‫‏‪ ,١‬را‬ ‫محررا اهو‬ ‫ل‪.‬‬ ‫‏ا‪٧‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫ا | وكم بين هذه إنوز ردهة باز‬ ‫وز ا‬ ‫م‪ /‬‏‪١‬‬ ‫)ك بناف فتارى ايام بخبث عل ‪,‬يحتلتة‬ ‫الربعة الزاخر“‪-‬ابي ‪7‬‬ ‫أصم تاح۔ربكز‬ ‫‏‪٩٨‬‬ ‫محمر تيدابن خلفان ب احمد الخليلي‬ ‫تج‬ ‫‪] ١٧‬‬ ‫الرومي لاد؟ شبع ميعبوبه نجني ‏‪© ٨‬‬ ‫( ميباتااتحتيت التقيد هاجر قمبات ‏‪| ٢‬‬ ‫‏‪١2٨١0‬‬ ‫"سبق‪ .‬بحيث له نفى له غبار وأتى هيد‬ ‫‪ 7‬أفا به يالعجب العجاب‪ .‬هكأئت هتاورد ظ‬ ‫|‬ ‫‪ 4‬النابية (كزة تتدفق(بتيوض اايختهلقة‬ ‫والشرشة‪ .‬سيده أقداقة لانها ملتمدة‬ ‫ا‬ ‫\‬ ‫(‬ ‫لا حركت راسية‬ ‫‪72‬‬ ‫وملح‬ ‫ر‬ ‫‪-:‬‬ ‫ر طا‬ ‫‪/‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪(6٢(‎‬ه۔‪(٨٧‬هم‬ ‫‪١‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬‫‪ ٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬‫‪٣‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬‫‪ ٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬‫‪٥‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬‫‪٧‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪P‬‬ ‫الحمد الله الذي شرح بالعلم صدور العلماء الربانيين‪ ،‬وزكـى بـالإخلاص أعـمال‬ ‫عباده المتقين‪ ،‬والـصلاة والـسلام عـلى نبيـه الـذي أرسـله في الأميـين ليـزكيهم ويعلمهـم‬ ‫الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضـلال مبـين‪ ،‬فهـدى مـن الـضلالة وعلـم مـن‬ ‫الجهالة وبصر من العمـى‪ ،‬وأنقـذ مـن الـردى‪ ،‬وعـلى آلـه وصـحبه دعـاة الأمـة إلى الخـير‬ ‫وهداتها إلى الحق وأئمتها في طريق الرشد وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬ ‫أما بعد‪:‬‬ ‫فإن العلم الشرعي هو أنفس ما تنافست في تحصيله الهمـم‪ ،‬وتزاحمـت في اقتنائـه‬ ‫الركب‪ ،‬وتبارت في السبق إليه العزائم؛ إذ هو مناط الاستقامة في الدنيا‪ ،‬ومعقد السلامة‬ ‫في العقبى‪ ،‬به يفرق بين الحق والباطل‪ ،‬ويميز بين الحلال والحرام‪ ،‬وقـد أرسـل االله تعـالى‬ ‫نبيه ‪ r‬إلى عباده على فـترة مـن الرسـل‪ ،‬وانقطـاع مـن الـوحي‪ ،‬واسـتحكام مـن الجهـل‪،‬‬ ‫وتحكم من الحمية‪ ،‬ورسوخ من الجاهلية‪ ،‬وضلال مـن العقـول‪ ،‬وفـساد مـن الأخـلاق‪،‬‬ ‫وانحطاط من القيم‪ ،‬فـدعا إلى الخـير‪ ،‬وعلـم مـن الجهـل‪ ،‬فأصـلح بـالعلم النـافع نفوسـا‬ ‫وبصر به عيونا عميا‪ ،‬وأسمع به آذانا صما‪ ،‬وفتح به قلوبا‬ ‫فاسدة‪ ،‬وهدى به عقولاً ضالة‪ ،‬ َّ‬ ‫غلفا‪ ،‬فاجتمع به شمل الأمة بعد شتات‪ ،‬ووضحت به المعالم بعد اندراسها‪ ،‬وتآلفت بـه‬ ‫القلوب بعد تنافرها‪ ،‬فأخرج االله سبحانه وتعـالى عـلى يديـه خـير أمـة أخرجـت للنـاس‪،‬‬ ‫حملت على عاتقها مسئولية إبلاغ رسالته للناس‪ ،‬وأمرهم بالمعروف ونهـيهم عـن المنكـر‪،‬‬ ‫وتعاقبت من بعده مواكب الخير متمثلة في علماء ربانيين ينفـون عـن هـذا الـدين تحريـف‬ ‫المبطلين وتأويل الجاهلين‪.‬‬ ‫‪ ٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫ومنذ بزوغ شمس الرسالة وامتداد أشعة النور منها ممزقة سجاف ظلمات الجهل‬ ‫ما زال الناس يعنون بالرجوع إلى أئمة العلم الجامعين بين المعـارف العقليـة‪ ،‬والعـوارف‬ ‫النقليــة‪ ،‬الــذين ارتــووا مــن معــين القــرآن‪ ،‬وتــشبعوا بهــدي النبــي عليــه أفــضل الـصلاة‬ ‫يعن لهم من مشكلات الحياة؛ ليبصروهم بهذا النـور الـذي‬ ‫والسلام؛ ليعرضوا عليهم ما ُّ‬ ‫يتلألأ سناه مـن مـشكاة النبـوة‪ ،‬ولم يـأل أولئـك العلـماء في إجالـة قـدح الفكـر مـن أجـل‬ ‫استخراج جواهر الأحكام من بحـور الكتـاب والـسنة‪ ،‬فكانـت إجـابتهم عـلى مـا يوجـه‬ ‫إليهم من أسئلة في فنون العلوم الشرعية من أعز ثروات هذه الأمة وأغلاها إذ هي كنوز‬ ‫معارفها التي ترجع إليها كلما احتاجت إلى حل لما يعن لها من مشكلات الحياة‪.‬‬ ‫وقد تنافست همم أهل الخير في تقريب هذا العطاء المدرار إلى طلابه بجمعهم ما‬ ‫تناثر وتفرق من أجوبة أولئـك الجهابـذة النـابغين ليكـون جنـى ثمارهـا الطيبـة اليانعـة في‬ ‫متناول أيدي الراغبين في الاستفادة‪.‬‬ ‫وإن من بين هذه الكنوز الحافلة بالعلم النافع فتاوى الإمام المحقق َع َلم الحقيقـة‬ ‫وب ْحر الشريعة الزاخر أبي محمد سعيد بـن خلفـان بـن أحمـد الخلـيلي الخـروصي ‪،‬‬ ‫الشامخ َ‬ ‫الذي سبََح بيعبوبه المَُج ِّلي في ميدان التحقيق والتدقيق‪ ،‬فأحرز قصبات الـسبق‪ ،‬بحيـث لم‬ ‫ُيَشق له غبار‪ ،‬وأتى فـيما أفـاد بـه بالعجـب العجـاب‪ ،‬فكانـت فتـاواه ينـابيع َثـ َّرة‪ ،‬تتـدفق‬ ‫بفيوض الحقيقة والشريعة‪ ،‬صافية رقراقة؛ لأنها مستمدة من بحار الكتاب والسنة‪ ،‬وقـد‬ ‫عني بعد وفاته ‪ -‬رحمه االله ‪ -‬تلميذه البار الشيخ محمد بـن خمـيس الـسيفي – رحمـه االله‪-‬‬ ‫بجمع ما تفرق من هذه الفتاوى‪ ،‬وضم إليها طائفة من فتـاوى الإمـام الربـاني أبي نبهـان‬ ‫جاعد بن خميس الخروصي‪ -‬رضي االله عنه ‪ ،-‬كما ضم إليها فتاوى مهمة مما دبجته يراعة‬ ‫العلامة الجليل الـشيخ سـلطان بـن محمـد البطـاشي‪ -‬رحمـه االله تعـالى ‪ ،-‬وسـمى الجميـع‬ ‫»تمهيد قواعـد الإيـمان وتقييـد شـوارد مـسائل الأحكـام والأديـان«‪ ،‬وظـل هـذا الكتـاب‬ ‫‪٩‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫مرجعا مهما للفقهاء وطلاب العلوم يكرعـون مـن مناهـل عرفانـه‪ ،‬ويستبـصرون بأشـعة‬ ‫عوارفه‪.‬‬ ‫وقد قيض االله تعالى أخيرا فتية جمعوا بين الأصالة والمعاصرة‪ ،‬وأحرزوا قـصبات‬ ‫السبق في البحث العلمي‪ ،‬فكانت لهم اليد الطولى في الجوانب العلمية والفنيـة‪ ،‬فانبعثـت‬ ‫هممهم لخدمة هذا التراث العلمي الثمين‪ ،‬فرأوا أن يجردوا أجوبة هذا العلامة الجليـل ‪-‬‬ ‫رحمه االله تعالى ‪ -‬وحدها تحت عنوان »أجوبة المحقق الخليلي« وضموا إليهـا مـا توصـلوا‬ ‫إليه بالبحـث والتنقيـب ممـا فـات الجـامع الـسابق مـن فتـاواه‪ ،‬وأتقنـوا تبويبهـا وترتيبهـا‪،‬‬ ‫فجــاءت مــصبوبة في قالــب علمــي رصــين‪ ،‬يــستهوي القلــوب ويــسحر العيــون بجمالــه‬ ‫ّ‬ ‫الأخاذ‪.‬‬ ‫فإلى الـراغبين في ورد ينـابيع العلـوم هـذا المـورد العـذب الـزلال يـروي ظمـأهم‬ ‫ويشفي صدورهم‪ ،‬وإذا كان شكر من أحسن فريـضة في ذمـة المـسلم فإنـه مـن الواجـب‬ ‫علينا أن نشكر الذين خدموا هذا الكنز العلمي الثمين بالجمع والتحقيق‪ ،‬ومن قام بنشره‬ ‫ليكون في متناول أيدي الطالبين لجواهر فوائده‪.‬‬ ‫رحم االله شيخنا المحقق‪ ،‬وجزى االله الذين قدموا هذا الخير العظيم خيرا جزيلا‪،‬‬ ‫ووفقهم لما يحبه ويرضاه‪.‬‬ ‫أحمد بن حمد الخليلي‬ ‫الجمعة ‪ ٢٩‬من محرم ‪١٤٣١‬هـ‬ ‫بيروت‪ /‬لبنان‬ ‫‪ ١٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪m‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١١‬‬ ‫‪ ١٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪P‬‬ ‫َ‬ ‫والشكر له على وافر َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الأمة بالعلماء وجعلهم‬ ‫نعمائه؛ إذ أكرم‬ ‫الحمد اللهِ على سابغ آلائه‪ ،‬ ُّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫القيم‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫أفضل َ‬ ‫ودعوا إلى‬ ‫أصول الدين‪َ َ ،‬‬ ‫ونصبوا كراسي‬‫قواعد الإيمان‪ُ َ َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫فمهدوا‬ ‫ورثة الأنبياء‪ ،‬ َّ ُ‬ ‫ً‬ ‫أعلامـا‬ ‫ِِ‬ ‫بخشيته‬ ‫الرحمانية‪َ َ َ ،‬‬ ‫فغدوا‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫واقتبسوا من نواميسه َّ‬ ‫ُ‬ ‫لطائف الحكم‪،‬‬ ‫الناس إلى‬ ‫وأرشدوا َّ َ‬ ‫الخـير المنيـف‪ ،‬وهـداهم ِلإغاثـة‬ ‫ِ‬ ‫مقاليـد التـصريفِ في ِدعـوة العبـاد إلى‬ ‫َ‬ ‫البرية‪ ،‬فأعطـاهم‬ ‫في َِ َّ‬ ‫ـع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الملهــوف بالــسيف المــذكر‪ ،‬والأمــر بــالمعروف والنهــي عــن المنكــر‪ ،‬فالحمـ ُـد اللهِ الــذي رفـ َ‬ ‫بقدسـه فقـال‪4 M :‬‬ ‫المـسبحة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والملائكة‬ ‫درجتهم‪ ،‬فعطفهم على ِ‬ ‫نفسه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫منزلتهم‪ ،‬وأعلى‬ ‫َ‬ ‫ ِّ‬ ‫‪.L F ED C B A @? >=< ;: 9 8 7 6 5‬‬ ‫البـشرية وهاديهـا سـيدنا محمـد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ ِّ ِ‬ ‫ومعلـم‬ ‫خير البرية وداعيهـا‪،‬‬ ‫والسلام على ِ‬ ‫والصلاة‬ ‫ُ‬ ‫ َّ‬ ‫ُ‬ ‫يوم الدين‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بإحسان إلى ِ‬ ‫وعلى آله وأصحابه الطاهرين‪ ،‬ومن تبعهم‬ ‫ َّأما بعد‪:‬‬ ‫حكمة المولى عزوجل أن يقي ِّض لهذا الـدين رجـالاً يرتعـون في رياضـه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فقد اقتضت‬ ‫وعصرا إثر عصر‪ ،‬يواصـلون رفـع لوائـه‪ ،‬ويثبتـون‬ ‫ً‬ ‫ويذودون عن حياضه‪ ،‬جيلاً بعد جيل‪،‬‬ ‫ً‬ ‫قـدرا‬ ‫العلم حظ ًا وافرا‪ ،‬ومن الحكمـة‬ ‫ِ‬ ‫أحكامه‪ ،‬نالوا من‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإبراز‬ ‫بإظهار معالمِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أركان بنائه‪،‬‬ ‫زاخرا‪ ،‬وإن الوقوف على آثارهم لمن الأهمية بمكان؛ ففيها من العلم ما يلزم الطالب‪ ،‬ومن‬ ‫المعرفــة والتوجيــه مــا ينــشده الراغــب‪ ،‬ومــن هنــا بــرزت الحاجــة للاشــتغال بهــذه الآثــار؛‬ ‫وإخراجها في حلل جديدة للنهل من معينها‪ ،‬والاستفادة من مكنونها‪.‬‬ ‫)‪ (١‬آل عمران الآية )‪.(١٨‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٣‬‬ ‫وفي ضوء ذلك يسرنا أن نقدم للمكتبة الإسلامية »أجوبة المحقق الخليلي«‪ ،‬متضمنة‬ ‫وشعرا‪ ،‬ورسائله‪،‬‬‫ً‬ ‫فتاوى الشيخ العلامة المحقق سعيد بن خلفان الخليلي – رحمه االله ‪ً -‬‬ ‫نثرا‬ ‫وبحوثه العلمية‪ ،‬شاهدة بـما راج في عـصره مـن مـسائل وتوجهـات زاخـرة بـالعلم والفقـه‬ ‫والحكمة والبيان‪.‬‬ ‫لقد كان الشيخ سعيد بن خلفـان الخلـيلي – رحمـه االله‪ -‬عالمـا بـارزا في سـماء التـأريخ‬ ‫ـصوصا بـما كــان لـه مــن دور ريـادي في إحيــاء الأمـة بـالأمر‬ ‫ً‬ ‫الإبـاضي عمومـ ًـا‪ ،‬والعـماني خـ‬ ‫بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وإقامـة شرع االله بـين النـاس‪ ،‬وإبـراز مكانـة العلـم في الدولـة‬ ‫الإسلامية‪ ،‬والنهوض بالحياة العلمية والعملية‪ ،‬وتجديد ما اندرس من السنن‪ ،‬وطمس مـا‬ ‫ظهر من البدع‪.‬‬ ‫وقد بدأ المحقق الخليلي حياته العلمية في باكورة عمره حيث شرع في التأليف وهو لم‬ ‫يتجاوز السادسة عشر من العمر‪ ،‬وكانت له إسهاماته البارزة في اللغة والفقه والعقيدة‪ ،‬وله‬ ‫أجوبة في علوم القرآن والحديث وأصول الفقه وغير ذلك‪ ،‬وتميزت مؤلفاته بقـوة التحقيـق‬ ‫وعمق الفهم‪ ،‬فأطلق عليه لقب » المحقـق« لـشهرته بتحقيـق المـسائل وتأصـيلها والنظـر في‬ ‫أدلتها‪ ،‬وأصبحت لآرائه أهمية بالغة عند الخاص والعام‪.‬‬ ‫محدودا بآراء مذهبه‪ ،‬بل يتوسع في النظر فـيما عنـد الآخـرين‪،‬‬ ‫ً‬ ‫لم يكن المحقق الخليلي‬ ‫موافقـا للـصواب‪ ،‬فمنهجيـة التحقيـق واتبـاع الـدليل‪ ،‬وخلـع ربقـة‬ ‫ً‬ ‫ويرجح ويختار ما يراه‬ ‫التقليد سمة بارزة في سائر مؤلفاته‪.‬‬ ‫‪ ١٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫باعا طويلاً في العربية‪ ،‬بل هو راسـخ القـدم فيهـا‪ ،‬فهـو شـاعر فـذ‪ ،‬وأديـب‬ ‫كما أن له ً‬ ‫بليغ‪ ،‬ومتكلم بارع‪ ،‬ولذا يعد من طبقة » أعلم الشعراء وأشعر العلماء«‪.‬‬ ‫إن مكانة هذا شأنها ومنزلـة هـذا مقامهـا تـستدعي مزيـد اهـتمام ودراسـة في مختلـف‬ ‫جوانب حياة هذا العالم من حيـث سـيرته ومنهجـه وفكـره وأسـلوبه‪ ،‬ولا يكـون ذلـك إلا‬ ‫بتقليب صفحات تأريخه وما حوته من أحداث وتقلبات‪ ،‬واستطلاع ما سطره لسان قلمه‪،‬‬ ‫وفيض علمه من آراء وتوجهات‪ ،‬فكان وفاء من الشيخ سعود بن علي الخليلي وبقية أحفاد‬ ‫الشيخ المحقق بحق الأبوة وحرص ًا منهم على نشر العلم أن قاموا مشكورين بإسناد العمـل‬ ‫إلى من يعتني بدراسته وتحقيقه؛ لتعم به الفائدة‪ ،‬فجزاهم االله خير الجزاء‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ً‬ ‫وترتيبا في الآتي‪:‬‬ ‫تتجلى أهمية »آثار المحقق الخليلي« وضرورة الاشتغال بها ً‬ ‫جمعا‬ ‫‪ ‬‬ ‫▪ الاعتناء بالعلوم الشرعية والفقهية‪ ،‬وإخراجها من غياهب الظلمات ليستفيد منها طلاب‬ ‫العلم ويستنير بها الناس‪.‬‬ ‫▪ لفت الانتباه إلى علماء الشريعة‪ ،‬وإبراز منهجياتهم ومكـانتهم العلميـة‪ ،‬وهمـتهم في طلـب‬ ‫العلم ونشره‪ ،‬للاقتداء بهم والسير على خطاهم‪.‬‬ ‫▪ ضرورة الاهتمام بالتراث والتاريخ العماني العريق وحفظه من الاندثار‪.‬‬ ‫)‪ (١‬عده صاحب شقائق النعمان في أسماء شعراء عمان بأنه ثاني الثلاثـة الـذين هـم أعلـم الـشعراء وأشـعر‬ ‫العلماء‪ ،‬وهم‪ :‬أبو بكر أحمد بن النـضر الـسمائلي‪ ،‬والعلامـة المحقـق سـعيد بـن خلفـان الخلـيلي‪ ،‬وأبـو‬ ‫مسلم ناصر بن سالم الرواحي‪.‬‬ ‫ينظر‪ :‬الخصيبي‪ ،‬شقائق النعمان‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٣٣٣‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٥‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫عموما؛ وعلماء المذهب الإباضي‬ ‫ً‬ ‫▪ منزلة المحقق الخليلي‪ ،‬ومكانته البارزة بين علماء الشريعة‬ ‫خاصا بآثاره العلمية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اهتماما‬ ‫على وجه الخصوص‪ ،‬وهو ما يستدعي‬ ‫▪ الحاجة إلى إبراز دور المحقق الخليلي في معالجة المسائل المـستجدة في عـصره‪ ،‬وحكمتـه في‬ ‫التعامل مع القضايا الآنية والمستقبلية‪.‬‬ ‫▪ الوقوف على تأريخ حقبة المحقـق الخلـيلي والحالـة الاجتماعيـة والـسياسية الـسائدة إبانهـا‬ ‫كونها تمثل لبنة من أهم لبنات التاريخ العماني الزاخر‪.‬‬ ‫▪ إبــراز منهجيــة الــشيخ المحقــق وقوتــه في الاســتدلال والبيــان في الموضــوعات العقديــة‬ ‫والأصولية والفقهية‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ً‬ ‫معينا لهذه‬ ‫ظهرت عدة أعمال ومحاولات لجمع أجوبته ورسائله وترتيبها وقد كانت‬ ‫الموسوعة التي بين أيديكم؛ أهمها‪:‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫وهو من جمع الشيخ محمد بن خميس السيفي‪ ،‬و به أغلب أجوبـة المحقـق الخلـيلي‪،‬‬ ‫أيضا أجوبة للعلامة أبي نبهان جاعد بن خميس الخـروصي وابنـه الـشيخ نـاصر بـن أبي‬ ‫ً‬ ‫وفيه‬ ‫نبهان‪ ،‬والشيخ سلطان بن محمد البطاشي‪ ،‬وقد قامت وزارة التراث مـشكورة بطباعـة هـذا‬ ‫الكتاب‪ ،‬ولكن لكثرة السقط والتصحيف‪ ،‬وخلوه من المقارنة والتخريج قمنا بإخراجه من‬ ‫جديد مقتصرين على أجوبة المحقق الخلـيلي – رحمـه ‪ -‬مـع إضـافة الأجوبـة الأخـرى إليـه‪،‬‬ ‫مفهرسة ومعنونة ليسهل للقارئ الانتفاع به‪.‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫انتخبها الكاتب عبداالله بن مصبح الصوافي سنة ‪١٣٠٧‬هـ‪ ،‬وهو مخطـوط لم يطبـع‪،‬‬ ‫‪ ١٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫كما أنه غير جامع لكل الأجوبة والآثار بل منتخب منها‪.‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫وهو مخطوط لم يتبين جامعه؛ حوى بعض أجوبة المحقق ورسائله وأغفل أكثرها‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫وهي كما يظهر أجوبة مسائل أغلبها من الكاتـب نفـسه الـشيخ خمـيس بـن أبي نبهـان‬ ‫اهتماما لأمرها‪ ،‬ولكنها غير جامعة‪ ،‬والكتـاب مخطـوط غـير‬ ‫ً‬ ‫وبعضها من غيره قام بجمعها‬ ‫مطبوع‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ،‬وقد أشرنا إلى ذلك في مواضعه‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قمنـا بحمـد االله وتوفيقـه بالبحــث عـن آثـار المحقـق الخلــيلي مـن مكنوناتهـا وجمعهــا‬ ‫تمهيدا لإخراجها بالـشكل‬ ‫ً‬ ‫وفرزها وتحقيق نصوصها وترتيبها ووضع الفهارس اللازمة لها‬ ‫اللائــق بهــا‪ ،‬وقــد ترجمنــا للــشيخ المحقــق في المقدمــة وأشرنــا إلى منهجيــة العمــل ووصــف‬ ‫المخطوطات التي تم الاعتماد عليها‪.‬‬ ‫وقد جاء العمل في سـبع مجلـدات مرتبـة حـسب أبـواب الـشريعة باسـتثناء الأجوبـة‬ ‫المطولة رأينا أن نضعها في آخر الكتاب‪ ،‬ورغم أن عملنا قد يكون الأكبر والأشـمل في بابـه‬ ‫كل أجوبة المحقق الخليلي‪ ،‬ولكن ما اطلعنا عليه‪ ،‬ووصلت إليه أيدينا‪.‬‬ ‫إلا أننا لا ندعي جمع ّ‬ ‫شـيئا مـن أجوبـة المحقـق الخلـيلي ولـو كانـت المخطوطـة في فـن آخـر ‪ ،‬أو لغـير‬ ‫ً‬ ‫)‪ (١‬بعض النساخ يـضيف‬ ‫ً‬ ‫أحيانــا أجوبــة ملحقــة‬ ‫المحقــق الخلــيلي‪ ،‬أو مخطوطــة لعــالم عــاش قبــل المحقــق الخلــيلي‪ ،‬بــل تجــد‬ ‫بالمصاحف‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٧‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫▪ الأجوبة المتكررة حذفت ‪ ،‬واعتمد أشملها وأوضحها إلا إذا كان الجواب يندرج ضمن‬ ‫أكثر من باب‪ ،‬كأن يدخل في باب النكاح‪ ،‬وباب الوكالة‪.‬‬ ‫▪ في بعض الأحيان يتم التصرف في صيغة السؤال لركاكة لفظه‪.‬‬ ‫▪‪‬أحيانا يسقط السؤال من المخطوطة‪ ،‬وتتم الإشارة في الهامش إلى ذلك‪.‬‬ ‫▪ عند وجود تصحيف أو سقط في الجواب يتم التصرف فيه كالآتي‪:‬‬ ‫إذا كان الخطأ لا يحتمل الصواب يصحح في المتن‪ ،‬ويشار إليه في الهامش‪.‬‬ ‫إذا كان الخطأ يحتمل الصواب‪ ،‬يشار إليه في الهامش بعبارة‪ :‬لعل الصواب كذا‪.‬‬ ‫▪ إذا تبين وجود خطأ في المتن‪ ،‬ولم يتضح صواب العبارة‪ ،‬يشار إليه في الهامش بعبارة‪ :‬كذا‬ ‫في المخطوطات )ويقصد به مخطوطات التمهيـد(‪ ،‬أو كـذا في الأصـل )ويقـصد بـه المـصدر‬ ‫سواء التمهيد أو سائر المخطوطات الأخرى(‪.‬‬ ‫▪ في حالة تصحيح النص من كتاب آخر‪ ،‬كأن يشير المحقق إلى شيء مـن كتـب التفـسير أو‬ ‫غيرها فإن التصحيح يكون في المتن مع الإشارة إلى ذلك في الهامش‪.‬‬ ‫▪ الأخطاء اللغوية تصحح في المتن من غير إشارة إلى ذلك‪.‬‬ ‫▪ الأخطاء العلمية تصحح في الهامش‪ ،‬ويمكن تصحيحها في المتن‪ ،‬ووضعها بين معكوفين‬ ‫بحسب سياق العبارة‪.‬‬ ‫▪ المسائل التي وردت من غـير إشـارة إلى مـصدرها فهـي مـن مخطوطـات التمهيـد‪ ،‬وتمـت‬ ‫الإشارة إليها بالرموز عند اختلاف النسخ‪ ،‬وما عدا التمهيد فقد أشير إليه في الهامش باسم‬ ‫المخطوط‪.‬‬ ‫▪ بعض المسائل فيها أكثر من جواب‪ ،‬وقد يكون الجواب الأول لغير المحقق الخلـيلي‪ ،‬فـلا‬ ‫بد من التنبه لذلك‪ ،‬وأحيانا يكون للمسألة أكثر من جـواب كـأن يـسأل الـسائل‪ ،‬ثـم يتبـع‬ ‫‪ ١٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫سؤاله بسؤال آخـر بعـد الإجابـة عـلى سـؤاله الأول‪ ،‬ففـي هـذه الحالـة الجـواب للمحقـق‪،‬‬ ‫وأحيانا تعرض للمحقق مسألة أجاب عليها غيره من العلماء فيعلق في آخرها‪.‬‬ ‫▪ الرسائل المستقلة مثل‪ :‬إغاثة الملهوف‪ ،‬صدقات النعم‪ ،‬كرسي أصول الـدين لم نـضفها في‬ ‫ً‬ ‫سـابقا‪ ،‬بـل قـد طبـع منهـا‬ ‫هذا العمل لأنها بحوث مطولة‪ ،‬وقد اشتغل بها بعـض البـاحثين‬ ‫صدقات النعم وكرسي أصول الدين يمكن للقارئ الكريم الرجـوع إلـيهما‪ ،‬وكتـاب إغاثـة‬ ‫الملهــوف وقــد حقــق مــرتين‪ ،‬وتوجــد منــه نــسخة بأحــد التحقيقــين بمكتبــة معهــد العلــوم‬ ‫الشرعية‪ ،‬وسيأتي الكلام عن ذلك في مؤلفات المحقق الخليلي‪.‬‬ ‫▪ ليس كل ما نسب إلى المحقق الخليلي أضيف في هذا العمل‪ ،‬بل ما اطمأنت النفس بأنه له‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫لقد قمنا بجمع أجوبة المحقق الخليلي سواء كانت في رسائل مستقلة أم كانت ضـمن‬ ‫أجوبة له مع غيره من العلماء‪ ،‬أم كانت أجوبة له أضافها النساخ في كتـب أخـرى‪ ،‬مـع جمـع‬ ‫أكثر من نسخة في حال وجودها‪.‬‬ ‫وأكثر من جمع للمحقق الخليلي تلميذه الشيخ محمد بن خميس السيفي في»تمهيد قواعد‬ ‫أيضا أجوبة لعلماء غير المحقق الخلـيلي كالعلامـة أبي نبهـان جاعـد بـن‬ ‫ً‬ ‫الإيمان«‪ ،‬وقد حوى‬ ‫خميس الخروصي وابنه الشيخ ناصر والعلامة سلطان بن محمد البطاشي وغيرهم‪.‬‬ ‫بعد الجمع تمثل العمل فيما يلي‪:‬‬ ‫▪ المقارنة بين النسخ في حال تعددها‪ ،‬وإلا كان الاعتماد على النـسخة الموجـودة ولـو كانـت‬ ‫واحدة‪ ،‬وهذا بعد التثبت من صحة النسبة إلى المحقق الخليلي‪.‬‬ ‫▪ اعتماد الأصح عند المقارنة ‪-‬فيما يظهر‪ ،-‬وإثبات ما جاء في النسخ الأخرى في الحاشية‪.‬‬ ‫▪ عزو الآيات القرآنية وتخريج الأحاديث النبوية والإشارة إلى بعض المصادر التي نقل منها‬ ‫المحقق الخليلي عند الأهمية‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٩‬‬ ‫▪ التعريف بالأعلام غير المشهورة‪.‬‬ ‫بدأ بالتوحيـد ثـم علـوم القـرآن والـسنة‪ ،‬يـلي‬ ‫▪ ترتيب المسائل على حسب الأبواب الفقهية ً‬ ‫ذلك أحكام العبادات فالأسرة ثم فقه المعاملات وأحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‬ ‫متبوعا بالدعاوى والأحكام والحدود والوصية والمواريث ثم الآداب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫▪ وضعت الأجوبة المطولة في جزء مستقل ‪ ،‬وهو الجزء الأخـير مـن الكتـاب‪ ،‬وهـي تـضم‬ ‫مسائل من أبواب مختلفة‪.‬‬ ‫▪ وضع عناوين للمسائل‪ ،‬لكل مسألة عنوان‪ ،‬وعندما تتشابه المـسائل تـدرج تحـت عنـوان‬ ‫واحد‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫عثرنا على عدد من المخطوطات والرسائل بها أجوبة للمحقق الخليلي وهي‪:‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ً‬ ‫أيـضا‬ ‫وهو من جمع الشيخ محمد بن خميس السيفي‪ ،‬وبه أغلب أجوبة المحقق الخليلي‪ ،‬وفيـه‬ ‫أجوبة للشيخ ناصر بن أبي نبهان والشيخ سلطان بن محمد البطاشي‪ ،‬وتوجد نـسخ متعـددة‬ ‫للتمهيد اعتمدنا على ثلاث منها‪:‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫وهي في أربع قطع كبيرة‪ ،‬موجـودة عنـد أحفـاد الـشيخ محمـد بـن خمـيس الـسيفي صـاحب‬ ‫الكتاب؛ ولعلها نسخته الأصلية لتعليقه عليها في بعض الأحيان‪ ،‬وكانت أضبط النسخ‪.‬‬ ‫▪ الخط‪ :‬متوسط الحسن والوضوح‪.‬‬ ‫ً‬ ‫سطرا‪.‬‬ ‫▪ عدد السطور‪٢٦ :‬‬ ‫▪ اللون‪ :‬الأسود والأحمر‪.‬‬ ‫بابـا‪ ،‬البـاب الأول‪ :‬في‬ ‫▪ القطعة الأولى لم نجدها‪ ،‬و القطعـة الثانيـة‪ :‬تـضمنت تـسعة عـشر ً‬ ‫‪ ٢٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الــصلاة ومــا ينقــضها‪ ،‬وفرائــضها وكيفيتهــا‪ ،...‬والبــاب الأخــير‪ :‬في صرف المــصارف‬ ‫والجنايات وإحداث الجدر‪.‬‬ ‫القطعة الثالثة‪ :‬وتبـدأ ببـاب‪ :‬المـساجد والمـدارس والأمـوال الموقوفـة للمتعلمـين‪ ،‬والبـاب‬ ‫الأخير‪ :‬في صدقات النساء وما يجب به الصداق‪.‬‬ ‫ملاحظة‪ :‬كتب في أولها‪ :‬أخذت هذا الكتاب من يد الشيخ العالم الثقة الوالد محمد بن خميس‬ ‫السيفي العقري النزوي بالإعارة المردودة إليه‪ ،‬ولا لي فيه ملك‪ ،‬كتبه الفقير إلى االله بدر بـن‬ ‫سالم بن سعيد المنذري بيده‪ ،‬يوم ‪ ١٤‬شهر ذي القعدة ‪١٣١٨‬هـ‪.‬‬ ‫بابـا؛ البـاب الأول‪ :‬في الطـلاق وأحكامـه‪ ،‬وفي‬ ‫القطعة الرابعة‪ :‬وتضمنت اثنـين وعـشرين ً‬ ‫البرآن والخلع والإيلاء والظهار وأحكام ذلك‪ ،‬والباب الأخير‪ :‬في أحكام الحدود وفي حـد‬ ‫القاذف والزاني وشارب الخمر‪.‬‬ ‫ملاحظة‪ :‬كتب في الآخر‪ :‬تمهيد قواعد الإيمان‪ ..‬تأليف‪ :‬العالم النحرير‪ :‬سعيد بن خلفان بن‬ ‫أحمد الخليلي الخروصي العماني‪ ،‬وكان الفراغ في اليوم الحادي في شهر ربيع الآخـر مـن سـنة‬ ‫‪١٣٠٣‬هـ على يد الخويدم عامر بن صالح بن سعيد العبادي‪ ،‬نسخه للشيخ محمد بن خميس‬ ‫السيفي رزقه االله حفظه والعمل بما فيه إنه جواد كريم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫▪ رقم التصنيف ) ( بمكتبة سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي‪.‬‬ ‫بابـا‪ ،‬البـاب الأول‪ :‬في الرؤيـة ومـا يليـق بـرب‬ ‫وهي في قطعة واحدة‪ ،‬تضمنت تسعة عـشر ً‬ ‫البرية‪ ،‬والباب التاسع عشر )الأخير(‪ :‬في الوصايا وما يجري عليها من بطل وتثبيت‪.‬‬ ‫▪ كتب في آخرها‪ :‬قد تمت هذه المسائل بعون االله وتوفيقه‪ ...‬نهـار عـاشر مـن شـهر جمـادى‬ ‫الأولى وقــت الظهــر مــن يــوم اليــوم المــذكور مــن ســنة ‪١٢٩١‬هـــ بقلــم الحقــير الفقــير‬ ‫سعيد بن سليمان بن هاشل بن سعيد بن علي بن خصيب الحراصي نـسبة‬ ‫العبد‪...‬بخيت بن ّ‬ ‫والإباضي مذهبا‪ ،‬والسوادي مسكنا‪ ،‬من جهة الباطنة‪ ،‬كتبته للسيد الأجل‪ ...‬حمود بن أحمد‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢١‬‬ ‫بن سيف البوسعيدي‪ ..،‬إلخ‪.‬‬ ‫▪ آخر مسألة‪) :‬فيمن وجد حقا مكتوبا من قبل صداق أو غيره‪.(...‬‬ ‫▪ الخط‪ :‬واضح‪.‬‬ ‫▪ عدد الأوراق‪ ٢٩٠ :‬ورقة‪.‬‬ ‫▪ عدد السطور‪ ٢٧ :‬سطرأ‪.‬‬ ‫▪ اللون‪ :‬الأسود والأحمر‪.‬‬ ‫▪ ملاحظات‪ - :‬فيها تعليقات للشيخ أبي مسلم الرواحي‪.‬‬ ‫‪ -‬المخطوطة ناقصة‪ ،‬وتوجـد أخـرى لعلهـا مكملـة لهـا لأنهـا بـنفس الخـط‬ ‫والتعليقات‪ ،‬وقد رمزنا لها بـ)هـ(‪ ،‬ولم نلحقها بالأولى قطعا لعدم وجود النـسبة الـصحيحة‬ ‫كالأولى‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪.‬‬ ‫▪ عدد القطع‪ :‬أربع قطع‪ ،‬ولا بأس بخطها‪ ،‬وأخطاؤها قليلـة‪ ،‬والمخطـوط صـورة‪ ،‬ولـيس‬ ‫أصل‪ ،‬وفيها لونان‪ :‬أسود وأحمر‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫▪ رقم التصنيف‪.٢٤٢ :‬‬ ‫▪ كتب فيها‪ :‬القطعة الأولى من كتاب تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مـسائل الأحكـام‬ ‫والأديان من جوابات الشيخ العالم العلامة المدقق المحقق البحر الزاخر أبي محمد سعيد بـن‬ ‫خلفان بن أحمد الخليلي الخروصي الإباضي العماني رضوان االله عليـه‪ ،‬نفـع االله بعلومـه كافـة‬ ‫المسلمين‪ .‬آمين‪.‬‬ ‫‪ ٢٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وتضمنت‪ :‬عشرة أبواب‪ .‬أولها‪ :‬في العلم وفي طلب العلم وفي العلم النافع وفي خلق القرآن‬ ‫والناسخ والمنسوخ‪ ،‬والباب العاشر‪ :‬في الأذان والإقامة والتوجيه وتكبيرة الإحرام‪.‬‬ ‫▪ عدد الصفحات‪ ٤٤٢ :‬صفحة‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫▪ رقم التصنيف‪.٥٢٠ :‬‬ ‫▪ عدد الصفحات‪.٤٤٠ :‬‬ ‫▪‪‬تبدأ بباب الصلاة‪ ،‬وتنتهي بالباب التاسع عشر‪ :‬في صرف المضار والجنايات‪.‬‬ ‫▪ الناسخ‪ :‬عامر بن صالح بن سعيد العبادي‪ .‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫▪‪‬رقم التصنيف‪.١٤٥٩ :‬‬ ‫▪ تبدأ بباب المساجد والمدارس والأموال الموقوفة‪.‬‬ ‫▪ الناسخ‪ :‬عامر بن صالح بن سعيد العبادي‪ .‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫▪ رقم التصنيف‪.١٦١٣ :‬‬ ‫▪ تبدأ بباب الطلاق وأحكامه‪.‬‬ ‫▪‪ ‬الناسخ‪ :‬سليمان بن محمد بن مطر‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫▪ رقم )‪ (١٨٣‬بمكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي‪.‬‬ ‫▪ عدد الأوراق‪ (٥٢٣) :‬صفحة‪.‬‬ ‫كثيرا في تـصحيح بعـض الأخطـاء في‬ ‫ً‬ ‫▪ الخط‪ :‬واضح‪ ،‬والأخطاء قليلة‪ ،‬وقد استفدنا منها‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٣‬‬ ‫مخطوطات التمهيد‪.‬‬ ‫▪ اللون‪ :‬أسود وأحمر‪.‬‬ ‫▪ المقاس‪ ١٧×٢٤:‬سم‬ ‫▪ عدد الأسطر في الصفحة‪ ٢١ :‬سطرا في أغلب الصفحات‪.‬‬ ‫▪ فيها عدد من الرسائل وبعض الأجوبة المختلفة‪ ،‬وفيهـا مـسألة واحـدة غـير موجـودة في‬ ‫التمهيد‪.‬‬ ‫▪ أول مسألة في المخطوط‪» :‬مسألة‪ :‬ومنـه وماقولـك في الإنـسان إذا شـك أو اعتقـد أن االله‬ ‫سبحانه تراه الوجوه يوم القيامة‪.«...‬‬ ‫▪ وفي نهاية المخطوط‪ :‬قد وقع الفراغ مما انتخبته من جوابات الشيخ العالم العلامة سعيد بن‬ ‫خلفان الخليلي في يوم ‪ /٢١‬من شهر جمادى الآخرة سنة ‪١٣٠٧‬هـ‪ ،‬على يد مالـك قرطاسـه‬ ‫الفقير الله عبداالله بن مصبح الصوافي‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫▪ رقم )‪ (٤٤٢‬بمكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي‪.‬‬ ‫▪ عدد الأوراق )‪ (٢٢٠‬صفحة‪.‬‬ ‫▪ الخط‪ :‬أغلبه واضح‪.‬‬ ‫▪ اللون‪ :‬أسود وأحمر‪.‬‬ ‫▪ المقاس‪ ١٦×٢٢ :‬سم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫سطرا‪.‬‬ ‫▪ عدد السطور في الصفحة‪١٨ :‬‬ ‫‪ ٢٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫▪ أولها مسألة‪ :‬رسالة للإمام عزان وفي المخطوط رسالة أخذ الخراج من الساحل‪ ،‬ورسالة‬ ‫حكم أموال الجبابرة ومسائل أخرى‪.‬‬ ‫▪ آخر مسألة‪ :‬الفرق بين المداهنة والمدارة‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫▪ الرقم‪ (٣٧٤) :‬بمكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي‪.‬‬ ‫▪ عدد الأوراق‪ (١٢٦) :‬ورقة‪.‬‬ ‫▪ الخط‪ :‬واضح‪ ،‬ينقط الدال والراء في الأسفل‪ ،‬والذال والزاي في الأعلى للتمييز‪ ،‬ويـضع‬ ‫رمز فوق السين للتمييز‪.‬‬ ‫▪ اللون‪ :‬أسود وأحمر‪.‬‬ ‫▪ المقاس‪١٦×٢٢.٥ :‬سم‪.‬‬ ‫▪ فيها مسائل للمحقق الخليلي وعـددها )‪ (٣٤‬مـسألة غـير موجـودة في التمهيـد‪ ،‬وهـي في‬ ‫الورقــــة‪،٩٦ ،٩٤ ،٩٣ ،٩٢ ،٧٥ ،٧٣ ،٦٨ ،٦٦،٦٧ ،٦٤ ،٥١ ،٤٠ ،٢٦ ،٢٤ ،٢ ،١) :‬‬ ‫‪ ،(١٢٢ ،١٠٤ ،١٠٠ ،٩٩ ،٩٨ ،٩٧‬ومسائل للشيخ جاعد بن خميس‪ ،‬والشيخ خلف بـن‬ ‫سنان‪ ،‬والشيخ عامر بن سليمان الريامي‪ ،‬والشيخ سلطان بن محمد البطاشي والـشيخ حميـد‬ ‫بن سالم الدرمكي‪ ،‬والشيخ حمد بن سـيف الـسلامي‪ ،‬والـشيخ سـيف بـن مالـك‪ ،‬والـشيخ‬ ‫حبيب بن سالم‪ ،‬والشيخ حمد بن خميس السعدي‪ ،‬ومحمد بن خمـيس البوسـعيدي‪ ،‬والـشيخ‬ ‫حماد بن محمد وغيرهم‪.‬‬ ‫▪ أول مسألة للشيخ سـلطان بـن محمـد البطـاشي‪ ،‬وهـي‪» :‬مـسألة‪ :‬أيجـوز اسـتعمال الـرهن‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٥‬‬ ‫المقبوض كالسلاح‪.«...‬‬ ‫أيضا‪ ،‬وهي‪» :‬مسألة‪ :‬في رجل اشـترى مـالاً مـن عنـد امـرأة‬ ‫ً‬ ‫▪ وآخر مسألة للشيخ سلطان‬ ‫قرشا‪.«..‬‬‫ً‬ ‫بخمسين‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫▪ رقم التصنيف‪ ،(٣٢٨) :‬بمكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي‪.‬‬ ‫▪ عدد الصفحات‪ (١٥١) :‬صفحة من الحجم الصغير‪.‬‬ ‫▪ الخط‪ :‬واضح في مجمله‪.‬‬ ‫▪ اللون‪ :‬أسود وأحمر‪.‬‬ ‫▪ المقاس‪١٠.٥×١٥.٥ :‬سم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫سطرا‪.‬‬ ‫▪ عدد السطور في الصفحة‪١٧ :‬‬ ‫▪ أول مسألة‪» :‬فيمن هلك وترك أموالا من أصول وعروض وعليه حقوق ووصايا‪.«...‬‬ ‫▪ آخر مسألة‪» :‬رجل في يده عرضة فلج فيها أمواه الناس والوقوفات‪«...‬‬ ‫▪ ملاحظات‪ :‬أغلب الأجوبـة للمحقـق الخلـيلي‪ ،‬والـسائل الـشيخ خمـيس بـن العلامـة أبي‬ ‫نبهان‪ ،‬وأحيانا غـيره‪ ،‬وهـي غـير موجـودة في نـسخ التمهيـد‪ ،‬وفي المخطـوط مـسائل قليلـة‬ ‫أجاب عنها الشيخ سلطان البطاشي‪ ،‬وكتب في جلد المخطوطة‪» :‬وقد ذهب شيء من أولهـا‬ ‫وآخرها‪ ،‬وهي بخط الشيخ خميس«‪.‬‬ ‫‪ ٢٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫هو سعيد بن خلفان بن أحمد بن صالح بن أحمد بن عامر بن ناصر بن عامر بن بوسالم‬ ‫بـن أحمــد مــن نــسل الإمــام الخليـل بــن شــاذان بــن الإمــام الـصلت بــن مالــك بــن بلعــرب‬ ‫الخروصي‪ ،‬وقد أوصل المؤرخ الشيخ أبو بشير نسبه إلى النبي هود ‪ -‬عليه السلام‪.-‬‬ ‫فهو كما ترى سليل ملوك وعلماء وأئمة وجهابذة ودعاة ومصلحين‪ ،‬و هذا شأن قبيلة‬ ‫بني خروص التي ما فتئت تمد عمان عبر أجيال وعهود بعلماء الدين وأئمة العدل حتى قيل‬ ‫إنه لو انتسبت الإمامة لكانت خروصية‪.‬‬ ‫قال الشيخ أبو مسلم البهلاني ‪-‬رحمه االله‪ -‬عندما ذكر نـسب الإمـام العـادل الـرضي‬ ‫)‪ (١‬الخليلي نسبة إلى الإمام الخليل بن شاذان‪ ،‬وقد رأى بعض المعاصرين أن هناك سقطا بين الإمام‬ ‫الخليل بن شاذان والإمام الصلت بن مالك؛ لأن الأخير توفي نهاية القرن الثالث حوالي ‪٢٧٥‬هـ‪،‬‬ ‫وكان ولده شاذان حاضرا في أحداث الإمام عزان بن تميم‪ ،‬والذي قتل عام‪٢٧٩‬هـ‪ ،‬والخليل نصب‬ ‫إماما على الأرجح ‪٤٤٤‬هـ‪ ،‬ولا يعقل أن يكون الفاصل بينهما هو شاذان فقط‪ ،‬ولهذا قالوا الخليل‬ ‫بن شاذان بن الخليل بن شاذان بن الصلت بن مالك‪ .‬واالله أعلم بالصواب‪.‬‬ ‫ينظر‪ :‬المنتدى الأدبي‪ ،‬قراءات في فكر الخليلي‪ ،‬ندوة علمية أقامها المنتدى الأدبي بسلطنة عمان عن‬ ‫المحقق الخليلي‪ ،‬والكلام المنقول من بحث للدكتور‪ :‬مبارك بن عبداالله الراشدي الذي عنوانه الشيخ‬ ‫سعيد بن خلفان وفكره‪،‬ط‪١‬ص ‪.١١١‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬محمـد الـسالمي‪ ،‬نهـضة الأعيـان‪ ،‬ص ‪ ،٣٧٧‬وابـن رزيـق‪ ،‬الفـتح المبـين‪ ،‬ص‪ ،١٥٧‬والخـصيبي‪،‬‬ ‫شقائق النعمان‪ ،‬ج‪،٢‬ص‪.٣٣٣‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٧‬‬ ‫سالم بن راشد الخروصي‪:‬‬ ‫جاءتـــه مـــا كـــان بـــدعا مـــن أئمتهـــا مـــن جــــده ابــــن تمــــيم المجــــد عــــزان‬ ‫في ضئـــضئ العـــزة القعـــساء‪ ‬محتـــده إذا تفــــــــاخر قحطــــــــان وعــــــــدنان‬ ‫بـــذروة اليحمـــد الـــصيد الملـــوك لـــه أعــــــراق مجــــــد وآســــــاس وبنيــــــان‬ ‫لا ينكــر النــاس مــا للقــوم مــن قــدم وكيـــف يلحـــق عـــين الـــشمس نكـــران‬ ‫أحـــــــسابهم ومعـــــــاليهم وديـــــــنهم كواكـــــــب وهـــــــدايات ورضـــــــوان‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫اختلفت المراجع في تحديد عام ولادة المحقـق الخلـيلي ‪-‬رحمـه االله‪ -‬فقيـل‪ :‬ولـد عـام‬ ‫‪١٢٢٦‬هـ‪ ،‬وقيل‪ :‬عام ‪١٢٣٦‬هـ‪ ‬ولعل اختلاف هذين المرجعين سببه تحريف النساخ؛ إذ‬ ‫من البعيد أن يبلغ التفـاوت بيـنهما إلى عـشر سـنوات فـربما حـصل التـصحيف بـين الاثنـين‬ ‫والثلاثة‪.‬‬ ‫)‪ (١‬من أئمة العدل الذين حكموا عمان في القرن الهجري الرابع عشر والميلادي التاسع عـشر‪ ،‬ولـد عـام‬ ‫‪١٣٠١‬هـ‪ ،‬وبويع بالإمامة عام ‪١٣٣١‬هـ ‪١٩١٣/‬م‪ ،‬واستمرت إمامته إلى عام ‪١٣٣٨‬هــ ‪١٩١٩ /‬م‬ ‫إذ استشهد –رحمه االله ورضي عنه‪ -‬متأثرا بطعنة من أحد الأعراب‪ ،‬وقـد كانـت فـترة حكمـه لعـمان‬ ‫فترة خير ونهضة علمية ورخاء اقتصادي‪.‬‬ ‫ينظر‪ :‬محمد السالمي‪ ،‬نهضة الأعيان‪ ،‬ص‪ ،١٣٠‬غباش‪ ،‬عمان الديمقراطية الإسلامية‪ ،‬ص‪.٢٧٧‬‬ ‫)‪ (٢‬في الأصل القسعاء‪ ،‬وهـو خطـأ طبـاعي والـصواب مـا أثبـت‪ ،‬والقعـس الثبـات وعـزة قعـساء ثابتـة‪،‬‬ ‫ورجـل أقعــس ثابــت عزيـز منيــع‪ ،‬وتقــاعس العـز أي‪ :‬ثبــت وامتنــع ولم يطـأطئ رأســه‪ .‬ينظــر‪ :‬ابــن‬ ‫منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مادة قعس‪ ،‬ج‪ ،١١‬ص‪.٢٤٣‬‬ ‫)‪ (٣‬ينظر‪ :‬الخصيبي‪ ،‬شقائق النعمان‪ ،‬ج‪،٢‬ص‪.٢٠١‬‬ ‫)‪ (٤‬ينظر‪ :‬محمد السالمي‪ ،‬نهضة الأعيان‪ ،‬ص‪.٣٢٥‬‬ ‫‪ ٢٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫ورفع سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي ‪-‬حفظه االله‪ -‬عن الـشيخ سـيف بـن نـاصر‬ ‫الخروصي أن عمر الشيخ يوم وفاته كان ستا وخمسين سنة فتكون ولادته على هذا ‪١٢٣١‬هـ‬ ‫وهو الذي يراه فضيلة الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي أيضا‪.‬‬ ‫وكانت ولادته –رحمه االله‪ -‬في بلدة بوشر التي سكنها أجداده منذ زمن‪ ،‬وبلدة بوشر‬ ‫هذه قريبة من العاصمة مسقط بل هي إحدى ولايات محافظة مسقط لا يفصلها عنها شيء‪،‬‬ ‫وهــي منطقــة ذات زراعــة تكثــر فيهــا النخيــل والأشــجار الحمــضية والأمبــا والــسفرجل‬ ‫والخضروات وتكتنفها الجبال التـي تتخللهـا الـشعاب ويفـيض بهـا الـوادي المـسمى وادي‬ ‫بوشر‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫ولد المحقق الخليلي ‪-‬كما ذكرنـا‪ -‬في ولايـة بـوشر لـذا كـان مبتـدأ حياتـه الاجتماعيـة‬ ‫والعلمية هناك‪ ،‬وكان لقاؤه بأشياخه في بوشر ‪-‬كما سنبين ذلك‪.-‬‬ ‫في العقد الثالث من عمره ‪-‬رحمه االله‪ -‬استقر به الحال هو والعلامة الشيخ سلطان بن‬ ‫محمد البطاشي ‪-‬رحمه االله‪ -‬في الرستاق‪ ،‬وكان مقصدهما من ذلك دعويا خالصا‪ ،‬وذلك أن‬ ‫حاكم الرستاق حينها السيد حمود بن عزان بن قيس قد أظهر جانب التوبة والصلاح‪ ،‬ورد‬ ‫المظالم فطمع المشايخ فيه خيرا فأقاموا عنده حتى ولاهم الأمر‪ ،‬فأمروا بالمعروف ونهوا عن‬ ‫المنكــر‪ ،‬وجبــوا الزكــوات‪ ،‬وأصــلحوا الأمــوال‪ ،‬وعملــوا في النــاس التعزيــر والقيــود عــلى‬ ‫الشريف والضعيف‪.‬‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬المعمري‪ ،‬مقدمة تحقيق إغاثة الملهوف بالسيف المذكر )مخطوط لم يطبع( ص‪.٣٢‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬المنتدى الأدبي‪ ،‬قراءات في فكر الخليلي‪ ،‬ص‪.٢١٣‬‬ ‫)‪ (٣‬لعل بدء العلاقة بين المحقق الخليلي والإمام عزان بن قيس البوسعيدي كانت في هذه الفترة‪ ،‬إذ‬ ‫الإمام عزان بن قيس ابن أخي السيد حمود بن عزان‪ ،‬وأبو الإمام عزان هو الذي تولى الحكم بعد‬ ‫السيد حمود وبعده الإمام عزان إلى أن نصب إماما عدلا رضيا‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٩‬‬ ‫ولكن الحال لم يدم أكثـر مـن عـام واحـد إذ مـا لبـث أن تغـير الـسيد حمـود فاسـتنزع‬ ‫الحصون ونبذهم وراء ظهره‪ ،‬وكان ذلك كله من أول سنة اثنتين وستين إلى أول سنة ثلاث‬ ‫وستين‪.‬‬ ‫وبعد خروجه هو وصاحبه الشيخ سلطان بن محمد البطاشي وآل سعد من الرستاق‬ ‫جمعتهما الأقدار والمحبة في االله في سمائل حيث استقر أصحابه فكان الشيخ المحقـق يزورهـا‬ ‫بين الفينة والأخرى‪.‬‬ ‫ولشدة حب المحقق الخليلي لسمائل ابتاع منهـا أرضـا وبنـى بهـا بيتـه المعـروف ببيـت‬ ‫السبحية‪ ،‬واتخذ من البلد التي علق بها وطنا ثانيا‪ ،‬ونقل إليها كثيرا من ثروته‪ ،‬وظـل يـتردد‬ ‫بينها وبين بوشر حتى إنه كان يناصف العام بين الوطنين‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫تزوج المحقق الخليلي امرأتين كان له منهما ثلاثة أبناء وبنت‪ ،‬أكبر أولاده محمد الذي‬ ‫استشهد معه وهو ابن اثني عشر عاما كما سنبين ذلك بعد قليل‪.‬‬ ‫أما البنت فاسمها شمساء وقد تزوجها الإمام العادل عزان بن قـيس بعـدما عقـدت‬ ‫عليه الإمامة‪ ،‬ولم يلبث معهـا إلا فـترة يـسيرة مـدة عـامين وشيء يـسير ثـم لقـي ربـه – عـز‬ ‫وجل‪ ،-‬ومن وفائها أنه عرض عليها أن تتزوج بعده فقالت كلمتها المشهورة‪ :‬لا رجل بعد‬ ‫عزان‪.‬‬ ‫والولدان الآخران اللذان تركهما الإمام هما الشيخ عبداالله شقيق شمساء‪ ،‬وقد ولد‬ ‫قبل وفاة أبيه بتسع سنوات‪ ،‬ومنه تتفرع عائلة المحقق الخليلي‪ ،‬وهو أبو الإمام العادل محمد‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬ماجد الكندي‪ ،‬جوابات ورسائل العلامة البطاشي‪ ،‬ص‪.١١‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬خليل الخليلي‪ ،‬السيرة الذاتية والمنهج الفقهي للشيخ أحمد بن سعيد الخليلي‪ ،‬ص‪.٧٥‬‬ ‫)‪ (٣‬ينظر‪ :‬سلطان الشيباني‪ ،‬معجم النساء العمانيات‪ ،‬ص‪.٩١‬‬ ‫‪ ٣٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫بن عبداالله الخليلي ‪-‬رحمه االله‪) -‬ت ‪١٣٧٣‬هـ(‪.‬‬ ‫وقد قال عنه معاصره الشيخ أبو بشير‪:‬‬ ‫كان عالما جليلا كثير الاطلاع على فنون العلم كثير قيام الليل‪ ،‬وهـو الأمـير والـسيد‬ ‫المطلق في وادي سمائل‪ ،‬وله اليد الطولى والنصيب الأوفر في المجد والحظ‪ ،‬يجر الجيوش بعمان‬ ‫لقهر من خاصمه وردع من ناوأه‪ ،‬واحتل كثيرا من بلدان من نازعه فأذلهم وأدخلهم تحـت‬ ‫طاعته‪.‬‬ ‫تــوفي الــشيخ عبــداالله بــن ســعيد في جمــادى الثانيــة ســنة ‪١٣٣٢‬هـــ في الباطنــة بطلقــة‬ ‫رصاص جاءته وهو مقيم عند السلطان فيصل بـن تركـي؛ إذ خـرج إليـه لخـلاف نـشأ بينـه‬ ‫ورجال دولة الإمام سالم بن راشد ومنهم ابنه محمد الذي صار إماما بعمان بعد ذلـك‪ ،‬وقـد‬ ‫أشار الشيخ أبو مسلم البهلاني إلى هذه الحادثة في قصيدتين إحداهما النونية إذ قال‪:‬‬ ‫أقـــول للـــبعض مـــنكم وهـــو عـــن أســـف والحـــــر يأســـــف للأحـــــرار إن شـــــانوا‬ ‫‪‬‬ ‫قـــد كنـــت نخبـــة هـــذا المجـــد مـــن قـــدم واليــــوم أنــــت عــــلى الأبــــواب ذبــــان‬ ‫إلى آخر ما قال‪.‬‬ ‫وذكر الحادثة أيضا في القصيدة الميمية إذ قال‪:‬‬ ‫ألـــــيس مـــــن الغـــــم المميـــــت وقوعهـــــا وطــــــرف ولي الثــــــأر في الأمــــــن نــــــائم‬ ‫‪‬‬ ‫فـــإن خـــام عنـــه وارتـــضى الـــضيم ملبـــسا وســـــــالم فـــــــالإيمان لـــــــيس يـــــــسالم‬ ‫وثالث أولاد المحقق الخليلي هو الشيخ العلامة أحمد بن سعيد وهو أصغر مـن أخيـه‬ ‫الشيخ عبداالله بثلاث سنين توفي متأثرا بالصرع إذ خرج ليغتسل من نهـر الـسمدي بـسمائل‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬محمد السالمي‪ ،‬نهضة الأعيان‪ ،‬ص‪.٣٣٢‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬ديوان أبي مسلم‪ ،‬ص‪ ،٢١٢‬ومحمد السالمي‪ ،‬نهضة الأعيان‪ ،‬ص‪.٣٣٣‬‬ ‫)‪ (٣‬ينظر‪ :‬أبو مسلم‪ ،‬ديوان أبي مسلم‪ ،‬ص‪.٣٢٢‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣١‬‬ ‫فهاجمه الصرع فغرق به في اليوم الحادي عشر من ذي الحجة مـن سـنة ‪١٣٢٤‬هــ‪ ،‬ولم يـترك‬ ‫الشيخ أحمد بن سعيد ‪-‬رحمه االله‪ -‬عقبا ذكرا‪ ،‬ولكنه ترك ثلاث بنات كانت منهن زوجة ابن‬ ‫أخيه الإمام محمد بن عبداالله الخليلي ‪-‬رحمه االله‪.-‬‬ ‫وترك بعض الآثار العلمية كانت أجوبة منثورة ومنظومة جمعت سابقا مع أجوبة ابن‬ ‫أخيه الإمام العادل محمد بن عبداالله الخليلي ‪-‬رحمهما االله‪ -‬في كتاب »الفتح الجليل من أجوبة‬ ‫الإمام أبي خليل«‪ ،‬ثم خرجت مفردة في كتـاب مـستقل مطبـوع بعنـوان‪ :‬الطلـع النـضيد في‬ ‫أجوبة الشيخ العلامة أحمد بن سعيد‪.‬‬ ‫وترك الشيخ أحمد بن سعيد أيضا قصائد شعرية في الكتاب السابق‪ ،‬وفوق ذلك ترك‬ ‫سيرة حسنة كانت مثالا يحتذى به في العلم والزهد والشجاعة والخلق‪ ،‬وقد عناه الـشيخ‬ ‫أبو مسلم ‪-‬رحمه االله‪ -‬في الديوان حينما قال‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫أرتـــــــاح فيهــــــــا إلى خــــــــل فيبهــــــــرني صــــدق وقــــصد ومعــــروف وإحــــسان‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫نشأ المحقق الخليلي في بلدة بوشر سابقة الذكر وقد توفي والده وهـو لا يـزال صـغيرا‬ ‫فذاق مرارة اليتم وشدته‪ ،‬ولكن كفله جده فعوضه رعاية الأبوة ووجهه الوجهة الصحيحة‬ ‫)‪ (١‬تزوج الشيخ أحمد بن سعيد بزيانة بنت حمد بن سليمان بن ماجد الخروصية وقد اشتهرت بالصلاح‬ ‫والتقوى وتوفي عنها الشيخ أحمد وهي لا تزال صغيرة السن فتقدم لها الخطاب وقالت قولتها‪ :‬لا‬ ‫زوج بعد أحمد بن سعيد‪.‬‬ ‫ينظر‪ :‬سلطان الشيباني‪ ،‬معجم النساء العمانيات‪ ،‬ص‪.٧٢‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬خليل الخليلي‪ ،‬السيرة الذاتية والمنهج الفقهي للشيخ أحمد بن سعيد الخليلي‪ ،‬ص‪.٩٨‬‬ ‫)‪ (٣‬ينظر‪ :‬أبو مسلم‪ ،‬ديوان أبي مسلم‪ ،‬ص‪.٣٠٠‬‬ ‫‪ ٣٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫مما خفف عنه مصاب اليتم فأقبل ‪-‬رحمه االله‪ -‬منذ صـغره عـلى العـب مـن معـين كتـاب االله‬ ‫تعالى حفظا ودراسة‪ ،‬ويظهر من ذلك الأثر البالغ الذي طبعه الكتاب العزيز على حياة هذا‬ ‫الإمام‪ ،‬فقد صارت حياته كلها إلى طهر وصلاح وجهاد‪ ،‬فطهر السريرة وأخلـص الـسيرة‪،‬‬ ‫ومن قرأ مؤلفات هذا الإمام وجد الأثر البالغ للكتاب العزيز في حياته‪.‬‬ ‫واصل المحقق الخليلي ‪-‬رحمه االله‪ -‬دراسته فتتلمذ أول أمره في بوشر على يدي الشيخ‬ ‫وسـن المحقـق‬ ‫ ُّ‬ ‫سعيد بن عامر بن خلف الطيواني إذ أخذ منه مبادئ العلوم من فقه وعربية‪،‬‬ ‫الخليلي حينها لا يجاوز السادسة عشر‪ ،‬ومن غريب الأمور ومنتهى التوفيق الإلهي ما قام به‬ ‫المحقق الخليلي في فترة دراسته عند الشيخ الطيواني؛ إذ غـاب عـن شـيخه فـترة حتـى خـشي‬ ‫عليه فأتى والدته يسألها عن تلميذه النجيب‪ ،‬فعادت الوالدة‪ -‬الحريصة على ابنها والمرشدة‬ ‫له إلى الخير‪ -‬بالتأنيب والتقريع‪ ،‬ما له غاب عن شيخه؟‬ ‫فذهب التلميذ حديث السن إلى شيخه حاملا ما يفصح عن الاعتذار؛ إنهـا ألفيـة في‬ ‫من بها الرحمن الموفق على هذا الفتى‪ ،‬وهو لم يجاوز السادسة عشر من عمره‪،‬‬ ‫علم التصريف ّ‬ ‫وإن المرء ليحار أيعجب من تأليفه في علم التصريف والذي يشق على كبار العلماء مبحثه‪ ،‬أم‬ ‫يعجب من صوغه ذلك في قالب النظم المتسم بالعذوبة والبساطة الجامع للشوارد والنوادر‬ ‫ولكنه التوفيق الإلهي الذي هو نتاج صدق المحبة‪.‬‬ ‫ـــــــرض لتوفيــــــــق الإلــــــــه بحبــــــــه ودع مــــــا ســــــواه فــــــالجميع قــــــشور‬ ‫تعـ َّ ْ‬ ‫وبعدها حدته همة طامحة للتزود والتعمق في العلوم الشرعية من فقـه وعربيـة‪ ،‬فـيمم‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬المنتدى الأدبي‪ ،‬قراءات في فكر الخليلي‪ ،‬ص‪.١٣‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٣‬‬ ‫صوب الباطنة حيث مضارب أستاذه الشيخ حماد بن محمد البسط‪‬؛ إذ الأخير من أفاضـل‬ ‫أهل زمانه ضليع بالعربية والفقه‪ ،‬فما السبيل لاجتناء ما عنده من أطايب العلم والخلـق إلا‬ ‫الحلول بدياره‪ ،‬فمكث المحقق الخليلي عنده فترة من الزمـان يعـب مـن معينـه‪ ،‬حتـى ظهـر‬ ‫لشيخه نبوغ طالبه‪ ،‬وأنه أحد أوعيـة العلـم التـي ينبغـي أن يبـذل في توجيههـا الجهـد كلـه‪،‬‬ ‫فطلب الشيخ من تلميذه ذي الهمة العالية أن يضع له مؤلفا في العروض والقوافي زيـادة في‬ ‫لهيب الهمة المتقدة عنده‪ ،‬وهذا أسلوب من أساليب أهل العلم في حفز همم الطـلاب‪ ،‬وقـد‬ ‫أفصح المحقق الخلـيلي عـن ذلـك في مقدمـة كتابـه»مظهـر الخـافي المـضمن الكـافي في علمـي‬ ‫العروض والقوافي« إذ قال‪:‬‬ ‫التمس مني مـن كنـت ربـيط أسـبابه وإحـسانه‪ ،‬وغـدوت مستمـسكا بأوتـاد فـضله‬ ‫وامتنانه‪ ،‬ذلك الشيخ الفصيح الكامل‪ ،‬الذي عناه وصرح باسمه هذا الأديب القائل‪:‬‬ ‫بــــــسط االله نعمــــــة لبنــــــي البــــــسط فكــــــــــــان الأولى بهــــــــــــا حمــــــــــــاد‬ ‫فهـــــو لا زال حامـــــدا نعمـــــة المـــــولى وأولى بالنعمــــــــــــــــــة الحــــــــــــــــــماد‬ ‫فهو الذي تحكم علي بأن أنظم له كتاب» الكافي في علمي العـروض والقـوافي« وهـو‬ ‫كتاب حجمه لطيف مع أنه شريف أنشأه أبو العبـاس بـن شـعيب أحمـد الـشهير بـالخواص‬ ‫فالتزمت إجابته‪...‬اهـ‪.‬‬ ‫وكان كعبة القصاد في ذاك الزمن الشيخ العلامة ناصر بن أبي نبهان الخـروصي‪ ،‬وقـد‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬المنتدى الأدبي قراءات في فكر الخليلي‪ ،‬ص ‪ ،١١٦‬والشيخ حماد بن محمد البسط قد أقام فترة في‬ ‫مسقط كما يذكر ذلك صاحبه ومسامره ابن رزيق‪ ،‬فلعل المحقق الخليلي قـد أفـاد منـه في تلـك الفـترة‬ ‫لقرب ما بين محل سكناه ومسقط‪.‬‬ ‫ينظر‪ :‬ابن رزيق‪ ،‬الفتح المبين‪ ،‬ص‪.١٨١‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬المعمري‪ ،‬مقدمة تحقيق إغاثة الملهوف‪ ،‬ص‪.٩٠‬‬ ‫‪ ٣٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫طبقت شهرته أنحاء عمان فلم يستقر بالمحقق الخليلي حال إلى أن أتى الشيخ ابـن أبي نبهـان‬ ‫فنهل من معينه حتى غدا أكبر شيوخه على الإطلاق‪ ،‬ومنه أخذ جل العلم سوى ما كان منه‬ ‫فيه عصاميا‪.‬‬ ‫والشيخ ابن أبي نبهان من بلدة العليا من وادي بني خـروص‪ ،‬ولـد عـام ‪١١٩٢‬هــ‪،‬‬ ‫وتوفي بزنجبار‪ ،‬يوم الأحد بتاريخ ‪ ٢٠‬من جمادى الأولى سنة ‪١٢٦٣‬هــ‪ ،‬وقـد تلقـى العلـم‬ ‫على يدي والده الشيخ الرئيس أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي ‪-‬رحمه االله‪ ،-‬وكان هذا‬ ‫مــن أكــبر الــدوافع للتتلمــذ عــلى يديــه لبقيــة عنــده مــن أبيــه؛ إذ الــشيخ الــرئيس مــن أكــبر‬ ‫الشخصيات العلمية التي تأثر بها المحقق الخليلي‪ ،‬والشيخ أبو نبهان جاعد بـن خمـيس كـان‬ ‫متأثرا بأسلوب الشيخ أبي سعيد الكدمي ‪-‬رحمه االله‪ ،-‬لذا نجد المحقق الخليلي يتأثر به أيضا‬ ‫كما سنبين ذلك‪.‬‬ ‫والمحقق الخليلي قد تأثر بالشيخ ابن أبي نبهان في الإكثار من تقييد العلـم إذ أثـر عـن‬ ‫الشيخ ابن أبي نبهان أنه ترك جملة من المؤلفات منها »الحق المبين« و»الجواب« و»الإخلاص«‬ ‫و»محـك الأسرار« و»مبتـدأ الأســفار« و»التهـذيب« و»الكـشف« و»تفــسير نظـم الــسلوك«‬ ‫و»الصفي المصفى« و»غاية المنى« و»المعارج« وغيرها كثير‪.‬‬ ‫مقدرا للمحقـق الخلـيلي قـدره لمـا يـراه عليـه مـن مخايـل‬ ‫والشيخ ابن أبي نبهان كان ّ‬ ‫النجابة والتميز‪ ،‬لذا كان كثير الإذكاء لهمته حتى يقوم هذا التلميذ بخلافة الشيخ في العلم‪،‬‬ ‫فتتواصل الحلقات التي تنير للناس دربهـم‪ ،‬ومـن ذلـك أنـه كلفـه بـشرح منظومتـه في علـم‬ ‫التصريف التي ألفها مقتبل عمـره »مقاليـد التـصريف«‪ ،‬وكـان ممـا قالـه المحقـق الخلـيلي في‬ ‫)‪ (١‬ينظــر في ترجمــة الــشيخ ابــن أبي نبهــان‪ :‬الــسالمي‪ ،‬تحفــة الأعيــان‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪ ،٢١٦‬والخــصيبي‪ ،‬شــقائق‬ ‫النعمان ج‪ ،١‬ص‪ ،١٣٩‬وابن رزيق‪ ،‬الفتح المبين‪ ،‬ص‪.١٣٢‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬ابن رزيق‪ ،‬الفتح المبين‪ ،‬ص‪.١٣٢‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٥‬‬ ‫علي بألفية مغنية في هذا الفن الشريف‪ ،‬وسميتها والحمد الله بمقاليـد‬ ‫من االله ّ‬ ‫مقدمتها‪» :‬وقد ّ‬ ‫التصريف‪ ،‬ولما اطلع على نظمها العالم الرباني والبحر النوراني وحيد دهره بلا ممانعة‪ ،‬وفريد‬ ‫عصره بلا منازعة أبو محمد ناصر بن العلامة المولوي الولي أبي نبهان جاعد بن خميس الخليلي‬ ‫الخروصي أمرني أن أثبت عليها شرحا لطيفا مختصرا‪ ،‬ولم يقبل تعللي كلما جئته معتذرا‪ ،‬فلم‬ ‫أستطع خلافا لأمره ولا تبديلا بل تلوت‪.«L ;: 9 8 7 6 M‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫▪‪.‬‬ ‫ولد الشيخ امحمد بن يوسف بن عيسى بن صالح بن عبدالرحمن بن عيسى أطفـيش‬ ‫قريبا من سنة ميلاد المحقق الخليلي‪ ،‬بل في السنة نفسها عـلى بعـض الروايـات‪ ،‬وذلـك سـنة‬ ‫‪١٢٣٦‬هـ في بلدة يسجن إحدى قرى وادي ميزاب بالجزائر‪ ،‬ونشأ يتـيما منـذ صـغره‪ ،‬لكـن‬ ‫حنت عليه أم رؤوم أخذت بيده إلى معالي الأمور‪ ،‬فظهرت مخايل النجابة والتميز عليه منذ‬ ‫صغره‪ ،‬فحفظ كتاب االله متقنا وهو ابن ثماني سنين‪.‬‬ ‫ومما يروى من ذكائه –رحمه االله‪ -‬وشدة نبوغه أنه لا يكاد يبدأ الكتاب في فن جديـد‬ ‫حتى يختم الكتاب بنفسه دون حضرة شيخه‪ ،‬وكان يقول لشيخه‪ :‬حسبي مـن دروسـك إن‬ ‫شئت قررت الأبواب كلها وشرحت لك ما فيها‪.‬‬ ‫أمضى قطب الأئمة ‪-‬رحمه االله‪ -‬حياته بين تعلم وتعليم وتأليف‪ ،‬يشهد لذلك النتاج‬ ‫العلمي الكبير الذي خلفه حتى قيل إن مؤلفاته تربو على ثلاثمائة وعـشرين مؤلفـا في شـتى‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬مقاليد التصريف‪ ،٣/١ ،‬ط وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان‪ ،‬المزمل‪ :‬الآية‪٥ :‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر لترجمة القطب‪ :‬عدون جهلان‪ ،‬الفكر السياسي عند الإباضـية مـن خـلال آراء الـشيخ امحمـد بـن‬ ‫يوسف اطفيش‪ ،‬ص‪ ،١٠٣‬مجموعة من المؤلفين‪ ،‬فهارس شرح كتاب النيل‪ ،‬ص‪.٦٦٠-٥٩١‬‬ ‫‪ ٣٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫أنواع المعرفة‪ ،‬وبالأخص في المعارف الشرعية‪ ،‬فقد ألـف في التفـسير والأصـول والتوحيـد‬ ‫والحديث والـسيرة والفقـه والفـرائض واللغـة والتجويـد والتـاريخ والـصرف والعـروض‬ ‫والحساب والجبر والمنطق والفلسفة والطب والفلك والفلاحة‪.‬‬ ‫كانت لقطب الأئمة ‪-‬رحمه االله‪ -‬مواقف ضد الاسـتعمار الفرنـسي تـنم عـن شـجاعة‬ ‫المؤمن وعزته‪ ،‬إذ قارع المستعمر بكل ما أوتي من حيلة حتى أنه دخل في حـرب دبلوماسـية‬ ‫مع الفرنسيين حينما ساروا لاحـتلال منطقـة ميـزاب سـنة ‪١٨٨٢‬م فقـام القطـب وأنـصاره‬ ‫يعارضون الاحتلال‪ ،‬واحـتج القطـب لـدى قائـد الحملـة بكـل جـرأة‪ ،‬وأنكـر عليـه نقـض‬ ‫المعاهــدة‪ ،‬وأفهمــه أن ميــزاب في غنــى عنــه‪ ،‬وعــن خــدمات دولتــه‪ ،‬وأنهــم لا يرضــون‬ ‫بالاحتلال‪ ،‬وأسمعه كلاما قاسيا‪ ،‬فخاف القائد أن يثير عليه ميزاب‪ ،‬فاعتقلـه حتـى احتـل‬ ‫غرداية‪ ،‬وشحنها بالجند‪ ،‬وأمن على نفسه من الثورة‪ ،‬ثم أطلق سراحه‪.‬‬ ‫لكن القطب لم يهدأ ولم يستسلم للواقع‪ ،‬فراح يحـرك الـشعب‪ ،‬ويـستنهض الهمـم‪،‬‬ ‫ويثير الرأي العام كلما سنحت له الفرصة‪ ،‬وكان يغرس في تلاميذه كره الفرنسيين واحتقار‬ ‫المستعمرين المتجبرين حتى أنه كان يلصق الطوابع البريدية التـي تحمـل صـور المـستعمرين‬ ‫مقلوبة‪.‬‬ ‫وحينما أرسل المحقق الخلـيلي ‪-‬رحمـه االله‪ -‬رسـالة إلى إباضـية المغـرب يـزف لهـم نبـأ‬ ‫مبايعة الإمام الرضي العادل عزان بن قيس البوسعيدي عام ‪١٢٨٥‬هـ‪ ‬أسعد الخبر قطـب‬ ‫الأئمة‪ ،‬وأرسل رسالة إلى المسلمين في عمان وعلى رأسهم الإمام الرضي مهنئا لهم‪ ،‬وكان من‬ ‫ضمن ذلك قصيدة قال فيها‪:‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫إذا شـــــــــاء ربـــــي أو بــبـــــر كـرئـبــــــال‬ ‫عــلى مـــاء ب ــحر الـــروم آتـي ــك مـــسرعــا‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬السالمي‪ ،‬تحفة الأعيان‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٢٤٩‬‬ ‫)‪ (٢‬السالمي‪ ،‬تحفة الأعيان‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٢٥٠‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٧‬‬ ‫ولا يظهر أن هناك صلة مباشرة بين المحقق الخليلي وقطب الأئمة ‪-‬رحمهما االله‪ -‬مـع‬ ‫كون كل واحد منهما مرجع الإباضية في قطره‪ ،‬ولعل ذلك لبعد ما بين الرجلين من المسافة‪،‬‬ ‫ويرد عليـه‬ ‫ ُّ‬ ‫ولكن هناك نصوص تشير إلى أن قطب الأئمة كان يتحامل على المحقق الخليلي‪،‬‬ ‫بعضا من فتاواه التي أجاب فيها على أسئلة وردت إليه من بلاد المغرب العربي‪.‬‬ ‫ويظهر على ردود قطب الأئمة شيء من التكلف في الرد والشدة على المحقق الخلـيلي‬ ‫واتهامه بالهذيان مع كون الدليل في كثير من تلـك الأجوبـة مؤيـدا لكـلام المحقـق الخلـيلي‪،‬‬ ‫ولكن حمل القطب على تلك الشدة قول الشاعر‪:‬‬ ‫وعــين الرضــا عــن كــل عيــب كليلــة ولكــــن عــــين الــــسخط تبــــدي المــــساويا‬ ‫فمن ذلك قول القطب‪» :‬لكن ذلك المسكين لم يطلـع عليـه‪ ،‬وقـد كتبنـا إليـه في تلـك‬ ‫المسألة وغيرها فانقطع عن الجواب‪ ،‬وإن الحق إذا قام صرع معانده«‪.‬‬ ‫ثم قال‪» :‬والحاصل أن المسئول جاهل في هذه المسائل والـسائل أجهـل«‪ ،‬وقـال في‬ ‫موضع آخر‪» :‬ليس هذا الجواب من العلم في شيء«‪.‬‬ ‫يشوهون صورة المحقـق الخلـيلي عنـد‬ ‫وسبب ذلك أنه كان هناك من الشانئين الذين ِّ‬ ‫القطب‪ ،‬فكان القطب يرى من الواجب عليه ‪-‬لأنه مرجع الإباضية‪ -‬أن يرد عليـه‪ ،‬فيبـدد‬ ‫شبهه لئلا يغتر بها أهل الجهل‪ ،‬وما كان يعلم حينها مقدار المحقق الخلـيلي‪ ،‬ولا منزلتـه ولا‬ ‫كونه غصة صعبة المساغ في قلوب أعداء الحق والدين‪ ،‬وأنه من أئمة العلـم الـذين رفـع االله‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬مجموعة من المؤلفين‪ ،‬فهارس شرح كتاب النيل‪ ،‬ص‪٦٥٢‬؛ إذ جعل من مؤلفات القطب في‬ ‫باب الحواشي حاشية على جواب ابن خلفان للعبادي‪ ،‬وحاشية على جواب ابن خلفان لعمر بن‬ ‫يوسف‪ ،‬والأجوبة والردود موجودة في كتاب كشف الكرب‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬القطب‪ ،‬كشف الكرب‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.١١٨‬‬ ‫)‪ (٣‬ينظر‪ :‬القطب‪ ،‬كشف الكرب‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.١١٩‬‬ ‫)‪ (٤‬ينظر‪ :‬القطب‪ ،‬كشف الكرب‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٢٢٠‬‬ ‫‪ ٣٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫بهم منار الشرع‪.‬‬ ‫ثم تبينت الحقائق‪ ،‬فانكشفت مكانة المحقق الخليلي ومنزلته لقطب الأئمة‪ ،‬فـم يكـن‬ ‫عجبا أن نرى القطب يصرح في عدد من كتبه بمنزلـة المحقـق الخلـيلي بـشتى ألفـاظ المـديح‬ ‫والثناء‪ ،‬ويقر له بمنزلته العلمية وإمامته في الدين‪ ،‬وأنه من عباد االله الصالحين الذين صدقوا‬ ‫ما عاهدوا االله عليه‪ ،‬فعده من أئمة الدين عند تفسيره الآية التاسـعة والعـشرين مـن سـورة‬ ‫محمد؛ إذ قال ‪-‬رحمه االله‪ -‬في التيسير بعد أن ذكر جملـة مـن أئمـة الـدين‪» :‬كـل هـؤلاء أئمـة‬ ‫عدول كبار‪ ،‬ومن لم أذكر أكثر مما ذكر‪ ،‬ومن أهل عصري العلامة سعيد بن خلفان«‪.‬‬ ‫وقال ‪-‬رحمه االله‪ -‬في أجوبته للعمانيين المسمى »كشف الكرب« عند كلامه على علوم‬ ‫الكشف والأسرار‪» :‬وأظن العلامة العمالة سعيد بن خلفان ذا القلم والسيف لها حاويا«‪،‬‬ ‫وقال أيضا في موضع آخر‪» :‬جامع المعقول والمنقول الشيخ سعيد بن خلفان«‪.‬‬ ‫▪‪ ‬‬ ‫من بلدة إحدى من وادي دماء والطائين‪ ،‬كان فقيها مفتيا متضلعا في العلوم العقليـة‬ ‫والنقلية‪ ،‬تولى قضاء سمائل وتـصدر للفتـوى‪ ،‬كـان معـاصرا للمحقـق الخلـيلي‪ ،‬ومـن جملـة‬ ‫القائمين معه بالأمر أيام تقلد السيد حمود بن عزان أمور المسلمين‪ ،‬اصطحبه السلطان سعيد‬ ‫بن سلطان إلى زنجبار‪ ،‬ومكث بها ثم عاد إلى عمان بصحبته‪.‬‬ ‫وقد جمعت الأقدار العلامة سلطان بن محمد البطـاشي بـالمحقق الخلـيلي؛ إذ عاشـا في‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬القطب‪ ،‬تيسير التفسير‪ ،‬ج‪ ،١٢‬ص‪.٣٤٤‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬القطب‪ ،‬كشف الكرب‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٣٧٤‬‬ ‫)‪ (٣‬ينظر‪:‬القطب‪ ،‬كشف الكرب‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.١١٧‬‬ ‫)‪ (٤‬ينظر‪ :‬محمد ناصر وسلطان الشيباني‪ ،‬معجم أعلام الإباضية‪ ،‬ص‪ ،٢٠٤‬وماجد الكندي‪ ،‬جوابات‬ ‫ورسائل العلامة البطاشي‪ ،‬ص‪.٧‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٩‬‬ ‫العصر نفسه‪ ،‬فالعلامة البطاشي من علماء القرن الهجري الثالث عشر‪ ،‬وقد ولد فيما يظهر في‬ ‫أوائل ذلك القرن‪ ،‬وقـد درس العلامـة البطـاشي عـلى علـماء ذلـك الزمـان‪ ،‬ومـنهم الـشيخ‬ ‫العلامة ناصر بن أبي نبهان‪ ،‬والشيخ العلامة السيد مهنا بن خلفـان البوسـعيدي‪ ،‬والظـاهر‬ ‫أنه أخذ من الشيخ حماد البسط كما يظهر من بعض أجوبته‪ ،‬وليس ذلك بعجيب فقد جمعتـه‬ ‫مع الشيخ البسط والعلامة ابن أبي نبهان سكنى مسقط في رفد السلطان سعيد بـن سـلطان‬ ‫وإن كان أصله ‪-‬رحمه االله‪ -‬وادي دما والطائين بلدة احدى‪.‬‬ ‫وقد تولى العلامة البطاشي في عهد السلطان سعيد بن سلطان القـضاء‪ ،‬وكـان رفيقـه‬ ‫وسميره في كثير من أسفاره التي يقضيها بين مسقط وزنجبار‪ ،‬بل كان يستشيره ويسأله فيما‬ ‫يعنيه من أمور وقضايا لعظم منزلته العلمية عنده‪.‬‬ ‫هم الـدعوة والقيـام بواجبهـا‪،‬‬ ‫وقد تقاسم العلامة المحقق الخليلي والعلامة البطاشي َّ‬ ‫فاحتسبا قائمين بأمور الرستاق سويا من أمـر بمعـروف ونهـي عـن منكـر وتعزيـر في عهـد‬ ‫السيد حمود بن عزان حاكم الرستاق كما سنبين ذلك‪.‬‬ ‫وجمع القدر السعيد المحقق الخليلي والعلامة البطاشي مرة أخـرى في رحـاب سـمائل‬ ‫الفيحاء‪ ،‬بل كان من الأسباب التي دعت المحقق الخليلي لـسكناها وجـود أصـحابه الـذين‬ ‫جمعته وإياهم الدعوة والنصرة الله سبحانه في الرستاق قبـل‪ ،‬فاسـتوطنها مـع بلدتـه الأصـل‬ ‫بوشر بل أصبح هو الآمر والناهي فيها‪.‬‬ ‫كانت بين المحقق الخليلي والشيخ البطاشي مداخلات علمية‪ ،‬فقد كان الواحد مـنهما‬ ‫يرجع للآخر طالبا رأيه في المسائل العلمية‪ ،‬وليس في ذلـك مـن عجـب إذ همـا في عـصرهما‬ ‫القطب الذي تدور عليه رحى الفتوى‪ ،‬والمرجع الذي به يقتدى‪.‬‬ ‫قال الشيخ خميس راشد العبري واصفا الشيخين‪» :‬وفي زماننا هذا أنتما أئمة مذهبنا‪،‬‬ ‫)‪ (١‬ينظر تفصيل أحداث ذلك في‪ :‬السالمي‪ ،‬تحفة الأعيان‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٢١٨‬‬ ‫‪ ٤٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وبكما نقتدي وبعلومكما نهتدي‪.«‬‬ ‫وقد جاء في بعض رسائل المحقق الخليلي جواب منه سأله إياه العلامة البطاشي فقال‬ ‫المحقق الخليلي‪» :‬إلى جناب شيخنا وذخرنا وفخرنا وعزيزنا الأجل الأكـرم الأحـشم العـالم‬ ‫الثقة الأخ المود الناصح سلطان بن محمد بن صلت البطاشي سـلمه االله تعـالى وأبقـاه وأعـلى‬ ‫مرتقاه‪...‬إلخ«‪.‬‬ ‫وقد وافت المنية الشيخ العلامة البطاشي قبل قيام دولة الإمام الرضي عزان بن قـيس‬ ‫التي كان سائسها صاحبه الحميم المحقق الخليلي إذ إنه توفي عام ‪١٢٧٨‬هـ‪ ،‬وقد عبر المحقق‬ ‫الخليلي نفسه عن مدى تأثره بموت العلامة البطاشي حينما أرسل إليه أحد يعزيه بذلك النبأ‬ ‫فرد ‪-‬رحمه االله‪ -‬بقوله‪ » :‬وصلني كتابك الكريم أيها الولد الحميم‪ ،‬ومن قبله قد علمنـا بـما‬ ‫ذكرته من الرزء العظيم‪ ،‬وليس إلا التسليم والرضا لمن بيده في عباده صرف القـضاء‪ ،‬فهـو‬ ‫المتصرف في بلاده‪ ،‬والحاكم في عباده‪ ،‬ولا يسأل عما يفعل‪ ،‬وفعله عدل‪ ،‬ولا راد لقضائه‪ ،‬ولا‬ ‫معقــب لحكمــه‪ ،‬وهــو سريــع الحــساب‪ ،‬ومــسبب الأســباب والقائــل في كتابــه ‪¢ ¡ M‬‬ ‫‪ ،L êéè ç æ å ML£‬ومــصابه عــام عــلى الخــاص والعــام‪،‬‬ ‫وليس لنا ولكم فيه لوجه الملك الجليل إلا العزاء الحسن والـصبر الجميـل‪ ،‬ونرجـو بـه مـن‬ ‫عنده الثواب الجزيل‪.‬‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬السالمي‪ ،‬تحفة الأعيـان‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪ ،٢٢٣‬ماجـد الكنـدي‪ ،‬جوابـات ورسـائل العلامـة البطـاشي‪،‬‬ ‫ص‪.١٨‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬ماجد الكندي‪ ،‬جوابات ورسائل العلامة البطاشي‪ ،‬ص‪.١٣‬‬ ‫)‪ (٣‬الرعد‪ :‬الآية )‪.(٣٨‬‬ ‫)‪ (٤‬الزمر‪ :‬الآية )‪.(١٠‬‬ ‫)‪ (٥‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬تمهيد قواعد الإيمان‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٢٠٩‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤١‬‬ ‫وكانت له ‪-‬رحمه االله‪ -‬مؤلفات عدة نفع االله بهـا العبـاد منهـا‪ -:‬رسـالة في الـشفاعة‪،‬‬ ‫ورسالة أخرى في الخلود‪ ،‬وثالثة في ميراث ذوي الأرحام‪ ،‬ورسالة في معنى حرف »من« في‬ ‫قوله تعالى‪ ، L ° ̄ ®M :‬وله شرح متوسط على ألفية ابن مالك في النحو‪ ،‬كما لـه‬ ‫حواش وتقريرات على تفسير الزمخشري‪ ،‬وله أجوبة فقهية مختصرة‪ ،‬جمع كثيرا منها الـشيخ‬ ‫ٍ‬ ‫محمد بن خميس السيفي في »تمهيد قواعد الإيمان«‪ ،‬وصدرت أخيرا مجموعة مفردة في كتاب‬ ‫مستقل هو »جوابات ورسائل العلامة البطاشي جمع وترتيب ودراسة« للباحـث ماجـد بـن‬ ‫محمد الكندي‪ ،‬وهو مطبوع متداول‪.‬‬ ‫‪ ▪‬‬ ‫كان العلامة الشيخ محمد بن علي بن محمد بن علي المنذري ‪-‬رحمه االله‪ -‬من كبار علماء‬ ‫المذهب الإباضي المعروفين بالساحل الشرقي بأفريقيا‪ ،‬إذ عاش في ماليندي )فيرنجاني(‪،‬‬ ‫وقد تولى القضاء منذ عهد السيد سعيد بن سلطان وحتى عهد ابنه السيد ماجد بن سعيد‪،‬‬ ‫فكان العلامة المنذري أكبر القضاة في عصره‪ .‬‬ ‫وكانت هذه الهبات العلمية مستقرة في هذه الأسرة المباركة إذ يصفها صاحب كتاب‬ ‫»البوسعيديون حكام زنجبار« بقوله‪ :‬إن عائلة الشيخ محمد بن علي تعتبر من أكبر العائلات‬ ‫علما وحسبا‪ ،‬وهي عائلة راسخة في زنجبار من قبل مجيء السيد سـعيد‪ ،‬وقـد ألـف الـشيخ‬ ‫محمد بن علي كتابا في التوحيد‪ ،‬وعنوانـه»الخلاصـة الدامغـة«‪ ،‬وكـان تأليفـه في عهـد الـسيد‬ ‫ماجد‪.‬‬ ‫تــوفي العلامــة المنــذري ‪-‬رحمــه االله‪ -‬ظهــر يــوم الأحــد ‪ ١٣‬مــن جمــادى الثانيــة ســنة‬ ‫‪١٢٨٦‬هـ‪ ،‬الموافق ‪ ٢٢‬من شهر أغسطس عام ‪١٨٦٩‬م‪ ،‬ودفن بقرب مسجد السيد حمود في‬ ‫)‪ (١‬الأحقاف‪ :‬الآية )‪.(٣١‬‬ ‫‪ ٤٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫ماليندي‪.‬‬ ‫ولم نجد شيئا من العلاقة المباشرة بين المحقق الخليلي والعلامة المنذري ‪ -‬رحمهما االله‪-‬‬ ‫إلا أن للمحقق الخليلي رسالة تعقب فيها العلامـة المنـذري حـول بعـض مـسائل الوصـايا‪،‬‬ ‫وطـرق كتابتهــا وحجيتهـا‪ ،‬وقــد شــدد عليـه في العبــارة‪ ،‬ولا نـدري ظــروف الرســالة‪ ،‬ولا‬ ‫ملابساتها‪ ،‬والرسالة موجودة برمتها في الجزء السابع من هذه الأجوبة‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما من شك أن الإنسان مهما علا قدره في العلم فلا بد من له تأثر بأسلوب أحـد مـن‬ ‫السابقين الذين يـراهم قـدوة لـه في العلـم‪ ،‬فتجـده يمـضي عـلى خطـاهم ويقـرر دليلـه عـلى‬ ‫منهجهم‪ ،‬إذ هم في نفسه قد حازوا قصبات السبق وبـزوا غـيرهم‪ ،‬فهـم مثالـه‪ ،‬وقدوتـه في‬ ‫الـصلاح والتقوى وإن كان من أرباب الاجتهاد المطلق كما هو حال شيخنا المحقق الخلـيلي‬ ‫‪-‬رحمه االله‪.-‬‬ ‫وبالنظر إلى أجوبته ‪-‬رحمه االله‪ -‬يتبين أن هناك من الشخصيات العلميـة مـا كـان لهـا‬ ‫الأثر البالغ على مسيرته العلمية حتى أنه في أحيان ليعد أقـوالهم المؤيـدة حجـة ودلـيلا عـلى‬ ‫صحة ما قيل لشهرتهم في التحقيق وعظيم منزلتهم في العلم‪.‬‬ ‫والذي يظهر أن أكثر من تـأثر بهـم المحقـق الخلـيلي ‪-‬رحمـه االله‪ -‬في مـسيرته العلميـة‬ ‫الشيخ أبو نبهان جاعد بن خميس الخروصي ‪-‬رحمه االله‪ -‬حتى أنه ليشبه من أراد الثناء عليه‬ ‫)‪ (١‬ينظر في ترجمة العلامة المنذري‪ :‬الفارسي‪ ،‬البوسعيديون حكام زنجبار‪ ،‬ص‪ ،٧‬والرويـشدي‪ ،‬مقدمـة‬ ‫تحقيق "جواب السائل الحيران في مسألة رؤية الرحمن" للعلامة المنذري‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬هو العلامة الشيخ أبو نبهان جاعد بن خميس بن مبارك الخـروصي‪ ،‬أكـبر أهـل العلـم في زمانـه الـذي‬ ‫عاش فيه‪ ،‬وهو النصف الثـاني مـن القـرن الهجـري الثـاني عـشر والثلـث الأول مـن القـرن الهجـري‬ ‫الثالث عشر‪ ،‬إذ ولد عام ‪١١٤٧‬هـ‪ ،‬لقب بالشيخ الرئيس لعظم منزلته‪ ،‬له العديد من المؤلفات منها‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٣‬‬ ‫عليه في علمه به‪ ،‬وهذا دليل على عظم مكانته عنده‪ ،‬فمن ذلك أنه ‪ -‬رحمه االله‪ -‬عندما أراد‬ ‫الثناء على الشيخ محمد بن سالم الدرمكي قال‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫وهــــــو في علمــــــه كمثــــــل أبي نبـــــــ هـــــان أو شـــــكل شـــــيخنا الكـــــدمي‬ ‫بل أنشأ الشيخ نفسه قصيدة كاملة يقرض فيها كتاب »الدقاق لأعناق أهـل النفـاق«‬ ‫الذي ألفه الشيخ أبو نبهان ومن ضمن ما قاله في القصيدة‪:‬‬ ‫هـــان أم هـــل مـــن طـــامع في اللحـــاق‬ ‫أيــــــن في العــــــالمين مثــــــل أبي نبـــــــ‬ ‫عـــــــن معـــــــاني إبائـــــــه الـــــــسباق‬ ‫قـــــــد كفانـــــــا تعريفـــــــه بعـــــــلاه‬ ‫فوصــــــــفناه بــــــــالكنى والمراقــــــــي‬ ‫وحمانـــــا عـــــن اســـــمه أن يـــــسمى‬ ‫فرجعنـــــــــا لمجمـــــــــل الأطـــــــــواق‬ ‫ورأينـــــا الإســـــهاب فيـــــه قـــــصورا‬ ‫دور أفـــــــلاك المـــــــدح بـــــــالإطلاق‬ ‫مركـــــز الفـــــضل والعـــــلا وعليـــــه‬ ‫حبــــــــــاه مكــــــــــارم الأخــــــــــلاق‬ ‫قـــــد حبـــــاه جوامـــــع الكلـــــم االله‬ ‫بــــين تلــــك الأصــــداف في الأطبــــاق‬ ‫وســــــــــلام االله يغــــــــــشى ثــــــــــراه‬ ‫تتنــــــــامى لــــــــه بكــــــــل مــــــــراد وأصــــــــــيل لطــــــــــائف الخــــــــــلاق‬ ‫تفسير لفاتحة الكتاب‪ ،‬وكتاب الدقاق لأعناق أهل النفاق‪ ،‬وكتاب إيضاح البيان فيما يحل ويحرم من‬ ‫الحيوان‪ ،‬كما له أجوبة فقهية كثيرة جمعت في سبع قطع كبيرة ولم تر النور إلى الآن‪ ،‬توفي يوم ثالث من‬ ‫شهر الحج سنة ‪١٢٣٧‬هـ وعمره تسعون عاما كما يقول ابنه الشيخ ناصر‪.‬‬ ‫السالمي‪ ،‬تحفة الأعيان‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪ ،١٨١‬وابن رزيق‪ ،‬الفتح المبين‪ ،‬ص‪ ،١٢٩‬والمنتدى الأدبي‪،‬‬ ‫قراءات في فكر أبي نبهان‪.‬‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬ديوان الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي‪ ،‬ص‪.٢٤٢‬‬ ‫‪ ٤٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫كان لتأثر المحقق الخليلي بالشيخ أبي نبهان سبب في أن يتأثر المحقق الخليلي بمن تـأثر‬ ‫به الشيخ أبو نبهان‪ ،‬ومـن المعلـوم أن الـشيخ أبـا نبهـان تـأثر تـأثرا بالغـا بالـشيخ أبي سـعيد‬ ‫الكدمي ‪-‬رحمه االله‪ -‬من حيث منهجه في التأصيل والتأليف ولـيس في ذلـك مـن عجـب‬ ‫فأبو نبهان هو القائل عن أبي سعيد الكدمي‪:‬‬ ‫وكفى بأبي سعيد ‪-‬رحمه االله‪ -‬حجة ودليلا لمن أراد لنفسه الحق سبيلا؛ لأنه أعلم من‬ ‫نعلم من الأحبار‪ ،‬وآثاره أصح الآثار‪ ،‬لا على سبيل محـض العـصبية‪ ،‬ولكـن لظهـور أنـوار‬ ‫الحق في أقواله المرضية‪.‬‬ ‫ونجد من آثار ذلك أن الشيخ أبا نبهان كان ينسج غالب كتبه على منوال أبي سعيد في‬ ‫التأليف إذ يضعها على صورة محاورة بين سائل ومجيب يبدأها بقول السائل »قلت له«‪ ،‬ويرد‬ ‫عليه بقول المجيب »قال«‪ ،‬والمحقق الخليلي لم يكن بمعزل عن ذلك‪ ،‬بل جعـل كتابـا كـاملا‬ ‫على تلكم الصورة‪ ،‬فرسالة الجهاد التي ألفها المحقق الخليلي في آخر سني حياته بنيـت كلهـا‬ ‫على المنهج سابق الذكر كما هي موجودة في الجزء السابع من الأجوبة‪.‬‬ ‫)‪ (١‬هو الإمام الكبير والمفتي الشهير أبو سعيد محمد بن سعيد الناعبي الكدمي‪ ،‬مـن أكـبر أهـل العلـم في‬ ‫القرن الهجري الرابع‪ ،‬إذ ولد على وجه التقريـب في أوائـل ذلـك القـرن‪ ،‬ثـم سـافر بعـدها إلى نـزوى‬ ‫حاضرة العلم والعلماء‪ ،‬ودرس على علمائها‪ ،‬ومنهم محمد بن روح بن عربي الكنـدي‪ ،‬و أبـو الحـسن‬ ‫محمد بن الحسن‪ ،‬وعاصر أبو سعيد الكدمي ثلاثة من الأئمة هم الإمام سعيد بـن عبـداالله‪ ،‬والإمـام‬ ‫راشد بن الوليد‪ ،‬والإمام حفص بن راشد‪ ،‬شهر الإمام أبو سعيد بإمـام الولايـة والـبراءة؛ لأنـه أول‬ ‫فصل أحكامها وحررها بإسهاب في كتابه الاستقامة‪ ،‬وله غير الاسـتقامة كتـاب المعتـبر وكتـاب‬ ‫من َّ‬ ‫زيادات الإشراف لابن المنذر النيسابوري‪ ،‬وهو في مجموعه حواش وتعليقات على كتاب ابـن المنـذر‬ ‫الإشراف‪.‬‬ ‫البطاشي‪ ،‬إتحاف الأعيان‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪ ،٢٨٢‬والمنتدى الأدبي‪ ،‬قراءات في فكر أبي سعيد الكدمي‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬الصائغي‪ ،‬لباب الآثار‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٨١‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٥‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪:▪‬‬ ‫‪‬‬ ‫كان الشيخ صالح أكبر تلامذة المحقق الخليلي علما ودراية‪ ،‬وأقربهم إليـه منزلـة بـل‬ ‫كان أحد أركان دولة الإمام عزان بـن قـيس‪ ،‬وهـو الـذي خلـف شـيخه في المنزلـة العلميـة‬ ‫والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬كما كان أميرا مطاعا في قومه‪.‬‬ ‫ولد ‪-‬رحمه االله‪ -‬ببلدة القابل من شرقية عمان عام ‪١٢٥٠‬هــ‪ ،‬ونـشأ بهـا بعـدما قتـل‬ ‫أبوه علي بن ناصر في معركة سيوي التي دارت بين السلطان سعيد بن سلطان والمزاريع‪.‬‬ ‫هــاجر لدراســة العلــم الــشرعي عنــد المحقــق الخلــيلي منــذ صــغره‪ ،‬وأثبــت جدارتــه‬ ‫للطلب‪ ،‬وذلـك أن المحقـق الخلـيلي كـان يختـبر الطـلاب قبـل تدريـسهم لـيرى صـدقهم في‬ ‫الطلب‪ ،‬ويحدث الشيخ عن نفسه فيقـول‪ :‬ذهبـت إلى الـشيخ طالبـا العلـم فلـم يلتفـت إلي‪،‬‬ ‫وبقيت أياما أتردد ما بين بيته ومسجده وهو يعرض عني‪ ،‬فلما رآني صابرا على ذلك أعطاني‬ ‫كتابا‪ ،‬وقال‪ :‬اقرأ هذا الكتاب فإذا فرغت منه فأتني‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فرجعت إليه‪ ،‬ورأى مني اجتهادا فأقبل علي إقبالا كليا‪ ،‬وقربني منه فنلت خيرا‬ ‫كثيرا‪.‬‬ ‫قال الشيخ صالح‪ :‬وبلغني عنه ‪ -‬أي المحقق الخليلي‪ -‬بعدما تعلمت منـه وخرجـت‬ ‫أنه قال‪ :‬إن هذا الولد من بيت شرف‪ ،‬فإن كان طلبه العلم الله فلن يستنكف من معاملتي له‬ ‫وسيرجع‪ ،‬وإن كان طلبه للدنيا فلن يرجع؛ لأنه يرى ذلك إهانة له‪.‬‬ ‫هم الدعوة‬‫كان للشيخ صالح بن علي الحارثي جمع من التلاميذ الذين واصلوا بعده َّ‬ ‫إلى االله بالتي هي أحسن‪ ،‬وعـلى رأسـهم بـاني النهـضة العمانيـة في عـصره الإمـام الـذي أراد‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬محمد السالمي‪ ،‬نهضة الأعيان‪ ،‬ص‪ ،٧١‬الـسالمي‪ ،‬الحـق الجـلي في سـيرة الـشيخ صـالح بـن عـلي‪،‬‬ ‫والحارثي‪ ،‬اللؤلؤ الرطب‪ ،‬ص‪.٦٢‬‬ ‫‪ ٤٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫فضاقت دون إرادته العصور نـور الـدين عبـداالله بـن حميـد الـسالمي‪ ،‬وابنـه الـشيخ العلامـة‬ ‫عيسى بن صالح بن علي الحـارثي ‪-‬رحمهـما االله‪ ،-‬كـما تـرك الـشيخ صـالح مؤلفـات منهـا ‪:‬‬ ‫رسالة في الجهاد وأحكام البغي والبغاة سماها »علم الرشاد في أحكام الجهاد«‪ ،‬وترك أيـضا‬ ‫جمعا من الأجوبة المتناثرة نظمها الشيخ أبو الوليـد سـعود بـن حميـد بـن خليفـين في مجمـوع‬ ‫واحد سماه »عين المصالح من أجوبـة الـشيخ الـصالح« والكتـاب مطبـوع متـداول في جـزء‬ ‫واحد‪.‬‬ ‫توفي الشيخ صالح بن علي في السادس من شهر ربيـع الأول سـنة ‪١٣١٤‬هــ في شيء‬ ‫من حروبه مع البغاة الذين أراد أن يعود بهم إلى حظيرة الحـق‪ ،‬ودفـن ‪-‬رحمـه االله‪ -‬بـشرجة‬ ‫الإبراهيميـة مـن علايــة سـمائل‪ ،‬وللــشعراء فيـه مــراث كثـيرة‪ ،‬وعــلى رأس الـراثين تلميــذه‬ ‫وخليفته في العلم والجهاد الإمام نور الـدين الـسالمي ‪-‬رحـم االله الجميـع وأدخلهـم فـسيح‬ ‫جنانه‪ .-‬‬ ‫‪ ▪‬‬ ‫‪‬‬ ‫هـو العلامـة الفاضـل الزاهــد سـعيد بـن نــاصر بـن عبـد االله بــن أحمـد بـن عبــد االله‬ ‫الكندي‪ ،‬ولد بمحلة السويق من سمد نزوى بداخلية عمان عام ‪١٢٦٨‬هـ‪ ،‬حفظ القرآن عن‬ ‫ظهر غيب وهو ابن عشر سنين‪ ،‬كما أخـذ مبـادئ العلـوم مـن مـشايخ عقـر نـزوى‪ ،‬في عـام‬ ‫‪١٢٨٠‬هـ‪ ،‬غـادر مكرهـا بـلاده نـزوى إذ أخرجـه الـشيخ سـيف بـن سـليمان النبهـاني ظلـما‬ ‫وعدوانا بنميمة أهداها فاسق إليه‪ ،‬فاستقر به الحال في مـسقط عنـد الـسيد هـلال بـن أحمـد‬ ‫البوسعيدي‪ ،‬وهناك أخذ علـوم الفقـه والآلـة مـن المحقـق الخلـيلي وغـيره مـن أهـل العلـم‬ ‫كالشيخ سعيد بن عامر الطيواني والـشيخ مـسعود بـن صـابر الكنـدي‪ ،‬وفي عـام ‪١٢٩٩‬هــ‬ ‫خرج الشيخ سعيد بن ناصر الكندي لحج بيت االله الحرام‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٧‬‬ ‫أدرك الشيخ سعيد بن ناصر الكندي حياة ثلاثة من الأئمة العدول هم الإمام عـزان‬ ‫بن قيس‪ ،‬والإمام سالم بن راشد الخروصي‪ ،‬وتوفي ‪-‬رحمه االله‪ -‬في أيام دولة الإمام محمد بن‬ ‫عبداالله الخليلي في ليلة حادي صفر سنة ‪١٣٥٥‬هـ ببلدة العامرات من وادي حطاط‪.‬‬ ‫كان للشيخ سعيد بن ناصر دور بارز في أيام دولة الإمام محمد بن عبـداالله الخلـيلي إذ‬ ‫أوفده الإمام مع الشيخ الأمير عيسى بن صالح بن علي الحارثي ليكونا نائبين عنه في الصلح‬ ‫مع السلطان تيمور بن فيصل بن تركي فسمي الذي تم بينهم معاهدة الـسيب‪ ،‬وكـان لهـذه‬ ‫المعاهدة أثر بالغ في تاريخ عمان ومستقبلها السياسي‪.‬‬ ‫‪ ▪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬وهو من ولاية نزوى‪ ،‬وكان على يديـه مـدار القـضاء فيهـا زمـن الـشيخ هـلال بـن‬ ‫‪‬‬ ‫زاهر‪ ،‬والسيد سيف بن حمد‪ ،‬ولد بتاريخ ‪١٢٤١‬هـ‪ ،‬وعاش اثنين وتسعين سنة‪ ،‬إذ توفي عام‬ ‫‪١٣٣٣‬هـ بمسقط رأسه نزوى‪ ،‬وكان عالما زاهدا‪ ،‬وقد جمع أجوبة الشيخ أبي نبهـان جاعـد‬ ‫بن خميس الخروصي في سبع قطع مخطوطة كبيرة سماها »العقد الثمين«‪ .‬‬ ‫كما جمع أجوبة شيخه المحقق الخليلي في أربع قطع مخطوطة من الحجم الكبير وسماها‬ ‫»تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان«‪.‬‬ ‫كما شرح قصيدة الشيخ أبي نبهان والشيخ الغشري في سير أئمـة بنـي خـروص التـي‬ ‫كان الشيخ أبـو نبهـان يـأتي بـصدر البيـت فيهـا ويكمـل عجـزه الـشيخ الغـشري في جلـسة‬ ‫مرتجلة‪ ،‬وكان مطلع القصيدة‪:‬‬ ‫أئمتنـــــــا لهــــــــم كـــــــل الفــــــــضائل وإن لهــــــــم عــــــــلى النــــــــاس العوائــــــــل‬ ‫)‪ (١‬محمد السالمي‪ ،‬نهضة الأعيان‪ ،‬ص‪ ،٤٧٢‬ومحمد ناصر وسلطان الشيباني‪ ،‬معجم أعلام الإباضية‪،‬‬ ‫ص‪.١٩٩‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬غباش‪ ،‬عمان الديمقراطية الإسلامية‪ ،‬ص‪.٢٩٢‬‬ ‫‪ ٤٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫ملـــــــــــوك الجاهليـــــــــــة أولونـــــــــــا وفي الإســــــــلام قــــــــد ســــــــدنا القبائــــــــل‬ ‫كــما شرح الــشيخ الــسيفي قــصيدة شــيخه المحقــق الخلــيلي المــسماة »المعــراج لــسالك‬ ‫المنهاج«‪.‬‬ ‫‪▪‬‬ ‫‪‬‬ ‫من أهل العلم في القرن الهجري الثالث عشر‪ ،‬درس على يدي العلامة الخليلي أيـام‬ ‫إقامته بسمائل‪ ،‬وكانت له كثير من الأسئلة النظمية التي توجه بها إلى المحقق الخليلي‪ ،‬وشرح‬ ‫الشيخ جمعة قصيدة شيخه المحقق الخليلي »سموط الثناء« في قطعة متوسطة مخطوطة‪.‬‬ ‫‪▪‬‬ ‫‪‬‬ ‫من طلبة الشيخ المقربين الذين كان يأنس بهم ويقربهم‪ ،‬إذ الشيخ سعيد بن عبيد من‬ ‫أهل الزهادة والتعبد حتى لقبه المحقق الخليلي بالشيخ المجتهد‪ ،‬وكان موطنه بدية من شرقية‬ ‫عمان‪.‬‬ ‫‪ ▪‬‬ ‫‪‬‬ ‫لازم المحقق الخليلي‪ ،‬وكـان شـاعرا مفلقـا‪ ،‬لـه أسـئلة نظميـة كثـيرة مبثوثـة في هـذا‬ ‫المجموع‪ ،‬بعد وفاة المحقق الخليلي ‪-‬رحمه االله‪ -‬لازم ابنه العلامـة الـشيخ العلامـة أحمـد بـن‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬محمد السالمي‪ ،‬نهضة الأعيان‪ ،‬ص‪ ،٢٣٣‬والخصيبي‪ ،‬شقائق النعمان‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٢٣٨‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬الخصيبي‪ ،‬شقائق النعمان‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪ ،١٦٣‬ومحمد ناصر وسلطان الشيباني‪ ،‬معجم أعلام‬ ‫الإباضية‪ ،‬ص‪.٨٧‬‬ ‫)‪ (٣‬ينظر‪ :‬المنتدى الأدبي‪ ،‬قراءات في فكر الخليلي‪ ،‬ص‪.١٣٨‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٩‬‬ ‫سعيد بن خلفان الخليلي‪.‬‬ ‫‪ ▪‬‬ ‫‪‬‬ ‫وهو من بدبد من داخلية عمان‪ ،‬توجه للمحقق الخليلي بأسئلة كثيرة مبثوثة في هـذا‬ ‫المجموع‪.‬‬ ‫▪‪ ‬‬ ‫أصله من نخل ثم استوطن بعدها بدية في آخر عمـره‪ ،‬إذ طلـب منـه ذلـك الـشيخ‬ ‫صالح بن علي الحارثي فاستقر بها وذريته من بعده ‪.‬‬ ‫‪ ▪‬‬ ‫‪‬‬ ‫والد العلامة أبي مسلم‪ ،‬وكان علامة فاضلا ممن عقد البيعة عـلى الإمـام عـزان بـن‬ ‫قيس‪ ،‬وقد ولاه الإمام عزان قضاء نزوى ثم صار قاضيا في مسقط لدى الـسيد تركـي بـن‬ ‫سعيد‪.‬‬ ‫‪ ▪‬‬ ‫‪‬‬ ‫كاتب الإمام عزان‪ ،‬وكان ذا همة عالية ‪.‬‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬الخصيبي‪ ،‬شقائق النعمان‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪ ،١٦٧‬ومحمد ناصر وسلطان الشيباني‪ ،‬معجم أعلام‬ ‫الإباضية‪ ،‬ص ‪.١٣٥‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬المنتدى الأدبي‪ ،‬قراءات في فكر الخليلي‪ ،‬ص‪.١٣٨‬‬ ‫)‪ (٣‬ينظر‪ :‬المنتدى الأدبي‪ ،‬قراءات في فكر الخليلي‪ ،‬ص‪.١٣٨‬‬ ‫)‪ (٤‬ينظر‪ :‬المنتدى الأدبي‪ ،‬قراءات في فكر الخليلي‪ ،‬ص‪.١٣٨‬‬ ‫)‪ (٥‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.١٣٨‬‬ ‫‪ ٥٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ▪‬‬ ‫‪‬‬ ‫من بلد عز بولاية القابل‪ ،‬وكان من أهـل الفـضل‪ ،‬وهـو شـيخ أبي مالـك عـامر بـن خمـيس‬ ‫المالكي قبل أن يلازم نور الدين السالمي‪ .‬‬ ‫‪ ▪‬‬ ‫‪‬‬ ‫من ولاية بدية وله أسئلة وجهها للشيخ‪ ،‬توجد ضمن الجوابات‪  .‬‬ ‫‪ ▪‬‬ ‫‪‬‬ ‫من أهل بدبد‪ ،‬وكان من الفضلاء الأخيار‪ ،‬وله مراسلات مع الشيخ‪.‬‬ ‫‪ ▪‬‬ ‫‪‬‬ ‫مــن إزكــي‪ ،‬وكــان ذا علــم وفــضل‪ ،‬ولــه أســئلة وجههــا للــشيخ‪ ،‬توجــد ضــمن‬ ‫الجوابات‪.‬‬ ‫‪ ▪‬‬ ‫‪‬‬ ‫من الرستاق وكان عضدا قويا لشيخه عند قيامه بالإصلاح‪ ،‬وهو أحد شيوخ نـور‬ ‫الدين السالمي‪.‬‬ ‫)‪ (١‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.١٣٨‬‬ ‫)‪ (٢‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.١٣٨‬‬ ‫)‪ (٣‬المرجع السابق ص ‪.١٣٨‬‬ ‫)‪ (٤‬المرجع السابق ص ‪.١٣٨‬‬ ‫)‪ (٥‬محمد ناصر وسلطان الشيباني‪ ،‬معجم أعلام الإباضية‪ ،‬ص‪.٢٩٠‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٥١‬‬ ‫‪ ▪‬‬ ‫‪‬‬ ‫من بلدة الغبي بولاية بديـة‪ ،‬وكـان ورعـا تقيـا‪ ،‬وكـان مـن أعـوان الإمـام والـشيخ‬ ‫صالح بن علي‪.‬‬ ‫فهؤلاء هم أهم تلاميذ المحقق الخليلي‪ ،‬ولاشك أن هناك غيرهم اقتبـسوا العلـم مـن‬ ‫هذا العلامة الكبير‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪▪‬تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫يحوي هذا العنوان غالب آثار المحقق الخليلي ‪-‬رحمه االله‪ -‬ففيه أجوبته وفتـاواه كـما‬ ‫أن فيه بعض الرسائل المطولة كرسالة الجهاد وشيء من لطـائف الحكـم وغيرهـا‪ ،‬وقـد قـام‬ ‫بجمع هذا الآثار وترتيبها وتسميتها بعد وفاة المحقق الخليلي تلميذه الشيخ محمد بن خميس‬ ‫السيفي ‪-‬رحمه االله‪ -‬فجعله في أربع قطع كبـار طبعـت فـيما بعـد في اثنـي عـشر مجلـدا‪ ‬مـن‬ ‫القطع المتوسطة‪.‬‬ ‫وكان من منهج الشيخ السيفي في هذا المجمـوع عـدم الاقتـصار عـلى أجوبـة شـيخه‬ ‫المحقق الخليلي وحده‪ ،‬بل أضاف إليها بعضا من فتـاوى علـماء تلـك الحقبـة‪ ،‬ففـي التمهيـد‬ ‫شيء من أجوبة الشيخ أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي‪ ،‬وأجوبة ابنه الشيخ نـاصر بـن‬ ‫أبي نبهان‪ ،‬وأجوبة الشيخ سلطان بن محمد بن صلت البطاشي‪ ،‬وكذلك جمع الشيخ السيفي‬ ‫في كتابه التمهيد فتاوى قليلة متفرقة للشيخ سـعيد بـن بـشير الـصبحي‪ ،‬والـشيخ جميـل بـن‬ ‫خميس السعدي‪ ،‬والشيخ محمد بن سليم الغاربي ‪-‬رحم االله الجميع‪ ،-‬وكان ينسب الفتاوى‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬المنتدى الأدبي‪ ،‬قراءات في فكر الخليلي‪ ،‬ص‪.١٣٨‬‬ ‫)‪ (٢‬طبعتهـا مـشكورة وزارة الــتراث القـومي والثقافـة بــسلطنة عـمان عـام ‪١٤٠٧‬هـــ‪ ،‬ولا بـد مـن إعــادة‬ ‫الطباعة من جديد لوجود الكثير من الأخطاء‪.‬‬ ‫‪ ٥٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫إلى أصحابها فتجده يقول دائما »ومما هو مضاف إلى الكتاب عن شيخنا البطاشي« أو عن أبي‬ ‫نبهان ونحو ذلك‪ ،‬وكان يبتدئ أجوبة المحقق الخليلي بقوله »ومنه« أما أجوبة غيره فيبتدئها‬ ‫بقوله» وعنه«‪.‬‬ ‫‪▪‬إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫وهو كتاب جليل القدر في فقه الدعوة والداعية أوضح فيه المحقق الخليلي ‪ -‬رحمـه‬ ‫االله‪ -‬ببراعة الداعية المخلص‪ ،‬والفقيه اللسن والسياسي المحنك شروط الداعيـة ودرجـات‬ ‫تغييره للمنكر سواء كان التغيير للفرد أو العلماء أو الحكام‪ ،‬وقد ابتدأ المؤلـف كتابـه بالتـالي‬ ‫مبينا سبب التأليف‪:‬‬ ‫» ولما كثر الجهل‪ ،‬وقل العلم والعلماء‪ ،‬واندرست مشاهد العدل وغاض بحره الذي‬ ‫طما‪ ،‬والتفتـت النـاس إلى جمـع الحطـام حتـى مـن الحـرام‪ ،‬كثـرت بيـنهم الـشحناء‪ ،‬وفـارت‬ ‫البغضاء‪ ،‬فأظهروا بينهم الحمية‪ ،‬وتمالوا بالحمية الجاهلية‪ ،‬وخلعوا شعار الـسنة المحمديـة‪،‬‬ ‫فسفكوا بالبغي الدماء‪ ،‬ونهبوا بالجور أموال اليتامى‪ ،‬وغدروا بـالعهود‪ ،‬وافتخـروا بخلـف‬ ‫الوعــود‪ ،‬وتــسالموا عــلى الفحــشاء وتبجحــوا بــالكبر والخــيلاء‪ ،‬وعــادوا بعــد إســلامهم إلى‬ ‫الجاهلية الجهلاء‪.« .....‬‬ ‫ويظهر من آخر الكتاب أن المؤلف لم يكمل تأليفه بل وقف عند قوله‪:‬‬ ‫»ونحن نـذكر ‪ -‬إن شـاء االله‪ -‬مـا فـتح االله مـن ذلـك إعانـة لطالـب وتعلـيما لراغـب‬ ‫ومذاكرة لمطلع‪ ،‬واالله نسأله أن يهجم بنا على الصواب«‪.‬‬ ‫ولكن ‪-‬كما ذكر محققو الكتاب فإن النسخ المخطوطة أجمعها قد انتهت بالفصل سابق‬ ‫الذكر‪.‬‬ ‫والكتاب كان محل دراسة أمام الباحثين من حيث تحقيقه‪ ،‬فحقق في رسالتين أولاهما‬ ‫لاستكمال متطلبات الحصول على شهادة الماجستير من جامعة آل البيـت بالمملكـة الأردنيـة‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٥٣‬‬ ‫الهاشمية قام بها الباحث صالح بن سليم الربخي‪ ،‬والدراسة الأخرى هي مشروع للتخرج‬ ‫لشهادة الإجازة العالية من معهد القضاء الشرعي والوعظ والإرشاد قام بها الباحث محمد‬ ‫بن سعيد المعمري فجزى االله الباحثين خير الجزاء‪ ،‬وأعانهما على نشر نتاجهما العلمـي لـتعم‬ ‫الفائدة وتظهر ثمرة الجهد المبذول‪.‬‬ ‫‪ ▪ ‬لطايف الحكم في صدقات النعم‪.‬‬ ‫ظاهر من هذا العنوان أن الكتاب مختص بأحكام فرع من فروع الزكاة‪ ،‬وهو زكـاة‬ ‫وميز غث الأقوال‬ ‫وأصل ّ‬ ‫الأنعام‪ ،‬وقد أطال المحقق الخليلي في هذا الكتاب النفس‪ ،‬وحرر ّ‬ ‫من سمينها حتى أن من طالع هذا الكتاب أغناه عن غيره مما ألـف في هـذا الفـن‪ ،‬والمؤلـف‬ ‫يبتدئ أولا بشرح البيت من حيث مفرداته اللغوية ومواقعه الإعرابية ثـم يـتلي ذلـك ببيـان‬ ‫الأحكام الفقهية‪.‬‬ ‫وقد كان سبب تأليف هذا الكتـاب أن المحقـق الخلـيلي ‪-‬رحمـه االله‪ -‬وجـد منظومـة‬ ‫فقهية تختصر هذا الفن سهلة للحفاظ فأعجب بها المحقق الخليلي‪ ،‬ولكن وجد بها بعضا من‬ ‫الهنات فنسج منظومته تلك متلافيا ما كان في الأولى من نقـص‪ ،‬ثـم شرحهـا شرحـا وافيـا‪،‬‬ ‫وقد قال المؤلف بعد حمد االله والصلاة على النبي ^‪:‬‬ ‫»فقد عثرت في حال مطالعتي للآثار والتماسي لجواهر الفوايد من صفحات الأسـفار‬ ‫على أبيات جامعة لتفصيل صدقة الأنعام في مختصر ألفاظها الغريبة الوضع والنظام‪ ،‬فرأيت‬ ‫من غرابة وضعها ما خلت أنه في الاختراع نسيج وحده‪ ،‬ومن تضامين مختـصر ألفاظهـا مـا‬ ‫قلت إنه لمعجز لمن جاء من بعده لما اجتمع بعقودها من الإيجاز الذي هو منية الحفاظ بشهادة‬ ‫كثرة معانيها الطايلة مع قصر الألفاظ‪ ،‬وقد علم أن ذلك مما تجثو لديه ركب الرجال‪ ،‬وتنزل‬ ‫بساحته الفسيحة غلب الآمال‪.‬‬ ‫إلا أنها مع الاعـتراف بـسبق المخـترع وفـضل المبتـدع لم تخـل مـن اخـتلال واعـتلال‪،‬‬ ‫‪ ٥٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وبقدرهما فتنحط في حضيض النقص عن مراتب الكمال‪ ،‬وما ذاك إلا لما سنـشرحه إن شـاء‬ ‫االله موضحين لما في قوافيها من الاختلال أو في معانيها من مخالفة مذهب أهل الحق وموافقة‬ ‫أهل الضلال‪ ،‬وليس في ذينك ما يغتفره أهل العدل والإنصاف لأنـه في اللفـظ والمعنـى مـن‬ ‫فاسد الأوصاف‪.‬‬ ‫ولمثل هذا قد تحرك الخاطر إلى إبرازها بعد السبك ثانية في قوالب الخلاص وصوغها‬ ‫في عقود أخرى مرصعة بأنواع الجواهر التي لم تشنها هجنة الانتقاص‪...‬إلخ«‪.‬‬ ‫والكتاب مطبوع بتحقيق الباحث‪ :‬سلطان بن خمـيس بـن عيـسى النـاعبي في رسـالة‬ ‫ماجستير بكلية الشريعة والقانون بجامعـة أم درمـان الإسـلامية بجمهوريـة الـسودان عـام‬ ‫‪١٩٩٨‬م‪.‬‬ ‫▪ ديوان الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي‪.‬‬ ‫كان المحقق الخليلي ‪-‬رحمـه االله‪ -‬آيـة في الـشعر مـع كونـه فقيهـا ضـليعا بعلـوم الفقـه‬ ‫والـسياسة الـشرعية‪ ،‬والرجـل لم يكــن عليـه ذلـك عجبــا فهـو أحـد ثلاثــة مـن علـماء عــمان‬ ‫استحقوا لقب أعلم الشعراء وأشعر العلماء‪ ،‬لذلك نرى للمحقق الخليلي ‪-‬رحمه االله‪ -‬مـيلا‬ ‫للشعر ليصوغ بهذا البيان الساحر شيئا من همومه ويبث شيئا من أشجانه حتى رأينا الحـال‬ ‫أنه يناجي ربه بالشعر فيدعوه ويتضرع إليه بالشعر ليحقق له ما يريـده‪ ،‬ومـا كانـت إرادتـه‬ ‫التي عاش من أجلها إلا أن يحقق االله تعالى لهذا الدين رفعة بعودة الناس إليه‪ ،‬فـذلك مبلـغ‬ ‫أمله ومنتهى رجائه إذ يقول‪:‬‬ ‫عــــــسى ولعــــــل االله يظهــــــر دينــــــه عـــــلى كـــــل ديـــــن لم يكـــــن بـــــسديد‬ ‫فتخــــــضر آمــــــالي وتــــــورق منيتــــــي ويثمـــــــر في دوح المكـــــــارم عـــــــودي‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬لطايف الحكم‪ ،‬ص‪.٧٧‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٥٥‬‬ ‫فإنــــــك فعــــــال لمــــــا قــــــد تريــــــده قــــدير عــــلى مــــا شــــئت خــــير مريــــد‬ ‫إلهـــي اســـتجب دعـــوى إليـــك بعثتهـــا وقــــد طــــال ترجيعــــي بهــــا ونــــشيدي‬ ‫عقــــود ثنــــاء قــــد أجــــدت نظامهــــا وإن كنــــــت للأشــــــعار غــــــير مجيــــــد‬ ‫‪‬‬ ‫قـــصدت بهـــا بـــاب المليـــك ولم تـــزل عـــــلى بابـــــه الآمـــــال خـــــير وفـــــود‬ ‫والمؤلف في قصائده كلها لم يكن ليلتفـت إلى الهـزل في شـعره بـل هـو صـاحب مبـدأ‬ ‫شغله همه عن التغزل والسفاسف‪ ،‬فقصائده بين مناجـاة الله تعـالى بـأن يطهـر قلبـه ويـسمو‬ ‫بفعله‪ ،‬وبين توبة ورجوع إلى االله تعالى بانكسار‪.‬‬ ‫بعد قيام النهضة الدينية التي أسس لها المحقق الخليلي كانـت دولـة الإمـام عـزان بـن‬ ‫قيس البوسعيدي ‪-‬رحمه االله‪ -‬مبلغ هم المحقق الخليلي يسوس لها ما يثبت أركانها ويحفظها‬ ‫فأرخ لها وقائعها‪ ،‬وجعل من شعره البوق‬ ‫من العداة فانصب شعره ‪-‬رحمه االله‪ -‬دفاعا عنها‪ّ ،‬‬ ‫الإعلامي الصادق المخلص الذي يرفع به من شأن هذه الدولة‪.‬‬ ‫ومن ذلـك قـصيدته التـي سـماها الغرفـة تيمنـا بقولـه تعـالى‪£¢ M:‬‬ ‫‪ ،L a© ̈ § ¦ ¥ ¤‬وقد قال هذه القـصيدة ليبـين تـاريخ‬ ‫دولة الإمام عزان وبدء قيام الدولة وقد عنون في الديوان أنها آخر ما قالـه مـن الـشعر وقـد‬ ‫بلغت مئة وخمسة أبيات‪ ،‬ومطلعها التالي‪:‬‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬ديوان الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي‪ ،‬ص‪.١٣٤‬‬ ‫)‪ (٢‬الفرقان‪ :‬الآية )‪.(٧٥‬‬ ‫‪ ٥٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫لقـــــــد دارت عـــــــلى رغـــــــم الحـــــــسود بحمــــــــــد االله أفــــــــــلاك الــــــــــسعود‬ ‫وفـــــاح أريــــــج مـــــسك مــــــن جــــــلاد وأســــــفر ضـــــــوء صــــــبح بالحديـــــــد‬ ‫بــــــــضرب لم يغــــــــادر غــــــــير هــــــــام مفلقـــــــــــة وغنـــــــــــى في الكبـــــــــــود‬ ‫وطعــــــــن في الثغــــــــور وفي التراقــــــــي بــــــه الأعــــــداء أمــــــست كالحــــــصيد‬ ‫وخيـــــــل هلهلـــــــت بـــــــالنقع نـــــــسجا كــــــــساها كــــــــل سربــــــــال جديــــــــد‬ ‫ومن ذلك قصيدته التي قالها يوم وقعة نفعا‪ ،‬ونفعا هذه من قرى المنطقة الداخلية من‬ ‫عمان أبى أهلها إلا مخالفة الإمام عزان بن قيس ومكابرته‪ ،‬فقال المحقق الخليلي هـذه المقالـة‬ ‫وقد سنحت على عجالة في البارحة كما يقول المحقق نفسه‪ ،‬وهذا مقطع منها‪:‬‬ ‫قــــــــــــضاء فــــــــــــيهم بالانتقــــــــــــام‬ ‫ولمـــــــــــــــــا أن أراد االله يقـــــــــــــــــضي‬ ‫ويرشــــــــــــــدهم إلى دار الــــــــــــــسلام‬ ‫أقــــــــام لهـــــــــم ليــــــــدعوهم إليـــــــــه‬ ‫بــــن عــــزان بــــن قــــيس بــــن الإمــــام‬ ‫إمـــــام العـــــصر عــــــزان بـــــن قــــــيس‬ ‫بهــــــــا رضــــــــوان ربهــــــــم الــــــــسلام‬ ‫دعـــــــــــاهم دعـــــــــــوة الله يرجـــــــــــو‬ ‫وأخــــــــذ الحــــــــق مــــــــنهم بــــــــالتمام‬ ‫إلى حكــــــم الــــــشريعة قــــــد دعــــــاهم‬ ‫‪‬‬ ‫وآمـــــــنهم عـــــــوادي كـــــــل جـــــــور ومكـــــــر في الحكومـــــــة والخـــــــصام‬ ‫ومن الأغراض الشعرية التي اسـتخدمها المحقـق الخلـيلي في شـعره توظيـف الـشعر‬ ‫للأغراض العلمية سواء كان منظومة كمنظومة زكاة الأنعام أو إجابة على سؤال سائل‪.‬‬ ‫وقد طبع ديوان المحقق الخليلي في مئتين وثـلاث وأربعـين صـفحة بتحقيـق الفاضـل‬ ‫عادل بن راشد بن علي المطاعني‪ ،‬وقد جعله أطروحـة لاسـتكمال متطلبـات الحـصول عـلى‬ ‫)‪ (١‬القصيدة الموسومة بالعجالة بلغت مئة وبيتين‪ ،‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬ديوان الشيخ سعيد بن خلفان الخلـيلي‪،‬‬ ‫ص‪.١٣٥‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٥٧‬‬ ‫شهادة الماجستير من جامعة السلطان قابوس‪.‬‬ ‫‪ ▪‬رسالة الجهاد‪:‬‬ ‫‪‬كتب المحقق الخليلي ‪-‬رحمه االله‪ -‬هذه الرسـالة بعـد إمامـة الإمـام عـزان بـن قـيس‬ ‫البوسعيدي ‪-‬رحمه االله‪ -‬مبينا فيها أحكام الجهاد ومن يلزمه ومن لا يلزمـه وضـوابط كـل‪،‬‬ ‫كما بين ما يسع الإمام في تعامله مع الرعية‪ ،‬وقد كان أسلوب المحقق الخليلي فيها قريبـا مـن‬ ‫أسلوب الشيخ أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي ‪-‬رحمه االله‪ -‬إذ جعل الرسالة منبنية على‬ ‫حوار بين سائل ومجيب يقـول الـسائل‪ :‬قلـت لـه‪ ،‬ويجيـب المجيـب قـال وذلـك للتنويـع في‬ ‫الأساليب زيادة في الإفهام ودفعا للسأم والملال‪.‬‬ ‫وقد ابتدأ المحقق الخليلي رسالته بقوله‪:‬‬ ‫»الحمد الله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى‪ ،‬أما بعد‪ :‬فهذه مسألة في الجهاد قد‬ ‫ألح علي من لا يسع خلافه في وضعها كذلك لمهمات دعت إلى ذلك فنقسمها إن شاء االله إلى‬ ‫َ َّ‬ ‫فصول‪....‬إلخ«‪.‬‬ ‫والرسالة مدرجة في الجزء السابع من هذه الأجوبة‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬تمهيد قواعد الإيمان‪ ،‬ج‪ ،١٣‬ص‪.١٥٨‬‬ ‫‪ ٥٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫▪‪‬كرسي أصول الدين في الولاية للمؤمنين المتقين‪ ،‬والبراءة من الكافرين والمنافقين‪ ،‬والحجة‬ ‫على الملحدين‪:‬‬ ‫والكتاب ظاهر من عنوانه أنه في علـم الولايـة والـبراءة‪ ،‬والكتـاب حققـه الباحـث‪:‬‬ ‫خليفة بن سعيد بـن نـاصر البوسـعيدي في رسـالة ماجـستير بجامعـة أم درمـان الإسـلامية‬ ‫بالسودان بتأريخ ‪٢٦‬من جمادى الثانية ‪١٤١٨‬هـ‪ ،‬وطبعته مكتبة الضامري سنة ‪١٤٢٨‬هـ‪.‬‬ ‫▪ مقاليد التصريف‪:‬‬ ‫ظاهر من العنوان أن الكتاب في فن الصرف من علوم العربية‪ ،‬وطبعته وزارة التراث‬ ‫القومي والثقافـة بالـسلطنة في ثلاثـة أجـزاء متوسـطة‪ ،‬والكتـاب يـشرح منظومـة للمحقـق‬ ‫الخليلي ‪-‬رحمه االله‪ -‬في علم التصريف كانت باكورة النتاج العلمي عنده‪ ،‬إذ نظمها وعمـره‬ ‫ستة عشر عاما‪ ،‬ثم شرحها بطلب من أكبر شيوخه الشيخ ناصر بن أبي نبهان الخروصي‪.‬‬ ‫وقد قال المحقق الخليلي في مقدمة كتابه‪:‬‬ ‫من االله علي بألفية مغنية في هـذا الفـن الـشريف‪ ،‬وسـميتها والحمـد الله بمقاليـد‬ ‫»وقد ّ‬ ‫التصريف‪ ،‬ولما اطلع على نظمها العالم الرباني والبحر النوراني وحيد دهره بلا ممانعة‪ ،‬وفريد‬ ‫عصره بلا منازعة أبو محمد ناصر بن العلامة المولوي الولي أبي نبهان جاعد بن خميس الخليلي‬ ‫الخروصي أمرني أن أثبت عليها شرحا لطيفا مختصرا‪ ،‬ولم يقبل تعللي كلما جئته معتذرا‪ ،‬فلم‬ ‫أستطع خلافا لأمره ولا تبديلا بل تلوت ‪. «L : 9 8 7 6 M‬‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬مقاليد التصريف‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٣‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٥٩‬‬ ‫‪ ▪‬النواميس الرحمانية في تسهيل الطريق إلى العلوم النورانية‪:‬‬ ‫وهذا الكتاب تحدث فيه المحقق الخليلي عن الأسـباب والأدعيـة النفـسية التـي تنفـع‬ ‫طالب العلم في مسيرته العلمية؛ إذ ليس هناك شك في أن الأسباب الملموسة من اجتهاد في‬ ‫التحصيل ومواظبة في الدرس هي من أسباب الحصول على العلم‪ ،‬ولكنها تخلو من الفائدة‬ ‫إن لم تكن قرينة التوفيق الإلهي والمدد الرباني‪ ،‬وما من شك أن الدعاء من أسباب الحـصول‬ ‫على التوفيق‪ ،‬فكان كتاب المحقق الخليلي ‪-‬رحمه االله‪ -‬طارقا هذا الباب ليبين الطريق لطلاب‬ ‫العلم وقد قال في مقدمة كتابه‪:‬‬ ‫مسمعي أن أضع له نبذة‬ ‫ّ‬ ‫علي وشغف بتكرار مسائله‬ ‫»أما بعد فقد ألح بعض الإخوان ّ‬ ‫من الأسرار العلية‪ ،‬يهتدي بها في طلب العلم إلى التعرض للنفحات الوهبية‪ ،‬فرسمت له في‬ ‫هذه العجالة بحمد االله ما يشحذ العقل من الصدى‪ ،‬ويـشرح الـصدر بنـور الحـق للهـدى‪،‬‬ ‫ويستفاض به من نور العلم بحره الزاخر‪ ،‬ويستنشق به من نسمات الإمداد عرفهـا العـاطر‪،‬‬ ‫وجدير بالإسعاد على مثل هذا المراد من شاهد تقاصر همم أهل هذا العصر‪ ،‬ولا سـيما بهـذا‬ ‫المصر؛ فقد قل العلم وطلابه‪ ،‬وكثر الجهـل وأحزابـه‪ ،‬فوجبـت الإعانـة للمـستحق جزمـا‪،‬‬ ‫وحقت الإغاثة لأهل االله لزما‪....‬إلخ«‪.‬‬ ‫وكتاب النواميس لم يطبع طبعة رائقة محققة إلى الآن بل هو متداول عند طلاب العلم‬ ‫مخطوطا‪ ،‬وقد طبع منذ فترة من الزمن طبعة حجرية بمطبعة محمد يوسف الباروني‪ ،‬وطبعته‬ ‫في الأيام المتأخرة مكتبة معالي السيد محمد بن أحمد البوسعيدي‪.‬‬ ‫‪ ٦٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫نماذج من شاعرية ‪ ‬الخليلي‪:‬‬ ‫قال ‪-‬رحمه االله‪ -‬مبينا حال العصر الذي عاشه وكان جذوة همته في نشر العدل‪:‬‬ ‫زمـــــان بـــــه الـــــدين الحنيفـــــي دارس ونـــــــــاصره مستـــــــــضعف ومـــــــــروع‬ ‫بـــــه عـــــصفت للجـــــور نكبـــــاء زعـــــزع‬ ‫فيالــــك دهــــرا قــــد شــــجتني خطوبــــه‬ ‫حــــدود وســــيم الخــــسف مــــا االله يرفــــع‬ ‫تبـــــدلت الأحكـــــام فيـــــه وعطلـــــت‬ ‫هــــــوان بــــــه عــــــز الجهــــــول المــــــضيع‬ ‫ونـــــال بـــــه أهـــــل الديانـــــة والتقـــــى‬ ‫ولا ملجــــــأ يحمــــــي ضــــــعيفا ويمنــــــع‬ ‫تبــــــاح دمــــــاء المــــــسلمين ظلامــــــة‬ ‫ولا قــــــائم بالعــــــدل عــــــن ذاك يــــــدفع‬ ‫وتنتهـــــب الأمـــــوال في كـــــل محفـــــل‬ ‫تــــــشكى وأبــــــواب الــــــسماء تقعقــــــع‬ ‫فكـــــم فيـــــه مظلـــــوم إذا مـــــد طرفـــــه‬ ‫لقلــــــــــة حاميهــــــــــا إلى االله تــــــــــضرع‬ ‫حنــــــت بفــــــرط بكائهــــــا‬ ‫وأرملــــــة ّ‬ ‫ِ ُللحمانهـــــــا تلـــــــك النـــــــوابح تـــــــسفع‬ ‫كــــــأن اليتــــــامى والمــــــساكين جيفــــــة‬ ‫لــــو اســــتنطقت كــــادت بــــذلك تــــصدع‬ ‫تكـــاد بقـــاع الأرض تـــشكو مـــن الأذى‬ ‫وكانــــــت بيــــــوت االله بالــــــذكر ترفــــــع‬ ‫فكـــم مـــن بيـــوت االله أضـــحى خرابـــة‬ ‫بهــــا أمــــس قــــد كــــان المــــشايخ تركــــع‬ ‫وكــم قــد غــدت للكفــر والفــسق معقــلا‬ ‫‪‬‬ ‫رعـــــاع لجمـــــع المنكـــــرات تجمعـــــوا‬ ‫تظـــــاهر فيهـــــا بـــــالفواحش جهـــــرة‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬ديوان الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي‪ ،‬ص‪.١١٩‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٦١‬‬ ‫وبين – رحمه االله‪ -‬مقاساة المتمسكين بشرع االله في زمانه وكيف أن الزمان قد استدار‬ ‫ّ‬ ‫عليهم فقال مخاطبا الواقع بكل ما فيه‪:‬‬ ‫وغـــــــدا ضـــــــلالا فـــــــيهم يـــــــؤذيني‬ ‫أنحـــــى الزمـــــان عـــــلى أهيـــــل الـــــدين‬ ‫أم ذاك فعــــــــــل دعابــــــــــة ومجــــــــــون‬ ‫يــــا دهــــر عمــــدا كــــان ذلــــك أم خطــــا‬ ‫أحيـــــوا مــــــن المفـــــروض والمــــــسنون‬ ‫أم كنـــــت تطلـــــب مـــــنهم دخـــــلا لمـــــا‬ ‫أمــــــرت لــــــه بالوصــــــل والتمكــــــين‬ ‫شــــلت يــــد الأيــــام تقطــــع حبــــل مــــن‬ ‫‪‬‬ ‫فتحـــــا وبـــــين عـــــداة هـــــذا الـــــدين‬ ‫فــــاحكم بحــــق الــــرب وافــــتح بيننــــا‬ ‫وقال ‪ -‬رحمه االله‪ -‬مبينا سبب حرب الإمـام عـزان بـن قـيس عـلى نفعـا وأنـه بـسبب‬ ‫الفساد الذي كان عليه أهل نفعا‪:‬‬ ‫يـــــــــشبون الحـــــــــروب ولم يبـــــــــالوا بحــــــــل كــــــــان ذلــــــــك أو حــــــــرام‬ ‫أراقـــــــــوه اعتـــــــــداء فهـــــــــو هـــــــــام‬ ‫فكــــم قطعــــوا الطريــــق وكــــم دم قــــد‬ ‫أذاقتهـــــــــــا مغافــــــــــــصة الحــــــــــــمام‬ ‫ومــــــــا كانــــــــت محرمــــــــة نفوســــــــا‬ ‫قــــــــــــضاء فــــــــــــيهم بالانتقــــــــــــام‬ ‫ولمـــــــــــــــــا أن أراد االله يقـــــــــــــــــضي‬ ‫ويرشــــــــــــــدهم إلى دار الــــــــــــــسلام‬ ‫أقـــــــــام لهـــــــــم ليـــــــــدعوهم إليـــــــــه‬ ‫‪‬‬ ‫بــــن عــــزان بــــن قــــيس بــــن الإمــــام‬ ‫إمــــــام العــــــصر عــــــزان بــــــن قــــــيس‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬ديوان الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي‪ ،‬ص‪.٢٢٤‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬ديوان الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي‪ ،‬ص‪.١٣٦‬‬ ‫‪ ٦٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وقال – رحمه االله‪ -‬جوابا لأحد تلامذته وهو الشيخ جمعة بن خصيف الهنائي عندما‬ ‫سأله عن معنى حديث النبي ^‪ » :‬نية المؤمن خير من عمله«فأجابه مبينا هدفه في الحياة‪:‬‬ ‫وفي العهــــــد والــــــذمم‬ ‫أتــــــم وجــــــه َّ‬ ‫ونيتــــي كــــل مــــا يــــرضي الإلــــه عــــلى‬ ‫والقلـــب شـــكرا لـــذي الآلاء والـــنعم‬ ‫أن أمــــلأ الأرض عــــدلا واللــــسان ثنــــا‬ ‫‪‬‬ ‫فـــيما لتوحيـــده أخرجـــت مـــن عـــدم‬ ‫مـــــستعملا كـــــل عـــــضو كـــــل آونـــــة‬ ‫وكـان ‪-‬رحمــه االله‪ -‬يـشجع طــلاب العلــم ويبـين لهــم الــسبيل الأرشـد لطلبــه فتقــع‬ ‫نصيحته منهم موقعا حـسنا ومـن ذلـك أنـه قـال ناصـحا للـشيخ محمـد بـن سـالم بـن محمـد‬ ‫الدرمكي‪:‬‬ ‫العلــــــم كنــــــز يــــــا محمــــــد مــــــودع مــــــا بــــــين صــــــبر واجتهــــــاد ســــــام‬ ‫فاصــــبر إذا مــــا شــــئت تفــــتح بابــــه عــــــن كنــــــزه تلــــــج الحمــــــى بــــــسلام‬ ‫واعلـــم بـــأن اللهـــو والـــضجر الـــذي بهـــــــما جـــــــرى الخـــــــذلان للأفهـــــــام‬ ‫وبكثــــــرة مــــــن مأكــــــل أو مــــــشرب بهــــــــــما تأدينــــــــــا لطــــــــــول منــــــــــام‬ ‫وأشــــدها صرف القلــــوب إلى الهــــوى بمحبــــــــة الــــــــدنيا وكــــــــل حطــــــــام‬ ‫والالتفـــــات إلى بنـــــي الـــــدنيا ومـــــا قــــــــد زخرفــــــــوه لجاهــــــــل متعــــــــام‬ ‫هــــذي المــــصايد كلهــــا مــــع ضــــعفنا عــــــن راســــــخ الإيــــــمان والإســـــــلام‬ ‫فــــــارجع إلى المــــــولى بقلــــــب فــــــارغ مـــــــــن غـــــــــيره متفـــــــــرغ لقيـــــــــام‬ ‫واجعــــل هجــــيرك ذكــــره في حــــضرة في غيبــــــــة عـــــــــن غــــــــيره بـــــــــدوام‬ ‫يلـــج الــــضيا منــــك الــــسويدا مــــشرقا وبـــــــــه تنـــــــــال الفـــــــــوز بالإنعـــــــــام‬ ‫وبـــــه تـــــرى العلـــــم اللـــــدني الـــــذي هـــــــو تحفـــــــة الـــــــسادات والأعـــــــلام‬ ‫‪‬‬ ‫فهنــــاك تنظــــر جنــــة الفــــردوس والـــــ ملــــــك البــــــديع وغايــــــة الإكــــــرام‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬ديوان الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي‪ ،‬ص‪.٢٠٤‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬الخليلي ديوان الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي‪ ،‬ص ‪.٢٣٩‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٦٣‬‬ ‫وقال أيضا ناصحا الشيخ نفسه‪:‬‬ ‫بـــــــــه ترجـــــــــو التـــــــــزود للمعـــــــــاد‬ ‫تعلـــــــم يـــــــا محمـــــــد كـــــــل علـــــــم‬ ‫‪‬‬ ‫ضــــــياع الوقــــــت في غــــــير اجتهــــــاد‬ ‫وخــــــــل المــــــــدح أكثــــــــره ففيــــــــه‬ ‫ومما قاله الشيخ في الإخوانيات أبيات أثنى فيها على الشيخ محمد بن سالم الـدرمكي‪،‬‬ ‫وقد ابتدأ قصيدته بشيء من الغزل العفيف كعادة العرب ثم ثنى بمراده ومطلوبه‪:‬‬ ‫أم ســــــــنا نــــــــور مبــــــــسم لؤلــــــــؤي‬ ‫شــــــمت برقــــــا في ليلــــــك الغلــــــسى‬ ‫عــــــن أقــــــاح مــــــن ثغرهــــــا الحيــــــي‬ ‫قــــــد تجـــــــلى مــــــن في فتـــــــاة فحـــــــلى‬ ‫أم بــــــدورا مــــــن جيــــــدها الرشــــــائي‬ ‫أم شموســــــا مــــــن ثغرهــــــا لامعــــــات‬ ‫لـــــك نـــــور مـــــن عقـــــدها الجـــــوهري‬ ‫فتــــــــسنى لــــــــك الرشــــــــا أم تجــــــــلى‬ ‫وتجــــــــــــلى ونــــــــــــاظر جــــــــــــؤذري‬ ‫ذات جيــــــــد بــــــــه الثريــــــــا تــــــــلألا‬ ‫‪‬‬ ‫كجبـــــــــين لـــــــــه شـــــــــناء بهـــــــــي‬ ‫ذات نحــــــر تخالــــــه شــــــمس صــــــبح‬ ‫وكان الشيخ – رحمه االله‪ -‬يتعقب غيره في كلامه إن وجد في الكـلام مخالفـة شرعيـة‪،‬‬ ‫من ذلك أنه اطلع على بيتين قال فيهما صاحبهما‪:‬‬ ‫مــن خــاف مــن نــوب الزمــان وعــضه فليـــــــزرع القـــــــت النـــــــضير بأرضـــــــه‬ ‫)‪(١‬‬ ‫تغنيــــك عــــن ديــــن البخيــــل وقرضــــه‬ ‫في كــــــل شــــــهر منــــــه تــــــأتي غلــــــة‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬ديوان الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي‪ ،‬ص‪.٢٣١‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬ديوان الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي‪ ،‬ص‪.٢٢١‬‬ ‫‪ ٦٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫فتعقب ذلك بالإشارة إلى وجوب أن لا ينسى باب االله تعالى ويتكـل عـلى الأسـباب‬ ‫المادية منفردة بل يكون هو الأول مع الأخذ بالأسباب الظـاهرة مـن عمـل وجـد واجتهـاد‬ ‫تاليا فقال ‪-‬رحمه االله‪:-‬‬ ‫فليـــــدع رب العـــــرش خـــــالق أرضـــــه‬ ‫مـــن خـــاف مـــن نـــوب الزمـــان وعــــضه‬ ‫تغنيــــك عــــن ديــــن البخيــــل وقرضــــه‬ ‫في كـــــــل يـــــــوم منـــــــه تـــــــأتي رحمـــــــة‬ ‫وتعقب ‪-‬رحمه االله‪ -‬أيضا أبياتا لأحد الحكماء قال فيها‪:‬‬ ‫إن الــــــــدراهم في المــــــــواطن كلهــــــــا تكــــــــسو الرجــــــــال مهابــــــــة وجمــــــــالا‬ ‫‪‬‬ ‫وهـــــــي الـــــــسنان لمـــــــن أراد قتـــــــالا‬ ‫فهــــــي اللــــــسان لمــــــن أراد فــــــصاحة‬ ‫فأجاب ‪-‬رحمه االله‪ -‬بما يشير إلى النظرة الزهدية التي يتمتـع بهـا وتغلغلـت في أعماقـه‬ ‫لينبه الناس على أن المال ليس كل شيء في حياة الإنسان بل إن المال قـد يكـون سـببا لـشقاء‬ ‫الإنسان في حياته فلا يطلبه الناس إلا من حله ولا يكون هدفهم الأسمى في الحياة فقال‪:‬‬ ‫إن الـــــــــــدراهم في مـــــــــــواطن ربـــــــــــما تكـــــسو المذلـــــة والـــــصغار رجـــــالا‬ ‫أمـــــــــوال قـــــــــارون فكانـــــــــت آلا‬ ‫ففـــــي فقـــــر موســـــى أمـــــا تـــــراه مهلكـــــا‬ ‫تجنـــــــي عليـــــــه مذلـــــــة ونكـــــــالا‬ ‫فلكـــــــم غنـــــــي قـــــــد غـــــــدت أموالـــــــه‬ ‫لم يخــــــــش حادثــــــــة ولا زلـــــــــزالا‬ ‫ولكــــــــــم فقــــــــــير ســــــــــالم في فقــــــــــره‬ ‫الله تثمــــــــــر حــــــــــسرة ووبــــــــــالا‬ ‫والحـــــــق أن غـــــــصون مـــــــال لم تكــــــــن‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬ديوان الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي‪ ،‬ص‪.٢٢١‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٦٥‬‬ ‫ومما علق عليه المحقق الشيخ الخليلي ‪-‬رحمه االله‪ -‬تأريخ سيل وصل الحرم المكي‪ ‬إذ‬ ‫قال بعضهم‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫فطهرهــــا واجتــــاح منهــــا الأبــــاطيلا‬ ‫أتـــــى الـــــسيل مجتاحـــــا لمكـــــة طالبـــــا‬ ‫أراد مــــــن الــــــركن المعظــــــم تقبــــــيلا‬ ‫ومـــــا قـــــصد الـــــضر الـــــشنيع وإنـــــما‬ ‫ســــمعت بــــأن المــــاء لاقــــى القنــــاديلا‬ ‫يقولـــــون أرخ كونـــــه قلـــــت فـــــاكتبوا‬ ‫وهذه الأبيات لم ترق للمحقق الخليلي ‪-‬رحمه االله‪ -‬لأن فيهـا نـسبة الأباطيـل للبيـت‬ ‫المكرم فتعقب ذلك بقوله في أبيات رائقة فائقة‪:‬‬ ‫لقــــد حــــج بيــــت االله ســــيل عرمــــرم وطــــاف كــــما طــــاف الحجــــيج وســــلموا‬ ‫فجــــــاء كــــــما يــــــأتي المــــــشوق المتــــــيم‬ ‫تــــــشوق للبيــــــت العتيــــــق ومكــــــة‬ ‫فحيـــــــاه الحطـــــــيم وزمـــــــزم‬ ‫تـــــــسامى ّ‬ ‫وقبــــل منــــه الــــركن والحجــــر الــــذي‬ ‫ّ‬ ‫تعــــــاظم قــــــدرا مثــــــل مــــــا تــــــتعظم‬ ‫فــــلا تعجبــــوا أن عــــاد بحــــرا فــــإنما‬ ‫ولكــــــن بــــــه مــــــن رحمــــــة االله أنعــــــم‬ ‫ومــــا كــــان مجتاحــــا ولا مفــــسدا لهــــا‬ ‫لمـــــــا مـــــــسه منهـــــــا عـــــــصي ومجـــــــرم‬ ‫يطهــــــر أوســــــاخ البقــــــاع مقدســــــا‬ ‫تطهــــــر أوســــــاخ الــــــذنوب وتحــــــسم‬ ‫كـــما بفنـــاء البيـــت والحجـــر اغتـــدت‬ ‫وتاريخـــــــــه حيـــــــــا غـــــــــمام مـــــــــسلم‬ ‫فللـــــــه مـــــــن أرض مقدســـــــة بـــــــه‬ ‫)‪ (١‬جرى محقق ديوان الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي في ص‪ ٢١٤‬على كتابة أن الـسيل دخـل حـرم مكـة‬ ‫المكرمة في عام ‪١٢٩٧‬هـ وفي هذا سبق قلم من المحقق الفاضل؛ إذ المحقـق الخلـيلي –رحمـه االله‪ -‬قـد‬ ‫توفي قبل هذا العام بعشر من السنين عام ‪١٢٨٧‬هــ كـما بـين نفـسه في مقدمـة تحقيقـه للـديوان ص‪٥‬‬ ‫فكيف يمكن أن يقع السيل بعد عشر من السنين من وفاته –رحمه االله‪ -‬ويؤرخه؟!‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬ديوان الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي‪ ،‬ص‪.٢١٤‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م( أباطيلا‪.‬‬ ‫‪ ٦٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫بعد حياة حافلة بالعلم والعمل انتقـل المحقـق الخلـيلي إلى ربـه سـنة ‪١٢٨٧‬هــ‪ ،‬فقـد‬ ‫استشهد في سبيل االله بعد أن أفنى المال والجهد من أجل تدعيم أركان دولة الإمـام الـرضي‬ ‫السيد عزان بن قيس البوسعيدي –رحمه االله‪ ،-‬ولما أن كتب االله تعالى للإمام – رضـوان االله‬ ‫عليه‪ -‬الشهادة في سبيله‪ ،‬واختاره إلى قربه واصل المحقق الخلـيلي – رحمـه االله‪ -‬جهـاده ولم‬ ‫يثنه ذلك الخبر عن المسير إلى االله تعالى‪ ،‬فطلب من شقيق الإمام الراحل وهو السيد إبراهيم‬ ‫بـن قــيس أن يقبـل الأمــر الـذي قــام بــه أخـوه‪ ،‬واستــشهد مـن أجلــه‪ ،‬ولكـن رفــض ذلــك‬ ‫فاستعصم المحقق الخليلي مع نفر من مناصريه في قلعة الجلالي إلى أن رأى الأمر يسير في غير‬ ‫صالحه‪ ،‬فقرر النزول من مكان استعصامه على شريطة الوساطة الرسمية للكولونيـل بـيللي‬ ‫وللمقيم البريطاني في مسقط الميجر واي على شروط تسعة منها‪:‬‬ ‫· أن لا حسابات على الخليلي يؤديها لأحد على كونه دخل في خدمة الحكومة الماضية‬ ‫ولا على التغييرات الطارئة على الأشخاص والممتلكات خلال وجود هذه الحكومة‪.‬‬ ‫· أن بوسعه الإقامة حيث يريد‪ ،‬وأن السيد تركي ملـزم بحمايتـه مـن مـضايقات أي‬ ‫شخص يتقدم باتهامات ضده‪ ،‬وفي المقابـل يتعهـد الخلـيلي بـألا يـساند أو يـشجع أي عـدو‬ ‫للسيد تركي وألا يبيت أية نية سيئة تجاهه‪ ،‬كـما طالـب المحقـق الخلـيلي بـألا يـرخص لقـادة‬ ‫القبائل الغافرية أو قادة الهناوية إيقاف أو مضايقة أصدقائه والمقربين إليه‪.‬‬ ‫وسرد الإمام السالمي –رحمه االله‪ -‬وقائع محاورة كانت بين الـسلطان تركـي والمحقـق‬ ‫الخليلي –رحمه االله‪ -‬بعدما نزل من الحصن ظهرت فيها الشخصية العظيمة للمحقق الخليلي‬ ‫الذي رزقه االله ثباتا رائعا عند المصائب والكرب فلم يكن ليحني هاما طالبا شيئا من الحطام‬ ‫الفاني‪.‬‬ ‫قال السلطان تركي‪ :‬لقد آذيتمونا في ديارنا وأخرجتمونا من أوطاننا‪.‬‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬غباش‪ ،‬عمان الديمقراطية الإسلامية‪ ،‬ص‪.٢٣٢‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٦٧‬‬ ‫فأجاب المحقق الخليلي ‪-‬رحمه االله‪ :-‬إننا لم نقم عليكم بطـرا ولا أشرا ولا اسـتكبارا‪،‬‬ ‫ولكن لما غيرتم وبدلتم ونصحنا إليكم فلم تنتصحوا‪ ،‬وجب علينا أن نقوم بما قمنا به وليتها‬ ‫دامت‪ ،‬ولست بمعتذر إليك من فعل لم أخالف فيه الحق وعمل لم أرد به غير وجه االله‪ ،‬وما‬ ‫سعينا إلا لإحدى الحسنيين وقد كانت الأولى وأخذنا منها حظنا وما عند االله خـير وأبقـى‪،‬‬ ‫وبعد فما أبرد الثانية على كبدي‪ ،‬واالله أولى بعباده‪.‬‬ ‫مع تلك العهود والمواثيق كلهـا مـا إن نـزل المحقـق الخلـيلي إلا وتكـشفت لـه أنيـاب‬ ‫الغدر والخيانة فقتل ‪-‬رحمه االله‪ -‬شر قتلة‪.‬‬ ‫قال الدكتور غبـاش‪ :‬وفـتح الميجـر واي الـذي كـان قـد رتـب المفاوضـات ورعاهـا‬ ‫وحصل على ثقة الشيخ الخليلي تحقيقا رسميا حول الموت الغامض لهذا العالم وابنـه‪ ،‬وتبـين‬ ‫الوثائق الرسمية البريطانية أن الشيخ وابنه عوملا معاملة سيئة‪ ،‬وضربا حتى الموت‪ ،‬ثم دفنا‬ ‫في قلعة الميراني‪.‬‬ ‫كـان التبريـر الرســمي للـسلطة العمانيـة أن مــوت الخلـيلي وابنـه نجــم عـن الإســهال‬ ‫والخوف‪ ،‬أما الميجر واي الـذي عـرف الحقيقـة فقـد صـعق مـن هـذا التبريـر وتحسـسا منـه‬ ‫بمسؤوليته الأدبية لم يكن منه إلا أن وضع المسدس في رأسه وانتحر ‪.‬‬ ‫أما رواية الشيخ أبي مسلم الرواحي لحادثة قتـل المحقـق الخلـيلي فتـتلخص في الأمـر‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫كان للشيخ أبي مسلم ‪-‬رحمه االله‪ -‬جار بلوشي وجاء بيت الشيخ أبي مسلم لينـال مـا‬ ‫يناله جيران الشيخ من عطاء وفي أثناء جلوسه مع الشيخ دار بينهما حديث عن عـمان فقـال‬ ‫البلوشي إنه حضر قتل الشيخ الخليلي‪ ،‬فأخذ الشيخ أبو مسلم يستدرجه في الحديث فسرد له‬ ‫القصة‪:‬‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬السالمي‪ ،‬تحفة الأعيان‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٦٨٦‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬غباش‪ ،‬عمان الديموقراطية الإسلامية‪ ،‬ص‪.٢٣٣‬‬ ‫‪ ٦٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وهي أن السلطان تركي أمر بقتل الشيخ المحقق فأخرجوه وابنه وانهالوا عليهما ضربا‬ ‫بالحديد حتى خرا على الأرض وهما يتشحطان في دمهما الزاكي الذي طيب الثرى وفي تلك‬ ‫اللحظات كانت الشهادة تنتظرهما انتظار الحبيب لحبيبه وقد خيم عـلى جوهـا لهيـب شـوق‬ ‫العاشق للحظة احتضانه لمعشوقه‪.‬‬ ‫وفعلا تمكنت الشهادة من بغيتهـا ذلـك بـأن ألقـي الـشيخ وابنـه في حفـرة في القلعـة‬ ‫الغربية وأهيل عليهما التراب وهما لا يزالان على قيد الحيـاة وقـد انـتقلا مـن حيـاة فانيـة إلى‬ ‫حياة سرمدية باقية‪.‬‬ ‫لم يكد البلوشي يتم القصة حتى تفصد الدم في وجه أبي مسلم وقال‪ :‬لـو أن لي قـدرة‬ ‫لأمرت بقتل هذا الكلب ومنع عنه العطاء من ذلك اليوم‪.‬‬ ‫وقد أشـار إلى ذلـك الـشيخ أبـو مـسلم الرواحـي ‪-‬رحمـه االله‪ -‬في قـصيدته الميميـة إذ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫بثــــارات )عــــزان بــــن قــــيس( تــــصادم‬ ‫‪‬‬ ‫وخيـــــــل جنـــــــود االله تـــــــصبح ُشـ ّ‬ ‫ــــــزبا‬ ‫إذا ذكرتـــــــــــه طيرتهـــــــــــا العـــــــــــزائم‬ ‫ومــــــن همهــــــا ثــــــأر )الخلــــــيلي( إنهــــــا‬ ‫ولا كـــــدم العـــــصفور مـــــا فيـــــه قـــــائم‬ ‫أتــــــــــذهب أدراج الريــــــــــاح دمــــــــــاؤه‬ ‫ولألاء ذاك الوجـــــه في العــــــرش قــــــائم‬ ‫وتعبـــــــث نعـــــــل الرافـــــــضي بوجهـــــــه‬ ‫ســـــــــوى أنـــــــــه بـــــــــالحق الله قـــــــــائم‬ ‫ويـــــــدفن حيـــــــا لا جريمـــــــة تقتـــــــضي‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬خليل الخليلي‪ ،‬السيرة الذاتية والمنهج الفقهـي للـشيخ أحمـد بـن سـعيد الخلـيلي‪ ،‬ص‪ ،٣٧‬رسـالة‬ ‫تخرج غير مطبوعة‪ ،‬وقد نقل هذه القصة بالإسناد المتصل عـن أبيـه سـماحة الـشيخ الخلـيلي –حفظـه‬ ‫االله‪ -‬عن مهنا بن الشيخ أبي مسلم عن الشيخ أبي مسلم نفسه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬ينظر‪ :‬أبو مسلم‪ ،‬ديوان أبي مسلم ص‪.٣٢١‬‬ ‫)‪ (٣‬الشازب الضامر اليابس من الناس وغيرهم‪ ،‬وأكثر ما يستعمل في الخيل والناس‪.‬‬ ‫ينظر‪ :‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،٧‬ص‪ ،١٠٧‬مادة شزب‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٦٩‬‬ ‫وطـــــرف ولي الثــــــأر في الأمـــــن نــــــائم‬ ‫ألـــــيس مـــــن الغـــــم المميـــــت وقوعهـــــا‬ ‫ولــــــــلآن منــــــــه في الــــــــسماء مــــــــآتم‬ ‫وتنـــــــسى قلـــــــوب المـــــــؤمنين مـــــــصابه‬ ‫نوادبـــــــه ســـــــمر القنـــــــا والـــــــصوارم‬ ‫ألا فاغـــــــضبي يـــــــا غـــــــارة االله ولـــــــتقم‬ ‫ولا تتركــــــــي ثــــــــأر المــــــــرزء حبرنــــــــا ) ســـعيد بـــن خلفـــان ( لمـــن هـــو خـــائم‬ ‫فـــإن خـــام عنـــه وارتـــضى الـــضيم ملبـــسا وســــــــالم فــــــــالإيمان لــــــــيس يــــــــسالم‬ ‫ليحــــــــــــتكمن االله أخــــــــــــذا بثــــــــــــأره ويعجــــــز عنــــــد الاحتكــــــام المقــــــاوم‬ ‫فـــــــلا تحـــــــسبوا أن الـــــــدماء مـــــــضاعة إذا ســـــــــفكتها في هواهـــــــــا المظـــــــــالم‬ ‫وإن ضيعتهــــــــــا أهـلهــــــــــا فحقوقهــــــــــا يغــــــار لهـــــا بالعـــــدل للقـــــسـط قـائــــــم‬ ‫‪ ‬‬ ‫دونه من آثار بعضا من المراجع التي يظهر أنه كان‬ ‫يذكر المحقق الخليلي في أجوبته وما ّ‬ ‫يعتمد عليها كثيرا‪ ،‬وهـذه المراجـع تتنـوع بـاختلاف مادتهـا فبعـضها في التفـسير والحـديث‬ ‫وبعضها في الفقه وأخرى في اللغة‪.‬‬ ‫▪‪‬مراجع التفسير‪:‬‬ ‫‪ -١‬تفسير الزمخشري فإنـه ينقـل عنـه كثـيرا بـل المحقـق الخلـيلي أثنـى عليـه كثـيرا في‬ ‫قصيدته البلكفية‪ ‬التي جعلهـا لنفـي الرؤيـة‪ ،‬عـلى أنـه نـسجها عـلى غـرار البيتـين اللـذين‬ ‫أوردهما الزمخشري في التفسير‪.‬‬ ‫‪» -٢‬الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية في تفسير خمسمائة آية« لأبي الحواري محمد بن‬ ‫الحواري العماني‪.‬‬ ‫)‪ (١‬ينظر‪ :‬الخليلي‪ ،‬ديوان الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي‪ ،‬ص‪.١١١‬‬ ‫)‪ (٢‬هكذا نسبه المحقق الخليلي في رسالته لطـايف الحكـم في صـدقات الـنعم‪ ،‬وهنـاك مـن يستـشكل هـذه‬ ‫النسبة ويرى أن الكتاب ليس من تصنيف أبي الحواري –رحمه االله‪.-‬‬ ‫‪ ٧٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫▪ مراجع الحديث‪:‬‬ ‫الظاهر أن المحقق الخلـيلي ‪-‬رحمـه االله‪ -‬كـان يعتمـد في نقلـه الأحاديـث النبويـة عـلى‬ ‫الكتب الفقهية غير المختصة بالحديث‪ ،‬ولم يكن عنده من المراجـع الحديثيـة سـوى القليـل؛‬ ‫لصعوبة الحصول عليهـا في زمانـه‪ ،‬ولكـن يظهـر مـن الفتـاوى أنـه قـد حـاز كتـاب »تيـسير‬ ‫الوصول إلى جامع الأصول من حديث الرسول« لابن الديبع الشيباني‪ ،‬والذي يظهر أيـضا‬ ‫أنه حينما يحيل إلى شيء من الكتب الستة كالبخاري والترمذي والنسائي إنـما يـستفيد ذلـك‬ ‫مــن الكتــاب المــشار إليــه ســابقا‪ ،‬بــل صرح في بعــض أجوبتــه عــن حــديث هنــاك أنــه رواه‬ ‫البخاري‪ ،‬وقال إن نصه كما في »تيسير الوصول« هكذا مما يؤكد أنه لم يكن للمحقق الخليلي‬ ‫شيء من الكتب الستة‪ ،‬وإنما يستفيد مادته العلمية من الكتاب سابق الذكر‪.‬‬ ‫ذكر المحقق الخليلي في بعض أجوبته نقلا عن النووي الشافعي نصا نقله مـن شرحـه‬ ‫لصحيح مسلم فلا ندري أكان الكتاب عنـده فينقـل منـه‪ ،‬أم أنـه نقـل ذلـك بالواسـطة مـن‬ ‫غيره‪ ،‬والأخير أظهر الاحتمالين إذ بالرجوع إلى آثار المحقق الخليلي عامة لا نجـد ‪-‬حـسب‬ ‫الاطلاع‪ -‬نقلا غيره مما يقوي الواسطة خاصة أنه يحتاج لنقل قول فقهاء الشافعية فيما ألفـه‬ ‫من الفقه الذي يذكر فيه أقوال الفقهاء المختلفة كـ»لطايف الحكم«‪.‬‬ ‫▪ مراجع الفقه‪:‬‬ ‫‪ -١‬جامع ابن جعفر‪ :‬لأبي جابر محمد بن جعفر الإزكوي‪ ،‬وهو من كتـب أصـحابنا‬ ‫الإباضية المتقدمة‪ ،‬جمع فيه مؤلفه أقوال علماء تلك الحقبة‪ ،‬والكتاب مطبوع متـداول وإليـه‬ ‫يرجع الفقه الإباضي‪.‬‬ ‫‪ -٢‬جامع ابن بركة‪ :‬للإمام أبي محمد عبداالله بن محمد بن بركة السليمي البهلوي‪ ،‬من‬ ‫كبار علماء الإباضية في القرن الهجري الرابع‪ ،‬وجامعه هذا يقع في مجلدين مطبوعين من قبل‬ ‫وزارة التراث القومي بـسلطنة عـمان تطـرق إلى أغلـب أبـواب الفقـه‪ ،‬ويتميـز هـذا الجـامع‬ ‫بالتأصيل والتدليل فلا يكاد يأتي بمسألة إلا ذكر أدلتها فيصحح ويضعف ويناقش‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٧١‬‬ ‫‪ -٣‬قواعد الإسلام‪:‬للإمام أبي طاهر إسماعيل بـن موسـى الجيطـالي مـن كبـار علـماء‬ ‫إباضية المغرب‪ ،‬عاش في القرن الهجري الثامن بجبل نفوسة من ليبيا‪ ،‬وكتابه هذا مطبوع في‬ ‫مجلدين يتحدث عن أمور الاعتقاد والولاية والبراءة وفقه العبادات الخمـس‪ ،‬وبـه بـاب في‬ ‫الآداب‪ ،‬ومما يميز »قواعد الإسلام« أنه كتاب تأصيل وتفريع فيولي الـدليل عنايتـه كـما أنـه‬ ‫يذكر مذاهب أهل العلم من الفرق الإسلامية المختلفة‪.‬‬ ‫‪ -٤‬بيان الشرع‪ :‬للعلامة محمد بن إبراهيم الكندي‪ ،‬وهو كتاب مطبوع ومتداول يقع‬ ‫في ثلاثة وسبعين جزءا‪ ،‬عاش مؤلفه في القرن الهجري الخامس‪ ،‬وقد عني مؤلفـه فيـه بنقـل‬ ‫أقوال أئمة الحقب الأولى من علماء المذهب الإبـاضي‪ ،‬والظـاهر أنـه كـان المرجـع الأسـاس‬ ‫الذي يرجع إليه المحقق الخليلي في نقله للأقوال خاصة أقوال العلماء السابقين‪.‬‬ ‫‪ -٥‬المصنف‪ :‬للعلامة أحمد بن عبداالله بن موسى الكندي‪ ،‬والكتاب مطبوع في واحد‬ ‫وأربعين جزءا‪ ،‬وقد كان ترتيبا وتهذيبا لكتاب »بيان الشرع« مع إضافات يسيرة‪.‬‬ ‫‪ -٦‬الدعائم‪ :‬للعلامة الشيخ أبي بكر أحمد بن عبـداالله بـن النـضر العـماني‪ ،‬والكتـاب‬ ‫مجموعـة مـن القـصائد الـشعرية التـي نظـم فيهـا صـاحبها الأبـواب الفقهيـة‪ ،‬وهـو مطبــوع‬ ‫ومتداول في جزء واحد‪.‬‬ ‫‪ -٧‬شرح الدعائم‪ :‬لمحمـد بـن وصـاف العـماني وهـو شرح مختـصر للقـصائد سـابقة‬ ‫الذكر‪ ،‬وقد طبع الكتاب في جزأين‪.‬‬ ‫‪ -٨‬كتاب الإشراف‪ :‬لابن المنذر النيسابوري‪.‬‬ ‫‪ -٩‬الدر المختار في شرح تنوير الأبصار‪ :‬للشيخ علاء الدين محمد بن علي الحصكفي‬ ‫من أئمة المذهب الحنفي‪.‬‬ ‫أما الجانب اللغوي فكان المحقق الخليلي معتمدا من القـواميس عـلى كتـابين أكثرهمـا‬ ‫ذكرا »القاموس المحيط« للفيروزأبادي‪ ،‬وكان أيضا ينقل كثيرا عن »مبري الكلوم المنتخب‬ ‫من شمس العلوم« لنشوان بن سعيد الحميري‪.‬‬ ‫‪ ٧٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٧٣‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ٧٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٧٥‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫بيانا شافيا‪ ،‬للإشكال‬ ‫تفضل بي ِّنه ً‬ ‫ما الفرق بين العلم الوهبي والضروري والكسبي؟ ّ‬ ‫نافيا‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ً‬ ‫رحمانيا‪.‬‬ ‫نورانيا‪ ،‬و ً‬ ‫مددا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فيضا‬ ‫الوهبي‪ :‬ما يلقيه االله تعالى في قلب عبده‬ ‫والضروري‪ :‬ما لا يمكن أن يتصور لذي بال خلافه‪ ،‬كـالعلم بـأن الاثنـين أكثـر مـن‬ ‫الواحد‪.‬‬ ‫والكسبي‪ :‬ما عرف بالتعلم والتحفظ والاجتهاد‪ ،‬فحصل بسمع من المسموعات‪ ،‬أو‬ ‫نظر من المرئيات‪ ،‬أو بفكرة من نتائج المقدمات لأهل الاستدلال والنظر‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫تفضل علينا ببيان ما صفة هذا العلم الذي جاء فيه وعيد الحديث ‪‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫هو العلم النافع الذي يؤدي به العبد الله فرائضه‪ ،‬ويتقـرب بـه إليـه‪ ،‬ويعلـم مـا يجـب‬ ‫عليه الله‪ ،‬أو لعباده من الحقوق الواجبة في نفسه أو ماله من جميع اعتقاداته‪ ،‬وأعماله الصالحة‬ ‫والطالحـة‪ ،‬والحـق والباطــل‪ ،‬والـضلال والهــدى‪ ،‬حتـى يتجنـب المحرمــات‪ ،‬ويتباعـد عــن‬ ‫المكروهات‪ ،‬ويعمل بالفضائل والقربات والوسائل بعد أداء المفترضات‪ ،‬فهو العلم النافع‬ ‫الذي يلهمه السعداء‪ ،‬ويحرمه الأشقياء‪ ،‬وفي هذا يندرج علم الحقيقة والشريعة جميعا‪ .‬واالله‬ ‫أعلم‪.‬‬ ‫مرفوعـا ضـمن حـديث طويـل مـن طريـق‬ ‫ً‬ ‫)‪ (١‬أخرجه ابن عبدالبر في جامع بيـان العلـم وفـضله ‪،٥٥/١‬‬ ‫معاذ بن جبل‪ ،‬وقال‪ :‬ليس له إسناد قوي‪.‬‬ ‫‪ ٧٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫يعلم به الخصوم إذا صحت مشاجرات بين‬ ‫فيمن يحضر محافل التعليم والذي يحفظه ّ‬ ‫اثنين يفتح لأحدهما طريقا كان غافلا عنه ويتوكل في الخصومات ويقع ضرر منه في البلـد‪،‬‬ ‫هل يجوز طرده عن محافل الدرس؟ وما معنـى قـول النبـي ^ ‪‬‬ ‫‪ ‬؟ أرأيت إذا تاب إلا أنه يتهم‪ ‬في قوله هل يسع أن يبعد عن محافل التعليم؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫نعم يجوز طرده‪ ،‬ولا يلقى عليه ما يكون به الضرر على عباد االله تعالى‪ ،‬وما دام مـتهما‬ ‫بذلك فهذا جائز فيه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما معنى تسميتهم العلم بالصلاة والحج والصيام والزكاة ونحوهـا أديانـا‪ ،‬والنكـاح‬ ‫والطلاق والعتاق ونحوها أحكاما؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن الأديان في الأصل أحكام‪ ،‬والأحكام أديان‪ ،‬لكن غلب الفقهاء والمتكلمون فـيما‬ ‫كـان مــن أنــواع العبــادة والفـروض الواجبــة الله تعــالى‪ ،‬تــسميته بالأديـان‪ ،‬وفــيما كــان ]مــن‬ ‫الخصومة فيه[‪ ‬للخلق غالبا فيه والتراجع فيه إلى أحكام الدعاوى بينهم تسميته بالأحكام‬ ‫اصطلاحا فقهيا‪ ،‬ووضعا عرفيا‪ ،‬مناسبا للمحل في كلا الوجهين‪ ،‬وكما قيل‪ :‬إنـه لا مـشاحة‬ ‫في المصطلحات جزى االله عنا علماء الأمة ]ما هم من أهل الخير[‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬أخرجه ابن عدي في الكامل ‪ ٢٢٣/٧‬وضعفه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ع(‪ :‬اتهم‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬فيه من الخصومة‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪] :‬ماهم من الخير أهل من أهل الخير[‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٧٧‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫وجدنا في كتاب» المهذب«‪ :‬أن عمر بن الخطاب ‪-‬رضي االله عنه‪ -‬لم يـورث الخـال‬ ‫حتى جاءه ابن مسعود‪ ،‬وكان قد أمر بالإبـل أن توضـع في بيـت مـال المـسلمين‪ ،‬وقـال‪ :‬إن‬ ‫سـيدي أن يكـون ابـن الخطـاب جهـل مثـل هـذه‬ ‫الخال كرجل من المسلمين‪ ،‬فكيف يـصح ِ‬ ‫ ِّ‬ ‫المسألة في أيام خلافته ‪-‬رضي االله عنه‪ -‬مع صحبته لرسول االله ^‪ ،‬وأنزل الوحي في أيامه‪،‬‬ ‫وطول عهده بالإسلام‪.‬‬ ‫ولو قيل‪ :‬إن ذلك في مبدأ إسلامه لراق في العقل أكثر من قولهم في أيام خلافته؛ لأن‬ ‫من أقل علما وعملا من عمر لا يجهل ما هو أدق من هذه‪ ،‬فكيف بهذه‪ ،‬أم أن هـذه الروايـة‬ ‫عنه لا يثبتها العلماء الكبار من الإباضية‪ ،‬أم لذلك تأويل لم نره لما بنا من‪ ‬جهالـة‪ ،‬أم هـذه‬ ‫سيدي في هذا؟‬ ‫رأيا ثم رجع عنه لمعنى‪ ،‬وما عندك ِ‬ ‫مسألة رأي‪ ،‬وكان عمر يرى قوله ً‬ ‫ ِّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن هذه في الأصل مسألة رأي‪ ،‬ولعل عمر ‪-‬رضوان االله عليه‪ -‬كـان يـرى فيهـا رأي‬ ‫زيد بن ثابت‪ ،‬ثم رجع عنه إلى ما قال ابن مسعود‪ ،‬وليس بلازم في الأصل أن يكون الإمام‬ ‫أعلم من جميع الأنام‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬هو كتاب »المهذب وعين الأدب« في المواريث لمؤلفه الشيخ محمد بن عامر بن راشد المعولي من وادي‬ ‫المعاول‪ ،‬عاش في القرن الثاني عـشر الهجـري‪ ،‬وقـد أدرك دولـة اليعاربـة‪ ،‬واختـاره الإمـام أحمـد بـن‬ ‫سعيد قاضيا له في مسقط‪ ،‬له كتاب آخر هو التهذيب في كتابة الصكوك تـوفي بمـسقط يـوم ‪ ١٣‬مـن‬ ‫شهر الحج سنة تسعين ومائة وألف للهجرة ودفن بالوادي الكبير بمسقط‪ .‬ينظر‪ :‬مقدمة المهذب‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫‪ ٧٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬ ‫ما قولك يا شيخنا فيمن سمع ثقة أو غير ثقة يقول‪ :‬إن الإله سبحانه اسمه االله‪ ،‬أو‬ ‫اسمه الرحمن أو الرحيم‪ ،‬أو الكريم أو الغفور أو الودود أو ]الحميد أو المجيد[‪ ‬أو الحكيم‬ ‫أو منان أو حنان أو غير ذلك من أسمائه ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬فشك في ذلك‪ ،‬أيسعه ذلـك إذا‬ ‫تفضل ببيانه مأجورا‪.‬‬‫كان لا علم له به من قبل بذلك أم لا يسعه؟ وهل في ذلك اختلاف؟ َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫قد قيل‪ :‬إنه إذا عرف االله تعالى بما يوحده به من أي معنى أو صفة كان فلا يضيق عليه‬ ‫عدم معرفة الأسماء‪ ،‬ولو سمع الأعجمي مثلا اسم االله من مائة ألف أو يزيدون من الثقات‬ ‫أو العلماء‪ ،‬وهو لا يفهم ما يقولون لم يكن ذلك حجة عليه‪.‬‬ ‫وكذلك غير الأعجمي إذا كان مؤمنا بدونه‪ ،‬ولم تقم عليه الحجة بمعرفته من كتـاب‬ ‫االله تعالى فهو سالم ما لم تقم عليه الحجة به عـلى سـبيل مـا تقـوم بـه الحجـة في الفتيـا في بـاب‬ ‫صرح به الأثر وكفى‪ .‬واالله أعلم‪ ،‬فلينظر فيه‪.‬‬ ‫المسموعات على ما َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫ً‬ ‫أحـدا مـن‬ ‫ومما عن الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬فنقـول‪ ‬وبـاالله التوفيـق‪ :‬إنـه لا يلـزم‬ ‫المتعبدين واجب في شيء قبل أن تنزل عليه بلية‪ ‬التعبد بوجوب أدائه من اعتقاد أو قول أو‬ ‫فعل أو ترك مع أن القول من الأفعال‪ ،‬فهي ثلاثة أصول‪ ،‬وفي الاعتقاد ممـا تقـوم بـه الحجـة‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬المجيد أو الحميد‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬فتقول‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬بليته‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٧٩‬‬ ‫بمجرد العقل‪ ،‬أو مما تقوم به الحجـة مـن العقـل بعـد سـماعه‪ ،‬أو ممـا لا‪ ‬تقـوم بوجوبـه إلا‬ ‫بالسماع فذلك ثلاثة أقسام‪.‬‬ ‫وما تقوم الحجة بوجوبه من الاعتقاد بمجرد العقل متى خطر بالبـال معرفـة وجـود‬ ‫االله‪ ،‬أو معرفة صفة من صفاته بعد معرفة وجوده واجبة له‪ ،‬فيصفه بها‪ ،‬أو صـفة مـستحيلة‬ ‫عليه‪ ،‬أو معرفة صفة جائزة فذلك على ثلاثة أقسام أيضا‪.‬‬ ‫وما تقوم الحجة بوجوبه من العقل بعد سماعه كالرسل مجملا‪ ،‬والكتب مـن االله عـلى‬ ‫الإجمال‪ ،‬والبعث والحساب‪ ،‬والثواب والعقاب‪ ،‬والملائكة وكل ما يلزم المتعبد الإيمان به مما‬ ‫تقوم الحجة بوجوبه من حجة العقل بعد سماعه‪ ،‬وهذا القسم على معنى قولنا فيـه هـذا هـو‬ ‫على خلاف ما ورد فيه عن أصحابنا‪ ،‬وما لا تقوم به الحجة إلا بالسماع منه اعتقـاد كاعتقـاد‬ ‫نبي معين‪ ،‬أو ولاية ولي معين‪ ،‬أو البراءة من عدو معين‪ ،‬وما أشبه ذلك‪.‬‬ ‫ومنهــا‪ :‬فعــل‪ ‬كالــصلوات المكتوبــات‪ ،‬والطهــارة لهــا‪ ،‬والوضــوء‪ ،‬وصــوم شــهر‬ ‫رمضان‪ ،‬والزكاة والحج على‪ ‬من لزمه شيء‪.‬‬ ‫ومنها‪ :‬ترك المحرمات‪ ،‬ومن ورائها الوسائل الغير الواجبة‪.‬‬ ‫وسيأتي بيان ذلك في الكتاب إن شاء االله تعالى‪ ،‬فهذه أقسام أحـوال الـدين في اللـزوم‬ ‫والعذر‪ ،‬من بعدها أقسام أخرى لهذه الأقسام‪ ،‬وتتفرع أقساما ووجوها وأنواعا وصورا إلى‬ ‫ما لا يحصى ولا ينتهي لها استقصاء‪.‬‬ ‫وبالجملة فلا يمكن أن يجب على عبد االله شيء ولم‪ ‬يعرف االله تعالى‪ ،‬ومن عرف االله‬ ‫وجبت عليه طاعته‪ ،‬فصح أنه أول واجب على متعبد معرفة االله تعالى مهما نزلت عليـه بليـة‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬من‪.‬‬ ‫‪ ٨٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫التعبد بمعرفته من واجب له فيصفه ]بما‪ ‬عرفه من صفاته‪ ،‬ومن مـستحيل عليـه فينزهـه‪،‬‬ ‫ومن جائز عليه فيصفه[‪ ‬بالوجه الحق في ذلك‪ ،‬والتوحيد كله مما تقوم به الحجة بوجـوب‬ ‫كل شيء منه بمجرد العقل السليم‪ ،‬متى خطر بباله معرفتـه بـشيء ممـا ذكرنـاه مـن الأقـسام‬ ‫الثلاثة أو القسمين الأولين الواجب والمستحيل دون الجائز‪ ،‬فإذا فهم المعنى في ذلـك مـنهما‬ ‫فهما تاما وجب أن يصفه كما وجب عليه‪ ،‬ولا ينفس عليه في الشك مع الاعتقاد‪.‬‬ ‫وأما معرفة ما تقوم به الحجة من العقل بعد سماعه على رأينا فيلزمه متى سمع بذلك‬ ‫من كل معبر عبر له ذلك؛ لأن العقل قابل لثبوت صحة ذلك‪.‬‬ ‫وأما ما لا تقوم الحجة بوجوبه إلا بالسماع فكرسول معين وشريعته مما لا تقوم الحجة‬ ‫بوجوبه منها إلا بالسماع‪ ،‬فمتى قامت عليه الحجة بوجوب الإيمان بذلك الرسـول‪ ،‬وجـب‬ ‫عليه حجة الإيمان‪ ،‬ولم يصر مؤمنا باالله بعد ما كان مؤمنا حكمه بإيمانه باالله واعتقاد الواجب‬ ‫له‪ ،‬ونفي المستحيل عنه‪ ،‬واعتقاد الطاعة له‪ ،‬وأداء كل واجب عليه الله تعالى‪ ،‬وإيمانه بالقسم‬ ‫‪‬‬ ‫الثاني الاعتقادي‪ ،‬إلا أن يؤمن بهذا الرسول الذي قامت عليه الحجة بوجوب الإيـمان بـه‬ ‫ويصير مشركا لذلك الرسول‪ ،‬والحجة قيل‪ :‬تقوم عليه في ذلك بكل‪ ‬معبر‪ ،‬وقيل‪ :‬لا تقوم‬ ‫إلا بمن يكون ورعا في دينه وقيل‪ :‬بأمينين‪ ،‬ولا يجوز الاختلاف في العدلين‪ ،‬ولكني أحب‬ ‫بالعدلين في قيام الحجة بوجوب الإيمان به‪ ‬في غير رسول أرسل لا لغير أهل‪ ‬زمانه‪ ،‬وأما‬ ‫في رسول أهل زمانه فبأمينين يلزمه هذا إذا لم يشهر معه ذلك في الـوجهين‪ ،‬فـاعرف ذلـك‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬لما‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬من‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬بأمين‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )م(‪ :‬لأهل‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٨١‬‬ ‫انتهى‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قال الشيخ الخليلي معلقا على ذلك‪ :‬هذا كله فيما معي غير خارج من الـصواب‪ ،‬وإن‬ ‫خالف في بعض هذه المسألة أكثر أصحابنا‪ ،‬فليس هو موضع دين‪ ،‬ولا بأس به‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما قولك فيمن كان صادق النية على الاستقامة بطاعة رب البرية‪ ،‬فدخل عليه وقـت‬ ‫عمل شيء من الفرائض اللازمة‪ ،‬وهو من جملة المخاطبين بعمل ذلك إلا أن الحجة عليه في‬ ‫ذلك غير قائمة‪ ،‬أو أنه رأى فعل شيء مما هو محجور في أصل الدين‪ ،‬فلم ينتبـه لعمـل ذلـك‬ ‫الفرض المأمور‪ ،‬ولم يمتنع عن ركوب ذلك المحجور‪ ،‬إذا لم يخطر بباله أن عليـه ذلـك حتـى‬ ‫يسأل‪ ،‬ولكن يجد علم ذلك أن لو سأل لكونه بحضرة المعبرين الذين هم حجة االله في ذلك‪،‬‬ ‫فبقي على ذلك مدة زمان‪ ،‬هل هو من الهلاك في أمان أم لا؟‬ ‫أرأيت إن تنبه للسؤال فسأل الحجة عن علم ذلك‪ ،‬فزلـت ألـسنتهم عـن الحـق خطـأ‬ ‫منهم‪ ،‬أو أنها خانت أمانتها فعبرت له غـير الحـق‪ ،‬ونـسأل االله أن يعيـذ سـادتنا وكبراءنـا في‬ ‫الدين عن ذلك إن شاء االله‪ ،‬فلم ينكر عقله ذلك‪ ،‬ولم يشك فيه فأخذ بقولهم ذلك عـلى نيـة‬ ‫قبول الحق‪ ،‬فمضى على سبيله فما حاله عند االله؟ أفتنا ‪-‬يرحمك االله‪.-‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫لا يخلو ما وجب فعله أو تركه مـن حـالين‪ :‬إمـا أن تقـوم بـه حجـة العقـل‪ ،‬وإمـا لا‪،‬‬ ‫فالأول إن خطر للمكلف بباله أو سمعه من مقال‪ ،‬أو أدى إليه علمه من أي وجه لم يـسعه‬ ‫يتأد إليه علمه‬ ‫إنكاره‪ ،‬ولا الشك فيه على حال‪ ،‬فإن أنكره أو شك فيه هلك في الحال‪ ،‬وما لم َ‬ ‫ولم يخطر منه ذلك بالبال‪ ،‬فهو موضع السلامة له منه بلا جدال‪ ،‬وأما ما لا تقـوم الحجـة في‬ ‫الإجماع إلا من قبل السماع‪ ،‬من فعل واجب بدين‪ ،‬أو ترك محجور فيه لا يجوز فعله في حين‪،‬‬ ‫‪ ٨٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫فهما نوعان عند المبصرين‪ ،‬فالمفترض عليه نوعان أيضا‪ ‬في أصول الدين‪:‬‬ ‫أما الفرائض اللازمة الحاضر وقتها في حـال وجـوب أدائهـا عـلى المكلـف بهـا‪ ،‬وهـو‬ ‫البالغ العاقل‪ ،‬القادر على عملها بعد علمه بها‪ ،‬وهي من نـوع مـا يتخـصص بزمـان يفـوت‬ ‫بانقضائه‪ ،‬فالمكلف إذا قامت عليه الحجة من السماع أو ما يشاكله من موجب العلم في حقه‬ ‫بعمل شيء من ذلك فتركه لغير‪ ‬عذر بعد قيام الحجة به فهو هالك‪ ،‬وما لم تقم عليه الحجة‬ ‫به من السماع أو ما يشبهه مما هو حجة في الإجماع‪ ،‬أو رأيا على قول من يذهب إليه في موضع‬ ‫النزاع‪ ،‬فإذا دان الله مولاه بما يجب عليه في ذلك بالخصوص من عمل إن هدي إليه بالتعيين‪،‬‬ ‫وإلا ففي الجملة إن خطر ذلـك ببالـه في حـين‪ ،‬مـع اعتقـاد التوبـة الله‪ ،‬والـسؤال في موضـع‬ ‫القدرة عما يجب عليه أن يسأل عنه من دين االله في خصوص ذلك إن هدي إليه‪ ،‬أو في عموم‬ ‫ما يجب في جملة الدين عليه إن هدي إلى ذلك‪ ،‬فهذا في قوله موضع سلامته‪ ،‬لوجـود عـذره‬ ‫واستقامته؛ لأن علم ما لا يتأدى إلى علمه غير داخل تحت قدرته‪ ،‬لخروجه عن حد طاقته‪،‬‬ ‫واالله لا يكلف نفسا إلا وسعها‪ ،‬لعظيم لطفه وبره‪ ،‬فهو ولا شك في سعة من أمـره‪ ،‬مـا دام‬ ‫مقيما على عذره‪ ،‬ولو لم يؤد الله فرضا واحدا في طول عمره‪.‬‬ ‫وأما ما كان من الفرائض لم يتخصص‪ ‬بزمان يتعين أداؤه فيـه بجـواز تـأخيره‪ ،‬مـع‬ ‫الدينونة به في غير ضرورة بعد وجوبه على المكلف به‪ ،‬مع القدرة عـلى عملـه‪ ،‬مـا لم يحـضره‬ ‫الموت‪ ،‬فيلزمه أن ينفذه بعد أن يوصي بـه‪ ،‬ويـشهد العـدول إن قـدر عـلى وصـيته‪ ،‬كالزكـاة‬ ‫والحج‪ ،‬فقد قيل في مثل هذا‪ :‬إن‪ ‬من لزمه شيء من ذلك‪ ،‬لزمه العلم بوجوبه‪ ،‬والدينونـة‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬غير‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬خصص‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٨٣‬‬ ‫الله تعالى‪ ،‬وأداؤه والقول فيما‪ ‬عليه من العلم به‪ ،‬والدينونة بعمله‪ ،‬والنية له في هذا وبابه‪،‬‬ ‫كـما مـضى مـن القـول في عمـل الفـروض الحـاضرة المؤقتـة‪ ،‬والعلـم بهـا والنيـة لهـا في حـال‬ ‫وجوبها‪ ،‬ولزوم أدائها سواء سواء فيما عندنا‪ ،‬وأي ذلك قامت به الحجـة عليـه مـن علـم أو‬ ‫عمل أو نية‪ ،‬فذلك سبيله‪ ،‬وما لم تقم به الحجـة عليـه في الكـل فهـو سـواء أيـضا‪ ،‬بهـذا قـام‬ ‫دليله‪.‬‬ ‫وفي قول آخر‪ :‬إنه ما جاز تأخير أدائه من هذا وبابـه‪ ،‬وكـان المكلـف بـه في سـعة مـن‬ ‫وجوب عمله عليه في حينه‪ ،‬لما جاز‪ ‬تأخيره في أصل دينه‪ ،‬فواسع جهله ومنفس في العلم‬ ‫به‪ ،‬وفي نية الأداء له أيضا حتى يحضر وقت لزوم عمله‪ ،‬مع القدرة عليه في موضع وجوبه‪،‬‬ ‫على من بلي به‪ ،‬أو تجـب الوصـية عليـه لحـضور المـوت‪ ،‬فيكـون لـه حينئـذ حكـم الفـروض‬ ‫الحاضرة سواء في الحق؛ لعدم ما بينهما من الفرق‪ ،‬وإلا فهو كذلك ما كان دائنا في الجملة بما‬ ‫يجب عليه فيها كما مضى‪ ،‬إن لم يهتد إلى معرفة ما عليه بالخصوص من ذلك‪.‬‬ ‫وأما النوع الثاني‪ :‬فهو‪ ‬ركوب المحجور في دين االله تعالى من أصول مـا لا تقـوم بـه‬ ‫حجج العقول‪ ،‬فقيل في هذا على الإطلاق بهلاك فاعله من المتعبدين؛ لأنه بفعل ما لا يجوز‬ ‫في دينه قد نقض الدين‪ ،‬وفي الأثر المجتمع عليه‪ :‬يسع الناس جهل ما دانـوا بتحريمـه مـا لم‬ ‫يركبوه‪ ...‬إلى آخره وهذا قد ركبه فضاق عليه ولم يسعه جهله بحكم ظـاهره‪ ،‬وإلا فالجهـل‬ ‫أشرف بضاعة‪ ،‬إن‪ ‬كان به عذر لمن أطاعه‪ ،‬فهو أولى بالكرامة؛ لأنه مطية السلامة‪ ،‬ويأبى‬ ‫االله ذلك‪ ،‬فأن يدعو بالحزم أبدا إلى ما دل عليه بعلم وهدى والجهل بالإجماع أقبح داء‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬ما‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬علمه‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬أجاز‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت( و )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬وإن‪.‬‬ ‫‪ ٨٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وفي قول آخر‪ :‬فعسى إن لم تقم عليه الحجة بحرامه أن لا يبلغ به إلى هلاكه وآثامه‪ ،‬إن‬ ‫دان الله تعالى بالتوبة منه بعينه إن كان في الدين حراما‪ ،‬وبالسؤال عنه بعينه أيضا إن هدي إلى‬ ‫تعيين ذلك في أحد الوجهين‪ ،‬أو فيهما تماما وإلا ففي الجملة‪ ،‬ولا بد أن يدين في جملته التـي‬ ‫‪‬‬ ‫تعبده االله بها‪ ،‬أن يطيعه في كل شيء من أمره‪ ،‬ويسأل مع القدرة عما يجب ]الـسؤال عنـه[‬ ‫من دينه‪ ،‬ويتوب إليه من كل معصية علمها‪ ،‬أو جهلها في حينه مع الدينونة له بما يجب عليه‬ ‫في ذلك إن لزمه شيء هنالك‪ ،‬إن هدي إليه حال وجوبه بالتعيين‪ ،‬أو في الجملة من أصل ما‬ ‫به يدين‪.‬‬ ‫فإذا دان الله تعالى بما يجب من هذا في الجملة‪ ،‬إلا أنه لعدم قيام الحجة عليه بحرمة مـا‬ ‫ركبه لم يهتد إلى حكمه‪ ‬فأتاه غير عمد منه للمعصية‪ ،‬وإنما وقع منه لقصور علمه‪ ،‬وكذلك‬ ‫إن أخذ فيه بفتيا‪ ‬من دله على غير عدله‪ ،‬لا مقلـدا لـه عـلى حـال‪ ،‬ولا مـدعيا فيـه عـلى االله‬ ‫بمحال‪ ،‬لكونه فيه على غير استحلال‪ ،‬ولا مهملا لما عليه اعتقاده فيه على الخصوص‪ ،‬أو‬ ‫في الجملة إلا لعذر كما سبق في مثله من مقال‪ ،‬فيكون للفتيا في هذا المقـام لباطلهـا حكـم لا‬ ‫شيء‪ ،‬فكأنها لم تكن في الأحكام‪ ،‬سواء أكان ذلك من خطأ المفتي على مـا يعـذر بـه أم يـلام‬ ‫فقابل ذلك على حجره‪ ،‬وإن لم يكن هذا من عذره إلا أنه ما لم تقم الحجة عليه به وهو غـير‬ ‫مقصر في الواجب من عقيدته‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫ففي‪ ‬قول الشيخ أبي نبهان ‪-‬رحمة االله عليه‪ ،-‬في موضع مـن أجوبتـه‪ ،‬مـا دل أنـه‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬يجب عليه السؤال‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬كمته‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬يقينا‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬المجال‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬وفي‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٨٥‬‬ ‫يحسن ظنه في االله‪ ،‬يرجو أن لا يهلكه من أجله بشرط ما ذكرناه‪ ،‬من التزام طريقة النجـاة في‬ ‫عقيدته‪ ،‬وقد صرح بهذا وفي غيره من جوابه]لوجـود[‪ ‬الاخـتلاف في هـذا وبابـه‪ ،‬وقولـه‬ ‫صحيح‪ ،‬وآثار الشيخ أبي سعيد ‪-‬رحمه االله‪ -‬تشهد‪ ‬له بصوابه‪ ،‬وكفى بهـما قـدوة لمـن أراد‬ ‫االله به الهداية‪ ،‬وبآثارهما نورا يهـدي كـما لـه هـو أهـل‪ ،‬وبحمـده نتوسـل إليـه أن ينقـذنا مـن‬ ‫الجهل‪ ،‬وبمحمد وآله عليهم أفضل الصلاة والسلام‪.‬‬ ‫فلينظر في كل ما أوردناه في هذا وغيره من الأحكام‪ ،‬ثم لا يؤخذ منه إلا بحق‪ ،‬فعلى‬ ‫اتباع الحق قد أخذ العهد على من قال ربي االله ثم استقام‪ .‬واالله أعلم وبه التوفيق‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تفسير قول الشيخ الكبير ‪-‬رحمه االله‪ -‬في الفرائض اللازمة‪ ،‬إذا حضر وقت ذلك‪،‬‬ ‫ولزم العمل به ضاق جهله على جاهله إذا وجد من يعبر له علم ذلك‪ ،‬وكان بأرض متصلة‬ ‫بمن يعبر له علم ذلك‪ ،‬أهو بعد قيام الحجة عليه أو قبل ذلك؟‬ ‫‪‬‬ ‫أرأيت إن لم يخطر بباله أن عليه عمل شيء من اللوازم‪ ،‬ولم يذكر له ذلك ذاكر‪ ،‬وهو‬ ‫يجد المعبرين إلا أنه لم يسأل للعلة المتقدمة‪ ،‬أمثل هذا الذي يضيق عليه جهله في ذلك أم هو‬ ‫ضده أيضا؟‬ ‫وما فائدة كونه بأرض متصلة بمن يعبر له علم ذلك‪ ،‬أهي القدرة والاستطاعة فقط‪،‬‬ ‫ولو كان المعبر في جزيرة من جزائر‪ ‬البحر أم غير ذلك؟‬ ‫وإذا‪ ‬كان بغير الأرض المتصلة بمن يعبر له سقطت الكلفة عنه بعلم ذلك‪ ،‬ولو كان‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬من وجود‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬نشهد‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬و هو‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬و إذا‪.‬‬ ‫‪ ٨٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫قادرا على الوصول إلى المعبرين بحيلة مثل ركوب سفينة أو غيرها أم كيف ذلك؟‬ ‫وذكر أنه لم يحضره من يعبر له علم ذلك‪ ،‬وقد علم وجـوب ذلـك في وقـت وجوبـه‪،‬‬ ‫ولا يعلم تفسير ذلك والأداء له على وجهه‪ ،‬كان عليه أن ينوي‪ ‬ذلـك حتـى يـؤدي ذلـك‬ ‫الذي قد علم بحضور فرضه على ما يحسن في عقله‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬أيخرج هذا على اللزوم أم على الاسـتحباب‪ ،‬أرأيـت إن لم يفعـل ذلـك عـلى مـا‬ ‫يحسن في عقله أو فعل فوقع استحسانه على محجور لجهله أيكون‪ ‬سالما أم لا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫هو بعد قيام الحجة به إن كان مما لا تقوم به حجـة العقـل‪ ،‬ومـا لم يخطـر ببالـه معرفـة‬ ‫ذلك‪ ،‬ولم يهتد إليه فموسع له في تأخيره‪ ،‬لعدم قيام الحجة عليه‪ ،‬ولو وجد المعبر الذي تقوم‬ ‫به الحجة هنالك‪ ،‬إلا أنه لم تقم الحجة عليه‪ ،‬ولم يهتد هـو إلى ذلـك‪ ،‬وكـان دائنـا في حينـه بـما‬ ‫يجب عليه الله في جملة دينه‪ ،‬والأرض المتصلة كغيرها في الحكم مع قيام الحجة بالعلم‪ ،‬وليس‬ ‫المراد من ذكرها أن تكون شرطا أو قيدا على هذا من أمرها‪ ،‬فليس العـبرة في هـذا إلا نفـس‬ ‫الاستطاعة والقدرة على العلم بـما ألزمـه االله أمـره‪ ،‬وحكـم الاسـتطاعة في هـذا لمـن وجـب‬ ‫الخروج عليه في طلب علمه إن لزمه يوما‪ ،‬فهدي إليه كالاستطاعة للخروج من كل فج‪ ،‬لمن‬ ‫وجب عليه الحج‪ ،‬إلا أن ذاك أوسع لجواز تأخيره‪ ،‬وهذا أضيق إن لم يكن عذر عن مسيره‪.‬‬ ‫وما رجع به إلى استحسان عقله‪ ،‬إن لم يجد من يعبره له في جهله‪ ،‬فلا يلزمه منه إلا ما‬ ‫هو الحق في أصله‪ ،‬إن هدي إليه فعرفه من عقله؛ لأن الباطل محال‪ ،‬فلا يجوز التعبد بـه عـلى‬ ‫حال‪ ،‬وما أجمله بعض مـن هـذا في نـصوصه‪ ،‬فقـد فـصله الـشيخ أبوسـعيد ‪-‬رحمـه االله‪ -‬في‬ ‫مخصوصه وكفى‪ .‬واالله أعلم فلينظر في ذلك‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬ؤدي‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬ليكون‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٨٧‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫الأمر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن المنكر ما الذي يسع جهله منهما وما لا يسع؟‬ ‫‪‬‬ ‫إن الأمر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن المنكـر‪ ،‬أصـلان عظـيمان مـن أصـول الـدين‪ ،‬ومـن‬ ‫عرف حكم ذلك وقدر عليه فقد قيل‪ :‬إنه لا يسعه جهله في موضع وجوبه؛ لأنه مما تقوم به‬ ‫حجة العقل‪ ،‬ويلزم المكلف به كلزوم الصلاة والصيام وغيرهما من الفرائض‪.‬‬ ‫وأما من جهل حكمه‪ ،‬وكان قادرا على السؤال عنه واجدا للمعبر فقد قيل‪ :‬إن عليـه‬ ‫أن يسأل عنه في موضع وجوبه‪ ،‬وقيل‪ :‬إن كان مما لا تقوم به حجة العقل‪ ،‬وكان هو جاهلا‬ ‫بحكمه‪ ،‬فلا يهلك بتركه ما لم تقم الحجة عليه‪ ،‬وفي هذا تفاصـيل مبـسوطة في كتـب الفقـه‪،‬‬ ‫وذكرها الشيخ في كتاب »الاستقامة«‪ ‬فلتطالع‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫وأما قوله‪ :‬أنا عند أهل المعاصي إن جاءني الآمر بالمعروف‪ ،‬والناهي عن المنكر‪ ،‬فـإن‬ ‫كــان معنــاه أنــه عنــد‪ ‬العــصاة بالحمايــة لهــم‪ ،‬والــذب ]عــنهم والمدافعــة عــن تغيــير المنكــر‬ ‫والاعتراض عن الآمرين بالمعروف وبالبطش بهـم والكـف لهـم[‪ ‬عـن ذلـك فهـو منـافق‬ ‫خبيث خصم الله ولرسوله‪ ،‬يستحق البراءة منه في موضع وجوبها أو جوازها عـلى مـن قـدر‬ ‫على ذلك‪ ،‬وعرف حكمه‪.‬‬ ‫وأمــا إن كــان معنــاه‪ :‬أنــا عنــد العــصاة‪ ،‬أي يكــون قاعــدا عنــدهم ليعــين الآمــرين‬ ‫بالمعروف‪ ،‬والناهين عن المنكر‪ ،‬أو لغير هذه من المعاني الجائزة‪ ،‬فلكل نازلـة حكـم‪ ،‬ولكـل‬ ‫كلام من الحكم ما يقتضيه معناه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬يعني به الشيخ أبا سعيد الكدمي‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫‪ ٨٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وأما قوله‪ :‬إن العالم فلان والعالم فلان كانا‪ ‬قبلكم ولم ينكرا علـيهم‪ ،‬فلـيس بحجـة‬ ‫تبطل الأمر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن المنكر؛ لأنهما فريضتان على من قدر عليها‪ ،‬ولعـل العـالم‬ ‫فلان كان في موضع العذر فلا حجة بذلك‪.‬‬ ‫وأما من لم يرض بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو غير راض بحكم االله تعالى‪،‬‬ ‫ومن‪ ‬لم يرض بأحكام االله تعالى فهو منافق وله أحكام ما مضى وأما مـن ركـن إلى العـصاة‬ ‫بظلم‪ ،‬وقصد بذلك دفع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وتقوية أهل المعاصي فله حكم‬ ‫من مضى في المسألة مصرحا به وكفى‪.‬‬ ‫وأما إن‪ ‬كان قصده في الوقوف بينه وبينهم ذبا عن الأمر بـالمعروف‪ ،‬وشـفقة عليـه‬ ‫واستبقاء له عن امتداد الأيدي إليه بالبطش والظلم في وقت ما يرى عجزه عن مقاومتهم‪،‬‬ ‫ورأى‪ ‬الصلاح في ذلك‪ ،‬ولم تكن‪ ‬له نية سوء فينبغي أن يحسن الظن بالمسلم‪ ‬ما احتمل‬ ‫له العذر‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫وأنا يعجبني للضعيف وغيره إذا لم تكن‪ ‬يد المسلمين قوية قاهرة قادرة على التأديب‬ ‫والــردع أن يوطنــوا أنفــسهم عــلى احــتمال الأذى‪ ،‬وتــرك الإصــغاء إلى أقــوال أهــل الفــساد‬ ‫والضعف‪ ،‬وترك الاعتناء بها أصلا‪ ،‬مخافة أن ينجر‪ ‬إلى‪ ‬مـا هـو أشـد وأعظـم منـه‪ ،‬فـإن‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬كان‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬من‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬وبرأي‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬يكن‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬بالمسلمين‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )ت(‪ :‬يكن‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬في )م(‪ :‬تنجر‪ ،‬وفي )ت(‪ :‬يتجرأ‪.‬‬ ‫)‪ (٩‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٨٩‬‬ ‫ذلك مما‪ ‬يشوش القلوب‪ ،‬ويكدر النفوس‪ ،‬حتى لا يصفو لذي دين دينـه‪ ،‬ولا يـتم لـذي‬ ‫عقل عقله‪.‬‬ ‫وإن هذا الزمان الكـدر‪ ،‬لا يتـسع لاستقـصاء‪ ‬الأوامـر في النـاس في كـل شيء مـن‬ ‫أمورهم‪ ،‬والسلامة في التغافل عـن أكثـر الأمـور إلا مـا لـزم مـن الأشـياء الظـاهرة مجـاهرة‬ ‫بالمعاصي‪ ،‬فوجب التكليف بتغييره على من قدر عليه‪ ،‬فلا بـد مـن التـزام أمـر االله فيـه‪ .‬واالله‬ ‫أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫عمن‪ ‬ركب الربا بجهله وهو دائن بالسؤال عما يلزمه في دين خالقه‪ ،‬وكذلك الذي‬ ‫سالما أم لا؟‬ ‫تزوج أخته من الرضاعة أتراه ً‬ ‫‪ ‬‬ ‫لا يسعه البيع بالربا في علم ولا جهل كما لا يسعه أن يتزوج بأخته مـن الرضـاعة إذا‬ ‫كان عالما بنسبها من الرضاعة‪.‬‬ ‫ولا ينفعه الجهل هاهنا‪ ،‬فإن فعل ذلك هلـك‪ ،‬وقيـل في هـذا وبابـه ممـا‪ ‬لا تقـوم بـه‬ ‫الحجة إلا من السماع أنه إذا لم تقم عليه الحجة بحرمته‪ ،‬وجهـل هـو ذلـك ودخـل فيـه عـلى‬ ‫الدينونة بالسؤال عنه بعينه إن هدي إلى ذلـك‪ ،‬وإلا ففـي الجملـة فـيما يلزمـه الـسؤال عنـه‪،‬‬ ‫وكـان دائنـا الله تعـالى بالتوبـة مـن ذلـك بعينـه إن عـرف ذلـك وإلا ففـي الجملـة‪ ،‬ودائــن الله‬ ‫بالخلاص مما يلزمه في ذلك بعينه إن فهم ذلك وإلا ففي الجملة‪ ،‬ولم يكن في دخوله في ذلك‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬ما‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬لاستصغاء‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬من‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬ما‪.‬‬ ‫‪ ٩٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪‬‬ ‫ً‬ ‫مـستخفا‬ ‫متعمدا لإثم‪ ،‬ولا قاصدا لظلم‪ ،‬ولا مخادعا الله في دينه في سريرة أو علانيـة‪ ،‬ولا‬ ‫لشيء‪ ‬من أوامر االله تعالى في ذلك‪ ،‬ولا متهاونا به أنه لا يهلـك بـذلك عـلى هـذه الـشروط‬ ‫المذكورة‪ ،‬والقيود المأثورة‪ ،‬وترجى له السلامة بذلك عند االله تعالى‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ســــــلالة خلفــــــان الخلــــــيلي الممجــــــدا‬ ‫نــسائل شــمس‪ ‬العــصر أعنــي ســعيدنا‬ ‫مقـــــيما عليـــــه مـــــدة الـــــدهر سرمـــــدا‬ ‫]عن[ ‪ ‬الراكب المحجور جهلا ولم يـزل‬ ‫وموطنــــــه دار بهــــــا العلــــــم والهــــــدى‬ ‫يجــــــالس أعــــــلام الأنــــــام ولم يــــــسل‬ ‫ولكنــــــــــه لمــــــــــا يــــــــــراه مــــــــــسودا‬ ‫يـــــــدارس للآثـــــــار طـــــــول زمانـــــــه‬ ‫خطــــــور ًا لــــــه بالبــــــال كــــــي يتعبــــــدا‬ ‫ولم يـــــسمع التحـــــريم فيـــــه ولم يكـــــن‬ ‫تقـــــي كـــــريم خـــــائف موقـــــع الـــــردى‬ ‫ويحــــــــسبه فعــــــــلا حــــــــلالا وإنــــــــه‬ ‫ويدخلــــــه الفــــــردوس فيهــــــا مخلــــــدا‬ ‫أيــــــسلم عنــــــد االله إن مــــــات هكــــــذا‬ ‫صــــفات قيــــام الحجــــة الكــــل مرشــــدا‬ ‫فقــــــل مــــــا أراك االله فيهــــــا مــــــصرحا‬ ‫لكـــــــشف مهـــــــمات خليفـــــــة أحمـــــــدا‬ ‫فـــــلا زلـــــت محبـــــورا وحـــــبرا موفقـــــا‬ ‫نــسيم الــصبا أو جابــت‪‬العــيس‪ ‬فدفــدا‬ ‫عليــــه صــــلاة االله مــــا ناجــــت‪ ‬الربــــى‬ ‫‪ ‬‬ ‫بحكـــــم كتـــــاب االله مـــــن شرع أحمـــــدا‬ ‫إليـــــــك بحمـــــــد االله نظـــــــما مؤيـــــــدا‬ ‫ً‬ ‫مستحقا‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪:‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬بشيء‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬شيخ‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في النسخ المخطوطة على والتصويب من بهجة الأنوار ص ‪ ٥٠‬للإمام السالمي‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬ناحت‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬جانب‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )ت(‪ :‬العير‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٩١‬‬ ‫وأهليــه والأصــحاب أفــضل مــن هـــدى‬ ‫عليــــــــه صــــــــلاة االله ثــــــــم ســــــــلامه‬ ‫مــــن الحكــــم مــــن مــــشروع رب تعبــــدا‬ ‫فمـــن ركـــب المحجـــور جهـــلا بحجـــره‬ ‫عـــلى قـــدرة منـــه فقـــد ضـــل واعتــــدى‬ ‫وضــــــيع مفــــــروض الــــــسؤال وإنــــــه‬ ‫مــــــن الحــــــق إلا أن يبــــــشر بــــــالردى‬ ‫ومـــــا عـــــذره بالجهـــــل شـــــيئا يفيـــــده‬ ‫وواطــــــئ‪ ‬أدبــــــار النــــــساء تعمــــــدا‬ ‫كـــــــزان ولم يـــــــدر الزنـــــــاء محرمـــــــا‬ ‫إذا لم يـــسل مـــن قبـــل فعـــل بـــه ابتـــدى‬ ‫فــــــذلك بالإجمــــــاع لا شــــــك هالــــــك‬ ‫أقيمـــت ومـــا في الجهـــل عـــذر لـــه بـــدا‬ ‫وهــــــــذا عليــــــــه حجــــــــة االله ربنــــــــا‬ ‫لكـــــان اقتنـــــاء الجهـــــل للنفـــــع أعـــــودا‬ ‫ولـــو ســـقط التكليـــف عـــن كـــل جاهـــل‬ ‫ضــــلال وكــــن أهــــل الجــــدال مفنــــدا‬ ‫ولا تبـــــــــغ في ذاك اختلافـــــــــا فإنـــــــــه‬ ‫كتـــــاب ومـــــا فيـــــه اعوجـــــاج تـــــأودا‬ ‫فهــــذا بإجمـــــاع عـــــلى نـــــص محكـــــم ال‬ ‫حلـــيم غفـــور ذنـــب مـــن تـــاب واهتـــدى‬ ‫وإن تــــاب مــــن قبــــل الــــذهاب فربنــــا‬ ‫لــــــه أحــــــدا ممـــــــن يعــــــبر للهـــــــدى‬ ‫ودعنـــي مـــن ذكـــر الـــذي لـــيس واجـــدا‬ ‫ولكــــــن أراه لم يكــــــن لــــــك مقــــــصدا‬ ‫فهـــــذا لـــــه حكـــــم يخـــــص عمومهـــــا‬ ‫ســـــلام عـــــلى هـــــادي البريـــــة أحمـــــدا‬ ‫فجئـــــت بحمـــــد االله بـــــالحق واضـــــحا‬ ‫‪ ‬‬ ‫في ضعيف العلم إذا دخل في أمر من أمور دينه أو دنياه‪ ،‬يحتمل حقه أو باطله‪ ،‬ودان‬ ‫الله تعالى بسؤال العارفين عنه‪ ،‬فإن كان أمرا يجب عليه فيه ضمان‪ ،‬أو تلزمه فيه التوبة ليعمل‬ ‫بما يفتيه العارفون‪ ،‬إلا أنه تمادى في طلب السؤال لم يقم في الحـال لطلـب المعرفـة‪ ،‬ثـم نـسيه‬ ‫أيكون سالما عند االله تعالى بنسيانه‪ ،‬أم غير سالم ويلزمه طلب السؤال عنه في الحال؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫ترجى له السلامة‪ ،‬وليس عليه في الحق سؤال ولا دينونة‪ ،‬وإنما عليه ذلك فيما ينزل به‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬ووادي‪.‬‬ ‫‪ ٩٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫مما لا يسعه فعله أو تركه إذا جهله ولم يكن هو مما تقوم به الحجة من العقل‪ ،‬فعليه أن يـدين‬ ‫بالسؤال للخروج مما فعله‪ ،‬أو لفعل ما يلزمه مما تركه في موضع وجوبه‪ ،‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ما تقول شـيخنا في الـذي يـدين بتحـريم أكـل لحـم الخنزيـر وهـو لم يعـرف الخنزيـر‪،‬‬ ‫وكذلك يدين بتحريم شرب الخمر فضيفه رجل فجعل له مائدة وهي لحم خنزير وجعل له‬ ‫فيها خمرا فأكل من اللحم وشرب من الخمر على أنه جاهـل بـذلك فـأقر الرجـل بعـد ذلـك‬ ‫أعني الذي استضافه بذلك أو بان له بنفسه بعدما أكـل وشرب‪ ،‬مـا حالتـه وهـل بـين لحـم‬ ‫الخنزير والخمر فرق على من جهلهما‪ ،‬وإن كان بينهما فرق ما العلة التي فرقت بينهما أوضح‬ ‫لنا ذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قيل إن الخمر قائمة العين تعرف بذاتها فهي مثل الخنزير إذا كان قـائم العـين شـاهده‬ ‫بصورته وإذا كان اللحم قد رآه الآكل من الدابة التي هي الخنزير فقـد قامـت عليـه الحجـة‬ ‫لمشاهدتهما ولم يسعه جهل الحجة فيهما‪ ،‬وإذا جهل الحجة بعد قيامها عليه هلك وعليه التوبة‬ ‫مما دخل فيه‪.‬‬ ‫وإن كانت الخمر مما لا يعرف بعينه إنما يعرف بالنية على قـول مـن يقـول بـذلك فـإذا‬ ‫قال من هو في يده أنه نبيذ فعسى أنه لا يهلك شاربه من بعد أن يدعي أنه من النبيذ المحلـل‬ ‫إلا أن يعلم أنه خمر أو تقوم عليه الحجة بأنه خمر فيكـون حكمهـا حكـم اللحـم المقطـع مـن‬ ‫الخنزير إذا لم ير الآكل صورة الخنزير‪ ،‬وحكمه أنه حلال لا يهلك به ما لم تقـم الحجـة عليـه‬ ‫)‪ (١‬وردت في مخطوط‪ :‬أجوبة مسائل مختلفة من الشيخ خميس بن أبي نبهان أجاب عنهـا المحقـق الخلـيلي‪،‬‬ ‫ص‪.١٢٥‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٩٣‬‬ ‫بإقراره هو في يده أو بينة عدل‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫مما عن قومنا‪ :‬ولا يكلف العبد ما ليس في وسعه‪ ،‬سواء كان ممتنعا في نفسه أي محـالاً‬ ‫في العقل كجمع الضدين‪ ،‬أو ممكنا في نفسه لكن يمتنع بالنسبة إلى العبد كخلق الجسم‪.‬‬ ‫وأما ما يمتنع بناء على االله تعالى علم خلافه أو أراد خلافه كإيمان الكافر‪ ،‬وطاعة‬ ‫العاصي فلا نزاع في وقوع التكليف به لكونه مقدورا للمكلف بالنظر عليه إلى نفسه‪ ،‬ثم‬ ‫عدم التكليف مما ليس في الواسع متفق عليه‪ ،‬لقوله تعالى‪« a © ̈ § M :‬‬ ‫¬‪ L‬والأمر للملائكة في قوله‪ LK J I M :‬للتعجيز دون‬ ‫التكليف‪.‬‬ ‫وقوله تعالى حكاية‪ LÒ Ñ ÐÏ Î ÍÌ Ë M :‬ليس المراد بالتحميل هو‬ ‫التكليف‪ ،‬بل إيصال ما لا يطاق من العوارض إليهم‪ ،‬وإنما النزاع في الجواز فمنعه المعتزلة‬ ‫بناء على القبح العقلي‪ ،‬وجوزه الأشعري؛ لأنه لا يقبح من االله شيء‪ ،‬وقد يستدل بقوله‬ ‫تعالى‪ L¬«a© ̈§M :‬على نفي الجواز‪ ،‬وتقديره‪ :‬أن لو كان جائزا لما لزم‬ ‫من فرض وقوعه محال ضرورة أن استحالة اللازم توجب استحالة الملزوم تحقيقا لمعنى‬ ‫اللزوم‪ ،‬لكنه لو وقع لزم كذب كتاب االله تعالى وهو محال‪ ،‬تعالى االله عن ذلك علوا كبيرا‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬إن الأليق في صفة االله تعالى أن يقال‪ :‬إن االله لا يكلف‬ ‫العبد ما لا يطيقه لا‪ ‬أنه لا يجوز لقبح ذلك‪ ،‬ولا أنه يقبح في صفات االله تعالى‪ ،‬ولكن لأنه‬ ‫)‪ (١‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(٢٨٦‬‬ ‫)‪ (٢‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(٣١‬‬ ‫)‪ (٣‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(٢٨٦‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬لا‪.‬‬ ‫‪ ٩٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫حكيم‪ ،‬وليس من صفات الحكيم أن يكلف العبد فعل شيء يعلم أن عبده معه في المستحيل‬ ‫في قدرته كون‪ ‬فعله منه؛ لأنه من العبث‪ ،‬واالله سبحانه وتعالى منزه عن فعل العبث‪ ،‬وعما‬ ‫ينافي صفات الحكيم‪ ،‬فاعرف ذلك‪.‬‬ ‫وقال أيضا في موضع آخر‪ :‬إن االله تعالى كيفما فعل بعباده فلا يكون ظلما‪ ،‬ومراده هذا‬ ‫أنه‪ ‬لو عذب الطائع‪ ،‬وأثاب العاصي‪ ،‬لم يكن ذلك منه ظلما؛ لأن الظالم هو المتعدي إلى مـا‬ ‫لا يجوز له‪ ،‬ولا يجوز على االله تعالى واجبا عليه شيء‪ ،‬فلا يلزمه شيء‪ ،‬ولو فعل ذلـك لكـان‬ ‫منه عدلا‪ ،‬ولهذا مثال حيث أجاز االله للعباد ذبح ما يجوز أكله من الـدواب ممـا لم يتعـد عـلى‬ ‫الإنسان بشيء نحو الغنم‪ ،‬فترى العبد يكرم شاة بين الغنم‪ ،‬ويترك الأخرى‪ ،‬وقد تألفه أكثر‬ ‫التي ترك إكرامها‪ ،‬ويذبح المطيعة ويترك العاصية التي إن دنا منها نطحته‪.‬‬ ‫وحيث أجاز االله له ذلـك‪ ،‬لم يكـن في نظـر العقـل ذلـك ظلـما ولا جـورا‪ ،‬ولا خلافـا‬ ‫للحكمة العدلة‪ ،‬وإذا كان هكذا للإنسان فإنما كان ذلك كذلك من حكم االله في ذلك‪ ،‬فـاالله‬ ‫قد فعل ما ذكره هذا في الحيوان بحكمة‪ ،‬فلو فعل هو كذلك بعـذاب أهـل طاعتـه‪ ،‬وثـواب‬ ‫أهل معصيته من العباد‪ ،‬لم يكن منه ظلما لهم‪ ،‬ولا فعلا قبيحا فـيهم‪ ،‬ولا مخالفـة للحكمـة‬ ‫العدلة في تدبيره‪.‬‬ ‫وكذلك ولا معنى لقولنا‪ :‬لو فعل ذلك لأنـه قـد أجـازه في بعـض الحيـوان كـما بـين‪،‬‬ ‫ولكنه لما أخبرنا أنه لا يعاقـب المطيـع‪ ،‬ولا يثيـب الكـافر‪ ،‬وأن حكمـه أجـراه في خلقـه مـن‬ ‫أطاعه له الثواب‪ ،‬ومن كفر به فعليه العقاب‪ ،‬كان من المستحيل في وصفه أن يختلف ذلك‪،‬‬ ‫وأن لا يكون ما أخبرنا أنه سيكون ]فاعرف ذلك[‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬كون‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٩٥‬‬ ‫وهذه المسألة أصلها من الممكن‪ ،‬وواجب علمها بالسماع أولا‪ ،‬وهي مما تقوم الحجة‬ ‫بمعرفة صحتها من العقل بعد السماع بذلك‪ ،‬وهي التي خالفنا فيها أصـحابنا ‪-‬رحمهـم االله‬ ‫تعالى‪ ،-‬وسيأتي البيان في ذلك إن شاء االله تعالى‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫قلت لشيخي وقرة عيني قدوتي أبي محمد سعيد بن خلفان بن أحمد الخليلي‪ :‬ما تقـول‬ ‫فيما أتى هنا عن قومنا‪ ،‬وفي قول شيخنا العلامة ناصر بن أبي نبهـان في هـذا‪ ،‬فإنـه قـد اشـتبه‬ ‫تفضل أبن‬‫علينا قوله الأول بالثاني لقلة علمنا‪ ،‬وركاكة فهمنا‪ ،‬واالله نطلبه الإعانة والتوفيق‪ ،‬ َّ‬ ‫لنا ما هو الحق في ذلك؟‬ ‫وقد وجدنا شيخنا ما نصه هذا عن الشيخ الكدمي ‪-‬رحمـه االله‪ :-‬فلـن يكلـف االله‬ ‫العباد مما ألزمهم في دينه إلا ما بلغتهم الحجة به من أمره ونهيه؛ لأنـه شـاء ذلـك بفـضله أن‬ ‫يعبد ببيان وإعذار وانذار‪ ،‬ولو شاء غير ذلك كان ذلك منه عدلا كما كان هذا منه فضلا‪.‬‬ ‫ونقول‪] :‬أن لو[‪ ‬عذب العباد على غير حجة ولا إبلاغ دعوة‪ ،‬ولا إعذار ولا إنذار‬ ‫لكان في جميع ذلك عادلا‪ ،‬كما كان في هذه المنن متفـضلا‪ ،‬ولكـن شـاء بفـضله وكرمـه أن‬ ‫يكون ما شاء من ذلك فكان‪ ،‬فسبحان ذي الفضل والامتنان‪ ،‬والجود والإحسان‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫إن قول الشيخ ناصر بن أبي نبهان في هذه المسألة هو عين قول الشيخ الكـدمي فيهـا‪،‬‬ ‫)‪ (١‬أبو سعيد محمد بن سعيد الناعبي الكدمي‪ ،‬من أكبر علـماء المـذهب في القـرن الرابـع الهجـري‪ ،‬عـرف‬ ‫بلقب إمام المذهب ولد سنة ‪٣٠٥‬هـ تقريبـا‪ ،‬وعـاصر الإمـام الـشهيد العـادل سـعيد بـن عبـداالله بـن‬ ‫محمد بن محبوب والإمام راشد بن الوليد‪ ،‬من أشياخه أبو الحسن محمـد بـن الحـسن‪ ،‬مؤلفاتـه كثـيرة‬ ‫منهــا‪ :‬الاســتقامة‪ ،‬المعتــبر‪ ،‬التعليقــات عــلى كتــاب الإشراف لابــن المنــذر‪ .‬ينظــر‪ :‬إتحــاف الأعيــان‬ ‫‪.٢٨٢/١‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬لو‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬عدلا‪.‬‬ ‫‪ ٩٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وكلامه فيها أولا وآخرا كله كلام محكم جار على نهج واحد‪ ،‬وأسلوب مستقيم‪ ،‬فـلا غبـار‬ ‫عليه فيه أبدا؛ لأنه قال في أول المسألة‪ :‬إن الأليق في صفة االله تعالى أن يقال‪ :‬إن االله لا يكلف‬ ‫العبد ما لا يطيقه؛ لا أنه لا يجوز لقبح ذلك‪ ،‬ولا أنه يقبح في صفات االله تعالى‪ ،‬وهذا معنـى‬ ‫قوله في الأخير‪ :‬إن االله تعالى كيفما فعل بعباده فلا يكون ظلـما‪ ،‬وهـو معنـى قـول الـشيخ أبي‬ ‫سعيد لو عذب العباد على غير حجة‪ ،‬ولا إبلاغ دعوة‪ ،‬ولا إعذار ولا إنذار‪ ،‬لكان في جميـع‬ ‫ذلك عادلا‪ .‬واالله أعلم فليتأمل‪.‬‬ ‫‪ ‬وهل يصح عندك ما قالته المعتزلة في هذا فيعد ً‬ ‫رأيا حـسنا؟ وهـل يؤيـد مـا‬ ‫عنهم فيه قول بعض أصـحابنا‪ :‬إن معـاني الوعـد والوعيـد تقـوم بهـا الحجـة مـن العقـل إذا‬ ‫مفصلا جزاك االله خيرا؟‬ ‫فتفضل ببيانه ّ‬ ‫ذكرت أو بالبال خطرت أم لا؟ َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬وأنا لم يبن لي ما ذكرت من القـول‪ ،‬مـن‪ ‬أن القـول بـأن الوعـد والوعيـد‬ ‫تقوم بهما الحجة من العقل أنه خارج على معنـى قـول المعتزلـة‪ ،‬ولا أعـرف مـا وجـه ذلـك‪،‬‬ ‫وكفى بهذا الجواب عن‪ ‬مسألتك‪ ،‬لكن عسى أن أزيدك ما يمكن أن يفيدك من معاني هذه‬ ‫المسألة العظيمة الشأن‪ ،‬المحتاجة إلى البيان‪.‬‬ ‫فأقول‪ :‬إن أصل النظر فيها من وجهين؛ لأن مدارها على قطبين‪ ،‬وهما الحقيقة‬ ‫والشريعة‪ ،‬ولكل منهما في الاعتقاد مدخل‪ ،‬وفي الحكم موضع‪ ،‬وللقول مساغ‪ ،‬وكلاهما في‬ ‫الحق له أصل‪ ،‬وفي الحكم له فرع‪ ،‬فأما من‪ ‬تكلم في الحقيقة‪ ‬وبنى الحكم على أحكام‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬م‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬ما‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬بالحقيقة‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٩٧‬‬ ‫الحقائق قال فيها بما‪ ‬ذكرناه عن الشيخين الكدمي والخروصي المشار إليهما في هذا الجواب‬ ‫المذكور آنفا‪ ،‬وهو في حق بابه غير خارج من صوابه‪ ،‬فهو‪ ‬كقول عيسى عليه السلام‪:‬‬ ‫‪.LÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁM‬‬ ‫قيل‪ :‬لم يقل إنك أنت‪ ‬الغفور الرحيم؛ لأنهم ليسوا ممن يستحق الرحمة‪ ،‬ولا‬ ‫يستأهل المغفرة‪ ،‬لإصرارهم على الشرك‪ ،‬ومجاهرتهم بالكفر‪ ،‬لكنه بحسب استغراقه في‬ ‫مشاهدة جلال االله وعظمته وكبريائه قال ذلك بمعنى أنك لو غفرت لهم وإن كانوا غير‬ ‫مستأهلين فإن ذلك لا يقدح في حكمتك‪ ،‬ولا ينقص من عزتك‪ ،‬فإنك قادر على كل شيء‪،‬‬ ‫حكيم في كل حالة غير مغلوب ولا مقهور‪ ،‬فلا تحكم عليك فيما تفعله‪ÃÂÁÀ M :‬‬ ‫‪.LÅÄ‬‬ ‫ومن مثل هذه الآيات العظيمة والمعاني البديعـة اقتـبس شـيخنا الكـدمي ‪-‬جـزاه االله‬ ‫خيرا‪ -‬القول بأنه لو أثاب العاصي‪ ،‬أو عاقب المطيع لم يكن ذلك منه ظلما‪ ،‬وتبعه على ذلـك‬ ‫الشيخ ناصر بن أبي نبهان جزاهما االله خيرا‪.‬‬ ‫وأما من نظـر في الأصـول الـشرعية بحـسب القواعـد الفقهيـة‪ ،‬وبنـى الجـواب عـلى‬ ‫الأحكام الظاهرية قال‪ :‬إن االله سبحانه وتعالى قد نزه نفسه‪ ،‬وتقدس عن أخذ العباد بغير ما‬ ‫يستأهلون من العقوبة في حكم الظاهر‪ ،‬وقد نفى ذلك عن نفسه وتبرأ منه؛ لأنـه في صـورة‬ ‫الظلم‪ ،‬وإن كان مقتضى الحقيقة غيره‪ ،‬فإن حكم الظاهر يسجل عـلى كونـه‪ ‬ظلـما‪ ،‬ويجـوز‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬ما‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬المائدة‪ :‬الآية )‪.(١١٨‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م( و)ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الأنبياء‪ :‬الآية )‪.(٢٣‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬حكمه‪.‬‬ ‫‪ ٩٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫إطلاقه في التسمية كذلك بحسب المشروعية‪] ،‬وأي محاذرة من ذلك[‪ ‬بعد ما أخبر االله عن‬ ‫نفسه أنه لا يفعله‪ ،‬وأنه ظلم لو فعله‪ ،‬قد أخبر االله عن نفسه في غير موضع من‪ ‬كتابه‪.‬‬ ‫قال االله تعالى‪YX W VUTS R Q PO N MLK JM :‬‬ ‫‪ L e dc b a ` _^ ]\ [ Z‬فأخبر أن العقاب بما قدمته‬ ‫الأيدي من العباد‪ ،‬وأنه لم يعذبهم بغير استحقاق‪ ،‬ولا جازاهم بغير ذنب‪ ،‬وقد بالغ في نفي‬ ‫ذلك عنه بقوله‪ Ld c b a ` M :‬فدل بمعناه بما لا يشك فيه عاقل له أدنى‬ ‫معرفة بأسلوب الكلام أن لو عاقب بغير ذنب كان ذلك ظلما وإلا فلا معنى لذكر الظلم‬ ‫ونفيه عن نفسه هاهنا البتة‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫ومثلها قوله تعالى‪LØ× Ö Õ Ô Ó Ò Ñ M :‬‬ ‫تفيد‪ ‬أن إهلاك أهل القرى المصلحين ظلم واالله منزه‪ ،‬وإلا فلا معنى لقوله‪ (Ö) :‬وهو‬ ‫يعلم أنه غير ظالم لو فعله‪ ،‬لكن من عظيم لطفه‪ ،‬وجميل عدله‪ ،‬سماه ظلما أن لو كان منه‪ ،‬ولا‬ ‫يكون ذلك منه قطعا‪.‬‬ ‫قال االله تعالى‪ ،L Æ Å Ä Ã Â Á À ¿ 3⁄4 M :‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫‪ ،L @ ? > =M‬وفي الحديث عن النبي ^ فيما يخبر به عن ربه تعالى‪:‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫)‪ (١‬تكررت في )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬عن‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الحج‪ :‬الآيتان )‪.(١٠-٩‬‬ ‫)‪ (٤‬هود‪ :‬الآية )‪.(١١٧‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬تقيد‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬القلم‪ :‬الآيتان )‪.(٣٦-٣٥‬‬ ‫)‪ (٧‬ص‪ :‬الآية )‪.(٢٨‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٩٩‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫فإن الآيات متظاهرة‪ ،‬والأحاديث متظافرة على أن التسوية بين المسلم والمجرم‪ ،‬والتقي‬ ‫والفاجر‪ ،‬والشقي والسعيد ليست من العدل في شيء‪ ،‬وأن عقوبة المطيع ظلم ينزه االله عنه‪.‬‬ ‫كما أن ثواب العاصي والقول به غرور محض‪ ،‬وأمـاني نفـوس كاذبـة‪ ،‬يجـب تنزيـه االله‬ ‫تعالى عنها‪ ،‬ففي الحديث‪ :‬‬ ‫‪ ،‬فالمعتزلـة قـولهم في هـذه المـسألة بهـذا‪ ،‬ولا‬ ‫خلاف بيننا وبينهم فيها‪ ،‬وإن وجدت تلك العبارة عن الشيخ أبي سعيد فإنه من باب اطراد‬ ‫القول على معنى الحقيقة وليس بمذهب‪ ،‬فـإن كتبـه مـشحونة‪ ،‬وآثـاره ‪ -‬جـزاه االله خـيرا ‪-‬‬ ‫مصرحة بهذا في غير موضع بأنه مما تقوم به حجة العقل ثواب المطيع وعقوبة العاصي‪ ،‬وأن‬ ‫االله تعالى لا يكلف العباد غير ما في وسعهم‪ ،‬وأنه لا يجـوز عليـه عقوبـة المطيـع‪ ،‬ولا ثـواب‬ ‫الكافر؛ لأنه ليس من العدل‪ ،‬وما خرج عن هذا فهو من باب التقدير والتصوير أن لو كان‬ ‫ذلك‪ ،‬ولكنه بالقطع لا يكون؛ لأن االله قد أخبرنا بهذا عن نفسه‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قال الشيخ النسفي‪ :‬أما برهان وجوده تعالى فحدوث العالم؛ لأنه لو لم يكن محدثا بل‬ ‫أحدث لنفسه لزم أن يكون أحد الأمرين مساويا لـصاحبه راجحـا عليـه بـلا سـبب‪ ،‬وهـو‬ ‫محال‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬أو‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مرفوعا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬لم نجده‬ ‫)‪ (٣‬أخرجه الترمذي في كتاب‪ :‬صفة القيامة‪ ،‬باب‪ ،٢٥ :‬حديث‪ (٢٤٦٧) :‬وابن ماجه في كتاب‪ :‬الزهـد‪،‬‬ ‫باب‪ :‬ذكر الموت والاستعداد له )‪ (٤٢٦٠‬من طريق شداد بـن أوس‪ ،‬وقـال الترمـذي‪ :‬هـذا حـديث‬ ‫حسن‪.‬‬ ‫‪ ١٠٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫من الشرح‪ :‬أي لو أحدث لنفسه لزم أن يكون أحد الأمرين المتـساويين أي الوجـود‬ ‫]من غير ترجيح‪ ،‬ومعنى ذلك أن الوجود والعدم هما على حد سواء من غير ترجيح[‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬أوضح من هذا الكلام أن يقال‪ :‬كيف يقدر أن يحدث‬ ‫الشيء نفسه‪ ،‬وهو قبل كونه شيئا ليس بشيء؟‬ ‫دل على أن المحدث له غيره وهو االله تعالى‪ ،‬فحدوث العالم يدل عـلى وجـود الـصانع‬ ‫القديم الموجود بغير إيجاد موجد له وإلا تسلسل وأدى إلى المحـال‪ ،‬والعـدم محـدوث وهـو‬ ‫وجود‪ ،‬وضد العدم وهو الوجود محدوث أيضا‪ ،‬فأيهما الخالق لنفسه قبل وجوده‪ ،‬فدل على‬ ‫محال ذلك‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫قلت لشيخي الخليلي‪ :‬ما تقول في كل هذا؟‬ ‫قال‪ :‬إن قولهما في هذه المسألة الأخيرة التي في حدوث العالم كله صحيح‪ ،‬ولقـد جـاء‬ ‫في الجواب لموافقتهما الحق والصواب‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫الحمد الله وكفى‪ ،‬وسلام على عباده الذين اصطفى‪.‬‬ ‫أما بعد‪:‬‬ ‫فاعلم أنه لما وقف بعض الطلبة على ما يوجد في الأثر أن ذاته تعالى هي إثباته‪ ،‬سألني‬ ‫تفضل ِّبين لنا في الذات والإثبات ما يزيل قناع الجهل منـا‪،‬‬ ‫حل هذه العبارة‪ ،‬فقال ما نصه‪ :‬ َّ‬ ‫ويذهب صدى الصدور عنا‪ ،‬مأجورا إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫فقلت له في الجواب متحريا لإصابة الصواب‪ ،‬مستعينا لعناية الملك الوهاب‪ :‬إن من‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٠١‬‬ ‫نظر في كتاب االله تعالى بعين بصيرة عن صفاء سريرة فتأمل ما أخبر به الإله المنـزه في قدسـه‬ ‫من وصف نفسه في محكم آياته فإنه لا يجـد فيـه بـالجزم‪ ‬إلا تعريفـه إلى الخلـق بـصفاته‪ ،‬أو‬ ‫بأسمائه الحسنى‪ ،‬أو بأفعاله الخاصة التي لا يمكن أن يشاركه فيها أحد من مخلوقاته‪.‬‬ ‫وأما من وراء ذلك من معرفة ذاته الكريمة على مـا هـي عليـه فـأمر خـارج عـن حـد‬ ‫القدرة البشرية‪ ،‬وشيء لا يبلغ إلى معرفة كنهه الأنبياء علـيهم الـسلام‪ ،‬ولا القـوى الملكيـة‪،‬‬ ‫فهو البحـر الـذي تغـرق فيـه سـفائن العقـول‪ ،‬والمحـل المعـبر عنـه بمقـام الحـيرة والـدهش‬ ‫والذهول‪ ،‬فجواب من يسأل عن ذاته العلية أن يقال‪ :‬هي حقيقته الخاصة التي لا يعلمها‬ ‫إلا هو‪ ،‬وغاية العلم بها أنها ذات لا كالذوات‪ ،‬فإنه سبحانه ليس بذي شكل ولا جسم‪ ،‬ولا‬ ‫يدرك بحد ولا رسم‪ ،‬فما هو بجوهر ولا عرض في قول أهل العدل؛ إذ لا جنس له ولا نوع‬ ‫ولا فصل‪.‬‬ ‫وقد عرفك نفسه من هو بمصالحك خبير‪ ،‬فقال‪65 43 2 1 M :‬‬ ‫‪ ،L7‬وبهذا فاقنع إن كنت للحق تتبع‪ ،‬فغاية العلم به من ملائكته وأنبيائه وغيرهم‬ ‫من علمائه معرفة صفاته وأسمائه‪ ،‬كما جاء بها‪ ‬كتابه الكريم‪ ،‬وكفى بها حجة وبرهانا لمن‬ ‫شاء منكم أن يستقيم‪.‬‬ ‫فإن أبى إلا السؤال على‪ ‬وجه التفتيش عن الذات العلية لبيان شرح الماهية قيل له‪:‬‬ ‫إن نفس سؤالك هذا باطل في هذه القضية‪ ،‬لا جواز له بالكلية؛ لأنه من طلب المحال‪ ،‬وهو‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬بالحزم‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬الذهول‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬فضل‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬الشورى‪ :‬الآية )‪.(١١‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬به‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬عن‪.‬‬ ‫‪ ١٠٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫عين الضلال‪ ،‬وبمثله أهلك أربد بن ربيعة‪ ،‬بصاعقة إذ قال‪ :‬مم رب محمد‪ ،‬أمن در هو أم‬ ‫من ياقوت أم من ذهب؟ فأخبر بصفات االله تعالى وأسمائه فلم يكفه‪ ،‬فبينا هو في محاورته‪ ،‬إذ‬ ‫ارتفعت سحابة فرمته بصاعقة فأحرقته‪ ‬وفيه أنزل قوله تعالى‪ÌËÊM :‬‬ ‫‪ LÖÕÔ ÓÒ ÑÐÏÎÍ‬فدع عنك في االله الجدال‪ ،‬إن جدالا‬ ‫في االله كفر وضلال‪.‬‬ ‫ولو كان الجواب عن الذات العلية لسائل عن الماهية من الممكنـات لأخـبر االله تعـالى‬ ‫عن نفسه‪ ،‬وأجاب بـه رسـوله محمـدا ^‪ ،‬ولكنـه لـيس بـذاك‪ ،‬فالمكـابرة فيـه بعـد وضـوح‬ ‫الأحكام تستدعي صواعق الانتقام‪.‬‬ ‫والجواب الحق في ذلك‪ L ( ' & % $ # " ! M :‬فقد زعم‬ ‫بعض المفسرين أنها أنزلت في جواب أربد‪.‬‬ ‫وقال آخرون‪ :‬في‪ ‬جواب ناس من اليهود سـألوا رسـول االله ^ عـن ذات واجـب‬ ‫الوجود‪ ،‬والمعنى واحد‪ ،‬وإن قيل بغيرهما فلا ضير‪.‬‬ ‫)‪ (١‬روى ابن جرير الطبري في جامع البيان هذه القصة عن جبار برقم )‪ (١٥٣٨٥‬وفي رواية عن يهـودي‬ ‫بــرقم )‪ (١٥٣٨٦‬وأمــا قــصة أربــد فكــان يقــصد قتــل النبــي ^ فبعــث االله عليــه صــاعقة بــرقم‬ ‫)‪ .(١٥٣٩٠‬ينظر‪ :‬جامع البيان ‪.١٦٦-١٦٤/٨‬‬ ‫)‪ (٢‬الرعد‪ :‬الآية )‪.(١٣‬‬ ‫)‪ (٣‬الإخلاص‪ :‬الآيتان )‪.(٢-١‬‬ ‫)‪ (٤‬هو أربد من ربيعة‪ ،‬فقد روي عنه وعـن عـامر بـن الطفيـل أنهـما قـالا لرسـول االله ^ إلام تـدعونا يـا‬ ‫محمد ؟ قال‪ :‬إلى االله‪ ،‬قال‪ :‬صفه لنا أمـن ذهـب أو فـضة أو حديـد أو خـشب فنزلـت الـسورة ينظـر‪:‬‬ ‫تيسير التفسير ‪.٤٠٤/١٥‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬هي‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬أخرجه ابن عدي ‪ ٢٥١/٤‬من طريق ابن عباس‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٠٣‬‬ ‫ومن هذا النوع جواب موسى عليه السلام إذ قال له فرعون‪@ ? M :‬‬ ‫‪LA‬؟‪ ‬فإنه سؤال من الخبيث المارد عن الماهية عند أكثر المفسرين ‪D C M‬‬ ‫‪ L L K J IH G F E‬عدل موسى في جوابه عن مطابقة سؤاله إلى ما‬ ‫لا وجه في الحق لغيره من الإخبار عنه بصفاته وأسمائه‪ ،‬عز في جلاله‪.‬‬ ‫فقال في جوابه عن الذات‪ :‬إنه رب السموات‪ ،‬ويسمى هذا الجواب عدولا؛ لأنه‬ ‫عدل به عن مطابقة اللفظ إلى مطابقة الحق‪ ،‬والحق أحق أن يتبع‪ ،‬فهو في هذا كالجواب عن‬ ‫سؤال أربد بقوله تعالى‪.L(' &%$ #"! M :‬‬ ‫ولقد أحسن الزمخشري فيما أورده على مسألة فرعون في هذه الآية الشريفة‪ ،‬فقال ما‬ ‫نصه‪:‬‬ ‫وأما أن يريد بـه أي شيء هـو عـلى الإطـلاق‪ ،‬تفتيـشا عـن حقيقتـه الخاصـة ]مـاهي‪:‬‬ ‫فأجابه بأن الذي إليه سبيل وهو الكافي في معرفته ثباته بصفاته استدلالاً بأفعاله الخاصة على‬ ‫ذلك‪ ،‬وأما التفتيش عن حقيقته الخاصة[‪ ‬التي هـي فـوق فطـر العقـول فتفتـيش عـما‪ ‬لا‬ ‫سبيل إليه‪ ،‬والسائل متعنت غير طالب للحق‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫فهذا القدر كاف من‪ ‬الجواب‪ ،‬على الذات القدسية‪.‬‬ ‫وأما فتح باب الكلام على صفاتها العلية فقول الحق وهو مذهب أصحابنا أن صفاته‬ ‫هي‪ ‬ذاته الأزلية‪ ،‬ولا ينكشف هذا إلا بتجريد الذات المقدسـة عـن‪ ‬الـصفات بالكليـة‪،‬‬ ‫)‪ (١‬الشعراء‪ :‬الآية )‪.(٢٣‬‬ ‫)‪ (٢‬الشعراء‪ :‬الآية )‪.(٢٤‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬ما‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬عن‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬على‪.‬‬ ‫‪ ١٠٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫فتقول في وصفه تعالى مثلا بالحياة والعلم والقدرة والسمع والبـصر والإرادة وغيرهـا مـن‬ ‫صفاته تبارك تعالى‪ ،‬إنها‪ ‬ليست بشيء زائد في ذاته؛ لئلا يلزم الحلول في ذاته‪ ،‬ولا زائد من‬ ‫ذاته؛ لئلا يلزم التبعيض في ذاته‪ ،‬ولا زائد على ذاته؛ لئلا يلزم افتقاره إلى غير ذاته فإنه ]عالم‬ ‫مثلا لا[‪ ‬بعلم هو غيره لئلا يكون مفتقرا إلى غيره؛ ومن كان مفتقرا إلى غيره فليس بإله‪.‬‬ ‫وإنا وإن وصفناه بأنه عليم خبير سميع بصير فليس المعنى به زيادة الصفات فيه‪ ،‬بل‬ ‫المراد به أن ذاته المقدسة كافية في‪‬انكشاف حقـائق الأشـياء لهـا انكـشافا تامـا‪ ،‬فهـذه حقيقـة‬ ‫صفته بالعلم‪ ،‬كما أنها يـتجلى لهـا كـل مـسموع ومنظـور‪ ‬تجليـا تامـا‪ ،‬وهـي حقيقـة وصـفه‬ ‫ َّ‬ ‫والمتجلى لـه‬ ‫بالسمع والبصر‪ ،‬وهكذا في سائر الصفات‪ ،‬فالذات واحدة والمتجليات كثيرة‪،‬‬ ‫‪-‬بفتح اللام‪ -‬واحد‪.‬‬ ‫وإن كانت المتجليات كثيرة‪ ،‬فإن كثرتها لا تـؤثر في وحدانيتـه‪ ،‬فقدرتـه سـبحانه عـلى‬ ‫المقدورات‪ ،‬وعلمه بالمعلومات‪ ،‬وسمعه بالمـسموعات‪ ،‬وبـصره بالمرئيـات كلـه في الأصـل‬ ‫بمعنى واحد؛ لأنه بذاته‪ ،‬ولا محل للتعدد‪ ‬فيها‪ ،‬فهـو يـسمع بـما بـه يبـصر‪ ،‬ويبـصر بـما بـه‬ ‫يسمع‪ ،‬ويعلم بما به يبصر‪ ،‬ويقدر بما به يعلم‪.‬‬ ‫وهكذا في سائرها‪ ،‬ويكفيك في هذا الموضع أن تقول في الصفات‪ :‬إنها أمور اعتبارية‬ ‫يراد بها نفي أضدادها من النقائص عنه سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫فبالحياة‪ ‬والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والكرم والعزة والحلم ينفى عنه‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬من‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬غير عالم إلا‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬للتعداد‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت( و)م(‪ :‬فالحياة‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٠٥‬‬ ‫الأوصاف الناقصة من الموت والجهل والعجز والصمم والعمى والخرس والبخـل والذلـة‬ ‫والطيش‪ ،‬فإن ذاته الكريمة غير قابلة للأوصاف الذميمة‪ ،‬وهكذا في سائرها‪.‬‬ ‫فإن قال قائل‪ :‬إذا ثبت هذا فهو يقتضي أن الصفة غير الموصوف بها‪ ،‬وهو يستلزم أن‬ ‫يكون االله تعالى هو العلم والقـدرة والحيـاة والـسمع والبـصر والإرادة‪ ،‬فيلـزم تعـدده وهـو‬ ‫باطل‪.‬‬ ‫فيقال له‪ :‬إذا عرفت أن االله غني في الأزل بذاته عن أن يزيد فيهـا شيء مـن صـفاته لم‬ ‫يلتبس عليك إذا قلنا‪ :‬إنه حي مثلا أنا لم نرد بالحياة غيره‪ ،‬فتعد صفة زائدة فيه‪ ،‬وإنما ]نريـد‬ ‫بها[‪ ‬نفي الزوال والتغير والفناء عنه‪ ،‬فمعنى الحياة له هو نفس وجـوده لا غـير‪ ،‬وهـذا لا‬ ‫يقتضي أن الحياة صفة زائدة على الذات‪ ،‬ولا يلزم من هذا أن يقال هو الحياة‪.‬‬ ‫فإن أسماء الصفات قد ثبتت لمعان أخر‪ ،‬وهي أن تكثر الصفات‪ ،‬وتعدد الأسماء‪ ،‬إنما‬ ‫كان لأمور اعتبارية بحسب تجليات أعيان الوجود‪ ،‬وتأثرها وانفعالها للذات العليـة‪ ،‬لطفـا‬ ‫من االله بعباده‪ ،‬لكمال المعرفة به‪ ،‬فإن تجلي المعلومـات مـن أعيـان الوجـود بمعنـى انكـشافها‬ ‫للذات لو سمي إرادة أو قدرة لما صح معنى ولا لغة‪ ،‬فكذا تجلي المـسموعات لهـا لا يـسمى‬ ‫بصرا‪ ،‬ولا تجلي المرئيات لها يسمى سمعا وهكذا في سائرها‪ ،‬ولا يشكل عليك كثرة تجليات‬ ‫أعيان المظـاهر الموجـب لتعـدد الأسـماء والـصفات في الظـاهر‪ ،‬فـإن نفـس الـذات المقدسـة‬ ‫واحدة‪ ،‬وهي مستغنية بذاتها عن الأكوان‪ ،‬وتجلياتها وتأثرها وانفعالاتها غـير قابلـة للتعـدد‬ ‫ولا النقص‪ ،‬ولا المزيد في شيء أبدا‪.‬‬ ‫كان االله ولا شيء معه‪ ،‬وهو الآن على ما كان عليه‪ ،‬قد كـان في الأزل قـديما‪ ،‬ولم يـزل‬ ‫سميعا بصيرا‪ ،‬عليما حكيما‪ ،‬قبل وجود كل شيء لا تأثير للمظاهر في صفة ذاته العلية‪ ،‬بل‬ ‫هي على ما كانت عليه في الأزلية‪ ،‬وإلا كانت معه المظاهر قديمة وهو باطل‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬يزيد بها‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬حليما‪.‬‬ ‫‪ ١٠٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وباعتبـار أن ذاته القديمة الأزليـة كافيـة عن مزيد الصـفات عليهــا ‪-‬كما سبق‪ -‬يعلم‬ ‫أن الصفات أمور اعتبارية‪ ،‬فلم يجز أن يقال في حقـه تعـالى‪ :‬إنـه‪ ‬الحيـاة‪ ،‬ولا القـدرة‪ ،‬ولا‬ ‫السمع‪ ،‬ولا البصر‪ ،‬ولا الإرادة‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫بل يقال‪ :‬هو المريد‪ ،‬القدير‪ ،‬العلي‪ ،‬الكبـير‪ ،‬العلـيم‪ ،‬الخبـير‪ ،‬الـسميع‪ ،‬البـصير‪ ،‬فهـي‬ ‫أسماء صفاته الواجبة لذاته‪ ‬بمعنى أنه في ذاته كذلك‪ ،‬وقد ظهر لك أن نفي الصفات عـن‬ ‫ذاته تعالى ‪-‬على طريق ما قدمناه‪ -‬يظهر سر التوحيد بشمس التفريـد‪ ،‬فيقـال‪ :‬إنـه سـبحانه‬ ‫عليم لا بعلم‪ ‬هو نفسه‪ ،‬فيلزم منه أن نفسه علم أو ثبوت علـم في‪ ‬نفـسه‪ ،‬وهـذا باطـل‪،‬‬ ‫وبه تعلم أيضا أنه لا يصح أن يقال في حقه تعالى‪ :‬إنه علم ولا قدرة ولا مشيئة وهكذا‪.‬‬ ‫وإذا بطل أن يقال‪ :‬إنه عالم‪ ‬بعلم هو نفسه‪ ،‬فالقول أنه عالم بعلـم هـو غـيره‪ ،‬وقـادر‬ ‫بقدرة هي سواه أوضح بطلانا؛ إذ لا بد له من أحد أمرين‪ :‬إما القول بأنهـا حادثـة‪ ،‬فيكـون‬ ‫الرب سبحانه وتعالى محلا للحوادث‪ ،‬وكل محل للحوادث فهو حادث‪ ،‬وهذا باطل‪.‬‬ ‫وإما القول بأنها قديمة معه‪ ،‬وهذا يستلزم أن غير االله قديم‪ ،‬وإذا جاز أن يكـون معـه‬ ‫في الأزل قديم غيره جاز أن يكون معه إله غيره‪ ،‬وهذا‪ ‬باطل‪ ،‬فإثبات الأشـعرية الله تعـالى‬ ‫صفات قديمة قائمة بذاتـه العظيمـة لا مخـرج لـه مـن هـذا‪ ،‬وبهـذا تعلـم أن الحـق فـيما قالـه‬ ‫أصحابنا من تجريد الصفات اكتفاء بالذات المقدسة‪ ،‬مع اتصافها بها ‪-‬كما سبق‪ ،-‬فيقولون‪:‬‬ ‫هو القادر‪ ،‬المريد‪ ،‬العليم‪ ،‬الخبير‪ ،‬السميع‪ ،‬البصير‪ ،‬الشهيد‪ ،‬لا بقدرة هـي هـو‪ ،‬ولا بقـدرة‬ ‫)‪ (١‬في )ت( إن‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬يعلم‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت( عليم‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬وهو‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٠٧‬‬ ‫هي غيره‪ ،‬وكذا في سائرها‪ ،‬فهو عليم لا بعلم‪ ،‬بل هو عليم بذاته وهكـذا في الـصفات مـن‬ ‫قولهم‪ :‬هو عليم بذاته‪ ،‬لا يزيد شيئا على وصف ذاته بأنها عليمة‪.‬‬ ‫ومعنى قولهم‪ :‬ذاته عليمة أي هو العليم لا بعلم هو هو‪ ،‬ولا بعلم هو غيره‪ ،‬بـل هـو‬ ‫العليم بذاته المقدسة ‪-‬كما سبق‪ ،-‬وقد وضح بهذا بطلان أن يقال في ذاته إنها علم أو قدرة‪،‬‬ ‫أو إثبات أو مشيئة وهكذا‪.‬‬ ‫وقولهم في صفاته‪ :‬إنها عين ذاته لا يخالف هذا‪ ،‬فليس مرادهم به إلا سلب الـصفات‬ ‫عن ذاته مع اتصافها بها كما قررنا فقالوا‪ :‬هي عين ذاته‪ ،‬بمعنى أنه ليس ثم من صـفة زائـدة‬ ‫على ذاته أبدا‪ ،‬وقد مضى من القول مكررا فيها للتوضيح ما يغني عن المزيد‪ ،‬فليراجع النظر‬ ‫فيه من كان ذا قلب أو ألقى السمع وهو شهيد‪.‬‬ ‫فإن قلت‪ :‬فكيف يصح في ذاته العلية أن تسلب عنها صفاتها القدسية‪ ،‬وكتاب االله‬ ‫ناطق بخلاف ذلك‪ ،‬فهو ينادي على بطلان تلك المسالك‪ ،‬فإن فيه إثبات الصفات في غير‬ ‫‪‬‬ ‫موضع‪ ،‬كقوله تعالى‪ LJ I H G M :‬و‪L Z Y X W V U T M‬‬ ‫و‪ LÏ Î Í ÌM‬و‪ L[ Z Y X W M‬و‪L K J M‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪LM‬؟‬ ‫قلنا‪ :‬هذا لا ينافي ما قاله أصحابنا في هذه المسألة‪ ،‬بل هو لهم أعظـم شـاهد وأوضـح‬ ‫دليل في الرد على المعاند‪.‬‬ ‫فإن قوله تعالى )العزة الله(‪ :‬لا يزيد شيئا عن وصفه بأنه عزيز‪ ،‬و)ذو القوة( في معنـى‬ ‫)‪ (١‬يونس‪ :‬الآية )‪.(٦٥‬‬ ‫)‪ (٢‬الذاريات‪ :‬الآية )‪.(٥٨‬‬ ‫)‪ (٣‬الصافات‪ :‬الآية )‪.(١٨٠‬‬ ‫)‪ (٤‬الجاثية‪ :‬الآية )‪.(٣٧‬‬ ‫)‪ (٥‬الأحقاف‪ :‬الآية )‪.(٢٣‬‬ ‫‪ ١٠٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫القوي‪) ،‬وله الكبريـاء ( بمعنـى أنـه الكبـير‪ ،‬فتـأول هـذا البـاب كلـه قريـب المأخـذ‪ ،‬سـهل‬ ‫التناول‪ ،‬ولو جاز التعلق بظاهر هذه الألفاظ لإثبات صفة قديمة زائدة على الذات القديمة‬ ‫لجاز لمن‪ ‬قال بظواهر ألفاظها أن تقول أيض ًا‪ :‬إن هذه الصفات محدثة من جنس المخلوقين‬ ‫بدليل قوله تعالى )رب العزة( فإنه لا يجوز أن يكون ربا إلا لمخلـوق محـدث‪ ،‬وبطـلان هـذا‬ ‫أظهر من أن يعتنى به‪ ،‬فثبت ما قلناه‪.‬‬ ‫فانظروا يا معاشر المسلمين في هذا‪ ،‬وفيما جاء في مواضع من الآثار القديمـة أن ذاتـه‬ ‫سبحانه وتعالى هي قدرته ومشيئته‪ ،‬وفي قول آخر هي إثباته‪ ،‬فكان معول الجميع فيهـا عـلى‬ ‫ما تقرر‪ ‬من أن ذاته سبحانه وتعالى هي عين صفاته‪ ،‬لكن باعتبـارات قـصرت عنهـا هـذه‬ ‫العبارة‪ ،‬ولم تدركها‪ ‬بإشارة مع أن همزة التعدية في لفظة إثباته لا معنى لها في حقـه تعـالى‪،‬‬ ‫فإن إثباته من نفسه لنفسه محال‪ ،‬فكيف به من غيره‪ ،‬وإنما يحتاج الموحد إلى النفي والإثبـات‬ ‫في العقائد لدفع الشركاء والأضداد‪ ،‬ونفي النقائص والأنـداد‪ ،‬كـما هـو في )لا إلـه إلا االله(‪،‬‬ ‫و)لم يلد ولم يولد(‪ ،‬وإلا فالثابت لا يحتاج إلى مثبت جل االله وعز‪.‬‬ ‫ولو قيل‪ :‬ذاته ثباته بغير همزة‪ ،‬لكان أقرب إلى ما أراده‪ ،‬وعلى كل حال فهي‪ ‬على ما‬ ‫تراه من القصور والبعد عن إدراك حقائق الأمور فهـي مـن الآثـار المجملـة التـي لا تـصح‬ ‫بظاهر لفظها‪ ،‬وهاهنا نمسك أعنة الأقلام عن الجري في مضمار الكلام‪ ،‬فإن بحار التوحيد‪،‬‬ ‫وشــموس التفريــد لا مطمــع في إحــصائها‪ ،‬ولا ســبيل إلى استقــصائها‪ ،‬وإني مــن العــوم في‬ ‫بحارها لعلى مخافة من الغرق بأنوارها‪ ،‬فكيف بحال ضعيف القوة‪ ،‬الذي لا بصر له بالعوم‬ ‫إذا ألقـى نفــسه في البحـر الــذي لا ســاحل لـه ولا قعــر‪ ،‬إلا أن تأخــذ بيـده العنايــة‪ ،‬فتنقــذه‬ ‫)‪ (١‬في )ت( من‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت( تقدر‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬دركها‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬هي‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٠٩‬‬ ‫بالهداية‪ ،‬فإني لاجىء به‪ ،‬وضارع إليه‪ ،‬ومعول في طلب الهدى عليه‪ ،‬سبحانه وتعالى لا رب‬ ‫غيره‪ ،‬ولا خير إلا خيره‪ ،‬وهو حسبي ونعم الوكيل‪.‬‬ ‫والحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬وصلى االله على سيدنا محمد ولا حول ولا قوة‬ ‫إلا باالله العلي العظيم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫سيدي بإيضاح الفرق بين الأسماء الذاتية والجلالية والجماليـة والكماليـة‪،‬‬ ‫تفضل علي ِ‬ ‫ َّ‬ ‫ ِّ‬ ‫من أسماء رب البرية‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن أسماء االله تعالى كلها‪ ‬في الأصل شيء واحد‪ ،‬وإنما تقسم باعتبار دلائـل معانيهـا‪،‬‬ ‫فإن دلت على حقيقة‪ ‬ذاته سبحانه من غير تخصيص بصفة فكمالية كالإله‪ ،‬واالله‪ ،‬والأحد‪،‬‬ ‫والأول‪ ،‬والآخر‪.‬‬ ‫فإن تخصصت بصفة فهي مـن أسـماء صـفات‪ :‬القـابض‪ ،‬القـاهر‪ ،‬العزيـز‪ ،‬أو عـلى‬ ‫محض شرف أو فضل فجمالية كالعليم الحليم الخبير الحكيم الكريم‪ ،‬وما تعلق مدلولها عـلى‬ ‫إظهار شيء في الكـون فقـد يعـبر عنهـا بأسـماء أفعالـه سـبحانه وتعـالى كالخـالق‪ ،‬والـرازق‪،‬‬ ‫والمعطي‪ ،‬والمانع‪ ،‬ولهذا في هذا المقام أيضا جلال وجمال كما سبق‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫نقلت من كتاب الشيخ القسيمي‪ ‬في هذه الأسماء المستجازة‪ ،‬ظنا‪ ‬مع أهل الخلاف‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬حقائق‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬صفة‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬لعله أبو طالب ناصر بن محمد بن ناصر القـسيمي‪ ،‬شـاعر مـن أعـلام القـرن الثالـث عـشر الهجـري‪،‬‬ ‫عاصر المشايخ ناصر بن أبي نبهـان‪ ،‬وسـلطان بـن محمـد البطـاشي‪ ،‬والمحقـق الخلـيلي‪ ،‬ولـه سـؤالات‬ ‫‪ ١١٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫لدين المسلمين المسمى بها االله‪ ‬سبحانه وتعالى‪ ،‬كقولهم‪ :‬خافض وقابض بالخـاء المعجمـة‪،‬‬ ‫ورافع ومذل‪ ،‬ووكيلي أنت يا وكيل وولي واجد بالجيم المعجمة‪ ،‬ويـا نـور‪ ،‬ووالي وجـامع‪،‬‬ ‫وضار ونافع بغير تعليق منها‪ ،‬أو شيء لها‪ ‬لشيء آخر من المعاني اللائقة بها إن كان بعضها‬ ‫تفضل دلنا على الجائز منها‪.‬‬ ‫ما يدل على جواز تعليقها كغيرها مما ماثلها‪ ،‬ َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫هذه أسماء وصفية للرب تعـالى‪ ،‬ومختلـف عنـد علمائنـا أنهـا أسـماء أم لا؟ وفي بعـض‬ ‫القول أنه لا يجوز إطلاق القول في التسمية له بالقابض والخافض والرافع والمذل والواجد‬ ‫والوالي والنور والجامع والمانع والضار والنافع‪.‬‬ ‫ولا أعلم في الوكيل والولي إلا أنهما اسمان‪ ،‬وكذلك النور على الـصحيح مـن القـول‪،‬‬ ‫وباقيها لوضعها سبحانه وتعالى وتجريدها عن‪ ‬العلائق جـائز خلافـا لمـن منعـه‪ ،‬والتقييـد‬ ‫مفيد لرفع شبهة الاختلاف‪ ،‬ولكن فلا بد من شرط آخر يحسن التنبيه عليه‪ ،‬وهو أن يكون‬ ‫الواصف سليم الفؤاد من محجور الاعتقاد‪.‬‬ ‫وعسى أن أزيده شرطا آخر‪ ،‬وهو أن يكون عارفا بمعنى تلك الصفة المدعو بها‪ ،‬على‬ ‫اعتقاد منه صحيح‪ ‬فيها‪ ،‬والشرط الأول واجـب‪ ،‬والثـاني منـدوب‪ ،‬لكـن لـشدة دعـاوي‬ ‫التحريض عليه قريب من الوجوب‪ ،‬لئلا يخرج ذلك منه على معنى العبـث فيقـول عـلى االله‬ ‫إليهم‪ ،‬من آثاره قصيدة في رثاء الشيخ سلطان البطاشي مؤرخة ‪ ٢٥‬جمادى ‪١٢٧٨‬هـ وهذا يعني أنـه‬ ‫حي إلى هذا التاريخ‪ ،‬ولا ندري سنة وفاته‪ .‬قاموس الشريعة ‪ ،٢٣٣/٢‬جوابـات العلامـة البطـاشي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ص ‪.١٤‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬قلنا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬بها‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت( على‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬بصحيح‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١١١‬‬ ‫تعالى بما لا يعلم‪.‬‬ ‫وذلك ما لا يليق أن يبارز به أدنى ملك ‪-‬بكسر اللام‪ -‬فكيف به في الحضرة الإلهية‪،‬‬ ‫ولكل اسم أو صفة منها أغوار وأسرار‪ ،‬وحقائق ودقائق‪ ،‬يتفاوت فيها الرجال لسعة الفهم‬ ‫على سبيل الاستعداد‪ ،‬وكل ميسر لما خلق له‪ ،‬وهذه التفرقة بين الاسم والصفة بناء عـلى أن‬ ‫‪‬‬ ‫الأسماء توقيفية‪ ،‬وإلا فكل الأسماء الإلهية إنما هي في الأصل صـفات كماليـة وجلاليـة أو‬ ‫جمالية‪ ،‬ولا رابع لها إلا في اسم العلم الذاتي‪ ،‬وتلك الصفات أيضا على اختلافهـا إمـا صـفة‬ ‫ذاتية‪ ،‬وإما صفة فعلية‪ ،‬ولا ثالث لذلك فيما قيل‪ ،‬وليس هذا موضع بسط ذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما قولك في أسماء االله الحسنى كم هي على رأيك؟‬ ‫تفضل ارسم لنا إياهن متناسقة أولا فأولا كما أشرت إليه في كتابك »النـواميس« أنـه‬ ‫ َّ‬ ‫لا بد لمن أراد أن يجعلها ذكرا أن يقـدم أولا الأسـماء الكماليـات‪ ،‬ثـم يثنـي بالجلاليـات‪ ،‬ثـم‬ ‫يثلث بالجماليات ثم يربع بالأفعاليات‪ ،‬ونحن لا معرفة لنا في تمييز كل من هذا‪.‬‬ ‫تفضل شيخنا رتب لنا إياهن‪ ،‬واجعل بين كل قسم فاصلية من الأربعة‪ .‬وقلت قبل‬ ‫ َّ‬ ‫تفضل ِّبين لنا كلا‬ ‫هذا‪ :‬إنه يبدأ أولا باسم الذات‪ ،‬ثم بصفات الذات‪ ،‬ثم بصفات الأفعال‪ ،‬ َّ‬ ‫بـين لنـا إيـاه‪ ،‬ولـك‬ ‫تفـضل ِّ‬ ‫الفريقين وإن كان شيء من الضوابط يدلنا إلى معرفة كل ذلك‪ ،‬ َّ‬ ‫الأجر إن شاء االله تعالى‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬وأنا لا أدري كم لها من العد‪ ،‬فإني لا أحيط بها علـما‪ ،‬ولا أحـصيها عـددا‪،‬‬ ‫ولا شك أني في محل العجز‪ ،‬وحضيض الضعف عن الخوض في هذا البحر العظيم البعيـدة‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫‪ ١١٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪‬‬ ‫أطرافه‪ ،‬المفرقة سواحله‪ ،‬قد اعترف الرسل بالعجز عـن إدراكـه والأنبيـاء بالقـصور عـن‬ ‫الإحاطة به‪ ،‬فضلا عمن سواهم من العلماء والأولياء والنقبـاء‪ ،‬فكيـف بأمثالنـا عـلى خـسة‬ ‫حالنا‪.‬‬ ‫فهذا رسول االله ^ يقول في دعائه‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪.‬‬ ‫فانظر إلى هذه الجمل الجوامع في هذا الدعاء الرابع‪ ،‬فإنها من الحق المبين‪ ،‬وعندها لا‬ ‫‪‬‬ ‫عند جهينة الخبر اليقين‪ ،‬وهـي تنـادي في كـل نـاد بـأن الأسـماء الحـسنى‪ ،‬وكـل أسـماء االله‬ ‫مشحونة بها جميع الكتب السالفة‪ ،‬من التوراة والإنجيل والزبور والصحف المنزلة على آدم‬ ‫وموسى وإبراهيم الذي وفى‪ ،‬وأنها مثبوتة بلسان كل واحد من الملائكة والجنة والناس‪ ،‬على‬ ‫اختلاف الألسن واللغى بين هذه الأجناس اختلافا لا يكاد يحيط علما بأقل أنواعـه إلا مـن‬ ‫‪‬‬ ‫أحصى كل شيء عددا‪ ،‬هذا فكيف بما استأثر به منهـا المـولى‪ ،‬فلـم تطلـع ]الخلائـق عليـه[‬ ‫أصلا وهو بغيبه أولى‪.‬‬ ‫فأسماء االله تعالى هي كلماته التامات‪ ،‬وأفلاكه النورانية المحيطة بالكليات ‪ÆÅM‬‬ ‫‪ÙØ× ÖÕ ÔÓÒ ÑÐÏÎ ÍÌËÊÉÈÇ‬‬ ‫‪ L Ú‬ولعل السائل سمع ما جاء في الحديث المشهور‪    :‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬على‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬زيادة‪ :‬يقول‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬أخرجه أحمد ‪ ،٣٩١/١‬وابن حبان في كتاب‪ :‬الرقائق‪ ،‬باب‪ :‬الأدعية )‪ (٩٧٢‬من طريق مسعود‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م( زيادة‪ :‬التي‪ ،‬وفي )ت( زيادة‪ :‬حتى أنها‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬عليه الخلائق‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬لقمان‪ :‬الآية )‪.(٢٧‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١١٣‬‬ ‫‪ ‬فتوهم حصر الأسماء في هذا العدد المذكور‪ ،‬وليس بذاك‬ ‫فليس فيه ما يدل على الحصر أصلا لا بتصريح ولا بإشارة‪ ،‬بل غاية ما فيه بيان الفضل فقط‬ ‫لتلك الأسماء المذكورة كما هي في الحديث المشهور مسطورة‪.‬‬ ‫وعسى أن في اجتماعها كذلك ما يستوجب من الفضل ذلك فإن قائلـه هـو الـصادق‬ ‫الأمين‪ ،‬وما ينطق عن الهوى‪ ،‬إن هو إلا وحي يوحى‪.‬‬ ‫ولكن لا بد في مثله من التأويل لسلامة العقائد من شبه الأباطيل‪ ،‬واالله يقـول الحـق‬ ‫وهو يهدي السبيل‪.‬‬ ‫وأما معرفـة الأسـماء الحـسنى بحـسب أقـسامها إلى اسـم الـذات‪ ،‬وصـفات الـذات‪،‬‬ ‫وصفات الأفعال‪ ،‬فاسم الذات العلية العظيمة في اللغة العربية الكريمة‪ ،‬هو الاسـم العلـم‬ ‫المفرد‪ ،‬الذي لا سمي له في الكون سواه‪ ،‬ولا يجوز في الإجمـاع تـسميته بـه لمـن عـداه‪ ،‬ألا‬ ‫وهو اسم االله جل جلاله‪.‬‬ ‫وأما الأسماء التي هي من صفاته الذاتية فهي في قول أصحابنا أنها صفاته الثابتة له في‬ ‫الأزل‪ ،‬وهي التي هو عليها لم يزل‪ ،‬كالأحد الحـي القيـوم‪ ،‬القـادر‪ ،‬المبـين‪ ،‬العـلي‪ ،‬العظـيم‪،‬‬ ‫السميع‪ ،‬البصير‪ ،‬العليم‪ ،‬الخبير‪ ،‬الرحمن‪ ،‬الرحيم‪.‬‬ ‫بالجملة فكل ما جاز أن يقال لم يزل االله كذا فهو مـن هـذا البـاب‪ ،‬لم يـزل االله سـميعا‬ ‫بصيرا عليما خبيرا‪ ،‬وهكذا سائرها‪ ،‬والأفعال مظاهر الصفات‪ ‬الذاتية‪ ،‬أي مـا يظهـر مـن‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬وتسعون‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرجـه البخـاري في كتــاب‪ :‬الـشروط‪ ،‬بـاب‪ :‬مــا يجـوز مـن الاشــتراط والثنيـا في الإقــرار )‪،(٢٧٣٦‬‬ ‫ومسلم في كتاب‪ :‬الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار‪ ،‬باب‪ :‬في أسماء االله تعالى وفضل مـن أحـصاها‬ ‫)‪ ،(٦٧٥١‬والترمذي في كتاب‪ :‬الدعوات )‪ (٣٥١٧‬من طريق أبي هريرة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬الفرد‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬لصفات‪.‬‬ ‫‪ ١١٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫آثــار تجلياتهــا في العــوالم الكونيــة بمقتــضيات الإرادة الأزليــة‪ ،‬كالإيجــاد والإعــدام والخلــق‬ ‫والرزق وغيرها‪ ،‬فهي الصفات الأفعالية‪ ،‬والأسماء المشتقة منها هـي‪ ‬التـي تـسمى أسـماء‬ ‫الأفعال كالخالق البارىء المصور الباسط الرازق المحيي المميت وهكذا‪ ،‬وكل مـا لم يجـز أن‬ ‫يقال فيه لم يزل االله كذا‪ ،‬فهو من هذا الباب‪ ،‬فلا يجوز أن يقال‪ :‬لم يزل االله خالقا ورازقا؛ لأنه‬ ‫خالق الخلق ورازقهم‪ ،‬وقد كان في الأزل وحده‪ ،‬ولا خلق ولا رزق إذ لا قديم معـه غـيره‬ ‫وهو باطل‪ ،‬ولكن يقال بحق‪ :‬إنه لم يزل وهو الخالق والرازق‪ ،‬إذ لا خـالق ولا رازق غـيره‬ ‫ولا معبود سواه‪.‬‬ ‫والقول الثاني أوضح‪ ،‬وهو أن يبدأ أولا في الدعاء بالكماليات‪ ،‬ثم بالجلاليـات‪] ،‬ثـم‬ ‫بالجماليات[‪ ‬ثم بالأفعاليات‪ ،‬والكمال لغة ضـد الـنقص‪ ،‬والكماليـات كـما وصـفت لنفـي‬ ‫النقائص عنه كالحدوث والفناء والشركاء والأضداد‪ ،‬فهي ما دل على الوحدانيـة والتفريـد‬ ‫وما في‪ ‬معنى ذلك كاالله لا إله إلا هو الواحد الأحد الفرد الصمد الأول والآخـر الظـاهر‬ ‫الباطن‪ ،‬القدوس السلام الحي الباقي القديم‪.‬‬ ‫والجلال في اللغة العظمة‪ ،‬فالجلاليات عبارة عن الأسماء الموضوعة لإظهار الكبرياء‬ ‫والعظمة الله تعالى‪ ،‬والعزة والقدرة له‪ ،‬وما في معنى ذلك كاالله الملك القـادر المقتـدر العزيـز‬ ‫الجبار المتكبر الكبير‪ ‬المتعالي الشديد القوي المتين‪.‬‬ ‫والجماليات سوى هذين النوعين من صفات الذات كالسميع البصير العليم‪ ‬الخبير‬ ‫الشهيد الرحمن الرحيم اللطيف الرءوف الواسع الكريم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬لى‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬الحليم‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١١٥‬‬ ‫والأفعاليات ما سوى هذه الأقسام الثلاثة‪ ،‬كما سبق القول عليها آنفا‪.‬‬ ‫وقد ينقسم هذا الفصل إلى جلالية أيضا كالقاهر القابض‪ ،‬الملك المميت‪ ،‬ذي البطش‬ ‫المنتقم‪ ،‬وإلى جمالية وهي ماعدا هذا النوع كالمحيط المحصي الباسط المـنعم الوهـاب الفتـاح‬ ‫الرازق المحيي‪.‬‬ ‫ثــم باعتبــار آخــر أن الكماليــات جلاليــات وجماليــات أيــضا‪ ،‬والجلاليــات كماليــات‬ ‫وجماليـات أيـضا‪ ،‬والجماليــات جلاليـات وكماليــات أيـضا؛ فــإن لكـل كــمال جـلالا وجمــالا‬ ‫وهكذا‪.‬‬ ‫وبيانه أن قولك‪ :‬لا إله إلا االله هي أم البـاب في التوحيـد الـدال عـلى الكـمال المطلـق‪،‬‬ ‫ونفس التوحيد والإقرار بالتفريد هو عين تعظيم االله تعالى وتمجيده‪ ،‬ونفس الاعتراف بأنـه‬ ‫ليس كمثله شيء في عظمته وجلاله‪ ،‬ومن كان كـذلك فهـو أهـل لكـل صـفة جميلـة لكرمـه‬ ‫وفضله‪ ،‬والثاني حقيقة الجلال‪ ،‬والثالث محض الجمال وهكذا‪.‬‬ ‫وهذا الترتيب في الـدعاء بهـا وإن اعتمـده فريـق مـن جهابـذة أولي التحقيـق‪ ،‬فليـسه‬ ‫باللازم‪ ،‬وإنما هو المختار عند من قال بـه مـن أهـل الأسرار‪ ،‬وقـد حكـي عـن قـوم آخـرين‬ ‫ترتيبها المستقيم بحسب وجدانها على التوالي في الكتاب الكريم‪ ،‬فيقول الداعي بها كـذلك‪:‬‬ ‫يا االله‪ ،‬يا رحمن‪ ،‬يا رحيم‪ ،‬يا مالك‪ ،‬يا محيط‪ ،‬يا قدير‪ ،‬يا عليم‪ ،‬يا حكيم وهكذا‪.‬‬ ‫وفي مذهب رابع ترتيبها متناسقة وفاق ما جاءت في الحديث النبوي المشهور‪ :‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬إلى آخرهـا‪ ‬كـما‬ ‫ذكرت في كتب الحديث كتيسير الأصول والمشكاة وغيرهما في كتب الفقه كبيان الشرع‪.‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرجه الترمذي في كتاب‪ :‬الـدعوات )‪ (٣٥١٨‬وابـن ماجـه في كتـاب‪ :‬الـدعاء‪ ،‬بـاب‪ :‬أسـماء االله عـز‬ ‫وجل )‪ (٣٨٦١‬من طريق أبي هريرة مرفوعا وقال الترمذي‪ :‬هذا حديث غريب‪.‬‬ ‫‪ ١١٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وفي مذهب خامس فيجوز ترتيبها على الحـروف الهجائيـة‪ ،‬تقـول‪ :‬يـا االله‪ ،‬يـا إلـه‪ ،‬يـا‬ ‫أحد‪ ،‬يا أول‪ ،‬يا آخر‪ ،‬يا بر‪ ،‬يا بديع‪ ،‬يا بصير‪ ،‬يا باقي‪ ،‬يا باعث‪ ،‬يا تواب وهكذا‪ ،‬وللمرتبين‬ ‫لها على الحروف طرائق هذه إحداها‪ ،‬والثانية وضعها على ترتيـب أبجـد المـشرقية‪ ،‬والثالثـة‬ ‫كذلك على ترتيب أبجد المغربية‪ ،‬والرابعة بتقديم ذوات الحروف النورانية إلى غير ذلك ممـا‬ ‫لا حاجة لنا إلى ذكره هنا‪.‬‬ ‫وإنما استطردنا‪ ‬القول فيه لبيان الإجازة‪ ،‬وكون مخالفة ذلك الترتيب غير مخل للسر‬ ‫استدلالا بما عليه علماء الحروف‪ ،‬وعلى هذا فقد آن لنـا الوقـوف‪ ،‬والحمـد الله عـلى مـا ألهـم‬ ‫وأنعم‪ ،‬واالله بهذا وغيره أعلم فلينظر فيه‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫تفضل علينا بالجواب مأجورا إن شاء‬ ‫هل يجوز أن يدعى االله تعالى يا نور بغير إضافة‪ ،‬ َّ‬ ‫االله؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫إني لا أحفــظ في ذلــك شــيئا‪ ،‬ولا يعجبنــي إلا أن يكــون بالإضــافة‪ ،‬فيقــال يــا نــور‬ ‫السموات والأرض‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫سيدي ومختلف في قولـه‪ :‬أسـألك بأسـمائك‪ ،‬والجـواز أصـح‪ ،‬ومختلـف في‬ ‫يجوز اسم ِ‬ ‫ ِّ‬ ‫غياث المستغيثين أيضا‪ ،‬ونحن في مثـل هـذا ربـما نتوسـع‪ ،‬وفي الـدعاء يجـوز الـسر والجهـر‪،‬‬ ‫والسر أفضل إلا إذا رجا أن يقتدى به في ذلك‪ ،‬وسلم من آفات الأعمال‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬سطرنا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬ورد في المخطوط الجواب فقط‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١١٧‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫في رجل مر‪ ‬بأناس فسلم عليهم‪ ،‬فردوا عليه السلام فقالوا له‪ :‬اقـرب معنـا‪ ،‬فقـال‬ ‫لهم‪ :‬يقرب الرحمن أو قريب منكم الرحمن‪ ،‬أيجوز له هذا اللفظ أم محجور عليـه البتـة‪ ،‬كـان‬ ‫المار عليهم ثقات أو غير ثقات؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫هذا كله جائز سواء كانوا ثقات أو غير ثقات‪ ،‬وقريب منكم أوضح‪ ،‬والثاني جائز ما‬ ‫لم ينو به قرب الأجسام والمسافاة‪ ،‬ولكن ما نظن أحدا يعتقد ذلك‪ ،‬فيحجر بـسببه عـلى مـن‬ ‫خص بذلك‪ .‬واالله أعلم‪ .‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫هل يجوز في الدعاء‪ :‬إن الطاعة تـسرك‪ ،‬والمعـصية لا‪ ‬تـضرك‪ ،‬فهـب لي مـا يـسرك‪،‬‬ ‫واغفر لي ما لا يضرك ؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫أحسب أن االله سبحانه وتعـالى لا يوصـف بالـسرور ولا بـالحزن‪ ،‬وهـو كـذلك عـلى‬ ‫الحقيقة‪ ،‬ولكن يقال‪ :‬إن االله يحب كذا ويرضاه‪ ،‬ويكره كذا ويسخطه‪ ،‬على أني يتوجـه لي أن‬ ‫مثل هذا من القول لو قيل على سبيل المجاز والتوسع لمعنى اتساع الحـب والـرضى لم أبعـده‬ ‫من الصواب‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في)م( زيادة‪ :‬قد‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫‪ ١١٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وفي ظني أن مثل هذا قد يوجد في لفظ الحديث‪ ،‬ولا منافاة بين القول بمنعه على الحقيقة‬ ‫واستباحته في المجاز من القول إن جاز ما حضرني من هذا فلينظر فيه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول شيخنا في الرجل إذا نـودي يـا فـلان‪ ،‬إن أجـاب يقـول‪ :‬يـا االله‪ ،‬أتـرى ذلـك‬ ‫جائزا أم لا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن كانت‪ ‬نيته به ذكر االله فجائز وحسن‪ ،‬وإن أراد به الجـواب فـلا جـواز لـه فـيما‬ ‫‪‬‬ ‫أرى‪ .‬واالله أعلم‪ .‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫يوجد في بعض الآثار قيل‪ :‬إنما يعبد االله من يعرف ما االله‪ ،‬وأمـا مـن لم يعـرف مـا االله‬ ‫فإنه يعبد غير االله‪ ،‬ومن عبد غير االله فقد أشرك باالله‪ ،‬ثم لا يدرك بعقد ضمير‪ ،‬ولا بإحاطـة‬ ‫تفكير‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬من عبد االله بتوهم القلب فهو مشرك‪ ،‬ومن عبد الاسم دون الصفة لا بإدراك‬ ‫فقد أحال على غائب‪ ،‬ومن عبد المعنى بحقيقة المعرفة فهو مؤمن اهـ‪.‬‬ ‫تفضل علينا ِّبين لنا صفة معرفة االله تعالى‪ ،‬وما على العبد في ذلك في جميع ما تعبده االله‬ ‫ َّ‬ ‫به من الفرائض واللوازم‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وخصوصا قليل العلم‪ ،‬وما تأويل عبادات غير االله‪،‬‬ ‫وما معنى من عبد االله بتوهم القلب‪ ،‬ومن عبد المعنى بحقيقة المعرفة؟‬ ‫)‪ (١‬في)ت(‪ :‬كان‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬يذكر‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١١٩‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫أما قوله ]لا يعبد من لا يعرف ما االله[‪ ‬فهو غير صحيح‪ ،‬ولا يجوز لأحد أن يدعي‬ ‫أنه‪ ‬يعرف ما االله‪ ،‬ومن عبد غير االله فقد أشرك كما قالوه‪ ،‬ومن عبده بتوهم القلـب أي إذا‬ ‫توهمه القلب صورة يتخيلها فعبد ذلك الخيال الوهمي فهو‪ ‬مشرك كما ذكره‪.‬‬ ‫ومن عبد الاسم فقد أحال على غائب؛ لأن حقيقة الاسم هي غـير المـسمى‪ ،‬إذا أراد‬ ‫بالاسم نفس الكلمة والحروف المقطعة‪ ،‬أو الـصوت المـسموع‪ ،‬فهـو غـير االله تعـالى‪ ،‬ولهـذا‬ ‫قال‪ :‬قد أحال على غائب‪.‬‬ ‫ومن عبده بحقيقة المعرفة أي عبد المسمى وهو االله تعالى بحقيقة معرفته فهو مـؤمن‪،‬‬ ‫وهذه معان يستغني الضعيف عنها ما لم يخطر بباله شيء منها‪ ،‬فيعتقد خلاف الحق فيها‪ ،‬فلا‬ ‫يعذر وإلا فهو مؤمن بمعرفة االله تعالى‪ ،‬والإيمان به من دون بحث عن مثل هذه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫تفضل علينا بشرح هذا الأثر‪ :‬من عبد الاسم دون المعنى فقد كفر‪ ،‬ومن عبد الاسم‬ ‫ َّ‬ ‫والمعنى فقد أشرك‪ ،‬ومن عبد الاسم دون الصفة لا بإدراك فقد أحال على غائب‪ ،‬ومن عبد‬ ‫وفصل مجمله مأجورا‪.‬‬ ‫وحل مشكله ّ‬ ‫المعنى بعلم الحقيقة فهو مؤمن حقا‪ّ ،‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن كان معناه بالاسم اللفظ المسمى به فاللفظ حروف مخلوقة‪ ،‬وكلمة مصنوعة‪ ،‬ومن‬ ‫اعتقد في عبادته أنه يعبد هذا اللفظ المنطوق به حروفا مسموعة‪ ،‬وأصواتا مصنوعة فقد عبد‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬لا يعبد ما االله‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬أن‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬وهو‪.‬‬ ‫‪ ١٢٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫غير المعبود الواجب الوجود المستحق للعبادة‪ ،‬والكفر بهذا واضح صريح؛ لأنه قـد‪ ‬عبـد‬ ‫غير االله تعالى‪ ،‬وهذا على غير حد ما قاله أصحابنا‪ :‬إن الاسم هو المـسمى‪ ،‬فـإن مـرادهم بـه‬ ‫وجه آخر يذكر في موضعه‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬ومن عبد الاسم والمعنى فالعبادة‪ ‬فيه كما سبق أنه إذا أشرك مع االله تعالى في‬ ‫العبادة شيئا‪ ،‬يعتقد العبادة له معه‪ ،‬وهو الاسم المـذكور فقـد جعـل المعبـود لـه شـيئين‪ :‬همـا‬ ‫الاسم والمسمى‪ ،‬فقد أشرك يشبه مع المعبود غيره في العبادة‪ ،‬وهذا معنى قولـه فقـد أشرك‪،‬‬ ‫وأما قوله‪ :‬ومن عبد الاسم دون الصفه لا بإدراك فالظاهر يشبه أنه مختـل‪ ‬في المعنـى لـو لم‬ ‫يصلحه بقوله‪ :‬لا بإدراك‪ ،‬فإنه إذا لم يعبده بإدراك المعرفة فقد أحال العبادة على ما لم يعرفه‪،‬‬ ‫وهو الغائب عن إدراكه‪ ،‬وكأنه عبر بالصفة هنا عن المسمى‪ ،‬وهو غير سديد‪.‬‬ ‫وقلنا‪ :‬هذا باعتبار أنه إذا عبد الاسم وهو مدرك بالمعرفة أن الاسم غير المسمى وإنما‬ ‫هو لفظ مخلوق فعمد إلى عبادته بإدراك المعرفة بحقيقتـه فقـد تعمـد لعبـادة مخلـوق دون االله‬ ‫تعالى‪ ،‬وهو عالم بذلك فهذا شرك‪.‬‬ ‫وإن عبد الاسم دون المسمى على غير إدراك المعرفة الحقيقة فيه‪ ،‬وإنما هو عـلى معنـى‬ ‫ ِّ‬ ‫وحـل‪ ‬هـذه العبـارات‪،‬‬ ‫التأول أنه هو الرب المعبود‪ ،‬وهو غير عارف بتمييز هـذه المعـاني‪،‬‬ ‫وكشف تلك الحقائق فهذا متأول أو جاهل بالحقائق أراد الحق فأخطأ‪ ،‬وأحال العبادة عـلى‬ ‫غائب بجهله‪ ،‬أي‪ :‬وضعها في غير موضعها‪ ،‬وأتى بها لغير من هي لـه‪ ،‬فكـأنما أحـال الحـق‬ ‫لغائب عنه‪ ،‬أي‪ :‬ليس من أهله البتة‪ ،‬وحكمه الكفر بـذلك وإن لم يـصرح بـه هنـا تنويعـا‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬العبارة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬يختل‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬جعل‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٢١‬‬ ‫للعبارة‪.‬‬ ‫وهذا معنى قولنا‪ :‬لو لم يصلحه بقوله لا بإدراك‪ ،‬فإنه قد جعله قيدا أخرج به عنه من‬ ‫تعمد لعبادة غير االله تعالى في علمه‪ ،‬أو‪ ‬بعد قيام الحجة عليه من السماع‪ ،‬أو من عقله‪ ،‬فإنه‬ ‫غير منفس له في ذلك‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬من عبد المعنى بعلم الحقيقة‪ ،‬أي عبد المـسمى بالأسـماء الحـسنى‪ ،‬والـصفات‬ ‫العليا ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬وكانت عبادته بمعرفة به بالحقيقة‪ ،‬فهو المؤمن حقا‪ ،‬ولقد‪ ‬تنـوع‬ ‫في العبارة‪ ‬مرة جعله المعنى‪ ،‬فهو معنـى الاسـم بـلا شـك‪ ،‬ومـرة قـال‪ :‬هـو المـسمى وهـو‬ ‫واضح‪ ،‬وطورا عبر عنه بالـصفة لعلـه بـإرادة موصـوفها‪ ،‬فكأنـه جعـل الأسـماء مـن أسـماء‬ ‫الصفات الدالة على مدلولها وهو المسمى‪ ،‬وهذه أبعد من الوضوح كما سبق‪ ،‬ويخرج معناها‬ ‫على هذا‪ ،‬فكلها ترجع إلى أصل واحد‪ ،‬وتسقى بماء واحد‪ ،‬ونفضل بعضها على بعض‪ ،‬واالله‬ ‫يقول الحق وهو يهدي السبيل‪ ،‬فلينظر فيه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول فيمن يكتب خطوطا وفيها اسم من أسماء االله تعالى‪ ،‬أيجوز له أن يرسلها مع‬ ‫هؤلاء النصارى أو البانيان من بلد إلى بلد‪ ،‬سواء الخطوط مشمعة أو مغلف عليها؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫لا بأس بذلك‪ ،‬ولو كتب فيها البسملة أو غيرها ما لم يكن مصحفا أو قرطاسـة منـه‪،‬‬ ‫ففي الأثر جواز مثله للجنب أن يقرأ من كتب العلم ما سوى القرآن‪ ،‬وقلما يخلو كتاب من‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬لعبارة‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬لو‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬العبادة‪.‬‬ ‫‪ ١٢٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫كتب المسلمين لم يذكر فيه اسم االله أو البسملة أو بعض الآيات‪ ،‬ومـا جـاز في هـذا جـاز في‬ ‫ذلك فيما عندي‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫في »القاموس«‪ :‬إن الدهر من أسماء االله تعالى‪ ،‬وهذا نص لفظه‪ :‬الدهر قد يعد‪ ‬مـن‬ ‫أسماء االله الحسنى‪ ،‬والزمن الطويل‪ ،‬والأمد الممدود‪ ،‬وألف سنة‪.‬‬ ‫وفي الشرح المضاف إلى الشيخ محمد بن وصاف‪ ‬في دعـائم الإسـلام‪ :‬وفي الحـديث‬ ‫عن النبي ^‪  :‬ذكره ابن وصاف أيضا‪ ،‬فهل يصح‬ ‫أن يكون الدهر من أسمائه تعالى الحسنى عندك أم لا؟ وإن صـح فهـل يـسع جهـل أنـه مـن‬ ‫أسمائه بعد قيام الحجة فيه بسماعه‪ ،‬وكذلك سائر أسمائه الحسنى وصفاته العليا أهي مما يسع‬ ‫جهله أم فيها عموم وخصوص؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫ومثل هذا قد حكاه الأكابر الأسلاف بها تعلقا بظاهر الحديث‪ ،‬ونحن لا نقول بهـذا‬ ‫لقصور علمنا‪ ،‬وفتور فهمنا‪ ،‬والذي نراه أقرب إلى الحق قول من يتأول الحديث‪ :‬‬ ‫‪ ‬أي هو فعل االله وقضاؤه وقدره‪ ،‬وله الخلق والأمر‪.‬‬ ‫فمن نظر إلى الزمان من حيث القضاء والأوامر الإلهية والأفعال الربانية في رفع طاغ‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬تعد‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬هو محمد بن وصاف النزوي من علماء النصف الثاني من القرن السادس‪ ،‬مـن مؤلفاتـه كتـاب »شرح‬ ‫ً‬ ‫أيـضا‪.‬‬ ‫الدعائم« لابن النضر‪ ،‬وله شرح على القصيدة اللامية في الولاية والبراءة وهـي لابـن النـضر‬ ‫ينظر‪ :‬إتحاف الأعيان ‪.٥٣٦/١‬‬ ‫)‪ (٣‬أخرجه بهذا اللفظ مسلم في كتاب‪ :‬الألفاظ من الأدب‪ ،‬باب‪ :‬النهي عن سـب الـدهر )‪ (٥٨٢٧‬مـن‬ ‫طريق أبي هريرة‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٢٣‬‬ ‫وإعزاز باغ‪ ،‬وإذلال مؤمن والإساءة إلى محسن‪ ،‬فقد طغى في الحكمة الإلهية وجهل الإرادة‬ ‫الربانية‪ ،‬فنهى الشارع عن ذلك مخافة الوقوع في المهالك‪ ،‬ولا يجوز قطعا أن يعتقد في الدهر‬ ‫الذي هو الزمان أنه االله؛ لأن الدهر خلقه‪ ،‬والزمان ملكه‪ ،‬وتقدير حذف المضاف شائع لا‬ ‫غبار عليه‪ ،‬فالدهر خلق االله أو أمره أو صنعته أو قضاؤه أو قدره‪ ،‬أو ما يجري مجرى ذلك‪،‬‬ ‫وإنما حذف المضاف ليتناول كل محتمل أن يقدر فلا لبس‪ ،‬وقد تكفل االله سبحانه بإيضاح‬ ‫ذلك في كتابه العزيز‪ ،‬في رده على الدهرية القائلين‪ ،LFE D C M :‬ولو كان الدهر‬ ‫هو االله سبحانه لكان قولهم ذلك صوابا‪ ،‬فلا يحتاج بطلبه من االله سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫ومتى صح أن الحديث متأول فعده في الأسماء الحسنى ليس بصحيح إلا على المذهب‬ ‫الأول المبني على ظاهر اللفظ من الحديث؛ لأنه لم يثبت بغيره فيما تناهى إلينا‪ ،‬ونحن لا نراه‬ ‫ولا نقول به لما بنا من ضعف وجهل وقصور‪ ،‬وأسماء االله كلها مما يسع جهلـه مـا لم تقـم بـه‬ ‫الحجة من السماع الذي لا يجوز الـشك فيـه بخـلاف المـسمى الواجـب الوجـود‪ ‬سـبحانه‬ ‫وتعالى‪.‬‬ ‫وكذلك صفاته الجليلة فهي‪ ‬مما لا‪ ‬يسع جهله‪ ،‬ومتى خطرت ببال كل ذي عقـل‬ ‫من البالغين‪ ،‬فلا ينفس بعد ذلك في معرفتها والعلم بها‪ ،‬وباالله تعالى بأي لفظ اهتدى إليه‪.‬‬ ‫فالعجمي مثلا إن عرف االله تعالى بلغته كان مؤمنا‪ ،‬ولـو سـمع لفـظ الخـالق الـرازق‬ ‫والسميع والبصير وغيرها ولم يعرف المراد به فإنه يكون مؤمنا عارفا بـاالله تعـالى؛ لأنـه غـير‬ ‫مخاطب في أصل الإيمان بمعرفة الأسماء الحسنى؛ وإنما يكون مؤمنا بنفس معرفة االله تعـالى‪،‬‬ ‫والشهادة له بأي لغة كانت‪ ،‬وبأي وجه بلغ إلى معرفته ذلك فقد حصل له الغرض‪ ،‬وتم له‬ ‫)‪ (١‬الجاثية‪ :‬الآية )‪.(٢٤‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬وهي‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫‪ ١٢٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫التعبد‪.‬‬ ‫والعربي عكس العجمي فيما يكون من الأسماء العجمية في الكتب المنزلة من التـوراة‬ ‫والإنجيل والزبـور‪ ،‬وتـسبيحات الملائكـة الكـرام عـلى اخـتلاف أنـواع اللغـات‪ ،‬ولكثرتهـا‬ ‫وتعدد صنوفها إلى غاية لا يحيط بعلمها إلا الذي أحصى كل شيء عددا‪ ،‬وأحاط بكل شيء‬ ‫علما سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫ولا ندري بما استأثر االله به لنفـسه فلـم يظهـره لخلقـه أو أظهـره في أوان‪ ،‬وأخفـاه في‬ ‫زمان‪ ،‬كما ثبت في الحديث‪ :‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬ففيه ما يستدل ]به كل[‪ ‬ذي بال على عدم الحصر فوق التناهي في معرفة الأسماء‬ ‫الحسنى‪ ،‬وهو كذلك بغير شـك لاجـتماع دلالتـي العقـل والنقـل عـلى ذلـك‪ ،‬ولا يـرد هـذا‬ ‫الحديث‪  :‬فليس فيه دليل‬ ‫على الحصر‪ ،‬وإنما هو مـسوق‪ ‬لبيـان فـضل مـا نـص عليـه الحـديث منهـا لا غـير‪ ،‬فهـي أم‬ ‫الكتاب‪ ،‬وعليها المدار في هذا الباب‪ ،‬فهذه عجالة حضرت الفقير في هذا البحر الطويل‪،‬‬ ‫واالله يقول الحق وهو يهدي السبيل‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قال الشيخ ابن أبي نبهان ما نصه‪ :‬وبالجملة‪ ،‬فما أخبر االله أنه كان وأنه سيكون بعد أو‬ ‫)‪ (١‬سبق تخريجه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سبق تخريجه‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬مشوق‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في الأصل زيادة )قطب( بعد كلمة‪ :‬الكتاب‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٢٥‬‬ ‫لا يكون البتة وجب الإيمان بتصديقه فيما أخبر وانتقل من قسم الممكن إلى قـسم الواجـب‪،‬‬ ‫ولكن لا على أنه واجب عليه الوفاء في فعل ما قالـه‪ ،‬ليكـون صـادقا بـل لـو أخلفـه لم يكـن‬ ‫كاذبــا‪ ،‬إذ لا تلحقــه‪ ‬صــفات الكــذب والخلــف ممــا خلقــه االله تعــالى‪ ،‬ولا يــضادد صــدقه‬ ‫الكذب‪ ،‬ولا علمه الجهل‪ ،‬ولا قدرته العجز‪ ،‬وعلى هذا في صفاته؛ لأن كـل ذلـك هـو مـن‬ ‫خلقه تعالى‪ ،‬ولكن ألزمنا نحن أن نصفه بصفاته‪ ‬الواجبة له‪ ،‬ومن صفاته الصدق‪ ،‬وإن‬ ‫وصفناه نحن أنه غير صادق‪ ،‬فقد وصفناه بصفات خلقه أنه كاذب تعالى االله عن ذلك علوا‬ ‫كبيرا‪.‬‬ ‫بـين‬ ‫شيخنا‪ :‬وجدنا هذا عن هذا الشيخ‪ ،‬ولم نعرف قوله‪ :‬بل لو أخلفه لم يكن كاذبا‪ ،‬ ِّ‬ ‫لنا ذلك تؤجر إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫واالله أعلم‪ ،‬والذي معنـا فيـه أن أوضـح العبـارات وأصـحها في الـصفات الإلهيـة أن‬ ‫وصفه تعالى بالعلم عبارة عن نفي الجهل عنه‪ ،‬ووصفه بالقدرة عبارة عن نفي العجز عنـه‪،‬‬ ‫وهكذا فالجهل ضد العلم‪ ،‬والعجز ضد القدرة‪ ،‬والموت ضد الحياة‪.‬‬ ‫ومن وصفه بذلك فقد أثبت له سبحانه من صفاته ما وجب ونفى عنه أضدادها من‬ ‫المستحيل عليه‪ ،‬فإن‪ ‬كان معناه أن الجهـل لـيس بـضد العلـم في هـذا المعنـى فهـذا باطـل‪،‬‬ ‫وكيف يصح مع تصريحهم بأن العلـم معنـاه صـفة نفـي الجهـل عنـه سـبحانه وتعـالى‪ ،‬فهـما‬ ‫صفتان متضادتان عـلى الأبـد‪ ،‬لا يجتمعـان في محـل واحـد ولا في منعـوت واحـد‪ ،‬في حالـة‬ ‫واحدة أبدا‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬يحلقه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت( بصفات‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬إن‪.‬‬ ‫‪ ١٢٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وإن كان مراده تنزيه االله تعالى عن الأضداد المنفية عنه من الجهل والكـذب والعجـز‬ ‫ونحوها بمعنى أنه سبحانه لم يتصف بشيء من ذلك أبدا حتى ينفـى عنـه ويثبـت لـه ضـده‬ ‫فيكون وصفه بالعلم نفيا لجهل كان به‪ ،‬وهكذا في سائرها فهو حق ولكن عبارته لم تـساعد‬ ‫عليه؛ لأن قوله لو أخلفه لم يكن كاذبا يدل على المعنى في بيـان الـشرع أنـه لـو أخلفـه سـمي‬ ‫مخلفا‪ ،‬ولكنه لا يخلف الميعاد‪ ،‬وهو صريح بأنه لـو قـال بغـير الـصدق يـسمى كاذبـا إلا أنـه‬ ‫سبحانه لا يقول إلا صدقا‪ ،‬ولا يبدل القول لديه‪ ،‬فهو الصادق جزما‪ ،‬ولا سبيل إلى تقـدير‬ ‫إخلافه ولا كذبه؛ لأنه من تقدير‪ ‬الباطل عليه‪ ،‬فكيف يفرض‪ ‬ويقدر‪.‬‬ ‫وهذا باطل‪ ،‬هذا ما لا يصح في نقل‪ ،‬ولا يقبله عاقل‪ ،‬فما هو إلا كقـول قائـل‪ :‬لـو أن‬ ‫االله سبحانه وتعالى لا يعلم بعض الأشياء فلا يسمى بجاهل‪ ،‬ومـن المحـال أن يكـون عالمـا‬ ‫غير عالم‪ ،‬وقادرا غير قادر‪ ،‬فيكون إلها غير إله‪ ،‬ومن جاز هذا فيه فكيف لا يجوز وصفه بـما‬ ‫لا تحقق فيه من جهل أو عجز أو غيره‪ ،‬واالله منزه عن ذلك كله‪ ،‬وعـن تقـديره لـه سـبحانه‬ ‫وتعالى عن ذلك علوا كبيرا‪ .‬واالله أعلم‪ ،‬فلينظر فيه‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬ ‫ما تقول في رجل تتصور له ذات االله تعالى في قلبه‪ ،‬ماذا يفعـل هـذا الرجـل أيكفيـه‬ ‫الاستغفار؟ وإذا عارضه مثل هذا يكون يرد نفسه وينـزه مـولاه عـن التـشبيه‪] ،‬أم لا[‪ ‬أم‬ ‫كيف يفعل؟ علمنا مما علمك االله‪ ،‬نسأل االله السلامة لنا ولك‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬بتقدير‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬يعرض‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬يكفيه‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٢٧‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫يكفيه أن يكره‪ ‬ذلك بقلبه‪ ،‬وأن يعتقد أن االله منزه عنه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول أيجوز أن يقول الرجل‪ :‬يعلم االله بعلمه أم لا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫قيل بجوازه‪ ،‬وقيل بمنعه‪ ،‬وقيل بجوازه لمن عرف حقيقة معناه‪ ،‬وإلا فـالمنع‪ ،‬ويجـوز‬ ‫القول بجوازه إلا لمن يعتقد فيه معنى لا يجوز‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما حقيقة معناه‪ ،‬وما الذي لا يجوز الاعتقاد فيه من ذلك؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫من اعتقد فيه أنـه يعلـم بعلـم هـو غـيره‪ ،‬فقـد جعلـه محتاجـا لغـيره‪ ،‬وجعلـه محتاجـا‬ ‫للحوادث‪ ،‬وهذا لا يجوز‪ ،‬ومن عرف أن علم االله صفة من صفاته الذاتية وهي هو فليست‬ ‫هي غيره ولا هي شيئا زائدا عليه فالقول بذلك جائز‪ ،‬ويكـون سـبيلها كـسبيل القـول بأنـه‬ ‫يعلم بذاته لا غير‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫أيجوز أن يقال‪ :‬إن االله يرزق الحرام أم لا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫قد قيل‪ :‬إن الحلال والحرام كله في الأصل من رزق االله كما أنه في خلقه‪ ،‬وهل من‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬نكره‪.‬‬ ‫‪ ١٢٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫رازق غير االله‪ ،‬ولكن يمنع أن يقال‪ :‬إن االله يرزق الحرام؛ لأنه سبحانه وتعالى منزه عن أن‬ ‫يسمى أو يوصف بغير الأسماء الحسنى‪ ،‬والصفات الجليلة بدلالة قوله تعالى‪C M :‬‬ ‫‪ ،LM L K J I HG F E D‬ومن الإلحاد في أسمائه أن‬ ‫يوصف بقبيح أو يسمى به‪ ،‬وكل مستقذر في العقل والطبع فاالله تعالى منزه عنه‪ ،‬فلا يقال‪:‬‬ ‫إنه أزنى ولا أسرق ولا أربى ولا أفسد‪ ،‬ولا رزق الحرام‪ ،‬ولا دبر الظلم في الأرض‪.‬‬ ‫كما لا تضاف أسماؤه إلى شيء من القاذورات‪ ،‬فلا يقال‪ :‬يا خالق البول والغـائط‪ ،‬لا‬ ‫يدعى بذلك ولا يـسمى بـه؛ إذ لـيس مـن المستحـسن أن‪ ‬يـدعى بأنـه خـالق القبـيح‪ ،‬ولا‬ ‫يوصف بأنه فاعل الشر‪ ،‬ولا يسمى بأنه مقدر الفحشاء والمنكر ولا‪ ‬أمر بها‪ ،‬ولا رضيها‪،‬‬ ‫ولا أحبها ولا اختارها؛ لأن االله لا يحب الفساد‪ ،‬ولا يـأمر بالفحـشاء ولا بـالمنكر‪ ،‬وهـو لا‬ ‫شك أنه خالق السموات والأرض وما فيهن ومن فيهن‪ ،‬فكل شيء من خلقه‪ ،‬وكل حسن‬ ‫أو قبيح فهو شيء‪ ،‬والشيء‪ ‬في الوجود سواه إلا وهو من خلقه ولا يـصل إليهـا شيء مـن‬ ‫‪‬‬ ‫النفع إلا وهو من رزقه فهو بالنسبة إليه حسن‪ ،‬وإنما الحلال والحرام من الطوارىء الحكمية‬ ‫المتعبد بها‪ ،‬فقد يكون الحلال حراما في حق المتعبد بحرمته دون الآخر‪ ،‬وكله من رزق االله‪،‬‬ ‫وإنما يعذب بأحكامه‪ ،‬ويعاقب على عصيانه‪ ،‬وانتهاك أوامره‪ ،‬وتعدي حدوده لا على رزقه‪،‬‬ ‫ولا بسبب خلقه ولا بجور منه‪ ،‬ولا فساد‪ ‬ولا ظلم‪ ،‬وما ربك بظلام للعبيد‪.‬‬ ‫فانظر يا أخي كيف منـع شرعـا مـا هـو حـق في الحقيقـة‪ ،‬وإنـما ضرب دونـه حجـاب‬ ‫)‪ (١‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(١٨٠‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬بأن‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م( زيادة‪ :‬والفحشاء‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬كذا في الأصل‪ ،‬وصوابه‪ :‬وليس شيء في الوجود سواه إلا وهو من خلقـه‪] .‬التعليـق لـسماحة الـشيخ‬ ‫الخليلي[‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬بفساد‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٢٩‬‬ ‫الآداب‪ ،‬واعترض على طريقه سد الاحترام لمقام ذي العزة والجلالة أن يتفـوه لـسان بـما لا‬ ‫يحـسن في صـفاته‪ ،‬ولا يعـذب في أسـمائه وأفعالـه دلالــة عـلى عظـم جلالـه‪ ،‬وتنويهـا لكــمال‬ ‫صفات جماله‪ ،‬وإظهارا لتقديس أسمائه وتنزيه كماله‪ ،‬فليقف كل ذي عقل عند ما أبيح له من‬ ‫القول غير متجاوز إلى ما جاز في الاعتقاد أن يعلم وجوبا أنه منه وعنه سبحانه‪ ،‬فلا بد مـن‬ ‫طريقتين لمن رام الحقيقتين‪.‬‬ ‫فالحقيقة تنادي بلسان حالها أن من كمال الإيمان أن تؤمن بالقدر كله خيره وشره‪ ،‬أي‬ ‫تعلم أنه من االله وعن االله؛ إذ لا محرك في الحقيقة ولا مسكن سواه‪ ،‬بل إذا اعتبرت الأصل‪،‬‬ ‫وكشف لك الغطاء اضمحلت عند ذلك الآثار في الشهود‪ ،‬ولم يبق غير المـؤثر في الوجـود‪،‬‬ ‫فلا صادر ولا وارد ولا ساكن ولا متحرك ولا قبيح ولا حسن ولا شدة ولا رخـاء‪ ،‬وإنـما‬ ‫هي ضـمائر أسرار‪ ،‬ومظـاهر أنـوار‪ ،‬يـتجلى فيهـا للمبـصرين مـن غرائـب التوحيـد مـا يبهـر‬ ‫العقول‪ ،‬فلا بد من أن يربط عليها‪ ،‬فتقاد بسلاسل الـشريعة إليهـا‪ ،‬فـلا يجـوز التعـدي عـن‬ ‫ظــاهر مــا أبــيح فيهــا مــن قــول أو فعــل فــافهم الفــرق بيــنهما‪ ،‬وتــأدب في مجــالس الــشريعة‬ ‫بحدودها‪ ،‬وتنعم من كؤوس الحقيقة بشهودها‪ ،‬واعـرف قـدر مـا صـار إليـك‪ ،‬وانظـر فيـه‬ ‫لتعمل بعدله‪ ،‬فقد وافتك بديهة من دون رؤيـة ولا التفـات إلى تنظـيم الألفـاظ‪ ،‬في قوالـب‬ ‫السبك بميزان البلاغة والحمد الله رب العالمين‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫مــا قولــك في الإنــسان إذا شــك أو اعتقــد أن االله ســبحانه وتعــالى تــراه الوجــوه يــوم‬ ‫القيامة‪ ،‬رؤية بعين الرأس جهلا منه على غير تأويل‪ ،‬أيبلغ به شكه ذلك‪ ،‬أو اعتقاده إلى كفر‬ ‫شرك‪ ،‬أم هو منافق؟‬ ‫وكذلك إذا شك أو اعتقد أن االله يبصر بعين‪ ،‬أو يسمع بأذن‪ ،‬أو أن له وجهـا أو غـير‬ ‫ذلك من الصفات المنفية عن االله‪ ،‬أو أنه قادر بقدرة‪ ،‬أو عالم بعلم‪ ،‬أيصير بأحد هذه المعـاني‬ ‫‪ ١٣٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫مشركا‪ ،‬ويكون حكمه كحكم‪ ‬أهل الشرك من انحلال عقدة الزوجية‪ ،‬وتحـريم المناكحـة‬ ‫تفضل بتصريح ذلك‪.‬‬ ‫وغير ذلك‪ ،‬ َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫قــد قيــل في الأصــول‪ :‬إن هــذا وبابــه ممــا تقــوم بــه‪ ‬حجــج العقــول فــلا يــنفس ]في‬ ‫الجهل[‪ ‬به لعدم سعة ذلك في مثله بعد قيام الحجة به بتأديه إلى عقله من أي وجه مـا ولـو‬ ‫من نفس خاطر البال فضلا عن المقال ممن كان مطلقا‪ ،‬فإذا قامت به نفس حجة العقل لديه‬ ‫فآمن به فهو الذي عليه‪ ،‬وإن رده جحودا أو شكا فبجحده الجملة‪ ،‬أو شك فيها يكون ذلك‬ ‫منه في الإجماع شركا‪ ،‬ولا نعلم في شيء من هذا اختلافا‪.‬‬ ‫فإن أقر بالجملة إلا أنه شك في شيء من تفسيرها‪ ،‬مما هو‪‬لاحق بها في وجوب الإيقان‬ ‫به في أصل الإيمان مما لا يسع جهله ولا الشك فيه ولا رده على حال فإنه والحالة هـذه‪ ‬لا‬ ‫بد فيه من أحد حكمين‪ :‬إما شرك‪ ،‬وإما كفر نعمة وضلال؛ لأن شكه والجحد لـه سـواء في‬ ‫نقض الميثاق الذي أخذ عليه‪ ،‬بأن يؤمن به على الإطلاق‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫فإن كـان شـكه أو رده بالجهالـة في ]نـوع لمـا لا[‪ ‬يقبـل التأويـل عـلى ]شيء مـن[‬ ‫مذاهب الضلالة‪ ،‬كالشك في قدرة االله تعالى على كل شيء فحكمه الشرك في قول أهل الحق‬ ‫والعدالة‪ ،‬كما صرح به في هذه المسألة الأثر‪ ،‬وإنه لمن الـصحيح في النظـر؛ لأنـه إذا لم يـشرك‬ ‫بالشك في القدرة‪ ،‬فمثله الشك في نفس الربوبية والألوهية والوحدانية‪ ،‬وكـذا لـو شـك في‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬كأحكام‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت( زيادة‪ :‬ج‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬بالجهل‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬مالا‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬سقط من )م(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٣١‬‬ ‫كونه حيا عليما خبيرا عظيما سميعا بصيرا‪.‬‬ ‫أو شك‪ ‬أنه هل من خالق غيره‪ ،‬أو مصور أو توهم في صفاته ما لم يجز إلا نفيه عنه‪،‬‬ ‫وتنزيهه منه‪ ،‬كالقول بأنه والد أو‪ ‬مولود‪ ،‬أو أنه محدث أو فان أو ميت أو مفقود‪ ،‬أو عاجز‬ ‫أو فقير‪ ،‬أو جاهل أو ضريـر‪ ،‬أو لـه شريـك أو نظـير‪ ،‬أو وزيـر أو مـشير‪ ،‬أو مـساعد ظهـير‬ ‫سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير‪.‬‬ ‫فهذا كله مما لا يحتمل التأويل‪ ،‬ولا يتعلق فيه بتعليل‪ ،‬ولا يجوز فيه غـير مـا قيـل مـن‬ ‫تشريك من توهمه شكا أو قال به إفكا؛ لأنه من بعض أصول التوحيـد‪ ،‬ومـا عليـه لموجـب‬ ‫الإشراك من مزيد فهو الوجه الأول‪.‬‬ ‫وثانيها‪ :‬ما يتعلق فيه بفاسد التأويل الكاسد‪ ،‬كما هو شائع في ضـلالات أهـل القبلـة‬ ‫من العقائد المخالفة للمحقين من أهل النحلة‪ ،‬إلا أنه لا بد فيه من حد ينتهي إليه‪ ،‬فيعول في‬ ‫الحكم عليه‪ ،‬فيكون فرزا بين كفر النعمة والشرك يعرف به من وقف لديه‪.‬‬ ‫فنقول‪ :‬إن المتأول في هذا على حالين‪ ،‬ولا بد فيه من حكمين‪ ،‬أفادهما الأثر الصحيح‪،‬‬ ‫وكلاهما فيه صريح‪ ،‬فإن‪ ‬المتأول عندهم ما لم ينته إلى التجسيم والتحديد فهو كافر نعمـة‪،‬‬ ‫ولهم في المجسمة تفصيل آخر‪ ،‬لا بد أن نذكر لك حكمه إن شاء االله‪.‬‬ ‫فالتأول كالقول أو الشك في رؤيته تعالى بـالعين النـاظرة في هـذه الـدنيا والآخـرة أو‬ ‫فيهما‪ ،‬فإن لم يثبت له سبحانه في اعتقاده ذلك جسما سويا‪ ،‬أو جوهرا أو عرضا مرئيا‪ ،‬وكان‬ ‫في ذلك ذاهبا إلى فساد التأويل في تأويل معـاني الكتـاب بالكتـاب‪ ،‬أو الـسنة أو إجمـاع أهـل‬ ‫الضلالة‪ ،‬أو آثارهم المحالة أو تأويل السنة أو الإجماع بشيء من ذلك‪ ،‬فهو لإقراره بالجملة‬ ‫من كفار النعمة من أهل القبلة‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬زيادة‪ :‬في‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت( فأما‪.‬‬ ‫‪ ١٣٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وكذلك حكم من كان في هذا السبيل مقلدا لأهل التأويل‪ ،‬تابعا لـنهجهم الـضليل‪،‬‬ ‫مع قصوره عن معرفة صحيح التأويل وسقيمه‪ ،‬وحقه وباطله‪ ،‬فله بالتبعية‪ ‬في الـضلالة‪،‬‬ ‫وكفر النعمة حكم المتأول‪ ،‬وعلى أكثر أهل القبلة فلا يحكم بـشركهم والحالـة هـذه إجماعـا‪،‬‬ ‫وإذا ثبت هذا في المقلد مع قيام الحجة عليه من شواهد‪ ‬عقله‪ ،‬ووضوح دلالة التوحيد لـه‬ ‫في عدله‪ ،‬مع عدم تأوله في نفس تقوله‪ ،‬وقيامه على اعتقاد صريح الإلحاد في هذا وشكله‪،‬‬ ‫فغير بعيد فيما معي أن يلحق به كل معتقد لذلك أنه نفس المعرفة وحقيقة الصفة‪ ‬لظلمة في‬ ‫قلبه حجبته عن ربه‪ ،‬فهداه سوء فهمه إلى ضلالة وهمه من غير نظر في دليل إلى تعلق بأصل‬ ‫تأويل فإنه لعماه مقلد لهواه‪.‬‬ ‫كما أن ذلك التابع مقلد لشيخه الرافع‪ ،‬وكله ما لا عذر فيه في حين في رأي ولا دين‪،‬‬ ‫وقد ثبت في ذلك المقلد ‪-‬بكسر اللام‪ -‬عـدم شركـه بالإجمـاع‪ ،‬ولـو لم يخطـر التأويـل بقلبـه‬ ‫البتة‪ ،‬لاكتفائه بالسماع‪ ،‬أفلا يكون الجاهل في ذلك مثلـه‪ ،‬ولم يـزد عليـه بـصفة توجـب عنـه‬ ‫فضله إلا ما سمع من قدوته‪ ‬الأثيم جواز الرؤية على ربه الكريم‪.‬‬ ‫وبالإجماع أنه لم يستفد في هذا المحل بشيء من السماع؛ لأنه مما قامت الحجة بـه عليـه‬ ‫من عقله‪ ،‬فلم يوسع له في إنكارها‪ ،‬ولا الشك فيهـا بجهلـه‪ ،‬وبعـد قيـام الحجـة‪ ،‬ووضـوح‬ ‫المحجة فالتعلق بباطل‪ ‬المسموع لا شك من الممنوع‪ ،‬أفيعـذر التـابع مـن إنزالـه في منزلتـه‬ ‫لضلالة المتبوع لو أن الشرك يلزم كل قائل به‪ ،‬إلا من كان في حاله فقيها في شرع ضلاله؟‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬في التبعية‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت( شاهد‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬هكذا في أجوبة المحقق الخليلي وكتبه إلى الإمام عزان‪ ،‬ص‪ ،٣‬وفي نسخ التمهيد‪ :‬بقوله‪ ،‬وفي مخطوطـة‬ ‫أجوبة الخليلي‪ ،‬ص‪ :٣‬لقوله‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت( للصفة‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬قدرته‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت( بظاهر‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٣٣‬‬ ‫كلا بل يستوي العالم والجاهل في هذا وغيره من الباطل‪ ،‬فلا‪ ‬يبعد في كل مـن هـام‬ ‫بوادي الضلالة بما يحتمله التأويل من مذاهب أهل البدع والجهالـة‪ ،‬وإن لم يهتـد لمـا بـه مـن‬ ‫تأويل أن يكون له فيه وما لهم من كفر النعمة والتضليل‪ ،‬فإنـه في الـصورة بمنزلـة المتـأولين‬ ‫ضرورة‪ ،‬فلا يحكم بشركه على هذا من إفكه‪.‬‬ ‫فإنه بالشك فيه‪ ،‬والاعتقاد له في حينه مبتدع ناقض لأصل دينه إن صح مـا‪ ‬أراه في‬ ‫ذلك‪ ،‬وإن لم أجده مفسرا كذلك‪ ،‬فينبغي أن ينظر فيه من قدر‪ ،‬ليأخذ منه أو يذر‪ ،‬ثم ليطالع‬ ‫فيه الأثر‪ ،‬فإن وافق فمن فضل المولى‪ ،‬وإن خالفه فاتباع الحق أولى‪ ،‬أم تظنه يكون في هذا مع‬ ‫الجهالة به من المشركين‪ ،‬وأنا لا أدريه‪ ،‬فكيف أقول به في حين‪.‬‬ ‫وإياك ثم إياك أن‪ ‬تعجل بالحكم على أهل القبلة بالإشراك من قبل معرفة بأصوله‪،‬‬ ‫فإنه موضع الهلاك والإهلاك‪ ،‬وعلى هذا لو وصفه جهلا بحركة أو سكون‪ ،‬فقال إنـه ينـزل‬ ‫إلى سماء الدنيا‪ ،‬وبالاستقرار‪ ‬على العرش استوى‪ ،‬وإنه بقدرة قدير‪ ،‬وبعلم وخـبرة علـيم‬ ‫خبير‪ ،‬وإن له نفسا ووجها وعينا ويدا وغير ذلك مما‪ ‬جاء به في الأصل عن االله هدى‪ ،‬إلا‬ ‫‪‬‬ ‫أنه ضل في سبيله عن صحة تأويله‪ ،‬أو قال بما يشبه هذا أو يضاهيه أو شك لعظم غباوته‬ ‫فيه‪ ،‬فالقول فيه كذلك‪ ،‬بأنه كافر نعمة هالك‪.‬‬ ‫وهكذا الحكم على اطراده‪ ،‬يكون في كل من تستر عن التجسيم بشيء به يتمـسكون‪،‬‬ ‫كقولهم في الرؤية بلا كيف‪ ،‬وفي اليد لا كالأيدي‪ ،‬وفي العين لا كالعيون‪ ،‬وقس عليه‪ ،‬ومـع‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬أفلا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬لما‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬بالإقرار‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬و)م( فما‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬لغباوته‪.‬‬ ‫‪ ١٣٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫عدم التصريح بما زاد عليه مـن قـول قبـيح فـأحق مـا بهـم مـن شريعـة المـولى أن يكـون هـذا‬ ‫الأصل في الحكم بهم أولى‪ ،‬ما لم يصح ما يـنقلهم عنـه مـن ضـلالة أو هـدى‪ ،‬إلى سـلامة أو‬ ‫ردى‪.‬‬ ‫فإن زاد على هذا في بهتانـه العظـيم‪ ،‬فـأتى بـصريح التـشبيه في التجـسيم‪ ،‬مـن وصـفه‬ ‫بالجواهر والأعراض‪ ،‬والكليات والأبعـاض‪ ،‬أو بـشيء مـن الجـوارح والأعـضاء‪]،‬بقـصد‬ ‫حقيقة مفهوم العضو والجارحة مـن هـذه الأشـياء كـالعينين والأذنـين واللـسان والـشفتين‬ ‫والوجه واليدين والأصابع والرجلين ولم يكن قصده التوسع في هذا بمجاز القول لفظا عن‬ ‫إرادة الحقيقة من الأعـضاء[‪ ‬ولا يـستتر فيـه بـشيء يلابـسه عـن كـشف حقيقـة التجـسيم‬ ‫والتصور محضا ففي هذا وبابه قد تردد الفقهاء بالرأي في أي الحكمين أولى به‪ ،‬فقول بشركه‬ ‫مجملا‪ ،‬وقول بكفر نعمة على حال ما كان متأولا‪.‬‬ ‫وقــول إن صرح بــه أنــه جــسم كهــذه الأجــسام أو جــوهر كجواهرهــا‪ ،‬أو عــرض‬ ‫‪‬‬ ‫كالأعراض الحالة في الأجرام‪ ،‬أو أن يده أو وجهه أو عينه أو ً‬ ‫شيئا منه كهذه الجوارح‪ ،‬أو‬ ‫حده من قوله الفادح بالأبعاد الثلاثة المختصة بالأجساد طولا وعمقا وعرضا‪ ،‬أو بـالتحيز‬ ‫والانتقال‪ ،‬والحلول والاتصال والانفصال‪ ،‬مصرحا في هذا كله بأنه فيه كغيره‪ ،‬وله فيـه مـا‬ ‫لغيره من عوارض الأجسام أو الجواهر في الأحكام‪ ،‬فإنه بهذا يكون مشركا في هذا الـرأي‪،‬‬ ‫ومرتدا به بعد الإسلام‪ ،‬على أنه ما لم يخرج به من دائرة المتأولين ففي نفسي أن القول بشركه‬ ‫موضع رأي لا‪ ‬دين‪ ،‬لما في الأثر الصحيح من إطلاق أن المتأول يخرج بالتأول‪ ‬من دائرة‬ ‫الشرك إلى كفر النعمة والنفاق إلا أن القول بشركه في هذا المقام هو أشهر ما فيه وأصرح ما‬ ‫)‪ (١‬سقط من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬ولا‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬التأويل‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٣٥‬‬ ‫حكاه الأعلام‪.‬‬ ‫وقد نسب مثل هذا وأقبح منه إلى قول غلاة المجسمة كمقاتل بن سليمان‪ ،‬وعلى من‬ ‫قال به لعنة الرحمن‪ ،‬ولا بد فيمن أشرك بشيء من هذا‪ ،‬فكان به على الابتداء من المـشركين‪،‬‬ ‫أو صار به بعد إسلامه من المرتدين أن يكون له ما لغيره من أهل الشرك أو الردة من حكم‬ ‫النجاسة‪ ،‬وتحريم المناكحة والذباح والموارثة‪ ،‬ووجوب القتل في المرتد بعد الاستتابة على ما‬ ‫فيها من قول‪ ،‬وشرح هذا بالتفصيل مدون في كتب الفقه‪ ،‬وكفى‪.‬‬ ‫واالله نسأله من فضله أن يجعلنا هادين مهتدين‪ ،‬غير ضالين ولا مـضلين‪ ،‬والحمـد الله‬ ‫رب العالمين‪ ،‬فلينظر في هذا كله ثم‪ ‬لا يؤخذ منه إلا بعدله‪.‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫في المشبه إذا جسم ماذا عليه؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫يختلف فيه‪ :‬قيل‪ :‬كافر نعمة‪ ،‬وقيل‪ :‬مشرك‪ ،‬وأكثر القول أنه شرك على‪ ‬هذه الصفة‪.‬‬ ‫واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي بالولاء من أعلام المفسرين‪ ،‬أصله من بلخ انتقل إلى البصرة وتوفي‬ ‫بها سنة ‪١٥٠‬هـ‪ .‬ينظر‪ :‬تاريخ بغداد ‪.١٦٠/١٣‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬في‪.‬‬ ‫‪ ١٣٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ومما قاله الشيخ ناصر بن أبي نبهان على أثر ما عن قومنا في الرؤية‪ :‬ولقد شاهدت‬ ‫رجلا من أصحابنا ممن انكب على قراءة كتاب »الكشاف«‪ ،‬تفسير الزمخشري للقرآن‬ ‫العظيم‪ ،‬الذي فاق في العلم‪ ‬على كل تفسير‪ ،‬مما أورده فيه من الحق المبين‪ ،‬لا فيما خالف‬ ‫فيه الدين القويم‪ ،‬والصراط المستقيم‪ ،‬ورأى فيه تفسير قوله تعالى‪© ̈ § ¦ M :‬‬ ‫‪ La‬حين قال له قومه‪ L ¤£ ¢ ¡  ~ } M :‬أن النبي موسى عليه‬ ‫السلام سأل ربه أن يريه ذاته‪ ،‬كذلك أراد من ربه في الظاهر لا في الباطن من ضميره‪ ،‬وأنه‬ ‫جاز له ذلك مسامحة لقومه‪ ،‬فاضطره الأمر إلى إجازة ذلك له؛ لأنه عليه أن ينقذهم من‬ ‫الهلاك ]الدنياوي عن هلاك أنفسهم‪ ،‬فكيف لا يكون عليه أن ينقذهم من الهلاك‬ ‫الأبدي[‪ ‬فترخص‪ ‬بذلك‪ ،‬أو لزمته إجابتهم إلى ما أرادوا منه في شرط إيمانهم به‪ ،‬وجاز‬ ‫له؛ لأنه يعلم أن االله تعالى لا ترى ذاته‪ ،‬فاعتقاده أن ذاته لا ترى‪ ،‬أو معرفته بربه أنه كذلك‬ ‫كاف أو كافية‪] ،‬ومجيز أو مجيزة[‪ ‬له أن يسأل االله أن يريه ذاته‪ ،‬ويكون كذلك مراده حقيقة‬ ‫في الباطن‪.‬‬ ‫)‪ (١‬هذه المسألة فيها نقل طويل يربو على العشرين صفحة من كلام الـشيخ نـاصر بـن أبي نبهـان نقـل فيـه‬ ‫من الكشاف وتفسير الفخر الرازي ثم علق المحقق الخليلي ‪-‬رحمه االله‪ -‬على كلامه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬العالم‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(١٤٣‬‬ ‫)‪ (٤‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(٥٥‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬فيرخص‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )ت(‪ :‬ممخبر أو مخبرة‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٣٧‬‬ ‫ومعي أن هذا من الظلم العظيم‪ ،‬والإفك المبين‪ ،‬في وصف النبي موسى عليه السلام‬ ‫في إرادته ومطلبه من ربه بما يعلمه أنه من المستحيل في وصفه‪ ،‬الذي لا يجوز أن يوصف به‪،‬‬ ‫أو بما اعتقده أنه لا يجوز أن يوصف االله بذلك أنه شيء مرئي‪ ،‬وأن هذا كفر فيسأل االله بقصد‬ ‫قلبه‪ ،‬واعتقاده وضميره أن يريه ذاته‪ ،‬وهو معه أن الرؤية إليه من خلقه مستحيلة‪ ،‬وطلبه بما‬ ‫هو مستحيل منه كفر‪ ،‬أليس هذا من التناقض لمعرفته واعتقاده؟! مع أن معرفة االله بـصفاته‬ ‫الحق مع القول بما لا يجوز في االله الصفات‪ ‬لا تنفع تلك المعرفة؛ لأن المشركين يعرفون االله‬ ‫ويعرفون رسوله أنه رسول االله كما يعرفون أبناءهم ولم تـنفعهم تلـك المعرفـة‪ ،‬ولم تخـرجهم‬ ‫عن اسم الشرك‪ ‬ولا عن حكم الشرك والمشركين إلا بالإقرار باللسان مع اعتقاده بالجنان‪.‬‬ ‫ومعي أن اعتقاده ذلك في النبي موسى عليه السلام أنه طلب االله تعالى ما هو كفر‬ ‫بطلبه‪ ‬إياه إن قصده حقيقة كما قصده قومه حقيقة لا مخرج له من الإثم؛ لأن االله لم يصفه‬ ‫أنه طلب رؤية ذاته في الباطن‪ ،‬بل وصفه أنه قال‪ La© ̈ § M :‬والنظر بالعين‬ ‫إلى االله النظر إلى آياته لقوله تعالى‪ L9 8 7 6 5 4 3 M :‬فجعل الباري سبحانه‬ ‫وتعالى رؤيتنا بالعين إلى مده تعالى الظل هو رؤيتنا إلى االله بالعين وبالعقل‪ ،‬فصح أن النظر‬ ‫بالعين والرؤية إلى االله هو النظر‪ ،‬وهي الرؤية إلى أفعاله سبحانه وتعالى‪ ،‬ومعرفتنا صفاته‬ ‫التي هي حقيقة المعرفة به لا غير ذلك بدليل الكتاب وبالسنة‪ ،‬قول النبي ^‪ :‬‬ ‫‪ ‬ولم نعلم أن نبيا‪ ‬جاز أن يوصف أنه طلب من ربه بما هو كفر‬ ‫)‪ (١‬كذا في الأصل‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬يطلبه‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬الفرقان‪ :‬الآية )‪.(٤٥‬‬ ‫)‪ (٥‬لم نجده مرفوعا إلى النبي ^‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬نبينا‪.‬‬ ‫‪ ١٣٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫مطلبه مسامحة لقومه‪.‬‬ ‫وقد قال االله تعالى‪ LX W V U T S M :‬ولا ضرورة‬ ‫مكرهة للنبي موسى عليه السلام في هذا الموضع‪ ،‬فصح أنه لم يسأل ربه في الباطن إلا ما هو‬ ‫جائز له أن يسأله‪ ،‬وليس هو غير أن يريه أن ينظر إلى ربه أنه يقطع طمع قومه عن طلب‬ ‫رؤية الذات‪ ،‬فأتى لفظ سؤاله محتمل المعنيين مندوحة لقومه وتمويها عليهم حتى يظنوا أنه‬ ‫طلب ما أرادوه منه‪ ،‬وفي باطنه طلب من ربه آية يراها هو وقومه‪ ،‬وفيها قطع طمعهم عن‬ ‫طلب الرؤية‪ ،‬فجاء ‪ L ̄ ® M ‬على ما سألك به قومك ‪2 ± ° M‬‬ ‫‪ L3‬لما طلبت مني في الباطن‪ ،‬وفيه تأكيد لنفي رؤية الذات قطعا لمطمعهم‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬انظر بالعين إلى الجبل‪ ،‬فإن استقر مكانه فـسوف ]تـراني[‪ ‬بعينـك‪ ،‬فهـذا هـو‬ ‫تأويل الحق الجامع لما طلبه موسى ولما طلبه قومه‪ ،‬فإذا كان معه هذه المندوحـة لقومـه التـي‬ ‫تصلح أن يسامح بظاهرها قومه‪ ،‬ويصلح لطلب ما هـو جـائز لـه‪ ،‬فـأين موضـع الـضرورة‬ ‫‪‬‬ ‫حتى يترك المعنى الجائز‪ ،‬ويخلص المعنى إلى معنى لا يجوز وكفر من طلبه حقيقة ألـيس‬ ‫هذا من الضلال البعيد في وصف موسى عليه الـسلام ممـن مذهبـه أن رؤيـة االله مـستحيلة‪،‬‬ ‫ووصف االله تعالى بها كفر‪ ،‬ويهلك المرء مما خطر ذلك بباله وعرف المعنى‪ ،‬ولا يعذر بالشك‬ ‫في االله بهذه الصفة أنه هـو منـزه عـن ذلـك أم لا‪ ،‬ولا يعـذر باعتقـاد الـسؤال مـع الـشك في‬ ‫ذلك؟!‬ ‫ثم إن صاحب »الكشاف« أتى في هذا المعنى بوجهين‪ :‬أحدهما معناه قريب مما اعتقده‬ ‫)‪ (١‬النحل‪ :‬الآية )‪.(١٠٦‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬ترى ذاتي‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬ليس‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٣٩‬‬ ‫هذا الرجل في موسى من الباطل‪ ،‬ورد عليه الجماعة قولهم مسامحة لقومه أن قوله هذا باطل‬ ‫على قياد مذهبه؛ لأن الرؤية باطلة وضلال من اعتقدها فـلا يجـوز لـه أن يـصف موسـى أن‬ ‫يتسامح بسؤاله إلى االله الباطل والضلال‪.‬‬ ‫وإنما يصح له أن لو كان مذهبه مـذهب الجماعـة المجيـزين الرؤيـة في الآخـرة لعبـاده‬ ‫المؤمنين‪ ،‬وإن هذا مما هو محجوج به‪ ،‬وإن كلامه هذا ما يدل على جواز الرؤية‪ ،‬والحق ما قاله‬ ‫الجماعة في أنه محجوج‪ ،‬وأنه مناقض لقوله‪ :‬إن رؤية ذات االله باطلـة أن لـو صـح مـا قالـه أن‬ ‫موسى تسامح في ذلك لينقذ قومه عن الهـلاك الأبـدي فـلا يـصح هـذا؛ لأن الحـق لا يقـوم‬ ‫بالباطل‪ ،‬ولا الهدى بالضلال‪ ،‬فما‪ ‬لهذا المشار إليه ما‪ ‬قاله الزمخشري‪ ،‬مما هو محجوج فيه‬ ‫وكلامه يكون عليه‪.‬‬ ‫ثم أتى الزمخشري بعد ذلك بوجه آخر من التأويل يـصح لـه ]ولكنـه لم يكـن جامعـا‬ ‫‪‬‬ ‫للمعنيين إلا أنه وجه من الحق مع أصحابنا فلم يعتمـد عـلى الوجـه الحـق مـن تأويلـه‪[..‬‬ ‫وأيضا إن االله سبحانه وتعالى مع ذكره لموسى عليه السلام في سؤال ربه أن يريه ينظر إليـه لم‬ ‫يذكر معه أنهم هم سألوه ذلك‪ ،‬ولا تجلى ربه للجبل‪ ،‬وخر موسى صعقا لم يذكر أيضا قومه‬ ‫مع ذكره له تعالى ما أصابهم‪ ،‬ولم يذكر أيضا موسى عند سؤاله لربه أن يريه ينظر إليه بعينـه‬ ‫قومه‪ ،‬فلم يشركهم في ذلك فيقول‪ :‬ربنا أرنـا ننظـر إليـك‪ ،‬فقيـل‪ :‬لأنـه عـالم بـما سـيكون في‬ ‫الجواب‪.‬‬ ‫وإذا جاء المنع له‪ ،‬فقومه أشد منعا‪ ،‬وأقطع لطمعهم في‪ ‬ذلك وأبلغ لإياسـهم وهـو‬ ‫وجه صحيح من التأويل‪ ،‬ويحتمل له وجها آخر فيكونا معا وذلك أنه لو أشركهم في اللفظ‬ ‫)‪ (١‬في )ت( مما‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقط من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫‪ ١٤٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫لتوجه السؤال إلى ما أرادوه هم منه لفظا ومعنى وذلك كفر صريح‪ ،‬ولم يتوجه إلى ما أراده‬ ‫موسى من ربه أن يريه أي ينظر إليه بعينه‪ ،‬أي إلى آية من آيات قدرتـه خارقـة للعـادة‪ ،‬فيهـا‬ ‫دلالة على رؤية عبادك إليك في الجنة بصفاتك التي عرفوها في الدنيا‪.‬‬ ‫وفيها قطع طمعهم عن السؤال في هـذا‪ ،‬فتـأدب في حـضرة ربـه أن يـشرك في سـؤاله‬ ‫سؤال أهل الجهل والضلال والباطل‪ ،‬فلذلك أفرد السؤال لنفـسه مجـردا عـما طلبـوه إلى مـا‬ ‫طلبه‪.‬‬ ‫وفيه إيهام لهـم أنـه‪ ‬عـلى مـا طلبـوه‪ ،‬وأنـه ربـما أنـا إذا سـألته لنفـسي يكـون أبلـغ في‬ ‫الإجابة‪ ،‬والباطل كما ذكرناه فحكى االله عنـه كـذلك ونزهـه أن يـذكر معـه سـؤال قومـه لـه‬ ‫ونزهه تعالى أن يذكرهم في تجليه للجبل مع ذكره‪ ،‬ونزهه تعالى أن يذكر معه ما أصاب قومه‬ ‫حين ذكره لما أصاب موسى‪ ،‬ونزهه أن يذكر قومه الذين حين بعثهم مع ذكره تعالى لموسـى‬ ‫حين أفاق وحين استغفر‪ ،‬كل هذا ليدل االله تعالى على أن موسى باطنه لم يسأل ما طلبـه منـه‬ ‫قومه فكان سؤال موسى في معزل‪ ،‬وسؤال قومه في معزل‪.‬‬ ‫وقوله تعالى‪ L ̄ ® M :‬أي لا تستطيع أن تراني بجميع الصفات التي تعرفني بها‬ ‫في الدنيا كما تراني بها في الآخرة‪ ،‬ولكن انظر بعينك إلى صفة من صفاتي وهي القدرة فإن‬ ‫استطعت فسوف تقدر على ما سألت‪ ،‬وفيه توهيم لجوابهم بقوله‪ L ̄ ® M :‬حتى يظنوا‬ ‫قومه أي على ما سألوك قومك‪.‬‬ ‫انظر إلى هذه البلاغة العظيمة فإن موسى عليم وقال هذا كله‪ ،‬وجـاءه الجـواب عـلى‬ ‫هذا كله‪ ،‬ولكن ليس في قدرة موسى أن يأتي بمثل هذا الإيجاز‪ ،‬وإنما حكى االله الواقـع عـلى‬ ‫معنا‪.‬‬ ‫والآية التي أفرد موسى فيها السؤال لنفسه‪ ،‬وأفرد االله ذكره فيها قوله تعالى‪M :‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٤١‬‬ ‫¡ ‪ ́ 3 2 ± ° ̄ ® ¬ «a © ̈ § ¦ ¥ ¤ £ ¢‬‬ ‫‪ÇÆÅ ÄÃÂÁ À¿3⁄41⁄21⁄4» o1 ̧ ¶ μ‬‬ ‫‪.LÍÌËÊÉÈ‬‬ ‫بيان‪:‬‬ ‫والآيات التي ذكر فيها قومه قال تعالى‪ L ° ̄ ® ¬ « M :‬فلما‬ ‫كلمه ربه قالوا أرنا االله جهرة فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون فلم يذكر سؤال موسى في‬ ‫هذه الآية تنزيها له أنه لم يسأل ربه على معنى ما طلبوه منه‪ ،‬وقال تعالى‪| { z M :‬‬ ‫} ~¡‪ ̄®¬«a© ̈§¦¥¤£¢‬‬ ‫‪ L 2 ±°‬أحياهم االله تعالى حين سأل موسى ربه في إحيائه لهم بما حكاه‬ ‫عنه تعالى حين أخذه الخجل من أهلهم فيخبرهم بموتهم إلا هو فقال تعالى حاكيا عن ذلك‬ ‫وعن تعظيمه للنبي محمد ^‪ ،‬وفي ذلك بيان أن جميع كتب االله فيها جميع أخبار عن أمور‬ ‫كانت‪ ،‬وعما يكون منها من ذكر النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه وغير ذلك‪.‬‬ ‫قوله تعالى‪1 ̧ ¶ μ ́ 3 2± ° ̄ ® ¬ « M :‬‬ ‫‪Í Ì Ë Ê É È Ç Æ ÅÄ Ã Â Á À ¿3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o‬‬ ‫‪& % $ # " Û Ú Ù Ø ×Ö Õ Ô Ó Ò ÑÐ Ï Î‬‬ ‫' ( ) * ‪98 7 6 5 43 2 1 0 / . -, +‬‬ ‫‪EDCBA@?>=<;:‬‬ ‫)‪ (١‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(١٤٣‬‬ ‫)‪ (٢‬لا يزال الكلام للشيخ ناصر بن أبي نبهان‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(١٥٥‬‬ ‫)‪ (٤‬البقرة‪ :‬الآيتان )‪.(٥٦ -٥٥‬‬ ‫‪ ١٤٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪PONMLKJIHGF‬‬ ‫‪[ZYXWVUTSRQ‬‬ ‫\ ] ^ _ ` ‪ La‬والمراد بالرسول النبي الأمي هو النبي محمد‬ ‫^ وأمته أهل الشكر منهم‪.‬‬ ‫وفي هذه الآية أشد الإيضاح لما ذكرناه في بيان السبب الذي لم يشرك موسى قومه في‬ ‫سؤاله من أي شيء‪ ،‬وأنه لم يرد بسؤاله ما أراده قومه‪ ،‬وأنه لم يطلب ذلك منه كل رجاله من‬ ‫قومه قوله‪ ‬تعالى حاكيا عنه‪ LÄÃÂÁ ÀM :‬كيف يسأل ما طلبه سفهاء قومه‬ ‫وهو يعلم أنهم سفهاء في طلبهم لذلك فيكون مثلهم بالسؤال لهم ينزه نبي االله موسى أن‬ ‫يضمن‪ ‬بسؤاله لربه ما أضمره قومه من الكفر العظيم‪.‬‬ ‫وقال‪ ‬صاحب الكشاف‪ ،‬في تأويل هذه الآية‪¥ ¤£¢ ¡  M :‬‬ ‫¦§ ̈ ©‪»o1 ̧¶μ ́ 32±° ̄®¬«a‬‬ ‫1⁄4 1⁄2 3⁄4¿ ‪Ì Ë Ê É ÈÇ Æ Å Äà  Á À‬‬ ‫‪ L Î Í‬لميقاتنا لوقتنا الذي وقتنا له‪ ،‬وحددنا ومعنى اللام الاختصاص فكأنه‬ ‫قيل‪ :‬واختص مجيئه بميقاتنا‪ ،‬كما تقول‪ :‬أتيته لعشر خلون من الشهر‪ L¥ ¤ M ،‬من‬ ‫غير واسطة‪ ،‬كما تكلم الملك‪ ،‬وتكليمه أي يخلق الكلام منطوقا به في بعض الأجرام كما‬ ‫خلقه مخطوطا في اللوح‪.‬‬ ‫)‪ (١‬الأعراف‪ :‬لآيات‪.(١٥٧ -١٥٥) :‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬كذا في النسخ المخطوطة وعلق الشيخ أبو مسلم في نسخته عليها بقوله‪ :‬لعله يضمر‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬قال‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(١٤٣‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٤٣‬‬ ‫وروي أن موسى ‪-‬عليه السلام‪ -‬كان يسمع ذلك الكلام من كل جهة‪.‬‬ ‫وعن ابن عباس رضي االله عنهما‪ :‬كلمه أربعين يوما وأربعين ليلة‪ ،‬وكتب له الألواح‪،‬‬ ‫وقيل‪ :‬إنما كلمه في أول الأربعين‪.‬‬ ‫‪ La© ̈M‬ثاني مفعولي أرني محذوف‪ ،‬أي أرني نفسك أنظر إليك‪.‬‬ ‫فإن قلت‪ :‬الرؤية عين النظر فكيف قيل أرني أنظر إليك؟‬ ‫قلت‪ :‬معنى أرني نفسك اجعلني متمكنا من رؤيتك بأن تتجلى لي فأنظر إليك وأراك‪.‬‬ ‫فإن قلت‪ :‬كيف قال‪ ‬لن تراني ولم يقل لن تنظر إلي لقوله‪L«a©M :‬؟‬ ‫قلت‪ :‬لما قال أرني بمعنى اجعلني متمكنا من الرؤية التي هي الإدراك علم أن الطلبة‬ ‫هي الرؤية لا النظر الذي لا إدراك معه‪ ،‬فقيل‪ :‬لن تراني ولم يقل لن تنظر إلي‪.‬‬ ‫فإن قلت‪ :‬فكيف طلب موسى ‪-‬عليه السلام‪ -‬ذلك وهو من أعلم الناس باالله‬ ‫وصفاته‪ ،‬وما يجوز عليه‪ ،‬وما لا يجوز وبتعاليه عن الرؤية التي هي إدراك ببعض الحواس‪،‬‬ ‫وذلك إنما يصح فيما كان في جهة‪ ،‬وما ليس بجسم ولا عرض فمحال أن يكون في جهة‪،‬‬ ‫ومنع المجبرة إحالته في العقول غير لازم؛ لأنه ليس بأول مكابرتهم وارتكابهم وكيف يكون‬ ‫طالبه‪ ،‬وقد قال حين أخذت الرجفة الذين قالوا‪ Á À M ،L © ̈ § M :‬‬ ‫وضلالا؟‬ ‫‪ LÃ‬إلى قوله‪ LÍÌËÊM :‬فتبرأ من فعلهم‪ ،‬ودعاهم سفهاء ُ‬ ‫قلت‪ :‬ما كان طلبه الرؤية إلا ليبكت هؤلاء الذين دعاهم سفهاء وضلالا‪ ،‬وتبرأ من‬ ‫فعلهم‪ ،‬وليلقمهم الحجر‪ ،‬وذلك أنهم حين طلبوا الرؤية أنكر عليهم‪ ،‬وأعلمهم الخطأ‪،‬‬ ‫فلجوا وتمادوا في لجاجهم‪ ،‬وقالوا لا بد ولن نؤمن لك حتى نرى االله‬ ‫ونبههم على الحق‪ ،‬ ُّ‬ ‫جهرة‪ ،‬فأراد أن يسمعوا النص من عند االله سبحانه وتعالى باستحالة ذلك وهو قوله‪® M :‬‬ ‫ ̄ ‪ L‬ليتيقنوا وينزاح عنهم ما داخلهم من الشبهة‪ ،‬فلذلك قال‪© ̈ § M :‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫‪ ١٤٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪.La‬‬ ‫فإن قلت‪ :‬فهلا قال لهم أرهم ينظروا إليك؟‬ ‫قلت‪ :‬لأن االله سبحانه وتعالى إنما كلم موسى عليه السلام وهم يسمعون‪ ،‬فلما‬ ‫سمعوا كلام رب العزة أرادوا أن يرى موسى ذاته فيبصروه معه كما أسمعه كلامه فيسمعوا‬ ‫معه إرادة مبنية على قياس فاسد‪ ،‬فلذلك قال موسى‪ La© ̈ M :‬ولأنه إذا زجر‬ ‫عما طلب وأنكر عليه في نبوته واختصاصه‪ ،‬وزلفته عند االله وقيل له‪ :‬لن يكون ذلك كان‬ ‫غيره أولى بالإنكار‪ ،‬ولأن الرسول إمام أمته فكان ما يخاطب به أو ما يخاطب راجعا إليهم‪.‬‬ ‫وقوله‪ La© M :‬وما فيه من معنى المقابلة التي هي محض التشبيه والتجسيم‬ ‫دليل على أنه ترجمة عن مقترحهم‪ ،‬وحكاية لقولهم‪ ،‬وجل صاحب الجمل أن يجعل االله‬ ‫منظورا إليه‪ ،‬مقابلا بحاسة النظر‪ ،‬فكيف بمن هو أعرف بمعرفة االله من واصل بن عطاء‪،‬‬ ‫وعمرو بن عبيد‪ ،‬والنظام‪ ‬وأبي الهذيل‪ ،‬والشيخين وجميع المتكلمين‪.‬‬ ‫)‪ (١‬واصل بن عطاء المعتزلي المعروف بالغزال )أبو حذيفة( مـتكلم‪ ،‬أديـب‪ ،‬خطيـب‪ ،‬بليـغ‪ ،‬شـاعر‪ ،‬ولـد‬ ‫بالمدينة ونشأ بالبصرة وإليه تنسب المعتزلة لاعتزاله حلقة الحسن البصري ولد سنة ‪ ،٨٠‬وتوفي سـنة‬ ‫‪١٣١‬هـ وقيل غير ذلك ينظر‪ :‬معجم المؤلفين ‪ ،٦٩/٤‬وفيات الأعيان ‪.٢١٢/٣‬‬ ‫)‪ (٢‬أبو عثمان عمرو بن عبيد بـن بـاب المـتكلم الزاهـد المـشهور‪ ،‬كـان شـيخ المعتزلـة في وقتـه‪ ،‬مـن آثـاره‪:‬‬ ‫رسائل وخطب‪ .‬وكتاب التفسير عن الحسن البصري‪ .‬وكتاب الرد على القدرية‪ .‬ولد سـنة )‪٨٠‬هــ(‬ ‫وتوفي سنة )‪١٤٤‬هـ( وقيل ‪١٤٢‬هـ‪ .‬ينظر‪ :‬وفيات الأعيان ‪.٣٢/٢‬‬ ‫)‪ (٣‬إبراهيم بن سيار بن هـانئ النظـام‪ ،‬أحـد فرسـان المعتزلـة‪ ،‬وهـو شـيخ الجـاحظ‪ ،‬مـن آثـاره‪ :‬الطفـرة‪،‬‬ ‫الوعيد‪ ،‬مات في خلافة المعتصم أو الواثق سنة بـضع وعـشرين ومـائتين‪ .‬ينظـر‪ :‬سـير أعـلام النـبلاء‬ ‫‪ ،٥٤٢/١٠‬تاريخ بغداد ‪.٩٧/٦‬‬ ‫)‪ (٤‬محمد بن الهذيل بن عبيد االله بن مكحول أبو الهذيل العلاف مولى عبد القيس شيخ المعتزلـة ومـصنف‬ ‫الكتب في مذهبهم وهو من أهل البصرة‪ ،‬ولد سنة ‪ ١٣٥‬تـوفي سـنة ‪٢٣٥‬هــ في أول خلافـة المتوكـل‬ ‫ينظر‪ :‬تاريخ بغداد ‪.٣٧٠-٣٦٦/٣‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٤٥‬‬ ‫فإن قلت‪ :‬ما معنى لن؟‬ ‫قلت‪ :‬تأكيد النفي الذي تعطيه »لا«‪ ،‬وذلك أن »لا« تنفي المستقبل تقول‪ :‬لا أفعل‬ ‫غدا‪ ،‬فإذا أكدت نفيها قلت‪ :‬لن أفعل غدا‪ ،‬والمعنى أن فعله ينافي حالي كقوله تعالى‪. M :‬‬ ‫ً‬ ‫‪ L3 2 1 0 /‬فقوله‪ L 7 6 5 M :‬نفي للرؤية فيما‬ ‫يستقبل و‪ L ̄®M‬تأكيد وبيان؛ لأن المنفي مناف لصفاته‪.‬‬ ‫فإن قلت‪ :‬كيف اتصل الاستدراك في قوله‪ L32±°M :‬بما قبله؟‬ ‫إلي محال فلا تطلبه‪ ،‬ولكن عليك بنظر آخر وهو‬ ‫قلت‪ :‬اتصل به على معنى أن النظر ّ‬ ‫أن تنظر إلى الجبل الذي يرجف بك وبمن طلبت الرؤية لأجلهم‪ ،‬كيف أفعل به‪ ،‬وكيف‬ ‫أجعله دكا بسبب طلبك الرؤية لتستعظم ما أقدمت عليه بما أريك من عظم أثره‪ ،‬كأنه عز‬ ‫وعلا حقق عند طلب الرؤية ما مثله عند نسبة الولد إليه في قوله تعالى‪2± ° M :‬‬ ‫‪.LÀ¿3⁄41⁄21⁄4»o1 ̧¶ μ ́ 3‬‬ ‫‪ L¶μ ́ M‬كما كان مستقرا ثابتا ذاهبا في جهاته ‪ L1 ̧M‬تعليق‬ ‫لوجود الرؤية بوجود ما لا يكون من استقرار الجبل مكانه حين يدكه دكا‪ ،‬ويسويه‬ ‫بالأرض‪ ،‬وهذا كلام مدمج بعضه في بعض‪ ،‬وارد على أسلوب عجيب ونمط بديع‪.‬‬ ‫ألا ترى كيف تخلص من النظر إلى النظر بكلمة الاستدراك؟ ثم كيف بنى الوعيد‬ ‫بالرجفة الكائنة لسبب طلب النظر على الشريطة في وجود الرؤية؟ أعني قوله تعالى‪ ́ M :‬‬ ‫)‪ (١‬الحج‪ :‬الآية )‪.(٧٣‬‬ ‫)‪ (٢‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(١٠٣‬‬ ‫)‪ (٣‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(١٤٣‬‬ ‫)‪ (٤‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(١٤٣‬‬ ‫)‪ (٥‬مريم‪ :‬الآيات )‪.(٩٢-٩٠‬‬ ‫‪ ١٤٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ L3⁄41⁄21⁄4» o1 ̧ ¶μ‬فلما ظهر له اقتداره‪ ،‬وتصدى له أمره‬ ‫وإرادته ‪ L À ¿ M‬أي مدكوكا مصدر بمعنى مفعول‪ ،‬كضرب الأمير‪ ،‬والدك‬ ‫والدق أخوان كالشك والشق‪ ،‬وقرىء )دكاء( والدكاء‪ :‬اسم الرابية الناشزة من الأرض‪،‬‬ ‫ َّ‬ ‫كالدكة من الأرض دكا مستوية‪ ،‬ومنه قولهم‪ :‬ناقة دكاء متواضعة السنام‪.‬‬ ‫وعن الشعبي‪ :‬قال لي الربيع بن خيثم‪ :‬ابسط يدك دكاء أي مدها مستوية‪ ،‬وقرأ‬ ‫يحيى بن وثاب‪) ‬دكا( أي‪ :‬قطعا‪ ،‬دكا جمع دكاء‪ Là  Á M ،‬من هول ما رأى‪،‬‬ ‫وصعق من باب فعلته ففعل‪ ،‬يقال صعقته فصعق وأصله من الصاعقة‪ ،‬ويقال لها‪ :‬الصاقعة‬ ‫من صقعه إذا ضربه على رأسه‪ ،‬ومعناه خر مغشيا عليه غشية كالموت‪.‬‬ ‫وروي أن الملائكة مرت عليه وهو مغشي عليه‪ ،‬فجعلوا يلكزونه بأرجلهم ويقولون‬ ‫له‪ :‬يا ابن النساء الحيض‪ ،‬أطمعت في رؤية رب العزة‪ L Æ Å M ،‬من صعقته ‪Ç M‬‬ ‫‪ L È‬أنزهك مما لا يجوز عليك من الرؤية وغيرها ‪ L Ê É M‬من طلب‬ ‫الرؤية ‪ LÍÌËM‬بأنك ليس بمرئي ولا مدرك بشيء من الحواس‪.‬‬ ‫)‪ (١‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(١٤٣‬‬ ‫)‪ (٢‬أبو عمرو عامر بن شراحيل بـن عبـد االله الـشعبي‪ ،‬مـن حمـير وعـداده في همـدان‪ ،‬كـوفي تـابعي جليـل‬ ‫القدر وافر العلم‪ .‬ولد سنة ‪١٩‬هـ وقيل ‪٢٠‬هــ‪ ،‬وتـوفي سـنة ‪١٠٤‬هــ وقيـل ‪١٠٣‬هــ‪.‬ينظـر في ذلـك‪:‬‬ ‫العبر ‪ ،٩٩/١‬وفيات الأعيان ‪.٦/٢‬‬ ‫)‪ (٣‬أبو يزيد الربيع بن خيثم بن عائذ التوري الكوفي أدرك زمان النبي ^‪ ،‬حدث عنه الشعبي وإبـراهيم‬ ‫النخعي وآخرون‪ ،‬روى عن ابن مسعود وأبي أيوب الأنصاري توفي سنة ‪٦٢‬هــ‪ .‬ينظـر‪ :‬سـير أعـلام‬ ‫النبلاء ‪ ،٢٥٨/٤‬تذكرة الحفاظ ‪.٥٧/١‬‬ ‫)‪ (٤‬هو يحيى بن وثاب الأسدي‪ ،‬تابعي قليـل الحـديث مـن أكـابر القـراء‪ ،‬روى عـن عبـد االله بـن عبـاس‪،‬‬ ‫وعبــد االله بــن عمــر‪ ،‬روى عنــه حبيــب بــن أبي ثابــت‪ ،‬ســليمان الأعمــش‪ .‬ينظــر‪ :‬تهــذيب الكــمال‬ ‫‪ .٢٥١-٢٥٠/٢٠‬الأعلام ‪.١٧٦/٨‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٤٧‬‬ ‫فإن قلت‪ :‬إن كان طلب الرؤية للغرض الذي ذكرته فمم تاب؟‬ ‫قلت‪ :‬من إجرائه تلك المقالة العظيمة ‪ -‬وإن كان لغرض صحيح على لسانه‪ -‬من‬ ‫غير إذن فيه‪ ‬من االله تعالى‪ ،‬فانظر إلى إعظام االله من الرؤية في هذه الآية‪ ،‬وكيف أرجف‬ ‫الجبل بطالبيها‪ ،‬وجعله دكا‪ ،‬وكيف أصعقهم‪ ،‬ولم يخل كليمه من نفيان ذلك مبالغة في‬ ‫إعظام الأمر‪ ،‬وكيف سبح ربه ملتجئا إليه‪ ،‬وتاب من إجراء تلك الكلمة على لسانه‪،‬‬ ‫وقال‪ L Í Ì Ë M :‬ثم تعجب من المتسمين بالإسلام‪ ،‬المتسمين بأهل السنة‬ ‫والجماعة‪ ،‬كيف اتخذوا هذه العظيمة مذهبا‪ ،‬ولا يغرنك تسترهم بالبلكفة‪ ،‬فإنها من‬ ‫منصوبات أشياخهم‪ ،‬والقول ما قال بعض العدلية‪ ‬فيهم شعرا‪:‬‬ ‫ــــــر لعمـــــــري ُ َ َ‬ ‫موكفـــــــة‬ ‫حمـ ٌ‬ ‫وجماعـ ٌ‬ ‫ــــــة ُ ْ‬ ‫ـــــــة ســــــــموا هــــــــواهم ســــــــنة‬ ‫لجماعـ ٌ‬ ‫ََ‬ ‫ــــنع الـــــورى وتـــــستروا‪ ‬بالبلكفـــــة‬ ‫َشـ ْ َ‬ ‫قـــــــد شـــــــبهوه بخلقـــــــه وتخوفـــــــوا‬ ‫وتفسير آخر‪ :‬وهو أن يريد بقوله‪ La © ̈ M :‬عرفني نفسك تعريفا‬ ‫واضحا جليا‪ ،‬قال‪ :‬كأنها إراءة في جلائها بآية من آيات القيامة التي تضطر الخلق إلى‬ ‫معرفتك‪ La © M ،‬أعرفك معرفة اضطرار كأني ‪ La © M‬لما جاء في‬ ‫الحديث‪  :‬بمعنى‪ ‬ستعرفونه معرفة جلية‬ ‫هي في الجلاء كإبصاركم القمر إذا امتلأ واستوى‪.‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬المعدلية ويعني بهم المعتزلة‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬فتستروا‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬أخرجه البخاري في كتاب‪ :‬التوحيد‪ ،‬باب‪ :‬قول االله تعالى‪» :‬وجوه يومئذ ناظرة إلى ربها نـاظرة« بـرقم‬ ‫)‪.(٦٩٩٧‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت( معنى‪.‬‬ ‫‪ ١٤٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ L ̄ ® ¬ M‬أي لا تطيق معرفتي على هذه الطريقة‪ ،‬ولن تحتمل قوتك تلك‬ ‫الآية المضطرة ‪ L 3 2 ± ° M‬فإني أورد عليه‪ ‬وأظهر له آية من تلك الآيات‪،‬‬ ‫فإن ثبت لتجليها أي استقر مكانه ولم يتضعضع فسوف تراني يثبت لها وتطيقها ‪1⁄4 » M‬‬ ‫1⁄2 3⁄4 ‪ L‬فلما ظهرت له آيات قدرته وعظمته ‪Là  Á À ¿ M‬‬ ‫لعظم ما رأى‪ L ÊÉ ÈÇ Æ Å M ،‬مما اقترحت وتجاسرت ‪Ì Ë M‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ LÍ‬بعظمتك وجلالك‪ ،‬وأن شيئاً لا يقوم لبطشك وبأسك اهـ‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬إن الحق من تأويلـه هـذا الوجـه الأخـير‪ ،‬وأيـضا فـلا‬ ‫يصح معي فيما رواه من مرور الملائكة على موسى عليهم السلام‪ ،‬وقولهم له ما حكاه عنهم؛‬ ‫لأن موسى عليه السلام لم‪ ‬يسأل ربه ما هو غير جائز له‪ ،‬ولم يقـصد‪ ‬لـسؤاله في اعتقـاده‬ ‫إلا أن يريه ]أن ينظر[‪ ‬إليه بعينه‪] ،‬لا إلى آية[‪ ‬يشاهدها منه بعينه‪ ،‬فهي رؤية العين إلى‬ ‫االله‪ ،‬أي رؤيتها إلى آية خارقة للعادة فيها قطع طمعه لقومه عما طلبوه‪ ،‬وفيها دلالة على نظره‬ ‫إليه بجميع صفاته تعالى التي عرفها به في الحياة الدنيا في كل لحظة في الآخرة على صفة نظر‬ ‫عباده إليه في الآخرة بالحضور إليه بصفاته لا بالنظر إلى ذاته‪ ،‬هكذا سؤاله وطلبه في الباطن‬ ‫وفي الظاهر في لفظه مندوحة لقومه‪ ،‬وفي كلا الحالين غير ممكن‪ ،‬فأمـا رؤيـة الـذات عـلى مـا‬ ‫طلب قومه فهو باطل‪ ،‬ولا جواب له إلا المنع عن طلب ذلك‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬أو‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في الأصل تصحيف في بعض الكلمات‪ ،‬والتصويب من الكشاف‪ .‬ينظر‪ :‬الكشاف‪.٢٨٦/٢‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬لن‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬يقصده‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬النظر‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬إلا إلى الآية‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )ت(‪ :‬بعينيه‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٤٩‬‬ ‫وأما ما طلبه موسـى في البـاطن فعقلـه الـذي ]جعـل لـه[‪ ‬في هـذه الحيـاة الـدنيا لا‬ ‫يستطيع‪ ،‬وكلا الحالين جوابه لن تراني‪ ،‬ولما تجلى له بصفة من صفاته وهي صفة القدرة خـر‬ ‫موسى صعقا‪.‬‬ ‫وأما قومه‪ ،‬وهم السبعون الذين اختارهم‪ ،‬ماتوا جميعا‪ ،‬ثم أحياهم االله بعد موتهم‪.‬‬ ‫قال الرازي‪ ‬على معنى قوله في تفسيره لقوله تعالى‪. - , + * ) M :‬‬ ‫‪ :L 0/‬إن النظر‪ ‬معناه غير الرؤية‪ ،‬فلا يقصر إطلاقه على نظر العين؛ لأنه يجوز في‬ ‫الأعمى أن يقال‪ :‬فلان الأعمى ناظر إلى فلان كثيرا بعين الرضا‪ ،‬أو بعين المودة‪ ،‬أو بعين‬ ‫الإحسان والمراعاة الحسنة‪ ،‬أو بعين الغضب‪ ،‬أو بعين الحسد وما أشبه ذلك‪.‬‬ ‫ويجوز‪ ‬في صفات االله أن يقال‪ :‬إن االله تعالى لا يرى الكافر في الـدنيا‪ ،‬ولا يـراه يـوم‬ ‫القيامة وذلك باطل‪ ،‬ولا يسع جهل باطل ذلك في صفات االله؛ لأنه مما يدل معناه على أنه قد‬ ‫خفي عليه شخصه‪ ،‬فلم يعلم به وبذاته‪ ،‬ولم يعلمه أين هو فـصار جـاهلا بعلمـه فيـه وهـذا‬ ‫باطل اهـ‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وعلى‪ ‬هذا من احتج بهذه الآية على ثبوت صحة رؤية االله في الجنة‪ ،‬وإذا كان‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬جعله له‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬محمد بن عمر بن الحسين الطبرستاني الشهير بفخر الـدين الـرازي‪ ،‬ولـد عـام ‪٥٤٤‬هــ‪ ،‬كـان إمامـا في‬ ‫التفسير والكلام والعلوم العقلية‪ ،‬له مؤلفات عديدة جليلة القدر أشـهرها التفـسير الكبـير المـسمى‬ ‫مفاتيح الغيب‪ ،‬توفي شهر شوال من عام ‪٦٠٦‬هــ‪ .‬ينظـر‪ :‬البدايـة والنهايـة ‪ :٥٥/١٣‬مقدمـة مفـاتيح‬ ‫الغيب‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬القيامة‪ :‬الآيتان )‪.(٢٢،٢٣‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬النظرة‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الظاهر أن الصواب‪ :‬ولا يجوز‪] .‬تعليق سماحة الشيخ الخليلي[‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬على‪.‬‬ ‫‪ ١٥٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫كذلك‪ ‬فكذلك الرؤية لا تقصر على رؤية العين فقط كقوله تعالى‪6 5 4 3 M :‬‬ ‫‪ L987‬ونحن لم نر االله يمد الظل‪ ،‬وإنما رأينا الظل يمده االله‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬رجع ذلك إلى رؤية النظر‪ ،‬فيقول‪ :‬رأيت االله تعالى يقول في كتابه كذا وكذا‪،‬‬ ‫ورأيت فلانا يقول في كتابه كذا وكذا وهو أعمى‪ ،‬وإنما سمع ذلك‪.‬‬ ‫وقال تعالى‪μM L G F E D M L ¤£¢¡M :‬‬ ‫¶ ̧ ‪ L o 1‬هو خطاب عام لأعمى العين وللناظر بها فلم تنحصر به الدلالة‬ ‫على ]صحة رؤية[‪ ‬العين لذات االله بهذا اللفظ لاشتراكه في رؤية العين‪ ،‬ورؤية العلم‬ ‫بالشيء بالسماع أو العقل فاعرف ذلك‪.‬‬ ‫وأما رواية الجماعة‪ ،‬عن النبي ^ أنه قال‪» :‬لا تتضامون«وفي رواية‪ :‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ومع أصحابنا أن كل رواية‪ ‬رويت عن النبي ^‪ ،‬ولم يحتمل لها مخرج إلا إلى الباطل‬ ‫الذي لا يجوز فيه الاختلاف‪ ،‬لم يجز إلا أن ]تكون[‪ ‬باطلة مما كذب به على رسول االله ^‪،‬‬ ‫وإن احتمل لها تأويل على الحق‪ ،‬فلا يجوز ردها‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬ذلك‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬الفرقان‪ :‬الآية )‪.(٤٥‬‬ ‫)‪ (٣‬الواقعة‪ :‬الآية )‪.(٦٨‬‬ ‫)‪ (٤‬الواقعة‪ :‬الآية )‪.(٥٨‬‬ ‫)‪ (٥‬الواقعة‪ :‬الآية )‪.(٧١‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬رؤية صحة‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬سبق تخريجه‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬في )ت(‪ :‬روية‪.‬‬ ‫)‪ (٩‬في النسخ المخطوطة يكون‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٥١‬‬ ‫ومعي أن هذه الرواية يصح أن يكون لها وجوه حـق مـن التـأويلات‪ ،‬وعـلى مـا هـي‬ ‫عليه من قوة ألفاظها‪ ،‬وكثـرة معانيهـا حتـى يكـاد أن تكـون آيـة معجـزة لا يكـاد العبـاد أن‬ ‫يحيطوا بها بجميع معانيها‪ ،‬ولا أن يأتوا بمثلها ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا‪.‬‬ ‫ويكاد لظهورها كذلك بين العلماء أن لا يجوز إنكارها؛ لأن كل من كان عالما بقوانين‬ ‫البلاغة والفصاحة‪ ،‬ونظر بنور العقل النوراني يعلم أن هذه الرواية‪ ‬من المعجزات التي لا‬ ‫قدرة للبشر غير النبي ^ ]أن يأتيها هكذا[‪ ،‬ولا أن يأتي بمثلها‪ ،‬ولو كان بعضهم لبعض‬ ‫ظهيرا‪.‬‬ ‫مثل النبي‪ ^‬رؤية العباد إلى االله تعالى مثل القمر‬ ‫ومن تفصيل معنى من معانيها أنه ّ‬ ‫من حين يومه ]هلالا[‪ ،‬على زيادته في كل لحظـة إلى أن يكـون بـدرا وهـي الغايـة التـي لا‬ ‫يمكن أن ترى أكثر من يومه ذلك‪ ،‬وعلى تفاوت الناس في قوة نظرهم وضعفه‪ ،‬وهذا أمر لا‬ ‫يحصيه أي التفاوت بين الرائي والمرئي إلا االله تعالى‪.‬‬ ‫فأهـل الجهــل هــم أهــل الغــي الــذين لا ينظــرون ]ولا البــدر[‪ ،‬وأهــل الهــدى هــم‬ ‫الناظرون إلى االله على تفاوت النظر تمثـيلا بـالهلال‪ ‬إلى أن يـصير قمـرا‪ ،‬وفي الآخـرة تمثـيلا‬ ‫بالقمر في حالة إبداره يدل‪ ‬بذلك أن رؤيتهم إلى االله تامة كاملة على عبـد كعبـد يـرى ربـه‬ ‫بصفاته بقوة الحضور مع االله تعالى بكل صفة الله عرفه بها في كل لحظة؛ إذ لا يصح في الآخرة‬ ‫في الجنة أن يغفل عبد فيها من عبيده تعالى عن ذكره بعقله لحظة‪ ،‬ولا أن يزيد عليه الحضور‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬الروية‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت( زيادة‪ :‬ولا أن يأتيها هكذا‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬هذا لا‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬قال الشيخ أبو مسلم البهلاني في تعليقه على الهامش‪) :‬لعله إلى البدر(‪ ،‬والظاهر كما ذكر‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬للهلال‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫‪ ١٥٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫تارة وينقص أخرى‪ ،‬ولا أن‪ ‬يذكره تـارة بـصفة دون صـفة‪ ،‬ثـم يـذكره بعـد حـين بـصفة‬ ‫أخرى؛ لأن له فيها ما تتمناه نفسه‪ ،‬ولا تتمنى شيئا قبل أن تتمنى حضورها مع االله‪ ،‬وأن لا‬ ‫تغفـل عـن ذكرهـا لربهـا طرفــة عـين؛ لأنهـا هـي أهــم شيء معهـم في قلـوبهم‪ ،‬وهـي أعظــم‬ ‫مطلوبهم‪ ،‬وهي ألذ نعمة‪ ،‬وأشد لذة‪ ،‬وأعظم حلاوة في النفس‪ ،‬فهي أعظم لـذات الجنـان‪،‬‬ ‫وأعظم من لذة الخلود في الجنان‪ ،‬ولو أمكن حصر نعم الجنان كلها على كونها بـلا نهايـة مـا‬ ‫ساوت لذة لحظة من لذة الحضور الذكري العقلي مع االله تعالى بجميع صفاته التي عرفها به؛‬ ‫لأن االله تعالى ليس لصفاته نهايـة‪ ،‬ولكـن ]بقـدر مـا[‪ ‬عرفـه العبـد بـه‪ ،‬ولـولا لـذة الرؤيـة‬ ‫للمؤمنين‪ ،‬ما كانت الجنة جنة‪ ،‬وما كانت لذاتها مع الأولياء لذة‪ ،‬ومـا بلغهـم االله منـاهم في‬ ‫الدنيا‪ ،‬وهذه الرؤية من المؤمنين في الجنة هي رؤيتهم إلى ربهم التي ذكرها النبي ^ لا رؤية‬ ‫الذات‪ ‬فالقول برؤية الذات‪ ‬كفر عظيم‪.‬‬ ‫وتتفاوت هذه اللذة من هذه اللذة في الجنان وشدتها على تفاوت نظرهم إلى االله تعالى‬ ‫في الدنيا‪ ،‬وعبادتهم وصفاء قلوبهم‪ ،‬وقوة عزمهم‪ ،‬وشدة حبهم لربهم‪ ،‬وقوة إيمانهم إلى غير‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫ولكن كل منهم لا‪ ‬يعلم ما بصاحبه‪ ،‬وكل مـنهم عقلـه كـذلك حـاضر مـع تجميـع‬ ‫صفاتها التي عرفها به‪ ،‬في كل لحظة لا ]تزيد ولا تنقص[‪ ،‬فالكل يعمهم التمثيـل بـالنظر‬ ‫إلى البدر التام‪ ‬نوره‪ ،‬تام نظر الناظر إليه‪ ،‬وفي هذه الرواية دليل واضح أن رؤية المؤمنين إلى‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬بما قدر‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت( ما‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬ما‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬لا يزيد ولا ينقص‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )ت(‪ :‬تام‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٥٣‬‬ ‫االله في الآخرة رؤيتهم إليه في الدنيا‪ ،‬ولكن رؤية العباد إلى االله في الـدنيا رؤيـة ضـعيفة؛ لأن‬ ‫البدر هو عين القمر ]لا غير[‪ ،‬والقمر هو عين‪ ‬الهلال لا غير والمرئي هـو شيء واحـد‪،‬‬ ‫والناظر‪ ‬الواحد إليه في حالة هلال‪ ،‬أو في حالة قمر‪ ،‬أو في حالة بدر هو واحد‪ ،‬ولا فـرق‬ ‫إلا بتزايد نوره من نور الشمس فيه أيضا‪.‬‬ ‫شيئا غير رؤيته بصفاته من‬ ‫ومن المعلوم أن رؤية المؤمنين إلى ربهم في الدنيا ليس هي ً‬ ‫أفعالــه في المحــدثات لا إلى الــذات‪ ،‬فكــذلك رؤيتــه في الآخــرة لا إلى الــذات‪ ،‬وإنــما هــي‬ ‫بالصفات من أفعاله تعالى التي يشاهدونها‪ ‬في الآخرة‪ ،‬ما لو رأوه في الدنيا بـصفة واحـدة‬ ‫لهلكوا كما رأوه قوم موسى عليه الـسلام وموسـى‪ ،‬فماتـوا وخـر موسـى صـعقا‪ ،‬والنظـر في‬ ‫الأصل من القمر من النور‪ ،‬وزيادات نوره إنما‪ ‬هو النظر إلى جرم القمر من النور لا‪ ‬إلى‬ ‫جرم القمر‪ ،‬وقوة الزيادة بنظر الناظر إلى القمر عن نظره هلالا إنما هو نظـر النـور لا زيـادة‬ ‫تحقق نظره إلى جرمه‪.‬‬ ‫وكذلك نظره بدرا‪ ،‬ولا شك أنه كلما ازداد نوره قصر نظر الناظر عن نظر جرمه أكثر‬ ‫مما كان قبل أن يتم نوره كذلك‪ ،‬فكذلك كلما قويت رؤية العبد إلى ربه بـصفات مـن أفعالـه‬ ‫‪‬‬ ‫تعالى قويت معرفته بربه؛ لأن‪ ‬ذاته تعالى لا تـرى‪ ،‬ولا يجـوز أن يوصـف أنـه يـرى ]لا[‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬غير‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬النظر‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬الذات‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬يتشاهدونها‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬وإنما‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬في )ت(‪ :‬أن‪.‬‬ ‫)‪ (٩‬في المخطوطات إلا‪.‬‬ ‫‪ ١٥٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫بالعقل‪ ،‬ولا بالعين؛ لأنه هو شيء لا يرى‪ ،‬فجميع هذه المعاني تخرج من تأويل هذه الرواية‬ ‫المنجزة‪ ‬المعجزة لكل البشر أن يأتوا بمثلها‪ ،‬ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬ما الدليل على ضعف هذه الرؤية في الدنيا‪ ،‬وما أضعفها إلا ألفة العباد لها‪،‬‬ ‫وما الدليل على إمكان زيادة قوتها‪ ،‬حتى تصور ذلك كل من أراد أن يصوره‪ ،‬فيسوغ صحة‬ ‫ذلك في عقله؟‬ ‫قلنا‪ :‬فلك في ذلك مثل من نظر العبد إلى ربه بقوة حضور عقلـه إليـه مـن صـفته أنـه‬ ‫كريم محسن لعباده‪ ،‬فيكون من جهة الإحسان ما حالك يكون‪ ،‬ولو كنت في موضع تعبد‬ ‫االله تعالى‪ ،‬وما تدري أنك مجاب الدعوة وما يدري بك أحد ثـم أصـاب أهـل بلـدك جـدب‬ ‫شــديد‪ ،‬أضر بالعبــاد ضررا‪ ‬عظــيما‪ ،‬وخــرج النــاس إلى الاستــسقاء‪ ،‬وتقربــوا إلى االله‬ ‫بالدعاء‪ ،‬والتضرع والابتهال والصلاة وبذل المال إلى غير ذلـك مـن أنـواع الوسـائل إلى االله‬ ‫ذي الجلال والإكرام‪ ،‬وبكثرة السؤال‪ ،‬وغفلوا أن يأخذوك معهم ولم يزدهم ذلك إلا شدة‬ ‫فيما هم فيه وعليه من ضعف الحال‪.‬‬ ‫ثم قال أحدهم‪ :‬ألا أئنبئكم بمن يسقيكم االله بدعائه؟ ودلهم عليك‪ ،‬فأتوك وأعينهم‬ ‫‪‬‬ ‫تفيض من الدمع مـن نظـرهم إلى صـبيانهم‪ ،‬وضـعف حـالهم‪ ،‬وإلى عجـائزهم والـشيوبة‬ ‫منهم‪ ،‬وإلى أطفالهم يبكون من ضرر يجدونه فيهم كان سببه مـن شـدة الجـدب‪ ،‬وتوضـأت‬ ‫ودخلت المسجد‪ ،‬وصـليت ركعتـين الله تعـالى‪ ،‬ثـم دعـوت االله تعـالى‪ ،‬وسـألته أن يـسقيهم‪،‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬زيادة الموجز‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬بعباده‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬ضرا‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬شديدا‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬أي الشيوخ وكبار السن‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٥٥‬‬ ‫فحين وصلت نصف‪ ‬تلاوة دعائك بقلبك‪ ،‬وأنت ساجد بعد انقضاء الركعتين‪ ،‬فأنشأ االله‬ ‫سحابا قويا‪ ‬متراكما بعضه فوق بعـض‪ ،‬واشـتدت لوامـع الـبروق مـا خافـت النـاس عـلى‬ ‫أنفسها أن يهلكها‪ ،‬وأموالهـا أن يحرقهـا‪ ،‬ودورهـا أن يهـدمها‪ ،‬وجبالهـا أن يـدكها‪ ،‬وصـمت‬ ‫الآذان من صواعق الرعود‪ ،‬حتى تزلزت‪ ‬الأرض والجبال ]من شدة[‪ ‬الصواعق‪ ،‬ونزل‬ ‫الماء من السماء حتى كادت الدور أن يحملها‪ ،‬وخافـت النفـوس أن يحملهـا‪ ،‬وأن يـذهب‬ ‫بالأموال من أرضها أن ينزعها‪ ،‬فقالوا‪ :‬هلكنا لا محالة إن لم تدع االله وتسأله أن يخففه عنا‪،‬‬ ‫فسجدت ثانية وهم ينظرونك‪ ،‬وسألت االله ما طلبـوا‪ ،‬فاسـتجاب االله في الحـين‪ ،‬وانـصرفوا‬ ‫شاكرين الله ثم لك‪ ،‬وخصبت ديارهم كما أحبوا‪ ،‬فما يكون حالك حينئذ مع االله تعالى؟‬ ‫أما‪ ‬تستعظم نعمته إليك بهذه‪ ،‬وتستحيي منه‪ ،‬ويكون حضورك مع االله حين وجود‬ ‫هذه الكرامة لك أعظم مما كنت فيه مع الحضور مع االله تعالى قبل هذا‪ ،‬فلا بد‪ ‬وأن تعرف‬ ‫بهذا التصوير أن رؤيـة العبـد لربـه تزيـد أحـوالا‪ ،‬وتـنقص أحـوالا‪ ،‬وتعظـم عنـد مـشاهدة‬ ‫الكرامة له من االله تعالى الخارقة للعادة‪ ،‬ولا شك أن الألفة بالإحسان تضعف قوة النظر إلى‬ ‫من كان منه؛ لأنك لو فكرت لوجدت أن فضل االله تعالى لك‪ ،‬إذ جعلـك عـاقلا‪ ،‬وعرفـك‬ ‫به‪ ،‬وجعلك من المسلمين‪ ،‬وعلمك ما يجب عليك له‪ ،‬ووفقك على فعله هـو أعظـم كرامـة‬ ‫لك من االله من تلك الكرامة التي ضربناها مثلا‪ ،‬ولم يستعظمها عقلك اسـتعظاما يـشتد بـه‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬زلزلت‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬لشدة‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬تحملها‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬وقالوا‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )م(‪ :‬ما‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬في )ت(‪ :‬ولا‪.‬‬ ‫‪ ١٥٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الحضور إلى االله بمثل تلك الكرامة‪.‬‬ ‫وكذلك النبي موسى عليه السلام‪ ،‬اندهش عقله من نظره إلى اندكاك الجبل حتى خر‬ ‫صعقا‪ ،‬ولم يندهش عقله من نظره إلى السماء‪ ،‬وما فيها وإلى الهواء‪ ،‬وما يتكون مـن سـحاب‬ ‫وبروق وأمطار‪ ،‬ثم يكون الجو صحوا كـما كـان‪ ،‬ولا شـك أن هـذه الآيـات لـيس انـدكاك‬ ‫الجبل بأعظم منها إن لم تكن هي أعظم منه آية لولا المؤالفة فصح جميع ما قلناه‪.‬‬ ‫وأن جميع هذه المعاني تخرج من تأويل هذه الرواية‪ ،‬وأن معانيها بحر لا‪ ‬ساحل لـه‬ ‫ولا قعر‪ ،‬وأنها لا شك‪ ‬من قول النبي ^‪ ،‬وأن المراد بالرؤية هـي عـلى مـا ذكرنـاه بـدليل‬ ‫منها عليها‪ ،‬وأنه ليس كما أولها القوم مـن رؤيـة الـذات‪ ،‬وأن رؤيـة الـذات باطلـة‪ ،‬لا يجـوز‬ ‫القول بوجود كونها‪ ،‬وأن ذلك كفر‪.‬‬ ‫قلت لشيخي الخليلي‪ :‬ما تقول في كل هذا؟‬ ‫قال المحقق الخليلي‪:‬‬ ‫وأما تلخيص القول في المسائل السابقة‪ ،‬فإن في كل منها محلا للنظـر‪ ،‬ومجـالا للتأمـل‬ ‫شـيئا مـن العلـم‪ ،‬وعـلى قلـة مـا بي مـن الفطنـة‪ ،‬واعـترافي‬ ‫ً‬ ‫لمن أمده االله تعالى بالفهم‪ ،‬ورزقه‬ ‫بالعجز والقصور في أكثر الأمور فإني قد تأملت فـيما قالـه صـاحب »الكـشاف« مـن جـواز‬ ‫الوجهين في سؤال الرؤية لموسى عليه السلام‪ ،‬فلم أجد في أحدهما ما يدل على خروجه من‬ ‫الصواب‪ ،‬ولا مخالفته للسنة والكتاب‪ ،‬وما رفعه الشيخ عمن كان مكبا على قراءة الكشاف‬ ‫من ادعائه أن موسى عليه السلام سأل الرؤية حقيقة فالزمخشري لم يقل بذلك‪ ،‬وهو بـرىء‬ ‫من عهدته‪ ،‬وإنما صرح بأنه سأل الرؤية ليبكت قومه ويلقمهم الحجر‪ ،‬ويتـبرأ مـن فعلهـم‪،‬‬ ‫ويبين له فساد اقتراحهم‪ ‬وطلبتهم‪ ،‬وهذا مناف لدعوى أنه سألها وهو يريد ذلك حقيقة‪،‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬ولا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬زيادة أنها‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬اقترافهم‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٥٧‬‬ ‫وكيف يظن به هذا مع قوله‪ :‬إنه‪ ‬لم يسألها إلا ليتبرأ من فعلهم مع تصريحه في غـير موضـع‬ ‫بأن موسى عليه السلام كان أعلم باالله من أن يجوز عليه الظاهر‪ ،‬لكن ظاهر السؤال يـوهم‬ ‫أنه طلب حقيقة الرؤية ولهذا كان من أعظم ما يحتج به المخالفون في شـبههم عـلى جوازهـا‬ ‫على االله تعالى‪ ،‬وحمله أكثر أهل العلم من أصحابنا على الوجه الثاني لقربه مـن أفهـام العامـة‬ ‫هربا من الإشكال المتصور من نفس سؤال الرؤية على ظاهر اللفظ‪ ،‬والوجه الأول أصح في‬ ‫النظر‪ ،‬وأليق بالمحل؛ لأنه المطابق للغرض‪ ،‬والملائم للمقصود‪ ،‬والكلام قـد يعـدل بـه عـن‬ ‫المعنى الظاهر إذا اقتضى له المحل معنى آخر لتورية‪ ،‬ويكتفى بالقرائن في ذلك‪.‬‬ ‫ومثال الآخر‪ ‬أن الدعاء كله في ظاهر الأمر متحد الصورة لفظا‪ ،‬ولكنه مختلف‬ ‫معنى‪ ‬بالقرائن الدالة عليه‪ ،‬فقوله‪ L a ` M :‬يفيد الإباحة‪£ ¢ M ،‬‬ ‫‪ L¥ ¤‬يفيد الوجوب‪ ،‬و‪ LQ P O M‬يفيد الوعيد والتهدد‪ ،‬و‪° ̄ ®M‬‬ ‫‪ L±‬يفيد إظهار القوة والتجلد‪ ،‬وهاتان الصورتان لا يراد بهما معنى الأمر أصلا‪ ،‬فإن‬ ‫االله تعالى لم‪ ‬يأمر ]بفعل ما[‪ ‬شاؤوه من المعاصي‪ ،‬إن االله لا يأمر بالسوء والفحشاء‪.‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬التوبة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬الأمر‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬المعنى‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(٣١‬‬ ‫)‪ (٦‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(١٩٦‬‬ ‫)‪ (٧‬فصلت‪ :‬الآية )‪.(٤٠‬‬ ‫)‪ (٨‬طه‪ :‬الآية )‪.(٧٢‬‬ ‫)‪ (٩‬في )م(‪ :‬لا‪.‬‬ ‫)‪ (١٠‬في )م(‪ :‬بما‪.‬‬ ‫‪ ١٥٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وكذلك السحرة لم يأمروا فرعون بفعل ما فعله بهم لعـدم جـوازه في ديـن االله قطعـا‪،‬‬ ‫وإنما أرادوا بذلك إظهار قوتهم في الدين‪ ،‬وبيان تصلبهم فيه‪ ،‬وعـدم مبـالاتهم بـما‪ ‬يـصنع‬ ‫فيهم في هذه الحياة الفانية التي لا يعدونها شيئا‪ ،‬وربما كان ذلك من غيرهم لإظهار الإذعان‬ ‫والخضوع وإرادة الترحم لا غير‪ ،‬وهكذا في سائر المعاني‪.‬‬ ‫فإذا كان سؤال الرؤية من موسى ‪ -‬عليه السلام ‪ -‬إنما جاء لمعنى إسماع قومه الجواب‬ ‫عن االله تعالى بالمنع فهو الغرض الكافي في جواز سؤالها‪.‬‬ ‫ولم يكن سؤاله إياها على هذه الحالة باطلا‪ ،‬ولا كفرا ولا ضـلالا‪ ،‬وإنـما يكـون حقـا‬ ‫وهدى وصوابا‪ ،‬وليس هو بمحجوج في ذلك كـما توهمـه الـشيخ وفاقـا للجماعـة مـن أهـل‬ ‫السنة‪ ،‬وليس كل ما أمكنت المناديح فيه كانت‪ ‬واجبة كما قاله‪ ،‬بل قد تكون واجبـة مـرة‪،‬‬ ‫وفاضلة طورا‪ ،‬ومفضولة أخرى‪ ،‬فهي كغيرها من القول المتنوع في الأحكام على ما تقتضيه‬ ‫من الأقسام‪.‬‬ ‫فقد يكون العـدول عنهـا أي التـصريح بالحقـائق أولى‪ ،‬وإن كـان ظاهرهـا الكفـر إذا‬ ‫اقتضاها المقام لغرض صحيح‪ ،‬ولكن الغوص على حقائق مثـل هـذه المعـاني ربـما لا يقتـدر‬ ‫عليه إلا بعض الفرسان من علماء المعاني والبيان‪.‬‬ ‫وشاهد هذا قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام‪@ ? > = < M :‬‬ ‫‪V UT S R Q P O N M L K J I H G FE D C BA‬‬ ‫‪hg fe dcba `_ ^ ]\ [Z Y X W‬‬ ‫‪ L t s r q p o n m l kj i‬فانظر كيف جاز لإبراهيم‬ ‫عليه السلام أن يتكلم بلفظة الشرك ثلاث مرات مخبرا بها عن نفسه من غير مندوحة‪ ،‬ولا‬ ‫)‪ (١‬في )ت( زيادة‪ :‬لا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الأنعام‪ :‬الآيات )‪.(٧٨-٧٦‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٥٩‬‬ ‫في موضع تقية على نفس ولا دين ولا مال‪ ،‬وليس هو مجبرا على ذلك‪ ،‬ولا مأخوذا به‪ ،‬وقد‬ ‫كان له في الاحتجاج بغير هذا مجال رحب وسعة‪ ،‬وقد احتج عليهم بغيره في غير مرة‪ ،‬كما‬ ‫صرح به في كتاب االله تعالى‪ ،‬ولكن رأى خطابهم على هذا الأسلوب‪ ،‬والجري معهم على‬ ‫هذه الطريقة أقطع لحجتهم‪ ،‬وأدمغ لكلمتهم‪ ،‬وأبلغ لتبكيتهم‪ ،‬وأوضح لإعجازهم‪ ،‬فأثنى‬ ‫االله عليه بذلك‪ ،‬وحكى ما قاله هنالك‪.‬‬ ‫وقال تأييدا له‪ L2 1 0 / . - M :‬وإذا كانت كلمة‬ ‫إبراهيم عليه السلام بالشرك الصريح لما كانت مسوقة لهدم قواعد الشرك‪ ،‬ومقولة لإيضاح‬ ‫الحق لم تسم شركا لفظا ولا معنى ولا عقلا ولا حكما‪ ،‬فكيف يصح في مقالة موسى عليه‬ ‫السلام إذا كان مقصده‪ ‬بها تبكيت قومه وإقامة الحجة عليهم بسماع المنع من االله تعالى أن‬ ‫تكون باطلة وهي نفس الحق المبين‪.‬‬ ‫فموسى الكليم وإبراهيم الخليل في أحكام الحق سواء‪ ،‬وكلمتاهما في أحكام الظـاهر‬ ‫ممنوعتان سواء‪ ،‬ولكنهما كانتا مسوقتين لإزهاق الباطل وإثبات الحق‪ ،‬فهما في معنى الجـواز‬ ‫سواء‪ ،‬أم يجوز الفرق بينهما‪ ،‬ولا فرق عند من عـرف الحـق‪ ،‬فهـما نفـس الـصواب وحقيقـة‬ ‫الهدى‪ ،‬ولا يكاد يصدر مثلهما إلا عن منصب النبـوة‪ ،‬ولكـن ربـما يخفـى ضـياء النهـار عـلى‬ ‫بعض الأبصار والله در من قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ـــــــار‬ ‫ثــــــــم أبــــــــصرت حاذقــــــــا لا تمـ‬ ‫وإذا‪ ‬كنــــــــــت بالمــــــــــدارج غــــــــــرا‬ ‫وإذا لم تــــــــــــر الهــــــــــــلال فــــــــــــسلم لأنـــــــــــــــــاس رأوه بالأبـــــــــــــــــصار‬ ‫فإن قلت‪ :‬كيف يسوغ التشبيه والاحتجاج بقصة إبـراهيم ‪-‬عليـه الـسلام‪ -‬في هـذه‬ ‫الآية الشريفة‪ ،‬وقد اختلف المفسرون في تأويلها؟‬ ‫)‪ (١‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(٨٣‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬مقصوده‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬إذا‪.‬‬ ‫‪ ١٦٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫قلنا‪ :‬إن الوجه الحق فيها ما قلناه‪ ،‬وهو عمدة المحققين وقول المنصفين‪ ،‬ولكن القوم‬ ‫لما لم يقتدروا على استخراج زبدها‪ ،‬قال قائل منهم‪ :‬إن إبراهيم ‪-‬عليه السلام‪ -‬قال ذلك في‬ ‫صباه‪ ،‬وهذا باطل؛ لأن حكاية الشرك لا معنى لها عن صبي ولا بالغ لغير فائدة‪ ،‬وأي فائدة‬ ‫في تجهيل الخليل عليه السلام‪] ،‬وحكاية[‪ ‬الشرك عنه في صباه‪.‬‬ ‫وقال آخرون‪ :‬إنه قالها على معنى الاستفهام إيهاما‪ ‬لقومه‪ ،‬وليس بالقوي‪.‬‬ ‫وقال بعض‪ :‬تقديره ‪LED C M‬بزعمكم‪ ،‬وليس بشيء لعدم الدلالة‪.‬‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬تقديره تقولون هذا ربي ولا دليل عليه أيضا‪ ،‬فليس الوجـه إلا الأول‬ ‫ولهذا إن نقاب المفسرين وإمامهم في المعاني والبيـان العلامـة الزمخـشري لم يـذكر غـيره‪ ،‬ولم‬ ‫يلتفت إلى سواه‪ ،‬وبهذا كفاية‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫فصـــــل‬ ‫وأما ما ذكره من شرح الحديث الذي يرويه أهل السنة والجماعة‪ ،‬في رؤية االله تعالى في‬ ‫الدار الآخرة‪ ،‬فينبغي النظر فيه من وجوه‪:‬‬ ‫أحدها‪ :‬تشبيه مراتب الناس بالتدريج من كونه هلالا إلى أن يكـون قمـرا ثـم بـدرا‪،‬‬ ‫وتشبيه أهل الجهل بالعمي الذين لا ينظرون أصلا‪ ،‬وليس هذا ممـا دل عليـه هـذا الحـديث‬ ‫لفظا ولا معنى‪ ،‬فليس في الحـديث إلا رؤيـة االله ضرورة لا يمكـن إنكارهـا‪ ،‬كـما لا يمكـن‬ ‫المبصر إنكار البدر المتجلي له في ليلة تمامه‪ ،‬والمراد أنه لا يمكـن أحـدا في يـوم القيامـة إنكـار‬ ‫معرفة االله تعالى‪.‬‬ ‫‪M ،L zy x w v u t s r q p o M‬‬ ‫‪±° ̄ ® ¬ « a © ̈ § ¦¥ ¤ £ ¢‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬حكاية‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬إبهاما‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(١٦٦‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٦١‬‬ ‫‪Á À ¿ 3⁄41⁄2 1⁄4 » o 1 ̧ ¶ μ ́ 3 2‬‬ ‫‪ L Ä ÃÂ‬فلم يبق في القيامة موحد ولا مشرك إلا وقد رأى االله بمعنى عرفه‬ ‫رؤية ضرورية لا يمكنه إنكارها ولا دفعها كما لا ينكر البصير إنكار رؤية البدر المتجلي له‪،‬‬ ‫وما زاد على هذا من عبارات شيخنا‪ ‬فهي من آثاره أوردها باعتباره‪ ،‬وليس هي من هذا‬ ‫الحديث في شيء‪ ،‬وكأنها في الأصل من العبارات الصوفية التي ذكرها بعض شراح ديوان‬ ‫ابن‪ ‬الفارض في القصيدة الخمرية‪ ،‬فلينظر فيها‪.‬‬ ‫وثانيها‪ :‬قوله‪ :‬إذ لا يصح في الآخرة في الجنة أن يغفل عبد فيها من عبيده تعـالى عـن‬ ‫ذكره بعقله لحظة‪ ،‬ولا أن يزيد عليه الحضور تارة‪ ،‬ويـنقص‪ ‬أخـرى‪ ،‬ولا أن يـذكره تـارة‬ ‫بصفة دون صفة‪ ،‬ثم يذكره بعد حين بصفة أخرى؛ لأن له فيها ما تتمنى نفسه‪ ،‬ولا تتمنـى‬ ‫شيئا قبل أن تتمنى حضورها مع االله‪ ،‬وأن لا تغفل عن ذكرها لربها‪ ‬طرفة عين؛ لأنها هي‬ ‫أهم شيء معهم في قلوبهم‪ ،‬وهي أعظم مطلوبهم‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫وليس في كتاب االله تعالى‪ ،‬ولا في الحديث عن رسوله ^ ما يدل على هذا‪ ،‬قال االله‬ ‫تعالى‪/ . - , + * ) ( ' & % $ # " ! M :‬‬ ‫‪ L = < ; : 9 8 7 6 5 4 3 2 1 0‬ولم يقل أهل الجنة‬ ‫بغير االله لا يشتغلون‪ ،‬ولا أنه في الذكر له‪ ‬متبتلون‪ ،‬ولا أنهم بذلك مخاطبون‪ ،‬ولا أنه لا‬ ‫)‪ (١‬النحل‪ :‬الآيتان )‪.(٨٧-٨٦‬‬ ‫)‪ (٢‬أي الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت( أهل‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬تنقص وفي )ت( تنقض‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬يس‪ :‬الآيات )‪.(٥٨-٥٥‬‬ ‫)‪ (٧‬في )م(‪ :‬لهم‪.‬‬ ‫‪ ١٦٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫يمكن غفلتهم طرفة عين عن جميع صفاته تعالى‪ ،‬ولا أنهم دائمون على التنعم بحضرات‬ ‫القدس بجميع‪ ‬الأسماء والصفات في كل حالة‪ ،‬ولو كان الأمر كذلك لجاء به معظم آيات‬ ‫القرآن؛ لأنه أشرف الأشياء وأجلها عند االله‪ ،‬وأعظمها قدرا‪ ،‬ولكان ذكر‪ ‬غيره من الأنهار‬ ‫المطردة‪ ،‬والأزواج المطهرة‪ ،‬واللحوم الشهية‪ ،‬والفواكه اللذيذة‪ ،‬وما شابهها من النعم لا‬ ‫يذكر إلا بعدها بحكم التبعية ولكن هذا ما لا دليل عليه البتة‪ ،‬وإنما هو من عبارات‬ ‫المتصوفة‪ ،‬ومقالات الرهبان من النصارى‪ ،‬كما وجدناه في بعض الكتب الفرنسيسية‪ ،‬محتجا‬ ‫بذلك على أن التزويج في الجنة غير ممكن‪ ،‬وأن ذكر الأزواج في القرآن ليس على ظاهره؛‬ ‫لأنها لا ينبغي أن تكون‪ ‬محلا للشهوات‪ ،‬إنما هي لكمال معرفة االله تعالى والانقطاع إليه‪،‬‬ ‫ولكن هذا باطل‪.‬‬ ‫وجملة القول هاهنا أن االله غني كريم‪ ،‬وأن فضل االله واسع عظيم‪ ،‬وقد سبق في وعده‬ ‫الصادق‪ ،‬أن لكل أحد فيها ما تشتهي نفسه‪ ،‬وتلذ عينه‪ ،‬فيجوز أن تختلف منهم الشهوات‪،‬‬ ‫وتتنوع الإرادات‪.‬‬ ‫فمن كان همته في الحضرات القدسـية‪ ،‬والـواردات الإلهيـة‪ ،‬فهـي هنـاك أتـم وأكمـل‬ ‫وأعظم وأجزل‪ ،‬فما نحن بمنكرين لذلك‪ ،‬أو شيء منه في حق بعض المقربين‪ ،‬وإنما أنكرنـاه‬ ‫لزوم ذلك وعدم إمكان غيره هنالك لعدم الـدليل عليـه‪ ،‬ولأن ظـاهر القـرآن خلافـه‪ ،‬ولا‬ ‫يلتفت إلى مقالات المتصوفين‪.‬‬ ‫وثالثها‪ :‬قوله‪ :‬ولولا لذة الرؤية للمؤمنين ما كانت الجنة جنة‪ ،‬وما كانت لـذاتها‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬لجميع‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬ذكره‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬يكون‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬ثانيها‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬أي الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٦٣‬‬ ‫مع الأولياء لذة‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫وهذا أيضا لا دليل عليه‪ ،‬والقول فيه كما سبق‪ ،‬وقد جرى الشيخ في هـذه المـسألة إلى‬ ‫آخرها مع هذا المنوال‪ ،‬والقول فيه كله واحد‪ ،‬فلا حاجة إلى تكرار المقال‪ ،‬وكفى به في هـذا‬ ‫الموضع‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫الغزالي‪ ‬نفى المثل وأبقى المثال‪ ،‬فقال بالرؤية محتجا بالمثال‪ ،‬من جبرائيـل في صـورة‬ ‫دحية‪ ،‬وبرؤيا المنام من النبي ^؟‬ ‫‪  ‬‬ ‫هذا رجل قاس االله بالملائكة‪ ،‬وهذا باطل‪ ،‬واالله لا يقاس بـشيء‪ ،‬ومـن عـرف نفـسه‬ ‫فقد عرف ربه‪ ،‬فإن كان الروح لا يمكن رؤيتها‪ ،‬ولا أن تنقاس وتشكل فكيف خالقها؟!‬ ‫الثاني‪ :‬يمنعه ظاهر القرآن‪ L 7 6 5 M :‬فإن كان الإدراك الإحاطة‪،‬‬ ‫فالإحاطة بالبشر غير ممكنة‪ ،‬فكيف هذا التمدح؟! ولو جاز ذلك لجاز أن يقال في‪YM :‬‬ ‫‪ L \ [ Z‬أن يكون الاستواء على ظاهره‪ ،‬وأن‪ ‬المستوي هو المثال‪ ،‬وهو المعبر‬ ‫عنه باالله‪ ،‬وكذلك القول في‪ L ò ñ ð ï M :‬فلا غرو حينئذ أنه موصوف باليد‬ ‫والرجل والعين والتشكيل‪ ،‬وهذا باطل فكيف للغزالي بتأويل خلق االله آدم على صورته‪،‬‬ ‫)‪ (١‬أبو حامد محمـد بـن محمـد الغـزالي‪ ،‬مـن كبـار أئمـة الـشافعية‪ ،‬ولـد عـام ‪٤٥٠‬هــ‪ ،‬اشـتغل أول عمـره‬ ‫بالفلسفة وعلم الكلام‪ ،‬له مؤلفات عديدة من أشهرها إحياء علوم الدين والوسيط في الفقـه‪ ،‬تـوفي‬ ‫عام ‪٥٠٥‬هـ‪ .‬ينظر‪ :‬سير أعلام النبلاء ‪.٣٢٣/١٩‬‬ ‫)‪ (٢‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(١٠٣‬‬ ‫)‪ (٣‬طه‪ :‬الآية )‪.(٥‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬إنما‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬القلم‪ :‬الآية )‪.(٤٢‬‬ ‫‪ ١٦٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫فالاضطراب ظاهر‪ ،‬وكذلك‪ ‬مفهوم قول ابن الفارض‪ ‬كما قال الغزالي‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬هذا المثال هو شيء خلقه االله أم هو خـالق؟ فـإن كـان شـيئا خلقـه االله فـتجلى‬ ‫له‪ ،‬فهل يجوز أن يعتقد في هذا المخلوق أنـه الخـالق؟ وإن كـان غـير مخلـوق فكيـف سـماه‬ ‫مثالا‪ ،‬ولم يقل هو ذات االله على الحقيقة؟ فبهـذه‪ ‬الأقيـسة ينكـشف التلبـيس إن شـاء االله‪.‬‬ ‫والسلام‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫مما يوجد في كتاب الإحياء‪ ‬في التوحيد يقول‪ :‬وإنه في ذاته معلوم الوجود بالعقول‪،‬‬ ‫مرئي الذات بالأبصار نعمة منه ولطفا بالأبرار‪ ،‬في دار القرار‪ ،‬وإتماما منه للنعيم بالنظر إلى‬ ‫وجهه الكريم‪.‬‬ ‫هذا الكلام يوافق أم لا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫نعم‪ :‬هو موافق لمذهبهم السقيم‪ ،‬وأما عند أهل الحق فلا يستقيم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫من كلامه‪ :‬وإن موسى ‪-‬عليه السلام‪ -‬سمع كلام االله بلا صوت ولا حـرف‪ ،‬كـما‬ ‫تــرى الأبــرار ذات االله تعــالى في الآخــرة مــن غــير جــوهر ولا عــرض‪] ،‬مــا تقــول في هــذا‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬لذلك‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬عمر بن علي بن المرشد الحموي الأصل المصري المعروف بابن الفارض‪ ،‬يقال له سـلطان العاشـقين‪،‬‬ ‫ويكنى بأبي حفص‪ ،‬ويلقب بشرف الدين‪ ،‬شاعر صوفي أخذ عـن ابـن عـساكر‪ ،‬وأخـذ عنـه الحـافظ‬ ‫المنذري‪ .‬من آثاره‪ :‬ديوان شعر‪ ،‬شرح قصيدة عامر البصري‪ .‬ينظر‪ :‬سير أعلام النبلاء ‪.٣٦٨/٢٢‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬فهذه‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬يعني كتاب الغزالي »إحياء علوم الدين«‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬يعني صاحب الإحياء‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٦٥‬‬ ‫الكلام[‪ ‬عرفني وجه الحق؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫هو كما سبق‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ومــــن كــــان بــــالعلم الــــشريف مكرمــــا‬ ‫أيـــــا شـــــيخنا نـــــور الجهالـــــة والعمـــــى‬ ‫ومهـــــما ظـــــلام الجهـــــل فـــــيهم تـــــدلهما‬ ‫ومـــن للـــورى أضـــحى مـــلاذا وملجـــأ‬ ‫ســـعيد بـــن خلفـــان الـــذي للعـــلى ســـما‬ ‫أضــــاء بنــــور يبهــــر الــــشمس ضــــوؤه‬ ‫فلـــــــما تجـــــــلى ربـــــــه خـــــــر فـــــــاعلما‬ ‫ومــــــــاذا تقــــــــول في مقالــــــــة ربنــــــــا‬ ‫وكيــــف انــــدكاك الجبــــل حيــــث تهــــدما‬ ‫فكيـــــــف تجليـــــــه وكيـــــــف ظهـــــــوره‬ ‫فكيـــف تـــرى مـــن ذي الجـــلال الـــتكلما‬ ‫وكلــــــم ذو الملــــــك العظــــــيم عبيــــــده‬ ‫وأرجــــوك أن تكــــشف ظلامــــا مــــدلهما‬ ‫أفـــــــدني فـــــــإني في ظـــــــلام مـــــــدلهم‬ ‫فإنــــــك للظمــــــآن مــــــاء مــــــن الــــــسما‬ ‫ـــيدي هــــب لي جوابــــا مــــصرحا‬ ‫ويــــا سـ ِ‬ ‫ ِّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫تعـــالى وجـــاء الـــرب مـــع ملـــك الـــسما‬ ‫مثـــــــال تجـــــــلى ربنـــــــا مثـــــــل قولـــــــه‬ ‫لحـــرب النـــضير مـــن يهـــود بهـــم عمـــى‬ ‫ومثــــــل أتــــــاهم حيــــــث لا يحــــــسبونه‬ ‫تجـــــــــلى عليـــــــــه أمـــــــــره فتهـــــــــدما‬ ‫بمعنـــــــى أتـــــــاهم بأســـــــه وكـــــــذلكم‬ ‫بــــــذات لــــــه جــــــل الإلــــــه وكرمــــــا‬ ‫ولـــــــيس تجليـــــــه يفيـــــــد انكـــــــشافه‬ ‫حقائقـــــه مـــــن قـــــول خالقنـــــا ومــــــا‬ ‫وأمـــــــا كـــــــلام االله للعبـــــــد فـــــــاقتبس‬ ‫ولكــــن بــــوحي أو حجــــاب لــــه عمــــى‬ ‫ومــــــا بــــــشر قــــــد كلــــــم االله جهــــــرة‬ ‫)‪ (١‬سقط من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(١٤٣‬‬ ‫‪ ١٦٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫بــــــه كلــــــم العبــــــد الكلــــــيم وألهــــــما‬ ‫كــما قـــد أكـــن النطـــق في العوســـج الـــذي‬ ‫لــــنفس‪ ‬كــــلام االله يــــا صــــاح فــــافهما‬ ‫فكانــــت حجابــــا في الخطــــاب ومظهــــرا‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما يوجد في كتب القوم من إثبات رؤية الباري‪ ،‬فكيف يكـون اعتقـاد القـارىء عنـد‬ ‫قراءته إياها عند الناس؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫يعتقد باطلها وعدم حقها‪ ،‬ومنع جوازها‪ ،‬وأمـا قراءتهـا مـع النـاس حيـث لا يخـاف‬ ‫الفتنة منها عليهم فجائز ولا سيما إن كان لغرض يبيح ذلك‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ومما قاله الشيخ أبو محمد ناصر بن أبي نبهان‪:‬‬ ‫وأما الإرادة فلها معنيان أيضا لوجهين‪:‬‬ ‫الوجه الأول‪ :‬الإرادة المقيد‪ ‬علمها من الخلق‪ ،‬التي يتعلق علمها علم العدد المنهي العبـاد‬ ‫عن التفكر فيه بضعف العقول من قولهم‪ :‬إن االله لم يرد الكفر من الكـافر ليكـون كـافرا‪ ،‬إن‬ ‫كان المعنى أن االله لمـا خلـق الخلـق فكتـبهم بقدرتـه في اللـوح المحفـوظ في عـالم الغيـب قبـل‬ ‫ظهورهم إلى عالم الشهادة‪ ،‬أو كتب علمه بما كان أو سيكون‪ ،‬وكتب علمه بالـشقي وعلمـه‬ ‫بالسعيد‪ ،‬فلما أراد ظهورهم من عالم الغيب إلى عالم الشهادة خلق نفوسا خبيثة نكدة ردية في‬ ‫أصل تكوينه لهن‪ ،‬وخلق لهن شهوة خبيثة ردية‪ ،‬وخلق فيهن هوى خبيثا رديا‪ ،‬وخلق فيهن‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬بنفس‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬المفيد‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٦٧‬‬ ‫إرادات خبيثة لا تريد إلا المعصية‪.‬‬ ‫كذلك أصل تكوينها حتى تكون مع شدة خبثها‪ ،‬وشدة خبـث هـذه القـوى فيهـا لا‬ ‫تريد الطاعة أبدا ولو استطاعتها حكمة منه في ذاك ليعصيه من يجعل نفسا منها في جسد من‬ ‫علم أنه ليعصيه إرادة منه بهذه الخلقة من أصل التكوين‪ ،‬لا بد من أن تعصيه؛ إذ الخلقـة لا‬ ‫تكون بذلك إلا عاصية‪ ،‬وخلق نفوسا طيبة في أصل تكوينه لهـن‪ ،‬وخلـق فـيهن محبـة طيبـة‬ ‫واختيارا حسانا وإرادات حسنة‪ ،‬لا تحب ولا تريد إلا الطاعة من أصل الخلقة كذلك‬ ‫ً‬ ‫جميلة‪،‬‬ ‫ولو استطاعت المعصية‪ ،‬وجعلها االله تعـالى في أجـساد مـن علـم أنـه ليطيعـه ولا بـد مـن أن‬ ‫تطيعه؛ لأنها مخلوقة على جبلة الطاعة‪ ،‬فيكون أهلها طائعين له‪ ،‬فهذا من علم القـدر المنهـي‬ ‫عن التفكر فيه‪.‬‬ ‫ومثل هذا المعنى ينبغي أن ينزه االله عن وصـفه بهـذه الإرادة بخلقـه؛ لأنهـم يكونـون‬ ‫مجبورين على فعل الطاعة‪ ،‬وعلى فعل المعصية‪ ،‬وأصل الخلقـة لا‪ ‬حيلـة لأحـد مـنهم عـلى‬ ‫خلاف الخلقة التي خلقه االله عليها‪ ،‬وإن كانوا أرادوا هذا المعنى‪ ‬ونـزه االله عنـه فـلا أقـول‬ ‫بتكفيرهم ولا بخطئهم‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫قال غيره‪ :‬وهذا مما أشكل علينا حله وعلم تأويله؛ لشدة غباوتنا‪ ،‬وقلة درايتنـا‪ ،‬فلـم‬ ‫نعرف كناية االله لعلمه ما هي‪ ،‬ولم ندر ما أراد الشيخ بقوله‪ :‬ومثل هذا المعنى ينبغي أن ينزه‬ ‫االله عن وصفه بهذه الإرادة بخلقه‪ ،‬إذا أخبر ما قاله هنـا‪ ،‬فهـل كـان مـن الواجـب الـلازم‬ ‫تنزيه االله عن مثل هذه الصفات التي تفضي إلى‪ ‬ما قالته الفسقة الجبرية المتمـسكون بحبـل‬ ‫سـيدي عـلى الخويـدم بتفـصيل مـا أتـاه هـذا‬ ‫المشيئة دون حبل الأمر من االله للبرية‪ ،‬فتفضل ِ‬ ‫ ِّ‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬ولا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬هذا‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫‪ ١٦٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الـشيخ‪ ،‬وهـذا وفي النهـي عــن التفكـر في هـذه الإرادة‪ ،‬مــع عـده لهـا أنهــا مـن أحـد وجــوه‬ ‫الإرادات‪ ،‬فبـاالله مـا سـألتك عـن هـذا إلا ابتغــاء وجـه االله‪ ،‬لعـسى أن أكـون مـن المتعلمــين‬ ‫الصادقين‪ ،‬والسلام عليكم من ولدك الفقير صالح بن علي‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫وأنا أقول إن شاء االله تعالى‪ :‬أما القول في الإرادة فهو مـستفاض في الأثـر‪ ،‬غنـي عـن‬ ‫النظر‪ ،‬وأما قولهم‪ :‬إن االله تعالى خلق للكافر نفسا خبيثة‪ ،‬وجعل لها هـوى خبيثـا‪ ،‬وإرادات‬ ‫‪‬‬ ‫خبيثة‪ ،‬وشهوة خبيثة في أصل التكوين‪ ،‬وركبها في جسد من علم أنه يعصيه فهو لا يريـد‬ ‫إلا المعصية‪ ،‬ولا يستطيع الطاعة؛ لأن أصل خلقته على ذلك‪ ،‬وزاد بعض المبطلين على هـذا‬ ‫أن االله تعالى لما أراد أن يخلق الخلق من أديم هذه الأرض من ترابها الطيب والخبيث‪ ،‬والحلو‬ ‫والمر‪ ،‬والكدر والصافي‪ ،‬والطـاهر والقـذر‪ ،‬فتنوعـت أبنيـة الخلـق مـن هـذه الأرض‪ ،‬فمـن‬ ‫أصاب بنيته من هذا الطين الخبيث المـر الكـدر القـذر النـتن‪ ،‬لم تركـب فيـه إلا نفـس خبيثـة‬ ‫شريرة سيئة فاسدة‪ ،‬لا تعمل الخير ولا تستطيعه‪ ،‬ولا تهوى إلا الخبيث والشر فهي تطيعـه‪،‬‬ ‫ومثل هذه المعاني إن خرجت على معنى المجاز فلا أقول بعدم جوازها‪.‬‬ ‫وإن كانت يراد بها معنى الحقيقة فهي باطلة لوجهين‪:‬‬ ‫أحدهما‪ :‬أنها قول بالجبر صريح؛ فإنها إن كانت لا تستطيع فعل الخير لأصـل الخلقـة‬ ‫فتكليفها باطل‪ ،‬وخطابها به عبث واالله حكـيم ولا يكلـف نفـسا إلا وسـعها‪ ،‬وبهـذا القـول‬ ‫)‪ (١‬صالح بن علي بن ناصر بن عيسى الحارثي‪ ،‬فقيه وعالم‪ ،‬من أشهر تلاميذ المحقق الخليلي‪ ،‬ولد في بلدة‬ ‫المضيرب بالقابل عام ‪١٢٥٠‬هـ ‪ ،‬وقتـل أبـوه وهـو صـغير‪ ،‬اشـتهر بلقـب المحتـسب ‪ ،‬مـن تلاميـذه‪:‬‬ ‫الإمام نور الدين السالمي‪ ،‬والشيخ عامر بن خميس المالكي‪ ،‬وابنه الأمير عيسى‪ ،‬من مؤلفاتـه‪ »:‬علـم‬ ‫الرشاد في علم الجهاد ‪ «,‬جمعت أجوبته وسميت »بعين المصالح في أجوبة الـشيخ صـالح«‪ ،‬تـوفي عـام‬ ‫‪١٣١٤‬هـ‪ .‬ينظر‪ :‬معجم الفقهاء والمتكلمين الإباضية‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.١٨٨‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬يزيد‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٦٩‬‬ ‫تنهدم أصول الشرائع كلها‪ ،‬فلا وجه لإنزال الكتب‪ ،‬وإرسال الرسل إلى من خلقه االله تعالى‬ ‫على حالة يعلم أنه لا يستطيع تركها‪.‬‬ ‫وثانيهما‪ :‬إن هذا القول معلوم بالمشاهدة بطلانه‪ ،‬وقد يسلم المشرك بعـد بلـوغ الغايـة‬ ‫منه في أفعال الشر‪ ،‬ومقاتلة الإسلام‪ ،‬وإيذاء الرسل‪ ،‬والجـرأة عـلى االله تعـالى بـما لا يحـصى‪،‬‬ ‫فيحسن بعد ذلك إسلامه‪ ،‬والخلقة واحدة‪ ،‬والنفس هي النفس الأولى‪.‬‬ ‫وكان عمر بن الخطاب ‪-‬رضوان االله عليه‪ -‬يقول‪ :‬أنا أكثـركم حـسنات؛ لأني كنـت‬ ‫أكثركم في الجاهلية سيئات‪ ،‬وكان منهم القتل والوأد وغيره‪ ،‬فأسلموا وحسن إسلامهم‪.‬‬ ‫وقد عمر سحرة فرعون في الشرك‪ ،‬وما بين إسلامهم ودخـول الجنـة إلا قـدر سـاعة‬ ‫من النهار‪ ،‬فأين تلك النفوس ]والشهوات والإرادات[‪ ‬الخبيثة التي كانت فيهم من أصل‬ ‫الخلقة والتكوين؟! أليس هذا من نوع الهذيان‪ ،‬ما لهم عليه من سلطان‪ ،‬أيقولون على االله ما‬ ‫لا يعلمون‪ ،‬بل هم قوم يجهلون‪ ،‬وتعالى االله عما يقولون‪ ،‬سبحانه وتعالى عما يقول المبطلـون‬ ‫علوا كبيرا‪ ،‬تسبح له السموات والأرض ومن فيهن‪ ،‬وإن من شيء إلا يسبح بحمده‪ ،‬ولكن‬ ‫لا تفقهون تسبيحهم‪ ،‬إنه كان حليما غفورا‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫القرآن مخلوق أم غير مخلوق؟ فإن كان مخلوقا فما صفة خلقه؟ وإن كان غير مخلوق فما‬ ‫صفته والاعتقاد فيه؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫القرآن كلام االله ووحيه وتنزيله‪ ،‬هذا هو‪ ‬الاعتقاد كاف فيه إن شاء االله‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬والإرادات والشهوات‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬كذا في )ت(‪ ،‬وفي )م(‪ :‬وهو هذا‪.‬‬ ‫‪ ١٧٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪:‬‬ ‫قد تأملت ما أورده الشيخ سعيد بـن قاسـم الـشماخي في مباحـث خلـق القـرآن مـن‬ ‫الاحتجاج‪ ،‬فعلمت أنه عـلى صراط مـستقيم‪ ،‬لا زيـغ فيـه ولا اعوجـاج‪ ،‬وقـد اكتفينـا عـن‬ ‫الإعادة بما فيه الإفادة؛ لأنه قد جاء بالحسنى وزيادة‪.‬‬ ‫وبالجملة‪ :‬فلم نر فيما تعلق فيه المختلفون إلا شبها لفظية لا تصلح لتقويم البراهـين‪،‬‬ ‫فأنى يصح أن نأتيه بهـا عـلى غـير دليـل واضـح مـستبين‪ ،‬وإنـما ارتبـك فيهـا بعـض الأكـابر‬ ‫كالشيخ ابن النضر‪ ‬ومن في طبقته من الأقدمين‪ ،‬فتداولتها الآثار‪ ،‬وملئت منها الأسـفار‪،‬‬ ‫وعدت في زمانهم مسألة رأي لا دين‪ ،‬وما ذلك إلا لظهور النزاع‪ ،‬وعدم تأتي الإجماع منهم‬ ‫في كل حين‪ ،‬وعلى كل من عرف الحق‪ ،‬وأبصر الصدق‪ ،‬أن يأخذ بالأعدل‪ ،‬تاركا للأهـزل‪،‬‬ ‫فإنه من غير‪ ‬لبس فيه‪ ‬ولا مين عين فرض له على الأصح وفرض عين‪.‬‬ ‫وإنما عد اختلافا كما ساغ من مثله في المسائل الخلافية كـالقول بطهـارة دم البـاغي في‬ ‫الآثار المغربية‪ ،‬وتحريم شرب قهوة البن في الآثار المشرقية‪ ،‬فقد أثبتا رأيا‪ ،‬ورسما على ما بهما‬ ‫من وهن في البرهان‪ ،‬ووضوح الحق في خلافها للعيـان‪ ،‬وفي أقـوال الـسلف مـن الـصحابة‬ ‫والخلف من نظير هذا في النوازل الفقهية ما لا يحصى عده‪ ،‬ولا يكاد يحصر حده‪ ،‬وكفى بـه‬ ‫عن الإطالة‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬ورد في المخطوط الجواب فقط‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬هو العلامة الفقيه الشيخ أحمد بـن سـليمان بـن عبـد االله بـن أحمـد مـن علـماء الثلـث الثـاني مـن القـرن‬ ‫السادس‪ ،‬نشأ في سمائل‪ ،‬كان قوي الذاكرة آيـة في الحفـظ‪ ،‬وقـد قيـل في حقـه‪ :‬أشـعر العلـماء وأعلـم‬ ‫الشعراء‪ ،‬من شيوخه‪ :‬الشيخ مبارك بن سليمان‪ ،‬مـن مؤلفاتـه‪ :‬كتـاب »الـدعائم« وأخـرى مفقـودة‪.‬‬ ‫ينظر‪ :‬إتحاف الأعيان ‪.٣٨١/١‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت( زيادة )ما(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬به‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٧١‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫عن بعض قومنا‪ :‬وأخباره تعالى لا تتعلق بالزمان‪ ،‬والمتعلـق بـه المخـبر عنـه‪ ،‬والتغـير‬ ‫عليه لا على الأخبار كما في الأخبار وفي السنة إلى الأزل‪ ،‬لا يتصرف بشيء من الأزمنة‪ ،‬إذ لا‬ ‫ماضي ولا مستقبل ولا حال بالسنة إلى االله تعالى لتنزيهه عـن الزمـان‪ ،‬كـما أن علمـه أزلي لا‬ ‫يتغير بتغير الأزمان‪ ،‬ولما صح بأزلية الكلام‪ ،‬حاول التنبيه على أن القرآن أيضا قد يطلق على‬ ‫هذا الكلام النفسي القديم‪ ،‬كما يطلق على النظم المتولى‪ ،‬فقال‪ :‬والقرآن كلام غير مخلوق‪.‬‬ ‫وعقب القرآن بكلام االله مما ذكـر المـشايخ مـن أنـه يقـال القـرآن كـلام االله تعـالى غـير‬ ‫مخلوق‪ ،‬ولا يقال القرآن غير مخلوق لئلا يسبق إلى الفهم أن القرآن المؤلـف مـن الأصـوات‬ ‫والحروف قديم‪ ،‬كما ذهب إليه الحنابلة جهلا أو عنادا‪ ،‬وأقام غير المخلوق مقام غير الحادث‬ ‫تنبيها على اتحادهما‪ ،‬وقصد إلى جري الكلام على وقـف الحـديث حيـث قـال عـم‪»‬القـرآن‬ ‫كلام االله غير مخلوق‪ ،‬ومن قال‪ :‬إنه مخلوق فهو كافر بـاالله العظـيم«‪ ،‬وتنصيـصا عـلى محـل‬ ‫الخلاف بالعبارة المشهورة فيما بين الفريقين‪ ،‬وهو أن القـرآن مخلـوق أو غـير مخلـوق‪ ،‬وهـذا‬ ‫يترجم لهذه المسألة بمسألة خلق القرآن أي يقال لهذه المسألة مسألة خلق القرآن‪ ،‬فلا يستلزم‬ ‫من قال بهذا القول أنه أوجب خلقه‪ ،‬بل كذلك جرت تسميتها مع من يقول إنه غير مخلوق‪،‬‬ ‫ومع من يقول إنه مخلوق‪ ،‬وتحقيق الخلاف بيننا وبينهم يرجـع‪ ‬إلى إثبـات الكـلام النفـسي‬ ‫ونفيه‪ ،‬وإلا فنحن لا نقول بقدم الألفاظ والحروف‪ ،‬وهم لا يقولون بحدوث كلام نفسي‪،‬‬ ‫ودليلنا ما مر أنه ثبت بالإجماع وتواتر النقل من الأنبياء من أن االله تعالى متكلم‪ ،‬ولا معنى له‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬عمر‪ ،‬وعم‪ :‬أي‪ :‬عليه السلام‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬قال السخاوي في المقاصد الحسنة ص ‪ :٣٦١‬الحديث مـن جميـع طرقـه باطـل‪ ...‬ولا يـصح شيء مـن‬ ‫ذلك‪ ،‬أسانيده مظلمة لا ينبغي أن يحتج بشيء منها‪ ،‬ولا أن يستشهد بها أحد اهـ‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬إنه يرجع‪.‬‬ ‫‪ ١٧٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫سوى أنه متصف بالكلام‪ ،‬ويمتنع قيام‪ ‬اللفظي الحادث بذاته تعالى فتعين النفسي القديم‪.‬‬ ‫وأما استدلالهم بأن القرآن متصف بما هو من صفات المخلوق‪ ،‬وسمات الحدوث من‬ ‫التأليف‪ ،‬والتنظيم والإنزال والتنزيل‪ ،‬وكونه عربيا مسموعا فصيحا معجزا إلى غير ذلـك‪،‬‬ ‫فإنما تقوم الحجة بذلك على الحنابلة لا علينا؛ لأنا قائلون بحـدوث الـنظم‪ ،‬وإنـما الكـلام في‬ ‫المعنى القديم‪ ،‬والمعتزلة لما لم يمكنهم إنكار كونه تعالى متكلما ذهبـوا إلى أنـه مـتكلم بمعنـى‬ ‫إيجاد الأصوات والحروف في محالها‪ ،‬أو إيجاد أشكال الكتابة في اللـوح المحفـوظ‪ ،‬وأن يقـرأ‬ ‫على اختلاف بينهم‪ ،‬وأنت خبير بأن المتحرك من قامت به الحركة لا من أوجدها‪ ،‬ولا يصح‬ ‫اتصاف الباري بالأعراض المخلوقة له تعالى عن ذلك علوا كبيرا‪.‬‬ ‫قال المؤلف‪ :‬لا يوجب ذلك في صفات االله تعالى أن يكون متكلما بغيره أن لو قدر أن‬ ‫كلام القرآن مخلوق؛ لأن الباري سبحانه وتعالى قادر أن يخلق في اللوح كلاما عربيا منظوما‬ ‫آيات عظيمة بالغـة في الفـصاحة معجـزة لفـصحاء مـن خلقـه‪ ،‬فيـه توحيـد ووعـد ووعيـد‬ ‫وأخبار وأمثال‪ ،‬ونهي وأمر‪ ،‬ويأمر جبرائيل ‪ -‬عليه السلام‪ -‬أن ينـزل بـه إلى رسـول مـن‬ ‫رسله تعالى‪ ،‬ويكون فيه كلام خلقه االله في اللوح المحفوظ‪ ،‬وأمر جبرائيـل أن ينـزل بـه عـلى‬ ‫رسول االله ^ ذلك الرسول‪.‬‬ ‫فلو فعل االله ذلك فلمن ينسب ذلك الكلام ألذلك الرسول أم لجبرائيل أم ينسب إلى‬ ‫االله تعالى‪ ،‬وهو لا‪ ‬يجوز ألا‪ ‬ينسب إلى االله تعالى‪ ،‬فيقال‪ :‬هذا كلام االله تعالى‪ ،‬وقد شرطنا‬ ‫أنه خلقه‪ ،‬فكان في اللوح المحفوظ كما شاء أن يخلقه؛ لأن إضافة الكلام إلى االله على وجهين‪،‬‬ ‫كلامه تعالى الذي هو موصوف به ذاته أنه لم يزل متكلما‪ ،‬فذلك كلامه هو غير مخلوق‪ ،‬ومن‬ ‫)‪ (١‬في )ت( كلام‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬وأمرونهي‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬لا‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٧٣‬‬ ‫قال‪ :‬إنه مخلوق فقد كفر باالله تعالى‪.‬‬ ‫والوجه أنه ينسب إليه كل شيء خلقه بغير واسطة مخلوق كما يقـال‪ :‬سـماء االله تعـالى‪،‬‬ ‫وأرض االله تعالى‪ ،‬وكما يقـال‪ :‬عيـسى عليـه الـسلام روح االله‪ ،‬وجبريـل‪ ‬روح االله‪ ،‬كـذلك‬ ‫‪‬‬ ‫الكلام الذي قدرنا أنه لو خلقه في اللـوح المحفـوظ فينـسب إلى االله تعـالى أنـه كـلام ]االله[‬ ‫وكتاب االله‪ ،‬وآيات االله‪ ،‬وأمر االله‪ ،‬ونهي االله‪ ،‬وأخبار االله‪ ،‬ووعد االله‪ ،‬ووعيد االله‪ ،‬والمعنى أنه‬ ‫لم يكن أنه كلام أحد المخلوقين‪ ،‬بل خلقه االله تعالى هو كذلك‪ ،‬فأضيف إلى االله إضافة إبداع‬ ‫له‪ ،‬وإقرار أنه عن االله‪.‬‬ ‫فصح أن من قال‪ :‬إن كلام القـرآن هـو مخلـوق لا يوجـب أنـه وصـف االله تعـالى بأنـه‬ ‫متكلم بصفة هي من صفات ذاته قائمة بذات غيره من مخلوقاته‪ ،‬غيره من أهل مذهبـه كـما‬ ‫بيناه سابقا‪ ،‬ولا يوجب بذلك أن يكون متـصفا بـالأعراض المخلوقـة‪ ،‬وجميـع مـا آتـاه مـن‬ ‫قواعده لنفي‪ ‬خلق القرآن أراها متلاشية عـلى هـذا المثـال‪ ،‬وأمـا إثباتـه أن كـلام االله كـلام‬ ‫نفسه هو غير مخلوق فذلك حق‪ ،‬ولكن هـذه القاعـدة لا تـستلزم حكـم كـلام القـرآن؛ لأن‬ ‫كلام ذات االله الذي هو من صفاته‪.‬‬ ‫سيدي‪ ‬بالنظر في جميع هذا وإيضاح ما عندك فيه‪ ،‬فإننـا لـذلك‬ ‫تفضل ِ‬ ‫قال السائل‪ :‬ َّ‬ ‫ ِّ‬ ‫محتاجون‪ ،‬وفي معرفته راغبون؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫نظرت والذي معي أن قول الشيخ في هذه المسألة على سبيل الإجمال غير خارج مـن‬ ‫الصواب‪ ،‬وهذا كاف في هذا الموضع عن الإطالة بالبحوث‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬جبرائيل‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬زيادة يقتضيها السياق‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬النفي‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬أي‪ :‬المحقق الخليلي‪.‬‬ ‫‪ ١٧٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪‬‬ ‫ما قول سيدنا إمام العرفان سعيد بن خلفان الخليلي أبقاه االله وارتضاه‪ ،‬وجعل الجنـة‬ ‫مأواه ‪-‬إن شاء االله‪ -‬فيمن له ولي وسمعه يقول‪ :‬إن القرآن الذي هو صفة الذات‪ ،‬الذي هو‬ ‫مشتق من العلم مخلوق‪ .‬ما تكون منزلته عنده‪ ،‬أيبقى على ولايته أم كيف يسعه فيه؟ علمني‬ ‫ذلك مما علمك االله وأرشدني إليه تحظ بجزيل‪ ‬الثواب‪ ،‬ولك الأجر من االله الوهاب‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬والذي عندي أن علم االله تعالى وكلامه القديم الأزلي الذي هـو صـفة مـن‬ ‫صفات ذاته لا يجوز القول بخلقه‪ ،‬ومن قال بذلك كفر وتجب البراءة منه‪ ،‬وهذا مما لا يسع‬ ‫الجهل به‪.‬‬ ‫وإذا ثبت وجاز في هذا العلم والكلام أن يسمى قرآنا فالقول بخلقه يكون عـلى هـذا‬ ‫كا‪ ،‬ولا يجوز الاختلاف أبدا في ذلك‪ ،‬لكن‪ ‬نفس القول بأن القرآن هو علـم‬ ‫القائل به هال ً‬ ‫االله وكلامه القديم الأزلي الذي هو صفة من صفات ذاتـه‪ ،‬هـو الـذي تنازعـت فيـه الأمـة‪،‬‬ ‫واضطرب‪ ‬فيه الأعلام‪ ،‬وتصاكت عليه الركب‪ ،‬وعظم فيـه الخطـر؛ إذ لا بـد مـن وجـود‬ ‫الخطأ في أحد القولين قطعا‪ ،‬فإن اعتبرته من حيث اللغة والمعنى فاللغة تأباه إذ لا يطلق اسم‬ ‫القرآن لغة على علمه تعالى الذاتي‪ ،‬فلا يقال قـرآن االله بمعنـى علمـه‪ ،‬ولا يقـال‪ :‬االله أقـرأ‪،‬‬ ‫مكان قولك‪ :‬االله أعلم‪ ،‬ولا قارىء الغيب‪ ‬والـشهادة‪ ،‬ولا قـراء الغيـوب في موضـع عـالم‬ ‫الغيب والشهادة‪ ،‬وعلام الغيوب‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬بجميع‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬ولكن‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬واضطربت‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬يقول‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬بالغيب‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٧٥‬‬ ‫فصح أن القرآن لغة هو غير العلم الذاتي ولا شك‪ ،‬وإذا لم يجـز أن يطلـق عـلى العلـم‬ ‫الذاتي فكذلك الكلام الذاتي؛ لأنهما بمعنى‪ ،‬وما لم يثبت في أحدهما لم يجز‪ ‬على الآخر‪.‬‬ ‫وأما اعتباره معنى فالقرآن الذي أنزله االله على رسوله ^ بواسطة الناموس الأعظم‬ ‫روح القدس جبرائيل ‪-‬عليه الـسلام‪ -‬هـو هـذا القـرآن المتلـو عنـدنا بالألـسنة‪ ،‬والمـسموع‬ ‫بالآذان أصواتا مقطعة بحروف وكلمات مرتلة‪ ،‬فلا يسع الشك في أنه هو القرآن الذي يجب‬ ‫الإيمان به على من بلغ إليه‪ ،‬وتقوم به الحجة له وعليه‪ ،‬ومن شك فيه أشرك فكيف بمن رده‬ ‫أو أنكره‪.‬‬ ‫وقد اتفقنا نحن والأشعرية أنه مخلوق‪ ،‬وصرح بذلك الـشيخ أبـو سـعيد ومحمـد بـن‬ ‫محبوب‪- ‬رحمهم االله‪ ،-‬واتفق عليه أصحابنا المغاربة وفاقا للمعتزلة‪ ،‬ولا منكر لذلك فيما‬ ‫قيل إلا بعض الحنابلة جهلا منهم بالحق‪ ،‬وعنادا ومكابرة بغير دليل‪.‬‬ ‫وإذا ثبت أن هذا هو نفس القرآن الذي لا يسع الـشك فيـه‪ ،‬ولا رده ولا الجهـل بـه‪،‬‬ ‫فالقول بأن القرآن صفة ذاتية قديمة‪ ،‬كما صرحت به الأشاعرة يقتضي وجـود قـرآنين يجـب‬ ‫الإيمان بهما‪:‬‬ ‫أحدهما‪ :‬هو الموجود عندنا‪ ،‬وهو الـذي بعـث بـه الرسـول إلينـا‪ ،‬وقامـت بـه الحجـة‬ ‫علينا‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬قرآن هو عند االله تعالى صفة من صفات ذاته القديمة الأزلية‪ ،‬وهو عين هذا‬ ‫القرآن وحقيقته‪ ،‬إلا أن عقول البشر تقصر عنه‪ ،‬فلا تبلـغ إليـه وهـو ممـا اسـتأثر االله بعلمـه‪،‬‬ ‫وهذا غير مسلم لعدم الدليل عليه‪ ،‬ولأن االله لم يدعنا إلى الإيمان به‪ ،‬ولا ثبت ذلك عن النبي‬ ‫^‪ ،‬ولا عن غيره من الرسل في شيء من الكتب السابقة‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬يخطر‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬من أكبر علماء عمان والمذهب الإباضي‪ ،‬تولى رئاسة العلم أيام الإمام الصلت بن مالـك الخـروصي في‬ ‫العقد الأول من القرن الثالث الهجري‪ ،‬له أجوبة فقهية كثيرة‪ .‬ينظر‪ :‬دليل أعلام عمان ص ‪.١٥٠‬‬ ‫‪ ١٧٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وإذا كان الإيمان بالقرآن حاصلا بدونه‪ ،‬وقيام الحجة موجودا بهذا القرآن الذي معنا‬ ‫فالقول بأن حقيقة القرآن غيره باطل؛ لأنه من باب إنكار الحقائق وصرفها إلى أمور متحيلة‬ ‫بغير حجة‪ ،‬وذلك باطل‪ ،‬وتعلقهم في هذا بأن القرآن علـم االله وكلامـه‪ ،‬إنـما هـو مـن بـاب‬ ‫الاستدلال بألفاظ مشتركة‪ ،‬فلا حجة بها؛ لأنها متأولة‪ ،‬فقولهم في القرآن‪ :‬إنـه كلمـة االله أو‬ ‫كلماته أو كلامه كالقول في المـسيح ‪-‬عليـه الـسلام‪ -‬أنـه كلمـة االله‪ ،‬ولقـد احـتج بهـا بعـض‬ ‫النصارى على أنـه غـير مخلـوق؛ لأنـه روح االله وكلمتـه ألقاهـا إلى مـريم كاسـتدلال هـؤلاء‬ ‫الجماعة على إثبات القرآن صفة ذاتية بأنه كلام االله‪ ،‬وليس في ذلك من دليل لجواز أن تكون‬ ‫تشريفا كقولك‪ :‬ناقة االله وبيته وكلمته وروحه‪ ،‬ومتى قيل‬ ‫ً‬ ‫الإضافة لمعنى الاختصاص له‬ ‫في القرآن‪ :‬إنه علم االله فالإضافة فيه كذلك‪.‬‬ ‫ومثله قوله‪ :‬كالغيث رحمة رب العرش‪ ،‬وهو على المسافرين عذاب واصب وبلاء‪،‬‬ ‫فرحمة االله صفة من صفات ذاته القديمة الأزلية‪ ،‬فقولنا‪ :‬الغيث رحمة االله لا يراد به أن الغيث‬ ‫صفة من صفات ذات االله تعالى‪ ،‬وقد ثبت أن النبي ^ من رحمة االله في قوله تعالى‪` M :‬‬ ‫‪ ،L d c b a‬وقال‪T S R Q P O N M M :‬‬ ‫‪ L W V U‬وليس المعنى أن النبي ^ هو من رحمة االله التي هي صفة من صفات‬ ‫ذاته القديمة الأزلية؛ لأنه مخلوق وهي قديمة فكذلك علم االله إن عبر به عن شيء من‬ ‫معلوماته كالقرآن‪.‬‬ ‫ولقد رأيت في كلام بعض المتصوفة وقد أنكرت عليه حاله‪ ،‬فقال لمن أنكر عليه‪ :‬أنـا‬ ‫من علم االله الذي لا تعلمه‪ ،‬وهو كلام بديع في غاية الحسن‪ ،‬وليس المراد به أنه من علم االله‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬كقوله‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬الأنبياء‪ :‬الآية )‪.(١٠٧‬‬ ‫)‪ (٣‬القصص‪ :‬الآية )‪.(٧٣‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٧٧‬‬ ‫الذي هو من صفات ذاته‪ ،‬ولكن أراد أنه من معلومات االله التي لا تعلمها أنت يا مخاطب‪،‬‬ ‫ومثل هذه العبارات شائع كثير فهو أصل كبير‪.‬‬ ‫وهذا القدر كاف فيه للبيان‪ ،‬فالعدول عنه إلى أن القرآن علـم نفـسي‪ ،‬وصـفة قديمـة‬ ‫ذاتية بغير سلطان من االله يؤيده‪ ،‬وحجة حق من عقل أو نقل يعضده لا سبيل إليه‪.‬‬ ‫فإن قلت‪ :‬فإذا لم يكن القرآن صفة ذاتية من صفات االله تعالى فكيف الوجه فيه‪ ،‬وهو‬ ‫كلام االله ووحيه بلا خلاف يصح فيه؟ وإذا لم يكن على هذا الوجه فكيـف تـصح نـسبته إلى‬ ‫االله تعالى‪ ،‬وإنـما هـو مـن كلامنـا في هـذا الاعتبـار‪ ،‬إذا كـان المرجـع بـه إلى نفـس الأصـوات‬ ‫والحروف والكلمات فنسبته‪ ‬إلينا أشبه؟‬ ‫كثيرا ما‪ ‬أتجافى عن هـذه المـسألة‪ ،‬وأتنكـب‪ ‬عـن الخـوض‬ ‫ً‬ ‫الجواب االله أعلم‪ ،‬وأنا‬ ‫فيها؛ لأن عقول أمثالنا عن إدراك مثل‪ ‬هذه الحقائق قاصرة‪ ،‬لكن ليس بدعا لو قيـل فيهـا‬ ‫على سبيل المذاكرة إنه إذا لم يثبت ما قاله الجماعة في القرآن أنه صفة ذاتيـة فقـد رجـع القـول‬ ‫بالضرورة أنه من صفات أفعاله سبحانه وتعالى‪ ،‬وهو الظاهر فيه‪.‬‬ ‫وأما القطع فيه بأنه كان في نزوله عنه تعالى على صفة مخصوصة معلومة لنا فلا سبيل‬ ‫إليه لجواز غيرها‪ ،‬ومثاله لو قيل‪ :‬إن االله تعالى خلقه مكتوبا كذلك في اللوح المحفوظ‪ ،‬وأمر‬ ‫جبريل عليه السلام أن ينزل به على النبي ^ لم يبعد‪ ،‬ووجب أن يكون في التسمية والمعنى‬ ‫كلام االله‪ ،‬كما أن التوراة هي كلام االله تعالى وقد أنزلت على موسى عليه السلام كذلك‬ ‫ألواحا مكتوبة‪ ،‬وفي نسختها من كل شيء هدى وتفصيلا لكل شيء‪ ،‬ويؤيد هذا قوله تعالى‪:‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬فنسبه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬مما‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬وأنتكب‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫‪ ١٧٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ L È Ç Æ Å Ä Ã Â Á À M‬وقال‪a ` _ ^ ] \ M :‬‬ ‫‪.Lb‬‬ ‫ولو قيل‪ :‬إن االله تعـالى أحدثـه كـذلك كلامـا‪ ،‬أسـمعه جبريـل عليـه الـسلام أصـواتا‬ ‫مــسموعة‪ ،‬وحروفــا وكلــمات مقطعــة لم يبعــد أيــضا فإنــه مــن بــاب تكليمــه لموســى ‪-‬عليــه‬ ‫السلام‪ -‬كذلك كلاما أسمعه إياه‪ ،‬وقولا أحدثه إليه وحيا منه بلا واسطة‪ ،‬فهو محتمل‪ ،‬ولو‬ ‫قيل إن االله تعالى ألهمه جبريل ‪-‬عليه السلام‪ -‬بالوحي في قلبه بما يعرفه أنه عن ربه فينزل به‬ ‫بأمره‪ ‬لكان محتملا أيضا‪.‬‬ ‫ويؤيده أنه تعالى نسبه إلى جبريل في بعض المواضع فقال‪n m l k j i M :‬‬ ‫‪ L x w v u t s r q p o‬ويجوز في حدوثه عن االله تعالى إلى جبرائيله أن‬ ‫يكون على غير هذه الصفات كلها؛ لقصورنا عن الإحاطة بذلك‪ ،‬لكن على كل تقدير‪ ،‬فلا‬ ‫نرى مخرجا عن القول بأنه من الصفات الفعلية؛ لأن العدول عنها إلى إثبات القرآن قديما‬ ‫صفة ذاتية أزلية باطل؛ لأنه‪ ‬يقتضي أن علم االله الذاتي قد يكون مرة قرآنا وتارة توراة‬ ‫وطورا إنجيلا وأخرى زبورا وآونة صحف إبراهيم ووقتا صحف موسى‪.‬‬ ‫وقد كان علم االله الذي هو صفة من صفات ذاته‪ ،‬ولا توراة معه ولا إنجيل ولا زبور‬ ‫ولا صحف ولا قرآن‪ ،‬وهو الآن على ما‪ ‬عليه كان؛ لأن الصفات الذاتية لا يجوز عليها‬ ‫)‪ (١‬البروج‪ :‬الآيتان )‪.(٢٢-٢١‬‬ ‫)‪ (٢‬الزخرف‪ :‬الآية )‪.(٤‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬التكوير‪ :‬الآيات )‪.(٢١-١٩‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت( زيادة‪ :‬قد‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬على ماهو عليه‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٧٩‬‬ ‫التكثر ولا التبدل‪ ،‬ولا التغير‪ ‬أصلا‪ ،‬وإنما تختلف آثارها ومدلولاتها‪ ،‬وتكثر أو‪ ‬تقل‬ ‫بحسب التجدد والحدوث معلوماتها‪ ،‬والآثار كلها مخلوقة‪ ،‬قال االله تعالى‪ÏÎÍM :‬‬ ‫‪.LÖÕÔÓÒÑÐ‬‬ ‫فالكتب المنزلة إنما هي في الحقيقة مدلولات علمه‪ ،‬الذي هو من صفات ذاته سبحانه‬ ‫وتعالى‪ ،‬لا هي صفة نفس العلم الذي هو صفة لذاته القديمة‪ ،‬وإلا لكان التوراة والإنجيل‪،‬‬ ‫والزبور وصحف إبراهيم وموسى‪ ،‬والقرآن وجميع الوحي كله قديما موجودا في الأزل مع‬ ‫االله تعالى بهذه الألفـاظ المخلوقـة المحدثـة عـلى كثرتهـا‪ ،‬فيكـون كثـير مـن المخلوقـات قـديما‬ ‫موجودا في الأزل مـع االله القـديم الأزلي‪ ،‬وهـذا باطـل إذ لا قـديم سـواه‪ ،‬وكـل شيء غـيره‬ ‫حادث‪ ،‬ولا ]يمكن[‪ ‬أن يكون القرآن مثلا قديما معه بلا وجدان صورته‪ ،‬مكتوبا أو متلوا‬ ‫بألفاظه وكلماته؛ لأنه مـن القـول بوجـدان حقيقـة لم توجـد وهـو محـال‪ ،‬فعلـم ضرورة أنـما‬ ‫القديم الذاتي علمه بالقرآن والتوراة والإنجيل‪ ،‬كما أن‪ ‬علمه بغيرهن من الكائنات قـديم‬ ‫أيضا؛ لأنه صفة ذاتية للقديم الأزلي الواجب الوجـود سـبحانه وتعـالى‪ ،‬وهـذا مـا لا يجـوز‬ ‫]الاختلاف فيه[‪ ‬أبدا‪.‬‬ ‫وأما نسبته إلى االله تعالى مع كونه متلوا لنا من نطق ألسنتنا‪ ،‬بأصوات وألحان ونغمات‪،‬‬ ‫لأحرف وكلمات‪ ‬من ألفاظنا‪ ،‬فالأصل فيه أن كل قول ينسب إلى من قاله لا إلى مـن قـرأه‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬التغيير‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الروم‪ :‬الآية )‪.(٥٠‬‬ ‫)‪ (٤‬في النسخ المخطوطة‪ :‬يكون‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬فيه الاختلاف‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )م(‪ :‬ولا كلمات‪.‬‬ ‫‪ ١٨٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫ولحن به‪ ،‬وبيانه لو أن أحدا قال في معلقة امرىء القيس‪ ،‬أو قصائد أبي تمام أو‪ ‬البحتري أو‬ ‫غيرهم‪ :‬إنه من كلامه ونسبها لنفسه إذ قرأها لكان ذلك منه خطأ فاحشا‪ ،‬أو كما تجد الآثار‬ ‫المرسومة عن أهل العلم فتنسبها لقائلها منهم‪ ،‬ولو لم تسمع نطقه بها‪ ،‬ويحتمل في كاتبها أنه‬ ‫لم يلفظ بها أصلا‪.‬‬ ‫أو كما يروى عن النبي ^ أنه قال لرجل‪ :‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬قلت لها‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬عن جابر قال‪ :‬جاء رجل إلى النبي ^ فقال‪ :‬يا رسول االله إن أبي يريـد أن يأخـذ ماليـه‪ ،‬فقـال ‪-‬عليـه‬ ‫السلام‪ -‬ادعه ليه‪ ،‬فلما جاء قال له عليه السلام‪ :‬إن ابنك يزعم أنك تأخذ ماله فقال‪ :‬سـله هـل هـو‬ ‫إلا عماته أو قراباته أو ما أنفقه على نفسي وعيـالي‪ ،‬فقـال‪ :‬فهـبط جبرائيـل ‪-‬عليـه الـسلام‪ -‬فقـال‪ :‬يـا‬ ‫ً‬ ‫شـعرا‬ ‫شعرا لم تسمعه أذناه‪ ،‬فقال له عليه السلام‪ :‬قلت في نفـسك‬ ‫ً‬ ‫رسول االله إن الشيخ قال في نفسه‬ ‫لم تسمعه أذناك فهاته‪ ،‬فقال‪ :‬لا يزال يزيدنا االله تعالى بك بصيرة ويقينا ثم أنشأ يقول‪:‬‬ ‫تعـــــــل بـــــــما أجنـــــــي عليـــــــك وتنهـــــــل‬ ‫غـــــــذوتك مولـــــــودا ومنتـــــــك يافعـــــــا‬ ‫لـــــــــــسقمك إلا ســـــــــــاهرا أتملمـــــــــــل‬ ‫إذا ليلـــــــة ضـــــــافتك بالـــــــسقم لم أبـــــــت‬ ‫طرقــــــــت بــــــــه دوني فعينــــــــي تهمــــــــل‬ ‫كــــــأني أنــــــا المطــــــروق دونــــــك بالــــــذي‬ ‫لــــــــتعلم أن المــــــــوت حــــــــتم موكــــــــل‬ ‫تخـــــاف الـــــردى نفـــــسي عليـــــك وإنهـــــا‬ ‫إليهـــــا مـــــدى مـــــا فيـــــك كنـــــت أؤمـــــل‬ ‫فلــــــما بلغــــــت الــــــسن والغايــــــة التــــــي‬ ‫كأنـــــــــك أنـــــــــت المـــــــــنعم المتفـــــــــضل‬ ‫جعلـــــــت جزائـــــــي غلظـــــــة وفظاظـــــــة‬ ‫فعلــــــت كــــــما الجــــــار المجــــــاور يفعــــــل‬ ‫فليتـــــــــك إذ لم تـــــــــرع حـــــــــق أبـــــــــوتي‬ ‫بِـ َ ٍّ‬ ‫ـــــرد عــــــلى أهــــــل الــــــصواب موكــــــل‬ ‫ً‬ ‫ـــــــــدا للخــــــــــلاف كأنــــــــــه‬ ‫تــــــــــراه معـ‬ ‫قال‪ :‬فبكى رسول االله ^ ثم أخذ بمنكب ابنه وقال له‪» :‬اذهب فأنت ومالك لأبيك«‬ ‫رواه الطبراني في الصغير )‪.(٩٤٧‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٨١‬‬ ‫فالقرآن على أي وجه كان قد أنشأه االله إنشاء تحدى بـه البلغـاء‪ ،‬وعجزتـه‪ ‬المـصاقع‬ ‫والخطباء‪ ،‬فلا ينسب إلا إليه لعدم جواز ذلك قطعا‪ ،‬وهذا القـدر مـن البيـان كـاف في هـذا‬ ‫الموضع للإرشاد‪ ،‬لمن من االله عليه بهداه‪ ،‬وليس مرادنا في هذا المحل استقصاء الكلام فيها‪،‬‬ ‫مع اعترافي بالعجز عن مصادمة الفرسان في مثل هذا الميدان‪ ،‬واالله المستعان وعليه التكلان‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫وعن قومنا‪ :‬وفي كتب االله روي أن أبا ذر الغفاري قال‪ :‬يا رسول االله كـم كتابـا أنـزل‬ ‫االله تعالى؟ فقـال ^‪ :‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬والحق الإمساك عن عددها في عدد معين‪ ،‬لما مر في عدد الرسل‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬حسن ما قاله لفظا ومعنى‪ ،‬ومن قال بالعدد معينا لـه‬ ‫في الرسل والكتب‪ ،‬وكان في علم االله أكثر أو أقـل لم يـضره تعيـين العـدد؛ لأنـه مـؤمن في‬ ‫الأصل بجميع الأنبياء‪ ،‬وبجميع الكتب‪ ،‬فإن كان أكثـر في الجملـة إذ لم يتعـين أفـراده‪ ،‬وإن‬ ‫كان أكثر خرج من الجملة؛ لأن إيمانه بالأنبياء لا بمن ليس منهم‪ ،‬فـلا يـوهن ذلـك زهـده‪،‬‬ ‫ولا شبهة عليه إذ قال بما قيل إنه قيل كذا وكذا‪ ،‬ومعلوم أنـه مـن علـم الغيـب‪ .‬واالله أعلـم‪.‬‬ ‫قال الهيثمي في مجمع الزوائـد ‪ :١٥٥/٤‬فيـه مـن لم أعرفـه‪ ،‬والمنكـدر بـن محمـد ضـعيف‪ ،‬وقـد وثقـه أحمـد‪،‬‬ ‫والحديث بهذا التمام منكر اهـ‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬وعجزت‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرجه ابن حبان في كتاب‪ :‬البر والإحسان‪ ،‬باب‪ :‬ماجاء في الطاعات وثوابها )‪ (٣٦١‬مـن طريـق أبي‬ ‫ذر في حديث طويل‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت( الكتب والرسل‪.‬‬ ‫‪ ١٨٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫انتهى‪.‬‬ ‫وعن قومنا‪ :‬ولا يجوز على الأنبياء خلف في القول في وجه من الوجوه‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬وبعثة نبينا محمد ^ كانت على رأس أربعين عاما‪ ،‬والأغلب في إرسال الرسل‬ ‫بلوغهم الأشد وهو أربعون سنة‪ ،‬ومن شروط الرسالة أيضا أن يكون النبي أعلم من جميع‬ ‫من بعث إليهم بأحكام الشريعة التي بعث بها أصلية وفرعية‪ ،‬ولم يتعلم موسى مـن الخـضر‬ ‫عليهما السلام حكما شرعيا‪.‬‬ ‫وأما ما يتعلق بأمور الدنيا الصرفة فلا يضرهم عدم إتقانه على طريق ما يتقنه أهلهـا‪،‬‬ ‫ولا يجوز أن يقال إنهم لا يعلمون شيئا من أمور الدنيا؛ لأنه ربما‪ ‬يوهم البله والغفلة‪ ،‬وهم‬ ‫منزهون عن ذلك كما مر بيانه‪ ،‬وقال‪ :‬وهم معصومون من الكفر قبل النبوة‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬وأما‪ ‬الكبائر غير الكفر أراد غير الشرك‪ ،‬ومنها اللـسانية والجنانيـة قـد أجمـع‬ ‫الناس أيضا على امتناع صدورها عنهم‪ ،‬واختلفوا في دليل امتناعهما‪ ،‬فقيل‪ :‬السمع‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫العقل‪.‬‬ ‫عمدا أي قبل البعث فقد جوزها عليهم جماعـة مـن الـسلف وغـيرهم‬ ‫ً‬ ‫وأما الصغائر‬ ‫كإمام الحرمين‪ ‬منا وكأبي هاشم من المعتزلة‪ ‬وإليه ذهب أبو جعفر الطبري‪ ،‬وغيره من‬ ‫)‪ (١‬في النسخ المخطوطة‪ :‬بما‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬أما‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬هو عبد الملك بن عبـد االله بـن يوسـف الجـويني شـافعي المـذهب ولـد عـام ‪٤١٩‬هــ تفقـه عـلى والـده‬ ‫والقاضي حسين‪ ،‬لقب بإمام الحرمين لمجاورتـه مكـة أربـع سـنين‪ ،‬لـه كتـب منهـا‪» :‬نهايـة المطلـب«‪،‬‬ ‫و»البرهان«‪ ،‬و»تلخيص التقريب«‪ ،‬تـوفي سـنة ‪٤٧٨‬هــ‪ .‬ينظـر‪ :‬البدايـة والنهايـة ‪ ،٥٥/١٣‬شـذرات‬ ‫الذهب ‪.٣٥٨/٣‬‬ ‫)‪ (٤‬عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبالي‪ ،‬من أبناء أبان مولى عثمان عالم بالكلام من كبار المعتزلـة‬ ‫له آراء انفرد بها‪ ،‬وتبعته فرقة سميت »البهشمية« نسبة إلى كنيتة أبي هاشم‪ ،‬له مصنفات منها »العـدة‬ ‫في أصول الفقه«‪» ،‬الشامل«‪» ،‬تذكرة العالم«‪ .‬ينظر‪ :‬تاريخ بغداد ‪.٥٥/١١‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٨٣‬‬ ‫الفقهاء والمحدثين والمتكلمين‪ ،‬ومنعها‪ ‬المحققـون مـن الفقهـاء والمتكلمـين‪ ،‬وبـه جـزم في‬ ‫النظم فهم معصومون من الصغائر عمدا كما أنهم معصومون عن الكبائر‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬قال بعض‪ :‬هذا بعد البعثة‪ ،‬وأما قبل أن يبعثـوا فقـال الجمهـور مـن أصـحابنا‬ ‫وجمع من المعتزلة‪ :‬لا يمتنع أن يصدر مـنهم غـير الكفـر ‪ -‬أراد غـير الـشرك ‪ ،-‬وقـال أكثـر‬ ‫المعتزلة‪ :‬يمتنع الكبيرة‪ ،‬وإن تاب منها؛ لأنها توجب النفرة المانعة عن اتباعهم‪ ،‬ومـنهم مـن‬ ‫منع كل ما ينفر الطباع من متابعتهم‪.‬‬ ‫وقالت الروافض‪ :‬لا تجوز عليهم صغيرة ولا كبيرة‪ ،‬لا عمدا ولا سهوا‪ ،‬ولا خطأ‬ ‫في التأويل‪ ،‬واختلف في عصمتهم عن المعاصي قبل النبوة فمنعها قوم وجوزوهـا آخـرون‪،‬‬ ‫والأحسن تنزيههم عن كل عيب‪ ،‬وعصمتهم من‪ ‬كل ما يوجب الريب‪ ،‬وقوله‪ :‬وجائز في‬ ‫حقهـم كالأكـل والجـماع‪ ،‬فيجــوز علـيهم وطء النـساء بالملــك مطلقـا مـسلمات كــن‪ ‬أو‬ ‫كتابيات لا مجوسيات‪ ،‬خلافا لابن العربي‪ ‬في تحريمه عليه ^ وطء الأمة الكتابية بالملك‪.‬‬ ‫)‪ (١‬هو محمد بن جرير بن يزيد الطبري ولد سنة ‪٢٢٤‬هـ‪ ،‬مفسر مقرئ محدث مؤرخ فقيه أصـولي مجتهـد‪،‬‬ ‫من آثاره‪» :‬جامع البيان في تأويل القـرآن«‪» ،‬تـاريخ الأمـم والملـوك« تـوفي سـنة ‪٣١٠‬هــ ينظـر‪ :‬سـير‬ ‫أعلام النبلاء ‪ ،١٦٧/١٤‬معجم المؤلفين ‪.١٩٠/٣‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬ومنها‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬كبيرة ولا صغيرة‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬وكل‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬وكالجماع‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬محمد بن عبد االله بن محمد المعافري الاشبيلي المالكي‪ ،‬أبو بكـر ابـن العـربي‪ ٤٥٣ - ٤٦٨ :‬هــ قـاض‪،‬‬ ‫من حفاظ الحديث‪ ،‬ولد في إشـبيلية‪ ،‬صـنف كتبـا في الحـديث والفقـه والاصـول والتفـسير والأدب‬ ‫والتــاريخ‪ ،‬ولي قــضاء إشــبيلية‪ ،‬مــن كتبــه‪ :‬العواصــم مــن القواصــم‪ ،‬عارضــة الاحــوذي في شرح‬ ‫الترمذي‪ .‬ينظر‪ :‬الأعلام‪ ،‬الزركلي ‪.٢٣٢/٦‬‬ ‫‪ ١٨٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫قلت‪ :‬وهو قضية تعليلهم‪ ‬منع‪ ‬نكاح الحرة الكتابية له؛ لأن النبي ^ أشرف من‬ ‫أن يضع ماءه في رحم كافرة‪ ،‬أو لأن تكون صاحبته‪ ،‬وأشار الناظم إلى الإباحة له‪ ،‬وإن ترك‬ ‫ذلك تنزيها‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن ]أبي نبهان[‪ :‬يحتمل أن االله تعالى حـرم عـلى الخـصوص نكـاح‬ ‫الكتابية التي على غير دينه‪ ،‬ويحتمل أنه أباح ذلك له؛ لأن الآية على العموم‪ ‬وإباحة ذلـك‬ ‫ليس مما ينقص في فضله‪ ،‬ولو كان نقصان درجات من حيث صحبة مسلم لمشركة لما أباحه‬ ‫االله تعالى أو أباحه على وجـه خـوف العنـت‪ ،‬كـما أبـاح نكـاح الأمـة بـالتزويج لمـن‪ ‬خـاف‬ ‫العنت‪ ،‬واالله يفعل ما يشاء‪ ،‬وما يفعل إلا وهـو الأحمـد مـن الأمـور؛ لأن لـه الحمـد في كـل‬ ‫شيء‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫قلت لشيخي الخليلي‪ :‬ما تقول في هذا؟‬ ‫قال‪ :‬هذا حسن‪ ،‬وأحسن منه تنزيه مقامه ^ عن صحبة المشركات مطلقا‪ ،‬فإنه لما‬ ‫استصفى لنفسه بعض الإماء من الـسبايا فامتنعـت عـن الإسـلام لم يقربهـا حتـى أسـلمت‪،‬‬ ‫وقال‪ :‬ما ينبغي له أن يأخذ مشركة فلا ندري‪ ‬أن ذلك من المحرم عليه أم ممـا تركـه نزاهـة‬ ‫واختيارا‪ ،‬وكله محتمل‪.‬‬ ‫وبالجملة فالنبي ^ لم يتزوج كتابية فضلا عن المشركات‪ ،‬وقد كان له في الصالحات‬ ‫مقنع وكفاية‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬تعليمهم‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬مع‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬جاعد‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت( العمومة‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت( ومن‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬أحسن‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )م(‪ :‬يدري‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٨٥‬‬ ‫‪ ^ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول في رجل يقول في دعائه‪ :‬اللهم ارض عن محمد ^‪ ،‬فهل‪ ‬يجـوز لأحـد أن‬ ‫مأجورا إن شاء االله‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تفضل صرح لنا هذا‬ ‫يقول هذه الكلمة؟ َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫نعم‪ ،‬هو جائز وها أنا أقول‪ :‬اللهم ارض عـن محمـد وارحمـه‪ ،‬وصـل‪ ‬وسـلم عليـه‬ ‫أفضل الصلاة والسلام‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ومما هو عن قومنا‪ :‬ومبنى قاعدة المعتزلة والحكماء على وجـوب الـصلاح والأصـلح‬ ‫على االله‪ ،‬وقد مر هدمها‪ ،‬وواجب في حقهم الأمانة؛ لأن االله تعالى أمرنا باتباعهم في أقوالهم‬ ‫وأفعالهم وأحوالهم من غير تفصيل‪ ،‬وتكون واجبة أو مندوبـة أو مباحـة‪ ،‬والظـاهر عنـدي‬ ‫قول بعضهم ثبوت الأمانة لهم ولو في حال صغرهم‪ ،‬وواجب عقلا في حقهم الصدق‪.‬‬ ‫واعلم أن الأمة اجتمعت فيما كان طريقه البلاغ على العـصمة فيـه مـن الإخبـار عـن‬ ‫شيء منه بخلاف الواقع لا قصدا وعمدا ولا سهوا وغلطا على تفصيل في بعضه‪ ،‬فعلم من‬ ‫الأصل وحديث ‪ ‬ظاهره مخالف للقواطع‬ ‫إن صح بما هو مذكور في كتب الحديث‪ ،‬مما أقر به على ظني فيه أن الشيطان يرصـد لقراءتـه‬ ‫)‪ (١‬في النسخ المخطوطة‪ :‬فهذا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬وصلى االله‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ‪ ،١٨٧/١٧‬والطبراني في المعجم الكبـير ‪ ،٥٣/١٢‬وقـال شـيخنا‬ ‫إمام السنة والأصول سعيد بن مبروك القنوبي ‪-‬حفظه االله‪ -‬في بعض أجوبته‪ :‬هـذه القـصة مكذوبـة‬ ‫كما هو ظاهر من متنها وأسانيدها منها الضعيف ومنها الواهي ومنها الموضوع ا‪.‬هـ‪.‬‬ ‫‪ ١٨٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫عليه الصلاة والسلام‪ ،‬وكان يرتل القـرآن إذ ذاك عنـد البيـت‪ ،‬فحـين انتهـى عليـه الـصلاة‬ ‫والسلام إلى هذا المحل‪ ،‬وكانت منه وقفة للتنزيـل‪ ،‬أدرج ذلـك عـلى تلاوتـه‪ ،‬محاكيـا صـوته‬ ‫^‪ ،‬فظن بيانه من قوله‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬هذا ما لا يجوز أن تجري عـلى النبـي ^ أن الـشيطان‬ ‫يستطيع أن يتخيل معه‪ ،‬يتلو باطله على تلاوتـه ^ في خـلال وقفاتـه‪ ،‬إذ لـو كـان الـشيطان‬ ‫مسلطا لذلك لما استطاع النبي ^ أن يتلو القرآن ويسكت حيث شاء ويقرأ ولكان مغلوبـا‬ ‫يغلبه الشيطان؛ لأنه يصير بذلك عاجزا عن أن يصرف الشيطان عنـه‪ ،‬ولا شـك في بطـلان‬ ‫هذه الرواية‪ ،‬وكذب راويها‪ ،‬وتضليل مصدقها‪ ،‬والشاك فيها ضال أيضا لا يجوز الـشك في‬ ‫باطلها وكذبها‪ ،‬فاعرف ذلك‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫قلت لشيخي الخليلي‪ :‬ما تقول أيضا في هذا؟‬ ‫قال‪ :‬االله أعلم‪ ،‬والذي عنـدي أن قـول الـشيخ في هـذا حـسن صـحيح‪ ،‬إلا أن نفـس‬ ‫الشك في ذلك‪ ،‬وتضليل من يدفعه مما ينبغي النظر فيه‪ ،‬ولا نقوى على التدين به‪ ،‬وقد أشار‬ ‫إلى ذلك الشيخ الكدمي في كتاب )الاستقامة( فلينظر في ذلك‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫من جمعة بن خصيف‪:‬‬ ‫ومـــــن بـــــرداء النـــــزه والـــــورع ارتـــــدا‬ ‫هيــــا مــــن زكــــا فعــــلا وفرعــــا ومحتــــدا‬ ‫فلــم يــدج ليــل الجهــل مــذ نــوره‪ ‬بــدا‬ ‫وأشرقـــت الأرضـــون مـــن نـــور علمـــه‬ ‫فلـــــم تـــــأت إلا وهـــــي في أرج النـــــدا‬ ‫وعطــــــرت الآفــــــاق ريــــــا خــــــصاله‬ ‫ّ‬ ‫وجـــــلى معانيهـــــا فنـــــار بهـــــا الهـــــدى‬ ‫ومــــن هــــو إن وافتــــه عوصــــاء راضــــها‬ ‫ســـــما كرمـــــا فخـــــما ومجـــــدا وســـــؤددا‬ ‫ســــعيد بــــن خلفــــان المجــــلى إلى العــــلى‬ ‫لكـــــل صريـــــخ مقتـــــد بـــــك مهتـــــدى‬ ‫فتيــــــت فتــــــى في النائبــــــات مــــــراغما‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬بدره‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٨٧‬‬ ‫عائبــــــا فــــــيما بــــــه جئــــــت في ددا‬ ‫ً‬ ‫ولا‬ ‫أتيتــــــــــك روم الحــــــــــق لا متعنتــــــــــا‬ ‫الـــــصلوات مـــــا أجيـــــب لهـــــا النـــــدا‬ ‫أيثبــــــــت قــــــــول القــــــــائلين بأنــــــــه‬ ‫وأثبتــــــه ســــــهوا شــــــفيعا لهــــــم غــــــدا‬ ‫عــــلى جبــــتهم أثنــــى عــــلى غلــــط أتــــى‬ ‫وســـــاغ لهـــــم هـــــذا قبـــــولا ومـــــوردا‬ ‫]فإن صح[‪ ‬ما قالوا فمن أين قد صفا‬ ‫‪‬‬ ‫أتانــــا بــــه مــــن ديننــــا أمثــــل الفــــدا‬ ‫وقــد كــان معــصوما مــن الــسهو فالــذي‬ ‫ليأتيــــه الــــشيطان قــــد ضــــل واعتــــدى‬ ‫وكــــــان عزيـــــــزا ذكـــــــر ربي لم يكـــــــن‬ ‫وإخوانـــــه إن كـــــان في الـــــذكر مـــــوردا‬ ‫وإلا فــــــــما معنــــــــى تمنــــــــي نبينـــــــــا‬ ‫أفــــدني جوابــــا شــــافيا يكــــشف الــــصدا‬ ‫وإلقــــــاء إبلــــــيس اللعــــــين ونــــــسخه‬ ‫مــن المــسك سلــسالا صــفا يقطــع الــصدا‬ ‫ببــــــسط وتفــــــصيل رحاقــــــا ختامــــــه‬ ‫‪ ‬‬ ‫إلى مــــــــن بإعيــــــــاء وعــــــــي تفــــــــردا‬ ‫ألا قـــــل لمـــــن ألقـــــى البحـــــوث وأوردا‬ ‫وفي واضـــــح التأويـــــل لم يمتـــــدد يـــــدا‬ ‫وضــــــاق بحــــــل المــــــشكلات ذراعــــــه‬ ‫لـــدفع دواعـــي الطعـــن ممـــن بـــه اعتـــدى‬ ‫ولكـــــن ذبـــــا عـــــن حمـــــى الآي قـــــادني‬ ‫تفاســـــــــير في ذاك النـــــــــزاع ممهـــــــــدا‬ ‫لقـــــد شـــــاع فـــــيما ذاع بـــــين أئمـــــة ال‬ ‫مزيـــــدا لـــــه حرصـــــا عليـــــه موكـــــدا‬ ‫فقيـــــــــل تمنيـــــــــه لإيـــــــــمان قومـــــــــه‬ ‫فأصــــــبح مــــــشغول الفــــــؤاد مبــــــددا‬ ‫‪‬‬ ‫وقيــــــل تمنــــــي دفــــــع مــــــسكنة بــــــه‬ ‫فأضــــحى إلى الــــشيطان ذلــــك مــــسندا‬ ‫وفيـــــــه عـــــــن االله اشـــــــتغال بغـــــــيره‬ ‫بنـــــــصب وتعـــــــذيب عـــــــلي تعـــــــددا‬ ‫كــــما قــــال في الــــشيطان أيــــوب مــــسني‬ ‫تمنـــــى بـــــلاق مــــــا لقيـــــت ليحمــــــدا‬ ‫فـــسلاه رب العـــرش إن كـــان مـــصطفى‬ ‫وســــاوس إبلــــيس ومــــا كــــان شــــيدا‬ ‫ولكــــــن يزيــــــل االله بالنــــــسخ عــــــنهم‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬فأوضح‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬العدا‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬له‪.‬‬ ‫‪ ١٨٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫نبيــــــــين إذ كــــــــان الإلــــــــه مــــــــسددا‬ ‫ويحكـــــم آيـــــات الكتـــــاب بعـــــصمة ال‬ ‫تمنـــــــــــي داود الزبـــــــــــور المؤيـــــــــــدا‬ ‫وقيــــــــل تمنــــــــى أي تــــــــلا آي ربــــــــه‬ ‫بنـــــــسبتهم إيـــــــاه للـــــــوحي مـــــــسندا‬ ‫‪‬‬ ‫فخلــــــط فيــــــه قومــــــه مــــــا يغمــــــه‬ ‫ومــــا نطقــــت منــــه لــــسان ولا‪ ‬اعتــــدا‬ ‫ومــــــا كــــــان إلا إفكهــــــم دون قولــــــه‬ ‫كـــما قـــال والغـــوا فيـــه مـــن كـــان ملحـــدا‬ ‫فـــــذلك مـــــا ألقــــــاه شـــــيطانهم لهــــــم‬ ‫ويحكـــــم آيـــــات بهـــــا النـــــور والهـــــدى‬ ‫فينـــــسخ عنـــــه اللغـــــو والإفـــــك ربنـــــا‬ ‫‪‬‬ ‫يخاصم ]في الأصنام[ ‪ ‬من كـان أفـسدا‬ ‫وقيــــل تــــلا‪ ‬والــــنجم في مجلــــس بــــه‬ ‫وهـــل يرتجـــى منهـــا الـــشفاعة والنـــدى‬ ‫فقــــــال أهاتيــــــك‪ ‬الغرانقــــــة العــــــلى‬ ‫علــــيهم بــــه مــــستفهما تلكــــم العــــدى‬ ‫‪‬‬ ‫كلامـــا لــــه عــــن نفــــسه في احتجاجــــه‬ ‫وهـــــــل مـــــــنهم ضر ونفـــــــع تولـــــــدا‬ ‫كــــما قــــال إبــــراهيم هــــل يــــسمعونكم‬ ‫يـــــصح ومـــــن يفعـــــل فلـــــيس مفنـــــدا‬ ‫وهمـــــزة الاســـــتفهام تقـــــدير حـــــذفها‬ ‫وعــــــاد إلى القــــــرآن يتلــــــوه منجــــــدا‬ ‫وإن نكـــــث الأقـــــوام خـــــلى ســـــبيلهم‬ ‫مغالطـــــــة مـــــــنهم يخـــــــرون ســـــــجدا‬ ‫فـــــما رابـــــه‪ ‬إلا متـــــى خـــــر ســـــاجدا‬ ‫عــــلى أنفهــــا أمــــضى الحــــسام المجــــردا‬ ‫وســــموا عنــــادا مدحــــة منــــه مــــا بــــدا‬ ‫مــن الآي مــا تبقــى عــلى الــدهر سرمــدا‬ ‫فــــــــــأخبره جبريــــــــــل واالله منــــــــــزل‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬يعمه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت( بلا‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬بالأصنام‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬مسدا‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬لهاتيك‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )م(‪ :‬احتجابه‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬في )م(‪ :‬رأيه‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٨٩‬‬ ‫‪‬‬ ‫وينـــــسخه الـــــرحمن نـــــسخا مؤبـــــدا‬ ‫فهــــذا الــــذي الــــشيطان ألقــــاه هاهنــــا‬ ‫ولــــن يطفئــــوا مــــن نــــوره مــــا توقــــدا‬ ‫ومــــا صــــار كيــــد المــــشركين وإفكهــــم‬ ‫وفي الــــوحي بالوســــواس قــــال وزيــــدا‬ ‫زل أو ســــها‬ ‫ومــــن قــــال إن المــــصطفى َّ‬ ‫نبيــــــين والقــــــرآن والــــــوحي إن بــــــدا‬ ‫فقــــــول مخــــــل بــــــالوثوق بعــــــصمة ال‬ ‫بــــه يبـــــتلي الـــــرحمن مــــن قـــــد تعبـــــدا‬ ‫وجــــوز بعــــض كونــــه مــــن قبيــــل مــــا‬ ‫يزلزلــــــه شــــــك ويزعجــــــه الــــــردى‬ ‫لـــــيعلم مـــــن في إيمانـــــه راســـــخ ومـــــن‬ ‫رســـول أتـــى بـــالوحي مـــن ربـــه الهـــدى‬ ‫ومــــن أعجــــب الأشــــياء شيء ســــمعته‬ ‫بــــأن هــــو إلا الــــوحي مــــن رب أحمــــدا‬ ‫يقــــول ولم‪ ‬ينطــــق هــــوى ثــــم أكــــدت‬ ‫وإلقــــــــاء شــــــــيطان عليــــــــه تمــــــــردا‬ ‫ويتبعـــــــه بالـــــــسهو في إثـــــــر قولــــــــه‬ ‫بهـــــا زلـــــلا آمنـــــت بـــــالآي فاشـــــهدا‬ ‫أمــــــا في متــــــون الآي مــــــا رد نطقــــــه‬ ‫لإلقـــــاء شــــــيطان وتلبيــــــسه اعتــــــدى‬ ‫ومــا جعــل الــرحمن في الــوحي‪ ‬مــدخلا‬ ‫تأولـــــه والحـــــق يجـــــلى بـــــه الـــــصدى‬ ‫وظــــــاهر ذي الآيــــــات لم يــــــأت كلــــــه‬ ‫جلـــــوا منـــــه للـــــسارين بـــــدرا مخلـــــدا‬ ‫أصـــــاب وجـــــوه الحـــــق فيـــــه عـــــصابة‬ ‫هـــدى فاشـــكر االله الـــذي عبـــده هـــدى‬ ‫فهـــذا جـــواب مـــن ضـــعيف فـــإن يكـــن‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫مما قاله قومنا قالوا‪ :‬فلما شب إبراهيم عليـه الـسلام وهـو في الـسرب قـال لأمـه‪ :‬مـن‬ ‫ربي؟ قالت‪ :‬أنا‪ ،‬قال‪ :‬فمن ربك؟ قالت‪ :‬أبوك‪ ،‬قال‪ :‬فمـن رب أبي؟ قالـت‪ :‬نمـرود‪ ،‬قـال‪:‬‬ ‫فمن ربه؟ قالت له‪ :‬اسكت‪ ،‬فسكت‪ ،‬ثم رجعت إلى زوجها فقالت‪ :‬أرأيـت الغـلام الـذي‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬مؤيدا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬وما‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت( الآي‪.‬‬ ‫‪ ١٩٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫كنا نحدث أنه بغير دين أهل الأرض إنه ابنك‪ ،‬ثم أخبرته بما قال‪.‬‬ ‫فأتاه أبوه آزر فقال له إبراهيم‪ :‬يا أبتاه من ربي؟ قال‪ :‬أمك‪ ،‬قال‪ :‬فمن رب أمي؟‬ ‫قال‪ :‬أنا‪ ،‬قال‪ :‬فمن ربك؟ قال‪ :‬نمرود‪ ،‬قال‪ :‬فمن رب نمرود؟ فلطمه لطمة وقال له‪:‬‬ ‫اسكت‪ .‬فلما جن عليه الليل دنا من باب السرب فنظر من خلال الصخرة‪ ،‬فأبصر‪ ‬كوكبا‬ ‫قال‪ :‬هذا ربي‪ ،‬ويقال إنه قال لأبويه‪ :‬أخرجاني فأخرجاه من السرب‪ ،‬فانطلقا به حين غابت‬ ‫الشمس‪ ،‬فنظر إبراهيم إلى الإبل والخيل والغنم فسأل أباه ما هذه؟ فقال‪ :‬إبل وخيل وغنم‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬ما لهذه بد من أن يكون لها رب وخالق‪ ،‬ثم‪ ‬نظر فإذا المشتري قد طلع‪ ،‬ويقال‪:‬‬ ‫الزهرة‪ ،‬فكان في تلك الليلة في آخر الشهر‪ ،‬فتأخر طلوع القمر فيها‪ ،‬فرأى الكوكب قبل‬ ‫القمر‪ ،‬فذلك قوله عز وجل‪ L ? > = < M :‬أي دخل الليل‪ ،‬يقال‪ :‬جن الليل‬ ‫وأجن الليل وأجنه الليل‪ ،‬وأجنه عليه الليل يجن جنونا وجنانا إذا أظلم وغطى كل شيء‪،‬‬ ‫وجنون الليل سواده‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ LA @ M‬قرأ أبو عمرو‪ ‬بفتح الراء وكسر الألف‪ ،‬وبكسرهما ابن عامر‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬وأبصر‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬وثم‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(٧٦‬‬ ‫)‪ (٤‬أبو عمرو بن العلاء ابن الحصين التميمي البصري‪ ،‬أحد القراء السبعة كان من أعلم النـاس بـالقرآن‬ ‫والعربية والشعر‪ .‬ينظر‪ :‬وفيات الأعيان ‪.٢٢١/٢‬‬ ‫)‪ (٥‬هو عبد االله بن عامر بن يزيـد بـن تمـيم اليحـصبي‪ ،‬ويكنـى بـأبي عمـران إمـام أهـل الـشام في القـراءة‬ ‫والذي انتهت إليه مشيخة الإقراء بها‪ ،‬وأخـذ القـراءة عـن أبي الـدرداء وعـن المغـيرة بـن أبي شـهاب‬ ‫صــاحب عــثمان بــن عفــان‪ ،‬تــولى القــضاء في دمــشق‪ ،‬روى القــراءة عنــه عرضــا يحيــى بــن الحــارث‬ ‫الذماري‪ ،‬وربيعة بن يزيد وجعفر بن ربيعة وآخرون‪ ،‬توفي بدمـشق يـوم عاشـوراء سـنة ثـمان عـشرة‬ ‫ومائة‪ .‬ينظر‪ :‬غاية النهاية في طبقات القراء ‪.٤٢٣/١‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٩١‬‬ ‫وحمزة‪ ‬والكسائي‪ ‬وأبوبكر‪ ،‬فإن اتصل بكاف أو هاء فتحهما ابن عامر‪ ،‬وإن لقيها‬ ‫ساكن كسر الراء وفتح الهمزة أبوبكر وفتحهما الآخرون‪.‬‬ ‫‪ LE D C M‬واختلفوا في قوله ذلك‪ ،‬فأجراه بعضهم على الظاهر‪ ،‬وقالوا‪ :‬كان‬ ‫إبراهيم ‪-‬عليه السلام‪ -‬مسترشدا طالبا للتوحيد حتى وفقه االله تعالى‪ ،‬وآتاه رشدا فلم‬ ‫يضره ذلك في حال الاستدلال‪ ،‬وأيضا كان ذلك في حال طفوليته قبل قيام الحجة عليه فلم‬ ‫يكن كفرا‪ ،‬وأنكر الآخرون هذا القول وقالوا‪ :‬لا يجوز أن يكون الله رسول يأتي عليه وقت‬ ‫من الأوقات إلا وهو موحد‪ ،‬وبه عارف‪ ،‬ومن كل معبود سواه برىء‪ ،‬وكيف يتوهم هذا‬ ‫على من عصمه االله وطهره وآتاه رشده من قبل‪ ،‬وأخبر عنه وقال‪I H G F E M :‬‬ ‫‪.LJ‬‬ ‫وقال‪ L 7 6 5 4 3 2 M :‬أفتراه أراه الملكوت‬ ‫ليوقن‪ ،‬فلما أيقن رأى كوكبا قال هذا ربي معتقدا‪ ،‬فقال‪ :‬هذا لا يكون أبدا‪ ،‬ثم قالوا فيه‬ ‫)‪ (١‬أبو عمارة حمزة بن حبيب الكـوفي‪ ،‬أحـد القـراء الـسبعة‪ ،‬أدرك عـددا مـن الـصحابة‪ ،‬قـرأ القـرآن عـلى‬ ‫الأعمش والكسائي‪ ،‬توفي سنة ‪١٥٦‬هـ ينظر‪ :‬معرفة القراء الكبار ‪.١١١/١‬‬ ‫)‪ (٢‬أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد االله الأسدي الكوفي‪ ،‬المعروف بالكسائي مقرئ لغوي نحوي شـاعر‪،‬‬ ‫سمع من سليمان بن أرقم وأبي بكر ابن عياش‪ ،‬وقرأ عليه خلق ببغداد من آثاره‪ .‬المختصر في النحو‪،‬‬ ‫كتاب القراءات‪ .‬ينظر‪ :‬معجم المؤلفين ‪ ،٤٣٦/٢‬وفيات الأعيان ‪.١٤١،١٤٠/٢‬‬ ‫)‪ (٣‬أبو بكر عاصم بن أبي النجود‪ ،‬كان أحد القراء السبعة المشار إليهم في القراءات‪ ،‬أخذ القراءة عن أبي‬ ‫عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش‪ ،‬وأخذ عنه أبو بكر بن عياش وأبو عمـر البـزار‪ .‬ينظـر‪ :‬وفيـات‬ ‫الأعيان ‪.٥/٢‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت( زيادة‪ :‬لو‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الشعراء‪ :‬الآية )‪.(٨٩‬‬ ‫)‪ (٦‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(٧٥‬‬ ‫‪ ١٩٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫أربعة أوجه من التأويل‪:‬‬ ‫أحدها‪ :‬أن إبراهيم أراد أن يستدرج القوم بهذا القول‪ ،‬ويعـرفهم خطـأهم وجهلهـم‬ ‫في تعظيم ما عظموه‪ ،‬وكانوا يعظمون النجـوم ويعبـدونها‪ ،‬ويـرون أن الأمـور كلهـا إليهـا‪،‬‬ ‫فأراهم أنه معظم ما عظموه وملتمس الهدى من حيث ما التمسوه‪ ،‬فلما أفل أراهم الـنقص‬ ‫الداخل على النجوم ليثبت خطأ ما يـدعون‪ ،‬مثـل هـذا مثـل الحـواري الـذي ورد عـلى قـوم‬ ‫يعبدون الصنم فأظهر تعظيمه فأكرموه حتى صدروا‪ ‬في كثير من الأمور عـن رأيـه إلى أن‬ ‫دهمهم عدو‪ ،‬وشاوروه في أمره فقال‪ :‬الرأي أن ندعو هذا الصنم حتى يكـشف عنـا مـا قـد‬ ‫أظلنا‪ ،‬فاجتمعوا حوله يتضرعون‪ ،‬فلما تبين لهم أنه لا ينفع ولا يدفع‪ ‬دعاهم إلى أن يدعو‬ ‫االله فدعوه‪ ،‬فصرف عنهم ما كانوا يحذرون فأسلموا‪.‬‬ ‫والوجه الثاني من التأويل‪ :‬أنه قال على وجه الاستفهام تقديره‪ :‬أهذا ربي كقوله تعالى‪:‬‬ ‫‪ L ÊÉ È Ç M‬وذكره على وجه التوبيخ منكرا لفعلهم‪ ،‬يعني ومثل هذا‬ ‫يكون ربا‪ ،‬ليس هذا ربي‪.‬‬ ‫والوجه الثالث‪ :‬أنه ذكره على وجه الاحتجاج عليهم‪ ،‬يقول‪ :‬هذا‪ ‬ربي بزعمكم‪،‬‬ ‫فلما غاب قال‪ :‬لو كان إلها لما غاب كما قال‪ L ]\ [ Z Y M :‬أي عند‬ ‫نفسك وبزعمك‪ ،‬وكما أخبر عن موسى أنه قال‪È Ç Æ Å Ä Ã M :‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬صدروه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬يرفع‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الأنبياء‪ :‬الآية )‪.(٣٤‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬هكذا‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الدخان‪ :‬الآية )‪.(٤٩‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬زعمك‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٩٣‬‬ ‫‪ ،LÐÏÎÍÌËÊÉ‬يريد إلهك بزعمك‪.‬‬ ‫والوجه الرابع‪ :‬فيه إضمار وتقديره‪ :‬يقولون هذا ربي كقوله تعالى‪" ! M :‬‬ ‫‪.L*) ('&%$#‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ L L K J I H G M‬ربا لا يدوم ‪L Q P O N M‬‬ ‫طالعا‪ L \ [ Z Y X W V UT S R M :‬قيل لئن لم يثبتني ربي على الهدى‬ ‫ليس أنه لم يكن مهتديا‪ ،‬والأنبياء لم يزالوا يسألون االله الثبات على الإيمان‪ ،‬وكان إبراهيم‬ ‫عليه السلام يقول‪` _ ^ ] M L ? > = < ; M :‬‬ ‫‪ L‬أي عن الهدى‪.‬‬ ‫‪ Le d c b M‬طالعة‪ Lj i h g f M :‬أي أكبر من‬ ‫الكواكب والقمر‪ ،‬ولم يقل هذه مع أن الشمس مؤنثة؛ لأنه أراد هذا الطالع‪ ،‬أو رده إلى‬ ‫المعنى وهو الضياء والنور؛ لأنه رآه أضوأ من النجوم والقمر‪ Lml M ،‬غربت ‪nM‬‬ ‫‪~}|{zy xw vut srq p o‬‬ ‫)‪ (١‬طه‪ :‬الآية )‪.(٩٧‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬تقدير‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(١٢٧‬‬ ‫)‪ (٥‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(٧٦‬‬ ‫)‪ (٦‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(٧٧‬‬ ‫)‪ (٧‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(٧٧‬‬ ‫)‪ (٨‬إبراهيم‪ :‬الآية )‪.(٣٥‬‬ ‫)‪ (٩‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(٧٧‬‬ ‫)‪ (١٠‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(٧٨‬‬ ‫‪ ١٩٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫¡‪.L£¢‬‬ ‫قلت لشيخي الخليلي‪ :‬ما تقول في هذا؟‬ ‫قال‪ :‬قد مضى من القول في هذا ما يستدل به وكفى‪ ،‬ومن العجب أن يكون االله تعالى‬ ‫قد حكى في كتابه العزيز من قصص الصبيان وحكاياتهم في حال الطفولية‪ ،‬ثم أعجب منه‬ ‫أن لا يبين ذلك إن‪ ‬كان من إبراهيم إذ كان طفلا في سربه قبل معرفته بربه ثم يثني عليه‬ ‫بذلك ويقول‪ L2 10 / . - M :‬أليس في هذا ما دل على أن‬ ‫قولة القائلين بهذا في محل البعد العظيم عن إصابة مفصل الصواب‪ ،‬بل الحق الواضح الذي‬ ‫لا شك فيه أن ذلك كان من إبراهيم عليه السلام في مقام الجدال لقومه بإيضاح الحق لهم‪،‬‬ ‫وإظهار ما عليه من الباطل في اعتقادهم النفع والضرر‪ ‬من النجوم‪ ،‬والتأله لها بالعبادة من‬ ‫دون االله تعالى‪ ،‬فجرى معهم في ذلك على أبلغ أسلوب وأحكم طريقة وأوضح مثال‪.‬‬ ‫وإنما ألهمه االله تعالى ذلك ليكون حجة عليهم‪ ،‬ولهذا قال‪/ . - M :‬‬ ‫‪ L2 1 0‬ثم وصفه برفع درجته عنده‪ ،‬وعلو مقامه معه فقال‪6 5 4 M :‬‬ ‫‪ ،L < ; : 9 87‬وإذ كانت هذه هي حجة االله بلسان إبراهيم فتمحل الوجوه‬ ‫لها طلبا للمخرج لقائلها لئلا يلزمه‪ ‬الشرك بما قاله‪ ،‬والاعتذار له بالوجوه البعيدة عناء‬ ‫محض‪ ،‬وهذيان بحت‪ ،‬فإن نفس الإذن به من االله تعالى كاف عن طلب المعاذير له‪ ،‬كيف‬ ‫والحق أنه كلام محكم جائز صحيح ولو لم يثبت النص به‪ ،‬فإن إيراده على تلك الطريقة في‬ ‫)‪ (١‬سورة الأنعام‪ :‬الآية )‪.(٨٣‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬إذا‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(٨٣‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬والنجوم‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(٨٣‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬يلزم‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٩٥‬‬ ‫غاية الحسن‪ ،‬ونهاية الإحكام والإتقان‪ ،‬ومن أمثال هذا الباب قصة الحواري‪ ‬المذكورة‬ ‫هنا‪ ،‬وهي في غاية الحسن‪ ،‬وبهذا القدر من القول كفاية في هذا المحل‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ^‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫عن قومنا‪ :‬قال الشيخ النسفي‪ :‬والله تعالى كتب أنزلت على الأنبيـاء‪ ،‬وبـين فيهـا أمـره‬ ‫ونهيه ووعده ووعيده‪.‬‬ ‫من الشرح‪ :‬وكلها كلام االله تعالى‪.‬‬ ‫قال الشيخ‪ :‬والمعراج للرسول عليه الصلاة والسلام في اليقظـة لشخـصه إلى الـسماء‪،‬‬ ‫ثم إلى ما شاء االله من العلى حق‪.‬‬ ‫من الشرح‪ :‬أي ثابـت‪ ‬بـالخبر المـشهور‪ ،‬حتـى أن منكـره يكـون مبتـدعا‪ ،‬وإنكـاره‬ ‫وادعاء استحالته إنما يبتني على أصـول الفلاسـفة‪ ،‬وإلا فـالخرق والإسـلام عـلى الـسماوات‬ ‫جائز‪ ،‬والأجسام متماثلة يصح على ما يصلح للآخر‪ ،‬واالله تعالى قادر على الممكنات كلها‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬في اليقظة إشارة إلى الرد على من زعم أن المعراج كـان في المنـام عـلى مـا روي‬ ‫عن معاوية أنه سئل عن المعراج فقال‪ :‬كانت رؤيا صالحة‪ ،‬وروي عن عائشة رضي االله عنها‬ ‫أنها قالت‪ :‬ما فقد جسد نبينا محمد ليلة المعراج‪.‬‬ ‫وقد قال االله تعالى‪ ،LH G F E D C B A M :‬وأجيب بأن‬ ‫المراد من الرؤية رؤية العين‪ ،‬والمعنى ما فقد جسده عن الروح‪ ،‬بل كان مع روحه‪ ،‬وكان‬ ‫المعراج للجسد والروح معا‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬الجواري‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬بانت‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الإسراء‪ :‬الآية )‪.(٦٠‬‬ ‫‪ ١٩٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وقوله‪ :‬لشخصه إشارة إلى الرد على من زعم أنه كان للروح‪ ،‬ولا يخفى أن المعراج في‬ ‫المنام أو الروح ليس مما ينكر كل الإنكار‪ ،‬والكفرة أنكروا أمر المعراج غاية الإنكار‪ ،‬بل كثير‬ ‫من المسلمين قد ارتدوا بسبب ذلك‪.‬‬ ‫قوله‪ :‬إلى السماء إشارة إلى الرد على‪ ‬من زعم أن المعراج في اليقظـة لم يكـن إلى بيـت‬ ‫المقدس‪ ،‬كما نطق به الكتاب‪.‬‬ ‫قوله‪ :‬إلى ما شاء االله من العلى إشـارة إلى اخـتلاف أقـوال الـسلف‪ ،‬فقيـل‪ :‬إلى الجنـة‪،‬‬ ‫وقيل‪ :‬إلى العرش‪ ،‬وقيل‪ :‬فوق العرش‪ ،‬وقيل‪ :‬إلى طرف العالم‪ ،‬فالإسراء من المسجد الحرام‬ ‫إلى بيت المقدس قطعي ثبت بالكتاب‪ ،‬والمعراج من الأرض إلى السماء مشهود‪ ،‬ومن السماء‬ ‫إلى الجنة أو العرش أو غير ذلك آحاد‪ ،‬ثم اتـضح أنـه عليـه الـسلام إنـما رآى ربـه بفـؤاده لا‬ ‫بعينه‪ ،‬وقال اللقـاني‪ ‬في شرحـه لأرجوزتـه وجـزم أن‪ ‬مـن أنكـر المعـراج حكـم بتبديعـه‬ ‫وتفسيقه‪ ،‬وهو صواب في خصوص المعراج‪.‬‬ ‫قــال الــشيخ نــاصر بــن أبي نبهــان‪ :‬إن خــبر الإسراء مــن المــسجد الحــرام إلى المــسجد‬ ‫الأقصى وهو بيت المقدس قد نطق به التنزيل‪ ،‬فلا يجوز الشك فيه بعد الحجـة بـصحته عـلى‬ ‫من قامت عليه الحجة بمعرفته‪ ،‬وهو من قسم ما لا تقوم به الحجـة إلا بالـسماع‪ ،‬كـما سـيأتي‬ ‫بيان هذا القسم في محله من بيان الأحكام الشرعية إن شاء االله تعالى‪.‬‬ ‫وأما خبر وقوع معراج النبي ^ برؤية عقله في اليقظة فممكن‪ ،‬والأصح وقوعه‬ ‫لقوله تعالى‪ L ^ ] M :‬أي جبرائيل عليه السلام ‪e d c b a ` _ M‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬إلى‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬عبـد الــسلام بــن إبــراهيم بـن إبــراهيم اللقــاني المــصري‪ ،‬شـيخ المالكيــة في وقتــه بالقــاهرة‪ ،‬لــه »شرح‬ ‫المنظومــة الجزائريــة« في العقائــد‪ ،‬و »إتحــاف المريــد شرح جــوهرة التوحيــد«‪ ،‬و»الــسراج الوهــاج في‬ ‫الكلام على الإسراء والمعراج«‪ .‬ينظر‪ :‬الأعلام‪.٣٥٥/٣‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬أنه‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٩٧‬‬ ‫‪Z Y X M L u t s r q p o n m l k j i h g f‬‬ ‫[ \‪.L‬‬ ‫وقد جاء أن من تلا ليلا ونهارا لا ينام إلا عن غلبة‪ ،‬ولا يأكل إلا قليلا‪ ،‬ولا يفتر عن‬ ‫الذكر‪ ،‬ولا يذكر ذكرا غيره إلا ما لا بد منه‪ ،‬ولا يلتفت قلبه‪ ‬بذكر غيره‪ ،‬ويكون بعيدا عن‬ ‫الناس‪ ،‬ولا يأكل من ذي روح‪ ،‬لا ما‪ ‬خرج من ذي روح‪ ،‬ولا يقارب النساء ولا الصبيان‬ ‫كــذلك بقلبــه إن اســتطاع لا‪ ‬بلــسانه‪ ،‬وإن اســتطاع بحــضور العقــل لا غــير كــان أبلــغ‪،‬‬ ‫وباللسان وجه يصح إلا أنه أضعف من الوجهين اسم الذات الذي لا يتوجه مطلوبه ‪-‬أي‬ ‫الاسم‪-‬إلا إلى الذات أربعين يوما‪.‬‬ ‫ففي السبع الأولى يرى كلـما أخذتـه سـنة أو أخـذه نـوم بـين اليقظـة والمنـام عجائـب‬ ‫الأرض‪ ،‬وفي السبع الثانية عجائب السموات‪ ،‬وفي كل سبع يرى أعلى من التـي قبلهـا‪ ،‬ثـم‬ ‫يتم الأربعين يوما أعطاه التصريف بالاسم الأعظم‪.‬‬ ‫ولكن الحجاب الأكبر عن بلوغه كثرة الالتفات القلبي إلى ذكر غيره‪ ،‬فإن رأى نفسه‬ ‫لا تستطيع قطع ذلك‪ ،‬فهو مما‪ ‬يدل على أنه ليس من أهل اليسر‪ ،‬وإن وجد نفسه فيها جمع‬ ‫همه لمراده‪ ،‬قليل الالتفات القلبي إلى ذكر غيره فعسى أن يكون من أهله بالاجتهاد في ذلك‪،‬‬ ‫)‪ (١‬النجم‪ :‬الآيات )‪.(١٧-١٣‬‬ ‫)‪ (٢‬النجم‪ :‬الآية )‪.(١٢‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬بقلبه‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬إلا‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫‪ ١٩٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وقد دل والدي أبو نبهان‪ ‬رجلا فاستعمل ذلك‪.‬‬ ‫ففي السبع الأولى كلما أخذته سنة أو أخذه نـوم كـان مـضطجعا أو قاعـدا رأى كأنـه‬ ‫يدور في أقطار الأرض‪ ،‬وفي السبع الثانية رأى كأنه يطـير في الهـواء‪ ،‬وفي الـسبع‪ ‬الأخـرى‬ ‫كأنــه يــدور في الــسموات‪ ،‬ويــرى الملائكــة في‪ ‬نومــه في الــسموات‪ ،‬وفي الأربعــين جــاوز‬ ‫السموات ورأى مكانا ليس فيه إلا ملك قاعد على كرسي فقال له‪ :‬من علمك هذا؟ فأخبره‬ ‫بالذي علمه إياه‪ ،‬فقال له‪ :‬أنـا صـاحب هـذا الاسـم الموكـل بـأسراره‪ ،‬ولكنـك قـصرت في‬ ‫سلوكك‪ ،‬ومن رام سره والتصريف به فلا بد من السلوك إليه بشروطه‪ ،‬فارجع الى معلمك‬ ‫في ذلك‪ ،‬فرجع إلى والدي رحمه االله‪ ،‬فوجده لم يعمل بشروطه التي ذكرناهـا‪ ،‬وأظـن أنـه لمـا‬ ‫علمه شروطه مات قبل شروعه إلى اسـتئناف العمـل‪ ،‬وبهـذا الاسـم يكـشفون مـا يريـدون‬ ‫كشفه المتصوفون‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬إن قول النبـي ^‪ :‬‬ ‫‪ ‬أراد بذلك إلى هذا المعنى الذي ذكرنا به عن الصوفيين‪ ،‬ومن أراد به ذلك فلا‬ ‫يحتاج إلى قطع أكل كل ذي روح‪ ،‬وما خرج من ذي روح‪ ،‬ولا ترك النكاح‪ ،‬وإنـما عليـه مـا‬ ‫بقي من الشروط‪.‬‬ ‫)‪ (١‬هو الشيخ أبو نبهان جاعد بن خميس الخروصي‪ ،‬أكبر علماء عمان في عصره‪ ،‬ولـد عـام )‪١١٤٧‬هــ( في‬ ‫قرية العليا بوادي بني خروص‪ ،‬عرف بلقب الشيخ الرئيس‪ ،‬له مصنفات جليلة منها تفسير لـسورة‬ ‫الفاتحــة‪ ،‬وكتــاب‪ :‬الــدقاق في دق أعنــاق أهــل النفــاق‪ ،‬تــوفي ســنة ‪١٢٣٧‬هـــ‪ .‬ينظــر‪ :‬تحفــة الأعيــان‬ ‫‪ ١٤١/٢‬وما بعدها دليل أعلام عمان ص ‪.٤٥‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬زيادة الثالثة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫مرفوعـا مـن طريـق أبي أيـوب وقـال الـسخاوي في المقاصـد ص‬ ‫ً‬ ‫)‪ (٤‬أخرجه أبو نعـيم في الحليـة ‪١٨٩/٥‬‬ ‫‪ :٤٦٢‬سنده ضعيف‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪١٩٩‬‬ ‫وإذا كان هذا‪ ‬في حق غير نبـي فكيـف بالأنبيـاء‪ ،‬وكيـف بـالنبي الأكـرم محمـد ^‬ ‫وقلبه لا يغفل عن ذكر االله ليلا ولا نهـارا في يقظـة ولا منـام طرفـة عـين‪ ،‬لقولـه ^ ‪‬‬ ‫‪.‬‬ ‫وأمــا معــراج النبــي ^ إلى الــسموات ]بجــسده وبروحــه معـ ًـا أو بروحــه التــي بهــا‬ ‫حياته[‪ ،‬وبعقله مفارقا للجسد فلا يصح؛ لأنه بمفارقة الروح الجسد يصير الجـسد ميتـا‪،‬‬ ‫وبمفارقة العقل الجسد يصير مغمى عليه كالميت‪.‬‬ ‫وأما معراجه بجـسده وروحـه معـا إلى الـسماء أو إلى مـا هـو أعـلى فلـم يـأت صريـح‬ ‫التنزيل بذلك‪ ،‬ولا قامت الحجة بصحيح السنة‪ ،‬ولا يصح فيه الإجماع الذي لا يجوز خلافه‬ ‫إلا إمــا‪ ‬بــصحة تأويــل أو بــصحة ســنة‪ ،‬والــصحيح لا يحتمــل الــوجهين‪ :‬الوقــوع وعــدم‬ ‫الوقوع‪ ،‬وهو من الممكن كونه وعدمه‪ ،‬واالله تعالى قدير على ما فعل كل ممكن‪ ،‬فعلى هذا فلا‬ ‫يلزم اعتقاد كون وقوعه أنه واقع‪ ،‬ولا أنه غير واقع‪.‬‬ ‫صور له عقله أنه واقع فقال‪ :‬إنه صـحيح فجـائز لـه ]مـا لم يـدن بـذلك‪ ،‬ومـا لم‬ ‫ومن ّ‬ ‫يخطىء أحدا بخلافه‪ ،‬ومن دان بذلك أو فسق من قال بخلافه فلا شك أنه هالك آثـم ظـالم‬ ‫فاسق‪.‬‬ ‫وكذلك من رأى في عقلـه أنـه غـير صـحيح فقـال‪ :‬إنـه يـراه في نفـسه غـير صـحيح‪،‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت( هكذا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرجه البخاري في كتاب‪ :‬التهجـد‪ ،‬بـاب‪ :‬قيـام النبـي ^ بالليـل في رمـضان )‪ ،(١١٤٧‬ومـسلم في‬ ‫كتاب‪ :‬صلاة المسافرين وقصرها‪ ،‬باب‪ :‬صلاة الليل وعدد ركعات النبـي ^ )‪ ،(١٧٢٠‬وأبـو داود‬ ‫في‪ :‬الصلاة‪ ،‬باب‪ :‬في صلاة الليل )‪ ،(٣١٤١‬والترمذي في كتاب‪ :‬الصلاة‪ ،‬باب‪ :‬ما جـاء في وصـف‬ ‫صلاة النبي ^ بالليل )‪ ،(٤٣٩‬والنسائي في كتاب‪ :‬قيـام الليـل وتطـوع النهـار‪ ،‬بـاب‪ :‬كيـف الـوتر‬ ‫بثلاث )‪ .(١٦٩٦‬من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬بجسده وبروحه التي بها حياة‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬ما‪.‬‬ ‫‪ ٢٠٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫فجائز[‪ ‬له ما لم يدن بذلك أو يخطىء من قال بخلافه في دينه‪.‬‬ ‫ومما يستحسن أن لا يقطع أنه غير صحيح‪ ،‬فإن قطع كذلك لفظا وفي نفسه يريـد أنـه‬ ‫يرى كذلك وإن لم تحضره نباهة لم يكن آثما إذا كان في أصل عقيدته أن القطـع بعلـم الغيـب‬ ‫على التحقيق لا يجوز‪ ،‬وإن لم ينتبه إلى هذا كله فلا بأس عليه‪.‬‬ ‫وفيما يدل عليه كلام عائشة رضي االله تعالى عنها على أنه لم يعرج بجسده‪ ،‬وإن حاول‬ ‫هذا الشارح له تفسيرا غير هذا فالأصح أن تفسيره غـير مـا فـسره هـو‪ ،‬وإنـما اسـتجلب لـه‬ ‫معاني ليكون على وفق مذهبه‪ ،‬ولو كان مذهبـه غـير التقليـد لـرأى أن الحـق في تفـسيره كـما‬ ‫ذكرناه فنفسي تميل إلى أنه لم يسر بجسده‪ ،‬وأن جميع ما ذكروه فيـه مـن رؤيتـه في الـسموات‬ ‫الأنبياء‪ ،‬وذكر تخفيف الصلوات وتردده عـلى االله تعـالى‪ ‬غـير صـحيح‪ ،‬واالله تعـالى أسرى‬ ‫بجسده وروحه من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى‪ ،‬وأنزل في كرامته لـه هـذه تنـزيلا في‬ ‫ذكرها لنؤمن‪ ‬بها فيه‪ ،‬فكيف لا يذكر الباري تعريجه في الأرض إلى السموات‪ ،‬أو إلى أعلى‬ ‫من السموات في تنزيله‪ ،‬ولو كان صحيحا لأنزل ذكر ذلك الباري في تنزيلـه‪ ،‬وجهـل علـم‬ ‫وقوع المعراج مما يسع‪ ،‬فليس هو من العقائد الدينية‪ ،‬واالله أعلم‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫قلت لشيخي الخليلي‪ :‬ما تقول؟‬ ‫قـال‪] :‬إن قــول شـيخنا[‪ ‬الفقيــه في هـذه المــسألة العظيمـة هــو الحـق الــذي لا يأبــاه‬ ‫منصف‪ ،‬ولا يتجاوزه إلا متعسف‪ ،‬فهو القول الصحيح‪ ،‬والحق الصريح‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬تكررت في )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬لتؤمن‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬شيخنا إن قول‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٠١‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ومما عن قومنا‪ :‬وأول الأنبياء آدم‪ ،‬وآخرهم ]النبي محمد عليهم الصلاة والسلام[‪،‬‬ ‫‪‬‬ ‫فأما نبوة آدم عليه السلام فبالكتاب الدال على أنه أمر ونهي مـع القطـع بأنـه لم يكـن ]في[‬ ‫زمنه نبي‪ ‬آخر‪ ،‬فهو بالوحي لا غير‪ ،‬وكذا السنة والإجماع‪ ،‬فإنكار نبوته على مـا نقـل عـن‬ ‫البعض يكون كفرا‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬اختلف العلماء في آدم أنه نبي أو أنه ولي‪ ،‬والشك مـع‬ ‫الاختلاف لا يكون كفرا إذ‪ ‬لم يصح ثبوته نصا في القرآن‪ ،‬ولا قامت الحجـة بالـصحة أنـه‬ ‫نبي من السنة‪ ،‬ولا صح فيه إجمـاع‪ ،‬وأبلـغ معجـز‪ ،‬وأبقـى معجـزة النبـي ^ وهـو القـرآن‬ ‫العظيم‪ ،‬إذ معجزة كل نبي لم يبق وجودها بعد موته ]إلا[‪ ‬معجزة القـرآن‪ ،‬ومعجـزة كـل‬ ‫نبي يوجد لها‪ ‬شبه في العلم أو السحر‪ ،‬وإن كانت الآية التي هي المعجزة أبلـغ مـن الـشبه‬ ‫ولكن يمكن المنكرون‪ ‬أن يقولوا هذا سحر عظيم‪ ،‬وأما تركيب نظم القرآن بحيث صـار‬ ‫معجزا فلا يمكن المنكرون أن يقولوا إن السحر يمكن أن يكـون منـه‪ ‬هكـذا‪ ،‬وبـالحق أن‬ ‫جميع معجزات الأنبياء لا يشبهها شيء ]في العلم ولا في السحر[‪ ،‬بل هي خارقة لعادة ما‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬محمد ^‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬زيادة يقتضيها السياق‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬إذا‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في المخطوطات‪ :‬ولا القرآن‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬يوجدها‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬كذا في الأصل‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬في )م(‪ :‬فيه‪.‬‬ ‫)‪ (٩‬في )م(‪ :‬في السحر ولا في العلم‪.‬‬ ‫‪ ٢٠٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫يظهر في العلم والسحر من خوارق العادات‪ ،‬فالمعجزة خارقة العـادات الخارقـة للعـادات‪،‬‬ ‫فافهم ذلك‪.‬‬ ‫رجع‪ :‬فإن قيل‪ :‬ورد في الحديث نزول عيسى عليه السلام بعده‪.‬‬ ‫قلنا له‪ :‬نعم‪ ،‬ولكنه يتـابع الرسـول ^؛ لأن شريعتـه قـد‪ ‬نـسخت ولا يكـون إليـه‬ ‫وحي ونصب أحكام‪ ،‬بل يكون خليفة رسول االله عليهما الصلاة والسلام‪ ،‬ثم إنـه لا يـصح‬ ‫أنه يصلي بالناس ويؤمهم ويقتدي به المهتدي؛ لأنه أفضل فإمامته أولى‪.‬‬ ‫قال الـشيخ نـاصر بـن جاعـد‪ :‬والحـق في ذلـك معـي أن نـزول عيـسى عليـه الـسلام‬ ‫وخروج المهدي المنتظر كل هذا غير صحيح‪ ،‬وليس له في الكتاب ولا في السنة ولا في دليل‬ ‫العقل من دليل صريح‪ ،‬ولا مـن دليـل تـأويلي‪ ،‬ومـا الفائـدة في بعـث عيـسى عليـه الـسلام‬ ‫والمهدي‪ ،‬وما الفائدة في بعثهما معا‪ ،‬فإن شريعة النبي ^ قائم ضياؤها‪ ،‬واضح برهانها ؟!‬ ‫فإن كان لأجل التفرقة بين الحق والباطل من افتراق الأمة‪ ،‬فإن كان‪ ‬الحق لا يمكن‬ ‫معرفته إلا بهما‪ ،‬فكيف يترك أمة النبي ^ على ضلالهم ]مـن لـدن[‪ ‬افـتراق الـصحابة إلى‬ ‫خروج عيسى والمهدي‪ ،‬وكثير من عباد االله يريد أن يعبد االله تعـالى بدينـه الحـق‪ ،‬فيتركـه االله‬ ‫بضلاله‪ ،‬وصار لا فائدة لبعث النبي ^ إلا لنفسه ولأصحابه الذين هم مـاتوا قبـل وقـوع‬ ‫الأحداث الواقعة بينهم‪ ،‬وإن كان الحق معروفا بدون عيسى والمهدي فما فائدة بعثهما فـأينما‬ ‫)‪ (١‬أخرج البخاري في كتاب‪ :‬المظالم‪ ،‬بـاب‪ :‬كـسر الـصليب وقتـل الخنزيـر )‪ ،(٢٤٧٦‬ومـسلم في كتـاب‪:‬‬ ‫الإيمان‪ ،‬باب‪ :‬نزول عيسى ابن مريم حاكما )‪ ،(٣٨٧‬والترمـذي في كتـاب‪ :‬الفـتن‪ ،‬بـاب‪ :‬مـا جـاء في‬ ‫نزول عيسى ابن مريم )‪ ،(٢٢٤٠‬وابن ماجه في كتاب‪ :‬الفتن‪ ،‬بـاب‪ :‬فتنـة الـدجال وخـروج عيـسى‬ ‫ابن مريم )‪ (٤٠٧٨‬عن أبي هريرة أن النبي ^ قال‪» :‬لا تقـوم الـساعة حتـى ينـزل عيـسى ابـن مـريم‬ ‫حكما مقسطا«‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬كل‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬عند‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٠٣‬‬ ‫توجهت في البحث تجد هذا غير صحيح‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫رجع إلى قولهم‪ :‬وقد روي بيان عددهم في بعض الأحاديث‪ ،‬والأولى أن لا يقتصر‬ ‫على عدد في التسمية‪ ،‬وقد قال االله تعالى‪- , + * ) ( ' & M :‬‬ ‫‪ L.‬ولا نؤمن في ذكر العدد أن يدخل فيهم من ليس منهم‪ ،‬أو يخرج منهم من هو‬ ‫منهم‪ ،‬وكلهم كاف مخبرين مبلغين عن االله عز وجل‪.‬‬ ‫وأفضل الأنبياء النبي ^‪ ،‬والملائكة عباد االله العاملون بأمره‪ ،‬لا‪ ‬يوصفون بذكورة‬ ‫ولا أنوثة‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬أليس قد كفر إبليس وكان من الملائكة بدليل صحة استثنائه منهم؟‬ ‫قلنا‪ :‬لا بل كان من الجن ففسق عن أمر ربه‪ ،‬لكنه لما كان في‪ ‬صفة الملائكة في بـاب‬ ‫العبادة والرفعة صح استثناؤه منهم تغليبا‪.‬‬ ‫وأما هاروت وماروت هلا صح أنهما ملكان لم يصدر عنهما كفر ولا كبيرة‪ ،‬وتعذيبهما‬ ‫إنما هو على وجه المعاتبة كما يعاتـب االله الأنبيـاء علـيهم الـسلام عـلى الزلـة والـسهو‪ ،‬وكانـا‬ ‫يعظان الناس ويعلمان السحر ويقولان‪ :‬إنما نحن فتنة فلا تكفر‪ ،‬ولا كفر في تعليم السحر‪،‬‬ ‫بل في اعتقاده والعمل به‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬وردت القراءتان جميعا قوله تعالى‪4 3 2 M :‬‬ ‫‪ L8 7 6 5‬بكسر اللام على أنهما من ملوك الإنس‪ ،‬وبفتح اللام‬ ‫)‪ (١‬النساء‪ :‬الآية )‪.(٧٨‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬ولا‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‬ ‫)‪ (٤‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(١٠٢‬‬ ‫‪ ٢٠٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫على أنهما من الملائكة‪ ،‬ولا يصح الحق أن يكونا إما من الملائكة‪ ،‬أو من ملوك الإنس‪ ‬فلا‬ ‫سبيل إلى تحقيق الحق على هذا‪ ،‬أو على هذه الصفة أن لو صح أنه كذلك لم تجز الصلاة بهذه‬ ‫الآية على هذه الصفة‪ ،‬خوفا من‪ ‬أن تكون على خلاف الحق‪ ،‬وهذا لا بد منه على كل حال‬ ‫إذا كان على هذا التأويل‪ ،‬ولا شك أن هذا باطل لقوله تعالى‪W V U M :‬‬ ‫‪.LX‬‬ ‫ولا نعلم أن أحدا حرم الصلاة بآية لثبوت شك فيها‪ ،‬فلما بطل هذا التأويل صح أنهما‬ ‫ملكان في النـسب بكـسر الـلام همـا مـن ملـوك بابـل‪ ،‬وأنهـما ملكـان بفـتح الـلام باتـصافهما‬ ‫بــصفات الملائكــة في أفعــالهما بــالأسرار الروحانيــة كأفعــال الملائكــة‪ ،‬أو يفعلــون بــالأسرار‬ ‫بتسخير االله الروحانية لهم‪ ،‬ولحسن أخلاقهم وأفعالهم الخارقة كفى بتسميتهم مـن الملائكـة‬ ‫إخبارا من االله عنهم في صلاح أحوالهم‪ ،‬وتسخير الروحانيـة لهـم‪ ،‬ويعلمـون النـاس العلـم‬ ‫والسحر فتنة من االله لقومهما ليطيعوا االله تعالى أو ليعصوه‪.‬‬ ‫وبهذا التأويل لا يمكن الغلط بأي القراءتين قرأهما القارىء كان مصيبا‪ ،‬والدليل‬ ‫أنهما من البشر قوله تعالى‪ L5 4 3 2 M :‬فلو كانا من الملائكة لقال وما‬ ‫أنزل به الملكان‪ ،‬وقال تعالى‪( ' & % $ # " ! M :‬‬ ‫)‪ ،L‬وقال تعالى‪ËÊÉÈÇÆÅÄÃM :‬‬ ‫)‪ (١‬في )م( زيادة‪ :‬ولا بد من الغلط وخلاف في إحدى القراءتين من خالف الحـق في كـونهما مـن الملائكـة‬ ‫أو من ملوك الإنس‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬النساء‪ :‬الآية )‪.(٨٢‬‬ ‫)‪ (٤‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(١٠٢‬‬ ‫)‪ (٥‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(٩‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٠٥‬‬ ‫‪ L ÏÎÍÌ‬فكلمة »لو« تدل على أنه لم يكن في الأرض ذلك‪ ،‬إذ لو‬ ‫قد‪ ‬كان لم يكن هنالك حرف لو‪ ،‬فصح أن الحق ما قلناه‪.‬‬ ‫وحرام وفسق ومعصية من وصفهما أنهما عصيا االله تعالى‪ ،‬وقد أثنى االله عليهما في‬ ‫كتابه‪ ،‬ومدحهما على أفعالهما‪ ،‬فإن كان من قوله تعالى‪& % $ # " ! M :‬‬ ‫'( ) * ‪4 3 2 1 0 / . - , +‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪LD C B A @ ? > = < ; : 98 7 6 5‬‬ ‫فصح أنهما ينهيان عن الكفر‪ ،‬وأنما أنزل عليهما السحر والعلم الحق‪ ،‬ويعلمون الناس‬ ‫السحر بإذن االله تعالى‪ ،‬ويعلمانهم الحق فيتبعون السحر وهو الباطل الذي حرماه عليهم‪،‬‬ ‫ولا يريدون العلم الحق‪ ،‬وما فعلا ذلك إلا بإذن االله وأمره تعالى عليهما لازما فتنة للناس؛‬ ‫ليعلم االله من يطيعه ومن يعصيه كما ابتلى أصحاب السبت بتحريم الصيد عليهم يوم‬ ‫السبت فتنة؛ ليعلم االله من يطيعه ومن يعصيه‪ ،‬وهكذا جميع التعبد إنما هو فتنة من جميع‬ ‫أحكام دين االله من واجب ومحرم ومندوب ووسيلة مكروه ومباح‪ ،‬من صلاة أو صوم أو‬ ‫زكاة أو حج إلى جميع الأحكام الشرعية إنما هي فتنة للعباد‪.‬‬ ‫والمعنى المراد بالفتنة الاستخبار ليعلم االله من يطيعه في ذلك ومن يعصيه‪ ،‬واالله تعالى‬ ‫عليم بهم من غير أن يفتنهم ‪-‬أي بتسخيرهم‪ -‬بذلك‪ ،‬ولكن أراد في كل امرىء أن يعلم‬ ‫نفسه بنفسه فيجازيه على عمله بفعله‪ ،‬فلم يكن تعليم السحر الناس من هاروت وماروت‬ ‫هو الفتنة لا غير‪ ،‬وليس المعنى هنا من الفتنة مثل معنى قوله تعالى‪+ * ) M :‬‬ ‫)‪ (١‬الإسراء‪ :‬الآية )‪.(٩٥‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(١٠٢‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬يستخيرهم‪.‬‬ ‫‪ ٢٠٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ L,‬أي فتنة العالم الذي ليضل بمذهبه الباطل أمة إلى يوم الحشر‪ ،‬بل المعنى هنا‬ ‫بالفتنة الافتتان قال تعالى‪| { z y x w v u t s r q M :‬‬ ‫}‪ ،L‬وقال تعالى‪.Lponm M :‬‬ ‫والقول أنهما ملكان معذبان على زلة فعلاها باطل لا يجوز بصريح التنزيل على الثناء‬ ‫عليهما‪ ،‬وبما ذكرناه من قوله تعالى‪ L # " ! M :‬وقوله‪ÆÅ Ä Ã Â M :‬‬ ‫‪ LÇ‬فاعرف ذلك‪ ،‬وباالله التوفيق‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫قلت لشيخي الخليلي‪ :‬ما تقول في هذا؟‬ ‫قال‪ :‬فالذي عندي أن هذا كله حـسن جـائز مـن قـول شـيخنا جـزاه االله خـيرا‪ ،‬واالله‬ ‫أعلم‪ ،‬إلا أنه ينبغي النظر في قوله‪ :‬إنه إذا ثبت القول بالوجهين فلا بد من دخول الـشك في‬ ‫معنى الآية الشريفة‪ ،‬وحينئذ فلا‪ ‬تجوز الصلاة بها‪ ،‬وهذا لا يلزم‪ ،‬فلو‪ ‬قدرنا أنهما ملكان‬ ‫من الملائكة كانا ملكين في بابل من الملوك‪ ،‬أو أنهما ملكان بالكـسر مـن الإنـس كانـا ملكـين‬ ‫ً‬ ‫وتخصيـصا‪ ‬لهـما بـما يعمـلان‬ ‫بالفتح لما يعملان من عمل الملائكة مدحة لهما‪ ،‬وثناء عليهما‪،‬‬ ‫بذلك العلم من الأحوال الخارقة والأعمال التي لا تتأتى للبشر لكان الوجهان صـحيحين‪،‬‬ ‫ولم يكن في ذلك اختلاف معنى ولا لبس‪ ،‬ولا اعتراء شـك يوجـب القـدح في معنـى الآيـة‬ ‫والشك فيها‪ ،‬حتى لا تجوز الصلاة بها‪ ،‬فهذا ما لا وجه له البتة فيما عندي‪.‬‬ ‫)‪ (١‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(١٩١‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬المحسر‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سورة العنكبوت‪ :‬الآيتان )‪.(٢-١‬‬ ‫)‪ (٤‬التغابن‪ :‬الآية )‪.(١٥‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬لا‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬ولو‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )ت(‪ :‬تخصيصها‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٠٧‬‬ ‫وأما توجيه الشيخ في تأويل هذه الآية الشريفة فهو من قوله حسن فيما عنـدي‪ .‬واالله‬ ‫أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قد ارتابت ‪-‬شيخنا‪ -‬قلوبنا من موت الأطفال وغصصهم بخروج الـروح‪ ،‬وهـم لم‬ ‫يجنوا شيئا في دنياهم‪ ،‬أهذا ‪-‬شيخنا‪ -‬عبرة للناظرين أم يكون لهم عذاب في الدنيا لئلا يخرج‬ ‫أحد منها من غير مكابدة؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫أما تألم الأطفال وغيرهم من البهائم بالأمراض والموت‪ ،‬فليس هو محتاجا إلى علة لا‬ ‫من ذنب ولا غيره‪ ،‬فليس السقم مقصورا على حاجة‪ ،‬ولكنه من فعل ما لا يسأل عما يفعل‬ ‫وهم يسألون‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫مما عن قومنا قال الشيخ‪ :‬وفي دعاء الأحياء للأموات وصدقتهم نفع لهم‪ ،‬واالله تعـالى‬ ‫يجيب الدعوات ويقضي الحاجات‪.‬‬ ‫من الشرح‪ :‬قوله‪ :‬نفع لهم خلافا للمعتزلة تمسكا بأن القـضاء لا يتبـدل‪ ،‬وكـل نفـس‬ ‫مرهونة بما كسبت‪ ،‬والمرء مجزي بعمله لا بعمل غيره‪ ،‬ولنا ما ورد في الأحاديـث الـصحاح‬ ‫من الدعاء للأموات خصوصا في صلاة الجنازة‪ ،‬وقد تواتر عن السلف‪ ،‬فلو لم يكن فيه نفع‬ ‫لما كان له معنى‪.‬‬ ‫وقال عليه السلام‪ :‬‬ ‫‪ ٢٠٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪. ‬‬ ‫وقال عليه الصلاة والسلام‪ :‬‬ ‫‪.‬‬ ‫وفي استجابة الدعاء قال عليه السلام‪ :‬‬ ‫‪ ،‬ولقوله عليه السلام‪ :‬‬ ‫‪. ‬‬ ‫اعلم أن العمدة في ذلك صدق النية وخلوص الطوية وحضور القلـب‪ ،‬لقولـه عليـه‬ ‫)‪ (١‬أخرجه مسلم في كتاب‪ :‬الجنائز‪ ،‬باب‪ :‬من صلى عليه مائة شفعوا فيه )‪ ،(٢١٩٥‬والنـسائي في كتـاب‪:‬‬ ‫الجنائز‪ ،‬باب‪ :‬فضل من صلى عليـه مائـة )‪ ،(١٩٩٠‬والترمـذي في كتـاب‪ :‬الجنـائز‪ ،‬بـاب‪ :‬مـا جـاء في‬ ‫الصلاة على الميت والشفاعة له )‪ ،(١٠٣١‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫وجودا في كتب الحـديث‬‫ً‬ ‫)‪ (٢‬قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى ‪ :٣٢/٢‬لم أر لهذا الحديث‬ ‫الجامعة المبسوطة‪ ،‬ثم رأيت الكمال ابن أبي شريف صاحب الإسعاد قال‪ :‬إن الحديث لا أصل له‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬رواه الإمام الربيع بن حبيب في كتاب‪ :‬الأذكار‪ ،‬باب‪ :‬أدب الـدعاء وفـضيلته )‪ ،(٥٠٢‬والبخـاري في‬ ‫كتاب‪ :‬الدعوات‪ ،‬باب‪ :‬يستجاب للعبد مالم يعجل )‪ ،(٦٣٤٠‬ومسلم في كتـاب‪ :‬الـدعوات‪ ،‬بـاب‪:‬‬ ‫بيــان أنــه يــستجاب للــداعي مــالم يعجــل )‪ ،(٦٨٦٩‬وأبــو داود في كتــاب‪ :‬الــصلاة‪ ،‬بــاب‪ :‬الــدعاء‬ ‫)‪ ،(١٤٨٤‬والترمـذي في كتـاب‪ :‬الدعـوات‪ ،‬بـاب‪ :‬ما جاء فيمن يستعجل في دعائه )‪ ،(٣٣٩٨‬وابن‬ ‫ماجه في كتاب‪ :‬الدعاء‪ ،‬باب‪ :‬يستجاب لأحدكم مـا لم يعجـل )‪ (٣٨٥٣‬مـن طريـق أبي هريـرة دون‬ ‫قوله‪ :‬ما لم يـدع بـإثم أو قطيعـة رحـم‪ ،‬وهـذه الزيـادة وردت عنـد أبي يعـلى )‪ (٦١٣٤‬مـن طريـق أبي‬ ‫هريرة مرفوعا‪ :‬ما من مسلم يدعو بشيء إلا استجاب له فيه‪ ،‬فإما أن يعطيه إياه‪ ،‬وإمـا أن يكفـر عنـه‬ ‫به مأثما ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم‪ ،‬وقال الهيثمي في مجمع الزوائد )‪ :(١٤٨/١٠‬وفيه ليث بـن أبي‬ ‫سليم وهو مدلس وبقية رجاله ثقات‪ .‬اهـ‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬أخرجــه أبــو داود في كتــاب‪ :‬الــصلاة‪ ،‬بــاب‪ :‬الــدعاء )‪ ،(١٤٨٨‬والترمــذي في كتــاب‪ :‬الــدعوات‬ ‫)‪ ،(٣٥٦٧‬وابن ماجه في كتاب‪ :‬الدعاء‪ ،‬بـاب‪ :‬رفـع اليـدين في الـدعاء )‪ (٣٨٦٥‬مـن طريـق سـلمان‬ ‫الفارسي‪ ،‬وقال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن غريب‪ ،‬ورواه بعضهم ولم يرفعه‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٠٩‬‬ ‫الصلاة والسلام‪ :‬‬ ‫‪. ‬‬ ‫واختلف المشايخ في أنه هل يجوز أن يقال‪ :‬إن االله يستجيب دعوة الكافر‪ ،‬فمنعه‬ ‫الجمهور لقوله تعالى‪. L=< ; :98 M :‬‬ ‫وما روي في الحديث‪  :‬محمول على‬ ‫كفران النعمة‪ ،‬وجوزه بعضهم لقوله تعالى حاكيا عن إبليس‪ LE D M :‬فقال االله‬ ‫تعالى‪. LML K M :‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬أما إن الدعاء من الأحيـاء للأمـوات أنـه يـنقص مـن‬ ‫أوزارهم التي ماتوا عليها أو يزيد في أعمالهم فهذا مما لا يصح‪ ،‬فمن خـتم لـه بالـسعادة فـلا‬ ‫زيادة لعمله ومن ختم له بالشقاوة فلا ينجيه دعاء الأحياء‪ ،‬فلو كان فيه نفع لكان أحـق بـه‬ ‫النبي ^ لآبائه وأجداده‪ ،‬فالحق ما قاله المعتزلي‪ ،‬ومن مات عاصيا ولو صلى عليه وشفعوا‬ ‫له جميع ما في الأرض لما نفعه ذلك‪.‬‬ ‫وأما فائدة الدعاء من الأحياء للأموات لا تجوز إلا لأهل التقوى منهم‪ ،‬والدعاء لهم‬ ‫راجع نفعه للأحياء الداعين لهم‪ ،‬ومثل ذلك مثل استغفار الملائكة للمـؤمنين فـضله راجـع‬ ‫)‪ (١‬أخرجه الترمذي في كتاب‪ :‬الدعوات‪ ،‬باب‪ :‬جامع الدعوات )‪ ،(٣٤٩٠‬وقال‪ :‬هذا حديث غريب لا‬ ‫نعرفه إلا من هذا الوجه‪ .‬اهـ‪ ،‬وقال الذهبي في تلخيص المستدرك‪ :‬صالح متروك اهـ‪ ،‬يشير إلى أحـد‬ ‫رواته وهو صالح المري‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬الرعد‪ :‬الآية )‪.(١٤‬‬ ‫)‪ (٣‬لم نجــده بهــذا اللفــظ إلا مــا رواه أحمــد )‪ (٣٦٧/٢‬مــن طريــق أبي هريــرة مرفوعــا‪» :‬دعــوة المظلــوم‬ ‫مستجابة وإن كان فاجرا ففجوره عـلى نفـسه«‪ .‬وقـال الهيثمـي‪ :١٥١/١٠‬رواه أحمـد والبـزار بنحـوه‬ ‫وإسناده حسن‪ .‬اهـ‬ ‫)‪ (٤‬الحجر‪ :‬الآية )‪.(٣٧‬‬ ‫‪ ٢١٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫إليهم‪ ،‬وإنما كان معناه محبة لمن أحب االله تعالى وولاية لمن تولاه االله تعالى‪ ،‬واالله يكـرم ذلـك‬ ‫بما سأله إكراما للداعي وإلا ولو لم يدع له لأعطاه أيضا مثل استغفار الملائكة للأولياء‪ ،‬فإن‬ ‫‪‬‬ ‫االله يغفر لهم ولو لم يستغفروا له‪ ،‬ولكن هذا حق أولياء االله من بعضهم بعـض‪ ،‬ومحبـة االله‬ ‫وولاية االله‪ . ‬لمن والاه االله وأحبه كنحو صلاتنا على النبي ^ فلا ينفع ذلك النبـي‪ ،‬وإنـما‬ ‫نفع ذلك راجع إلينا لا غير‪.‬‬ ‫وأما استجابة الدعاء فهو على المشيئة‪ ،‬ويمكن معنى قوله تعالى‪0 / M :‬‬ ‫‪ L1‬أي الدعاء هي الصلوات والتوفيق في أداء الطاعة له تعالى‪ ،‬فإن االله تعالى يستجيب‬ ‫له لقوله تعالى‪ ،Lt s r q pM :‬وقال تعالى‪4 3 2 M :‬‬ ‫‪CBA@? > =<;:98765‬‬ ‫‪.LD‬‬ ‫وأما في غير التوفيق في العبادة فيمكن أن يستجيب له‪ ،‬ويمكن أن لا يستجيب لـه في‬ ‫غرضه الذي طلبه‪ ،‬وأما قولهم‪ :‬إنه يمكن أن يستجيب له في غير ذلك المعنى فليس بـشيء؛‬ ‫لأنه طلب شيئا فليس من الإجابة أن يعطى غير ذلك ويمنـع ذلـك‪ .‬واالله أعلـم‪ ،‬وينظـر في‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫قال المحقق الخليلي‪:‬‬ ‫قول الشيخ في هذه المسألة حسن‪ ،‬إلا أنه ينبغي النظر في الدعاء للمؤمن هـل لـه فيـه‬ ‫منفعة أو لا فإن فيه للنظر مجالا‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )ع(‪ :‬الله‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ع(‪ :‬الله‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬غافر‪ :‬الآية )‪.(٦٠‬‬ ‫)‪ (٤‬العنكبوت‪ :‬الآية )‪.(٦٩‬‬ ‫)‪ (٥‬الفاتحة‪ :‬الآيات )‪.(٧-٥‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢١١‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪:‬‬ ‫وعنهم أيضا فيما أحسب‪ :‬وعجب الذنب فهـو كـالروح لا يفنـى‪ ،‬اختلـف فيـه عـلى‬ ‫قولين‪ ،‬مشهورهما أنه لا يفنى لحديث في الصحيحين‪ :‬‬ ‫‪ ‬وفي‬ ‫رواية مسلم‪ ، :‬وفي‬ ‫رواية لابن حبـان‪^:‬‬ ‫‪. ‬‬ ‫ومن هنا قال العلماء‪ :‬إنه عظم كالخردلة في العصص‪ ،‬وهو آخر سلسلة الظهر عند‬ ‫الصلب‪ ،‬وهو من الإنسان بمنزلة مغرز الذنب من الدابة‪ ،‬واختار المزني القول بالفناء تمسكا‬ ‫بالآية‪ L R Q P O M :‬والروح على ذاتها من علم الغيب لقوله تعالى‪ÀM :‬‬ ‫)‪ (١‬الصفحات الأولى من كلام غير المحقق الخليلي‪ ،‬وقد علق عليهـا في آخـر المـسائل بعـد قـول الـسائل‪:‬‬ ‫قلت لشيخي الخليلي‪ :‬ما تقول في كل هذا؟‬ ‫)‪ (٢‬زيادة وردت في الحديث ويقتضيها السياق‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬رواه البخاري في كتاب‪ :‬التفسير‪ ،‬باب‪ :‬قوله »يوم ينفخ في الـصور‪ ،(٤٩٣٥) « ..‬ومـسلم في كتـاب‪:‬‬ ‫الفـتن‪ ،‬بــاب‪ :‬مــا بـين النفختــين )‪ ،(٧٣٤٠‬وابــن ماجـه في كتــاب‪ :‬الزهــد‪ ،‬بـاب‪ :‬ذكــر القــبر والــبلا‬ ‫)‪ ،(٤٢٦٦‬من طريق أبي هريرة‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬رواه مــسلم في كتــاب‪ :‬الفــتن‪ ،‬بــاب‪ :‬مــا بــين النفختــين )‪ ،(٧٣٤١‬والإمــام الربيــع في بــاب‪ :‬الآداب‬ ‫)‪ (٧٢٢‬من طريق أبي هريرة‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في النسخ‪ :‬ابن حيان‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬رواه ابــن حبــان في كتــاب‪ :‬الجنــائز‪ ،‬فــصل في أحــوال الميــت في قــبره )‪ (٣١٤٠‬مــن طريــق أبي ســعيد‬ ‫الخدري‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬الرحمن‪ :‬الآية )‪.(٢٦‬‬ ‫‪ ٢١٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ LÈÇÆÅÄÃÂÁ‬والسؤال حق‪ ،‬والأنبياء لا يساءلون‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬وفي إعادة العـرض قـولان وتجـب إعـادة الأعيـان يعنـي‪ :‬أن القـائلين بإعـادة‬ ‫الأعيـان اختلفـوا في إعـادة أعراضـها التـي هـي قائمـة بهـا في الـدنيا كالبيـاض والأصـوات‬ ‫والضرب والعلـم والجهـل والقـصر والطـول‪ ،‬وكـذلك في إعـادة الأزمنـة التـي مـرت عـلى‬ ‫الإنسان في الدنيا قولان‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬وهذا مما يسع جهلـه‪ ،‬ولـيس هـو مـن عقائـد الـدين‪،‬‬ ‫والقول فيه بحكم شيء منه لا يخرج من علم الغيب الظني إلى العلم اليقيني‪ .‬فاعرف ذلك‪.‬‬ ‫أيضا‪ :‬والسيئات عنده بالمثل‪ ،‬والحسنات ضوعفت بالفضل‪،‬‬ ‫ً‬ ‫‪ ‬ومما عن قومنا‬ ‫ومما يجب اعتقاده‪ :‬مقابلة السيئة بمثلها إن قوبلت‪ ،‬ومقابلة الحسنة بضعفها‪ ،‬قال االله تعالى‪:‬‬ ‫‪}| M . L k j i h g f e dc b a ` _ ^ M‬‬ ‫~‪. L‬‬ ‫قوله‪ :‬والعرش والكرسي ثم القلم والكاتبون اللوح كل حكم لاحتياج‪ ،‬وبها الإيمان‬ ‫يجب عليك أيها الإنسان‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬والعرش والكـرسي والملائكـة الكـاتبون ممـا لا تقـوم‬ ‫الحجة بمعرفة شيء من ذلك‪ ‬من العقل‪ ،‬وإنما تقوم الحجة بمعرفته بالسماع مـن التنزيـل‪،‬‬ ‫ومن قول الرسول ^ شفاها‪.‬‬ ‫وأما من قول العلماء فلا تقوم الحجة بمعرفة شيء من ذلك قياما يهلك المرء أن يشك‬ ‫)‪ (١‬الإسراء‪ :‬الآية )‪.(٨٥‬‬ ‫)‪ (٢‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(١٦٠‬‬ ‫)‪ (٣‬الشورى‪ :‬الآية )‪.(٤٠‬‬ ‫)‪ (٤‬في )أ( زيادة‪ :‬الحجة‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢١٣‬‬ ‫في ذلك إلا بتلاوة الآيات الدالة على ذلك لزمه الإيمان بالآية‪ ،‬وما تـضمنته مـن المعـاني أنـه‬ ‫صدق وحق‪ ،‬وليس عليه الإيمان بمعرفة معنى شيء من ذلك إن لم يفهـم المعنـى‪ ،‬ولا يلـزم‬ ‫الإيمان بتلاوة آية في القرآن في تصديق أن ملائكة يكتبون اللـوح المحفـوظ‪ ،‬ولا أن ملائكـة‬ ‫يكتبون من اللوح المحفوظ‪ ،‬إذ ليس في القرآن آيـة مـصرحة في ذلـك‪ ،‬وإنـما الـصريح أن الله‬ ‫ملائكة يكتبون أعمال بني آدم المكلفين عبادة االله تعـالى‪ ،‬وإذا قـرأ الآيـة وفهـم معناهـا لزمـه‬ ‫الإيمان بها وبمعناها الحق الذي فهمـه‪ ،‬وإن لم يفهـم معناهـا لزمـه الإيـمان بهـا وبمعناهـا في‬ ‫المجمل أنه كلام االله‪ ،‬كله حق لفظ ومعنى‪ ،‬فهمه أو لم يفهمه‪ ،‬فاعرف ذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬وعنهم أيضا‪ :‬قال الشيخ النسفي في عقيدته‪ :‬وعذاب القبر للكافرين ولبعض‬ ‫عصاة المؤمنين‪ ،‬وتنعيم أهل الطاعة وسؤال منكر ونكير ثابت بالـدليل الـسمعي‪ ،‬والبعـث‬ ‫حق‪ ،‬والوزن حق‪ ،‬والكتـاب والـسؤال والجـواب حـق‪ ،‬والحـوض حـق‪ ،‬والـصراط حـق‪،‬‬ ‫والجنة حق‪ ،‬والنار حق‪ ،‬وهما مخلوقتان الآن موجودتان باقيتان لا يفنيان ولا يفنى أهلها‪.‬‬ ‫الشرح‪:‬‬ ‫وقوله‪ :‬وعذاب القبر للكافرين ولبعض عصاة المؤمنين خص البعض؛ لأن منهم من‬ ‫لا يريد االله أن يعذبه بعذاب‪.‬‬ ‫ومن حاشية في الكتاب‪ :‬كذلك إلى يـوم القيامـة‪ ،‬ويرفـع عـنهم كـل يـوم جمعـة وكـل‬ ‫رمضان بحرمة النبي ^‪.‬‬ ‫وقال بعض العلماء‪ :‬العذاب على الروح دون البدن‪.‬‬ ‫وقال الفقهاء‪ :‬على البدن دون الروح‪.‬‬ ‫وقال بعض‪ :‬إنه على الروح والبدن‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬لايجوز أن يعذب الروح؛ لأن سره في القلـب‪ ،‬وقـد خـلا القلـب منـه‪ ،‬ولا‬ ‫يجوز أن يعذب البدن؛ لأنه خال من الروح فيمتنع عذابه‪.‬‬ ‫‪ ٢١٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫قلت‪ :‬إن االله قادر أن يخلق له نوع حياة يجوز بها مـا تـدرك‪ ‬الألم والتنعـيم مـن غـير‬ ‫إعادة الروح إليه؛ لئلا يحتاج إلى نزع حياة جديدة‪ ،‬وتجوز إعادة الحياة دون إعادة الروح‪.‬‬ ‫رجع إلى شرحه‪:‬‬ ‫قوله‪ :‬وتنعيم أهل الطاعة في القبر بما يعلمه االله ويريده‪ ،‬وهذا أولى ممـا وقـع في عامـة‬ ‫الكتب من الاقتصار على ثبوت عذاب القبر دون تنعيم بناء على أن النـصوص الـواردة فيـه‬ ‫أكثر‪ ،‬وعلى أن عامة أهل القبور كفار وعصاة‪ ،‬فالتعذيب بالذكر أكثر‪.‬‬ ‫قوله‪ :‬وسؤال منكر ونكير‪ ،‬وهما ملكان يدخلان في القـبر‪ ،‬فيـسألان العبـد عـن ربـه‬ ‫وعن دينه وعن نبيه‪.‬‬ ‫قوله‪ :‬ثابت كل من هذه الأمور بالدليل السمعي؛ لأنها أمور ممكنة‪ ،‬أخبر بها الصادق‬ ‫على ما نطقت به النصوص‪ ،‬وقال االله تعالى‪u t sr q p o n M :‬‬ ‫‪.L{z yx wv‬‬ ‫ومن حاشية في الكتاب‪) :‬النار يعرضون عليها( أي‪ :‬يوم القيامة‪.‬‬ ‫رجع إلى شرحه‪ :‬وقال تعالى‪ L3 2 ± M :‬وعن النبي ^‪ :‬أن قوله‬ ‫تعالى‪ LB A @ ? >= M :‬نزلت في عذاب القبر إذا قيل له‪ :‬من‬ ‫ربك؟ وما دينك؟ وما نبيك؟ فيقول‪ :‬ربي االله‪ ،‬وديني الإسلام‪ ،‬ونبيي محمد ^‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )ع(‪ :‬ترك‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬غافر‪ :‬الآية )‪.(٤٦‬‬ ‫)‪ (٣‬نوح‪ :‬الآية )‪.(٢٥‬‬ ‫)‪ (٤‬إبراهيم‪ :‬الآية )‪.(٢٧‬‬ ‫)‪ (٥‬أخرجه البخاري في كتاب‪ :‬التفسير‪ ،‬باب‪ :‬يثبت االله الذين آمنوا بالقول الثابـت )‪ (٤٦٩٩‬مـن طريـق‬ ‫ً‬ ‫محمـدا‬ ‫البراء بن عازب أن رسول االله ^ قال‪» :‬المسلم إذا سئل في القبر يـشهد أن لا إلـه إلا االله وأن‬ ‫رسول االله« فذلك قوله‪» :‬يثبت االله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة«‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢١٥‬‬ ‫وقال ‪-‬عليه صلوات االله وسلامه‪ :-‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪.‬‬ ‫وقال ^‪ :‬‬ ‫‪‬إلى آخر الحديث‪.‬‬ ‫وقال ‪-‬صلوات االله عليه وسلامه‪ :-‬‬ ‫‪.‬‬ ‫وبالجملة الأحاديث الواردة في هذا المعنى وفي كثير من أحوال الآخرة متواترة المعنى‬ ‫وإن لم تبلغ آحادها حد التواتر‪.‬‬ ‫وأنكر عذاب القبر بعـض المعتزلـة والـروافض؛ لأن الميـت جمـاد لا حركـة‪ ‬لـه ولا‬ ‫إدراك فتعذيبه محال‪.‬‬ ‫)‪ (١‬أخرجه الدارقطني في كتاب‪ :‬الطهارة‪ ،‬باب‪ :‬نجاسة البول والتنزه منه )‪ ،(٤٦٠‬والحاكم في المستدرك‬ ‫ً‬ ‫مرفوعـا‪» :‬عامـة‬ ‫في كتاب‪ :‬الطهارة‪ ،‬باب‪ :‬عامة عذاب القبر من البول )‪ (٦٨٠‬من طريق ابن عباس‬ ‫عذاب القبر من البول‪ ،‬فتنزهوا منه«‪ .‬وقال الدارقطني‪ :‬لابأس به‪ .‬وأخـرج الـدارقطني )‪ (٤٥٨‬مـن‬ ‫مرفوعـا‪» :‬اسـتنزهوا مـن البـول‪ ،‬فـإن عامـة عـذاب القـبر منـه« وقـال الـدارقطني‪:‬‬ ‫ً‬ ‫طريق أبي هريـرة‬ ‫الصواب مرسل‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرجه الترمـذي في كتـاب‪ :‬الجنـائز‪ ،‬بـاب‪ :‬مـا جـاء في عـذاب القـبر )‪ (١٠٧٣‬مـن طريـق أبي هريـرة‬ ‫مرفوعا‪ ،‬وقال‪ :‬حديث أبي هريرة حديث حسن غريب‪ .‬وقد جاء هذا الحديث من طرق أخرى بغير‬ ‫ً‬ ‫هذا اللفظ بعضها في الصحيحين‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬أخرجه الترمذي في كتاب‪ :‬صفة القيامة )‪ (٢٤٦٨‬من طريق أبي سعيد الخدري ضمن حديث طويـل‬ ‫جاء في آخره‪ :‬قال رسول االله ^‪» :‬إنما القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النـار«‪ .‬وقـال‬ ‫هـذا حـديث غريـب‪ ،‬لا نعرفـه إلا مـن هـذا الوجــه اهــ‪ ،‬وقـال الحـافظ العراقـي في المغنـي عـن حمــل‬ ‫الأسفار )‪ :(٢٥٥/١‬فيه عبيد االله بن الوليد الوصافي ضعيف‪ .‬اهـ‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ع(‪ :‬حراك‪.‬‬ ‫‪ ٢١٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫والجواب‪ :‬أنه يجوز أن يخلق االله في جميع الأعضاء أو بعضها نوعا من الحيـاة قـدر مـا‬ ‫يدرك ألم العذاب أو لذة التنعم‪ ،‬وهذا لا يستلزم إعادة الروح إلى بدنه‪ ،‬ولا أن يتحرك‪ ،‬ولا‬ ‫أن يضطرب ويرى أثر العذاب عليه حتى إن الغريق أو المأكول في بطون الحيوانات يعذب‪،‬‬ ‫وإن لم يطلع‪ ‬عليه‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬إن تصديق خبر الناكر والنكير في القبر يضادد ما يدل‬ ‫عليه خبر القرآن العظيم‪ ،‬وإن‪ ‬كان كذلك لم يجز تصديقه لقوله تعالى حاكيا عن قول أهل‬ ‫النار‪ . LW V UT M :‬وقوله تعالى‪ L2±M :‬أي عدما أو‬ ‫مضغة ولحما في بطون أمهاتكم )ثم أحياكم( فيها‪ ،‬فأخرجكم منها أحياء )ثم يميتكم(‬ ‫فتكونون في بطن الأرض )ثم يحييكم( يوم البعث‪ ،‬فيخرجكم من الأرض أحياء )ثم إليه(‬ ‫إلى موقف الحساب )تحشرون( تجتمعون‪ ،‬وغيرالناكر والنكير يحتاج إلى حياة بعد الموت‬ ‫بعقل كامل حتى يفهم ما يقال له وما يجيب‪ ،‬وهذا لا يصح؛ لأنه مخالف لأخبار التنزيل‪،‬‬ ‫وما خالفه فلا شك في بطلانه‪.‬‬ ‫وقولهم‪ :‬يفهم بحاسية غير رد روح الذي هو عقله فباطل؛ لأنـه لا يمكنـه أن يـشهد‬ ‫ويقر إلا بعقله‪.‬‬ ‫وأما عذاب القبر فقيل‪ :‬إن الروح لم تزل كأنها في حلم ورؤيا منام‪ ،‬إن كانت سـعيدة‬ ‫ترى منعمة أو شقية ترى معذبة‪ ،‬والاختلاف في هذا جائز‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬إن الروح لا تعقل إلا في جسدها‪ ،‬وأظن أنه الأصح‪ ،‬وفي الأصل أن هذا كله‬ ‫)‪ (١‬في )ع(‪ :‬تطلع‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )أ(‪ :‬إذا‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬غافر‪ :‬الآية )‪.(١١‬‬ ‫)‪ (٤‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(٢٨‬‬ ‫)‪ (٥‬في )أ(‪ :‬ويجمعون‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢١٧‬‬ ‫من علم الغيب لا يصح فيه تحقيق‪.‬‬ ‫وقوله تعالى في فرعون‪w v u t sr q p o n M :‬‬ ‫‪ L | { z y x‬يمكن ما ذكرناه بمنزلة الرؤيا في المنام‪ ،‬ولكن في غير‬ ‫تقديما وتأخيراً‬ ‫ً‬ ‫القبر أو فيه؛ لأن الروح لا تدري أين يذهب بها‪ ،‬ويمكن أن في‪ ‬الآية‬ ‫والمعنى‪ :‬ويوم القيامة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب‪ ،‬فهم يعرضون عليها غدوا وعشيا‬ ‫باستغراق الوقتين في كل حين‪.‬‬ ‫وليس المراد برد الـروح التـي هـي الـروح المـشركة الموجـودة التـي بهـا وجـود القـوة‬ ‫العادية‪ ‬التي تتولد بها القوة النامية والقوة المولدة وتخدم‪ ‬القوة الهاضمة والقوة الماسـكة‬ ‫والقوة الدافعة والقوة الطابخة حتى يكـون الغـذاء كيموسـيا صـالحا لاسـتحالته في أجـزاء‬ ‫المغتذي جزءا منه مما يناسبه من الغذاء‪ ،‬فأما مع عدم القـوة الـصالحة العاقلـة فـلا يـصح أن‬ ‫يحس عذابا ولا أن يفهم خطابا ولا أن يرد جوابا‪.‬‬ ‫وإذا قيل‪ :‬إنه ترد عليه فهي قيامة له‪ ،‬وصح أن للميت قيامتين‪ ،‬ولم يقم دليل على‬ ‫صحة هذا‪ ،‬وآيات الذكر تدل على أن هذا كله غير صحيح فإن كان من قوله تعالى‪:‬‬ ‫‪L{ z y x w v u t sr q p onM‬‬ ‫فليس في الآية دليل قطعي‪ ،‬وإنما فيها احتمالات معان‪ ،‬تحتمل أن يكون أراد بذلك يوم‬ ‫الحشر‪ ،‬ويكون معنى الغدو أول يوم والعشي آخر يوم من الحشر‪ ،‬فيكون استغراق الطرفين‬ ‫أي من أول يوم الحشر كذلك إلى آخر يوم الحساب‪.‬‬ ‫ويحتمل أن يكون معنى الآية على إرادة التقديم والتأخير‪ ،‬فيكون المعنى ويوم القيامة‬ ‫)‪ (١‬غافر‪ :‬الآية )‪.(٤٦‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ع(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )أ(‪ :‬الغادية‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )أ(‪ :‬ويخدم‪.‬‬ ‫‪ ٢١٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫أدخلوا آل فرعون أشد العذاب‪ ،‬فهم يعرضون عليهـا غـدوا وعـشيا‪ ،‬أي فهـم مـستغرقون‬ ‫الأوقات لا يخرجون منها‪.‬‬ ‫فإن قلت‪ :‬كذلك أنت أولت الآية على الظن وأحلته عن معنى لما صح أنه ليس‬ ‫للإنسان قيامتان‪ ،‬وقال تعالى‪ L U T M :‬هي‪ ‬موتة العدم الأول‪ ،‬فهم كالأموات أو‬ ‫المضغة واللحمة في بطون الأمهات‪ ،‬والموتة الثانية هي الموت المعروف ‪LWV M‬‬ ‫هي الحياة الأولى وحياة يوم القيامة‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬وما الدليل على أن الموتتين ليستا هما الموتة الأولى وموتته في القبر؟‬ ‫قلنا‪ :‬هذا سؤال أهل النار الذين‪ ‬أثبت عليهم أنت عـذاب القـبر‪ ،‬فـإذا مـاتوا هـذه‬ ‫الموتة الأولى فلا تكون هي الثانية بالأولى التي هي العدم أو المضغة‪.‬‬ ‫قلنا‪ :‬اتفاقنا جميعا أن الروح والعقل لا يردان في القبر‪ ،‬وبالإجماع إن رد الأرواح‪ ‬لا‬ ‫يكون إلا يوم البعث‪ ،‬والقرآن يدل على ذلك قوله تعالى‪n m l k j M :‬‬ ‫‪ Lo‬فلو ثبت عذاب القبر وسؤال منكر ونكير لم يكن الإحياء إليها وهي رميمة‪،‬‬ ‫فأولت الآية على ما وقع عليه الإجماع ودل عليه صريح الكتاب‪ ،‬ودل على أن الروايات‬ ‫المروية عن النبي ^ مسلمة إلى قائلها غير مسلم في صحتها؛ لأنها على خلاف صريح‬ ‫الذكر الحكيم‪ ،‬وبعض أصحابنا بقلة علمه صدق هذه الشهرة فأثر‪ ‬ذلك في كتابه‪.‬‬ ‫وأما قوله‪ :‬وأما بعض المعتزلة أنكر ذلك‪ ،‬فهو الأصح‪.‬‬ ‫وأما قوله مع ذلك‪ :‬والروافض فكأنه بعض المعتزلة وعم الرافض فاالله أعلم‪ .‬ولكني‬ ‫)‪ (١‬في )ع(‪ :‬على‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في النسخ المخطوطة‪ :‬الذي‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ع(‪ :‬الروح‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬يس‪ :‬الآية )‪.(٧٨‬‬ ‫)‪ (٥‬في )أ(‪ :‬بأثر‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢١٩‬‬ ‫أرى الإمامية مـن الـشيع رجـالهم دائـما يـذهبون وقـت العـصر مـن يـوم الخمـيس إلى قبـور‬ ‫موتاهم‪ ،‬فسألت كثيرا منهم ممن لا يخفى علي أمـورهم‪ ،‬فقـالوا‪ :‬إن أرواح موتـاهم تـرد إلى‬ ‫أجسادهم من آخر يوم الخميس إلى آخـر ليلـة الجمعـة‪ ،‬ويـسمعون خطـاب مـن خـاطبهم‪،‬‬ ‫وإنهم في الليلة يذهبون إلى زيـارة عـلي والحـسين‪ ،‬ويخـاطبون موتـاهم بـرد الـسلام إلى عـلي‬ ‫والحسين‪ ،‬ويطلبون الوسيلة بالشفاعة منهما مع النبي ^ يستشفع لهـم مـع االله تعـالى‪ ،‬فـإذا‬ ‫كان هذا فرد الروح معهم مصحح‪ ،‬ولا يكون معهم مصححا إلا بتواتر الأخبار‪.‬‬ ‫وأما أنهم يعذب أحد منهم في القـبر فـلا؛ لأن حـبهم لعـلي والحـسين كـاف لهـما عـن‬ ‫الخلاص من عذاب القبر ومن عذاب النار في الآخرة بتواتر النصوص المصححة معهم إذا‬ ‫كان كـل متـواتر صـحيحا‪ ،‬ويجـوز إن تـؤول القـرآن عـلى ذلـك التـواتر لم يـصح افـتراق في‬ ‫الإسلام؛ إذ يصير الكل حقا؛ إذ كل أهل مذهب لم يدينوا بشيء ممـا اختلـف فيـه المـسلمون‬ ‫من أمور الشرع إلا وهو صحيح بتواتر الروايات‪ ،‬فـصح أن الحـق في تأويـل مـا يوافـق فيـه‬ ‫السنة‪ ،‬وغير صـحتها رجـع الحكـم إلى صـحيح الكتـاب؛ لأن الـسنة الـصحيحة لا تخـالف‬ ‫الكتاب‪ ،‬وإنما هي تفسير له وإتمام لمعانيه‪ ،‬أو تعارضه‪ ،‬ولكن المعارضة التي هي كالناسـخة‬ ‫لابد وأن يكـون لهـا دليـل واضـح يـدل عـلى صـحتها؛ لأن الروايـات التـي قامـت الـصحة‬ ‫بصحتها مستفاضة في أهل الإسلام‪.‬‬ ‫وقوله تعالى‪~ } | { z y x w v u t s M :‬‬ ‫¡ ‪° ̄ ® ¬ « a © ̈ § ¦ ¥ ¤ £ ¢‬‬ ‫‪ÅÄ Ã Â ÁÀ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o 1 ̧ ¶ μ ́ 3 2 ±‬‬ ‫‪ L È ÇÆ‬أوضح دليل على أنه لا عذاب في القبر ولا سؤال منكر‬ ‫ونكير؛ لأن معنى الآية يدل على أنهم حققوا صحة ما جاءتهم به رسلهم بعد بعثهم مع تلك‬ ‫)‪ (١‬يس‪ :‬الآيات )‪.(٥٢-٤٨‬‬ ‫‪ ٢٢٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الصحة‪ ،‬فلو كان عذاب في القبر لتحقق لهم الأمر فيه‪ ،‬وتحققوا مع سؤال منكر ونكير ثم‬ ‫يبقى فيهم من رمق الحياة ما يحسون به العذاب‪ ،‬فيصح لهم تصحيح ما جاءتهم به رسلهم‬ ‫قبل يوم البعث‪p o n m l k j i h g f e d c b M ،‬‬ ‫‪¢¡ ~ } | { z y xw v u t s r q‬‬ ‫‪ L§¦¥¤ £‬وهذه الآية أيضا تدل على صحة ما ذكرناه؛ إذ لو كان عذاب‬ ‫في القبر وسؤال منكر ونكير لما رأوا المدة التي لبثوا فيها في قبورهم كأنها لم تكن إلا يوما أو‬ ‫بعض يوم‪ ،‬وإنما يحسب ذلك كذلك إذا كان على ما قلناه‪ ،‬ووافقني عليه من قال به من أهل‬ ‫المعتزلة‪ ،‬وكثير من آيات القرآن ما يدل على أن الروايات المخالفة لدلالة الكتاب مسلمة إلى‬ ‫قائلها إلى الصحة وباالله التوفيق‪.‬‬ ‫قلت لشيخي الخليلي‪ :‬ما تقول في كل هذا؟‬ ‫قال‪ :‬االله أعلم بهذا كله‪ ،‬وقد اختلف أصـحابنا في جـواز سـؤال القـبر وفتنتـه بمنكـر‬ ‫ونكير وعذابه ونعيمه وكيفية ذلك‪ ،‬وليس مرادنـا في هـذه التـساويد شرح أحـوال الآخـرة‬ ‫وبيان دلائلها‪ ،‬ونحن نرد العلم فيها إلى االله تعالى ونقـول‪ :‬إنـه سـبحانه لـيس يعجـزه شيء‪،‬‬ ‫وأكثر هـذه المعـاني لم يقـم بهـا دليـل قطعـي لكـن يـترجح بعـضها بتـواتر الأخبـار وبعـضها‬ ‫بالعكس‪ ،‬ويكفي منها الإيمان بالجملة بكل ما ثبت عن النبي ^ أنه الحق‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫وعن غير أصحابنا قال الشيخ‪ :‬وما أخبر به النبي ^ في أشراط الساعة مـن خـروج‬ ‫الدجال‪ ،‬ودابة الأرض‪ ،‬ويأجوج ومأجوج‪ ،‬ونزول عيسى عليه السلام من السماء‪ ،‬وطلوع‬ ‫الشمس من مغربها‪ ،‬فهو حق‪ ،‬والمجتهد في العقليـات والـشرعيات الأصـلية والفرعيـة قـد‬ ‫)‪ (١‬المؤمنون‪ :‬الآيات )‪.(١١٨-١١٢‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٢١‬‬ ‫يخطىء ويصيب‪ ،‬ورسل البشر أفضل من رسل الملائكة‪ ،‬ورسل الملائكة أفضل من‪ ‬عامة‬ ‫البشر‪ ،‬وعامة البشر أفضل من عامة الملائكة‪.‬‬ ‫من الشرح قوله‪ :‬فهو حق؛ لأنها أمور ممكنة أخبر بها الصادق‪.‬‬ ‫قال حذيفة بن الغفاري‪^ :‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ،‬والأحاديـث‬ ‫الصحاح في هذه الأشراط كثيرة جدا‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬والمجتهد في العقليات إلى آخر‪ ،‬ذهب بعـض الأشـاعرة والمعتزلـة إلى أن كـل‬ ‫مجتهد في المسائل الشرعية الفرعية التي لا قطع‪ ‬فيها مصيب‪ ،‬وهذا الاخـتلاف مبنـي عـلى‬ ‫اختلافهم‪ ‬في أن الله في كل حادثة حكما معينا‪ ،‬وحكمه في المسائل الاجتهادية مـا أدى إليـه‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬لعل الصواب‪ :‬حذيفة بن أسيد‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬وما‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬فقال‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬كذا جاء في رواية الحديث وفي النسخ المخطوطة )وثلاثة خسف(‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬خسف خسف بدون واو‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬أخرجه مسلم في كتـاب‪ :‬الفـتن‪ ،‬بـاب‪ :‬في الآيـات التـي تكـون قبـل الـساعة )‪ ،(٧٢١٤‬وأبـو داود في‬ ‫كتاب‪ :‬الملاحم‪ ،‬بـاب‪ :‬أمـارات الـساعة )‪ ،(٤٣١١‬والترمـذي كتـاب‪ :‬الفـتن )‪ (٢١٩٠‬وابـن ماجـه‬ ‫باب‪ :‬الآيات )‪ (٤٠٥٥‬كلهم من طريق حذيفة بن أسيد‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬في )م(‪ :‬قاطع‪.‬‬ ‫)‪ (٩‬في )ت(‪ :‬اختلاف‪.‬‬ ‫‪ ٢٢٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫رأي المجتهدين‪ ،‬وتحقيق هذه الأبحاث أن المسائل الاجتهادية إما أن لا يكون الله فيها حكم‬ ‫معـين قبــل اجتهــاد المجتهــدين أو يكــون‪ ،‬وحينئــذ إمــا أن لا يكــون مــن االله تعــالى دليــل أو‬ ‫يكون‪ ‬وذلك الدليل إما قطعـي وإمـا ظنـي‪ ،‬فـذهب إلى كـل احـتمال جماعـة‪ ،‬والمختـار أن‬ ‫الحكم معين‪ ،‬وعليه دليل ظني إن وجده المجتهد فقد أصاب‪ ،‬وإن فقـده أخطـأ‪ ،‬والمجتهـد‬ ‫غير مكلف بإصابته لغموضه وخفائه‪ ،‬فلذلك كان المخطىء معذورا بل مأجورا‪.‬‬ ‫والدليل على أن المجتهد قد يخطىء‪ ‬فيه وجوه‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬قوله تعالى‪ L| { z y xw v M :‬والضمير‬ ‫للحكومة والفتيا‪ ،‬ولو كان كل من الاجتهادين صوابا لما كان لتخصيص‪ ‬سليمان بالذكر‬ ‫مزية؛‪ ‬لأن كلا منهما قد أصاب‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬قوله عليه الصلاة‪ ‬والـسلام‪ :‬‬ ‫‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬أن القياس مظهر لا مثبت‪ ،‬فالثابت بالقياس ثابت بالنص معنى‪ ،‬وقد أجمعوا‬ ‫على أن الحق فيما ثبت بالنص واحد لا غير‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت( أو لا يكون‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬تخطئ‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الأنبياء‪ :‬الآية )‪.(٧٩‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬التخصيص‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬حرية‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أيـضا عـن عقبـة بـن عـامر‬ ‫)‪ (٨‬أخرجه أحمد في مـسنده ‪ ٢٠٥/٤‬مـن طريـق عمـرو بـن العـاص وأخرجـه‬ ‫‪ ٢٠٥/٤‬وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ‪ :١٩٥/٤‬رواه أحمد والطبراني في الكبـير وفيـه مـن لم أعرفـه‬ ‫اهـ‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٢٣‬‬ ‫الرابــع‪ :‬أنــه لا يعرفــه في العمومــات الــواردة في شريعــة ســيدنا‪ ‬محمــد ^ بــين‬ ‫الأشخاص‪ ،‬فلو كان كل مجتهد مـصيبا لـزم اتـصاف الفعـل الواحـد بالمتنـافيين مـن الحظـر‬ ‫والإباحة والصحة والفساد‪ ،‬والوجود وعدمه‪.‬‬ ‫وتحقيق هذه الأدلة والأجوبة عن تمسكات المخالفين يطلب مـن كتـاب »التلـويح في‬ ‫شرح التنقيح«‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬أما ما ذكره في أشراط الساعة من طلوع الشمس مـن‬ ‫مغربها‪ ،‬وخروج الدجال وغير ذلك ما خـلا مـا ذكـر االله تعـالى في كتابـه في فـتح‪ ‬يـأجوج‬ ‫ومأجوج‪ ،‬وخروج الدابة‪ ،‬فلم يأت فيه تنزيل‪ ،‬ولا قامت الحجة بصحته عن النبي ^‪ ،‬ولا‬ ‫ينعقد فيه إجماع يلزم قبوله إلا بـصحة الروايـة‪ ،‬أو صـحة تأويـل التنزيـل‪ ،‬ولم يـصح إجمـاع‬ ‫بذلك‪ ،‬وأما بإجماع اجتماع العلماء على صحة ذلك بغير دليل إلهـي‪ ،‬ولا صـحة روايـة نبويـة‬ ‫فلا ينعقد إجماع ديني؛ لأنه لا مخرج له عن الظن إلى اليقين‪.‬‬ ‫وأما خروج يأجوج ومأجوج والدابة فقد نطق بهما القرآن‪ ،‬ويحتمل أن يكون المعنى‬ ‫المقصود هو على ظاهر اللفظ‪ ،‬ولكن معنى ظاهر اللفظ يخالفه قوله تعالى‪Ú Ù Ø M :‬‬ ‫‪ LÛ‬والقرآن لا يخالف معناه بعضه بعضا‪ ،‬فعلى هذا يحتمل أن يكون المعنى‪ ‬على‬ ‫تقدير لو‪ ،‬أي لو فتحنا عليهم يأجوج ومأجوج فهم من كل حدب ينسلون‪ ،‬فيكون بقاء‬ ‫ذكرهم ليشكروه‪.‬‬ ‫ذكر بها عباده المتقين‪ّ ،‬‬ ‫السد عليهم نعمة من االله لعباده‪ّ ،‬‬ ‫وكذلك خروج الدابة يحتمل أن يكون المعنى مقدرا بلو أخرجنا لهم دابة تذكرهم إذا‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬نبينا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬من خروج‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الأعراف )‪.(١٨٧‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫‪ ٢٢٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫حق عليهم‪ ‬القول بحكم الكفر عليهم‪ ،‬وبهلاكهم لم ينفعهم ذلك‪ ‬أن الناس كانوا بآياتنا‬ ‫لا يؤمنون‪ :‬إخبار من االله عنهم لا إخباره عن كلام الدابة على هـذا الوجـه مـن التأويـل إن‬ ‫صح‪ ،‬واالله أعلم بتأويل كتابه‪ ،‬وباالله التوفيق‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫قلت لشيخي الخليلي‪ :‬ما تقول في كل هذا؟‬ ‫قال‪ :‬االله أعلم‪ ،‬وأنا به غير بصير‪ ،‬لكن ما ذكره الشيخ من تقدير لـو في فـتح يـأجوج‬ ‫ومــأجوج‪ ،‬وفي خــروج الدابــة مــن الأرض لا معتمــد لــه‪ ،‬ولا أصــل لعــدم الــدليل عليــه‪،‬‬ ‫والعدول عن الظاهر لا يصح في التأويل إلا لسبب يوجبه‪ ،‬ولا دلالة على ذلك هاهنـا مـن‬ ‫لفظ‪ ،‬ولا معنى فليس هو بشيء‪.‬‬ ‫وأما قوله في سائر العلامات أن الإجماع من الأمة لم ينعقـد فيهـا عـلى شيء‪ ،‬فهـو مـن‬ ‫قوله صحيح‪ ،‬وحينئذ فتبقى مبهمـة الحكـم كغيرهـا مـن المحـتملات إلا مـا قـام دليـل عـلى‬ ‫فساده وبطله‪ ،‬فينبغي النظر في ذلك كله‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ومن شرح لقومنا ‪-‬فيما أحسب‪ -‬قوله‪ :‬والكتاب حق أي المثبت فيه طاعات العباد‬ ‫ومعاصيهم يؤتى للمؤمنين بأيمانهم‪ ،‬والكفار بشمائلهم‪ ‬ووراء ظهورهم هو‪ ‬حق‪ ،‬لقوله‬ ‫تعالى‪ L{zyx w v u M :‬وقوله تعالى‪NML K J M :‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الإسراء‪ :‬الآية )‪.(١٣‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٢٥‬‬ ‫‪.LT SR QPO‬‬ ‫والمصنف سكت عن ذكر الحساب‪ ،‬اكتفاء بالكتاب أنه‪ ‬مستلزم للحـساب‪ ،‬أنكـره‬ ‫المعتزلة زعما منهم أنه عبث‪ ،‬والجواب ما مر‪.‬‬ ‫قوله‪ :‬والسؤال حق لقوله ^‪ :‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪.‬‬ ‫قوله‪ :‬والحوض حق لقوله تعالى‪ LXWV M :‬لقوله ^‪ :‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬والأحاديث كثيرة‪.‬‬ ‫قوله‪ :‬والصراط حق وهو جسر ممدود على متن جهنم‪ ،‬أدق مـن الـشعر‪ ،‬وأحـد مـن‬ ‫)‪ (١‬الانشقاق‪ :‬الآيتان )‪.(٨-٧‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬أن‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬فيقول‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬يقول‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬ربي‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬أخرجه البخاري في كتاب‪ :‬المظالم‪ ،‬باب‪ :‬قول االله تعالى ألا لعنة االله على الظالمين )‪ ،(٢٤٤١‬ومسلم في‬ ‫كتاب‪ :‬التوبة‪ ،‬باب‪ :‬قبول توبة القاتل وإن كثـر قتلـه )‪ ،(٦٩٤٦‬وابـن ماجـه في‪ :‬المقدمـة‪ ،‬بـاب‪ :‬فـيما‬ ‫أنكرت الجهمية )‪ (١٨٣‬من طريق ابن عمر‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬الكوثر الآية )‪.(١‬‬ ‫)‪ (٨‬أخرجه البخاري في كتاب‪ :‬الرقاق‪ ،‬باب‪ :‬في الحوض )‪ ،(٦٥٧٩‬ومسلم في كتـاب‪ :‬الفـضائل‪ ،‬بـاب‪:‬‬ ‫إثبات حوض نبينا محمد صلى االله عليه وسلم وصفاته )‪ (٥٩٢٨‬من طريق عبد االله بن عمرو‪.‬‬ ‫‪ ٢٢٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫السيف‪ ،‬يعبره أهل الجنة‪ ،‬وتزل به أقدام أهل النـار‪ ،‬وأنكـره أكثـر المعتزلـة؛ لأنـه لا يمكـن‬ ‫العبور عليه‪ ،‬وإن أمكن فهو تعذيب للمؤمنين‪.‬‬ ‫والجواب‪ :‬إن االله تعالى قادر أن يمكن من العبور عليه ويسهله على المـؤمنين حتـى‬ ‫أن منهم من يجوزه كالبرق الخاطف‪ ،‬ومنهم كالريح الهابة‪ ،‬ومنهم كالجواد إلى غير ذلك كما‬ ‫ورد الحديث‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان في هذه الأربعة التي ذكرها الكتاب والسؤال والحوض‬ ‫والصراط‪ :‬فأما الكتاب فلا شك أنه حق‪ ،‬ولكـن معنـاه يمكـن أنـه لـيس المـراد في صـحيفة‬ ‫جسمية مكتوب فيها بشيء من الحروف على ما أنكر المعتزليون أن يكـون كـذلك‪ ،‬ويمكـن‬ ‫كونه كذلك‪ ،‬والقول في تحقيـق‪ ‬معنـاه محـال؛ لأنـه مـن الممكـن كونـه مكتوبـا عـلى المعنـى‬ ‫ً‬ ‫كتابـا‪ ،‬وإذا‬ ‫المفهوم حقيقة‪ ،‬ويمكن أن حفظ الملائكة له هو المعنى المقصود مـن أنـه مثبـوت‬ ‫احتمل المعنيان لم يتحقق أحدهما‪ ،‬ولا يجوز الشك على أن جميع أعماله مكتوبة في كتاب‪ ،‬وأن‬ ‫المتقي يعطى إياه بيمينه‪ ،‬والكافر يعطى إياه بشماله‪ ،‬كما أخبر االله تعالى بـذلك‪ ،‬ولكـن يجـوز‬ ‫الشك في معنى الكتاب أهو على المفهوم الظاهر أو على المجاز‪.‬‬ ‫وأما أن االله تعالى يدني المؤمن إلى آخر كلامه‪ ،‬فإن كان المراد أنه يدنيه بقرب مسافة فلا‬ ‫شك أن ذلك مما لا يجوز في صفته تعالى‪ ،‬وكذلك المعنى إن كان يحاسبه ويكلمه بنفسه يسمع‬ ‫كلامه فهو من الباطل المستحيل في صفة االله تعالى‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬يغفر له ذنوبه‪ ،‬فلا يغفر الكبائر لقوله تعالى‪f e d c b M :‬‬ ‫‪ ،Lj i h g‬وإن كان المراد أن الحساب يكون على يد الملائكة‬ ‫والسؤال منهم للعباد‪ ،‬فذلك مما لا شك أنه حق‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬الجواب‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬حقيقة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬النساء‪ :‬الآية )‪.(٣١‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٢٧‬‬ ‫وأما‪ ‬الحوض فليس مما يلزم اعتقاده ]أنه حق[‪ ،‬وهو من الممكن كونه أنه حق‪،‬‬ ‫ومن الممكن عدمه؛ إذ لا فائدة فيه‪ ،‬إذ لو كانت فائدته شرب المؤمنين منه إذا عطشوا في‬ ‫موقف الحساب فكذلك يحتاجون للأكل وإن كان يؤتى لأولياء‪ ‬االله من الجنة ما يأكلونه‪،‬‬ ‫فالذي يأتي لهم بالمأكول يمكنه أن يأتي لهم من الماء إذا كان المراد من الآية قوله تعالى‪:‬‬ ‫‪ L1⁄4 » o 1 ̧ ¶ μ ́ 3 2M‬فإنه يتلو الماء قوله تعالى‪:‬‬ ‫‪ LÇÆ ÅÄ Ã Â ÁÀ ¿3⁄4 1⁄2M‬إذا كان المراد بهذا النداء في‬ ‫موقف الحساب لا في الجنة وهو الأصح فيما أراه؛ لأن أهل الجنة بعد أن يدخلوا الجنة فلا‬ ‫يسوغ في العقول السليمة أنهم يرون أهل النار إذ الجنة عريضة‪ ،‬فلو فرضنا أن النار قريبة‬ ‫منها لم يلزم قرب كل موضع منها‪ ،‬فإن‪ ‬كان الخطاب لأهل القرب منها فلا فائدة لأهل‬ ‫الجنة أن تكون النار قريبة منهم فيسمعون شهيقها ويرون قبح منظرها‪ ،‬فالعقل يبعد ذلك‬ ‫ويقرب‪ ‬أن هذا الخطاب واقع في الموقف‪.‬‬ ‫ومن قال بوجود الحوض على ما يراه في عقله أنه‪ ‬حق‪ ،‬وإن قال لا شيء على ما يراه‬ ‫أنه‪ ‬أصح فهو جائز له‪ ،‬ولا يجوز له أن يـدين بأحـد القـولين في ذلـك‪ ،‬ولا يجـوز أن يلـزم‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬الأولياء‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(٥٠‬‬ ‫)‪ (٥‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(٥٠‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬فإذا‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )ت(‪ :‬وتقرب وفي )م(‪ :‬وتقرر‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٩‬في )م(‪ :‬إن‪.‬‬ ‫‪ ٢٢٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫نفسه‪ ،‬ولا يلزم غيره اعتقاد كونه حقا‪ ،‬ولا أنه غير شيء؛ لأنه لم يرد في التنزيل‪ ،‬ولا قامـت‬ ‫الحجة بصحة السنة ]في ذلك[‪ ،‬وليس في ذلك إجماع‪.‬‬ ‫وأما صراط الجسر على أنه أحد من السيف وأدق من الشعر على متن جهنم‪ ،‬يعبرونه‬ ‫الخلائق إلى الجنة‪ ،‬فهذا من أنواع اللعب واللهو الذي‪ ‬يوصف به في الدنيا الصبيان أهل‬ ‫اللعب والبأس‪ ‬ومما ينبغي أن ينزه البارىء سبحانه عن فعل العبث‪ ،‬وإن كان لا يقبح في‬ ‫فعل االله شيء‪ ،‬ولكن جعل االله العقول حجة في معرفة صفاته اللائقة في وصفه بها‪ ،‬والتي لا‬ ‫تليق فقال تعالى‪ L¢ ¡  M :‬وقال‪S R Q P O N M :‬‬ ‫‪ LT‬فنزه نفسه عن أفعال اللعب والعبث‪ ،‬وهذا ما لا شك فيه في كل ذي عقل‬ ‫سليم‪ ،‬أنه من فعل اللعب والعبث في العقول‪.‬‬ ‫وقال النبي ^‪  :‬أي‬ ‫ما ثبت في العقول السليمة المنيرة بنور المعرفة على التحقيق فهو حق‪ ،‬وما رأته أنه باطل فهو‬ ‫باطل ولا دليل له في الذكر الحكيم‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫والصراط المستقيم الذي ذكره في كتابه هو طريق عبادته‪ ،‬سماها صراطا وسراطاً‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م( زيادة‪ :‬يصح‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬الناس‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬المؤمنون‪ :‬الآية )‪.(١١٥‬‬ ‫)‪ (٥‬الأنبياء‪ :‬الآية )‪(١٦‬‬ ‫)‪ (٦‬أخرجه أحمد ‪ ٣٧٩/١‬من طريق عبد االله بن مسعود قـال‪» :‬إن االله نظـر في قلـوب العبـاد فوجـد قلـب‬ ‫محمد ^ خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته‪ ،‬ثم نظر في قلوب العباد فجعلهـم وزراء‬ ‫حسنا فهو عند االله حسن وما رأوا ً‬ ‫سيئا فهـو عنـد االله سـيئ«‪.‬‬ ‫ً‬ ‫نبيه يقاتلون على دينه فما رأى المسلمون‬ ‫قال السخاوي في المقاصد الحسنة ص ‪ :٤٣١‬وهو موقوف حسن اهـ‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )م(‪» :‬سراطا وصراطا«‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٢٩‬‬ ‫وزراطا وسبيلا ونجدا‪ ،‬فقال تعالى‪ Lq p M :‬أي طريق الطاعة وطريق‬ ‫العصيان‪ ،‬وقال تعالى‪` _ ^ ] \ [ Z Y X W V M :‬‬ ‫‪ Lb a‬وقال تعالى‪S R Q P ON M L K M :‬‬ ‫‪ LV U T‬وهذا الجسر على هذه الصفة ليس‪ ‬هو صراط مستقيم‪ ،‬فهو على‬ ‫خلاف وصف الذكر الحكيم لصفة الصراط‪ ،‬وما خالف القرآن العظيم من اختلاف الأمة‬ ‫فهو الباطل على كل حال‪ ،‬وإلا صح أن لا فائدة في بقاء القرآن فينا‪.‬‬ ‫وما الفائدة في تكليف أهل التقوى المرور‪ ‬على ذلـك؛ لأن الجنـة لا يـدخلها كـافر‪،‬‬ ‫ولو فتحت جميع أبوابها بين أيديهم وسهلت طرقها‪ ،‬وما الفائدة في الذي لا يستطيع أن يمر‬ ‫فيه إلا بمشقة‪ ،‬فإن االله تعالى إذا عفا عنه ذنوبه المعفو عنها فحاشا أن يعذبه بعد ذلك بذلك‬ ‫ولا بغيره‪ ،‬وإذا كان ليمكنهم حتى يسهل العبـور بطلـت فائدتـه‪ ،‬ولم يكـن فعـل ذلـك مـن‬ ‫صــفات الحكــيم‪ ،‬وكــان الأولى بفعلــه أن تكــون طريــق الجنــة لأوليائــه عــلى المستحــسن في‬ ‫المتعارف‪.‬‬ ‫وما فائدة تكليف أهل‪ ‬الكفر المرور عليه‪ ،‬ومن المعلوم أنه من المستحيل في ظاهر‬ ‫الأمر أن يعبره‪ ،‬وفي الذكر على أن الزبانية تسوقهم إلى النار وبئس القرار‪ ،‬فإن كان المراد‬ ‫بهذا الصراط هو الأعراف بقوله تعالى‪ LS R Q P O N M :‬أو المراد‬ ‫)‪ (١‬البلد‪ :‬الآية )‪.(١٠‬‬ ‫)‪ (٢‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(١٤٦‬‬ ‫)‪ (٣‬سورة الأنعام‪ :‬الآية )‪.(١٥٣‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬وليس‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬يعبرون‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(٤٦‬‬ ‫‪ ٢٣٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫هو السور الذي ذكره تعالى بقوله تعالى‪Q P O N M L K J I H M :‬‬ ‫‪ L S R‬فليس في ذلك دلالة على أن العبور يكون عليه أهل الجنة وأهل النار‪ ،‬وأنه‬ ‫كذلك صفته لقوله تعالى‪ LP O N M :‬فلا يدل أنه أدق من الشعر وأن العبور‬ ‫يكون عليه‪.‬‬ ‫وما لم تقم الحجة بالصحة على الشيء يشبه‪ ‬العبـث واللعـب أن ينـزه البـارىء عـن‬ ‫فعله‪ ،‬وأن يحمل على أنه غير صحيح‪ ،‬وما قامت الحجة بصحة الشيء وكان في ظاهر الأمـر‬ ‫أنه كأنه يشبه اللعب والعبث وسلم‪ ‬الأمر فيه إلى االله‪ ،‬واعتقـد أنـه غـير عبـث ولا لعـب‪،‬‬ ‫وإنما غيب علينا‪ ‬علمه‪.‬‬ ‫وأما فيما لم تقم به الحجة بالصحة فإما أن ينـزه البـارىء تعـالى عـن‪ ‬فعلـه‪ ،‬وإمـا أن‬ ‫يقال‪ :‬إن أمكن فعله من االله تعالى فلا لعب ولا عبث‪ ،‬والروايات ليست بحجة مع تخـالف‬ ‫أهل المذاهب فيها‪ ،‬ومع مخالفة أحكام التنزيل‪ ،‬وأحكام العقول غالبا وباالله التوفيق‪.‬‬ ‫قلت لشيخي الخليلي‪ :‬ما تقول في كل هذا؟‬ ‫قال‪ :‬االله أعلم‪ ،‬والذي عندي أني ضعيف عن الخوض في مثل هذا‪ ،‬ولست من أهل‬ ‫النظر فيه‪ ،‬والذي أقوله‪ :‬إن الكتاب المثبت فيه أعمال العباد هو حق بنص القرآن‪ ،‬والتعبير‬ ‫به عن حفظ الملائكة الكرام خلاف للظاهر بغير دليل‪ ،‬ويأباه قوله تعالى‪w v u M :‬‬ ‫‪ L ¥ ¤£¢ ¡ ~ } | { z y x‬فلو كان معنويا‬ ‫)‪ (١‬الحديد‪ :‬الآية )‪.(١٣‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬شبه‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬سلم‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬الإسراء‪ :‬الآيتان )‪.(١٣،١٤‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٣١‬‬ ‫كما ذهب إليه من قاله أو كان من حفظ الملائكة فما معنى إخراجه منشورا‪ ،‬وما وجه قراءته‬ ‫لكتابه‪ ،‬وما معنى إعطائه إياه بيمين قوم وبشمال آخرين‪ ،‬فظواهر الآيات كلها دالة على‬ ‫وجدانه كذلك كتابا مرقوم ًا‪ ،‬يخرج منشورا‪ ،‬يقرأونه سطورا‪ ،‬وأي مانع من جواز ذلك‬ ‫عقلا أو نقلا حتى يعدل به عن مفهوم القرآن‪ ،‬وظواهر الآيات إلى التأويل البعيد بغير‬ ‫دليل‪ ،‬ولا حجة فلينظر فيه‪.‬‬ ‫وكذا‪ ‬لا مانع في عقل ولا نقل من ثبوت الحوض للنبي ^ فإنه ممـا أكرمـه االله بـه‪،‬‬ ‫وليس هو المراد بالإفاضة في آية الأعراف إذ ينادي أصحاب النار أصحاب الجنة‪.‬‬ ‫وقوله في أهل الجنة لا يسوغ في العقول السليمة أنهم يرون أهل النار‪ ،‬إذ‪ ‬الجنة‬ ‫عريضة‪ ،‬قول في سخافته وركاكة معناه يشبه الهذيان‪ ،‬فأي مانع منه وقد ثبت في الدنيا مثله‬ ‫قال االله تعالى‪ L7 6 5 4 3 2M :‬فإذا جاز في حق‬ ‫إبراهيم وهو في هذه الأرض أن يرى ملكوت السموات والأرض‪ ‬فكيف لا يسوغ في‬ ‫حق أهل الجنة أن يروا أصحاب النار‪ ،‬وقد ثبت ذلك في نص القرآن قال االله تعالى‪3M :‬‬ ‫‪ L 7 6 5 4‬وقد ثبتت مخاطباتهم لبعضهم بعض في قول االله تعالى‪2 M :‬‬ ‫‪ L ¶ μ ́ 3‬إلى آخر الآيات‪ ،‬فمنع كون النداء منهم إذ هؤلاء في النار‬ ‫وهؤلاء في الجنة‪ ،‬لأجل بعد المسافة باطل‪ ،‬فالقدرة واسعة والفيض عظيم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬وكذلك‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬إذا‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(٧٥‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الصافات‪ :‬الآية )‪.(٥٥‬‬ ‫)‪ (٦‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(٥٠‬‬ ‫)‪ (٧‬في )ت(‪ :‬هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار‪.‬‬ ‫‪ ٢٣٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وتلك الدار الآخرة محل خرق العوائد‪ ،‬وظهور الكرامات‪ ،‬وفيها ما تشتهيه الأنفس‪،‬‬ ‫فلا يستبعد أن يكون فيها ما ليس بمألوف مثله في هذه الدار‪ ،‬فإن أكثر مـا هنالـك كـذلك‪.‬‬ ‫واالله أعلم‪.‬‬ ‫والصراط الحق هو الطريق الموصل إلى االله تعالى على سبيل الاسـتقامة في الـدين ومـا‬ ‫يخالفه فهو الباطل‪ ،‬ولا قائل بـأن الـصراط هـو الأعـراف ولا الـسور المـضروب بـين الجنـة‬ ‫والنار وما قالوه من ذلك لم يقم به دليل قاطع‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫هذا وإن تحقيق القول في الكتاب والحساب والصراط والميزان والشفاعة والعلامات‬ ‫التي قبل الساعة من عذاب القبر وغيره علم عظيم‪ ،‬يصعب الخوض فيه‪ ،‬وكشف وجوهه‬ ‫يستدعي إلى بحوث جليلة ومعان بعيدة‪ ،‬تحتاج إلى مصنفات وحدها‪ ،‬فالتعرض لها في هذه‬ ‫الكراسة لا جدوى له‪ ،‬وإنما يبين إن شاء االله من قول شيخنا المشار إليه ما لم يظهر لنـا وجـه‬ ‫لموافقته‪ ،‬لئلا يغتر به الواقف عليه والسائل عنه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫من جمعة بن خصيف ‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫ســــعيد بــــن خلفــــان غــــوث الطريــــد‬ ‫ســــــؤال لــــــشيخي الفقيــــــه الرشــــــيد‬ ‫أهلهـــــا يـــــوم تبـــــدو أفعـــــال‪ ‬العبيـــــد‬ ‫لمــــــــن ذا تكــــــــون الــــــــشفاعة مــــــــن‬ ‫الجــــــــديرين بالنــــــــار ذات الوقــــــــود‬ ‫]فـــــما إن[‪ ‬تجـــــوز لأهـــــل المعـــــاصي‬ ‫)‪ (١‬جمعة بن خصيف بن سعيد الهنـائي‪ ،‬مـن أهـل سـمائل‪ ،‬عـالم وشـاعر وفقيـه‪ ،‬درس عـلى يـدي المحقـق‬ ‫الخليلي ‪-‬رحمه االله‪ ،-‬له شرح على قصيدة سموط الثناء للمحقق الخليلي‪ ،‬ينظر‪ :‬دليل أعلام عمان ص‬ ‫‪ ،٤٦‬شقائق النعمان ‪.١٦٢/١‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م( فعال‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬فمما‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٣٣‬‬ ‫بـــــــدون شـــــــفيع بفـــــــضل المجيـــــــد‬ ‫وأفلـــــــح أهـــــــل الفعـــــــال الجميـــــــل‬ ‫براعــــــــة يــــــــا ذا المقــــــــال الــــــــسديد‬ ‫وفـــــيم تكـــــون مـــــن الإثـــــم يـــــاذا ال‬ ‫جزيـــــــت الثـــــــواب لـــــــذا المـــــــستفيد‬ ‫فهـــــات الجـــــواب هـــــديت الـــــصواب‬ ‫‪ ‬‬ ‫مقــــــــــال سراة نحــــــــــارير صــــــــــيد‬ ‫ألا بلغـــــــــــــــــن رواة القـــــــــــــــــصيد‬ ‫عــــــلى الحــــــق آي الكتــــــاب المجيــــــد‬ ‫لقـــــــد خـــــــالفوا البطـــــــل إذ وافقـــــــوا‬ ‫نفــــــــت كونهــــــــا لغــــــــوي مريــــــــد‬ ‫فـــــــــما لظلـــــــــوم شـــــــــفيع يطـــــــــاع‬ ‫بهــــــــــا ثبتــــــــــت لــــــــــولي ســــــــــعيد‬ ‫ولا يـــــــــشفعون لمـــــــــن لا ارتـــــــــضى‬ ‫شــــــــفاعته مــــــــن كبــــــــير ســــــــديد‬ ‫فــــــلا تثبــــــتن مــــــن الاســــــم جزمــــــا‬ ‫بيــــــــوم القيامــــــــة يــــــــوم الوعيــــــــد‬ ‫ولكنـــــــــــــه شـــــــــــــافع للـــــــــــــورى‬ ‫وغــــــصت بــــــذاك نفــــــوس العبيــــــد‬ ‫إذا اشــــــتد كــــــرب بطــــــول الوقــــــوف‬ ‫بــــــــه وخليــــــــل العزيــــــــز المجيــــــــد‬ ‫فيـــــــــــــــــأتون آدم يستـــــــــــــــــشفعون‬ ‫لتفــــــــريج شــــــــدة كــــــــرب مزيــــــــد‬ ‫وموســــــى وعيــــــسى فــــــلا يــــــشفعون‬ ‫ويلهــــــــم كــــــــل الثنــــــــاء الحميــــــــد‬ ‫فيــــــــــــنهض خــــــــــــاتمهم شــــــــــــافعا‬ ‫لـــــــوا الحمـــــــد في يـــــــده والـــــــسعود‬ ‫فيـــــــأتي ويـــــــشفع فـــــــيهم ويعطـــــــى‬ ‫لأهــــــل التقـــــــى في جنــــــان الخلـــــــود‬ ‫فهــــــــــــــذا ومحتمــــــــــــــل غــــــــــــــيره‬ ‫وتعظــــــــــــيم منزلــــــــــــة للــــــــــــسعيد‬ ‫كرفــــــــــــــع محــــــــــــــل وتقريبــــــــــــــه‬ ‫لأهــــــل الكبــــــائر غــــــير‪ ‬الجحــــــود‬ ‫وأمـــــــــــــــا مقـــــــــــــــالهم أنهـــــــــــــــا‬ ‫إلـــــــــــــــه الـــــــــــــــسماوات رب ودود‬ ‫فهــــــذا جــــــواب لمــــــن جــــــاء عــــــن‬ ‫وربــــــــك فاشــــــــكر تفــــــــز بالمزيــــــــد‬ ‫فخـــــــــذ مـــــــــا أتـــــــــاك ودع غـــــــــيره‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬عند‪.‬‬ ‫‪ ٢٣٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ومن بعض شروحهم أيضا‪ :‬قوله‪ :‬والجنة حق‪ ،‬والنار حق؛ لأن الآيات والأحاديث‬ ‫في شأنهما أشهر من أن تخفى‪ ،‬وأكثر من أن تحصى‪.‬‬ ‫وتمسك المنكرين بأن الجنة موصوفة بأن عرضها كعـرض الـسماء والأرض‪ ،‬وهـو في‬ ‫عالم العناصر محال؛ لأن عالم العناصر أصغر من عرض السماء‪ ،‬وهو ما بين السماء والأرض‬ ‫وفي عالم الأفلاك‪ ،‬أو عالم آخر خارج عنه مستلزم لجواز الخرق والالتئام عند الدخول فيهما‪،‬‬ ‫وهو باطل‪.‬‬ ‫قلنا‪ :‬هذا مبني على أصلكم الفاسد‪ ،‬وقد تكلمنا عليه في موضعه‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬يمكن أن تكون في عالم غير هذا العالم؛ لأن االله على‬ ‫كل شيء قدير‪ ،‬وهذا مذهب غير هذا الشارح وصاحب العقيدة فيما يدل عليه معاني‬ ‫لفظهما‪ ،‬ويمكن أن االله تعالى يزيل الأرض والسموات‪ ،‬ويكونان لا شيء‪ ،‬ويخلق ]االله‬ ‫تعالى[‪ ‬في مكانهما الجنة والنار‪ ،‬وهذا باطل مع هذا الشارح وصاحب العقيدة؛ لأن الجنة‬ ‫والنار عندهما وعند صاحب الأرجوزة مخلوقتان‪ ،‬ولا دليل على بطلانه لقوله تعالى‪q M :‬‬ ‫‪ LÄÃÂM Lut sr‬وقوله‪#"! M :‬‬ ‫‪ L('& % $‬إلى ‪.LX M‬‬ ‫رجع إلى شرحه‪:‬‬ ‫قوله‪ :‬وهما مخلوقتان الآن‪ ،‬موجودتان تكرير وتأكيد‪ ،‬وزعم أكثر المعتزلة أنهما إنما‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬إبراهيم‪ :‬الآية )‪.(٤٨‬‬ ‫)‪ (٣‬الزمر‪ :‬الآية )‪.(٦٧‬‬ ‫)‪ (٤‬التكوير‪ :‬الآيات )‪.(١٤-١‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٣٥‬‬ ‫يخلقان يوم الجزاء‪ ،‬ولنا الحجة عليهم قصة آدم وحواء عليهما السلام‪ ،‬وإسكانهما الجنة‪،‬‬ ‫والآيات الظاهرة في إعدادهما‪ ،‬مثل ‪ LÖ Õ M‬و‪ L, + M‬إذ لا‬ ‫صورة في العدول عن الظاهر‪ ،‬فإن عورض بمثل قوله تعالى‪1⁄4 » o 1 M :‬‬ ‫1⁄23⁄4¿‪.LÄÃÂÁÀ‬‬ ‫قلنا‪ :‬يحتمل الحال والاستمرار‪ ،‬ولو سلم فقصة آدم تبقى سالمة من المعارضة‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫قالوا‪ :‬لو كانتا موجودتين لما جاز هلاك أكل الجنة لقوله تعالى‪L. - M :‬‬ ‫لكن اللازم باطل لقوله تعالى‪.Lji h gf M :‬‬ ‫قلنا‪ :‬إنه لا خفاء في أنه لا يمكن دوام أكل الجنة بعينـه‪ ،‬وإنـما المـراد أنـه إذا أفنـي منـه‬ ‫شيء جيء ببدله‪ ،‬وهذا لا ينافي الهلاك لحظة‪ ،‬عـلى أن الهـلاك لا يـستلزم الفنـاء بـل يكتفـي‬ ‫الخروج عن الانتفاء به‪ ،‬ولو سلم فيجوز أن يكون المـراد أن كـل ممكـن فهـو هالـك في حـد‬ ‫ذاته‪ ،‬بمعنى أن الوجود الإمكاني بالنظر إلى الوجوب الواجبي بمنزلة العدم‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬لا دليـل قطعيـا مـن التنزيـل‪ ،‬ولا مـن الـسنة القائمـة‬ ‫الحجة بصحتها‪ ،‬ولا من حجة العقل أن الجنة والنار الآن مخلوقتان‪ ،‬ولا أنهما لم يخلقـا‪ ،‬وإذا‬ ‫كان كذلك فهما من الممكن وجودهما الآن‪ ،‬ومن الممكن عدمهما الآن‪ ،‬ولا شك في علم االله‬ ‫أنهما مخلوقتان في الوقت الذي يريده تعالى‪ ،‬ولا علينا الاعتقاد أنهما مخلوقتان لا محالـة‪ ،‬وأمـا‬ ‫لزوم الاعتقاد في أنهما مخلوقتان أو غير مخلوقتين فباطل‪ ،‬وبالدينونة يهلك المرء في مذهبنا كما‬ ‫)‪ (١‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(٢٤‬‬ ‫)‪ (٢‬آل عمران‪ :‬الآية )‪.(١٣٣‬‬ ‫)‪ (٣‬القصص‪ :‬الآية )‪.(٨٣‬‬ ‫)‪ (٤‬الرعد‪ :‬الآية )‪.(٣٥‬‬ ‫)‪ (٥‬القصص‪ :‬الآية )‪.(٨٨‬‬ ‫‪ ٢٣٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫في كيفية الكتاب‪ ،‬وفي الحوض والجسر المـسمى بالـصراط‪ ،‬فكـل هـذه لا تجـوز الدينونـة في‬ ‫وجودهما‪ ،‬ولا في عدم وجودهما‪.‬‬ ‫ومن قال في ذلك برأيه ولم يخطىء من خالفه فـلا بـأس‪ ،‬ومـا ذكـره مـن إعـداد النـار‬ ‫للكافرين‪ ،‬والجنة للمتقين لا يدل على خلقهـما الآن‪ ،‬وإنـما يـدل عـلى أنهـما كائنتـان لا محالـة‬ ‫كذلك لا محالة‪ ،‬كانتا الآن مخلوقتين أو لم يخلقا‪ ،‬وما سبق في علم االله كونه فهو كائن كان قد‬ ‫مضى كونه أو سيكونه في وقته الذي أراده‪.‬‬ ‫وقوله‪ « 1⁄4» :‬لا يدل على أنهما لم يكونا الآن غير مخلوقتين‪ ،‬إذ معنى نجعلهما أي‬ ‫نجازي بهما في وقت الجزاء‪ ،‬وإذا احتمل الكلام معاني مختلفة وكلها من الممكن كونه‪ ،‬ولا‬ ‫يخالف شيء منها السنة القائمة الحجة بصحتها لم يجز‪ ‬أن تحمل‪ ‬على معنى واحد وإبطال‬ ‫ما سواه‪ ،‬وقصة آدم ليس فيها دليل قطعي تحقيقي؛ لأن جنة آدم بنفسها قد اختلف العلماء‬ ‫فيها هل هي الجنة الأخراوية‪ ،‬أم جنة خلقها االله له واختصها له من جميع خلقه ولزوجته‬ ‫حواء‪.‬‬ ‫وأكثر قول العلماء أنها غير جنة الخلد‪ ،‬ولا دليل في الذكر الحكيم على أنها جنة‪ ،‬إذ‬ ‫جنة الخلد ليس فيها شيء حرام‪ ،‬ومن دخلها كان آمنا من الخروج؛ لأنها دار الخلد‪ ،‬فلم‬ ‫تكن خلدا لكل من دخلها‪ ،‬فقد خرج منها آدم‪ ،‬ولكل فريق حجج كثيرة لا فائدة في‬ ‫ذكرها؛ لأنها لا تفيد علما‪ ،‬ولا سبيل إلى القول فيها حتى يكون علما؛ لأنه من الغيب‪ ،‬كما لا‬ ‫سبيل إلى معرفة الجنة والنار أنهما الآن مخلوقتان أو غير مخلوقتين إلا ظنا وتخمينا‪ ،‬وإذا كان‬ ‫على هذا فكل من رأى في نفسه بدليل أو بغير دليل إلا ما رآه أنه أصح فقال به جاز له ما لم‬ ‫علما بما تراه النفس أصح لقلت‪ :‬إن‬ ‫يدن به‪ ،‬ولم يخطىء من قال بخلافه في دينه‪ ،‬ولو كان ً‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬وجوديهما‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬نجز‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬يحمل‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٣٧‬‬ ‫الأصح معي فيما تراه نفسي كأنها تميل إلى أنهما غير مخلوقتين الآن لقوله تعالى‪g f M :‬‬ ‫‪ ،Lj i h‬وقال تعالى‪ L Y X W V U T M :‬ولا فائدة في‬ ‫خلقها وإهلاكها‪ ،‬ثم خلقها ثانية‪ ،‬وما لا فائدة فيه فالأصح أنه غير مفعول وإن فعله االله‬ ‫‪‬‬ ‫تعالى سلمنا له الأمر أنه فيه فائدة لا نعلمها نحن وهو يعلمها‪ ،‬ولكن نظري للأصح في‬ ‫ليس بعلم لي ولا لغيري‪ ،‬وباالله التوفيق‪.‬‬ ‫رجع الى شرحه‪:‬‬ ‫قوله‪ :‬باقيتان‪ ،‬لا يفنيان‪ ،‬ولا يفنى أهلها خالدين فيها أبدا‪.‬‬ ‫الشرح‪ :‬أي دائمتان لا يطرأ عليهما عدم مستمر لقوله تعالى في حق الفريقين‪M :‬‬ ‫تحقيقا لقوله تعالى‪g f M :‬‬ ‫ً‬ ‫‪‬‬ ‫‪ L6 5 4‬وأما ما قيل‪ :‬إنهما يهلكان ولو لحظة‬ ‫‪ Lj i h‬فلا ينافي في البقاء بهذا المعنى‪ ،‬على أنك قد عرفت أنه لا دلالة في الآية‬ ‫على الفناء‪.‬‬ ‫وذهب الجهمية ]إلى[‪ :‬أنهما يفنيان ويبقى أهلها‪ ،‬وهو قـول باطـل مخـالف للكتـاب‬ ‫والسنة والإجماع‪ ،‬ليس له شبهة فضلا عن حجة‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬قوله وأما ما قيل إنهما يهلكان ولو لحظة‪ ،‬لم أدر أنه أراد‬ ‫)‪ (١‬القصص‪ :‬الآية )‪.(٨٨‬‬ ‫)‪ (٢‬الرحمن‪ :‬الآية )‪.(٢٧‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت( و )م(‪ :‬انهلاكها‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬لعلها زائدة‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬التوبة‪ :‬الآية )‪.(١٠٠‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬حظة‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬القصص‪ :‬الآية )‪.(٨٨‬‬ ‫)‪ (٨‬في النسخ المخطوطة‪ :‬على‪.‬‬ ‫‪ ٢٣٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫قبل دخول أهل‪ ‬الجنة في الجنة‪ ،‬وأهل النار في النار‪ ،‬أو بعد ذلك‪ ،‬فإن كان قبـل ذلـك فـما‬ ‫معناه حيث جعل فرقا بين الهلاك والفناء‪ ،‬إلا أن الهلاك مثلا إذهاب حياة الجـسم مـع بقـاء‬ ‫الجسم على صورته‪ ،‬أو يصير ترابا‪ ،‬والفناء العدم أصلا‪ ،‬فإن كان على هذا المعنى هو هـلاك‬ ‫أهلها المخلوقين فيها أو الجنة بنفسها‪.‬‬ ‫فإن كان المراد من الجنة سكانها فذلك وجه‪ ،‬ولـو أفنـاهم ثـم أحيـاهم لم يكـن فرقـا؛‬ ‫لأنهم‪ ‬وإن كان كذلك يصير غير الأولين في الحكم‪ ،‬فالجزاء بالأولين وبـالآخرين سـواء‪،‬‬ ‫فإن جزاء المسلمين في الجنة مع لحم الطير غير طيور الدنيا‪.‬‬ ‫وإن كان المراد بأرض الجنة غير أشجارها‪ ،‬إذ‪ ‬القول في الأشجار والطيور وما أشبه‬ ‫ذلك كالقول في حورها وخدمها‪ ،‬وأما الأرض فإهلاكها‪ ‬ثم إحياؤها فلا معنى له‪.‬‬ ‫وإن كان أراد هلاكهما‪ ‬بعد دخول أهل كل دار منهما فهذا باطل‪ ،‬وإذا ثبت هذا معه‬ ‫فقد قال بقول مذهب الجهمية الذي لم يجزه للإجماع الذي ذكره‪.‬‬ ‫وفي كتاب إنسان الكامل‪ :‬إن النار لا تبقى ولا يبقى من فيها‪ ،‬ومتـى خـرج إلى الجنـة‬ ‫جميع من فيها يضع الرحمن قدمه عليها فتقول‪ :‬قط قط‪ ،‬وينبت فيها شجر الجرجر ‪-‬وهـو‬ ‫ً‬ ‫أيـضا‬ ‫بلغة أهل عمان المحرقة تقارب شجرة الفجل‪ ،‬وفيها حراقة قليلة فلفلية‪ -‬ثم إن الجنة‬ ‫لا تدوم إذ معه لا يجوز أن يكون شيء باقيا بلا نهاية إلا ذات االله تعالى‪ ،‬ولا أدري هو من أي‬ ‫المذاهب‪ ،‬وقد ذكرها أيضا والدي‪ ‬عنه في مسألة الخلودين فافهم‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬ولو‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬إذا‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬فما هلاكها‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬كلاهما‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬والذي‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٣٩‬‬ ‫قلت لشيخي الخليلي‪ :‬ما تقول في كل هذا؟‬ ‫قال‪ :‬االله أعلم‪ ،‬وأنا لم يبن لي من قول الشيخ في هذا الموضع ما يخرجه عن الصواب‪.‬‬ ‫واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪:‬‬ ‫كل من المخلصين من أهل الدرجات الأربع‪ ،‬وذوي المقام الأرفع‪ ،‬كلهم يعرفون االله‬ ‫تعالى‪ ،‬يخافون عقابه ويرجون رحمته وثوابه‪ ،‬لكن تختلف البواعث بحسب اختلاف المعرفة‪،‬‬ ‫وتفاوت الهمم‪ ،‬فمنهم من باعثه الخوف من النار فهو مزعجه‪ ،‬وبنار الإشفاق يلعجه‪ ،‬فقلبه‬ ‫يتقلـب فكـرة في المــوت وأهوالـه‪ ،‬والقــبر وأحوالـه‪ ،‬والحـساب والحــشر والمـآب‪ ،‬والقيامــة‬ ‫والكتاب‪ ،‬والنار والعذاب‪ ،‬فيكون ذلك سوطا لنفسه ينهضها للعبادة ويدعوها للزهادة‪.‬‬ ‫وآخر مشغوف بالجنة وقصورها وولدانها وحورها‪ ،‬منزعج القلب إلى ما يرجوه من‬ ‫فضل ربه العظيم‪ ،‬وسعة عفوه وشمول رحمته‪ ،‬وما أعد في الجنة لأوليائه إنه الـبر الـرحيم‪،‬‬ ‫فيكون ذلك هو باعثه إلى الاجتهاد في العبادة والأوراد‪ ،‬كـما قيـل في الحـديث المـشهور عـن‬ ‫‪‬‬ ‫النبي ^‪. :‬‬ ‫ويروى أن عيسى ‪-‬عليه السلام‪ -‬مر بقوم قد اصفرت ألوانهم وتغـيرت مـن الحـزن‬ ‫أبدانهم‪ ،‬فسألهم ما شأنهم؟ فقالوا‪ :‬نخاف من النار‪ ،‬فقال‪ :‬حق على االله أن يؤمن الخـائفين‪،‬‬ ‫ومر بآخرين على تلـك الهيئـة فـسألهم فقـالوا‪ :‬شـوقا إلى الجنـة فقـال‪ :‬حـق عـلى االله أن يبلـغ‬ ‫)‪ (١‬ورد في المخطوط الجواب فقط‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرجه الترمذي في كتاب‪ :‬صفة جهنم‪ ،‬باب‪ (٢٦١٠) (١٠) :‬من طريق أبي هريرة وقال عنه‪ :‬هذا‬ ‫حديث إنما نعرفه من حديث يحيى بن عبيد االله‪ ،‬ويحيى بن عبيد االله ضعيف عند أكثر أهل الحديث‬ ‫تكلم فيه شعبة اهـ‪.‬‬ ‫‪ ٢٤٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الراجين‪ ،‬ومر بآخرين على تلك الهيئة وأشد‪ ،‬فسألهم فقالوا‪ :‬محبة االله‪ ،‬وشوقا إليه‪ ،‬لا خوفا‬ ‫من نار ولا شوقا لجنة‪ ،‬فقال‪ :‬هؤلاء عبدوا االله على الحقيقة‪.‬‬ ‫وليس في هذا ما يدل على أنهم لا يرجونه ولا يخافونه‪ ،‬كلا بل هـم أعـرف الخلـق بـه‬ ‫وأخوفهم منه وأرجاهم له بل المراد أن معرفتهم باالله متمكنة فلا يـزعجهم خـوف نـار ولا‬ ‫رجاء جنة ولا غيرها‪ ،‬ولا يشغلهم عنه شيء من الدنيا ولا الآخرة‪ ،‬فرجاؤهم ومخافتهم منه‬ ‫وله خصوصا لا ينظرون سواه‪ ،‬ولا يشتغلون بغيره‪ ،‬ولا يلتفتون إلى ما عداه‪ ،‬قد ارتفعـت‬ ‫هممهم عن الأسباب إلى المسبب وعن الكائنات إلى المكون في الدنيا والآخرة‪ ،‬يرجون رحمته‬ ‫وعفوه‪ ،‬ويخافون غضبه‪ ‬ونقمته‪.‬‬ ‫فمثــال هــؤلاء كمــن تمكنــت معــرفتهم بالملــك الــسلطان في الــدنيا‪ ،‬فهمهــم رضــاه‪،‬‬ ‫ومراعاة قلبه‪ ،‬وموافقة هواه‪ ،‬والتقرب منه خاصة‪ ،‬لا يشتغلون بحب ما عنده من البساتين‪،‬‬ ‫وأنــواع اللطــائف والــنعم‪ ،‬ولا لمخافــة العبيــد‪ ،‬وأصــحاب الــشرطة والــبطش والــسجانين‬ ‫وسفاك الدماء‪ ،‬ومثال الآخرين كالمثالين الآخرين‪ ،‬فانظروا ما بينهما من التفاوت في المنزلة‬ ‫بحسب المعرفة والهمة‪ ،‬وإن كان من عادة الملك أمـان الخـائف‪ ،‬وإبـلاغ الراجـي‪ ،‬فإنـه لمـن‬ ‫أخلص له محض الهمة بصدق الخدمة‪ ،‬لإرادة‪ ‬نفس القرب بصفو المـودة أحـب وأرجـى‪،‬‬ ‫ولا شك فإنهم ليسوا سواء‪ ،‬ولكل درجات مما علموا فلا تنكروا ما‪ ‬ذكره شيخنا الأستاذ‬ ‫العلم العيلم الخضم ‪-‬رحمة االله عليه‪ ،-‬ولا ما قاله السلف‪ ،‬فإنهم باالله أعرف‪ ،‬ولنهج الحق‬ ‫أوصف‪ ،‬فقولهم الصدق‪ ،‬وطريقهم الحق‪ ،‬والسلام‪ ،‬وهذا كتبته على عجل‪ .‬و االله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬في)ت(‪ :‬عذابه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في)م(‪ :‬والإرادة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في)م(‪ :‬مما‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٤١‬‬ ‫‪‬‬ ‫ما تقول فيمن عنده أنه‪ ‬طامع‪ ‬في نيل الرحمة من االله غدا‪ ،‬ويغلب ذلك عليه في‬ ‫باطن نفسه‪ ،‬مع أنه معط لها جهده من بذل اجتهاده برشاده لسداده‪ ،‬ومهما‪ ‬هفا وعلم‬ ‫استعفى االله‪ ،‬واستغفر وندم‪ ،‬أيضره هذا وهو من العجب فرحه أعني وطمعه أم لا؟ تفضل‬ ‫اختم لنا بخاتمة خير هذا الجواب الصواب‪ ،‬لتزداد الأجر والثواب‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫هذا هو الرجاء المأمور به‪ ،‬وهو فرض واجب في الدين‪ ،‬لا يجوز تركه ولا يسع الجهل‬ ‫به‪ ،‬وكأنه مما تقوم به حجة العقل‪ ،‬فلا ينفس في العلم والاعتقاد له لمن خطر بباله‪ ،‬وإنما يحرم‬ ‫الأمن فقط‪ ،‬وهو أن يكون جازما‪ ‬لنفسه لنيل رحمة االله قطعا‪ ،‬غير خائف من عقابه‪ ،‬ولا‬ ‫مشفقا من عذابه‪.‬‬ ‫فأمــا الطمــع في ثوابــه‪ ،‬فقــد نــص االله عليــه في كتابــه فقــال‪ ،‬وهــو أدرى مــا أتــى بــه‪:‬‬ ‫‪ L Ó Ò Ñ Ð Ï Î Í ÌM‬اللهم اجعلنا لك راجين‪ ،‬وفي رحمتك في‬ ‫الدنيا والآخرة طامعين‪ ،‬ونعوذ بك من الأمن من مكرك‪ ،‬فنكـون‪ ‬باسـتدراج ألطافـك‬ ‫مغترين‪ ،‬كما نعوذ بك من اليأس من رحمتك‪ ،‬أو نكون من القانطين‪ .‬‬ ‫)‪ (١‬في)ت(‪ :‬كأنه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في)م(‪ :‬طائع‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في المخطوطات زيادة‪ :‬إن‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في)ت(‪ :‬حازما‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الشعراء‪ :‬الآية )‪.(٨٢‬‬ ‫)‪ (٦‬في)م(‪ :‬مكرمك‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في)م(‪ :‬فتكون‪.‬‬ ‫‪ ٢٤٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫في المذنب إذا ظلم شيئا مـن مالـه أو عرضـه أيـصح عنـد أصـحابنا أن ينـتقم لـه يـوم‬ ‫القيامة؛ لأنه قد ثبت أن لا أجر له‪ ،‬ولا عمل خير له‪ ،‬ولا له في الآخرة إلا النار‪ ،‬فـما معنـى‬ ‫يوم ينتقم للمظلوم من الظالم‪ ،‬أم هذا اختصاص للمطيعين أم كيف ذلك؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫إني أجعل اللام من قوله للمظلـوم لام التعليـل‪ ،‬أي ينـتقم لأجـل ظلـم المظلـوم مـن‬ ‫الظالم‪ ،‬فيعم ذلك جميع المظلومين من الأبرار والفجار‪ .‬واالله أعلم‪ ،‬فلينظر في جميع ذلك‪ ،‬ثم‬ ‫لا يؤخذ منه إلا الحق والصواب‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫وجدنا في بعض الكتب أن أشياء من الجنـة موجـودة مـن مـأكولات ومـشروبات في‬ ‫هذه الدنيا‪ ،‬أيصح ذلك عندك؟ لأنه قـد تقـرر في العقـل أن نعـيم الجنـة ولـذاتها لا تقـايس‬ ‫لذات الدنيا‪ ،‬وأن كل ما يتنعم به في هذه‪ ‬الدنيا من هذا المذكور وهو من نعيم الدنيا‪ ،‬وهل‬ ‫يصح أن تكون‪ ‬هذه الأشياء أنزلت من الجنة‪ ،‬وبعد إنزالها غيرت لذاتها عن حالها‪ ،‬أم هذا‬ ‫لا يصح أبدا‪ ،‬ونعيم الجنة لا وجود لشيء منه إلا فيها؟ أم يصح ذلك على بعض المعاني وما‬ ‫تفضل ِّبينه لنا‪.‬‬ ‫تفسيره؟ َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫نعم هذا صحيح‪ ،‬وليس المعنى أنها موجودة بعينها‪ ،‬ولكن معناه أن هذه الأشياء التي‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬يكون‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٤٣‬‬ ‫في الدنيا مستحسنة نموذج لما في الجنة من أمثالها‪ ،‬عـلى أن مـا في الجنـة ‪-‬ولا شـك‪ -‬أشرف‬ ‫وأكمل‪ ،‬ولكن هذه دلائل وإشارات إلى مبادىء ما في الجنة من حسن وكمال لا يتناهى ولا‬ ‫يحصر‪ ،‬ولولا وجود هذه لما عرف شيء مما يذكر مـن أمثالـه في الجنـة‪ ،‬وإن تفـاوت فـاعرف‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول في قوله تعالى‪ L¤£ ¢ ¡ ~ } | M :‬أهذا‬ ‫في الدنيا والآخرة‪ ،‬أم محجور في الدنيا خاصة وجائز في الآخرة؛ لأن الرجل تكون له زوجة‬ ‫من االله عليهما جميعا بدخول الجنة‬ ‫وتتوفى عنه‪ ،‬وبعد يتزوج بأختها فتتوفى عنه‪ ،‬أرأيت إن ّ‬ ‫‪‬‬ ‫أيكونان كلتاهما زوجاته أم لا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫هذا حكم شريعة االله تعالى في هذه الدنيا على الأمـة المحمديـة‪ ،‬لا في حكـم الآخـرة‪،‬‬ ‫فإنا لا ندريه‪ ،‬وقد سـقط التكليـف وارتفـع التعبـد‪ ،‬ووضـعت الأقـلام ونـسخت الـشرائع‬ ‫والأحكام‪ ،‬ورجع الأمر فيه إلى علام الغيوب‪ ،‬يهب ما يشاء لمن يشاء ويفعل ما يريد‪ ،‬وأما‬ ‫في سائر الأمم فقد جمع ما بين الأختين كنبينا إسرائيل ‪-‬عليه السلام‪ -‬فافهم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫فيمن ملك هؤلاء العبيد فأقروا بالجملة‪ ،‬أيكـون حكمهـم حكـم أهـل القبلـة ولـو لم‬ ‫يوما‪ ،‬ولم يجتنبوا محرما‪ ،‬أيسمى هؤلاء أهل قبلة بإقرارهم أم لا‪،‬‬ ‫يصلوا فريضة‪ ،‬ولم يصوموا ً‬ ‫)‪ (١‬النساء‪ :‬الآية )‪.(٢٣‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬وبعد ما‪ ،‬وفي )ت(‪ :‬وبعده‪.‬‬ ‫‪ ٢٤٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫ويكونون داخلين تحت حصرها‪ ،‬طاهرين مطهرين للنجاسات؟ وإذا ماتوا يغسلون ويصلى‬ ‫عليهم ويقبرون في مقابر المسلمين أم لا يلزمهم غسلهم‪ ،‬ولا الصلاة عليهم بعد موتهم‪ ،‬أم‬ ‫تعزل مقابرهم‪ ،‬أم في ذلك اختلاف بين المـسلمين؟ فـإن كـان ذلـك كـذلك بـين لي الأصـح‬ ‫والأقوى من الفتوى‪ ،‬وقيت البلوى‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫هم من أهل القبلة‪ ،‬وأحكامهم أحكام الإسلام في معنى الطهارة والتزويج والـذباح‬ ‫وغيرها‪ ،‬وأما في وجوب الصلاة على من مات منهم‪ ،‬فهي واجبة فـيهم جميعـا إلا مـن علـم‬ ‫منهم ترك الصلوات الفرائض عمدا‪ ،‬منتهكا لغير عذر‪ ،‬فلا يصلى عليه في أكثر القول‪.‬‬ ‫وكذلك من قتل منهم على البغـي أو في حـد عـلى غـير توبـة فـلا يعزلـون عـن مقـابر‬ ‫المسلمين على حال ما لم يرتدوا بجحد لما يكون موجبا عليهم حكم الارتداد في الدين‪ .‬واالله‬ ‫أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫في كافر النعمة يسمى كافرا باالله أم لا؟ وهـو الـذي يقـر بالجملـة‪ ،‬ولم ينكـر شـيئا ممـا‬ ‫يتعلق عليها‪ ،‬إلا أنه يأتي المعاصي‪ ،‬ويرتكب الكبائر انتهاكـا لا دينونـة ولا إنكـارا لحرامهـا‪،‬‬ ‫عرفنا ذلك مثابا إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قيل‪ :‬هو يسمى كافر نعمة‪ ،‬ولا نحب‪ ‬أن يطلق عليه اسـم الكفـر بـاالله لمـا فيـه مـن‬ ‫اللبس‪ ،‬وهو كافر بنعمة االله‪ ،‬غير كافر باالله فيما نـراه‪ ،‬ولـو كـان كفـره بـاالله مـا قيـدوه بكفـر‬ ‫النعمة‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬لا يجب‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٤٥‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫هل يلزم الرجل أن يعلم زوجته ووالدته وإخوته وأولاده وأهل بيته الولاية والبراءة‬ ‫أم لا؟ ومن مات وهو لا يعلم الولاية والبراءة ما هي‪ ،‬أهو قد مات هالكا أم لا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫ليس عليه ذلك‪ ،‬إلا أن يسألوه عن لازم منه‪ ،‬فلا بد أن يجيبهم بما يعلـم‪ ،‬ومـن مـات‬ ‫قبل وجوب ذلك عليه وتفريطه فيه مات سالما‪ ،‬وإن ضيع منه واجبا هلك‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫تفضل بين لي من إحسانك‪ ،‬وصـف مـن يطلـق لـه اسـم الـولي في الـدين عـلى حكـم‬ ‫ َّ‬ ‫الظاهر‪ ،‬وصفة الثقة والعدل والأمين‪ ،‬وصفة من تلزم ولايته أهل الدار أيضا‪ ،‬وهل يكون‬ ‫معدلا من لم يكن عالما بأصول الولاية والبراءة أم لا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫الولي في الجملة مـن قـال‪ :‬ربي االله ثـم اسـتقام‪ ،‬وولي الحقيقـة مـن ثبـت لـه القـول بـما‬ ‫يوجب الـسعادة الأبديـة مـن كتـاب االله تعـالى‪ ،‬أو عـلى لـسان أحـد مـن أنبيائـه أو رسـله ‪-‬‬ ‫صلوات االله عليهم‪ ،-‬وولي الظاهر من وافق المسلمين اعتقادا وعملا‪ ،‬وتظاهرت له البراءة‬ ‫من التهمات‪ ،‬والتجنب للشبهات‪ ،‬وأداء المفترضات‪ ،‬والمسارعة إلى الخيرات‪ ،‬بالمواظبة على‬ ‫الأعمال الصالحات‪ ،‬فـإذا دام عـلى ذلـك وعـرف بـه‪ ،‬فهـو الـولي والعـدل‪ ،‬والثقـة والأمـين‬ ‫والمؤمن‪ ،‬والمسلم والمحسن‪ ،‬والتقي والبر الزكي‪ ،‬وهـي صـفة مـن تجـب ولايتـه عـلى أهـل‬ ‫الدار على من خصه علم ذلك بخبرة أو صحيح شهرة‪ ،‬أو رفيعة ممن تجوز رفيعته في موضع‬ ‫‪ ٢٤٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وجوب ذلك على من جاز له أن يتولى ببصر نفسه‪ ،‬أو بفتيا أهل العلـم بـذلك إذا شرح لهـم‬ ‫الصفة‪.‬‬ ‫وهذا وفي هذا من الدقائق والشروط ما يحتاج إلى شروح يضيق عنها المقام‪ ،‬فاطلبوه‬ ‫من كتبه‪ ،‬والسلام‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫فيمن صحب أخا له في االله بعض الزمان فلم يعثر منه بسماع ولا عيان على ما يكـون‬ ‫الله من عصيان‪ ،‬أله وعليه أن يتولاه‪ ،‬ويبرأ ممن برىء منه أم لا تجوز له ولايتـه‪ ،‬وتكفيـه نيـة‬ ‫الولاية لمن يتولاه االله ورسوله ^‪ ،‬والبراءة ممن برئوا منه؟ وإن اطلع منه على ما يخرجه من‬ ‫الولاية‪ ،‬بمشاهدة أو بشهادة من تقوم الحجة بشهادته في ذلك‪ ،‬أله وعليه البراءة منه أم يقف‬ ‫عنه غير متول له‪ ،‬ولا متبرىء منه؟‬ ‫قلت‪ :‬ومن صح عنه بالسماع المشهور ما لو شهده أحد في حال الحضور من الخصال‬ ‫الحميدة والسعي المـشكور‪ ،‬أو مـا كـان عكـسها مـن عمـل محجـور‪ ،‬للزمتـه بـه الولايـة ]أو‬ ‫محـضورا كـسيدنا أبي بكـر‪ ،‬والفـاروق ابـن الخطـاب‪ ،‬ومـن في‬ ‫ً‬ ‫البراءة[‪ ،‬وكان من سعيها‬ ‫حزبهما‪ ‬من الأصحاب رضوان االله عليهم أجمعين وكالتابعين لهم من الفقهاء كأبي سـعيد‪،‬‬ ‫ومحمد بن محبوب الرشيد‪ ،‬من لهم اليد الطولى والفضل المديد‪ ،‬رحمـة االله علـيهم أو كـأبي‬ ‫جهل الجاهل اللعين‪ ،‬ومن انـتظم في سـلكه مـن منكـري رسـالة الأمـين ومـن بعـدهم مـن‬ ‫الفاسقين‪ ،‬أيلزم‪ ‬خصوصية هؤلاء‪ ‬بالولاية تعيينا‪ ،‬وأولئك بالبراءة تبيينـا أم تجـزي نيـة‬ ‫)‪ (١‬تكررت في )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬حيزهما‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬المزيد‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬أيلزمه‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٤٧‬‬ ‫تولي ولي االله‪ ،‬والتبرؤ من عدوه إجمالا بلا تفصيل؟ أسبل علينا مطارف فضلك بإيضاح مـا‬ ‫عليه التعويل‪ ،‬وصفة الولاية والبراءة وحقيقـتهما‪ ،‬والمـراد بهـما‪ ،‬والـشروط الـسابقين بهـا‬ ‫ببصر النفس تنجلي‪ ‬عن صدورنا ببصر النفس‪ ،‬وتنجلي لها ضوء الـشمس وقعـد لي فـيهما‬ ‫قاعدة ثابتة الأساس‪ ،‬أقتدر أبني عليها بالقياس‪ ،‬السلام عليك ورحمة االله وبركاته‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫أما العالم البصير بأحكام الدين العارف بأحكام الولاية والبراءة‪ ‬فإذا أبصر من أحد‬ ‫ما تجب به البراءة منه برىء منه كما يوجبه الحق‪ ،‬وكذلك إذا أبصر من أحد مـا تجـب لـه بـه‬ ‫الولاية تولاه ببصر نفسه‪ ،‬وكان ذلك لازما عليه‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬إنه لا يضيق عليه أن ينتظر به إلى سنة أو سنتين‪ ،‬فلا يعتقد له‪ ‬حكم الولايـة‬ ‫بالدين حتى ينظر ]ما يكون[‪ ‬من حاله وثباته مخافة الحوادث‪ ،‬وإن كان ]هو الآن[‪ ‬معه‬ ‫في أحكام الولاية‪.‬‬ ‫وفي قول ثالث‪ :‬فيجوز له أن يتربص مادام حيا‪ ،‬فإذا قضى نحبه على أحكام الـسلامة‬ ‫تولاه بولاية الظاهر بلا خلاف‪.‬‬ ‫وأما الضعيف العاجز عن معرفـة الولايـة والـبراءة فـأكثر مـا في قـولهم أنـه لا يـؤمر‬ ‫باعتقاد الولاية لأحد بعينه‪ ،‬مخافة أن يقع في حدث بجهله‪ ،‬فيبقى في ولايته على غير ما جاز‬ ‫)‪ (١‬في )م( زيادة‪ :‬بالأولين‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬وحقيقتها‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬نتجلى‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬به‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )م(‪ :‬هؤلاء‪.‬‬ ‫‪ ٢٤٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫له‪ ،‬ولئن تولى وجازت ولايته في الحق لم يكن في ذلك مخطئا ما قدرت له السلامة من طريان‬ ‫الأحداث المشكلة التي تتبدل‪ ‬بها الأحكام‪.‬‬ ‫واذا كان العالم ينفس في الإمساك حتى الموت فما ظنك بالضعيف‪ ،‬وفي الولايـة في‬ ‫الجملة والبراءة كذلك‪ ‬ما يكتفي به العالم والضعيف للسلامة‪ ،‬وهو أن يتولى من تولاه االله‬ ‫ورسوله والمسلمون‪.‬‬ ‫وفي البراءة كذلك‪ ،‬وكذلك في ولاية الشريطة‪ ،‬وبراءة الشريطة في الآحاد ما يأتي على‬ ‫ما لم يمتحن في أحد على الخـصوص بـما لا يـسع مـن تـرك ولايتـه‪ ،‬أو‪ ‬الـبراءة منـه كإمـام‬ ‫العصر‪ ،‬أو من قامت عليه الحجة ]بولايته من رفيعة[ مـن شـهر لـه العلـم بأحكـام الولايـة‬ ‫والبراءة وبهما‪ ،‬فيسلم أيضا من البراءة من أهل الأحداث المكفرة بأعيانهم إن علمهـا مـنهم‬ ‫ما لم يكن في مخصوص من لا يسع جهل حكمه‪ ،‬كإمام العصر‪ ،‬أو مـن قامـت عليـه الحجـة‬ ‫بتضليله بمعرفة منه‪ ،‬أو بفتيا من هو حجة في الفتيا من أهل العلم‪ ،‬أو يكـون المحـدث ممـن‬ ‫يدين بتحليل ما حرم في الدين فعله أو بالعكس‪ ،‬فيمتنع من جواز جهل ضلالته عنـد أكثـر‬ ‫المسلمين؛ لأنه دائن بخلاف الدين‪.‬‬ ‫وأما غيره من المجرمين المنتهكين لما لا يجوز في الدين ففي الأثـر الـصحيح أنـه يـسع‬ ‫الناس جهل الحكم عليهم بـالبراءة والتـضليل إذا كـانوا جـاهلين بحكـم ذلـك مـنهم مـا لم‬ ‫يتولوهم على ذلك بدين‪ ،‬أو يبرءوا بدين ممن برىء من عالم أو ضعيف‪ ،‬أو يقفوا عنهم مـن‬ ‫أجل ذلك بدين‪ ،‬أو يبرأ من أهل العلم برأي أو يقف عنهم كذلك مـن أجـل بـراءتهم عـلى‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬تبتذل‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م( زيادة‪ :‬للسلامة وهو أن يتولى من تولاه‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٤٩‬‬ ‫ذلــك وفي‪ ‬ه ـذا مــا يــدلك عــلى أن الــبراءة مــن أهــل الأحــداث المكفــرة في الــدين جــائزة‬ ‫للضعيف أيضا‪ ،‬وإنما يسعه الجهل بها على هذه الشروط المذكورة فلا يكون‪ ‬لازمة عليـه‪،‬‬ ‫ولا يكون حجة فيها‪ ،‬كما لا تكون واجبة على العلماء‪ ،‬ويكونون هم الحجة فيها‪ ،‬والضعيف‬ ‫إذا اعتقد في الجملة بالولاية أو البراءة في الجملة‪ ،‬أو في الشريطة أو بهما كان ذلك جـائزا لـه‬ ‫فيما مـضى أو مـن هـو في الحـال مـن الأئمـة الـسابقين مـن أهـل العـدل‪ ،‬أو مـن أهـل العلـم‬ ‫والفضل‪ ،‬أو مـن أهـل الجـور والبطـل‪ ،‬مـا لم يمـتحن في أحـد بحكـم خـاص يوجبـه عليـه‬ ‫بالحقيقة‪ ،‬كمن ذكر في كتاب االله تعالى فعرف معناه من عداوة لعدوه‪ ،‬أو ولاية لوليه‪ ،‬أو ما‬ ‫أباحه له من عداوة أو ولاية في أحكام الظـاهر لـشهرة حـق لا تـدفع بفـضل كـأبي بكـر‪ ،‬أو‬ ‫ببطل كأبي جهل‪ ،‬أو بخبرة في موضع جواز ولاية له‪ ،‬أو براءة كما فصلناه قبل‪ ،‬أو رفيعـة في‬ ‫الولاية دون البراءة كما سبق‪.‬‬ ‫والولاية من العبـد لأخيـه هـي المحبـة في االله‪ ،‬والنـصرة لـه‪ ،‬والقرابـة بـرحم الـدين‪،‬‬ ‫والتزام حقوق الإسلام‪ ،‬فلا يبغضه ويقليه‪ ،‬ولا يشتمه ويؤذيـه‪ ،‬ويحبـه ويـصطفيه‪ ،‬ويـذب‬ ‫عنه بملء فيه‪ ،‬ولا يغتابه ولا يهجره‪ ،‬ولا يرد شهادته‪ ،‬ولا يرد مقالته‪ ،‬ويكفيك من هذا أنه‬ ‫يحب له‪ ‬ما يحـب لنفـسه‪ ،‬والعـداوة بعكـس ]هـذا كلـه[‪ ‬مـن الـبغض والقـلى‪ ،‬واعتقـاد‬ ‫قطيعته لوجه االله تعالى إلا ما أجازه له من تقية أو مداراة‪ ،‬وإلا فهي كذلك‪.‬‬ ‫وبعد فإن الولاية والبراءة أصلان عظيمان‪ ،‬ولا يمكن بسط القول عليهما بأكثر‪ ‬من‬ ‫هذا في هذا الجـواب‪ ،‬وإنـما أوردنـا مـا يكتفـي بـه الـسائل الـضعيف فـيما أراده مـن إيـضاح‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬في‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬كذا في الأصل‪ ،‬ولع الصواب‪ :‬تكون‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م( زيادة‪ :‬منهما‪.‬‬ ‫‪ ٢٥٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الصواب‪ ،‬فانظر في هذا كله‪ ،‬والسلام‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول فيمن عنده‪ ‬والدان‪ ،‬أيجوز له أن يتولاهما ويستغفر االله لهما‪ ،‬أم لا يجـوز لـه‬ ‫ذلك؟ ولو رأى الولد منهما الأعمال الصالحة في دين االله تعـالى‪ ،‬إلا أن يعلـم شروط الـشيخ‬ ‫أبي سعيد في الولاية والبراءة لمن أراد أن يتولى ويتبرأ‪ ،‬وكذلك باقي النـاس إذا رأى الرجـل‬ ‫منهم الأعمال الصالحة في دين االله تعالى‪.‬‬ ‫وإذا كـان هـذا الرجـل لا يفهــم الـشروط التـي أتـى بهــا الـشيخ أبـو سـعيد في كتــاب‬ ‫»الاستقامة« لمن أراد أن يتولى ويبرأ بنظر نفسه‪ ،‬أتنحط عنه أحكام الولاية والبراءة؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن كان لا يحسن معرفة الولاية والبراءة على موجب القواعـد الـشرعية فلـيس لـه أن‬ ‫يتولى ببصر نفسه‪ ،‬إلا أن يرفع له ذلك من تجـوز رفيعتـه في الولايـة مـن العلـماء‪ ،‬والوالـدان‬ ‫وغيرهما في ذلك سواء‪ ،‬وتجزيه فيهما الولاية في الجملة أو‪ ‬الشريطة‪ ،‬والبراءة كذلك‪ ،‬وإن‬ ‫تولاهما فوافق من تجوز ولايته في دين االله تعالى لم يهلك بذلك‪ ،‬وقيل‪ :‬بعدم الجواز‪ ،‬وقيـل‪:‬‬ ‫بجواز ذلك له فيمن صحت له الموافقة بالقول إذا لم يظهر له‪ ‬منه خلافـه‪ ،‬والـسلامة مـن‬ ‫التكليف أولى وأسلم‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫هذا من الفقير الضعيف عن علم الأصول والشريعة والحقيقة‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما قولك في الضعيف إذا صح معه أن فلانا مـن أهـل الاسـتقامة بخـبرة أو شـهرة أو‬ ‫رفيعة‪ ،‬وأنه مسارع إلى الخيرات‪ ،‬متـورع عـن الـشبهات‪ ،‬ولم تعلـم منـه خيانـة ولا تهمـة في‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬له‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٥١‬‬ ‫الدين على انتهاك ولا تدين غير أن الضعيف لم يحط بأصول جميع الولاية والبراءة خـبرا إلا‬ ‫قليلا‪ ،‬أيجوز له أن يتولاه أم لا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫قيل‪ :‬ليس للضعيف أن يتولى ببصر نفسه إن‪ ‬كان لا يعلم أصول الولاية والـبراءة‪،‬‬ ‫وما يجوز من ذلك وما يجب؛ لأن الولاية حكم من الأحكام‪ ،‬لا يجوز إنفاذه إلا من عالم به‪،‬‬ ‫والعالم به هو العالم بأصول الولاية والبراءة‪ ،‬فإن أقدم على الولاية بدون ذلك فقد فعل ما لم‬ ‫يؤمر به‪ ،‬وما ليس هو من أهله‪ ،‬وذلك ما لا يجوز له‪ ،‬وقد يخرج في بعض القول أنه إذا تولاه‬ ‫على ما ظهر منه‪ ،‬وهو في موضع الولاية عند المبصرين من أهل العلم بمنزلة أن لو كان هذا‬ ‫الضعيف عالما‪ ،‬لكان في محل الولاية أنه لا يهلك بذلك لموافقـة‪ ‬العـدل‪ ،‬وقيامـه بـالحق في‬ ‫ذلك‪ ،‬إن كان تولاه لما يرى من نزوله في منزلة من يتولى‪ ،‬فقد صار هذا الضعيف في منزلتـه‬ ‫بالخصوص بمنزلة العالم إذا اهتدى لمعرفة وجه الحق فيها‪ ،‬إلا أن هذا موضـع خطـر‪ ،‬ومـن‬ ‫ورائه دقائق آفات تحتاج إلى كثير علم‪ ،‬والسلامة من ذلك أسلم‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول في ولاية النفس‪ ،‬لازمة‪ ‬على الإنسان على كل حال‪ ،‬وإن كانـت لازمـة مـا‬ ‫معنى لفظها ومعانيها؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫ولاية النفس اللازمة في كل حال هـي أن يأمرهـا بالعـدل والإحـسان‪ ،‬وينهاهـا عـن‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬إذا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت( بموافقة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬اللازمة‪.‬‬ ‫‪ ٢٥٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الفحشاء والمنكر‪ ،‬والبغـي والعـصيان‪ ،‬وينـصرها عـلى الـدنيا والـنفس‪ ،‬والهـوى الـشيطان‪،‬‬ ‫ويذودها بجهده عن دواعي الغفلة‪ ،‬وما يؤدي بـشؤم المخالفـة والمخادعـة إلى‪ ‬الخـذلان‪،‬‬ ‫ويلزمها الاستغفار والتوبة‪ ،‬والرجوع إلى االله تعالى من كـل معـصية في كـل أوان‪ ،‬ويكلفهـا‬ ‫العمل بما وجب عليها من فرائض الرحمن‪ ،‬ويحرضها على فعل الـسنن‪ ،‬وينهـضها للتقـرب‬ ‫بوسائل الخير بحسب القدرة والاستطاعة‪ ،‬واالله المستعان‪.‬‬ ‫فمن فعل ذلك مع الاستقامة في الدين فقد تولاها‪ ،‬وألزم نفـسه تقواهـا‪ ،‬وأطـاع بهـا‬ ‫مولاها‪ ،‬وقد أفلح من زكاها‪.‬‬ ‫وأما من أتبع نفسه هواها‪ ،‬وأسلمها لشيطانها ودنياها‪ ،‬فهو الذي أضاعها وأرداهـا‪،‬‬ ‫إذ لم يسلك سبيل هداها‪ ،‬وقد خاب مـن دسـاها‪ ،‬ومـن الواجـب عليـه في هـذا الموضـع أن‬ ‫يتولاها بالتوبة والرجوع إلى مولاها‪ ،‬والخلاص مما عليه مـن مظـالم للخلـق إن جناهـا‪ ،‬ولا‬ ‫يسعه الغفلة والإعراض عنها إلى سواها‪ ،‬فهو معنى ولايتها التي صحيح الأثر حكاها‪ ،‬ولا‬ ‫يأباهــا إلا مــن أصر عــلى المعــصية جهــارا‪ ،‬وشرد عــن االله شراد البعــير نفــارا‪ ،‬فحــارب االله‬ ‫استكبارا‪ ،‬عن الحق خسارا‪ ،‬فبشره دارا في الآخرة نارا‪ ،‬هي حسبه وبئس المصير‪ ،‬وإن ربهم‬ ‫بهم يومئذ لخبير‪ ،‬فهذا من لا يتولاها‪ ،‬وقـد أولى مـا أولاهـا‪ ،‬فـأولى لـه]وأولى[‪ ‬وأولى لهـا‬ ‫وأولى‪ ،‬واالله نسأله السلامة والولاية‪ ،‬والنصر والحماية‪ ،‬بفضله وكرمه‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫كيف صفة ولاية الرأي‪ ،‬وبراءته‪ ،‬أيكون ذلك كالرأي في الأحكام والطلاق‪ ،‬أم غير‬ ‫تفضل ِّبين لنا ذلك‪.‬‬ ‫ذلك؟ َّ‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬على‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٥٣‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫هي كما توجد مشروحة في الأثر‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫بسم االله الرحمن الرحيم‬ ‫جواب من أبي معاوية‪ :‬سألت عن المشرك الذي علـم االله أنـه يـؤمن ويمـوت عـلى‬ ‫إيمانه‪ ،‬وهو بعد في الشرك‪ ،‬قلت‪ :‬أيلعنه االله وهو في لعنة االله وغضبه‪ ،‬أم يتولاه وهـو ولي الله‬ ‫ويحبه‪ ،‬أم لا يقال إنه ولي الله ويحبه؟‬ ‫فـاعلم أن أهــل هــذه الــدعوة قـد اختلفــوا في ذلــك‪ ،‬وقــد قيـل في هــذه المــسألة بهــذه‬ ‫الأقاويل كلها‪:‬‬ ‫فقال بعضهم‪ :‬هو عدو الله وفي غضبه؛ لأنه عمل أعمالا أمر االله بقتلـه ولعنـه‪ ،‬وأحـل‬ ‫منه ما حرم االله من المؤمنين؛ لأن االله لا يتولى مـن عبـد غـيره‪ ،‬وسـجد للـشمس مـن دونـه‪،‬‬ ‫وادعى إلها معه‪ ،‬واحتجوا بذلك من القرآن‪.‬‬ ‫قالت فرقة أخرى‪ :‬هو ولي الله يوم خلقه؛ لأنه في علم االله مـن أهـل ولايتـه‪ ،‬وسـكان‬ ‫جنته‪ ،‬بأن علم االله لا يتحول‪.‬‬ ‫وعن غيره من كتب أصحابنا أهل خوارزم‪ ،‬قال جعفر أبو عبدالرحمن‪ :‬إن أصـحابنا‬ ‫)‪ (١‬هو الشيخ الفقيه العلامة أبو معاوية عزان بن الصقر النزوي العقري عاش في القـرن الثالـث‪ ،‬وكـان‬ ‫في عصره العلامة الفضل الحواري وكان يضرب المثل بالفضل والشيخ عزان وكانا كما يقال كعينـين‬ ‫في جبين واحد لعلمهما وفضلهما وللشيخ عزان أجوبة كثـيرة في الأثـر‪ ،‬تـوفي سـنة ‪٢٦٨‬هــ بـصحار‪،‬‬ ‫ينظر‪ :‬إتحاف الأعيان ‪.٢٥٦/١‬‬ ‫‪ ٢٥٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫أبا سليمان منهم صالح أخو نصر أبو عبداالله وغيره‪ :‬جماعة منهم أتوا أبا يزيد‪ ‬يسألونه عن‬ ‫هذه المسائل فأجابهم فيها‪:‬‬ ‫سألناه عن الذين سبق لهم في علم االله السعادة‪ ،‬وهم اليوم مقيمون على الشرك‪ ،‬هـل‬ ‫عليهم الغضب واللعنة من االله‪ ،‬وهل يرفع عنهم ذلك بالتوبة؟‬ ‫فقال‪ :‬نعم‪ ،‬وتبيان ذلك في كتاب االله عز وجل‪ ،‬في قوله في آل عمران‪M M :‬‬ ‫‪ LS R Q P O N‬إلى قوله‪ Lw v u M :‬أنزلت في الحارث‬ ‫بن سويد‪ ،‬وأوصيكم بتقوى االله الذي لم يزل عالما‪ ،‬لا يعزب عن علمه شيء‪ ،‬ولا يحدث‬ ‫شيء إلا وقد كان به عالما قبل أن يخلق الخلق بعلمه فيهم‪ ،‬وخلق الملائكة والنبيين والمؤمنين‬ ‫الذين ولدوا ونشئوا على الإيمان وعليه قاموا‪ ،‬فهؤلاء كانوا في ولاية االله قبل أن يخلقهم‪ ،‬لم‬ ‫تنقطع تلك الولاية عنهم‪.‬‬ ‫فأخبرونا عن أمر االله والدين‪ ،‬هل يتغير‪ ‬وهو قائم على حالة واحدة؟ فإن زعمتم‬ ‫أنه قائم‪ ‬على حال واحد‪ ،‬ولا يتغير فقد أمر االله موسـى أن يـأمر قومـه أن يقتلـوا أنفـسهم‬ ‫حين ظلموا أنفسهم باتخاذهم العجل‪ ،‬فقتل بعضهم بعـضا حتـى بلغـت قـتلاهم فـيما بلغنـا‬ ‫سبعين ألفا‪ ،‬ثم رفع االله عنهم القتل وتاب عليهم‪.‬‬ ‫وأمر االله محمدا ^ أن ينهى أمته أن يقتلوا أنفسهم‪ ،‬فقال عز وجل‪9 M :‬‬ ‫)‪ (١‬عالم فقيه متكلم من أهل خوارزم تتلمذ على يدي أبي عبيـدة مـسلم بـن أبي كريمـة التميمـي‪ ،‬كـان لـه‬ ‫دور بارز في نشر المذهب الإباضي بخراسان‪ .‬ينظر‪ :‬طبقات المشايخ بالمغرب ‪.٢٥٨/٢‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬قال‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬آل عمران‪ :‬الآيات )‪.(٨٩-٨٦‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬والذين‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬يتغيروا‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬قائمة‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٥٥‬‬ ‫‪ L @ ? > = < ; :‬إلى قوله‪M LK J I M :‬‬ ‫‪] \ [Z Y X W V U T S R Q P O N‬‬ ‫^ _`‪.L‬‬ ‫فهذا خلاف لمن زعم أن ولاية االله للملائكة والنبيين ]والمتقين[‪ ‬على أهل‪ ‬الشرك‬ ‫الذين سبق لهم في علم االله السعادة واحدة‪ ،‬فكيف يكون في ولاية االله من أمر االله نبيه أن‬ ‫يقاتلهم ويبرأ منهم‪ :‬وقد قال‪ L- , + M :‬إلى قوله‪G F E D M :‬‬ ‫‪ LH‬قال‪ :‬نعم هو خير لكم‪ ،‬وزعمتم من لعنه االله أنه لا يتولاه االله أبدا‪ ،‬وقد قال‬ ‫االله في الذين قذفوا عائشة وصفوان فقال‪ L$# "! M :‬إلى قوله‪;: 9 8M :‬‬ ‫<‪ L‬ثم قال‪ L L K J I H M :‬إلى قوله‪ L d c b M :‬وقال‪fM :‬‬ ‫‪.Lrq ponm lkjihg‬‬ ‫‪‬‬ ‫فأخبرونا هل كان حسان بن ثابت الأنصاري‪ ،‬ومسطح قريب أبي بكر‪ ،‬و]حمنة[‬ ‫بنت جحش فيمن رموا عائشة‪ ،‬فهل تابوا فقبل منهم النبي ^ توبتهم والمؤمنون أم لم‬ ‫يقبلوا منهم؟ وقول االله تعالى‪ L c b a ` _ ^ ] \ M :‬إلى قوله‪x M :‬‬ ‫‪.L{z y‬‬ ‫)‪ (١‬النساء‪ :‬الآيتان )‪.(٣٠-٢٩‬‬ ‫)‪ (٢‬كذا في النسخ المخطوطة‪ ،‬وقال الشيخ أبو مسلم ‪-‬رحمه االله تعالى‪ -‬في هامش )م(‪ :‬لعله‪ :‬والمقيمين‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬التوبة‪ :‬الآيتان )‪.(٣-٢‬‬ ‫)‪ (٥‬النور‪ :‬الآيات )‪.(٢٣-١١‬‬ ‫)‪ (٦‬في النسخ المخطوطة‪ :‬حمية‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬النور‪ :‬الآيتان )‪.(٥-٤‬‬ ‫‪ ٢٥٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وزعمتم أنه لا يتوب ولا يرحم إلا من كان له أصل ولاية عند االله تعالى وليست‬ ‫عليه من االله اللعنة‪ ،‬وقد لعن االله قوما غضب عليهم في كتابه‪ ،‬ثم تاب عليهم‪ ،‬قول االله في‬ ‫سورة النحل‪ L R Q P O N M M :‬إلى قوله‪» o 1 ̧ M :‬‬ ‫1⁄4 1⁄2 ‪ L‬فاتقوا االله‪ ،‬ولا تجعلوا المشركين برأيكم أولياء حتى يتوبوا أو يرجعوا‬ ‫عن شركهم‪ ،‬فإن االله يبرأ منهم ورسوله والمؤمنون حيث يقول االله‪= < ; M :‬‬ ‫>‪ L‬إلى قوله‪.Lp onM :‬‬ ‫قال‪ :‬وحدثنا أبو عبيدة‪ :‬هل يتولى االله المشرك الذي سبق في علمه السعادة؟‬ ‫قال‪ :‬لا حتى يخرجه من الشرك‪ ،‬وكان يقرأ هذه الآية‪n m lkj iM :‬‬ ‫‪ Lqpo‬إلى قوله‪ L±° ̄M :‬انتهى ما أردنا منه‪.‬‬ ‫قلت لترجمان العلم والحكمة‪ ،‬هادي الأمة‪ ،‬كاشف عنا كل غمـة‪ :‬مـا تقـول في جميـع‬ ‫هذا‪ ،‬وما عندك فيه‪ ،‬فإن في النفوس منه ما لا يعلمه إلا االله‪ ،‬والسلام عليك؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫قال العبد الـضعيف‪ ،‬الجاهـل البليـد‪ ،‬القـاصرة منزلتـه عـن أن يكـون ترجمـان العلـم‬ ‫والحكمة‪ :‬قد نظرت في هذا الأثر‪ ،‬وعندي أنه غير صحيح‪ ،‬والاحتجاج بما فيه غير مسلم‪،‬‬ ‫ألا وإن الولاية والبراءة من االله تعالى في عباده إنما هي بالحقيقة فقط؛ لأن علمه بما كان وما‬ ‫)‪ (١‬النحل‪ :‬الآيات )‪.(١١٠-١٠٦‬‬ ‫)‪ (٢‬التوبة‪ :‬الآيات )‪.(١١-٣‬‬ ‫ً‬ ‫تقريبـا‪ ،‬تتلمـذ عـلى‬ ‫)‪ (٣‬مسلم بن أبي كريمة التميمي ثاني أئمة المذهب الإباضي‪ ،‬ولد بالبصرة سنة ‪٤٥‬هــ‬ ‫يدي الإمام جابر بن زيد الأزدي‪ ،‬وقد أدرك جماعة من صحابة رسول االله ^ تتلمذ على يديه جماعة‬ ‫من أئمة المذهب بعده توفي سنة ‪١٥٠‬هـ تقريبا‪ .‬ينظر‪ :‬الإمام الربيـع بـن حبيـب مكانتـه ومـسنده ص‬ ‫‪ ،٢٦‬طبقات المشايخ بالمغرب ‪.٢٣٢/٢‬‬ ‫)‪ (٤‬النساء‪ :‬الآيات )‪.(١٤٦-١٣٧‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٥٧‬‬ ‫سيكون سواء‪ ‬لا تغيير فيه ولا تبديل‪ ،‬لا معقب لأمره‪ ،‬ولا مبدل لكلماته‪ ،‬فمـن علـم االله‬ ‫سعادته فهو له ولي في الدنيا على ما يكون منه‪ ،‬ومن علم شقاوته في الآخرة فهو عدو له على‬ ‫ما يكون منه من أعمال الطاعة‪ ،‬ولو بلغ بها منزلة النبوة‪.‬‬ ‫وكذلك في حق الرسل والأنبياء من علم منهم عن االله حقيقة ولاية أو عداوة لأحد‬ ‫فعليه أن يتولاه بها‪ ،‬وكذا من علم ذلك من لسان رسـول أو نبـي‪ ،‬ولا يجـوز الاخـتلاف في‬ ‫هذا أبدا‪ ،‬وهو الثابت عن رسول االله ^ باتفاق أهل الحديث في قصة المجاهد في سبيل االله‪،‬‬ ‫الذي أعجب المسلمين جهاده‪ ،‬وتحدثوا بذلك عند رسول االله ^ فقال‪ :‬‬ ‫‪ ‬فكبر ذلك عليهم‪ ،‬فما برح أن جرح فاشتد عليه الجرح فقتل نفسه‪ ،‬فأخبر بذلك النبي‬ ‫^ فقال‪  :‬والحديث مشهور متواتر عند أصحابنا وغيرهم‬ ‫من رواة الحديث‪.‬‬ ‫فتصريحه صلوات االله عليـه بأنـه مـن أهـل النـار في حـال جهـاده ونـصرته للإسـلام‪،‬‬ ‫وجهــاده لأعــداء االله تعــالى هــو مــا قلنــاه مــن بــراءة الحقيقــة منــه في حــال عملــه بالطاعــة‪،‬‬ ‫واستحقاقه من الخلق لولاية الظاهر‪ ،‬وبالعكس في قضية عائشة رضي االله عنها في خروجها‬ ‫على علي بن أبي طالب يوم صفين‪ ،‬وتـصويب الـرمح مـن عـمار إلى هودجهـا لإرادة القتـل‪،‬‬ ‫وهو يشهد لها بالجنة‪ ،‬وإذا ثبت هذا في كل من يثبت‪ ‬معه علم الحقيقة‪ ،‬فكيف بعلم االله في‬ ‫الذي لا يجوز عليه التحول ولا الانقلاب‪ ،‬هذا ما لا يجوز القول بغـيره أبـدا‪ ،‬وقـد أوضـح‬ ‫هذه‪ ‬الفصول الشيخ أبو سعيد ‪-‬رحمه االله‪ -‬وكفى به عن المزيد‪.‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرجه البخاري في كتاب‪ :‬الجهاد والسير‪ ،‬باب‪ :‬إن االله يؤيد الدين بالرجل الفاجر )‪ ،(٣-٦٢‬مسلم‬ ‫في كتاب‪ :‬الإيمان‪ ،‬باب‪ :‬لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة )‪ (٣٠١‬من طريق أبي هريرة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬ثبت‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬هذا‪.‬‬ ‫‪ ٢٥٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫من جواب الشيخ أبي سعيد‪ ،‬بخط عبداالله بن محمد بن زنباع‪- ‬رحمهـما االله تعـالى‪-‬‬ ‫وقلت‪ :‬ما أقول إن قال قائل‪ :‬إنه يتولى إبليس وهو من أهل الولاية‪ ،‬ولم يعلم الذي أعـرف‬ ‫منه الولاية لإبليس بأي وجه تولاه عليه‪ ،‬أهو على ولايته مع من عرف ذلك منه مع ولايته‬ ‫لإبليس أم لا؟‬ ‫أحدا من الخليقـة مـع مـن وجبـت‬ ‫ً‬ ‫فكل من وجبت له الولاية بحكم الظاهر ثم تولى‬ ‫ولايته‪ ‬عليه‪ ،‬ولم يعلم أنه تولاه بباطل‪ ،‬ولم يعلم بأي الوجوه تولاه‪ ،‬ولم تقم عليه الحجة بما‬ ‫يبطل به ولايته‪ ،‬فهو على ولايته؛ لأن الولايـة مـن حكـم الـدعاوي‪ ،‬وأهـل الـدعاوي عـلى‬ ‫ولايتهم حتى يعلم أنهم مبطلون في دعواهم بما تقوم به الحجة عليهم من إبطـال دعـواهم‪.‬‬ ‫انتهى ما أردنا نقله‪.‬‬ ‫قال غيره‪ :‬وعندك أيها الشيخ أن هذا الاحتمال يصح في كل ولي توليته أم لا يصح لمن‬ ‫أعلمه أنه عالم بكفر إبليس لقراءته القرآن‪ ،‬ووطئه الآثار كمثل هؤلاء المتعلمين من إخواننا‬ ‫وغيرهم من عامة المسلمين؛ مع أن إبليس وأشباهه من الفراعنة الـذين هـم قـد مـاتوا عـلى‬ ‫كفرهم لا كغيرهم من الأحياء؛ لأن هؤلاء يحتمل أن يكون أولئـك قـد اطلـع عـلى تـوبتهم‬ ‫فتفـضل‬ ‫ َّ‬ ‫فتولاهم‪ ،‬وأولئك لا يحتمل فيهم ذلك وخاصة من نص القرآن بكفره‪ ،‬أو الـسنة‪،‬‬ ‫سيدي ببيان الجميع‪ ،‬لتكون‪ ‬للعلم من الباذلين‪ ،‬وعلى التقوى من المعاونين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ ِّ‬ ‫)‪ (١‬عبداالله بن محمد زنباع أبو محمد‪ ،‬فقيه عاش في القرن الرابع الهجري‪ ،‬سأل أبا سعيد الكـدمي وسـمع‬ ‫عنــه‪ ،‬وكــان مــن أتبــاع الفرقــة النزوانيــة‪ ،‬ومــن أفــراد مدرســته‪ .‬ينظــر‪ :‬كتــاب معجــم الفقهــاء‪،‬‬ ‫ص‪،٣٠٢‬ج‪.٢‬‬ ‫تعليقا لعله‪ :‬براءته‪.‬‬‫ً‬ ‫)‪ (٢‬قال الشيخ أبو مسلم‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬لنكون‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٥٩‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬والذي عندي أن هذا الشيخ الرباني الكبير‪ ،‬والعلامة الجهبذة البـصير قـد‬ ‫اشترط في جواز هذا الأمر أنه إذا احتمل أنه قد تولاه بوجه حق قد غاب عنك علمه‪ ،‬وإذا‬ ‫كنت خبيرا بأن المتولي لإبليس هذا قد عثر على عداوته في كتاب االله تعالى‪ ،‬فعرف معناه منه‪،‬‬ ‫وقامت عليه الحجة بعداوته بالبغض‪ ،‬فتولى بعد ذلك إبليس‪ ،‬هذا الذي ذكرت عداوتـه في‬ ‫كتاب االله تعالى‪ ،‬فقد خرج من حيز الاحتمال‪ ،‬ودخل في حكم المعارضة لكتـاب االله تعـالى‪،‬‬ ‫لولايته من أخبر االله بعداوته‪ ،‬وقد‪ ‬خلع بذلك ربقة الإسلام من عنقـه‪ ،‬ووجبـت الـبراءة‬ ‫منه على من سمعه‪.‬‬ ‫وإذا‪ ‬أمكن أن يكون قد تولى غيره‪ ،‬وإنما قد تواطأت الأسماء واختلفـت المـسميات‬ ‫]كما قيل[‪ ‬إن رجلا من بنـي عـامر‪ ‬يلقـب بـإبليس‪ ،‬ولـه ذريـة إلى الآن يعرفـون بـأولاد‬ ‫إبليس‪.‬‬ ‫وكذلك في فرعون وغيره من الجبابرة أو غيرهم‪ ،‬ممن تمكن فيهم تواطؤ الأسماء عـلى‬ ‫سبيل الألفاظ المشتركة لإطلاقها على المعاني الكثيرة‪ ،‬ولا تقـوم بهـا الحجـة‪ ،‬ولا ينقطـع بهـا‬ ‫العذر‪ ،‬ويكون سبيلها ]على هذا في[‪ ‬الأحكام ما لم يصح أن المراد بها الكفر لا غيره‪.‬‬ ‫والله در هذا الشيخ‪ ،‬فإنه لشدة بصره بدقائق الشريعة‪ ،‬واطلاعه على أسرارها البديعة‪،‬‬ ‫عرف بها دقائق وجوه اللغة‪ ،‬فوضع كل شيء منها في موضعه اللائق به‪ ،‬جزاه االله خيرا عـما‬ ‫أوضحه من الهدى‪ ،‬وكشفه من خفايا العلم لمن أراد الاقتداء‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬وإن‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬غافر‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬العدل‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬في هذا على‪.‬‬ ‫‪ ٢٦٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫من الأثر قلت‪ :‬فإن رأيت وليا يلعب الشطرنج ما يكون حكمـه عنـدي‪ ،‬أحـسن بـه‬ ‫الظن أنه يريد بذلك تعليم الحرب؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫إذا رأيت وليك يلعب الشطرنج‪ ،‬كان ]عندك حكمه[‪ ‬البراءة حتى يقيم شـاهدي‬ ‫عدل أنه أراد بذلك تعليم الحرب‪ .‬انتهى ما أردناه‪.‬‬ ‫قال غيره‪ :‬أيخرج عندك شـيخنا أن هـذا الحكـم باتفـاق مـن العلـماء‪ ،‬أم هـو رأي مـن‬ ‫سيدي ببيان ذلك‪.‬‬ ‫تفضل ِ‬ ‫آرائهم؟ َّ‬ ‫ ِّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬والذي عندي في هذا أنه لا يخرج على معنى الإجماع‪ ،‬ولا مسائل الاتفاق‪،‬‬ ‫وإذا ثبت في الشطرنج أنه مما يجوز تعليمه استعدادا للمكائـد الحربيـة في موضـع لزومهـا أو‬ ‫جوازها على قول من يرى ذلك فيه‪ ،‬فالنية ممـا لا يطلـع عليـه الـشاهدان أصـلا‪ ،‬فـلا معنـى‬ ‫للقــول بإتيــان الــشهادة عليــه‪ ،‬ولا معنــى لإلزامــه ألا يفعــل ذلــك إلا بحــضرة الــشاهدين‬ ‫وإشهادهما على ذلك‪ ،‬فإنه إن كان مباحا له فـيما بينـه وبـين االله تعـالى بالنيـة فهـو عـلى حكـم‬ ‫الإباحة‪ ،‬والمسلم مؤتمن على دينه‪ ،‬ويلزم حسن الظن به‪ ،‬فلا تجوز‪ ‬البراءة منـه قطعـا‪ ،‬ولا‬ ‫يصح أن يكون هذا الفصل مخالفا لغيره من أحكام االله تعـالى في الأمـور المحتملـة للجـواز‪،‬‬ ‫فليس هو بأشد من أن لو وجده يأكل في شهر رمضان نهارا في وطنه من غير مرض‪.‬‬ ‫وفي المصرح به أن البراءة منه لا تجوز إذا احتمل عذره بنسيان أو غيره‪ ،‬فكيـف بهـذا‬ ‫وقد احتمل عذره بأنه قد فعله على ماجاز له لما قد نواه‪ ،‬والنية أمر سري موكول أمرهـا إلى‬ ‫االله تعالى‪ ،‬فالقول فيها قوله‪ ،‬وليس للشهود مدخل في الأمور الغيبية أبدا‪ ،‬هذا على مقتـضى‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬عندي حكمه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬فلا يجوز‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٦١‬‬ ‫القواعد في هذه المسألة على هذا القول‪.‬‬ ‫وإن كنا لا نعرف وجه الحق في مشابهة لعب الشطرنج بالحرب‪ ،‬ولا ندري الحاجة له‬ ‫في ذلك‪ ،‬ولا نراه إلا نوعا من اللعب المحجـور عـلى مـن فعلـه كغـيره مـن أصـناف اللعـب‬ ‫المحرمة‪ ،‬وكأن بناء القول بالبراءة منه على هذا الوجه أشبه‪ ،‬فالشروط الزائدة عليه كأنها غير‬ ‫مطابقة للقاعدة التي بني عليها هذا الأصل‪.‬‬ ‫لكن إذا ثبت الاختلاف في المسألة فلا ينبغي أن يتسارع بالبراءة عـلى مـسلم‪ ،‬فعـسى‬ ‫أن يكون قد رأى في ذلك ما لم يره غيره ممن قال بخلافه‪ ،‬فيكـون هـو الحـق في حقـه‪ ،‬وكـل‬ ‫متعبد في مسائل الـرأي بـما أراه االله تعـالى أنـه أقـرب إلى العـدل‪ ،‬وأدنـى إلى الـصواب‪ .‬واالله‬ ‫أعلم‪ ،‬فلينظر في ذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫في رجل عنده وليان‪ ،‬وخرجا من عنده وهما في الولاية فاقتتلا‪ ،‬فقتل كل واحد منهما‬ ‫صاحبه‪ ،‬أتثبت ولايتهما عنده أم لا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫الوقوف أسلم إلى أن يتضح الحق‪ ،‬وقيل‪ :‬بالولاية لهـما وهـو حـسن‪ ،‬وبـالبراءة مـنهما‬ ‫وهو ضعيف‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما قولك ‪-‬شيخنا‪ -‬فيمن أشار إلى إنسان أن يعمـل شـيئا عـلى كتابـه في لـوح أو غـير‬ ‫ذلك‪ ،‬فقال المشير إلى المشار إليه‪ :‬اعمل الشيء الفلاني فوق كتبة لا إله إلا االله‪ ،‬إلا أنه لم يـتم‬ ‫الكلمة‪ ،‬فوقف بين النفي والإثبات‪ ،‬فسمعه من سمعه‪ ،‬ولم يعلم أنـه قـال ذلـك متعمـدا أو‬ ‫خطأ أو نسيانا بجهل أو بعلم‪ ،‬فما الذي يبلغ به عند من سمعه يقول ذلك؟ وما الذي يلـزم‬ ‫السامع في القائل بذلك؟ ِّبين لنا ذلك مثابا إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ٢٦٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫لا يبلغ به إلى شرك ولا كفر ولا فـسوق إن كـان قـد قـال ذلـك عـلى سـبيل الحكايـة‪،‬‬ ‫وذلك من الواسع له عند االله وعند السامع‪ ،‬وفي الإجماع أن من حكى الكفـر لـيس بكـافر‪،‬‬ ‫فقوله‪ :‬اكتب كذا فوق كلمة‪ :‬لا إله كقوله اكتب كذا فوق كلمة‪ :‬اتخذ الرحمن ولدا‪ ،‬وذلـك‬ ‫حكاية للمكتوب لا كفر‪ ،‬كما قال للناسخ‪ :‬اكتب اتخذ الرحمن ولدا في موضع هذه الآية من‬ ‫المصحف‪ ،‬وقد كتب ما قبلها أو غلط الناسخ الأول فلم يكتبها‪ ،‬واحتيج إلى رد هـذه الآيـة‬ ‫وحدها من موضعها في المصحف‪ ،‬فلا بأس أن يقال له‪ :‬اكتب هذه الآية بلفظها المتقدم من‬ ‫غير زيادة ولا نقص‪.‬‬ ‫كذلك لو وجدت كلمة لا إله ساقطة من المـصحف في موضـع مـن مواضـعها‪ ،‬وقـد‬ ‫كتب استثناؤها‪ ،‬فيجوز أن يقال لمن يكتبها‪ :‬اكتب هاهنا كلمة لا إله لإصـلاح الغلـط‪ ،‬ولا‬ ‫يلزم أن يقال له اكتب لا إله إلا االله بتمامها‪ ،‬وليس في هذا إثم‪ ،‬وإنما فيه الأجر من االله تعالى‪،‬‬ ‫ولكل امرىء ما نوى‪ ،‬والحمد الله رب العالمين‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫من تكلم بكلام مما يكفر به كفر نعمـة‪ ،‬أو كفـر الجحـود‪ ،‬واحتمـل عنـدي أن يكـون‬ ‫ذلك منه نسيانا أو خطأ‪ ،‬أيجوز لي أن أحسن به الظن في ذلك‪ ،‬ويكون عندي بمنزلته السابقة‬ ‫أم لا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫يوجد في ذلك اختلاف عند المتـأخرين‪ ،‬وأرجـو أن الـشيخ الـصبحي يرفـع ذلـك إن‬ ‫صح حفظي في الحين‪ ،‬والأصل في الحكم أنه مأخوذ بفلتات لسانه‪ ،‬ومحكـوم عليـه بـذلك‪،‬‬ ‫لكن إذا احتمل له مخرج في الحق جاز أن يحسن به الظن على قول فيترك عـلى حالـه‪ ،‬وقيـل‪:‬‬ ‫بالوقوف عنه لإشكاله‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫بالحكم عليه لظاهر مقاله‪ ،‬لكن لا يبرأ منه إن كـان وليـا إلا بعـد قيـام الحجـة عليـه‪،‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٦٣‬‬ ‫عسى أن يأتي بعذر يجوز قبوله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫في هذه الألفاظ أجـائزة في الـولي وغـيره أم في الـولي خاصـة‪ ،‬وهـي الـصفي والـوفي‪،‬‬ ‫والزكي والتقي‪ ،‬والولي والرضا والمرضي‪ ،‬والثقة والعدل‪ ،‬سواء قـصد بـذلك الولايـة أم لم‬ ‫يقصد‪.‬‬ ‫وكذلك في التعزيات مثل‪ :‬عظم االله أجرك‪ ،‬وجبر االله مصيبتك‪ ،‬وأحسن ويحسن االله‬ ‫عزاءك‪ ،‬أكل هذا للولي وغيره إذا لم يقصد بذلك الولاية أم لا يجوز إلا للولي؟‬ ‫ومثل‪ :‬أطال االله بقاءك‪ ،‬وأدام عزك‪ ،‬وأعزك االله ونصرك‪ ،‬ونيته في الماضي؟‬ ‫وكذلك إذا كتب كاتب‪ :‬إن فلانا قد توفي إلى رحمة االله‪ ،‬فكانت نيته أن فلانا قـد تـوفي‬ ‫إلى رحمة االله ابتداء كلام‪ ،‬ومراده‪ ‬إلى رحمة االله مصير المؤمنين‪ ،‬أيجوز‪ ‬ذلك؟ وهل يجوز ما‬ ‫يجوز أن يقال للأحياء مع صرف النية لغيره‪ ،‬مثل أن يقول لميت‪ :‬رحمه االله‪ ،‬وغفر له‪ ،‬وعفى‬ ‫عنه أعني لما كان حيا‪ ،‬أو يكون مراده في فؤاده رحم االله وغفر للمسلمين؟‬ ‫‪‬‬ ‫سـيدي أوضـح لي‬ ‫تفـضل ِ‬ ‫أرأيت إن صرف النية لغير المقال له‪ ،‬هل قول بـالحجر؟ َّ‬ ‫ ِّ‬ ‫هذا واحدا واحدا ولخصه لي تلخيصا تاما كي أفهمه؛ لأنـا مبتلـون بهـؤلاء الـذين هـم عـلى‬ ‫خلاف ما عليه الشارع مأجورا إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما قصد به الدين والولاية لم يجـز مـن هـذا وشـبهه إلا للـولي‪ ،‬ومـا قـصد بـه منـاديح‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬أو مراده‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬يجوز‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫‪ ٢٦٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الألفاظ من غير المعاني الدينية لم يمنع‪ ،‬فقـد تتـصرف لهـا وجـوه حتـى لفظـة الـولي‪ ،‬فـالولي‬ ‫ويشبه به الكريم‪ ،‬وقد يكون الرجل وليا لنسائه في تـزويجهن‪ ،‬ولأهـل بيتـه في‬ ‫ َّ‬ ‫موسم مطر‪،‬‬ ‫‪‬‬ ‫تصريفهم ونحو هذا وقس هكذا في سائرهن‪ ،‬والعـزاء هـو الـصبر والـسلو‪ ،‬فأحـسن االله‬ ‫ويحسن االله عزاك جائز فيما عندي‪.‬‬ ‫وأما تعظيم الأجر له من االله تعالى فلا يبين لي جوازه لغير أهله‪ ،‬إلا أن يكـون لتقيـة‪،‬‬ ‫فعسى أن لا يمنع لكن في الكلام مندوحة عن الكذب‪ ،‬وما ذكرته مـن أعـزك االله ونـصرك‬ ‫بالنية المذكورة جائز‪ ،‬وكثيرا مما نتوسع‪.‬‬ ‫وأما قول توفي إلى رحمة االله فالأولى تركه‪ ،‬وكذلك ما‪ ‬بعده في هذا الـسؤال ويقـول‬ ‫فلان المرحوم وما يشبهه من غير إضافة إلى االله‪ ،‬وينوي به رحمة أهله ونحوها‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬ ‫ما تقول في لفظة سيدنا ومولانا يجوز استعمالهما في أهل الولاية وغيرهم مـن جبـاة‬ ‫الخلق‪ ،‬أو من دونهم مطلقا كيف كانوا أبرارا أو فجارا‪ ،‬أم هما خاصـتان للحكـام الواجـب‬ ‫حكمهم على الأنام دون غيرهم من العوام؟‬ ‫قلت‪ :‬إن كانتا غير جائزتين إلا لأهل الولاية وجوازهما لمن سواهم في معنى التقيـة‪،‬‬ ‫فهل يجوز ذلك حينئذ بغير صرف نيته لغـيرهم أم لا يجـوز إلا بـصرف النيـة‪ ،‬فـأخبرني عـن‬ ‫ذلك ولمن تصرف له مأجورا إن شاء االله؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬وأنا لا أعلم جواز شيء إلا بموافقة الحق‪ ،‬ومطابقة العدل‪ ،‬وذلك فيما أمر‬ ‫االله به ورسوله‪ ،‬لا فيما منع منه ونهى عنه‪ ،‬وإن كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا مـا كـان مـن‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م( زيادة‪ :‬كان‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬باة‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٦٥‬‬ ‫ذكر االله تعالى‪ ،‬أو أمر بمعروف‪ ،‬أو نهي عن منكر‪ ،‬أو إصلاح بين الناس أو أشباه ذلك‪ ،‬ألا‬ ‫وإن من عرف أن كلامه من عمله قل كلامه فيما لا‪ ‬يعنيه‪ ،‬لكن قد تدعو الحاجة وتلجىء‬ ‫‪‬‬ ‫الضرورة لمن بلي بخلطة الناس ومعاشرتهم إلى المداراة لهم‪ ،‬والتصنع تقية أو حياء‪ ،‬وتارة‬ ‫تكون مداهنة ورياء‪ ،‬فلا بد من تدارك الهفوات بالتوبة والاقتصار على ما جـاز‪ ،‬ألا وإن في‬ ‫الكلام لمن عرف مخارجه‪ ،‬وأبصر موالجه لمندوحة عن الكذب‪ ،‬ولكـن قـل مـا يتنبـه لهـا إلا‬ ‫الموفقون‪.‬‬ ‫فالسيد على الحقيقة هو الرب تعالى؛ لأنه هو الملـك والمالـك‪ ،‬وقـد تطلـق مجـازا عـلى‬ ‫غيره فسيد العبد مولاه‪ ،‬وسيد المرأة زوجها‪ ،‬والقوم كبيرهم‪ ،‬فيجوز أن يقال للرجل السيد‬ ‫بمعنى أنه‪ ‬سيد عبيده‪ ،‬أو نسائه أو أهـل بيتـه‪ ،‬أو عـشيرته‪ ،‬أو مـن يكـون لـه فـيهم الأمـر‬ ‫والنهي والتقدمة‪ ،‬فإن أضيف فقيل‪ :‬سيدنا بمعنى كبيرنا‪ ،‬أو المنعم علينـا‪ ،‬أو جليـل القـدر‬ ‫فينا جاز كما قيل‪ :‬أحسن إلى من شـئت فأنـت أمـيره‪ ،‬واحـتج إلى مـن شـئت فأنـت أسـيره‪،‬‬ ‫فللأمير سيادة على من أسره بإحسانه‪ ،‬كما للقادر سيادة على المقدور عليه بفضل قدرته‪.‬‬ ‫فإن خرج عن هذه المعاني كلها ولم يكـن ذا نعمـة ترجـى‪ ،‬ولا ذا بـادرة تخـشى‪ ،‬فمالـه‬ ‫والسيادة‪ ،‬وما لمخاطبه يطلب له الزيـادة‪ ،‬إلا أن يكـون عـلى سـبيل الـتهكم بـه‪ ،‬والاختبـار‬ ‫لعقله سخرية به‪ ،‬وما أحق العصاة البغاة أعداء االله تعالى بـذلك‪ ،‬فـإنهم عنـد االله تعـالى مـن‬ ‫الأراذل خساس المنازل أحقر من الذر‪ ،‬وأدنس من الجعل‪ ،‬قاتلهم االله أنى يؤفكـون‪ ،‬وإنـما‬ ‫حقـت الــسيادة‪ ،‬واســتحق الــشرف والحــسنى وزيــادة مـن كانــت لــه ولايــة عنــد االله تعــالى‬ ‫وسعادة‪ ،‬ولو كان في دنيانا هذه أشعث أغبر ذا طمرين لا يؤبه له لو أقسم على االله لأبره‪.‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬تارة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬لأنه‪.‬‬ ‫‪ ٢٦٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫والمعتـق‪ ،‬والابـن‪ ،‬والقريـب‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫والمعتـق‪،‬‬ ‫وأما المولى فقد يطلق عـلى الـسيد‪ ،‬والعبـد‪،‬‬ ‫العــصبة‪ ،‬والحليــف‪ ،‬والــصاحب‪ ،‬والمــنعم‪ ،‬والمــنعم عليــه‪ ،‬والمحــب‪ ،‬والنــاصر‪ ،‬والتــابع‪،‬‬ ‫والمتبوع‪ ،‬فوجهه إلى ما شئت من معانيه‪ ،‬فإنه لاتساعه لا كلفة فيه‪ ،‬حتى إنه ليجوز إطلاقـه‬ ‫على الشريك‪ ،‬والنزيل‪ ،‬والصهر‪ ،‬وابن الأخت‪ ،‬والجـار فتقـول‪ :‬مولانـا بمعنـى جارنـا‪ ،‬أو‬ ‫نزيلنا‪ ،‬أو شريكنا‪ ،‬أو قريبنا‪ ،‬أو صاحبنا وإن شئت بمعنى ولينا‪ ،‬أو ناصرنـا‪ ،‬أو سـيدنا‪ ،‬أو‬ ‫المنعم علينا‪ ،‬وإن شـئت بمعنـى صـهرنا‪ ،‬أو ابـن عمنـا‪ ،‬أو قريبنـا في النـسب إن كـان ذلـك‬ ‫كذلك‪ ،‬فإنه يتـصرف إلى مـا شـئت مـن هـذه المعـاني كلهـا أو غيرهـا ممـا سـبق‪ ،‬وكفـى عـن‬ ‫الإعادة‪.‬‬ ‫وأما صرف النية إلى غير المخاطب ]فقد قيل به في الأثر وكأنه لمن عجز عـن منـاديح‬ ‫الكلام وجهل وجوه القول الجائزة فيه في الأحكام‪ ،‬ولكن صرف النية عن المخاطب[‪ ‬في‬ ‫حال المخاطبة أمر عسير والسلام‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما معنى »أمين« قدوتي‪ ،‬تطلق كلمة أمين‪ ‬على الولي وغير الولي‪ ،‬ويصح لنا أن نقول‬ ‫بكلمة بلا معرفة معناها؟ ِّبين لنا الطريق‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قد يجوز إطلاقها عـلى الـولي وغـيره إذا كـان معروفـا بعـدم الخيانـة في معاملتـه‪ ،‬ولـو‬ ‫مشركا‪ ،‬فهو أمين فيها لا أمين في الدين فافهم‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول في هؤلاء العصاة من أهل القبلة الذين ليس لهم تقية يجوز أن يقال لهم سيدنا‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬آمين‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٦٧‬‬ ‫ومولانا أو السيد عند المساء والـصباح‪ ،‬وإن كـانوا جبـابرة يتقـون يجـوز أن يـدعون بـذلك‬ ‫مطلقا من غير صرف نية لغيرهم‪ ،‬أم لا يجـوز ذلـك إلا بـصرف النيـة؟ فـأخبرني بهـا‪ ،‬ولمـن‬ ‫تصرف له‪ ،‬وكذلك وأنا خادمك وفلان خادمك‪ ،‬أيجوز ذلك مطلقا أم لا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫أما الجبابرة الذين يتقون فهم في زمانكم السادة والولاة والقـادة‪ ،‬فكيـف لا يـدعون‬ ‫بذلك وهم كذلك لا يحتاج معهم إلى صرف نية ولا تحويل معنى ولا روية‪ ،‬ولا يمنع المباح‬ ‫وقت مساء ولا‪ ‬صباح‪ ،‬والخدمة هي العمل والمهنة‪ ،‬ومن عمل لأحد شيئا ولو ببري قلم‬ ‫أو مــدة دواة فقــد خدمــه‪ ،‬فيجــوز أن يقــال خادمــه بــذلك لغــة إمــا حقيقــة بالفعــل أو قــوة‬ ‫بالإمكان‪ ،‬أي لو أمره بفعل ذلك ونحوه من الجائز لفعله إما رغبة في فضله‪ ،‬وإما رهبة من‬ ‫بطشه‪ ،‬فأكثر من تحت هؤلاء الجبارين خدامهم بالفعل أو بالقوة‪‬كما ترى ولا بأس‪.‬‬ ‫وأما من لا تقية له‪ ،‬ولا مخافة منه‪ ،‬فسيأتي في حكمه وحكم غيره في المسألة الثانية إن‬ ‫شاء االله وهي هذه‪:‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول في لفظة سـيدنا ومولانـا‪ ،‬أيجـوز‪ ‬اسـتعمالهما في أهـل الولايـة وغـيرهم مـن‬ ‫جبابرة الخلق أو دونهم مطلقا‪ ،‬كيف كانوا أبرارا أو فجارا أم هما خاصتان للحكام الواجب‬ ‫حكمهم على الأنام دون غيرهم من العوام؟‬ ‫أرأيت إن كانتا غير جائزتين إلا لأهل الولاية وجوازهما لمن سـواهم بمعنـى التقيـة‪،‬‬ ‫فهل يجوز ذلك حينئذ بغير صرف نية لغـيرهم أم لا يجـوز إلا بـصرف النيـة؟ فـأخبرني عـن‬ ‫ذلك ولمن تصرف له مأجورا؟‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في)م(‪ :‬القوة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في)م(‪ :‬يجوز‪.‬‬ ‫‪ ٢٦٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬وأنا لا أعلـم بجـواز شيء إلا بموافقـة الحـق‪ ،‬ومطابقـة الـصدق والعـدل‪،‬‬ ‫وذلك فيما أمر االله تعالى به ورسوله‪ ،‬لا فيما منع منه أو‪ ‬نهى عنه وأن كل كلام ابن آدم عليه‬ ‫لا له‪ ،‬إلا ما كان من ذكـر االله تعـالى‪ ،‬أو أمـر بمعـروف أو نهـي عـن منكـر‪ ،‬أو إصـلاح بـين‬ ‫الناس‪ ،‬وما أشبه ذلك‪.‬‬ ‫ألا وإن من عرف كلامه من عمله قل كلامه إلا فـيما يعنيـه‪ ،‬لكـن قـد تـدعو الحاجـة‬ ‫وتلجىء الضرورة لمن بلي بخلطة الناس ومعاشرتهم إلى المداراة لهم‪ ،‬والتصنع تقية أو حياء‪،‬‬ ‫وتارة‪ ‬تكون مداهنة ورياء فلا بد من تدارك الهفوات بالتوبة والاقتصار على ما جاز‪.‬‬ ‫ألا وإن في الكلام لمن عرف مخارجه وأبصر موالجه لمندوحة عن الكذب‪ ،‬ولكـن قـل‬ ‫من ينتبه إليها إلا الموفقون‪ ،‬فالسيد في الحقيقة هو الرب تعالى؛ لأنه هو الملك والمالك‪ ،‬وقـد‬ ‫يطلق مجازا على غيره‪ ،‬فسيد العبد مولاه‪ ،‬والمرأة زوجها‪ ،‬والقوم كبـيرهم‪ ،‬فجـائز أن يقـال‬ ‫للرجل‪ :‬السيد‪ ،‬بمعنى أنه سيد عبيده أو نسائه‪ ،‬أو أهل بيتـه أو عـشيرته‪ ،‬أو مـن يكـون لـه‬ ‫فيهم الأمر والنهي والتقدمة‪ ،‬فإن أضيف فقيل‪ :‬سـيدنا بمعنـى كبيرنـا‪ ،‬أو المـنعم علينـا‪ ،‬أو‬ ‫كبير القدر فينا جاز‪ ،‬كما قيل‪ :‬أحسن إلى من شئت فأنت أميره‪ ،‬واحتج إلى من شئت فأنـت‬ ‫أسيره‪ ،‬فللأمير سيادة على من أسره بإحسانه‪ ،‬كما للقـادر سـيادة عـلى المقـدور عليـه بفـضل‬ ‫قدرته‪.‬‬ ‫فإن خرج عن‪ ‬هذه المعاني كلها‪ ،‬ولم يكن ذا نعمـة ترجـى‪ ،‬ولا بـادرة تخـشى‪ ،‬فمالـه‬ ‫وللسيادة‪ ،‬وما المخاطبة له بالزيادة إلا أن يكون على سبيل الـتهكم بـه‪ ،‬والاختبـار‪ ‬لعقلـه‬ ‫)‪ (١‬في)ت(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في)ت(‪ :‬تارة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في)ت(‪ :‬على‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في)ت(‪ :‬الاختيار‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٦٩‬‬ ‫سخرية به‪ ،‬وما أحـق العـصاة البغـاة أعـداء االله تعـالى بـذلك‪ ،‬فـإنهم عنـد االله مـن الأراذل‪،‬‬ ‫خساس المنازل‪ ،‬أحقر من الذر‪ ،‬وأدنس من الجعل‪ ،‬قاتلهم االله أنى يؤفكون‪.‬‬ ‫وإنما حقت السيادة واستحق الشرف والحسنى والزيادة من كانت له عنـد االله ولايـة‬ ‫وسعادة‪ ،‬ولو كان في دنيانا هذه أشعث أغبر ذا طمرين لا يؤبه له‪.‬‬ ‫والمعتـق‪ ،‬والابـن والقريـب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وأما المولى فقد يطلق على الـسيد والعبـد‪ ،‬وعـلى ِ‬ ‫المعتـق‬ ‫والعصبة والحليف‪ ،‬والصاحب والمنعم عليه‪ ،‬والمحب والناصر‪ ،‬والتابع والمتبـوع‪ ،‬فوجهـه‬ ‫إلى ما شـئت مـن معانيـه‪ ،‬فإنـه لاتـساعه لا كلفـة فيـه‪ ،‬حتـى ليجـوز إطلاقـه عـلى الـشريك‬ ‫والنزيل‪ ،‬والصهر وابن الأخت والجار‪ ،‬فنقول‪ :‬مولانا بمعنى جارنا أو نزيلنا أو شريكنا أو‬ ‫قريبنا أو صاحبنا‪ ،‬وإن شئت بمعنى ولينا أو ناصرنا أو سـيدنا أو المـنعم علينـا‪ ،‬وإن شـئت‬ ‫بمعنى صهرنا أو ابن عمنا أو قريبنا في النسب إن كان كذلك‪ ،‬إلى ما شئت من هـذه المعـاني‬ ‫كلها أو غيرها مما‪ ‬سبق وكفى عن الإعادة‪.‬‬ ‫وأما صرف النية إلى غير المخاطب فقيـل بـه في الأثـر‪ ،‬وكأنـه لمـن عجـز عـن منـاديح‬ ‫الكلام‪ ،‬وجهل وجوه القول الجائزة في الأحكام‪ ،‬ولكن صرف النية عن المخاطب في حـال‬ ‫المخاطبة أمر عسير‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫الذي يقرأ في تآليف قومنا وآثارهـم‪ ،‬ويجـد مكتـــوبا‪ :‬فـلان بـن فـلان ‪-‬رحمـه االله‪،-‬‬ ‫وكذلك إذا نسخ آثارهم‪ ،‬ووجد فلان بن فلان رحمه االله‪ ،‬أينـسخه كـما وجـده رحمـه االله‪ ،‬أم‬ ‫يحذف لفظة »رحمه االله« ؟ تفضل دلنا على طريق السلامة في هذا‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫يقرؤه ويكتبه كما وجده‪ ،‬وما عليه ملامة‪ ،‬وهو الصواب وفيه السلامة‪ ،‬واالله أعلم‪ .‬‬ ‫)‪ (١‬في)ت(‪ :‬فما‪.‬‬ ‫‪ ٢٧٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول في قول ما سألتك عنه في معنـى المكتـوب لـه‪ ،‬كـان وليـا أو غـير ولي‪ ،‬وهـذا‬ ‫اللفظ المستعمل الموجود خاصة عن الإمام ناصر بن مرشد‪ ،‬لولاة أموره‪ ،‬هل تجد فيه من‬ ‫فرق بالجواز في حق الولي خصوصا وبالعكس في العكس؟ ِّبين لنا ذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫لا فرق‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول شيخنا إذا مات أحد ممن لا نتولاه‪ ،‬أيجوز لنا أن نعزي أصـحابه نقـول لهـم‪:‬‬ ‫خلف االله عليكم فيه‪ ،‬أم يحسن االله عزاكم في فلان أم لا؟ وكيف اللفظ في‪ ‬الذي تتولاه‪،‬‬ ‫‪‬‬ ‫]والذي لا نتولاه عرفنا ذلك[‬ ‫‪ ‬‬ ‫لا بأس‪ ،‬وبعض كرهه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫جــواب عــن شــيخنا الغــافري‪ ،‬وهــو أنــه جــاء الأثــر‪ :‬إن التقيــة في الأرحــام والجــار‬ ‫والصاحب جائزة لهم من القول والدعاء والمعنى لغيرهم‪ ،‬وأنه يجوز للإنسان أن يتكلم لغير‬ ‫)‪ (١‬هو الإمام الرضي ناصر بن مرشد بن مالك بن أبي العرب بن سلطان اليعربي الرستاقي ثـم النـزوي‪،‬‬ ‫أول أئمة اليعاربة نصب إماما وهو شاب ‪١٠٣٤‬هـ‪ ،‬فكانت بيعته فاتحـة خـير للإسـلام والمـسلمين‪،‬‬ ‫ً‬ ‫زاهـدا‪ ،‬تـروى لـه كرامـات ومـآثر‪ ،‬ولـه عهـود إلى‬ ‫ً‬ ‫ورعـا‬ ‫ً‬ ‫عالمـا‬ ‫فوحد البلاد وطرد الغزاة‪ ،‬كان فقيها‬ ‫ولاته ورسائل إلى أهل المغرب الإباضية وأجوبة فقهية منثورة في الكتب‪ .‬توفي يوم الجمعة من شـهر‬ ‫ربيع الآخر سنة ‪١٠٥٩‬هـ‪ .‬ينظر‪ :‬منهج الطالبين ‪ ،٦٣٧/١‬تحفة الأعيان ‪ ١/٢‬وما بعدها‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬يتولاه ولعل الأنسب‪ :‬نتولاه لتوحيد اللفظين‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٧١‬‬ ‫الولي بكلام يوجب الولاية إذا صرف الكلام لغيره من الأوليـاء‪ ،‬لمعنـى يجتلـب بـه نفعـا أو‬ ‫مودة‪ ،‬وأما تعظيما له فلا يجوز‪ ،‬وإن تكلم بـذلك عـلى رؤوس النـاس‪ ،‬أو دعـا لـه في المنـابر‬ ‫والمشاهد فلا يجوز‪ .‬انتهى ما أردنا نقله من جواب الشيخ ‪-‬رحمه االله‪ -‬قال غيره‪ :‬فما الفـرق‬ ‫سيدي‪ ‬بين لي‬ ‫تفضل ِ‬ ‫سيدي بين المنابر والمشاهد والمجامع من الناس وبين غيرهن؟ َّ‬ ‫في هذا ِ‬ ‫ ِّ‬ ‫ ِّ‬ ‫بما تراه صوابا وعليك السلام‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬والذي يظهر لي في هذا أنه كلام حسن من قوله‪ ،‬ومـا ذكـره مـن المنـع عـلى‬ ‫رؤوس الناس ومشاهدهم‪ ،‬أو على رؤوس المنابر‪ ،‬فكأنه مما استدركه هذا الشيخ‪ ،‬فخصص‬ ‫به مجملات الأثر‪ ،‬وهو حسن من اعتباره؛ لأن هذا الموضع يفيد التعظيم بغير الحق كما قال‪،‬‬ ‫ولأن من إطلاقه تعرضا للغلبة‪ ،‬واسـتنزالا للـنفس في محـل التهمـة لا تجـوز للمـسلم‪ ،‬وأن‬ ‫يقف عليها لأن في إظهار الولاية والدعاء لأهل الجور والباطل على رؤوس الخلائق إظهاراً‬ ‫ودعاءا إلى موالاتهم‪ ،‬ونصرهم على باطلهم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ونصرا لأهله‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وإعلاء لكلمة الفساد‪،‬‬ ‫ومثل هذا لا يباح أبدا‪ ،‬وفاعله يخلع به عند من سمعه وتستباح البراءة منه‪ ،‬اللهم إلا‬ ‫أن يصح جبره على ذلك‪ ،‬فيكون قد قاله في موضع التقية دفاعـا عـن نفـسه أو دينـه أو مالـه‬ ‫على ما جاز له‪ ،‬وإلا فهو كذلك‪.‬‬ ‫وباقي المسألة وارد على ما في الأثر الصحيح‪ ،‬وكفى به عن الإعادة‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫هل يجوز لأحد أن يقـول لأحـد مـن أفاضـل المـسلمين‪ :‬فـداك أبي وأمـي كـما كانـت‬ ‫الصحابة تقول ذلك للنبي ^؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫‪ ٢٧٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫مثل هذا جائز صحيح جار على أساليب كلام‪ ‬العرب ومناهجهم في اللغة‪ ،‬يفدون‬ ‫الدار والطلل والحبيب ونحوه بالأنفس‪ ،‬والآباء والأمهات كقوله‪:‬‬ ‫فــــــــــديناك مــــــــــن ربــــــــــع وإن زدتنــــــــــا كربــــــــــا‬ ‫وفي قول الآخر‪:‬‬ ‫بــــــــــــــأبي أنــــــــــــــت وفــــــــــــــوك الأشــــــــــــــنب‬ ‫وكقول حسان‪:‬‬ ‫فـــــــــــإن أبي ووالـــــــــــده وعـــــــــــرضي لعــــــــرض محمــــــــد مــــــــنكم وقــــــــاء‬ ‫ومثل هذا كثير‪ ،‬وهو في الأصل من باب المجاز المبني في اللغة على طريقة المبالغة التي‬ ‫لا يراد بها الحقيقة‪ ،‬ومعناه لو أن شيئا لحسنه أو‪ ‬لجلالتـه ]أو لمحبتـه[‪ ‬أو لـشرفه‪ ،‬يفـدى‬ ‫بالنفس أو بالأب والأم‪ ‬لكان هذا‪ ،‬وليس المراد به الفداء على الحقيقة لا في حق النبي ^‪،‬‬ ‫ولا في غيره‪ ،‬فربما يقول بأبي أنت وأمي وأبوه وأمه رميمان في التراب‪ ،‬لا تصح‪ ‬المفاداة بهم‬ ‫أصلا‪ ،‬فكذلك في غيرهما‪ ،‬وإنما يكون تلخيص المعنى ما ذكرناه لا غير‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫عــن ســيدي أبي ســعيد ‪-‬رضي االله عنــه‪ :-‬وعــن رجــل يــبرأ مــن ولي رجــل قدامــه‪،‬‬ ‫والمتبرىء لا يعلم أن المتبرأ منه ولي للآخر‪ ،‬هل يكون قاذفا بذلك؟‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬عوام‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م( وفي )ت(‪ :‬أو لمحنته‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬أو الأم‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬يصح‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٧٣‬‬ ‫قال‪ :‬معي أنه لا يكون قاذفا بذلك إذا لم يعلم‪ ،‬واحتمل براءته له بحق‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬فهل عليه أن ينكر عليه؟‬ ‫قال‪ :‬معي أنه إن كان لا يتقي تقية في إنكـاره‪ ،‬وقـدر عـلى ذلـك‪ ،‬فـلا ينبغـي لـه تـرك‬ ‫الإنكار عليه‪ ،‬ويعجبني أن يعلم بذلك‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬فلا يتقي تقية ويقدر ]على أن ينكر عليه‪ ،‬هل يسعه ذلك؟‬ ‫‪‬‬ ‫قال‪ :‬معي أنه لا يضيق عليه ذلك إذا احتمل عليه بـراءة الآخـر مـن الحـق‪ ،‬قـال‪[:‬‬ ‫ولعله قد يوجد في بعض القول أن إظهاره الولاية في الـذي يـبرأ منـه‪ ،‬يـشبه معنـى إظهـاره‬ ‫البراءة في الذي يتولاه‪ ،‬لعله إذا كان هذا الذي قد يتبرأ‪ ‬من هذا وليه ممن وجبت‪ ‬ولايته‬ ‫على أهل الدار بعلم ذلك المتبرىء‪ ،‬كان محجورا عليه إظهـاره الـبراءة ]في الـدار[‪ ،‬وعنـد‬ ‫أهل الدار‪ ،‬فلعله يلحقه اسم القذف عند كل من أظهر عنده ذلك من معنى البراءة‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫قال غيره‪ :‬وهل يجب شيخنا أن يلحق هذا الأثر بكل متبرىء من أي ولي كـان‪ ،‬ولـو‬ ‫ضعيفا كان الولي أو عالما‪ ،‬من الرعية كان أو إماما‪ ،‬عامة‬ ‫ً‬ ‫من الصحابة أو التابعين بإحسان‪،‬‬ ‫كانت ولايته أو خاصة‪ ،‬بالظاهر كانت أو بالحقيقة إذا احتمل أن المتبرىء برىء بحـق غـير‬ ‫عالم بولاية‪ ،‬مع من برىء منه عنده ولا بولاية أهل الدار له أم‪ ‬لا احتمال لـه ولا عـذر في‬ ‫البراءة من هؤلاء المتقدمين‪ ،‬إذا كانوا من العلماء أو الأئمـة المنـصوبين‪ ،‬الـشاهرة أفـضالهم‪،‬‬ ‫المتواترة بالعلم والعدل والحلم أخبارهم‪ ،‬مع أن هذا‪ ‬المتـبرىء مـنهم لم يـدرك عـصرهم‪،‬‬ ‫)‪ (١‬سقط من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬تبرأ‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬وجب‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقط من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫‪ ٢٧٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫والشهادة عليهم بنقض ما ماتوا عليه مـن الإيـمان لا يجـوز لـه أن يقبلهـا إذ تخـرج في مخـرج‬ ‫الدعوى في إجماع من قول الفقهاء‪.‬‬ ‫وإنما يخص هذا الأثر فيمن كان من أهل هذا‪ ‬الزمان‪ ،‬أو من الأوائـل إذا كـان مـن‬ ‫الرعية والضعفاء‪ ،‬لكون الشهادة عليهم بما يوجب البراءة جائزة مقبولة في بعض ما قيل‪.‬‬ ‫فتفضل أيها الشيخ بين لي معنى كل ذلك مفصلا‪ ،‬واجعله لكل هذه الأوجه المذكورة‬ ‫ َّ‬ ‫أصلا مؤصلا لنا ولمن جاء من بعدنا‪ ،‬وذلك إذا لم نجد ما ننصه حفظا بعينـه عـن أحـد مـن‬ ‫إخوانك الأبرار‪ ،‬لا قدرة لنا عـلى‪ ‬اسـتنباطه بغـيره مـن الـوارد عـنهم في الآثـار‪ ،‬لـضعف‬ ‫علومنا‪ ،‬وقلة فهومنا‪ ،‬وتكدر بالنا لكثرة اشتغالنا‪ ،‬فاالله المستعان‪ ،‬وإليه الرجعان‪ ،‬وله الحمد‬ ‫على كل حال‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫نعم إن هذا الأثر في البراءة من الولي على هذا النحـو لا يخـرج عنـدي إلا عـلى معنـى‬ ‫الخصوص في غير من تلزم أهل الدار ولايته‪ ،‬ولا من مضى على سبيل الاسـتقامة مـن أئمـة‬ ‫المسلمين وعلمائهم وشهدائهم‪ ،‬وأهل الفضل مـنهم‪ ،‬دع مـن وجبـت ولايتـه بالحقيقـة مـن‬ ‫كتاب االله تعالى‪ ،‬فإنه لا سبيل إلى جواز البراءة منهم على حال‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫مما عن شيخنا الكدمي ‪-‬رضي االله عنه‪ -‬قلت‪ :‬فمن برىء من نبي من حين ما سـمع‬ ‫منه أنه واقع شيئا من الكبائر‪ ،‬وقصد ببراءته منه لأجل المعصية‪ ،‬قلت‪ :‬هل يسعه ذلك إذا لم‬ ‫يعرف الحكم فيه]‪ [...‬للعاصي؟‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬عن‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬بياض في الأصل‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٧٥‬‬ ‫قال‪ :‬معي أنه إذا قصد إلى البراءة من العاصي‪ ‬أو مـن أهـل صـفة المعـصية‪ ،‬فأخطـأ‬ ‫بالبراءة من النبي على قصده غير النبي فقد وافـق مـا يلزمـه ويـسعه‪ ،‬وإن بـرىء مـن النبـي‬ ‫بجهل منه فيما يلزم من أمر النبي لم يسعه ذلك عندي‪ ،‬وكان هالكا عندي بذلك‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫قال غيره‪ :‬وهل من عذر على قياد هذا لمن سمعته يبرأ من أبينا آدم‪ ،‬أو من أولاد‬ ‫يعقوب عليهم السلام‪ ،‬إذا احتمل أنه سمع قوله تعالى‪ ،L¥¤£¢M :‬وسمع‬ ‫قوله تعالى‪r q p o n m l k j i h g f M :‬‬ ‫‪ ،Ls‬أو قوله تعالى‪~ } | { z y x w M :‬‬ ‫‪ L‬ولم يعلم أنه قصد بذلك البراءة من الأنبياء ‪-‬عليهم السلام‪ -‬عالما ولا‬ ‫سيدي علينا بالجواب جزاك االله‬ ‫جاهلا‪ ،‬أم لا عذر له عن الاحتمال ولا نعمة عين؟ تفضل ِ‬ ‫ ِّ‬ ‫ما أنت له أهل‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬وأنا لا أدري وجه عذره‪ ،‬ولا صفة الاحتمال له ]في[‪ ‬مثل هذا إذا تعمـد‬ ‫البراءة منهم بأسمائهم وأعيانهم في جهالة منهم وضلالة‪ ،‬وتأولا لما لم يبلغه فهمه من معـاني‬ ‫الآيات الشريفة‪ ،‬فهو بذلك التأويل من أهل الأباطيل‪ ،‬ضال عن السبيل‪ ،‬وليس هذا معنى‬ ‫قوله‪ :‬إنه إذا برىء من أهل تلك الصفة أو من أهل صفة المعصية‪ ،‬ولكنه يـشبه هـذا عنـدي‬ ‫إذا برىء على الصفة المستوجبة أهلهـا للـبراءة‪ ،‬وإن أتـى ذلـك في حكـم الظـاهر عـلى ذلـك‬ ‫الموصوف‪ ،‬فعسى أن يكون هذا من الخطأ المشار إليه‪ ،‬إذا لم يقصده بعينه‪ ،‬ولم يعينه باسـمه‪،‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬المعاصي‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬طه‪ :‬الآية )‪.(١٢١‬‬ ‫)‪ (٣‬يوسف‪ :‬الآية )‪.(٩‬‬ ‫)‪ (٤‬يوسف‪ :‬الآية )‪.(٢٠‬‬ ‫)‪ (٥‬زيادة يقتضيها السياق‪.‬‬ ‫‪ ٢٧٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫أو عينه باسمه على قصد غيره‪ ،‬كـما صرح بـه الـشيخ في جوابـه إن جـاز أن يكـون هـذا مـن‬ ‫عقيدته أنه برئ‪ ‬من آدم العاصي على أنه لم يقصد به آدم أب البشر النبي ‪-‬عليه الـسلام‪،-‬‬ ‫لكن مثل هذا التقدير بعيد جدا لا ينتبه لمثله إلا مثل هذا الشيخ في دقـة علمـه‪ ،‬فينظـر فيـه‪.‬‬ ‫واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫أخبرني عن الشهادة في البراءة‪ ،‬ما اللفظ فيها الذي يكون خارجا عن حد الشهادة إلى‬ ‫حد القذف؟ وما اللفظ الذي يكون شهادة جائزة؟ وما صفة ذلك ومـا الـشهادة التـي تـرد‬ ‫ولا تكون قذفا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫هذا أصل يحتاج فيه إلى شرح من عالم‪ ،‬ولست بعالم في ذلك ولا في غيره‪ ،‬ولكنه قـد‬ ‫جاء في الأثر عن أهل العلم بذلك أنه إذا كان لك ولي في الدين أو الرأي‪ ،‬فادعى عليه أحد‬ ‫أنه فعل مكفرة لا محتمل له‪ ‬فيها بوجه من الحق‪ ،‬وأتى في ذلك بتـصريح مـن القـول‪ ،‬فـلا‬ ‫يجوز لك قبول ذلك ممن يقول به‪ ،‬وهو في حكم القاذفين عندك لوليك‪.‬‬ ‫وإن كان قذفه بالزنى فعليه الحد في الشرع‪ ،‬ويبرأ منه‪ ،‬وسواء ذلك في ولي لك وغـير‬ ‫ولي‪.‬‬ ‫وكذلك من برىء من ولي لك فهو قاذف لـه‪ ،‬وتجـوز لـك الـبراءة ممـن قـذف وليـك‬ ‫بذلك‪ ،‬سواء كان عالما أو جاهلا‪ ،‬إلا أن يكون المتـبرىء وليـا لـك‪ ،‬فحكمـه حكـم الـوليين‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬يرى‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬لها‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٧٧‬‬ ‫المتقاتلين‪ ،‬وليس له أن يبرأ منه عندك‪ ،‬إذا علم أنك تتولاه وتلزمه التوبة من ذلك‪ ،‬ولكن‬ ‫ليس لك البراءة منه إلا أن تستتيبه‪ ‬فيصر على ذلك‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬لك أن تبرأ منه على الحكم الظاهر إذا كان قد برئ من وليك بالدين؛ لأنه قـد‬ ‫واقع كبيرة في حكم الظاهر معك‪ ،‬والاختلاف في أهل الكبائر موجود‪ ،‬وعليك أن تستتيبه‬ ‫على حال‪ ،‬وإن كان لا تعلم‪ ‬منه‪ ‬أنه يعلم أن ذلك وليك فالاستتابة ألزم‪.‬‬ ‫وإن علمت بأنه يعلم ذلك فالاستتابة أحوط إلا أن تكون البراءة قد وقعت من عـالم‬ ‫وكان في موضع حكم أو فتيا فلا تجوز البراءة لأحد من عالم محق‪ ‬وإن برئ من وليه‪ ،‬ولا‬ ‫يجوز له الوقوف عن عالم بذلك‪ ،‬ولا البراءة منه برأي ولا سؤال‪ ،‬وقد قيـل‪ :‬إن العـالم إذا‬ ‫قال‪ :‬إن فلانا قد فعل كبيرة وتبرأ منه على ذلك أن قول العالم حجـة‪ ،‬والقيـاس يـرجح غـير‬ ‫ذلك؛ لأنه في الظاهر مدع بخلاف ما إذا شاهدت من وليك فعلا أشكل عليك أمره‪ ،‬وأنت‬ ‫جاهل فأفتاك العالم المحق بأن ذلك مكفر وتبرأ منه على ذلك‪ ،‬فهذا موضع الفتيا منه بفعلـه‬ ‫المكفر‪ ،‬وموضع الحكم عليه بالبراءة منه‪ ،‬ولو حكم بذلك ضعيف من الـضعفاء فتـبرأ مـن‬ ‫وليك ما كان قبول حكمه جائزا ولكان بذلك مبطلا؛ لأنه ليس له حجة في ذلك عليك ولا‬ ‫على وليك‪ ،‬وليس لضعيف أن يقدم على البراءة‪ ،‬وتلزمه التوبة عندك من ذلك‪.‬‬ ‫وأما الشهادة التي لا تكون قذفا فهي كبيرة‪ ،‬فكـل مـن شـهد أن فلانـا ولي فهـو غـير‬ ‫قاذف‪ ،‬وكذلك لو شهد أن فلانا الحاكم أو العالم حكم على فلان بكـذا مـن أي حكـم كـان‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬المتقابلين‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬يستتيبه‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬يعلم‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬بحق‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬بسؤال‪.‬‬ ‫‪ ٢٧٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫مطلقا أو ما أشبه ذلك‪ ،‬فقس عليه‪ ،‬فهذا ما حضرني وازدد من سؤال أهـل العلـم توفـق إن‬ ‫شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول شيخنا فيمن سمع شخصا يتكلم بكلام يوجب البراءة من ذلـك الـشخص‬ ‫في الليل‪ ،‬أو في بيت أو قفا جدار‪ ،‬أو في أناس كثيرة‪ ،‬ولم يره بل سـمع ذلـك الـصوت منـه‪،‬‬ ‫بـين‬ ‫وهو يعرفه أن ذلك الشخص باسمه إلا أنه لم يره‪ ،‬هل يلزم المستمع منه الـبراءة أم لا؟ ِّ‬ ‫لنا ذلك مأجورا إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫لا يلزمه‪ ،‬وليس له في الحكم أن يبرأ منه بذلك‪ ،‬ولا يبين لي أن لـه ذلـك في الواسـع؛‬ ‫لأن البراءة حد‪ ،‬والحـدود تـدرأ بالـشبهات‪ ،‬وهـذه شـبهة ظـاهرة؛ لأن الأصـوات محتملـة‬ ‫للتشابه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫فيمن تكلم بكلام يبلغه كلامه إلى البراءة‪ ،‬ولست أنظره في موضع مظلم‪ ،‬وأنا أسمع‬ ‫كلامه‪ ،‬ولا أرى شفتيه ينطقان ويلفظان به مع الصوت‪ ،‬ما يلزمني في ذلك؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫لا يلزمك فيه شيء في الحكم‪ ،‬وأنت منه في السلامة إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫الذي يتكلم بكلام مما يخرجه كلامـه إلى الـبراءة‪ ،‬إذا سـمع صـوتا منـه‪ ،‬ولم يـشك أن‬ ‫المتكلم هو لا غيره‪ ،‬أيبرأ منـه عـلى هـذه الـصفة‪ ،‬أم لا يـبرأ منـه إلا أن يـرى شـفتيه ينطقـان‬ ‫ويلفظان به مع الصوت المعبر لفهم معناه؟ ِّبين لنا ذلك مأجورا‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٧٩‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫إذا سمع كلامه وهو حاضر معه في نهار غير متوار بستر ولا حائل ولا لبس‪ ،‬فيجوز‬ ‫أن يحكم عليه بما سمع منه‪ ،‬ولو لم ير شفتيه مع النطق‪ ،‬ولا يتعرى هذا من الاختلاف مـا لم‬ ‫يره ينطق‪ ،‬فينظر نطقه من فمه وشفتيه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫عن رجل أقر عندي أنه زنى وغصب وسرق‪ ،‬وشرب الخمر‪ ‬والتتن‪ ،‬وترك الصلاة‬ ‫والصوم وهلم جرا‪ ،‬أيسعني أن أقف عنه وقوف ديـن‪ ،‬أم لا يجـوز لي إلا الـبراءة منـه حتـى‬ ‫أسمعه يستغفر ربه من جميع ذنوبه؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن ترك الصلاة المفروضة عليه عمدا لغـير عـذر يـسعه‪ ،‬وهـو بـالغ عاقـل قـادر عـلى‬ ‫أدائها‪ ،‬قائمة عليه الحجة بها في موضع وجوبها عليه‪ ،‬فتركها على ذلك فهو كافر تجب البراءة‬ ‫منه على من قامت عليه الحجة بذلك‪ ‬واهتدى إليه‪ ،‬وكذلك في باقي المسألة‪.‬‬ ‫فافطن لما‪ ‬فيه من الشروط‪ ،‬ولو تكرر بعضها لأجل التوضـيح؛ لأن قولـه قـد تـرك‬ ‫الصلاة كلام مجمل لا يوجب البراءة‪ ،‬ولا يجوز الحكم بعمومه؛ لأن الصلاة قد تكون نافلة‪،‬‬ ‫وقد تكون فريضة‪ ،‬وتركها قد يكون لعذر وقد يكون لغير عذر‪.‬‬ ‫وكذا في الصوم وفي غيره من المسائل كلها يجري فيه الخصوص والعموم‪ ،‬ولا يجـوز‬ ‫الحكم بشيء من ذلك ولا في شيء منه إلا على الخصوص كما يجوز فيه‪ ،‬فافهم ذلك وافطـن‬ ‫له ترشد إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬بما‪.‬‬ ‫‪ ٢٨٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫في أطفال المؤمنين الأبرار‪ ،‬وسائر أهل القبلة من الظلمة الأشرار‪ ،‬والكافرين من‬ ‫المشركين والجاحدين الفجار‪ ،‬في يوم القصاص ما يكون سبيلهم‪ ،‬وإلى أين محلهم‬ ‫ومصيرهم؛ لأنهم لم يواقعوا ذنبا‪ ،‬ولم يجترحوا إثما‪ ،‬وقد وقع الاختلاف بين العلماء‬ ‫الأسلاف‪:‬‬ ‫فقال أحدهم‪ :‬إن أولاد أهل النار في النار‪ ،‬ليس بهم ضرار‪ ،‬ولا سوء قرار‪ ،‬وأما أولاد أهل‬ ‫الجنة خدم لأهلها‪ ،‬ليس لهم ما لهم من الحظ الوافر‪ ،‬والنعيم الشاهر‪ ،‬وقد رأينا في الكتاب‬ ‫قوله عز وجل‪B A @ ? > = < ; : 9 8 7 6 M :‬‬ ‫‪ LF E DC‬وفي آية أخرى في قصة نوح ‪-‬عليه السلام‪ -‬في الكافرين فقال‪Í M :‬‬ ‫‪ L Ñ Ð Ï Î‬وقال أيضا‪[ Z Y X W V U M :‬‬ ‫\‪.L‬‬ ‫وفي الرواية عن النبي ^‪ ،‬حين سألته زوجته خديجة‪ ‬عن أولادها من غيره فقـال‪:‬‬ ‫»‪ ‬والذي اعتمد عليه الشيخ أبو سعيد ‪-‬رحمه االله ‪-‬‬ ‫احتجاجه الآية الأولى‪ ،‬ولم يمل إلى الأخرى‪.‬‬ ‫فإذا كان ذلك كذلك فعلى هذه الأضداد كيف يكون للعباد من محل الاعتماد‪ ،‬في عقد‬ ‫)‪ (١‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(١٧٢‬‬ ‫)‪ (٢‬نوح‪ :‬الآية )‪.(٢٧‬‬ ‫)‪ (٣‬الطور‪ :‬الآية )‪.(٢١‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬أخرجه أحمد في مسنده ‪ ٢٠٨/٦‬عن عائشة أنها ذكـرت لرسـول االله ^ أطفـال المـشركين فقـال‪» :‬إن‬ ‫شئت أسمعتك تضاغيهم في النار«‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٨١‬‬ ‫الولايات‪ ،‬ووجوب الولايات‪ ،‬ووجوب البراءات‪ ،‬وما يكون حال المبتلى بأمورهم‪ ،‬وأيـن‬ ‫الأرجح في ذلك من ذلك‪ ،‬مع اختلاف المعاني في هذه المباني‪.‬‬ ‫فإذا كان على قول من العلماء كما تقدم لهم من الأقوال بواسـطة الأبـوة مـن الأعـمال‪،‬‬ ‫فلا بد أن يلحقهم اسم الولاية والبراءة‪ ،‬ممن خصه أمرهم واختبر حالهم‪ ،‬أتكون عـلى هـذا‬ ‫مجزية له ولاية‪ ،‬أم يعمهم اسم آبائهم الشاهر لهـم ولايـة الـشريطة‪ ،‬أم يعمهـم اسـم آبـائهم‬ ‫الشاهر لهم ولاية الحقيقة؟‬ ‫وكذلك من لهم اسم الشاهر بولاية حكم الظاهر‪ ،‬أرأيـت مـن اختـبر حـالهم‪ ،‬ونظـر‬ ‫مقالهم‪ ،‬فما الواسع له في معنى لزوم الولاية والبراءة؟ لأن الآية الأولى نظر لهم جميعـا اسـم‬ ‫الطاعة في أخذ العهد عليهم والميثاق‪ ،‬وعلى هذا فلا تنازع ولا شقاق‪.‬‬ ‫وأما آية الكفار‪ ،‬ورواية نبينا المختار فهما في ذلك على الخصوص‪ ،‬في حكم‬ ‫منصوص؛ لأن الرواية بما تكون لاحقة بالكتاب؛ لقوله تعالى‪0 / . - , + M :‬‬ ‫‪ L5 4 32 1‬وهذا واضح البرهان ظاهر العيان‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫أما أطفـال المـؤمنين فـما عنـدي فـيهم في الحـين إلا منعمـون في الجنـة‪ ،‬مكرمـون تبعـا‬ ‫لآبائهم‪ ،‬ولا أعلم فيهم قولا بأنهم خدم لأهل الجنة‪ ،‬ولا يبين لي ذلك‪ ،‬وإنما قيل في أطفـال‬ ‫المشركين وغيرهم من الفسقة المنـافقين‪ ،‬ولا يبعـد جـوازه وإن أمكـن غـيره‪ ،‬وأحـب أن لا‬ ‫يعتقد الولاية إلا لأطفال المؤمنين بالخصوص‪ ،‬تبعا لما لا يجوز خلافه مـن النـصوص‪ ،‬فهـم‬ ‫لحق بآبائهم في حكم الولايـة‪ ،‬فمـن كـان لأبويـه أو لأحـدهما ولايـة حقيقـة فهـو في ولايـة‬ ‫الحقيقة‪ ،‬أو ولاية ظاهر فولايته بالظاهر‪.‬‬ ‫وأمــا أطفــال مــن ســواهم مــن مــشرك أو فاســق مــن أهــل القبلــة‪ ،‬أو مجهــول الحــال‬ ‫)‪ (١‬النجم‪ :‬الآيتان)‪.(٤-٣‬‬ ‫‪ ٢٨٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫فالوقوف هو الذي نختاره فيهم على حال‪ ،‬ولا يجب‪ ‬إظهار ولايتهم في ظاهر ولا حقيقة‪،‬‬ ‫ولا اعتقاد البراءة منهم في ظاهر ولا حقيقة؛ لأن االله قد ذكر حكم أطفال المؤمنين‪ ،‬وسكت‬ ‫عمن سواهم لحكمة ومـصلحة علمهـا مـولاهم فـلا ملامـة‪ ،‬فـالوقوف سـلامة‪ ،‬ولـيس في‬ ‫الحديث تصريح بأنهم في النار‪ ،‬ولكنه أبهم جوابا على سبيل العرض لما ليست لـه تختـار‪ ،‬إن‬ ‫صح توجيهه بهذا فقد قيل به في بعض الآثار‪.‬‬ ‫ولا يجوز على الحكم العدل جزما أن يأخذ نفسا بعمل غيرها يوما ‪μ ́ 3 M‬‬ ‫¶ ̧‪ L‬وهو بالغيب أدرى‪ ،‬وإن اعتقد امرؤ في ذلك ولاية‪ ،‬ولاية‪ ‬الجملة أو‬ ‫الشريطة أو البراءة بهما أو بأحدهما فقد وفق وأصاب‪ ،‬وترك التكلف‪ ‬والارتياب‪.‬‬ ‫ومن رأى غير هذا مما جاز في الـرأي لأهلـه فغـير ملـوم أن يأخـذ بعدلـه‪ ،‬غـير أني لا‬ ‫أحب الإقدام على البراءة منهم تعلقا بمحتمل فيه تنازعت الأعلام من غير تعنيف لمن رآه‪،‬‬ ‫وأخذ بما منه يراه‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫المتعنتون من أهل الخلاف إذا قـالوا لرجـل مـن أهـل الاسـتقامة‪ :‬تـرض عـن عـثمان‬ ‫وعلي‪ ،‬وترضى عنهم بظاهر القول والباطن بخلاف ذلك‪ ،‬أتجزيه النية إذا نوى أن يتولى من‬ ‫‪‬‬ ‫تولاه االله ورسوله والمسلمون‪ ،‬ويبرأ ممـن يـبرأ االله منـه ورسـوله والمـسلمون‪ ،‬أم ذلـك لا‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬تجب‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬الإسراء‪ :‬الآية )‪.(١٥‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬التكليف‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٨٣‬‬ ‫يجوز؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن فعل ذلك تقية لم يضق عليه‪ ،‬وإن أحسن المندوحة فحول نيته إلى من تجوز ولايته‬ ‫ممن تسمى بذلك من أولياء االله تعالى فوجه حسن سديد‪ ،‬وكـذا إذا اعتقـد ذلـك فـيهم بنيـة‬ ‫الشريطة إن جازت ولايتهما في دين االله تعالى فجائز‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما قولك في الجاهل إذا خطر بباله ذكـر مقتـل عـثمان‪ ،‬أيلزمـه أن يعتقـد أن الحـق مـع‬ ‫القاتلين وما عداهم على باطل؟ وكذلك أمر أهل النهروان وعلي بن أبي طالب‪ ،‬وهل يلزمه‬ ‫أن يعتقد بقلبه أن قتلة عثمان مصيبون على الحقيقة في قـتلهم وكـذلك أصـحاب النهـروان؟‬ ‫وعثمان وعلي مبطلان‪] ،‬أم يكفيه[‪ ‬إذا قال‪ :‬قولي قول المسلمين؟ عرفنا ذلك‪ ،‬كفينا وإيـاك‬ ‫جميع المهالك؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫ذلك لا يلزم‪ ،‬واعتقاده على الحقيقة لا يجوز؛ لأنه من أحكام الظـاهر لا مـن أحكـام‬ ‫الحقيقة‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ومما عن قومنا قال الشيخ‪ :‬ونكف عن ذكر الصحابة إلا بخير‪ ،‬نشهد بالجنـة للعـشرة‬ ‫الذين بشرهم النبي ^ بالجنة‪.‬‬ ‫من الشرح حيث قال عليه السلام‪ :‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫‪ ٢٨٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬وكذا نشهد بالجنة لفاطمة‪ ،‬وللحسن والحسين‪ ،‬لما ورد في الحـديث الـصحيح‪:‬‬ ‫»‪ ،‬و‪‬‬ ‫‪ ،‬وسائر الصحابة لا يذكرون إلا بخير‪ ،‬ولا نشهد بالجنة ولا بالنار لأحد بعينه‪ ،‬بل‬ ‫نشهد أن المؤمنين من أهل الجنة‪ ،‬والكافرين من أهل النار‪.‬‬ ‫قال‪ :‬والطعن فـيهم إن كـان ممـا يخـالف الأدلـة القطعيـة فكفـر‪ ،‬وإلا فبدعـة وفـسق‪،‬‬ ‫وبالجملة لم ينقل عـن الـسلف المجتهـدين‪ ،‬والعلـماء الـصالحين‪ ،‬جـواز اللعـن عـلى معاويـة‬ ‫وأضرابه؛ لأن غاية أمرهم البغي والخروج على الإمام‪ ،‬وهو لا يوجب اللعن‪.‬‬ ‫وإنما اختلفوا في يزيد بن معاوية‪ ،‬حتى ذكر في »الخلاصة« وغيرها أنه لا ينبغي اللعن‬ ‫عليه‪ ،‬ولا على الحجاج؛ لأن النبي ^ ‪ ،‬وما نقـل‬ ‫من لعن النبي ^ لبعض من أهل القبلة فلما يعلم من أحوال الناس ما لا يعلمه غيره‪.‬‬ ‫وبعضهم أطلق اللعن عليه لما كفر حين أمر بقتل الحسين‪ ،‬واتفقوا على جـواز اللعـن‬ ‫على من قتله وأمر بقتله‪ ،‬أو أجازه ورضي به‪ ،‬والحق أن رضا يزيد بقتل الحـسين واسـتئثاره‬ ‫بذلك‪ ،‬وإهانته أهل بيته مما تواتر معناه‪ ،‬وإن كان تفاصيله آحادا فنحن لا نتوقف في شـأنه‪،‬‬ ‫بل في إيمانه لعنة االله عليه وعلى أنصاره وعلى أعوانه‪.‬‬ ‫)‪ (١‬أخرجه الترمذي في كتاب‪ :‬المناقب‪ ،‬باب‪ :‬مناقب عبد الرحمن بن عوف من طريقين‪ :‬عبد الـرحمن بـن‬ ‫عوف )‪ (٣٧٦٨‬وسعيد بن زيد )‪.(٣٧٦٩‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬النساء‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬أخرجه الترمذي في كتاب‪ :‬المناقب‪ ،‬باب‪ :‬فـضل فاطمـة ‪ -‬رضي االله عنهـا ‪ (٣٨٩٩) -‬مـن طريـق أم‬ ‫سلمة قالت فاطمة‪ :‬أخبرني رسول االله ^ أنه يموت فبكيت ثم أخبرني أني سـيدة نـساء أهـل الجنـة‬ ‫إلا مريم ابنة عمران فضحكت‪ ،‬وقال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬أخرجه الترمذي في كتاب‪ :‬المناقب‪ ،‬باب‪ :‬مناقب أبي محمد الحسن بن علي والحسين بن علي )‪(٣٧٩٣‬‬ ‫من طريق أبي سعيد الخدري‪ ،‬وقال الترمذي‪ :‬هذا حديث صحيح حسن‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬لم نجده‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٨٥‬‬ ‫قال الشيخ نـاصر بـن أبي نبهـان‪ :‬لم تقـم الحجـة بـصحة الروايـة في العـشرة المبـشرين‬ ‫بالجنة‪ ،‬ومعنا أن طلحة والزبير ماتا على مخالفة علي بعد حربهما له مع عائشة‪ ،‬ولم تقم الحجة‬ ‫بصحة توبتهما إلى أن ماتا في وقت لا يجوز لهما محاربة علي ولا مخالفتـه فـيما لا يـسع الخـلاف‬ ‫فيه‪ ،‬وليس علينا أن نحكم عليهما بحكم الظاهر إلا ما ظهر منهما وماتـا عليـه‪ ،‬وعلمهـما في‬ ‫الباطن إلى ربهما إن كانا قد تابا أم لا‪.‬‬ ‫ولم نتعبد بعلم الغيب‪ ،‬وكذلك غيرهمـا مـن الـذين مـاتوا عـلى الطاعـة‪ ،‬وعـلى حكـم‬ ‫الولاية في حكم الظاهر‪ ،‬فلهم الولاية بحكم الظاهر منهما لا بحكم الحقيقة‪ ،‬وحكم الحقيقة‬ ‫لا يلزم إلا من سمع النبي ^ بأذنه من لسانه لا غير‪ ،‬ولو اشتهر في جميع أهل القبلـة‪ ،‬فإنـه‬ ‫يلزم الحاكم بقيام الشهرة بحكم الظاهر؛ إذ‪ ‬كانت حجة عليه لحكم الظاهر‪ ،‬وليس بحجة‬ ‫عليه في علم الحقيقة إذ الشهرة تمكن أن تكون عن صدق‪ ،‬ويمكن أن تكون‪ ‬عن مين فـلا‬ ‫يوجب علم الحقيقة إلا تنزيل إلهي صريح‪ ،‬أو من لسان نبـي في حـق مـن سـمعه بأذنـه مـن‬ ‫لسانه‪.‬‬ ‫وأما لعن معاوية ويزيد والحجاج والمشهورين بالفساد‪ ،‬فمن صح أنه قتل نفسا بغير‬ ‫حق كيف لا يجوز لعنه‪ ،‬وقد قال تعالى‪t s r q p o n m M :‬‬ ‫‪ L {z y xw v u‬ولا يصح أن يكون أحد مقتولا مظلوما في القتل‪ ،‬إلا‬ ‫]وقاتله يكون[‪ ‬ظالما‪ ،‬وقال تعالى‪ ،LÏÎÍÌË M :‬ومن ادعى أنه لم يرد‬ ‫غير المشركين الظالمين فعليه القطعي‪ ،‬وإلا فالأحكام التنزيلية المحكمة لا تناقضها روايات‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬إذا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬يكون‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الإسراء‪ :‬الآية )‪.(٣٣‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬ويكون قاتله‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬هود‪ :‬الآية )‪.(١٨‬‬ ‫‪ ٢٨٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫عن النبي ^ اختلف أهل مذاهب الإسلام في صحتها‪ ،‬أو أنها غير صحيحة‪ ،‬فمع‬ ‫الاختلاف الرجوع إلى الكتاب؛ لأن الشريعة للشارع بها الشارع لا يخالف الأحكام‬ ‫المحكمة التنزيلية‪ ،‬وأما أنه يكون اللعن واجبا فلا يجب اللعن في أحد‪ ،‬إذ برئ من أفعاله‬ ‫الباطلة أو لم يرض بها‪ ،‬وفي نفسه أن كل عدو الله فهو عدو له‪ ،‬وكل ولي الله فهو ولي له‪ ،‬ولم‬ ‫تقم عليه الحجة بولايته‪ ،‬ولا بالبراءة منه بعينه‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬ومن طعن في عثمان مما يخالف الأدلة القطعية فهو كافر لا يفيـد علـما؛ لأنـه لم‬ ‫يبين الطعن بأي شيء‪ ،‬ولا ضرب له مثلا‪ ،‬فإن كان فيما أحدثه أنه لا يبلغ به إلى تكفـير كفـر‬ ‫نعمة‪ ،‬فهو من التناقض من الكلام والأحكام؛ لأن الشيع والخوارج يطعنون فيه‪ ،‬ومعه أن‬ ‫طعنهم على خلاف الأدلة القطعية‪ ،‬ولم يكن معه مشركون‪ ،‬والتكفير معه لا يجوز ]إلا عـلى‬ ‫معنى الشرك‪ ،‬وقوله إن يزيد كفر بأمره قتـل الحـسين وأنـصاره وأعوانـه ولعـنهم ومعـه أن‬ ‫اللعن لا يجوز[‪ ‬على المؤمنين‪ ،‬كأنه منعه إلا على الكافرين كفر الـشرك‪ ،‬فكأنـه شرك يزيـد‬ ‫الآمر بقتل الحسين وأعوانه وأنصاره‪ ،‬والراضين بقتل الحسين‪ ،‬وهو يمنع أن المؤمن إذا قتل‬ ‫مؤمنا لا يكون مشركا‪ ،‬فانظر إلى مناقضة معاني كلامهم وأحكامهم في شريعتهم وعقائدهم‬ ‫تنظر‪ ‬العجب العجاب‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫قلت لشيخي الخليلي‪ :‬ما تقول في كل هذا؟ وانظر في قوله‪ :‬ولو اشتهر في جميـع أهـل‬ ‫القبلة إلى آخره‪ ،‬ولك الأجر من االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن قول الشيخ صحيح في هذه المسألة‪ ،‬خارج عـلى الـصواب‪ ،‬وإن ولايـة الحقيقـة لا‬ ‫تؤخذ إلا من كتاب أو من لسان ]رسول أو نبي[‪ ،‬وقد اشتهر في الأمة روايات وأحاديث‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬بنظر‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬نبي أو رسول‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٨٧‬‬ ‫أحدا أجاز بشيء منها ولاية الحقيقة‪ ،‬وقد انسد بهـذا البـاب‬ ‫ً‬ ‫من بعد النبي ^‪ ،‬فلا نعلم أن‬ ‫فلم يوجد منه شيء تقوم به الحجة الآن بولاية الحقيقة‪ ،‬فلا فائدة في مزيد البحث عنه‪ ،‬واالله‬ ‫أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول سيدنا إنا وجدنا في الأثر مـا نـصه‪ :‬ومـات نـافع‪ ‬عـلى فراشـه مقـيما في دار‬ ‫قومه‪ ،‬وهم يزعمون أنهـا دار شرك‪ ،‬لم يـدع شـيئا ممـا حرمـه االله إلا ركبـه مـن الزنـى والربـا‬ ‫ظلما‪ ،‬انتهى ما أردناه‪ ،‬فلم نعرف شيخنا ما أريد بالزنى هنا‪،‬‬ ‫والسرقة‪ ،‬وأكل أموال الناس ً‬ ‫نافعا من أهل القبلة‪ ،‬أو أن هذه اللفظة غلط الناسخ فيها‪ ،‬تفضل ببيان ذلك مثابـا‬ ‫ً‬ ‫مع أن‬ ‫إن شاء االله؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬ويحتمل في هذا أن يكون من قبيل ما يستحله من نساء أهل القبلة‪ ،‬ونهب‬ ‫‪‬‬ ‫أموالهم‪ ،‬فينكح النـساء عـلى أنهـا حـلال في مذهبـه بملـك وهـو زنـى في أحكـام المـسلمين‪،‬‬ ‫فيتكلم هذا الشيخ على قياد مذهبـه أنـه زنـى ]محـرم محجـور[‪ ،‬وكـذلك في أمـوال النـاس‬ ‫والبيوع الفاسدة والنهب الذي هو عنـد نـافع غنيمـة‪ ،‬أو مبـاح في مـذهب الـضلال‪ ،‬وعنـد‬ ‫المسلمين أنه غصب أو سرقة أو ربا على ما يكون له من حكم في الدين‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬لعله نافع بن الأزرق إمام الأزارقة على ما شهر عنه من استحلال لأموال أهـل القبلـة‪ .‬ينظـر‪ :‬الفـرق‬ ‫بين الإباضية والخوارج للشيخ أبي إسحاق اطفيش‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬عنها‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ً :‬‬ ‫شيئا‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬محجور محرم‪.‬‬ ‫‪ ٢٨٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫إذا وجدنا رفيعـة فاسـدة‪ ،‬ترفـع عـن الـصحابة مثـل‪ :‬أبي ذر وحذيفـة وابـن مـسعود‬ ‫و]عبد االله بن[‪ ‬عباس ‪-‬رحمهم االله‪ ،-‬كيف نعتقد في ذلك؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫الرفيعة الفاسدة فاسدة‪ ،‬ونسبتها إلى الصحابة غير جائزة‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما صفة الفاسـق والمنـافق الـذي تجـب الـبراءة منـه‪ ،‬ومـا الـذي لا يـسع جهلـه‪ ،‬ومـا‬ ‫تفضل مولاي على خويدمك ببيان هذه الثلاثة المعاني بحسب طاقتك ومكنتك‪.‬‬ ‫الكبائر؟ َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫لفظة الفاسق والمنافق سواء عند أصحابنا‪ ،‬وهما يطلقان على كل من عصى االله بكبيرة‬ ‫أو بإصرار على صغيرة ولم يتب من ذلك‪.‬‬ ‫والكبيرة كل ما وجب عليه حد في الدنيا‪ ،‬أو وعيد في الآخرة أو ما أشبه ذلـك‪ ،‬ومـا‬ ‫سواه من المعاصي صغائر وكل ما لم يتعبد به المرء في حاله فواسع لـه جهلـه‪ ،‬وكـل مـا لزمـه‬ ‫تكليفه به من قول أو عمل أو ترك ولم يعذر بدونه فهو لا يسع جهله‪.‬‬ ‫وكل كتب الشرعية‪ ‬تفسير لهذا الباب‪ ،‬ومحال أن تحـصى صـوره ولـو اقتـضت كـل‬ ‫الإطناب‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬ابن‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬كذا في النسخ المخطوطة‪ ،‬ولعلها الشريعة أو الكتب الشرعية‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٨٩‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫شيئا من الأصول ببيع الخيار من يد رجل ويعلم المشتري أنها‬ ‫فيمن استرهن واشترى ً‬ ‫ليست له‪ ،‬وأنها لأناس غائبين من عمان‪ ،‬وأن البائع متعد ظالم‪ ،‬فـما منزلـة الرجـل المـشتري‬ ‫عند من علم ذلك منه‪ ،‬أيجوز له أن يتولاه أم يقـف عنـه أم يـبرأ منـه أم لا‪ ،‬أم كيـف منزلتـه‬ ‫معه؟‬ ‫‪‬‬ ‫إن المشتري من الظالم على علم منه بظلمه في ذلك البيع تعديا أنه لهذا الظـالم الغاشـم‬ ‫بسبب الشراء لما يعلم أن شراءه محجور بسبب الظلم من البائع له‪ ،‬ومنزلة المشتري على هذه‬ ‫الصفة منزلة خسيسة‪ ،‬لا تبلغ به إلى غير البراءة منه‪ ،‬والقطـع عليـه بـالهلاك مـا لم يتـب مـن‬ ‫ذنبه‪ ،‬ويتخلص من ظلمه‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول فيمن تعرض لشيء من أمر الرياضات في الخلوات‪ ،‬فأصابه مرض من شدة‬ ‫الأهوال فجن أو مات‪ ،‬أيموت هالكا أم لا؟‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬ ‫قد قيل‪ :‬إنه إذا كان عند نفسه أنه يقدر على ذلك‪ ،‬وهو محتجب بآيات االله تعالى‪ ،‬فما‬ ‫أصابه بعد ذلك لا إثم عليه فيه‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما قولك فيمن واقع ذنبا مما يلزم توبة الجهر‪ ،‬ثم ندم واعتقد أن لا يرجع فقـال‪ :‬رب‬ ‫اغفر لي‪ ،‬واغفر ذنبي‪ ،‬هل يكون هذا تائبا‪ ،‬ويكتفي بذلك عن التوبـة الجهريـة‪ ،‬ويرجـع إلى‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬فمن‪ ،‬وفي )ت(‪ :‬فيما‪.‬‬ ‫‪ ٢٩٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫ولايته مع من يتولاه سابقا إذا اطمأن قلب متوليه‪ ‬أن مـراده بـذلك التوبـة أم لا؟ تفـضل‬ ‫لخص معنى ذلك وأنت المثاب‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫أما في الحكم فأرجو أنه يختلف في الاجتزاء منه بهذا اللفظ‪ ،‬فقيل‪ :‬إنه توبة واستغفار‪،‬‬ ‫ويؤديه‪ ‬إلى ولايته‪ ،‬وعلى هذا يستدل بظواهر لفظ القـرآن‪ ،‬ومـا حكـي فيـه مـن اسـتغفار‬ ‫يوجب‪ ‬لأهله الولاية‪ ،‬وحكم الإيمان كله في قصة آدم ‪-‬عليه السلام‪ -‬وغيره‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬إن هذا اللفظ سؤال مغفرة من الرب على غـير صريـح توبـة‪ ،‬ولا رجـوع مـن‬ ‫العبد‪ ،‬وهو مكلـف برجوعـه وتوبتـه واسـتغفاره وندمـه الـذي هـو مـن فعلـه‪ ،‬ومـن الحـق‬ ‫الواجب عليه‪ ‬لربه‪ ،‬لا بما يطلبه مـن االله تعـالى عـلى تـضييعه وتفريطـه‪ ،‬وعـدم انقيـاده إلى‬ ‫المأمور به‪ ،‬فرضا مـن غـير صريـح الاسـتغفار والتوبـة الدالـة عـلى عـدم الاسـتكبار‪ ،‬وكـلا‬ ‫القولين له في الحق أصل صحيح وشاهد في الصدق رجيح‪.‬‬ ‫فإن معنى قوله‪ :‬أستغفر االله أي أسأله المغفرة‪ ،‬وأطلب منه الستر‪ ،‬وذلك معنى قوله‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫رب اغفــر لي‪ ،‬وإن كــان ظــاهر الحكــم أشــبه بالثــاني‪ ،‬فــإن في هــذا مــن حيــث الحكــم أو‬ ‫الاطمئنانة ما لا غبار عليه لمن تأمل‪ ،‬وإذا اطمأن قلب‪ ‬وليه إلى أن مراده بذلك المتاب إلى‬ ‫ربه‪ ،‬فيجوز له على هذا أن يرده إلى ما كان من ولايتـه عـلى هـذا القـول‪ ،‬إن جـاز أن يكـون‬ ‫وجها في عدله‪ ،‬في رأي من بلي بالعمل به فإنـه كـذلك فـيما عنـدي‪ ،‬ولـن يـصح في المـذهب‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬المتولية‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬ويرد به‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬أوجب‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬تأمل قول‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٩١‬‬ ‫الثاني إلا المنع منه فيما يستدل به من معنى مفهومه‪ .‬واالله أعلم‪ ،‬فلينظر فيه‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫من وقع في الكفر‪ ،‬ثم سمعته يـستغفر االله بعـد مـدة مـن غـير إظهـار توبـة مـن ذلـك‬ ‫الحدث الذي كفر به‪ ،‬وكان المحـدث محرمـا أو مـستحلا‪ ،‬أو ممـن لا يـدعي في حدثـه ذلـك‬ ‫تحليلا ولا تحريما أيجوز‪ ‬له ذلك معي عما وقع فيه من الكفر أم لا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن كان محرما منتهكا فذلك يجزيه‪ ،‬وإن كان مستحلا فليس ذلك بشيء حتى يـصرح‬ ‫بالتوبة منه‪ ‬بعينه‪ ،‬ولا نعلم بينهما منزلة ثالثـة في قـول المـسلمين‪ ،‬فـأرفع لـك حكمهـا مـن‬ ‫قولهم المبين‪ .‬واالله أعلم بالصواب‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قلت له‪ :‬فقد أخبر االله تعالى رسوله ^ أنه لا يعذب أحدا من عباده إلا بعد إبلاغ‬ ‫الدعوة‪ ،‬وإقامة الحجة بقوله‪ L ¿ 3⁄41⁄2 1⁄4» o M :‬وبقوله‪ÂÁ À M :‬‬ ‫‪ÓÒÑÐÏÎ ÍÌËÊÉÈÇ ÆÅÄÃ‬‬ ‫‪ L Ô‬وقد صح معنا أن آباء الصحابة‪ ،‬وأجدادهم الذين لم يدركهم نبينا ‪-‬‬ ‫صلوات االله عليه‪ -‬قد ماتوا كفرة مشركين‪ ،‬وقد رووا فيهم أخبارا كثيرة أنهم في النار‪- ،‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬يجوز‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬فيه‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬الإسراء‪ :‬الآية )‪.(١٥‬‬ ‫)‪ (٥‬القصص‪ :‬الآية )‪.(٥٩‬‬ ‫‪ ٢٩٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫أعاذنا االله منها‪ -‬وجميع المسلمين منها‪ ،‬وهم‪ ‬قوم غافلون‪.‬‬ ‫أو ليس كذلك واالله تعالى يقول لنبيه‪M LSR Q P O NMM :‬‬ ‫‪ L>= < ; : 9 87 6 5‬فتفضل علينا بتأويل هذه الآيات‪،‬‬ ‫وبتفسير هذه المحكمات‪ ،‬وما الفرق بين معنى الأولى والتاليات‪ ،‬فإنهن عندنا من المشكلات‬ ‫جزاك االله على ذلك جنانا وخيرات‪ ،‬وقصوراً وغرفات‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫والذي عندي في هذا أن سنة االله تعالى قد جرت في عباده‪ ،‬كما أخبر في كتابه أنه لا‬ ‫يعذب قرية عذابا يستأصلها ويهلكها إلا بعد إقامة الحجة عليهم بالإنذار‪ ،‬وبعثة الرسل‪،‬‬ ‫كما جرى لقوم نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وغيرهم‪ ،‬فهو قوله‪1⁄4 » o M :‬‬ ‫‪‬‬ ‫1⁄2 3⁄4¿ ‪ L‬وقوله تعالى‪L ÉÈ Ç Æ ÅÄ Ã Á À M :‬‬ ‫وأنه لا يراد بذلك عذاب الآخرة ولا هلاكها‪ ،‬وإنما يراد به عذاب القرى بإهلاك أهلها‬ ‫بالتدمير والخسف والإغراق والرجفة وغير ذلك‪.‬‬ ‫وإن عذاب الآخرة له حكم آخر يخص الأفراد في معنى إقامة الحجة عليهم‬ ‫بموجبات العقل تارة‪ ،‬وبالسماع من المنذرين من الرسل أخرى‪ ،‬وقد أقام عليهم الحجة‬ ‫العقلية صريحا بما ركب فيهم من الفطرة السليمة التي تشهد له بالوحدانية‪ ،‬وذكر ذلك في‬ ‫كتابه‪ ،‬قال‪DC B A @ ? > = < ; : 9 8 7 6 M :‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬يس‪ :‬الآية )‪.(٦‬‬ ‫)‪ (٣‬السجدة‪ :‬الآية )‪.(٣‬‬ ‫)‪ (٤‬الإسراء‪ :‬الآية )‪.(١٥‬‬ ‫)‪ (٥‬القصص‪ :‬الآية )‪.(٥٩‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٩٣‬‬ ‫‪ LF E‬ثم شهد عليهم بذلك فقال‪Q P O N M L K J IH M :‬‬ ‫‪ L^ ] \ [ Z Y X W V U T S R‬فقد قطع عذرهم‪،‬‬ ‫وأبطل جوابهم وألزمهم الإيمان‪ ،‬وأثبت عليهم الحجة‪ ،‬وشهد عليهم بذلك‪ ،‬وأخبرنا به‪،‬‬ ‫فكيف لا يعذبهم في الآخرة بنقضه‪ ،‬ويعاقبهم على تركه‪ ،‬وقد حذر وأنذر عن القول بأنهم‬ ‫كانوا عن هذا غافلين‪ ،‬فأي إشكال في هذا‪ ،‬وأي لبس؟!‬ ‫وأما قوله تعالى‪ L S R Q P O N M M :‬وقوله تعالى‪5 M :‬‬ ‫‪ L < ; : 9 8 7 6‬فالعرب المذكورون كانوا كذلك‪ ،‬لم يأتهم رسول قبله‬ ‫^‪ ،‬ولو أتتهم الرسل من قبله لأهلكهم االله بعذاب الاستئصال‪ ،‬كما أهلك قوم عاد‪ ،‬وقد‬ ‫كانوا عربا فيما قيل‪ ،‬وتعذيبهم في الآخرة لا ينافي ذلك؛ لأنه من هذا القبيل‪ ،‬وقد مضى من‬ ‫البيان عليه ما فيه كفاية لمن فهمه‪ ،‬فلا إشكال ولا لبس إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫فــيمن ســمعه يقــول‪ :‬لا يــدري الــدين بالحقيقــة مــع أي فرقــة‪ ،‬لكنــه‪ ‬يــدين بــدين‬ ‫الأباضية‪ ،‬فهذا إنسان عبر عن نفسه بأنه ضعيف جاهل‪ ،‬لا يعرف الحجة مـع مـن‪ ،‬فيكـون‬ ‫مطلعا‪ ‬على ما عند أهل المذاهب من الاختلافات من الحجج ولا بأس بهذا‪ ،‬فـلا يبلـغ بـه‬ ‫ً‬ ‫)‪ (١‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(١٧٢‬‬ ‫)‪ (٢‬الأعراف‪ :‬الآيتان )‪.(١٧٣-١٧٢‬‬ ‫)‪ (٣‬يس‪ :‬الآية )‪.(٦‬‬ ‫)‪ (٤‬السجدة‪ :‬الآية )‪.(٣‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مطلقا‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في)ت(‪:‬‬ ‫‪ ٢٩٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫إلى شيء‪ ،‬وإذا دان بدين الإباضية فهو كافيه‪ .‬و االله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫فيمن ]فرط أول[‪ ‬سنه‪ ،‬وتعلقت عليه حقوق الله وتبعات من حقوق عباده‪ ،‬ثم ندم‬ ‫وتاب إلى بارئه من جميع ما لزمه من حقوق االله‪ ،‬وحقوق عبـاده‪ ،‬وأصـلح في المـستقبل مـن‬ ‫غير رجوع ما تعلق عليه من جنايته لأربابه‪] ،‬إلا حسن[‪ ‬ظنه بربه‪ ،‬وسـؤاله لـه ليغفـر لـه‬ ‫ذنوبه‪ ،‬ويحط عنه حوبه‪ ،‬ويرضي له خصمه‪ ،‬ويرجو من ربـه مزيـده؛ إذ هـم كلهـم عبيـده‪،‬‬ ‫وليس هو بالآمن من العقاب‪ ،‬ولا بالمتواهن لما أثروه العلماء والأصحاب‪ ،‬هـل‪ ‬يجـوز أن‬ ‫يقال‪ :‬من مات على هذه الصفة من أهل النار‪ ،‬أم يرجـى لـه الفـوز في الآخـرة مـع المقـربين‬ ‫الأخيار؟ أجبني فيما بينت لك‪ ،‬وأرشدني للحق أرشدك االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬وفيما قيل‪ :‬إن ما كان من حقوق العباد فلا ينحط عنه بالتوبة‪ ،‬ولا يجزيه منه‬ ‫إلا الخلاص مع القدرة إذا كان يعلم أربابه‪ ،‬وأما ما كان من حقوق االله فقد قيل‪ :‬إن التوبـة‬ ‫تكفي منه‪ ،‬وعسى أن يسلم منها بذلك‪ ،‬وقد دل الحديث عن النبي ^ على ذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬طاول‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬ألا يحسن‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬وهل‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬روى الإمام الربيع ‪-‬رحمه االله تعالى‪ -‬في كتـاب الأيـمان والنـذور‪ ،‬بـاب‪ :‬في الوعيـد والأمـوال )‪(٦٩١‬‬ ‫ناسا من الصحابة يروون عـن النبـي ^ قـال‪» :‬الـذنوب عـلى وجهـين‪:‬‬ ‫عن أبي عبيدة قال‪ :‬سمعت ً‬ ‫ذنب بين العبد وربه‪ ،‬وذنب بين العبد وصاحبه فالذنب الذي بين العبد وربه إذا تاب منه كان كمـن‬ ‫لا ذنب له‪ ،‬وأما ذنب بينه وبين صاحبه فلا توبة له حتى يرد المظالم إلى أهلها‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٩٥‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫عن شيخنا الولي أبي نبهان رضي االله عنه من مسألة له قلت لـه‪ :‬فهـل يكـون في دلالتـه‬ ‫على هذا من أمره لمن دله عليه مع ما به من هيئة في حال حيرة؟‬ ‫‪ ‬نعم إن دله على نفسه في حال؛ لعدم ماله في الحق من وجه في مقال‪.‬‬ ‫وإن دله على ما له من مال جاز في الظلم لأن يدخل عليه باسمه في قول من لم يجزه لـه‬ ‫في فعله أن يبقى بمثله‪.‬‬ ‫وفي قول آخر‪ :‬إنه ما دل على أنه لم يقطـع بـه عليـه في حكمـه توقفـا‪ ،‬إذ قـد رآه موضـع‬ ‫شبهة لأنه له على نية عزمه أن يأخذه ليفدي به نفسه من ظلمه‪.‬‬ ‫‪ ‬فإن أخذه على هذه النية ضرورة فدفع به إليه جاز له ولا إثم عليه‪.‬‬ ‫‪ ‬هكذا معي في هذا قد قيل‪ ،‬لأن على ربـه أن لـو حـضره أن يفديـه بـه‪ ‬إن أمكنـه‬ ‫فقدر عليه‪.‬‬ ‫‪ ‬فهلا يجوز فيه أن يكون في معنى من اضطره الجوع إليه؟‬ ‫‪ ‬بلى إن صح ما في هذا أرى‪ ،‬لعدم ما يدل على الفـرق‪ ،‬ألا وإن في الأثـر مـن قـول‬ ‫أهل الحق ما دل على أنه كذلك انتهى‪.‬‬ ‫‪ ‬أرأيت أيها الشيخ إذا كان المدلول على ما له ممن لا يجـب عليـه‬ ‫فداء هذا المجبور ولا تخليصه‪ ،‬لقلة ماله وكثرة عياله‪ ،‬أتكون أجوبـة شـيخنا أبي نبهـان عـلى‬ ‫حالها في التوقف عن تظليمه‪ ،‬إذ قد دل في جواز أخذه من ذلك أم لا؟ كان المجبور له مـال‬ ‫أم لا يعلم حال ذلك أعني المدلول عليه من قدرة وعكـسها أم لا؟ تفـضل علينـا بـالجواب‬ ‫مأجورا‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )هـ(‪.‬‬ ‫‪ ٢٩٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫لا أدريه‪ ،‬وليسني من أهل النظـر فيه وكأنه لو ترك على إطلاقه كما هو في الجواب لكان‬ ‫غير بعيد من الصواب لأنه لو اضطره الجوع فوجد طعاما ما لا يعرفـه لمـن هـو ولا يعـرف‬ ‫حاله بربه‪ ،‬وقد يمكن في الاحتمال أن يكون أضر منه إليه جاز أكله منه‪.‬‬ ‫ولو علم أن صاحبه محتاج إليه أو يخاف أن يضطر إليه في وقت آخر لم يمنع من جـواز‬ ‫أكله في حال ضرورته؛ لأنه محل دفع الضرر عن نفسه‪ ،‬فأي وجه قدر به على دفعه عنها فلا‬ ‫مانع من التعلق به إذا ثبت أصل الجواز له لدفع الضرر وعليه غرمه لربه في حال سعيه‪.‬‬ ‫ولهذا قيل في العطشان في الطريق‪ :‬إذا وجد الماء عند أحد فمنعه من شربه وهـو يخـاف‬ ‫الهلاك على نفـسه إن تركـه إن لـه أن يقاتلـه عليـه ‪ -‬عـلى قـول ‪ -‬مـن غـير أن يـشترطوا فيـه‬ ‫وجوب النظر في خلاص هذا الماء إن كان يحتاج إليه في طريقه‪ ،‬أو يكون محتاجا إليه في حاله‬ ‫لشربه‪.‬‬ ‫وعلى صاحب الماء إذا علم ضرورته أن يسقيه منـه إلا أن يخـاف ضررا مـن ذلـك عـلى‬ ‫نفسه‪.‬‬ ‫فإذا خاف الضرر سقط اللزوم عنه‪ ،‬ولم يسقط به جواز أخذه منه لذلك المضطر لإحياء‬ ‫نفسه‪.‬‬ ‫وبحسب ما فهمناه من إطلاق الأثر أنهما مسألتان مختلفتان في الأصـل‪ ،‬قـد بنيـت كـل‬ ‫واحدة منهما على قاعدة غير الأخرى‪ ،‬وإن اشتبهتا في المعنى صورة فقد اختلفتا فيه حكما‪.‬‬ ‫فإذا سأل عن المضطر وما يجوز له أخذه من مال الغير لإحياء نفسه في غير ما يكون من‬ ‫سبب اليسر ووسعوا له في الأخذ منه‪‬بغير قيد ولا شرط لدفع ضرورته وإحياء نفسه من‬ ‫جوع أو عطش أو نحوه وعليه قيمة مثله مع القدرة عليها في أكثر القول ولا يمنعـه الجـواز‬ ‫عدم وجود القيمة معه بل يكون دينا عليه إلى ميسرته‪.‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )هـ(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٩٧‬‬ ‫واختلفوا فيه إذا كان لدفع الظلم عن نفسه‪ :‬فقيل بجواز الأخذ له من مال الغير لفداء‬ ‫نفسه‪ ،‬وإن عليه وله أن يدفع الهلاك عن نفسه بـأي وجه قدر عليه‪ ،‬وقد قدر الآن على دفعه‬ ‫بهذا المال فعليه غرمه لربه مع القدرة‪.‬‬ ‫وليس عليه في هذا الموضع عـلى قـول مـن أجـازه نظـر في سـعة صـاحب المـال‪ ،‬ولا في‬ ‫حاجته‪ ،‬لأنه موضع ضرورته‪ ،‬وللضرورات أحكام غير حكم الاختيار‪ ،‬ولا يكلف في هذا‬ ‫إلا الالتزام ]بالضمان[‪ ‬إن قدر على أدائه يوما وإلا فنظرة إلى ميسرته‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬هو مخير إن شاء فدى نفسه بما قدر عليه من مال غيره‪ ،‬والتـزم ضـمانه وإن شـاء‬ ‫صبر؛ لما يكون فيه من أمر الجبار فإنه ليس منه واالله أولى بعذره‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬ليس له أن يفدي نفسه بمال غيره على حال إلا برضى ربه‪ ،‬وقد صرح الصبحي‬ ‫بالجواز في مـسألة الأمانـة‪ ،‬والـشيخ أبـو نبهـان ‪ -‬رحمـة االله علـيهما ‪ -‬بـالاختلاف في أصـل‬ ‫المسألة‪ ،‬وكذا في الآثار القديمة‪.‬‬ ‫وإن امتنع الإمام الجلندى ‪-‬رحمه االله‪ -‬في دفع خاتم شيبان‪‬وكمته إلى قائد الدولـة‬ ‫العباسية‪ ،‬وقاتل على ذلك حتى مضى لسبيله‪ ،‬فليسها بمسألة دين حتى في الأئمة كما صرح‬ ‫)‪ (١‬في المخطوطات‪ :‬الضمان‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬الجلندى بن مسعود بن جيفر بن جلندى‪ ،‬أول إمام عقد له بعمان عام ‪١٣٢‬هــ‪ ،‬وحكـم بالعـدل لمـدة‬ ‫سنتين ‪ ،‬أخذ العلم عن الإمام أبي عبيدة مسلم‪ ،‬وهو من حملـة العلـم إلى المـشرق‪ ،‬استـشهد عـلى يـد‬ ‫القائد العباسي خازم بن خزيمة سنة ‪١٣٤‬هـ‪ .‬ينظر‪ :‬معجم أعلام الإباضية‪ ،‬ص‪.٨٦‬‬ ‫)‪ (٣‬هو شيبان بن عبدالعزيز الخارجي إمام الصفرية جاء إلى عمان هاربا من بطش السفاح العباسي وكـان‬ ‫على عمان الإمام العادل الجلندي بن مسعود ‪ -‬رحمه االله ‪ -‬ووجه الإمام لملاقاته جيـشا بقيـادة هـلال‬ ‫بن عطية‪ ،‬وأسفرت الحرب عـن انتـصار العمانيـين وقتـل شـيبان ومـن معـه وبعـد ذلـك جـاء جـيش‬ ‫السفاح وطلب من العمانيين أن يعطوه سيف شـيبان وخاتمـه ويرجـع بـه إلى الخليفـة فـأبوا مـن ذلـك‬ ‫حتى يؤدوا بأنفسهم ذلـك إلى ورثـة شـيبان خوفـا مـن أن يتـسلط عليهـا الـسفاح بغـير حـق فقامـت‬ ‫الحرب حتى قتل الإمام ومن معه‪ .‬ينظر‪ :‬تحفة الأعيان ‪.١/٩٢‬‬ ‫‪ ٢٩٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫به بعضهم‪ .‬الجلندى بن مسعود بن جيفـر بـن جلنـدى‪ ،‬أول إمـام عقـد لـه بعـمان عـام ‪١٣٢‬هــ‪ ،‬وحكـم‬ ‫بالعدل لمد سنتين ‪ ،‬أخذ العلم عن الإمام أبي عبيدة مسلم‪ ،‬وهو من حملة العلم إلى المـشرق‪ ،‬استـشهد عـلى‬ ‫يد القائد العباسي خازم بن خزيمة سنة ‪١٣٤‬هـ‪ .‬ينظر‪:‬معجم أعلام الإباضية ص‪٨٦‬‬ ‫هذا‪ ،‬وإذا سأل عن الذي يجب عليه للمضطر فداؤه من القتل بماله فلهم فيهـا جـواب‬ ‫آخر لشروط تذكر‪ :‬وهو أن لا يدخل على نفسه الضرر بذهاب ماله‪ ،‬وإنما يدفع عنه في حاله‬ ‫ما يستغني عنه من المال بعد قضاء دينه وتبعاته‪ ،‬وترك مـا يحتـاج إليـه لنفـسه ولعيالـه‪ ،‬ومـا‬ ‫يلزمه من شيء‪ ،‬فكأنه ليس عليه فداء إلا بما فضل في يده بعد أخذ حاجته منه‪ ،‬أو نحو هذا‬ ‫من قولهم‪.‬‬ ‫وفي قول آخر‪ :‬إن هذا مما يؤمر به فينبغي لمن قـدره لخـلاص أخيـه المـسلم أن لا يـذره‪،‬‬ ‫ولكنه ليس مما يجتمع على وجوبه لوجود الاختلاف فيه‪ ،‬فلينظر فيما جاز للمضطر أخذه في‬ ‫قول من قال لغير دفع ضرورته‪ ،‬وفيما كان على أهل الأموال على قول آخر فداهم إياه به من‬ ‫الهلكة المتوقع كونها مـن الجبـابرة‪ ،‬فـإن بيـنهما البـون‪ ،‬وهـذا يعلـم أنهـما أصـلان في الحـق لا‬ ‫يجتمعان‪ ،‬فهما مسألتان لأنهما منزلتان وكل فيهما متعبد بما جاز مـنهما‪ ،‬متعبـد بـما جـاز لـه أو‬ ‫لزمه في الحق على رأي أو دين‪ .‬واالله أعلم فلينظر في ذلك كله‪.‬‬ ‫وإذا ثبت ما تحريناه في هذا فيه تعرف أن قول الشيخ في هذه المسألة هو على إطلاقـه‪،‬‬ ‫فلا يحتاج معه إلى ما زاد عليه‪ ،‬فإنه قول مفرغ في قوالب الأحكام‪ ،‬غير مفتقـر إلى تكملـة في‬ ‫الإحكام‪ ،‬لكونه في صحيح النظر من محكمات الأثر‪ ،‬وهكـذا سـائر آثـاره شـاهدة لـه بـسعة‬ ‫فقهه ودقة اعتباره فهي من أصح الاثار عند أولي الأبـصار جـزاه االله خـيرا عـما أظهـره مـن‬ ‫العلم فأثره كتبا تتلى ونصائح تجلى‪ ،‬شموس هدى لأهل الحجى‪ ،‬بزغت في غياهب الدجى‬ ‫عامله االله برضوانه وأحله غرف جنانه بفضله وكرمه‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫فيمن لاقاه أحد من قطـاع الطريـق ممـن يعـذر عـن جهـادهم‪ ،‬وبـذل لهـم مـا في يـده‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٢٩٩‬‬ ‫لسلامة نفسه‪ ،‬ثم أرادوا إزاره المواري‪ ‬عورته‪ ،‬أيجوز له دفعه إليهم‪ ،‬ويجلس‪ ‬عريانا وهم‬ ‫ينظرون إليه؟ وتجوز التقية في مثل هذا؟ وكذلك إذا جبره جبار لينظر إلى عـورة لا يحـل لـه‬ ‫النظر إليها‪ ،‬أو يمسها كان ممن يجب بمسه‪ ‬الصداق على قول‪ ،‬أولا مثـل هـذه الأشـياء لا‬ ‫تجوز ولا تسع التقية فيها؟ تفضل ببيان ذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن في الأثر على مذهب أصحابنا أن التقية جائزة في القول دون الفعل‪ ،‬وهذا كله من‬ ‫باب الأفعال المحجورة‪ ،‬فظاهر أصولهم يفيد المنع منه‪ ،‬فلا يجوز له أن يكـشف عـن عورتـه‬ ‫ولا عن عورة غيره من المكلفين بين ]يدي من[‪ ‬لا يجوز نظره إليه من المبصرين‪ ،‬ولا تباح‬ ‫له التقية في مثل هذا في قولهم‪ ،‬وقد أجازه بعض المخالفين لهم في الدين‪ ،‬وأما على‪ ‬مذهب‬ ‫أصحابنا فلا يبين لي جوازه‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قد بدا لي أن أراجعك في مسألة التقية‪ ،‬وهي فيمن جبره أحد ليبدي عورته‪ ،‬ويخـاف‬ ‫إن لم يمتثل هلاك نفسه‪ ،‬فأجبتني ]بحظر الجواز[‪ ،‬وفهمت من معنـى كلامـك أن حكـم‬ ‫ذلك حكم الفعل الذي لا تجوز‪ ‬فيه التقية إجماعا كالضرب والوطء وما أشبههما‪.‬‬ ‫سيدي الحيرة في ذلـك‪ ،‬فـالتعري ] ِ‬ ‫سـيدي‬ ‫سيدي لم تفهم لسؤالي‪ ،‬وأخذتني ِ‬ ‫ولعلك ِ‬ ‫ ِّ‬ ‫ ِّ‬ ‫ ِّ‬ ‫)‪ (١‬في )ت( زيادة‪ :‬به‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬ويلبث‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬لمسه‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬يديه و‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬في‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬بحصر الجواب‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )م(‪ :‬لا يجوز‪.‬‬ ‫‪ ٣٠٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫عندك[‪ ‬بالإجماع‪ ،‬وإذا‪ ‬كان كذلك فما الفرق في التعـري للجبـار خـوف هـلاك الـنفس‪،‬‬ ‫والتعري للطبيب مع الخوف على النفس‪ ،‬وكذلك التعري لنظر الجروح على رأي من أجاز‬ ‫ذلك؟‬ ‫سيدي بإيضاح ذلك الفرق بين هذه المعاني إن لم تكن متحـدة المبـاني‪ ،‬وأدري‬ ‫تفضل ِ‬ ‫ ِّ‬ ‫أن مثل هذا سوء‪ ‬أدب في حقك‪ ،‬لكن لما تعودنا منك الصفح‪ ،‬ونرجو منك إحسان الظن‬ ‫بنا‪ ،‬إذ‪ ‬لسنا ممن يتعنت بمثل هذا حاشا وكلا‪ ،‬لكن لا يخفاك لما بنـا مـن البلاهـة وعـدم‬ ‫النباهة‪ ،‬وقصارانا الإيضاح فوق الحد‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫لا بأس عليك في هذا ولا عتب‪ ،‬فكيف يصح ]أن يعد[‪ ‬من سيىء الأدب‪ ،‬ولسني‬ ‫بحمد االله بجبار فأمنع الناس مما جاز لهم في دين أو‪ ‬رأي بنظر أو قياس‪ ،‬ولا أنا من العلماء‬ ‫الذين تؤخذ عنهم الآثار‪ ،‬ولا بذي رأي أصيل يعتمد عليه‪ ،‬فضلا عن أن تؤمن مني العثار‪،‬‬ ‫لكني كثير السهو‪ ،‬مضيع الأوقات في البطالة واللهو‪ ،‬ومـا نـاظرتموني فيـه مـن هـذا وغـيره‬ ‫فاعرضوه على الأثر‪ ،‬ولا‪ ‬تأخذوا منه إلا بالحق إن ظهر‪.‬‬ ‫وبالجملة فما كان مني من ذلـك الجـواب هـو مبلـغ فهمـي‪ ،‬عـلى مـا بي مـن قـصوري‬ ‫ووهمي‪ ،‬والذي أسوغه على ما تحريته جهـدي أنـه وقـع في نفـسي إن صـح لي في حـدسي أن‬ ‫سيدي‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬عندك ِ‬ ‫ ِّ‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬فإذا‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬أسو‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬إن‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )ت(‪ :‬ولا‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬في )م(‪ :‬فلا‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٠١‬‬ ‫التقية والضرورة أصلان مختلفان‪ ،‬لا يحمل أحدهما على الآخر ولا يقاس عليه‪ ،‬فالـضرورة‬ ‫جائزة في الأفعال تبيح المحجور‪ ،‬ولا تحجر المباح‪ ،‬فيجوز إنقاذ المرأة الأجنبية العريانـة مـن‬ ‫البئر وحملها‪ ،‬ومباشرة جسدها كله حتى الفرج إن لم يستطع بدونه من غير حائل ثوب ولا‬ ‫غيره‪ ،‬ولا حضرة ولي‪ ‬ولا غيره‪ ،‬بل يلزم هذا كله في موضع وجوبه‪.‬‬ ‫وربما أجيز لها إدخال يد الطبيب في فرجها لإخراج ولد أو لمعالجة داء لم ترج سلامتها‬ ‫بدونه‪ ،‬وكان ذلك جائزا له هو أيضا مع تحقق الضرورة المبيحة لذلك‪ ،‬فهل سمعت يا أخي‬ ‫أن‪ ‬مثل هذا جائز في التقية أيضا‪ ،‬فإنه يلزمك على قيـاد قولـك هـذا لـو صـح أن تجيـزه أو‬ ‫توجبه للتقية‪ ‬أيضا‪ ،‬وإن جاز ثبت قول المخالفين أن التقية جائزة في الأفعال‪ ،‬وبطل قـول‬ ‫علماء المسلمين أنها لا تجوز إلا في الأقوال‪ ،‬وليس من هذا الباب ما اختلـف فيـه مـن شرب‬ ‫الخمر ونحوه للضرورة‪ ،‬وأي إشكال من جواز ذلك للطبيـب أو غـيره ممـا يبـاح لـه‪ ،‬ومنـه‬ ‫للضرورة وبين كونه للتقية وهما في الأصل لا من أصـل واحـد‪ ،‬ولا مـن بـاب‪ ،‬بـل تقـاس‬ ‫صور مسائل التقية بعضها على بعض‪ ،‬ومسائل الضرورة كذلك قد علمت أصـل التقيـة في‬ ‫القول من كتاب االله تعالى‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫وأنت إذا حملت على العموم كل شيء من هذا فلا بد من الوقوع في غير الجـائز‪ ،‬فـإن‬ ‫لكل شيء حكما وخاصا وعاما‪ ،‬فقولنا‪ :‬إن الضرورة تبيح المحجور في الأفعال ليس بأصل‬ ‫يطرد في كل شيء‪ ،‬فالعاشق مثلا إن أشرف على الهلاك‪ ،‬وتعين الضرر به‪ ،‬ولم تكن حياته إلا‬ ‫بلثم المعشوقة الأجنبية‪ ،‬وتغميز بدنها‪ ،‬والنظر إلى ما وراء ثيابها لم يجز ذلك له ولا لهـا‪ ،‬ولـو‬ ‫تلفت فيه روحه‪ ،‬وأي ضرورة أعظم من الهلاك‪ ،‬فما له‪ ‬قد أجيز لإنقاذ الغريق من الهلكة‪،‬‬ ‫ولم يجز لإحياء نفس العاشق؟ وكله إنقاذ من الهلكة‪ ،‬وما لم يكن كـالتجرد للطبيـب‪ ،‬وهـل‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬لي‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬التقية‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫‪ ٣٠٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫من‪ ‬فرق بين كونها هي العاشقة وإحياء نفسها في تجردها له‪ ،‬وتغميزها وملاعبتهـا لـه إذا‬ ‫تحقق أن هلاكها بدون ذلك‪.‬‬ ‫أم تقول هذا بجوازه على الإطلاق فيباح لهما الزنـى أيـضا لإحيـاء أنفـسهما‪ ،‬فإنـه ولا‬ ‫شك أنه موضع ضرورة‪ ،‬وما جاز فيه النظر واللمس باليد أو سائر الجـسد في الفـرج أو في‬ ‫سائر الجسد المحرم مسه فهو انتهاك حرمة‪ ،‬وإن كانت أخف من الزنى لكن لها حكمه‪ ،‬وإذا‬ ‫جاز له أن يتجرد لإحياء نفسه لأجل الضرورة‪ ،‬ومخافة الهلاك عند معشوقته وتجردها عنده‪،‬‬ ‫ومسهما لبعضهما بعض لإحياء النفس المشرفة على الموت؛ لأن العشق قتال إذا استحكم بلا‬ ‫شك‪.‬‬ ‫وإذا جاز هذا فلا يبعد جواز التعري عند الجبار خوف القتـل؛ لأنـه محـل الـضرورة‪،‬‬ ‫وحينئذ فيجوز الزنـى أيـضا للتقيـة إذا كـان لإحيـائهما جميعـا‪ ،‬وإلا لقـتلا‪ ،‬ومعلـوم أن قتـل‬ ‫النفس أعظم من الزنى‪ ،‬والزنى أعظم من ضربات بسوط على جهة الظلم في ذمي فما دونه‪،‬‬ ‫ولا يلزم فيه إلا أرش الضرب أو نحوه‪ ،‬وهو ولا شك أخف من التجرد عند المعـشوقة أو‬ ‫من تجردها عنده لإحياء أنفسهما‪ ‬مع تعين هلاكهما بدونـه‪ ،‬وتجردهمـا مـع بعـضهما بعـض‬ ‫لأجل الضرورة وإنقاذ النفس من الهلاك‪.‬‬ ‫وكأنه أوسع من باب التقية؛ لأن للضرورات‪‬أحكاما‪ ،‬وللتقية أحكاما أخـر‪ ،‬ولـيس‬ ‫كل مـا جـاز في الـضرورة جـاز للتقيـة‪ ،‬فكيـف يبـاح في التقيـة مـا يجـوز في بعـض المواضـع‬ ‫للضرورة لشهادة النظر ودلائل الأثر‪.‬‬ ‫هذا ما لا يبين لي وجه عدله من قولك‪ ،‬وأنت فانظر فيه وعسى أن‪ ‬أنظر فيـه أيـضا‬ ‫ولو من بعد حين‪ ،‬فإن اتضح لي وجه عدله بما يوافق الأثر‪ ،‬ويصح في النظر‪ ،‬فإني راجع إلى‬ ‫الحق‪ ،‬وقائل بالصدق‪ ،‬وناصر لأهله‪ .‬واالله أعلم بهذا وهذا في عدله‪.‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬أنفسها‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬أني‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٠٣‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ٣٠٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٠٥‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫هل تعلم شيئا من القرآن يحجر الوصل فيه قطعا‪ ،‬حتى يقال إنه لا يجوز شرعا‪،‬‬ ‫كنحو قوله تعالى‪ L 1⁄2 1⁄4 » o 1 ̧¶ μ ́ 3 M :‬وكقوله تعالى‪:‬‬ ‫‪ L Y X W V U T S RM‬فيصل »عوجا« »بقيما«‪» ،‬والعلى«‬ ‫تفضل أوضح لنا الحق في هذا كما عرفته من مذهب أهل‬ ‫»بالرحمن«‪ ،‬مارا ولا يقف بينهما؟ َّ‬ ‫الصدق مأجورا مثابا إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن في الأثر من قول أصحابنا ما دل في صريح البيان على جـواز وصـل القـرآن‪ ،‬ولـو‬ ‫قدر تاليه أن يقرأه كله في نسم واحد‪ ،‬ففيما عرفنا من قولهم أنه غير لاحن بذلك ولا لاحد‪،‬‬ ‫وإنما فيه مواضع استحسنوا الوقف عليها‪ ،‬وأخرى يحسن الفصل بغير وقف لديها‪.‬‬ ‫فالأول‪ :‬ما يخشى أن يفهم منه غير مراده‪ ،‬بصرف تأويله عن وجه رشاده‪،‬‬ ‫فاستحسنوا فصله بالوقف لسداده‪ ،‬كموضع الفاصلة من قوله تعالى‪? > = < M :‬‬ ‫@ ‪ L I H G F E D C B A‬لئلا يتوهم نفي المخادعة على‬ ‫تقدير التبعية‪ ،‬ولأجله كان الوقف أولى مع هذه الفاصلة البهية‪.‬‬ ‫ولمثل هذا استحسنوا الوقف بعد البسملة الشريفة‪ ،‬في ابتـداء تـسع الـسور المـشهورة‬ ‫المنيفة ألا وهي‪ :‬سورة محمد ^‪ ،‬والقيامة‪ ،‬وعبس‪ ،‬والمطففين‪ ،‬والبلد‪ ،‬والبينة‪ ،‬والتكـاثر‪،‬‬ ‫والهمزة‪ ،‬وسورة أبي لهب‪ ،‬وليس في الاستحسان ما يدل على أنه مما وجب‪.‬‬ ‫)‪ (١‬الكهف‪ :‬الآيتان )‪.(٢-١‬‬ ‫)‪ (٢‬طه‪ :‬الآيتان‪.(٥-٤) :‬‬ ‫)‪ (٣‬البقرة‪ :‬الآيتان )‪.(٩-٨‬‬ ‫‪ ٣٠٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫ولا بأس أن يلحق بهن في القسم كل ما أشبههن في المعنى‪ ،‬كالحاقة‪ ،‬والقارعة‪ ،‬وما‬ ‫افتتح بواو القسم‪ ،‬وما جرى من الآيات بهذا المجرى‪ ،‬فإنه به في الحكم أحرى‪ ،‬ولو في غير‬ ‫الفواصل كالوقف على ‪ L@? M‬والابتداء بالشرط والجزاء لئلا يتوهم تعلق‬ ‫الشرط بالأمر‪ ،‬وكون الجزاء جوابا للأمر أيضا فيفسد المعنى‪.‬‬ ‫وكذا في قوله تعالى‪ L¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o M :‬والابتداء باسم الإشارة‬ ‫ليتمحض استئنافه للجواب‪ ،‬لئلا يتوهم كونه نعتا لما قبله‪.‬‬ ‫ويكفي في كل من هذه المواضع من الفصل ما يدل عليه‪ ،‬ولو لم يقف القـارىء لديـه‬ ‫غير أن الوقف أولى عند الفواصل وأحلى‪ ،‬والقول به فيها حيث لا مانع أظهر وأجلى‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬ما تعارض فيه معنيان للوصل والفصل يقتضيان‪ ،‬فتجاذب منه إليهما‬ ‫الطرفان‪ ،‬كقوله تعالى‪ L o 1 ̧¶ M :‬فلئلا يتوهم في )قيما( كونه صفة لـ)عوجا(‬ ‫حسن الفصل‪ ،‬ولئلا يفصل بين الحال وصاحبها حسن الوصل‪ ،‬فكان من حق هذا الموضع‬ ‫أن يفصل قليلا بغير وقف مراعاة للاعتبارين‪ ،‬وجمعا بين الوجهين‪ ،‬كما هو مذهب‬ ‫حفص‪ ،‬وأما غيره من القراء فإنهم يصلونه كما صرح به الشاطبي‪ ‬في قوله‪:‬‬ ‫عــــلى ألــــف التنــــوين في »عوجــــا« بــــلا‬ ‫وســـــكتة حفـــــص دون قطـــــع لطيفـــــة‬ ‫)‪ (١‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(١٤٨‬‬ ‫)‪ (٢‬يس‪ :‬الآية )‪.(٥٢‬‬ ‫)‪ (٣‬الكهف‪.(٢ – ١) :‬‬ ‫)‪ (٤‬حفص بن عمر بن عبد العزيز الأزدي الدوري إمـام القـراء في عـصره لـه كتـاب» مـا اتفقـت ألفاظـه‬ ‫ومعانيه من القرآن« توفي في ربنويه من قـرى الـري ‪٢٤٦‬هــ‪ .‬ينظـر‪ :‬غايـة النهايـة ‪ ،٢٥٥/١‬الأعـلام‬ ‫‪.٢٦٤/٢‬‬ ‫)‪ (٥‬أحمد بن محمد بن خلف الأنصاري الشاطبي المالكي المقرئ من آثـاره‪» :‬المقنـع في القـراءات الـسبع«‪،‬‬ ‫»المفيد في القراءات الثمان«‪ .‬ينظر‪ :‬معجم المؤلفين ‪ ،٢٦٣/١‬غاية النهاية في طبقات القراء ‪.١١٣/١‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٠٧‬‬ ‫وفي نـــــــون »مـــــــن راق« »ومرقـــــــدنا« »بـــل ران« والبـــاقون لا ســـكت موصـــلا‬ ‫قال الشارح‪ :‬أخبر أن حفصا يسكت سكتة لطيفة دون قطع نفس عن الألف المبدلة‬ ‫من عوجا‪ ،‬ثم يقول‪ ،L 1⁄2 1⁄4 »o M :‬وكذلك يسكت في سورة القيامة على‬ ‫النون من )من( ثم يقول‪) :‬راق(‪ ،‬وكذلك سكت في سورة يس على الألف من )مرقدنا( ثم‬ ‫يقول‪) :‬هذا ما وعد الرحمن(‪ ،‬وكذلك يسكت في المطففين ]على اللام في )بل([‪ ‬ثم يقول‪:‬‬ ‫)ران على قلوبهم(‪ ،‬وأن الباقين يصلون ذلك كله من غير سكت‪ ،‬انتهى‪.‬‬ ‫فانظروا في هذا كله‪ ،‬فإن في صريح قوله ما دل في عدله على غلط من أوجب الوقوف‬ ‫على »عوجا«في كل قول‪ ،‬كما صرح به الشاطبي في‪ ‬نظمـه‪ ،‬والمفـسر في شرحـه في المـذهبين‬ ‫جميعا؛ لأن الباقين من القراء ماعدا حفصا يوافقون على وصـلها‪ ،‬ومـذهب حفـص هـو مـا‬ ‫قلناه من فصلها إلا أنه كما صرحوا به بسكتة‪ ‬لطيفـة مـن دون قطـع نفـس‪ ،‬فهـو في حكـم‬ ‫الوصل‪ ،‬كما لا يتصور الوقف في الموضعين المـذكورين في القيامـة والمطففـين؛ لأنـه لا يحـل‬ ‫الوقف فيهما البتة‪ ،‬ولكن هذا الموضع من قبلهما في معنى الفصل في موضع الوصل‪ ،‬جمعت‬ ‫كلها في باب واحد لحكم واحد كما ترى‪.‬‬ ‫وبالجملة فالوصل أظهر حسنا في هذا الموضع من الوقف‪ ،‬لما تقرر في القواعد‪ ،‬وأما‬ ‫الوقف على الفاصلة من قوله تعالى‪ L W V U T M :‬والابتداء بقوله‪:‬‬ ‫‪ L\ [ Z YM‬فحسن جيد لمن رامه من غير أن يجب التزامه‪ ،‬فإنه لا‬ ‫)‪ (١‬الكهف‪ :‬الآية )‪.( ٢‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م( على بل‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت( زيادة قوله‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م( زيادة من جوابه‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬طه‪ :‬آية )‪.(٤‬‬ ‫)‪ (٦‬طه‪ :‬آية )‪.(٥‬‬ ‫‪ ٣٠٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫مقتضى له البتة‪ ،‬فالوصل فيه كالفصل والوقوف عليه كالاندراج في التلاوة بحكم الأصل‪.‬‬ ‫وليت شعري أي داع إلى وجوب الوقوف عليه ألا يخـبرني مـن يدريـه‪ ،‬إني لا أعرفـه‬ ‫فأقتفيـه‪ ،‬ولا يبــين لي أن يــصح ذلـك فيــه‪ ،‬ولــيس هــو مـن الفــصل الأول‪ ،‬وكفــى بمغــايرة‬ ‫الإعراب بيـنهما برفـع الـرحمن في أشـهر القـراءة دلـيلا عـلى أنهـا في الأحكـام مـن مـستأنف‬ ‫الكلام‪ ،‬وفي القراءة بالجر كذلك؛ لأنها صفة لمن خلق أو عطف بيان أو بدل منه‪ ،‬ولا لبس‬ ‫هنالك فأين محل الإشكال أو موضع الجدال في هذا؛ فإن قيل فيوجد في بعض كتـب القـوم‬ ‫أن الوقف لازم في نحو الفصل الأول دفعا لمظنة الوهم‪ ،‬فما لأصـحابكم لا يقولـون بـذلك‬ ‫والظاهر أنه من قولهم حسن؟‬ ‫فيقال‪ :‬إن القرآن قد أنزل باللسان العربي في البيان‪ ،‬فجرى في بـديع خطابـه لإفهامـه‬ ‫على أساليب كلامهم‪ ،‬وفي لسانهم الحقيقة والمجاز‪ ،‬والتوريـة والكنايـة والإشـارة والإبهـام‬ ‫والإلغاز إلى غير ذلك مما سبقت لهم من دوحة البلاغة أفانين الفنون‪ ،‬وتصرفوا في كـل فـن‬ ‫منه بعدة أوجه من بديعه‪ ،‬والحديث كما قيل‪ :‬إن الحديث شجون‪.‬‬ ‫ولما به في أسرار البلاغة من عظيم الإعجاز‪ ،‬خاطبهم بما حسن في لسانهم وجاز‪،‬‬ ‫ولهذا حين تقاصرت الأفهام‪ ،‬وتكاثرت الأوهام‪ ،‬ضل به قوم فتاهوا في مناهج التأويل‪،‬‬ ‫واهتدى آخرون من أعلامه بواضحة الدليل‪} | { z y x w v u M ،‬‬ ‫~¡‪ L¢‬وأما الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه فلا يغترفون من‬ ‫بحر أنواره إلا ما يهدي إلى أقوم سبله‪ ،‬فلا لبس في الحقيقة‪ ،‬ولا وهم لمن آتاه االله في معانيه‬ ‫الفهم‪ ،‬وأي داع إلى تصور فاسد التأويل مع دعوى احتماله ولا لبس؟!‬ ‫أليس في نور الحق بجلي المعنى ما في دفع ذلك أظهر من الشمس؟! أليس الحق أحق‬ ‫)‪ (١‬آل عمران‪ :‬الآية )‪.(٧‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م( سبيله‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٠٩‬‬ ‫بأن يتبع؟! أليس الصدق أولى بأن يكون في التأويل هو المستمع‪ ،‬وأن يكون الباطل كاسمه‬ ‫زاهقا في حكمه مقطوعا دابره مدموغا بالحق أوله وآخره‪ ،‬غير معتد به ولا ملتفت إليه‪ ،‬فإنه‬ ‫غير شيء فأنى يعول عليه؟! أما في الآي الشريفة من قرائن المباني وشواهد المعاني ما يكفـي‬ ‫به في بيان على صريح الحق لمن لا يجحد العيان‪ ،‬فكيف يصح الوقوف من بعد‪ ،‬هذا ضـلال‬ ‫الوهم ولم يكن شيئا مذكورا؟! والعدول إليها عن معالم العدل وهي تلألأ نورا‪ ،‬هذا مـا لا‬ ‫سبيل إليه؛ لأن في ثبوته ما لا يخفى من بطلان كل ما احتمل وجهين من نوع البيان‪ ،‬إن كان‬ ‫أحدهما يقضي في المعنى بفساد لما به من عناد‪ ،‬فيشمل المنع معظم أنواع البديع كالاستعارات‬ ‫المستغربة‪ ،‬والمجازات المستعذبة‪ ،‬ونظائرهما مما جاء به القرآن ومن حقه ]ولا بد يعدل[‪ ‬به‬ ‫لزوما في الطريقة لصحة تأويله إلى المجاز عن الحقيقة‪ ،‬وكفى بالقرآن شهيدا على الجواز لـه‬ ‫والاستحسان‪ ،‬ولا ينكر شيئا من هذا من رزق ذوقا من عقل وإيمان‪.‬‬ ‫وهكذا تطرد في مثله من القول أحكامه المبنية فيما اتضح بالمعنى والمحل القرينة لعدم‬ ‫الفرق بينهما في الحق‪ ،‬وإلا فما يصنع من عارض اجتراء وحاور مراء بنحو قوله‪4 M :‬‬ ‫‪ L?> = < ; :9 8 7 6 5‬فلولا الاكتفاء في هذا المعنى بصريح‬ ‫المعنى لجاز أن يقع في فساد الفهم أنه من مظنة الوهم كما لا يخفى؛ لأن العطف إنما هو في‬ ‫الحق على الفاعل‪.‬‬ ‫ويحتمل أن يكون على المستثنى في صريح الباطل‪ ،‬والوقوف بين المعطوف والمعطوف‬ ‫عليه في هذا لا تأثير له في حكم صحيح‪ ،‬فالوصل في هذا النسق هو الجائز والحسن‬ ‫الفصيح؛ لأن الابتداء بالمعطوف على تقدير عطفه لا يدفع بالجزم باطل ما يتصور منه في‬ ‫فاسد الوهم‪ ،‬والابتداء به استئنافا لا معنى له لإخلاله بالمعنى‪ ،‬وكأين من موضع من كتاب‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬أيعدل‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬آل عمران‪ :‬الآية )‪.(١٨‬‬ ‫‪ ٣١٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫االله كذلك يظهر بالاستقراء لمن به تعنى‪ ،‬ألا ترى إلى قوله تعالى‪&% $ # " ! M :‬‬ ‫' ( ) * ‪ L , +‬فعلى القراءة الشهيرة في هذا الموضع الكريم برفع‬ ‫الملك القدوس العزيز الحكيم ولو‪ ‬تأولها الجاهل بأنها بدل من الفاعل لساغ له في الباطل‬ ‫أن يكون من الكلام العاطل‪ ،‬ولكن أبى االله إلا أن يظهر نوره‪ ،‬ويتم ظهوره فلا يضره‬ ‫الجاحدون‪ ،‬ولا يخفى عليه الملحدون‪ ،‬وليس في هذا وبابه ما يقدح في صوابه‪ ،‬فيجوز أن‬ ‫يسمى شيئا في جوابه‪.‬‬ ‫كلا بل هو في كل زمان نوع هذيان أو وسوسة شيطان أو حديث نفس ما لها بـه مـن‬ ‫سلطان‪ ،‬لعدم ما عليه من برهان‪ ،‬إن الحكم‪ ‬إلا الله يقضي الحق ويقول الصدق‪ ،‬فلا عـبرة‬ ‫في مراء بتأويل هراء‪ ،‬مجتث من فـوق الأرض لـيس بـذي طـول ولا عـرض‪ ،‬أم يكـون مـن‬ ‫السداد أن يقاس بيت العنكبوت بإرم ذات العماد‪ ،‬التي لم يخلق مثلها في البلاد؟! ولا جـرم‬ ‫فالحق أعظم ركنا وأثبت من إرم‪ ،‬والباطل يضمحل هباء ويذهب جفاء؛ لأنه لـيس بـشيء‬ ‫جزما‪ ،‬فأنى يستوجب في الحق أن يكون من الثابت حكما‪.‬‬ ‫وفي الإجماع أن الحق يعلو ولا يعلى‪ ،‬فلا قرار لتأويل الباطل‪ ،‬ولا احتمال له في دين‬ ‫المولى‪ ،‬فقد بطل الباطل وتلاشى‪ ،‬وكان ذلك هو به أولى‪ ،‬وبه يستدل قطعا على أن ذلك‬ ‫الوقف في موضع استحسانه ليس بالواجب شرعا‪ ،‬إذ لا موجب له إلا مخالفة تلاعب‬ ‫الأوهام بما يوهم فساد المعنى من مفهوم الكلام‪ ،‬وقد اتضح بما قدمناه أنه لا عبرة بذلك‬ ‫على حال‪ ،‬فإن تطرق الوهم‪ ‬في حكم الحق محال؛ لأنه الذي قال االله في محكم وصفه إنه‬ ‫)‪ (١‬الجمعة‪ :‬آية )‪.(١‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬الحق‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م( زيادة إليه‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣١١‬‬ ‫‪ L m lk j i h g f e d cM‬فعرفنا به يقينا أن من عرض له في وهمه‬ ‫بما‪ ‬يوجب شكا فيه‪ ،‬أو لبسا فإنما هو لسوء فهمه‪ ،‬لما به من قصوره لقلة نوره‪ ،‬وذلك لا‬ ‫يحمل على غيره لعظيم خيره‪ ،‬فإنه مجرد من الشوائب برىء من المعايب‪ ،‬وبهذا ينكشف لك‬ ‫الحق فيما أصله أصحابنا في هذه المسألة وهو جوابنا‪.‬‬ ‫ولقد صرح به ابن الجزري‪ ‬الشافعي في قوله‪:‬‬ ‫ولــــيس في القــــرآن مــــن وقــــف وجــــب ولا حــــــرام غــــــير مــــــا لــــــه ســــــبب‬ ‫فإن قيل‪ :‬هذا حكم الوصل‪ ،‬أفمثله يكون حكم الوقف والفصل‪ ،‬أم بينهما في الحكم‬ ‫فرق أفلا تخبرني عنه بالحق؟‬ ‫فيقال‪ :‬بلى إن الفرق بينهما ظـاهر‪ ،‬عنـد أهـل العلـم شـاهر‪ ،‬فـالقرآن أنـزل مفرغـا في‬ ‫قوالب البيان‪ ،‬سمطا منتظما نظما محكما‪ ،‬إلا أنه لعظم العناية‪ ،‬ومزيد الألطاف والهداية فصله‬ ‫سورا تتلى‪ ،‬وآيات تترى‪ ،‬هي الفواصـل تـسمى‪ ،‬وجعـل في فواصـله مواضـع هـي للفـصل‬ ‫مقاطع أيضا‪ ،‬فعلم بالاستقراء صحيح أحكامها أن للسور جميعـا عنـد مقـاطع أختامهـا‪،‬‬ ‫)‪ (١‬فصلت‪ :‬الآية )‪ (٤٢‬وتكملتها»‪ ...‬من حكيم حميد«‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م( ما‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في النسخ المخطوطة‪ :‬ابن الجوزي‪ ،‬ولعله خطأ من النساخ فالصواب ابن الجزري؛ لأنه هـو المـشتغل‬ ‫بعلم القراءات‪ ،‬وهذه الأبيات من منظومة له في ذلك وهو شافعي المـذهب‪ ،‬أمـا ابـن الجـوزي فهـو‬ ‫حنبلي المذهب‪.‬‬ ‫وابن الجزري هو أحمد بن محمد بن محمد‪ ،‬أبو بكر‪ ،‬شهاب الدين ابن الجزري القـرشي الـشافعي‪- ٧٨٠) ،‬‬ ‫نحو ‪ ٨٣٥‬هـ(‪ ،‬مقرئ‪ ،‬دمشقي المولد والوفاة‪ ،‬أخذ عن أبيه وغيره‪ ،‬وسمع القراآت الاثنتي عـشرة‪،‬‬ ‫وتصدر للتدريس‪ ،‬ومات بعد أبيه )المتوفى سنة ‪ (٨٣٣‬بقليل‪ ،‬له )الحواشي المفهمة في شرح المقدمـة(‬ ‫وهي المقدمة الجزرية‪ .‬ينظر‪ :‬الأعلام‪ ،‬الزركلي ‪.٢٢٧/١‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م( مقاطيع ختامها‪.‬‬ ‫‪ ٣١٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪‬‬ ‫حكم صحة الوقوف عليها‪ ،‬وكونه الأحـسن لـديها لاسـتقلال حكمهـا بـذاتها؛ لانقطـاع‬ ‫متعلقاتها‪.‬‬ ‫وأما الوقوف من بعد على رؤوس الفواصل أو ما دونها من الألفاظ فهو تبع للمعنى‬ ‫فيما عرفنا من قول العلماء والحفاظ‪ ،‬ولهذا يتفرع في أحكامه إلى خمسة أوجه‪:‬‬ ‫فأولها‪ :‬الوقوف عليه أفضل من وصله‪ ،‬وهو المندوب إليه‪ ،‬وهو الذي سبق القول فيه‬ ‫أنه يوجد في ]كلام بعض[‪ ‬القوم أن الوقف واجب لديه‪ ،‬وتكلمنا على أثره بما حضرنا من‬ ‫ترجيح‪ ‬قول المسلمين الصحيح في منع الوجوب وكونه من خبر المندوب‪ ،‬على أني لا أراه‬ ‫ً‬ ‫قريبـا مـن‬ ‫موضع إجماع يمنع دينا من نزاع‪ ،‬ولو قيل فيه رأيا بإيجابـه لم أبعـده مـن أن يكـون‬ ‫جواز الرأي عليه في صوابه‪ ،‬وقد مضى منه في الفصل الأول ما يغني عن الإعادة وكفى به‪.‬‬ ‫وثانيها‪ :‬الوقوف وهو ما استوى فيه الوصل والفصل لعدم‪ ‬ما يرجح أحدهما على‬ ‫الآخر من حيث دلالة المعنى في العدل‪ ،‬ومحله تمام الكلام‪ ،‬واستقلال المعاني بذاتها بلا‬ ‫متعلق بها في الأحكام‪ ،‬كالوقوف عند قوله تعالى‪ L0 / . M :‬أو مع قوله‪2M :‬‬ ‫‪ ،L 5 4 3‬وكقوله تعالى‪\ [ Z Y X W V M :‬‬ ‫] ^ _ ` ‪ L b a‬ولا ينكر أهل الأحلام والفهوم‪ ،‬أن يلحق من غير‬ ‫)‪ (١‬في )م( وانقطاع‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬بعض كلام‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬بعدم‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الفاتحة‪ :‬الآية )‪.(٤‬‬ ‫)‪ (٦‬الفاتحة‪ :‬الآية )‪.(٥‬‬ ‫)‪ (٧‬الكوثر‪ :‬الآيات )‪.(٣-١‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣١٣‬‬ ‫الفواصل ما كان بهذه المثابة كقوله تعالى‪ Ly xw v u t s M :‬غير أن الوقف‬ ‫على الفواصل أوجه وأولى‪ ،‬والوصل من قبل تمامها أوجه وأسوغ وأحلى بمن أمكنه ذلك‬ ‫وإلا فهما من حيث الحكم في الجواز سواء‪.‬‬ ‫وثالثها‪ :‬الوقف لتمام ما شرع فيه من الكلام‪ ،‬إلا أن ما بعده يتعلق به في الأحكام‬ ‫كالتوابع الأربعة‪ :‬النعت والعطف والتوكيد والبدل‪ ،‬وكالحال وأدوات الخفض وما‬ ‫يضاهيهن في المثل‪ ،‬فوصل هذا وبابه أولى إن أمكن صوابه‪ ،‬والوقوف عليه في قولهم جائز‪،‬‬ ‫وليس بأحسن غير أني أستدرك منه إن استطالت الفواصل قوله تعالى‪( ' & M :‬‬ ‫) * ‪ L 1 0 / . - , +‬فليس في الأولى والثانية محل الفصل‪،‬‬ ‫فالوقف غير حسن فيما صرحوا به لمن أمكنه الوصل‪ ،‬وكذا في قوله تعالى‪B A M :‬‬ ‫‪ L L K J I H G F E D C‬مع جر لام تنزيل وقس على‬ ‫هذا ما يشبهه بصحيح التأويل‪.‬‬ ‫فإن اتسع القول واستطالت الفواصل‪ ،‬أو كثرت كذلك مما في استحسانه مجادل‬ ‫كقوله تعالى‪0 / . - , + * ) ( ' & % $ # " ! M :‬‬ ‫‪F ED C B A @ ? > =< ; : 9 8 7 6 5 4 32 1‬‬ ‫‪ ،L L K J I H G‬وكقوله تعالى‪ ̈ §¦¥¤£¢M :‬‬ ‫‪‬‬ ‫© ‪L μ ́ 3 2 ±° ̄ ® ¬ «a‬‬ ‫)‪ (١‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(٢٥٥‬‬ ‫)‪ (٢‬الفاتحة‪ :‬الآيات )‪.(٤-٢‬‬ ‫)‪ (٣‬يس‪ :‬الآيات )‪.(٥-٣‬‬ ‫)‪ (٤‬الملك‪ :‬الآيات )‪.(٣-١‬‬ ‫)‪ (٥‬الفرقان‪ :‬الآيتان )‪.(٦٤-٦٣‬‬ ‫‪ ٣١٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الآيات وفي ‪ L # " ! M‬وفي سورة المعارج وغيرهن من الحق هذا ما لا ينكره‬ ‫المبصرون‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬فأي شيء سوغ هذا مع كثرة الفواصل أو‪ ‬استطالتها ولم نجـد مـن تفرقـة‬ ‫بينهما فيما ألفيناه في الآثار من صحيح مقالتها؟‬ ‫فيقال‪ :‬أما ما تعذر على القارىء وصله فسقوط التكليف عما لا يـستطاع هـو الـدليل‬ ‫على أنه يحسن فصله‪ ،‬وأما ما دونه فالأصل الصريح في هـذا المنهـاج الـصحيح أن في لـسان‬ ‫الخطباء والشعراء من فصحاء العرب ما بنـي عـلى قـواف عديـدة‪] ،‬يتـصل[‪ ‬مـن التوابـع‬ ‫مديدة‪ ،‬فلا تناكر معهم أن يقفوا عند القوافي‪ ،‬ويبتـدءوا مـن بعـدها ملحقـين بهـا حكـما مـا‬ ‫اتصل بها معنى من نعت أو عطف أو حال‪ ،‬فتكون توابع للأول أو قوافي‪ ،‬أم ينكر شيء من‬ ‫هذا فيقال بعد استحسانه‪ ،‬وإنه لوضوح بيانه على المنصفين غير خاف‪.‬‬ ‫وللفواصل في ذلك من الحكم كذلك‪ ،‬ألا ترى في النعت مع كمال اتصاله جواز‬ ‫قطعه عن التبعية في إعرابه إن عرف المنعوت بدونه في حاله‪ ،‬ولكن الحال في الأصل غالبا‬ ‫صفة قطعت عن موصوفها‪ ،‬فدلت على الهيئة فغير بعيد أن يتوسع فيها بهذا إذا أثبتها معنى‬ ‫ومحلا‪ ،‬ولا سيما مع استطالة الفواصل كما قلناه فيما سبق قبلا‪ ،‬فإنه فيه ظاهر‪ ،‬كقوله تعالى‪:‬‬ ‫‪ ̧ ¶ μ ́ 32± ° ̄®¬«a © ̈§¦¥¤M‬‬ ‫‪Æ ÅÄ Ã Á ¿ 3⁄41⁄2 1⁄4»o1‬‬ ‫‪ L ÊÉÈÇ‬وكقوله تعالى‪®¬ « a© ̈ §M :‬‬ ‫ ̄‪3⁄41⁄21⁄4»o1 ̧¶ μ ́32±°‬‬ ‫)‪ (١‬المؤمنون‪ :‬آية )‪.(١‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م( و‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م( بقواف‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬الروم‪ :‬الآيتان )‪.(٣١-٣٠‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣١٥‬‬ ‫¿‪ L ÄÃÂÁÀ‬وكقوله تعالى‪μ ́32±° M :‬‬ ‫¶ ̧‪.LÂÁÀ¿3⁄41⁄21⁄4»o1‬‬ ‫‪‬‬ ‫ولمثل هذا لم نقل فيما سبق بالمنع من الوقوف عند قوله تعالى‪L ̧¶ μ ́3 M :‬‬ ‫فقوله‪) :‬عوجا( رأس الآية‪ ،‬وموضع الفاصلة‪ ،‬وهي مقر الوقوف مع ما بين عوجا وقيما من‬ ‫التباين الداعي إلى فصل بينهما عند أهل العرف إلا أنها من الفواصل التي لا تستطال‪،‬‬ ‫وتعلق ما بعدها بها يؤذن بالاتصال‪ ،‬فلا بد لتعارض المعاني هناك من أن يجوز ثمت هذا‬ ‫وذاك فاعرفه‪.‬‬ ‫ورابعهــا‪ :‬الوقــف قبــل تمــام الكــلام مــن دون إفــساد معنــى ولا تغيــيره عــما لــه مــن‬ ‫الأحكام‪ ،‬كالوقف بين القسم وجوابه‪ ،‬وبين الشرط والجزاء‪ ،‬وقس على ذلك مـا كـان مـن‬ ‫أضرابه‪ ،‬كالوقف بين المبتدأ وخبره‪ ،‬وبين اسم إن وخبرها‪ ،‬واسم كان وخبرها‪ ،‬وبين ظـن‬ ‫ومعمولاتها‪ ،‬والفعل وفاعله أو مفعوله‪ ،‬والموصول وصلته‪ ،‬والتمييز والمميز منـه‪ ،‬والحـال‬ ‫وصاحبها‪ ،‬فلا تقف عند شيء من هذا وبابه‪ ،‬وتوقه إلا من عذر فلا بد من اجتنابـه‪ ،‬إنـه‬ ‫على الصحيح وقف مكروه قبيح‪.‬‬ ‫فالقسم كقوله تعالى‪F E D C B A @ ? > = < M :‬‬ ‫‪.LHG‬‬ ‫والشرط كقوله تعالى‪ÇÆÅÄÃÂÁÀ¿3⁄41⁄21⁄4M :‬‬ ‫)‪ (١‬الأحزاب‪ :‬الآيتان )‪.(٦١-٦٠‬‬ ‫)‪ (٢‬الكهف‪ :‬الآيتان )‪.(١٠٨-١٠٧‬‬ ‫)‪ (٣‬الكهف‪ :‬الآية )‪.(١‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت( باقه‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬يس‪ :‬الآيات )‪.(٤-١‬‬ ‫‪ ٣١٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪.LÌËÊÉÈ‬‬ ‫والمبتدأ كقوله تعالى‪.L21 0/.- M :‬‬ ‫والموصول كقوله تعالى‪ L @ ? > = < ; M :‬وقس على ذلك‪،‬‬ ‫فإن حصل العذر لقارىء فوقف في هذا الباب خرج من حد القبح فكان الجواز أولى به في‬ ‫هذا الجواب‪ ،‬لكن يرجع القارىء في هذا ومثله إلى ذلك الكلام بحسب المعنى فيعيده إلى‬ ‫التمام‪ ،‬كما سيأتي إن شاء االله‪.‬‬ ‫وإذا اتسع القول‪ ،‬أو كثرت الآيات لتعذر فصلها‪ ،‬حتى عجز التالي والحالة هذه عن‬ ‫استيفاء معناها في وصلها فهو له من صريح العذر في هذا المقام بغير نكر‪ ،‬وحينئذ فيكون‬ ‫الوقف عندها للضرورة حسنا‪ ،‬ولا تلزمه إعادته فيما معنا لتأسيس المباني على ذلك‪،‬‬ ‫وعدم التكليف بما لا يستطاع هنالك‪ ،‬فيقتدر بها وإن فصلت لفظا فهي موصولة معنى‪ ،‬أو‬ ‫ليس من الحق الذي لا نزاع فيه ولا شقاق‪ ،‬ولايجوز أن يطوق ما لا يطاق‪ ،‬وليس في هذا‬ ‫بالإجماع من القول إلا مناع مناع‪ ،‬فمثال هذا المستثنى جوازه فذكره لبيان المعنى قوله تعالى‪:‬‬ ‫‪ L , + * ) ( ' & % $ # " ! M‬إلى قوله‪U M :‬‬ ‫‪ LY XW V‬فتمام الكلام لم يكن إلا على رأس أربع عشرة آية‪ ،‬لا تظن أحدا يقدر‬ ‫على وصلها جميعا‪ ،‬وبدون هذا كفاية‪.‬‬ ‫)‪ (١‬مريم‪ :‬الآية )‪.(٧٥‬‬ ‫)‪ (٢‬القدر‪ :‬الآية )‪.(٣‬‬ ‫)‪ (٣‬الفاتحة‪ :‬الآية )‪.(٧‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م( زيادة لفظا لا خطا‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬التكوير‪ :‬الآيات )‪.(١٤-١‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣١٧‬‬ ‫وكذلك في قوله تعالى‪ L ' & % $ # " ! M :‬فإنها متصلة‬ ‫الأقسام ثماني آيات وبالتاسعة والعاشرة تم الكلام‪ ،‬فالعذر ّبين لمن لا يقوى على وصلهن‬ ‫من الأنام‪ ،‬وربما اقتدر بعض التالين على ما لا يقدر عليه الآخر في حين‪ ،‬فلا يجوز أن يكلف‬ ‫غير القادر ما لا يستطيعه هو في رأي ولا دين‪ ،‬وربما سبق عليه من هذا ما لو تكلفه‬ ‫لاستطاع‪ ،‬فلا يلزمه في هذا الموضع تكلف المشقة في رأي ولا إجماع‪ ،‬فدين االله يسر ما فيه‬ ‫عسر‪.‬‬ ‫ومثال ما توسط في الطول والقصر فيختلف فيه أحكام الناس‪ ،‬ويقال حينئذ‪ :‬إن‬ ‫لكل ما يخصه من حكم ولا بأس قوله تعالى‪b a ` _ ^ ] \ [ Z M :‬‬ ‫‪ ،L m l k j i h g f e d c‬وقوله تعالى‪C B A M :‬‬ ‫‪QPONMLKJIHGFED‬‬ ‫‪.LWVUT SR‬‬ ‫وحكم الآية الفريدة في هذا كالآيات العديدة‪ ،‬إذا استوى المعنى‪ ،‬ومثاله فيها قوله‬ ‫تعالى‪y x w v u t s r M :‬‬ ‫‪¡~ } | { z‬‬ ‫‪© ̈ §¦¥¤£¢‬‬ ‫‪ L± ° ̄ ® ¬ « a‬فإنها لما بها من طول تبيح الوقف في‬ ‫خلالها ضرورة في غيرمحله لمن لا يقوى على وصلها كما سبق في هذه الفصول‪.‬‬ ‫)‪ (١‬الشمس‪ :‬الآيات )‪.(٢-١‬‬ ‫)‪ (٢‬التكوير‪ :‬الآيات )‪.(١٩-١٥‬‬ ‫)‪ (٣‬سورة النصر )‪.(٣-١‬‬ ‫)‪ (٤‬الأحزاب‪ :‬الآية )‪.(٣٥‬‬ ‫‪ ٣١٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وخامسها‪ :‬الوقف المحجـور عـلى مـن أراده‪ ،‬إذ لا رخـصة فيـه ولا هـوادة‪ ،‬وهـو أن‬ ‫يقطع الكلام عنادا أورث المعنى فسادا‪ ،‬فلا يجوز قطعا لحرامه‪ ،‬إلا لعذر صريح في مقامه إن‬ ‫صح له في زمان‪ ،‬كخطأ أو نسيان‪ ،‬أو غلبة مـن عطـاس أو تثـاؤب أو نحـوه‪ ،‬ممـا يغـص بـه‬ ‫القارىء لشجوه‪ ،‬وإلا فلا يباح لعذر في علم ولا جهل‪ ،‬وإنه لقول فصل‪ ،‬وما هـو بـالهزل‪،‬‬ ‫وأعظمه ما كان في التوحيد‪ ،‬والثناء على االله المجيد‪ ،‬فإنه بالتعمـد لإفكـه عـلى وجهـه يحكـم‬ ‫بشركه‪ ،‬وهذا أشهر من أن يحتاج إلى تمثيل‪ ،‬وإن كان ولا بد فكالوقف والإيجاب فيما به من‬ ‫تهليل‪ ،‬وكأين من موضع فيه كذلك لا ينكره من له أدنى فهم من الخواص‪ ،‬كـالوقف عـلى‬ ‫)ولم يكن( في أول آخر آية سورة الإخلاص‪.‬‬ ‫وبعد فالاستثناءات كلها لاحقة بذلك عند كل العارفين‪ ،‬كما ترى في موضعيهما من‬ ‫سورتي »والعصر« »والتين«‪ ،‬وفي غيره كذلك يتضح بالمعنى ويبين‪ ،‬كما لا يجوز الوقف على‬ ‫قوله تعالى‪ L G F M :‬و‪ L & % $ # " ! M‬و‪D M‬‬ ‫‪ L K J I H G F E‬وهذا مما لا نعلم أنه يختلف فيه برأي ولا‬ ‫بدين‪‬؛ لأن جوازه يؤدي ولا شك إلى إفساد مبانيه‪ ،‬والإلحاد في معانيه‪` _ M ،‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪Lqponm lk j ihg f edcb a‬‬ ‫ومن اضطر إلى ما به يعذر إلى وقف على شيء مما يكره الوقف عليه أو يحجر‪ ،‬فيـؤمر‬ ‫في هذا وجوبا‪ ،‬وفي الأول مندوبا‪ ،‬مع القدرة أن يستأنف ما قطعه من الكلام حتى يـأتي بـه‬ ‫من أوله على التمام بحسب ما له من صحة المعنى في الأحكام؛ ليخرج من قبح فصله إلى مـا‬ ‫)‪ (١‬الماعون‪ :‬الآية )‪.(٤‬‬ ‫)‪ (٢‬الكافرون‪ :‬الآيتان )‪.(٢-١‬‬ ‫)‪ (٣‬البينة‪ :‬الآية )‪.(١‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م( دين‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬فصلت‪ :‬الآيتان )‪.(٤٢-٤١‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣١٩‬‬ ‫أمر به من وصله‪ ،‬وكذا من تعمده في عمده أو جهله للوقف في غير محله‪ ،‬أو أتى به في غـير‬ ‫عمده لعدم قصده‪ ،‬فكله سواء في حكم استئنافه لتساويه في اتصافه‪ ،‬ولا بد لمن تعمد لمـا لا‬ ‫جواز له في حاله من الرجوع بالتوبة النصوح لمن لا شريك له في جلاله هو غفار الـذنوب‪،‬‬ ‫وكشاف الكروب سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫وفيما أسلفناه من أحكام هذا الباب كله ما دل بتصريح‪ ،‬وتارة بلحن القول وفحـواه‬ ‫في تلويح على أنه لا بد لنا من إعمال النظر بصحيح المعتبر‪ ،‬وتدقيق الفكر في مراعاة أحكـام‬ ‫المعاني عند الوقف والفصل خوف الوقوع فيما لا جواز له في الأصل‪ ،‬فمن الغبن الفـاحش‬ ‫أن يبوء بوزره من حيث يرجو عظيم أجره‪ ،‬عافانا االله وإياكم بفضله‪ ،‬من هذا ومثله‪.‬‬ ‫وأما الوصل فهو منه في أوسع من الدهناء طريقا؛ لكونه لا يخـل بمعنـى ولا يفـسده‬ ‫تحقيقا‪ ،‬فلينظر فيما في هذه النبذة من القول‪ ‬الذي أسـلفناه مـن قـدر أن ينظـر بإنـصاف في‬ ‫معناه‪ ،‬ثم لا يعجل من بعده بقبوله ولا رده‪ ،‬حتى يتضح له غيه من رشده‪ ،‬فإن في الحق ما‬ ‫يذود عما سواه‪ ،‬لمن لا يتابع هواه‪ ،‬ولا عذر في قبول الباطل من عالم ولا جاهل‪ ،‬واالله أسأله‬ ‫أن يوفقني في هذا الجواب وغيره‪ ،‬لما هو عنده من محض الحق والصواب‪ ،‬فإن الخير بيديـه‪،‬‬ ‫ويرجع الأمر كله إليه‪ ،‬والحمـد الله عـلى مـا أنعـم‪ ،‬وصـلى االله عـلى سـيدنا محمـد النبـي وآلـه‬ ‫وسلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫في الوقوف مع قوله تعالى‪،L ¥¤ £¢M L & % $ # M :‬‬ ‫‪ L ¿3⁄4 1⁄21⁄4» M‬غير جائز مطلقا بالسنة والإجماع‪ ،‬أم رأي من أهل العلم‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬العصر‪ :‬الآية )‪.(٢‬‬ ‫)‪ (٣‬طه‪ :‬الآية )‪.(١٢١‬‬ ‫)‪ (٤‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(٢٥٥‬‬ ‫‪ ٣٢٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫أم جائز ولكنه مكروه‪ ،‬وما شابه هذه الوجوه؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫أما الوقوف على ‪ L & % $ # M‬وعلى ‪L¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » M‬‬ ‫والابتداء بالاستثناء فلا يبين لي جوازه على العمد لفصله مع القدرة على وصله‪ ،‬وإذا لم‬ ‫يخرج له شيء من التأويل على تقدير الاستثناء المنفصل حيث يمكن تأويله بالاستدراك فلا‬ ‫أعلم اختلافا في منعه‪ ،‬وأرجو أن في الإجماع ما يقضي بمنع‪ ‬النزاع في جواز الفصل‪ ،‬حيث‬ ‫تتأدى إلى فساد المعنى من كتاب االله إلا في موضع العذر لمن نزل بمنزلته‪.‬‬ ‫وليس من هذا الباب الوقوف على‪ L ¥¤ £ ¢M :‬فالوقوف عليها جائز‪،‬‬ ‫والوصل حسن‪ ،‬بل يصح إن قيل أحسن‪ ،‬ولا يبين لي وجه لزومه على حال‪ .‬واالله أعلم‪،‬‬ ‫وبه التوفيق‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫في قراءة سورة الإخلاص ما الأفضل عندك في قراءتها‪ ،‬أن يقف بالجزم في كل صـفة‬ ‫منها‪ ،‬أم يقف على الصمد ليميز‪ ‬بين النفي والإثبات؟ فعلى هذا ما الأولى له أن يضم دال‬ ‫تفـضل أوضـح لي مـا‬‫أحد ليحصل له تفخيم اسم‪ ‬الذات‪ ،‬أم ينون الدال ويرقق الاسم؟ َّ‬ ‫الأفضل معك من ذلك كفيت المهالك‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬وعندي أن الوقف عند كل فاصلة من هذه السورة الشريفة جائز حسن‪،‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬بأمر‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٢١‬‬ ‫والوصل جائز كذلك بلا فرق أعرفه‪ ،‬والنفي والإثبات منها كله سواء‪ ،‬فلا يحتاج إلى فصل‬ ‫بينهما‪ ،‬كما لا فصل بين قوله تعالى‪ Ly x w v u t s M :‬وإذا وقف على‬ ‫الفواصل المعربة بالجزم فليسكنها على ما عهد من جزمها‪ ،‬وإن وقف على الفواصل المعربة‬ ‫جاز له فيها ثلاثة أوجه في المشهور من القراءات وهي‪ :‬السكون والجزم والإشمام‪ ،‬فإن‬ ‫وصلها رجع إلى إعرابها المعهود إلا في الفاصلة الأخيرة‪ ،‬فيقول‪% $ # " ! M :‬‬ ‫& ' ( ‪ L‬بتنوين أحد مع رفعه‪ ،‬وبكسر التنوين لالتقاء الساكنين فيرقق‬ ‫اللامين في اللفظ من اسم الجلالة في أول الفاصلة الثانية لمناسبة الكسرة التي قبلها‪.‬‬ ‫ولا فرق من جهة التعظيم بين الترقيق والتفخيم كما تـراه متفقـا عليـه‪ ،‬أو مجتمعـا إذا‬ ‫ولي الكسر في كل موضع من القرآن العظيم الكريم‪ ،‬ولـو لم نجـده كـذلك إلا في »بـسم االله‬ ‫الرحمن الرحيم« لكفى‪ ،‬وإنما ترقق الحروف أو تفخم لتناسب اللفظ لا غير‪ ،‬وما في ذلك‬ ‫خفاء‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪:‬‬ ‫وجدت أن في القرآن ستة عشر موضعا لا يجوز الوقوف عليها وأنه كفر سواء كان في‬ ‫الصلاة أو خارجا منها بالإجماع‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫الأول‪ :‬في سورة البقرة لا يجوز الوقوف على قوله تعالى‪L) ( ' & M :‬‬ ‫)‪ (١‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(٢٥٥‬‬ ‫)‪ (٢‬الإخلاص‪ :‬الآيتان ) ‪.(٢ - ١‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬غيره‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬وردت في مخطوط‪ :‬أجوبة مسائل مختلفة من الشيخ خميس بن أبي نبهان أجاب عنهـا المحقـق الخلـيلي‪،‬‬ ‫ص‪.١٢٨‬‬ ‫‪ ٣٢٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫ويبدأ بقوله تعالى‪.L , + * M :‬‬ ‫الثاني‪ :‬فيها أيضا قوله تعالى‪ L x w v u M :‬ويبدأ بقوله ‪.Lz yM‬‬ ‫الثالث‪ :‬في سورة آل عمران أن لا يقف على قوله تعالى‪L ) ( ' M :‬ويبدأ بقوله‬ ‫‪.L+ * M‬‬ ‫الرابع‪ :‬في سورة المائدة أن لا يقف على قوله تعالى ‪L ¿ 3⁄4 1⁄2M‬ويبدأ بقوله‪:‬‬ ‫‪.L Á À M‬‬ ‫الخامس‪ :‬فيها أيضا لا يقف على قوله تعالى‪ L μ ́ M :‬ويبدأ بقوله‪ ̧ ¶ M :‬‬ ‫‪.L 1⁄4 » o1‬‬ ‫الــسادس‪ :‬فيهــا أيــضا أن لا يقــف عــلى قولــه تعــالى‪ L 9 8M :‬ويبــدأ ‪; : M‬‬ ‫<‪.L‬‬ ‫السابع‪ :‬فيها أن لا يقف على قوله تعالى‪ La M :‬ويبدأ بقوله‪.LbM :‬‬ ‫الثامن‪ :‬في سورة التوبـة أن لا يقـف عـلى قولـه تعـالى‪ L l k M :‬ويبـدأ‬ ‫)‪ (١‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(١٧‬‬ ‫)‪ (٢‬البقرة‪.(١٧) :‬‬ ‫)‪ (٣‬البقرة‪.(٢٤٣) :‬‬ ‫)‪ (٤‬آل عمران‪.(١٨١) :‬‬ ‫)‪ (٥‬المائدة‪.(٣١) :‬‬ ‫)‪ (٦‬المائدة‪.(٦٤) :‬‬ ‫)‪ (٧‬المائدة‪.(٨٤) :‬‬ ‫)‪ (٨‬المائدة‪.(٧٣ ):‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٢٣‬‬ ‫بقوله‪.Lo n m M :‬‬ ‫التاسع‪ :‬فيها أيضا أن لا يقف على قوله تعالى‪ L q p M :‬ويبـدأ بقولـه‪:‬‬ ‫‪.Lt srM‬‬ ‫العـــاشرة‪ :‬في ســـورة يوســـف أن لا يقـــف عـــلى قولـــه تعـــالى‪c b a ` M :‬‬ ‫‪Ld‬ويبدأ بقوله‪.Lg f M :‬‬ ‫الحادي عشر‪ :‬في سورة إبراهيم أن لا يقف على قوله تعالى‪L~ } M :‬‬ ‫ويبدأ بقوله‪.L ¥ ¤ £¢ M :‬‬ ‫الثاني عشر‪ :‬في سورة بني إسرائيـل أن لا يقـف عـلى قولـه تعـالى‪ L{z M :‬ويبـدأ‬ ‫بقوله‪.L ~ } | M :‬‬ ‫الثالث عشر‪ :‬في سورة الأحزاب أن لا يقف على قولـه تعـالى‪L §M :‬‬ ‫ويبدأ بقوله‪.La© ̈ M :‬‬ ‫الرابع عشر‪ :‬في سورة الغاشـية ألا يقـف عـلى قولـه تعـالى‪, L 1⁄2 1⁄4 » o M :‬‬ ‫‪‬‬ ‫ويبدأ بقوله‪.L  Á À ¿M :‬‬ ‫)‪ (١‬التوبة‪.(٣٠) :‬‬ ‫)‪ (٢‬التوبة‪.(٣٠) :‬‬ ‫)‪ (٣‬يوسف‪( ٨ ):‬‬ ‫)‪ (٤‬يوسف‪.(٩) :‬‬ ‫)‪ (٥‬إبراهيم‪(٢٢) :‬‬ ‫)‪ (٦‬الإسراء‪.(١١١) :‬‬ ‫)‪ (٧‬الأحزاب‪.(٣٥) :‬‬ ‫)‪ (٨‬الغاشية‪(٢٣ ):‬‬ ‫)‪ (٩‬الغاشية‪.(٢٤) :‬‬ ‫‪ ٣٢٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الخـامس عــشر‪ :‬في ســورة العــصر أن لا يقـف عــلى قولــه تعــالى‪% $ # M :‬‬ ‫&‪ , L‬ويبدأ بقوله‪.L , + * ) ( M :‬‬ ‫الـــسادس عـــشر‪ :‬في ســـورة أرأيـــت أن لا يقـــف عـــلى قولـــه تعـــالى‪F M :‬‬ ‫‪ LG‬ويبدأ بقوله‪ L M L K J I M :‬فهذه المواضع لا يجـوز‬ ‫عليها الوقوف واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬وقد نظرت في هذه المواضع ووجدت قوله فيها قريبا مـن الـصواب إلا أن‬ ‫بعضها أشد من بعض وبعضها أرخص من بعض‪ ،‬وبالاستقراء يعـرف أن في القـرآن أكثـر‬ ‫من ستة عشر ألف موضع لا يجوز الوقوف عليها إلا لضرورة توجب أن يبدأ فيها الواقـف‬ ‫بما قبلها مما يتم الكلام به‪.‬‬ ‫لكن تختلف الأحكام فيها في الواقف وما يبلغ به ذلك على العمد من تكريه أو تأثيم‬ ‫أو كفر بحسب ما يؤول إليه المعنى‪ ،‬ولعل في فاتحة الكتاب من هذا الباب من أخف الوجوه‬ ‫ما يبلغ نحو أربعة عشر موضعا‪ ،‬ولكن ليس فيها ما يبلغ بصاحبه إلى كفر ولا تـأثيم إلا إذا‬ ‫تعمد لإفساد معاني القرآن والإخلال بنظمه‪ ،‬وحقل‪ ‬عقود تراكيبه وتبديل أساليبه فيؤثم‬ ‫ذلك‪ ،‬وهذا بحر واسع لا سبيل إلى استقصائه في هذه العجالة وقد سبق منا مسألتان في بيان‬ ‫هذه المسألة يستغني بهما الواقف على معانيهما عن شرح هذا الـنمط مـرة أخـرى فـيما أرجـو‬ ‫واالله أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬العصر‪.(٢ ):‬‬ ‫)‪ (٢‬العصر‪.(٣) :‬‬ ‫)‪ (٣‬الماعون‪.(٤) :‬‬ ‫)‪ (٤‬الماعون‪.(٥) :‬‬ ‫)‪ (٥‬كذا في الأصل ولعلها‪ :‬وحل‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٢٥‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول في قوله تعالى‪ L @ ? > M :‬أم ويخلد أم يجوز الضم‪ ‬والفتح‬ ‫على الياء واللام عرفنا؟‬ ‫وقوله تعالى‪ ،L 3⁄41⁄2 1⁄4»M :‬وقوله‪ L3 2 1 0 / M :‬يجوز‬ ‫‪‬‬ ‫ضم الميمين وكسرهما أم لا عرفني ذلك‪ :‬وقوله‪L e d c b a ` M :‬‬ ‫تفضل ِّبين لنا ذلك‪.‬‬ ‫يجوز تشديد التاء والذال وتخفيفهما جميعا أم لا؟ َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫يخ ُلد« بفتح الياء وضم اللام‪» ،‬ومت« يجوز بضم‪ ‬الميم وكسرها حيث وقعت‪ ،‬ولا‬ ‫»َْ‬ ‫يجوز تشديد التاء من »تذكرون«‪ ،‬ويجوز تخفيف الذال وتثقيلها‪ .‬واالله أعلم‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬الفرقان‪ :‬الآية )‪.(٦٩‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬بالضم‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬مريم‪ :‬الآية )‪.(٢٣‬‬ ‫)‪ (٤‬مريم‪ :‬الآية )‪.(٦٦‬‬ ‫)‪ (٥‬الواقعة‪ :‬الآية )‪.(٦٢‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م( ضم‪.‬‬ ‫‪ ٣٢٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ L $ # " !M‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ L )( ' & M‬إشارة إلى من عداه فهو عبد‪ L)M ،‬حصر‬ ‫للجميع‪ ،‬وفيه مدح لأهل العقول إذ ]غلبهم[‪ ‬على من سواهم‪ ،‬ولم يقل العوالم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬كتب هذه المقامات المحقق الخليلي ‪-‬رحمه االله‪ -‬في صغره ثم رجع عنها كما أشار إلى ذلك في شيء مـن‬ ‫رسائله إذ قال‪:‬‬ ‫»وذكرت من قبل ما وقفت عليه من الكلام على فاتحة الكتاب الشريفة‪ ،‬وأنك لم تقف على الآيـة‬ ‫السابعة‪ ،‬فاعلم يا أخي أن ذلك ليس بتفسير الفاتحة لما نرى فيه من عدم حـل ألفاظهـا‪ ،‬بيـان معـاني‬ ‫لغتها‪ ،‬وما يتعلق بذلك من تراكيبها‪ ،‬وإنما هو كلام لفقناه في الصغر لبيان مقامـات الإيـمان ومعرفـة‬ ‫ً‬ ‫قـصدا إلى تركـه‬ ‫استخراج ذلك من معاني تلك السورة الـشريفة‪ ،‬ثـم مـا أتممنـاه ولا اعتنينـا بتهذيبـه‬ ‫وعـدم إظهـاره لمـا في الــنفس مـن قـصوره‪ ،‬وإنــما غفلنـا عـن تمزيـق تــسويده فهـي غايـة شرح خــبره‪،‬‬ ‫وكذلك الدرة النورانية سودناها أولاً قصرت ثـم طالـت لمـا عالـت‪ ،‬ثـم أردنـا أن نـشرحها فابتـدأنا‬ ‫بذلك ثم تأملنا ألفاظها وتراكيب أبياتها فوجدنا ترك إظهارها أحسن لما بها من قلة الفصاحة وعدم‬ ‫لفظـا‪ ،‬وسنـستخير االله‬ ‫ً‬ ‫البلاغة فأهملناها‪ ،‬فقد صارت في حكم المعدوم معنـى‪ ،‬وإن كانـت موجـودة‬ ‫تعالى فيها‪ ،‬وفي الظن أنـا لا نـضع إلا مـا يرقهـا إلا أن يفـتح االله لنـا أبياتهـا في ثـاني حـال‪ ،‬فهـذا خـبر‬ ‫المطلوب من المعنيين‪ ،‬ولذلك أخرنـا بتعريـف الـشيخ سـعيد بـن عـامر فلـم نعطـه إيـاه تعـذر المـراد‪،‬‬ ‫وعسى أن يفتح االله تعالى ما يغني عن ذلك من العلم النافع‪ ،‬وكأني في الحـال أي أسـباب الاشـتغال‬ ‫عـلي مـن النـوال بلطـائف‬‫يمـن ّ‬‫بمكدرات البال من ضروب الأشغال فأسأل االله تعالى ذا الجـلال أن ّ‬ ‫أمداده وعوارف لطفه إنه كريم رحيم«‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬حضر‪.‬‬ ‫من عليهم‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ّ :‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٢٧‬‬ ‫‪ L , + M‬التعريف للعهد؛ لأن رحمته قديمة‪ ،‬أو للحصر أي من فعل ذلك‬ ‫غيره رحمة إيجاد تعم الجميع‪ ،‬رحمة إمداد تخص المؤمنين بدلالة التكرير والمضاعفة‪.‬‬ ‫‪ L.M‬إشارة إلى أنه لم يبق هنالك ملك سواه‪ ،‬وأن الخلق كلهم ضعفاء تحت‬ ‫حكمه‪ ،‬يفعل فيهم بقدرته ما يريد‪ ،‬وفي هذا الخبر ذم الحياة الدنيا‪ ،‬إذ لم يجعلها االله شيئا حتى‬ ‫كأنها لحقارتها لم يرض أن يتمدح بملكها‪ ،‬وتعظيم لذلك اليوم ذكره‪ ‬دع ما وراءه‪.‬‬ ‫‪ L/ M‬فيه تهويل للموقف‪ ،‬إذ جميع تلك العظائم والأهوال‪ ،‬والزلازل الحير التي‬ ‫تبرز‪ ‬في يوم واحد‪.‬‬ ‫‪ L0 M‬إشارة إلى العدل‪ ،‬فمن يعمل ومن لم يعمل كما تدين تدان‪ ،‬وفيه تخويف‬ ‫وتحذير من موبقات الأعمال‪ ،‬وفيه تبشير‪ ‬بلقاء العمل الصالح‪.‬‬ ‫‪ L32 M‬هذه من مقابلة رب العالمين وصف ربه بالربوبية‪ ،‬وهنا وصف نفسه‬ ‫بالعبودية‪ ،‬وتملق بين يديه أن جعل نفسه من عبيده ]رجاء أن يكفله ما أهمه‪ ،‬وانقطاعه‬ ‫لمولاه؛ لأن من عادة المولى كفاية عبيده‪ ،‬وأن لا يهملهم سدى للشياطين[‪ ،‬ولا سيما إن‬ ‫كان بضعفهم عارفا‪ ،‬وفيها سر إخلاص العبادة له‪ ،‬وفيها سر تحقيق العبودية الموجبة‬ ‫للخدمة في مقام الربوبية المدهشة لعظمتها‪ ،‬فلا غرو أن يقول ‪ L5 4 M‬هذه من‬ ‫مقابلات الرحمن الرحيم‪ ،‬وكأنه لما استعز شرفه الجلال في مقام إياك نعبد ازداد من‬ ‫الاستكانة والخضوع‪ ،‬ومشاهدة الذل والمهانة والحقارة‪ ،‬الموجب لعدم القدرة على تحمل‬ ‫أعباء الطاعة‪ ،‬وميثاق المجاهدة‪ ،‬فلاحت له بعد الشريعة شريعة أخرى أحض من الأولى‪،‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬وذكره‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬تبور‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬تيسير‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫‪ ٣٢٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وهي سر‪ ‬الشريعة الحقيقية‪ ،‬فقال‪ :‬وإياك نستعين‪ ،‬بواو العطف لسر الجمع‪ ،‬أي نستعين‬ ‫بك مع القيام بالعبادة‪ ،‬لا مع إهمال المقام الأول‪ ،‬وفيها سر الإخلاص للتصريح بلفظة إياك‬ ‫نستعين‪ ،‬أي لا نستعين بسواك قطعا‪ ،‬وسر الرجاء الجازم؛ لأن السؤال غير متردد‪ ،‬وسر‬ ‫الإقرار بالعجز من العبد عن القيام بحق الرب‪ ،‬فإنه لا يستعين إلا من ظهر عجزه‪ ،‬فتبين له‬ ‫جزما‪ ،‬وسر الأدب فيما سيأتي من الدعاء‪ ،‬فإنه لم ينطق بطلب لشيء إلا بعد ما استعان‬ ‫واستنصر‪ ،‬والتجأ وتضرع‪ ،‬وصرح بالعبودية وأظهر الاستكانة‪ ،‬وفيه إظهار لسر قدرة‬ ‫الربوبية‪ ،‬فإن من لا يقدر على شيء لا يستعان به في شيء‪ ،‬وإظهار لسر الرحمة والكرم‪ ،‬فإن‬ ‫من لا يجود لا ينبغي أن يسأل‪ ،‬ومن لا يرحمك لا ينبغي أن تتضرع إليه؛ لأن التضرع وتركه‬ ‫سواء تعالى االله عن ذلك‪.‬‬ ‫وفي حكايته من االله تعالى تعليم لعباده بحق هـذه الخـصال‪ ،‬وفيـه إيـماء كالوعـد بأنـه‬ ‫مجيب للسؤال‪ ،‬وإشارة إلى إظهار رحمته للعباد‪ ،‬وحث لهم على الاجتهاد في الدعاء الذي هو‬ ‫رأس العبادة بمراعاة شروطه‪ ،‬وتشويق بأن يكونوا داخلين في زمرة وفده الراجين‪ ،‬وإشارة‬ ‫إلى منع اليأس والقنوط من رحمته؛ لأنه معين‪ ،‬وإشـارة أخـرى إلى التوكـل الـذي هـو رأس‬ ‫العبادة‪ ،‬ودعامة الإيمان؛ لأن من استعان باالله فلا بد مـن أن يتوكـل عليـه فـيما بـه يـستعين‪،‬‬ ‫فيكفي‪ ‬بمجرد‪ ‬رجاء إعانته قطع النظر عن غيره‪ ،‬وإلا فلا يكون من المتوكلين‪.‬‬ ‫وكأنه يدخل فيه معنى الزهد في الدنيا؛ لأن المتجرد في مجرد الاستعانة باالله فلا بد وأن‬ ‫يغلب عليه في حاله ما أهمه من شأنه‪ ،‬فلا متسع لغيره فيـه‪ ،‬وهـذا في قولـه منقطـع بالكليـة؛‬ ‫لأنه استعان به مع قطع العلائق البتة عما عداه‪ ،‬فلا ينظر إلى سواه؛ لأن غيره وإن جـل فهـو‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬حزما‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬فتكفي‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٢٩‬‬ ‫حقير لا يعين على شيء‪ ،‬ولا يقدر عليه‪ ،‬فلا بد للمتجرد الله في استعانته من أن يكون موقنـا‬ ‫لا‪ ‬لغيره راجيا‪ ،‬فيدخل في زمر الموقنين والراضين بـما يفتحـه لهـم المـولى في هـذا الطريـق‪،‬‬ ‫فيــدخل في ذلــك سر الرضــا واليقــين‪ ،‬فــلا شــك أن علــم الحقيقــة كلــه محــض الاســتعانة‬ ‫والانقطاع‪ ،‬وترك الأطماع في غير االله بالكلية‪ ،‬حين يطمـئن‪ ‬القلـب في طريقـه بـاالله‪ ،‬ومـع‬ ‫االله‪ ،‬فتقول‪ ‬لسان حاله‪:‬‬ ‫‪ L9 8 7M‬فهذه كيفية الترقي للوصول في هذا الطريق‪ ،‬لا تدريج‬ ‫المراتب‪ ،‬فأولها معرفة االله والإقرار له بالربوبية‪ ،‬معترفين بالعبودية‪ ،‬فتفيض عليهم نفحات‬ ‫الرحمة مترادفة متوالية‪ ،‬حتى توقفهم في مقام التذلل والخضوع‪ ،‬والاستكانة والخشوع‪ ،‬لا‬ ‫يلبث‪ ‬أن يبرز لهم في مقام هو أعظم منه‪ ،‬وهو ملاحظة الجلال الباهر‪ ،‬والقدرة العالية‬ ‫التي تحثهم على الاستعانة بالاستكانة‪.‬‬ ‫ولما انتهى بهم الأمر إلى هذا الحال برز لهم خفي اللطـف في صـحائف الكـشف عـن‬ ‫حقائق الأمور الدقائق فأظهر لهم من ظلمات الطبع‪ ،‬وكثائف البشرية وحجـب الجهالـة مـا‬ ‫غمر القلوب منهم‪ ،‬فتركهم صرعى بين هاتيك المهالك حيارى في تلك المسالك‪ ،‬لا يهتدون‬ ‫جديرا بخفـي لطفـه‪ ،‬وعمـيم كرمـه أن لا يخيـب آمـال مـن‬ ‫ً‬ ‫سبيلا‪ ،‬ولا يجدون دليلا‪ ،‬فكان‬ ‫زاده‪ ‬في سفره مجرد الاستعانة به‪ ،‬والتوكل عليه بمحض الـصدق‪ ،‬وصـفاء الـود‪ ،‬وثبـات‬ ‫العزم‪ ،‬وصدق الهمة‪.‬‬ ‫فألهمهم طريق الخلاص‪ ،‬والإنقاذ باستعانة ثانية وهي طلب مجرد الهداية‪ ،‬التي لا‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬إلا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت( يطهر‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬فيقول‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬لا تلبث‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬زاره‪.‬‬ ‫‪ ٣٣٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫يقدر عليها إلا به‪ ،‬ولا ترجى إلا منه‪ ،‬فقالوا‪ (7) :‬علما بأنه لا هادي إلا هو‪ ،‬ولاهدى‬ ‫بمنه ورحمته‪ ،‬وبسر كلمة اهدنا هداهم إلى الطريق الواضح‪ ،‬فكشف لهم من أنوار‬ ‫إلا ّ‬ ‫هدايته ما دلهم على نعت الطريق بأنه طريق الحق الذي يدق ويصعب على العقل إدراكه على‬ ‫الحقيقة كما هو إلا من أمده نور التوفيق‪ ،‬ففتح عين بصر بصيرته‪ ،‬فنظر بمقلة الكشف إلى‬ ‫‪‬‬ ‫أحد من السيف‪ ،‬وأدق من الشعرة‪ ،‬مثلا في استوائه لا أنه جسم محدود من الأجرام‬ ‫ممدود‪.‬‬ ‫ولما كان هو بذلك الحال في المثال‪ ،‬وجب أن يزاد في توضيح صفاته‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫)‪ (9‬أي القيم المستوي الذي هو غير قابل الاعوجاج‪ ،‬وفيه عبارة عن الانقطاع الكلي‬ ‫الذي لا تلجلج فيه‪ ،‬وفيه ثناء بالغ‪ ،‬وتمدح لهذا الطريق العظيم برهانه‪ ،‬وفيه تعريض بأن ما‬ ‫عداه من الطرق مخالفا له‪ ،‬فهو الأعوج جزما؛ لأن التعريف في استقامته لاستغراق جنس‬ ‫الإقامة‪ ،‬فلا قيام لغيره أبدا‪.‬‬ ‫ولما انتهى بهم الحال إلى هذا المقام‪ ،‬ورأوا من عجائب الطريق في هذا السفر الميمـون‬ ‫ما دلهم على أن مراتب الهدى‪ ،‬والاسـتقامة غـير مقـصورة عـلى حـد واحـد‪ ،‬فهـي درجـات‬ ‫شتى‪ ،‬ومقامات تتفاوت في اختلاف أحوال السالكين‪ ،‬وخصوص‪ ‬الواصلين‪ ،‬استغرقهم‬ ‫الشوق إلى حب الحب‪ ،‬ومقامات القرب‪ ،‬ومجاورة الأولياء ومعـاشرة الأنبيـاء‪ ،‬الـذين هـم‬ ‫أدلاء الطريق إلى ذلك الفريق‪ ،‬فلم يلبث لسان الحال‪ ،‬أن صرح بالمقال‪:‬‬ ‫‪ L> = < ; M‬من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن‬ ‫أولئك رفيقا‪ ،‬فالصراط الأول صراط السالكين المجتهدين‪ ،‬والصراط الثاني صراط الأولياء‬ ‫والمقربين من الواصلين‪ ،‬وكم بين المقامين من مهجة تذوب شوقا إن أعطيت ذوقا‪ ،‬وناهيك‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬الأحزام‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬حضوض‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٣١‬‬ ‫بكمال الآداب‪ ،‬وقوله‪ (=) :‬ففيه بتصريح بأن النعمة منه فضلا من قبل المولى لا يدركه‬ ‫العبد بالطلب جزما‪ ،‬وناهيك بها نعمة يقصر الوصف عن إدراكها‪ ،‬بل لا يعبر عنها إلا‬ ‫الذائقون منها‪ ،‬لا بل يحرم في بعض الأحيان كشفها‪ ،‬ويجب التصريح تارة بها ‪q p M‬‬ ‫‪.Lsr‬‬ ‫والنعمة‪ ‬هاهنا مجرد العناية من الرب بتطهير العبد حتى يصلح للخدمة‪ ،‬فيكون في‬ ‫مقام الخواص من الأولياء ذوي الإخلاص‪ ،‬ولا بد في سلوكه من تدريجه في المراتب الثلاث‬ ‫التي هي‪ :‬الإسلام‪ ،‬والإيمان‪ ،‬والإحسان‪ ،‬وفي كل مرتبة يمده المولى بنعم جلى‪ ،‬فالإسلام‬ ‫هو القيام بوظائف الأعمال الظاهرة من الصلاة والصيام والزكاة والحج مع الاستطاعة إلى‬ ‫غير ذلك من الأوامر حتى يأتي على الأواخر غير مضيع ولا مبدل ]لأمر ولا نهي[‪ ‬من‬ ‫الظواهر‪ ،‬فهذه هي المرتبة الأولى من مراتب السلوك‪ ،‬وبها يسمى المرء مسلما لا مؤمنا‪،‬‬ ‫بدلالة‪ L f e d c b a `_ ^ ] M :‬وإن سمي مؤمنا باعتبار‬ ‫آخر‪ ،‬فإنما هو اختلاف لفظ لا اختلاف معنى‪ ،‬فهذه نعمة في حق من هي من درجاته؛ لأنها‬ ‫منجية من الشرك والسيف‪ ،‬ومدخلة في الأحكام الإسلامية الظاهرية‪ ،‬وعليها ترتيب إياك‬ ‫نعبد؛ لأنها مقام شرع ظاهر‪ ،‬وهذه هي الصراط المستقيم في حق السالك بها‪ ،‬لا في حق من‬ ‫هو فوقه‪ ،‬فإنها تعد قصورا في حقه إن اقتصر عليها‪ ،‬ولكن فلا بد من ملازمتها أصلا؛ لأنها‬ ‫مرقاة إلى الإيمان‪ ،‬وبانعدامها ينعدم‪ ‬الإيمان كما أن بفناء الجسم تفنى‪ ‬الروح الذي هو‬ ‫ً‬ ‫حزما‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪:‬‬ ‫)‪ (٢‬الضحى‪ :‬الآية )‪.(١١‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬لنهي ولا أمر‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الحجرات‪ :‬الآية )‪.(١٤‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬انعدم‪.‬‬ ‫‪ ٣٣٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫أشرف شيء في الهيكل الإنساني‪ ،‬فكل من ارتقى إلى درجة الإيمان‪ ،‬فرتبة الإسلام موجودة‬ ‫لديه‪ ،‬ولكنه قد اكتسب عليها شرفا آخر يسمى الإيمان وهو الدرجة الثانية مما أنعم به المولى‬ ‫على عباده‪ ،‬وشرفها على الأولى كشرف الروح اللطيفة‪ ‬على الجسم الكثيف‪ ،‬وهي‪ ‬مفتاح‬ ‫معرفة الحقيقة‪ ،‬فإنها الدرجة الفاصلة بين حقيقة الحقيقة وبين ظاهر الشريعة؛ لأنها أول‬ ‫التجرد من كثيف الهياكل المظلمة‪ ،‬ولذلك وصفها ^ فقال‪    :‬‬ ‫‪.‬‬ ‫وهذه الجملة إن فكرت فهي موجودة مع أهل المرتبتين الأولى؛ لأن من لم يعـرف أن‬ ‫االله ربه وكفر بالملائكة والرسل واليوم الآخر والقدر فهو مشرك‪ ،‬ولكن تأويلها بهذا المقـام‬ ‫على منهج غير ذلك هو أدق على الأفهام‪ ،‬وأحق في الأحكام‪ ،‬وأولى بأن يكشف القناع عن‬ ‫وجه تأويله فيقال‪ :‬أما الإيمان باالله في مقامات الإيمان‪ ،‬فهو من نور الفيض الرباني‪ ،‬يقذفه في‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬يفنى‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬اللطيف‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬وهو‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬روى الإمام الربيع في‪ :‬باب في الإيمان والإسلام والشرائع )‪ (٥٦‬مـن طريـق أبي عبيـدة عـن جـابر بـن‬ ‫مرفوعا‪» :‬الإحسان أن تعمل الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك«‪.‬‬ ‫ً‬ ‫زيد عن أنس بن مالك‬ ‫ورواه البخاري في كتاب‪ :‬التفـسير‪ ،‬بـاب‪ :‬قولـه‪ :‬إن االله عنـده علـم الـساعة )‪ (٤٧٧٧‬أن رسـول االله‬ ‫بارزا للناس إذ أتاه رجل يمشي‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول االله ما الإيمان؟ قال‪» :‬الإيمان أن تؤمن‬ ‫ً‬ ‫^ كان ً‬ ‫يوما‬ ‫باالله وملائكته ورسله ولقائه وتؤمن بالبعث الآخر«‪ ،‬قال‪ :‬يا رسول االله ما الإسلام؟ قال‪» :‬الإسـلام‬ ‫شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان‪ ،‬قال‪ :‬يـا رسـول‬ ‫أن تعبد االله ولا تشرك به ً‬ ‫االله ما الإحسان؟ قال‪ :‬أن تعبد االله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك‪« ..‬‬ ‫ومسلم في كتاب‪ :‬الإيمان‪ ،‬باب‪ :‬الإيـمان مـاهو وبيـان خـصاله )‪ .(٩٧‬والنـسائي في كتـاب‪ :‬الإيـمان‪،‬‬ ‫باب‪ :‬صفة الإيمان والإسلام )‪ ،(٥٠٠٦‬وابن ماجـه في كتـاب‪ :‬الـسنة‪ ،‬بـاب‪ :‬في الإيـمان )‪ .(٦٤‬مـن‬ ‫طريق أبي هريرة‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٣٣‬‬ ‫القلب الإنساني بواسطة مجاهدة وفكر وتصديق‪ ،‬واعتبار في معاني أسماء االله تعالى وصـفاته‬ ‫وأفعاله واليوم الآخر‪ ،‬وما في ذلك من الأسرار والقدرة الهائلة الدالـة عـلى عظمـة الـصانع‬ ‫البديع‪ ،‬وجلالة قدره فحينئذ تكشف عن عينه‪ ‬غطاء اللبس‪ ،‬وحجاب الغفلة‪ ،‬فيدري أن‬ ‫الأمر إد‪ ،‬والخطب جد‪ ،‬والخطر عظيم‪ ،‬وأنه لم يخلق عبثا‪ ،‬ولم يترك سدى‪ ،‬فينتهي به الحـال‬ ‫إلى أن يكون مشغوفا بالفكر‪ ،‬مشغولا بالذكر‪ ،‬كثير الوجل‪ ،‬عظيم الخجـل‪ ،‬يـشاهد بفكـره‬ ‫عرصات القيامة‪ ،‬ودرجات الجنة‪ ،‬ودركات النار‪ ،‬ومشاهدة الجبار بصفات العظمة‪ ،‬التـي‬ ‫هي منشأ الخوف والخشية‪ ،‬ونعوت الجمال والرحمة‪ ،‬التي هي منشأ الرجاء والطمع‪.‬‬ ‫فهو متردي النظر متعوب القلب‪ ،‬مستعمل الجوارح في هـذه الطريـق بـصفاء الهمـة‪،‬‬ ‫وحسن الاعتقاد‪ ،‬وإلقاء القياد‪ ،‬وتأهيب الزاد ليوم المعاد‪ ،‬والاكتفاء مـن هـذه الـدار ببلغـة‬ ‫لطريقه إلى بلوغ فريقه‪ ،‬فهذا يسمى مؤمنا حقا أي مصدقا بـاالله وملائكتـه‪ ‬وكتبـه ورسـله‬ ‫واليوم الآخر‪ ،‬تصديق تحقيق يوافق الظاهر فيه الباطن‪ ،‬فيجري فيـه عـلى منـاهج الأوليـاء‪،‬‬ ‫ومقاصد الأنبياء‪ ،‬متمسكا بالكتاب‪ ،‬منقعطا الله غير متواهن في ذلك ولا متهاون‪ ،‬وبـذلك‬ ‫ينكــشف لــه سر القــدر‪ ،‬فــلا يــرى في الوجــود لغــير االله قــدرة عــلى شيء؛ لأن كــل موجــود‬ ‫بوجوده‪ ،‬قائم بسر قيومية مولاه‪ ،‬ولولاه لاضمحل وحال به الحـال في الحـال‪ ،‬فـلا وجـود‬ ‫على الحقيقة إلا له جل وعلا‪ ،‬ولذلك لما سئل علي بن أبي طالب عن سر القدر قال للسائل‪:‬‬ ‫سر خفي فلا تنظره‪ .‬قال‪ :‬بينه لي‪ ،‬قال‪ :‬خلقك كما تشاء أم كما يشاء؟ قال‪ :‬كـما يـشاء‪ ،‬قـال‪:‬‬ ‫وكل الأشياء قسها عليه‪ .‬قال‪ :‬زدني بيانا‪ .‬قال‪ :‬رزقك كما تشاء أم كما يشاء‪.‬قـال‪ :‬كـما يـشاء‬ ‫بيانا قال‪ :‬إن جعلت ]مشيئته مع مشيئتك[‪ ‬فقد‬ ‫]قال‪ :‬وكل الأشياء قسها عليه‪ ،‬قال‪ :‬زدني ً‬ ‫أشركته‪ ،‬وليس الله شريك‪ ،‬وإن قلت دون مشيئته فقد غالبته‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬عين‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬وبملائكته‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬مشيئتك مع مشيئته‪.‬‬ ‫‪ ٣٣٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫ثم قال‪ :‬أتقول لا حول ولا قوة إلا باالله العلي العظـيم؟ قـال‪ :‬نعـم‪ .‬قـال‪ :‬أتـدري مـا‬ ‫معناها؟ قال‪ :‬لا‪ .‬قال‪ :‬معناها لا حول عن معصية االله إلا بعصمة االله‪ ،‬ولا قـوة عـلى طاعـة‬ ‫االله إلا بتوفيق االله‪.‬‬ ‫ثم قال‪ :‬أوقعت على قلبك السكينة وثلج‪ ‬اليقين؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فصافحوا أخاكم‬ ‫فقد أسلم إسلاما جديدا‪ ،‬فهذا سر القدر‪ ،‬وضابط معرفته‪ ،‬قطع النظر عما سوى االله في جميع‬ ‫‪‬‬ ‫الكائنات اعترافا بأن الكل مسخر مدبر لا بد له من مدبر قادر حكيم عليم‪] ،‬يدبره كـما[‬ ‫يشاء فلا مشيئة إلا له‪ ،‬ولا حول ولا قوة إلا باالله‪.‬‬ ‫وانظر إلى باب المدينة‪ ‬كيف سماه إسلاما ثانيا إشارة إلى أنـه مرتبـة زائـدة عـلى التـي‬ ‫كان هو فيها‪ ،‬وكيف وصفه بالسكينة‪ ،‬وثلج اليقين فهذا مقام الإيمان‪ ،‬وهو بداية الترقي في‬ ‫مفتاح معرفة الحقيقة بسر المجاهـدة والفكـر فـيما ذكرنـاه‪ ،‬ومتـى ثبـت العهـد عليـه بـصدق‬ ‫المجاهدة لم يلبث به الحال أن يورثه مقاما آخر‪ ،‬وهو العلم باالله‪ ،‬والخوف والخشية‪ ‬والهيبة‬ ‫والتعظيم والرجاء حتى لا يرى لغير االله متسعا في قلبه‪ ،‬فلا يكون في همه إلا هو‪ ،‬ولا يطمح‬ ‫نظره إلا إليه‪.‬‬ ‫فهو مع االله وباالله وفي االله وإلى االله على كل حال‪ ،‬فهذا مقام الإحسان‪ ،‬وهـو الدرجـة‬ ‫الثالثة التي هي فوق الإيمان‪ ،‬والواصل إليها قد استكمل الدرجات التي هي دونهـا‪ ،‬وعـلا‬ ‫إلى الدرجة الحسنى‪ ،‬والمرتبة العليا‪ ،‬واللطيفة الفضلى‪ ،‬والطريقة المثلى‪ ،‬فهو حينئذ لا يملك‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬تلج‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬يديرها‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬يعني بذلك علي بن أبي طالب كرم االله وجهه لما ورد في الرواية »أنا مدينة العلم وعلي بابهـا‪ ،‬فمـن أراد‬ ‫المدينة فليأت الباب«‪ .‬أخرجها الحاكم في المستدرك في كتاب‪ :‬معرفة الصحابة‪ ،‬باب‪ :‬أنا مدينة العلم‬ ‫وعلي بابها )‪ .(٤٦٩٣‬قال الذهبي في التلخيص‪ :‬موضوع‪..‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬زيادة منه‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٣٥‬‬ ‫من نفسه خيرا‪ ،‬ولا من قلبه أثرا‪ ،‬فلا يـرى إلا كالهـائم بالـشوق الـدائم‪ ،‬مـسلوب القلـب‪،‬‬ ‫مغلوب الحال عائما في بحور المحبة بصدق الوفاء‪ ،‬وكمال الصفاء‪ ،‬وبـذل الجهـد بـإخلاص‬ ‫الود‪ ،‬ألا ترى إلى قول صاحب الشرع عليه الصلاة والسلام‪ ،‬وقد سئل عن الإحسان فقال‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ومحال أن يراه العبـد‪ ،‬بـل فيـه إشـارة إلى حـسن التجـرد‪ ،‬وكـمال الانقطـاع‪ ،‬والتبتـل‬ ‫بالكلية عما سواه‪ ،‬فلا يرى خيرا من غـيره‪ ،‬ولا أثـرا ممـا عـداه‪ ،‬فيكـون حينئـذ قـرة عينـه في‬ ‫الصلاة‪ ،‬وراحة قلبه في الذكر‪ ،‬لا ]تلفت له[‪ ‬إلى غير مولاه‪ ،‬ولا نعيم لـه بـسواه‪ ،‬فهـو في‬ ‫إلي بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإذا أحببته فهو المقـام الرابـع‬ ‫ميادين نجواه‪ ،‬لا يزال عبدي يتقرب َّ‬ ‫المعبر عنه بالحب‪ ،‬وهو المقام الثاني من مقامـات الإحـسان‪ ،‬وهـو مقـام القـرب بـين أيـادي‬ ‫الرب‪.‬‬ ‫فلا شك أنه عناية من المولى بعبـده‪ ،‬وهـو مقـام الاسـتغراق‪ ،‬فـلا تـصرف للعبـد فيـه‬ ‫أصلا؛ لأنه في حدثات إذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ولسانا ويدا فبي يسمع وبي يبـصر‪،‬‬ ‫وبي يبطش‪ .‬الخبر‪ ،‬فإذا انتهى به الحال إلى هذا المقـام العـلي شـأنه والمنـزل العظـيم برهانـه‬ ‫أتيح له مقام آخر من غير مفارقته للأول‪ ،‬وهو الدرجـة الخامـسة درجـة التمكـين‪ ،‬فيكـون‬ ‫‪‬‬ ‫متصرفا في الكون بما يشاء‪ ،‬لا بواسطة إلا بمجرد العناية من االله تعـالى‪ ،‬فـإذا قـال للـشيء‬ ‫كن فيكون في الحال‪ ،‬وربما وقع قبل المقال‪ ،‬بمجرد صرفه الهمة للانفعال‪.‬‬ ‫وكيف ينكر ذلك في شأن من كان له الحق سـبحانه هـو المتـصرف بـه‪ ،‬فـلا ينطـق إلا‬ ‫)‪ (١‬سبق تخريجه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬تلتفت به‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬الخير‪ .‬و لعله يشير إلى الحديث المروي في هذا المعنى‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬لشيء‪.‬‬ ‫‪ ٣٣٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫باالله‪ ،‬وهو سر قوله ^‪  :‬ومن كان مع االله كان االله معه‪ ،‬ومن‬ ‫كان الله كان االله له‪.‬‬ ‫وإذا انتهى إلى ذلك ظهر له حال آخر ويعبر عنه بالمقام السادس‪ ،‬وهو أن تظهر له‬ ‫مصالح العباد‪ ،‬وتنكشف له أحوال الخلائق‪ ،‬حتى ]يكون[‪ ‬أكثر همه في مصالح العباد‬ ‫والاستغفار لهم‪ ،‬وطلب الرحمة والرأفة بهم‪ ،‬فهي مرتبة الملائكة الذين من حول العرش‬ ‫يسبحون االله‪ ،‬ويستغفرون لمن في الأرض‪ ،‬وهي من مراتب الأنبياء الأكرمين‪ ،‬فلامجاوزة لما‬ ‫فوقها لأحد‪ ،‬وإنما تختلف الدرجات بحسب القبول‪ ،‬وتفاوت الصفاء‪ ،‬فهذه درجات‬ ‫الأبدال والأقطاب والسالكين‪ ،‬وهي تمام النعمة ومقامات الكرامة والشرف الرفيع‪،‬‬ ‫ودرجات الملائكة المقربين‪ ،‬والأنبياء والمرسلين الذين أنعم االله عليهم بكمال نعمته‪،‬‬ ‫وشمول عنايته‪ ،‬وإليه الإشارة بقوله تعالى‪ L > = < ; M :‬فقد عرف بهذه‬ ‫الآيات الثلاث سر‪ ‬الترقي في‪ ‬مقامات الوصول‪ ،‬من ابتداء المجاهدة إلى تمام النعمة‪.‬‬ ‫ألا ترى أن )إياك نعبد( هي سر الإسـلام‪ ،‬وهـي سر الـشريعة‪ ،‬وهـي مفتـاح معرفـة‬ ‫الإسلام‪.‬‬ ‫)وإياك نستعين( هي مفتاح المجاهدة‪ ،‬وأول المكاشفة لأسرار عـالم الملكـوت‪ ،‬وهـي‬ ‫مقام الإيمان‪ ،‬ومفتاح الحقيقة‪.‬‬ ‫)واهدنا الصراط المستقيم( هي سر الترقي في السلوك على مناهج الحقيقة بالانقطـاع‬ ‫الكامل‪ ،‬وهي أعلى من رتبة نستعين؛ لأن نستعين فيها ملاحظة للنفس بإصـدار الاسـتعانة‬ ‫)‪ (١‬أخرجه البيهقي في الزهد الكبير ص‪ ٢٨٢‬من كلام الشبلي‪ ،‬ولم نجده مرفوعا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬زيادة يقتضيها السياق‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬له‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬مراتب سر‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٣٧‬‬ ‫من قبل العبد‪ ،‬ودرجة اهدنا هي حق العلائق‪ ،‬فليس فيها إصدار شيء عن الـنفس أصـلا‪،‬‬ ‫بل هي مجرد ملاحظة الهداية من قبل المولى‪ ،‬وهي مقام‪ ‬الخامس‪.‬‬ ‫ولا يخفى على منصف أن مقام )أنعمت عليهم( فوق هذا المقام؛ لأنه رتبـة انتهـاء إلى‬ ‫إفاضة النعم ووهب الكرم‪ ،‬التي لا يمكن أن تتناهى الحصر لغير من هو المنعم جل شأنه‪،‬‬ ‫وهذا هو مقام القرب والتمكين‪ ،‬يرفع االله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات درجات‪.‬‬ ‫وأتـى بلفظــة علـيهم مبالغــة في شـمول النعمــة لهــم‪ ،‬فكأنهـا قــد أطبقـت علــيهم مــن‬ ‫الجوانب كلها؛ لأن الاستعلاء على الشيء تمكن منه‪ ،‬وفيه إشارة لطيفة إلى أنهم مع وصـول‬ ‫هذه الدرجة لا سبيل علـيهم لـشيء؛ لأن نعمتـه محيطـة بهـم ومتمكنـة مـنهم فهـم في ظلهـا‬ ‫يسرحون‪ ،‬وفي كنفها يمسون ويصبحون‪ ،‬فتبارك االله رب العالمين‪.‬‬ ‫‪ L Á À ¿ 3⁄4M ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول شيخنا في المسألة التي سألتك عنها‪ ،‬وهي التي قال االله فيها‪1⁄4M :‬‬ ‫1⁄2 3⁄4¿‪ LÁÀ‬أسموات وأروض في الآخرة بعد هذه السموات والأرض‬ ‫‪‬‬ ‫التي في الدنيا أم غيرها؟ وكقوله تعالى‪L= < ; : 9 8 M :‬‬ ‫تفضل اشرح لنا إياها غير الجواب السابق‪.‬‬ ‫ َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬كذا في المخطوطات‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬ثناؤه‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬قال الشيخ السيفي عقبه‪ :‬هذا ما وجدناه من التسويد من نسخته ونحن في طلبه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬هود‪ :‬الآية )‪.(١٠٧‬‬ ‫)‪ (٥‬الأنبياء‪ :‬الآية )‪.(١٠٤‬‬ ‫‪ ٣٣٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫اختلف المفسرون في مثل ذلك‪:‬‬ ‫فقيل‪ :‬معناه مادامت السماوات أي‪ :‬سـموات الآخـرة وأرضـها‪ ،‬وكـل مـا َّ‬ ‫أقـل فهـو‬ ‫أظل فهو سماء‪.‬‬ ‫أرض‪ ،‬وكل ما َّ‬ ‫وقيل‪ :‬إنه عبارة عن التأبيد‪ ،‬وجرى ذلك على عادة العرب وأسـاليب كلامهـم‪ ،‬وفي‬ ‫مثل ذلـك يقولـون‪ :‬لا أفعـل كـذا مادامـت الـسموات والأرض‪ ،‬أي لا أفعلـه أبـدا‪ ،‬وكـلا‬ ‫القولين صحيح عندنا‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪LH G F E D C M :‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تفسير قوله تعالى‪N M L K J I H G F E D C M :‬‬ ‫سيدي لي ذلك ولك الأجر‪.‬‬ ‫‪ LO‬إلى تمام الآية؟ بين ِ‬ ‫ ِّ ِّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫قيل‪ :‬أنزلت في كفار مكة‪ ،‬منعوا النبي ^ من المسجد الحـرام‪ ،‬والـسعي في‪ ‬خرابـه‬ ‫هو منع ذكر االله فيه‪.‬‬ ‫‪LP O N ML KM :‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تفسير قوله تعالى‪ LS R Q P O N ML K M :‬إلى تمام‬ ‫)‪ (١‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(١١٤‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬من‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(٤٦‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٣٩‬‬ ‫الآية؟ ِّبين لنا ذلك ولك الأجر إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫أنا غير عالم بتفسير‪ ‬مشكلات القرآن‪ ،‬فاسأل عنه العلماء إن شئت‪ ،‬وهذه من الآي‬ ‫المشكلات فيه التي لا يحل عقدها إلا العلماء‪.‬‬ ‫قيل‪ :‬سئل‪ ‬النبي ^ فقال‪ :‬‬ ‫‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬فهذا هو كما ترى عن سيد الورى ^ وعلى مقامه لديه كذلك‪ ،‬لكن يحتاج إلى‬ ‫تفسير لائق‪ ،‬وشرح طويل‪ ،‬وتفصيل عجيب‪ ،‬وللعبد غنية عن التكلف‪ ،‬فالتسليم‬ ‫واجب‪ ،‬والإيمان به حتم‪ ،‬ولم نجد فيه صريح تفسير لائق مطابق واف بالمقصود حتى أرفعه‬ ‫لديك‪ ،‬ولكن أقول‪ :‬إنه ثبت القول‪ L u t s r q p M :‬وموت العبد إما‬ ‫على طاعة وإما على معصية‪ ،‬فكيف هذا الوقوف والحبس؟‬ ‫ثم إن الأعراف ما هو؟‪ ‬هو فيما قيل‪ :‬اسم سور بين الجنة والنار‪ ،‬وهو المشار إليه‬ ‫بقوله تعالى‪.LSR Q PONMLKJ I HM :‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت( سأل‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬أخرج ابـن جريـر ‪ ١٣٧/٨‬عـن حذيفـة أنـه سـئل عـن أصـحاب الأعـراف فقـال‪ :‬هـم قـوم اسـتوت‬ ‫حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم سيئاتهم‪ .‬ورواه بلفظ آخر‪ :‬عـن حذيفـة قـال‪ :‬أصـحاب الأعـراف‬ ‫قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فيقول‪ :‬ادخلوا الجنة بفضلي ومغفرتي لا خـوف علـيكم اليـوم ولا‬ ‫أنتم تحزنون‪ .‬اهـ ولم نجد الحديث المرفوع‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م( التكليف‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الشورى‪ :‬الآية )‪.(٧‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م( وهو‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬الحديد‪ :‬الآية )‪.(١٣‬‬ ‫‪ ٣٤٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وبقي الكلام على من عليـه كيـف حالـه‪ ،‬فـذلك هـو الـذي تحـير فيـه جـم العـارفين‪،‬‬ ‫والـذي ظهـر‪ ‬في الحـال احــتمال الحـبس للمـؤمنين المقـصرين فيوقفــون عـلى مواضـع مــن‬ ‫الأعراف‪ ،‬ينظرون الفريقين يمرون عليهم هؤلاء إلى الجنة وهؤلاء إلى النـار‪ ،‬وهـم هنالـك‬ ‫إلى أن يقضي االله عليهم ما يشاء‪ ،‬ألا ترى أن االله قد قسم أهل الجنـة إلى الـسابقين وإلى أهـل‬ ‫اليمين‪ ،‬فلا‪ ‬شك أن أهل السبق هم يدخلون الجنة والناس في عرصـات القيامـة وقـوف‪،‬‬ ‫وعلى قدر مسارعة العبد وبداره إلى مرضاة ربه يكون السبق غدا‪ ،‬فمنهم مـن يـدخل الجنـة‬ ‫بغير حساب‪ ،‬ومنهم من يـدخل الجنـة بعـد الحـساب والمناقـشة‪ ،‬ومـنهم مـن يـدخلها بعـد‬ ‫الحبس واللوم والتعيير‪ ،‬وما يدريك لعلهم كانوا ممن خلط عملا صالحا وآخـر سـيئا مـن‬ ‫غير الكبائر التي هي المهالك‪ ،‬كذلك قال النبي ^ في عبداالله بـن رواحـة الأنـصاري حـين‬ ‫تأخر بالراية ثم تقدم بها‪ ‬فقتل فقال النبي ^‪ :‬‬ ‫‪ ‬في كلام هذا معناه إن لم يكن بعينه‪.‬‬ ‫وليس الحبس ثم حـبس عقوبـة ونكـال‪ ،‬إنـما هـو وضـع مرتبـة‪ ‬وتـأخير عـن سـبق‬ ‫السابقين إلى الجنة حتى يكون في الآخرين من الداخلين‪.‬‬ ‫وإن قيل‪ :‬في الرواية يحبسون خمسين عاما أو نحو ذلك فيما قيل فما هو ببعيد ولا‬ ‫بمستنكر في يوم كان‪ ‬مقداره خمسين ألف سنة‪ ،‬كذلك يروى عن النبي ^‪ :‬‬ ‫‪‬‬ ‫)‪ (١‬في )م( زيادة لي‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م( ولا شك‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م( والتعبير‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م( لها‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء ‪.١٢٠/١‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م( رتبة‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٤١‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫‪^‬‬ ‫‪^‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪   ‬‬ ‫‪.« L {z yxwvut s M ،‬‬ ‫وهذا شأن السابقين‪ ،‬فما ظنك بالمقصرين ألا يتأخرون في أهوال يوم القيامة على قدر‬ ‫المراتب والسلوك إلى االله‪ ،‬وغير بعيد أن يجعل مـن يـشاء مـنهم عـلى الأعـراف‪ ،‬حتـى ينظـر‬ ‫ويخاف‪ ،‬ويرجو إلى أن يفيض االله عليه برحمته‪ ،‬أولا تسمع ما قيل في عبدالرحمن بـن عـوف‬ ‫أنه يدخل الجنة حبوا؟ كل‪ ‬ذلك عبارة عن تشديد الأمر في يـوم القيامـة عـلى قـدر الأدب‬ ‫الحاصل من العبد بين يدي االله تعالى‪ ،‬ثم إذا أدخله جنانه ورحمته‪ ،‬فياسعد من فاز بهـا‪ ،‬وإن‬ ‫كان في المرتبة لا كالسابقين ولا كالأعلى من أهل اليمين‪.‬‬ ‫وهذا الباب يتسع القول فيه‪ ،‬وقد قيل بغير ذلك‪ ،‬ولكن هذا هو الأصح الآن لموافقة‬ ‫الأحاديث النبوية‪ ،‬والشواهد العقلية فهذه هذه‪ ،‬وإن لم نجد ذلك مشروحا كذلك فاعرف‬ ‫ذلك‪ .‬وباالله التوفيق‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬في )م( فتحاسبونا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م( أملكنا‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م( زيادة ربنا‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬التوبة‪ :‬الآية )‪.(٩١‬‬ ‫)‪ (٥‬لم نجده‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م( وكل‪.‬‬ ‫‪ ٣٤٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪LÙ Ø × M :‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول شيخنا في معنى قوله تعالى‪ L Ù Ø × M :‬فقد وجدنا في بعض‬ ‫التفاسير أن المراد هنا بيض النعام‪ ،‬فكيف تصح‪ ‬أن تكون‪ ‬الحور العين مثل بيض النعام‪،‬‬ ‫وهو من متاع هذه الحياة الدنيا الدانية‪ ،‬أم للآية الكريمة معنى عند أصحابنا غير هذا ؟‬ ‫تفضل أزح عنا الحيرة‪ ،‬وأرح قلوبنا من الشك أراحك االله مما نحن فيه من ليل الجهل‪ ،‬ونور‬ ‫ َّ‬ ‫قلبك بنور العلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫]قد شبههن االله تعالى[‪ ‬في كتابه العزيز بما يعرفه الناس ويستحسنونه‪ ،‬ولا يلـزم أن‬ ‫يكون‪ ‬المشبه به أفضل من المشبه‪ ،‬فقد يكون بالعكس‪ ،‬وقـد شـبههن باليـاقوت والمرجـان‬ ‫أيضا‪ ،‬وهذا كما تشبه الشمس المنيرة بسبيكة الذهب المـستديرة‪ ،‬ولـيس المـراد بـه مـن متـاع‬ ‫الحياة الدنيا إلا معنى‪ ‬الحسن فقط دون سائر الصفات‪ ،‬كما يشبه الشجاع بالأسد في معنى‬ ‫الشجاعة والقوة خاصة‪ ،‬لا في الصورة الكريهة والمنظر القبـيح وغـير ذلـك مـن الـصفات‪،‬‬ ‫وهذا كله مشهور مع أهل البيان‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬الصافات‪ :‬الآية )‪.(٤٩‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م( يصح‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م( يكون‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م( االله تعالى أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت( كان‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت( لمعنى‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٤٣‬‬ ‫‪L 3 2 ± ° M :‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما معنى قوله تعالى‪ ،L 32±°M :‬ما هذه البئر وما هذا القصر‬ ‫اللذان نصا في كتاب االله بين لي؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫أهل البئر والقصر قوم أهلكهم االله‪ ،‬والسلام‪.‬‬ ‫‪ ...( ' & % $ # " ! M :‬الآية ‪L‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫سئل عن تفسير قوله تعالى‪) ( ' & % $ # " ! M :‬‬ ‫* ‪; : 9 8 7 6 5 4 3 21 0 / . - , +‬‬ ‫<= >? @ ‪L K J I H G FE D C B A‬‬ ‫‪^ ] \ [ Z YX W V U T S R Q P O N M‬‬ ‫‪‬‬ ‫_`‪Ljih gf e dcba‬؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬وأنا ضعيف عن تعاطي تأويل كتاب االله الجليل‪ ،‬ولكن في قـول المفـسرين‬ ‫ما دل على أن هذا بيان لما وعد االله به عباده المؤمنين والمؤمنات‪ ،‬مما لهم عنده في يـوم القيامـة‬ ‫من الـشرف والكرامـات‪ ،‬فـالمؤمن يأخـذ كتابـه بيـده ويؤتاهـا عـن يمينـه‪ ،‬كـما أن المنـافقين‬ ‫)‪ (١‬الحج‪ :‬الآية )‪.(٤٥‬‬ ‫)‪ (٢‬سورة الحديد‪ :‬الآيات )‪.(١٤-١٢‬‬ ‫‪ ٣٤٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫والكافرين يؤتونها عن شمالهم وتحول وجوههم عـن هيئتهـا إلى قفـائهم‪ ،‬فيأخـذونها مـن‬ ‫وراء ظهورهم والعياذ باالله تعالى‪ ،‬فكما يأخذ المؤمنون صحائفهم من الجهتين‪ ،‬يجعل االله لهم‬ ‫كذلك نورا يسعى بين أيديهم وعن أيمانهم يستضيئون بنـوره في ظلـمات القيامـة‪ ،‬ويهتـدون‬ ‫بضيائه في صراط الآخرة حتى يوصلهم إلى محل الكرامة‪ ،‬ومقعد الـصدق في فـسيح الجنـة‪،‬‬ ‫ومنتهى الرحمة‪ ،‬فيقال لهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالـدين فيهـا ذلـك‬ ‫الفوز العظيم‪.‬‬ ‫فالنور الحسي في دار الآخرة‪ ،‬وهو نـور الحـق الهـادي إلى سـبيل الحـق في هـذه الـدنيا‬ ‫بالعلم النافع‪ ،‬والعمل الصالح واتباع كتاب االله تعالى وسنة رسوله ^‪ ،‬فمن كان على نـور‬ ‫من ربه في دنياه‪ ،‬فله بقدره هنالك نور يستضيء به في أخراه‪ ،‬والحق نور كله لا ظلمة فيه في‬ ‫الدنيا ولا في الآخرة‪ ،‬والباطل كله بجميع أصنافه ظلمة لا نور فيـه‪ ،‬وهـلاك لا نجـاة معـه‬ ‫إلابتركه‪ ،‬والمبطل أعمى يتخبط في دنياه وآخرته تخبط العشوى‪ ،‬كما قال النبي ^‪ :‬‬ ‫‪ ‬ومن لم يجعل االله له نورا فما له من نور‪.‬‬ ‫فإذا جاز المؤمنون يوم القيامة بأنوراهم ركبانا على نجائبهم كالبرق الخاطف في‬ ‫سرعتهم‪ ،‬وبقي المنافقون والعصاة في ظلمتهم‪ ،‬حفاة عراة عطاشا جوعى قد ألجمهم‬ ‫العرق‪ ،‬وبلغت منهم القلوب الحناجر من الفرق قالوا للمؤمنين انظرونا أي أمهلونا قليلا‬ ‫لنسعى في آثاركم مقتبسين من أنواركم‪ ،‬فقد كنا ]في الدنيا[‪ ‬بجواركم‪ ،‬مختلطين في‬ ‫)‪ (١‬في )م( أقفائهم‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرجه البخاري في كتاب‪ :‬لمظالم‪ ،‬باب‪ :‬الظلم ظلمات يوم القيامة )‪ ،(٢٤٤٧‬ومسلم في كتـاب‪ :‬الـبر‬ ‫والصلة والأدب‪ ،‬باب‪ :‬تحريم الظلم )‪ ،(٦٥٢٠‬والترمذي في كتاب‪ :‬البر والصلة‪ ،‬باب‪ :‬مـا جـاء في‬ ‫الظلم )‪ (٢٠٣٧‬من طريق ابن عمر‪ ،‬وقال الترمذي‪ :‬وهذا حديث حسن غريب صحيح‪ ،‬وأخرجـه‬ ‫مسلم في كتاب‪ :‬البر والصلة‪ ،‬باب‪ :‬تحـريم الظلـم )‪ (٦٥١٩‬مـن طريـق جـابر بـن عبـد االله بلفـظ‪» :‬‬ ‫اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة‪.« ...‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬بالدنيا‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٤٥‬‬ ‫عماركم‪ ،‬وهيهات قد انقطع الرجاء‪ ،‬وعدم الملتجأ‪ ،‬فمن لا نور له يهديه إلى الحق في دنياه‪،‬‬ ‫لاتباعه مجرد هواه‪ ،‬وغفلته عن االله فيما أمر به ونهاه‪ ،‬قد أحاطت به ظلمات ظلمه في جهله أو‬ ‫علمه فلا نور له في آخرته فإلى أين يذهب به‪ ،‬ولهذا قيل لهم على سبيل التهكم بهم‬ ‫والاستهزاء ‪ ،L G F E D M‬وهيهات فلا نور لهم حينئذ إلا النار‪ ،‬ولا سلامة‬ ‫لهم إلا البوار‪ ،‬فحينئذ ضرب بينهم بسور له باب‪ ،‬يدخل منه أهل الجنة إليها‪ ،‬وهو المسمى‬ ‫بالأعراف في قول المفسرين‪ ،‬باطنه من جناب الجنة فيه الرحمة لأهلها الأبرار‪ ،‬وظاهره في‬ ‫شق نار االله المؤصدة فيه العذاب لأهلها والبوار‪.‬‬ ‫ينادونهم ‪-‬المنافقون هم الـذين ينـادون يقولـون للمـؤمنين‪ :-‬ألم نكـن معكـم في دار‬ ‫الدنيا مختلطين يذكرونهم بما كان بينهم من الصحبة والمجاورة والأنساب والقرابـة‪ ،‬يـوم لا‬ ‫شيئا‪ ،‬فيقولون لهم‪ :‬بلى أي كنـا‬ ‫يجزي والد عن ولده شيئا‪ ،‬ولا مولود هو جاز عن والده ً‬ ‫كذلك‪ ،‬ولكـنكم فتنـتم أنفـسكم‪ ،‬أي محنتموهـا بالنفـاق‪ ،‬وأهلكتموهـا بـالظلم والـشقاق‪،‬‬ ‫‪‬‬ ‫وتربصتم الدوائر بالمؤمنين‪ ،‬وارتبتم أي شككتم في صدق وعـد‪ ‬االله ووعيـده‪ ،‬فلـذلك‬ ‫أسأتم الأعمال‪ ،‬وأهملتم من الآخرة كل الإهمال‪ ،‬وغرتكم الأماني طول الآمال‪ ،‬والطمع‬ ‫في امتداد العمر بكثرة الإمهال حتى جاء أمر االله بمغافصة‪ ‬الحمام لانقضاء الأيام‪ ،‬وغركم‬ ‫باالله الغرور‪ ،‬وهو الشيطان الكفور‪.‬‬ ‫‪| { zy x wv u ts r q p o n m l k M‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م( فلذلكم‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م( إهمال‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م( بمعافصه‪.‬‬ ‫‪ ٣٤٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫}‪ L‬فلينظر في هذه الآيات المحكمات كل عاقل‪ ،‬ولينتبه‪ ‬بها من رقدة الجهل كل‬ ‫غافل‪ ،‬قبل ‪! Û Ú Ù Ø × Ö Õ Ô Ó Ò Ñ ÐÏ Î Í M‬‬ ‫"‪210 /.-, +*)('&%$#‬‬ ‫‪ L 6 5 4 3‬فهنالك يؤخذ بالكظم ولا ينفع الندم‪ ،‬فأنيبوا إلى ربكم‬ ‫وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون‪ ،‬واالله ولي التوفيق لكل مسلم‬ ‫بفضله وكرمه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫معنى ‪L ' &% $ #" M‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫وعن قومنا أيضا في تأويل قوله تعالى‪ L' & % $ # " M :‬وذلك أن‬ ‫المشركين قالوا‪ :‬إن محمدا يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلاف ما يقوله إلا‬ ‫من تلقاء نفسه‪ ،‬يقول اليوم قولا ويرجع عنه غدا كما أخبر االله‪ ̄ ® ¬ M :‬‬ ‫‪ L»o 1 ̧ ¶ μ ́ 3 2± °‬وأنزل‪$ # " M :‬‬ ‫‪ L'&%‬فبين‪ ‬وجه الحكمة في النسخ بهذه اللغة‪.‬‬ ‫والنسخ في اللغة شيئان‪ :‬أحدهما بمعنى النقل والتحويل‪ ،‬ومنه نـسخ الكتـاب‪ ،‬وهـو‬ ‫)‪ (١‬الحديد‪ :‬الآية )‪.(١٥‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الزمر‪ :‬الآيات )‪.(٥٨-٥٦‬‬ ‫)‪ (٤‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(١٠٦‬‬ ‫)‪ (٥‬النحل‪ :‬الآية )‪.(١٠١‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬فتبين‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٤٧‬‬ ‫أن يحول من كتاب إلى كتاب‪ ،‬فعلى هذا الوجه كل القرآن منسوخ؛ لأنه‪ ‬نـسخ مـن اللـوح‬ ‫المحفوظ‪ ،‬والثاني يكون بمعنى الرفع‪ ،‬يقال‪ :‬نسخت الشمس الظل ذهبت به وأبطلته‪ ،‬فعلى‬ ‫ناسخا[‪ ‬وبعضه منسوخا وهو المراد من الآية‪ ،‬وهذا على وجوه‪:‬‬ ‫ً‬ ‫هذا يكون بعض القرآن ]‬ ‫أحدهما‪ :‬أن يثبت الخط وينسخ الحكم مثـل آيـة الوصـية للأقـارب وآيـة عـدة الوفـاة‬ ‫بالحول‪ ،‬وآية التخفيف في القتال‪ ،‬وآية الممتحنة وغيرها‪.‬‬ ‫وقال ابن عباس رضي االله عنهما في قوله تعالى‪ L% $ # " M :‬ما نثبت خطها‬ ‫ونبدل حكمها‪.‬‬ ‫ومنها أن ترفع‪ ‬تلاوتها‪ ،‬ويبقى حكمها مثل آية الرجم‪.‬‬ ‫ومنها أن يرفع أصلا عن المصحف وعن القلوب كما روي عن أبي أمامة بن سهل بن‬ ‫حنيف أن قوما من الصحابة قاموا ليلة ليقرءوا سورة‪ ،‬فلم يذكروا منه إلا »بسم االله الرحمن‬ ‫الرحيم«‪ ،‬فغدوا إلى النبي ^ فأخبروه‪ ،‬فقال رسول االله ^‪ :‬‬ ‫‪.‬‬ ‫وقيل كانت سورة الأحزاب مثل سورة البقرة‪ ،‬فرفع أكثرها تلاوة وحكما‪.‬‬ ‫ثم من نسخ الحكم ما يرفع ويقام غيره مقامه‪ ،‬كما أن القبلة نسخت من بيت المقدس‬ ‫إلى الكعبة‪ ،‬والوصية للأقارب نـسخت بـالميراث‪ ،‬وعـدة الوفـاة نـسخت بـالحول إلى أربعـة‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬زيادة يقتضيها السياق‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬نرفع‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬أخرج الطبراني في الأوسط‪ ٤٨/٥‬من حديث ابن عمر قال‪ :‬قرأ رجلان مـن الأنـصار سـورة أقرأهمـا‬ ‫رسول االله ^ فكانا يقرآن بهـا‪ ،‬فقامـا ذات ليلـة يـصليان بهـا فلـم يقـدرا منهـا عـلى حـرف فأصـبحا‬ ‫غاديين على رسـول االلهّ‪ ،‬فـذكرا لـه فقـال رسـول االله ^‪ »:‬إنهـا ممـا نـسخ وأنـسي«‪ :‬وقـال الهيثمـي في‬ ‫المجمع‪ :٣٢٠/٧‬فيه‪ :‬سليمان بن أرقم وهو متروك‪.‬‬ ‫‪ ٣٤٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫أشهر ومصابرة الواحد العشرة في القتال نسخت بمصابرة الاثنين‪ ،‬ومنها ما يرفع ولا يقام‬ ‫غيره مقامه كامتحان النساء‪.‬‬ ‫والنسخ إنما يعترض على الأوامر والنواهي دون الأخبار‪ ،‬أما معنى الآية قوله‪" M :‬‬ ‫‪ L% $ #‬قراءة العامة بفتح النون والسين من النسخ أي نرفعها‪ ،‬وقرأ ابن عامر‬ ‫بضم النون وكسر السين من الإنساخ‪ ،‬وله وجهان‪ :‬أحدهما نجعله في المنسوخ‪ ،‬والثاني‬ ‫نجعله في المنسوخ نسخة لك‪ ،‬يقال نسخت الكتاب أي كتبته‪ ،‬وأنسخته‪ ‬غيري إذا جعلته‬ ‫نسخة له‪ L'& M‬عن قلبك‪.‬‬ ‫وقال ابن عباس رضي االله عنهما‪ :‬نتركها لا ننسخها أراد ننسها‪ ،‬قال االله تعالى‪£M :‬‬ ‫‪ L¥ ¤‬أي تركوه فتركهم‪ ،‬وقيل ننسها أي نأمر بتركها‪ ،‬يقال نسيت الشيء إذا‬ ‫أمرت بتركه‪ ،‬فيكون النسخ الأول من رفع الحكم‪ ،‬وإقامة غيره مقامه‪ ،‬والإنساء يكون‬ ‫نسخا من إقامة غيره مقامه‪ ،‬وقرأ ابن كثير‪ ‬وأبو عمرو‪ :‬ننسأها بفتح النون الأول والسين‬ ‫مهموزا أي نؤخرها فلا نبدلها‪ ،‬يقال‪ :‬نسأ االله في أجله‪ ،‬وأنسأ االله أجله‪ ،‬ففي معناه قولان‪:‬‬ ‫أحدهما‪ :‬نرفع تلاوتها أو نؤخر حكمها كما فعل في آية الرجم‪ ،‬فعلى هذا يكون النسخ‬ ‫الأول بمعنى رفع التلاوة والحكم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬ونسخته‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت( ننسخها‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬التوبة‪ :‬الآية )‪.(٦٧‬‬ ‫)‪ (٤‬أبو سعيد عبد االله بن كثير أحد القراء السبعة توفي سنة ‪١٢٠‬هـ قرأ على عبـد االله بـن الـسائب ومجاهـد‬ ‫وحدث عن ابن الزبير وغيره وراوياه قنبل والبزي‪ .‬ينظر‪ :‬شذرات الذهب ‪ ،٨٩/٢‬وفيات الأعيـان‬ ‫‪.٢٠/٢‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٤٩‬‬ ‫والقول الثاني‪ :‬قاله سعيد بن المسيب‪ ‬وعطاء‪ ‬أما ‪ L% $ # " M‬فهو ما قد‬ ‫نزل من القرآن جعلاه من النسخة ‪ L' & M‬أي‪ :‬نؤخرها ونتركها في اللوح المحفوظ‪،‬‬ ‫فلا تنزل ‪ L * ) ( M‬أي‪ :‬بما أنفع لكم وأسهل عليكم‪ ،‬وأكثر لأجركم‪ ،‬لا أن‬ ‫الآية خير من آية؛ لأن كلام االله واحد‪ ،‬وكله خير‪) ،‬أو مثلها( في المنفعة والثواب‪.‬‬ ‫فكل ما نسخ إلى الأيسر فهو أسهل في العمل‪ ،‬وما نسخ الى الأشق فهو في الثواب‬ ‫أكثر‪ L 5 4 3 2 1 0 / . M ،‬من النسخ والتبديل‪ ،‬لفظه استفهام ومعناه‬ ‫تقرير‪ ،‬أي إنك تعلم‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫قلت لشيخي الخليلي‪ :‬ما تقول في هذا؟‬ ‫قال‪ :‬أقول إنه كلام حسن‪ ،‬ولم يبن لي في شيء منـه مـا يخـرج بـه عـن الـصواب‪ .‬واالله‬ ‫أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬أبو محمد سعيد بن المسيب القرشي المدني أحد الفقهاء السبعة بالمدينة‪ ،‬ومـن كبـار التـابعين‪ ،‬جمـع بـين‬ ‫الحديث والفقه والزهد والعبـادة والـورع‪ ،‬سـمع سـعد بـن أبي وقـاص وأبـا هريـرة وكانـت ولادتـه‬ ‫لسنتين من خلافـة عمـر وتـوفي سـنة إحـدى وقيـل اثنـين وتـسعين وقيـل غـير ذلـك‪ .‬ينظـر‪ :‬وفيـات‬ ‫الأعيان ‪.٣٧٠/١‬‬ ‫)‪ (٢‬أبو محمد عطاء بن أبي رباح كان من أجلة الفقهاء وتـابعي مكـة وزهادهـا‪ ،‬سـمع جـابر وابـن عبـاس‬ ‫كثيرا من الصحابة وروى عنه عمرو بن دينار والزهـري وقتـادة والأوزاعـي وغـيرهم‪ ،‬تـوفي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وخلقا‬ ‫سنة ‪١١٥‬هـ‪ ،‬وقيل ‪١١٤‬هـ‪ .‬ينظر‪ :‬وفيات الأعيان ‪ ١٢٤/٢‬وتذكرة الحفاظ ‪.٩٨/١‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬لأجلكم‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(١٠٦‬‬ ‫‪ ٣٥٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫معنى‪L` _ ^] \ [ M L© ̈§¦¥M:‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫وعن قومنا أيضا في تأويل قوله تعالى‪ L ̈ § ¦ ¥ M :‬من الفرائض‬ ‫‪ L©M‬قرأ ابن كثير وعمرو‪ ‬وعاصم ويعقوب ويثبت بالتخفيف‪ ،‬وقرأ آخرون‬ ‫بالتشديد‪ ،‬واختلفوا في معنى الآية‪:‬‬ ‫فقال سعيد بن جبير‪ ،‬وقتادة‪ :‬يمحو االله ما يشاء من الشرائع والفرائض فينسخه‬ ‫ويبدله‪ ،‬ويثبت ما يشاء منها فلا ينسخه ولا يبدله‪.‬‬ ‫وقال ابن عباس‪ :‬يمحو االله ما يشاء ويثبت إلا الرزق والأجل والسعادة والشقاوة‪،‬‬ ‫ورويناه عن حذيفة بن أسيد عن النبي ^‪ :‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫)‪ (١‬الرعد‪ :‬الآية )‪.(٣٩‬‬ ‫)‪ (٢‬الرعد‪ :‬الآية )‪.(٣٩‬‬ ‫)‪ (٣‬كذا في الأصل‪ ،‬ولعلها‪ :‬أبو عمرو‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سعيد بن جبير بن هشام أبو عبد االله الأسدي بالولاء أحد أعلام التابعين‪ ،‬أخذ العلم عن عبد االله بن‬ ‫العباس وعبد االله بن عمر وعنه جعفر بن أبي المغيرة وعطاء بن الـسائب وخلـق‪ ،‬قتلـه الحجـاج سـنة‬ ‫‪٩٥‬هـ‪ .‬ينظر‪ :‬وفيات الأعيان ‪ ، ٣٦٧/١‬تذكرة الحفاظ ‪.٧٦/١‬‬ ‫)‪ (٥‬قتادة بن دعامـة بـن قتـادة بـن عزيـز الـسدوسي مفـسر حـافظ ولـد سـنة ‪٦١‬هــ‪ ،‬وتـوفي سـنة ‪١١٨‬هــ‬ ‫بواسط‪ .‬ينظر‪ :‬تذكرة الحفاظ ‪.١٢٢/١‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬الشقاوة والسعادة‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )م(‪ :‬الملك‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬في النسخ المخطوطة‪ :‬فيقول‪ ،‬ولعل الصواب ما أثبتناه لوروده في الرواية‪.‬‬ ‫)‪ (٩‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٥١‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫وعن عمر وابن مسعود أنهما قالا‪ :‬يمحو االله السعادة والشقاوة‪ ،‬ويمحو االله الرزق‬ ‫والأجل ويثبت ما يشاء‪.‬‬ ‫روي عن عمر أنه كان يطوف البيت وهو يبكـي ويقـول‪ :‬اللهـم إن كنـت كتبتنـي في‬ ‫أهل السعادة فأثبتني فيها‪ ،‬وإن كنت كتبتني على الشقاوة فـامحني وأثبتنـي في أهـل الـسعادة‬ ‫والمغفرة‪ ،‬فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب‪ ،‬ومثله عن ابن مسعود‪.‬‬ ‫وفي بعض الآثار‪ :‬إن الرجل يكون قد بقي من عمره ثلاثون سنة‪ ،‬فيقطع رحمـه فـيرد‬ ‫إلى ثلاثة أيام‪ ،‬ويكون‪ ‬الرجل قد بقي من عمـره ثلاثـة أيـام فيـصل رحمـه فـيرد إلى ثلاثـين‬ ‫سنة‪ ،‬أخبرنا عبدالواحد المليحي‪ ،‬ثنا أبو منصور السمعاني‪ ،‬ثنا أبو جعفر الرياني‪ ،‬ثنا‪ ‬حميد‬ ‫بــن زنجويــه‪ ،‬ثنــا عبــداالله بــن صــالح‪ ،‬حــدثني الليــث بــن ســعد‪ ،‬حــدثني زيــاد بــن محمــد‬ ‫الأنصاري‪ ،‬عن محمد بن كعب القرضي‪ ،‬عن فضالة بن عبيد‪ ،‬عـن أبي الـدرداء أنـه قـال‪:‬‬ ‫قال رسول االله ^‪ :‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬إن معنى الآية أن الحفظة يكتبون جميع أعمال بني آدم وأقواله‪ ،‬فيمحو االله مـن‬ ‫ديوان الحفظة ما ليس فيـه ثـواب ولا عقـاب‪ ،‬مثـل قولـه‪ :‬أكلـت شربـت دخلـت خرجـت‬ ‫)‪ (١‬أخرجه مسلم في كتاب‪ :‬القدر‪ ،‬باب‪ :‬خلق الآدمي )‪ (٦٦٦٨‬من طريق حذيفة بن أسيد الغفاري‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬الشقاوة والسعادة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م( أخبرنا‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت( المقرضي‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬أورده العقيلي في الضعفاء )‪ ٩٣/٢ (٥٥٢‬قال‪ :‬حـدثنا عبـداالله إلى آخـر الـسند المـذكور‪ ،‬وفي إسـناده‪:‬‬ ‫زياد بن محمد الأنصاري‪.‬‬ ‫‪ ٣٥٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫ونحوها من كلام هو صـادق فيـه‪ ،‬ويثبـت مـا فيـه ثـواب وعقـاب‪ ،‬هـذا قـول الـضحاك‬ ‫والكلبي‪ ،‬وقال الكلبي‪ :‬يكتب القول كله حتى إذا كـان يـوم الخمـيس طـرح منـه كـل شيء‬ ‫ليس فيه ثواب ولا عقاب‪.‬‬ ‫وقال عطية‪ ‬عن ابن عباس‪ :‬هو الرجل يعمل بطاعة االله عز وجل‪ ،‬ثم يعود لمعصية‬ ‫االله فيموت على ضلاله‪ ،‬فهو الذي يمحو‪ ،‬والذي يثبت‪ :‬الرجل يعمـل بطاعـة االله فيمـوت‬ ‫وهو في طاعة االله عز وجل‪ ،‬فهو الذي يثبت‪.‬‬ ‫وقال الحسن‪ :‬يمحو ما يشاء أي من جاء أجله يذهب به‪ ،‬ويثبت من لم يجىء أجله الى‬ ‫أجله‪] ،‬وعن[‪ ‬سعيد بن جبير قال‪ :‬يمحو االله ما يشاء من ذنوب العباد فيغفرها‪] ،‬ويثبت‬ ‫ما يشاء فلا يغفره[‪ ‬وقال عكرمة‪ :‬يمحو االله ما يشاء من الذنوب بالتوبة‪ ،‬ويثبت بدل‬ ‫الذنوب حسنات كما قال االله عز وجل‪ LM L K J I M :‬وقال‬ ‫)‪ (١‬الضحاك بن مزاحم الهلالي‪ ،‬صاحب التفسير‪ ،‬من أجلة فقهاء التابعين‪ ،‬حدث عـن ابـن عبـاس وأبي‬ ‫سعيد الخدري وابـن عمـر‪ ،‬تـوفي سـنة ‪١٠٥‬هــ‪ .‬ينظـر‪ :‬الطبقـات لابـن سـعد ‪ ،٣٠٠/٦‬سـير أعـلام‬ ‫النبلاء ‪.٥٩٨/٤‬‬ ‫)‪ (٢‬عطية بن سعد بن جنادة العوفي‪ ،‬من أئمـة التـابعين‪ ،‬ولـد في خلافـة الإمـام عـلي بـن أبي طالـب‪ ،‬كـان‬ ‫محدثا فقيها مفسرا‪ ،‬توفي بالكوفة سنة ‪١١١‬هـ‪ ،‬ينظر‪ :‬طبقات ابن سعد ‪.٣٠٤/٦‬‬ ‫)‪ (٣‬في النسخ المخطوطة‪ :‬وهو‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬أبو عبد االله عكرمة القرشي الهاشمي مولى لابـن عبـاس‪ ،‬مـن أكـبر علـماء التـابعين في التفـسير والفقـه‬ ‫وغيره‪ ،‬لازم ابن عباس وغيره‪ ،‬مات سنة ‪١٠٧‬هـ‪ ،‬ينظر‪ :‬تهذيب الكمال ‪ ،١٦٣/١٣‬تـذكرة الحفـاظ‬ ‫‪.٩٥/١‬‬ ‫)‪ (٦‬الفرقان‪ :‬الآية )‪.(٧٠‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٥٣‬‬ ‫السدي‪ :‬يمحو االله ما يشاء يعني القمر‪ ،‬ويثبت ما يشاء يعني الشمس بيانه قوله تعالى‪:‬‬ ‫‪.L_^]\[ ZYM‬‬ ‫وقال الربيع‪ :‬هذا في أرواح يقبضها االله عند النوم‪ ،‬فمن أراد موته محاه‪ ‬فأمسكه‪،‬‬ ‫ومن أراد بقاءه أثبته ورده إلى صاحبه‪ ،‬بيانه قوله عز وجل‪: 9 8 7M :‬‬ ‫;‪ L‬الآية‪.‬‬ ‫‪ L® ¬ « M‬أي أصل الكتاب‪ ،‬وهو اللوح المحفوظ الذي لا يبدل‬ ‫ولا يغير‪.‬‬ ‫قال عكرمة عن ابن عباس رضي االله عنهما‪ :‬هما كتابان كتاب سوى أم الكتاب يمحو‬ ‫منه ما يشاء ويثبت‪ ،‬وأم الكتاب الذي‪ ‬لا يغير منه شيء‪ ،‬وعن عطاء ]عن[‪ ‬ابن عبـاس‬ ‫قال‪ :‬إن الله تعالى لوحا محفوظا مسيرة خمسمائة عام من درة بيضاء له دفتان من ياقوت‪ ،‬الله فيه‬ ‫كل يوم ثلاثمائة وستون لحظة‪ ،‬يمحو االله ما يشاء وعنده أم الكتاب‪.‬‬ ‫)‪ (١‬إسماعيل بن عبد الرحمن السدي تابعي حجازي الأصـل‪ ،‬سـكن الكوفـة‪ ،‬مـن آثـاره التفـسير‪ .‬ينظـر‪:‬‬ ‫معجم المؤلفين ‪ ،٣٦٨/١‬الأعلام ‪.٣١٧/١‬‬ ‫)‪ (٢‬الإسراء‪ :‬الآية )‪.(١٢‬‬ ‫)‪ (٣‬الربيع بن حبيب بن عمرو الفراهيدي الأزدي‪ ،‬إمام محدث‪ ،‬يعد الإمام الثالث بعد جابر وأبي عبيدة‪،‬‬ ‫ولد بغطفان‪ ،‬إحدى قرى الباطنة حوالي سنة‪٧٥‬هـ‪ ،‬تتلمذ على يد الإمـام جـابر بـن زيـد‪ ،‬وأبي عبيـدة‬ ‫مسلم بن أبي كريمة‪ ،‬وضمام بن السائب‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬من آثاره‪ :‬الجـامع الـصحيح‪ ،‬وآثـار الربيـع‪ ،‬رواه‬ ‫عنـه أبـو صـفرة عبـدالملك بـن صـفرة‪ ،‬تــوفي حـوالي ‪١٧٠‬هــ تقريبـا‪ .‬ينظـر‪ :‬معجـم أعـلام الإباضــية‪،‬‬ ‫ص‪.١٥٣-١٥٢‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬فجاءه‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الزمر‪ :‬الآية )‪.(٤٢‬‬ ‫)‪ (٦‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬زيادة يقتضيها السياق‪.‬‬ ‫‪ ٣٥٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وسأل ابن عباس كعبا عـن أم الكتـاب فقـال‪ :‬علـم االله‪ ،‬مـا هـو خـالق ومـا خلقـه‬ ‫عاملون‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫وعن قومنا أيضا في تأويل قوله تعالى‪ L ` _ ^] \ [ M :‬أي يحكم‬ ‫الأمر وينزل القضاء والقدر من السماء إلى الأرض‪ ،‬وقيل‪ :‬ينزل الوحي مع جبريل‪ ‬من‬ ‫السماء إلى الأرض ‪ L c b a M‬يصعد إليه جبريل‪ ‬بالأمر ‪h g f e d M‬‬ ‫‪ L k j i‬أي في يوم واحد من أيام الدنيا وقدر مسيره ألف سنة‪ ،‬خمسمائة نزوله‬ ‫وخمسمائة صعوده؛ لأن ما بين السماء والأرض خمسمائة عام يقول‪ :‬لو سار أحد من بني آدم‬ ‫لم يقطعه إلا في ألف سنة‪ ،‬والملائكة يقطعونه في يوم واحد‪ ،‬هذا وصف عروج الملك من‬ ‫الأرض إلى السماء‪.‬‬ ‫وأما قوله‪ L À ¿ 3⁄41⁄21⁄4 » o 1 ̧ ¶ μ M :‬أراد‬ ‫مقدار المسافة من الأرض إلى سدرة المنتهى التي هي مقام جبريل‪ ‬والملائكة الذين معه من‬ ‫أهل مقامه مسيرة خمسين ألف‪ ‬سنة في يوم واحد من أيام الدنيا‪ ،‬هذا كله معنى قول‬ ‫مجاهد‪ ‬والضحاك‪ ،‬وقوله‪) :‬إليه( إلى االله‪ ،‬وقيل‪ :‬هذا التأويل إلى مكان الملك الذي أمره االله‬ ‫)‪ (١‬في النسخ المخطوطة قال‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م( جبرائيل‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م( جبرائيل‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬السجدة‪ :‬الآية )‪.(٥‬‬ ‫)‪ (٥‬المعارج‪ :‬الآية )‪.(٤‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬جبرائيل‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وتفـسيرا‪ ،‬روى عـن ابـن عبـاس وأم سـلمة‬ ‫)‪ (٨‬مجاهد بن جبر المخزومي‪ ،‬من أئمة التابعين فقها وحـديثا‬ ‫وعائشة‪ ،‬توفي سنة ‪١٠٤‬هـ‪ ،‬ينظر‪ :‬طبقات ابن سعد ‪ ،٤٦٦/٥‬الأعلام للزركلي ‪.٢٧٨/٥‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٥٥‬‬ ‫عز وجل أن يعرج إليه‪.‬‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬ألف سنة وخمسون ألف سنة كلها في القيامة يكون على بعضهم أطول‬ ‫وعلى بعضهم أقصر‪ ،‬معناه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض مدة أيـام الـدنيا ثـم يعـرج أي‬ ‫يرجع الأمر والتدبير إليه بعد فناء الدنيا وانقطاع الأمر وحكم الحكام في يـوم كـان مقـداره‬ ‫خمسين ألف سنة وهو يوم القيامة‪.‬‬ ‫وأما قوله‪ LÀ ¿ 3⁄4 M :‬فإنه أراد الكافر يجعل االله ذلك اليوم عليه مقدار‬ ‫خمسين ألف سنة‪ ،‬وعلى المؤمنين دون ذلك‪ ،‬حتى جاء في الحديث‪ :‬‬ ‫‪ ‬قال إبراهيم التميمي‪ :‬لا يكون على المؤمن إلا‬ ‫كما بين الظهر والعصر‪ ،‬ويجوز أن يكون هذا‪ ‬إخبارا عن شدته وهوله ومشقته‪.‬‬ ‫وقال ابن أبي مليكة‪ :‬دخلت أنا وعبداالله بن فيروز مولى عثمان بـن عفـان عـلى ابـن‬ ‫عباس‪ ،‬فسأله ابن فيروز عن هذه الآية وهي عن قوله خمسين ألف سنة فقال له ابن عباس‪:‬‬ ‫أيام‪ ‬سماها االله تعالى لا أدري ما هي‪ ،‬وأكره أن أقول في كتاب االله ما لا أعلم‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫قال شيخنا الخليلي رحمة االله عليه‪ :‬االله أعلم‪ ،‬وأقول في هذه‪ ‬وما قبلهـا بـما قالـه ابـن‬ ‫)‪ (١‬رواه أحمد ‪ ،٧٥/٣‬وابن حبان في كتاب‪ :‬إخباره ^ عن مناقب الصحابة‪ ،‬بـاب‪ :‬إخبـاره عـن البعـث‬ ‫)‪ (٧٣٣٤‬من طريق أبي سعيد‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬كذا في الأصل‪ ،‬ولعله إبراهيم التيمي الذي هو من أجلة فقهاء التابعين‪ ،‬حبسه الحجـاج بـن يوسـف‬ ‫حتى مات في الحبس سنة ‪٩٢‬هـ ولم يتجاوز سنه الأربعين‪ .‬ينظر‪ :‬طبقـات ابـن سـعد ‪ ،٦٨٥/٦‬سـير‬ ‫أعلام النبلاء ‪.٦٠/٥‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬ابـن أبي مليكـة عبـد االله بـن عبيـداالله بـن أبي مليكـة التيمـي المكـي) ت‪ ١١٧‬هــ(‪ ،‬قـاض‪ ،‬مـن رجــال‬ ‫الحديث الثقات‪ ،‬ولاه ابن الزبير قضاء الطائف‪ .‬ينظر‪ :‬الأعلام‪ ،‬الزركلي ‪.١٠٢/٤‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬هذا‪.‬‬ ‫‪ ٣٥٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫عباس هنا جزاه االله خيرا‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ¬«a© ̈§‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قد قال االله تعالى في غير موضـع مـن كتابـه الـشافي العزيـز‪« a © ̈§ M :‬‬ ‫¬‪ L‬واتفق المفسرون على أن الوسع هنا الطاقة‪ ،‬وفي حـديث قـد تـواتر أن الـشارع‬ ‫^ قال‪.:‬‬ ‫وقــد تقــرر التكليــف والقــصد بــأن يقيــد المبــتلى نفــسه لــولي مقتولــه‪ ،‬وأن يستــسلم‬ ‫للقصاص لفقىء عينيه‪ ،‬وصلم أذنيه‪ ،‬وجدع أنفه‪ ،‬وأن يبذل حبة قلبه‪ ،‬وجلحلانـة فـؤاده‪،‬‬ ‫وقرة عينيه للقتل‪ ،‬والقتل بحد السيف أهون موقعا على النفس من قتل بحد فراق‪ ،‬ولا بـد‬ ‫له من ذلك‪ ،‬ولا سلامة له‪ ‬هنالك إلا بالتسليم والتفويض وتوطين النفس في ذلك المقـام‬ ‫الدحض وإلا فالهلاك‪ ،‬وقد علم بالضرورة أن هذا مما ليس من‪ ‬وسع النفس ولا طاقتهـا‬ ‫وإنها نفارة منه مشمأزة عنه‪.‬‬ ‫وإنـما يمنــع جماحهــا ويــردع شماســها فـارس الإيــمان‪ ،‬ولــولاه لطوحــت بــه المطــاوح‬ ‫المهلكــة‪ ،‬فــما معنــى الآيــة الكريمــة‪ ،‬والروايــة القويمــة‪ ،‬بــل مــا معنــى اليــسر والعــسر ]في‬ ‫الحديث[‪ ،‬وما المراد بالوسع الذي لا يكلف المتعبد إلا إياه‪ ،‬أوضح لنا كل ذلك حتـى لا‬ ‫)‪ (١‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(٢٨٦‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرجه البخاري في كتاب‪ :‬الإيمان‪ ،‬باب‪ :‬الدين يسر )‪ (٣٩‬والنسائي في كتاب‪ :‬الإيمان‪ ،‬باب‪ :‬الدين‬ ‫يسر )‪ (٥٠٤٩‬من طريق أبي هريرة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬في‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٥٧‬‬ ‫نكون‪ ‬في لبس منه‪ ،‬ونكون‪ ‬على بصيرة من أمر ديننا‪ ،‬فإنه لا بد لنا من ذلـك‪ ،‬ولا عـذر‬ ‫لجاهل‪ ،‬ولك عظيم الأجر وكريم الذخر‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫نعم إن دين االله يسر كله لا عسر فيه‪ ،‬ولا تكليف لما لا طاقة له‪ ‬به‪ ،‬فلا تك في مرية‬ ‫من هذا إنه الحق‪ ،‬ولا شـك في ذلـك‪ ،‬فـإن االله سـبحانه قـد تعبـد الخلـق بـالإيمان‪ ،‬وأمـرهم‬ ‫بالعدل والإحسان‪ ،‬وفرض عليهم ]الصلاة[‪ ‬والزكاة والصيام والحـج‪ ،‬وشرع لهـم تـرك‬ ‫المحرمات والمآثم‪ ،‬ومنعهم من الجور والمظالم والقبائح كلها‪ ،‬وهذا كله على المـوفقين سـهل‬ ‫يسر‪ ،‬وليس هو بالعسر‪ ،‬فمن اتبـع شـيطانه وهـواه‪ ،‬وخـالف أمـر االله وهـداه‪ ،‬فـنقض بنيـة‬ ‫‪‬‬ ‫مولاه‪ ،‬فظلم منه تعمده فأرداه فأثر فيها جراحا أو قتلا صراحا‪ ،‬فقد ]لا يخفى على قائل[‬ ‫بأنه في حينه قد خرج مختارا في هذا الفعل عن اليسر الذي هو من دينه‪ ،‬واالله تعالى هو الحكم‬ ‫العدل‪ ،‬وله في خلقه الحكم العدل‪.‬‬ ‫فلا بد من إنفاذ عدله فيه كما توجبه السياسة وتقتضيه‪ ،‬ولا سبيل إلى إنفاذ العـدل في‬ ‫هذا الموضع إلا بما يوجبه من القصاص أو‪ ‬القتل؛ لتساوي الخلق في أحكـام الحـق فـإيلام‬ ‫الجارح أو القاتل بإيلام المجروح أو المقتول سواء بسواء‪ ،‬وتلك جريرته على نفسه فلا نقص‬ ‫ولا مزيد‪ ،‬ذلك بما قدمت أيديكم وما ربك بظلام للعبيد‪ ،‬ألا وإن الحكم بغير هـذا يقتـضي‬ ‫الظلم والجور‪ ،‬واالله منزه عنه‪ ،‬وقد اتضح أن وقوع هذا فيمن يستحقه ليس من أمر دينه في‬ ‫)‪ (١‬في)م(‪ :‬تكون‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في)م(‪ :‬تكون‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في)ت(‪ :‬ليخفى‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في)ت(‪ :‬و‪.‬‬ ‫‪ ٣٥٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫شيء‪ ،‬وإنما هو جنايته على نفسه لمخالفته أمر دينه‪ ،‬وخروجه عن حض‪ ‬شريعتـه‪ ،‬فالـدين‬ ‫يسر ولا تكليف فيه‪ ،‬ومن بغى فجريرته عليه ‪.Lu t s r q p M‬‬ ‫وهكذا القول في الحدود والعقوبات التي اقتضتها أحكام السياسة‪ ،‬لإقامـة نـواميس‬ ‫العدل ذبا عن محارم االله تعالى إذا انتهكت‪ ،‬فإنها من واد واحد‪ ،‬وقـد اقتـضاها مقـام العـدل‬ ‫بالحكمة والفـضل‪ ،‬ولـيس ذلـك مـضادا لكـون الـدين يـسرا‪ ،‬فإنهـا في الأصـل ليـست مـن‬ ‫العبادات المشروعة على المكلف‪ ،‬ولا مما أمر بالإتيان بما يوجبها قطعا‪ ،‬وإنما اقترفها الفاعـل‬ ‫جناية على نفسه‪ ،‬فاستأهلها بحكم السياسة والعدل‪ ،‬صونا عن انتهاك حمى االله تعـالى‪ ،‬فـإن‬ ‫لكل ملك حمى‪ ،‬وحمى االله محارمه‪ ،‬فانتهاك حرمة االله تعـالى أشـد مـن انتهـاك حرمـة العبيـد‬ ‫باقتحام البيوت وغيرها‪.‬‬ ‫وفي ذلك يهدر الدم بإقامة الحدود في هذا كذلك‪ ،‬ألا وإن هـذه الحـدود والقـصاص‬ ‫والقتل ونحوها قد أشبهت معاني الحقوق فمن وجب عليه حق في نفس أو مال فلا بد مـن‬ ‫أدائه لربه‪ ،‬فقد يخـرج الغنـي مـن أموالـه أجمـع إذا وجبـت عليـه الحقـوق فيهـا ولا بـد‪ ،‬كـما‬ ‫تتضاعف المحبة عليه ببذل‪ ‬النفس إذا وجب الحق عليها‪.‬‬ ‫وقد كان قبل أن يجر على نفسه أو ماله في سلامة من ذلك كله‪ ،‬ولم يكن من ذلـك في‬ ‫الأصل مما أمر به في دينه‪ ،‬وإنما حـصل التكليـف بـه بأسـباب خارجيـة صـدرت مـن فعلـه‪،‬‬ ‫بواسطة هواه ونفسه وشيطانه‪ ،‬فلم يكن في الدين ما يحط الواجب عليه‪ ،‬وليس ذلك بقادح‬ ‫في الدين‪ ،‬ولا مفيد كونه غير سر‪ ،‬ولا مقتضيا لتكليف ما لا يطـاق‪ ،‬فـإن عـذاب االله تعـالى‬ ‫وغضبه هو الذي لا طاقة به لأحد أبدا‪.‬‬ ‫ومن رحمته أن شرع بحكم عدله القود والقصاص لمن تاب من بغيه ورام الخـلاص‪،‬‬ ‫)‪ (١‬في)م(‪ :‬خط‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬يونس‪ :‬الآية )‪.(٢٣‬‬ ‫)‪ (٣‬في)م(‪ :‬لبذل‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٥٩‬‬ ‫فقد سهل له المخرج من الهلاك الأبدي‪ ،‬وأتاح له الفرح من العذاب السرمدي‪ ،‬ببذل نفس‬ ‫غايتها الموت‪ ،‬ونهايتها الفوت‪ ،‬فكان له في ذلك أوسـع رحمـة‪ ،‬وأوضـح تخفيـف‪ ،‬مـع قطـع‬ ‫النظر عن شدة الإيلام الحاصل في مقام العدل بحكم القهر الذي تقتضيه‪ ‬الحال‪ ،‬ولا بـد‬ ‫لعدم اتصافه تعـالى بـالجور‪ ،‬ولكونـه الغيـور الـذي لا يـرضى بانتهـاك محارمـه أصـلا‪ ،‬هـذا‬ ‫والتحقيق في تكليف ما لا يطاق أنه على نوعين‪:‬‬ ‫أحدهما‪ :‬ما لا طاقة به حقيقة وعقلا‪ ،‬كتكليف القاتل أن يحيي من قتله‪ ،‬أو الجارح أن‬ ‫يبرىء المجروح من جرحه من ساعته‪ ،‬وأن يرفع عنه الألم قبـل انـدمال جرحـه‪ ،‬أو أن يـرد‬ ‫عينا قلعها أو يدا قطعها‪ ،‬أو عضوا باندمال موضعه ونحوه‪ ،‬فهذا الباب مـن تكليـف مـا لا‬ ‫طاقة له به‪،‬ولا يجوز على االله تعالى أن يوجبه بعدله على أحد من خلقه‪ ،‬كـما لا يجـوز تكليفـه‬ ‫أن يعرج في الهوى‪ ،‬أو يرقى في السماء أو يخط القرآن فيثبته على صفحات الماء‪.‬‬ ‫وثانيهما‪ :‬ما لا طاقة به عادة طبعا‪ ،‬وليس بالممتنع تكليفه شرعا‪ ،‬فإنه من الممكن‪ ،‬وقد‬ ‫تدعو الحاجة إليه لأمر أهم منه‪ ،‬فيكون التكليف به حسنا‪ ،‬ولا يلتفت إلى كراهيته في النفس‬ ‫وبشاعته في الطبع‪ ،‬فإن الأمارة بالسوء لا رأي لها ولا حكـم فـيما اقتـضت الحكمـة إلزامهـا‬ ‫إياه‪ ،‬وهذا الباب هو الذي وقع منـك البحـث فيـه كـإلزام‪ ‬القـود والقـصاص‪ ،‬والخـروج‬ ‫بالنفس والمال في الحج والجهاد‪ ،‬ومنه ما وقع لبني إسرائيل قديما من قتل أنفسهم توبـة مـن‬ ‫االله عليهم‪ ،‬ورحمة منه لهم‪.‬‬ ‫ومن ذلك أنه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنـة يقـاتلون في سـبيل‬ ‫االله فيقتلون ويقتلون‪ ،‬وهذا باب واسع كبير‪ ،‬وليس هو مما يعلم ضرورة أنـه‪ ‬ممـا لـيس في‬ ‫وسع النفس‪ ،‬ولا طاقتها‪ ،‬وإن كانت مشمئزة نافرة منه‪ ،‬فإن طبعها الذميم وخلقها الخبيث‬ ‫)‪ (١‬في)م(‪ :‬يقتضيه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في)ت(‪ :‬كلام‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في)م(‪ :‬فإنه‪.‬‬ ‫‪ ٣٦٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫ليفر عن تحمل أعباء التكاليف الدينية‪ ،‬وإن كانت مما تقوى عليه‪ ،‬ولا صعوبة عليهـا لديـه‪،‬‬ ‫فكيف بالمستصعبات من مثل هذه الأمور المتعبات‪ ،‬والمشاق التي أدخلها العبد على نفـسه‪،‬‬ ‫فكانت هي السبب إلى ما يفضي‪ ‬به إلى حلول رمسه‪.‬‬ ‫واالله يحكم فلا راد لأمره‪ ،‬ولا معقب لحكمه‪ ،‬فالقول بأن هذا مما لا طاقة به إنـما هـو‬ ‫من قبيل العادة والطبـع‪ ،‬ومقتـضى مألوفـات الـنفس‪ ،‬والركـون إلى الدعـة والراحـة بتـوفير‬ ‫دواعي الحظوظ العاجلة‪ ،‬وذلك ما‪ ‬لا عبرة به لظهور المصلحة في غـيره‪ ،‬لـشمول العـدل‬ ‫ووجود الإنصاف الذي به قوام نظام الممالك في العالم كلـه‪ ،‬ولـولا دفـع االله النـاس بعـضهم‬ ‫ببعض لفسدت الأرض‪ ،‬ولكـن االله ذو فـضل عـلى العـالمين‪ ،‬فوجـود العـدل منـه هـو غايـة‬ ‫الفضل‪ ،‬ولهذا قال‪.L © ̈ § ¦¥ ¤ M :‬‬ ‫ولقد رأيت أن الخوض في هذا الباب يتسع فلنمسك عن المزيد‪ ،‬وإن في ذلك لذكرى‬ ‫لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد‪ .‬واالله أعلم‪ ،‬فلينظر فيه‪.‬‬ ‫جواب آخر لهذه المسألة الشريفة‪:‬‬ ‫قال‪ :‬إن قوله‪»:‬دين االله يسر« كلام في غاية الحسن ونهاية الشرف‪ ،‬وهـو مـن جوامـع‬ ‫كلـــمات الحـــديث عـــن النبـــي ^‪ ،‬فحكمـــه في الـــوزن إذا اعتـــبرت الحقيقـــة مثـــل قولـــه‬ ‫تعالى‪ L8 7 6 5M‬وهي كذلك فلا شك في الدنيا والآخرة‪ ،‬فدينه تعالى‬ ‫باعتبار تكاليفه الأصلية التي ورد بها مطلق الأمر منه أو النهي عنه هو كذلك وهو الـسبيل‬ ‫الموصل إلى جنة الخلد ودار النعيم‪ ،‬فلا يجوز أن يكون عسرا‪ ،‬فتكون للمكلف به الحجة فيه‪،‬‬ ‫والله الحجة البالغة على عباده‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في)م(‪ :‬يقضي‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(١٧٩‬‬ ‫)‪ (٤‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(١٥٦‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٦١‬‬ ‫وليس ذلك باعتبار الأحكام والعدل وإن كان ذلـك مـن الـدين ففيـه خـاص وعـام‬ ‫باعتبار المقام فإن موضع العدل والجزاء والعقوبات‪ ،‬وإن كان من أمر الدين‪ ،‬فـإن لـه شـأنا‬ ‫آخر لغة وعرفا‪ ،‬ولهذا خص الفقهاء في مسائل الفقه فقالوا‪ :‬هذه كتب الأديان‪ ،‬وهذه كتب‬ ‫الأحكام وهكذا‪.‬‬ ‫فعلى هذا فالمراد بالدين الميسر‪ ،‬ما ثبت التعبد به ابتداء بأمر إلهي فيما يدخل تحت قوله‬ ‫تعالى‪ L I H G F E D C M :‬ولا يشمل ذلـك مـا تقتـضيه سياسـة‬ ‫العدل‪ ‬من الانتقام‪ ،‬والقهر للعصاة وأهل البطش والفساد‪ ،‬من موجبـات القتـل والأسر‬ ‫والطرد والقصاص‪ ،‬ولو تاب‪ ‬أحدهم بعد الموافقة‪ ،‬فليس له إلا حكم ما ثبت عليه‪.‬‬ ‫ولهـذا قيــل‪ :‬لمـا‪ ‬أنزلــت قولـه تعــالى‪ L8 7 6 5 M :‬تطـاول لهـا‬ ‫طريد‪ ‬الملائكة إبليس ‪-‬لعنه االله‪ ،-‬فزعم أنه شيء فبكت بقوله تعالى‪; : M :‬‬ ‫< ‪ L‬الآية تخصيصا‪ ‬لمفهومها عـن التمـسك بعمومهـا‪ ،‬ويجـوز‪ ‬في صريـح الآيـة‪،‬‬ ‫وصحيح تلك الرواية أن يحملا على عمومها‪ ،‬بتأويل خاص لهما‪ ،‬فإن رحمته تعالى على أوجه‬ ‫شتى ولكل فريق ما يخصه منهـا باعتبـارات تليـق بـه‪ ،‬كـما أن ديـن االله يـسر عـلى كـل مبـتلى‬ ‫)‪ (١‬الذاريات‪ :‬الآية )‪.(٥٦‬‬ ‫)‪ (٢‬في)م(‪ :‬العقل‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في)ت(‪ :‬ثاب‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في)ت(‪ :‬إنما‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(١٥٦‬‬ ‫)‪ (٦‬تكررت في )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(١٥٦‬‬ ‫ً‬ ‫تخصصا‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬في)ت(‪:‬‬ ‫)‪ (٩‬في)س(‪ :‬فيجوز‪.‬‬ ‫‪ ٣٦٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫ومعافى‪ ،‬ولكن هذا باعتبار‪ ،‬وذاك باعتبار آخر‪.‬‬ ‫وقد مضى في الجواب الأول ما يدل عليه فلا نطيل به هاهنـا‪ ،‬وعـلى نحـو هـذا يطـرد‬ ‫القول في تكليف ما لا يطاق‪ ،‬فإن كان المراد به ما يستحيل كونه فهو على إطلاقه‪ ،‬وإن كـان‬ ‫المعنى به ما تكرهه النفس‪ ،‬وينفر عنه الطبع‪ ،‬ولا يحتمله الإنسان من شدة الألم أو‪ ‬ما فوقه‬ ‫فالشرع قد يوجب هذا‪ ،‬والعقل لا يأباه‪ ،‬وقد مـضى مـا دل عـلى ذلـك مفـصلا‪ ،‬وكفـى بـه‪.‬‬ ‫واالله أعلم‪ ،‬فلينظر فيه‪ .‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫في تأويل قوله تعالى في‪ ‬بدو هذه السورة‪ ،‬مثل حم عسق وكهيعص؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫قد اختلف المفسرون في ذلك‪ ،‬فقيل‪ :‬هي أسماء للسور‪ ،‬وقيـل‪ :‬هـي مـن أسـماء االله‬ ‫تعالى‪ ،‬فالحاء من حكيم‪ ،‬والميم من مجيد‪ ،‬والعين من عليم وهكذا إلى آخرها‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬إنها حروف أقسم االله بها‪ ،‬وقيل‪ :‬أقسم‪ ‬االله بالأسـماء الدالـة عليهـا كالكـاف‬ ‫‪‬‬ ‫من كافي‪ ،‬والهاء من هادي‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه ذكر هذه الحروف على سبيل التعديد تحديا لمعجـزة‬ ‫أميا لا‪ ‬يحسن شيئا من ذلك‪ ،‬فآتاهم من حروف المعجم‬ ‫للمعارض مع كون النبي الآتي بها ً‬ ‫نصفها الأشرف‪ ،‬فذكر من المهموسة نصفها‪ ،‬ومن الـشديدة نـصفها ومـن الرخـوة نـصفها‬ ‫)‪ (١‬في)ت(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م( السور‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت( اسم‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م( للمعجزة‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬أمثالاً‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٦٣‬‬ ‫ومن المطبقة نصفها ومن المجهورة نصفها‪ ،‬ومن المنفتحة نصفها‪ ،‬ومن القلقلة نصفها الأقل‬ ‫لقلقلتهــا‪ ،‬ومــن اللينتــين نــصفها‪ ،‬ومــن المــستعلية نــصفها الأقــل لثقلهــا‪ ،‬ومــن المنخفــضة‬ ‫نصفها‪ ،‬ومما يدغم في مثله ولا يدغم في المقارب‪ ‬نصفها الأقل‪ ،‬ومما يدغم فمنها نصفها‬ ‫الأكثر‪ ،‬ومن الذلوقية ثلثيها‪ ،‬وكذا من الحلقية لكثرة دورها في الكلام‪.‬‬ ‫وبالجملة مما لم يذكر مكتوب عليه‪ ‬فذلك بـما ذكـر فكأنـه تحـداهم بـالحروف كلهـا‪،‬‬ ‫وكأنما خاطب أهل الأسرار الحرفية من الكتـب القديمـة ممـا ذكـره مـن الحـروف النورانيـة‬ ‫المعروفة عندهم‪ ،‬وأضرب عـن الحـروف الظلمانيـة كلهـا‪ ،‬فـسبحان مـن دقـت في كـل شيء‬ ‫حكمته‪ ،‬وبيان ذلك مما يعجز الفقير عنه فلا يبلغ إليه‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫خـــذ نظـــم أســـمائها كالـــدر في الــــسلك‬ ‫إن التــــــي منجيــــــات ســــــميت ســــــور‬ ‫دخـــــــان واقعـــــــة بالحـــــــشر والملـــــــك‬ ‫كهـــــف وجـــــرز ويـــــس وفـــــصلت ال‬ ‫بيــــت بتوريــــة مـــــن أحــــسن الـــــسبك‬ ‫ومهلكــــات العــــدى ســــبع أتــــاك بهــــا‬ ‫لــــشرح قــــدر قــــريش في شــــذا المــــسك‬ ‫مزمــــــل في بــــــروج طــــــارق بــــــضحى‬ ‫وافــــت وســــت تليهــــا بعــــد كالحبــــك‬ ‫والمنقـــــــذات لنـــــــا ســـــــبع بكوثرهـــــــا‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫سيدي ما يوجد عن قومنا في أن الله تعالى آيات أنزلها على نبينا محمـد‬ ‫هل يصح عندك ِ‬ ‫ ِّ‬ ‫)‪ (١‬في )م( زيادة الأقل‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م( المتقارب‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬عله‪.‬‬ ‫‪ ٣٦٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫^‪ ،‬ثم نسخ قراءتها‪ ،‬وأبقى حكمها كالرجم؟ فقـد زعمـوا أن آيتهـا قـد نـسخت قراءتهـا‪،‬‬ ‫وأبقي الحكم منها أولا‪ ،‬ولعل مثل هذا ]يوجد أيضا[‪ ‬في بعـض الكتـب المغربيـة‪ ،‬وبقينـا‬ ‫تفضل بإيضاح ما عنـدك‬ ‫شاكين في صحته؛ لأن حكم الرجم عندنا أن السنة قد جاءت به‪ ،‬ َّ‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬والذي عندي في هذا أنه مما يحتمل وجه الصحة فلا يبين لي وجه إنكاره‬ ‫بعد ثبوت معناه من كتاب االله تعالى‪ ،‬قال االله تعالى‪ L' & % $ # " M :‬فقد‬ ‫أثبت الوجهين النسخ والإنساء‪ ،‬فالنسخ فيما بقي لفظه ونسخ حكمه بحكم آخر‪ ،‬والإنساء‬ ‫لا يكون إلا فيما يفلت من الصدور‪ ،‬فلم يبق لفظه ولا معناه‪ ،‬وقد ورد الحديث في مثل‬ ‫هذا‪ ‬يؤكده‪ ،‬فيدل عليه ويؤيده‪ ،‬وهو في النظر صحيح‪.‬‬ ‫وما روي من آية الرجم وأنها مما أنسي‪ ،‬وبقي الحكم بهـا‪ ‬فغـير بعيـد‪ ،‬والقـول بـأن‬ ‫الحكم به الآن من السنة هو الأظهر؛ لأن المنسي من الآيـات لم يثبـت التعبـد بـه جزمـا‪ ،‬ولا‬ ‫قامت به الحجة أبدا‪.‬‬ ‫ورواية من يروي أن فيما أنزل االله آية الرجم‪ :‬‬ ‫‪ ،‬كأنه غير ملائم للمعنى‪ ،‬ولا لائق بلفظ القـرآن‪ ،‬ولا قريـب‬ ‫أيضا يوجد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫)‪ (١‬في )م(‬ ‫)‪ (٢‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(١٠٦‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬هذه‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬أخرجه البخاري في كتاب‪ :‬الحدود‪ ،‬باب‪ :‬الاعتراف بالزنا )‪ ،(٦٨٢٩‬ومسلم في الحدود‪ ،‬باب‪ :‬رجم‬ ‫الثيــب في الزنــا )‪ ،(٤٣٩٤‬وأبــو داود في كتــاب‪ :‬الحــدود‪ ،‬بــاب‪ :‬في الــرجم )‪ ،(٤٤١٨‬والترمــذي في‬ ‫كتاب‪ :‬الحدود‪ ،‬باب‪ :‬في تحقيق الرجم )‪ (١٤٣٧‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬ينظر تخريج الحديث السابق‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٦٥‬‬ ‫من الصواب في شيء لمعان‪:‬‬ ‫أحدها‪ :‬أن ما أنساه االله عباده من هذا النوع فـلا سـبيل إلى حفظـه البتـة‪ ،‬وإلا فلـيس‬ ‫بمنسي‪ ،‬وإذا كان محفوظا فما له لا يقر في موضعه؟!‬ ‫وثانيها‪ :‬أنه لا يثبت لفظ الكتاب العزيز‪.‬‬ ‫وثالثها‪ :‬تقرير الحكم بالشيخ والشيخة في موضع المحصن والمحصنة‪ ،‬وبينهما البـون‬ ‫كما لا يخفى‪ ،‬فدل باللفظ والمعنى على ما تفرسناه فيها إن صـح مـا قلنـاه‪ ،‬فلينظـر فيـه‪ .‬واالله‬ ‫أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن الشيخ ناصر بن أبي نبهان يقول‪ :‬لا يعلـم اليـوم أحـدا يقـرأ القـرآن بتجويـد‪ ،‬وإن‬ ‫كتب التجويد من قومنا لا يصح الاعتماد عليها في ذلك‪ ،‬وإنه قال‪ :‬لو سمعت أحدا يـدعي‬ ‫تجويده وهو إمام لما صليت خلفه‪ ،‬هذا كلامه فأوضح لنا حقيقته‪ ،‬والسلام عليك‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫أما قوله‪ :‬لا يعلم فذلك إخبار عن علمه بقراء زمانه‪ ،‬وغير مكلف ما لم يطلع عليـه‪،‬‬ ‫ولذلك لم يقل بالقطع إنه لا يوجد في دهرك من يعلم تجويده‪ ،‬ويحسن ترتيله وترديده؛ لأن‬ ‫هذا مقتضاه القطع بالغيب‪ ،‬وتعاطي الغيـوب مـن العيـب‪ ،‬فلـذلك نـزه الـشيخ نفـسه عـن‬ ‫ذلك‪ ،‬ثم إنه لم ينكر هذا العلم التجويدي‪ ،‬ولا قال ببطلانه‪.‬‬ ‫وإنما أخبرك عدم العلماء به فيمن وجد من أهل زمانه‪ ،‬وإني لأقول بحق من حـديث‬ ‫صدق‪ :‬إني لا أعلم في دهرنا من أهل عصرنا من هو في مصرنا بالتجويد خبير‪ ،‬عالم بـصير‪،‬‬ ‫فـإن كنــت واجـدا ولــو واحـدا فــدلني عليـه‪ ،‬ودعنــي مـن المتكلفــين الـذين يــدعون العلــم‬ ‫‪ ٣٦٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫بجوامعه‪ ،‬وهم يحرفـون الكلـم عـن مواضـعه‪ ،‬لم نجـد‪ ‬مـنهم ميمونـا عـلى ذلـك مأمونـا‪،‬‬ ‫فنتخذه لنا قدوة‪ ،‬ونرضى به لنا أسوة‪ ،‬والمصنفات المذكورة ولو كانت مشهورة فـلا يمكـن‬ ‫تعـاطي ذلـك العلـم منهـا بالنقـل عنهـا؛ إذ لا بـد فيـه مـن مـشاهدة شـيخ يريـك رســومها‪،‬‬ ‫ويكشف مختومها بعد تخلصه مـن رياضـة نفـسه‪ ،‬متفرغـا لتمـرين غـيره بإدراجـه في سـمط‬ ‫المجاهدات‪ ،‬بمعاهـدات تلـك الرياضـات‪ ،‬فإنـه علـم الرياضـة اللـسانية بأحكـام المخـارج‬ ‫الحرفية‪ ،‬بالأنواع الكمالية من عجائب صفاتها على قوانين اختلافاتها أو ائتلافاتها‪ ،‬مع تنـوع‬ ‫مواقعها في مراتب مواضعها بمحكم درجاتها ودقائقها ورقائقها‪ ،‬وما أظنك عارفا بكيفيـة‬ ‫هذا العلم أصلا‪ ،‬وإلا لما استنكرته مما سمعته جهـلا فإنـه علـم غريـب‪ ،‬وبنـاء عجيـب‪ ،‬قـد‬ ‫وجدناه مأثورا‪ ،‬في الكتب مـسطورا‪ ،‬فلـم نـستطع عبـورا في بحـره لبعـد قعـره‪ ،‬ولم نـستعن‬ ‫لتعريفـه مـن الكتـب بتوصــيفه إلا لنتحـدث بـما وجـدنا كــما اسـتفدنا‪ ،‬كقـولهم في مخارجهــا‬ ‫الأصلية حلقية ولهوية وشجرية وأسـلية ولثويـة‪ ‬وذلوقيـة وشـفوية وهوائيـة‪ ،‬أو صـفاتها‬ ‫الضرورية كالجهر والهمس والرخاوة والشدة والمنفتحة والمنخفضة والمـستعلية والمـضمنة‪،‬‬ ‫والمذلقة والصفير والمتفـشية‪ ‬والمـستطيلة والمهتويـة والقلقلـة‪ ،‬أو نعوتهـا الجماليـة الحـسنية‬ ‫الكمالية كالترقيق والتفخيم والإمالة والفتح والتسهيل والتخفيـف‪ ،‬والإخفـاء والقلـب أو‬ ‫جرا في سائرها إلى آخرها بتفاريع وجوهه‪ ،‬على اختلاف‬ ‫الإدغام أو الروم أو الإشمام وهلم َّ‬ ‫أنواعها‪ ،‬بمراعاة الجائز فيها حال وصلها‪ ،‬أو الوقوف على فصلها‪.‬‬ ‫وقد وجدت منها في الوقف على الهمزة من الوجوه المروية لحمزة خمسة وعشرين في‪:‬‬ ‫)هؤلاء(‪ ،‬وسبعة وعشرين في‪) :‬قل أؤنبئكم(‪ ،‬وسـتين وجهـا في قولـه‪) :‬إن أوليـاؤه( فـأين‬ ‫رجال هذا الميدان‪ ،‬وفحول هذه الأفنان‪ ،‬قد ضمتهم الأرماس‪ ،‬وغيبت منهم الناس‪ ،‬وبقينا‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬تجد‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في النسخ المخطوطة‪ :‬لتوثة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت( المنفشية‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٦٧‬‬ ‫من وجود أمثالهم على اليأس‪ ،‬فكان الأولى بنا الرجوع إلى لساننا السليقي‪ ،‬وإنـه بحمـد االله‬ ‫لعربي‪.‬‬ ‫وكان الشيخ قد ظهر له من حال المتكلفين ما حاصله تـشدق بـالكلام‪ ،‬وذلـك بعيـد‬ ‫عن المرام‪ ،‬فلذلك شدد النكير فيه وقال‪ ،‬فكلامـه صـحيح لكـن عـلى تخـصيص معلومـه لا‬ ‫يتناول الكل بعمومه‪ ،‬فلو وجد الخبير به لكان القول باستحسانه منه قـولا فـصلا‪ ،‬ولـصار‬ ‫الرجوع إليه أصلا‪ ،‬وغير ملوم أنت إن ذهب بك العجب إلى كـل مـذهب‪ ،‬فـالمرء عـدو مـا‬ ‫جهل‪ ،‬والسلام‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫بسم االله الرحمن الرحيم‬ ‫الحمد الله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجـا‪ ،‬أنزلـه كتابـا محكـما قـيما‬ ‫ســلما إلى الرشــد ومنهجــا‪ ،‬وأشرق بــالحق لامــع أنــواره فاضــمحلت مــن الباطــل غياهــب‬ ‫الدجى‪ ،‬وحكم بصوارم أحكامه أطماع من كان له في التصدي لمعارضيه مرتجى‪ ،‬وجعل منه‬ ‫لمن تمسك بحبله المتين أوثق عروة وأمنع حصن وملتجا‪.‬‬ ‫أحمده حمدا أرتجي لي به من الذنب مخرجا‪ ،‬وأشكره شكرا ينيلني هـدى منـه وتوفيقـا‬ ‫وفرجا‪.‬‬ ‫وأصلي على نبيه محمد وآله وأصحابه أهل البصائر والحجـى‪ ،‬وأسـلم عليـه وعلـيهم‬ ‫سلاما على حسن الثناء عليهم مدبجا‪.‬‬ ‫أما بعد‪:‬‬ ‫قيما‪.‬‬‫)‪ (١‬في )ت( زيادة‪ :‬ ِّ‬ ‫‪ ٣٦٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫فإن كتاب االله هو النور البهي‪ ،‬والمنهج الـسني‪ ،‬والحبـل القـوي‪ ،‬كلـت الألـسن عـن‬ ‫استكمال صفات كماله‪ ،‬وأذعنت البلغاء بالعجز عن الإتيان بكلمة واحدة من مثاله‪ ،‬فهو لمن‬ ‫تمسك به نور وهدى‪ ،‬ولمن نبذه وراء ظهره نقمة وردى‪.‬‬ ‫ولما كان الأمر كذلك وجب على حفاظه أن يعتنوا بمعانيه وألفاظه‪ ،‬ولا يتمكن مـن‬ ‫ذلك من لا يدري أين موضع الطريق‪ ،‬ومن ألقى بنفسه في البحر المحيط فكم ثم من غريق‪،‬‬ ‫ولما وجدت الناس قد اختلفوا في الجائز من حكمه‪ ،‬بمن اعتنى بتلاوتـه أو رسـمه‪ ،‬سـألت‬ ‫االله أن يتداركني بما أنزل من الهدى في كلامه‪ ،‬فيطلعني على ما لم أهتد إليه من أحكامه‪.‬‬ ‫فعمت متوغلا في تلك اللجج‪ ‬البعيدة‪ ،‬ونظمت ما استخلصته نفسي مـن فرائـدها‬ ‫في‪ ‬ســلك هــذه القــصيدة‪ ،‬وســميتها بـــ»الــدرة النورانيــة‪ ،‬في الأحكــام القرآنيــة« ولم تــزل‬ ‫البواعـث تطــالبني بعــد تكميلهــا‪ ،‬بــأن أشرع في إيــضاح تأويلهــا؛ ليــسهل تناولهــا لطلابهــا‪،‬‬ ‫وليهتدي من رام الدخول إلى بابها‪ ،‬فقمت أحاول إلى ذلك والموانع موجودة‪ ،‬ويد المـساعد‬ ‫على ذلك مفقودة‪ ،‬إلا أن يمدني االله بيد من توفيقه‪ ،‬ونور هدى يرشدني إلى سلوك طريقه‪.‬‬ ‫فأوضح اللهم لعبدك طريق الحق المبين‪ ،‬واهدني اللهم إلى سبيل الرشاد فقد تمسكت‬ ‫بحبلك المتين‪ ،‬متوسلا إليك بكتابك الذي أنزلته‪ ،‬ومتشفعا إليك برسولك الـذي أرسـلته‪،‬‬ ‫أن تمدني بلطيفة هدى من لطائف أنوار تسديدك المبين‪ ،‬فأنت يارب خير‪ ‬هاد ومعين‪.‬‬ ‫وهذا شروع الابتداء في سلوك هذا المنهج القويم بعد التزام الافتتاح بكلمة‪:‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬اللحج‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬من‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬زيادة كل‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٦٩‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫مـــن الـــذكر مـــا فيـــه الهـــدى والتــــذلل‬ ‫لـــــك الحمـــــد يـــــا االله الكـــــريم المنـــــزل‬ ‫بغــــــــيرك يــــــــا محمــــــــود لا يتأهــــــــل‬ ‫تبـــــارك أهـــــل الحمـــــد والحمـــــد كلـــــه‬ ‫إليــــــه كتــــــاب االله بــــــالوحي منــــــزل‬ ‫وأزكـــى صـــلاة مـــع ســـلام عـــلى الـــذي‬ ‫رســـــــول الهـــــــدى المـــــــدثر المتزمـــــــل‬ ‫هــــو المــــصطفى الهــــادي النبــــي محمــــد‬ ‫علــــيهم ســــلام منــــه في النــــشر منــــدل‬ ‫وأصــــــــــــحابه والآل والتــــــــــــابعوهم‬ ‫كتابـــــا لـــــه في الكـــــون شـــــأن مجلـــــل‬ ‫وبعـــــــد فـــــــإن االله أنـــــــزل للهـــــــدى‬ ‫لنــــــور إلى نهــــــج الرشــــــاد موصـــــــل‬ ‫عظــــــــيم بتعظــــــــيم الإلــــــــه وإنــــــــه‬ ‫هـــــو العـــــروة الـــــوثقى فيـــــا متمـــــسكا بــــــه فــــــزت فهــــــو الــــــشافع المتقبــــــل‬ ‫ولم تفـــــن مـــــا في آيـــــه مـــــن عجائـــــب كتـــــــاب عزيـــــــز مـــــــصدق وممحـــــــل‬ ‫مصدق‪ :‬أي ناطق بالصدق فيما جاء به مـن وعـد ووعيـد إلى غـير ذلـك مـن قولـك‪:‬‬ ‫أصدقني فلان إذا وجدت قوله صدقا‪ .‬والممحل‪ :‬القاطع الحجة والأعـذار‪ ،‬واشـتقاقه مـن‬ ‫المحل فإن مخالفه مقطوع الحجة عادمها‪ ،‬أو المهلك فإن مخالفه هالك لا محالـة‪ ،‬ولأن المحـل‬ ‫من المهلكات فلا يقع في الغائب إلا نقمـة‪ ،‬واللفظتـان همـا مـن كـلام النبـي ^ في وصـف‬ ‫القرآن‪.‬‬ ‫تنبـــــه لمـــــا يحييـــــك يـــــا مـــــن يرتـــــل‬ ‫فيـــــــا تاليـــــــا آي الكتـــــــاب مـــــــرتلا‬ ‫وفيــــه الهــــدى مــــن عنــــد ربــــك منــــزل‬ ‫ففيـــــه شـــــفاء للقلـــــوب مـــــن الـــــردى‬ ‫‪‬‬ ‫مــن الــنظم بالإحــسان والحــسن تجمــل‬ ‫ودونــــــك في أحكامــــــه العــــــز تحفــــــة‬ ‫عليهـــــا مـــــن النـــــور الكتـــــابي شـــــارة وحـــــــسن بـــــــديع بـــــــالجمال مكلـــــــل‬ ‫التحفة‪ :‬هي الشيء الغريب المستطرف‪ ،‬وإشارة‪ :‬الحـسن والجـمال والزينـة واللبـاس‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬تحمل‪.‬‬ ‫‪ ٣٧٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الحسن‪ ،‬والنور الكتابي هو‪ ‬نور القرآن العظـيم‪ ،‬ومكلـل‪ :‬أي لابـس إكليـل وهـو شيء في‬ ‫تيجان الملوك‪ ‬كالعصابة مرصع باليواقيت والجواهر الفاخرة‪ ،‬والبديع‪ :‬الذي بلغ النهايـة‬ ‫كأنه مبتدع لم يعهد مثله‪.‬‬ ‫ــــي أبهـــــى وأفـــــضل‬ ‫وســـــميتها بـــــل هـ ّ‬ ‫مــــــن الــــــدر نورانيــــــة إن وصـــــــفتها‬ ‫الدرة‪ :‬اللؤلؤة العظيمة‪.‬‬ ‫والمعنى أن المنظومة المشار إليها إذا وصفتها فهي من الدر‪ ،‬وإن سميتها فهي كذلك؛‬ ‫لأن اســمها »الــدرة النورانيــة« والنورانيــة نــسبة لهــا‪ ‬إلى النــور‪ ،‬أي ذات الأنــوار الكثــيرة‬ ‫والأضواء الهائلة‪ ،‬ثم قال‪ :‬بل هي أبهى أي أكثر بهاء من‪ ‬الدرة التي هي من بعض أحجار‬ ‫البحور‪ ،‬وذلك لأن غاية الدرة إنما هي حجرة ملقاة في لجة البحر‪ ،‬فلا توازن فـضيلة العلـم‬ ‫وأنواره‪ ،‬ولا سيما إن كان ذلك من أنـوار كتـاب االله‪ ‬تعـالى‪ ،‬فـإن ذكـر الـشمس المنـيرة ممـا‬ ‫يصغر مع ذكره‪ ،‬فضلا عن الجواهر الأرضية‪ ،‬فلذلك قال‪ :‬بل هي أبهى وأفـضل‪ ،‬وتـشديد‬ ‫الياء من هي لغة فصيحة‪ ،‬وبل هو حرف للاستدراك‪.‬‬ ‫ولي خــــاطر ينبــــو عــــن الــــشعر مجبــــل‬ ‫فــــلا تتعجــــب حــــين وافتــــك ســـــهلة‬ ‫فمـــن بركـــات الـــذكر أضـــحى جموحهـــا مروضـــــــا لـــــــه إن أدن منـــــــه تـــــــذلل‬ ‫الخاطر‪ :‬هو الذي يخطر بالقلب‪ ،‬وينبو عن الشيء‪ :‬أي يتجافى عنه‪ ،‬ويتباعد‪ ،‬من نبا‬ ‫جنبه عن الفراش إذا لم يطمئن عليه‪ ،‬أو يكل ويجبن من نبا حد السيف إذا كل عن الضريبة‪،‬‬ ‫وأجبل الشاعر‪ :‬إذا انسدت القريحة عليه‪ ،‬وأصله من أجبل الحافر اذا أصاب الجبل‪ ،‬فتوسع‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬الملك‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٧١‬‬ ‫فيه كما في قوله تعالى‪ L o 1 ̧ M :‬أي أمسك‪ ،‬وأصله من إكداء الحافر‪ ،‬وهو‬ ‫أن تلقى كدية وهي صلابة كالصخر فتمنعه عن الحصر الصخر‪ ،‬والجموح‪ :‬الفرس الذي‬ ‫يغلب صاحبه‪ ،‬ورياضته تذليله‪ ،‬راض فهو مهر مروض أي مذلل‪.‬‬ ‫ومعنى البيتين وصف هذه المنظومة بسهولة التركيب‪ ،‬وعذوبة اللفظ‪ ،‬مندمجا في طي‬ ‫الاعتذار من الناظم بالاعتراف بأنه ليس هو من علماء هذا المجال‪ ،‬فـإن الـشعر قـد يتجـافى‬ ‫عنه فلا تخطر به الخواطر على قلبه‪ ،‬فهو عن ذلك مجبل وبه معترف‪.‬‬ ‫وأما اتفـاق هـذه الأبيـات فـإنما هـي لطيفـة وقعـت مـن بركـات الـذكر وهـو القـرآن‬ ‫العظيم‪ ،‬فبواسطة الذكر وبركاته الفائضة عليه تيسر ما صعب عليه‪ ،‬فتسخر له الجموح بعد‬ ‫ما كان عاتيا‪ ،‬وأضحى العسير عنده سهلة متواتيا والحمد الله‪.‬‬ ‫فـــــــإني إلا مـــــــن رجائـــــــك ممحـــــــل‬ ‫فيـــــارب يـــــا رحمـــــن كـــــن لي مـــــسددا‬ ‫وكـــــــن لي معينـــــــا للرشـــــــاد موفقـــــــا فــــــــإني للتوفيــــــــق منــــــــك مؤمــــــــل‬ ‫وإنــــــك لي حــــــسب عليــــــك تــــــوكلي تباركــــت مــــن حــــسب عليــــه التوكــــل‬ ‫بيان في موضع‪ ‬لزوم القراءة وندبها‪ ،‬ومن أفضل الأعمال‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬النجم‪ :‬الآية )‪.(٣٤‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬عانيا‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬زيادة‪ :‬في‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬هذا آخر ما كتبه الشيخ ‪-‬رحمه االله‪ -‬وقد ذكر أنهـا لم تلائمـه‪ ،‬وأنـه قـد تراجـع عنهـا كـما هـو مثبـت في‬ ‫رسالة سابقة‪.‬‬ ‫‪ ٣٧٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٧٣‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ٣٧٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٧٥‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول شيخنا في الحديث المـشهور‪ :‬‬ ‫‪ ‬ ِّبين لنا معناه‪ ،‬واكشف لنا فحواه؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫قيل‪ :‬على سبعة أحرف أي على سبعة في القراءة‪ ،‬ويرده أن ذلك قلما يجتمع في كلمة‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬على سبع لغات‪ :‬بلغة قريش وتميم‪ ،‬وعدوها كذلك‪ ،‬وهي متفرقـة في القـراءة‬ ‫فيها في القرآن كله‪ ،‬وإن لم تجتمع كلها في كلمة بعينها فهي كذلك‪ ،‬وسـياق الحـديث أقـرب‬ ‫إلى الدلالة على هذا المعنى؛ لأنه ورد بعد تنازع بعض الصحابة في القراءة فقـال‪ :‬‬ ‫‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬على سـبعة أقـسام‪ :‬أمـر ونهـي‪ ،‬ووعـد ووعيـد‪ ،‬وناسـخ ومنـسوخ‪ ،‬وقـصص‬ ‫وأمثال‪ ،‬وهما القسم السابع وهذا أبعدها‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫وجدنا رواية في الأثر الصحيح‪ ،‬وهي‪ :‬‬ ‫‪ ‬ما صفة هذا الإخلاص؟‬ ‫)‪ (١‬أخرجه البخاري في كتاب‪ :‬فضائل القرآن‪ ،‬باب‪ :‬أنزل القرآن عـلى سـبعة أحـرف )‪ ،(٤٩٩٢‬ومـسلم‬ ‫في كتاب‪ :‬صلاة المسافرين‪ ،‬بـاب‪ :‬بيـان أن القـرآن أنـزل عـلى سـبعة أحـرف )‪ ،(١٨٩٦‬والنـسائي في‬ ‫كتاب‪ :‬الافتتاح‪ ،‬باب‪ :‬جامع ما جاء في القرآن )‪ (٩٣٧‬من طريق عمر بن الخطاب ‪-‬رضي االله عنه‪.‬‬ ‫وأخرجه الإمام الربيع في باب‪ :‬ذكر القرآن )‪ (١٤‬من طريق أبي عبيدة قال‪ :‬بلغني أن عمر بـن الخطـاب‪...‬‬ ‫ثم أورده كما في رواية مسلم‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سبق تخريجه‪.‬‬ ‫‪ ٣٧٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫من أخلص الله تعالى دينه وإيمانه وجسمه وفؤاده وسره ولسانه فجر االله ينابيع الحكمة‬ ‫من قلبه على لسانه بفضله وكرمه ‪-‬إن شاء االله تعـالى‪ ،-‬وهـذا لا يكـون إلا بـالتجرد التـام‪،‬‬ ‫والانقطــاع عــن العلائــق‪ ،‬والتبتــل إلى االله تعــالى بتــصفية القلــب عــن جميــع الــشوائب‬ ‫والكدورات‪ ،‬وإلزامه دوام الحضور مع االله تعالى‪ ،‬حتى تتجلى عليه لوامع الأنوار الإلهية من‬ ‫الحضرات القدسية بالتجلي عن‪ ‬وجوده إلى حضرة شهوده‪.‬‬ ‫فإذا ثبت على ذلك فهو المشار إليه هنالك؛ لأنه الذي تتفجر‪ ‬ينابيع الحكمة من قلبه‬ ‫على لسانه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول‪ :‬شيخنا في الرواية عن أهل العلم‪ :‬‬ ‫تفضل ِّبين لنـا هـذه الحكمـة‪ ،‬وهـذا الإخـلاص‬ ‫‪ ‬؟ َّ‬ ‫مأجورا‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قيل في هذا‪ :‬من أخلص الله قلبه أربعين يوما لم يشتغل فيهـا بغـير االله‪ ،‬متخليـا بـذكره‬ ‫وتقواه‪ ،‬ملازما لحضور قلبه مع االله‪ ،‬فإن االله يفيض عليه من أنـوار علمـه وحكمتـه بواسـع‬ ‫رحمته ينابيع حكمته في جنانه‪ ،‬يظهرها على لسانه‪ ،‬واالله يقول الحق وهو يهدي السبيل‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما معنى قوله ^ لعائشة رضي االله عنها‪ :‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬على‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬زيادة‪ :‬منه‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سبق تخريجه‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٧٧‬‬ ‫‪ ‬ ِّبين لنا قدوتنا هذه الرواية بتمامها؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫الحديث فيه عشرة أحاديث‪ ،‬وهو طويل موجود في »تيسير الأصول«‪ ،‬غير أنـه غـير‬ ‫حاضر عندنا بسمايل‪ ،‬بل هو في بوشر وعسى أن نكتبه لك إذا كنا هناك‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول شيخنا في الحديث المشهور ‪‬‬ ‫‪ ‬ما معنى هذه المحبة التي تقع في قلب المؤمن له ^؟‬ ‫أهي قبول ما جاء به‪ ،‬وطاعته له في الأوامر والمناهي‪ ،‬وتقليده في الدين كمحبته لربه أم هي‬ ‫شيء غير هذا؟‬ ‫ثم ما معنى هذا الإيمان المنفي عمن لم يتصف بتلك الصفة في النبي ^‪ ،‬أهو الإيـمان‬ ‫فصل لنا مجمل هذا الحديث مأجورا‪.‬‬ ‫تفضل ِّ‬ ‫مطلقا‪ ،‬أم نوع من أنواعه‪ ،‬أم ماذا؟ َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫نحمد االله تعالى ثم نقول‪ :‬إن محبة النبي ^ هي محبة االله تعالى‪ ،‬وقد ثبت في مثل هذا‬ ‫في نص القرآن‪ ،‬قال االله تعالى‪RQ P O N M L K M :‬‬ ‫)‪ (١‬أخرجه البخـاري في كتـاب‪ :‬النكـاح‪ ،‬بـاب‪ :‬سـن المعـاشرة مـع الأهـل )‪ ،(٥١٨٩‬ومـسلم في كتـاب‪:‬‬ ‫فضائل الصحابة‪ ،‬باب‪ :‬ذكر حديث أم زرع )‪ (٦٢٥٥‬من طريق السيدة عائـشة دون ذكـر الاسـتثناء‬ ‫الأخير وجاء الاستثناء بلا سند عند الديلمي في الفردوس )‪ (١/٣٣٢‬بلفـظ» إلا أن أبـا زرع يطلـق‬ ‫وأنا لا أطلق«‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرجه البخاري في كتاب‪ :‬الإيمان‪ ،‬باب‪ :‬حب الرسول ^ من الإيمان )‪ (١٥‬مـن طريـق أبي هريـرة‪.‬‬ ‫وأخرجه مـسلم في كتـاب‪ :‬الإيـمان‪ ،‬بـاب‪ :‬وجـوب محبـة الرسـول ^ )‪ (١٦٦‬مـن طريـق أنـس بـن‬ ‫مالك‪.‬‬ ‫‪ ٣٧٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪]\[ZYXWVUTS‬‬ ‫^ _ ` ‪k j i h gf e d c b a‬‬ ‫‪ Ll‬فدل على أنه لا يتم إيمان العبد إلا بأن يكون االله ورسوله أحب إليه من‬ ‫الآباء والأبناء والأزواج والأموال‪ ،‬وإلا فلا سلامة ولا إيمان‪ ،‬ولهذا كمل الآية‪ ‬بالوعيد‬ ‫بقوله‪ Lf e d c b M :‬ثم سجل عليهم باسم الفسوق ‪j i hM‬‬ ‫‪.Llk‬‬ ‫ونتيجة هذا الإيمان‪ ‬وميزانه بأن يبتلى في أحد من هؤلاء المذكورين بـما يوجـب فيـه‬ ‫حدا الله أو حكما أو ولاية أو براءة‪ ،‬فإن أبغضه الله‪ ،‬وأحبه الله‪ ،‬وعـاداه في االله‪ ،‬ووالاه في االله‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وبذل الحكم الله‪ ،‬فقد صار االله ورسوله أحب إليه منه‪ ،‬وإن كانـت الأخـرى فهـو بعـده مـن‬ ‫الإيمان أحرى‪.‬‬ ‫قال االله تعالى‪,+* ) (' & % $# " ! M :‬‬ ‫‪ L5 4 3 2 1 0 / . -‬فإذا عادوا الآباء والأبناء‬ ‫والإخوان والعشائر في دين االله فهي محبة االله ورسوله‪ ،‬وقد وضح بذلك أن المؤمن ]إذا‬ ‫بلغ[‪ ‬هذه المنزلة فقد صار رسول االله أحب إليه من الأهل والمال والأولاد؛ لأنه آثر حب‬ ‫االله وحب الرسول ^ على محبة نفسه‪ ،‬وقدم مرضات االله تعالى ورسوله على أهله وماله‬ ‫وولده‪ ،‬فهو في كل ذلك تابع للنبي‪ ^‬ومحب له ومصدق بما جاء به‪ ،‬وتابع لأمره‪ ،‬ومطيع‬ ‫)‪ (١‬التوبة‪ :‬الآية )‪.(٢٤‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬كملها‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬في الإيمان‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬المجادلة‪ :‬الآية )‪.(٢٢‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬من إذا بلغ‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬النبي‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٧٩‬‬ ‫لقوله‪.‬‬ ‫]وهذه هي[‪ ‬محبة الرسول ^ وكمالها كمال الإيـمان‪ ،‬ونقـصها نقـص الإيـمان‪ ،‬وبـه‬ ‫يعرف أن الإيمان المنفي عمن لم‪ ‬يتصف بذلك إنما هو الكامل‪ ،‬فهو النافع عنـد االله تعـالى‪،‬‬ ‫هذا ومن تأمل في مرضات االله تعالى وواجبات دينه وجدها كلها من هذا الباب‪.‬‬ ‫فالعبد يترك طعامه وشرابه في الصيام‪ ،‬ومنامـه في القيـام‪ ،‬حبـا الله ولرسـوله‪ ،‬ويبـذل‬ ‫حبـا الله ورسـوله‪ ،‬ويخـرج عـن أهلـه وأولاده وأموالـه‬ ‫ماله في الصدقات والزكاة والإطعام ً‬ ‫ووطنــه في الحــج والجهــاد حبــا الله ولرســوله ^‪ ،‬ويــترك كثــيرا مــن شــهواته في حلاله ـا أو‬ ‫حرامها‪ ‬حبا الله ولرسوله ^‪ ،‬ويعتق الرقاب حبا الله ولرسوله‪ ،‬ولـولا أن حـب الرسـول‬ ‫الذي هو نتيجة من حب االله تعالى متمكن في قلبه ومسوط بلحمه ودمه‪ ،‬وغالب على قلبه‪،‬‬ ‫ومتملــك لــوداده‪ ،‬لمــا فــارق الأهــل والأولاد مــن الإخــوان والعــشائر‪ ،‬وبــذل الأمــوال‪،‬‬ ‫وتكلف‪ ‬المشاق لوجه االله تعالى‪ ،‬ولولا ذلك لما عف عن أحب نسائه أو جواريه أو أمواله‬ ‫بكلمة تحرمها عليه ربما لا يطلع الخلق عليها البتة‪ ،‬فلا يرضى مؤمن أن يكون لها سـاترا‪ ،‬أو‬ ‫عليها مداهنا‪ ،‬ولو كان ذلك في نفسه أن خروجـه مـن يـده قريـب مـن خـروج الـروح مـن‬ ‫جسده‪.‬‬ ‫فلا يرضى مؤمن إلا أن يكون مقدما لحب االله في امتثال أمـره عـلى حـب نفـسه‪ ،‬غـير‬ ‫مؤثر‪ ‬لهواه‪ ،‬ولا متعال في ذلك بشيء يدفعه عنه إذا لم يكن له مخـرج في ديـن االله تعـالى إلا‬ ‫بفعله‪ ،‬فيبذل ولده للقصاص أو القود‪ ،‬وزوجته للطلاق أو التحريم‪ ،‬وأمواله للخلاص‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬هي هذه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬وحرامها‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬مكلف‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬مؤمن‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬يفعله‪.‬‬ ‫‪ ٣٨٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫من الضمانات والمظالم ودفعها في الحقوق ولو كان قادرا عـلى منـع ذلـك كلـه‪ ،‬فـإن محبتـه الله‬ ‫ولرسوله محمد ^ غالبة على قلبه متمكنة من لبه‪ ،‬حتى يخرجه عن أهله وأولاده‪ ،‬وإخوانه‬ ‫وعشيرته‪ ،‬وأمواله كلها‪ ،‬بل قد تغلب عليه إذا ابتلي بما زاد على ذلك‪ ،‬حتى يبذل نفسه التي‬ ‫لا عوض لها ولا ثمن‪ ،‬ولا محبوب سواها إلا محبة االله تعالى ورسوله‪ ،‬فلم يرض بدونه‪ ،‬ولا‬ ‫يتم له الإيمان إلا ببذلها‪ ،‬ولا يكون من المؤمن إلا محبة إيثار االله ورسوله على نفـسه‪ ،‬فيبـذلها‬ ‫طوعا في الجهاد‪ ،‬وتارة في القصاص إن بلي به‪ ،‬وناهيك بهذا عما زاد عليه لمن فهم‪ ،‬فهـذا مـا‬ ‫حضرني فيه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫وبـين لنـا معنـاه‬ ‫فسر لنا هذا الحـديث‪ ،  :‬ ِّ‬ ‫‪‬‬ ‫تفضل ِّ‬ ‫شيخنا َّ‬ ‫مأجورا‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قد قيل في الصبر إنه على أنواعه ثلاثة أقسام‪ :‬صبر على الطاعة‪ ،‬وصبر عـن المعـصية‪،‬‬ ‫وصبر على المصائب ولا رابع لها‪ ،‬فإذا كانت أعمال الطاعات كلها محتاجـة إلى الـصبر عليهـا‬ ‫بمعنى‪ ‬أنها لا تأتي]لمن لا يصبر[‪ ‬على القيام بها‪ ‬وذلك في كل شيء من طهارة أو صلاة‬ ‫)‪ (١‬أخرجه تمام في »فوائده« كما في ترتيبه»الروض البسام« في كتاب‪ :‬الإيمان‪ ،‬باب‪ :‬اليقين )‪ (١٥‬عن عبد‬ ‫االله بن مسعود عن النبي ^ قال‪» :‬الـصبر نـصف الإيـمان‪ ،‬واليقـين الإيـمان كلـه«‪ .‬قـال الحـافظ ابـن‬ ‫حجــر في الفــتح ‪ :٤٨/١‬لا يثبــت رفعــه‪ .‬وقــال المنــاوي في التيــسير ‪ :١٠٢/٢‬إســناده ضــعيف‪،‬‬ ‫والمحفوظ موقوف‪ .‬اهـ‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬يعني‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬لمن لا صبر‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٨١‬‬ ‫أو صوم أو صدقة أو نسك من حج أو عمرة أو نذر أو اعتكاف أو أمر بمعروف أو نهي عن‬ ‫منكر أو جهاد أو ما كان من المعاملات المباحة من تزويج أو بيع أو شراء أو إجارة أو قضاء‬ ‫إلى غير ذلك من أنواع المعاملات البشرية والأمور الدينية فكلهـا لا تكـون إلا بالـصبر عـلى‬ ‫اتباع الحق فيها‪ ،‬والانتهاء عن باطلهـا‪ ،‬وكـذلك جميـع المنـاهي مـن المحرمـات والفـواحش‬ ‫والمعاصي مطلقا لا سبيل إلى اجتنابها إلا باستعمال الصبر عنها‪ ،‬كما أنه لا سـبيل إلى موافقـة‬ ‫مرضات االله في جميع ما يجري‪ ‬بضروب القضاء والقدر من الأوامـر الإلهيـة إلا باسـتعمال‬ ‫الصبر عليها‪ ،‬والثبوت عند مواقعه على سبيل الاستسلام لأمر االله‪ ،‬والتفويض الله‪ ،‬والرضا‬ ‫بقضاء االله‪.‬‬ ‫فإذا اعتبرت هذا علمت به سريان هذه الخصلة التي هي الصبر في جميع الأشياء‬ ‫‪‬‬ ‫الدينية والدنياوية مطلقا‪ ،‬فيجوز هذا‪ ‬الاعتبار أن يقال‪ :‬إن الإيمان صبر كله‪ ،‬أو الصبر‬ ‫هو الإيمان كله‪ ،‬لكن الشارع اعتبر معنى آخر أدق منه وهو أن كل شيء من الطاعات‬ ‫حصل من نتيجة هذا الصبر فقد وجب عليه الشكر مطلقا‪ ،‬فالشكر‪ ‬فريضة فيه‪] ،‬كما أن‬ ‫الصبر فريضة فيه[‪ ‬فهما متلازمان لا ينفك أحدهما‪ ‬عن الآخر على حال‪ ،‬فعبر عن الصبر‬ ‫بنصف الإيمان‪ ،‬وكأنما جعل الشكر نصفه الثاني‪ ،‬فقد كمل الإيمان كله‪ ،‬لهما ويجوز في توجيه‬ ‫آخر أن يقال‪ :‬إن الشكر كله هو الإيمان‪ ،‬على نحو ما قدمنا من الاعتبار في الصبر‪ ،‬بل هو‬ ‫الظاهر بدليل قوله تعالى ‪.LËÊÉÈÇÆÅM‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬تجري‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬كذا بالأصل ولعل هناك سقطا تقديره‪ :‬على هذا‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬والصبر‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬أحدهم‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬الإنسان‪ :‬الآية )‪.(٣‬‬ ‫‪ ٣٨٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وليس بين هذه الاعتبارات مناقضة‪ ،‬ولا مضاددة‪ ،‬فكلهـا تـسقى مـن مـاء واحـد‪،‬‬ ‫ونفــضل بعــضها عــلى بعــض في المعــاني الاعتباريــة بموافقــة الأحاديــث النبويــة‪ ،‬والآيــات‬ ‫القرآنية‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫سئل عن معنى ما روي في الحديث عن النبـي ^‪ :‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬وزيد‪ ‬في بعض الروايات فقيـل‪ :‬‬ ‫‪‬إلى آخره‪ ،‬قيـل‪ :‬فهـل‬ ‫يصح هذا وما وجهه‪ ،‬وهل يجوز الدعاء به؟‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬متناقضة‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرجه الإمام الربيع في كتاب‪ :‬الطهارة‪ ،‬باب‪ :‬ما يجب منه الوضوء )‪ (١١٠‬بلفظ‪ :‬عـن عائـشة رضي‬ ‫االله عنها قالت‪» :‬فقدت رسول االله ^ ذات ليلة فوجدتـه يـصلي فطلبتـه فوقعـت يـدي عـلى أخمـص‬ ‫رجليه وهما منصوبتان وهو يقـول‪» :‬أعـوذ بعفـوك مـن عقابـك وبرضـاك مـن سـخطك«‪ ،‬وأخرجـه‬ ‫مسلم في كتاب‪ :‬الصلاة‪ ،‬باب‪ :‬ما يقال في الركوع والسجود )‪ (١٠٩٠‬وأخرجه أبـو داود في كتـاب‪:‬‬ ‫الصلاة‪ ،‬باب‪ :‬في الدعاء في الركوع والسجود )‪ ،(٨٧٩‬وأخرجه النسائي في كتـاب‪ :‬الطهـارة بـاب‪:‬‬ ‫الوضوء من مس الرجل امرأته من غير شهوة )‪ (١٦٩‬وأخرجه ابن ماجه في كتـاب‪ :‬الـدعاء‪ ،‬بـاب‪:‬‬ ‫ما تعوذ منه رسـول االله ^ )‪ (٣٨٤١‬جمـيعهم مـن طريـق عائـشة بلفـظ‪ :‬عـن عائـشة رضي االله عنهـا‬ ‫قالت‪» :‬فقدت النبي ^ ذات ليلة‪ ،‬فجعلت أطلبه بيدي فوقعت يـدي عـلى قدميـه وهمـا منـصوبتان‬ ‫وهو ساجد يقول‪ :‬أعوذ برضاك من سخطك‪ ،‬وبمعافاتك من عقوبتك‪ ،‬وأعوذ بك منك لا أحـصي‬ ‫ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك«‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬ويزيد‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٨٣‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن مــا روي عــن النبــي ^ ولم يــصح في العــدل باطلــه فــلا يجــوز القطــع بأنــه لــيس‬ ‫عنه‪ ،^‬ولو كان الراوي أو الرافع له من أهل الخلاف في دينه؛ لأنه من تكلـف الغيـب‪،‬‬ ‫وذلك مما لا يجوز على حال‪ ،‬هذا مع ما به من تكلف الخطر؛ لأن من رد حديثه ^ بعد مـا‬ ‫رفع إليه فسمعه وفهمه َفإِ ْن رده من دون تأويل فهو كافر‪ ،‬وقيـل‪ :‬مـشرك‪ ،‬وإن رده بتأويـل‬ ‫فهو كافر نعمة بلا خلاف نعلمه بين المسلمين‪ ،‬وإن لم يرده ولكن لم تقم الحجة به عليه وهو‬ ‫مما يسع جهله‪ ،‬فهذا سالم إن اعتقد في الجملة قبول كل ما كان عن النبي ^ واعتقد في هذا‬ ‫بعينه‪.‬‬ ‫كذلك إن كان عنه ^ وهو الأولى به إن هدي إليه‪ ،‬وكما لا يجوز القطع بالغيب على‬ ‫إثباته عنه ^ من دون ما صحة شهرة توجب العلم به من التواتر‪ ،‬إلا على معنـى مـا يجـوز‬ ‫من نسبة الحق إليه ^ بعد عرضه على كتاب االله تعالى‪ ،‬فإن وافقه فهو عنه ومنـه‪ ،‬قالـه أو لم‬ ‫يقله‪ ،‬كما صح في الحديث المشهور عنه ^‪ ،‬وكذا إن صح باطله بعـد عرضـه عـلى كتـاب‬ ‫االله وجب رده والجزم بأنه ليس منه ولا عنه ^ ؛ إذ لا يجوز أن يقول بالباطل‪ ،‬يشهد بذلك‬ ‫كتاب االله تعالى وسنة رسوله وإجماع الأمة‪.‬‬ ‫وإذا اعتبرنا هذا الحـديث المـذكور رأينـاه لا يخـرج مـن العـدل‪ ،‬فنـستجيز‪ ‬بهـذا أن‬ ‫ننسب ما به من العـدل والحـق إلى رسـول االله ^ وإن لم يـصح معنـا بـشهرة تـواتر أو سـند‬ ‫متصل‪ ،‬وإن جميع ألفاظ هذا الحـديث ومعانيـه ظـاهرة‪ ،‬وإنـما يتـصور البحـث عنـه في كلـه‬ ‫معنيين فنأتي بهما إن شاء االله تعالى في مسألتين‪:‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬منه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرج الإمام الربيع في مسنده باب‪ :‬في الأمة أمة محمد ^ )‪ (٤٠‬مـن طريـق أبي عبيـدة عـن جـابر بـن‬ ‫زيد عن ابن عباس عن النبي ^ قال‪» :‬إنكم ستختلفون من بعدي فما جاءكم عنـي فاعرضـوه عـلى‬ ‫كتاب االله فما وافقه فعني وما خالفه فليس عني«‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬فستجيز‪.‬‬ ‫‪ ٣٨٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫المسألة الأولى‪:‬‬ ‫في قولـه‪ :‬‬ ‫‪ ‬فما وجه هذه الاستعاذة بالرضا والعفو والمعافاة‪ ،‬وهي من الـصفات والأفعـال‪،‬‬ ‫وكيف جاز العدول عن الاستعاذة باالله تعالى إلى الاستعاذة بالرضـا والعفـو والمعافـاة‪ ،‬ومـا‬ ‫وجه ذلك إن قال قائل بجوازه؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫إنــه جــرى‪ ‬في مثــل هــذا الــدعاء عــلى مــا علي ـه عــادة العــرب مــن الإتيــان بمعــاني‬ ‫الاستعاذة والتخييل إذا قصدوا معنى المبالغة في القول جزالة أو لطفا‪ ،‬وإنه لمن أعظم شعب‬ ‫البلاغة‪ ،‬وأوسع مناهج الفصاحة‪ ،‬فإنه جعل الصفة أو الفعل كالشيء القائم بذاته‪ ،‬تفخـيما‬ ‫وتلطفا في الخطاب‪ ،‬وتأنقا في العبارة‪ ،‬واستمدادا للفيض بذكرها‪ ،‬وإن لم تكن هي المقصودة‬ ‫بالأصالة‪ ،‬ولا المرادة بالتحقيق‪ ،‬وإنما المراد والمقصود بذلك نفس الموصوف بتلك الصفة لا‬ ‫غير‪.‬‬ ‫ومثل ذلك شائع‪ ‬في كلام العرب‪ ،‬مطرد في أساليب كلامهم‪ ،‬مشهور في أعاجيـب‬ ‫نظامهم‪ ،‬لا يكاد يخلو منه شعر فصيح من بلغـائهم‪ ،‬ولا نثـر بليـغ مـن فـصائحهم كـما قـال‬ ‫الشاعر‪:‬‬ ‫فـــــــمالي إلى معـــــــن ســـــــواك رســـــــول‬ ‫ـــا بحــــاجتي‬ ‫أيــــا جــــود معــــن نــــاج معنـ ً‬ ‫ألا تراه كيف جعل جود معن كالشيء السامع للخطـاب‪ ،‬ثـم سـأله أن يـشفع لـه إلى‬ ‫معن‪ ،‬ثم زعم أنه رسول إليه‪ ،‬وأن لا رسول له سواه‪ ،‬والجود صفة مـن صـفات البـشر‪ ،‬لا‬ ‫تــصلح لــشيء مــن الخطــاب‪ ،‬ولا تقــدر لــه‪ ‬عــلى رد الجــواب‪ ،‬وإنــما جــاء بهــا عــلى معنــى‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬حري‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬سائغ‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٨٥‬‬ ‫التخييل‪ ‬والتصور بأن أنزلها في منزلة من شأنه أن يفعل ذلك لإرادة التعظيم لها والتفخيم؛‬ ‫لأن تعظيمها هو نفس التعظيم لمعن من حيث نعته بجود تلك صفته‪ ،‬وليس الحقيقة إلا أنه‬ ‫يخاطب معنا بعبارة تضمنت الثناء عليه بوصفه بجود لا يكاد تدرك صفته بغير هذه العبارة‪.‬‬ ‫فلو‪ ‬قال‪ :‬يا معن يا ذا الجود العظيم الذي لا يحصى ولا يحصر لم يكن به من نظريـة‬ ‫المديح وغرابة المعنى وشدة الاختصار وهزة الـنفس لـه مـا يقـرب مـن‪ ‬هـذا أو‪ ‬يدانيـه‪،‬‬ ‫ولكن لا يشرف على بحر البلاغة إلا من أمده االله بذوق سليم‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫وكم عـلى أمثـال هـذه المعـاني قـد تتنـافح‪ ‬الأدبـاء وتتنـافس الخطبـاء‪ ،‬ومـا زالـوا‬ ‫يتألقون‪ ‬في ذلك ويتدققون فيه‪ ،‬حتى جردوا من نفس الكرم كرما‪ ،‬وجعلوا للشعر شعرا‪،‬‬ ‫وقد افتخرت بذلك شـداتهم‪ ،‬وتغنـت بـه حـداتهم‪ ،‬وكفـى لهـم‪ ‬فخـرا بـأن ورد بلـسانهم‬ ‫العذب كتاب الرب جل ثناؤه‪ ،‬فتكلم في العبارة عن نفسه لمعاني الاسـتعارة بالوجـه واليـد‬ ‫والعين ونحوها‪ ،‬وإنه المنزه‪ ‬عن ذلك بإجماع الموحدين خلافا للمشبهة المبطلين‪.‬‬ ‫وإذا عرفت هذا فاعلم أنه ليس المراد من ذلك إلا نفس الاستعاذة بـاالله تعـالى‪ ،‬وإنـما‬ ‫ذكر الرضا والعفو والعافية‪ ،‬فأسند الاستعاذة إليهن على نحو ما قلناه من ذكر الشاعر لجود‬ ‫معن‪ ،‬وإسناد الرسالة إليه بتلك الطريق المعهودة من بـاب الاسـتعارة والتخييـل‪ ،‬وفي هـذا‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬التخيل‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت( زيادة‪ :‬قيل‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬تتنافج‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬وما يزالون‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )م(‪ :‬يتأنقون‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬في )ت(‪ :‬بهم‪.‬‬ ‫)‪ (٩‬في )ت(‪ :‬لمنزه‪.‬‬ ‫‪ ٣٨٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫غاية التلطف‪ ‬بذكر الرضا والعفو والمعافاة‪ ،‬وجريا على ما هو المعهود في أدب الدعاء عند‬ ‫أهل الفهم عن االله تعالى بنور الكشف حتى حق اليقين في إعطاء‪ ‬كـل مقـام مـن مقامـات‬ ‫الذكر ما يختص به من الأذكار المناسبة للأغراض‪ ،‬كما يدعو الخائف باسـمه تعـالى‪ :‬المـؤمن‬ ‫المهيمن‪ ‬الرحمن الرحيم ونحوهن‪ ،‬فكذلك في هذا لما كان المحذور هـو الـسخط والنقمـة‬ ‫والعقوبة قابله بالرضا والعفو وهما من الصفات‪ ،‬والمعافاة من الأفعال‪.‬‬ ‫وهذا التقابل هو من البديع المـسمى في عـرف أهـل البيـان بالمقابلـة‪ ،‬ومـن فهـم هـذا‬ ‫الأصل العظيم الجدوى‪ ،‬الكبير الخطر‪ ،‬ونظر إليه بحدقة البصيرة لا بجفن التقليد اقتدر به‬ ‫على تأويل‪ ‬كثير من مشتبهات الآي والأحاديث والآثار‪ ،‬ولم يشكل عليه ما ورد في أدعية‬ ‫المسلمين من سلامهم على النبي ^ بعد وفاته‪ ،‬وتطـوفهم بالبيـت الحـرام وعرصـاته‪ ،‬فإنـه‬ ‫بالحق إنما يرجع في الأصل إلى معنى فرد‪ ،‬فإنها إنما تسقى بماء واحد‪.‬‬ ‫ولكن فأين المنصف الناظر في هذه المعاني وأمثالها‪ ،‬حتى يطلع عـلى دقائقهـا مـع دقـة‬ ‫حقائقهـا‪ ،‬فكيـف يـلام عـلى هـذا محمـد بـن عبـدالوهاب‪ ‬إن‪ ‬غربـت عليـه مثـل هــذه‬ ‫الغرائب فلم يهتد إلى ما وراء ظاهرهـا مـن العجائـب حتـى أبطـل بزعمـه زيـارة قـبره ^‪،‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت( زيادة‪ :‬بل‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬اعطاك‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬تأول‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬دقائقها‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي‪ ،‬من أئمة الحنابلة المتأخرين‪ ،‬ولد سـنة ‪١١١٥‬هــ‪،‬‬ ‫درس على يدي أبيه أول أمره‪ ،‬تآزر مع آل سعود عند تأسيس الدولة السعودية الأولى‪ ،‬لـه مؤلفـات‬ ‫عدة من أشهرها اختصاره لزاد المعاد لابن القيم‪ ،‬توفي عام ‪١٢٠٦‬هـ‪ .‬ينظر‪ :‬علماء نجـد خـلال سـتة‬ ‫قرون ‪ ،٦٠٥/٢‬عنوان المجد في تاريخ نجد ‪.٣٨/١‬‬ ‫)‪ (٧‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٨٧‬‬ ‫والتسليم عليه‪ ،‬والتشفع بـه لـدعواه أن ذلـك خطـاب للأمـوات‪ ‬وهـو شرك لا يـصح في‬ ‫قوله‪.‬‬ ‫وإن هذا القائل لمقصور النظر على ظواهر الأمور‪ ،‬لا ينظر إلى ما ورائها لعدم النـور‪،‬‬ ‫فقد تعاطى من القول في االله أكبر وأدهى من ذلك وأكثر وأمر‪ ،‬إن‪ ‬لم يكن عنده من العلم‬ ‫ما يخرج به عن دائرة التشبيه والتجسيم‪ ،‬فأثبته شخصا مرئيا في الآخرة‪ ،‬ذا وجه ويد وعين‪،‬‬ ‫‪‬‬ ‫فأنى له‪ ‬بالقدرة على تمييز مثل هذه الألفاظ والمعاني فيعرف ما المراد بها‪ ،‬ومن أين مأخذ‬ ‫وجوهها؟!‬ ‫ولهذا فترى‪ ‬أكثر العوام ممن تقرب‪ ‬طبقته في الأفهام يلتبس الأمر عليهم بتلبـيس‬ ‫ذلك الخسيس‪ ،‬حتى أنهم ليكادون يشكون في المجتمع عليه من جواز زيارته ^ والـسلام‬ ‫عليه والتشفع به‪ ،‬وهذا ما لا شك في جوازه‪ ،‬وقد صح عنه ^ بأنه زار القبور وسلم عـلى‬ ‫أهلها‪ ‬وقال‪  :‬وقد اجتمعت الأمة على ذلك‪ ،‬فخلاف‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬الأموات‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬كذا في الأصل ولعلها‪ :‬إذ‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬يأخذ‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬يأخذ‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬يقرب‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬أخــرج مــسلم في كتــاب‪ :‬الجنــائز‪ ،‬بــاب‪ :‬مــا يقــال عنــد دخــول القبــور والــدعاء لأهلهــا )‪،(٢٢٥٤‬‬ ‫والنسائي في كتاب‪ :‬الجنائز‪ ،‬بـاب‪ :‬الأمـر بالاسـتغفار للمـؤمنين )‪ (٢٠٣٨‬عـن عائـشة قالـت‪ :‬كـان‬ ‫رسول االله ^ كلما كانت ليلتها من رسول االله ^ يخـرج في آخـر الليـل إلى البقيـع فيقـول‪» :‬الـسلام‬ ‫عليكم دار قوم مؤمنين‪ ،‬وإنا وإياكم متواعـدون غـدا أو مواكلـون‪ ،‬وإنـا إن شـاء االله بكـم لاحقـون‪،‬‬ ‫اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد«‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬أخرج الدارقطني )‪ (٢٦٦٧‬والبيهقـي )‪ (٢٤٦/٥‬مـن طريـق حفـص بـن أبي داود عـن ليـث بـن أبي‬ ‫سليم عن مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول االله ^ »من حج فزار قبري بعد وفاتي فكـأنما زارني في‬ ‫‪ ٣٨٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫المخالف دينا ليس بشيء‪ ،‬وتوجيهه‪ :‬أما من حيث اللغة فالشائع في لسان العرب تحية المنازل‬ ‫والديار وتعظيما لساكنيها كما قال‪:‬‬ ‫حي من أجل أهلهن الديارا وابك هندا لا النوى والحجارا‬ ‫ولم يكن المراد من ذلك نفس خطاب الأحجار‪ ،‬ولا تحيـة الميـاه ولا الأشـجار‪ ،‬وإنـما‬ ‫هو‪ ‬لمعنى أدق من ذلك وأغرب‪ ،‬وما ذلك إلا نفس إظهار العناية بموافقة المحبوب فيمن‬ ‫يحب فيحبه لمحبته‪ ،‬ويعظمه بتعظيمه‪ ،‬وإيراد الخطاب له‪ ‬بالتحية على سبيل التلطـف مـن‬ ‫باب الاستعارة التخييلية كما قدمناه‪ ،‬وقد صرح بهذا المعنى من قال شعرا‪:‬‬ ‫أقبـــــــــل ذا الجـــــــــدار وذا الجـــــــــدارا‬ ‫أمـــــــر عـــــــلى الـــــــديار ديـــــــار لـــــــيلى‬ ‫ولكـــــن حـــــب مـــــن ســـــكن الـــــديارا‬ ‫ومـــــا حـــــب الـــــديار شـــــغفن قلبـــــي‬ ‫ولو‪ ‬لم يكن في زيارته ^ ولا في السلام عليه معنى غير هـذا لكفـى وجـاز‪ ،‬وكـان‬ ‫التعظيم له من نفس تعظيم االله تعالى سبحانه‪.‬‬ ‫فليت شعري أي شرك في هذا‪ ،‬وأي كفر به؟! إن هو إلا نوع حق في نفسه‪ ،‬شائع لمن‬ ‫أتاه على وجهه‪ ،‬ولكن دقت مبانيه ورقت معانيه‪ ،‬فغرق في بحره من قنع بمذاقه بقشره‪.‬‬ ‫فهذا وأما من حيث الشريعة فشاهده الحديث كما قلناه‪ ،‬والإجماع كما أصلناه‪ ،‬وكفى‬ ‫بهما عن المزيد لمن كان ذا عقل من العبيد‪ ،‬وقد اطرد بنا القول في هذه المسألة إلى أن خرجنـا‬ ‫عن المقصود‪ ،‬فلنرجع إليه إن شاء االله تعالى فاستمع‪.‬‬ ‫حياتي«‪ ،‬وأخرج الدارقطني أيضا )‪ (٢٦٦٨‬والبيهقي )‪ (٢٤٥/٥‬من طريق هارون بن أبي قزعة عن‬ ‫رجل من آل حاطب عـن حاطـب قـال‪ :‬قـال رسـول االله ^‪» :‬مـن زارني بعـد مـوتي فكـأنما زارني في‬ ‫حياتي«‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬هي‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٨٩‬‬ ‫المسألة الثانية‪:‬‬ ‫في قوله ^‪ :‬قيـل‪ :‬فهـل يجـوز أن يـستعاذ مـن االله تعـالى؟ وهـل‬ ‫يصح ذلك في عقل أو‪ ‬نقل؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫نعم إن هذا قد‪ ‬يصح في التأويل من وجهين‪:‬‬ ‫أحدهما‪ :‬أن يقدر له مضاف محذوف‪ ،‬فتقـديره أعـوذ بـك مـن غـضبك‪ ،‬ومـن شـدة‬ ‫بطشك‪ ،‬وأليم عذابك‪ ،‬وما يجري مجرى ذلك‪ ،‬وإنما حذف ليتناول كل مـا يمكـن تقـديره‪،‬‬ ‫وهو كل ما جاز‪ ‬أن يستعاذ منه‪.‬‬ ‫ولعمري إن حذف المضاف شائع شهير‪ ،‬فلا يحتاج معه إلى أن يحـتج لـه فهـذا الوجـه‬ ‫الأول‪.‬‬ ‫وثانيهما‪ :‬أنه لما استعاذ من السخط والنقمة والعقوبة انكشف له بنور النبوة أن تعديد‬ ‫عقوبات االله تعالى وغضبه‪ ،‬ومكره‪ ،‬واستدراجه‪ ،‬وشدة بطـشه أنـه لا سـبيل إلى استقـصائه‬ ‫بالتفصيل‪.‬‬ ‫وعلم أن حقيقة الخوف لا يكون إلا من االله سبحانه وحده كما قال في كتابه المحكم‪:‬‬ ‫‪ L8 7 6 M‬قال‪ :‬مالي وللأفعال‪ ‬والصفات‪ ،‬فرجع عنها إلى خطاب‬ ‫الذات‪ ،‬فقال‪ :‬أعوذ بك منك لا مخوف سواك‪ ،‬ولا أخشى شيئا بالحقيقة إلا إياك‪ ،‬وهذا هو‬ ‫الأليق بمقامه ^‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬ولا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬أجاز‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬آل عمران‪ :‬الآية )‪.(٣٠‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬والأفعال‪.‬‬ ‫‪ ٣٩٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫ألا ترى أن‪ ‬من حضر عند بعض الملوك وهو من أهل الجرائم إن سـأله العفـو عـن‬ ‫‪‬‬ ‫القتل بالسيف‪ ،‬أو الضرب جاز أن يعاقبـه بالقيـد أو التغريـق أو الـسجن أو‪ ‬الهـدم‪ ،‬أو‬ ‫التحريق وغيرهن‪ ،‬ولو سأله بالتفصيل ما أمكن أن يسأله لجاز أن يكون في علم الملك شيء‬ ‫من ذلك لا يعرفه هذا السائل‪ ،‬ولا يهتدي إليه إلا إذا سأله الأمن منه فبه يرتفع كل مخوف‪،‬‬ ‫ويندفع كل محذور يتوقع من تلـك الجهـة‪ ،‬ويـشهد بهـذا مـا أردفـه بـه‪ ^‬مـن قولـه‪ :‬‬ ‫‪.‬‬ ‫فانظر كيف ترتب هذا الدعاء الشريف على نسق البلاغة التي لا يكاد يـدركها غـيره‬ ‫صلوات االله عليه‪ ،‬فإن بدايته‪ ‬بالتفصيل‪ :‬‬ ‫‪‬ثم لمـا كـان المعنـى غـير مـستوعب لأصـناف مـا‬ ‫يستعاذ منه أردفه بجملة‪ ‬لم يترك معها مقالا لقائل فقال‪  :‬ثم استضعف‬ ‫نفسه وسؤاله فرتب عليه من الإقرار بالاعتذار قوله‪  :‬ثم غاب في‬ ‫حضرة قدسه عن شهود نفسه فاستغرق بمعبوده في دهشة شهوده فقال‪ :‬‬ ‫‪.‬‬ ‫فانظروا فيه بعين الاعتبار تجدوا فيه من حسن معانيه وفصاحة ألفاظه ومبانيه ما يكاد‬ ‫يحير فيه العقل‪ ،‬ويقصر عن شرح بعضه النقل‪ ،‬واالله لو أن ما في الأرض مـن شـجرة أقـلام‬ ‫والبحر يمده من بعده سبعة أبحر‪ ،‬والملائكة والجن والانس وجميع الثقلين يكتبون تفصيل‬ ‫هذه الجمل العظيمة في مدة عمر الدنيا والآخرة لعجزوا وأقروا بالاعتراف أنهم وقوف على‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪. :‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬رأيته‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬لجملة‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٩١‬‬ ‫ساحل بحرها المحيط‪ ،‬يغترف منهم كلما أفاضته عليه يد المنعم الكريم‪.‬‬ ‫أفليس في هذا كله ما تصدع به لسان حاله‪ ،‬فينادي معلنا بمقاله أن مثل هذا لغريـب‬ ‫أن يصدر إلا عنه ^ ؛ فإنه من جنس المعجزة التـي أنعـم االله بهـا عليـه‪ ،‬فـسبحان مـن آتـاه‬ ‫جوامع الكلم‪ ،‬واختصرها له اختصارا‪ ،‬والحمد الله رب العالمين‪.‬‬ ‫فإن‪ ‬قلت‪ :‬أفليس قد يوجد في شيء من الآثار أن في هذا الدعاء ما لا يـصح لعـدم‬ ‫جوازه؟‬ ‫قلت‪ :‬بلى وإنه لقول‪ ،‬وفي ظني إنما ورد عن قائله من غير تأمـل فيـه؛ إذ لا نجـد‪ ‬في‬ ‫العدل‪ ‬ما يؤيده فكيف يصح القول من غير ما دليل عليه ولا سبيل إليه؟ ولكنا لا نخطئ‬ ‫من قال بغير ما نراه‪ ،‬وليس ما وجد في شيء من الآثار يكون إجماعا أو دينا لا يجوز خلافه‪،‬‬ ‫وإنما هو قول ]فيه النظر[‪ ‬لأهله‪ ،‬إن كان عدلا أخذ بعدلـه‪ ،‬وإلا فـلا بـد أن يرجـع بـه إلى‬ ‫أصله ما لم يكن من الأصول التي لا يجـوز النظـر فيهـا‪ ،‬ولـيس ذلـك في شيء منهـا‪ ،‬وكفـى‬ ‫بنفس الحديث حجة على تضعيفه مع بيان صحة الحديث وظهـور كمالـه وتـشريفه‪ ،‬والحـق‬ ‫أحق أن يتبع ممن جاء به‪ ،‬وعلى كل أن يتحرى العـدل لنفـسه‪ .‬فلينظـر فـيما ذكرتـه مـن هـذا‬ ‫وغيره‪ ،‬ثم لا يقبل إلا العدل‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول في هذه الرواية التي تروى عن النبي ^ أنه قال‪ :‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬أفإن‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬تجد‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬المعدل‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬والنظر‪.‬‬ ‫‪ ٣٩٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬ما معنى هذا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫معناها لا إثم عليهم فيما وقع‪ ‬من هذه الأشياء الأربعة‪.‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫تفضل بين‬ ‫في الحديث المسنود‪ ،‬وفي الكتب موجود ‪ ،‬ َّ‬ ‫لي‪ ‬معناه؛ لأنه أشكل علي‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن ثبت الحديث فمعناه أنه ليس بكفر ولكنه يقرب من ذلك‪ ،‬وتقريبه من وجوه‪:‬‬ ‫أحدها‪ :‬أن الفقير المعيل تلجئه الضرورة إلى الاحتيال عـلى أمـوال النـاس بالـدين في‬ ‫الظاهر‪ ،‬لكن من حيث لا يرجو وفاءه لسبب يعلمه‪ ،‬وربما ألـح عليـه الغـريم‪ ،‬فكـان سـببا‬ ‫للمطل أو الجحد‪ ،‬وفي ذلك في غير موضع جوازه ظلم للعباد‪ ،‬وهو نوع كفر‪.‬‬ ‫وثانيها‪ :‬إن لم يتيسر ذلك ربما قصر في حق من يلزمه عوله وفي هذا نوع ظلم أيضا في‬ ‫غير موضع العذر‪.‬‬ ‫وثالثها‪ :‬ربما كلفه ذلك إلى المعاملـة الفاسـدة‪ ،‬والتجـارة المكرهـة‪ ،‬والبيـوع المعيبـة‬ ‫)‪ (١‬أخرجه ابن ماجه في كتاب‪ :‬الطلاق‪ ،‬باب‪ :‬طلاق المكره )‪ (٢٠٤٥‬من طريق ابن عباس وقال شـيخنا‬ ‫إمام السنة والأصول الـشيخ سـعيد بـن مـبروك القنـوبي ‪-‬حفظـه االله‪ -‬في جـواب مخطـوط‪ :‬حـديث‬ ‫حسن بمجموع طرقه على أقل تقدير‪ ،‬وقد صححه ابن حبان والحاكم وآخرون‪ ،‬وحسنه النووي في‬ ‫الروضة والأربعين‪ .‬اهـ‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬أخرجه العقيلي في الضعفاء ‪ ،٢٠٦/٤‬وضعفه السخاوي في المقاصد الحسنة ص‪.٣٦٨‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬لنا‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬من‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٩٣‬‬ ‫الضائعة كما لا يحصر‪ ،‬وإن لم ]يكن بعمده[‪ ‬ففي اجتماع الجهل والضرورة شر كبير‪.‬‬ ‫ورابعهــا‪ :‬ربــما أدى بــه ذلــك إلى أخــذ الأمــوال المــشبوهة والمــشكوك فيهــا‪ ،‬فيطلــب‬ ‫الرخص ويتستر بما أمكن عن‪ ‬صريح الحرام‪ ،‬ولو بمثل نـسج العنكبـوت‪ ،‬فيـدع الـورع‪،‬‬ ‫ويدع الزهد‪ ،‬ويعتل في ذلك بالضرورة‪ ،‬وفي هذا‪ ‬انحطاط منزلة لا تخفى‪.‬‬ ‫هذا‪ ‬في حق أهل الدين‪ ،‬ومن يتسمى بالفـضل‪ ،‬دع مـن سـواهم مـن أهـل الجهالـة‬ ‫والمتسمين بقلة المبالاة‪ ،‬فربما ساق أحـدهم‪ ‬ذلـك إلى الـسرق والكـسب والنهـب‪ ،‬والبيـع‬ ‫بالربا وغيره‪ ،‬ولما لم تكن هذه الوجوه من لوازم الفقر في حق الجميع‪ ،‬لم يقل‪ :‬إنه كفر‪ ،‬فقـد‬ ‫يكون الفقر في الأنبياء اصطفاء‪ ،‬وفي الأولياء ابتلاء‪ ،‬ليكمل لهم به عظيم الأجور‪ ،‬وينالوا به‬ ‫المنازل العلى من االله الشكور‪.‬‬ ‫فلا كلام فيمن كان بتلك المنزلة أصلا‪ ،‬وإنما يتوجه الخطاب إلى من كان في أمره غـير‬ ‫قوي في بصره‪ ،‬على ما يكون من فقره‪ ،‬فيؤديه ذلك إلى هلع في باطنه؛ لعدم القنوع‪ ،‬وكلفة‬ ‫في ظاهره يتعاطى‪ ‬بها ما يدنيه‪ ‬من حريم الممنوع؛ لضرورة ملجئـة‪ ،‬وحاجـة مدقعـة‪ ،‬لا‬ ‫يجد منها المخرج إلا بذلك‪ ،‬فهو يتردد هنالك‪ ،‬يرعى حول الحمى‪ ،‬ويأنف ما يتعاطاه أهـل‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬يحصرن‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬تكن تعمده‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬من‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬بهذا‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬واحدهم‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )ت(‪ :‬أمره‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬في )م(‪ :‬يتغطا وفي )ت(‪ :‬بتعاطى‪.‬‬ ‫)‪ (٩‬في )م(‪ :‬يدينه‪.‬‬ ‫‪ ٣٩٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫يتعاطاه أهل العمى‪ ،‬من عمل المحجور‪ ،‬وتعاطي المنكور‪ ،‬فالفقر‪ ‬في حق هـؤلاء الكفـرة‬ ‫الفسقة الفجرة نوع كفر وطريق وزر‪ ،‬خسروا به الدنيا والآخرة جميعا‪ ،‬أعاذنا االله من ذلك‪.‬‬ ‫مسألة من محمد بن سعيد بن ياسر‪:‬‬ ‫ــــما وحلـ ً‬ ‫ــــما ومفخـــــرا‬ ‫إمامـ ً‬ ‫ــــا ســـــما علـ ً‬ ‫ــــــيخا بـــــــالعلوم تزخـــــــرا‬ ‫ً‬ ‫أســـــــائل شـ‬ ‫ســــعيد بــــن خلفــــان العبــــاب المنــــورا‬ ‫نظـــام المعـــالي راجـــح الـــوزن والحجـــى‬ ‫محمـــــد الـــــراوون مـــــن فعلـــــه جـــــرا‬ ‫أســــــــائله عــــــــما رووا عــــــــن نبينــــــــا‬ ‫يكــــــون الفقــــــير المــــــستكن مكفــــــرا‬ ‫يكــــاد يكــــون الفقــــر كفــــرا فهــــل هنــــا‬ ‫أفـــــدنا هـــــداك االله بـــــالحق مـــــا تـــــرى‬ ‫وإلا فــــــــما يعنــــــــي النبــــــــي بقولــــــــه‬ ‫إلى أن أرى وعـــــــد الإلـــــــه وأحـــــــشرا‬ ‫عليــــــــك ســــــــلام االله منــــــــي تحيــــــــة‬ ‫‪ ‬‬ ‫بــــــالفقر في نــــــص الكتــــــاب مــــــسطرا‬ ‫أيكفــــر فقــــر بعــــد وصــــف المهــــاجرين‬ ‫أهــــل الغنــــى في نــــصف يــــوم تحــــررا‬ ‫وأنهـــــــم في جنـــــــة الخلـــــــد يـــــــسبقون‬ ‫يكـــــاد يكـــــون الفقـــــر كفـــــرا تقـــــررا‬ ‫ومــــــا قــــــال إن الفقــــــر كفــــــر وإنــــــما‬ ‫شـــــكور لمـــــن أغنـــــى الإلـــــه وأفقـــــرا‬ ‫ومعنــــــاه أن الفقــــــر في غــــــير صــــــابر‬ ‫عـــــن االله لا يـــــرضى بـــــما هـــــو قـــــدرا‬ ‫يـــــؤدي إلى هـــــذا كحالـــــة كـــــل مـــــن‬ ‫يــــؤدي إلى العــــصيان والظلــــم للــــورى‬ ‫‪‬‬ ‫فــــإن شــــئت قــــل هــــذا يــــسوغ لأنــــه‬ ‫وذاك نهوبــــا يقطـــــع الطــــرق والقـــــرى‬ ‫فيـــــــصبح هـــــــذا ســـــــارقا لافتقـــــــاره‬ ‫خـــداعا وغـــشا إن يـــرى الخـــدع مثمـــرا‬ ‫وآخــــــــر محتــــــــالا بكــــــــل مكيــــــــدة‬ ‫وبعـــضا عـــلى أكـــل الحـــرام قـــد اجـــترى‬ ‫وآخــــــــر مقتــــــــالا بقتــــــــل ونحــــــــوه‬ ‫إلى حيلـــــــة منهـــــــا المـــــــوارد كـــــــدرا‬ ‫فكـــم واحـــد قـــد قـــاده الفقـــر والهـــوى‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬والفقر‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬بمن‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٩٥‬‬ ‫عــــلى ســــاحة بــــل كــــان عفــــا مــــسترا‬ ‫ولــــو كــــان عنهــــا في غنــــى لم يحــــم لهــــا‬ ‫مواضــــــع خوفــــــا أن يكــــــون مــــــؤثرا‬ ‫لـــذا قيـــل كــــاد الفقـــر كفـــرا يكــــون في‬ ‫وإن صـــــــحبته نقمـــــــة فكـــــــما تـــــــرى‬ ‫فـــــــإن أدركتـــــــه عـــــــصمة ففـــــــضيلة‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قد يوجد في بعض الكتب في الحديث النبـوي ‪‬‬ ‫‪h g M  ‬‬ ‫تفضل علينا ببيان ما بـان لـك مـن‬ ‫‪ «L k j i‬فلم أعرف تأويل شكا الفاقة‪ ،‬ َّ‬ ‫صفة هذا الحديث؟‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫الفاقة الفقر‪] ،‬والفائت لا معنى له[‪ ،‬وأظن الحديث هكـذا مـن غـير حفـظ للفظـه‬ ‫نصا‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫مما يوجد في بعض الكتب حديث قاله رسول االله ^‪:‬‬ ‫فتفـضل علينـا ببيـان مـا بـان لـك مـن تأويـل هـذه المكـاره‬ ‫ َّ‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫)‪ (١‬يونس‪ :‬الآية )‪.(٥٨‬‬ ‫)‪ (٢‬قال السيوطي في الدر المنثور‪ :٣٦٨/٤‬أخرجه أبو القاسم بن بشران في أماليه عن أنس‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬كذا في الأصل‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬أخرجه مسلم في كتاب‪ :‬الجنة‪ ،‬باب‪ :‬صفة الجنة )‪ ،(٧٠٦١‬الترمذي في كتاب‪ :‬صفة الجنـة‪ ،‬بـاب‪ :‬مـا‬ ‫جاء حفت الجنة بالمكاره )‪ (٢٥٦٨‬من طريق أنس مرفوعا‪.‬‬ ‫‪ ٣٩٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫والشهوات التي حفت بها النار والجنة‪ ،‬ويوجد عنه أيضا ^‪ :‬‬ ‫تفضل علينا بتفسير هذه الأحاديث‪.‬‬ ‫‪ ‬ َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫الشهوات التي حفت بها النار مثل‪ :‬الظلـم والـسرقة‪ ،‬والغـصب والزنـى‪ ،‬والقتـل‬‫‪‬‬ ‫وجمع الحطام من الحلال والحرام من بيع الربا وغيره مما تحبه النفوس ويحجره الشرع‪.‬‬ ‫وأما المكاره التي حفت بها الجنة كإكراه النفس على بذل الأموال في الزكاة والصدقة‬ ‫والخلاص من المظالم‪ ،‬واجتناب الفواحش التي تدعو إليها النفس‪ ،‬ومن ذلك إكراهها على‬ ‫الجوع والعطش في الصيام‪ ،‬وعلى غض البصر‪ ،‬وعلى الخروج من الأوطان للحـج والجهـاد‬ ‫وغيره مما يطول ذكره‪ ،‬وكفى بهذا لمن عقل وفهم‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما معنى الحديث الذي يروى عن رسول االله ^‪ :‬‬ ‫تفضل لخص لي معناه‪ ،‬ولك الأجر إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬ َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫لا نحفظه من الحديث‪ ،‬فمعناه يشبه معنى مـا قيـل‪ :‬مـن أطـاع االله أطاعـه كـل شيء‪،‬‬ ‫وأطع االله يطعك كل شيء‪ ،‬فيخرج معناه أنه لعظـيم منزلتـه عنـد االله يتـسخر لـه طائفـة مـن‬ ‫عباده‪ ،‬يتقربون إليه بكفايته وخدمته على قدر مقامه‪ ،‬فإن شاء قبـل‪ ،‬وإن شـاء تـرك‪ ،‬وهـذا‬ ‫من ترى من أكابر الدين إلا تراه كذلك‪.‬‬ ‫فقل َ ْ‬ ‫ظاهر وكأنه على الظاهر َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬أخرجه البيهقي في »شعب الإيمان« ‪ (٩٧٩٦) ١٤٧/٧‬من طريق ابن عباس مرفوعا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬لم نجده‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٩٧‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما معنى قول النبي ^‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن بيننا وهذه الحجب النورانية أكثر من سبعين حجابـا ظلمانيـة لم يتيـسر لنـا في هـذه‬ ‫الطريق قطعها بالتحقيق‪ ،‬فكيف لنا بوصف ما لم نصل إليه بالكشف‪ ،‬لكن نفهـم منهـا أنهـا‬ ‫حجب أنوار معنوية لا أنوار‪ ‬حسية‪ ،‬وهي أنوار المعـارف الإلهيـة في المقامـات التوحيديـة‬ ‫التي يجاهد فيها السالكون‪ ،‬ويختلف في مراتبها الواصـلون‪ ،‬مـن مقامـات الملائكـة الكـرام‪،‬‬ ‫والأنبياء ‪-‬عليهم أفضل‪ ‬الصلاة والسلام‪ ،-‬ومن دونهم من‪ ‬العلماء بـاالله تعـالى‪ ،‬فـإنهم‬ ‫في مقامات المعرفة باالله تعالى والعلم بتوحيده والمكاشفة بأسمائه وصفاته عـلى عـدد مراتـب‬ ‫النجوم السماوية‪ ،‬كما أشار إليه ابن الفارض في قصيدته الميمية شعرا‪:‬‬ ‫هــــلال وكــــم يبــــدو إذا مزجــــت نجــــم‬ ‫لهـــا البـــدر كـــأس وهـــي شـــمس يـــديرها‬ ‫فمنهم الكامل في المعرفة‪ ،‬ومنهم الأكمل‪ ،‬ومنهم دون ذلك‪] \ [ Z Y M ،‬‬ ‫^‪ L‬وما تفاوت الكل في المقامات العلية إلا بالوقوف عند هذه الحجب النورانية‪:‬‬ ‫)‪ (١‬قال الحافظ العراقي في »المغني« ‪ ٦٣/١‬عند تخريجه لحديث‪ :‬إن الله سبعين حجابا من نور‪ ،‬لو كـشفها‬ ‫لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره»‪ :‬أخرجـه أبـو الـشيخ ابـن حيـان في كتـاب »العظمـة« مـن‬ ‫حديث أبي هريرة‪ ...‬وإسـناده ضـعيف‪ .‬اهــ‪ ،‬وقـد أخرجـه ابـو الـشيخ بـن حيـان في كتـاب العظمـة‬ ‫‪ ٦٧٧/٢‬بلفظ‪ :‬إن بيني وبينه سبعين حجابا من نور لو دنوت من أدناها لاحترقت‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬لأنوار‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬الصافات‪ :‬الآية )‪.(١٦٤‬‬ ‫‪ ٣٩٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫فمنهم الواقف عند مبادئ المعرفة‪.‬‬ ‫ومنهم المتعلق بأوائل مفهوم الصفات والأسماء‪.‬‬ ‫ومنهم المشتغل ببعضها عن‪ ‬بعض‪.‬‬ ‫ومنهم الواقف عند بعضها عن بعض‪.‬‬ ‫ومنهم من يصل إلى حد يظن أن لا متجاوز فوقه لأحد‪.‬‬ ‫كل ذلك قصور في المعرفة‪ ،‬واحتجاب بـبعض الحجـب النورانيـة التـي احتجـب بهـا‬ ‫الرب سبحانه وتعالى‪ ،‬وإليها الإشارة بهذا الحديث المـذكور‪ ،‬كـما صرح بـه الغـزالي‪ ،‬وكفـى‬ ‫بهذا عن الإطالة‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫مسألة من جمعة بن خصيف‪:‬‬ ‫بحـــر النـــدى والهـــدى والعلـــم والكـــرم‬ ‫مـــا قـــول ســـيدنا الغطريـــف ذي العظـــم‬ ‫أتتــــــه منقــــــادة تــــــسعى عــــــلى قــــــدم‬ ‫الفيــــصل المفــــصل اللــــذ البلاغــــة قــــد‬ ‫في الــشرق والغــرب مــسك غــير مكتـــتم‬ ‫ســــــعيد الحــــــبر مــــــن ريــــــا ســــــجيته‬ ‫مـــــن نيـــــة المـــــؤمنين الطـــــاهر الـــــشيم‬ ‫فـــــيما أتـــــى عـــــن رســـــول االله مـــــستندا‬ ‫أوضــــح لنــــا لحنــــه كــــشفا بــــلا غمــــم‬ ‫‪‬‬ ‫خـــير لهـــم م الـــذي يبـــدون مـــن عمـــل‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬ ‫عــن صــوغ عقــد قــوافي الــشعر والــنظم‬ ‫قـــــــولا لجمعـــــــة إني قـــــــاصر الهمـــــــم‬ ‫قـــــدمتها قبـــــل أن أبديـــــه مـــــن خـــــدم‬ ‫لكــــــــن لي نيــــــــة في الخــــــــير أجمعــــــــه‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬من‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬يعني به حديث »نية المؤمن خير من عمله« وقد رواه الإمام الربيع في باب‪ :‬النيـة الحـديث الأول مـن‬ ‫ً‬ ‫مرفوعا‪.‬‬ ‫طريق أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن عبد االله بن عباس‬ ‫)‪ (٣‬في )م( و )ت(‪ :‬النغم‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٣٩٩‬‬ ‫والــــبر والنــــسك والإحــــسان والكــــرم‬ ‫في الحلـــــم والعلـــــم والتقـــــوى وفي ورع‬ ‫جهـــاد والحـــج مـــع وصـــل لـــذي رحـــم‬ ‫وفي صــــــلاة وصــــــوم والزكــــــاة وفي ال‬ ‫وفي العهـــــــد والـــــــذمم‬ ‫أتـــــــم وجـــــــه َّ‬ ‫ونيتــــي كــــل مــــا يــــرضي الإلــــه عــــلى‬ ‫والقلــــب شــــكرا لــــذي الآلاء والــــنعم‬ ‫أن أمــــلأ الأرض عــــدلا واللــــسان ثنــــا‬ ‫فـــــيما لتكليفـــــه أخرجـــــت مـــــن عـــــدم‬ ‫مـــــستعملا كـــــل عـــــضو كـــــل آونـــــة‬ ‫تقـــوى عـــلى فعـــل مـــا في نيتـــي هممـــي‬ ‫لكــــن طبــــاعي عــــن هــــذا تــــضيق فــــلا‬ ‫كـــــما يجـــــازي عـــــلى الأعـــــمال بـــــالقيم‬ ‫واالله يجـــــزي عـــــلى النيـــــات يـــــشكرها‬ ‫يــــــوم القيامــــــة أعــــــمالا بهــــــن حمــــــي‬ ‫قــــال النبــــي يــــرى العبــــد التقــــي لــــه‬ ‫هـــذا الــــذي كنـــت قــــد تنويـــه فــــاغتنم‬ ‫يقـــــول يـــــارب لم أعمـــــل‪ ،‬يقـــــول لـــــه‬ ‫أعمالهــــم فهــــي خــــير فاســــتفد حكمــــي‬ ‫فنيـــــــة المـــــــؤمنين الآن أوســـــــع مـــــــن‬ ‫وإن خـــــلا عمـــــل منهـــــا فلـــــم يقـــــم‬ ‫وثانيــــــا فهــــــي روح العقــــــل أجمعــــــه‬ ‫فـــــضل يثيـــــب عليـــــه بـــــارئ النـــــسم‬ ‫وربــــــما جــــــردت عنــــــه فكــــــان لهــــــا‬ ‫فــــضل عــــلى عمــــل الأجــــسام لم يــــرم‬ ‫وثالثـــــــا إن أعـــــــمال القلـــــــوب لهـــــــا‬ ‫مـــا كـــان يحـــبط‪ ‬أعـــمال الـــورى بهـــم‬ ‫ورابعـــــــــا فهـــــــــي سر لا يكـــــــــدرها‬ ‫تفــــــصيلها وكفــــــى للنــــــاظر الفهــــــم‬ ‫‪‬‬ ‫من أجل هذي‪ ‬المزايـا في الحـديث أتـى‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫وجدت شيخي عن رسول االله ^‪  :‬مـا معنـى‬ ‫‪‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬يحيط‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬هذا‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬إلى‪.‬‬ ‫‪ ٤٠٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫هذه الرواية؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫هذا الحديث لم يـصح مـع أصـحابنا‪ ،‬وإنـما هـو موجـود في روايـة غـيرهم‪ ،‬وفي قـول‬ ‫أصحابنا أنه غير صحيح‪ ،‬واالله أعلم بذلك‪ ،‬وما وجهه فإنه لو صح لجاز للناس أن يتقربـوا‬ ‫إلى االله تعالى بفعل الفواحش وعمل الكبـائر؛ طلبـا لوعـد الرسـول ^ بالـشفاعة لهـم عـلى‬ ‫فعلهم ذلك‪ ،‬فيرجع المسيء بـه محـسنا‪ ،‬والعـاصي طائعـا‪ ،‬والمنـافق مـسلما‪ ،‬والملعـون مقربـا‬ ‫لاستحقاقهم الشفاعة بكبائرهم‪ ،‬والإحسان بسيئاتهم‪ ،‬وهذا باطل عاطل مجانب للصواب‪،‬‬ ‫مخالف للسنة والكتاب‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫مما يوجد عنه ^‪ :‬‬ ‫‪ ‬ ِّبين لنا شرح هذه الرواية‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫هذا الحديث صحيح‪ ،‬ووجهـه أنـه سـيأتي علـيكم زمـان يكـون المنكـر فيـه معروفـا‪،‬‬ ‫والمعـروف منكـرا‪ ،‬ورجـال الحـق يكونـون فيـه أذلاء مستـضعفين‪ ،‬لا يقـدرون عـلى الأمــر‬ ‫بالمعروف‪ ،‬ولا عـلى النهـي عـن المنكـر‪ ،‬يتوقعـون الفتنـة منـه عـلى ديـنهم‪ ،‬أو عـلى أنفـسهم‬ ‫وأموالهم‪ ،‬فهم معذورون عن الأمر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن المنكر لعجزهم‪ ،‬لا يأمرون ولا‬ ‫ينهون‪ ،‬ولا يشتغلون من أمر العامة بشيء سوى ربهم‪ ،‬فهم الأخيار في زمانهم‪ ،‬وإن كانوا لا‬ ‫)‪ (١‬أخرجه أبو داود في كتاب‪ :‬السنة‪ ،‬باب‪ :‬الشفاعة برقم )‪ ،(٤٧٣٩‬والترمذي في كتاب‪ :‬صفة القيامـة‪،‬‬ ‫باب‪ :‬ما جاء في الشفاعة )‪ (٢٤٤٣‬من طريق أنس بن مالك‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬رواه الحافظ ابـن عبـدالبر في التمهيـد ‪ ٣١٥/٢٤‬عـن أبي البخـتري عـن زاذان قـال‪ :‬قـال حذيفـة‪ .‬ولم‬ ‫نجده مرفوعا‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٠١‬‬ ‫يأمرون بمعروف‪ ،‬ولا ينهون عن منكر‪ .‬واالله أولى لعذرهم‪ ،‬والسلام‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫نسألك شيخنا عن قول النبي ^ حيث قال‪ :‬الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر«‪ ‬ ِّبين‬ ‫لنا تأويل هذا الحديث‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قوله ^‪  :‬إذا كان القلب الغالب عليه عن الموت‬ ‫حب الأهل والولد‪ ،‬والمال والمسكن‪ ،‬والعقار والرفقاء والأصحاب‪ ،‬فهذا رجل محابه كلها‬ ‫في الدنيا‪ ،‬فالدنيا جنته إذ الجنة عبارة عن البقعة الجامعة لجميع المحاب‪ ،‬فموته خـروج مـن‬ ‫الجنة‪ ،‬وحيلولة بينه وبين ما يشتهي‪ ،‬ولا يخفى حال من يحال بينه وبـين مـا يـشتهيه‪ ،‬فـإذا لم‬ ‫يكن له محبوب سوى االله تعالى علام الغيوب‪ ،‬وسوى ذكره ومعرفته‪ ،‬والتفكر في مخلوقاته‪،‬‬ ‫والدنيا وعلائقها شاغلة له عن المحبوب‪ ،‬فالدنيا إذا سجنه؛ لأن السجن عبارة عـن البقعـة‬ ‫المانعـة للمحبـوس عـن الاسـترواح إلى محابـه‪ ،‬فموتـه قـدوم عـلى محبوبـه وخـلاص لـه مــن‬ ‫السجن‪ ،‬ولا يخفى حال من أفلت من السجن وخلي بينه وبين محبوبه بلا مـانع ولا مكـدر‪،‬‬ ‫فهذا أول ما يلقاه كل من فارق الدنيا عقيب موته من الثواب والعقاب‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫مما يوجد عنه ^ في حديث عنه أنه قال‪ :‬‬ ‫)‪ (١‬أخرجه مـسلم )‪ ،(٢٩٥٦‬وابـن ماجـه في كتـاب‪ :‬الزهـد‪ ،‬بـاب‪ :‬مثـل الـدنيا )‪ (٤١١٣‬مـن طريـق أبي‬ ‫هريرة‪.‬‬ ‫‪ ٤٠٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬ما هذا الوعد الذي يصح فيه الخلف‪ ،‬وما هذه الأمانة التي تصح فيها‬ ‫تفضل شيخنا اشرح لنا جميع هذا عسى االله أن يرشدنا إلى طريق‬ ‫الخيانة‪ ،‬وما هذا الكذب ؟ َّ‬ ‫الهداية‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫هذه علامة من علامات النفاق‪ ،‬يعرف بها المنافقون لإدمانهم عليها‪ ،‬وقلـة مبـالاتهم‬ ‫فيها ]‪ [..‬من شيء عرف به‪ ،‬وفي كل شيء من هذه الأشياء خصوص وعمـوم‪ ،‬ومحجـور‬ ‫ومكروه‪ ،‬وجائز ولازم‪ ،‬وشرح ذلك كله يطول لكن نصور في واحدة ما يدل على سـائرها‬ ‫فنقول‪ :‬من وجد أناسا يتواعدون على قتل رجل فقدر على خلاصه منهم بالكذب‪ ،‬ولو قدر‬ ‫جائزا‪ ،‬أو لو كذب في خـبر ممـا لا يـضر‬ ‫ً‬ ‫على خلاص من ظلم أحدا بكذبة يكذبها كان ذلك‬ ‫أحدا ولا ينفع بأن قال مثلا في شيء قليل‪ :‬إنه كثير‪ ،‬أو كثير لكنه قليـل بغـير نيـة كـان ذلـك‬ ‫مكروها‪ ،‬وربما عد في الـصغائر‪ ،‬ولـو افـترى عـلى مـسلم بقـذف أو شـهادة زور كـان ذلـك‬ ‫محجورا وهو من الكبائر‪ ،‬وعلى هذا يقاس في خلف الوعد والأمانة والنفاق‪ ،‬وفي المحجور‬ ‫كله ظاهر‪ ،‬وفي المكروهات دونه‪ ،‬ولو بلغ به إلى الصغائر فلم يتـب منهـا كـان نفاقـه بـذلك‬ ‫واضحا وليقس على ذلك‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬أخرجه البخاري في كتاب‪ :‬الإيـمان‪ ،‬بـاب‪ :‬علامـة النفـاق )‪ ،(٣٣‬ومـسلم في كتـاب‪ :‬الإيـمان‪ ،‬بـاب‪:‬‬ ‫خـصال المنـافق )‪ ،(٢٠٨‬والترمـذي في كتـاب‪ :‬الإيــمان‪ ،‬بـاب‪ :‬مـا جـاء في علامـة المنــافق )‪،(٢٦٤٠‬‬ ‫والنسائي في كتاب‪ :‬الإيمان‪ ،‬باب‪ :‬علامة النفاق )‪.(٥٠٣٦‬‬ ‫)‪ (٢‬بياض بالأصل‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٠٣‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول في صفة البله الذين ذكـرهم ‪^‬؟ عرفنـي‬ ‫صفتهم مأجورا إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن البلاهة في قول المحققين من أهل العلم هي سلامة الصدر‪ ،‬فكأنهم قد سلموا من‬ ‫غش الصدر‪ ،‬وتقدسوا من آفات القلب‪ ،‬ولم يتلوثوا بقاذورات الباطل من الكـبر‪ ،‬والـشح‬ ‫والعجب‪ ،‬والحسد والحقد‪ ،‬والرياء والنفاق في أمثالهن‪ ،‬وهذا هو الظاهر الصحيح‪.‬‬ ‫وعن الشيخ ناصر بن أبي نبهان أن البله هم الذين اقتصروا على الأعمال الظاهرة من‬ ‫دون توغل في حقائق الدين ولا في الأمور الدنياوية‪ ،‬ولم تكن لهم نفوس تنازع إلى مـا وراء‬ ‫ذلك‪ ،‬بل كان ذلك غاية همتهم وإرادتهم لعدم وفور المعرفة‪ ،‬وقلة الفطنـة‪ ،‬بـل يخـرج قولـه‬ ‫هذا على معنى البلاهة المتعارفة في الناس‪ ،‬غير أولي الفطنة الأكيـاس وهـذا ظـاهر في قولـه‪:‬‬ ‫إنهم إلى السلامة أقرب‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تفسير هذا الحديث‪ ،‬عن النبي ^ أنه قال‪ :‬‬ ‫‪.‬‬ ‫)‪ (١‬أخرجـه البــزار كـما في »مختــصر زوائــد مـسند البــزار« للحـافظ ابــن حجــر )‪ (١٧٤٠‬مـن طريــق أنــس‬ ‫مرفوعا‪ :‬أكثر أهـل الجنـة البلـه‪ ،‬وأخرجـه الطحـاوي في مـشكل الآثـار )‪ ،(٤/١٢١‬وابـن عـدي في‬ ‫الكامل )‪ ،(٣/١٦٦٠‬وقال الهيثمي في مجمع الزوائـد ‪ :٨/٧٩‬فيـه سـلامة بـن روح وثقـه ابـن حبـان‬ ‫وضعفه أحمد بن صالح وغيره وروايته عن عقيل وجادة اهـ‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬لم نجده‪.‬‬ ‫‪ ٤٠٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن ثبــت هــذا الحــديث عــن النبــي ^ فمقتــضاه إن فعــل ذلــك لمجــرد قــصد الفخــر‬ ‫والخيلاء والكبر‪ ،‬وأما من فعله لمعنى يباح له فلا يدخل في النهي‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ^ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫]قالت[‪ ‬عائشة ‪-‬رضي االله عنها‪ :-‬فلما كان اليـوم الـذي مـات فيـه رسـول االله ^‬ ‫رأوا منه خفة في أول النهار‪ ،‬فتفرق عنه الرجال إلى منازلهم وحوائجهم مستبشرين‪ ،‬وأخلوا‬ ‫رسول االله ^ بالنساء‪ ،‬فبينا‪ ‬نحن على ذلك لم يكن على مثل حالنا في الرجاء والفرح قبل‬ ‫ذلك قال رسول االله ^‪ :‬اخرجن عني‪ ،‬هذا الملك يستأذن علي‪ ،‬فخرج من في البيت غيري‪،‬‬ ‫ورأسه في حجري‪ ،‬فجلس وتنحيت في جانب البيت‪ ،‬فناجى الملك طويلا‪ ،‬ثم دعاني فأعاد‬ ‫رأسه في حجري‪ ،‬فقلت للنسوة‪ :‬ادخلن‪ ،‬فقلت‪ :‬ما يحسن جبرائيل ‪-‬عليه السلام‪ ،-‬فقـال‬ ‫رسول االله ^‪ :‬أجل يا عائشة هذا ملك جاءني فقـال‪ :‬إن االله أرسـلني وأمـرني أن لا أدخـل‬ ‫عليك إلا بإذن فـإن لم تـأذن لي أرجـع‪ ،‬وإن أذنـت لي دخلـت‪ ،‬وأمـرني أن لا أقبـضك حتـى‬ ‫تأمرني فما أمرك ؟ فقلت‪ :‬اكفف عني حتى يأتيني جبرائيـل ‪-‬عليـه الـسلام‪ ،-‬فهـذه سـاعة‬ ‫جبرائيل‪.‬‬ ‫قالت عائشة رضي االله عنها‪ :‬فاستقبلنا بأمر لم يكن له جواب ولا رأي‪ ،‬فوجهنا وكأنما‬ ‫ضربنا بصاخة ما نحير إليه شيئا‪ ،‬وما يتكلم أحد من أهل البيت إعظاما لذلك الأمر‪ ،‬وهيبة‬ ‫ملأت أجوافنا‪.‬‬ ‫قالت‪ :‬وجاء جبرائيل في ساعة‪ ،‬فسلم فعرفـت حـسه‪ ،‬وخـرج أهـل البيـت‪ ،‬فـدخل‬ ‫)‪ (١‬زيادة يقتضيها السياق‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬بينهما‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٠٥‬‬ ‫فقال‪ :‬إن االله عز وجل يقرؤك‪ ‬السلام ويقول‪ :‬كيف تجدك وهو أعلم بالذي تجد منـك‪،‬‬ ‫ولكن أراد أن يزيدك كرامة وشرفا‪ ،‬وأن يتم كرامتك وشرفك على الخلق‪ ،‬وأن تكـون سـنة‬ ‫في أمتك‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬أجدني وجعا‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬أبشر فإن االله تعالى أراد أن يبلغك ما أعد لك‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬يا جبرائيل إن ملك الموت استأذن علي وأخبره الخبر‪.‬‬ ‫فقال جبرائيل‪ :‬يا محمد إن‪ ‬ربك إليك مشتاق‪ ،‬ألم يعلمك الذي يريـد بـك‪ ،‬لا واالله‬ ‫ما استأذن ملك الموت على أحد قط‪ ،‬ولا يستأذن عليه أبدا‪ ،‬ألا وإن ربك متم شرفك‪ ،‬وهو‬ ‫إليك مشتاق‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلا تبرح إذا‪ .‬انتهى ما أردنا نقله من كتاب »الإحياء«‪.‬‬ ‫وقلت لشيخي الأرشد سعيد بن خلفـان بـن أحمـد الخلـيلي‪ :‬مـا تقـول في صـحة هـذا‬ ‫الحديث‪ ،‬وما تأويله؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬وإني لضعيف عن مثل هذا فلا أدري ما أقـول فيـه‪ ،‬غـير أني لا أقـوى عـلى‬ ‫إنكاره‪ ،‬ولا أقول بأنه مستحيل‪ ،‬فيرد على من قال به‪ ،‬ونفسي تميل إلى إجازته‪ ،‬وعقلي يقول‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬يقرئكم‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬يجد منكم‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬فقال‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬قال الحافظ العراقي في »المغني عن حمل الأسفار« ‪ :١٢١٨/٢‬أخرجه الطبراني في الكبير من حـديث‬ ‫جابر وابن عباس‪ ...‬وهو حديث طويل في ورقتين كبار وهو منكر وفيه عبـد المـنعم بـن إدريـس بـن‬ ‫سنان عن أبيه عن وهب بن منبه قـال أحمـد‪ :‬كـان يكـذب عـلى وهـب بـن منبـه وأبـوه إدريـس أيـضا‬ ‫متروك قاله الدارقطني اهـ‪.‬‬ ‫‪ ٤٠٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫بإمكانه‪ ،‬فإن ثبت هذا في الحديث فلا سبيل إلى دفعه‪ ،‬ولا أرى حجة تـدل عـلى منعـه‪ ،‬فهـو‬ ‫من باب الكرامات المعدودة لسيد المرسلين‪ ،‬وصفوة الأولين والآخرين‪ ،‬خاتم النبيين محمد‬ ‫^‪.‬‬ ‫وإن كان الإشكال فيه من حيث إن أمر االله واقـع لا راد لـه ولا دافـع‪ ،‬والمـوت قـدر‬ ‫معلوم وأمر محتوم فلا استئذان فيه لأحد من العبيد‪ ،‬واالله فعال لما يريد‪ ،‬فليس هذا من بابه‪،‬‬ ‫فاالله تعالى عالم بما يكون من جوابه‪ ،‬وبأنه ميت لا محالة‪ ،‬وإنما جعل ذلك مزيـدا في كرامتـه‪،‬‬ ‫وتنويها لفضله‪ ،‬وتعظيما لمنزلته لا غير‪ ،‬كما ثبت في الخبر أنه لما أرسل الملائكـة لإهـلاك قـوم‬ ‫لوط ‪-‬عليه السلام‪ ،-‬أمرهم أن لا يهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط ‪-‬عليه السلام‪ -‬أربـع‬ ‫شهادات‪ ،‬واالله تعالى كـان عالمـا باسـتحقاقهم العـذاب‪ ،‬واسـتيهالهم‪ ‬الانتقـام‪ ،‬وأن ذلـك‬ ‫سيقع بهم لا محالة‪ ،‬وإنما جعل ذلك كرامـة لنبيـه‪ ،‬وإذهابـا لغـيظ صـدره؛ ليكـون انتقـامهم‬ ‫بسببه‪ ،‬وإذا جاز ذلك فأي معنى مانع من هـذا‪ ،‬فـاالله تعـالى عـالم أنـه ‪-‬صـلوات االله عليـه‪-‬‬ ‫سيختار الموت‪ ،‬وأنه ميت لا محالة في ذلك الوقت‪ ،‬وإنما جعل الاستئذان‪ ‬من ملك الموت‬ ‫إكراما له‪ ،‬وإجلالا لقدره وفضيلة خص بها دون غيره‪.‬‬ ‫وإذا كان غير مستحيل ما يوجد في بعض الآثار أن بعض الأولياء تلقاه ملك الموت‬ ‫في طريقه‪ ،‬فساره في أذنه بأن لي إليك حاجة‪ ،‬فقال‪ :‬ما هي ؟ فقال‪ :‬أمرت بقبـضك‪ ،‬فـاختر‬ ‫على أي حالة شئت‪ ،‬فقال له‪ :‬دعني أصـلي ركعتـين واقبـضني وأنـا سـاجد‪ ،‬فتوضـأ وصـلى‬ ‫وقبض في سجوده‪ ،‬فقد أرسله االله تعالى أن يقبضه في سجوده‪ ،‬واالله تعالى عالم أنـه سـيكون‬ ‫ذلك‪ ،‬وأن ملك الموت لا يقبضه إلا وهو ساجد‪.‬‬ ‫وقد يمكن أن يصلي هذا الولي فيقبض من غير أن يخبر بذلك وإنـما كـان الإخبـار لـه‬ ‫كرامة‪ ،‬وليس هذا من المستحيل‪ ،‬فالإخبار في حق ذلك الولي كالاستئذان في حق هذا النبي‪،‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬اسهالهم‪ ،‬وفي )ت(‪ :‬واستهلاكهم واسهالهم‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬للاستئذان‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٠٧‬‬ ‫واختلاف حالتيهما كاختلاف منزلتهما‪ ،‬وكلاهما راجع إلى حكـم واحـد‪ ،‬والله أن يكـرم مـن‬ ‫يشاء من عباده بما لا تحيطه العقول ولا تتصوره الألباب‪ ،‬فليس هذا بعجاب‪ ،‬فـدع الـشك‬ ‫والارتياب‪.‬‬ ‫ثـــــــم أبـــــــصرت حاذقـــــــا لا تمـــــــاري‬ ‫وإذا كنـــــــــــت بالمـــــــــــدارج غـــــــــــرا‬ ‫وإذا لم تــــــــــــر الهــــــــــــلال فــــــــــــسلم لأنـــــــــــــــــاس رأوه بالأبـــــــــــــــــصار‬ ‫وقل آمنت باالله ثم استقم وحسبنا االله ونعم الوكيل‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما معنى ما يوجد في الأثر ‪‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬والـذي يظهـر لي في مثـل هـذا الـشأن أن مـن دون فهمـه عـن علـم المعـاني‬ ‫والبيان لا يكاد يغوص على دره من عجز عن إدراك قعره‪ ،‬وأن يفهـم معانيـه مجـالا رحبـا‪،‬‬ ‫ولكن له رجالا أولي بصر بالتأويل‪ ،‬وقوة على إظهـار غـوامض الأحاديـث والتنزيـل‪ ،‬وإني‬ ‫لست منهم‪ ،‬ولكني أقص لك ما يوجد عـنهم فـأقول‪ :‬إن مـن تتبـع أسـاليب كـلام العـرب‬ ‫وعرف مقاصدهم‪ ،‬وسلك في الفهم مسلكهم‪ ،‬لم يشكل عليه ما يجد من نحو هذا فيما يوجد‬ ‫في كتاب االله تعالى‪ ،‬أو‪ ‬في كلام الأنبياء والرسل صلوات االله عليهم‪.‬‬ ‫هذا وإن النبي ^ قد خاطب به قوما لم يعجزوا عن فض ختامه‪ ،‬واسـتخراج زبـده‬ ‫بالعبور على حقيقة المراد به‪ ،‬وغاية القول فيه إن كثـيرا مـن كـلام الأنبيـاء والرسـل وآيـات‬ ‫الكتاب العزيز لا يصح أن يحمل في التأويل على الحقيقة‪ ،‬فنقتصر‪ ‬به على ظاهر اللفـظ بـه‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬فتقتصر‪.‬‬ ‫‪ ٤٠٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫فقط‪ ،‬فإنه على ما به من الإعجاز محتمل للحقيقة والمجاز‪ ،‬وقد يؤتى به على طريقة التمثيـل‬ ‫‪‬‬ ‫والتخييل‪ ،‬فينجلي عن عقود البلاغة‪ ،‬ويكتسي من برود الحسن ما لو خلا به منهما لانحط‬ ‫به رتبة عما كان مع وجوديهما‪.‬‬ ‫هذا وإن للعرب شأنا في معنى المبالغة‪ ،‬فإنهم إن بالغوا في وصف شيء أثبتوا لوصـفه‬ ‫دعوى بلوغه في الشدة والضعف إلى حد مستحيل أو مستبعد‪ ،‬فكان ذلك نوعا من البـديع‬ ‫يـسمى بالمبالغــة أو التبليــغ‪ ،‬وهـو كثــير في الكــلام‪ ،‬شــائع في النثـر والــنظم‪ ،‬وكــان العلامــة‬ ‫الصبحي قد تنبه له فأجازه لما سئل عن قول أبي الطيب‪:‬‬ ‫تخــــر لــــه الــــشعرى وينكــــسف البــــدر‬ ‫ومهـــــما يـــــشر نحـــــو الـــــسماء بكفـــــه‬ ‫ومثله قولهم‪ :‬هذا كلام يفلق الصخر‪ ،‬ويقلع الجبل‪ ،‬ويستنزل الطير‪ ،‬ويصرع الوعل‪،‬‬ ‫وقد ألم به الشيخ ابن النضر في قوله‪:‬‬ ‫وبحــــر مـــــن البحــــر القلمـــــس تنـــــزع‬ ‫ألا إنهــــا صــــخر مــــن الــــصخر تقلــــع‬ ‫ومثله‪:‬‬ ‫وبــــــالريح لم تــــــسمع لهــــــن هبــــــوب‬ ‫فلــــو أن مــــا بي بالحــــصى فلــــق الحــــصى‬ ‫وليس هو كـذبا مـنهم ولا بـاطلا مـن قـولهم‪ ،‬وإنـما هـو مبالغـة عـلى طريقـة التمثيـل‬ ‫والتخييل‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫والمعنى‪ :‬لو أن شيئا تأتت به هذه الأشياء مثل هذه الأسباب وكانت هي مما يتأتى‬ ‫ويتيسر بسببه لتأتت بهذا وتسهلت من أجله ]ومثله قوله تعالى‪] \ [ Z Y M :‬‬ ‫^_`‪.[Ldcba‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬بخط‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬يأتي‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الحشر‪ :‬الآية )‪.(٢١‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٠٩‬‬ ‫قال الزمخشري‪ :‬هذا تمثيل وتخييل‪ ،‬كما مر في قوله تعالى‪3 2 ± ° M :‬‬ ‫ ́ ‪ Lμ‬الآية‪ ،‬وقال في المجمع‪ :‬تقديره‪ :‬لو كان الجبل مما‪ ‬ينزل عليه‬ ‫القرآن‪ ،‬ويشعر به مع غلظه‪ ،‬وجفاف طبعه‪ ،‬وكبر جسمه‪ ،‬لخشع لمنزلته وتصدع من‬ ‫‪‬‬ ‫خشيته‪ ،‬تعظيما لشأنه‪ ،‬وقيل في الحديث‪ :‬‬ ‫أخرج على معنى المثل في تعظيم القرآن‪ ،‬وجلالة قدره‪ ،‬وعظم شأنه‪.‬‬ ‫والمعنى أنه لو كتب في إهاب وألقي في النار‪ ،‬وكانت مما لا تحرق شيئا لجلالته وعظم‬ ‫مكانته لم تحرقه‪ ،‬وهذا باب واسع كبير‪ ،‬ونظائره كثـير‪ ،‬وعنـدي أن منـه الحـديث الـوارد في‬ ‫فضل سورة يس‪ :‬‬ ‫جزءا منه‪ ،‬فيكون مقتضى القول‬ ‫ً‬ ‫‪ ‬فإذا كانت هي من القرآن‬ ‫في فضيلتها أن لتاليها فضيلة من قرأ يس والقـرآن اثنتـين وعـشرين مـرة‪ ،‬وهـذا مـستحيل‪،‬‬ ‫ولكنه مما ضرب مثلا لقصد المبالغة في‪ ‬الفضل على طريقة التمثيل والتخييل المذكور‪.‬‬ ‫والمعنى‪ :‬لو أن شيئا من التلاوة لشرفه وفضله‪ ،‬وعظم شأنه‪ ،‬يعطى مـن الأجـر مثـل‬ ‫من قرأ القرآن كله اثنتين وعشرين مرة لأعطيه من قرأ يـس‪ ،‬وكفـى بهـا شرفـا وفـضلا لهـا‪،‬‬ ‫)‪ (١‬الأحزاب‪ :‬الآية )‪.(٧٢‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬المجتمع‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬تقريره‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬ما‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬أخرجه أحمد في مسنده ‪ ١٥٥/٤‬والدارمي في السنن في كتاب‪ :‬فضائل القرآن‪ ،‬بـاب‪ :‬فـضل مـن قـرأ‬ ‫ً‬ ‫مرفوعا‪.‬‬ ‫القرآن )‪ (٣٣١٠‬من طريق عبد االله بن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر‬ ‫)‪ (٦‬لم نجده هكذا والذي أخرجه الترمذي في كتـاب‪ :‬فـضائل القـرآن‪ ،‬بـاب‪ :‬مـا جـاء في فـضل يـس مـن‬ ‫طريق أنس مرفوعا‪ :‬من قرأ يس كتب االله له بقراءتها قـراءة القـرآن عـشر مـرات‪ ،‬وضـعفه الترمـذي‬ ‫بقوله‪ :‬غريب‪ ،‬وهارون أبو محمد مجهول اهـ‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫‪ ٤١٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وعلى هذا عندي يخرج مجاز القول في الحزن بموت العالم أن من حزن عليـه فلـه أجـر ألـف‬ ‫ألف عالم وألف ألف شهيد‪.‬‬ ‫ومعلوم أن العلماء هم الأولى بذلك؛ لوفور علمهم‪ ،‬وشدة بصرهم وعظم عنايتهم‪،‬‬ ‫واهتمامهم بدين االله تعالى‪ ،‬فهم أول حزين عـلى مـوت العلـماء‪ ،‬وكئيـب عـلى ذهـاب العلـم‬ ‫وأهله؛ لأن من كان أعرف بشيء وأعلم بقدره كان أقـوم بحقـه مـن غـيره‪ ،‬ولا شـك فهـم‬ ‫الأحقاء بهذا الفضل‪ ،‬وهم الأحرياء بهذه المنزلة‪ ،‬وإن شاركهم فيها غـيرهم فـلا يكـون إلا‬ ‫على سبيل التبعية‪ ،‬وإذا ثبت‪ ‬هذا فيكون مقتضى الحديث بحسب ظـاهره أن كـل عـالم إذا‬ ‫حصلت منه هذه الخصلة فله ثواب ألف ألف عالم وألف ألف شهيد‪.‬‬ ‫وكذلك الضعفاء لاستوائهم فيه‪ ،‬وظاهره يقتضي التناقض‪ ،‬فهو مستحيل لاقتـضائه‬ ‫أن الحزن بموت العالم أفضل من العلماء مطلقا ولا وجه له‪ ،‬لكن الشائع أن يكون من هـذا‬ ‫البــاب المــذكور‪ ،‬وهــو أنــه خــارج عــلى معنــى ضرب المثــل بــه مبالغــة عــلى طريقــة التمثيــل‬ ‫والتخييل كما قدمناه‪ ،‬وتلخيص المعنى فيه لو أن شيئا من الأعمال لوفور فضله وعظم أجره‬ ‫يستحق به عند االله تعالى ثواب ألف ألف عالم وألف ألف شهيد لكان هو الحزن على مـوت‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫والمعنى‪ :‬لو أن االله تعالى يعطي على‪ ‬شيء من الأعمال هذا الأجر كله لأعطاه على‬ ‫هذه الخصلة الشريفة‪ ،‬واعلموا أن مثل هذه العبارات لا يعدل البلغاء إليها إلا لأمر‪ ،‬وهو‬ ‫ادعاؤهم لما وصفوه‪ ،‬وهو شيء لا يبلغ إلى حقيقة وصفه؛ لعظم شأنه‪ ،‬وعلو جلاله‪ ،‬إلا‬ ‫بمثل هذه التخيلات‪ ‬والأمثال البديعة ‪y x wv u t s M‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬شئت‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م( زيادة‪ :‬كل‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬التمثيلات‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤١١‬‬ ‫‪.L{ z‬‬ ‫ولا تجد ما هو أعود نفعا وأجدى فائـدة مـن تأويـل مـشكلات الحـديث مـن علمـي‬ ‫المعاني والبيان‪ ،‬ولهذا‪ ‬يكون من لا دراية له بهما‪ ‬قاصر الفهم عـن إدراك الحقـائق مـنهما‪،‬‬ ‫متحيرا في نورهما الباهر عن استخراج ما بهما من الجواهر‪ ،‬لقصوره وقلة نوره‪ ،‬واالله ولي كل‬ ‫فضل بفضله وكرمه‪ ،‬فلينظر في ذلك‪ ،‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫روى ابن ماجه في سننه ‪-‬عن عائشة رضي االله عنها‪ -‬قالت‪ :‬لدغت النبي ^ عقرب‬ ‫وهو في الصلاة فقال‪ :‬‬ ‫‪ ‬ما تقول شيخنا في صحة هذا الحديث؟ فإنا قد عرفنا من الأثر مطلقا عدم جواز‬ ‫تفضل بايضاح ذلك مأجورا إن شاء االله‪.‬‬ ‫اللعن على‪ ‬البهائم؛ لأنهن غير مكلفات‪ ،‬ َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬وليسني من العلماء بالحديث فأتكلم على ما فيه من حيث إسناده لرجاله‬ ‫‪‬‬ ‫بـما يـدل عـلى صـحته أو ضـعفه بــذلك الاعتبـار‪ ،‬ولكنـي أراه مبـذولاً في كتـب‪ ‬الحــديث‬ ‫معروفا‪ ،‬ولا يخلو وجوده من آثار أصحابنا‪ ،‬ولا أعلم أن أحدا صرح بإنكاره البتة‪ ،‬ولكـن‬ ‫العلماء من أصحابنا أوردوا عليه ما تقتضيه القواعد الشرعية من منع جواز اللعن على غـير‬ ‫)‪ (١‬العنكبوت‪ :‬الآية )‪.(٤٣‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت( زيادة‪ :‬لا‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬زيادة‪ :‬إلا‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬أخرجه ابن ماجه في كتاب‪ :‬الصلاة‪ ،‬بـاب‪ :‬ماجـاء في قتـل الحيـة والعقـرب في الـصلاة )‪ (١٢٤٦‬مـن‬ ‫طريق عائشة‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪)،‬م(‪ :‬عن‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬لسني‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )م(‪ :‬كتاب‪.‬‬ ‫‪ ٤١٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫المستحقين له من المكلفين مطلقا‪ ،‬وهو صحيح إن كان المراد به اللعن الموجب‪ ‬للبعد مـن‬ ‫رحمة االله في الدار الآخرة‪ ،‬كما هو المعروف في موجبات البراءة من أهلها اصطلاحا شرعيا‪.‬‬ ‫وأما إذا رد إلى مجاز اللغة‪ ‬عرفا من أن معنى اللعن لها هو إبعادها عن الخير العاجل‬ ‫فقط‪ ،‬فلا مانع منه‪ ،‬وهو معنى قتلها وإهلاكها‪ ،‬فالموجب لذلك مبعد مـن الخـير في عاجلـه‬ ‫فلا مانع منه‪ ،‬ولهذا الاعتبار سميت في الحديث الثاني فويسقة من الفواسق الخمس التي أمر‬ ‫رســول االله ^ بقتلهــا في الحــل والحــرم وهــي‪ :‬الغــراب‪ ،‬والحــدأة‪ ،‬والحيــة‪ ،‬والعقــرب‪،‬‬ ‫والفأرة‪.‬‬ ‫لكن الغراب والحدأة إذا خاف ضررا منها على متاعـه ودوابـه جـاز التعـرض لقتلهـا‬ ‫ودفعها‪ ،‬أعني في الحرم إن صح هذا‪.‬‬ ‫والفاسق في الاصطلاح الشرعي من عصى االله وخالف أمره متعمدا لذلك‪ ،‬وسميت‬ ‫هذه كذلك لتعاطيها أنواع الشرور والمضار التي هي من أفعال الفسقة‪.‬‬ ‫ولما أثبت لها معنى الفسق المجازي أطلق عليها لفظ اللعن اللغوي‪ ‬كما يطلق على‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬الواجب‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬اللعنة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬عن عائشة رضي االله عنها أن رسول االله ^ قال‪» :‬خمس مـن الـدواب كلهـن فاسـق يقـتلن في الحـرم!‬ ‫الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور«‪.‬‬ ‫أخرجه البخاري في كتاب‪ :‬جزاء الصيد‪ ،‬باب‪ :‬ما يقتل المحـرم مـن الـدواب )‪ (١٨٢٩‬واللفـظ لـه‪،‬‬ ‫وأخرجه مسلم في كتاب‪ :‬الحج‪ ،‬باب‪ :‬ما يندب للمحرم وغـيره قتلـه مـن الـدواب في الحـل والحـرم‬ ‫)‪ ،(٢٨٥٣‬والنسائي في كتاب‪ :‬الحج‪ ،‬باب‪ :‬ما يقتل العقرب )‪.(٢٨٨٧‬‬ ‫وابن ماجه في كتاب‪ :‬الحج‪ ،‬باب‪ :‬ما يقتل المحرم )‪.(٣٠٨٧‬‬ ‫ورواه الإمام الربيع ‪-‬رحمه االله تعالى‪ -‬في كتاب‪ :‬الحـج‪ ،‬بـاب‪ :‬مـا يتقـي المحـرم ومـا لا يتقـي )‪(٤٠٧‬‬ ‫دون ذكره لوصف الفسق‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤١٣‬‬ ‫الفاسق الحقيقي حكم اللعن الشرعي‪ ،‬فتشاكل المعنيان لوجود المناسبة بينهما في الحقيقة‬ ‫بالحقيقة‪ ،‬وهذا في المجاز‪ ،‬ومعناه واضح‪ ،‬فلا يبين لي وجه رد الحديث‪ ،‬وتعليل الفقهاء‬ ‫فيه ليس بحجة‪ ‬فإنهم ذهبوا فيه إلى معنى غير المراد به‪ ،‬وفي القرآن ما دل بتصريح اللفظ‬ ‫مثل هذا على جواز المعنى المجازي الذي ذكرناه في قوله تعالى‪K J I M :‬‬ ‫‪ LL‬إذا كان المراد بها شجرة الزقوم فإنه سماها ملعونة باعتبار محلها فقط؛ لأنها‬ ‫تخرج في أصل الجحيم‪ ،‬طلعها كأنه رؤوس الشياطين‪ ،‬وأي محل ظهر في معنى الطرد والبعد‬ ‫من الرحمة من نشأتها في نار الجحيم‪ ،‬التي هي أصل كل شر‪.‬‬ ‫ويجوز أن تضاف اللعنة إليها باعتبار ما بها إلى ما خلقت لأجلهم‪ ،‬وهـم أهـل اللعنـة‬ ‫الأشقياء من أعداء االله تعالى‪ ،‬فلما كانت مقترنة‪ ‬بهم كانت بعيـدة مـن الخـير‪ ،‬وإذا‪ ‬ثبـت‬ ‫هذا في لفظ القرآن في الشجرة الملعونة ثبت ذلك في لفظ الحديث في العقرب الملعونة‪ ،‬فجاز‬ ‫هذا الاعتبار لمن عرف معناه فوضعه في محله ولم يقصد به ما حجـره أهـل الفقـه مـن اللعـن‬ ‫الشرعي جاز استعماله بالقياس فيما أشـبهها‪ ،‬أو زاد في ضره عليهـا مـن حيـة أو سـبع ضـار‬ ‫لاستواء العلة‪ ،‬لكن لا ينبغي كشفه لأكثر الناس؛ خوفا من وضعه في غير ما جاز له‪ ،‬وإنـما‬ ‫نبهنا عليه لئلا يدان به‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬لحجة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الإسراء‪ :‬الآية )‪.(٦٠‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬مقرنة‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬فإذا‪.‬‬ ‫‪ ٤١٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫تفضل شيخنا علينا ببيان معاني ما روي وهو »‪ ،«‬وقول النبي‬ ‫ َّ‬ ‫^‪  :‬وما شاكل هذا‪ ،‬وبين‬ ‫الخاص والعام من ذلك تؤجر إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬وأنا ضعيف عن الخوض في مثل هذا‪ ،‬مـع أني لم أجـده إلا كـذلك‪ ،‬وحملـه‬ ‫على ظاهره كأنه هو الصواب فيه؛ إذ ليس المراد به إلا إظهـار شرف العلـم وفـضيلته وبيـان‬ ‫منزلته عند االله تعالى‪ ،‬وأنه بمكانة من الفضل لا تلحق بشيء‪ ،‬وأن المتخلق به بالمحل الأعلى‬ ‫من القرب عند المولى‪ ،‬حتى ]إن أدني[‪ ‬بشيء من التنزيه أو التعظيم له‪ ،‬يكون نوع عبـادة‪،‬‬ ‫بل‪ ‬قد يكون أفضل من جمل من العبادات كما ترى في سياق الحديث‪ ،‬والمخـصوص بهـذا‬ ‫رجال االله علماء الآخرة الذين هم ورثة الأنبياء مصابيح الهدى وغيث الأمة وغوثها‪.‬‬ ‫فالنظر إليهم على سبيل البر بهم والمحبة لهم ]والتعظيم لهم[‪ ‬والتوقير والاحترام لما‬ ‫ألبسهم االله تعالى من أنوار علمه إنما هو لأجـل محبـة العلـم وهـي محـض محبـة االله تعـالى‪ ،‬أو‬ ‫التعظيم للعلم وهو من تعظيم االله تعالى وإجلاله‪ ،‬فالمتأدب بين يدي العالم متأدب بين يدي‬ ‫االله‪ ،‬والموقر له موقر الله تعالى‪ ،‬إذ‪ ‬لم يكن حبـه وتعظيمـه إلا لمزيـة العلـم‪ ،‬الـذي فـضله االله‬ ‫)‪ (١‬أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية ‪ ٨٢٨/٢‬وضعفه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرجه الديلمي بـلا سـند في »فـردوس الأخبـار« ‪ .٤٣/٥‬وقـال الـسخاوي في المقاصـد الحـسنة ص‬ ‫‪ :٥٢٢‬لا يصح‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬أرادني‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬إذا‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤١٥‬‬ ‫تعالى بها وأنزله فيها‪ ،‬وأقل ما يظهر له ذلك في النظر إليه‪ ،‬والتأمل في وجهـه حبـا الله تعـالى‪،‬‬ ‫]وتوقيرا للعلم[‪ ،‬فهي عبادة باطنية نشأت في القلب عن حب االله تعالى أو المعرفة بجلاله‬ ‫وعظمته‪ ،‬فوالى بها من والاه‪ ،‬وعادى بها من عاداه‪ ،‬وتواضع بها لمن رفـق االله تعـالى بدينـه‪،‬‬ ‫وتحبب بها إلى من أوجب االله محبته بفضله‪ ،‬فهي طهارة باطنية‪ ،‬وعبادة قلبية‪ ،‬وهي مقدمة في‬ ‫فضلها على سائر العبادات الظاهرية الخالية عن مثلها؛ لأن عبـادات الجـوارح الظـاهرة إنـما‬ ‫تراد غالبا لتطهير القلب وتصفيته حتى يتحلى بنور المعرفة ويتخلق بالأخلاق الملكية‪.‬‬ ‫فالعبادات الباطنية قليلها كثير وصغيرها كبير‪ ،‬فلذلك كان نفس النظـرة أفـضل مـن‬ ‫عبادة سنة‪ ،‬تخلو عن مثلها من الأوزار الباطنية‪ ،‬وتحديدها بالسنة خارج مخرج المثل‪ ،‬مبالغة‬ ‫عن كثير من العبادات وتعيينها‪ ،‬ولأن الإطلاق فيها محال؛ لأن كثيرا منها أكثر من النظـرة‪،‬‬ ‫وإنما يجري هذا مجرى المثل مبالغة‪ ،‬ومثله في الحديث كثـير‪ ،‬حتـى في النظـر إلى الوالـدة وإلى‬ ‫الكعبة‪ ،‬ولكل درجات مما عملوا‪.‬‬ ‫وكيف لا يستأهل ذلك العلماء باالله تعـالى‪ ،‬والقـوام بـأمر دينـه‪ ،‬والـدعاة إليـه‪ ،‬وهـم‬ ‫الآخذون بحجز الخلق‪ ،‬يذودونهم عن النار‪ ،‬ويدعونهم إلى الجنـة مـع الأبـرار‪ ،‬وربـما كـان‬ ‫بنفس النظرة إليهم لمن نظر باعتبار وفكر باتصاف‪ ،‬تحصل السلامة والنجاة من الهلكـة كـما‬ ‫روي عن عبداالله بن سلام‪ :‬لما رأيت النبي ^ عرفت أن وجهه ليس بوجـه كـذاب فأسـلم‬ ‫من حينه‪.‬‬ ‫وربما اتفق مثل هذا من بعده لبعض ورثته‪ ،‬فمقاربة‪ ‬العلماء والنظر إليهم ربما تنزل‬ ‫البركات على من رزق الهدى‪ ،‬وتحصل السعادة والفوز لمن رزق بهم الاقتداء‪ ،‬وما كان سببا‬ ‫للسلامة أو داعيا للاستقامة فلا يساجل في الفضل ولا يبارى في الشرف‪ ،‬واالله ولي كل خير‬ ‫بفضله وكرمه‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬توقير العلم‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬فبمقارنة‪.‬‬ ‫‪ ٤١٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وقد تركت الخوض في كـشف معـاني الألفـاظ وخاصـها وعامهـا ومتعلقاتهـا عجـزا‬ ‫وتقصيرا واعترافا‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫يوجد من بعض الكتب في الحديث عن النبي ^‪  :‬‬ ‫‪ ،‬وفي حديث عنه ^‪ :‬‬ ‫‪ ،‬وهذا مع قوله تعالى‪.L:987 M :‬‬ ‫يستدل على صحة قول الناظم‪ ،‬وقد يوجد من كتاب »روض الفـائق«‪ :‬‬ ‫‪ ‬أي يغطى على قلبي‪ ،‬ويطبق عليه إطباق الغين‬ ‫وهو الغيم‪ ،‬يقال غينت السماء تغان‪ ،‬والفعل مسند إلى ظرف‪ ،‬وموضـعه رفـع بالفـاء عليـه‬ ‫كأنه قيل ليغشى قلبي والمراد ما يغشاه من السهو الذي لا يخلو منه البشر‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫من تزوج امرأة فدخلت عليه‪ ،‬ما الذي ينبغي له أن يقوله من الحمـد والـشكر الله بـما‬ ‫فتفضل علي اكتب لي لفظا موجزا أقول به‪.‬‬ ‫من به عليه من فضله ؟ َّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬ورد في المخطوط الجواب فقط‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرج مسلم في كتاب‪ :‬الذكر والـدعاء‪ ،‬بـاب‪ :‬اسـتحباب الاسـتغفار )‪ (٦٧٩٨‬وأبـو داود في كتـاب‪:‬‬ ‫الصلاة‪ ،‬باب‪ :‬في الاستغفار )‪ (١٥١٥‬عن الأغـر المـزني قـال‪ :‬قـال رسـول االله ^‪» :‬إنـه ليغـان عـلى‬ ‫قلبي وإني لأستغفر االله في اليوم مائة مرة«‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬أخرجه مسلم في كتاب‪ :‬الذكر والدعاء‪ ،‬باب‪ :‬استحباب الاستغفار )‪ (٦٧٩٩‬من طريق ابن عمر‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬التوبة‪ :‬الآية )‪.(١١٨‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤١٧‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قد يروى عن النبي ^ أنه أهدي‪ ‬إليه امرأة من نسائه فأخذ بناصيتها وقال‪ :‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬فهذا ما قاله النبي وكفى به اقتداء‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫يروى في الحديث عن النبي ^ ‪‬‬ ‫‪ ‬قلت له‪ :‬ما معنى هذا الحديث‪ ،‬وعلى أي وجه يحمل؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬وهو‪ :‬أما من حيث اللغة فيقال‪َ :‬مَثل له بفتح الثاء المثلثة في الماضي‪،‬‬ ‫قياما وفي رواية أخرى حكاها جار االله‬ ‫ً‬ ‫وبضمها‪ ‬في المضارع مثولا‪ ،‬إذا انتصب له‬ ‫الزمخشري أن يصفن الناس له بالصاد الممهلة‪ ،‬والفاء والنون والصفون والمثول سواء في‬ ‫المعنى والوزن‪ ،‬ومعنى »يتبوأ مقعده من النار« رأى يتخذ له منها مقعدا يستوطنه بها‪ ،‬ومنه‬ ‫قوله تعالى‪ L ̄ ® ¬ « M :‬وقوله تعالى‪1⁄4 » o 1 ̧ M :‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬أهديت‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬ومن‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬أخرجــه أبــو داود في كتــاب‪ :‬النكــاح‪ ،‬بــاب‪ :‬في جــامع النكــاح )‪ ،(٢١٦٠‬وابــن ماجــه في كتــاب‪:‬‬ ‫التجارات‪ ،‬باب‪ :‬شراء الرقيق )‪ (٢٢٥٢‬من طريق عبد االله بن عمرو بن العاص‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬أخرجه أبو داود في كتاب‪ :‬الأدب‪ ،‬باب‪ :‬قيام الرجل للرجل )‪ (٥٢٢٩‬والترمذي في كتـاب‪ :‬الأدب‪،‬‬ ‫باب‪ :‬كراهية قيام الرجل للرجل )‪ (٢٧٦٤‬من طريق معاوية بن أبي سفيان‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬ويضمها‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬يونس‪ :‬الآية )‪.(٨٧‬‬ ‫‪ ٤١٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫1⁄2‪ L‬وهو صريح بأن من سره ذلك فهو من أهل النار‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فمعنى هذا الحديث فيمن يخرج وعلى من يطلق؟‬ ‫قال‪ :‬االله أعلم‪ ،‬وفي الظاهر أنه يتناول الحالة التي عليها أهل الكبريـاء‪ ‬والجـبروت‪،‬‬ ‫والتعاظم والاستعلاء على عباد االله تعالى في هيئـاتهم ومجالـسهم كـما عليـه ملـوك الأعـاجم‬ ‫وغيرهم من الجبابرة؛ لأنفة أنفسهم الشامخة مـن مـشاركة النـاس في الهيئـة‪ ،‬فـلا تـرضى إلا‬ ‫بالانتصاب قياما بين أيـديهم‪ ،‬مظهـرين ذل العبوديـة لهـم‪ ،‬فلـو أن أحـدا جلـس قبـل الإذن‬ ‫منهم‪ ‬له لعدوه من الكبائر التي لا تغتفر‪ ،‬وأذاقوه عليها من أليم العـذاب مـا لـيس عليـه‬ ‫مصطبر‪ ،‬فهذه الحالة هي التي يستأهل أن يتوعد عليها ذلك الحديث‪ ‬المبرطم بغضب االله‬ ‫وعذابه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فمن قدم على أخ له في ديـن أو صـاحب في دنيـا فقـام لـه محبـة وتكـريما هـل‬ ‫يشمله هذا الوعيد؟ أفلا تخبرني به‪ ،‬فإني من‪ ‬ذلك في خوف شديد‪ ،‬وعسى أن تفرج عنـي‬ ‫هذه المعضلة‪ ،‬فإني أراها من المسائل المشكلة‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد اختلف الفقهاء في ذلك‪:‬‬ ‫فقــال بعــض‪ :‬بــشمول الوعيــد‪ ‬هنالــك؛ لأن القــادم إن سر بــه فهــو هالــك بظــاهر‬ ‫الحديث‪ ،‬وإن لم يسر به فهو عمل لا طائل تحته‪ ،‬فلا يؤجر عليه‪ ،‬وفيه فتنة للقادم‪ ،‬وتعريض‬ ‫به‪ ‬للهلكة إن لم يتداركه االله بعصمته‪ ،‬وكان لـه عـن ذلـك مندوحـة بتركـه‪ ،‬فـلا تخـشى في‬ ‫)‪ (١‬الحشر‪ :‬الآية )‪.(٩‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬الكبر‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫تعليقا‪ :‬لعله الخبيث المبرطم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫)‪ (٤‬قال الشيخ أبو مسلم‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬لمن‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت(‪ :‬زيادة‪ :‬في ذلك‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤١٩‬‬ ‫الدين غائلته‪ ،‬وقد يحتج لصاحب هذا القول بما يـروى عـن بعـض الـصحابة‪ :‬كنـا لا نقـوم‬ ‫لرسول االله ^ لما نعلم من كراهيته لذلك‪ ،‬وإذا كـان هـو في جلالـة قـدره وعظـيم شـأنه‬ ‫كذلك في تركهم للقيام له فما ظنك بغيره؟!‬ ‫وقال آخرون‪ :‬إذا احتمل القادم السلامة من حب القيام له لم يحرم؛ لأن الوعيـد إنـما‬ ‫ورد في السرور بنفس القيام له لا في القيام نفـسه‪ ،‬والمـؤمن‪ ‬يحمـل عـلى حـسن الظـن بـه‪،‬‬ ‫ولكنه‪ ‬موضع خطر‪ ،‬فينبغي التحرز منه‪ ،‬وهو قريب من الأول‪.‬‬ ‫وفي قول ثالث‪ :‬إن الحديث مخصوص بالوجه الأول الذي فسرناه به‪ ،‬فلا يشمل كل‬ ‫قيام‪ ،‬ولا يتناوله‪ ،‬ولأمر ما نرى‪ ‬علماء الأمة وكبراءهم وأفاضلهم لا يتحاشون من ذلك‪،‬‬ ‫ولا يتمانعونه‪ ،‬وإنما يرونه كرما في الأخلاق‪ ،‬وبرا بالإخوان‪ ،‬ومرضاة للرحمن‪ ،‬وربما يتركـه‬ ‫المتكـبرون‪ ،‬ويتعــاظم عنــه الجبـارون‪ ،‬ويــأنف منــه المبرطمـون‪ ،‬وإذ لم يتمرنــوا عــلى مكــارم‬ ‫الأخلاق‪ ،‬وهذا هو المـذهب الـصحيح والحـق الـصريح‪ ،‬وعليـه اسـتقر العمـل‪ ،‬وأطبقـت‬ ‫الفقهاء‪ ،‬حتى أنهم ليتلقون القادم ]بالترحيـب والإكـرام[‪ ‬مـن مكـان بعيـد فـضلا عـن‬ ‫نفس القيام‪ ،‬كما يروى عن يوسف ‪-‬عليه السلام‪ -‬أنه تلقى أبـاه يعقـوب ‪-‬عليـه الـسلام‪-‬‬ ‫عند قدومه وذلك شائع‪ ،‬وقد ثبت التلقي والقيام للتحية معا في حديث الهجرة عنـد قـدوم‬ ‫رسول االله ^ إلى المدينة‪ ،‬كما هو في صحيح البخاري‪ ،‬قال‪ :‬فتلقـوا رسـول االله ^ بظهـر‬ ‫)‪ (١‬أخرجه الترمذي في كتاب‪ :‬الأدب‪ ،‬باب‪ :‬ما جـاء في كراهيـة قيـام الرجـل للرجـل )‪ ،(٢٧٦٣‬وقـال‪:‬‬ ‫حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه‪ .‬اهـ‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬زيادة من‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬ترى‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت( زيادة‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )ت( بالإكرام والترحيب‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬أخرجه البخاري في كتاب‪ :‬مناقب الأنصار‪ ،‬باب‪ :‬هجرة النبي ^ وأصحابه إلى المدينة )‪.(٣٩٠٦‬‬ ‫‪ ٤٢٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الحرة‪ ،‬فعدل بهم ذات اليمين‪ ،‬حتـى نـزل‪ ‬بهـم في بنـي عمـرو بـن عـوف‪ ،‬وذلـك في يـوم‬ ‫الاثنين من شهر ربيع الأول فقام أبو بكر للناس‪ ،‬وجلس رسول االله ^ صامتا فطفق مـن‬ ‫جاء من الأنصار ممن لم ير رسول االله ^ يحيي أبا بكر‪ .‬انتهى ما ]أردنا نقلـه بلفظـه[‪ ‬مـن‬ ‫حديث طويل‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫فقد رأيت أن أهل المدينة قد تلقوا رسول االله ^‪ ،‬ثم رأيت أن أبا بكر قـام للنـاس‬ ‫للتحية فهو من أوضح الأدلـة عـلى جـواز القيـام للقـادم والمحيـي والزائـر‪ ،‬ولا يمنـع ]مـن‬ ‫التلقي[‪ ‬له مع ذلك أيضا؛ لما ثبت مـن جـواز التلقـي للقـادم في هـذا الحـديث الـصحيح‪،‬‬ ‫وليس في ترك القيام له ‪-‬صلوات االله عليه‪ -‬دليل عـلى حجـره؛ إذ لا قائـل بـأن الرسـول ‪-‬‬ ‫صلوات االله عليه‪ -‬قد حجره عليهم ولا منعهم منه‪.‬‬ ‫والظاهر أنه لما كان ^ كثير التواضع‪ ،‬عظيم هضم النفس‪ ،‬شديد التوطن على ذلك؛‬ ‫لكونه على خلق عظيم لا يزاحمه فيه غيره‪ ،‬وقـد علمـوا بمحبتـه؛ لـذلك تركـوا‪ ‬القيـام لـه‬ ‫إيثارا لحبه التواضع؛ لأن المرء يكرم بما يحـب‪ ،‬وإذا كانـت محبـة الرسـول لـذلك مـنهم فهـو‬ ‫الأفضل في حقهم‪ ،‬وهي الأعظم في منزلتهم عند االله تعالى‪.‬‬ ‫وليس في ذلك دلالة على المنع كما ترى وبه تعرف‪ ‬إن شاء االله أن القيـام كغـيره مـن‬ ‫الأعمال‪ ،‬قد يكون بحسب النيات والعوارض مع اخـتلاف مواضـعه‪ ،‬فاضـلا ومفـضولا‪،‬‬ ‫ومكروها ومحجورا‪ ،‬وشرح ذلك كلـه يعـرف بالقواعـد الفقهيـة والأصـول الـشرعية‪ ،‬فـلا‬ ‫حاجة إلى بسطه؛ إذ ليس الغرض في هذا المقام إلا إزاحة هذه الشبهة‪ ،‬وقد ارتبك فيها كثير‬ ‫)‪ (١‬في )ت( فنزل‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬أردناه بلفظه‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬ترك‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬يعرف‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٢١‬‬ ‫من الناس‪ ،‬ولم يقدروا على الخـروج مـن هـذا الالتبـاس‪ ،‬حتـى توقفـوا عـن القـول في هـذا‬ ‫الحديث؛ لما رأوا إطباق الأمة على ذلك في العمل من قديم وحديث‪ ،‬فأحببت‪ ‬أن أوضح‬ ‫ما عندي فيه في هذا السؤال والجواب‪.‬‬ ‫واالله نستهديه ونستمده الإرشاد إلى الصواب بفضله وكرمه‪ ،‬والحمد الله رب العالمين‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫هل شيخنا في هذه الرواية عن النبي ^ أنه قال‪ :‬‬ ‫‪ ‬أفي ذلك اختلاف أو ناسخ لها‬ ‫‪‬‬ ‫؟ وإذا صرنا لا بد لنا من مخالطة أبناء‪ ‬زماننا في أمور دنيانا‪ ،‬أو تدبير معاشنا‪ ،‬ولم نستغن‬ ‫عن الكلام في الأسواق وغيرها‪ ،‬والبيع والـشراء‪ ،‬مـا الحيلـة لنـا والخـلاص لـديننا إذا كـان‬ ‫الأمر كذلك؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫الحديث صحيح‪ ‬ولا ناسخ له‪ ،‬وهو موافق للآية الشريفة المحكمة‪$ # " M :‬‬ ‫‪ L1 0 / . - , + * ) ( ' & %‬لكن الأمر‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬فأجبب‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرجه الترمذي في كتاب‪ :‬الفتن‪ ،‬باب‪ :‬مـا جـاء في حفـظ اللـسان )‪ ،(٢٤٢٠‬وابـن ماجـه في كتـاب‪:‬‬ ‫الفتن‪ ،‬باب‪ :‬كف اللسان في الفتنـة )‪ (٣٩٧٤‬مـن طريـق أم حبيبـة‪ ،‬وقـال الترمـذي‪ :‬حـديث حـسن‬ ‫غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن يزيد بن خنبش‪ .‬اهـ‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت( زيادة‪ :‬أهل‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬تستغن‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬النساء‪ :‬الآية )‪.(١١٤‬‬ ‫‪ ٤٢٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫بالمعروف في الآية الشريفة والحديث النوراني شامل لكل ما يتكلم به العبد من الحق من‬ ‫واجب أو وسيلة أو مباح‪ ،‬فهو عام فيما ليس بمنكر؛ لأن المعروف ما عرفته القلوب‬ ‫السليمة‪ ،‬والمنكر ضده‪ ،‬ولا يستقيم غير هذا أبدا‪.‬‬ ‫ولهذا تنوعت العبارة في الموضعين‪ ،‬فذكر في الآية الـصدقة والإصـلاح وفي الحـديث‬ ‫النهي عن المنكر وذكر االله‪ ،‬والمعنى واحد‪ ،‬فالكلام مـثلا في الجهـاد في سـبيل االله أو في نـشر‬ ‫العلم وأحكامه‪ ،‬وسيرة السلف الصالح‪ ،‬أو ما كان مـن المبـاح كـالتزويج والبيـع والـشراء‬ ‫وتعليم الآداب والحكم والمصالح وتحـذير الغوائـل الدينيـة‪ ،‬أو‪ ‬الدنياويـة‪ ،‬كـل هـذا مـن‬ ‫المعروف الذي يكون الأمر به أمرا بالمعروف‪ ،‬ومما للعبد لا ما عليه‪ ،‬فينبغـي أن تعـرف سر‬ ‫الحديث لئلا يشكل عليك فتفهم منه غير المراد به‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫تفضل شيخنا أوضح لنا فحوى قول سيدنا محمد ^ حيث قال‪ :‬‬ ‫ َّ‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫العلم بفتحتين هو الفاصل بين الأرضين لغـة‪ ،‬ومعنـاه هنـا أن الـصلاة هـي العلامـة‬ ‫ََ‬ ‫الفاصلة بين الشرك والإيمان؛ لأنها هي عماد الدين كما ثبـت في حـديث عنـه‪ ،‬فمـن صـلى‬ ‫صح إيمانه وعلم‪ ،‬ومن سـاءت صـلاته أو نقـصت أو كرهـت أو قبحـت فلركاكـة في إيمانـه‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرجه أبو نعيم في أخبـار أصـبهان ‪ ٢٧١/٢‬مـن طريـق أبي سـعيد قـال‪ :‬قـال رسـول االله ^‪» :‬علـم‬ ‫الإيمان الصلاة فمن فرغ لها قلبه وحاذ عليها بحدها ووقتها وسننها فهو مؤمن«‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬أخرجه الإمام الربيع في كتاب‪ :‬الصلاة‪ ،‬باب‪ :‬في فضل الصلاة وخشوعها )‪ (٢٨٥‬من طريق الـسيدة‬ ‫عائشة ‪-‬رضي االله عنها‪.-‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٢٣‬‬ ‫بقدر ذلك‪ ،‬ومن زكت صلاته وحسنت فيها أفعاله‪ ،‬وخشعت بهـا جوارحـه‪ ،‬واشـتغل بهـا‬ ‫علم الإيمان وشعاره في الإساءة والإحسان‪.‬‬ ‫قلبه‪ ،‬فلسبب إيمانه كان ذلك‪ ،‬فإنها هي َ َ‬ ‫فهي دليل المزيد منه والنقصان مؤد إلى ]ما يكون[‪ ‬غدا له من الربح والخسران‪،‬‬ ‫المفضي بصاحبه لسخط ربه إلى دار الشقاوة والهوان‪ ،‬وإن أرضاه إلى الجنان في جوار الرحمن‪،‬‬ ‫أعدت لأهل الإيمان‪Y X W M L ́ 3 2 ± ° M ،‬‬ ‫‪.L¶μ ́3M LZ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫مسألة من خميس بن سليم بن خميس الأزكوي‪:‬‬ ‫ومـــن غـــدا في الـــورى نـــارا عـــلى علـــم‬ ‫يـــا شـــيخي الزاكـــي الأفعـــال والـــشيم‬ ‫فهـــو القمـــين بمـــدحي يـــا أولي الــــشيم‬ ‫غــــير الخلــــيلي مــــا‪ ‬أعنــــي بــــه أحــــدا‬ ‫محمـــــد قـــــال وهـــــو الـــــصادق الكلـــــم‬ ‫فأوضـــــحن لي فحـــــوى قـــــول ســـــيدنا‬ ‫‪‬‬ ‫يزيـــــد في العمـــــر إلا الـــــبر فـــــانتظم‬ ‫مـــــا إن يـــــرد القـــــضا إلا الـــــدعاء ولا‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬مكان‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬الرحمن‪ :‬الآية )‪.(٦٠‬‬ ‫)‪ (٣‬الصافات‪ :‬الآية )‪.(٦١‬‬ ‫)‪ (٤‬المطففين‪ :‬الآية )‪.(٢٦‬‬ ‫)‪ (٥‬خميس بن سـليم الأزكـوي‪ ،‬أبـو وسـيم المنـذري بـالولاء‪ ،‬أديـب شـاعر‪ ،‬ولـد في إزكـي ثـم انتقـل إلى‬ ‫سمائل‪ ،‬يذكر أن له ديوانا جامعا لأشعاره‪ ،‬وقصائده كثيرة‪ ،‬كان معاصرا للمحقق الخلـيلي‪ ،‬تـوفي مـا‬ ‫بـــين ‪١٣٢٩-١٣٢٠‬هــــ‪ ،‬ينظـــر‪ :‬معجـــم شـــعراء الإباضـــية‪ ،‬فهـــد بـــن عـــلي الـــسعدي‪،‬ط‪،١‬‬ ‫‪١٤٢٨‬هـ‪٢٠٠٧/‬م‪ ،‬مكتبة الجيل الواعد‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٩٤‬‬ ‫)‪ (٦‬في )م(‪ :‬فما‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬أخرجه الترمذي في كتاب‪ :‬القدر‪ ،‬باب ما جاء لا يرد القدر إلا الدعاء )‪ ،(٢١٣٩‬وقال إثـره‪ :‬حـسن‬ ‫غريب‪.‬‬ ‫‪ ٤٢٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫كنـــــــه المـــــــراد وتـــــــم الآن منتظمـــــــي‬ ‫هــــذا الحــــديث وأرجــــو كــــشفه لأرى‬ ‫‪ ‬‬ ‫عــن حــل مــشكل أسرار الحــديث عمــي‬ ‫هــــذا جــــواب قــــصير البــــاع والقــــدم‬ ‫إلا لفقــــــدان أهــــــل العلــــــم والحكــــــم‬ ‫مــــــا حــــــل ســــــائله يومــــــا بــــــساحته‬ ‫يستــــــسمنون بــــــلا شــــــحم أخــــــا ورم‬ ‫إذ أصــبح النــاس مــن فــرط الغبــاوة قــد‬ ‫رب الــــسموات مــــولى بــــارىء النــــسم‬ ‫قــــــدره‬ ‫ّ‬ ‫إن القــــــضاء عــــــلى ضربــــــين‬ ‫كـــــالموت للأجـــــل المعلـــــوم في القـــــدم‬ ‫فمنـــــه مـــــا هـــــو حـــــتم لا مـــــرد لـــــه‬ ‫أن لا يكــــــون لأســــــباب بهــــــن حمــــــي‬ ‫ومنــــــه مــــــا هــــــو يقــــــضيه ويعلمــــــه‬ ‫ردا مجـــــازا بحـــــسب الظـــــاهر الأمـــــم‬ ‫منهــــــا الــــــدعاء وســــــماه النبــــــي لــــــه‬ ‫عــــــذاب وهــــــو قــــــضاء كونــــــه لهــــــم‬ ‫كقــــوم يــــونس لمــــا آمنــــوا كــــشف ال‬ ‫مــــن بعــــد مــــا عــــاينوه موضــــح الــــنقم‬ ‫لكنـــــــه رد بـــــــالإيمان حـــــــين دعـــــــوا‬ ‫العمـــــر الممـــــدود في القـــــسم‬‫إلا أخـــــو ُ ُ‬ ‫ولم يوفـــــــق إلى‪ ‬الـــــــبر المـــــــشار لـــــــه‬ ‫معنــــــى مزيــــــد ولا نقــــــص لمحــــــترم‬ ‫فهـــــو الأمـــــارة جـــــاءت بالبـــــشارة لا‬ ‫إشـــكال في الحـــق عنـــد الحـــاذق الفهـــم‬ ‫فــــافهم هــــديت لأسرار الحــــديث فــــلا‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫مما يوجد عن ابن مسعود‪ :‬‬ ‫‪ ‬مـا الفـرق بيـنهما؟ أيجـوز لي أن أدعـو‬ ‫بالدعاءين أم لا يجوز؟ هذا نهي كراهية أم نهي تحريم أم نهي أدب؟ ِّبين لنا ذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬إن صح عن ابـن مـسعود فكأنـه يـشير إلى أن بعـض الفـتن قـد تكـون مـن‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬للبر‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٢٥‬‬ ‫مـصالح الإسـلام‪ ،‬فـلا يـستعاذ منهـا كـما قيـل‪ :‬لا تكرهـوا الفـتن فـإن فيهـا قمعـا لـرؤوس‬ ‫الجبارين‪ ،‬ولهذا خصص الاستعاذة بكونها من الفتن المضلة‪ ،‬ومعنا أنه يجوز الاستعاذة مـن‬ ‫الفتن على العموم في اللفـظ للتغليـب‪ ،‬أو عـلى نيـة الخـصوص بالفتنـة المـضلة أو المرديـة في‬ ‫الدين أو الدنيا‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ^ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫في عدد الأنبياء‪ :‬عـن الخـضر ‪-‬عليـه الـسلام‪ -‬في شرح هـذا كلـه محلـه كتـب الفقـه‪،‬‬ ‫وجدت ذلك مكتوبا قـال‪ :‬إنـه لمـا قـبض محمـد ^ شـكت الأرض إلى االله جـل اسـمه‪ :‬إني‬ ‫علي نبي إلى يوم القيامة‪ ،‬فأوحى االله تعالى إليهـا‪ :‬إني سـأجعل في هـذه‬ ‫يارب بقيت لا يمشي ّ‬ ‫الأمة رجالا مثل الأنبياء‪ ،‬قلوبهم على قلوب الأنبياء‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬كم هم؟‬ ‫قال‪ :‬ثلاثمائة وهم الأولياء‪ ،‬وسبعون وهم النجباء‪ ،‬وأربعون وهم الأوتـاد‪ ،‬وعـشرة‬ ‫وهم الأتقياء‪ ،‬وسبعة وهم العرفاء‪ ،‬وثلاثة وهم المختارون‪ ،‬وواحد وهو الغوث‪.‬‬ ‫فأما الغوث اختير من الثلاثة‪ ،‬فيجعل في مرتبة‪ ،‬ويختار من السبعة واحد‪ ،‬فيجعل في‬ ‫الثلاثة‪ ،‬ويختار من العشرة إلى السبعة‪ ،‬ومن الأربعين إلى العشرة‪ ،‬ومن السبعين إلى‬ ‫الأربعين‪ ،‬ومن ثلاثمائة‪ ‬إلى السبعين‪ ،‬ويختار من أهل الدنيا واحد إلى ثلاثمائة هكذا إلى يوم‬ ‫القيامة‪ ،‬فمنهم من قلبه مثل قلب موسى‪ ،‬ومنهم من قلبه مثل قلب نوح‪ ،‬ومثل قلب‬ ‫إبراهيم‪ ،‬ومثل قلب جبرائيل ‪-‬عليهم السلام‪ ،-‬ومثل قلب داود وسليمان وأيوب وعيسى‪،‬‬ ‫أما سمعت االله جل اسمه يقول‪.LÄÃM :‬‬ ‫قال‪ :‬فـما مـن نبـي إلا وعـلى طريقتـه رجـل مـن هـذه الأمـة إلى يـوم القيامـة‪ ،‬فلـو أن‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(٩٠‬‬ ‫‪ ٤٢٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الأربعين اطلعوا على قلوب العـشرة‪ ،‬لـرأوا قـتلهم ودمـاءهم حـلالا‪ ،‬وكـذلك العـشرة لـو‬ ‫اطلعوا على قلوب الأربعـين‪ ،‬لـرأوا قـتلهم ودمـاءهم حـلالا‪ ،‬أمـا تـرى مـا كـان مـن قـصة‬ ‫موسى‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫اعلم شيخنا أنا نظرنا في جملة عدد هؤلاء الأبرار الأتقياء الأخيار‪ ،‬فوجدناها أربعمائة‬ ‫وواحد وثلاثين‪ ،‬ونظرنا في هذا الاختيار‪ ،‬ولم نعرف حقيقة معناه‪ ،‬ومـا المـراد بـه وأيـضا لم‬ ‫نعرف معنى قوله‪ :‬في أن لو كان اطلاع منهم على قلوب بعضهم بعض لرأى الكل منهم أن‬ ‫دماء بعضهم بعض حلال‪.‬‬ ‫فكيف ذلك‪ ،‬وما هو وعلى أي وجه يخـرج‪ ،‬ومـا قـصة موسـى التـي‪ ‬بهـا اسـتدل ؟‬ ‫تفضل علينا بكشف غطاء جهلنا‪ ،‬لعسى أن ينكشف لنـا بـذلك مـا ينـور عقولنـا‪ ،‬ويـشرح‬ ‫ َّ‬ ‫صدورنا‪ ،‬فنصير بك أحياء بعد أن كنا موتى‪ ،‬وبصراء‪ ‬بعد أن كنا ذوي عمى‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫هذا كلام حسن وهكذا يوجـد‪ ،‬لكـن ينبغـي النظـر فيـه أولا في أصـله هـل هـو عـن‬ ‫رسول االله ^أم عن‪ ‬غيره فكأنه ليس عنـه بـدليل قولـه‪ :‬لمـا مـات رسـول االله ^ شـكت‬ ‫الأرض؛ لأنه كائن من بعده ‪-‬صلوات االله عليه‪ ،-‬فهل‪ ‬من رسول بعده يوحى إليه فيخبر‬ ‫أن الأرض شكت‪ ،‬فأجابها االله تعالى بذلك‪ ،‬وما ثم رسول ولا نبي‪ ،‬فـصح أن المخـبر بهـذا‬ ‫عن االله تعالى غير رسـول ولا نبـي‪ ،‬فـإن كـان هـذا عـن غـير رسـول ولا نبـي فهـو مـصنوع‬ ‫موضوع لا يجوز قبوله‪ ،‬وإذا لم يجـز قبولـه فـلا حاجـة لنـا إلى الاعتنـاء بـه‪ ،‬وقـد كفينـا أمـره‬ ‫فاطلبوا الحق أنى تجدونه‪ ،‬فما عندي فيه غير هذا‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬الذي‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬من‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬هل‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٢٧‬‬ ‫وأما صورة الكلام فحسن ]لـو صـح[‪ ‬لـك تحقيـق صـحة شـكله بـما قـدمناه‪ .‬واالله‬ ‫أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫في النوم المنهي عنـه بـين العـشاءين‪ ،‬أهـو نهـي أدب أم نهـي تكريـه‪ ،‬وإذا لم يـستطع‬ ‫الرجل على فعل شيء من الطاعات والوسائل في ذلك الوقت لعجزه‪ ،‬وإذا قعـد عنـد أبنـاء‬ ‫زمانه صار يتكلم أو يسمع من الكلام الذي‪ ‬لا معنى له في أمور الدنيا‪ ،‬أيجوز له النـوم في‬ ‫ذلك الوقت إذا توخاه النوم‪ ،‬وغلبه وخوفه أن يخوض في كـلام الـدنيا‪ ،‬مـا الأحـسن لـه في‬ ‫ذلك إذا جبن عن عمل شيء مـن الوسـائل‪ ،‬ونيتـه في النـوم انتظـار صـلاة‪ ‬العتمـة داخـل‬ ‫المسجد؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫النهي فيه نهي أدب‪ ،‬وتلحقه الكراهية لفضيلة الوقت‪ ،‬وينبغي لمن قدر أن يـستفرغه‬ ‫في الطاعة كذكر أو صلاة أو قراءة قرآن أو حديث أو أثر أو تعلم علـم أو مـذاكرة‪ ،‬فمـن لم‬ ‫يجد إلا الخوض في اللغو والباطل فالنوم خير له؛ لأن السلامة لا تعادل‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬يوضح‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أخرجـه البخـاري في كتـاب‪ :‬المواقيــت‪ ،‬بـاب‪ :‬مـا يكـره في النــوم قبـل العـشاء )‪ ،(٥٦٨‬وأبــو داود في‬ ‫كتاب‪ :‬الأدب‪ ،‬باب‪ :‬النهي عن السمر بعد العشاء )‪ ،(٤٨٤٩‬والترمذي في كتاب‪ :‬أبـواب الـصلاة‪،‬‬ ‫باب‪ :‬ما جاء في كراهية النوم قبل العـشاء والـسمر بعـدها )‪ ،(١٦٨‬وابـن ماجـه في كتـاب‪ :‬الـصلاة‪،‬‬ ‫باب‪ :‬النهي عن النوم قبل صلاة العشاء وعن الحديث بعدها )‪ (٧٠١‬من طريق أبي برزة‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬ما‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬لصلاة‪.‬‬ ‫‪ ٤٢٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ومما يوجد عنه ^ حيث قال‪  :‬بين لي شرح هذه الرواية‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫نعم قد ثبت عن النبي ^ أنه قال‪ :‬‬ ‫‪ ‬فدل ذلك على عدم جواز الوصية لكل وارث إذا لم يكن بحق قد ثبت على‬ ‫الهالك ووجب عليه الخلاص منه‪ ،‬فلا تجوز للوارث وصية‪ ،‬وإن أوصى له كانت باطلة‪.‬‬ ‫ومن مثل هذا ما اعتاده الناس من الوصية للزوجـة بنفقـة وكـسوة مادامـت في عـدة‬ ‫الوفاة منه وهذا باطل‪.‬‬ ‫ومنه ما توصي المرأة لزوجها من الصداق إن كان لها عليه صداق وهذا مثله باطل‪.‬‬ ‫ومثله من يوصي بسلاحه وكسوته ونحو ذلك لأولاده الذكور فهذا باطل أيـضا‪ ،‬أو‬ ‫بصيغة‪ ‬المرأة وما بقي من عطرها وكسوتها لبناتها بعد موتها‪ ،‬وهذا كله باطل عاطل لـيس‬ ‫بشيء وعليه فليقس‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬أخرجه الإمام الربيع في باب‪ :‬في المواريث )‪ (٦٦٧‬من طريـق ابـن عبـاس مرفوعـا‪ .‬ورواه النـسائي في‬ ‫كتاب‪ :‬الوصايا‪ ،‬باب‪ :‬إيصال الوصية للوارث )‪ ،(٦٤٦٨‬والترمذي في كتـاب‪ :‬الوصـايا‪ ،‬بـاب‪ :‬مـا‬ ‫جاء لا وصية لوارث )‪ ،(٢١٢١‬وابن ماجه في كتـاب‪ :‬الوصـايا‪ ،‬بـاب‪ :‬لا وصـية لـوارث )‪(٢٧١٢‬‬ ‫من طريق عمرو بن خارجة‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬الصيغة في العرف العماني هي حلي المرأة‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٢٩‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ٤٣٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٣١‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪  ‬‬ ‫على المعنى من قـول الـشيخ أبي محمـد‪ :‬أنـه إذا أمرنـا االله تعـالى بـأمر‪ ،‬وجـب علينـا‬ ‫التزامه وامتثاله‪ ،‬إلا أن تدل على غير وجوبه قرينة أو مقدمـة أو لاحقـة‪ ،‬وإلا فهـو كـذلك‪،‬‬ ‫تفضل شيخنا أوضح لنا في هذا مثالا نعرفه لنقيس عليه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬وهذه مسألة من مسائل الكلام‪ ،‬اختلف فيها الفقهاء والمتكلمون‪ ،‬وأكثر‬ ‫قولهم أن الأمر على الوجوب ما لم تقم قرينة بعدم وجوبه؛ لأن على العبد امتثال أمر سيده‬ ‫حتما واجبا كقوله تعالى‪،L _ ^ ] M ،L ( ' & % $ M :‬‬ ‫‪ L n m l kM‬فإن حصلت قرينة أن الأمر به‪ ‬إباحي أخذ بها كقوله‬ ‫تعالى‪ LA @ ? > = < ; M :‬فقد علم أن ذلك كان ممنوعا من‬ ‫الصائم‪ ،‬وقد نزلت الآية بالرخصة لا بالوجوب‪ ،‬فالأمر على الإباحة معلوم بالقرينة‬ ‫)‪ (١‬هو أبو محمد عبد االله بن محمـد بـن بركـة الـسيلمي البهلـوي‪ ،‬مـن علـماء القـرن الرابـع‪ ،‬مـن شـيوخه‪:‬‬ ‫الإمام سعيد بن عبد االله والعلامة أبو مالك غـسان بـن الخـضر الـصلاني‪ ،‬مـن تلامذتـه المـشهورين‪:‬‬ ‫الــشيخ أبــو الحــسن البــسيوي‪ ،‬لــه مؤلفــات منهــا الجــامع وكتــاب التقييــد وكتــاب الموازنــة وكتــاب‬ ‫التعارف‪ .‬ينظر‪ :‬إتحاف الأعيان ‪.٢٩٥/١‬‬ ‫)‪ (٢‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(٣١‬‬ ‫)‪ (٣‬النحل‪ :‬الآية )‪.(٩١‬‬ ‫)‪ (٤‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(٤٣‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت( بها‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(١٨٧‬‬ ‫‪ ٤٣٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫لمقدمة‪ ‬تنسخ الحرمة‪ ،‬وبلاحقة وجود الإباحة‪.‬‬ ‫وكذا في قوله‪ L, + * ) M :‬يعلم بقرينة أنه ليس ً‬ ‫أمرا بالمفترضات‬ ‫والشرائع‪ ،‬وإنما هو لمجرد‪ ‬الإباحة‪ ،‬وكذا في قوله تعالى‪ L1 ̧ ¶ μ M :‬يعلم‬ ‫بقرينة المقدمة من القصة المتنازع فيها‪ ،‬وما لم تقم القرائن فهو على الوجوب‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ومما يوجد عـن الـشيخ الربـاني أبي سـعيد‪ :‬ولـسنا ممـن يـرد الروايـات‪ ،‬فـإن صـدقوا‬ ‫فلأنفسهم‪ ،‬وإن كذبوا فعليها‪ ،‬وما أحفظه أن لفظ أبي سعيد هذا بعينه‪ ،‬بين لنا جميع ذلك‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫قول الشيخ‪» :‬أهل الروايات أولى بما رووا« صحيح إذا احتمل فيها الحـق والباطـل‪،‬‬ ‫ولم تثبت في الطرق الصحيحة عنه ^ فلا يقطع بثبوتها وصـحتها‪ ،‬ولا يـصح الجـزم أيـضا‬ ‫بنفيها على سبيل القول بالغيب‪ ،‬وأولي الروايات أولى بما رووا إن صـدقوا فلأنفـسهم‪ ،‬وإن‬ ‫كذبوا فعليها‪ ،‬وما ربك بظلام للعبيد‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قد وجدنا شيخنا أن شيئا من الأثر لم يعمل به‪ ،‬ولا يؤخذ بشيء منه‪ ،‬مثل »المصنف«‬ ‫)‪ (١‬في )يم( بمقدمة‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(٣١‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م( بمجرد‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(٢٢٣‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٣٣‬‬ ‫و»مختصر الخصال«‪ ،‬و»منهاج العدل«‪ ،‬و»جامع أبي محمد«‪ ،‬أهذا القـول لـه أصـل صـحيح‬ ‫عندكم أم لا؟‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫كل آثار المسلمين الصحيحة جائز العمل بها‪ ،‬ولكن في بعض الآثار مسائل مجملة لا‬ ‫بد من النظر فيها‪ ،‬لتفصيلها وتفسيرها‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫في الذي يقرأ في بعض الكتب‪ ،‬ووجد مسألة فيها كذا وكذا وقد قيل‪ ،‬ولم يبين ما هو‪،‬‬ ‫أتكون قد قيل نفسها تقتضي الاختلاف‪ ،‬ويصير في تلك المسألة معنى غير ذلك؟ تفضل ّبين‬ ‫لنا ذلك مأجورا إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫هذا اللفظ غير صريح في وجود الاختلاف‪ ،‬فلو وجد مـثلا وقـد قيـل في الخنزيـر إن‬ ‫حرمته بنص الكتاب وإجماع الأمة لم يدل ذلك على أن القائل أشار إلى وجود الاختلاف في‬ ‫أثرا وجده‪ ‬كذلك فنبه عليه بقوله‪ :‬قد قيل ذلك‪ ،‬وربما وجـد‬ ‫ذلك‪ ،‬لكن يمكن أنه حكى ً‬ ‫ذلك في مواضع يختلف فيها وقصد التنبيه على الاختلاف‪ ،‬فلا بد من مراعاة قرائن الأحوال‬ ‫لوضع كل حكم موضعه‪ ،‬إذ لا يصح غير ذلك‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫]ما معنى قولهم الموجود في الأثر‪ :‬إن الدين بنـي عـلى الحكـم وعـلى قيـاد الاطمئنانـة‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬وحده‪.‬‬ ‫‪ ٤٣٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪‬‬ ‫والعرف والعادة[‬ ‫‪ ‬‬ ‫هذا من مجمل الأثـر‪ ،‬ولا يـصح إلا عـلى تأويـل الخـصوص والعمـوم‪ ،‬والحكـم هـو‬ ‫الأصل في كل شيء‪ ،‬والاطمئنانة والعرف والعادة فروع يجوز‪ ‬التوسع بهـا مـا لم تعارضـه‬ ‫حجة توجب المنع في الحكم‪ ،‬وهذا في غالب الأمور مثاله‪ :‬يأتيك عبد مملوك بهدية يزعم أنها‬ ‫من عند سيده‪ ،‬أو يدعوك إلى بيت سيده لدخول‪ ‬أو أكل أو نحوه‪ ،‬ويزعم أنه بأمر سيده‪،‬‬ ‫فيجوز الأخذ بقوله في الاطمئنانة والعرف والعادة وهو واسع‪ ،‬ولو أنكـر الـسيد ذلـك ولم‬ ‫تقم به الحجة بطل قول العبد‪ ،‬وووجب التسليم للحكم‪ ،‬والحكم لا يصح إلا بإقرار جـائز‬ ‫أو بينة عدل‪.‬‬ ‫ومثل هذا يتعذر في أكثـر المعـاملات مـن الأخـذ والعطـاء والبيـع والـشراء والهبـات‬ ‫والتزويج‪ ،‬ويدخل في معاني الطهارات والنجاسات والأوقات والوصايا وغيرهـا‪ ،‬كـما لـو‬ ‫تنجست بئر أو ثوب فيؤخذ في تطهيره‪ ‬بقول عبد أو امرأة أو غير ثقة‪ ،‬وذلك‪ ‬في الحكم‬ ‫لا يجزي‪ ،‬وقس على ذلك‪ ،‬فالحكم هو الأصل في الجميـع‪ ،‬والاطمئنانـة جـائزة مـع ارتفـاع‬ ‫الريب حيث لا شبهة فيه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬تجوز‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬للدخول‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )م(‪ :‬تطهره‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬فذلك‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٣٥‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫العالم إذا‪ ‬أفتى بباطل زللاً من لسانه‪ ،‬فعمل به المفتى أيهلك أم لا؟‬ ‫‪ ‬‬ ‫قد قيل‪ :‬إن المفتي في هذا الموضع سالم‪ ،‬والعامل بذلك في موضع ما لا يـسعه العمـل‬ ‫به هالك‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬إذا دخل فيما لا يسعه جهله من الأفعال المحجورة مع اعتقاد التوبة منه بعينـه‬ ‫إن كان باطلا إن هدي إلى ذلك‪ ،‬وإلا ففي الجملة‪ ،‬واعتقد السؤال عنه بعينه إن اهتـدى إلى‬ ‫ذلك‪ ،‬وإلا ففي الجملة لما يلزمه من ذلك‪ ،‬والدينونة بالخلاص مما يلزمه من ذلـك بعينـه إن‬ ‫عرف ذلك إن كان مما يلزمه فيه حق‪ ،‬وإلا ففي الجملة‪ .‬فقد قيل‪ :‬إنه يرجى له أن لا يهلـك‬ ‫بذلك على هذه الشروط المذكورة‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬إنه لا يهلك على هذا إلا أن يقـع فـيما لا يـسع جهلـه‪ ،‬فلـه حكـم آخـر‪ ،‬وقابـل‬ ‫الباطل ليس بمعذور في قبوله‪ ،‬ولا بمباح له فعله ولا القيام عليه‪ ،‬وإنما رجيت‪ ‬له النجاة‬ ‫في هذه الصورة بما اعتقده وأتى بـه مـن التوبـة والدينونـة والـسؤال الواجـب عليـه‪ ‬جملـة‬ ‫وتفصيلا؛ لأن الهلاك يتحقق مع عدم ذلك لا مع وجـوده‪ ،‬فكـل داخـل في مـأثم أو هلكـة‬ ‫فالنجاة له منها موجودة بالتوب والسؤال والدينونة بالواجب‪ ،‬ولا يهلك بذنبه تائـب مقـر‬ ‫دائن بالواجب عليه؛ فإنه لا يهلك على االله إلا هالـك قـد شرد عـن االله شراد البعـير النـافر‪،‬‬ ‫وهو الذي لم يتب ولم يرجع إلى الحق‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬إن‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬وجبت‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫‪ ٤٣٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫‪ ‬‬ ‫عن الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬واتفق أصحابنا أن القول بالرأي الذي لا يجـوز ]فيـه‬ ‫الاخـتلاف لا يجـوز[‪ ،‬وهالــك مـن‪ ‬أجــاز ذلـك‪ ،‬ومعـي أن في ذلــك نظـرا يحتــاج‪ ‬إلى‬ ‫تفصيل القول في ذلك ليخص كل وجه منه حكمه في ذلك‪ ،‬فأما مـا لا تقـوم بـه الحجـة إلا‬ ‫بالسماع مـن ديـن االله تعـالى‪ ،‬وقامـت الحجـة بمعرفتـه فـلا يجـوز فيـه القـول بـالرأي بجـواز‬ ‫الاختلاف؛ لأنه لا يسعه اختلافه بعد ذلك على كل حال‪.‬‬ ‫وإن خالفه على ذلـك فـلا شـك في هلاكـه‪ ،‬وأمـا فـيما لا تقـوم عليـه الحجـة بمعرفتـه‬ ‫بالسماع مما لا تقوم بمعرفته الحجة إلا بالسماع‪ ،‬وظن في تفسير الحق أنه كذا وكذا من غير أن‬ ‫يشك‪ ‬فيه فيلزمه الوقوف بالشك‪ ،‬ولم يخطر بباله أنه عسى أن يكون في ذلك حكـم أنزلـه‬ ‫االله تعالى‪ ،‬أو في السنة جاء في ذلك حكم أو في إجماع حق فيلزمه الوقوف فأخطـأ الحـق فـلا‬ ‫يهلك بذلك مع صدقه وصدق‪ ‬إخلاصه إلى االله تعـالى في العمـل بـالحق‪ ،‬واعتقـاده أنـه لا‬ ‫يعمل إلا بالحق‪ ،‬ومتى ظهر له من علمه باطل ليرجع عنه ما لم يدن بذلك الخلاف‪.‬‬ ‫وهذا القول يخالف من قال‪ :‬إن من وجد في الشريعة للزوجة الربع مـن المـيراث مـن‬ ‫زوجها‪ ،‬والمراد كذلك مع غـير الأولاد‪ ،‬فلـم يـدر بـذلك وأفتـى أن لهـا الربـع‪ ،‬وهنـاك مـع‬ ‫الزوج أولاد إن خطأ العالم في هذا لا يعذر به إذا لم يكن أراد لها الثمن‪ ،‬فزلـت لـسانه فقـال‬ ‫من حيث لا يدري بنفسه‪ :‬إن لها الربع فهو الذي يعذر به من الخطأ‪ ،‬وإن خطر بباله عـسى‬ ‫أن يكون قد جاء في دين عن االله في تنزيله أو في السنة أو في الإجماع لزمه الوقوف‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬الاختلاف فيه‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬فيه‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬ويحتاج‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬شك‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬صدق بدون واو‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٣٧‬‬ ‫ومعي أنه لم يتوقف على هذا‪ ،‬وظن الحق ظنا لا شك معه فيه‪ ،‬وفي نفسه أن لو ثقل في‬ ‫ذلك ما دخل في الشك‪ ،‬فلا يهلك العالم المفتي‪ ،‬ولا المفتى المستفتي إذا عمل بذلك ما لم يدن‬ ‫بذلك‪ .‬انتهى ما أردنا نقله من كلام الشيخ‪.‬‬ ‫وقال في موضع آخر‪ :‬إذا خالف الحق مما لا تقوم به الحجة إلا بالسماع‪ ،‬ولم تقم عليـه‬ ‫الحجـة بمعرفتـه بالــسماع‪ ،‬وهـو يظـن أنــه عـلى الحـق المبــين‪ ،‬وقـد علـم االله منــه صـدق نيتــه‬ ‫وإخلاصه واعتقاداته الحقيقة أنه لا يهلك بذلك ولا من عمل بقوله ما لم يدن بذلك‪ ،‬وما لم‬ ‫تقم عليه الحجة بمعرفة الحق في ذلك‪ ،‬وهذا يخالف قول بعض أصحابنا كما ذكرناه‪ ،‬ولم أك‬ ‫منفردا بهذا القول الذي خالفـت فيـه بنفـسي؛ لأن صـاحب كتـاب »الـدليل لأهـل العقـول‬ ‫لباغي السبيل«‪ ‬تأليف عالم من أصحابنا من أهـل المغـرب‪ ،‬كـذلك أتـى فيـه أنـه لا يهلـك‬ ‫بذلك‪ ،‬ولمن قال‪ :‬إنه لا يعذر بخطئه كذلك أحكاما أتاها في المنقطع الذي لم تبلغه الـدعوة‪،‬‬ ‫ولم يبلغه شيء من أمور العبادة التي كلف االله تعالى‪ ‬عباده المكلفـين بـذلك‪ ،‬مـا يـدل عـلى‬ ‫عذر المخطىء كذلك‪ ،‬وعلى عذر ذلك العامل بفتواه‪ ،‬فيصح أن هذا القول الذي قيل به فيه‬ ‫أنه لا يهلك هو الأصح‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫قال غيره من الضعفاء‪ :‬لما وجدنا هـذا الـرأي الخطـير الـصادر عـن نتيجـة فـؤاد هـذا‬ ‫مـن‬ ‫وفاقا للشيخ المغربي سررنا به غير قليل؛ لأنه فيه سعة من الـضيق لمـن َّ‬ ‫ً‬ ‫الجهبذة البصير‪،‬‬ ‫االله عليه بسلوك الطريق‪ ،‬ولأنه غريب عندنا لم يأت به صريحـا أحـد مـن العلـماء قـبلهما فـيما‬ ‫)‪ (١‬هو الشيخ أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني من أكـبر علـماء الإباضـية مـن أهـل وارجـلان‪،‬‬ ‫ارتحل في أول شبابه إلى الأندلس‪ ،‬وسكن قرطبة وفيها حصل علوم اللسان والحديث له تفسير كبير‬ ‫وكتـاب العـدل والإنـصاف في أصـول الفقـه وكتـاب الـدليل لأهـل العقـول في أصـول الـدين وهـو‬ ‫المطبوع باسم الدليل والبرهان‪ .‬توفي ‪-‬رحمه االله‪ -‬عـام سـبعين وخمـسمائة‪ .‬ينظـر‪ :‬شرح مـسند الإمـام‬ ‫الربيع ‪.٣/١‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م( زيادة‪ :‬بها‪.‬‬ ‫‪ ٤٣٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫عرفنا‪ ،‬حتى الكدمي ‪-‬رحمة االله عليه‪ -‬لم يأت به في »معتبره«‪.‬‬ ‫وكذا أبو نبهان ‪-‬رحمه االله‪ -‬لم نجده عنه في غير موضع من أثره‪ ،‬وإنما أدنى ما وجدنا‬ ‫في هذا الموضع من الرخصة في الفعل دون القول عن شيخنا الكدمي ‪-‬رحمه االله‪ ،-‬ومع هذا‬ ‫كله أحببنا‪ ‬مناظرة شيخنا الخليلي في جميعه لقلة درايتنا بمداخل هـذه الأمـور ومخارجهـا‪،‬‬ ‫فتفضل علينا أيها الشيخ ‪-‬يرحمك االله‪ -‬بإتيان ما عندك من العلم في هذا الشأن كله‪ ،‬لنعمل‬ ‫بعلم ونقول بعلم‪ ،‬جزاك االله خيرا‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قال العبد الفقير البليد العيي سعيد الخليلي قولا يرجو به في المعاد ذخرا‪ ،‬قربة الله‬ ‫وشكرا‪ :‬إن الفتيا بما يخالف أصول الحق التي لا يسع خلافها هي من القول الحرام‪ ،‬المجتمع‬ ‫عليه في دين الإسلام‪ ،‬فمن أحل‪ ‬بفتياه‪ ،‬أو حرم ما أباحه االله لا بد له من حالين؛ لأن قوله‬ ‫لا يعدو عن وجهين‪ :‬إما أن يقول هذا حلال في دين االله‪ ،‬أو حرام عند االله‪ ،‬وهو في ذلك‬ ‫على خلاف الإجماع‪ ،‬وإن كان مما لا تقوم الحجة فيه إلا من السماع‪ ،‬فعندي أن هذا غير سالم‬ ‫في حاله‪ ،‬ولا معذور في مقاله؛ لأنه قائل بالباطل‪ ،‬كاذب على الدين‪ ،‬مفتر على االله تعالى‬ ‫مضل لعباده‪ ،‬يسجل عليه بقوله‪_^ ] \ [ Z Y X W V M :‬‬ ‫`‪ .L‬وقال االله تعالى‪]\ [ Z Y X W V U T S R Q PM :‬‬ ‫‪‬‬ ‫^ _ ` ‪ L l k j i h g f e d c b a‬فقد قرن القول بما لا‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬أجبنا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬أجله‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬الأنعام‪ :‬الآية )‪.(١٤٤‬‬ ‫)‪ (٤‬الأعراف‪ :‬الآية )‪.(٣٣‬‬ ‫)‪ (٥‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٣٩‬‬ ‫يعلم بالشرك باالله تعالى‪ ،‬وعده في جملة‪ ‬ما ساقته الآية الشريفة من ذكر الفواحش‬ ‫العظيمة‪ ،‬فدعواه بأن االله أحله أو حرمه لا مخرج له من هذا البتة‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬بأنه حلال أو حرام في الدين مطلقا‪ ،‬لا يخرج عن هذا والتعلل فيه بالجهل‪ ،‬أو‬ ‫يظن حلاله أو بأنه لم تبلغه حرمته من السماع كله ليس بشيء؛ لأن الظن لا يغنـي مـن الحـق‬ ‫شيئا‪ ،‬وتلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين‪.‬‬ ‫وقوله‪ :‬إنه حـلال أو حـرام في الـرأي‪ ،‬أو عنـد العلـماء‪ ،‬أو مـع المـسلمين‪ ،‬أو في قـول‬ ‫الفقهاء‪ ،‬أو في صريح الأثر‪ ،‬أو ما يجري هذا المجرى كله ملحق بذلك‪ ،‬فلا جواز له هنالك؛‬ ‫لأنه من صريح الباطل الممنوع‪ ،‬وفي المجتمع عليه أن القول بالرأي في مواضع الدين حـرام‬ ‫مجتمع على بطلانه‪ ،‬لا يوسع في القول به‪ ،‬ولا يجوز لأحد قبوله‪.‬‬ ‫وحكم العامل به على هذا ما لم يدن به أو يعتقده عن االله كذلك‪ ،‬فحكمـه في أحـسن‬ ‫وجوه الاحتمالات له حكم راكب الكبيرة من هذا الباب في مسألة خطأ العـالم‪ ،‬وقـد صرح‬ ‫الشيخ أبو نبهان فيها بما يغني عن المزيد‪ ،‬ولم يبن لي في هذا الموضع ما ذهب إليه الـشيخان‪:‬‬ ‫ناصر بن أبي نبهان‪ ،‬والمغربي الذي أسند رفيعته إليه‪ ،‬واعتمد في هذا التأصيل عليه‪ ،‬فإنهما قد‬ ‫جعلا للظن والشك والجهالة حكما يوجب العذر لمن قاله في مخالفة الدين‪.‬‬ ‫وعندي أن هذا ما لا جواز له في رأي ولا دين‪ ،‬اللهم إلا أن يكون على نحـو الوجـه‬ ‫الثاني الذي وعدنا بذكره آنفا‪ ،‬وهو أن يتستر المفتي بنحو قوله‪ :‬الذي معـي أو عنـدي أو في‬ ‫نظري أو في رأيي أو يخرج معي أو يظهـر لي أو يبـين لي أو مـا يجـري مجـرى هـذا البـاب‪ ،‬في‬ ‫تأصيل المسألة والجواب‪.‬‬ ‫ففي أكثر ما قيل بظاهر أحكام اللفظ أنه لو زل أو أخطأ‪ ‬لم يأثم إن كان معه كذلك‬ ‫لاحترازه عن إطلاق القول في مسائل الدين‪ ،‬وإخبارهم بما في نفـسه‪ ،‬كـما قـال أبـو بكـر ‪-‬‬ ‫)‪ (١‬في )م( زيادة‪ :‬واحدة‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬خطأ‪.‬‬ ‫‪ ٤٤٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫رضوان االله عليه‪ :-‬إنما أقول فيها برأيي‪ ،‬فإن كان حقا فهو من االله‪ ،‬وإن كان باطلا فهو مني‬ ‫ومن الشيطان‪ ،‬وعلى هذا المذهب فيخرج أن هـذا القـول لـيس بفتيـا أصـلا‪ ،‬وأن المـستفتي‬ ‫ممنوع في معنى الحكم من الأخذ به إلا أن يعلم صوابه‪.‬‬ ‫وكذا إن شرط فيه النظر وعدم الأخذ به إلا أن يظهر صوابه‪ ،‬ولهذا كـان الـشيخ أبـو‬ ‫نبهان وغيره كثيرا ما يحترزون بمثل هذا في الأجوبـة مخافـة خلـل الوجـود‪ ،‬زلـل ينـشأ عـن‬ ‫عللهم بإمكانها أدرى‪ ،‬وبالاحتراز منهما أحرى‪.‬‬ ‫وأما في معنى الواسع فالقول بمثل هذه الأساليب إن صدرت عن الفقيه الذي تؤخذ‬ ‫الفتيا عنه‪ ،‬إذا علم أن هذه كانت طريقته فيما يريد أن يورده مـن معـاني الـرأي‪ ،‬فالأخـذ بـه‬ ‫وعده عنه رأيا جائزا إن كان هو ممن يؤخذ الرأي عنه‪ ،‬ويكون حجـة‬ ‫واسع في غير الحكم‪ّ ،‬‬ ‫في القول به‪ ،‬كـما نبـه الـشيخ الكـدمي ‪-‬رحمـة االله عليـه‪ -‬في غيرموضـع مـن آثـاره‪ ،‬عـلى مـا‬ ‫استحسنه من رأي القوم أو غيره‪ ،‬فأتى عليه بالإيماء والإشارة في أكثر المواضع‪ ،‬فكـان مـن‬ ‫بعده أثرا يتلى‪ ،‬ورأيا يعتمد‪- ،‬جزاه االله تعالى خيرا‪ -‬على ما أظهره من الحق‪ ،‬وأوضحه من‬ ‫عن لي أن أذكره في هذا الموضع‪ .‬واالله أعلم‪ ،‬فينظر فيه‪.‬‬ ‫الهدى‪ ،‬فهذا ما ّ‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫مما قاله الشيخ ناصر بن أبي نبهان‪ :‬فصح أن هلاك أهل الإقرار بأحد ستة أحوال‪:‬‬ ‫الأولى‪ :‬الضلال في التوحيد فيما‪ ‬وجب أو أوجب االله الإيمان به مما تقـوم بـه الحجـة‬ ‫بمعرفته من العقل وجواز الرأي في ذلك الحال‪.‬‬ ‫الحال الثالثة‪ :‬إجازة الرأي لخلاف شيء من دين االله الذي لا يجوز فيه الاختلاف مما‬ ‫)‪ (١‬في )ت( زيادة‪ :‬أوجب‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬كذا في النسخ المخطوطة ولم تذكر الثانية‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٤١‬‬ ‫لا تقوم الحجة بمعرفته إلا بالسماع‪ ،‬بعد قيام الحجة بمعرفته بالسماع‪.‬‬ ‫والحالة الرابعة‪ :‬الدينونة على خلاف شيء من دين االله تعالى‪ ،‬مما لا يسع مخالفتـه عـلى‬ ‫كل حال‪ ،‬قامت عليه بمعرفته الحجة أو لم تقم‪ ،‬فهو هالك بالدينونة في ذلك على كل حال‪.‬‬ ‫والحالة الخامسة‪ :‬مخالفة الحق فيما لزمه اعتقاده أو علمه أو تركه بعد قيام الحجة عليه‬ ‫بلزوم اعتقاده أو علمه أو تركه‪.‬‬ ‫الـسادسة‪ :‬بـراءة مـن ولي لا يجـوز‪ ‬أن يـبرأ منـه بـرأي ولا بـدين أو تـصديق شـهرة‬ ‫توجب البراءة منه لا يسعه‪ ‬تصديقها‪.‬‬ ‫فإن قلت‪ :‬قال بعض أصحابنا‪ :‬إن تصديق شهرة قتل عيسى بن مريم لا يجـوز‪ ،‬هـي‬ ‫شهرة توجب البراءة من أهل البراءة؟‬ ‫فأقول‪ :‬لا يجوز على من قامت عليه الحجة من كتاب االله‪ ،‬أو من لسان نبي‪ ،‬أو ممن‬ ‫تقوم به عليه الحجة في الفتيا‪ ،‬وإلا فهم في حكم العقاب قاتلوه؛ لأنهم معتمدون قتله‪،‬‬ ‫فكيف لا يحكم بعقاب القاتل‪ ،‬وليس قتل الأنبياء مما لا يجوز تصديقه‪ ،‬بل قال‪q M :‬‬ ‫‪ Lvu t sr‬أي‪ ‬تتولون قاتلهم‪.‬‬ ‫ومن صدق ذلك قبل قيام الحجة عليه بالسماع أنهم لم يقتلوه‪ ،‬ولم يهلك بذلك‪ ،‬وإن لم‬ ‫يأته كذلك فالحق كذلك‪ ،‬وإنما أخبرنا االله بحقيقة الأمر فيه‪ ،‬وذلك أنه كان النبي عيـسى في‬ ‫بيت يهودي‪ ،‬وهم يريدون قتله‪ ،‬فقال لهم صاحب البيت‪ :‬هـو معـي‪ ،‬فـذهبوا معـه إلى بيتـه‬ ‫فنظرهم عيسى ‪-‬عليه السلام‪ ،-‬وخرج عـنهم‪ ،‬ولم يعلمـوا بـه‪ ،‬فـصور االله تعـالى صـاحب‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬يسع‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت( زيادة‪ :‬تقوم‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬البقرة‪ :‬الآية )‪.(٩١‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬أن‪.‬‬ ‫‪ ٤٤٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫البيت على صورة عيسى ‪-‬عليـه الـسلام‪ -‬فقتلـوه‪ ،‬ثـم شـكوا في قتلـه فقـالوا‪ :‬إن كنـا قتلنـا‬ ‫عيسى فأين صاحب البيت‪ ،‬وإن كنا قتلنا صاحب البيت فأين عيسى؟ فصاروا في شك من‬ ‫ذلك‪ ،‬وليت شعري هل ظهر عيسى بعد ذلك مع أحد غيرهم من أنصار أنصاره‪ ،‬أم أماتـه‬ ‫االله بعد ذلك‪ .‬انتهى ما أردناه من هذا‪.‬‬ ‫قال غيره‪ :‬وإجازة الشيخ ها هنا لمن صدق تلك الشهرة‪ ،‬ما لم تقم عليه بذلك الحجة‪،‬‬ ‫سيدي علينا ببيان‪ ‬هـذا‪ ،‬وهـل يخـرج‬ ‫لم نجدها‪ ‬عن الشيخ أبي سعيد ولا غيره‪ ،‬فتفضل ِ‬ ‫ ِّ‬ ‫قول الشيخ ناصر في هذا على جواز الدينونة بذلك لقوله‪ :‬وإن لم يأته كذلك فالحق كذلك ما‬ ‫لم تقم الحجة عليه‪ ،‬أم ذلك بالرأي كما أجازه في المسألة الأولى‪ ،‬وإذا جـاز هـذا دينـا أو رأيـا‬ ‫فهل صح جوازه من قبل أنهم أقروا على أنفسهم بما هم له أهل‪ ،‬ومـن حيـث إنهـم يـدعون‬ ‫على أحد من المسلمين شيئا من الكفر في دينهم‪ ،‬كـما ادعـت الـشيع والـروافض مـا ادعـت‪،‬‬ ‫وكمن ادعى من الكفرة سحر سليمان ‪-‬عليه السلام‪ ،-‬ولم يدعوا على أحد من الخليقة حقا‬ ‫في نفس أو مال‪ ،‬فحينئذ لا يجوز تصديقهم بإجماع المسلمين‪.‬‬ ‫سيدي على خويدمك بحل هذه المشكلات‪ ،‬وبتفصيل هذه المجملات‪ ،‬وهل‬ ‫تفضل ِ‬ ‫ ِّ‬ ‫يجوز لمن بلغته الشهرة بأن فلانا تزوج فلانة‪ ،‬أو فلانا هذا هو ابـن فـلان‪ ،‬أو فلانـا قـد تـوفي‬ ‫بأرض الفلانية أن‪ ‬يعتقد صحتها وتصديقها‪ ،‬ويكون سـالما‪ ،‬وإن كـان الأمـر في علـم االله‬ ‫ليس كذلك‪ ،‬أم لا يكون جواز ذلك ]للحكم الظاهر كما أن الحاكم يقضي بـشهادة الـشهود‬ ‫لالتزام الأحكام الظاهرة أم لا يجوز ذلك[‪ ‬البتة‪ ،‬إذا وافقوا شـهرة الـدعوى‪ ،‬ومـا الفـرق‬ ‫بين الشهرتين‪ ،‬وما السبيل على معرفة هاتين القضيتين؟ تفـضل شـيخنا علينـا بـرد الجـواب‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬يجدها‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬بتبيان‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬أو‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٤٣‬‬ ‫مأجورا إن شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫االله أعلم‪ ،‬وما أخوفني أن تكونوا بحالي مغترين‪ ،‬مع كونكم إلى البحث كالمضطرين‪،‬‬ ‫لعدم الفقهاء‪ ،‬وقلة العلماء في هذا الزمان الكدر‪ ،‬والذي أعلمه من نفسي وأخبركم به عني‪،‬‬ ‫أني كثير الجهل‪ ،‬قليل العلم‪ ،‬متكلف النظر‪ ،‬لا من أهل الرأي ولا من ذوي البصر‪ ،‬وعلى ما‬ ‫بي من قلة الدراية والتفطن للدقائق من النظر‪ ،‬والغوص على غوامض الحقـائق مـن الأثـر‪،‬‬ ‫فكأني أضعف عن الاعتراض على ما أورده في هذا المحل‪ ،‬هذا الشيخ الفقيه المجتهد‪ ،‬الذي‬ ‫عن له في مسألة الشهرة في قتل المسيح ‪-‬عليه السلام‪ ،-‬على من لم‪ ‬تقم عليه الحجة‬ ‫أبرز ما َّ‬ ‫بخلافها من بعض كتاب عن االله ناطق‪ ،‬أو نبي أو رسول من االله صادق‪.‬‬ ‫إلا أن معتمد الشيخ الكدمي في هذا الباب‪ ،‬هو التمسك‪ ‬بالهدى من أوثـق العـرى‬ ‫والأسباب؛ لأنها في الأصل شهرة باطل‪ ،‬وقولة زور‪ ،‬لو جاز تصديقها‪ ‬والتعويل عليها‪،‬‬ ‫وكانت حجة لقائلها أو قابلها‪ ،‬لجاز قبول شـهرة الـدعوى بمـن شـهر معـه أن أبـا بكـر قـد‬ ‫اغتصب الإمارة بعد النبي ^‪ ،‬وأن عمر بن الخطاب قد ضرب البتول فاطمة بنت الرسول‬ ‫‪-‬صلوات االله عليه‪ -‬حتى ألقت الجنين من بطنها إن لم يـشتهر معـه إلا ذلـك‪ ،‬ولا سـمعت‬ ‫أذناه بما يخالفـه هنالـك؛ لأنـه في الأصـل مـن الممكنـات والمحـتملات‪ ،‬ولكـن تحقيـق هـذه‬ ‫البحوث وتفصيلها مما يتسع القول فيه‪ ،‬فليطالع من كتب الفقه‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫وعن قومنا قال الشيخ‪ :‬والخبر الصادق على نوعين‪:‬‬ ‫أحدهما‪ :‬الخبر المتواتر وهو الخبر الثابت على ألسنة قـوم ولا يتـصور تواطـؤهم عـلى‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬لا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬للتمسك‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬أو‪.‬‬ ‫‪ ٤٤٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الكذب‪ ،‬وهو موجب للعلم الضروري كالعلم بالملوك الخالية في الأزمنة الماضية والبلـدان‬ ‫النائية‪.‬‬ ‫قال الشارح‪ :‬الخبر الصادق أي المطابق للواقع‪ ،‬وسمي بالمتواتر لما أنه لا يقع دفعة بل‬ ‫على التعاقب والتوالي‪ ،‬فهاهنا أمران‪:‬‬ ‫أحدهما‪ :‬أن المتواتر موجب للعلم وذلك بالضرورة فإنا نجد في أنفسنا العلم بمكة‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬أن العلم الحاصل به ضروري‪.‬‬ ‫وأما خـبر النـصارى بقتـل عيـسى عليـه الـسلام‪ ،‬واليهـود بتأييـد ديـن موسـى عليـه‬ ‫السلام‪ ،‬فتواتره ممنوع‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬خبر كل واحد لا يفيد إلا الظن‪ ،‬وضم الظـن إلى الظـن لا يوجـب اليقـين‪،‬‬ ‫وأيضا جواز كذب واحد يوجب جواز كذب المجموع؛ لأنه نفس الآحاد‪.‬‬ ‫قلنا‪ :‬ربما يكون مع الاجتماع ما لا يمكن يكون مع الانفراد كقوة الحبل المؤلف مـن‬ ‫الشعرات‪.‬‬ ‫قال الشيخ ناصر‪ :‬فيما أحسب أن كل شهرة في خـبر شيء أصـلها صـحيح‪ ،‬وهـي مـا‬ ‫يلزم المتعبد تصديقها أو القول بها أو هي من واجبات العمل بها أو الترك لها‪.‬‬ ‫فأما فيما عليه اعتقاده واجبا فعليه ذلك متى قامت عليه الحجة بسماعه إذا كان ممـا لا‬ ‫تقوم الحجة في ذلك إلا بالسماع‪.‬‬ ‫فإن كان مما تقوم الحجة بعد سماعه لوجوبه عليه من حجة العقل كان حجة عليه كل‬ ‫من عبر له ولا يحتاج إلى شهرة‪.‬‬ ‫وما كان مما لا تقوم الحجة بوجوبه من حجة العقل بعد سماعه بل لا تقوم الحجـة في‬ ‫وجوبه إلا بالسماع وذلك فيما يلزمه اعتقاده فقيل‪ :‬إنه تقوم عليه الحجة من كل معبر عبر له‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬بالأمين في دينه‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬بأمينين ولا يبعد ألا يهلك إلا بثقتين‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٤٥‬‬ ‫وأما فيما عليه أن يعمل به فإن كان ممـا لا يفـوت فقيـل‪ :‬تقـوم عليـه الحجـة بالواحـد‬ ‫الأمين والثقة‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬بالاثنين كذلك‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬لا تقوم عليه الحجة حتى يحضر وقته كالصلاة فإذا حضرت قامت عليه الحجة‬ ‫بمن أخبره من قبل إن لم ينس ذلك بكل معبر‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬بما ذكرنا في الاختلاف‪.‬‬ ‫وأما فيما لا يفوت فقيل‪ :‬إنه تقوم عليه الحجة بمعرفة لزومه كما تقوم الحجة بمن عبر‬ ‫الصلاة له قبل حضور وقتها وذلك بوجوب معرفتها‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬لا يجب علم ذلك إلا عند وجوب العمل‪ ،‬فإن كان مما يجـوز فيـه تـأخير أدائـه‬ ‫فقيل‪ :‬لا يجب عليه علم ذلـك واعتقـاد صـدقه إلا إذا قـرب فواتـه بمقـدار مـا يـدرك فعلـه‬ ‫كالحج والزكاة عند الموت ولكن الوصية بذلك؛ لأنه لا يدري متى يدركه الموت‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬لا يهلك إذا اعتقد أداء ذلك باعتقاد صادق في أدائه أو الوصية به على موجبها‬ ‫عليه إذا مات ولم يدرك الوصية‪.‬‬ ‫وأما الشهرة في تصديق أحداث باطلة فلا يجوز الاختلاف في الحكم بباطلها إلا أنهـا‬ ‫باطلة على أحد‪.‬‬ ‫فإن كانت بداية الشهرة على وجه الحكم الظاهر‪ ‬ولا يجوز إنكارهـا ولا ردهـا ولـو‬ ‫كانت في الأصل غير صحيح أنه فعل ذلـك الـذي شـهرت عليـه‪ ،‬ولا يـصدقها عـلى حكـم‬ ‫الحقيقة بل يكون كشهادة الشهود المقبولين في الحكم مع الحاكم على أحد لأحد آخـر بحـق‬ ‫فيصدقهما بحكم الظاهر ويحكم بشهادتهما‪ ،‬ولا‪ ‬يحكم عليه بذلك على الحقيقـة في البـاطن‬ ‫بل يحكم به على حقيقة حكم الظاهر‪.‬‬ ‫)‪ (١‬في )ع(‪ :‬بالظاهر‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ع(‪ :‬أو لا‪.‬‬ ‫‪ ٤٤٦‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫وإن كانت بداية الشهرة على غير الوجه الجائز في تصديقها‪ ،‬ولو كان صاحبها الـذي‬ ‫شهرت عليه قد فعلها ذلك في الباطن‪ ،‬والذين شهروا عليه ذلـك هـم صـادقون في البـاطن‬ ‫فلا يجوز تصديقها بحكم الظاهر‪ ،‬ولعـل مـراده مـا يكـون الخـبر المتـواتر يكـون مـن العلـم‬ ‫الضروري‪ .‬مثلا إن صلاة الفجر ركعتين والظهـر أربعـا وكـذلك العـصر‪ ،‬والعـشاء ثـلاث‬ ‫ركعات وما أشبه ذلك مما هو كثير في الشريعة يصير العلم ضروريا‪.‬‬ ‫وكذلك تواتر الأخبار عن النبي ^ وبعثه ورسالته وأنه قد بعث‪ ،‬ولـولا أنـه يـصير‬ ‫علما ضروريا لأمكن الشك وإذا أمكن جاز‪ ،‬وذلك مما هو معلوم بالإجماع أنه يكون العلـم‬ ‫به كالعلم الضروري بالأشياء‪ ‬التي يعلمها المرء علما ضروريا‪ ،‬وما أوضحه من البيان من‬ ‫الاحتجاج من تواتر أخبار النصارى أنهم قتلوا عيسى بن مريم ومنع مـن جـواز تـصديقه‪،‬‬ ‫وقال بذلك أحد من علماء أصحابنا ‪ -‬رحمهم االله جميعا ‪-‬؛ لأن تـصديق الباطـل لا سـيما في‬ ‫الأنبياء باطل وهو قول صحيح‪.‬‬ ‫ولكني أقول من غير خلاف لهم من أن خبر عيسى عليه الـسلام ممـا لا تقـوم الحجـة‬ ‫بوجوب الاعتقاد فيه أنهم لم يقتلوه إلا من السماع والشهرة في أنهم قتلوه ليس يكون النقص‬ ‫عليه عليه السلام‪ ،‬وإنما يكون النقص على قاتليه أن لـو كـانوا قتلـوه‪ ،‬وهـم في حكـم الإثـم‬ ‫قاتلون؛ لأنهم ذهبوا ليقتلوه وذلك أنهم أراد من أراد قتله من أهل زمانه ولم يعرفـوه في أي‬ ‫موضع فقال لهم رجل‪ :‬أنا أدلكم عليه هو الآن في بيت‪ ،‬فذهب بهم إلى ذلك ودخلـوا فيـه‪،‬‬ ‫وعيسى عليه السلام فيه‪ ،‬نظروا عيسى في موضع منه وعرفوه يقينا أنه هو‪ ،‬فلما رأى القـوم‬ ‫قد دخلوا عليه وعرف قصدهم خرج من البيت‪ ،‬فصور االله تعالى ذلك الرجل الـذي دلهـم‬ ‫عليه على صورة عيسى عليه السلام فقتلوه ثم التمسوا الذي دلهم عليـه فلـم يجـدوه فـيهم‪،‬‬ ‫فدخل الشك في بعضهم وقالوا‪ :‬إن كنا قتلنا عيسى فـأين صـاحبنا‪ ،‬وإن كنـا قتلنـا صـاحبنا‬ ‫فأين عيسى؟ فعلى هذا ففي الإثم قاتلوه ولا شك أنهم آثمون بقتله على هـذا الوجـه وإن لم‬ ‫)‪ (١‬في )ع(‪ :‬به الأشياء‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٤٧‬‬ ‫يقتلوه‪.‬‬ ‫وأما أن لو كانت هـذه الـشهرة في مـؤمنين بـه وأهـل ورع وتقـوى في ظـاهر الحكـم‪،‬‬ ‫وفعلوا ذلك ولم يعلم بذلك أحد ولكـن اشـتهر ابتـداء الـشهرة ممـن لا يجـوز تـصديقهم في‬ ‫الحكم الظاهر لم يجز تصديق الشهرة عليهم‪.‬‬ ‫وإن لم يكن مـنهم هـذا‪ ،‬ولكـن شـهر عـنهم هـذا الفعـل بـشهود لا يجـوز إلا الحكـم‬ ‫بشهادتهم‪ ‬لم يجز تصديق الشهرة عليهم بحكم الظاهر‪.‬‬ ‫وأما بعد ما أنزل االله على رسول ^ تكذيب النصارى في ذلك فلا يجوز إلا تـصديق‬ ‫التنزيل قامت عليه الحجة بمعرفة ذلك‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫وهذا بخلاف ما وجدته عن أصحابنا فينظر في ذلك ولا يؤخذ منه إلا عدله انتهى‪.‬‬ ‫قال المحقق الخليلي ‪-‬رحمه االله‪ :-‬االله أعلم ولقد تركت الخوض في هذا وفي أكثر هذه‬ ‫المسائل ضعفا وعجزا لقلة علم وركاكة فهم فلتطالع من الأثر واالله المستعان على كـل خـير‬ ‫وباالله التوفيق‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫ما تقول في المبتلى إذا اختلف عليه في أمره علماء عصره‪ ،‬فمنهم من شدد وضيق عليه‬ ‫ورفع اختلافا‪ ،‬ومنهم من رخص وهون له عليه ورفع اختلافا أيجوز له أن يأخذ بما رخص‬ ‫له العالم‪ ،‬وتكون له سلامة فيما بينه وبين ربه‪ ،‬لا سيما إذا لم يعرف أعدل الآراء في ذلك؟‬ ‫‪‬‬ ‫إن عرف الأعدل أخذ به لزوما إلا في موضع ما يجوز له أن يترك الأعدل عدولا عنه‬ ‫إلى الأحوط فيما ابتلي به من أمر نفسه‪ ،‬لا في الحكم على غيره لنفسه ولا لغيره‪ ،‬فإن لم يعرف‬ ‫)‪ (١‬في )أ( زيادة‪^ :‬‬ ‫‪ ٤٤٨‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫الأعدل وجب عليه التحري والتماس الأعدل فيما أراد الأخذ به من مختلف فيه‪ ،‬فإن لم يقدر‬ ‫على معرفة الأعدل بنفسه‪ ،‬وقدر على من يعرفه بالعدل من أهل العلم وجب عليه مشاورة‬ ‫الفقيه وسؤاله عن الأعدل مما يريد الدخول فيه في موضع ما لا يوسع له في العدول إلى غير‬ ‫الأعدل لمعنى يجيزه‪ ،‬لا في الحكم على الغير كما بيناه‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬إذا كان الضعيف لم يعرف الأعدل فجائز له أن يأخذ بقول من أقوال المسلمين‬ ‫الصحيحة أي قول شاءه‪ ،‬وفي هذا راحة وبه كفايـة‪ ،‬ولا سـيما مـع عـدم المبـصرين لتعـديل‬ ‫الآراء كما هو الغالب في عصرنا‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫فيمن رأى في الأثر قولا من أقاويل المـسلمين‪ ،‬ورأى الاخـتلاف في ذلـك‪ ،‬كمثـل‬ ‫‪‬‬ ‫رجل قال لزوجته‪ :‬مفارقة‪.‬‬ ‫طلاقا حتى ينوي به طلاقا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قول‪ :‬لا يكون‬ ‫وقول‪ :‬هو طلاق نوى به أو لم ينو؛ لأنه قال االله تعالى‪ L W V M :‬وقد‬ ‫أخذ من قال إنه ليس بطلاق حتى ينوي به طلاقا توسعا بذلك القول‪ ،‬من غير اعتقاد منه‬ ‫بإبطال أحد الأقاويل إلا أن اعتقاده أن كلا القولين صواب‪ ،‬وعلى مثل هذه الأقاويل التي‬ ‫يجوز فيهن الاختلاف‪ ،‬إذا كان الاختلاف خارجا على وجه الصواب‪ ،‬هل ترى للضعيف‬ ‫التوسع بمثل ذلك؟ وهل لا‪ ‬يأثم بذلك؟ أنقذك االله من المهالك‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫نعم لا يضيق ذلك عليه على هذه الصفة‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬الطلاق‪ :‬الآية )‪.(٢‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٤٩‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫فيمن في يده شيء وفيه قولان‪ :‬قول‪ :‬هو لزيد وقـول‪ :‬لعمـرو‪ ،‬وزيـد وعمـرو كـل‬ ‫يرى الرأي الأعدل في نفسه أن ذلك له دون صاحبه‪ ،‬والحاكم العدل الذي يجوز حكمه في‬ ‫المختلف معدوم في زمانهما‪ ،‬وكذلك من يقوم مقامـه‪ ،‬أيجـوز لمـن قـدر عـلى أخـذه مـنهما أن‬ ‫يأخذه لنفسه‪ ،‬ويحرم صاحبه منه على رغمه أم لا؟‬ ‫‪‬‬ ‫وإذا كان يعلم أن صاحبه غير عالم بالاختلاف أو لم يعلم منه ذا ولا هذا‪ ،‬ولا عرفه‬ ‫أن ذلك له على قول‪ ‬أكله سواء‪ ،‬وهل يضمن الـذي في يـده إذا أخـذه منـه عـلى الكـره أو‬ ‫الرضا؟ تفضل أوضح لنا هذه المعاني بأوثق المباني‪ ،‬حسب ما أراك فيـه مـولاك مـأجورا إن‬ ‫شاء االله‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫واالله الهادي‪ ،‬اعلم يا أخي أني لست من أهل المعرفة بالفتيا‪ ،‬ولا من المجدين في طلب‬ ‫العلم أو البحث عنه‪ ،‬فضلا عما وراء ذلك من بلوغ أدنى رتبـة أهلـه‪ ،‬فكيـف يجيـب مـن لا‬ ‫دراية له لمن هو أعـرف منـه في العلـم‪ ،‬وأبلـغ في الفهـم‪ ،‬وأكثـر في المعرفـة‪ ،‬وأولى بـالتمييز‪،‬‬ ‫وأدرى بالحال‪ ،‬هذا مع قصور النظر من المجيب‪ ،‬وظهور التكلف مع وضوح العـذر لبـدو‬ ‫الجهل‪.‬‬ ‫فما أظنك‪ ‬يا أحمد أتحسبني أتكلم عن جم علم وكثرة فهم؟ لا فليس ذلك كـذلك‪،‬‬ ‫ولكن أرى الأمر قد انعكس‪ ،‬فصار السائل مسئولا‪ ،‬والعارف مجهولا‪ ،‬بل أنت وصاحبك‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت( زيادة‪ :‬له‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬قوله‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬كذا في النسخ المخطوطة ولعلها‪ :‬ظنك‪.‬‬ ‫‪ ٤٥٠‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫أولى وأجدر أن يوجه السؤال إليكما‪ ،‬فيقتدى بكما في المهم إذا نـزل‪ ،‬والأمـر إذا أشـكل‪ ،‬ولم‬ ‫أقل ذلك بدعا‪ ،‬فقد أظهرتـه صـدعا‪ ،‬معترفـا لكـما بـذلك‪ ،‬ولكـن فمـن‪ ‬خجـلي أن‪ ‬أرد‬ ‫كلامك‪ ،‬وإن كان التعذر أولى‪.‬‬ ‫فأقول‪ :‬اعلم يا أخي فإنا قد وجدنا في كتب الأصول‪ ،‬وسمعنا‪ ‬من شـيخنا كـذلك‬ ‫أنه ]لا بد وأن[‪ ‬يتحرى في نفسه للأرجح من الآراء‪ ،‬فلا بد وأن يكشف له مـن الحـق مـا‬ ‫يحركه إلى أحد القولين بتمييز ما لو بأن يرى أن ذلك هو الأصلح والأولى إذا قدر في النظـر‬ ‫أنه بين خصمين مشتجرين قد حكما‪ .‬فإلى أيهما كان قلبه أميل فيراه أولى في الحكـم بيـنهما‪،‬‬ ‫فذلك الحال يكتفى به للترجيح في حقه‪ ،‬فإن لم يفتح له شيء من ذلك‪ ،‬ولم يجـد مـن العلـماء‬ ‫من يعبر له الأرجح منه له‪ ،‬فلا بد وأن ينظـر مـا عليـه جمهـور العلـماء‪ ،‬فـلا يخـرج مـن حـد‬ ‫الأكثرين إلى قول الأقل‪ ،‬دع عنك ما وراءها من الأقوال الشاذة وجودا‪ ،‬وإن كان لها أصل‬ ‫لا يخرجها من كونها حقا‪ ،‬هذا إن علم ذلك فلا معنى للتقوى بتتبع الرخص لنفـسه لأخـذ‬ ‫أموال الناس بها لعدم الحكم في دهره فإن عز هذا المبحث وتساوى الأمران‪ ،‬وكان الرأيان‬ ‫في الوجود سواء‪ ،‬وفي الشهرة أو الخفاء أو الوجـود عـن العلـماء كـذلك‪ ،‬والتـبس الأمـر في‬ ‫الترجيح عليه من كل الجهات‪ ،‬فذلك موضع الحكم بالرأي‪.‬‬ ‫ولا بد وأن يدخله معنى الاختلاف في اعتبـار الحـال‪ ،‬فهـو حـاكم مـن حكـام االله في‬ ‫مقامه ذلك على صاحبه‪ ،‬إذ أجاز االله له الحكم عليه‪ ،‬أو نفـسه لعـدم الحـاكم في دهـره‪ ،‬وإذا‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬ممن‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬وجدتا‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬ولا بد أن‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬حكاه‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٥١‬‬ ‫كان الترجيح مجهولا فليت شـعري أي طريـق نـسلك بـالحكم عـلى غـيره‪ ‬مـن دون علـم‬ ‫يوجب له إجازة ذلك‪ ،‬وهو نظر الأرجح على ما قاله المسملون‪ ،‬فإن الحكم معهم على الغير‬ ‫لا للغير بغير نظر واجتهاد وتبصر وتفكر‪ ،‬وعلم ومعرفة ما يفتحـه االله في الحـال أنـه لـشبيه‬ ‫باتباع هوى النفس الأمارة‪ ،‬بل هو كذلك جزما إن كان ذلك منه حكما‪] ،‬وإذا كان[‪ ‬الأمر‬ ‫كذلك فلا شك في فساده‪.‬‬ ‫وإذا كان الحكم غير جائز له ]إلا بالأعدل مما يراه إن كان ينظر الأعدل إن كـان ممـن‬ ‫يظن بمن‪ ‬لا ينظر الأعدل[‪ ،‬أيجـوز لـه أن يـدخل في الحكـم عـلى غـيره بغـير علـم‪ ،‬ولا‬ ‫دراية؟ كلا فإنه محال وباطل وإلا فالجهل بهذا الحال خير من العلم لا شك‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫وإذا لم يجز له أن يحكم بغيره على غيره حتى يتبين له الأعدل‪ ،‬فكذلك ]غير مجـوز[‬ ‫له أن يحكم لنفسه على غيره حتى يصح لـه الأعـدل مـن الـرأي بـأي شيء كـان مـن وجـوه‬ ‫التمييز‪ ،‬ولو بتعبير عالم في أنه الأرجح‪ ،‬وبعضهم يمنع ذلك إلا أن يبصر صواب ما قاله له‬ ‫ذلك العالم المفتي لذلك وهو الأصح عندنا في الحال لبقاء اللبس بحاله عنده‪ ،‬وإلا فما الفرق‬ ‫بين ذلك العالم‪ ،‬وبين علماء السلف من قبله‪ ،‬وربما كانوا أعلم فانظر وافهم‪.‬‬ ‫وغير خاف إمكان نظر‪ ‬وتطرق الغلط والنسيان إلى ذلك العالم الحـاضر فحـضوره‬ ‫وغيبته سواء في هذا الاعتبار لعدم الفرق بالحق‪ ،‬فإن كشف له العـالم وجـه الترجـيح لـرأي‬ ‫جاز له الحكم به بين الخصمين أو‪ ‬بين خـصمه و‪ ‬بـين نفـسه ولم يبـصر شـيئا مـن معـاني‬ ‫)‪ (١‬في )م(‪ :‬غير‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬فإن‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬بما‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬كذا في الأصل‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )م(‪ :‬غيره لا يجوز‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫‪ ٤٥٢‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫ترجيح القول الآخر‪ ،‬فإن صح مـا فـتح لـه مـن حـق في هـذا‪ ،‬أيجـوز لـه التمـسك والأخـذ‬ ‫بمقتضاه‪ ،‬وسواء كان الخصم بالاختلاف عالمـا أم لا؟ فـالقول في المنـع أو‪ ‬الجـواز واحـد‬ ‫علمه من علم‪ ،‬أو جهله من جهل لا يتغير لعلم عالم به‪ ،‬ولا لجهل‪ ‬جاهل‪ ،‬فهذا هو النظر‬ ‫والتدقيق عن وجوه ذلك بمبلغ ما علمناه‪ ،‬لا ما فـوق ذلـك قياسـا واعتبـارا عـلى نحـو مـا‬ ‫وقفنا عليه أو سمعناه‪.‬‬ ‫ولما فشا الجهل فكثيرا ما نرى الناس يتوسعون بقول ولو نادرا‪ ،‬فـيرون ذلـك مغـنما‪،‬‬ ‫وإن‪ ‬كان موافقا لغرضهم على ما تهواه منهم الأنفس‪ ،‬ومعاذ االله من ذلك في مقام الحكـم‬ ‫على الناس للناس فكيف للنفس‪ ،‬فينبغي أن يكون أشـد احـترازا وأعظـم احتياطـا‪ ،‬وأكثـر‬ ‫اجتهادا‪ ،‬وأوثق اعتمادا‪ ،‬ولكنهم مع ذلك لا يعدونه منهم حكما‪ ،‬وإنما يأخذونـه توسـعا إلى‬ ‫أن تقوم عليهم الحجة بمنع‪ ،‬وعلى هذا فإن كان كذلك فلا أقـول في حقهـم إلا بالـسلامة‬ ‫على هذه النية إن شاء االله‪.‬‬ ‫وإلا فلو قيل فيه بالتحريج والتضييق لأفضى الحكم في دهرك إلى أن يترك الناس كل‬ ‫مختلف فيه من الأقوال مع عدم معرفـة بـالترجيح مـع وجـود جهلهـم بـالتمييز‪ ،‬ولا يـصح‬ ‫الحكم بذلك فيضيق الأمر ويتسع التحريج فتعود الرحمة التي هي الاختلاف بـالرأي نقمـة‬ ‫على الناس‪.‬‬ ‫وكما جاز لهم التوسـع بـالمختلف فيـه في مواضـع الـدين كالـصلاة والزكـاة وغيرهـا‪،‬‬ ‫وكذلك لا يبعد ذلك في المعاملات‪ ،‬بل هو جائز في الاعتبار جزما على غـير معنـى الحكـم‪،‬‬ ‫)‪ (١‬في )ت(‪ :‬أو‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪ :‬و‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )ت(‪ :‬بجهل‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬كذا في الأصل‪ ،‬ولعل الصواب‪ :‬إن‪.‬‬ ‫)‪ (٥‬في )ت(‪ :‬تمنع‪.‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٥٣‬‬ ‫ولكن على هذا الاعتبار الثاني‪ ،‬فلو ثبت له‪ ‬ذلك في ملكه وصـاحبه الآخـر غـير ممنـوع إن‬ ‫أدركه أو شيئا منه؛ لأن ذلك في يده ليس تملكا‪ ‬بحق‪ ،‬إنما هو بتوسع وتجوز وكما جاز لمـن‬ ‫في يده ذلك التوسع والتجوز‪ ،‬فكـذلك للآخـر جـائز أن يتجـوز بـه ويتوسـع‪ ،‬فـلا موضـع‬ ‫للمنع له ممن هو في يده إذا لم يكن في يده بحـق ثابـت لـه‪ ،‬ثـم لـو اسـتقر في يـده فقـدر عـلى‬ ‫إحرازه كان بذلك سالما لا آثما على هذا الاعتبار؛ لأنه كما جاز له التوسع به فكذلك يجوز له‬ ‫التوسع بالمنع لعدم الفرق‪ ،‬لكن جواز التوسع له‪ ‬بالمنع ليس مانعـا لـصاحبه الآخـر متـى‬ ‫أدركه‪.‬‬ ‫فالتوسع له بالحكم لأخذه أيضا جائز‪ ،‬وليس للمتوسع الأول منعـه عـلى ذلـك بعـد‬ ‫القدرة منه‪ ،‬أي من الآخر‪ ،‬عليه لا يكون للمتوسع الثاني أو الثالث وهلم جرا إلا ما للأول‬ ‫من الحكم بالإجازة ما كان ذلك المختلف فيه باقيـا موجـودا‪ ،‬فهـذا هـو الفـرق بـين الحكـم‬ ‫والتوسع للنفس‪ ،‬فإنه في موضع الحكـم لنفـسه لا يخرجـه عـن ملكـه إلا حكـم مـن حـاكم‬ ‫عدل‪ ،‬وليس لصاحبه الآخر أخذه من بعد ذلك إلا بحكم‪ ،‬وقد قيل فيه بالإجازة أيضا إن‬ ‫أبصر عدل رأي آخر‪ ،‬فقدر على النزع كما هو في حكم التوسع؛ لأنه كما جاز لـلأول الحكـم‬ ‫فكيف لا يجوز للثاني أن يحكم لنفسه أيضا‪ ،‬نعم والأرجـح معـي في الحـال إذا ثبـت لـلأول‬ ‫جواز الحكم لنفسه أن لا يثبـت للثـاني مـن بعـده؛ لأن ذلـك ممـا يـؤدي إلى تسلـسل الأمـر‪،‬‬ ‫فكيف يكون ذلك حكما في شرع االله؟‬ ‫وقد قيل بجواز الحكم في هذا‪ ‬الحال‪ ،‬كما لا يجوز لحاكم أبصر رأيا آخـر أن يـنقض‬ ‫حكم الحاكم بالرأي‪ ،‬فالقضية مثلها في هذا الاعتبار‪ ،‬ولكن الجـواز للحكـم في هـذا الحـال‬ ‫)‪ (١‬سقطت من )م(‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ملكا‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )م(‪:‬‬ ‫)‪ (٣‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬سقطت من )ت(‪.‬‬ ‫‪ ٤٥٤‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أجوبة المحقق الخليلي‬ ‫حتى يكون كذلك ينبغي أن يكون معلقا بشروط لا لمجرد النظر للنفس‪ ،‬فإن دعواه الحكم‬ ‫من نفسه لنفسه باطل‪ ،‬فكيف يثبت منه الحكم بالحكم‪ ،‬وهو في حكم الظـاهر مـن المـدعين‬ ‫لذلك الحكم لنفسه على غيره‪ ،‬وقد رأيت أن الشرح في مسألتك يطول‪ ،‬فقد بقي في الـنفس‬ ‫أشياء‪ ،‬والقرطاسة ضيقة‪ ،‬والظن أن التوسع هو المطلوب في الحال‪.‬‬ ‫فلنرجع إلى شيء من ذكره باختصار‪ ،‬فالقول أنـه إذا ثبـت جـواز التوسـع مـع جهـل‬ ‫الأصل والترجيح‪ ،‬فلا ينبغي لأهل الورع والدين أن يستأثروا بذلك من دون المشاركة لهم‬ ‫بالرأي‪ ،‬بل النظر للجميع هو الأولى‪ ،‬فيصطلحان على شيء بينهما يأخذانه هنيئا مريئا برضا‬ ‫منهما متفق عليه هو الأولى والأصـلح في بـاب الحـزم والاحتيـاط؛ لعـدم وجـود الوجـوب‬ ‫لأحدهما بالترجيح‪ ،‬فإن كان في شك من معرفة الأولى فلا شك أن الأولى به أن يخـرج مـن‬ ‫الشك إن قدر عليه باتفاقهما‪ ،‬والصلح خير فيما أشبه هذه الأبـواب مـن مواضـع الـشبهات‬ ‫والالتباسات والتشكيكات‪ .‬واالله أعلم‪.‬‬ ‫كتبت الجواب إذا لم يعرف الأعدل‪ ،‬ثم نظرت المسألة بعد فإن كان يرى الأعدل جاز‬ ‫له أن يأخذه على الرأي الأعدل عنده والسلام‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫أجبني فيمن يحفظ مسائل من كتاب أو أخذها عن عالم زمانه إذا سئل عن شيء مـن‬ ‫محفوظه‪ ،‬مع أنه قليل العلم‪ ،‬أيجوز له أن لا يجيب جواب ما سئل عنه‪ ،‬إلى من هـو أولى منـه‬ ‫وأعلى‪ ،‬ويكون سالما من مقتضى الحـديث‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫وإذا جاز له أن يجيب أيلزمه إعلام السائل أن هذه المسألة حفظت جوابها من كتـاب‬ ‫)‪ (١‬أخرجه ابن ماجه في كتاب‪ :‬السنة‪ ،‬باب‪ :‬من سئل عن علم فكتمه )‪.(٢٦٥‬‬ ‫الجزء الأول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ‪٤٥٥‬‬ ‫كذا‪ ،‬وأخذته من فلان المشهور بالمعرفة في أوانه‪ ،‬أم لا يلزمه ويجوز له الإجابة دون أن يخبره‬ ‫بشيء مما ذكرت‪ ،‬وأنه لقيه في موضع من الأثـر‪ ،‬أو موضـعين فـأكثر‪ ،‬أو أخـذه عـن عـالم أو‬ ‫اثنين فصاعدا كله سواء في النظر أم بينه تفرقة في صحيح النظر؟‬ ‫علي‪ ،‬فإنني كما تعرفني قـصير البـاع في‬ ‫تفضل علينا بالإجابة بآية واضحة بلا إشكال ّ‬ ‫كل شيء‪ ،‬لا سيما مثل هذه الأنواع‪ ،‬وأولا عرفتك بأن مرادي من عظيم إحسانك وجسيم‬ ‫صدعناك‪ ،‬لكن المروم‬ ‫امتنانك‪ ،‬أن تجلو عن عين بصيرتي وسريرتي عمى جهالتي‪ ،‬وطالما ّ‬ ‫منك إسبال ثوب العفو فإنما‪ ‬أنت أهل لذلك‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫إن عرف الحق منها فقد صار بها خبـيرا‪ ،‬وبحكمهـا بـصيرا‪ ،‬وعليـه ولـه إذا سـئل في‬ ‫موضع الحاجة أن يجيب‪ ‬إذا سئل عما يعلم من الحق وموضع اللزوم‪ ،‬حيـث يعلـم حاجـة‬ ‫السائل لأمر عناه في دينه‪ ،‬ولا يجد من يكتفى به لأداء فرضه‪ ،‬لا على حال‪.‬‬ ‫وقد كان بعض أهل العلم إذا أتاه السائل ربما قال‪ :‬اذهب إلى من تقلد هذا الأمـر في‬ ‫عنقه يعني الإمام‪ ،‬ولعله يعلم منه الكفاية في تلك النازلة أو نحوها‪ ،‬فإن لم يعرف الحق فيما‬ ‫سئل عنه‪ ،‬فلا بد من أن يخبره بأنه رآه في الأثر أو سمعه من فلان وينظر فيه‪.‬‬ ‫لكن هذا يخرج لا على معنى الدين‪ ،‬فإن كان الجواب في أصله حقا فلا ضير في الحق‪،‬‬ ‫قال ذلك على سبيل الاحتياط أم‪ ‬لم يقل‪ ،‬وإن كانت الأخرى فهاهنا موضع لزوم التثبت؛‬ ‫لئلا يكون مبينا بغير الحق‪ ،‬ولا سيما إن كان يظن به العلم لئلا يلزمه الضمان والإثم‪ ،‬كما هو‬ ‫المشروح في الأثر‪ ،‬وكفى به عن الإطالة‪.‬‬ ‫)‪ (١‬أي‪ :‬أزعجناك‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬في )ت(‪ :‬إنما‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬في )م(‪ :‬يجب‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬في )ت(‪ :‬وإن‪.‬‬