت للكافرين» » وذهب جاعة إلى أن إعدادها للكفار لا يناي اشتراك سائر آهل الکبائر معهم في دخوفا . - 44۸ والمراد بالحجارة التمائيل المنحوتة التي عبدوها من دون الله وعلقوا على عبادتها أمل نجاتهم ٠ فإنهم يعذبون بها يوم القيامة لمضاعفة حسرتهم على تأليهها › وبيان حقارتها عند الله عندما تنقلب أُداة ضر بعدما عدوها وسيلة نفع » وسببا للسحق بعدما كانوا يطمعون أن تكون لحم سبيلا إلى الزلفى ٠ وهناك يكتشفون ضلال عقولحم وخيبة سعيهم إذ عدلوا عن عبادة الله خالق السماوات والأرض ومن فيهن إلى عبادة أحجار نحتوها بأيديهم › وصوروها بحسب رغبتهم ٠ لا تسمع »٠ ولا تبصر » ولا نحسب » ولا تفكر » ولا تأ بخير » ولا تدفع ضيرا › ويشهد ذا التفسير قوله تعال ى : إنكم وماتعبدون من دون الله حصب جهنم انتم ل ما واردون4) ٠ وقيل هى حجارة الكبريت لتميزها بين الأحجار بسرعة الاشتعال 9 وشدة الحرارة » وكثرة الدخان ٠ ونتن الرائحة والالتصاق بالأبدان » وهو قول ابن عباس رضي الله عنما » أخرجه ابن جریر » واخرج هو وعبدالرزاق وسعید بن منصور وعبد بن حمید وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير » والجاكم وصححه مثله عن ابن مسعود رضى الله تعا ى عنه » وعول عليه جماعة من اهل التفسير بناء على ما تقدم من أن بعضهم يرى أن قول الصحابي ئي التفسير له حكم الرفع . وهذان الصحابيان الجليلان معدودان في مقدمة الصحابة في فن التفسير › رواية ودراية » وقد سبق أن کثیرا من العلماء يرون مثل هذا القول لا يعدو أن يكون موقوفا على الصحابي المنسوب إليه » ومن ثم عول أصحاب الرأي الأول على 1 سوره الأنبياء : الأية ۹۸ - 64۹ ما دلت عليه اية الأنبياء من معنى ٠ وتعضده النتصوص الدالة على أن اللجرم يعذب يوم القيامة بالة إجرامه . كقوله تعالى : «إوالذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها ي سبيل الله فبشرهم بعذاب لیم یوم یحمی علیھا في نار جھنم فتکوی بہا جباھھم وجنوہم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون »۶ ٠ وقوله صل الله عليه وسلم : «من قتل نفسه بحديدة فحدیدته في يده یتوجاً بها في بطنه ي نار جهنم خالدا فيها آبدا » ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه ي نار جهنم خالدا فيها أبدا . .» » وکن الجمع بين الرأيين بان تلك الحجارة نفسها تتحول إلى حجارة ذات طبع كبريتي »٠ وذكر الناس وال حجارة لا يناي أن يكون ذه النار وقود غير هما » فالشياطین ومردة الجن تشتعل بہم کا تشتعل بكفار البشر والعياذ بالله . وهذه النار إن كانت خاصة بالكفار المشركين فلسائر أهل الكبائر نيران أخرى يعذبون با ء وإن كانت عامة لحم ولغيرهم فقوله : «اعدت للكافرين» ما هو إلا لمزيد التنفر من الكفر والتحذير من الدنومنه » وأي كفر أعظم من كفر الذي يتعامى عن ايات الله ٠ ويتصامم عن دعوته مع ظهور حجتها وإشراق نورها » وإن أعظم حجة على صدق هذا القران المنزل من عند الله هذا العجز البشري طوال القرون الخالية عن الإتيان بشيء من مثله . لا سيا في ذلك العصر عندما كان المسلمون قلة مضطهدين ٠ ولم تكن لدى الكفار ۱ - سوره التوبة : الآيتان ‎o۳‏ ۳0« E T- حيلة لاسکات هذا الصوت إلا اللجوء إلى العنف والارهاب دون ولرب قائل يقول : لا يبعد أن يكونوا قاموا بالمعارضة وأتوا مثل القران في روعة بيانه وجمال أسلوبه . وإنما نفوذ المسلمين في العرب هو الذي قضى على ما جاءوا به » وقد سجل التأريخ محاولة مسيلمة وغيره للقيام بهذه المعارضة ؛ والحواب عن ذلك أن هذا التحدي ل يكن بعدما كانت أزمة الأمور في جزيرة العرب بأيدي اللسلمين ٠ وإنما بدا بمكة المكرمة وال جحاهلية في أوج قوتہا وعنفوان جبروتها » وكان العرب على اتصال ببعض مالك الفرس والروم › فلو أنهم جاءوا بشيء مما طولبوا به لطاروا بذلك فرحا ونشروا خبره ي الآفاق وسجله التاريخ ٠ وبقي محفوظا لدى الأمم الى كانت تكيد للاسلام وتناوىء القران » ولكن شيئا من ذلك لم يکن ٠ أما ما جاء به مسيلمة ونظراؤه فقد كان من السخف بحيث يرباً اللبيب بنفسه عن نسبته إليه » وإذا كانت المعارضة قد تعذرت على فريش وهي ذؤابة العرب ٠ ومنبم البيان » وأساتذة البلاغة » فأحرى بغيرهم أن تتعذر عليه . وإعداد الشىء تهيئته » والنار مهيأة للكفار ما أعد فيها من صنوف العذاب ٠ وبنفس الاضرام الذي هو أكبر سبب لتعذيبهم › واستدل بالآية على أن النار قد خلقت ومُيئت لاستقبال أهلها وكذا الجحنة وهو قول جمهور الأمة . وذهب أكثر المعتزلة وبعض أصحابنا - 0 كابي المؤثر وأبي سهل الفارسي وابن أب نبهان إلى انما لم تخلقا إل الآن وإنما تخلقان يوم القيامة . وعزا ابن عطية هذا القول إلى المنذر بن سعيد البلوطى الأندلسى ٠ وعَدّه سقوطا منه › والمسألة ليست من مسائل الدين القطعية لاحتمال أن يكون قوله : عدت للكافرين» ٠ ومثله في الحنة لإ أعدت للمتقين » محمولا على الاخبار عن المستقبل بصيغة الماضي لتحقيق وقوعه . نحو قوله تعالى : «ونفخ في الصور”› وآيات أخرى . وإنما يترجح القول بأن الجنة والنار قد خلقتا بالأحاديث الصحيحة الناصة على ذلك ٠ وإنما جعلتها مرجحة ولم أجعلها قاطعة لأنها لم تبلغ مبلغ التواتر اليقيني الذي يفيد العلم القطعي لأن قصة ادم عليه السلام وإسكانه الحنة تم إخراجه عنما ؛ لا تفيد إلا الترجيح فقط للخلاف الموجود بين علاء الأمة ». هل تلك الحنة هي جنة الخلد أو غيرها ؟ وجلة أعدت للكافرين مستأنفة لبيان شأن هذه النار . ۱ - سورة يس : الآية و« ۲٥٤ ۔ وبشىر الذين امنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجبري من تحتها الأنبار كلم رُْقوا متها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رُزقنا من قبل وأتوا به متشابها وم فيها أزواج مطهرَّة وهم فيها خالدون ې۲ . مضت سنة الله في خطابه لعباده أن يشفع الترهيب بالترغيب »٠ ويجمع بين الوعد والوعيد لتربية النفس الأنسانية وإيقاظ أحاسيسها بالتشويق تارة . وبالتخويف تارة أخرى . لأن كلا الأمرين حافز إلى فعل الخبرء وواق من ارتكاب ضدٌّه » والناس متباینون في طبائعهم ٠ فمنہم من هو أسرع تأثرا بالتشویق ٠ ومنہم من يتأثر بالتخويف » ومنهم من يدفعه التشويق إلى المسارعة إلى الخيرات » ويمنعه التخويف من ارتكاب الموبقات ٠ وإصلاح النفس الإنسانية هو المقصد الأساسي للقران . فلذلك جاء خطابه بما يتسع لأحوال الناس جميعا . هذا وذكر إمام المعاني جار الله الزغغشري أن هذا العطف هو عطف جملة ثواب الو منين على حملة عقاب الكافرين » والتبس كلامه على أبي حيان الأندلسي فحمله في تفسيره «البحر المحيط» على أن مراده به عطف الجملة علي الجملة . وهذا الذي دعا أبا حيان إلى تبرير التعاطف بين الحملتين مع كون المعطوفة إنشائية » والمعطوف - £0۳ عليها خبرية » وبناه على رأي من لا يشترط اتحاد الجحملتين في اللانشاء أو الخبر لجحواز عطف إحداهما على الأخرى ٠ وأورد شواهده القاضية بصحته » والز شري لم يقصد ما فهمه أبو حيان ٠ ولم يرد بالجحملة الحملة الاصطلاحية عند علاء العربية » وإنما أراد بها يجموعة من الكلام مشتملة على حمل ٠ وقصده واضح ٤ وقد فصل کلامه تفصيلا السيد الجحرجاني بحيث ل يترك أي لبس حوله › فاللعطوف هنا جملة الكلام الخاصة بثواب المؤمنين › والمعطوف عليه جملة الكلام الخاصة بعقاب الكافرين مع غض النظر عم اشتمل عليه كل من المعطوف والمعطوف عليه مما يسمى حملة في الاصطلاح ٠ والتناسب بين المتعاطفين ما بينا من التقابل ٠ وسمى السيد هذا العطلف عطف قصة على قصة ٠ وسبق الحديث عنه في قوله عز وجل : ومن الناس من يقول امنا يالله . . $ «الاية» . واختلف من أين تبدا القصة المعطوف عليها » فذهب السيد الجرجاني إلى أن بدايتها قوله : «وإن كنتم . .» وذكر الألوسي عن بعضهم أنه أقضى لحق البلاغة ٠ وأدعى لتلاؤم النظم لأن بداية الكلام وهي : «يا أيها الناس اعبدوا» شاملة لفريقي اللؤمنين وغيرهم » ثم خوطب غير المؤمنين بقوله «وإن كنتم» وهو خطاب يتضمن الانذار وغطف عليه خطاب اللؤمنين بقول : «وبشر . .» ومعناه البشارة المقابلة لما في خطاب الطائفة الأولى من الانذار ء ومعنى ذلك أن الله سبحانه أوحى إلى رسول الله يٍَ أن يدعو الناس جيعا إلى عبادة الله 9 ثم أمره أن ينذر المعاندين ويبشر المؤمنين › 0٥6 - وذهب السعد التفتازاني إلى أن بدايتها من قوله : «إفإن ل تفعلوا» لأن السياق لوصف حال الكفار وبيان منقلبهم ٠ وهذا هو الذي يتلاءم مع ما اخترته من قبل وهو أن الخطاب في قوله : «وإن کنتم که يتوجه إلى جميع الفئات المخاطبة بقوله : تيا أيها الئاس . وجوز الز حشري أن يكون العطف على : «اتقوا» واعترض من وجهين : أولا : أن العطف يقتضي جواز حلول كل من المعطوف والمعطوف عليه محل الآخر » ولا يجوز حلول بَشْر مكان اتقوا . ثانيه| : أن الأمر لا يعطف على أمر اخر مع عدم اتحاد المأمور إلا مصحوبيا بالنداء كا نص عليه النحويون . ويدفع الأول أن المتعاطفين لا يشترط جواز تعاقبه| بحيث يحل المعطوف مكان المعطوف عليه » والدليل عليه قوله تعالى : الذي خلقكم والذين من قبلكم 4 حيث عطف الاسم البارز - وهو الموصول - على الضمير امتصل ٠ ولا يصح تقديم الموصول وعطف الضمير عليه بالاجماع › وقد ورد نحوه كثيرا ي القران ٠ وكذا في الكلام العربي الفصيح منثوره ومنظومه ٠ كا يدل عليه فوم : «رب رجل وأخيه لقيتها» مع عدم جواز تقديم أخيه على رجل بالا جماع في هذا الثال » لما يترتب عليه من عدم وجود معاد للضمير › ودخول رب على المعرفة وهي لا تدخل إلا على النكرات ٠ وهذا الذي ذكرته يغني عا جاب به بعضهم من أن کلا من «اتقوا» و«بشر» مترتبان على أمر واحد وهو ظهور معجزة القران » وتكذيب - £00 الوعيد . ك| أن التصديق هو الذي ترتب عليه الوعد . وأجيب عن الثاني بأن جواز عطف أمر على أمر مم اختلاف المأمورين حال النداء ؛ لظهور المراد بكلا الأمرين بقرينة النداء › دليل على جواز ذلك عند وضوح المراد بأية قرينة آخری » ويدل عليه قوله تعالى : لإيوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك چ0 › فإن القرينة هنا ما دخل على الأمر الثاني من علامة التأنيث ٠ ومثله التنفاوت بين الأمرين هنا فأولم| جاء بصيغة الجمع ٠ وثانيها بصيغة الافراد . وذلك كاف في الدلالة على ما يراد بكل مہا . ومن التكلف الظاهر تجويز السكاكي في المفتاح كون «بشر» معطوفا على قل مقدر قبل «يا أيها الناس اعبدوا» . ومثله قول القزويني في الإيضاح أنه معطوف على أنذر مقدر بعد «أعدت للكافرين» أي فأنذر الذين كفروا 9 وبشر الذين امنوا » ولست أدري ما الداعي إلى حمل القران على هذه اللسالك الملتوية مع وضوح الوجه الأول الذي قاله الزغغشري ٠ وعدم تعذر الوجه الثاني وإن ذهب السيد الجحرجاني إلى أن مذهب القزويني أصح المذاهب بعد الوجه الأول مما في الكشاف . والتبشير الاخبار عن المحبوب ٠ فهو مضاد للانذار › واشترط بعضهم عدم علم للبشر بالنبا السار الذي يبشر به » وهو الذي اعتمده الزتخشري ٠ وعليه فمن حدث أحدا حديثا يره ۱ سورة يوسف : الآية ر۳۹( ٦٥ ۔ والمحدث عارف به فهو إخبار وليس بتبشير » والصحيح أنه تہشير على كلا الحالين ٠ لأن الله سبحانه أمر نبيه يي هنا أن يشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالحنات ونعيمها 9 مع أنه تقدم في القران لمكي تبشيرهم بذلك ٠ فهم ليسوا على جهل با به يہشرون »٠ وإنا يزدادون بتجديد التبشير نشاطا ئي السعي إلى الخيرء وتوقيا من الوقوع في المهلكات . وقد سبق الكلام في الإيمان وبيان أن ماهيته الشرعية تشمل الأعمال الصاحة الى يقتضيها توحيد الله تعالى . وهو الذي حكى العلامة ابن تيمية - كغيره ‏ إجماع السلف عليه › وروی أبو القاسم اللالكائي عن البخاري أنه اجتمع بنحو ألف من أئمة السلف فلم يكونوا يختلفون في ذلك ٠ ومع هذا فإن جل المفسرين استدلوا بعطف العمل الصالح على الإمان على تغايرهما › لعدم جواز عطف الشىء على نفسه . وأرى أن الأقرب إلى ما تقتضيه الأدلة القرانية وال حديشية ما أفاده الامام ابن تيمية » وهو ان الايمان إذا أطلق فمدلوله العقيدة والعمل معا وإذا غطف عليه العمل كا في هذه الآية فيحتمل أن يكون من باب عطف الخاص على العام . وأن يكون المراد به العقيدة وحدها . ك أن المسكين والفقير إذا أفرد أحدهما كانا صنفا واحدا 3 وإذا غطف أحدهما على الآخر كانا صنفين ٠ ومثله يقال في الألفاظ الي تتحد مدلولاتها كالبر والتقوى والمعروف . وكالائم والعدوان والمنكر » وهذا لا يناي أن يكون مقر الايمان القلب لأن صلاح الحسد متوقف على صلاح القلب ٠ كما في - 0۷ حديث النعمان بن بشير الذي أخرجه البخاري : «ألا وإن في الحسد مضغة إذا صلحت صلح الحسد كله › وإذا فسدت فسد الحسد کله» . والأمر بتبشير المؤمنين يجوز أن يكون للنبي يي . وأن يكون لكل من يصلح للتبشير . وهذا إذا م يقصد با خطاب معين » نحو قوله عليه أفضل الصلاة والسلام : «بشر المشائين ي الظلم الى الملساجد بالنور التام يوم القيامة» . والوجهان جائزان في كل ما کان مثله في القران . كقوله تعالى : #إنبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم ”2 وقوله : #واضرب شم مثلا رجلينګ وقوله : واضرب فم مثل الحياة الدنياه وقوله : لإواضرب فم مثلا أصحاب القريةە . والأعمال جمع عمل وهو ما يزاوله العامل . واختلف ئي شموله للترك » وبناء على الشمول يكون اجتناب المعاصى داخلا في الأعمال الصالحة » وعلى عدمه فاجتنابما يفهم قصده بذکر الأعمال الصالحة بحسب ما تقتضيه رائن ٠ والصحيح عدم الشمول ٠ لأن تفسير العمل بالمزاولة يناني أن يراد به الترك . هذا من حيث مدلول لفظ العمل اللغوي ٠ وأما من الناحية الشرعية فالقرائن هي الي تدل عند إطلاق العمل الصالح على قصد فعل الحسنات واجتناب السيئات معا لأن تقبل الأعمال موقوف شرعا على اجتناب محبطاتها من الكبائر» بدليل قوله تعالى : لإإنما يتقبل الله من ١ سورة الحجر : الآية ٩4٤» - 40۸ اللتقين»2 ٠ وقوله : ميا أيها الذين امنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم ) » وقوله : يا أيها الذين امنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالن والأذى ”٩ . شمولية الصالحات لعمل الخير : والصالحات جمم صالحة . والأصل أنها صفة لموصوف ؛ ولكن أجريت محرى الأساء ٠ فلذلك أطلقت من غبر تقدير محذوف قبلها . ولعل التاء فيها لنقلها من الوصفية إلى الأسمية . ومثلها الحسنة والسيئة . فإن كلا من| تطلق على ذات العمل من غير تقدير موصوف وقد ورد ف الكلام العربي إطلاف الصالحة عل حقفه العمل » ومنه قول الحْطعة : كيف الحجاء وما تنفك صالحة من آل لام بظهر الغيب تأتيني وتصدق الصالحات على كل ما يطلب فعله سواء کان طلبه جازما - وهو الواجب - أو غير جازم - وهو المندوب ‏ وكذلك اجتناب المنهيات - إذا عد من عمل الصالحات - يدخل فيه ما كان النهي عنه جازما - وهو ال محرّم _ أو غير جازم - وهو المكروه - ودخول المندوبات والملكروهات في ذلك بطريق التبعية . والتعريف في الصالحات للجنس لعدم قصد صالحات معينة ١ سورة المائدة : الآية ٢۲» ٢ - سورة الحجرات : الأية [٢» ۳ - سورة البقرة : الآيةٌ 9٢٦۲» ~ £04 اللهم إلا أن يراد بها ما سبق التنويه به من صفات المؤمنين فيا أنزل قبل من السور» كقوله تعالى في سورة المؤمنون : قد أفلح الؤمتون ..» إلى «.. أولئك هم الوارثون ٠ وقوله في سورة اللعارج إلا المصلين . . 4 إلى ل . . أولئك في جنات مكرمون؟ ٠ وقوله في سورة الفرقان للإوعباد الرحمن . . 4 إلى ل.. أولئك يجزون الغرفة» ٠ وبناء على أنه للجنس فالمراد بها ماهية الأعمال الصالحة ٠ وتصدق على الواحد فصاعدا إن كان اللفظ الدال عليها مفردا . وعلى الثلاثة فأكثر إن كان جمعا ك في هذه الآية ٠ وليس من المعقول أن يستوعب الإنسان الواحد صالحات الأعمال على اختلافها ؛ لعجز الطاقة البشرية عن استيعابها » كما أنه ليس من العقول أن يكتفي متها بثلائة أعمال فحسب ٠ وإنما تختلف الواجبات باختلاف أحوال المكلفين › فمن البدهى أن تراعى الفوارق بين حالات الغنى والفقر» والسعة والضيق ٠ والسفر والحضر ك| تراعى فوارق الذكورة والأنوثة . فالتكاليف تختلف باختلاف هذه الأحوال جيعها . فالغني ينوء با لا ينوء به الفقير منهاء وكل من الرجل والمرأة محخصوص بتكاليف معينة بحسب نوعهما » فوق التكاليف العامة التي يشتركان فيها › وهكذا يقال ئي الحاضر والمسافر » وهلم جرا . وإنما مصدر بيان هذا كله الشريعة الغراء التي نزل بها الكتاب العزيز» ووردت با السَّة المطهرة © ولا يحكم على العمل بالصلاح أو غيره إلا بمقاييسها › وهي بحمد الله جامعة لحكم كل شيء إما تفصيلا وإما إجمالا › والحزئيات غير E النصوص عليها تستفاد أحكامها بالرجوع إلى القواعد العامة › ولا دخل للعقول والعادات والأعراف في شيء من ذلك . الشريعة ميزان الأعمال : ولاريب أن الفطرة السليمة تهدي إلى الخير وتدعو إلى الصالحات غير أنها لا تكفي لأن تكون مصدر الأحكام ٠ وموئل الاحتكام ‏ لأنها كثيرا ما تتأثر بالمؤثرات المختلفة . ومن هنا كان اتصال الانسان بخالقه تعالى لا يكون إلا بطريق ما شرعه من الأحكام بوحيه المنزل » ولذا لم يوكل الناس إلى عقولحم في تمييز الخير من الشرء والنفع من الضرء فقد يستحسن عقل ما يستهجنه اخر وتستسيغ فطرة ما تأباه فطرة أخرى ٠ وهذا لتأثبر العوامل التربوية والاجتماعية والشخصية على نفوس الناس ٠ وكثيرا ما تكون البيئة عاملا مها من هذه العوامل ٠ ومن ثم تختلف أحوال: مجتمعات الناس في استحسان الأمور واستقباحها › ولأجل ذلك كان ميزان الأعمال الذي يفرز الصالح من غيره هو كتاب الله وسنة رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام . ورُويّت عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ٠ ومن بعدهم من مفسري التابعين أقوال في المراد بالصالحات › متهم من قال إنها الاخلاص 4 ومنېم من ذھب إلى انها الجمع بين العلم والنية › والصبر والاخلاص ٠ وذهب بعضهم إلى أنها الصلوات الخمس › وقال أخرون هي الأمانة . وذهبت طائفة إلى أنها التوبة » ولا تعد ٦£ - هذه آراء مختلفة ٠ وإنما ذلك كله من أمثلة الأعمال الصالحة ٠ وقد تكرر في هذا التفسير عدم اعتبار مثل هذا خلافا » وإنما كانت تختلف إجابات الصحابة وغيرهم باختلاف أحوال السائلين أو السامعين › فتارة يكون اللائق بالمقام الحض على الصلوات الخمس لتهاون السائل أو اللستمع ها وتارة يكون الأجدر الحث على الأمانة. للتقصير فيها . وتارة تدعو الحال إلى التذكير بالاخلاص أو بالتوبة › وتفسيرنا للصالحات بأنها ما وافق الكتاب والسنّة يجمع جيع ما قالوه . وهذا التبشير إنما هو للمؤمنين حقا الذين انعكس إيمانهم على أعمالحم ٠ فلا يأتون شيئا ولا يذرونه إلا بحسب تعاليم الحق التي نزل بها الكتاب البين ٠ وفصلها الرسول الأمين صلوات الله وسلامه عليه » وبيان استحقاقهم هذا الثواب لم يكن إلا من طريق الوحي ٠ إذ لا دخل للعقول ني مثل ذلك خلافا للمعتزلة القائلين بان الوحي لا يكون إلا مؤكدا لما يدل عليه العقل ٠ وأن مثوبة الله لعباده واجبة عليه لحم إن قاموا با فرضه عليهم من الأعمال › والحق أن المثوبة ليست إلا محض فضل من الله . وأن طاعة العبد لربه واجبة على أي حال » ولو لم تكن تترتب عليها مثوبة » وليست موجبة على الله تعا ی شيئا » فالله يحكم ما يشاء ويفعل ما یرید » وبحسب الانسان هذه الألاء التي يسبح في خضمها منذ بداية نشأته وإلى انتقاله إلى الدار الأخرة » داعيا ملحا إلى استنفاد ال جهد واستفراغ الطاقة في طاعته تعالى » ولو أن نعمة من أبسط هذه النعم قوبلت بأعمال الناسك ٦٦ - الأواب الذي وقف حياته كلها على عبادة ربه ٠ ولم يترك شيئا ما في وسعه من الطاعات إلا فعله ٠ ولا شيئا من المنهيات إلا جانبَهُ لذهبت تلك النعمة بهذه الأعمال كلها . فا بالك بهذا البحر الواسع من النعم ٠ مع أن التوفيق لصالحات الأعمال هو نفسه من أجل الآلاء وأوسم المنن بحيث لا يكن لإنسان أن يفي بشكره على أي حال . والحنات جمع جنة وهي الحديقة ذات الشجر الملتف بعضه على بعض مأخوذة من جن بمعنى ستر ٠ لأن شجرها ساتر لأرضها ولن كان داخله » واشتقاقات هذه الكلمة كلها دالة على الستر كالحنون والحنين وال حن والجنان › فال حنون ساتر للعقل ٠ وسائرها مستورة › وتطلق الحنة على الشجر نفسه ٠ كقول زهير : كأن عيني في غري مقتلة من النواضح تسقي جنة سحقا فإن مراده بالحنة النتخل ٠ ومن العلاء من ذهب إلى أن اسم الجنة لنفس الشجر لا للأرض ذات الشجر . وي تشويق الله سبحانه وتعالى إلى الدار التي أعدها للأبرار يوم القيامة . وتسميتها جنات تنويه بقيمة النباتات وعظم نفعها › ففي تلك الدار قصور شاغة لا يتصور العقل علوها . غير أن الله سبحانه لم يسمها المدينة أو نحوه من الأساء الدالة على المباني ء وإغا سماها جنة » وهذا لأن كل شيء يألف ما كان إلى جنسه أقرب ٠ ويشتاق ما كان إلى وصفه أدنى ٠ والإنسان والنبات مشتركان ثي الحياة وإن اختلف نوع الحياتين » بعكس الباني فإنها وإن راقت - 4۹۳ للعين بزخرفها وأبمجت النفس بتشكيلها لا تجامعها في صفة الحياة . وبجانب ذلك فإِن تنوع النباتات واختلاف صنوف الشجر مما يزيد النفس سرورا والعين قرارا » فلذلك خصت دار الثواب بهذا الاسم ٠ وهي ذات مراتب متفاوتة تفاوت أصحابا ئي الأعمال . والحريان سرعة سيلان الماء ويطلق على العذو السريع من الإنسان وغيره . ورأي العلامة ابن عاشور أنه موضوع للعدذو السريع » .وأن إطلاقه على سيلان الماء مجازء والشائعم خلاف ما قال . والأنهار جع تبر بالتحريك - وهي اللغة الفصحى ٠ وقد تسكن الحاء 9 ويدل على فصاحة التحريك ٠ قوله تعالى : لإفي جنات ونر ۱ » ويلائمه الحمع على أنهار › لأن أفعالا جمع لكل اسم ثلائي إلا ما كان مفتوح الفاء ساكن العين ٠ فيجمع على أفعل كأنهر » ول تأت هذه الصيغة في القران . وكفى بذلك دليلا على رجحان التحريك . وأصل التهر السعة › ومنه قوله ييو : «ما أنهر الدم» أي وسع الجرح حتی أسال الام › وسمي به المجرى الواسع للماء » وهو فوق اللحدول ودون البحر ٠ ومنہم من یری آنه الماء الخاري نفسه ٠ وعلى الأول فإسناد الجريان إليه من باب المجاز العقلي للملابسة بين الماء وجراه » ويجبوز أن يكون من باب المجاز اللغوي والعلاقة إطلاق اسم المحل على الحال ٠ وعلى الثاني فالإسناد حقيقي . ۱ صورة القمر : الأية 0©( ٤٦6 - وقد تردد ابن عطية بين هذين القولين » فبينا هو يقول : «والأنهار المياه ي جاربا المتطاولة الواسعة» ٠ إذا به يقول بعد بضعة أسطر «ونسب الحري إلى النهر وإنما يجري الماء وحده تبوزا» کا قال : «واسأل القرية . .»2 فتراه بنى كلامه الأول على رأي والأخير على اخر » وقد تعجب أبوحيان من هذا التعارض بين عبارتيه » وهو حري بأن يتعجب منه . وجريان الماء بين المروج الخضراء مما يضاعف بهجة النفس وقرة العين › وسرور الخاطر . فا بالك إذا كانت المروج - من حسن الشكل وبديع المنظر - بحيث ل تر مثل حسنها عين ٠ ولا يتصور جمالما خيال › وكانت الياه تنساب على تراب المسك والكافور › وتتدفق على أحجار الدر والياقوت › فإنها دار الخلود التي يصف الله تعالى ما فيها بقوله : لفلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون» › وي الحديث القدسي : «أعددت لعبادي ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» » وذکر ان أنهار الجنة تجري مطردة في غير أخاديد » وذلك تما يضاعف بهجة النفوس بها » وسرور الخاطر برونقها . وما يستغرب منه توقف اللأمام محمد عبده عن تفسير حقيقتي الجحنة والنار ؛ هل هما بمعناهما المفهوم عند الناس ٠ أو أن لا حقيقة غير مايتصور» وبنى عليه جواز أن يكون ذكر الأنهار ترشيحا للجنات التي أريد بها التشبيه » وحاصل كلامه أنه من المحتمل أن ١ - المحرر الوجيز » ص ١٤٠ طبعة المغرب . 60٦£ = يكون المراد بالأنهار غير المعنى التبادر » وأن لا تكون هناك جنات ولا أنهار بحسب معناها المفهوم عندنا » وأن يكون ما هناك حقيقة أخرى شبهت بالحنات والأنهار » وتعقبه السيد رشيد رضا بأنه لولم يرد في هذا المقام إلا ذكر الجحنة أو ال جنات لوجب التفويض وامتنع الترجيح ٠ أما وقد ذكر في ايات أخرى أنواع من الشجر المثمر. والثمرات فقد تعين ترجيح الشق الثاني وإلا كنا هربنا فيا يتعلق بعالم الغيب من معاني الألفاظ إلى تأويلات الباطنية المعطلين للحقائق الظاهرة التي تدل عليها الألفاظ (`0 . ومن فضل الله على عباده أن جعل مثوبتهم في الدار الأخرة من جنس ما ألفوه في الدنيا من صنوف النعم وأنواع الملذات ٠ فإن النفس البشرية إلى مألوفها أميل . وفي معروفها أرغب › والأنسان بروره بالدنيا يكتسب معارف جمة تتعلق بشئون الحياة » فإذا شوق إلى ما عهده فيها مما ميل إليه طبعه » وترغب فيه نفسه كان ذلك أسرع في التأثير عليه مما لو كان تشويقه إلى ما لم يعهد له مثيلا . هذا مع التفاوت الكبير والبون الشاسع بين نعيم الدنيا وملذاتها › وما أعده الله سبحانه في الدار الآخرة للمتقين من جنس هذا النعيم وصنوف تلك الملذات ٠ فا في الدنيا لا يعد شيئا بجانب ما ئي الأخرة وما عند الله خير وأبقى؛ . وجريان الأنهار من تحتها هو انسيامها تحت تلك الأشجار الباسقة الزاهية . وتدفقها تحت قصورها البهية العالية . ١ تفسير انار جح ١ ص ۲۳۲ ط ٤ . - ٦٦ - والظاهر أن «آل» في الأنهار للجنس »٠ وقيل إنها للعهد › والمعهود ما سبق من وصفها في سورة القتال . وذلك قوله تعالى : لإفيها أنهار من ماء غير اسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفی”) » وهو مبني على ان أية القتال نزلت بمكة ٠ ولست أدري ما هو دليلهم على ذلك فإن جل أئمة التفسير يقولون إن سورة القتال نزلت بالمدينة . وذلك واضح من نفس السورة » على أن أكثر الآيات المكية الواصفة للجنة وأنهارها ذكرت فيها الأنهار معرفة » وجوّز الزغشري أن تكون «أل» سادة مسد الاضافة ٠ فيراد بها أنهارها . وأورد عليه بأُنه مذهب كوفي ٠ وتعقب ابن عاشور هذا الإيراد بأن الزغشري ل يرد أن «أل» عوض عن المضاف إليه ٠ فإنه بنفسه قد أباه في تفسير قوله تعالى : لفإن الححيم هي المأوى”) . وإا أراد أن الاضافة واللام متعاقبتان هنا » وليس ذلك صال ا في کل موضع » ورأی ابن عاشور أن مذهب الكوفيين مقبول ٠ وأنهم لم يريدوا إلا بيان حاصل المعنى من ذلك التعريف ٠ فإن تقدير المضاف إليه هو الذي جعل المضاف المذكور كالمعهود › فأدخلت عليه لام التعريف العهدي ٠ غير أنه اختار كون الداعي إلى تعريف الأنهار التفنن لسبق تنكير جنات . وجملة للتبري من تحتها الأنهار» وصف لجحنات › و كلا رزقوا منها من ثمرة رزقا» وصف ثان ٠ وبوز أن يکون استئنافا بيانيا لبيان. ١ سورة القتال : الآية ١١٠›» ٢ سورة النازعات : الآيات ٠۲۷ - ۳۰٠ ۳ - التحرير والتنوير . ح ١ ص ٥٥۴ ٠ الدار التونسية للنشر . - 41۷ حافحم في هذه الجحنات . لأن ذكر الحنات مشعر بالثمار » فيمكن للسامعين أن يتساءلوا كيف طريقة انتفاعهم بثمارها ؟ فيجابوا بذلك ٠ وجوز الز شري وعدد كبير من المفسرين أن يكون خبرا لبتدا محذوف تقديره هم كلا رزقوا منها . . الخ » أوهي ٠ وضعف قطب الأئمة رحه الله ي الحيميان تقدير المبتداً لتمام المعنى بدونه › ولأن الزمان لا يخبر به عن اسم العين ٠ فلا يقال محمد يوم ا حمعة ٠ بخلاف اسم المعنى نحو الصوم يوم الجحمعة مثلا . ومن الواضح أن ل «كلا» حكم ظرف الزمان لأن إضافة «كل» الدالة على العموم إلى «ما» المصدرية الظرفية يقتضى استغراق الأزمان المقيدة بصلة «ما» ٠ وذلك لا ينافي شرطية كلما » ككثير من الظروف التي تستمد الشرطية بإضافتها إلى «ما» نحو «حيئيا» » وأجاز القطب أن تكون هذه ا حملة حالا من جنات ٠ وهو ضعيف جدا لما تقرر عند علماء الاعراب من أن احمل بعد التكرات صفات »٠ وإِنما تكون أخوالا بعد المعارف . وللقائلين بتقدير المبتدا أن يقولوا إن الظرف ليس وحده هو الخبر وإنما الخبر هو ال جملة بتمامها » وفيها ما يصلح وحده - لو أفرد - أن يکون خبرا وهو «قالوا» . و «من» في الموضعين لابتداء الغاية وجوز أن تكون للبيان فیھہا . وجوز الز حشري أن تكون في قوله «من ثمرة» واردة على طريق قوم رأيت منك أسدا › وهو من باب التجرید . والظاهر أن «من ثمرة» بدل من قوله «منہا» لحواز قول - £1۸ القائل : أكلت من حديقة فلان من تفاحها أو من رمانها » وهو بدل بعض من كل ٠ ویجوز أن يکون بدل اشتمال و«رزقا» مفعول ٹان لرزقوا وليس مفعولا مطلقا كم قال بعض المفسرين . «وقالوا» جواب للشرط المفهوم من «كلا» ومعنى ذلك اخم ٳٍذا جيئوا بشيء من فاکهتها ظنوه هو عين مارُزقوه من قبل ؛ ما بين شکلیھا من التشابه » ومرادهم ما رزقوه من قبل في الحياة الدنيا » حسبا روی ابن جرير عن ابن مسعود وابن عباس واخرين من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم . ورواه عبد بن ميد عن علي بن زید وقتادة ورجحه ابن جرير والزتخشري ويعني ذلك أن ثمار الحنة شبيهة بٹمار الدنيا من حيث الأشكال وإن تباینت في لذاتها . وعلل الزغشري هذا التشابه بأن الإنسان انس بمألوفه وأميل ٍى معهوده » فإذا رأى ما لم يألف ربا نفر عنه طبعه وعافته نفسه ٤ ولأنه رما إذا رزق شیئا من جنس ما کان له به عهد » ورأی فيه مزية ظاهرة بالتفاوت بينه وبين ما سبق له به العهد › ضاعف ذلك ابتهاجه واستثار استغرابه واستعجابه › وأدرك حقيقة النعمة فيه › وتحقق مقدار النعمة به » بخلاف ما إِذا کان جنسا غير معهود له فإنه ريا يحسبه أن ذلك الحنس لا يكون إلا بذلك المقدار › فلا يدرك عظم النعمة به تمام الإدراك » فإذا رأى أحد رُمّانة في الجحنة تشبع السكن وقد عهد جنسها في الدنيا لا يتجاوز أكبره حد البطيخة الصغيرة » ورأى النبق في دار الجحزاء كقلال هجر ٠ وقد عهد جنسه ۹٩٦٤ ۔ في الدنيا لا يتجاوز حجمه الفلكة ٠ ونحو ذلك إذا ما رأى الشجرة في الجحنة يسير الراكب في ظلها مائة عام وهو لا يقطعه مع ما عهده من مقادير أشجار الدنيا , كان ذلك أعمق لسروره وأبلغ في استغرابه ما لو لم يتقدم له بجنس ذلك عهد . واستدل ابن جرير لصحة هذا المذهب با يدل عليه قوله : كلا رزقوا مناه من تكرار هذا القول منم بتكرر رزقهم ٠ وصدقه على أول مرة يؤ تون فيها بهذا الرزق ٠ إذ لو كان المراد بقوحم لهذا الذي رزقنا من قبل ما تقدم لحم من رزقهم بثمار الحنة لم يصدق ذلك على الرة الأولى ٠ فإنهم فيها غير عاهدين شيئا من ثمارها » وإنما عهدهم بثمار الدنيا . وعليه فالضاف إليه الذي قطعت عنه «قبل» هو دخول الحنة » وأما تكرر هذا القول منہم بعد المرة الأولى من دخوفا ؛ فقد حمله الزغخشري على فرط استغرابہم مما يرون . وذهب فريق إلى أن المراد بقولحم هذا الذي رزقنا من قبل قبل تلك المدة منذ دخولم الحنة » وهويعني تشابه ثمار الجحنة » وقد أخرج ذلك ابن جرير وابن ابي حاتم عن یی بن أبي كثير وعضد بقوله تعا ى : لوأتوا به متشابها» وقد روى معنى ذلك ابن جریر عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما من الصحابة » إذ فسروه أنه متشابه في اللون والمرأى مم اختلافه في الطعم ‘6 وأيدً بأن السعيد الذي يرزف من ثمار الحنة لا يلزم ‏ بل لا يكن عادة - أن یکون على علم في الانيا بجميع صنوف فواكهها » مم أن الله تعالى يقول في وضّفب ٠٤۷٧٤ -۔ الجنتين : #وفيها من كل فاكهة زوجانې . ووجه ابن عاشور هذا الاتحاد في أشكال فواكه الجحنة مع اختلافها في الدنيا ؛ بأن الاختلاف في هذه الدار ناشىء من اختلاف الأمزجة والتراكيب بخلاف موجودات الآخرة فإنها عناصر الأشياء فلا يعتورها الشكل وإنما يجيء في شكل واحد وهو الشكل العنصري ويحتمل أن ذلك لتعجيبهم والشيء العجيب لذيذ الوقم عند النفوس ولذلك يرغب الناس في مشاهدة العجائب والنوادر ثم قال : «وهذا الاحتمال هو الأظهر من السياق» . وأصحاب هذا القول يضعفون القول الأول لبعد أن يقصدوا بقوهم هذا الذي رزقنا من قبل ثمار الدنيا كلما تكرر رزقهم وأن لا يعتادوا هذا النعيم الأخروي بحيث ينظرونه با تقدم في الدنيا ويحملون هذا التكرار على ما بعد المرة الأولى من دخوشم اللجنة ‏ وتخصيص تلك الرة مفهوم من القرائن . تتوع نعيم النة : والظاهر أن ثمار الحنة متنوعة كا تفيده الأحاديث وهو الذي يقتضيه قوله تعا ى : فيه من كل فاكهة زوجان» وإنما کل جنس من الفاكهة يختلف طعمه بين مرة وأخرى » فإن اختلاف طعوم الفاكهة الواحدة أدعى إلى الاستغراب وأكثر متعة من اتحاد م الفواكه في الشكل مع اختلافها في المذاق ٠ وهذا يتبين المراد من ١ - التحرير والتنوير » ح ١ ص ٢٦٥۳ »٠ الدار التونسية للنشر . - £۷۱ قولحم : هذا الذي رزقنا من قبل فإنهم كلا أتوا بفاكهة وجدوها من حيث الشكل قريبة ما رزقوه من نوعها من قبل فإذا أكلوها وجدوا ا طعا أخر أما أن يرددوا في كل مرة تشبيه ما يۇ تونه با رزقوه في الدنيا يجعل كل جزء من أرضها صالحا لنبت كل الفواكه » وإنغا جعل أجزاءها محتلفة النباتات بحسب اختلاف الناخ ولأنهم إذا حسبوا أول مرة يرزقون فيها من فاكهة الجحنة ‏ أنها مثل فاكهة الدنيا ثم أدركوا ما بيا من تفاوت فليس من المعقول أن يعودوا في| بعدها إلى ترداد هذا القول ٠ فإذا أعيدت إليهم تلك الفاكهة نفسها علموا التفاوت بتجربتهم السابقة وان أوتوا غيرها علموه بالقياس على مااسبق من تجربة . وقیل : مرادهم بقوم «هذا الذي رزقنا من قبل» هذا الذي وعدنا ي دار الدنيا بأن نرزقه في الآخرة . وهو بعيد . وقيل : مرادهم به ما وفقوا له من الأعمال الصالحة في الدنيا فكانت سببا لذا الجزاء في الحنة » ولا يخفى ما فيه من التعسّف ٠ وقد عده قطب الأئمة رحمه الله من غلو المتصوفة الذين عَمُلون ألفاظ القرآن ما لا تتحمله من المعاني . وفسر الحسن وقتادة التشابه بکونه خیار لا رذل فيه » رواه عنما ابن جرير وعبد بن حميد » ومعنى ذلك أن ما يکون ئي فواکه الانيا من التفاوت بين جيدها ورديئها لا يكون مثله في فواكه الجحنة » ٦4۷ - فهي كلها جيدة لا رديء فيها . وهو ظاهر » وقیل : یراد بالتشابه تشابه أسماء فواكه الحنة وفواکه الدنيا دون مسمیاتها » لما رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنما : «ليس في الدنيا مما في الجنة شىء إلا الأساء» ويبعده أن الظاهر من التشابه في الآية تشابه الذوات لا الأساء › وذهب الزغخشري إلى أن المراد به تشابه المرزوق في الدارين › وبه قال الفخر الرازي ٠ وأبو السعود › والألوسي ٠ وقطب الأئمة . واستشكل ذلك أبو حيان لأن الحديث عن رزق الحنة . ولأن الضمير في قوله «به» مفرد فلا يصح أن يكون عائدا إلى المرزوقين » وأجاب عن ذلك الألوسي في روح المعاني ٠ وقطب الأئمة في الحيميان بأنه من باب الكناية الإيمائية . ويعنيان بذلك أن الحديث وإن كان خاصا برزق ٠ الحنة إلا أن اقترانه بعروض الاشارة إلى رزق الدنيا هو الذي سوغ رجوع الضمير إِليه| معا وقولحم هذا مبني على ما تقدم . من ان المراد با رزقوه من قبل ما أوتوه في الدنيا » وقد علمت ما فيه من الضعف »٠ ولو سُلم أن ذلك صحيح فيستبعد جدا۔ کا قال أبو حيان ‏ أن يعود الضمير إلى رزقي الدنيا والآخرة مع أن الحديث عن رزق الأخرة . ولسائر المفسرين أقوال أخرى في هذا التشابه » منهم من قال هوف اللون فقط » ومنهم من قال هوفي الشكل ٠ ومنہم من قال ئي أحدهما وفي الطعم ٠ ومنهم من قال هو فيا معا . وهي أقوال ليس عليها من دليل . وقد علمت ما هو الراجح . -. £۷۳ والظاهر أن جملة «وأتوا به متشابها» حال من «قالوا» مفيدة لسبب هذا القول ٠ واعتبارها حالية يستلزم إضمار قد » ونحوه كثير في القران » نحو لإكيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا»› أي وقد كنتم › وقوله : «ۋالذين قالوا لاخوانهم وقعدوا»”)› . أي وقد قعدوا » وقيل : هي للتذييل الذي يراد به التقرير والتأكيد › كا في قوله عز وجل : #وكذلك يفعلون4) بعد أن حكى عن بلقيس قولا : ملإن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة» ٠ وقيل هي صفة ثالثة جنات ٠ ويضعفه عدم وجود الرابط بين الصفة والموصوف . ومن حيث إن الطبيعة الإنسانية لذتها في المسكن البهي › والملطعم الشهي ٠ والمنكح الوضي وقد ذكر الأول في قوله : جنات تبري من تحتها الأنهار والثاني في قوله : كلا رزقوا منہا من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وتوا به متشابهاڳه جي ء بعد هما بوصف الثالث في قوله : لوهم فيها أزواج مطهرة» ٠ ويراد به أنهن منزهات من جيم الأدناس الحسية والمعنوية مما يكون في الدنيا خاصا بالنساء أو مشترکا بینہن وبين الرجال ٠ فجميم الأقذار الي تمرزها الطبيعة ي نساء الدنيا » أو فيهن وفي رجالا نزھت منہا نساء الأخرة › وكذلك ما يكون من لوم الطباع مما تعد قذارته معنوية كالغل والكيد والحسد »› نزه الله تعالى منه نساء الآخرة » سواء كن من الصالحات في الدنیا کا روي عن ابن مسعود رضي الله تعالی عنه ۱ - سوره البقرة : الأية ‎«۸p‏ ‏٢ سورة ال عمران : الآية ١۸١٦۱» ۳ سورة النمل : الأية ۳ ٤V‏ - في تفسير الآزواج هنا أو كن من الحور العین کا قال غيره » والظاهر أن المراد بالأزواج هنا ما يعم النوعين لكمال أنس المؤمنين بجا معا » ولتبرئة الله سبحانه الصالحات من نساء الدنيا ي الجنة من كل العيوب الحسدية والنفسية › وذلك تطهير لن مما كن متلوثات به في الدنيا . وأما اللاتي ينشأن هناك فتنشئتهن من أول الأمر مطبوعة طبع السلامة من هذه العيوب ٠ وجاءت أحاديث عن رسول الله يي ئي بيان أحوال نساء الحنة منها الصحيح ومنها الحسن ٠ ومنها دون ذلك ٠ وهي صريحة في أن الاتصال بين الزوجين يتم يوم القيامة على نحو ما يكون في الدنيا . وإن كان أكمل في اللذة وأبعد من الأذى . وتوقف الامام محمد عبده ‏ كعادته في الأمور الغيبية - عن تفسير ال حكمة المطلوبة من الحياة الزوجية في الآخرة ٠ نظرا إلى أن الحكمة المطلوبة من الزواج في الدنيا هي التناسل وإنماء النوع ؛ مع عدم ورود ان ئي الآخرة تناسلا » وبناء على ذلك يرى أن لذة الملصاحبة الزوجية هناك أعلى ٠ وحكمتها أسمى يؤمن با ولا يبحث عن حقيقتها . والحق أن الحكمة في ذلك معروفة » وهي لذة الاأتصال بين الجنسين كا صرحت به الأحاديث النبوية . وأومت إليه الآيات القرآنية » والإنسان يوم القيامة لا يتحول عن إنسانيته » وقد وفر الله لعباده المؤمنين في دار كرامته جميع ما تتوق إليه أنفسهم في الدنيا من - V0 متم الحياة ونعيمها › فا يؤتونه في الدنيا إنما هو بقدر هذه الحياة اللحدودة , وبقدر طبيعتها المقيدة الي تختلف تام الاختلاف عن طبيعة الحياة الأخروية المطلقة ٠ فالفارق بين لذات الدارين كالفارق بين البقاء فيه . الخلود أبدي في الحياة الأخروية : وبا أن النعمة وإن كملت › واللذة وإن تناهت ‏ إن لم يأمن صاحبه) زوالا كان ذلك من أشد المنغصات عليه جيء هنا با يستأصل هذا الخوف وهو إثبات خلودهم في الجحنة ونعيمها . فالحياة الأخروية لا انقطاع لا › ولا یکدر اأمنہا خوف »٠ ولا ہدد شباا هرم » ولا صحتها سقم ٠ ولا غناها فقر . ولا نعيمها بۋس ٩ والخلد يطلق على الملكث الدائم الذي لا ينقطع وهو معنى قوله تعالىی : وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون »۱ . وهو المراد في هذه الآية ونظائرها من ايات الوعد والوعید » روی ابن جرير وابن اسحاق ۽ وابن ابي حاتم عن ابن عباس في قوله اوهم فيها خالدون» أي خالدون أبدا ) يبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله أبدا لا انقطاع له ٠ وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله «وهم فيها خالدون» يعني لا يموتون » وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنيا عن البي ية أنه قال : ديدخل أهل الحنة الحنة . وأهل النار النار ثم يقوم مؤذن بينهم يا أهل النار لا موت ٠ ويا أهل الحنة ١ سورة الأنبياء : الآيةَ ٢٤ ۳» ٦٩6۷ - لا موت ٠ کل هو خالد فا هو فيه» . ومثله عن أبي هريرة عند البخاري ٠ وعن معاذ عند الطبراني والحاكم وصححه ٤ وأخرج الطبراني وابن مردویه وأبو نعیم من حدیث ابن مسعود قال : قال رسول الله يي : «لو قيل لأهل النار إنكم ماكثون في النار عدد كل حصاة في الدنيا لفرحوا بها . ولو قيل لأهل الجنة إنكم ماكثون عدد كل حصاة لحزنوا . ولكن جعل شم الأبد» . ويطلق الخلد على المكث الطويل من غير دوام ‏ وهو وارد في < کلام العرب بره وشعره 6 واختلف فيم هو الأصل ؟ فذهب الز حشري ٠ وابن عطية ٠ والقرطبي ٠ والشوكاني إلى أن الخلد موضوع للدوام الأبدي ٠ واستعماله في غيره مجاز » وذهب الفخر الرازي وأبو حيان ٠ وأبو السعود ء وقطب الأئمة إلى أنه موضوع للمكث الطويل مع غض النظر عن دوامه أو انقطاعه › وعليه فهو من باب المشترك الذي يتعين ما يراد به بالقرينة الدالة عليه » وجعل هؤلاء دوام الثواب والعقاب بالدلائل الأخرى من الكتاب والستة غير لفظة الخلود » نحو قوله تعالى في الذين امنوا وعملوا الصالحات : للإجزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداڳ”) ٠ وقوله : ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا») حيث قرن الخلود بالتأبيد في الموضعين ٠ ومثل ذلك ما يستفاد من الأحاديث الصحيحة الصريحة في خلود أهل الدارين فيا » ومهما يكن الأصل في معنى ١ سورة البينة : الأية «۸» ٢ سورة الحن : الآية و۳٢۲» - ۷۷ الخلد فإن خلود الأبرار في الحنة والفجار في النار خلود أبدي للاجماع على بقاء الدارين ٠ والأدلة القاضية على أن حياة سكانم)| حياة أبدية » وخالفت في هذا طائفتان : الأولى أن دوام المخلوقين مناف لاتصاف الله بالأخرية ٠ فإن من أساء الله الأول والآخر » ومعنى أوليته سبقه على كل موجود ٠ وهكذا يلزم ُن يکون معنی اخریته بقاؤه بعد کل موجود . الثانية : أن أنفاس أهل الدارين إما أن تكون معلومة له تعالى وذلك يعني أنها حصوره 6 وحصرها لا يتفق مع دوامهم 6 وإما ُن وأجيب عن الأولى بأن دوام حياة المخلوقين في الدار الآخرة لا يناي اخريته تعالى . لاختلاف دوامهم عن دوامه » فان دوامه ذاتي » ودوامهم بإدامته إياهم . فلذلك كان حقيقا بصفة الأخرية دونهم ؛ وعن الثانية أن استمرار أنفاسهم لا ينافي إحاطة علمه سبحانه بها » فإن علمه علم ذاتي ليس كعلم المخلوقين ولا يصح أن يقاس عليه . ثانيته| : أصحاب النظرة المادية القائلون بتعذر بقاء الأجسام 6 لأنہا مؤلفة من الأجزاء الملتضادة ف الكيفية ٠ فهي معرضة للاستحالات المؤدية إلى الانحلال . - 4۷۸ وأجيب : بأن کونه تعالى قديرا على کل شیء ینفی هذا الاشكال من أصله ٠ إذ ليس ببعيد أن يعيد الأبدان بطبيعة أخرى لا تتحلل معها . أو أن يجعلها كلا تحلل منها شيء عوضت عنه ومن أيقن أن الله قدير على كل شيء تضاءلت هذه الشبهة أمام ناظريه حتى تتلاشى »٠ فإن الله الذي ركب الأجسام في هذه الدنيا من الأجزاء المتضادة قادر على تركيبها يوم القيامة غير متضادة › ولا يقاس ما في عالم الغيب على ما في عام الشهود » ولا البقاء اللطلق على البقاء المحدود › فإن الله يطبم كل شيء با يتلاءم مع ما أراده له » وللدار الأخرة طبائع تكوينية تحتلف تام الاختلاف عن الطبائع الملشاهدة المألوفة وما يدرينا لعل المتضاد في الدنيا يكون غير متضاد يوم القيامة . 3 - £۷۹ لإن الله لا يستحبي أن يضرب مثلا ما بعوضة فم فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد اله بهذا مثلا یضل به کٹیرا ویہدي به کثيرا وما یضل به إلا الفاسقين”™") الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون »٩ . كان المشركون واليهود والمنافقون لا يفتأون عن إثارة اله حول القران الكريم ٤ بغية أن يحولوا بين هدايته وبين الناس ۽ وکان الله تعالى ينزل فيه من الآيات ما يبدد الشْبّه التي ينسجونها » ويفند اللزاعم التي يفترونها » ومن ذلك استنكارهم ضرب الأمثال › فقد جعلوا منه تكأة لزعمهم أن القران ليس هو من عند الله ء مع إدراكهم أنه نزل بلسانهم يخاطبهم با كانوا به يتخاطبون . كبر . ومن ذلك قوشم «أجمع من ذرة» و «أضعف من فراشه» ٠ - 4۸۰ و «اكل من السوس» و «أسمع من قراد» « واختلف في السبب الذي روى الواحدي في أسباب التزول عن ابن عباس رضي الله عن| أن الله تعالى لا أنزل قوله : «لإإن الذين تدعون من دون الله ... الآية4) ٠ وقوله : «إمثل الذين اتغذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت . . . الآية ”)٠ قال المشركون أي شىء يصنع بهذا فأنزل الله : إن الله لايستحى أن يضرت مثلا ما بعوضة فما فوقهاڳ . وروی ابن جریر عن ابن مسعود وابن عباس واخرین من الصحابة أن الآية وما بعدها نزلتا ردا على المنافقين الذين استنكروا ضرب الثلين السابقين في السورة ٠ فقالوا : الله أعلى وأجل من أن يضرت هذه الأمثال 6 وهذا الذي ر ححه ابن جریر لأنه مس بالسورة وأنسب مع السياف . وروی عبدالرزاق عن قتادة نحو ما رواه الواحدي عن ابن عباس وروی عنه وعن الحسن أنه لما ذكر الذباب والعنكبوت في القران ضحك اليهود » وقالوا ما يشبه أن يكون هذا كلام الله » فأنزل الله تعالى الآية ردا عليهم . واستغرب ابن كثير ما أخرجه عبدالرزاق عن قتادة لأنه يقتضي أن تكون الآية مكية وهي بخلاف ذلك ٠ ويمكن الجحمع ___—- ١ سورة الحج : الآية ۷۳» ۲ - سوره العنكبوت : الأية 141 - 4۸A ما بين هذه الروايات حميعا . فاستنكار المشركين بمكة کان عند سماعهم في سورة العنكبوت ذكرها وذكر الذباب في سورة الحج « على أن الصحيح أن سورة الحج مدنية وإن قيل بمكيتها - وأن اليهود استنكروا ذلك عندما تليت عليهم السورتان بالمدينة بعد نزولا بزمن » بناء على أن السورتين حميعا مكيتان ٠ وأن المنافقين استنكروا ضرب الثلين السابقين في هذه السورة . فجاء الرد مبكتا لحذه الطوائف الثلاث في هذا الموضع »٠ بعد ذکر جانب مما استنکروه من الأمثال . ومن المعلوم أن اليهود والمنافقين كانوا يشكلون بالمدينة جبهة واحدة . بل جل المنافقين هم من العنصر اليهودي ٠ فلعل الطائفتين جيعا شرقتا عندما أنزل الله المثلين في النافقين ٠ فأخذوا يتلمسون ما يتصورونه عيبا لا يليق بكلام الله في القران » وقد كانت الطائفتان على اتصال بمشركي قريش وغيرهم من الناوئین لرسول الله صلی الله عليه وسلم والمحاربين لدعوته » وقوله تعا ى في وصف الذين يضلون بالأمثال : «الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر لله به أن يوصل يرجح أن استنكار المثل كان من اليهود لأغهم هم اللعروفون بهذه الأوصاف ٠ وأضاف إلى ذلك ابن عاشور انهم کانوا لأحظ لم في البلاغة » وكانوا من شأنهم التشاؤم من مدلولات الألفاظ . وفيا أضافه نظر ‏ فن اليهود بسكناهم بين العرب تعربوا › - AY فأخذوا حظا من البلاغة العربية . كا تدل على ذلك أشعارهم المنقولة » وضرب الأمثال ليس محصورا في العرب بل هو مشترك بینم وبين غیرهم کا بينه الفخر الرازي . وبناء على أن الآية رد على استنكار المشركين ما ضرب من الأمثال في السور المكية . فإن المجىء بالرد بعد ضرب تلك الأمثال بفترة من الزمن إنما هو لأجل رعاية المناسبة . وذكر ابن عاشور ان ذلك كما يمنع الكريم عدوه من عطاء فيلمزه الممنوع بلمز البخل ٠ أو يتأخر الكمى عن ساحة القتال مكيدة منه فيظنها ناس جبنا » فيسرها الأول في نفسه حتى يأتيه القاصد فيعطيه عطاء جزلا » والثاني حتى يكر كرة تكون القاضية على قرنه . فكذلك لا أق القران بأعظم الأمثال وأروعها › وهي قوله : إمثلهم كمثل الذي استوقد . . . أو كصيب . . 4 ٠ (الآياث) › وقوله : صم بكم عمي . . . € أ إثر ذلك بالرد عليهم ثم قال : «فهذا يبين لك مناسبة نزول هذه الآية عقب التي بعدها وقد غفل عن بيانه المفسرون . .»° . وما عزاه إلى المفسرين من الغفلة عن ذكر مناسبة الاية غير صحيح » فالفخر الرازي ذكر مناسبة أخرى هي أقوى في الدلالة على ارتباط ما في هذه الآية مما في التي قبلها مباشرة » وهي أن الله تعا ى ما بين بالدليل كون القرآن معجزا » أورد بعده شبهة أوردها الكفار قدحا في ذلك » وأجاب عنها » وتقرير الشبهة أنه جاء ي القرآن ذكر التحل والذباب والعنكبوت والتمل › وذكر هذه الأشياء ١ - التحرير والتنوير » ح ١ ص ۹٥١۳ »٠ الدار التونسية للطباعة والنشر . - A۳ لا یلق بکلام الفصحاء . فاشتمال القران عليها يقدح في فصاحته فضلا عن كونه معجزا » فأجاب الله تعالى عنه بأن صغر هذه الأشياء لا يقدح في الفصاحة ٠ ذا کان ذکرها مشتملا عل کم بالغة 9 ثم قال : «فهذا هو الأشارة إلى تعلق هذه الاية با قبلها . ى وقد أق ابن عاشور نفسه بمعنى ما قاله الفخر . وبالجحملة فإن الآية رادة على استنكارهم ضرب الأمثال في القران سواء كان استنكارهم لمطلق الأمثال . أم للتمثيل بالحقرات » فإِن القران جار على سنن الكلام العربي › وضرب الأمثال شائم عند العرب ٠ وهو مما يزيد المعاني رسوخا في الأذهان وانكشافا حتى تتجسد كالصور الماثلة للعيان . ومثل كل شىء بحسب حاله » فالعظائم تمثل بالعظائم » والمحقرات بالمحقرات وذلك لا يشين الكلام › ولا يحط من قدره . وإنما استنكر أمثال القران من استنكرها من الحاقدين لأن شأن المبهوت الحائر الذي انقطعت به الأسباب واستعُصّت عليه الحيل أن يتشبث بأي شيء »0 شان الغريق في البحر الذي يمد يده لا إلى شيء غير الأمواج التي رديه ٠ وأولئك أغرقهم القران في خضم يانه »٩ وأصماهم ببواری حججه › فلم يجدوا إلا أن يستعوجوا المستقيم » کمن ینکر ضیاء الشمس في رابعة النهار » ويحاول أن يلبسها بوهمه رداءٌ أسود ليخفي نورها عن الأبصار : وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج التهار إلى دليل ١ مفاتيح الغيب » ح١ ص ١۱۳۱ ١ ۱۳۲ 5 الطبعة الثانية . ٤6۸ - ومن المفسرين من يقول : إن الآية مرتبطة بقوله : فلا تجعلوا لله أندادا» وعليه فمعني «إإن الله لا يستحبي أن يضرب مثلاكه لمذه الأنداد با كان من المحقرات | وسأذكر لكم إِن شاء الله ري صاحب النار في المثل وارتباط الآية با قبلها حسب رأيه . والحياء عارض نفسي يحدث للإنسان لصدور ما يعاب منه أو وقوعه عليه 6 ويظهر أثره على الوجه 6 وفعله حبي أو حي «بالادغام» والأصل فيه إصابة الحياة » كا يقال حشى إذا أصیب حشاه » وسی إدا أصيب نساه ٩ وشظی الفرس إدا أصيب شظاه » وهذا لأن القوة الحيوانية تتضاءل في الإنسان إذا وقع منه أو عليه ما يستلزم الجياء . والعوارض مستحيلة على الله سبحانه ؛ فلذلك لزم تمسیره هنا بلازمه وهو الترك » فإن من شأن المستحبي أن يترك ما سى منه » وفسره ابن جرير بالخشية » وعزا إلى بعض من سبقوه أن الحیاء والخشية يتعاقبان بدليل قوله تعالى : «إوتخشى الئاس والله أحق أن تحخشاه() ٠ أي وتستحی الناس والله أحق أن تستحييه ٠ وتفسيره وذهبت طائفة إلى أنه لا داعى إلى تأويله هنا . نظرا إلى أنه منفي عن الله وليس مثبتا له » ورد بأن المنفي هو استحياء مقيد بضرب البعوضة ف فوقها مثلا » وليس الاستحياء المطلق ٠ على أن هذا التقييد قد يوهم إذا فسر الإستحياء بحقيقة معناه ؛ أن الله ١ سورة الأحزاب : الآية «(۳۷» - £۸0 يستحى مما عداه . فلذلك دعت الضرورة إلى تأويله › ويؤيده ما جاءت به الأحاديث من وصف الله بالحياء بمعنى الامتناع » ومنه ما أخرجه أحمد ٠ وأبو داود » والنسائي بإسناد حسن عن يعل بن أمية أن النبي يِل قال : «إن الله حبي كريم يستحبي إذا رفم العبد إليه يديه أن يردهما صفرا حتى يضع فيي خيرا» » وأخرجه أحمد › وأبو داود » والترمذي ٠ وابن ماجة . والحاكم من حديث سلمان رضي الله تعالى عنه . ومعنى اللاستحياء في الحديثٹ الامتناع من تخييب العبد الداعي . وما يستغرب أن ممن قال بعدم الداعي إلى تأويل الإستحياء في الآية لكونه منفيا من قال في موضع اخر من تفسيره : إن القاعدة أن ينظر إلى إثبات الفعل لمن أسند إليه هل يحمل على الحقيقة أو المجاز ؟ فإِن كان إثباته من باب المجاز فكذلك نفيه . وضرب الثل هو صوغه مأخوذ من ضرب الخاتم ونحوه » وقيل هو تطبيقه مأخوذ من ضرب الطين في الحدار » ومنه قوشم ضربة لازب »٠ ولم يكن ضرب الأمثال خاصا بالقرآن من بين الكتب السماوية » فالتوراة والإنجيل والزبور وردت فيها أمثال مختلفة منہا بأشياء مهينة كالنخالة والقملة ٠ كا بينه الواقفون عليها . ولفظة «ما» كثيرا ما تلي الاسم النكرة لتأكيد تنكيره وإشاعة إبامه وهي مزيدة عند ابن هشام ذا الغرض »٠ وعزاه الزجاج إلى البصريين ٠ ووصفها بالزيادة اصطلاحي ٠ وإلا فامزيد ما أمكن ٦£6۸ - الاستغناء عنه من غير خلل في المعنى . وهى هنا تفيد فائدة ظاهرة لا يكن حصوفا بدونها » إِذ التنكير وحده لا سد مُسدها » وذهب اخرون إلى أنها صفة للنكرة لإفادتها مفاد اللشتق ٠ وقيل : هي بدل من النكرة وهو «مثلا» هنا ۽ وقيل : هي عطف بيان بناء على القول بجوازه بعد النكرة » وذهب ابن جرير واخرون إلى أنہا اسم موصول ٠ واستشكل بأن صلتها منصوبة » وأجاب عنه ابن جریر نها كمن في قول حسان : كفى بنا فخرا على من غيرنا ‏ حب النبي محمد إيانا فإن الرواية بجر غير مع أنها صلة للموصول - حسب رأيه - وسوغ ذلك کون «من» و «ما» مبنيتين وهو رأي ضعیف » فإِن زیادة «من» في بيت حسان ظاهرة لحصول الفائدة دونها وإنما ألحأه إليها إضطراره إلى محافظته على الوزن ٤ وقد صرح بزیادتها غير واحد من علماء الإعراب ٠ ولا يصح أن يحمل عليه كلام الله تعالى المنزه عن الضرورات التي تعتور كلام البشر . والراجح من هذه الأقوال الأول ؛ لأن إسميتها مفتقرة إلى دلیل ولا دلیل إذ لا تلابس شيئا من علامات الاسم ولا ينطبق عليها حده بل انطباق حد الحرف عليها هو الظاهر فيها › فإنها دالة على مزيد الشيوع والإبام في غيرها . وفسر بعضهم ضرب هنا بجعل على طريق التضمين فعداها إلى مفعولين » وهما مثلا وبعوضة وجعلها آخرون بمعنى بين » وعليه - §۸AV. فمفعوطا واحد وهو بعوصة و«مثلا» حال منہا 6 وإنما سوع جي ء الحال من النكرة تقدمه عليها كقوله : ية موحشا طلل وللنحويين في جلة إن الله لا يستحى . . الخ أعاريب مختلفة ليس من غرضنا ذكرها » ومن شاء الاطلاع عليها فليرجع إلى هيميان الزاد لقطب الأئمة رحمه الله . وهذا كله على القراءة المشهورة وهى نصب بعوضة ٠ وقراً الضحاك وإبراهيم بن أبي عبلة ورؤ بة بن العجاج بعوضة بالرفع ؛ وحملت قراءتہم على موصولية «ما» وحذف العائد ک| قرا بعضهم «تماما على الذي أحسن» برفم أحسن ٠ وجوز الزغشري أن تكون استفهامية ؛ وذلك أنهم لما استنكروا ضرب الله الأمثال لأصنامهم بالحقرات فقيل لحم : إن الله لا يستحبي أن يمثلها با شاء من الأشياء المهينة . دعوا البعوضة فا فوقها . كا يقال : إن فلانا يهب الئين والألوف ما دينار وديناران » والبعوضة واحدة البعوض وهو معروف عند أهل عمان باسمه العربي فلا يحتاج إلى تفسیر » وذکر ابن عاشور أنه يعرف في لغة هذيل بالخموش . وأن أهل تونس يسمونه الناموس واحدته ناموسة » وهذه التسمية معروفة الآن في كثير من البلاد العربية . وهو مأخوذ من بعض اللحم بمعنى قطعه ٠ وأنشد : لنعم البيت بيت أبي دثار إذا ماخاف بعض الناس بعضا - 6A۸ ويحتمل قوله «فى| فوقها» وجهين : أول ما : الفوقية في الوصف الذي ضرب به المثل ؛ وهو الحقارة والمهانة . وذلك ك| لو وصف أحد غيره ممن يعرف بسقوط القدر وخمول الحمة ورداءة الطبع بالصفات الدالة على المهانة . فقال له اخر ممن خبر أحوال الموصوف وأحاط بدناياء هو فوق ذلك ٤٨ أي هو أبلغ مما وصفت في الضعة والإنحدار › وبناء عليه فالمعنى أن الله لا يستحيبي أن يضرب مثلا بالبعوضة فما هو أحقر منها ؛ كجناحها الذي أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام أن الدنيا لا تسواه عند الله فجعله مثلا لا . وكالميكروبات التي لا تتسلط عليها العين إلا إن استعانت بأشعة المجهر» وهذا الوجه هو الذي اعتمده الفخر في مفاتيح الغيب والقطب في الحيميان ونسباه إلى المحققين . ثاني| : أن يكون المراد به ما ھو أکبر منہا حجما وأعظم منہا قوة ؛ كالحشرات التي تفوقها في ذلك ٠ وهذا هو الذي عول عليه ابن جرير في تفسيره وبالغ في تضعيف الوجه الأول . ومثل الآية في جواز الوجهين حديث عائشة رضي الله عنہا عند مسلم : «ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا کتبت له بہا درجة ومحیت بها عنه خطيئة» فیجوز أن یراد بالفوق فيه جاوزتہا ئي القلة كنخبة النملة أو في الكثرة كالسقوط من السقف ولدغة الأفعى . ومن غريب التفسير قول الربيع بن أنس الذي رواه عنه ابن جرير ؛ وهو أن الله ضرب البعوضة مثلا للدنيا فإنها تحيا إِذا - 6۸۹ ما جاعت فإذا سمنت ماتت »٠ وهكذا شأن الذين يغترون بالدنيا فيركنون إليها إذا ما امتلاأوا أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر › ثم تلا : لفل نسوا ما دُكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حت إِذا فرحوا ما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون»”) ٠ وهو أقرب إلى الوعظ والتذكير منه إلى تفهيم معاني التنزيل . الأمثال يعقلها العالمون : هذا وإذا كانت سنة الله في كلامه أن يضرب الأمثال لعباده ؛ فإن الناس يختلفون في تلقي هذه الأمثال باختلاف استعدادهم الذهني وصفائهم الفطري ٠ فالذين اتقدت أذهانهم بوقود الإيمان › وصفت فطرهم بعامل اليقين › يتلقون هذه الأمثلة بالوعي التام والأدراك الشامل ٠ فهم العالمون بحقائقها › المدركون لغاياتها › كما قال تعالى : «إوتلك الأمثال نضرعما للناس وما يعقلها إلا العالمون؟ ٠ بخلاف أولئك الذين أظلمت أفكارهم وتلوثت فطرهم وانسدت أذهانېم › فإنمم لا أثر لحذه الأمثال على نفوسهم . بل يزدادون بها كفرا وضلالا 5 إذ لا يواجهونها إلا بالعتو والاستكبار › والسخرية والاستخفاف › وقد بين ذلك تعالى في قوله : ل فأما الذين امنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا» فهو تصوير حال الطائفتين ٠ وموقفها من ضرب الله المثل . ١ سورة الأنعام : الآية ٤٤ء i للتفصيل على الاجمال ٠ ومن شأن المفصل أن يذكر بعد المجمل › وهذا التفصيل بعدما تقدم › لأن الناس بعد سماعهم أن الله لا يستحي من ضرب الأمثال باي شيء کان » تستشرف نفوسهم على ما يترتب على ضرا من قبل المخاطبين ها » فكان هذا التفصيل مثابة الأجابة على تساؤ م . ویستفاد ما ذكرته من التفصيل من أداته اللوضوعة له وهي «أما» كا يستفاد منها التأكيد فإنها مقترنة به دائما مع التفصيل وعدمه 3 فقد يفارقها التفصيل ولكن لا يفارقها التأكيد . كا إذا أردت أن تو كد اتصاف محمد بالعلم فقلت أما محمد فعالم ؛ فهي هنا خالصة للتأكيد . والحق من حق يق إذا ثبت ٠ ومنه قوله تعالى : «كذلك حقت كلمة ربك وأصله المطابقة والموافقة » وهو شرعا ما طابق حكم الله من قول او فعل أو اعتقاد » فهو أعم من الصدق ٠ لأن الصدق ينحصر في القول وحده ٠ ويطلق على ذات الله سبحانه » ك في قوله : لإويعلمون أن الله هو الحق المبين 4 › لأن معرفة الحق لا تكون إلا به » وحقيقته لا تصدر إلا عنه › ولأنه لا تصدر أفعاله إلا عن حكمة سواء علمها الناس أو جهلوها . ۱ - سورة يونس : الآية و۳۳« ۲ - سورة النور : الأية ٥6( - 4۹۱- وعلّم الذين آمنوا أن هذه الأمثال حق من عند ربهم يعني معرفتهم بأنها مطابقة للواقع والحكمة . وأنها صادرة عن الله سبحانه » فهي تزيد إيمانهم قوة 9 ویقینہم رسوخا » وئي هذا تنویه بهم أنهم أصحاب البصائر وأولو العلم ٠ وتيئيس للذين يحاولون غرس بذور الشك في نفوسهم »٠ ومن ناحية أخرى فإن ي ذلك تنبيها على أن عقيدتهم قائمة على العلم ٠ وليست تقليدية كعقائد الكفار الي ليس فا أساس من المعرفة ٠ ولا تنبني إلا على التقليد الأعمى . وي قوله «لإوأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا» تسجيل عليهم بالغباوة والعناد , فقد غلب على عقوم الهوى » واستولى على نفوسهم العناد » فمعرفتهم باحق كعدمها من حیث إنہم لا یستفیدون منہا شیئا . ولا یزدادون ہا إلا عَتَوا واستكبارا › ولم يقل سبحانه فيهم وأما الذين كفروا فيجهلون أنه الحق من ربهم »٠ فيقابل وصفهم بالجهل وصف المؤمنين بالعلم ٠ لأنهم وإن كانوا لا ينتفعون بشيء من العلم ٠ فهم ليسوا من الجهل بحيث تخفى عليهم حقيقة الأمر › بل هم مدرکون انه لا مطعن لطاعن في هذه الأمثال ٠ فإنهم إن كانوا من كفار قريش فهم أعلى العورب كعبا في البلاغة » وأوسعهم ميدانا في الفصاحة ٠ ولذلك كانت العرب في جاهليتها تحتكم إليهم في مساجلات بیانہا شعرا ونٹرا » وَقَر م بإحرازهم القدح المعلى ٠ وإن كانوا من اليهود فهم باحتكاكهم بالعرب - بحكم الجوار۔ استمدوا من فصاحتهم ٠ ومرنت على العربية ألسنتهم ٠ فصاروا كالعرب في التفريق بين جيد - 4۹۲ الكلام ورديئه » وإن كانوا من النافقين فهم أيضا إما أن یکونوا منتحدرين من سلالات عربية ذات عراقة في الفصاحة والبيان ٠ وإما أن يكونوا منحدرين من السلالات اليهودية الىق تعربت بجوارها للعرب . وللمفسرين في الذين كفروا اختلاف بحسب هذه الأوجه الي ذكرتها » والكفر ينتظم هذه الطوائف الثلاث ٠ فلا غموض في كفر مشركي العرب الذين اتغذوا مع الله الحة أخرى . وكذلك كفر اليهود الذين حرفوا الكلم عن مواضعه 6 ونسوا حظا مما ذکروا به 6 وقتلوا النبين بغير حق 5٤ وکذبوا خامهم صلوات الله وسلامه عليه › وحاولوا قتله .٠ وبذلوا جهدهم ف وقف دعوته وتشویه دینه » وأما المنافقون فهم وإن جرت عليهم أحکام الاسلام الظاهرية لتحليهم مظاهر الاسلام فإن طواياهم طوايا الكفر» ولحم عند الله حكم الكافرين » فقد قال تعالى فيهم : ذلك بأنهم امنوا ثم كفرواڳ . وفي «ماذا» وجهان : أولى| : أن تكون كلمة واحدة يراد با الاستفهام . وعليه ثانيي| : أن تكون «ما» اسا دالا على الاستفهام ٠ و«ذا» اسا موصولا ؛ لا عهد أنها تكون موصولة بعد من وما الاستفهاميتين إذا كانت صلتها معلومة وعليه ف| مبتداً والملوصول خبره ٧ و«أراد» - 4۹۳ وما بعدها صلة للموصول ٠ ولا خلاف بين أئمة العربية - حسبا أعلم ‏ في جواز هذين الوجهين في مثل هذا الموضع » وهذا الذي درج عليه المفسرون ٠ ووهم ابن عطية فزعم | قولان . وتابعه القرطبي والشوكاني في تفسيريما . ونصوص أئمة العربية ترد عليهم ٠ ولي «ماذا» أوجه أخرى لا داعي إلى ذكرها لضعفها . وإرادة الشيء ضد كراهته ۽ وهي مأخوذة من راد یرود إذا سعى ي طلب شيء » وجعلوها اسما لتزوع النفس إلى الشيء مع الحكم بأنه ينبغي فعله أو عدم فعله » وذكروا أنها في الأصل قوة مركبة من شهوة وخاطر وأمل » وهي بحسب ما ذکروه مستحيلة على الله تعالى » ومن هنا احتيج إلى تعريف آخر للإرادة الربانية » وقد سلك علاء الكلام في ذلك طرائق قددا . والأسلم أن يقال «إن إرادته تعالى هي صفة ذاتية له تنتفي با صفة الإكراه كما ينتفي با حياة اللوت ٠ وبالقدرة العجز › وبالعلم الجهل ٠ وتنشاً عنها أفعاله تعالى ئي الوجود» . ولا يرد عليه كون أفعال غيره مرادة له سبحانه لأنها محلوقة له تعالى . والخلق فعل له فهي ناشئة عن أفعاله الناشئة عن إرادته . واللأشارة هنا تفيد التحقير على حد قوم فيا حكى الله عنهم : «إأهذا الذي بعث الله رسولاڳ”› ٠ ومثلا تمييز من هذا لأنه مبهم فيحق له التمييز » وجوز أن يكون حالا من اسم الحلالة أو من هذا على تأويله باسم الفاعل على الأول » وباسم المفعول على الثاني ٠ أي ١ سورة الفرقان : الآأية 9١ 4» ٤4۹ - عمثلا أو نمثلا به . واختلف في قوله : ##یضل به کٹیرا ویہدی به کڻيراڳ هل هو من مقول الله تعالى ›. أو من مقول الذين كفروا ؟ والأول هو الأرجح نظرا إٍ ى قوله من بعد «وما يضل به إلا الفاسقين» إذ ليس من المعقول أن يقول ذلك الكفار » وعليه فهاتان الجملتان مبنيتان على الجملتين المصدرتين بأما » لتفسير ما فيه على طريقة النشر المعكوس ٠ فإن الذين امنوا هم المهديون › وقد تقدم ذكرهم هناك » وتأخر هنا » والعكس في الذين كفروا › وقيل : هما جواب للاستفهام في قولحم : «ماذا أراد الله هذا مثلا» فکأنم أجيبوا أن الله سبحانه أراد به ازدياد هداية المؤمنين فيغنموا . وضلال الكافرين فيخسروا » وإنما ذكر المراد - وهو الحداية والاضلال - بدلا من الارادة لأنه الغاية متها ولم ير ابن عاشور جعله جوايا للاستفهام . لأنه ليس استفهاما حقيقيا بل هو إنكاري » ولا جواب لاستفهام الإنكار اللهم إلا أن يخرج الكلام على الأسلوب الحكيم بأن يحمل الاستفهام على ظاهره » تنبيها على أن اللائق بهم أن يسلوا عن الحكمة في ذلك فيكون قوله : #لإيضل به کثیرا ویهدي به کٹیر اه جوابا عله . ووصف الله المهديين وغيرهم بالكثرة - مع أن الصالحين أقل من غيرهم ئي جميع العصور - وهو الذي تقتضيه المشاهدة . ويدل عليه قوله تعالى : للإوقليل من عبادي الشكور»”› › وقوله : إلا ١ سورة سباً : الآيةً ١١٠٠ - ۹0 الذين أمنوا وعملوا الصالحات وقليل ماهم ٠ لأن كثرتهم معنوية ولیست عدديه 6 ولذلك أمر الله بادیء الأمر أن يثبت الواحد منهم للعشرة من أعدائهم ٠ ثم خفف عنهم فأمرهم أن يثبتوا لضعف عددهم أو لانم کڻيرون في حقيقتهم وإن كانوا قلة بالنسيبة لأعدائهم 4 ومن أمثلة الوجه الأول قول الشاعر : إن الكرام كثير في البلاد إن قلوا کا غيرهم قل وان كثروا وقول الأخر : تعيرنا أنا قليل عديدنا فقلت لا إن الكرام قليل وبناء على رأي من يقول إن هاتين الجملتين من قول الكفار فه) داخلتان في ضمن ما استنكروه » ومعنى ذلك انهم استنکروا ماي المثل من تفريق الناس إلى طائفتين ونسبة المداية إلى طائفة وقد أبعد ابن عطية النجعة حيث أجاز أن يكون «يضل به کثیرا» من قول الذین کفروا » ودیهدي به كثیرا» من قول الله ردا عليهم ٠ واستبعد ذلك غيره من المفسرين » وما أحراه بالاستبعاد . والباء في الموضعين للسببية » ومعنى كون المثل سببا للهداية والضلال أن أصحاب النفوس الصافية والفطرة السليمة لا يرون فيه ما يعاب ویستنکر فيتلقونه بالقبول ویدرکون أبعاده › فإن کانوا على ١ سورة «ص» : الأية 7٢٤۲» ٦6۹ - مان من قبل ازدادوا فيه رسوخا » وإن لم یکونوا على هدی فإنېم بتأملهم في الغاية المرادة من المثل ينجذبون إلى الجدى فيكونون في عداد المؤمنين ٠ فهو على كلا الحالين سبب للهدى بالنظر إلى هذه الطائفة . وأما الذين في قلوبهم مرض فلا یکاد يقرع مسامعهم حتی تستنكره قلوبهم المأفونة » وترفضه عقوم المريضة ٠ فیزدادون به غيا إلى غيهم ٠ ولذا كان سببا لضلام . وتفسير المثل الذي ذكرته هو الذي عول عليه جمهور أهل التفسير » ولم أجد خلافا في ذلك عن أحد متهم إلا ما ذكره صاحب المنار عن بعضهم - ولم يسمه وهو أن المثل في الآية ليس مثلا يقال بل هو مثل بحتذی » أي القدوة الذي يؤ تم به ويهتدى بهديه › وعليه فالمراد بقونحم «بهذا» رسول الله يِل » وذلك أنهم استنكروا أن يرسله الله من بينهم إليهم وإلى الناس » لعدم تميزه عنهم بکونه من جنس اخر غیر جنس الہشر » کہا یستفاد من قوم فیا حکی الله عنہم : أأنزل عليه الذكر من بيننا4(› » وقولهم : «لولا أنزل إليه ملك فیکون معه نذیرا») وفد أيد صاحب المنار هذا التفسير للمشل بوروده بهذا المعنى في القران › في قوله تعالى : ¥فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين¶”)› › وقوله : ولا ضرب ابن مریم مثلا إذا قومك منه يصدو ن 9) 6 وقوله : إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني اسرائيل »٠ فمن هذه الآيات انتزع الشاهد 1 سورة وص» : الآية ,۸٠ ٢ - سورة الفرقان : الآية «(۷» ۴ سورة الزخرف : الآية «056» ٤ سورة الزخرف : الأية 0۷ ۵ سورة الزخرف : الآية 0545 - 4۹۷ بصحة تفسير المثل بالذي ذهب إليه » وحمل هذه الاية على دحض شبهة الذين أنكروا نبوة النبي صلى الله عليه وسلم » وصلاحيته لأن يكون مثلا يقتدى به » وهي أنه بشر يأكل الطعام ويشي في الأسواق وهم مشركو العرب -والذين أنكروا أن يكون نبيا مع كونه عربيا - وهم اليهود - . وقد أقام الله عليهم الحجة بقوله : #لوإِن کنتم في ريب نا نزلنا على عبدنا» ٠ وأتبعه بوعيد من أعرض عن الإمان بعد قيام البرهان - وهم الكافرون - وبشارة الذين امنوا وعملوا الصالحات - وهم المؤمنون - وبعد أن قرر عليهم حجته - وهي تحديهم بسورة من مثله - كر على شبهتهم بالنقض وهي استبعاد ان کون بشرا رسولا من عنده . ومحصل ذلك على هذا التفسير - أن الله تعالى خالق كل شيء فله أن يجعل ما شاء من الفوائد والمنافم والعبر فيا يشاء من خلقه ومن يشاء » ويضربه مثلا للناس بہتدون به . ولیس هذا نقصا ئي جانب الألوهية » فيستحيى منه ٠ بل من الكمال والفضل أن يجعل في الملخلوقات الضعيفة والمحتقرة في العرف كالبعوض فوائد ومنافع ٠ فكيف يستنكر أن يجعل من الإنسان الكامل ‏ الذي خلقه في أحسن تقويم ورفع قدره با اختصه به من المزایا والتکريم ‏ مثلا لأمته به يمتدون › وإماما فم بہديه يقتدون ؟ وبناء على هذا التوجيه ف اللثل فیراعی توجیه بقيه معاني - £۹۸ الألفاظ با يتفق مع هذا المعنى ؛ وهو أن الذين آمنوا يعلمون أن هذا الإمام أرادته عناية الله بأن يتبواً هذه المنزلة مهما كان ضعيفا في نفسه 9 فإن الله هو الذى يعضده ببرهانه . ويمده بتوفيقه » وأما الكافرون فيستنكرون ذلك لأن غيره - في رأيهم ‏ أجدر هذه المنزلة . وقفى صاحب المنار ما ذكره في تسويغ هذا الرأي وترجيحه بذكر أن أصحاب البصائر لا يفوتون الاستفادة الحاصلة من الاقتداء بالحيوانات في أعمالا . ومن ذلك أن أحد كبار الصوفية قال : «تعلمت الراقبة من القط» ٠ وأن بعض حكاء المسلمين قرأ كتابا نحوا من ثلائين مرة فلم يفهمه فیئس منه » ثم رأى خنفسة تتسلق جدارا وتقع فعد عليها الوقوع فزاد على ثلاثين مرة ولم يصبها اليأس حت تمكنت من مرادها . فقال : لن أرضى أن تكون هذه الخنفساء أثبت مني وأقوى عزيمة » فرجع إلى الكتاب فقرأه حتی فهمه » وذکر عن تيمور لنك أنه كان طموحا إلى الملك من أول نشأته مم ما کان عليه من الفقر والمهانة . وكان لصا فسرق مرة غنا وفطن له الراعي فرماه بسهمين أصابا كتفه ورجله فعطلاهما » فاوى إلى خربة وأخذ يفكر في مهانته ويوبخ نفسه على طمعها في الملك ٠ ولكنه رأى نملة تحمل تبنة وتصعد إلى السقف وعندما تبلغه تقع ثم تعود › وظلت على ذلك عامة الليل حتى نجحت ي الصباح ٠ فقال ئي نفسه : والله لا أرضى بأن أكون أضعف عزمة وأقل ثباتا من هذه النملة . وأصر على عزمه حتى صار ملكا وكان من أمره ما کان( . ١ انار ح١ ص ٢۲۳۹ ٤ ص ٢٢۲ »٠ الطبعة الرابعة . - 4۹۹ هذا معنی کلامه » وهو تفسير ذو رونق براق ولکن ما ثبت عن سلف هذه الأمة من سبب نزول الآية يخالفه . وقد روي ذلك ئي أسباب النزول عن جماعة من الصحابة ؛ متهم إماما التفسير ابن مسعود وابن عباس ٠ وتعاقب المفسرون على حمل المثل على ما تقتضيه الروايات ٠ ولو كان المراد بالثل ما ذهب إليه صاحب النار لا كان للسلف جيعا أن يعدلوا عنه حتى لا يكون له وجود فيا أثر عنم › ومع ذلك فليس احتماله ببعيد . وأصل الفسق الخروج ٠ يقال : فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها » وفسقت الفأرة إٍذا خرجت من جحرها » ولذا سمیت فويسقة » وأطلق في الشرع على الخروج عن أمر الله بارتكاب ما حظر أو ترك ما فرض »٠ سواء كان خروجا يؤدي إلى الانسلاخ من الملة أُم لا وهذا الذي تدل عليه الآيات القرانية نحو قوله تعالى : «وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل م ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون»”) ٠ فإن تكذيبهم بعذاب الله المدلول عليه بالنصوص القاطعة مرج لحم عن ملة الإسلام » ومثله ما ي هذه الآية بدليل أنها سيقت لوصف الذين يكفرون بما يضر به الله من الأمثال ٠ وقد واطاً الفسق النفاق في قوله تعا ى : «إن المنافقين هم الفاسقون»” وجاء مقابلا لللإيمان في قوله سبحانه : #إأفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا¶»”) ٠ وقوله «أولئتك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح من . ١ سورة السجحدة : الآية ٢٢۲» ٢ سورة التوبة : الآية ١۷٠٦» ۳ سورة السحدة : الأيةٌ (۱۸» ٤ - سورة المحادلة : الآيةٌ د٢۲» وخصته المعتزلة بما دون الشرك من الكبائر › وهو اصطلاح خاص بهم كالنزلة بين المنزلتين وهي منزلة الفسق بين الامان والكفر » لأخهم لا يقولون بكفر النعمة » وأول من حذٌ له هذا الحد منهم إمامهم واصل بن عطاء حسبا ذكر الزتخشري » ولا مُشاحُة في الاصطلاح غير أنه لاينبغي أن يقصر مفهوم لفظ عا أطلقه فيه القرآن . وإسناد الحدى والضلال إلى الله إسناد حقيقي ٠ لأنه تعالى الخالق للضلال والحدى . خلافا للمعتزلة . ولذلك اضطروا إلى التأويل فعدوه من باب المجاز العقلي ٠ فمن حيث إن الله تعالى هو ضارب الثل الذي ضل به قوم واهتدی به اخرون كان السبب لضلالحم وهداهم › فصح إسناد الفعلين إليه . والنقض حل ما أبرم بطريقة معاكسة للإبرام » وأصله في الحسوس كنقض الحبل لفسخ فتله » ونقض الجدار ل حدم بنائه › واستعمل في الأمور المعقولة كنقض العهود للجامع بين المحسوس والمعقول كالحبل والعهد فإن كلا منا موصل بين طرفين » وئي استعارة النقض لترك العهد وعدم الاكتراث بميثاقه كما في هذه الاية الكريمة إيماء إلى أن الحبل يستعار للعهد . كما في قول مالك بن التيهان رضى الله عنه لرسول الله يَأ في بيعة العقبة الثانية : «إن يننا وبين القوم حبالا وإنا لقاطعوها» فإن مراده بالحبال ما كان بيهم وبين غيرهم من العهود السابقة في الجاهلية » وبهذا تدرك أن ا00 - الاستعارة هنا مرموز بها إلى استعارة مطوية لم تذكر في الكلام ؛ ولكن يقتضيها المعنى . والعهد يطلق على الادراك كعهدت فلانا بمعنی أدرکته ٠ ويطلق على الوصية كعهد إليه بكذا بمعنى وصاه . ويطلق على معان فيها ملاحظة التوثيق والربط » واختلف في المراد بعهد الله في هذه الآية قيل هو عهد فطري ٠ وهو ما أودعه الله في فطرة كل إنسان من معرفة أن لذا الكون مكونا . وقاهرا يدبره » وأن الأنسان مفتقر إلى الصلة بهذا الكون من طريق العبادة والطاعة والاذعان . فإذا ماعكس هذه الفطرة فهو ناقض لعهده تعالى » وقيل : هو ما أخذه الله على الأمم من طريق أنبيائهم من عهد الإمان بالنبي الخاتم عليه أفضل الصلاة والسلام وذلك قوله تعالى : «وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لا اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءکم رسول مصدق لا معكم لتؤمنن به ولتنتصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون»‹9 . وقيل : هو العهد المأخوذ على أهل الكتاب بأن يبينوا الحق ولا يكتموه ؛ وهو المراد بقوله تعالى : «لوإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس مايشترون»”›. وعلى ذلك فاللقصودون اليهود الذين كانوا يشككون الناس في القران وفي نبوة ١ سورة آل عمران : الآيتان د۸۱ ١ ۸۲» ٢ - سورة ال عمران : الآية (۱۸۷» الرسول ية بجا كانوا يلقونه من الشبه ويلفقونه من الأكاذيب ٠ وقيل : العهود ثلائة ؛ عهد خاص بالنبيين . وعهد خاص بالعلاء » وعهد لجحميع الناس . فالأول هو المراد بقوله تعالى : #وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهیم وموسی وعیسی ابن مریم وأخذنا منہم میثاقا غلیظاڳ() » والثاني هو المعنی بقوله تعالى : #لوإذ أخذ اله ميثاق الذين أوتوا الكتاب »٠ والثالث ما دل عليه قوله : ءلوإذ أخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى4”› › وقيل : المراد يي الآية هو هذا العهد البشري العام الذي أخذه الله على جميع بني ادم . ولصاحب النار ي معنى العهد كلام خلاصته أن العهد هنا حمل لم يسبقه ولم يتله ما يبينه » لأن الواقع هو الذي يكشف عن المراد به ٩ وي ذلك غنى عن التفصيل القولي ٠ ويرشد إلى فهم العهد الالحمي هنا معنى الفسوف المتقدم بيانه » فإن الفاسقين هم الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه » وقد سبق أن الفسوق ‏ على رأي صاحب النار- هو الخروج عن سنن الله تعالى في خلقه التي هداهم إليها بالعقل والمشاعر » وعن هداية الدين بالنسبة إلى الذين أوتوه خاصة ٠ فعهد الله تعالى هوما أخذهم به بمنحهم ما يفهمون به هذه السنن المعهودة للناس للنظر والاعتبار » والتجربة والأختبار › أو العقل وال حواس المرشدة إليها وهي عامة والحجة بها قائمة » على ١ - سورة الأحزاب : الآية ۷70» ۲ - سورة الأعراف : الآية د۱۷۲ = 00۳ كل من وهب نعمة العقل › وبلغ سن الرشد سليم الحواس ٠ ونقضه عبارة عن عدم استعمال تلك المواهب استعمالا صحيحا ٠ حتی کانہم فقدوھا وخرجوا من حکمھا » کا قال تعالی : هم قلوب لا يفقهون با ولحم أعين لأيبصرون با ولم اذان لا يسمعون بها أولئك كالأنمام بل هم أضل أولئك هم الفافلون»(› ». وكا قال فيهم أيضا: صم بكم عمي نهم لا يعقلون #٩ » هذا هو القسم الأول من العهد اللي وهو العام الشامل ٠ والأساس للقسم الثاني الذي هو الدين › فالعهد فطري خلقي ودیني شرعي 5 فالمشركون نقضوا الأول وأهل الكتاب الذين ا يقوموا بحقه نقضوا الأول والثاني جيعا . ومن هذا النقض إتكارهم ضرب الثل” . هذا رأيه ئي العهد ونقضه وهو صادر عن فرط تقديره لمواهب الانسان كالعقل والوجدان ٠ ومأخذه قوي غبر أي لا أجد داعيا إلى التفرقة بين العهد الفطري والعهد الدينى ٠ فالدين ما هو إلا توجيه إفي هذه الفطرة » ولذلك يأتلف معها ولا يختلف ٠ وصدق الله «إفأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله الي فطر الناس عليها لا تبديل خلق الله ذلك الدين القيم 4”*) ٠ ومهم يكن فإن الدين هو الصلة بين الخلق وربهم ٠ والعقل البشري لا يُصْدّر عنه في الأحكام التعبدية وإن جاز استلهام بعض الحقائق منه فإن مصدر الأحكام ١ - سورة الأعراف : الآية «و۱۷۹» ٢ سورة البقرة : الآية «۷۱٠» ۳ المنار . ح ١ ص ٢٢۲ ٢« الطبعة الرابعة . ٤ سورة الروم : الأية ۳9« ‎F-۲‏ وحي الله تعالى . لذلك أ جنح إلى رأي من رأی أن المراد بالعهد دين لله سبحانه » ون قضه كل الف له » وئي هذا ما يدل عل موم الذين كفروا » وشموله أهل الكتاب وغيرهم ممن كُذّب برسالة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وخرج عن دعوته . ولا داعي إلى التفريق بين أهل الكتاب والمشركين باعتبار الأولين ناقضين لعهدين والآخرين لعهد واحد › فإن حجة الله مما أبدع وما شرع قائمة على كلا الفريقين ٠ ومع ذلك فإن أهل الكتاب أولى بالحفاظ على هذا العهد لتأكده عليهم بتكراره على ألسنة رسلهم › وقد حكى الله ذلك في قوله : «لوإذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل لا تعبدون إلا الله . . € (الآية) » وقوله بعدها : «وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم . ‎ .‏ (الآية) › وقوله : لإوأوفوا بعهدي أوف بعهدكم» »٠ وقوله : ل ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا»”) » وغيرها من الآيات الدالة على أن بني إسرائيل كانوا أثقل حملا وأعظم مسئولية لتكرر النبوات يهم ٩ وتعدد الموائيق عليهم . والميثاق إما مصدر كاليعاد والميلاد » وإما اسم مصدر بمعنی الوثق أو الإيثاق أو التوثيق › والمؤذى واحد » ويراد به توثيق عهد الله الذي جاءهم على ألسنة رسله با أيد به الرسل من المعجزات › ويصح أن يكون ما بثه الله تعالى في هذا الكون من اياته الباهرة داخلا في هذا التوثيق لدلالته على وحدانية الله » وقدرته وإحسانه . ١ سورة المائدة : الآية ١١٠» والأمر هنا واحد الأوامر لا الأمور » وهو طلب فعل من غيره تعا لى 9 واشترط بعضهم علو الطالب ٠ واخرون استعلاءء ولم يشترط ذلك اخرون »٠ ويخرج بقيد كون الطلب من غير الله الدعاء فإنه وإن اتفق مع الأمر ني صيغة الطلب فلا يجوز أن يسمى أمرا: لتعذر أن يكون المخلوق امرا للخالق تعالى ٠ ويطلق الأمر على واحد الأمور لأنها لا تكون إلا لداع وهو شبيه بالآمر . فلذا أطلق عليه اللصدر من هذا اللفظ ٠ وهو من باب إطلاق المصدر على المفعول فإنه مأمور به . ومثله الشأن لأنه مأخوذ من شأنت شأنه بمعنى قصدت فصدەه . واختلف في الراد بقوله لما أمر الله به أن يوصل قيل : هو الأرحام الي قطعوها » ورجحه ابن جرير ورواه عن قتادة » وقال به جماعة من العلاء › واستدلوا له بقوله تعالى : لإفهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم €( وعليه فالمراد قطعهم صلة رحمهم بالنبي يَةٍ بإيذائه وإلجائه إلى الحجرة » وهو مبني على أن المعنيين هم كفار قريش الذين لم يرعوا قرابته ي » أو قطع اليهود لأرحامهم كا يدل عليه قوله تعالى : «لوإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القري. . 4 إلى قوله : ل.. ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم 4) » أو قطع المنافقين لأولي القرى منهم من المؤمنين إذ م يبالوا بالدس عليهم والمكر بهم ٠ أو أن المراد ما يشمل كل ذلك . ١ سورة القتال : الآية د٢۲» ۲ سورة البقرة : الآيتان «8۳ £ ©8 وقيل هو التصديق بالأنبياء أمروا بوصله فقطعوه إذ آمنوا ببعض وكفروا ببعض ٠ واستدل له بقوله تعالى فيهم : «ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا »2 » وعليه فهو خاص باليهود » وقيل : هو القول والعمل أمروا بوصله| فقالوا ولم يعملوا » وعليه فهو خاص بالنافقين . وذهب السيد محمد رشيد رضا إلى أن الأمر هنا شامل لأمر التكوين وهو ما عليه الخلق من النظام والسنن المحكمة ٠ لأن الله سمی التكوين أمرا حيث عبر عنه ب «کن» في قوله : إا أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون4) » وأمر التشريع وهو ما أوحاه إلى أنبيائه وأمر الناس بالأخذ به » ومن النوع الأول ترتيب النتائج على المقدمات ٠ ووصل الأدلة بالمدلولات ٠ وإفضاء الأسباب إلى المسببات ومعرفة المنافم والمضار بالغايات › فمن أنكر نبوة النبي بعد ما قام الدليل على صدقه أو أنكر سلطان الله على عباده بعد ما شهدت له به اثاره في خلقه › فقد قطم ما أمر الله به أن يوصل بهقتضى التكوين الفطري ٠ وكذلك من أنكر شيئا ما علم أنه جاء به الرسول لأنه إن كان من الأصول الاعتقادية ففيه القطع بين الدليل والمدلول » وإن كان من الأحكام العملية ففيه القطع بين المبادىء والغايات ٠ لأن ما أمر به الدين قطعا فهو نافع . ومنفعته تثبتها التجربة والدليل . وكل ما جى عنه حت فلا بد أن تكون المضرة عاقبته » فالذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه هم الذين يقطعون ۱ - سورة النساء : الآية 10« ٢ - سورة يس : الآية (۸۲» ما أمر الله به أن يوصل بغايته . أما بالنسبة إلى الإيمان بالله تعالى وبالنبوة فيقطعون ما أمر الله به في كتبه أمر تشريع وتكليف ٠ وصلة الأرحام تدخل في كلا القسمين() . وذهب قطب الأئمة ‏ رحمه الله تعالى - في التيسير إلى أن القصود به هو الان بالنبي ية والأنبياء وعدم التفرقة بين رسول واخر » وكتاب واخر » وأداء حق الرحم والمؤمنين › وال جهاد وسائر الدين . قال : «وما ذكر من العموم أولى من تفسير (ما أمر الله به) بمحمد يِل . وإطلاق (ما) عليه » ومن تفسيره بالقران أو الرحم ومن تفسيره بوصل القول بالعمل › ومن تفسيره بالأنبياء» . وقال ي الميميان بعد حكايته الخلاف «والذي عندي أن المعنى أنهم يتركون ما أمر الله به أن لا يترك فيدخل فيه الايمان بالأنبياء كلهم » والكتب » وصلة الرحم »٠ وإقام الصلاة ٠ وإيتاء الزكاة › وصوم رمضان » وحج البيت » وقراءة القران . ونحو ذلك من أحكام الدين › ووصل كل شيء من ذلك هو فعله ۽ وقطعه هو تركه » وأما فعل المحرمات فداخل في قوله بعد ذلك (ويفسدون في الأرض) ٠ وإن شئت فقل يدخل في قوله : #إويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ٠ فالوصلة بين المكلف والنبي عن المحرمات أن يتبع النبي فيترك المحرمات ٠ فإذا طرح النبي وراء ظهره واقتحم اللحرمات فقد قطعه»؟ . ١ المنار ح ١ ص ٤٢۲ »3 الطبعة الرابعة . ٢ ۔ تیسير اله لتفسم ح ١ ص ٤٤ وزارة التراث القومي والثقافة . سلطنة عمان . ۳ - هيميان الزاد . ح ١ ص ۳۹۹ الطبعة الأولى ٠ المطبعة السلطانية بزنجبار . - 00۸ والتماس الترجيح في ذلك إنما يكون بالرجوع إلى طبيعة الإنسان والتأمل في علاقاته مع بني جنسه وغيرهم ٠ فحياته حياة اجتماعية بحيث لا يمكن لأي فرد من أفراد نوعه أن يستقل في حیاته بنافعه ومصالحه ٠ وبهذا يتضح أن ما أمر الله به أن يوصل یراد به کل علاقة بين شخص واخر » أو بين فرد وجموعة ٠ فالعلاقات البشرية يجب أن تكون قائمة على أسس تعاليم الله عز وجل »٠ ومراعاة هذه التعاليم هو وصل فا » والإنحراف عنها هو قطع لاء فتدخل في ذلك العلاقات بين الأصول والفروع ٠ وهي صلات الاباء والأمهات من جهة بالأبناء والبنات من جهة أخرى ٠ وما لكل من الجهتين من حقوق على غيرها . والعلاقات التي تكون بين شركاء الحياة وهم الأزواج والزوجات › وعلاقات الفروع الباسقة من دوحة واحدة 5 وهم الأخوة والأخوات ٠ وعلاقات ال جنس البشري › وعلاقة الإنسان بسائر الكائنات ٠ فهي جيعا يجب وصلها حسب تعاليم الله سبحانه التي أنزلها في كتبه أو لقنها رسله فتلقيت عنہم ٠ ويدل على شمول ذلك كله التعبير ب «ما» الي هي من صيغ العموم . واختلف في الراد بالافساد في الأرض ٠ ذهب فريق إلى أنه قطعهم الطرق على المهاجرين إلى الله ورسوله » وذهب اخرون إلى أنه مطلق ارتکاب اللعاصي لأنہا أعظم أسباب المساد ف الأرض 6 - 004 وأمحق لخيراتها . وأسحق لبركاتها : إظهر الفساد في البر والبحر با كسبت أيدي الناس 4« » فامعصية لا تلبث أن تحول المنافع إلى مضار وامصالح إل مفاسد خصوصا عندما تتفشى في أوساط الناس ولا تيد لا مقاوما › فلا تقف اثارها عند الراكبین فا بل تشمل الساكتين عنما › فيعم الجميع سخط الله المؤدي إلى هوان الدنيا وعذاب الآخرة والعياذ بالل › ُو تسمعوا إلى قوله تعالى : لعن الذين كفرواامن بني إسرائیل على لسان داود وعیسی ابن مریم ذلك با عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما کانوا يفعلون»”) . وإن من أخطر المعاصي على الناس ء وأعمها ضررا › وأشدها بلاء هجران الأمة لكتاب ربا الذي ينير لما البصائر › ويوضح فا المسالك ٠ ويقف بها على أسباب الخير » ويبين شا أسباب الشر. فإن هذا الاعراض عنه واستبدال تعاليم الطاغوت بتعاليمه . وأحكامه بأحكامه هو أقطع المدى لأوصال الأمة » وأخطر الأسباب المؤدية بها إلى المهانة والذلة › وهذا الذي وقع فيه المسلمون عندما هجروا القران وصدقت عليهم شكوى الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام : يارب إن قومي اتخذوا هذا القران مهجورا»” › فما أحراهم با خسران إلا إذا ارعووا عن غيهم وٹابوا إلى رشدهم »٠ وأنابوا إلى رهم » وحطموا أغلال الجاهلية وقيودها › فصاروا بدينهم أحرارا أعزة . أسأل الله أن يكون ذلك قريبا . ١ ۔ سورة الروم : الآية ‎dt‏ ‏٢ - سورة المائدة : الأية د۷۸» ۴ سورة الفرقان : الأية 9« ۰ا0 - وقوله «أولئك هم ا خاسرون» بيان لعاقبة فسقهم ونقضهم العهد وقطعهم ما أمر الله بوصله وإفسادهم في الأرض ٠ فإن مال أمرهم خسران الدنيا والآخرة : «ذلك هو الخسران الميين» . أما خسران الآخرة فبين » كيف وهم المحرومون من رضوان الله سبحانه ورحمته في جنة عرضها السموات والأرض ٠ وليس لم في الآخرة إلا النار ؟ وما أعظم خسارة من لم تسعه جنة عرضها السموات والأرض وكان قراره في عذاب لا ينتهى في نار حامية ليست لأحد طاقة بعذابها » وأما في الدنيا فإنهم لا يبارحهم فيها القلق ولا يفارقهم الأاضطراب ٠ فلا يذوقون فيها طعم الطمأنينة ولا يعرفون راحة الأستقرار بخلاف المؤمنين المتقين المطمئنة قلوبهم بذكر الله : ألا بذكر الله تطمئن القلوب€” . ١ سورة الرعد : الآية ٢۲» “۱ كيف تكفرون باه وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم بحييکم ثم إليه ترجعون”^) هو الذي خلق لكم ما في الأرض جيعا ثم استوى إلى الساء فسواهن سبع سموات وهو بکل شيء عليم ٠۲) الآيتان مرتبطتان مما قبلهم ارتباطا وثيقا ١ وإنما جاء الكلام فيه على أسلوب الإلتفات من الغيبة إلى الخطاب » لا في مواجهة الذين كفروا - بعد تعداد مثالبهم وتقرير كفرهم - بالتوبيخ والتقريع على ما صدر منهم من الكفر مع توفر دواعي الايمان من أثر على نفوسهم ٠ فإن للخطاب تأثيرا في نفس المخاطب أعمق وأبلغ من تأثير حديث الغيبة على الغائب ٠ فلعل هذه النفوس المخاطبة تنزجر عن قبائحها وترتفع عن غيها هذا بجانب الحكمة العامة في الالتفات وهي تبديد النشاط بتطرية الكلام » ونقله من أسلوب إلى خر . وذهب ابن عاشور إلى أن الخطاب هنا للناس الذين خوطبوا من قبل بقوله : ليا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم؟ » وعد الجحمل من قوله : #وبشر الذين آمنوا . . 4 إلى قوله : #. . الخاسرون» معترضات بين هذا الخطاب »٠ وأنكر أن يكون تناسب بين قوله هنا : كيف تکفرون» وقوله من قبل : إن الله لا يستحبي . .4 إلى آخره » وبنى عليه إنکار تغريج هذا ۲٥ - الخطاب على أسلوب الالتفات وإنما رأى الرابط بين الخطابين مناسبة اتحاد الغرض بعد استيفاء ما تخغلل واعترض » وذكر من بديم المناسبة وفائق التفنن في ضروب الانتقالات في المخاطبات اتحاد العلل الى قرن الله بها الأمر بعبادته في قوله : فيا أيها الناس اعبدوا ربكم . . 4 إلى اخره » وقرن بها إنكار ضد العبادة وهو الكفر في قوله هنا : كيف تكفرون بالهڳ حيث قال هناك : الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الأرض فراشا والسياء بناء وأنزل من الساء ماء . ‎ .‏ (الآية) 9 وقال هنا : وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون هو الذي خلق لكم ما في الأرض جيعا ثم استوى إلى السياء . . € (الآية) . وبالغ في إنكار أن يكون اليهود هم المخاطبين هنا نظرا إلى أغهم لم يكفروا بالله ولم ينكروا الإحياء الثاني » ولذلك رأى تعين أن يكون الخطاب للناس وهم قريش” . ولم يتضح لي وجه قوله » فإن عود الخطاب في قوله : «کیف تكفرون» إلى الناس المخاطبين في قوله : «يا أيا الناس» بعد العديد من الآيات التي خرجت عن الموضوع لايتلاءم مع ماعغهد من انسجام عبارات القرآن ٠ وترتب كلماته وتناسب اياته . وما الداعي للمصير إليه مع إمكان خلافه » فإن التقريع موجه إلى الكفار في الاية بعد ما ذكر عنم من إنكار ضرب الثل ٠ والتسجيل عليهم ١ - التحرير والتنوير ح ١ ص ۴۷۴ » الدار التونسية للنشر . 0۱۳ ۔ بالفسوق › ووصفهم بنقض عهد الله من بعد میثاقه » وقطع الصلات التى أمر بها › والافساد في الأرض › وكل من ذلك ناشىء عن کفرهم بالله واليوم الآخر » فكيف يستغرب إذا وبخوا بعد تعداد هذه المثالب على الكفرء أوليسوا هم المكذبين با أنزل الله › والمناوئين لمن أرسل » والناكثين لعهده ؟ وقد سجل عليهم بالکفر بصریح العبارة في قوله «. . وأما الذين كفروا» ولا معنى لا يقوله ابن عاشور من أن اليهود لا يكفرون بالله ولا بالمعاد » وإني لأعجب كيف ينفي عنهم الكفر بالله مع وصفهم له سبحانه با لا يليق بعظمة الربوبية وجلالها » وأي كفر أعظم من قولحم : إن اله فقير ونحن أغنياء2 › وقولحم : ليد الله مغلولة ”2 ٠ وقولحم : نحن أبناء الله( وهم وإن أمنوا باليوم الآخر فإنهم يعتقدونه حسب تصوراتهم الخاطئة التي لا تتفق مع ما وصفه الله به › وقد قال الله فيهم : قد يئسُوا من الآخرة كا يئس الكفار من أصحاب القبور»”) . وقد علمتم مما سبق أن الخطاب في ديا أيها الناس . .» موجه إلى عموم الطوائف الثلاث المذكورة من قبل . وهي المؤمنون والكفار والمنافقون . وهذا هو الذي درج عليه ابن عاشور نفسه ٠ كا علمتم أن الصحيح أن المنكرين للمثل هم كل الذين كفروا با أنزل الله . ولم يكن ذلك محصورا في اليهود کا ذهب إليه ١ سورة ال عمران : الآية ۸۱١۱ء ٢ سورة المائدة : الآية ٤6٦» ۴ - سورة المائدة : الآية «۸٠۱» ٤ سورة الممتحنة : الآية «۱۳» ٤0۱ ۔ ابن عاشور » مستدلا بوصفهم أ نمم ينقضون عهد الله من بعد میثاقه إلى اخره . لأن هذا الوصف ينطبق على جميع الكفار › فقد وصف الله به قريشا في سورة الرعد حیث قال : والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة وم سوء الدارڳ«)› . أُما مناسبة اتحاد العلل التي اقترن بها الأمر: بالعبادة في قوله : «يا أيها الناس» وإنكار ضدها وهو الكفر في قوله هنا «كيف تكفرون» فهي لا تدل على ترابط الخطابين لأن هذه العلل صالحة لأن يقرن بها كل كلام يدعو إلى العبادة والإيمان › أو يحذر من الكفر والعصيان . و «كيف» موضوعة للاستفهام وهو طلب الفهم غير أنه هنا متعذر لأن العليم بخفيات الأمور ليس من شأنه الاستفهام › وإنما هي بمعنى الأنكار والتوبيخ والتعجيب . وذلك أن المنكر عندما يطلب الجحواب من المنكر عليه في أمر بين فساده إا يريد بذلك قطع عذره ٠ وكثير من المفسرين تساعوا فقالوا إنها هنا بعنى التعجب ٠ وحقيقة التعجب مستحيلة على الله تعالى لأنه لا ينشاً إلاعن الحجهل ٠ واللائق بالتأدب مع الله أن يقال إنها للتعجيب ؛ أي حمل السامعين على التعجب ۾ اللهم إلا إن قصدوا بالتعجب التعجيب لا يكون أحيانا من التعاقب بين التفعل والتفعيل لما بينا من رباط السببية . والأصل في الإستفهام بكيف أن يكون عن الحال ٠ وكذا إن ١ سورة الرعد : الآية ٢٢٥» ا0 “- استعملت في الانكار ونحوه إلا أن إنكار الحال يقتضي إنكار ما تلبس بها بطريق البرهان » فالمنكرٌ هنا نفس الكفر لأنه لا بد أن يكون على حال من الأحوال » وهو منكر على أي حال ٠ لأن الدواعى متضافرة على خلافه وقد سبق الحديث عنه وعن نقيضه _ الإيمان - فلا داعي إلى التكرار . نعم الله توجب شکره : وقد أثير الاستغراب من كفر هؤلاء بالله تعالى مع تضافر الأدلة على وحدانيته » وتوفر الدواعي إلى شكره » وأبرز ذلك إخراج الإنسان من العدم إلى الوجود » ونقله من الموت إلى الحياة » فقد كان ميتا لأن عناصره كانت منبثة في طبقات الأرض الحامدة والسائلة والغازية . ثم أخحذت تتدرج في الأطوار » وتتنقل إلى أن كون الله منہا الْغْذاء الذي تكون منه الدم فحول الله منه ما يشاء إلى مني دافق يتدرج هو أيضا بعد استقراره في الرحم من طور إلى اخر حت يخرج منه هذا الكائن الذي نفخ الله فيه من روحه » وأفاض عليه من نعمه » وأكمل حواسه ومشاعره » وبوأه ‏ با احتصه به من مزية العقل والعلم - مكان الخلافة في الأرض والسيادة في الكون ٠ فإن تفكيره في أمره داع إلى الإيمان والشكر » فجدير بالإستغراب منه إخلاده إلى الكفر واتباعه مسالك الضلال » وهو معنی ما رواه ابن جرير عن ابن مسعود وابن عباس واخرين من الصحابة رضوان الله عليهم ‏ أنهم قالوا في تفسير الآية : «كنتم أمواتا» أي ٦0۱ - ترابا قبل أن يخلقكم ٠ فهذه ميتة » ثم أحياكم فخلقكم » فهذه حياة » ثم يميتكم فترجعون إلى القبورء فهذه ميتة أخرى ٠ ثم يبعشكم يوم القيامة » فهذه حياة أخرى . وقالوا مثل ذلك في قوله تعالى : «إربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين* وهو مروي عن أبي العالية والحسن ومجاهد وقتادة وأبي صالح والضحاك وعطاء الخراساني . وإطلاق الموت على ما لم تسبق له الحياة قيل هو حقيقة ٠ وقيل جاز » وفرق اخرون بین ما کان من شأنه الحیاة کال حیوان والنبات ٤ وما كان بخلاف ذلك كالجماد . وعلى هذا الإختلاف يتخرج الاختلاف هنا . وللحكاء في تفسير الموت نظريات عول عليها بعض اللفسرين »٠ ولا أرى التعويل عليها لأن الله هو الذي خلق الموت والحياة » وهما من أسرار غيبه التي ل يُعرّفنا بها » ولم يكن قول الحكماء صادرا عن قواعد ثابتة . وإنما عولوا على محرد أنظار تخغطىء وتصيب . واختلف في ترتيب هاتين الموتتين » وهاتين الحياتين » وقد علمت ما قاله المفسران الصحابيان الحليلان وتابعه| عليه جماعة من مفسري التابعین فمن بُعدّهم » وروی ابن جریر عن زید بن آسلم أن المراد بالاحياء الأول إخراجهم من ظهر ادم كأمثال الذر حين ذه الميثاق منهم » ثم أماتهم . ثم خلقهم في الأرحام 9 ثم أماتهم ٠ ثم أحياهم يوم القيامة - وهو کہا قال ابن جریر -یلزمه تکرر - 0۱۷ كل من الاحياء والإماتة ثلاث مرات مع أن المنتصوص عليه مرتان › وروي عن ابن عباس : كنتم أمواتا فأحياكم ؛ أمواتا في أصلاب آبائكم لم تكونوا شيئا حتى خلقكم » ثم يميتكم مونة الحق » ثم يحييكم حين يبعثكم » وذهب بعضهم إلى أن الموتة الأولى هي عبارة عن انفصال النطفة من أجسام الآباء لن ما انفصل من حي فهو ميت ٠ وذهب جماعة إلى أن الموت هنا عبارة عن الغفلة » والحياة هي النباهة بعدها . أي كنتم غافلين فنبهكم ٠ وهو مردود لأمرين : أولما أن المخاطبين لم ينفكوا عن غفلتهم ما داموا لم يبرحوا كفرهم . ثانيه| : أنهم وعدوا بالإماتة والاحياء كرة أخرى » وهو شاهد على أن الحياة والموت المذكورين حسيان وليسا بعقليين ٠ وقيل : إن الحياة الثانية هي حياة القبر عندما يى الميت لسؤال الملكين . والصحيح من هذه الأقوال أولا › وهو الذي صححه كل من ابن جرير وابن كثير . وجنح إليه جم غفير من الفسرين . وهو لا ينافي سؤال الملكين في القبرء فإن تلك حياة تختلف عن التي سبقتها في الدنيا والتي تليها في الآخرة » كا لا ينافي ذلك تكرار الأحياء والاماتة في بعض الناس أكثر من ذلك كالسبعين الذين اصطحبهم موسى إلى الميقات ٠ والذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها فأماته الله مائة عام ثم بعثه . والذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف » فإن الخطاب للعامة ولمؤلاء حكم خاص »٠ ومن ناحية أخرى فإن هؤلاء كانوا قبل نزول الآية . والمخاطبون فيها هم المعاصرون لنزوفا › والذين يأتون من بعدهم . - 9۱۸ والعطف بالفاء في قوله «فاحياكم» لعدم الفاصل بين كونهم أمواتا وإحيائهم ٠ أما العطف بثم بعد ذلك فللمهلة بين الاحياء والإماتة بعده 9 وبين الإماتة والإحياء الثاني . والمراد بالرجوع إما الأجتماع في الموقف »٠ أو الاستقرار في إحدى الدارين » لأن في كلا الأمرين رجوعاً إلى الله تعالى ٠ وكل ما ذكر هنا شاهد على عظمة الخال وقدرته » وإحاطته بكل شيء » فهو حقيق بأن يبد ولا يكفر » وأن يطاع ولا یُعصی .. ولا يقال إن مشركي العرب كانوا ينكرون البعث » فكيف يحتج عليهم با ينكرون لآأن توفر الدلائل وقيام الشواهد ‏ من خلق الناس أنفسهم وخلق الكون ‏ على إمكان النشأة الثانية - إذ ليست أعجب من النشأة الأولى ‏ كاف في دحض الشبه التي يتشبثون با في إنكار البعث . وحملة «کنتم أمواتا» حال من تكفرون » وفدر بعضهم «قد» قبلها لتسويغ حاليتها » ولم ير ذلك الز حشري . لأن الواو لم تدخل على «کنتم أمواتا» وحده » وإنما دخلت عليه وعلى ما بعده إلى قوله : ٠. . ترجعون» كأنه قيل : كيف تكفرون بالله وهذه قصتکم ٠ ثم بحث في كون بعض القصة ماضيا وهو كونهم أمواتا وإحیاؤ هم › وبعضها مستقبلا › وهو إماتتهم وما بعده . والماضي والمستقبل منافيان للحالية . وأجاب بأن الانكار عليهم إنا كان مع علمهم بهذه القصة . والعلم حالي ليس ماضيا ولا مستقبلا » ويكفي في کونهم - 01۹ عالين وجود الدلائل على ما يتجاهلونه من ذلك بحیث تمکنہم أن لو أرادوا من الوصول إلى العلم( . ولا أرى داعيا إلى تقدير العلم › فإن كون هذه هي قصتهم أمر لا ينفكون عنه مع قطع النظر عن تقدم بعض القصة وتأخر الإنسان سيد الأكوان وخليفة في الأرض : وبعد تقرير مبداً الإنسان ومصيره › ينتقل السياق إلى بيان منزلته وإعلان قيمته في موازين الله تعا ى » فهو بمقتضاها ليس عبدا للمادة » بل هو سيد فا . لأنها خلقت له وسُخرت لمصالحه ٠ ومن هنا تختلف قيمته في الإسلام عن قيمته بحسب معايبر العالم المادي ؛ شرقيّه وغربيّه » وبموجب نظاميه الرأسمالي والإشتراكي ٠ إِذ قيمته بحسب النظرة المادية قيمة هابطة ليس له فيها أد تكريم » كيف وعجلة تطوره مربوطة بالتطور المادي ٠ فلا يقاس تقدمه أو تأخره › ولا رقيه أو انحطاطه إلا بالمقاييس الترابية المضطربة » فهو بموجب ذلك لا يختلف عن الآلات الصاء التي إذا استهلكت ألقيت مع الحطام والنفايات . والأسلام ئي نظرته إلى الأنسان لا يختلف مع النظرة المادية إليه من هذه الناحية فحسب »٠ بل يرفم قدره فوق ذلك کله ؛ باعتباره خليفة في الأرض وسيدا في الكون » ولذلك خصّ بأن خلق ١ الكشاف ح ١ ص ١۱۲ 5 ١۱۲ 3 دار إحياء الكتاب العري . 0۲۰ ۔ الله له ما ي الأرض وسخر له ما في الوجود » وذكر هذه النعم عليه في هاتين الآيتين هو توطئة لما تأت به الآيات من بعدها من قصة هذا الاستخلاف . وفصل هذه الآية عن التي قبلها إما لأنها أريد بها تأكيد ما تقدم » والتوكيد لا يعطف على المؤكد » وذلك باعتبار أن خلق ماي الأرض شم هو إكمال لایبادهم المعبر عنه ب «أحياكم» لضرورتهم إلى ما يكون مددا لذه الحياة , وإما أن يكون امتنانا عليهم بالنعم لدمج التسجيل عليهم بكفر النعمة مع سرد الأدلة الداحضة لکفرهم بالله تعالى . وقد سبق معنى الخلق وحمله بعض المفسرين هنا على التسخير › وهو الذي أخرجه عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة » وأخرجاه مع عبدالرزاق وابن أبي حاتم عن مجاهد . وخلق جميع ما في الأرض للناس » أي لينتفعوا به إما منفعة عاجلة وإما منفعة أجلة . ولله تعالى أسرار في تكوين الأشياء حتى الي تتبادر إلى الأذهان مضرتها ؛ فإنها قد تنطوي على منافع تتكشف للناس ولو بعد حين » ولو لم تكن منها منفعة عاجلة فبحسبها منفعه ما يترتب على الاعتبار بها من تذكر عذاب الأخرة المؤدي إلى الأزدجار عن معاصي الله 9 والمسابقة إلى طاعته . وئي کل شيء عبرة لمن اعتبر » وموعظة لمن اذكر . هذا وقد أخذت أسرار هذا البيان الاي تتجلى للناس حينا .ا0۲ - بعد آخر» إذ أخذت تتكشف لم مم التطورات العلمية ‏ منافع حمة في محلوقات شتى ل يكونوا يتصورون إلا مضرتها » فهذه الحرائيم أصبحت في عداد المنافع بعد أن كان الناس لا يتصورون منها نفعا › فقد استعين بها في كثير من ضرورات الحياة المعاصرة کاستخدامها وقودا للآلات ٠ وإصلاحا للأغذية وهي لا ريب - منافع هامة داخلة في عموم ما في الأرص ٠ وقبل بضع سنين ألقيت في أحد الملساجد درسا حول الحرائيم ومنافعها . واعتبرت هذه النافع الملكتشفة فيها من دلائل الإعجاز العلمي في القران بدخوفها في مدلول هذه الآية الكريمة . واستدل هذه الآية على حكم مسألة مهمة شغلت بال الأصوليين والفقهاء . وهي الأصل في الانتفاع بالأشياء حسب ما يلائم طبيعتها . هل هو معدود قبل ورود الشرع في حكم المباح أو غيره ؟ فالقائلون بالاباحة استندوا - فيا استندوا إليه ‏ إلى هذه الأية الكريمة لأن الله لم يكن ليخلق الأشياء للناس ثم يعاقبهم على استعماا في يتلاءم مع طبيعتها » وهذا هو الذي ذهب إليه جل أئمة المذهب ٠ ونص عليه قطب الأئمة ‏ رحمه الله - في تفسيريه امیميان والتيسير » وبه قال الزغشري والرازي والبيضاوي › ونسب إلى الشافعي وجماعة من الشافعية والحنفية ›. كا نسب إلى للعتزلة » وذهب اخرون إلى أن الأصل فيها الحظر حتى يرد الشرع بإباحتها . وعليه عول قطب الأئمة ‏ حسب حفظي - في شرحه على شرح البدر الشماخي على مخحتصر العدل ٠ ونسب إلى بعض أهل - OYY. الحديث وبعض المعتزلة » وذهب آخرون إلى الوقف ٠ وهو الملحكى عن بي الحسن الأشعري وعن المالكية وجمهور الحنفية والمعتزلة حسب نقل ابن عرفة ٩ وهو الذي يقتضيه كلام ابن العربي فِ أحكامه . والقرطبي في تفسيره . وأصحاب القولين الأخيرين يرون أن الآية الكريمة لم ترد لتشريع حكم ٠ وإنما نزلت للإمتنان وبيان تكريم الله تعالى للإنسان » ونت تدري أن الإمتنان يما تعود مغبته باللضرة على الممتن عليه لا يكون من الحكيم تعالى . لأن عقوبة الحرام لا يوازيها الأنتفاع به . واستدل فريق من العلماء بالآية على تحريم أكل الطين لأن الله م يقل أنه خلق لنا الأرض » بل قال : هو الذي خلق لكم ما في الأرضكه وهو استدلال في منتهى السفسطة ٠ فإن الخلق ليس هو لأجل الانتفاع بالأكل فقط ٠ وإنما هو لأجل النافع المتنوعة » فمن الملخلوقات ما يكون صال حا للأكل ٠ ومنها ما يكون صالحا للبس ٠ ومنہا ما يكون صالحا للتداوي ٠ ومنها ما يكون صالا للركوب ٠ ومنها ما يصلح للبناء به » إلى غير ذلك من المنافع المتنوعة التي لا يكاد الإنسان يحصيها . ولو كانت المنافم محصورة في الأكل لا كانت نعمة في اللباس ٠ ولا في الافتراش ولا في غير هما » وهل يبني الناس مساكنهم ٠ ويغرسون بساتينهم » ويحرثون زروعهم إلا على ظهر الأرض ؟ أوليس في ذلك كله نعمة بها على الإنسان ؟ وأعظم منه تهيئة الأرض لأن تكون قرارا للناس . والعجب من هؤلاء كيف -“ o۲۳ يتصاممون ويتعامون عن قوله تعالي : الذي جعل لكم الأرض فراشا» ؟ وقد يون الشيء نافعا في أمر ضارا ي غیره ؛ فتحل منفعته وتحرم مضرته » ويكفي من منفعة الطين كونه مادة البناء غالبا في كل العصور » أما تحريم أكله فهو بدلائل أخری » وقد رویت فيه أحاديث › ومضرته كافية ي التحريم . وجوّز الزشري أن يكون المراد بالأرض الجهة السفلية كا تطلق السماء على الجهة العلوية . فتدخل الكرة الأرضية نفسها فيا خلق للناس 5 ووافقه على ذلك جماعة » منم أبو السعود › والألوسي وقطب الأئمة . وصاحب النار › واستبعده ابن عاشور من وجھیں : أحدهما : أن الأرض ل تطلق قط على غير الكرة الأرضية إلا جازا كا قال الشاعر : الناس أرض بكل أرض وأنت من فوقهم سء أما الساء فقد أطلقت على كل ما علا فأظل ٠ والفرف بينهيا أن الأرض شيء مشامُد » والساء لا يتعقل إلا بكونه شيئا مرتفعا . ثانيهم) : لو سلم هذا القياس فإن الساء لم تطلق على الجهة العليا نفسها حتى يصح إطلاق الأرض على الجهة السفلى ٠ وإنما تطلق السماء على شيء عال(› . والذي دعاهم إلى هذا التأويل حرصهم على اعتبار الأرض ١ - التحرير والتنوير ح ١ ص ۳۷۹ ٠ الدار التونسية للنشر . ٤۲٥ - مما خلق للناس › وآنتم تدرون أن ما فيها کله إِذا کان لوقا لحم فأحرى أن تكون الأرض كذلك لأن المظروف لا يستقل عن ظرفه › وي هذا غنی عن قول من قال إن کل جزء من الأرض هو معدود مما فيها » فتکون ذات الأرض داخلة في عموم «ما» ©٩ وقول اخرين : «إن الامتنان بخلق الأرض سابق في قوله تعالى : «الذي جعل لكم الأرض فراشا» » والامتنان هنا ٳنما هو بخلق محتویاتہا من منافع الناس فيها . والتعبير بما ي الأرض يصدق على ما كان فوقها من الأشجار والتراب والأحجار والبحار والأنهار › وعلى ما كان داخل بطتها سواء كان من الحوامد كأنواع المعادن ٠ أومن السوائل كالتفط » کا تدخل في ذلك أنواع الغاز › فهي جيعها محلوقة لنافم البشر » ومهياة للانتفاع با . ولم يقف تكريم الله هذا الإنسان عند هذا الحد » بل تباوزه إلى تسخير منافع الكون لأجله . كا يدل عليه قوله تعالى : ¥وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جيعا منە ”2 ٠ وإذا كان كتاب ربنا الذي بأيدي المسلمين ينادي بهذا التكريم . ويعلن هذا الإمتنان فإن الملسلمين ‏ وهم أبناء هذا القران ‏ أحق الناس بتقبل هذا التكريم » وذلك باستغلال هذه المنافم واستخدامها في طاعة الله مستشعرين نعمة الله عليهم ٠ وهذا لا يتم إلا بوسائل العلم › لذلك كانت دراسة العلوم المؤدية إلى استغلال ثروات الطبيعة فرضا ١ - سورة الحاثية : الآية ١۳٠» ٥0۲0 - كفائيا على المسلمين ٠ لما يترتب عليها من قوام شأن الأمة الاسلامية واستغنائها عن الآخرين . واستغلالا في أمورها اللعاشية ٠ وإِنما انحراف الأمة عن طريق القران واستهانتهم بهذا الواجب هو الذي دى بهم إلى التفريط وما تبعه من الذل وال موان › ولو أنهم أخحذوا بتعاليم دينهم ومراشد كتابهم لكانوا أسبق بى الأمم في میادین العلم والعمل . ودخول ما ذكرته من منافم الأرض في مدلول الآية حاصل من لفظة «ما» لأنها من أدوات العموم کا تقرر في الأصول . وأآصل الاستواء الاستقامة . وهو مطاوع للتسوية . يقال سواه فاستوى » وأطلق على القصد إلى الشيء بسرعة كأنه يسير إليه من غير أن يتحرف أو يلوي على أمر . وهو إطلاق مجازي . واستواء الله إلى الساء تعلق إرادته التنتجيزي بإيجادها وتسويتها › و »إلى» قرينة التجوز . وقد عرضت هنا مشكلة لعلاء التفسير ؛ وهي ما يدل عليه ظاهر هذه الآية وظاهر قوله تعالى في سورة فصلت : «إقل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا . . € إلى قوله : ¥.. ثم استوى إلى السماء وهي دخان ې۱ » من أن خلق لأرض سايق عل خلق السا » بينم يدل ظاهر قوله في النازعات : لأأنتم أشد خلقا أم السياء . . 4 إلى قوله : «.. والأرض بعد ذلك دحاها»”)› » على سبق خلق السياء على خلق الأرض »٠ فلذا ۱ - سورة فصلت : الآيات ۹-١« ٢ سورة النازعات : الآيات ۲۷ 5| ۳۰» ٦٢٢٥ - احتاجوا إلى الجمع بين هذين الظاهرين » وقد اختلفوا في طريقة الجمع ٠ فذهب فريق إلى أن الأرض غلوقة قبل السياء ‏ وسويت السموات من بعدها. غير أن دَحي الأرض متأخر على خلق. السموات ٠ وذلك أنها عندما خلقت قبل السموات لم تكن مدحوة صالحة للإستقرار عليها حتى تم ذلك بعد تسوية السموات السبع ٠ وذهب فریق آخر إلى عدم دلالة القَبلّةَ والبَعْديّة على تقدم الزمان أو تأخره ‏ وإنا هما حسب التفاوت المعنوي المشبه بالبعد المكاني أو الزماني » ومنه قوله تعالى : مولا تطع كل حلاف مهین هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم) › فن کونه عتلا وزنيا أسبق وجودا مما تقدمي| من الصفات ٠ وقد ذكر إثْر كلمة بعد لأجل لفت الانتباه إلى معناهما » ونحوه قوله سبحانه : طلفإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظه ر چ”) › وهذا يأتي فيا يستدعي استحضاره ودرك أبعاده استجماع الفكر ٩ فكأن الفكر يقطع مسافة من المعنى السابق إليه ما بين من التفاوت كا علمت ٠ ونحوه ي العطف بثم ٠ فإنها في الأصل موضوعة للمهلة الزمنية غير أنها تستخدم في المهلة المعنوية للتفاوت الرتبي بين الملعطوف بها والمعطوف عليه . فكأن العقل يتمهل في الانتقال من المعنى السابق إلى المعنى اللاحق ٠ ولا يراعى في ذلك الترتيب الزمني . فقد يكون المعطوف أسبق زمنا من المعطوف عليه » ومنه قوله تعالى : لفلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة . . 4 ١ سورة القلم : الآيات ١١٠ ۳٠ء ٢ - سورة التحريم : الآية 4» -“ 0۷ إلى قوله : ل.. ثم كان من الذين آمنوا. . 04 (الآية) . وهو يقتضي أن المعطوف اكد وأهم مما تقدمه . وهذا شائع ي کلام العرب ٠ ومنه قول طرفة بن العبد : جنوح رفاق عندل ثم أفرعت ها کتفاها في معالی مصعد وقول الأخر : لا يكشف الغاء إلا ابن حرة یری غمرات الموت ثم يزورها ويسمى هذا بالترتيب الرتبي وبترتب الإخبار » ولأجل شيوعه صار كالحقيقة حتى قال من قال بانه هو الأصل ي عطف الجمل بثم » ومن الذين اعتمدوا على هذه القاعدة في الحمع بين ظواهر هذه الآيات المذكورة الإمام ابن عاشورء وقد أطال ي تحريرها وإيضاح مبهمها » وتفصيل مجملها با لم يسبق إليه » ومن يرد إحراز هذه الفوائد فليرجع إلى تفسيره”9 . وبال حملة فإن العطف بئم في هذه الآية إما لأن المعطوف عليه أجدر بعناية السامع ٠ فإن تسوية السموات على عظمها أعظم من خلق الأرض »٠ فإنها لو قيست بسعة الفضاء الفسيح وما يسبح في خضمه من الأجرام المائلة لما كانت إلا كالذرة المهينة العائمة في عباب الحواء » وإما للانتقال من التذكير بنعمة معلومة بدهيا › واية شاهدة للعيان » وهي خلق الأرض لنا إلى نعمة وآية يحتاج العقل إلى ١ سورة البلد : الآيات ١١٠ ۱۷ ٢ - التحرير والتنوير ح ١ ص ۳۸۲ - ٣٤۳۸ ٠ الدار التونسية للنشر . - O۸ التدبر فيها حتى يدرك قبح الكفر بالخالق العظيم ٠ فإن الإنسان يدرك بدون أي تفكير حاجته إلى الأرض واضطراره إلى ما أوجد فيها من المنافم لقوام حياته وسد ضروراته » أما ضرورته إلى ما في الكون الأعلى من مخلوقات الله فتتوقف معرفته بها على الامعان والنظر حتى يتوصل إلى إدراك الاأرتباط بين الأجرام الفضائية وبين الأرض التي هي قراره بسنة الحاذبية الي جعلها الله تعالى سببا للاستقرار على هذه الأرض وإمكان الحياة فيها . وما يؤ كد أن «نّم» هنا لا تدل على المهلة الزمنية - حتى يستدل بالآية على أن الأرض غلوقة قبل السياء عدم عطف خلق السموات على خلق الأرض »٠ وإنما عطفت خلق السموات على خلق ما في الأرض ٠ ومن المعلوم أن خلق النافع الأرضية يتجدد دائا ولا يتوقف في وقت من الأوقات ٠ فمن الضرورة أن يكون خلقها مسبوقا بخلق السموات »٠ وإن قيل بتقدم خلق الأرض قبل خلق السموات . والذي أختاره عدم الجحزم بشيء في ذلك أو ترجيح رأي على اخر لعدم توفر دليل سمعي على صحة أي رأي ۔ کا علمت ‏ أما النظريات الحديثة فلا وجه للإستناد عليها في مثل هذه الأمور لا يعتريها من الأضطراب ٠ ويدخل عليها من التناسخ حت ل تعد منہا نظرية مستقرة » وإنما بإمكاننا أن نقول إن الأرض والأجرام السماوية كانت متصلا بعضها ببعض حتی تم الانفصال بینہا ؛ کا يدل عليه .“ 0۲۹ قوله تعا ى : «لأولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناماڳ() › ولا أستطيم أن أقول إن الأرض انفصلت عن الأطوار حتى وصلت إلى وضعها الحالي » لأن هذه النظرية معارضة بغيرها » وهي أن هذه الأجرام كانت كلها سديا ثم انفصلت وتطورت حتى استقرت على ما هي عليه » ولعل هذه النظرية أقرب إلى مدلول قول الله تعالى «وهي دخان» . وقد أجاد الأستاذ الشهيد سيد قطب في قوله : «ويكثر الملفسرون والمتكلمون هنا من الكلام عن خلق الأرض والساء 6 يتحدثون عن القبلية والبعدية ٠ ويتحدثون عن الاستواء والتسوية › وينسون أن قبل وبعد اصطلاحان بشریان لا مدلول لما بالقیاس إلى الله تعا ى » وينسون أن الاستواء والتسوية اصطلاحان لغويان يقربان إلى التصور البشري الملحدود صورة غير المحدود ولا یزیدان 6 وما کان الجدل الكلامي الذي ثار بن علاء الملسلمين حول هذه التعبيرات القرانية إلا افة من أفات الفلسفة الاغريقية والمباحث اللاهوتية عند اليهود والنصاریى » عند محالطتها للعقلة العربية الصافية 6 وللعقلية الاسلامية الناصعة ٠ وما کان لنا نحن اليوم ُن نقم في هذه الآفة فنفسد جمال العقيدة وجمال القران بقضايا علم الكلام»› . ١ - سورة الأنبياء : الآية «۳۰» ٢ في ظلال القران ح ١ 5 ص ۴٥ 5٠ دار الشروق . = O۳0 مرتفع ٠ وقد مر ذلك »٠ وإذا أريد به الجنس فهو السموات السبع › ولذا جاز عود الضمير إليه يحموعا عند بعض المفسرين في قوله : «فسواهن »ت وقال بعص هو اسم جنس معي واحده س |ءة 6 وذهب الزخشري إلى أن المراد بالسماء هنا جهة العلو » وأن الضمير مبهم فسره من بعد سبع سموات ». ک| يقال ربه رجلا » وتعقبه أبو حيان بأن ذلك ليس من المواضع التي يجوز فيها عود الضمير على المتأخر » وقال فريق بأن سبع حال من الضمير › وذهب اخرون إلى أنه تمييز . والذي يتجه لي أن سبع سموات» مفعول ٹان لسوی ٤ والضمير راجع إلى السياء » وإنما جمع لرعاية ما تبعه من الجحمع المخبر به عن مرجع الضمير ء كما في قول امرىء القيس : وبُدّلت قرحا داميا بعد صحة فيالك من نعمى تحولن أبؤسا والقول بانتصاب سبم على الحالية هو أضعف الأقوال ؛ لأن الحال لا تكون إلا مشتقة أو مؤولة بمشتق . وقد أخبر الله في هذه الآية - وفي كثير من الآي ‏ أن السموات سبع » ولا محيص لنا عن التسليم ما أخبر به العليم الخبير » غير أن من شان الانسان حب الأطلاع ٠ واكتناه ما لم يصل إليه علمه ٠ فلذا أطلق المفسرون لأفكارهم العنان في البحث عن الراد بالسموات السبع ٠ وقد هاموا في ذلك ٠ وکثیر منہم عول على أكاذيب أهل الكتاب فجاءت كتب التفسير مشحونة با يجب أن ينره ا0۳ - كلام الله عن تبيانه به » خصوصا بعد اتضاح الدلائل وقيام الشواهد على كذب تلك الروايات التي عولوا عليها › والمرتبطون منهم بعلم الفلك ‏ في القديم والحديث - فسروا السموات السبع بما وصلوا إليه من علم الحيئة الكونية » وياللأسف فإنهم ضيعوا مدلوفا با لا يتفق مع مراد الله سبحانه من بیان ایاته للناس في عظائم لوقاته » فنجد التقدمين متهم زعموا أن المراد بالسياء الأولى القمر ء وبالثانية عطارد » وبالثالثة الزهرة . وبالرابعة الشمس › وبا خامسة المريخ › وبالسادسة المشترى › وبالسابعة زحل ٠ ويفهم من ذلك أنهم يعنون ُن السموات هي المجموعة الشمسية › ومن حيث إن بعض هذه اللجموعة لم يكن منكشفا لحم ٠ وما عرفوه متها لم يصل إلى هذا العدد ضموا إليها القمر - وهو تابم للأرض - وضموا إليها الشمس نفسها لتكون سبعا » ومن نحا هذا المنحى الفخر الرازي »٠ وقد أطال في الاستدلال لذا القول با كان معروفا عند علاء الحيأة في عصره) . ونجد المتأخرين يوافقون أسلافهم في تفسير السموات باللجموعة الشمسية السيارة غير أنهم بيخالفونهم في عد الشمس والقمر منها . أما القمر فمن حيث كونه تابعا للأرض وليس مستقلا . وأما الشمس فلأجل كونها المركز الذي تدور حوله الجموعة . وعوؤضوا عنما السيارين المكتشفين من بعد ؛ وهما أورانوس ونبتون » وعدوا اكتشافها بعد اڻني عشر قرنا من نزول القران من معالم إعجازه حيث عد السموات سبعا › ولاحظ بعضهم “ o۳۲ وصف السياء الدنيا في القران بأنها مزينة بمصابيح . وذلك في قوله تعالى : ولقد زينا السياء الدنيا بمصابيح 2€ › ومثله قوله : إنا زينا السياء الدنيا بزينة الكواكب4” › فحمل ذلك على المجموعة التابعة لأقرب سيار من الأرض - وهو عطارد- وهذا يعني أن السموات هي هذه السيارات مع مجاميعها التابعة لا . والمتقدمون والمتأخرون متفقون على إخراج الأرض من هذا العدد . وذلك لأن المخاطبين مستقرون عليها . ومنها ينظرون إلى بقية السيارات” . وذهب بعضهم إلى أن المراد بالسموات السبع السبعة الأفلاك » ورد بأنها خطوط فرضية تجري فيها السيارات ‏ وليست فا وأرى هذه الأقوال كلها ليست في شيء من الصواب ٠ وإنما أجنح إلى التعويل في معرفة السموات على مدلول لفظها اللغوي © وما تحقق اكتشافه بالوسائل العلمية . فالسماء لغة كل عال ٠ وقد ثبت علميا أن المجموعة الشمسية ليست إلا واحدة من المجاميع التي لا تحصى في هذه المجرة التي تنتسب إليها هذه المجموعة › ويقدر قطر هذه المجرة بمائة ألف سنة ضوئية » وهي واحدة من سبع عشرة مجرة متاخحية يقدر قطرها بمليوني سنة ضوئية . وهي تشتمل على ما لا یحصی عددا من الأجرام الفلكية ٠ وإنا يقدر بالتعادل النسبي مع ما في كل المجرات مائة مليار نجم في كل بجحرة » وجميع المجرات ١ سورة املك : الآية «٥» ٠ ٢ - سورة الصافات : الآية ٦» ۳ - «أ» حاسن التأويل للقاسمي ح۲ ص ١٠-٤ »٠ دار إحياء الكتب العربية . «ب» التحرير والتنوير لابن عاشور ح ١ ص ٢٣۳ » الدار التونسية للنشر . - 0۳۳ الملكتشفة إلى الآن خمسمائة مليون بيجرة مضروبة في خمسين ألف مليار من الملايين - وقد سبق ذلك في الإعجاز العلمي - فيبعد جدا أن ينوه القرآن دائ بالمجموعة الشمسية وحدها دون سائر ما في هذا الكون الفسيح لا سيا وأن يحجموعتنا الشمسية ‏ با فيها الأرض - مرتبطة ارتباطا وثيقا بسائر الأجرام الفلكية ني جميع المجرات برباط الحاذبية الى تتوقف على الدقة المحكمة في مقاييس هذه الأجرام بحسب أحجامها وحركاتها وطبائعها » وفي كل ذلك نعم جلى من الله أسبغها على هذا الإنسان المستخلف في الأرض . ومن المعلوم أن خطاب القران ليس قاصرا على جيل معين ٠ بل هو موجه إلى جيع الأجيال المتعاقبة على عمارة الأرض منذ نزوله مم اختلاف أطوارها العلمية » وقد علم الله أنه سيكشف لعباده هذه الأسرار الكونية » بل وعدهم بذلك في كتابه وجعله من دلائل کونه الحق . وذلك في قوله : «قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعید سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين هم أنه الحق ې2 » كا أشار إلى انطواء القرآن على أسرار الكون في قوله : «قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض6”› ٠ فليس من المعقول مع ذلك كله أن يسكت القران عا عدا المجموعة الشمسية . من هنا يتضح أن السماء كل ما كان أعلانا من الفضاء المشتمل على هذه المجرات المائلة التي تعوم فيها هذه الأجرام ٠ وعلينا أن ١ سورة فصلت : الآیتان د۲٥ ٩ ۳©» ۲ ۔ سورة الفرقان : الآية ©« ٢٤0۳ - نؤمن بأنها سبع طباق كما أخبرنا تعالى » ولا يلزم أن نكون محيطين بكيفية انقسامها إلى سبع ٠ فإن ذلك مما م يجعله الله تعالى في حيطة علم الناس ٠ اللهم إلا أن يخص به أحدا من رسله الملصطفين الأخيار › على أني لا أستبعد أن تكون هذه المجرات المذكورة مع كل ما فيها من أجرام - هي ي طبقة السماء الدنيا . وأن تكون نجومها هي المرادة بالمصابيح في قوله تعالى : ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح» ٠ وبالكواكب في قوله : «إنا زينا السياء الدنيا بزينةٍ الكواكب4 . فإن قيل ما للأرض وذكرها بجانب السموات إن كانت السموات كا وصفت من العظم ؟ فإن الأرض لا تعد بجانبها إلا شيئا تافها . كيف وقد قيل إن الشمس أكبر منہا بنحو مليون ضعف »٠ وفي النجوم ما هو أكبر من الشمس بأضعاف مضاعفة ؟ فالجواب أن الأرض ليست شيئا تافها لأنها مركز استقرار الأنسان الذي كرمه الله وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا › وفوف ذلك فهى مقر النبوات ٠ ومهبط الرسالات »٠ فلا غرو إن حصلت لها هذه العناية في كلام الله 9 ومن ناحية أخرى فإن القران إنما يخاطب البشر » فلا ينبغي أن يلو من تذكيرهم بنعمة الله تعالى عليهم بها ويا فيها › وفتح أبصارهم على آياته العظام الي تتجلى في كل شيء منها أو عليها . كيف وهي أول ما يفتحون عليه آبصارهم من آياته تعالی . ٢٥0۳ -„ وذهب بعض المفسرين إلى أنه لا مفهوم للعدد وأن المقصود بالسبع المبالغة » وهو تفسير مرفوض تأباء شواهد القران في وصف السموات . بدائع الكون دليل القدرة والعلم : وما أن هذا الخلق البديم وترتيبه المحكم دليل قاطع على الصانم الخبير الذي نظم دقائقه با يتلاءم مع الحكمة البالغة » ذيلت هذه الآية بقوله سبحانه : «وهو بکل شيء علیم» » ولفظة شيء هي أعم العمومات لإطلاقها على کل ما يبر عنه کم قال سیبویه وغیره » وما أدل هذا الكون الفسيح ٠ ونظامه الرتيب ٠ وجماله الباهر على علم موجده بکل شيء » وقدرته على ما يشاء . وما على الانسان وهو جزء من هذا الكون ‏ إلا أن يقرأ في صفحات هذا الوجود آیات الله الناطقة بإحاطة علمه وسعة قدرته . وعظم شأنه » وجلال سلطانه . لا له إلا هو خالق كل شيء » وبیده ملکوت کل شيء »٥ منه المبداً وإليه الرجعى وله الحمد في الآخرة والأولى › سبحانه عم يقول الظالمون ٠ وتعالى عن ذلك علوا كبيرا . وهذا اخر ما يسر الله تدوينه في هذا الجحزء بعد إلقائه دروسا تفسيراً لتسم وعشرين آية من سورة البقرة » أسأل الله قبوله والتوفيق لإنجاز هذا العمل وغيره من الأعمال الصالحة › ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجعين . ٦۳٥ - الفهرس سورة البقرة سبب التسمية السورة مدنية ‎‏ عدد آياتها ‎‏ ‏أطوار الدعوة في هذه السورة ‎‏ ‏الدعوة في مكة ‎‏ ‏محنة تجتازها الدعوة ‎‏ ‏يثرب للمهمة الجلى ظهور طائفة المنافقين ‎‏ ‏الفريق الآخر، اليهود الحاقدون ا السورة تصوّر أحوال كل فريق اليهود يخسرون مكانتهم في المدينة ‎‏ ‏مكانة الهجرة في الإسلام ‎‏ ‏عهد التشريع في السورة ‎‏ ‏الجانب العقائدي في السورة ‎‏ ‏فواعد دينية ‎‏ ‏صاحب المنار يتحرر من التقليد ‎‏ ‏تعقيب على بعض هذه القواعد‎‏ الاجتهاد للعلماء فقط ‎‏ ‏من المطعومات المحرمة ما لم تذكره آية البقرة ‎‏ ‏حصر الجهاد في الدفاع عن الإسلام فكرة استشراقية ‎.‏ ‏العقل الإنساني عاجز عن إدراك جميع حكمة التشريع فضل سورة البقرة ‎‏ ‏تفسير قوله تعالى : «الم» الآية (۱) مقاصد هذه الكلمات المقطعة إعراب هذه الكلمات ‎‏ معانيها استدلال من لا يرى الخوض في معانيها ‎‏ ‏حجة الفريق الثاني ‎‏ ‏في المسألة مجال للاجتهاد ا الأقوال الواردة في معانيها ‎‏ تفسير قوله تعالى : «ذلك الكتاب لا ريب فيه» ‎‏ ‏عظم قدر القرآن ودلالاته ‎‏ ‏مقاصد القرآن الكريم ‎‏ تفسير قوله تعالى : «هدى للمتقين» ا القرآن هداية للمتقين أنواع الهداية معنى التقوى ومجالاتها ‎‏ ‏التقوى جماع الخير في الدنيا والآخرة ‎‏ تفسير قوله تعالى : «الذين يؤمنون بالغيب . . » (الآية ۳) معنى الإيمان وأثره مفهوم الغيب وأثره ‎‏ ‏إقام الصلاة أول صفات المؤمن أثر الصلاة في تهذيب النفوس ‎‏ ‏حكمة مشروعية الصلاة ‎‏ الخشوع روح الصلاة ‎‏ ‏صفة الصلاة الصحيحة ‎‏ معنى الإقامة ومغزاه ‎‏ ‏معنى الصلاة لغة واصطلاحا الإنفاق ركيزة من ركائز الإيمان ‎‏ ‏معنى الرزق لغة واصطلاحا ‎‏ ‏الحض على الانفاق يوسُع دائرة الخير الانفاق في سبيل الله يعالج الشح والأثرة تفسير قوله تعالى : «والذين يؤمنون بما أنزل إليك . .» (الآية ٤) أقوال في المعنيين بالوصف ‎‏ ‏الرأي الراجح في هذه الأقوال ‎‏ ‏أثر الإيمان بالغيب في صفاء النفس الإيمان بالقرآن الكريم وأثره أثر الإيمان بالآخرة صفة الإيمان اليقيني تفسير قوله تعالى : «أولئك على هدى من ربهم . .»(الآية ٥) . المتقون مختصون بالهدى‎ ‏ تنزيه القرآن الكريم عن المجادلات اللغوية والبلاغية ‎.‏ ‏الإسلام هو طريق الفلاح ‎‏ ‏إتساع مفهوم الفلاح وشموله ‎‏ ‏تفسر قوله تعالى : «إن الذين كفروا سواء عليهم .. »(الآية ٦) الذين كفروا رانت الضلالة على قلوبهم ‏الكفر قسمان أقوال في إعراب «سواء» ‏مهمة الداعي الإصلاح‏ ‏لا يكلف الله إلا ما في وسع المكلفين تفسير قوله تعالى : «ختم الله على قلوبهم . . » (الآية ۷) ‎ .‏ تمكن الضلال في نفوس الكافرين ‎ .‏ الافراط والتفريط في نسبة الأفعال ‎ .‏ تفسير قوله تعالى : «ومن الناس من يقول . . » (الآية ۸) ذكر صفات المنافقين ‏مدلول النفاق ومعناه ‏قسما النفاق‎‏ ‏تفس قوله تعالى : «يخادعون الله والذين امنوا . .» (الآية ۹) سر مخادعة المنافقين ‎‏ ‏تفسير قوله تعالى : «في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا . .» ‏(الآية ١٠) النفاق سبب لزيادة المرض ‎‏ ‏صحة قراءتي «يكذبون» ‎‏ ‏عواقب الكذب وخيمة وهو مشتمل على الكفر ‎.‏ ‏تعريف الكذب ‎‏ ‏سبب إمهال الرسول صلى الله عليه وسلم المنافقين ‏تفسير قوله تعالى : «وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض ..» (الآيتان١١، ١٢) ‎ ‏ تفسير قوله تعالى : «وإذا قيل لم آمنوا كما آمن الناس . .» (الآية ١٣ ) ‎‏ ‏النفاق يزين الباطل ويقبح الحق ‎ تفسير قوله تعالى : «وإذا لقوا الذين امنوا قالوا آمنا . . » (الآيتان ١٤، ١٥) ‎‏ ‏طريقة المنافقين في التعامل أساليب المنافقين في الخطاب ‎‏ ‏تفسير قوله تعالى : «أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى . .» (الآية ١٦) ‎‏ ‏تفسير قوله تعالى : «مثلهم كمثل الذي استوقد نارا . .» (الآية ١٧) ‎‏ ‏الأمثال ترسخ المعاني وتقرب الحقائق ‎‏ ‏أحوال المنافقين كلها ظلمات ا تفسر قوله تعالى : «صم بكم عمي فهم لا يرجعون» (الآية ۱۸) حواس المنافقين فقدت منافعها ‎‏ ‏تفسير قوله تعالى : «أو كصيب من السماء . .» (الآيتان ١٩، ٢٠) الأدلة على منشأ الرعد والبرق ‎‏ ‏أقوال في مفردات هذا التمثيل ‎‏ ‏تفسير قوله تعالى : «يا أيها الناس اعبدوا ريكم . .› (الآيتان ٢١، ٢٢) ‎‏ ‏نداء الفطرة أنجح طرق التربية النفسية ‎‏ ‏تفسير قوله تعالى : «وإن كنتم في ريب . .» (الآيتان ۲۳، ٢٤) العبودية لله أرقى درجات التكريم ‎‏ ‏تفسير قوله تعالى : «وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات (الآية ٢٥) ‎‏ ‏شمولية الصالحات لعمل الخير ‎‏ ‏الشريعة ميزان الأعمال ‎‏ تنوع نعيم الحنة الخلود أبدى في الحياة الأخروية تفسير قوله تعالى : «إن الله لا يستحيي . .› (الآيتان ٢٦، ۲۷) الأمثال تزيد المعاني رسوخا ‎‏ ‏الأمثال يعقلها العالمون المعاصي تسبب الفساد العام ‎‏ تفسير قوله تعالى : «كيف تكفرون بالله . .» (الآيتان ٢٨ ، ۲۹) نعم الله توجب شكره ‎‏ ‏الإنسان سيد الأكوان وخليفة في الأرض بدائع الكون دليل القدرة والعلم ‎‏ - 04۲ ۷۱٤ ٦۷٤ £۸۰ ۹ 0۹ ٦0 - ٦o۳‏ الصفحة ١۱ ۱۹ ۳۲ ۷۱ ‎At‏ ‏١١۱ ‏۱\۷ ‏٤١٤۱ ‏١٤۱ ‏۱۹۳ ‏۱۷۸ ‎Y۷‏ ‏۹ ‎Yo‏ ‎Yo‏ ‏٦۲۷ ‎Y۸‏ ‎Y۸‏ ‎TAA‏ ‏۹۹ ‏۳۰۱ ‏ئ ‏۳.۳ ‏۳.۳ ‏۳\۷ ‏۳\۷ ‏٢۳٤ ‏۳۹٤ ‏131 £0۸ AY o۳٢‎ السطر 7 4 4 € ۱۹ تصویب الأخطاء الخطا أما سورة أنزلت وفاتہا السفوخ شاهدا العاقل الاحدى عشرة ورجاءه في فول في المشاركة لتعزير المومثة نلا طمع وي قلوہم وغم عذاب ا کانوا يکذبون فزاردهم بغروره في ضلاله فأطلع بجمل العناء لان الصواب وأما أول سورة أنزلت اللشكلات وفاتېا شرنهم باللسفوح شافیا الغافل الاحد عشر ورجائه عند الر بيع على صلاتهم يلك اشعال يوم يعض مقابله الأبصار یفیده مشکل قوله المشاركة لتغزير المومية فلا مطمع في قلوہم ولم عذاب أليم بما كانوا يكذبون فر ادهم بغر ورهم ف ضلافم بأطلع يحمل العنان ولأن القرائن بان استنکار ضيقوا الناشر مكتبة الاستقامة VeOA\A: ‏ت‎ طبع بمطابع النهضة - مسقط تليفون : 1۳0/0۳ - فاکس :۹٦۳۱۰٦٥ رقم الايداع بوزارة الاعلام ‎A /\۳‏