‫د‬ ‫يخ‬ ‫ر ح‬ ‫)‬ ‫جن‬ ‫‪.‬‬ ‫تزا‬ ‫) ا‪2‬‬ ‫‪5‬‬ ‫آر‬ ‫‪.‬‬ ‫ح‬ ‫‪7‬‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ت‪ ١ ٩٢٠ ) : ‎:‬م‪( ‎‬‬ ‫تانيت‬ ‫و‪,‬مزنعتلاز!‪2‬ر‬ ‫الطبعة الأولى‪١٤١٦ :‬ه‪/‬‏ ‪١٩٩٦‬م‏‬ ‫وم‪/‬حمرصالح ناصر‬ ‫أومسلم الوا حي‬ ‫‪41:1‬‬ ‫قراءة أدبية يك شعر شاعر العلماء وعالم الشعراء‬ ‫أبي مسلم ناصربن سالم الرواحي العماني‬ ‫( ‪ 3721-9331‬ه ‪7581-029 /‬ام ]‬ ‫نوزبع ‪:‬‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫ة‬ ‫حن‪,‬‬ ‫سلطنة عمار‪١599/ 6141 :‬م‏‬ ‫رقم الإيداع‬ ‫‏‪٩٦٥‬‬ ‫تالات‬ ‫مو‪٠4٥ ‎‬‬ ‫نمل يم‬ ‫بقلم ‪ :‬سماحة الشيخ الموقر‬ ‫أحمد بن حمدا لخليلى‬ ‫المفتي العام لسلطنة عمان‬ ‫الحمد لنه الذي أجرى على ألسنة الفصحاء روائع البيان‪ ،‬ففاضت أفواههم‬ ‫بينابيع الحكم التي تغذي الأفكار وتطرب الوجدان‪ .‬والصلاة والسلام على أفصح‬ ‫العرب والعجم‪ .‬الذي تسامى إلى ذروة البلاغة بيا أوتي من جوامع الكلم‪ ،‬سيدنا‬ ‫محمد القائل‪" :‬إن من الشعر لحكمة\ وإن من البيان لسحرا» وعلى اله وصحبه وكل‬ ‫من سلك في الحياة جادة دربه ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪ :‬فإن الله سبحانه يختص من يشاء من خلقه بيا يشاء من هباته وقد‬ ‫أكرم الجنس البشري بنعمة البيان" والناس فيها متفاوتون تفاوتهم في سائر الآلاء‪ ،‬وقد‬ ‫متز سبحانه اللسان العربي‪ ،‬فكان أبلغ الألسن وأنصحها في التعبير ولا غرو فأنه‬ ‫اللسان الذي اختاره النه لأن يكون لسان كتابه الخاتم لما أنزل‪ .‬المصدق لما قبل‬ ‫المهيمن على ما سبقه‪ ،‬المميز ما بين كتب اله الموحاة إلى النبيين من قبل‪ .‬بكونه معجزاً‬ ‫بذاته‪ ،‬لا يفتقر إلى آية تعضده أو برهان يصدقه‪ .‬لأنه أجل من كآلية‪ .‬وأبلغ من كُلّ‬ ‫برهان‪ ،‬ومن أبرز وجوه إعجازه التي تتجاوز الحصر بيانة ا حكم الباهر الذي خر له‬ ‫كل بيان ساجدا وإن كان من قبله شامخ الأنف مرفوع الجبين ورغم كل تحد‬ ‫ومكابرة من خصومه اللد لم يتجاسروا أن ينزلوا إلى حلبة مباراته‪ ،‬مع ما تكرر منه من‬ ‫دعوتهم إليها بعبارات تستفز عزائمهمإ وتستجيش نخواتهم‪ ،‬وتؤجج حماسهم‪ .‬وما‬ ‫ذلك إلا لأنه «لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم‬ ‫حميده ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫((‬ ‫ولئن كان اللسان العربي هيأه القدر الإلهي لأن يكون لسان هذه الرسالة ‪-‬‬ ‫فكان لغة كتابها المحكم وبيان رسولا الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام ‪-‬فلا غرو‬ ‫إن أضافت إليه الوحي مآثر لم تكن تذكر فتحول من لسان قومي إلى لسان عالمي‬ ‫كيف وقد أصبح لسان دعوة الحق وأمة الإييان‪ ،‬يفتح البصائر على معارف القرآن‪،‬‬ ‫ويهدي النفوس البشرية إلى خير الآخرة والأولى‪ ،‬ومن هنا تجلت لنوابغه الإسلاميين‬ ‫مواهب تحار منها الألباب إذ استطاعوا بفيض من أسرار القرآن وهدي من أنواره ‪-‬‬ ‫أن يجمعوا بين بلاغة القول وصدق المعنى وبعد المرمى وخصوبة الخيال ودقة النظر‬ ‫والفوصِ في أعياق محيطات المعاني لاقتناص جواهر الحكم‪ .‬فكان بيانهم زاخراً‬ ‫بالمعارف مشيدا بالحقائق تتهذب به النفوس وتستنير به الأفكار وترق به المشاعر‬ ‫كيف والمعارف القرآنية غنه بروحهاء والهداية المصطفوية سقتة صفو رحيقها ‪.‬‬ ‫ولئن كان التفاوت في كل شيء من سيات د البشر التي لا تفارقهمإ فإن فران‬ ‫ومنهم المصل‪ ،‬ومنهم من‬ ‫هذا الميدان هم أيضاً في حلبته متفاوتون‪ ،‬فمنهم المجإح‪.‬‬ ‫هو دون ذلك‪ ،‬وإن مما لايمارى فيه من خبر ههذاذال‪ .‬أن من الذين أحرزوا قصبات‬ ‫السبق في مضياره العلمة الجليل الشاعر المفلق والباحث المحقق‪ /‬أبا مسلم ناصر‬ ‫ابن سالم بن بن عديم البهلاني الرواحي‪ .‬إذ آتاه النه عز وجل موهبة من لدنه‬ ‫ملكته نواِي البيان شعرا ونثراً‪ ،‬ومع تنوع مجالاته الشعرية كان في كل منها الفارس‬ ‫‏‪ ١‬لجل فإذا ما انطلق بيعبُوبه السباق في أي ميدان لم يكد يبلغ شأوة أو يشي غبار‬ ‫سواء كان ذلك فيي يتعلق بالحجضرة الإلهة‪ .‬أم كان فيما يخص مقام جناب المصطفى‬ ‫عليه أفضل الصلاة والسلام‪ .‬أم كان عائداً إلى عقيدة الحق‪ .‬أم مديحاً لأهله الأبرار أم‬ ‫دعوة إلى وحدة الأمة أو استنفار لعزائمها واستنهاضاآً فيمَمهَا‪ ،‬أو رثاَ وتأبيناً لأعلام‬ ‫إصلاحها‪ .‬أو حكمة تجلُو الحقيقة من خدرها المصون‪ ،‬فتبدو سافرة للناظرين‪ .‬وهو مع‬ ‫ذلك كله العالم الرباني الذي عبإلى أن رَويَ من مناهل القرآن وينابيع السنة النبوية‬ ‫على صاحبها أفضل الصلاة والسلام‪ ،‬فأشربت روحه وعقله وقلبه ومشاعره صفو‬ ‫الشريعة والحقيقة‪ .‬وانعكس أثر ذلك على شعره ونثره فتميزا بروح إيمانية لايكاد‬ ‫يحس أثرها إلا في بيان من نحا هذا النحو وشرب من هذه الكأس‬ ‫(ب)‬ ‫ومع كل ذلك ذلك فإن الدهر لم ينصف أبا مسلم‪ .‬إذ لم يُوف أدبه ماله من‬ ‫حق في الدراسة والتحليل‪ .‬وذلك دين في ذمة الأدباء الإسلاميينں ولآ ريب أن كل‬ ‫من عرف أبا مسلم حق المعرفة من الأدباء يؤرق ليله ويقص مضجعه مماجس‬ ‫الضمير الذي يدعو بإلحاح إلى وفاء هذا الدين‪ .‬لذلك استجاب هذا الداعي وتبرد‬ ‫فهذا الواجب أخونا الأديب الحاذق الأستاذ الدكتور محمد صالح ناصر بدافع من‬ ‫غيرته على الإسلام وأدبه‪ .‬ولعمري إن كاهله لجدير بأن يحمل هذا العبء ليكفي‬ ‫بذلك نظراءه من الأدباء الإسلاميين مسئولية إهمال هذا الواجب© وقد جاءت‬ ‫دراسته وافية بالمطلوب لائقة بمقام الشخصية المدروسة وأدبها‪ ،‬وليست بحاجة إلى‬ ‫التقريظ من أمثالي فحسبها أن تظهر للقراء بوجهها المشرق وحلتها القشيبة ومفاتنها‬ ‫المتناسقة‪ .‬ولا آملك إلا أن أقول بارك اله في أديبنا الباحث وجزاه عن عمله هذا‬ ‫خيرا ورحم النه أبا مسلم في المصلحين الخالدين ‪.‬‬ ‫آالخليل‬ ‫أحمد بر‪ .‬حقد‬ ‫‏‪ ١٤١٦‬ه‬ ‫‏‪ ٩‬ذى القعدة‬ ‫مسقط ف‬ ‫يىدي‬ ‫لئ (ل‬ ‫اه‬ ‫(ج )‬ ‫ساين‬ ‫‪ -‬ح‬ ‫ولا يتم بغير ا لنصح إما‬ ‫لا يصدق الدين ! ل من يناصحه‬ ‫فإنني ‏‪ ١‬ليوم للإسلام حسان‬ ‫نبتت‬ ‫تلكم وصية حسان لكم‬ ‫«أو مسلم»‬ ‫متا (مہم‬ ‫كلما حلت ذكرى مولد الرسول الكريم حمد } حلت في نفسي‬ ‫ذكريات احتفالات المولد البهيجة‪ ،‬وتيقّظت في أعماقي تلك المظاهر البهية الي‬ ‫تصاحب هذه المناسبة السعيدة‪ .‬وقد ارتسمت في ذاكرتي الطفولية مع ما‬ ‫ارتسم فيها من ألوان وأضواء وأصوات ومناظر طالما ارتبطت بهذه الذكرى‬ ‫العظيمة‪.‬‬ ‫ولكن أجمل هذه المباهج كلها تعمُقا وتأصُلا في نفسي هي تلك المظاهر‬ ‫الاحتفالية القي كنت أشهدها طفلا‪ ،‬ويافعا مع لداتي في ساحة مسجد‬ ‫(القرارة) العامر حيث يكتظ بالرجال والنساء والشباب والشيو خ‪ ،‬ليستمتعوا‬ ‫بالأناشيد الدينية والمولدية العصماء الي ينشدها أو يلقيها بصوته الرخيم وأدائه‬ ‫المتميز رائد الحركة الإصلاحية وإمامها بوادي ميزاب الشيخ بيوض ابراهيم‬ ‫(رحمه ا لله)‪ ،‬وما زلت أردد من حين إلى آخر ذلك المطلع الجميل للمولدية‪:‬‬ ‫«رح اللهم شخصه الكريم بنور مع صلاة وتسليم اللهم صل وسلم وبارك‬ ‫عليه» ‪ .‬لأ هذا المطلع كان الحاضرون في المسجد يردونه جميعا مع الشيخ في‬ ‫آخر كل مقطع من المولدية‪.‬‬ ‫وما كنت أعلم إل بعد سنين أ صاحب المولدة هو الشاعر العماني‬ ‫الأصيل أبو مسلم الرواحي‪ .‬وكانت تلك نقطة التعارف بيين وبين الشاعر الي‬ ‫عرفت فيها نقسا شعريا إسلاميا قويا‪.‬‬ ‫وعندما حطت بي الأقدار في أرض سلطنة عمان‪ ،‬وجدت بها الناس‬ ‫يرددون في إعجاب وفخر نونّته (الفتح والرضوان) ففتحت هذه النونيّة أمامي‬ ‫أفقا جديدا من تاريخ عمان‪ ،‬وأطلعتني على صفحة أخرى من صفحات هذا‬ ‫الشاعر الملهم‪ .‬مما دفع بي إلى البحث عن ديوانه وقراءته‪ .‬وكنت كلما قرأت‬ ‫قصيدة وددت أن أقرأ له أخرى وأخرى‪.‬‬ ‫وازددت اقترابا من شعر الشاعر عندما أسند إلا تدريس الأدب‬ ‫والنصوص لطلب معهد القضاء الشرعي سنة ‪3141‬ه‪ .‬فقد كان من بين ما‬ ‫اخترت للتدريس نصوصا للشاعر العظيم أبي مسلم وهكذا استحوذ على‬ ‫مشاعري‪ ،‬واحتل من قلي مكانة عظيمة لأني اكتشفت فيه شاعرا مسلما‬ ‫قوما‪ .‬وشاعرية متدفقة ونفسا أدبيا فّاضاء تميز بها عن الشعراء العمانيين‬ ‫الآخرين تعبيرا وتصويرا‪.‬‬ ‫وكنت أعجب كيف ظلا هذا الشاعر المسلم بجهولا في الشعراء‬ ‫الإسلاميين لا يكاد يعرفه سوى القلة القليلة من الأدباء‪ ،‬بل وجدتي أمام جهل‬ ‫يكاد يكون كليا عن حياته ومسريته الشعرية حتى عند العمانيين أنفسهم وقد‬ ‫ازددت مع الأيام قناعة _ بناء على دراسة متأنية في شعر الشاعر ولو أنها‬ ‫جزئية _ بأ هذا الشاعر لا يقل مرتبة ولا يتأخر درجة عن المكانة الي يحتلها‬ ‫بعض الشعراء المعاصرين له من أمثال شوقي‪ ،‬وحافظ‘ ومطران‪ ،‬وغيرهم‪...‬‬ ‫على أن أبا مسلم يمتاز على هؤلاء بأنه شاعر مسلم بأتم معنى الكلمة‪.‬‬ ‫قى رؤاه‪ ،‬وفي مواقفه وفي أدواته الفنية‪ .‬وبذلك يستحق أن يكون رائدا‬ ‫إسلامي‬ ‫لمدرسة إسلامية في الشعر العربى الحديث‪.‬‬ ‫وهكذا رأيت بناء على ما سبق أن أقدم للقارئ الكريم هذه الملاحظات‬ ‫الن كنت أسجّلها أثناء قراءاتي لشعر هذا الشاعر الفحلك وأحسب أني جمعت‬ ‫منها ما يستحق أن يكون مدخلا لدراسة هذا الشاعر الذي سيظل فى حاجة إلى‬ ‫دراسات أشمل وأكمل‪.‬‬ ‫سائلا الله التوفيق فيما قاًمتؤ والمغفرة فيما أخطأت‪.‬‬ ‫حمد صالح ناصر‬ ‫‪12/01/3991-‬م‬ ‫مسقط ث يوم الخميس‪14 4/5/4 :‬‬ ‫وميكا سه‬ ‫حيا ته <‬ ‫الله بن محمد‬ ‫عبد‬ ‫حمد بن‬ ‫بن‬ ‫بن صالح‬ ‫بن عديم‬ ‫هو ناصر بن سا ل‬ ‫البهلاني الرواحي العماني المكنى «أبو مسلم»‪.‬‬ ‫ولد تي أحضان بيت علم وفضل في مدينة محرم أعز بلاد بني رواحة في عمان بعد‬ ‫انتقال أجداده من بهل ‪ (1‬إلى وادي محرم‪ .‬وتوجد روايتان لتاريخ ميلاده إحداهما‬ ‫تقول إنه ولد سنة ‪3721‬ه(‪ )2‬وهي لابن أخي المترجم له الكاتب الأديب سالم بن‬ ‫الرواحي ‪.‬‬ ‫سليمان‬ ‫والثانتّة تقول‪ :‬إله ولد سنة ‪7721‬ه‘ وهي رواية ابن المتزجم له مهنا بن‬ ‫ناصر البهلاني‪ ،‬وهي الي يجرُحها الشيخ أحمد الخليلي لوجود قرائن تؤيد هذا‬ ‫الرأي ‪.‬‬ ‫والشاعر أبو مسلم ينتمي إلى أصول كريمة تعود إلى قبيلة عبس المشهورة‬ ‫وتعتبر في غُمان من القبائل الكبرى‪.‬‬ ‫وقد أحاطت الرعاية الرانية بالشاعر منذ ولادته‪ ،‬فنشا نشأة كريمة في‬ ‫حضن عائلة معروفة بالعلم والتسلاح‪ ،‬فقد كان والده قاضيا للإمام عرَان بن‬ ‫ا ‪ -‬هذا ما جاء نفي مقدمة نثار الجوهر‪ ،‬رلكن الشيخ أحمد الخليلي يقول‪ :‬إت أجداده كانوا في‬ ‫(ازكي) رليس في (بهلا)‪.‬‬ ‫‪4821‬ه‬ ‫ولد سنة‬ ‫إ‬ ‫الرراحي يقول‪:‬‬ ‫بمن سليمان‬ ‫بقلم سا م‬ ‫النصسخحة المحطرطة للديوان‬ ‫‪ - 2‬ق‬ ‫ولعله سهو منه‪.‬‬ ‫قيس‪ ،‬وكان من قبله جه الرابع عبد الله بن محمد قاضيا في وادي محرم أيتام‬ ‫دولة اليعاربة‪ .‬وكان توليه القضاء آنئذ دلالة على النضج العلمي والاستقامة‬ ‫الخلقية‪ .‬إذا لا يختار له بل لا يقبل فيه إلا من أهلته مواهبه وأخلاقه لهذا‬ ‫المنصب الهمام‪.‬‬ ‫نشا الشاعر أبو مسلم في وادي محرم وأخذ علمه عن عدد من المشايخ؛‬ ‫أولهم والده سالم بن عديم ثم انتقل إلى بلدة (السيح) حيث جلس إلى الشيخ‬ ‫محمد بن سليم الرواحي‪ ،‬وكانت دراسته لا تختلف عن زملائه حيث يكون‬ ‫التزكيز على المواد الشرعية واللغوية وعلى رأسها حفظ كتاب الله الذي تبدو‬ ‫آثاره ظاهرة ي شخصية أبي مسلم علما وآدبا وسلوكا وكان قرينه؛ وخلفه في‬ ‫هذه المرحلة الشيخ أحمد بن سعيد الخليلي وكانت البيئة والعصر مساعدين على‬ ‫نبو غ أبي مسلم إذ شاع بينهما الأدب وازدهر الشعر فاشتهر غير واحد من‬ ‫الأدباء‪ ،‬نذكر منهم على سبيل المثال حميس بن سليم في مدينة سمائل‪ ،‬ومنهم‬ ‫الشاعر صاحب الغزل الرقيق ابن شيخان الذي يكاد يعتبره الدار سون في مرتبة‬ ‫أبي مسلم‪.‬‬ ‫وكان من زملائه في الدراسة كما قلنا الشيخ العلامة أحمد بن سعيد بن‬ ‫خلفان الخليلي وهو الذي عناه بقوله في قصيدته النوتة الشهيرة وهو يحن إلى‬ ‫عمان‪:‬‬ ‫صدق& وقصد ومعروف وعرفان‬ ‫فييهرني‬ ‫أرتاح فيها إلى خل‬ ‫فالمحيط الأدبي الذي تنفس فيه الشاعر كان من أقوى العوامل المساعدة له‬ ‫على النبو غ والتفوق" هذا المحيط الذي يعرفه أحد الكتاب بقوله‪« :‬كان امحيط‬ ‫الأدبي في زمن الشاعر خصيبا فكثيرا ما اجتمع الأدباء ودرسوا إنتاج رفاقهم‬ ‫وكانت القصيدة تلاقي حفاوة بالغة لدى الناس»‪ )3(.‬وهكذا بدا لقاؤه مع‬ ‫قرض الشعر منذ الخامسة عشرة من عمره‪ .‬ويبدوا أت ما جبلت عليه نفس أبي‬ ‫مسلم من طموح وتفتح طرحت به إلى الغربة بعيدا عن وطنه لا ندري أسباب‬ ‫ذلك بالتحديد ولكرً المؤكد هو أ نفسيَة مثل نفسية أبي مسلم تضيق‬ ‫بالمجالات الضيّقة‪ ،‬والبيئات المختنقة‪ .‬وطموح أية مسلم ما كان ليرضى بالحد‬ ‫الذي وصل إليه علما أو مالا‪.‬‬ ‫كان دون العشرين من عمره يفيض حماسة واندفاعا حين زم حقائبه‬ ‫متوجها إلى زنجبار من شرق إفريقيا‪ .‬وكانت زنحبار آنذاك فني عصرها الذهبي‬ ‫الإسلامي العماني‪ ،‬عصر السلطان برغش بن سعيد الذي وجد العمانيون ثي‬ ‫أحضانه الدفء والرعاية والحدب والعناية! وكان هذا السلطان يتطنع إلى‬ ‫الاستفادة من الخبرات العمانية في كل المجالات يحرّضهم على الهجرة إليه‬ ‫والعيش في ظل دولته‪ .‬وكان من همه أل يبقى بعمان من أخيارها احد إلاً جلبه‬ ‫إلى زنجبار ليكونوا جمالها العربي وإظهارا لشرف عمان تي وجوه أهل إفريقيا؛‬ ‫فاجتلب أهل عمان تقديره وإحسانه وفضله وامتنانه‘ فكانوا يزورون عمان‬ ‫ويستوطنون زنحبار(‪ )4‬وكان والد المتزجم له الشيخ سالم بن عديتم الرواحي‬ ‫تن هاجر إلى زنجبار رعمل بها قاضيا من قضاة السلطان برغش‪.‬‬ ‫دون‬ ‫سنواتك‪8٥‬‏‬ ‫وبقي بها حمس‬ ‫هاجر الشاعر أبو مسلم إلى زنحبار‬ ‫وهكذا‬ ‫أن نعلم ما كان عمله في هذه المدة هناك لأ المصادر لم تفدنا بذلك‪ ،‬وعاد إلى‬ ‫ص‬ ‫‪ 1 689‬م‬ ‫عمان‬ ‫عيسى الحارثي‬ ‫طبع ونشر صالح بن‬ ‫ديوان أبي مسلم‬ ‫‪ -‬مقامة الديوان‪:‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪.9‬‬ ‫‪ - 4‬الكلمة للشيخ سالم بن حمود بن شامس مقدمة نثار الجوهر ص‪.3‬‬ ‫زيارة عمان في سنة ‪0031‬ه غير أ إقامته بها لم تطل فما لبث ان حن مرة‬ ‫أخرى إلى زنجبار لما وجد بها من رعاية السلطان المذكور‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪5031‬ه حط رحاله بزنحبار‪ ،‬وألقى بها عصى التسيار‬ ‫واستوطنها بكل معنى الكلمة‪ .‬وكان قد أمضى فترة من حياته في الجزيرة‬ ‫الخضراء‪ ،‬ثم انتقل إلى زنحبار بعد وفاة والده‪ .‬وآكب في زنجبار على تكوين‬ ‫نفسه بنفسه فى دراسة عصامميّة جادة‪ 5.‬واستهوته فيما استهوته كتب الفقه‬ ‫والأادب‘‪ ،‬وما لبث أن بز غ نجمه واشتهر أمره قاضيا نبيها‪ ،‬وعالما فقيها‪ ،‬وأدبيا‬ ‫لامعا‪.‬‬ ‫وفي عهد السلطان بن ثوي تقلد منصب القضاء ثم تولى منصب رئاسة‬ ‫القضاء بها‪ ،‬وكانت له منزلة رفيعة‪ ،‬ومرتبة عالية لدى الحكام‪ .‬لاستّما السلطان‬ ‫حمد بن ثويني والسلطان حمود بن محمد بن سعيد‪ ،‬يقول سالم بن سليمان عن‬ ‫«فكان ممثلا لطاعتهء مشمذا‬ ‫مكانته ني عهد حمد بن ثويين ومنزلته عنده‪:‬‬ ‫لكلمتهء ملبيا لدعوته‪ ،‬مستمعا لقوله! حاكما بأمره‪ ،‬وتنصب للقضاء الشرعى‬ ‫في دولته حمى آيام السيد علي بن حمود بن حمد! ثم استقال من خدمة الشرع‬ ‫وصرف همته في التأليف وإحياء آثار السلف الصالحء وإنشاد الأذكار» ولكن‬ ‫عينت له الحكومة مقدارا من المالية يأخذه في كل شهر مكافاة له على ما‬ ‫انتدب إليه سابقا من خدمة الشرع الشريف» وكان إليه المرجع في مهت]ات‬ ‫الدعارى وعظائم الأ مور»(‪.)5‬‬ ‫ويبدو أن شهرة الشاعر الفقهية ذاعت ف العالم الإسلامي كله‪ ،‬نستدل‬ ‫على ذلك من علاقاته بأعلام الإصلاح في عصره مثل الشيخ السالمي وسليمان‬ ‫‪ - 5‬الديوان المخطوط‪ .‬ص‪.3‬‬ ‫الباروني باشا‪ ،‬ومحمد بن يوسف اطفيش الحزائري؛ واطلاعه الواسع على‬ ‫بحريات الأحداث الإسلامية من حوله‪ ،‬كما تدل على ذلك جريدته الي‬ ‫أصدرها بزنحبار تحت عنوان (النجاح) بل تد على عبقرية مؤلفاته القيسّمة‪.‬‬ ‫ولا سيما في ميدان الأدب والشريعة بشهادة كل من قرا ديوانه! أو اطلع على‬ ‫نثار جوهره؛ ولا أحسب أن عالما يستطيع أن يتولى رئاسة القضاء ي زنجبار لو‬ ‫م يكن على هذا النحو من التفوق والتبخحُّر في العلم‪ .‬يقول الشيخ سالم بن‬ ‫حمود البطاشي‪« :‬وفي زنحبار من رجال العلم الذين هم اشهر من نار على علم‬ ‫منا ومن غيرنا كانوا حت علمه الخفاق بأصول الدين واصول الفقه‪ ،‬وقواعد‬ ‫السنة النبوية فإن ذلك يشهد له به تاليفه‪ ...‬وقد أخبرني حملة من أهمل العلم‬ ‫الذين عاشوا في زبار عن أحوال هذا الشيخ الذي تخلد له حسن الأحدوثة في‬ ‫سته وفي وطنه وفي مله فإنه قام بواجبات عديدة» واحرز قصب السبق في‬ ‫ميادين النضال العلمي فكان ولا يزال في الرعيل الأول بين أترابه» وكانت له‬ ‫) ‪. ( 6‬‬ ‫‪«...‬‬ ‫الكشير من أترابه ومعا صريه‬ ‫عقمول‬ ‫حيرت‬ ‫نوا در أ دبية‬ ‫ويبدو أت من أهم أعماله في زنجبار إصدار جريدة النجاح الي تع من‬ ‫أوائل الصحف العربية ظهورا‪ 5‬وكم كنا نأمل أن لو اطلعنا على كل‬ ‫أعدادها لنعرف مكانتها وقيمتها واتجاهاتها‪ ،‬ولو أت الشيخ أحمد الخليلي نوه‬ ‫بها تنويها كبيرا‪ 5‬وهذا العمل يدل على أفق هذا الرجل وتفتگُحه الواسع على‬ ‫الأحداث من حولها وتطلعه إلى التعريف بالفكر الإسلامي والإستفادة من هذا‬ ‫‪ -6‬مقدمة نثار الجوهر صك‪.‬‬ ‫ث أنظر الملحق رقد اطلعنا على عددين منها‪.‬‬ ‫الفرّ الذي لم يكن يعرفه الكثير من المثقفين العرب آنذاك حتى عده شوقي‬ ‫الذي جاء من بعد «آية من آيات هذا الزمان»‪:‬‬ ‫رآية هذا الزمان الصحف‬ ‫آية‬ ‫لكل زمان مضى‬ ‫ويقول عنها الشيخ أحمد بن سعود السيابي‪:‬‬ ‫دومن منطلق نبوغه في الأدب واهتمامه به قام بتاسيس جريدة النجاح‬ ‫في زبار وعنيت بخدمة الآدب العربي والقضايا الإسلاسًية‪ ،‬والأحداث الدولية‬ ‫وكان هو رئيس تحريرها لفترة غير قصيرة من الزمن» (‪.)7‬‬ ‫وهكذا ظلا بين وظيفة القضاء عاملا ومطوَلات الفقه بجتهداء وأمهات‬ ‫كتب الأدب والشعر أديبا لامعا‪ .‬وجريدة النجاح صحفيا ناجحا وبين بعض‬ ‫طلابه الذين تلقوا عنه مرئيا حانيا‪ ،‬إلى آن توفاه الله في اليوم الثاني من شهر‬ ‫صفر ‪9331‬ه عن عمر يقارب ثلاثا وسين سنة قضاها بحتهدا يعمل في سبيل‬ ‫العلم‪ 5‬والعقيدة‪ ،‬والأخوة الإسلامية‪ .‬ودفن حيث مات في مدينة زنحبار الى‬ ‫يوجد بها قبره إلى اليوم‪.‬‬ ‫‪ - 7‬المصدر السابق" ص ‪.11‬‬ ‫أنو مسلم أد ببا لامعا‬ ‫ما من شك في أ‪٥‬‏ الدراسات الأدبية والنقدية ستكشف ذات يوم بأن هذا‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫‪2‬‬ ‫‪,‬‬ ‫الشاعر العبقري كان واحدا من رواد بعث الشعر العربي في أوئل القرن‬ ‫البارودي‪ ،‬وأحمد شوقي إن لم يفقهما في بعض الجوانب‪.‬‬ ‫فأبو مسلم مل الشاعر الإسلامى الحقيقرً الذي تحملت ي شعره الشخصية‬ ‫الإسلامية ني أجل مظاهرها‪ ،‬رأصفى صفاتها‪ ،‬عقيدة‪ .‬وقولا‪ 8‬رسلوكا‪ .‬ولا‬ ‫يصنف أبو مسلم كما ذهب إلى ذلك الدكتور أحمد درويش في عداد أشهر‬ ‫شعراء عمان و حسب هگ)‪ ،‬وأنا حين أذهب إلى هذا الرأي لا أستند في قولى هذا‬ ‫إلى الموضوعات اليي استقطبت الشاعر أبا مسلم أو المواقف والرؤى الق تميز‬ ‫بها شعره بل لأ أبا مسلم أوتي من الموهبة الشعريّة‪ ،‬والتعبير الفني ما جعله‬ ‫يرقى بالقصيدة العربية من إطارها التقليدي المعروف إلى إطار فتي جديد لم‬ ‫يسبقه أحد إليه فيما يعرف آنئذ من الشعر العماني‪.‬‬ ‫والذي جعل شعر أبي مسلم لا يعرف إل عند أهل عمان بخاصة‪ .‬هو‬ ‫عدم اطلاع الأدباء والنقاد في العالم العربي والإسلامي على شعره‪ ،‬إذ ما يزال‬ ‫هذا الشاعر وشعرها بجهولا في وطنه بله خارج وطنه‪.‬‬ ‫وحسبنا أن نحلي هنا بعض ملامح شعر هذا العبقري فنقول‪:‬‬ ‫‪.251‬‬ ‫ص‬ ‫ع‬ ‫‪2‬‬ ‫الأدب قي عمان‪ ،‬دار الأسرة‬ ‫‪ - 8‬ينظر دا أجمد درريش‪ 6‬مدخل إلى دراسة‬ ‫أولا‪ :‬الأغراض‪:‬‬ ‫يتسائل الأديب صالح بن عيسى الحارثي‪« :‬هل عندنا نحن العمانيين شاعر‬ ‫منل ميولنا؟ هل عندنا شاعر يشل روحاتيتنا؟ هل عندنا شاعر يمثل أخلاقنا؟ هل‬ ‫عندنا شاعر في شعره أحادنا؟ هل عندنا شاعر يربطنا بأتّتنا العربية الكبرى؟‬ ‫هل عندنا شاعر يغرج بنا من عزلتنا في الجنوب الشرقي من هذه الجزيرة فيئبه‬ ‫إخواننا العرب إلينا؟ » ‪.‬‬ ‫ثم عجيب قائلا‪:‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ش‬ ‫ل ساة‬ ‫هذه النشس التى عجمتم‬ ‫الكريم‬ ‫مسي اها الما ري‬ ‫«لكى‬ ‫تعيب‬ ‫عمان‬ ‫ي‬ ‫مع ‪ 7‬حداث‬ ‫حدتها‬ ‫مند‬ ‫النشنس التى عاخضنت‬ ‫هذه‬ ‫عمان‬ ‫شعراء لكل عصر‬ ‫بل ر نها وجدت‬ ‫الشا عحر‪.‬‬ ‫وجدت‬ ‫مطمسنة واأتمة أها‬ ‫ووجدت شاعرا عبر عن عمان في كل العصور إت شاعرنا في عمان هو ابو‬ ‫‪. (9) «...‬‬ ‫الرو! حي‪.‬‬ ‫عديم‬ ‫مسلم ناصر بن‬ ‫إ هذا الأديب يعبر عن طريق غير مباشر عن اهتمامات الشاعر أبي‬ ‫مسلم الذي استطاع أن يعبّر ي شعره عن كل الأغراض الي تهم الإنسان‬ ‫المسلم المعاصر‪.‬‬ ‫إت أبا مسلم يُحذ الأدب وسيلة هادفة لتربية الفرد المسلم لأتّه يعتقد أأ‬ ‫ث‬ ‫الإسلامي‬ ‫إنما يدفعه اليه شعوره‬ ‫الإحساس‬ ‫وهذا‬ ‫رسالة وتوجيه وأمانة‪.‬‬ ‫الأدب‬ ‫العميق‪.‬‬ ‫‪.8‬‬ ‫ص‬ ‫المقدمة‬ ‫مسلم‬ ‫أبي‬ ‫ديوان‬ ‫‪_-‬‬ ‫‪9‬‬ ‫وقد صاحبته هذه النظرة العميقة في كا ما كتب شعرا كان أم نثرا وأشير‬ ‫بصفقة خحاصّة إلى رائعته المسماة «النشأة الحمَديّة» الي اتخذ فيها سيرة الرسول‬ ‫المسلم منذ صغره‪،‬‬ ‫العطرة وسيلة لإيقاظ الشعور الإسلامي الصحيح في نفس‬ ‫‪,‬‬ ‫‪..‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫لا حدثنا عنه بأسلوب استعراضي‬ ‫فهو عندما يحدثنا عن أخلاق الرسول ت‬ ‫إليها نظر المسلمين‬ ‫العالية‪ .‬ليلفت‬ ‫تقليد ي ‏‪ ٠‬وإنما هو يلمح إل ا خلاقه‬ ‫وصف‬ ‫اقتدا ء و ت سيا‪.‬‬ ‫هذا التوجه هو الذي دفع أبا مسلم لأن يهتم قي شعره بالإنسان المسلم في‬ ‫الواقع المعاصر فعالج بشعره موضوعات حضارة على غاية من الأهمية والعمق‬ ‫والشمولية فكتب في التاريخ‪ .‬والحضارة‪ ،‬والعقيدة واللغة‪ .‬والشخصيات والسيرة‪.‬‬ ‫واهتم باجوانب الإنسانيّة} الجانب الروحي في شعر السلوك الجانب العقلي في‬ ‫شعر التاريخ‪ ،‬اجانب العاطفي في شعر الحنين والطبيعة فكان في ذلك يحرك في‬ ‫متلقي شعره كا هذه الأحاسيس ال تربط الإنسان بمماضيه من جهة وتحعله يعيش‬ ‫جهة ثانية‪.‬‬ ‫وواقعه من‬ ‫عصره‬ ‫لذا فإنه من الصعب على الدارس التقليدي الذي ألف منهج التجزئة في‬ ‫دراسة الشعر أن يتوصل إلى تذوق حقيقئ هذا الشاعر‪ ،‬حتى في أبيات الحكمة‬ ‫الي تملأ شعره في جميع أغراضه‪ ...‬إ شعره كل لا يتجرًا‪ 5‬لأثً له رؤية شموليّة‬ ‫تنظر إلى الإنسان المسلم من خلال كل موضوع يعالجحه‪ ،‬فقد تبدو لك العقيدة‬ ‫حنينا إلى الوطن ولكنك عندما تستبطنها‪ ،‬وتغوص في أجزائها تحدها استنهاضا‬ ‫وإثارة‪ ،‬رقد تقرا الأبيات فتحسبها رثاء ولكنك عندما تتذوق هذا النوع من‬ ‫الرثاء تمده تحليات عميقة‪ 3‬ونظرات نافذة في الكون والحياة والناس وهكذا‪...‬‬ ‫وقد صدق من قال عنه‪« :‬وأنا أعتقد ان شعر أبي مسلم في حقيقته كله جانب‬ ‫واحد وإن تجرا فهو يلتقي في ناحية واحدة هي الاستنهاض» فانت سوف تراه‬ ‫عندما يعبد ربه فيدعو بالشعر ويسّبحه به‘ يعود إلى الظالمين فيستنزل عليهم‬ ‫غضب ا شه فكاتّه يريد أن يطهر أولا نفس قارئ شعره بذكر ا له ليهيّنها‬ ‫للعمل خالصة في متقابلة الظللم» (‪,)01‬‬ ‫ولا أحسب أننا نفسر هذا الموقف بهذا التفسير السطحي إت الشاعر‬ ‫حسب رأيي _ والله أعلم _ يربط المسلم في كل مواقفه بما هو أصل وهو‬ ‫العقيدة الصحيحة يربط مقاومة الظلم بالعقيدة‪ .‬لأ المسلمين لو فعلوا ذلك ما‬ ‫غلبهم غلاب‪ ،‬ولو استشعروا بهذه القوة الكامنة في نفوسهم ما قهرهم جار‪.‬‬ ‫وذلك هو الفهم الحقيقي لدور الدين الذي يتسامى عن الطقوس والعبادة‬ ‫الشكلية إلى روح تفشى نفس المسلم وتدفعه إلى الحركة الدائبة‪ ،‬والنشاط‬ ‫المستمر والتغلب على الصعاب مهما تكن شاقة{ والوقوف في وجه الظلم بكل‬ ‫القوة الي يحملها الإنسان المسلم بين جنبيه‪ .‬حضارة ودينا؛ وليس أدل على هذا‬ ‫المنحى القوي عند أبي مسلم من رائعته المشهورة النونيئة المعروفة بقصيدة‬ ‫(الفتح والرضوان) كما سنوضّح ذلك في مكانه‪.‬‬ ‫وهذه الرؤية المتونبة بين حنايا الشاعر هي الي تفسر ما يشعر به من‬ ‫تقصير في حق أنته الإسلامية الي يو أن يناصرها ويؤازرها بكل قواه‪ ،‬ولكن‬ ‫الظروف قاهرة لا يجد إلاً الشعر وسيلة والعلم أداة‪ 5‬لأجل ذلك تحده مستنهضا‬ ‫مبشّرا بكل حركة تقوم لاسترداد عرّة الإسلام والمسلمين أينما كانوا فيقول‪:‬‬ ‫انظر الأنجم لا أرضى الدور‬ ‫لو يكون الشعر نصرا لم ازل‬ ‫عثر‬ ‫قلم في اللصرإن قام‬ ‫إلى‬ ‫لو ملكنا السيف لم نرجع‬ ‫‪ - 0‬مقدمة الديوانى ص ‪.01‬‬ ‫وفهمه الرؤيوي الشامل هذاء هو الذي هداه إلى معارضة مقصورة ابن‬ ‫دريد بمقصورة طويلة لا لغرض الاستعراض اللغوي كما فعل ابن دريد‪ ،‬وإنما‬ ‫للاستنهاض وبعث الروح الإسلامية الجهادية في النفوس ليحطّموا القيود اليي‬ ‫أخذ الاستعمار الغربي بعائَّة والإنجليزي منه بخاصة يكتّل بها الأوطان العربة‬ ‫قطعة قطعة وشبرا شبرا‪.‬‬ ‫بقوة ومفتدي بمفتدى‬ ‫قوة‬ ‫ليس لنا إلأاللفاف‬ ‫تضغانها واشتعلت بها التقشى‬ ‫أطفات‬ ‫ليس ها إلا نفوس‬ ‫وهية الله ورسورةالهدى‬ ‫واحدا‬ ‫يلمُها الامان قلبا‬ ‫ومارمت وإتمااللهارمى‬ ‫إذا رمت بقوسها واحدة‬ ‫ثانيا‪ :‬الغر الشعر‪:‬‬ ‫‪2‬‬ ‫نظرته الشمولية الي تحدثنا عنها من‬ ‫ف‬ ‫براعة أبي مسلم لا تكمن‬ ‫إ‬ ‫حيث تناول مختلف الموضوعاتؤ بل إة البراعة الحقيقية عنده تتمتّل في مقدرته‬ ‫القائمة على المزج الكلي بين الشكل والمضمون\ فهو لا يعرض عليك التاريخ‬ ‫أحداثا ررقائع جامدة ولا يذكرك بالقبائل والقرى العمانّة أسماء تترى‬ ‫وتتوالى وإنما هو يصب ذلك كله في صور فنّة متحركة نابضة بالحياة متوبة‬ ‫الصادقة بارزة في كل كلمة يخطها حتى لو كانت‬ ‫بالمشاعر فتزى العاطفة‬ ‫أحداثا تاريخية مضت عليها القرون‪ ،‬كما فعل ذلك ف النهراونية‪ ،‬أو كما‬ ‫جسم ذلك من خلال الصور الفنية النابضة وهو يحن إلى كل قطعة في أرض‬ ‫عمان في (النونية) وصدق من قال فيه‪:‬‬ ‫«إتّه _ فيما نعتقد _كان شاعرا فقيها أو شاعرا مؤرخاء أو شاعرا‬ ‫الشعر‬ ‫وطنية؛ و لم يكن فقيها يلجا ل‬ ‫نسا بة ك ور شاعرا متحمسا لفكرة‬ ‫ليصب فيأهراءهء أو عالا بالتاريخ والأنساب يقدم للناس فكرته في شكل‬ ‫منظوم» أو متحمسا لأفكار قومية يستعين بموسيقى الشعر على جمع القلوب‬ ‫حواء لكنه كان قبل كل شيء شاعرا سلط بصيرته الشعريئّة على حقول‬ ‫حختلفة‪ ،‬فأكسبتها كثيرا من لون الربيع الشعري ومناخحه»(آ!)‪.‬‬ ‫ولا نشك إطلاقا في أ البيئة الجديدة الى عاش فيها في زنحبار كانت من‬ ‫العوامل القوية في إكساب أدبه هذه الشاعرية الفياضة فقد انتقل من اللون‬ ‫الصحراوية الذي تغلب عليه الصفرة ووحشة الحدب إلى اللون الأخضر الذي‬ ‫يبعث البهجة في النفوس‪ ،‬ويضيء في حناياها الأمل والإنشراح‪.‬‬ ‫وأكسب كل ذلك لغته الشعرية حيوية وتحئُدا‪ ،‬فكثرت فيه الصور‬ ‫الفتية والاستعارات والمجاز وأضفى عليها الخيال المجنح نوعا من الانطلاقة‬ ‫وراء كل ما هو بجحهول‪ ،‬ولحاقا بكل ما هو مطلق أو بعبارة أدق‪ :‬أكسب لغته‬ ‫نوعا من الحرية اني التصوير والتعبير معا‪ ،‬على أن الشاعر ظل محافظا على بض‬ ‫الأصول اليي غزت شعره في الطفولة مثل القرآن الكريم والشعر العربي القديم؛‬ ‫وتمتزج بها امتزاجا فيعطيها‬ ‫فأنت تلحظ بروز هذه اللغة ال تداخل قصائده‬ ‫كل ذلك مذاقا خاصا ونكهة محببة هي المذاق والنكهة الى تحذبنا إلى شيء ما‬ ‫يجمع بين الأصالة والتجديد ويحرك في أنفسنا الماضي والحاضر معا‪.‬‬ ‫د‪ /‬أحمد درويش‪ ،‬مدخل إلى دراسة الأدب في عمانءص‪.551‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ومسلم فتبها‬ ‫يشفق أغلب العلماء الذين تحدثوا عن مؤلف أبي مسلم ( نثار الجوهر)‬ ‫بأه يدل على علم غزير‪ ،‬وتعمق أصيل في علوم الشريعة الإسلامية‪ ،‬ولا شك‬ ‫فني أن حقيقة نثار الجوهر شرح لنظام الجوهر‪ ،‬لكن على أسلوب بديع‪ .‬إذ كان‬ ‫وضع الشرح ممتزجا بالنظام امتزاج الدم باللحم أو امتزاج المن بالماء بحيث لا‬ ‫يعرف الشرح من الأصل فكأنه لحمة وسداه لا تتميّز إحداهما من الأخرى‬ ‫مع تحقيق يشهد به العقل وتدقيق وإيضاح يدعمه النقل‪ ،‬فإن العلامة أبا مسلم‬ ‫له إدراك قوي في الفقه فينقل وينتقد ويستدل ويرجح ويفتد ويصحح ويؤكد‬ ‫بقوة إدراك وبوعي لا يتطرق إليه إرتباك‪)!2(.‬‬ ‫هذا العمل التأليفي القيّم وصلنا مبتورا فقد كان المؤلف رحمه الله يأمل‬ ‫على ما يقال أن يتم اثنين وعشرين جزءا يتناول فيها كل أبواب الفقه ولكن‬ ‫المنية حالت دون أمنيته تلك‘ ر لم يصلنا منه سوى ثلاثة أجزاء تنتهي عند نهاية‬ ‫باب الصوم‪.‬‬ ‫ومع ذلك فإة ما آلّفه فيه يدل على نبوغه الفائق‪ ،‬وتحقيقه الواسع‬ ‫فهو يعتبر بة بجتهدا مطلقا عل حة تعبير الشيخ أحمد ين سعود السيابي ‪(31).‬‬ ‫[!‬ ‫المصدر السابق‪ ،‬ص‬ ‫‪3‬‬ ‫من مؤلفات أبي مسلم الي وصلتنا ما يلي‪:‬‬ ‫‪ 1‬النشأة المحمدية ( ف المولد النبوي الشريف)‬ ‫‪ -‬النور المحمدي والكنوز الصمدية (رسالة دينيّة)‬ ‫‪ 3‬النفس الرحماني في أذكار أبي مسلم البهلاني (في القصائد الصوفية )‬ ‫‪ -4‬كتاب السؤالات‪.‬‬ ‫‪ 5‬العقيدة الوهبية‪ .‬وهو كتاب في التوحيد في أسلوب حواري بين‬ ‫أستاذ وتلميذه‪.‬‬ ‫‪ 6‬ديوان أبي مسلم‪.‬‬ ‫‪ 7‬نثار الجوهر‪.‬‬ ‫‪ -8‬كان آخر ما ألفه (ثمرات المعارف) وتدعى أيضا‪( :‬سموط تخميس‬ ‫النناء) وهذا العمل تخميس لميميَّة الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي العالم الرباني‬ ‫المعروف©\ فقد انتهى من كتابتها يوم ‪ 82‬محرم ‪ 9331‬أي قبل وداعه الدنيا بثلانة‬ ‫أيام‪ .‬وكانت وفاته في الثاني من شهر صفر ‪9331‬ه‪ .‬رحمه الله رحمة واسعة‬ ‫وأسكنه فسيح جناته‪.‬‬ ‫شعره‬ ‫‏‪ ١‬لعقيد ة ‪2‬‬ ‫لع من أهم المقاييس ال يعتمدها الدارسون والنقاد فى معرفة الأديب‬ ‫الناجح من غيره ما يميز أدبه من سمات تفرده عن غيره وتغدو طابعا له خاصا به‪.‬‬ ‫وبعبارة أدق‪ :‬إ الأدب الناجح هو الذي تبرز فيه شخصية الأديب واضحة‬ ‫جلية تعبيرا وتصويرا‪ ،‬موقفا ورؤية‪ .‬لأ هذا المقياس أو هذا النجاح يدل على قوة‬ ‫شخصية الأديب وعبقرتّته ومدى قدرته على السيطرة على أدواته وفنه‪.‬‬ ‫وي أدب أبي مسلم الرواحي الشاعر العماني الأصيل تتجلى هذه الميزة‬ ‫بكل الصفاء والنقاء‪ ،‬فأنت عندما تقرأ شعره تدرك لأول وهلة أنك مع شاعر‬ ‫مقتدر يتصف بالأصالة والقوة في كل بيت بقوله وما سر قوته وأصالته غير‬ ‫التوافق التام بين شخصيته وبين إبداعه‪ ،‬أنت تشعر لأول قراءة بأنك مع أديب‬ ‫مسلم حقا يتجلى الإسلام في شعره بأحاسيسه الإسلامية الصادقة‪ ،‬ومشاعره‬ ‫الدينية النبيلة" ولغته المستوحاة من القرآن الكريم ومواقفه الإيمانية الرصينة‪،‬‬ ‫وأفكاره المحمّدية المستنيرة‪ .‬نلمس ذلك كله في شعره السهل الممتنع‪ ،‬لأ أبا‬ ‫مسلم شاعر مسلم بكل ما في الكلمة من معنى‪ ،‬شعرا وشاعرية‪.‬‬ ‫ومن هنا فإن المنهج الصائب في رأينا هو أن نذكر الإتجاهات ال تشتمل‬ ‫الحكمة‪ ،‬وشعر الابتهال‬ ‫عليها تلك القصائد فنقول‪ :‬شعر الإستنهاض وشعر‬ ‫وشعر الحنين‪.‬‬ ‫وشعر الرثاى‬ ‫وشعر الوعظ‬ ‫أما أن نقول القصائد الدينية أو القصائد القومية باعتبارهما موضوعين‬ ‫مستقلين عن بعضهما البعض فذلك ما لا يتماشى مع اتحاه الشاعر وموافقه ورؤاه‪.‬‬ ‫على أ هذا التقسيم نفسه لا يسلم إطلاقا من التداخل فقد نجد للشاعر‬ ‫قصيدة في الاإستنهاض وفيها الحنين والحكمة كما بحد له قصيدة في الرثاء وفيها‬ ‫الوعظ والإرشاد وهكذا‪.‬‬ ‫ويغدو الابتهال قسما هاما في ديوان أبي مسلم ولعله أكبر الفنون الي‬ ‫بحكم ورعه وتقواه‬ ‫وموضوعي‬ ‫استقطبت اهتمام الشاعر استجابة لدافع ذات‬ ‫وزهده لامحكم منصبه قاضيا أو مفتيا كلا! لأ الإحساس القوي بالإمتثال‬ ‫للآين سيرة وسلوكا لا علاقة له بالمنصب أو الوظيفة‪ .‬ولا أحب أن أوافق على‬ ‫تسمية هذا النو ع من الشعر قصائد دينة أو شعرا دينيا كما يذهب إلى ذلك‬ ‫بعض من كتبوا عنه(‪ )!"4‬لأ شعر أبي مسلم كله شعر ديين‪ ،‬الدين سداته‬ ‫ولحمته‪ ،‬والدين مصدره ومورده‪ ،‬والدين باعثه وهدفه‪ ،‬إذ نخشى لو وافقنا على‬ ‫هذا التقسيم أن يظن أت لأبي مسلم قصائد دينة وأخرى غير دينية أو يظرً أت‬ ‫بعض الشعر عنده يخلو من الإحساس الدين فقد يصح هذا المنهج مع غيره من‬ ‫الشعراء الذين خلطوا عملا صاحا وآخر سيّنا‪ ،‬أو الذين كتبوا في كل الفنون‬ ‫تلبية لرغبات قد لا تكون ذاتية تصدر عن أحاسيسهم الداخلية بل هي استجابة‬ ‫لمناسبات ما كما بحد ذلك عند شوقي وحافظ مثلا‪.‬‬ ‫الدين‬ ‫اعتبار‬ ‫النحو من‬ ‫هذا‬ ‫غير‬ ‫على‬ ‫مسلم‬ ‫شعر أبي‬ ‫درسنا‬ ‫غحن‬ ‫ولو‬ ‫عنصرا أساسيا في كل القصائد لأخللنا بالمنهج السليم لدراسة شعر أبي مسلم}‬ ‫ينظر‪ :‬د‪ /‬أحمد درويش المدخل إلى دراسة الأدب في عمان‪ ،‬ص ‪ .261‬ومقدمة ديوان أبي‬ ‫‪4‬‬ ‫‪.0‬‬ ‫‪ 689‬ام‪ .‬ص‬ ‫الحارثي‪.‬‬ ‫مسلم للناشر صالح بن عيسى‬ ‫يل لظلمنا رؤية الشاعر نفسه لمكانة الدين فى الشعر‪ .‬ونحن عندما نقول إت شعر‬ ‫ابي مسلم صورة صادقة لعقيدته الإسلامية فإنما نبني ذلك على ما عرف عن‬ ‫الرجل من سلوك قويم ولان ثابت‪ ،‬وانقطاع إلى الله في أمور دينه‬ ‫ودنياه(‪)!5‬؛ وقد جاء شعره معبرا أصدق تعبير عن هذه الأحاسيس‪ .‬الإيمان‬ ‫بالله هو مفتاح شخصيّته‪ ،‬والإيمان بالله مفتاح شاعريّته‪ .‬والقارئ لا يستطيع أن‬ ‫يتذوق أر يفهم شعر أبي مسلم بعيدا عن هذا المنظور وكم من شاعر تظاهر‬ ‫بالزهد في شعره وهو زنديق في حياته ومعاملاته!‪ ،‬فإن هذا النو ع عندما تقرا‬ ‫شعرهم تشعر بالافتعال والتكلف‘ وقد لا نستطيع أن نصل إلى اكتشاف ذلك‬ ‫من خلال القصيدة أو القصيدتين‪ ،‬ولكن عندما نتناول شعرهم من رؤية‬ ‫شمولية وموقف متكامل ندرك هذا الانقطاع في الخيط الشعوري الذي يربط‬ ‫بين الحالة الشعرية إن لم يكن في القصيدة باعتبارها وحدة عضوية متماسكة‬ ‫ففي التناقض بين القصيدة والأخرى تدرك لا محالة أت الرجل يعاني من انفصام‬ ‫ني شخصيته‪ ،‬وتقلقل في مواقفه فهو يبدو متصوّفا ني بعض قصائده‪ ،‬ويبدو‬ ‫بعدها عربيدا ماجنا فني أخرى ولا أحب ان أضرب الأمثلة من الشعر العربي‬ ‫القديم أو الحديث فهي أوضح من أن تخطأها عين الدارس أمًا أبو مسلم فهو‬ ‫من هذا النوع من الشعراء الذين سلكوا في طريق الدين من أول خطوة‬ ‫وأخلصوا حياتهم لله من أول نفس‪.‬‬ ‫إ شعر أبي مسلم صورة صادقة ونموذج حية لشعر الشراة(‪ )!"6‬الذين‬ ‫ميز شعرهم أبدا بصدق العقيدة الإسلامتّة وصفائها ووضوحهاء بحيث يغدو كل‬ ‫تراحع مقدمة الديوان المخطوط نسخة سيف بن محمد الرواحي‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪ -6‬استطاع الشراة أن يكونوا لهم نظرية في الأدب خاصة بهم بعضها الصدق والفداء‬ ‫ومازال هذا الأدب باحة إلى دراسة عميقة شاملة‪.‬‬ ‫شعره يصب في هذا البحر الخضم بحر الإيمان بالله ورجاء ما عنده قولا وعملاء‬ ‫ليست قائمة على‬ ‫وشعر الشراة‬ ‫شعر أبي مسلم‬ ‫أثبتناها بن‬ ‫العلاقة الق‬ ‫وهذه‬ ‫الاستنباط والاستنتاج واستنطاق النصوص وحسب\ وإنما هي ظاهرة قلبا‬ ‫وقالبا ني أشعاره وهو طالما كتب مفتخرا بهذه العقيدة الي تربطه بأسلافه أصحاب‬ ‫(النهروان)(‪،)١7‬‏ وقصيدته الشهيرة "النهروانّة" أصدق دليلك وفيها يقول‪:‬‬ ‫وما فوق مرضاة الإله أجور‬ ‫جزى الله أهل النهروان وضاءة‬ ‫وفيه أبيروا‬ ‫وقاموا بما‪ .‬يرضى‪.‬‬ ‫جهاده‬ ‫كما جاهدوا ف ا لله حق‬ ‫ء‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫ً‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وكلهم على الموت صبار هناك شكور‬ ‫وماتوا كرامًا قانتين وكلهم‬ ‫و‬ ‫وإن أبلجت فرق الأمور أمور‬ ‫غبارهم‬ ‫لايخط‬ ‫شراة‪ .‬سراة‬ ‫فليس فهم عيش هناك قرير‬ ‫إذا انتهكت من دين الإسلام حرمة‬ ‫‪1‬‬ ‫وما شنان الحدين مضمر‬ ‫بحبهم‬ ‫ندين لو جه ا لله طوعا‬ ‫وفي رائعته (أفيقوا بيي القرآن) يستعرض أخلاق صحابة رسول الله‬ ‫الكريم وسيرة السلف الصالح الي يراها دوما طريق هداية على المسلمين‬ ‫التشبت بها إن هم كانوا يرغبون في الانتصار على أعدائهم وبعد أن يعدد‬ ‫صفات العباد الزهاد المجاهدين من الشراة يقول‪:‬‬ ‫‪ 7‬تراحع كتب التاريخ لمعرفة هذه المعركة المصيرية في التاريخ الإسلامي رمي اليي حدثت‬ ‫سنة ‪.83‬‬ ‫‪ 838‬الديوانش ص‪.23‬‬ ‫على نهر رحرقوص) وزيد(" اكوارع‬ ‫أاولنك ابرار الإباضية الألى‬ ‫سواه الملازع‬ ‫ال ا لله عن حظ‬ ‫سمت بهم‬ ‫هم القوم أحرار الوجود‬ ‫للى الله والزلفى وهم لي ذرانع‬ ‫الرضا‬ ‫محبتهم ديني بها أبتغي‬ ‫أجاهد في إحيانها وأقار ع(‪)02‬‬ ‫وجماعة‬ ‫ودعوتهم لي سن‪:‬ة‬ ‫هذا الإحساس القوي بالانتماء إلى الشراة كثيرا ما دفعه إلى الفوص في‬ ‫أعماق التاريخ مصورا حوادثه مستنطقا أحداثه مستخرجا منها العبرة‪ ،‬مبرزا‬ ‫المتحركة‪.‬‬ ‫وهو بهذا الإحساس عن عقيدة الشراة مثل نفي رؤية الباري جل رعلا‬ ‫حيث يقول فى قصيدته (برهان الاستقامة)‪:‬‬ ‫في عمله النفي والإثبات منحصر‬ ‫لعزته‬ ‫سبحان رني تقديسا‬ ‫ما ثم واسطه في الذات تعتبر‬ ‫بالذات للذات معلوماته انكشفت‬ ‫يقضي يإدراكه المنفي لونظرو‪)12((١‬‏‬ ‫وكونه النفي والإثبات حكمته‬ ‫يذكرنا‬ ‫أسلوب‬ ‫ق‬ ‫رؤية الله دنيا وأخرى‬ ‫النافين‬ ‫وبعد أن يبسط حجج‬ ‫بأسلوب الكلامبين يقرر فى آخر القصيدة‪:‬‬ ‫بأي حال ولو عادتني العصر‬ ‫هذا هو الح ؤ لا ابغي به بدلا‬ ‫والمؤمنالح للابمان ينتصر«‪2‬ة)‬ ‫يقوم به‬ ‫إني لا نصر ذا حتى‬ ‫‪ -9‬هنا إشارة إلى الصحابين الجليلين حرقوص بن زهير السعدي المبشر بالجنة وزيد بن صرحان‬ ‫من أفاضل الصحابة‪.‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫الديوان© ص‬ ‫‪-0‬‬ ‫‪.93‬‬ ‫الديوان ص‬ ‫‪1‬‬ ‫وكدليل على أ‪٥‬‏ الخيط النفسي الذي يسلك فيه أبو مسلم شعره هو‬ ‫الإيمان بالله أولا وقبل كلر شيء ما نراه فني قصائده كنها من تفويض الأمر لله ف‬ ‫كار نازلة ألمت به‪ ،‬جليلة كانت أم حقيرة أصابته في نفسه أم ذويه ام أمته تعلق‬ ‫الأمر بشيء مادي أم معنوي‪.‬‬ ‫فهو طالما رفع أكف الضراعة إلى الله ليجيب دعوته ويحسن حاله وحال‬ ‫أه وهو طالما اشتكى سوء حظه وانقطاع حيلته وهوان أمره على الناس‪،‬‬ ‫ولكنه لم ينس قط أن يعلق أمره كله بالله رب العالمين‪.‬‬ ‫وديوان أبي مسلم ملي بهذه المواقف الإيمانية المشرقة ولعله من بين‬ ‫القلة من الشعراء الذين أفردوا قصائد مطرلة في الابتهال(‪ .)32‬فقد كتب قصيدة‬ ‫تحارزت الألف بيت ف مناجاة الله مناجاة مبكية خاشعة تسيل رقة وعذوبة‪ ،‬بد‬ ‫كلا مطلع فيها باسم من اسماء الجلالة‪ ،‬وإذا كانت هذه القصيدة في حاجة إلى‬ ‫وقفة طويلة فلا أقل من أن نستدل بها على ما نقول من هذا المقطع الذي‬ ‫عنوانه الرحمن جل جلاله وفيه يرفع الصوت ضارعا خاشعا‪:‬‬ ‫للى رحمة الرحمن في كل لحظة‬ ‫إشي افتقاري لازم لحقيقتي‬ ‫ابث اضطراري طارقاتي وشكوتي‬ ‫الى رحمة الرجمن تحت جماله‬ ‫واستكشف البلوى وغمّي وكربتي‬ ‫افي يا رحمن استعطف الرضا‬ ‫ففي سعة الرجمن إلهي غنيتي‬ ‫إلهي يا رحمن أستوهب الفنى‬ ‫تلم بها صدعي وترحم غربتي‬ ‫رحمة‬ ‫إشي يا رحمن اسال‬ ‫‪ -2‬الديران‘ ص‪.04‬‬ ‫‪ -3‬خصُصنا فصلا خاصا لذا الفن عند أيي مسلم‪.‬‬ ‫تتت‬ ‫شآذن‬ ‫ت قد‬‫وإنبعضمت‬ ‫بلية‬ ‫جودك يا رحمن كل‬ ‫حم نظرة‬ ‫رعفي‬‫اى ض‬ ‫ب عل‬ ‫فمن‬ ‫من لاذ بك الرجا‬ ‫ريح يا‬ ‫ام‬ ‫وعمري وفقري وانقطاعي وذڵتي‪42‬‬ ‫بعاطفة الرجمن عاذت حقانقي‬ ‫كأني بأبي مسلم حين يفوض الأمر إلى الله عثل هذا اليقين الراسخ‬ ‫ينطلق من قول رسول الكريم‪« :‬لن تدرك حلاوة الإيمان حتى تعلم ا القدر‬ ‫خيره وشره من اله»‪ .‬أو كما قال في حديث آخر‪« :‬حمى تدرك ا ما‬ ‫أصابك لم يكن ليخطنك واث ما اخطاك لم يكن ليصيبك» والاستسلام لأمر‬ ‫الله زاده في حله وترحاله‪ ،‬في حال سروره وحزنه‪ ،‬في أمنه وخوفه‪ ،‬وذلك‬ ‫موقفه بعد أن تلقى خبرا بسوء أصاب ابنه (المهنا)‪:‬‬ ‫في الأمن و الخوف والأسفار والوطن‬ ‫وإن امرا قضاه الله منحتم‬ ‫اخذ على الحذر أو أخذ على السكن‬ ‫غايتها‬ ‫وإن عاقبة الإنسان‬ ‫أأ المقادير لا تقتاد بالرسن‬ ‫اللبيب على‬ ‫والسر في الشان تنبيه‬ ‫وعلها كخيال طاف في الوسن‬ ‫وربما جزعت نفس لنازلة‬ ‫وربما جاءه السكين في الكن‬ ‫وربما سلم العصفور في شرك‬ ‫وربما اشتار شهد الحل من حبنك‪)2‬‬ ‫تلذ له‬ ‫قد ياخذ المرء من كاس‬ ‫فهو‬ ‫اقتناعا وإلزاما‪6‬‬ ‫واقع الحياة‬ ‫الأمثلة من‬ ‫أبو مسلم على إيراد‬ ‫ويحرص‬ ‫شاعر حكيم يجيل النظر في الناس وعلاقتهم بالكون والحياة‪ .‬وأيد رأيه بهذا‬ ‫الديرانث ص‪.46‬‬ ‫‪-4‬‬ ‫الديران‘ ص‪.084‬‬ ‫‪-5‬‬ ‫المثال المضروب المستخرج من البيعة العمائة‪ ،‬إمعانا منه في التوضيح وإقامة‬ ‫الحجة‪.‬‬ ‫كما نلحظ ذلك في قوله‪:‬‬ ‫وربما اشتار شهد النحل من حبن‬ ‫تلذ به‬ ‫ويشرب المرء من كاس‬ ‫فالحبن من الأشجار المشهورة في أودية عمان‪ ،‬وهي شجرة الدفلى كما‬ ‫يسمى في بعض الجهات‪ .‬وكما كان أبو مسلم يوصي نفسه ومن خلال نفسه‬ ‫متلقي شعره كذلك كان يوصي أقرب الناس إليه وهم أبناؤه‪ ،‬فإ أعرً ما‬ ‫يوهب الإنساث الأبناء الصالحين وأحلى أمانيه أن حمق الله آماله فى ذريته‪ .‬لذا‬ ‫فا أبا مسلم عندما يوجّه النصح لابنه (المهنا) يصدر في ذلك عن خلاصة‬ ‫تحاربه‪ ،‬ويهدي إليه رحيق علمه وحكمته‪ ،‬فما هي الوصيّة التي أوصى بها ابنه‬ ‫المهنا؟‬ ‫إ الزمان محارب الأحرار‬ ‫صبرا بي على الزمان وصرفه‬ ‫إن الأمور رهائن المقدار‬ ‫أين الفرار عن المقدر للفتى‬ ‫تدبيره يقضي على الأفكار‪...‬‬ ‫نكل الأمور إلى المهيمن إنه‬ ‫كل الصروف بمنهج المار‬ ‫‪...‬واصبر فانك ناجح إن كنت في‬ ‫بر الكريم مواهب الأبرار‬ ‫واجعل صلاحك مسلكا لتنال من‬ ‫فتفرأجت باللطف والإيسار‬ ‫كم كربة نزلت وضاق نطاقها‬ ‫فهو المفرج كربة الإعسار(‪)62‬‬ ‫ما خاب من وكل الأمور لربه‬ ‫وإذا كانت هذه النصيحة موجهة إلى ابنه وفلذة كبده وهي أعز ما يقدمه‬ ‫والده لولده‪ ،‬لأتّه خلاصة تحاربه وعلمه في الحياة والكون والناس فإة أبا‬ ‫‪.184‬‬ ‫ص‬ ‫الديوان‪،‬‬ ‫‪-6‬‬ ‫مسلم يقدم النصيحة نفسها لأصدقائه وأحبمَائه ولعلهم عاتبوه على بعده‬ ‫واغترابه‪ ،‬فأجابهم وفي إجابته توجيه وحكمة حيث يقول‪:‬‬ ‫ولكنه من جملة الحكم ف الأزل‬ ‫لنابماعد شينا نطيقه‬ ‫ابّت‬ ‫اِ‬ ‫وذلك شان لا يضاف إلى العلل‬ ‫وألفة‬ ‫نريد قرارا واغتباطا‬ ‫فدع عنك حى‪ .‬أو هتى‪ ،‬أو عسى‪ .‬وهل‬ ‫لقد دبُرالرحمن امر عباده‬ ‫وأهلابمانحسو من الصاب والعسل‪72‬‬ ‫علينا الرضا فيما يجيء به القضا‬ ‫وهكذا يبدو أبو مسلم في هذا الاتحاه الذي هو جزء حي من شخصيته‬ ‫وهو في سلوكه ومذهبه في الحياة شديد الخشوع لله مذعناً لعظمته وجلال‬ ‫سلطانه مأخوذا بحكمته وحسن تدبيره وبديع صنعه في خلقه‪ ،‬صادق الرجاء في‬ ‫رحمته ولطفه به‪ ،‬يشكو إليه عجزه وضعف حيلته ويسأله أن يكون له عونا على‬ ‫عدوه وأن يحبط كيده ويرد مكره إلى نحره «إنَ كل دراسة لشعر أبي مسلم لا‬ ‫تنطلق من هذا المنطلق العقدي تظلمه»(‪ )52‬وتبخسه حقه‪ ،‬ولن تستطيع بالتالي‬ ‫النفاذ إلى أسرار عالمه ولا الغوص في محيطه النفسى العميق‪.‬‬ ‫فقد ينظر الدارس السطحي إلى نزعة التصوف في شعر أبي مسلم" كما‬ ‫ينظر إلى هذه النزعة عند غيره من شعراء التصوف وما أكثرهم" ولا سيما في‬ ‫عصور الانحطاط وهو إن فعل ذلك جانبه الصواب لا محالة{ و لم يلمس حقيقة‬ ‫أفكار الشاعر‪ ،‬ومواقفه ورؤاه‪ ،‬لأ منطلقات التصوف عند بي مسلم‬ ‫منطلقات عقدة إجابة ها علاقة بعقيدة الشاعر ونظرته إلى الحياة محاولة منه‬ ‫لفهمها لا للهروب منها‪ .‬وهذا فرق أساسي ولاشك‪ .‬وهذه النظرة عند أبي‬ ‫الديوان ص‪.784‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ينظر علي النجدي الديران‘ ص‪.4‬‬ ‫‪-8‬‬ ‫مسلم تعود بجذورها إلى السلف الصالح من الشراة الذين ما فتئ أبو مسلم‬ ‫يفتخر بالانتماء إليهم‪« ،‬وإً الدارس لأدب الشراة في كل عصوره‪ ،‬ولاسيما‬ ‫في عصره الذهبي منتصف القرن الأول والقرن الغاني المحجربينء يلاحظ ولا شك‬ ‫ما يتميز به ذلك الأدب من نزعة صوقية زاهدة تنظر إلى الدنيا ورما فيها من‬ ‫لات على أها عرض زائل ومتاع باطل‪ .‬خليق بالاحتقار والازدراء» ورمى‬ ‫ترنو إلى حياة اخلد ولذة أبمىء وعا لمأمثل‪.)92( ». ..‬‬ ‫وسوف نعود إلى هذه القضية بحول الله عندما نتعرض لشعر الحكمة عند‬ ‫ابي مسلم لأنها المفتاح الذي نفتح به مغاليق شعره‪ ،‬ونفهم على أساسها‬ ‫أبعاده العقلية والنفسية‪.‬‬ ‫© !© ‪9:‬‬ ‫‪ 9-‬د‪ /‬إحسان النص الحظابة في عصرها النحمي‪ ،‬ص ‪661‬‬ ‫الإسلام سيث شعره‬ ‫قد يكون من عدم الانصاف استخدام المنهج التقليدي الذي يقيم الدراسة‬ ‫الأدبية على أساس الأغراد أو الموضوعات‪ ،‬أو بعبارة أدق‪ :‬المنهج الذي يقيم‬ ‫الدراسة على أساس المضمون دون اعتبار لجخانب الشكل وهذا في الواقع تحر‬ ‫على الشاعر بل هو تحن على الفن الشعري ذاته‪.‬‬ ‫فمع الشاعر أبي مسلم الذي ينطلق من رؤية إسلامية يصعب الفصل في‬ ‫قصائده على أساس الأغراض فنقول هذه قصيدة دينة‪ .‬وهذه قومية‪ .‬وهذه‬ ‫تصوفيّة وهذه استنهاضيّة‪ .‬وهذه في الحنين‪ ،‬وتلك في الغزل‪ ...‬إلى غير ذلك‬ ‫من الأغراض التقليدية المعروفة لسبب بسيط وهو أ الشاعر عندما يعالج‬ ‫موضوعا من موضوعاته إنما يعالجه من نظرة شمولية تنبع من أحاسيسه‬ ‫ومشاعره الدينيّة أولا وقبل كل شيء ومن هنا يصعب أن نفصل في القصيدة‬ ‫الواحدة بين أبياتها على أساس الأغراض فنقول هذه غرضها ديين‪ ،‬وتلك‬ ‫غرضها قومي وما دام الدين عند أبي مسلم هي الدائرة الكبرى اليي تشمل في‬ ‫وما دام الاستنهاض وبث ررح اليقظة والانبعاث‬ ‫الدوائر الأخرى‬ ‫محيطها ك‬ ‫هدفا عاما في قصائده‪ .‬فإا أي محاولة للفصل تغدو فاشلة‪.‬‬ ‫ومن هنا فإننا لا نوافق على ما ذهب إليه صاحب الترجمة في مقدمة‬ ‫ديوان أبي مسلم(‪ )3‬حيث تحدث عن أبي مسلم وقسم شعره إلى غرض ديي‪.‬‬ ‫رغرض قومي وغرض وطي‪3 .‬لأن الشاعر أبا مسلم م ينطلق قط من هذا‬ ‫المنطلق القومي الضيق حى وهو يتحدث عن البلاد العربة‪ .‬والدارس المنصف‬ ‫‪ 0‬تراحع مقدمة الديوان" طبع رنشر صالح بن عيسى الحارثي‪ 68910 .‬ص ‪.01‬‬ ‫حين يستعرض شعره لا يعثر فيه على ما يدل على هذا الانجاه العروبي القومي‬ ‫وعفى الله عن المترجم ال كتب المقدمة ونشرها تحت تأثير ما شاع في‬ ‫الستينيات في بعض البلاد العربة من تيار قومي متطرّف‪ ،‬وماكان شاعر‬ ‫إسلامي مثل آبي مسلم يدين بمثل هذه التتّارات المشبوهة ال تفصل الدين عن‬ ‫الجنس» أو تحل الجنس فوق الدين‪ ،‬لأ هذا لا يتماشى مع عقيدة الشاعر الي‬ ‫تضع الدين الإسلامي أساسا للمفاضلة إ اكرمكم عند الله أتقاكم»(ا‪)3‬‬ ‫ولأث الشاعر أبا مسلم يدين في نظرته إلى الحكم بنظرة أسلافه الشراة الذين‬ ‫كانوا أبدًا يدافعون عن هذا المبدا الذي يرفض مبدأ القرشية في الحكم؛ على أنه‬ ‫ليس من الضروري أن يصبح الشاعر قوميا لمجرد كونه شديد الكره للاستعمار‬ ‫الأاجبي كما يذهب إلى ذلك صاحب التزجمة‪ ،‬وكأت كره الاستعمار حكر على‬ ‫القومبّين وحدهم" ونستمد الدليل كما قاله صاحب الترجمة نفسه حيث يقول‪:‬‬ ‫«كان الشاعر قومي النزعة شديد الخصومة للاستعمار وسماسرته؛ حذر‬ ‫منه كثيرا وتبصّر فيه منذ ان رحل إلى شرق إفريقيا وشهد الكشير من مآسيهء‬ ‫وأخص ما شهده هو تحزئة الدولة العمائية التي كانت تشمل زبار وكينيا‬ ‫وتتولى السيادة على المحيط المندي أحمعه‪ ،‬فلا عجب أن يزار حذرا منه داعيا إلى‬ ‫مقاومته‪ ،‬ولا غرابة في أن نراه في بعض أبياته يذكرهم باسم المشركين إذا كان‬ ‫لا يجد خلافا لتعبيرهء ولكن اللفظتين صحيحتان فهم مشركون‬ ‫ومستعمرون» (‪.)23‬‬ ‫‪ -13‬سورة الحجرات الآية ‪.31‬‬ ‫الديوان۔ ص ‪.21‬‬ ‫‪2‬‬ ‫والذي يبدو لي أد استخدام أبي مسلم للفظة (المشركين) استخدام له‬ ‫دلالة قويّة} لأنه تعبير عن موقفه الاسلامي الثابت‪ ،‬فهو ينطلق من رؤية‬ ‫إسلامية إلى كل الأطماع الأجنبية ويحللها مفهوم إسلامي إذ لا ينظر إليها على‬ ‫أها احتلال مستعمر لأرض وكفى‪ ،‬وإنما هو احتلال كافر لأرض إسلامية‪.‬‬ ‫ولذلك كان أبو مسلم دقيقا يعين ما يقول حينما استخدم لفظة المشركين‬ ‫‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫ورفق إلى حد بعيد‪.‬‬ ‫إن الشاعر أبا مسلم حين يعتنق مبدأ الأفضلية للأتقى إنما يعود بذلك في‬ ‫أصوله إلى القرآن الكريم ثم إلى أجداده الشراة الذين صدعوا بعقيدتهم الثابتة‬ ‫النترة هذه في عهود الفتنة المظلمة حين كان التعصب للقبيلة من أكبر الدوافع‬ ‫إلى الإقتتال والصراع أو لم يقل قبله الشاعر الشاري عيسى بن فاتك الخطي‬ ‫هذا البيت الذي أصبحت الجماعات الإسلامية تردده اليوم‪:‬‬ ‫' إذاافنتخررواببكرارتيتم‬ ‫ابي الاسلام لااب لي سواه‬ ‫ليلحقه بذي النسب الصميم‬ ‫مدعيه‬ ‫كلا الحزبين ينصر‬ ‫الكريم(‪)33‬‬ ‫ولكن النقي هو‬ ‫وما حسب ولو كرمت عروق‬ ‫وكما قال الشاعر الشاري المفلق عمران بن حطان‪:‬‬ ‫واولى عباد الله بانة من شكر(‪)43‬‬ ‫ونحن بنو الاسلام والله واحد‬ ‫وما أن الأمثلة عن هذا الاتجاه عند أبي مسلم كثيرة لا تتخطاها العين في‬ ‫ثنايا الديوان‪ ،‬فإن ذلك لا يعنع من وقفة مع قصيدته التموذجية ال عنوانها‬ ‫‪-3‬إحسان عباس‪ ،‬شعر الخوارج ص ‪31‬‬ ‫‪ 4‬م ‪ -‬س ص ‪52‬‬ ‫أفيقوا بي القرآن(‪ )53‬اليي يتحدث فيها الشاعر عن هدى الإسلام وبني الإسلام‬ ‫ويستنهض بين القرآن‪ ،‬والعاملين بشريعة القرآن‪ ،‬والمحور الرئيس في هذه‬ ‫القصيدة العصماء هو واقع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وهم يواجهون‬ ‫الروحية والعقلية‪ ،‬ويتهةد‬ ‫عدوا كافرا يتهددهم بالمسخ والفسخ في مقوّماتهم‬ ‫أوطانهم بالإحتلال والإستيطان‘ فالدعوة إلى الإستنهاض تشمل بين القرآن‬ ‫ليفتحوا أبصارهم وبصيرتهم ويتحدوا حول القرآن رمز وحدتهم وعرّتهم‪.‬‬ ‫وهذه الدعوة في حد ذاتها استجابة قوية لرؤية الشاعر أبي مسلم فالدعوة‬ ‫إلى التهضة موجهة لب القرآن لا لبت عدنان أو لبنى قحطان لأ أبا مسلم ما‬ ‫رفع صوته إلاً إستجابة لداعي الله‪ ،‬وما صدع بأمر قبيلة أو عشيرة وإنما صدع‬ ‫بأمر الله كما جاء في مطلع هذه القصيدة‪:‬‬ ‫فإني بأمر الله ياقوم صادع‬ ‫ألا هل لداعي الله في الأرض سامع‬ ‫إليها وات الآين لا شك واقع‬ ‫وهل من يرى لله حقا ومرجعما‬ ‫إليها رسول الله غفل ضوانع‬ ‫وهل من يرى أن الحقوق التي دعا‬ ‫عليها حثالات مبير وخانع‬ ‫وهل من يرى الشتر ع الثتريف تدرأات‬ ‫بما شاء من ضميم لعين اد ع(‪)63‬‬ ‫سامها‬ ‫وهل من يرى أن الحنفية‬ ‫فالافع إسلامي واضح وهو الصدع بأمر الله{ والهدف أيضا أش وضوحا‬ ‫وهو الدعوة إلى نصرة شرع الله‪ ،‬وتطبيق ما دعا إليه رسول الله‪ ،‬والمعنيون بهذه‬ ‫العوة هم المسلمون بنو القرآن كما يسميهم‪.‬‬ ‫‪ 5‬الديوانى ص ‪. 533 - 723‬‬ ‫إلى الجبت والطاغوت في الذل ضار ع‬ ‫همداكم‬ ‫أفيقوا بني القرآن إن‬ ‫يناقض في احكامه وينازع‬ ‫أفيقوا بني القرآن إن كتابكم‬ ‫ذذا عقدوا شنعاء جاءت شنائع(‪)73‬‬ ‫تعيث قرود الجبت في سنة الهدى‬ ‫فإن الله حين كرم قريشا بأ ارسل محمدا رسول الله علك من بينها لم‬ ‫يكن ذلك ليخصها بالسيادة والحكم دون خلق الله من المسلمين وإنما ليشعرها‬ ‫بأن المسؤولية عليها باتت أشة وطأة وأثقل حملا‪.‬‬ ‫ولابي مسلم مفهوم طريف وتعليل لطيف في قوله تعالى مخاطبا‬ ‫الرسول تله واندر عشيرتك الأقربين»(‪ )3‬إذ ليس هذا في رايه من قبيل‬ ‫التفضيل والتمييز بقدر ما هو من قبيل التكليف وتحميل المسؤولية كما يقول‪:‬‬ ‫للأقربين من أهل البدو والحضر‬ ‫فانظر للى حكمة التخصيص كيف أتت‬ ‫يفني‪ .‬ولا فيه دون الله من وزر‬ ‫‪ 0‬لانسب‬ ‫كتهليف‬ ‫تأ‬‫لموا‬‫اعل‬‫لي‬ ‫إذا تعطل عدل الله في الفطر‬ ‫لو كان بالشرف التكليف مرتفعا‬ ‫سين في الأمر مفضول وذو خطر(‪)93‬‬ ‫لازمة‬ ‫وحجة الل باللكليف‬ ‫إن الشاعر أبا مسلم من هذا النوع من الشتعراء الذين وأكتوا عصر‬ ‫النهضة قبيل الحرب العالمية الأرلى وأثناءها‪ ،‬كان واعيا الوعي كله يما يمور به‬ ‫المجتمع الدولي آنئذ‪ ،‬من تكالب الدول الإستعمارية على المسلمين‪ ،‬ومن تجميع‬ ‫حدة الإسلامية فما‬ ‫الصليبيين الجدد جندهم بناء على تخطيط يهدف لضرب الو‬ ‫نفسه‬ ‫المصدر‬ ‫‪-7‬‬ ‫‪ 8‬سورة الشعراء آية رقم ‪.412‬‬ ‫‪42‬‬ ‫الديوان ص‬ ‫‪9‬‬ ‫دام العامل الذي وحد المسلمين بالأمس هو الإسلام هذا الذي جعلهم قوة‬ ‫القوة‬ ‫هذه‬ ‫يقتضي على‬ ‫لا‬ ‫فلماذا‬ ‫قرن‬ ‫نصف‬ ‫الأرضية ق‬ ‫الكرة‬ ‫نصف‬ ‫فتحت‬ ‫أولا ليسهل بعد ذلك الإحتلال والإستيطان‪.‬‬ ‫وأن ليس من صوب الإله شرانع‬ ‫هجنة‬ ‫يعتدون دين الله بهتا‬ ‫وأن قوانين السماء فظفننع‬ ‫وإن وقو ع الدين في الارض مفسد‬ ‫مضر لأسباب الرقي مصارع‬ ‫الرسل كله‬ ‫وأن الذي جاءت به‬ ‫ولو زال باتت للرقي سواطع ‪...‬‬ ‫في الأرض ظلمة‬ ‫الإسلام‬ ‫واث مدى‬ ‫وفي دولة الآيين الديار بلاقع‬ ‫‪ ...‬وفي دولة التعطيل مرعى ونضرة‬ ‫وخدانع(‪)04‬‬ ‫وتعطيل إنسانية‬ ‫ودولة‬ ‫ودين‬ ‫حبالة صياد‬ ‫تلك دعواهم المبيتة‪ .‬فكيف يكون الر عليها‪:‬‬ ‫وبغيا ولا مقصود إلا المطامع‬ ‫لقد ملأوا الآفاق إفكا وخزية‬ ‫محارم في حكم العقول فظفانع‬ ‫نفوا ملة الإسلام إذ منعتهم‬ ‫سبيل إلى ما تشتهي النفس واسع‬ ‫عليهم‬ ‫ولو قندوا الإسلام ضاق‬ ‫نذالتهم مهما اقتضته الطبايع‬ ‫ولا اطلقتهم في الرذالة رتكعا‬ ‫في نهبنا وتتازع‬ ‫هم كلب‬ ‫رفظاظة‬ ‫ولا حرَّشتهم شرَة‬ ‫أو قطانع( ‪(14‬‬ ‫وأملاكهم إرث هم‬ ‫رماحهم‬ ‫كان بني الاسلام صيد‬ ‫‪ 0‬الديوان‪ .‬ص ‪823‬‬ ‫الديوران‪.‬ص ‪823‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫حذ‬ ‫آي‬ ‫إال‬ ‫يدرك‬ ‫الإتجاه‬ ‫هذا‬ ‫يتابع شعر ابي مسلم ف‬ ‫الذي‬ ‫والحق ان‬ ‫كان الرجل واعيا بعصير أمّته‪ ،‬متابعا لأحداثها ووقائعها‪ ،‬بصيرا بما يراد هما من‬ ‫أعدائها‪.‬‬ ‫وأبو مسلم حين يعالج هذا الموضوع لا يقف موقف العاتب المتحامل‪ ،‬أو‬ ‫البائس المتهالك وإنما هو يبن الداء‪ ،‬والدواء وعندما يعرض العلة يوضح‬ ‫أسبابها بكل موضوعية مستخدما النقد الذاتي بصراحة وجرأة‪.‬‬ ‫وقد لاح آل(‪)٨24‬‏ في المهامه لامع‬ ‫لقد مكن الأعداء منا انخداعنا‬ ‫لزيد على عمرو وماتم رادع‬ ‫وسورة(‪ )34‬بعض فوق بعض وحملة‬ ‫له شيع فيمااتعاهتشايع‬ ‫وتمزيق هذا الآين ك منهب‬ ‫ضلالات أتباع الهوى تقارع‬ ‫وما الدين إلاً واحد والذي نرى‬ ‫ولا جاء في القرآن هذا التنازع‬ ‫ديانة‬ ‫وما ترك المختار ألف‬ ‫وليت نظام الآين للكل جامع‬ ‫فياليت أهل الدين لى يتفقوا‬ ‫وقد جعلت في نفسهاتتقارع‬ ‫وما ذبح الإسلام إلا سيوفنا‬ ‫باعظم ثما بين اهليه واقه(‪)44‬‬ ‫وما صلعة الإسلام من سيف خصمه‬ ‫لقد نظر أبو مسلم في حال المسلمين فوجد أن داءهم من أنفسهم وأن‬ ‫العدو الخارجي لم يتكالب عليهم إل عندما وهن التضامن الداخلي ى فقد مكنوا‬ ‫العدو من أنفسهم لأن الفتن أرهنت قواهم وشنت شملهم" على أن الإسلام‪.‬‬ ‫‪ -2‬آل المهامبه‪ :‬سراب في الصحارى‬ ‫‪ :‬غضب‬ ‫سررة‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.9‬‬ ‫الديران© ص‬ ‫‪-4‬‬ ‫يدعوهم إلى التآخي والتآزر والجهاد في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص‪ ،‬فإن‬ ‫الرسول ما ترك ألف ديانة! ولا جاء في القرآن ما يدعو إلى التنازع والختقاق‪،‬‬ ‫عندئذ فكل دعوى لا تنطلق من هذا المفهوم الإيماني الوحدوي الثابت تغدو‬ ‫دعوى باطلة مفرّقة مشتتة‪ ،‬ولا يشفع لها أن تكون في إطار قومي أو عرقي أو‬ ‫طائفي لأن الدين يضم المسلمين جميعا تحت جناحه فلا حاجة فهم عندئذ إلى‬ ‫جناح آخر يضمَّهم أو فكرة تلم شعثهم‪.‬‬ ‫إن الشاعر أبا مسلم لم يركن إلى الدعاوى القومية أو الإقليمية لأتَّه يرى‬ ‫كل هذه الدعاوى من رواسب الجاهلية[ فإذا كان للمسلم أن يفخر فليفخر بما‬ ‫أعره الله به وهو الإسلام‪ ،‬وإذا كان له أن يعتز فليعتز بالمنهج الراني الذي‬ ‫وضعه القرآن وكأني به يرةد ذلك البيت الذي غدا على لسان كل مسلم يضع‬ ‫الإنتماء إلى الإسلام فوق كل إنتماءء وهو قول الشاعر الناري عمران بن‬ ‫حطان حين رأى القوم يحتكمون في كل أمورهم إلى النسب والقبيلة والعشيرة‬ ‫وما أشبه مما حاربه الإسلام فقال بعد أن وجد في الأزد من عمان موطنا‬ ‫وأخوانا وعاش بينهم حتى مماته‪.‬‬ ‫واول عباد الله بالله من شكر(‪)54‬‬ ‫فنحن بنو الإسلام والله واحد‬ ‫لا لغيره‪ ،‬وتدعو‬ ‫هذه الرو ح الإيمانية المنتنفضة الي تعيش للإسلام رحده‬ ‫إلى الإحتكام إلى القرآن وحده دون سواه‘ هي روح ودعوة الشعراء الختراة‪،‬‬ ‫وهذا معلم بارز في شعرهم‪.‬‬ ‫وعلى نهجه سار أبو مسلم فإن آباءه الذين يفتخر بهم هم رجال تزينوا‬ ‫يالإيمان‪ ،‬وتحملوا بالتقوى وشرفوا بالإسلام‪.‬‬ ‫ص‪1 46‬‬ ‫عباس‬ ‫إحسان‬ ‫شعر الخوارج‪.‬‬ ‫‪-5‬ينظر‪3‬‬ ‫فما قطعتهم عن رضا القواطضع‬ ‫مباركا‬ ‫رجال سعوا للة سعيا‬ ‫فما صتعتهم في السبيل الصتوادع‬ ‫أنابوا إلى اللة اتباع سبيله‬ ‫ين ما اله جامع‬ ‫آ في‬ ‫لقوا‬‫ولاافر‬ ‫الله جمعه‬ ‫ق‬ ‫ر ما‬ ‫فجمعوا‬‫فما‬ ‫هداهم ولا يفري عليهم متابع‬ ‫أولنك أهل الحقَ‪ ،‬ما ضل مقتف‬ ‫عن الله‪ ،‬ما يقضي وما هو شارع‬ ‫أولنك أهل الفهم ما جار فهمهم‬ ‫فغنمإ وأما ذكرهم فذرانع‬ ‫حياتهم‬ ‫أوللك أهل الخير أما‬ ‫فهم بركات في التى وضافع‬ ‫أولنك أهل الفضل حتى ولو فنوا‬ ‫المجامع(‪)64‬‬ ‫إذا جمعتنا يا جرير‬ ‫بمشلهم‬ ‫أولنلك أشياخي فجنني‬ ‫وهذه المقطوعة صرخة قوة من أبي مسلم في أذن كل من يدعو إلى عنصرية أو‬ ‫جهوية أو إقليمية لأث ميزان الفخر عنده ميزان سماوي عادل لا يجوز وحكم لا يتبدل‬ ‫ولا يتغير‪.‬‬ ‫وما تضمنت لبيت الفرزدق في آخر هذه المقطوعة إلاً تعريض مقصود‬ ‫بموقف شعراء النقائض والذين من آثار عجاج شعرهم التفاخر بالأنساب‘ فقد‬ ‫غير كلمة واحدة في بيت الفرزدق فأصبحت كلمة أشياخي عنده بدلا عن‬ ‫آبائي عند الفرزدق والفخر بالشيو خ لعلمهم وفضلهم ولسيرتهم الحسنة أما‬ ‫الآباء فلعلة الدم والقربى والنسب©‘ وشتان ما بين الإعتبارين‪.‬‬ ‫وأبو مسلم حين يذهب هذا المذهب يربط ذلك بعقيدته ال لا يتنازل‬ ‫عنها‪ ،‬فحته لهؤلاء الشيوخ ليس حب فخر ولعتزاز وكفى أنئه حب أمتثال‬ ‫و ا قتد ‏‪ ١‬ء‪.‬‬ ‫‪ -6‬اليوان & ص ‪233.‬‬ ‫ونظلم أبا مسلم حين ندعي أه كان قومي النزعة(‪ )74‬أو أنه ينظر‬ ‫إلى (أفق قومي)(‪)٨‬والذين‏ يرون هذا الرأي أو يفرضون على أبي مسلم هذا‬ ‫همي دعوى‬ ‫الشاعر وإنما‬ ‫شعر‬ ‫ولا دليل يساندهم من‬ ‫التقسيم لا حجة هم‬ ‫باطلة‪ .‬ودليلهم الوحيد موقف أبي مسلم من المؤتمر الإسلامي الذي عقد‬ ‫يوضح فيها موقفه‪،‬‬ ‫بالقاهرة على يد رياض باشا سنة ‪1191‬م إذ كتب قصيدة‬ ‫وكان المؤتمر قد كشف مؤامرة الأقباط ضد المصريين المسلمين استجابة منهم‬ ‫تحركهم في الخفاء لبث الفتنة بين المسلمين والأقباط‬ ‫لبعض الأيدي الأجنبية ال‬ ‫لتعكر ماء النيل على الجمع وتحوله إلى ذهب في أرضها‪.‬‬ ‫وهذه القصيدة نفسها لا أثر للنفس القومي ف أبياتها إطلاقا وإتما‬ ‫هدفها ورؤيتها إسلامية محضة وقد عبر أبو مسلم عن قناعته الإسلامية في هذه‬ ‫‏‪١‬‬ ‫القصيدة ال رآها بعض الدارسين( قومية ) حيث يقول‪:‬‬ ‫بات جفن الين منها في سهر‬ ‫النيل ما حادثة‬ ‫يا قطين‬ ‫خطة القبط وذاك المؤتغر‬ ‫غيرها‬ ‫أقلقت مصر وغاظت‬ ‫بإن جرى النيل على هذا القدر‬ ‫يا لقومي والاسى كل الاسى‬ ‫واشربو أبوا لاختصاص وأشر‬ ‫ضايقو كم في المراعي مطلقا‬ ‫البطر(‪)94‬‬ ‫شان من اكسبه العدل‬ ‫طلبوا أعظم من مقدارم م‬ ‫‪-7‬الديوان المقدمة ص‘ؤ‪ 21.41‬تحقيق وتدقيق عبد الرحمان الخزندار ط ‪6041‬ه‪6891 /‬م‬ ‫‪ -8‬أحمد درويش‪ ،‬مدخل إلى دراسة الأدب في عمان‪ ،‬ص{‪491‬‬ ‫‪.453‬‬ ‫الديوان ‪ .‬ص‬ ‫‪-9‬‬ ‫يقول مقدم الديوان‪:‬‬ ‫يتجه آنجاها قوميا خالصا فيعلن في قصيدته له‪ 0‬أت عمان سوف تقوم‬ ‫بحق المرب‪ ،‬وسوف تعيد للعرب حدهم وتصير مع شقيقاتها قوة فيتخلصون‬ ‫بها من الإستعمار وهذا نجاه وجيه يعرف قيمته من فهم أحوال العرب في‬ ‫عصر الشاعر اي زمن الحرب العالمية الأولى ويدرك وعي الشاعر لنمكرة القومية‬ ‫من يعرف أتّه نظم هذه القصيدة القومية بزنحبار بعيدا عن العا لم العربي الناهض‬ ‫آنذاك وهذه هي الأبيات التي تظهر غيرته القومية مخاطبا شاعرا عاب على‬ ‫العرب تأخرهم ونومهم الطويل» ‪)05(:‬‬ ‫تجد أفعال أحررر الرجال‬ ‫عمان‬ ‫تفضل بالزيادة في‬ ‫واحساب عزيزات المال‬ ‫تجد ما شنت من مجد وفضل‬ ‫عليه الكفر مبيض القذال‬ ‫شأنا‬ ‫تجد من هيبة الإسلام‬ ‫بثار الآين ترخص كل غاد‬ ‫تجد همم الرجال مصممات‬ ‫فتهكمصنديداتكال‬ ‫قطين الشرق متم نوم عبد‬ ‫هنينا بين رتات الحجال‬ ‫فناموا‬ ‫أولا‬ ‫فقوموا عندنا‬ ‫وبالشمَال(ا‪)5‬‬ ‫ذيذا باليمين‬ ‫سناخذ حقكم ونذدود عنكم‬ ‫كنا نود أن يقدم المقدمة دليلا آخر غير هذه الأبيات لأن هذه تصرخ‬ ‫بالإنتماء الذي يعتر به أبو مسلم وهو الأمة الإسلامية لا القومية العربية‪ .‬حيث‬ ‫‪.4‬‬ ‫المقدمة ص‬ ‫الديوران©‬ ‫‪-0‬‬ ‫ص‪4!1‬‬ ‫الديوان©‬ ‫‪-1‬‬ ‫يقول بكل وضوح مفتخرا بعمان وما بها من هيبة الاسلام‪ .‬وأت الرجال بها‬ ‫من أجل الدين ييرخمصُون كل غال إلى آخر الأبيات‪..‬‬ ‫فموقف أبي مسلم من القومية الضيقة الرَّاكنة إلى الجنس لا يحتاج إلى‬ ‫تعليق‪ 5‬ذلك لأت إحساسه القوي بالإنتماء إلى الأمة الإسلامية والعربية كما جاء‬ ‫ذلك عن أسبابه وهو يتحدث عن وادي النتيل‪.‬‬ ‫بات جفن الدين منها في سهر‬ ‫حادثة‬ ‫النيل ما‬ ‫ياق طين‬ ‫وجفن الدين الإسلامي هو المؤرق‪ ،‬لا جفن القومية العربية‪ ،‬ولقد كان‬ ‫أبو مسلم صريحا حين وجَّه نداءه إلى أمة التوحيد في مصر قائلا‪:‬‬ ‫صرت في جبهةالتهفرغرر‬ ‫يا بني التوحيد في مصر لقد‬ ‫إذن من كان مع الله انتصر(‪)25‬‬ ‫نهضتكم‬ ‫صبغة اله على‬ ‫وبنو التوحيد هم صفوة الأمة الذين يقودهم رياض باشا بطل الإسلام‬ ‫كما يدعوه‪:‬‬ ‫رجل المجد الهممم المقتدر‬ ‫العملى‬ ‫بطل الإسلام قمقام‬ ‫جلدالهمةذوالعزمالذتمر"‬ ‫اتهى‬ ‫ناصع الحجة معصوم‬ ‫فطر التوحيد منه في وزر(ة‪)5‬‬ ‫صاحب العر رياض من غدت‬ ‫إن أبا مسلم يفتخر برياض باشا لا لكونه عربيا‪ ،‬بل لكونه من رجالات‬ ‫الإسلام وحماة الإسلام ومن أجل هذا الشعور الدي بالإنتماء إلى الإسلام‪،‬‬ ‫يهب أبو مسلم نفسه للوقوف إلى جانب إخوانه المسلمين في مصر ضة من‬ ‫‪.653‬‬ ‫الديوان© ص‬ ‫‪-2‬‬ ‫اللبيب‬ ‫الشجاع‬ ‫الذمر‪:‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ 3‬الديوان‪ ،‬ص ‪.653‬‬ ‫يناوئهم من الأقباط ولو كانوا مصريين‘ وهو يأسف أن تكون مشاركته‬ ‫لإخوانه بالنتعر على أه لو يعلم يقينا أن الشعر ياتي بالنصر إذا لأرسل الغرر‬ ‫تلو الغرر‪.‬‬ ‫رقصت أم سكنت أم المعبر‬ ‫قم بحول الله لا تحفل بها‬ ‫انظم الأنجم لا ارضى النترر‬ ‫لو يكون الثتعر نصرالم ازل‬ ‫قلم في التصرإن قام عثر‬ ‫لو ملكنا المنيف لم نرجع إلى‬ ‫لاخي منته كيف قدر(‪)45‬‬ ‫والغيور الحر يبدي نصره‬ ‫فالنصر إذا من أبي مسلم لأخي منته لا لأخي جنسه وشتان ما بين هذا‬ ‫وذاك!!‬ ‫«منازعه الدينية إسلامية‬ ‫أ أيا مسلم كما يقول ( علي التجدي)‬ ‫شاملةء لا قوسية صحدودة جماعة المسلمين كافة هم معناه في إسداء النصح‪.‬‬ ‫والعوة إلى الحق ومن قبلهم يكون ما يسوء وما يسره ي وهو لذلك ياسى‬ ‫نفرق كلمتهم وانصداع وحدتهم‪.)55(»...‬‬ ‫ونوة أن نقرر في آخر هذا البحث أن أي محارلة لحمل أبي مسلم على‬ ‫هذا الاتجاه القومي الضيّق هو ظلم للشاعر وظلم لشاعريته‪ ،‬وظلم للحقيقة‬ ‫التاريخية والموضوعية العلمية والدراسة النقدية‪ .‬ولا عبرة بأولئك الذين يخضعون‬ ‫الأدب للسياسة ويطوعون المذهب المبادئ للمصالح" لأن الزيف إن توارى عن‬ ‫الأعين زمنا لا بد أن يجيء يوم تكشف فيه حقيقته للناس ولله الأمر من قبل‬ ‫ومن بعد‪.‬‬ ‫‪.60‬‬ ‫‪ -‬الديران© ص‬ ‫‪4‬‬ ‫‪ - 5‬مقدمة الديران‪ ،‬علي النجدي طبعة وزارة التراث ‪0041‬ه‪0891/‬م‪ 5.‬ص‪. 2‬‬ ‫_‪-‬‬ ‫‪44‬‬ ‫_‪-‬‬ ‫الابتهال سيث شعره‬ ‫عندما يتوجّه الدارس إلى شعر أبي مسلم إنما يفعل ذلك لأت أبا‬ ‫مسلم يعل الشاعر المسلم بكل مواصفاته الأصيلة عقيدة دينتّة راسخة‪.‬‬ ‫وسلوكا محمديا ثابتاى ورؤية إسلامية للكون‪ ،‬والحياة‪ ،‬والتاس‪ ،‬لا تذبذب‬ ‫فيها ولا اهتزاز‪ ،‬وهو إلى جانب هذه الخصائص السلوكية والعقدية‪ ،‬يتميز‬ ‫بشاعريية فيّاضة تجمع الجحماليات الفنية الرائعة اليي تجعل التجربة الشعرية‬ ‫تنتفض وتتحرّك‪ ،‬وتؤنر‪.‬‬ ‫وعندما يختار الدارس من بين هذا الشعر موضوعا محدد الأطراف مثل‬ ‫شعر الابتهالات‪ ،‬فإنما يتوجه إليه بدافع موضوعي لأن الأغلبية الساحقة‬ ‫من قصائد أبي مسلم إنما تنحو هذا المنحى‘ فقد استحوذت قصائد‬ ‫الابتهال عنده على الأكبر من ديوانه‪.‬قد تبلغ ثلثي شعره أو تزيد‪.‬‬ ‫الأخرى موضوعاتها المختلفة‪:‬‬ ‫على أن أبا مسلم لم ينظم قصائده‬ ‫حنينا‪ ،‬واستنهاضاء مدحا ورثاء إلآ تحت هذا الإلحاح الدي الذي يمثل‬ ‫الشاعر أبا مسلم أحسن تمثيل© ويعبر عن شخصية أبلغ تعبير‪.‬‬ ‫فوطنياته ومدحه ومراثيه{ كلها لا تخرج عن إطار هذا النهج المستقيم‪،‬‬ ‫ثم‬ ‫والعينية‪،‬‬ ‫والميمية؛‬ ‫والنونية‪،‬‬ ‫المقصورة‬ ‫ولينظر المتأمل ملاحمه الوطنية‪:‬‬ ‫الخليلي ‘ ولينظر بعد ذلك‬ ‫بن خلفان‬ ‫سعيد‬ ‫لينظر تخميساته لقصائد ا لشيخ‬ ‫مراثيه في العلماء الأجلاء يجدها قد صيغت كلها بقالب سلوكي رفيع‪ ،‬لأ‬ ‫شعره كله قي الغالب متمحور حول الاستقامة‪ ،‬منبثق عنها داع إليها ‪(65).‬‬ ‫لذا فإننا عندما نحرؤ على الدخول إلى هذا البحر الرَاخر‪ ،‬نكون قد‬ ‫تحرانا على أنفسنا أولا وبالذات والجرأة هنا لا تأتي من عمق أمواج شعر‬ ‫أبي مسلم وحسبڵ وإنما تأتي من كون المركب الذي اخترناه لشق هذا‬ ‫الخضم ليس مأمون العواقب‘ فليس أخطر على المرء من تناول موضوع‬ ‫يتعلق بالنفس البشرية الي مهما قال العلماء فيها وعنها؛ فإنهم لن يصلوا‬ ‫إلى حدود تفسير الآية الكرية الي تتحدانالإوفي أنفسكم أفلا‬ ‫تبصرون»(‪7‬ة‪« 0‬إسنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه‬ ‫الحق ه‪ .‬فنحن إذا حين ندخل هذا البحر المتلاطمك فإننا ندخله على وجل‬ ‫السابق ذكرها‪:‬‬ ‫وخوفا للأسباب‬ ‫" صعوبة النفاذ إلى أبعاد هذا التوع من الشعر لأنه يتعلق‬ ‫والفهم ‪.‬‬ ‫الاحتواء‬ ‫رهي أمر صعب‬ ‫بالروحانياتك‬ ‫حول‬ ‫لأن جل ما كتبه أبو مسلم إنما يدور‬ ‫الموضوع‬ ‫‏‪ ٠‬وسعة أطراف‬ ‫هذا الحور‪ ،‬لذا فإن بحثنا هذا لا يعي الإحاطة أو النفاذ إلى الأعماقف‪ ،‬وإنما‬ ‫‪ - 6‬ينظر أحمد بن سليمان الكندي‪ ،‬قصائد السلوك في شعر أبي مسلم‪ .‬يحلة المنتدى الأدبي‬ ‫العدد الصادر في ‪1991‬صآ ‪ .202‬عد أحد الدارسين أبياته الدينية فبلغ بها ‪ 0865‬بيتا‬ ‫من بجموع ‪0009‬۔ بيتا رإن كنا لا نوافق على هذا التحديد المفتعل‪ .‬ينظر ديوان أبي‬ ‫مسلم د‪/‬إصلاح رزق (مخطوط) ص۔‪.31‬‬ ‫‪ - 7‬سورة السُحدة ‪ ،‬الآية ‪.72‬‬ ‫هو محاولة للتقرب من هذا البحرالخضم» والتأمل في عالمه العجيب تأمّل‬ ‫استفادة وتحريب‪.‬‬ ‫وسنحاول أن نقف مع قصيدة الابتهال عند أبي مسلم من خلال‬ ‫المحاور التالية‪:‬‬ ‫" قصيدة الابتهال تعريفها وأبعادها‪.‬‬ ‫٭ مكانة هذا الفن عند أبي مسلم ولماذا اهتم به؟‬ ‫٭ محاور هذه القصيدة عنده من جانبها الموضوعي‪.‬‬ ‫" حاورها من جانبها الفتي‪.‬‬ ‫٭ قصيدة الابتهال بين الرّهد والتصوف‪.‬‬ ‫ا‪:‬‬ ‫أبعاب‬ ‫الابنهمال‪ :‬نعربفمما‪.‬‬ ‫‪ - (1‬قصبصدة‬ ‫جاء في لسان العرب لابن منظور‪ :‬ابتهل في الدعاء إذا‬ ‫لله‬ ‫اجتهد‪....‬والابتهال‪ ،‬التضرع‪ ،‬والابتهال الاجتهاد في الدعاء‪ ،‬وإخلاصه‬ ‫عر وجل‪.‬‬ ‫وفي التنزيل العزيز ط ثم نبتهل فنجعل لعنة ا لله على الكاذبيني(ة‪)5‬‬ ‫أي يخلص ويجتهد كل منا في الدعاء واللّعنة على الكاذب منا‪.‬‬ ‫قال أبو بكر ابن الأنباري‪ :‬قال قوم‪ :‬المبتهل معناه في كلام العرب‬ ‫المسبح الذاكر لله واحتجوا بقول النابغة شيبان‪:‬‬ ‫‪.16‬‬ ‫الآية‪:‬‬ ‫سورة آل عمران©‬ ‫‪- 8‬‬ ‫وابتهللاللهأي ابتهال‬ ‫أقطع الليل آهة وانت_حابا‬ ‫وقي حديث الدعاء‪ :‬والابتهال أن تمد يديك جميعا‪ .‬وأصله التضرَ ع‬ ‫والمبالغة في السؤال‪.‬‬ ‫من هنا نرى أن معنى الابتهال؛ هو التضرّع في الدعاء‪ :‬والاجتهاد‬ ‫فيه‪ .‬وأما الدعاء فقد ورد في القرآن بمعنى العبادة‪ .‬كما جاء في سورة‬ ‫الأعراف فإن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم‬ ‫فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين“»‪)95(.‬‬ ‫وني سورة الرعد‪ :‬لل له دعوة الحق والذين تدعون من دونه لا‬ ‫يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وماهو ببالفه‪.‬‬ ‫وما دعاء الكافرين إلا في ضلال(‪ )06‬وقد وردت اللفظة في آيات كثيرة‬ ‫أخحرى‪ ،‬وعندما نتناول تلك النتواهد كلها نجد الآعاء حين يرد بمعنى‬ ‫العبادة يتضمنه أيضا معنى النداء « و لله الأسماء الحسنى فادعوه بهائه‪(.‬ا‪)6‬‬ ‫والعاء تما يوصي به القرآن الكريم عباده المؤمنين؛ لأنه حفظ الصّلة‬ ‫الن لا تنقطع بين العبد و ربه ظ وقال ربكم أدعوني استجب لكم(‪)26‬‬ ‫وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا‬ ‫دعاني ‪)36(.‬‬ ‫‪ - 9‬سورة الأعراف ؤ الآية‪.491 :‬‬ ‫‪ - 0‬سورة الرعد الآية ‪.41 :‬‬ ‫‪ - 1‬سورة الأعراف‪ ،‬الآية ‪.081‬‬ ‫‪ - 2‬سورة غافر الآية ‪.06‬‬ ‫‪ - 3‬سررة البقرة الآية ‪.681 :‬‬ ‫وقد قص علينا القرآن نماذج من أدعية الأنبياء مما لا يزال المؤمنون‬ ‫يرةدونها في صلواتهم وخلواتهم تأسيا واقتداء بهم؛ وقد وردت على لسان‬ ‫صلوات‬ ‫ومحمد وغيرهم‬ ‫رعيسمى=©‪٥‬‏‬ ‫رمورسىك‪6‬‬ ‫وإبراهيم‬ ‫رنوحك‬ ‫‏‪ ١‬لله آدم‪.‬‬ ‫أنبياء‬ ‫ا لله عليهم أجمعين‪.‬‬ ‫وقد رغب الرسول الكريم ثق أمته في التعاء في حال الخير والشر‬ ‫رفي مواضع النتكر والضرًَ لأن الدعاء بالنسبة للمؤمن هو علامة استسلامه‬ ‫لله خالق كل شيء‪ ،‬ومدر كلَ شيع؛‬ ‫فالدعاء بالشكر عند النعماء يزيده عطاء وإنعاما‪ ،‬والدعاء بالصبر عند‬ ‫الضراء يزيده أجرا وثوابا‪ ،‬وعند الإنابة والاستغفار يزيده من الله قربا‬ ‫وملاذا‪.‬‬ ‫وقد جاء عن الرسول تل أت الدعاء ينفع تما نزل ومالم ينزل‬ ‫فعليكم عباد ا لله بالتعاء‪ ،‬وقال‪« :‬إن ا لله حمي كريم‪ .‬يستحي إذا بسط‬ ‫الرجل إليه يديه أن يرها صفرا ليس فيها شيء»‪ .‬إلى آخر ما جاء في‬ ‫هذا الموضوع من أحاديث كلها تحض على الآعاء‪ ،‬وتدعو المؤمن على‬ ‫ملازمته سرًا وجهرا‪ ،‬ليلا ونهارا‪ ،‬في المكره والمنشط‪.‬‬ ‫وإذا عدنا إلى التزاث الإسلامي فإننا نجد في أدبيات المتصوفة اهتماما‬ ‫بالدعاء والأذكار‪ ،‬وضعوا لما آدابا وشروطا\ ينبغي أن يكون المرء عليها في‬ ‫حالة العاء حتى يستجيب الله لدعائه‪.‬‬ ‫ولهذه الآداب تفاصيل توجد في الجزء الأول من إحياء علوم الين‬ ‫للغزالي والجزء الخامس من نهاية الأرب للنويري‪ ،‬كما تكتظ بها كتب‬ ‫المتصوفة } والرقائق‪.‬‬ ‫وجملة هذه الآداب تبين كيف يحرص الصوفية على صفاء التنفس حين‬ ‫تراض على هذه الآداب فوصل النفس بالله‪ ،‬واستحضار فقرها إليه‬ ‫ورهبتها منه‪ .‬ورغبتها فيه‪ ،‬وانتظارها لفضله في ثقة ويقين‪.‬كل أولعفك من‬ ‫العوامل في صقل النفس‪ ،‬وتطهير القلب‪ ،‬وتربية اجلودان(‪ ،)6‬وانتظار الخير‬ ‫كله من ا للهؤ وتهيئة النفس لذلك‘ باب أصيل في بناء الملكات الأخلاقية‬ ‫ولا سيما إذا لاحظنا مخلصين أن الأمر بيد ا لله‪ ،‬وأن العبد لا يملك لنفسه‬ ‫ضرًا ولا نفعا‪ ،‬هذه الأسباب كلها تجعلنا نفهم موقنين لماذا يصف الرسول‬ ‫[ ‏‪٢‬‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬ ‫‪-‬‬ ‫‪,,=-‬‬ ‫ك‪ .‬الدعاء بأنه مخ العبادة!!‬ ‫من هذا المنطلق الإيماني نفهم لماذا يتجه شاعر مثل أبي مسلم إلى هذا‬ ‫النوع من النتعر‪ ،‬ولماذا يكرس له من ديوانه كلَ هذه القصائد بحيث تصبح‬ ‫الجزء الغالب عليه‪ ،‬بل تصبح الروح الذي طبع أغلب أعماله الشعرية‬ ‫وسنعود إلى هذه النقطة بالذات بالشرح والتوضيح‪.‬‬ ‫‪ - 4‬دازكي مبارك‪ :‬التصوف الإسلامي وأثره في الأدب والأخلاقف‪ ،‬ج‪/2‬ص‪.04‬‬ ‫)‪ - 2‬لماما انم أبو مصل‪ ,‬بقحيمة الابنهمال؟‬ ‫يبدو لي ‪-‬وا لله أعلم أ أبا مسلم حين كتب الشعر كان أول ما‬ ‫كتب منه هو الشعر اليي الخالص‪ ،‬أي شعر الابتهال والذ كر‪ ،‬آية ذلك أننا‬ ‫عندما نعود إلى ديوانه المخطوط نحده عبارة عن بجموعة من الأذكار الدينية‬ ‫أعطاها هو بنفسه عنوانا دلاليا مقصودا‪ :‬النفس الرحماني في أذكار أبي‬ ‫مسلم البهلاني(©)‪ ،‬ويشمل أغلب قصائده كما ذكرنا آنفا‪ ،‬وهو الذي‬ ‫يعنينا من هذه الدراسة المتواضعة‪.‬‬ ‫وقد قسم الديوان نفسه إلى عناوين تنطوي كلها تحت عنوان واحد‬ ‫هو الأذكار فلم يميز بين قصائده إلا بأعدادها حسب الترتيب‪ ،‬فكان منها‪:‬‬ ‫الذكر الأول وعنوانه‪ :‬الوحي المقتس‪ ،‬ومقدمة في شروط الذكر ثم‬ ‫فاتحة الدعوة المباركة لأسماء ا لله الحسنى‪ ،‬وعدد أبياته ‪ 7651‬بيتا‪.‬‬ ‫الذكر الثاني" وعنوانه‪ :‬النامرس الأسنى في أسماء ا لله الحسنى‪ ،‬وعدد أبياته‬ ‫بيتا‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫الذكر الثالث‪ ،‬وعنوانه‪ :‬المعرج الأسنى في أسماء الله الحسنى‪ ،‬وعدد‬ ‫أبياته ‪ 411‬بيتا‪.‬‬ ‫الذكر الرآبع‪ ،‬وعنوانه‪ :‬التفحة الفاتحة في التوسل بأسماء الفاتححة‪ ،‬وعدد‬ ‫أبياته‪ 202‬بيتا‪.‬‬ ‫‪ - 5‬في رراية أخرى (النفس الرباني) والمعنى واحد‪.‬‬ ‫وعدد‬ ‫الثناء‘‬ ‫سموط‬ ‫تخميس‬ ‫المنى ق‬ ‫درك‬ ‫وعنوانه‪:‬‬ ‫الذكر الخامس‪.‬‬ ‫أبياته ‪ 652‬شطر لأ القصيدة يخمسها بقصيدة هي ف الأصل للعالم الرباني‬ ‫الخليلي‪.‬‬ ‫بن خلفان‬ ‫الشيخ سعيد‬ ‫بيتا‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫النفوس‬ ‫مقدس‬ ‫وعنوانه‪:‬‬ ‫السادس‪.‬‬ ‫الكر‬ ‫الكر السابع‪ .‬وعنوانه‪ :‬الكلم الطيب ‪ 558‬بيتا‪.‬‬ ‫الكر الثامن‪ ،‬وعنوانه‪ :‬الباقيات الصالحات رعدد أبياته ‪ 007‬بيتا‪،‬‬ ‫ترد في اليوان المطبوع ولا المخطوط‬ ‫منها حوالى ‪ :‬ثلاثون بيتا‬ ‫سقط‬ ‫القصائد‪.‬‬ ‫وتلحق بهذه‬ ‫هذه هي القصائد ال يمكن أن يشملها جميعها الاتجاه الابتهالي‪،‬‬ ‫لأنها إنما نظمت أساسا هذا الغرض‪ ،‬كما تدل على ذلك مقدمة الشاعر‬ ‫نفسه! حيث يضع لها سلوكية معينة قبل الذكر وأثناءه ‪.‬‬ ‫وقد دلت المقدمات الي يفتتح بها تلك القصائد على احتفاله بأدائهاء‬ ‫إذ كان يهيء نفسه بالطهارة والوضوء والتبتل والخشوع والصلاة في جوف‬ ‫الليل‪ ،‬فتنساب تلك الأبيات على لسانه دعاء يناجي بها ربه في تلك‬ ‫ويعتلئع‬ ‫بها وجحدانه‪،‬‬ ‫تحيش بها عاطفته‘ ويفيض‬ ‫اللحظات الروحية الرفيعة‬ ‫بها قلبها وتخفق بها جوانحه»(‪.)66‬‬ ‫بعد هذا الاستعراض السريع الذي يقدم أمامنا انطباعا عن اهتمام‬ ‫الشعراء‬ ‫الذي يكاد يتفرد به من بين‬ ‫الشاعر أبي مسلم بهذا القر الشعري‬ ‫‪ - 6‬أحمد بن سليمان الكندي‪ .‬مرحع سابق‪ ،‬ص‪.202‬‬ ‫ندرك‬ ‫العا ل العربي على ما نعلم‪،‬‬ ‫بل ف‬ ‫وحسمب&ؤ‬ ‫المعاصرين له‪ .‬لا في عمان‬ ‫أت أبا مسلم قد اتخذ الشعر وسيلة يتقرب بها إلى ‪7‬‬ ‫باي عمل صالح آخر إنه المعاناة النفسيَة‪ ،‬والخلوة الروحية اليي اختار‬ ‫للتعبير عنها الفرً الشعريَ‪ ،‬وما في ذلك غضاضة‪.‬‬ ‫وبعيدا عن استنطاق الظروف السياسية والاحتماعية _ وهي دوافع‬ ‫‪2‬‬ ‫»‬ ‫‪,‬‬ ‫موضوعية ولا شك ح _ نود أن نبدا من دافع ذاتي‪ ،‬نابع بكل قوَّة من حنايا‬ ‫الشاعر لأ الدافع الذاتي في كتابة الشعر يكون أقوى ولا ريب من الدافع‬ ‫الخارجئ؛ وكأا الشاعر توقع تساؤل الناس عن اختياره هذا فقال‪:‬‬ ‫اليك مُجدا في هتافي وقربتي‬ ‫باسمانك الحسنى تقربت سيدي‬ ‫لوجهك ربي خلوة بعد خلوة‬ ‫جعلت سمير الطبع ترتيل ذكرها‬ ‫‪.....................................‬‬ ‫سرا‬ ‫بحقك أمطرني سحانب‬ ‫إلهي ف الدنيا وفي الأخرويئة‪6‬‬ ‫أتمّه‬ ‫وهب لي بها من كل خير‬ ‫ولعل إحساس الشاعر بأنه إنما يدعو ا لله‪ ،‬ويرفع إليه أكف الضراعة‬ ‫وهو ينشد تلك القصائد هو الذي أضفى عليها جوا حميما من الصدق‬ ‫والتجلي الروحي‪ ،‬والقارئ عندما يردد تلك القصائد بتمعن" يخيل إليه أن‬ ‫الشاعر لا ينشد شعرا عاديا‪ ،‬وإنما هو يدعو خاشمًا متبنّلاً في محراب‬ ‫الشعر وهو موقف طالما طالعنا من شعره ولا سيما في خواتم تلك‬ ‫المطوّلات الي يخصّصها لأسماء ا لله الحسنى حيث يتكرر لفظ الدعاء أكثر‬ ‫‪.71‬‬ ‫ص‬ ‫الحارثي‬ ‫ط‪.‬‬ ‫ابي مسلم‬ ‫ديوان‬ ‫‪-‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪,‬‬ ‫ه‬ ‫الإيحائي‬ ‫من مرَ‪.‬ة& تعبير ها من الشاعر عن معاناته النفسية الصادقة‪ ،‬وإحساسه‬ ‫الفياض‪.‬‬ ‫وهذا مقام العانذ المتثبّت‬ ‫اهي هذا موقف الخوف والرجا‬ ‫لطرد‘ وإبلاس‪ ،‬وياس‪ ،‬وخيبة‬ ‫اهي ما أوقفتني موقف الدعا‬ ‫ولا باء بالحرمان إخبات خبت‬ ‫إلهي لا يشقى دعاتك بالدعا‬ ‫ال لما أنهضتني نحو دعوتي‬ ‫اهي لولا نظرة ازلئة‬ ‫هي بشوي بالإجابة دعوة ‪ .‬ارنلها وال حاضر حضوتي‬ ‫وعزم إرادتي‪ .‬وبت عزيمتي‬ ‫إهي دعاني ما له عخك حاجز‬ ‫هفتحة فمع دعتي وصرختي ‪86‬‬ ‫إفي أبواب الدعاء لمن دعا‬ ‫الشعر وسيلة‬ ‫واتخاذه‬ ‫رخحضوعهك{‬ ‫وخشوعه‪،‬‬ ‫الشاعر‬ ‫هكذا يتجلى صدق‬ ‫هذه‬ ‫منها ف‬ ‫وما اش ‪.‬‬ ‫مما جعله يردد لفظة الدعاء‬ ‫ويناجيه‪3‬‬ ‫يدعو بها ‪7‬‬ ‫الأبيات أكثر من ثمان مرات ‪.‬‬ ‫فالابتهال عنده بالشعر وسيلة من وسائل التقرب إلى الله{ لا تختلف‬ ‫عنده عن دعائه بالنثر ك أو بالأدعية المحفوظة المأثورة الأخرى؛وقد قال عن‬ ‫نفسه في مقدمة تخميسه لقصيدة شيخه وإمامه في هذا الإتجاه‪ :‬الشيخ‬ ‫وا شربت‬ ‫سعيد بن خلفان الخليلي‪« :‬ولكنى امرؤ حالفت خدمة الآذكار‪،‬‬ ‫حب الاغتراف من بحار الأسرار‪ ،‬وعلمت أن لذه الدعوة (سموط الشناء) أثرا‬ ‫ساطمكماء وبرهان قاطتماء أشهر من الشمس فيكبد السماءء وأغزر بركة من‬ ‫‪ - 8‬ديران أي مسلم الرراحي‪ ،‬طبع رنشر صالح بن عيسى الحارثي (د‪.‬ت) ص ‪.521‬‬ ‫حجرتها » ورجعت‬ ‫بعروقهاء و حذت‬ ‫عيا م الد ماء (البحا ر ي‪ .‬فاستمسككت‬ ‫‪.60‬‬ ‫مع التخميس لرب العزة نداء‪٬‬‏ ولبست لا من أديم السحر ردا»‬ ‫فأبو مسلم يرتقي بهذا الفن الشعري رتبة في السمو الروحي أرقى من‬ ‫أن يكون شعرا ينشد أو يحفظ وإما يتخذ هذه القصائد أورادًا يقسمها‬ ‫ورياضة روحية يصقي بها‬ ‫عبادة قارة‬ ‫بين اليوم والليلة‪ ،‬فتصبح عنده‬ ‫نفسه من أدران المادة وأوضار الدنياء كلما أصابه شيء من غبارها‪.‬‬ ‫ماجر‬ ‫على بابك ‏‪ ١‬لعظي ‏‪١‬‬ ‫سيدي سانل بأسمانك ا حسنى‬ ‫دؤوب بحبلهامدلي‬ ‫سيدي عانذ بأععمانك الحسنى‬ ‫واأذكارها حديشي وشغلي‬ ‫سيدي مُخبت باسمانك الحسنى‬ ‫حتى أصبح الذكر حديثه وشغله فيما يقول‪،‬‬ ‫فهو سائل عائذ محخبت&‪٨‬‏‬ ‫والدافع إلى ذلك طمأنينة يجدها قرب الله إذا استبد به قلق‪ ،‬وأمن في حمى‬ ‫ا لله إذا نزل به خوف©\ ذلك ما يقرره بنفسه حيث يقول‪:‬‬ ‫وتعمّت أمام وجهي سُبلي‬ ‫سيدي عني الوجود ملاذا‬ ‫كرما منزلا برحمبور وأهل‬ ‫سيدي من يحلل حماك يصادف‬ ‫بحظل(‪)07‬‬ ‫في حماك الخطوب باء‬ ‫سيدي أي قاص طرحته‬ ‫إلى أن يقول‪:‬‬ ‫غيرك لم يلف منه غير انتولي(ا؟‪0‬‬ ‫سيدي من يصرف هواه إلى‬ ‫‪ - 9‬الديوان المخطوط ‪ ،‬ص ‪.39‬‬ ‫المنع والحرمان‪.‬‬ ‫الحظل‪:‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪0‬‬ ‫إ قصيدة الابتهال عند أبي مسلم حاجة نفسية واستجابة ملحًّة‬ ‫لخواء روحئ يشعر به عندما تدلهم أمامه الحوادث‪ ،‬وتتحكم حوله حلقات‬ ‫الأزمات النفسية! فلا يجد سلاحا لدفعها إلأ الابتهال المتضر ع إلى ا له‬ ‫لأنه يشعر لا محالة بالضعف البشري‪ ،‬ويعترف بقلة حيلته وهوانه عند‬ ‫الناس فيغدو الدعاء حينئذ سلاح المستضعف الذي لا يجد النصير إلآً عند‬ ‫ا لله قاهر المستبابن‪ ،‬والجبابرة الطغاة‪ ،‬فأسماء ا لله تغدو عنده الجنود‪،‬‬ ‫والحصون\ والسيوفؤ والنبال الي يقاتل بها‪ ،‬بل إنها البروق الي تخطف‬ ‫أبصارهم كلما أرادوا به سو‪ً٤‬ا‪:‬‏‬ ‫‪70‬‬ ‫وكنوز الأسماء كنزي وطولي‬ ‫وجنود الأسماء أنصار قهري‬ ‫وغيوث الأسماء غيني محلي‬ ‫وحصون الأسماء معقل أمني‬ ‫المريدين سوء حالي وذلي‬ ‫وبروق الأسماء تخطف أبصار‬ ‫في وفصلي في الكاننات ووصلي‬ ‫وفيوض الاء قوة تصري‬ ‫راء وهب لي بفيضها كل سولي‬ ‫فاكسني من لآلئ أسرارها نو‬ ‫ب باذكارها نهاري وليلي‬ ‫وأغثني متيّما ‪ 7‬مولع القل‬ ‫بت بانوار سرها متجلي‬ ‫لست أخشى من الحوادث إن كد‬ ‫إ المتتبع لتلك الإبتهالات الدافقة من أعماق القلب‪ ،‬ليشعر بحق‬ ‫‪77‬‬ ‫حقا‬ ‫كما قال‬ ‫ملكوتهاك‬ ‫وهو يسبح ف‬ ‫أبو مسلم‪،‬‬ ‫كان‬ ‫ح‬ ‫الى أي‬ ‫الغزراث ص‪.1 03‬‬ ‫‪ -‬الديوان© ط‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫مولع القلب بأذكارها ليله ونهاره‪ ،‬وما ذلك إلا لنقته لعظيمة ف الله‪ ،‬فاد‬ ‫الذكر والدعاء طاقة روحية هائلة تفيض على جنبات نفسه‘ فتملؤها‬ ‫وأمان ‪:‬‬ ‫وحاجة‬ ‫عبادة{‪6‬‬ ‫فهي إذن‬ ‫بالطمأنينة والرضى واليقين‪،‬‬ ‫فإني مضطر عظيم البلية‬ ‫إلهي أكرمني بقرب جبتي‬ ‫وضرورة‪27‬‬ ‫لذاعرجت عن ذلة‬ ‫وعدت بقرب واستجابة دعوة‬ ‫قصيمة الإبتهنال مد جانبهنا الموضوعه‬ ‫فكري مرسوما‬ ‫إن قصيدة الابتهال عند أبي مسلم تسير وفق مخطط‬ ‫ومنهج رزيري معلوم" ييقسممههاا إلى محاور وعناصر وما يزال يتبعها في‬ ‫خطئ ثابتة موزونة حتى يصل إلى خاتمتها‪ ،‬بل تشعر وأنت تقرأ تلك‬ ‫الابتهالات أن خيطا نفسيا رفيكما يسلكها في عقد واحد‘ يبدأ من الحزئئ‬ ‫الى الكلي أو من الكلئ إلى هزني‬ ‫ولأ هذه القصائد فيحقيقة أمرها أدعية تصعد من أعماق قلب‬ ‫بالتكرار اللفظ والمعنوي لأتَها ترجمة‬ ‫الشاعر اتسمت في الغالب ‪7‬‬ ‫صادقة لحاجات الشاعر النفسية‪ .‬يطلب من الله أن يستجيب لماء على‬ ‫النحو الذي أوضحناه‘ لذا جاءت محاررها على كثرتها متشابهة‪،‬‬ ‫وعناصرها متماثلة‪ ،‬فلا يكاد المرء يجدد فرقا بينها من ناحية الأفكار‬ ‫والمعاني والمواقف‘وليس الهه أن تتسم بالتكرار المعنوي ما دامت‬ ‫‪.61‬‬ ‫‪ -‬الديوان© ص‬ ‫‪2‬‬ ‫استجاية صادقة لأحاسيس الشاعر وأدعية خالصة همومه وغمومه‘ ولئن‬ ‫لوحظ تشابه موضوعاتها بما عرف في الشعر الصوف من اهتمام بالسلوك‬ ‫والأخلاق والحب الإهمئءوالمدائح النبويئة‪ ،‬والتأمُل الروحي فإ الشاعر أبا‬ ‫مسلم قد وفق في عرضها بطريقة منهجيئة‪ ،‬تنداح في دوائر نفسية تبدأ من‬ ‫همومه الخاصة الشخصيئة‪ ،‬ثم تتسع شيما فشيمًا لتشمل هموم وانشغالات‬ ‫أمته الإسلامية" وهذه الرؤية في حد ذاتها تسم هذه القصائد بسمة‬ ‫الخصوصيَة‪ ،‬وتفردها بنكهة شعرية عحبَبة‪.‬‬ ‫وقصائد الابتهال عند أبي مسلم تسير وفق المحاور التالية في الأغلب‬ ‫الأعم‪:‬‬ ‫٭ افتتاحية في تقديس اسمه تعالى‪.‬‬ ‫" تمجيد الذات الالهية بذكر صفاته الن وصف بها نفسه‪.‬‬ ‫٭ الاعتراف بالذنب والتقصير في جنب الله‪.‬‬ ‫٭ التوبة وطلب الغفران‪.‬‬ ‫" مطالبه وحاجاته الدنيوية والأخرويئة‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫"تزكية نفسه العلم اللدئي‪ ،‬القبول والرضى‪ ،‬الغنى الذي يغنيه عن‬ ‫ذل السؤال‪ ،‬الدعاء على أعدائه بطلب الانتقام منهم" طلب نصرة الأمة‬ ‫الإسلامية على الكافرين والمشركين والطغاة‪ ،‬ثم الخاتمة بالصلاة والسلام‬ ‫على رسول الله عله‪.‬‬ ‫وبما أنه من الصعب على الدارس أن يقف عن هذا العدد الضخم من‬ ‫الأبيات‪ ،‬فقد رأينا الوقوف عند الذكر اللالث الذي عنوانه‪« :‬المعرج‬ ‫الأسنى في أسماء ا لله الحسنى»‪ ،‬إذ خيّل لنا _ وا لله أعلم _‪ :‬أنها القصيدة‬ ‫آخر بيت ©‬ ‫بيت إل‬ ‫من أل‬ ‫أفردها للدعاء الخالصك‬ ‫الق‬ ‫الابتهاليّة النموذج‬ ‫قد نظمها قصدا للدعاء بها عند الحاجة كما أوضح ذلك في مقدمتها‪.‬‬ ‫نفقات عرشيّة ‪ .‬وكلما ت قمدسيّة ي عبى عبيرها من‬ ‫«وبعد فهذه‬ ‫رياض الا سرار القرقانيّةء وشرق ضوؤها عن مشكلة الآنوار الأسمائيّةء‬ ‫‪ 1‬جرا ها ا نه على لسان عبده المقتقر إلى رحمتهء ولقد بلؤتها عند الشدائد‬ ‫ورهاكها‬ ‫النها يةك‬ ‫نه حة‬ ‫جمل < وركنا جليلا ‪ .‬وا لحمد‬ ‫فوجدتها غيانا‬ ‫‪.‬‬ ‫به العناية»‬ ‫جادت‬ ‫ما‬ ‫حممب‬ ‫ثم يقسم الذكر شعرا على النحو التالي‪:‬‬ ‫الذكر‪.‬‬ ‫شروط‬ ‫ف‬ ‫‪7‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -‬اللطيفة الأولى‪ :‬في سؤال تزكية النفس‪.‬‬ ‫‪ -‬اللطيفة الثانية‪ :‬في إمداد الأنوار العلمية والأسرار الحكميَة‪.‬‬ ‫‪ -‬اللطيفة الثالشة‪ :‬فني الدعاء لدفع الآفات‘ والكلاءة من طوارق‬ ‫المخحافات‪.‬‬ ‫‪ -‬اللطيفة الرابعة‪ :‬في تطهير النفس بالاستغفار من الأوزار‪.‬‬ ‫‪ -‬اللطيفة الخامسة‪ :‬لفتح خزائن النعم وانبساط فيوض الكرم‪.‬‬ ‫العباد‪.‬‬ ‫ورصم‬ ‫شو كة الفساد‬ ‫كسر‬ ‫ف‬ ‫اللطيفة السادسة‪:‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -‬الخاتمة‪.‬‬ ‫إت الدارس عندما يقرأ هذه العناوين‪ ،‬أو هذه اللطائف الست يتذكر‬ ‫ولا شك مقامات وأحوال المتصوفة ال وضعوها للسالك في هذا الطريق‪،‬‬ ‫والمقيم عندهم مقام العبد بين يدي الله عرً وجل فيما يقام من العبادات‬ ‫والمجاهدات الرياضيئة‪ ،‬والانقطاع إلى ا لله تباركت أسماؤه(‪.)37‬‬ ‫والمقام الأول عندهم‪ :‬هو التوبة النصوح وهي ندم القلب‪ ،‬واستغفار‬ ‫اللسان وترك الجوارح‪ ،‬وإضمار أن لا يعود التائب إلى الذنب وقد‬ ‫وصفوا عشر خصال ينبفي أن يتحڵى بها العبد في مقام التوبة قبل أن‬ ‫يتجاوزها إلى المقامات الثابتة وهي مقام الصبر ومقام الرجاء‪ ،‬ومقام‬ ‫الرضى‘ ومقام الرفعة‪ ،‬ومقام الفقر‪ ،‬ومقام الورع‪ ،‬ويكون العبد في كل‬ ‫مقام على حال خاصة من أحوال يعرفونها‪ .‬وهي متدولة في كتب‬ ‫التصوف‪.‬‬ ‫وقد وضع أبو مسلم لمن يريد الابتهال بها شروطا تتعلق بالإعداد‬ ‫النفسي بطهارة الظاهر والباطن" والتفرد بعيدا عن ضوضاء الدنيا و بهر جها‬ ‫وزخارفها‪.‬‬ ‫في‬ ‫أيكون أبو مسلم متأثرا عثل هذه السلوكات الي وضعها الصوفية‬ ‫كتبهم؟‬ ‫الواقع إن هذه الشروط الق وضعها قبل الذكر هي من آداب الدعاء‬ ‫قبل أن تكون طقوسًا صوفية‪ .‬لأنها لا تخرج عن إطار الإعداد الروحم؟‬ ‫للسموً بالنفس البشرية من دنيا المادة‪ ،‬وأوضار الحياة اليومية‪ .‬وهي _ كما‬ ‫‪.811‬‬ ‫ص ‪1 !7‬‬ ‫ج‪.2‬‬ ‫مرحع سابق‬ ‫د‪ /‬زكي مبارك‪:‬‬ ‫‪ -‬ينظر‪:‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ذكرها شعرا _ ‪ :‬أولها‪ :‬تطهير القلب©ؤ وثانيها‪ :‬التفرد في الخلاء‪ ،‬وثالثها‬ ‫الإخلاص لله وحده‪ ،‬ورابعها استقبال القبلة عند الدعاء‪ ،‬وخامسها‬ ‫صوم‬ ‫الرضوء؛ ويضيف إليها شروطا أخرى يقول عنها‪ :‬إنها مستحبة مثل‬ ‫يوم الخميس وأن تكون تلاوة الذكر ليلة الجمعة وسَحرًا يما للصوم من‬ ‫كسر غلواء الجسد ومطالبه الماية‪ .‬ولما للسَحَر من صفاء ونقاء وهدوء‬ ‫يؤنران على النفس» ويعدانها إعدادًا طيبا لتلقي الفيوضات الالهيسَة‪،‬‬ ‫وتحديده ليلة الجمعة بالذات لأ ا لله تعالى فضل ليلة الجمعة ضمن ليالي‬ ‫الأسبوع‪ ،‬لحكمة لا يعلمها إلا هو‪.‬‬ ‫ثم يقول‪ :‬إ من استكمل تلك الشروط ث دعا ربه منيا متضرّعًا‪ ،‬وجد‬ ‫الإجابة يقينا‪.‬‬ ‫ويختم نصيحته قائلا‪:‬‬ ‫ياء النداء ‪ 7‬مستهديا متوكلا‪47‬‬ ‫فعول عليها في المهمات داعيا‬ ‫والواقع أت أبا مسلم لم يبتد ع طريقة جديدة للذكر حين وضع هذه‬ ‫الشروط\ ويبدو أن أبا مسلم نقلها عن كتاب شيخه وإمامه سعيد بن‬ ‫خلفان الخروصي الموسوم ب«النواميس الرحمانية» حيث بحد الشيخ يذكر‬ ‫الشروط نفسها‪ :‬الخلوة‪ ،‬والطهارة‪ ،‬واستقبال القبلة‪ ،‬واستدامة الصيام‪،‬‬ ‫والتقليل من الأكل والشرب©\ والصبر والإخلاص وهو يذكر أنه نقل ذلك‬ ‫«وفي قول‬ ‫عن الإمام الحبة أبي حامد الغزالّ؛ ويضيف الشيخ سعيد‪:‬‬ ‫الإمام الحجة أن الحصن من قواطع الطريق أربعة أمور‪ :‬الخلوة والصمت‬ ‫‪.831‬‬ ‫‪ -‬الديوان ط‪ .‬التراث ص‬ ‫‪4‬‬ ‫والجو ع والسهر فقد قيل‪ :‬صفة الآبدال‪ :‬اكلهم فاقة‪ ،‬ونومهم نخلبةء‬ ‫وكلامهم ضرورة؛ فالصمت يسهل بالعزلة‪ ،‬والسهر بالجو ع‪ ،‬ومنها ينجلي‬ ‫القلب‪ ،‬ويصفوء ويتنر‪ ،‬ويكون كالمرآة امجلرّةء فيلوح منها جمال الحع‬ ‫وتشرق منها أنوار الآخرة» ()‪.‬‬ ‫على أننا لايمكن أن ننفي الصلة بين ابتهالات أبي مسلم وشعر‬ ‫التصرّف© لأننا لاحظنا في هذه القصائد استمدادًا واضحًا من عالم التصوف‬ ‫لغة وتعبيرا‪ .‬وتوظيف مصطلحات ها دلالات خاصة عندهم" وسنعود إلى‬ ‫هذه القضية بالتفصيل في مكانها‪.‬‬ ‫وبما أ المجال لا يسمح بأن نأتي بأمثلة شعرية لكل ما ذكرناه‪ ،‬فإنه‬ ‫من الضروري الوقوف في بعض المحاور الي رأينا الشاعر يقف عندها‬ ‫طويلا‪ 5‬ريردّد الطواف حولها متبنّلاً ؛ وإلحاح الشاعر على هذه المحاور‬ ‫بالذات استجابة نفسية طبيعية لما يشعر به! ودعاء من الله ليستجيب له‬ ‫إذ تغدر أسماء ‏‪ ١‬لله وسيلة للدعاء وطلب الإجابة ‪.‬‬ ‫حاجاته تلك‪،‬‬ ‫من هذه المحاور الي يفتتح بها تلك المقاطع عادة‪ :‬التوبة النصوح‬ ‫والندم بما بدر منه في جنب الله‪ ،‬والندم والتوبة أو المقامات الى يشترطها‬ ‫الصوفية في تنقية النفس‪ ،‬وتطهيرها لتلقي المعارف اللدنيَّة‪.‬‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫نجعتي‬ ‫إلى معروف جودك‬ ‫وشدت‬ ‫الهي قد اشتأت إلى الله فاقتي‬ ‫علي وغفران وعفو لزلتي‬ ‫إلهي من حاجات نفسي توبة‬ ‫‪.9-09‬‬ ‫ص‬ ‫د‪.‬ت‪.‬‬ ‫النواميس الرحمانية‪ .‬طبعة حجرية‬ ‫‪-‬‬ ‫‪5‬‬ ‫اجار فيها خاتم الرسڵليسة‬ ‫وأكبرها الرضوان عني بجنة‬ ‫مثابا فاني نادم من خطيبتي‬ ‫إهي إن كانت ندامة من عصى‬ ‫ندامة مغرور بدنيا دنيئة‬ ‫ندامة مضطر‪ .‬ندامة مَ]ق‬ ‫إليك ولم يجا بكثر وقئة(‪)67‬‬ ‫ندامة عبد فارق الكون كله‬ ‫وقد يكون محور الذكر فرصة ليعرض نفسه على ربه دون مواربة أو‬ ‫تكلف لأ مقام الدعاء هو مقام استغفار من الذنب‪ ،‬كما جاء ذلك‬ ‫عنده في المقطع الذي عنوانه‪ :‬غافر الذنب جل جلاله‪.‬‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫تجّمتها في جهرتي وسريرتي‬ ‫ويا غافر الذنب اغتفر لي قبانحا‬ ‫سوى خسسَتي طبعا وشدة شهوتي‬ ‫تعودتها‪ ،‬لا عذر لي في اقزافها‬ ‫لكثرة ما آتيه أعظم قربة‬ ‫إلهي اكتسبت الإثم عمدا فاته‬ ‫فأصدف عنه مستمرا بغففتي‬ ‫ينبهني القرآن في غفلة الهوى‬ ‫دذهاني إلى أن صار وصفي وحيلتي‬ ‫وما صدفتي جحد‪ .‬ولكنها هوى‬ ‫يقينا بغفران وجود ورحمة‬ ‫إ ل‬ ‫أقل عنرتي يا غافر الذنب‬ ‫فجودك ربي حُجًّتي ووسيلتي‪77‬‬ ‫إذا انتابك المستغفرون بحجّة‬ ‫٭ ومن المحاور ال يقف عندها أيضا‪ .‬وترددت في أذكاره وأدعيتهء‬ ‫طلب العلم اللدنى‪ .‬وهو ما يسميه الحكمة أو علم الأسرار‪ ،‬فقد كان فيما‬ ‫‪ - 6‬ص ‪.621‬‬ ‫‪ - 7‬ص ‪.89‬‬ ‫إنه‬ ‫وقيل‪:‬‬ ‫إليه‬ ‫من أجل الوصول‬ ‫نفسه‬ ‫جاهد‬ ‫بهذا العلم الذي‬ ‫شغوفا‬ ‫يبدرور‬ ‫كان ممن يعلمونه تأسيّا واقتداءً بشيخه الخليلي‪.‬‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫م الغيوب العليم! علمك هب لي‬ ‫عالم الغيب والشهادة علا‬ ‫مة والعلم يا حكيم وحل‬ ‫واهب الفيض ادع قلي بالحمك‬ ‫والارض أجل رين ظلمة جهلي‬ ‫ات‬ ‫الأنوار‪ ،‬نور السمار‬ ‫يا مفيض‬ ‫مرق الحجب يا مبين وجل‬ ‫منمَثني عن الحقائق حجب‬ ‫شغل الفهم والذكاء بمفقلي‬ ‫يا بديع اكشف لي البدانع واقذف‬ ‫ر الاسامي‪ .‬واسمع دعاني ووهلي( ‪(87‬‬ ‫يا سميع اكشف ل ستانر أسرا‬ ‫إملاقه وعسرنه‬ ‫بفكو إلو الله‬ ‫" ومن مطالبه ال طالما رددها أن يوسع ا لله له في الرزق‪ ،‬ليكفيه ذل‬ ‫السؤال والحاجة ويسأله متضرّعًا ألا تلجئه الفاقة إلى أن يذل نفسه‘‬ ‫ويكسر خاطره أمام الخلق ببسط يد السؤال‪ ،‬فؤإة موقف الذل لا يرضاه‬ ‫كذلك لمولاه‪.‬‬ ‫أن يكون‬ ‫لنفسه سرى‬ ‫وهب لي ملكا مئة العمر كافيا‬ ‫بطَوزلك ملكني جنى غير ناد‬ ‫مواهب وابسط ووسع رانا‬ ‫ووفر لي النعماء وافتح خزائن ال‬ ‫صحيفة وجهي من ذل مثاليا‬ ‫وصن بالغني يا مالك الملك والرضا‬ ‫‪ - 8‬ص ‪. 421‬‬ ‫على النز ع والإيتاء ما دمت باقيا‬ ‫ولا تلق حاجاتي إلى غير قادر‬ ‫لك الملك تؤتي الفضل توتي الأيادي(‪)97‬‬ ‫فلا خير إلاً من يديك‪ ،‬ولا غنى‬ ‫وهو كلما دعا ا لله أن يوسع له في الرزق والثراء‪ ،‬يذكر أت طلبه ليس‬ ‫ليصونه ذلك عن‬ ‫من أجل الدنيا وزخرفها‪ ،‬أو حا في المال لذاته‪ ،‬وإنما‬ ‫التذلل للناس ويبدو أت منهم أقارب له‪ ،‬وقد أشار إليهم صراحة بقوله‪:‬‬ ‫«رجالي وأسرتي» ‪.‬‬ ‫على خطة أعيت لحالي وقوتي‬ ‫عسى نفحات اسم الرحيم تكون لي‬ ‫بوسع ندى يجتاح فقري وعسرتي‬ ‫عسى نفحات اسم الرحيم تنيلني‬ ‫وقد قصدت عني رجالي وأسرتي‪08‬‬ ‫عسى نفحات اسم الرحيم تقوم يي‬ ‫وقد تنزل به عسرة‪ ،‬وتكثر حوله المطالب فلا يجد سبيلاً لدفمها‬ ‫سوى الوقوف بباب الوهّاب‘ الذي لا تنفد خزائنه‪ .‬وهو طالما أطال الدعاء‬ ‫طالبا أن يرفع عنه الحاجة والفقر‪ ،‬مستجيرًا‪ ،‬متضرّعًا‪ ،‬شاكيا‪.‬‬ ‫وأقويت مجهودا باسر البليئة'‬ ‫ببابك ياومُاب أملقت مخفقا‬ ‫اوردت آمالي وانزلت بغيتي‬ ‫رغبتي‬ ‫ببابك يا وهاب أخلصت‬ ‫بعلمك‪ ،‬فاجبر عغيلتي‪ 6‬واشف غني‬ ‫عناني عناء اجهدين وحاجتي‬ ‫من الخلق‪ .‬إلا منك يا ذا العطية‬ ‫وأنت الجواد الحق لا وهب مطلقا‬ ‫عنالحلق في نفسي وفي واجنيتي!‪8‬‬ ‫إلهي هب لي من مواهبك الفنى‬ ‫‪ - 9‬ص ‪. 941‬‬ ‫‪ - 0‬ص ‪. 02‬‬ ‫‪ - 1‬ص ‪.03‬‬ ‫ورب قائل يقول‪ :‬كيف ينسجم هذا الخلق الحريص مع الزهد في‬ ‫مثل ابي مسلم؟‬ ‫متاع الدنيا الذي هو الطابع الذي يفترض في شخص‬ ‫يقول الإمام الغزالى في هذا الصدد‪:‬‬ ‫«ولا باس أن يعمد التصرف ما في المال من الحظوظ الدنيوية‬ ‫كالخلاص من ذل السؤالء وحقارة الفقرء والوصول إلى الع بين الخلقىء‬ ‫وإكثار الإخوان والأعوان‪ ،‬والأصدقاء والوقار‪ ،‬والكرامة في القلوب»(گ)‪:‬‬ ‫ونحن نعلم من أخبار أبي مسلم أ من صفاته الي شهد بها االجميعض‬ ‫كرمه الحاتم حنى أنه لا يترك في يده درهما ولا دينارا كرما وسخاء‪ ،‬فما إن‬ ‫يصل يديه متاع من متاع الدنيا‪ ،‬إلا وبلده يمينا وشمالا ولذا نعته ابن عمّه حين‬ ‫رثاه بأنه أبو اليتامى والفقراء والمساكين‪ ،‬فلا عجب إذن أن تضيق حاله‬ ‫المادية‪ .‬من حين إلى آخرا ممًا يدفعه إلى طلب المدد من ا لله تعالى‪ ،‬لينقذة كا‬ ‫هو فيه من ضيق إلى سعة ويحوله من عسر إلى يسر‪.‬‬ ‫واحتياجًَا لبيئن الفقر مثلي‬ ‫وفذلاً‬ ‫ربي اشكو إليك فقرا‬ ‫سع املأ كفي رجاني بفضل‬ ‫رب انت الغني ذو الرحمة الوا‬ ‫ل ولاضاقت الأيادي بنيل‬ ‫والطو‬ ‫ربا لم تنفد الخزائن‬ ‫وهذه الحال المعسرة لم تغير حاله من الرضى إلى السخط وما كانت‬ ‫شكواه عن احتياج وضيق‘ بقدر ما هي طلب للرزق والعطاء ممن لا تنفد‬ ‫خحز ائنه‪.‬‬ ‫‪ - 2‬د‪ /‬زكي مبارك‪ :‬مرحع سابق‪ ،‬ص ‪ .041‬نقلاً عن إحياء علوم الدينش ج‪ }3‬ص‪.05‬‬ ‫وكيل‬ ‫رتعطي بغفير وزن‬ ‫با لمقا دير‬ ‫رب تعطي لحكمة‬ ‫محلي‬ ‫لشدة‬ ‫ء‪ .‬وجف الملرعى©ؤ‬ ‫الما‬ ‫رب إن تعطني فقد نضب‬ ‫ياء جلبت لي حربا بخيل ورجلر‪)38‬‬ ‫الرزا‬ ‫رب أشكو إليك طرق‬ ‫معاؤه علؤ الكافريو والمنجيريو‪:‬‬ ‫إ أبا مسلم حين يعبر بالشعر يعبر عن واقع أليم يعيشه هو‪،‬‬ ‫ويعيشه قومه‪ ،‬وتعيشه أمته الإسلامية معه‘ فهو شاعر حساس بآلام‬ ‫وآمال نفسه وبحتمعه من حوله‪ ،‬مما يميزه عن شعراء الأبراج العاجية‪.‬‬ ‫والكهوف المنعزلة‪ :‬وينفي عنه كلا سلبيات الزهد والتصوّف‪ ،‬فبالإضافة إلى‬ ‫ما عرف عنه من أفكار في الإصلاح الدي والاجتماعي حتى إنه ليعد في‬ ‫زمنه أحد الإصلاحيين الذين حاولوا معالحة أدواء المجتمع العماني" على كل‬ ‫وفكريا‪.‬‬ ‫ودينيًا‪.‬‬ ‫سياسيا‬ ‫الأصعدة‪:‬‬ ‫فقد عرف أيضا بمواقفه السياسية من إمامة سالم بن راشد{ ومساندته‬ ‫له بالقصائد‪ ،‬ولا سيما قصيدته الي بحفظها أغلب العمانيين‪ :‬النونية‪ ،‬أو‬ ‫قصيدة الفتح والرضوان‪ ،‬وليس هنا بحال الحديث عنها‪ ،‬فقد تحدثنا عنها في‬ ‫سابقة‪.‬‬ ‫دراسة‬ ‫إذن‪ ،‬فلا الاتجاه نحو هذا الفن الشعري لم يحل دون أن ينطلق‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪,‬‬ ‫ل‬ ‫‪.‬‬ ‫الق عرفت عنه وطبيعته المتفتحة على‬ ‫الشاعر الإسلامي المتحرك بسجيته‬ ‫‪.‬‬ ‫‪321‬‬ ‫‪ - 3‬الديوان نشر وزارة التراث ص‬ ‫العالم الإسلامي من حوله‪ ،‬ومعايشة هموم مواطنيه ني غُمان‘ وزنحبارك‬ ‫وشرق إفريقيا‪ ،‬والمغرب‪ ،‬وغيرها‪...‬‬ ‫من وحي هذا الإحساس نراه يهتبل كل فرصة في ابتهالاته ليرسل‬ ‫النبال المصمية إلى الظلّمة‪ ،‬والكافرين‪ ،‬ومن لف لفهم فهو يستخدم الدعاء‬ ‫وسيلة‪ .‬كما استخدمه الرسول تله في حربه مع المشركين والكفار‪ ،‬لذا‬ ‫حده يتوجئه بكر جوارحه حين يكون الذكر اسما من أسماء ا لله الحسنى‪،‬‬ ‫الن تحرك في نفسه هذه المعاني‪ :‬مثل الحبار‪ ،‬والقهار‪ ،‬والقابض© والخافض©‬ ‫والمذل‪ ،‬والقوي‪ ،‬والقادر‪ ،‬والمنتقم‪ ،‬وسريع الحساب وشديد العقاب‪،‬‬ ‫والحضرة القاصمة‪ ،‬وغيرها‪...‬‬ ‫ولنأخذ كمثال على هذا الدعاء الذي يدعو فيه على الظالمين الذين‬ ‫حكام‬ ‫طالما ذكرهم دون أن يحدد صفاتهم وأسماءهم‪ ،‬أهم أناس عاديون أم‬ ‫ظالمون" أهو ظلم لحق به وحدهءام هو ظلم أصاب أمتَته‪ ...‬ومن خلال‬ ‫الأبيات نستطيع أن نستشف ذلك من هذه المقطوعة‪.‬‬ ‫تحت عنوان‪ :‬الحضرة القاصمة يقول‪:‬‬ ‫هرب لي قهرا يدل مذلي‬ ‫رب قهر الرجال أشكوش فياقا‬ ‫ذ الأليم الشديد خذهم بعدل‬ ‫يا شديد العقاب ذو البطش والأخ‬ ‫وانصر لي منهم‪ .‬وخذ لي بذحلي(ر‪)48‬‬ ‫وارث الارض خذهم وابدهم‬ ‫أمن الكيد‪ .‬لا تدعه بمهل‬ ‫كادني الخصم يا حسيب فجكذه‬ ‫‪ - 4‬الحل‪ :‬الثار‪.‬‬ ‫قسط رالعدل منك ليس بسهل‬ ‫ارني العدل فيه يا قانمًا بال‬ ‫ل انصف لي من ظالي واشف غلي‪58‬‬ ‫رب أنت الشهيد والحكم الصد‬ ‫و لم‬ ‫ني المقطوعة السابقة أشار إلى ظاله بقوله‪ :‬قهر الرجحال‪ ،‬والخصم‘‬ ‫يزد على ذلك‪ ،‬ولكنا نجده أحيانا يشير إلى الظالم إشارة واضحة كما جاء‬ ‫ني مثل قوله‪:‬‬ ‫قريب ترى ما مس جنبي فاعضلا‬ ‫دعوت دعاء المستجير‪ .‬وأنت يا‬ ‫له ناصرًا مولاي كان المبجّلا‬ ‫ايدركني ضيم نصيري‪ 6‬ومن تكن‬ ‫مفصلا‬ ‫ضنيك‬ ‫ام م‬‫وليه‬‫مد ع‬ ‫فجر‬ ‫ترى ظلم قومي يا مهيمن جابني‬ ‫يظل ها خصمي العنيد مذڵلا‬ ‫بعزك مجّد يا مجيد مهابتي‬ ‫فكيدك للأعداء ما زال أمتا<‪50‬گ)‬ ‫وكد من رماني يا ودود بكيده‬ ‫وقد يكون الظالم طاغية حبثَارًا‪ ،‬ولا يكون كذلك إلا إذا كان ذا‬ ‫نفوذ أو سلطة‘ وهذا نو ع" آخر من الظلمة الذين طالما رفع أبو مسلم أكف‬ ‫الضراعة لينزل ا لله عليهم عذابه وانتقامه‪.‬‬ ‫بت كبنا‪ ،‬وابهله أعظم بهل‬ ‫رب أشكو إليك طاغية فاك _‬ ‫وطأة الانتقام في غير مهل‬ ‫رب نكل به وشأد عليه‬ ‫ليس يقوى بغير حولك حولي‬ ‫اعطني قوة عليه وحولا‬ ‫واقتدار يطريهطظي السجرز‪٥٩‬‏‬ ‫مُد لي من قوى سطا( بقهر‬ ‫‪ - 5‬الديوان‪ ،‬ط‪ .‬الحارئي‪ ،‬ص ‪. 821‬‬ ‫‪ - 6‬الديران‪ ،‬ط‪ .‬التراث ص ‪.141‬‬ ‫‪ - 7‬السطا‪ ،‬جمع سطوة‪ :‬القهر والغلبة‪.‬‬ ‫‪ - 8‬الديوان ط‪ .‬الحارثي‪.141 .‬‬ ‫والذي ضاعف من عنة أبي مسلم فيما يبدو قلة النصير وخذلان‬ ‫الأقرباء والأاصحاب‪،‬ڵ لذا فهو يطلب النصرة من ربّه‪ ،‬مستخدما قي ذلك‬ ‫ألفاظا قويَة‪ ،‬تزلزل النفوس وتهه الأفئدة‪:‬‬ ‫عو بي النصر من قريب وخل‬ ‫نصرتي إذ‬ ‫غارة الله أدركي‬ ‫ت على مفرق الظلوم المضل‬ ‫غارة ال جرّدي صارم المق‬ ‫ييان{ أو صبّحيه منك بتكل‬ ‫غارة الة بيتي الكفر والطف‬ ‫ي‘ إلى من يرى ويسمع ذلي‬ ‫وشكوا‬ ‫غارة الله قد ظلمت‬ ‫مت فاحصبي(©) العدا واستهلر(‪)09‬‬ ‫غارة الله بالصواعق من نق‬ ‫ترفع طغيانا على ضعف قوتي‬ ‫افي اشكو ظالما أنت حسبه‬ ‫فساغت له أكلا ويا شر أكلة‬ ‫تراءت له الدنيا كاكلة جائع‬ ‫وسلط عليه الرجز من كل وجهة‬ ‫فياخافضي اخفضه باسفل سافل‬ ‫لى دركات الهلكات الويلةدا‪٥‬‏‬ ‫وادركه مخفوضا على أم راسه‬ ‫وأحيانا يعينه بالذات‪ ،‬ويصوب إليه سهم دعائه ليصيبه في مقاتله‪:‬‬ ‫رماني بسهم الظلم منه فأصمت(‪)29‬‬ ‫ظلال‬ ‫إي عبد من عبيدك‬ ‫وعينك بالمرصاد في كر خطوة‬ ‫تخطى خطر العدوان للمكر آمنا‬ ‫‪ - 9‬احصي العدا‪ :‬أي القيهم في نار جهنم ليزداد اشتعالها‪.‬‬ ‫‪ - 0‬الديوان‪ ،‬ط‪ .‬الحارئي‪ ،‬ص ‪.141‬‬ ‫‪ - 1‬الديوانث ص ‪.53‬‬ ‫‪ - 2‬أصمت‪ :‬أصابت‪.‬‬ ‫تمادى على الطغيان والأشريئة(ة‪)9‬‬ ‫إنكه‬ ‫فيا عدل أوبقه بدلك‬ ‫ولا رة مظلوم ببابك محبت(‪©4‬‬ ‫تعاليت ما في الملك إهمال ظالم‬ ‫وتنداح دائرة الدعاء على الظالمين أفرادا لتنشملهم جماعات ودولا‪.‬‬ ‫وما كان شاعر مثل أبي مسلم يعيش آلام أمته الإسلامية بكل خلجات‬ ‫قلبه ويتابع أخبارها بكل جوارحهك أن ينساها وفي هدة الليل حين‬ ‫تصفو النفس وتزال بينها وبين ربها حجب المادّة} وأوضار الحياة اليومية‪.‬‬ ‫يرفع يديه لاهجًا بالدعاء إلى ا لله ليغير من واقع أمته القي كاد لهما‬ ‫المستعمرون بكسر شوكتهم‪ ،‬ومحق دولتهم‪.‬‬ ‫وياقاهر اقصم دولة السوء واء‬ ‫وشرد بها واشدد عليها معجًّلا‬ ‫جنودك تبلو في رضاك وتبنى‬ ‫ويا باعث ابعث راية الحق حولها‬ ‫قويا على إظهار دينك فيصلا‬ ‫ويا قانمًا بالقسط قوم مسذذا‬ ‫على كل ضليل عن الحق أجفلا‬ ‫يصول سريعا يا سريع بنقمة‬ ‫ا ولا‬ ‫رمدين‬ ‫عاد‬ ‫كفعلك ف‬ ‫ويا قابض اقبض بسطة الخصم وانتقم‬ ‫ولا تبق منهم يا وكيل مبثلا‬ ‫وشد عليهم يا شديدا عقابه‬ ‫وفذرهم حصينا خامدين كمنخلا‪59‬‬ ‫وعجل عليهم يا مقيت بوطة‬ ‫‪ - 3‬الأشريَة‪ :‬البطر‪.‬‬ ‫خاشع‪.‬‬ ‫‪ - 4‬حبت‪:‬‬ ‫‪.31‬‬ ‫ص‬ ‫التراث‬ ‫‪ -‬الديوان© ط‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫وعندما يكون الدعاء على الكافرين فإنه يعين بهم أولقك الذين‬ ‫ظلموا بلاده واستباحوا خيراتها‪ ،‬وفرقوا بين أهلها‪ ،‬وتحبَروا على أبنائها‬ ‫يالخنبائث والمنكرات‪.‬‬ ‫بعلمك فعل الكفر في القدمية‬ ‫افي مدل الكافرين بكفرهم‬ ‫على حرمات الله بالأغلبية‬ ‫افي تعدى خصمك الحة واعتدى‬ ‫ننكير‪ ،‬وسربله بسربال لعضية‬ ‫فارسل عليهم يا مذ قواصف ال‬ ‫وفي جاهمه والمال والتبعية‬ ‫عليه الذل قلباً وقالباً‬ ‫وصلب‬ ‫ويحطمنه حطم الدريس(‪ '79‬المفتت‬ ‫مصائب ذل تختطبن(‪6‬ث) حياته‬ ‫ومن خلال أدعيته على الكافرين‪ ،‬ويقصد بهم الاستعمار الأجنبي‬ ‫وعملاءه‪ ،‬فإتّه ‪ -‬وهو يدعو على الظالمين المعتدين ‪ -‬يدعو لنصرة أهله‬ ‫وقومه‪ ،‬وبن ملته‪ ،‬وعقيدته من أهل الاستقامة‪ .‬كما جاء ذلك في مثل قوله‬ ‫مسبّحاً‪ ،‬معظما اسم الله القوي" مؤمنا بأ العاقبة للمتَقين‪ ،‬ولو كانت‬ ‫القوة إلى جانب الأعداء‪ ،‬فإثً قدرة ا لله أقوى واعظم تحيل القوي ضعيفا‬ ‫والغالب مغلوباً قي لمح البصر‪.‬‬ ‫لأهلك اهل العدل في أي بقعة‬ ‫قوي على التقليب والفتح عاجلا‬ ‫مصنلت‬ ‫وفك‬ ‫ي من‬ ‫سيف‬‫تصول بس‬ ‫فجرد لنصر الاستقامة قوة‬ ‫بقانمة للقوة الأزلية‬ ‫فليست قوى الأعدا وإن جد جدها‬ ‫للقرةالقلرية‬ ‫مؤثرة‬ ‫وما أثر الأحداث وهي ضعيفة‬ ‫‪ - 6‬تختطب‬ ‫ن حياته‪ :‬بما يفسد عليها أمرها ويعكرها بالشر والأذى‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪ -‬الدريس‪ :‬هو كل ما يدرس وحطم خطيما‪ ،‬من درس يدرس‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫وفي الذكر الخامس الذي عنوانه «درك المنى في تخميس سموط الثناء»‪،‬‬ ‫وهي قصيدة للشيخ سعيد بن خلفان الخليلي ‪ -‬كما هو معلوم ‪ -‬يبلغ أبو‬ ‫مسلم في هذا الانجاه المبلغ الأسنى‪ ،‬ويتناغم صوته مع صوت شيخه في‬ ‫الدعاء فيصعد إلى عنان السماء‪ ،‬دعوات ملتهبة‪ ،‬وصواريخ منقضة على‬ ‫رؤوس الكافرين والظالمين‪.‬‬ ‫وات المرء عندما يقرا هذه القصيدة لا يكاد يميز بين ما كتبه الشيخ‬ ‫سعيد بن خلفان وبين ما كتبه أبو مسلم لتوهُج العاطفتين والتقاء الرؤيتين‪،‬‬ ‫ونشير بالتعيين إلى الفصول الآتية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫فصل في شكاية إضاعة سنن الإسلام برفع حدوده‪ ،‬وتعطيل الأحكام؛‬ ‫رفصل في الدعاء على أعداء الإسلام بقطع دابرهم‪ ،‬واستئصال أولهم‬ ‫وآخرهم؛ وفصل في المقصد الأسنى‪ ،‬وهو إظهار دين ا لله على يد قائم‬ ‫مولأه‪.‬‬ ‫ومما أت القصيدة طويلة‪ .‬فإننا نختار من كل فصل مقطعا نحسبه دالا‬ ‫على الفصل معبرا عنه؛ ليتضح لنا ذلك الانسجام الكامل بين التلميذ‬ ‫وشيخه‪ ،‬أي بين أبي مسلم والشيخ سعيد بن خلفان‪:‬‬ ‫جفونه‬ ‫ومن لي وسيف العدل بين‬ ‫وللجور سيف شاهر في يمينه‬ ‫ومن لي وأهل الة تحت متونه‬ ‫بعطيل احكام ورفض حدود‬ ‫ومن لي بان يرضى الإله لدينه‬ ‫إلى أن يقول في الفصل نفسه‪:‬‬ ‫إذا نقض هر الكون وار تعد الملا‬ ‫ويفري من الأعداء كل وريد‬ ‫ومن لي بسيف يقطع الهام والطلى‬ ‫ومن الفصل المعنون‪ :‬في الدعاء على أعدائه بقطع دابرهم واستئصال‬ ‫اولهم وآخرهم نورد ما يلي‪:‬‬ ‫ومزقهم اللهم كلممزق‬ ‫باهلك غلباآ فيلقفاًبصدفيلق‬ ‫بالتفرق‬ ‫ونكل بهم والحقهم‬ ‫عليهم" وحصن شامخ ووصيد‬ ‫ويار ب مرق كسور وخندق‬ ‫لقد وطنوا الدنيا برجس مرجس‬ ‫فعاثوا بظلم في عبادك ضرس‬ ‫شياطين ملعونين من كل مُبلس‬ ‫من البغي تجر بها بكل صعيد‬ ‫فطهُر بقاع الأرض منهم بأنفس‬ ‫وفي المقصد الأسنى‪ ،‬وهو إظهار دين ا الله على يد قائم مولأه ‪:‬‬ ‫منى تخفق الرايات فوق مؤؤر‬ ‫مظفرة تجري بجيش مظفر‬ ‫اهي أيد قانم الحق وانصر‬ ‫وعن كيد من عاداك غير مكيد‬ ‫وعجل بنصر منك للدين مظهر‬ ‫متى السمحة البيضاء ترقى سماءها‬ ‫متى غزة الإسلام تحمي فناءفا‬ ‫متى قطرة التو حيد تلقى رجاءها‬ ‫باسياف عدل لمتلق بغفمرود‬ ‫لواءها‬ ‫وتنشر اعلام العلوم‬ ‫وقال من قصيدة أخرى‪:‬‬ ‫والجد والعز والاستقامة‬ ‫وأد الاسلام بالكرامة‬ ‫بحق لا إله إلا الله‬ ‫ممستاصلا شفتهم مذلللاا‬ ‫واكسر قوى اعدانه معلا‬ ‫نصرك يا غوناه يا غوثلاه‬ ‫حتى متى الإسلاممنهم مبتلى‬ ‫محو لا إله إلأ الله‬ ‫هكذا بحد الشاعر أبا مسلم في كل قصائده‪ ،‬ينتفض حزنا ويتفظر‬ ‫ألما‪ ،‬لمصير أمته الإسلامية‪ ،‬حزث وا ل شاعر مؤمن حسَّاس& يدفعه أمانه‬ ‫القوي المتشبّع بروح القرآن‪ ،‬إلى أن يكون حتى في أصفى ساعات التجلي‬ ‫الروحي والسمو الابتهالي‪ ،‬قريبا من واقعه الأرضي‪ .‬يعايش واقعه وراقع‬ ‫وطنه وأمّته‪ ،‬وبذلك يصبح الدعاء سلاحا حادا! فيه العبادة والتجڵي‪.‬‬ ‫والحضور‪.‬‬ ‫وذلك هو سر الابتهال الصادق النابع من قلب يؤمن با لله ربا يخلص‬ ‫العبادة له وحده ويتخذ من تلك العابادة الخالصة وسيلة ليتقرب منها إلى‪.‬‬ ‫رب العالمين‪ ،‬ليفيض رحماته على العالمين‪.‬‬ ‫المدائح سيث شعره‬ ‫من المحاور البارزة في قصيدة الابتهال عند أبي مسلم‪ :‬المديح النبوي‪،‬‬ ‫وهو عنصر هام في الابتهال عند الشاعر" لأنه في تصوره ركن أساسي لا‬ ‫يتم الذكر إلا به‪ ،‬صرّح بذلك في مقدمة تخميسه لسموط الثناء‪ ،‬ودل على‬ ‫ذلك من خلال قصائد الذكر الكثيرة الي يختتمها دائما ممدح الرسول‬ ‫حمد عله معتبرا ذلك وسيلة ودعاء وذكر‪.‬‬ ‫يقول الدكتور زكي مبارك‪« :‬المدائح النبوية من فنون الشعر المي‬ ‫أذاعها التصرف فهي لون من التعبير عن العواطف الدينية‪ ،‬وباب من‬ ‫الأدب الرفيع‪ .‬لأنها لا تصدر إلا من قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص‪.‬‬ ‫وأكثر المدائح النبوية قيل بعد وفاة الرسول تيثه‪ ،‬وما يقال بعد الوفاة‬ ‫يسمى رباء» ولكنه في الرسول يسمى مدحاء كانهم حظوا أت الرسول‬ ‫موصول الحياة‪ ..‬في أنته التي ترك فيها سنته وهداه‪ ،‬فهم بهذا يخاطبونه كما‬ ‫يغاطبون الآ حياء‪.‬‬ ‫ولم يكن قنا ظا مر بين الفنون الشعرية كالرثاءء والوصف» والنسيب»‬ ‫وإما هو فن نشا في البينات الصوفية‪ ،‬ولم يهتتم به من غير الصوفية إلا‬ ‫اللير » (ة‪.)٩‬‏‬ ‫‪ - 8‬د‪ /‬زكي مبارك‪ :‬المدائح النبوية في الأدب العربي‪ ،‬منشورات المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‬ ‫(بتصرف)‪.‬‬ ‫‪71‬‬ ‫لبنان ط ‪ 529 10‬ام‪ .‬القاهرة‪ .‬ص‬ ‫قد يكون انتشار هذا الف وتخصصه وذيوعه جاء في أعقاب التصوف‬ ‫كما يقول الدكتور زكي مبارك‪ ،‬ولكن لا يعن ذلك طبعا أن المتصوفة وحدهم‬ ‫أو هم الأغلبية كما أشار في هذا الفر‪.‬‬ ‫إذ نلحظ عناية بالمدائح النبوية في الشعر الإسلامي وإن اختلفت بين‬ ‫الشعراء من جيل إلى آخر‪.‬‬ ‫والدارس عندما يتتبع المديح النبوي عند شاعرنا أبي مسلم من خلال‬ ‫قصائد الابتهال‪ ،‬لحظ أن الشاعر يعتبر المديح ركنا أساسيا في الابتهال لا‬ ‫يتم الذكر إلا به‪ ،‬فمن محاور القصيدة عنده أن تكون القصيدة مختتمة‬ ‫بالصلاة والسلام على أشرف الخلق محمّد‪ ،‬وكان ذلك دأبه وقصده فيما‬ ‫كتبه من قصائد الابتهال إضافة إلى قصائد خصصها للمديح النبوي وحده‬ ‫ومن م أشار أسلوب مهذب‪ .‬وبطريقة ذكية إلى خلو قصيدة سموط الثناء‬ ‫لشيخه سعيد بن خلفان من هذا العنصر الأساسي المام في تصوَره‘ حيث‬ ‫يقول‪« :‬انَ هذه الدعوة لم تتصل بنا منايلة بصيغة صلاة على رسول ا لله‬ ‫» عألىنني اجزم بطريق حسن الظن في حضرته تتنذين} بأنه لم يترك‬ ‫ذلك احتمالا للولى» فإن له في سوابق الخير واعمال البرء وعلم الذكاء‬ ‫القدح العالي‪ ،‬فإنه وإن لم يأت بها في متن النظم فلا نرتاب في إتيانه بها‬ ‫حالة الذكر تشرع بالواجب» وتذرعا بالأفضل‪.‬‬ ‫ولكن تحاسرث تعاسر العبد على مولاه» بان نظمت لا صيفة صلاةء‬ ‫وفاء بالواجب علي لا تلافيا لتقصير أاعتذه على ذلك المطب» ‏(‪.)9٩9‬‬ ‫‪.541‬‬ ‫القزاث‪٥‬‏ ص‬ ‫ط‪.‬‬ ‫‪ - 9‬الديوان‪:‬‬ ‫وأول ما يلفت النظر فى تلك القصائد هذا الحب الجارف الذي يشعر‬ ‫به الشاعر لرسول الله عله‪ .‬يستخدم لذلك كل ما لديه من طاقة تعبيرية‬ ‫وتصويرية} صادرا عن إمعان عميق© وإعجاب شديد بنجي الإسلام حتى‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫صار حبه له حا جبليا ك‬ ‫القمر‬ ‫ف‬ ‫جبلة كانطبا ع ‏‪ ١‬لشمس‬ ‫أنوار حبك في قلبي قد انطبعت‬ ‫حتى تجرًدت عن عيني وعن أثري‬ ‫ما زال حك في روحي يخامرها‬ ‫الو حبك حب غير مقتصر‬ ‫ما للمحبة مقدار إذا اقتصرت‬ ‫لاوصل والحبوب محجوب بني الستر‬ ‫كلها حجب‬ ‫تجر دا من هنات‬ ‫في بسط حبك لم أخلص من الأثر‬ ‫أدعوك خلف حجاب الكون منبسطا‬ ‫ذهلت عن كل شيء مذ علق | ئ به فلأ أفرق بين الصفو والكدر‬ ‫من الهوى فاخحفت عن عالم الصو ر(‪)001‬‬ ‫لا أحسب الروح إلا أنها خلقت‬ ‫وقال من قصيدة أخرى‪:‬‬ ‫سلوكي حب المصطفى صار علڵتي‬ ‫عليل ومابي علة غير أنني‬ ‫فما حيلتي الأ أمرت بفلتي‬ ‫عليل غليل غالني حبأأجد‬ ‫إذا فاه فوق القبر فهمت بلهفتي‬ ‫فليت فناني كان في فيء رطيبة)‬ ‫وقلت لقلي اقبل‪ .‬وكبدي تفتت‬ ‫قتلت قتيل العذل في دار حته‬ ‫‪,‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.‬‬ ‫‌‬ ‫عظيم‬ ‫حب‬ ‫محمد على‬ ‫مديح النبي‬ ‫ف‬ ‫أبي مسلم‬ ‫ويدلك شعر‬ ‫لوصف‬ ‫مصداقا‬ ‫العظيمة‬ ‫تراه يضفي عليه من الصفات‬ ‫لا يوصف&©ڵ‬ ‫وإعجاب‬ ‫‪ - 0‬الديوان‪ :‬ط‪ .‬التزاث‪ 5‬ص ‪.672‬‬ ‫أحيانا في هذا الانجاه فيأتي بصفات يحتاج المرء في فهمها إلى فهم بعض‬ ‫مصطلحات الصوفية‪ ،‬يقول في أحد أذكاره وهو يصف الرسول عيه‪:‬‬ ‫ومشكاة مصباح الصفات الجليلة‬ ‫تحقق‬ ‫هو الجامع الأسماء ع‬ ‫هو المشرق الأسرار في أي وجهة‬ ‫هو الجامع الأسرار في جيب سره‬ ‫هو الكاشف الأاستار عن نير الهدى هو الباعث المبعوث بالحنفية‬ ‫هو الأول المكنون في أبجر الخفا هو الآخر المعقود في كل رتبة‬ ‫هو الباطن الخافي بكل حقيقة‬ ‫هو الظاهر المعلوم قبل ظهوره‬ ‫ويستمر في تتبع هذه الصفات الي يحتاج المرء في فهمها إلى الوقوف‬ ‫‪ -‬مثل قوله‪ :‬هو الجامع‬ ‫على بعض المصطلحات الصوفية ‪ -‬كما ذكرت‬ ‫الأسرار‪ ،‬وقوله‪ :‬هو الكاشف الأستار‪ ،‬وهو الأول المكنون في أبحر الخفا‪...‬‬ ‫الخ‪ ،‬إلى أن يقول مخاطبا ا لله عرً وجل‪:‬‬ ‫بنورك واستخلصت للمضّة‬ ‫توليته واختزته وملأنه‬ ‫وازكاه‪ 6‬والاكوان في السسضّة‬ ‫وبوآتته من كل خير أمه‬ ‫بحارمزاياشأنهخكمنقطة‬ ‫فكل مزايا الرسل والأنبياء في‬ ‫بأن يلفوا مقداره مع نسبة‬ ‫وما طمع الأملاك والرسل مطلقا‬ ‫إليك سوى من بابه عندقربة‬ ‫ولا ميح الأبراز أن يتزلفوا‬ ‫إن هذه الصفات الي يضفيها أبو مسلم على الرسول الكريم من‬ ‫أفضليته للخلق بما فيهم الأنبياء والمرسلين‪ ،‬واستمدادهم من أنوار الهداية‬ ‫منه‪ ،‬يذكرنا ‪ -‬ولا شك ‪ -‬بقول البوصيري ف بردته الذائعة الصيت‪:‬‬ ‫غرفاً من البحر أو رشفاً من اليم‬ ‫وكلهم من رسول الله ملديسً‬ ‫من نقطة العلمأو من نسلة الحكم‬ ‫وواقفون لديه عند حنهم‬ ‫‪..‬وكل آي أتى الرسل الكرام بها فاما اتصلت من نوره بهم‬ ‫يظهرن أنوارها للناس في الظلم‬ ‫فاته شمس فضل هم كواكبها‬ ‫وأبو مسلم حين يصف الرسول الكريم‪ ،‬نراه يوظف كل أمكاناته‬ ‫العقلية والفنية ليصل مدحه إلى أعلى مستوى©‪ ،‬إلى الحد الذي يقف فيه‬ ‫الدارس أحيانا عاجزا عن فهم بعض الرموز والصفات الي يأتي بها‪ ،‬لأنه‬ ‫مستمدة ‪ -‬ولا شك ‪ -‬من عوالم الصوفية مثل قوله‪:‬‬ ‫بان كان أصل الكاننات البديعة‬ ‫وآثرته من بين خلقك كلهم‬ ‫بأن كان عندالله خير وسيلة‬ ‫وآثرته من بين خلقك كلهم‬ ‫ةا‪)04٥‬‏‬ ‫بن جاء مبعوثا إلى خير أم‬ ‫وآثرته من بين رسلك كلهم‬ ‫إن وصفه بأنه‪ :‬خير الخلق‪ ،‬وأنه خير وسيلة‪ ،‬وأنه خير مبعوث إ‪,‬‬ ‫خير أمة‪ .‬فذلك كله مفهوم ومشروع‪ ،‬ولكن الذي لم نفهمه و لم نسي‬ ‫حقيقته وأبعاده هو قوله‪ :‬بأن كان أصل الكائنات البديعة‪.‬‬ ‫وقد تكرر هذا الوصف من أبي مسلم في قصائد أخرى نقدم منه‬ ‫هذا النموذج حيث يقول‪:‬‬ ‫يا أصل ما أظهر الإبداع في الفطر‬ ‫يا مصطفى الله يا مختار نظرته‬ ‫يا مظهر اللطف في الأرواح والصور‬ ‫يا رحمة الله يا مبعوث رأفته‬ ‫واول الكر عندالل في الخطر‬ ‫يا أوّل الكل بعد اللة مبتدعا‬ ‫‪ - 1‬الديوان‪ .‬ط‪ .‬التزاث‪ ،‬ص ‪.921‬‬ ‫كل الظواهر في سلطان مقتهر‬ ‫يا ظاهرا بكمالات الظهور على‬ ‫يدرك مقاماته علم من الفطظر‬ ‫يا باطناً لم تفته الباطنات ولم‬ ‫جبلة كانطباع الشمس ف القمر‬ ‫أنوار حبك في قلبي قد انطبمصت‬ ‫إلى أن يقول‪:‬‬ ‫عن فرط حبك يا من حبه وَزّري‬ ‫فداً لك الكون لا أسلو بزهرته‬ ‫لولاك ما أوجدت موجودة الفطر‬ ‫وكيف نفدى بكون أنت علته‬ ‫ويقول في قصيدة أخرى‪:‬‬ ‫سؤ الوجود وفاتح الأقفال‬ ‫أهلاً بمن خلق الوجود لاجله‬ ‫دنيا وأخرى عتبة الأفضال‬ ‫أهلا ممغني العاملين بجوده‬ ‫حتى السعادة قسمة الأنفال(‪)!20‬‬ ‫فعلى يديه حظوظهم مقسومة‬ ‫والواقع إني عاجز عن فهم قوله ‪ :‬أنت علة الكون‘ رلولاك ما‬ ‫أرحت موجودة الفطر إلآ بعرضها على ما جاء عن محيي الدين بن عربي‪،‬‬ ‫حيث يقول‪:‬‬ ‫«اعلم أن ا لله لما خلق الخلق جعلهم أصنافا» وجمل فيكل صنف‬ ‫خيارا» واختار من الخيار خواص وهم المؤمنون» واختار من المؤمنين‬ ‫‏‪ ٠‬خواص وهم الأولياء‪ ،‬واختار من هؤلاء الخواص خلاصة وهم الآنبياء}‬ ‫واختار من الخلاصة نقاوة وهم أنبياء الشرائع المقصورة عليهم‪ ,‬واختار من‬ ‫النقاوة شرذمة قليلين هم صفاء النقارةء وهم الرس رلاحمعهم» واصطفى‬ ‫‪ - 2‬الديوانش ‪2‬ص‪.38‬‬ ‫واحد سن خلقه هو منهم وليس منهم» هاولمهيمن على حميعالخلانىء جعله‬ ‫ا قه عمدا ي أقام عليه قبة الوجود وجعله ا لله أعلا المظاهر تعييدًا وتعريفاء‬ ‫فعلمه قبل وجود طينة البشر وهو حد لا يكائر ولا يقارم» هو السيد‬ ‫ومن سواه سوقة»(‪)٢30‬‏‬ ‫ويشرح الدكتور زكي مبارك هذه النظرية بقوله‪:‬‬ ‫«نَ الصوفية يتصورون ذاتنا أحدية لا تتكثر إلا بالتعيدات» والتين‬ ‫الأل هو حممد‪ ،‬وهو الحكمة الفردية» وعنه نشات حميع التعيينات حتى‬ ‫الأنبياء ومن أجل ذلك كان ستيد حميع الناس» وكان خاتم الأنبياء وقد‬ ‫حام حول هذه النظرية كثير مأنقطاب الصوفية» ر‪ 40‬ا‪.‬‬ ‫إن أثرالتصوف الفلسفي راضح ي هذه النظريات الغريبة عن الإسلام‬ ‫وبساطته ووضوحه‪ .‬إنها نظرية متأترة بالفلسفة القائلة بوحدة الوجودك‬ ‫الني ما فتئ كثير من المسلمين ينكرونها‪ ،‬وهي الفلسفة اليي أقام عليها ابن‬ ‫عربي تصوفه‪ ،‬بل نقول مدرسته الصوفية! حتى قيل إنه لا يمكن أن يفهم‬ ‫ابن عربي في أي موقف من مواقفه الفكرية‪ ،‬إل بفهم نظريته في وحدة‬ ‫الوجود‪ ،‬وإمانه بوحدة "الحق" الله‪ -‬والخلق ‪-‬الكائنات‪ -‬لأنها القاسم‬ ‫المشترك الأعظم‪ ،‬الذي يظل كافة آرائه ووجهات نظره‪ ،‬فوحدة الوجود هي‬ ‫‪.79‬‬ ‫‪ -‬الفتوحات المكية‪ .‬جا ‪ 6‬ص‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ - 4‬التصوف الإسلامي" ج‪ ،1‬ص‪.132‬‬ ‫المنظار الذي أبصر من خلاله ابن عربي كل شيء سواء أكان ذلك في عالم‬ ‫الفكر أم في عالم السلولك(‪.)!50‬‬ ‫وهو من أقطاب الشاذلية‪.‬‬ ‫وقد أفصح عن هذه النظرية ابن مشيش‬ ‫وصلاته معروفة جدا عند أتباع هذه الطريقة‪ ،‬يقرأها ألوف المريدين صباح‬ ‫مساء‪ ،‬حيث يذكرون أن محمدا أصل كل موجود تقول هذه الصلاة‪:‬‬ ‫«اللهم صل على من منه انشتمت الا سرار وانقلقت الأنوارء وفيه‬ ‫ارتقت الحقائق وتنزلت علوم آدم بأعجز الخلانى‪ ،‬وله تضاتلت الهوم‬ ‫قلم يدركه سابقى ولا لاحتى‪ ،‬فرياض الملوك بزهر حماله مونقةء وحياض‬ ‫الجبررت بفيض أنواره متدفقة‪ ،‬ولا شىء إلا هو به منوط إذ لولا الواسطة‬ ‫لذهب كما قيل اموسوطر» (‪.)!60‬‬ ‫والواسطة هو محمًّد‪ ،‬والموسوط هم الأشياء والناس‪ ،‬وغيرهم يقول‪:‬‬ ‫وصل وبارك على عين الأعيان والسبب في وجود كلل إنسان»‬ ‫والواقع كما يقول الدكتور زكي مبارك‪« :‬لا سند لذه النظرية من‬ ‫شرع ولا عتمل‪ ،‬فالشر ع نعكم ات حممدا خلوق اصطماه ا تله لتبليغ الرسالة‪.‬‬ ‫والعقل لا يرجب أن يكون تسلسل الموجودات على هذا النظام الذحي‬ ‫د‪/‬محمد عمارة‪ ،‬نظرة جديدة إلى التراث‪ .‬دار قتيبة‪ .‬ط‪ .2‬د‪.‬مكان الطبع‪81 .‬م‪.‬‬ ‫‪- 5‬‬ ‫ص‪.231‬‬ ‫ص‪.432‬‬ ‫مرجع سابق‬ ‫دازكي مبارك‬ ‫‪-‬‬ ‫‪[ 60‬‬ ‫قضى ب ن الذات الأ حدية صدرت عنها الحقيقة المحمدية وان تلك الحقيقة‬ ‫الملوجودات» (‪,)701‬‬ ‫مي الواسطة بين ا له وبين جميع ما ظهر من صنوف‬ ‫ق‪ .‬يضفي عليه صفات ما تعودنا‬ ‫وأبو مسلم عندما يتوسل بالنيء‬ ‫الوجود‘ ونور‬ ‫أن نضفيها إلا على ا لله سبحانه وتعالى مثل‪ :‬غوث‬ ‫الوجود‪ ،‬وروح الوجودإ وإمام الوجود‪ ،‬وعين الوجود‘ وعز الو جود‪،‬‬ ‫ويتوجه إليه في دعوته كما يتوجه بها إلى ا لله‪:‬‬ ‫سرالوجود استلمني من يد الخطر‬ ‫غوث الوجود أغثني ضاق مصيري‬ ‫بصيرتي في ظلام العين والأنر‬ ‫نور الوجود تداركني فقد عميت‬ ‫من جعلها بين سمع الكون والبصر‬ ‫روح الوجود حياتي إنها ذهبت‬ ‫وأنت آنسي في وردي وفي صدري‬ ‫أنس الوجود قد استوحشت من زللي‬ ‫وف محالك إنقاذي من الصرر ‪4010‬‬ ‫عين الوجود ترى بؤسي ونازلتي‬ ‫ويتمادى أبو مسلم في هذا الاتجاه حيث يقول‪:‬‬ ‫ظصرري‬ ‫ت الن‬‫ن هم‬‫انفس‬‫ف يا‬ ‫وقلت‬ ‫للتي‬ ‫زل ال‬ ‫نرسو‬ ‫وجهت نحو‬ ‫انية الفوز منه غيخرانية ‪ .‬ومطمع النجح منه غير منحسر‬ ‫صرر‬ ‫حه غي‬‫نر من‬ ‫م الب‬‫وقانض‬ ‫ونانل الخير منه غير منقطع‬ ‫على يقين بدرك السؤل والظفر‪9901١‬ء‏‬ ‫بسطت كفي إلى فياض رحمته‬ ‫السابق‪.‬‬ ‫المصدر‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1 70‬‬ ‫‪ - 8‬الديوان" ط‪ .‬الحارني ص‪.572‬‬ ‫ص‪.572‬‬ ‫سابق‪.‬‬ ‫‪ -‬مرحع‬ ‫‪901‬‬ ‫والذاكرين الأولياء في عصر‬ ‫الواقع أننا ل نتعود من الزهاد الأرائل‪،‬‬ ‫الصفاء والنقاء‪ ،‬أن نسمع هذا الوصف منهم لغير ا للهس ولكنها مفاهيم‬ ‫فلسفية داخلت الإسلام مع ما داخلها من فلسفات أخرى وإلاً كيف يمكن‬ ‫أن يطلب الغوث من الخطر والنور للبصيرة‪ ،‬والأنس من وحشة الذنب©‪،‬‬ ‫يسمع‬ ‫وهو‬ ‫غير ‏‪ ١‬لله‪.‬‬ ‫الصفات‬ ‫هذه‬ ‫المؤمن‬ ‫يطلب‬ ‫الضرر © كيف‬ ‫من‬ ‫والانقاذ‬ ‫إلى‬ ‫«إأنيبوا‬ ‫ربكم أدعوني أستجب لكم“»( ‪(11‬‬ ‫يقول ‪ :‬لإوقال‬ ‫‪7‬‬ ‫له( []‬ ‫رتكم وأسلموا‬ ‫فهل نقول في الأخير‪ :‬ما دام الشاعر يعتقد في الرسول أنَه وسيلة لا‬ ‫غير" فإنه يجوز له ذلك‘ وكأن الذي جرا الصوفية على هذا المنحى©‬ ‫وذلك‬ ‫شفيعا للمؤمنين‪،‬‬ ‫به رسوله‬ ‫استنادهم إلى التكريم الإلهي الذي كرم‬ ‫ما جعله يرفع أكف الدعاء متوسّلا برسول الله قائلا‪:‬‬ ‫إليك حالي فصلها منك بالنظر‬ ‫يا سيدي يا رسول الله قد وصلت‬ ‫فوزي برتي وإنقاذي من الضرر‬ ‫فنظرة منك في حالي يكون بها‬ ‫بباصر فلتكن لي خي منتصر‬ ‫كل كائنة‬ ‫يا سيد الرسل ضاقت‬ ‫بوسع جاهك في وردي وفي صدري(‪)211‬‬ ‫وإن يضق بي أمري فهو متسع‬ ‫وأحسب أن الأغلبية من علماء الاستقامة وأئمتهم ما زالوا متشددين‬ ‫متورّعين في إخلاص الدعاء لرب العالمين اللهم إلآ بعض من شد في ذلك‬ ‫وقراءاته ‏‪٠‬‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫بعصر‬ ‫متأترً‬ ‫‪ - 0‬سورة غافر‪.06 :‬‬ ‫‪ -‬سورة الزمر ‪.45‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ص‪.282‬‬ ‫الحارثي‪،‬‬ ‫ط‪.‬‬ ‫الديوان©‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1 1 2‬‬ ‫وما على المؤمن إلا الرجوع إلى القرآن الكريم" وموقفه من هذا‬ ‫الشطط صريح حيث يقول‪ :‬لإقل إنما أنا بشر مثلكم يوحَى إل أنما‬ ‫إهكم إله واحد{ فمن كان يرجو لقآء رته فليعمل عملا صالحا ولا‬ ‫يشرك بعبادة ربه أحدآ(‪3‬ا!)‪ .‬هذه الآية تقرّر حقائق منها‪ :‬بشرية‬ ‫الرسول‪ ،‬وتفضيله بالوحي الإلهي وأت الله واحد لا شريك له وأن لقاء‬ ‫ا للة ورضاه لا يكون إلا بالعمل الصالح‪ .‬وعدم الإشراك به أحدا من خلقه‪٬‬‏‬ ‫وفي هذا تلميح خفي إلى خلوص التوجَه إلى الله وحده‪ ،‬بدون واسطة أو‬ ‫وسيلة‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬ ‫وقبل أبي مسلم نجد شعراء آخرين يغالون في مدح الرسول عَيثلُ‪ ،‬إلى‬ ‫حد قولهم‪ :‬إنه لولا محمد ما ظهر شمس ولا قمر‪ ،‬ولا تحوم ولا أقمار‪ ،‬ولا‬ ‫بحار ولا شجر ولا مدر‘ ولا جبال‪ ...‬كما جاء ذلك عن ابن نباتة‬ ‫المصري حيث يقول‪:‬‬ ‫ولازمان ولاخلق ولا جبر(‪)411‬‬ ‫لولاه ما كان أرض لا ولا أفق‬ ‫فهل يعد هذا من المبالفات الق هي من وحي العاطفة المتأججة‬ ‫فنحمل قول أبي مسلم عليها؟ أم انه بلل أصابه من مذهب المتصوّفة‬ ‫وآرائهم الي لا تخلو من تطرف وغلوً" على النحو الذي أوضحناه عند ابن‬ ‫عربي؟‬ ‫‪ -‬سورة الكهف‪.011 :‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ - 4‬د‪ /‬زكي مبارك‘ مرجع سابق‪ ،‬ص‪.922‬‬ ‫إن حبة الرسول عيله صفة المؤمن الحقيقي صفة أوصى بها القرآن‬ ‫الكريم‪ ،‬قبل أن تكون سمة لتاثُر بفلسفة ما‪.‬‬ ‫وعيّة الرسول عله يتخذها أبو مسلم في دعواته‪ ،‬وأذكاره‪ ،‬وابتهالاته‬ ‫وسيلة يتقرب بها إلى ا لله ليتقبل دعاءهؤ وقربة يتفتّأ تحت ظلالما رحمتهء‬ ‫ومن ثم جاءت في الأغلب الأعم خاتمة لتلك الأدعية والابتهالات وهو‬ ‫يصرح بذلك قائلا‪:‬‬ ‫هو الرحمة العظمى لكز الخليقة‬ ‫الاكرم الذي‬ ‫إلهي بجاه السيد‬ ‫حريصا علينا بين بر ورأفة‬ ‫محمد البر الرحيم الذي أتى‬ ‫إليك وحسي أن يكون وسيلتي‬ ‫تسوّلت ملتاذاً بسلطان قربه‬ ‫يلاق المنى من عين كل رغيبة‪5110٫‬‏‬ ‫ومن يتوسل بالرسول محمد‬ ‫من الواضح هنا كيف نظر أبو مسلم إلي شخصية الرسول عنى من‬ ‫خلال منظار القرآن‪ ،‬لا من خلال منظار ابن عربي‘ ففي البيت الثاني‬ ‫إشارة واضحة إلى الآية الكريمة‪ :‬لإلقد جآءكم رسول من انفسكم عزيز‬ ‫عليه ما عنُم حريص عليكم بالمومنين رؤوف رحيم“»(‪!6‬ا)‪.‬‬ ‫ويقول متوسّلا بالرسول‪:‬‬ ‫ببركات النفس المحمدي‬ ‫بحق ذكر نوركالحمُدي‬ ‫الحدي‬ ‫بنفحات روحك‬ ‫بسر فيض المدد احمدي‬ ‫‪.[ 71‬‬ ‫‪ - 5‬الديوان ط‪ .‬التراث ص‬ ‫‪ - 6‬سورة التوبة‪.821 :‬‬ ‫يا حبلا من نفحات وبشر‬ ‫التهجد‬ ‫بسبحاته من‬ ‫بقربات المصطفى امحمد‬ ‫ومدد‬ ‫من رتبة ومشهد‬ ‫بالله في مصدر ومورد‬ ‫بيور ماأبطنهرماظهر‬ ‫وبالخصوصات التي فها احتوى‬ ‫انطظلرى‬ ‫بالمعنويات التي بها‬ ‫يا فالق الحب وفالق اللوى‬ ‫بعرش زلفاه الذي فيه استوى‬ ‫صل عليه مددا لاينحصر‬ ‫ويقول من الذكر السابع تحت عنوان "الكلم الطيب"‪:‬‬ ‫من ل يزاحم في مقامه الرفيع‬ ‫بجاه نور مولانا الشفيع‬ ‫من استمد النور من هداه‬ ‫محمد خيرمطاع ومطيع‬ ‫عجآؤَ لاإله للاالل؟"ا‘!ا)‬ ‫والذي ننتهي إليه من دا العرض‪ ،‬هو أ التوسل بالرسول تلق في‬ ‫تعبير الشيخ‬ ‫حد ذاته أمر لا يمكن البث فيه جوازا أو حرمة‪ ،‬لأنه على حد‬ ‫سعيد بن خلفان مما اختلف حوله العلماء والفقهاء‪ ،‬وقد أجازه الشيخ‬ ‫القطب اطفيش محمد بن يوسف معتمدا ي ذلك على أدلة عقلية ونقلية‪.‬‬ ‫ولكن الذي نختلف فيه مع هذا الانجاه هو التوسا بالصالحين‪ ،‬أو كإ“‬ ‫من هم أقل رتبة من الرسول الكريم علة‪.‬‬ ‫ص‪.1 29‬‬ ‫القزاث‬ ‫‪ -‬الديوان© ط‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫وقد يتجاوز الأمر إلى حة التوسل بالأبدال‪ ،‬والأقطاب‪ ،‬والأحباب‬ ‫والنقباءء وغير ذلك تما هو معروف عند المتصوّفة‪ ،‬وقد أشار أبو مسلم إلى‬ ‫هذا صراحة‪:‬‬ ‫بالسادة الأفراد بالاحباب‬ ‫بالسادة الأبدال والأقطاب‬ ‫بالقباء الظهر الاطياب‬ ‫وبرجال الفيب بالانخجاب‬ ‫بالسادة الأوتاد والفوث الأبر‬ ‫ومقامات نفوس العارفين‬ ‫بدرجات الأزكياء السالكين‬ ‫بالخلفاء منهم والمرشدين‬ ‫وبقلوب الأولياء الواصلين‬ ‫حقيقة العين ابتغوا دون الهثر(‪)81!1‬‬ ‫إنه أثر التصوف في هذه المواقف©‘ واضح دون أن نحدد هذا الأثر‬ ‫وأبعاده أهو أثر ينتمي إلى مدرسة الإمام الحبّة الغزالي" كما صرح بذلك‬ ‫الشيخ سعيد بن خلفان في النواميس الرحمانية‪ ،‬أم هو أثر يذهب أبعد من‬ ‫ذلك‘ إن الذي يقطع الإجابة عن هذا السؤال‪ ،‬عالم متخصص في هذا‬ ‫المالك ونحن أبعد ما نكون إليه‪.‬‬ ‫الشعرية‪ ،‬نستطيع‬ ‫من خلال هذا العرض الذي اعتمدنا فيه النصوص‬ ‫القول‪:‬‬ ‫‪.1‬‬ ‫الحارني‪ ،‬ص‪48‬‬ ‫‪ -‬الديوان© ط‪.‬‬ ‫‪83‬‬ ‫إن قصيدة الابتهال كشف جلمٌ للآلام والآمال الي تعتور نفس أبي‬ ‫مسلم‪ ،‬في حالي الرضى والغضبڵ والأمن والخوف©‪ ،‬والسعة والضيق©‬ ‫والقلق والطمأنينة‪.‬‬ ‫وما تقسيمه لقصائد الذكر إلى محاور موضوعيا إلا استجابة‬ ‫موضوعية لدوافع الحاجات النفسية وأبو مسلم يعلم علم اليقين تلك‬ ‫الحالات اليي تعتور النفوس البشريةش فتلجأ إلى ا له داعية مبتهلة‪ .‬كل‬ ‫حسب حاجاتها‪ ،‬وعن هذا يقول معللا تقسيم الذكر إلى ما يسميه حضرةض‬ ‫كل حضرة تشتمل على مقطع‪« :‬نمم إت مقاصد الداعين متعمتدة» فياحذ‬ ‫الداعي ما ناسب مقصده» ولا بأس من جمع حضرة بأخرى إذا ناسبتها‬ ‫عسب المقاصد» ولو على غير ترتيب الأسماء الواردة" كما لو جمعت أسماء‬ ‫الجلال وأسماء الكمال كل منها على حدة! لما تقتضيه المظاهر» ‏(‪.)!١9‬‬ ‫وبوسع الدارس المتمعّن أن يداخل شغاف قلب أبي مسلم‘ ويتجول‬ ‫في أنحاء نفسه من خلال تلك القصائد الي يعرض فيها نفسه على بارئها‬ ‫دون حاجز أو حاجبڵ بطواعية ويسر‘ بعفو وتلقائية‪ ،‬وإن بعضها ليغدو‬ ‫صرخات غضب©ؤ ينفجر حُمماً على أعدائه‪ ،‬ومن هنا يتوجه إلى ا لله قاهر‬ ‫داعيا متضرعا‪:‬‬ ‫كل جبار‪ ،‬ونصير كل مستضعف‪ ،‬ومفرّج كل ه‬ ‫فرجا عاجلا ولطفاآ بلي‬ ‫فارج الهما كاشف الغم عجل‬ ‫رة يا منجي الفريق استجب لي‬ ‫العب‬ ‫يا مفيث الملهوف يا راحم‬ ‫ومؤالي فقري وذل محلي‬ ‫‪ .‬حيطة العلم بي مناب سؤالي‬ ‫الديران‪ ،‬ط‪ .‬التراث ص‪.191‬‬ ‫‪- 9‬‬ ‫أبي مسلم ‪ -‬وهو يقف هذا الموقف الذليل الخاشع ‪ -‬من‬ ‫وليس عند‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ال‬ ‫‏‪ ١‬لله‬ ‫بأسماء‬ ‫الدعاء‬ ‫وسيلة سورى‬ ‫بابك الكريم الأجر‬ ‫على‬ ‫الوسيلة أدذلوهما‬ ‫هذه سيدي‬ ‫بابتهال وذكراعمك أدلي‬ ‫ليس لي حجّة ولا من شفيع‬ ‫ك وألقيت عندبابك رحلو(‪1 02‬‬ ‫أدعم‬ ‫فاراني أخيب إذ قمت‬ ‫ومن ألقى ‪ -‬بهذه الطمأنينة‪ .‬وهذا السمو النفسي ‪ -‬عند باب الله‬ ‫رخله جدير به أن يجد ا لله عند دعائه له بمحيبا‪ ،‬ما دام في نفسه قريبا‪.‬‬ ‫قصيدة الابتهال مجنانبها الفني‬ ‫هل طبع الابتهال والقصيدة عند أبي مسلم بطابع فني خاص ؟‬ ‫إن الجواب على هذا التساؤل يستوجب دراسة فنية متأنية لهذه‬ ‫القصائد وبما أن القصائد كثيرة تكاد تكون وحدها ديوانا كاملا فإننا‬ ‫نستسمح القارئ الكريم بالوقوف عند أبرز السمات الفنية لهذه القصائد‬ ‫من خلال البنية العامة لقصيدة الابتهال وموسيقاها الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫أولا‪ :‬البنية العاسَة للقصيمة‪:‬‬ ‫عندما اختار أبو مسلم لديوانه عنوانا "النفس الرحماني" هل كان‬ ‫يعني ما توحي به هذه الكلمة من فيض رباني‪ ،‬ومدد عرفاني بحيث غدا‬ ‫‪.51‬‬ ‫التراث‬ ‫‪ -‬الديوان© ط‪.‬‬ ‫‪0‬‬ ‫طابع الديوان هذا الفيض الزاخر من العطاء الشعري‪ ،‬الذي يمتة أحيانا‬ ‫بيتا في القصيدة الواحدة كما فعل ذلك في "الوادي المقدس"‬ ‫ليصل ‪5‬‬ ‫حيث بلغت أبياتها ‪ 5951‬بيتا ؟‬ ‫هذا الطول المفرط هو أول ما يلحظ في البنية العامة لهذه القصائد‬ ‫وقد بناها الشاعر على هذا النحو السامق الشاهق لتتماشى مع جلسات‬ ‫الذكر الي يفتنزض فيها أن تستحوذ على وقت طويل‪ ،‬كما أوضح ذلك في‬ ‫الشروط الي وضعها لهذه الأذكار الثمانية الق احتوى عليها ديوانه "النفس‬ ‫الرحماني"‪.‬‬ ‫يستجيب‬ ‫نحو خاص‬ ‫على‬ ‫بهندسة قصائده‪.‬‬ ‫وأبو مسلم على رعي تام‬ ‫‪.‬‬ ‫ق‬ ‫يقول‬ ‫حيث‬ ‫لنا بنفسه رؤيته الفنية هذه‬ ‫وقد شرح‬ ‫أجله‬ ‫نظڵلمت من‬ ‫لا‬ ‫مقدمة هذا الذكر الذي عنوانه "الوادي المقدس"‪:‬‬ ‫«وبعد‪ ،‬فإنه نعتوي على فاتحة بخصوص اسمه تعالى "هو" تشتمل على‬ ‫ستة وستين بيتا» ثم على حضرة بخصوص اسم الجلالة ومي عدد ستة‬ ‫وستين بيتا ثم على مان وتسعين حضرة لكل اسم حضرة بخصوصهك أوا‬ ‫اسمه تعالى الرحمن؛ وآخرها اسمه تعالى الصبور ثم على انتين وعشرين‬ ‫حضرة على الأسماء المستخرجة من القرآن العزيز» مما لم يدخل في جملة‬ ‫الوارد به الحديث النبوي نم إت كلل حضرة من هنه الحضرات المائة‬ ‫وبمناسبة‬ ‫"‬ ‫والعشرين ترتبت على احد عشر بيتا بمناسبة عدد اسمه تعالى "هو"‬ ‫‪ 1‬حرف بسط اسم الجلالة تعظيما م على خاتمة تشتمل على ستة وسمين‬ ‫الصلاة‬ ‫موضوعها‬ ‫بيتا ء م على خاتمة ‪ /‬خرى تشتمل على ستة وستين بيتا»‬ ‫عليه»‬ ‫ويفصح أبو مسلم عن سبب هذا البناء الخاص لقصائده‘ عندما يذكر‬ ‫طريقة تلاوتها‪ ،‬ونلحظ أن طريقة التلاوة هي اليي أوحت بهذه البنية‬ ‫الخاصة‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬ ‫«نم ارت طريقتي في تلاوته ‪ -‬اي الذكر ‪ -‬توزيعه على ايام الأسبوع‬ ‫مبتدئا بليلة الجمعة» مختتما بمساء يوم الخميس والتوزيع على حسب‬ ‫الإمكان لا بالتزام ترتيب خصوص» ولكن الشرط إبمامها في اسبر ع‪٬‬‏ رمسن‬ ‫قدر على تلاوتها فيأقل من ذلك ولو في مقام واحد\ فلكل درجات عما‬ ‫عملوا» (‪.)121‬‬ ‫هكذا نلحظ أن البنية العامة للقصائد! خضعت أساسا ومنذ البداية‬ ‫لتستجيب لحلسات الذكر الي تتورّعها أيام الأسبوع السبعة‘ كما شرح‬ ‫م‬ ‫ربمن‪.‬‬ ‫إن أبا مسلم يملك قدرة هائلة في النظم" وسيطرة معتبرة على أدواته‬ ‫الفنية‪ ،‬تتجلى في هذا الفيض الغزير من الألفاظ والكلمات‪ ،‬الي لا تنضب‬ ‫‪ - 1‬الديوان‪ .‬ص‪.7‬‬ ‫ولا تضعف تما يدل على امتلاكه الراسخ القوي لناصية اللغة العربية ويدل‬ ‫على رصيده الزاخر الذي يغترف من عحيط القرآن الكريم والحديث النبوي‬ ‫الشريف والأدب العربي بكل فروعه ومحيطه الواسع أمثالا‪ ،‬وحكماء‬ ‫ومواعظ‪.‬‬ ‫هذا المدد اللغوي الغزير ساعده على أن يكون عوالم خاصة به‪ ،‬في‬ ‫بناء لغته الشعرية‪ ،‬وعندما نتحدث عن اللغة الشعرية فإننا نقصد بها التعبير‬ ‫والتصوير معا! أي الألفاظ بدلالتها المعجمية والخيالية‪ ،‬إذ من الصعب‬ ‫الفصل بين العنصرين في العمل الشعري الموحد‪.‬‬ ‫وهذا أمر طبيعي لأن هذه القصائد في حقيقة أمرها أدعية وأذكار‬ ‫وابتهالات‪ ،‬فلغتها ينبغي أن تكون مستوحاة من عوالم القرآن اللانهائية‪.‬‬ ‫أو بأخرى‪.‬‬ ‫وتعابيرها الفنية© مستلهمة من أجواء الآيات القرآنية بصورة‬ ‫عبر‬ ‫كما‬ ‫لذاته‬ ‫المقصود‬ ‫الاختيار‬ ‫أبو مسلم على دراية بهذا‬ ‫وكان‬ ‫بذلك بقوله‪:‬‬ ‫وار والآثار منها أبتهل‬ ‫مولاي بالأسماء والاسرار والأن‬ ‫ت الطاهرات وكل موأحي نزل‬ ‫لذاتك بالصفا‬ ‫أدعو بكل اسم‬ ‫لمن سا ل‬ ‫من سائليك فتستجيب‬ ‫أدعو بكل وسيلة أ حبيبتها‬ ‫والآيات للذات‬ ‫فلغته التعبيرية إذا استيحاء ظاهر من الأسماء والصفات‬ ‫العلية وإذا كان الابتهال أساسا عماده لغة قائمة على أسماء ا لله الحسنى‪،‬‬ ‫لأن تلك‬ ‫الكريم نفسهك‬ ‫الاستيحاء من القرآن‬ ‫بالتبع ان‬ ‫فان ذلك يعي‬ ‫الأسماء إنما وردت في القرآن الكريم أولا فهو لهذا قد يكتفي ببناء الصورة‬ ‫الشعرية مستخدما ما فيها من الاقتباس‪ ،‬فقد يتوغل في بناء الصورة الشعرية‬ ‫عن طريق ما يطلق عليه النقاد "الصورة الإشارية"‪ ،‬أي يلمح إلى معنى الآية‬ ‫من خلال كلمة واحدة أو يستلهم الأجواء والظلال الي توحي بها الآية‬ ‫من خلال لفظة واحدة أو عدة ألفاظ في الآية الكريمة دون أن يوردها‬ ‫بكاملها‪ .‬حيث يترك استلهام ذلك للقارئ الكريم المفروض فيه حفظ‬ ‫القرآن وفهمه‪ ،‬وهذه الكلمة تفيض عليه عطاء ثرا من الصور الموحية الي‬ ‫تحسّدها تلك الآية المشار إليها‪.‬‬ ‫الصورة البلاغية‪:‬‬ ‫ونعيي بها الصورة التقليدية القائمة على التضمين والاقتباس‪ ،‬حيث‬ ‫يورد الشاعر الآية الكريمة أو جزء منها داخل البيت أو الأبيات‪ ،‬دون إضافة‬ ‫كما وردت في القرآن الكريم‪.‬‬ ‫كما يقول‪:‬‬ ‫وهنا اختصاص سره للألوهية(‪)!22‬‬ ‫الشي تؤتي الملك والعز من تشا‬ ‫قل اللهم مالك الملك توتي الملك من‬ ‫هنا ضمن الآية الكريمة‪:‬‬ ‫تشآء وتنزع الملك ثمن تشآء وتعؤ من تشآء وتذل من تشآء بيدك الخير‬ ‫ئقكدعلىي كزل(شيقء‪.)!2‬‬ ‫وقوله داعيا ا لله على العدو الكافر‪:‬‬ ‫الديوان ص‪.282‬‬ ‫‪- 2‬‬ ‫‪.6‬‬ ‫عمران‪:‬‬ ‫آل‬ ‫‪ _-‬سورة‬ ‫‪321‬‬ ‫وأنت غيور شاهد صدق دعور(‪1 42‬‬ ‫المريد ممعجرز‬ ‫إشي ما هذا‬ ‫ولن يجعل ا لله للكافرين على‬ ‫وهنا استمداد من الآية الكريمة‪:‬‬ ‫المومنين سبيلاي(‪ .)!52‬أو استلهام من الآية الكريمة‪« :‬لا تحسبن الذين‬ ‫معجزين ف الارزض ‪ !4(62‬‏‪٢‬‬ ‫كفروا‬ ‫وقوله ‪:‬‬ ‫حقيقة ذرة(‪)!72‬‬ ‫وها غربت عنه‬ ‫وأين فرار العبد من ملك ربه‬ ‫من قوله‪ :‬لا يعزب عنه منقال ذرة في السموات ولا في‬ ‫‏“»(‪. ( 1 2٨‬‬ ‫‏‪ ١‬لارض‬ ‫رقوله متوسَلا‪:‬‬ ‫العرش ملقي الروح باعث الرفات(‪« 92‬‬ ‫الحق رفيع الدرجات ذي‬ ‫برتبة‬ ‫من قوله تعالى‪« :‬رفيغ الدرجات ذو العرش يلقي الروخ من أمره‬ ‫على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق“(‪03‬ا )‪.‬‬ ‫‪ - 4‬الديوان‘ ص‪.04‬‬ ‫‪ -‬سورة النساء‪.141 :‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪ -‬سورة النور‪.75 :‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪ -‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪ -‬سورة سبأ‪.3 :‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪ -‬المرحع السابق ‪1‬ص‪.38‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪ -‬سورة غافر‪.51 :‬‬ ‫‪0‬‬ ‫وقوله داعيا ا لله على أعدائه وأعداء الدين‪:‬‬ ‫في الدين والدنيا وبڵَفني المرام‬ ‫مكني اللهم في خير مقام‬ ‫بغيظهم عنا وخذهم ‪.‬بانتقام‬ ‫أعاديك ا لطلفام‬ ‫ورة أحزاب‬ ‫هم من دون ربي أوليا‬ ‫كان‬ ‫ف الأرض وما‬ ‫ليسوا بممجزين‬ ‫معجّلاً ما عجزت عنه القرى‬ ‫ضاعف فهم من العذاب والشقا‬ ‫حتى يكونوا كهشيم الحتضر([ ‪)!3‬‬ ‫وفي قوله‪:‬‬ ‫إليك فلا تردد متابي بخيبة‬ ‫لغفار لمن تاب ردني‬ ‫وإي‬ ‫وإني لغقار لمن تاب وءامن وعمل صالحا ثم اهتدى»(‪.)!23‬‬ ‫وقوله‪:‬‬ ‫وفيك لي من كل فانت خلف‬ ‫معشر إحسانك ربي مزدلف‬ ‫يغفر فهم ما قد سلف‬ ‫إن ينتهوا‬ ‫قد انتهيت عن جميع املقترف‬ ‫ففي الشطر الأخير اقتباس ظاهر من الآية ‪ 82‬من سورة الأنفال‪.‬‬ ‫ونراه أحيانا يستهلم الأجواء الروحانية من أدعية القرآن فيضمّنها‬ ‫أبياته بطريقة ليست اقتباسا نصيا‪ ،‬وإنما هي مزيج من التضمين والاقتباس‪،‬‬ ‫أو هي ازدواجية بين الصورة البلاغية والصورة الإشارية‪.‬‬ ‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ .‬ص‪.302‬‬ ‫‪ - 2‬سورة طه‪.28 :‬‬ ‫من ذلك قوله‪:‬‬ ‫هب لي منه نجاة من أنجيته‬ ‫وهبتني الذكر كما اأجريته‬ ‫من تدخل النار فقد‪ .‬أخزيته‬ ‫وقني النار كمن وقيت ه‬ ‫وما لظالم عليك منتصر‬ ‫أمنت لا أعدل بالله أحد‬ ‫للإيمان وقد‬ ‫سمعت من نادى‬ ‫معاذك اللهم من خزي الأبد‬ ‫بحق الإيمان بففرانك جد‬ ‫توقني برا وأنت خير بر‬ ‫لا تخزنا يوم القيام في الأمم‬ ‫وآتنا وعدا على رسلك تم‬ ‫ولاتضيّع عملا فيك ولم‬ ‫تتم‬ ‫ن قل‬‫اعادها‬‫لاتخلف المي‬ ‫تحرم إجابة الدعا من افتقر‬ ‫وهنا استحضار كامل للآيات الكريمة إلي علمها ا لله عباده الذين‬ ‫يتفكرون في خلق السموات والأرض في تأمل وخشوع‪:‬‬ ‫لربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فنا عذاب النار‪ .‬رتنآ إنك‬ ‫من تدخل النار فقد أخزيته‪ .‬وما للظالمين من أنصار‪ ،‬رنا إننا سمعنا مناديا‬ ‫ينادي للايمان أن ءامنوا برتكم فنامناإ ربنا فاغفر لنا ذنوبنا‪ .‬وكقر عنا‬ ‫سيّناتنا وتوفنا مع الأبرار ي(‪.)٢33‬‏‬ ‫‪035 .92 32.1‬‬ ‫التالية‪.71 .21 :‬‬ ‫رانظر الصفحات‬ ‫‪.191-491‬‬ ‫‪ -‬سورة آل عمران‪:‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪.322‬‬ ‫‪.902‬‬ ‫‪.702‬‬ ‫‪.402‬‬ ‫‪.691 .881 .581‬‬ ‫‪.481 .381‬‬ ‫‪.181‬‬ ‫‪.971‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪4...‬‬ ‫مشل قوله‪:‬‬ ‫ي‬ ‫عنده‬ ‫الا ستلهام‬ ‫هذا‬ ‫وقد بحاء‬ ‫أمارتي بالسوء نقطة خيرتي‬ ‫هو الله باسم الله يارب لا تدع‬ ‫صبرا وإليك الشكر ههجتي‬ ‫بلانك‬ ‫باسم الله أفر غ علي في‬ ‫هو الله‬ ‫من الواضح هنا أن امارته بالسوء هي نفسه‪ ،‬وهنا صورة إشارية إلى‬ ‫الآية الكريمة‪ ،‬حيث يقول تعالى‪ :‬لوما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة‬ ‫بالسوء(‪ .)!43‬وفي البيت الموالي استلهام للآية الكريمة‪ :‬لربنا أفر غ علينا‬ ‫صبراه(‪ 53‬ا)‪.‬‬ ‫وإنك ياالله أهل لدعوتي‬ ‫دعاني قل ادعوا والفقر مطلقا‬ ‫شريت به حتى شهود الحقيقة‬ ‫ونور جلال من (قل ال) مشرق‬ ‫له استسلم الأشياء طوعا وذلت‬ ‫وعز كمال من (أنا الله) باهر‬ ‫به نشوة الأرواح تحت الهوية(‪)!63‬‬ ‫وحسن جمال هن (هو الله) ظاهر‬ ‫البيت الأول إشارة إلى قوله تعالى في سورة الإسراء ‪« :‬قل ادعوا‬ ‫)‪.) 731‬‬ ‫ا لله أو ادعوا الرحمن‪..‬‬ ‫والبيت الثاني إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأنعام‪« :‬إقل الله‬ ‫ينجيكم منها ومن كل كربو ثم أنتم تشركون“»(‪ .)!83‬او قوله‪ :‬قل‬ ‫ا لله ثم ذرهم في خوضهم يلعبوني(‪.)!93‬‬ ‫‪ -‬سورة يوسف‪.35 :‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪ -‬سورة البقرة‪.052 :‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪ -‬الديوان‪ :‬ص‪.71‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪ -‬سورة الإسراء‪.011 :‬‬ ‫‪7‬‬ ‫خ‬ ‫والبيت الثالث إشارة إلى قوله تعالى في سورة طه‪ :‬فإنني أنا اللاه‬ ‫إ لا أنا فاعبذني وأقم الصلاة للركري»(‪.)!04‬‬ ‫‪.‬‬ ‫إله‬ ‫والبيت الرابع من قوله تعالى في سورة الحشر‪ :‬لهو ا لله الذي لآ إله‬ ‫ل هو عالم الغيب والشهادة هو الرجمن الرحيمه( ‪٩‬ا)‪.‬‏‬ ‫وقوله‪:‬‬ ‫رحبت الأرض ونفسي مانا‬ ‫ضاقت علي الارض سيدي بما‬ ‫ةه‪»24‬‬ ‫التوبة يا الل‬ ‫اسالك‬ ‫إليك الجات اضطراري مسلما‬ ‫بالأمثلة الشاهدة على ثقافته‬ ‫أبي مسلم ‪4‬‬ ‫والواقع أ ديوان‬ ‫القرآنية الواسعة‪ :‬حفظا وتمنلا‪ .‬واستلهاما لآيه بطريقة فنية بارعة تدل على‬ ‫حفظه القوي لكتاب الله‪ ،‬كما تدل على براعته الفنية في استخدام هذه‬ ‫اللغة المتێرة بإيحاءاتها وظلالها‪ ،‬وهي لغة منتقاة مقصودة لذاتها‪ ،‬لأنها‬ ‫تتماشى مع أجواء القصيدة الابتهالية قي روحانيتها وشفافية إيمانها‪.‬‬ ‫وإلى جانب تضمينه واستلهامه الآيات القرآنية‪ ،‬نحد الأحاديث النبوية‬ ‫الشريفة‪ :‬اقتباساً نصيا‪ ،‬أو استلهاماً إشارياء على أنه لم يكثر من الأحاديث‬ ‫إكثاره من الآيات القرآنية الكريمة‪.‬‬ ‫‪ -‬سورة الأنعام‪.46 :‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪ -‬سورة الأنعام‪.19 :‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪ -‬سورة طه‪.41 :‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪ -‬سورة الحشر‪.44 :‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ - 2‬الديوان‪ .‬ص‪.422‬‬ ‫مثل قوله‪:‬‬ ‫لحكمك واجعلني شهيد عبوديتي‬ ‫بشر الشهيد ارزقني الشبر سيدي‬ ‫كما نحده يستلهم الأمثال والحكم العربية‪ ،‬مثل قوله‪:‬‬ ‫عند الصباح يحمد القوم السرى(‪)!44‬‬ ‫يا سيدي قد بلغ السيل الربى(‪)541‬‬ ‫الصوقبة‪:‬‬ ‫اللغة‬ ‫لغته الشعرية فهو ما يتحلڵلها من لفة صوفية‬ ‫أما العنصر الثالث ف‬ ‫ونعني بها تلك المصطلحات الق شاعت عند المتصوفة‪.‬‬ ‫إذ لا مفر من الاعتراف بأن الصوفية كان لهم وجود أدبي ملحوظ‬ ‫وكيف لا يكون الأمر كذلك وقد عرفت عنهم ألفاظ وتعابير دونها‬ ‫المؤلفون‪ ،‬وتلك الألفاظ والتعابير هي ثروة لغوية يقام لها وزن حين تدرس‬ ‫اللصطلحات‪ ،‬وقد يقال‪« :‬إت لكل قوم الفاظ وتعابير حتى النخجارين‬ ‫والحدادين‪ ،‬ولا يكون ذلك عنوانا على سلطتهم الآدبيةء وعيب بان الفاظ‬ ‫الصوفية جرت في الأغلب الاعم حول معان وجدانية وروحية ونفسية‬ ‫واجتماعية فهى الصق بالحياة الآ دبية» (‪.)!64‬‬ ‫‪ -‬المرحع السابق ص‪.081‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ - 4‬المرجع السابق‪ .‬ص‪.65‬‬ ‫‪ -‬الملرحع السابق‪ .‬ص‪.022‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪ -‬د‪ /‬زكي مبارك التصوف الإسلامي‪ ،‬ص‪.85‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪- 101‬‬ ‫‪-‬‬ ‫وقد أورد الدكتور زكي مبارك في دراسته القيمة عن التصوف‬ ‫الإسلامي وأثره في الأدب والأخلاق بحموعة من هذه المصطلحات اليي يكثر‬ ‫لغوية معينة عندهم‪.‬‬ ‫ولما دلالات‬ ‫المتصوفة‪.‬‬ ‫عند‬ ‫ورردها‬ ‫مليعا‬ ‫تحده‬ ‫والابتهالات‬ ‫الأذكار‬ ‫ف‬ ‫مسلم‬ ‫ابي‬ ‫شعر‬ ‫ندرس‬ ‫وعندما‬ ‫فطبعت‬ ‫بها تأثرا عميقا‬ ‫أن الشاعر تأثر‬ ‫ويبدر‬ ‫والتعابير‬ ‫الألفاظ‬ ‫بهذه‬ ‫شعره الابتهالي بجوها الروحاني‪ ،‬ولعله تأثر بها من خلال إدمانه لقراءة تلك‬ ‫الأشعار الي تأثر بها قبله شيخه‪ :‬سعيد بن خلفان الخليلي‪.‬‬ ‫هذه‬ ‫استخدام‬ ‫القصد من‬ ‫حول‬ ‫لا نستطيع أن نقطع براي‬ ‫ونخن‬ ‫من‬ ‫لما وراءه‬ ‫مقصود‬ ‫فلسفي اصطلاحى‬ ‫أهو استخدام‬ ‫الشاعر ‪،‬‬ ‫التعابير عند‬ ‫معان وإشارات يعرفها المتصوفة‪ .‬أم هو استخدام لا يتعدى الحال الشعري‬ ‫الذي يستخدمه الشعراء عادة من كل الأجواء الأدبية حسب قراءاتهم‬ ‫ورؤاهم الفنية وأبعاد تجاربهم الشعرية‪.‬‬ ‫التمهيد لأذكاره‪:‬‬ ‫يقول ف‬ ‫وبوأتهم من أنفع ‏‪ ١‬لذذخر مفنما‬ ‫لهم من نير الذكر معلما‬ ‫نصبت‬ ‫بها هام أهل الله في الأرض والسما‬ ‫وصيّرت نفسي خادما لطريقة‬ ‫هلم اشربوا هذا المني ترتما‬ ‫فيا لرجال الحب والكأس مفعم‬ ‫فموتوا بها سكرا فما السكر ماثما‬ ‫عصرت لكم من حمرة الله صفوها‬ ‫بها فانتشوا بين الخليقة هيما‬ ‫تمتع أهل الاستقامة قبلنا‬ ‫ويطريه نور الفرق في أبجر العمى‬ ‫تراهم سكارى ينشر الجمع فهمهم‬ ‫‪-= 201 -‬‬ ‫وحركت أوتاري فأنطقت أعجما‬ ‫ملات لكم دي شرابا مروقا‬ ‫«تقئم إلى باب المليك مقئما»(‪)!74‬‬ ‫وغنيت في شرب هم الرسل كلهم‬ ‫إضافة إلى هذه اللغة التصويرية الرائعة نلحظ كيف اعتمد الشاعر‬ ‫الألفاظ الصوفية هنا‪ ،‬مثل‪ :‬المَعْلَم‪ ،‬والمَّغنم‪ ،‬والخادم‪ ،‬والطريقة‪ ،‬والحباة‬ ‫والكأس والمغيي‪ ،‬والشراب‘ وحضرة الله‪ ،‬والسكر والنشر‪ ،‬والطي‪،‬‬ ‫والنور‪ ،‬والأوتار وغير ذلك تما يشيع في قصائد المتصوفة حتى غدا علامة‬ ‫لهم‪ ،‬وسمة تطبع شعرهم" ولفة خاصة بهم تحمل أبعادا وأخيلة ودلالات‬ ‫معنوية رامزة‪.‬‬ ‫وقد استوحى هذه العوالم الصوفية ليب من لغتها صورة كاملة‬ ‫الأطراف تعتمد اللغة المجازية أساسا بل همي تعتمد الصورة أساسا فقد‬ ‫صيّر نفسه خادما لأهل الذكر يدور عليهم بكأسه الق ملأها بحب الل‬ ‫وقد عصرها لهم من خمرة ا لله‪ ،‬فلا ضير عليهم أن يموتوا بها سكرا‪ ،‬فقد‬ ‫سكر بها سلفهم الصالح من أهل الاستقامة قبلهم" نقاء وصفاء وزهادة‬ ‫وإخلاصا لله‪ ،‬وهو الذي ملأ دته ذكرا وحبا وعبادة‪ ،‬وحرك أوتار ابتهالاته‬ ‫الوجدانية فأنطق الأعجم تأثرا وسموا‪ ،‬وما ندمانه سوى الرسل المصطفين‬ ‫الأخيار‪.‬‬ ‫إن الأجواء الخيالية والتصويرية في هذه المقطوعة استيحاء واضح من‬ ‫قصائد كبار الصوفية‪ ،‬مثل‪ :‬ابن الفارض وأبي منصور الحلاج ورابعة‬ ‫وغير هم‪. ‎‬‬ ‫‪ ١‬لعد و ية ‘‬ ‫ص ‪.3‬‬ ‫‪ - 147‬الديوان©‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬۔ ‪301‬‬ ‫و لم يقتصر ذلك عنده ‪ -‬كما لا حظنا ‪ -‬على المعجم الشعري ألفاظا‬ ‫وتعابير وإنما استوحى أيضا تلك الصورة المتميزة وتخيلاتها اليي تحوم حول‬ ‫الشراب والغناء والوجد والانتشاء‪.‬‬ ‫ويقول في قصيدة أخرى مستخدما الرمز والتصوير متوسّلا إلى ذلك‬ ‫كله مصطلحات صوفية معروفة‪ :‬مثل‪ :‬الوادي المقدَسك الأسرار الذوق‪،‬‬ ‫الحقيقة‪ ،‬والمقام‪ ،‬وغير ذلك‪:‬‬ ‫ورعيت بين شعوبه أغنامي‬ ‫طنبت بالواد القتس خيمتي‬ ‫عر الحمى واعز منه الحامي‬ ‫قل للذناب الكاسرات تفسّحي‬ ‫عر الجلال إليه والاكرام‬ ‫فلقد نزلت على عظيم قادر‬ ‫لوالكاندقلان غير مضام‬ ‫ضى عليه نزيلله‬ ‫يضيقولا‬ ‫يق‬ ‫ونشبت بين أظافر الأيام‬ ‫من بعد ما طردت كل مطرد‬ ‫فحجبت عن فهمي وعن أوهامي‬ ‫ستزتني الأسماء في ملكوتها‬ ‫فعجزت غن تعبيره وكلامي‬ ‫وسقتني الأسرار شربة ذوقها‬ ‫رحقيقتي لا شيء رهي مقامي‬ ‫وذكرت من هو في الحقيقة ذاكري‬ ‫إذ ثبتها صنم من الأصنام‪)!84٫‬‏‬ ‫وحقيقي أني محرت حقيقتني‬ ‫وتدخل في اللغة الصوفية تلك الأذكار والأدعية المعروفة عندهم وهي‬ ‫في الواقع ليست خاصة بهم‪ ،‬راح أبو مسلم يضمنها شعره‪ ،‬كما جاء هذا‬ ‫الدعاء المعروف‪:‬‬ ‫صك‪.‬‬ ‫الديوان©‬ ‫‪-‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪-= 401 -‬‬ ‫والحرص والجبن وخب وخاع‬ ‫أعوذ بالله من الشخ الملاع‬ ‫بما أعطاه(‪941‬؛‬ ‫وحسد الخلق‬ ‫والكبر والبهت ومذموم الطباع‬ ‫النكرار‪:‬‬ ‫ومن أبرز السمات الي ظهرت بها قصيدة الابتهال عند أبي مسلم‬ ‫سمة التكرار اللفظي والمعنوي والذي له علاقة موضوعنا هو التكرار اللفظي‬ ‫الذي لا يكاد يخلو منه مقطع من قصائده‪ ،‬بل إن التكرار اللفظي يغدو‬ ‫ضرورة لازمة للإنشاد أثناء الدعاء والابتهال والتضرع إلى ا لله مشل أن‬ ‫يكرر كلمة «هو الله باسم الله» في فاتحة الذكر الأول‪ ،‬وعنوان الذكر هو‬ ‫«ا لله جل جلاله» وتتكرر هذه الجملة ستا وستين مرّة‪ ،‬أي بعدد أبيات‬ ‫القصيدة كلها! كما يكرر كلمة «تعلقت بالله» قي مطلع كل بيت من‬ ‫المقطع الثاني ستا وأربعين مرَة كذلك‘‪ ،‬وق المطلع المعنون «الرحيم جل‬ ‫جلاله» تتكرر جملة «عسى نفحات اسم الرحيم» إحدى عشرة مرة‪.‬‬ ‫والملاحظ أن أغلب الأبيات تبدا بكلمة "إلهي" أو يتكرر فيها الاسم‬ ‫الجليل الذي عنون به ذلك المقطع فإذا كان عنوانه مثلا‪« :‬القابض جل‬ ‫جلاله» بدأت الأبيات بكلمة "يا قابض" فتجيء هكذا‪:‬‬ ‫يا قابض الأشياء‪...‬‬ ‫يا قابض الإبداع‪...‬‬ ‫يا قابض الأكوان‪...‬‬ ‫‪ -‬الديوان ص‪.822‬‬ ‫‪9‬‬ ‫=‪-‬‬ ‫‪501 -‬‬ ‫يا قابض الأسرار‪...‬‬ ‫وفي المقطع الذي عنوانه «القريب جل جلاله»‪ ،‬تتكرر جملة‬ ‫"إلهي القريب"‪:‬‬ ‫إلهي القريب الحق‪...‬‬ ‫اهي القريب الفتح‪...‬‬ ‫إلهي القريب بالإجابة‪...‬‬ ‫وفي الذكر الثاني «القاموس الأسنى في أسماء ا لله الحسنى»‬ ‫ترةدت جملة "باسمك الأعظم" ثلاث عشرة مرة‪.‬‬ ‫وني خاتمة السعادة تكررت لفظة "سيدي" في مطلع كل بيت‬ ‫منها ثمان رأربعين مرة متتالية‪.‬‬ ‫وفي الذكر السابع الذي عنوانه «الكلم الطيب“»‪ ،‬تكررت‬ ‫جملة "محق لا إله إلا ا لله" فى آخر كل بجموعة أربعة أشطرك كأن‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫يا سامعا دعاء من دعاه‬ ‫ما رباه‬ ‫الله ي‬ ‫غفرانك‬ ‫يداه‬ ‫فاغفر له ما كسبت‬ ‫عبدك قد باء ماجنا‬ ‫بحق لا إله إلا الله‬ ‫تكررت هذه الحملة مائة وسبعين مرة‪.‬‬ ‫أما الذكر الثامن وهو «الباقيات الصالحات» وهمي كما هر‬ ‫معروف(‪« :)!05‬سبحان الله{ والحمد لله‪ ،‬ولا إله إلا ا لله‪ ،‬وا لله أكبر»‪.‬‬ ‫ص‪.1 5‬‬ ‫‪ -‬الديران©‬ ‫‪0‬‬ ‫فقد قسمها الشاعر إلى صباحيات ومسائيات‪ ،‬أي الأذكار‬ ‫الق تتلى في الصباح والأذكار الي تتلى في المساء‪ ،‬وعمدتها‬ ‫أبياتها خمسمائة‬ ‫وعدد‬ ‫إال آخر بيت‪0،‬‬ ‫بيت‬ ‫من أل‬ ‫التكرار‬ ‫وعشرون بيتا تقريبا‪.‬‬ ‫البيت ئ بل كان‬ ‫أول‬ ‫وهو ل يكتف بتكرار كلمة التسبيح ق‬ ‫يختم البيت بكلمة "ا لله" على النحو التالي‪:‬‬ ‫كم كربة حلها لطف من الله‬ ‫سبحان ذي اللطف باسم الله بالله‬ ‫فقرا فلم يغنني من من الله‬ ‫سبحان ذي المن لم أرفع إليه يدي‬ ‫في كل منغلق فتح من الله‬ ‫سبحان ذي الفتح لا ينفك يدركني‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫كأن‬ ‫وتكبيرا‬ ‫وتهليلا‪5‬‬ ‫حميدا‬ ‫باقي الأذكار‬ ‫وكذلك فعل ق‬ ‫في عالم الذكر إكرام من الله‬ ‫اهي الحق إماني ومعرفتني‬ ‫لله‬ ‫بالله في الله عنداللةه‬ ‫إلهي الحق خلصني بخالصة‬ ‫وأحيانا يبن الذكر كله على تكرار الشطر الأخير من بحموعة كل‬ ‫أربعة أبيات أو حمسة أبيات كما فعل ذلك في "الكلم الطيب" الذي كان‬ ‫يكرر ما بين كل أربعة أبيات هذا الشطر "بحق لا إله إلا ا لله"(ا‪..)!5‬‬ ‫هكذا نلحظ التكرار اللفظي لازمة من لوازم أغلب هذه القصائد‬ ‫الابتهالية‪ .‬والسبب في ذلك يعود إلى أن الشاعر إنما نظمها لتنشد فى خلوة‬ ‫الذكر‪ ،‬والإنشاد لا يكون إلا بصوت موزون فيه جرس وإيقاع يبعث‪.‬‬ ‫النشوة في القلب‘ ويساعد الذاكر على الجذب والخروج من عالم الماديات‬ ‫‪ -‬وانظر الديوانغ ص‪.512 .432 .922 .291 .331 ،231‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪701 -‬‬ ‫كما نرى ذلك في حلقات الذكر عند الصوفية‪ ،‬ولعل الشاعر مراعاة لهذه‬ ‫الموسيقى الخارجية والداخلية عند الأداء نوع التكرار بطريقة لا تبعث الملل‬ ‫في النفس بل يصبح التكرار الرتيب في حد ذاته وسيلة للاسترخاء والإنشاد‪،‬‬ ‫ثما دفعه في إلى التنويع في الأوزان الشعرية رالقواني‪ ،‬فكان يختار من الأوزان‬ ‫ما يساعد على الإنشاد مثل بحر الرجز الذي نظم فيه أغلب تلك القصائد‬ ‫وعلاقة بحر الرجز بالإنشاد علاقة حميمة معروفة فني تاريخ الشعر العر بي ‪.‬‬ ‫ويبدو أ حرص أبي مسلم على توفير هذا الجو الموسيقي الخاص‬ ‫خلال الانشاد في حلقة الذكر ‪ -‬وليس من الضرورري أن يكون جماعيا ‪-‬‬ ‫هو الذي دفعه إلى مراعاة الموسيقى الخارجية في كل قصائده مراعاة تامة‪،‬‬ ‫ولا نعي بذلك القافية الموحدة أو المتزاورحة‪ ،‬فهذا أمر مفروغ منه في‬ ‫القصيدة العمودية وإنما نعي أن الشاعر أحيانا يبالغ في اشتراط هذا الحانب‪.‬‬ ‫مثل أن يبدا القصيدة بحرف الألف على أن تكون قافيتها كذلك أو‬ ‫ييدؤها بالباء على أن تكون القافية كذلك‪.‬‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫له التسبيح مني والثناء‬ ‫إلهي لامك الأعلى الع لاء‬ ‫ء‬ ‫فامن النفس فيك لك البق‬ ‫ذل نفسي‬ ‫أقمت لع وجهك‬ ‫ويستمر على هذا النحو في قصيدة بلغت ثمانية وعشرين بيتا(‪.)!25‬‬ ‫ويقول فى قصيدة أخرى مراعيا هذه المرة حرف الباء‪:‬‬ ‫الديوان© ص‪.12 7‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪- 801 -‬‬ ‫وذكرك تطمنن له القلوب‬ ‫باسمك سيدي تجلى الكروب‬ ‫وقلي فيك منكسر قطيب(‪)!35‬‬ ‫بحمدك سبحت نفسي وروحي‬ ‫ويبدو أنه كان ينوي أن ينظم على هذا النحو قصائده من كل حرف‬ ‫من حروف الهجاء الباقية‪ .‬ولكنه اكتفى بحرفين هما الألف والباء‪.‬‬ ‫ولعله انصرف عن هذه التجربة اقتناعا منه بعدم بحاراتها لسماحة‬ ‫الفن الشعري‪ ،‬إذ أن ذلك يعة تكلفا وإعناتا للنفس والتكلف سمة من‬ ‫سمات الضعف الفتي لا من سمات القوة كما يقول النقاد‪ ،‬فإ الشاعر في‬ ‫النهاية يقع في الأخطاء الفنية واللغوية مهما يكن رصيده اللغوي قويا غزيرا‪.‬‬ ‫والنصوق‪:‬‬ ‫مزجد‬ ‫الابتمال بيد ال‬ ‫تختلف التصوف عن بقية العلوم الإسلامية الأخرى في نشأته وتطوره‬ ‫ذلك أنه لم يعرف بهذا الاسم في القرن الأرّل الهجري وعرف باسم الزهد‬ ‫والعبادة والنسك وما إليه في القرنين الثاني والثالث‪ ،‬وأخذ حدوده وأبعاده‬ ‫ني نهاية القرن الثالث الهجري‪ ،‬ثم ظهر فيه التطرف والإفراط بعد ذلكث‪،‬‬ ‫ودخلته الفلسفة‪ ،‬وتسربت إليه الهلوسة والدروشة في عهد الانحطاط‬ ‫والتأخر ثم بدأ ينزاجع ويتصقى وتنقرض فيه الغلواء} واقترن بالأخلاق‬ ‫والتربية قني عصرنا الحاضر(‪.)!45‬‬ ‫‪ - 3‬المرحع السابقش ص‪.082‬‬ ‫(بتصرف)‪.‬‬ ‫ص‪866‬‬ ‫د‪ /‬محمد الرحيلي ‪ ،‬مراجع العلوم الإسلامية‬ ‫‪-‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪-‬۔ ‪- 901‬‬ ‫على ضوء هذا التفريق بين الزهد والتصوف ينبغي النظر إلى قصائد‬ ‫الابتهال عند أبي مسلم متسائلين‪ :‬أتعتبر هذه القصائد من قصائد الزهد‬ ‫والنسك والذكر النقي فهي تستمد جذورها من الشعر الإسلامي الأصيل‬ ‫فهي إلى‬ ‫الشعر الصوقي‬ ‫من‬ ‫ورؤاه‬ ‫يستقي لغته وأفكاره‬ ‫شعري‬ ‫أم هي فر‬ ‫الشعر المتأنٌر بالفلسفة الصوفية أقرب؟‬ ‫وراء ابي مسلم ليتجه‬ ‫الي تقف‬ ‫ومن خلال معرفة الدوافع والأسباب‬ ‫وبالتالى‬ ‫الحقائق‪.‬‬ ‫بعض‬ ‫نستطيع إدراك‬ ‫المنحى‪،‬‬ ‫وينحو هذا‬ ‫الاتجاه‬ ‫هذا‬ ‫الوصول إلى جواب مقنع‪ ،‬أو على الأقل متسم بالموضوعية‪.‬‬ ‫غير أننا نود قبل نعرض الدوافع والأسباب أن نرسم ملامح شخصية‬ ‫ونذكر شهادات‬ ‫حدثنا عنه عارفوه‪،‬‬ ‫وإنما كما‬ ‫لا من شعره‬ ‫ابي مسلم‬ ‫واختبروه ‪.‬‬ ‫الذين عاشروه‬ ‫كل الذين حدثونا عن أبي مسلم عن طريق مباشر أو غير مباشر‬ ‫متفقون على عمق إيمان الرجل ونقاء دينه‪ ،‬وصفاء سريرته‪ ،‬واستقامة‬ ‫بن عمير الرواحي وهو‬ ‫سا ل بن سليمان‬ ‫وأصالة سيرته‪ .‬رقد وصفه‬ ‫سلوكه‪.‬‬ ‫عارفيه يرثيه قائلا‪:‬‬ ‫من بيي عمومته وأقرب‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ١‬لذمار‬ ‫أبي ‏‪ ١‬لضيم ححررس‬ ‫سليل المجد مححمرود السجابا‬ ‫عنت شهباء تهلك بالذراري‬ ‫أبو الأيتام والفقراء مهما‬ ‫إل العلياء جواب القففار‬ ‫طويل الباع في كرم وحلم‬ ‫لأعداء‬ ‫‪4‬‬ ‫‪ ,‬ل في‬ ‫ويه‬ ‫يغار لربه‬ ‫الديانة لا يداري‬ ‫= ‪- 011‬‬ ‫يكافحهم بمزم واصطبار‬ ‫إذا همُوا بهضم الدين وحيا‬ ‫ونهنه نفسه عن كلعار‬ ‫تسرتل بالمعارف وارن داها‬ ‫إلى أن يقول‪:‬‬ ‫شجك فراق شيخ الأذكارككا‪0‬‬ ‫ويا أذكاره برركت هلا‬ ‫إن أبا مسلم يبدو من خلال شعره كله مؤمنا راسخ الإيمان‪ ،‬متدينا‬ ‫يخلص الله الدين يحض على الجهاد فيه‪ ،‬ذيادا عنه وتمكينا له وإعلاء‬ ‫لكلمته مهما عظم فيه الخطب©‪ ،‬وتألبت دونه الشدائد والمحن فالدين أحق‬ ‫ما يجب فيه البذل ويهون النداء‪ ،‬ومنازعه الدينية إسلامية شاملة لا قومية‬ ‫ولا محدودة} جماعة المسلمين كافة هم معناه في إسداء النصح والدعوة إلى‬ ‫الحق‪ ،‬ومن قبلهم يكون ما يسوؤه ويسرَه‘ وهو لذلك يأسى لتفرّق كلمتهم‬ ‫وانصداع وحدتهم(‪.)!65‬‬ ‫إن وراء السلوك السليم الذي نهج عليه أبو مسلم ‪ -‬ولا شك ‪-‬‬ ‫عقيدة إيمانية راسخة‪ ،‬وتربية دينية ملتزمة‪.‬‬ ‫ا فأبو مسلم إباضي معتر بإباضيتهء مستمسك بعقيدته ينافح عنها بكل‬ ‫قوة كما دلت على ذلك كتاباته النثرية والشعرية‪« :‬لذا تبعد شعره كله في‬ ‫الغالب متمحورا حول الاستقمامة منبنقا عنها داعيا إليها» (‪75‬ا)‪.‬‬ ‫كث‪.‬‬ ‫ص‪.‬‬ ‫الحارثي‬ ‫ط‪.‬‬ ‫‪ -‬ديوان أبي مسلم‬ ‫‪5‬‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ص‬ ‫الحارثي‬ ‫‪ -‬الديوان© ط‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪ - 7‬أحمد بن سليمان الكندي‪ ،‬قصائد السلوك في شعر أيي مسلم مجلة المنتدى‪ ،‬ص‪.202‬‬ ‫‪-= 111‬‬ ‫‪-‬‬ ‫غير أن هذه الحقيقة تدفعنا لسؤال آخر إذا كان أبو مسلم معترا‬ ‫بعقيدته ومذهبه الإباضي فما الذي دفعه إلى هذا الشعر ذي الطابع‬ ‫الصوفي في الوقت الذي نعرف فيه موقف الإباضية من التصوف وهو‬ ‫موقف الإنكار والرفض تاريخا وفكرا‪ ،‬ولعل موقف إباضية المغرب المتأخرين‬ ‫أكثر تشددا في إنكار التصوف من إخوانهم المشارقة‪ .‬كما تدل على ذلك‬ ‫كتبهم ومواقفهم اليي يطرحها الفكر الإسلامي المعاصر ونحن لا نريد أن‬ ‫ندخل في نقاش عقيم عن صواب نظرية المتصوفة أو عدم صوابها‪ ،‬فإن علم‬ ‫التصوف أكثر العلوم ال تختلف فيه وجهات نظر المسلمين" كما أننا لا‬ ‫نرغب في سرد الآراء المتباينة في قبول أو رفض هذا النوع من الفكر©‪ ،‬فذلك‬ ‫شأن لا يعي هذا البحث على الأقل الآن‪.‬‬ ‫وإنما الذي نريد الوصول إليه هو مدى ملاءمة الخط الفكري والعقدي‬ ‫الموجود في ابتهالات أبي مسلم مع شخصية الشاعر وانتمائه المذهبي؟‬ ‫وبما أنه قد سبق لنا أن درسنا العقيدة الإسلامية في شعر أبي مسلم في‬ ‫بحث سابق فإننا نتوجه هنا مباشرة إلى شعر الابتهال ومدى قربه أو بعده‬ ‫عن النزعة الصوفية‪.‬‬ ‫أولا‪ :‬البيئة العمانية بما عرفته من ظروف سياسية واجتماعية خاصة‬ ‫اتسمت بالاضطراب وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي‪ ،‬فمن اختلاف‬ ‫حاد بين قبائلها‪ .‬وتسلط القوى الأجنبية على بعض مناطقها‪ ،‬كل ذلك‬ ‫جعل أهل الفكر والرأي وذوي الغيرة على وطنهم ودينهم يشعرون بنوع‬ ‫=‪- 211 -‬‬ ‫من الغربة‪ ،‬أت بهم إلى طلب المدد الروحي من ا له ليخلص وطنهم مما هم‬ ‫فيه من كلل ذلك‪.‬‬ ‫آية ذلك أن الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي كان يتخذ من سموط‬ ‫الثناء دعاء يلهج به إلى ربه‘ ولعل أبا مسلم سلك هذا الطريق نفسه‪،‬‬ ‫فكانت قصائده الابتهالية الدعاء والابتهال إلى ا لله لبغيّر من حال وطنه‬ ‫وقومه وأمته‪.‬‬ ‫وليس غريبا على من نشا في بيئة مثل بيئة عمان‪ ،‬معروفة بيمحافظتها‬ ‫الدينية الشديدة وتمسكها بحدود الله وأوامره ونواهيه‪ ،‬أن تكون سيرته على‬ ‫هذه الحال من الزهد والتقوى والورع‪.‬‬ ‫فالسبب الرئيس كما نرى إذا نابع من الواقع بكل مناحيه وضغوطه‪،‬‬ ‫سياسية واجتماعية وفكرية ودينية أيضا‪ ،‬ثما ينفي عن الشاعر أية سمة فلسفية‬ ‫خارجة من تصوف أو غيره‪.‬‬ ‫وهذا العامل في رأينا يعتبر من أقوى العوامل دفعا لأبي مسلم إلى هذا‬ ‫الاتجاه وهو طالما ذكر في قصائده‪ ،‬ومن خلال أذكاره وأدعيته‪ ،‬الظروف‬ ‫النفسية والاجتماعية والسياسية الي أحاطت به على النحو الذي أوضحناه‬ ‫في دراستنا للجانب الموضوعي في قصيدة الابتهال عنده‘ وهو عامل‬ ‫موضوعي لأنه رة فعل طبيعي لما آل إليه أمر المسلمين من تضييع شرع الل‪.‬‬ ‫والإقبال على الدنيا وزخارفها‪ ،‬والخضوع للاأجنبي الكافر يفعل بأرض‬ ‫المسلمين ما يشاء‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪311 =-‬‬ ‫أو لم يكن هذا العامل نفسه هو الذي دفع المسلمين الأوائل في أواخر‬ ‫القرن الثاني الهجري إلى الزهد والتقشف مما يعد إرهاصا لظهور التصوف‬ ‫الإسلامي‪.‬‬ ‫في هذا الصدد‪:‬‬ ‫جنوزي‬ ‫ل اب‬ ‫اول‬‫يق‬ ‫«لم يكن عجبا ان يتقشف بعض المسلمين في عصر صدر الإسلام‬ ‫ريزهدوا في الدنياء لأنهم تمرقوا واختلطوا بالأمم التي دخلت في الإسلام؛‬ ‫وشاهدوا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني» احدث ذلك رد فعل ظاهر‬ ‫فابتعد بعضهم عن الدنيا مرة واحدة وانقطعوا إلى العبادةء واتخذوا في ذلك‬ ‫طريقة تمردوا بها» واخلاق تلقوا بها» ‏‪.0١58‬‬ ‫وقد أشار إلى هذا السبب القوي أبو مسلم في قوله‪:‬‬ ‫وليس دعاء لافتخار وسمعة‬ ‫إلهي صراخي بالاعاء سمعته‬ ‫وأعظمها ذنبي وتسويف توبتي‬ ‫ولكن أحاطت بي بحور مصانب‬ ‫وإن لم أكن مستاهلا للمثوبةا‪95‬ا‪0‬‬ ‫سمعت ففرَجها بروح ورحهة‬ ‫وهنا لا بد من استحضار واستنطاق الظروف السياسية والاجتماعية‬ ‫والفكرية الوي أحاطت بالشاعر في مسقط رأسه عمان وفي ديار غربته‬ ‫بشرق إفريقيا وزنحبار‪.‬‬ ‫ط‪.‬‬ ‫قطر‬ ‫التقافة‬ ‫دار‬ ‫الإسلامي‬ ‫التصوف‬ ‫المذامب والأفكار المعاصر ق‬ ‫الحسن‬ ‫عمد‬ ‫‪-‬‬ ‫‪8‬‬ ‫ص‪.35‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ص‪.83‬‬ ‫القزاث‬ ‫‪ -‬الديوان© ط‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪-= 411 -‬‬ ‫في عقيدته إلى الشراة‪ ،‬يعتنق مبادئهم‬ ‫ثانيا‪ :‬إن أبا مسلم ينتمي‬ ‫وعقيدتهم‪ ،‬وموقفهم السياسي من الأحداث الن جرت بينهم وبين الإمام‬ ‫النهرورانية أكبر شاهد على‬ ‫وةقصيدته‬ ‫‏‪ ١‬لله وجهه‬ ‫كرم‬ ‫علي بن أبي طالب‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫وهو طالما ردد في قصائده العقدية ما يعبر صراحة عن اعتناقه المذهب‬ ‫وخلود‬ ‫الإباضي ولاسيما في عدم رؤية الباري ‪ -‬جل وعلا ‪ -‬في الآخرة‬ ‫مرتكب الكبير وغير ذلك مما هو مبثوت في كتب المذهب الإباضي‪.‬‬ ‫هذا الشاعر الملتزم بعقيدة الشراة لا نشك فني إعجابه أيضا بسلوكهم‬ ‫والتزامهم بتطبيق الشريعة الإسلامية في مسيرتهم الحضارية الطويلة‪.‬‬ ‫وقد عرف عن الشراة زهدهم وتوجَههم إلى الآخرة في كل مواقفهم‬ ‫سياسية كانت أم دينية! عقدية أم سلوكية‪ ،‬فهم أنضاء عبادة وأطلاح‬ ‫رهم‬ ‫أعمارهم ورعا وتقى‪،‬‬ ‫وأفنوا‬ ‫جباههم وركبهما‬ ‫الأرض‬ ‫سهر } أكلت‬ ‫الدنيا بقدر‬ ‫الذين أفنوا رجالهم دفاعا عن عقيدتهم الي لا ترمي الى حب‬ ‫ما ترجو ما عند الله في الآخرة‪.‬‬ ‫والشر اة «مسلمون بسطاء في تدينهم بساطة الإ سلام ر ولء لكن‬ ‫الذي يميز عقيدتهم هو الطريقة التى تدينوا بها‪ :‬تمسكا بالعقيدةء وتفانيا في‬ ‫سبيلها بالمراقبة الصارمة للنفس وتكريسها في خدمة الآ خرة» (‪06‬ا)‪.‬‬ ‫‪ -‬أحمد سليمان معروف قراءة حديدة في مواقف الخوارج دار طلاس‪ ،‬دمشق{ ‪8891‬م‪،‬‬ ‫‪0‬‬ ‫ص‪.031‬‬ ‫‪-‬‬ ‫۔ ‪511‬‬ ‫وقد شهد بذلك كل الدارسين لتاريخهم وفكرهم وأدبهم شهادة اتفق‬ ‫عليها أصدقاؤهم وأعداؤهم» مناصروهم ومناوؤوهم‪ ،‬قديما وحديثا‪ ،‬ولعل‬ ‫ما يبدو فني أدبهم وفكرهم من زهد وركون إلى الآخرة رشتحهم ليكونوا‬ ‫نواة لنشأة الفكر الصوفي في مظاهره الإيجابية لا السلبية‪ .‬حتى أن الدكتور‬ ‫زكي مبارك ليعد الخوارج من المتصوّفة‪ ،‬وقد وقف إعجابا أمام شخصية‬ ‫إمام الشراة أبي بلال مرداس بن حدير‪ ،‬ورأى في سلوكه وتصرفه مع عبيد‬ ‫ا لله بن زياد وهو في السجن ينتظر مقتله‪ ،‬مثالا للزهد والإخلاص للعقيدة‬ ‫وهو ما دفعه إلى القول‪« :‬والخوارج تضرب بهم الأمثال في قوة العقيدة‬ ‫وصمة الدين وقد نكون تصرفهم راجعا لى هذه الناحية‪ .‬ولكنا نرى‬ ‫التصرف في مذهبهم السياسى قبلان نراه في عقيدتهم الدينية»(!‪ )!6‬و لم‬ ‫يأت هذا التفريق بين السياسة والدين من الدكتور إلآ لجهله لتاريخ الخوارج‬ ‫الحقيقي لأنها الفرقة الني رفعت شعار الحاكمية لله‪ ،‬أي لا فصل بين الدين‬ ‫والسياسة‪.‬‬ ‫ولا نشك إطلاقا في عدم اطلاع أبي مسلم على سيرة إمام مذهبه‘‪ ،‬بل‬ ‫نكاد بحزم بعد مقارنة عقدناها بين الرجلين أن أبا مسلم متأثر في سلوكه‬ ‫إلى أبعد حدود التأئر بإمامه‪ ،‬مما يدفعنا إلى القول‪ ،‬أ جذور الزهد عنده‬ ‫تضرب في أعماق تاريخ الشراة وتستقي منه‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬ظهرت في الأدب العماني هذه النزعة من الزهد في الدنيا‬ ‫باعتبارها زخرفا ومتاعا قليلا‪ ،‬كما ظهر إلى جانبها نزوع إلى التصوف‬ ‫العملي وليس الفلسفي‪ ،‬على الرغم مما يعرف عن مناهضة المذهب الإباضي‬ ‫‪ - 1‬التصرف الإسلامي‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.32‬‬ ‫‪- 611 =-‬‬ ‫لهذا الانجاه بدءا من الشيخ جاعد بن خميس ولعل أبرز من يمثله في الأدب‬ ‫الشيخ العلامة الرماني سعيد بن خلفان الخليلي الذي‬ ‫العماني الحديث‬ ‫ظهرت في أشعاره نزعة صوفية واضحة قائمة على النسك والذوق ©‪،‬‬ ‫وإخلاص الدين لله وحده‪ ،‬ومعاداة كل انحراف عن الصراط السوي‪ ،‬وكان‬ ‫ومما تحدر الإشارة إليه‪ ،‬أن‬ ‫يرى القعود عن التصوف قعودا مع الخوالف‪،‬‬ ‫تصوف الشيخ سعيد بن خلفان لم يكن تصوَّفا سلبيا‪ ،‬و لم يكن فيه تلك‬ ‫عند‬ ‫الشطحات الصوفية من الحلول والاتحاد أو وحدة الوجود ال وجدت‬ ‫ابن عربي وابن الفارض والحلاج أو أضرابهم» وإنما كان تصوفه تصوفا‬ ‫إيجابيا(‪.)!26‬‬ ‫فقد كان الشيخ كنير الصلاة والتقرب إلى الله بأنواع القربات‪ ،‬كثير‬ ‫التوسل إلى ا لله تعالى والتضرع له‪ ،‬بقصائد نظمية أو نثرية لنيل العلم‬ ‫‪ .‬والفضل والتوفيق على القيام بالإصلاح الاجتماعي‪ ،‬كثير الأسى على فقدان‬ ‫الحق وأهله‪ ،‬وظهور الباطل وانطماس السنة المحمدية‪ ،‬وللشيخ سعيد مؤلف‬ ‫قيم عنوانه‪" :‬النواميس الرحمانية" يبدو من عحتواه تأتره الواضح بمدرسة أبي‬ ‫حامد الغزالي الذي ينقل عنه كثيرا من آرائه‪ ،‬ويشير إليه باسم الإمام‬ ‫الحجة‪ ،‬تقديرا وإكبارا‪ ،‬فالخيط الصوف لهذه المدرسة العمانية إذا موصول‬ ‫بعروة المدرسة الغزالية إن جاز التعبير لا شك في ذلك ولا ريب‪.‬‬ ‫وعن هذا التوجه في شعره وسلوكه يقول ابنه في مقدمة مخطوطة‬ ‫أشعاره‪« :‬إت والدنا العلامة الرباني» والدور الرحماني» السالك الراغب‬ ‫‪ -‬قراءات في فكر الخليلي‪ ،‬ص‪ .301‬والكلمة للدكتور عبد الحفيظ محمد حسن‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪- 711 -‬‬ ‫سميد بن خلفان ‪ -‬رضوان اله عليه ‪ -‬أح من خدم ونشرت خدماته‬ ‫الربانية» وأذكاره الرحمانية ‪. »361(. . .‬‬ ‫ومن أشهر قصائده ال تركت أثرا في الأرساط الأدبية والفكرية في‬ ‫عمان قصيدته "سموط الثناء" الن خمسها أبو مسلم‪ ،‬وقصيدته ال مطلعها‪:‬‬ ‫تقتم إلى باب الكريم مقدما‬ ‫وقد شطرها أبو مسلم أيضا‪ ،‬في "المعراج لسالكي المنهاج"‪ ،‬ولعلها‬ ‫أبرز قصائده في هذا‪.‬‬ ‫فالعلاقة الفكرية والروحية بين أبي مسلم وشيخه سعيد بن خلفان‬ ‫الخليلي كانت قوية مستمرة على أكثر من صعيد‪.‬‬ ‫أولا‪ :‬عن طريق التتلمذ غير المباشر‪ ،‬فقد كان الشيخ بالنسبة‬ ‫لذلك الجيل أستاذا أو شيخا عظيما تخرجت في مدرسته بحجموعة معتبرة من‪.‬‬ ‫التلامذة‪ ،‬فبثوا المعرفة والعلوم الي تلقوها عنه في أنحاء عمان‘ وما من شك‬ ‫في ترهم بسلوكه وتدينه‪.‬‬ ‫وكان والد أبي مسلم الشيخ عديم أحد الذين درسهم الشيخ سعيد‬ ‫ولا نشك في تأثر أبي مسلم بوالده تربية وسلوكا على نحو ما من الأنحاء‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الزمالة القوية بين أبي مسلم والشيخ أحمد بن سعيد‬ ‫بينهما في‬ ‫بن خلفان فقد كانت بين الرجلين صداقة حميمة ربطت‬ ‫الكتاب وجمعتهما على درب الحياة الفكرية‪ ،‬و لم تكن تلك العلاقة‬ ‫‪ -‬بمجموعة قصائد الشيخ سعيد بن خلفان‪ ،‬مخطوط ص‪.02‬‬ ‫‪3‬‬ ‫=‪- 811 -‬‬ ‫الروحية بينهما إلآً وليدة انسجام وتقارب في الرؤية والمواقف‪ ،‬وقد وصف‬ ‫هذه الزمالة أبو مسلم حيث عدها من أسباب حنينه الجارف إلى وطنه‬ ‫عمان‪ ،‬وشعوره بمرارة الغربة على نفسه‘ هذا الصديق الحميم الذي يقول‬ ‫عنه‪:‬‬ ‫صدق وقصد ومعروف وعرفان‬ ‫أرتاح فيها إلى خل فيبهرني‬ ‫ثالثا‪ :‬الأثر الواضح الذي تركته أفكار الشيخ سعيد في أبي‬ ‫مسلم‪ ،‬وقد يجاوز هذا التأثر بالقراءة للآثار العلمية والأدبية إلى أن يصبح‬ ‫تأثرا بالشيخ نفسه أخلاقه وشخصيته‪ ،‬ومواقفه وسلوكه ورؤيته إلى‬ ‫الأحداث السياسية والاجتماعية والفكرية من حوله‘ ولاسيما تلك اليي‬ ‫كانت تهز عمان وتعصره في شبه مخاض عسير ما بين فترتي الإمامين‬ ‫العظيمين عزان بن قيس وسالم بن راشد‪.‬‬ ‫ولعل أقوى بصمات الشيخ سعيد ظهرت واضحة في شعر أبي مسلم‬ ‫ولاسيما في أذكاره وابتهالاته‪ ،‬ال لا نشك إطلاقا في استفادتها من تحربة‬ ‫الشيخ سعيد الشعرية‪ ،‬ولاسيما في بحال الابتهال والذكر والزهد وأكاد‬ ‫أقول والتصوف‪.‬‬ ‫بن خلفان‬ ‫يقول أبو مسلم متحدثا بإعجاب شديد عن الشيخ سعيد‬ ‫الخروصي‪:‬‬ ‫«إرت شهرة سيدي القطب الجليل العارف باله سعيد بن خلفان‬ ‫الخليلي طيب الله ثراه وأكرم مثواه» شهرة الشمس في كبد السماءء وقد بلغ‬ ‫من علمي الظاهر والباطن مبلفا عظيماء دلت عليه آثارهء وله كلام في‬ ‫‪-‬‬ ‫۔ ‪911‬‬ ‫السلوك والحقيقة دل على قدم راسخ في الكمال والتكميل‪ .‬وعلى مقام عال‬ ‫من المعارف اللدنية» ودرجة سنية من مراتب الذرقف» وكلامه نظما ونثرا‬ ‫برهان قاطع على أن علمه كشفي وهبي لا يطيتى أداءه إلآ منأكرمه الله‬ ‫بالوصول واقامه مقاما رفيعا من المدد والفتح» ‏(‪0٥)!64‬‬ ‫وقد ظهر ذلك في شغف أبي مسلم بتخميس وتشطير شعر الشيخ‬ ‫سعيد بن خلفان كما بينا ذلك في مكانه من هذا البحث‪.‬‬ ‫والواقع أن هذا الانجاه الزهدي عند الشيخ سعيد هو امتداد طبيعي‬ ‫لمدرسة تضرب بجذورها في الأجيال السابقة من مشايخ عرف عنهم هذا‬ ‫السلوك الرباني مثل الشيخ العالم النحرير ناصر بن أبي نبهان الخروصي‪،‬‬ ‫وكان لهذا الشيخ باع طويل في علوم الشريعة الغراء‪ ،‬وأصبح شيخ زمانه‪،‬‬ ‫وقد تلقى العلم على يد والده العلامة الكبير المسمى العالم الرباني والسيد‬ ‫الرئيس جاعد بن خميس الخروصي» إذ كان هذا الشيخ راسخ القدم في‬ ‫علمي الحقيقة والشريعة(‪ ..)!"56‬وهو معروف بأشعاره في الإلهيات‪.‬‬ ‫ويبدو من آثار هؤلاء المشايخ تأئرهم الواضح بحجة الإسلام أبي‬ ‫حامد الغزالي‪ ،‬وأبو حامد الغزالي يعتبر من أشهر علماء الإسلام ترسيخا‬ ‫لعلم السلوك والروحانيات والتصوف العملي ومن هنا نفهم جذور هذه‬ ‫المدرسة وتأثيرها الذي لا ريب فيه في كلَ هؤلاء الأقطاب‪.‬‬ ‫ص‪.872‬‬ ‫خطوط‬ ‫‪ -‬الديوان©‬ ‫‪44‬‬ ‫راشد‪.‬‬ ‫بن‬ ‫‪ 1 1‬‏‪ ٠‬النص لمبارك‬ ‫ص‪6‬‬ ‫فكر الخليلي‪،‬‬ ‫ق‬ ‫قراءة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1 56‬‬ ‫= ‪- 021‬‬ ‫و لم تنفرد عمان أو زنحبار بهذا الاتحاه أو هذا السلوك‘‪ ،‬فقد كانت‬ ‫موجة عارمة اجتاحت العالم الإسلامي كله فكثرت الطرق الصوفية هنا‬ ‫وهناك‪ ،‬وقد أدى تطرف بعضها إلى الوقوع فيما تحرّمه الشريعة الإسلامية‬ ‫من غل وانحراف في السلوك‪.‬‬ ‫ولكن كان إلى جانب هؤلاء أيضا العارفون الربانيون الذين كانوا‬ ‫دعاة مخلصين إلى إنشاء الروح والحقيقة في العبادات‪ ،‬وشحن بطارية القلب‬ ‫بالإخبات والإنابة‪ .‬وشفع الأعمال بالإخلاص والاحتساب‘ وقد خرجوا في‬ ‫الإصلاح والتركية والإحسان أئمة ومحققين انتفعت بهم أجواء واسعة من‬ ‫العالم الإسلامي(‪ ..)!96‬وإلى بعض شيوخ تلك الطرق الصوفية يرجع الفضل‬ ‫إلى بعث النهضة الإسلامية في قلوب المسلمين في مواجهة الكفر والإلحاد‬ ‫والتغريب‪.‬‬ ‫على أن الدعوة إلى الزهد في الدنيا دعوة إسلامية صحيحة احتفل‬ ‫بها القرآن الكريم وقتمها للمسلمين في صور موحية شتى تصوّر الدنيا على‬ ‫أنها زخرف لا يدوم‪ ،‬وخضرة ما تلبث أن صوح‪ .‬وهذا لا يعني إطلاقا أن‬ ‫لا يأخذ المسلم منها بنصيبه إذ دعا الإسلام إلى العمل فيها مع عدم التعلق‬ ‫بها لأنها متاع قليل‪ ،‬ولأن الهدف الأسمى للإنسان أن يحيا الحياة الحقيقية في‬ ‫الآخرة‪ ،‬وأن يزهد في الدنيا‪ ،‬وأن يعيش فيها كأنه غريب أو عابر سبيلك‬ ‫ليرتفع عن أدرانها المادية ويسمو إلى المثل العلياء والأخلاق الفاضلة‪ ،‬والصلة‬ ‫(بتصرف)‪.‬‬ ‫ص‪46‬‬ ‫التفسير السياسي‬ ‫الندوي‬ ‫الحمسن‬ ‫حمد‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪66‬‬ ‫=‪- 121 -‬‬ ‫الروحية برب العالمين وهي العلة ال من أجلها خلق الإنسان لوما خلقت‬ ‫الجن والانسَ إلآ لعبدون»(‪.)!76‬‬ ‫واقترن‬ ‫التصوفف&‪٨‬‏‬ ‫إلى علم‬ ‫ثم تطور‬ ‫ومن هنا نشا علم الزهد‬ ‫بالأخلاق والسلوك‪.‬‬ ‫خاتمة‪:‬‬ ‫ونخلص من هذا العرض إلى أنه لا ب من دقة موضوعية حين الحكم‬ ‫على هذا النوع من الشعر في علاقته بالشعر الصوفي‪ ،‬فالحكم ينبغي أن‬ ‫يستند إلى النصوص نفسها‪ ،‬إذ ليس كل شعر ابتهالي ينضوي تحت الشعر‬ ‫الصوفي‪ ،‬لأننا عندما نعود إلى التراث الإسلامي نجد مستويات متعددة في‬ ‫هذا النو ع من الشعر الذي وضع بذوره الشراة‪ ،‬وبلغوا فيه قمة السمو‬ ‫الررحي‪ ،‬لما تميز به من صدق وإخلاص وعفوية والتزام بالعقيدة الإسلامية‬ ‫الابتهال والدعاء‬ ‫الصافية‘ ررفنض كل بهار ج الدنيا وزخارفها‪ 3‬وثمة شعر‬ ‫والتضرع لله الصادر عن الشاعر في حالات وجده وحاجته إلى ره تعبيرا‬ ‫عن ضعفه من جهة\ وتعلقا بربه من جهة ثانية‪ .‬وهو حال كل من له علاقة‬ ‫بالتصوف كالذي نحده عند أبي العتاهية والبوصيري والسهروردي مثلا‬ ‫وثمة شعر التصوف الفلسفي الذي تتداخل فيه المصطلحات الصوفيةء‬ ‫ويعرف بمواقف أصحابه المغاليه اليي ينكرها الشرع الحنيف مثل وحدة‬ ‫‪ -‬سورة الذاريات‪.65 :‬‬ ‫‪7‬‬ ‫= ‪- 221‬‬ ‫الوجود ال هي مدار تلك الفلسفة المشبوهة‪ ،‬وأقطاب هذا المدرسة‬ ‫معروفون وعلى رأسهم محي الدين بن عربي‪.‬‬ ‫إذا لا بد من التفريق بين المواقف والرؤوى والتصورات حتى لا نظلم‬ ‫الشاعر ولا نكتفي بمجرد ورود مصطلحات وألفاظ وتعابير قد يكون‬ ‫استعارها أو تأنْر بها من خلال قراءاته ومعايشته لشعر التصوف‘ هذا من‬ ‫جهة‪ .‬ومن جهة أخرى لا بد أن نشير إلى أن بعض الأفكار الوي طرحها أبو‬ ‫مسلم في قصائده مثل التوسل بالأولياء الصالحين والأقطاب والأبدال وما‬ ‫أشبهه‪ ،‬وعقيدته في شخص الرسول تَيقه بأنه علة الكون‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫اكتظاظ معجمه الشعري بالمصطلحات الصوفية‪ ،‬كلَ ذلك يرجح تأثر شعر‬ ‫أبي مسلم بالشعر التصوقي‪ ،‬وهو تأثر ل يكن في الرؤية والموقف وإنما هو‬ ‫تأثر في التجربة الشعرية من جانبها الفييي‪ ،‬و لم يتجاوزه إلى أبعد من هذا‪.‬‬ ‫ومن طبع الشاعر المبدع أن تكون لغته منتقاة من العوالم اليي يحياها‬ ‫سواء تلك العوالم الي يحياها واقعا معاشا‪ ،‬أم تلك العوالم الي يندمج فيها‬ ‫أثناء قراءاته الأدبية بخاصة والمعرفية بعامة‪.‬‬ ‫‪- 321 -‬‬ ‫الاستنهاض ‪ 2‬شعره‬ ‫أبو مسلم شاعر صاحب رسالة ينفعل ليبلغ‪ ،‬ويكتب ليوجَّه‘ لقد‬ ‫كان له من مواهبه الأدبية المعتبرة ما جعل القلم بين يديه طيعا لينا فكتب‬ ‫الشعر والمقال الصحفي‪ ،‬والمؤلفات الدينية والتاريخية أداء لأمانة‪ ،‬ونفخا‬ ‫لرو ح التجديد والإصلاح في نفوس بيي قومه وبي ملته‪.‬‬ ‫وزنحبارك‬ ‫ولعل الظروف السياسية والاجتماعية اليي عاشها في عمان‬ ‫وما كان يمور به العالم الإسلامي من تحرش الدول الاستعمارية به‪ .‬ومقاومة‬ ‫التيار القومي المتعصب الذي أخذ يخطط لمقاومة فكرة الجامعة الإسلامية‬ ‫قبيل الحرب العالمية الأولى‪ ،‬وتطلع الأقطار العربية نحو النه رض والانبعاث‬ ‫الثقاقي والسياسي والاجتماعي‪ ،‬وظهور الأحزاب الإصلاحية في كل من‬ ‫المشرق العربي ومغربه‪ ،‬هذه العوامل كلها جعلت الأدباء والعلماء أكثر‬ ‫وعيا بواقعهم رإدراكا لمسؤوليتهم‪ ،‬فكان الأديب يحمل القلم ليصارع‬ ‫الطغاة والفساد‪ ،‬ويكتب ليبث الإصلاح والتوعية بين الطبقات الشعبية من‬ ‫أجل غد أفضل‘ ومن هنا يمكننا أن نعتبر أبا مسلم ضمن هذه الكوكبة من‬ ‫العلماء الإصلاحيين الذين برزوا في الساحة العربية والإسلامية من أمثال‪:‬‬ ‫جمال الدين الأفغاني‪ ،‬ومحمد عبده‘ والكواكبي‪ ،‬والقطب اطفيش©‪ ،‬ونور‬ ‫الدين السالمي وغيرهم‪.‬‬ ‫لأن أبا مسلم لم يستخدم الشعر وحده وسيلة لهذه الغاية حتى يقال‬ ‫عنه إنه شاعر إصلاحي‪ ،‬كما يقال ذلك عن أحمد محرم مثلا بل استخدم‬ ‫‪-‬‬ ‫‪421 -‬‬ ‫الصحافة أيضا وأكاد أقول أن لو وجد الاستجابة من قومه سواء ثي عمان‬ ‫أو زنجبار لانتخحذ وسائلها الأخرى مثل التعليم ومقاومة الفساد الاحجتماعي©‬ ‫وتحرير الفكر من التعصب والابتداع والخرافات الي هي كلها مظاهر من‬ ‫عصور التخلف والانحطاط‪.‬‬ ‫والدارس منا عندما يعود إلى ما كتبه أبو مسلم أكان ذلك نثرا أم‬ ‫شعرا‪ ،‬أدبا أم تاريخا يلمس فيه هذه الرو ح‪ ،‬وهذا التطلع‪.‬‬ ‫لقد كان أبو مسلم يتخذ من التاريخ عبرة لبث الرو ح الاستنهاضية في‬ ‫القلوب‪ ،‬فالتاريخ عنده ليس افتخار أو اآكارا فحسب‘ بل هو قبل هذا‬ ‫وذاك اعتبار ومقارنة‪ .‬حث ومواكبة‪ ،‬وما وقفاته عند صور البطولة والجهاد‬ ‫إل إحياء لهذه المعاني في النفوس؛ لأن الصراع بين الحق والباطل‪ ،‬كما كان‬ ‫في القرن الأول والثاني الهجريين‪ ،‬هو الصراع نفسه في القران الرابع عشر‬ ‫الهجري وإن اتخذ لبوسا مختلفا وأرضية مغايرة‪.‬‬ ‫والدارس عندما يريد استجلاء هذا الجانب الهام قي شعر أبي مسلم‪،‬‬ ‫ينبغي عليه أن يلمس ذلك من خلال الديوان كله‪ ،‬إذ لا يجد الاستنهاض فيه‬ ‫موضوعا خاصا أو اتجاها معيّنا في هذه القصيدة أو تلك؛ لأ الاستنهاض‬ ‫موجود وراء كلَ كلمة يقولها الشاعر خاطب نفسه أو غيره‪ ،‬ابتهل إلى ا لله‬ ‫متضرّعا‪ ،‬أو عاتب قومه محفزا وهو على وعي كامل بهذه الرسالة اليي‬ ‫نذب شعره ها ومن أجل ذلك قال‪:‬‬ ‫‪- 521 -‬‬ ‫أنظم الأنجم لا أرضى الدرر‬ ‫لو يكون الشعر نصرا لم أزل‬ ‫قلم في النصر إنقام عثر(‪)3601‬‬ ‫لو ملكنا السيف لم نرجع إلى‬ ‫إن الشاعر بإحساسه الإسلامي القوي يسخر ما وهبه الله من شاعرية‬ ‫لهذا الهدف الاجتماعي الإسلامي النبيل‪ ،‬ويرى نفسه قاصرا مقصّراً عن‬ ‫بلو غ ذلك الهدف©‪ ،‬وهذا الإحساس هو الذي يدفعه دوما إلى الاعتذار بأن‬ ‫الدهر يحاربه‪ ،‬وأن الظروف تمنعه ولكن الصراع مستمر والمواجهة دائمة‪ ،‬ما‬ ‫دام هذا من طبيعة الحياة‪.‬‬ ‫النونيّة‪:‬‬ ‫ومما خلد أبا مسلم رائعته الي حفظها العمانيون ويتفاخرون بها تلك‬ ‫المطولة الموسومة "الفتح والرضوان" أو "النونية" كما يحلو للبعض أن‬ ‫بلفت حوالي ‪ 383‬بيتا وكلها‬ ‫يسموها‪ ،‬وقد طال نفس الشاعر فيها حتى‬ ‫التفكك ولا الإغمراب‬ ‫لا يعتورها‬ ‫تعبير © وجمال تصوير‬ ‫عمق‬ ‫واحد‬ ‫نفس‬ ‫إلآ ني بعض ألفاظها هنا وهناك‪.‬‬ ‫وأحسب أن الذي أضفى على النونية هذا السحر عوامل موضوعية‬ ‫القوي‪،‬‬ ‫الاستنهاضي‬ ‫وموقفها‬ ‫الملتهب©‬ ‫أرلحا موضوعها الرطن‬ ‫كثيرة‬ ‫وأسلوبها الشاعري المتدفق© وشاعريتها الحماسية الصادقة‪.‬‬ ‫والحق أ أبا مسلم وفق إلى هذه القصيدة العصماء التوفيق كله" لأنه‬ ‫استطاع بموهبته الشعرية وصدق عاطفته الوطنية‪ ،‬ورؤيته النافذة إلى‬ ‫‪ -‬الديوان‪ .‬ص‪.41‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪-= 621 -‬‬ ‫أوضاع وطنه آنذاك استطاع أن يجمع قلوب العمانيين حولهما‪ ،‬فيصبح‬ ‫الحفاظ يتذاكرونها في بحالسهم‪ ،‬ويتفننون في إنشادها بطريقة محببة‪ ،‬تزيد‬ ‫للإيقاع الموسيقي المتواتر جرسا ورنينا‪ ،‬فإذا كان الفرض العام لقصيدة‬ ‫"الفتح والرضوان" هو الاستنهاض والحث على مؤازرة الإمام سالم بن‬ ‫راشد فإن القصيدة تحتوي على محاور يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬ ‫(‪ 92‬بيتا)‬ ‫‪ 1‬الحنين إلى عمان‬ ‫رة أبيات)‬ ‫‪ -2‬الدهر الخؤون‬ ‫(‪ 52‬بيتا)‬ ‫‪ 3‬أبحاد عمان‬ ‫(‪ 05‬بيتا)‬ ‫‪ 4‬الهداة من أئمة عمان‬ ‫(‪ 74‬بيتا)‬ ‫‪ 5‬إمامة سالم بن راشد‬ ‫(‪ 83‬بيتا)‬ ‫‪ 6‬الاستنهاض‬ ‫(‪ 88‬بيتا)‬ ‫‪ -7‬مفاخر القبائل العمانية‬ ‫(‪ 88‬بيتا)‬ ‫‪ 8‬استنهاض وعتاب‬ ‫والحق أن "النونية" جديرة بدراسة مستقلة لما تفتحه أمام الداراس من‬ ‫آفاق واسعة‪ ،‬ومرامي بعيدة لا يقف الإدراك فيها عند وجه إلاً ليجد أمامه‬ ‫وجوها أخرى من الاستنهاض والاعتبار‪.‬‬ ‫ولعل أبرز ما في "النونية" وصفها الصادق المنتفض للأحداث الي‬ ‫واكبت الإمام سالم بن راشد الخروصي الذي رأى أبو مسلم في إمامته نصرا‬ ‫مبينا» وتحولا تاريخيا ينقل عمان من عهد إلى عهد ويدخل به إلى رحاب‬ ‫‪- 721 -‬‬ ‫القرن العشرين ليواكب النهضة والاستقلال الي أخذ كل العالم الإسلامي‬ ‫يتطلع إليها ويعي بحق مصيره وما يراد به من أعدائه داخلا وخارجا‪.‬‬ ‫ومن ثم واستجابة لهذه الأحاسيس القوية نرى أبا مسلم يتخذ الدعوة‬ ‫إلى الاستنهاض مدارا وعحورا للنونية‪ .‬ومن هنا تتابعت فيها اللوحات الفنية‬ ‫الرائعة ال تبث هذه المعاني في النفوس‪ ،‬من لوحة فيها الحنين إلى عمان‬ ‫وأخرى فيها تجسيد لأبجاد عمان" وأخرى تنقل تاريخ عمان حيا نابضا‬ ‫أعلاما وآثارا‪ ،‬إلى أخرى فيها العتاب الأخوي الحميم والاستصراخ النابض‬ ‫الملتهب‪.‬‬ ‫وبما أن الحيز الدراسي لا يسمح بالوقوف عند هذه اللوحات كلها‪.‬‬ ‫فلا أقل أن نتمى هذه اللوحة الرائعة ال يصف فيها السيف باعتباره رمزا‬ ‫قويا من رموز الاستنهاض© وبث روح الجهاد‪.‬‬ ‫وصفة‪ .‬الصيؤ‪:‬‬ ‫في قصيدة الفتح والرضوان الاستنهاضية مكانة خاصة لوصف‬ ‫السيف©‪ ،‬امتزج فيها المضمون بالشكل في صور رائعة‪ ،‬وإذا كان الشأن في‬ ‫أغلب قصائد الوصف ف الشعر العربي القديم" أن يقوم الوصف فيها على‬ ‫الانفصال الكلي بين الشاعر وموصوفه\ إذ يصف الشيء دون أن يصف‬ ‫إحساسه تحاه ذلك الشيء وكأن الشاعر في هذه الحالة يقوم بدور المصور‬ ‫(الفوتوغرافي) الذي لا عمل له في إبراز الصورة‪ ،‬لأن الآلة هي اليي تلتقط‬ ‫الرسم بأمانة‪ .‬لكن الوصف عند أبي مسلم ‪ -‬وهو يتحدث عن السيف ‪-‬‬ ‫‪- 821 -‬‬ ‫حاء حيا متحركاا‪ ،‬نابضا بأحاسيس الشاعر وكأنه الرسام الماهر‪ ،‬الذي‬ ‫بالحيوية والنشاط‪.‬‬ ‫للعيان تنبض‬ ‫فتبدو‬ ‫أجزاء الصورة‬ ‫يبعث الحركة ق‬ ‫إ الشاعر يدرك أ السيف رمز من رموز الجهاد المتواصلء‬ ‫وموروث حضاري يحمل دلالات الإباء والشرف‘ فقد ارتبط السيف في‬ ‫ذاكرة المسلمين دوما ملاحم الفتوحات الإسلامية‪ ،‬وإن لم يكن شرطا لها أو‬ ‫أداة لازمة فيها‪.‬‬ ‫ومن هذا المنظور استغل الرصيد الفي ‪ -‬إن جاز التعبير ‪ -‬عند المتلقين‬ ‫وهو يدعوهم إلى رفع الضيم‪ ،‬ورفض الظلم‪ ،‬ومقاومة الفساد‘ وبات‬ ‫استخدام رمز السيف أمرا لازما لإكمال الجوانب الفنية والمعنوية‬ ‫للموضوع‪.‬‬ ‫وقد سبق للشاعر أن افتتح عشرة أبيات من قصيدته هذه بكلمة‬ ‫"ياللرجال" وهي كلمة تدل بمعناها‪ .‬وجرسها!‪ ،‬ودلالتها المعنويسة‪ ،‬على أن‬ ‫الشاعر يهدف إلى التحريك والإثارة‪ ،‬ويقصد إلى الاستنفار والاعتبار لأ‬ ‫استخدام الكلمة بهذه الصيغة الجامعة بين النداء والاستغاثةء_ دعوة للمتلقين‬ ‫إلى الاستجابة والنفرة‪ ،‬لأنه لا يدفع العار عن الحمى إلا الرجال ولا يغير‬ ‫انكر سواهم‪ 6‬ومتى يتحرك الرجال إن لم يتحرّكوا بعد استثارة حمية‬ ‫الرجولة في أعماقهم‪ .‬لهذه المعاني كلها ربط الشاعر هذا الربط المحكم ذا‬ ‫النظر البعيد بين الرجولة والبطولة‪ ،‬فرمز إليها بأداة فنية بحجسّدة وهي‬ ‫السيف‪ ،‬فكما أن الرجولة لا تكتمل بدون بطولة‘ فإ البطولة لا تكتمل‬ ‫بدرن سيف يحمي حماها ويحرك قواها على حد قول المتبي‪:‬‬ ‫‪- 921 -‬‬ ‫حتى يراق على جوانبه الدم‬ ‫لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى‬ ‫يقول أبو مسلم‪:‬‬ ‫إنا استطالت على الآساد حملان(‪)!96‬‬ ‫حفيظتكم‬ ‫ياللرجال لقد ذڵلت‬ ‫ما ضمها معهم رمس واكفان‬ ‫إ السيوف التي كانت لسالفكم‬ ‫قلوبكم؟ أم ناى عنهن وجدان؟‬ ‫مريضة هي في الأجفان؟ أم مرضت‬ ‫وما بها لعتيق المجد اأحزان(‪)!07‬‬ ‫بنس السيوف إذا حلت عواتقكم‬ ‫فإن تلك اليمانيات ذكران‬ ‫لا تحجبوها إنالا في مغامدنها‬ ‫بن كان فيكم يلاقي الري عطشان(ا‪)!7‬‬ ‫فينكم اوردوهاء إتها عطشت‬ ‫لقد تعودنا من أبي مسلم استخدام الأسلوب الخطابي المباشر‬ ‫ولاسيما في قصائده الاستنهاضية‘ فهو بحشد له كل المقومات الفنية‬ ‫والمعنوية‪ ،‬فإلى جانب التركيز على تجسيد المعاني الحماسية مثل رفض‬ ‫الخطابي باستخدام الأدوات‬ ‫الظلم‪ ،‬والتمرد على الضيم يوظف الأسلوب‬ ‫والتوكيدك‬ ‫الفنية واللغوية الدالة على ذلك مثل النداء‪ ،‬والندبة‪ ،‬والاستغاثة‪،‬‬ ‫والقسم والاستفهام الإنكاري‪ ،‬وغير ذلك تما هو معروف في هذه‬ ‫لم يكتف بهذا الأسلوب الخطابي المعروف‬ ‫الأساليب؛ ولكن أبا مسلم‬ ‫اعتمادا على الأدوات المذكورة‪ ،‬وإنما لحأ إلى أسلوب شعري آخر أشد‬ ‫تأثيرا في النفوس» وأعمق تحريكا للأشجان والأحزان‪ ،‬حين انتقل من‬ ‫المقومات الفنية المخاطبة للاآذان إلى المقومات الفنية المؤثرة في الوجدان‬ ‫‪ -‬الحفيظة‪ :‬الحمية رالفضب‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪ - 0‬العواتق‪ :‬الأاكتاف© والعتيق‪ :‬القديم‪.‬‬ ‫‪ -‬الديوان© ص ‪.703‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪- 031 -‬‬ ‫حينما عمد إلى المقارنة بين الشيء وضتدةه‪ ،‬أو بين الشيء ومقابله‪،‬ء كما‬ ‫السابقة فقد قابل بين الآساد والحملان‘ وبين‬ ‫نلحظ ذلك في الأبيات‬ ‫السلف والخلف©‪ ،‬وبين الذكر والأنثى‪ ،‬وبين السيوف عند الأجداد الفاتحين‬ ‫الذين كان لهم دور عظيم في نشر الدعوة الإسلامية‪ ،‬وبين السيوف عند‬ ‫الأحفاد الواهنين ال مرضت في أجفانها ونامت في أغمادهما‪ ،‬حتى غدت‬ ‫وهي لا تؤدي مهمتها الجهادية إنانا في مغامدها‪ ،‬وما خلقت إلا مذكرة‬ ‫يمانية تصول وتحول‪.‬‬ ‫وهم عندما أهملوا الرسالة أهملوا وظيفة السيف‘ فعطلوا أشرف ما‬ ‫تزين به المسلم الفاتح‪ ،‬وقد عبر عن ذلك‘ وهو يقارن بين العواتق الحاملة‬ ‫للسيف‘ وعتيق الجد‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬ ‫وما بها لعتيق الجدأحزان‬ ‫بنس السيوف إذا حلت عواتقكم‬ ‫ذكران‬ ‫فإن تلك اليمانيات‬ ‫لا تحجبوها إناثا في مغامدذها‬ ‫وقد تعمد الشاعر هذه المقارنة المريرة ال تذكي الحزن والالم" كما‬ ‫تثير السخرية والتهكم‪ .‬حيث قارن بين الذكر والأنثى وهو يقصد إلى إثارة‬ ‫الحمية في قلوب الرجال‪ ،‬الذين مهما يكن مستواهم في الرجولة يفضبون‬ ‫أشد الغضب إن هم شبهوا بالنساء‪ ،‬وكان صريحا في ذلك حين قال‪:‬‬ ‫تردان(‪)!27‬‬ ‫إنت الرجال بفعل السيف‬ ‫لا تحملوها إذا كانت لزينتكم‬ ‫وإمعانا من الشاعر في إيصال المعاني والأحاسيس على هذا النحو من‬ ‫عميقة في المقارنة بين‬ ‫الإثارة‪ .‬عاد مرة أخرى مستخدما لفظين لهما دلالة‬ ‫‪ - 2‬الديوان‪.703 ،‬‬ ‫‪-‬۔ ‪- 131‬‬ ‫الأمس واليوم‪ ،‬بين الماضي الزاهر والحاضر العاثرى وذلك حين استخدم‬ ‫لفظي‪" :‬كانت" و"اليوم" فإن لفظة كانت ترتبط عند الشاعر بكل معاني‬ ‫البطولة والفحولة‪ ،‬واليوم ترتبط عنده بكل معاني الكسل والفسولة‪ ،‬فكيف‬ ‫كانت السيوف التراثية‪ .‬وكيف أصبحت السيوف العصرية‪:‬‬ ‫وهم أصحابها في الجد سهران‬ ‫كانت بوارق في الاخطار ساهرة‬ ‫وسار البرق في الأغماد وسنان‬ ‫فاليوم نامت هموم القوم في جدث‬ ‫غيظا على صار او حزن على كانو×‪)37!1‬‬ ‫تكاد أن تتلاشى في تحرقها‬ ‫إت الشاعر ببراعته وأسلوبه المعتمد على المقارنة والمقابلة يكاد يجعل‬ ‫ذاته‪ .‬متحرّكا غيظا في قرابه‪ ،‬لأت العيب ليس في‬ ‫السيف ناطقا في حد‬ ‫السيف وإنما ي حامل السيف©‪ ،‬وشتان بين سيف في يد خالد بن الوليد‬ ‫وسيف في يد جبان رعديد‪.‬‬ ‫ولا تخفى اللمسة الفنية الرائعة والبعد الإيحائي العميق في قوله‪ :‬غيظا‬ ‫على صار وصار تعي الحاضر أو حزنا على كانوا‪ ،‬وكانوا تع الماضي‪.‬‬ ‫النيط النفمو‬ ‫من خصائص الشعر عند أبي مسلم الصدق‪ ،‬ولا نعي بالصدق هنا‬ ‫حرد الموقف والرؤية‪ ،‬بل نعي به الصدق الفنيَ؛ فإشّك حين تقرأ نوزيته‬ ‫تحسر إحساسا عميقا بأ الشاعر حاضر في كل بيت منها‪ .‬بل هو حاضر‬ ‫فيها‪ .‬حتى لا نلجأ إلى تفتيت العمل الشعري؛ وأداته في تحقيق ذلك هو‬ ‫‪ -‬ن ام‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫=‪- 231 -‬‬ ‫هذا الخيط النفسي الرقيق الذي يربط بين أجزاء النونئّة‪ ،‬فلا تشعر بأن‬ ‫الشاعر ينتقل من موضوع إلى آخر‪ ،‬أو من حور إلى محورا إلا إذا تعمُلت‬ ‫وبحثت‘ وأنت بعد بحثك يبهرك الشاعر بحسن التحلص؛ بل الالتحام الذي‬ ‫الط الفاصل بين‬ ‫يستخدم فيه أدواته الفنَسّة فلا تستطيع ن تتبين‬ ‫أجزاء القصيدة تماما كما يفعل الرسام الماهر حين يلجأ إلى رسم جدارية‬ ‫ضخمة‪ ،‬فالعمل يضطوه إلى فصل لوحته إلى أجزاء عند التنفيذ‪ ،‬ولكن‬ ‫المنأمّل فيها لا يستطيع أن يتبين مواطن الفصل فيهاا لأث براعة الرسام‬ ‫تخفي ذلك بالألوان والظلال واللمسات الفنية الحاذقة‪.‬‬ ‫إ حسن التخلص وسيلة بارعة يتخذها الشاعر ليضفي على قصيدته‬ ‫الوحدة العضويّة‪ ،‬فهو يتخذ من البرق وسيلة للوصول إلى هذا المدف©‬ ‫فنجده ينتقل من وصف البرق إلى وصف مواجده وأحزانه‪ ،‬واتّخذه‬ ‫خلوصًا إلى موضوع آخر أفاض فيه المشاعر وأثار الأحاسيس حيث‬ ‫يشكو آلام الاغتراب‪ ،‬وتباريح الشوق‪ ،‬واسمعه يقول‪:‬‬ ‫إن شاق غيري آرام وغحزلان‬ ‫معاهد شاقي منها محاسنها‬ ‫إن باء بالحب في الأوطان إيمان‬ ‫به‬ ‫فها على القلب ميثاق يبوء‬ ‫هل يظب القدر اللحوم إنسان(‪)47!1‬‬ ‫نزحت عنها بحكم لا أغالبه‬ ‫‪ - 4‬الديوانى ص ‪.003‬‬ ‫۔ ‪- 331‬‬ ‫الثنائية والعطه_‬ ‫وقد يتساءل الدارس لماذا هذه الثنائية الظاهرة في شعر أبي مسلم ؟‬ ‫نقدر _ والله أعلم _ أ هذا الاتجاه في فكره يعود إلى نزعته التأمُليّةء‬ ‫ومنهجية فكره الي تعتمد الموازنة بين الأشياء‪ ،‬والتقابل أو التضاة فيها‪.‬‬ ‫فهناك الخير والشرك والثواب والعقاب والدنيا والآخرة‪ ،‬والرجل والمرأة‪5‬‬ ‫هذه الثنائيات الي بنيت عليها الحياة والكون والناس‪.‬‬ ‫فاللتمعن في قصيدة " الفتح والرضوان" _ مثلا _ يلحظ في بنيتها‬ ‫الفنية هذه الخصيصةا حمى لتكاد أن تصبح ظاهرة هذه المطوّلة؛ وقد‬ ‫يكون الدافع إلى هذا الاستخدام اللغوي حرص على توفير الموسيقى داخل‬ ‫بنية البيت بهذا التلاحق والتزادف الصوتي بين كلمتين تتشابهان عادة في‬ ‫إيقاعهما الموسيقي‪ :‬بطنان وظهران على وزن (فغلان)‪ ،‬إيقان وعرفان على‬ ‫وزن (فعلان)‪ ،‬والفتح والنصر على وزن (الفَعْل)‪.‬‬ ‫ولنأخذ كمثال على هذا الاتجاه عند الشاعر هذه الأبيات من النونيَة‬ ‫السالفة الذكر‪ ،‬يقول واصفا أرض عغمان‪ ،‬وما حباها الله به من أمن وازدهار‪:‬‬ ‫للحق فيهن أزهار وأفنان‬ ‫إنزل على عرصات كلها قدس‬ ‫أنمّة الدين بطنان وظهران‬ ‫انزل على عذبات النور حين حوت‬ ‫فما على الحل والتعريج إدمان‬ ‫حيث الملانكة احتڵنت مشاهدهم‬ ‫تنصب فيها من الأنوار معضان‬ ‫ارض مقدسة قد بوركت وزكت‬ ‫له جناحان إيقان وعرفان‬ ‫ما طار طلائرها ل محتسبا‬ ‫۔ ‪- 431‬‬ ‫وإن قضت باستتار العدل أحيان‬ ‫رست بها هضبة الإسلام من حقب‬ ‫من يوم أصبح توحيد وقرآن‬ ‫قديمة الذكر عاد الدين عانلنها‬ ‫حتى تواضع بهرام وكيوان(‪!57‬ا)‬ ‫قامت بها قبة الإسلام شمخة‬ ‫ففي هذه المقطوعة ال احتوت عشرة أبيات‪ ،‬تحد الثنائية فني تسعة‬ ‫أبيات منها‪ ،‬أحيانا تكون ثنائية مبنية على العطف والاقعران‪ ،‬وأحيانا‬ ‫تكون ثنائية التقابل والتداعي‪ ،‬فقد جاء في هذه المقطوعة قوله‪ :‬أزهار‬ ‫وأفنان‪ ،‬بوركت وزكت‪،‬ڵ إيقان وعرفان‪ ،‬الفتح والنصر علم وليمان‪ ،‬توحيد‬ ‫وقرآن بهرام وكيوان؛ وكلها ثنائيات معطوفة بعضها على بعض كما جاء‬ ‫قوله‪ :‬بطنان وظهران‪ ،‬الحل والتعريج‪ ،‬وهي ثنائية التفاعل والتداعي‪.‬‬ ‫وقد يلحظ الدارس أ هذه الثنائية ليست من قبيل الزخرف اللفظي‬ ‫المعنى‬ ‫حساب‬ ‫الشعراء على‬ ‫بها بعض‬ ‫الي يشفف‬ ‫أو المحسنات البديعة‬ ‫والمضمون\ بل إد أبا مسلم يستخدمها فتأتي في ثنايا البيت متراصة‬ ‫‪.‬متماسكةا لها علاقة بالسابق من المعنى‪ ،‬وعلاقة باللاحق منه‪.‬‬ ‫وتوضيحًا لشغف أبي مسلم بهذا الأسلوب الذي يتخذ منه مادة لبناء‬ ‫قصائده‪ ،‬حمى تغدو وكأنها الهيكل العام الذي يبنيها منه نأخذ هذه‬ ‫أتهم كانوا فخرها‬ ‫المقطوعة الي يصف فيها أئمة العدل في غُمان‪ ،‬وكيف‬ ‫رعرها‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫منذ الجلندى‪ .‬وختم الكل عران‬ ‫تعاقبت خلفاء اللة منصبها‬ ‫من يوم قيل لدين الله أديان‬ ‫أنسة حفظ الدين الحنيف بهم‬ ‫‪.‬‬ ‫‪203 -‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ -‬الديوان ص‬ ‫‪5‬‬ ‫۔ ‪- 531‬‬ ‫شس العزانم أواهون رهبان‬ ‫شرى‬ ‫صيد سراة أباة الضيم أسد‬ ‫طهر السرائر للإسلام حيطان‬ ‫سفن النجاة‪ ،‬هداة الناس قادتهم‬ ‫إذا استحق مديح اللعان‬ ‫تقبلوا مدح القرآن أججعها‬ ‫يفتهم في التقى سو وإعلان‬ ‫جدوا إلى الباقيات الصالحات فلم‬ ‫والوجه والقصد إبمان وإحسان‬ ‫سيرهم‬ ‫على الحنيفية الزهراء‬ ‫لشربة النهروان الكاُ عطغان(‪)!67‬‬ ‫وسطوا‬ ‫بسيرة العمرين استلاموا‬ ‫استنهاض ينمأبسيلم وأبي بلال‪!!77‬‬ ‫الجليل‪ ،‬الجاهد الصادق الشاري‪ :‬أبو بلال مرداس بن حدير ذلك أن أجلى‬ ‫ما يميز شعر أبي مسلم الصدق والعمق تقرا شعره بيتا بيتا فتحس أ كل‬ ‫بنبضات‬ ‫موقعة‬ ‫متز جحة بلحمه ودمه‬ ‫نفس الشاعر‬ ‫من أعماق‬ ‫كلمة تصدر‬ ‫قلبه" وتأوّهات أحشائه‪ ،‬وليس غريبا أن يشعر المرء بممثل هذه الأحاسيس‬ ‫هذه‬ ‫بين ابي بلال وأبي مسلم العقيدة الصافية‪،‬‬ ‫وهو يقرأ شعره& فقد جمعت‬ ‫العقيدة القي تستمد روحانيتها من القرآن الكريم وسيرة السلف الصال‪،‬‬ ‫وتستروح معانيها وأغراضها‪ ،‬ورؤيتها وموقفها من نبع واحد أصيل هو‬ ‫نبع الشريعة الإسلامية الدافق‪.‬‬ ‫‪ - 6‬الديرانى ص ‪. 203‬‬ ‫‪ - 7‬أبو بلال مرداس بن حدير من أبطال الشراة وموسسي المذهب الإباضي‪ ،‬كان مصاحبا‬ ‫خابر بن زيد‪ ،‬جاهد ضد جور الأمويين حتى قتل في ‪ 16‬ه‪ 6،‬ينظر منهج الدعوة عند‬ ‫الإباضية‪ ،‬لمحمد ناصر (مخطرط)‪.‬‬ ‫=‪-= 631 -‬‬ ‫ولا نستبعد أن تكون سيرة أبي بلال قد أثرت في الشاعر على نحو ما‬ ‫من التأثير‪ ،‬فإن رجلا واسع الاطلاع مثل أبي مسلم معتد بسيرة أجداده‬ ‫وسلفه الصالح إلى أبعد حدود الاعتداد‪ ،‬قلت لا نستبعد أن يكون قد قرا‬ ‫سيرة أبي بلال‪ ،‬فتأنر بها‪ ،‬وأبو بلال يشد انتباه الإنسان العادي فكيف بمن‬ ‫عشق ضروب الفداء والتضحية‪ ،‬والإخلاص للعقيدة قولا وعملا‪ ،‬مثل أبي‬ ‫مسلم‪.‬‬ ‫لقد كان أبو بلال بشهادة كل المؤرخين مثالا للرجل الزاهد فقد‬ ‫كان متقشفا صحيح العبادة حسن البصيرة مرهف الإحساس بمعاني‬ ‫الخوف والرجاء أبداء وهو لحسن سيرته وصدق سريرته‪ ،‬وتفانيه في‬ ‫حب الله تنافست الجماعات الإسلامية في نسبته إليها‪ :‬فادعاه المعتزلة‬ ‫والشيعة واعتبره الشراة إماما من أئمتهم» لا يعدلون به أحدا بعد‬ ‫أصحاب النهروان‪ ،‬ومن شدة إشفاقه من عذاب الله يحكى أنته «اصيب‬ ‫بالإغماء حين راى بدويّا يهنا له بعيّا بالقطران» لانه ذكر به قطران‬ ‫جهنم( ‪ 87‬ا)م(‪.)!97‬‬ ‫الله‬ ‫حدرد‬ ‫وررقفته الصارمة عند‬ ‫بورعه وتقواه‬ ‫و ل يشتهر أبو بلال‬ ‫ةحسب©ؤ بل اشتهر أيضا بمواقفه أمام الطغاة الحبابرة من بيي أمية‪ ،‬وموقفه‬ ‫مصادر‬ ‫ق‬ ‫ومتداول‬ ‫البتراء معروف‬ ‫الشهيرة‬ ‫حينما ألقى خطبته‬ ‫من ابن زياد‬ ‫كان‬ ‫الطاغية‬ ‫سجن ابن زياد‬ ‫ف‬ ‫حكى أنه عندما كان‬ ‫والتاريخ؛‬ ‫الأدب‬ ‫إبراهيم‪:‬‬ ‫سورة‬ ‫رحجوههم النار‪« .. .‬‬ ‫رتفشى‬ ‫إسرابيلهم من قطران‬ ‫قوله تعالى ‪:‬‬ ‫وذلك ف‬ ‫‪_-‬‬ ‫‪1 87‬‬ ‫الآية ‪.05‬‬ ‫ص‪.84‬‬ ‫‪ 479‬آم‪.‬‬ ‫لبنان ط‪.2‬‬ ‫بيررتك‪6‬‬ ‫شعر الخوار ج‪ ،‬دار الثقافة‪.‬‬ ‫عباس‬ ‫‪ -‬د‪ /‬إحسان‬ ‫‪92‬‬ ‫‪-= 731 =-‬‬ ‫صاحب السجن يطلق سراحه كل ليلة إعجابا بورعه وتقواه‪ ،‬على أن يعود‬ ‫للسجن فجرا حتى لا يفتضح أمرهما‪ ،‬وعلم صاحب السجن عن عزم ابن‬ ‫زياد على قتل أبي بلال إذا أصبح فخاف أن يفتضح أمره وأبو بلال كان‬ ‫وقتها عند أهله كما هي العادة‪ ،‬وفوجئ السجان بعودته إلى السجن‬ ‫كعادته! وعندما أخبره عن عزم ابن زياد أجابه أبو بلال‪ :‬لقد بلغ ذلك‬ ‫وأنا بين أهلي فعجلت إليك‪ ،‬قال السجان‪ :‬أوفعلت ذلك وأنت تعلم عن‬ ‫عزم ابن زياد على قتلك الغداة؟ قال‪ :‬نعم ما كان لي أن أخون ثقتك في‬ ‫والآجحال بيد الله على كل حال‪.‬‬ ‫وي الصباح عندما عزم ابن زياد على تنفيذ الحكم تشفع السجان‬ ‫وكان ذا حظوة عنده أن يطلق سراح أبي بلال وحكى له عن قصته‬ ‫الغريبة فأطلق سراحه‪.‬‬ ‫هذه الشخصية العظيمة بهذه السيرة العطرة تركت فى شعر الشاعر‬ ‫بصمات ولا شك‪ ،‬أضف إلى أن أبا بلال كان إلى جانب مواقفه الجهادية‬ ‫شاعرا مفلقا} بليغ التأثير صادق العبارة‪ ،‬مثير النبرة‪.‬‬ ‫أراني قد أطلت في تبيان فضل أبي بلال حتى أبين مصادر الثقافة عند‬ ‫أبي مسلم‪ .‬ذلك أن أجلى المعاني الي يدور حولها أغلب شعر أبي مسلم‬ ‫هي الزهد والتقوى والتفاني في حب شريعة الله‪ .‬وإخلاص الأمر كله لخالق‬ ‫الكون‪.‬‬ ‫‪- 831 =-‬‬ ‫نلمس هذا واضحا في الأغراض الشعرية ال احتوى عليها ديوانه فلا‬ ‫تكاد تجحد قصيدة واحدة خالية من هذه الروح الشفافة هذه الروح القوية‬ ‫ال تجعل الإيمان بالله موردا ومصدرا‪.‬‬ ‫فنحن عندما نقرأ قصائده ذات الطابع الابتهالي لا نجد فيها ما تعودنا‬ ‫أن نحده في قصائد المتصوفة من نزو ع انكفائي على الذات‘‪ ،‬وهروب من‬ ‫واقع الحياة‪ ،‬بل بالعكس نلمس هذا الربط المحكم بين العقيدة والسلوكك‪،‬‬ ‫والقول والعمل والتطلع إلى السماء دون نسيان الواقع الأرضي‘ دعاء‬ ‫يتوجه به إلى الله ليغير من واقع عباد الله‪ ،‬كما أوضحنا ذلك سابقا‪.‬‬ ‫يقول أحد الدارسين‪« :‬وانا أعتقد ات شعر ابي مسلم في الحقيقة كله‬ ‫جانب واحد وإن تراء فهو يلتقي في ناحية واحدة هي الاستنهاض» فانت‬ ‫سوف تراه عندما يعبد ربه فيدعوه بالشعر ويسبحه به يعود إلى الظالمين‬ ‫فيستنزل عليهم غضب اله‪ ،‬فكأنه يريد أن يطتهر أولا نفس قارئ شعره‬ ‫بذكر انه فيوّيئها للعمل خالصة في متمابلة الطلم» ‏(‪.)١80‬‬ ‫وتتجلى لنا هذه الروح الاستنهاضية في مطولته الموسومة "الله حل‬ ‫جلاله"(!&!)‪ 5‬هذه المطولة القي تعد من أرو ع وأجمل وأعمق ما نظم أبو‬ ‫مسلم‪ ،‬فقد تحاوزت الأربعمائة بيت على نفس واحد مبدؤها مشل منتهاها‬ ‫لا تشعر بين مقاطعها بالوهن والضعف‘ وقد قسمها إلى مقاطع" كلَ مقطع‬ ‫عنونه باسم من أسماء الله الحسنى‪ ،‬فأدار معاني الأبيات حول معنى ذلك‬ ‫ص‪0٥‬‏ ‪.1‬‬ ‫‪ -‬الديوان©‬ ‫‪0‬‬ ‫‪ -‬الديوان ص‪8‬ک‪.031 .5‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪-= 931 -‬‬ ‫الاسم الأسنى من أسماء الله الحسنى بادئا بالله جل جلاله‪ ،‬فالرحمن‬ ‫فالرحيم‪ ،‬فالملك فالقدوس‪ ،‬فالسلام‪ ،‬فالمومنك فالمهيمن‪ ،‬فالعزيز‪ ...‬إلخ‪،‬‬ ‫وقد احتوى كلَ مقطع أحد عشر بيتا‪ ،‬بقافية موحّدة هي التاء‪.‬‬ ‫هذه المقاطع الي يفتتحها الشاعر بالدعاء والابتهال إلى الله مستخدما‬ ‫حرف أدوات النداء‪ ،‬فيقول‪ :‬ياإلهي أو إلهي‪.‬‬ ‫ولنأخذ كمثال على ذلك هذا المقطع الذي عنوانه المنتقم جل جلاله‘‬ ‫يقول فيه‪:‬‬ ‫عتت وبغفت واستعبدت خير أمة‬ ‫أشكو وهو منتقم يدا‬ ‫إلى الله‬ ‫ح فها الويل ‪ -‬حق الكبرياء فشلت‬ ‫يدا أسفت ذا الانتقام ونازعت‬ ‫غيرة‬ ‫ظم‬ ‫علحق‬‫أته ل‬‫وغير‬ ‫إلى الله أشكو فعلها في عياله‬ ‫بتوفيقك اللهم عند البلية‬ ‫افي جهد العبد أن يرفع الدعا‬ ‫من الفئة الباغين فوق البسيطة‬ ‫وقد حل بالإسلام ما لست راضيا‬ ‫قدير وفي الاملاء أعظم أخذة‬ ‫بأخلذهم‬ ‫وكلمتك العليا وأنت‬ ‫فقد أصبح الإسلام منهم بذلة‬ ‫فعاجلهم بالأخذ واقصم ظهررهم‬ ‫ولم يرقبوا في ال أو حق ذمة‬ ‫كما أمعنوا في الظلم واستلأموا له‬ ‫وحزبك منصور وحربك نجدتي‬ ‫فعينك بالمرصاد والله غالب‬ ‫قواهم بوهن وابتدرهم بسطرة‬ ‫تجلَ عليهم باسم منتقم وخذ‬ ‫مر وبيلا بين خزي ولضة(‪)281‬‬ ‫ابدهم شديد الانتقام ورتهم‬ ‫‪1‬‬ ‫ص‪40‬‬ ‫الديوان©‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪28‬‬ ‫=‪- 041 -‬‬ ‫فهذه الرو ح الإيمانية المنتفضة\ وهذا الموقف الابتهالي الصادق‪ ،‬ألا‬ ‫يذكرنا بمواقف الشراة في صراعهم المرير ضد الظلم والطغيان في العصر‬ ‫الأموي‪ ،‬هذا المقطع الذي مر علينا سابقا بالذات‪ ،‬ألا يذكرنا بمقطع شبيه‬ ‫ينسب لإمام الماجهدين أبي بلال مرداس الذي نزعم تأثر أبي مسلم به؟‬ ‫قال أبو بلال حين ألخ عبيد الله بن زياد في طلب الشراة‪ ،‬وأعمل‬ ‫فيهم السيف إبادة وتقتيلا‪ ،‬فعزم أبو بلال على الخروج في أربعين من‬ ‫أصحابه شارييا فارا من البصرة‪:‬‬ ‫إليك فاني قد سنمت من اللهر‬ ‫اهي هب لي زلفة ورسيلة‬ ‫على ظلم أهل الحق بالغدر والكفر‬ ‫وأجمموا‬ ‫وقد أظهر الجور الولاة‬ ‫لكل الذي ياتي إلينا ببو صخر‬ ‫وفيك إلهي إن أردت مفير‬ ‫وقد تركونا لانقر من الذعر‬ ‫فقد ضيّقوا الدنيا علينا برحبها‬ ‫وايدهم يارب بالنصر والصبر‬ ‫فيا رب لا تسلم ولاتك للردى‬ ‫لاء ذوي الإلحاد في عدد دثر(‪)!38‬‬ ‫ويسر لنا خيراا ولا تحرمتنا‬ ‫وجاؤوا إلينا مشل طامية البحر‬ ‫عدونا‬ ‫فلسنا إذا هت جموع‬ ‫ولا بمهابيب نحيد عن البر(‪)481‬‬ ‫نكف إذا جاشت إلينا بجورهم‬ ‫وبافام نلقى كل ابيض ذي أثر(‪)581‬‬ ‫ولكننا نلقى القنا بنحورنا‬ ‫صبرنا‪ .‬ولو كان القيام على بلجم (‪)681×784‬‬ ‫و هاللت‬ ‫نفس الجبان‬ ‫إذا جشأات‬ ‫‪ -‬دثر‪ :‬كثير‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫البتر‪ :‬السيوف القاطعة‪.‬‬ ‫‪- 4‬‬ ‫‪ -‬أثر‪ :‬فرند السيف وقوته‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪ -‬حشأت‪ :‬فزعت‪ ،‬وهللت‪ :‬نكصت روت‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪- 141 -‬‬ ‫ومن عجيب التوافق أن نجد هذه الروح الملتهبة شوقا إلى الجهاد تحت‬ ‫راية الحق والاستشهاد في ظلال السيوف عند أبي مسلم وهو يحن شوقا‬ ‫من زنحبار إلى أن يكون جنديا في جيش الإمام سالم بن راشد ‪ ،‬وهو يقاتل‬ ‫(عباد الصليب) كما يدعوهم الشاعر حيث يقول‪:‬‬ ‫وجلدة بين العين والأنف سالم‬ ‫يديرونني عن سالم وأريغه‬ ‫لرفع حياتي لم ترعني الجوازم‬ ‫ولو نصبوا جسمي وجرُوا جيوشهم‬ ‫أبى الل إلآ حيث تدعو المكارم‬ ‫وما آنس الأعداء مني هشاشة‬ ‫كلالا عن المر الصليب العواجم‬ ‫وكم عجموا عودي على الدين فانتنت‬ ‫وما اكتسبت مني الخطوب الغواشم‬ ‫ولولا المقادير التي عرّت القوى‬ ‫واحرزت تصلي إذ تحر الفلاصم‬ ‫لوانه‬ ‫نذرت حياتي تحت ظل‬ ‫إذا قسّمت فوق الفروق الصوارم‬ ‫وما كان قسمي غير ضربة قاضب‬ ‫تفوز بها مني الطلى واللهازم‬ ‫أو الطعنة النجلاء ترمي نجيعها‬ ‫لرضوان ربي يوم تعطى المقاسم‬ ‫وتلك لعمر الله أبجس قيمة‬ ‫ذدين وأنف الخصم خزيان راغم(‪)881‬‬ ‫بحب (أمير المؤمنين) ابن راشد‬ ‫إن الروح الجهادية الي تنتفض بها أحناء أبي مسلم تتجلى من كل‬ ‫بيت يقوله‪ ،‬لأن هذه الروح ترتبط بعقيدته الإسلامية‪ ،‬وذلك ما أضفى على‬ ‫ابتهالاته نوعا من التجديد فهي ليست من هذا النو ع من شعر السلوك‬ ‫الذي ألفناه عند شعراء التصوف كلا ولا أدل على ذلك من مطولته‬ ‫الموسومة "الله جل جلاله" ال أشرنا إليها سابقا‪ .‬حيث لا يكاد يخلو مقطع‬ ‫ص‪.82‬‬ ‫الخوارج‬ ‫شعر‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪78‬‬ ‫‪ -‬الديوان ص‪.523‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪- 241 -‬‬ ‫واحد منها من الدعاء على أعداء الله واستنزال غضبه عليهم" وأخذهم أخذا‬ ‫بويلاً ولاسيما في تلك المقاطع المخصصة للأسماء الحسنى الدالة على القوة}‬ ‫والجبروت‪ ،‬والقدرة والانتقام! وما في هذه المعاني‪ ،‬وتوضيحا لأسلوبه هذا‬ ‫نسوق هذه الأبيات الي عنوانها "القوي جل جلاله" إذ يقول‪:‬‬ ‫وتايد أنصاري ‘ وإعلاء كلمتي‬ ‫ي على نصري وتمجيد هيبتي‬ ‫‪.‬ه‬ ‫العدمية‬ ‫وإلقانعه في هوة‬ ‫على تدمير خصمي وقصمه‬ ‫ا‬ ‫‪:-‬‬ ‫لأهلك أهل العدل في أي نفخة‬ ‫قوي على التغليب والفتح عاجلا‬ ‫تصول بسيف من سيوفك مصلت‬ ‫فجرّد لنصر الاستقامة قوة‬ ‫بقانمة للق ة الأزلية‬ ‫فليست قوى الأعدا وإن جد جتها‬ ‫قوي ولا سلطان لي غير ذلتي‬ ‫ضعيف أنادي تحت قوة قادر‬ ‫ولا من أليم الأخذ يومابمفلت‬ ‫فما طامي من قوة القهر خارج‬ ‫هكذا كان أبو مسلم يسخر شعره من رؤية رسالية لأهداف‬ ‫استنهاضية‪ ،‬تستجيب لمتطلبات المرحلة السياسية والاجتماعية الصعبة‪ ،‬الي‬ ‫كانت تعيشها الأمة الإسلامية العامة‪ .‬وعمان بخاصة قبيل اندلاع الحرب‬ ‫العالمية الأولى‪.‬‬ ‫وليس الاستنهاض عنده مقصورا على النونية وحدها‪ ،‬وإنما نجده عنده‬ ‫ني مطوّلات أخرى‘ مثل المقصورة الق عارض بها ابن دريد الأزدي‬ ‫العماني وهي أعرف من أن تعرّف‘ وقد وقفت معارضة أبي مسلم لابن‬ ‫دريد عند حدود الوزن والقافية ثم اختلفت السبل بينهماء إذ اختار أبو‬ ‫‪- 341 -‬‬ ‫مسلم موضوعا لمقصورته استنهاض المسلمين ليتفطنوا إلى ما يراد بهم من‬ ‫دسائس الغرب الاستعماري بخطط ماكرة بعضها ينفذها داخل حدودهم‬ ‫وبعضها يهيئ لها خارجها‪.‬‬ ‫وقد بلغت هذه المطولة سبعة وأربعمائة بيتا كلها استنهاض وحث‬ ‫على العمل الإسلامي المتواصل لإرجاع بحد السلف الصالح‪.‬‬ ‫ويستخدم الشاعر في هذه القصيدة الرمز نفسه الذي نفسه الذي‬ ‫استخدمه في النونية وهو السيف ولكنه هذه المرة يلح إلحاحا على هذا‬ ‫المعنى بتكرار لفظ السيف حوالى خمس عشرة مرّة‪ ،‬وللتكرار دلالة نفسية‬ ‫من بعض دوافعها التأكيد والإصرار والتحذير والإخطار‪ ،‬يقول‬ ‫أما يجازى ظالم وقتدعصى‬ ‫كم نظلم السيف بمنع حقه‬ ‫‪7‬‬ ‫إن السيرف وضعت لحقها‬ ‫أصدق من جش وأكفى من كفى‬ ‫والسيف شهم لا يفيتن حقه‬ ‫يصول إن ضييم‪ ،‬وإن صال اشتفى‬ ‫والسيف حر لا يقر حازبا‬ ‫إن الدليل بالشنار مكترى‬ ‫والسيف لا يرضى الذليل صاحبا‬ ‫بتبع من يكرمه إلى العلا‬ ‫المخازي آخذ‬ ‫والسيف جلاء‬ ‫على الحمام الحر آراء اللهى‬ ‫والسيف مفتاح إذا تضايقت‬ ‫هززنه لحضة إلآمضى‬ ‫والسيف كالصدق من الرجال ما‬ ‫إن شة شد من تقاضاه قضى‬ ‫والسيف في عر ومن مزن د‬ ‫سته إن خانك الدهر وأهله وفى‬ ‫والسيف أرفى صاحب رافق‬ ‫إن الفموم بالسيرف تجتلى‬ ‫فرج معجل‬ ‫والسيف فيه‬ ‫إلى أن يقول‪:‬‬ ‫‪- 441 -‬‬ ‫الرغى‬ ‫بحومات‬ ‫والعزة الكن‬ ‫ما يعجرزنا‬ ‫أين بنو الإسلام‬ ‫كتابكم عن الجهاد للمدى‬ ‫تتطكم‬ ‫أين بنو القرآن هل‬ ‫أين مشانيم الطمان بالقنا‬ ‫أين غطاريف الجهاد بالظبا‬ ‫ما رقص الشرك على‬ ‫توحيدكم‬ ‫أين بنو التوحيد لو صدقتم‬ ‫وهكذا ترك أبو مسلم بيته مبتوراء وهو بتز بحمل في دلالاته المعنوية‬ ‫معاني بعيدة‪ ،‬أحد أبعادها الي نظر إليها بفراسة المؤمن الصادق واقع‬ ‫المسلمين اليوم هوانا‪ 5‬وتفرقا‪ ،‬وذلة} ولله الأمر من قبل ومن بعد‪.‬‬ ‫الحكمة يث شعره‬ ‫«إن الحكمة هو الكلام القائم على العلم‪ ،‬والموجه إلى الصواب‬ ‫والسداد في القول والعمل»”‪)!٩‬‏ وقد كرم الله الإنسان الذي يوهمب‬ ‫الحكمة‪ ،‬فقال‪ :‬اومن وت الحكمة فقد اوتي خيرا كشيرأه لأن الحكمة‬ ‫دليل النضج العقلي‪ ،‬وشهادة على خبرة الشخص وتجربته الطويلة‪ ،‬لذلك‬ ‫عدت من جوامع الكلم‪.‬‬ ‫والحكمة لا يستطيع التلفظ بها إلآ من وهب المقدرة على النظر البعيد‬ ‫والتجربة السديدة‪ ،‬إضافة إلى موهبة صياغة كل ذلك في كلام فيه إعجاز‬ ‫وإيجاز! كأن يجيء ذلك في جملة نثرية أو بيت من الشعر‪.‬‬ ‫‪ - 0‬حنا الفاخوري‪ ،‬الحكم والأمثال‪ .‬دار المعغارف‪( ،‬د‪.‬ت)" ص‪.8‬‬ ‫‪-‬۔ ‪- 541‬‬ ‫وقد عرف الشعر العربي منذ القدم العديد من الشعراء الذين وهبهم‬ ‫الله هذه المكرمة فاشتهر لبيد‪ ،‬وطرفة‪ ،‬وزهير في الجاهلية؛ وعرف أبو‬ ‫العتاهية} والمتبي‪ ،‬وأبو تمام" والمعري‪ ،‬في العصر العباسي كما عرف ابن‬ ‫الوردي والطغرائي‪ ،‬وعرف عصرنا الحديث شعراء ينحون هذا المنحى مثل‬ ‫شوقي وحافظ والرصافي‪.‬‬ ‫وإذا جاءت صياغة الحكمة نثرا في الغالب الأعم مخاطبة العقل‪ ،‬فإن‬ ‫الحكمة في الغالب الشعري كثيرا ما خاطبت العقل والعاطفة معا‪ ،‬مما جعلها‬ ‫أكثر تداولا على الألسنة‪ ،‬وأسهل حفظا على الأفئدة‪.‬‬ ‫وشاعرنا أبو مسلم عرف بهذا الاتجاه الذي يعد من أكثر الاتجاهات‬ ‫عناية عنده‪.‬‬ ‫ولأبي مسلم وقفات تأملية حكيمة في الدنيا وأحوالها وتقلباتهاء تدل‬ ‫عنده‬ ‫على خبرة واسعة‪ ،‬وتحربة ميدانية عميقة ففي أغلب قصائد الرثاء ند‬ ‫المقدمات ذات الطابع الحكمي أو الوعظي‪ ،‬وهذه المقدمة عادة ما يتخذها‬ ‫مخلصا إلى الولوج إلى موضوع الموت والفناء امحتم‪ ،‬باعتبار هذه النهاية من‬ ‫عيوب الدنيا‪ ،‬الي طالما أسرت الناس وخلبت ألبابهم‪ ،‬فركنوا إليها ونسوا‬ ‫آخرتهم‪ ،‬فالموت هو المدخل أو الهزة العظيمة الي تعيد إلى الإنسان وعيّه‪،‬‬ ‫ليدرك حقيقته البشرية الضعيفة الي طالما قهرها الموت‘ ومع ذلك فإن‬ ‫الإنسان لا يتعظ ولا يرعوي‪ ،‬وصراع الإنسان مع الموت طالما الهم الشعراء‬ ‫أبياتا رائعة في قيمة الدنيا وهوان أمرها رغم تشبث الإنسان بها وحرصه‬ ‫على كل ثانية فيها‪.‬‬ ‫‪- 641 -‬‬ ‫الهم الموت هذه الحكم لبيد بن ربيعة‪ ،‬وطرفة بن العبد‪ ،‬وأبا العتاهية‬ ‫وابن الوردي وغيرهم من الشعراء الزهّاد‪ ،‬وقد ظلت الدنيا عند المتصوفة‬ ‫والزهاد محورا أساسيا في فكرهم وتأملاتهم ني خطبهم ومواعظهم في‬ ‫شعرهم ونثرهم‪ ،‬حتى بات بابا في الأدب العربي مستقلا بذاته‪ ،‬له‬ ‫خصائصه وتوجهاته‪ ،‬وله أعلامه وعلماؤه‪.‬‬ ‫فإبو مسلم يمكن أن يسلك من هذا المنظور الدي في عداد هؤلاء‬ ‫الشعراء الذين دفعهم زهدهم في الحياة الدنيا إلى التأمل الدائم في حقيقة‬ ‫الحياة والموت‪.‬‬ ‫وقد عرف أدب الشراة بهذا الاتجاه حتى غدا سمة من سماته‬ ‫وموضوعا من موضوعاته‪ ،‬وخطبة قطري بن الفجاءة في ذم الدنيا تناقلتها‬ ‫كل مصادر الأدب‘ ورقفت عندها الدراسات الحديثة تحليلا وتذوق(ا‪.)!٩‬‏‬ ‫فليس بعيدا أن يكون أبو مسلم قد تأثر بهذا الأادب‘ وتشبع به‬ ‫إضافة إلى ما عرف عنه من مقومات ذاتية وتربية روحية‪ ،‬أهلته أساسا إلى‬ ‫الاهتمام بهذا الموضوع والكتابة فيه‪.‬‬ ‫وقد ساعد أبا مسلم على هذا الاتجاه ليجيد فيه‪ .‬ما عرف عنه من‬ ‫نزعة تصوفية‪ ،‬وما تميز به من زهد ف الحياة الدنيا ورغبة فيما عند اللهء‬ ‫حتى غدا هذا الاتحاه في شعره من أكثرها وضوحا ودلالة على شخصية‬ ‫ينظر أحد المصادر التالية‪ :‬البيان والتبيين أو العقد الفريد أر صبح الأعشى وقد نسبها‬ ‫‪- 1‬‬ ‫ابن أبي الحديد في نهج البلاغة إلى الإمام علي كرم الله وحهه‪.‬‬ ‫=‪- 741 -‬‬ ‫الشاعر واسمعه وهو يذكر بهذه المعاني بمناسبة رثائه للشيخ العلامة محمد‬ ‫بن يوسف اطفيش الحزائري في سنة ‪4191‬م‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫سينقضي العمر في بطء وفي عجل‬ ‫عش ما تشاء وراقب فجعة الاجل‬ ‫وبين جنبيك ما يلهي عن الامل‬ ‫تلهو بتصويرك الآمال مفتبطا‬ ‫نهب النون‘ ومجراها إلى الزلل‬ ‫ماذا يغرك عن دنيا نضارتها‬ ‫وقلت قد صرحت بالسم في العسل‬ ‫قالوا دسانسها في طي زخرفها‬ ‫ولا اناء بها إلا على العلر(‪)!29‬‬ ‫م تخف عيبا ولم تاخذ خلسة‬ ‫فالعيب إذن ليس في الدنيا‪ .‬لأنها لم تخف طبيعتها عن الناس قط‪،‬‬ ‫ولكن العيب في الناس الذين يأمنون جانبها‪ ،‬ويحسبون أت السعادة في‬ ‫أحضانها‪ ،‬وينجذبون إليها رغم علمهم بحقيقتها‪.‬‬ ‫ومن أكبر عيوب الدنيا أنها قاسية فانية‪ ،‬ومن أقبح صفاتها أنها‬ ‫غدارة غرَارة‪.‬‬ ‫وإنما أجل يتلو خطى أجل‬ ‫البقيا على أحد‬ ‫ما شان صرلاتها‬ ‫وصفوها بين نابي مهلك جلل‬ ‫رأي الركون إلى آفاتها سفه‬ ‫والقول عن مقتضاها غيمرفعر (‪)391‬‬ ‫إنجاز إبعادها بالموت منتظر‬ ‫وجاء في قصيدة أخرى يرثي بها الشيخ اطفيش الآنف الذكر‪:‬‬ ‫الهبا ت تعود‬ ‫لليمة طبع ف‬ ‫بازئها‬ ‫الدنيا وأيقن‬ ‫عن‬ ‫تر‬ ‫وليس بهاثماتركت حميد‬ ‫وإنك إن تسكن إليها تركتها‬ ‫‪ -‬الديوان© ص‪.583‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ -‬الديوان © ص‪.583‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪-= 841 -‬‬ ‫وتعطيك لين القول وهي حقمود‬ ‫نيك بالآمال وهي شحيحة‬ ‫وأنت بها مضنى الفؤاد عميد‬ ‫وهي شوهاء غادر‬ ‫تخانل حسناء‬ ‫صديد‬ ‫تدعي ه‬ ‫ثا‬ ‫ولا شيء‬ ‫تحذلق بالتمويه مكرا وخدعة‬ ‫وتكيد‬ ‫تداجي بها مفرررهما‬ ‫ولو نلت منها طانلا كان آفة‬ ‫وماالشان إلا صاند ومصيد‬ ‫تدانيك حتى تؤنس الصدق والصفا‬ ‫إذا عاهدت بالوعد فهو وعيد(‪)491‬‬ ‫ولو صدقت فالصدقفي طي كذبها‬ ‫رقفات طويلة كلما جذبته‬ ‫لقد سبق أن قلت إن أبا مسلم يقف‬ ‫خواطره التأملية إلى ذكر الدنيا ومكانتها من نفس المؤمن‪ ،‬وكيف ينبغي أن‬ ‫يعاملها به‪.‬‬ ‫أما ترى كيف تفنيها عواديها؟‬ ‫ما تريد من الدنيا تعانيها‬ ‫خانت وإن سالمت فالحرب توريها‬ ‫غدارة ما وفت عهداوإن وعدت‬ ‫ولا أطمان إلى صدق مصافيها‬ ‫ما خالصتك وإن لانت ملامسها‬ ‫فاحذر إذا خالست مكرا وتمويها‬ ‫سحر ومكر وأحزان نضارتها‬ ‫وإن دعتك وإن زانت دعاويها‬ ‫وانفر فديتك عنها تها فن‬ ‫والشاهدات على قولي معانيها(‪)591‬‬ ‫كذابة في دعاوريها منافقة‬ ‫وكث‬ ‫يرا ما جاء ذلك عند أبي مسلم في أسلوب وعظي يتوجه إلى‬ ‫نفسهك تحذيرا ومراقبة‪ ،‬تذكيرا ومحاسبة لأن الإنسان بطبعه ضعيف يجذبه‬ ‫هواه إلى حب الدنيا والانسياق لزخارفها‪ ،‬على الرغم مما يراه من اختصارها‬ ‫‪ -‬الديوانى ص‪.293‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ص‪.473‬‬ ‫الديوان©‬ ‫‪-‬‬ ‫‪5‬‬ ‫۔ ‪- 941‬‬ ‫لأعمار أهله ومعارفه‘ ومما يعانيه هو بنفسه من تلوّنها وتبذلها وعدم‬ ‫استقرارها وفي هذا المعنى يقول‪:‬‬ ‫يحول على أكداره وييور‬ ‫ومن عجب ميل النفوس لعاجل‬ ‫وناقد أعمال العباد بصير‬ ‫وإسراعها في الغي أسراع آمن‬ ‫بفير طريق الفابرين عبور‬ ‫متى أقلعت عنا المنون وهل لنا‬ ‫من الموت أم يوم المعاد يسير‬ ‫غافل‬ ‫أم الأمل الملهي براءة‬ ‫إليك أكف الحاملين تشير‬ ‫هالك‬ ‫أتمو ح إن شاهدت نعشا‬ ‫للى حيث سار الأولون تسير‬ ‫سزكب ذاك المركب الوعر ساعة‬ ‫وتلك رفات الهالكين تطير‬ ‫نقي من غبار الأرض بيض ثيابنا‬ ‫أما في المنايا واعظ ونذير(‪1 69‬‬ ‫لي الويل هلا أرعوي عن مهالكي‬ ‫إن من أخحلب مظاهر الدنيا للناس الجاه والمال‪ ،‬لذا نجد الزهاد‬ ‫التقليديين المهزومين يعادون الكسب©ڵ ويرونه أحبولة من أحابيل الشيطان‬ ‫أما أبو مسلم ففهمه لمكانة المال في الدنيا فهم إسلامي عميق‪ ،‬يكسب المال‬ ‫لينفقه‪ ،‬ويجمعه ليفرّقهء وكان رحمه الله ذا كرم وبذل لما ني يده من المال‪،‬‬ ‫فعلى ما جمعه من المالية لم يخلف شيئا كأنه لا يرى المال شيئا مذكوراء‬ ‫وحقه عنده أن يبقى هباء منثورا(‪)!٩‬‏ هكذا تصبح الدنيا مطية للآخرة‬ ‫والكسب الحلال وسيلة لحسن المآل وفي هذا المعنى يقول‪:‬‬ ‫في موضع الفضل واللاشيء مبتذل‬ ‫المال لا شيء عندي كي أضن به‬ ‫والفضل في الله علق ماله مشل‬ ‫علق المضنة ما تزكو مزيته‬ ‫الديوان© ص‪.42-52‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪60‬‬ ‫ص‪.04‬‬ ‫‪ -‬الديوان© المخطوط‬ ‫‪7‬‬ ‫= ‪- 051‬‬ ‫يزكو الثراء على التوزيع يذهبه‬ ‫فيها‪ .‬وعوّدني التعويض ينهمل‬ ‫عودت ربي إنفاذي فواضله‬ ‫عواند الله أغنى لي وإن تربت‬ ‫مااحد الوفر حسن الحمد ياتشر(‪)!"89‬‬ ‫يكفي من الوفر أن تبقى محامده‬ ‫فهو لا يكره المال لذات المال باعتباره من مظاهر الاعتزاز والانخداع‬ ‫بالدنيا‪ ،‬وإنما يكره المال الذي لا ينفق في مواطن النفع والخير للآخرين‪ ،‬فما‬ ‫المال إلآ مطية يمكن أن تحمل صاحبها على طريق الخير‪ ،‬ويمكن أن تحمله‬ ‫على طريق الشر‪.‬‬ ‫ويبقى من صفاياه ما اشتةتت به لخلل‬ ‫لن يلبث المال تنذرره الرياح‬ ‫فلي خليقة بليس تعقل‬ ‫فضلي عن مواقعه‬ ‫إن يعقل العسر‬ ‫والفضل في النفس ليس الال يؤتشل‬ ‫لا تنفق النفس إلاً من جبلتها‬ ‫وما عقيلة فضل النفس تنقر (‪)991‬‬ ‫عقانل المال تؤتاها وتتزعها‬ ‫والزهد عند أبي مسلم زهد إيجابي ليس من هذا النوع الانهزامي‬ ‫الهروبي‪ ،‬هو زهد المؤمن البصير الذي يعيش حياته ولكن لا ينساق‬ ‫لزخارفها‪ ،‬ويذكر نفسه بالموت لا هروبا من واجباتها‪ ،‬فهو مقتنع بدوره‬ ‫الإصلاحي وما ينبغي عليه القيام به إزاء دينه الإسلامي‪ ،‬عملا في الميدان أو‬ ‫اعتقادا بالحنان‪.‬‬ ‫‪ -‬الديوان ص‪.963‬‬ ‫‪8‬‬ ‫الديوان ص‪.073‬‬ ‫‪- 9‬‬ ‫‪- 151‬‬ ‫‪-‬‬ ‫إن أبا مسلم يستقي من هذا النبع الثر الذي فاض بين يدي الشراة‬ ‫الأولين الذين أعطوا للزهد طعما محببا طعما استمدوه من فهمهم العميق‬ ‫للدين الإسلامي‪ ،‬زهد إيجابي يرغب في الآخرة بالعمل الصالح في الدنيا لا‬ ‫نافراً منها ولا كارها لها! مندما فى الجماعة لا منعزلا عنها ولا بحابها لها‪.‬‬ ‫وفي هذا المعنى يقول أحد الدارسين متحدثا عن الزهد عند الشراة‪:‬‬ ‫«إن نغمة الزهد الي سمعناها منهم كانت أول نغمة من نوعها عند العرب‬ ‫والمسلمين لقد جاء التزهّد في الإسلام متأخرا‪ ،‬وكان الزهاد والتصوفون‬ ‫يمثلون الهروب من الحياة ومسؤولياتها‪ ،‬ويقومون بدور فردي يخدمون به‬ ‫ذواتهم للنجاة بأرواحهم من العذاب‘ أما زهد الخوارج فقد كان إضافة إلى‬ ‫ظهوره مبكرا إيجابيا‪ .‬كان سعيا وراء خير الجماعة وإصلاح اجتمع وخدمة‬ ‫الحياة الدنيا والآخرة‪ ،‬كان زهدا قويا أو كان زهد القوة! فالمتعبّد المتهجّد‬ ‫متشق السيف ليخوض غمرات الموت في سبيل الوصول إلى حق المعتقد‬ ‫بصحته»(‪. )002‬‬ ‫إن أبا مسلم حين يصارع الدنيا فمن أجل الحصول على الأفضل‬ ‫وحين يذكر جانبها السلي فمن اجل السيطرة عليها‪ ،‬وهذا موقف يدفع إلى‬ ‫الطموح وتزكية الفتوة‪.‬‬ ‫ويبدو أبو مسلم بحكم الاحتكاك الطويل بينه وبين مصائب الدهر‬ ‫والمشاداة المستمرة بينه وبين الأيام" على معرفة بضطب۔ ‪ .‬ا وخبرة بكيفية‬ ‫التعامل معها حسبما يقول‪:‬‬ ‫‪ -‬أحمد سليمان معررف‪٨‬‏ قراءة حديدة‪ .‬ص‪.953‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪251 -‬‬ ‫هم بين بحري مانها وسرابها‬ ‫شكا الناس من أيامهم بعد فوزها‬ ‫على الحلو والمر الذي في شرابها‬ ‫ولا أشتكي منهم ولست الومهم‬ ‫وشاهد كنه الحال خلف حجابها‬ ‫ومن كشف الأيام كشفي خصالفا‬ ‫عليه وألقى حبله في رقاب(‪)102‬‬ ‫رماها بصبر لا تقيم ظهررها‬ ‫ويقول‪:‬‬ ‫والق الامور بحلم شخصه جبل‬ ‫صك الخطوب بخطب اسمه جلد‬ ‫بما يسرك من تلقانه الرجل‬ ‫وصانع الناس لا نكسا ولاملقا‬ ‫من التجمّل ما تزكو به الخلر(‪)202‬‬ ‫والبس لدهرك إن لم تزك سيرته‬ ‫وقد عرف الشعراء أصحاب الطموح العريض والتطلع إلى الأفضل‬ ‫بصراعهم الدائم مع ما يطلقون عليه الدهر وقي شعر أبي مسلم يلحظ‬ ‫ورود هذه المفردة ورودا يكاد لا تخلو فيه صفحة من‬ ‫القارئ كثرة‬ ‫صفحات ديوانه ونحسب أن هذه المفردة من أكثر المفردات استثرا‬ ‫بقاموسه الشعري‪.‬‬ ‫وهو كثير العناية بهذا الذي تميل إليه النفس‪ ،‬إنه في صراع دائم معه‪،‬‬ ‫يعبر عنه أحيانا الدهر وأحيانا الليالي‪ ،‬وأحيانا الأيام وغير ذلك من الألفاظ‬ ‫الق في هذا المعنى‪:‬‬ ‫فما ألفة الاثنين إلا اعتنى بها‬ ‫خليلي شان الدهر بين مشت‬ ‫جواهر هذا البحر تحت غبابها‬ ‫ولولا ولوع الدهر بالبين لم تزل‬ ‫‪ -‬الديوان ص‪.463‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ -‬الديوان ص‪.903‬‬ ‫‪2‬‬ ‫۔ ‪- 351‬‬ ‫هتوف" شجتها مثلها بغيابها‬ ‫حنينها‬ ‫ولا رجعت فوق الفنون"‬ ‫وطارت أعاصير الفنا بصحابها(‪)302‬‬ ‫ولا خليت دور الفضانل والتقى‬ ‫ومن ذلك هذه الأبيات القوية الي تذكرنا بالشاعر الطموح "أبي‬ ‫طيب المتنبي" قي صراعه الدائم هو الآخر مع الدهر‪.‬‬ ‫أبو مسلم‪:‬‬ ‫يقول‬ ‫كات صبري على لأوانه زلل‬ ‫وللدهر يفري بي حوادثه‬ ‫مالي‬ ‫لقد درى أنه في عينه كحل‬ ‫كات فضلي في عين الزمان قذى‬ ‫ومنهي في العلى في رجله كبل‬ ‫في مقاتله‬ ‫كان همي سهم‬ ‫أمام عزمي ف أعراضه علل‬ ‫إذا نشطت لحقي في العلى عرضت‬ ‫ودون إتمامها الأهوال تشتعل‬ ‫لا أجتي خطة إلآ محالالسة‬ ‫اأجزع لخطتها فالويل واهبل‬ ‫أقول للدهر أرسلها العراك فإن‬ ‫والعسل‬ ‫فقد تساوى لدي الصاب‬ ‫صابا وإن عسلا‬ ‫وهات كاسك إن‬ ‫وطبعه للوفا والفدر محتمل‬ ‫شعث‬ ‫لا آمن الدهر في لين وفي‬ ‫فيماينغصعه الهيابة الركل‬ ‫ما أطيب العيش لولا أن يشاركني‬ ‫دغل‬ ‫إل إذا كان دهري ما به‬ ‫كندر‬ ‫ما به‬ ‫ولست أرتاد ماء‬ ‫صبرا فما كرهت بالخير مشتمل‬ ‫من يعطه الله فيما نفسه كرهت‬ ‫آسيه نبلا وما ينفك ياتكر(‪)402‬‬ ‫أصبحت والدهر من بغضيبه جرب‬ ‫" الفنون‪ :‬أغصان الشجر‪.‬‬ ‫الحمام‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬هتوف‪:‬‬ ‫‪ -‬الديوان ص‪.463 .363 063.0‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ - 4‬الديران‪ .‬ص‪.863-963‬‬ ‫۔ ‪- 451‬‬ ‫والقلق‬ ‫إن الحرب المعلنة بين أبي مسلم والدهر‪ ،‬وإ الصراع النفسي‬ ‫لمتأزم الذي يشعر به‪ ،‬هذه الأحاسيس كلها دفعت به إلى التأمل العميق‬ ‫فيما يدور حوله من أحوال وقضايا‪.‬‬ ‫وأكسبه كلَ ذلك عمقا في التفكير وسدادا في الراي‪ ،‬وبعد نظر في‬ ‫تحليل الأوضاع الحياتية في شتى بالاتها‪.‬‬ ‫دفعه كل هذا إلى اتجحاه آخر طبع شعره بطابع خاص وهو الاتجاه‬ ‫الحكمي‪.‬‬ ‫وهكذا يبدو أبو مسلم ي جملة شعره مؤمنا راسخ الإيمان‪ ،‬متدينا‬ ‫تخلص الدين لله ويحضر على الجهاد فيه{ ذيادا عنه وتمكينا له وإعلاء لكلمته؛‬ ‫مهما عظم فيه الخطب©ڵ وتألبت دونه الشدائد والمحن‪ ،‬فالدين أحق ما يجب‬ ‫الفدام(‪.)502‬‬ ‫فيه البذل‪ ،‬ويهون‬ ‫ففي ديوانه قسم خاص بقصائد الحكمة والموعظة ولعل أجمل قصائده‬ ‫وأعمقها أثرا في هذا مخصصة لهذا النوع من الشعرا أو تأتي ممتزجة‬ ‫بموضوعات أخرى مثل‪ :‬الرثاء والزهد‪ ،‬والتصوف وأبو مسلم يستخدم في‬ ‫الحكمة عادة أسلوب المخاطب الذي قذ يع نفسه وقد يع به أيضا متلقي‬ ‫‪٠‬‬ ‫‏‪. ٥‬‬ ‫سعر‬ ‫قد يلحظ القارئ أن أبا مسلم وهو يصارع الدهر نوعا من الاعتزاز‬ ‫ولكن عند التأمل‬ ‫الناس ادعاء رغرورا!‬ ‫بالنفس والثقة بها‪ ،‬قد يراه بعض‬ ‫‪ - 5‬مقدمة ديوان أبي مسلم والكلمة لعلي النجدي محقق الديوان‪ ،‬ط‪ .‬وزارة التراث‬ ‫القومي‪ ،‬سلطنة عمان‪0041 ،‬ه‪0891/‬م‪.‬‬ ‫‪-= 551 =-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪,‬‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫سمه‬ ‫بنصر ته © وتلك‬ ‫دوما‬ ‫مستجير‬ ‫مقر بضعفه‘‬ ‫نتبين أنه اعتزاز مؤمن بربه‪63‬‬ ‫حظت عند الشعراء الذين يصدرون عن عقيدتهم الإسلامية الصافية‬ ‫طالما لو‬ ‫قي كل ما يفعلون وما يذرون‪ ،‬وهي سمة شعر الفخر عند الشعراء الفقهاء‬ ‫كما يقرر ذلك أحد الدارسين حين يقول عن هذا الشعر إنه «يسير على‬ ‫وتيرة غير الي يسير عليها فخر الذي يستحيل في بعض الأحيان إلى‬ ‫بهلوانية‪ .‬أدعى ما تكون إلى السخرية منها إلى الإعجاب‘ وذلك بما يتضمّن‬ ‫من الادعاء الفار } والتطاول الذي لا حد له في حين أن فخر العلماء‬ ‫ينحو منحى تهذيبيا‪ ،‬ويمثل الاعتزاز بالعلم والهمّة العالية والخلق الكريم‬ ‫ولذلك أدخلناه في الشعر الحكمي‪.)602(» ...‬‬ ‫وللتأكد من هذه الخصيصة عند أبي مسلم يمكن المقارنة بين شعر‬ ‫الفخر عند المتنبي‪ ،‬فعلى الرغم من أن أبا مسلم يبدو متأثرا بالمتبي ولاسيما‬ ‫ي بعض القصائد الي استوحى أجواعها ومعانيها(‪ ،)702‬فإ أبا مسلم يظل‬ ‫متميزا عن المتبي قي هذه الناحية‪ ،‬بأنه م يتجاوز قط ما رباه به الإسلام من‬ ‫تواضع وسماحة‪.‬‬ ‫ولنأخذ له كمثال على ذلك هذه النظرات النافذة في العلم الجدير‬ ‫بالطلب والصفات الي ينبغي أن يتحلى بها والمفهوم الإسلامي للعلم‬ ‫ومكانة العالم عند الله‪ ،‬فإن السعادة الدنيوية والأخروية مرتبطة بالعلم‬ ‫وحده حتى تقوى الله وطاعته لا تكون صحيحة إلا بالعلم يقول‪:‬‬ ‫‪ -‬عبد الله كنونا أدب الفقهاء دار الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت لبنان ط‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪ 489/ 41‬ام‪ .‬ص‪.02‬‬ ‫‪ -‬للمقارنة يرحع إلى ديوان أبي مسلم ص‪.324-034‬‬ ‫‪7‬‬ ‫۔ ‪- 651‬‬ ‫طريق يحار العقل فيه وعير‬ ‫ورافق دليل العلم يهدك إنه‬ ‫على غير علم ضيعة وغرور‬ ‫وفعلك حة المستطاع من التقى‬ ‫على نور علم في الطريق يسير‬ ‫فما زكت الطاعات إلآ لمبصر‬ ‫وأنت إلى علم هناك فقير‬ ‫أتآخر الأعمال جها بوجهها‬ ‫وإلآً فخطا ما حملت كبير‬ ‫وما العلم إلآ ما أردت به التقى‬ ‫سلامته بماإليبه يصير‬ ‫فكم حامل علما وفي الجهل لو درى‬ ‫بها السر حي والجوارح نور‬ ‫وحسبك علما نافعا فرد حكمة‬ ‫وثق منه بالموعود فهو جدير(‪)802‬‬ ‫تعلم لوجه الله واعمل لوجهه‬ ‫إن أبا مسلم يضع لطلاب العلم القاعدة السليمة للانطلاق في طريق‬ ‫لا سببا مهلكا‬ ‫للبشرية‬ ‫مقيدا‬ ‫العلم موصلا إلى الخير‬ ‫حتى يكون‬ ‫العلم‬ ‫والعباد ‪:‬‬ ‫للبلاد‬ ‫هناك غفير‬ ‫وضل به جم‬ ‫كأين رأينا عا لما ضل سعيه‬ ‫لل الباطل الخذلان وهو بصير‬ ‫معارفه بجر ويصرف وجهه‬ ‫من العلم في رأي العيون حقير(‪)902‬‬ ‫وأفلح بالتوفيق قوم نصيبهم‬ ‫إ الشأن ليس في كثرة العلم‪ ،‬وإنما الشأن في التوفيق الذي يصحب‬ ‫سره‬ ‫الله زاده ف‬ ‫جعل تقرى‬ ‫التوفيق إل لمن‬ ‫ولا يكون‬ ‫العلم‪،‬‬ ‫و علا نيته (‪. )012‬‬ ‫‪ - 8‬الديوان‪ .‬صر‪.62‬‬ ‫‪ -‬الديوان ص‪.62‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪ - 0‬ينظر الملحق‪.‬‬ ‫‪-‬۔ ‪=- 751‬‬ ‫الحنين سيث شعره‬ ‫في شعر ابي مسلم الرواحي تصدق المقولة‪« :‬الأديب ابن بيئته» حو‬ ‫وصدق لأن القارئ لشعره يلحظ الحضور الدائم لبيئة الشاعر‪ ،‬والتمثل‬ ‫الحم لها من خلال قصائده‪ .‬ومن المعلوم أت أبا مسلم غادر وطنه إلى‬ ‫زنحبار‪ .‬وهو دون العشرين من عمره! مما يجعلنا نقول‪ :‬إنه عاش في‬ ‫بيئتين مختلفتين كل الاختلاف جغرافية وتاريمًا؛ ونحن لا نعني هنا البيئة‬ ‫الي انتقل إليها (زنحبار)‪ ،‬وإنما نع البيئة الأصلية الن شهدت استهلاله‬ ‫صبيئا‪ ،‬ورافقت خطواته طفلا وملأت عينه بمناظرها الجحميلة يافعا‪.‬‬ ‫وحينما نقول‪ :‬بيئة الشاعر فإنما نعي بها عمان‪ ،‬تلك البيئة الي‬ ‫ترعرع بين أحضانها وتفيًا ظلال نخيلها‪ ،‬تلك البيئة الي شب في وديانهاء‬ ‫وكرع من مياه أفلاجها‪ ،‬وسبح بنظراته في جبالها الشامخة وقممها المتأبّية‪.‬‬ ‫هذه حقيقة مؤكدة لا يمكن للدارس أن يتخطاها أو يتجاوزها‪ ،‬لأنها‬ ‫تتحدًاه في كل بيت قاله الشاعر‪ ،‬وتطل برؤوسها من خلال الألفاظ‬ ‫والمواقف والرؤى‪.‬‬ ‫ولا نعي بالبيئة هنا البيئة الطبوغرافية سهولأوجبالاً‪ ،‬زرعًا ونخيلا‬ ‫سماء وماء وحسب©ڵ وإنما نع به البيئة التاريخية أيضا _ إن جاز التعبير ‪-‬‬ ‫وبعبارة أدق‪ :‬لا نعي البيئة المكانية وحدها‪ ،‬وإنما نعي البيئة الزمانية‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫‪- 851 -‬‬ ‫فأنت حين تقرا شعر أبي مسلم تتحسس يداك عمان متحرّكا‬ ‫برجالاته وتاريخ أبطاله بأحداثه ووقائعه‪ ،‬بقبائلله وعشائرهك ماضيه‬ ‫لم‬ ‫وحاضره‪ .‬على أ أبا مسلم حين أبرز هذه القيم من أعماق تاريخ عمان‬ ‫التقليدية‪ .‬كما تحد ذلك عند بعض‬ ‫يبرزها بطريقة العرض والوصف‬ ‫الشعراء القدامى الذين يستبد بهم الحنين‪ ،‬أو يحرّكهم التذكر‪ ،‬فيقفون عند‬ ‫لتفاصيل الجزئية من مواطن إقامتهم! ومضارب خيامهم؛ حتى أصبحت‬ ‫هذه الطريقة من بعد تقليدًا معروفا عند الشعراء القدامى مِمًا اصطلح عليه‬ ‫بالمقدّمات الطلَليَة‪.‬‬ ‫إ أبا مسلم لا يقف هذا الموقف التقليدي الذي يؤتى به مقدمة من‬ ‫احل الخلوص إلى موضوع آخر هو الذي يعنيه الشاعر‪ .‬كأن يتخلص منه‬ ‫إلى الغزل مثلا ما دام قد ذكر منازل الأحبة‪.‬‬ ‫إن أبا مسلم حين يقف تلك الوقفات نشعر به وكأنه يذوب شوقا‬ ‫وحنيا إتَّه حين يصف أودية غُمان وقبائلها! أو حين يتذكر تاريخ شعبها‬ ‫وأئمّتها‪ ،‬يفعل ذلك استجابة لمشاعر فيَّاضةء وأحاسيس جَّاشة؛ حتى إ‬ ‫بعض وصفه لهذه البينة ليمتزج مع العناصر الشعرية الأخرى" فؤذا‬ ‫بالصورة الشعرية نفسها أو الأسلوب الشعري نفسه مستخرج من هذه‬ ‫البيئة؛ فأصبح تعبيرًا صادمًا للحالة النفسية الن يكون عليها الشاعر في‬ ‫حالات وجد تشبه حالات الوجد الصوف‪ .‬ويما أننا سنقف وقفات متأنية‬ ‫عند ظاهرة الحنين عند أبي مسلم فإئّنا نحيل القارئ الكريم إلى قصيدتين‬ ‫تمنلان هذه الظاهرة عنده وهما‪ :‬قصيدة "الفتح والرضوان" و"النهروانيّة"‪.‬‬ ‫‪-‬۔ ‪- 951‬‬ ‫ومن هنا إ الحنين بقسميه المكاني والزمانيٌ يغدو من أقوى‬ ‫الاتجاهات في شعر أبي مسلم حنين إلى عمان ال كتب عليه أن يعيش‬ ‫ثلثي حياته بعيدًا عنها‪ ،‬وحنين إلى تاريخ عمان الذي يرى فيه جزءا من‬ ‫نفسه‪ ،‬ومثالية لشخصيته‪.‬‬ ‫وكل ما يبعث إلى‬ ‫الأبدي إلى الوطن‪،‬‬ ‫هذا الحنين الدائم‪ ،‬والشوق‬ ‫لأن الشاعر عندما يندفع‬ ‫الوطن بصلة طبع شعره في هذا الاتجاه بالصدق‬ ‫إلى الكتابة فيه يندفع بباعث داخلي‪ .‬واستجابة هاجس نفسى لا يزال‬ ‫متونبًا بين حناياه لا يعرف الهدوء ولا السكينة حتى ينس عن كربته عن‬ ‫طريق الشعر وكأن الشعر عندئذ يغدو متنفسا طبيعيا لهذا الجيشان الذي‬ ‫تضطرب به أحناؤه؛ ومن ثم فلا كل نأمة أو حركة أو منظر له علاقة‬ ‫بوطنه _ قد تكون هذه العلاقة حسية أو معنوية _ تستطير في فؤاده‬ ‫نوازع التذكر والحنين‪.‬‬ ‫فالبرق إن لاح من أفق الوطن يتحول إلى نار تلهب أحشاءه! حتى‬ ‫ولو نزل بعدها الماء الغزير‪ ،‬والغدير النمير‪.‬‬ ‫فما لطرفك يا ذا الشجو وسنان‬ ‫تلك البوارق حاديهن مرنان‬ ‫عيني‪ .‬وشبت لشجو النفس نيران‬ ‫إن هيج البرق ذا شجو فقد سهرت‬ ‫يبرق حسبك مافي الأرض ظمان(‪)112‬‬ ‫وصير البرق جفني من سحانبه‬ ‫إ الحنين إلى الوطن يفجر الدموع في عينه كما يفجر البرق الأمطار‬ ‫في السحب©ؤ وفي شرق إفريقيا _ بحكم وجودها في حط الاستواء _ تغدو‬ ‫‪.992‬‬ ‫‪ -‬الديوان© ص‬ ‫‪1‬‬ ‫‪-= 061 -‬‬ ‫الأمطار فيها منهمرة‪ ،‬والسحب ساحة‘ ولكن إذا كان الناس بحكم العادة‬ ‫يهللون ويفرحون‘ ولا سيما في المناطق الجافَة‪ ،‬لقطرة ماء تنزل من السماء‪،‬‬ ‫فت كل ذلك لا يع أبا مسلم‪ ،‬وهو يعيش في أرض ليست له أرضًا‪ ،‬بل‬ ‫إنه ليضن بدموعه أن تذرف على موطن ليس هو الموطن الذي بناه ورباه‪.‬‬ ‫أرض وما هي لي يا برق أوطان‬ ‫إني أش بدمعي ان يسم على‬ ‫للى معاهد لي فيهن أشجان‬ ‫هبك استطرت فؤادي فاستطر رمقي‬ ‫وهمي وسط ضميري الآن سكان‬ ‫تلك المعاهد ما عهدي بها انتقلت‬ ‫بلى‪ .‬كم افزقت روح وجثمان‬ ‫نايت عنها‪ .‬ولكن لا أفارقها‬ ‫وهن بين جنان الخلد بطنان‬ ‫وكيف أنسى عهودي في مسارحها‬ ‫نعم لدي لذا السلوان سدوان(‪)212‬‬ ‫أم كيف يمكن سلواني فضانلها‬ ‫لغة الحنين عند أبي مسلم لا تخضع للمقاييس المكانية والزمانيَة‬ ‫المعروفة إت عاطفته الجياشة تخرق كل هذه القوانين‪ ،‬وتتجاوز ك إ‬ ‫اللسافات‘ ليصبح البعيد قريبًا‪ ،‬والقريب بعيدا‪ .‬إ المسافة المكانيئّة الي‬ ‫تفرق بين غُمان وزنحبارك إن أثرت في البعد المادي للجسد فإنها لن‬ ‫تستطيع أبدا أن تؤثر في البعد المعنوي للنفس‪ ،‬حمى إ المعاهد والمرابع‬ ‫والمواطن الي يشتاق إليها في عمان لم تنتقل عنه و لم تبعد‪ ،‬لسبب بسيط‪،‬‬ ‫وهو كونها حاضرة أبدا بين حناياه‪ ،‬ماثلة بين ناظريه‪ ،‬حيَّة في أعماقه‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الديران‪ ،‬ض ‪.992-003‬‬ ‫‪-‬۔ ‪- 161‬‬ ‫وهذا الحضور الدائم للوطن في أعماق الشاعر هو الذي ضخم مأساة‬ ‫الاغتراب لدى الشاعر فأصبح لا يرى ببصيرته‪ ،‬ولا يتطلع إلى التشوؤف‬ ‫بإنسان عينه‪ ،‬وإما يتطلع إلى المعايشة بكل خلجات نفسه‪.‬‬ ‫إن شاق غيري آرام وغزلان‬ ‫معاهد شاقني منها محاسنها‬ ‫إن باء بالحب في الاوطان إيمان‬ ‫فها على القلب ميثاق يبوء بها‬ ‫لايغلب القدر المحتوم إنسان‬ ‫نزحت عنها بحكم لا أغالبه‬ ‫حي قضى خلفته بعد أحزان‬ ‫كائني واغتزابي والفرام بها‬ ‫مثل الخيال وروحي نم جنمان‬ ‫هي النوى جعلتني في محاجرها‬ ‫رزغمي؛ وليس للى الزياق إمكان(‪)3!2‬‬ ‫أعيش في غربة عيش السليم على‬ ‫إن أبا مسلم يكابد شوقا مبرحًا عظيمّا‪ ،‬ويعاني واقعا على النفس‬ ‫أليما‪ ،‬فقد تحول الشوق المتأجّج في أحشائه إلى وطنه صلة روحية قوية‬ ‫صارت مع مرور الأيام عهدا وميناقًا‪ ،‬ولكن المأساة أت الشوق يزداد هبًا‬ ‫كلما أحس أن العوائق الي أبعدته عن وطنه تزداد حلقاتها استحكامًا‪ .‬وما‬ ‫كان ليرضى بهذا الواقع الممض لولا إيمانه القوي أت هذا قدره المحتوم والقدر‬ ‫المحتوم لا يغالبه الإنسان‪.‬‬ ‫وإذا تعود الشعراء أن يتحرك حنينهم إلى الأوطان لأغراض حسية‬ ‫بعضها الشوق إلى الأحبة والحبائب الي رمز إليها _ على عادة العرب‬ ‫بالآرام والغزلان‪ ،‬فا الذي يحرك الشوق في قلب أبي مسلم المحاسن لا‬ ‫‪.0‬‬ ‫‪ -‬الديوان ص‬ ‫‪3‬‬ ‫‪- 261 -‬‬ ‫الحسن والمآثر لا الآثار‪ ،‬والمعاني لا المباني‪ ،‬لأثً الذي يربطه بهذا الوطن‬ ‫أسمى وأعمق من أن يتمغل في طلل بال‪ ،‬أو غزال أهيف‪.‬‬ ‫ومن هنا يصبح الشاعر أمام معادلة صعبةا أطرافها الأساسيسَة‪:‬‬ ‫الشاعر والغربة‪ ،‬والشوق الملتهب‪ .‬إد الشاعر أبا مسلم بين طرفين‬ ‫متجاذبين‪ ،‬الغرام بالوطن من جهة\ والغربة الحادة المؤلمة من جهة؛ وهو بين‬ ‫الطرفين ممرَقَ الأحشاء حسة بلا روح بل إنه الميت الحي! أو الحي‬ ‫اليّت‪ ،‬إنه أشبه شيء بالملدو غ الذي لا يجد إلى الترياق سبيلاً وهو يتقلب‬ ‫يموت موتا بطيئا فهو بين أنياب‬ ‫على فراش الا لم‪ .‬سيظل _ والحال هذه‬ ‫الأ لم الحاد يمضغه مضاء وهو بين الجزع من الموت المحتوم الذي يراه متقدما‬ ‫نحوه شيمًا فشيئًا‪ ،‬ولا يجد له شافيا أو منقذًا‪ .‬هكذا يجسّد أبو مسلم الحنين‬ ‫من خلال صورة نفسية حية تنبض بالمشاعر‪ ،‬وتتحرك بالأاحاسيس‪.‬‬ ‫مثل الخيال وروحي ثم جثمان‬ ‫هي النرى جعلتني في محاجرها‬ ‫كأر الغربة ليس لها في عباد الله هدف سوى أبي مسلما فوضعه في‬ ‫محاجرها قصدا ومعاينة! حتى أصبح مثل الخيال ضعمًا وشوقا‪ ،‬بل حنى‬ ‫انفصل روحه عن جسده‘ فليس يعيش معه في زنجبار سوى شبح من‬ ‫حسده لأ روحه حين استقرت بعمان كأنها بذلك نقلت معها جثمانه‬ ‫أيضًا؛ وهذه صورة نفسية وتعبير دقيق قلما رأيناه لغير الشاعر‪.‬‬ ‫إ هذا الحنين الجارف إلى وطنه غُمان هو الذي ولد في أعماق‬ ‫الشاعر هذه الصورة التعبيرية المختلفة‪ .‬وهو موقف تختلف تماما مع موقف‬ ‫بعض الشعراء المهاجرين الذين آثروا زنجبار على وطنهم كما يقول أبو‬ ‫۔ ‪- 361‬‬ ‫وسيم حميس بن سليم الأزكاني‪ ،‬من شعراء القرن الثالث عشر والرابع عشر‬ ‫المجريين ‪:‬‬ ‫دار صفا حسنها في السر والعلن‬ ‫آثرتها حين نادتني على وطني‬ ‫طف الكرى في اللجا عن وجهها الحسن‬ ‫تلك الديار التي لا زال يكشف لي‬ ‫والدمن‬ ‫الأرجاء‬ ‫طيبة‬ ‫أفياء‬ ‫ال‬ ‫شاملة‬ ‫مباركة الأقدار‬ ‫أرض‬ ‫طويل لمحاسنها‪:‬‬ ‫ال أن يقول بعد رصف‬ ‫لافي العراق ولا في الشام واليمن(‪)412‬‬ ‫خير القرى باتفاق لا نظير ها‬ ‫أما أبو مسلم فيكفي أن يحرك الأ لم في قلبه والشوق في أعماقه برق‬ ‫بلوح من أفق غُمان حتى يذرف الدمع مدرارًا‪ .‬وينصرف بجسمه وروحه‬ ‫عن زنحبار ومحاسنها‪:‬‬ ‫وليت انطفاء البرق للغرب عاصم‬ ‫إذا لاح برق سابقته مدامعي‬ ‫ققلبي برغم الشحط(‪ )5!2‬فيهن هانم‬ ‫لئن خانني دهري بشحط معاهدي‬ ‫وسانل في شرع الهوى ولوازم‬ ‫وإث هيام القلب فيها وقد نات‬ ‫فعلن إذا ازدادت عليه اللوانم‬ ‫والجوى‬ ‫فيالفؤادي ما التباريح‬ ‫أمض بها ممًا تمج الأراقم(‪)612‬‬ ‫على أ ذكر النفس عهدا ومعهدًا‬ ‫‪ - 4‬المدخل إلى دراسةالأدب في غُمان‪ ،‬ص ‪.842‬‬ ‫‪ - 5‬الشحط‪ :‬البعد‪.‬‬ ‫‪ -‬الأراقم‪ :‬الثعابين‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬۔ ‪461‬‬ ‫فاني بحجب القوم ولهان هانم‬ ‫جيرتي‬ ‫خذا عللا لي عن احاديث‬ ‫فذكرهم عندي رقى وتمانم(‪)712‬‬ ‫ولا تسلما عقلي إلى هيمانه‬ ‫ث براعة أبي مسلم تتمعل في استطاعته البارعة في أن يسلك صوره في‬ ‫خيط نفسي يربط بين المعاني والأخيلة برباط محكم" ويعود مرة أخرى إلى‬ ‫البرق الذي افتتح به القصيدة ليقدم بين أعيننا لوحات فتّيّة تعبيرية‬ ‫أخرى‪:‬‬ ‫فكل حظي تحريك وإسكان‬ ‫يا برق حرك همومي إن تكن سكنت‬ ‫وناشط الهم لا تزويه أرسان‬ ‫واصبره‬ ‫ما زال ينشط بي همي‬ ‫التام) (فالطف)" حياهن هتان‬ ‫يا برق هل والحنايا من رضعاضع) فال‬ ‫وهل قطين ربعليا قاعر) بانوا‬ ‫وهل ذرى رالقفص) رفالمقراة) معشبة‬ ‫والدهر في غفلة والشهب إخوان(‪)812‬‬ ‫عهدي بها ونضير العيش يصحبها‬ ‫إن الشاعر هذه المرة لا يهدأ حالا‪ ،‬ولا يق خاطرا‪ ،‬إلا إن سأل عن‬ ‫أماكن معينة يذكرها بأسمائها وعن أصدقاء معروفين صافاهم الود‬ ‫حقبة‪ ،‬وهكذا ارتبط بها وارتبطت به‘ ومن أجلها أحب وطنه عمان‪،‬‬ ‫وأحب أهليه وسكانه‪.‬‬ ‫روح الفضيلة لا رند وريحان‬ ‫نشات فيها وروضاتي رمرتبعي‬ ‫وعرفان(‪12 9‬‬ ‫صدق‪ .‬وقصد‪ .‬ومعروف‪.‬‬ ‫فيبهرني‬ ‫أرتاح فيها إل خل‬ ‫‪ - 7‬الديوان‪ ،‬ص ‪.613‬‬ ‫‪ - 8‬الديوانى ص ‪.003‬‬ ‫‪ - 9‬الديوانث ص ‪.003‬‬ ‫‪-‬۔ ‪- 561‬‬ ‫ففي مزج جميل بين الجلال والجمال‪ ،‬بين جلال الموقف والتغني‬ ‫بالقيم‪ ،‬وجمال الرؤية الفنية باستخدام الصور المعبرة يوازن أبو مسلم بين‬ ‫عناصر الشعر‪ ،‬مستوحيًا كل ذلك من ليمانه العميق‪ ،‬وحسه الفنى الرهيف©ؤ‬ ‫فهو حين صور ما يشدُه إلى تلك المعاهد الي ذكرها بأسمائهاء رغم نضارة‬ ‫العيش في أفيائها لم يتذكرها لهذه الاعتبارات الماديئة الدنيويئةش وإنما يحن‬ ‫إليها لما تحمله بين جنباتها وظلالها من قيم معنوية وأخلاق إسلامية عالية‪.‬‬ ‫أو لم يقل‪:‬‬ ‫وزيحان‬ ‫روح الفضيلة لا رند‬ ‫نشات فيها وروضاتي ومرتبعي‬ ‫إن روضاته ليست أجنة وبساتين (فقد تكون هذه فني زنحبار حيث‬ ‫يعيش مغتربًا) وإما هي جنائن من الفضيلة والقيم‪ ،‬جمعها وفصلها في‬ ‫قوله‪:‬‬ ‫صدق وقصد ومعروف‪ ،‬وعرفان‬ ‫فيبهرني‬ ‫ازناح فيها للى خل‬ ‫قد يكون هذا الخل هو زميله في الدراسة الشيخ العلمة أحمد بن‬ ‫سعيد بن خلفان الخليلي كما يذهب إلى ذلك بعض الشارحين‪ ،‬ولكن‬ ‫سيظاُ هذا الشيخ في حد ذاته رمرًا من رموز الوفاء والأخلاق العالية الي‬ ‫انتقدها في مهجره‪ ،‬وتضخّمت حاجته إليها في دار غربته‪.‬‬ ‫ويصبح هذا البيت بالذات _ الذي هو لحمة الصلة بين الحنين إلى‬ ‫البيئة المكانية‪ 5‬والحنين إلى البيئة الزمانمَّة _ ملمحًا فنما بارعا للتخلص من‬ ‫لوحة جسد فيها عمان جغرافيا إلى لوحة يقدم فيها عمان تاريخيا‪.‬‬ ‫‪-= 661 -‬‬ ‫نقلة فنية دقيقة يتحول فيها الحديث عن ذاته ونفسه إلى الحديث‬ ‫عن أهله وذويه‪ ،‬ليكمل بها أجزاء اللوحة العمانية حيث يتحدث عن قومه‬ ‫بي جلدته قبيلة قبيلة‪ .‬وعشيرة عشيرة ذاكرا محاسن الكل ومميزات‬ ‫الجميع‪ ،‬لأهم جزء من عمان الحاضر والماضي‪ ،‬جزء من الحضارة اليي‬ ‫بجسمها الأفراد‪ ،‬والأفراد هم الذين يكونون الجماعات المتضامنة هؤلاء‬ ‫الإخوان الذين يصفهم بكلمة واحدة ولكنها معبرة تحمل في طياتها ك إ‬ ‫معاني السمو والرفعة‪ ،‬إنهم كالشهب علاء ونورا وضياء وصفاء‪...‬‬ ‫وكل ما تشاء من الصفات العالية والخلال الكريمة؛ وذلك أيضا ما جعل‬ ‫الغربة قي نفس أبي مسلم قاسية مريرة‪ ،‬إذ لو كان الأمر متعلقا بالمناظر‬ ‫الطبيعية الجميلة لما وجد خيرًا مِمًا تمتعت به زنحبار _ على حد ورصف‬ ‫الشاعر الأسبق الأزكاني _ لكرة الذي افتقده أبو مسلم ليس الجدول‬ ‫الرقراق المنساب في الأرض وإنما الجدول الرقراق المنساب بين حنايا‬ ‫‪ .‬الإخوان الأصفياء‪ ،‬وليست الخضرة في الغابات والرياض بل الخضرة المنيعثة‬ ‫من قلوب الإخوان دفئا وحنانا‪ ،‬ولاء ووفاء؛ لذا فإة المناظر الطبيعية قد‬ ‫توجد هنا أو هناك‪ ،‬لك الذي لا يعوض إطلانًا هم الإخوان الأصفياء‪.‬‬ ‫هناتيقنت أد اللهر خوان‬ ‫فحال حكم النوى بيني وبينهم‬ ‫حرا وحتى م ضبم الحر إحسان؟‬ ‫حتى م يا دهر لا تبقي على بشر‬ ‫فب عهدي وللحالات ألوان‬ ‫أمد‬ ‫أكل رأيك حربي؟ أم لها‬ ‫ففي سجونك للميدان فرمان(‪)022‬‬ ‫حل العقال وأطلقني إلى سعتي‬ ‫‪ - 0‬الديوان‪ .‬ص ‪.003‬‬ ‫‪- 761 =-‬‬ ‫إت التمايز بين الحنين عند الشعراء القدامى وبين أبي مسلم واضح إ‬ ‫الشعراء يحنُون إلى معاهد حبيباتهم حيث يذكرهم كل حجر أو أثر بحديث‬ ‫على ضوء القمر‪ ،‬أو مناجاة عذبة في ليلة سمر‪ ،‬فيوغلون في وصف الأشياء‬ ‫دون أن يجسّدوا أحاسيسهم نحوها‪.‬‬ ‫أسا أبو مسلم فالمعاهد الي يشتاق إليها ترتبط بالمآثر والمفاخرك‬ ‫وتتجسّم فيها المشاعر رالشعائر‪ ،‬لذلك صعب عليه فراقها‪ ،‬لأ أهلها الذين‬ ‫حنينًا إلى‬ ‫كانوا بها أصبحوا في ذمًّة التاريخ‪ ،‬مِمًا جعل الحنين حنينين‪:‬‬ ‫المعاهد» وهي تمل البعد المكانيئَ؛ وحنينًا إلى ساكنيها الذين طواهم الزمنك‬ ‫وهم يملون البعد الزماني‪ .‬إن حنين أبي مسلم على حد تعبيره هو حنين إلى‬ ‫المهد والمعهد‪ ،‬إلى الأرض والأمة‪.‬‬ ‫أقامت بنجد‪ .‬أو حوتها التهانم‬ ‫ح‬ ‫ليلى ) لبا ن‬ ‫خليلي ما تذكار‬ ‫صبا ودبور أو بكتةالغمانم‬ ‫ولا ربعها العافي عليه تناوحت‬ ‫مفيفيلة باغم‬ ‫خخش‬ ‫لتاع‬ ‫ا ار‬ ‫كما‬ ‫كاعب‬ ‫ييدحباء‬ ‫غفن‬ ‫وللا ش‬ ‫فبان الهدى في إثرهم والمكارم‬ ‫ولكن شجاني معهد بان أهله‬ ‫وإن زمجرت للجور حينا زمازم‬ ‫هو المعهد الميمون أرضنا وأمة‬ ‫سقت من إمام المرسلين المراحم‬ ‫هو المعهد المطمور بالرحمة التي‬ ‫ذذا جاء يوم الحشر والكر هائم‬ ‫سيكثر ورادا على الحوض أهله‬ ‫وتكذيب جل الشاهدين مقاوم‬ ‫لقد صقوا المختار من غير رؤية‬ ‫بدعوة خير العاملين المكارم(‪)122‬‬ ‫النك قومي باركتهم وارضهم‬ ‫‪.71‬‬ ‫‪ -‬الديوان© ص‬ ‫‪1‬‬ ‫‪- 861 -‬‬ ‫هكذا يتجلى لنا بوضوح كيف تغدو النفحة الشعرية عند أبي مسلم‬ ‫رؤية يشملها الدين الإسلامي إنها المنطلق لكل احاسيس الشاعر» حتى‬ ‫شوقه إلى وطنه فمن أجل ما تميز به هذا الوطن من بركات‘ وما خصه به‬ ‫الرسول الكريم من دعوات" حين لنى بنو قومه نداء الإسلام على ظهر‬ ‫الغيب دون أن يشاهدوا الرسول الكريم" ودخلوا الإسلام دون مقاومة أو‬ ‫قتال‪ ،‬قي حين رفع من شاهده وجاوره العداوة والسيف في وجهه؛ وهذا‬ ‫الإحساس الديم هو الذي ضخم من مأساة اغترابه في زنجبار بعيدا عن‬ ‫وطنها لأنه لا يمد إلى المشاركة في نصرة الدعاة إلى الإمامة سبيلاً؛ إن‬ ‫حنينه حنين سيف إلى الجهاد ألزمته الظروف أن يبقى في قرابه عاجرًا عن‬ ‫أداء مهمته الق من أجلها خلق‪ ،‬كما يصرح بذلك قائلا‪:‬‬ ‫وبي كبس كالطود في النفس جاثم‬ ‫افارق في إفريقيا عمر عاجز‬ ‫أو الخصم مظلوم أو الحق ظالم‬ ‫كاتي كهيم(‪ )222‬الطبع‪ .‬أو قاصر الوفا‬ ‫يامان أجاد وسيفي نانم‬ ‫وتسرى سيوف الله في جنب خصمه‬ ‫توادد في ديانلها رتصارم‬ ‫أبية‬ ‫أسد‬ ‫تجرًدها‬ ‫فتمسحها حور الجنان النواعم‬ ‫وترمي بقايا الصالحين نجيعها‬ ‫وأقعد خشوا على مبرك الونى(‪ )322‬ويحكمني عن غاية القوم حاكم‬ ‫على أ‪٥‬‏ بين والناياتلازم‬ ‫أليس احتساء الموت أحجى بالتي‬ ‫إحابة لطلب الصحابي مازن بن غضوبة السعدي الذي يقال‪ :‬إئه كان أول من أسلم‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫من العمانيين على يد رسول الله ‪.7‬‬ ‫‪ - 2‬كهيم‪ :‬لا يقطع‪.‬‬ ‫‪ - 3‬مخشوشا على مبرك الونى‪ :‬أي مقهورًا كالبعير في أنفه الخطام‪.‬‬ ‫‪-‬۔ ‪- 961‬‬ ‫وأقعد عن تأذينه أتصامم‬ ‫ينادي لإحدى الحسنيين مؤذن‬ ‫وهل في سوى الفردوس يخلد نانم‬ ‫أدون فتوح النصر ترضى دنيسة‬ ‫وأصحابه إل الشراة الصماصم‪422:‬‬ ‫وهل حمدت في الأرض بعد حمد‬ ‫إن هذا الموقف من أبي مسلم يذكرنا بمواقف الشراة فعلا‪ .‬هؤلاء‬ ‫الأجداد الذين طالما افتخر بهم واعترً مبادئهم" وآمن بعقيدتهم؛ حمى إد‬ ‫الدارسس ليلمس هذه الآثار واضحة جلية في شعره‪.‬‬ ‫ألا يذكرنا حنين أبي‪ .‬مسلم إلى الجهاد بحنين الشراة‪ ،‬حين يظهر في‬ ‫تطلعهم النوعي إلى الموت نغمة أخرى هي نغمة تأنيب النفس ولومها على‬ ‫التقصير بالواجبات ڵ والتفريط بحق الإخوان‪ ،‬وقد أشار إلى هذا التلوم‬ ‫النفسي الدكتور إحسان عباس في مقدمة كتابه‪" :‬شعر الخوارج"‪ ،‬ويظهر‬ ‫ذلك في كثير من أشعارهم حسرة وندما‪ ،‬وتبرما بطول العمر وتأخر الأجل‪.‬‬ ‫يقول عروة بن أدينة(‪: )522‬‬ ‫إذا ما الفتى لاقى الحمام كريما‬ ‫لعمرك ما بالموت عار على الفتى‬ ‫أحال عليه أن بموت ذليل<‪)622‬‬ ‫ولكما ضر الحياة وعارها‬ ‫ويقول آخر‪:‬‬ ‫وهم لدياحبئةأبرار‬ ‫إليهم‬ ‫ولقد مضوا وأنا الحبيب‬ ‫يافهف كيف يفوتني المقدار(‪)722‬‬ ‫قدر يخلفني ويمضيهم به‬ ‫‪ -‬الديوان‪ .‬ص ‪.913‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪ - 5‬ينظر شعر الخوارج ص ‪.25‬‬ ‫‪ - 6‬شعر الخوارج ص ‪. 25‬‬ ‫‪ - 7‬المصدر السابق‪.‬‬ ‫‪- 071 -‬‬ ‫ويقول آخر ومعنى بيته قريب مما جاء عند أبي مسلم‪:‬‬ ‫لخنصاري(‪)822‬‬ ‫أشكو للى الله خلذلاني‬ ‫وأخذهم‬ ‫أرجُيهم‬ ‫صدق‬ ‫إخوان‬ ‫وتوقا إلى النعيم الأبدي والرضوان الخالد‪.‬‬ ‫}‬ ‫"و‪9 ‎‬‬ ‫‪020‬‬ ‫"‪0 ٧٥‬‬ ‫‪.%.‬‬ ‫‪.%‬‬ ‫‪0٧‬‬ ‫‪ - 8‬ينظر أحمد سليمان معروف‪ :‬قراءة حديدة‪ .‬ص ‪ 483‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪- 171‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الرثاء ث شعره‬ ‫من‬ ‫لا نحب ان نطوي هذه الصفحات دون الوقوف على جانب ها‬ ‫جوانب شعر أبي مسلم ألا وهو الرثاء‪ ،‬هذا الفن الذي أعطاه حرا من‬ ‫شعره لعلاقته الوطيدة بمشاعره‪ ،‬وهو نابع من أحاسيس صادقة‪ ،‬متفجرة عن‬ ‫مشاعر الحزن وفقد الأحبة‪ ،‬إئّه إحساس تمتزج فيه مشاعر الأنا والآخرك‬ ‫حزن أبي مسلم ولو كان مركزه القلب‪ ،‬والدافع إليه جحيشان داخلي إلأ‬ ‫أه من جانب آخر تعبير عن الإحساس الحمعي‪ ،‬لأ أغلب الذين رثاهم‬ ‫أبو مسلم غمد في بحتمعاتهم‪ ،‬وركائز من أوطانهم؛ ففقدهم عندئذ ليس‬ ‫فراغا يبقى في تلك المجتمعات أو الأوطان فحسب©ؤ وإنما هو فراغ في رقعة‬ ‫الملة الإسلامية‪.‬‬ ‫فهذا الإمام الشيخ امحمد بن يوسف اطفيئّش الجزائري! أحد أقطاب‬ ‫الحركة الإصلاحية والتجديد الفكري الإسلاميئ لدى الإباضية شرفا‬ ‫ومغربًا (ت‪١419 :‬م)‪.‬‏‬ ‫وهذا الإمام الشيخ نور الدين السالوم‪ ،‬باعث النهضة العلمية‬ ‫والإصلاحيَة في القرن الرابع عشر في غُمان (ت‪419 :‬ام)‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أ لأبي مسلم مرثيات في شخصيات سياسيتَة‬ ‫أخحرى‪ ،‬ولكنها لا ترقى من حيث الصدق الفني والموضوعي مرثياته‬ ‫للعلماء والمصلحين‪ ،‬إحساسا بلوعة الفقد‪ ،‬وعظم المصاب‪.‬‬ ‫‪- 271 -‬‬ ‫ومن هنا فمرثياته تلك تسلك في الضمير الجمعي العام الذي يصور‬ ‫فيه الشاعر من خلال إحساسه بالفقد والفراغ إحساس أمته الإسلامية من‬ ‫حوله أولا وقبل كل شيء؛ ولذلك نلحظ كثرة دوران المعجم الشعري في‬ ‫هذه القصائد حول الدين الإسلامڵ المنّة‪ ،‬الشريعة العلم‪ ،‬الأمة وغير‬ ‫ذلك‪..‬‬ ‫يقول في رثاء الشيخ اطفيّش‪:‬‬ ‫والأرض مظلمة والدهر في خبل‬ ‫تمضي وترك هذا الدين في جزع‬ ‫يهدي إليها ومن يحمي من الفيل‬ ‫من للحنيفة ياقيامها علم‬ ‫ومن يسدد فيها موضع الخلل‬ ‫من للشريعة قد قامت قيامتها‬ ‫وقمت فيها مقام السيف في الخلل‬ ‫قد كنت فيها مكان الروح في جسد‬ ‫للسالكين كؤوس العل والنهر(‪)922‬‬ ‫من للطريقة من يصفي مشاربها‬ ‫فمصبية الفقد عظيمة لأنها مصيبة في الدين والحنيفيّة والشريعة‬ ‫والطريقة‪ ،‬وكلها مدلولات تعبر عن شيء واحد‪ ،‬هو الأمة الإسلامية‪.‬‬ ‫وقد يستخدم لفظة مباشرة أخرى كأن يقول‪:‬‬ ‫وللكآبة فعل السيف والأاسل‬ ‫يا راحلاً عن بني الإسلام تاركهم‬ ‫وماوراءك للإسلام من بدل(‪)032‬‬ ‫مرتحلا‬ ‫فوا مصاباه إن وعت‬ ‫ون رثاء الشبع اطفيّش قال ف قصيدة أحرى" موحدا على الموقف‬ ‫ذاته‪ ،‬والرؤية عينها‪:‬‬ ‫‪.883‬‬ ‫‪ -‬الديوان‘ ص‬ ‫‪9‬‬ ‫‪.193‬‬ ‫‪ -‬الديرانث ص‬ ‫‪0‬‬ ‫‪- 371 -‬‬ ‫فديتك ما عن ذا الحمام محيد‬ ‫ملكه‬ ‫فياقطب هذا الدين يا غوث‬ ‫وأدعوك لا تبعد وأنت بعيد‬ ‫تقرب من مولاك قربا مؤبًدا‬ ‫وأوجه أيام السعادة سود‬ ‫ثاكل‬ ‫ترخُلت فالإسلام مقلة‬ ‫وقد لويت فوق القيود قيود‬ ‫فقم يا سيّد العرفان والجهل عامر‬ ‫ومابينا هادإليهنهود‬ ‫سدولله‬ ‫أتتزكنا والليل مرخ‬ ‫عرا الشمس من إشراقه حهود(‪132‬‬ ‫وإن كنت قد خلفت فينا أشعة‬ ‫ويقول‪:‬‬ ‫يروق نضير أو يلذ رغيد‬ ‫محمد‬ ‫ابعد مليك الاولياء‬ ‫كما نكست للدين فيه بنود‬ ‫ألا تلبس الأكوان فيه حدادها‬ ‫عظيم وأن الحزن فيه شديد(‪)232‬‬ ‫عزاء بني الإسلام أنة مصابكم‬ ‫وكانت نكبة الشاعر بالإمام نور الدين السالمئّ عظيمة‪ ،‬فمكانة الإمام‬ ‫ومن العالم الإسلامي بعامة كبيرة‪ ،‬إذ يعتبر باعث‬ ‫من عمان بخاصة‬ ‫النهضة العلمية والاجتماعية في القرن الرابع عشر الهجريَ؛ ومن ثم نجد أبا‬ ‫مسلم يكرر تأؤهاته الحادة الق صعدها قبل حسرات على فقد الشيخ‬ ‫اطفيّش‪ ،‬ومما زاد من هول المصاب أن ينكب الشاعر فى صديقيه الواحد‬ ‫تلو الآخر‪ ،‬وليس بين موتهما سوى شهور قليلة‪.‬‬ ‫يقول في فقدان الإمام السالمئ‪:‬‬ ‫‪.5‬‬ ‫الديوان© ص‬ ‫‪-‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪.8‬‬ ‫‪ -‬الديوان© ص‬ ‫‪2‬‬ ‫‪-= 471 -‬‬ ‫من ذا تركت لدولة الاحرار‬ ‫يا من أذاب الصخر حر مصابه‬ ‫توزيعك الطاعات في الأطوار‬ ‫الأسى‬ ‫وزعت بين الدين والوطن‬ ‫ثابت إليك بها ذرو الأبصار‬ ‫مخلص‬ ‫ودعوت في الإسلام دعوة‬ ‫من أسد ذي يمن وأسد نزار‬ ‫وهبية‬ ‫ثابت إليك عصانب‬ ‫من حب ربهم وخوف النار‬ ‫حنيت ضلوعهم على جمر الفضى‬ ‫الشاري(‪)332‬‬ ‫اربخ بيتهم ونعم‬ ‫باعوا مرضاة الإله نفوسهم‬ ‫والتقى©‬ ‫ند المفجو ع ‪.‬ععوت السالمي الإسلام‬ ‫وفي مطلع قصيدة أحرى‬ ‫رالعلم‪ ،‬والعمل والدين‪:‬‬ ‫ززئ الاسلام بالخطب الجلل‬ ‫نكس الاعلام يا خير الملل‬ ‫قد أصيب العلم‪ .‬واغتيل العمل‬ ‫التقى‬ ‫وانثر يا دمع أجفان‬ ‫انبتر(‪)432‬‬ ‫ب حبل الدين بالامس‬ ‫وانفطر يا قلب واستقص الأسى‬ ‫لأمته الإسلامية[‬ ‫حا‬ ‫التقي المنتفض‬ ‫لأبي مسلم الورع‬ ‫وح‬ ‫أن يقول‪:‬‬ ‫لا ضعفًا ولكن إشفائاء‬ ‫الهلاك على مصيرهاا{‬ ‫الجاز ع إلى حد‬ ‫فيك ماأشرق نجم أوأفل‬ ‫سيد العرفانذ دهري مأتم‬ ‫ولساني حذه يفري الجبل‬ ‫أخرس الهول لساني في الرثا‬ ‫بهنيثالك عيششالايفل‬ ‫ما هننت العيش مذ فارقته‬ ‫صدمة الدين أر نقص الكمل‬ ‫ما هناء المؤمن الحق على‬ ‫وخبر(‪)532‬‬ ‫وارتفاع العلم هلك‬ ‫الفلما‬ ‫يرفع العلم برفع‬ ‫‪ - 3‬الديوان" ص ‪. 304‬‬ ‫‪ - 4‬الديوان‪ .‬ص ‪. 704‬‬ ‫‪. 014‬‬ ‫‪ -‬الديوان ص‬ ‫‪5‬‬ ‫_ ‪- 571‬‬ ‫من هذه النماذج القليلة نلحظ أن الرثاء عند أبي مسلم دافعه ذاتئ‬ ‫يتميز بالصدق‪ ،‬لا يتسم بالإنتحاب والعويل كما نلحظ ذلك في كثير من‬ ‫المراثي الشعريّة} بل يتسم بممسحة من الحزن الهادئ‪ ،‬والتفجُع الصامت؛ إنه‬ ‫حزن مؤمن بقضاء الله وقدره‪ ،‬مؤمن يدرك أ الموت كأس كل الناس‬ ‫شاربوه‪ ،‬بل قد يكون راحة للأنفس اليي تعبت من معاناة الالم في الحياة‬ ‫الدنيا» لأنها ليست غايتها ولا هدفها‪.‬‬ ‫ومن ثم نلحظ أد قصائد الرثاء تتحول في الأغلب الأعم إلى نصائح‬ ‫وعظات‪ ،‬ومواقف للتأمل والاعتبار نصائح للإنسان حتى لا يغً بالدنياء‬ ‫ومواقف تأملية لاستخراج الحكمة\ واستلهام العبرة حتى لا ينساق في‬ ‫الخطإ‪ ،‬ويرجع إلى ربه مستغفرًا تائبَا قبل فوات الأوان‪ .‬وهو عند الحديث‬ ‫عن المرئي لا يذرف عليه الدموع باكيا متحسَرًا لذاته‪ ،‬وإنما يبكي فيه‬ ‫عادة‪ :‬الإمان‪ ،‬والتقوى‪ ،‬والفضل والعلم‪ ،‬والعمل الصالم؛ ويبكي فيه أكثر‬ ‫الفراغ الذي سيتركه بعده‪ ،‬ني وقت تكون فيه الأمة الإسلامية في حاجة‬ ‫شديدة إليه على النحو الذي فصَلناه‪.‬‬ ‫وهذا يذكرنا بخصائص الرثاء عند الشراة نقول هذا تذكيرا بهذه‬ ‫الرابطة الأصيلة بين أبي مسلم وعقيدة الشراة‪ ،‬فهي المنطلق لشعره كما‬ ‫أرضحنا ‪.‬‬ ‫ث رثاء الشراة لم يكن آهات حزن\ ولا دموع أسى عقيمة‪ ،‬بل كان‬ ‫المتشوّق إلى الظفر بها‬ ‫بالشهادة‬ ‫المؤمن الصابر © المع‬ ‫حزن‬ ‫_ على قلته‬ ‫‪-‬۔ ‪- 671‬‬ ‫أو كان نوغا من الفخر مناقب الفقيد فخر للتطلع إلى الموت في ميدان‬ ‫الجهاد في الدنيا وجوار الله والإخوان في الآخرة‪.‬‬ ‫قال أحمد أمين عن رثاء الشراة‪« :‬قد يرثون ويبكون‪ ،‬ولكنهم حتى‬ ‫ني رثائهم وبكائهم أقوياء‪ ،‬يذرفون الدمع ليسكبوا الدم‪ ،‬ويبكون الميت‬ ‫ليتشسًع الحيا ويقدمون المفقود لينزكوا المثل الأعلى للمو جود»(‪.)632‬‬ ‫الصدد‪:‬‬ ‫هذا‬ ‫أبو مسلم ق‬ ‫يقول‬ ‫فمن انحدار بالأسى وصمود‬ ‫للردى‬ ‫لقد صدعت قلي صوادع‬ ‫قلوب بمنعاه لنا وكبود‬ ‫ولا كمصاب القطب يوم تفطّرت‬ ‫جبال‪ ،‬ولا يقوى عليه حديد‬ ‫فذاك لعمري صادع لا تطيقه‬ ‫ولكن ما أبقاه ليس يبيد‬ ‫لقد جاز نزر العمر والعمر باند‬ ‫وكنز علوم للعجادعتيد‬ ‫مضى وله كنزان‪ :‬خير مقدم‬ ‫من العلم يلى النهر وهو حديد(‪)732‬‬ ‫تخلص للعقبى وأعقب نافعا‬ ‫‏‪. 37١‬‬ ‫‪ - 6‬احمد سليمان معروف قراءة حديدة‪ .‬ص‬ ‫‪.‬‬ ‫‪493‬‬ ‫‪ - 7‬الديوان‪ ،‬ص‬ ‫_ ‪- 771‬‬ ‫سعره‬ ‫‪2‬‬ ‫ا سرا لمرا ں‬ ‫إن أبا مسلم شاعر إسلامي بكل ما في الكلمة من معنى© كما سبق‬ ‫أن ذكرنا‪ ،‬إنه شاعر متشبّع في ثقافته بالقرآن حفظا وتمثثُلا‪ ،‬إنه _ كما‬ ‫قال فيه أحد الدارسين _ يعظم القرآن حق الإعظام‪ ،‬ويشيد بفضله على‬ ‫أهله‪ ،‬وبأثره في النهوض بهم وإعلاء منزلتهم‪ ،‬ويدعو إلى الاهتداء بهديه‪.‬‬ ‫والتخلق بأخلاقه(‪.)832‬‬ ‫ما‬ ‫وهو يحله من نفسه‬ ‫ا لمكانة‬ ‫ثقافته هذه‬ ‫ق‬ ‫للقرآن‬ ‫وكيف لا تكون‬ ‫ينبغي أن بحله فيه كل مسلم صادق الإيمان إنه المعجزة الخالدة والدستور‬ ‫الإسلامئ‪ .‬الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه‪.‬‬ ‫كر الحكيم لطوع الجن والبشر‬ ‫لو لم يكن غير إعجاز البلاغة في الذ‬ ‫با لحجر‬ ‫ا لقوم‬ ‫فصك ثفر بيان‬ ‫عارضة‬ ‫أتى وللبلغاء ‏‪ ١‬للسن‬ ‫الفطر( ‪932‬‬ ‫وأته خارج عن طاقة‬ ‫به‬ ‫خلقا لا يجيء‬ ‫أ‬ ‫واستيقنوا‬ ‫المسلم الحقيقي في نظر أبي مسلم هو الذي يتخذ من كتاب الله‬ ‫رفيقا‪:‬‬ ‫أنيسا‪ ،‬ومن هداه‬ ‫عموذا على محرابه وهو راكع‬ ‫بيته‬ ‫تراه متى ما الليل عمد‬ ‫فمنهنً شقت للعيون المدارع‬ ‫قلبه‬ ‫يشعشع بالقرآن أنوار‬ ‫عمان‘‬ ‫سلطنة‬ ‫التراث‬ ‫مقدمة ديران ابي مسلم البهلاني؛ نشر وزارة‬ ‫‪ -‬علي النجدي‪:‬‬ ‫‪8‬‬ ‫(ص)‪.‬‬ ‫ص‪:‬‬ ‫‪01 /‬م‪.‬‬ ‫ه‬ ‫‪0‬‬ ‫‪ -‬الديوان ص ‪. 972‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪- 871 =-‬‬ ‫نحيا كما ناح الحمام السواجع‬ ‫ثاكل‬ ‫يرجع في الديجور رنة‬ ‫هوبجع(‪)042‬‬ ‫وهمؤرجكى والبرايا‬ ‫مخافة‬ ‫يناوخه همُان‪ :‬هم‬ ‫أخرى ‪:‬‬ ‫قصيده‬ ‫ف‬ ‫وقال‬ ‫والشرك يكبت‪ ،‬والإسلام في ظفر‬ ‫والوحي ياتي نجوما معجزًا قيما‬ ‫رآية الججر تمحو آية الحجر‬ ‫وكلمة الله تعلو فوق جاحدنها‬ ‫بصارم الذكر والصحاصمة الذكرد‪142‬‬ ‫حتى تجلى منار الدين منبلجنًا‬ ‫إ الشاعر الإسلامي الحق لا يتميز من خلال مواقفه أو رؤاه‬ ‫وحسبیؤ بل يتجلى من خلال لغته الشعرية أيضا‪ ،‬لأ هذه اللغة دليل على‬ ‫ثقافته الإسلاميّة‪ ،‬وأبرز مظاهر هذه الثقافة طبمًا القرآن الكريم والدارس‬ ‫عندما يتعمق شعر أبي مسلم يلحظ بصمات القرآن الكريم واضحة حلية‬ ‫في شعره‪ ،‬لا على مستوى المعاني بحيث يضمنها آيات من القرآن وحسب©‘‬ ‫وإنما يتضح هذا من خلال لغة شعرية تداخلها مفردات من القرآن الكريم‬ ‫‏‪ ٢‬رائعا‪.‬‬ ‫وتأثر أبي مسلم بالقرآن في شعره يتخذ له مظاهر شتى‪ 6‬نجملها‬ ‫فيما يلي‪:‬‬ ‫البنية الشعرية العامة المتأثرة بإحدى سور القرآن موسيقى ووزناك‬ ‫قوله‪:‬‬ ‫كما جاء ذلك ق‬ ‫و ألفاظا ‪ .‬ومعاني‬ ‫ورقافية‬ ‫‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ -‬الديوان© ص‬ ‫‪0‬‬ ‫‪ - 1‬الديوان‪ ،‬ص ‪. 33‬‬ ‫‪-= 971 -‬‬ ‫إن إعراضك أدهى وأمر‬ ‫يا غضيض الطرف هب لي نظرة‬ ‫مهجتي منها هيب رشرر‬ ‫روفي‬ ‫عجباء في خدك النار‬ ‫إ عذاليلقدقالواكفر‬ ‫فاتني بعض رشادي في الهرى‬ ‫وعلامات الهوى إحدى الكبر‬ ‫صدقوا غاب رشادي في ارى‬ ‫قال لي‪ :‬تلك الاعيب الصفر‬ ‫الصبا‬ ‫وإذا ذكرته عهد‬ ‫فعقر(‪)242‬‬ ‫فعل عينيه تعاطى‬ ‫على‬ ‫وإذا استعطفته القلب‬ ‫هذه الأبيات من مقطوعة له ف الغزل‪ ،‬وهو مقل في هذا الفر إقلالاً‬ ‫واضحًا‪ ،‬والذي يعنينا هنا هو استلهام اجواء سورة القمر‪ ،‬المتجلية ق‬ ‫قافيتها‪ ،‬واستخدام ألفاظ مأخوذة من السورة نفسها‪ ،‬مثل قوله‪« :‬أدهمى‬ ‫وأمر» © «وقالوا كفر» ‪« 0‬إحدى الكبر» ‪« .‬تعاطى فعقر»‪.‬‬ ‫المظهر الثاني‪ :‬تضمين آية من الآيات القرآنية بحيث تصبح شطرًا‬ ‫كاملا أو بعضا منه كما جاء ذلك في قوله‪:‬‬ ‫فالكفر ف القت والإسلام رضوان‬ ‫إن تنصروا الله ينصر كم فلا تهنوا‬ ‫رحمان‬ ‫وفي الحالين‬ ‫يشاء‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫يختص من شاء بالرجمى ويصرفها‬ ‫في مقعد الصدق نحيا عند مقتدر‬ ‫بها‬ ‫حنن‬ ‫نه عد‬‫و رحمت‬‫مهاد‬ ‫شىر‬ ‫با عل‬‫لمولان‬ ‫ادا ل‬ ‫خيرا شهو‬ ‫وسطا‬ ‫طوبى لنا قد جعلنا أسمة‬ ‫إبقيئة الله ذخرًا خير مذخر(‪)342‬‬ ‫بجهدهم‬ ‫فروا إلى الله واستبقوا‬ ‫اذن لليسلإنسان إلاً ما سعى‬ ‫دعا‬ ‫طنعر‬ ‫ضعن م‬ ‫مانه‬ ‫سبح‬ ‫رلأتمنعمصي عليكم‬ ‫تتم‬ ‫سبحانه نعصمته‬ ‫‪ - 2‬الديروان‪ ،‬ص ‪. 194‬‬ ‫‪ - 3‬ص ‪. 182‬‬ ‫۔ ‪- 081‬‬ ‫قل يا عبادي الذين أسرفوا‬ ‫المسرف‬ ‫سبحانه ما خاب منه‬ ‫اء فيرحمته‬ ‫شمن‬ ‫يخل‬‫يد‬ ‫سبحانه لاضيق في رأفته‬ ‫لييه من يشا‬ ‫اللهإيج‬ ‫المستوحشا‬ ‫س‬ ‫ن كم‬ ‫آانه‬ ‫سبح‬ ‫مطلع لا شيء عنه يعزب‬ ‫أقرب‬ ‫سبحانه من كل شيء‬ ‫قدمكرالذين من قبلهم‬ ‫سبحانه ربي حسبي منهم‬ ‫فرات سانغ شرابه‬ ‫عذب‬ ‫ينابه‬ ‫سبحانه مورد من‬ ‫هنا اللي كنتم به تسعجلون(‪)442‬‬ ‫يكون‬ ‫سبحانه وعيده حتما‬ ‫والواقع أت هذه الظاهرة طالما لاحفاها الدارسون في شعر الشراة‬ ‫قديما‪ .‬فغدت إحدى ميزات شعرهم‪ ،‬وسبب ذلك _ فيما يقول أحد‬ ‫الدارسين _ يعود إلى أتهم «يصدرون في كل أفعالهم عن عقيدة إسلامية‬ ‫خالصة صافية من الشوائب©‘ خالية من الفلسفات والتأويلات والتعقيدات©‬ ‫فكر واضح وعقيدة ظاهرة تتفجر من ألسنتهم دونما عناء أو تكلف‪.‬‬ ‫وكما أنهم يصدرون عن مثل هذه العقيدة فهم يعبرون عن ذلك يمشل‬ ‫الصفاء والصدق السابقي الذكر‪ ،‬وبلغة علقت فيها عبارات القرآن الكريم‬ ‫والحديث الشريف‪ ،‬وتمثلت فيها روح الإسلام ورصفاؤه ونقاؤه‘ رسبب‬ ‫ذلك كله أ القرآن أكبر مصدر لثقافتهم _ إن لم نقل‪ :‬هو مصدرها‬ ‫الوحيد _ فهم حفظة القرآن والمتصلون به‪ ،‬ليس لديهم كتب أخرى ولا‬ ‫ثقافات أخرى تلون شعرهم‪ ،‬فهم مدينون له بدينهم أول‪ .‬وبلغتهم‬ ‫وشعرهم ثانيًا»(‪.)542‬‬ ‫‪ -‬الديوان‪ .‬ص ‪. 052 - 942‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫قراءة حديدة‪ .. .‬ي ص‬ ‫معروف‪:‬‬ ‫سليمان‬ ‫‪ -‬أحد‬ ‫‪5‬‬ ‫=‪-= 181 -‬‬ ‫والحي أت الدارس لا يخطمع هذه الظاهرة في الشعراء الإباضية الذين‬ ‫هم أحفاد الشراة‪ ،‬إلى يوم الناس هذا‪ ،‬فالشعراء الملتزمون في عغُمان ووادي‬ ‫ميزاب من جنوب الحزائر يتميز شعرهم بهذه اللغة الي تستقى من القرآن‬ ‫تعبيرا وتصويرا‪ ،‬ولا أدل على ما نقول من شاعرنا أبي مسلم في عمان‪،‬‬ ‫ومفدي زكرياء في الجزائر وهما من مشاهير الشعراء على مستوى العالم‬ ‫الإسلامى كله‪.‬‬ ‫الأسلوب الخطابي‬ ‫يغدو الأسلوب الخطابى من أبرز الخصائص الفنَيَة في القصيدة عند‬ ‫أبي مسلم‪ ،‬وهو لم يلجا إلى هذا الأسلوب تقليدًا لنمط القصيدة العمودية‬ ‫التقليديّة‪ ،‬بقدر ما هو استجابة لدافع موضوعى فرضه عليه الواقع الذي‬ ‫كان يعيشه إ أبا مسلم يتوجًّه بشعره إلى الآخر يخاطب فيه قلبه وعقله‪،‬‬ ‫وينبّه في كيانه مشاعر النهوض والانبعاث‪ .‬إ هذا الإحساس في حد ذاته‬ ‫دافع قوي إلى استخدام الأسلوب المباشر المعتمد على الأدوات الخطابية‪:‬‬ ‫استفهام‪ ،‬وتعجُب‪ ،‬وأمر ونهي‪ ،‬وحث وتحعضيض‪ ،‬ونداء ودعاء‪ ،‬كأت هذه‬ ‫الأدوات أوعية يحملها مشاعره المنتفضة لتبلغها إلى الآخر المخاطب في‬ ‫عمان أو زنحبار أو في الأقطار الإسلامية قاطبة‪ ،‬وقد لوحظت هذه النزعة‬ ‫قوية صارخة في الشعر العربي الحديث إبان عصر النهضة من أجل هذه‬ ‫الأسباب نفسها‪.‬‬ ‫‪-= 281 -‬‬ ‫وقد دفع الإحساس النهضوي الشاعر أبا مسلم إلى حشد كل العناصر‬ ‫الفنية ال تضمن له تجسيد تلك المشاعر فلم يكتف باستخدام أدوات‬ ‫الخطاب المتنوعة وإنما لجأ إلى أسلوب التكرار‪ ،‬والتكرار الذي نعنيه هنا‬ ‫يكررها في الأبيات‬ ‫هو التكرار اللفظي‪ .‬فهو قد يبدا بكلمة أو جملة ث‬ ‫المتتالية مرات عديدة تصل أحيانا عشر مرّات‘ وقد يراه البعض تقليدًا‬ ‫وحشورًا‪ ،‬ويراه بعض لازمة من لوازم الأسلوب والهدف اللذين اختارهما‬ ‫الشاعر لشعره‪.‬‬ ‫ولنسق كمثال على هذه النزعة عنده هذه الأبيات من النونيّةء حيث‬ ‫يقول مستنهضًا حمرا مستئيرًا الحميئة الإسلامية في بي قومه‪:‬‬ ‫فليس يستدرك العلياء نيمان‬ ‫هبوا لأخذ المعالي من مراقدكم‬ ‫وكيف نومكم والخصم يقظان‬ ‫هبوا لداعي الهدى‪ .‬هبوا لعرتكم‬ ‫فاليوم فيكم لنصر الدين إمكان‬ ‫جدوا فديتكم في نصر دينكم‬ ‫خصم مساعيه في الإسلام لعبان‬ ‫بيضتكم‬ ‫كتائب الله لا يا‬ ‫كي لا يهدمها بفي وكفران‬ ‫حياضكم‬ ‫كتانب الله ذودوا عن‬ ‫ان‬ ‫صالعر‬ ‫قايا‬ ‫ني من‬ ‫عيش ولا ف‬ ‫لكم‬ ‫يل‬ ‫ل عيش‬ ‫ذ ما‬ ‫لالل‬‫اانب‬ ‫كت‬ ‫وللجبال على الأزمات أقران‬ ‫خور‬ ‫كتانب الله لم يعهد بكم‬ ‫قد لولتها خنازير وصلبان‬ ‫كتاب الله حاموا عن حنيفتكم‬ ‫والمشرفيسات في الإيمان طلقان‬ ‫طلق‬ ‫كتانب الله دين الة في‬ ‫لكي يسخرها ذ وأهفوان‬ ‫نفوسكم‬ ‫كتائب الله لم تخلق‬ ‫‪- 381 -‬‬ ‫عقباه إن تصدق النيات رضوان‬ ‫شرف‬ ‫كتانب الله أدعو كم ال‬ ‫غبدان(‪)642‬‬ ‫فملكم لغيض الله‬ ‫كتانب الله يوم الهول عيدكم‬ ‫وهكذا تتوالى الأبيات وكأنها هرات متتالية يقصد منها إلى إيقاظ‬ ‫هذه الأجسام الراقدة‪ ،‬وكأنني بالشاعر قد اقتنع بأ القوم في غفلة ونوم‬ ‫فبدأ مخاطبته إياهم بقوله ‪:‬‬ ‫مصيرهم وعدوهم‬ ‫عن‬ ‫نومان‬ ‫فليس يستدرك العلياء‬ ‫هبوا لأخذ المعالي من مراقدكم‬ ‫الأسلوب‬ ‫والحالة هذه _ إل هذا‬ ‫وما دام القوم نوما فليس يليق بهم‬ ‫الذي يقر ع الآذان‪ ،‬ويوقظ النومان‪.‬‬ ‫وهناك غرض آخر غير القصائد الاستنهاضيّة سلك فيها أبو مسلم‬ ‫القصائد الدينية‪ .‬أو بعبارة أدق ‪ :‬قصائد الذكر‬ ‫المسلك نفسه{ تلك هى‬ ‫والتسبيح‪.‬‬ ‫فهو غالبا ما يعمد فيها إلى التكرار الكثير فيكرّر السطر الأول‬ ‫بكامله‪ 3‬أو بمعظم كلماته عنى امتداد القصيدة كلها تكرارا يصل أحيانا إلى‬ ‫سبعين مرة كأن يقول في مطلع التائية‪:‬‬ ‫هو الله إخلاصي وفي الله نزعتي‬ ‫هو الله باسم الله تسبيح فطرتي‬ ‫هامت بمجلى النور عين حقيقي‬ ‫هو الله باسم ذاتي تجردت‬ ‫‪. 2‬‬ ‫‪ -‬الديوان ‪ 6‬ص‬ ‫‪6‬‬ ‫‪- 481 -‬‬ ‫ويستمر هكذا نحو سبعين بينا يتخلص بعده لمقطع آخر يكرر بعده‬ ‫كلمة «تعلقت بالله» نحو خمسين مرة‪ .‬وهو تكرار يشيع في كل قصائد أبي‬ ‫مسلم الدينية الي تغطي ديوانا كاملا‪ .‬ولا شك أت هذا التكرار أنسب إلى‬ ‫شعر السماع والترديد والتغني منه إلى شعر المراءة الصامتةء ولعله ترديد‬ ‫يتجلى في حلقات الدعاء والذكر‪ ،‬حيث تحتفظ هذه النغمة الثابتة بممرجع‬ ‫(موسيقى) يعود إليه الذاكر أو الداعي‪ ،‬ويستريح عنده الإنشاد أو ينطلق‬ ‫منه‪ ،‬ولا ينبغي أن ننسى ونحن نقيم هذا النمط من الصياغة من منظور‬ ‫القارئ المعاصر أن أبا مسلم ينتمي إلى عصر المشافهة‪ ،‬ويكاد أن يلامس‬ ‫عصر الطباعة والقراءة(‪.)742‬‬ ‫فأبو مسلم إذن حين استخدم هذه الأدوات الفنية كان واعيا‬ ‫عدلولاتها النفسية والتبليغيّة كل الوعي؛ فقد اختار أن يكون شعره شعرا‬ ‫رساليًا يبلغ القيم الأخلاقية‪ .‬والتطلعات الوطنية‪ ،‬والمبادئ الإسلامية إلى‬ ‫الآخرين‪ ،‬فكان لابد من توظيف كإرً العناصر الفنَيَّة لضمان وصول هذه‬ ‫الغاية‪ .‬وهو محق فيما ذهب إليه‪.‬‬ ‫‪ -‬احمد درريش‪ :‬مدخل إلى دراسة الأدب في عمان‪ ،‬ص ‪. 261‬‬ ‫‪7‬‬ ‫۔ ‪- 581‬‬ ‫ملعمو‬ ‫اوح تطبيقية‬ ‫قال فو العلم‪:‬‬ ‫ولن ترى ورعا بالجهل مجتمعا‬ ‫لن ترضي ا لة حتى تخلص الورعا‬ ‫إن كنت تجهل مفروضًا وئمتنعا‬ ‫تؤديه‬ ‫حق العبادة فرض لن‬ ‫إذا علمت بعون الله ما شرعا‬ ‫أمانة الة تسطيع الأداء لها‬ ‫حنى يكون على علم بما صنفا‬ ‫صنعحه‬ ‫ولم جد صانع اتقان‬ ‫ولا معالم تهدي‪ ،‬ضل وانقطما‬ ‫ومن مضى في طريق لا دليل لها‬ ‫لولاه لم يدر مهما جار أو سدعا‬ ‫لقمانده‬ ‫وفاقد العن محتاج‬ ‫حتى ترى العلم في حافاتها سطعا‬ ‫فاستنهض النفس في إدراك ما جهلت‬ ‫بكل علم يعيش العبد منتفعا‬ ‫‪...‬ولا تقولن علم ليس ينفعني‬ ‫وقف إذا كان عنه الشر ع قد منعا‬ ‫فاطلب وأطلق بلا قيد ولا حرج‬ ‫حقا محظوره ‪ ،‬أو ما إليه دعا‬ ‫به‬ ‫وقدم العلم بالطاعات تقض‬ ‫العلم‬ ‫أبو مسلم الرواحي لموضوع‬ ‫حصًّها‬ ‫الأبيات من قصيدة‬ ‫هذه‬ ‫بصفة‬ ‫الموني لدينه‬ ‫المسلم‪،‬‬ ‫وضرررته للإنسان‬ ‫الإنسان‘‬ ‫حياة‬ ‫ف‬ ‫ردرره‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫م‬ ‫خاصة‪.‬‬ ‫‪- 781 -‬‬ ‫وأبو مسلم لما عرف عنه من ورع وتدين وتقوىآ فإنه يربط منذ‬ ‫البداية بين العلم وأهدافه ال ينبغي أن يسخر لها‪ ،‬فجاء في مقدّمتها‪ ،‬كما‬ ‫دل على ذلك المطلع‪ :‬رضى الله ولكرً رضى الله لا يكون بدون علم لأ‬ ‫الله لا يعبد بجهل كما جاء في الأثر‪.‬‬ ‫وطاعة الله فرائض نقوم بها‪ ،‬ونواهي وزواجر ننتهي عندها‪ ،‬وهذه‬ ‫الفرانض الموانع هي حق الله علينا‪« 6‬وَمَاخَلّقت الجن والانس إلا‬ ‫لتَعذو نه‪ .‬ں و ح الله أمانة في أعناقنا نحن بالإنسان‪ ،‬كما جاء ذلك في‬ ‫إنا عَرَضننا الأمانة على السماوات والازض وَانجبّال‬ ‫قوله تعالى‪:‬‬ ‫لوما‬ ‫فبين أن بخملنهَا و أثققنَ] منها‪ .‬وَحَمَلَهَا الانسان إنه‪ ,‬كان‬ ‫جَهولاگه‪ .‬ولا يتحمل الأمانة إلا من يقدرها قدرها‪ ،‬ولن يقدرها قدرها إلا‬ ‫أبو‬ ‫أمرا ونهيّا‪ .‬ولكي ‪7‬‬ ‫العا لم بقيمتها‪ ،‬عالم بشريعة الله أخذا ‪7‬‬ ‫مسلم هذه المعاني لخأ إلى تقريب المعنى بالمحسوس فقا‬ ‫صنعا»‪.‬‬ ‫حتى يكون على علم مما‬ ‫صنعته‬ ‫«ولم يجد صانع إتقان‬ ‫فإذا كانت العبادة هي الأعمال الي نقوم بها فهل يعقل أن تؤدى تلك‬ ‫الأعمال على الوجه الصحيح إن كنا نجهل قيمتها‪ ،‬ونهل مواردها‬ ‫ومصادرها؟! وأي صانع يستطيع إتقان صنعته دون علم بأسرارها وخفاياها‪.‬‬ ‫فيما نسميه في تعبيرنا المعاصر‪( :‬سر المهنة)‪.‬‬ ‫ويقدم أبو مسلم أدلة محسوسة أخرى‘ إمعانًا في تقريب المعاني المجردة‬ ‫إلى الأفهام‪ ،‬فالحياة طريق لها بداية ولها نهاية } ومحال أن يستطيع امرؤ‬ ‫السير على هدى في هذه الطريق دون علم يوجهه ويهديه فإذا فقد الإنسان‬ ‫‪-‬‬ ‫‪881 -‬‬ ‫العلم الهادي ضل وغوى‘ فهو واقع في أحد افتزاضين لا ثالث لهمما‪ ،‬إما أن‬ ‫يضل عن الطريق‪ ،‬تماما فيتبع السبل كما يقول الله سبحانه وتعالى‪ :‬ولا‬ ‫تسبوا السبل فتفرق بكم عن سبيله وإما ان ينقطع به الطريق‬ ‫لأ‪٥‬‏ الدليل ضروري‬ ‫انقطاعًا كليا‪ .‬رحينتذ يتوقف ولا يصل الغاية‬ ‫للوصول إلى الغاية‪ ،‬ولا دليل دون علم يهدينا إلى الطريق السوي‪.‬‬ ‫والإنسان في هذه الحياة في حاجة أكيدة إلى علم بيين له الطريق‬ ‫استقامت أو اعوجًّت؛ وبنو الإنسان في حياتهم فاقدوا الأبصار والعلم‬ ‫وحده هو الذي يأخذ بأيديهم إلى غاية الرشاد‪ ،‬لذا فإت العلم بمثابة المادي‬ ‫الذي يأخذ بيد فاقد البصر السائر في الطريق لن يستطيع التأكد من اهتدائه‬ ‫أو ضلاله فيها إلاً بالدليل القائد كما قال‪:‬‬ ‫سدعا‬ ‫لولاه لم يدر مهما جار أو‬ ‫لقانده‬ ‫وفاقد العين محتاج‬ ‫والسدع هو الاهتداء‪ ،‬والجور هو الضلال‪ ،‬فالإنسان في كلتا الحالتين‬ ‫محتاج إلى العلم ليبين له الطريق‪.‬‬ ‫لذا يستنهض أبو مسلم النفوس إلى طلب العلم بكل وسائله‘ ومن‬ ‫جميع طرقه‪ ،‬لا فرق بين علم وعلم إلأ بمقياس واحد هو طاعة الله‪ ،‬فكل علم‬ ‫ينفع الإنسان إن أخلص لله النية‪ .‬وكابد واجتهد وسعى وقصد‪.‬‬ ‫بكل علم يعيش العبد منتفعا‬ ‫فلاتقولن علم ليس ينفعني‬ ‫وكأد أبا مسلم يلخص هنا الأثر القائل‪« :‬ما من علم رديء إلا‬ ‫والجهل أرد منه»‪ ،‬ليرد بذلك على فكر شاع في أوائل القرن العشرين يزهد‬ ‫الناس في العلوم الدنيوية‪ .‬ويضع حواجز وهميئة بين الفنون والتخصصات‬ ‫‪- 981 -‬‬ ‫الفكريئة‪ ،‬وهو بهذا الفهم العميق يعرض ببعض من يدعي آن الأجر في‬ ‫العلوم الشرعية وحدها دون العلوم الأخرى‘ ويؤكد أبو مسلم على هذه‬ ‫النظرة الأفقية الواسعة الي استلهم فيها الدين الإسلامي نفسه‪.‬‬ ‫وقف إذا كان عنه الشرع قد منعا‬ ‫فاطلب واطلق بلا قيد ولا حرج‬ ‫لأن الحياة تقوم على كل المعارف دنيوية كانت أو دينية نظرية أم‬ ‫والمسلمون رواد الحضارة الإسلامية إنما تفوقوا عندما ولوا كر‬ ‫أبواب المعارف والعلوم؛ ولن يصيروا رواد حضارة إنسانية راقية لو أنهم‬ ‫نظروا إلى العلم من زاوية ضينّقة بحصره _ كما يريد بعض المتزمُّتين _ في‬ ‫الفقه وما إليه وحده‪ ،‬إذ العبرة في تقوى الله وليست في هذا الفر أو ذاك‬ ‫فرب عالم فيزيائي يبتغي رضى ا له في كل أنفاسه‪ ،‬ورب فقيه مترنّت يأكل‬ ‫الحرام‪ ،‬ويتجاوز الحدود‪.‬‬ ‫فالأصل إذن هو التقوى‘ طاعة الله هي الحل والميزان‪ ،‬كما يقول أبو‬ ‫‪.‬‬ ‫مسلم‪:‬‬ ‫دعا‬ ‫حقا نحظوره ‪ .‬أو ما إليه‬ ‫وقم العلم بالطاعات تقض به‬ ‫هذا هو الرفيق الأمين الذي ينبغي أن يصحب العلم إنها الطاعة‬ ‫طاعة الله في الأوامر‪ ،‬وطاعة الله في النواهي‪ .‬وهكذا نرى أبا مسلم هنا بحدّد‬ ‫دور العلم والعلماء‪ ،‬ويربطه بدورهم الحضاري الإسلامي‪.‬‬ ‫وقدم لنا هذه المعاني العالية بأساورب سهل كما رأينا‪ .‬وهو نموذج‬ ‫يجسد مرة أخرى هذه الرؤية الإسلامية للفرً الشعري‪ ،‬والأداء الشعري‬ ‫‪- 091 =-‬‬ ‫بحيث يغدو الشاعر حامل رسالة سامية يدعو من خلالهما إلى الخير والحق‬ ‫والجمال‪.‬‬ ‫وقد دلت نظرة أبي مسلم للعلم عن نظرة تتسم بالعمق والشمول‬ ‫وفهم أصيل يتخذ الدين الإسلامي أساسا لتغيير الظاهر والوقوف عند‬ ‫النواهي‪ ،‬والحث على تطبيق الأوامر‪ ،‬وصب كل ذلك في أسلوب سهل‬ ‫ينزل إلى مستوى الناس عامة وهذا الاتجاه في حد ذاته اتجاه مقصود‬ ‫متعمد يعبر عن الرؤية الفنية للشاعر أبي مسلم‪.‬‬ ‫وقال فج المال‪:‬‬ ‫في موضع الفضل واللاشيء مبنتذل‬ ‫به‬ ‫المال لا شيء عندي كي اضن‬ ‫والفضل ف الله! علق ما له مشل‬ ‫علق المضنة ما تزكو مزيته‬ ‫ف الله‪ ،‬والحمد ليس اللهو والختل‬ ‫يزكو الثراء على التوزيع يذهبه‬ ‫فيها وعودني التعويض ينهمل‬ ‫عودت ربي إنفاذي فواضله‬ ‫كفّيا ونعمة ربي نعمة جلل‬ ‫عوائد الله أغنى لي وإن تربت‬ ‫به الخلل‬ ‫من صفاياه ما شات‬ ‫‪ ...‬لن يلبث المال تلروه الرياح وبقى‬ ‫ففيم تدبيره‪ ،‬والحرص والعجل‬ ‫ضمانة الله للإنسان كافية‬ ‫فلتتجع فانتا من أمرك الحيل‬ ‫غد‬ ‫إن كنت تملك بالتدبير رزق‬ ‫ولا خول‬ ‫به الأمور فلا جد‬ ‫ختمت‬ ‫كلا لقد أعجز التدبير ما‬ ‫ميل‬ ‫لاب‪٥‬آتيك‏ لافوت ولا‬ ‫نت يقينك فيما الله قاسمه‬ ‫= ‪-= 191‬‬ ‫لأبي مسلم الشاعر التقي نظرات نافذة فني شؤون الحياة والناس وله‬ ‫من الإيمان واليقين الثابت الذي لا تزعزعه‬ ‫رؤى شفافة عليها مسحة‬ ‫الحوادث‪ ،‬ولا تغيره الظروف الزمانية أو المكانية‪.‬‬ ‫وما من شك في أت المال وحب الكسب والجمع منفذ ينفذ منه‬ ‫الشيطان فيجعل التقيم في صراع مع نفسه‘ ويجعل الشقي مقودا بشهواته‬ ‫ولذائذه‪.‬‬ ‫على عقل رصين‘‬ ‫وفي هذه الأبيات جكم غالية‪ ،‬وتحارب مفيدة ير‬ ‫ويقين متين‪.‬‬ ‫وأبو مسلم يحدد موقفه من المال منذ البداية‪ .‬فيقول‪ :‬إنَه لا يأبه‬ ‫للمال‪ ،‬ولا يعطي له قيمة‪ ،‬فهو لا يبقي على شيء منه عنده يسخو به‬ ‫للفقراء والمحتاجين‪ ،‬وينفقه ذات اليمين وذات اليسار؛ وإنما تعود الناس‬ ‫على الضن بما في أيديهم على الغير حرصا وشراهة‪ ،‬فإن موقفهم هذا خطل‬ ‫في الرأي وسوء تدبير‪ ،‬لأ البخل لا يمكن أن تزكو معه مزية أو فضلك‬ ‫والفضل لا يزكو إلا مع البذل والسخاء على أ البذل والسخاء ينبغي أن‬ ‫يبتغى بهما وجه الله الذي يدخر ذلك الإنفاق في ميزان الحسنات‘ وما عند‬ ‫الله خير وأبقى‪ ،‬ما عندكم نقد وَمَا عند الله بباقه‪ .‬فإذا كان الإنسان‬ ‫حريصا على الاكتناز فأولى به أن يكتنز الباقي لا الفاني؛ وكل المال يفنى‬ ‫مهما اأخر‪ ،‬وكل ما أنفق في سبيل الله يبقى ولو استنفد‪.‬‬ ‫على أد الله تعالى قد عوّدني _ كما يقول الشاعر _ تعويضا لكل ما‬ ‫أنفق في الدنيا قبل الآخرة‪ ،‬فأنا عودته الإنفاق‪ ،‬وهو عوّدني الإخلاص؛‬ ‫۔ ‪- 291‬‬ ‫إضافة إلى ما أرجو عند الله من أجر ومثوبة‪ .‬مصدامًا لقوله تعالى‪« :‬إمقفل‬ ‫الزين ينفون أمواله في سبيل ا له كَمَفل حَبَة نبعت سنع سنابل ي‬ ‫كُل سنبلة أنة حَبة‪ .‬وال يُصتاف لمن يشاء وال واسع علِيمٌ»‪.‬‬ ‫والمال ما جعل ليبقى وإئّما جعل لينفق‪ ،‬وإلاً فقد وظيفته لأنه لا‬ ‫يسمى مالا إلاً إذا أنفق‪ ،‬فمن شأنه أن تذروه الرياح‪ ،‬وتبقى آثاره المعنوية‬ ‫ي المجتمع إذا أنفق قي طرق الخير ومساعدة المحتاجين وذوي الخصاصة؛‬ ‫وصفات حميدة بعضها‬ ‫إضافة إلى ما يضفيه على المنفق من خلال كريمة‬ ‫على الأنانية‬ ‫الإيثار وحب الآخرين‪ ،‬وقهر النفس الأمارة بالسو الحاضّة‬ ‫وحب المنفعة الشخصيَّة؛ والبخيل حين يبخل إنما يفعل ذلك حرصا على‬ ‫الجمع‪ .‬وخوفا من الفقر‪ ،‬وهو لو تفكر في أمره بإمعان ورويئَة لأدرك أ‬ ‫الرزق بيد الله وحده‘ وهو الكفيل الضامن بأن يأتينا منه ما كتب وقدرك‬ ‫فلم الحرص إذن والري وراء متاع الحياة الدنيا لهفة وجحشمًا؟ فنخسر بذلك‬ ‫روابطنا الاجتماعية دنيا‪ .‬وجزاء الله آخرة؟ وقد لا يقتنع الإنسان القليل‬ ‫الإيمان بهذه النظريتة‪ ،‬فيدًعي بأ الرزق يأتي بالسعي‪ ،‬والغنى شطارة‬ ‫ومهارة‪ .‬لو كان ما يدعيه الإنسان من أت الكسب بيده هو فلم لا ليرجع ‪-‬‬ ‫وهو الحريص على الجمع _ ما فاته أو ما أنفقه وبوده أن لا ينفقه‪ ،‬أليس‬ ‫الأولى أن يرد الشيء الضائع قبل أن يفكر في أمر غيبى؟ هكذا يعالج أبو‬ ‫مسلم هذه القضية منطق وحكمة مصدرها إيمانه بالله وانكاله عليه‪،‬‬ ‫ومرجعهما تحربته الواسعة ونظراته النافذة‪: .‬‬ ‫الحيل‬ ‫ففزرتجع فانتا من أمرك‬ ‫غد‬ ‫إن كنت تملك بالتدبير رزق‬ ‫۔ ‪- 391‬‬ ‫إ الإنسان لا محالة عاجز أمام إرادة الله‪ ،‬ولن حصل على شيء ما لم‬ ‫يكتبه الله له‪ ،‬وأمام تدبير الله لا ينفع حظ ولا جاه‪.‬‬ ‫خول‬ ‫ولا‬ ‫به الأمور فلاجذ‬ ‫ختمت‬ ‫كلا لقد أعجز التدبير ما‬ ‫إذن فإا قمة العقل وخلاصة الإيمان‪ ،‬ورأس الحكمة في هذه القضية‬ ‫أن يلوذ الإنسان باليقين‪ ،‬واثقا ‏‪ ٢‬الله‪ .‬مؤمنا به‪ ،‬معتصمًا بفضله اعتبارًا بأن‬ ‫الأرزاق بيده وحده فما قدره لابدً آت" وما لم يكتبه لا محالة فائت‪.‬‬ ‫ميل‬ ‫لابةآتيك لافوت ولا‬ ‫قاسمه‬ ‫ثبت يقينك فيمااللةه‬ ‫هكذا راينا أبا ‪ :7‬شاعرا ضليعاا تعلىى الرغم من أن الموضوع‬ ‫قالب تصويري‪ .‬وأسلوب بياني‪ .‬حى إ بعض أبياته لتغدو أمثالاً جديرا‬ ‫بها أن تحفظها القلوب كأن يقول‪:‬‬ ‫كفي ونعمة ربي نعمة جلل‬ ‫تربت‬ ‫عواند الله أغنى لي وإن‬ ‫والعجل‬ ‫ففيم تدبيره‪ .‬والحرص‬ ‫كافية‬ ‫الله للانسان‬ ‫ضمانة‬ ‫ويخاطب‬ ‫مكّاا‬ ‫شعر أبي مسلم اته يعلم الفكر والأدب‬ ‫وأجمل ما ق‬ ‫شعرهم‬ ‫ق‬ ‫هم أولئك الذين يتجمعون‬ ‫وقلة من الشعراء‬ ‫العقل والقلب سويا‪.‬‬ ‫الخصائص‪.‬‬ ‫هذه‬ ‫‪- 491 -‬‬ ‫خامة‬ ‫‪ .‬وبعد‪ ،‬فقد حاولنا ‪ -‬من خلال الفصول السابقة ‪ -‬أن نلج إلى عالم‬ ‫الشاعر الفحل‪ :‬أبي مسلم الرواحي "حسان عمان"؛ ونحن لا ندعي إطلاقا‬ ‫الإحاطة بشعره‘ وإنما هذه الدراسة محارلة لإلقاء بعض الضوء على‬ ‫خصائص هذا الشاعر الذي ما يزال بحجهولا أو مغمورا‪ ،‬قي ساحة الشعر‬ ‫العربي الحديث‪.‬‬ ‫ولعل القارئ الكريم يوافقنا على النتائج التالية‪:‬‬ ‫أولا‪ :‬إت الشاعر أبا مسلم شاعر إسلامي‪ ،‬بكل ما تحمله هذه الكلمة‬ ‫من معنى‪ ،‬قَوَةً في اللهجة‪ ،‬وثبات في العقيدة ووضوحا في الأهداف؛ اخذ‬ ‫من الشعر أداة لإبلاغ صوته إلى الآخر من خلال الكلمة الطيّبة‪ ،‬والدعوة‬ ‫الصريحة إلى مبادئ الإسلام النقية الصافية‪ .‬كما نبعت بين يدي الرسول‬ ‫فما! رالإشادة ببعض القيم والأخلاق والمبادئ ال آمن بها واعتقد صادقا‬ ‫أنها الحق كل الحق‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬إ الشعر كما هو أداة دعوة إلى الله‪ ،‬فإنتَّه أيضا أداة دعاء‬ ‫فبالشعر يمكن أن نبتهل إلى الله داعين متضرّعين‪ .‬فالشعر أداة بمكن‬ ‫استخدامه للسمو النفسي والتطهر من أدران الذنوبڵ والتخلص من‬ ‫أوضار الدنياء وليس أداة لهو وتسلية وبحون‪.‬‬ ‫ومن هنا استقطب منه الابتهال أغلب ما كتبه الشاعر واستحوذ على‬ ‫اهتماماته! لأسباب موضوعية ذكرناها في مكانها‪.‬‬ ‫‪- 591 -‬‬ ‫بشعره كل الموضوعات الي عرفها‬ ‫الشاعر أبو مسلم‬ ‫ثالٹا‪ :‬عال‬ ‫الشاعر في زمانهء ما كان منها ذا طابع ذاتي وما كان منها ذا طابع‬ ‫بخصائصها في الفرد والمجتمع إلى‬ ‫غيري‪ ،‬فمن العقيدة الإسلامية والإشادة‬ ‫الواقع الإسلامي بآماله وآلامه‪ ،‬وإلى الابتهال والدعاء والذكرا إلى تحريك‬ ‫همم الأمة الإسلامية؛ في الإطار الإسلامي العام‪ ،‬وفي الحيز العماني الخاص‘©‬ ‫إلى الحنين والتذكر والإنشاد ببمآثر عمان وتاريخها وحضارتها‪ ،‬إلى رثاء‬ ‫العلماء المصلحين إلى الحكمة والنظر في أحوال الناس والمجتمع‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬يملك الشاعر موهبة شعرية معتبرة‪ ،‬مكنته من الغوص في‬ ‫أعماق المعاني واستخراج الحكمة من مطاويها‪ ،‬إلى جانب امتلاكه أجنحة‬ ‫صياغته الشعرية مزنجا من‬ ‫رفرافة تطير به قي آفاق بعيدة خيالية‪ .‬فجاءوت‬ ‫المتعة والفائدة؛ فهو يبهر النفس وقد يورَّها بالمفاجوع والمُدهش من التعابير‬ ‫الشعرية المبدعة\ إلى جانب لغة قوية متينة‪ ،‬تستقي من الأدب العربي‬ ‫لاطلاع‬ ‫محصلة‬ ‫رهي‬ ‫الإسلامية‬ ‫والثقافة‬ ‫الكريم‬ ‫القرآن‬ ‫من‬ ‫وتتزوًد‬ ‫الأصيل‬ ‫واسع وامتلاك رصيد غزير في اللغة العربية‪.‬‬ ‫لهذه الأسباب جميعا نستطيع القول ‪ -‬مطمئنين ‪ -‬أن الشاعر أبا مسلم‬ ‫كان شاعرا إسلاميا في رؤيته وفي موقفه‪ ،‬وفي لغته‪ ،‬وفي آدابه‪ ،‬وهو بذلك‬ ‫مناز ع ‪.‬‬ ‫بدون‬ ‫يطلق على نفسه‬ ‫كما‬ ‫عمان‬ ‫بحق له أن يسمى حسان‬ ‫=‪- 691 -‬‬ ‫(تو لنةا) ‏(‪(١‬‬ ‫بعد الانتهاء من هذا البحث عثرنا على هذه الوثيقة الهامة التي تنشر لأول مرة‪.‬‬ ‫فرأينا إكيالا للفائدة وكشفا عن المغمور إلحاقها بالكتاب‪ .‬فإن هذه الرسالة التي توجه‬ ‫بها الشيخ أبو مسلم إلى الإمام سالم بن راشد لنعد من أصدق الوثائق دلالة على عمق‬ ‫فكر أبي مسلم وعبقريته واطلاعه‪ ،‬وسعة أفقه‪ .‬وسيطلع القارىء الكريم من خلالها على‬ ‫جزء هام من تاريخ عيان في مطلع القرن العشرين كيا أنه سيستجلي منها جوانب نيرة‬ ‫من فكر هذا الإصلاحي المسلم الرائد في السياسة الشرعية والنهضة الثقافية والتعليمية‪.‬‬ ‫والعدالة الاجتماعية‪ .‬والعلاقات الخارجية‪ ،‬سبق بها عصره‪ ،‬وبذً فيها أقرانه‪ .‬والأجمل فيها‬ ‫أن تكون مستقاة من كتاب النه العظيم‪ ،‬وسَة نبيه الكريم ‪.‬‬ ‫وهي تشهد بأن أبا مسلم لم يكن شاعرا فحلاً أو فقيهاً متضلعاً‪ ،‬أو عابداً متبتل‬ ‫وحسب ‪ .‬بل كان إلى جانب هذا رجُجل سياسة وزعامة‪ ،‬وعالم دين ودنيا ‪ 6‬لا يقل فهمه‬ ‫بالعروض والقوافي ‪ 5‬والعبادات والمعاملات عن فهمه سياسة تسيير الشعوب وقيادة‬ ‫المجتمعات ‪.‬‬ ‫رحم الله الشيخ أبا مسلم شاعرا ملهياًه ومُصلحا راشداً‪ .‬وزعيياً قائدا‪ .‬وجزاه عن‬ ‫أمته الإسلامية خير الجزاء في الصديقين والشهداء وحَسُن أولئك رفيقا ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬ملحوظة ‪ :‬إجتهدنا قدر الطاقة والمكان في إصلاح ما أفسده الناسخ ولم نعثر على نسخ أخرى‬ ‫للمقابلة } فعسي ‏‪ ١‬أن يكون ما صححناه هو ا لضصواب ‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬۔ ‪791‬‬ ‫كتاب ورد من زنجبار‬ ‫‪.‬‬ ‫من ابي مسلم ناصر بن سالم بن عديم الرواحي‬ ‫ال إمام المسلمين بغمان‬ ‫سالم بن راشد بن سليمان الخروصي أعزه الله‬ ‫بسم النه الرحمن الرحيم‬ ‫اللهم صل وسلم وبارك على رسولك سيدنا محمد أنفع عبادك لعبادك‘ من كاتبه‬ ‫العبد المذنب المفتقر إلى رحمة ربه وعونه أي مسلم ناصر بن سالم بن عديم الرواحي‪ ،‬إلى‬ ‫جناب إمام المسلمين وأمير المؤمنين وعصمة المهتدين وخليفة ربتالعالمين‪ ،‬العبد‬ ‫الصالح القائم بأمر الله سالم بن راشد بن سلييان الخروصي(" المعتصم بربه‪ ،‬المتوكل‬ ‫عليه‪ ،‬الآمر بالمعروف الناهى عن المنكر‪ .‬الناهض النهضة الصادقة في دعوة ة أهل‬ ‫الاستقامة‪ ،‬الداعي إلى الله ورسوله‪ ،‬المجاهد لأعداء الله أيدك الله ونصرك‪ ،‬وستدك وثبت‬ ‫فيه قدمك وأعلى حجتك وأنفذ أمرك‘ وقوى شوكتك("'‪ .‬وعظم سطوتك‘ وقصم‬ ‫ظهور أعداء الله بدولتك‪ ،‬وقطع دابر الظالمين بقهرك‘ سلام عليك ورحمة الله وبركاته‪.‬‬ ‫وعلى من قبلك من إخواننا السادة المسلمين‪ ،‬وعلى أعوانك وأنصارك والقائمين بأمر الله‬ ‫معكؤ والذابين عن حرمات الله تحت إمامتك‪ ،‬والمجتهدين المجاهدين في حق الله حق‬ ‫جهاده بأنفسهم وأموالهم ‪.‬‬ ‫أيها العبد الصالح‪ :‬إن ال ه نظر نظرة في عباده فرآك للوقت أصلبهم عودا‬ ‫وأتقاهم قلبا وآنفذهم بصيرة""‪ .‘.‬وأزكاهم نفسا وأوفاهم ميزانا وأعظمهم صبا‬ ‫وأشدهم شكيمة\ وأنفذهم عزيمة\ وأزهدهم في الدنياء وأرغبهم ني العقبىث‘‪ ،‬ولا‬ ‫يصلح للخلافة الكبرى إلا من كانت هذه الصفات صفاته‪ .‬وبله السياسة الكاملة‪.‬‬ ‫والخبرة التامة والتربية الزاكية‪ .‬يختار لعباده ما فيه الخيرة لحم‪ .‬وإذا اختارك لحمل هذه‬ ‫سيا من بلاده وحكُمك على طائفة من عباده‪ 6‬فقف لله حيث‬ ‫الأمانة العظيمة فولك‬ ‫أنت يكن لك في عونه وتسديده وتوفيقه حيث هو إن الله ل يورثك سلطانا وملكا‬ ‫دنيوياً ولكن قدك سلطانا نزل به جبرائيل عليه السلام من فوق سبع سياوات‪ ،‬أنت‬ ‫(‪ )١‬من أشهر أئمة الهدى والعمل الصالح بغميان‪ ،‬كانت إمامته ما بين عامي‪٨٣٢١ ١٢٣٢( ‎‬۔_‪ ‎‬ه)‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٦٢‬شوكتك ‪ :‬الشوكة ‪ :‬السلاح‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬يقال ‪ :‬فلان نافذ البصيرة ‪ :‬أي صائب الرأي‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬العقبى ‪ :‬الدار الآخرة‪. ‎‬‬ ‫‪- 198 -‬‬ ‫مسئول عنه يوم الفزع الأكبر عن مثقال ذرة وأقل منه‪ ،‬فقدم للسؤال جوابا في الحركات‬ ‫والسكنات ‪.©................‬‬ ‫‪ .....‬عيا يوجبه العدل ولا يتسلط الإنصاف على الطالح بأكثر مما قدرةالقسط‪،‬‬ ‫إنك أصبحت أمين الله على ميزان الحنيفية الطاهرة‪ ،‬ليس لك من الأمر فوق ما يوازن‬ ‫معيار هذا الميزان ولا دونه‪.‬فاجعل مركز قدميك على مركز قدم نبيك يلاق وآقدام الخلفاء‬ ‫الراشدين من آئمتك في الدين‪ .‬فإن المحجةه' واضحة المعالم قائمةش والسنة نيرة} وسير‬ ‫أهل الاستقامة في الأنفس والأموال وجهاد البغاة والمشركين غير طامسة الصوى«"‘‪ ،‬وا‬ ‫هي مؤسسة على الهوى إن الله قد أوجب على المكلفين من أهل مصر((" طاعتك‪.‬‬ ‫والإنقياد لأمرك ونهيك‪ ،‬فأوجب عليهم حقا ظاهره لك وباطنه لله‪ ،‬وليس لك من الأمر‬ ‫شيء إنا أنت [حافظ] الحجة وسيف الحد‪ ،‬تأمر بيا أمر به‪ ،‬وتنهي عيا نهي‪ 6‬فأوجب‬ ‫(٭٭)‬ ‫‪ .....‬والشقاق وغلب على أغلبها الجهل والنفاق© قصرت أنظار أكثرهم عن‬ ‫الخطر الداهم من العدو المحيط بهم‪ ،‬فضلا عن واجب اللهعليهم في القيام بالقسط‬ ‫وإنفاذ الحقوق وإقامة الحدود واستئثار العدل وسلوك السنة‪ :. .‬ني الظلم‬ ‫وتحالفوا في الجور وتهافتوا في الفتنة واتفقوا على أن [لا]' يتفقوا‪ ،‬وإنا لله وإنا إليه‬ ‫راجعون ‪.‬‬ ‫أيها العبد الصالح ‪ :‬إني لا أسددك عن عوجؤ ولا أقومك عن زيغؤ ولا أنبهيك عن‬ ‫غفلة[ ولكنها نصيحة مسلم على أخيه مفترض أداؤها‪ ،‬متعين اخلاصهاء أعط السياسة‬ ‫حقها الديني في تربية هذه الأمة‪ 5‬بأن تتجاوز عن مسيئهم إلا في حق حتى يؤدى" ولا في‬ ‫حد حتى يقام‪ .‬فاحتمل الكريهة حيث يكون الاحتمال مرضاة الله‪ ،‬وارحم الضعيف كيا‬ ‫ترحم نفسكؤ ولا تؤخر حدا عن وقته‪ ،‬ولا حقا عن أجله‪ ،‬وكن على القوي حتى تأخذ‬ ‫(٭) هنا خرم في الأصل بقدر ستة أسطر وقد يمن الله علينا بالعثور على نسخة أخرى للمقابلة والاستدراك ‪.‬‬ ‫‏(‪ (١‬الملحجة ‪ :‬الطريق ‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬الصوى ‪:‬علامات الطريق‪ .‬أي غير خافية المعالم‪. ‎‬‬ ‫)‪ (٣‬مصرك ‪ :‬بلدك‪. ‎‬‬ ‫(٭») خرم في الأصل بقدر سبعة أسطر ‪.‬‬ ‫‏) ‪ )٤‬عهارشوا ‪ :‬تنازعوا‪ ،‬وتشاجروا ‪.‬‬ ‫«ل» وهو سهو واضح‪. ‎‬‬ ‫ف‬ ‫ر سقط‬‫ح وقد‬‫(‪ )٥‬هكذا في الاصل‬ ‫‪ 199 -‬۔‬ ‫الحق منه‪ ،‬ومع الضعيف حتى تأخذ الحق له‪ ،‬إن صلاح المملكة في الرفق بالرعية وأخذ‬ ‫الحق منها بغير عنف والتودد إليها بالعدل‪ ،‬وأ مشن السّبل‪ ،‬وإنصاف المظلوم‪ 6‬وصلاح‬ ‫الملك بوزراء الحاكم إذا صلحوا صلح ولا يثير الفتنة إلا ضغائن تظهرها جراءة عامة‬ ‫واستخفاف خاصة وانبساط الألسن بضغائن القلوب واشفاق مؤسر وأمن معسرا وغفلة‬ ‫مرزوق© ويقظة محروم‪ ،‬ولا يسكن الفتنة إلا أخذ العدة إلا للمخوفؤ وإيثار الحد حين‬ ‫يلتذ الهزل والعمل بالحزم وادراع الصبر والرضا بالقضاء إنك لن تنال من هذه الأمة‬ ‫خير العامة وصرفهم عيا اشربت به قلوبهم من الآفات النفسانية والقاذورات الشيطانية‬ ‫حتى تشربهم محبتك‪ ،‬وتشعرهم هيبتك‪ ،‬ولا سبيل لك إلى ذلك إلا بخمس وسائل ‪:‬‬ ‫إكرام شريفهاء ورحمةضعيفها‪ ،‬وإغاثة لهيفها‪ ،‬وكف عدوان عدوها وتأمين سبيل‬ ‫رواحها وغدوهاء واعلم انك تحقدها بقدر ما تفقدها من هذه الخصال("‪.‬‬ ‫أيها العبد الصالح العدل العدل! قال يملأ‪« :‬زين النه السياء بثلاثة‪ :‬الشمس‬ ‫وما لم يعمل‬ ‫والقمر والكواكبؤ وزين الأرض بثلاثة‪ :‬العلياء والمطر والسلطان العادل‘‬ ‫السلطان ملكه بإنصاف الرعية خرب ملكه بعصيان الرعية وأوفى الخير الدين وأقوى‬ ‫العدد العدل لا عليك من فساد النێات وخبث الضيا ئر‪ ،‬إذا حكمت بالعدل لا بالهوى‪.‬‬ ‫وفحصت عن الأعهال لا عن السرائر ولا يكون العمران إلا حيث يعدل السلطان‬ ‫والعدل حصن وثيق في رأس منيف لا يحطمه سيل ولا يهدمه منجنيق‪ ،‬والعدل ميزان‬ ‫الله والجور مكيال الشيطان ‪.‬‬ ‫رحم الله أمير المؤمنين عمر‪ ،‬كان يعدل في رعيته وحجور في نفسه‪ ،‬و يطعمهم الطيب‬ ‫ويأكل الغليظ‪ .‬ويكسوهم اللين ويلبس الخشن ويعطيهم الحق ويزيدهم ويمنع ولده‬ ‫وأهله أعطى رجلا عطاءه أربعة آلاف درهم نم زاده ألفاً فقيل له‪ « :‬لاتزيد ابنك‬ ‫عبدالله كيا تزيد هذا؟» فقال‪« :‬إن هذا ثبت أبوه يوم أحد وإن عبدالله ف أبوه ولم يثبت" ‪.‬‬ ‫بن عبدالله البجلي ال عمر با لمدينة فقا ل له عمر ‪:‬‬ ‫جرير‬ ‫وقاص‬ ‫أوفد سعد ابن أ ي‬ ‫كيف تركت الناس ؟ قال ‪ :‬تركتهم كقداح الجعبة منها الأعصل الطائش"«"‘‪ ،‬ومنها‬ ‫القائم الرائش‪ .‬قال فكيف سعد ههم؟ قال هو ثقافها الذي يقيم أوده("' ويعمر أصلها‬ ‫قال فكيف طاعتهم؟ قال يصلون الصلاة لأوقاتها‪ ،‬ويؤدون الطاعة إلى ولاتها‪ ،‬قال الله‬ ‫‏(‪ )١‬في هذه الفقرة يتبين بجلاءعمق فكر أبيمسلم وبعد نظره السياسي والاجتماعي ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬الأعصل الطائش ‪:‬الأعصل هو السهم الشديد‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬أي ‪ :‬هو الذي يقيم اعوجاجها‪. ‎‬‬ ‫‪- 200 -‬‬ ‫أكبر إذا أقيمت الصلاة أديت الزكاة وإذا كانت الطاعة كانت الجماعة ‪.‬‬ ‫أيها العبد الصالح ‪ :‬إن قلوب رعيتك هي خزائنكڵ فيا أودعته فيها وجدته‪ ،‬وانك‬ ‫ورعيتك متلازمان إن صلح أحدكيا صلح الآخر وظلم الرعية استجلاب للبلية‪ ،‬وانك‬ ‫لاتزيل أحقادها إذا اشمأزت بمثل الرفق‪ ،‬ولا تكشف لك عن سوء غيبته ضيا ئرها بمثل‬ ‫الخرق في السياسة\ وهب أنها ثياراً مجتناة وذخائر مقتناة وسيوفاً منتضاة وأحراسا‬ ‫مرتضاة فان لما نفاراً كنفار الوحوش وطغياناً كطغيان السيول‪ ،‬ومتى قدرت على أن‬ ‫تقول قدرت على أن تصولؤ وإنيا أيديها تبع لالسنتها‪ ،‬فلن تملك ألسنتها حتى تملك‬ ‫جسومها‪ ،‬ولن تملك جسومها حتى تملك قلوبها ولا واسطة للاستيلاء على القلوب إلا‬ ‫المساواة بالعدل على الخاص والعام! وتخفيف المؤن والكلف والإعفاء من رفع الأوضاع‬ ‫والأرذال‪ ،‬على أعناق الأشراف والأماثل‪ ،‬وهذه الثلاثة تحقد عليك علية الرعية وتطمع‬ ‫الأوباش في الرتب السنية ‪.‬‬ ‫أيها العبد الصالح ‪ :‬إن رعيتك ثلاثة أصنافت© صنف فضلاء مرتاضون بحكم‬ ‫الرياسة والسياسة‪ ،‬يعلمون فضل فضيلتك وعظيم عنائتك‪ ،‬و يرثون لك من ثقل أعبائنك‬ ‫فهؤلاء نصَحُك فاستبق مودتهم ببشر اللقاء‪ ،‬واستجلب نصائحهم بحسن الإصغاء‪.‬‬ ‫وصنف فيه خير وشر ظاهران فاستصلحهم بالترغيب والتزهيب‘ وصنف سفلة رعاع‬ ‫أتباع لكل داع لا يمتحنون في أقوالهم وأعمالهم بنقد ولا يرجعون في الموالاه إلى عقد فترك‬ ‫معاقبتهم على صغار الجرائم‪ .‬مدعاة لهم إلى ارتكاب العظائم" فإن أول كلمة المرء كلمة‬ ‫سوء سوححت بهاك وأول حوان('" الدابة حيدة سوعدت عليها{ و إن مثار الفتنة أثرة تضغن‬ ‫الخاصة وافراط حلم بجرىء العامة‪ ،‬والمحمد لما عمل بسيط وهو استقالة العثرة في‬ ‫أولها‪ ،‬وعمل عظيم من فحول الأعمال في آخرهاء وهو الصبر ‪.‬‬ ‫أيها العبد الصالح ‪ :‬انك في سلطانك الديني بين بحرين نحظيمين خطرين‬ ‫أحدهما‪ :‬وهو أعظمها وهو بحر الشريعةة فلست وانه ناجياً في غمرات هذا البحر حتى‬ ‫تكون سفينتك فيه السيرة المحمدية فتبكَر في هذا البحر العميق تبصر يقظ حذر وليكن‬ ‫سيرك فيه مهتدياً السنة السنية‪ ،‬وتوخالطريق التي سلكها يل وسلكها خلفاؤه على أمته‬ ‫وأمناؤه على ملته فاسلكها‪ ،‬ومواقع أقدامه يلو وأقدام الخلفاء المهتدين من بعده لم تعفها‬ ‫(‪ )١‬هكذا وردت في الأصل‪ .‬ولعلها جران الدابة‪. ‎‬‬ ‫‪- 201 -‬‬ ‫السنون" وإن هبت عليها ريح البدع وحرفتها سيول الفتن ولع على أحكام من تولى‬ ‫نفسه‪ ،‬ولدولتك نصحاء في الدين تحريا للعدل ووقوفاً على حد القسط وثباتاً على مخالفة‬ ‫عما رسة للأحكا م‬ ‫‏‪ ١‬لعلم وأقوى‬ ‫منهم ي‬ ‫إلى من هو أرفع درجة‬ ‫حكا مك‬ ‫أحكا م‬ ‫‏‪ ٠‬ورد‬ ‫‏‪ ١‬هوى‬ ‫واللأنفذ بصيرة في المشاكل وإذا رجع الأمر إليك في قضية فشاور فيه علياء وفقهاء‬ ‫المذهب ‪ .‬وناهيك ان الله أمر نبيه تيةة بمشاورة أصحا به وهو المصطفى ا معصوم ‏‪١‬‬ ‫والمختار الموفق‪ 6‬والوحي ينزل عليه‪ ،‬وكتابه القرآن فيه علم ما كان وما يكون فأمره‬ ‫د را يته ولا‬ ‫مَره (‬ ‫ولا من‬ ‫بصيرته ‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬لصحا بة ليس لخمود‬ ‫‏‪ ١‬لبصا ئر من‬ ‫ذوي‬ ‫بمشا ورة‬ ‫‏‪ ١‬لرا ي‬ ‫صواب‬ ‫من‬ ‫ين‬ ‫وقع لغيره‬ ‫‏‪ ٠‬وربا‬ ‫فيه را ي‬ ‫لركة رأيه ‏‪ ٠‬ولكن علم الله أن كل صدر‬ ‫موهبة من النه سبحانه ما لم يتفق لبشريته يله وحسبك بقضية أسارى بدر وما وهب الله‬ ‫لغيره من وقوع البصيرة على رأي يطابق الحادثة لا ينقص من مقدار مقامه‪ ،‬ولمقا مه ياو‬ ‫الدرجة العلياء وله الفضل على كل من عرف الله ومن لم يعرفه‪ ،‬فإن قدر الله انتنفاعا من‬ ‫رأي غيره فلا يعتبر ذلك الغير له فضل عليه يلة ‪:‬‬ ‫مَرعليهلأنهمن مائه‬ ‫كالبحر يمطر السحاب وماله‬ ‫وقد أشبعنا الكلام على هذا المقام في كتابنا السياسة بالإيمان (“‘‪ ،‬فارجع إليه‬ ‫على هذها لوترة كا تراه قبل أن يمُن الله علينا بظهور‬ ‫وهاهو موجه إليك كنا ألفنا الكتا ب‬ ‫دولتك المؤيدة بمشورة وطلب من أعز الأصحاب وأحب الأحباب الشيخ‪ /‬سلييان بن‬ ‫سيف اليعربي‪ ،‬فمن الله تمامه‪ .‬وعلى أثر إتمامه بأيام جاءتنا البشائر ببزوغ شمس الحق‪،‬‬ ‫فكان الواقع هو عين موضوع الكتاب ؤ ولم يتيسر لنا إرساله قبل الأوان الحاضر وما ذلك‬ ‫إلا لان بعض الأصحاب ممن نثق به وعدنا بطبعه على نفقته ولرغبتنا الأكيدة في نشره‬ ‫بأقطارنا العيانية‪ ،‬وثقتنا بالوعد الذي أصبح سرابا بقيعة‪ ،‬وهكذا تذهب أموال مذهبنا ني‬ ‫غير طائل‪ ،‬وأصعب الأشياء عليهم إنفاقها فيما تعود مصلحته على أهل الدعوة‪ .‬لا جرم‬ ‫الكتاب أرسلنا ه إليك وهو عين المسودة التي هي بخط يدي وعسى الله يمن علينا‬ ‫بتوسيع الدولة وقرار الأمور على قواعدها فتتمكنوا إن شاء الله من اتخاذ مطبعة لبيت مال‬ ‫المسلمين تنشر فيه كتب المذهب والنشرات العربية الدينية‪ ،‬وذلك يسهل عليكم ان شاء‬ ‫(‪)١‬مَرِة‏ ‪ :‬من باب قرح‪ .‬معناه ‪ :‬فسد‪ ،‬ويقال ‪ :‬رجل مَره الفؤاد ‪ :‬سقيم الرأي (القاموس) مادة ‪ :‬مَرة ‪.‬‬ ‫(») يشير هنا إلى كتاب له تحت عنوان (السياسة بالإييان) ولم نره مطبوعا ولم نسمع عنه مخطوطا‪ .‬ولعل‬ ‫الايام ستكشف عن هذا الكنز الثمين‪ ،‬إلا إن كان القصد هنا بالكتاب (الرسالة أو الجواب) ‪.‬‬ ‫‪ 202 -‬۔‬ ‫الله بمخابرة الشيخ الشَاخي«" أيده الله في مصر واحتك سيدي على فتح المدارس‬ ‫العلمية في بلادك وحث أهل الخير على التبعات في سبيل هذا المشروع العظيم" فان‬ ‫مصرك عيان لم يسقط هذه السقطة العظيمة إلا مر'جهة الجهل والجهل أم المصائب في‬ ‫الدين والدنيا‪ ،‬وبودي لو ساعدني العلياء هناك على الرأي الذي أراه‘ وهو جواز جبر‬ ‫الاولاد على التعلم } وهي لعمري مصلحة عظيمة في الامة‪ ،‬ثم تجعل نفقة الفقراء منهم‬ ‫على بيت المال‪ ،‬ونفقة أبناء الأغنياء عآلبىائهم‪ ،‬وهي طريقة سياسية دينية تدل لها أصول‬ ‫من الكتاب والسنة‪ .‬وبقاؤكم على تعليم الجهلة على اختيار الآباء لأبنائهم مضر جدا‬ ‫بالامة لا يتقدم بها شبرا عن مركزها في الجمود‪ ،‬ولو تركت الأمم الراقية على جمودها في‬ ‫الظلمة والجهل ولم يزعها وازع قسري من جهة الحكومات لا بلغت مبلغها من التقدم ني‬ ‫العصرية‪ ،‬وأحق ما يكون باللإيزاغ والقسر هي العلوم السلامية التي تخرج بها الأمة من‬ ‫الظلمة إلى النور ومن الرذالة والنقص إلى الفضيلة والكيال ‪.‬‬ ‫فاجهد جهدك مولاي في هذه الخطة\ واجمع خيار المسلمين وعلمائهم وزعياء‬ ‫القرى والبلاد وألزمهم بالنهضة العلمتة\ وآقم لهم الخطباء في الجمع والمحافل‬ ‫والمجتمعات يحثوهم على هذه النهضة" ويبصرونهم بسوء المغبة في البقاء على هذه‬ ‫الحالة الراهنة‪ ،‬وبحسن العاقبة والتقدم إذا تنورت هذه الأمة بالمعارف الدينية والعلوم‬ ‫الإسلامية‪ ،‬ويكشفون عن وجه رداءة الجهل‪ .‬وأنه هو الداء الوحيد والسبب الأصيل‬ ‫للتوحش وشرارة التقاطع والعداوات والضغائن إلى غير ذلك مما تقع فيه الأمم الجاهلية‬ ‫من الشرور والسقوط وموت الأمم موتا أدبيا وديني‪ .‬وذلك ما لا يختلف فيه اثنان ومشاهد‬ ‫بالعيان ‪.‬‬ ‫ولتعلم سيدنا أن هذه النهضة لا تتمكن من الشكل شكلا حسيًا إلا بالصرامة‬ ‫التامة منك إذ مرجع الأمر إليك‪ ،‬أما البحر الثاني فهو بحر السياسة‪ ،‬أنت تعلم أن من‬ ‫لا يسوس الملك يترعه("‘ ودونك من السياسة النبوية المحمدية بحر لا ينزف وكنز لا‬ ‫‏(‪ )١‬لعله قاسم بن سعيد الشاخي مؤلف كتاب‪( :‬القول المتين في الرد على المخالفين)‪ ،‬وكان‬ ‫{ وله‬ ‫يعيش ي تلك الفترة ب (القاهرة) وهو معدود من رجال الفكر الإباضي معروف بنشاطه‬ ‫مؤلفات ‪.‬‬ ‫(٭) المطبعة‪ .‬التعليم المتطور اعتياداً اعتهاداً على تبرعات المحسنين" وإجبارية التعليم‪ ،‬آراء نيرة سبق بها‬ ‫الشيخ‪ /‬ناصر بن سالم زمنه‪ .‬وهذه عينة بسيطة عن قدراته العقلية والفكرية في مجالي الإصلاح‬ ‫والسياسة ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬ترع ‪ :‬منع وثنى‪ ،‬يقال ‪ :‬ترعة عن وجهه ‪ :‬منعهؤ ولعله يقصد من لا يحسن سياسة الملك يمنعه‪. ‎‬‬ ‫‪-‬۔ ‪- 302‬‬ ‫يفنى فانفق منه في تدبير دينك ودنياك وأمر سلطانك تبد الكفاية وفوق الكفا ية‪ .‬ولقد‬ ‫سئل أمير المؤمنين عمر من أين تعلمت السياسة فأجاب سائله من جمال الخطاب التي‬ ‫كنت أرعاها في شعاب مكة‪ .‬وانه أعلم حيث يجعل رسالته وحيث يبعل سياسة عبادة؟‬ ‫لقد ساس عمر هذه الأمة سياسة أتعب فيها من بعده من ساسة الأمة‪ ،‬وتاريخ سيرته‬ ‫كافل طافح بذلك‪ ،‬ومع هذا فيا أحوجك أن ترمي كل حادثة بحجرهاء وتداوي كل‬ ‫جرح بمرهمه‪ ،‬ومعك بحمد الله من رجال الحنكة والتجارب والسياسة وذوي الأصالة ف‬ ‫الرأي من لا يؤلوك جهدا في المناصحة ومن لا تقصر به البصيرة دون إدراك الحقيقة‪،‬‬ ‫والحقائق لا تفوت البصائر مع إمعان النظر واستثبات الأمور ومض الرأي ‪.‬‬ ‫ومن كلام سيدنا عبدالله بن وهب الراسبي ذي الثفنات (رضي الله عنه) خمير الرأي‬ ‫خير من فطيره‪ ،‬ثم ان الحقائق التي يشتغل الفكر فيها الى حد إصابة الرأي فيها قسيان‪،‬‬ ‫قسم محذور‪ .‬وقسم مطلوب© فاستعن بالمحذور وبالاحتياط والتحفظ والحزم والتيقظ‬ ‫وكتمان السر إلا عن خاصة أمرك ووزراء تدبير سلطانكؤ واستعن على القسم المطلوب‬ ‫بالصبر والثبات والعزيمة والتثبيت وعدم التسرع فييا يفتقر إلى الأناة والتؤدة وعدم‬ ‫التكاسل والتثاقل والتثبط فييا تعوزه المبادرة والعَجَل ‪.‬‬ ‫هذه فذلكه أهديها لك تذكرة‪ .‬والذكرى تنفع ا لمؤمنين‪ ،‬أكتبها وأنا أعلم أنك فوق‬ ‫ما أدعوك إليه‪ 5‬وأدَكرك بها درايةورواية وسياسة وإيياناً ورغباً فيما عند الله ورهباً من‬ ‫عقابه وفراراً مما يلهيك عنه فثبتك النه على ما أنت عليه‪ 6‬وزادك سلطانا في البت عن‬ ‫حرماته‪ .‬والجهاد في سبيله‪ ،‬وقطع دابر أعدائه‪ ،‬وجزاك الله خيراً عن الإسلام وأهله‪ ،‬أنت‬ ‫ومن ناصرك ووازرك وقام بأمر الله معكؤ ويا ليتني كنت معكم فأفوز فوز عظيياً‪ ،‬ولكن‬ ‫لله في خليقته شئون _ولولا ما قضاه الله علَ من وقوعي في حبائل الديون ا لتي لا محرج لي‬ ‫منها إلا بعون النه ونعمته‪ ،‬وعلى كل حال فأسألك الدعاء الصالح بتعجيل الفرج وأنا‬ ‫أعلم أنك من النه بمكان _ لكنت بمشيئة النه معك في المكره والمنشط حتى يقضي الله‬ ‫بإحدى الحسنيين ولا حول ولا قوةإلا بالنه العلي العظيم ‪.‬‬ ‫سها ‏‪ ١‬لدعوة إلى الله وكا ن‬ ‫قصيد ‪ ( 7‬موجهة ‏‪ ١‬ليلك وضعتها وتقصدت‬ ‫‪ :‬هذه‬ ‫سيدي‬ ‫القصد طبعها لتنشر في الأقطار العيانية بكثرة إلا أن المقادير حالت بيننا وبين طبعها‬ ‫‏(‪ )١‬الإشارة هنا إلى قصيدته المشهورة (الفتح والرضوان) المعروفة بالنونتة‪ .‬وهي دعوة حارة للعيانيين‬ ‫لمؤازرة الإمام سالم بن راشد ‪.‬‬ ‫‪ 402 -‬۔‬ ‫الأسد ممقوتاً مع ‪ .....‬‏‪ ١‬لسبب ولائي لكم‬ ‫لان محسوبكتم ‏‪ ١‬لعبد ‏‪ ١‬لعاجز أصبح بن ماضغي‬ ‫وميلي إليكم وتعلقي بأسبابكم ‪ ،‬وزاد في الحلقة ليا ما كتبناهفي جريدة الأهرام إحدى‬ ‫‪ .....‬المصرية‪'١‬‏ بواسطة الشيخ الشياخي من نشر دعوة المسلمين لما قامت دولتكم‬ ‫المؤيدة فكان ذلك داعيا إلى امتناعنا عن بيت الحكومة وقطع جميع الأسباب التي يترتب‬ ‫عليها الضروروات الحيوية وبحمد الله اعترفنا بانها نعمة من الله أنعم بها علينا‪ .‬وما عند‬ ‫الله خير وأبقى وبقية ما معنا حذوه من لسان خادمكم فبروز سريح ‏‪ ١‬لسيد فيصل بن حمود‬ ‫ومصيبة سيدنا الشيخ السالمي قصمت الظهور«"" وأسالت المهج من الآماق۔ فلنا ولكم‬ ‫‏‪ ١‬لمسلمين ان شاء‬ ‫و يعوض‬ ‫واله يعرضك‬ ‫‏‪ ١‬لعزاء ‏‪ ٠‬وفي اله من كل فا بت خلفت‬ ‫فيه حسن‬ ‫وقوم‬ ‫ا لبدعة‬ ‫وأ مات‬ ‫الله عنه لقد أحيى ‏‪ ١‬لستة‬ ‫ورضي‬ ‫معك©‬ ‫بأمر ‏‪ ١‬لمسلمين‬ ‫الله ‪ -.‬يقوم‬ ‫بعده‬ ‫اختاروا لك‬ ‫وقد بلغنا أن ‏‪ ١‬لمسلمين‬ ‫فرحم ةة الله عليه‬ ‫ونشر العلم والعدل‘‬ ‫الأود("‬ ‫الشيخين ماجد بن خميس العبري وحمد بن عبدالله الخليلي‪ ،‬ولعمري أنهما كفاية وكفاءة‪.‬‬ ‫والله المسئول أن يعينكم وينصركم ويؤيدكم ويقوي أمركم ويكسر أعداءكم وينشر‬ ‫العدل والإحسان والإنصاف بهممتكم ‪.‬‬ ‫‪ .‬ولندم يا إمام المسلمين خادما للحق موفقا له واصلا إليه عاملا به‪ ،‬والمدد والنصر‬ ‫لتيسير والفتح‪ ،‬وحسم صائلة الأعداء حليفكم إن شاء النه‪ ،‬وأرجو أن تشرفني بالمكاتبة‬ ‫أرجو الفوز في العقبى بطاعتك‬ ‫‏‪ ٣‬في هذا القطر داعيك وخادم أمرك ومؤ يد حجتك“‪٥‬‏‬ ‫لا لأجل الزلفى والتكسب©‬ ‫وولايتك حتى يمنالله عل بالفرج فأتصل بخدمتك لوجه‬ ‫والله قادر على ذلك واسألك الدعاء لي في أعقاب صلواتك كيا أنأنيدعو لك مبتهلاً‬ ‫إلى الله في إعلاء كلمتك واقامتها وإدامة نصرك وتوفيقك وتسديدك ف الأقوال والأعهال‬ ‫والأفعال وسائر الأحوال ‪. .‬‬ ‫ثم اني أشير عليك بمصادقة أمير نجد وأمراء الساحل على الخليج الفارسي‪ ،‬ولابد‬ ‫من ارسال وفد لتوثيق عرى الألفة والصداقة بينك وبينهم" ففي ذلك من حسن السياسة‬ ‫وخير المغبة ما لا يخفى عليكث‘ وتختر الوفد الذي ترسله أن يكون من علياء المسلمين‬ ‫نفرين أو أكثر ومن العقلاء الساسة ذوي البصائر والفطنة ممن ترضيك بصيرته ويؤدي‬ ‫‏(‪ )١‬هكذا في الأصل‪ .‬ولعله «إحدى الجرائد المصرية‪. »....‬‬ ‫‏(‪ )٢‬الإشارة هنا واضحة إلى موت الإمام نورالدين السالمي سنة ‏‪ ١٣٣٢‬ه ‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬هكذا في الأصل ولعل الصواب لوجه النه‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الاود ‪ :‬الاعوجاج‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬سياسة حسن الجوار المشهود بها ليان دوماً‪. ‎‬‬ ‫‪ 205 -‬۔‬ ‫عنك فوق ما في نفسك‪ ،‬وكاتب شريف مكة وإمام صنعاء" وسلطان الحج"‪ .‬واتخذ‬ ‫مع ك أمير من أمراء جزيرة العرب يداً وسياسة وان استطعت أن لا تدع جزيرة العرب‬ ‫إلا كتلة واحدة يؤدي لك الصداقة فافعل" ولابد لكم من مكاتبة الشيخ سلييان بن‬ ‫عبدالله الباروني" فقد صار بعد حرب طرابلس الغرب وزيرا في مجلس الأعيان في‬ ‫استانبول ومجلس الأعيان مجلس أبناء ملوك الأتراك‪ .‬وفي مكاتبة هذا الرجل والتعرف إليه‬ ‫وإلى الدولة العشيا نية بواسطته سياسة معتبرة النفع عظيمة الفائدة‪ .‬أما صداقتكم مع أمير‬ ‫فأقل فوائدها فسح الطريق لوصول السلاح والآلات النارية إلى مملكتك‬ ‫نجد‬ ‫العيانية‪ ،‬هذا رأي توجه لي وأراه ضروريا لكم لازما لسياستكمإ وقصركم النظر على إقامة‬ ‫الشعائر الدينية في مملكتكم فقط دون طول النظر في سياسة الدين والإكثار من الصديق‬ ‫أمر يحتاج إلى النظر ثم ان في الهند جمعيات دينية إسلامية سياستها حياطة الإسلام‪ .‬فإن‬ ‫رأيتم ان تعقدوا معها حبلا فاكتبوا كتابا ونحن نتكفل بإرساله إليهم‪ ،‬وقد وصلتنا عنهم‬ ‫إعلانات ونشرات وجهنا إليكم منها نسخة‪ .‬وهذا إن لم ينفع لم يضر فأقل ما فيه إشاعة‬ ‫دعوة المسلمين في الممالك الإسلاميةث‘‪ ،‬والإظهار مع اعدائنا الكفرة ان أهل الإسلام قد‬ ‫ارتبط بعضهم ببعض وجمعتهم الجامعة الإسلامية بعواطف الاخاء الإييا ني والوئام الملي‪،‬‬ ‫واظهار دعوة المسلمين إلى جميع الأمم الإسلامية"" يكشف لسائر الانحاء الإسلامية ما‬ ‫أنتم عليه من حسن المقصد ومراعاة اقامة الشعائر الدينية واحياء السنة وإماتة البدعة‬ ‫وانكم لم تنهضوا للملك والسلطان‘ وإنيا نمضتكم غيرة لله لانتهاك حرماته وتعطيل‬ ‫حدوده ووقوفكم حجرة في بلعوم القوم الكافرين("‘ء‪ 5‬وإنما نجضتكم ليست كيا يشيعه‬ ‫() يقصد بهم على التوالي ‪ :‬الشريف حسين والإمام يجى الملقب بالمتوكل ‪.‬‬ ‫‏(‪ ) ٢‬هكذا وردت والخطأ من الناسخ والصواب سلطان لحج‪ .‬وهي مدينة في جنوب اليمن‪ ،‬وكانت‬ ‫تحت سلطة العبادلة اليمنيين قبل أن تضم إلى عدن ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬سلييان الباروني باشا (ت ‪١٩٤٠‬م)‏ مجاهد ليبي عظيم‪ ،‬وكاتب إسلامي قديرة أدى للدولة العثيا نية‬ ‫خدمات جلى وقد نفاه الاستعيار الأوروبي «إيطالياء انجلترا" فرنسا» وحرم عليه دخول البلاد‬ ‫العربية التي كانت تحت سيطرته ‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬أمير نجد هو ‪ :‬عبدالعزيز بن عبدالرحمن مؤسس المملكة العربية السعودية‪. ‎‬‬ ‫تفتح الشيخ ناصر بن سالم الرواحي على العالم الاسلامي‬ ‫‏(‪ )٥‬وهذاا لموقف وغيره مما سبق يوضح‪.‬‬ ‫ووعيه بواقعه في تلك الظروف العصيبة ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٦‬هذا الموقف وما سبقه من المواقف ى يوضح بجلاء فكر الشيخ ناصر الإسلامي ووعيه السياسي‪.‬‬ ‫واطلاعه الدقيق على مجريات العالم من حوله ‪.‬‬ ‫(‪ )٧‬هذا الرأي يلخص الفكرة التي كان هذا المصلح العظيم يكرس لها شعره ونثره‪ ،‬وأعماله‪. ‎‬‬ ‫‪-‬۔ ‪- 602‬‬ ‫عنكم أعداؤكم وأولياؤهم في الجرائد وغيرهاء وبودي لو صنف أحد العلاء عنكم‬ ‫منشوراً في صورة رسالة تهدى إلى جميع المسلمين في جميع الممالك تكشف عن عقيد تكم‬ ‫وسيرتكم وموضوع نهضتكم‪ ،‬وما مقصدكم وما هو عين سياستكمإ ثم ترسلونها إلينا‬ ‫لنطبعها في زنجبار ونفرقها في الأقاليم أو ترسلونها إلى الشيخ الشياخي يطبعها في مصر‬ ‫أو إلى الشيخ الباروني بواسطة الشيخ الشياخي ‪.‬‬ ‫وبالجملة هذه سياسة أشير بها عليكم ونظركم أعلى وأتم وأكمل‪ .‬وعليك السلام‬ ‫ورحمة الله وبركانه وعلى كافة من قبلك من إخواننا المسلمين ‪ .‬ويسلم عليك من لدينا‬ ‫الشيخ المخلص سلييان بن حيد بن عبدالنه الحارثي وشبله الكريم عبدالله بن سلييان©‬ ‫والمخلصون لكم يسلمون عليكم ويدعون لكم بالنصر والأيد‪ ،‬وقد أجرى الله على لسان‬ ‫عبده العاجز الضعيف مرثيتين لسيدنا الشيخ رحمه الله(‘ وهما تحت الطبع وبعد تمام‬ ‫طبعها سنوجه إليكم بعض النسخ إن شاء الله{ وهذه القصيدة النونية" أرجو منك تأمر‬ ‫بالإكثار من نسخها واشهارها مع شيوخ القبائل© عساها ان تحرك من عواطفهم وتهز من‬ ‫أريحيّاتهمإ ولهذه الغاية وضعناها على هذه الوتيرة سياسة منا للدين وتحريكآ لعواطف‬ ‫المسلمرت( ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٣‬ربيع‬ ‫خيراً يوم‬ ‫الإسلام‬ ‫الله منشئه وكاد به عن‬ ‫ولقد جرى‬ ‫الوارد‬ ‫قد تم الكتاب‬ ‫زنجبار‬ ‫صاحبه من‬ ‫من‬ ‫‏‪ ١ ٤‬ربيع الثاني‬ ‫يوم‬ ‫وتحرير الكتاب‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ١ ٣٣٢‬هجرية'‬ ‫عام‬ ‫الثاني‬ ‫في العام المذكور تم بقلم الحقير‪ ,‬سالم بن خلفان بن سرور بن سليمان بن مهنا اليعربي‪.‬‬ ‫‪..‬‬ ‫بذله‬ ‫‪٠‬ه‪‎‬‬ ‫‪٦٩‬‬ ‫‪ ::‬عو‪‎‬‬ ‫‏) ‪ )١‬يشير هنا إلى مرثيتين في ا لشيخ اللا لي‪ .‬وقد نشرتا في ديوانه ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬قصيدة الفتح والرضوان منشورة بديوانه أيضا‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬هذه هى نظرة الشاعر إلى رسالة الشاعر ودور الشعر في النهضة وقد حققها عمليا في شعره‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬يوافق‪ ٢٧ ‎‬فبراير‪١٩١٥ ‎‬م ‪.‬‬ ‫‪-‬۔ ‪- 702‬‬ ‫أم المراجع‬ ‫‪ -‬إحسان عباس ‪ ،‬شعر الخوارج ‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان‪4791 ،‬م‪.‬‬ ‫‪ -‬إحسان النص ‪ ،‬الخطابة العربية في عصرها الذهبي‪ .‬دار المعارف‪ ،‬مصر©‬ ‫‪ 3‬م‪.‬‬ ‫‪ -‬أحمد درويش & مدخل إلى دراسة الأدب في عمان ‪ ،‬دار الأسرة ‘سلطنة عمان‬ ‫‪2‬مم‪.‬‬ ‫‪ -‬أحمد سليمان معروف ‪ ،‬قراءة جديدة في مواقف الخوارج وفكرهم‬ ‫طلاس دمشق سوريا ‪8891‬م‪.‬‬ ‫وأدبهم‪ .‬دار‬ ‫‪ -‬حنا الفاخوري & الحكم والأمثال ‪ ،‬دار المعارف ‪ ،‬مصر (د‪.‬ت)‪.‬‬ ‫‪ -‬زكي مبارك ‪ ،‬التصوف الإسلامي وأثره في الأدب والأخلاق القاهرة‬ ‫(د‪.‬ت)‪.‬‬ ‫‪ -‬زكي مبارك ‪ ،‬المدائح النبوية في الأدب العربي‪ ،‬منشورات المكتبة‬ ‫بيروت ‪5691‬م‪.‬‬ ‫العصريَّة‪،‬‬ ‫‪ -‬الشيخ سعيد بن خلفان الخروصي ‪ ،‬النواميس الرحمانية ‪.‬ط‪ .‬حجرية‪.‬‬ ‫(د‪.‬ت)‪.‬‬ ‫‪ -‬عبد الله كنون } أدب الفقهاء‪ ،‬دار الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت |‪ ،‬لبنان ©‬ ‫‪4‬ه_‪4891/‬م‪.‬‬ ‫ط‪.‬م ‪.‬‬ ‫‪ -‬ناصر بن سالم بن عديم الرواحي‪ .‬أبو مسلم ‪:‬‬ ‫‪- 802 -‬‬ ‫طبع‬ ‫تحقيق وتدقيق‪ :‬عبد الرحمن خزندار‬ ‫‪ .‬ديوان أبي مسلم‬ ‫نزوى سلطنة عُمان‪6891 ،‬م‪.‬‬ ‫٭ ديوان أبي مسلم ‪ ،‬مقدمة‪ :‬علي النجدي وزارة التراث‬ ‫القومى والثقافة‪ .‬سلطنة عمان‪0891 ،‬م‪.‬‬ ‫٭ المولد النبوي المسمى‪ :‬النشأة المحمدية نشر ديوان البلاط‬ ‫السلطاني دائرة المدارس والمساجد (د‪.‬ت)‪.‬‬ ‫" نثار الجوهر نسخة مصوَرة‪ ،‬نشر وزارة التراث القومي‬ ‫والثقافة‪ .‬سلطنة عمان ‪0891‬م‪.‬‬ ‫ح ج ے;‬ ‫‪-‬۔ ‪- 902‬‬ ‫للمؤ أف‬ ‫صهدررت‬ ‫مكترب‬ ‫المقالة الصحفية الجزائرية ر‪ 3091‬۔ ‪ )1391‬جزآن ۔ الجزائر‪ :‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‘‬ ‫‪(1‬‬ ‫‪.8‬‬ ‫الصحف العربية الجزائرية (‪ 7481‬۔ ‪ )9391‬۔ الجزائر‪ :‬ش‪.‬ر‪.‬ن‪.‬ت‘‬ ‫‪(2‬‬ ‫‪.01‬‬ ‫أغنيات النخيل (شعر) ۔ الجزائر‪ :‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت\ ‪.1891‬‬ ‫‪(3‬‬ ‫أبو اليقظان رجهاد الكلمة‪ .‬ط‪ 2‬۔ الجزائر‪ :‬ش‪.‬ر‪.‬ن‪.‬ت\ ‪.4891‬‬ ‫‪(4‬‬ ‫عمر راسم المصلح الثائر ۔ الجزائر‪ :‬لافوميك‪.4891 ،‬‬ ‫‪(5‬‬ ‫مختارات من شعر الأمير عبد القادر ۔ الجزائر‪ :‬م‪.‬و‪.‬ك ‪.4891‬‬ ‫‪(6‬‬ ‫البراعم الندية رشعر للأطفال) ۔ الجزائر‪ :‬ش‪.‬و‪.‬ن‪.‬ت‘ ‪.4891‬‬ ‫‪(7‬‬ ‫الشعر الجزائري الحديث‪ :‬اتجاهاته رخصائصه الفنية (‪2591‬۔‪ )5791‬۔‬ ‫‪(8‬‬ ‫بيررت‪ :‬دار الغرب الإسلامي‪( 5891 ،‬رسالة دكتوراه)‪.‬‬ ‫رمضان حمُود‪ :‬حياته وآثارها ط‪ 2‬۔ الجزائر‪ :‬م‪.‬و‪.‬ك‘ ‪.5891‬‬ ‫‪(9‬‬ ‫‪ (10‬أخبار الأنمّة الرستميين (رابن الصغير) تحقيق بالاشتراك مع إبراهيم بجاز‬ ‫ط‪ 2‬۔ الجزائر‪ :‬جمعية الزاث\‪ ،‬بيررت‪ :‬دار الغرب الإسلامي ‪.6891‬‬ ‫‪ (11‬ديوان أبي اليقظان‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ .‬جزآن ۔ الجزائر‪ :‬جمعية التراث‘‬ ‫‪.91‬‬ ‫‪ (12‬حلقة العزابة ودررها في بناء المجتمع المجدي ط‪ 2‬۔ الجزائر‪ :‬جمعية‬ ‫اللزراث‘ ‪.9891‬‬ ‫‪- 012 -‬‬ ‫‪ (13‬في رحاب القرآن رالشيخ إبراهيم بيُوض) ۔ الجزائر‪ :‬جمعيئة النزاث‪،‬‬ ‫‪. . 9‬‬ ‫مفدي زكرياء‪ :‬شاعر النضال والثورة‪ .‬ط‪ 2‬۔ الجزائر‪ :‬جمعية التراث‪،‬‬ ‫‪(14‬‬ ‫‪.91‬‬ ‫‪ (15‬أعمالي في الثورة للشيخ إبراهيم بيوض‪ :‬إعداد وتقديم ۔ الجزائر‪ :‬جمعية‬ ‫النزاث‪.9891 ،‬‬ ‫‪ (16‬حمد بن الحسن بن دريد ۔ سلطنة عمان‪.1991 ،‬‬ ‫‪ (17‬الإمام عبد الحميد بن باديس (سلسلة أعلام الفكر) ۔ الجزائر‪.1991 :‬‬ ‫‪ (18‬الشيخ إبراهيم اطفيّش في جهاده الإسلامي ۔ الجزائر‪ .1991 :‬ط‪:2‬‬ ‫مؤسسة الضامري) ۔ سلطنة عغُمان‪.1991 ،‬‬ ‫‪ (19‬ما أحوجنا إلى أدب إسلامي ۔ سلطنة عمان‪.2991 :‬‬ ‫في رحاب ا له رشعر) ۔ الجزائر‪.2991 :‬‬ ‫‪(20‬‬ ‫‪ (21‬فيوض النور ۔ سلطنة عمان‪ .2991 :‬أنوار من سورة النور‪ ،‬جمعية النراث‘‬ ‫الجزائر‪.2991 ،‬‬ ‫‪ (22‬من سلسلة القصص المربي للأطفال ۔ سلطنة عمان‪:2991 :‬‬ ‫‪ : 2‬جزاء الإحسان‪.‬‬ ‫[ ‪ :‬في الاتحاد قوة‪.‬‬ ‫ءَ۔‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ (23‬دور الإباضية في نشر الإسلام بغرب إفريقيا! ط‪ 2‬۔ (معهد القضاء‬ ‫الشرعي) سلطنة عمان‪.3991 :‬‬ ‫الاستقامة‬ ‫‪ (24‬مكانة الإباضية في الحضارة الإسلامية‪ :‬حلقتان‪ :‬إعداد‪ .‬نشر‪:‬‬ ‫۔ سلطنة عمان‪.3991 :‬‬ ‫‪ (25‬الادب والنصوص للمرحلة الثالثة نانوي (معهد القضاء الشرعي) ۔‬ ‫سلطنة عمان‪.2991 :‬‬ ‫‪- 112 -‬‬ ‫الشعر الجزائري من الرومانسية إلى الثوريئة رمعد للطبع)‪.‬‬ ‫‪(26‬‬ ‫‪ (27‬الصحافة الجزائرية في مواجهة الاستعمار (معد للطبع)‪. .‬‬ ‫‪ (28‬تلخيص القسمة رأصول الأرضين (في فقه العمارة الإسلاميئة) رلأابي‬ ‫العباس أحمد بن محمد بن بكر) تحقيق بالاشتراك مع الشيخ بكير الشيخ‬ ‫بلحاج (رباشعادل) مؤسسة الضامري) سوريا ‪.3991 ،‬‬ ‫‪ (29‬الحان وأشجان (شعر) المطبعة العربية ۔ الجزائر‪.5991 :‬‬ ‫هموم جزائرية ۔ دمشق رمعد للطبع‪.‬‬ ‫‪(30‬‬ ‫‪ (31‬تراثنا الإسلامي رالعصر ۔ مؤسسة الضامري) ۔ سلطنة عمان ‪.4991‬‬ ‫(مؤسّسة الضامري) ۔ سلطنة عمان{ ‪.3991‬‬ ‫‪ (32‬حداثة أم ردة ؟!‬ ‫‪ (33‬خصائص الأدب الإسلامي (مؤسّسة الضامري) ۔ سلطنة عمان ‪.3991‬‬ ‫‪ (34‬الأصول العقدية للناشئة المحمدية (مؤسّسة الضامري) ۔ سلطنة عمان‬ ‫‪.31‬‬ ‫‪ (35‬الإباضيئة تاريًا وفكرًا معد للطبع) ۔ سلطنة عمان‪.‬‬ ‫‪ (36‬الشيخ إبراهيم اطفيّش رسلسلة أعلام الفكر) ۔ الجرائر‪ ،‬رمعد للطبع)‪.‬‬ ‫‪ (37‬الشيخ أبو اليقظان إبراهيم (سلسلة أعلام الفكر) ۔ الجزائر‪ .‬معد‬ ‫للطبع)‪.‬‬ ‫‪ (38‬الشيخ محمَّد علي دبُوز والمنهج الإسلامي لكتابة التاريخ رمطبعة البعث)‬ ‫قسنطينة ۔ الجزائر‪.5991 ،‬‬ ‫‪ (39‬القيم الإسلامية في نظام التعليم بوادي ميزاب الجزائر رمعد للطبع)‪.‬‬ ‫‪ (40‬مصادر البحث في العلوم الإسلامية معهد القضاء الشرعي) ۔ سلطنة‬ ‫عمان ‪.5991‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬۔ ‪212‬‬ ‫)‪ 1‬منهج البحث وتحقيق النصوص (معهد القضاء الشرعي) ۔ سلطنة عمان‪،‬‬ ‫‪.51‬‬ ‫فواكه العلوم‪ .‬تأليف عبدا لله بن محمد بن عامر الخنبشيك تحقيق‬ ‫‪2‬‬ ‫بالاشتراك مع الأستاذ مهني التيواجيني ۔ الأجزاء‪ 3 20 10 :‬۔ سلطنة‬ ‫عمان‪.5991 .‬‬ ‫رصينة والد لولده العررسك ط‪ .‬جمعية الراث\‘ القرارة‪.4991 .‬‬ ‫‪)3‬‬ ‫‪- 312 -‬‬ ‫‪5 ............................................................................................................... 7‬‬ ‫من هو الشاعر أبو مسلم ؟ ‪8 ...............................................................................‬‬ ‫أبو مسلم أديبا لامعا ‪41 ..........................................................................................‬‬ ‫أبو مسلم فقيها ‪02 .................................................................................................‬‬ ‫العقيدة في شعره ‪22 ................................................................................................‬‬ ‫الإسلام في شعره ‪23 ...............................................................................................‬‬ ‫هل كان قوميا ؟ ‪14 .............................................:...............................................‬‬ ‫الابتهال في شعره ‪54 ............................................................................................‬‬ ‫المدائح النبوية ‪67 ................................................................................................‬‬ ‫قصيدة الابتهال في جانبها الفي م‪......‬‬ ‫الاستنهاض في شعره ‪421 .........................................................................................‬‬ ‫الحكمة في شعره ‪541 ................................................................................................‬‬ ‫الحنين في شعره ‪851 ..................................................................................................‬‬ ‫الرثاء فى شعره ‪271 ...................................................................................................‬‬ ‫أثر القرآن في شعره ‪871 .............................................................................................‬‬ ‫الأسلوب الخطابي ‪281 .............................................................................................‬‬ ‫نماذج تطبيقية ‪781 ....................................................................................‬‬ ‫ملحق‪:‬‬ ‫خاتمة ‪591 .................................................................................................................‬‬ ‫أهم المراجع ‪802 ....................................................................................................‬‬ ‫كتب صدرت للمؤلف ‪012 ......................................................................................‬‬ ‫‪- 412 -‬‬