١٤٣٨ غمي ٢٠١٧ م لا يجوز نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب في أي شكل من الأشكال أو ب أية وسيلة من ا لوسائل سواء التصويرية أ و الالكترونية، بما في ذلك ا لنسخ الفوتوغرافي أ و سواه وحفظ ا لمعلومات واسترجاعها إلا ب إذن خطي من ا لناشر . ت    ا  د ا ٴري  ن ا   ا يدرس العلا ّ مة الأستاذ الدكتور أحمد أبو الوفا في هذا الكتاب بأجزائه المتعددة أحكام فقه التجارة والتعامل في وثائر الفقه الإباضي عبر العصور. وهو أمر كان قد قام ا لعلا ّ مة أحمد أبو الوفا بمثله في مسائل القانون الدولي ٌ والعلاقات الدولية، والقانون الدولي الخاص، والقانون الجنائي. وطريقة العلا ّ مة أبو الوفا، المرجع القانوني المشهور، تتبع الاجتهادات والتنظيمات ٍ والآراء الفقهية في سائر كتب المذهب، وإعادة تنظيمها وترتيبها في أبواب كما يحصل في القوانين الحديثة. ويدنو هذا العمل الجليل من مباحث وممارسات تقنين الفقه والذي سار خلال المائة عام الأخيرة. ولهذا العمل فوائد جليلة. فهو يضع تاريخ ً ا قانونيا للنشاط التجاري كما كان يمارسه ً المسلمون في العصور الوسطى. ومن جوانبه التعامل بشتى أنواع السلع في البر والبحر، والتواصل ُ الهائل بالدواخل مع الشعوب والدول الأ ُ خرى، ّ والقواعد الأخلاقية التي كانت تحكم نشاطات التجار في سائر أنحاء العالم الإسلامي، مع دول وإمبراطوريات ا لجوار. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي إن هذا التحاور الذي بين التجار والفقهاء من الإباضية لا يبقى معزولا .ً ُ بل إن العلا ّ مة أبو الوفا يقارن آراء فقهاء الإباضية بآراء ومذاهب المدارس الفقهية ا لأ ُ خرى، فيما يشبه أن يكون حوارية ً كبرى في عوالم حضارة الإسلام وعلائقها بالحضارات الأ ُ خرى: لقد عرفنا جهود العلا ّ مة أبو الوفا وأعماله ٍ التقنينية في مؤلفات أخرى ُ غنية. إنما كما استنتج هو من قبل، في تلك ُ المجالات والميادين هناك مؤلفات ٌ أخرى. أما في ميدان القانون التجاري؛ ّ فإن ّ عمل العلا ّ مة أبو الوفا فريد ٌ من نوعه، وما أل ُ ّ ف مثله من قبل في هذا المجال. ولذلك فإنني أود أن أشكر له هذا الجهد ا لبارز. وأسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق لكل ما يحبه ويرضاه. ّ      هذا أول كتاب في فقه المذاهب الإسلامية يحوي أحكام القانون التجاري ونظرياته العامة. إذ على حد علمنا لم نجد كتابا آخر يتعلق بموضوعه وما ً  رسمناه نحن له. وإنما توجد دراسات عديدة في هذا الموضوع أو ذاك، دونما تجميع للنظريات العامة والموضوعات الأساسية لأحكام قانون التجارة الداخلية والدولية في كتاب واحد. ويثير القانون التجاري، كما هو معروف، مسائل ومشاكل عديدة، يومية وشبه يومية، في العلاقات بين الأفراد، والدول، تم طرحها أمام القضاء والمحاكم بمختلف أنواعها ودرجاتها. ومما يحمد للفقه الإباضي(١) في حدود ما اطلعت عليه أنه تعرض لجل (١) تقول دار الإفتاء ا لمصرية: وتنكر الإباضية تمام » ً ا أنها فرقة من الخوارج، وتتمركز الآن في ع ُ مان وتنتشر في بلاد أخرى كالجزائر، وقد اعت ُ مد مذهبهم فقهيا لدى جهات علمية كثيرة، كمجمع البحوث الإسلامية، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية كما يتضح في الموسوعة التي أصدرها، ومجمع الفقه التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وقد لاقى كثيرا من الدراسات الأزهرية في جامعة الأزهر ً الشريف فتناولت الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه المذهب الإباضي وأسسه وأصوله. والخلافات الفقهية بين الإباضية وبين أهل السنة بسبب الاختلاف المنهجي وليس بسبب التضاد أو الصراع أو ا لتعصب. والحاصل أن المذهب الإباضي مذهب معتمد، له علماؤه وكتبه ومصطلحاته، وطريقة دار الإفتاء المصرية: سؤالات « استدلاله لا تخرج في الجملة عن المذاهب الفقهية المعتمدة . الأقليات، القاهرة، ١٤٣٤ ه، ص ٣٥ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي مسائل القانون التجاري وموضوعاته: المبادئ العامة واجبة التطبيق، التاجر، الأعمال التجارية، الشركات، الإفلاس، الملكية الذهنية، التجارة الدولية، وتسوية المنازعات التي قد تنشأ من العلاقات ا لتجارية. وقد اتبعت ُ ذات المنهج الذي استندت ُ إليه في تأليف الكتب الثلاثة السابقة في الجوانب القانونية للفقه ا لإباضي(١) ، وهو: أولا : الرجوع إلى أمهات كتب الفقه الإباضي، مع عدم إغفال غيرها. ثانيا: الربط بين ما استقر عليه القانون التجاري المعاصر وما هو ثابت في الفقه ا لإباضي.  ثالثا: ترك أي: ينطق بما يحويه بخصوص موضوعات « يتكلم » الفقه الإباضي هذا ا لكتاب. رابعا: تحليل وتنظير وتقعيد وتأصيل الموضوعات التي بحثها الفقه الإباضي والمتعلقة بالقانون ا لتجاري. وقد لاحظنا بخصوص موضوعات هذا الكتاب أن الفقه الإباضي يستمد أصوله من مصادر القواعد الشرعية الإسلامية التي استندت إليها كمنبع ومورد ومصدر واحد المذاهب الإسلامية ا لأخرى. ِ ولا يسعني في النهاية إلا أن أش ُ يد َ بما قامت به وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في سلطنة عمان الشقيقة في إخراج هذا الكتاب، والكتب الأخرى التي سبقته، بخصوص « أحكام القانون في الفقه الإباضي »مقارن ً ا بالمذاهب ا لأخرى. (١) وهي: أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية ( ٣ أجزاء)، وأحكام القانون الدولي الخاص ٣ أجزاء)، وأحكام القانون الجنائي ( ٣ أجزاء)، وقد نشرتها جميعا وزارة الأوقاف والشؤون ) ً الدينية في سلطنة عمان ا لشقيقة. ٩ وأتوجه بالشكر الجزيل إلى معالي الشيخ عبد الله بن محمد السالمي وزير الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة عمان على ما وفره من إمكانات وتسهيلات لإعداد هذا الكتاب وما سبقه من كتب قمت ُ بتأليفها بخصوص أحكام الجوانب القانونية عند أت ْ باع المذهب ا لإباضي.  والحمد لله أولا وآخرا أ. د. أحمد أبو الوفا ١٣ بعد تمهيد بسيط، ندرس بعض العموميات، وخصوصا معنى التجارة، ً والقانون التجاري الوضعي، والتمييز بين العمل التجاري وغير التجاري، والإثبات في المواد التجارية (المبحث الأول) ونتبع ذلك بدراسة القانون التجاري الإسلامي، بالإشارة إلى أهمية التجارة في الفقه الإسلامي، ومصادر هذا القانون، وتوافق المذهب الإباضي مع المذاهب الإسلامية الأخرى (المبحث ا لثاني). الأول / ا ت ) 0 : ()  أ) التجارة من أقدم أنشطة الإنسان على ظهر الأرض فهي موجودة منذ الأزل، وبالتالي فقد مارسها العرب قبل الإسلام، فمنهم قريش والتي كان لها رحلتان في العام رحلة الشتاء إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى ا لشام(١) . ومن حادثة وقعت حينما خرج عمر بن الخطاب إلى السوق فرأى طعاما ً .« ما حملكما على احتكار طعام ا لمسلمين » : منثورا، فقال لأصحاب الطعام ً « يا أمير المؤمنين، نشتري بأموالنا ونبيع » : قالا(٢) . (١) راجع تفصيلات كثيرة في: د. حسن إبراهيم: تاريخ الإسلام، ج ١، دار الجيل، بيروت مكتبة . النهضة المصرية، القاهرة، ١٤١١ ١٩٩١ ، ص ٥٤ ٥٥(٢) راجع القصة في: د. محمد بلتاجي: منهج عمر بن الخطاب في التشريع، مكتبة الشباب، . القاهرة، ١٤١٨ ١٩٩٨ ، ص ٢٥٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي وكان يتجر في زمان رسول الله ژ كبار الصحابة، ومنهم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف. كذلك كان من ٰ صحابته ژ من قام بالتجارة الخصوصية كالبزاز والعطار والصيرفي(١) . كذلك بخصوص احتراف قريش بالتجارة وشهرتهم بها في الجاهلية والإسلام:  أن عبد الملك بن مروان قال « بهجة المجالس » ذكر أبو عمر بن عبد البر في يوما لبنيه: يا بني: لو عداكم ما أنتم فيه ما كنتم تقولون عليه؟ ً قال الوليد: أما أنا ففارس حرب، وقال سليمان: أما أنا فكاتب سلطان، فقال ليزيد: فأنت؟ فقال: والله يا أمير المؤمنين ما تركا حظا لمختار، فقال عبد الملك: فأين أنتم يا بني عن التجارة التي هي أصلكم ونسبكم، قالوا: تلك صناعة ْ لا يفارقها ذل الرغبة والرهبة ولا ينجو صاحبها من الدخول في جملة الدهماء والرعية. قال: فعليكم إذن بطلب الأدب فإن كنتم ملوك ً ا سدتم، وإن كنتم وسط ً ا رأستم، وإن أعوزتكم المعيشة عشتم(٢) . دين العدل، والرحمة، والتسامح، والصدق، والأمانة، » والإسلام هو « والنصيحة، والإتقان، والعفة، ولا تعرف هذه الخصائص إلا بالتعامل(٣) . كما أن العلاقات التجارية تفترض حسن الجوار وعقد الصداقات مع الدول الأخرى، وهو ما أكده فقهاء ا لإباضية(٤) . (١) راجع تفصيلات كثيرة في رفاعة الطهطاوي: الدولة الإسلامية نظامها وعمالاتها، مكتبة الآداب، القاهرة، ص ٢٧٦ ٢٨٣ . انظر أيض ً ا: الخزاعي التلمساني: تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، المجلس الأعلى . للشؤون الإسلامية، القاهرة ١٤١٥ ١٩٩٥ ، ص ٦٩٥ ٦٩٩ (٢) الخزاعي التلمساني: تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، ص ٦٩٥ . انظر أيضا: ً . رفاعة الطهطاوي: الدولة الإسلامية: نظامها وعمالاتها، المرجع السابق، ص ٢٧٥(٣) د. وهبة الزحيلي: المعاملات المالية ا لمعاصرة. (٤) راجع سعيد الوائلي: أبو مسلم البهلاني وإسهاماته في حركة الإصلاح، رسالة، جامعة الزيتونة، . ١٤٢٣ ٢٠٠٢ ، ص ١٩٣ فصل تمهيدي: مقدمات دراسة ا لقانون التجاري في الفقه الإباضي ١٥ رة:  ب) ا بخصوص تعريف التجارة، يمكن القول: إن الفقهاء ذكروها تحت أحد معنيين: الأول المعنى ا للغوي(١) . والثاني: جوهر التجارة أو كنهها أو ماهيتها(٢) . عبارة » : لذلك قيل إن التجارة « عن المعاوضة... فكل معاوضة تجارة على أي وجه كان ا لعوض(٣) . وانظر: انتعاش التجارة في شرق أفريقيا في عهد السيد سعيد بن سلطان، والطرق والمراكز التجارية التي أسسها العرب في عهد سلاطين زنجبار، ودور التجار العرب والزنجباريين في انتشار الإسلام في شرق أفريقيا، في: عبد الرحمن السديس: تطور حركة انتشار الإسلام في ٰ شرق أفريقية في ظل دولة البوسعيديين، رسالة ماجستير، جامعة الإمام محمد بن سعود . الإسلامية، الرياض، ١٤٠٧ ١٩٨٧ ، ص ٥١ ٦٢ ،٦١ ٩٧ ومن المعلوم أنه في عام ١٢٥٦ ه ( ١٨٤٠ م) قامت السفينة سلطانة بأول اتصال بحري بين موانئ الولايات المتحدة الأمريكية والمواني ا لعمانية. انظر أيضا: ً د. إبراهيم عبد المنعم: عمان معبرا لتجار الأندلس وعلمائها إلى بلاد الزنج في القرن الخامس ً الدور العماني في الشرق الأفريقي، :« المؤتمر الدولي » الهجري/ الحادي عشر الميلادي، في . جامعة السلطان قابوس، مسقط، ٢٠١٣ ، ج ٢، ص ٨ ٨٢(١) فقد جاء في المصباح المنير: تجر تجرا من باب قتل واتجر، والاسم التجارة، وهو تاجر والجمع ً ت َجر مثل صاحب وصحب، وتجار بضم التاء مع التثقيل وبكسرها مع التخفيف ولا يكاد يوجد ٌ .( تاء بعدها جيم إلا نتج وتجر والرتج (المصباح المنير، دار المعارف، القاهرة، ١٩٧٧ م، ص ٧٣ بينما جاء في مختار الصحاح تجر: من باب نصر وكتب وكذلك اتجر اتجارا وجمع التاجر ً تجر كصاحب وصحب وتجار بكسر التاء وتجار بالضم والتشديد (مختار الصحاح، دار .( المعارف، القاهرة، ١٩٨٣ ، ص ٧٥(٢) فالتجارة نوع من أنواع المعاملات، ومفرد المعاملات معاملة، ولها معنيان: خاص وعام. فالمعاملة بمعناها الخاص مرادفة للمساقاة التي تعني عقد ً ا على العمل أو المعاملة في الأشجار ببعض الخارج منها. أما في معناها العام فهي عبارة عن مجموعة الأحكام التي تنظم معاملات الأفراد في حياتهم من بيع وإجارة وشركة وغيرها. راجع حاشية ابن عابدين، ج ٤، ص ٢؛ د. إسماعيل فطاني: اختلاف . الدارين وأثره في أحكام المناكحات والمعاملات، دار السلام، القاهرة، ١٩٩٨ ١٤١٨ ، ص ١٤٥(٣) . ابن العربي: أحكام القرآن، تحقيق: علي البجاري، دار الجيل، بيروت ١٤٠٧ ١٩٨٧ ، ج ١، ص ٤٠٨ كذلك قيل: تجر يتجر تجارة باع واشترى، وكذلك اتجر، وهو افتعل، وهو تاجر، وفي أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٦ ويضيف ابن ا لعربي: والتجارة هي مقابلة الأموال بعضها ببعض. وهو البيع؛ وأنواعه في متعلقاته » بالمال كالأعيان المملوكة، أو ما في معنى المال كالمنافع، وهي ثلاثة أنواع: عين بعين، وهو بيع النقد؛ أو بدين مؤجل وهو السلم، أو حال وهو يكون في التمر أو « على رسم الاستصناع. أو بيع عين بمنفعة وهو ا لإجارة(١) . ويرى ابن خلدون أن التجارة هي تنمية المال بشراء البضائع ومحاولة بيعها بأغلى من ثمن الشراء، إما بانتظار حوالة الأسواق أو نقلها إلى بلد هي فيه أنفق وأغلى، أو بيعها بالغلاء على الآجال وهو يرى أن التاجر البصير بالتجارة لا ينقل من السلع إلا ما تعم الحاجة إليه من الغني والفقير والسلطان والسوقة، وأما إذا اختص نقله بما يحتاج إليه بعض الناس فقط فقد تكسد سوقه وتفسد أرباحه. كما أن نقل السلع من البلد البعيد المسافة يكون أكثر ربحا وأكفل بحوالة ً الأسواق، وذلك لأن السلعة المنقولة تكون معوزة لبعد مكانها فيقل حاملوها   ويعز وجودها، وإذا قلت وعزت غلت أثمانها، وأما إذا كان البلد قريب المسافة والطريق سابل بالأمن، فإنه حينئذ يكثر ناقلوها، فتكثر وترخص أثمانها(٢) . الصحاح أرض متجرة يتجر فيها، راجع كذلك احتراف قريش للتجارة في الجاهلية والإسلام، ﻦﻣﻭ ﻥﺎﻛ ﺮﺠﺘﻳ ﻲﻓ ﻦﻣﺯ ﻲــﺒﻨﻟﺍ ﻦﻣ ﺭﺎﺒﻛ ﺔﺑﺎﺤﺼﻟﺍ :ﻲــﻓ ﺔﻣﻼﻌﻟﺍ ﻲﻋﺍﺰﺨﻟﺍ :ﻲﻧﺎــﺴﻤﻠﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺞﻳﺮﺨﺗ ﺕﻻﻻﺪﻟﺍ ﺓﺪﻴﻌﺴﻟﺍ ﻰﻠﻋﺎﻣ ﻥﺎﻛ ﻲﻓ ﺪﻬﻋ ﻝﻮﺳﺭﷲﺍ ﮊ ﻦﻣ ﻑﺮﺤﻟﺍ ﻊﺋﺎﻨﺼﻟﺍﻭ ﺕﻻﺎﻤﻌﻟﺍﻭ ،ﺔﻴﻋﺮﺸﻟﺍﺹ ٦٩٥ ﻮﻫﻭ) ﺎﻣ.(ﻩﺎﻧﺮﻛﺫ ﻦﺑﺍ ،ﻲﺑﺮﻌﻟﺍ ﻡﺎﻜﺣﺃ ،ﻥﺁﺮﻘﻟﺍﺝ ،١ ﺹ.٢٤١ ﻦﺑﺍ :ﻥﻭﺪﻠﺧ ،ﺔﻣﺪﻘﻤﻟﺍ ﺭﺍﺩ ،ﺐﻌﺸﻟﺍ ،ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ ﺹ٢٥٠ ـ .٣٥٥ ﻝﻮﻘﻳﻭ :ﻲﻧﺎﺟﺮﺠﻟﺍ :ﺓﺭﺎﺠﺘﻟﺍﻭ ﺓﺭﺎﺒﻋ» ﻦﻋ ﺀﺍﺮﺷ ﺀﻲﺷ ﻉﺎﺒﻴﻟ.«ﺢﺑﺮﻟﺎﺑ (١)(٢) :ﻲﻧﺎﺟﺮﺠﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ،ﺕﺎﻔﻳﺮﻌﺘﻟﺍ ﺭﺍﺩ ﺀﺎﻴﺣﺇ ﺙﺍﺮﺘﻟﺍ ،ﻲﺑﺮﻌﻟﺍ ،ﺕﻭﺮﻴﺑ ١٤٣١ـ ،٢٠١٠ ﺹ .٤١ :ﻞﻴﻗﻭ ﺓﺭﺎﺠﺘﻟﺍ» ﺮــﺴﻜﻟﺎﺑ ﻲﻫ ﺔــﻟﺩﺎﺒﻣ ﻝﺎﻣ ﻝﺎﻤﺑ ﻞﺜﻣ ﻦﻤﺛ ﺐﺟﻭ ﺀﺍﺮــﺸﻟﺎﺑ ﻭﺃ ﻕﺎﻘﺤﺘــﺳﺎﺑ ﻊﻴﺒﻤﻟﺍ ﺪﻌﺑ ﻢﻴﻠــﺴﺘﻟﺍ ﻰﻟﺇ ﻱﺮﺘــﺸﻤﻟﺍ ﻭﺃ ﻪﻛﻼﻬﺑ «ﻪﻠﺒﻗ :ﻲﻧﻮﻧﺎﻬﺘﻟﺍ ﺔﻋﻮــﺳﻮﻣ ﺕﺎﺣﻼﻄﺻﺍ ﻡﻮﻠﻌﻟﺍ ،ﺔﻴﻣﻼﺳﻹﺍ ،ﻁﺎﻴﺧ ،ﺕﻭﺮﻴﺑ ،١٩٦٦ ﺹ.١٩٤ ١٧ وقد أسهب فقهاء الإباضية في بيان هذا المعنى الثاني للتجارة: يقول ابن بركة(١) : والتجارة في لفظ العرب هي المكاسبة، والمبايعة في لغتها هي المفاوضة، » وكل مفاوضة من طريق المكاسبة فجائز إلا بيع منع منه كتاب أو سن ّ ة أو إجماع وكل ُ مفاوضة خرجت من حد المفاوضة ودخلت في حد إتلاف المال المنهي عن إباحته «« قيل وقال وعن إضاعة ا لمال » فهي باطلة، لما ثبت عن ا لنبي ژ أنه نهى عن(٢) . ويقول ا لسعدي: « البيوع بذل مال بمال »(٣) . (١) ابن بركة: كتاب الجامع، وزارة التراث القومي والثقافة، ج ٢، ص ٣٤٨ ؛ العوتبي: كتاب . الضياء، ج ١٧ ، ص ٢٠ ٢١ (٢) رواه البخاري ومالك ومسلم وأحمد. (٣) السعدي: قاموس الشريعة، ج ١، ص ٣٤١ ، يقول ا لشماخي: أعلم أن كل معاملة وجدت بين اثنين، فإنها لا تخلو من أن تكون عين » ً ا بعين، أعني: حاضر ا ً بحاضر، أو عين ً ا بشيء في الذمة، أو ذمة بذمة، وكل واحد من هذه الثلاثة: إما عاجلا، ً وإما آجلا ً والعاجل: إما أن يكون عاجلا ً نقد ً ا، وإما عاجلا ً غير نقد، والآجل: لا يكون إلا معلوم الأجل غير مجهول، أما العين بالعين، فإنه لا يدخله الأجل، ولا يجوز فيه؛ لأنه من بيع الغرر لوجود الجهل في تسليمه على البائع؛ لأنه غير مأمون السلامة من الآفات حتى يسلم إلى البائع، وهو المطلوب من العين المبيعة، ولذلك لا يجوز فيه الأجل، وأما الحاضر بشيء في الذمة، فإنه يكون عاجلا ً ويكون آجلا ً إلى أجل معلوم، وأما الذمة بالذمة، فلا يجوز؛ لأنه من بيع الدين بالدين، وقد (نهى ژ عن بيع الكالي بالكالي)، سواء كان عاجلا ً أو آجلا ً إلا في الشماخي: كتاب الإيضاح، مكتبة « الحوالة خاصة، على قول من جعلها بيعا، فإنها تجوز ً . مسقط، ١٤٢٥ م ٢٠٠٤ م، ج ٣، ص ٦٠ ٦١ إن التجارة: تقليب المال بالمعاوضة على غرض الربح. وقيل: مال التجارة » : ويقول السالمي راجع السالمي: معارج الآمال، .« كل ما قصد الاتجار فيه عن اكتساب الملك بمعاوضة محضة . ج ٧، ص ٢٥٨ يذكر الكتاني عن قس بن أبي عرازة قال: كنا « ذكر أصل تسمية البيع تجارة » : وتحت عنوان نسمى في عهد رسول الله ژ السماسرة، فمر بنا رسول الله ژ فسمانا باسم هو أحسن منه فقال: يا معشر التجار فكان أول من سمانا التجار (الشيخ عبد الحي الكتاني: نظام الحكومة النبوية المسمى التراتيب الإدارية، ج ٢، ص ٢٩ ٣٠ ؛ ابن سورة: الجامع الصحيح وهو سنن . الترمذي، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث، القاهرة، ج ٣، ص ٥٠٥ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٨ .« كل مال سوى ا لنقدين » ومن المعلوم أن العروض في اللغة هي وفي ا لاصطلاح: « كل ما أعد للتجارة »(١) . وفي .« كل مال سوى ا لنقدين » ومن المعلوم أن العروض في اللغة هي ْ كل ما أعد » : الاصطلاح ُ « للتجارة(٢) . :!6" ري ا  ن ا  ج) ا من المعلوم أن القانون الوضعي ينتظمه فرعان أساسيان، هما: القانون العام، والقانون الخاص. والقانون التجاري هو فرع من فروع القانون الخاص يحكم التجار وينظم المعاملات ا لتجارية. وعلى ذلك فإنه يتضمن شقين أساسيين: الأول: يتمثل في توجهه بالخطاب إلى طائفة من الأشخاص « شخصي » شق .« التجار » هموالثاني: هي أنه ينظم المعاملات ا لتجارية. « موضوعي أو مادي » شق يؤيد ما قلناه المادة ( ١) من قانون التجارة المصري لعام ١٩٩٩ التي تنص تسري أحكام هذا القانون على الأعمال التجارية، وعلى كل شخص » : على أن « طبيعي أو اعتباري له صفة ا لتاجر(٣) . لذلك هذا الفرع من فروع القانون يسمى القانون التجاري commerical lawdroit commerical قانون » إلا أن تسمية أخرى حديثة ظهرت في الفقه وهي (١) . د. يوسف القرضاوي: فقه الزكاة، مكتبة وهبة، القاهرة، ج ١، ص ٣٢٦(٢) . د. يوسف القرضاوي: فقه الزكاة، مكتبة وهبة، القاهرة، ج ١، ص ٣٢٦(٣) تسري أحكام هذا القانون على » : ١٩٩٠ ) على أن ) كذلك ينص قانون التجارة العماني رقم ٥٥ .« التجار وعلى جميع الأعمال التجارية التي يقوم بها أي شخص ولو كان غير تاجر ١٩ « الأعمال Business law- droit des affaires ، فقد عم استخدام السندات الإذنية، والشيكات، والكمبيالات، والاعتمادات المستندية أناس كثيرون، ولم تعد مقصورة على التجار فقط، وغير ذلك من أوجه المعاملات الأخرى التي ينطبق « المشروع » دون أن تكون خاصة بالتجار، خصوصا فكرة « التجاري » عليها وصف ً كعمود فقري للنشاط ا لاقتصادي(١) . ويتميز القانون التجاري ببعض السمات، ومنها خصوصا: ً ١ ا لسرعة: السرعة هي التكئة اللازمة لأي نشاط تجاري. وهي تحتم سرعة تصريف البضاعة حتى لا تتعرض للتلف، وسرعة شرائها خصوصا في الوقت الحاضر ً عن طريق وسائل الاتصال الحديثة كالفاكس والتلكس والبريد الإلكتروني. معنى ذلك أن التأخير في إبرام الصفقات عواقبه وخيمة، لما قد يؤدي إلى فوات فرص .« الوقت في ا لمال » سانحة قد لا يمكن تعويضها، لذلك في التجارة .Le temps c’est de l’argent – time is money   ومن ملامح السرعة في القانون التجاري (قانون ا لأعمال): - نفاذ الأحكام الصادرة في المواد التجارية نفاذ ً ا معجلا .ً - حرية الإثبات في المواد التجارية، على عكس القانون المدني الذي يأخذ بقاعدة إثبات الثابت بالكتابة عن طريق ا لكتابة. - الاكتفاء بالتظهير على الورقة التجارية دون حاجة إلى اتباع إجراءات حوالة الحق (والتي تستلزم إعلان المدين بالحوالة وقبوله لها قبولا ً رسميا). (١) نظرية المشروع هي المعيار الفذ للحكم على تجارية نشاط اقتصادي معين ومع » : لذلك قيل ذلك فإننا نلاحظ أن هناك بعض الأعمال التي أضفى عليها المشرع صراحة صفة التجارية د. علي قاسم: قانون الأعمال، « حتى ولو وقعت منفردة ولو لم ترتبط باستغلال مشروع معين . دار النهضة العربية، القاهرة، ج ١، ص ١٠٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢ الاستناد إلى الواقع ا لظاهر: نظرا للسرعة في الأعمال التجارية، فإن التمحيص الدقيق وتقليب الأمور ً على كافة جوانبها لا تحتل مكان ً ا كبيرا في إطار القانون التجاري، لذلك فإن ً الظاهر l’apparence يلعب دورا كبيرا في هذا الخصوص، ومن ذلك: ًً اعتماد نظرية شركة الواقع: إذ لا يمكن للشركاء التنصل من التزاماتهم تجاه الغير، الذي استند إلى الوضع الظاهر، عن طريق الدفع ببطلان الشركة (بسبب عدم اكتمال الإجراءات ا لشكلية). الحامل الظاهر للورقة التجارية وتفضيله على الحامل الحقيقي، وكذلك قاعدة تطهير الورقة التجارية التي تم تظهيرها تظهيرا كاملا ً من ا لدفوع. ً الأخذ بالنيابة الظاهرة: إذ يسأل الموكل تجاه الغير الذي اعتقد على خلاف الحقيقة أن الوكيل له سلطة إبرام التصرف المتنازع عليه. ٣ ا لائتمان: ذلك أن أغلب العمليات التجارية تقترن بأجل فيشتري التاجر البضاعة دون سداد ثمنها فورا، أو يلجأ إلى البنوك ليقترض منها ما تحتاجه تجارته، فالائتمان ً (أو الثقة) هو عمود ارتكاز النشاط ا لتجاري(١) . > ))  د) ا *6 ري وا  ا *6 ا ): ! ري (أي: ا  ا ١ القواعد ا لعامة: يخضع العمل التجاري، في أحوال كثيرة لنظام قانوني مغاير لغيره من الأعمال التي لا تتسم بالصفة التجارية، أو ما يطلق عليه فقهاء القانون التجاري .« الأعمال ا لمدنية » (١) راجع أيض ً . ا: د. علي قاسم: قانون الأعمال، ج ١، ص ١٩ ٢١ ٢١  ومن أهم مظاهر التمييز بين العمل التجاري وغير التجاري ثلاثة أمور، وهي(١) : أولا : الإثبات Evidence – La preuve  ثانيا: التضامن Joint and several liability – La solidarité ثالثا: المهلة القضائية Moratorium – Le délai de grace وفي ثنايا هذا الكتاب تم بحث هذه المظاهر الثلاثة وغيرها، ونكتفي هنا بالإشارة إلى معيار التمييز بين العمل التجاري وغير التجاري والذي تكتنفه صعوبات كثيرة، وأهم النظريات التي قدمها الفقه والقضاء، هي الآتي ذكرها(٢) : ١ نظرية المضاربة Théorie de la spéculation ؛ أي: إنه يعتبر عملا ً تجاريا كل عمل يكون الهدف منه تحقيق الربح ا لمالي. ٢ نظرية التداول Théorie de la circulation ومقتضاها أن التجارة تكمن في تداول أو تحريك السلع من حيث المكان والزمان؛ أي: أنها في مرحلة وسطى بين الإنتاج والاستهلاك.  ٣ النظرية المختلطة Théorie mixte (الجمع بين المضاربة والتداول)، وترى أن العمل التجاري هو الذي يسعى إلى تحقيق الربح المادي عن طريق تداول ا لثروة. ٤ نظرية الحرفة التجارية Théorie de la professtion commerciale ومقتضاها أن كل عمل يصدر عن التاجر ويتعلق بحرفته يكون عملا ً تجاريا. (١) يضيف الفقه التجاري مظاهر أخرى، تتعلق بما يلي: الاختصاص، والرهن التجاري، والفوائد التأخيرية التي يدفعها المدين، والنفاذ المعجل (للحكم الصادر في المواد التجارية حتى ولو كان قابلا ً للطعن فيه بالاستئناف بشرط تقديم كفالة)، والتقادم (إذ تنص بعض القوانين على تقادم الالتزامات التجارية بمدد أقل من الالتزامات غير التجارية)، والإفلاس (وهو يطبق على التاجر ؛ الذي يتوقف عن سداد ديونه التجارية)، راجع: د. علي قاسم: قانون الأعمال، ج ١، ص ٧٢ ٨١ . د. مصطفى كمال طه وآخرون: أساسيات القانون التجاري، ص ٥٣ ٥٦ (٢) . راجع بخصوص هذه النظريات، د. علي قاسم، المرجع السابق، ص ٨٢ ١٠٢ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٥ نظرية المشروع entreprise'Théorie de l ، فالعمل التجاري هو كل عمل يتصل بنشاط المشروع أو تتم ممارسته في شكل مشروع ما لم يقرر القانون عكس ذلك. ٢ النظريات ا لمطبقة: في الفقه الإسلامي ندرس ثلاث نظريات تميز العمل التجاري عن العمل غير التجاري (المدني)، وهي:   · نظرية ا لمضاربة. · نظرية ا لتداول. · نظرية قصد (أو نية) ا لتجارة. ونشير إلى هذه النظريات في الفقه الإسلامي بصفة عامة، ثم نتبع ذلك ببيان رأي الفقه ا لإباضي. أما نظريتا الحرفة التجارية، والمشروع، فسنرى خلال هذه الدراسة أنهما موجودتان في الفقه الإسلامي وليستا غريبتين عليه. أولا نظرية ا لمضاربة: جوهر هذه النظرية، كما سبق القول، هو أن يكون العمل قصد منه النماء وتحقيق الربح ا لمادي. وإنما وجب الزكاة في » : وقد أخذ الإمام ابن سلام بهذه النظرية، بقوله العروض والرقيق وغيرها إذا كانت للتجارة، وسقطت عنها إذا كانت لغيرها، لأن الرقيق والعروض إنما عفي عنها في ا لسنة إذا كانت للاستمتاع والانتفاع بها ولهذا أسقط المسلمون الزكاة من الإبل والبقر العوامل. وأما أموال التجار فإنما هي للنماء وطلب الفضل. فهي في هذه الحال تشبه سائمة المواشي التي يطلب نسلها وزيادتها، فوجبت فيها الزكاة لذلك، إلا أن كل واحدة منهما تزكى على سنتها. ٢٣ فزكاة التجارات على القيم وزكاة المواشي على الفرائض فهذا ما في زكاة « التجارات إذا كانت أعيانها حاضرة عند أهلها(١) . وأما أموال التجارة فإنما » : ويتضح أخذ ابن سلام بنظرية المضاربة، من قوله أي: تحقيق الربح المادي، وهذا هو جوهر نظرية « هي للنماء وطلب الفضل المضاربة آنفة الإشارة إليها. ونجد لهذه النظرية أيض ً ا أصلا ً لدى الإمام القرافي في معرض حديثه عن الفرق بين قاعدة العروض تحمل على القنية حتى ينوي التجارة وقاعدة ما كان قال سند في شرح المدونة: فلو ابتاع الدار » : أصله منها للتجارة، حيث يقول بقصد الغلة ففي استئناف الحول بعد البيع بذلك روايتين ولو ابتاعها للتجارة  والكنى فلمالك أيض ً ا قولان: مراعاة لقصد التنمية بالغلة والتجارة أو التغليب بالنية في القنية على نية التنمية لأنه الأصل في العروض فإن اشترى ولا نية له فهي للقنية لأنه الأصل فيها، والفرق بين هاتين القاعدتين يقع ببيان قاعدة ثالثة شرعية عامة في هذا الوطن وغيره وهي أن كل ما له ظاهر فهو ينصرف إلى ظاهره إلا عند قيام المعارض أو الراجح لذلك الظاهر وكل ما ليس له ظاهر لا يترجح « أحد محتملاته إلا بمرجح شرعي(٢) . وفي الفقه الإباضي ما يدل على الاستناد إلى نظرية ا لمضاربة: يقول ا لخليلي: « فالتجارة هي اقتناء شيء من المال للبيع والشراء طلبا للربح »(٣) . ً (١) . ابن سلام: كتاب الأموال، دار الفكر، القاهرة، ص ٣٨٨(٢) لكسب المال » : القرافي: الفروق، ج ٢، الفرق ١٠٦ ، ص ١٩٥ . كذلك قيل: إن التجارة مصدر . د. يوسف القرضاوي: فقه الزكاة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤١٨ ١٩٩٧ ، ص ٣١٣ ،« وتنميته(٣) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٥، ص ١٩٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي « متعلقها الأموال ذات النماء كالتجارة والزراعة » كذلك قيل: إن الزكاة(١) . وقيل أيض ً والتجر جعل للنمو فذلك النمو بمنزلة الغلة في الأصول فإن » : ا « وقعت زيادة زكيت، وإن نقص زكى ما بقي(٢) . ثانيا نظرية ا لتداول: في الفقه الإسلامي أيض ً ا ما يدل على قولهم بنظرية تداول السلعة (أي: تحريكها في الزمان والمكان) وعدم ثباتها كمعيار لتجارية العمل. فالقاعدة في .« العروض الثابتة لا تزكى » : الفقه الإسلامي أن يقول ا لبيضاوي: ومال التجارة ما يتمول بمعاوضة ولو خلع بقصدها فلا يؤثر القصد وحده، » « بخلاف ما لو قصد القنية؛ لأنه إمساك(٣) . ويقول ا لقرضاوي: والمعتبر في رأس مال التجارة الذي يجب تزكيته، هو المال السائل، أو » رأس المال المتداول، أما المباني والأثاث الثابت للمحلات التجارية ونحوه مما (١) . أطفيش: كتاب الجامع الصغير، وزارة التراث القومي الثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ١٩٨٦ ، ج ٣، ص ٦٧ (٢) . الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، المطبعة العمومية بدمشق، ١٣٨٥ ١٩٦٥ ، ص ٢٣٤ وقيل في الآنية التي تشتري للتجارة ولم تكن النية فيها للربح: إنه » : وجاء في منهج الطالبينلا زكاة فيها، وإن نوى بها الربح ففيها الزكاة، وكل ما ينوي به للربح ففيه الزكاة إذا حضرت، ومن اشترى شيئ ً ا على أنه للتجارة ثم حول نيته على أن ينتفع به فإن حول نيته قبل الحول لم تكن فيه زكاة للتجارة، فإن عاد حول نيته يريد به التجارة وحال الحول من يوم وقع الشراء فقد قيل: استحال عن حال التجارة ثم حول بالنية إلى التجارة لم يتحول بالنية وهو على .« حالته حتى يحول في شيء غيره يريد به التجارة أو يبيعه بذهب أو فضة . راجع: الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٣، ص ٥٩١ ويقول ا لشماخي: وزكاة العروض التي يقصد بها التجارة ثابتة عند علمائنا رحمهم الله لأنه مال مقصود به ».« النماء، والزيادة، فأشبه الحرث، والماشية، والذهب، والفضة . راجع الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٢، ص ٢٠٣ (٣) . قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، دار الإصلاح، القاهرة، ج ١، ص ٣٨٢ ٢٥ لا يباع ولا يحرك، فلا يحتسب عند التقويم، ولا تخرج عنه الزكاة، فقد ذكر الفقهاء: أن المراد بعرض التجارة هو ما يعد للبيع والشراء لأجل الربح بدليل ُ حديث سمرة الذي ذكرناه في أول هذا الفصل (كان ژ يأمرنا أن نخرج الصدقة «( مما نعده للبيع(١) . ثالثا نظرية النية لا القنية: تفترض التجارة القصد إليها وبالتالي الارتكان عليها. وقد أخذ جانب كبير في الفقه الإسلامي بهذه النظرية (خصوصا في معرض حديثهم عن زكاة ً التجارة)(٢) . يقول الإمام ا لشوكاني:  وإنما يصير المال للتجارة بنيتها عند ابتداء ملكه بالاختيار وللاستغلال أو » « الإكراء بالنية ولو مقيدة الانتهاء فيهما(٣) . (١) ويضيف أيضا ولهذا قالوا: ً لا تقوم الأواني التي توضع فيها سلع التجارة ولا الأقفاص والموازين، ولا الآلات، »كالمنوال، والمنشار، والق َدوم والمحراث، ولا دولاب العمل اللازم للتجارة، لبقاء عينها فأشبهت عروض القنية، أي: الممتلكات الشخصية التي لا تعد للنماء. وفصل بعضهم فقالوا: في الأواني التي توضع فيها عروض التجارة كقوارير العطارين، والغرائر والأكياس التي يستعملها تاجر الحبوب، والسرج واللجم التي يستعملها تاجر الخيل، ونحوها، إن أريد بيعها مع هذه الأشياء فهي مال تجارة تقوم معها، وإن لم يرد بيعها، بل تباع العروض .« وتبقى هي للاستعمال فلا تقوم، شأنها شأن العروض ا لمقتناة . د. يوسف القرضاوي: فقه الزكاة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤١٨ ١٩٩٨ ، ص ٣٣٥ ٣٣٦(٢) فرض الإسلام زكاة سنوية، ) ٢ في المائة) على أصحاب النقود والاتجاه الغالب لدى فقهاء المسلمين هو أخذ الزكاة من عروض التجارة، ولم يشذ عن ذلك سوى الظاهرية، كما أن د. يوسف القرضاوي: فقه الزكاة، ذات » : للإمامية اتجاه آخر، راجع تفصيلات أكثر في قاله ) « حق لازم لا يزيله شيء » : المرجع، ص ٣١٥ ٣٢٦ ويقول ابن سلام: إن الزكاة هي . بخصوص أموال التجارة) راجع الإمام ابن سلام: كتاب الأموال، دار الفكر، القاهرة، ص ٣٨٧(٣) الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، . القاهرة، ج ٢، ص ٢٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٦ ويقول ابن جزي: وتنقسم العروض إلى أربعة أقسام: للقنية خالصة، لا زكاة فيه إجماع » ً ا، وللتجارة خالصا ففيه الزكاة خلاف ً ا للظاهرية، وللقنية والتجارة فلا زكاة فيه خلاف ً ا ً لأشهب، وللقنية والكراء، ففي تعلق الزكاة به إن بيع قولان، ولا يخرج من القنية إلى التجارة بمجرد النية، بل بالفعل، خلاف ً ا لأبي ثور، ويخرج عن التجارة إلى القنية بالنية، فتسقط الزكاة خلاف ً « ا لأشهب(١) . وعلى ذلك فالتاجر لا يشتري السلع لاستعماله الخاص، وإنما يشتريها ليبيع رغبة في تحقيق ا لربح. يقول ا لكرابيسي: الزكاة تجب على الدراهم والدنانير ينوي بها التجارة أو لم ينو ولا تجب » .« الزكاة في العروض إلا بنية ا لتجارة والفرق أن الزكاة تجب في المال لكونه معرضا للنماء، والنماء لا يحصل إلا ً بأحد شيئين، إما السوم أو التجارة، فما لم يعرض لواحد منهما لم تجب الزكاة، ولا يكون معرضا له إلا بالنية. ً وليس كذلك الدراهم والدنانير، لأنه معرض للنماء بنفسه، لأنه يقدر أن يصرفه فيما شاء ليحصل به الربح، ويمكنه أن يشتري به ما شاء كل وقت فصار كالمعد بالنية، ولأنه لو قصد إلى نقله إلى الذهب والفضة بأن نوى التجارة تجب الزكاة في العروض فلأن تجب إذا تحقق القصد انتقل أولى وأحق(٢) . (١) ابن جزي: قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية، عالم الفكر، القاهرة، . ١٤٠٥ ١٩٨٥ ، ص ٩٩ وحتى بالنسبة للقنية يقول الزركشي: إنه يحرم على المكلف اقتناء أمور منها: الكلب لمن لا يحتاج إليه، وآلات الملاهي، وأواني الذهب والفضة، والخمر، والصنم والأوثان، والصور المنقوشة في الجدار والسقوف. . الزركشي: المنثور في القواعد، ج ٣، ص ٨٠ (٢) راجع الفروق للكرابيسي، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، تحقيق: د. محمد . طموم، ج ١، ص ٧٨ ٧٩ ٢٧ كمعيار لتمييز « نية التجارة » وفي الفقه الإباضي ما يدل على الأخذ بنظرية العمل التجاري عن غيره: ويرد مال التجارة إلى الكسب بالنوى، ولا يرد مال » : يقول الشماخي الكسب إلى التجارة بالنوى؛ لأن التجارة في اللغة: المكاسبة، ولا تعقل المكاسبة بالنوى، غير أن قوله 0 : إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ » « يدل على جواز ذلك ،« ما نوى(١) . تجب في أموال التجارة كانت عروضا أو حيوان » : كذلك قيل إن الزكاة ً ا أو ً عقارا بشرط نية التجارة، وكمال النصاب والحول، فإن نقص في أثناء الحول، ثم ً « كمل مع تمامه وجبت(٢) . ويذكر الكرابيسي مثالا ً آخر، بقوله: إذا ورث مالا » ً أو وهب له أو كانت له جارية للخدمة فنوى بها التجارة لا تصير للتجارة ما لم تبع. ولو كانت له جارية للتجارة فنوى القنية وأمسكها فصارت مهنة، ولا تجب زكاة ا لتجارة. والفرق أن الجارية إذا كانت للخدمة فنوى بها التجارة فقد نوى التجارة ولم يفعلها، فلم يبطل حكمها، فتبقى للخدمة ولم تصر للتجارة، كما لو كان مقيما فنوى السفر، ولم يسافر لا يصير ً مسافرا ويبقى مقيما والمعنى أنه نوى السفر ولم يخرج فبقي على الإقامة، كذلك هذا. ًً وليس كذلك إذا كانت للتجارة فنوى به الخدمة لأنه نوى الخدمة وفعلها، فيبطل حكم ما نوى قبله، وصارت للخدمة، كما لو نوى الإقامة يبطل حكم السفر، ويصير مقيما، كذلك هذا. ً والمعنى فيه أن السفر والتجارة عمل، فما لو يوجد العمل لا يحكم به. .« والإقامة والمهنة ترك العمل والترك يحصل مع النية من غير عمل، فكذلك ا فترقا ذات المرجع، ص ٧٣ ٧٤ ، انظر أيض ً ا مثالا ً ثالث ً . ا، في ص ٧٦(١) . الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٢، ص ٢٠٧(٢) . الشيخ سيف الخروصي: جامع أركان الإسلام، ص ٩٣ ومن كتاب الإشراف، قال أبو بكر: أجمع أهل العلم: (على أن في العروض التي تراد للتجارة) الزكاة إذا حال عليها الحول، وممن روينا (عنه) هذا القول عمر بن الخطاب و.. جابر بن زيد. راجع موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، ج ١، ص ٦١٠ . وقيل أيض ً ا: هذا وإن اشترى سائمة للتجارة ففيها زكاة التجارة، لأن امتلاكها من أول الأمر مبني على هذه »النية فإذا حال عليها الحول ففيها ما في عروض التجارة من الزكاة وتتحول من التجارة إلى السوم بمجرد النية: لأن التجارة عارضة والسوم هو الأصل فيها وتبدأ حولها من جديد منذ نوى سومها. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٨ ويقول أطفيش: تزكى عروض التجر... والتحرير أنه يزكي ما اتخذ للتجر وغيره جميعا » ً « لا ما لغيره(١) . ويقول الإمام جابر: وأما ما ذكرت من الجوهر واللؤلؤ، فلا نعلم فيه زكاة وإن كثر ثمنه إلا » « ما أريد به ا لتجارة(٢) . أما إن كانت سائمة فلا تتحول إلى التجارة بالنية وحدها بل حتى يبيعها ويستبدل بها غيرها وإن ظلت أعيانها باقية فزكاتها زكاة السائمة إلا عند ابن عقيل، وأبي بكر من الحنابلة فإنهما يريان أنها تنتقل إلى التجارة بنفس النية وحكوه رواية عن أحمد وهذا كله إنما هو على مذهب جمهور الأمة القائلين بوجوب زكاة التجارة دون غيرهم ولا تجتمع زكاتان في عين في عام واحد باعتبارين؛ اعتبار السوم من ناحية، واعتبار التجارة من ناحية أخرى إذ لا تثني في صدقة كما روي في الحديث والله أعلم وبه ا لتوفيق. . سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: زكاة الأنعام، مكتبة الاستقامة، مسقط، ص ٣٦٠ (١) . أطفيش: الذهب الخالص المنوه بالعلم القالص، مطبعة البعث، قسطنطنية الجزائر، ص ٢٢٦ (٢) . رسائل الإمام جابر بن زيد، تحقيق: د. فرحات الجعبيري، مكتبة مسقط، ١٤٣٤ ٢٠١٣ ، ص ١٤٨ وبخصوص مسألة: وفيمن تجب عليه زكاة الدراهم، فيحل وقت زكاته فيشتري شيئ ً ا من الأمتعة للتجارة أو لغير التجارة، ولم يسلم ثمنه وهو لم يخرج زكاة دراهمه، أيحسب عليه الذي اشتراه، ويكون مضاف ً ا على دراهمه، أم لا؟ يقول ا لمحيلوي: فعلى ما وصفت، أما إذا ما اشتراه للتجارة فإنه يحسب عليه على أكثر قول المسلمين، وأما ».« إن كان لغير التجارة فلا زكاة عليه فيه المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، وزارة التراث القومي والثقافة، ٰ . سلطنة عمان، ١٤٠٨ ١٩٨٨ ، ج ١، ص ٢٩٣ وفي ذات المعنى، بخصوص زكاة السكر، يقول ا لخليلي: وقيل: إن له حكم غيره من التجارة إذا كان مزروع » ً ا لها إلا أن يكون زرعه صاحبه لشغل أكله وما يحتاج إليه لبيته فله حكم ثان وإلا فله حكم التجارة وكان الأئمة يأخذون منه كما يأخذون .« من غيره من التجارة إذا وجبت فيه ا لزكاة . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٥، ص ١٦٤ ٢٩ ومما يدل على معرفة فقهاء الإباضية بوجود بعض الفروق بين العمل التجاري وغيره أنه في الأعمال التجارية يمكن عدم الاتفاق على الثمن مسبق ً ا، وهو أمر غير جائز كقاعدة عامة في الأعمال غير التجارية، إذا جرى العرف بين الناس على ذلك. في هذا الخصوص سئل الإمام السالمي عن التاجر يرسل الناس إليه أن يرسل إليهم من البضاعة كذا وكذا ثم يعرفونه أنك عرفنا بالذي علينا لك من قبل تلك البضاعة فيعرفهم أن عليكم كذا وكذا على حسب ما يبيع تلك البضاعة في البلد ولم يجر بينهم كلام في القيمة فيرسلون إليه الثمن هل يحل له ذلك أم لا؟ يقول السالمي: قال الله تعالى: ﴿ <;:9=GFEDCBA@?> ﴾ [ [النساء: ٢٩ فالتراضي في هذه الآية مشروط لحل المعاملة، فإذا حصل التراضي حصل الحل إذا كان المتعاملان ممن يجوز تراضيهما ولم يكن المتعامل فيه مما حرم المشرع كالربا(١) . « يقال بالجواز فيه إن كان الناس متعارفين عليه » يقرر رأي أن مثل هذا العقد فيمكن أن يجاز مثل هذا العقد على الاطمئنانة والواسع على ما يجري » : وبالتالي « بين الناس التعارف عليه والتسامح فيه(٢) . وهكذا فإن الفقه الإباضي يرى أن العمل التجاري يمكن أن نميزه عن العمل غير ا لتجاري(٣) . وبخصوص النية لطلب الرزق وفي التبقي للتجارة، يقول ا لأصم: تكون نيته لكل سعي يسعى فيه يوسع بذلك على عياله ويقضي دينه ووصاياه وتبعاته » .« ويصل رحمه وإخوانه وما عليه فيه من حق الضعيف والسائل التوبة على الله تعالى . العلامة الأصم: البصيرة، ج ٢، ص ١٣٥ « وأما الحرث بلا زريعة، فالأعمال بلا نية » : كذلك قيل . أبو الربيع الميزاتي: كتاب السير، تحقيق: حاج سعيد مسعود، الطبعة الأولى، ١٤١١ ١٩٩١ ، ص ٤١(١) . جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ١٢٦(٢) . د. ماجد الكندي: الوجيز في المعاملات المالية عند الإباضية، ص ١١١(٣) وإن كان ذلك لا يعني بالضرورة أن الاختلاف بينهما يكون في جميع المظاهر والأحوال أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي : ر اد ا  ت ا ? ) الإ @ نشير إلى القواعد العامة، ثم إلى المبادئ الحاكمة للمسألة. ١ القواعد ا لعامة: تنص المادة ٦٩ من قانون التجارة المصري لعام ١٩٩٩ على أنه: »١ يجوز إثبات الالتزامات التجارية أيا كانت قيمتها بكافة طرق الإثبات   ما لم ينص القانون على غير ذلك. ٢ فيما عدا الحالات التي يوجب فيها القانون الإثبات بالكتابة في المواد التجارية يجوز في هذه المواد إثبات عكس ما اشتمل عليه دليل كتابي أو إثبات ما يجاوز هذا الدليل بكافة ا لطرق. ٣ تكون الأوراق العرفية في المواد التجارية حجة على الغير في تاريخها ولو لم يكن هذا التاريخ ثابت ً ا، ما لم يشترط القانون ثبوت التاريخ ويعتبر التاريخ .« صحيحا حتى يثبت ا لعكس ً يؤكد هذا النص المبدأ المستقر عليه فقه ً ا وقضاء وتشريع ً ا في شأن خضوع الالتزامات التجارية لمبدأ حرية الإثبات أيا كانت قيمة هذه الالتزامات ما لم ينص ِ المشرع على خلاف ذلك، وذلك بأن يشترط الكتابة: كما هو الحال في عقد الشركة، وعقد شراء السفينة وعقد نقل التكنولوجيا... إلخ(١) . ً وبمحل العقد وبالثمن، وبالتزامات وحقوق البائع والمشتري. فمثل هذه الأمور توجد أوجه تشابه، بل تماثل بين الأعمال التجارية وغيرها). وهذا الذي كتبت لك منه أصول البيوع » : يقول الأصم ،« ما لا يجوز بيعه » لذلك تحت باب كلها في التجارات وغيرها، وفي الأحكام وكل ما يرد بحكم في الجهالة، والغرر والفاسد أو .« بيع النقض، ولا ما يصلح فيه القسم في البيع، فهو داخل فيما وصفت لك . راجع العلامة الأصم: البصيرة، ج ١، ص ١٣ (١) ١٩٩٩ ، دار النهضة / د. سميحة القليوبي: تعليق على مواد قانون التجارة المصري رقم ١٧ . العربية، القاهرة، ٢٠١١ ، ص ١٥٥ ١٥٧ فهناك نقاط تلاقي كثيرة بينهما (بخصوص مثلا شروط صحة البيع: الخاصة بالعاقدين، ٣١ حري بالذكر أنه بخصوص الالتزامات غير التجارية (المدنية) فلا يجوز كقاعدة عامة، إثبات التصرف القانوني بالبينة إذا كان غير محدد القيمة، أو كانت قيمته تزيد على مبلغ معين (يحدده القانون عادة) أي: أنه إذا زادت القيمة عن ذلك فلا يجوز إثبات عكس ما اشتمل عليه الدليل الكتابي إلا بالكتابة. من المقرر شرع » : في هذا المعنى، يقول القضاء الإماراتي ً ا أن إثبات جميع المسائل التجارية إذا كانت بين تاجرين يجوز إثباتها بغير الكتابة ومن ذلك شهادة « الشهود، وهذا ما يقضي به العرف السائد بين ا لتجار(١) . ٢ المبادئ الحاكمة للمسألة: أكد القرآن الكريم على الإثبات بالكتابة وبغيرها(٢) في قوله تعالى: ﴿ ! ومن قضاء محكمة النقض المصرية في المجال التجاري: لا يجوز للشريك إثبات عكس عقد الشركة الثابت بالكتابة إلا بالكتابة، الشرط المكتوب في عقد الشركة لا يعدل إلا بالكتابة، الإثبات في المواد التجارية جائز بكافة طرق الإثبات إلا ما استثنى بنص خاص، قواعد الإثبات ليست من النظام العام: جواز الاتفاق على مخالفتها، على مدعي قيام العرف أو العادة التجارية إثباتها، لا يلجأ للعرف التجاري إذا جرى التعامل على ما يخالفه. . راجع: د. أحمد حسني: قضاء النقض التجاري، منشأة المعارف، الإسكندرية، ٢٠٠٠ ، ص ٩ ٣٢ ويجوز الاتفاق على أن يكون الإثبات في المواد التجارية بالكتابة لأن قواعد » : كذلك قيل الإثبات لا تتعلق بالنظام العام، وحينئذ يمتنع الإثبات بشهادة الشهود والقرائن، كأن يتفق على .« أن إثبات التخالص من الدين لا يكون إلا بمخالفة كتابية د. مصطفى كمال طه وآخرون: أساسيات القانون التجاري، منشأة المعارف، الإسكندرية، . ١٩٨٣ ، ص ٥٢ (١) . محكمة استئناف أبو ظبي، مجموعة هلال، ج ٢، ص ٦٧٧(٢) ذهب بعض الناس إلى أن كتب » : بين الإمام القرطبي علة الكتابة وموقف الفقهاء منها، بقوله الديون واجب على أربابها، فرض بهذه الآية، بيعا كان أو قرضا؛ لئلا يقع فيه نسيان أو ًً جحود، وهو اختيار الطبري، وقال ابن جريح: من أدان فليكتب، ومن باع فليشهد. وقال قوله: » الشعبي: كانوا يرون أن ﴿ ,-﴾ ناسخ لأمره بالكتب، وحكى نحوه ابن جريح، وقاله ابن زيد، وروي عن أبي سعيد الخدري، وذهب الربيع إلى أن ذلك واجب بهذه أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي .-,+*)('&%$#"=<;:9876543210/MLKJIHGFEDCBA@?>[ZYXWVUTSRQPONihgfedcba`_^]\xwvutsrqponmlkj }|{zy~ے §¦¥¤£¢¡¨ ¶μ´³²±°¯®¬«ª©ÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹¸ ÓÒÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇ ﴾[ [البقرة: ٢٨٢ . وهكذا تأكد مبدأ حرية الإثبات في التصرفات التجارية بقوله تعالى: ﴿ ! ¯®¬« ....*)('&%$#" °³²±´¹¸¶μ... ﴾[ [البقرة: ٢٨٢ . فالآية قد وضعت قاعدتين، هما: ١ إمكانية كتابة أية تعاملات تتم بين شخصين أو أكثر، رغبة في تحقيق الاحتياط في التعامل، وكوسيلة مادية للإثبات. الألفاظ، ثم خففه الله تعالى بقوله: ﴿ , - /.﴾، وقال الجمهور: الأمر بالكتب ا فما يضره الكتاب، وإن كان غير  ندب إلى حفظ الأموال وإزالة الترتيب، وإذا كان الغريم تقي ذلك فالكاتب ثقاف في دينه وحاجة صاحب الحق، قال بعضهم: إن أشهدت فحزم، وإن ائتمنت ففي حل وسعة، ابن عطية، وهذا هو القول الصحيح، ولا يترتب نسخ في هذا؛ لأن الله تعالى ندب إلى الكتاب فيما للمرء أن يهبه ويتركه بإجماع، فندبه إنما هو على جهة .« الحيطة للناس ويقول بخصوص قوله تعالى: ﴿ Z﴾ رتب الله سبحانه الشهادة بحكمته في الحقوق . المالية والبدنية والحدود وجعل في كل فن شهيدين إلا في الزنا، ص ٣٨٩ ٣٣ ٢ إمكانية عدم كتابة التجارة الحاضرة التي يديرها الناس فيما بينهم، وبالتالي إذا ثار نزاع بشأنها فيمكن اللجوء إلى كافة طرق الإثبات دون حتمية الاقتصار على طريق بعينه. يقول ا لبطاشي: قال القطب » 5 : لقد بالغت آية الدين في الحفظ للأموال والاحتياط قال ولفظ القرآن أكثر جار على الاختصار وفي هذه الآية ورد بسط طويل وقد أرشد « إلى الصلاح لأن أمر المال فيه مصلحة المعاش والمعاد (١) . ويمكن تلخيص نظرية الإثبات عند الإباضية في الأمور ا لآتية: أولا أكد فقهاء الإباضية على أهمية الإثبات في معاملات ا لناس.  يقول ا لصحاري: عن الشيخ ناصر بن سليمان بن محمد بن مداد: إن الصكوك في إثباتها » اختلاف والأصح أن صكوك الثقات ثابتة معمول بها وقد كشف الله بها عن « المسلمين الكربة ولولا ذلك لذهبت حقوق وتعطلت فروض(٢) . (١) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٥، ص ١٧٣ وبخصوص قوله تعالى: ﴿ *)('&%$#"!﴾ ؛ يريد يكون صكا ليستذكر به عند أجله، لما يتوقع من الغفلة في المدة التي بين المعاملة » : قيل وبين حلول الأجل، والنسيان موكل بالإنسان، والشيطان ربما حمل على الإنكار، والعوارض .« من موت وغيره تطرأ؛ فشرع الكتاب والإشهاد، وكان ذلك في الزمان ا لأول .( ابن العربي: أحكام القرآن، ج ١، ص ٢٤٧ ٢٤٨ (البقرة: ٢٨٢ وبخصوص ذات الآية قيل: وأجمعوا أن الإشهاد غير واجب وإنما هو ندب الحجة لهم قول الله تعالى: » ﴿ ,-. 3210/ ﴾ ، وأجمعوا أن البيع المعجل لا إشهاد فيه لقوله تعالى: ﴿ «¬²±°¯®﴾ «. . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٣٦١ (٢) . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٦، ص ١٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي  إباحة الفروج والدماء والأموال بالبينة » : كذلك يقول ابن بركة بقاعدة « العادلة(١) . وجاء في جوهر ا لنظام(٢) : قرطاسة الحقوق في التعارف بالصك تدعى عند كل عارف يكتبها من يحسن الأوضاعا كيلا يقال حق زيد ضاعا يكتبها مصرحا بالعربي من دون عجمة ودون متربي ً ودون تعريج وطمس الأحرف ودون تبديل لرسم فاعرف ويقول الناظم أيضا(٣) : تعارض بينات المدعينا يحرك من جوانحنا شجونا لقد أوحت إلى أوتار صب أنين هوى يا دلنا أنينا أصابت لوعة الشادي وغنت على قيثاره حتى استبينا (١) . ابن بركة: التعارف، ذاكرة عمان، مسقط، ١٤٣٤ ٢٠١٣ ، ص ٧٣  ويجب التوثق من كتابة الأمور الخاصة بالتجارة لمنع أي لبس ولكشف أي غموض. تلك فإن قال قائل: لم جاز لأهل الشروط » : مسلمة بدهية لا يختلف عليها اثنان، يقول ابن بركة تكرار ذكر البيع وغيره في الكتاب، ولم يجيزوا بذكره مرة واحدة عن إعادة ذكره مرة ثانية حتى قالوا: اشترى فلان جميع الأرض، وهذا كلام حتى أعادوا هذا فقالوا: اشترى؟ قيل له: هذا كلام ليس بتام حتى يوصل بأسباب البيع والأسماء، والأسباب إذا فصلت بين اسم مرتين، ليكون كلاما تاما، وقد « اشترى » المشتري واسم المشتري منه احتيج إلى إعادة ذكر ً جاء في القرآن في مثل هذا كثير يدل على صحة ما قلناه، وهو قول الله جل ذكره: ﴿ ´³ »º¹¸¶μ ﴾، فأعيد ذكر الثانية لانقطاع ما بين خبر الأولى وما بين خبرها، ولو قيل: إن الموت الذي تفرون منه ملاقيكم لجاز، غير أن الذي جاء في القرآن أفصح، ومثل ذلك قول الله تعالى: ﴿ «ª ¬ ´³²±°¯® ¶μ ¸ ½¼»º¹﴾ . وخبرها كلام « إن » فلما دخل بين ، ابن بركة: كتاب الجامع، ج ١ ) .« ليقرأ خبرها منها « إن » ليس من جنس الخبر، أعيدت .( ص ٢٢٧ ٢٢٨(٢) . السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ١ ٤، ص ٤٣٥ (٣)أبو سرور السمائلي: الفقه في إطار الأدب، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، . ١٩٩٠ ١٤١٠ ، ص ٣٠٩ ٣١٠ ٣٥ ﻯﻮــﺳ ﺎــﻧﺃ ﺎــﻨﺒﺟﺃﺎﻨﻴﻠﺋﺎــﺴﻟﺍ ﻢــﻟﻭ ﻚﻠﻤﻧ ﺎــﻬﻟ ﻊﻣ ﺎــﻣﻲﻧﺎﻌﺗ ﻦــﻣ ﺭﺎــﺛﻵﺍ ﻲﻘﺒﺘــﺳﺍﻭﺎﻨﻴﻨﺤﻟﺍ ﻱﺬﺧ ﺎــﻣ ﺪﻗ ﻙﺎــﻨﻋ ﺎــﻤﻛﺎﻧﺃﺮﻗ ﺽﺭﺎﻋﻭ ﻰــﻋﺪﻣ ﺖــﻣﺪﻫﺎﻨﻴﻘﻳ ﻦﻣﻭ ﻰــﻓﺍﻭ ﻥﺎــﻴﺒﻟﺍ ﺎــﻤﻟﻩﺎﻋﺩﺃ ً ﺎــﺎــﻧﻭﺮﻳ ﻱﺪــﻳﺄﺑ ﻲــﻋﺪﻤﻟﺍﻔﻠﺧ ﻥﺇﻭ ﻚــﻳ ﺎﻣ ﻪﺑ ﻯﻮــﻋﺪﻟﺍﻯﺀﺁﺮﺗ ﻦــﻣ ﻲــﻧﺎﺜﻟﺍ ﻮــﻟﻭ ﻮﻋﺪﻳﺎﻨﻴﻨــﺳ ﺔــﺠﺣﻭ ﻱﺫ ﺪــﻳ ﻯﻮــﻗﺃﻰﻟﻭﺃﻭ ﺍﻮــ ﺎــﻧﺪﻌﺑ ﻱﺬــﻫﺎــﻨﻴﻤﻴﻟﺍﻣﺃﻭ ﺎﻨﻫ ﻞﺼﻓ ﺽﺭﺎﻌﺘﻟﺍ ﻝﺎﻗﻲﺒــﺴﺣ ويقول أطفيش: ومذهبنا ومذهب الحنفية جواز شهادة المشرك على المشرك المسلم أو » المشرك، لا على مسلم خلاف ً ا للشافعية، وأجاز أبو حنيفة شهادة المشرك على « المشرك في الطلاق والبيع ونحوهما، لا الحدود والقصاص وهو مذهبنا(١) . ثانيا كذلك يقول فقهاء ا لإباضية: والأصح عندنا أن الإثبات إذا كان في يد المثبت له فهو أولى به في المحيا » والممات من سائر الديون المنطلقة وقول: إن ذي الإثبات أولى في حياة المثبت وأما بعد موته فهو وسائر الأديان شرع عن المشايخ علي بن مسعود المحمودي وراشد بن خلف وعبد الله بن محمد بن مداد وصالح بن سعيد أنهم قالوا: إن « الإثبات كالحجر لا يشاركه فيه الغرماء إلا ما تقدمه وقد علموا بذلك فيه(٢) . ويضيفون أيضا: قول: إن الإثبات أولى من سائر الحقوق التي هي غير مثبتة، وقال من قال: » إن الإثبات وسائر الحقوق سواء كان ذلك في الحياة والممات وهو وسائر الحقوق شرع، وهو أكثر القول معنا وبه نعمل. (١) .( أطفيش، تيسير التفسير، ج ٢، ص ٢١٢ (البقرة: ٢٨٢ ٢٨٣(٢) . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٢٩٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي إذا كان الإثبات في يد المثبوت له ولم يكن في يد من عليه الحق أولى  بإثباته على أكثر قول المسلمين والمعمول به عندنا وإن لم يكن الإثبات في يد المثبوت له وإنما هو في يد من عليه الحق، فصاحب الإثبات وأهل الديون « المنطلقة شرع على أكثر القول، والمعمول به من قول ا لمسلمين(١) . ثالثا: فسر فقهاء الإباضية الآيتين ( ٢٨٢ ٢٨٣ ) من سورة البقرة تفسيرا جيد ً ا ً بخصوص وجوب الكتابة، أو كونها للندب والإرشاد، أو عدم لزوم الكتابة (وبالتالي تطبيق قاعدة حرية الإثبات، وهي القاعدة التي تطبق كما سبق ذكره في المواد ا لتجارية).   فهذه أوامر مغلظة مؤكدة » : فقد أخذ الإمام ابن بركة بمذهب ابن حزم لا تحتمل تأويلا ً أمر بالكتاب في المداينة إلى أجل مسمى وبالإشهاد في ذلك (١) ، السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ٧  . ص ٣٥٥ ؛ ص ٤٢٧ ٤٢٨ المثبوت له » : وبالتالي « الإثبات أبدأ من الحقوق المتعلقة في الذمة » ويأخذ الإباضية بقاعدة أن . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ٢٤١ ٢٤٢ .« في الأصل أبدأ من أصحاب الدين السالمي: معارج الآمال المقدمات، « العلم صيد والكتابة قيد » بل ويشير السالمي إلى عبارة . ص ١٧١ صفة الرجوع عن الكتابة أقول: » : ويذكر الصبحي كيفية الرجوع عما تم إثباته بالكتابة، بقوله وأنا فلان ابن فلان قد رجعت عن كتابتي التي كتبتها على فلان ابن فلان في المال الفلاني من قبل الشبهة التي هي فيه. الجواب: أنه إن كان مما لا تجوز الكتابة فيه فله الرجوع في ذلك. وإن كان مما يجوز الدخول فيه لا يضره رجوعه وبيعه لما في يده جائز عليه ولعله من باب . الصبحي: الجامع الكبير، ج ٢، ص ١٣٢ « التنزه وترك التأسي به ويذكر ابن قيس أن قوله تعالى: ﴿ * ﴾[ [البقرة: ٢٨٢ مصرح بالأمر به ندبا وإرشاد » ً « ا ً . إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، مكتبة مسقط، ١٤٣٢ ٢٠١١ ، ص ١٠٤ ويرى أطفيش أن وجوب الكتابة حيث تجب علته أن الشهود قد ينسون وقد ينسون، وقد ُ ِ يصيرون إلى حال لا يؤدون الشهادة معها كجنون وخرف، وحال لا ت ُ قبل كردة، ولو كان ِ الإشهاد يكفي، وكتب الدين عبارة عن كتب ما يدل عليه من الألفاظ؛ لأنه ما في ذمة من . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٢، ص ٢٠٩ .« جسم المال فذلك مجاز عقلي للدالية والمدلولية ٣٧ في التجارة المدارة كما أمر الشهداء أن لا يأبوا أمرا مستويا، فمن أين صار ًً عند هؤلاء القوم (أي: الذين يرون خلاف هذا الرأي) أحد الأوامر فرضا ً «(١) والآخر هملا ً . « إحصاء للأجل والمال » : كذلك قيل: إن الكتابة(٢) . ويأخذ فقهاء الإباضية بمبدأ حرية الإثبات في المواد التجارية. وأوضح دليل على ذلك تفسيرهم لقوله تعالى: ﴿ «¬¯®°±³²´¼»º¹¸¶μ﴾ . وبالتالي عدم الكتابة « ليس فيها أجل » فالمقصود بالتجارة الحاضرة، التي « في التجارة الحاضرة » تعني(٣) . الحالة التي ليس فيها » وبعبارة أخرى هي التجارة « أجل(٤) . تتعاطونها يد » أو هي التجارة التي ً بأس ألا تكتبوا، لأنه » فلا « ا بيد« لا يتوهم في ا لتداين(٥) . ِ وملاك ُ كل ما تقدم جمعه أطفيش في تفسيره، بقوله: » ﴿ «¬®¯﴾ تصرف في المال بالعقد لقصد الربح ﴿ °±﴾ تعاطونها ﴿ ² ﴾يد ً ا بيد، والإدارة تتصور في المال، فإسناد الحضور والإدارة إلى التجار مجاز عقلي، ولا مانع من جعل التجارة بمعنى اسم المفعول؛ أي: متجر تأسيس لا تأكيد، والاستثناء « تدير » به بفتح الجيم، وحضور المال غير إدارته ف (١) يحيى بكوش: فقه الإمام جابر بن زيد، مكتبة الضامري، ص ٤٥٢ ٤٥٣ ، وبخصوص قوله تعالى: ﴿ ¼»º﴾ ليس على الوجوب، بل هو على الندب.. وقيل: هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: ﴿ ,-/. ﴾ وقيل: محكمة والأمر على الوجوب، قال . ذلك... (جابر بن زيد) موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، ج ١، ص ٢٢٠ (٢)، أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، ج ٢ . ١٤١١ ١٩٩١ ، ص ٥٠(٣) . ذات المرجع، ص ٥١(٤) . الشيخ هود الهواري: تفسير كتاب الله العزيز، ج ١، ص ٢٦٠(٥) . ١٤٢٥ ٢٠٠٤ ، ص ١٥٢ ، الشيخ سعيد الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، ج ١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي منقطع؛ أي: لكن التجارة الحاضرة لا يشترط الكتب والإشهاد فيها؛ أو متصل أي: اكتبوه كل حال إلا حال كون التجارة حاضرة، كذا يقولون بالتفريغ في الإثبات وليس المشهور، ولكن المعنى صحيح. ﴿ ³´¶μ¸ ﴾لا ذنب عليكم في انتفاء تكتبوها؛ لأنه قد أخذ كل واحد حقه فلا جحود ولا نسيان، واليد دليل الملك فلا يلزم الكتب، وإن كتب فحسن لأن الآية رخصت أن لا يكتب رفعا للمشقة ولم توجب أن ً لا يكتب، إذ ربما عرفه الناس للآخر إذا كان مما له علامة فيدعي عليه السرقة أو نحوها، فيصار إلى البينة واليمين، وذكر الكتابة ذكر للإشهاد، ولأنها تكون مع الإشهاد، فكأنه قيل: ألا تكتبوها ولا تشهدوا عليها. ﴿ º﴾ على المتجر به المعبر عنه بتجارة أو على التصرف « فيه بالبيع(١) . (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٢، ص ٢١٧ ٢١٨ ويستمر أطفيش في تفسير ذات الآية بقوله: » ﴿ ,-/. ﴾ وهو صاحب الحق ﴿ / ﴾ وهو من عليه الحق أن لا يخونه فلم يرتهن منه ﴿ 210 ﴾ جعل مأمون ً ا وهو من عليه الحق، أن لا يخونه فلم يرتهن منه ﴿ 210 ﴾ جعل مأمون ً ا وهو من عليه الحق ولم يعط رهنا ﴿ 3 ﴾ أي: الحق الذي عليه، سماه أمانة لعدم التوثق عليه بالرهن كأنه أمانة؛ ﴿ 7654 ﴾لا ينكره ولا بعضه ولا يماطله، بل يجازيه بالوفاء الحسن على جعله أمين ً ا، ولم يكلفه الرهن، وقيل المعنى: إن أمن بعض الدائنين بعض المديونين بحسن الظن في سفر أو حضر فلم يتوثق منه برهن ولا كتابة ولا شهادة وجمع بين لفظ .« الألوهية ولفظ الربوبية لمزيد التأكيد في التحذير عن أموال ا لناس . ذات المرجع، ص ٢٢٢ وأما الرهون فإنها غير لازمة في قوله تعالى: » : ويقول البسيوي ﴿ ,-0/. 321 ﴾، فقد أخبر أن من ائتمن ولم يرتهن فقد جاز؛ لقوله: ﴿ 210 3 ﴾، فقد أمر الله بالكتاب في الدين إلى أجل. وقال قوم: لازم. وقال قوم: أدب. ولو كان فرض ً ا لم يقل: ﴿ 3210ُ ﴾، فقد ذكر الرهن كما ذكر الكتاب، والرهن إن لم ا نظر: ،« تجدوا كاتبا؛ لئلا يذهب الحق ً . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٨٢٣ ٣٩ رابعا: يتضح جليا مبدأ حرية الإثبات في المواد التجارية وأنها ليست :(١٩٩٠) مقصورة فقط على الكتابة مما ينص عليه قانون التجارة العماني رقم ٥٥ الأصل في العقود التجارية جواز إثباتها بكافة طرق الإثبات مهما كانت قيمتها » .« ما لم تنص مواد هذا القانون على خلاف ذلك خامسا: يأخذ فقهاء الإباضية بقاعدة أن اليمين تجب فقط إذا عدمت ا لبينة. يقول ابن بركة: الدليل على أن اليمين لا تجب إلا مع عدم البينة، على أن الله تعالى لما » أراد أن يتوثق لنا بحقوقنا في حال القدرة والحضر بإشهاد رجلين عدلين؛ فإن لم يكن ولم يوجد فرجل وامرأتان، وفي السفر غير مسلمين إذا عجزنا عن وجود العدلين أو رجل وامرأتان، وقبض الرهن إذا لم يكن ثقة بينهم، وفي ترك الإشهاد  في الحضر والسفر إذا كنا ندين فيما بيننا في الوقت القريب نحو اليوم مرارا، ً « وأكثر من ذلك مع الحجج القائمة لله على خلقه(١) . فلا يجوز ،« حاسمة للنزاع بين الخصوم » ويأخذ الإباضية بقاعدة أن اليمين الرجوع بعدها إلى دليل آخر(٢) . (١) ابن بركة: كتاب الجامع، ج ٢، ص ٣١٦ ٣١٧ ، انظر أيض ً ا سالم البوسعيدي: الوجيز شرح . الجامع الصحيح، ص ٤٥٦ لا يحكمون باليمين والشاهد للمدعي وهو قول أبي حنيفة والثوري » ومن المعلوم أن الإباضية والأوزاعي عملا ً بالآيات واستشهدوا شهيدين من رجالكم ﴿ [ZYX ﴾ « والأحاديث المروية في ذلك لم تصح معهم وما صح مؤول . الشيخ سالم الحارثي: العقود الفضية في أصول الإباضية، ص ٢٩٤ كذلك بخصوص قوله ژ : المراد بالحالفين الخصمان » : يقول السالمي « بين حالفين يمين » اللذان عدما البينة في الشيء الذي يدعيانه وليس لأحدهما فيه يد، فإن اليمين تتوجه عليهما معا، فإن حلفا جميعا قسم بينهما نصفين، وإن نكل أحدهما عن اليمين فهو للذي حلف وإن ًً .« تنازعا في التقدم أقرع بينهما . السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ٢٤٨(٢) وهكذا جاء في ا لمصنف: أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٤٠ سادسا من قواعد الإثبات عند الإباضية، ثلاث قواعد أساسية، هي: البينة في الخصومات والشهرة في الأخبار وفيما » ١ قاعدة « سواهما ا لدلائل(١) : هو أن الله تعالى جعل طرق » : ومعنى هذه القاعدة ً ا للإثبات. من هذه الطرق البينة في الخصومات، والشهرة في الأخبار، والدلائل والعلامات فيما ليس طريق .« إثباته بالبينة أو بالشهرة أصل القاعدة : قوله تعالى: ﴿ 10/.- ﴾[ [النحل: ١٦ وجه أن الله جعل النجوم علامات لأهل البادية يستدلون بها على الجهات » : الدلالة وعلى أحوال الطقس من المطر والرياح وغير ذلك، فاعتبرت العلامات والدلائل « فيما ليس طريقه الخبر المشهور أو ا لبينة(٢) . اتفق أصحابنا فيما علمت أن الحاكم، إذا استحلف الرجل على دعواه، فقد قطع الخصومة، بينه وبين خصمه، بعد أن يحتج على ا لمدعي. فإن ادعى بينة فأهدرها، ورضي باليمين بدلا، ً من إقامة البينة، لم يسمع منه الحاكم البينة، بعد اليمين، ونحو هذا يقول داود بن علي، وأما أبو حنيفة والشافعي، فيسمعان البينة بعد وهذا ،« شاهدا عدل خير من يمين تاجر » : اليمين، ويحتجان بما روي عن ا لنبي ژ أنه قال الخبر إن صح طريقه فيحتمل ا لتأويل. والقول ما قاله أصحابنا، لأن اليمين جعلت في قطع الخصومة، وهي أيضا، في معنى الإبراء ً ثم أقام البينة، لم يسمعها ،« قد أبرأته من دعواي » : من الدعوى، ألا ترى لو أنكر فقال المدعي منه. وكذلك إذا استحلفه، لم تسمع البينة؛ لأنه رضي باليمين وهذا يدل على أن اليمين، ويضيف أيضا: ويدل على ذلك أيضا ما روي عن النبي ژ أنه أتاه « جعلت لقطع الخصومة ًً آت. فقال: يا رسول الله فلان ً ا أخذ مالي، ومنعني حقه، أو قال: جحدني أو كلاما هذا معناه ً فقال له النبي ژ : أعندك بينة؟ قال: لا، قال: فيمينه، قال: يا رسول الله: إذن يحلف، ويذهب » مالي!! قال رسول الله ژ : فهذا يدل على أن ليس للمدعي، بعد اليمين ،« ليس لك إلا ذلك غيرها، لقول ا لنبي ژ : .« ليس لك إلا ذلك » . راجع النزوي: المصنف، ج ١٥ ، ص ١٣٣ ١٣٤(١) . السالمي: معارج الآمال، ج ٤، ص ٢٦٧(٢) . معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٣٤١ ٤١ ٢ البينة على المدعي واليمين على من أنكر(١) : هذه القاعدة نص حديث شريف عن ابن عباس ƒ أن رسول الله ژ قال: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة على »وأصل هذا الحديث في ا لصحيحين ،« المدعي واليمين على من أنكر(٢) . وقد طبق فقهاء الإباضية القاعدة السابقة على المسائل التجارية وهكذا جاء في بيان ا لشرع: وسئل عن رجل ادعى على رجل أنه باع له سمك » ً ا بخمسين درهما فأنكره ً خصمه فأهدم ببينته فطلب يمين خصمه مع الحاكم قال: يحلفه له ما قبله له حق من قبل بيع هذا ا لسمك. مسألة : وسئل عن رجل ادعى على رجل أنه باع له عمامة وأن عنده من ثمنها ثلاثة دراهم فأنكره وطلب يمينه قال: يحلفه ما عنده لخصمه هذا ثلاثة دراهم من  « قبل ما يدعي أنه باع له عمامة(٣) .  وجاء في ا لمصنف: زعموا أن رسول الله ژ أتاه رجلان بينهما بيع سيف. فقال أحدهما: أخذته » بكذا. وقال الآخر: بعته بكذا؛ فأمر البائع أن يستحلف، ثم يخير المبتاع. إن شاء أخذ، وإن شاء ترك. قال الربيع: الله ورسوله أعلم. إن كان ا لنبي ژ قد قاله، فهو كما قال: فأما الفقهاء، فمضوا على أن القول قول من كانت السلعة في يده. وإن كانت في يد « المبتاع، فالقول قوله، إلا أن يجيء هذا ببينة، غير ذلك(٤) . (١) . ذات المرجع، ص ٣٣٨ ٣٤٠(٢) رواه البخاري ومسلم. (٣) الكندي: بيان الشرع، ج ٣٣ ، ص ١٣ ١١٤ . انظر أيض ً ، ا: الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦ . ص ١٨ ٢٥ ؛ المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ١٢٣ ١٢٤(٤) . النزوي: المصنف، ج ١٤ ، ص ٢٥٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي وبخصوص قوله ژ : فيه « البينة على من ادعى واليمين على من أنكر » أن رسول الله ژ قضى باليمين على من ادعى عليه. ومنها: البينة » : روايات منها على المدعي واليمين على المدعي عليه. ومنها: ولكن ا لبينة على الطالب واليمين على المطلوب. ومنها: لو يعط َ ي ا لناس بدعواهم لادعى رجال  ٌ أموال َ قوم ٍ ودماءهم ُُ َ « ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر(١) .  وقد ذكر الإمام السالمي حكمة القاعدة آنفة الذكر، كما يلي: وقال جماعة من أهل العلم: الحكمة في ذلك أن جانب المدعي ضعيف »لأنه يقول بخلاف الظاهر، فكلف الحجة القوية، هي البينة لأنها لا تجلب لنفسها نفعا ولا تدفع عنها ضررا فيقوي بها ضعف المدعي، وأما جانب المدعى عليه ًً فهو قوي لأن الأصل فراغ ذمته فيكتفي فيه باليمين، وهي حجة ضعيفة لأن الحالف يجلب لنفسه النفع ويدفع عنها الضرر، فكان ذلك في غاية الحكمة، ولا مانع من اجتماع حكمتين أو أكثر في معنى واحد، على أن الحكمة التي أشار إليها الحديث متعلقة بالمصالح العامة المترتبة على نفس القضاء، والحكمة التي استنبطها العلماء إنما هي مجرد مناسبة لأنها تبين الوجه الذي لأجله اختص « المدعي بالبينة والمنكر باليمين(٢) . ٣ قاعدة الإثبات اليقيني: ذلك أن الإثبات يترتب عليه دائما الحكم ً لشخص أو أكثر ضد شخص آخر أو أكثر. لذلك يجب البعد عن أي شك أو ريبة، لأن أي حق يجب أن يقر في قراره المكين، في هذا الخصوص، قيل: من أصول المذهب » : هي « إذا أعمرت الذمة بيقين فلا تبرأ إلا بيقين » وقاعدة الإباضي وقواعده الراسخة، وذلك من منطلق حرصهم على البعد عن الشبهات « ومواطن ا لريب(٣) . (١) . ابن عمر: حاشية الترتيب على الجامع الصحيح: ج ٣، ص ٢١٨(٢) السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ٢٤٧ ، انظر أيض ً ا ابن عمر: . حاشية الترتيب على الجامع الصحيح، ج ٣، ص ٢١٨ ٢١٩(٣) . عزاء البريدية: فقه الاحتياط عند الإباضية، رسالة ماجستير، جامعة مؤتة، ٢٠١٠ ، ص ١٣٥ ١٣٦ ٤٣ سابعا يجيز الإباضية الإثبات بطرق الاتصال الحديثة (كالبرقيات، والتلفون، وعلى شاكلتهما التلكس والفاكس والإيميل أو البريد الالكتروني) ولا شك أن ذلك أمر تحتمه المعاملات التجارية ا لمعاصرة. وهكذا إجابة عن سؤال(١) واعلم أن الشرعيات إنما تبني » : ، يقول السيابي على قواعدها الشرعية التي نصبها الشارع لها ولا يجوز تبديلها عنها فرعاية الثقة والعدالة في الشاهدين وفي الناقلين عنهما من موضع إلا حادثة إلى تمام الأمر وانتهائه إلى الحاكم أو العامل به أمر لازم لا يصح تبديله وإلا لكان حاكما بغير ً ما أنزل الله والعياذ بالله أما نفس النقل والإيصال على واسطة الآلات المعروفة متى عرف المتكلم تحقيق ً ا مع تمام الشروط المذكورة فلا يضر لمعرفة صدقها وضبطها بالاستقراء هكذا أقول والعلم كله عند ا لله 4 « (٢) . ثامنا: شدد فقهاء الإباضية على ضرورة تأريخ التصرفات التعاقدية،  خصوصا في المعاملات التجارية، ولا شك أن لذلك أهميته في العمليات ً التجارية (كتاريخ تسليم البضاعة، ومدة السداد أو تاريخه بالنسبة للمشتري، وتاريخ تسلم البضاعة من الشاحن في عقد النقل، وتاريخ تسليمها في مكان الوصول... إلخ). (١) وهو السؤال ا لآتي: لا تزال البرقيات تأتي بالوفيات من الجهات البحرية مثل زنجبار والبحرين وقطر، فهل »يصح العمل بمقتضاها ويحكم الحاكم به أم هي والكتب سواء صحة وبطلان ً ا أما نفس فهو لا يختلف يؤدي كما أخذ ولكن يحتمل مرسل البرقية الصدق والكذب والقائمون بأعمال البرق وإرسال البرقيات لا يبحثون عن معرفة البارق المرسل ولا عن أمانته وثقته خصوصا في الأمور الشرعية كهذه المسألة كما أنهم هؤلاء غير أمناء كذلك لكن صح ً بالاستقراء ضبط إرسالهم فما أنت قائل أيها الشيخ في مثل هذه المسألة فكثيرا ما يأتي ً الناس إلينا بالبرقيات الناطقة بالوفيات ويطلبون منا الأمر بمقتضاها نحن نتوقف وإذا استمع اثنان أمينان في التلفون من المتكلم فيه وكان أمين ً ا مثلهم يعرفون صوته فهل فرق في .« الصورتين أم الصورتان سواء(٢) . السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ١ ٢، ص ٤٤٣ ٤٤٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٤٤ وقد أخذ الإباضية بقاعدتين: · أن العبرة في تأريخ التصرف للعقد لا لكتابة الوثيقة (فيكتب: وكان البيع يوم كذا)(١) . · ترك التاريخ في الوصايا والصكوك لا يبطلها(٢) . ولا شك أن القاعدتين آنفتي الذكر مهمتان في مجال التصرفات ا لتجارية(٣) . (١) . جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ١٦٩(٢) . أجوبة المحقق الخليلي، مكتبة الجيل الواعد، مسقط، ١٤٣١ ٢٠١٠ ، ص ١٨(٣) واعلم » : ليس من غير المفيد أن نذكر هنا ما جاء في المصنف بخصوص باب تأريخ الكتب أن التاريخ محمول على الليالي دون الأيام لأن أول الشهر ليلة فلو حمل التاريخ على الأيام تسقط من أول الشهر ليلة فيؤنث التاريخ لما ذكرت لك ويقول: كتبت لخمس خلون من الشهر ولست خلون من الشهر فيقع التاريخ على الليالي دون الأيام لأن مع كل ليلة يوما ً وليس في العربية موضع يغلب المؤنث فيه على المذكر إلا على التاريخ وما سوى هذا فإنه « الفواطم وعمرو قدموا » و « الهندات وزيد خرجوا » : يغلب فيه المذكر على المؤنث فيقال فيغلب المذكر على ا لمؤنث.....   فإذا أردت أن تكتب التاريخ في الكتب فإن كان قد أهل الهلال من الغد كتبت إليك غرة شهر كذا وكذا فإذا مضى في الشهر ليلتان كتبت الثاني لليلتين خلتا من شهر كذا واليوم الثالث يكتب لثلاث خلون من شهر كذا ولأربع ولخمس ولست ولسبع ولثمان ولتسع ولعشر خلون. فإذا جاوزت عشر ليال كتبت لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر كذا ولأثنى عشرة ليلة خلت من شهر كذا ولثلاث عشرة ليلة خلت من شهر كذا ولأربع عشرة ليلة خلت من شهر كذا فإذا مضى خمس عشرة كتبت للنصف من شهر كذا يوم ستة عشر من الشهر يكتب لأربع عشرة ليلة بقيت من شهر كذا ويوم كذا ولإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر كذا. فإذا بلغ ثلاثون ليلة كتبت يوم كذا سلخ شهر كذا إلا الأشهر الحرم وهي ثلاثة أتباع أولها .« وذو القعدة وذو الحجة والمحرم وبعد هي . راجع النزوي: المصنف، ج ٢٧ الثاني، ١٤٠٥ ١٩٨٤ ، ص ٢٥٣ ٢٥٤ كذلك قال محمد بن إسحاق: رأيت أن أكتب في الأجل مستهل شهر كذا ولا أكتب غرة شهر كذا لأن المستهل أول ليلة والغرة ثلاث ليال عند العرب وأن أكتب انقضاء شهر كذا ولا أكتب سلخ لأن انقضى لم يبق منه شيء والسلخ عند العرب إذا بقي من الشهر اليوم َ واليومان والسلخ والغرة تدخله الجهالة ويفسد ا لكتاب. . النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ١٢٢ ١٢٣ ٤٥ تاسعا: للعلامة الرستاقي رأي وجيه بخصوص كتابة الدين والإشهاد عليه ٌٌ ْ وأجمع علماؤنا أن الإشهاد عليه غير » : (البقرة: ٢٨٢ ) يستحق أن يذكر؛ إذ يقول واجب، وأن الأمر به تأديب وندب وحث على حفظ ا لأموال.  والذي نختاره للمسلم: أن لا يدع الإشهاد على حقه في حضر ولا سفر؛ وذلك لوجهين: أحدهما: تنزيها لمن عليه الحق، أن لا يطمع في الإنكار، فيوسوس له الشيطان ً في ذلك وتسول له نفسه، ولئلا يدخل عليه التهمة في دعوى الذي له الحق في القلة والكثرة، ولأن الإنسان محل للحوادث، ولا يدري ما يصير إليه أمره وانتهاء خاتمته من قتل، أو هدم، أو غرق، أو حرق، أو موت فجاءة، أو يخرس لسانه، أو يذهب عقله، أو يتعذر عليه الإشهاد، فلم يجد من يشهده وأمثال هذا وشبهه. والوجه ا لثاني: إحراز مال من له الحق خوف التضييع، وقد نهى ا لنبي ژ عن إضاعة المال وخوف الإنكار ممن عليه الحق وليس بحافظ لماله من دفعه إلى من « لا يثق به ثم لا يشهد عليه (١) . (١) . الرستاقي: منهج الطالبين وبلاغ الراغبين، ج ٦، ص ٦٢ ٦٣ بينما يقول ابن بركة: ولو كان الأمر بالإشهاد على الوجوب على ما ذهب إليه صاحب هذا القول كانت الكتابة »أيضا على الإيجاب، فلما أجمعوا على أنهم لو أشهدوا ولم يكتبوا ذلك الحق دل على أن ً الإشهاد ليس بفرض. ودليل آخر يدل على فساد قوله إن صاحب الحق لو أشهد رجلا ً وامرأتين مع وجوده رجلين أن ذلك جائز عندهم، ولو كان واجبا كما قال: لم يجز إشهاد المرأتين مع ً رجل إلا عند عدم الرجال، لأن المرأتين بدل من رجل عند عدمه هكذا ظاهر الخطاب. فلما قال معنا بجواز ذلك، علمنا أن الصواب ما ذهب إليه أصحابنا ويدل أيض ً ا على صحة قول أصحابنا، قول الله جل ذكره: ﴿ ,-3210/. ﴾ أنه لو وثق به ولم يأخذ منه رهن ً .« ا مع الأمر بأخذ الرهن أنه لم يأثم في قوله. دل على غلطه في تأويل ا لآية . ابن بركة: كتاب الجامع، ج ٢، ص ٣٥٣ ٣٥٤ ؛ النزوي المصنف، ج ٢٠ ، ص ١١٧ ويذهب المفتي العام لسلطنة عمان إلى وجوب كتابة الدين إذ قال بعد ذكره للقول الموجب للإشهاد: وهو إذا تؤمل له وجه وجيه من النظر؛ فإن الأصل في الأمر الوجوب، ويعتضد ذلك بالتأكيدات المتلاحقة في آية الدين، على أن في ذلك حكمة بالغة؛ فإن الكتابة أدعى إلى أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي عاشرا: مما يدل على معرفة فقهاء الإباضية لحرية الإثبات، ما قاله السعدي: وليس من ادعى حقا على أحد، ولم يأت على دعواه ببينة؛ يكون عند الله كاذبا، » ً ولو كان محقا في دعواه، هذا ما لا يجوز على الله؛ لأنه يمكن أن يكون معدوم ويضيف أيض « البينة ويدعي حقا ً وأجمعت الأمة، وثبت وصح في كتاب الله » : ا وعن رسول الله ژ أن الشهود العدول تثبت شهادتهم بالحقوق، وتنفذ الأحكام بغير كتابة، والكتاب لا يقومون مقام الشهود؛ والدليل على ذلك: ما صح عن رسول الله ژ أنه كان مدة حياته ينفذ الأحكام، ويأمر بقضاء الحقوق، ويقيم الحدود بشهادة الشهود وحدها، وهو أمي لا يحسن الكتابة أبد ً ا، والله أمر بالكتابة عن النسيان كما قال: ﴿ §¦¥¤£¢¡¨©﴾ ولم يأمر الله ولا رسوله ولا أهل العلم من المسلمين بإنفاذ الأحكام بالكتابة، « ومن قال غير ذلك؛ فليأت على صحة ما يقول ببرهان مبين(١) .   حادي عشر: أكد القضاء في سلطنة عمان أن الإثبات عن طريق الكتابة ليس  مطلوبا إلا إذا وجد نص صريح في القانون يستلزمه، كما أن ذلك يتفق وموقف ً الشريعة الإسلامية وهكذا بخصوص البيع أكدت المحكمة ا لعليا: من حيث كونه لم يوثق بالكتابة فلا يلزم وجوبا لأن الأمر بالكتابة أمر » ً إرشاد لدى جل الفقهاء لأن الكتابة وسيلة إثبات لوجوده وليست ركن ً ا من أركانه أخذ ً ا بمبادئ الشريعة الإسلامية التي هي أساس التشريع لعدم وجود قانون مدني يحتم الأمر بالكتابة في بيع العقارات بمختلف أنواعها أو المنقولات إذا اقتضى الأمر ذلك؛ وطالما نحن الآن في ظل عدم وجود قانون مدني مما يحتم الرجوع « إلى مبادئ ا لشريعة(٢) . حفظ الحقوق وسلامة الصدور من الظنون السيئة والمجتمعات من التفكك والخلاف .« الناتجين عن الخصام في الحقوق عندنا يختلف فيها ا لأطراف . الشيخ أحمد بن أحمد الخليلي: الفتاوى المعاملات ج ٣، ص ١٨٦(١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٣٦ ١٣٧(٢) ٢٠٠٦ م. /٤/ الطعن رقم ٣٠٣ لسنة ٢٠٠٥ مدنية أولى عليا جلسة ١٦ ٤٧ !A ا / ا ! لا ري الإ  ن ا  ا ندرس أهمية التجارة، ومصادر القانون التجاري، وتوافق المذهب الإباضي مع المذاهب الإسلامية ا لأخرى.  رة:  ا  )@ أ) أ تبدو أهمية التجارة من جوانب عديدة أهمها: ١ التجارة مظهر من مظاهر المنافع المتبادلة: ﴿ À¿¾½ ﴾ : التجارة مظهر من مظاهر النشاط الاقتصادي في أي مجتمع إن لم تكن مظهره الأول، باعتبارها تشبع الحاجات الاقتصادية الحالة والمستقبلة في أية دولة، وتسخر بعض الناس لخدمة الآخرين مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ ¯°± ¾½¼» º¹¸¶μ´³²  À¿ ﴾ (١)[ [الزخرف: ٣٢ ، وقوله ژ : دعوا الناس يرزق الله بعضهم من » رواه مسلم). ) « بعض وقد اهتمت الشريعة الإسلامية بالجوانب الاقتصادية باعتبارها من الأمور اللازمة؛ لهذا قيل: وفي أبواب المعاملات الدنيوية لا تجد النصوص إلا وفق المصالح، وضد » المفاسد لمن وفق لمعرفة المصلحة الحقيقية والمفسدة الحقيقية، لأن الشريعة (١) والمتأمل في هذه الآية الكريمة، يراها قد قررت » : بخصوص هذه الآية، يقول شيخ الأزهر سنة من سنن الله في خلقه، وهي أن التفاوت في الأرزاق والعقول أمر لا شك فيه، وأن حاجة ُ الناس بعضهم إلى بعض في أمور معاشهم، من الأشياء التي اتفق العقلاء عليها، واطمأنوا إلى د. محمد سيد طنطاوي: المعاملات في الإسلام، هدية مجلة الأزهر، ذو « حتميتها ولزومها . القعدة، ١٤١٧ ، ص ٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٤٨ هدى ورحمة وأبدية وعامة ولا يتصور في الشريعة أن تصك في وجه الأمة باب « الصناعة والتجارة والفلاحة(١) . معنى ذلك احتياج الناس بعضهم إلى البعض الآخر في أمور التجارات وغيرها، مصداق ً ا لقول ا لشاعر: ٍٍِ ٍ الناس للناس من ب َد ْ و وحاضرة بعض لبعض وإن ْ لم يشعروا خ َ د َ م ٌُْ ُ  وقد انتبه إلى هذه الحقيقة الشيخ الإمام ابن سينا؛ إذ يقول بخصوص حاجة إن حاجة الناس إلى الأقوات، دعت كل واحد منهم إلى » : الناس إلى الأقوات السعي في اقتناء قوته من الوجه الذي ألهمه الله قصده، وسبب رزقه من وجوه « المطالب وسبل ا لمكاسب(٢) . تعاون الناس على أشغالهم، وتوفرهم على إصلاح أحوالهم، » ذلك أن وأخذهم على أيدي السفهاء منهم، والقيام بما يجب عليهم في دينهم ودنياهم، « مما تحدوهم إليه طباعهم وأديانهم(٣) . (١)الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، المكتبة العلمية، » : محمد بن الحسن الثعالبي الفاسي المدينة المنورة، ج ٢، ص ٥٠٦ .، وخلافا للتصور النصراني أن مملكة الإنسان ليست في هذه الحياة، فإن التصور الإسلامي لا يضع تحفظ ً ا مبدئيا على النشاط الاقتصادي فمملكة الإنسان د. جمال الدين عطية: ) « في الحياة الآخرة تتوقف على نجاحه في مملكته في الحياة الدنيا البنوك الإسلامية، كتاب الأمة، رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية، قطر، ١٤٠٧ ه، النظام الاقتصادي الإسلامي جزء من النظام الإسلامي المتكامل بكافة » ص ١٣٧ ) كما أن نواحيه الاجتماعية والخلقية والروحية والتربوية والقانونية... إلخ، وهو كل لا يتجزأ ويشد أن التعامل المالي شأن أساسي » : نفس المرجع، ص ١٩٤ ). ويقرر آخرون ) « بعضه أزر بعض محمد محمد « من شؤون المجتمع، فلا يمكننا أن نتصور مجتمعا لا تبادل فيه ولا تعامل ً . المدني: المجتمع الإسلامي كما تنظمه سورة النساء، مطبعة مخيمر، القاهرة، ١٩٥٨ ، ص ٣٤٥(٢) راجع مجموع في السياسة للفارابي والمغربي وابن سينا، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، . ١٩٨٢ ، ص ٩٣(٣) الآمدي: غاية المرام في علم الكلام، تحقيق: حسن محمود، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٣٩١ ١٩٧١ ، ص ٣٦٩ . يقول الإمام ابن تيمية: وكل بني آدم لا تتم مصلحتهم لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا بالاجتماع والتعاون والتناصر » ٤٩ أن يقصد القيام في صنعته أو » : لذلك يقول الإمام الغزالي: إن على المسلم تجارته بفرض من فروض الكفايات فإن الصناعات والتجارات لو تركت بطلت المعايش وهلك أكثر الخلق، فانتظام أمر الكل بتعاون الكل، وتكفل كل فريق  بعمل، ولو أقبل كلهم على صنعة واحدة لتعطلت البواقي وهلكوا فليشتغل « بصناعة مهمة، ليكون في قيامه بها كافيا عن المسلمين، مهما في ا لدين(١) . ً كذلك فإن التعاملات الاقتصادية الدولية والداخلية الغرض منها تآزر  وتعاضد وتعاون الدول والأفراد والجماعات. ولا شك أن ذلك يدخل في عموم قوله ژ : .« والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه » كل صورة للتعاون بين » : والتعاون في الإسلام يحكمه مبدأ أساسي هو أن الناس تجلب خيرا ولا تحوي إثما أو تجر إليه تكون من مشمولات التعاون ًً « المشروع في ا لإسلام(٢) . ونحن نعتقد أن الرسول ژ قد وضع أسس التعاون الاقتصادي منذ بدايات الدولة الإسلامية: يكفي أن نذكر هنا ما حدث حينما وفد عليه رسول قوم بني عامر يستأذنه في المرعى حول المدينة، فقال 0 : إنها ديار لا تضيق على جارنا، » وإن جارنا لا يظلم في ديارنا، وقد ألجأتكم الأزمة (أي: الشدة) فنحن نأذن لكم ِ ِِ في المرعى ون ُش ْر ِك ُك ُم في المأوى، على أن سرح َن َ ا ك َ سرحك ُم ْ ، وع َانين َ ا ك َع َانيك ُ م، ْ مجموع فتاوى شيخ ) « فالتعاون والتناصر على جلب منافعهم، والتناصر لدفع مضارهم .( الإسلام أحمد ابن تيمية، مطابع الحكومة، الرياض ١٣٨٦ ه، ج ٣٨ ، ص ٦٢ ويقول الراغب ا لأصفهاني: يقول تعالى: « لما احتاج الناس بعضهم إلى بعض سخر الله كل واحد من كافتهم لصناعة ما يتعاطاها » ﴿ ¨ ¯®¬«ª© ° ²± ﴾ وقال ﴿ ³´ ¶μ ¸ ﴾ وقال راجع الراغب الأصفهاني: الذريعة إلى مكارم الشريعة، ) « كل ميسر لما خلق له » رسول الله ژ .( تحقيق: طه عبد الرؤوف، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ١٣٩٣ ١٩٧٣ ، ص ١٩٧ ١٩٨ (١) . الإمام الغزالي: إحياء علوم الدين، دار الشعب، القاهرة، ج ٥، ص ٧٩٤(٢) الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة . ١٤٠٣ ١٩٨٣ ، ج ٩، ص ٣٣٢١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ولا تعينوا علينا بعد اليوم، فقال: لا نعين عدوا ما أقمنا في جوارك؛ فإذا رحلنا فإنما هي العرب تطلب أثآرها، وتشفي دخولها: فقال 0 : يا بني عامر، أما علمتم أن اللؤم كل اللؤم أن تتحاشوا عند الفاقة، وتثبوا عند العزة، فقال: فقال: وأبيك إن « ذلك للؤم، ولن نبغيك غائلة بعد اليوم، فقال: ا للهم اشهد، وأذن لهم(١) . وقد أكد الفقه الإباضي على هذه الأهمية للتجارة كوسيلة للمنافع المتبادلة.  ﻝﻮﻘﻳ ﻡﺎﻣﻹﺍﻲﻤﻟﺎﺴﻟﺍ(٢): ﻻﻼــﺧ ﻩﺮــﻴﺻ ﺔــﻤﻜﺤﻟ ﻰــﻟﺎﻌﺗ ﺎــﻨﻟ ﻊــﻴﺒﻟﺍ ﻉﺮــﺷﻭ ﻕﺎــﺿ ﺎــﻨﻴﻠﻋ ﻊــﺳﺍﻭﺀﺎــﻀﻔﻟﺍ ﻮﻟ ﻢﻟ ﻞــﺤﻳ ﻊﻴﺒﻟﺍ ﻲﻓﺀﺎﻴــﺷﻷﺍ ﻪــﻜﻠﻤﻳ ﺍﺪــﻏ ﺎــﻧﺮﻴﻏ ﻥﻷ ﺝﺎــﺘﺤﻧ ﺀﻲـــﺸﻠﻟ ﻼــﻓ ﻪــﻛﺭﺪﻧ ﻥﺎﻛﻭ ﻢــﻜﺣ ﻚــﻟﺫﻼــﻴﻠﺤﺘﻟﺍ ﻼﻴﺒــﺳ ﺎــﻨﻟ ﺭﺎــﺻ ﻪــﻌﻴﺑﻭ   التجارة من نعم الله على عباده » : ويقول سماحة المفتي العام لسلطنة عمان يتيسر بها درك مصالحهم وتبادل منافعهم، فلولاها لتجمدت الأموال بأيدي أصحابها، وتعطلت مصالحهم بعدم انتقال منافعها من يد إلى أخرى، فقد يكون الشيء، فائض ً ا عن حاجة صاحبه، ومن الناس من هو في أشد الافتقار إليه، فلولا هذا التعامل التجاري والتبادل بين السلعة والقيمة لأدى ذلك إلى أن يبقى كل أحد قابض ً ا على ما بيده لا يستطيع الوصول على ما بيد الآخر، إلا أن سخت به نفسه فجادت به عليه، وما كل نفس تميل إلى الجود، ولا كل نفس تحتمل أن تقلد المنن من غيرها، فكانت التجارة حلا طبيعيا لهذه المشكلة؛ فصاحب البضاعة يدفع ما بيده في مقابل ما يقبضه من الثمن ونفسه سخية راضية؛ لأنه يتطلع إلى ما وراء ذلك من قضاء مصالحه الأخرى، وصاحب القيمة يبذل القيمة « لقضاء لبانته مما بيد غيره(٣) . (١)أبو حيان التوحيدي: كتاب الإمتاع والمؤانسة، دار مكتبة الحياة، بيروت، تحقيق: أحمد أمين . وأحمد الزين، ج ٢، ص ٩٤(٢) . الإمام السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ١ ٤، ص ٢٧٨(٣) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: زكاة الأنعام، مكتبة الاستقامة، سلطنة عمان. ٥١ من الأمور المباحة أصلا » ٢ التجارة :« ما جاز » : من المعلوم في الفقه الإباضي أن المباح هو «(١) . « من منع المباح كمن أباح ا لمحجور » : كما أن(٢) . كذلك فإن ا لمباح:  ما ورد فيه الخطاب بالتخيير فعلا » ً أو ترك ً ا أو هو ما ليس في فعله ثواب، « وليس في تركه عقاب ويطلق عليه الجائز، والحلال(٣) . والحكم بالإباحة هو الأصل عند ا لإباضية(٤) . وينطبق هذا الأصل على التجارة (بيعا وشراء) وقد أكد جامع أبي الحسن ً  البسيوي على ذلك فقد ذكر مشروعية البيع من قوله تعالى: ﴿ 987;: ﴾[ [البقرة: ٢٧٥ فالبيع حلال والربا حرام، وقد أباح الله سبحانه » : يقول في كتابه البيع في الأملاك من الأموال الحلال إلا فيما حرم الله ورسوله... وقد أباح الله التجارة في كل ما أحل، فأما الحرام فهو الذي لا يجوز البيع فيه ولا « يحل ذلك(٥) . (١) . أطفيش: الذهب الخالص المنوه بالعلم القالص، دار البعث قسطنطينة، ص ٣٢٥(٢) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٨٧ ، ص ٣٩٥(٣) . معجم مصطلحات الإباضية، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ج ١، ص ١٣١(٤) جاء في معجم مصطلحات ا لإباضية: يرى الإباضية الحكم بالإباحة هو الأصل كونه حكما عقليا قبل ورود الشرع، ولما جاء الشرع » ً أثبته فصار حكما شرعيا، ولا يند أمر عن حكم الشرع، بخلاف المعتزلة الذين قالوا: إن الإباحة ً حكم عقلي لا شرعي، لأن معنى المباح رفع الحرج عن الفعل والترك، وذلك ثابت قبل ا لسمع. والمباح لا ثواب ولا عقاب في فعله ولا في تركه، إذا تجرد عن النية، ولكن إذا قارنته النية لحقه الحكم، فيكون بنية التقرب طاعة لها أجرها، وبالنية السيئة يغدو معصية يؤزر عليها، لذلك جعل الإمام الكدمي فعل العبد قسمين: طاعة ومعصية، لا يخلو من أحدهما. . المرجع السابق، ص ١٣٢ « ويندرج في المباح اجتهاد الناس في تنظيم شؤون حياتهم وتطويرها(٥) . د. سعيد الوائلي: تفسير البسيوي، ص ٧٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٥٢ ٣ التجارة وسيلة لنشر ا لإسلام: قام أتباع المذهب الإباضي بنشر الإسلام عن طريق التعامل التجاري، لهم دور بارز في نشر الإسلام وحضارته وذلك في حقول التجارة » : فالإباضية « والعمران والري والنظم الاجتماعية والتربوية(١) . فقد هب العمانيون بعد ظهور الإسلام حاملين معهم الرسالة الإسلامية » « وقاموا بنشرها في شرق أفريقيا عن طريق ا لتجارة(٢) . نشر الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وكان » : وعند الإباضية على الإمام ذلك عن طريق رحلة العلماء وحركة التجار فوصل الفكر الإباضي إلى شرق « أفريقيا وإلى الهند وما بعدها وإلى شمال أفريقيا وجنوب الصحراء ا لكبرى(٣) . حري بالذكر أن ما هو مملوك للناس من أموال الأصل فيه الحظر عند الإباضية، ما لم يصدر اختلف الناس في » : إباحة من المالك، فتجوز التجارة فيه أو لا تجوز تبعا لذلك، يقول النزوي ً الأموال في الأصل محظورة أو مباحة قالت فرقة من أهل الخلاف: إن الأموال لا مباحة  ولا محظورة وأن الحظر والإباحة لا تكونان إلا من مبيح وحاظر واختلف أصحاب هذا الرأي على قولين؛ قول: لا يجوز لنا أن نتناول شيئ ً ا منها حتى يقول لنا دليل بالإباحة، وقول: يجوز لنا أن نتناول منها الشيء اليسير لنحيي به أرواحنا ونقيم به أجسامنا وندع باقيها سوى ما نسد به فاقتنا لأنه ليس من صفة الحكيم أن يخلقنا محتاجين إلى الأكل والشرب ثم يمنعنا إياه. وقالت الفرقة الثانية: الأموال مباحة في الأصل غير محظورة وحجتهم في ذلك أن الله خلق الدنيا فيها لمنافعهم لا يشفع هو بها. وفي الحديث أن الأشياء كلها مباحة إلا ما حرم الله في كتابه. منه الناس في سعة. وقال أصحابنا ووافقهم على ذلك كثير من مخالفيهم: إن الأموال في الأصل محظورة غير مباحة وذلك أنها مملوكة لمالك فليس لنا أن نتعدى في ملك الغير إلا بإباحة منه . النزوي: المصنف، ج ١٨ ، ص ٨ .« وإطلاق وقول أصحابنا أنظر وطريقه أوضح وأصح (١) . معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٦ (٢) . عمان في التاريخ، وزارة الإعلام، سلطنة عمان، ١٩٩٥ ، ص ١٨٢ (٣) د. فرحات الجعبيري: التجربة السياسية عند الإباضية، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، . ١٤٣٦ ٢٠١٥ ، ص ١٧٤ ١٧٥ علي بن يخلف سافر إلى غانة سنة خمس وسبعين وخمسمائة، » : ويروى في هذا الخصوص أن فانتهى إلى مدينة مالي فأكرمه ملكها غاية الإكرام، وكان هذا الملك مشرك ً ا، وكان يتعجب من خلقه وخلقه، وكثرة عبادته ومحافظته على دينه، وكانت سنة قحط فاستسقوا بقرابينهم فلم ٥٣ ِِ ح َري بالذك ْ كانوا » : ر أن الإباضية في المناطق التي قاموا فيها بنشر الإسلام متسامحين مع أهالي تلك المناطق، فقد كانوا يهدفون إلى نشر الإسلام متجاوزين العصبيات المذهبية حيث حرصوا أشد الحرص على نشر الإسلام أولا ً ولم « يفكروا في أي شيء آخر بعد ذلك(١) . ألا تدعوا إلهك الذي تعبد أن يسقينا؟ فقال له: لا يسعني ذلك » : يسقوا فقال الملك لعلي وأنتم تكفرون به وتعصونه وتعبدون غيره، فإن آمنتم به وأطعتموه فعلت ذلك ورجوت أن يسقيكم فقال له الملك: علمني الإسلام وفرائضه حتى أتابعك عليه، وتستقي لنا، فعلمه كيف يقر بالشهادتين فعلمهما، ثم قال: إصحبني إلى نهر النيل ففعل، فعلمه كيف يقر بالشهادتين فعلمهما، ثم قال: اصحبني إلى نهر النيل ففعل، فعلمه كيف يتطهر فتطهر، ولبس ثيابا طاهرة، ً ورقى به ربوة فوق النيل (نهر من أنهار غانا) فعلمه الصلاة فصلى، ثم قال: إن أنا صليت فباتا ليلتهما في عبادتهما وضراعة إلى الله (عز ،« فافعل ما تراني أفعل، وإذا دعوت فقل: آمين  وجل) فلما كان بعد صلاة الصبح أنشأ الله (عز وجل) سحابة فما حاولا الانحدار من الربوة حتى حالت السيول بينهما وبين المدينة، فجاءهما زورق في النيل فركبا حتى دخلا المدينة  ودامت السحابة سبعا غير مقلعة تسبح ليلا ً ونهارا، فزادت المؤمن إيمان ً ا واستدعت إيمان ًً  الكافر، فدعا الملك أهل بيته إلى الإسلام فأجابوا ثم أهل المدينة ومن جاورها وجميع مملكته فأجاب أكثرهم، ثم حكم بأن المدينة لا يدخلها إلا من آمن بالله ورسوله ومتى رئي .« فيها كافر قتل راجع: د. جميل الغافري: التجارة الدولية من منظور شرعي، ندوة تطور العلوم الفقهية، سلطنة . عمان، ١٤٣٠ ٢٠٠٩ ، ص ١٠١٥ ١٠١٦ (١) إسلام السنهوري: السفن الشراعية والملاحة البحرية في عمان، مركز الراية للنشر والإعلام، . القاهرة، ١٩٤٣٦ ٢٠١٥ ، ص ١٧٧ :( ويضيف نفس الكاتب (ذات المرجع، ص ١٨٢ ١٨٤ وبما أن التجارة هي المحك الدقيق لواقعية الإسلام وبروزه اليوم من خلال التعامل المالي »والتجاري، فإن الإباضية العمانيين كانوا يمثلون بأخلاقهم الإسلامية العالية رسالة دعوية عملية إلى جانب دعوتهم إلى الإسلام وتطبيق تعاليمه في تلك البلاد، ومن هنا فقد كان لتجار عمان الرياسة للعرب والمسلمين في (كانتون) على النحو الذي رأيناه مع أبي عبيدة الصغير حتى لقبه الإمبراطور الصيني (جنرال الأخلاقية الطيبة) وهذا كان نتيجة طبيعية لما اشتهر به هؤلاء التجار بسبب مذهبهم الإباضي من حميد الصفات، وجميل ا لسجايا... وهذا اللقب له أكثر من دلالة دعوية فإن الشيخ عبد الله لم يصل إلى هذه المرتبة العالية بحيث تصبح أخلاقه الطيبة دلالة عليه وعلى شيء يمتاز به، إلا لما كان يتحلى به من أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي تكرر في المصادر ذكر وصول سفن عمان إلى بلاد الهند، » : كذلك قيل ووصول سفن الهند إلى عمان، إذ يشير بزرك في أوائل القرن الرابع للهجرة/ ِ العاشر للميلاد إلى رحلات السفن بين سندبوار أو صيمور، (تشول، جنوبي بمباي) وبين عمان، وكذلك من فنصور (في سومطرة) إلى بلاد الهند ومنها إلى ميناء ريسوت في عمان، كما يشير ياقوت الحموي إلى أن أكثر سفن الهند ترسو بميناء قلهات العامر الآهل بالسكان الذي تمصر بعد الخمسمائة للهجرة، كما يشير ابن بطوطة إلى النشاط التجاري البحري المتبادل بين الهند وعمان فيقول: إن السلطان بكويل سلطان مدينة جرفتن التي تقع على ساحل الملبار شمال فاليقوط والتي تسمى الآن كنانور، له مراكب كثيرة تسافر إلى عمان وفارس واليمن، وأن أهل عمان كانوا يفرحون أشد الفرح عند وصول السفن القادمة من الهند إلى بلادهم، لأنهم أهل تجارة ومعيشتهم مما يأتي إليهم في « البحر ا لهندي(١) . صفات عالية وسلوك متميز هي الصفات الإسلامية الرائعة، والسلوك المحمدي المتميز، ومن المهم في الأمر أن هذا التلقيب قد تم تدوينه على يد سوشي الأديب الصيني السياسي المشهور صاحب الصيت ولا يزال المرسوم الأصلي الذي أصدره الإمبراطور الصيني (سون سين زون) محفوظ ً .«( ا ضمن مجموعة الشؤون الخارجية لدون باي (الاسم الثاني لسوشي ومن الأمثلة التاريخية الرائعة في بلاد المغرب العربي ما قامت به الدولة » : كذلك قيل الرستمية من فتح الطرق التجارية إلى أواسط أفريقيا إذ كان كبار التجار من تيهرت ووارجلان « غانة » واسدراتن ومعهم بعض المشائخ الإباضية يتبادلون التجارة مع دول أفريقيا حتى بلاد ودول خط الاستواء فيتصلون بملوك القوم وعليتهم ويعلمونهم قواعد الدين، مما كان سببا ً لدخولهم في الإسلام ولا تزال آثار تلك التربية باقية إلى اليوم في بعض تلك الأقاليم، كما ما تزال تحتفظ بالعادات « غانة » تحدث به أحد الطلبة العاديين إذ ذكر أن قبيلة كبيرة من بلاد والتقاليد الإباضية أخلاق ً ا وسلوك ً .« ا . الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٥، ص ٤١١ ٤١٣ ٰ (١) د. رجب عبد الحليم: العمانيون والملاحة والتجارة ونشر الإسلام منذ ظهوره إلى قدوم . البرتغاليين، مسقط، ١٤١٠ ١٩٨٩ ، ص ٦٨ ٦٩ ويضيف أيض ً ومما ساعد أيض » :( ا (ص ٧٤ ً ا على انتشار الإسلام بين الهند أن سكان المستوطنات والمراكز التجارية التي أقامها العمانيون وغيرهم من العرب والمسلمين كانوا ٥٥  كذلك: وبالمقابل كانت السفن العمانية ترسو بمواني الهند العديدة مثل ميناء تانه » وفندرينا وكنباية وجرفتن، وكلها تقع على الساحل الغربي للهند المسمى بساحل ملبار، وكان العمانيون يأتون إلى هذه الموانئ ببضائعهم أو بالبضائع الأخرى  التي يوكلون في بيعها، إذ كان بعضهم يعملون وكلاء لأهل العراق، فينقلون  .« بضائعهم إلى الهند ويعودون بسلع الهند إلى ا لعراق واستمر ذلك في كل ا لعصور(١) . يستقرون فيها لمدة طويلة، وكان بعضهم يستقرون فيها نهائيا، ويصاهرون السكان المحليين  ويتخذون لغتهم وكثيرا من عاداتهم وتقاليدهم التي لا تتنافى مع الإسلام، وبذلك كانوا ً مؤهلين تماما كدعاة لنشر الإسلام في هذه البلاد، وخاصة بين الهنديات اللاتي تزوجن من ً هؤلاء الوافدين المستقرين، وأيض ً ا بين الهنود الذين ارتبطوا معهم بعلاقات تجارية، أو عملوا لديهم في منازلهم أو حوانيتهم، أو في نقل سلعهم من مكان إلى آخر، أو في تفريغ سفنهم .« أو شحنها بالبضائع ا لهندية(١) ففي عهد السيد أحمد بن سعيد (مؤسس الأسرة) ازدهرت مسقط وأصبحت ملتقى تجاريا لغرب المحيط الهندي، وقد وصفها المؤرخ الإنجليزي بارسونز وصفا جميلا أثناء زيارته لها في عام ١٧٥٠ م فقال: (مسقط مدينة تجارية هامة جدا، فيها عدد كبير من المراكب تتاجر مع سورات وبومباي وجوا الواقعة على امتداد ساحل ملبار من شبه القارة الهندية، وتتاجر مع مخا وجدة المطلتين على البحر الأحمر. ومسقط هي المستودع الكبير لمعظم السلع التي تأتي إليها من تلك الأقطار، كما تؤمها السفن القادمة من فارس والبصرة وموانئ جزيرة العرب على الخليج ومن ساحل مكران ومن نهر السند ومناطق أخرى مجاورة). وفي عهد السيد سلطان بن أحمد ( ١٧٩٢ ١٨٠٤ م) كان نشاط عمان في التجارة البحرية مزدهرا، ً وبلغ الأسطول العماني في عهده مركزا متقدما من حيث أعداد السفن التجارية أو الحربية، ًً وكان هذا الأسطول محميا من الحكومة المركزية في مسقط التي كانت تدافع عن مصالح التجار العمانيين أو الأجانب المقيمين في مسقط وعمان. راجع: العلاقات العمانية الفارسية في عهد دولة آل بوسعيد ( ١١٤ ١٢٨٨ ه، ١٧٤١ ١٨٧١ م)، . ص ٢١٤ انظر أيضا نموذجا للشهادة التي كانت تصدر من ميناء مسقط للبضائع التي تصدر منه في: ًً . هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، سلطنة عمان، ص ٢٨١ « العلاقات العمانية العثمانية » أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٥٦ كذلك فقد قام غير المسلمين بالاتجار مع الإباضية، وقد أطلقوا عليهم لفظة هي تحريف لكلمة بهاتيا، وهي اسم » البانيان (بالنسبة للهنود) ولفظة البانيان إحدى الفئات التجارية في الهند، اقترن تاريخها بالاتجار مع الخارج، وهناك من  وهي كلمة مأخوذة بتصحيف من ،« بانيا » يرى أن اسم البانيان، مأخوذ من كلمة اللغة السنسكرتية، وأيض ً وملخص ذلك أن البانيان هم ا لتجار. ،« التاجر » ا معناها ونظرا لوجودهم في عمان فإن الحكم الشرعي تجاههم، اعتبرهم مثل « المجوس، فأعطوهم عهد الأمان، وأخذوا منهم ا لجزية(١) . ٤ التجارة وسيلة لاستثمار ا لأموال: من الطبيعي أن يدعو الإسلام إلى استثمار(٢) الأموال باعتباره اليد الطولى لأية تنمية، بشرط أن يراعي ذلك الاستثمار المصلحة العامة وألا يضير بحقوق ا لمسلمين. لذلك قرر المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية أن: (١) الشيخ أحمد السيابي: التعامل مع غير المسلمين، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، وزارة . الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ ٢٠١٣ ، ص ١١ (٢) استخدام الأموال في الإنتاج (المجمع الوسيط، مجمع اللغة العربية، القاهرة، » الاستثمار هو ج ١، ص ١٠٠ ) وجاء في القاموس المحيط، ثمر الرجل ماله؛ أي: نماه وكثره، وأثمر الرجل أي: .( كثر ماله (القاموس المحيط، ج ١، ص ٣٩٧ وقيل: إن لفظ الاستثمار معناه: مباشرة الوسائل والمعاملات المتنوعة التي توصل إلى تكثير د. محمد سيد طنطاوي، معاملات البنوك ) « المال وتنميته بالطرق المشروعة التي أحلها الله .( وأحكامها الشرعية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٩٨ ، ص ٩١ ويلاحظ أن الفقهاء استعملوا بطريقة نادرة كلمة استثمار فقد جاء في الهداية إذا خلط المضارب مال المضاربة بماله أو مال غيره لاستثمارها فلا يدخل ذلك تحت مطلق عقد المضاربة ولكن الفقهاء قد عبروا عنه بألفاظ أخرى مثل تنمية المال وزيادته وعقد الفقهاء بابا ً للمعنى المقصود من الاستثمار وهو التنمية وهو باب القراض أو باب المضاربة، وهناك أبواب فقهية أخرى تأتي فيها زيادة المال وتنميته وذلك مثل بيع المرابحة، والشركة والمساقاة وغير ذلك (موسوعة جمال عبد الناصر في الفقه الإسلامي، المجلس الأعلى للشؤون .( الإسلامية، القاهرة، ١٣٩٠ ، ج ٥، ص ١٩٨ ٥٧ استثمار المال الخاص وما يتبع فيه من الطرق حق خالص لصاحب المال، » على أنه إذا سلك في ذلك مسلك ً ا يؤدي إلى ضياع المصلحة العامة وجب على ولي الأمر أن يتدخل ليمنع الضرر وليصون المصلحة العامة بطريق لا عدوان فيه على الحق المشروع لصاحب ا لمال(١) . ويقرر د. العربي أن الإسلام فرض على مالك المال في ماله ثلاثة تكاليف، هي: مداومة استثمار مالك المال لماله، ووجوب اتباع أرشد السبل في استثمار هذا المال، ووجوب توجيه استثمار المال إلى جميع المسالك التي تتطلبها « ضرورات ا لمجتمع(٢) . ويرى ابن أبي الربيع أن المال يحتاج إلى أربعة أمور تتعلق بجمعه ونموه، وحراسته، وحفظه، ووجوه إنفاقه. وما يهمنا هنا الأمران الأول والأخير. وبخصوص الأول يقول ابن أبي الربيع إن على ا لملك: - أن يأمر الرعية بالاستكثار من ا لعمارة. - لأن الحماية بالحروب، والحروب بخيل، ولا تقوم الخيل إلا بمال. - وأن يؤاخذ الرعية على التقصير في ا لاكتساب. وبخصوص الأمر الأخير، يرى أن وجه الحاجة إلى المال متعددة منها أنه: « يراد ليتم به أمور الناس على ا لإطلاق »(٣) . (١) ، راجع التوجيه التشريعي في الإسلام، من بحوث مؤتمرات مجمع البحوث الإسلامية، ج ٣ . القاهرة، ١٣٩٢ ١٩٧٢ ، ص ٢١٣(٢) د. محمد عبد الله العربي: استثمار الأموال في الإسلام، من بحوث مؤتمرات مجمع البحوث . الإسلامية، التوجيه التشريعي في الإسلام، ج ٢، القاهرة، ١٣٩٢ ١٩٧٢ ، ص ٧٧ ٨٨ راجع أيض ً ا: Minerals Investment under the Shari'a Law. (London: Graham and Trotman. 1993) p.131. وقد أشار إلى أن من ضمانات الاستثمار في الإسلام: احترام العقود، وعدم رجعية القوانين، والضمانات الخاصة بحقوق الملكية، وتسوية ا لمنازعات. (٣) ابن أبي الربيع: كتاب سلوك المالك في تدبير الممالك، تحقيق: د. ناجي التكريتي، وزارة . الثقافة والإعلام، بغداد، ١٩٨٧ ، ص ٢٠٢ ٢٠٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي « خير المال ما وقع به الانتفاع، وشر المال ما تركته للضياع » ذلك أن(١) . والاستثمار الجيد هو الذي يتم وضعه في موضعه السليم (أو وفق ً ا للتعبير الفرنسي المعروف أن يكون bien placé ( وقد أكد على ذلك ابن الأزرق، بقوله: إن إنفاق الأموال يقتضي: رعاية المصلحة فيما يصرف إليه وتمثيل ذلك فيها أيض » ً ا واعلم أن إنفاق الأموال يحيي موات ما انصرفت إليه، ويعظم صغيره، فإن كان في عائد المملكة كان كالماء المنصب إلى الأشجار المثمرة والمزارع الزاكية، التي يخصب بمصلحتها الزمان وتمرع البلاد، وإن كان في غير عائدها أنبتت ما يضر نباته، ولا ينفع ريعه وبسوقه، فكن فيه كالطبيب الحاذق الذي يضع الدواء حيث يكون الداء يحسن فيه أثرك، ويط ُ « ل به ا ستمتاعك(٢) . َ خامسا: عرف فقهاء المسلمين عيوب عدم استثمار المال، وهو قلة النفقات وإتلاف مال الدولة، واختلالها. وقد منع الإسلام طرق الاستثمار غير المشروعة: عن طريق الربا، أو الاحتكار، أو التواطؤ باللجوء إلى الرشوة وهدايا الولاة أو الغش والاحتيال أو الإنتاج الضار والمحرمات أو المقامرة. وفضلا ً عن ذلك فقد حرم الإسلام كل ما ينجم عن هذه الطرق غير المشروعة، وأجاز مصادرة المال الناتج عنها، وضمه إلى بيت مال المسلمين؛ أي: إخراجه من حيز الملكية الفردية إلى الملكية ا لجماعية. انظر د. شوقي عبده الساهي: المال وطرق استثماره في الإسلام، الفتح للإعلام العربي، القاهرة ١٤٠٥ ١٩٨٥ ، ص ١٢٢ وما بعدها؛ د. أمين عبد المعبود: من أحكام المعاملات في الفقه الإسلامي المال وطرق استثماره، مجلة كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر فرع أسيوط، . ١٤٠٥ ١٩٨٥ ، ص ٢١١ ٢٣٩ ، عدد ٣ (١) أمير المسلمين موسى بن يوسف أبو حمو: كتاب واسطة السلوك في سياسة الملوك، مطبعة . الدولة التونسية، ١٢٧٩ ، ص ٩(٢) الإمام ابن الأزرق الأندلسي، بدائع السلك في طبائع الملك، الدار العربية للكتاب، تونس . ليبيا، ج ١، ص ٢٢٣ ٥٩ وهكذا يقول ابن خلدون إن قيام السلطان بالتجارة: فيه التعرض لأهل عمرانه، واختلال الدولة بفسادهم ونقصه، فإن الرعايا إذا » قعدوا عن تثمير أموالهم بالفلاحة والتجارة نقصت وتلاشت النفقات وكان فيها « إتلاف أحوالهم، فافهم ذلك(١) .  كذلك جاء في عهد طاهر بن الحسين إلى ابنه عبد الله قاعدة اقتصادية أكيدة، واعلم أن الأموال إذا كثرت وذخرت في الخزائن لا تثمر... فليكن كنز » : هي قوله « خزائنك تفريق الأموال في عمارة الإسلام وأهله(٢) . ضرورة استثمار المال مع عدم قصر استثماره في » وقد أكد الجاحظ على مبدأ واعلم أن تثمير المال » :« المعاش والمعاد » يقول الجاحظ في رسالة ،« مجال واحد آلة للمكارم، وعون على الدين، ومتآلف للإخوان، وأن من فقد المال قلت الرغبة « إليه، والرهبة منه، ومن لم يمكن بموضع رغبة ولا رهبة استهان الناس بقدره(٣) . ولا شك أن ما ذكره الجاحظ يدل على أمرين: الأول: أن استثمار الأموال أمر واجب، لما في ذلك من آثار إيجابية لا يمكن إنكارها. والثاني: أن الدولة التي تكون ضعيفة ا قتصاديا، يستهان بها في إطار العلاقات .« لقلة الرغبة إليها، والرهبة منها » الاقتصادية الدولية نتيجة أن تجعل مالك كله في عقدة واحدة، أو حيز واحد، أو » ويحذر الجاحظ من ا(٤) وجه منفرد، إن اجتاحته جائحة أو نابته نائبة بقيت حسير . ً (١) . مقدمة ابن خلدون: دار الشعب، القاهرة، ص ٢٥٢(٢) . راجع عبد البديع صقر، الوصايا الخالدة، مكتبة وهبة، القاهرة، ١٤٠١ ١٩٨١ ، ص ١٠٧(٣) . رسائل الجاحظ: الرسائل السياسية، دار مكتبة الهلال، بيروت، ص ٧٨(٤) . نفس المرجع، ص ٩٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٦٠ ولا شك أن هذا القول هو ما تأخذ به الدول الواعية، في إطار علاقاتها المثل الفرنسي ا لقائل: » : الاقتصادية الدولية (والداخلية) وهو ما أكد عليه Ne pas mettre les oeufs dans la même corbeille والمثل الإنجليزي القائل: Don't put your eggs in the same basket. وقد أكد الفقه الإباضي على ضرورة استثمار الأموال، خصوصا عن طريق ً التجارة إذا كانت هي الأصلح في هذا ا لخصوص. « مراعاة الأصلح في تثمير مال ا لأيتام » : فقد أخذ السالمي بمبدأ(١) . وبخصوص وكيل أيتام لا يزكي أموالهم لدى كل حول، رجاء أن تزيد ولا إنك يا وكيل الأيتام مضيع لعدم تزكيتك أموالهم لدى » : تنقص، يقول البكري رأس كل حول، ويفهم من كلامك أن مالهم أبقيته على حاله مجمد ً ا وغير مستثمر، وهذا تضييع ثان، لأن الله تعالى يقول: ﴿ *)('&% ,+ ﴾[ [البقرة: ٢٢٠ ، وليس من الإصلاح لهم أن يترك مالهم للحقوق والنفقات تفنيه، فعن عمرو بن شعيب بسنده إلى عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله ژ : وكانت ،« من ولى يتيما له مال، فليتجر له ولا يتركه حتى تأكله الصدقة » ً عائشة # تخرج زكاة أيتام كانوا في حجرها، وهذا ما ذهب إليه أصحابنا « وجمهور ا لأمة(٢) . (١) . جوابات الإمام السالمي، ج ٣، ص ٤٥٨ (٢) . فتاوى البكري، تحقيق: داود بورقيبة، القسم الثاني، ص ١٧١ والاشتغال بالتجارة يشكل أحد الأسباب المانعة من المسألة المنهي عنها. إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة، إلا لرجل تحمل حمالة » : فقد روي عن النبي ژ أنه قال ً بين قوم، ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فليسأل حتى يصيب سدادا من عيش أو قواما من ًً عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يشهد له ثلاثة من أهل الحجى من قومه أنه قد أصابته فاقة رواه مسلم وأحمد)؛ والفاقة: ) « وأنه قد حلت له المسألة، وما سوى ذلك من المسائل سحت الفقر، والسداد: كل شيء سددت به حالا ً فهو سداد بكسر السين، ولذلك سمي سداد القارورة ٦١ ٥ التجارة وسيلة للكسب: لا شك أن التجارة وسيلة رائدة لتحقيق الكسب، وهو ما يتفق مع قواعد الإسلام الكلية، يقول تعالى: ﴿ jihgf ﴾[ [البقرة: ٢٦٧ . وحينما سئل ا لرسول ژ: أي الكسب أطيب؟ « عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور » : قال(١) . كذلك يقول ژ : « طلب الكسب فريضة على كل مسلم »(٢) . وهو صمامها لأنه يسد رأسها، وأما السداد بفتح السين فإنه الإصابة في المنطق، يقال: إنه لذو سداد في منطقة وتدبيره، وهذا خبر يدل على التشديد في المسألة لأنه قد حصر المسألة بهذا .« الخبر ورخص لهؤلاء ا لثلاثة . ابن بركة: كتاب الجامع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ١، ص ٦٠٨ ٦٠٩ وقد ذم الله تعالى عدم استثمار المال، بقوله سبحانه: ﴿ TSR U ﴾[ [التوبة: ٣٤ من الأحبار، أو من أهل الكتابة أو من » : وقد حددهم أطفيش بأنهم .« المؤمنين أو من الكل، وهو أولى . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٦، ص ٦ (١) والحديث دليل على تقدير ما جبلت عليه الطبائع من طلب المكاسب » : يقول الإمام الصنعاني وإنما سئل ژ عن أطيبها أي: أحلها وأبركها وتقديم اليد على البيع المبرور دال على أنه .« الأفضل وللعلماء خلاف في أفضل المكاسب قال الماوردي: أصول المكاسب الزراعة » : ويضيف والتجارة والصنعة، قال: والأشبه بمذهب الشافعي أن أطيبها التجارة، قال: والأرجح عندي أن .« أطيبها الزراعة لأنها أقرب إلى ا لتوكل وما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن » : وتعقب بما أخرجه البخاري من حديث المقدام مرفوعا ً ًً .« يأكل من عمل يده وأن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده قال النووي: والصواب أن أطيب المكاسب ما كان بعمل اليد وإن كان زراعة فهو أطيب المكاسب لما يشتمل عليه من كونه عمل اليد ولما فيه من التوكل ولما فيه من النفع العام للآدمي وللدواب والطير، قال الحافظ ابن حجر: وفوق ذلك ما يكسب من أموال الكفار بالجهاد وهو مكسب النبي ژ وهو أشرف المكاسب لما فيه من إعلاء كلمة الله تعالى قيل: وهو داخل في كسب ا ليد. . الصنعاني: سبل السلام، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٥١ ٤٥٣(٢) أخرجه الزبيدي في الإتحاف، راجع تخريج الحديث في ا لشيباني: أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٦٢ يقول 4 : ﴿ jihgf ﴾[ [البقرة: ٢٦٧ . ويقول ژ : .« اطلبوا المال من حسان ا لوجوه » وتعليق ً أي من وجوه الكسب » : ا على هذا الحديث يقول الشريف الرضي « الطيب التي يحسن الطلب منها ولا يذم التعرض لها(١) . ولا جرم أن التكسب هو المظهر الأساسي لأية علاقة اقتصادية بل هو َ « القدرة على اكتساب المال بالصناعات غني » : عمودها وذروة سنامها، ذلك أن(٢) . ، الاكتساب في الرزق المستطاب تلخيص الإمام ابن سماعة، هدية مجلة الأزهر، شوال ١٤١٦ . ص ١٣٥ وقال ژ : .« أفضل كسب الرجل كسب يد العامل إذا نصح » الحكيم الترمذي: بيان الكسب، تحقيق: د. عبد الفتاح بركة، هدية مجلة الأزهر، رمضان ١٤٠٧ ه، ص ٥٣ ، وانظر أمثلة كثيرة لنصحه ژ أصحابه بالذهاب إلى السوق واتخاذ مهنة (البز، أو . التجارة في التين، أو الذهاب إلى سوق الخياطين.. إلخ) نفس المرجع، ص ٥٤ ٦٠ التي » ويقول الغزالي: إن البيع والربا والسلم والإجارة والقراض والشركة هي العقود الستة الغزالي: إحياء علوم الدين، « التي لا تنفك المكاسب عنها » أو « هي مدار المكاسب في الشرع . دار الشعب، القاهرة، ج ١ ٤، ص ٧٦٠ ٧٦١ (١) . الشريف الرضي: المجازات النبوية، ط البابي الحلبي، القاهرة، ص ١٧٠ يقول الفيروزأبادي: الكسب طلب الرزق والكسب وإن كان في الأصل ما يتحراه الإنسان مما فيه اجتلاب نفع وتحصيل حظ ككسب المال فإنه قد يستعمل فيما يظن الإنسان أنه يجذب منفعة ثم يستجلب به مضرة فالكسب يقال فيما أخذه لنفسه ولغيره والاكتساب لا يقال إلا فيما استفاده لنفسه وكل اكتساب كبيرة وليس كل كسب ا كتسابا (الفيروزأبادي بصائر ذوي ً ، التمييز في لطائف الكتاب العزيز، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة ١٤١٦ ١٩٩٦ .( ج ٤، ص ٣٤٩ والكسب فريضة بعد الفريضة لأنه لا يتوسل إلى إقامة الفرض إلا به فكان فرضا لأنه ً لا يتمكن من أداء العبادات إلا بقوة بدنه وقوة بدنه بالقوت عادة قال تعالى: ﴿ }|~ے ¡ ﴾ عبد الله بن مودود الموصلي: (الاختيار لتعليل المختار: دار الخير، دمشق .( بيروت، ١٤١٩ ١٩٩٨ ، ج ٢، ص ٤٥١(٢) ابن رجب الحنبلي، القواعد، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، القاعدة ١٣٢ ، ص ٢٩٧ . كذلك قيل: التكسب وإن كان معدود ً ا من المباحات، لكنه واجب من وجه، وذلك إذا لم يمكن ٦٣ تحريم » في هذا الخصوص، يوجد مبدأ مقرر في الفقه الشيعي، هو مبدأ لقوله ژ « التكسب بالمباحات » وجواز ،« التكسب بأنواع المحرمات : ومن »  كسب مالا ً « من غير حله، أفقره الله تعالى(١) . . ﺐﺴﻜﻟﺍﻭ :ﻮﻫ ﺔﻤﻴﻗ» ﻝﺎﻤﻋﻷﺍ«ﺔﻴﻧﺎﺴﻧﻹﺍ(٢) ﻥﺎــﺴﻧﻹﺍ ﻝﻼﻘﺘــﺳﻻﺍ ﺓﺩﺎﺒﻌﻟﺎﺑ ﻻﺇ ﺔﻟﺍﺯﺈﺑ ﺕﺎﻳﺭﻭﺮﺿ ﻪــﺗﺎﻴﺣ ﺎﻬﺘﻟﺍﺯﺈﻓ ﺔــﺒﺟﺍﻭ ﻥﻷ ﻞﻛﺎﻣ ﻢﻟ ﻢﺘﻳ ﺐﺟﺍﻮﻟﺍ ﻻﺇ ﻪــﺑ ﺐﺟﺍﻮﻓ ﻪﺑﻮﺟﻮﻛ ﺐــﻏﺍﺮﻟﺍ) ،ﻲﻧﺎﻬﻔﺻﻷﺍ ﺔﻌﻳﺭﺬﻟﺍ ﻰﻟﺇ ﻡﺭﺎﻜﻣ ﺔﻌﻳﺮـــﺸﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﻣ ﺕﺎﻴﻠﻜﻟﺍ ،ﺔﻳﺮﻫﺯﻷﺍ ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ ١٣٩٣ـ ،١٩٧٣ ﺹ.(٢٠٠ ﻊﺟﺍﺭ ﺝﺎﺤﻟﺍ ﺍﺯﺮﻴﻣ :ﻱﺭﻮﻨﻟﺍ ﻙﺭﺪﺘــﺴﻣ ﻞﺋﺎﺳﻮﻟﺍ ﻂﺒﻨﺘﺴﻣﻭ ،ﻞﺋﺎــﺴﻤﻟﺍ ﺔﺴﺳﺆﻣ ﻝﺁ ﺖﻴﺒﻟﺍ ﺀﺎﻴﺣﻹ (١) ،ﺙﺍﺮﺘﻟﺍ ،ﺕﻭﺮﻴﺑ ١٤١١ـ ،١٩٩١ ﺝ ،١٣ ﺹ٦٣ ـ ؛٦٦ ﺮﺤﻟﺍ :ﻲﻠﻣﺎﻌﻟﺍ ﻞﺋﺎــﺳﻭ ﺔﻌﻴﺸﻟﺍ ﻰﻟﺇ ﻞﻴﺼﺤﺗ ﻞﺋﺎﺴﻣ ،ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﺭﺍﺩ ﺀﺎﻴﺣﺇ ﺙﺍﺮﺘﻟﺍ ،ﻲﺑﺮﻌﻟﺍ ،ﺕﻭﺮﻴﺑﺝ ،١٢ ﺹ٥٢ ـ .٥٨ ﻝﻮﻘﻳﻭ ﻦﺑﺍ ﺔﻴﻤﻴﺗ ﻲﻓ ﻯﻮﺘﻔﻟﺍ ﺔﻳﻮﻤﺤﻟﺍ ،ﻯﺮﺒﻜﻟﺍ ﻥﺇ ﷲﺍ ﺡﺎﺑﺃ ﺐــﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺕﺍﺭﺎﺠﺘﻟﺍﻭ ﺕﺎﻋﺎﻨﺼﻟﺍﻭ ﺎﻤﻧﺇﻭ ﻡﺮﺣ ﷲﺍ ﺶﻐﻟﺍ ،ﻢﻠﻈﻟﺍﻭ ﺎﻣﺃﻭ ﻦﻣ ﻝﺎﻗ ﻢﻳﺮﺤﺘﺑ ﻚﻠﺗ ﺐــﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﻮﻬﻓ ﻝﺎﺿ ﻞﻀﻣ ﻉﺪﺘﺒﻣ ﺫﺇ ﺲﻴﻟ ﺩﺎﺴﻔﻟﺍ ﻢﻠﻈﻟﺍﻭ ﺶﻐﻟﺍﻭ ﻦﻣ ﺕﺍﺭﺎﺠﺘﻟﺍ ﺕﺎﻋﺎﻨﺼﻟﺍﻭ ﻲﻓ ﺀﻲﺷ ﺎﻤﻧﺇﻭ ﻡﺮﺣ ﷲﺍ ﻪﻟﻮﺳﺭﻭ ﺩﺎﺴﻔﻟﺍ ﻻ ﺐﺴﻜﻟﺍ ،ﺕﺍﺭﺎﺠﺘﻟﺍﻭ ﻦﺑﺍ :ﺔﻴﻤﻴﺗ ﻯﻮﺘﻔﻟﺍ ﺔﻳﻮﻤﺤﻟﺍ ،ﻯﺮﺒﻜﻟﺍ :ﻖﻴﻘﺤﺗ ﺪﻤﺣﺃ ﻲﻠﻋﻭ ﺪﻤﺤﻣ ،ﺮﻛﺎﺷ ﺓﺭﻮــﺸﻨﻣ ﻲﻓ ﺏﺎﺘﻛ ﻡﺎﻣﻹﺍ ﺪــﺒﻋﻲﻨﻐﻟﺍ ﻦﺑ ﺪﺒﻋ ﺪﺣﺍﻮﻟﺍ :ﻲــﺳﺪﻘﻤﻟﺍ ﺓﺪﻤﻌﻟﺍ ﻲــﻓ ،ﻡﺎﻜﺣﻷﺍ ﺭﺍﺩ ﻑﺭﺎﻌﻤﻟﺍ ﺮﺼﻤﺑ ،١٣٧٣ ﺹ.٢٧٧ ﻚﻟﺬﻛ ﻝﺎﻗ :ﻱﺭﺰﻴﺸﻟﺍ ﺶﻴﻌﺘﻟﺍ» ﻑﺮﺼﻟﺎﺑ ﺮﻄﺧ ﻰﻠﻋ ﻦﻳﺩ ﻪﻴﻃﺎﻌﺘﻣ ﻞﺑ ﺀﺎﻘﺑﻹﺍ ﻦﻳﺪﻠﻟ ﻪﻌﻣ ﺍﺫﺇ ﻥﺎﻛ ﻲﻓﺮﻴﺼﻟﺍ ﻼﻫﺎﺟ ﺔﻌﻳﺮــﺸﻟﺎﺑ ﺮﻴﻏ ﻢﻟﺎﻋ ﻡﺎﻜﺣﺄﺑ ،ﺎﺑﺮﻟﺍ ﺐﺟﺍﻮﻟﺎﻓ ﻻﺃ ﻩﺎﻃﺎﻌﺘﻳ ﺪﺣﺃ ﻻﺇ ﺪﻌﺑ ﻪﺘﻓﺮﻌﻣ ﻦ ﻱﺭﺰﻴﺸﻟﺍ ﺔﻳﺎﻬﻧ ﺔﺒﺗﺮﻟﺍ ﻲﻓ ﺐﻠﻃ ﻉﺮـﺸﻟﺎﺑ ﺐﻨﺠﺘﻴﻟ ﻉﻮﻗﻮﻟﺍ ﻲﻓ ﺭﻮﻈﺤﻤﻟﺍ ﻦﻣ ،ﻪﺑﺍﻮﺑﺃ ﺪﺒﻋﻤﺣﺮﻟﺍ ٰ ،ﺔﺒﺴﺤﻟﺍ :ﻖﻴﻘﺤﺗ .ﺩ ﺪﻴﺴﻟﺍ ،ﻲﻨﻳﺮﻌﻟﺍ ﺭﺍﺩ ،ﺔﻓﺎﻘﺜﻟﺍ ،ﺕﻭﺮﻴﺑ ١٤٠١ـ ،١٩٨١ ﺹ.٤٧٤ ﻦﺑﺍ ﻕﺭﺯﻷﺍ :ﻲﺴﻟﺪﻧﻷﺍ ﻊﺋﺍﺪﺑ ﻚﻠــﺴﻟﺍ ﻲﻓ ﻊﺋﺎﺒﻃ ،ﻚﻠﻤﻟﺍ ﺭﺍﺪﻟﺍ ﺔﻴﺑﺮﻌﻟﺍ ،ﺏﺎﺘﻜﻠﻟ ﺎﻴﺒﻴﻟ ـ ،ﺲﻧﻮﺗ (٢) ،٢ ﺝ.٧٨٥ ﺹ ﻚﻟﺬﻟ ﺍﻮﻟﺎﻗ ﻲﻓ ﻦﺳﺎﺤﻣ ﺐﻠﻃ:ﻕﺯﺮﻟﺍ ﺮـــﺴﻓ ﻲﻓ ﺩﻼﺑ ﷲﺍ ﺲﻤﺘﻟﺍﻭﻰﻨﻐﻟﺍ ﺶﻌﺗ ﺍﺫ ﺭﺎــﺴﻳ ﻭﺃ ﺕﻮــﻤﺗﺍﺭﺬﻌﺘﻓ ﻻﻭ ﻰﺿﺮﺗ ﻦﻣ ﺶﻴﻋ ﻥﻭﺪﺑ ﻻﻭﻢﻨﺗ ﻒﻴﻛﻭ ﻡﺎﻨﻳ ﻞﻴﻠﻟﺍ ﻦﻣ ﻥﺎﻛﺍﺮـﺴﻌﻣ ﻊﺟﺍﺭ :ﻲﻘﻬﻴﺒﻟﺍ ﻦــﺳﺎﺤﻤﻟﺍ ،ﺉﻭﺎــﺴﻤﻟﺍﻭ ﺭﺍﺩ ،ﺭﺩﺎــﺻ ،ﺕﻭﺮــﻴﺑ ١٣٩٠ـ ،١٩٧٠ ﺹ .٢٨٥ ﻝﻮﻘﻳﻭ :ﻲﻨﻳﻮﺠﻟﺍ ﻢﺛ» ﺍﺫﺇ ﺖﻏﺎﺳ ﺕﻼﻣﺎﻌﻤﻟﺍ ﻼﻓ ﺺﻴﺼﺨﺗ ﺯﺍﻮﺠﻟﺎﺑ ﻥﺈﻓ ﺎﻬﻨﻣﺎﻣ ﻮﻫ ﺔﻠﻴﺳﻭ ﻰﻟﺇ ﺕﺍﻮﻗﻷﺍ ﺲﺑﻼﻤﻟﺍﻭ ،ﺎﻫﻮﺤﻧﻭ ﺎﻬﻨﻣﻭﺎﻣ ﻮﻫ ﺮﺋﺎﺠﺗ ﺐﺳﺎﻜﻣﻭﻻ ﻞﻴﺒﺳ ﻰﻟﺇ.«ﺎﻬﻤﺴﺣ ﻡﺎﻣﺇ ﻦﻴﻣﺮﺤﻟﺍ :ﻲﻨﻳﻮﺠﻟﺍ ﺙﺎﻴﻏ ﻢﻣﻷﺍ ﻲﻓ ﺙﺎﻴﺘﻟﺍ ،ﻢﻠﻈﻟﺍ ﺹ.٣٥٨ ﻚﻟﺬﻟ ﺩﺪﺷ ﻆﺣﺎﺠﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﺓﺭﻭﺮﺿ ﺐﺴﻜﺘﻟﺍ ﻲﻌــﺴﻟﺍﻭ ﻰﻟﺇ .ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﻞﺟﺃ ﻚﻟﺫ ﺭﺬﺤﻳ ﻆﺣﺎﺠﻟﺍ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي لذلك قيل: إن أفضل الكسب الجهاد ثم التجارة ثم الزراعة ثم ا لصناعة(١) . إن كسب المعايش فريضة بعد الفريضة، ولم يقيده الشرع بمكان » : كذلك قيل  قال الله تعالى: ،« دون مكان ﴿ <;:987654 = BA@?> ﴾(٢) . بل يمكن القول: إن التجارة الدولية والداخلية لا تقل في أهميتها عن الجهاد، لذلك استقر فقهاء المسلمين على أن الجهاد فرض كفاية إذا قام به البعض سقط اشتغال الكل بالجهاد قطع لمادته من الكراع والسلاح » عن الباقين، علة ذلك أن فينقطع الجهاد بسبب ذلك فينبغي أن يقوم البعض بالجهاد والبعض بالتجارة والحرث والحرف التي تقوم بها المصالح والتقوية ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان « الجهاد فرض كفاية(٣) . ما ترك الأول للآخر شيئ » : من قول ً ولو استعمل الناس معنى هذا الكلام فتركوا » : إذ يؤكد ،« ا جميع التكلف، ولم يتعاطوا إلا مقدار ما كان في أيديهم لفقدوا علما جما ومرافق لا تحصى، ً ولكن أبى الله إلا أن يقسم نعمه بين طبقات جميع عباده قسمة عدل، يعطي كل قرن وكل أمة .« حصتها ونصيبها، على تمام مراشد الدين، وكمال مصالح ا لدنيا كما أن جميع العلوم بالنسبة للإنسان كالحساب والهندسة والصباغة والفلاحة من فعل رسائل الجاحظ: الرسائل الكلامية، دار ومكتبة الهلال، « والمنسوب إلى كسبه » الإنسان . بيروت، ١٩٨٧ ، ص ١١٠ . انظر أيضا: رسائل الجاحظ: الرسائل الأدبية، دار ومكتبة الهلال، بيروت، ١٩٨٧ ، ص ٢٣٢ ً (١) عبد الله بن موجود الموصلي الحنفي، الاختيار لتحليل المختار، دار الفكر العربي، القاهرة، . ج ٤، ص ١٧٠ ١٧١(٢) الشيخ محمد تقي الدين العثماني، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، منظمة المؤتمر الإسلامي، . دورة ٣، عدد ٣، ج ٢، ١٤٠٨ ١٩٨٧ ، ص ١١٢٩ ١١٣٠(٣) . الإمام الزيلعي، الحنفي: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، بولاق، ١٣١٣ ه، ج ٣، ص ٣٤١ بالحرص على العمل النافع، المتمثل في التجارة والزراعة » فالشريعة الإسلامية أمرت الناس .« والصناعة، وغير ذلك من وجوه ا لكسب د. محمد سيد طنطاوي: معاملات البنوك وأحكامها الشرعية، مكتبة الأسرة، الهيئة المصرية . العامة للكتاب، القاهرة، ص ٦٣ وانظر في فضل الكسب والحث عليه، وكذلك أنواعه (كسب بغير عوض، وبعوض). ٦٥ « الكسب » : بل إن هذه الأهمية للتجارة دعت الكثير من الفقهاء إلى تعريفها بأنها(١) . وهذا أمر بدهي: ذلك أن التاجر لا يغامر بماله بشراء مختلف السلع والخدمات إلا آملا ً أن يحقق الربح (الكسب). لكن من المعلوم أن التجارة فيها الربح والخسارة، وهما يتوقفان على حد كبير على تقلبات أو احتمالات السوق، أو كما يقول التعبير الفرنسي les aléas du marché . يقول الشيخ بيوض: « التجارات بين الناس قد تكون رابحة وقد تكون خاسرة »(٢) . في الغزالي: إحياء علوم الدين، دار الشعب، القاهرة، ج ١ ٤، ص ٧٥٤ ٧٥٩ ؛ ابن جزي: قوانين . الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية، عالم الفكر، القاهرة، ١٤٠٥ ١٩٨٥ ، ص ٢٥١ ٢٥٢(١) فالتجارة هي: (بيع وشراء طلبا للربح). ً . معجم ألفاظ القرآن الكريم، مجمع اللغة العربية، القاهرة، ١٤٠٩ ١٩٨٩ ، ج ١، ص ١٨٩ تجر يتجر وتاجر وتجر كصاحب » : كما أن التجارة: التصرف في رأس المال طلبا للربح يقال ً وصحب قال: وليس في كلامهم تاء بعدها جيم غير هذا اللفظ فأما تجاه فأصله وجاء وتجوب  .« التاء للمضارعة . الراغب الأصفهاني: المفردات في غريب القرآن، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ص ٧٣ إن معنى التجارة محاولة على الكسب لتنمية المال في الشراء بالرخص » : ويقول ابن الأزرق أنا أعلمكما (في » والبيع بالغلاء قال بعض شيوخ التجار لطالب الكشف عن حقيقتها كلمتين) اشتر الرخيص وبع الغالي، وقد حصلت التجارة، والقدر الباقي ينتمي ربحا، ً .« والمحاولة لتحصيله إما بانتظار حوالة الأسواق، أو نقلها إلى بلد آخر، هي فيه أنفق . ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، ج ٢، ص ٧٩٦ محاولة الكسب بتنمية المال بشراء السلعة بالرخص وبيعها بالغلاء » : ويعرفها ابن خلدون بأنها .« أيا ما كانت السلعة من دقيق أو زرع أو حيوان أو قماش، والقدر النامي يسمى ربحا ً . ابن خلدون: المقدمة، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ص ٧٠٤ شراء شيء ليباع بربح. وقيل: هي تقليب المال بالبيع والشراء لغرض » والتجارة اصطلاحا ً الربح. وقيل: مبادلة بضائع أو أدوات أو محاصيل أو مال من أي نوع كان، بين أمم أو أفراد، وذلك إما بطريق المقايضة، أو البيع أو ا لشراء. . الموسوعة الإسلامية العامة، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤٢٤ ٢٠٠٣ ، ص ٣٣٤(٢) . الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ٢٣ ، ص ٤٢٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٦٦ وقد بحث الفقه الإباضي مسألة الكسب التجاري، كما يلي: أولا التجارة أحد أهم أوجه الكسب الذي يرمي إلى تحقيق أمور نافعة : فعن شفيق بن إبراهيم، في قوله تعالى: ﴿ }|{zyx~ے ﴾ إن الله » : قال 8 لو رزق العباد من غير كسب لتفرغوا فتفاسدوا، ولكن شغلهم « بالكسب حتى لا يتفرغوا للفساد(١) . ثانيا من القواعد الفقهية الإباضية، قاعدتان مهمتان، هما(٢) : · الكسب لا ينافي التوكل . لذلك فالكسب هو العمل بالبدن والتدبير بالقلب.  · الغنى بمال أو احتيال والمذهب عندنا أن » : ، وقد قال بها الإمام السالمي أي: إن من استطاع التكسب بطريق العمل « من استغنى بمال أو احتيال كان غنيا أو التجارة أو ورث مالا ً .« فهو غني، والغني لا تحل له ا لصدقة ثالثا السعي نحو الكسب والعمل الرامي إلى تحقيقه يعد ضرورة إسلامية. إن الله قد أنزل الرزق لعباده وأمرهم بالابتغاء من فضله، » : لذلك يقول البسيوي وكما قال: ﴿ RQPONMLKJ ﴾[ [المزمل: ٢٠ «(٣) . وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات الخاصة بابتغاء الرزق عن طريق التجارة وشروط ذلك، ومنها قوله تعالى: . ﴿ QPONMLKJ ﴾ (٤) (١) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة . عمان، ١٤٠٦ ١٩٨٦ ، ج ٤، ص ١٧(٢) . معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ٢، ص ٨٧٨ ؛ ج ١، ص ٧٨٥(٣) . جامع أبي الحسن البسيوي، تحقيق: الحاج سليمان الوارجلاني وعمر الوارجلاني، ج ١، ص ٥٨٤ (٤) وكان جابر بن زيد 5 يقول: ما في الوجوه كلها أحب إلى أن أموت فيه من قتل في سبيل الله. فإن أخطأني ذلك ففي حج بيت الله. فإن أخطأني ذلك فأكون أضرب في الأرض ابتغاء فضل الله. ثم تلا هذه الآية ﴿ QPONMLKJ ﴾ . . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٧١ ٦٧  - ﴿ <;:987654 = BA@?> ﴾ [ [الملك: ١٥ . - ﴿ <;:98 = A@?> ﴾ [ [الجمعة: ١٠ . ويؤيد ذلك قوله ژ : لأ» َ َن ْ يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب على « ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه(١) . ولا شك أن هذا الحديث من حيث معناه وغايته صالح للتطبيق على العلاقات الاقتصادية الدولية والداخلية، بالنظر إلى آثاره الكبيرة، ومنها: - وجود اطمئنان لدى الدول الإسلامية وشعوبها في أن ما يحتاجه البيت الإسلامي موجود عندها. - عدم تحكم الدول الأخرى في مجريات العلاقات الاقتصادية الدولية والداخلية وعدم انفرادها بها وحدها. - بين القوة الاقتصادية الإسلامية، « التوازن » أو « التعادل » تحقيق نوع من وتلك الخاصة بالدول غير ا لإسلامية. يقول ا لنزوي (٢) : وفي هذا الحديث ما يدل على ضعف مذاهب القائلين إن الدنيا بمنزلة » الميتة لا يحل منها إلا ما يحل للمضطر لاختلاط الحلال منها بالحرام فلا يطلب منها إلا ما يسد الفاقة، وفيه دليل آخر على قبح اختيار القائلين، إن صدق التوكل لا يكون إلا بتركه الاكتساب، إذ قد حض النبي ژ على طلب الاكتساب حقا (١) ؛ ابن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ج ٣، ص ٤٠٠ ، حديث رقم ١٤٧١ . الربيع، الجامع الصحيح، رقم ٣٥٨(٢) وكيف يكون الاكتساب مكروه » : النزوي: المصنف، ج ٢، ص ٩٢ ، ويضيف النزوي ً ا والله تعالى يقول: ﴿ jihgfedc ﴾ [ [ذات المرجع، ص ٩٣ ، راجع أيض ً ا . ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٢٣٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٦٨ مطلق ً ا ولم يجعله خاصا في وقت بعينه لمن اضطر إليه دون من لم يضطره والحجة على طلب الرزق إجماع الأمة على ذم من تخلف عنه وإيجابهم عليه  التحرك في طلب ا لمعيشة. قال ا لشاعر:  وما طلب المعيشة بالتمني ولكن ألق دلوك في الدلاء « تجيء بمائها طورا، وطورا تجيء بحمأة وقليل ماء ًً ويقول ا لناظم(١) : وجالب السلعة جلبا للتجر يرزق والملعون من بها احتكر ً وقيل لا يشبع قط تاجر من ربحه ولم يزل يكاثر  رابعا: « الكسب » لما كانت التجارة هي(٢) فقد أكد الفقه الإباضي على ضرورة أن يكون ذلك من حلال مع الورع عن الشبهات، يقول ا لجيطالي: الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك » : وفي الحديث عن النبي ژ أنه قال » أمور متشابهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه وقال .« وعرضه 0 : .« دع ما يريبك إلى ما لا يريبك » وقال 0 : الأمور ثلاثة: أمر بان رش » ْ د ُ ه فاتبعوه، وأمر بان غي ّ ه ُ فاجتنبوه، فلما كان الأمر على ما وصفنا كان الواجب .« وأمر أشكل عليكم فكلوه إلى عالمه « استعمال الحلال واجتناب الحرام، والورع عن ا لشبهات » على الإنسان(٣) . وبخصوص قوله تعالى: ﴿ ËÊÉÈ ﴾[ [فاطر: ٢٩ ، يقول الشيخ بيوض: (١) الأغبري: النظم المحبوب في غاية المطلوب، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، . ١٤٠٤ ١٩٨٤ ، ص ١٧٣(٢) . الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٢، ص ٢٠٧(٣) . الجيطالي: قناطر الخيرات، ج ٣، ص ٢٠٨ ٦٩ تسعة أعشار الرزق في » : فالله تعالى يعلم أن أكثر الناس تجار، والنبي ژ يقول » وإن صار الناس اليوم يكرهونها؛ ولذلك قال الله تعالى: جزاء الذين يتلون ،« التجارة كتاب الله ويقيمون الصلاة، وينفقون أموالهم: إنهم ﴿ ËÊÉÈ ﴾ ،   ِ يتاجرون تجارة لا يخشون منها خسارة، وهلاك التجارة كما هو معروف هو ا لبوار، « تقول: بارت التجارة إذا كسدت حتى لم يبق فيها رجاء، ولا رغبة فيها لأحد(١) . خامسا لذلك في « الكسب غير المشروع لا يفيد » أكد الإباضية على قاعدة من كسب مالا » : تفسير قول سيد البشر ً يقول ،« من نهاوش أذهبه الله في نهابر من جمع مالا » : السالمي إن معنى الحديث ً من حرام أذهبه الله في المهالك؛ أي: « في الأسباب التي تهلك صاحبها. والله أعلم(٢) . كذلك بخصوص سؤال عن رجل زاول التجارة زمن ً ا طويلا ً وكان لا يتحرى في الكيل والوزن والذرع والزيادة والنقص في الحساب، فماذا عليه اليوم وقد إن كان يتوصل إلى علم الذين بخسهم أشياءهم أو » : تاب؟ يقول الشيخ بيوض أكل شيئ ً ا من مالهم فعليه أن يرد لهم ما أخذه منهم أو يحاللهم وإن كان لا يتوصل إلى ذلك فليقدر ما أكله من حقوق الناس وليتصدق به على الفقراء والمساكين أو يوصي به، وهذا ما يعرف في كتب الفقه بكلمة (التنصل من أموال الناس) وهو يخرج من الكل. ثم بعد ذلك يتصدق أو يوصي بما قدر عليه احتياط ً ا وليكثر من « الاستغفار وليكثر من الحسنات فإن الحسنات يذهبن السيئات والله غفور رحيم(٣) . سادسا أكد الفقه الإباضي على ضرورة أن يحافظ التاجر على ماله من الضياع أو وضعه في مصرف غير مشروع، لذلك فإنه ژ : نهى عن قيل وقال، » « وعن تضييع ا لمال(٤) . (١) . الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٣ ، ص ٤٩٧(٢) . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٢٣٣(٣) . فتاوى الشيخ بيوض، ص ٦٤٩ ٦٥٠(٤) يقول الإمام ا لسالمي: أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٧٠ :« التنزه عن التجارة أحوط من الاستكثار منها » ٦ قاعدة يقول الإمام ابن بركة: » والتجارة وإن كانت مباحة فالتنزه عنها أحوط من الاستكثار منها لما » يعارضها من الأخطار، كالربا المعترض فيها والمناهي الواردة عن الرسول ژ عنها عن ضروب تباعات فيها وقد روي عن ا لنبي ژ أن جبريل 0 إن » : قال له الله جل وعلا مخبرك أن خير البقاع المساجد وشر البقاع الأسواق، فمن لم يكن ولما ثبت عن ا لنبي ژ أنه ،« له بد منها فليقلل من الحلف وليكثر من الصدقة « يا معشر التجار إن البيع يحضره اللغو أو الحلف فشربوه بالصدقة » : قال(١) ، ولعله أمر بالصدقة على وجه الكفارة للأيمان لأن النقل من الصدقة توبة للأيمان ْْ الكاذبة، أو أمرهم بالصدقة ترغيبا لهم فيما يؤدي إلى البركة لهم في تجارتهم واكتفاء لهم بما عرفهم من وجه كفارة اليمين المحنوث فيها، لما روي عنه ژ أنه قال(٢) : قال: التاجر « هلك الثلاثة هلك الثلاثة. قيل: يا رسول الله من الثلاثة » « الحلاف، والمعاهد النكاث، والمنفق سلعته بالكذب(٣) .  حري بالذكر أن ذلك لا يعني ذم التجارة وعدم الاشتغال بها. دليل ذلك:   فسره أبو عبيدة :« وعن تضييع المال » : قوله ƒ هو أن لا يقف الرجل على نفسه في » : بقوله أي: لا يخدم نفسه ؛« يقف على نفسه » : البيع والشراء، ولا يحوط ماله من الضيعة، ومعنى قوله أي: يكلؤه ويرعاه « يحوط ماله » : في ذلك بل يهمله ويتركه إلى من لا يصلحه، ومعنى قوله ويحفظه من الضياع، وفسره غيره بالإنفاق في غير طاعة الله والإسراف والتبذير، وقيل: تضييعه، وضعه في غير أهله، وقيل: إنفاقه في الحرام، وقيل: إهماله حتى إنه لا يحوطه ولا يحفظه، وجميع الأقوال أنواع للضياع، وهي داخلة تحت النهي ولا ينحصر النهي في بعض أنواع الضياع دون بعض، فيشبه أن تكون الأقوال تمثيلا ً للضياع لا تقييد ً السالمي: شرح الجامع « ا للنهي بذلك . الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ١٧٥ ١٧٦ (١) رواه أصحاب السنن وأحمد. (٢) رواه أحمد وابن ماجه. (٣) ابن بركة: كتاب الجامع، ج ٢، ص ٣١٩ ، انظر أيض ً ، ا: العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ١٩ ٢٠ . ابن جعفر: الجامع، ج ٢، ص ٣١٩ ؛ الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٤٩ ٧١  أولا أنه في البداية، قال: إن التجارة مباحة لكنه يدعو إلى عدم الاستكثار منها وذلك إذا كان سيترتب عليها الوقوع في الحرام أو الخروج على القواعد الشرعية واجبة ا لمراعاة. ثانيا أن التجارة هي أمر لا غنى عنه لحياة البشر. يقول الشيخ بيوض: فالتجارة من ضروريات الحياة رغم أنف الذين يطعنون فيها ويزدرون بها؛ لأن »الفرد منهم لا يمكن له أن يجد في هذا العالم جميع ما يحتاج إليه إلا بطريق التبادل، يعطي ما استغنى عنه ويأخذ ما يحتاج إليه، وهذا أمر لا يشذ عنه زمان ولا مكان، ولو لم يكن لنا دليل على قيمة التجارة إلا كلام الله تعالى الذي عبر عن العمل الصالح بالتجارة لكفى وأهل مكة الذين نزل القرآن بلغتهم وكانوا المقصودين به أولا ً وبالذات هم قوم تجار بين رحلتي الشتاء والصيف، بين اليمن والشام، يجمعون بضائع الشرق إلى الغرب، وبضائع الغرب إلى الشرق، « والجنوب إلى الشمال والشمال إلى ا لجنوب(١) . ثالثا لذلك يقول القرطبي بخصوص قوله تعالى: ﴿ <;:9=GFEDCBA@?> ﴾[ [النساء: ٢٩ : وفي هذه الآية مع الأحاديث التي ذكرناها ما يرد قول من ينكر طلب » الأقوات بالتجارات والصناعات من المتصوفة الجهلة؛ لأن الله تعالى حرم أكلها « بالباطل وأحلها بالتجارة وهذا بين(٢) . :!"# الإ %& ري ا  ن ا  در ا + ب) نشير إلى القواعد العامة، ثم إلى أهم مصادر القانون التجاري، آخذين في الاعتبار أن مصادر أي قانون هي موارده؛ أي: تلك التي يأخذ منها قواعده الحاكمة وأسسه ا لضابطة. (١) .( الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ٢٣ ، ص ٤١٩ (الصف: ١٠(٢) . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٥ ٦، ص ١٥٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٧٢ ١ القواعد ا لعامة: في القانون التجاري الوضعي أهم المصادر الرئيسة للقانون التجاري هي على الترتيب ا لآتي(١) : ١ قواعد النظام العام والآداب ا لعامة. ٢ اتفاقات ا لمتعاقدين. ٣ نصوص قانون التجارة والقوانين ا لمكملة. ٤ قواعد العرف ا لتجاري. ٥ العادات ا لتجارية. ٦ نصوص القانون المدني وكذلك القوانين المكملة له. كما يشكل القضاء والفقه مصدرين مكملين لأحكام القانون التجاري ا لوضعي. ويأخذ قانون التجارة العماني رقم ٥٥ لسنة ١٩٩٠ بتعداد لمصادر القانون ٥، ويجري نصهما كما يلي: ، التجاري واجبة التطبيق، في المادتين ٤ - إذا لم يوجد عقد، أو وجد وسكت عن الحكم أو كان الحكم الوارد في »العقد باطلا، ً سرت النصوص التشريعية التي يتضمنها هذا القانون (١) يقرر رأي أن المصادر الرسمية لقانون الأعمال، هي: ١ القواعد القانونية الآمرة في قانون التجارة والقوانين الأخرى المكملة له. ٢ القواعد القانونية الآمرة في القانون ا لمدني. ٣ القواعد العرفية ا لآمرة. ٤ العادات ا لتجارية. ٥ القواعد العرفية المفسرة ويقدم العرف المحلي والعرف الخاص على العرف ا لعام. ٦ القواعد القانونية المقررة في قانون التجارة والقوانين الأخرى المكملة له. ٧ القواعد القانونية المقررة في القانون ا لمدني. .( (د. علي قاسم: قانون الأعمال، ج ١، دار النصر، جامعة القاهرة، ١٩٩٧ ، ص ٦٢ ٧٣ والقوانين الأخرى على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في .( م ٤ ) « لفظها أو في فحواها - إذا لم يوجد نص تشريعي، سرت قواعد العرف ويقدم العرف الخاص أو »العرف المحلي على العرف العام فإذا لم يوجد طبقت أحكام الشريعة .( م ٥ ) « الإسلامية الغراء ثم قواعد العدالة معنى ذلك أن ترتيب مصادر القانون التجاري العماني هي، كالتالي: ١ العقد (أو اتفاق الطرفين أو الأطراف ا لمعنية). ٢ . نصوص قانون التجارة العماني رقم ٥٥ لسنة ١٩٩٠ ٣ قواعد العرف، مع تقديم العرف الخاص أو العرف المحلي على العرف ا لعام. ٤ أحكام الشريعة الإسلامية ا لغراء. ٥ قواعد ا لعدالة. وليس معنى جعل الشريعة الإسلامية في المرتبة الرابعة من بين مصادر أحكام القانون التجاري العماني إمكانية إصدار أحكام بما يخالف قواعدها الآمرة أو إبرام عقود تخالف تلك القواعد. إذ سنرى أن القضاء العماني استند إلى الشريعة الإسلامية للفصل في القضايا المطروحة أمامه(١) الشريعة » ، كما أكد أن « الإسلامية تمثل النظام العام في ا لسلطنة(٢) ، وهو ما أكدته المادة ( ٢) من النظام الأساسي للدولة(٣) . وهو ما يعني بعبارة أخرى أن الشريعة الإسلامية لها الحكم الأول في التطبيق إذا تم الاتفاق، أو قرر العرف، خلافها، فتطبيق المصادر (١) انظر لاحق ً ا. (٢) حكم المحكمة العليا بسلطنة عمان في الطعن رقم ٤٨٣ لسنة ٢٠٠٧ مدني أولى عليا جلسة .٢٠٠٨/٤/١٢(٣) ذات الحكم ا لسابق. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي  السابقة على الشريعة الغراء وفق ً ا للترتيب المذكور أعلاه مناطه الأساسي    اتفاقها مع أحكام الشريعة وقواعدها الكلية، وعدم تعارضها معها أو مخالفتها لها، إذا كانت تلك الأحكام والقواعد لا يجوز الاتفاق على مخالفتها لكونها من  القواعد الآمرة العليا. وهذا ما هو معروف في النظم القانونية المعاصرة تحت اسم قواعد النظام العام public policy- ordre public والتي لا يجوز السماح بالخروج عليها.   ٢ أهم مصادر القانون ا لتجاري: للإباضية نظرية متكاملة للمصادر أو الأدلة(١) . وهي لا تختلف كثيرا عن ً تلك المقررة في المذاهب الإسلامية ا لأخرى. ويعتمد الإباضية في فقههم على القرآن الكريم، » : تقول دار الإفتاء المصرية « صحيح » والسنة النبوية المطهرة، والإجماع، والرأي، لكنهم يقدمون في السنة أحد علمائهم وهو الربيع بن حبيب الذي تم تأليفه في القرن الثاني الهجري  (١)  ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري، كالعالم الدال على » : الدليل هو وجود الله تعالى وعلمه وقدرته وإرادته وخلقه. وعرفه « كل ما يتوصل به إلى معرفة الأمور النظرية لا الضرورية » : عرفه الوارجلاني بأنه الدليل ما يمكن التوصل » : أما الرواحي فقال « ما يلزم العلم به العلم بشيء آخر » : السالمي بأنه .« بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري والدليل العقلي ضروري وحقيقي وبه يتم فهم وجوب الواجبات وجواز الجائزات واستحالة المستحيلات. والدلالة تعيين اللفظ بإزاء المعنى لنفسه. والدليل الوضعي ما تواضع عليه الناس من لفظ وخط ورمز وإشارة ونحو ذلك أما الدال فهو الناصب للدليل وهو في مجال الشرع رب العالمين سبحانه (جل جلاله). ويسمى المستدل به دليلا .ً وفي أصول الفقه يطلق الدليل على كل ما يعرف به المدلول حسيا كان أو شرعيا، قطعيا كان أو غير قطعي، حتى سمي كل من: الحس والعقل والنص والقياس وخبر الواحد وظواهر النصوص، أدلة. وأدلة الأحكام الشرعية تطلق على الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستدلال. ٧٥ ويعدونه أعلى درجة من صحيحي البخاري ومسلم مخالفين بذلك المذاهب   « السنية ا لأربعة(١) . ويقول د. ا لنامي: ولما كان الإباضيون قد استمدوا نظامهم الفقهي من المصادر ذاتها للمذهب » الأخرى؛ أي: من القرآن، والسنة، والإجماع، واستعملوا نفس الأساليب تقريبا ً للاجتهاد في تكوين الأحكام التي لم تتناولها المصادر السابقة؛ فإن الفروق التي ظهرت بين نظامهم الفقهي وأنظمة المذاهب الإسلامية الأخرى محصورة في ا لفروع.   وقد نشأت هذه الفروق في حالات كانت فيها للإباضيين أحاديث روتها مراجعهم ولم توافق عليها المذاهب الأخرى، والعكس بالعكس أيض ً ا. كذلك « ة(٢) نشأت من فرق في الرأي في تفسير المصدرين الرئيسيين، القرآن والسن . يقول ابن خلفون: واعلم أن كل حادثة لا تخلو من حكم الله فيها، إما أن يكون منصوصا عليها » ً بعينها بأخص أسمائها، أو مدلولا ً عليها في الجملة مع غيرها، فإذا وردت عليك مسألة فالتمسها في (الأصل الذي هو) نصوص الكتاب، ومتواتر ا لسنة، وإجماع الأمة، فإن لم تجدها فالتمسها في معقول الأصل من لحن الخطاب وفحواه، ودليله ومعناه، وأخبار الآحاد. فإن لم تجدها فاستصحب حال الأصل من شغل ويفرق العوتبي ونجاد بن موسى بين الدليل والحجة بأن بينهما عموما وخصوصا، فكل ًً حجة دلالة وليس كل دلالة حجة، لأن المرشد إلى السبيل دلالة عليه وليس بحجة عليه، كما أن الاسم دليل على المسمى وليس حجة عليه بينما يرى ابن بركة أن المعنى واحد، الدليل هو حجة الله على الخلق ولم يعدم صحة معرفة هذا وما يشاكله من » فنص على أن معجم مصطلحات الإباضية، « ناصح نفسه واجتهد لها ورغب إلى الله تعالى في إرشاده . وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ج ١، ص ٣٨٢ ، ص ٣٨٣(١) . دار الإفتاء المصرية: سؤالات الأقليات، القاهرة، ١٤٣٤ ه، ص ٧٣٥(٢) . د. عمرو النامي: دراسات عن الإباضية، ص ١٤٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٧٦ الذمة وبراءتها حتى يتبين لك (وجه) الحق من ذلك. واعلم أن العمل على الأدلة « في أحكام ا لشريعة(١) . فليست الأحكام الشرعية مطردة على نسق واحد بل الأدلة » : ويقول الصنعاني « تفرق بينها في ا لأحكام(٢) . لا تقاس الأصول بعضها ببعض، والأصول ما جاء في » : ويقول النزوي الكتاب والسنة والإجماع، ويقاس ما لم يأت في الأصول على الأصول،   والأصول مسلمة على ما جاءت، وما أشبه الأصول فهذا أصل، ولم يشبه الأصل « فليس بأصل(٣) . التظاهر على تطبيق الشريعة الإسلامية » : كذلك ينادي الفقه الإباضي بضرورة « في الحياة العامة والخاصة(٤) . وتتضمن الشريعة الإسلامية قسمين كبيرين من الأحكام الشرعية، هما: أ ( أحكام ا لعبادات، كالصلاة والصوم والزكاة والحج وغيرها من الأحكام التي تنظم علاقة الإنسان بربه. ب ( أحكام المعاملات: وتتضمن الأحكام الخاصة بالتعامل بين الأفراد بعضهم البعض، أو بينهم وبين الدولة، أو بين الدولة الإسلامية والدول غير الإسلامية. وعلى ذلك يمكن القول: إن هذه الأحكام تنتظم كل فروع القانون بتقسيماته الحديثة العام منها والخاص وسواء كانت المسألة تدخل في إطار القانون الداخلي أو القانون الدولي العام والعلاقات ا لدولية. (١) . أجوبة ابن خلفون، تحقيق: د. عمرو النامين دار الفتح، بيروت، ص ١٠١(٢) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٤٧(٣) . النزوي: المصنف، ج ١، ص ٧٤(٤) سماحة المفتي العام لسلطنة عمان أحمد بن أحمد الخليلي: أمة الإسلام إلى أين مسير ا ً . ومصيرا، الكلمة الطيبة، مسقط، ١٤٣٦ ٢٠١٥ ، ص ٨٧ ً ٧٧   تغير الفتوى واختلافها بحسب » من أجل ذلك قال فقهاء المسلمين بضرورة  يقول ابن قيم ا لجوزية: .« تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد هذا فصل عظيم النفع جدا، وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة » أوجب من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليه ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به: فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها؛ فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، « فليست من ا لشريعة(١) .  وتتميز مصادر القانون الدولي الإسلامي بتنوعها، بل يمكن للدولة الإسلامية أن تتخذ العديد من الأعمال والتصرفات التي تتعلق بمصدر واحد بعينه، وذلك ليس بالشيء الغريب، إذ كما قال ابن عطاء الله ا لسكندري: « تنوعت أجناس الأعمال لتنوع واردات ا لأحوال »(٢) . كذلك فإن عمومية النص تقتضي عدم تخصيصه إلا بمخصص: إذا جاءت السنة » : إذ يذكر ابن سلام قاعدة مهمة لتفسير النصوص، هي أنه « ة(٣) عامة لم يكن لأحد أن يستثني شيئ ً ا منها دون غيره، إلا ما خصته السن . ولا شك أن هذه القاعدة عظيمة الأثر، صادقة الخبر، لذلك فهي ليست في حاجة إلى أي تعليق آخر، فهي تعني أن عمومية النص تقتضي عدم تخصيصه إلا بمخصص. (١) ابن قيم الجوزية: إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، . ج ٣، ص ١٤ (٢) أبو عبد الله النفري الرندي: غيث المواهب العليا في شرح الحكم العطائية، تحقيق: د. عبد الحليم . محمود، د. محمود بن الشريف، ج ١، دار الكتب الحديثة، القاهرة، ١٩٧٠ ، ص ٧٤(٣) . ابن سلام: كتاب الأموال، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ١٤٠١ ١٩٨١ ، ص ٢٣٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ومن المعلوم أن أي نظام قانوني لا بد أن يأخذ في اعتباره الظروف الواقعية التي تعتبر قواعده نتاجا لها وإلا جاءت هذه القواعد مخالفة لما هو قائم فعلا ً ومتنافرة مع ً البيئة التي ستطبق فيها، باعتبار أن أية قاعدة لا بد وأن تحكم واقع ً ا معين ً ا، فالواقعية إذن تقتضي أن تتطابق القواعد القانونية مع ما هو كائن فعلا ً في مجتمع ما. وهذا ما أخذ به ابن خلدون، بقوله: أن يكون الأمر الشرعي مخالف ً .« ا للأمر ا لوجودي قل »« بل لا يكون كذلك ا لبتة » : ويذهب ابن الأزرق إلى أبعد من ذلك، فيقول(١) ونشير الآن إلى أهم مصادر القانون التجاري في الفقه الإباضي وهي: أولا القرآن ا لكريم:  . ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات الخاصة بالتجارة، ومنها قوله تعالى: - ﴿ ° ¶μ´³²± ¸ ¹﴾ [ [المائدة: ٥ . -- ﴿ ! -,+*)('&%$#" 6543210/.﴾ [ [الجمعة: ٩ . ﴿ XWVUTSRQPONMLKJIH ZY﴾ [ [الجمعة: ١١ . - ﴿ <;:9 CBA@?>= GFED﴾ [ [النساء: ٢٩ . -- ﴿ « ¬ ¯®°²±﴾ [ [البقرة: ٢٨٢ . ﴿ WVU﴾ [ [التوبة: ٢٤ . (١) ، ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، الدار العربية، تونس، ليبيا، ١٩٨٠ ، ج ١ . ص ٩٧ ٧٩ - ﴿ !" &%$# ')( ﴾ [ [النور: ٣٧ . وقد فسر فقهاء الإباضية الآيات آنفة الذكر، ونكتفي منها بما يلي: · فبخصوص البيع والشراء إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة، فمن المعلوم صلاة » وأنها « إن الجمعة عزيمة من الله على المؤمنين » : كما قال الإمام جابر « جامعة وسنة متبعة(١) . ُ  وبخصوص مدى صحة التجارة (البيع والشراء) بعد النداء يوم الجمعة، اختلفوا في البيع بعد النداء، فقيل: يفسخ، وقيل: لا يفسخ، » : يقول الجيطالي وسبب الخلاف تنازعهم في النهي هل يدل على فساد المنهي عنه أم لا؟ وأما بيع « من لا تجب عليه الجمعة فلا يفسخ(٢) . (١) إن صلاة الجمعة » : موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، ج ١، ص ٥٦٦ ٥٦٧ كذلك قيل واجبة على الناس كافة، إلا من قام الدليل بعذره من مسافر أو عبد أو مريض أو امرأة أو صبي، الدليل أنه قال 0 : .« الجمعة واجبة إلا على امرأة أو مريض أو مسافر أو صبي » . الشماخي: كتاب الإيضاح، مكتبة مسقط، سلطنة عمان، ١٤٢٥ ٢٠٠٤ ، ج ١، ص ٦١٦ (٢) . الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢، مكتبة الاستقامة، مسقط، ١٤٢٣ ٢٠٠٣ ، ص ٣٦٩ قوله تعالى: » : ولابن العربي تفسير جدير بالذكر، إذ يقول ﴿ /. ﴾ : وهذا مجمع على العمل به، ولا خلاف في تحريم البيع، واختلف العلماء إذا وقع؛ ففي المدونة يفسخ، وقال المغيرة: يفسخ ما لم يفت، وقاله ابن القاسم في الواضحة، وأشهب، وقال في المجموعة: البيع ماض، وقال ابن الماجشون: يفسخ بيع من جرت عادته به، وقال الشافعي: لا يفسخ ٍ بكل حال، وأبو حنيفة يقول بالفسخ في تفصيل قريب من ا لمالكية. وقد بينا توجيه ذلك في الفقه، وحققنا أن الصحيح فسخه بكل حال؛ لقوله 0 في الصحيح: من عمل عملا ً .« ليس عليه أمرنا فهو رد . ابن العربي: أحكام القرآن، ج ٤، ص ١٨٠٥ ١٨٠٦ وتقول دار الإفتاء ا لمصرية: وحرم على » : من لزمته الجمعة يحرم عليه البيع ساعتها، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري »من تلزمه الجمعة اشتغال بنحو بيع من عقود وصنائع وغيرها مما فيه تشاغل عن السعي إلى الجمعة بعد شروع في أذان خطبة، قال تعالى: ﴿ +*)('&%$ ,-/. ﴾ « أي: اتركوه، والأمر للوجوب فيحرم الفعل، وقيس بالبيع غيره مما ذكر ٥٤ ، ط دار الفكر). / (شرح المنهج مع حاشية البجيرمي ٢ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ،« وجوب صلاة الجمعة، وإباحة العمل بعدها » فالصحيح هو » : ويقول أطفيش « لكن لا يحرم البيع على من لا تلزمه(١) . · قوله تعالى: ﴿ !" $# ﴾يعني: يقسم ابن عباس » ƒ أنه ليس معنى هذه الآية أن هؤلاء ليس لهم بيع أو تجارة، بل عندهم أعمال، وعندهم حرف، ولهم تجارات وزراعات، ولكن لا تلهيهم عن ذكر ا لله. فالواجب على من تلزمه الجمعة عدم التشاغل بالبيع ونحوه عن حضور الصلاة، والمراد بعد الأذان الثاني، وقد اختلف الفقهاء في صحة العقد إذا باشره من تلزمه الجمعة في وقت النهي، وبعيد ً ا عن الصحة من عدمها فإن قضية غلق المحال التجارية وقت الصلاة لا تدخل تحت .« معادلة التكليف بالوجوب أو ا لحرمة ، راجع: مجموعة الفتاوى المؤصلة من دار الإفتاء المصرية، القاهرة، ١٤٣٤ ٢٠١٣ ، ج ٣ . ص ٣٤٥ (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٥ ، ص ٧٠ ٧٨ . ويضيف أيض ً ا: و) أما الوارد (من جهة الزمان) ف (ك) للنبي عن (بيع) وشراء (وقت النداء الأول) لصلاة )»الظهر إلى الفراغ منها ولو قبل الأذان (من يوم الجمعة) في زمان الإمام ولو لم يناد لها (وحمل فساده من لزمته) صلاة الجمعة لا من لا تلزمه كعبد وطفل وامرأة ومسافر (وينفسخ إن وقع، وقيل: لا) واقتصر عليه في الديوان، وهو الصحيح لأن الله جل جلاله سماه بيعا، ً وظاهر تسميته انعقاده، والتأويل بأنه سماه بيعا باعتبار اعتقادهما وتنازلهما خلاف الظاهر، ً ولأن النهي لم يقع في نفس البيع بل في الوقت، وسبب الخلاف في الانعقاد هل يدل النهي على فساد ما وقع فيه أو لا، أو إن كان النهي في ذات الشيء فسد وإلا فلا؟ أقوال، صححوا . شرح النيل، ج ٨، ص ٢٠١ « الثالث، والنهي هنا خارج وسألته عن الشراء والبيع، من المقيمين يوم الجمعة، والإمام في الخطبة » : وجاء في بيان الشرع قبل أن تقام الصلاة، هل يجوز لهم ذلك، قال: معي، أنه قد نهى عنه، ولا يبين لي جواز ذلك إلا من عذر. قلت له: فالمسافرون في كراهية البيع والشراء ورده يوم الجمعة، مثل المقيمين؟ قال: لا يبين لي ذلك، إلا من طريق التنزه والمبادرة إلى الفضل. قلت له: ولا يدخل الاختلاف في فساد البيع من المسافرين لبعضهم بعض ً ا مثل المقيمين؟ قال: لا يبين لي ذلك، لأن المخاطبة عندي، أنها وقعت على من خوطب بالجمعة والمسافر لم أعلم أحد ً ا قد ألزمه الجمعة، قلت له: فإذا صلى المسافرون الجمعة في جماعة في يوم الجمعة، حيث تلزم جمعة، هل تتم صلاتهم؟ قال: معي، إن . الكندي: بيان الشرع، ج ١٥ ، ص ٨٥ ٨٦ « صلاتهم تامة ٨١ وهذا من عدل الله تبارك وتعالى؛ لأنه يعلم أنه لا بد للإنسان من عمل يكتسب به معاشه الدنيوي، وإنما الذي يريده الله تعالى منا أن لا تشغلنا أعمالنا الدنيوية عن عمارة بيوته. ت ُ رى، لماذا ذكر البيع بعد التجارة، والتجارة فيها بيع وشراء؟ ذلك لأن الناس اعتادوا أن يسموا العملية التي يكون فيها بائع ومشتر بالبيع، والمشتري يقول: حظيت ببيعة مهمة، والبائع يقول: بعت بيعة مهمة؛ ونادرا ما يستعمل كلمة ً والبائع والمشتري إن هما إلا متقايضان، هذا يعطي سلعة، وهذا يعطي « شرية »مالا، ً سواء سمي هذا مشتري ً ا وذاك بائع ً ا أو العكس؛ إلا أن الناس اصطلحوا على أن الذي يعطي الدرهم والدينار هو المشتري، والذي يعطي البضاعة هو البائع، وإلا ففي الحقيقة أن كل واحد منهما بائع ومشتري، إلا أن الله تعالى زاد فخص البيع بنوع من التنصيص، لأنك إذا سألت أحد ً ا: لماذا لم تأت إلى المسجد أو لم تشهد الصلاة؟ يقول لك: كنت في بيعة مهمة فشغلتني عن ذلك. ومن لطف الله تعالى أن لم يقل: عن شهود البيت أو إتيان المساجد وإنما قال: عن ذكر الله، وإلا لكان الأمر ضيق ً ا كثيرا، ونحن نريد شيئ ً ا من الحرية؛ ً والإنسان قد يشغل عن الذهاب إلى المسجد، ولكن قلبه معلق بالصلاة يؤديها في « وقتها، وهذه نكتة مهمة وهي بنت ا للحظة(١) . · قوله تعالى: ﴿ GFEDCBA ﴾[ [النساء: ٢٩ يعني: « أي تجارة حلال ليس فيها ربا »(٢) . (١) الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، جمعية التراث، غرداية الجزائر، ج ٦، ص ٣٠٩ ٣١٠ كذلك معاملة دنياوية رابحة، وهو يتناول جميع أعمال الدنيا...، وخص » : قيل: إن الآية، تعني .« التجارة بالذكر، لأنها أعظم ما يشتغل به الإنسان عن الصلاة والطاعات . الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، الطبعة الثانية، ١٤٢٥ ٢٠٠٤ ، ج ٢، ص ٤١٣(٢) ، الشيخ هود الهواري: تفسير كتاب الله العزيز، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٩٩٠ ، ج ١ . ص ٣٧٢ يقول ابن ا لعربي: أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٨٢   · قوله تعالى: ﴿ WVU ﴾[ [التوبة: ٢٤ عدم أن تساوم أو » : تعني « تساوم ببخس(١) . ثانيا ا لسنة ا لنبوية: السنة النبوية واجبة الاتباع باعتبارها مصدرا تاليا للقرآن الكريم في ترتيب ًً موارد الشريعة وينابيعها ومصادرها.    « اتباع المصطفى المختار أولى من اتباع ا لآثار » : ذلك أن(٢) .  قال عكرمة والحسن البصري وغيرهما: خرج عن هذه الآية التبرعات كلها، وإنما جوز »   الشرع التجارة وبقي غيرها على مقتضى النهي حتى نسخها قوله: ﴿ §¦¥¤ ¨... ﴾، وهذا ضعيف جدا؛ فإن الآية لم تقتض تحريم التبرعات؛ وإنما اقتضت تحريم .« المعاوضة ا لفاسدة . ابن العربي، أحكام القرآن، ج ١، ص ٤٠٩   (١) بوار » : أو هو « رواج الكساد: نقصان القيمة » : أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٤٢٣ . كذلك قيل  .« وعدم رواج  . ابن العربي: أحكام القرآن، ج ٢، ص ٩٠٨ . معجم ألفاظ القرآن الكريم، مجمع اللغة العربية، القاهرة، ج ٢، ص ٩٦٦ (٢) الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، ص ٤٧٢ . كذلك قيل: اتفق من يعتد به من أهل العلم على أن ا لسنة المطهرة مستقلة بتشريع الأحكام، وأنها »كالقرآن في تحليل الحلال وتحريم الحرام... قال الشوكاني: (والحاصل أن ثبوت حجية ا لسنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام، وأنها كالقرآن في تحليل الحلال وتحريم الحرام...) قال الشوكاني: (والحاصل أن ثبوت حجية ا لسنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورية دينية، ولا يخالف في ذلك إلا من لا حظ له في دين ا لإسلام). د. محمود هرموش: غاية المأمول في توضيح الفروع للأصول، دار الفتح للدراسات والنشر، . عمان الأردن، ١٤٣٢ ٢٠١١ ، ص ٢٦٥ وتمسك تلامذة أبي عبيدة بهذا النهج نفسه، وقد » : ومما يدل على اتباع الإباضية للسنة، ما قيل ذهب بعضهم إلى حد رفض أحكام المراجع الإباضية الأولى كجابر بن زيد، وأبي عبيدة، حين نقلت أحاديث موثوقة بالنسبة لقضية معينة، حتى من قبل مراجع غير إباضية، وبالنسبة قيل: إن جابر بن زيد، أضاف، على سبيل الاحتياط، عشر سنوات أخرى على « الحيازة » لمسألة السنوات العشر التي حددها الرسول كمدة قصوى للاستيلاء على حق حيازة الأرض أو ٨٣   ويهتم الإباضية بالسنة الفعلية التي داوم عليها ا لنبي ژ ، » : كذلك قيل   لأن القول أدل في باب » : ولكنهم يقدمون ا لسنة القولية على الفعلية عند التعارض  « التشريع على الإلزام والاتباع عن الفعل الذي ترد عليه ا لاحتمالات(١) . وقد أباحت ا لسنة التجارة أيضا. يقول ژ : من يجلب الطعام إلى بلد من » ً ثم تلا ا لنبي ژ ،« بلاد المسلمين، فباع بسعر يومه (محتسبا) كان له أجر شهيد : ً ﴿ WVUTSRQPONMLKJ ﴾ «(٢) .   كذلك قال ژ : « دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض »(٣) .     وهكذا فالتجارة مباحة وفق ً ا للسنة ا لنبوية(٤) . الممتلكات، إذا لم يتقدم المالك الأصلي بادعاء ملكيته خلال تلك السنوات العشرين، غير أن   عبد الله بن عبد العزيز، تلميذ أبي عبيدة، رفض رأي جابر على أساس مدة الحيازة بعشر  إن ما قاله الرسول هو وحده الحقيقة، السنة أولا، » : سنوات فقط، وختم قوله بما يلي ً شرط أن « تكون سنة موثوقة عن الرسول. أما القياس، ولو كان قديما، فلا يمكن له أن يحل محل ا لسنة .  ًُ . د. عمرو النامي: دراسات عن الإباضية، ص ١٢٥(١) . معجم مصطحات الإباضية، ج ١، ص ٥٠٨ انظر أيضا تفصيلات أخرى عن السنة كمصدر عند الإباضية، في: د. أحمد أبو الوفا: أحكام ً . القانون الجنائي في الفقه الإباضي، ج ١، ص ٢٦ ٣٠ (٢) أبو بكر بن أبي الدنيا: إصلاح المال تحقيق: مصطفى مفلح، دار الوفاء، المنصورة، . ١٤١٠ ١٩٩٠ ، ص ٢٦٢(٣) . مختصر الخرقي في المذهب الحنبلي، مؤسسة الخافقين، الرياض، ١٤٠٢ ١٩٨٢ ، ص ٥٥(٤) إلا أن هنالك حديث ً إن التجار هم الفجار، فقال رجل: » : ا عن رسول الله ژ يقول فيه .« يا رسول الله، ألم يحل الله البيع فقال: إنهم يقولون ويكذبون ويحلفون ويأثمون فقال قائل كيف تقبلون هذا عن رسول الله ژ وقد أحل الله البيع فقال: ﴿ :987;﴾ وقال: ﴿ <=FEDCBA@?>﴾ فكيف يجوز أن يكون أهل هاتين الآيتين فجارا. ً وقد رد على ذلك الطحاوي بقوله: وكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله 8 ذلك » وعونه أن عندنا والله أعلم إنما هو على المذمومين من التجار من تجاراتهم لا على المحمودين فيها واللغة تطلق مثل هذا في الذم والحمد جميع ً ا ومن ذلك قول الله تعالى لنبيه: ﴿ §¦ ¨ © ﴾ وفي قوله من لم يدخل في هذه الآية وهم الكفار به منهم الجاحدون لما جاءهم به أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ثالثا ا لإجماع: لا شك أن الأمة أكدت خلف ً ا عن سلف على ضرورة التجارة وإباحتها وفق ً ا للحدود المرعية، والقواعد الشرعية المرضية، هو إجماع لا شك فالتجارة هي من المصالح الحاجية التي لا ينفك أي زمان أو مكان عنها. يقول العالم ا لبشري: وحقيقة معنى الإجماع في عبارة أهل اللغة استفاضة القول وانتشاره في » الجماعة الذين ينسب الإجماع إليهم، فإذا ثبت أن كل واحد منهم قد قاله أو قال به بعضهم فلم ينكره الباقون، أضيف ذلك القول إلى جماعتهم على معنى التقرير منهم له، والرضا به، ووقعت العزيمة منهم بإمضائه، وصار ذلك الحكم إجماع ً ا، .« والله أعلم والإجماع حجة لقول الله تعالى: ﴿ <;: => EDCBA@? ﴾، فجعلهم شهداء على الناس   كشهادة الرسول عليهم، ولقول الرسول 0 : لا تجتمع أمتي على خطأ وفي » « نسخة على ضلال(١) . وقول الله 8 : ﴿ ¶¸ »º¹ ﴾ فلم يرد بذلك 8 كل قومه وإنما أراد به المكذبين منهم خاصة دون المصدقين له منهم ومن ذلك قول النبي ژ في قنوته في صلاة الصبح: اللهم أشدد وطأتك على مضر وهو من مضر وخيار من خلفه من مضر وإنما أراد بذلك الكفار من مضر لا من سواهم. فمثل ذلك ما ذكرنا عن ا لنبي ژ في التجار لما كان الأغلب عليه ما ذكرهم به جاز إطلاق القول الذي أطلقه فيهم لأنه ژ إنما خاطب بذلك العرب الذين يفهمون مراده والذين لغتهم الإمام الطحاوي، مشكل الآثار، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٨٣ وما بعدها). ) « لغته (١) ويضيف أيض ً ا: الأصح عندنا أن الإجماع لا يعلم إلا بانقراض أهل العصر عليه، لأن بعض » : وقال بعضهم الصحابة كان يكون على قول ثم يرجع عنه، كما يروى عن علي بن أبي طالب أنه كان موافق ً ا لعمر بن الخطاب ƒ في أيامه على تحريم بيع أمهات الأولاد، ثم رأى جواز بيعهن في أيام خلافته، وأن أبا بكر الصديق ƒ ساوى بين الناس في العطاء، ولم يكن له مخالف، ثم ٨٥ رابعا الرأي والقياس: إن الإباضيين يعتقدون » : يقول د. النامي مشيرا إلى أبي الربيع المزاتي إنه قال ً أن هنالك رأيا واحد ً ا فقط يمكن له أن يكون الصواب؛ وإذا ما بذل المسلمون ً  جهدهم للوصول إلى الحكم الصائب لكنهم أخفقوا، فإنهم يكافأون على جهودهم  ولا يحاسبون على الحكم الخاطئ. والقضايا التي يسمح فيها بالرأي هي التي لم تعالج في القرآن أو السنة أو من قبل المراجع السابقة والشخص الذي يسمح له باستخدام رأيه ينبغي له أن يكون عالما بالقرآن وبالسنة وبآراء المراجع السابقة ً مثل هذا الشخص له الحق باستعمال الرأي وتكوين الأحكام الشرعية ومن ينكر  عليه هذا الحق يكون كافرا. أما الشخص غير المؤهل فليس له أن يلجأ إلى الرأي، ً والشخص الذي يلجأ إلى رأيه « كافر نعمة » والذي يبيح له مثل هذا الحق يكون  في حالات تناولها القرآن أو السنة، أو إجماع المسلمين، وعارضها، فإنه ضال: وختم أبو الربيع سليمان بن يخلف ملاحظاته حول هذا الموضوع بالقول التالي: الرأي مسموح به لكل عالم في كل حين، ومحظور على كل جاهل في كل حين. » وأبواب الاجتهاد مفتوحة دائما عند الإباضية، هي لم توصد في أية مرحلة ً « على أي شخص مؤهل(١) . فاضل عمر بن الخطاب بينهم في العطاء ولم يكن له مخالف، ثم ساوى بينهم علي بن أبي طالب، ولو كان الإجماع قد ثبت لكان على وغيره قد خالفوا الإجماع، وهذا لا يجوز عليهم فيدل بهذا على صحة ما ذكرناه. وقيل الإجماع من أهل كل زمان من المسلمين إجماع إذا كانوا أهل رأي، والاختلاف منهم اختلاف ولو كان رجل واحد منهم سبق على قول، وكان عالم أهل زمانه كان حكمه قد سبق على الإجماع وعلى من خلفه اتباعه على ذلك، وكذلك إن قال ولم ينازعه العلماء في عصره، العالم موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون « وسلموا له كان ذلك إجماعا أيضا والله أعلم ًً . المعادن، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٣ ١٩٨٢ ، ج ١، ص ٥٤ ٥٥(١) ويضيف أيض ً وبالنسبة للاختلاف حول الآراء نتيجة الرأي في حالات ذات صلة بالفروع، يرى » : ا الإباضيون، أن رأي ً ا واحد ً ا فقط يمكن له أن يكون صواب ً ا، ومباح للمسلمين أن يتبنوا آراء أخرى إذا رأوها محقة، إلا أن ذلك، في الواقع غير مباح ما لم يبذلوا جهدهم لبلوغ الرأي ا لصحيح. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٨٦ وهكذا فالرأي والقياس(١) يعدان من الأمور التي يمكن الرجوع إليها عند فقهاء الإباضية للفصل في مسألة معينة، بشرط عدم تعارض ذلك مع القرآن والسنة والإجماع.   خامسا العرف ا لتجاري: نشير إلى المبدأ العام، وإلى القواعد الضابطة للعرف. · المبدأ ا لعام: العرف، بصفة عامة، هو اطراد سلوك الأشخاص على نهج معين معتقدين  إلزاميته، وهو تعريف ينطبق أيض ً ا على العرف ا لتجاري(٢) : فالعرف التجاري كما هو حال العرف عموما يتضمن ركنين: فهو يتمثل ً في اطراد سلوك التجار على نهج معين (الركن المادي) مع شعورهم بإلزاميته (الركن ا لمعنوي). مثل هذا المبدأ واجه في وقت لاحق معارضة من قبل عالمين إباضيين أسسا مجموعتين خاصتين :ﺎﻤﻬﺑ ﺙﺎﻔﻧ ﻦﺑﺍ ﺮﺼﻧ ﺲﺳﺆﻣ ﺔﻴﺛﺎﻔﻨﻟﺍﺪﻤﺣﺃﻭ ﻦﺑ ﻦﻴﺴﺣ ﺲﺳﺆﻣ .ﺔﻴﻨﻴــﺴﺤﻟﺍ ﺎﻤﻬﻓ ﻥﺍﺮﺒﺘﻌﻳ ﻥﺃ ﻱﺃﺮﻟﺍ ﺏﺍﻮﺼﻟﺍ ﻂﻘﻓ ﻮﻫ ﻱﺬﻟﺍ ﺐﺠﻳ ﻥﺃ ،ﻊــﺒﺘﻳ ﻥﺃﻭ ﻚﺌﻟﻭﺃ ﻦﻳﺬﻟﺍ ﻥﻮﻌﺒﺘﻳ ﺔــﻳﺃ ﺀﺍﺭﺁ ﻯﺮﺧﺃ ﻢﻫ .ﻥﻮﻤﺛﺁ ﻩﺬﻫ ﺔﻳﺮﻈﻨﻟﺍ ﻦﻣ ﻞﺒﻗ ﺙﺎﻔﻧ ﻦﺑﺍ ﻦﻴــﺴﺤﻟﺍ ﺔﺿﻮﻓﺮﻣ ﻦﻣ ﻞﺒﻗ ﺔﻴﻘﺑ ﺀﺎﻤﻠﻋ ﺔﻴﺿﺎﺑﻹﺍ ﻰﻠﻋ ﺱﺎﺳﺃ ﻥﺃ ﻑﻼﺨﻟﺍ ﻲﻓ ﻱﺃﺮﻟﺍ ﻲﻓ ﺕﻻﺎــﺣ ﻉﻭﺮﻔﻟﺍ ﺖﻌﻗﻭ ﻦﻴﺑ ،ﺔﺑﺎﺤﺼﻟﺍ ﺪﻗﻭ ﺍﻭﺮﺒﺘﻋﺍ ﻪﻧﺃ ﻲﻋﺮــﺷ ﻞﻜﻟ ﺪﺣﺍﻭ ﻥﺃ ﻆﻔﺘﺤﻳ ﻪﻳﺃﺮﺑ ﻑﺮﺼﺑ ﺮﻈﻨﻟﺍ ﻦﻋ ﻪﻧﻮﻛ ﻱﺃﺮﻟﺍ ،ﺐــﻴﺼﻤﻟﺍ ﻡﺃ ؛ﻻ ﻢﻟﻭ ﻒﻠﺘﺨﻳ ﺔﺑﺎﺤﺼﻟﺍ ﺎﻤﻴﻓ ﻢﻬﻨﻴﺑ ﻰﻠﻋ .«ﻚﻟﺫ .ﺩ ﻭﺮﻤﻋ :ﻲﻣﺎﻨﻟﺍ ﺕﺎﺳﺍﺭﺩ ﻦﻋ ،ﺔﻴﺿﺎﺑﻹﺍ ﺹ١٤٤ ـ .١٤٥ ﺹﻮﺼﺨﺑ ﺱﺎﻴﻘﻟﺍ ﺀﺎﺟ ﻲﻓ ﺏﺎﺘﻛ ﺙﺍﺪﺣﻷﺍ ﺕﺎﻔﺼﻟﺍﻭ ﻲﺑﻷ :ﺮﺛﺆﻤﻟﺍ ﺲﻴﻟﻭ» ﻲﻓ ﻦﻳﺩ ﻦﻴﻤﻠــﺴﻤﻟﺍ (١)  ،ﺱﺎﻴﻗ ﺎﻤﻧﺇ ﻮﻫ ﺏﺎﺘﻛ ﷲﺍﺳﻭ ﺔ ﻪﻴﺒﻧﮊ ، ﺭﺎﺛﺁﻭ ﻦﻴﻤﻠﺴﻤﻟﺍ ﻊﺒﺘﺗ ﺬﺧﺆﻳﻭ ﺎﻬﺑ ﻯﺪﺘﻘﻳﻭ.ﺎﻬﺑﻨُ ﻥﺎﻛﻭﻮﺑﺃ ﺓﺪﻴﺒﻋ :ﻝﻮﻘﻳ ﻦﻣ ﺐﻫﺫ ﻲﻓ ﺱﺎﻴﻘﻟﺍ ﺐﻫﺫ ﻲﻓ.«ﺭﺎﻣﺪﻟﺍ ﺮﻴــﺴﻟﺍ ﺕﺎﺑﺍﻮﺠﻟﺍﻭ ﺀﺎﻤﻠﻌﻟ ﺔــﻤﺋﺃﻭ ،ﻥﺎﻤﻋ :ﻖﻴﻘﺤﺗ .ﺩ ﺓﺪﻴــﺳ ،ﻞﻴﻋﺎﻤــﺳﺇ ﺓﺭﺍﺯﻭ ﺙﺍﺮﺘﻟﺍ ﻲﻣﻮﻘﻟﺍ ،ﺔﻓﺎﻘﺜﻟﺍﻭ ﺔﻨﻄﻠﺳ ،ﻥﺎﻤﻋ ١٤١٠ـ ،١٩٨٩ ﺝ ،١ ﺹ.٣٠١ :ﻞــﻴﻗ ﻑﺮﻌﻟﺍ» ﻱﺭﺎﺠﺘﻟﺍ ﻮﻫ ﺩﺍﺮﻃﺍ ﻙﻮﻠــﺳ ﺭﺎﺠﺘﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﺓﺪﻋﺎﻗ ﺔﻨﻴﻌﻣ ﺓﺮــﺘﻓ ﺔﻠﻳﻮﻃ ﻦﻣ ﻦﻣﺰﻟﺍ ﻊﻣ (٢) ﻢﻫﺭﻮﻌﺷ ﺎﻬﻣﺍﺰﻟﺈﺑ ﻥﻭﺩ ﻥﺃ ﺪﻨﺘﺴﺗ ﻰﻟﺇ ﺺﻧ «ﻲﻌﻳﺮﺸﺗ .ﺩ ﻲﻠﻋ :ﻢﺳﺎﻗ ﻥﻮﻧﺎﻗ ،ﻝﺎﻤﻋﻷﺍ ﺭﺍﺩ ﺮﺼـﻨﻟﺍ ﻊﻳﺯﻮﺘﻠﻟ ﺮﺸﻨﻟﺍﻭ ﺔﻌﻣﺎﺠﺑ ،ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ ،١٩٩٧ﺝ ،١ ﺹ.٥٤ ٨٧ ومن مظاهر العرف ا لتجاري: - افتراض التضامن بين المدينين في المسائل التجارية، بينما التضامن لا يفترض بين الدائنين أو المدينين في المسائل المدنية (أي: غير التجارية) (م ٢٧٩ من القانون المدني ا لمصري). - جواز إنقاص الثمن دون فسخ العقد في البيوع التجارية إذا سلم البائع المشتري بضاعة ذات صنف أقل جودة من الصنف المتفق عليه. وفي القانون التجاري الوضعي يحكم العرف قاعدتان: الأولى: جواز الاتفاق على ما يخالفه(١) . والثانية: أن العرف التجاري يختلف عن العادة التجارية L'usage commerical فالعرف هو ما توافر فيه ركنان المادي والمعنوي أما العادة التجارية فيتوافر « فيها الركن المادي فقط ويعوزها الركن ا لمعنوي(٢) فالعادة هي: (١) لذلك قيل: والعرف التجاري يكون غير آمر كقاعدة عامة، وتوافق في هذا الخصوص ما يذهب إليه غالبية الفقه من أنه لا يكاد يكون هناك عرف تجاري آمر، ذلك أنه ليس هناك ما يمنع الاتفاق على عكس القواعد العرفية ومن الأمثلة على ذلك جواز الاتفاق على خلاف القاعدة العرفية التي تقتضي بافتراض التضامن في الالتزام التجاري بين المدينين، وهو ما قننه قانون التجارة الحالي في المادة ( ٤٧ ) منه د. سميحة القليوبي: ، ١٩٩٩ ، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١١ / تعليق على مواد قانون التجارة المصري رقم ١٧ . ص ١٢ (٢) لذلك فالعرف ملزم ولو لم تتجه إرادة الأطراف إليه، بينما العادة لا تلزم أطرافها إلا إذا اتجهت إرادتهم إليها (د. علي قاسم: قانون الأعمال، ج ١، ص ٥٨ ٥٩ ) كذلك قيل: إن العادة يقصد بها اعتياد الأفراد على إدراج شروط معينة في تعهداتهم التجارية بحيث » : التجارية تصبح هذه الشروط ملزمة في مثل هذه التعهدات دون النص عليها صراحة، ولكن إذا اتضح أن أطراف التعاقد على غير علم بهذه الشروط؛ أي: العادة التجارية، فإن هذه الأخيرة ومن الأمثلة على العادات التجارية ما يجري عليه العد والوزن والقياس مثل اعتبار .« لا تنطبق العدد ١٢٠ في حساب أنواع الفواكه والخضروات، راجع د. سميحة القليوبي: تعليق على مواد . ١٩٩ ، ص ١٣ / قانون التجارة المصري، رقم ١٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٨٨ قاعدة تواتر اتباعها بانتظام دون أن يتوافر الاعتقاد في إلزامها وضرورة » « احترامها(١) . ولم يتوان َ فقهاء المسلمين عن التأكيد على أهمية العرف كمصدر من مصادر القاعدة الشرعية أو كأحد الأدلة التي تستقي منها(٢) . ومن ا لمسلم أن الفقيه الإسلامي تبن » : كذلك قيل ّ ي بعض الأعراف التي سادت في العصر الجاهلي كما تبنى بعض الأعراف التي انتشرت في « البلاد ا لمفتوحة(٣) . (١) د. مصطفى كمال طلبة وآخرون: أساسيات القانون التجاري والقانون البحري، منشأة المعارف،  . الإسكندرية، ١٩٨٣ ، ص ١٦ (٢) وإنها إن اختلفت وتعارضت فلها أحوال: « لغوي وشرعي وعرف » يقول الزركشي: إن الحقائق ثلاثالأولى: أن يتعارض العرف مع الشرع وهو نوعان: أن لا يتعلق بالعرف الشرعي حكم فيقدم عليه عرف ا لاستعمال. أن يتعلق بعرف الشرع حكم فيقدم على عرف ا لاستعمال. الثانية: تعارض اللغة والعرف العام فأطلق صاحب الكافي رواية وجهين. الثالثة: تعارض العرف العام والخاص: فإن كان الخصوص محصورا لم يؤثر، وإن كان ً .( محصور اعتبر (الزركشي: المنثور في القواعد، ج ٢، ص ٣٧٧ ٣٩٦ ويذهب رأي إلى أن العرف ليس مصدرا من مصادر التشريع ولا دليل بالمعنى الذي تطلق ً عليه كلمة مصدر أو دليل، لأمرين: ١ لأن ما أقره الشارع من الأعراف أعطاه حكما مناسبا ًً له، ولم يؤخذ الحكم من نفس العرف حتى يكون دليلا ً أو مصدرا من المصادر. ٢ ما أقره ً   النبي ژ في عهده من الأعراف التي كان الناس عليها يعتبر من ا لسنة التقريرية، وما شارك في   فعله من الأعراف يعد من ا لسنة العملية، راجع د. السيد صالح عوض: أثر العرف في التشريع الإسلامي، دار الكتاب الجامعي، القاهرة، ١٩٨١ ، ص ٦١٨ . بينما قيل: إن الشريعة راعت أعراف الناس، بشرط أن لا تجر عليهم مفسدة ولا تهدر لهم مصلحة، د. محمد سعيد البوطي، . ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٢ ١٩٨٢ ، ص ٨١ (٣) د. صوفي أبو طالب: تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد العربية، دار النهضة العربية، القاهرة، . ١٤٢٧ ٢٠٠٦ ، ص ٣١٥ في تكوينها (سواء كل الناس أو « الجميع » ويلاحظ أن القاعدة العرفية يمكن أن يساهم « عنصر شخصي » مجموع المنتمين إلى مهنة أو حرفة أو تجارة معينة)، أما الإجماع فيلزم فيه صدوره عن العلماء في عصر من ا لعصور. ٨٩ ولا شك أن خير من وضع تعريف ً ا للعرف يشمل ركنيه المادي (اطراد السلوك  على نهج معين) والمعنوي (الشعور بإلزامية هذا السلوك) وهما الركنان المعروفان   في فقه القانون الدولي والوطني المعاصر، هو الجرجاني، إذ يقول إن العرف هو: ما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول، وتلقته الطبائع بالقبول وهو حجة » أيض ً ا لكنه أسرع إلى الفهم؛ وكذا العادة وهي ما استمر الناس عليه على حكم  « العقول وعادوا إليه مرة بعد أخرى(١) . ويتفق الاتجاه الغالب في الفقه الإسلامي على اعتبار العرف بصفة عامة دليلا ً يتم الرجوع إليه، إذا أعوزهم النص الشرعي من الكتاب أو السنة لذلك قالوا: والمعروف عرف » « العادة محكمة » ،« الثابت بالعرف كالثابت بالنص » ً ا كالمشروط « ا(٢) شرط ً . وقد استدلوا على حجية العرف، بقوله تعالى: ﴿ §¨ ª© «¬ ﴾ وقوله ژ : ما رآه المسلمون حسن » ً .« ا فهو عند الله حسن  كذلك يمكن الاحتكام إلى العادة إذا اطردت فإن اضطربت فلا. كل ما ورد به الشرع مطلق » : وقال الفقهاء ً ا، ولا ضابط له فيه، ولا في اللغة، « يرجع فيه إلى ا لعرف(٣) . كل ذلك يدل دلالة قاطعة على أن العرف يعتبر من الأدلة المشتقة للأحكام الشرعية في الشريعة ا لإسلامية. أن الإجماع لا يتم إلا عن طريق العلماء المجتهدين، أما » : والفرق بين العرف والإجماع .« العرف فيطلق على ما تعارف عليه الناس على اختلاف طبقاتهم د. محمد سيد طنطاوي: معاملات البنوك وأحكامها الشرعية، مكتبة الأسرة، الهيئة المصرية . العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٩٨ ، ص ٣٩ (١) . راجع التعريفات للجرجاني، وزارة الثقافة والإعلام، بغداد، ص ٨٦ (٢) يقرر ابن قيم الجوزية أن الشرط العرفي كالشرط اللفظي، وأن العرف يجري مجرى النطق في أكثر من مائة موضع، راجع ابن قيم الجوزية: أعلام الموقعين عن رب العالمين، المرجع . السابق، ج ٢، ص ٣٩٣ ٣٩٤ ، ج ٣، ص ٣ ٥ (٣) . الإمام السيوطي، الأشباه والنظائر، المرجع السابق، ص ٨٩ ١٠١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي استعمال الناس حجة يجب العمل » : ومن المبادئ الجيدة في هذا الخصوص والغرض من ذلك تحقيق عدة أمور: ،« بها - استقرار المعاملات الجارية بين ا لناس. - تلافي أي عنت أو تزمت في نطاق هذه ا لمعاملات. - تيسير التعامل وسهولته وتحقيقه لغرضه. يقول الشيخ أحمد إبراهيم(١) : وقد رجح أخيرا جانب النظر العملي لأجل استقرار المعاملات، حتى وصل » ً الأمر في بيع المعدوم تبعا للموجود أنه إذا بدا صلاح في بعض أنواع جنس من ً الأجناس كنوع من الثمر اعتبرت الأنواع الباقية تابعة لما بدا صلاحه، بل زاد الإمام ا لليث بن سعد فقيه مصر على ذلك أن صلاح جنس كالتفاح واللوز يكون صلاحا لسائر أجناس الثمار: لأن الحاجة تدعو إلى ذلك. ً (١) ذكره، د. علي أحمد الندوي: موسوعة القواعد والضوابط الفقهية الحاكمة للمعاملات المالية . في الفقه الإسلامي، المجلد الأول، القاهرة، ١٤١٩ ١٩٩٩ ، ص ١٩٤ ١٩٥ ما جرى به عمل الناس وتقادم في عرفهم وعاداتهم » ولعل ذلك هو تطبيق آخر لقاعدة ، نفس المرجع، ج ٢ ) « ينبغي أن يلتمس له مخرج شرعي ما أمكن على خلاف أو وفاق .( ص ٢٩٩ من أجرى أمر الأنصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع » كذلك خصص البخاري بابا بعنوان ً قيل: إن المقصود بذلك .« والإجارة والمكيال والوزن وسنتهم على نياتهم ومذاهبهم المشهورة إثبات الاعتماد على العرف، وأنه يقضي به على ظواهر الألفاظ... وذكر القاضي الحسين من »فتح الباري ) « الشافعية أن الرجوع إلى العرف أحد القواعد الخمس التي يبنى عليه الفقه بشرح صحيح البخاري، دار الفكر، بيروت، ١٤١٤ ١٩٩٣ ، ج ٥، ص ١٥٣ ١٥٤ ). كذلك قيل: ويعتبر التساوي فيما يكال ويوزن بكيل الحجاز ووزنه، وما جهل يراعى فيه عادة بلد المبيع، »الإمام أبو عبد الله العثماني ) « وقال أبو حنيفة: ما لا نص فيه يعتبر فيه عادة الناس في البلاد ، الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، ١٤٠٦ ١٩٨٦ رسائل المقريزي، دار الحديث، ) « هم أبناء العوائد » ص ١٣٦ ). ذلك أن من المعروف أن الناس .( القاهرة، ١٤١٩ ١٩٩٨ ، ص ١٧٤ ٩١ والحاصل أن الناس قد صارت لهم خبرة ومعلومات على حسب العادة المستمرة، وبذلك صارت الأغلاط في التقديرات نادرة، والحدس والتخمين مع هذه التجارب والمشاهدات وكثرة المعاملات يكادان يفيدان ظن  ا راجح ً ا. ومن هنا يتبين لك أن الشرع الإسلامي بنى على أساس العدل ومنع الظلم .« ورعاية مصالح الناس، واستقرارهم في معاملاتهم معنى ما تقدم أن فقهاء المسلمين عرفوا في إطار العلاقات الاقتصادية ما قررته القاعدة اللاتينية والفرنسية أن العرف له قوة القانون consuetudo legis .habet vigorem (La cotume a force de loi) م ٤٤ من مجلة ) « المعروف بين التجار كالمشروط بينهم » : ذلك أن الأحكام ا لعدلية). ويقول ا لإسنوي: إذا تردد اللفظ الصادر من الشارع بين أمور فيحمل أولا » ً على المعنى الشرعي، لأنه عليه الصلاة والسلام بعث لبيان الشرعيات، فإن تعذر حمل على الحقيقة العرفية الموجودة في عهده عليه الصلاة والسلام؛ لأن التكلم بالمعتاد عرف ً ا أغلب من المراد عند أهل اللغة، فإن تعذر حمل على الحقيقة اللغوية لتعينها « بحسب ا لواقع(١) . ويحكم العرف في الفقه الإسلامي خصوصا القواعد ا لآتية: ً ١ من المعلوم أن العرف يمكن أن يتغير زمان ً ا ومكان ً ا، فتتغير الأحكام إنه » : كما يؤيده قاعدة « الفرع يتبع الأصل » المبنية عليه وبالتالي. علة ذلك أن .« اختلاف عصر وزمان لا حجة وبرهان (١) ، الإسنوي: التمهيد في تخريج الفروع على الأصول، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٤ ١٩٨٤ . ص ٢٢٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي فالقاعدة في الفقه الإسلامي أن اللجوء إلى العرف كدليل ليس أمرا جامد ً ا، ً وإنما يجب مراعاة البيئة المحيطة والوسط السائد فيه ا لعرف(١) . ٢ أن العرف كقاعدة عامة يصح الاتفاق على خلافه متى كان ذلك يوافق مقصود ا لعقد. (١) يقول ابن عابدين: فالظاهر اعتبار العرف في الموضع أو الزمان الذي اشتهر فيه دون غيره، ابن عابدين: حاشية رد المحتار، المرجع السابق، ج ٤، ص ٢٦٤ ، كما أنه يتبع في كل إقليم . وفي كل عصر عرف أهله. نفس المرجع، ج ٥، ص ١٨٨ ويقول القرافي بخصوص تغير العرف والعوائد: إن إجراء الأحكام التي مدركها العوائد مع تغير تلك العوائد: خلاف الإجماع وجهالة في »الدين، بل كل ما في الشريعة يتبع العوائد: يتغير الحكم فيه عند تغير العادة إلى ما تقتضيه .« العادة ا لمتجددة بل ولا يشترط تغير العادة، بل لو خرجنا نحن من ذلك البلد إلى بلد آخر، عوائدهم على خلاف البلد الذي كنا فيه أفتيناهم بعادة بلدهم، ولم تعتبر عادة البلد الذي كنا فيه وكذلك إذا قدم علينا أحد من بلد عادته مضادة للبلد الذي نحن فيه لم نفته إلا بعادة بلده، دون عادة بلدنا، القرافي: الأحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ١٣٨٧ ١٩٦٧ ، ص ٢٣١ ٢٣٣ ، انظر أيض ً ا لنفس المؤلف كتاب الفروق آخر الفرق ١٦١ ، الفرق ١٩١ ، بين قاعدة ما يتبع العقد عرف ً ا وقاعدة ما لا يتبعه. ومن مهمات القواعد اعتبار العادة والرجوع إليها، راجع الإمام ابن خطيب الدهشة، مختصر من قواعد العلائي وكلام الإسنوي، تحقيق: د. مصطفى البنجويني، رسالة دكتوراه، كلية . الشريعة والقانون، القاهرة، ١٩٧٨ ، مطبعة الجمهور، الموصل، ١٩٨٤ ، ج ١، ص ٢٥٢ ويقول الإمام ا لسبكي: والشروط هل تحمل على المسمى... أو على رتبة خاصة، إن دل العرف عليها؟ فيه بحث أما »عند اضطراب العرف فلا شك في الحمل على المسمى، وكانت الواقعة في وقف اشترط واقفه في مباشره الورع، فأفتى الشيخ الإمام بالاكتفاء فيه بالعدالة لاضطراب العرف في حد تاج الدين السبكي، طبقات الشافعية الكبرى، ،« الورع، قال: والعدالة أدنى مراتبه فيحمل عليها . مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، ١٩٧٤ ، ج ٩، ص ٩٨ ٩٩ د. يوسف القرضاوي: السياسة « العرف الذي بني عليه » بل يمكن أن يتغير الحكم بتغير ، الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها، مكتبة وهبة، القاهرة، ١٤٢٦ ٢٠٠٥ ، ص ٢٨٩ . ذات المرجع، ص ٢٩٣ ٢٩٥ « تغير الأحكام بتغير العرف » وفي رسالة أكد ابن عابدين ٩٣ كل ما يثبت » : يكفي أن نذكر هنا قول سلطان العلماء العز بن عبد السلام « بالعرف إذا صرح المتعاقدان بخلافه بما يوافق مقصود العقد صح(١) . ٣ كل منهما محل « العرف والعادة » أن فقهاء المسلمين استخدموا كلمتي « يسمى العرف بالعادة، ولا فرق بينهما على لسان ا لشرعيين » الأخرى، إذ(٢) . يقول السيوطي: إن من بين القواعد الخمسة التي ترجع إليها جميع مسائل الفقه، قاعدة: العادة محكمة، لقوله ژ » : ما رآه المسلمون حسن ً « ا فهو عند الله حسن(٣) . كذلك يقول الإمام الشاطبي في معرض إشارته إلى الصلة بين رعاية العرف لما قطعنا بأن الشارع جاء باعتبار المصالح، لزم القطع بأنه لا » : وإقامة المصلحة بد من اعتبار العوائد، لأنه إذا كان التشريع على وزان واحد، دل على جريان المصالح على ذلك، لأن أصل التشريع سبب المصالح، والتشريع دائم كما تقدم، « فالمصالح كذلك، وهو معنى اعتباره للعادات في ا لتشريع(٤) . بل خصص ابن عبد السلام فصلا ً تنزيل دلالة العادات وقرائن » في « الأحوال منزلة صريح الأقوال في تخصيص العموم وتقييد المطلق وغيرهما وفصلا ً حمل الألفاظ على ظنون مستفادة من العادات لمسيس » : آخر في « الحاجات إلى ذلك(٥) . (١). العز بن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، ج ٢، ص ١٨٦(٢) ، د. محمد عبد الهادي: أصول الفقه، القسم الأول الأدلة الشرعية، القاهرة، ١٤٣٧ ٢٠١٦ . ص ٢٩٧(٣) السيوطي: الأشباه والنظائر، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، ص ٨ وما بعدها. (٤) . الشاطبي: الموافقات، ج ٢، ص ٢٨٧(٥) .١٣٦ ، ابن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، ج ٢، ص ١٢٦ وهناك العديد من القواعد التي تدل على أن العادة معتبرة في الفقه، منها: العادة محكمة. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي  باب من أجرى أمر الأمصار على » : وترجم الإمام البخاري للعمل بالعرف ما يتعارفون بينهم في البيوع والإجارة والمكيال والوزن وسننهم على نياتهم « ومذاهبهم ا لمشهورة(١) . الممتنع عادة كالممتنع حقيقة. الحقيقة تترك بدلالة ا لعادة.  إنما تعتبر العادة إذا ا طردت أو غلبت. لا خلاف بين الفقهاء في أن العادة مستند لكثير من الأحكام العملية » ولذلك قيل: إنه .« قلما يوجد باب من أبواب الفقه ليس للعادة مدخل في أحكامه » وإنه ،« واللفظية ، راجع الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، ١٤١٤ ١٩٩٣ ، ج ٢٩ . ص ٢١٦ والعادة إنما تجعل حكما » : ومما يؤكد أيضا استخدام العادة والعرف في ذات المعنى، ما قيل ًً  لإثبات الحكم الشرعي إذا لم يرد نص في ذلك الحكم المراد إثباته، فإذا ورد النص عمل بموجبه ولا يجوز ترك النص والعمل بالعادة؛ لأنه ليس للعباد حق تغيير النصوص، والنص أقوى من العرف؛ لأن العرف قد يكون مستند ً ا على باطل، أما نص الشارع، فلا يكون مبنيا على باطل، فلذلك لا يترك العمل بالقوي لأجل العمل بالضعيف، على أن الإمام أبا يوسف يقول: إذا تعارض النص والعرف ينظر فيما إذا كان النص مبنيا على العرف والعادة أم لا؟ فإذا كان » ُ النص مبنيا على العرف والعادة ترجح العادة ويترك النص. وإذا كان النص غير مستند إلى عرف ً وعادة يعمل بالنص ولا عبرة بالعادة، ومع ذلك يجب أن لا يفهم أن حضرة الإمام أبي يوسف يذهب في رأيه إلى أن ترك النص والعمل بالعرف والعادة، وإنما رأيه بمثابة تأويل للنص (درر .«( ٤٤ ٤٥ / الأحكام في شرح مجلة الأحكام ١ . موسوعة الفتاوى المؤصلة من دار الإفتاء المصرية، القاهرة، ١٤٣٤ ٢٠١٣ ، ج ١، ص ٤٦٢ ٤٦٣ ومن ذلك ،« ويجوز للمضارب أن يتصرف بكل ما جرت به العادة بين التجار » : كذلك قيل البيع نقد ً د. مصطفى البغا: أثر الأدلة المختلف فيها « لأن كل ذلك من صنيع التجار » ا ونسيئة . في الفقه الإسلامي، دار القلم، دمشق، ١٤١٣ ١٩٩٣ ، ص ٢٥٣(١) يقول بدر الدين العيني معلق ً ا على ذلك أي: هذا باب يذكر فيه من أجرى أمرها إلى الأمصار على ما يتعارفون بينهم، أي: على عرفهم وعوائدهم في أبواب البيوع والإجارات والمكيال، وفي بعض النسخ: والكيل والوزن مثلا ً بمثل، كل شيء لم ينص عليه الشارع أنه كيلي أو وزني ِ يعمل في ذلك على ما يتعارفه أهل تلك البلدة مثلا :ً الأرز فإنه لم يأت فيه نص من الشارع أنه كيلي أو وزني فيعتبر في عادة أهل كل بلدة على ما بينهم من العرف فيه، فإنه في البلد المصرية يكال، وفي البلد الشامية يوزن، ونحو ذلك من الأشياء، لأن الرجوع إلى العرف جملة من ١٦ ، ط. إحياء التراث ا لعربي). / القواعد الفقهية (ينظر: عمدة القاري ١٢ ٩٥ ف: ;6 D#E ا 0 ا ا أما عند الفقه الإباضي، فيمكن أن نوجز نظرية العرف، كما يلي: · تعريف ا لعرف: ما عرفته » : في عبارة وجيزة يقول صاحب قاموس الشريعة إن المعروف  « العقول، واطمأنت إليه ا لقلوب(١) .  وقد جمع هذا التعريف ركني العرف المعروفين حاليا في القانون الوضعي وهما: - الركن المادي، Material element والمتمثل في انتهاج سلوك معين (سواء  كان فعلا ً إيجابيا، أو امتناع ً ما عرفته » : ا سلبيا) ويبدو هذا من قوله إذ المعرفة تفترض تجسيد ،« العقول ً ا ماديا للسلوك أو للتصرف. - الركن المعنوي Psychological element والمعروف في اللغة اللاتينية تحت  عبارة opinion juris sive necessitatis أي: الشعور بإلزامية السلوك بأن يتوافر الاعتقاد Conviction or belief واطمأنت إليه » : بإلزاميته. ويبدو ذلك من قوله فالقلوب لا تطمئن ولا يتصرف الإنسان بالتالي إلا إذا كان « القلوب السلوك (الركن المادي) تم اعتماده للشعور بإلزاميته (الركن ا لمعنوي). ويعبر الإباضية عن الركن المعنوي أيض ً سكون » : ا بقاعدة نصوغها كما يلي الناس في تعارفهم جائز في » : يقول النزوي « القلب في التعامل يساوي اليقين كل ما يبيحونه بينهم ويبيحون به أنفسهم، وذلك سكون القلب فيعمل به كما « يعمل باليقين(٢) . دليل للاستئناس عند عدم ورود النص ضمن المصادر » : وحجية العرف في الفقه الإباضي أنه . معجم مصطلحات الإباضية، ج ٥٢ ، ص ٦٨٥ « التبعية الأخرى(١) . السعدي: قاموس الشريعة، مكتبة الجيل الواعد، مسقط، ١٤٣٦ ٢٠١٥ ، ص ٣٩٦(٢) النزوي: المصنف، ج ١٨ ، ص ٣٦ . انظر أيض ً . ا الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٨٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٩٦ وهو ما أكده ابن بركة بعد شرحه لمثال خاص بإعمال ظروف الحال عند « فهذا ونحوه مما يعلم بسكون القلب فيعمل به كما يعمل باليقين » : التعاقد، بقوله(١) . · العرف والعادة والسنة والتعارف:   استخدم فقهاء الإباضية هذه الألفاظ للتعبير عن العرف، ويبدو أنهم قرروا أنها تعني ذات المعنى المقصود من العرف. ونشير بكلمة موجزة إليها كما يلي: العرف والعادة: سبق القول: إن فقهاء القانون التجاري الوضعي قالوا إن ثمة ا ختلاف ً ا بين هذين اللفظين: إذ يجمعهما فقط الركن المادي (السلوك) لكن يفرقهما الركن  المعنوي (فالعرف ملزم، أما العادة فغير ملزمة، ولذلك فالعرف يطبقه القاضي من تلقاء نفسه، أما العادة فيتوقف تطبيقها على موافقة أطراف النزاع عليها). أما الفقه الإباضي وهو يشايع في ذلك جمهور الشرعيين فقد ساوى بين العرف والعادة(٢) ، واستخدم أيا منهما للتعبير عن ذات معنى الأخرى. يكفي أن نذكر للتدليل على ذلك ما يلي: وإن باع شيئ » : يقول الرستاقي ً ا مما يوزن، كالعسل والسمن والجبن والقطن والنيل والشوران، وما أشبه ذلك، مما يباع بالوزن، فليس على البائع ترجيح « الميزان، إلا أن تكون عادة الناس جارية بذلك من طريق التعارف في ا لبيع(٣) . ﻦﺑﺍ :ﺔﻛﺮﺑ ،ﻑﺭﺎﻌﺘﻟﺍ ﺓﺮﻛﺍﺫ ،ﻥﺎﻤﻋ ﺔﺒﺘﻜﻣ ،ﻂﻘﺴﻣ ١٤٣٤ـ ،٢٠١٣ ﺹ١٢٣ ـ .١٢٤ ﻚﻟﺬﻛ :ﻞﻴﻗ ﺎﻣﺃﻭ» (١) ﻑﻼﺘﺧﺍ ﻞﻴﻳﺎﻜﻤﻟﺍ ،ﻦﻴﻳﺯﺍﻮﻤﻟﺍﻭ ﻼﻓ ﻢﻠﻌﻧ ﻩﺪﺣ ﻲﻓ ﺯﺍﻮــﺟ ﺬﺧﻷﺍ ﻪﺑ ﻻﺇ ﻰﻠﻋﺎﻣ ﻑﺭﺎﻌﺘﻳ ،ﺱﺎﻨﻟﺍ ﺓﺩﺎﻳﺯﻭ ﻚﻟﺫ ﻪﻧﺎﺼﻘﻧﻭ ﻰﻠﻋﺎﻣ ﻦﺌﻤﻄﺗ ﻪﺑ ،ﺏﻮﻠﻘﻟﺍﺎﻣ ﻢﻟ ﻦﻜﺗ ﺓﺩﺎﻳﺯ ﺔــﺸﺣﺎﻓ ﻭﺃ ﻥﺎﺼﻘﻧ «ﺶﺣﺎﻓ :ﻲﻗﺎﺘﺳﺮﻟﺍ ﺞﻬﻨﻣ ،ﻦﻴﺒﻟﺎﻄﻟﺍﺝ ،٧ ﺹ.١٣١ ً ﺍ ﺎﻤﺑ ﻪﻟﺎﻗ ﺦﻴــﺸﻟﺍ ﺪﻤﺤﻣ ﻰﻔﻄﺼﻣ ﻲﺒﻠــﺷ ﻲﻓ ﻪﺑﺎﺘﻛ ﻝﻮــﺻﺃ ،ﻪﻘﻔﻟﺍ ،١٩٨٦ ﻥﺇﻭ ﺐﻫﺫ ﻱﺃﺭ ـﺬﺧﺃ (٢) ﺹ ٣٢٣ ﻰﻟﺇ :ﻝﻮﻘﻟﺍ :ﻑﺮﻌﻟﺍ»ﺎﻣ ﻑﺭﺎﻌﺗ ﺱﺎﻨﻟﺍ ،ﻪﻴﻠﻋ ﻩﻮﻔﻟﺃﻭ ﺮﻘﺘــﺳﺍﻭ ﻲﻓ ﻢﻬﺳﻮﻔﻧ ﺓﺩﺎﻌﻟﺍﻭ ﻖﻠﻄﺗ ﻰﻠﻋ ﻞﻌﻔﻟﺍ ﺭﺮﻜﺘﻤﻟﺍ ﻦﻣ ﺩﺮﻔﻟﺍ ﻭﺃ ،ﺔﻋﺎﻤﺠﻟﺍ ﺖﻴﻤﺳﻭ ﺓﺩﺎﻋ ﻦﻣ ﺩﻮﻌﻟﺍ ﻢﺋﺍﺪﻟﺍ ﺭﺮﻜﺘﻤﻟﺍ ﻦﻴﺑﻭ ﻑﺮﻌﻟﺍ ً ﺓﺩﺎﻌﻟﺍﻭ ﻡﻮﻤﻋ ،ﺹﻮﺼﺧﻭ ﻞﻜﻓ ﻑﺮﻋ ،ﺓﺩﺎﻋ ﺲﻴﻟﻭ ﻞﻛ ﺓﺩﺎــﻋﻓﺮﻋً ﺍﻻ ﻖﻠﻄﻳ ﻑﺮﻌﻟﺍ ﻻﺇ ﻰﻠﻋ ؛ﺎﺫﺇ ﺓﺩﺎﻌﻟﺍ «ﺔﻴﻋﺎﻤﺠﻟﺍ ﺦﻴﺸﻟﺍ ﻥﺎﻔﻠﺧ :ﻲﺛﺭﺎﺤﻟﺍ ﻪﻘﻓ ﺦﻴﺸﻟﺍﺪﻴﻌﺳ ﻦﺑ ﻥﺎﻔﻠﺧ ﻲﻠﻴﻠﺨﻟﺍ ،ﻲﺿﺎﺑﻹﺍ ﺹ.١٢٨ :ﻲﻗﺎﺘﺳﺮﻟﺍ ﺞﻬﻨﻣ ،ﻦﻴﺒﻟﺎﻄﻟﺍﺝ ،٧ ﺹ.٩٧ (٣) ٩٧ وإن قيل: لم جوزتم استعمال ما جرت به العادة وزعمتم أنه جائز في التعبد  قيل له لما لم يجز استعمال ما لم تجريه العادة إلا من طريق التعبد جاز استعمال لعله يريد أنه لما صح المنع من استعمال ما لم » : ما جرت به العادة. قال المصنف تجربه العادة إلا من طريق التعبد وكان في التعبد أشياء لا تصح باليقين ساغ « تجويز ما جرت به العادة إذا ارتفع ا لريب(١) . وبخصوص تسمية بيع الخيار رهن ً لا يؤخذ في مثل هذا » : ا، يقول السالمي  بفلتات لسانه وإنما يعامل فيه بمقتضى العرف والعادة، ولا خير في التسمية، ولا « مشاحة في الاصطلاح إذا اتحد ا لمقصود(٢) .  والعيوب المؤثرة في العقد عند الكل ما نقص عن الخلق الطبيعية والشرعية » « نقصا مؤثرا في ثمن المبيع، ويختلف بالعادات والأزمان(٣) . ًً   ا لسنة: للدلالة على العادة والعرف. وهكذا ،« سنة » وقد يستخدم فقهاء الإباضية لفظة ُ   :« منهج ا لطالبين » جاء في وقيل: إذا عمل العامل من غير شرط ومات، إنه يكون له كسنة أهل البلد » ُ في ا لعمل. وإن اختلفت ا لسنة، كان له الوسط من ذلك، ولا ينظر إلى ما يكون لعمال رب « المال، إذا لم يكونوا كأوسط سنة أهل البلد، إذا كان له عمال غير هذا ا لعامل(٤) . ُ (١) والأموال قد تزول وتصير حلالا » : النزوي: المصنف، ج ١٨ ، ص ٣٦ . ويضيف النزوي ً . ذات المرجع، ص ٣٨ « بغير قول أربابها في العرف والعادة التي يعرف دليلها بالقلب(٢) جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ١٧٠ ، انظر أيض ً ا له قولا ً . آخر في ذات المرجع، ج ٣، ص ٦٩(٣) أطفيش: شرح النيل، ج ٨، ص ٣٩٨ ٣٩٩ ، ويقول أيض ً ومن سمع نداء بكثير ثم سمعه بما » : ا ذات المرجع، ج ٩، ص ٣٦٥ ، راجع « دونه، فإن اعتيد أن الباعة يسمون الشيء ثم ينقص جاز أيض ً وتطبيقاتها الفقهية عند « لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان » ا أحمد بن سعيد: قاعدة . الإباضية، رسالة ماجستير كلية التربية جامعة السلطان قابوس، سلطنة عمان، ٢٠١٥ (٤) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٤٠٣ ٤٠٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ا لتعارف: أيض « التعارف » استخدم فقهاء الإباضية كلمة ً ا، يقول الناظم تحت باب ا لتعارف(١) : وهي إباحة بها تعارفوا يعرفها أهل البلاد طرا ّ في مثله تسامح النفوس عند انتفاء الريب في ذا ا لشأن واختلفا في حكمه أجازه والقول بالجواز قول الأكثر فإنه يوجد في الأخبار وبعضهم يمنعه فيما غصب يقول ما عليهم تعارف وبعضهم يمنعه في الكل تعلق ً ا بمقتضى الأحكام وعندهم له فروع تذكر ولم يكن في أمرها تخالف بأن ذا لم يحجرن حجرا ولم يكن ريب من المحسوس يعرف حله بذا المكان بعض وبعض لا يرى الإجازة أيده أيض ً ا معاني الخبر معناه منصوصا فلا تماري ً وفي يتيم مسجد ومن يغبلأنه لم يقصدنه الواصف ولا يراه حجة للحل وغيره قالوا من الحرام نذكر بعضها كما قد ذكروا  بل وخصصوا بابا كاملا ً وهكذا جاء في بيان الشرع: .« بيع التعارف » في ً حين سلم الرجل المشتري الدراهم إليه قبل أن يوجبا بيع هذه السلعة بهذه »الدراهم أو هذه الدراهم بهذه السلعة فقال الآخر نعم هل يكون بيعا تاما؟ قال: ً لا يبين لي أن هذا بيع إلا أن يقول: هذه السلعة لي بهذه الدراهم إلا على ﻑﺭﺎﻌﺘﻟﺍﻭ ﻒﻠﺘﺨﻳ ﻦﻋ .ﺔﻟﻻﺪﻟﺍ:ﺔﻟﻻﺪﻟﺎﻓ (١) ﻦــﻴﻴﻓﺎﺼﺘﻣ ﻝﻮــﻗ ﺮــﻴﻐﺑ ﻦــﻴﻨﺛﺍ ﻦــﻴﺑ ﻥﻮــﻜﺗ ﺔــﺣﺎﺑﺇ ﺔــﻟﺎﺤﺑ ﻢــﻫﺪﻨﻋ ﺎــﻬﻄﺒﺿﻭ ﻲــﻫ ﻲــﺘﻟﺍ ﻑﺮــﻌﺗﺔــﻟﻻﺪﻟﺎﺑ ﺎــﻣ ﺐــﺗﺮﺘﻳ ﻲﻓ ﻱﺬــﻟﺍ ﻲــﺗﺄﻳ ﻪﺑ ﻻ ﺪــﺠﻳ ﻥﺎــﺴﻧﻹﺍ ﻦــﻣﻪﺒﺣﺎﺻ ﻪــﻠﺧﺍﺩ ﺭﻭﺮـــﺴﻟﺍ ﻦــﻣ ﻪــﻟﺍﻮﺣﺃ ﻮــﻟﻭ ﻩﺁﺭ ﻦــﻠﻛﺄﻳ ﻦــﻣﻪــﻟﺎﻣ ﻩﺍﺮــﺗ ﺔــﺒﻳﺭ ﺓﺎــﻴﺤﻟﺍ ﻥﺇ ﻩﺁﺭ ﻥﺇ ﻞﻛﻵﺍ ﻞــﺠﺨﻳ ﻻ .٣٧٤ ، راجع السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ١ ٤، ص ٣٦٨ ٩٩ معنى التعارف. قلت له: فعلى معنى التعارف يثبت عندك البيع في هذا؟ قال « هكذا عندي(١) . · العرف كدليل أو مصدر: هذا أمر يأخذ به الفقه الإباضي. وهكذا:  يرى الإمام ابن بركة اعتبار العرف دليلا » ً شرعيا يمكن الاستناد إليه عند « الاستدلال(٢) . فإن العرف مبني التعامل ما لم يقع على محرم » : ويقول الإمام السالمي شرع ً ا، وإلا فالأخذ به متعين والضرورة إليه داعية، ولولا ذلك لحصل الحرج في الدين يقول ا لحق 4 : ﴿ }|{z~ے ¡﴾ « [ [الحج: ٧٨(٣) . (١) الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ٢٣٤ ، انظر أيض ً ا ذات المرجع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٨٦ ؛ النزوي: . المصنف، ج ٢٤ ، ص ١٢ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ١٠٣ ١٠٤ ، في: معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢ « المعرفة والتعارف » انظر أيضا المقصود من عبارة ً . ص ٦٩٢ ٦٩٣(٢) زهران المسعودي: الإمام ابن بركة السليمي البهلوي ودوره الفقهي في المدرسة الإباضية من . خلال كتابه الجامع، الطبعة الأولى، ١٤٢١ ٢٠٠٠ ، ص ١١٤ بل قال ابن عباس: كل بيع كانت العرب تعرفه فهو على ما عرفته إلا ما منعنا منه رسول الله، . راجع العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ١١٤ وبخصوص سؤال: جرى العرف التجاري أن الصانع الذي يترك أجرة عمله بين يدي معلمه وهذا يستفيد منها طبعا يلتزم المعلم أو يتبرع بإخراج زكاته من ماله: فهل يكفي ذلك عنه ً سيما إذا اتفقا على ذلك من أول الأمر، ألا يعتبر ذلك كفائض يأخذه على وديعة أو كقرض جر منفعة أم ثم مخرج يقره الشرع؟ يقول ا لبكري: أجل هناك مخرج يبعد بهما عن المحذور، ذلك أن لا يسقطها التاجر من ماله، ويعتبرها دين » ً ا في ذمته، وأنت خبير أن هناك فريق ً ا من علماء الإسلام كإبراهيم النخعي وابن عباد المصري من أصحابنا القدامى يقول: إن زكاة المال على المديان: من أكل مهنأه لزمته زكاته. وعليه فلا حرج على الأجير إذا أدى عنه التاجر زكاة أجرته لأنه لما يقبضها بعد، ولا أخرجها التاجر من ماله فعلا .ً . فتاوى البكري، تحقيق: داود بورقيبة، المطبعة العربية، غرداية، القسم الثاني، ص ١٧٠ ١٧١(٣) . العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، ص ٧٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي  · الخروج على العرف جائز في بعض ا لحالات: يجيز فقهاء الإباضية الخروج على العرف بين الأشخاص المعنيين، بأربعة شروط: الأول: توافر التراضي الصحيح غير المشوب بأي عيب من عيوب ا لرضا. والثاني: عدم مخالفة هذا التراضي لما قرره الشرع، أي: أن العرف المتفق مع قواعد الشرع التي لا يجوز مخالفتها، لا يمكن الخروج عليه. في هذا الخصوص يقول الإمام أبو خليل إن الشرط الحرام هو: « شرط حرام، وإن كثر عند ا لأنام »(١) . أي: هو شرط غير جائز، ولو جرى العرف به لكثرته عند الناس. ويبين ما قلناه، قول ا لرستاقي: وإذا كان للبلد مكيال معروف، ووقع البيع على كذا وكذا مكوك، فلا يكون » إلا على مكيال البلد، إلا أن يكون مكيالهم فاحش ً ا، خارج ً ا عن العدل في المكيال والكيل. وإذا كان الناس لا يتعاملون إلا بالكيل المرسل بلا غمز، فجائز إن كانت سنة ُ البلد كذلك، إذا لم يكن نقص فاحش في الكيل والمكيال عن صاع النبي ژ ، « ورضي البائع والمشتري بذلك، بعد علمهما بذلك(٢) . يلجأ الإباضية إلى الأخذ بالعرف إن لم يكن هناك نص في المسألة، ولم يكن » : كذلك قيل ذلك العرف معارضا لشيء من شريعة الإسلام، ذلك أن ا لنبي ژ عندما بعث أقر الخصال ً .« الحميدة والأفعال ا لجميلة د. إسماعيل الأغبري: المدخل إلى الفقه الإباضي، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، والخاص كتعارف أهل » ١٤٣٤ ٢٠١٣ ، ص ٢٢٣ ، ويضيف أن العرف ينقسم إلى عام وخاص ذات المرجع، ذات ا لموضع. « إقليم خاص أو طائفة كالتجار والصناع على أمر ما(١) . الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، ص ٤٨٦(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ١٢٨ ١٠١ هو تأكيد للشرطين « رضي البائع والمشتري » و « خارجا عن العدل » : فقوله ً ينبغي أن » : آنف الإشارة إليهما، كذلك يقول النزوي بخصوص الكيل والوزن يقتفيا سنة البلد في الكيل الذي عليه العمل بين الناس إلا أن يتشارطا على شيء ُ  « غير ذلك مما يعرف(١) . الثالث: توافر حسن النية عند التعامل، وإلا كان الإنسان آثما. ً وهكذا بخصوص: رجلان انصرفا عن بيع متعارف به عند الناس أنه جائز، فإذا رجعوا إلى الحكام انتقض؟ يقول ا لنزوي: فلا إثم عليه ولا إساءة إلا أني أقول إن كان أحدهما يعرف أنه منتقض، » « ويريد بذلك أن يرجع عليه ويغره، فلا آمن عليه ا لإثم(٢) .  فلا شك أن تحمل هذا الشخص للإثم ناجم عن سوء نيته، وهو مظهر من مظاهر الغش، والغش يفسد كل شيء. الرابع: عدم إلحاق ضرر جسيم بالآخرين. لذلك إجابة على سؤال(٣) ، يقول ا لسيابي: إن كانت هذه عادة قديمة لا يدرى من أحدثها ولا يعلم أنها أحدثت بباطل » وضلال فاقتضاؤها لازم ولا يجوز تبديلها وتغييرها عما أدركت عليه لأنه يمكن (١) . النزوي: المصنف، ج ٢٤ ، ص ٢١٦ (٢) . ذات المرجع، ص ١٢ ١٣(٣) كان السؤال هو ا لآتي: في فلج يسقى به مال بالشرابات ليس لأحد آثار معلومة وفيه أيض » ً ا أموال وجعل لها آثار يمر الفلج عليها ويدخل في الآبار ويزجر أهل الأموال لأموالهم العليا حتى تكتفي وأن أحتاج الفلج كلها على أهل الأموال التي تسقي بنفس الفلج ولا شيء على الزاجرين من الآبار وفي وقت المحل تكاد الآبار تأخذ جميع الماء ومصارف الفلج يسلمها أهل الشرابات وهم يشكون الضرر من ذلك، فهل ترون وجها في جعل المصارف على الجميع لأن المصلحة ً .«؟ مشتركة أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي أن تكون أحدثت بحق وبنيت على وجه عدل والشيء إذا احتمل حق  ا وباطلا ً « حمل على الحق ما لم يصح باطله والله أعلم(١) . · العلاقة بين الشرع والعرف (هل يقضي الشرع على العرف أم ا لعكس): ثارت هذه المسالة بخصوص السؤال ا لآتي: القاعدة في هذه البلد أن ينادي على السماد في ظهور الركاب بالسوق، » والمعروف عندهم أن على البائع البدوي حمله حيث أراد المشتري من البلد كان قريبا أو بعيد ً ا منها، أرأيت إن لم يرض البائع وقال: لا أحمله فهل يلزمه ويؤخذ ً .«؟ هنا بالعرف أم لا يقول ا لحارثي: إن من اشترى السماد على ظهور الركاب فقد وجب البيع؛ » فيلزم البائع تقبيض المشتري ما باعه له ولزم المشتري تأدية الثمن، ولا أقدر على إلزام البائع حمل السماد إلى حيث أراد المشتري؛ لأن ذلك زيادة بلا شرط، وإذا وقع الشرط على أنه يحمله إلى موضع كذا ففيه اختلاف كما هو معلوم عندهم من بيع وشرط واختلفوا هل يقضي الشرع على العرف أو العرف على الشرع، « والله أعلم(٢) . (١) السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ١ ٢، ص ٤٢٠ . كذلك بخصوص مسألة: تعارف أهل البلد يدحقون غيز ً ا لصلاتهم وقضاء حوائجهم كل محلة ارتفع الفلج عنها أخذ أهلها غيز ً ا، والفلج مشترك لجميع أهل البلد من سافل إلى عال، وأهل السافل لم يصلهم الغيز إلا قليلا ً وربما يؤخذ غيز من مائهم ولم يأخذوا والله أعلم راضين بهذا الشأن أم لا إلا العادة الجارية في البلد أترى بأسا على الذي يدحق من هذا الفلج ولم يعلم به في ذلك ً الحال لبالغ عاقل أو ليتيم أو لغالب أم السلامة من ذلك أسلم؟ جوابات الإمام ،« ومن أخذ بالتعارف وسعه ذلك ما لم يظهر له نكير من أحد » : يقول السالمي . السالمي، ج ٣، ص ٢٤٨(٢) الشيخ عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ترتيب الشيخ حمد السالمي، . مسقط، ١٤٢٧ ٢٠٠٦ ، ج ٣، ص ١٩٥ ١٠٣ لكن فذلكة الحساب وضابط هذا الباب هو أن قواعد الشرع التي لا يجوز الخروج عليها لا يمكن للعرف مخالفتها، فالعرف يمكن أن يجري بما سمح به الشرع أن يخرج عليه (حقوق العباد مثلا، ً دون حقوق ا لله). يقول السيابي بخصوص مسألة عرضت عليه: إن مثل هذه العادة اجتماعية عرفية والعرف في أموال الناس جائر ما تراضى » به الكل ولم ينكره أحد، فإذا أنكره بعضهم ولم يحب أن يدخل مع الجماعة فيما دخلوا فيه وتبايحوه بينهم وأراد أن يأخذ ويعطي بحكم الشرع كان له ذلك والشرع سكت عن أموال الناس ما سكتوا عنه في حقوقهم دون حق الله، فإذا طلبوا الشرع فيما لهم وعليهم كان الشرع هو الحاكم المقدم في كل شيء ولا حكم إلا حكمه ولا يسع الحاكم السكوت عن تنفيذ أحكام الشرع إذا طلب إليه ذلك بل يلزمه القيام بأوامر الله تعالى في حقوق الله وحقوق خلقه فافهم ذلك وليس على الحاكم إذا رفع إليه أحد قضية حكمية أن ينتظر اجتماع الكل عليها « ولا أن يعلن فيهم هل اجتمعتم على ذلك كلكم أم لا(١) . وقد أكد فقهاء الإباضية تقديم الشرع على العرف المخالف في أحوال أخرى كثيرة(٢) . (١) . السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ١ ٢، ص ٤١٩ وكان السؤال: إن كان عرف وعادة في بلد أنهم يحتملون لبعضهم بعض الضرر الذي يقع من النخل والشجر النائف في الأموال لضيق البلد ولا ينكرون ذلك ولا يطلب أحد منهم إلى الحاكم أن يصرف عنه ضرر جاره، ثم أراد أحد منهم ذلك وأن يأخذ ماله وما عليه بموجب الحكم، هل له ذلك إذا لم يوافق الباقون وتمسكوا بعادتهم وإذا رأى الحاكم ذلك وأرادوا أن يحكم، هل عليه أن يعلن قبل الحكم بإبطال العادة؟ وهل يسعه السكوت عنهم كما سكت من قبله. (٢) وهكذا بخصوص سؤال: هل يجب على الإنسان أن يتبع تقاليد قومه في الامتناع عن إتيان بعض المباحات غير »المحرمة شرع ً ا إلا أن بعض الأجداد قد منعوا منها أبنائهم ونهوهم عن إتيانها لسبب ما؟ وهل .«؟ يلحق الضرر من يخالف هذه التقاليد من أبناء أولئك ا لجدود أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٠٤ · أمثلة على تحكيم العرف في ا لمعاملات: أخذ فقهاء الإباضية بتحكيم العرف في مجالات مختلفة، نكتفي منها بذكر الأمثلة ا لآتية: · المذهب أن الوصية تجري على ا لعرف(١) . · إمكانية تعارف الناس على الزيادة في ا لموزون(٢) . أما من حيث الوجهة الشرعية البحتة فإن هذا لا أصل له مطلق » : يقول الشيخ بيوض ً ا ولعله في أكثر صوره يرجع إلى نوع من الطيرة المنهي عنها، فمن دعته الحاجة إلى شيء من ذلك فليأته وليتوكل على الله فهو حسبه، وليس في ذلك بإثم فلا يلام ولا يعنف، وأما من حيث العادة والتقاليد فمن تمسك بشيء من ذلك وألزم به نفسه خاصة فله ما اختار لنفسه ولا نراه بذلك آثما إلا أن تعدى حدود الله فاعتقد أن اتباع تلك التقاليد واجب مفروض وأن مخالفتها ً . فتاوى الشيخ بيوض، ص ٧٠٣ « حرام أو حكم بالإثم والعصيان على مخالفتها كذلك بخصوص مسألة: في أهل بلد جرت قاعدتهم في بيع الخيار يبيعون أموالهم ويفكونها على غير القاعدة »الشرعية ولا ينتظرون الإحرام الشرعي أخذ هذا خلف عن سلف، ولا نعلم أن أحد ً ا أنكر هذا وكلف عليه أترى هذا وجها جائز ً ا على هذه الصفة أم لا، أرأيت إذا أراد صاحب ً .«؟ المال فكاك نخلة والغلة مدركها وأخذها بوجه رضي من صاحبها أتحل له أم لا يقول الإمام أبو خليل: هنالك أمران: أمر يقع على التعارف في رفع الخيار فهو كاف للجواز الواسع، ولو رفع إلى »الأحكام لم يصح، وأمر يثبت في الحكم والواسع ألا ترى على بيع المسألة يأتي رجل إلى التاجر فيقول له: كل لي كذا أو زن لي كذا أولا ً يسأل عن الثمن فيأخذه، وربما لا ينقده الثمن في وقته ذلك فإن تحاكما تحاكما وجب على المشتري رد ما أخذ أو مثله، وإن تسالما فواسع ً للبائع، والمشتري نقد الثمن كما تباع تلك السلعة للناس كذلك رفع الخيار إن وقع بدون اللفظ الثابت حكما، وافترقا على رفعه، فلا أقول ببطلانه في الواسع إن قصداه، ولو كان غير ثابت ً في الأحكام، وأما الغلة التي يستحقها المشتري إذا أخذها البائع بعد رفع الخيار برضاه فلا الفتح .« بأس به إن كان ممن يملك أمره، وأما من لا يملك أمره فلا يجوز ماله على ذلك الوجه . الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، ص ٤٨١ ٤٨٢(١) راجع أيض ً ا: د. مصطفى بن حمو: القواعد الفقهية الإباضية، ج ٣، ص ٤١٦ ٤٤٠ . الرستاقي: . منهج الطالبين، ج ٧، ص ٧٣(٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٣ ، ص ٣٠٨ ١٠٥ · وسئل الشيخ عيسى بن صالح عن الدلال إذا أوجب سلعة على نظر صاحبها فلما رجع إلى المشتري قال: لا أقبلها؟ إذا رضي صاحبها لزمته لأن النظر له لا لمستوجب السلعة لأنه لا خيار » : قال له فالعقد تام من قبله فيما أرى والله أعلم. قال الإمام: هكذا قال ابن عبيد عند مذاكرتي له غير أني أقول: لو قال أحد بغير ذلك لا يبعد لأنه قيل في الأثر: إذا صح النقض لأحدهما صح للآخر، ويؤيده في هذا موضع العرف، فالعرف قيد المسألة والعلم عند ا لله. كلا الرأيين حسن ولكل حجة. والقول الثاني أقوى في » : قال العلامة المالكي « الحكم عندي(١) .  وينبغي أن يقتفيا سنة البلد في الكيل الذي عليه العمل بين الناس إلا أن ُ يتشارطا على شيء غير ذلك مما يعرف. فإن كان كيل أهل البلد معروف ً ا بذلك وعلى ذلك بيعهم، فليس له إلا ذلك، وإن كان معروف ً ا بالغمز والمشتري ممن يعرف ذلك، فذلك جائز. وإن كان غريبا وأخبره بكيل أهل البلد جاز ذلك، وأما إن كان يأمره أن يكيل ً لنفسه، فبعد أن يخبره أن الكيل عليه هو فليس للمشتري إلا مكيال البلد، إلا أن يكون مكيالهم، وكيلهم فاحش ً « ا كما في بلدهما(٢) . · وعرف الإباضية أن العرف حاكم للمعاملات المدنية والتجارية، كما في حالة الصائغ للذهب والفضة إذا ترتب على عمله نقص أو إدخال مادة مغايرة فيهما. لذلك قيل: إذا كان هذا الصائغ أخذ هذه الدراهم من يد مالكها ليصوغها له صوغ ً ا وقد عرف صاحب الدراهم أو كان معلوما في التعارف وعادة الصايغ أن ً (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٨، ص ٤١ ٤٢(٢) . الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، ص ٤٥٢ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي لا بد من إدخالها النار، ولا يمكن صوغها إلا بإدخال النار لها وأدخلها النار، ولم يتعد فيها فعل مثله من إدخاله النار لها ومعلوم أنها تنقص بعد إدخالها النار وتصفيتها فلا أقول بتضمينه على هذه الصفة، وإن فعل فيها شيئ ً ا يوجب عليه الضمان وأبراه صاحبها طيب النفس بذلك برئ إن شاء الله ولو لم يحضره قيمة ما أبرأه منه. وأما لحام الفضة بالنحاس فإذا كان معروف ً ا في التعارف عند أهل المعرفة بذلك وعند غيرهم من العوام أن الفضة لحامها إلا بذلك لم يضق عندي ذلك إن شاء الله ولو لم يعلم الصايغ صاحب الصيغة على هذه ا لصفة(١) . (١) السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة . التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٩، ص ١٢٤ بل صرح الإباضية بأن الغش قد يقع وفق ً في » : ا للعرف والعادة وهكذا جاء في لباب الآثار الصياغة تحتاج إلى لحام فضة ويخلط قدر الخمس صت أيجوز ذلك إذا كانت لا تقوم إلا بذلك ويأخذ عوض ذلك منه دراهم وإذا صاغ فضة من عنده لحمها ما احتاجت له وصرفها بالدراهم يد ً ا بيد ولم يعلمهم أنه مخلوط فيه شيء من الصت إنه يجيء في الأثر أن عليه إعلامهم. وإذا أخذ فضة من الفضة والنحاس بقيمة الفضة فعليه رد ما أخذ عن النحاس فضة لأن هذا من ا لغش. والثاني أنه أخذ عوض النحاس فضة بقيمة الفضة ولا ينفعه الندم والاستغفار من غير رد الحقوق إذا لم يعرف أصحاب الحقوق صار ذلك بمنزلة المال المعدوم ربه وفي ذلك أقاويل: قال الشيخ ناصر بن خميس إن عليه أن يخير من صاغ له ذلك، ويعرفه بذلك ومن فعل ذلك. ولم يعرف من عمل له ذلك. فإنا نخاف عليه الضمان وعليه أيض ً ا مع ذلك التوبة والضمان إن عرف ربه تخلص إليه منه وإن لم يعرفه فهو بمنزلة ما لا يعرف ربه. وقال القاضي ناصر بن سليمان إذا كان ذلك متعارف ً ا بين الناس أن الذين يصوغون الفضة لا يقدرون على تأليفها على بعضها بعض إلا بالصت. وسكنت النفوس على ذلك بالعادة الجارية. فهذا ليس من الصايغ غش، بل استعانة على إصلاح الصيغة، وقال الشيخ عبد الله بن محمد بن بشير: إذا كان ذلك لا يصلح اللحام إلا به. وكان عادة أهل الصياغة معروفة عند الناس ولم يرد به الغش فلا ذات ،« يضيق، والأحسن أن يبين ذلك للمشتري ليكون عالما بما يعلم البائع ويرضى به ً . المرجع، ص ٩١ ٩٢ ١٠٧ · يقول الرستاقي: ومن كان معه وديعة لرجل، فجاءه رسول حاملا » ً كتابا ً « بتسليمها. فهذا يعرف بما جرت به العادة بين ا لناس(١) . · لا يجوز أن يسأل المحاباة في البيع؛ لأن العادة الجارية والتعارف: أن المنادي إنما يعطي البيع بالنداء، فيمن يزيد، فليس له أن يبيع بمساومة ولا محاباة(٢) . · الإقرار على ما يتعارفه الناس في معاني الأسماء في بلدهم مثل الرجل يقر للآخر بدينار أو دنانير أو دراهم أو مكاكيك فإن له نقد البلد في الدنانير والدراهم ومكاييل البلد بالقفيز والصاع، فإن كانت مكاكيك مختلفة أو مثاقيل فله الأوسط منها والذي عليه اعتماد ا لناس(٣) . · عرف الناس وعاداتهم أن يأمروا بشراء ما يدخلونه في ملكهم(٤) . (وبالتالي لا يتصور أن يشتري الشخص أو يأمر بشراء ما يملكه). · بخصوص: ما تقول في هذه الأيام التي يجعلونها لكل سنة اثنا عشر يوما ً خصوصا بالمبيع بالخيار، ما وجهها؟ وهل تحكمون بزيادتها في كل سنة؟ يقول ً الحارثي: · لا أعرف لها وجها إلا أن يكون عرف » ً ا لقوم، ولا تحكم بذلك لأنه مخالف ً « له في الأثر، وفي الأثر أقوال(٥) . · وبخصوص الشريكين غاب أحدهما، وباع الآخر سلعة لمشترين مع قدر من التسامح في ثمنها، للعرف دوره أيض ً ا في بيان أثر هذا البيع، يقول السالمي: إذا كانا متفاوضين في البيع وكان كل واحد منهما ينوب مناب صاحبه فإن البيع » (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٦٨١(٢) . ذات المرجع، ج ٧، ص ١١٢(٣) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١١ ، ص ٣٠٢(٤) الكندي: بيان الشرع، ج ٣٣ ، ص ١٦٩ ، انظر أيض ً ا تحكيم العرف والعادة في المعاملات، في د. . مصطفى بن حمو: القواعد الفقهية الإباضية، ج ٣، ص ٤١٦ ٤٤٠(٥) . الشيخ عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٣، ص ٢٣٦ ٢٣٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٍ ماض ولا شيء على البائع إلا أن يكون قد بخس شريكه وزاد في المسامحة على حد التعارف، فإن كان قد زاد على ذلك فإنه يضمن لشريكه نصيبه من قدر الزيادة « على المتعارف به(١) . · إذا كان المتعارف بين الناس أن العامل » : في الشراء من عند العامل؟ قيل يبيع الباذنجان ويتصرف فيه بأمر صاحب المال فذلك جائز، وإن لم يكن معروف ً ا فلا يجوز حتى يكون ثقة. وأما في القضاء فلا إذا كان ذلك في الموضع نفسه، وإذا غاب ذلك « فلا بأس(٢) . · وفي البيع للعرف دوره أيض ً إن قال رجل لآخر: خذ هذه » : ا، وهكذا  السلعة بهذه الدراهم، أو هذه الدراهم بهذه السلعة، فقال الآخر: نعم، فليس هذا ببيع، إلا أن يقول: بعت هذه السلعة لي بهذه الدراهم، إلا على معنى التعارف،  « فإنه يثبت(٣) . · بل يحكم الإباضية ما جرى عليه التعامل السابق؛ أي: ما تعارف عليه المتعاملين، لإثبات ما تم دفعه، وهكذا جوابا عن سؤال، يقول ا لسيابي: ً الذي يعجبني في مثل هذا أن تقاررا على سبق معاملات ومدخلات فيما » بينهما من قبل تاريخ ذلك الصك أن تكون الدراهم المدفوعة حكمها من الحقوق السابقة حتى يأتي بحجة على نزولها من الصك كتقييد بكتابة أو شهود ومع عدم ذلك يستحق يمين صاحبه أنها من الحقوق المتقدمة على الحساب وأنها لم تكن « ساقطة من مضمون ا لصك(٤) . (١) . العقد الثمين، نماذج من فتاوى نور الدين، ج ٤، ص ٣٦ ٣٧(٢) . النزوي: المصنف، ج ٢٤ ، ص ١٧٤ ١٧٥(٣) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٧٣(٤) السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ١ ٢، ص ٤١٥ ٤١٦ ، وكان السؤال هو: فيمن ادعى على رجل حقا مثلا » ً ألف روبية وبيده صك فحضر المدعي واعترف بها وادعى ١٠٩ · والإقرار على ما يتعارف » : وللعرف دوره في مجال الإقرار، يقول العوتبي الناس من معاني الأسماء في بلدهم فيما بينهم، وذلك مثل الرجل يقر بدينار أو « قفيز حنطة فإنما هو نقد البلد وقفيز ا لبلد(١) . سادسا القواعد الفقهية ا لإباضية: في الفقه الإباضي الكثير من القواعد الفقهية الضابطة لأصول المعاملات بصفة عامة، والتجارية منها بصفة خاصة. ويمكن تقسيم هذه القواعد إلى طائفتين هما: · القواعد ذات التطبيق ا لعام(٢) : من أهم هذه القواعد القابلة للتطبيق على مواضيع كثيرة في إطار المعاملات التجارية، ما يلي: - الحاجة تنزل منزلة الضرورة خاصة أو عامة. - كل شيء من الضرر فهو غرر وكل غرر فهو باطل. - كل عقد اشتمل على عيب فصاحبه بالخيار. أنه سلم له شيئ ً ا منها وذلك جنس قيمته ثلاثمائة روبية فقال المدعي إنه قبض ذلك الجنس لكنه بينه معاملات غير هذا وحقوق غير المكتوبة في الصك وذلك الجنس قبضه قبل الحساب بينهما والمكتوب في الصك هو الباقي من جميع الحساب، فأجاب من عليه الحق أن بينه وبين من له الحق معاملات حقوق لكن حاسبه وذلك الجنس دفعه له بعد الحساب من الحق المكتوب عليه فالآن البحث أن من عليه الحق يعترف أن من له الحق بينه وبينه معاملات ومداخلات وله حقوق سابقة لكن لم يصرح بكميتها عند الحاكم ويعترف بالألف الروبية المكتوب عليه بالصك لكن يقول أنه دفع ذلك الجنس من هذا الحق بعد الحساب .«؟ ومن له الحق يقول إنه قبل الحساب وهذا الباقي فالقول قول من منهما (١) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١١ ، ص ٢٨٦(٢) . ١٢٠٨ ١٢١٠ ،٩٣٠ ، معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٤٢٩ ؛ ج ٢، ص ٩١٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي -ما بعد الغاية مخالف لما قبلها. -ما تردد بين الحل والحرمة اجتهد فيه. يضاف إلى ما تقدم القواعد ا لآتية: - الاضطرار لا يحل الحرام. يقول ا لسيابي: إن المعاملة بالربا حرام لا تحل لأحد اختيارا ولا اضطرارا والله سبحانه » ًً ما حرم على عباده شيئ ً ا إلا وأغناهم عنه بجنسه من المحللات الطيبة لأن الله حكيم، وليس من مقتضيات الحكمة الإل ٰ هية أن يحرم على أحد ما لم يتغان عنه بشيء من مثله فليتق الله هذا الرجل باجتناب محارمه ليجعل له من أمره  مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومسألة الاضطرار إلى أكل الميتة ونحوها ً هي على غير هذه القاعدة وإنما ذلك لجائع أفضى به الجوع إلى خوف الهلكة جاز في تلك الحال أن يحيي نفسه من الموت لا فوق ذلك والله أعلم،  وإن لم يجد ما يأكله فليسأل الناس وإن لم يعط فليأكل الميتة فإن لم يجد فليأخذ من مال الغير احتيالا ً أو غصبا ويعتقد الضمان والبدل في القدر الذي ًْ « يبلغه مأمنه ونجاته(١) . (٢) -ما أحله ا لله لا يحرمه مخلوق . ٌُ - النهي عن الشيء لا يستلزم نفي الملك عنه(٣) . وبالتالي، يمكن في أحوال معينة تملك المباح والاتجار فيه. - التجارة جائزة ما دام موضوعها ليس بحرام، ودون ما حاجة للتنقيب عن السبب الأصلي لحوزها. (١) . السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ١ ٢، ص ٢٧٠ ٢٧١(٢) . ذات المرجع، ص ٣٠٢(٣) . العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، ص ٢٠ ٢٢ ١١١ يقول ا لنزوي: اتفق العلماء أن حكم المبايعات جائزة من كل البيوع من عند كل مسلم بار » أو فاجر، كافر أو مشرك، فيما يجوز من البيوع من الأسواق أو غيرها، فإن كان أهل القبلة وغيرهم كثير من عادتهم الغصوب، وبيع المحرمات، فأجازوا ذلك باتفاق لا اختلاف بين أحد فيه حتى يعلم حرام ذلك. وقد أخذ ابن عباس عطاء معاوية وهو عنده ظالم، وقد قبل جابر بن زيد جائزة الحجاج، وكان يحبسه ويطلقه، فجاز عند المسلمين أخذ ذلك من الجبابرة « من حيث لم يعلموا حرامه ولا غصبه(١) . · القواعد التي تتعلق بالعرف: سنرى أن لفقهاء الإباضية باع طويل بخصوص العرف كمصدر للقانون التجاري، وهذا واضح أيض ً ا بخصوص القواعد الفقهية، والتي يمكن إبراز أهمها فيما يلي(٢) : - الأصل في المبيع أن يعرف على ما جرى العرف في تعريفه. - الإقرار على ما يتعارف الناس ببلدهم من معاني ا لأسماء.  - الثابت عادة كالثابت نصا. . الحقيقة العرفية هي المتبادرة إلى ا لذهن (٣) - العبرة للغالب (فالعرف غير الغالب لا يكون حكما على التصرفات أو ً المعاملات، لأن النادر لا حكم له، ولا يعتد به). (١) وعنه » : النزوي: المصنف، ج ٢٤ ، ص ٩٣ . كذلك يقول الغافري 5 ، وفيما يباع في أسواق المسلمين، أيعجبك السؤال عنه والبحث، أم ترك البحث أحسن، وكذلك في جميع الأشياء؟ الجواب: فعلى . الغافري صراط الهداية، ج ٢، ص ٢٧٨ « ما وصفت، ترك البحث أحسن وأولى، والله أعلم (٢) ،١٠٢٨ ،٩٦٤ ،٨٥٠ ،٧٣٣ ،٧٣٢ ،٤٦٥ ،٤٠٧ ،٢٨١ ، معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٢٦٢ .١٣٦٨ ،١٣٢٩ ،١٢٧٧ ،١٢٧٢ (٣) ومعنى هذه القاعدة أن الخطاب الشرعي قد يرد بالحقيقة اللغوية، أو الشرعية أو العرفية، ولا » : قيل خلاف في أنه يحمل فيما يرد به من هذه الحقائق الثلاث، إنما الخلاف إذا تزاحمت هذه الحقائق . ذات المرجع، ص ٤٦٦ ،« فعندها يجب تقديم الشرعية ثم العرفية ثم اللغوية أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١١٢ - العدالة معتبرة في كل زمن بأهله وحسابه (وبالتالي إمكانية تغير الأحكام بتغير الزمان والمكان). - القليل عفو في العرف وفي ا لشرع. - كل ما كان إحراز ً ا في العرف فهو قبض. - كن عارف ً ا بزمانك حافظ ً ا للسانك؛ فإنه من لم يحفظ لسانه ويعرف زمانه خفت أن يكون هالك ً ا مفتون ً ا (ومن ثم يمكن تغير الأحكام بتغير ا لزمان)(١) . - ما لا ينضبط في نفسه فلا يكون قاعدة لغيره (وبالتالي فالعرف المضطرب أو المشتت أو غير المستقر لا يعتد به كعرف). . ما ليس له ضابط في الشرع ولا في اللغة فمرده إلى ا لعرف (٢) - المدعي من خالف قوله الأصل والعرف (فعليه حينئذ أن يثبت ادعاءه؛ إذ البينة على من ا دعى). - المعروف عرف ً ا كالمشروط شرط ً ا (فالعرف كالشرط المكتوب، ومن ثم يمكن أن يقيد اللفظ، أو يؤخذ بحكمه عند عدم التصريح به كتابة). ِ -لا ضمان فيما ت ُع ُ ورف َ عليه(٣) . (١) جوابات « المصلحة في البيع والشراء تختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة » يقول السالمي: إن . الإمام السالمي، ج ٥، ص ١٧٩ (٢) وهذا ما قرره القرآن الكريم في كثير من الأمور التي لا ضابط لها من » : في هذا المعنى، قيل طريق وضع اللغة ولا من طريق الشرع مثل قوله تعالى: ﴿ے ¥¤£¢¡«ª©¨§¦¬﴾ ،خذي من ماله » : وكقوله ژ لهند زوجة أبي سفيان وجه الدلالة أن المتعة والنفقة لما لم يرد لهما ضابط في اللغة ،« ما يكفيك وولدك بالمعروف معجم ،« ولا في الشرع فقد ردهما الشارع الحكيم إلى العرف وهذا معنى قوله: بالمعروف . القواعد الفقهية الإباضية، ذات المرجع، ص ١٢٧٧ (٣) راجع تفصيلات أكثر لهذه القاعدة في د. أحمد أبو الوفا: أحكام القانون الجنائي في الفقه . الإباضي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان ١٤٣٦ ٢٠١٥ ، ص ١١ ١١٣ سابعا استناد القضاء في سلطنة عمان إلى أحكام الشريعة ا لإسلامية: أكد القضاء العماني في مناسبات عديدة الاستناد إلى الشريعة الإسلامية للفصل في القضايا المطروحة أمامه في التعامل بين الناس وبيان حلاله وحرامه. ونشير هنا إلى الأمثلة الآتية من قضاء المحكمة ا لعليا: · لما كانت الشريعة الإسلامية تمثل النظام العام في السلطنة واستصحابا لما ً جرى عليه العمل واستناد ً ا إلى المادة ( ٢) من النظام الأساسي للدولة فإنه كان يجب على محكمة ثاني درجة أن تؤسس حكمها على قواعد الشريعة الإسلامية ذات الصلة التي لا تفترض الخطأ كأساس للمسؤولية على ما تحدثه الأشياء من أن » : أضرار بل على قاعدة المباشر ضامن وإن لم يتعمد، ومقتضى هذه القاعدة من يحصل الضرر بفعله مباشرة يكون ضامن ً ا دون حاجة إلى إثبات التعمد أو « التعدي ذلك لأن المباشرة علة صالحة وسبب مستقل للإتلاف(١) . · باب سد الذرائع باب عظيم في الأحكام وهو ما جرى العمل عليه لدى سلف هذه الأمة وخلفائها عبر القرون الماضية وما أجدر الأخذ به في عصرنا الحاضر بكثرة التحايل على ذهاب الحقوق بشتى الوسائل فالحكم به يقطع مادة الفساد وهذه الدعوى الماثلة لا تخرج عن دائرة حكم هذا الباب الذي قرره الفقهاء في أحكامهم لا سيما إذا أحاط الدين بمال المدين واستغرقه فكل تصرف يصدر منه من بيع وإعطاء وهبة يكون باطلا ً قضاء ولو لم يحجر عليه حسبما ذهب إليه بعض أهل العلم وعليه لما كان الحكم المطعون فيه سلك هذا المنحى في قضائه فإنه يكون صحيحا موافق ً ا لقواعد الشريعة ً وصحيح ا لقانون(٢) . ٢٠٠٦ م). /٥/ ٢٠٠٥ م مدنية أولى عليا جلسة ٢١ / (الطعن رقم ٣٣٤ (١) مجموعة المبادئ والقواعد القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ وحتى . ٢٠١٠ الدوائر المدنية، سلطنة عمان، ص ٣٤٢(٢) . ذات المرجع، ص ١١١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي · البيع بشرط الإقالة جائز ما لم يتذرع به إلى الربا لأن المسلمين على » «(١) شروطهم إلا شرط ً ا أحل حراما أو حرم حلالا ً . ً · ومن المقرر شرع » ً ا أن المسلمين على شروطهم إلا شرط ً ا أحل حراما أو ً حرم حلالا ، ً إن الإقالة ليست مخالفة له بل جائزة في الشرع ومعمول بها إلا إذا « صاحبها ما يخالف ذلك من حيث التواطؤ والتذرع إلى ا لربا(٢) . · وبخصوص المرسوم الذي حظر بيع الأراضي الممنوحة من الحكومة خلال شرط صادر من ولي الأمر الذي راعى » : سنتين، تقول المحكمة العليا إن ذلك    مصلحة المواطن وهو ما يجب تطبيقه والعمل عليه لما فيه من المصالح العامة ومن حيث كونه موافق ً « ا لمقاصد الشريعة الإسلامية التي هي أساس ا لتشريع(٣) . · لا يمكن شرع » ً ا ولا قانون ً ا أن تكون نفس الأرض مشغولة بعقدين، عقد « الرهن وعقد البيع في آن واحد ولشخص واحد(٤) . · دعوى الحسبة مقبولة ومعمول بها في الأمور العامة فقها وقضاء حسبما نص ً عليها الفقهاء في أسفارهم وقد استقرت عليها أحكام السلف من هذه الأمة وخلفها عبر الأجيال الماضية حتى يومنا هذا فالمطلع على مظنون أمهات تلك الأحكام يجد إن شاء الله ضالته المنشودة وبغيته المطلوبة كما أن شروطها قد توافرت في هذه في الذب عن المقبرة بالمحافظة عليها وصيانتها » الدعوى الماثلة حيث تمثلت بتكملة سورها المتبقي خشية الاعتداء على حرماتها وحرمات مساكن الأموات وإهانتهم وعدم المساس بتلك العظام البالية والأجسام الهامدة التي صارت في « بطون تلك الحفر بعد انتقالها من عالم الحياة الدنيا وصيرورتها إلى عالم ا لآخرة(٥) . ٢٠٠٦ م): /٥/ ٢٠٠٦ م مدني أولى عليا جلسة ٢١ / (الطعن رقم ٨٢ (١) . ذات المرجع، ص ١٣٧(٢) .٣٥٤ ، ذات المرجع، ص ١٤١(٣) . ذات المرجع، ص ١٣٧(٤) . ذات المرجع، ص ٢٨٧(٥) . ذات المرجع، ص ٢١١ ١١٥ · قال وائل بن محبوب عن الربيع رفع الحديث إلى أبي عبيدة: إن كان ما حيز » من الدور والقرى وغير ذلك فحازه أهله وعمروه منذ عشرين سنة يبنون ويهدمون ولم يدع ولم يحتج فيها بحجة وهم حضور يرون الحياة تحاز وتعمر دورهم هذه العشرين سنة وهم حضور لا يغيرون ثم أدلوا بالحجة بعد ذلك إنه لا حجة لهم ولا حق ولا يلتفت القاضي إلى شيء من دعواهم ولا حجة لهم في شيء هو في يد أهله منذ عشرين سنة فهذه الآثار مع عدم النكير من صاحبه وهو حاضر ولا يمنعه شيء من الوصول إلى حقه لدى القاضي فهو الذي حازه وعمره ولا تسمع فيه دعوى منه بعد تلك المدة المدعية وما أجدر انطباق هذه الآثار على هذه الدعوى « والتي نحن بصددها لاستكمالها مدة الحيازة وعدم الإنكار من ا لطاعن(١) . ٢٠١٠ م). /٤/ ٢٠٠٩ م، مدني عليا، جلسة ٢٤ / (الطعن رقم ٨١٥ · التأكيد على مبدأ الضرر يزال: وهو مبدأ مهم في المعاملات التجارية وقد أكد عليه القضاء في سلطنة عمان في مناسبات كثيرة، نذكر منها مثالين: - قواعد الشريعة الإسلامية المتعلقة بالتعويض هي قواعد موضوعية فإن »التعويض الذي بموجبها يكون دائما وفي جميع الأحوال بالقدر الذي ً يزيل الضرر عملا ً بالقاعدة الفقهية الضرر يزال وجبر ما فات من « مصلحة مشروعة دون إثراء للمضرور بسبب ا لإصابة(٢) . - المياه هي ثروة وطنية أفرد لها المشرع نصوصا قانونية آمرة لا يجوز ً الالتفات أو التحايل عليها بأي طريقة كانت وأن أي اتفاق على ما يخالفها يعتبر ا تفاق ً ا باطلا ً إن المصلحة العامة » : ولما هو مقرر في قواعد الشرع الضرر » وقد جرى في أحكام الشرع بأن « مقدمة على المصلحة الخاصة « وما بني على باطل فهو باطل » ،« يزال(٣) . (١) . ذات المرجع، ص ٢٤٢ ٢٤٣(٢) .٢٠٠٧/٤/ الطعن رقم ٣٥٦ ٢٠٠٦ م مدنية أولى عليا جلسة ١٤(٣) ٢٠٠٨ م. /٥/ الطعن رقم ٤١٧ لسنة ٢٠٠٧ ، مدنية عليا جلسة ٣١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي · الأخذ بالعرف السائد: العرف السائد » : هذا ما أكدته المحكمة العليا، بقولها في السلطنة أن المشترك الذي يستلم مبلغ ً ا من الجمعية ملزم بدفع الأقساط في مواعيدها المتفق عليها فإذا أخل بأي شرط من تلك الشروط ولم يدفع أي قسط  « مستحق فإنه يلزم بجميع المبالغ المستلمة بواسطته(١) .  ٣ توافق المذهب الإباضي مع مذهب أهل السنة بخصوص المسائل التجارية: فالأول يعني عقد :« التوافق » و « الاتفاق » في علم القانون يوجد ثمة فرق بين العزم على أمر ما بتراضي أطرافه، أما الثاني فهو الاتجاه إلى تحقيق أمر ما دون اتفاق سابق. والأول يمثله اتجاه (أ)، (ب) إلى قتل (ج) باتفاق بينهما على إزهاق   الروح ورسم كيفية ذلك وتهيئة مسرح الجريمة لتحقيق هذا الغرض، بينما الثاني يتحقق إذا عزم (أ) وكذلك (ب) دون اتفاق سابق على قتل (ج) واتجه كل منهما إلى تحقيق ذلك بمفرده. سابق « تربيط » ولا شك أن الاتفاق يتطلب في اللغة العامية المصرية « لوبي » للمواقف، أو في لغة المؤتمرات الدولية عمل Lobbying لتمرير قرار معين أو لاتخاذ تصرف ما، بينما التوافق لا يتطلب ذلك لأنه يفترض عدم وجود اتفاق سابق، وإنما اتجاه نية كل طرف إلى تحقيق ذات النتيجة منفرد ً ا. وقد لاحظنا وهو ما يتضح من الآتي ذكره وجود توافق بين المذهب الإباضي ومذهب أهل السنة بخصوص المسائل الاقتصادية (والتجارة ولا شك أحد مظاهرها). ولبيان ذلك نعرض أولا ً لموقف دار الإفتاء المصرية، ثم لأقوال فقهاء ا لإباضية. (١) ٢٠٠٧ م، مجموعة المبادئ والقواعد /١/ ٢٠٠٦ م مدنية ثانية عليا، جلسة ١٤ / الطعن رقم ٣٢٢ القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ وحتى ٢٠١٠ ، الدوائر المدنية، سلطنة . عمان، ص ١١٩ ١١٧ أولا موقف دار الإفتاء ا لمصرية: هل يؤيد الإسلام الاقتصاد الموجه من قبل الدولة » : بخصوص السؤال الآتي .«؟ أو سياسة السوق ا لحرة تقول دار الإفتاء ا لمصرية: الاقتصاد الموجه يقصد به النظام الاقتصادي الذي تكون فيه الموارد بما فيها » الأرض والقوى العاملة ورأس المال وجميع الأنشطة الاقتصادية تحت رعاية الدولة وإشرافها، كالاستثمار وتوزيع المواد الأولية المهمة وأسعار المواد ا لاستهلاكية.  وقد أثبتت التجارب الاقتصادية التي خاضتها بعض الدول أن هذا النمط الاقتصادي قد أثبت فشله وسقط ولم يحقق نجاحا معتبرا؛ حيث قد تسلط على ًً الناس وقمع حريتهم وجعلهم كالتروس في آلة كبيرة تديرها الدولة، بينما الإسلام يحترم الإرادة الإنسانية ويحمي الملكية الخاصة ويهيئ مجال الاستثمار لكل مستطيع، ويمنحه الحرية والأمان للعمل بمختلف الأنشطة الاقتصادية، شريطة .« التزامه بأحكام الشريعة الإسلامية في معاملاته وكسب المال وإنفاقه أما اقتصاد السوق الحر ويسمى أيض ً ا بالاقتصاد الرأسمالي فهو عكس ُ الاقتصاد الموجه، ومعناه: عدم تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية وترك السوق يدير نفسه بنفسه، وقد فشل أيض ً ا هذا النظام في تحقيق مقاصده وأصابه العديد من الأزمات والنكسات؛ لأنه يقوم على مفهوم المادية والميكيافيللية، ويتخلله الاحتكار والتكتلات الاقتصادية والمعاملات الوهمية وبيع الدين بالدين، كما أنه لا يلتزم بالقيم الأخلاقية. وعندما يخلو الاقتصاد الرأسمالي من هذه الرذائل يكون السوق الحرة الخالية » : قريبا من النموذج الإسلامي والذي يمكن التعبير عنه بأنه ً من الاحتكار والغش والغرر والجهالة والتدليس والتطفيف والميسر والربا وكل « صور أكل أموال الناس بالباطل وتطبيق مفهوم اقتصاد العمل والإنتاج ا لفعلي(١) . (١) دار الإفتاء المصرية: سؤالات الأقليات، القاهرة، ١٤٣٤ ه، ص ٢٥٣ . ويقول ابن الأزرق الأندلسي: إن الناس في التجارة صنفان: المنتفع بها، والذي ينبغي له تركها. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ثانيا أقوال الفقه ا لإباضي: أخذ فقهاء الإباضية بذات المضمون السابق الذي أكدت عليه دار الإفتاء ا لمصرية. يكفي أن نذكر هنا ما يلي:  · ومما أنعم الله على عباده بعد الإسلام، أن عرفهم الحلال » : يقول الرستاقي من الحرام، وأباح لهم أموالهم من بعضهم لبعض، في البيوع الصحيحة، والهبات الصريحة، والمواريث المفروضة، والغنائم المقبولة، والهدايا المعروضة، قال الله تعالى: ﴿ ;:987﴾ «(١) . ِ · ويقول ا لمحروقي: اعلم يا أخي سلمك الله سلامة أبدية، ورحمك » َْ رحمة سرمدية، أن التجارة لطلب الرزق من خير الحرف، إن عاملت الناس فيها بالصدق، والنصيحة، لأن فيها راحة للجسد، وفراغ ً ا للصلوات في الجماعات، وسهولة الطهارات، ورفاهية في الأقوات، ولأنه قيل: إن التاجر الصدوق مع النبيين، والشهداء يوم ا لقيامة. »فالأول: من له أحد أمرين، أو كلاهما الكفاية، والجاه. والثاني: من فقد الأمرين مع ً ا. وبيانه أن محاولة التنمية لا بد فيها من حصول المال بأيدي الباعة في شراء البضائع وبيعها وتقاضي أثمانها وأهل النصفة منهم قليل. فلا بد من الغش والمطل المجحف بالربح، لتعطيل المحاولة في تلك المدة والإنكار المذهب لرأس المال؛ إن لم يقيد بالشهادة وغناء الحكام في ذلك قليل، لبناء الحكم على الظاهر فيها، فيعاني التاجر من ذلك أحوالا ً صعبة. ولا يكاد يحصل على تافه من الربح، إلا بالمشقة العظيمة، أو يتلاشى رأس المال. فإن كانت له كفاية بالجرأة على الخصومة، والبصر بالحساب؛ والإقدام على الحكام، كان إلى النصفة أقرب؛ وإلا فلا بد له من جاه يعتضد به، ليوقع له الهيبة عند أتباعه، ويحمل الحكام على إمضائه وإن فقد الأمرين عرض ماله للذهاب، وصيره مأكلة للباعة. وكان لا ينتصف منهم أصلا «ً ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، . ج ٢، ص ٨٠١ ٨٠٢ (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٧١ ١١٩ فإن تيسر لك طلب الرزق من قبل البيع والشراء فلا تطلب سواه أبد ً ا، وإن أردت شيئ ً فاعلم أن كل ما بعت، » : ا من معرفة وصفة ما يجوز منه، وما لا يجوز أو اشتريت مما هو حلال في الأصل يد ً ا بيد، والمعنى: تشتري، أو تبيع بالحاضر في الحال، فجميع ذلك جائز من جميع الأشياء التي تباع من ثياب، وعقارات، وحبوب، وتمور، وحيوان وأصول، قل الربح، أو أكثر، أو بغير ربح فكله جائز    منك ولك، إذا كان البائع لك، أو المشتري منك حرا بالغ ً ا عاقلا ً مميز ً ا عارف ً ا ٍ ٍِ بسعر ذلك المبيع، كان ذلك البيع بكيل أو وزن، أو عدد، أو فضة بذهب، أو ٍٍ ٍٍٍٍ فضة بفضة، أو ذهب بذهب، أو ثوب بثوب، أو تمر بتمر، أو حيوان بحيوان « فهذا أصل مفيد لكثير من ا لبيوع(١) . · ويقول سماحة المفتي العام لسلطنة عمان:  وإذا ألقينا نظرة إلى النظام المالي في الإسلام وجدناه أرقى نظام عرفته » الإنسانية في جميع أدوار تأريخها؛ لما يتجلى فيه من العدل ويتميز به من  الاعتدال، فهو بعيد عن عيوب الرأسمالية والشيوعية، ليس فيه ما في الرأسمالية من إعطاء الفرد مطلق الحرية ولو على حساب المجتمع، ولا ما في الشيوعية من غمط الفرد حقه وإذابة ذاتيته في بوتقة المجتمع، ولكنه نظام وسط لا إفراط فيه ولا تفريط، يعطي الفرد من الحرية بقدر مصالحه ومصالح أمته، فله أن ينمي « ثروته ما لم تكن هذه التنمية على حساب الأمة أو ا لمجتمع(٢) . (١) . الشيخ درويش المحروقي: الدلائل في اللوازم والوسائل، ص ٣٢١ (٢) ويضيف أيض ً ا: فأين هذا النظام من النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي، أما النظام الرأسمالي فإن الفرد »يجد فيه حريته المطلقة في تنمية ثروته ولو على حساب غيره، ولذلك يجتمع في هذا النظام الغنى المفحش والفقر المدقع، ولا ينبض قلب الغني بشيء من الرحمة على ا لفقير. وبمثل هذه الأسباب تتأجج الأحقاد في الصدور وتتولد السخائم في القلوب وتعشش البغضاء والكراهية في النفوس فتؤدي إلى الانفجار عن النظام المعاكس وهو النظام الشيوعي، ولا يقل هذا النظام شرا وخطورة ً عن الذي قبله، فهو يأتي على الأخضر واليابس بناره الحمراء التي لا تبقي ولا تذر، ويبتلع الطارف والتليد من ثروات الأمة في جوفه المنهوم فيفقر الغني أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ثالثا تعقيب: بخصوص « السنية » مع المذاهب « توافقت » يتضح مما تقدم أن أقوال الإباضية المسألة قيد البحث، ويبدو ذلك في ا لآتي: أولا » : ضرورة مراعاة البعد الأخلاقي في المعاملات الاقتصادية، وفي مقدمتها التجارة. ولا شك أن ذلك أمر تعوزه العلاقات التجارية المعاصرة على الصعيد الدولي (بل والداخلي في كثير من ا لدول). ثانيا: حتمية عدم مخالفة ما قررته الشريعة الإسلامية بخصوص القواعد الحاكمة للتعامل الاقتصادي ومبادئه الشرعية ا لضابطة. ثالثا: أن هذا التوافق يدل على أن الفطرة التي فطر الله الناس عليها بخصوص   « المعاملات الاقتصادية لا يختلف عليها المسلمون، من ا لسنة والإباضية(١) . ويزيد الفقير فقرا ويسلب الإنسان الحرية والاختيار ويحط قيمته بحيث لا تزيد عن قيمة الآلة ً ِ الصماء التي تتوقف قيمتها على إنتاجها، فإذا عجز الإنسان عن الإنتاج لم يبال بمصيره الذي يرى فيه، والإسلام لا يختلف عن الرأسمالية في تقييده حرية الفرد في التصرف في الثروة فحسب، بل هو يختلف معها بما يفرضه من القيود على طرق اكتساب المال فيمنع كل استغلال يضر بالآخرين، ومن هذا الباب تحريم الغش والرشوة والربا والاحتيال كتحريم السرقة والاختلاس، فالله تعالى يقول: ﴿ srqponmlk {zyxwvut ﴾[ [البقرة: ١٨٨ . ويقول سبحانه: ﴿ 9 IHGFEDCBA@?>=<;: [ZYXWVUTS❁ QPONMLKJ ^]\_` ﴾[٣٠ ، [النساء: ٢٩ ، ويقول سبحانه: ﴿ yxwvu}|{z~ے ¢¡❁ °¯®¬«ª©¨§¦¥¤ ÂÁÀ¿¾½¼»º¹❁ ¶μ´³²± ÈÇÆÅÄà ﴾[ [البقرة: ٢٧٨ ٢٨٠ . هذه الآيات كلها تأتي لتقييد حرية الفرد في اكتساب المال، فليس له أن ينمي ثروته من طريق الباطل، والباطل في الإسلام هو كل ما لا يقره، فيدخل في ذلك الغش والخداع والاختلاس وكل ما كان من شأنه أن يمس من أخذ ُ الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: جواهر التفسير، ج ١، مكتبة الاستقامة، « منه المال بالضيم . روى مسقط، ١٤٠٤ ١٩٨٤ ، ص ٨٩ ٩١ (١) .« الأصل أن أمور المسلمين محمولة على السداد والصلاح حتى يظهر غيره » : يقول الإمام الكرخي ١٢١ وسنجد في ثنايا هذا الكتاب مظاهر كثيرة لهذا التوافق والتلاقي بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية ا لأخرى. يؤيد ذلك أيض ً ا، قوله ژ : سددوا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد » والقصد هو سلوك الطريق المعتدلة، والسداد مثلها إذ معنى سددوا اقصدوا « القصد تبلغوا السداد أي: ا لصواب. (راجع كتاب تأسيس النظر للإمام الدبوسي، ويليه رسالة الإمام أبو الحسن الكرخي في ،( الأصول التي عليها مدار فروع الحنفية، المطبعة الأدبية بمصر، الطبعة الأولى، ص ٨١ ظاهر » وقاعدة ،« أحوال المسلمين محمولة على السلامة » ويقترب من القاعدة السابقة قاعدة راجع هاتين القاعدتين في د. علي أحمد الندوي، ) « أمور المسلمين محمول على الصحة القواعد والضوابط الفقهية الحاكمة للمعاملات المالية في الفقه الإسلامي)، القاهرة، تصرفات المسلمين إذا » : ٢٣١ ؛ ج ٣، ص ٨٤ ، ويقول الإمام القرافي ، ١٤١٩ ١٩٩٩ ، ج ٢، ص ١٨ أطلقت ولم تقيد بما يقتضي حلها ولا تحريمها فإنها تنصرف للتصرفات المباحة دون ، الإمام القرافي: الفروق، عالم الكتب، بيروت، ج ٢ ) « المحرمة لأنه ظاهر حال المسلمين .( الفرق ١٠٦ ، ص ١٩٥ ١٩٦ راجع أيضا: ابن حجر العسقلاني: فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار المنار، القاهرة ً . ١٤١٩ ١٩٩٩ ، ج ١١ ، ص ٢٣١ ٣٣٥ ولنا على هذا المبدأ المهم الملاحظات ا لآتية: أولا : أنه يعد تطبيق ً في التعاملات الاقتصادية الدولية والداخلية إذ « حسن النية » ا لمبدأ .« حسن النية مفترض إلى أن يثبت ا لعكس » القاعدة أنثانيا: والداخلية) ذلك أن الأخذ ) « استقرار العلاقات الاقتصادية الدولية » أن من أثره تحقيق كنقطة انطلاق بأن أساس التصرفات ليس هو الصلاح والسداد (أي: الفساد والخرق أو الخطأ) من شأنه شيوع الفوضى في العلاقات الاقتصادية، وغلبة التحكم والهوى. ثالثا: أنه إذا ما ثبت العكس، فإن التصرف لا ينتج أثره، لكونه يشكل خروج ً ا على ما يقتضيه .« السداد والصلاح »رابعا: أنه يحث المسلمين على تحقيق السداد في تصرفاتهم، لما في ذلك من بلوغ الآمال وإنجاز الأعمال في أقصر ا لآجال. ١٢٥ : ()  تشكل دراسة المبادئ الضابطة للمعاملات التجارية أهمية كبيرة، لأنها: أولا : تظهر القواعد الكلية التي يقوم عليها النظام التجاري في ا لإسلام. ثانيا : تبين الجوانب المضيئة في التجارة الإسلامية والتي بدونها ينهار صرح أو بناء النظام ا لتجاري. ثالثا : توضح قواعد السلوك واجبة المراعاة في أية تعاملات تقرها الشريعة الإسلامية. البحث عن أسس التعامل في الإسلام » : يقول المرحوم د. يوسف قاسم إن « الاقتصاد ا لإسلامي (١) .  هو لبوالمبادئ التي سنذكرها الآن نلاحظ عليها الأمور ا لآتية: -- أنها وإن كانت ذات طبيعة عامة تجعلها قابلة للتطبيق في كل مناحي أية تعاملات، إلا أنها إلى الناحية التجارية أقرب وإليها أوثق. أنها تكمل بعضها البعض الآخر، وبالتالي فهي تتسم بالشمولية والتكامل، بل يمكن القول إنها في تكاملها كسلسلة متصلة الحلقات تؤدي أولاها إلى الثانية، والثانية إلى الثالثة وهكذا دواليك. (١) د. يوسف قاسم: التعامل التجاري في ميزان الشريعة، دار النهضة العربية، القاهرة، . ١٤٠٦ ١٩٨٦ ، ص ١١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي - الإسلامية في صورتها المرضية، وقواعدها المرعية « القيم » أنها تعكس يعطيها « القيمة » اللازمة للتعاملات التجارية. ولا جرم أن اكتسابها وصف مركز ً ا عليا في تعاملات الناس، بل والدول، والتي تأتي التجارية منها في مقدمتها(١) . وسنرى أن جل المبادئ التي قررتها شريعة الإسلام رائدها أمران: الأول: تحري الحلال والبعد عن الشبهات، لقوله تعالى: ﴿ »º¹  ÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼ ﴾[ [البقرة: ١٦٨ . (١) من المنظور الإسلامي بأنها: مجموعة من « القيم » يمكن تعريف » : تقول دار الإفتاء المصرية المعايير الثابتة والأحكام النابعة من تصورات أساسية عن الله والكون والحياة والإنسان، كما صورها الإسلام، وتتكون لدى الفرد والمجتمع من خلال التفاعل مع المواقف والخبرات  الحياتية المختلفة، بحيث تمكن الإنسان من اختيار أهداف وتوجهات لحياته تتفق مع .« إمكانياته، تتجسد من خلال الاهتمامات أو السلوك العملي بطريقة مباشرة وغير مباشرة وتضيف أيض ً ا: إن القيمة لا تكتسب أهميتها لدى الفرد إلا إذا توافرت فيها شروط، تتمثل في: ضرورة أن يكون لديه وعي يتبلور حول وجود شيء أو فكرة أو موقف أو شخص، والثاني »أن يؤسس هذا الوعي لديه ا تجاه ً ا ا نفعاليا مع الشيء أو الفكرة أو الموقف لصالحه أو ضده، فينظر إليه على أنه خير أو شر إلى حد ما، بمعنى ألا يقف موقف اللامبالاة أو عدم الاهتمام وأن يصبح وعيه واتجاهه الانفعالي ركيزة أساسية للسلوك، وليس مجرد اهتمام وقتي عابر . دار الإفتاء المصرية: دليل الأسرة في الإسلام، القاهرة، ٢٠١٤ ، ص ٣٤ ٣٦ « يأبى أن يدوم كذلك قيل: الفرق بين قيم التحريم والتحليل والأحكام التطبيقية من أربعة وجوه: أولا » : أن القيم ثابتة من كل وجه من حيث القطعية، أما الأحكام فبعضها قطعي وبعضها اجتهادي. ثانيا: أن القيم من باب الكلى وليست من باب ا لجزئي. ثالثا: أن الخروج عليها هو الخروج على النظام العام للأمة، وإنكارها خروج من ا لدائرة. رابعا : أنها عزائم لا تعتريها الرخص وعمومات لا تعروها مخصصات خطاب الوضع وحدوده التي تحوط الخطاب ا لجزئي. فاحتاج الخطاب الجزئي إلى تحقيق مناط؛ لتنزيله على مجالات معينة مشخصة طبق ً ا الشيخ عبد الله بن بيه: تنبيه المراجع على تأصيل فقه ،« لاختلاف الحال وتقلبات الأحوال . الواقع، الطبعة الأولى، ٢٠١٤ ، ص ١٢٠ ١٢١ ١٢٧ والثاني: الحرص على العمل النافع الذي يحقق المصلحة الخاصة والعامة، وهو ما أكده قوله 4 : ﴿ <;:987654 = > BA@? ﴾[ [الملك: ١٥ . وقد أكد الفقه الإسلامي على العديد من القواعد الضابطة والمبادئ الحاكمة للمعاملات الاقتصادية والتجارية الدولية والداخلية(١) . (١) هناك بعض القواعد الفقهية التي تصلح للعلاقات التجارية الدولية، بنفس درجة صلاحيتها للعلاقات التجارية الداخلية، مثل: المعروف بين التجار كالمشروط بينهم، وهي تطبيق للقاعدة المشهورة، المعروف عرف ً ا ُ كالمشروط شرط ً ا، وإنما تم ذكر قاعدة خاصة بالتجارة من قبيل ذكر الأخص بعد الاعم اهتماما بشؤون المعاملات ا لتجارية. ً الاعتياض عن حق مجرد لا يحتمل التقويم باطل وبالتالي فالحقوق المجردة عن التقويم لا يجوز التفويض المالي عنها. الدراهم والدنانير لا تتعين بالتعيين في عقود ا لمعاوضات. الديون إنما تقضي بأمثالها على سبيل التقاص أما الأعيان فإنها تستوفي بذاتها لدائنه بمثل دينه، فيقع التقاص بينهما وتمتنع المطالبة إذ لو طالب أحدهما الآخر حق للآخر المطالبة بالمثل وهذا بخلاف العين لأن في الأعيان للناس أغراضا ولا يوجد مثل ذلك الغرض في ً الدين، فإن الديون تقضي بأمثالها لا بأعيانها. العبرة في المعاملات بما في نفس الأمر، لا بما في ظن المكلف فإذا ظن مثلا ً أنه لا يملك التصرف، ثم اتضح أنه يملكه، جاز. من حصل له ربح من وجه محظور فعليه أن يتصدق به، ويقترب منها قاعدة من ارتكب محرما يمكن تداركه بعد ارتكابه وجب عليه تداركه. ً العمل بالظاهر هو الأصل في المعاملات دفعا للضرر عن ا لعباد. ً العقد يرعى مع الكافر كما يرعى مع ا لمسلم. عند اجتماع الحقوق يبدأ بالأقوى فالأقوى. كل أجل كان معروف ً ا بين التجار فهو جائز. كل تصرف تقاعد عن تحصيل مقصوده فهو باطل. كل صفقة انعقدت على ظاهر الصحة ثم تبين خلاف ذلك فلا يجوز للمتبايعين الرضاء على إبقائها. كل ما احتاج الناس إليه في معاشهم ولم يكن سببه معصية هي ترك واجب أو فعل محرم لم يحرم عليهم. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ونشير إلى أهم المبادئ التي تحكم المعاملات التجارية(١) ، وذلك بتقسيمها إلى مبادئ عامة، وأخرى خاصة بالسلطة ا لحاكمة. كل ما وجب أداؤه في اليسار لزم الذمة إلى ا لميسرة. لا أثر لارتفاع السعر بعد ا لتلف. المال لا يجب بالشك، والمال يباح بالبذل والإباحة. متى فرط العامل في المال أو اعتدى فعليه ضمانه.  المعاوضات تتعلق بها صفة ا للزوم. المقصود من الأثمان أن تكون معيارا للأموال. ً من كان الشيء له كانت نفقته عليه. نقصان قيمة السلعة مع سلامتها لا يمنع لزوم العقد (الغبن اليسير مثلا .(ً الواحد في المعاوضات المالية لا يصلح عائدا من ا لجانبين. اليسير تجري المسامحة فيه، اليسير معفو عنه في كثير من الأحكام، اليسير مغتفر. يغتفر في أبواب التبرعات ما لا يغتفر في أبواب ا لمعاملات. (راجع د. علي أحمد الندوي: موسوعة القواعد والضوابط الفقهية الحاكمة للمعاملات ، ٣٠٨ ٣١٥ ،٣٠٢ ،٢٧٥ ، المالية في الفقه الإسلامي، القاهرة، ١٤١٩ ١٩٩٩ ، ج ١، ص ١٩٨ ٢١٧ ،٤٤٠ ،٤٣١ ،٣٥٩ ،٢٢٦ ،٣٢٢ ،٣٠٧ ،٣٩٢ ،٣٨٦ ،٣٥٦ ،٣٥٦ ، ٣٥٠ ؛ ج ٢، ص ٣٥١ . ٣١٨ ٣١٩ .(٥١٥ ،٥١٢ ،٤٩٩ ،٤٩٥ ،٤٧٩ ،٤٦٤ ،٤٥٦(١) في المادة ( ١١ ) من النظام الأساسي لسلطنة عمان (مرسوم سلطاني رقم ١٠١ / ٩٦ )، وردت العديد من المبادئ الاقتصادي، والتي تتعلق جلها بالمعاملات التجارية، وهي: الاقتصاد الوطني أساسه العدالة ومبادئ الاقتصاد الحر، وقوامه التعاون البناء المثمر بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يؤدي إلى زيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة للمواطنين وفق ً ا للخطة العامة للدولة وفي حدود ا لقانون. حرية النشاط الاقتصادي مكفولة في حدود القانون والصالح العام وبما يضمن السلامة للاقتصاد الوطني وتشجع الدولة الادخار وتشرف على تنظيم ا لائتمان. الثروات الطبيعية جميعها ومواردها كافة ملك الدولة، تقوم على حفظها وحسن استغلالها، بمراعاة مقتضيات أمن الدولة وصالح الاقتصاد الوطني، ولا يجوز منح امتياز أو استثمار مورد من موارد البلاد العامة إلا بموجب قانون ولفترة زمنية محدودة وبما يحفظ المصالح ا لوطنية. للأموال العامة حرمتها، وعلى الدولة حمايتها وعلى المواطنين والمقيمين المحافظة عليها. الملكية الخاصة مصونة، فلا يمنع أحد من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون، ولا ينزع عن أحد ملكه إلا بسبب المنفعة العامة في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه، وبشرط تعويضه عنه تعويض ً ا عادلا ً والميراث حق تحكمه الشريعة ا لإسلامية. ١٢٩ المصادرة العامة للأموال محظورة، ولا تكون عقوبة المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي في الأحوال المبينة بالقانون. الضرائب والتكاليف العامة أساسها العدل وتنمية الاقتصاد ا لوطني. إنشاء الضرائب العامة وتعديلها وإلغاؤها لا يكون إلا بقانون ولا يعفى أحد من أدائها كلها أو بعضها إلا في الأحوال المبينة في القانون. ولا يجوز استحداث ضريبة أو رسم أو أي حق مهما كان نوعه بأثر رجعي. نقصد بهذه المبادئ، تلك التي تتسم بخصيصتين: أولا : من الناحية الشخصية: فهي مبادئ قابلة للتطبيق على جميع الأشخاص: مسلمين أو غير مسلمين، أفراد عاديين أو من رجال السلطة الحاكمة (السلطات ا لعامة). ثانيا: من الناحية الموضوعية: فهي مبادئ قابلة للتطبيق على أي تعامل تجاري (بل أي تعامل بصفة عامة) لكونها مبادئ بدونها ينهار صرح أو بناء المعاملة ذاتها. وهذه المبادئ العامة يمكن تقسيمها إلى طائفتين: - المبادئ ا لإيجابية. - المبادئ ا لسلبية. وندرس هذين الأمرين، على أن نخصص لكل منهما مبحث ً ا. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي الأول / ا  د ا ٴ  )# الإ  نقصد بهذه المبادئ، تلك التي تتطلب اتخاذ عمل ما أو مراعاة نهج معين.  وبالتالي، فهي تفترض عدم الامتناع، وهو في ذاته فعل سلبي. أما هذه المبادئ فهي ذات طبيعة إيجابية تتجسد في سلوك يتم أو يجب ا تخاذه. وهذه المبادئ أربعة، وهي: مبدأ الكون مع الحق، ومبدأ التراضي، ومبدأ ضرورة مراعاة الأخلاق والقيم الفاضلة في المعاملة، ومبدأ التجارة ا لحلال. ونبحث كل مبدأ على التفصيل الآتي بيانه: :F ن ا H # ; أ الأ  أ) والحق » هذا مبدأ عظيم، وهو مبدأ جامع يطبق على كل أنواع التجارات لأن وفي التجارة هذا المبدأ يعني: ،« وما بعد الحق إلا الضلال » ولأن ،« أحق أن يتبع عدم الغش والخداع، الوفاء بالالتزامات التجارية، عدم الاتجار في المحرمات، الصدق، عدم تطفيف الكيل والميزان. قال ا لناظم: ِ ِِ وكن مع الحق كون ً ا صادق ً ا فبه قد يعظم الأجر في سر وفي جهر ُُ لا يخفى أن الكون مع الحق أمر يجمع أحوال » : يقول العلامة سالم السيابي الخير وخصال البر كلها، وكل ما يجب على الإنسان في دينه وفي عقيدته وأعماله وأقواله ومعاملاته، ولا ينحرف عن خطة الحق قيد شعرة، فإن الله 8 خلق السموات والأرض بالحق، وأمر بالحكم بين عباده بالحق، ودعا إلى كل ذي عقل أن يدعو إلى « ا(١) الحق، وأن يعمل بالحق، وأن يقول الحق، وإن كان مرا، فإنه لا بد أن يكون حلو . ً (١) . سالم السيابي: هدى الفاروق، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٣ ١٩٨٣ ، ص ١٢٩ ١٣٣  ومما يدل على ضرورة مراعاة الحق ولو أدى هذا إلى فقد مكسب كبير خرج إلى الصين تاجرا فاشترى قوم » ما يروى أن أبو عبيدة عبد الله بن القاسم ً عود ً ا فسلهم أن يشركوه ففعلوه، فأقبلوا يعيبون العود عند صاحبه حتى استنقصوه مما كانوا اشتروا به فظن أنهم صادقون، ونقد معهم عشرين دينارا، فلما خرجوا  ً  أقبلوا يمدحون؛ فقال: سبحان الله، تعيبون عود ً ا بلا عيب؟ ردوا علي رأس مالي ّ « فاستغنموا منه ذلك وردوا عليه ماله(١) .   :!" ا; أ ا  ب) الرضا هو أساس العقود والمعاملات التجارية هذه حقيقة ثابتة لا يختلف عليها اثنان ولا ينتطح فيها عنزان، ذلك أن أساس التجارة بيعا وشراء هي أنها ًً اتفاق. وأي اتفاق يقوم على تراضي أطرافه. وقد أكد ذلك قوله تعالى: ﴿ <;:9=>   GFEDCBA@? ﴾[ [النساء: ٢٩ . وقد .« السنة المؤكدة للقرآن » : ومن المعلوم أن من بين أنواع ا لسنة النبوية جاءت ا لسنة فأكدت هذا المعنى: يقول ژ : « لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه »(٢) . ويقول أيض ً ا ژ : « إنما البيع عن تراض »(٣) . والتراضي يسري على كل أنواع المعاملات التجارية، أيا كان موضوعها أو أطرافها(٤) . (١) . الشماخي: كتاب السير، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ١٩٨٧ ، ج ١، ص ٨٧(٢) . ١١٦ ، حديث رقم ١١٥٤٥ / البيهقي: السنن الكبرى ٦(٣) . ٧٣٦ رقم ٢١٨٥ / سنن ابن ماجه، كتاب التجارات، ٢(٤) ما يصدق على الجنس لا بد أن يصدق على جميع أنواعه، وما جاز على النوع لم يجز » لأن أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٣٤ وقد أخذ الفقه الإباضي بذلك فبخصوص بيع وشراء مع أعجم رضي بالإيماء فإن كان هذا الأعجم بالغ الحلم وسالم » : أشير به إليه، يقول المحقق الخليلي العقل يعرف ما يومأ به إليه ويفهم منه ما يومئ هو به جاز ذلك في قول المسلمين « إذا عرف منه الرضا فاستدل عليه بالإيماء(١) . وبخصوص بيع الاستجرار، وعن التاجر يرسل الناس إليه أن أرسل إلينا من البضاعة كذا وكذا ثم يعرفونه أنك عرفنا بالذي علينا لك من قبل البضاعة فيعرفهم أن عليكم كذا وكذا على حسب ما يبيع تلك البضاعة في البلد ولم يجر بينهم قال » : كلام في القيمة فيرسلون إليه الثمن هل يحل له ذلك أم لا؟ يقول السالمي الله تعالى: ﴿ <;:9=BA@?>GFEDC ﴾[ [النساء: ٢٩ . فالتراضي في هذه المسألة مشروط لحل المعاملة، فإذا حصل التراضي حصل الحل إذا كان المتعاملان ممن يجوز تراضيهما ولم يكن المتعامل فيه مما حرمه « الشرع كالربا، والله أعلم(٢) . أموال » : وبخصوص ذات الآية السابقة يقول البسيوي إن الله حرم في كتابه « المسلمين إلا في التجارة عن ا لتراضي(٣) . التراضي هو المناط الشرعي في المعاملات، وما » : وهكذا يمكن القول إن « يترتب عليها من ا لتصرفات(٤) . العالم البشري: مكنون الخزائن وعيون المعادن، « إلا أن يجوز في جميع أشخاصه ولا عكس . وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ١٩٨٣ ، ج ١٤ ، ص ٤٠(١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٨، ص ٢٠٢(٢) . جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ١٨٦ ١٨٧(٣) . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٢، ص ٧٨٧(٤) الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، . القاهرة، ج ٣، ص ٢٧٧ ١٣٥ الحلال أصله الرضا وطيبة النفس، مع موافقة الحق فيما » : يقول الكدمي « دخل فيه(١) . « بناؤها على قول أربابها » فالأصل في العقود(٢) . لذلك قيل: إن « الأصل الذي لا يغمض ما بقي في الشريعة أصل » : التراضي في العقود هو(٣) . :*6 ا "& ا  ) لاق وا J ة الأ 0 ا; ورة ;" أ  ج) إذا كانت العلاقات الاقتصادية تتسم أساسا بطبيعتها المادية، فإن ذلك ً يجب ألا يؤخذ وألا يطبق على إطلاقه، وإنما لا بد من مراعاة بعد أخلاقي يأخذ ُْ في الاعتبار القيم ا لفاضلة. وقد أكد على ذلك سماحة المفتي العام لسلطنة عمان، بقوله: ولكن الرؤية الصحيحة لاقتصاد إسلامي قوي، يجب أن تراعي الحفاظ على » أمن الأمة الإسلامية، إلى جانب تحديد التنمية الاقتصادية بشكل يتحقق معه التوازن بين حجم السكان في كل دولة، ومساحتها الجغرافية، ومواردها الطبيعية، ومراعاة التناسق بين التنمية المحلية والتنمية في الإطار الإسلامي العام بدرجة تمكن من زيادة الترابط الاقتصادي والتشابك التجاري بين الدول الإسلامية، ومراعاة التنوع الاقتصادي، ووفرة أو قلة الطاقة البشرية الإسلامية، ومع ترجيح كفة المشروعات التي تعتمد التكنولوجيا المحلية في ديار الإسلام في مجالات التنمية، على أن يتم ذلك كله من خلال نظرتنا إلى حجم المكاسب الاجتماعية لا المادية فحسب، لأن تطويع الاقتصاد لقيم الدين الإسلامي الحنيف أمر ضروري في هذا المجال، فإن أهم ما يميز الأمة الإسلامية هو ارتكازها على القيم الفاضلة « في حين أن الغرب يخضع جميع اقتصاده للقيم المادية قبل أي شيء آخر(٤) . (١) الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، . ١٤٠٥ ١٩٨٥ ، ج ٥، ص ١٦٧(٢) د. تيسير فائق: تحقيق: كتاب المنثور في القواعد للإمام الزركشي، رسالة دكتوراه، كلية . الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، القاهرة، ١٣٩٧ ١٩٧٧ ، ص ١١٤(٣) . إمام الحرمين الجويني: غياث الأمم في التياث الظلم، دار الدعوة، الإسكندرية، ١٩٧٩ ، ص ٣٥٧(٤) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: لقاءات الفكر والدعوة، مجلد ١، ص ٢٢٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٣٦ ويمكن أن نوجز أهم ملامح هذا المبدأ في الأمور ا لآتية:  ١ الإحسان في ا لمعاملة: هذا مبدأ مهجور في العلاقات الاقتصادية الداخلية والدولية حاليا ذلك أن المعروف أن الأفراد أو الجماعات أو الدول يرمي كثير منهم إلى الحصول على أكبر ربح ممكن، ولو كان ذلك على حساب هضم حقوق ا لآخرين. ِ ولا شك أن ا لإحسان في المعاملة من شأنه أن يضفي على العلاقات الاقتصادية بعد ً ا أخلاقيا آخر، فهو من قبيل المبادئ التي يلتزم بها أي فرد أو دولة أو جماعة(١) ، الغرض منه إضفاء قدر من التسامح في التعامل الاقتصادي على الصعيدين الدولي والداخلي. وقد ورد في القرآن الكريم ما يدل على ذلك يقول  تعالى: ﴿ ËÊÉÈÇ ﴾ [ [القصص: ٧٧ ﴿ ®¯°± ³² ﴾[ [الأعراف: ٥٦ ، ولعل ذلك كله يدخل في عموم قوله تعالى: ﴿ ÏÎÍÌËÊÉ ﴾ . وقد أكد على مبدأ الإحسان في ا لمعاملة (٢) قوله ژ : رحم الله رجلا » ً سمح ً ا فإن خيار الناس » : وقوله ،« إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا اقتضى ًً « أحسنهم قضاء(٣) . (١) وقد أمر الله تعالى بالعدل والإحسان جميع » ً ا، والعدل سبب النجاة فقط، وهو يجري من التجارة مجرى رأس المال، والإحسان سبب الفوز ونيل السعادة، وهو يجري من التجارة مجرى الربح ولا يعد من العقلاء من قنع في معاملات الدنيا برأس ماله، فكذا في معاملات الآخرة، فلا ينبغي للمتدين أن يقتصر على العدل واجتناب الظلم، ويدع أبواب الإحسان، الإمام ) « ونعني بالإحسان فعل ما ينتفع به المعامل، وهو غير واجب عليه، ولكنه تفضل منه .( الغزالي، إحياء علوم الدين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٧٨٧ (٢) راجع الأستاذ الدكتور يوسف قاسم: التعامل ،« مبدأ حسن المعاملة » يسميه د. يوسف قاسم . التجاري في ميزان الشريعة، المرجع السابق، ص ٣٠ ٣٤(٣) . سبل السلام للصنعاني، ج ٣، ص ٥٢ ١٣٧ كذلك يقول ژ : من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها » « يريد إتلافها أتلفه ا لله(١) . ٢ البعد عن الشبهة (أو مراعاة ا لاحتياط): وهذا لا شك مانع من احتمال الوقوع في المحظور. يقول ا لصحاري:  ومن نشأ وله شركة في مال ووجد شركاءه يجوزونه وهو قطع متفرقة وفي » بعضها شبهة غير صريحة إلا أنها تختلف فيها الأقوال هل له أن يأخذ حصته منها   أما في الحكم فلا حرج حتى تصح الشبهة بالبينة العادلة وأما في الاحتياط أو « التنزه فهو خير ما استعمل(٢) .  والأخذ بالاحتياط ثابت في قوله ژ : « دع ما يريبك إلى ما لا يريبك »(٣) . وأيض ً ا قوله ژ : إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات، » ولا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، « ألا وهي ا لقلب(٤) . « ويستدل بهذا الحديث على العمل بالاحتياط » : تقول دار الإفتاء المصرية(٥) . (١) . ذات المرجع، ج ٢، ص ٥٠(٢) . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ١٧١(٣) .١٢١٩/ صحيح البخاري، باب تفسير المشبهات، ٢(٤) أخرجه البخاري رقم ٥٢ في كتاب الإيمان/ باب فضل من استبرأ لدينه، ورقم ٢٠٥١ في كتاب البيوع/ باب الحلال بين والحرام بي ن وبينهما مشتبهات، وأخرجه مسلم رقم ١٥٩٩ ورقم ٣٣٣٠ في كتاب البيوع/ باب في اجتناب الشبهات، وأخرجه الترمذي رقم ١٢٠٥ في كتاب البيوع/ باب ما جاء في ترك ا لشبهات. (٥) . دار الإفتاء المصرية: ضوابط الاختيار الفقهي عند النوازل، القاهرة، ١٤٣٤ ه، ص ٩٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي وينبغي للمؤمن التنزه عن المشكوك فيه وترك » : كذلك يقول الرستاقي « ما يرتاب فيه(١) . ٣ مراعاة التوازن بين أطراف العلاقة الاقتصادية (الدولية والداخلية): لا جرم أن هذا المبدأ يعد ا نعكاسا لمبدأ عدم الغبن، وضرورة مراعاة َََ ً العدالة في التعامل الاقتصادي الدولي (والداخلي). كذلك يعد هذا المبدأ تطبيق ً ا ظاهرا لمراعاة الجوانب الأخلاقية والروحية حتى في إطار التعاملات ً الاقتصادية ا لمادية. فالعلاقات الاقتصادية الدولية والداخلية في الإسلام تقوم على أساس بين الأطراف المعنية، بمعنى أن على كل طرف في العلاقة « مبدأ التوازن »الاقتصادية كما يطالب بحقه مستوفى كاملا، ً عليه أن يعطي للطرف الآخر أيض ً ا حقه مستوفى كاملا .ً  ولعل ذلك المبدأ يمكن استنباطه من قوله تعالى: ﴿ §¦ ❁ ª© «¬ ¯® ❁ ³²± ´μ ﴾ أي: يستوفون حقوقهم بينما إذا كالوهم أو وزنوهم (يخسرون) أي: ينقصون في الكيل والميزان. كذلك يمكن استنباط هذا المبدأ مبدأ التوازن في العلاقات الاقتصادية الدولية والداخلية من نهي القرآن الكريم عن بخس الناس أشياءهم، ومن حظر الغش أو الاحتيال في التعاملات الاقتصادية، وهو ما أكده قوله تعالى: ﴿ D GFE ﴾ . (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ١١٦ وفي التعليق « الاحتياط بأهل الورع أولى » : حري بالذكر أن من القواعد الفقهية الإباضية قاعدة والعمل بالأحوط أصل أصيل في أصول الإباضية وهو اللائق بهم » : على هذه القاعدة قيل . القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٨٤ ٨٦ « فمن عندهم خرج الورع ١٣٩ ٤ مراعاة الحقوق الاقتصادية للأجيال ا لقادمة: أولا في القانون الدولي والعلاقات الدولية الاقتصادية ا لمعاصرة: يعتبر مبدأ مراعاة حقوق الأجيال القادمة les générations futures- future generations من المبادئ الحديثة التي استقرت في العلاقات الدولية، وهو مبدأ يجد تطبيقاته في مجالات عديدة: في إطار حماية البيئة الدولية وتركها نظيفة لمن يأتي بعدنا، وفي نطاق العلاقات الاقتصادية الدولية والداخلية على أساس أن الغرض من القواعد القانونية والاقتصادية الدولية (سواء تعلقت بالتنمية أو محاربة التضخم أو تقديم المساعدات الفنية أو غيرها) تهدف في النهاية إلى مراعاة خواطر وحقوق الأجيال ا لقادمة. ثانيا في الشريعة ا لإسلامية: أكدت الشريعة الإسلامية أيض ً ا على عدم اهتمام الإنسان بنفسه فقط، وإنما مراعاة حقوق الآخرين، المعاصرين له أو الذين قد يأتون بعده ولعل ذلك يتضح في رأينا، من قوله تعالى: ﴿ ÏÎÍÌËÊÉ﴾ . كذلك يبدو مراعاة الإسلام لحقوق الأجيال القادمة، من قوله تعالى: ﴿ ih nmlkj﴾ وقوله تعالى: ﴿ !"%$# &',+*)(﴾ . وقد كانت هذه الآية سند ً ا اتكأ عليه عمر بن الخطاب ƒ لتبرير عدم توزيع الأرض التي افتتحها الجيش كيف بمن يأتي بعد ذلك » : في العراق؛ حيث قال عمر لمن طالبه بتوزيع الأرض .« من المسلمين فيجدون الأرض قد قسمت وورثت عن الآباء وحيزت مراعاة » ولا شك أن هذه الحادثة تعد خير دليل على معرفة المسلمين لمبدأ .« الحقوق الاقتصادية للأجيال ا لقادمة وهو أمر لم يغفله الفقه الإباضي. يقول أطفيش: أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٤٠ « يستوجب البراءة من لم يهتم بأمور المسلمين ولو دنيوية »(١) . وفي كتاب لا يغفل » : الإمامة عن أبي عبيدة المغربي نافع بن نصر أن من صفات الإمام أن « عن الإسلام وأهله(٢) . ٥ مراعاة العدالة في ا لتعامل(٣) : ِ عامة ما ن » : يقول ابن تيمية بأن ُهي عنه في المعاملات يعود إلى تحقيق العدل َ « ه(٤) والنهي عن الظلم دقه وجل . ومن ملامح ذلك ونتيجته ا لحتمية:   وجوب الفصل في النزاع بالعدل(٥) . (١) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٦ ، ص ١٧٦ ١٧٧(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٨ ، ص ١٨٤(٣) يشير البروفيسور بورمان إلى مبدأ إسلامي أصيل هو مبدأ مراعاة العدالة الذي يحكم تبادل المنافع بين ا لأطراف: Le principe d’équité qui régit l’echange de préstation entre les perties. راجع: M. Arko. Bormans et M. Aros ’Islam religion et societés éditions du CE aris, 1982, p. 154. (٤) . مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، مطابع الحكومة، الرياض، ١٣٨١ ، ج ٢٨ ، ص ٣٨٥ فالأمر الذي لا شك فيه تحريم التسالب والتغالب، ومد الأيدي إلى » : ويقول إمام الحرمين الإمام الجويني: غياث الأمم في التياث الظلم، دار الدعوة، )« أصول الناس من غير استحقاق .( الإسكندرية، ص ٣٥٦ ابن الأزرق ) « إن العدل في المعاملة المعيشية باتقاء الظلم وإن لم يفسد العقد » : ويقول ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، المرجع السابق، ج ٢، ص ٨٦٨ ) ويرى ابن الأزرق أن الظلم ظلمان: ما يعم ضرره (كالاحتكار، وترويج الدرهم الزائف في أثناء النقد) وما يخص . المعامل (كالثناء على السلعة بما ليس فيها وكتم عيوب المبيع) نفس المرجع، ص ٨٦٨ ٨٧٣ (٥) في تفسير قوله تعالى: ﴿ UTSRQPONMLK [ZYXWV ﴾[ [النحل: ٩٠ يقرر رأي في الفقه الإباضي هذه الآية الكريمة هي يتيمة العقد في سورة النحل بكونها جامعة لأمهات الفضائل وأصول »الأخلاق والآداب، وضروب التكاليف الدينية، وهي أجمع آية في كتاب الله للخير والشر. ويضيف أن الآية وضعت ركائز السلم العالمي، وهي: العدل: والإحسان، وإيتاء ذي القربى؛ كما أنها نهت عن أصول المفاسد الثلاثة، وهي: الفحشاء، والمنكر، والبغي، راجع؛ الشيخ ١٤١ ومن الثابت أن تعاليم الإسلام تقضي بأن يتم كل تصرف وفق ً ا للعدالة وعلى ضوء ما يقتضيه القسط. والعدالة في الإسلام هي تلك التي تتحرى التزام الحق ولو كان فيه إنصاف للأعداء. في هذا المعنى يقول سبحانه تعالى: ﴿ ¦¥¤£¢ «ª©¨§ ¬® ﴾[ [المائدة: ٨(١) .  ﴿ ³² ´ ¶μ ¸ ¿¾½¼»º¹ ÈÇÆÅÄÃÂÁÀ ﴾[ [المائدة: ٢ . محمد كعباش: نفحات الرحمن في رياض القرآن، ج ٧، ص ٤٢٧ ٧٢٩ . كذلك يقرر رأي أنه ٰ لا يخالف أصول الشريعة الإسلامية، أن نفسر المراد بالحكم بما أنزل الله بأنه الحكم بالعدل وأن من العدل أن يحكم بين غير المسلمين، وعلى الخصوص الأجانب، بما ألفوه من الأحكام والعادات أو القوانين خصوصا إذا كان وراء الحكم بتلك القوانين ضمان لبقاء ً الحقوق المكتسبة ووصولها إلى أربابها، إن الآيات في القرآن كثيرة بخصوص الحكم بالعدل فقد قال تعالى: ﴿ «ª© ¬¯® ° ³²± ´¶μ ¸ ¹ ﴾[ [النساء: ٥٨ ، ﴿ 987 ﴾[ [المائدة: ٤٢ ، ﴿ §¦¥ ¨© ª ﴾[ [الحجرات: ٩ ، ﴿ «ª©¨§¦¥¤£¢ ¬ ® ﴾[ [المائدة: ٨ . وقد قالوا بناء على هذه الآيات: إنه لا يحل ترك العدل في الشهادة إلى غير المسلم ولا ترك الحكم له بحقه. وقالوا في الحكم بالعدل: إنه إيصال الحق إلى صاحبه من أقرب الطريق إليه، أليس الحكم بين أجنبيين بالقانون الذي تقرر بينهما بناء عليه أقرب طريق إلى إيصال الحق إلى صاحبه؟ أليس في الحكم بينهما بحكم الشريعة الإسلامية وهما د. علي الزيني، » ؟ لم ينظرا إليها وقت إنشاء الحق ولم يعتمد في إيجاده عليها احتمال تضييعه القاهرة، ١٩٢٨ م، ص ١٨٦ ؛ وذكره أيضا د. أحمد ،« القانون الدولي الخاص المصري والمقارن ً . عبد الكريم سلامة، نحو نظرية عامة للقانون الدولي الخاص الإسلامي، ص ٢٠٠ ٢٠٣(١) أي: لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل فيهم بل » : يقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآية استعملوا العدل في كل أحد صديق ً ا كان أو عدوا ولهذا قال: ﴿ «ª ¬® ﴾ أي: عدلكم أقرب إلى التقوى من تركه وقوله: ﴿ «¬® ﴾ من باب استعمال أفعل التفضيل في المحل الذي ليس في الجانب الآخر منه شيء كما في قوله تعالى: ﴿ L RQPONM ﴾[ [الفرقان: ٢٤ وكقول بعض الصحابيات لعمر: أنت .( أفظ وأغلظ من رسول الله ژ (تفسير ابن كثير، ج ٢، ص ٣٠ ٣١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ﴿ WVUTSRQPONMLKJI gfedcba`❁ ^]\[ZYX utsrqponmlkjih ﴾ [٩ ، [الممتحنة ٨ (١) . وقد أكد الفقه الإباضي أن العدل يجب مراعاته في كل صوره وبالنسبة لكل الأشخاص، مسلمين أو غير مسلمين. يقول ا لإمام ابن بركة: قال الله جل ثناؤه: » ﴿ " *)('&%$# :9876543210/.-,+ =<; IHGFEDCBA@?> ﴾ [ [النساء: ١٣٥ . (١) بر المؤمن من أهل » يرد الطبري على من قال: إن تلك الآية منسوخة بآية السيف، بقوله: إن الحرب ممن بينه وبينه قرابة أو نسب، أو ممن لا قرابة بينه وبينه ولا نسب غير محرم، ولا منهي عنه، إذا لم يكن في ذلك دلالة له أو لأهل الحرب على عورة لأهل الإسلام، أو تقوية لهم بكراع أو سلاح وقوله: ﴿ ª©¨§﴾ يقول: إن الله يحب المنصفين الذين ينصفون الناس، ويعطونهم الحق والعدل من أنفسهم، فيرون من يبرهم، ويحسنون إلى من هذا أصل لم تعهده » : ٤٣ ). كذلك قيل بخصوص هذه الآية / أحسن إليهم (تفسير الطبري ٢٨ ا مهدور الدم، فكانوا إذا  البشرية قبل الإسلام، فقد كان أهل كل دين يعتبرون الخارج عنه عدو محمد فريد وجدي: مهمة الإسلام في العالم، الأمانة ،« وقع في أيديهم استعبدوه أو قتلوه . العامة للجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف، القاهرة، ١٤٠٩ ه ١٩٨٩ م، ص ١١٩ وقيل أيضا: إنها من أصرح ما جاء في بر المخالفين، راجع: الشيخ عبد المتعال الصعيدي: بر ً المخالفين في الإسلام، رسالة الإسلام، دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، القاهرة، عدد . ١٣٧٣ ه ١٩٥٤ م، ص ٢٩٦ ، ٣، س ٦ وهكذا فإن الخلاف لا يمنع من الإنصاف، راجع الشيخ محمد جواد مغنية، الخلاف لا يمنع ، من الإنصاف، رسالة الإسلام، دار التقريب بين المذاهب الإسلامية بالقاهرة، عدد ٤، س ٥ . ١٣٧٣ ه ١٩٥٣ م، ص ٣٩٢ ١٤٣ فكان أمر الله المؤمنين بالقيام بالقسط أمرا عاما لهم أجمعين، والقسط الذي ً أمرهم بالقيام به لا ينفك من أحد أمرين، إما أن يكون قسط ً ا معلوما بعينه فتكون ً الإشارة دالة عليه دون غيره، أو لا تكون الإشارة وقعت على قسط معلوم بعينه فتكون دالة على ما وقع عليه اسم قسط. فلما كانت الإشارة بالألف واللام دالة على التعريف ولم يكن معنا دليل على قسط بعينه معروف، صح أن هذه إشارة  « إلى الجنس، فوجب علينا القيام بكل ما وقع عليه اسم قسط(١) . ويقول ا لسالمي: والعدل هو الفضيلة... ومدار شريعة محمد ژ على رعاية هذه الدقيقة؛ » فشرع اليهود مبناه على الخشونة التامة، وشرع النصارى على المسامحة التامة،  « وشرع محمد ژ متوسط في كل هذه الأمور، فلذلك كان أكمل من ا لكل(٢) . بغض البغيض لا يحول دون وصوله » : ويقول المفتي العام لسلطنة عمان إن « إلى ما له من حق العدل والإنصاف في ا لإسلام(٣) . ٦ مراعاة حقوق الناس وعدم بخس الناس أشياءهم: لا يجوز بخس(٤) الناس أشياءهم في التجارة بكافة صورها، لأن هذا يدخل في باب التحايل الذي حرمه الإسلام. كذلك يروى أن رجلا ً قال للنبي ژ : (١) . ابن بركة: كتاب الجامع، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ج ١، ص ١٦٣ (٢) العدالة هي هيئة راسخة في النفس، » : السالمي، معارج الآمال، ج ٧، ص ٥٢ ، كذلك قيل تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة. والعدالة فعل جميع ما يجب من أوامر الله، معجم مصطلحات الإباضية، المرجع « وتجنب جميع المحرمات، والرذائل المباحة في الأصل . السابق، ج ٢، ص ٦٧٢ ٦٧٣ (٣) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، القيم الإسلامية ودورها في تقديم حلول للمشكلات البيئية . العالمية، ص ٨٧ (٤) هو نقص الشيء على سبيل الظلم، قال تعالى: » : البخس ﴿ TSRQ ﴾ وقال تعالى: ﴿ ^] _` ﴾ [الراغب الأصفهاني: المفردات في غريب القرآن، مكتبة البابي [ ١٩٦١ ، ص ٣٨ الحلبي، القاهرة، ١٣٨١ . أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٤٤ (يا رسول الله إني رجل أخدع في البيع!) فقال النبي ژ : إذا بايعت فقل: »رواه الستة). ومعنى الخلابة: الخديعة وكل بايع خدع مشتريا في ) « لا خلابة له ً بيعة أو مشتري ً ا خدع بائع ً ا فيما ابتاعه منه، كان عاصي ً ا والبيع فاسد ً ا لنهي النبي ژ (١) . وقد شدد القرآن على ضرورة عدم بخس الناس أشياءهم في أكثر من آية، يقول تعالى: ﴿ ÛÚÙØ×Ö ❁ ßÞÝ ❁ á äãâ ﴾ [١٨٢ ، [الشعراء: ١٨١ . - ﴿ ]\[ZYXW ﴾ [ [الأعراف: ٨٥ . - ﴿ ihgfed ﴾ [ [الرحمن: ٩ . ٰ _^ ﴿ ]\[ZYXW ` edcba ﴾ (٢) . - ﴿ ^] _` edcba ﴾ [ [هود: ٨٥ . - ﴿ -. 0/ ﴾ [ [الأنعام: ١٥٢ . - ﴿ ³´º¹¸¶μ﴾ [ [الإسراء: ٣٥ . ´³²±❁ ¯®¬«ª© ﴿ §¦ ❁ μ ﴾ [ [المطففين: ١ ٣ . (١) . ابن جعفر: الجامع، ج ٢، ص ٣٢٣ (٢) ولا يجوز البخس في الكيل والوزن، قال الله تعالى: » : يقول البسيوي ﴿ ³´¶μº¹¸ِ ﴾، فأمر بالعدل والحق، ونهى عن البخس وأمر بالوفاء، ونهى عن النقصان، وأوعد بالويل في التطفيف، فقال تعالى: ﴿ §¦ ❁ «ª© ¬® ¯ ❁ μ´³²± ﴾، أي: ينقصون إذا وزنوا لغيرهم، فجعل لهم الويل ولو .« على أصغر الصغير من التطفيف، فأما المطفف فخاسر . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ٢٩ ٣٠ ١٤٥ وترجع علة بخس الناس أشياءهم إلى أن الله تعالى لم يرخص: (في شيء من أموال الناس في غير حل فيما بينهم)(١) . كما أن البخس في ا لكيل: « ولو أقل قليل معصية شديدة، ومضرة »(٢) . معنى ذلك أن عدم بخس الناس أشياءهم يعني بعبارة وجيزة عدم هضم حقوقهم مكرا وخداع ً ا. ً ولعل من الاقتراحات الجيدة لتلافي بخس الناس أشياءهم في الكيل والوزن أو عن طريق تطفيف الميزان والغش في المكاييل ما ذكره الإمام ا لماوردي(٣) . :« لال  رة ا  ا» أ ج) ١ المبدأ ا لعام: يحكم التجارة مبدأ أساسي أكده القرآن الكريم، وهو ضرورة أن يكون موضوعها وغرضها حلالا، ً وبالتالي عدم جواز الاتجار في المحرمات. وقد ثبت ذلك في قوله تعالى: ﴿ VUTSRQP (١) . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٢، ص ٨٠٠(٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٦ ، ص ١٠٨(٣) ويجوز له إذا استراب بموازين السوقة ومكاييلهم أن » : إذ بخصوص المحتسب يقول يختبرها ويعايرها ولو كان له على ما عايره منها طابع معروف بين العامة لا يتعاملون إلا به كان أحوط وأسلم. فإن فعل ذلك وتعامل قوم بغير ما طبع بطابعه، توجه الإنكار عليهم إن كان مبخوسا من وجهين: ً أحدهما: لمخالفته في العدول عن مطبوعه، وإنكاره من الحقوق ا لسلطانية. والثاني: للبخس والتطفيف في الحق وإنكاره من الحقوق ا لشرعية. فإن كان ما تعاملوا به من غير المطبوع سليما من بخس ونقص، توجه الإنكار عليهم بحق ً .« السلطنة وحدها، لأجل ا لمخالفة . الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ٤٠٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي `_^]\[ZYXW a ﴾[ [الأعراف: ١٥٧ . وقال تعالى في بيان بعض المحرمات، ﴿ ^]\ `_ tsrqponmlkjihgfedcba vu ﴾ [ [البقرة: ١٧٣ ﴿ ! *)('&%$#" 876543210/.-,+ GFEDCBA@?>=<;:9 TSRQPONMLKJIH `_^]\[ZYXWVU ba ﴾[ [المائدة: ٣ . الشريعة قسمان مأمورات ومنهيات واعتناء الشارع » : يقول الزركشي إذا أمرتكم » : بالمنهيات فوق اعتنائه بالمأمورات، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام « بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه(١) .« معنى ذلك أن مبدأ التجارة الحلال له وجهان: وجه إيجابي، ووجه سلبي. أولا الوجه الإيجابي: جواز التجارة في ا لمباحات: بخصوص تصرفات بني البشر يمكن ا لتساؤل: - هل الأصل في الأشياء ا لإباحة.  (١) . الزركشي: المنثور في القواعد، ج ٣، ص ٣٩٧ ولما كان المسلم مسؤولا أمام الله سبحانه عن ماله من أين » : وتقول دار الإفتاء المصرية لا تزول قدما » : اكتسبه وفيما أنفقه، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الترمذي نصه عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيم فعل وعن ماله من أين اكتسبه وجب على المسلمين الالتزام بالمعاملات التي تجيزها « وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه نصوص الشريعة وأصولها والابتعاد عن الكسوب المحرمة أي « ا كانت أسماؤها ومغرياتها . الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، ج ١٠ ، ص ٣٤٤٩ ١٤٧ - أم الأصل في الأشياء الحظر أو ا لمنع؟ - أم الأصل فيها ا لتوقف. ليس هنا مجال التصدي في دراسة تفصيلية لتلك المسائل. ويكفينا أن نقرر بخصوص التعاملات الاقتصادية أن الأصل فيها بلا أدنى شك هو الإباحة(١) ، مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ ÅÄÃÂÁÀ¿¾ ﴾[ [البقرة: ٢٩ ، وقوله جل شأنه: ﴿ ßÞÝÜÛÚÙØ×Ö ﴾  [ [الجاثية: ١٣ وقوله: ﴿ ! " &%$# ' ,+*)( 10/. ﴾[ [لقمان: ٢٠ . ولا شك أن تلك الآيات مجال تطبيقها الأول هو المعاملات الاقتصادية بين الأفراد أو الدول أو ا لجماعات. فإذا ورد دليل على الحظر فإنه يخرج عن دائرة التعامل الاقتصادي في شريعة الإسلام، لضرره على الإنسان، مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ ,+* -. / ﴾[ [الأنعام: ١١٩ . وهكذا فإن موضوع المعاملات الاقتصادية إذا كان طيبا وحلالا، ً فلا شك في ً إباحته، وإذا كان خبيث ً ا أو حراما فلا شك في تحريمه، يقول تعالى: ﴿ d ً (١) الإمام الجويني: « إن ما لا يعلم تحريمه من المعاملات فلا حجر فيه » : يقول الإمام الجويني غياث الأمم في التياث الظلم، تحقيق: د. فؤاد عبد المنعم د. مصطفى حلمي: دار الدعوة، الإسكندرية، ١٩٧٩ ، ص ٣٥٨ ). علة ذلك أن ما لا حرج فيه ولا حجر لا يتناهى، وإنما المعدود المحدود ما يحرم، فإذا التبس على بني الزمان أعيان المحرمات وهي مضبوطة لم يحرم عليهم نفي الوجوب فيما لم » ما لا يتناهى (نفس المرجع، ص ٣٦٠ ) ذلك أن القاعدة الكلية تقتضي .( ذات المرجع، ص ٣٦٢ ) ،« يقم الدليل على وجوبه، وارتفاع الحرج فيما لم يثبت فيه الحظر الحرام الممنوع منه إما بتسخير إل » : كذلك قيل ٰ هي وإما بمنع قهري وإما بمنع من جهة العقل الراغب الأصفهاني: المفردات في غريب ) « أو من جهة الشرع أو من جهة من يرتسم أمره .( القرآن، مكتبة مصطفى البابي الحلبي القاهرة: ١٣٨١ ١٩٦١ ، ص ١١٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٤٨ mlkjihgfe ﴾[ [المائدة: ٤ ، ﴿ ª«¬® ﴾[ [المائدة: ٥ . وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿ 65432 ﴾[ [البقرة: ٢٢٠ ، ويقول أيض ً ا: - ﴿ TSRQPONM ﴾ [ [البقرة: ١٧٢ . - ﴿ <;:9876543 = ﴾[ [الأعراف: ٣٢ .  - ﴿ ]\[ZYXWVUTSRQP ﴾ [ [الأعراف: ٣٣(١) . يقول ا لبسيوي: والتجارة حلال إذا كانت عن التراضي بوفاء الكيل والوزن، والخروج مما » نهى عنه ا لرسول ژ « (٢) . (١) وهكذا فما دام التصرف الاقتصادي المراد اتخاذه لا يتعارض مع أصول الشريعة وقواعدها الكلية فهو على أصل الإباحة الأصلية. ومن خير من كتب في ذلك المرحوم الشيخ علي إن تعامل الناس بعقد على صورة معينة جرى بها العرف، لا يصلح وحده » : الخفيف، إذ يقول دليلا ً على أن أي خروج على صورته، أو أي خلاف لوضعه محظور شرع ً ا، لأنه: إذا كان من شروطه ما أوجب الشارع مراعاته، وكان الخروج أو الخلاف في هذا النوع من الشروط، فإن حظر الشارع للانحراف عنه حينئذ لمخالفة ما أوجب الشارع مراعاته وألزم الناس باتباعه. أما إذا كان الخلاف فيما لم يرد فيه إيجاب ولا إلزام إنما كانت مراعاته في التعامل والتمسك به بحكم العادة وعرف الناس فيه وسكت الشارع عن حكم مخالفته فإن الخلاف حينئذ يكون انحراف ً ا عن أمر سكت عنه الشارع ولم يبين حكم مخالفته. والحكم في مثله الإباحة، تطبيق ً ا الشيخ علي الخفيف: بحث في حكم ) « لمبدأ الإباحة الأصلية فيما سكت عنه الشارع الشريعة على شهادات الاستثمار بأنواعها الثلاثة تطبيق ً ا للقواعد الفقهية العامة والأصول .( الشرعية للمعاملات، هدية مجلة الأزهر، ربيع الآخر ١٤١٧ ه، ص ١١ أن استحداث معاملة جديدة لا يشترط لإباحته قياسه على ما وردت به النصوص » : معنى ذلك د. جمال الدين عطية، البنوك الإسلامية، كتاب ) « إذ دليل الشرعية هو الإباحة الأصلية ذاتها .( الأمة، رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية، قطر ١٤٠٧ ه، ص ١٢٥ (٢) . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٢، ص ٧٩١ ١٤٩ كذلك بخصوص سؤال: هل يلحقنا إثم وذنب عن شراء مبيع حلال العين ولكنه يباع في محل تجاري لا حرج في » : يباع فيه أشياء حرمها الإسلام؟ يقول المفتي العام لسلطنة عمان « ذلك إن لم يكن في ذلك تشجيع على بيع ا لمحرمات(١) . ثانيا الوجه السلبي: عدم جواز التجارة في المحرمات أو المنهيات أو ا لممنوعات(٢) : امتناع » معنى ذلك أن التجارة فيما ذكر تتطلب ً عن الولوج فيها بل قيل « ا إن قوله تعالى: ﴿ onmlk﴾ أحد أوجه تفسيره المنع من « التجارة ا لفاسدة »(٣) . وفي الإسلام القاعدة وفق ً ا للرأي الراجح هي أن الأصل في الأشياء الإباحة، وبالتالي يشكل الحرام أو الممنوع أو المنهي عنه ا لاستثناء. (١) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى المعاملات، الكتاب الثالث، ص ٨٣ ٨٦ وقوله تعالى: » : كذلك قيل ﴿ DCBA﴾ استثناء منقطع لأن التجارة ليست من جنس الباطل بأي معنى أريد به وتأويله بالسبب ليكون متصلا ً الإمام ابن « ليس في محله . حجر الهيتمي: الزواجر عن اقتراف الكبائر، دار الشعب، القاهرة، ص ٣١١ التجارة في كل شيء ما هو معلوم من الأصول والعروض والمعاملات والشراء » : ويقول البسيوي . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٨٢٠ « والبيع في جميع ما أحل الله من ذلك جائز (٢) وأما المعاملات المنكرة: كالزنا والبيوع الفاسدة، » :« المعاملات المنكرة » ويسميها الماوردي وما منع الشرع منه، مع تراضي المتعاقدين به، إذا كان متفق ً ا على حظره، فعلى والي الحسبة إنكاره، والمنع منه، والزجر عليه، وأمره في التأديب مختلف بحسب الأحوال وشدة ا لحظر. وأما ما اختلف الفقهاء في حظره وإباحته فلا مدخل له في إنكاره، إلا أن يكون مما ضعف « الخلاف فيه، وكان ذريعة إلى محظور متفق عليه، كربا النقد، فالخلاف فيه ضعيف . الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ٤٠٦ ٤٠٧ الفتح الجليل من أجوبة ،« أنه لا يؤاخذ الناس بما فعلوه قبل النهي » ومن المعلوم من الشريعة الإمام أبي خليل، ص ٤٤٢ . كما أن مناهي النبي ژ مقتبسة من مناهي الله 8 ويقع نهيه الوارجلاني: العدل والإنصاف في معرفة أصول .« بصيغة لا تفعل وبالتحريم وبالذم وباللعن . الفقه والاختلاف، ج ١، ص ٩٧ (٣) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ١٣ ، ص ١٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي محصورة منضبطة، وبانضباطها يمتاز » : يقول الإمام السالمي إن المنهيات « الجائز من البيوع من غير الجائز، فما عدا المنهي عنه مباح جائز(١) . لا يحرم على الناس من المعاملات » : ذلك أنه في الإسلام الأصل أنه « التي يحتاجون إليها إلا ما دل الكتاب والسنة على تحريمه(٢) .   ويقول ا لسعدي: وبالجملة، فالمحجور في دين الإسلام ما قد أجمع أهل » الاستقامة على أنه من الحرام فلم يجز في نقده أو في تأخيره إلا أن يمنع، والحلال ما قد أبيح كذلك فأطلق لمن شاءه من الأنام، فهما قسمان، ولكل منهما درجات بعض ً « ا فوق بعض(٣) . كذلك توجد في الفقه الإباضي العديد من القواعد الخاصة بالمحرمات أو المنهيات، ومنها: :ﻲﻤﻟﺎﺴﻟﺍ ﺡﺮﺷ ﻊﻣﺎﺠﻟﺍ ﺢﻴﺤﺼﻟﺍ ﺪﻨﺴﻣ ﻡﺎﻣﻹﺍ ،ﻊﻴﺑﺮﻟﺍﺝ ،٣ ﺹ.١٤٧ ﻦﺑﺍ :ﺔﻴﻤﻴﺗ ﺔﺳﺎﻴﺴﻟﺍ ،ﺔﻴﻋﺮﺸﻟﺍ ﺭﺍﺩ ،ﻢﻠﺴﻤﻟﺍ ،ﺽﺎﻳﺮﻟﺍ ١٤١٢ـ ،١٩٩٢ ﺹ.١١٢ ً :ﺎ ﻥﺇ» ﺕﺎﻣﺮﺤﻤﻟﺍ ﻦﻣ ﺮﻴﻏ ﻥﺃ ﻙﺭﺪــﺗ ﺔﻓﺮﻌﻣ ﺎﻬﺘﻣﺮﺣ ﺔﺠﺤﺑ ﻝﻮﻘﻌﻟﺍﻻ ﻡﻮﻘﺗ ﺔﺠﺤﻟﺍ ﻒﻴﻀﻳﻭﻀﻳﺃ ﺎﻬﺘﻣﺮﺤﺑ ﻻﺇ ﻉﺎﻤﺴﺑ ،ﺓﺭﺎﺒﻋﻭ ﺎﻣﻭ ﻢﻟ ﻪﻐﻠﺒﺗ ﺔﺠﺤﻟﺍ ﻢﻠﻌﺑ ﻚﻟﺫ ﻼﻓ ﺭﺪﻘﻳ ﻰﻠﻋ ﻕﺮﻓ ﻚﻟﺫ ،ﻪﻨﻴﻌﺑ ﻻﻭ (١)(٢)(٣) ﻕﺮﻓ ﻦﻴﺑ ﻝﻼﺣ ﺀﺎﻴــﺷﻷﺍ ،ﺎﻬﻣﺍﺮﺣﻭ ﺍﺫﺈﻓ ﻪﻣﺰﻟ ﻙﺮﺗ ﻊﻴﻤﺟ ﺀﺎﻴﺷﻷﺍ ﻰﺘﺣ ﻢﻠﻌﻳ ﺎﻬﻟﻼﺣ ﻦﻣ ﺎﻬﻣﺍﺮﺣ ﻪﻣﺰﻟ ﻲﻓ ﻚﻟﺫ ﻥﺃ ﻙﺮﺘﻳ ﻝﻼﺤﻟﺍ ،ﺡﺎﺒﻤﻟﺍ ﻥﺎﻛﻭ ﻲﻓ ﻚﻟﺫ ﻩﺮﺠﺣ ﻪﻴﻠﻋ ﻝﻼﺤﻟﺍ ،ﻪﻠﻛ ﻪﻣﺰﻟﻭ ﻲﻓ ﻚﻟﺫ ﻥﺃ ﻢﻠﻌﻳ ﻊﻴﻤﺟ ﻝﻼﺤﻟﺍ ﻦﻣ ،ﻡﺍﺮﺤﻟﺍ ﻊﻴﻤﺟﻭ ،ﻡﺎﻜﺣﻷﺍ ﺍﺬﻫﻭ ﺎﻣﻻ ﻪﻘﻴﻄﻳ ﻖﻴﻀﻳﻭ ،ﻪﻴﻠﻋ ﺪﻗﻭ ﺯﺎﺟﺃ ﷲﺍ ﻪﻟ ﻥﺃ ﻞﻛﺄﻳ ﻝﻼﺤﻟﺍ ﻝﺎﻘﻓ :ﻰﻟﺎﻌﺗ ﴿À¿¾½¼» ﴾[١٦٨ :ﺓﺮﻘﺒﻟﺍ] ؛ ﻝﻼﺤﻟﺎﻓ ﻮﻫ ؛ﺡﺎﺒﻤﻟﺍ ﻥﻷ ﻪﻠﺻﺃ ﻥﺎﻛﻻﻼـﺣ ، ﻻﺇﺎﻣ ﻪﻣﺮﺣ ﷲﺍ ﻢـﻬﻴﻠﻋ ،ﺀﺎﻨﺜﺘـــﺳﻻﺎﺑ ﺲﻴﻠﻓ ﻪﻴﻠﻋ ﻙﺮﺗ ﻝﻼﺤﻟﺍً ﻻﻭ ﺏﻮﻛﺭ ﻡﺍﺮﺤﻟﺍ ،ﻲﻨﺜﺘــﺴﻤﻟﺍ ﺍﺫﺇ ﺭﺪــﻗ ،ﻪﻴﻠﻋ ﻪــﺘﻐﻠﺑﻭ ﺔﺠﺤﻟﺍ :ﻪﺑ ﻊﺟﺍﺭ» :ﻱﺪﻌــﺴﻟﺍ ﺱﻮﻣﺎﻗ ،ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ،٥٣ ﺝ ؛١٢١ ﺹ ،٧ ﺝ.٢٤٤ ﺹ ﺹﻮﺼﺨﺑﻭ ﻪﻟﻮﻗ :ﻰﻟﺎﻌﺗ ﴿wvutsrqponmlkji~}|{zyxﮯ¦¥¤£¢¡ ﴾[١٤٥ :ﻡﺎــﻌﻧﻷﺍ] . ﻝﻮــﻘﻳً ﺍ ﻻﺇﺎﻣ ﻰﻨﺜﺘﺳﺍ ﷲﺍ ﺎﻤﻛ :ﻞﻤﺘﺤﺗ ﻦﻣ» :ﻲﻌﻓﺎﺸﻟﺍ ﺔﻳﻵﺍﻭ ﻞﻤﺘﺤﺗ :ﻰﻨﻌﻣ ﻥﺃ»ﻻ ﻡﺮﺤﻳ ﻰﻠﻋ ﻢﻋﺎﻃ ﺪﺑﺃ ﺀﻲﺷ ﻞﺌﺳ ﻪﻨﻋﻝﻮﺳﺭ ﷲﺍ ﻥﻭﺩ ،«ﻩﺮﻴﻏ ﻞﻤﺘﺤﺗﻭ ﺎﻤﻣ» ﻢﺘﻨﻛ ،«ﻥﻮﻠﻛﺄﺗ ﺍﺬﻫﻭ ﻰﻟﻭﺃ ﻪﻴﻧﺎﻌﻣﻻﻻﺪﺘﺳﺍً   الشافعي: الرسالة، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ،« بالسنة عليه، دون غيره . ١٤٠٣ ١٩٧٣ ، ص ٩٥ ٩٦ ١٥١ · « المعاملة بالمحرم بيع في اللغة لا في الشرع » قاعدة(١) . ويعني ذلك عدة أمور، منها: - أنه لا أثر للتجارة في ا لحرام. - أن مثل تلك المعاملة لا تضفي طابع ً ا حلالا ً على ما قرر الشرع تحريمه. - أن التراضي على غير المشروع لا يضفي عليه أدنى مشروعية. · حاصل المقام » : يقول السالمي « النهي عن الشيء لا يستلزم نفي ملكه » قاعدة أن النهي عن الشيء لا يستلزم نفي ملكه وناهيك بالنهي عن بيع الثمرة قبل إدراكها، وعن بيع العبد حال إباقه، وعن بيع الحيوان حال غيبته، وعن بيع الخضروات قبل إدراكها، وعن بيع ما في بطون الأنعام، وعن بيع اللبن في الضرع وما أشبه ذلك فما  أنت قائل في النهي عن بيع هذه الأشياء أهو مناف لملكها أم لا؟ ولا قائل بالأول  « ولا يصح أن يقال معه أن النهي عن الشيء يستلزم نفي الملك عنه(٢) . · « ما حرم استعماله حرم بيعه » وقاعدة « ما جر الحرام فهو حرام » قاعدة(٣) . ُ يقول ا لعوتبي: كل محرم أكله وشربه فبيعه محرم إلا ما قامت الدلالة بتخصيصه، » (١) . أطفيش: شرح النيل، ج ٨، ص ٥١٨(٢) . جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ١٥٧(٣) وأصل القاعدتين قوله ژ : ؛٥١٢/٢ ، سنن الترمذي، ٦١٤ ) « ما نبت من سحت فالنار أولى به » « إن الذي حرم شربها حرم بيعها » : ٣٤٩ )، وقوله ژ بخصوص الخمر /٣٠ ، ومسند أحمد ١٤٨١٥ .١٢٢٦ ، (أخرجه مسلم وابن حبان)، راجع معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ٢، ص ١٢٢١ حري بالذكر أنه بخصوص حكم الضمان في الخمر والخنزير بأن أتلفها مسلم لغير مسلم، فيه قولان في الفقه ا لإسلامي: القول ا لأول : ضمان المسلم إذا أتلف خمر غير المسلم أو خنزيره. ذهب إلى ذلك الحنفية والمالكية والحنابلة في قول مرجوح والزيدية والإمامية. القول ا لثاني : لا ضمان على المسلم في إتلافه خمر غير المسلم أو خنزيره. ذهب إلى ذلك: الشافعية وهو الراجح عند الحنابلة والظاهرية، راجع تفصيلات كثيرة، في: د. مصطفى مكي الكبيسي: أحكام التعايش مع غير المسلمين في المعاملات والأحوال . الشخصية، ص ٣١٣ ٣١٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي روى تميم الداري قال: كنت أهدي لرسول الله ژ كل عام راوية من خمر إذا يا تميم إن الخمر » : قدمت من الشمال فأهديت له عاما وقد حرمت الخمرة فقال ً لا يحل ثمن كل » : قلت: يا رسول الله أفلا أبيعها وأنتفع بثمنها؟ فقال ،« قد حرم .« قال تميم: فقللت عن لوائها فعيبتها ،« شيء لا يحل أكله ولا شربه إذا حرم الله شيئ » : روى جابر عن ا لنبي ژ أنه قال ً « ا حرم ثمنه(١) . · لا يجوز أيض « الحرام المجهول » قرر الفقه الإباضي أن ً ا التعامل بخصوصه. وقد بين أطفيش أنواع ذلك، كما يلي: الحرام المجهول ثلاثة: (مجهول العين) أي: كجهل أن هذا المائع خمر وأن » هذا الحيوان خنزير، (ومجهول التحريم) كجهل تحريم الخمر والخنزير، واشتراء مال ممن لا يملكه ولا  يملك تصرف ً ا فيه، وتسري مدبرة، (ومجهول الصفة ( كجهل أن هذه مدبرة وأن هذا ليس لبائعه تصرف فيه، وأن هذا اللحم من ميتة (ويعذر فيه لأنه من الغيب) أي: من الغائب أو ذي الغيب الذي لم يكلفنا الله علمه؛ لأنه لم يجعل لنا أمارة عليه (ما لم يطلع عليه) غاية للعذر أوله ولكونه من (١) العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ١٢٩ ، وبخصوص سؤال رجل لديه تجارة من ضمنها مواد مشتبهة في أن تكون بعض مكوناتها شحوما خنزيرية، وقد علم بذلك بعد أن اشتراها وباع ً قسما منها، فما حكم ما تم بيعه؟ وماذا عليه أن يعمل بالباقي هل يرجعه إلى البائع، وإن ً رفض هل يبيعه للمشركين أو يوزعه عليهم؟ أم ماذا يفعل به؟. ليس عليه فيما سبق بيعه شيء، لأنه لم يكن على » : يقول سماحة المفتي العام لسلطنة عمان علم بما يحتويه المبيع، أما ما بقي عنده فإن تأكد احتواؤه على الحرام كشحوم الخنزير فعليه التخلص منه برده إلى البائع واسترداد الثمن منه، فإن رفض قبوله فعليه إتلافه ولا يصح له بيعه ولو إلى مشرك؛ لأن ثمن الحرام حرام، ولا توزيعه على المشركين، لعدم جواز إطعام الحرام ولو لمستحله، وفي الحديث أن رجلا ً أهدى إلى النبي ژ راويتي خمر فقال له « إن الذي حرم شربها حرم بيعها » : ألم تعلم أن الله حرمها؟ فقال: أفأبيعها؟ فقال له » : النبي ژ فقال: أفأكرم بها اليهود؟ فقال: إن الذي حرم شربها حرم أن يكارم بها اليهود، ولسائر الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى المعاملات، الكتاب « المحرمات حكم الخمر . الثالث، ص ٨٥ ١٥٣ الغيب (لا في الأولين) مجهول العين ومجهول التحريم، وقيل: يعذر في مجهول العين وعليه أبو إسحاق وبعض قومنا، ولا عذر في مجهول التحريم إلا أن بعض « المشارقة لا يحكم بكفر فاعله بل بعصيانه والصحيح أنه لا عذر فيهما(١) . ٢ تطبيقات ا لمبدأ: أولا أمثلة على التجارة المنهي عنها بصفة عامة: ذكر فقهاء الإباضية خصوصا بالنسبة للبيوع الفاسدة أمثلة كثيرة(٢) كلها ً   تستند إلى ما ورد في الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، مثل: النهي عن بيع الحصاة، وعن بيع حبل الحبلة، وعن بيع النخل حتى يزهو، وعن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد، وعن بيعتين في بيعة، وعن الغش في البيوع،... إلخ(٣) . :ﺶﻴﻔﻃﺃ ﺡﺮﺷ ،ﻞﻴﻨﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﻣ ،ﺩﺎﺷﺭﻹﺍ ،ﺓﺪﺟ ١٤٠٥ـ ،١٩٨٥ ﺝ ،٦ ﺹ.٥٢٨ (١) ﺎﻬﺜﺤﺑ ﺀﺎﻬﻘﻓ ﺔﻴﺿﺎﺑﻹﺍ ﺎــﻤﻴﻓ ﻩﻮﺼﺼﺧ ﻦﻋ ﻲﻬﻨﻟﺍ ﻲﻓ ﻉﻮﻴﺒﻟﺍ ﻭﺃ ﺎﻣ»ﻻ ﺯﻮــﺠﻳ ،«ﻪﻌﻴﺑ ﻭﺃ ﻉﻮﻴﺒﻟﺍ» (٢) ﻲﻬﻨﻤﻟﺍ «ﺎــﻬﻨﻋ ﻭﺃ ﻲﻫﺎﻨﻣ» «ﻉﻮﻴﺒﻟﺍ ﻭﺃ ﻉﻮــﻴﺒﻟﺍ» ﺓﺰﺋﺎﺠﻟﺍ ،«ﺔﻌﻨﺘﻤﻤﻟﺍﻭ :ﻊــﺟﺍﺭ ﻖﻘﺤﻤﻟﺍ :ﻲﻠﻴﻠﺨﻟﺍ ﺪﻴﻬﻤﺗ ﺪــﻋﺍﻮﻗ ،ﻥﺎﻤﻳﻹﺍﺝ ،٨ ﺹ٢٥٧ ـ ؛٢٥٩ :ﻲﻗﺎﺘــﺳﺮﻟﺍ ﺞﻬﻨﻣ ،ﻦــﻴﺒﻟﺎﻄﻟﺍﺝ ،٧ ﺹ٧٦ ـ ؛٨١ ﻊــﻣﺎﺟ ﻲــﺑﺃ ﻦــﺴﺤﻟﺍ ،ﻱﻮﻴــﺴﺒﻟﺍﺝ ،٣ ﺹ١٧٨٧ ـ ؛١٧٩٢ ﻦﺑﺍ :ﺔــﻛﺮﺑ ﺏﺎــﺘﻛ ،ﻊﻣﺎﺠﻟﺍﺝ ،٢ ﺹ٣٢٤ ـ ؛٣٣٢ :ﻢﺻﻷﺍ ،ﺓﺮــﻴﺼﺒﻟﺍﺝ ،١ ﺹ٨ ـ ؛١٦ ﻦﺑﺍ :ﺮﻔﻌﺟ ،ﻊﻣﺎﺠﻟﺍﺝ ،٩ ﺹ٤١ ـ ؛٥١ ﻦﺑﺍ :ﺮﻈﻨﻟﺍ ،ﻢﺋﺎﻋﺪﻟﺍ ﺹ٤٥٣ ـ ؛٤٥٦ :ﻲــﺷﺎﻄﺒﻟﺍ ﺔــﻳﺎﻏ ﻝﻮﻣﺄﻤﻟﺍ ﻲﻓ ﻢﻠﻋ ﻉﻭﺮــﻔﻟﺍ ،ﻝﻮﺻﻷﺍﻭﺝ ،٥ ﺹ٤٦ ـ ؛٥١ :ﻲﺧﺎﻤﺸﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ،ﺡﺎﻀﻳﻹﺍﺝ ،٣ ﺹ١٤٠ ـ ؛١٥٩ :ﻲﻤﻟﺎﺴﻟﺍ ﺡﺮﺷ ﻊﻣﺎﺠﻟﺍ ﺢﻴﺤﺼﻟﺍ ﺪﻨﺴﻣ ﻡﺎﻣﻹﺍ ،ﻊﻴﺑﺮﻟﺍﺝ ،٣ ﺹ١٤٧ ـ ؛١٧٤ :ﻲﻤﻟﺎﺴﻟﺍ ﺮﻫﻮﺟ ﻡﺎﻈﻨﻟﺍ ﻲﻓ ﻲﻤﻠﻋ ﻥﺎﻳﺩﻷﺍ ،ﻡﺎﻜﺣﻷﺍﻭ ﺝ١ ـ ،٤ ﺹ٢٨٣ ـ ؛٣٢٣ :ﻱﺪﻨﻜﻟﺍ ﻥﺎﻴﺑ ،ﻉﺮــﺸﻟﺍﺝ ،٤٢ ﺹ١٨١ ـ ؛٢١١ ﻢﻟﺎــﺳ :ﻲﺑﺎﻴــﺴﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺩﺎــﺷﺭﺇ ﻡﺎﻧﻷﺍ ﻲﻓ ﻥﺎــﻳﺩﻷﺍ ،ﻡﺎﻜــﺣﻷﺍﻭﺝ ،٥ ﺹ٢٣٢ ـ ؛٢٤٥ :ﻲــﻣﺮـﻀﺤﻟﺍ ﻞﺋﻻﺪﻟﺍ ،ﺞﺠﺤﻟﺍﻭ ﺝ١ ـ ،٢ ﺹ٥٠٥ ـ ؛٥٢٣ ﺔﺑﻮﺟﺃ ﻖﻘﺤﻤﻟﺍ ،ﻲﻠﻴﻠﺨﻟﺍﺝ ،٤ ﺹ١٨ ـ ؛٣٥ ﻢﻟﺎﺳ :ﻱﺪﻴﻌﺳﻮﺒﻟﺍ ﺰﻴﺟﻮﻟﺍ ﺡﺮﺷ ﻊﻣﺎﺠﻟﺍ ،ﺢﻴﺤﺼﻟﺍ ﺹ٤٣٠ ـ ؛٤٤٣ ﻦﺑﺍ :ﺮﻤﻋ ﺔﻴﺷﺎﺣ ﺐﻴﺗﺮﺘﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﻊﻣﺎﺠﻟﺍ ،ﺢﻴﺤﺼﻟﺍﺝ ،٣ ﺹ١٥١ ـ ؛١٧٣ :ﻱﺪﻌــﺴﻟﺍ ﺱﻮﻣﺎﻗ ،ﺔﻌﻳﺮــﺸﻟﺍﺝ ،٥٣ ﺹ١١٧ ـ ؛١٥٣ ﺪﻬﻓ :ﻱﺪﻌﺴﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ ﻲﻠﻋ ﺪﻨﺴﻣ ﻡﺎﻣﻹﺍ ﻊﻴﺑﺮﻟﺍ ـ ﺕﺎﻘﻴﻠﻌﺗ ﺀﺎﻤﻠﻌﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﺚﻳﺩﺎﺣﺃ ،ﺪﻨﺴﻤﻟﺍ ﺹ٢١٦ ـ .٢٤١ ً ﺎ ﻲﻓ ﻉﻮﻴﺒﻟﺍ ،ﺓﺪﺳﺎﻔﻟﺍ ﻲﻓ :ﺶﻴﻔﻃﺃ ﺀﺎﻓﻭ ﺔﻧﺎﻤﻀﻟﺍ ﺀﺍﺩﺄﺑ ﺔﻧﺎﻣﻷﺍ ﻲﻓ ﻦﻓ ،ﺚﻳﺪﺤﻟﺍ ﺮﻈﻧﺍ ﻦﻴﻌﺑﺭﺃﺜﻳﺪﺣ (٣) ﺝ،٤ ﺹ.٧٥ ـ ٤١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي   يقول ا لشماخي: اعلم أن من تأمل النهي الوارد من الشارع في البيوع وجده » على أربعة أوجه، ويتفرع إلى ما أكثر من ذلك، أحدها: نهي تحريم، والثاني: نهي تعبد، وهو الربا، والثالث: نهي غرر، والرابع: الشروط في البيع، وهذه الأربع إنما يعلق النهي فيها بالبيع من جهة ما هو بيع، وأما الأسباب التي ترد من خارج فمنها الغش، ومنها الضرر، ومنها المكان، والوقت، والله أعلم، أما نهي التحريم، فإنه لا يجوز بيع جميع ما حرمه الله تعالى ورسوله ولا شراؤه، مثل: الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وأقذار بني آدم ولحومهم وجميع أجزائهم، « وبيع الأحرار، وأشباه هذه الأشياء مما هو محرم العين ليس فيها ا ختلاف(١) . الخمر ولحم الخنزير محرمان بالكتاب والسنة » : ويقول الشيخ بيوض والإجماع، وثمنهما مثلهما إجماع ً ا، والاتجار بهما من أكبر الكبائر إجماع ً ا ومتعاطي ذلك كافر كفر نعمة إلا إن كان يستحل ذلك، فإن كفره كفر شرك. ولا يقبل منه صرف ولا عدل لا يبر حجه ولا تقبل صدقته إلا أن يتوب توبة نصوحا ً فيجب عليه أن يتصدق بجميع ما كسبه من حرام على الفقراء والمساكين لا على أنه صدقة إحسان منه، بل على أنه تنصل من هذا المال الحرام سبيله الفقراء، « وبدون هذا لا تصح توبته(٢) . والبيع والشراء جائز » : كذلك جاء في سيرة أبي الجواري إلى أهل حضرموت وإنما نهى رسول الله ژ عن الاحتكار والمفاحشة وأن تتلقى الركبان بالجلوبة إلى « الأسواق، ونهى الفقهاء عن حرق ما ورد إلى الأسواق من ا لطعام(٣) . ثانيا عدم جواز الاتجار بالبشر: وا أسفاه!! أصبح الإنسان سلعة للتجارة. ومن المعروف أن الاتجار في الإنسان Human trafficking - La traite des êtres vivants كان من الأمور التي (١) . الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٣، ص ٦٤ ٦٥(٢) . فتاوى الشيخ بيوض، ص ٤٣٨(٣) السير والجواب لعلماء وأئمة عمان، تحقيق: د. سيدة إسماعيل، وزارة التراث القومي والثقافة، . سلطنة عمان، ج ١، ص ٦٩ ١٥٥ تعارفت عليها المجتمعات الإنسانية. وهي لا شك تشكل الآن وصمة عار في جبين ا لإنسانية(١) . ويحمد لفقهاء الإباضية أنهم لا يوافقون على الاتجار بالبشر. ويرجع ذلك « الإنسان لا يملك بدنه » : عندهم إلى قاعدة أساسية، هي قاعدة(٢) . ويعني ذلك ما يلي:  »أولا : أن الإنسان لا يجوز له أن يبيع أعضاءه البشرية؛ لأنه لا يملك الكل فالقاعدة المنطقية ،« الجزء » (البدن) وبالتالي من باب أولى يمتنع عليه بيع .« الكل يتكون من أجزائه » تقرر أن ثانيا: أن بيع الأعضاء البشرية إن تم يكون باطلا ً لانعدام المحل المشروع، لأنه، في مثل هذه الحالة، لم يصادف محلا يجوز فيه ا لتعامل. ثالثا : أن بيع الأعضاء البشرية إن تم يكون باطلا، ً لأنه صدر عن غير لا يجوز بيع جميع ما حرمه الله تعالى ورسوله ولا » : مالك. يقول الشماخي شراؤه، مثل: الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وأقذار بني آدم ولحومهم وجميع أجزائهم، وبيع الأحرار، وأشباه هذه الأشياء مما هو محرم العين « ليس فيها ا ختلاف(٣) . (١) دار النهضة العربية، القاهرة، ،« الحماية الدولية لحقوق الإنسان » : د. أحمد أبو الوفا . ١٤٣٥ ٢٠١٥ ، ص ١٠٩ ١١٠(٢) د. أحمد أبو الوفا: أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، . سلطنة عمان، ١٤٣٦ ٢٠١٥ ، ج ٢، ص ١٤٣ (٣) الحكم فيها » الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٣، ص ٦٤ ٦٥ . ويرى الشماخي أن البيوع الفاسدة ذات المرجع، ص ٤٧ ) ويقرر رأي ) « الرد، ولا تجوز فيها المحاللة، ولا التبرئة ولا التقاضي أن علة ذلك أنها معاملات نوقض بها قصد الشارع راجع د. مصطفى باجو: المقاصد بين الفقهين الإباضي والمالكي، ندوة الفقه العماني والمقاصد الشرعية بوزارة الأوقاف والشؤون . الدينية، سلطنة عمان، ١٤٢٧ ٢٠٠ م، ص ٤٨٠ ٤٨١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي وإما إجازة بيع الدم فلا أرى جوازه أصلا، » : ويقول السيابي ً وما لا يجوز بيعه لا تجوز هبته، ذلك لأن الإنسان بكل ما اشتمل عليه محرم الانتفاع لغيره « لأن الملك لا يجوز عليه(١) . وجاء في مدونة أبي غانم: وسألته عن رجل وامرأة من المشركين ليسوا من أهل العهد أصابهم الجوع » يموتوا جوع ً ا فيأتون بأولادهم فيبيعونهم ممن يأمن تجار المسلمين عندهم، أيحل « شراؤهم؟ قال: لا(٢) . وزعم لو أن رجلا » : كذلك جاء في بيان الشرع ً من أهل الشرك باع ولده أو امرأته من رجل من أهل القبلة ثم أمضى له ذلك الملك ملكهم جاز بيعهم إلا من  (١) . السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ١ ٢، ص ٣٠٤ لا يجوز بيع الدم لنجاسته، ولأنه جزء من جسم » : كذلك يقول سماحة المفتي العام لسلطنة عمان .« الإنسان، وإنما يجوز التبرع بما فضل عن حاجة المتبرع من دمه عند الحاجة. والله أعلم . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى المعاملات، الكتاب الثالث، ص ٨٥ ِ ولأهل عمان ق َصب السبق في محاربة الاتجار بالبشر. لذلك قيل َ : َُ ْ وقد بذلت الحكومة البريطانية جهود » ً ا دبلوماسية عديدة مع سلطان عمان من أجل بذل المساعي الحميدة مع شيوخ إمارات الخليج العربي وإقناعهم بتحريم تجارة العبيد وقد أكد السيد سعيد تعهداته السابقة بتحريم تجارة العبيد ومنع الأطراف الأخرى من استخدام الموانئ العمانية على الساحل الأفريقي لهذا الغرض كما كتب رسائل إلى مشايخ البحرين وقطر والكويت بالمشاركة في الحملة الدولية ضد تجارة العبيد، وأمر حكامه في المواني الشرقية للخليج العربي بمصادرة كافة السفن التي تساهم في تجارة العبيد، ومعاقبة الأشخاص أو الشركات التي تتعامل في هذه التجارة وفي الوقت الذي تبرع فيه السيد سعيد بالمساهمة الفعالة في منع تجارة العبيد، كانت الحكومة البريطانية تدفع مائتي ألف باوند استرليني لملك أسبانيا مقابل قبوله بمبدأ منع تجارة ا لرقيق. وقد وافق السيد سعيد على قرار للبرلمان البريطاني رقم ٢٨ لعام ١٢٦١ ه/ ١٨٤٥ م الخاص بمنع تجارة العبيد، وكان هو الحاكم الوحيد في المحيط الهندي الذي وضع كل ثقله مع القوانين والترتيبات الدولية لمنع تجارة العبيد، بينما كان البرتغاليون والأسبان يرفضون . عمان في التاريخ، وزارة الإعلام، سلطنة عمان، ١٩٩٥ ، ص ٥٢١ « تطبيق هذه القوانين(٢) . مدونة أبي غانم الخراساني ملحق بها كتاب ابن عباد وكتاب الربا، ص ٦٣٨ ١٥٧ كان من أهل الذمة أو من له عليك ذمة فإن بيع أولئك لا يحل إذا كانت له عليك « ذمة وأن من لا عهد له فلا بأس أن يشتري منهم(١) . « أن المسلمين الأوائل كانوا يكرهون بيع ا لرقيق » حري بالذكر(٢) ، وروى « التجارة في ا لرقيق » الزهري أن ا لنبي ژ نهى حكيم بن حزام عن(٣) . وعن شيخ من قريش قال: دخل ناس من بني أسد على معاوية، فسألهم عن تجارتهم، فقالوا: « بئس التجارة، ضمان نفس، ومؤنة ضرس » : نبيع الرقيق، قال(٤) . :« بحق ا لمخلوق » والمنهي عنه « بعينه » ثالثا التفرقة بين المنهي عنه وللبيع المنهي عنه بيعان بيع » : أكد على هذه التفرقة الإمام ابن بركة، بقوله ينهى عنه بعينه وهو بيع بالربا وبيع نهى عنه بحق المخلوق، فالبيع المنهي عنه لعينه لا يجوز أن تقع إباحته بإجازة المتبايعين بعد ذلك. والبيع الآخر هو الذي حق للمخلوق ويجوز ما أجازه صاحب الحق من المتبايعين، وهو نحو الضرر ويدلس العيب وما كان في معناهما فهو بيع وقع في  وقته صحيحا وللمشتري رده إذا وقف على عيبه وما انكتم عليه منه مما هو حق له وإن اختاره ورضي بعيبه كان ذلك جائز ً ا وإلا تم على البائع إذا كان علم بالعيب فكتمه، وبالله ا لتوفيق. والدليل على أن البيع وقع في وقته صحيحا أن الملك بعد العلم بالعيب ً لا يحتاج إلى عقد ثان، ولو كان غير صحيح لكان للبائع أن يسترجعه إذا لم يكن البيع ملك عليه ويحتاج إلى عقد ثان غير الأول يقع المبيع به صحيحا، وهو في ً « معنى الخيار والبيع الموقوف على رضا ا لمشتري(٥) . (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠(٢) . ابن أبي الدنيا: إصلاح المال، الوفاء للطباعة والنشر، المنصورة، ١٤١٠ ١٩٩٠ ، ص ٢٧٠(٣) ذات المرجع، ذات ا لموضع. (٤) . ذات المرجع، ص ٢٦٩(٥) . ابن بركة: كتاب الجامع، ج ٢، ص ٣٥٥ ٣٥٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي معنى ما تقدم ما يلي: أولا أن الفقه الإباضي يعرف ما استقر عليه الفن القانوني المعاصر من التفرقة بين قواعد النظام العام (البيع المنهي عنه بعينه)، وغيرها من القواعد (البيع المنهي عنه بحق ا لمخلوق). ثانيا أن آثار تلك التفرقة تبدو واضحة مما يلي: · أن المنهي عنه بعينه التعامل عليه باطل ولا تجوز إباحته، بينما المنهي عنه بحق المخلوق تجوز إباحته. · أنه بالتالي بالنسبة للمنهي عنه بعينه لا يجوز الاتفاق على عدم الالتزام بالنهي، بينما المنهي عنه بحق المخلوق يجوز فيه ذلك. · أن المنهي عنه بعينه البيع فيه لا يقع، بينما المنهي عنه بحق المخلوق البيع فيه واقع بدليل جواز إجازته ممن له الحق في ذلك. · أن التمسك ببطلان أو فساد المنهي عنه بعينه يكون لأي طرف، بل تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، ولا يسقط الحق في إثارته أمام أية درجة من درجات التقاضي، بينما المنهي عنه بحق المخلوق لا يجوز أن يتمسك به إلا من تقرر بطلان أو فساد العقد لصالحه (المشتري مثلا ً في عقد البيع)، ولا يجوز للمحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها (لأن سكوت الطرف صاحب الحق في إثارته يعد رضا أو إجازة). · أن البيع المنهي عنه بعينه، والمنهي عنه بحق المخلوق يتفقان في أنه لا يمكن إبرام عقد ثان بخصوصهما: الأول لأنه لا يجوز التعاقد بشأنه ولأن البيع الأول ذاته باطل أو فاسد، والثاني لأن العقد وقع وهو يعد نافذ ً ا إن أجازه صاحب الحق في التمسك به. رابعا مدى جواز بيع ا لجزاف: يتعلق ذلك بمسألة ضرورة العلم بموضوع العقد أو محله أو، بعبارة أخرى، تحقق المعرفة التامة بالمعقود عليه. ١٥٩ ولفقهاء الإباضية بخصوص هذه المسألة آراء جيدة(١) . خامسا التجارة في المال العام لا تجوز: فلج ميت دائر من سنين ولم يدعه أحد فإن » : وهكذا بخصوص السؤال الآتي أتونا منه بليحان لا ندري بهن أنهن من سماماته أم من حذاه وحواليه أيجوز لنا أن نقبلهن ممن أتاهن إلينا إن كان فقيرا أو غنيا على وجه الشراء منهم؟ أو أننا ً  قلنا: لهم أن يسموا ثقبته فلهم كذا ثم سموا ثقابهم أيجوز لنا السكوت عنهم .«؟ وقلت البحث لهم أم لا يقول ا لسالمي: أما في الحكم فيصح لكم ذلك كله ما لم تعلموا أنه من الفلج القديم فإن »  علمتم أنه منه فلا يجوز لكم ذلك لأن أخذ سقوفه زيادة في خرابه ولا يصح للأغنياء ولا للفقراء خرابه وإن كان مجهولا ً فإنه إنما يجوز للفقراء الانتفاع بالمجهول (١) قال فقهاء المذهب: إن الجزاف وإن » : لعل خير من عرضها الدكتور ماجد الكندي، إذ يقول كان معلوما إلا أن العلم به ليس تاما، والقول فيه أن كل ما أمكن الوصول إلى معرفته بالكيل ً أو الوزن أو العد أو الذرع فلا يجوز بيعه جزاف ً ا، أما ما لم يتوصل إليه بذلك أو شق الوصول إليه فيجوز بيعه جزاف ً ا، ورخص في كتاب الأشياخ أن يباع الجزاف إذا كان كله ظاهرا يراه ً المشتري فاشتراه على الرؤية جزاف ً ا. ولفقهاء المذهب أقوال فيمن أراد بيع شيء جزاف ً ا وهو عارف بوزنه أو كيله ولم يعلم المشتري بذلك، فقيل بالجواز وقيل بالمنع منه، والناظر إلى الأدلة الشرعية يعلم يقين ً ا أنها تنشد تمام المعرفة بالمعقود عليه وتضييق الجهالة مهما كان ذلك ممكن ً ا ولا يدخل مشقة على الناس في تعاملاتهم، إذ فيه تغييض لمنابع الخلاف والشقاق بين المسلمين وهو مقصد شرعي، وكون الجزاف مما يصح بيعه فذلك استثناء في الأحوال التي يعسر فيها الأمر على الناس باعة ومشترين دونه، وجرى عرفهم على التسامح في مثله. أما بيع الجزاف في الربوبات فعلى القول بعدم حرمة ربا الفضل فلا إشكال في جوازه تحقق التفاضل أو لم يتحقق كما نص على ذلك القائلون بجواز ربا الفضل من علمائنا، غير أنه ينبغي أن يمنع منه على القول الأظهر الذي لا يرى جواز ربا الفضل؛ لأن الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل، د. ماجد الكندي: « وفي حال الجزاف جهل بالتماثل فيكون له حكم ظن التفاضل فلا يجوز الوجيز في العاملات المالية عند الإباضية، ص ٣٧ ٣٨ ، راجع أيض ً ، ا الشماخي، الإيضاح، ج ٥ ، ص ١٢١ ؛ الكندي، بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ٢١٠ ، المحقق الخليلي، أجوبة المحقق الخليلي، ج ٤ . ص ٥٤ ؛ أبو سعيد الكدمي، زيادات أبي سعيد على كتاب الإشراف لابن المنذر، ج ٣، ص ٣٥٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي لا تخريبه أو تضييعه اللهم إلا أن يكون هذا الفلج القديم مما لا يرجى عماره لتعذر   خدمته فلا بأس حينئذ أن ينتفع الفقراء بحجارته وللغني أن يشتريها منهم قلت ذلك نظرا وتخريج ً « ا على بعض معاني الأثر، والله أعلم، فلينظر فيه ولا يؤخذ إلا بعدله(١) . ً سادسا التجارة فيما فيه غرر(٢) : يستند هذا المبدأ إلى ما ثبت عن النبي ژ أنه نهى عن بيع الغرر وعن بيع المجهول، إلا أن فقهاء المسلمين اختلفوا بخصوص هذه المسألة إلى ا تجاهين(٣) : :ﻝﻭﻷﺍ ﻢﻤﻋ ﻚﻟﺫ ﻲﻓ ﻊﻴﻤﺟ ﺕﺎﻓﺮﺼﺘﻟﺍ ﻡﺎﻣﻹﺍ).(ﻲﻌﻓﺎﺸﻟﺍ ﺕﺎﺑﺍﻮﺟ ﻡﺎﻣﻹﺍ ،ﻲﻤﻟﺎﺴﻟﺍﺝ ،٥ ﺹ١١٨ ـ ،١١٩ ﻚﻟﺬﻛ ﺹﻮﺼﺨﺑ ﺀﺎﻀﻗ ﻦﻤﺛ ﻊﻴﺒﻤﻟﺍ ﻦﻣ ﺖﻴﺑ ،ﻝﺎﻤﻟﺍ (١) ﻲﻫﻭ ﺔﻟﺄﺴﻣ ﺎﻬﺣﺮﻃ ﻝﺍﺆﺴﻟﺍ :ﻲﺗﻵﺍ ﻲﻓﻭ» ﻞﺟﺭ ﻉﺎﺑ ﻪﻟﺎﻣﻲﻠﻌﻟ ﻦﺑ ﻝﻼﻫ ﻁﺮﺸﺑ (ﻥﺃ) ﻪﻴﻀﻘﻳﻻﺎﻣً ﻦﻣ ﻪﻟﺎﻣ ﻱﺬﻟﺍ ﻪﻟ ﻲﻓ ﺔﻛﺮﺒﻟﺍ ﻞﻬﺠﺑ ﻦﻣ ﻊﺋﺎﺒﻟﺍ ﻢﻟﻭ ﺭﺪﻳ ﻪﻧﺃ ﺖﻴﺒﻟ ﻝﺎﻤﻟﺍ ﺎﻤﻠﻓ ﺮﻬﻇﺃ ﷲﺍ ﻡﺎﻣﺇ ﻦﻴﻤﻠﺴﻤﻟﺍ ﺯﺎﺣ ﻝﺎﻤﻟﺍ ﺮﻴﻐﻓ ﻊﺋﺎﺒﻟﺍ ﻲﻓ ﻪﻟﺎﻣ ﻁﺮﺸﻟﺎﺑ ﻲﻓﻭ ﻁﺮــﺸﻟﺍ ﺔﺠﺣ ﺔﻟﺩﺎﻋ ﺎﻤﺑ ﻢﻴﻘﻳ ﻁﺮﺸﻟﺍ ﻪﻟﺃ ﻉﻮﺟﺭ ﻪﻟﺎﻣ ﻰﻠﻋ ﻩﺬﻫ ﺔﻔﺼﻟﺍ ﻡﺃ «؟ﻻ ﻝﻮﻘﻳ :ﻲﻠﻴﻠﺨﻟﺍ ﻥﺇ» ﺢﺻ ﺍﺬﻫ ﻁﺮــﺸﻟﺍ ﻲﻓ ﻊﻴﺒﻟﺍ ﻒــﻠﺘﺨﻴﻓ ،ﻪﻴﻓ ﻰﻠﻌﻓ ﻝﻮﻗ ﻦﻣ ﻞﻄﺒﻳ ﻊﻴﺒﻟﺍ ﻁﺮــﺸﻟﺍﻭ ﻮﻬﻓ ،ﻚﻟﺬﻛ ﻰﻠﻋﻭ ﻝﻮﻗ ﻦﻣ ﺖﺒﺜﻳ ﻊﻴﺒﻟﺍ ﻞﻄﺒﻳﻭ ﻁﺮــﺸﻟﺍ ﻊﻴﺒﻟﺎﻓ ﺖﺑﺎﺛ ﻁﺮﺸﻟﺍﻭ ،«ﻞﻃﺎﺑ ﻖﻘﺤﻤﻟﺍ :ﻲﻠﻴﻠﺨﻟﺍ ﺪﻴﻬﻤﺗ ﺪﻋﺍﻮﻗ ،ﻥﺎﻤﻳﻹﺍﺝ ،٨ ﺹ.٣٧٥ ﻚﻟﺬﻛﻻ ﺯﻮﺠﺗ ﺓﺭﺎﺠﺘﻟﺍ ﻝﺎــﻤﻟﺎﺑ ﺹﺎﺨﻟﺍ ﻙﻮﻠﻤﻤﻟﺍ ﺮﻴﻐﻠﻟ ﻥﻭﺩ ،ﻪﺘﻘﻓﺍﻮﻣ ﻞﺑ ﺀﺎﺟ ﻲﻓ ﺮﺛﻷﺍ ﻦﻣ ﻕﺮــﺳ ﺓﺮـﺸﻋ ﻢﻫﺍﺭﺩ ﺮﺠﺗﺎﻓ ﺎﻬﺑ ﻰﺘﺣ ﺕﺭﺎﺻ ﻒﻟﺃ ،ﻢﻫﺭﺩ ﻢﺛ ﺖﺼﻘﻧ ﻢﺛ ﺖﻌﺟﺭ ﻰﻟﺇ ﺔﺴﻤﺧ ﻭﺃ.ﺖﺒﻫﺫ :ﻝﻮﻗ ﻪﻟ ﺔﻠﻤﺟ ﻝﺎﻤﻟﺍﺎﻣ ﻎﻠﺑ ﻮﻫﻭ ﺮﺜﻛﺃ .ﻝﻮﻘﻟﺍ :ﻝﻮﻗﻭ ﻪﻟ ،ﺓﺮــﺸﻌﻟﺍ :ﻊﺟﺍﺭ ﺪﻴﺴﻟﺍﺎﻨﻬﻣ ﻦﺑ :ﻥﺎﻔﻠﺧ ﺏﺎﺘﻛ ﺏﺎﺒﻟ ﺭﺎﺛﻵﺍ ﺓﺩﺭﺍﻮﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﻦﻴﻟﻭﻷﺍ ﻦﻳﺮﺧﺄﺘﻤﻟﺍﻭ ،ﺭﺎﻴﺧﻷﺍﺝ ،١٠ ﺹ.٢٣٩ ﻊﺿﻭ ﻲﻓﺍﺮﻘﻟﺍ ﻕﺭﺎﻔﻟﺍ ﻦﻴﺑ ﺭﺮﻐﻟﺍ ﻝﻮﻬﺠﻤﻟﺍﻭ :ﻪﻟﻮﻘﺑ ﻢﻠﻋﺍ» ﻥﺃ ﺀﺎﻤﻠﻌﻟﺍ ﺪﻗ ﻥﻮﻌﺳﻮﺘﻳ ﻲﻓ ﻦﻴﺗﺎﻫ ﻦﻴﺗﺭﺎﺒﻌﻟﺍ (٢) ﻥﻮﻠﻤﻌﺘــﺴﻴﻓ ﺎﻤﻫﺍﺪﺣﺇ ﻊﺿﻮﻣ ،ﻯﺮﺧﻷﺍ ﻞﺻﺃﻭ ﺭﺮﻐﻟﺍ ﻮﻫ ﻱﺬﻟﺍﻻ ﻱﺭﺪﻳ ﻞﻫ ﻞﺼﺤﻳ ﻡﺃﻻ ﺮﻴﻄﻟﺎﻛ ﻲﻓ ﺀﺍﻮﻬﻟﺍ ﻚﻤــﺴﻟﺍﻭ ﻲﻓ ﺀﺎﻤﻟﺍ ﺎﻣﺃﻭﺎﻣ ﻢﻠﻋ ﻪﻟﻮﺼﺣ ﺖﻠﻬﺟﻭ ﻪﺘﻔﺻ ﻮــﻬﻓ ﻝﻮﻬﺠﻤﻟﺍ ﻪﻌﻴﺒﻛﺎﻣ ﻲﻓ ﻪﻤﻛ ﻮﻬﻓ ً ﺎ ﻦﻜﻟﻻ ﻱﺭﺪﻳ ﻱﺃ ﺀﻲﺷ «ﻮﻫ :ﻲﻓﺍﺮﻘﻟﺍ) ،ﻕﻭﺮﻔﻟﺍ ﻢﻟﺎﻋ ،ﺐﺘﻜﻟﺍ ،ﺕﻭﺮﻴﺑﺝ ،٣ ﻕﺮﻔﻟﺍ ،١٩٣ ﻞﺼﺤﻳﻌﻄﻗ ًﺹ ٢٦٥ ﺮﻈﻧﺍﻀﻳﺃ ﺎ ﻲﻓ ﺲﻔﻧ ﻊﺟﺮﻤﻟﺍ ،ﻖﺑﺎﺴﻟﺍﺝ ،٤ ﻕﺮﻔﻟﺍ ،٢٠٩ﺹ :١٣ ﻕﺮﻔﻟﺍ ﻦﻴﺑ ﺓﺪﻋﺎﻗﺎﻣ ﻊﻨﻤﻳ ﻪﻴﻓ ﺔﻟﺎﻬﺠﻟﺍ ﻦﻴﺑﻭ ﺓﺪﻋﺎﻗﺎﻣ ﻁﺮﺘﺸﻳ ﻪﻴﻓ ﺔﻟﺎﻬﺠﻟﺍ ﺚﻴﺤﺑ ﻮﻟ ﺕﺪﻘﻓ ﻪﻴﻓ ﺔﻟﺎﻬﺠﻟﺍ ﺪﺴﻓ ﻲﻬﻨﻟﺍﻭ ﻦﻋ ﻊﻴﺑ ﻚﻤﺴﻟﺍ ﻲﻓ ﺀﺎﻤﻟﺍ ﻊﺟﺮﻳ ﻰﻟﺇ ﻪﻧﺃ ﺭﺮﻏﻻ ﻱﺭﺪــﻳ ﻪﺒﻴﺼﻳ ﻡﺃﻻ ﺪﻗﻭ ﻰﻬﻧ ﻪﻨﻋ ﻊﻴﺑ ﺭﺮﻐﻟﺍ ﺍﺬﻫ ﻪﻫﺎﺒــﺷﺃﻭ ﻞﻛﻭ ﻊﻴﺑ ً ﺎ ﻢﻴﻜﺤﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﺮﻄﺧﻻ ﻱﺭﺪﻳ ﻪﺒﺣﺎﺻ ﺭﺪﻘﻳﺃ ﻰﻠﻋ ﻪﻤﻴﻠــﺴﺗ ﻡﺃﻻ ﻮﻬﻓ ،ﺭﺮﻏ ﺬﺧﺃﻭ ﻪﻟﺎﻣ ﻢﻟﻭ ﻂﻌﻳﺌﻴــﺷ :ﻱﺬﻣﺮﺘﻟﺍ ،ﺕﺎﻴﻬﻨﻤﻟﺍ :ﻖﻴﻘﺤﺗ ﺪﻤﺤﻣ ،ﻥﺎﻤﺜﻋ ﺔﺒﺘﻜﻣ ،ﻥﺁﺮﻘﻟﺍ ،ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ ،١٩٨٦ ﺹ.(٢٤١ ﻡﺎﻣﻹﺍ :ﻲﻓﺍﺮﻘﻟﺍ ،ﻕﻭﺮﻔﻟﺍ ﻢﻟﺎﻋ ،ﺐﺘﻜﻟﺍ ،ﺕﻭﺮﻴﺑ ﺀﺰﺠﻟﺍ ،ﻝﻭﻷﺍ ،ﻕﺮﻔﻟﺍ ﻢﻗﺭ ٢٤ ﺹ١٥٠ ـ .١٥١ (٣) ١٦١ الثاني: فرق بين: ١ ما يجب أن يجتنب فيه الغرر أو الجهالة وهو باب المماكسات والتصرفات الموجبة لتنمية الأموال وما يقصد به تحصيلها. ٢ وبين ما يجتنب فيه الغرر والجهالة، وهو ما لا يقصد لذلك (أي: لا يقصد تنمية المال) وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام: · معاوضة صرف فيجتنب فيها الغرر والجهالة إلا ما دعت إليه ضرورة. · إحسان صرف لا يقصد به تنمية المال (كالصدقة والهبة)(١) ، فهذا لا ضرر فيه، وبالتالي اقتضت حكمة الشرع التوسعة فيه بالمعلوم والمجهول. (١) يقول القرافي: إن هذه التصرفات لا يقصد بها تنمية المال بل إن فاتت على من أحسن إليه بها لا ضرر عليه فإنه لم يبذل شيئ ً ا بخلاف القسم الأول إذا فات بالغرر والجهالات ضاع المال المبذول في مقابلته فاقتضت حكمة الشرع منع الجهالة فيه أما الإحسان الصرف فلا ضرر فيه فاقتضت حكمة الشرع وحثه على الإحسان التوسعة فيه بكل طريق بالمعلوم والمجهول فإن ذلك أيسر لكثرة وقوعه قطعا وفي المنع من ذلك وسيلة إلى تقليله (الفروق، للقرافي، ً .( المرجع السابق، ص ١٥١ أما علة منع الغرر والجهالة في المعاوضة الصرفة فلأنها يقصد بها تنمية المال فاقتضت حكمة الشرع أن يجتنب فيها من الغرر والجهالة ما إذا فات المبيع به ضاع المال المبذول في مقابلته إلا ما دعت الضرورة إليه عادة ذلك أن الغرر والجهالة على ثلاثة أقسام؛ أحدها: ما لا يحصل معه المعقود عليه أصلا، ً والثاني: ما يحصل معه ذلك دنيا ونزرا، والثالث: ً ما يحصل معه غالب المعقود عليه فيجتنب الأول ويغتفر الثالث. كذلك فقد اتفق الفقهاء على أن الغرر الكثير في المبيعات لا يجوز وأن القليل يجوز (راجع تهذيب الفروق والقواعد السنية في الأسرار الفقهية وهو بهامش الفروق للقرافي، المرجع السابق، ج ١، ص ١٧٠ ). وقد الغ » : أكد على ذلك أيضا مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام مالك، بقوله َرر ً َُ راجع: مشروع ،« اليسير، أو الذي لا يمكن الاحتراز عنه عادة لا يكون مانعا من صحة العقد ً تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام مالك، إعداد اللجنة التحضيرية لتقنين الشريعة . الإسلامية بإشراف مجمع البحوث الإسلامية، القاهرة، ١٣٩٢ ١٩٧٢ ، ص ٥٥ وأما الغرر: فإنه ثلاثة أنواع. إما المعدوم، كحبل الحبلة، وبيع السنين، وإما » : ويقول ابن تيمية المعجوز عن تسليمه، كالعبد الآبق، وإما المجهول المطلق، أو المعين المجهول جنسه أو قدره، كقوله: بعتك عبد ً القواعد النورانية » : ابن تيمية « ا، أو بعتك ما في بيتي، أو بعتك عبيدي .« الفقهية، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ص ١٣٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٦٢ · قسم وسط (النكاح). هو ما لا يضبط المتبايعان مقداره في حال مبايعتهما فيه، كبيع » : وبيع الغرر الجزر في الأرض، والبصل في حال استتاره في الأرض، وبيع السمك غائبا في ً « البحر، واللبن في ضرع الشاه أو البقر أو ا لناقة(١) . ودليل النهي عن بيوع الغرر حديث أبي هريرة عن النبي ژ أنه نهى عن بيوع ا لغرر(٢) . يقول السعدي تعليق ً وفي قول أهل العلم والبصر » : ا على ذلك (١) د. مصطفى أرشوم: القواعد الفقهية عند الإباضية، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة . عمان، ١٤٣٤ ٢٠١٣ ، ج ٣، ص ٧٨ وانظر أيض ً . ا د. ماجد الكندي: الوجيز في المعاملات المالية عند الإباضية، ص ٦٥ الغرر ما لا يسع المتبايعان ضبطه في حال مبايعتهما » : وجاء في معجم مصطلحات الإباضية  فيه مثل: بيع الجزر والبصل حال استثارة في الأرض، والسمك في البحر واللبن في ا لضرع. وعرفه القطب أطفيش بأنه ما لا يعلم وجوده أو عدمه أو لا تعلم قلته أو كثرته أو لا يتيقن القدرة عليه كطائر في الهواء، أو للجهل بصفة ثمن او مثمن، أو بقدره أو أجله، أو تعذر إبقائه مثل أن يبيع ما تركه حيا وقد أكل حلقه ذئب لعله مات قبل بيعه، ولعله مات بعده قبل توصل المشتري إليه، ومن بيوع الغرر: بيع الملامسة، والمنابذة وبيع الحصاة، وبيع حبل الحبلة، وبيع الملاقيح والمضامين، وبيع الثمار قبل زهوها، وبيع المعاومة، وبيعتان في بيعة، وبيع وشرط وبيع وسلف. وحكمه أنه منهي عنه لأن فيه أكلا ً لأموال الناس بالباطل، إلا ما كان يسيرا فإنه مغتفر رفعا ً للحرج ويثبت الخيار للمشتري بالغرر. ، معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢ « وكما لا يجوز بيع الغرر لا يجوز رهنه إلا فيما ندر . ص ٧٦١ ٧٦٢(٢) . أخرجه مسلم في كتاب البيوع ( ١٥١٣ )؛ وأبو داود رقم ٣٣٧٦ وبيع الغرر يندرج تحته كل بيع اشتمل على جهالة تفضي إلى المنازعة، » : ويقول شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي: معاملات ،« وإلى إلحاق الضرر بالناس، وإلى تعطيل مصالحهم . البنوك وأحكامها الشرعية، ص ٥٨ الشماخي: كتاب الإيضاح، « فالغرر يوجد في المبيعات من جهة الجهل » : ويقول الشماخي . ج ٣، ص ١٠٨ الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: « والضرر في المعاملات مرفوض في الإسلام » : كذلك قيل . الفتاوى المعاملات، ج ٣، ص ٢٤٨ ً ١٦٣ ما دل في الموجود على أن من أنواعه ما لا يحاط به معرفة كالحمل في بطن أمه أو من المشهود، إلا أنه قد عز حال بيعه أن يقدر عليه مثل العبد الآبق والجمل الشارد والحمار النافر والبقرة أو الشاه المستنفرة، أو ما خرج عن الأيدي كالطير في الهواء والسمك في الماء والوحش في البحر واللؤلؤ في البحر، وفي المعدوم على أن منه بالقطع ما يأتي (خ: سيأتي) من الأنتجة أو اللبن في الضرع، أو من الشعر أو الصوف أو البعر أو من الحب في الزرع، أو ما يكون من ثمر النخل أو الشجر، أو ما يخرجه المعدن أو يكون في أترابه من الجوهر، أو ما هو من نحو هذا في وقوعه على غير شيء، فإنه من الباطل؛ لما به من الضرر أو ما دونهما من أنواع جنس ما يحتمل فيه كون وجوده أو لا لعدم شهوده مثل رؤوس الثوم في باطن أرضه والبصل والسلحم والجزر، أو كاللبن القائم في ضرعه، أو ما توارى من الثمار في قشره أو في سنبل زرعه، أو غاب في الحين من البهائم أو « العروض أو الأصول عن رؤية العين فإنه من ا لمجهول(١) . كذلك كان ژ ينهى عن بيع السمك في الماء، لأنه غرر، وعن حبل الحبلة، وكانوا في الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة، وعن بيع الطير في الهواء أو غائبا، وعن بيع العبد الآبق، وعن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضعن ً وعن بيع ما في ضروعها إلا بكيل، وعن بيع الثمر حتى يطعم، وعن بيع الصوف حتى يجز، وعن بيع السمن في اللبن حتى يميز من ا للبن(٢) . نهى النبي ژ عن بيع » : وأبو عبيدة عن جابر بن زيد عن أنس بن مالك قال الثمار حتى تزهو، فقيل له: يا رسول الله وما تزهو؟ قال: تحمر، فقال رسول الله ژ « أرأيتم لو منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه(٣) . َ (١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٣ ، ص ١٣٢(٢) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٤، ص ٥٨(٣) على منه وحتى » : بحذف ألف ما الاستفهامية لدخول حرف الجر، مثل قولهم « فبم » وقوله ولما كانت الاستفهامية متضمنة للهمزة ولها صدر الكلام احتيج إلى تقدير أي ،« مه والاستفهام للإنكار، فالمعنى لا ينبغي أن يأخذ أحدكم مال أخيه باطلا ً لأنه إذا تلفت الثمرة أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٦٤ ويوجد عند الإباضية العديد من القواعد الفقهية الخاصة بالغرر، منها(١) : - كل بيع جهل فيه الأجل فهو فاسد. - كل غرر يعدم ا لرضا. - كل ما يضبط جاز بيعه في ا لذمة.  - كل ما ينضبط بما يرفع الجهالة عنه يجوز فيه ا لسلم. - كل ما يوهم جهالة الثمن فالواجب ا جتنابه. وقد اختلف فقهاء الإباضية بخصوص بيع الغرر كالجزر المختفي في الأرض ونحوه: - اختلف الفقهاء في حكم ما بيع من هذا النوع المذكور » : يقول أطفيش فقيل: هو حرام فاسد وبعض ألحقه بالربا، وقال: هو من البيوع المنتقضة « لما به من الجهالة فإن تتاموه تم(٢) . وقال: لا يجوز بيع الغرر وهو بيع البصل ومثله وهو في الأرض، وقال: « لا تجوز المتاممة في ذلك إلا أن يرجع أحدهما إلى صاحبه فيبرئه مما صار إليه(٣) . لا يبقى للمشتري في مقابلة ما دفعه شيء، وفيه إجراء الحكم على الغالب لأن تطرق التلف إلى ما بدا صلاحه ممكن، وعدم تطرقه إلى ما لم يبد صلاحه ممكن فأنيط الحكم بالغالب . في الحالتين. السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ١٥٥ أن الثمرة » : ومعناها « يعتبر بدو الصلاح في كل شيء بحسبه » وقد أخذ الإباضية بقاعدةمعجم القواعد « لا يجوز بيعها قبل بدو صلاحها والمقصود ببدو الصلاح هو أن تأمن العاهة الفقهية الإباضية، ج ٢، ص ١٥٢٨ ١٥٢٩ ، راجع أيض ً ؛ ا الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٩٢ . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٥٦ (١) .٩٣٤ ،٨٩٢ ،٩٩٤ ،٩٩٢ ، القواعد الفقهية الإباضية، ج ٢، ص ٩٨٨(٢) . أطفيش: كشف الكرب، ج ٢، ص ٢٣٧(٣) الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ١٨٧ ، ومن أفضل من بي ن ماهية الغرر وآثاره الإمام الأصم والذي لا يجوز بيعه كل ما كان من البيوع المجهولة التي » : ولأهمية رأيه نذكره كما يليلا تعلم عند البيع ولا يعرفها البائع ولا المشتري، فإن هذه البيوع المجهولات كلها لا تجوز ١٦٥ تلكم أهم ملامح التجارة الحلال وتلك المنهي عنها عند ا لإباضية(١) . !A ا / ا  د ا ٴ )K ا ونعني بها تلك المبادئ التي تحتم عدم القيام بعمل ما أو عدم انتهاج مسلك معين، فهي إذن ذات طبيعة سلبية. ما كانت من كل بيع، وبيع كل غائب من المشتري لا يعلمه في الوقت ولا كان عالما به من ً قبل، ولا نظر الجنس منه ولا أبصره فلا يثبت بيعه، وبيع المجهولات هو كل شيء لا يحيط العلم به من المشتري بمعرفته ولا يعرفه، فإنه مجهول عنده فلا يثبت بيعه عليه وبيع الغرر كله لا يجوز أيض ً ا؛ لأنه غير ظاهر ولا يعلم، وبيع الغرر مثل البصل في وسط الأرض والحرد داخل في الأرض، والحب في سنبله، والألبان داخل ضروع الشاه واللؤلؤ في صدفه، والسمك في البحر، والحب في الجواليق، والثمر في الصروف لا ينظره، فهذا من الغرر الذي لا يجوز بيعه، حتى ينظره المشتري، ويعرفه أو يعرفاه جميعا، ويتبين عن عطائه ولا يجوز بيع الثمرة ً حتى تزهو وتعرف بألوانها ويغلب عليها النضج من صفرتها وحمرتها، ويبدو صلاحها، . الأصم: البصيرة، ج ١، ص ١٠ ١١ « وتؤمن منها العاهة ولا يجوز بيع المحاقلة(١) وما دام النهي قد ثبت فلا خروج عليه، ولا فرق في هذا الخصوص بين أنواع المنهيات. فهذه الصورة التي ذكرها المصنف قد منع الشارع عنها وكل ما منع الشارع » : يقول الشوكاني عنه فهو باطل ولا فرق بين منع ومنع ولا بين نهي ونهي إلا أن تقوم قرينة تدل على أن المراد من ذلك مجرد الكراهة فقط القاصرة عن رتبة التحريم وما اعتل به الجامدون على الرأي من قولهم: هذا نهى عنه لذاته، وهذا نهى عنه لوصفه وهذا نهى عنه لأمر خارج عما كان في كتب الأصول فقد عرفناك غير مرة أن هذه التفرقة مبنية على رأي بحت لم يرتبط ْ .« بدليل عقل ولا نقل . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٣، ص ٩٢ ٩٣ وبخصوص مسألة: فيمن يجيء إلى السوق يبيع دواب المحاربين ويقر أنه أخذها منهم قهرا ً واختلاسا إذا كانوا من أهل القبلة هل على الوالي أن يعترض أم لا يلزمه؟ يقول الخليلي: ً يمنع من بيعها في الأسواق إلا إذا صح أنه أخذها بوجه جائز وأن احتمل أن يكون أخذها »بوجه المعاقبة لهم فاستحقها فمع الاحتمال لا يلزم الوالي المنع وأكثر الأمور محتملة ما لم . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ٣٦ ٣٧ ،« يصح باطلها أو حقها أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي  ومن أهم هذه المبادئ: عدم الغش أو الخداع أو التدليس في التعامل، عدم غبن الطرف الآخر، عدم احتكار السلع والخدمات، عدم المنافسة غير المشروعة، وعدم التعامل بالربا. PQ م ا 0 أ) (١) :*6 ا L )  اع وا N أو ا نذكر المبدأ العام، والقواعد الحاكمة له. ١ المبدأ ا لعام: ولا شك أن للصدق مغزاه في العلاقات « الصدق في التعامل » الغش عكسه الاقتصادية الخاصة والدولية خصوصا مع انتشار الغش والتواطؤ ومحاولة أكل ً أموال الناس بالباطل. وقد حض الإسلام على ضرورة مراعاة الصدق في كل شيء ومن كل مسلم أيا كان عمله أو حرفته يقول تعالى: ﴿ HGFEDCB I ﴾[ [التوبة: ١١٩ . لذلك ذم القرآن ولعن الكاذبين، في قوله تعالى:  ﴿ ÊÉÈÇÆ ﴾[ [آل عمران: ٦١ . وقال رسول الله ژ : عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي » ِ إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديق ً ا، (١) غش، وغلول، وخيانة، ومداهنة، ودغل، وإدغال، وإرغال، » : تحت باب الغش نجد ما يلي .« وتمويه، ومخرقة، إدهان ابن مالك الطائي: كتاب الألفاظ المختلفة في المعاني المؤتلفة، جامعة أم القرى، مكة . المكرمة، ١٤١١ ١٩٩١ ، ص ٨٢ ٨٣ وتحت باب أنواع الغش، يذكر الهمذاني: الغل، والغش، والغلول والخيانة، والمداهنة، والدغل، والتمويه، والمخرقة، والإدهان، راجع عبد الرحمن الهمذاني: الألفاظ الكتابية، ٰ خلب خدع، والخلابة الخداع، ومنه » : الدار العربية للكتاب، ليبيا، تونس، ص ٢٧٨ . كذلك . ابن النظر: الدعائم، ص ٤٨١ « قولهم، إذا لم تغلب فاخلب؛ أي: إن عجزت عن القتال فاخدع ١٦٧  وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار، وما .« يزال العبد يكذب حتى يكتب عند الله كذابا ً  ولا شك أن مراعاة الصدق في العلاقات الاقتصادية من شأنه ترتيب بعض الآثار، منها: - استقرار العلاقات الاقتصادية بين الدول والأفراد. - عدم قيام منافسة غير مشروعة على الصعيد الدولي أو ا لداخلي. - تحقيق الاعتدال في أسعار السلع والخدمات. - عدم وقوع أي ضرر في المعاملات الاقتصادية الدولية أو ا لداخلية. لذلك في تعليقه على قوله ژ : « من غشنا فليس منا »(١) ، يقول المرحوم الغش قد حرمه الله ورسوله تحريما أبديا خالد » : د. يوسف قاسم إن ً ا، وكل ربح ً يعود على التاجر من غشه أو خيانته أو خداعه هو مال حرام منزوع البركة في .« الدنيا وهو سبب للعذاب المقيم والشقاء الدائم في ا لآخرة ويضيف أيض ً أن جريمة الغش وحدها كفيلة بأن تجعل صاحبها مهدد » : ا ً ا  بالخروج عن الملة والعياذ بالله لأنه ژ : إلا في شيء قبيح « ليس منا » : لا يقول « جدا يؤدي بصاحبه إلى أمر خطير ويخشى منه ا لكفر(٢) . (١) د. يوسف قاسم: التعامل التجاري في ميزان الشريعة، المرجع السابق، ص ٦٣ ٦٥ . بل بخصوص قوله ژ : لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين بعد أن » يحلبها، إن شاء أمسك وإن شاء ردها وصاع ً متفق عليه): فقد كانت العادة لدى ) « ا من تمر أهل البادية أنهم كان يتركون الأنعام قبل بيعها بمدة حتى ينتفخ ضرعها فتبدو للمشتري أنها غزيرة اللبن ثم يتضح له فيما بعد أنها غير ذلك. ولا شك أن ذلك نوع من الغش، لذلك أعطى النبي للمشتري رد المبيع وصاع من تمر أو إمساكه، ويرى المرحوم د. يوسف قاسم أن الحكم المستفاد من الحديث ليس حكما خاصا، بل ً على كل سلعة متعاقد عليها، تستعمل بشأنها وسيلة من وسائل الغش » هو حكم يمكن تعميمه .( ذات المرجع، ص ٦٨ ) « والخداع، حتى يكون للمضرور الحق في إمساك السلعة أو فسخ العقد(٢) رواه الدارمي في باب البيوع، باب التجار ( ٢٥٣٩ )، راجع أيض ً ا الصحاري: الكوكب الدري . والجوهر البري، ج ٥، ص ٥٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي  ولا يخفى على أحد أن علة تحريم الغش هي أنه مظهر من مظاهر سوء النية في التعامل بين الأفراد والأمم والشعوب. .« التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء » : وقد ورد في الحديث حري بالذكر أن للغش صور ً ا لا ت ُ عد ولا ت ُ حصى؛ فهي تختلف باختلاف موضوعها، ونية القائم بها، والوسائل المستخدمة. لكن الغش في جميع صوره وأشكاله ومظاهره حرام، وهو ما أكده الإمام الصنعاني بخصوص قوله ژ : من » « غش فليس مني(١) . ٢ القواعد الحاكمة للمبدأ: للفقه الإباضي إسهامات كثيرة بخصوص الغش التجاري، نوجزها فيما يلي: أولا المقصود بالغش: هناك تعريفات كثيرة للغش عند ا لإباضية:  يقول البسيوي إن الغش هو: تغيير الصورة عما هي عليه من حالها الأول حتى ينظر أنها جيدة وهي » مغشوشة واختلاط الرديء بالجيد(٢) اسم من غشه غشا من » ، بعبارة أخرى، الغش باب قتل إذا لم ينصحه وزين له غير المصلحة، وهو عند البيع إظهار حسن (١) والحديث دليل على تحريم الغش وهو مجمع على تحريمه شرع » : يقول الإمام الصنعاني ً ا مذموم فاعله عقلا ً .( (الصنعاني، سبل السلام، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣ ٥ من بايعت فقال: » : كذلك قال رسول الله ژ لصحابي كان يخدع من البيع، فقال له النبيأي: لا خديعة؛ أي: لا تحل لك خديعتي، راجع صحيح مسلم بشرح النووي، دار ؛« لا خلابة . الريان للتراث، ج ١٠ ، ص ١٧٦ ١٧٧ ولا ينبغي أن يقر الغش في شيء من أسواق المسلمين بوجه من الوجوه » : ويقول ابن الجلاب ابن الجلاب البصري: التفريع، تحقيق: د. حسين الدهماني، دار الغرب « ولا يسمح فيه لأحد . الإسلامي، بيروت ١٤٠٨ ١٩٨٧ ، ص ١٦٧ (٢) . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٤، ص ٢٨ ١٦٩ السلعة وإخفاء قبحها، ومنه تغيير الصورة عن حالها كتعطيش الحيوان وسقيه عند البيع، وغسل الثوب بالصابون ليرى جديد ً ا وهو قديم، ورش المغسول بالماء أو « تبييتها في الندى لترى غليظة ثقيلة وأشباه ذلك(١) . كذلك قيل: والغش بالكسر ضد النصح وهو عند البيع إظهار حسن السلعة وإخفاء » قبحها وقال في المصباح غشه غشا من باب قتل والاسم غش بالكسر، لم ينصحه وزين له غير ا لمصلحة. وعرفه في الإيضاح أولا ً بأنه تغيير الصورة عن حالها، ومثل ذلك في  الحيوانات إذا أراد أن يبيعها فيعطشها ثم يسقيها الماء أو يمشط الكساء ليرى أنها جديدة ويرش ثياب الكتان بالجير والملح... إلخ. وعرفه آخر حيث قال: وبالجملة أن الغش هو ما يظهره بائع السلعة من أحسن ما فيها ويكتم قبيح ما فيها ولا يظهره في وقت البيع وربما يظهر بعد ذلك فهذا  .« شؤم وغش لا يجوز.. إلخ وهذا التعريف أحسن من الأول. والله أعلم(٢) . ﻝﻮﻘﻳﻭﻢﻇﺎﻨﻟﺍ(٣): ﺲــﻴﻠﻓ ﺎــﻨﻣﺎﻤﻠﻋﺎﻓ ﻦــﻣﺎﻨــﺸﻏ ﺶﻐﻟﺍﻭ ﺪﺿ ﺢــﺼﻨﻟﺍ ﺪﻨﻋﺎﻤﻠﻌﻟﺍ ﻞــﻄﺒﻳ ﻉﻮــﻴﺒﻟﺍﻭ ﺕﺎﻛﺮــﺒﻠﻟ ﻚــﻟﺫﻭ ﻲــﻓ ﻉﻮــﻴﺒﻟﺍ ﺀﺍﺩ ﻞﻛﺄــﻳ (١) سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، مكتبة الغش في البيوع، هو خلط الجيد بالرديء » مسقط، ١٤١٤ ١٩٩٤ ، ص ٢٠١ كذلك قيل: إن . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٧٨ « لينفقه (٢) السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ١٩٥ ؛ ابن عمر: حاشية الترتيب . على الجامع الصحيح، ج ٣، ص ١٩١ ١٩٢ (٣) سالم السيابي: كتاب إرشاد الأنام في الأديان والأحكام، ج ٥، ص ٢٨٨ ، راجع أيض ً ا البطاشي: . غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٥، ص ٥٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٧٠ وذاك أن يزينن ما ظهر ويخفي عيبا باطن ً ا قد استقر ً ومثل ذاك قيل تغيير الصور عن أصلها والقصد في ذاك الغرر كنحو تعطيش وتجويع عرف للحيوان فهو غش قد وصف ومن المعروف أن للغش صور ً ا كثيرة لا ت ُ عد ولا تحصى، وهي كلها تتضمن سوء نية متعمد في التعامل مع الآخر، أيا كان اللفظ أو السلوك ا لمستخدم. وإذا كان الفقه الإباضي قد ميز بين الألفاظ والمصطلحات الدالة على الغش،  فإنها كلها تصب في معنى واحد كما أنها تنبع من معين واحد(١) . ولكن أهل » : ونظرا لكثرة الغش في كل وقت وفي كل مكان، يقول العوتبي ً هذا الزمان قد بدلوا ا لقول(٢) . « فلعلهم يقولون: من غشنا فهو منا(٣) . (١) مترادفان أو أراد بالغش الإضرار من حيث يتخيل، وبالخديعة » فالغش والخديعة المضرة بما لا يتخيل أصلا «ً أطفيش: شرح النيل، ج ٨، ص ١٦٧ ، ويقول البسيوي: إن .( الخيانة والخلابة والخديعة حرام (جامع: أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٨٣١ قال بعض: لا يجوز في البيع التدليس مثل أن يعلم بسلعته عيبا » : وجاء في غاية المأمول ً فيكتمه عن المشتري ولا الغش مثل أن يجعل في اللبن ماء وقد طرح عمر في الأرض لبن ً ا غش تأديبا لصاحبه فيما قيل: ولا الخلابة وهي الكذب في الثمن ولا الخديعة وهي أن يخدعه ً بالكلام حتى يوقعه مثل أن يقول: اشتر أرخص عليك أو اشتر فإنه رخيص أو جيد أو نحو راجع: « ذلك ولا كتمان العيب وهو نوع من التدليس البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٥، ص ٥٤ . كذلك بخصوص الخلابة، .« معنى الخلابة الخديعة، وقيل: هي الكذب في ا لثمن » : قيل كل بائع خدع مشتريا في بيعه، أو مشتر خدع بائعا فيما ابتاعه منه، كان » : قال ابن بركة ًً عاصيا، والبيع فاسد، بدليل نهى ا لنبي ژ : .« إذا بايعت فقل: لا خلابة » ً بينما يرى جمهور الإباضية أن البيع ثابت والبائع عاص، ويدرك المشتري على البائع ثمن الغبن، حفظ ً . معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٣٤٤ « ا لأموال الناس أن تؤكل بالباطل كذلك يذكر البعض: الغش بالتدليس حين يتعمد إخفاء عيب السلعة والغش بالتغرير حين يصف السلعة بغير صفتها الحقيقية أو غيرها، راجع سالم البوسعيدي: الوجيز شرح الجامع . الصحيح، ص ٤٤٩(٢) وهو عكس قوله ژ : .« من غشنا فليس منا »(٣) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ١٧٤ ١٧١ وليس منه) )» : لكن الفقه الإباضي يرى أنه ليس من الغش ما يلي  أي: من الغش (تزيين سلعة في عينها) كمشط كساء جديد و(كمسح من غبار أو) من (صدى) كفتي وهو الوسخ المتركب على نحو السيف والمرأة (أو) تزيين (بأداة لك فرس أو جمل أو أمة) كركاب ورسن ورحى وحلي، وتسمية حل الأمة توسع إلا باعتبار المعنى الذي هو أن كل ما يتوصل به أصله فإنه يتوصل إلى تزيينها بالحلي (أو بإبزار كلحم) جمع بزر بإسكان الزاي وفتح الباء وكسرها وهو ما يحسن به اللحم « والطعام ويزينان به(١) . تغيير الصورة عما هي » : وقد سبق القول إن الفقه الإباضي يعرف الغش بأنه تزيين » لكنه هنا لا يعتبر غشا « عليه من حالها الأول حتى ينظر أنها جيدة أن ضابط توافر » الأمر الذي يدعونا إلى اقتراح معيار مؤداه « السلعة في عينها أي: كل ما يحدث أو يدخل تغييرا على مادة « تغيير الماهية، لا الكيفية » الغش هو ً .« الشيء، لا تحسين تلك ا لمادة ثانيا الغش لا يجوز: « لا يجوز الغش في شيء من الأمور لأحد » : القاعدة في الفقه الإباضي هي أنه(٢) . « لا تصلح المخادعة في شيء » : وبعبارة أخرى(٣) . (١) وبالجملة إن الغش ما يظهره بائع » : أطفيش: شرح النيل، ج ٨، ص ١٨٩ ، ويقول الشماخي السلعة من أحسن ما فيها، ويكتم قبيح ما فيها، ولا يظهره في وقت البيع، وربما يظهر بعد ذلك، فهذا شؤم وغش لا يجوز، وأما ما يكون في الشيء تزيين في عينه، فليس بغش، مثل مسحه من الغبار وما يدنسه، أو تزينه بأداته مثل الفرس،، والجمل، والأمة، وغيرها ومثل الشماخي: كتاب الإيضاح، مكتبة مسقط، .« الكمامين للحم فلا بأس بهذا كله، وليس بغش . ج ٣، ص ١٥٣ (٢) . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٤، ص ٨(٣) . النزوي: المصنف، ج ٢٤ ، ص ٧٢ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي « الغش محجور على فاعله في كل شيء » كذلك فإن(١) . وهكذا يكون الإباضية قد أخذوا منذ زمن بعيد بالقاعدة التي استقرت حديث ً « الغش يفسد كل شيء » ا في الفقه اللاتيني أن fraus omnia corrumpit . ولأن الغش لا يجوز، فهو ممنوع ولو تم بالحيلة، تطبيق ً لم يحرم الله شيئ » : ا لقاعدة ً ا ثم « يحله بالحيلة(٢) . يقول أبو الشعثاء: إن الغاش لأمة محمد ژ : .« لا غيبة له ولا حرمة »لأن: من أكل الحرام فلا غيبة له ولا حرمة وهو مهتوك الستر ألا لا غيبة لكل » « مهتوك ولا حرمة له عند رب العالمين فكيف عند ا لخلق(٣) . ﻝﻮﻘﻳﻢﻇﺎﻨﻟﺍ(٤): ﺶــﻐﻟﺎﻓ ﺶــﻣ ﺕﺎﻛﺮــﺒﻟﺍﺎــﺸﻣ ﺐــﻨﺘﺟﺎﻓ ﺶﻐﻟﺍ ﻉﺩﻭ ﻦﻣﺎﻨــﺸﻏ ﻞــﻃﺎﺒﻟﺍ ﻞــﻌﻔﺑ ﺀﺎــﺟ ﻪــﻧﻷ ﺙﺭﻮﻳﻭ ﺵﻮﺸﻐﻤﻟﺍ ﺾﻐﺑ ﻞﻋﺎﻔﻟﺍ ﻪﺟﻭ ﺏﺎﺼﺘﻏﺍ ﺪــﻨﻋ ﺏﺎﺑﺭﺃﻼﻌﻟﺍ ﻰــﻠﻋ ﻝﺎــﻤﻟﺍ ﺬــﺧﺂﻛ ﻪــﻧﺃﻭ ﺎــﻓﺮﻋ ﻡﺍﺮــﺤﻠﻟ ﺎــﻨﻣ ﻞﻜــﻟﺍﻭ ﺀﺮﻤﻟﺍﻭ ﻱﺭﺪــﻳ ﻙﺍﺫ ﻥﻭﺩ ﺎﻣ ﺎﻔﺧ ﻡﺍﺮــﻤﻟﺍ ﺺــﻟﺎﺧ ﻪــﻴﻋﺪﻧﻭ ﺎــﻤﻓ ﺎــﻨﻟ ﺶﻐﻧ ﻲــﻓ ﻡﻼــﺳﻹﺍ ﻲــﻓ ﺎﻨﻨﻳﺩ ﻡﺰــﻟﺃﻭ ﺪــﺼﻘﻟﻪﺒﺟﻭﺃ ﻮــﻫﻭ ﻦــﻣ ﺮــﻳﺎﺒﻜﻟﺍﺔــﺒﻨﺘﺠﻤﻟﺍ (١) . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٥٠(٢) . جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ١٧٦(٣) . الشيخ سالم الحارثي: العقود الفضية في أصول الإباضية، الناشر أبناء المؤلف، ٢٠٠٩ ، ص ١٠٥ .« أن يمنع من ا لغش » : ولأن الغش لا يجوز، فعلى الإمام . راجع العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ١٧١ . الأصم: البصيرة، ج ١، ص ١١ « والغش مردود به البيع » : ويقول الأصم السيد مهنا بن خلفان: كتاب « على المسلم أن ينصح أخاه المسلم ولا يخدعه » : كذلك فإن . لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٠ ، ص ١٣٩ (٤) . سالم السيابي: كتاب إرشاد الأنام في الأديان والأحكام، ج ٥، ص ٢٨٩ ١٧٣ ﻝﻮﻘﻳﻭ ﻢﻇﺎﻨﻟﺍﻀﻳﺃﺎ(١): ﻦــﻣ ﻊﻴﺒﻤﻟﺍ ﻲــﻓ ﺮـــﺸﻟﺍﺎﺤﺑﺮﻴﻟ ﺶــﻐﻟﺍﻭ ﻥﺃ ﺮﺘــﺴﻳ ﺎﻣ ﺪــﻗﺎﺤﺒﻗ ﻦﻣﻭ ﺶﻐﻳ ﺎﻤﻠــﺴﻣ ﺪــﻗﺕﺩﺪﻫ ﻮــﻫﻭ ﻡﺍﺮــﺣ ﺹﻮــﺼﻨﻟﺕﺩﺭﻭ ﺐــﻜﻨﻣ ﺎــﻨﻘﻳﺮﻃ ﻦــﻋ ﻙﺍﺫﻭ ﻦــﻣ ﺎﻨــﺸﻏ ﺲﻴﻠﻓ ﺎﻨﻣ ﺐــﺴﺘﺤﻳ ﺎﻨــﺴﺣ ﺢــﻴﺒﻘﻟﺍ ﻪــﻠﻌﻓﻭ ﻪــﻟ ﻪــﻠﺿﺃ ﻥﺎﻄﻴــﺸﻟﺍ ﻦــﻴﺣ ﺎــﻨﻳﺯ ﻮﻫﻭ ﻰﻠﻋ ﻥﺍﺮﺴﺨﻟﺍ ﻰﻨﻌﻣ ﻰﺤﺿﺃ ﺎــﺤﺑﺭ ﻝﺎــﻨﻳ ﻪــﻧﺃ ﻦــﻈﻳ ﻪﻧﺃﻭ ﻰﻠﻋ ﻥﺍﺮﺴﺨﻟﺍ ﻰﻨﻌﻣ ﻰﺤﺿﺃ ﺎــﻨﻘﺤﻤﻳ ﺕﺍﺮــﻴﺨﻠﻟ ﺶــﻐﻟﺎﻓ ﺎــﻤﺑ ﻯﺮﺗ ﻲــﻓ ﻪﻘﺣﺐــﺴﺘﺤﻤﻟﺍ ﺏﺩﺆــﻳ ِ ﻰــﻬﻨﻳ ﻥﺈــﻓ ﻢــﻟﻪــﺘﻨﻳ  يقول الصحاري إن التاجر يكون صدوق ً إذا أخذ بالحق وأعطى الحق ولم » : ا « يكذب في تجارته(٢) . ثالثا غش غير المسلم حرام: القاعدة في الفقه الإباضي أن: « الغش كله حرام »(٣) . ولا شك أن عمومية هذه القاعدة تعني تحريم الغش تجاه المسلم، وتجاه غير المسلم، إذ لا يوجد مخصص لتلك القاعدة، فتبقى على عمومها. لذلك في شرحه لقوله ژ : من غشنا) )» يقول أطفيش ،« من غشنا فليس منا » معشر المؤمنين، وكذا من غش الكافر حيث لا يجوز، وقد روى أبو هريرة: من « غش فليس منا، وهي رواية تعم كل من لا يجوز غشه(٤) . (١)، أبو محمد عبد الله السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ط ١١ ، ج ١ ٢ . ١٤١٠ ١٩٨٩ ، ص ٤٢٨ ٤٢٩(٢) . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٥٠(٣) ١٧٢ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٢٣٧ ، ويقول ، العوتبي: كتاب الضياء: ج ١٧ ، ص ١٦٧ جامع أبي الحسن « حرام على من فعله » وهو « والغش في البيوع كلها لا يجوز » : البسيوي . البسيوي، ج ٣، ص ١٨٢٩(٤) . أطفيش: شرح النيل، ج ٨، ص ١٨٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي وبخصوص سؤال: وهل يسوغ لمسلم أن يدلس كافرا في بيع أو شراء أو يغشه وفي سائر ا لمعاملات؟ ً يقول ا لبكري:  ولا يجوز الغش والخداع للناس طرا مسلما كان أو كافرا وليس ذلك من » ًً صفات المؤمنين، بل هو من النفاق فانبذه وراءك ظهريا إلا مع الحربي فإن  « الحرب خدعة، والمال والنفس تباح من ا لكافر(١) . يقول ا لسعدي: إن للذمي في هذا ما للمسلم؛ وعسى أن يكون هو الأصح، لما لأهل الذمة » « في الإسلام من حرمة، فلا ينبغي أن يقصد بهم دونها(٢) . رابعا الأثر المترتب على ا لغش: يبدو أن هناك خلاف ً ا في الفقه الإباضي بخصوص هذه ا لمسألة: ٍ كل بائع خدع مشتريا في بيعه، أو مشتر خدع بائعا فيما ابتاعه » : قال ابن بركة ًً منه، كان عاصيا، والبيع فاسد، بدليل نهي ا لنبي ژ : إذا بايعت فقل: لا خلا » َ بة َ .« ً ٍ بينما يرى جمهور الإباضية أن البيع ثابت والبائع عاص، ويدرك المشتري على البائع ثمن الغبن، حفظ ً « ا لأموال الناس أن تؤكل بالباطل(٣) . ويقول ا لعوتبي: وبيع المغشوشات كلها لا تجوز والغش كله مردود البيع، والغش هو تغيير » لون الصورة عما كانت عليه لترى حسنه مثل أن يقصر الثياب بالبيض والنشا (١) . الأسئلة والأجوبة النثرية للبكري، مكتبة البكري، غرداية، ص ١٤١(٢) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٣ ، ص ١٤٢(٣) معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٣٤٤ ؛ انظر أيض ً . ا ابن جعفر: الجامع، ج ٢، ص ٣٢٣ ١٧٥ وتنجع الشاه التمر والماء لترى سمينة ويغسل الحب بالماء ليصفو لونه ويزيد في الكيل، ويمزر ويخلط الشعير بالبر ليكثر به، وفي خبز البر الذمي والدهن الرديء في الجيد بالرديء والحب القديم بالحديث، وكل هذا لا يجوز وهو من الغش في البيع والبائع له خائن وضامن للفضل في ذلك، فإذا علم المشتري فله الرد، وكذلك كتمان العيوب في الدواب والرقيق، والعوار في الثياب والانخراقة « والرفافة وما لا يعلمه المشتري كذلك لا يجوز(١) . معنى ذلك أن الفقه الإباضي يقترح حلولا ً ثلاثة إن وقع غش: الأول: فساد ا لبيع(٢) . الثاني: بقاء البيع، لكن مع حق المشتري في ا لتعويض. الثالث: رد البيع؛ أي: إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل البيع: فيسترد البائع المبيع، ويأخذ المشتري ما يكون قد دفعه من ثمن. ِ الرابع: يمكن اقتراحه وهو أن الأمر يرجع إلى إرادة المشتري: إن شاء قبل َ ، وإن شاء نقض. لكن في جميع الأحوال يجب على التاجر ديانة أن يتخلص من آثار الغش والتدليس والخداع بكل الطرق ا لممكنة. (١) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ١٧٢ (٢) لذلك بخصوص: وفيمن اشترى مالا ً من بالغ عاقل حر بيع خيار بنصف ثمنه أو أقل إلى مدة معلومة فانقضت المدة فأراد البائع فداه فأبى عليه أيحل للمشتري حوز هذا المال من بيعه والتصرف فيه على هذه الصفة فيما بينه وبين الله أم لا؟ قيل: إن سلما في بيعه عند عقده من المخادعة والنيات الفاسدة التي إن لو صحت لفسد البيع بها »ولم يكن قصدهم إلا بيع الخيار الذي أحله الله ورسوله وجعلا للخيار مدة عسى أن البائع يريد ماله ويرجع في البيع ولم تكن بينهما إلا قصد الأصل عند انقضاء المدة فهذا عندي السيد مهنا بن « حلال للمشتري إذا تمسك به إذا لم يكن للبائع سبب يوجب له نقض البيع . خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٠ ، ص ٧٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي لذلك بخصوص سؤال: ما رأيك في رجل كان يبيع سلعته بالكذب في بعض   الأحيان، مع العلم أن الرجال الذين كان يبيع سلعته عليهم منهم من يعرفه ومنهم من لا يعرفه ومنهم لا يذكره، ولكن الذي لا يذكره ربما يكون حيا، ومنهم قد توفي ولم يكن له وارث، ومنهم له وارث، وأراد هذا الرجل أن يتوب عن هذه الأمور التي سلكها من قبل، ولكن من شروط التوبة أن يرد ما عنده من المال  الكافي لذلك، وما الحكم إذا تاب عن ذلك ثم رجع في هذا الأمر ثم تاب مرة أخرى ولم يعد؟ يقول المفتي العام لسلطنة عمان: أما من يعرفه أو يعرف وارثه فإن طلب منهم المحاللة أو من ورثتهم بعد موتهم فوافقوا على ذلك فقد برئت  ذمته بذلك مما لهم، وأما من لا يعرف لهم وارث ً ا ولا يعرفهم بأنفسهم فمرد ذلك إلى فقراء المسلمين، فإن أمكنه التخلص مما عليه لهؤلاء الفقراء فليفعل، فإن لم يمكنه فليوص به، لعل الله يهيئ له سبب التخلص في حياته أو يقيض له من يقضي عنه هذا الحق بعد وفاته، فإن لم يكن شيء من ذلك فالله أولى بعذره، « وهو يقضي عنه خصمه يوم القيامة إن علم منه صدق ا لتوبة(١) . خامسا تفسير قوله ژ : .« من غشنا فليس منا » ألا ومن غشنا فليس » : أبو عبيدة عن جابر عن ابن عباس عن النبي ژ قال « ليس بولي لنا » : يعني « منا، ومن لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا فليس منا(٢) . وقد ذكر الإمام ابن بركة مختلف الاتجاهات في تفسير هذا الحديث، وانتهى « من غشنا فليس منا » : وقد روي عن النبي ژ أنه قال » : إلى ترجيح أحدها، بقوله (١) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى المعاملات، الكتاب الثلاث، ص ١١٧ ١١٨ . كذلك جاء وعن رجل يكذب في الشراء والبيع فيربح ربحا كثيرا، وأخبروه أن ذلك » : في قاموس الشريعة ً ً لا يحل ثم ندم وتاب ولم يعلم أن الذي ربح ينبغي له أن يرد على أربابه أو يتصدق به ومات على تلك الحال؟ قال أبو عبد الله نصر: ينبغي له أن يرد على أربابه ما ربح، فإن لم يجد أربابه فليتصدق على الفقراء، فإن لم يتصدق على الفقراء، ولم يعلم أنه ينبغي أن يتصدق فلا يسعه السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٣ ، ص ١٨٧ وما بعدها. ،« جهل ذلك وهو من الهالكين(٢) الربيع: الجامع الصحيح، ص ١٣١ ، حديث رقم ٧١ ، (كتاب ا لبيوع). ١٧٧ واختلف الناس في معنى هذا الخبر، فقال بعضهم: معنى قوله 0 من غشنا  فليس منا، أي من أهل ديننا. وهذا إغفال من قائله عندي لأن الغاش لا يكون إلا عاصيا، والعاصي من ً أهل الدين مع عصيانه، وقال آخرون: معنى قوله 0 : مثلنا، وهذا « ليس منا » أيض ً ا خطأ من قائله لأنه لا مثل للنبي ژ لا من غش ولا من لم يغش. يعني هذا ليس من أخلاقنا ولا من فعلنا. « ليس منا » وقال آخرون: معنى قوله وهذا أيضا غلط؛ لأنه ژ نفى الغاش. وقال آخرون: معنى قوله: ليس محبا لنا، وهذا ً أيض ً ا غلط، لأن تصديقه بدعوة ا لنبي ژ إجابة له وغشه ليس يخرجه من ا لإجابة. يعني من لم يتبعنا؛ واحتجوا بقول « ليس منا » وقال آخرون: معنى قوله إبراهيم 0 : ﴿ KJIH ﴾ وقال آخرون: معنى قوله : 0 « ليس منا » « بولي لنا، وهذا هو الحق والصواب(١) . (١) ابن بركة كتاب الجامع، ج ٢، ص ٦٠٥ ٦٠٦ ؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ١٧١ ، ابن جعفر: الجامع، ج ٢، ص ٦٠٥ ٦٠٦ ، انظر أيض ً ا أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ٨، ص ٩٤ ٩٥ ، وقال آخرون إن معناه: ليس ممن اهتدى بهديي واقتدى بعلمي وعمل وحسن طريقتي، كما يقول الرجل لولده »إذا لم يرض فعله لست مني، وهكذا في نظائره مثل قوله: من حمل علينا السلاح فليس منا، وكان سفيان بن عيينة يكره تفسير مثل هذا ويقول: بئس مثل القول، بل يمسك عن راجع: السالمي: شرح الجامع الصحيح « تأويله ليكون أوقع في النفوس وأبلغ في الزجر مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ٢٢٢ ٢٢٣ ؛ سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، المرجع السابق، ص ٢٢٨ ، انظر أيضا البطاشي: غاية ً المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٩ ٥٣ . ويقول أبو سعيد: إنه ليس من أهل ديننا وبذلك جاء الأثر أنه خارج من الإيمان بغشه إلى » إن الأصح زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب الإشراف « ما نزل فيه من غشه إلى الشرك أو النفاق. لأبي المنذر النيسابوري، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٧٤ ابن عمر: حاشية الترتيب على « إنه ليس بولي لنا وليس من أخلاقنا » : ويقول آخرون: إن معناه تعمد ما يكدر على » الجامع الصحيح ترتيب الشيخ الوارجلاني، ج ٥، ص ١٧٤ . كما أنه يوضح . سالم البوسعيدي: الوجيز شرح الجامع الصحيح، ص ٤٤٩ « الغير في غفلة منه أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي سادسا الغش سلوك عمدي، وبالتالي يفترض اتجاه الإرادة إليه:  الغش المحرم هو من قصده فاعله، ومن هنا تظهر سوء نيته. لذلك يجب أن  يكون عمديا.  يقول ا لمحيلوي: إن الغش على العمد لا يجوز وعلى من فعله التوبة منه والإعلام بغشه إذا » « أراد بيعه(١) . وهكذا فإن الغش يفترض اتجاه الإرادة إليه. يقول ا لنزوي: ومن جلب إلى السوق تمرا فغسله ليحسن لونه، ثم أدخله فباعه بسعر زائد؟ » ً فذلك واسع له، وليس هو من ا لغش. والغش هو تغيير الصورة، وانقلاب اللون على غير ما هو عليه، وإن كان أراد  به الغش وكان ذلك تعبيرا له عن حاله الذي هو عليه، كان غشا وعليه ضمان ً ما زاد من الثمن من ا لغش. وإن كان يثقل أيض ً ا إذا غسل كان زيادة ذلك غشا وعليه ضمان الزيادة، فإن غسله من نجاسة فحسن لونه فباعه فجائز، ما لم يكن أراد بذلك غشا، ولا زيادة « في اللون، ومثل تزيين البائع ليس بغش(٢) . معنى ذلك: أن الغش يفترض سوء النية؛ أي: اتجاه الإرادة إلى ممارسة الغش ومع العلم بوجوده. يترتب على ذلك عدة نتائج: السعدي: قاموس « ما دل في الغش على تحريمه، وفي فاعله على تأثيمه » كذلك فالحديث فيه . الشريعة، ج ٥٣ ، ص ١٣٩(١) . المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، ج ٣، ص ٨٩ ٰ (٢) النزوي: المصنف، ج ٢٤ ، ص ١١١ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٤٣ ٤٤ ، ص ٣٣١ ؛ الرستاقي: منهج . الطالبين، ج ٧، ص ٢٣٧ ١٧٩   · أن التاجر ليس مسؤولا عن غش غيره، إن كان لا يعلمه. لذلك قيل: وفيمن علم من رجل أنه غش سلعته أيجوز له أن يشتري منها شيئ » ً ا ويبيعه للناس من غير أن يعلمهم أم لا؟ إنما عليه الإعلام بغشه هو وليس عليه عندي إعلام بغش غيره ويبيعه » : قال « كما اشتراه إلا أن يكونا تماكرا على ا لغش (١) . · إن خلط الجيد بالرديء وبيعه لا يجوز، إلا في أحوال معينة (كلها لا تنبئ عن سوء نية التاجر) وقد لخص ذلك السمائلي وبين تلك الأحوال إذ إجابة على يقول: «؟ أيجوز خلط الجيد من السلع بالرديء، ويباع بيع الجيد » : سؤال من » : لا يجوز عند المسلمين على الصفة التي ذكرتها وهو من الغش قال ژ » وقال بعض الأئمة رحمهم الله لمن رآه خلط جيد الحب « غشنا فليس منا برديه: يا هذا إنك قد جمعت خصلتين؛ خيانة في دينك، وغش للمسلمين، اللهم إذا باعها بقيمة الرديء، أو خلطها لغير البيع، أو باعها مناداة، أو شرطها على « المشتري، أو لم يأخذ زيادة في اعتباره بالخلط في القيمة أكثر من ا لعزل(٢) . (١) . السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ٩، ص ١٨٢ (٢)أبو عبيد السمائلي: هداية المبصرين في فتاوى المتأخرين، ص ٤٦٧ . معنى ذلك أن انتفاء نية الغش يجعل التجارة مباحة. وهكذا بخصوص سؤال: وفيمن ابتلى بالتجارة والجمع من حطام هذه الجيفة الفانية بقلة عقله ورقة فهمه إلا أن (أكثر) الناس لا غناية لهم عن ذلك وصار يشتري الحبوب والقطن والتمر أيجوز له أن يخلطهما في بعضهما بعض إذا كانا متساويين نعم والله » : ولم يكن نيته الغش إلا من ضيق الأوعية أيجوز له ذلك أم لا؟ يقول الخليلي . راجع: المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٨، ص ٦٢ « أعلم وأما الذي يشتري من رجل شيئ » : كذلك قيل ً ا بدراهم فيها صفر، أو كلها صفر، والبائع عالم بأنها صفر، ذلك جائز، ما لم يقصد أحد المتبايعين إلى نية الحرام... وإن كان لا يعلم أن فيها صفرا إلا بالظن، فليس عليه أن يخبر المقضين كان بصيرا بالنقد، أو لم يكن، إذا لم يقصد إلى ًً ويضيف أيض .« التدليس بذلك ً وإن كانت (أي: الدراهم) إذا خلط فيها غيرها من النقد، » : ا صارت في التعارف بعض يأخذها وبعض يردها فإذا لم يقصد فيها إلى تدليس، وإنما قصد إلى . الشقصي: منهج الطالبين، ج ١٤ ، ص ٣٠٣ ٣٠٤ « إحضار النقد الجائز، أعجبني أن يجوز ذلك انظر تحليلا ً آخر، في: أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي  · أن العيب الظاهر ليس غشا لأنه يعني أمرين: عدم توافر نية الغش من البائع (لأنه ليس بخفي) وقبول المشتري له (لأنه لو أراد عدم الشراء لامتنع عن ذلك). وهكذا بخصوص: وفيمن عنده سلعة أعطاها مناديا ليبيعها له وقال له إن فيها عيبا وهو كذا » ًً فقال له الدلال مجيبا له: اسكت اسكت ولا تقل شيئ ً ا فباعها المنادي وأعطاه ً قيمتها كيف ترى ذلك؟ يقول ا لمحيلوي: فإن كان عيب السلعة ظاهرا يعرف من غير إعلام فلا يلزم ربها شيء وإن » ً كان ذلك العيب لا يعرفه إلا خواص الناس فيعجبني لربها أن يسأل مشتريها: هل  علم بعيبها أم لا؟ فإن علم وعرف فإن رضيها فلا يلزمه شيء، وإن لم يعلم ولم « يعرف فلا يثبت بيعها عليه(١) . سابعا الغش ضد ا لتاجر: وكما يمتنع على التاجر القيام بأعمال الغش في تجارته، فإن ذلك يسري أيض ً ا على الأطراف الأخرى التي تتعامل معه. فالغش يفسد كل شيء أيا كانت صفة من يقوم به. د. محمد البشر: المقاصد والمصالح الشرعية منهج الطالبين للشقصي أنموذجا، ندوة الفقه ً . العماني والمقاصد الشرعية، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ص ٤٤٠ ٤٤١(١) المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، ج ٣، ص ٩٦ . وفي ذات المعنى، ٰ وليس لرب السلعة أن يغش سلعته ثم يعطيها الدلال ينادي عليها » : جاء في العقد الثمين إلا أن يكون الذي خلطه « من غشنا فليس منا » : وهي مغشوشة.. لقوله عليه الصلاة والسلام فيها مما ينظر ويرى بالعين ويعرفه الناس فهذا ليس من الغش وقيل: إنه من الغش وذلك مخلط التمر القديم بالجديد والبسر القديم بالجديد ونحوهما مما يعرف بتمييز ولو لم يسمه ربه أن فيه قديما فإن بيعه جائز لرؤيته ونظره بالعين بخلاف ما لو خلط الورس الرديء ً بالورس الجيد والزعفران الرديء بالزعفران الجيد ونحوهما مما لا يتميز عن بعضهما البعض ولا يعرف فهذا من الغش إجماع ً ا ولا يصح خلطه إلا أن يبيعه ربه ببيع الرديء من .« بعد أن يخبر مشتريه بذلك . السمائلي الإباضي: العقد الثمين في أحكام الدعوى واليمين، ص ١٠٠ ١٨١ في هذا الشأن جاء في منهج ا لطالبين: وقيل في الرجل يحضر التاجر، فيأتيه من يشتري منه فيقول للتاجر: هذا » رجل موسر، أو وفي. فيبيع له التاجر، فإذا هو غير موسر، فقيل في ذلك باختلاف. فبعض لم يلزم القائل شيئ ً ا؛ لأنه غير ضامن، ولعله قال: على علم ظاهر فإذا المشتري بخلاف ظاهره. وقيل: إنه يلزمه لأنه غره وما بايعه إلا بإخباره له أنه موسر. وقال بعض: إن كان يوم قال: إنه موسر. وهو موسر. ثم أفلس من بعد، فلا ضمان على هذا القائل. وإن كان في حين ما قال له: إنه موسر، وهو غير موسر « فقد لزمه الضمان لأنه غره(١) . قال أصحابنا في رجل مفلس اشترى من » : كذلك جاء في قاموس الشريعة رجل متاع ً ا، ولم يعلم أنه مفلس، ثم علم بإفلاسه بعد البيع، وهذا المال قد صار « في يد المشتري المفلس؛ فإن للبائع أن يأخذ متاعه بعينه ولا يذهب ماله(٢) . ثامنا الغش في أحكام المحكمة العليا بسلطنة عمان: للمحكمة العليا في سلطنة عمان قولها الفصل بخصوص مسائل الغش على مختلف أنواعها ودرجاتها نذكر منها ما يلي: (١) الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ١٣٣ ، انظر أيض ً ، ا ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ ص ١١٧ ١١٨ . وجاء في الجامع لابن جعفر أن حسن النية قد لا يفيد في أحوال وهكذا يقول: ومن قال لإنسان: عامل فلان أو داينه فإنه وفي فداينه فإذا هو مفلس أو تعلق به وهو يريد أن »يغيب فقال له: دعه وأنا أقضيك حقك فتركه فذهب ثم احتج إني لم أكن أعرف الحق وإنما توهمته يسيرا فإن ذلك لا يقبل منه ويلزمه الحق الذي يصح عليه. ً قال أبو المؤثر: لا أرى أن يلزمه من الحق إلا ما عرف وكذلك كل من أوقع إنسان ً ا في شيء وقال: فألزمك منه فهو عليه إذا فعل ولو لم يعرفه لأنه أوقفه. . ابن جعفر: الجامع، ج ٢، ص ١٦٢ « قال أبو المؤثر: لا يلزمه إلا ما عرف(٢) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٢٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي · ينعقد البيع بتراضي المتبايعين على المبيع والثمن، ويجب أن يكون المشتري » عالما بالمبيع علما كافيا، ويعتبر العلم كافيا إذا اشتمل العقد على بيان المبيع ًًً ً وأوصافه الأساسية بيان ً ا يمكن من تعرفه، وإذا ذكر في العقد أن المشتري عالم « بالمبيع سقط حقه في إبطال البيع بدعوى علمه به، إلا إذا أثبت تدليس ا لبائع(١) . ٢٠٠٦ م. /١١/ الطعن رقم ٢٧٢ لسنة ٢٠٠٦ ، تجاري عليا جلسة ٨ · التدليس يجعل العقد قابلا » ً للإبطال لمصلحة من وقع عليه التدليس سواء التدليس بالقول أو الفعل، ذلك لأن المقرر أن السكوت عمد ً ا عن واقعة أو ملابسة هامة وأساسية في التعاقد يعد تدليسا، وقد جاء بالمادة من قانون التجارة ً المشار إليها ما يفيد بأنه حتى لو ذكر في العقد بأن المشتري علم بالمبيع فإن « التدليس يفسد ذلك ويجعل للمشتري الحق في إبطال ا لعقد(٢) . · الغش المؤثم بالمادة ٢٩٤ من قانون الجزاء يقع على العاقد لا على ذات » البضاعة فيكفي أن يغش البائع المشتري ويوهمه بأن المبيع من الجنس الذي يرغب في شرائه مع كونه من جنس آخر، إذن فإن الوسيلة التي يستعملها الجاني في الجريمة التي نحن بصددها لا بد من أن تكون موجهة إلى شخص المتعاقد مستهدفة تضليله دون مساس بطبيعة البضاعة أو إدخال أي تغيير على مادتها إذ المشرع هنا لم يرم لحماية المجتمع من البضائع المغشوشة وإنما تدخل لحماية أوضاع التعامل وضمان حصوله في إطار من الشرعية والثقة، لما كان ذلك وكان لازما للإدانة بموجب المادة ٢٩٤ من قانون الجزاء من فعل غش يقع من أحد ً طرفي عقد على آخر فيجب فيها أن يكون هناك متعاقدان وأن يغش أحدهما الآخر « بشيء من الأشياء المنصوص عليها في تلك ا لمادة(٣) . (١) مجموعة المبادئ والقواعد القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ ، وحتى . ٢٠١٠ ، الدوائر المدنية، سلطنة عمان، ص ٣٥٦(٢) . ذات المرجع، ص ١٦٣(٣) .(٢٠٠٧/ ذات المرجع، ص ٤١٠ (الطعن رقم ١٣٣ ١٨٣ :;J ف الآ ;D م ا 0 ب) نشير إلى المبدأ العام، والقواعد التي تحكمه. ١ المبدأ ا لعام: تبين لنا مجريات العلاقات التجارية الداخلية والدولية أن بعض الدول تعمل على نهب وأكل ثروات الشعوب الأخرى وذلك إما باستعمارها أو بشراء المواد الأولية أو غيرها بثمن بخس لا يتناسب البتة مع قيمتها الحقيقية والفعلية أو بفرض قيود أو شروط تؤدي إلى استنزاف ثرواتها على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد. كذلك يقع الغبن في المعاملات التجارية بين الأفراد والشركات. ولا شك أن ذلك يعد من الغبن المحرم في الشريعة الإسلامية، والذي لا يجوز بالتالي أن تمارسه الدول الإسلامية أو يقبل به المسلمون، يدل على ذلك: · إذا بايعت فقل: لا خلابة (أي: لا خداع) ولك » : قوله ژ لحبان بن منقذ  الخيار ثلاث ً .« ا · ويدخل الغبن في عموم النهي الوارد في قوله تعالى: ﴿ :9 =<; G ﴾[ [النساء: ٢٩ . FEDCBA@?> · ومما يؤكد عدم مشروعية الغبن الفاحش، قوله تعالى: ﴿ ÄàÉÈÇÆÅ ﴾[ [التغابن: ٩ . يقول ابن العربي: إن العلماء استدلوا بقوله تعالى: ﴿ ÉÈÇ﴾ على لا يجوز الغبن في معاملة الدنيا، لأن الله تعالى خصص التغابن بيوم القيامة » : أنه فقال: ﴿ ÉÈÇ﴾ وهذا الاختصاص يفيد أنه لا غبن في الدنيا نكتته أن الغبن في الدنيا ممنوع بإجماع في حكم الدنيا؛ إذ هو من باب الخداع المحرم شرع ً ا في كل ملة، لكن اليسير منه لا يمكن الاحتراز منه لأحد فمضى في البيوع، أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي إذ لو حكمنا برده ما نفذ بيع أبد ً ا، لأنه لا يخلو منه حتى إذا كان كثيرا أمكن ً والفرق بين القليل والكثير أصل في الشريعة ،« الاحتراز منه، فوجب الرد به معلوم، فقدر علماؤنا الثلث لهذا الحد، إذ رأوه حدا في الوصية وغيرها ويكون ذلك يوم التغابن الجائز مطلق » : معنى الآية على هذا ً ا من غير تفصيل، أو ذلك  يوم التغابن الذي لا يستدرك أبد ً ا: لأن تغابن الدنيا يستدرك بوجهين: إما برد في « بعض الأحوال على قول بعض العلماء وإما بربح في بيع آخر وسلعة أخرى(١) .  تجدر الإشارة أن عدم غبن الطرف الآخر هو مبدأ عام يجب احترامه سواء كان هذا الأخير مسلما أو غير مسلم(٢) ، كذلك فإن الغبن قد يؤدي إلى توقف ً تيارات المعاملات الاقتصادية مع الدولة المنسوب إليها ذلك(٣) . وهو نوع من (١) . ابن العربي: أحكام القرآن، دار الجيل، بيروت، ١٤٠٧ ١٩٨٧ ، ج ٤، ص ١٤١٦ (٢) إن الأصل في » : وهكذا بخصوص حكم مال غير المسلم وماذا يجب على المسلم نحوه، قيل شريعة الإسلام تحريم أكل المال بغير حق، وتحريم الغدر، والخيانة لما تفضي إليه هذه الأفعال من الظلم والفتن وفساد الأحوال والإخلال بالعلائق بين الناس وتحريم الأفعال  تحريم غاية وتحريم وسيلة أي: أنها محرمة في ذاتها ووسائلها وهذا يقضي القول أن ما يحرم على المسلم فعله بنفسه يحرم عليه أن يفعله مع المسلم وغير المسلم كما أن شريعة الإسلام توجب على المسلم أن يكون صادق ً ا في تعامله أيا كان المتعامل معه مسلما أم غير مسلم كما ً د. عبد الرحمن النفيسة، حكم مال غير المسلم وماذا ) « أنها توجب الوفاء بالعقود والعهود ٰ ، ١٤١٨ ١٩٩٧ ، يجب على المسلم نحوه، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة عدد ٣٤ .( ص ٢٠٥ ٢١٠ (٣)بين ابن الأزرق وابن خلدون أثر ا لغبن في أمر يتعلق بالتجارة الدولية إذ أن التسلط على َْ الناس في شراء ما يأيديهم بأبخس ثمن ثم فرضه عليهم بأرفع قيمة وربما كان الفرض على التراخي، فيعللون في الخسارة بما يطمع فيه من جبرها بحوالة الأسواق فيطالبون بالقيمة معجلة فيضطرون إلى البيع بأبخس الثمن وقد يتمثل ذلك في تعميم الفساد بأن يعم ذلك تجار المدينة من يرد عليها من الآفاق وسائر السوق وأهل الصنائع فتشتمل الخسارة جميع الطبقات وتجحف برؤوس أموالهم فيقعدون عن الأسواق ووسائل ذلك الواردون فينقطع ترددهم وعند ذلك يقع الكساد ويبطل المعاش وتنقضي الجباية أو تفسد ويؤول إلى تلاشي « الدولة وفساد عمران المدينة ) راجع ابن الأزرق الأندلسي، بدائع السلك في طبائع الملك، .( الدار العربية للكتاب، تونس ليبيا ١٩٩٧ ، تحقيق: د. محمد بن عبد الكريم، ج ١، ص ٢٣٠ ١٨٥ البخس المنهي عنه بصفة عامة في شريعة الإسلام. وجاء في المادة ٣٠٠ من مرشد الغبن الفاحش لا يفسد العقد ولا يوجب حق فسخه للمغبون إلا إذا » : الحيران كان فيه تغرير وإنما يفسد العقد ويجب فسخه بالغبن الفاحش ولو لم يكن فيه تغرير، إذا كان المغبون غبن ً ا فاحش ً ا صغيرا أو كان المال الذي حصل فيه الغبن ً « الفاحش مال وقف(١) . ح َ ري بالذك ْ ر أن قانون التجارة المصري نص على عدم جواز التمسك بالغبن إِذا كان المغبون تاجرا وتعلق الأمر بشؤون تجارته، الأمر الذي يعني أن للطرف ً الآخر المغبون الذي تعاقد مع التاجر، وكذلك للتاجر المغبون في أمور لا تتعلق لا يجوز بسبب » : بتجارته حق التمسك بالغبن. وهكذا تنص المادة ٥٢ على أنه الاستغلال أو الغبن أن يطلب التاجر إبطال العقود التي يبرمها لشؤون تتعلق « بأعماله التجارية أو إنقاص الالتزامات التي تترتب بمقتضاها(٢) .  ٢ القواعد الحاكمة للمبدأ:  تعرض فقهاء المذهب الإباضي لمسألة الغبن ولهم فيها إسهامات كبيرة(٣) ، ويتلخص موقفهم بخصوص ذلك في ا لآتي: وقيل: كل حر بالغ عاقل مميز تجري عليه الأحكام من ذكر أو انثى فبيعه إذا » باع أو اشترى جايز عليه إذا كان البائع والمشتري عارفين ما تبايعا عليه كان (١) . محمد قدري باشا: مرشد الحيران، ص ٥٧(٢) راجع تعليق ً ا على هذه المادة، في د. سميحة القليوبي: تعليق على مواد قانون التجارة . ١٩٩٩ ، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١١ ، ص ١٣٠ ١٣١ / المصري رقم ١٧ (٣) راجع: البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٥، ص ٥٦ ٥٧ ؛ جامع أبي الحواري، ج ٢، ص ١٢١ ١٢٢ ؛ جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٨٦١ ١٨٦٣ ؛ الأصم: البصيرة، ص ١٦ ١٧ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٢٢٨ ٢٣٠ ؛ الكندي بيان الشرع، ج ٤٣ ٤٤ ، ص ٣٢٦ ٣٣٠ ؛ السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، ص ٧٧ ؛ جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ١٨٥ ؛ العوتبي: كتاب . الضياء، ج ١٧ ، ص ١٦٧ ١٧١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي المباع حاضرا أو غائبا فالبيع ثابت لا ينتقض إلا أن يوجد الغائب متغيرا أو ناقصا ًً ًً عما كان عرفاه فلهما أن ينقضاه وقال من قال: إذا كان البيع فيه غبن فاحش كان مردود ً ا إلى العدل في السعر إن رضي المشتري وإلا نقض البيع قيل لأبي سعيد: ما الغبن الفاحش؟ قال: معي لم أجد في ذلك شيئ ً ا، ومعي أنه إذا فيه زيادة في الثمن العشر والعشر عندي قليل، وإذا كان البيع بثمن لا يتغابن الناس بمثله في الزيادة والنقصان كان عندي غبن ً ا، وينقص البيع على معنى من يقول بالنقض، وهذا عندي غبن فاحش. قال غيره: الغبن في الأصول العشر وفي العروض الربع هكذا جاء في الأثر قال المؤلف: قد فسر بعض أشياخنا المتأخرين الغبن في البيوع أنه ما كان يسوي عشر دراهم بيع بدرهم فهو غبن فاحش يرد به البيع على قول من قال به وأما ما كان يسوي عشرة بيع بتسعة فليس ذلك غبن ً ا فاحش ً ا لان « الناس يتغابنون في بيوعاتهم أكثر من ذلك.. والله أعلم(١) . معنى ذلك: أولا أن الغبن الذي جرى عليه التعامل عادة بين الناس ليس سببا ً لإبطال أو لفساد ا لعقد(٢) . ثانيا أن للغبن الفاحش معيارين في الفقه ا لإباضي : · معيار حسابي أو عددي (العشر أو الربع أو ما شابه ذلك). (١) ، السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ٩ ٢٧٨ . ويستند الاتجاه القائل بثبوت البيع رغم الغبن إلى قوله ژ: ، ٢٣٥ ٢٣٦ ، ص ٢١٨ أما الاتجاه القائل بعدم جوازه فيستند إلى نهيه ژ .« المؤمن سمح إذا باع سمح إذا اشترى »عن إضاعة المال وهو عدم صيانته وحفظه، راجع الشيخ عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل . بترتيب المسائل، ج ٣، ص ٢٠٦ ٢١١ (٢) يقول ا لناظم: ومن يغبن في مبيع قاما فشرطه ألا يجوز العاما وأن يكون جاهلا ً بما صنع والغبن بالثلث فما فوق وقع . راجع ابن عمر: حاشية الترتيب على الجامع الصحيح، ج ٣، ص ١٧٣ الباب الأول: المبادئ الحاكمة للقانون التجاري في الفقه الإباضي ١٨٧ · « مما لا يتغابن الناس في مثله » معيار موضوعي: أن يتم التعامل(١) . يقول وحد الغبن الفاحش: إذا كان مما لا يتغابن الناس في مثله بينهم، في » : الرستاقي « مثل ذلك ا لشيء(٢) . ثالثا أن التراضي الصحيح، ولو تمخض عن غبن فاحش، لا يفسد العقد،  التي لا ت « المقصودة » لأن ذلك يعتبر من المحاباة ُ عد غ َبن ً ا. ْ يقول البطاشي: إن هناك فارق ً أن المحاباة بيع » : ا بين الغبن والمحاباة، هو الشيء بأقل من قيمته عمد ً ا لقصد نفع المشتري أو لغرض الغبن وبيعه بأقل أو « ا(٣) شرائه بأكثر جهلا ً أو تفريط ً . وهكذا ليس كل تفاوت في الثمن يعد غبن ً الغبن » : ا، إنما الغبن المنهي عنه هو الذي لا تتجه إليه إرادة الطرف ا لمعني. « الفاحش رابعا أن الفقه الإباضي يجيز الغبن في حالتين : · حالة الغبن اليسير، الذي يجري عليه عمل الناس عادة. · حالة الغبن الفاحش (المحاباة الزائدة عن الحد) إذا اتجهت إليه إرادة ا(٤) الشخص المعني باعتباره تبرعا أو تسامح . ًً (١) . النزوي: المصنف، ج ٢٤ ، ص ١٠٥(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٢٢٩(٣) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٥، ص ٥٦ (٤)قال أبو سعيد 5 : إن الغبن الفاحش لا يجوز على الصبيان الذين هم بمنزلة من يجوز بيعه، ولا على ا لبالغين؟ قال: معي أن ذلك يخرج في بعض القول في البيوع ثابت إذا كان المتبايعان بالغين، صحيحي العقل، من الأحرار، وكان البيع من الحلال الثابت لأن التراضي بينهما يوجب إباحة مالهما ويوجب ذلك بينهما. الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٣، ص ٢٩٣ ٢٩٤ . كذلك قيل ابن عمر: حاشية الترتيب على « لأن خيرته تنفي ضرره » بعدم تأثير الغبن في قسمة التخاير . الجامع الصحيح، ج ٣، ص ١٧٢ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي خامسا أن الأثر المترتب على الغبن الفاحش الذي يؤثر في العقد أو الصفقة فقال من قال: لا يرد به البيع على حال إذا كان المتبايعان » : التجارية فيه اختلاف بالغبن غير صحيحي ا لعقل. وقال من قال: إنه يرد وينتقض البيع إلا بعد ا لمتاممة. وقال من قال: يثبت ويرد إلى عدل السعر من بيع البلد، كأنه يرد عليه « قيمة ا لغبن(١) . وقد رجح سماحة ُ المفتي العام السابق لسلطنة عمان قول الإمام الكدمي: اختلف في حد الغبن الذي يدرك به البائع رد المبيع، وأرجح ما فيه من الأقوال »قول الإمام الكدمي :ƒ إذا بلغ إلى الحد الذي لا يتسامح بمثله في العادة أصحاب العقل والتمييز إذا تبايعوا وإنما يكون ذلك عند الجهل بالقيمة أما إذا باعه ما قيمته ألف بخمسمائة مع علمه بأن قيمته الألف وهو عاقل مميز فذلك الذي وضعه من القيمة عن المشتري يعد من التسامح والمحاباة، كما لو اشترى  ما قيمته درهم بمائة مع العلم بقيمته فإنه يثبت عليه ذلك مع الإمام ابن محبوب ^ « ومن قال بقوله(٢) . كذلك يقول ا لسالمي(٣) : ِ لله در الكدمي الضابط إذا أرسل الغبن بغير ضابط إلا على ما ي تعاملونا بمثله لا يتغابنونا سادسا أي: الذي يقع بحيل تدليسية أو بخداع) ) « التدليسي » أن الغبنلا يفيد، ولو حكم القاضي بحكم يقضي بصحة ا لتصرف(٤) . (١) . النزوي: المصنف، ج ٢٤ ، ص ١٠٥(٢) د. علي العبري وآخرون: الآثار العلمية لسماحة الشيخ العلامة إبراهيم بن سعيد العبري، . المجلد الثاني، الجزء الثالث الجزء الرابع، مسقط، ١٤٣٦ ٢٠١٥ ، ص ١١٩ ١٢٠(٣) . السالمي: جوهر النظام، ص ٢٩١(٤) في رجل اشترى مالا » : نذكر هنا مسألة الصبحي ً من غير بلده من مسيرة ثلاثة أيام، أو أقل أو ١٨٩ سابعا للإمام ابن بركة رأي وجيه أماط فيه اللثام عما يدعيه البعض من احتمال وجود تناقص في موقف ا لنبي ژ من ا لغبن(١) . أكثر، ثم سار الرجل صاحب المال إلى البلد الذي اشترى منها المال المذكور، وأقام بها مدة ثم جاء رجل مع أناس، وقالوا له: نريد أن نتقايض، نحن وإياك بمال في تلك البلد لكن المال الآخر مسقاة من فل أخر من تلك البلد فقال لهم الرجل الغريب: أنتم أصحاب البلد وتعرفون الصلاح من الفساد، والزيادة من النقصان فإن رأيتم لي صلاحا بهذا القياض فقالوا ً له: نعم نحن ننظر لك الصلاح، والرجل لم يعرف قيمة الأصيلة في تلك البلد، ثم أنهم فصلوا بينهما على القياض بالمال، والماء الذي لهما وأروض ثم قالوا للرجل الغريب: نريد أن نتكاتب بالإقرار ثم حملوه إلى الكاتب أعني: الغريب وتكاتبوا بالإقرار، ثم بعد أيام قليلة جاءه أناس من تلك البلد أعني: الغريب، وقالوا له: بلغنا أنك قايضت فلان ً ا بمالك، وأن عليك غبن ً ا قدر ثلاثين تومان ً ا والمقايض الذي من البلد عارف بالغبن، فحال المال الذي أخذه من الغريب في الحال لأحد أقاربه، فما ترى شيخنا في هذا الأمر الذي وقع على هذا والرجل والمدالسة والغبن الفظيع على هذا ا لغريب؟ هل طريق من وجوه الحكم، أو حيلة من وجوه الشرع في إخراج ماله من أجل الضرورة التي وقعت عليه أم لا؟ قال: الذي عندي أن لهذا الغريب المقايض حجته في نقضه هذا القياض لأجل المدالسة الجارية فيما بينه وبين الله وفي الحلال والحرام، وأما في ظاهر الحكم إن كان وقع منه إقرار بماله الذي أخذ بدله، ووقوع الإقرار على غير سبيل القياض والمناقلة فلا أرى له رجعة، وإن كان إقراره على سبيل قبول البدل فهذا لا تبطل حجته فما عندي. وإن وقع هذا الإقرار ثبات ً ا وحكم الحاكم بثبوته عليهما خفت أن يلحق هذا الغريب بالغبن الذي أصابه أهل هذا البلد الذين طلب منهم نظر الصلاح وإنفاذ العدل بين المتقايضين فأخطأوا ذلك واعتمدوا الحيف أو الجور فلا أحب لهم إلا الخلاص مما أصاب هذا الغريب من الغبن بإدخالهم عليه، ولا تميلوا عن الحق إن كنتم مهتدين، وإحالة من له الغبن أخاف أن لا تنفع محيلها إن كان الأصل غير ثابت. وإن كان حكم الحاكم بثبوت الإحالة لم يبعد المحيل من لزوم ثمن الغبن الواقع على حسب .« ما عندي في هذا كله. والله أعلم ، السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٠ . ص ٤٥ ٤٦(١) وللبيع إذا خرج من حد ما يتغابن الناس » : ولأهمية رأيه نذكره لك بحذافيره. يقول ابن بركة في مثله أو محاوره لم يجز لنهي النبي ژ عن إضاعة المال، وفي إخراج المال بغير عوض يساويه لا يجوز لنهي النبي ژ عن ذلك، فإن قال قائل: قد روي عن النبي ژ أنه قال أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ت: N وا GK ر ا HT ا ! (5 أ ا  ج) ١ المبدأ ا لعام: لا غرو أن للاحتكار آثاره الضارة. فهو: - يؤدي إلى تحكم فرد أو دولة أو حفنة قليلة من الأفراد أو الدول في توزيع وتحديد سعر السلعة أو الخدمة. إذ المحتكر كماسك الصنبور يفتحه أو يغلقه أنى شاء. - يترتب عليه إمكانية الغلو في السعر الذي يدفعه المستهلك، والذي ينفرد بتحديده المحتكر، لانعدام منافسة أشخاص آخرين له. - يؤدي إلى الإضرار بالناس، خصوص ا ذوي الدخول ا لضعيفة. ً  لجابر بن عبد الله: (بعني بعيرك، فقال: بل أهبه لك فأبى رسول الله ژ وقال: فبعتني بدرهم؟ فلم يبعه عليه بذلك فلم يزل يزيده ا لنبي ژ درهما درهما حتى اشتراه بأوقية، والأوقية ًً أربعون درهما، يقال: هذا خبر فيه نظر لأن رسول الله ژ غير جائز أن ينهى عن شيء ثم يدخل فيه، وقد نهى عن إضاعة المال ونهى عن الخديعة أبلغ من أن يطلب من الإنسان ما يساوي أربعين درهما بدرهم واحد، ولو صح هذا الحديث كان طريقه طريق الإخبار إلا أن ً النبي ژ لا يسأل عما قد نهى عنه وللإمام أن يختبر رعيته ويتعرض بالمسألة. ليعلم هل يستعمل ما يأمر به أو لا يستعمل وإنما كانت لك حجة لو اشتراه بدرهم واحد وهو يساوي أربعين درهما، فأما إذا كان جائز ً ا فقد ثبت على ألا يضيع مالا ً وعرض النبي ژ الوجه الذي ً لا يسمى به مضيعا وهو الهبة، فأبى ذلك منه واستعمل في البيع ما أمره رسول الله ژ ولم ً يجد منه خلاف ً ا فينكر عليه، وإذا كان ذلك كذلك كان طريقه ما قلنا والله أعلم. فإن قلنا ما أنكرتم أن يكون رسول الله ژ سأل جابرا إلا على وجه الاختيار ألا ترى أنه لا يجوز أن ً يقول: له بعني الخمر والخنازير، قيل له هذا غلط ومعارضة فاسدة وذلك أن الجمل ملك المسلمين والخمر والخنازير ليستا بملك المسلمين، وأيض ً ا فإن الخمر قد أمرنا بإراقته، وقتل الخنازير، فلا يجوز. ولا يجوز أن يسأل النبي ژ أحد ً ا من المسلمين بيع ما ليس في ملكه وما لا يجده عنده، وقد روي عن ا لنبي ژ أنه كان إذا أمر أن يشترى (له شيء فاشترى) له واسترخصه سأل الرسول: هل عرف البائع لمن اشترى فإن قال: نعم رده، وإن قال: لا قبل فكيف يليق به 0 . ابن بركة: كتاب الجامع، ج ٢، ص ٣٠٧ ٣٠٨ .« هذه الرواية وهذا التأويل الباب الأول: المبادئ الحاكمة للقانون التجاري في الفقه الإباضي ١٩١ - يمنع أي تطوير للسلعة، وذلك لعدم وجود منافسة حقيقية. لذا فقد نهى الإسلام عن الاحتكار(١) . في هذا الخصوص يقول النبي ژ : « من احتكر فهو خاطئ »(٢) أصل هذا مراعاة الضرر فكل ما أضر » : ، يقول المازري بالمسلمين وجب أن ينفى عنهم، وإذا كان شراء الشيء بالبلد تعلي سعر البلد وتضر بالناس منع المحتكر من شرائه نظرا للمسلمين عليه وقد قال بعض ً أصحاب مالك: إن احتكار الطعام ممنوع على كل حال لأن أقوات الناس لا يكون احتكارها أبد ً .« ا إلا مضرا بهم تجدر الإشارة أن الإمام النووي قرر أن الاحتكار المحرم هو في الأقوات خاصة بأن يشتري الطعام في وقت الغلاء، للتجارة ولا يبيعه في الحال، بل يدخره ليغلو وأما غير الأقوات فلا يحرم فيه ا لاحتكار(٣) .    (١) ومن الكبائر، الاحتكار، راجع الإمام الهيتمي، الزواجر عن اقتراف الكبائر، دار الشعب،  . القاهرة، ١٤٠٠ ١٩٨٠ ، ص ٣١٥(٢) رواه مسلم. (٣) الإمام المازري: كتاب المعلم بفوائد مسلم، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ُْ ١٤١٦ ١٩٩٦ ، ج ٢، ص ٤٤ ؛ الإمام النووي: صحيح مسلم بشرح النووي، دار الريان للتراث، . القاهرة، ١٤٠٧ ١٩٨٧ ، ج ١١ ، ص ٤٣ وفي الفقه الحنبلي يشترط في الاحتكار المحرم ثلاثة شروط: أحدها: أن يشتري. فلو جلب شيئ ً ا أو أدخل من غلته شيئ ً ا فادخره لم يكن محتكرا. ً الثاني: أن يكون ا لمشت َرى قوت ً ا، فأما الإدام والحلواء والعسل والزيت وأعلاف البهائم، فليس َ فيها احتكار محرم. الثالث: أن يضيق على الناس بشرائه، ولا يحصل ذلك إلا بأمرين: أحدهما: أن يكون في بلد يضيق بأهله الاحتكار، وظاهر هذا أن البلاد الواسعة الكثيرة المرافق والجلب لا يحرم فيها ا لاحتكار. ثانيهما: أن يكون في حال الضيق بأن يدخل البلد قافلة فيتبادر ذوو الأموال فيشترونها ويضيقون على الناس، فأما إن اشتراه في حال الإشباع والرخص على وجه لا يضيق على أحد فليس بمحرم. راجع: معجم الفقه الحنبلي، مستخلص من كتاب المغني لابن قدامة، وزارة الأوقاف . والشؤون الإسلامية، الكويت، ١٣٩٣ ١٩٧٣ ، ج ١، ص ٢٢ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي وقال ژ : « الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون »(١) . وعن مالك عن عمر بن الخطاب، قال: لا حكرة في سوقنا، لا يعمد رجال بأيديهم فضول من أذهاب، إلى رزق من » رزق الله نزل بسحاتنا، فيحتكرونه علينا، ولكن أيما جالب جلب على عمود كبده (أي: على ظهره أو بتعب ومشقة) في الشتاء والصيف، فذلك ضيف عمر فليبع « كيف شاء الله وليمسك كيف شاء ا لله(٢) . كذلك قال مالك: إن عثمان بن عفان كان ينهى عن ا لحكرة(٣) . ويقول الإمام ابن قيم ا لجوزية: فإن المحتكر الذي يعمد إلى شراء ما يحتاج إليه الناس من الطعام فيحبسه » عنهم ويريد إغلاءه عليهم(٤) . هو ظالم لعموم ا لناس. (١) وإنما أراد بالجالب الذي يشتري » : رواه ابن ماجه في التجارات، يقول الإمام السمرقندي الطعام للبيع، فيجلبه إلى بلده فيبيعه، فهو مرزوق لأن الناس ينتفعون به فيناله بركة دعاء المسلمين والمحتكر الذي يشتري الطعام للمنع ويضر ا لناس. الحكرة أن يشتري الطعام في مصره، ويحبسه عن البيع، وللناس حاجة إليه. » : ويضيف أيضا ً فهذا هو الاحتكار الذي نهى عنه وأما إذا دخل له الطعام من ضيعه أو جلب من مصر آخر فإنه لا يكون احتكارا ولكن لو كان للناس إليه حاجة فالأفضل أن يبيعه وفي امتناعه عن ذلك ً يكون سيئ ً ا لسوء نيته وقلة شفقته للمسلمين فينبغي أن يجبر المحتكر على بيع الطعام، فإن   الإمام ) .« امتنع عن ذلك فإنه يعزر ويؤدب ولا يسعر عليه، ويقال له: بعه كما يبيع الناس أبو الليث السمرقندي: تنبيه الغافلين، مكتبة الإيمان، المنصورة، ١٤١٥ ١٩٩٤ ، تحقيق: السيد .( العربي ص ١٤٤ ١٤٥ (٢) قيل: إن هذا القول العادل هو عينه نفس المبدأ المطبق الآن: محاربة رأس المال المستغل وحماية رأس المال المعتدل (الشيخ محمد محمد المدني نظرات في فقه الفاروق عمر بن .( الخطاب، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٩ ١٩٩٩ ، ص ١٥٧ (٣) . الموطأ للإمام مالك، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، كتاب الشعب، القاهرة، ص ٤٠٤ (٤) وهو يختلف في ذلك عن التاجر المتربص وهو الذي يشتري التجارة وقت رخصها ويدخرها إلى وقت ارتفاع السعر (راجع الإمام ابن تيمية: القواعد النورانية الفقهية، تحقيق:   .( محمد حامد الفقي، مكتبة ا لسنة المحمدية القاهرة، ١٣٧٠ ، ص ١١١ ١١٢ ١٩٣ ولهذا كان لولي الأمر أن يكره المحتكرين على بيع ما عندهم بقيمة المثل عند ضرورة الناس إليه مثل من عنده طعام لا يحتاج إليه للجهاد أو غير ذلك. فإن من اضطر إلى طعام غيره أخذه منه بغير اختياره بقيمة المثل، ولو امتنع من « بيعه إلا بأكثر من سعره، فأخذه منه بما طلب ولم تجب عليه إلا قيمة مثله(١) . ويمكن القول: إن هناك اتجاهين في الفقه الإسلامي بخصوص ا لاحتكار: الأول: كل ما أضر الناس حبسه فهو احتكار » أخذ به أبو يوسف، ويقرر أن .« وإن كان ذهبا أو ثيابا ًً الثاني: لا احتكار » أخذ به الهادوية والشافعي وفقهاء آخرون، ويذهب إلى أنه « إلا في قوت الناس وقوت ا لبهائم(٢) . ولا جرم أن الاتجاه الأول هو الأجدر بالتأييد لتوافر نفس العلة التي استند َ إليها الاتجاه الثاني: الإضرار بالناس(٣) . (١) . ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، دار المدني، جدة، ص ٢٥٢ الحكرة المضرة بالناس حرام، سواء في الابتياع أو في إمساك ما ابتاع ويمنع من ذلك » : كذلك قبل معجم فقه ابن حزم الظاهري، جامعة دمشق كلية ) « والمحتكر وقت رخاء: ليس آثما بل هو محسن ً .( الشريعة، لجنة موسوعة الفقه الإسلامي، مطبعة جامعة دمشق ١٣٨٥ ١٩٦٦ ، ج ١، ص ١٩(٢) . الإمام الصنعاني: سبل السلام، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ١٤٠٨ ، ج ٢، ص ٤٩٨(٣) والحكمة في تحريم الاحتكار دفع الضرر عن عامة الناس كما أجمع » : يقول الإمام النووي .( صحيح مسلم بشرح النووي، المرجع السابق، ج ١١ ص ٤٣ ) « العلماء وبخصوص قوله ژ : قيل: إن « من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس » الحديث يدل على حرمة الاحتكار وأن احتكار الطعام ليس من شيم الإسلام ولا من أخلاق المسلمين في شيء فضلا ً عن أن رسول الله ژ حذر منه ونهى عنه وتوعد فاعله بالمرض والإفلاس وهذا زجر واضح وجهه ا لرسول ژ للناس (راجع ابن حمزة الحسيني الدمشقي الحنفي: البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف مكتبة مصر بالفجالة، القاهرة، ١٩٨٥ ، ج ٣ ولا يخفى أن الأحاديث الواردة في منع الاحتكار وردت مطلقة » : ص ١٣٨ ١٣٩ ) ويقول الصنعاني لا يقيد فيه المطلق » : ومقيدة بالطعام وما كان من الأحاديث على هذا الأسلوب فإنه عند الجمهور بالمقيد لعدم التعارض بينهما، بل يبقى المطلق على إطلاقه، وهذا يقتضي أن يعمل بالمطلق في منع الاحتكار مطلق ً .( الصنعاني: سبل السلام، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٩٨ ) .« ا أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي تقول دار الإفتاء المصرية إن تحريم ا لاحتكار: الشراء وقت » : لا يثبت إلا بشروط، يكاد يتفق الفقهاء على ثلاثة منها، وهي الغلاء، والمراد بالشراء شراء السلعة الموجودة في البلد، والحبس مع تربص « الغلاء، وإحداث ضرر بالناس جراء ا لحبس(١) . ٢ القواعد الحاكمة للمبدأ: بين فقهاء المذهب الإباضي أهم القواعد واجبة التطبيق على الاحتكار، وهي:  أولا تعريف ا لاحتكار: الحكر ما احتكرت » : أكد الفقه الإباضي على تعريف للاحتكار لا غبار عليه من طعام ونحوه مما يؤكل: ومعناه الجمع، وصاحبه محتكر، وهو احتباسه « انتظارا للغلاء(٢) . ً ويقول الشوكاني: إن التنصيص على الطعام في بعض الأحاديث لا يكون مقتضيا لتخصيص ً  الشوكاني: السيل الجرار « تحريم الاحتكار به لأن ذلك من التنصيص على بعض أفراد العام . المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٣، ص ٨٥ (١) وتضيف أيض ً ا: فإذا اختل واحد من هذه الثلاثة فلا يكون احتكار ً ا فلو حبس السلعة ولم يكن للناس في المحبوس حاجة، أو حبسها مع بيعها بثمن المثل، أو اشتراها في حال الضيق والغلاء ليربح فيها بلا حبس، فلا يعد احتكارا؛ وكذا لو حبس ما تنتجه أرضه من زرع أو ً مصنعه من سلع، أو استورد سلعة من خارج البلد وحبسها فلا يعد احتكارا ولو مع غلو ً ثمنها، شريطة ألا يكون بالناس ضرورة إليها بحيث يصيبهم ضرر بالحبس؛ لأن المقصد من منع الاحتكار إنما هو الضرر الواقع على مجموع المستهلكين جراء حبس السلعة وقت الضيق والغلاء، وهذه الصور نص عليها فقهاء الشافعية وبعضها تفهم من ظاهر العبارات، يقول الإمام وأما الاحتكار والتربص بالأمتعة، » :( ٤١١ ، ط. دار الكتب العلمية /٥) « الحاوي » الماوردي في فلا يكره في غير الأقوات وأما الأقوات فلا يكره احتكارها مع سعة الأقوات ورخص الأسعار؛ لأن احتكارها عند الحاجة إليها، وأما احتكارها مع الضيق والغلاء وشدة الحاجة إليها فمكروه موسوعة .« محرم... ولو اشتراها في حال الغلاء والضيق طالبا لربحها لم يكن احتكارا ًً . الفتاوى المؤصلة من دار الإفتاء المصرية، ج ٣، ص ٣٩٣ ٣٩٤(٢) العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ٢٧ . حري بالذكر أن الإباضية اختلفوا حتى في الطعام الذي ١٩٥ وواضح أن التعريف يقصر الاحتكار من حيث موضوعه على الطعام، وقد سبق القول إننا نراه ينطبق على ما توافرت فيه عناصر الاحتكار أيا كان موضوعه،  ما دام يسبب ضرر ً ا للناس. ولعل خير من عب ّ ر عن ذلك أيض ً ا الإمام السالمي، وظاهر الأحاديث تحريم الاحتكار من غير فرق بين قوت الآدمي والدواب » : بقوله وبين غيره، والتصريح بلفظ الطعام في بعض الروايات لا يصلح لتقييد بقية الروايات المطلقة، بل هو من التنصيص على فرد من الأفراد التي يطلق عليها المطلق، ذلك لأن نفي الحكم عن غير الطعام إنما هو لمفهوم اللقب، وهو غير « معمول به عند الجمهور وما كان كذلك لا يصلح للتقييد(١) .  يؤدي » : ويتفق ما قلناه في العلة التي تقرر بموجبها منع الاحتكار، وهي أنه « إلى مضاعفة البلاء، وإرهاق الناس في معائشهم(٢) . ويتمثل ذلك في أن: ينتهز بعض الجشعين حاجة الناس إلى الأقوات فيغلون عليهم أرزاقهم، » « ويثرون على حساب ضروراتهم وحاجاتهم(٣) . ثانيا الحالات التي لا يتوافر فيها ا لاحتكار: ذكر فقهاء الإباضية أن الاحتكار لا يتوافر في بعض الأحوال، حتى ولو حصل استئثار على سلعة ما، إذا اتفق ذلك مع العادات التجارية ولم يترتب عليه ضرر للناس. يكفي أن نذكر هنا ما يلي: يكون فيه احتكار: فجعله بعضهم عاما في كل ما يطعم، وخصه بعضهم بما يسمى في العرف طعاما، بينما خصه آخرون بالبر والشعير، راجع د. فرحات الجعبيري مفاهيم الاحتكار في ً الاقتصاد المعاصر، ندوة تطور العلوم الفقهية الأصول المقاصدية وفقه التوقع، ندوة تطور . العلوم الفقهية، ١٤٣٠ ٢٠٠٩ ، ص ٨٤٥(١) . السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ١٦٧(٢) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى المعاملات، الكتاب الثالث، ص ١٢١(٣) د. مصطفى باجو: المقاصد بين الفقهين الإباضي والمالكي، ندوة تطور العلوم الفقهية، وزارة . الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة، عمان، ص ٤٩٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي جاء في قاموس ا لشريعة: قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان: المحتكر هو الذي يقطع على الجالبة » للمعاش، ويشتريها منهم جملة ليبيعها على المسلمين بالغلاء، لا على وجه أن أهل البلد يستطيعون شراءه، والجالبة لا يمكنهم إلا بيع جملة، ويحبون من التجار يشترونه معهم جملة، ويبيعون في دكاكينهم ذلك للناس على سعر طعام « أهل الدكاكين، فلا يسمى هذا محتكرا فافهم الفرق في ذلك(١) . ً · يقول البكري: لا يشمل وعيد الاحتكار تاجرا يشتري سلعة في فصل ً ليبيعها في فصل آخر إذا لم يقصد احتكارا ولم يكن تأخير بيعها إلا انتظار ا ًً أما مجرد شراء سلعة في فصل ليبيعها في فصل آخر، » : لموسم رواجها، ويضيف فلا يعتبر احتكارا ولقد اعتاد التجار الحذاق في مختلف الأزمان والأقطار شراء ً سلع الشتاء في الصيف وسلع الصيف في الشتاء، لأنهم يجدون رفق ً ا في أسعارها لقلة رغبة الناس في اقتنائها آنذاك، ولو أن أحد ً ا سام سلعة هذا التاجر بشيء من الربح، لما تردد على ما يظهر عن بيعها له، لأنه يجد مثلها في السوق بكل « سهولة، وعليه فلا مظنة للاحتكار هناك(٢) . جاء في كتاب ا لبصيرة: قال: الذي يشتري » : سألت أبا عبد الله عن محتكر الطعام الذي جاء فيه الحديث » الطعام من بلده ويحبسه ويتربص به الغلاء: فهذا هو المحتكر، وقد يكره ذلك ولا (١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٨٣ ، ص ١٧٨ (٢) فتاوى البكري، ج ٣، ص ٨٦ ويقول الناظم بيان ً ا للأثر الضار للاحتكار: وحيث إن الاحتكار يجلب على الورى الضر ولا يستغرب تدعوهم الحاجة للأشياء ومنعها للاحتكار جاءي فيدخل الضر عليهم إن شروا في المال أو في الحال أو كانوا أبوا وذاك أن يشرى الطعام للتجر في وقت رخصه لكيما يحتكر ينتظر الغلا به على الورى في بلد يخبئه من اشترى فالنهي فيه جاء عن خير البشر نبينا المبعوث فينا من مضر . سالم السيابي: كتاب إرشاد الأنام في الأديان والأحكام، ج ٥، ص ٢٤٦ ١٩٧ يمنع، ولقد لعن النبي ژ المحتكر، وأما الذي يشتري من بلد آخر غير بلده، ثم يحمله إلى بلده فينتظر به والزارع الذي يزرع ثم يحبس حبه، وينظر به والتاجر الذي يسلف بالطعام فيحبسه، فهؤلاء ليسوا بمحتكرين ولا ينكر عليهم حبسه. قال غيره: إن المحتكر هو الذي يشتري طعام البلد، ولا يجد أهل البلد أحد ً ا يبيعهم، فيقول لا أبيعكم إلا على ما أريد فذلك المحتكر. وأما من يشتري طعاما ً ا(١) فيحبسه وآخرون يبيعون والناس يجدون من يبيعهم غيره فليس ذلك محتكر . ً معنى ذلك أنه لا يشكل احتكارا: ً ١ وجود تجار آخرين يبيعون ذات السلعة، ولا يحجبونها عمن يريد شراءها(٢) . « وبالتالي يتوافر الاحتكار إذا اتفقوا جميعا على منع ا لبيع(٣) . ٢ شراء السلعة من بلد آخر غير بلد التاجر ثم يحبسه. ٣ الزارع الذي يزرع أرضه ثم يحبس الحب أو ا لمحصول. ٤ التاجر الذي يسلف بالطعام فيحبسه(٤) . ٥ النهي عن الاحتكار مقصور على المقيمين دون المسافرين، لأن المسافر « إنما ذلك منه تجارة ونفع يرفعه من بلدة إلى بلدة(٥) . (١) . الأصم: البصيرة، ج ١، ص ٤١ ؛ ابن جعفر: الجامع، ج ٥، ص ٣١٦ (٢) وقيل: المحتكر: هو الذي يشتري طعام البلاد، ولا يجد أهل البلد أحد » : يقول الرستاقي ً ا غيره يبيع لهم، ويقول: لا أبيعكم إلا على ما أريد، فذلك هو المحتكر. وأما من يشتري الطعام .« فيحبسه، والناس يجدون غيره يبيع لهم، فليس بمحتكر . راجع الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٩٣ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ١٩٣ ١٩٤ (٣) . جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ٢٠٤ ؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٣ ، ص ١٨٧ ١٨٨(٤) السالمي: شرح الجامع « لا حكرة فيمن أدخر غلة ماله ولو انتظر به الغلاء » يقول السالمي: إنه . الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ١٦٧(٥) . الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٣، ص ١٤٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ثالثا الاحتكار حرام في حق المسلم وغير ا لمسلم:  الإنسان هو إنسان في نظر الإسلام، مسلما كان أو غير مسلم، لذلك إذا ترتب ً عليه ضرر جسيم فهو محظور ولا يجوز السماح به حتى في حق غير ا لمسلمين. لذلك جاء في شرح ا لنيل:  ونهى عن احتكار في بلد فيه موحدون، أو موحدون ومشركون، أو » موحدون، وأهل الذمة، أو أهل الذمة وحدهم، وجائز في بلد فيه مشركون أو « كتابيون محاربون وحدهم، أو منهم موحدون أغنياء عما يحتكر فيه(١) . ويقول ابن جعفر إنه يجب: بذل المجهود في إحياء النفوس المخوف عليها الهلاك المحرم قتلها من » جميع البشر من أهل الولاية أو من أهل الإقرار أو من العهد والذمة من أهل الشرك فكل هؤلاء سواء ولا يجوز قتل شيء من هذه النفوس المحرمة عند هذه الحال اللازمة فإن لم يفعل ذلك بغير عذر يكون له في الإسلام في جميع هذه الأنفس من البشر ممن آمن منهم أو كفر، ما لم يكن في حال الحرب من أهل البغي من القبلة أو أهل الحرب من المشركين الذين حلال دماؤهم وقتلهم حيثما قدروا عليه وعليهم وتقفوا الممتنعين عن الحق بالباطل الذين يجوز قتلهم « بالسيف فما فوقه وما دونه من جوع أو عطش أو بينة أو بما قدر عليه منهم(٢) . (١) . أطفيش: شرح النيل، ج ٨، ص ١٦٦ (٢) وجاز الاحتكار في بلد أهله » : ابن جعفر: الجامع، ج ٥، ص ٣١٧ ٣١٨ ، ويقول البطاشي . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٥، ص ٥٠ « مشركون ليسوا بأهل ذمة معنى ذلك ثلاثة أمور: أولا : أن الفقه الإباضي يساوي بين المسلم وغير المسلم من أهل الذمة بخصوص عدم جواز الاحتكار. ثانيا : لما كان إعطاء الذمة يكون باتفاق، فإنه يساويه أيض ً ا في نظرنا إبرام معاهدة دولية مع غير المسلمين الذين لا يرضون أن يكونوا من أهل الذمة، وذلك وفق ً ا لقياس أولوي. ثالثا : وكنتيجة لما تقدم، فإن جواز الاحتكار مع غير المسلمين يقتصر على المحاربين منهم. ١٩٩ معنى ذلك وفق ً ا للفقه الإباضي أن الاحتكار تجاه غير المسلمين إن ترتب أن يكونوا في حالة » : عليه أضرار جسيمة تلحق بهم لا يجوز إلا في حالة واحدة .« حرب وعداء مع ا لمسلمين  وهذا أيض ً ا ما تعارفت عليه الدول المتحاربة حاليا في صورة الحصار الاقتصادي وقطع العلاقات التجارية وغيرها مع الأعداء أثناء ا لحرب. K'5 أ ا  د) :0 و; U ا ١ ماهية المنافسة غير ا لمشروعة: تعني المنافسة غير المشروعة Unfair Competition- La Concurrence déloyale ارتكاب التاجر بسوء نية أفعالا ً للاستيلاء على عملاء أو زبائن منافس آخر له للإضرار بمصالح هذا الأخير. ولا شك أن المنافسة غير ا لمشروعة(١) وأي تصرف أو نشاط يخالف الأحكام المرعية والقواعد المرضية في المعاملات التجارية لا يعطي لصاحبه الحق في المطالبة القضائية عن أي ضرر يكون هو المتسبب بسبب ذلك في وقوعه. بل، على العكس، يلتزم كل من يخالف قواعد المنافسة المشروعة بالتعويض عن الأضرار التي سببها للغير(٢) . (١) قيل: «unfair competition includes any act contrary to honest commerical practices» J. W. Goans.: Intellectual property principles and practi athan Associates Inc. 2014. p.1. (٢) وقد أخذ قانون التجارة المصري بذلك، إذ تنص المادة ٦٦ على ما يلي: ١ يعتبر منافسة غير مشروعة كل فعل يخالف العادات والأصول المرعية في المعاملات »التجارية ويدخل في ذلك على وجه الخصوص الاعتداء على علامات الغير أو على اسمه التجاري أو على براءات الاختراع أو على أسراره الصناعية التي يملك حق استثمارها وتحريض العاملين في متجره على إذاعة أسراره أو ترك العمل عنده وكذلك كل فعل أو ادعاء يكون من شأنه إحداث اللبس في المتجر أو في منتجاته أو إضعاف الثقة في مالكه أو في القائمين على إدارته أو في منتجاته. ٢ كل منافسة غير مشروعة تلزم فاعلها بتعويض الضرر الناجم عنها وللمحكمة أن تقضي أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي وقد أكد على ذلك القاعدة ا للاتينية: Ex turpi causa non oritur actio وهو ،« لا يمكن تأسيس أية قضية على فعل غير مشروع » : والتي تعني أنه رت ْ ه القاعدة ا لإنجليزية: .No action can be founded on an illegal act ما قر ومن البدهي القول إن المنافسة الشريفة والحرة داعية إلى رقي الأمم والأفراد(١) والشعوب؛ لأن نتيجتها اللازمة هي الحث على زيادة الإنتاج، بل وزيادة الاستهلاك بسبب ما يترتب عليها من تخفيض لأسعار السلع والخدمات، الأمر الذي من شأنه تحقق نوع من التفاضل بين الناس وكذلك ا لدول. فالدول ليست على درجة واحدة من التقدم، فهناك الدول المتقدمة، والدول النامية، والدول متوسطة النمو. ووجود تفاضل اقتصادي بين الدول هو أمر حتمي، يرجع عادة إلى مقدرات كل دولة، وثرواتها، والعمل والإنتاج، وعناية السلطة  الحاكمة بتطوير البلاد.. إلخ. وما ينطبق على الدول ينطبق أيض ً ا على ا لأفراد. فضلا ً عن التعويض بإزالة الضرر وبنشر ملخص الحكم على نفقة المحكوم عليه في إحدى .« الصحف ا ليومية تقول د. سميحة ا لقليوبي: هذا النص جديد حيث كان القضاء يلجأ في شان حماية المحل التجاري أو عناصره في حالة »المنافسة غير المشروعة إلى القواعد العامة عن الأفعال الصادرة من الغير وفق ً ا لنص المادة راجع: « ١٦٣ ) مدني والتي تقضي بأن كل خطأ سبب ضررا للغير يلتزم من ارتكبه بالتعويض ) ً . ١٩٩٩ ، ص ١٤٦ ١٤٧ / د. سميحة القليوبي: تعليق على مواد قانون التجارة المصري، رقم ١٧(١) ذلك أن من وسائل تحقيق التوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة في الإسلام: تحريم العلاقات التي تولد الحقد والضغينة وتثير المنازعات مثل تحريم عقود الغرر، وتحريم الربا والاحتكار والغش. د. صوفي أبو طالب: تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد العربية، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٤٢٧ ٢٠٠٦ ، ص ٣٦ ٣٧ . ونضيف إلى ذلك تحريم المنافسة غير ا لمشروعة. ٢٠١ - وقد أكد على هذا قوله 4 : ﴿ vutsrqpo ~}|{zyxw ے ¤£¢¡ ¬«ª©¨§¦¥ ¯®﴾ [ [النساء: ٣٢ . - ﴿ JIHGFEDCBA@﴾ [ [الكهف: ٧ . - ﴿ © ¶μ´³²±°¯®¬«ª ÂÁÀ¿¾½¼»º¹ ÆÅÄà ﴾ [ [الزخرف: ٣٢ . ¸ - ﴿ _ ihgfedcba` -- onmlkj﴾ [ [الإسراء: ٧٠ . ﴿ TSRQPO﴾ [ [الإسراء: ٢١ . ﴿ ãâáàßÞÝÜÛÚ çæåä﴾ [ [الأنعام: ١٦٥ . -- ﴿ ¯® ´³²±° ¶μ﴾ [ [العنكبوت: ٦٢ . ﴿ LKJIHG﴾ [ [البقرة: ٢١٢ . وقال رسول الله ژ : ِ - ِ ب ل ُ « له منها (١) كلا مي َُ ر لما ك ُ ت ٌ    أجم وا في طلب الدنيا، فإن س » ولا شك أن التفاضل في العلاقات الاقتصادية الدولية والوطنية من آثاره: أولا تدفق تيارات التبادل التجاري والاقتصادي بين الدول والجماعات والشعوب. (١) الإمام الماوردي: الأمثال والحكم، تحقيق: د. فؤاد عبد المنعم، دار الحرمين، الدوحة . ١٤٠٣ ١٩٨٣ ، ص ٢٦ َ . أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ثانيا عدم تعطيل منطقة بعينها واشتغال منطقة أخرى فقط؛ أي: توزيع الأدوار الاقتصادية على الصعيد ا لدولي . وقد أكد على هذا الأمر الأخير ابن ظهيرة، بقوله: الحمد لله الذي فاوت بين البلاد في فضلها وصفاتها، وجعل لكل منها مزايا » مختصة بها، دون أخواتها، وذلك من بديع حكمته الباهرة في ذاتها، لئلا تجتمع « الناس على بلدة واحدة، بتعطيل أخواتها(١) . ومن أساليب المنافسة غير المشروعة التي لا يوافق عليها الإسلام اتباع سياسة الإغراق، ويرمي الإغراق إلى عرض السلعة بسعر منخفض عن مثيله في السوق، وبما لا يتفق حتى مع التكلفة الحقيقية للسلعة المعروضة، وذلك رغبة في كسب الأسواق، وتحقيق الكساد لدى الآخرين، الذين لم يجدوا مشترين لسلعتهم فتبور عليهم ويخسرون، ويبقى بالتالي السوق غنيمة سهلة لمن لجأ إلى أسلوب الإغراق، فيتحكم بالتالي في الأسواق، ويعوض ما خسره مستقبلا ً نتيجة لذلك. وفي الفقه الإسلامي لا يجوز ذلك، فقد مر عمر بن الخطاب بحاطب بن أبي بلتعة، وهو يبيع زبيبا بالسوق، فقال له عمر: ً .« إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا » يقول عيسى بن دينار: إن معنى ذلك أن حاطب كان يبيع دون سعر الناس فأمره عمر أن يلحق بسعر الناس أو يقوم من ا لسوق(٢) . (١) ، ابن ظهيرة: الفضائل الباهرة في محاسن مصر والقاهرة، مطبعة دار الكتب، القاهرة، ١٩٦٩ . ص ١ (٢)تعليق ً ا على ذلك أيض ً وهذه لفتة أخرى من عمر التفت إليها قبل أهل » : ا يقول الشيخ المدني الاقتصاد الحديث بقرون وقرون، وهي أن بعض التجار يدخلون الأسواق بسلعهم قاصدين الإفساد وإحداث الشغب وإيذاء الناس فيبيعون بخمسة مثلا ً ما قيمته في السوق سبعة أو عشرة، يرمون بذلك إلى إظهار غيرهم بمظهر المغالين، وإلى أن تبور عليهم سلعهم، فإذا ٢٠٣ وهكذا يكون الإسلام، في رأينا، قد حارب منذ ما يزيد على أربعة عشر قرن ً ا سياسة الإغراق Dumping التي تلجأ إليها بعض الدول أو الشركات عابرة القوميات Transnational companies في عالمنا ا لمعاصر. وقد أكد القضاء في الكثير من الدول على عدم جواز المنافسة غير ا لمشروعة(١) . ٢ علة تحريم المنافسة غير ا لمشروعة: ترجع علة تحريم المنافسة غير المشروعة في الإسلام، في رأينا، إلى الأمور ا لآتية: طال عليهم الأمد اضطروا إلى البيع بخسارة ثم قاموا من السوق مخذولين، فيبقى به الذين .« أرخصوا عليهم منفردين ثم يتحكمون في الأثمان بعد ذلك كما يشاؤون ويضيف الشيخ ا لمدني: وهذه الطريقة معروفة في عصرنا، وكان أساتذتها أو شياطينها، اليهود، فكانوا يقيمون »الشركات أو المصانع، ويستوردون، أو ينتجون صنف ً ا معين ً ا ويجعلون له سعرا منخفض ً ا عن ً سائر ما يبيع به غيرهم، مع جودة الصنف ومع أنه يكلفهم في استيراده أو إنتاجه ثمن ً ا أكبر. ولكنهم يرمون إلى إفساد السوق على أصحابها وإلى أن تبور سلعهم وتكسد تجارتهم ويتراكم إنتاجهم فيصيبهم الخسران ليحلوا هم محلهم ويصبحوا سادة الأسواق في شأن هذه السلعة بذاتها. وكان هؤلاء اليهود ومن سار على نهجهم يدبرون ذلك عن دراسة وتثبيت ويضحون أول .« الأمر بمئات الألوف ثقة بأنهم سيعوضون أضعافها حين ينفردون بالسوق ويخرجون منها سواه (راجع الشيخ محمد محمد المدني: نظرات في فقه الفاروق عمر بن الخطاب، المجلس .( الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة ١٤١٩ ١٩٩٩ ، ص ١٥٧ ١٥٩(١) يعد منافسة غير مشروعة ارتكاب أعمال » : من ذلك ما قررته محكمة النقض المصرية أنه مخالفة للقانون أو العادات أو استخدام وسائل منافية للشرف والأمانة والمعاملات التي قصد بها إحداث لبس بين منشأتين تجاريتين أو إيجاد اضطراب بإحداها وكان من شأنه اجتذاب الطعن رقم ٦٢ سنة ٢٥ ق ) « عملاء إحدى المنشأتين للأخرى أو صرف عملاء المنشأة عنها .( ١٩٥٩ س ١٠ ص ٥٠٥ /٦/ جلسة ٢٥ التشابه بين اسمين تجاريين يعتبر منافسة غير مشروعة إذا كان » : كذلك أكدت المحكمة أن .« من شأنه إيجاد لبس لدى ا لجمهور راجع المستشار الدكتور أحمد حسني: قضاء النقض التجاري، منشأة المعارف، الإسكندرية، . ٢٠٠٠ ، ص ٣٥ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي أولا أنها تشكل نوعا من الظلم، خصوصا إذا تجسد ذلك في منع المنافسة ًً من أساسها(١) . لذلك قال رسول الله ژ : لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله » « بعضهم من بعض(٢) . ويدل هذا الحديث على أمرين، هما: من ناحية، ضرورة ترك السوق مفتوحة للجميع، الأمر الذي من شأنه وجود منافسة مشروعة بين التجار، ومن ناحية أخرى، تطبيق مبدأ ترك آليات السوق تحدد وهذا ما يتحقق تلقائيا ودون منافسة غير مشروعة أسعار السلع والخدمات.   ثانيا: أنها تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات. ثالثا: أنها، بالتالي تلحق أضرارا فادحة بالاقتصاد العالمي والوطني خصوص ا ًً المستهلكين والمنتجين. رابعا: أنها تؤدي إلى زعزعة استقرار العلاقات الاقتصادية الدولية والداخلية. خامسا: أنها مظهر من مظاهر الغش المنهي عنه في أي نظام قانوني عادل. سادسا: أنها تؤدي إلى ظهور الضغائن بين أفراد المجتمع، الدولي أو  الداخلي، وأضرار ذلك لا تخفى على أحد(٣) . (١) ويكون ذلك بأن يسيطر فرد أو قلة من الأفراد على السوق، بما يمنع غيرهم من الاتجار في ا لسلعة. ومن ذلك: أن يلزم الناس أن لا يبيع » : يقول ابن قيم الجوزية بخصوص أقبح الظلم من الحكام الطعام أو غيره من الأصناف إلا ناس معروفون فلا تباع تلك السلع إلا لهم، ثم يبيعونها بما يريدون، فلو باع غيرهم ذلك منع وعوقب. فهذا من البغي في الأرض والفساد، والظلم الذي يحبس به قطر السماء وهؤلاء يجب التسعير عليهم، وأن لا يبيعوا إلا بقيمة المثل ولا يشتروا إلا بقيمة المثل، بلا تردد في ذلك عند أحد من العلماء، لأنه إذا منع غيرهم أن يبيع ذلك النوع أو يشتريه فلو سوغ لهم أن يبيعوا بما شاؤوا أو يشتروا بما شاؤوا: كان ذلك ظلما للناس وظلما ً للبائعين الذين يريدون بيع تلك السلع، وظلما للمشترين منهم. ً ابن قيم الجوزية: « فالتسعير في مثل هذا واجب بلا نزاع، وحقيقته إلزامهم بالعدل ومنعهم من الظلم . الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، مكتبة ا لسنة المحمدية، القاهرة، ١٣٧٢ ١٩٥٢ ، ص ٢٤٥(٢) . أخرجه مسلم، كتاب البيوع رقم ١٥٢٢(٣) النهي عن البيع « النهي لاقتران مفسدته » في هذا المعنى يقول ابن عبد السلام: إن من أحوال ِ ليس النهي من جهة المعنى عن البيع، وإنما هو نهي عن الإ » : على البيع ضرار المقترن بالبيع ٢٠٥ سابعا: أنها تؤدي إلى القضاء على آليات السوق: الأمر الذي من شأنه عدم وجود توازن تلقائي أو آلي في الاقتصاد الوطني أو ا لدولي. ثامنا: أنها تؤدي إلى تفشي البطالة وزيادة عدد العاطلين، بسبب أن المصانع وجهات العمل المضارة من المنافسة غير المشروعة ستغلق أبوابها. أما إذا كانت أساليب المنافسة مشروعة ولا تخالف العادات التجارية، فمرحبا ً بها، ومن ذلك إعطاء هدايا للمشترين، فقد اعتبرتها دار الإفتاء المصرية من أساليب المنافسة المشروعة، بقولها: الدعاية للمحلات التجارية بتقديم هدايا عينية لمن يشتري أكثر دون أدنى » « ا(١) زيادة في أثمان سلعها مقابل هذه الهدايا جائز شرع ً . تاسعا: وترجع العلة الأساسية في تحريم المنافسة غير المشروعة في القانون التجاري المعاصر إلى أنها تؤثر على أهم حق للمحل التجاري وهو حق التزبن(٢) . أو حق الاتصال بالعملاء Droit àla clientèle . فالمنافسة غير المشروعة تؤدي إلى اجتذاب عملاء التاجر وتحويلهم عنه بوسائل غير أمينة لا تتفق مع الأعراف التجارية. الأمر الذي يحتم تحمل مرتكبها تبعة المسؤولية الناجمة عن مثل تلك ا لأساليب(٣) . « وليس النهي عن النجش والسوم على السوم من هذا القبيل لأنها مناه منفصلة عن البيع الإمام ابن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، . مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة ١٤١١ ١٩٩١ ، ج ٢، ص ٢٦ من » ويقول الهيتمي: إن النجش والبيع على بيع الغير والشراء على شرائه من الكبائر لأنها . الإمام الهيتمي: الزواجر عن اقتراف الكبائر، المرجع السابق، ص ٣١٩ « المكر والخداع (١) . الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، ج ٥ ٧، ص ٢٥٠١ (٢) أي: الحصول على الزبون. وإلى جانب المنافسة غير المشروعة، يوجد نوعان آخران: المنافسة غير القانونية (والتي تتمثل في مخالفة النصوص القانونية واجبة التطبيق)، والمنافسة المخالفة لالتزام عقدي يتعلق بعدم ا لمنافسة. (٣) تفترض المسؤولية توافر عناصر ثلاثة، وهي: الخطأ والضرر وعلاقة السببية. ونكتفي بالإشارة إلى الخطأ أو السلوك في المنافسة غير المشروعة، والذي يتخذ صورا كثيرة وأساليب يصعب ً أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ولمحاربة المنافسة غير المشروعة تصدر الكثير من الدول قوانين لتحريمها. من ذلك قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري (قانون رقم ٣ تكون ممارسة النشاط الاقتصادي » : لسنة ٢٠٠٥ )، والذي نص في المادة ( ١) على أن .« على النحو الذي لا يؤدي إلى منع حرية المنافسة أو تقييدها أو الإضرار بها ويسري ذلك أيض ً ا على الأفعال التي ترتكب في الخارج وتضر بالمنافسة ( في مصر (المادة ٥(١) . وبخصوص موضوع المنافسة، يمكن أن نذكر ما رواه أبو هريرة عن لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا يبع » : رسول الله ژ أنه قال بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا. المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. التقوى ها هنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرؤ من « الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه(٢) . يتضح من الحديث السابق نهي النبي ژ عن أمرين يفسدان المنافسة ويجعلانها غير مشروعة، وهما: النهي عن النجش (ونضيف إليه النهي عن تلقي الركبان)، والنهي عن البيع على ا لبيع. - ،« نهى رسول الله ژ عن النجش » : فقد ثبت عن ابن عمر قال يقول ا لصنعاني: والنجش لغة: تنفير الصيد واستثارته من مكانه ليصاد، وفي الشرع: الزيادة » في ثمن السلعة المعروضة للبيع لا ليشتريها بل ليغر بذلك غيره، وسمى الناجش في السلعة ناجش ً « ا لأنه يثير الرغبة فيها ويرفع ثمنها(٣) . حصرها، ومن أهمها التشويه، وإحداث الخلط أو اللبس، وإحداث اضطراب في المشروع د. علي قاسم: قانون الأعمال، دار النصر، » : المنافس أو في السوق، راجع تفصيلات كثيرة في .( جامعة القاهرة، ١٩٩٧ ، ص ٣١١ ٣٢١(١) انظر الأفعال المحظورة، والعقوبات واجبة التطبيق في المواد ٦ ٢٦ من ا لقانون. (٢) أخرجه مسلم، بل وجاء في رواية الموطأ قوله ژ : راجع ،« ولا تنافسوا بدل ولا تناجشوا » . الصنعاني: سبل السلام، ج ٤، ص ١٩٤(٣) ، الإمام الصنعاني: سبل السلام، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض ١٤٠٨ ، ج ٢ . ص ٤٨٢ ٤٨٣ ٢٠٧ معنى ذلك أن النجش منهي عنه لأنه يؤدي إلى خداع ا لغير. - وعن ابن عباس ^ قال، قال رسول الله ژ : لا تلقوا الركبان ولا يبع » ِ ْ َْ ٍِ حاضر لباد « يقول ا لصنعاني: ٌَ أي: الذين يجلبون إلى البلد أرزاق « النهي عن تلقي الركبان » وفي الحديث ذلك أن .« نفع البائع وإزالة الضرر عنه » العباد للبيع، ويبدو أن العلة من النهي تغرير الجالب، فإنه إذا » تلقي الركبان قبل أن يصل إلى البلد أو إلى السوق فيه « أقدم إلى البلد أمكنه معرفة ا لسعر(١) . الخوارزمي: مفاتيح ) « النجش الزيادة على شراء غيرك من غير أن تحتاج إلى المتاع » : وقيل .( العلوم، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة ١٤٠١ ١٩٨١ ، ص ١٣ (١) وأجمعوا على أن تلقي » : الصنعاني: سبل السلام، نفس المرجع، ص ٤٨٨ ٤٨٩ وقيل الإمام ابن المنذر الإجماع، ،« السلع خارجا لا يجوز، وانفرد النعمان فقال: لا أرى له بأسا ًً دار الثقافة، الدوحة ١٤٠٨ ١٩٨٧ ، ص ٩١ . يقول الماوردي: إن في الحديث إثبات الخيار للمغبون لأنه إذا ثبت أن النهي عن التلقي لئلا يغبن الجالب لم يكن لإثبات الخيار له معنى إلا لأجل الغبن أو لأنه يرجو الزيادة في السوق، الإمام المازري كتاب المعلم بفوائد ٍ مسلم، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٠ ، وقيل: إن النهي أن يبيع حاضر لباد كان في بدء حتى عمرت الأسواق، وكثر الجلب واتسع الناس واستقرت دار الهجرة وألفه الناس « الأمر .( (الحكيم الترمذي، المنهيات، مكتبة القرآن، القاهرة، ١٩٨٦ ، ص ١٥١ كذلك قيل: إن من المنكرات تلقي السلع قبل أن تجيء إلى السوق (ابن قيم الجوزية: الطرق .( الحكمية في السياسة الشرعية، ص ٢٤٢ وللإمام الشوكاني رأي وجيه بخصوص تلقى الجلوبة، إذ يقول: نهى » : أقول: لنهيه ژ عن ذلك كما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن مسعود »نهى » : وفي لفظ من حديث أبي هريرة عند مسلم وغيره ،« النبي ژ عن تلقي البيوع النبي صلى الله عليه وسلم ،« أن يتلقى الجلب فإن تلقاه إنسان فابتاعه فصاحب السلعة بالخيار إذا ورد السوق والنهي ثابت في الصحيحين أيض ً ا من حديث ابن عمر وابن عباس وقد اختلف أهل العلم هل هذا البيع صحيح أم باطل، واستدل من قال بأنه صحيح بإثبات الخيار المذكور في الحديث، فإنه يدل على انعقاد البيع. وقالوا أيض ً ا النهي هنا لأمر خارج لا لعين البيع ولا لوصفه. ونقول: هذا التلقي حرمه الشارع على فاعله بنهيه الثابت بلا خلاف فمن زعم أن ما ترتب على هذا الحرام صحيح، فقد خالف مقاصد الشارع بمجرد رأي حرره أهل الأصول لا يستند إلى ما تقوم به الحجة. وأما إثبات الخيار فهو دليل على أن هذا البيع موكول إلى اختيار صاحبه إن أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٠٨ - نهى رسول الله ژ أن يبيع حاضر لباد، ولا تناجشوا، » : عن أبي هريرة قال .«... ولا يبيع الرجل عنه على بيع أخيه يقول ا لصنعاني: وصورة البيع على ا لبيع(١) أن يكون قد وقع البيع بالخيار، » فيأتي في مدة الخيار رجل فيقول للمشتري: افسخ هذا البيع وأنا أبيعك بأرخص من ثمنه، أو أحسن منه، وكذا الشراء على الشراء هو أن يقول للبائع في مدة « الخيار: افسخ البيع وأنا أشتريه منك بأكثر من هذا ا لثمن(٢) . ويكون ذلك بأن يكون « لا يسوم المسلم على سوم المسلم » : وروى مسلم مالك السلعة والراغب فيها قد اتفقا على البيع ولم يعقدا فيقول آخر للبائع: أنا أشتريه منك بأكثر بعد أن كانا قد اتفقا على ا لثمن(٣) . وسنرى لاحق ً ا أن بيع المزايدة يشكل استثناء على النهي عن البيع على ا لبيع(٤) . لكن السوم على السوم ليس هو البيع على ا لبيع(٥) . إمضاه مضى وإن لم يمضه، فوجوده كعدمه، فهو حجة عليهم لا لهم، لأن هذا الإمضاء هو الذي وقع به التجارة عن تراض وما تقدم منه الرضا قد أبطله انكشاف الأمر على غير ما وقع من تغرير المتلقي، وليس المراد بقوله سبحانه: ﴿ FED﴾ مثل هذا الرضا الناشئ عن الشوكاني: السيل الجرار « التغرير والتلبيس بل الرضا المحقق بلا تغرير وطيبة النفس الصحيحة . المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٣، ص ٨٣ (١) راجع التعامل التجاري « المنافسة على صفقة لم يتم بيعها » : يسميه المرحوم د. يوسف قاسم . في ميزان الشريعة، المرجع السابق، ص ٤٦(٢) . الصنعاني: سبل السلام، ذات المرجع، ص ٤٩٢ ٤٩٣(٣) نفس المرجع، نفس ا لموضع. (٤) انظر لاحق ً ا. (٥) وصورة السوم أن يأخذ سلعة ليشتريها، » : ومن خير من فرق بينهما الإمام الشوكاني، بقوله فيقول له قائل: رده لأبيعك خير ا منه أو مثله بأرخص منه، أو يقول البائع رده لأشتريه منك ً بأكثر. وأما صورة البيع على البيع والشراء على الشراء، فهو أن يقول لمن اشترى سلعة في زمن ٢٠٩ ولا شك أن كل تلك الأحاديث تدل على تحريم عدم الصدق في التعامل الاقتصادي والتجاري كذلك تحرم بل تجرم كل أنواع المنافسة غير المشروعة، وهذا التحريم يتفق مع النزعة الأخلاقية للعلاقات الدولية في الشريعة الإسلامية، ويدخل أيض ً ا في عموم النهي عن الغش الذي أكده قوله ژ : .« من غش فليس مني » الخيار: أفسخ لأبيعك بأنقص، أو يقول للبائع: افسخ لأشتريه منك بأزيد، قال ابن حجر في الفتح: وهذا مجمع عليه. فعرفت بهذا أن صورة السوم على السوم غير صورة البيع على البيع، وأن تقييد المنع بكونه ، الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٣ « بعد التراضي هو الصواب . ص ٩١ بينما يقول ا لشماخي: وأما نهيه عن أن يبيع أحدكم على بيع أخيه، فمعناه، ومعنى أن يساوم أحدكم على سوم »أخيه واحد؛ لأن البيع في كلام العرب من حروف الأضداد يقع على البيع والشراء، قال الله: ﴿ wvutsrqp ﴾ ومن حمله على العموم، فليس ببعيد   . الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٣، ص ١٤٣ « فيما يوجبه النظر حري بالذكر أنه إذا كان السوم على سوم لا يسبب ضررا ولا يهدف إلى أمر غير مشروع ً فيمكن ممارسته في الإسلام بل ثبت أن عمر بن الخطاب باع إبلا ً من إبل الصدقة فيمن يزيد ويقترب ذلك من صورة المزاد أو المزايدة في العصر الحاضر، راجع أيض ً ا محمد المنتصر . الكتاني، معجم فقه السلف جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ١٤٠٥ ، ج ٦، ص ١٠٥ وقد خصص الشوكاني بابا عن النهي عن بيع الرجل على بيع أخيه وسومه إلا في المزايدة، ً . الإمام الشوكاني نيل الأوطار، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٦٧ أن تشترك أنت وآخر في السلعة ثم تشتري » : كذلك هناك نظام الاقتواء في السلعة وأصله نصيبه بشيء من الربح، فتقول: اقتويت السلعة، قال: والمقاواة والاقتواء المزايدة في السلعة ، الأزهري: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي، دار الفكر، بيروت ١٤١٤ ١٩٩٤ ) « بين الشركاء .( ص ١٣٩ حري بالذكر أن السوم له معنى معين في الفقه الشيعي هو كراهة السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس أي: الاشتغال بالتجارة في ذلك ا لوقت. ، (البحراني: الحدائق النضرة في أحكام العترة الطاهرة، دار الأضواء، بيروت ١٤١٣ ١٩٩٣ .( ج ١٨ ، ص ٣٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي كذلك يحتم حظر التنافس غير المشروع مبدأ حسن النية الذي أكده قوله ژ : من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه »يقول ا لصنعاني: .« الله « وفي الحديث الحث على حسن النية والترهيب عن خلافه »(١) . ولا جرم أن كل الأحاديث السابقة تدل على تحريم المنافسة غير المشروعة ََ التي يتوصل بها بوسائل غير مشروعة إلى تحقيق هدف ما. ذلك أن المقاصد المشروعة في الإسلام يجب أن تستند إلى وسائل مشروعة. ٣ القواعد واجبة ا لتطبيق: يمكن أن نبين موقف الفقه الإباضي من المنافسة غير المشروعة، كما يلي: أولا التفاضل بين الأفراد والأمم والدول » : أكد فقهاء المذهب الإباضي أن « والشعوب يجب أن يكون موضع تنافس شريف ، يستند إلى العمل والاجتهاد للحاق بركب التقدم، وليس مجرد السكون أو الحسد أو ا لكراهية.   وقد عبر عن ذلك الإمام أطفيش بخصوص الآية ٣٢ من سورة آل عمران إذ يقول: » ﴿ wvutsrq﴾ في المال والنكاح والولد والجاه وصحة البدن والعلم والصنائع، والطبائع على جهة الانتقال، وذلك حسد محرم مؤد إلى التباغض، وفيه الاعتراض على الله وعدم الرضى بالقسم، ولا سيما من اعتقد أنه أحق، وتشهي حصول شيء بلا طلب مذموم وتمني ما لم يقدر معارضة للقدر، وتمني ما قدر له بكسب بطالة، وتمني ما قدر له بلا كسب ضائع، كتمني ويضيف أيض .« الذكاء وصحة المزاج ونحوهما مما لا قدرة للعبد عليه ً ولعل » : ا نحو المال المتمنى حسد ً ا أو غبطة هلاك وإنما يتمنى زيادة العمل الصالح، وليقل « اللهم أعطني ما يصلح لديني ودنياي »(٢) . (١) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٤٥(٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٢٠٥ ٢٠٦ ٢١١ وقد جعل الله الأموال » : ويبدو التفاضل بين الناس من قول البسيوي « مقسمة على خلقه، وملك كلا من ذلك ما شاء(١) . كذلك يبدو عناية الفقه  في البيع » الإباضي بعدم جواز المنافسة غير المشروعة من تخصيصهم لباب  وقد ذكر فيه الرستاقي واقعة أن أعرابيا قدم المدينة « للغريب والمسترسل بمتاع على عهد رسول الله ژ ، فنزل على طلحة بن عبد الله، وقال له الأعرابي: لا علم لي بهذه السوق فبع لي، فقال له طلحة: نهى رسول الله ژ أن يبيع حاضر لباد، ولكن اذهب إلى السوق، فانظر من يساومك، وشاورني  حتى أتركك أو أنهاك(٢) .  ثانيا بخصوص ما رواه جابر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ژ : إياكم » والظن، فإن الظن أكذ َ ب  سوا، ولا تحسسوا، ولا تنافسوا، ولا ْ الحديث، ولا تجس ُ ِ تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد َ الله إخوان ً .« ا   قال ا لربيع:  « ولا تنافسوا؛ أي: ولا ينتقم بعضكم من بعض بما جعل فيه من ا لسوء »(٣) . أما قوله ژ : وكونوا عباد الله إخوان » ً إذا تركتم هذه المنهيات كنتم » : فيعني « ا إخوان ً « ا، ومفهومه إذا لم تتركوها تصيرون أعداء(٤) . ولا شك أن كل ذلك يدل على أن الفقه الإباضي لا يوافق على أي أسلوب من أساليب المنافسة غير ا لمشروعة. (١) . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٢، ص ٧٨٦(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ١١٩ انظر أيض . ا الحضرمي: الدلائل والحجج، ج ١ ٢، ص ٥١٠ ً (٣) . الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، باب جامع الآداب، حديث رقم ١٨٨(٤) الإمام السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ٤٨٥ ، انظر أيض ً ا ابن عمر: حاشية الترتيب على الجامع الصحيح، ج ٤، ص ٩٤ ٩٧ ؛ سالم البوسعيدي: الوجيز . شرح الجامع الصحيح، ص ٥٣٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ثالثا: بخصوص ا لنجش أن يزيد في المبيع ولا » : ، يقول المحيلوي إن معناه « رغبة له فيه إلا أن يزيد فيه غيره(١) . وقال ا لربيع: « الناجش هو الذي يزيد في السلعة وهو لا يشتريها »(٢) . ويقول ا لسالمي: بفتح النون وسكون الجيم وفتحها وبالشين المعجمة، « نهى عن النجش » : قوله » ُ َأنجش ُه ُ وهو في اللغة تنفير الصيد واستثارته من مكانه ليصاد، يقال: نجشت الصيد ُ بالضم نجش ً ا، وفي الشرع: الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها ليقع غيره « فيها، سمي بذلك لأن الناجش يثير الرغبة في السلعة فحصلت ا لمناسبة(٣) . (١) المحيلوي: فواكه البستان، الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، ج ٣، ص ٨٢ . وقد لخص البطاشي ٰ النجش بفتح النون » : موقف الفقه الإباضي من النجش كوسيلة للمنافسة غير المشروعة بقوله وإسكان الجيم لغة: تنفير الصيد وإثارته من مكانه ليصطاد َ ، وقال ابن قتيبة: النجش الختل ُ والخديعة وشرع ً ا الزيادة في ثمن سلعة ممن لا يريد شراءها ليوقع غيره فيها فشمل ما إذا تقدم إعطاء وما إذا لم يتقدم بل أعطى هذا الذي لم يرد الشراء ابتداء أكثر من قيمة المبيع أو مثلها وأقل ليبني عليه غيره وما إذا قيل دفع فيها كذا أو اشتريت بكذا ذلك كله لا يجوز، وأما إذا أراد الشراء فأعطى ثمن ً ا يعجز به غيره ليقطعه أو يدهشه فجائز وعصى الناجش بالنجش عصيان نفاق، وأن تواطئ صاحبها مع غيره على ذلك اشتركا في العصيان وكذا عن علم صاحبها بذلك ورضي بلا مواطأة والإخبار بشرائها بأكثر مما شريت نجش أيضا سواء كان من ً صاحبها أو غيره واستحسن الخيار للمشتري بين أن يردها وأن يأخذها بما زيد فيها إن كانت السلعة للناجش أو اتفق الناجش مع ربها على النجش ولم يعلم ذلك المشتري بالنجش، وقيل: لا خيار إن لم ينجش صاحبها، ولو اتفق مع الناجش ولو علم المشتري لم يستحسن الخيار بل لزمه البيع والمختار في الحكم إذا لم يعلم به لزوم البيع مطلق ً ا كان الناجش صاحبها أو غيره باتفاق أو دونه وثبوت العصيان على الناجش والراضي ووجوب التنصل من تلك التباعة على الناجش بأن يعطي للمشتري ما زاد وما بنى على زيادته ووجوب التوبة على . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٥، ص ٥٢ « الناجش والراضي(٢) . الربيع: الجامع الصحيح، كتاب البيع، حديث رقم ٥٠ ، ص ١٢٧(٣) السالمي، شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ١٦١ ؛ ابن عمر: حاشية الترتيب . على الجامع الصحيح، ج ٣، ص ١٦٢ ١٦٣ ٢١٣ رابعا : بخصوص قوله ژ : « لا تتلقوا السوالع » لا تتلقوا أجلابها » : ؛ فإنه يعني « فتشتروا منهم قبل أن يبلغوا ا لأسواق(١) . وقد أكد فقهاء الإباضية أن النهي يرمي خصوصا إلى المحافظة على النفع العام. لذلك فهو كوسيلة للمنافسة غير ً المشروعة لا يجوز. يقول أطفيش: (وهل قصد بمفهوم النهي) أي: مدلول النهي (عن تلقي الركبان نفع أهل البلد) الذي قصده الركبان فإنه إذا لم يتلقوا اشترك أهل البلد فيما جلبوا وفي رخص السعر (أو لجالب) فإنه إذا وصل البلد ازدحم عليه الناس وعرف السعر وعرف كيف يبيع فلا يغبن. وبه قال الشافعي وبعضنا، والمراد بالغبن هذا نقص المجلوب عن قيمته ولو قل لا بخصوص الغبن الذي يؤثر في البيع عندنا، وعند مالك كما يتوهم بعض العلماء (أو هما) فإذا أباح التلقي من له الحق في الأقوال الثلاثة استبيح، أو النهي تعبدي فلا يستباح بإباحة أحد وهما ضمير منفصل أعير للجر، والعطف على أهل أو هو مرفوع المحل عطف ً ا على نفع على حذف مضاف أي: أو نفعهما (أقوال) أصحها عندي الثالث، ومن فعل ذلك صح بيعه وشراؤه وعصى عندنا كما مر(٢) . (١) . الربيع: الجامع الصحيح، كتاب البيوع، حديث رقم ٤٦ ، ص ١٢٦ (٢) لا مانع من كون علة النهي مقصودة بها » : أطفيش: شرح النيل، ج ٨، ص ١٦٩ ، ويقول السيابي المصلحة العامة في جانب البائع والمشتري وأرباب الأسواق وغيرهم وإن لم تدل بذلك ذروا الناس يرزق » : الروايات الواردة في الباب فإن في بعضها إشارة على ذلك كقوله ژ ونحو ذلك واختلفوا أيضا في حد أول التلقي وآخره، فأما أوله فالأكثر أنه « بعضهم من بعض ً الخروج من السوق المقصود في البيع أما نفس السوق فمن تلقى شيئ ً ا من السلع فيه من أسفله إلى أعلاه فلا بأس بذلك، وقيل: من باب داره، وقيل: من باب البلد ما لم يخرج عن العمارة لا باس، والأول أصح وأحوط في رعاية انتفاء العلة، وفي الأبعد، قيل: إن سار ميلا ً فهو متلقي، وقيل: ميلين، وقيل: ستة أميال وهو فرسخان، وقيل: حده إن سافر مسافة القصر، وكذلك اختلفا في نهيه ژ عن بيع الحاضر على أقوال كثيرة، ومعنى الحديثين متقارب السيابي فصل الخطاب في المسألة والجواب، .« كلاهما يفهم منه رعاية مصالح العامة . ج ١ ٢، ص ٢٧٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي وتبدو صفة المنافسة غير المشروعة والتي تنجم عن تلقي الأجلاب أنها الجالبين لها قبل أن يصلوا القرية ثم يتحكم بها » : تؤدي إلى حوز السلعة عند « على الناس فهذا لا يجوز له(١) . ويعتبر الإمام ابن بركة هذه الوسيلة للمنافسة غير المشروعة نوع ً ا من الغرر، وبالتالي فهي منهي عنها ولا يجوز ا تباعها. يقول ابن بركة: وروي عن عمر عن النبي ژ أنه نهى أن تتلقى الأجلاب وأن يبيع حضري » لبادي معناه هو ما نهى عنه من الخديعة والغرور وأن خديعة المسلم محرمة وذلك أن الرجل والقوم يبلغهم أن الركب قد أقبلوا فيلقاهم فيخبرهم بكساد إنه للتحريم وهو المذهب، » : ويقول السالمي: إن النهي عن تلقي السوالع اختلفوا فيه، فقيل نهى عن ذلك لئلا ينفرد » : كذلك اختلفوا في علة النهي عن التلقي، فقيل « وقيل: مكروه فقط ،« المتلقي برخص السلعة دون أهل البلد فيضر بهم، وقيل: لئلا يغبن الجالب، وقيل: هما معا ً الإمام السالمي، شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ١٤٨ ؛ ابن عمر: حاشية . الترتيب على الجامع الصحيح، ج ٣، ص ١٥٤ وانظر أيضا تعليق ً ا على قول للإمام ابن بركة بخصوص تلقي الأجلاب، في د. مصطفى ً . أرشوم: القواعد الفقهية عند الإباضية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ ٢٠١٣ ، ج ٣، ص ٨٣(١) الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ١٩١ . ويقترب ذلك ما قيل بخصوص قول رسول الله ژ : قلت لابن عباس: ما قوله: ولا بيع حاضر لباد؟ قال: « لا تلقوا الركبان ولا يبع حاضر لباد »فإن قيل: قد لوحظ في » : لا يكون له سمسارا، متفق عليه واللفظ للبخاري. يقول الصنعاني ً النهي عن تلقي الجلوبة عدم غبن البادي ولوحظ في النهي عن بيع الحاضر للبادي الرفق بأهل البلد واعتبر فيه غبن البادي وهو كالتناقض، فالجواب أن الشارع يلاحظ مصلحة الناس ويقدم مصلحة الجماعة على الواحد، لا الواحد على الجماعة، ولما كان البادي إذا باع لنفسه انتفع جميع أهل السوق واشتروا رخيصا، فانتفع به جميع سكان البلد، لاحظ الشارع نفع ً أهل البلد على نفع البادي، ولما كان في التلقي إنما ينتفع المتلقي خاصة وهو واحد لم يكن في إباحة متلقي مصلحة، لا سيما وقد تنضاف إلى ذلك علة ثانية وهي لحوق الضرر بأهل السوق، في انفراد المتلقي عنهم في الرخص، وقطع الموارد عليهم وهم أكثر من المتلقي « نظر الشارع لهم، فلا تناقض بين المسألتين، بل هما صحيحتان في الحكمة والمصلحة . الصنعاني: سبل السلام، ج ٢، ص ٤٨٨ ٤٩١ ٢١٥ الأسواق فيشتري منهم ما لا يعرفون سعره في البلد، فيكون هذا غررا منه ومعنى ً قوله: لا يبيع حضري لبادي هو أن الرجل والجماعة من أهل القرى يلتقون بالجماعة فيسألون البيع ويتحكمون على أهل البلد بالأثمان التي يريدونها فقال ژ : ذروا الناس ينتفع بعضهم من بعض، فهذا وجه تأويل الخبر والله أعلم. » وكان الشافعي يرى أن للبائع إذا تلقى جلبه فاشترى منه بأنقص من ثمنه الخيار إن شاء أجاز وإن نقض انتقض وهذا قول بسوغ تأويله في النفس ويعجبني « أن يكون كل غرر يذهب له مال هذا طريقه لأن ا لنبي ژ نهى عن ا لغرر(١) . وهكذا يكون رفض الفقه الإباضي للمنافسة غير المشروعة مستند ً ا إلى سببين: الأول: أنها تضر بالمصلحة العامة للناس. والثاني: أنها تدخل في باب الغرر المنهي عنه. (١) ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٣٢٢ ٣٢٣ . كذلك جاء في قاموس الشريعة وفي الحديث عن لبيع، فحمله على الأدب لا على التحريم بعض من « لا تلقوا الركبان » : النبي ژ أنه قال تأو ّ له، فجاز في البيع أن يكون ثابت ً ا على هذا لمن فعله، وأساء أدبه في أوانه، فلا يبلغ به إلى بطلانه. إن للبائع الخيار على هذا من أمره إن كان قد باعه بالنقص من ثمنه قبل أن » : وفي قول آخر يعلم سعره، إلا أن ما قبله أصح إن لم يكن منه في شرائه غير التلقي مجرد ً ا من الخديعة وإن كان قد أخبره بكساد ما أتاه من السلع فباعه له بدون ما له من الثمن في البلاد جاز أن يكون له حكم الفساد؛ لأنه قد غره بقوله ذلك فأضره، وعلى قول ثاني: فيجوز أن يكون لاختياره في أن يتمه أن ينقضه من بعد أن علمه، وعلى قول ثالث: فيجوز أن يكون ثابت ً ا، وإن عصى في كذبه؛ لأنه في وقوعه عن رضاه به وفي رواية أخرى من طريق عمر أن ا لنبي ژ ، السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٣ « نهى عن تلقي الأجلاب، وأن يبيع حضري لبادي ص ١٣٧ ١٣٨ . كذلك بخصوص النهي عن تلقي السوالع، يقول ا لناظم: لأن في ذلك يعرف الضرر لجهلهم بالسعر مع أهل النظر فالنهي للتحريم وهو المذهب وهو من التكريه عندي أصوب . راجع: سالم السيابي: إرشاد الأنام في الأديان والأحكام، ج ٥، ص ٢٣٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي خامسا بخصوص النهي عن المساومة، يقول ا لسالمي: ما جاء في النهي عن المساومة ليس في المزايدة، وهي البيع بالنداء لحديث » أن ا لنبي ژ باع قد » أنس عند أحمد أبي داود والنسائي والترمذي وحسنه َ ح ً ا ِ وحل ْويضيف بخصوص قوله ژ .« سا فيمن يزيد : لا يساوم أحدكم على سوم » ً صورة ذلك: أن يأخذ شيئ ،« أخيه ً ا ليشتريه فيقول للمشتري رده لأبيعك خيرا منه ًَ بثمنه أو مثله بأرخص أو يقول للمالك استرده لأشتريه منك بأكثر، وإنما يمنع من ذلك بعد استقرار الثمن وركون أحدهما إلى الآخر، فإن كان تصريحا فقيل: ً لا خلاف في تحريمه، وإن كان ظاهرا ففيه وجهان، وقال ابن حزم: لفظ الحديث ً لا يدل على اشتراط الركون، وتعقب بأنه لا بد من أمر مبين لموضع التحريم في ُُ السوم؛ لأن السوم في السلعة التي تباع فيمن يزيد لا يحرم اتفاق ً ا، فتعين أن السوم « المحرم ما وقع فيه قدر زائد على ذلك(١) . لكن قالوا: في قوله ژ : قد قامت » : أنه ،« لا يبيع أحدكم على بيع أخيه » « دلالة يجوز به البيع لمن أراد(٢) .  سادسا المنافسة غير المشروعة لا تجوز في حق غير ا لمسلم: قال بذلك الإمام السالمي في شرحه لقوله ژ : لا يساوم أحدكم على سوم » والمراد بالأخ في الحديث الأخ في الدين وهو المسلم، أما المشرك فقيل: :« أخيه يجوز السوم على سومه لمفهوم الحديث، وقيل: لا يجوز، وإن ذكر الأخ لا مفهوم له؛ لأنه خرج مخرج الغالب، فلا يفيد التقييد عند هؤلاء ونسب إلى جمهور قومنا(٣) . (١) الإمام السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ١٥٨ ؛ جامع أبي الحسن . البسيوي ج ٣، ص ١٨٣٠(٢) . الحضرمي: الدلائل والحجج، ج ١ ٢، ص ٥٠٩(٣) وهذا النهي إنما هو في أهل التوحيد » : ذات المرجع، ذات الموضع، لكن الشماخي يقول كلهم، وأما المشركون، فلا بأس بالسوم عليهم لقوله 0 : والمشركون « على سوم أخيه » . الشماخي: كتاب الإيضاح، مكتبة مسقط، ١٤٢٥ ٢٠٠٤ ، ج ٣، ص ١٤١ « ليسوا بإخوان لنا ٢١٧ ولا شك أن ذلك يدل على نبل في الأخلاق الفاضلة، التي لا تفرق بين المسلم وغير المسلم، إذ هما أمام المنافسة غير المشروعة سواء. سابعا من أساليب المنافسة غير المشروعة عند الإباضية الكذب في وصف ا لسلعة: لذلك جاء في لباب ا لآثار: وفي التاجر إذا كان يصف سلعة بما فيها ونيته لتجلن من عنده ولم يتعهد » على كذب أيؤثم. قال: إذا كان مخبرا بصفة سلعته أنها من جنس كذا لأن أجناسها مختلفة منها ً جيد ومنها أوسط ومنها رديء فهذا لا يضيق عليه وإن كان قصد إلى المدح فلا « يخفى عليكم ما جاء من الذم للمادح والذام عند البيع والشراء(١) . وجاء فيه أيض ً إذا كان المادح لسلعته يريد الزيادة بثمنها ولا كانت على » : ا مدحه وهو كاذب في مدحه فلا يجوز ذلك وإن زادت في ثمنها فعليه رد ما زاد للمشتري عن قيمة مثلها، ويوجد في الأثر أنه ملعون من إذا باع مدح بالكذب « وإن اشترى ذم بالكذب(٢) . ثامنا أ ١٩٩٠ ) على النهي عن المنافسة ) كد قانون التجارة العماني رقم ٥٥ غير ا لمشروعة(٣) . (١) . السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار، ج ٩، ص ٢٧٢(٢) . ذات المرجع، ص ٢٧٤(٣) في المواد ٤٧ ٥١ وإتمام ا للفائدة نذكرها هنا: ً المادة ٤٧ : إذا استعمل الاسم التجاري غير صاحبه، أو استعمله صاحبه على صورة تخالف القانون، جاز لذوي الشأن أن يطلبوا منع استعماله ولهم أن يطلبوا شطبه إذا كان مقيد ً ا بالسجل التجاري ويجوز لهم الرجوع بالتعويض إن كان له محل. المادة ٤٨ : لا يجوز للتاجر أن يلجأ إلى طريق التدليس والغش في تصريف بضاعته وليس له أن ينشر بيانات كاذبة من شأنها أن تضر بمصلحة تاجر آخر يزاحمه وإلا كان مسؤولا ً عن ا لتعويض. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي *6 م ا 0 د) : ١ المبدأ ا لعام: الربا في اللغة هو مطلق الزيادة يقال: ربا الشيء يربو إذا زاد: وفي اصطلاح الفقهاء زيادة مال بلا مقابل في معاوضة مال بمال(١) . والربا يمكن أن يتحقق في فرضين: الأول : الزيادة التي يدفعها المدين إلى الدائن زيادة عن رأس المال نظير مدة من الزمن مع الشرط والتحديد. والثاني : الزيادة عند مقايضة شيئين من جنس واحد(٢) .  وهكذا فبخصوص الأعمال التجارية الربا متصور فيها، إذا توافرت شروطه(٣) . المادة ٤٩ : لا يجوز للتاجر أن ينشر أمورا مغايرة للحقيقة تتعلق بمنشأ بضاعته أو أوصافها أو ً تتعلق بأهمية تجارته ولا أن يعلن خلاف ً ا للواقع أنه حائز لمرتبة أو شهادة أو مكافأة ولا أن يلجأ إلى أية طريقة أخرى تنطوي على التضليل، قاصد ً ا بذلك أن ينتزع عملاء تاجر آخر يزاحمه وإلا كان مسؤولا ً عن ا لتعويض. المادة ٥٠ لا يجوز للتاجر أن يغري عمال تاجر آخر أو مستخدميه ليعاونوه على انتزاع عملاء هذا التاجر أو ليخرجوا من خدمة هذا التاجر ويدخلوا في خدمته ويطلعوه على أسرار منافسه، وتعتبر هذه الأعمال منافسة غير مشروعة تستوجب ا لتعويض. المادة ٥١ : من كانت حرفته تزويد البيوت التجارية بالمعلومات عن أحوال التجار وأعطى لقاء أجر بيانات مغايرة للحقيقة عن سلوك أحد التجار أو وضعه المالي وكان ذلك قصد ً ا أو عن تقصير جسيم، كان مسؤولا ً عن تعويض الضرر الذي ينجم عن خطئه. (١) تفسير القاسمي، ١٣٧٦ ه، ص ٧٠ ؛ د. محمد سيد طنطاوي: المعاملات في الإسلام، هدية . مجلة الأزهر، ذو القعدة، ١٤١٧ ، ص ٢١(٢) د. يوسف قاسم: التعامل التجاري في ميزان الشريعة، دار النهضة العربية، القاهرة، . ١٤٠٦ ١٩٨٦ ، ص ١٠٢(٣) كان التعامل بالربا عند نزول القرآن على محمد ژ ماثلا » : لذلك قيل ً في الصور ا لآتية: ١ أخذ الربا نتيجة قرض: ٢ أخذ الربا نتيجة عمليات بيع يحدث فيها تأخير في أحد البدلين إلى أجل مسمى، فإذا حل .« تقتضيني أو تزيدني » : الأجل يقول من له الدين للمدين ٢١٩ وقد تدرج القرآن الكريم في تحريم الربا (١)اتساق ً ا مع مسلك الشريعة في  الكثير من الأمور، ومنها الخمر وفق ً ا لما يلي: يقول تعالى: ¬~ ﴿ }|ے «ª©¨§¦¥¤£¢¡ ¯®°³²±´﴾ [ [الروم: ٣٩ . ٣ نوع آخر من الربا كانت تتعامل به العرب ولم تكن تعرف أنه ربا، وهو المنفعة بتأخير  أحد البدلين المتجانسين عند البيع أو الصرف كبيع ذهب بذهب، أو فضة بفضة نساء يشير إن العرب لم تكن تعرف أن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة » : إلى ذلك قول الجصاص مصطفى الهمشري: الأعمال المصرفية والإسلام، مجمع ،« نساء ربا وهو ربا في الشرع . البحوث الإسلامية، القاهرة، ص ٦٢ والربا في اللغة هو الزيادة، والمراد في » : ويقول ابن العربي بخصوص الآية ٢٧٥ من سورة البقرة الآية كل زيادة لم يقابلها عوض؛ فإن الزيادة ليست بحرام لعينها، بدليل جواز العقد عليها علي وجهه: ولو كانت حراما ما صح أن يقابلها عوض، ولا يرد عليها عقد كالخمر والميتة وغيرها. ً وتبين أن معنى الآية: وأحل الله البيع المطلق الذي يقع فيه العوض على صحة القصد والعمل، ، ابن العربي، أحكام القرآن، دار الجيل، بيروت، ج ١ « وحرم منه ما وقع على وجه الباطل . ص ٢٤٢ وبخصوص قوله تعالى: ﴿ ¿¾½¼»º ﴾[ [آل عمران: ١٣٠ ، يقول لا تتملكوه ببيع أو شراء أو موالاة أو مؤاجرة أو إصداق أو إرث أو قبول هبة أو » : أطفيش صدقة أو هدية منه وغير ذلك؛ فإن النفقة منه في الجهاد وأنواع الخير لا تقبل بل تزيد سوء، أطفيش: تيسير التفسير المرجع « وإنما هو من شأن المشركين، ينتفعون به وهم معاقبون عليه .« السابق، ج ٢، ص ٤٥٧ (١) أجمل الفخر الرازي حكمة تحريم الربا في أربعة أسباب: أولها: أنه أخذ مال الغير بغير عوض. ثانيها: أن في تعاطي الربا ما يمنع الناس من اقتحام مشاق الاشتغال في الاكتساب: لأنه إذا تعود صاحب المال أخذ الربا، خف عليه اكتساب المعيشة: فإذا فشا في الناس أفضى إلى انقطاع منافع الخلق؛ لأن مصلحة العالم لا تنتظم إلا بالتجارة والصناعة والعمارة. ثالثها: إنه يفضي إلى انقطاع المعروف بين الناس بالقرض. رابعها: إن الغالب في المقرض أن يكون غنيا، وفي المستقرض أن يكون فقيرا فلو أبيح ً الربا لتمكن الغني من أخذ مال الضعيف، راجع الشيخ ابن عاشور: التحرير والتنوير، ٨٦٣ ؛ انظر أيض /٨٥ ً ا: . د. محمد سيد طنطاوي: المعاملات في الإسلام، ص ٢٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي - ﴿ ¡ «ª©¨§¦¥ ¤£¢ »ºμ¸¶μ´³²±❁ ¯®¬ À¿¾½¼﴾ [١٦١ ، [النساء ١٦٠ . - ﴿ º ÄÃÂÁÀ¿¾½¼ » ❁ ÆÅ ÌËÊÉÈ﴾ [١٣١ ، [آل عمران: ١٣٠ . - ﴿ }|{zyxwvu ~ ے ¢¡❁ ±°¯®¬«ª©¨§¦¥¤ ³²´¶μ﴾ [٢٨٠ ، [البقرة: ٢٧٩ . وفي ذات السياق يقول تعالى: ﴿ !"&%$#' 76543210/.-,+*)( ;:98 ﴾[ [البقرة: ٢٧٥ . ة النبوية المطهرة الكثير من الأحاديث بخصوص الربا، نذكر   وورد في السن منها ما ورد في سبل ا لسلام(١) : -- - عن جابر ƒ قال: لعن رسول الله ژ آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه رواه مسلم وللبخاري نحوه من حديث أبي جحيفة. « هم سواء » : وقال وعن عبادة بن الصامت ƒ قال رسول الله ژ » : قال : الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلا ً بمثل سواء بسواء يد ً ا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يد ً رواه مسلم. « ا بيد وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة ^ أن رسول الله ژ استعمل رجلا ً على خيبر فجاءه بتمر جنيب، فقال رسول الله ژ : فقال: «؟ أكل تمر خيبر هكذا » (١) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ١٢ ٣١ ٢٢١ لا والله يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله ژ : « لا تفعل بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبا » ً وقال في الميزان مثل ذلك، متفق عليه، ولمسلم: وكذلك ا لميزان. - وعن معمر بن عبد الله ƒ قال: إني كنت أسمع رسول الله ژ يقول: الطعام بالطعام مثلا » ً رواه مسلم. ،« بمثل وكان طعامنا يومئذ الشعير وهكذا فقد بينت ا لسنة النبوية أن الربا نوعان: ِ ١ أن » : ربا النسيئة، وهو ما كان الزمن عنصرا فيه، لذلك فإن قاعدة ْظرني ًْ َِ أزد ْك َ « حرام باتفاق(١) .   ٢ وربا الفضل: وهو عبارة عن الزيادة أو عدم المماثلة أثناء مبادلة شيئين   من جنس واحد(٢) . إذا » : يقول الربيع عن عبادة بن الصامت أن النبي ژ قال « اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم(٣) . يقول ابن قيم ا لجوزية(٤) : الربا نوعان: جلي، وخفي؛ فالجلي حرم لما فيه من الضرر العظيم، والخفي » حرم لأنه ذريعة إلى الجلي؛ فتحريم الأول قصد ً ا، وتحريم الثاني وسيلة: فأما الجلي فربا النسيئة، وهو الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، مثل أن يؤخر دينه ويزيده في المال وكلما أخره زاد في المال، حتى تصير المائة عنده آلاف ً ا مؤلفة؛ وفي الغالب لا يفعل ذلك إلا معدم يحتاج فإذا رأى أن المستحق يؤخر مطالبته ويصير عليه بزيادة يبذله له تكلف بذلها ليفتدي من أسر المطالبة والحبس ويدافع ْ من وقت إلى وقت، فيشتد ضرره، وتعظم مصيبته، ويعلوه الدين حتى يستغرق جميع موجوده، فيربو المال على المحتاج من غير نفع يحصل له، ويزيد مال (١) . ابن جزي: قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية، ص ٢٥٥(٢) . د. يوسف قاسم: التعامل التجاري في ميزان الشريعة، ص ١١٣ ١١٤(٣) . ابن عمر: حاشية الترتيب على الجامع الصحيح، ج ٣، ص ١٩٠(٤) . ابن قيم الجوزية: إعلام الموقعين عن رب العالمين، ج ٢، ص ١٣٥ ١٣٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي وأما ربا الفضل » المرابي من غير نفع يحصل منه لأخيه، فيأكل مال أخيه بالباطل فتحريمه من باب سد الذرائع، كما صرح به في حديث أبي سعيد الخدري ƒ والرما هو « لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين؛ فإني أخاف عليكم الرما » : عن النبي ژ الربا، فمنعهم من ربا الفضل لما يخافه عليهم من ربا النسيئة، وذلك أنهم إذا باعوا درهما بدرهمين، ولا يفعل هذا إلا للتفاوت الذي بين النوعين إما في ً الجودة، وإما في السكة، وإما في النقل والخفة، وغير ذلك تدرجوا بالربح « المعجل فيها إلى الربح المؤخر، وهو عين ربا ا لنسيئة(١) .   كما أنه بخصوص قوله ژ : لدار الإفتاء المصرية «...، الذهب بالذهب » تعليق يستحق أن يذكر(٢) . (١) ويذكر ابن قيم الجوزية، حكمة تحريم ربا النساء في المطعوم (البر، والشعير، والتمر، ُ وسر ذلك والله أعلم أنه لو جوز بيع بعضها ببعض نساء لم يفعل ذلك » : والملح)، بقوله أحد إلا إذا ربح، وحينئذ تسمح نفسه ببيعها حالة لطمعه في الربح، فيعز الطعام على المحتاج، ويشتد ضرره. وعامة أهل الأرض ليس عندهم دراهم ولا دنانير، لا سيما أهل العمود والبوادي، وإنما يتناقلون الطعام بالطعام؛ فكان من رحمة الشارع بهم وحكمته أن منعهم من ربا النساء فيها كما منعهم من ربا النساء في الأثمان؛ إذ لو جوز لهم النساء فيها فيصير الصاع الواحد لو أخذ قفزان « إما أن تقضي وإما أن تربي » لدخلها ً ا كثيرة، ففطموا عن النساء، ثم فطموا عن بيعها متفاضلا ً يد ً ا بيد إذ تجرهم حلاوة الربح وظفر الكسب إلى التجارة فيها نساء وهو عين المفسدة، وهذا بخلاف الجنسين المتباينين؛ فإن حقائقهما وصفاتهما ومقاصدهما مختلفة؛ ففي إلزامهم المساواة في بيعها إضرار بهم، ولا يفعلونه، فكان من تمام رعاية « إما أن تقضي وإما أن تربي » وفي تجويز النساء بينها ذريعة إلى مصالحهم أن قصرهم على بيعها يد ً « ا بيد كيف شاؤوا، فحصلت لهم مصلحة المبادلة . ذات المرجع، ص ١٣٨ « واندفعت عنهم مفسدة إما أن تقضي وإما أن تربي(٢) وهذا النص من ا لسنة قد قسم الأشياء التي يراد تبادلها على ثلاثة أضرب: » : تقول دار الإفتاء المصرية الضرب ا لأول: أن يكون البدلان من نوع واحد، كالذهب بالذهب فها هنا يخضع التبادل لشرطين، التساوي في الكم، والفورية في التبادل بمعنى عدم تأجيل شيء من ا لبدلين. الضرب ا لثاني : اختلاف نوعي البدلين مع أنهما من جنس واحد كالذهب بالفضة وكالقمح بالشعير، فها هنا شرط واحد، وهو الفورية في التبادل والقبض، ولا يضر اختلاف ا لكم. الضرب ا لثالث: أن يكون البدلان من جنسين مختلفين، كالفضة والطعام، فلا يشترط في هذا شيء من هذين القيدين، بل تكون المقايضة فيهما حرة. ٢٢٣ ٢ القواعد الحاكمة للمبدأ: في الفقه الإباضي عناية كبيرة بمسألة الربا، في مختلف فروضها وأحوالها، ومظاهرها وأشكالها، نوجز أهمها فيما يلي: أولا ماهية ا لربا: الربا في اللغة ا لزيادة(١) ، وفي الاصطلاح هو: والقواعد المستفادة من هذا الحديث الشريف وغيره في باب التبادل والتقايض تهدف إلى حماية النقد والأطعمة، وهما أهم حاجات الناس وأعظم مقومات حياتهم، وذلك بمنع تعريضهما للتقلبات المفاجئة في التنمية فوق منع احتكارهما أو إخفائهما، ومن جهة أخرى الفتاوى الإسلامية من دار « الحرص على حماية الفقراء وغيرهم من طرق الغبن والاستغلال . الإفتاء المصرية، ج ٩، ص ٣٣٢٣ ٣٢٢٤ (١) يقول شيخ الأزهر السابق: لا أستطيع أن أقول بأن كل زيادة على رأس المال تعد من الربا  المحرم شرعا؛ لأن آيات القرآن الكريم، وأحاديث الرسول ژ لا تؤيد ذلك، بل هي تؤيد الدعوة إلى غرس روح المروءة ورد الجميل بجميل أفضل منه، ومن الآيات القرآنية التي تشير إلى ذلك قوله تعالى: ﴿ ßÞÝÜÛÚÙØ×ÖÕÔÓÒÑ à ﴾[ [النساء: ٨٦ وقال سبحانه: ﴿ ÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌ ﴾[ [البقرة: ٢٣٧ . ومن الأحاديث النبوية التي تدل دلالة واضحة على أنه ليس كل زيادة على رأس كان لي على » : المال تعد من الربا، ما جاء في الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال وفي الصحيحين أيض « رسول الله ژ حق فقضاني وزادني ً ا عن جابر بن عبد الله من فاشتراه « أن رسول الله ژ قال له: يا جابر، أتبيع جملك هذا؟ قلت: نعم » : حديث طويل وفيه يقول جابر: فأعطاني بلال « يا بلال أعطه أوقية من ذهب وزده » : مني بأوقية، ثم قال ژ لبلال أوقية من ذهب وزادني قيراط ً ا. أتى ا لنبي ژ رجل يتقاضاه، قد استلف منه ژ » : وروى البزار والبيهقي عن أبي هريرة قال نصف وسق، أي: ثلاثين صاع ً ا فأعطاه وسق ً ا أي: أعطاه ستين صاع ً نصف » : ا وقال له .« وسق لك، ونصف وسق من عندي فهذه النصوص تدل دلالة واضحة على أن الزيادة على رأس المال في الأموال أو في الحيوانات أو في المكيلات أو الموزونات لا بأس بها ما دامت هذه الزيادة قد صدرت عن هذا القول قاعدة فقهية، ،« كل قرض جر نفعا فهو ربا » : طيب نفس، وبلا أية شروط، وقولهم ً وليس حديث ً د. محمد سيد طنطاوي: المعاملات في الإسلام، « ا نبويا على الصحيح . ص ٢٧ ٢٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٢٤ « فضل خال عن عوض بمعيار شرعي مشروط لأحد المتعاقدين في ا لمعاوضة »(١) . كل عقد يأخذ فيه العاقد » : لذلك من القواعد الفقهية عند الإباضية قاعدة « زيادة على رأس ماله فهو ربا(٢) . ونشير هنا إلى بعض ا لملاحظات: · فذهب بعض الإباضية على » : اختلف فقهاء المذهب الإباضي في علة الربا غرار الشافعية إلى أن العلة هي الطعم بمعنى ما يوكل وإن تفكها أو تأدما أو ًً (١) . تعريفات البركتي، ص ٣٨٣ (٢) معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ٢، ص ٩٣٢ . ويقسم الإباضية الربا كالمذاهب الإسلامية الأخرى إلى نوعين: ربا النسيئة وربا الفضل (ذات المرجع، ذات ا لموضع). وإن كان ثمة رأي آخر يقسمها إلى النوعين ا لآتيين: الأول: فيما تقرر في الذمة: وهو ربا الجاهلية، فقد كانوا يسلفون بالزيادة وينظرون، وكانوا ألا وإن ربا » : يقولون: أنظرني أزدك وهذا هو الذي عناه الرسول ژ بقوله في حجة الوداع .« الجاهلية موضوع، وأول ربا أضعه ربا ا لعباس بن عبد المطلب الثاني: الربا في البيع وهو المنع من بيع أجناس بمثلها ما لم تكن يد ً ا بيد وهذه الأجناس   دلت عليه السنة الصحيحة والأصل فيها حديث عبادة بين الصامت قال: قال رسول الله ژ الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلا ً بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يد ً .« ا بيد ولا إشكال ولا خلاف في حرمة الربا من النوع الأول، وإنما ورد الإشكال والخلاف في النوع الثاني من بعض الجوانب: منها أن القائلين بالقياس على تلك الأجناس قد اختلفوا في علتها. . الشيخ خلفان الحارثي: فقه الشيخ سعيد الخليلي الإباضي وأثره في الفقه الإسلامي، ص ١٨٩ وقد اتفق الإباضية على حرمة ربا ا لنسيئة. واختلفوا في ربا الفضل، فذهب المتقدمون منهم إلى جوازه؛ لأن الربا عندهم محصور في أما أغلب المتأخرين « إنما الربا في النسيئة » : النسيئة؛ لحديث أسامة بن زيد أن ا لنبي ژ قال فاستندوا إلى الأحاديث، وقالوا بحرمته منهم القطب أطفيش، والإمام محمد بن عبد الله الخليلي، وأحمد الخليلي، والقنوبي، وهو ما اختاره الوارجلاني من المتقدمين (معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٤١١ ). انظر أيض ً ا الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى المعاملات، الكتاب الثالث، ص ١٧٤ ١٧٥ ؛ العلامة سعيد الحارثي: نتائج الأقوال من معارج ؛ الآمال ونثر مدارج الكمال، ج ٢، ص ٥٧ ؛ جامع أبي الحسن البسوني، ج ٣، ص ١٧٧٨ ١٧٧٩ . الحضرمي: الدلائل والحجج، ج ١ ٢ ص ٤٩٩ ٢٢٥ تداويا فلو بيع تمر بلحم أو لبن بفضل يدا بيد أو نسيئة ولو بلا فضل كان ربا، ً وقال آخرون: إن العلة هي الكيل والوزن، فما يكال أو يوزن جنس واحد فلا ٍ يجوز مكيل ولو بموزون والعكس مع فضل يد ً ا بيد ومطلق ً ا بتأخير، وهو القول الذي اختاره ا لأحناف. أن علة الربا عند أكثر الإباضية هي « شرح النيل » وذكر القطب أطفيش في حتى الماء بالماء بتخالف قلة وكثرة، أو » ، المالية، فيتحقق الربا في كل مال .« عذوبة وملوحة أما التأخير فإرباء ولو بلا زيادة. ورجح أن المماث َل َة َ تكون في الكم كما تكون في الصفة كالجودة والرداءة، « فإن تخالفا لم يجز ولو استويا في ا لكمية(١) . (١) أما العلة في الربويات فهي » : معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٤١١ ٤١٢ . ويقول أبو خليل  اتحاد  الجنس البر بالبر والتمر بالتمر والزبيب بالزبيب والملح بالملح كما في الحديث إلا النقدان فالذهب بالذهب ربا إلا هاؤها، والفضة بالفضة ربا إلا هاؤها، والذهب بالورق أي الفضة ربا إلا هاؤها، وهذا هو الربا المتفق عليه، ولكن العلماء لما عظم أمر الربا كل فريق علل بعلة وقاس عليها هروبا عن الوقوع في الربا وأنت تدري أن الشارع يختصر في الكلام، المطعوم بالمطعوم ربا أو قال: المكيل بالمكيل ربا أو قال: » : ولو أراد ما قاله العلماء لقال المقتات المدخر بالمقتات المدخر ربا، ولم يقل أو قال: والزبيب بالتمر ربا في موضع كما ِ قيل: الذهب بالورق ربا، فانظر في ذلك تجد أقوال العلماء خارجة عن مقصود الشارع، نعم َ إن صح أنه ژ قال: الطعام بالطعام ربا نقول: المطعوم بالمطعوم لا يصح، وأما سبب العلة . الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، ص ٤٥٥ ٤٥٦ « فلا أراه كذلك بخصوص قول الشيخ جاعد: إن النوعية هي العلة المانعة من جواز البيع نسيئة، ثم قال: وإن جمعها وزن أو اقتيات أو كيل، ثم قال إلا أن يكون الحكم واحد ً ا كالطعام والنقدين بعد أن قال: وإن جمعها اقتيات، يقول ا لسالمي: زبدة القول فيه أنه أراد أن يحاول وصف » ً ا يجمع النوعين زائد ً ا عن نفس النوعية وعبارته قصرت عن ذلك والعلماء اختلفوا في العلة المقتضية للربا فقيل: الوزن، وقيل: الكيل، وقيل: الاقتيات، وقيل: الطعم، وكل قول من هذه الأقوال يجعل ذلك الوصف الذي هو الوزن وما بعده جنسا جامعا فالموزونات جنس والمكيلات جنس وهكذا وأبو نبهان يقول: لا يكفي ًً أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي · ولا محاللة في الربا ولا إبراء وبعض » : بخصوص الحل من الربا، قيل « جوز ذلك لأنه حق في الذمة ينحل بالإبراء ولزم تائبا منه ا لرد(١) . ويقول ً وقال الله تعالى: » : البسيوي ﴿ ¯®°³²±´μ ¶﴾ فأمر أهل الربا بالرجعة عنه، ولهم رؤوس أموالهم؛ فمن أخذ بعد التحريم من الربا غير رأس ماله كان ظالما كما قال ا لله. ً وقال الأكثر من أصحابنا: إنه ليس فيه حل، وإنما التوبة من الربا أخذ رأس المال ويرد الباقي عليه وعليه الرد. وقد رخص بعض في الحل والبراءة، وناطق ُ « القرآن يوجب الرد على أهل الأموال ألا يربو عليهم(٢) . · بخصوص الربا بين الوالد والولد يوجد خلاف عند ا لإباضية: فقول: لا ربا بينهما؛ لأن مال الولد يملكه الوالد عليه. » وقول: بينهما الربا؛ لأن مال الولد لا يملكه، ولا يحكم لأبيه فيه إلا بنفقته وكسوته، ولأن نصيبه من ماله إذا مات السدس مع ا لأولاد.  وأما العبد وسيده فلا ربا بينهما، ولا أعلم في ذلك اختلاف ً ا؛ لأن مال العبد « لسيده، ويملكه هو وماله(٣) . المشاركة في الوزنية أو الكيلية حتى يتشاركا في وصف ثان كالنقدية فإن النقدين قد تشاركا في أوصاف منها الوزنية ومنها الحكم حيث إن كل واحد منها ربوي، وكذلك التمر والحب مثلا ً تشاركا في الكيليلة وحكم الربوية فلم يكن الوزن أو الكيل بنفسه مقتضيا للربا هذا ً . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٥٤٤ ٥٤٥ « معنى كلامه إن صح ما ظهر لي فيه إبراهيم بن « ولعل أصحابنا مختلفون في علل الربا كاختلاف قومنا فيه » : بل قال ابن قيس . قيس: مختصر الخصال، ص ٢٨٦(١) . البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٥، ص ١٠(٢) جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٧٧٧ ، انظر أيض ً ا الشيخ درويش المحروقي: الدلائل في . اللوازم والوسائل، ص ٣٢٨ ؛ الأصم: البصيرة، ج ١، ص ١٧ ١٩(٣) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٩٠ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ١٥٤ ٢٢٧ · العبرة عند الإباضية هي بماهية الربا، لا الألفاظ المستخدمة، لذلك حينما سئل عن الأخذ من الصندوق السلطاني أو غير السلطاني على شرط رد أكثر مما إنه ربا وهو حرام بالإجماع ولو رد غير جنس ما أخذ إن » : أخذ؟ يقول أطفيش أخذ أو لا على رد جنس ما أخذه وزيادة من الجنس أو من غيره ولا يحل ذلك باختراع اسم له غير اسم البيع وغير اسم الربا وغير اسم القرض لأن معنى الربا « موجود في ذلك فهو حرام(١) . كذلك بخصوص سؤال(٢) حرم علينا الربا بنص الكتاب » : يجيب السالمي والسنة، وكل ما يؤدي إلى الربا فهو في حكمه، وما ذكرت من البيع يسمى عندهم بيع الذرائع وقد اختلفوا فيه والصحيح عندي منعه؛ لأن المحرم هو معنى الربا لا لفظه، ومعناه: أن يأخذ مائة نقد ً ا بمائة وعشرة نسيئة. فإن أدخلوا بينهما سلعة اختلف اللفظ وبقي المعنى بعينه وما يقصدون إلا « ذلك فليتقوا الله في أنفسهم، وليعلموا أن الحق لا يدفع بالحيل(٣) .  · بخصوص المقاصصة على الربا، يقول أبو سعيد:  إنه قد اختلف في المقاصصة والحل، فقيل: يجوز، وقيل: لا يجوز، وقيل: » « تجوز المقاصصة ولا يجوز ا لحل(٤) . (١) . أطفيش: كشف الكرب، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ١٩٨٦ ، ج ٢، ص ٢١٧ الربا حرام بنص القرآن، وإن الحيل التي يتذرع بها بعض الناس في معاملاتهم » كذلك قيل: إن . فتاوى الشيخ بيوض، ص ٤٤٣ « المالية تختلف أحكامها باختلاف صورها واختلاف العلماء فيها (٢) السؤال هو: عن الذي يشتري سلعة بخمسين قرش ً ا نسيئة وقبضها وقال: من يشتري هذه بأربعين قرش ً ا حاضرة؟ قال البائع: أنا أشتريها وأقبضه القيمة ثم قبض السلعة، ثم قال له ثانية: بايعني إياها نسيئة إلى وقت معلوم فبايعه نسيئة ثم قال للبائع بعد القبض: من يشتري هذه بأربعين قرش ً ا حاضرة ثم اشتراها البائع بالأربعين قرش ً ا وأقبضه الأربعين قرش ً ا وهذا كله من غير شرط ولا عقد نية، أتجوز هذه البيوعات وهذا كله في ساعة واحدة أو في يوم واحد؟ (٣) . جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ١٧٥(٤) . النزوي: المصنف، ج ٢٤ ، ص ٣٢ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٢٨ · كذلك اختلفوا بخصوص أيكون الربا في المنافع أم لا كأن يسكن أحدهما دار الآخر عاما ويسكن الآخر دار الأول أعواما، أو أن يعمل الأول للثاني عملا ً ًً ويعمل الثاني للأول أعمالا، ً قال الإمام ا لسالمي(١) : وهل ربا يكون في المنافع ِ أولا ففيه موضع التنازع ِ مثاله تسكن داري عاما فأسكنن داركم أعواما · عني الناظم عند الإباضية بمسائل الربا بطريقة مطولة نكتفي بذكر بعضها. ﻝﻮﻘﻳﻲﻤﻟﺎﺴﻟﺍ(٢): ﻦــﻣ ﻢــﺛ ﻰــﻔﺧﺃ ﺔــﻠﻋ ﺀﺎــﺑﺮﻟﺍ ﺀﻼــﺘﺑﻼﻟ ﺎــﺑﺮﻟﺍ ﻡﺮــﺣﻭ ﺍﺪــﻳﺪﻬﺘﻟﺍﻭ ﺪــﻴﻋﻮﻟﺍ ﻆــﻠﻏﺃﻭ ﺍﺪﻳﺪــﺸﺗ ﻪــﺑ ﻝﻮــﻘﻟﺍ ﺩﺪــﺷﻭ ﻪــﺘﻨﻳ ﻭﺃ ﻪــﺑﺮﺤﺑ ﻥﺫﺄــﻴﻠﻓ ﺏﺮــﺣ ﻦــﻣ ﷲﺍ ﻦــﻤﻟ ﻢــﻟ ﻪﺘﻨﻳ  ﺎــﻫ ﻥﻮﻌﺒــﺳ ﻲﻓﺏﺎــﺴﺤﻟﺍ ﺪﻋﻭ ﻮﻫﻭ ﺀﻲــﺠﻳ ﻞــﻴﻗ ﻦــﻣﺏﺍﻮﺑﺃ ﻦــﻤﻛ ﻰــﺗﺃ ﻡﻷﺍ ﻼــﺑ ﻡﺍﺮــﺘﺣﺍ ﻡﺍﺮــﺤﻟﺍ ﺓﺪــﺷ ﻲــﻓ ﺎــﻬﻠﻗﺃ ً ﺎــ ﻩﺍﻮــﺣﻪــﻟﺎﻣ ﻮــﻟ ﻥﺎﻛ ﻃﺍﺮﻴﻗ ﻪــﻟﺎﻤﻋﺃ ﺓﺩﻭﺩﺮــﻣ ﺎــﺑﺮﻟﺍ ﻭﺫﻭ ﻞــﻌﺠﻳ ﺮــﻴﺒﻜﻟﺍ ﻦــﻣ ﻪــﻧﻷ ﻞــﻄﺒﻣ ﻙﺍﺫﻭ ﻪــﺑ ﻯﺭﺩ ﺍﺫﺇ ﺕﺎــﻗﺪﺼﻠﻟ ﻲــﻓ ﻡﻼﻛﺏﺮــﻟﺍ ﻲــﺑﺮﻳﻭ ﺎــﺑﺮﻟﺍ ﷲﺍ ﻖــﺤﻤﻳﻭ ﻮﻤﻨﻳ ﻮــﺑﺮﻳﻭ ﻭﺃ ﺪﻳﺰﻳ ﻲــﻓﺎﻤﻨﻟﺍ ﻚــﻟﺫﻭ ﻕﺎــﺤﻣﻹﺍ ﺏﺎــﻫﺫﺇﺎﻤﻟ ﻊــﻴﺑ ﺎــﺑﺮﻟﺍ ﻪــﻨﻣ ﻻﺎــﻘﻣًﺎــﻨﻴﺑ ﺲــﺒﺤﻳﻭ ﻙﺮـــﺸﻤﻟﺍ ﻥﺇ ﺎــﻨﻴﺒﺗ ﺪــﻘﻓ ﺍﻮــﻬﻧ ﻦــﻋ ﻪــﻠﻛﺃﺍﺭﺎــﻬﺟ ﻯﺭﺎــﺼﻨﻟﺍﻭ ﺩﻮــﻬﻴﻟﺍ ﻚــﻟﺬﻛ ﻢــﻬﺨﺑﻭ ﻪــﺑ ﺏﺎــﺘﻜﻟﺍﻝﺰــﻨﻤﻟﺍ ﺪــﻗﻭ ﺍﻮــﻬﻧ ﻦــﻋ ﺎــﺑﺮﻟﺍﺍﻮﻠﻛﺄﻓ (١) والذي يدل عندي مما » : الإمام السالمي: مدارج الكمال، ص ١٠٩ ، وقال أبو اسحاق وجدته في آثارهم أن الربا يدخل في جميع المنافع في قول الجميع منهم، أو قول بعضهم، قال: ولا يكون ربا إلا بوجود شيء واحد، وهو بيع الشيء بأكثر منه أو بمثله إبراهيم بن قيس: مختصر « من جنسه نسيئة، وهذا قول من جعل الربا في جميع المنافع . الخصال، ص ٢٨٦ (٢) . الإمام السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ١ ٤، ص ٢٧٨ ٢٢٩ ويقول ا لسيابي(١) : وحيث أن الله قد توعدا على الربا فاعله وهددا وأعلن الله بحرب ذي الربا يا ويح من له إل ٰ هي حربا ذاك لما فيه من الأضرار بالناس ظلما لا يزال جاري ً يسلب للأموال سلبا بينا من غير ما حل له تعينا ً ويركب المرء به لأصعب مراكب السوء بشر مركب ويمحق الله الربى دل على أمر عظيم عند جل العقلا والله لا يحب كل كافر يرضى الربى فعل الأثيم ا لفاجر  يبعث في القلوب للضغاين ويظهرن كل حقد كامن ويرفع الله به للرحمة ويرسلن به عظيم النقمةلا خير في الربا ولا في ا لمربي ولعن آتيه أتى في الكتب كم آية دلت على الوعيد لفاعل الربى بلا تفنيد أن الربا بلية تعم نقمتها لأن ذاك ظلم وجاء في الدعائم ما يعد حلالا(٢) : يد ً ا بيد جميع البيع حل بمهما كان من أي الضروب وفي النوعين ما اختلفا حلال نسيئة ما يباع بغير حوب · إذا » : بخصوص قول الربيع عن عبادة بن الصامت أن رسول ا لله ژ قال فهذا الخبر إن كان » : يقول الرستاقي ،« اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم صحيحا، فله تأويل، ولا يخلو هذا الخبر أن يكون متقدما للآية، أو معها، أو ًً بعدها، فإن كان معها فهو بيان لها، ومستثني لبعض ما خص من جملتها، وإن كان بعدها فهو ناسخ لبعضها، أو مبين لتخصيص بعضها، وإن كان قبلها اعتوره معنيان: إما أن يكون منسوخ ً ا بها، وإما أن تكون مترتبة عليه، فتكون جارية على (١) . سالم السيابي: إرشاد الأنام في الأديان والأحكام، ج ٥، ص ٢٦٩(٢) . ابن النظر: الدعائم، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٢، ص ٣٥٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي عمومها، إلا فيما خصه الخبر من جملتها، والنظر يوجب أن تكون العلة في الربا: الكيل في المكيل، والوزن في الموزون، لأنه يروى أن النبي ژ ابتاع بعيرا ً ببعيرين، وأجاز بيع عبد بعيدين، وهو اتفاق منهم: أن يكون يد ً « ا بيد(١) . ثانيا الآراء بخصوص ا لربا: لخص الرستاقي مختلف الآراء والاتجاهات بخصوص الربا تلخيص ً ا رائع ً ا نذكره كما يلي(٢) : واختلف الناس في معنى الربا فرجع كل واحد إلى ما روي عن النبي ژ » الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر » : أنه قال .« بالتمر، والملح بالملح، سواء بسواء، فمن زاد أو استزاد فقد أربى وقال قوم: قد ذكر ا لنبي ژ ما حرمه في شيئين، فيما يكال وفيما يوزن، فكل شيء مما يكال أو يوزن، مما نص عليه، أو لم ينص عليه بعينه، فالربا فيه؛ لأنه (١) والحديث يدل على اعتبار الجنس في » : الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٨٤ . كذلك قيل معنى الربا سواء كان من الأجناس المنصوص عليها في الأحاديث أو من غيرها، وقد اختلف الناس في ذلك فقصرت الظاهرية حكم الربا على الأجناس المذكورة في الأحاديث وزعموا أنه لا يلحق بها غيرها في ذلك وذهب من عداهم من العلماء إلى أنه يلحق بها ما يشاركها في ا لعلة. واختلفوا في العلة ما هي؟ فقيل: الاتفاق في الجنس والطعم فيما عدا النقدين وأما هما فلا يلحق بهما غيرهما من الموزونات واستدل على اعتبار الطعم بقوله ژ : « الطعام بالطعام » وقيل: العلة الجنس والتقدير والاقتيات، وقيل: اتفاق الجنس ووجوب الزكاة، وقيل: العلة في جميعها اتفاق الجنس والتقدير بالكيل والوزن، وقيل: العلة في ذلك المالية بشرط اتفاق الجنس وحصول الأجل والزيادة، ونسبه صاحب النيل إلى أكثرنا فلا يتحقق الربا عندهم إلا . السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ٢٢٤ ٢٢٥ « باجتماع ذلك كله بيع الجنس بجنسه نسيئة فهو ربا صريح، » فالقاعدة إباحة البيع إذا اختلف الجنسان؛ ذلك أن جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٥٤٣ ؛ انظر أيض « وأما بيعه بغير جنسه فجائز ً ا الشماخي: كتاب . الإيضاح، ج ٣، ص ٧٨ ؛ ابن عمر: حاشية الترتيب على الجامع الصحيح، ج ٣، ص ١٩٢ ١٩٣ (٢) الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٨٢ ٨٣ . انظر أيض ً ، ا الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ . ص ١٤٧ ١٤٩ ؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ٣٢١ ٣٢٧ ٢٣١ نهى عن ذلك النبي ژ بما يدخل في الكيل والوزن، فكل شيء من طعام أو غيره، ففيه الربا فهذه علة أصحاب هذا ا لرأي. وقال قوم: العلة في الربا فيما نص عليه النبي ژ لعينه، فيما يكال أو يوزن، من طعام أو غيره، من سائر ما يؤكل. وقال قوم: الربا فيما بينه رسول الله ژ دون غيره، في الستة الأجناس، التي ذكرها ا لنبي ژ ، وعلى هذا النحو جرى الاختلاف بين أسلافنا. فمنهم من جعل علة الربا فيما أنبتت الأرض؛ لأنها أعم، واحتج من نفى القياس ولم يعتبر قول النبي ژ فيما حرم من البيوع، من معنى النص واقتصر   على المذكور دون غيره. واحتج بقول الله تعالى: ﴿ ;:987 ﴾[ [البقرة: ٢٧٥ ، فأحل الله .« البيع عموما وحرم الربا خاصا، فما خرج من جملة المناهي من البيع، فهو مباح ً ويضيف ا لرستاقي: فمن ذهب إلى أن العلة في الربا إنما هي الاقتيات والادخار، احتجوا بأن » النبي ژ لما ذكر أجناسا مقتاتة مدخرة، وخصها بالذكر، فذكر أعلى ما تقتات ً منها، وهو البر، وأدون من ذلك وهو الملح الذي يدخرونه لإصلاح أقواتهم، والانتفاع به في أغذيتهم، علم بذكره أعلى القوت ورجوعه إلى أدونه بذكره للملح بعد ذكره للبر، مع تفاوت ما بينهما من البعد، على أن العلة إنما هي المقتات والمدخر بتخصيصه إياه بالذكر. ومن ذهب إلى أن العلة المأكول، احتج بأن النبي ژ لما ذكر أجناس المأكول، وخصصها بالذكر، فذكر أعلى المأكول منها، وهو البر وأدونه وهو الملح، علم أن العلة ا لمأكول. ومن ذهب إلى أن العلة المكيل والمأكول، ذهب إلى مثل ذلك المعنى أيض ً ا. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ومن ذهب إلى أن العلة وجوب الزكاة، وأن البر والشعير أجناس يتعلق فيها وجوب الزكاة، فوجب أن تكون العلة فيها ما ذكره، وهذه العلل يقرب بعضها من بعض، وإن كان بعضها أخص من بعض، فكلها حجج لمن قال بالقياس والعبرة. وكذلك من ذهب من أصحابنا إلى أن العلة في التحريم ما أنبتت الأرض بما أنبتت أنه وردت الشريعة بتحريمها، وأثبت النبي ژ الربا فيه، وهي الأصناف .« الستة، وكلها من نبات الأرض، وجب عندهم أن تكون العلة هي ا لأرض ثالثا لا يجوز الربا في ا لتجارات: يعد ذلك تطبيق ً ا للقاعدة العامة في تحريم الربا في كافة صوره ومظاهره، ومنها ا لتجارة. يقول ا لمحروقي: فإذا دخلت في البيع والشراء فاتق الله واحذر الدخول في الربا، فإنه قد » حرمه الله في كتابه .  فلا يحملنك الطمع على ارتكاب ما حرمه الله، فتستحق عقابه، وتستوجب « عذابه، فإن ذلك لا يطاق، والصبر على أكل الربا، أيسر من الصبر على ا لنار(١) . وقال الله تعالى: ﴿ ÂÁÀ¿¾½¼»º ÆÅÄà ﴾ وقال الله جل ذكره: ﴿ !"%$# 43210/.-,+*)('& ;:98765 ﴾[ [البقرة: ٢٧٥ ، وقال جل ذكره: ﴿ <=GFEDCBA@?> ﴾[ [النساء: ٢٩ . والتجارات المباحات بظاهر هؤلاء الآيات هو ما لم يدخل » يقول ابن بركة فيه أحد وجوه الربا الذي نهى الله تعالى عنه بقوله: ﴿ ;:987﴾ وليس بمقدور من أصحابه بجهل عثر به، أو بقصد تعمد لفعله، والوعيد توجه (١) . الشيخ درويش المحروقي: الدلائل في اللوازم والوسائل، ص ٣٢٧ ٢٣٣ إلى كل من ركبه بقوله: ﴿ ÅÄÃÂÁÀ¿¾½ ÑÐÏÎ❁ ÌËÊÉÈ❁ Æ Ò ﴾فحذر من إصابته عام ً ا وأمر باتباعه واتباع رسوله فما بين منه « والمخالف له ولرسوله مستحق لعقوبته(١) . ويؤكد عدم جواز الربا في التجارات عند الإباضية، تفسيرهم لقوله تعالى: ﴿ ÁÀ¿¾½¼»º ﴾[ [آل عمران: ١٣٠ ، يقول هو أن يبيع الرجل إلى الرجل بيعا على أجل؛ فإذا جاء ذلك الأجل » : الرستاقي ً قال المبتاع للبائع: لا أجد ما أعطيكه، ولكن أخرني فأزيدك على الذي لك علي، ّ فيؤخره ويزيده، أو رجل أقرض رجلا ً شيئ ً ا، على أن يعطيه كل شهر شيئ ً ا زيادة عن حقه، أو رجل يشتري دابة بدابتين، أو ثوبا بثوبين نسيئة، فهذا وأشباهه مما ً   ا كان عالما أو جاهلا، فكل ما أضعف الناس من يهلك به من عمل به، متعمد ً ً ً قرض شيء بشيء نسيئة، من نوع واحد، فهو حرام، وما أضعف الناس من سلف شيء بشيء يد ً « ا بيد فهو حلال(٢) . ومن خير من عبر عن ذلك أيض ً والربا مما يسع » : ا الإمام الكدمي، بقوله الناس جهله، ما لم يركبوه بعد العلم بأصله، الذي به يعرف حرمته، ويتولوا راكبه أو يبرأ من العلماء إذا برئوا من راكبه على ذلك، أو يقفوا عنهم من أجل ذلك برأي أو بدين، فإذا فعل ذلك هلك. (١) . ابن بركة: كتاب الجامع، ج ٢، ص ٣١٨ ٣١٩ (٢) الرستاقي منهج الطالبين، ج ٧، ص ٨٥ . انظر أيض ً ا ابن غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ، ج ٢، ص ٤٠٥ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ١٥١ ؛ جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣ ص ١٧٧٥ . لذلك بخصوص عمن قال لتاجر: أريد أن تقرض لي بمائة قرش وأزيد وسلم عني الدراهم من عندك إلى وصولك فطلب التاجر في مائة القرش أربعة قروش فهل تحل ذلك عين الربا وهو الحرام المحض وعليه التوبة إلى الله » : له هذه الزيادة؟ يقول الحارثي الشيخ عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، « ورد الزيادة وأخذ ما سلم عنه . ج ٣، ص ٣٤٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ولو علم الجاهل بأصل ذلك الربا، ثم تداوله مالك بعد مالك، بيع صحيح أو هبة أو ميراث، وهو يعلم أن ذلك هو بعينه، فهو حرام عليه في الأصل، ولو صار إليه ذلك بملك من مالك بعد مالك، ووارث بعد وارث وبائع بعد بائع، فذلك حرام عليه، ولا يسعه جهل ذلك على هذه الصفة إذا علم أصله أنه ربا إذا كان قد وقف عليه، وعرف أصله جهل حرمته أو علمها. فإن أقر من في يده ذلك المال بصفة فيه توجب صفة الربا، أو أقر أنه ربا وهو في يده، وهو من أهل الإقرار أو من اليهود أو النصارى، وغيرهم من أهل الإنكار، قبل أن يصل إلى هذا الذي يستحقه ببيع أو هبة أو صدقة أو ميراث، أو غير ذلك من وجوه الحق، فلا يحل له أن يأخذ ذلك المال وهو عليه حرام، ولا يحل له شيء منه، وهو محجور عليه حرام، لا يسعه الإقامة عليه بعد علمه بذلك، وعليه الدينونة بالسؤال عما يلزمه في ذلك، وكل من عبر له ذلك بعد « دخوله فهو عليه حجة في ذلك(١) . رابعا الربا والضرورة:  وقاعدة « الضرورات تبيح المحظورات » من القواعد الفقهية المعروفة قاعدة .« ما جاز لعذر بطل بزواله » وقاعدة « الضرورة تقدر بقدرها » أن ونظرا لأن الشرع تشدد كثيرا في تحريم الربا، فإن تطبيق الضرورة يجب ًً في هذا الخصوص أن يكون في أضيق ا لحدود. وهذا ما أكد عليه فقهاء ا لإباضية. يقول ا لسيابي: إن المعاملة بالربا حرام لا تحل لأحد ا ختيارا ولا ا ضطرارا، والله سبحانه » ًً ما حرم على عباده شيئ ً ا إلا وأغناهم عنه بجنسه من المحللات الطيبة؛ لأن الله (١) ، الكدمي: الاستقامة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ١٩٨٥ ، ج ٣ . ص ٢٣٢ ٢٣٤ ٢٣٥ حكيم وليس من مقتضيات الحكمة الإل ٰ هية أن يحرم على أحد ما لم يتغان عنه بشيء من مثله، فليتق الله هذا الرجل باجتناب محارمه ليجعل له من أمره مخرجا، ً ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومسألة الاضطرار إلى أكل الميتة ونحوها هي على غير هذه القاعدة، وإنما ذلك لجائع أفضى به الجوع إلى خوف الهلكة جاز في تلك الحال أن يحيي نفسه من الموت لا فوق ذلك والله أعلم، وإن لم يجد ما يأكله فليسأل الناس وإن لم يعط َ فليأكل الميتة، وإن لم يجد فليأخذ من مال الغير ا حتيالا ً « أو غصبا ويعتقد الضمان والبدل في القدر الذي يبلغه مأمنه ونجاته(١) . ً ﻝﻮﻘﻳﻭ:ﻲﻤﻟﺎﺴﻟﺍ ﺲــﻴﻟ ﻍﻮــﺴﻳ ﺎــﺑﺮﻟﺍﺍﺭﺎــﺒﺘﻋﺍ ﺖــﻧﺃﻭ ﻱﺭﺪــﺗ ﻥﺃﺍﺭﺍﺮــﻄﺿﻻﺍ ﻲــﻓ ﻞﻛ ﻝﺎــﺣ ﻻ ﻥﻮﻜﻳ ﺎﻨــﺴﺣ ﻥﻷ ﻞــﻌﻓ ﺎــﺑﺮﻟﺍ ﻞــﺜﻣﻰــﻧﺰﻟﺍ ﻡﺪــﻟﺍﻭ ﺮﻳﺰﻨﺨﻟﺍﻭ ﻲــﻓﺓﺭﻭﺮـﻀﻟﺍ ﺔــﺘﻴﻤﻟﺎﺑ ﻪــﺴﻴﻘﻧ ﺎــﻨﻟ ﺎــﻣﻭ ﻮــﻬﻓ ﺎــﻬﻟ ﻙﺍﺬــﺑ ﻢــﻜﺣ ﺎﺼﺧ ﻊــﻣ ﻥﺃ ﺀﺎﻨﺜﺘــﺳﻻﺍ ﺎــﻬﻴﻓﺎــﺼﻧ ﺚــﻴﺤﺑ ﻻ ﺀﻲــﺷ ﻙﺎــﻨﻫﻞﻛﺆﻳ ﻞــﺼﺤﻳ ﺭﺍﺮــﻄﺿﻻﺍ ﻥﺃ ﻙﺍﺫﻭ ﻮــﻬﻓ ﻝﻮــﻛﺄﻤﻟ ﺩﻼﺒﻟﺍ ﺪــﻗ ﺪﺟﻭ ﻊﻴﺒﻟﺍﻭ ﻻ ﻥﻮــﻜﻳ ﻻﺇ ﻲــﻓﺪﻠﺒﻟﺍ ﺍ ﺍﻮــﻌﻓﺪﻳﻭ ﻪــﻨﻋ ﻯﺫﻷﺍ ﺮـــﻀﻟﺍﻭّ ﺍﺮــﻬﺟ ﻩﻮــﻤﻌﻄﻳ ﻥﺃ ﻢــﻬﻣﺰﻠﻳ ﺮــﺠﺤﻟﺍﻭ ﺎــﺑﺮﻟﺎﺑ ﻩﺬــﺧﺄﻳ ﻻ ﺮــﻬﻘﻟﺎﺑ ﻪــﻟ ﻥﺎﻛ ﺍﻮــﺑﺃ ﻥﺈــﻓ ﻦــﻣ ﻢــﺛ ﻱﺭﺪــﺗ ﺎــﻬﻧﺃﺓﺭﻮﻜﻨﻣ ﻱﺮﺠﻟﺍﻭ ﻕﻮﻓ ﺔــﺟﺎﺣﺓﺭﻭﺮـﻀﻟﺍ وأما الضرورة فلا محل لها ولا اعتبار في باب الربا فأما من » : كذلك قيل جهة المقرض بالفائدة معطى الربا فربما يدعي أنه مضطر لذلك. وحينئذ تعرض صورة الضرورة المدعاة على عالم فقيه يحققها ويقدرها بقدرها فليست كل حاجة إلى الاقتراض ضرورة، وليس من الضرورة في شيء الحاجة إلى المال للتوسع « في الأعمال، فاتقوا الله ولا تتعدوا حدوده(٢) . (١) السيابي: فصل الخطاب، ج ٢، ص ٢٥ . انظر أيض ً ا د. ماجد الكندي: الوجيز في فقه المعاملات . المالية عند الإباضية، الطبعة الأولى، مسقط، ١٤٣٤ ٢٠١٣ ، ص ١٤٣ ١٤٥(٢) فتاوى الشيخ بيوض، ص ٤٤٥ ٤٤٦ . وبخصوص سؤال عن ديون الحكومة الزنجبارية أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي وهكذا فالقاعدة في الفقه الإباضي أن الربا لا يجوز لضرورة إلا إذا كانت الضرورة قهرية لا يمكن دفعها، ويتعذر ويستحيل تصريف الأمور دون اللجوء إلى ا لربا (١) .  التي سلمتها عن أهل الشوانب للديان وجعلت على من عليهم الحقوق تسليم ذلك أقساط ً ا إلى مدة معينة يسلمها من عليه الحق بعضها عن ربح الدراهم وهو الربا المحض وبعضها من أصل الحق إلى أن يكمل فهل ترون دفع الربا واسعا بدعوى أن الحكومة ً قاهرة على أخذ ذلك منهم كره ً ا والأيام تمضي هكذا مع أن الحكومة سلمت عنهم برضاهم وطلبهم منها ذلك، هم يعلمون أنه لا بد لهم من تسليم ذلك مع أن الحكومة لا تمنع من أراد بيع شانبته والتخلص من تبعات الدين ولواحقه، فهل يقال لمثل هذا إنه مقهور على الربا، وهو إنما دخل في ذلك مع العلم به من أول الأمر، أو ترون ذلك من إيثار الدنيا على الآخرة وهل من فرق بين كون الحق للتجار أو للحكومة؛ لأن التاجر يحكم له ويدرك أخذ الربا ممن له عليه الحق بإلزام المحكمة إياه، فالقهر كالقهر أم فرق قال القطب: وأما من عليه دين عجز عن قضائه » : بينهما تفضلوا بالجواب؟ يقول الحارثي فكان بحيث لو لم يقبضه لقهره المشركون على أن يعطيهم كل عام زيادة عليه، وإن لم يعط باعوا ماله ببخس، فالواجب عليه أن يبيع ماله بنفسه لأنه يتوصل إلى ذلك ويرضون به، فإن كانوا لا يرضون تركهم أن يبيعوه والبحث في المسألة والدخول فيها بالإعطاء إذا لم يقصد هو الربا يجر إلى إباحة الربا والإعانة عليه، ولا سيما أنه حين عاملهم عالم بأنه لو لم يقض زادوا عليه انتهى كلامه. ولا يصح لمن عليه الحق أن يطلب من الحكومة أن تؤخر عنه أهل الحقوق عن المطالبة مع القدرة على الوفاء؛ لأن ذلك من الظلم لقوله ژ : مطل الغ » َ وهم يعلمون أنهم يؤخذ ،« ني ظلم ٌُ منهم من الربا في كل عام على الدين إن لم يؤدوا ذلك ا ختيارا منهم لا اضطرارا فليأذنوا ًً بحرب من الله ورسوله وما سلمته عنهم الحكومة لأهل الحق والأقساط التي جعلتها عليهم الشيخ عيسى الحارثي « عن رضى منهم بالربا الذي تجعله عليهم إيثارا للدنيا على الدين ً . خلاصة الوسائل بترتيب المسائل ج ٣، ص ٢٥٩ ٢٦٠(١) ولا يرخص بالربا إلا في حال الضرورة القصوى، من غير تفرقة بين » : يقول د. وهبة الزحيلي البلاد الإسلامية وغيرها، والضرورة: هي التي يترتب على مخالفتها خطر، يقين ً ا أو بغلبة الظن، وتوافر هذا المعنى محدود أو نادر جد ً ا. والحاجة العامة: وهي التي يترتب على عدم الاستجابة إليها عسر ومشقة أو صعوبة، وهذا المعنى إذا توافر للجماعة، جاز الترخيص واقتراض المال بالربا، لدفع الضرر، ورفع المشقة، أما الحاجة الخاصة فيراد بها حاجة طائفة أو فئة كالتجار مثلا ً أو أقلية متضررة في بلد إسلامي ٢٣٧ لكن بيع العرايا(١) للضرورة مستثنى من حكم الربا. في هذا الخصوص يقول تلك قضية لا يقاس عليها، لأنها مستثناة من حكم الربا فهي خارجة » : السالمي « عن سنن ا لقياس(٢) . الاستثناء » وقول الإمام السالمي تؤكده القاعدة القانونية التي تقضي بأن.« لا يتوسع فيه ولا يقاس عليه د. وهبة الزحيلي: « أو غير إسلامي، ولا نجد إلى الآن توافر معنى الضرورة أو الحاجة العامة . المعاملات الإسلامية المعاصرة، ص ٢٦١ ِ (١) بفتح المهملة وشد التحتية، قال الربيع: العرايا نخل يعطي الرجل ثمرها « جمع عرية » العرايا للآخر ثم يقول له بعد ذلك: لا طريق لك علي فرخص له رسول الله ژ أن يبيعها بخرصها ّ ثمرا، وقال غيره: وهي في الأصل عطية ثمر النخل دون الرقبة، كانت العرب في الجدب ً تتطوع بذلك على من لا ثمر له كما يتطوع صاحب الشاه أو الإبل بالمنيحة وهي عطية اللبن  دون الرقبة، ويقال: عريت النخل بفتح العين وكسر الراء يعري: إذا أردت عن حكم أخواتها بأن أعطاها المالك فقيرا، وقال مالك: العرية أن يعري الرجل النخلة، أي: يهبها أو يهب له ً ثمرها ثم يتأذى بدخوله عليه، ويرخص الموهوب له للواهب أن يشتري رطبها منه بتمر يابس، وقال الشافعي: إن العرايا أن يشتري الرجل ثمر النخلة بخرصه من التمر بشرط التقابض في الحال، واشترط مالك أن يكون التمر مؤجلا، ً فهي عنده مستثناة من بيع النسيئة أيضا، والمذهب يسوغه، والحديث يدل على الإطلاق، والتقييد يحتاج إلى دليل، وقال ابن ً إسحاق في حديثه عن ابن عمر: أن يعري الرجل الرجل؛ أي: يهب له في ماله النخلة والنخلتين فيشق عليه أن يقوم عليها فيبيعها بمثل خرصها، وأخرج أحمد عن سفيان بن حسين: أن العرايا نخل كانت توهب للمساكين فلا يستطيعون أن ينتظروا بها فرخص لهم أن يبيعوها بما شاؤوا من التمر، وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: العرية أن يشتري الرجل ثمر السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام ،« النخلات لطعام أهله رطبا بخرصها تمرا ًً الربيع، ج ٣، ص ٢١٥ ٢١٧ . والحديث: أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ژ (رخص لصاحب العرايا أن يبيعها بخرصها تمرا). ً قال الربيع: قال جابر: وبلغنا ذلك أيضا عن زيد بن ثابت رفعه إلى رسول الله ژ قال الربيع: ً فرخص » ، (العرايا) نخل يعطي الرجل ثمرها للآخر ثم يقول له بعد ذلك: لا طريق لك على .« له رسول الله ژ أن يبيعها بخرصها تمرا ً (٢) « استثنيت من التحريم لحاجة الناس إليها » جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ١٥٥ ، والعرايا . سالم البوسعيدي: الوجيز شرح الجامع الصحيح، ص ٤٤٧ ٤٤٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي خامسا الربا محرم حتى في المعاملات ا لدولية: إذا كان الربا محرم على التعاملات بين المسلمين، فقد اختلف الفقهاء بخصوص الربا الذي يتم في دار الحرب (أي: في بلاد غير إسلامية) فأجازه البعض، ونهى عنه فريق آخر: ١ فقد ذهب رأي في الفقه الإسلامي إلى إباحة الربا بين المسلمين وغير المسلمين (المشركين) في دار الحرب، بينما يكون حراما بين المسلمين في دار ً الإسلام، وقد أخذ بذلك أبو حنيفة والثوري، وعن النبي ژ في خطبة الوداع أنه قال: ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب أضعه كله (وكان ربا العباس بمكة قبل فتحها) وعن حماد عن إبراهيم قال: لا بأس بالدينار بالدينارين في دار الحرب بين المسلمين وبين أهل ا لحرب(١) . (١) راجع الإمام الطحاوي: مشكل الآثار، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية، حيدر آباد، . الدكن، ١٣٣٣ ه، ج ٤، ص ٢٤١ ٢٤٦ بخصوص بيع الدرهم بدرهمين في أرض الحرب بأمان: قال أبو حنيفة ƒ لو أن مسلما دخل الحرب بأمان فباعهم الدرهم بدرهمين لم يكن بذلك ً بأس لأن أحكام المسلمين لا تجري عليهم، فبأي وجه أخذ أموالهم برضا منهم فهو جائز. وقال الأوزاعي 5 : الربا عليه حرام في أرض الحرب وغيرها، لأن رسول الله ژ قد وضع من ربا أهل الجاهلية ما أدركه الإسلام من ذلك وكان أول ربا وضعه ربا ا لعباس بن فكيف يستحل المسلم أكل الربا في قوم قد حرم الله عليه دماءهم ،ƒ عبد المطلب وأموالهم، وقد كان المسلم يبايع الكافر في عهد رسول الله ژ فلا يستحل ذلك. قال أبو يوسف: القول ما قال الأوزاعي، لا يحل هذا ولا يجوز، وإنما أحل أبو حنيفة هذا لأن لا ربا بين أهل الحرب وقال » : بعض المشيخة حدثنا عن مكحول عن رسول الله ژ أنه قال أبو يوسف: وأهل الإسلام راجع الرد على سير الأوزاعي للإمام أبو يوسف، مكتبة دار الهداية، القاهرة، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، ص ٩٧ . معنى ذلك أن فقهاء المذهب الحنفي استندوا لتبرير جواز الربا في دار الحرب إلى انعدام ولايتنا عليهم وانعدام ولايتهم أيض ً ا في حقنا (راجع أيض ً ا .( الإمام الكاساني، بدائع الصنائع، دار الكتاب العربي، بيروت، ١٤٠٢ ١٩٨٢ ، ج ٧، ص ١٣٢ ١٣٣ انظر أيض ً ا بخصوص مواقف فقهاء المسلمين من الربا في دار الحرب، في (د. سامي حسن أحمد: تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، .( جامعة القاهرة، ١٣٩٦ ١٩٧٦ ص ٠٨٢ ٢٢٠ ٢٣٩ ٢ بينما ذهب اتجاه آخر إلى تحريم الربا ولو تم مع غير المسلمين وفي دار ا لحرب. يقول ابن حزم: والربا في كل ما ذكرنا بين العبد وسيده كما هو بين الأجنبيين، وبين المسلم » « والذمي. وبين المسلم والحربي، وبين الذميين كما هو بين المسلمين ولا فرق(١) . فإن عامل مسلم كاف » : وبخصوص الآية ( ٥٩ من البقرة) يقول ابن العربي ً را بربا فلا يخلو أن يكون في دار الحرب أو في دار الإسلام، فإن كان في دار الإسلام لم يجز وإن كان في دار الحرب جاز عند أبي حنيفة وعبد الملك من أصحابنا. وقال مالك والشافعي: لا يجوز، وتعلق أبو حنيفة بأن ماله حلال فبأي وجه أخذ جاز. ما يؤخذ من النصارى زوار بيت المقدس » : وجاء في حاشية ابن عابدين تحت عنوانأقول: وعلى هذا فلا يحل أخذ مالهم بعقد فاسد بخلاف المسلم المستأمن في دار « لا يجوز الحرب، فإن له أخذ مالهم برضاهم ولو بربا أو قمار، لأن مالهم مباح لنا، إلا أن الغدر حرام، وما أخذ برضاهم ليس غدرا من المستأمن بخلاف المستأمن منهم في دارنا لأن دارنا محل ً إجراء الأحكام الشرعية، فلا يحل لمسلم في دارنا أن يعقد مع المستأمن إلا ما يحل من العقود مع المسلمين، ولا يجوز أن يؤخذ منه شيء لا يلزمه شرع ً ا وإن جرت به العادة، كالذي يؤخذ من زوار بيت المقدس، (حاشية ابن عابدين، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، .( القاهرة، ١٤٠٤ ١٩٨٤ ، ج ٤، ص ١٨٤(١) وأما الكفار فإن الله تعالى يقول: » : ويعلل ذلك بالنسبة لغير المسلمين بقوله﴿ A@? FEDCB ﴾ وقال تعالى: ﴿ «ª©¨§¦ ¬® ﴾ وقال تعالى: ﴿ «ª ¬¯® ° ﴾ فصح أن كل ما حرم علينا فهو حرام عليهم، ونسأل من خالفنا أيلزمهم دين الإسلام ويحرم عليهم ما هو عليه من خلافه وهل هم على باطل أم لا؟ فإن قالوا: لا يلزمهم دين الإسلام، ولا يحرم عليهم ما هو عليه من خلافه وأنهم ليسوا على باطل كفروا بلا مرية، وإن قالوا: يلزمهم دين الإسلام وحرام عليهم ما هو عليه من خلافه وهم على باطل قالوا: يلزمهم دين الإسلام وحرام عليهم ما هم عليه من خلافه وهم « على باطل قالوا: الحق ورجعوا إلى قولنا ولزمه إبطال الباطل وفسخ الحرام فيهتدي .( (ابن حزم، المحلي، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ج ٨، ص ٥١٤ ٥١٥ ، المسألة ١٥٠٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي قلنا: إن ما يجوز أخذه بوجه جائز في الشرع من غلة وسرقة في سرية، فأما إذا أعطى من نفسه الأمان ودخل دارهم فقد تعين عليهم أن يفي بألا يخون  عهدهم، ولا يتعرض لمالهم، ولا شيء من أمرهم، فإن جوز القوم الربا فالشرع « لا يجوزه فإن قال أحد: إنهم لا يخاطبون بفروع الشريعة فالمسلم مخاطب بها(١) . وهكذا وفق ً ا لهذا الاتجاه الربا حرام أيا كان. وقد أخذ بذلك أيض ً ا الفقه  الحنبلي: ويحرم الربا بين المسلم والحربي بأن يأخذ المسلم زيادة من الحربي. » ويحرم الربا بين المسلمين مطلق ً « ا بدار إسلام أو حرب(٢) . ونحن نعتقد أن الاتجاه الثاني هو الأقرب إلى نصوص الشريعة ومبادئها الكلية لذا لا يجوز الربا ولو تم مع دولة غير إسلامية وفي بلاد غير إسلامية، ومن باب أولى إذا تم ذلك في دار الإسلام، ولو كان ذلك لضرورة. ومن ثم فإن القروض التي تقدمها الدولة الإسلامية يجب أن تكون بمنأى عن الربا: وهذا ما يميز النظام الإسلامي عن نظام القروض الذي تتبعه حاليا الدول الغنية والمنظمات الدولية والذي يرتبط دائما بفائدة كبيرة تفيد المقرض أكثر من ً المقترض وتعطل الموارد بما تشكله من عبء يرهق ميزانية الدولة المقترضة (عن طريق خدمة الدين service des dettes((٣) . (١) . ابن العربي: أحكام القرآن، المرجع السابق، ج ١، ص ٥١٤ ٥١٦(٢) . الروض المريع للبهوتي، مكتبة دار التراث، القاهرة، ص ٢٥٩(٣) يلاحظ أنه تمشي ا مع عدم جواز الربا في الشريعة الإسلامية، لا يأخذ البنك الإسلامي للتنمية ً فوائد عن القروض التي يقدمها، ولكن نظرا لوجود مصاريف إدارية فإن سياسة البنك في أخذ ً أجور خدمات كمصاريف إدارية. وقد أقر مجمع الفقه الإسلامي شرعية أخذ أجور الخدمات للقروض كمبدأ عام مع مراعاة المبادئ ا لتالية: ١ جواز أخذ أجور عن خدمات ا لقروض. ٢ أن يكون ذلك في حدود النفقات ا لفعلية. ٣ كل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعا. ٢٤١ إن من صور الربا المحرم، صورة تتمثل فيما تفعله الدول الغنية » : لذلك قيل مع الدول الفقيرة من إقراضها مبالغ من المال تحتاج إليها الدول الفقيرة لسد مطالب الحياة الضرورية ثم تفرض الدول الغنية على الفقيرة فوائد باهظة صارت بسببها هذه الدول الفقيرة عاجزة عن سداد هذه الفوائد المركبة، فضلا ً عن الديون ا لأصلية. وفي هذه الحالة يكون الإثم واقعا على الدول الغنية التي استغلت ً الدول الفقيرة، التي اضطرت إلى هذا التعامل وبخاصة إذا كان التعامل بين « دول إسلامية(١) . كذلك قرر المجمع بخصوص التصرف في فوائد الودائع التي يضطر البنك الإسلامي للتنمية لإيداعها في المصارف ا لأجنبية: يحرم على البنك أن يحمي القيمة الحقيقية لأمواله من آثار تذبذب العملات بواسطة الفوائد »المتجرة من إبداعاته ولذا يجب أن تصرف تلك الفوائد في أغراض النفع العام كالتدريب والبحوث وتوفير وسائل الإغاثة وتوفير المساعدات للدول الأعضاء وتقديم المساعدة الفنية « لها وكذلك للمؤسسات العلمية والمعاهد والمدارس وما يتصل بنشر المعرفة الإسلامية ، ١٤٠٨ ١٩٨٧ ، (راجع مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الثالثة، عدد ٣، ج ١ .( ص ٣٠٥ ٣٠٧ (١) شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي، معاملات البنوك وأحكامها الشرعية، الهيئة المصرية . العامة للكتاب القاهرة، ١٩٩٨ ، ص ٧٧ ٧٨ وقال الفخر الرازي إن علة تحريم الربا ترجع إلى وجوه عديدة هي: ١ أن الربا يقتضي أخذ مال الإنسان من غير عوض، ومن الثابت أن مال الإنسان له حرمة كحرمة ا لدم. ٢ أن الربا يمنع الناس عن الاشتغال بالمكاسب والتجارات والصناعة لأن صاحب المال إذا تمكن عن طريق الربا من تحصيل الكسب ترك تلك الأعمال ومن المعلوم أن مصالح الناس لا تتحقق إلا بالتجارات والصناعات وسائر أعمال ا لعمارات. ٣ أن الربا يفضي إلى انقطاع المعروف والمواساة والإحسان بين ا لناس. . الفخر الرازي: التفسير الكبير، ج ١، ص ٣٥٢ وفي الفقه المالكي إذا ظهر الربا بين المسلمين فمعاملة أهل الذمة أولى لوجهين: الأول: أنهم ليسوا مخاطبين بفروع الشريعة على أحد القولين للعلماء، فلا يكون ما أخذوه بالربا محرما على هذا القول بخلاف المسلم مخاطب قولا ً واحد ً ا. ً أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي حري بالذكر أن هناك رأيا للشيعة الإمامية والجعفرية يقول بأن الربا لا يحرم ً بين المسلم والحربي مطلق ً ا، سواء كان في دار الإسلام أو في دار الحرب وسواء كان بأمان أو غيره(١) . وهكذا .« الربا حرام ولو مع غير المسلم » والقاعدة في الفقه الإباضي هي أن بخصوص: الذي يأخذ دراهم بزيادة من عند البانيان أعزك الله هل عليه من الإثم هو أخو البانيان في ذلك، » : مثل الذي يؤخذ من الإسلامي أم لا؟ يقول السالمي « والربا حرام من كل أحد والمضاربة حلال إذا قام بشروطها(٢) . كذلك بخصوص عمن له دراهم فتركها في يد النصارى على أن يسلم له عند كل سنة تمضي من الربح لدراهمه لأنهم يتجرون بها فجائز أم لا؟ يقول الحارثي: « هذا هو عين الربا ولا يجوز له أخذ ا لربح »(٣) . بل جاء في بيان ا لشرع: وزعموا أنه وجد في الكتاب الذي كتبه رسول الله ژ لأهل نجران أنه من »  « أكل من الربا منهم فلا عهد له(٤) .  ويذكر الصنعاني عن أبي رافع ƒ أن ا لنبي ژ استسلف من رجل بك ْرا ً فقدمت ْ عليه إبل من إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره فقال: لا أجد رواه مسلم. « أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء » : إلا خيارا رباعيا، فقال ً الثاني: أن الكافر إذا أسلم ثبت ملكه على ما اكتسبه بالربا والغصب وغيره وإذا تاب المسلم لا يثبت ملكه على شيء من ذلك لقوله تعالى: ﴿ ²±°¯®﴾ . .( (الإمام القرافي: الفروق، عالم الكتب، بيروت، الفرق ١٧٩ ، ج ٣، ص ٢٠٧ (١) راجع تفصيلات أكثر في د. إسماعيل لطفي قطاني: اختلاف الدارين وأثره في أحكام المناكحات . والمعاملات، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ١٤١٠ ، ص ٣٨١ ٣٨٢ راجع أيضا د. وهبة الزحيلي: المعاملات الإسلامية المعاصرة، ص ٢٥٢ ٢٦٢ ؛ الشيخ خالد ً . عبد القادر: فقه الأقليات المسلمة، ص ٥٣٢ ٥٣٦(٢) . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٥٤٦(٣) . الشيخ عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٣، ص ٢٥٤(٤) . الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ١٥٠ ٢٤٣ كذلك يذكر الصنعاني قوله ژ : « كل قرض جر منفعة فهو ربا »(١) . والواضح انه لا تعارض بين الحديثين: فالأخير يكون مشروط ً ا، أما الأول فهو تطوع وتبرع دون شرط، كذلك فالحديث الأخير يكون الاتفاق وقت إبرام القرض أما الأول فهو يكون عند سداد القرض، وأيض ً ا الحديث الأخير يكون بفعل تلقائي من المقترض فهو الذي يبادر إلى الزيادة بنفسه وهو الذي يقدرها، أما الحديث الأول فالزيادة مفروضة على المقترض استغلالا ً لحاجته وبالتالي فهي تصدر عن إكراه وضغط عليه ممن يقرضه. (١) والحديث بعد صحته لا بد من التوفيق بينه وبين ما تقدم وذلك بأن هذا محمول » : يقول الصنعاني على أن المنفعة مشروطة من المقرض أو في حكم المشروطة وأما لو كانت تبرع ً ا من المقترض فقد . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٤٩ ٥٠ « تقدم أنه يستحب له أن يعطي خيرا مما أخذه ً للسلطة الحاكمة في أية دولة دور مهم في شتى مناحي الحياة، وفي مقدمتها التجارة. وتبدو أهمية السلطة الحاكمة من قول الطرطوشي في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ §¦¥¤£¢¡ ¨﴾، يقول الطرطوشي لولا أن الله أقام السلطان في الأرض يدفع القوي الضعيف وينصف » : يعني المظلوم من الظالم، لأهلك القوي الضعيف وتواثب الخلق بعضهم على بعض « فلا ينتظم لهم حال ولا يقر لهم قرار فتفسد الأرض ومن عليها(١) . الرسول الهادي الذي لا يصاب علم الدين » : ويقول النزوي: إن أفضل نعمتين « إلا من قبله... والوالي العادل الذي لا تصلح الدنيا إلا على يده(٢) . وإلى جانب المبادئ العامة، والتي تسري على الأفراد العاديين بنفس درجة انطباقها على السلطات العامة في الدولة، توجد بعض المبادئ الأخرى التي يجب على تلك السلطات الالتزام بها ومراعاتها بخصوص المعاملات التجارية. وهذه المبادئ بدورها، يمكن تقسيمها إلى مجموعتين: الأولى: المبادئ الإيجابية: وتشمل توفير الأمان للتجار، وتنظيم الأسواق، واتخاذ كل ما هو لازم لمنع الممارسات التجارية الضارة أو غير ا لواجبة. (١) . الطرطوشي: سراج الملوك، المكتبة المحمودية التجارية، القاهرة، ١٣٥٤ ١٩٣٥ ، ص ٨٠(٢) . النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي والثانية: المبادئ السلبية: وتشمل عدم جواز تأميم أو مصادرة أموال التجار إلا بحق، وترك التسعير لآليات السوق، وعدم جواز قيام الحاكم بالتجارة. ونقوم بدراسة تلك المبادئ كما يلي: الأول / ا  د ا ٴ  )# الإ ر ن ا  أ) أ(١) : ١ توفير الأمان للتجار ولو كانوا غير مسلمين: لا شك أن التبادل التجاري بين الدول في حاجة إلى حمايته من اعتداءات اللصوص أو القراصنة أو الإرهابيين، وهو أمر لم يغفله فقهاء المسلمين، كما يتضح من الأمور ا لآتية: أولا معرفة المسلمين لضرورة حماية التجارة ا لدولية: كنا لا نقتل تجار المشركين على عهد رسول الله ژ » : فعن جابر قال « (٢) ، وفي « كانوا لا يقتلون تجار ا لمشركين » رواية أخرى قال: إنهم(٣) . (١) إذ نظرا لأهمية التجارة، فقد حث فقهاء المسلمين على الاهتمام بمن يقومون بها: التجار، علة ً ذلك ترجع إلى عدة جوانب: أن التاجر هو قوام أية عملية تجارية (الجانب ا لشخصي). أن التجارة تضيع وتبور دون أمان (الجانب ا لموضوعي). أن الأمان للتجارة داع إليها وحامل عليها (الجانب ا لغائي). أن غياب الأمان يعني سواد الفوضى والسرقات، مما يؤدي إلى ضياع الأموال وموضوعات التجارة (الجانب الخاص بالأثر). (٢) . الحافظ الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، مكتبة القدسي، القاهرة ١٣٥٣ ، ج ٤، ص ٧٣ (٣). يحيى بن آدم القرشي: كتاب الخراج، تحقيق: أحمد شاكر، دار التراث، القاهرة، ص ٥٠ ٢٤٧ انظر » : ولعل خير من أشار على ذلك القاضي النعمان بن محمد؛ إذ يقول إلى التجار وأهل الصناعات فاستوص بهم خيرا، فإنهم مادة للناس ينتفعون ً بصناعاتهم وبما يجلبون إليهم من منافعهم ومرافقهم في البر والبحر من رؤوس الجبال وبلدان مملكة العدو وحيث لا يعرف أكثر الناس مواضع ما يحتاجون إليه من ذلك، ولا يطيقون الإتيان به، ولا عمل يعملونه بأنفسهم، فلهم بذلك حق « وحرمة يجب حفظهم لها، فتفقد أمورهم واكتب إلى عمالك فيهم(١) . ويقول ابن قدامة: إذا دخل حربي دار الإسلام بغير أمان نظرت فإن كان معه متاع يبيعه في دار » الإسلام وقد جرت العادة بدخولهم إلينا تجارا بغير أمان لم يعرض لهم، وقال ً أحمد: إذا ركب القوم في البحر فاستقبلهم فيه تجار مشركون من أرض العدو يريدون بلاد الإسلام لم يعرضوا لهم ولم يقاتلوهم وكل من دخل بلاد المسلمين من أهل الحرب بتجارة بويع ولم يسأل عن شيء وإن لم تكن معه تجارة فقال: جئت مستأمن ً « ا لم يقبل منه وكان الإمام مخيرا فيه(٢) . ً ولنا على ذلك الملاحظات ا لآتية: ١ أن التاجر آمن على نفسه وماله حتى ولو كان قد دخل دار الإسلام بغير أمان سابق، إذ التجارة تؤمنه، كما أن السفارة تؤمن السفير أو ا لرسول. (١) القاضي ا لنعمان بن محمد ( ٣٦٣ ه): دعائم الإسلام، تحقيق: آصف فيضي، دار المعارف، . ج ١، القاهرة، ١٣٧٠ ١٩٥١ ، ص ٤٢٩ كذلك بخصوص ولي الأمر يجب عليه: الاعتناء بأمور التجار الذين يضربون في الأرض في طلب رزق الله من خلال المكاسب، »وصونهم من أيدي الظلمة وفي ذلك استمالة القلوب النازحة واستجلاب الذخائر الخطيرة، والأحجار النفيسة، والطرق المستحسنة، والأخبار الغريبة، وأمر العمال بصونهم وحياطتهم، .« وأن يعرف لكل ذي فضل منهم فضله . ابن رضوان المالقي: الشهب اللامعة في السياسة النافعة، دار الثقافة، الدار البيضاء، ص ٣١٤ (٢) . ابن قدامة: المغني ويليه الشرح الكبير، دار الكتاب العربي، بيروت، ١٤٠٣ ١٩٨٣ ، ج ١٠ ، ص ٤٤١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢ أن التجارة تمنع من محاربة ومقاتلة التجار غير المسلمين، حتى ولو  « مسرح العمليات ا لحربية » قابلهم المسلمون في(١) . ٣ إننا، مع ذلك، نرى ضرورة الحذر في تطبيق ما تقدم: إذ من السهل أن يرسل العدو جواسيس تحت غطاء التجارة. لذلك يجب بالنسبة للتجار من الأعداء وقت الحرب (وأيض ً ا وقت السلم) مراعاة أمرين: الأول: التأكد فعلا ً من أنهم تجار، وذلك بالتعرض لهم وسؤالهم ومعرفة هويتهم ووجهتهم ومن أين حضروا، وإجراء كافة التحقيقات ا للازمة. الثاني: وضع عيون عليهم لمراقبتهم، والإبلاغ عن أي فعل يقومون به يخرج عن أعمال التجارة (كتجسس أو غيره). ولا شك أن حماية التجارة الدولية لها من الآثار الإيجابية ما لا يخفى على كل ذي لب. يكفي أن نذكر هنا ما جاء في رسالة صادرة عن السلطان قلاوون معاملة التجار » : سنة ٦٧٨ ه أوصى فيها ناظر ثغر الإسكندرية بأن يحرص على الواردين إليه بالعدل الذي كانوا ألفوه، والرفق الذي نقلوا أخباره السارة عنه، فإنهم هدايا البحور، ودوالبة الثغور، ومن ألسنتهم يطلع على ما تجنه الصدور، وإذا بذر لهم حب الإحسان نشروا له أجنحة مراكبهم كالطيور، وليعتمد معهم ما ضمنته المراسيم الشريفة المستمرة الحكم إلى آخر وقت، ولا يسلك معهم « حالة توجب لهم الخزائن والتظلم والمقت(٢) . (١) كذلك يمكن الاتفاق على حماية التجارة الدولية في معاهدة تبرم مع غير المسلمين، من ذلك الهدنة والصلح الذي عقد بين السلطان قلاوون والأشكري صاحب القسطنطينية، والتي جاء وأن لا يحصل للتجار الواردين إلى عز سلطانه من بلاد مملكتي لا يجدون من أحد » : فيها جورا ولا ظلما، بل يكون لهم مباح أن يعملوا متاجرهم وكما أن التجار المزمعين أن يردوا ًً إلى بلاد عز سلطانه من أهل بلاد ملكي يقدمون بالحق الواجب على بضايعهم، فليقم « كذلك التجار الواردين من بلاد عز سلطانه إلى بلاد ملكي بالحق الواجب على بضائعهم .( (راجع تاريخ ابن الفرات، المطبعة الأمريكية، بيروت ١٩٤٢ ، ج ٧، ص ٢٢٩ ٢٣١(٢) . انظر: القلقشندي: صبح الأعشى، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٤١٩ ٤٣١ ٢٤٩ ثانيا قاعدة التجار آمنون بحسب الظاهر أو ا لعادة: أكد فقهاء المسلمين على أن التاجر آمن على نفسه وماله (أموال تجارته) إذا كان ظاهره ينبئ بذلك، أو كانت هناك عادة معروفة أو متعارف عليها تقضي بتمتع التجار بالأمان. ولا شك أن التأكيد خصوصا على أمان التجار وفق ً ا للعادة ً « عادات التجارة » يدل على أن فقهاء المسلمين عرفوا فكرة trade usages- lex mercatoria قبل معرفتها في القانون الدولي المعاصر بزمان طويل. وهكذا قال مالك: إن بان صدقهم لم يعرض لهم وإلا رأى الإمام فيهم رأيه.. وإن كانت معهم » التجارات مثل الجوز واللوز وغير ذلك وليسوا على جهة حرب فهم أهل حرب أبد ً ا حتى يؤمنوا إلا أن يكونوا تعودوا الأمان على الاختلاف بالتجارة قبل هذا « فهم على ا لأمان(١) . (١) يقول الإمام ا لباجي: فوجه القول الأول إنه إذا عرف صدقهم في أنهم تجار فهم مستأمنون يلزم بذل الأمان لهم أو »ردهم إلى مأمنهم ووجه رواية ابن حبيب أنهم أهل حرب فلا أمان لهم ومتى غلبوا وظفر بهم قبل بذل الأمان لهم فهم فيء وأما من اعتاد الاختلاف للتجارة إلى بلد المسلمين على أمان فقد تقدم الأمان له على هذا الوجه فهو على ذلك (فرع) إذا قلنا: أنهم لا يسترقون إذا عرف صدقهم فإن الذي يعرف به صدقهم قد ذكره ابن المواز عن عبد الملك بن الماجشون ولا يكاد يخفي أمرهم فإن المركب يوجد فيه العدد من المقاتلة والكثير من السلاح والمركب الكبير ليس فيه الكثير من المقاتلة ولا الكثير من السلاح وإن كان فيهم بعض المقاتلة وبعض السلاح لأنهم يدفعون عن أنفسهم فليقبل قولهم في مثل هذا أنهم جاؤوا للتجارة وذكر في موضع آخر في السفن تنزل بموضع ومعهم التجارات والسلاح أنه ينظر على قلتهم وكثرتهم وضعف الموضع الذي نزلوا به وقوته وما معهم من السلاح وبالأمتعة والتجارات فجعل هذه كلها من العلامات التي يستدل بها على صدقهم أو كذبهم وهذا على ما قال لأن مراكب المحاربين غير مراكب التجار وعددهم في الكثرة غير عدد التجار وليس معهم من التجارات ما له كبير معنى والتجار معظم ما معهم التجارات وصفة مراكب المحاربين غير صفة مراكب التجار فهذا كله يستدل به على صدقهم أو الإمام الباجي: كتاب المنتقى شرح ) ،« كذبهم وعلى حسب ذلك يكون حكمهم وبالله التوفيق .( موطأ الإمام مالك بن أنس، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، ط الثانية، ج ٣، ص ١٨٢ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي كذلك قيل: ومن دخل دار الإسلام بغير أمان، وادعى أنه رسول أو تاجر، ومعه متاع » وهذا مقيد بأن تصدقه عادة فإن لم تصدقه عادة، أو لم يكن معه « يبيعه: قبل منه وادعى أنه جاء مستأمن » ، تجارة ً « ا فهو كالأسير(١) . وهكذا فإن العادة أو العرف يجري مجرى الشرط في الإسلام: إذ المعروف  عرف ً ا كالمشروط شرط ً ا، والثابت بالعرف كالثابت بالنص، لذلك إذا جرت العادة بيننا وبين دولة أخرى على دخول التجار بدون تصريح سابق، وجب ا تباعها. وهذا هو عين ما جاء في كشاف ا لقناع. ومن دخل منهم دار الإسلام بغير أمان وادعى أنه رسول أو تاجر ومعه متاع » يبيعه قبل منه إن صدقته عادة كدخول تجارتهم إلينا ونحوه، لأن ما ادعاه ممكن، فيكون شبهة في درء القتل، ولأنه يتعذر إقامة البينة على ذلك فلا يتعرض له  ولجريان العادة مجرى الشرط وإلا فإن انتفت العادة وجب بقاؤه على ما كان عليه « من عدم ا لعصمة(٢) . (١) الإمام المرداوي: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، . دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط الثانية، ج ٤، ص ٢٠٧ غزاة في البحر » بل ذهب تقرير فقهاء المسلمين لأمان التجار إلى حد القول إنه لو أن .( نفس المرجع، ص ٢٠٨ ) « وجدوا تجارا يقصدون بعض البلاد لم يتعرض لهم ً (٢) . الإمام البهوتي: كشاف القناع عن متن الإقناع، دار الفكر، بيروت، ١٤٠٢ ١٩٨٢ ، ج ٣، ص ١٠٨ والأمان ولو كان بالعادة، يجب احترام كل طرف للطرف الآخر، وهكذا يقول ابن قدامة: إنه إذا دخل الحربي دار الإسلام، رسولا ً أو تاجرا وقد جرت العادة بدخول تجارهم إلينا كان ً أمان ً ا له ولم يجز التعرض له وإن دخل مسلم دار الحرب رسولا ً أو تاجرا وقد جرت العادة ً بدخول تجارنا إليهم، صار في أمانهم، وصاروا في أمان منه، لأن الأمان إذا انعقد من أحد الطرفين، انعقد من الآخر فلا تحل خيانتهم في أموالهم، ولا معاملتهم بالربى، لأن من حرم ماله عليك ومالك عليه، حرمت معاملته بالربى، كالمسلم في دار ا لإسلام. الإمام ابن قدامة المقدسي: الكافي في الفقه على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة ١٩٩٣ ، ج ٤، ص ٢٢٦ ؛ راجع أيض ً ا معجم الفقه الحنبلي مستخلص ٢٥١ ثالثا فقدان التاجر لأمانه إذا خرج على مقتضياته: لكي يظل التاجر متمتعا بأمانه يجب عليه عدم الاعتداء على المسلمين، وإلا ً فقد هذا الأمان، لذلك بخصوص تجار من أهل طليطلة دخلوا دار الإسلام بالأندلس فدخلت سرية من أهل طليطلة فأسروا الرجال وأخذوا الأموال، فأخذ المسلمون التجار وأموالهم، يقول ابن رشد: ...» لا عهد لهم لأن العهد في الدخول إلى بلاد المسلمين في التجارة إنما أعطوه على أن يكفوا عن المسلمين، ولا يغيروا عليهم، فيأسروهم ويأخذوا أموالهم فالواجب أن يرتهنوا هم وما معهم من الأموال، فيما أخذت السرية، الخارجة من عندهم من أسرى المسلمين وأموالهم، حتى يصرفوا ذلك إليهم، فإن أجابوا إلى ذلك وفعلوه، بقيت الهدنة على ما كانت عليه، وأن أبوا ذلك انتقضت « وعادت حربا، وكان التجار المرتهنون أسرى المسلمين، وأموالهم فيئا لهم(١) . ًً ، من كتاب المغني لابن قدامة، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، ١٣٩٣ ١٩٧٣ . الفهارس، ج ١، ص ٩٩ من وجد بساحلنا من العدو، » : بل مجرد الظن يكفي لإسباغ الأمان على التجار، يقول القرافي وقالوا: نحن تجار ونحوه فلا يقتلون وليسوا لمن وجدهم، ويرى فيهم الإمام رأيه، وأنا أراهم فيئ ً « ا للمسلمين وإذا قال تاجرهم: ظننت أنكم لا تعرضون للتجار فهو مشكل ويرد إلى مأمنه .( (الإمام القرافي، الذخيرة، دار الغرب الإسلامي، بيروت ١٩٩٤ ، ج ٣، ص ٤٠ والواقع أننا لا نحبذ الأخذ بقول من يقول بمجرد الظن لكي يرد التاجر على مأمنه؛ لأن ذلك من شأنه أن يفتح الباب أمام إساءة استخدام ذلك مثلا ً وإرسال جواسيس تحت غطاء التجار، فإذا ضبطوا يقولون: ظننا أنكم تؤمنون التجار فيردون حينئذ إلى مأمنهم وليس في عدم الأمان هنا غدرا؛ لأن الغدر يكون لو كان المسلمون أمنوهم، وهذا لا يتحقق في هذا ا لفرض. ً لذلك نحن نوافق على الأخذ بما قرره الإمام الغزالي: ومن دخل منهم لسفارة أو لسماع كلام الله تعالى لم يفتقر إلى عقد أمان بل ذلك القصد يؤمنه، وقصد التجارة لا يؤمنه وإن ظنه أمان ً ا ولو قال الوالي: أمنت من قصد التجارة صح ولا يصح من الآحاد (الإمام الغزالي: كتاب .( الوجيز في فقه مذهب الإمام الشافعي، مطبعة الآداب والمؤيد بمصر، ١٣١٧ ه، ج ٢، ص ١٩٤(١) مسائل أبي ا لوليد بن رشد (الجد) تحقيق: محمد الحبيب التجكاني، منشورات دار » راجع الآفاق الجديدة، المغرب، ١٤١٢ ١٩٩٢ ، ج ٢، ص ١٢٦٤ ١٢٦٦ ؛ فتاوى ابن رشد، تحقيق: . د. المختار التليلي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٧ ١٩٨٧ ، ج ٣، ص ١٤٢٣ ١٤٢٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٥٢ رابعا رأيان للإمامين الشافعي والماوردي بخصوص حماية من يقومون بالتجارة ا لدولية: للإمامين الشافعي والماوردي رأيان يظهران اهتمام فقهاء المسلمين بحماية أولئك الذين يقومون بالتجارة الدولية حماية فعلية، نوجزهما فيما يلي: · رأي الإمام الشافعي: حماية التاجر غير المسلم من أي اعتداء يقوم به مسلم أو غيره: جاء في عهد شهير وضعه الإمام الشافعي لما يجب أن يعقده الحكام المسلمون مع أهل ا لذمة. وإن اختلفتم بتجارة على أن تؤدوا من جميع تجارتكم العشر إلى » المسلمين فلكم دخول جميع بلاد المسلمين إلا مكة، والمقام بجميع بلاد المسلمين كما شئتم إلا الحجاز، فليس لكم المقام ببلد منها إلا ثلاث ليال حتى تظعنوا منه. ولكم أن نمنعكم وما يحل ملكه عندنا لكم ممن أرادكم من مسلم أو غيره بظلم مما نمنع به أنفسنا وأموالنا، ونحل لكم فيه على ما جرى حكمنا عليه بما نحكم به في أموالنا. وعليكم الوفاء بجميع ما أخذه عليكم، وألا تغشوا مسلما، ولا تظاهروا ً « عدوهم عليهم بقول ولا فعل(١) . يتضح من ذلك أمران: الأول : تمتع التجارة الدولية بنفس الحماية المقررة للتجارة التي يقوم بها ا لمسلم. (١) الأم للشافعي، ج ٤، ويعتبر الدكتور الحوفي ذلك العهد دليلا ً على سماحة الإسلام (راجع د. ، أحمد الحوفي: سماحة الإسلام، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٩٩٩ ١٤٢٠ .( ص ١٧٩ ٢٥٣ والثاني : أن شرط ذلك هو عدم الخروج على ما تم الاتفاق عليه. · رأي الماوردي: على الإمام أن ينشر على الملأ الوضع القانوني للتجارة ا لدولية: يرى الماوردي أن ما يتم تطبيقه على التجارة الدولية في بلاد الإسلام يجب أن يكون معلوما للكافة حتى يعرفوا الوضع القانوني للتجار الأجانب وكيف يتم معاملتهم ً من الناحية الواقعية، حتى لا يقع لهؤلاء التجار ما يخالف ما تم الاتفاق عليه. وهكذا جاء في الحاوي ا لكبير: قال المزني: قال ا لشافعي » 5 : (ويحدد الإمام بينه وبينهم في تجاراتهم ما يبين له ولهم وللعامة، ليأخذهم به الولاة، وأما الحرم، فلا يدخله منهم أحد بحال). قال الماوردي: وهذا صحيح، حتى ينتشر في كافة المسلمين، وفيهم يزول الخلاف معهم فإذا انتشر في بلاد الإسلام كلها في عصر بعد عصر، اكتفى بانتشاره عن تجديده فإن خيف بتطاول الزمان أن يخفى، جدده كما يفعل الحكام في الوقوف « إذا خيف دروسها، جددوا الإسجال بها لتكون حجج سبيلها دائمة ا لثبوت(١) . خامسا ضرورة احترام الاتفاق الذي يقرر أمان ا لتجار: لا شك أن أمان التجار يكون نافذ ً ا من باب أولى إذا كان هناك اتفاق يقرر ذلك، إذ في هذه الحالة يجب الوفاء بالعهد وهو ما لم يفعله الفرنج بتجار وفي هذه السنة خرجت مراكب من مصر » : المسلمين سنة ٥٦٧ ه. يقول أبو شامة إلى الشام، فأخذ الفرنج منها مركبين مملوءين من الأمتعة والتجار وغدروا « بالمسلمين، وكان نور الدين قد هادنهم فنكثوا(٢) . (١) . الإمام الماوردي: الحاوي الكبير، ج ١٨ ، ص ٣٩٧ ٣٩٨ (٢)، أبو شامة: عيون الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، وزارة الثقافة، دمشق، ١٩٩١ . ج ١، ص ٣١٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي سادسا مدى حماية التجار الذين يدخلون دار الإسلام في ظروف قهرية: قد تحدث بعض الظروف التي يترتب عليها وجود التاجر في إقليم دار الإسلام بلا أمان مسبق ممنوح له: بسبب هبوب الرياح، أو نفاد الوقود، أو الحاجة إلى التزود بالماء والمواد الغذائية، أو قيام الحرب في الدولة الأصلية التي كان من المفروض أن يتوجه إليها أصلا، فهل في هذه الحالة يمكن أن يكون آمن ً ا، أم تتم محاكمته لانتهاكه حدود الدولة الإسلامية بلا إذن؟ لا شك أن ذلك يتوقف على ظروف وملابسات كل حالة. لذا لا يمكن وضع قاعدة وحيدة حاسمة تطبق على جميع الأحوال، إنما الأمر رهن بتقدير السلطات المختصة في الدول الإسلامية، في ضوء ما تجريه من تحقيق وما يصل إليها من معلومات في هذا ا لشأن(١) .  سابعا مثال: مرسوم المنصور قلاوون للتجار الذين يصلون إلى مصر من الصين والهند والسند واليمن والعراق وبلاد ا لروم: من أراد من تجار هذه الأقاليم التي عددت والتي » جاء في هذا المرسوم أن لم تعدد، ومن يؤثر الورود إلى ممالكنا إن أقام أو تردد النقلة إلى بلادنا الفسيحة أرجاؤها، الظليلة أفياؤها وأفناؤها ؛ فليعزم عزم من قدر الله له في ذلك الخير والخيرة، ويحضر إلى بلاد لا يحتاج ساكنها إلى ميرة ولا إلى ذخيرة؛ وقد عمر العدل أوطانها، وكثر سكانها؛ واتسعت أبنيتها إلى أن صارت ذات المدائن، وأيسر المعسر فيها فلا يخشى سورة المدائن؛ إذ المطالب بها غير متعسرة، (١) في معنى قريب قال مالك فيمن وجد من العدو على ساحل البحر بأرض المسلمين فزعموا أنهم تجار وأن البحر لفظهم ولا يعرف المسلمون تصديق ذلك إلا أن مراكبهم تكسرت، أو عطشوا فنزلوا للماء بغير إذن المسلمين قال: أرى ذلك إلى الإمام يرى فيهم رأيه ولا أرى لمن أخذهم فيهم خمسا (الإمام الطبري: كتاب الجهاد وكتاب الجزية وأحكام المحاربين من ً كتاب اختلاف الفقهاء، نشره يوسف شخت، ليدن، ١٩٣٣ ، ص ٣١ ). وسئل الأوزاعي عن قوم من العدو انكسر بهم مركب فخرجوا عراة فقالوا: جئنا نريد الأمان لحاجة فقال: هذه شبهة .( يخلي عنهم، أحب إلي (نفس المرجع، ص ٣٢ ٢٥٥ والنظرة فيها إلى ميسرة؛ وسائر الناس وجميع التجار، لا يخشون فيها من يجور فإن العدل قد أجار. فمن وقف على مرسومنا هذا من التجار المقيمين باليمن والهند، والصين والسند؛ وغيرهم، فليأخذ الأهبة في الارتحال إليها، والقدوم عليها؛ ليجد الفعال من المقال أكبر، ويرى إحسان ً ا يقابل في الوفاء بهذه العهود بالأكثر؛ ويحل منها في بلدة طيبة ورب غفور، وفي نعمة جزاؤها الشكر وهل يجازي إلا الشكور؛ وفي سلامة في النفس والمال، وسعادة تجلي الأحوال وتمول الآمال؛ ولهم منا كل ما يؤثرونه: من معدلة تجيب داعيها، وتحمد عيشتهم دواعيها، وتبقى أموالهم على مخلفيهم، وتستخلصهم لأن يكونوا متفيئين في  ظلالها وتصطفيهم؛ ومن أحضر معه بضائع من بهار وأصناف تحضرها تجار الكارم فلا يخاف عليه في حق، ولا يكلف أمرا يشق، فقد أبقى لهم العدل ً ما شاق؛ ومن أحضر معه منهم مماليك وجواري فله في قيمتهم ما يزيد على ما يريد، والمسامحة بما يتعوضه بثمنهم على المعتاد في أمر من يجلبهم من البلد القريب فكيف من البعيد: لأن رغبتنا مصروفة إلى تكثير الجنود، ومن جلب هؤلاء فقد أوجب حقا على الجواد؛ فليستكثر من يقدر على جلبهم، ويعلم أن تكثير جيوش الإسلام هو الحارث على طلبهم: لأن الإسلام بهم اليوم في عز لواؤه المنشور، وسلطانه المنصور، ومن أحضر منهم فقد أخرج من الظلمات إلى النور؛ وذم بالكفر أمسه وحمد بالإيمان يومه، وقاتل عن « الإسلام عشيرته وقومه(١) . وتعليقا على هذا المرسوم يقول القلقشندي إن فيه غرابتين: إحداهما: ؛« برسم » الافتتاح (١) القلقشندي: صبح الأعشى، ج ١٣ ، ص ٣٤٠ ٣٤٢ ، ابن عبد الظاهر: تشريف الأيام والعصور في . سيرة الملك المنصور، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، القاهرة، ١٩٦١ ، ص ٢٣٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي والثانية: الكتابة به إلى الآفاق البعيدة والأقطار النائية، إشارة إلى امتداد لسان قلم هذه المملكة إليهم(١) . ونضيف إليه نحن، ما يلي: أولا : أنه يتضمن تشجيع ً ا للتجارة الدولية بوسائل عديدة: الأمن والأمان الموجود في الديار المصرية، العدالة في معاملة التجار وعدم هضم حقوقهم، وعدم إرهاق المعسر منهم إذ في هذه الحالة له نظرة ميسرة. ثانيا : أنه ينطبق على أي تاجر يأتي من أي بلد أو صقع، إذ هو يخاطب التجار الواردين من الصين والهند والسند واليمن والعراق وبلاد الروم، وغيرها .« الأقاليم التي عددت والتي لم تعدد » من ثامنا هل يشترط حصول التاجر على إذن قبل دخوله دار ا لإسلام: يمكن القول: إن هناك اتجاهين في الفقه ا لإسلامي: الاتجاه الأول: ضرورة حصول التاجر على إذن قبل دخوله دار الإسلام (فكرة جواز السفر وتأشيرة ا لدخول). ولا » : أخذ بهذا الاتجاه عدد قليل من فقهاء المسلمين، وهكذا يقرر المقدسي« ا(٢) يدخل أحد منهم إلينا بلا إذن ولو رسولا ً وتاجر . ً (١) . القلقشندي: صبح الأعشى، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٣٤٢ تجدر الإشارة أن غير المسلمين اعترفوا بالأمان الذي يتمتع به التجار في دار الإسلام. وهكذا في رسالة أرسلها إلى السلطان فرج بن برقوق دوق البندقية سنة ٨١٤ ه، جاء ما يلي: وأنه لم تزل أكابر التجار والمحتشمين والمترددين من الفرنج إلى الممالك الإسلامية »شاكرين من عدل مولانا السلطان وعلو مجده، وتزايد الدعاء ببقاء دولته، وقد رغب التجار « بالتردد إلى مملكته الشريفة بواسطة ذلك ولأجل الصلح المتصل الآن بيننا والمحبة .( (القلقشندي: صبح الأعشى، المرجع السابق، ج ٨، ص ١٢٣ ١٢٤ (٢) ، المقدسي: الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل، ج ٢، دار المعرفة، بيروت، ص ٣٨ ٢٥٧   ويقول مجد الدين أبو البركات:  وقال أبو الخطاب: « ويجوز الأمان للرسول والمستأمن مدة الهدنة بلا جزية » « لا يقيم سنة فأكثر إلا بجزية » (١) . فالثابت إذن لدى بعض فقهاء المذهب الحنبلي أنه: .« لا يدخل أحد منهم إلينا إلا بإذن » ويستثنى البعض من ذلك (الرسول والتاجر خاصة) وجاء في الترغيب دخوله « لسفارة ولسماع قرآن: أمان بلا عقد، لا لتجارة على الأصح فيهما بلا عادة (٢) . الاتجاه الثاني: استثناء الرسول والتاجر من ضرورة الحصول على إذن بالدخول. يشكل هذا الاتجاه الغالبية العظمى من الفقه الإسلامي، ذلك أنه إذا كانت القاعدة أن غير المسلم الذي يدخل بلا إذن أو أمان يمكن معاقبته، فإن الرسول أو التاجر لا يخضع لمثل ذلك إذا ثبت فعلا ً أنه رسول ولو كان قد دخل بغير إذن أو تصريح سابق. يقول ابن مفلح ا لحنبلي: ويحرم دخول أحد منهم إلينا بلا إذن وعنه يجوز للرسول والتاجر خاصة » « اختاره أبو بكر(٣) . من دخل دار » : البهوتي: كشاف القناع عن متن الإقناع، ج ٣، ص ١٠٨ ، ويقول الإمام البغوي الإمام البغوي: شرح السنة، تحقيق: ) « الإسلام من أهل الحرب من غير أمان حل قتله .( شعيب الأرناؤوط وزهير الشاويش، دار بدر، القاهرة، حديث رقم ٢٧٠٩ ، ج ١١ ، ص ٧١ (١) مجد الدين أبو البركات، المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، مطبعة السنة . المحمدية القاهرة، ١٣٦٩ ١٩٥٠ ، ج ٢، ص ١٨١ (٢) المرداوي: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن . حنبل، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ١٤٠٠ ١٩٨٠ ، ج ٤، ص ٢٠٨ (٣) ، ابن مفلح: كتاب الفروع في مذهب الإمام أحمد بن حنبل، مطبعة المنار، القاهرة ١٣٥٤ ، ج ٣. ص ٦٢٧ ؛ وكذلك المبدع في شرح المقنع، ج ٣، ص ٣٩٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ويقرر ا لبهوتي: من دخل منهم (دار الإسلام بغير أمان وادعى أنه رسول أو تاجر ومعه متاع »  يبيعه قبل منه إن صدقته عادة كدخول تجارتهم إلينا ونحوه) لأن ما ادعاه ممكن  فيكون شبهة في درء القتل. ولأنه يتعذر إقامة البينة على ذلك فلا يتعرض له ولجريان العادة مجرى الشرط (وإلا) فإن انتفت العادة وجب بقاؤه على ما كان عليه من عدمه العصمة، وكذا إن لم يكن معه تجارة لم يقبل منه إذا قال: جئت مستأمن ً ا لأنه غير ِِ « يخير فيه الإمام بين قتل ورق ومن وفداء « كأسير » صادق وحينئذ (ف) يكون(١) . َ وإذا كان أبو الوفاء بن عقيل يشترط فيمن يدخل دار الإسلام الحصول على إذن بقوله: ولا يجوز لأحد من أهل الحرب أن يدخل دار الإسلام بغير إذن الإمام لأنه »لا يؤمن أن يدخل جاسوسا يطلع على أحوال المسلمين فلا يؤمن أن يجتمعوا في ً فإنه يضيف أنه إن: ،« مكان فتكون منهم نكاية في دار الإسلام « دخل لرسالة للمسلمين أو نفع مثل سعي في مصلحة لهم دخل بغير شيء »(٢) . ويضيف أبو الوفاء بن عقيل: فإن دخلوا بغير إذن ولا لعقد أمان ولا لتجارة فحكم الداخل منهم على هذه » الصفة وحصوله في دار الإسلام حكم الأسير يخير فيه الإمام بين أربعة أشياء: القتل أو المن أو الفداء أو الاسترقاق.. فإن قال: دخلت في رسالة أو بعقد أمان ِ عقده لي بعض المسلمين ولا أعرفه أو قال: دخلت ليعقد لي الإمام أمان ً ا أو قال: دخلت في تجارة معي متاع فكل ذلك يقبل قوله فيه لأنه يحتمل ما قال والمتاع « إمارة وعدم السلاح إمارة على صحة ا لقول(٣) . (١) . البهوتي: كشاف القناع عن متن الإقناع، ج ٣، ص ١٠٨(٢) د. صالح الرشيد: أبو الوفاء بن عقيل حياته واختياراته الفقهية، رسالة دكتوراه، كلية الشريعة . والقانون، القاهرة، ج ٣، ص ٣٤٣ ٣٤٤(٣) . المرجع السابق، ص ٤٤٤ ٢٥٩ مما سبق يتضح أن فقهاء ا لمسلمين: · قرروا أن القاعدة العامة في دخول غير المسلم (الحربي) إلى دار الإسلام هي ضرورة الحصول على إذن بالدخول من سلطات الدولة أو أمان من أحد المسلمين، وهذا أيض ً ا ما أخذت به الدول حديث ً ا في صورة تأشيرات الدخول أو الخروج التي يجب على الأجانب الحصول عليها من قنصليات الدولة في الخارج أو الجهات المختصة في ا لداخل. · استثنى جانب كبير من الفقه الإسلام الرسل والتجار من القاعدة السابقة(١) رغبة في تسهيل قيامهم بمهمتهم وإنجازها ولجريان العادة بذلك. · إننا نرى أن القاعدة التي يجب اتباعها في هذا المقام، هي تلك التي تقرر ضرورة حصول التاجر كأي أجنبي على إذن بالدخول في صورة موافقة السلطات المختصة باستقباله وأنه لا يجوز بحال استثناءه على الأقل، في الوقت الحاضر من هذا الشرط، يرجع ذلك أساسا على تغيير زمننا هذا عن الأزمان ً (١) أما بخصوص غير الرسل والتجار، فقد جاء في كتاب ابن فرحون أن هناك ثلاثة آراء في الفقه فإن وجد رجل من العدو في أرض المسلمين بغير أمان فيقول: جئت إلى الإسلام أو » ، المالكي جئت أطلب الفداء هل يقبل ذلك منه وهم ربما تلصصوا؟ قال ابن رشد: هذه المسألة فيها اختلاف كثير وتحصيله أن فيها أحد ثلاثة أقوال: أحدها: أنه لا يقبل قولهم في ذلك مطلقا أخذوا في بلاد الإسلام أو قبل أن يصلوا إليها فيكونون فيئ ً ا للمسلمين يرى فيهم الإمام رأيه إن شاء قتل وإن شاء استرق قول أشهب في الواضحة وغيرهما، والثاني: أنه يقبل قولهم ويردون إلى مأمنهم إلا أن يتبين كذبهم فيما ادعوا مثل أن يقولوا: جئنا للتجارة وليس معهم أسباب التجارة ونحو ذلك وهو قول يحيى بن سعيد في المدونة وظاهر قول مالك فيها وقول سحنون وذلك عندهم إذا أخذوا قبل أن يصلوا إلى أرض المسلمين فإن أخذوا في أرض المسلمين فهم فيء، والثالث: أنهم إن كانوا من أهل بلد عودوا الاختلاف لذلك قبل قولهم وردوا إلى مأمنهم وإلا فهم فيء للمسلمين، وإلى هذا ذهب ابن حبيب في الواضحة عزاه لمالك من رواية المدنيين وهو قول ربيعة في المدونة وسحنون في سماعه وإليه نحا أبي القاسم وأما إن أظهروا ما ادعوه قبل أن يؤخذوا أو قبل أن يصلوا إلى بلاد الإسلام فلا خلاف أنهم لا يسترقون ويقبل منهم ما ادع َوه ْ ، راجع ابن فرحون: تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، ج ٢ ) « ويردوا إلى مأمنهم .( المطبعة العامرة الشرقية، القاهرة، ص ١٩٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي السابقة فضلا ً عن الخطورة (كالتجسس وغيره) التي يمثلها ادعاء أي شخص قد  يتم ضبطه في دار الإسلام بلا إذن ممنوح له بأنه تاجر وبالنظر للتطور العلمي الخطير في العصر الحالي والذي يمكن أي دولة، عن طريق تسلل أفراد تابعين لها، من القيام بكل ما تريد داخل أية دولة أخرى من تجسس وتخريب وإرهاب وغيره بأسرع ما يمكن. تاسعا مدة إقامة التجار الأجانب في دار ا لإسلام: لا شك أن وضع معيار جامد في هذا الخصوص قد يكون مضرا بالتجارة وبالتجار أنفسهم، لذلك فإن أفضل معيار في هذا الخصوص هو ما يتم الاتفاق عليه، مع ترك ذلك لإطلاقات الإمام يقرره في ضوء ظروف كل حالة وقدر ما يراه محقق ً ا لمصلحة المسلمين، باعتباره ناظر لهم(١) . عاشرا الجرائم التي ترتكب أثناء ممارسة التجارة ا لدولية: · هل تقام الحدود على الجرائم التي يرتكبها تجار أهل الحرب في دار الإسلام؟ قررت الشريعة الإسلامية عقوبات محددة (الحدود) على من يرتكب بعض الجرائم من المسلمين في دار الإسلام، فهل تسري تلك الحدود على تلك الجرائم إذا ارتكبها تجار جاؤوا بأمان إلى دار ا لإسلام؟ (١) وهكذا قيل للأوزاعي: كم يترك التاجر والرسول وصاحب الحاجة إذا دخل بأمان أن يقيم؟ َُ قدر ما يرى الإمام وحتى يفرغ من حاجته ويبيع تجارته، وإن استبطأه الإمام أمر » : قال بإخراجه فإن زعم أن له دين ً ا على الناس ضرب له أجلا ً في تقاضي دينه، فإذا بلغه أخرجه، قلت: فيؤجله سنة، قال: سنة كثير، قلت أرأيت إن لم يكن اشترط عليه أجلا ً في المقام فداين إلى سنتين، فقال: لم اعلم أنكم تعجلونني، وقد بعت متاعي: أما تخاف أن يكون إخراجه غدرا، قال: لا ينبغي أن يشترط عليه عند الأمان أجلا ً في المقام، ولكن إذا قال ذلك قيل له: ً الإمام الطبري: الجهاد وكتاب الجزية وأحكام ) « ارجع إلى بلادك فإذا حل دينك فتعال فتقاضه .( المحاربين من كتاب اختلاف الفقهاء... المرجع السابق، ص ٣٦ ٢٦١ تعرض لهذه المسألة الإمام أبو يوسف، بقوله(١) : وسئل أبو حنيفة ƒ عن قوم من أهل الحرب خرجوا مستأمنين للتجارة، فزنى بعضهم في دار الإسلام، أو سرق هل يحد، قال: لا حد عليه، ويضمن السرقة لأنه لم يصالح ولم تكن له ذمة. قال ا لأوزاعي 5 : تقام عليه ا لحدود. ليس تقام عليهم الحدود، ،ƒ وقال أبو يوسف: القول ما قال أبو حنيفةلأنهم ليسوا بأهل ذمة، لأن الحكم لا يجري عليهم، أرأيت إن كان رسولا ً لملكهم فزنى أترجمه؟! أرأيت إن زنى رجل بأمراة منهم مستأمنة أترجمها؟ أرأيت إن لم أرجمهما حتى عادا إلى دار الحرب ثم خرجا بأمان ثانية أمضي ِ عليهما ذلك الحد؟ أرأيت إن سبيا أيمضي عليهما حد الحر أم حد العبد وهما َُ رقيق لرجل من المسلمين؟ أرأيت إن لم يخرجا ثانية فأسلم أهل تلك الدار وأسلما هما، أو صارا ذمة أيؤخذان؟ وإن أخذوا بذلك في دار الحرب ثم خرجوا إلينا أنقيم عليهم ا لحد؟ معنى ذلك أن هناك اتجاهين في الفقه ا لإسلامي: الأول : أخذ به الإمامان أبو يوسف وأبو حنيفة، ويرى عدم توقيع الحدود على تجار أهل ا لحرب. والثاني : أخذ به الإمام الأوزاعي، ويقضي بتوقيع تلك الحدود عليهم إذا ارتكبوا ما يوجب تطبيقها. ونحن نعتقد أن هذا الرأي الأخير هو الذي يجب الأخذ به: ١ لأنه الأقرب إلى العقل والمنطق. (١) . الرد على سير الاوزاعي للإمام أبو يوسف، دار الهداية، القاهرة، ص ٩٤ ٩٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢ ولأنه يتفق ومبدأ إقليمية تطبيق الشريعة الإسلامية على كل ما يحدث في دار ا لإسلام. ٣ ولأنه يؤدي إلى منع وجود أي فراغ قانوني في هذه الحالة؛ وذلك أنه إذا لم تطبق العقوبة في هذه الحالة فسيبقى الجاني حر  ا طليق ً ا دون أي عقاب على جرمه. • ما مصير التصرفات أو الجرائم التي يتخذها أو يرتكبها تجار المسلمين في دار ا لحرب؟  يترتب على القيام بالتجارة الدولية إمكانية وجود وتنقل التجار إلى دار غير المسلمين، وهناك يمكن أن يتخذوا تصرفات معينة (مالية أو اقتصادية مثلا (ً كما يمكن أن يرتكبوا بعض الجرائم فما مصير هذه التصرفات أو ا لجرائم؟ تعرض الفقه الحنفي لهذه المسألة، كما يلي: ولو أن قوما من المسلمين دخلوا دار الحرب تجارا فقتل التجار الذين دخلوا » ًً دار الحرب بعضهم بعض ً ا أو جرح بعضهم بعض ً ا أو قذف بعضهم بعض ً ا أو أدان بعضهم بعض ً ا أو اغتصب بعضهم بعض ً ا متاع ً ا أو مالا ً فاستهلكه أو هو قائم ثم رجعوا إلى دار الإسلام فاختصموا في ذلك قضيت لبعضهم على بعض في ذلك كله وألزمت بعضهم ما صنع ببعض إلا أني لا آخذ لبعضهم من بعض في قذف أو أقتص لبعضهم من بعض؛ أدرأ الحدود لأنهم فعلوا ذلك في دار الحرب حيث لا يجري أحكام المسلمين عليهم، وأقضي لبعضهم على بعض بأرش الجراحات وبالدية في القتل في أموالهم خطأ كان أو عمد ولا تعقل العاقلة شيئ ً ا من الخطأ في « دار الحرب لأن ذلك كان في دار الحرب حيث لا يجري أحكام المسلمين عليه(١) . ونحن نرى أن الفقه الحنفي طبق على ذلك مبدأين مهمين: (١) الإمام الطبري: كتاب الجهاد وكتاب الجزية وأحكام المحاربين من كتاب اختلاف الفقهاء . نشره يوسف شخت، ليدن، ١٩٣٣ ، ص ٦٢ ٢٦٣ الأول: مبدأ أن المسلم ملتزم بأحكام الإسلام حيثما كان (ويطبق خصوصا ً على الديون والغصب). الثاني: مبدأ لا ولاية للدولة الإسلامية على الأفعال التي تتم خارج دار ا لإسلام. ٢ القواعد الحاكمة لأمان ا لتجار: يؤكد الإباضية على ضرورة احترام الأمان الذي يمنح لغير المسلمين، وخصوصا التجار. ويحكم هذا الأمان القواعد ا لآتية:  ً أولا تأمين التجار يعتبر من العادات ا لمرعية: تتفق المصادر » : وهكذا بخصوص أهمية غدامس في التجارة الصحراوية، قيل جميعها على أن التجارة الصحراوية هي المصدر الأساسي ويكاد يكون ا لوحيد عند ديسبوا في حياتها الاقتصادية، وتلح المصادر على الطابع المميز لسلوك أهلها التجار وتعود أهميتها لموقعها: فالطريق الرابطة بينها وبين السودان الغربي والبحر المتوسط قصيرة وتسودها قبائل الطوارق التي تحرس القوافل وتعيش على  عائدات الحراسة، وقد هيأ هذا جوا من الأمن وحرية التنقل حتى للقوافل الصغرى فضلا ً « عن ا لكبرى(١) . كذلك في تقرير كتبه صموئيل مانستي وجونز عام ١١٨٩ ه/ ١٧٧٥ م، جاء ما يلي: من المعروف بشكل عام أن الحكومات العربية تتمتع بقسط وافر من » الاحترام وهذا ينطبق بشكل خاص على حكومة مسقط، فهي من ناحية شديدة جدا في تطبيق العدالة، ولكن عدالتها تخفف من وطأة تلك الشدة. ويقيم الإمام حاكم البلاد في الرستاق بعيد ً ا عن مسقط وله مندوب عنه في هذا الميناء ويدعى (١) صولة الغدامس وأبو العباس الشماخي: الحوار الإباضي المالكي، تحقيق: العربي ثاير، الطبعة . الأولى، ١٤٢٧ ٢٠٠٦ ، ص ٢٨ ٢٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي المندوب الحالي الشيخ خلفان، ويتولى هذا الشيخ رعاية التجار المقيمين في مسقط والغرباء المترددين عليها بشكل يستحق عليه الشكر والثناء، وهو إلى جانب ذلك يمكن الاتصال به ويسهل الوصول إليه ويبدي الشيخ خلفان ا هتماما ً خاصا ووديا بكل مطالب التجار ومظالمهم، ويحرص كل الحرص على تطبيق العدالة ولذا يعتقد الجميع أن ممتلكاتهم آمنة غاية الأمان فحياتهم بعيدة كل البعد « عن أي خطر وهم مصانون من أي نوع من الإهانة والتمييز(١) . ثانيا سريان الأمان على التجار غير ا لمسلمين: للإباضية نظرية كاملة في هذا الخصوص، نوجزها فيما يلي: · احترام الحقوق المكتسبة بطريقة مشروعة بواسطة ا لتجار: ومن أفضل ما قيل أيض ً ا بخصوص عدم المساس بحقوق التجار غير المسلمين، وهو ما يشكل نوع ً ا من الأمان النفسي أو المعنوي ما أكد عليه الإباضية من أن اكتسابهم لحق في مجال التجارة مضى عليه الزمن يعني عدم  حرمانهم منه، وهذا يظهر أن فقهاء الإباضية عرفوا نظرية الحق المكتسب Théorie Rights ) vested ( des droits acquis- Theory of acquired وهي تعتبر إحدى النظريات الكبرى في النظم القانونية ا لمعاصرة. وقد ورد تأكيد على ما قلناه في شرح ا لنيل(٢) . (١) . عمان في التاريخ، وزارة الإعلام، سلطنة عمان، ١٩٩٥ ، ص ٥١٣ (٢) ولأهميته نذكره كاملا ً ، يقول أطفيش: وللحاكم) أو نحوه (أن يحجر على أهل الكتاب) والمجوس وسائر المشركين الواقع معهم )»الصلح (في بيع الرطوبات) كالزيت واللبن واللحم غير اليابس والماء وما ابتلع بمائع والفاكهة والبقول التي تخرج البلل والبطيخ، وذلك لنجاسة بللهم أو كراهته على ما مر في محله على اختلاف العلماء، ولئلا يتداول الميزان والمكيال منهم بينهم وبين المسلمين ويتماسوا (في سوق الإسلام ما لم يسبق) السوق على الإسلام فإن سبق وحدث الإسلام على البلد وقد كانوا يبيعون فيه قبل ذلك رطوباتهم أو أحدثوا لأنفسهم سوق ً ا في بلد الإسلام فلا يمنعهم المسلمون من بيعها فيه، وإنما أضيف للإسلام؛ لأن حكم البلد بأيدي المسلمين ولأن المسلمين يبيعون أو يشترون فيه أيض ً ا بعد حدوثهم وبعد إحداث المشركين إياه، إلا أن ٢٦٥ · التجارة في دار الإسلام داعية إلى ا لأمان: التجارة سبب من أسباب من » : وهكذا عند الإباضية ْ يقول .« ح الأمان وإن دخل مشرك) غير معط للجزية (يتجر في أرض الإسلام )» : أطفيش بأمان) ولو استأمنه رجل واحد (ترك وأخذ منه ما يؤخذ من تجار المسلمين) وهو الزكاة فقط، قيل ذلك، وما ينوب في إصلاح الطرق وغيرها بحسب المصالح يؤخذ من تجار المسلمين، ذلك لما ذكر فيؤخذ مثل ذلك عن المشركين (إن بان لهم) أي: للمسلمين وإمامهم (ذلك) المذكور ما يؤخذ من « تجار ا لمشركين(١) . · جواز طرد التاجر الأجنبي إذا صدر منه ما يستدعي ذلك: إذا وصل إلى الوالي أناس غرباء من غير أرض » : وهكذا بخصوص مسألة الإمام بل من جهة اليمن أو غيرها، ولا يدري الوالي لأي شيء وصولهم، ولم يرتب منهم بزينة، فطلبوا منه الأمان، فقال لهم: حالكم من حال رعية الإمام. أيكون هذا الكلام قدامهم ولا يجوز (أن) ننفيهم لغير ذنب حادث، ولو أمر كذلك الإمام لأن الإمام لم يعلم بقول الوالي هذا، أم ليس هذا بأمان إن قول الوالي لمن ذكرتم، أما إذا أمر » : يقول المحيلوي » «؟ ويجوز نفيهم ظاهر إضافة المصنف السوق للإسلام، وقول أبي زكريا في سوق المسلمين إذا لم يكونوا فيه قبل ذلك، قد يوهمان أن السوق للمسلمين وأنه إن تقادم بيع المشركين فيه رطوبتهم لم يمنعوا، وفيه بعد لأن تقادم إظهار متنجس وخلطته ممن قد لا تعرف العامة نجاسته وهم المشركون أهل الكتاب وغيرهم لا يبطل القيام بإبطاله وإزالته، وكما أنه لو تقادم إظهار الخمور والخنازير والميتات لا يزيل حكم إبطالها ولو كان المحرم النجس الذات أعظم من المتنجس، لكن قد لا يتوصل إلى تطهير متنجس فيلتحق بالنجس بالذات، ويجاب بما مر أن إضافة السوق للإسلام إنما هي لكون حكم البلد في يد الإسلام، وأن معنى قول أبي زكريا إذا لم يكونوا فيه قبل ذلك إنه لم يكن المشركون في السوق قبل حكم المسلمين بأن حدث ، أطفيش: شرح النيل، ج ١٣ « المسلمين عليهم ولم يحدثوا لأنفسهم في بلد الإسلام . ص ٦٦٦ ٦٦٧ (١) . ذات المرجع، ج ١٧ ، ص ٥٧٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي الإمام بنفيهم فلا يلزم الوالي شيء، لأن الإمام قد اطلع ما لم يطلع عليه الوالي، وكذلك إذا طلع الوالي على هؤلاء الغرباء أمرا لا يصلح للمسلمين، ً فلا يضيق عليه نفيهم فيه صلاح للمسلمين، ولو كان قال لهم ذلك القول .« الذي ذكرته وبخصوص ما يأتي: أرأيت وإن لم يكن ذلك أمان ً ا. أيجوز نفيهم بغير ذنب حادث منهم خوف ً ا من الجوع والعطش أو من العدو يأخذهم، أم لا يجوز ذلك؟ يقول أيض ً النفي من غير حجة لا أقول به، وعلى الإنسان أن يقصد في جميع » : ا أموره السلامة لدار الآخرة وما يكون فيه طاعة لله 8 « (١) . معنى ذلك أن طرد الغريب (أي: الأجنبي) تحكمه القواعد ا لآتية: - أن لسلطات الدولة حق طرد أي غريب أو أجنبي. - أن الطرد يجب أن يبرره ارتكاب ما يدعو إلى ذلك (كارتكاب جريمة مثلا .(ً - أن الطرد يجب أن يكون فيه مصلحة للمسلمين. - أن الطرد بغير حجة أو بغير ذنب لا يحسن اللجوء إليه (لأن ذلك سيظهر الدولة الإسلامية بأنها تلجأ إليه استناد ً ا إلى التحكم أو الهوى أو النزعات الشخصية). - أن الإمام ليس ملزما بإبداء أسباب الطرد تفصيلا ً قد أطلع ما لم » لأنه ً .« يطلع عليه ا لوالي · جواز أخذ أموال التاجر غير ا لمستأمن: ويكون ذلك بداهة إذا دخل التاجر غير المسلم خلسة ودون أمان. أما إذا صرح له بالدخول، فإن مثل هذا التصريح يعد أمان ً ا، وإن لم يسبقه أمان صريح. (١) . المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، ج ٢، ص ١٩٣ ٰ الباب الأول: المبادئ الحاكمة للقانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٦٧ إذا كان أهل الشرك حربا للمسلمين » : في هذا الخصوص يقول السالمي ً وجب أن يؤخذوا من كل جهة وأن يقعدوا لهم كل مرصد وحل أخذ أموالهم بالسلب والاحتيال لكل قادر عليه من المسلمين ويكون ما أخذه غنيمة، وقد أجاد الشيخ محمد بن خميس البوسعيدي 5 في تخريج هذه المسألة وهو ممن كان في عصر الشيخ ناصر بن أبي نبهان فإنه قال: إذا بلغ  أحد من المسلمين دعوة الإسلام عظماء أهل بلد من المشركين فلم يجيبوه أن أموال أهل الشرك من تلك البلد جائز أخذها وحلال أكلها لجميع المسلمين ولو لم تقع بينهم منا بذرة حرب، ومن قدر على أخذ تلك الأموال جهرا أو اختلاسا فهي له حلال حيث ًً « ما وجدت أخذت(١) . يؤيد ذلك قاعدة: « أموال الحربيين غير محترمة »(٢) . وكذلك قاعدة: « قتال المشركين معلل بالحرابة وليس باختلاف ا لدين »(٣) . وأما قولكم في أموال » : ومن سيرة أبي الحواري إلى أهل حضرموت المشركين، لهم حتى تغنم، فهو كذلك، هم أملك بها ما دامت في أيديهم وليست بحرام على المسلمين إذا قدروا عليها، إذا كانوا حربا للمسلمين، إنما تكون أموال ً (١) جوابات الإمام السالمي، ج ٢،، ص ٤٢٦ ، انظر أيض ً ا رأيه بخصوص أمان الملوك لأهل الحرب .( (ذات المرجع، ص ٤٢٤ ٤٢٥ (٢) ومن فروع هذه ا لقاعدة: إن القوافل التجارية التابعة للمشركين الحربيين أموال غير محترمة ومن هنا كان ا لنبي ژ »يتعرض لقوافل قريش كما حدث في غزوة بدر ا لكبرى. أما أموال المشركين والحربيين المودعة في المصارف الموجودة في دار الإسلام فهي أموال « محترمة ومصانة لأنه يجري عليها أحكام دار الإسلام أو الدار المختلطة عند فقهاء الإباضية . معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٣٠٢ ٣٠٣ (٣) إن دماء الحربيين، وأموالهم غير محترمة، إذا دخلوا بلادنا بغير عهد ولا أمان، » : ومن فروعها . ذات المرجع، ص ٨٢١ « لوصف الحرابة أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي المشركين، وهي حرام على المسلمين، ما تمسكوا بعهدهم وذمتهم، فإن لم يكن لهم عهد وذمة مع المسلمين فأموالهم حلال للمسلمين إذا قدروا عليها، فإذا غزاهم المسلمون فقدروا على أموالهم بلا حرب من المشركين علم المشركون منهم أو لم يعلموا، فهي غنيمة للمسلمين وفيها الخمس، ولا يحدث فيها ما حدث من إتلاف لها، وإذا كان على هذه الحال لم يجز للمسلمين إتلافها حتى « يخرج منها ا لخمس(١) . لكن السماح لأهل الحرب بالتجارة يعد أمان ً ا لهم في دار الإسلام. وقد أكد الإمام الشيباني على ذلك، فقرر أن السماح لأهل الحرب بدخول دار الإسلام للتجارة يعد أمان ً ا لهم. اخرجوا إلينا فبيعوا » : وهكذا يقول الشيباني: إن الإمام لو قال لأهل الحصن لأن في كلامه ما دل » : ويعلق على ذلك السرخسي بقوله .« واشتروا، كانوا آمنين على الأمان والخروج إلى الموافقة فالتجارة تكون عن مراضاة، وإنما يتمكن منها « ا(٢) من يكون آمن ً . وتعرض الفقه الإباضي للتجار غير المسلمين وفرق بخصوص وضعهم القانوني بين طائفتين منهم: (١) . السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ١، ص ٣٥٣(٢) السرخسي: شرح السير الكبير للشيباني، ط القاهرة، ج ٢، ص ٤١٩ . بل أن الشيباني يساوي في ولو أن رسول ملك أهل الحرب » : الأمان بين التجارة، والرسالة، وهكذا جاء في السير الكبير جاء إلى عسكر المسلمين فهو آمن حتى يبلغ رسالته بمنزلة مستأمن جاء للتجارة.لأن في مجيء كل واحد منهما منفعة للمسلمين. فإن أراد الرجوع فخاف الأمير أن يكونا قد رأيا للمسلمين عورة فيدلان عليها العدو، فلا بأس .« بأن يحسبهما عنده حتى يأمن من ذلك تجدر الإشارة أن الحبس الذي أشار الشيباني معناه الاحتجاز أو المنع من مغادرة دار الإسلام، وليس معناه الجنائي؛ أي: الحبس كعقوبة جنائية في سجن أو ما يماثله (نفس .( المرجع، ص ٥١٥ ٢٦٩ الأولى: أولئك الذين يدخلون بأمان، وهم يجب احترامهم واحترام أموالهم وتجارتهم. والثانية: أولئك الذين لا يدخلون بأمان وهؤلاء يسري عليهم ما يسري على الحربيين من إباحة أخذ أموالهم وتجارتهم وسبيهم وقتلهم(١) . وجاء في المدونة ا لكبرى: سألتهما عن قوم هادنهم المسلمون على أن يؤدوا إلى المسلمين كل سنة » شيئ ً ا معلوما، أو يؤدي إليهم المسلمون شيئ ً ا معلوما، ويأمنون عند المسلمين، ًً ويأمن المسلمون في أرضهم، وليس على المسلمين أن يقاتلوا عندهم عدوهم،  فيكون لهم عدو من غيرهم فيسبون من الذين هادن المسلمون، فيقدمون بهم « على المسلمين، هل يجوز شراؤهم؟ قال: لا يحل شراؤهم(٢) . معنى ذلك، في رأينا، أمران: ١ أن الوفاء بالعهد مقدم على أي مكسب مالي أو تجاري أو غيره. ٢ أن كفالة الأمن واحترام الهدنة مقدم على أي أمر آخر، علة ذلك جد واضحة: أن عدم احترام الهدنة نتائجه وخيمة: اندلاع ا لحرب. (١) وهكذا جاء في شرح كتاب ا لنيل: وإن دخل مشرك يتجر أرض الإسلام بأمان ترك أخذ منه ما يؤخذ من تجار المسلمين إن »بان لهم ذلك، قيل: وإن بلا إمام أو لم يأخذوا من المسلمين أو كان أهل الإسلام لا يدخلون أرض الشرك وإن ببعد.. وإن دخلها بلا أمن فعل معه الإمام ما بان له من سبي وغنم، وجوز لغيره وله وللمسلمين بعد إثخان بقتل محاربيهم وتوهين شوكتهم أسرهم لفداء، ولا يقتلون بعد أخذه منهم ولا يستخدمون، وإن خرجوا ممن لا يؤخذ منهم ، أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٧ « مال أو لا يجوز فداؤهم رد لهم ما أخذ منهم . ص ٥٧٨ ٥٧٩ (٢). أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٣٤٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٧٠ وهكذا، فالعهد مقدم على أي مكسب مادي يترتب على المبادلات التجارية الدولية(١) . حري بالذكر أن ا تجاه ً ا في الفقه الإسلامي يقرر أمان التجار بناء على العرف والعادة. نص المالكية والشافعية والحنابلة على تأمين التجار بناء على العرف » فقد وكان « جئت تاجرا » : والعادة فإذا دخل حربي دار الإسلام من غير تقدم أمان وقال ً « ا(٢) معه متاع يبيعه قبل قوله كان آمن ً . ثالثا ضرورة اهتمام الحاكم بأمان التجار والكشف عمن يعتدي عليهم : من ذلك قصة التاجر اليمني في ا لرستاق(٣) .   (١) يؤكد ما قلناه أيض ً ا ما جاء ردا على سؤال بخصوص ما أخذه أهل الكتاب على رعاياهم المشركين على وجه الغصب أو في حروبهم من الكسب والنهب هل يصح شراء ذلك من أهل  وأما ما اغتصبه المشركون من رعاياهم أو غيرهم فإن كان » : الكتاب أم لا؟ يقول نور الدين ذلك الاغتصاب منهم على جهة الاستحلال فقد صرح بعض أصحابنا ومنهم أبو يعقوب صاحب الدليل بجواز معاملتهم في ذلك فيصح على مذهبهم شراؤه منهم وقبوله من أيديهم، وإن كان اغتصابهم لا على جهة الاستحلال بل على نفس الانتهاك؛ أي: لا يدينون بجواز ذلك بل يدينون بتحريمه ويفعلونه فلا أحفظ فيه شيئ ً ا والذي يظهر لي ذلك أنه لا تصح معاملتهم أبو محمد السالمي: العقد « فيه وأن ذلك كالحرام الذي في يد المسلم الدائن بحرمته والله أعلم . الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ١، ص ٢٦٩ ٢٧١ كذلك بخصوص اختلافهم فيما سباه المشركون من فرقة منهم لها عهد قيل: يشتري منهم وقيل: لا ما وجههما؟ يقول: أما المنع فللعهد الذي أخذوه من المسلمين وأما الجواز فالنظر إلى معاملة المحاربين، فإنهم »جوابات « يعاملون على قول في جميع ما وجد في أيديهم ولو كانوا قد اغتصبوه من المسلمين . الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤١٠ (٢) د. عبد الكريم زيدان: أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام، رسالة دكتوراه، كلية . الحقوق جامعة القاهرة، ص ٥٣ (٣) يروي ابن رزيق هذه القصة، كما يلي: وكان رجل من أهل اليمن تاجرا يأتي من اليمن إلى عمان، دور كل سنة، فيحمل إليها الورس ً (السمسم) والزباد (الطيب الذي يؤخذ من العنبر) فإذا وصل إلى مسقط ارتفع إلى الرستاق فيبيعها. فإذا فرغ من بيعها وقبض الثمن رجع بالموسم إلى ا ليمن. ٢٧١ فأتى ذات مرة كعادته الأولى، فلما باع ما حمل من البضائع، واستوفى الثمن رجع راجلا، ً فبات في شعاب المرخ على قارعة ا لطريق. فمر عليه أعرابي، وهو نائم، فأخذ الكيس الذي وضع فيه الدراهم من تحت رأسه، وهو لم يشعر به. إن » : ومضى ذلك الأعرابي إلى عرعر، فأيقظ من يقص الأثر، وشاطره الدراهم، وقال له قيل لك: قص أثر الفاعل، موه الكلام، وقل لهم بعد ما تقص، تداوست الأقدام على ّ بعضها بعض ً ا، ووقعت خفاف الحيوان وحوافرها على بعضها بعض ً ا، فما وجدت للفاعل أثرا. ً فأجابه بعد ساعة طويلة على ذلك. فلما أصبح الصباح التمس الرجل اليمني الكيس الذي وضع فيه الدراهم، فلم يره، فجعل يلطم وجهه، ويضرب صدره بيده، ويصيح. فلما رجع إلى الرستاق أخبر الإمام بما جرى عليه. فقال الإمام: علي بالقاص. ّ فلما أتي به إليه قال له: قص الأثر، وائتني بالفاعل. فمضى: ثم رجع إلى الإمام في اليوم الثاني، فقال له: رأيت أقداما متداوسة على بعضها بعضا، وأخفاف ً ا وحوافر وقع بعضها على بعض، فاشتبه علي ً ًّ الأمر، وما وجدت للفاعل أثرا من كثرة ا لتداوس. ً فأمر الإمام بحبسه حيثما سرق الرجل اليمني وألا يعطي ماء ولا زاد ًا. ففعل به كما أمر ا لإمام. فمر عليه رجل من أصحاب الإمام، ورآه في حال مشرف على ا لهلاك. فأسرع السير إلى الأمام، وأخبره عن حال قصاص الأثر، وتشفع فيه. فأمره الإمام أن يأتي به إليه. فلما أتى به قال الإمام: لا فكاك لك مني قبل أن تأتيني بالفاعل. فأخذ مهلة منه شهرا، فأعطاه الإمام ما طلبه من ا لمدة. ً فمضى القاص يتتبع أثر صاحبه حتى انتهى إلى بلدة ودام، فبحث عنه. فقال له بعض أهل ودام: لقد أقبل إلينا رجل أعرابي، من أهل الظاهرة من أيام يسيرة، وبيده كيس لا أعلم ما فيه، ثم باع ناقته على بعض أصحابنا، واستكرى سفينة صغيرة إلى مكران. فاستكرى القاص سفينة إليها. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ب) اق:  الأ إذ فيها يتم البيع والشراء، وكذلك « متكأ التجارة » الأسواق هي الصفقات التجارية كبيرها وصغيرها، وفيها تظهر مدى متانة الاقتصاد الوطني للدولة. وقد ورد بخصوص الأسواق العديد من الآثار والأحاديث(١) . كما أن للإباضية نظرية متكاملة تخصها، وأهم ملامحها، ما يلي: فلما وصل إلى البر تتبع أثره فوجده قريبا من ناحية السند، نائما وقت القيلولة في ظل شجرة ًًَ مورقة. فأيقظه وأخذ منه الكيس، فعد منه الدراهم فوجدها كما هي، ورجع عنه. فلما وصل إلى ودام أخبر أهل ودام الخبر كله عن صاحبه، ولم يخبرهم بالمشاطرة، وبما توافقا عليه. فمضى أكابرهم معه إلى الإمام، ومعهم الناقة التي اشتراها صاحبهم من الأعرابي المذكور فلما وصلوا إلى عرعر انفصل عنهم القاص إلى بيته، فوضع الدراهم التي شاطر بها الأعرابي في الكيس الذي فيه الدراهم التي قبضها من صاحبه. فلما رجع إليهم مضوا إلى ا لرستاق. فأخبروا الإمام عن الفاعل، ورجوع الدراهم منه، وسلموا له الناقة، فقال الإمام: أما الناقة فلا سبيل علي فيها، وأما الدراهم فليأخذها صاحبها اليمني، فلما أحضر ألقى الإمام الكيس، ّ وقال: أعدد دراهمك. فلما عدها وجدها كما هي فقال له الإمام: إن أردت أن تقيم معنا فأنت في أمان واطمئنان، وإن أردت أن ترجع إلى بلدك فأرجع بسلام، فلما اختار الرجوع أمر له بناقة يركبها إلى مسقط، وأن يشيع بأهل إبل وخيل من إبله وخيله فرجع اليمني وهو يثني على الإمام وأما القاص فحبسه الإمام في حصن الرستاق، فلبث في الحبس سنة ثم فسح له ابن رزيق: الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة « وأخرجه من القصاصة وترك مكانه غيره . عمان، ص ٢٧٤ ٢٧٧(١) نكتفي كمثال عليها بذكر ما جاء في وفاء ا لضمانة. · قال ژ : .« أحب البقاع إلى الله المساجد، وأبغض البقاع إلى الله ا لأسواق » · قال عمر :ƒ لا يبيع في السوق إلا من قد تفقه في الدين، ويقال: لا يتجر في أسواقنا من » .« لم يتفقه في ديننا · كان عمر ƒ يتخذ على السوقة محتسبا، واستعمل عبد الله بن عتبة على سوق المدينة، ً وهو أصل ولاية ا لحسبة. ٢٧٣ ١ دستور تنظيم ا لأسواق: السوق هو مكان مثالي لتبادل التجارة وممارسة الأعمال المتصلة بها. وقد عني فقهاء الإباضية بذكر مسألة تدخل السلطات الحاكمة في تنظيم السوق لما لذلك من أهمية عملية لا تخفى على أحد. وهكذا قيل: وكان الحاكم يتدخل في تنظيم السوق حسب المصلحة العامة، كما فعل » الإمام الخليلي، حيث إنه منع النساء من دخول السوق حتى لا يزاحمن الرجال وحدد لهن أوقات ً ا معينة، بيد أنه لا يتدخل فيما يبيع صاحب الدكان؛ إلا إذا كان شيئ ً ا محرما، أو ما ثبت ضرره، فللبائع أن يبيع الأقمشة والمواد الغذائية ً والاستهلاكية في مكان واحد، ولا يلزم بشيء من إجراءات فتح الدكان ودفع الرسوم ونمط البيع ومكانه وزمانه، إلا إذا اقتضت مصلحة عامة ونجد أن بعض الفقهاء ذكروا بعض الأنظمة التجارية، فقد جاء في الكوكب ا لدري: مسألة (جواز تنظيم ا لسوق): وهل يمنع قاصب اللحم وقامط الحوت، أن يبيع هذا، تارة يوم ذا، ويوم ذا، « فإذا علم المشتري أن يبيع النوعين، فلا يمنع، وإلا فعلى البائع إعلام ا لمشتري(١) . كما روي أنه ژ مر على رجل يبيع طعاما فأدخل يده فيه فإذا هو مبلول أو مغشوش، فقال: ً .« من غشنا فليس منا »فيجوز للمحتسب التجسس، ولو قلنا إنه ژ أمره جبريل بإدخال يده، فإن أمره بالإدخال أمر بإظهار ا لعيوب. · قال سلمان الفارسي :ƒ لا تكن أول من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منه، فإنها » ، أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٤ .« معركة الشيطان وبها ينصب رايته . ص ٢٨ ٢٩ (١)وتطبيقاتها الفقهية عند « لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان » أحمد بن سعيد الرمحي: قاعدة الإباضية، رسالة ماجستير، كلية التربية قسم العلوم الإسلامية، جامعة السلطان قابوس، . ٢٠١٥ ، ص ٩٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي  ولعل خير مثال على دستور تنظيم الأسواق عند الإباضية ما جاء في شرح ا لنيل: لا يسعر حاكم على الناس أموالهم وجاز لأهل سوق مشهور وما حوله من » منازل رد أسعار منازلهم لسعره ولا يمتنع أهل بلد قدم إليه عير من بيع إن خافوا وقوع غلاء فيه، ولأهل منزل إخراج ساكن مضر، وحرم اتخاذ عيارين مختلفين أو وزنين في سوق أو منزل. ولهم منع أصحاب الحوانيت، والأسواق أن يحدثوا ما لم يثبت عليهم، وللحاكم أن يحجر على أهل الكتاب في بيع الرطوبات في سوق الإسلام ما لم يسبق، ويجعل على كل سوق قائما بمصالحه يعبر عليهم ويحفظ مواقيت بيع كل ً شيء على المعتاد، ويتخذ الصلحاء عيارا معلوما لا يستعمل يعبرون به ويحسبون ًً في فاحش نقص أو زيادة أو بيع غش كخلط ماء بزيت ولحم هزيل بسمين وشحم بسمن ويحجر على الخبازين والشوايين إن لم يحسنوا الطبخ ويحبس على المغشوشات وعلى اتفاق على بخس أموال في التجر، وكذا سمسار عرف بجحد وشهر به، وبائع..... ريبة ومشتريها وأكلها، ويحجر على الحرائر في دخولها والاختلاط بالرجال وعلى ذي علة كمجذوم، وأن لا يبيع بنفسه فيها رطبا أو يستقي من جب أو بئر ًُ لعامة أو يتخذ صنعة، وعلى ساحر وكاهن وطبيب غير محسن... ونائحة ومغنية ولعابة وفاسق شهر بفسق وقارن بين رجال ونساء وجاسوس « على ما لا يحل، ويؤدب كاسر حجره بضرب وحبس(١) . ٢ القواعد الحاكمة لتنظيم ا لأسواق: يمكن مما تقدم ذكره أن نستنبط القواعد الحاكمة لتنظيم الأسواق عند الإباضية، وهي: (١) أطفيش، شرح النيل، ج ١٣ ، ص ٦٦٢ ٦٧٥ (انظر أيض ً ا تفصيلات شرح ما هو مذكور أعلاه في ذات المرجع، ذات المكان). راجع كذلك البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، . ج ٨، ص ٢٠٨ ٢١٠ ٢٧٥ أولا : تنظيم الأسواق رائده الأول هو تحقيق المصلحة العامة ومنع الإضرار بالمستهلكين. ثانيا : عدم بيع ذات السلعة بأكثر من سعر: فلا يجوز بيعها للبعض بسعر، وللبعض الآخر بسعر مختلف (ارتفاع ً ا أو ا نخفاض ً ا). ثالثا : يجوز إخراج الساكن المضر خصوصا إن كان تاجرا تسبب في حدوث ًً الغلاء(١) .« إن كانت له دار أو أرض » أو مارس الاحتكار، لكن لا يتم إخراجه رابعا : تحريم اتخاذ عيارين أو وزنين مختلفين في ا لسوق.  خامسا : منع أصحاب الحوانيت والأسواق أن يحدثوا ما لم يثبت عليهم.  والمقصود على ما يبدو الخروج على العادات المرعية في التجارة بما يحقق عنت ً ا وضيق ً ا على ا لناس. سادسا : منع أهل الكتاب من بيع الرطوبات (كالزيت واللبن واللحم والفاكهة والماء وما ابتل بمائع) إلا إذا كان ذلك سابق ً ا على كون الدار دار إسلام (والغرض من ذلك على ما يبدو حماية الحق المكتسب. واحترام الحق المكتسب le droit acquis – vested right هو من النظريات المستقرة الآن في النظم القانونية ا لمعاصرة). سابعا : ضرورة تعيين مشرفين على الأسواق يقومون بمصالحها لمنع أي إخلال بمجريات التعامل (كمنع أي إخلال بالمكاييل والموازين، والتسعير في الأحوال التي يجوز فيها ذلك، ومنع الاحتكار، والنهي عن الربا والغش ا لغرر). (١) في هذا المعنى قيل: وعلى صاحب السوق الموكل بمصلحته أن يعرف ما يشترون به فيجعل لهم من الربح »ما يشبه. وينهاهم أن يزيدوا على ذلك، ويتفقد السوق أبد ً ا، فيمنعهم من الزيادة على الربح ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية « الذي جعل لهم فمن خالف أمره عاقبه وأخرجه من السوق . في السياسة الشرعية، مكتبة ا لسنة المحمدية، القاهرة، ١٣٧٢ ١٩٥٢ ، ص ٢٥٥ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ثامنا : المحافظة على مواقيت البيع على ما جرت به العادة في السلع وغيرها. تاسعا : منع الأضرار التي تترتب على دخول الأسواق: كمنع اختلاط النساء بالرجال، ومنع دخول المرضى أو الساحر والكاهن والطبيب الفاشل والفاسق والجاسوس. عاشرا : كذلك وضع فقهاء الإباضية قاعدتين مهمتين يمكن استنباطهما مما جاء في قاموس ا لشريعة(١) ، وهما: ١ أن دخول الأسواق لا يجوز منع أحد منه، لأن المباح لا يجوز منعه، فمن منع المباح كمن أباح الممنوع: هما سواء. ٢ أنه يجوز منع دخول الأسواق، إن كان في ذلك مصلحة حالة وحقيقية وراجحة يراها ا لحاكم. (١) فقد جاء في قاموس ا لشريعة: »مسألة ومنه: وهل يجوز للوالي أن يمنع أحد ً ا من سوق المسلمين إذا رأى في منعه صلاح ً ا للمسلمين أم لا؟ قال: إن كان السوق مكريا أو مقعود ً ا أو رضي المكري بدخول ذلك؛ فلا ً سبيل للمنع، وأحب إلى شيخنا المرافقة بالرعية، وفي ذلك ا لسلامة. فقلت أنا للشيخ خلف بن سنان: ما تقول في مثل هذا؟ فقال لي: يجوز، ونحن نفعل ذلك وأنتم الناظرون، فهذا الذي عندي ورفعته عن غيري، فانظروا المصلحة أصلحكم الله، والله أعلم. مسألة : ومنه، وعن الإمام إذا كره من رجل فعلا، ً هل له أن يمنعه الدخول عليه؟ قال: لا يبين لي ذلك، ولا أعلمه. قلت له: ومن أجل ما قال، الله أعلم، ومعي أن حكم الإمام ليس كحكم الرعية، وذلك أن الإمام يلي من الأحكام وترفع إليه الرعية أمورها مما لا بد لها منه ولا غنية لها عنه. قلت له: هل له أن يمنعه أن يطأ أملاكه عند غضبه عليه إذا أراد منعه وأدبه عما يكرهه؟ قال: هكذا عندي إذا كان في منعه صلاح ولم يكن عليه ضرر؛ لأن الأئمة ناظرة في رعاياها، وإلا فأصل الدخول في الأموال مباح إلا في حال يضر بها. قلت: هل له أن يمنعه من دخول السوق لأجل ما كان منه؟ قال: إن كان في منعه صلاح ورأى الإمام ذلك، وإلا فأصل السوق الإباحة ولا يمنع المباح، وقد قيل: من منع المباح كمن أباح . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٨٧ ، ص ٣٩٤ ٣٩٥ « المحجور ٢٧٧ رة أو E ا  ر ت ا  ر ذ لازم ا N ج) ا :X ا ا يشكل ذلك أمرا ضروريا لتهيئة المناخ الملائم والبيئة الصالحة للمعاملات ً التجارية، وذلك بالقضاء على كل ما قد يحول دون ذلك. وقد فطن فقهاء الإباضية إلى ذلك يكفي أن نذكر مثالين: ١ اتخاذ كل ما هو لازم لمنع ا لمغشوش: أكد الإباضية أن للإمام ولسلطات الدولة دور لا يمكن إنكاره في منع الغش والتحايل والتزوير والتزييف، ومن خير من عبر عن ذلك الإمام ا بن بركة، بقوله: وللإمام أن يمنع في عمل المغشوش من الدراهم وغيرها، والمزيف » والمكحل من الدنانير، وما يصنعه أهل الصناعات من الأمتعة وأهل الأسواق، وله أن يزجر عن ذلك ويعاقبهم عليه بما يراه زجرا لهم وأدعى لهم إلى التوبة بما هم  ً عليه من الفعل، فإن قال قائل: لم جاز للإمام المنع عن ذلك وأن لهم (نسختين) له مع ذلك العقاب لهم على ذلك؟ قيل له: إن الغش منكر وظلم منهم لبعضهم بعض ً ا، فإن قال: فهل له أن يمنع من المعاملة بذلك المغشوش؟ قيل له: لا ليس للإمام أن يمنعهم عن المعاملة بما يتراضون به فيما بينهم. فإن قال: ولم جاز أن يعاقب على فعل ثم لا ينهي عن الرضى به؟ قيل له: إنها أمتعة وأملاك وأموال للناس وإن كانت مكسورة أو فاسدة أو متغيرة بفعل أربابها فإن حق أربابها لم يزل عنها ولا ملكهم، ولها مع ذلك قيمة، فإذا وقف المشتري على عيبها أو عرفه البائع جاز للبائع والمشتري، ولم يكن للإمام أن يمنع الناس أن يتصرفوا في « أموالهم وإن كانوا أفسدوها(١) . ومما تقدم نستنبط القواعد الآتية عند ابن بركة: ١ أن على السلطات الحاكمة في الدولة (بما في ذلك الإمام) واجب منع أية تصرفات تؤثر على التعاملات ا لتجارية. (١) . ابن بركة: كتاب الجامع، ج ١، ص ٢٠٥ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢ أن ذلك يقتضي، عند ارتكاب أفعال غير مشروعة توقيع العقوبات اللازمة والمتناسبة مع جسامة الأفعال ا لمرتكبة. ٣ أن احترام أموال الناس يجب مراعاته حتى عند محاربة كل مظاهر الغش في ا لتعامل. ٤ تراضي أطراف » أن ما بنى عليه ابن بركة رأيه يجد متكأه في مبدأ  المعاملة فهم أحرار في الاتفاق على ما يريدون ما دام ذلك لا يخالف ولا يصادم قاعدة شرعية عليا بالتطبيق للمبدأ القانوني المعروف الآن، وهو مبدأ سلطان الإرادة Party autonomy Autonomie de la volonté. ٥ أن غرض ابن بركة هو منع التغرير بالمسلمين وغير المسلمين وكذلك منع الغرر عليهم، وتلافي أي إفساد لأسواقهم أو في معاملاتهم اليومية وشبه إذا وقع في يده درهم ستوق (أي: » : اليومية. لذلك عن جابر بن زيد أنه كان « مزيف) كسره، وقال: ما يحل أن يغر به مسلما(١) . ً ٢ اتخاذ كل ما هو لازم لمنع ا لاحتكار: في حالة الاحتكار أشار الإباضية إلى ما يجب على الدولة فعله: إنهاؤه: إذا تمخض عن الاحتكار ضرر جسيم لا يمكن دفعه: كأن يؤدي إلى مجاعة كبيرة بين الناس، أو يترتب عليه غلاء شديد جدا في الأسعار، فقد أجاز فقهاء الإباضية إنهاء هذا الاحتكار عن طريق تدخل سلطات الدولة بالاستيلاء على المواد التي تم احتكارها وبيعها للناس بسعر مناسب. من احتكر الطعام » : وقد عبر عن ذلك بعبارة وجيزة الإمام جابر، بقوله على الناس وأبى أن يبيع إلا بحكمه، والطعام غال فليس له ذلك ولكن يمنع منه « فيقسم بين الناس بقيمة معروفة(٢) . (١) . إبراهيم بولرواح: موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، مكتبة مسقط، ج ٢، ص ٩٢٤(٢) . موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، ج ٢، ص ٩٣٤ ٢٧٩ في رأينا أي: بقيمة السلعة المتداولة في « بقيمة معروفة » : ومعنى قوله الأسواق، أو بالقيمة التي تعارف الناس عليها بخصوصها عادة. أو كما قال ابن جعفر أن يتم بيعه: « بعدل ا لسعر »(١) . أي: بالسعر العادل الذي يراعي التوازن بين مصلحة التاجر ومصلحة جمهور المستهلكين من ا لناس(٢) . ويتفق ذلك مع الحكمة من تحريم الاحتكار، وهي حكمة مزدوجة: ١ دفع الضرر عن عامة ا لناس. ٢ الاحتكار ينافي التكافل والتعاون التي هي من صفات المجتمع ا لمسلم(٣) . لذلك يقول الشوكاني بخصوص ا لمحتكر: فلا يجوز تقريره على الحرام، ولا يجوز ترك المسلمين يتلهفون من الجوع » صيانة لهذا المحتكر الخاطئ الضار للمسلمين، ولهذا عاقبه أمير المؤمنين علي ƒ « بتحريق طعامه(٤) . ويقترب من ذلك ما أفتى به القاضي أبو علي الهجاري عن أولى الأمر إذا قل عليهم الطعام، وخافوا في قلته عليهم ذهاب أمر المسلمين، وفساد دولتهم، وتشتت كلمتهم، وتفرق جماعتهم، هل يجوز لهم أن يجبروا الناس على بيعهم الطعام، إذا كان عندهم ا لطعام؟ (١) . ابن جعفر: الجامع، ج ٥، ص ٣١٧(٢) ابن عمر: « إن كان السعر أرخص مما اشتراه فإنه لا يجبر » لكن لا يجبر المحتكر على البيع . حاشية الترتيب على الجامع الصحيح، ج ٣، ص ١٦٨(٣) ذات المرجع، ص ٣٢٠ ، راجع أيض ً ا الأحاديث النبوية الخاصة بالاحتكار، والسابق ذكرها في: . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٤، ص ٣٠ ٣١(٤) الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، . القاهرة، ج ٣، ص ٨٥ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي قال: جائز لهم ذلك بعدل من ا لسعر. قلت: أرايت إن هم امتنعوا وقالوا: إنهم لا طعام عندهم، هل يجوز أن يدخلوا بيوتهم. قال: جائز لهم ذلك. قلت: أرأيت إن امتنعوا عن ذلك هل يجوز أن يجبروا حتى يأمروهم بدخول بيوتهم؟ قال: جائز لهم ذلك. قلت: أرأيت إن هم امتنعوا عن بيعهم الطعام، كيف ترى الوجه في ذلك، والحيلة فيه؟ قال: إن امتنعوا أخذ منهم النصف؛ يعني: نصف ما يوجد عندهم من الطعام بالثمن، بعدل من السعر، لا بما يرونه هم، ويتحكمون به عليهم (١) .  وهكذا فإنه حتى في حالة الاحتكار الضار بالمسلمين وبدولتهم فإن عد ي « عدل السعر » ُ لازمة حتمية يجب احترامها وعدم الخروج عليها. (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٤٣ ٢٨١ !A ا / ا  د ا ٴ )K ا هذه المبادئ كما سبق القول، هي: از X م 0 أ) ر إلا  ال ا  لأ  درة ا + أو : نشير إلى المبدأ العام، والقواعد التي تحكمه. ١ المبدأ ا لعام: المال في الإسلام تجارة أو غيرها محترم، لا يجوز أخذه أو مصادرته أو تأميمه أو غصبه إلا لسبب شرعي أجازته ا لشريعة. وقد أكد القرآن الكريم على حرمة المال، بقوله تعالى: BA@?>= ﴿ <;:9GFEDC ﴾[ [النساء: ٢٩ . - ﴿ §¦¥¤ ¨ «ª© ¬ ﴾[ [النساء: ٥ . - ﴿ _^]\[ZYXWVUT `a ﴾[ [النساء: ١٠ . - ﴿ }~ے ¥¤£¢¡ ﴾[ [الإسراء: ٣٤ . يا أيها الناس أي » : كذلك من الثابت أنه ژ خطب الناس يوم النحر، فقال يوم هذا، إلى أن قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، إلى أن قال: لا ترجعوا بعدي كفارا ً « يضرب بعضكم رقاب بعض(١) . (١) . رواه مسلم، رقم ١٢١٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي يقول الإمام ا لشوكاني: أموال المسلمين معصومة بعصمة الإسلام لا يحل أخذها إلا بحقها وإلا كان » « ذلك من أكل أموال الناس بالباطل(١) . وتسري هذه الحرمة والعصمة على أموال غير المسلمين، يقول ا لشيباني: وإذا أودع المسلمون قوما من المشركين فليس يحل لهم أن يأخذوا شيئ » ً ا من ً أموالهم إلا بطيب أنفسهم للعهد الذي جرى بيننا وبينهم، فإن ذلك العهد في حرمة التعرض للأموال والنفوس بمنزلة الإسلام فكما لا يحل شيء من أموال المسلمين إلا بطيب أنفسهم فكذلك لا يحل شيء من أموال ا لمعاهدين(٢) . وقد ورد في السنة النبوية ما يدل على انطباق هذا المبدأ على العلاقات  الاقتصادية الدولية، فقد جاء ناس من اليهود يوم خيبر إلى رسول الله ژ بعد تمام  العهود، فقالوا: إن حظائر لنا وقع فيها أصحابك فأخذوا منها بقلا ً أو ثوما، فأمر ً رسول الله ژ عبد الرحمن بن عوف ƒ فنادى في الناس أن رسول الله يقول: ٰ لا أحل لكم شيئ » ً « ا من أموال المعاهدين إلا بحق(٣) . تجدر الإشارة أن ثمة قاعدة ذهبية تحكم أموال بيت المال في الإسلام وهي: « بيت المال لا يوضع إلا في الحقوق ا لشرعية »(٤) . ومن المعلوم أن كل مال مرصد لمصالح المسلمين واستحقه المسلمون من « فهو من مال بيت ا لمال » غير تخصيص(٥) . (١) . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٢، ص ٢٧ على نزع ملك المالك مع إمكان السلوك به في طريق من » ويضيف الشوكاني: وأي دليل . ذات المرجع، ج ٣، ص ٢٤٢ « طرائق العدل (٢) . شرح كتاب السير الكبير للشيباني، القاهرة، ١٩٧١ ، ج ١، ص ١٣٣(٣) نفس المرجع، نفس ا لموضع. (٤) . قاضي القضاة ابن جماعة، تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، دار الثقافة، الدوحة، ص ١٢٢(٥) . نفس المرجع، ص ١٤٩ ٢٨٣ وقد قسم الإمام الجويني الأموال التي تمتد إليها يد الإمام إلى قسمين: أحدهما: ما يتعين مصارفه (كالزكاة فإن لها مصارف معلومة). والثاني: ما لا يتخصص بمصارف مضبوطة بل يضاف إلى عامة المصالح، وهو الذي يسميه الفقهاء المرصد للمصالح(١) . ولا شك أن هذا القسم الأخير هو في رأينا الذي تدخل فيه تصرفات الدولة في إطار العلاقات الاقتصادية الدولية والداخلية؛ إذ من تلك الأموال المرصدة للمصالح يتم إبرام الصفقات التجارية الدولية والداخلية، وعمليات التصدير والاستيراد وعقود الأشغال الدولية والداخلية، وغير ذلك من المصالح ا لعامة. ويحكم ذلك المبدأ المعروف في الفقه الإسلامي من أن تصرف الإمام في كولي اليتيم لا يجوز له التصرف في شيء منها إلا » أموال بيت المال يكون فيها « بالتي هي أحسن(٢) . وقد لخصت دار الإفتاء المصرية النظرة الإسلامية إلى قضية التأميم من خلال مجموعة من ا لمفاهيم(٣) : (١) . الإمام الجويني، غياث الأمم في التياث الظلم، دار الدعوة، الإسكندرية، ١٩٧٩ ، ص ١٥١(٢) ابن الهمام الحنفي: شرح فتح القدير، مكتبة ) « مال بيت المال معد لنوائب المسلمين » ذلك أن .( مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٩ ١٩٧٠ ، ج ٥، ص ٤٤٣ (٣)وهي: ١ أن الملكية الفردية ملازمة للوجود الإنساني ومرتبطة بالطبيعة البشرية مهما تعددت محاولات إلغاؤها، وقد اعترف بها ا لإسلام. ٢ أن الملكية الخاصة مهما كان حجمها قد سمح بها في كثير من الحضارات والأمم في الإسلام وغيره، ولكن الإسلام قد وضع لها مجموعة من الضوابط كتحريم الربا والاحتكار والرشوة والقمار وغيرها. ٣ أنه ليس من الضروري لتدعيم الثروة القومية وزيادة الإنتاج أن تكون الملكية عامة، كما أنه لا يستلزم لتحقيق العدالة الاجتماعية القضاء على الملكية ا لفردية. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي « حرام » ويقرر رأي أن مصادرة أموال الناس بغير حق(١) . ٤ أنه يجب إحاطة الملكية الخاصة بسياج من الأحكام والقوانين تحميها من الانزلاق في هوة الاستغلال والاحتكار، ويحفظها من أن تصبح أداة للظلم والتسلط والتحكم بالآخرين. ٥ أنه يمكن إخراج بعض الأموال من دائرة الملكية الخاصة، وهي التي تتعلق بها حاجات مجموع الأمة، وليس للجهد البشري فيها مدخل كالماء والكلأ والنار. ٦ أن الإسلام لا يسعى إلى تحقيق المساواة المادية بين الناس في الدخول والثروات بأي حال إنما يقيم تشريعاته على الاعتراف باختلاف الناس في طبائعهم واستعدادهم وحاجاتهم،  وتفاوتهم في القدرات الجسمية والعقلية. ٧ أن التأميم إذا كان يعني إعادة الأموال التي يجب أن تكون لمجموع الأمة التي لا يصح أن تدخل تحت التملك الفردي فلا بأس به، كما حدث في ملح مأرب عندما استرده الرسول ژ وكان قد أقطعه أبيض بن حمال، أما إذا كان يعني التعدي على الملكية الخاصة دون مبرر مشروع متعلق بالصالح العام مع التعويض العادل للمالك الأصيل فهو ممنوع محرم. . دار الإفتاء المصرية: سؤالات الأقليات، القاهرة، ١٤٣٤ ه، ص ٢٢٤ ٢٢٥ (١) يقول المفتي السابق لمصر: عن قضية المصادرة التي تنفي الملك؛ ترتب الإثم على المصادر إذا كان قد صدر منه »ذلك ظلما، فهذه الإجراءات وهذا المسؤول وهذه الدولة التي تصادر أموال الناس ظلما ًً وعدوان ً ا بغير حق؛ حرام عليها ما تفعله، هذه قضية، لكن القضية الأخرى الأشد إشكالا ً ودقة هي هذه البضاعة التي صودرت ولا تعرف من أصحابها على التعيين؛ لأن هذه البضائع تذهب إلى المخازن وتباع هناك، وهذا مثل المال الضائع (اللقطة) ومثل من انقطع ملكه فيجوز لي أن أشتري منه لانقطاع الملك، وإن كان في أصله قد رتب الإثم على واحد معين هو المسؤول عنها عند إصدار هذه اللوائح أو إصدار هذه القوانين أو تنفيذها « إلى آخره . د. علي جمعة: الكلم الطيب فتاوى عصرية، ج ٢، ص ١٩٦ ١٩٧ ويقول الإمام الطحاوي أيض ً صار بالعهد حرام الدم حرام المال وكان من سرق » : ا إن المعاهد من ماله ما يجب القطع في مثله قطع في ذلك وإن كان مسلما كما يقطع في مثل ذلك إذا سرقه من مال مسلم فكانت حرمة المال بالعهد كحرمتها بالإسلام فيما ذكرنا سواء وكانت .« العقوبة على منتهكها بالعقوبة على منتهك مثلها مما قد حرم بالإسلام (الإمام الطحاوي: مشكل الآثار، ج ٣، ص ٩٤ ) انظر أيض ً ا: د. أحمد أبو الوفا: حقوق الإنسان   . في ا لسنة النبوية، دار النهضة العربية، القاهرة، ص ٤٠٥ ٢٨٥  ٢ القواعد الحاكمة للمبدأ: في الفقه الإباضي يحكم المسألة القواعد ا لآتية: أولا : أموال غير المسلمين الحربيين غير محترمة: يعد ذلك أمرا بدهيا: ذلك أن لحالة الحرب أحكامها التي تختلف عن حالة ً السلم والعهد والأمان، فالمعلوم في جميع النظم القانونية أن أهل الحرب أي مباح أخذها. ،« مباحة » أموالهم في هذا الخصوص، تقرر القاعدة الفقهية ا لإباضية. « أموال الحربيين غير محترمة » ومعنى هذه ا لقاعدة.  إن جميع ما يملكه المشركون من أموال فهي غير مصانة ولا تدخل في » الضمان سيما أثناء القتال، ومثلهم أهل الكتاب إذا صاروا حربيين. والأصل في هذه القاعدة قوله تعالى: ﴿ = CBA@?> IHGFED ﴾[ [الحشر: ٦ ، وقوله: ﴿ 3210/ ;:987654 ﴾«[ [الحشر: ٥(١) . كذلك بخصوص سؤال: وإلى متى يحل للمسلمين الأكل من مال أهل الحرب؟ لهم ذلك ما دامت الحرب قائمة ونارها مستعرة وراية المشركين في الحرب » : قيل واقفة فأموالهم حرام أكلها بغير حساب، ولهم أن يغرقوها ويحرقوها ويقطعوها « ويهدموها فإذا وضعت الحرب أوزارها حرم ذلك كله ورد الخيط والمخاط(٢) . (١) . معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٣٠٢(٢) ، السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ المرجع السابق، ص ١٩١ ، انظر أيض ً ا: ص ٢٥٢ . كذلك قيل: ورخص بعض العلماء أن يؤخذ مال الحربي كما يؤخذ الجراد حين وجد جهرا أو سرا سواء » ً عنده أو كان عندك بأمانة أو بخديعة في بيع أو شراء أو غير ذلك. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ثانيا أموال غير المسلمين المعاهدين أو المستأمنين محترمة أو مبدأ: (حرمة أموال غير المسلمين وعدم جواز أخذها بدون وجه حق): في الفقه الإباضي لا يجوز أخذ المال(١) إلا من حلال، ذلك أن الأصل: « الحرمة ولا يحله طول المدة ولو كثرت ولا تداول الأيدي ولو تعددت »(٢) . ومن القواعد الفقهية الإباضية قاعدتان مهمتان(٣) : الأولى: الأصل في المال ا لتحريم. وعن أبي الحواري: إن أموال المشركين جائز أخذها وحلال أكلها لمن قدر عليها بأي وجه  « أخذها بعلم المشركين أو بغير علم منهم ولو لم يكن بينهم وبين المسلمين منابذة حرب . عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ١٤٧ (١) التناول للشيء وهو إما حرام كأخذ الأموال غصبا من غير حلها أو واجب أخذها » الأخذ هو ً كأخذها من حلها بالكسب الحلال أو لتنجية نفسه أو صاحب دابته أو أخذها لتنجيتها لصاحبها من مهلكها أو متلفها أو غاصبها وإما مندوب كأخذها من المباحات كالمعادن الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد في .« والأشجار والقفار وما يتعارف به الناس فيما بينهم . علم الرشاد، وزارة التراث القومي والثقافة، سطنة عمان، ١٤٠٤ ١٩٨٤ ، ص ٥(٢) . ذات المرجع، ص ٨٨(٣) ، انظر القاعدتين في معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٦١ ؛ ج ٢ . ص ٨٦٩ ومن المعروف وجود خلاف في الأموال هل الأصل فيها الحظر أو الإباحة، فقالت طائفة من إن الأموال لا مباحة ولا محظورة، واختلف أصحاب هذا الرأي على قولين: » : أهل الخلاف قول لا يجوز تناول شيء منها حتى يقوم لنا دليل الإباحة، وقول: لنا أن نتناول منها الشيء اليسير لنحيي به أرواحنا ونقيم به أجسادنا وندع باقيها. وقالت الفرقة الثانية: الأصل في الأموال الإباحة، وأن الله خلق لنا ما في الأرض جميعا إلا ً ما حرمه الله في كتابه. وقال الإباضية ووافقهم الكثير من المخالفين لهم: إن الأموال محظورة غير مباحة، وذلك أنها مملوكة لمالك فليس أن نتعدى ذلك لغير إباحة وإطلاق. ومنها قول البعض: الأصل في الأشياء كلها الإباحة وأن الراكب لما لم يعلم سالم ولو ركب .« ما حرم الله بجهل فقد أباح ما حرم الله بالجهل َ . ذات المرجع، ج ٢، ص ٨٦٩ ، النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ٨ ٢٨٧ والثانية: « كبيرتان إلى النار: الدم والمال »(١) . يضاف إلى ما تقدم قاعدة ثالثة أكد عليها الفقه الإباضي، وهي قاعدة: « لا يضيع مال في ا لإسلام »(٢) . وتوجد أيض ً ا قاعدة رابعة، وهي قاعدة أن: « الكفر لا يبطل الحقوق »(٣) . (١) يقول البسيوي: إن الله 4 حرم الظلم كله والأموال كلها، إلا من وجه ما اتفق عليه أنه » « حرم الله ورسوله أكل جميع الأموال، قليل ذلك وكثيره بغير حق » كذلك فقد ،« حلال  ، البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٤ . ١٤٠٤ ١٩٨٤ ، ص ٦٠ ٦١ (٢)راجع: د. مصطفى باجو: القواعد الفقهية عند الإمام الكدمي، ندوة القواعد الفقهية بين التأصيل  . والتطبيق، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ص ٣٠٥ ٣٠٦ (٣) بخصوص هذه القاعدة، قيل: هذه القاعدة نص عليها أبو معاوية فيمن أتلف مال من ارتد وقال: يضمن من أتلف عليه مالا؛ ً لأن الكفر لا يبطل الحقوق، وخالفه أبو المؤثر وغيره. « ومن يرتد عن الإسلام وله حقوق على غرماء إن ماله يبطل عنهم بردته » : قال محمد بن بركة .« حقه باق عليهم، وحقوقهم لا تزول بكفره » : وقال أبو معاوية عزان بن الصقر والظاهر أن فقهاء الإباضية مختلفون في هذه القاعدة، والذي يبدو أن من الحقوق حقوق ً ا تسقط بالردة وهي ما تكون سببا في حصول المودة بين المؤمنين والكافرين كالميراث، والوصية ونحو ً ذلك من الحقوق التي تنشئ علاقة ومودة، وموالاة بين المؤمن والكافر فهذه تسقط لأن الله نهى عن ذلك، قال تعالى: ﴿ ¬¯® ° ³²± ´ ﴾[ [آل عمران: ٢٨ . وقال: ﴿ ('&%$ ﴾[ [الممتحنة: ١ والتوارث مظنة ذلك، فهذا يسقط باختلاف الدين. وأما الديون ا لحالة أو ا لمؤجلة فهذه لا تسقط باختلاف الدين ولا باختلاف ا لدار. ّ يا رسول الله إن لنا على الناس ديون » : وقد ثبت أن ا لنبي ژ لما أجلى يهود بني قريظة قالوا ً ا فقال ا لنبي ژ ،« مؤجلة : .« ضعوا وتعجلوا » ولم تسقط حقوقهم باختلاف الدار وكذلك المرتد؛ راجع: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ويقاتل موحد أكل مالا » : ج ٢، ص ٨٨٧ ٨٨٨ . ويقول أطفيش ً مخالف « بلا ديانة ً ا أو موافق ً ا (حتى يوصل إليه) بالبناء للمفعول؛ أي: حتى يصل صاحب المال إلى المال ولو كان حال أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي علة ذلك أن حماية المال معيارها واحد في الإسلام، تسري على المسلم وغير ا لمسلم. وجميع مال أهل الشرك وغيرهم إذا لم يكونوا » : لذلك جاء في المصنف حربا، لم يحل من أموالهم شيء، ولا سبي ذراريهم، وإذا كانوا حربا كان في ًً « أموالهم الغنيمة، والسبي(١) . كذلك لا يجوز أخذ أموالهم بغير حق، ولو خفية(٢) . حري بالذكر أنه يوجد خلاف في الفقه الإباضي بخصوص الصوافي التي في أيدي المسلمين بعمان(٣) . الأكل مخالف ً ا (ولو رجع) بعد (للوفاق) أو لدين خلاف آخر لا يحل فيه ذلك المال بخلاف ما أكل بديانة؛ لأنه لما كان متدين ً ا لم تجزه توبته عموما، بل يصرح ببطلان ما دان به من حل ً المال، ويتوب منه خصوصا أيضا، فإذا لم يفعل لم تجزه توبته فيبقى على حكمه قبل فيجوز ًً . أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٤ ، ص ٤٤٤ « الهجوم عليه للأموال(١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٤٤٤(٢) يقول أطفيش:  وأما سؤالك عن أخذ مال المشركين خفية؟ الجواب: لا يجوز إذا عقدوا معهم عقد » ً ا صحيح ً ا من قلوبهم قصد الحفظ للدماء والأموال وإن لم يكن عقد أو كان عقد قهرا عليه وعلى كتبه وإمضائه الاختيار لهم في إثباته فلهم أن يأخذوا من مال بيت ما لهم كل ما أخذوه من مال المسلمين أو ما أخذوا من أوقاف المسلمين أو ما أخذوه منهم وتبين صاحبه من المسلمين رخص به وللمسلمين أخذ عوض ما أخذوا من المسلمين أو ثمن ما أخذوا ما بأيدي أفرادهم إن كان للمسلمين أو أحد عوض أو ثمنه وأما أفراد أجانب لم يقهروا المسلمين ولم يتقوى .« بهم المشركون القاهرون للمسلمين فلا يتعرض لما لهم ، العلامة أطفيش: كشف الكرب، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ١٩٨٥ . ج ١، ص ١٥٩ (٣) فقد جاء في الجامع لابن جعفر: قال بعض الفقهاء: إنها كانت للمجوس، فلما ظهر الإسلام خيروا بين أن يسلموا أو يخرجوا »ويدعوها وقال من قال: إنها أموال وجدت في أيدي السلطان، وقال من قال: إنها من أموال أموال كانت » قوم جار عليهم السلطان فتركوها وخرجوا، والأصح عندنا فيما يتناهى إلينا أنها لقوم من أهل الكتاب وقيل أنهم كانوا نصارى فبعث إليهم أبو بكر أن يسلموا أو يأذنوا بحرب أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون أو يخلوا عن أموالهم ويجعلوها للمسلمين، فعجزوا عن المحاربة وخافوا أن يأتي القتل عن آخرهم فامتنعوا عن الإسلام واعتصموا بالكفر ٢٨٩ كذلك فقد قال رسول الله ژ : من ظلم معاهد » ً ا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئ ً « ا بغير طيب نفسه فأنا حجيجه يوم ا لقيامة(١) . يقول ا لعوتبي: وإذا دخل الحربي وهو المشرك إلى دار الإسلام بأمان ثم وجد في يده عبد » مسلم لرجل مسلم فاستغاث بالمسلمين لم يؤخذ منه وإن دخل إلى المسلمين وهو مسلم حكم عليه برده، وإن دخل بأمان وهو غير مسلم وفي يده عبد مسلم « وكره الرجوع إلى الشرك فإنه يؤخذ من المشرك ويعطى قيمته(٢) . وأنفوا من إعطاء الجزية على الصغار منهم فافتدوا بأموالهم واختاروا تركها بدلا ً مما دعوا إليه من الحق فهذا يؤيد قول من قال: إنها كانت للمجوس فلما ظهر الإسلام خيروا بين أن يسلموا .« أو يخرجوا أو يدعوها ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٠٥ ، انظر أيض ً ا الإمام السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٢٥٢ ٢٥٣ ؛ البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، . ج ٤، ص ٤٠٧ (١) وصلت جملة الشرط في هذا الحديث » : الحديث مثال على التقرير بالفصل والوصل، فقد بجمل ثلاث، تبين أنواع ً ا من العموم وقد جمع 0 تحت العام ما هو من جهة النقص من الحيف، وما هو من جهة الزيادة ولما كان انتقاص الحق ليس صريحا في الأخذ؛ والمقام ً لتقرير واجب المعاهد، وتنزيه الإسلام بتمام العدالة واحترام العهود جاءت الجملة الثالثة مصرحة بما يفهم باللزوم من الجملة الأولى فضلا ً عن وقوعها بالنظر المتعلق موضع الاحترام عن عد الشيء المأخوذ من الظلم الموجب للمجازاة إذا كان من طيب نفس المعاهد ولما كانت الجمل الثلاث لا يتجاوزها ظلم المؤمن للمعاهد كانت كذكره مفصلا، ً فهو في د. كمال الدين عبد العزيز: الحديث النبوي الشريف من الوجهة ) .« حكم المكرر للتأكيد .( البلاغية: دار اقرأ، بيروت، ١٤٠٤ ١٩٨٤ ، ص ٢٢٩(٢) المستأمن إذا » العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ٨١ . وفي معنى قريب يقول الشيباني: إن أخذ شيئ ً ا من مالهم بغير طيب أنفسهم فأخرجه إلى دارنا أمر برده ولا يجبر عليه في الحكم.لأنه أفر ذمة نفسه، لا ذمة الإمام والمسلمين واستدل عليه بحديث المغيرة بن شعبة ? ، أنه صحب قوما من المشركين، فوجد منهم غفلة فقتلهم وأخذ أموالهم، فجاء بها إلى ً رسول الله ژ وطلب منه أن يخمس فأبى أن يفعل ذلك، ولم يجبره على رد ذلك على ورثته. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ثالثا أموال المسلمين محترمة: هذا أمر بدهي. إذ أموال المسلم كأموال غير المسلم المعاهد أو المستأمن أو من أهل الذمة لا يجوز المساس بها. يقول السيابي: إن نزع ملك عن مالكه وتمليكه آخر: .« لا يجوز بدون إذن » ٍ لقوله ژ . « لا يجوز إلا عن تراض وإباحة » : أي « لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس »(١) . لذلك، لا يجوز أن تؤخذ ممتلكات المسلمين غنائم، وهو من المبادئ التي تستند إليه العلاقة بين الإباضية وغيرهم من ا لمسلمين(٢) . رابعا بخصوص الأموال المؤممة (مسألة تأميم(٣) أموال ا لتجار): في الفقه الإباضي التأميم لا يجوز إلا إذا حتمته المصلحة العامة، ولقاء تعويض عادل. فهو الأصل في هذا الجنس، فإن جاء صاحب المتاع مسلما أو معاهد ً ا بأمان وأقام على ذلك ً بينة عدولا ً .« من المسلمين أو أقر ذو اليد بذلك، فإن الإمام يجبره بالرد ولا يفتيه على ذلك ويضيف ا لشيباني: وإن كان هذا المستأمن خرج إلى قوم من المسلمين لا منعة لهم، قد بعثهم الإمام طليعة في »دار الحرب، والمسألة بحالها لم يحل له أن يعرض لأهل الحرب بشيء.لأن حكم الأمان الأول بينه وبين أهل الحرب باق، ما لم ينابذهم أو يلتحق بمنعة المسلمين، راجع: شرح كتاب السير الكبير للشيباني، ،« وباعتبار ذلك الأمان لا يحل له أن يتعرض لهم .١٢٨١ ، ج ٤، ص ١٢٧٦(١) . السيبابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ١ ٢، ص ٣٠٢(٢) . د. عمرو النامي: دراسات عن الإباضية، ص ٥٦ ٥٧(٣) ويقصد به: « التغريق » يوجد عند الإباضية مصطلح قريب هو ٢٩١ يقول ا لبكري: أما التأميم، ففرق بينه وبين الغصب، ذلك أن التأميم لا يكون إلا على يد » الدولة للمصلحة العامة، ولشيء يكون ضروريا، تتوقف عليه حاجة الناس جميعا ً وفي « الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار » : كما أشار إلى ذلك ژ في قوله ويكون ذلك مقابل عوض عادل. أما ما يقع من انتزاع « والملح » رواية أخرى زيادة  مال قليل ضروري لشخص ظل طيلة حياته يكدح ويعمل للحصول والمحافظة عليه، ثم يمكن لشخص آخر أمضى حياته في التسكح والانحراف والبطالة بغير عوض، فليس من التأميم في شيء؛ وإنما هي مصادرة أو ضرب من الغصب المحرم. أما الأشياء الضرورية لحياة الشعب بأسره، فقد أجاز العلماء للدولة أن تتصرف في توزيعها على الكل توزيعا عادلا، ً وتمنع من يريد احتكارها على ً « حساب الجميع، كما هو الشأن في مصلحة الماء ومصلحة الكهرباء وأمثالهما(١) . خامسا الغصب لا يبيح البيع الصحيح للمال ا لمغصوب: غصب أموال التجار بصفة خاصة، والناس بصفة عامة لا يقره الإسلام، لأنه من أكل أموال الناس بالباطل. مصادرة أموال الحكام الجورة وأشياعهم أو تأميمها بعد الانتصار عليهم من قبل الإمامة »الشرعية، وهي بلغة العصر استرداد ملكية للمصلحة العامة وذلك عندما تتجمع ثروات لدى المسؤولين من الملوك والأمراء والولاة الظلمة من أموال العباد نتيجة ظلم مارسه أولئك تجاه الرعية، أو أنهم أخذوا تلك الأموال من غير حلها وبغير وجه حق، فإن الحكم الشرعي يقتضي نزع تلك الأموال من أيديهم وإرجاعها إلى ذويها إن كانوا موجودين، وإذا كانوا غير موجودين فإنها تكون أمانة لدى الدولة حتى يظهر أربابها أو يحكم بها لبيت ا لمال. وأمثلة ذلك كثيرة في التاريخ العماني، ومنها أن الإمام عمر بن الخطاب الخروصي ( ٨٨٧ ه/ ١٤٨٢ ) غرق أموال الملوك النباهنة في عمان حيث عين قاضيا للأمر، وأقام وكيلا ً للمظلومين ً من الرعية ووكيلا ً للملوك يدافع عنهم فصدر حكم التغريق عام ٨٨٧ ه/ ١٤٨٢ م، فصارت تلك الأموال بالقضاء الكائن الصحيح للمظلومين. هذا المصطلح العماني يشبه إلى حد بعيد مصطلح الصوافي في التراث العربي، إذ يتطابقان . معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٧٦٤ ٧٦٥ « تقريبا في استصفاء أموال الحكام ً (١) . ١٩٨٢ ١٤٠٢ ، ص ٣٨ ٣٩ ؛ ج ١، ص ٢٣٦ ٢٣٧ ، بكلي عبد الرحمن: فتاوى البكري، ج ٣ ٰ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي وقد أكد ذلك فقهاء الإباضية، وهكذا جاء في بيان ا لشرع: قلت: فسبيل البيع والشراء في الحيوان والمتاع والطعام والأثاث إذا كان » مغصوبا كسبيل البيع والشراء في الأصول أم لا قال: بيع المغصوب في هذا عندي ً « سواء لا يثبت في وقت بيع ذلك إلا أن يتم بعد المكنة ولا تقية في ذلك تلحقه(١) . كذلك جاء في بيان ا لشرع: وقد قيل في الغصب أيض » ً ا: إنه لا سبيل له إلى انتزاعه إلى أن يجمع بينهما أعني البائع والمشتري ثم حينئذ يأخذ ماله لأن المشتري ليس بغاصب وإنما .« اشترى بسبب دخل فيه المشتري ولا يبطل ماله فافهم ذلك، والله أعلم قال الشيخ الأجل العالم الأنبل محمد بن عبد الله بن مداد: العمل على القول الأول وهو الذي يوجبه النظر ويشهد بصحته الخبر عن النبي ژ لقوله 0 : المرء » وفي رواية أنه قال: من سرق منه شيء أو ضاع منه فوجد في يد رجل قد ،« أحق بماله وفي رواية قال الناسخ: ،« اشتراه أن صاحبه أحق به ويرجع المشتري على البائع بالثمن « لا تواء على مال امرئ مسلم » أظن لا توي أي: هلاك ومأخوذ من الهلاك (٢) . وجاء أيضا في بيان ا لشرع: وعمن في يده أرض مكروهة أو مغصوبة قايض بها أرضا طيبة فقال: عرفت » ً « أن حكم البدل حكم المبدل عنه عند من علم ذلك(٣) .  ور ;" ن  ازه إذا X ق K ت ا  ) لآ ; )6K ك ا ; أ  ب) ﷰ ل: 6 ا ١ المبدأ ا لعام: لا شك أن تلقائية تحديد أسعار السلع والخدمات هي أمر مهم في التعاملات التجارية، فالرخص والغلاء لهما مثالبهما. (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ٢٦٥ (٢) . ذات المرجع، ج ٦٣ ٦٤ ، ص ٢٧٦ ٢٧٧(٣) . ذات المرجع، ج ٤٢ ، ص ٢٨٢ ، انظر كذلك ص ٣٦١ ٣٦٥ ٢٩٣ وهكذا بخصوص رخص الأسعار يقول ابن ا لأزرق: رخص الأسعار مضر بالمحترفين بالرخيص، لأن الكسب إنما هو بالصنائع » أو التجارة وإذا دام الرخص في المتجور فيه ولم تحصل فيه حوالة سوق فسد « الربح بطول تلك المدة، وكسدت سوق ذلك الصنف، وساءت أحوالهم(١) . كذلك فإن سوء التدبير يؤدي إلى غلاء ا لأسعار. ولعل المقريزي هو أول من ن َبه إلى حقيقة أساسية هي أن الجهاز الحاكم هو المسؤول عن أي تقدم أو تخلف اقتصادي، وهكذا يقول: إن المحن الاقتصادية  التي تحل بالناس مرجعها: .« سوء تدبير الزعماء والحكماء، وغفلتهم عن النظر في مصالح ا لعباد » ويضيف ا لمقريزي: علة ذلك أن .« إن الحال في فساد الأمور إنما هو سوء التدبير لغلاء الأسعار » غلاء الأسعار يرجع إلى أحد أمرين: الأول: فساد نظر من أسند إليه النظر في ذلك وجهله بسياسة الأمور، وهو الأكثر في ا لغالب. والثاني: « الجائحة التي أصابت ذلك الشيء حتى قل(٢) . ولا شك أن الأقوال السابقة تنطبق على أي احتكار، دولي أو داخلي، يقوم به الأفراد العاديون أو أشخاص القانون ا لدولي. (١) . ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، ج ٢، ص ٨٠١ (٢) المقريزي: إغاثة الأمة بكشف الغمة، تاريخ المجاعات في مصر، الهيئة المصرية العامة .١١٥ ،١١٤ ، للكتاب، القاهرة، ١٩٩٩ ، ص ٣٤ وقد ذهب ابن خلدون إلى حد القول إن اضطرار الناس إلى أخذ أقواتهم من المحتكر بسعر مرتفع، يعود عليه بالتلف والخسران، ولعله الذي اعتبره الشارع في أخذ أموال الناس بالباطل .( (راجع مقدمة ابن خلدون، دار الشعب، القاهرة، ص ٣٥٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي أو مبدأ الاقتصاد الحر) ) « آليات السوق » وقد أشار فقهاء المسلمين إلى مبدأ قبل استقراره بقرون عديدة(١) . ولعل خير من بحث تلك المسألة الإمام ا لشوكاني:  أن يأمر السلطان أو نوابه أو كل من ولي من » يقول الشوكاني: إن التسعير هو أمور المسلمين أمرا أهل السوق أن لا يبيعوا أمتعتهم إلا بسعر كذا فيمنعوا من ً .« الزيادة عليه أو النقصان لمصلحة ويرى الشوكاني تحريم التسعير وأنه مظلمة، علته: إن الناس مسلطون على أموالهم والتسعير حجر عليهم والإمام مأمور برعاية » مصلحة المسلمين وليس نظره في مصلحة المشتري برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع بتوفير الثمن وإذا تقابل الأمران وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم، وإلزام صاحب السلعة أن يبيع بما لا يرضى به مناف لقوله تعالى: ﴿ FEDCBA﴾ .« وإلى هذا ذهب جمهور ا لعلماء وإذا تقابل الأمران وجب تمكين الفريقين من » ولا شك أن عبارة الشوكاني « الاجتهاد لأنفسهم(٢) يعادل ما هو معروف الآن تحت اسم تحقيق التقابل في (١) بل قال البعض: إن المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها كثير من الشعوب، خاصة الإسلامية، انعدام أو اختلال التوازن المطلوب بين سلطة الحاكم في » ترجع، بين أمور أخرى، إلى د. محمد أحمد الزرقا، حرية التجارة في ) « الحكم والسياسة وحق الشعب في الملك والتجارة التشريع الإسلامي والقانون التجاري، مجلة كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، القاهرة، .( ١٤١٢ ١٩٩١ ، ص ٢٩ ٩٤ ، عدد ٦ (٢) . الإمام الشوكاني: نيل الأوطار دار الكتب العلمية، بيروت ١٤٠٣ ١٩٨٣ ، ج ٥، ص ٢٢٠ وعلة عدم التسعير كما قال الشافعي هي أن الناس مسلطون على أموالهم ليس لأحد أن يأخذها ولا شيئ ً ا منها بغير طيب أنفسهم، إلا في المواضع التي تلزمهم وهذا ليس منها، مختصر . المزني بهامش الأم للشافعي، طبعة تراثنا، مصورة عن طبعة بولاق ١٣٣١ ه، ج ٢، ص ٢٠٩ وبخصوص قوله ژ : يقرر رأي « لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض » ٌ تضع مبدأ مهما في الميدان التجاري أن « دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض » أن عبارة ٢٩٥ السوق بين العرض والطلب عن طريق إعمال آليات السوق حتى نصل إلى ويشكل ذلك الركن الأساسي لنظام الاقتصاد « سعر التوازن » ما يسميه الاقتصاديون الحر والذي يتأبى وتدخل السلطات الحاكمة في تحديد ا لأسعار. في هذا الخصوص، قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي (الدورة الخامسة، الكويت، ١٤٠٩ ه ١٩٨٨ م): لا يتدخل ولي الأمر بالتسعير إلا حيث يجد خللا » ً واضحا في السوق ً والأسعار ناشئ ً ا من عوامل مصطنعة، فإن لولي الأمر حينئذ التدخل بالوسائل العادلة الممكنة التي تقضي على تلك العوامل وأسباب الخلل والغلاء .« والغبن ا لفاحش  لذلك قيل: ففي الحالة التي يكون فيها الغلاء (لقلة الشيء وكثرة الخلق) كما يعبر ابن » تيمية، أو (لقانون العرض والطلب) كما يعبر الاقتصاديون في زمننا، يترك الأمر للناس ولحرية السوق، وهو ما جاء فيه ا لحديث. وفي حالات الاحتكار والتلاعب والظلم يكون التسعير جائز ً ا بل واجبا، كما ً « قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو مذهب مالك وأبي حنيفة، وأحمد(١) . ولعل خير من بحث مسألة التسعير في الفقه الإسلامي، هو الإمام ابن قيم الجوزية، حيث يقول: أما التسعير فمنه ما هو ظلم محرم، ومنه ما هو عدل جائز. » تترك السوق وأسعارها ومبادلاتها للتنافس الفطري، والعوامل الطبيعية دون تدخل مفتعل من بعض الأفراد (د. يوسف القرضاوي: الحلال والحرام في الإسلام، مكتبة وهبة، القاهرة، .( ١٤٠٠ ١٩٨٠ ، ص ٢١٥(١) د. يوسف القرضاوي: السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها، مكتبة وهبة، . القاهرة، ص ٢١٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي فإذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه أو منعهم ما أباح الله لهم، فهو حرام، وإذا تضمن العدل بين الناس، مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيادة على عوض المثل، فهو جائز، بل واجب. فأما القسم الأول: غلا السعر، على عهد النبي ژ ، » : فمثل ما روى أنس قال فقالوا: يا رسول الله، لو سعرت لنا؟ فقال: إن الله هو القابض الرازق، الباسط المسعر، وإني لأرجو أن ألقي الله ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا « مال ... فإذا كان الناس يبيعون سلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم منهم،  وقد ارتفع السعر إما لقلة الشيء، وإما لكثرة الخلق فهذا إلى الله، فإلزام الناس أن يبيعوا بقيمة بعينها، إكراه بغير حق(١) . (١) والحديث دليل على أن التسعير مظلمة وإذا كان مظلمة فهو محرم » : يقول الإمام الصنعاني .( (الإمام الصنعاني سبل السلام، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٩٧ فهذا رسول الله لا يرضى بالتسعير، ويشير إلى أنه ظلم لما فيه » : وبخصوص نفس الحديث قيل من جبر الناس على بيع أموالهم بما لا يرضون به، والله لم يبح أكل أموال الناس إلا إذا كانت تجارة عن تراض ولكن طائفة من التابعين كسعيد بن المسيب وربيعة بن عبد الرحمن ٰ ويحيى بن سعيد الأنصاري أفتوا بجوازه كما نقله أبو الوليد الباجي عنهم في شرح الموطأ: فما الذي استندوا إليه والحديث صريح لا لبس فيه؟ هل ورد حديث آخر يبيح التسعير؟ لا، ولكنها إنه نظر لمصالح الناس » : المصلحة ودفعه الضرر عن الناس كما قال الباجي موجها هذا الجواز ً ومنع للإفساد عليهم وليس فيه جبر للباعة على البيع حتى يكون منافيا للملك، ولكنه منع من ً البيع بغير هذا السعر على حسب ما رآه الإمام من المصلحة فيه للبائع والمبتاع، ولا يمنع البائع ا . ه .« ربحا ولا يسوغ له منه ما يضر الناس ً نظر هؤلاء إلى النهي معللا ً بعدم ما يقتضيه، ومجرد غلاء السعر الذي حدث لا يوجبه، فلما جد ٍ في زمنهم ما يحوج إليه أفتوا به. ولا يظن أن هذه الفتوى نسخت الحديث، بل الحديث باق بحكمه إلا أنه لما أصبح العمل به مفوت ً ا للمصلحة في هذه الحالة ترك لذلك حتى إذا جاء وقت لا حاجة فيه إلى التسعير رجعنا إلى العمل بالحديث؛ ولو كان نسخ ً ا لما جاز الرجوع إلى حكم منسوخ بالإجماع. ومن تأمل لفظ الحديث بروايتيه لم يجد فيه أن التسعير حرام لا تصريحا ولا ً تلويحا، بل غاية ما فيه تفويض الأمر لله لأنه القابض الباسط، وأمر لهم بالدعاء كي يرفع الله ً عنهم ما نزل بهم، ولم يكن ثمة غير غلاء السعر، والغلاء كما يكون من تحكم أصحاب السلع ٢٩٧ وأما ا لثاني: فمثل أن يمتنع أرباب السلع من بيعها مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة، فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل، ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل، فالتسعير هاهنا إلزام بالعدل الذي  « ألزمهم الله به (١) . وهكذا فالتسعير العادل، الذي يهدف إلى وصول ا لسلعة إلى مستهلكيها مسلمين أو غير مسلمين بثمن معقول، يتفق وشريعة الإسلام وما يقتضيه المعقول والمنقول. إذ كما يقول رأي ا لمصلحة ُ تؤدي إلى:  « جواز التسعير عند الحاجة إليه »(٢) . رغبة في ربح كبير، يكون من قضية ا لعرض والطلب. فلو كان الذي حدث في عهد رسول الله ژ َ ْ هو تحكم التجار قص ْ د َ إضرار الناس، ما تركهم من غير تسعير رفع ً ا لهذا الظلم، ولكنه مجرد غلا السعر على عهد رسول الله ژ فقال » : الغلاء فقط كما جاء عن بعض الرواة لهذا الحديث  إلخ (د. محمد مصطفى شلبي: تعليل الأحكام، رسالة للحصول ...« الناس: سعر لنا يا رسول الله ْ .( على العالمية من درجة أستاذ، كلية الشريعة، القاهرة، ١٩٤٧ ، ص ٧٨ ٧٩(١) ، ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، دار الوطن، الرياض، ص ٢٤٢ ٢٤٣ ويضيف ابن قيم الجوزية أن العلماء تنازعوا في التسعير في مسألتين: الأولى : إذا كان للناس سعر غالب، فأراد أن يبيع بأغلى من ذلك فإنه يمنع من ذلك عند مالك. وهل يمنع من النقصان على قولين: والثانية : أن يحد لأهل السوق حدا لا يتجاوزونه مع قيامهم بالواجب فهذا منع الجمهور حتى .( مالك نفسه (نفس المرجع، ص ٢٥٤ ٢٦٠ ولا شك أن هاتين المسألتين يمكن أن تثورا بخصوص التسعير على الصعيد الدولي (بالنسبة لبيع المواد الأولية كالبترول، والنحاس، والقمح والقطن) فمثلا ً بالنسبة للبترول من المعروف أن منظمة الأوبك تتدخل في تحديد أسعاره عن طريق تحديد سقف الإنتاج المخصص لكل دولة منتجة. ويجب الالتزام بذلك دون زيادة حتى لا تنخفض الأسعار، أو نقصان (وفي هذه الحالة الأخيرة سترتفع الأسعار وهو أمر مطلوب بالنظر على الظلم الواقع على مصدري البترول بسبب تدهور معدلات التبادل على الصعيد ا لعالمي). (٢) د. محمد سعيد رمضان البوطي، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، مؤسسة الرسالة، . بيروت ٢١٤٠ ١٩٨٢ ، ص ١٨٢ ١٨٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ويثير التسعير أيض ً ا مسألتين مهمتين، هما: ١ تحديد أرباح ا لتجار: القاعدة في ذلك هي عدم الجواز، والاستثناء إمكانية تحديد نسبة الربح إذا كان ثمة غلاء مفتعل(١) . بينما يقول آخرون: فإن سعر السلطان على الناس فيباع الرجل متاعه وهو لا يريد بيعه بذلك كان مكره » ً ا وقال أبو حنيفة: إكراه السلطان يمنع صحة البيع وإكراه غيره لا يمنع (الإمام أبو عبد الله العثماني .( الشافعي، رحمه الأمة في اختلاف الأئمة، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة ١٤٠٦ ١٩٨٦ ، ص ١٤٤ وقد ذهب الشوكاني إلى عدم جواز التسعير لقوله تعالى: ﴿ onmlk ﴾[ [البقرة: ١٨٨ وقوله تعالى: ﴿ GFED ﴾ [ [النساء: ٢٩ ولقوله ژ : لا يحل مال » الإمام ) ،« إن الله هو المسعر القابض الباسط » وما رواه أنس « امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، .( القاهرة، ١٤١٥ ١٩٩٤ ، ج ٣، ص ٨٦ ٨٧ وأما عن كيفية تحديد السعر، فقد قيل عن ابن حبيب بإحضار: وجوه أهل سوق ذلك الشيء، ويحضر غيرهم، استظهارا على صدقهم، فيسألهم: كيف » ً يشترون؟ وكيف يبيعون؟ فينازلهم إلى ما فيه لهم وللعامة سداد، حتى يرضوا به ولا يجبرهم على التسعير ولكن عن رضى. قال أبو الوليد: ووجه هذا: أن به يتوصل إلى معرفة مصالح البائعين والمشترين ويجعل للباعة في ذلك من الربح ما يقوم بهم. ولا يكون فيه إجحاف بالناس، وإذا سعر عليهم من غير رضى، بما لا ربح لهم فيه: أدى ذلك إلى فساد الأسعار، وإخفاء الأقوات، وإتلاف أموال . ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ص ٢٥٨ « الناس(١) ،( بحث هذه المسألة القرار رقم ٨ لمجمع الفقه بمنظمة المؤتمر الإسلامي ( ١٤٠٩ ١٩٨٨ حيث جاء فيه ما يلي:أولا : الأصل الذي تقرره النصوص والقواعد الشرعية ترك الناس أحرارا في بيعهم وشرائهم ً وتصرفهم في ممتلكاتهم وأموالهم، في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وضوابطها؛ عملا ً بمطلق قول الله تعالى: ﴿ <;:9=A@?>GFEDCB ﴾[ [النساء: ٢٩ . ثانيا : ليس هناك تحديد لنسبة معينة للربح يتقيد بها التجار في معاملاتهم، بل ذلك متروك لظروف التجارة عامة، وظروف التاجر والسلع، مع مراعاة ما تقضي به الآداب الشرعية من: الرفق، والقناعة، والسماحة والتيسير. ٢٩٩ ٢ التعويض عن زيادة السعر المتفق عليه وقت ا لعقد: الأصل في ذلك هو الالتزام بما تم الاتفاق عليه، فلا يجوز تغييره إلا بتراضي الأطراف المعنية تطبيق ً ا لمبدأ الوفاء بالعهد الذي قررته شريعة ا لإسلام(١) . إلا أن القاعدة السابقة يرد عليها بعض الاستثناءات التي تتلخص كلها في أن لا يكون للشخص يد في حدوث الأسباب المؤدية إلى زيادة الأسعار المطلوب التعويض عنها(٢) . ومن هذه الأسباب حدوث قوة قاهرة، أو حالة حرب أدت إلى زيادة التكاليف أو الأسعار، في هذا الخصوص تقول دار الإفتاء ا لمصرية: » ١ التعاقد على بناء عقار على أساس الأسعار السائدة وقت العقد فزادت الأسعار بلا فعل من أحد، ولكن بموجب عمل سياسي خارج عن إرادة الطرفين، يكون من قبيل الاستصناع، وهو بيع ما يصنعه العامل عين ً ا، ويطلب فيه من الصانع العمل والعين جميعا، وهو عقد صحيح ا ستحسان ً ا. ً ثالثا: لا يتدخل ولي الأمر بالتسعير إلا حيث يجد خللا ً واضح ً ا في السوق والأسعار ناشئ ً ا من عوامل مصطنعة، فإن لولي الأمر حينئذ التدخل بالوسائل العادية الممكنة التي تقضي على تلك العوامل وأسباب الخلل والغلاء والغبن ا لفاحش. (١) الأخذ بمبدأ ربط الحقوق والالتزامات المؤجلة بمستوى الأسعار مصادم » : لذلك قيل للمقتضيات الشرعية في الشريعة الإسلامية وللتوجيهات الإسلامية للاقتصاد الإسلامي الحر وللطمأنينة الموجبة للثقة في أن الحق الملتزم به هو الحق قدر ً ا ونوع ً ا وصفة وأجلا، ً فلا الشيخ عبد الله « يخشى صاحب الحق نقص حقه ولا يخشى الملتزم به تغيره عليه بزيادة المنيع: موقف الشريعة الإسلامية من ربط الحقوق والالتزامات المؤجلة بمستوى الأسعار، . مجلة البحوث الإسلامية، الرياض، عدد ٢٢ ، ص ١٢٣ انظر أيض ً ا ما قلناه لاحق ً ا (عند بحث تغير الظروف وأثره على الالتزامات ا لتجارية). (٢) من الحالات التي يذكرها الفقهاء: حالة مماطلة صاحب الحق حتى تغيرت الأسعار (إذ زيادة السعر عليه عقوبة يستحقها بسبب مطله)، وحالة حدوث أسباب قهرية لا دخل لأي من طرفي العقد بها، وحالة إذا كان الالتزام بدين نقدي من عملة ورقية معينة ثم انخفضت قيمة هذه العملة الورقية ا نخفاضا فاحش ً .( ا (انظر الشيخ عبد الله المنيع، ذات المرجع السابق، ص ١٢٤ ١٣١ ً أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢ يرفع الغبن عن العامل بما يعوضه عن ارتفاع أسعار المواد المستعملة في البناء، لأن التعاقد تم في ظروف عادية بالأسعار العادية المعروفة وقت ا لعقد. ٣ لا يكون التعاقد لازما بالأسعار العادية، ويكون للعامل الحق في طلب ً « الزيادة، ويرجع في تقديرها إلى الخبراء، في ذلك(١) . ٢ القواعد الحاكمة للمبدأ: في الفقه الإباضي يحكم التسعير القواعد ا لآتية: أولا القاعدة عند الإباضية هي عدم جواز التسعير، والاستثناء في ظروف معينة جوازه. وقد عل ّ ق على ذلك الإمام ابن بركة؛ بقوله: وليس للإمام أن يسعر على الناس أموالهم ولا يجبرهم على بيعها لما روي » أن ا لنبي ژ سئل عن عام سنة، وإنما سميت عام سنة، لشدة غلاء لحق الناس في تلك السنة، فسئل ا لنبي ژ أن يسعر عليهم الأسواق، فامتنع وقال ژ : القابض » فلا يجوز لهذا الخبر أن يسعر أحد على ،« الباسط هو المسعر ولكن سلوا الله الناس أموالهم وأن لا يجبرهم على بيعها بغير طيب نفوسهم من إمام ولا غيره. ولكن إذا بلغ الناس حال الضرورة من الحاجة إلى الطعام، وغرم الطعام على ما في أيديهم واستغنائهم عنه مع سوء حال الناس والشدة جاز للإمام أن يأخذ أصحاب الطعام ببيع ما في أيديهم بالثمن الذي يكون عدلا ً من قيمته ويجبرهم على ذلك، فإن قال قائل: فلم منعتم على التسعير للإمام وقد جوزتموه؟ قيل له: (١) . الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، ج ٥ ٧، ص ٢٤٠٧ ومن المشاكل التي تثور إمكانية تغاير السعر من شخص لآخر، فقد قيل: سمعت أبا عبد الله (يقول): في الرجل يجيئه الذمي يشتري منه المتاع فيماكسه مكاسا شديد » ً ا ً فيبيعه المتاع ثم يجيء بعد ذلك المسلم فيستقصي أيض ً ا في شدة المكاس فيبيعه أغلى مما الإمام الخلال: أحكام « يبيع الذمي وربما باع الذمي أغلى؟ قال: أرجو أن لا يكون لا بأس به . أهل الملل، ص ١٠٥ ٣٠١ جوزناه في حال الضرورة، والموجب تجويز التسعير يرى التسعير في حال « الضرورة وغيرها(١) . ونفصل ما سبق، بالآتي:  ١ لا يسعر حاكم ولا الجماعة ولا الإمام ولا غيره على » فالقاعدة هي أن « الناس أموالهم(٢) . يقول المحقق ا لخليلي: وأنا لا أدري على قول أهل العلم بالتسعير إلا أنه من صريح الظلم وإن » أجازه بعض المخالفين جهالة لما بهم من ضلالة فالعقل يكبره والشرع ينكره. أحب أن ألقى الله وما علي » : ولما أشير (به) على رسول الله ژ تبرأ منه وقال ّ « لأحد مظلمة(٣) . فالبيع جائز والتسعير باطل، وقد ثبت البيع لأنه حق، والحق أحق أن يتبع وبطل التسعير لأنه باطل وزهق الباطل إن الباطل كان زهوق ً ا وهذا أقوى في «(٤) الحكم دليلا ً وأوضح في الحق سبيلا ً . ﻝﻮﻘﻳﻭﻢﻇﺎﻨﻟﺍ(٥): ﻻ ﻥﻮــﻜﻠﻤﻳ ﻢــﻬﻜﻠﻣ ﺭﺍﺮــﺿﺇ ﺱﺎــﻨﻟﺍﻭ ﻲــﻓ ﻢــﻬﻟﺍﻮﻣﺃِﺭﺍﺮــﺣﺃ ﻮﻫﻭ ﻑﻼﺧ ﺎــﻣ ﻩﺎــﻀﺘﻗﺍﻝﺪﻌﻟﺍ ﻞــﺤﻳ ﻢﻠــﺴﻤﻟﺎﺑ ﻻ ﺮـــﻀﻟﺍﻭ ﻡﺮــﺤﻳ ﺮــﻣﺃ ﻙﺍﺫﻭ ﻢــﻬﻴﻠﻋ ﺎــﻤﻧﺇﻭ ﺮﻴﻌــﺴﺘﻟﺍ ﺮــﺠﺣ ﻢــﻠﻌﻳ ﻦــﻣ ﺮﻓﺍﻭ ﻥﺎﻤﺛﻷﺍ ﻦﻴﺣﻖﺤﺘــﺴﺗ ﻢﻟﻭ ﻦــﻜﻳ ﺾﻔﺧ ﻥﺎــﻤﺛﻷﻖﺣﺃ ﺍ ﺎــﻬﻨﻣﻉﺪــﻳ ﺐــﻧﺎﺠﻟﺮــﺧﺁﻭً ﺮﻈﻨﻳﺃ ﺮﻇﺎﻨﻟﺍ ﻲﻓ ﺺﺧﺭﻊﻠــﺴﻟﺍ (١) . ابن بركة: كتاب الجامع، ج ٢، ص ٦٠٤(٢) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٣ ، ص ٦٦٢ ؛ البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٨، ص ٢٠٨(٣) أخرجه الربيع رقم ٧٤ ؛ وأبو داود (رقم ٣٤٥٠ )، والترمذي (رقم ١٣١٤ )؛ وابن ماجه (رقم .٣٠/ ٢٢٠٠ )؛ أطفيش: وفاء الضمانة، ج ٤، ص ٢٩(٤) . ١٤ ؛ الجناوني: الأحكام، ص ٢٢٧ ، المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٨، ص ١٠(٥) . سالم السيابي: كتاب إرشاد الأنام في الأديان والأحكام، ج ٥، ص ٢٨١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي بعبارة وجيزة: والأصل في الشريعة أن الناس مسلطون على ما تحت أيديهم » « من أملاك ولا يملك أحد أن يجبرهم على التبايع بثمن دون غيره(١) . ذلك أن « الأصل في التسعير ا لحرمة »(٢) . ٢ أما الاستثناء فيمكن أن يبرر بلزومه لتحقيق مصلحة للمسلمين تعلو مصلحة عدم التسعير(٣) . فغرض الاستثناء إذن هو رفع الضرر. يقول المفتي العام لسلطنة عمان: ولكن إن أدى الأمر إلى ضرر الناس، بحيث أخذ التجار يحتكرون المواد » الضرورية التي تتوقف حياة الناس عليها وهي الأقوات ورفعوا أسعارها في وقت « الاضطرار إلى ذلك فإن للحاكم أن يتدخل هنا بقدر ما يرفع الضرر عن ا لمسلمين(٤) . ثانيا : أكد الفقه الإباضي على ما سبق ذكره من ضرورة ترك تحديد السعر لآليات السوق، ودون ما تدخل من الحاكم، في هذا المعنى يقول الإمام السالمي إن تحريم التسعير وأنه مظلمة، وجهه: أن الناس مسلطون على أموالهم والتسعير حجر عليهم، والإمام مأمور » برعاية مصلحة المسلمين، وليس نظره في مصلحة المشتري برخص الثمن أولى (١) د. ماجد الكندي: الوجيز في فقه المعاملات المالية عند الإباضية، الطبعة الأولى، . ١٤٣٤ ٢٠١٣ ، ص ٤٠(٢) سالم البوسعيدي: الوجيز شرح الجامع الصحيح، ص ٤٥٠ ، راجع أيض ً ا ابن عمر: حاشية . الترتيب على الجامع الصحيح، ج ٣، ص ٢٠٤ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ٢٦١ (٣) يقول الخليلي إنه يستثني من تحريم ا لتسعير: ما كان في موضع الضرر كالمحتاج إلى ماء ليحيي به نفسه فلم يجده إلا بمبلغ من الثمن »كبير مضاره له فيرد إلى عدل القيمة ولو اشتراه لأجل الضرورة بما يتحكم صحبه عليه فليس عليه أكثر من قيمة بنظر العدول وكذا في ا لأثر. والطعام كذلك إذا احتكر ولم يوجد إلا بأضعاف ثمنه فيجوز أن يحكم ببيعه ويرد إلى قيمة .« العدل إذا تعينت ا لضرورة . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٨، ص ١١٩ ١٢١ (٤) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى المعاملات، الكتاب الثالث، ص ١١٧ ٣٠٣ من نظره بمصلحة البائع بتوفير الثمن، وإذا تقابل الأمران وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم وإلزام صاحب السلعة أن يبيع بما لا يرضى به مناف لقوله تعالى: ﴿ FEDCBA ﴾[ [النساء: ٢٩ وإلى هذا ذهب « جمهور ا لعلماء(١) . ثالثا : أكد فقهاء الإباضية على عدم جواز الفسخ لتغيير السعر بعد العقد. وبالتالي، من باب أولى، لا يجوز زيادة السعر إذا حدث ارتفاع أو انخفاض في الأسعار، يقول السالمي إنه إذا تم الاتفاق بثمن معلوم: ِ « تم العقد والأسعار تختلف، ولا غير لهم بغلاء السعر ورخصه »(٢) . ََ رابعا : بخصوص البيع بأكثر من سعر، أكد الإباضية على أنه إذا تم ذلك بالتراضي فهو جائز. يقول الخليلي بخصوص بيع التاجر السلعة الواحدة بأكثر  من قيمة: أما المساوم والمماكس فلا يضيق أن يبايعهما بما اتفقا عليه زاد أم نقص إن » كان (المشتري) حرا بالغ ً ا عاقلا .ً وأما المسترسل وهو الذي يشتري بغير مساومة ولا جدال كما تبيع الناس فهذا لا يجوز أن يبايعه إلا مثل بيع العامة لا بأقل وزن ً ا ولا بأغلى ثمن ً ا إلا أن « يشترط عليه: أني لا أبايعك إلا مساومة بما نتفق عليه(٣) . وجاء في قاموس ا لشريعة: » مسألة ابن عبيدان: إن البائع يبيع سلعته بما تتفق، غير أنه لا يجوز أن يبيع على من لا يجادله وهو عزيز بأكثر مما يبيع لمن يجادله، وأما إن أحسن لأحد من إخوانه في البيع فلا يضيق عليه ذلك، والله أعلم. (١) . الإمام السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ٢٢٥ ٢٢٧(٢) . جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ٢٠١ ٢٠٢(٣) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٨، ص ٣٠ ٣١ ؛ ص ٦٤ ٦٥ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي مسألة ا لصبحي: والمسترسل الذي لا يماكس (وأحسب أنه بكسر السين « الثانية) البيع له كما يباع للماكس(١) . وبخصوص من يبيع بسعر معلوم: هل له أن يزيد أو ينقص عما يبيع إذا بايع َ أحد ً ا أم لا؟ يقول ا لحارثي: يبيع له كما يبيع لغيره إذا كان المشتري مسترسلا، » ً وهو الذي لا يجادل عند « الشراء وإذا كان يجادل فله أن يبايعه بما اتفقا عليه من ا لثمن(٢) . وجواز التغاير في السعر في الأحوال التي يجوز فيها يرجع إلى قاعدة أن وهكذا جاء في ا لمصنف: .« الإنسان أملك بماله » ولا فرق عندي في بيع البائع باختلاف الأسعار في اليوم الواحد، أو سعر » واحد، وأصبح في ذلك مقصده وإرادته. وقد قيل: في ذلك بأشياء محصولها أنه أملك بماله وأنه يبيع ماله كيفما شاء للمماكس من الأسعار والمسترسل، ومثله كما يستقيم له ومعه سعر العامة في « وقته ذلك وساعته(٣) . كذلك يمكن أن يتم التغاير في السعر لأسباب ترجع إلى التسامح أو القرابة أو ا لصداقة(٤) . (١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٣ ، ص ٢٤١ (٢) الشيخ عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٣، ص ٢٤٣ وأيض ً ا ص ٢٥٧ ؛ انظر أيض ً . ا جوابات ورسائل العلامة البطاشي، ص ٢٧٢ ٢٧٣ وبخصوص هل يجوز للرجل أن يبيع السلعة بما شاء على من شاء من الناس بما شاء من الثمن، مثلا ً باع منها منا بلارية على أحد من إخوانه أو أقاربه، ثم باع على آخر ذا بلاريتين على هذه الصفة يجوز ذلك أم لا؟ جاء في جواهر ا لآثار: فعلى ما وصفت، أن البائع يبيع سلعته بما نتفق غير أنه لا يجوز له أن يبيع على من »لا يجادله وهو غرير بأكثر مما يبيع لمن يجادله، وأما إن أحسن لأحد من اخوانه في البيع فلا . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ٣، ص ١٢١ .« يضيق عليه ذلك (٣) . النزوي: المصنف، ج ٢٤ ، ص ٥٩ ٦٠ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ٢٤٦(٤) وهكذا بخصوص سؤال إذا بعت الشيء على رجل بقيمة وعلى آخر بأدنى منها ذرع ً ا أو كيلا ً ٣٠٥ تلكم أهم القواعد التي تحكم السعر والتسعير في الفقه ا لإباضي(١) . أو وزن ً ا فهل من بأس إذا كان بيعك على الثاني هو المعتاد لأن الأول أكثر الجدال، أو لم يكثر، يقول ا لحارثي: لا بأس بذلك إذا كان بيعه للرجل هو المعتاد، وإنما سامح الآخر لجداله أو لغرض كصاحب ». الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٣، ص ١٧٥ « وقريب بينما بخصوص سؤال: هل يجوز للتاجر أن يبيع للذي لا يماكس ولا يشاحح في ثمن البضاعة، بل لا يسأل عن السعر مطلقا، بسعر أغلى من الذي يبيع به للمماكس المشاحح؟ يقول الشيخ بيوض: لا يجوز هذا مطلق » ً « ا، وفي المساواة السلامة، وفي التخفيض لغير المماكس ا لكرامة . فتاوى الشيخ بيوض، ص ٤٤١ « والتاجر يبيع للمسترسل بسعر ما يبيع للمماكس، لأن غبن المسترسل حرام » : لذلك قيل . الأصم: البصيرة، ج ١، ص ٢٤ ٢٥ (١) نضيف إليها مسألة أخرى: خاصة بالسعر كعنصر في التجارة أو في ا لبيع. ونكتفي بذكر ما جاء في ا لدعائم: قال أبو الحسن » 5 : في رجل قال لتاجر: بع لي من طعامك أو من متاعك بسعر ما تبيع فيرسل له إذا أرسل به إليه، وقد بعتك كذا وكذا والله أعلم بذلك وإن يقطع ثمن ً ا ولا يتفقا القول الأول إذا عرفه الثمن، فالبيع منتقض لأنه لم يبايعه في الوقت على شيء عرفاه، واتفقا على ثمنه فله عليه قيمة ذلك الشيء إلا ما كان يعرف بالكيل والوزن فله مثله. فأما إن جاء إلى التاجر، قال: أعطني كذا وكذا فأعطاه ولم يقطعا الثمن ولم يبد له في الوقت ثم أراد أن يعطيه من بعد، إنما له مثل ما أعطاه إذا لم يتفقا في الوقت على ذلك، ويعطيه ولا .« يؤخر الثمن، فإن أخره فالأول بحاله راجع ابن النظر: الدعائم ص ٤٧٤ ؛ جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٨٣٩ ؛ الكندي: بيان . الشرع، ج ٤٢ ، ص ٢١٥ ٢٢٠ ،٢١٦ ٢٢٥ التسعير فيه إكراه للشخص على البيع بسعر معين، وبالتالي فهو يتعارض » ويرى الشوكاني أن وقوله تعالى: ﴿ FED﴾، وقوله أيض ً ا: ﴿ <=@?>﴾ ،   إن السعر غلا فقالوا: يا رسول الله: سعر لنا. فقال: إن الله هو ا لمسعر » : وكذلك حديث أنس َْ قال ابن ،« القابض وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال حجر: وإسناده على شرط مسلم. وظاهر هذه الأدلة عدم الفرق بين القوتين وغيرهما لأن الكل يتأثر عنه عدم طيبة النفس ويقع على خلاف التراضي ا لمعتبر. ولا فرق بين أن يكون في التسعير الرد إلى ما يتعامل به الناس أو إلى غيره، فإن الفرق بمثل أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي رة:  #  م ا  )a از X م 0 ج) ندرس المبدأ العام، والقواعد التي تحكمه. ١ المبدأ ا لعام: يلاحظ المتتبع لمجريات العلاقات التجارية الداخلية والدولية أن بعض  الحكام يقومون، مباشرة أو بطريق غير مباشر، سرا أو علانية، من تلقاء أنفسهم أو « الحاكم التاجر » بواسطة الغير، بعمليات تجارية كبيرة، وهكذا أصبح يوجد الآن ولا شك أن لذلك مضاره، ومنها: « التاجر الحاكم » أو أولا : انشغال الحاكم عن أمور الحكم، مما يجعل هذه الأخيرة في نهاية اهتماماته، إن وجدت أصلا .ً ثانيا : استغلال الحاكم وضعه ومنصبه في الحصول على مغانم وصفقات كبيرة وكثيرة لا يستطيع غيره بداهة الحصول عليه. بل كان عمر ƒ يقول: « تجارة الأمير في إمارته خسارة »(١) . هذا الفرق هو مجرد رأي وملاحظة مصلحة في شيء يخالف الشرع. وقد أشار ژ في حديث أنس السابق إلى ما يفيد أن في التسعير مظلمة، فلا خير ولا مصلحة في مظلمة. بل الخير كل الشوكاني: السيل الجرار ،« الخير والمصلحة كل المصلحة في العمل بما ورد في الشرع . المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٣، ص ٨٥ ٨٦ (١) . راجع أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٤، ص ٢٦ بل بخصوص التجارة في الاسواق التي بناها السلطان الظالم يقول ا لغزالي: الأسواق التي بنوها بالمال الحرام تحرم التجارة فيها ولا سكناها. فإن سكنها تاجر واكتسب »« بطريق شرعي، لم يحرم كسبه، وكان عاصيا بسكناه ّ . الغزالي: إحياء علوم الدين، دار الشعب، القاهرة، ج ٥، ص ٩١٠ ويقول ا لثعالبي: ومما ينبغي للملك أن يكون ارتفاعات ملكه ويكون أموال الفيء في خزانته أكثر من أموال » الباب الأول: المبادئ الحاكمة للقانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٠٧ أن يكون الملك يشتغل بجمع المال، ويفرط في الجيش » : كذلك قيل « والرجال، فهذا حاله غير محمود، وفعله غير مردود(١) . ورغبة في منع إساءة الحكام لسلطاتهم، وبالنظر إلى مكنات السلطة العامة التي في حوزتهم، أكد عمر بن عبد العزيز على ضرورة منعهم الاشتغال بالتجارة في قوله: ونرى أن لا يتجر إمام، ولا يحل لعامل تجارة في سلطانه الذي هو عليه، فإن » « الأمير متى يتجر يستأثر ويصب أمورا فيها عنت وإن حرص على أن لا يفعل(٢) . ً معنى ذلك أن عمر بن عبد العزيز: - قرر عدم جواز قيام السلطة الحاكمة بأعمال التجارة، يتضح ذلك .« لا يتجر إمام » « لا يحل » : من قوله - أن علة ذلك، في رأي عمر، أن الحاكم يستأثر ويصيب أمور ا فيها عنت ً (فكرة إساءة استخدام ا لسلطة). - فما بالك .« على أن لا يفعل » أن ذلك يسري حتى ولو حرص الحاكم بحكام هذا الزمان الذين يقوم بعضهم إما مباشرة أو من خلال آخرين، عادة أقارب لهم بالتجارة فعلا ً ويبرمون الصفقات أو يحرصون على التوكيلات جهارا نهارا، مستندين إلى عظيم سلطانهم(٣) . ًً الخراج بحضرته وأن يجمع بين الدهقنة والسلطنة والتجارة والإمارة وبين الزرع والضرع، .« ويستفتح أبواب الرزق ويستجلب أسباب ا لخير . الثعالبي: آداب الملوك، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٩٩٠ ، ص ٢١٦ (١) أمير المسلمين الملك موسى أبو حمو: كتاب وساطة السلوك في سياسة الملوك، مطبعة الدولة . التونسية، ١٢٧٩ ه، ص ١٢٤(٢) . ابن عبد الحكم، سيرة عمر بن عبد العزيز، مكتبة وهبة، القاهرة، ١٩٨٣ ، ص ٨٣(٣) يقول ابن الأزرق: إن تجارة السلطان من أعظم الآفات المضرة بالرعايا المفسدة للجباية. يرجع ذلك إلى عدة أمور، منها: مضايقة الفلاحين والتجار في شراء الحيوان والبضائع. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ويسري حظر الاتجار أيض ً ا على السفراء والمبعوثين الدبلوماسيين(١) ، فقد نصت المادة ٤٢ من اتفاقية فيينا ١٩٦١ الخاصة بالعلاقات ا لدبلوماسية: ليس للمبعوث الدبلوماسي أن يمارس في الدولة المعتمد لديها أي نشاط » .« مهني أو تجاري بغرض كسب شخصي وجاءت المادة ٣١ من الاتفاقية المذكورة لتقرر أن حصانة المبعوث الدبلوماسي ضد الاختصاص القضائي المدني والإداري للدولة المعتمد لديها لا تسري في أحوال، منها: الدعاوى المتعلقة بأي نشاط مهني أو تجاري يمارسه في الدولة المعتمد » .« لديها خارج نطاق وظائفه ا لرسمية وسألت يا أمير المؤمنين عن رجل » : وفي الفقه الإسلامي، يقول أبو يوسف من أهل الحرب يخرج من بلاده يريد الدخول في دار الإسلام فيمر بمسلحة من مسالح المسلمين على طريق أو غير طريق فيؤخذ فيقول: خرجت وأنا أريد أن أن السلطان قد ينتزع الكثير من ذلك غصبا أو بأيسر ا لأثمان. ً أن السلطان قد يكلف التجار والفلاحين، دون أن ينتظر حوالة الأسواق، شراء تجارته بأرفع قيمة. أن التجار والفلاحين والحالة هذه ربما تدعوهم الضرورة فيبيعون تلك السلع بأبخس ثمن لكساد سوقها. أنه على تقدير حصول الفائدة بالتجارة، فيذهب بها حفظ عظيم من الجباية من جهة ما يفوت من المغرم عندما يكون غير السلطان هو الذي يعاني البيع والشراء. .( (ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، المرجع السابق، ج ١، ص ٢١٣ ٢١٤ تجدر الإشارة أن رأي ابن الأزرق أخذه بصورة كاملة عن ابن خلدون الذي خصص الفصل ٤٠ ) في أن التجارة من السلطان مضرة بالرعايا مفسدة للجباية، بحث فيه كل الأمور التي ).( بحثها ابن الأزرق (راجع مقدمة ابن خلدون، دار الشعب، القاهرة، ص ٢٥٠ ٢٥٢(١) انظر تفصيلات أخرى كثيرة في: د. أحمد أبو الوفا كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة الإسلام، . ج ٤، القانون الدبلوماسي في الإسلام، دار النهضة العربية، القاهرة، ص ١٧٢ ١٨٢ ٣٠٩ أصير إلى بلاد الإسلام أطلب أمان ً ا على نفسي وأهلي وولدي أو يقول: إني رسول، يصدق أو لا يصدق؟ وما الذي ينبغي أن يعمل به في أمره؟قال أبو يوسف: فإن كان هذا الرجل حربي إذا مر بمسلحة مر ممتنعا منهم لم يصدق ً ولم يقبل قوله وإن لم يكن ممتنعا منهم صدق وقبل قوله، فإن قال: أنا رسول ً الملك بعثني إلى ملك العرب، وهذا كتابه معي، وما معي من الدواب والمتاع والرقيق فهذه إليه، فإنه يصدق ويقبل قوله إذا كان أمرا معروف ً ا فإن مثل ما معه ً لا يكون على مثل ما ذكر من قوله: إنها هدية من الملك إلى ملك العرب ولا سبيل عليه ولا يتعرض له ولا لما معه من المتاع والسلاح والرقيق والمال إلا أن يكون معه شيء له خاصة حمله للتجارة فإنه إذا مر به على العاشر عشره ولا يؤخذ من الرسول الذي بعث به ملك الروم ولا من الذي قد أعطى أمان ً ا عشر إلا .« ما كان معهما من متاع التجارة فأما غير ذلك من متاعهم فلا عشر عليهم فيه ويضيف أبو يوسف: فإن أراد هذا الرسول رسول الملك الذي أعطي الأمان أن يرجع إلى دار » الحرب فإنهم لا يتركون أن يخرجوا معهم بسلاح ولا كراع ولا رقيق مما أسر من أهل الحرب، فإن اشتروا من ذلك شيئ ً ا يرد على الذي باعه منهم ورد أولئك الثمن إليهم، فإن كان مع هذا الرسول أو الذي أعطي الأمان سلاح جيد فأبدله بسلاح أشر منه أو دابة فأبدلها بأشر منها فذلك جائز ولا بأس بأن يترك يخرج بذلك وإن كان أبدله بخير منه رد عليه سلاحه ودابته ورد ذلك صاحبه الذي أبدله، ولا ينبغي للإمام أن يترك أحد ً ا من أهل الحرب يدخل بأمان أو رسولا ً من ملكهم يخرج بشيء من الرقيق والسلاح أو بشيء مما يكون قوة لهم على المسلمين، فأما الثياب والمتاع فهذا وما أشبهه لا يمنعون منه، ولا ينبغي أن يباع الرسول ولا الداخل معه بأمان بشيء من الخمر والخنزير ولا الربا وما « أشبه ذلك(١) . (١) انظر ذات المرجع، ذات ا لموضع. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي معنى قول أبي يوسف ثلاثة أمور: أولا : الضرائب والرسوم التي « دفع » أن المبعوث الدبلوماسي لا يعفى من تقررها الدولة الإسلامية على ممارسة الأعمال ا لتجارية. ثانيا : أن القوانين الإسلامية الخاصة بممارسة الأعمال التجارية (كقوانين التصدير والاستيراد) لا يعفى منها المبعوث الدبلوماسي الذي يمارس أعمالا ً تجارية، وبحيث يسري عليه الحظر الخاص بتصدير أو استيراد أشياء أو منتجات معينة: كالكراع أو السلاح أو غيرها. ثالثا : أن الرسول يعفى من الضرائب والرسوم بالنسبة لما معه من متاع غير مقصود به ا لتجارة. تجدر الإشارة أن ا تجاه ً ا آخر في الفقه الإسلامي يذهب إلى عدم أخذ أي ضرائب أو رسوم أو عشور في هذا الخصوص من غير المسلم، حتى ولو كان فرد ً ا عاديا، إلا إذا شرطنا عليهم ذلك.  وهكذا يقرر ابن حزم: » ٧٠٢ مسألة ولا يجوز أخذ زكاة ولا تعشيرها مما يتجر به تجار المسلمين، ولا من كافر أصلا، ً تجر في بلاده أو في غير بلاده، إلا أن يكونوا صولحوا على ُ ذلك مع الجزية في أصل عقدهم، فتؤخذ حينئذ منهم وإلا فلا. أما المسلمون فقد ذكرنا قبل أنه لا زكاة عليهم في العروض لتجارة كانت أو لغير تجارة. وأما الكفار فإنما أوجب الله تعالى عليهم الجزية فقط، فإن كان ذلك صلحا ً مع الجزية فهو حق وعهد صحيح، وإلا فلا يحل أخذ شيء من أموالهم بعد صحة عقد الذمة بالجزية والصغار، ما لم ينقضوا العهد، وبالله تعالى ا لتوفيق(١) . (١) راجع ذات المرجع، ذات ا لموضع. ٣١١ والواقع أننا نعتقد أن الرأي القاضي بعدم الإعفاء من الرسوم والضرائب المحلية على أموال التجارة هو الجدير بالتأييد، على الأقل بالنسبة للمبعوث الدبلوماسي والذي أرسل لإنجاز وظائف معينة ليس من بينها التجارة، وإلا لانقلب إلى تاجر، وفقد أو تناسى الصفة التي جاء من أجلها: كونه رسولا ً .« أو سفيرا ً ٢ القواعد الحاكمة للمبدأ: أما تجارة السلطات الحاكمة في الفقه الإباضي، فتحكمها القواعد ا لآتية: أولا دستور التعامل التجاري للسلطات ا لحاكمة: يجب على « دستورا » في الفقه الإباضي يمكن أن نجد أمثلة كثيرة لما يعتبر ً السلطات الحاكمة في الدولة مراعاته والالتزام به بخصوص أمور ا لتجارة. ونكتفي هنا بذكر الأمثلة ا لآتية: • ما جاء في ا لمصنف: يذكر النزوي خصوصا ما يلي: ً »مسألة : ولا يجوز للوالي أن يتجر في الولاية، وقد قال رسول الله ژ : إن الأمير » .« التاجر ملعون قلت: فالشراة؟ قال: وقد كان الإمام ا لصلت بن مالك يتقدم على الشراة، أن لا يتجروا للوالي. قلت: فإن فعلوا، هل على الوالي أن ينهاهم؟ فإن عصوا وتجروا، طردهم ويأخذ غيرهم؟ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي قال: نعم. فإن لم يفعل لم أخلع ولايته، ما لم يتعدوا على الناس، ويتجروا للوالي. والوالي إذا علم به الإمام، أنه يتجر فليعزله من ولايته فإن لم يفعل فالله أعلم، إذا أتجر الوالي مثل الناس، ولم يجبر الناس أن يشتروا من عنده. فإن عزله الإمام فهو أحسن وإن لم يعزله، لم أخلع ولايته. وإن كان يتعدى على الناس، ويسترهبهم في تجارته أعلم الناس، لعله الإمام عدلا ً فإن عزله وإلا ا ستتيب. فإن لم يعزله أنزل منزلة من أعان ظالما على ظلمه، فهو مثله. ً « وإن أصر على ذلك بعد الصحة كان للمسلمين أن يعزلوه(١) . معنى ذلك عدة أمور، هي: أولا : أنه لا يجوز للوالي كقاعدة عامة القيام بالتجارة. ثانيا : أن على الإمام واجب عزل الوالي التاجر، إذ علم قيامه بالتجارة، خصوصا إذا كان الوالي يسترهب الناس في تجارته. ً ثالثا : للمسلمين عزل الإمام الذي لم يعفي الوالي التاجر الذي يسترهب الناس في تجارته من منصبه، لكنه لا يعزل إذا كان الوالي يتجر مثل الناس (وإن كان من الأحسن للإمام أن يعزله). • ما جاء في بيان ا لشرع: يذكر الكندي خصوص ا ما يلي: ً » مسألة: قلت: فهل يجوز للوالي أن يتجر في الولاية؟ قال: قد سمعت في بعض الحديث أن الأمير التاجر ملعون، قلت: فيجوز للشراة؟ قال: قد كان الإمام (١) . النزوي: المصنف، ج ١٣ ، ص ٩٩ ١٠٠ ٣١٣ الصلت بن مالك يأمرني أن أتقدم عليهم أن لا يتجروا ووجدت في عهد الإمام الصلت بن مالك لغسان بن حليد حين بعثه واليا على رستاق هجار ولا تتبع ولا ً تبتاع شيئ ً ا في ولايتك إلا ما لابد لك من بيعه من طعام الصدقات من غير أن  تجبر أحد ً ا أن يشتري منك شيئ ً ا ولا تعلم أحد ً ا أنه متخذ عندك بذلك يدا ولا تخبر أحد ً ا أنه يحمل طعاما من بلد إلى بلد استكراه منك لهم ولا تقبل من أهل ً الهديات ولا تجبهم إلى الدعوات وأم ْ ر ولاتك وأصحابك فإن ذلك من المعائب ُ ومما يدعوا إلى الأدهان والأصغاء والركون إلى الهوى فأعاذنا الله وإياك من « الشيطان وفتنته(١) . يتضح من ذلك الأمور ا لآتية: أولا : أنه لا يجوز للسلطة الحاكمة الاشتغال بالتجارة، فالأمير التاجر ملعون.  ثانيا: أن تجارة السلطة الحاكمة بخصوص بيع الأموال العامة (أموال بيت المال) لا يجوز إجبار الناس على الشراء منها. • ما جاء في المدونة ا لكبرى: جاء في المدونة الكبرى ما يلي(٢) : سألت أبا المؤرج فقلت له: أخبرني عن الإمام أل » َ َه أن يتجر مع رعيته، فقال: إن ُ كان يتجر ويمنعهم مما يتجر فيه، ويسترخص إذا اشترى، ويغلي إذا باع لمكان سلطانه، فذلك الحرام، وإن كان يعمل عمل رجل من المسلمين؛ يشتري كما يشتري الناس، ويبيع كما يبيع الناس، ولا يداهنوه في التجارة، فما أستطيع أن أحرم ذلك عليه، وإن أحب ذلك إلى أن يكف عن التجارة، ففي عطائه ورزقه ما يكفيه، وفي أمور المسلمين وما يعني به من أمورهم وأحكامهم ما يشغله عن التجارة، وأنه لعظيم عند الله تعالى أن تشغله التجارة عن حوائج المسلمين وأهل ذمتهم. (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٢٨ ، ص ٢٠٤ ٢٠٥ ؛ ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٦ ، ص ٣٨(٢) . ابن غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٨٤ ٢٨٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي فمن شاء من هذا السلطان فليتق الله وليؤثر حوائج المسلمين على حوائجه. لا أدري رفع هذا الحديث إلى أبي عبيدة أم كان رأيا منه، لا يسنده إليه. ً قال: وقال عبد الله بن عبد العزيز: لا أرى لإمام المسلمين ولا لقاضيهم، ولا  لأحد من عمالهم أن يتجروا مع الرعية لموضع التهمة، ولمكان التزييد في البيع والشراء، وحمل الأشياء لهم على أنفسهم، للتقرب إليهم، واتخاذ المنزلة لديهم، وهذا سبيل يتوصل به من أعياه الرشوة والإمام والقاضي والعامل لا يقدرون على إعطاء الأموال والهبة عيان ً ا، لقبح ذلك ووقوعه في الأنفس لما لم يجد له تأويلا ً يحجزه عن الرشوة فيتغابن له في البيع والشراء، أو يزداد للعشرة اثني عشر، يشتري السلعة بما لا تسوى، أو باعه بيعا رخيصا لا يعطيه لغيره بزيادة المال ًً لمكان سلطانه، وليس له في التزييد والمحاباة إلا بلوغ المنزلة وارتفاع الدرجة لديه إذا أعياه إدخال الرشوة عليه للوجه الذي يستنكر ويستقبح. قال: وقال عبد الله بن عبد العزيز: فهلا قاس الفاعل ذلك نفسه بغيره من الرعية في بيوعهم وشرائهم في الرخص والغلاء، فإن لم يجده متباين ً ا متباعد ً ا، فالقول قوله، ولربما غلا ذلك على الوالي، وذلك لموضع غلاء الشيء في يد من ولاه إياه، وليس بذلك يقتدي، لأن ذلك أقل حالاته، وبالأحرى أن لا يكون البائع ينتقص من رأس ماله، ويقول: تقوم علي بكذا وكذا، ليرخصه عليه، ويتجاهل ّ الآخر، كأنه لا يعرف ذلك، ويقول: قد ولاني وأحسن إلي، ولعله مع ذلك يحتج ََ ويقول: ﴿ ;:987 ﴾[ [البقرة: ٢٧٥ . قال: وإدخال المنافع على السلاطين في البيع والشراء وغيرها أكثر من أن .« نعد جميع ذلك ونحصيه قال ابن عبد العزيز: البعد من مقاربة الخطأ والسلامة من الآفات التي تزري بأهل السلاطين، وتوقع التهمة عليهم للإمام وغيره، من قضاته وحشمه، وأهل بيته ومن يلوذ به، الكف عن البيع من الرعية والشراء منهم وتحميلهم حوائجهم والبضائع معهم إلا أن يعلموا أن أولئك يفعلون بجميع الناس فعلهم بهم، وإن لم ٣١٥ يكونوا يفعلون بالناس فعلهم بهم، فمن أين ذلك؟ أيتعامون هل هو إلا لمكان هذا السلطان الذي جعله الله درك ً ا لحق الضعيف ونصفة للمظلوم، فخوله المهلك لذلك، واستأكل به الناس، ويداخلهم في التجارة، وتأول تأويل الشبهة ﴿ 7;:98 ﴾[ [البقرة: ٢٧٥ . قلت: فما أراك إلا وقد حرمت التجارة، فكيف يصنع الإمام والقاضي إذا لم تكن تسعهم أرزاقهم لكثرة عيالهم؟ إذا لم يتجروا ضاعوا وضاعت عيالهم، وعسى بهم أيض ً ا أن لا تكون لهم أرزاق؟ قال: لعمري، لئن أرادوا الصحة والتنزه عن أموال الناس ليجدون في ذلك وجوه ً ا كثيرة لا يدخل عليهم فيها عيوب. قلت: وما هي؟ قال: إن أراد الإمام وبعض من ينزل منزلته من قضاته وعماله  التصحيح في تجارتهم فليوجهوا فيها إلى الأمصار، فيشترون من غير رعيتهم ومن غير أهل مملكتهم، أغلوا أو رخصوا، ثم يأتون بها إلى مصرهم، ثم ليتوجهوا بها حيث شاؤوا من البلدان، فيبيعونها من غير أهل رعيتهم، ومن غير أهل مملكتهم. قلت: لقد ضيقت على هؤلاء ضيق ً ا شديد ً ا، قال: قد ضيقه رجال قبلهم كانوا خيرا مني، ورأيت ذلك من قولهم عدلا .ً ً قلت: إن أراد الإمام أو السلطان أو القاضي أو العامل شراء ما يحتاج إليه من سوقه مما لا يجدوا منه بدا فما يصنع، أيكف عن الشراء؟ قال: ما بالصحة من خفاء، ولا بأهلها إن أراد شيئ ً ا مما ذكرت فليوكل رجلا ً من المسلمين ممن لا يلوذ بهم، ولا يتهم أنه يريده له، فيشتريه له بمثل ما يشتري به ا لناس. قلت: فما دون هذا من الأشياء اللحم والسمن والعسل وما أشبهه مما يليه لا بأس بهذا ونحوه، ولو ضيقت في هذا ونحوه لكان أمرا » : الخادم والغلام؟ قال ً قبيحا إلا أن يكون ذلك الوالي، أو ذلك القاضي، أو ذلك العامل يرى أمرا فاحش ً ا ًً .« يستنكره، فلا أحب له ذلك، فالتنزه عن هذا ونحوه أفضل أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي معنى ما تقدم ما يلي: أولا : من المستحب ألا يقوم الإمام بالتجارة، حتى ولو اشترى أو باع كما يشتري الناس ويبيعون. ثانيا: أن علة منع السلطات الحاكمة من التجارة أن ذلك يثير شبهة أو تهمة التقرب إليهم، واتخاذ المنزلة لديهم. ثالثا: إذا ضاقت على رجال السلطة الحاكمة السبل لاحتياجهم إلى ما يسد معيشتهم فيمكن لهم التجارة خارج الدولة، بأن يشتروا ويبيعوا من غير رعيتهم ومن غير أهل مملكتهم. رابعا: يمكن لرجال السلطة الحاكمة شراء ما يحتاجونه لاستهلاكهم الشخصي من داخل الدولة، شرط أن يقوم به شخص أمين غير متهم (الغرض من ذلك منع محاباة البائع للحاكم إن علم أن الأشياء تشترى له). • ما جاء في السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان: ومما جاء فيها ما يلي: وأن تنصفوا الناس من أنفسكم في معاملاتكم ومدايناتكم، فإن كان لأحد » عليكم حق فلا تمطلوه ليرضى بدون حقه تقية أو ضرورة، أو تلجئوه إلى أخذ شيء من العروض يأخذها بأكثر من قيمتها في البلد، ولا تبيعوا ولا تشتروا لأنفسكم إلا أن توكلوا في ذلك غيركم من الرعية من هو غير داخل معكم في حرمة وأمر، ولا يعلم البائع أن الشراء لكم. ولا تقبلوا من الرعية الهدايا والعطايا، وأن تمنعوا خدمكم وأصحابكم من ذلك، ولا تقبلوا من الناس أموالهم على وجه المعونة، ولا ترسلوا إليهم في ذلك إلا أن يسرعوا هم من تلقاء أنفسهم، أو يشير بعضهم على بعض من غير رسالة منكم ولا تتحملوا الديون إلا من ضرورة في نفقة أو كسوة أو تقووا أمر المسلمين. ولا تبذروا أموالكم ولا أموال المسلمين حتى تحتاجوا إلى أموال الرعية وتأخذوا منهم على وجه القرض أو المداينة أو ٣١٧ المعونة وتحتجوا أنكم فعلتم ذلك ضرورة أو حاجة، فليس هذا مما يوجب لكم « عذرا في أخذ أموال الرعية، وأن ترفعوا الطمع فيما لا يجب لكم على ا لرعية(١) . ً كذلك جاء فيها: ومما عابوا على الصلت أنهم قالوا: إن ابن أبي المقارش يسعر السوق برأيه » ولا ينكر عليه الصلت، وقد يمكن أن يكون الصلت لم يعلم بذلك وقد فعلوا هم ما هو أعظم من ذلك، إنما أمر راشد ولاة القرى أن لا يدعوا الناس يشترون من طعام أهل القرى وهو وولاته يشرونه لأنفسهم وهذا تحليل لما حرم الله ﴿ 7;:98 ﴾[ [البقرة: ٢٧٥ فإن يكن حلالا ً فقد منعوا الناس من الحلال، « وإن يكن حراما فقد استحلوا ا لحرام(٢) . ً يتضح مما تقدم القواعد الآتية بالنسبة لتجارة ا لحكام: أولا : عدم إجبارهم للرعية بأخذ العروض بأكثر من قيمتها بالبلد. ثانيا: لا يجوز إعلام الرعية، عند الشراء للحاكم، بأنه له من قبل وكيل ا لحاكم. ثالثا: عدم أخذهم أموال الرعية بدون وجه حق. رابعا: عدم تحريمهم الحلال، أو استحلالهم للحرام. ثانيا القاعدة العامة: عدم جواز قيام الحاكم بالتجارة: هذه القاعدة يبررها عدة أمور منها: منع محاباة الحاكم عند التعاقد معه. عناية الحاكم بوظيفته الأساسية، وهي رعاية أمور الدولة، وليس الانشغال بمصالحه ا لخاصة. (١) السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، تحقيق: د. سيدة إسماعيل، ج ١، وزارة التراث القومي . والثقافة، سلطنة عمان، ص ٤١٦ ٤١٧(٢) . ذات المرجع، ص ٦٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣١٨ تتضح هذه القاعدة مما قاله ا لنزوي: وعن هاشم: ولا يشتري الإمام، ولا قاض، ولا والي يلي الشراء بنفسه. »ولكن يأمر من يشتري له، من غير أن يعلم البائع لمن يشتري له. وكذلك إذا باعوا شيئ ً ا يبيع لهم ولا يعلم أنه يباع لهم. وابن محبوب أجازه، ولا بأس أن يشتروا هم لأنفسهم. أبو محمد: وقد روي عن النبي ژ : أنه كان إذا أمر بشراء شيء فاشتري له فاسترخصه، سأل الرسول: هل عرف البائع لمن ا شترى. « فإن قال: نعم رده. وإن قال: لا قبله(١) . يتضح مما تقدم أن للإباضية نظرية متكاملة بخصوص التجارة الخاصة للسلطات الحاكمة في الدولة: ذلك أن ما يسري على الحاكم (وهو قمة السلطة في الدولة)، يسري على كل موظف عام أو ذي منصب من باب أولى(٢) . (١) النزوي: المصنف، ج ١٣ ، ص ٩٩ ، ويسري ذلك على القاضي. يقول ابن عبيدان: ولا ينبغي للقاضي أن يستقرض من أحد الخصوم ولا من أهل عمله دنانير ولا دراهم ولا »من أحد من غير الخصوم، وهو يرى ويظن أن ذلك من أحد من الخصوم، ولا بأس أن يستقرض من صديق له أو خليط لم يزل خليط ً ا له من قبل أن يستقضي، أو لم يخاصم إليه في شيء يهم أنه يعين خصما من يخاصم إليه. ً ولا ينبغي للقاضي أن يستعير من أحد أهل عمله ممن يخاصم إليه دابة، ولا ثوبا، ولا يستعيره ً الناس من بعضهم بعض، ولا بأس أن يستعير ذلك من صديق كان يستعرضه قبل أن . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٦ ، ص ٣٩ « يستقضي، وليس يخاصم إليه في شيء كذلك جاء في ا لمصنف: في البيع بأخذ صاحب السلطان منه بأقل ما يبيع، هل له أن يغالطه في الحساب حتى يأخذ »منه ا لثمن؟ .« فنعم له مثل ذلك، وأحب أن يشهد له إن خافه من غير إلزام . النزوي: المصنف، ج ٢٤ ، ص ٩٢(٢) ويثور ذلك حتى بالنسبة للسفراء الذين يمارسون أعمالا ً تجارية: فالأصل أن السفير أو المبعوث الدبلوماسي يمثل دولته، وبالتالي عليه أن يمتنع عن كل ما يخرج عن تلك الوظيفة، ٣١٩ ثالثا ا لاستثناءات: يرد على القاعدة السابقة عدة استثناءات، نجملها فيما يلي: • إبرام الصفقات التجارية الخاصة بالدولة: هذا الاستثناء هو تأكيد للقاعدة السابق ذكرها، لأن قيام الحاكم بإبرام الصفقات التجارية اللازمة لسكان الدولة هو أمر ضروري لحياتهم، فضلا ً عن أنه بذلك ليس هناك ما يدعو إلى الشك في قيامه بتحقيق مصلحة الخاصة، فالمصلحة العامة هنا يجب أن تكون رائد َ ه . ُ يؤيد ما ذكرناه ما جاء في فواكه ا لبستان: تاجرا فما هو وضعه القانوني؟ بحثنا سابق » بما في ذلك قيامه بأعمال التجارة فإذا كان السفير ً ا ً ذلك في القانون الدولي العام وفي الفقه الإسلامي. ونلخص ما قلناه، كما يلي: ١ في القانون الدولي ا لعام: استقرت قواعد القانون الدولي العام على عدم تمتع المبعوث الدبلوماسي بالحصانة ١ من اتفاقية فيينا لعام ١٩٦١ / القضائية بخصوص أعماله التجارية، فقد نصت المادة ٣١ الخاصة بالعلاقات والحصانات الدبلوماسية على عدم تمتع الدبلوماسي بالحصانة ضد .« بمهنة حرة أو بنشاط تجاري » القضاء المدني والإداري بالنسبة للدعاوى المتعلقة ٢ في الفقه ا لإسلامي: أخذ فقهاء المسلمين بما استقرت عليه قواعد القانون الدولي وذلك قبل استقرار تلك القواعد بقرون عديدة. وهكذا يقول الإمام أبو يوسف (المتوفى سنة ١٨٢ ه) إنه بالنسبة لرسول ملك الحرب إلى ملك العرب لا يتم التعرض لما معه من المتاع والسلاح والرقيق والمال؛ ويضيف أبو يوسف: إلا أن يكون معه شيء له خاصة حمله للتجارة فإنه إذا مر به على العاشر عشره، ولا يؤخذ من الرسول الذي بعث به ملك الروم ولا من الذي قد أعطى أمان ً ا عشر إلا ما كان معهما من .« متاع التجارة فأما غير ذلك من متاعهم فلا عشر عليهم فيه وهكذا فالمبعوث الدبلوماسي يتمتع بالحصانة المالية، عدا ما يتاجر فيه. ، راجع كتابنا: قانون العلاقات الدبلوماسية والقنصلية، دار النهضة العربية، القاهرة ١٩٩٦ ص ٢٠٤ ٢٠٦ ؛ راجع أيضا ما قلناه سابق ً ا، وانظر أيضا: ًً . الإمام أبو يوسف الخراج، المطبعة السلفية، القاهرة، ١٣٩٧ ، ص ٢٠٣ ٢٠٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي مسألة » ومنه: وفيمن أجاز له الوالي من مال المسلمين وفي دولة المسلمين جميع ما يجوز له أن يجيزه له من جميع الأشياء كلها أيجوز له قبض فطرة الأبدان من أهلها وإنفاذها في أهلها على هذه الصفة، أم لا؟ الجواب وبالله التوفيق: يجوز له ذلك على قول من جعلها لعز دولة المسلمين والله أعلم. مسألة ومنه: أرأيت وإن لم يعلم من أجاز له الوالي ذلك، أيجوز له القيام بدولة المسلمين وبمال المسلمين من بيع ما جاء بيعه من بيت المال وشراء ما جاز شراؤه لحوائج المسلمين من مال المسلمين، وإنفاذ مال المسلمين في موضعه بالعدل على حسن ظنه أن الوالي لو لم يوله الإمام ولاية مطلقة ما جاز له أن يجيز له ما وصفته فيما تقدم على هذه ا لصفة؟ الجواب وبالله التوفيق: أما في الحكم فلا يقبل دعواه بما ادعاه من ذلك بغير صحة من إمام المسلمين وأما في الجائز والاطمئنانة عند من عرف وسكون القلب إلى ذلك وارتفاع الريب منه فلا تخلوا إجازة ذلك من طريق الاطمئنانة « عند من عرف الاطمئنانة ومعانيها والأخذ بالثقة في هذا ومثله أحوط(١) . • جواز قيام الحاكم بالبيع والشراء لحاجياته ا لخاصة: هذا أمر بدهي، ذلك أن الحاكم هو إنسان في حاجة إلى شراء حاجياته التي تحتمها معيشته، وكذلك بيع ممتلكاته أو أمواله ا لخاصة. لكن اشترط الفقه الإباضي حتى في هذه الحالة شرطين: (١) . المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، ج ٢، ص ٢٤٩ ٰ وجاء في سيرة عبد الله بن أباض إلى عبد الملك بن مروان بخصوص سيدنا عثمان بن عفان: مما نقمنا عليه أنه منع أهل البحرين وأهل عمان أن يبيعوا شيئ » ً ا من طعامهم حتى يباع طعام الإمارة، وكان ذلك تحريم ً ا لما أحل الله ﴿ ;:987﴾ .« البقرة: ٢٧٥ . السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، ج ٢، ص ٣٣٣ ٣٢١ الأول : أن يتم ذلك باسطة وكيل عن الحاكم، فلا يجوز أن يقوم به بنفسه، ويبدو أن الغرض من ذلك مزدوج: - منع أي شبهة لمحاباة ا لحاكم.  - المحافظة على هيبة الحكم وكرامة ا لحاكم. وهكذا جاء في بيان ا لشرع: لا يشتري إمام ولا قاض ولا وال بنفسه ولكن يأمر من يشتري له من » : وقال غير أن يعلم البائع لمن يشتري وكذلك إن باعوا هم شيئ ً ا بيع لهم ولا يعلم أنما « يباع لهم(١) . ويقول أطفيش: وأجاز كثير معاملة السلاطين والأجناد ببيع أو شراء، والشراء لهم ما لم » « يطلع على حرمة ما يناولونه من ثمن أو مثمن ومنعها أبو المؤثر(٢) . والثاني: أن يكون ذلك بعدل السعر (أي: دون محاباة لخوف أو رهبة). • جواز تجارة الحاكم إذا حتمتها ا لضرورة: ِ الضرورة تقدر بق » كما أن « الضرورات تبيح المحظورات » َد َ ما جاز » و ،« رها تلك قواعد معلومة بالضرورة. « لعذر بطل بزواله وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك بخصوص تجارة الحاكم التي تحتمها ضرورة. وهكذا جاء في منهج ا لطالبين. (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٢٨ ، ص ٢٠٤ (٢) وبلغنا عن بعض الأئمة أنه كان يوصي ولاته: أن » : أطفيش: شرح النيل، ج ٨، ص ٥٥٦ ، كذلك قيللا يبيعوا ولا يشتروا في ولايتهم، إلا ما لا بد من بيعه، من طعام أو حيوان أو غيره، من غير أن يخبروا أحد ً ا يشتري منهم شيئ ً ا ولا أن يبيع لهم، ولا أن يحمل لهم طعام ً ا من بلد إلى بلد استكراها، إلا ما قد أجازوا من جبرهم عند خروج الإمام أو سراياه، ولا يتهيأ لهم من يحمل لهم . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٣٩ ٢٤٠ « فأجازوا ذلك عند الحاجة إليه أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي وإن قال الوالي أو الإمام لولاته: لا يبيع أحد شيئ » ً ا من حب المسلمين وتمرهم، وعرضت للوالي حوائج فباع من حوائج المسلمين، من كراء أو نفقة أو نحو ذلك فلا نرى عليه بأسا ولا إثما في ذلك، ما لم يرد خلاف ً ا ولا إضرارا لمن ولاه. ًً ً  والذي نأمر به نحن أن لا يبيع شيئ ً ا إلا بإباحة أو أمر من ا لإمام(١) . وبخصوص هل يجوز الاقتراض من الأمانة، ويجوز أن يقترض على بيت مال المسلمين إذا احتاج الإمام إلى ذلك لضرورة خوف ً إذا دهم » : ا على الدولة، قيل المسلمين أمر لم يجد من ذلك بدا، فيشهد على ذلك من شاء الله من عدول المسلمين، بأن المسلمين قد عناهم أمرا يخاف منه ذهاب دولتهم، وتشتت دعوتهم، وقد ألجأت ً  (١) الرستاقي: منهج الطالبين وبلاغ الراغبين، ج ٥، ص ٢٤٠ . كذلك يقول ا لسمائلي: قلت له: هل يجوز لعسكر الإمام أن يتجروا في الأحيان، أو يعملوا عملا » ً يقتاتون منه لتعسر  فرائضهم من بيت المال؟ وهل يسوغ للقائم النظر بالإباحة لهم في ذلك إذا رأى مصلحة لأجل قوام الأمر؟ قال: قد جاء الأثر الصحيح أن شراة الإمام لا يجوز لهم العمل بالأجر إلا برأي الإمام وإذنه لأنهم أجراء وأجرتهم يأخذونها من بيت المال، فلا بد على الوجه الذي ذكرته أنت أن تأخذوا لهم الإذن من الإمام وتخبروه بالحال الذي هم فيه من ضرورة الاحتياج أبو عبيد السمائلي: « للكسب، فيأذن لهم الإمام أن يعملوا بالأجر دفعا لضررهم وسدا لخلتهم ً . هداية الحكام إلى منهج الأحكام، ص ٢٥٩ وجاء في بيان ا لشرع: مما سألت عنه القاضي أبا علي الهجاري وأفتاني به ونحن بصحار أيده الله وعافاه سألته عن »أولي الأمر إذا قل عليهم الطعام وخافوا في قلته عليهم ذهاب أمر المسلمين وفساد دولتهم وتشتيت كلمتهم وتفرق جماعتهم هل يجوز لهم أن يجبروا الناس على بيعهم لهم الطعام إذا كان عندهم الطعام؟ جائز لهم ذلك بعدل من ا لسعر. قلت : أرأيت إن امتنعوا عن بيعهم كيف ترى الوجه في ذلك والحيلة فيه، قال: إن امتنعوا أخذ منهم النصف يعني نصف ما يوجد عندهم من الطعام بالثمن بعدل السعر لا بما يرونه هم ويتحكمون به عليهم. قلت : أرأيت إن قالوا: إنا لا نبايعكم إلا بالنقد ولا نبايعكم بنسيئة وتأخير؟ قال: يجوز لهم أن يأخذوا من عندهم الطعام بالثمن وإن لم يمكنهم في الوقت نقد الثمن فإذا أمكنهم أعطوهم وكل هذا إذا خشوا في ذلك الضرر، والضرر في ذلك كان بين ً ا لا ينكر ولا ينكره أحد في ذلك وكان هو يقول بذلك هذا هو الذي سألته عنه وأفتاني به وأمرني بذلك وجوزه لي وعملت فيه بقوله . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ٤٧٦ « وفتواه بمحضر من جماعة كانوا معنا حاضرين ٣٢٣ الضرورة إلى هذا الباب، فإذا كانت هذه الأمانة في يد أمناء من أهل الدين، فيشهد له الإمام من شاء الله من أهل العدل والفضل، والولاية بأن المسلمين قد عناهم أمر مما يخاف منه ذهاب إعزاز دولهم، وقد ألجأتهم الضرورة إلى ما في يد فلان ابن فلان من الأمانة، وإنا قد أردنا أن نقترض لهذه الداهية، والحاجة العامة، وقد دعتنا إلى ذلك الضرورة، ومن الشرط أن تكون الضرورة والداهمة ظاهرة عند المسلمين، فاقترضنا نحن والمسلمون أهل العلم، والدين كذا وكذا محمدية من يد فلان من الأمانة التي يقر بها لكذا وكذا من أبواب البر، وإنا قد جعلناها أنا والمسلمون أهل العلم والبصر، وأنا إمام المسلمين فلان ابن فلان في بيت مال الله دين ً ا عليه لرب هذه الأمانة، فمتى وجدنا فيه ما نقضي هذه الأمانة، وقدرنا عليه، أخذنا منه، ورددناه إلى رب هذه الأمانة، فنحن والمسلمون المقترضون هذه الأمانة ضمن ً ا لرب هذه الأمانة، وبيت المال الضمان فيه « إن قدرنا عليه، وإلا فالضمان في خالص أموالنا(١) . · البيع إنفاذا للحقوق: يجيز أطفيش للحاكم والسلطان بيع الأموال، وشرط ذلك: أن يكون المال لغيرهما يبيعانه إنفاذ » ً ا للحقوق كبيع مال لتنفق منه الزوجة أو تقضي الديون أو نحو ذلك، ووجه ذلك إمضاء أحكامهم لئلا يتعطل الحق، وكما يجوز حكم الحاكم وكتابه بلا شهود (أقوال)(٢) . وهكذا يجب في هذه الحالة توافر شرطين حتى يصح بيع الحاكم أو السلطان، وهما: ١ أن يكون المال المبيع لغيرهما، فلا يسري ذلك على ما هو مملوك لهما. ٢ أن يكون البيع لإنفاذ الحقوق، كتنفيذ حكم لاقتضاء الثمن وفاء لدين أو قرض على من صدر ضده الحكم، وذلك لئلا يتعطل تنفيذه أو بعبارة أخرى لئلا يتعطل ا لحق. (١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٣٦ ، ص ٣١٨ ٣١٩(٢) . أطفيش: شرح النيل، ج ٨، ص ٤٨٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي وهذه الحالة الخاصة بالبيع إنفاذ ً ا للحقوق تعادل على ما يبدو ما يجري حاليا في النظم القانونية المعاصرة وفق ً ا لنظام البيع الجبري بالمزايدة ا لعلنية. رابعا مراعاة حسن النية وعدم ا لغش: في جميع الأحوال التي يجوز للحاكم فيها التجارة يجب توافر حسن النية وعدم ا لغش:  هذا أمر طبيعي، وهو يسري على أية معاملات، وسريانه على الحاكم يكون من باب أولى باعتباره رأس السلطة التنفيذية، أو هو أحد من يمارسونها، وحتى يعطي المثل الحسن لأفراد الناس، ولا يكون هو أول مخالف. وهكذا جاء في جواهر ا لآثار: ٍِ وعن وال من ولاة المسلمين باع » َ بع لي مائة » : لهم حبا فجاءه رجل فقال له َ ْ فكال ،« مكوك على أرخص ما تبيع َ له مائة مكوك، فلما جاء الرجل قال له: قد بعت بكذا وكذا، ولم أبع أرخص من هذا، فأعطاه الرجل على ذلك هل يكون آثما؟ ً فأما في الحكم فإن هذا بيع فاسد وأراه حراما، ولكن أرى عليه أن يعلمه ً  بقول المسلمين: إن هذا بيع منتقض، فإن أتم هذا البيع فذلك إليه، وإن نقضه انتقض عنه ورد عليه حبا مثل ا لحب. قلت: فإن كان لما كال له الحب لم يكن بينهما سعر معروف، وقال له المشتري:، دعني والوالي يأخذ مني ما شاء فتركه فأعلم الوالي الكبير كيف قال له فأخذ منه، ولم يعلم البائع كما أخذ من ا لزمن؟ وأما البيع فمنتقض وليس عليه هو بأس إذا تولى القبض للثمن الوالي الكبير من بعد أن أعلمه كيف كان بينهما(١) . تضفي عليه وضعا معينا بخصوص « الحاكم » يتضح مما تقدم أن صفة « الأعمال التجارية التي يزمع القيام بها(٢) . (١) . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٦ ، ص ٣٨ ٣٩ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٤٠(٢) ومن الأعمال أيض ً ا: اقتراض الحاكم لبيت مال المسلمين (أو ما يسميه فقهاء الإباضية: الدين ٣٢٥ خامسا تجارة ا لجبابرة: تعرض فقهاء الإباضية لمسألة تجارة الجبابرة: والذين يجبرون الناس على البيع أو الشراء قهرا وجبرا؛ أي: دون رضاء حر صحيح، وهذا قد يفعله السلطان ًً أو الوالي أو الجنود من أفراد الأمن أو ا لجيش. ويحكم هذه المسألة القواعد ا لآتية: على بيت مال المسلمين) وهو أمر أجازوه إذا حتمت الأحوال السائدة ذلك، وبشرط رد الدين إلى صاحبه حينما يتوفر المال لبيت المال، وإلا في أحوال معينة التزم بذلك الآمر وسئل عن الإمام هل يجوز له أن يسأل رعيته: » : والمأمور في أموالهم الخاصة. يقول الرستاقي أن يدينوه أموالهم، وكان هذا الدين الذي يطلبه إلى الرعية لخاصة نفسه، من مأكول أو مشروب أو ملبوس، مما لا بد منه، أو كان الدين في سلاح أو خيل أو شيء من أسباب المسلمين ِ الذين يتقوون بها على حرب عدوهم، أو كان هذا في خروجه على عدو المسلمين، كان عند المسلمين في المصر، إذا كان يخاف دخوله إلى ا لمصر؟ فقال: إن كان الإمام شاريا لم يجز له أن يتدين وإن كان غير شار، كان له أن يتدين برضى من يدينه. ً فإن كان الذي دينه على بيت مال المسلمين، ثم حصل شيء من مال المسلمين بعد الدين، لم ينفق شيئ ً ا من ذلك حتى يتخلص من الدين الذي تدينه من مال ا لمسلمين. وليس للإمام أن يتدين على مال المسلمين من عند من يدينه، إلا أن يشرط على من يدينه: إنما أتدين هذا على مال المسلمين. وليس له كتمان ذلك عنه ولو لم يصح الشرط بينهما: أن الدين على مال المسلمين، وقال المتدين: تدينته على بيت مال المسلمين، وقال صاحب الدين: إنما دينتك على مالك ونفسك فالقول قول صاحب الدين، وعلى المتدين البينة أنه شرط عليه أن يتدين منه على بيت مال المسلمين فإن لم تصح له بينة، وإلا فهو لازم عليه في ماله... وقد قيل: إنه إذا كان الدين في مال المسلمين، أو على مال المسلمين وذهب الأمر، ولم يكن للمسلمين بيت مال، فليس على من تدين من ذلك شيء إذ لم يبق للمسلمين بيت مال. َ وإذا تدين ولم يشترط أنه في بيت مال المسلمين وعلم مال المسلمين بعض الأسباب، وكان هذا الدين بأمر الإمام، وطلب صاحب الدين ماله، فعلى الآمر والمأمور الخلاص من ذلك من أموالهم، وهم شركاء في الخلاص من ذلك. وإن تخلص المأمور من ماله رجع إلى الآمر بجميع ما سلمه له عنه؛ من الدين الذي سلمه .« وهو على الآمر دون ا لمأمور الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٤١ ٢٤٢ ؛ انظر أيضا: ً . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٣٦ ، ص ٢٩٢ ٢٩٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي · القول بجواز البيع والشراء لغير ا لحرام: وهكذا جاء في بيان ا لشرع: وعن مبايعة الأجناد والسلاطين القاهرين للناس هل يجوز البيع لهم والشراء » من عندهم قال: أما البيع لهم والشراء من عندهم فلا بأس ما لم تعلم حراما وأما ً أن أشترى لهم شيئ ً ا فلا بأس بذلك ما لم يعلم أن الذي دفعوا إليه حرام ولكن لا يشتري لهم سلاحا ولا آلة يتقوون بها على المسلمين قال أبو المؤثر: لا تبيع ً .« لهم ولا تشتري لهم ولا كرامة لهم ويضيف أن علة صحة هذا البيع هي أنه قد يكون في أيديهم أموال لهم غير ا لسلب(١) . · القول بالحق في استرداد ما تم بيعه أو شراؤه قهرا أو جبرا: يقول أبو المؤثر: فأما ما باع الرعية من أموالهم للجبابرة وأعوانهم وأعطوهم أو وهبوهم هذا » فلا يثبت ذلك لهم فإذا ظهر المسلمون كان لأصحاب الأموال أخذ أموالهم هذا « ما وجدته من آثار ا لمسلمين(٢) . ورد ما تم بيعه يكون أيضا إذا تم بالمخالفة لكتاب الله وسنة نبيه ژ(٣) . ًُ ُ (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ٢٦٩ ٢٧٠ ، النزوي: المصنف، ج ٢٤ ، ص ٨٥ (٢) بلغنا أن » : ذات المرجع، ج ٤٢ ، ص ٢٧١ ؛ ذات المرجع، ج ٢٤ ، ص ٨٥ ٨٦ . ويضيف النزوي الجلندي بن مسعود 5 كان يرد على من اغتصبه الجبابرة، وما اشتروه، ورأيي بيعه غير جائز، وللناس أن يأخذوا أموالهم ويردوا الثمن الذي اشتراه الجبار، أو عامله ومن كان له حق . ذات المرجع، ص ٨٦ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ٢٦٧ « أخذه (٣) في هذا الخصوص توجد قصة معروفة، جاءت في بيان ا لشرع: وأخبرنا هاشم لما عزل الفيض ارتفع إلى العراق ورفع إلى يوسف بن عمر ما أتى إلى أهل عمان وكان أخذ الأجرد وقروضا من السر وتوام فقال له يوسف ما الذي أتيت إلى أهل عمان ًُ ُ أنا لم آمرك بهذا واحتج عنده بالبيع قال: فأرسل إلى قاضي البصرة وهو من بني سامة وقاضي الكوفة وهو من بني تميم فارتفعوا إلى واسط ثم اختصم هو والفيض إليهما وكان يوسف ينازع لأهل عمان فقص هو فقال: إني ائتمنته على بعض أمانتي وعملي أنه أخذ منهم أمواله وعقد ً ا لم ٣٢٧ · لا التزام على الشخص بالتنقيب عن أصل ما يشتريه من الجبابرة، ما دام قد تأكد أنه ليس بحرام: وهكذا جاء في بيان ا لشرع: وسألته عن رجل دخل الأسواق ليشتري طعاما والبلد الذي فيه ذلك السوق » ً فيه سلطان جائر قد غصب الناس أموالهم وصفى منها مالا ً كثيرا، وفيها أموال ً أخرى للناس تباع في الأسواق وصوافي السلطان أيض ً ا تباع في السوق إلا أنه لا يعرف الصافية بعينها ولا عند تاجر معروف، فإن سأل أحد خاف العقوبة وإن اشترى وسكت خاف أن يشتري من الصافية التي صفى السلطان كيف القول في  ذلك؟ قال: ليس على الناس أن يتنكبوا الأسواق من أجل ما لا يعلمون ولا يسألون ويشتروا من السوق حاجتهم ما لم يعلموا أن ما اشتروه حرام أو يخبرهم من يتقوا به. وقد أجاز المسلمون ما يشبه هذا في جبار اغتصب حبوب الناس وله حب في ماله. وله أرض يزرعها ثم يبيع فيبيع الحب، قال: من قال إنه لا حرج على من « اشترى من عنده ما لم يعلم المشتري أن الحب الذي اشتراه من ا لغصب(١) . · الاتجاهات الثلاثة بخصوص ما أخذه الجبابرة غصبا أو حراما: في الفقه الإباضي مذاهب ثلاثة في حالة ما إذا ظهر الإمام العدل فوجد في أيدي الجبابرة أو عمالهم أموالا ً من جبابرتهم المحرمة ما الذي له أو عليه من الحكم فيها أو الترك لها؟ آمره بذلك فقالا له: ما تقول؟ قال: وجهني إلى عمان فأخذت منهم ما كان تحت خاتمة وعملت بأمره فاحتاج القوم وغشيهم الدين فعرضوا أموالهم على البيع فاشتريت منهم فقالا له إن كنت عملت فيهم بكتاب ا لله 8 وسنة نبيه ژ فلم تظلمهم فاحتاجوا فباعوا فهو لك هنيئ ً ا مريئ ً ا، وإن ُ كنت خالفت ذلك فلهم أموالهم فكتب يوسف إلى القصيفاني وهو عامله على أهل عمان فدعاهم البينة فقاموا البينة بظلمه وجوره فنادى مناديه إني قد رددت على أهل عمان أموالهم الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ٢٧١ « برأي يوسف بن عمر عامل بني مروان على العراق . (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ٢٤٢ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي أولها : وهو مذهب أهل الورع وطريقة أهل الاحتياط الذين يتركون سبعين بابا ً من الحلال مخافة أن يقعوا في الحرام فإن من الواجب عندهم ترك الدخول وعدم التعرض لهذه الأموال المحجورة ومن حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه. وثانيها : أنها شبهات وأموال قد زادت وحكمها الوقوف خوف الدخول في إن لكل ملك حمى ألا » : الشبهة وفي الأثر: كل مشكوك موقوف وفي الحديث فالإمساك « وإن حمى الله محارمه وإن من رعى حول الحمى أوشك أن يقع فيه عن الوقوع في الحمى مخافة انتهاك الحرمة بارتكاب الشبهة هذا محله. وثالثها : أنه مخير بين قبضها للوضع في محلها وبين تركها في ضمانة المبتلى بها فإنه المسؤول عنها والمحاسب عليها وسبيلها في هذا كسبيل اللقطة إن شاء قبضها وإن شاء تركها (غير) متعبد بها(١) .  (١) ، المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والإيمان، ج ١٣ ذات ) « فهم أولى بها فتدفع إليهم » ص ٤٥٥ ٤٥٦ ، ومن الوضع في محلها إن عرف أربابها .( المرجع، ص ٤٥٧ ويقول ا لوارجلاني: وأما السلاطين الجورة، فهم الذين تغلبوا على الناس، لا يراعون شرع » ً ا ولا يدعون إليه، ولا .« يعلمون به وعطلوا الزكاة والصدقات والعشور والخراجات ، الوارجلاني: الدليل والبرهان، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٣ ١٩٨٣ . ج ٣، ص ٥٨ وبخصوص سؤال فيمن هرب البضاعة من جمارك من جمرك الحكومة لما يخشاه من أخذه  كليا إذا كانت البضاعة مما منعته الحكومة أو خاف زيادة المكس فيه، وربما إذا ظفرت هذا حلال وإن كان فيه مقامرة بالمال، » : الحكومة بهذه البضاعة انتزعتها قهرا، يقول أبو خليل ً لكن لم يقصد فاعل ذلك إلا سلامة ماله فإن انعكس الأمر عليه فالأمر كله لله 8 فهو نوع . الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، ص ٤٦٣ « من ركوب البحر والغوص للدر تقديم ............................................................................................................................................. ٣توطئة ............................................................................................................................................ ٧ !"# الإ %& ري ا  ن ا  ا  ت درا  ي:  () ١١ المبحث الأول: عموميات ..........................................................................................................١٣ أ) تمهيد .......................................................................................................................................١٣ ب) معنى ا لتجارة ......................................................................................................................... ١٥ ج) القانون التجاري ا لوضعي .............................................................................................................. ١٨ د) التمييز بين العمل التجاري والعمل غير التجاري (أي: ا لمدني) .............................................٢٠ ١ القواعد ا لعامة ...............................................................................................................٢٠ ٢ النظريات ا لمطبقة ......................................................................................................... ٢٢ أولا ً نظرية ا لمضاربة .................................................................................................. ٢٢ ثانيا نظرية ا لتداول ..................................................................................................... ٢٤ ً ثالث ً ا نظرية النية لا القنية ............................................................................................٢٥ ه) الإثبات في المواد ا لتجارية ..........................................................................................................٣٠ ١ القواعد ا لعامة .............................................................................................................. ٣٠ ٢ المبادئ الحاكمة للمسألة ............................................................................................٣١ المبحث الثاني: القانون التجاري ا لإسلامي .....................................................................................٤٧ أ) أهمية ا لتجارة ....................................................................................................................................٤٧ ١ التجارة مظهر من مظاهر المنافع ا لمتبادلة ................................................................. ٥٧ من الأمور المباحة أصلا » ٢ التجارة «ً ............................................................................. ٥١ ٣ التجارة وسيلة لنشر ا لإسلام .......................................................................................٥٢ ٤ التجارة وسيلة لاستثمار ا لأموال ................................................................................ ٥٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٣٠ ٥ التجارة وسيلة للكسب ................................................................................................ ٦١ التنز » ٥ قاعدة ّ « ه عن التجارة أحوط من الاستكثار منها .............................................. ٧٠ ب) مصادر القانون التجاري في الفقه ا لإباضي ......................................................................... ٧١ ١ القواعد ا لعامة .............................................................................................................. ٧٢ ٢ أهم مصادر القانون ا لتجاري ...................................................................................... ٧٤ أولا ً القرآن ا لكريم .................................................................................................... ٧٨ ثانيا ا لسنة ا لنبوية ...................................................................................................... ٨٢  ً  ثالث ً ا ا لإجماع ............................................................................................................. ٨٤ رابعا الرأي والقياس ................................................................................................. ٨٥ ً خامسا العرف ا لتجاري ............................................................................................. ٨٦ ً • المبدأ ا لعام ............................................................................................................. ٨٦ • القواعد الضابطة للعرف ........................................................................................ ٩٥ • تعريف ا لعرف ........................................................................................................ ٩٥ • العرف كدليل أو مصدر ........................................................................................... ٩٩   • الخروج على العرف جائز في بعض ا لحالات ...................................................... ١٠٠ • العلاقة بين الشرع والعرف (هل يقضي الشرع على العرف أم ا لعكس) ............. ١٠٢ • أمثلة على تحكيم العرف في ا لمعاملات .............................................................. ١٠٤ سادسا القواعد الفقهية ا لإباضية ................................................................................. ١٠٩ ً • القواعد ذات التطبيق ا لعام ................................................................................... ١٠٩ • القواعد التي تتعلق بالعرف .................................................................................. ١١١ سابعا استناد القضاء في سلطنة عمان إلى أحكام الشريعة ا لإسلامية .................. ١١٣ ً ٣ توافق المذهب الإباضي مع مذهب أهل ا لسنة بخصوص المسائل ا لتجارية ........ ١١٦ أولا ً موقف دار الإفتاء ا لمصرية .............................................................................. ١١٧ ثانيا أقوال الفقه ا لإباضي ........................................................................................ ١١٨ ً ثالث ً ا تعقيب ............................................................................................................... ١٢٠ ب الأول  ا  د ا ٴ ! "# الإ % & ري ا   ن ا     ا تمهيد ......................................................................................................................................... ١٢٥  د الأول: ا *+& ا ٴ 6 ا ............................................................................................. ١٣١ ٣٣١ المبحث الأول: المبادئ ا لإيجابية .............................................................................................١٣٢ أ) مبدأ الأمر بالكون مع ا لحق ...................................................................................................١٣٢ ب) مبدأ ا لتراضي ...................................................................................................................... ١٣٣ ج) مبدأ ضرورة مراعاة الأخلاق والقيم الفاضلة في ا لتعامل ...................................................١٣٥ ١ الإحسان في ا لمعاملة .................................................................................................١٣٦ ٢ البعد عن الشبهة (أو مراعاة ا لاحتياط) ................................................................... ١٣٧ ٣ مراعاة التوازن بين أطراف العلاقة الاقتصادية (الدولية والداخلية) ...................... ١٣٨ ٤ مراعاة الحقوق الاقتصادية للأجيال ا لقادمة ............................................................. ١٣٩ أولا ً في القانون الدولي والعلاقات الدولية الاقتصادية ا لمعاصرة ........................ ١٣٩ ثانيا في الشريعة ا لإسلامية ...................................................................................... ١٣٩ ً ٥ مراعاة العدالة في ا لتعامل ......................................................................................... ١٤٠ ٦ مراعاة حقوق الناس وعدم بخس الناس أشياءهم ...................................................١٤٣ « التجارة ا لحلال » ج) مبدأ .......................................................................................................... ١٤٥ ١ المبدأ ا لعام .................................................................................................................. ١٤٥ أولا ً الوجه الإيجابي: جواز التجارة في ا لمباحات ................................................ ١٤٦ ثانيا الوجه السلبي: عدم جواز التجارة في المحرمات أو المنهيات أو ا لممنوعات ........ ١٤٩ ً ٢ تطبيقات ا لمبدأ ........................................................................................................... ١٥٣ أولا ً أمثلة على التجارة المنهي عنها بصفة عامة ................................................... ١٥٣ ثانيا عدم جواز الاتجار بالبشر ................................................................................ ١٥٤ ً ثالث ً « بحق ا لمخلوق » والمنهي عنه « بعينه » ا التفرقة بين المنهي عنه ................... ١٥٧ رابعا مدى جواز بيع ا لجزاف ................................................................................. ١٥٨ ً خامسا التجارة في المال العام لا تجوز ................................................................. ١٥٩ ً سادسا التجارة فيما فيه غرر .................................................................................... ١٦٠ ً المبحث الثاني: المبادئ ا لسلبية ................................................................................................ ١٦٥ أ) عدم الغش أو الخداع والتدليس في ا لتعامل ......................................................................... ١٦٦ ١ المبدأ ا لعام .................................................................................................................. ١٦٦ ٢ القواعد الحاكمة للمبدأ .............................................................................................. ١٦٨ أولا ً المقصود بالغش ............................................................................................... ١٦٨ ثانيا الغش لا يجوز .................................................................................................. ١٧١ ً ثالث ً ا غش غير المسلم حرام ................................................................................... ١٧٣ رابعا الأثر المترتب على ا لغش .............................................................................. ١٧٤ ً أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٣٢ خامسا تفسير قوله ژ : « من غشنا فليس منا » ........................................................ ١٧٦ ً   سادسا الغش سلوك عمدي، وبالتالي يفترض اتجاه الإرادة إليه ......................... ١٧٨ ً سابعا الغش ضد ا لتاجر ........................................................................................... ١٨٠ ً ثامن ً ا الغش في أحكام المحكمة العليا بسلطنة عمان ............................................ ١٨١ ب) عدم غبن الطرف ا لآخر ...................................................................................................... ١٨٣ ١ المبدأ ا لعام ................................................................................................................. ١٨٣ ٢ القواعد الحاكمة للمبدأ ..............................................................................................١٨٥ ج) مبدأ النهي عن احتكار السلع والخدمات ........................................................................... ١٩٠ ١ المبدأ ا لعام .................................................................................................................. ١٩٠ ٢ القواعد الحاكمة للمبدأ .............................................................................................. ١٩٤ أولا ً تعريف ا لاحتكار .............................................................................................. ١٩٤ ثانيا الحالات التي لا يتوافر فيها ا لاحتكار ........................................................... ١٩٥ ً ثالث ً ا الاحتكار حرام في حق المسلم وغير ا لمسلم ...............................................١٩٨ د) مبدأ تحريم المنافسة غير ا لمشروعة ................................................................................... ١٩٩ ١ ماهية المنافسة غير ا لمشروعة ...................................................................................١٩٩ ٢ علة تحريم المنافسة غير ا لمشروعة ......................................................................... ٢٠٣ ٣ القواعد واجبة ا لتطبيق ............................................................................................... ٢١٠ أولا ً التفاضل بين الأفراد والأمم والدول والشعوب » : التأكيد على أن « يجب أن يكون موضع تنافس شريف ...................................................................... ٢١٠ ثانيا بخصوص ما رواه جابر عن أبي هريرة ........................................................... ٢١١ ً ثالث ً ا: بخصوص ا لنجش .............................................................................................. ٢١٢ رابعا: بخصوص قوله ژ : « لا تتلقوا السوالع » ........................................................ ٢١٣ ً خامسا بخصوص النهي عن ا لمساومة ................................................................... ٢١٦ ً سادسا المنافسة غير المشروعة لا تجوز في حق غير ا لمسلم .............................. ٢١٦ ً سابعا من أساليب المنافسة غير المشروعة الكذب في وصف ا لسلعة ................ ٢١٧ ً ثامن ً ا تأكيد قانون التجارة العماني على النهي عن المنافسة غير ا لمشروعة ........٢١٧ د) عدم التعامل بالربا .................................................................................................................٢١٨ ١ المبدأ ا لعام ..................................................................................................................٢١٨ ٢ القواعد الحاكمة للمبدأ ............................................................................................. ٢٢٣ أولا ً ماهية ا لربا ....................................................................................................... ٢٢٣ ثانيا الآراء بخصوص ا لربا ..................................................................................... ٢٣٠ ً ٣٣٣ ثالث ً ا لا يجوز الربا في ا لتجارات ........................................................................... ٢٣٢ رابعا الربا والضرورة ............................................................................................... ٢٣٤ ً خامسا الربا محرم حتى في المعاملات ا لدولية ................................................... ٢٣٨ ً  د : ا !A ا *+& ا ٴ  ا VN ا ......................................................٢٤٥ المبحث الأول: المبادئ ا لإيجابية .............................................................................................٢٤٦ أ) أمان ا لتجار .............................................................................................................................٢٤٦ ١ توفير الأمان للتجار ولو كانوا غير مسلمين ............................................................. ٢٤٦ أولا ً معرفة المسلمين لضرورة حماية التجارة ا لدولية ........................................... ٢٤٦ ثانيا قاعدة التجار آمنون بحسب الظاهر أو ا لعادة ................................................. ٢٤٩ ً ثالث ً ا فقدان التاجر لأمانه إذا خرج على مقتضياته .................................................. ٢٥١ رابعا رأيان للإمامين الشافعي والماوردي بخصوص حماية من يقومون ً بالتجارة ا لدولية .......................................................................................................... ٢٥٢ • رأي الإمام الشافعي: حماية التاجر غير المسلم من أي اعتداء يقوم به مسلم أو غيره ........................................................................................................ ٢٥٢ • رأي الماوردي على الإمام أن ينشر على الملأ الوضع القانوني للتجارة ا لدولية ...... ٢٥٣ خامسا ضرورة احترام الاتفاق الذي يقرر أمان ا لتجار ......................................... ٢٥٣ ً سادسا مدى حماية التجار الذين يدخلون دار الإسلام في ظروف قهرية ............ ٢٥٤ ً سابعا مثال: مرسوم المنصور قلاوون للتجار الذين يصلون إلى مصر ً من الصين والهند والسند واليمن والعراق وبلاد ا لروم ........................................... ٢٥٤ ثامن ً ا هل يشترط حصول التاجر على إذن قبل دخوله دار ا لإسلام ...................... ٢٥٤ تاسعا مدة إقامة التجار الأجانب في دار ا لإسلام .................................................. ٢٦٠ ً عاشرا الجرائم التي ترتكب أثناء ممارسة التجارة ا لدولية .................................... ٢٦٠ ً ٢ القواعد الحاكمة لأمان ا لتجار .................................................................................. ٢٦٣ أولا ً تأمين التجار يعتبر من العادات ا لمرعية ........................................................ ٢٦٣ ثانيا سريان الأمان على التجار غير ا لمسلمين ....................................................... ٢٦٤ ً • احترام الحقوق المكتسبة بطريقة مشروعة بواسطة ا لتجار ................................ ٢٦٤ • التجارة في دار الإسلام داعية إلى ا لأمان ........................................................... ٢٦٥ • جواز طرد التاجر الأجنبي إذا صدر منه ما يستدعي ذلك ................................. ٢٦٥ • جواز أخذ أموال التاجر غير ا لمستأمن ............................................................... ٢٦٦ ثالث ً ا ضرورة اهتمام الحاكم بأمان التجار والكشف عمن يعتدي عليهم ............. ٢٧٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٣٤ ب) تنظيم ا لأسواق .................................................................................................................... ٢٧٢ ١ دستور تنظيم ا لأسواق ............................................................................................... ٢٧٣ مسألة (جواز تنظيم ا لسوق) ...................................................................................... ٢٧٣ ٢ القواعد الحاكمة لتنظيم ا لأسواق ............................................................................. ٢٧٤ ج) اتخاذ كل ما هو لازم لمنع الممارسات التجارية غير ا لواجبة .......................................... ٢٧٧  ١ اتخاذ كل ما هو لازم لمنع ا لمغشوش ..................................................................... ٢٧٧ ٢ اتخاذ كل ما هو لازم لمنع ا لاحتكار ....................................................................... ٢٧٨ المبحث الثاني: المبادئ ا لسلبية ................................................................................................ ٢٨١ أ) عدم جواز تأميم أو مصادرة الحاكم لأموال التجار إلا بحق .............................................. ٢٨١ ١ المبدأ ا لعام .................................................................................................................. ٢٨١ ٢ القواعد الحاكمة للمبدأ ............................................................................................. ٢٨٥ أولا :ً أموال غير المسلمين الحربيين غير محترمة ................................................... ٢٨٥ ثانيا أموال غير المسلمين المعاهدين أو المستأمنين محترمة ً حرمة أموال غير المسلمين عدم جواز أخذها بدون وجه حق ..................... ٢٨٦ ثالث ً ا أموال المسلمين محترمة ................................................................................. ٢٩٠ رابعا بخصوص الأموال المؤممة (مسألة تأميم أموال ا لتجار) ............................. ٢٩٠ ً خامسا الغصب لا يبيح البيع الصحيح للمال ا لمغصوب ..................................... ٢٩١ ً ب) مبدأ ترك التسعير لآليات السوق مع جوازه إذا كان ضروريا لتحقيق ا لعدل ................... ٢٩٢ ١ المبدأ ا لعام .................................................................................................................. ٢٩٢ ٢ القواعد الحاكمة للمبدأ ............................................................................................. ٣٠٠ ج) عدم جواز قيام الحاكم بالتجارة ......................................................................................... ٣٠٦ ١ المبدأ ا لعام ................................................................................................................. ٣٠٦ ٢ القواعد الحاكمة للمبدأ .............................................................................................. ٣١١ أولا ً دستور التعامل التجاري للسلطات ا لحاكمة ................................................... ٣١١ ثانيا القاعدة العامة: عدم جواز قيام الحاكم بالتجارة ........................................... ٣١٧ ً ثالث ً ا ا لاستثناءات ...................................................................................................... ٣١٩ • إبرام الصفقات التجارية الخاصة بالدولة ............................................................ ٣١٩ • جواز قيام الحاكم بالبيع والشراء لحاجياته ا لخاصة ......................................... ٣٢٠ • جواز تجارة الحاكم إذا حتمتها ا لضرورة ............................................................ ٣٢١ • البيع إنفاذ ً ا للحقوق ............................................................................................. ٣٢٣ رابعا مراعاة حسن النية وعدم ا لغش ..................................................................... ٣٢٤ ً خامسا تجارة ا لجبابرة ............................................................................................. ٣٢٥ ً فهرس الجزء ا لأول ............................................................................................................ ٣٢٩