١٤٣٨ غمي ٢٠١٧ م لا يجوز نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب في أي شكل من الأشكال أو بأية وسيلة من ا لوسائل سواء التصويرية أ و الالكترونية، بما في ذلك ا لنسخ الفوتوغرافي أ و سواه وحفظ ا لمعلومات واسترجاعها إلا بإذن خطي من ا لناشر .  ر ت ا  ا لاس  الإ %& الإ# '( ت ا  ا تثير الشركات في الواقع العملي مسائل عديدة، يمكن أن نوجزها فيما يلي: القواعد ا لعامة. المقصود بالشركة وعناصرها. شرعية إنشاء ا لشركات. القواعد الحاكمة ل لشركة. الشخصية المعنوية ل لشركة. أنواع ا لشركات. انقضاء ا لشركة. الشركة في أحكام المحكمة العليا بسلطنة ع ُ مان. وندرس هذه المسائل، على أن نخصص لكل منها فصلا .ً الشركة نظام موجود منذ غابر الأزمان، إذ الحاجة إليه داعية. لذلك نظرته قوانين الدول على اختلاف مشاربها ومآربها(١) . وهكذا تنص المادة ٥٠٥ من الشركة عقد بمقتضاه يلتزم شخصان أو أكثر » القانون المدني المصري على أن بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي، بتقديم حصة من مال أو من عمل، لاقتسام .« ما قد ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة عموم » بل الحاجة إلى الشركة تدخل في عداد ما يمكن أن نطلق عليه « البلوى(٢) ؛ أي: أنها ضرورة حتمية للعلاقات ا لإنسانية. يقول ابن ت يمية: معاوضات » : إن التصرفات العدلية في الأرض جنسان » ومشاركات. فالمعاوضات كالبيع والإجارة، والمشاركات: شركة الأملاك « وشركة ا لعقد(٣) . (١) كذلك تصد ّ ى القضاء في مختلف الدول للمشاكل والمنازعات التي تثيرها الشركات انظر أمثلة كثيرة في المستشار د. أحمد حسني: قضاء النقص التجاري، منشأة المعارف، . الإسكندرية، ٢٠٠٠ ، ص ٤١٠ ٥٣٦ (٢) معجم « شدة حاجة الناس إليه، أو تعذر الاحتراز عنه » : بالشيء « عموم البلوى » تعني قاعدة يعمل بهذا الأصل ضمن قواعد التيسير » : مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٧٤٤ . كذلك فإنه ورفع الحرج. لا يشترط الإباضية الشهرة في خبر الواحد فيما عمت به البلوى إذا كانت في الأحكام العملية التي يكتفى فيها بغلبة الظن، خلاف ً . ذات المرجع، ص ٧٥٤ « ا للأحناف (٣) . ابن تيمية: القواعد النورانية الفقهية، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ص ١٨٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٨ وللشركة أركان عامة، وأركان خاصة، وأركان شكلية نصت عليها القوانين ا لوضعية. ، . ن ا  أ) الأروهي: ١ ا لرضا، إذ يجب أن يتوافر تراضي الشركاء على إنشاء الشركة، وأن يكون هذا الرضا صحيحا خاليا من عيوب الرضا Lesvices du consentement المعروفة، ًً وهي: الغلط والتدليس والإكراه والرشوة. ٢ ا لأهلية، أي: أهلية كل شريك في إبرام العقد (وهو ما يعني عدم أهلية القاصر أو المجنون أو أي شخص محجور عليه). ٣ السبب، وهو الباعث أو الدافع إلى إنشاء الشركة، وهو عادة تحقيق ا لربح. ٤ ا لمحل، ويشترط فيه خصوصا أن يكون مشروع ً ا. وبالتالي تكون ً باطلة الشركات الخاصة بالقمار، والدعارة، وتجارة ا لمخدرات. ،34 ن ا  ب) الأر وتتمثل فيما يلي: ١ تعدد ا لشركاء، وهذا ركن يدخل في أخص خصائص أية شركة، إذ يجب أن يكون فيها شريكين (على الأقل) أو أكثر(١) . ٢ تقديم ا لحصص، حصة » فالشركة كما سبق القول يقدم فيها كل شريك فالحصص على نوعين: (حصة مالية سواء كانت نقد .« من مال أو عمل ً ا في صورة (١) وإن كان يمكن وفق ً ا للقانون المصري الخاص بقطاع الأعمال (رقم ٢٠٣ لعام ١٩٩١ ) للشركة كذلك يستلزم القانون رقم ١٩٥ لسنة ١٩٨١ ألا .« شركات مساهمة بمفردها » القابضة تأسيس يقل عدد الشركاء في شركات المساهمة عن ثلاثة، كما أن القانون رقم ٥٩ لسنة ١٩٨١ ألا يقل عدد الشركاء في شركات المساهمة عن ثلاثة، كما أن القانون رقم ٥٩ لسنة ١٩٨١ نص على أن لا يزيد عدد الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة عن خمسين شريك ً ا. الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٩ مبلغ من النقود أو عين ً ا في صورة غير نقدية كتقديم الآلات والمعدات، أو المبنى الخاص بمقر الشركة، أو حصة بالعمل يقوم به ا لشريك). ٣ نية ا لمشاركة، والتي تفترض في الشريك العمل على إنجاح الشركة وتغليب مصلحتها على مصلحته الشخصية، وكذلك نية اقتسام الأرباح والخسائر، والتي يتم تقسيمها بين الشركاء وفق ً ا لما تم الاتفاق أو النص عليه. يترتب على ذلك أن عقد الشركة يكون باطلا ً إذا تم الاتفاق على استئثار شريك واحد بكل الربح أو تحمله كل الخسارة دون باقي الشركاء، وهو الشرط المعروف باسم شرط الأسد ClauseLionine. ، 56 ن ا  ج) الأر وتتمثل خصوصا في أمرين: ً ١ ا لكتابة، فعقد الشركة هو عقد شكلي لا ينعقد إلا بالكتابة، وإلا كان العقد باطلا .ً ٢ الشهر، وذلك باتباع إجراءات النشر التي نص عليها القانون حتى يمكن الاحتجاج بالشخصية المعنوية للشركة في مواجهة الغير. والآثار التي تترتب على تمتع الشركة بشخصية قانونية خاصة بها تتمثل خصوصا في أن يكون لها: ً - اسم (والذي يميزها عن غيرها من ا لشركات). - موطن (وهو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها ا لرئيسي). - ذمة مالية. - أهلية قانونية. - ممثل يعبر عن إرادتها. - جنسية (فالجنسية كما هي من ضروريات الشخص الطبيعي، فإنها كذلك بالنسبة للشخص المعنوي، ومنه الشركة. ومعيار الجنسية يوجد بصدده أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٠ عدة آراء، منها: نظرية مركز الإدارة الرئيسي للشركة، ونظرية الرقابة والتوجيه والتي ترى أن الشركة تحمل جنسية أغلبية الشركاء، ونظرية المركز الذي تصدر فيه القرارات الاستراتيجية للمشروع). والشركات على أنواع، أ همها(١) : ١ شركات الأشخاص، وهي: أولا ً شركات التضامن (وفيها تكون مسؤولية الشريك شخصية لأنه يسأل في أمواله الخاصة عن كافة ديون الشركة، وتضامنية؛ أي: أن الشركاء يكفل بعضهم بعض ً ا ويجوز الرجوع على أي منهم بخصوص كل ديون ا لشركة). حري بالذكر أنه إذا لم يحدد عقد الشركة طبيعتها أو نوعها، فإن القضاء يعتبرها شركة تضامن، لأن التضامن هو القاعدة العامة في المسائل ا لتجارية. - شركة التوصية البسيطة (وتعقد بين شركاء مسؤولية ومتضامنين، وشركاء  يكونون أصحاب أموال فيها وخارجين عن الإدارة ويسمون موصين). ثاني ً ا شركة المحاصة (وتعقد بين شخصين أو أكثر للقيام بعمل أو أكثر يجريه كل شريك باسمه ويقتسم ما ينشأ عنها من ربح أو خسارة، دون أن تتجه إرادتهم إلى خلق شخص معنوي مستقل عن الشركاء): فهي إذن شركة مستترة توجد في الخفاء؛ أي: لا توجد لها شخصية معنوية ظاهرة. ٢ شركات الأموال (شركات ا لمساهمة) وهي الشركة، التي ينقسم رأس مالها إلى أسهم متساوية القيمة، وتقبل التداول بالطرق التجارية، وتتحدد مسؤولية كل شريك فيها بقدر قيمة الأسهم التي اكتتب فيها، ولا يكون اسم أي من الشركاء أو كلهم عنوان ً ا لها. (١) . راجع تفصيلات كثيرة في د. علي قاسم: قانون الأعمال، ج ٢، ص ٢٠٠ ٥٦٧ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١١ ٣ الشركات ذات الطبيعة المختلطة، وأهمها: أولا :ً شركة التوصية بالأسهم (وتضم نوعين من الشركاء: الشركاء المتضامنون ويسألون مسؤولية غير محدودة وتضامنية عن ديون الشركة، والشركاء المساهمون ولا يسألون عن ديون الشركة إلا في حدود قيمة الأسهم التي قاموا بالاكتتاب فيها). ثاني ً ا: الشركة ذات المسؤولية المحدودة (والتي لا يزيد عدد الشركاء فيها عن خمسين شريك ً ا يكون كل منهم مسؤولا ً في حدود حصته في رأس المال، وليس لها أن تلجأ إلى الاكتتاب العام، ولا إصدار أسهم أو سندات قابلة للتداول، ويكون لها اسم خاص مستمد من غرضها، ويمكن أن يتضمن عنوانها اسم شريك أو أكثر). ٤ الشركة ا لفعلية: إذ قد يتم الحكم ببطلان الشركة في وقت تكون قد مارست فيه بعض الأعمال في الفترة بين تأسيسها والحكم ببطلانها فاكتسبت حقوق ً ا وتحملت بالتزامات، ولذلك حماية للأوضاع الظاهرة ولحقوق الغير، ولحقوق الشركاء أنفسهم حتى يتمكنوا من تصفية الشركة تعتبر هذه الأخيرة قد قامت، وبالتالي لا يرتد البطلان إلى الماضي وإنما يقتصر فقط على ا لمستقبل. معنى ذلك أن الشركة الفعلية لا تتواجد: - إذا لم تكن قد باشرت نشاطها، فلم يترتب لها حقوق ولم يفرض عليها التزامات، إذ تعتبر كأن لم تكن. - إذا كانت قد باشرت نشاط ً ا غير مشروع (كالاتجار في الرقيق أو المخدرات أو لعب ا لقمار). - إذا لم تتوافر فيها أركان الشركة: كتقديم الحصص، أو عدم توافر نية المشاركة.. إلخ، لأن الشركة أصلا ًً غير موجودة. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٢  بينما في أحوال أخرى يمكن أن تتواجد شركة فعلية إذا كان البطلان راجعا ً إلى أسباب عدم كتابة أو عدم شهر عقد الشركة، أو انعدام أو نقص أهلية أحد الشركاء، أو وجود عيب من عيوب ا لرضا. ويترتب على وجود الشركة الفعلية نتائج أهمها: - أن حقوق والتزامات الشركة تظل قائمة في الفترة بين إنشائها والحكم ببطلانها. - يجب تصفية الشركة بعد الحكم ببطلانها، لكنها تستمر في التمتع بالشخصية القانونية اللازمة لتحقيق تلك ا لتصفية(١) . وبذلك تختلف الشركة الفعلية أو شركة الواقع Secieté de fait عن شركة المحاصة فشركة المحاصة هي شركة مجهولة، فهي لا تنشأ بعقد مكتوب، ولا يشترط شهرها. فهي إذن شركة مستترة قانون ً ا (إذ لو تم إظهارها، لانقلبت إلى شركة واقع، ووجب تصفيتها)، وبالتالي فهي ليس لها اسم وليس لها شخصية معنوية مستقلة عن الشركاء وبالتالي فليس لها ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء، ولا تخضع لأحكام تصفية الشركات التجارية إذ تنتهي العلاقة بين الشركات بتعيين نصيب كل منهم في الربح والخسارة وليس لها موطن مستقل عن موطنهم، وليس لها أهلية التقاضي وإنما يكون ذلك للشريك الذي تعامل مع الغير باسمه، ويشهر إفلاسه هو وليس الشركاء الآخرين. وشركة المحاصة تتوقف طبيعتها على النشاط الذي تمارسه: فتكون شركة تجارية إذا تأسست لممارسة عمل تجاري (كالشراء من أجل البيع، وأعمال النقل)، وتكون مدنية إذا باشرت نشاط ً ا مدنيا (كالاستغلال ا لزراعي). (١) . راجع تفصيلات كثيرة في د. علي قاسم، قانون الأعمال، ج ٢، الشركات التجارية، ص ٩٧ ١٠٤ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٣ وهكذا تختلف شركة الواقع عن شركة المحاصة من نواحي كثيرة (فهذه الأخيرة ليس لها شخصية معنوية مستقلة، ولا تخضع لإجراءات تصفية الشركات.. إلخ)(١) . وأسباب انقضاء ا لشركة : قد تكون عامة، وأسباب خاصة بنوع معين من الشركات التي تقوم على الاعتبار ا لشخصي. دة، . ت  ي ا :; % ا . ب ا < أ) الأ منها: - انقضاء المدة المحددة للشركة. - انقضاء العمل أو النشاط الذي قامت الشركة من أجله. - هلاك أموال الشركة (كلها أو الغالبية العظمى منها بحيث لا يمكن استمرارها). - اتفاق الشركاء على حل الشركة، (في أي وقت، لأن القاعدة تعتمد أن :(« ما ينشؤه الاتفاق يمكن أن ينهيه ا لاتفاق » What has been created by agreement may be terminated by agreement. (١) وتوجد أيض ً والفقه الفرنسي يفرق بين » : وبخصوصها قيل ،« الشركة التي خلقها الواقع » ا شركة الواقع وهي التي تنشأ عن عقد شركة قضي ببطلانه للتخفيف من الأثر الرجعي للبطلان، وبين الشركة التي أوجدها الواقع )societé créede fait .( عندما يتصرف شخصان أو أكثر كما لو كانوا شركاء في شركة متمتعة بالشخصية الاعتبارية دون أن يبرموا عقد شركة على الإطلاق، فهي شركة تنشأ وتعيش في الواقع مع أن إرادة الأطراف لم تتجه صراحة إلى تأسيسها. كأن تعاون زوجة زوجها في إدارة محله التجاري وعند وفاته تدعي أن هناك شركة من صنع الواقع كانت تضمهما، لتحصل على نصيب من الأرباح. ومتى توافرت أركان الشركة ولا سيما ركنا تقديم الحصص ونية المشاركة يتجه القضاء إلى الحكم بوجود . د. علي قاسم: قانون الأعمال، ج ٢، الشركات التجارية، ص ٢٦٨ « الشركة « لا وجود لها في اجتهادات الفقهاء » وبخصوص الفقه الإسلامي قيل إن الشركة الفعلية . د. عبد العزيز الخياط: الشركات في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، ج ١، ص ٣٤٢ ١٤ -- - -- أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي الاندماج (أي: اندماج الشركة في شركة أخرى). التقسيم (أي: انتقال الذمة المالية للشركة إلى شركتين أو أكثر قائمتين أو  يتم تأسيسها لهذا ا لغرض). اجتماع حصص الشركة في يد شخص واحد (لأن أخص خصائص أية شركة وجود شريكين أو أكثر، وإلا كانت عملا ً انفراديا). التأميم (أي: انتقال ملكية الشركة من الأفراد إلى الجماعة أو ا لدولة). حل الشركة بناء على حكم قضائي (بسبب استحكام الخلاف بين الشركاء، أو عدم وفاء شريك أو أكثر بالتزاماته تجاه ا لشركة). %-4 ر ا / الا > ت ا   # 34 ب ا < ب) الأ (إذ زوال هذا الاعتبار يعني زوال أساس وجود الشركة)، ومن هذه الأسباب: - موت أحد ا لشركاء. - الحجر على أحد الشركاء أو إعساره أو إفلاسه. ويترتب على انقضاء الشركة بداهة عدة آثار، أهمها: - تصفية الشركة (أي: تحديد صافي أموالها التي توزع بين الشركاء بعد استيفاء الحقوق وسداد ا لديون). - القسمة (وذلك بقسمة أموالها بين ا لشركاء). - تقادم الدعاوى المترتبة على أعمال الشركة: فإذا كانت الشخصية المعنوية للشركة تنقضي بمجرد تصفيتها، فإن لدائني الشركة الذين لم يستوفوا حقوقهم مطالبة الشركاء بالوفاء بها، والأصل أن يكون ذلك إذا لم تسقط بالتقادم ومدته خمسة عشر عاما. لكن المشرع المصري أخذ أيض ً ا بتقادم ً قصير مدته خمس سنوات بالنسبة للدعاوى التي يرفعها دائنو الشركة على الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٥ الشركاء غير المصفين أو ورثتهم لمطالبتهم بديون الشركة (مثل الدعوى التي يرفعها الدائن على الشريك الموصي لمطالبته بتقديم حصته، أو على الشريك المتضامن ليطالبه بدينه) (١) . وواضح أن هذه الآثار وهو ما أثبته الواقع العملي تثير مشاكل كثيرة، خصوص ً ا مسألة تصفية الشركة (وأيض ً ا شهر إفلاسها) (٢) . (١) راجع تفصيلات كثيرة عند د. علي قاسم: قانون الأعمال، ج ٢، الشركات التجارية دار النهضة . العربية، القاهرة، ٢٠٠١ ، ص ١٣٩ ١٩٨(٢) تجدر الإشارة أن ثمة فارق ً يتمثل في ا لآتي: « والتصفية » « الإفلاس » ا يوجد بين «The ultimate objective of the bankruptcy process is to discharge the bankrupt from his liabilities, so that he can begin again with a clean slate, free from the burden of his debts, and this rehabilitates himself into the community. The ultimate fate of a company in winding up is not discharge but dissolution; that is, the termination of its existence». E. Me Kendrick: Goode on Commercial law, penguin Books, London, 2010, p. 906. ندرس أولا ً تعريف الشركة، ونتبعه ببيان عناصرها. الأول ? ا  ا لم يفت فقهاء المسلمين وضع تعريف للشركة. يقول ابن ا لمنذر: وأجمعوا على أن الشركة الصحيحة أن يخرج كل واحد من الشريكين مالا » ً مثل صاحبه دنانير أو دراهم، ثم يخلطان ذلك حتى يصير مالا ً واحد ً ا لا يتميز، على أن يبيعا ويشتريا ما رأيا من التجارات، على أن ما كان فيه من فضل فلهما، وما كان من نقص فعليهما، فإذا فعلا ً « ذلك صحت ا لشركة(١) . وفي الفقه الإباضي توجد تعريفات كثيرة: والشركة مخالطة الشريكين، واشترك » : يقول ابن النظر ْ نا: تخالط ْ « نا(٢) . (١) الشركة » : ابن المنذر: الإجماع، دار الثقافة، الدوحة، ١٤٠٨ ١٩٨٧ ، ص ٩٥ . كذلك قيل والمشاركة خلط الملكية، وقيل: هو أن يوجد شيء لاثنين فصاعد ً ا عين ً ا كان ذلك الشيء أو . الراغب الأصفهاني: المفردات في غريب القرآن، ص ٢٥٩ « معنى (٢) ابن النظر: الدعائم، ص ٤٤٨ ٤٤٩ ، وجاء في معجم مصطلحات ا لإباضية: الشركة بكسر فسكون، أو بفتح فكسر، لغة: خلط ا لنصيبين. » أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٨ وجاء في ا لمصنف: أجمع أهل العلم أن الشركة الصحيحة أن يخرج كل واحد من الشريكين » مالا ً مثل صاحبه دنانير أو دراهم، ثم يخلطان ذلك حتى يصير مالا ً واحد ً ا لا يتميز على أن يبيعا، ويشتريا ما رأيا من أنواع التجارات على أن ما كان فيه من فضل لهما وما كان من نقصان فعليهما، فإذا فعلا ً ذلك صحت الشركة، ثم ليس لأحدهما أن يبيع ويشتري إلا مع صاحبه، إلا أن يجعل كل واحد منهما لصاحبه أن يتجر في ذلك بما يرى، فإن فعلا ً وقام كل واحد منهما مقام صاحبه، وانفرد  « بالبيع والشراء حتى ينهاه صاحبه، فإذا مات أحدهما انفسخت ا لشركة(١) . ويقول ا لجيطالي: مشارطة الشريك لصاحبه في التجارة تتمثل في أمور خمسة: يشارطه أولا، » ً ثم يراقبه ثاني ً ا، ويحاسبه ثالث ً ا، ويعاتبه رابع ً ا، ويقاسمه « ا(٢) الربح خامس . ً واصطلاحا: هي العقد الذي يتم بسببه خلط المالين حقيقة أو حكما لصحة تصرف كل خليط ًً . معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٥٤٤ « في مال صاحبه الشركة هي اختلاط النصيبين فصاعد » : ويقول الجرجاني ً ا، بحيث لا يتميز، ثم أطلق اسم الجرجاني: التعريفات، وزارة الثقافة « الشركة على العقد، وإن لم يوجد اختلاط النصيبين . والإعلام، بغداد، ص ٧٣ بكل ما يدل عليها عرف » ولا يشترط في الشركة استخدام لفظ بعينه، بل تنعقد ً ا أو لغة من . أطفيش: شرح النيل، ج ١٠ ، ص ٣٩٢ « قول: كاشتركنا، أو فعل كخلط المالين والعمل بهما وهذا يؤكد أن عقد الشركة ليس عقد ً ا شكليا، وإنما هو من قبيل العقود ا لرضائية. (١) . النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ٩٠(٢) الجيطالي: قناطر الخيرات، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٢٢ ٢٠٠١ ، ج ٣، ص ٤٥١ . كذلك قيل بخصوص ا لشركة: وهي لغة: الاختلاط، وشرع » ً ا: ثبوت الحق على جهة الشيوع في شيء واحد لاثنين فأكثر، وللشركة أركان خمسة: عاقلان، ومالان، وصيغة، وللشركة شروط منها [أن تكون] على قبض من الدراهم والدنانير وإن كانا مغشوشين إذا استمر صرفهما في البلد وقيل: لا تصح في تبر وحلي وسبائك وتكون الشركة في المثلين إذا اتفقا جنسا ونوع ً ا، وقيل: تصح في ً الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٩ وأخذ ً ا في الاعتبار التعريفات المتقدمة، يرى الفقه الإباضي أنه لا يعد من قبيل الشركة، ما يلي: أ عدم مزج أموال ا لشركاء: يؤيد ذلك ما قاله العوتبي(١) : وإذا اتفق رجلان على شركة في تجارة فأحضر كل واحد منهما دراهم ولم » يخلطاها فتجر بإحدى الدراهم فربحا وضاعت دراهم الآخر قبل أن يخلطاها ً ويتجر فيها فالربح لصاحب الدراهم ولا شيء للآخر فيها لأنه ليس شريكه فيها .« والشركة لا تكون إلا مختلطة وأظن للآخر مثله ب تقديم شريك واحد لأموال ا لشركة: وهكذا بخصوص فيمن جاء إلى رجل فقال له: شاركني في الطناء وسلم القيمة أنت وأنا علي أخدم بيدي والربح بيننا نصفان هل تكون هذه شركة؟ ّ يقول ا لسمائلي: ليس هذه بشركة لأن هذه الحالة منافية لحالة الشركة وللشركة شروط » وصيغة وعقد وهذه خالية من جميع ذلك وللخادم بيده عناء مثله إلا أن يتمم له « صاحب الدراهم بالربح فذلك له وليس هو من باب الشركة في شيء(٢) . العروض مطلق ً ا وإن اختلفت أنواعه ومنها أن يخلط الشريكان الماليين بحيث لا يتميزان عند العاقدين وأن يأذن كل واحد منهما لصاحبه بعد الخلط في التصرف بالبيع والشراء ويحتاج الإذن بصيغة تدل عليه مثل قوله: أذنت لك في التصرف ولا يكفي اشتراكنا فقط، وقيل: يكفي ذلك مع وجود النية من كل واحد منهما لصاحبه في التصرف فليتصرف كل واحد منهما بلا ضرر في ذلك فإن فعل أحد الشريكين ما نهي عنه رد أمره ولم يصح ذلك أبو عبيد .« البيع، وقيل: يصح في نصيبه والشركة عقد جائز من الطرفين أي: الجانبين . السمائلي: هداية المبصرين في فتاوى المتأخرين، ص ٣٢٣ (١) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ١٠ (٢)أبو عبيد السمائلي: هداية المبصرين في فتاوى المتأخرين، ص ٣٢٥ . ويذكر الصحاري فرضا ً آخر، بقوله: أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٠ ج الوعد بالشركة ليس شركة: مجرد الوعد لا يكفي لقيام وجوب الشركة، وإنما لكي تكون كذلك لا بد من توافر عناصرها السابق الإشارة إليها، وخصوصا وجود نية الاشتراك لدى ً جميع الأطراف. يقول ا لعوتبي: وإذا اشترى رجل متاع » ً ا وقيمته، فقال له رجل: أنا شريكك قال: نعم، فلا يكون شريكه بهذا لأنه وعد وليس هو بجواب يوجب له الشركة على صاحب المتاع، والوعد لا يوجب ثبوت الشركة بينهما، وإنما يثبت عقد الشركة بينهما إذا تعاقدا على شراء المتاع قبل المبايعة ثم اشترياه بينهما بأنصاف أو بأرباع أو « بما يشترطان عليه من الشركة الصحيحة من ا لقسم(١) . هذا هو المقصود بالشركة عند ا لإباضية(٢) . وإذا أراد الشريكان أن يشتركا في تجارة وكانت بضاعة أحدهما مباينة لبضاعة الآخر فعليهما »أن يقوما بضاعتهما بالثمن ويخلطا ففي ذلك ترخيص إذا تتامما وأما في الأحكام فهذه شركة  غير ثابتة ولم نقدم على تحريمها وإن كانت مما يكال أو يوزن فأقرب إلى الجواز إذا كالاهما . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ١١١ « أو وزناهما فخلطاها(١) . العوتبي كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ٢٤ (٢) يقول أبو عمار: للشركة موضعين: أحدهما حقيقة، والثاني استعارة ومجاز. الحقيقة من ذلك كالرجلين »يشتركان في ملك مال من أرث أو تجارة. عبد ً ا كان أو حيوان ً ا، أو غير ذلك من المال. فيكون كل واحد منهما شريك صاحبه، على قدر التسميات. وذلك لاتفاق جهاتهما في الملك. فهذه حقيقة الشركة. وكل هذا الذي قلنا اشتركاه بينهما فهو لله ملك، ومال، قال: ﴿ NML QPO ﴾[ [النور: ٣٣ والعبد من ذلك عبد لله وهو مع ذلك تعالى غير موصوف بالشركة لهما، ولا لأحدهما ولا يقال لهما ولا لأحدهما: أنه شريك لله تعالى عن ذلك. لاختلاف جهات ا لملك. والوجه الثاني من الشركة على معنى المعاونة والاتفاق وذلك كرجلين ملكا ملك ً ا أو أمرا أمرا، أو ً جيشا جيش ً ا، أو هزما جند ً ا، أو فتحا ثغرا، أو استعملا أو استقضيا أو اعتزلا أو كانا ملاحين فسارا ً بسفينة في البحر، أو قتلا رجلا ً بأي وجه من وجوه القتل، ولو أنهما أجاعاه، أو أعطشاه، حتى مات أو دفعا شجرة فخرت، أو تجاذبا ثوبا فانخرق، أو انفقا على أمر من الأمور فأمضياه، فإنه قد ً الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٢١ %A ا ? ا  ا للشركة أركان عامة، وأركان خاصة بها. :. ن ا  أ) الأر سبق القول إن هذه الأركان هي الرضا، والأهلية، والسبب، والمحل(١) . وهذه هي الأركان العامة التي تتوافر في أي عقد، والشركة عقد. ولا ننوي الحديث عن هذه الأركان، اكتفاء بما ذكرناه سلف ً ا، وبما هو معلوم بالضرورة بهذه الأركان العامة. لكن نشير في عجالة سريعة إلى ركني المحل والتراضي. ١ ركن ا لمحل: يجب بداهة أن يكون موضوع الشركة مشروع ً ا. فإذا كان المحل غير مشروع، تقع الشركة باطلة، ويبطل كقاعدة عامة كل تصرف صدر عنها. يقال في هذين: إنهما اشتركا على معنى: تعاونا وأنفقا، وليست الشركة ههنا حقيقة، بل هي مجاز ٰ أبو عمار الكافي « واستعارة، وسمي هذان شريكين في الفعل إذ كان فعلهما من جهة واحدة . الإباضي: الموجز، دار الجيل، بيروت، ١٤١٠ ١٩٩٠ ، ص ٣٩ ٤٠ (١)فمثلا ً بخصوص: وما تقول في أهل الشركة إذا وجد أحد منهم يبيع شيئ ً ا من المسكرات الحرام، فيجوز أن ينفى من البلد إذا لم يكن له فيها أصول أم لا يجوز؟ وهل يجوز حبسه على فعله ذلك وعلى بيع الربا المحرم إذا اشتهر عليه ذلك؟ العبري: « جائز حبسهم على جميع ما ذكرت، وإن لم يمتنعوا فلا يضيق نفيهم » : يقول العبري . فواكه البستان، ص ٦٩ ٧٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٢ ٢ ركن ا لتراضي: ا دون اتفاق، وإنما لا بد من تراضي الأصل أن الشركة لا تتواجد تلقائي الأطراف المؤسسة على إنشائها. « شرط في جميع ا لتصرفات » : علة ذلك أن الرضا(١) . اتباع تراضي الملاك والشاهد » : كما أن الأصل المقطوع به في المعاملات هو  من نص القرآن في ذلك قوله تعالى ﴿ <= GFEDCB ﴾(٢) . A@?> (١) . ابن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، ج ٢، ص ١٧٤ (٢) . الجويني: غياث الأمم في التياث الظلم، ص ٣٥٦ والشركة الشرعية توجد بوجود التوافق بين اثنين أو أكثر على أن يدفع كل » : ويقول الشوكاني واحد منهم من ماله مقدارا معلوما ثم يطلبون به المكاسب والأرباح على أن لكل واحد منهم ًً بقدر ما دفعه من ماله مما حصل لهم من الربح، وعلى كل واحد منهم بقدر ذلك مما لزم في المؤن التي تخرج من مال الشركة فإذا قد حصل التراضي الذي هو المناط في كل .« المعاملات . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٣، ص ٤٦ إذا قال لآخر: ما اشتريت من شيء اليوم أو غد » : كذلك قيل ً ا بكذا درهما أو من الثياب أو من ً الحنطة فبيني وبينك، فقال: نعم، فهذا جائز. ولو قال: ما اشتريت من شيء فهو بيني وبينك ولم يسم شيئ ً ا ولا ثمن ً ا ولا وقت ً ا لم يجز. ولو قال: ما اشترينا أو ما اشتراه أحدنا من تجارته فبيننا فهذا جائز. والفرق أنه لما ذكر الشراء دون البيع ولم يذكر ما دل على أنه قصد شركة العقود علم أنها وكالة، وفي التوكيل إذا لم يذكر أحدهما في الأشياء الثلاثة لا تصح لأجل الجهالة الكثيرة وعدم التخصيص، لأن الوكالة لا تقع عامة، ألا ترى أنه لو قال: وكلتك لم يصح له البيع والشراء في ماله، فإذا لم يخص لم يجز، كما لو قال: اشتر شيئا. وليس كذلك إذا ذكر هذه الأشياء، لأن الجهالة تقل، وقيل: الجهالة معفو عنه في ا لوكالة. وأما إذا قال: ما اشترى بيننا أو ما اشتراه أحدنا فقد اقترن به ما دل على أنهما قصدا عقد الشركة، إذ العادة لم تجر بأن الوكيل يوكل الموكل، فعلم أنها شركة والشركة تقع عامة فلا تحتاج إلى التخصيص، ألا ترى أنه لو قال: شاركتك مفاوضة أو عنان ً ا صح، فعدم ذكر الجنس . الفروق للكرابيسي، ج ٢، ص ٤٣ ٤٤ « لا يبطلها الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٢٣ إن وقع » : والتراضي لازم عند الإباضية لإنشاء الشركة. فالقاعدة عندهم « التراضي على شيء جاز في موضع جوازه(١) . ويسري ذلك على الشركة، فقد جاء في بيان ا لشرع: وسألته عن رجل دفع إليه دراهم أمانة فخلطها في دراهم له وعنده أن ذلك » أحرز لها من أن يؤخذها فضاع الجميع؟ قال: يوجد عن بعض الفقهاء أنه لا ضمان عليه. قلت: وكذلك وجدت في الأثر، قلت: أليس هذا خلطها فذهبت عينها فقد استهلكها فعليه الضمان؟ قال: نفسي إلى هذا أشيق إلا أنهم قالوا: إذا خلطها فقد صارت الأمانة مع ماله شركة ثم ضاع المال ا لمشترك. قلت: الشركة أليست لا تكون إلا بالاتفاق وبإذن كل واحد منهما لصاحبه « وإذا كان على غير هذا الوجه فهو تعد؟ قال: نعم(٢) . كذلك فإن التراضي يفترض أن يتم سلف ً ا، وإلا لم تتوافر الشركة. في هذا الشأن يقول ا لنزوي: وإذا اشترى رجل متاع » ً ا وقبضه، فقال له رجل آخر: أنا شريكك؟ قال: نعم فلا يكون شريكه بهذا لأنه وعد وليس هو بجواب يوجب له الشركة على صاحب المتاع، وإنما يثبت عقد الشركة بينهما إن تعاقدا على شراء المتاع قبل المبايعة، ثم يشتريانه بينهما بأنصاف أو أرباح، فإن تعاقدا فقال المشتري منهما: اشتريت لنفسي، فإنه يحكم له به وعليه للذي عاقده يمين ما اشتراه بينهما، أو ما اشتراه إلا لنفسه، ولا يكون شريكه إلا في قول أبي حنيفة، لأنه قال: إذا تعاقدا فهو بينهما، « ولا يلتفت إلى قوله: اشتريته لنفسي(٣) . (١) . العالم البشري: مكنون الخزائن وعيون المعادن، ج ١٤ ، ص ٩٩(٢) الكندي: بيان الشرع، ج ٦٣ ٦٤ ، ص ٢١٧ . انظر أ يض ً ا البشري: مكنون الخزائن وعيون المعادن، . ج ١٣ ، ص ٩٣(٣) وفي رجل ابتاع سلمة، فقال له رجل » : النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ٨٨ . يقول ابن النظر أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٤ وإذا توافر التراضي فقد حصل الاشتراك، فتترتب آثاره. في هذا ا لشأن: قال موسى بن علي 5 : في رجل قال لرجل: ا شتر ِ كذا وكذا وأنا شريكك فيه، فلما اشتراه المأمور رجع الآمر وقال: لم أعلم أنه يبلغ هذا. قال: لا رجعة له ولا يعذر بالجهالة. قيل له: فكم يلزمه من شركته. قال: النصف إلا أن يكون بينهما شيء قد تقاطعا عليه(١) . والتراضي بخصوص الشركة كما في غيرها من التصرفات القانونية يجب تصرف » : أن يصدر من صاحب الحق فيه. لذلك فالقاعدة عند الإباضية أن .« الفضولي صحيح في حق نفسه لا في حق غيره وهي تعني أ ن: تصرف الفضولي بيع » ً ا وشراء، ورهن ً ا وإجارة وقضاء، وشركة وقراض ً ا لا يصح « عن الغير بغير إذنه ولا رأيه(٢) . :34 ن ا  ب) الأر ذكرنا آنف ً ا أن هذه الأركان تشمل: تعدد الشركاء، وتقديم الحصص، ونية المشاركة. حاضر: أنا شريكك يا فلان فيها، قال: نعم، ثم قال آخر: أنا شريكك فيها، قال: نعم، ثم قال ثالث: أنا شريكك فيها، قال: نعم. فإن كان قبض السلعة قبل أن يشركهم فللذي أشركه أولا ً نصفها، والثاني ربعها، والثالث ثمنها، ويبقى للمشتري ثمن واحد. وإن كانت الشركة قبل قبض السلعة فالشرك باطل إلا أن يكونوا عاقدوه على ذلك قبل الشراء، . ابن النظر: الدعائم، ص ٤٨٠ ٤٨١ « ثم اشترى فهي بينهم على عدده (١) . جامع أبي الحواري، ج ٢، ص ١٠٢ ، النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ٨٨(٢) . معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٣٧٠ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٢٥ ١ تعدد ا لشركاء: تفترض الشركة وجود شريكين أو أكثر، باعتبار ذلك من أخص خصائص أية شركة. وقد ذكر فقهاء الإباضية عدة قواعد تتعلق بالشريك، منها: أولا ً الالتزام بحفظ حقوق باقي الشركاء. لذلك جاء في شرح ا لنيل: لزم شريك غائب حفظ ما اشترك مع الغائب تركه في يده أو في غير يده أو » « دخل ملكه بعد غيبته(١) . ثانيا عدم جواز أن يبيع شريك مال شريك. لذلك جاء في بيان الشرع: ً لا يجوز بيع أحد الشركاء مال شريكه إذا ادعى أنه شريكه أمره ببيعه في »الحكم إلا بالصحة. وأما في الاطمئنانة إذا كان لا يشك في قوله وصدقه وقال أنه أجيز له ذلك وكان شركاؤه حاضرين بالغين يمكن صدق قوله في ذلك ولم يضق على ما توسع في ذلك شيء مما ذكرت من البيع والعطية « والمشاركة(٢) . ثالث ًا : الشريك لا تلحقه التهمة فيما اشتركا فيه. يقول ا لصبحي: إن الشريكين لا تلحقهما التهمة فيما اشتركا به خاصة ولا يمين عليهما » لبعضهما بعض فيما اتهما فيه بعضهما بعض ً .« ا وقد قال بعض المسلمين: عليهما اليمين إذا اتهم أحدهما صاحبه. وإن نكل فعليه الحبس. وأما المتساكنان تلحقهما التهمة حتى يصح لبعضهما بعض في مالهما فيكون حكمهما حكم الشريكين في قول بعض ا لمسلمين. (١) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٢ ، ص ٨١٧ (٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٤٣ ٤٤ ، ص ٢٤٠ ٢٤١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٦ وقد قال بعضهم: ليست المفاوضة كالمشاركة فالشايف والبيدار إذا قوطعا بجزء من عملهما فهما كالشريكين في أكثر القول ولا تلحقهما التهمة وإذا كانا « يعملان بأجر معلوم فهما أجيران تلحقهما التهمة إذا كانا من أهلها(١) . رابعا : يقول الإمام جابر: ً وأما الذي ذكرت من رجل تشركه في أرضك ينفق نحو ما تنفق. زعمت أنه » يكفيك طائفة من عمله ويعينه غلامك أحيان ً ا ولا تتفضل عليه. فلا بأس بذلك. وقد يشترك الشريكان فيكونان أحدهما أجزى من الآخر فلا يضر ذلك، ولا تشترط عليه شيئ ً « ا في عمله(٢) . معنى ذلك: ١ أن الاتفاق هو الذي يحدد كيفية توزيع العائد بين ا لشركاء. ٢ أن أحد الشركاء أو بعضهم يمكن أن يتميز فيما يحصل عليه إذا اتفق الشركاء على ذلك. ٣ أن الشريك قد يساهم بماله، أو بعمله في تسيير ا لشركة. خامسا : تفترض صفة الشريك أن تكون التجارة قائمة أو من المزمع إقامتها ً أما إذا بيعت وأصبحت ثمن ً ا فلا يجوز إضفاء صفة الشريك في الدين. لذلك بخصوص: شريكان في تجارة أرادا أن يدخلا ثالث ً ا معهما في تلك التجارة ليسلم ما ينوبه من ثمنها وليكون له نصيب مما قد ربحا منها. أيجوز ذلك أم لا؟ ً إن كانت هذه التجارة سلعة وأرادا أن يشركاه فيها باع عليه ثلثها » : قيل (١) . الصبحي: الجامع الكبير، ج ٣، ص ١٠٥ ١٠٦(٢) رسائل الإمام جابر بن زيد، تحقيق: د. فرحات الجعبيري، مكتبة الضامري، مسقط، . ١٤٣٤ ٢٠١٣ ، ص ١١٧ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٢٧ فحينئذ يكون شريكهما، وإن كان ثمنها يوم اشترياها رخيصة وأرادا أن يشركاه فيها قد ارتفع ثمنها وأرادا أن يجعلا له من الربح فيبيعا عليه ثلثها بثمنها يوم اشترياها. والله أعلم. وإن كانت هذه التجارة قد صارت ثمن ً ا على « الناس فلا سبيل إلى شركة هذا الثالث في الدين الذي على ا لناس(١) . ٢ تقديم ا لحصص: سبق القول إن الشركة تقوم على حصص يقدمها الشركاء، سواء كانت حصص مالية نقدية أو عينية أو حصص بالعمل يقدمها شريك أو أكثر. يقول البيضاوي: إن من أحكام ا لشركة: اشتراك الربح على نسبة رأس مالهما، فإن شرطا تفاوت » ً ا فسد العقد وإن تفاوتا في العمل على الأظهر؛ لأن الأصل هو المال، والعمل تابع لا ينضبط فلا ينظر « ا(٢) إليه. وجوز أبو حنيفة مطلق ً . ويقول ا لصنعاني: قال ابن بطال: أجمعوا على أن الشركة الصحيحة أن يخرج كل واحد مثل » ما أخرج صاحبه ثم يخلط ذلك حتى لا يتميز ثم ينصرفا جميعا إلا أن يقيم كل ً منهما الآخر مقام نفسه وهذه تسمى شركة ا لعنان. (١) . المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، ج ٣، ص ١٢٥ ٰ وإن أشركه قبل البيع فالشركة فاسدة، إلا أن يكون أمره أن يشتري ذلك ونيته » : كذلك قيل . ابن النظر: الدعائم، ص ٤٧٩ « بنيته فاشتراه له ويقول ابن نجيم: ما اشتريت اليوم من أنواع التجارة فهو بيني وبينك؟ فقال: نعم. جاز، ولو اشترى شيئ » ً ا فقال ابن نجيم الحنفي، الأشباه « أشركني فيه. فقال: أشركتك فيه. جاز إلا أن يكون قبل قبضه . والنظائر، ط البابي الحلبي، القاهرة، ص ١٩٣(٢) . قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى من دراية الفتوى، ج ١، ص ٥٣٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٨ وتصح إن أخرج أحدهما أقل من الآخر من المال ويكون الربح والخسران على قدر مال كل واحد منهما(١) . بينما يرى الإمام الشوكاني أن العبرة بالتراضي بين الشركاء، بغض النظر عن التفاوت في الحصص بينهم. إذ ليس من شرط أن يكون مال أن التراضي على » : كل واحد منهم مساويا لمال من شاركه. والحاصل ً الاشتراك سواء تعلق بالنقود أو العروض أو الأبدان هو كله شركة شرعية، ولا يعتبر إلا مجرد التراضي مع العلم بمقدار حصة كل واحد من الربح والخسر، فإن حصل التراضي على الاستواء في الربح مع اختلاف مقادير الأموال كان ذلك جائز ً ا سائغ ً ا ولو كان مال أحدهم يسيرا، ومال غيره ً ٍ كثيرا وليس في مثل هذا بأس في الشريعة فإنه تجارة عن تراض ومسامحة ً « بطيبة نفس(٢) .  وكل ما عقد » : ويأخذ الفقه الإباضي بحلول مماثلة. في هذا الشأن قيل الشركاء  عليه الصفقة فهو جائز لقوله ژ : المسلمون على شروطهم إلا شرط » ً ا  ،« أحل حراما أو حرم حلالا ً وإذا كان مال أحدهم أقل من مال الآخر، واشترطوا ً الربح بينهم على التساوي فذلك جائز ولعل من له الأقل من المال أن يأخذ الربح مثل من له الأكثر لفضل عمله على عمل الآخرين؛ لأن الناس يتفاوتون في العمل ويكون ما أخذ في مقابل ما عمل ألا ترى إلى المضارب إنما استحق الجزء من الربح بالعمل لا غير والله أعلم. وإن لم يكن بينهم شرط فالربح « والوضيعة والدين على رؤوس ا لأموال(٣) . (١) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٧٦ (٢) . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٣، ص ٢٤٦ ٢٤٧ حري بالذكر أن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في قراره حول .« جواز جعل الأوراق النقدية رأس مال في بيع السلم، والشركات » : العملة الورقية، قرر (٣) . سعيد الحارثي: نتائج الأقوال من معارج الآمال ونثر مدارج الكمال، ج ٢، ص ٦٣ ٦٤ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٢٩ وجاء في لباب ا لآثار: وفي الشركة في التجارة إذا كان من أحد الشريكين من أساس المال أكثر من » الآخر واشتركا على أن يكون الربح بينهما نصفين أو كانت الدراهم كلها من عند واحد ما منهما والعناء عليهما جميعا يجوز ذلك أم لا؟ ً قال: أما إذا كانت الدراهم من عند أحدهما أكثر من الآخر وشرط أن يكون الربح بينهما نصفين ففي ذلك اختلاف، قول: يثبت وهو الأكثر عندي، وقول: لا يثبت ويكون الربح على رأس ا لمال. وأما إن مات أحدهما والمضاربة منتقضة فيعجبني للحي منهما أن يكون له عناء مثله إلا أن يكون قبض شيئ ً « ا في حياة الهالك بطيبة نفسه(١) . ويرى الإباضية بإمكانية أن تكون الحصة المالية نقد ً ا أو عين ً ا، مع قدر من التفصيل عندهم في هذا الشأن(٢) .. لا يشترط العلم » وإن كان الزركشي يقول: وفي الأصح: الشركة (١) السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ١٠ ، ص ٥ ٦. وجاء في ا لمصنف: واختلفوا في اللذين يشتركان والمال لأحدهما: فقول الشافعي: لا يجوز والوضيعة على »المال، والذي لا مال له على الذي له مال أجرة مثله فيما عمل. وقال أحمد: إن ربح شيئ ً ا فله نصف ما ربح، وإلا فلا شيء له. قال أبو سعيد: كل ذلك يجوز إن شاء الله، وقول: من أجاز ذلك إذا كان المال لأحدهما على الربح بينهما والوضيعة على المال، فجائز في بعض ا لقول. وقيل أيض ً ا: إنه جائز أن يكون المال لأحدهما والربح بينهما، والوضيعة عليهما، ويخرج ذلك النزوي: المصنف، « كله في مذاهب أصحابنا. وقول من لا يجيزه يخرج أيضا على الصواب ً . ج ٢٥ ، ص ٩٢ ٩٣(٢) وهكذا يقول ا لأصم: وإذا اشترك رجلان في تجارة أحضر أحدهما دراهم، والآخر دنانير. فقد اختلف أصحابنا في »ذلك، فمنهم من رآه جائز ً ا، ويرجع كل واحد منهما إلى رأس ماله فيأخذه إذا أراد المقاصصة ويقسمان الفضل، قال بعضهم: إن هذا لا يجوز؛ لأن الشركة لا تكون إلا من أمثال متساوية من جنس واحد فما ذهب ذهب منهما وما حصل فلهما. وقال من قال: إن الشركة لا تكون إلا بدارهم كلها أو دنانير كلها، وأحب أن بعضا يقول: إن ً الدراهم والدنانير كلها صنف واحد وليسعهما من العروض، إذ هي محمولة بعضها على أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٠ بقدر النسبتين في المال المختلط من كونه مناصفة أو مثالثة في الأصح، إذا أمكن « معرفته من بعد(١) . وتبدو أهمية عنصر تقديم الحصة عند الإباضية أن الشركة لا توجد بدونها. وهكذا، مثلا، ً بخصوص شركة العنان يقول ا لعوتبي: « وإذا كان لأحدهما مال والآخر لا مال له فالشركة باطلة معدومة »(٢) . ٣ نية المشاركة في الربح والخسارة: هذه أخص خصائص أي شركة، فالتجارة ربح وخسارة، وبالتالي، فنية المشاركة في الربح والخسارة لا تنفك عن أية شركة. بل هي لازمة في أي عمل. إن من الواجب على كل مسلم إقدام النية في كل عمل من لازم » : يقول الكندي أو فضيلة أو مباح يخلص له الإخلاص في جميع أعماله وعبادته قال الله تعالى: ﴿ §¦¥¤£﴾ ، وقال النبي ژ : إنما الأعمال بالنيات وإنما » وعنه ،« لكل امرئ ما نوى : ‰ أن لا عمل لمن لا نية له ولا أجر لمن لا حسنة » والحجة في وجوب النية قول الله تبارك وتعالى: « له ﴿ lkjih onm﴾ ويضيف أيض ً ا: بعض في الزكاة والمشاركة، إذا كانت على شيء من العروض أو على دراهم وعروض أنها منتقضة إلا أن يتمها ا لشركاء. قلت: أرأيت الشركة بغير الدراهم والدنانير إذا كانت من جنس واحد، هل يجوز إذا تساوى مال كل شريك إذا أحضراه وكان مضبوط ً ا بالكيل والوزن مثل الحبوب إذا كانت من جنس واحد متساوية في القدر والثمن، وما جرى هذا المجرى، قال: فذلك جائز ويكون مالا ً لهما، ما زاد فلهما، وما نقص فعليهما. قلت: هل تجوز الشركة فيما لا يتساوى بمثل الحبوب والثياب ونحو هذا من الأمتعة التي لا تضبط بالكيل ولا بالوزن قال: لا. قلت: فإن تشاركوا في هذا بالقيمة وكانت القيمة هي الأصم: البصيرة، ج ١، ص ٢٢ ٢٣ . انظر أيض « الجامعة للمالين والمتساوية لهما قال: لا تجوز ً ا السيد . ٢٤ ٢٥ ، مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ١٠ ، ص ٢٠ ٢١ (١) . الزركشي: المنثور في القواعد، ج ٢، ص ٤٠٤(٢) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٨ ، ص ٩٤ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٣١ والنية إذا انفردت لم يجب بها حكم، وكذلك الفعل إذا انفرد لم يجب به » حكم فإذا عقب بالفعل الموضوع لذلك المعنى وقع موقعه ولا تنازع بين أهل « العلم في وقوع الحكم إذا اجتمع القول والنية(١) . ولما كانت الشركة تهدف إلى تحقيق الربح للشركاء، (وقد يترتب عكسه: الخسارة)، فهي أقرب إلى الكسب منها إلى ا لاكتساب. يقول الراغب ا لأصفهاني: الكسب ما يتحراه الإنسان مما فيه اجتلاب نفع وتحصيل حظ ككسب » المال، وقد يستعمل فيما يظن الإنسان أنه يجلب منفعة ثم استجلب به مضرة والكسب يقال فيما أخذه لنفسه ولغيره ولهذا قد يتعدى إلى مفعولين فيقال كسبت فلان ً ا كذا، والاكتساب لا يقال إلا فيما استفدته لنفسك فكل اكتساب كسب وليس « ا(٢) كل كسب ا كتساب . ً (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦، ص ١٨ ١٩  وتحت باب العزم على الشيء يذكر الهمذاني: عزم فلان على المسير أو غيره، وعزم بالمسير واعتزمه، وأعزم المسير، وأجمعه (ولا يقال: أجمعت عليه وأزمعت عليه) ونواه، وانتواه، وهم به، راجع عبد الرحمن الهمذاني: الألفاظ الكتابية، ص ١٦٤ . كذلك قيل: ٰ الرستاقي: منهج الطالبين، « والإرادة والمشيئة هما صفتا ذات، لا صفة فعل كالعلم والقدرة »مكتبة مسقط، سلطنة ع ُ مان، ١٤٢٧ ٢٠٠٦ ، ج ١، ص ٣٥٥ . وقيل أيض ً ا: والفارق بين الإرادة والمشيئة أن المشيئة تستعمل في إيجاد المعدوم أو إعدام الموجود، »جوابات الإمام « والإرادة تستعمل في إيجاد المعدوم فالمشيئة أعم من وجه من الإرادة . السالمي، ج ١، ص ٢١٢(٢) . الراغب الأصفهاني: المفردات في غريب القرآن، ص ٤٣٠ أن يأخذ أكثر مما » فاطر: ٢٩ ) يقول أطفيش: إن المقصود ) « تجارة » لذلك في تفسيره لكلمة بالقصد إلى نحو سلعة وشرائها والمبايعة به، وقصد الربح الزائد عما اشتراها » أي « خرج منه . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١١ ، ص ٤٧١ ٤٧٢ « به والبنوك تختلف عن الشركات؛ فالشركة غالبا لها أموال وتستثمرها في نشاط » : كذلك قيل ً واحد، وقد لا تدري كيف تستثمرها أصلا، ً أما البنك فالأمر فيه مختلف؛ لأن فيه تعاملات موسوعة الفتاوى المؤصلة من دار الإفتاء « كثيرة جدا، إذا خسرت واحدة ربحت الأخرى . المصرية، ج ٣، ص ٤١١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٢ وقد عرف الإباضية عنصر المشاركة في الربح والخسارة، فقد روي عن الإمام جابر أنه قال: إن الربح بين الشريكين يكون على ما اصطلحا عليه، أما الوضيعة أي: الخسران، فيكون على رأس ا لمال(١) . بينما يقول ا لبسيوي: وإن اشترط أحد الشريكين: أن لي من الربح كذا وكذا، والباقي من الربح » بيني وبينك؛ فذلك جائز. وإن كان رأس مال أحدهما أكثر وشرط الربح بينهما والوضيعة؛ فذلك بينهما، وهما على ما اشترطا عليه. وإن لم يقع الشرط؛ فالربح على رأس المال « والوضيعة(٢) . وهكذا ففي مسألة الاشتراك في الربح والخسارة، وحددوها، اختلاف بين ا لفقهاء(٣) . (١) موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهيه، ج ٢، ص ٩٥٨ ، يحيى بكوش: فقه الإمام جابر بن . زيد، ص ٤٥٦ ٤٥٧(٢) . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٨٤٥ ؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ٢٦(٣) واختلفوا في الرجلين يشتركان، فيأتي أحدهما بألف درهم، » : وهو خلاف بسطه النزوي بقوله والآخر بألفين يخلطانها على أن الربح بينهما نصفان، والوضيعة، على قدر رؤوس أموالهما؟ فقيل: جائز. وقال الشافعي: الشركة فاسدة، والربح بينهما على قدر رؤوس أموالهما، والوضيعة عليها شطران. وكان الشافعي يقول: الربح ما اصطلحا عليه، والوضيعة أكثر من رأس ا لمال. قال أبو سعيد: القول الأول معنا أنه ثابت بينهما الشركة، وهو الأصح. وقيل: تكون الوضيعة على المال والربح على المال، لأنه يبطل الشركة ما لم يكن المال واحد ً ا، فالربح واحد والوضيعة واحدة. وقال: إذا لم تتم الشركة لوجه اختلاف شروطهما فقد قيل: الوضيعة على ما تشارطا عليه، والربح على قدر المال. وقيل: الوضيعة على ما تشارطا والربح كذلك. وقيل: الربح على ما تشارطا، والوضيعة على قدر المال، وهذا إذا لم يكن المال مثلا ً للمال من صنفه ومثله في النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ٩٠ ٩١ . راجع أيضا. د. علي « وزنه، فذلك يجري فيه الاختلاف ً جمعة وآخرون: موسوعة فتاوى المعاملات المالية للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، . ج ٦، دار السلام، القاهرة ١٤٣٠ ٢٠٠٩ ، ص ١٧٥ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٣٣ ونلاحظ على عنصر الربح والخسارة الملاحظات ا لآتية: أولا :ً يرى الإباضية عدم وجود دليل بخصوص حد الربح في الإسلام. يقول ا لبكري: لا دليل متفق عليه فيما أعلم يحدد الربح في الإسلام، وإنما ينهى الإسلام » عن الاحتكار والغلاء الفاحش استغلالا ً لضرورة المحتاج لا سيما في الأقوات. ويمكن تحديده فيما أرى بما يراه العرف معتدلا ً حسب الظروف وتكاليف « الجلب وفقد ا لبضاعة(١) .  ثانيا يتطلب الإباضية في الربح أن يكون حلالا، ً وألا يكون نتيجة غش ً أو تدليس(٢) . (١) فتاوى البكري ج ٣ ص ٣٦ . ويضيف أيض ً ا: أقصى الربح، أو الربح الفاحش غير منضبط، وقد اختلف العلماء في تقديره، كل يقدره »حسب ظروفه، ويعتبر ما جاوزه ربح ً ا فاحش ً ا، وصاحبه محتكرا، والذي يبدو لي والله أعلم ً أن نسبة الربح لا تكون واحدة في كل الأشياء، ولا في مختلف الظروف، بل تختلف باختلافها قلة وكثرة، وجود ً ا وفقد ً ا، قوت ً ا وغير قوت، إلى تطور في الأسعار، بل المغارم المتنوعة المفروضة على التاجر. كل ذلك يلاحظ في تقدير نسبة الربح. هبك اشتريت سلعة بثمن معين، ولم يتح لها الرواج، فارتفعت قيمتها في السوق العامة، أفتقدر نسبة الربح على قيمتها القديمة، أم على قيمتها في السوق العام التي لا يمكنك تعويضها إلا بها؟ لا شك أن الأمر الثاني هو المعتبر في العرف التجاري، فأنت ترى كيف تختلف نسبة الأشياء باعتبار ملابساتها، ومتى قابلت بين نسبة الربح في السلعة القديمة ونسبتها في السلعة الحاضرة، وجدت البون شاسعا والربح فاحش ً ا جدا. وعليه فالمحظور هو الاحتكار واستغلال ضرورة ً المحتاج، لا سيما في الأقوات التي تتوقف عليها حياة الناس، وتشتد إليها حاجتهم، ويجب التقيد في غيرها على وجه العموم بآداب الدين المبنية على الرحمة والشفقة كقوله ژ : وعملا « المسلم سمح إذا باع وإذا اشترى وإذا قضى وإذا اقتضى » ً بالحكمة العامية القائلة: الربح كالمسك، شم وأعط الخوك. وربما يستروح تقدير الربح الفاحش من مقابله وهو »الغبن الفاحش الذي يحكم فيه بفسخ البيع إذ ليس الربح الفاحش إلا غبن ً ا للمشتري من قبل البائع، كما أن الغبن الفاحش ربح فاحش للمشتري على حساب ا لبائع. وبالجملة، فالوقوف بالربح عند حد معين قار بالنسبة لكل الأشياء غير منضبط، يخاف في . ذات المرجع، ص ٧٧ ٧٨ « تطبيقه ظلم أو هضم(٢) دليل ذلك ما جاء في قاموس ا لشريعة: أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٤ ثالث ًا لما كان عنصر الاشتراك في الربح والخسارة هو نتاج عمل الشركة، لذلك قيل: .« لا تجوز شركة في ربح » : لذلك فقد وضع الفقه الإباضي قاعدة لا تجوز شركة في ربح وحده، وأما في الشيء ويتبعه الربح فجائزة، وذلك تبع »فيه المصنف أبا ستة رحمهما الله إياي وجميع المسلمين وعبارة الشيخ هكذا، ومنهم من يقول: لا تجوز الشركة، فاستظهر أبو ستة أن المراد أنه لا تجوز الشركة في الربح، لكنه 5 ،« لا تجوز الشركة » : استشكله بقول الشيخ في تعليل قوله (قلت له: ما تقول في رجل شارك قوما في تجارة، فكانوا إذا اشتروا ذموا ما يشتروا، وإذا باعوا ً مدحوا وهو يسمعهم ربحوا في ذلك ربحا كثيرا، أيجوز له أخذ حصته من الربح، أم لا يجوز ًً له إلا رأس ماله؟ قال: معي أنه ما لم يعلم أنهم كاذبون في مدحهم أو ذمهم فهم أولى بذلك من فعلهم، وإن علم أنهم يكذبون في ذلك كذبا يستجرون به أموال الناس بغير الحق فذلك ًّ حرام، وليس له أن يأخذ ما استجروه بكذبهم من أموال الناس، وعليه أن يترك عند رأي بقدر ذلك من ربحهم مما قد علم أنه صار إليه من أموال الناس بالكذب، وله أن يأخذ رأس ماله من الربح، ما لم يعلم أنه صار إليهم بوجه حرام من هذا وغيره. قلت له: فإن ذموا ذلك الشيء الذي يشتروه فإذا باعوا مدحوه، أيحتمل أن يكونوا في غير هذا كله صادقين، ويجوز له أخذ الربح من حصته إذا لم يعلم ما هو في حد الشري ولا في حد البيع؟ قال: هكذا عندي. قال غيره: حفظت أن أبا عبيدة الصغير شارك قوما في التجارة، فاشتروا عود ً ا فعند شرائهم ً ذموه وعند بيعهم مدحوه فربحوا ربحا كثيرا، فقال لهم: أراكم عند الشراء ذممتموه، وعند ً ً البيع مدحتموه، فقالوا: هكذا عمل التجار، فقال لهم: ردوا علي رأس مالي ولا أبغي من ّ الربح شيئ ً . ا فردوا عليه) السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٣ ، ص ١٩٠ ١٩١ وقيل: ١ لاخلاف بين الفقهاء في مشروعية الربح في البيوع قليلا ً كان أو كثيرا ما دام العاقدان ً عالمين بقدره. ٢ أما إذا كان أحد العاقدين جاهل بقدر الريح، ففي الفقه الإسلامي اتجاهات ثلاثة: الأول: يقول بمشروعية الربح قليلا ً أو كثيرا ولو لم يعلمه أحد ا لعاقدين. ً الثاني: يقول بعدم مشروعية الربح يسيرا كان أم قليلا ً إلا إذا علمه ا لعاقدان. ً الثالث: يرى أن الربح الكثير لا يكون مشروع ً ا إلا بالعلم بقدره. راجع د. علي جمعة وآخرون: موسوعة فتاوى المعاملات المالية للمصارف والمؤسسات . المالية الإسلامية، ج ٦، دار السلام، القاهرة، ١٤٣٠ ٢٠٠٩ ، ص ١١ ٢١ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٣٥ ما نصه: ولعل هؤلاء أبطلوها من جهة الغرر لأن الربح فيهما مجهول معدوم اه، فإنه لم يدفع شيئ ً ا يرجو فيه ربح ً ا، حتى يقول: إنه غرر. والظاهر من كلام الشيخ أن هذا قول بمنع الشركة مطلق ً ا في الربح وحده وفي الشيء وربحه لأنه إذا شارك في الربح ودفع الثمن لأجل الربح أو أجل له والربح مجهول معدوم بطلت وألحقت بها الشركة في نفس الشيء، وذلك طرد للباب إذ قد لا يحصل له ربح، وقد تظهر الفائدة وتعلم، سواء شورك في الربح أو في الشيء، وهذه العلة غير ظاهرة في المنع، ولعل الشيخ قال: لعل هؤلاء.. إلخ، بالترجي لا بالجزم، ولا يخفى أنه إذا شاركه في الربح فقط فذلك مجرد هبة؛ إذ لا ثمن عليه فكيف يكون هناك غرر، وكيف يشترط العلم والوجود مع أن ذلك غير بيع، وإن شاركه في الشيء، فكيف يعتبر ربحه، فإن المبيع هو نفس الشيء وهو معلوم موجود، وأما الربح فتابع لم يقع عليه بيع، كما يجوز باتفاق شراء الشيء بقصد الربح فيه مع عدمه وجهله، ومع أنه قد لا يحصل، وأولى مما ذكر أن يقال: أراد الشركة في الربح وحده بناء على القول بأن هبة « المجهول لا تجوز(١) . « لا تثبت في الشيء إلا إذا كانت فيه وفي ا لربح » وهكذا فإن الشركة(٢) . (١) أطفيش: شرح النيل، ج ٩، ص ٣٠٣ ٣٠٤ ، كذلك قيل: (وسألته عن رجل حضر التجار وقد اشتروا بيع ً ا، فنما لهم ربح ً ا، فأعطوه ربح ً ا من قبل أنفسهم، ولم يضمن معهم شيئ ً ا؟. قال: يأخذ ما أعطوه من شيء، فلا بأس به). مدونة أبي غانم، مكتبة الجيل الواعد، . ١٤٢٧ ٢٠٠٦ ، ص ٦٨٣ معنى ذلك: أولا :ً أن الرجل المذكور لم يكن شريك ً ا. ثانيا: أن ما أعطاه من ربح كان من التجار من قبل أنفسهم. ً على » : أي: إنه كان على سبيل التطوع منهم والإحسان إليه أو كما يقول المصطلح اللاتيني سبيل التبرع ex gratia .« (٢) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٥، ص ٢٣٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٦ رابعا كل من كان له الربح كله كان عليه الضمان » : يأخذ الإباضية بقاعدة ً « كله(١) . وقوله ژ ،« الغرم بالغنم » وهي قاعدة يؤيدها قاعدة : « الخراج بالضمان »(٢) . خامس ًا إذا تم اشتراط عدم تحمل أحد الشركاء للخسارة (وهو الشرط المعروف بشرط الأسد) فهذه ليست شركة بمعناها الفني الدقيق. يقول ومن اشترى شراء وأشرك فيه غيره ثم جحد الشركة الشريك حذرا » : الصحاري ً من الخسران ثم ربح فيه المشتري فلا حجة له فيه بعد أن جحد الشركة صح منه ذلك قال أبو عبد الله: له حصته من الربح وعليه حصته من الوضيعة إلا أن يقول له: قد جعلت لك نصيبي من هذا البيع وبرئت إليك منه وقبل ذلك شريكه « فهو للشريك(٣) . باختصار، بالنسبة لأي شريكين في شركة هما: « يشتركان في المغنم والمغرم. فهي أقرب إلى ا لعدل »(٤) . سادسا القاعدة عند الإباضية هي أنه: ً « لا يصح بيع ما لم يقبض ولا ربح ما لا يضمن »(٥) . وأصل القاعدة أنه ژ : « نهى عن بيع ما لم تقبض، وربح ما لم تضمن »(٦) . (١) . معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ٢، ص ١٠١٢(٢) باطل شرع » ويقول الشيخ علي الخفيف: إن شرط الأسد هو شرط ً الشيخ علي الخفيف: « ا . الشركات في الفقه الإسلامي، معهد الدراسات العربية العالية، القاهرة ص ٣٠(٣) الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ١٠٨ . كذلك تبدو أهمية عنصر الربح مما قيل: (فإن قالا: والربح بيننا فهو بينهما نصفين، فإن لم يذكر الربح لم تصح لأنه المقصود من . الشركة فلا يجوز الإخلال به) أبو النجا الحجاوي: الروض المربع للبهوتي، ص ٢٩٦(٤) . ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ص ٢٥٣(٥) . معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ٢، ص ١١٤٢(٦) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والبخاري والنسائي. انظر أيض ً ا أطفيش: وفاء الضمانة بأداء . الأمانة في فن الحديث، ج ٤، ص ٥٤ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٣٧ يقول ا لرستاقي: أن يشتري » : وقد نهى رسول الله ژ عن ربح ما لم يضمن، وهو َ شيئ ً ا ثم يبيعه « قبل أن يقبضه(١) . ويقول أ طفيش: أن تبيع شيئ » ومعنى ربح ما لم تضمن ً ا وتربح فيه وليس في « ضمانك، ولو ضاع ضاع على من كان عنده(٢) . وقد اختلف الفقهاء في تأويل ا لحديث(٣) . وواضح للعيان أن النهي عن ربح ما لم يضمن يكمن في عنصر نية الاشتراك في الربح أو الخسارة كعنصر لازم لازب في أية شركة، وإلا لم تكن شركة(٤) . (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٧٩(٢) . أطفيش: شرح النيل، ج ٨، ص ٥٩(٣) يقول ا لخليلي: (واختلف أهل العلم في تأويله فقيل: إنه خاص فيما يكال أو يوزن من طعام أو غيره، وبيعه لا يجوز حتى يقبض وليس في هذا خلاف نعلمه. وقيل: إن هذا عام فيما يكال ويوزن وغيره من الأمتعة إلا الحيوان والأصول. وفي قول ثالث: فالمنع في كل شيء إلا ا لأصول. ومعنى القبض في هذا وشبهه ثبوت اليد فيه بشيء من التصرف والتغيير والتبديل الذي لا يفعله الإنسان في ملك غيره إلا عن إباحة أو إجازة ممن يجوز إذنه فيه، فإذا تصرف في ، طنائه هذا بسبيل البيع فهو قبضه لثبوت اليد له فيه فاعرفه) أجوبة المحقق الخليلي، ج ٤ . ص ٢٠ كذلك قيل: (أما بيع ما لا يملك فحرام خارج على معنى التحريم من طريق الربا ومن طريق بيع الغرر ومن طريق بيع المعدوم ولا أعلم فيه ا ختلاف ً ا. وأما ربح ما لم يضمن فمن طريق الجهالة وعدم القبض ولأنه قال من قال من المسلمين: لا يصح البيع قبل القبض. وقد اختلف في استحقاق الربح فقيل: هو للبايع لأنه لم يخرج من ضمانه وقيل: للمشتري بسبب البيع وقيل: لا لهما جميعا وهو للفقراء وأشده فيما يكال ويوزن وأقربه للأصول وأوسطه العروض ً والحيوان). . السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار، ج ٩، ص ٢٦٨(٤) في هذا المعنى قيل أيض ً ا: (وأما ربح ما لم يضمن فلأن الربح جعلته الشريعة للتجار مقابل الأخطار التي يتعرضون لها وذلك من قبيل الغرم بالغنم) معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج، . ص ١١٤٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٨ ويقول الشماخي إ ن: جميع ما كان في ذمة الغير، فلا يجوز بيعه حتى يقبض؛ لأنه من باب بيع » « ما لم تقبض وربح ما لم تضمن(١) . راجع أيضا بخصوص النهي عن ربح ما لم يضمن: ً ، موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، ج ٢، ص ٩٣٢ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٤٢ ، ص ١٨٤ جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٧٩٢ ، البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع . والأصول، ج ٥، ص ١٧ ١٨ ؛ الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٣، ص ٨٩ ٩٣(١) . الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٣، ص ٩٣   لما كان نظام الشركات موجود ً ا حتى منذ قبل الإسلام، فقد أقره الفقه الإسلامي لعدم تعارضه مع تعاليمه وقواعده. لذلك فالقاعدة في الفقه الإباضي كما عبر عنها المحيلوي إذا أراد أناس التعامل في صورة شركة، هي: « لا أقدر أن أمنعهم من ا لشركة »(١) . ويتفق إنشاء ووجود الشركات مع ما ورد في القرآن الكريم، والسنة النبوية، وإجماع ا لمسلمين. ١ ففي القرآن الكريم العديد من الآيات التي تدل عليها، ومنها قوله تعالى: - ﴿ 765 ﴾[ [يونس: ٧١ . - ﴿ qpon ﴾[ [النساء: ١٢ . - ﴿ ﮯ §¦¥¤£¢¡ ¨ «ª© ¬ ﴾ [ [ص: ٢٤ ، والخلطاء هم ا لشركاء. (١) . المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، ج ٢، ص ٢٢٠ ٰ وكان قوله بخصوص المسألة الآتية: وإذا تعامل كثير من أهل البندر في السوق أو في الفرضة، اشتركوا خمسة رجال لا يتزابنون نقصان ثمن السلعة. أيجوز أن يمنعوا من ذلك. وألا يشتركوا أبد ً ا إذا بان لنا بخس المتاع من أي ا لأمتعة. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٤٠ ٢ وفي ا لسنة النبوية وردت أحاديث عديدة، منها(١) :   · عن أبي هريرة ƒ قال: قال رسول الله ژ : قال الله تعالى: أنا ثالث » الشريكين ما لم يخ ُ ن(٢) رواه « أحدهما صاحبه، فإذا خان خرجت من بينهما أبو داود وصححه ا لحاكم. · وعن السائب بن يزيد المخزومي ƒ أنه كان شريك النبي ژ قبل البعثة رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. « مرحبا بأخي وشريكي » : فجاء يوم الفتح فقال ً يقول ا لصنعاني: والحديث دليل على أن الشركة كانت ثابتة قبل الإسلام ثم » « قررها الشارع على ما كانت(٣) . · وعن عبد الله بن مسعود ƒ اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب » : قال الحديث، رواه النسائي وغيره « يوم بدر(٤) . :ﻲﻧﺎﻌﻨﺼﻟﺍ ﻞﺒﺳ ،ﻡﻼﺴﻟﺍﺝ ،٣ ﺹ٧٤ ـ .٧٥ ﻝﻮﻘﻳ :ﺶــﻴﻔﻃﺃ ﻦﻣﻭ) ﺔﻧﺎﻴﺨﻟﺍ ﻥﺃ ﻯﺮﻳ ﻪــﺴﻔﻨﻟ ﻆﺤﻟﺍ ﻰــﻓﻭﻷﺍ ﻲﻓ ﺮﻣﺃ ﻦﻣ (ﺭﻮــﻣﻷﺍ ﺶﻴﻔﻃﺃ ﺀﺎﻓﻭ ﺔﻧﺎﻤﻀﻟﺍ ﺀﺍﺩﺄﺑ ﺔﻧﺎﻣﻷﺍ ﻲﻓ ﻦﻓ ،ﺚﻳﺪﺤﻟﺍﺝ ،٤ ﺹ ،١١٣ :ﻞﻴﻗﻭ ﻥﺇ ﺔﻧﺎﻴﺧ ﻚﻳﺮﺸﻟﺍ ﻪﻜﻳﺮﺸﻟ ﺮﺒﺘﻌﺗ ﺓﺮﻴﺒﻛ (١)(٢) ﻦﻣ ،ﺮﺋﺎﺒﻜﻟﺍ ﻊﺟﺍﺭ ﻦﺑﺍ ﺮﺠﺣ :ﻲﻤﺘﻴﻬﻟﺍ ﺮﺟﺍﻭﺰﻟﺍ ﻦﻋ ﻑﺍﺮﺘﻗﺍ ،ﺮﺋﺎﺒﻜﻟﺍ ﺭﺍﺩ ،ﺐﻌﺸﻟﺍ ،ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ ﺹ.٣٥٣ :ﻲﻧﺎﻌﻨﺼﻟﺍ ﻞﺒﺳ ،ﻡﻼﺴﻟﺍﺝ ،٣ ﺹ.٧٥ ﻝﻮﻘﻳ :ﺶﻴﻔﻃﺃ ﻝﺎﻗ ﻦﺑﺍ ﻪﺟﺎﻣ ـ ﻰﻟﺇ ﺪﺒﻋﷲﺍ ﻦﺑ ﺮﻤﻋ :ـ ﺖﻛﺮﺘﺷﺍ ﺎﻧﺃ ﺪﻌﺳﻭ ﺭﺎﻤﻋﻭ ﻡﻮﻳ ﺭﺪﺑ ﺎﻤﻴﻓ ،ﺐﻴﺼﻧ ﻢﻠﻓ ﺊﺟﺃ ﺎﻧﺃ ﻻﻭ ﺭﺎﻤﻋ ﺀﺎﺟﻭ ﺪﻌــﺳ ،ﻦﻴﻠﺟﺮﺑ ﺍﺬﻫﻭ ﺎــﻤﻛ ﻱﻭﺭ ﻦﻋﻊﻔﻳﻭﺭ ﻦﺑ ﺖﺑﺎﺛ ﻪﻧﺃ (٣)(٤) :ﻝﺎﻗ ﺎﻨﻛ ﻲﻓ ﻥﺎﻣﺯ ﻝﻮﺳﺭﷲﺍ ﮊ ﺬﺧﺄﻳ ﻞﺟﺮﻟﺍ ﺎﻨﻣ ﻮﻀﻧ ﻪﻴﺧﺃ ﻰﻠﻋ ﻥﺃ ﻪﻟ ﻒﺼﻨﻟﺍ ﺎﻤﻴﻓ ﻢﻨﻐﻳ ﺎﻨﻟﻭ ،ﻒﺼﻨﻟﺍ ﻥﺇﻭ ﻥﺎﻛ ﺎﻧﺪﺣﺃ ﺮــﻴﻄﻳ ﻪﻟ ﻞﺼﻨﻟﺍ ﺶﻳﺮﻟﺍﻭ ﺮﺧﻵﺍﻭ ،ﺡﺪﻘﻟﺍ ﺖﻧﺎﻛﻭ ﺔﺑﺎﺤﺼﻟﺍ ﻥﻮﻛﺮﺘــﺸﻳ ﺔﻛﺮــﺷ ،ﻥﺍﺪﺑﻷﺍ ﺮــﻛﺫﻭ ﻪﻧﺃ ﺀﺎــﺟﺪﻳﺯ ﻦﺑ ﻢــﻗﺭﺃﺀﺍﺮﺒﻟﺍﻭ ﻦﺑ ﺏﺯﺎــﻋ ﻰﻟﺇ ﻝﻮــﺳﺭﷲﺍ ﮊ :ﻝﺎﻘﻓ ﺎﻳﻝﻮﺳﺭ ؛ﷲﺍ ﺎﻧﺇ ﺎﻨﻛ ﻦﻴﻜﻳﺮــﺷ ﺎﻨﻛﺮﺘﺷﺎﻓ ﺔﻀﻓ ﺪﻘﻨﺑ ،ﺔﺌﻴــﺴﻧﻭ :ﻝﺎﻘﻓﺎﻣ» ﻥﺎﻛ ﺪﻘﻨﺑ ،ﻩﻭﺰﻴﺟﺄﻓ ﺎﻣﻭ ﻥﺎﻛ ﺔﺌﻴﺴﻧ «ﻩﻭﺩﺮﻓ :ﺶﻴﻔﻃﺃ ﺀﺎﻓﻭ ،ﺔﻧﺎﻤﻀﻟﺍﺝ ،٤ ﺹ.١١٣ ﻞﻴﻗ ﻥﺇ :ﺚﻳﺪﺤﻟﺍ ﻪﻴﻓ) ﻞﻴﻟﺩ ﻰﻠﻋ ﺔﺤﺻ ﺔﻛﺮﺸﻟﺍ ﻲﻓ ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﻰﻤﺴﺗﻭ ﺔﻛﺮﺷ ﻥﺍﺪﺑﻷﺍ ﺎﻬﺘﻘﻴﻘﺣﻭ ﻥﺃ ﻞﻛﻮﻳ ﻞﻛ ﻪــﺒﺣﺎﺻ ﻥﺃ ﻞﺒﻘﺘﻳ ﻞﻤﻌﻳﻭ ﻪﻨﻋ ﻲﻓ ﺭﺪــﻗ ﻡﻮﻠﻌﻣ ﻥﺎﻨﻴﻌﻳﻭ ﺔــﻌﻨﺼﻟﺍ ﺪﻗﻭ ﺐﻫﺫ ﻰﻟﺇ ﺎﻬﺘﺤﺻ ﺔﻳﻭﺩﺎﻬﻟﺍ ﻮﺑﺃﻭ.ﺔﻔﻴﻨﺣ ﺐﻫﺫﻭ ﻲﻌﻓﺎﺸﻟﺍ ﻰﻟﺇ ﻡﺪﻋ ﺎﻬﺘﺤﺻ ﺎﻬﺋﺎﻨﺒﻟ ﻰﻠﻋ ﺭﺮﻐﻟﺍ ﺫﺇﻻ ﻥﺎﻌﻄﻘﻳ ﻝﻮﺼﺤﺑ ﺢﺑﺮﻟﺍ ﺰﻳﻮﺠﺘﻟ ﺭﺬﻌﺗ ﻞﻤﻌﻟﺍ ﻪﻟﻮﻘﺑﻭ ﻝﺎﻗﻮﺑﺃ ﺭﻮﺛ ﻦﺑﺍﻭ .ﻡﺰﺣ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٤١ ٣ أما الإجماع، فقد توافر من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها تحقيق ً ا لاعتبارات هي: أ ( اعتبار عملي: حاجة الناس والدول إلى الشركة لنمو الاقتصاد، ولتمويل المشاريع الكبرى، ولتحقيق الربح والكسب. ب ( اعتبار ت عاوني: ففضيلة التعاون(١) . تتحقق بتواجد الشركاء لإنجاز الهدف المشترك الذي من أجله يتم إنشاء ا لشركة. ج ( اعتبار منطقي : إذ من البدهي أن الإنسان وحده لا يستطيع أن يحقق كل ما يريد ومن ثم أضحى الاشتراك مع الآخرين حتمية، لكي يحقق الناس ما يبتغون، سواء فرادى أو مجتمعون. د ( اعتبار غائي: تنمية المال، وتنمية الاقتصاد الوطني، وتحقيق التقدم في العلم وحاجيات ا لناس. وقال ابن حزم: لا تجوز الشركة بالأبدان في شيء من الأشياء أصلا ً فإن وقعت فهي باطلة لا تلزم ولكل واحد منهما ما كسب فإن اقتسماه وجب أن يقضي له ما أخذه وإلا بدله لأنها . شرط ليس في كتاب الله فهو باطل). الصنعانى: سبل السلام، ج ٣، ص ٧٥ (١) بخصوص فضيلة التعاون وتحت باب (في الكلام على قواعد الشرع)، يقول ا لسعدي: (اعلم، أنه لما قضى ا لله 8 في هذا الجنس المكلف بالخلطة والتآلف، ولن يصلحوا إلا على التعاون والتعفف؛ حكم بالحدود والقصاصات، وفي الظلامات بأروش الجنايات وغرم المتلفات، وشرع التباعات بالأموال، والتعاوض بالأبدال للضرورة الواقعة، والحاجة الدافعة؛ بخلاف سائر الحيوانات، وقد علم أن من طبع هذا الطمش (الناس) الحاجة إلى الغذاء والعيش، فاضطرهم الجوع والعطش إلى النوش والقرش والهوش والهرش؛ فكان هذا المعنى قاعدة من قواعد الشرع عظيمة لهذه الأمة العظيمة فلو لم يتزاجروا ويتوادعوا بالقصاصات، لتعطل العفاف، ووقع التلاف. ولو لم يتواسوا ويتعاونوا بالتباعات لصاروا قبورا أو وحش ً ا أو ً . طيورا) السعدي: قاموس الشريعة، ج ١، ص ٣٤٠ ً والنوش: (التناول والطلب)، والقرش: (الجمع والكسب)، والهوش: (الفتنة والاضطراب)، والهرش: (الإفساد بين ا لناس). توجد ثمة قواعد ذكرها فقهاء المذهب الإباضي تتعلق بالشركة، وأهمها: الشركة بيع من البيوع، لا حيازة بين الشركاء ولا شهادة من أحدهم للآخر، وزكاة المال المشترك أو المختلط. وندرس هذه الأمور الثلاثة على أن نخصص لكل منها مبحث ً ا. ا لأول ? ا  ا ع5 ا الشركة بيع من البيوع، كما أن المشاركة تجري مجرى البيع(١) . ولما كانت الشركة بيع من البيوع، فعلى ذلك أنه: يبطلها ما يبطل البيع ويصلحها ما يصلحه، وأحكامها أحكام البيع في كل شيء من الرد بالعيوب والقبض والتسليم وغير ذلك(٢) . (١) . معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٦٣٦ ٦٣٧ ؛ ج ٢، ص ١٣٣٧ (٢) ومن فروع هذه ا لقاعدة: معرفة البضاعة التي تجري فيها الشركة ومعرفة الربح لأن المشاركة تجري مجرى ا لبيع. أن المشاركة لا تجوز فيما لا يقدر على تسليمه كالبيع. إن الشركة لا تصح إلا بما يجوز اقتناؤه فلا يجوز في الأعيان المحرمة كالخمر والخنزير والأصنام ونحو ذلك: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ٢، ص ١٣٣٧ راجع أيض ً ا: البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٥، ص ٢٣٢ ، جامع أبي الحسن البسيوي، . ج ٣، ص ١٨٤١ ؛ أجوبة المحقق الخليلي، ج ٤، ص ٢٩٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٤٤ وجاء في المدونة ا لكبرى: سألت أبا المؤرخ وابن عبد العزيز وأخبرني من سأل الربيع بن حبيب عن » الشركة والتولية الإقالة؟ قالوا جميع ً « ا: ذلك كله عندنا سواء، وهو بيع كله(١) . ويقول ا لصحاري: ويروى عن بعض الفقهاء أن الشركة بيع وتجري مجراه في المعرفة والتسليم » فإن توت البضاعة وقبل تسليم المشتري للشريك حصته فهي من مال المشتري وإن شاركه قبل البيع فالشركة فاسدة إلا أن يكون أمره أن يشتري ذلك الشيء بينه « وبينه فاشتراه له(٢) . %A ا ? ا زة 5M لا J لآ LBM دة أ NG ء، ولا  ا من المعلوم أن الحيازة الهادئة والمستمرة يترتب عليها بعض الآثار، ومن « الحيازة في المنقول سند ا لملكية » أهمها القاعدة القانونية التي تقرر أن(٣) . كذلك « وإنما الحيازة بالحكم الظاهر » : قيل(٤) . لا حيازة بين » : وجاء في شرح النيل أن وتفسير ذلك: ،« شركاء ولو طالت مدة ولا حيازة بين شركاء) حيازة القعود، ولا حيازة عشر سنين وغيرها من )» الأقوال (ولو طالت مدة) ولو مضت ماية سنة إلا ما يأتي إن شاء الله تبارك وتعالى (١) . ابن غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ص ٣٨٠(٢) . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٦٢(٣) جاء في شرح ا لنيل: تصح الحيازة ويمكن أن ترسم بادعاء أصل بالتصرف فيه مدة بلا معارضة له فيه، وكذا » الشهرة، فإن عرف الأصل بيد أحد ثم بيد آخر بعده ثلاث سنين متوالية يحرث ويحصد ويعطي ويمنع وصاحبه حاضر لم يغير، ثم عارضه فيه بعدها، قيل: يشهد الله بالمشهور أولا؟ ً ُ . أطفيش: شرح النيل، ج ١٣ ، ص ٥٠٢ ٥٠٦ « لأنه عرف لغيره كالحيازة(٤) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، ص ٢٧٤ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٤٥ من الحيازة عن الأخت بموتها أو موت الأخ بعد مضي ثلاث سنين بعد تزوجها، ونحو ذلك من المسائل الآتية، ولا في المشاع ولا فيما للعامة وهم أربعون، « وقيل: خمسون، وقيل: ثمانون، وقيل: ماية(١) . كذلك أكد الإباضية على قاعدة أخرى تخص العلاقة بين الشركاء، وهي: « أن شهادة الشريك لشريكه فيما ليس بينهما، لا تجوز »(٢) . ? A ا ? ا )& و( ة ا  أو ز  ة ا  (ز Q4 ك أو ا  ل ا  ة ا  ز نشير إلى المبدأ العام، وأمثلة عملية عن كيفية حساب زكاة الشركة (التفاوض)، والمفاوضة بين الزوجين، وزكاة الشركة المحتوية على عنصر أجنبي. م: . أ ا  أ) ا إذا اتفق شريكان أو أكثر على المفاوضة؛ أي: على خلط أموالهم، فمن مجتمعا، وليس على كل « المجموع المخلوط » الطبيعي أن تكون الزكاة على هذا ً ا(٣) منهم منفرد ً . وجاء في ا لمصنف: من كتاب أبي جابر: ولا يفرق بين مجتمع. ولا يجتمع بين مفترق، قال: » ومعنى قوله: لا يفرق بين مجتمع: أن يكون الرجلان مجتمعين خليطين لهما (١) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٣ ، ص ٥٠٨(٢) . ابن غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٢، ص ٤٥٩(٣) لذلك بخصوص قول ا لشاعر: أفاوضهم مالي بغير نكيثة علمت المنايا طارقات فواجعا يقول النزوي: أفاوضهم مالي أي: أجعل مالي مع مالهم، المفاوضان: الشريكان اللذان قد .( خلطا مالهما (النزوي: المصنف، ج ٦، ص ١٧٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٤٦ ثمانون فيأتي المصدق فيعلم إن أخذ منهما على أنهما خليطان، أخذ شاة، وإن فرق بينهما أخذ شاتين، فليس له أن يفرق بينهما، وأما على قول أبي بكر الموصلي: أن المجتمع هو ا لمشاع. ومعنى قوله: لا يجمع بين مفترق أن يكون الرجلان متفرقين لكل واحد منهما أربعون شاة فعلى كل واحد منهما شاة إذا جاء المصدق خلطاها، ليكون « عليهما مماشدة واحدة(١) . وواضح أن حمل الزكاة يكون في المال الذي هو رأس مال الشركة، لا المال المنفرد الذي يملكه كل شريك، ففي هذه الحالة لا تفرض عليه الزكاة إلا إذا توافر له النصاب منفرد ًا. لذلك بخصوص زكاة الشركاء في المال، يقول ا لخليلي: لا يحمل بعضهم على بعض في غير المال الذي اشتركوا فيه فإن وجبت » « عليهم في ذلك المال نفسه بالشركة وإلا فلا(٢) . ولذلك قيل: والمتفاوضان هما الشريكان اللذان قد خلطا أموالهما من زوجين أو غيرهما، » « وحد المفاوضة: قيل: إذا باع أحدهما مال صاحبه لم يغير عليه(٣) . والمتفاوضان: هما اللذان فوض كل واحد منهما أمر ماله لصاحبه، بمعنى » « أنه أباح له فيه مثل ما كان لنفسه من التصرف وجواز ا لأمر(٤) . (١) . ذات المرجع، ص ٣٦ (٢) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٥، ص ١٨٥ . ويقول ابن عبد السلام: الخلط والشركة ضربان: »أحدهما: شركة شياع. والثاني: « شركة فيما لا يتميز من ذوات ا لأمثال ابن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، . ١٤١١ ١٩٩١ ، ج ٢، ص ٨٥ (٣) . الرستاقي: منهج الطالبين ج ٣، ص ٦١٩(٤) السالمي: معارج الآمال، ج ٢، ص ١٥٧ . ويضيف ا لسالمي: الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٤٧ وفي المسألة تفصيل عرض له الإمام السالمي بطريقة جيدة(١) . ويضيف السالمي أيضا توضيحا أكثر، حيث يؤكد بخصوص: ًً وقد اختلفوا في ثبوت التصرف بالمفاوضة: »فقيل وهو الذي جزم به أبو سعيد : إنها توجب التصرف في إزالة الأصل والفرع؛ لأنها إباحة في المعنى. وقيل غير ذلك. وينبغي أن يكون القول بمنع التصرف بالإدلال مطلق ً ا خارجا هاهنا إذا لم تكن إباحة بقول؛ ً لأن المفاوضة بمنزلة إدلال خالص. ثم اختلفوا في حمل مال أحد المتفاوضين على الآخر في الزكاة، وذلك كما إذا وجبت الزكاة في الجملة، فلو امتاز كل واحد بنصيبه لم يبلغ ا لنصاب. فكان وائل وموسى يقولان: على الرجل أن يزكي ما سد عليه بابه من بنيه وامرأته، إذا كانت المرأة مفوضة. وقال بشير: ليس عليه في حلي ا مرأته. وقيل: إن الزوجين يحمل بعضهما على بعض في كل شيء. قال بعض العلماء: وغيرهما عندي مثلهما. وقيل: يحملان في الثمار والماشية دون الذهب والفضة. وقيل: يحملان في الثمار فقط. وقيل: لا يحملان في شيء أبد ً ا بنفس المفاوضة. وهو قول مبني عل منع المفاوضة من أصلها؛ لأنها نوع من الإدلال وليست من الشركة في شيء. وأما الموجبون للحمل بها فإنهم جعلوها بمنزلة ا لشركة. وأما القائلون بالحمل فيما عدا الذهب والفضة فلما قيل: إن الشريكين في الذهب والفضة لا يحمل بعضهما على ا لبعض. وأيضا: فالمفاوضة عندهم تقتضي أحوالا ً لا توجد فيهما، وذلك كالمعاناة بالأوامر والنواهي، ً والمباشرة بالعمل، وغير ذلك من الأمور، والذهب والفضة عاريان من ذلك حتى قيل: إذا خلط أحدهما مائتي درهم إلا خمسة دراهم لا يملك سواها في دراهم للآخر بسبيل المفاوضة ما كان عليه فيها زكاة حيث لم تبلغ ا لنصاب. . ذات المرجع، ص ١٥٨ ١٥٩ « قلنا: المفاوضة إباحة لا تتوقف على الأحوال المذكورة(١) وذلك أن المال أو » : وهكذا بخصوص (في حمل الشركاء بعضهم على بعض في الزكاة) يقول الأرض تكون بين أناس فتبلغ غلتها النصاب، وإذا قسمت بين الشركاء لا يقع لكل واحد من النصيب إلا قدر دون ا لنصاب. فإذا كانوا بهذه الحالة ففي أكثر القول عند أصحابنا: أن الزكاة في المال واجبة، ولا يشترط أن يملك كل واحد منهما مقدار ا لنصاب. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٤٨ قول بعضهم: إنها لا تحمل زكاة الشريك على شريكه مطلق ً ا، ما وجهه؟ إذ يقول: الله أعلم، والمشهور عندنا أن حصة كل منهما تحمل على حصة الآخر، »  .« يعني: في ا لصدقة « لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع » : لحديث وأما القول بعدم الحمل فلا أعرف وجهه إلا أن يكون مبنيا على القول: بأن الزكاة عبادة فإن شأن العبادات أن تلزم كل واحد على حياله ولا تلزم هذا بسبب لزومها هذا. وقيل: لا زكاة عليهم حتى يصل نصيب كل واحد منهم ما تجب فيه الزكاة، أو تحمل حصته على مال له آخر فتجب فيه ا لزكاة. وحجة القول الأول: حديث أنس: (أن أبا بكر ƒ كتب إلى الفريضة التي فرض رسول الله ژ : فإنه متناول لكل « ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة » مال تجب فيه ا لصدقة. ولعل الآخرين: يخصصون الحديث بالسياق وقرائن الأحوال، فإنه ژ قال ذلك بعد ذكره صدقات الإبل والغنم. قلنا: الكل مال يشترط في زكاته النصاب، فما ثبت فيه أحدهما من أحكام النصاب ثبت في الآخر، وهذا الحديث يدل على اشتراط النصاب في الجملة المجتمعة فلا فرق بين مجتمع من الماشية وغيرها. فلو قسموا النخل أو الزراعة قبل الدراك فلا شيء في نصيب كل واحد منهم ما لم يبلغ ا لنصاب. وإن قسموا بعد الدراك وجبت عليهم؛ لأنها واجبة بالدراك في الجملة؛ فالقسمة إنما وقعت بعد الوجوب لا قبله. وهذا على قول من جعل الوجوب بالدراك، وأما على قول من جعله بالحصاد فلا شيء فيها الإمام السالمي: معارج « إذا قسمت بعد ذلك، ما لم يملك كل واحد منهم قدر النصاب . الآمال، ج ٧، ص ١٥٢ ١٥٣ وقد تكون المفاوضة من جانب واحد، كالمرأة تدفع مالها إلى زوجها أو أبيها أو » : ويضيف ولدها على معنى التفويض فيه، من غير أن يدفع ماله إليها. وقد سئل أبو سعيد عن المفاوضة: أهي بمعنى الإباحة أم ا لعطية؟ فقال: ليست بمنزلة أحدهما، ولكنها تخرج عندي مخرج الإدلال؛ لأنها ليست من طريق الفعل من رب المال، بل من طريق الترك مع الاطمئنانة بالقلب. قيل له: أتحتاج المفاوضة إلى الكلام؟ قال: تقع على معنيين، فتكون بالحل والإباحة، وتكون . ذات المرجع، ص ١٥٧ « بالمتاركة والمسالمة حيث ارتفع الريب وانتفى الشك الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٤٩ وأقول: إن هذا الحال في العبادات البدنية فلا تحمل عليها العبادات المالية، « لحصول الفرق بينهما من جهات مختلفة(١) . وض): ( (ا  ة ا  ب ز :M A ب) أ ذكر فقهاء الإباضية أمثلة كثيرة، نكتفي بأن نذكر منها ما يلي: ١ يقول ا لعوتبي: والعامل تبع لصاحب المال فإذا لزم صاحب المال الزكاة فالعامل تبع له » فيما عمل له من قليل وكثير وعليه بقدر حصته وكذلك إن كان مال بين شركاء « في أصله فأصابوا ثلاثمائة صاع فالزكاة فيه على كل واحد بقدر حصته(٢) . ٢ وبخصوص: وعن أرض قوم مشتركة يجب ثمرتها جملة الزكاة، وإذا قسمت لم يصل في حصة كل واحد إلى حدة الزكاة، هل يكون في ثمرتها ا لزكاة؟ هكذا معي في قول أصحابنا، وقد يوجد في بعض القول في بعض » : قيل الآثار أنه لا زكاة عليهم حتى يصل لكل واحد منهما (ما) يجب فيه الزكاة، أو « يحمل حصته على مال آخر فيجب فيه ا لزكاة(٣) . (١) جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٢٥٩ ؛ معارج الآمال، ج ٧، ص ٢٥٩ ؛ ابن رزيق: حل . المشكلات، ص ٧٧(٢) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ٦، ص ١٢٥ ومن جواب أبي الحواري (وعن رجل يقتعد أرضا بالنصف فتجيء الزراعة ثلاثين جرابا ًً أيخرج الزكاة ثم يعطي صاحب الأرض النصف مما بقي أو يعطيه النصف ويزكي هو الذي له أم تكون الزكاة من حصته كلها ويأخذ صاحب الأرض حصته تامة؟ فعلى ما وصفت فإذا بلغت في هذه الأرض الزكاة كانت الزكاة من رأس الحب فإذا أخذ نصيبه وزكاه جاز له ذلك ويقول لشريكه: فإن زكاتك معك وإن شاء أخرج الزكاة من جميع الحب ثم يقسمه بعد ذلك فيأخذ حصته ويعطي شريكه حصته وإنما الزكاة في جميع الحب . إذا بلغ ثلاثين جرابا) جامع أبي الحواري، ج ٢، ص ٢٦ ً (٣) . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٠ ، ص ٢٣٨ ٢٣٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٥٠ ٣ من جامع أبي محمد: واختلف أصحابنا في الشريكين إذا ملكا أربعين شاة، وحال عليها الحول. فقال أكثرهم: فيها ا لزكاة. وكذلك قالوا في الخليطين، إذا كان كل واحد منهما عارف ً ا بحصته من حصة صاحبه: أن عليهما الزكاة، إذا بلغت غنمهما أربعين شاة، أن الصدقة تؤخذ من   الجملة. ويتراددان الفضل فيما بينهما. وقال أبو بكر الموصلي: لا تجب الزكاة على واحد منهما، حتى يملك أربعين، كانت الشركة خلطة أو مشاعة. هكذا عن الشيخ أبي مالك 5 . والقول الأول هو الأكثر. وعليه العمل. وظاهر ا لسنة يؤيده، ويشهد بصحته. قال ا لنبي ژ : في أربعين شاة شاة، ولم يخص بوجوبها شركة ولا متفرقة » بملكها. وقوله ژ : وما كان من خليطين يتراددان الفضل بينهما بالسوبة يدل « على ذلك(١) . ٤ وبخصوص: قول بعضهم في ثبوت الحمل في الزكاة بسبب الشركة في الحيوان والزروع دون النقدين ما الفرق بينهما وما بال الشركة في النقدين لا توجب الحمل؟ يقول ا لسالمي: الله أعلم، وأنا لا أعرف هذا القول ولا وجهه إلا أن يكون المعنى أن الشركة » في الحيوان والزرع تقع في جميع الأجزاء، وأما النقدان فإنما تقع الشركة فيهما في الجملة بمعنى أنها أشياء معدودة لهذا نصفها ولهذا نصفها فالشركة تكون في أفرادها لا في أجزائها لعدم التفاوت فيها بخلاف الحيوانات والثمار لكن هذا الفرق مع خفائه إنما يتأتى في النقدين المضروبين دراهم ودنانير مع اتحاد السكة في الوزن والصرف دون ما إذا كانا غير مضروبين أو كان الضرب متفاوت ً ا « وبالجملة فلا أعرف وجه الفرق فيما ذكر(٢) . (١) . النزوي: المصنف، ج ٦، ص ٢٨ ٢٩(٢) جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٢٦٢ ٦٣٢ . كذلك قيل: الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٥١ ٥ كذلك جاء في زيادات أبي سعيد تفصيلات لأمثلة أخرى(١) . (إذا كان أحد الشريكين تجب عليه الزكاة وأحدهما لا تجب عليه الزكاة والمشترك بينهما لا تجب فيه. ، فقيل: على الآخر أن يزكي نصيبه من المشترك لأجل شريكه) الصبحي: الجامع الكبير، ج ١ . ص ١٣٢ (١) نذكرها وهي: (من كتاب الإشراف: قال أبو بكر:) ثبت أن رسول الله ژ قال بعد قوله: لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليلين فإنهما ».« يتراجعان بالسوية واختلف أهل العلم في معنى قوله: وما كان من خليطين فإنهما يرجعان بالسوية؛ فقال يحيى الأنصاري، ومالك، والأوزاعي: إذا كان الراعي والفحل والمراح واحد ً ا فهما خليطان. وقال الشافعي: إذا راحا وسقيا معا، واختلطت فحولهما فإنهما يكونان خلطاء. ً قال أبو سعيد: حسن ما قال في معنى هذا، في بعض قول أصحابنا. واختلف مالك، والشافعي في المراح؛ فقال الشافعي في المراح: إذا افترقت في خصلة من هذه الخصال يعني الخصال التي بدأنا بذكرها لم يكونا خليطين. وقال مالك: إن فرقها المبيت هذه في قرية، وهذه في قرية فهما خليطان. وقال عطاء، وطاووس: إذا عرفنا أموالهما فليسا بخليطين. قال أبو بكر: وهذه غفلة؛ إذ غير جائز أن يتراجعا بالسوية، والمال بينهما لا يعرف أحدهما ماله من مال صاحبه. قال أبو سعيد: (معي أنه يخرج في أكثر معاني قول أصحابنا: إنه لا يكون الخليطان في ثبوت الصدقة إلا ما جمعه الماء والمرعى والحلب. وقال من قال: ما جمعه الماء والحلب، وإن اختلف المرعى. وقال من قال: بالحلب، فإذا جمعه الحلب فقد اجتمع. وأكثر قولهم: إنه إذا لم يجمعه الحلب فليس بمجتمع. ولا أعلم من قولهم: إنه يكون مجتمعا بأقل من المال والمرعى، ولا أعلم ً بأحدهما دون صاحبه اجتماعا. وفي بعض قولهم: إنه لا يكون مجتمعا إلا بالمشاع على ما حكي ًً عن بعض من حكى. وإذا ثبت المعنى لزوم الترادد من الخليطين عن واجب الصدقة إذا أخذت ثبت معنى ما قال: إنها شبه الغفلة ممن قال به لا يكون الاجتماع إلا بالمشاع؛ لأنه لو كان الترادد إنما هو بين الشريكين في المال بالمشاع كانت الزكاة حيثما أخذت كان من رأس المال، ولم يكن بينهما مراددة ولا ضمان لأحدهما على الآخر) زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب الإشراف لابن المنذر النيسابوري، تحقيق: إبراهيم بولرواح، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٢ ٢٠١١ ، ص ٣٣٥ ٣٣٧ ؛ النزوي المصنف، ج ٦، ص ٣٠ ٣١ ، الكندي: بيان ُ . الشرع، ج ١٨ ، ص ١٤٩ ١٥٠ كذلك بشأن: فيمن في يده مال لوالدته، وقد أمكنته التصرف فيه، أيحمل إلى ماله؟ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٥٢ & و( ج) ا :I5U وV ا ١ القواعد الحاكمة ل لمسألة: بحيث لا يعرف طرف ماله من مال « الخلطة » لما كانت المفاوضة هي صاحبه، فهي بالتالي متصورة بين أي شخصين فأكثر، ويشمل ذلك ا لزوجين. لذلك استناد ً وما كان من خليطين فإنهما يتراجعا بينهما » : ا إلى قول الشاعر فإن ظاهرة يقتضي وجوب الزكاة بالخلطة، وأن المفاوضة أخص » : قيل ،« بالسوية منها؛ لأنها خلطة مع إباحة، فهي إلى الشركة أقرب، وأن وجوبها في عين ما وقعت فيه الخلطة، وهي الماشية لا في غيرها، فينبغي أن تكون المفاوضة مثل ذلك وليست مقصورة على الزوجين، بل تكون فيهما وفي غيرهما. وإنما جرى ذكر الزوجين في كثير من مسائل الأثر؛ لكثرة الخلطة بينهما فهي وقائع حالية. وقيل: لا تثبت إلا بين الزوجين. ونسب إلى الأكثر، والصحيح الأول؛ إذ « المعنى في الزوجين وغيرهما واحد، والحديث في الخليطين شاهد لذلك(١) . وعن حد المفاوضة بين ا لزوجين: قال: حدها أن يخلطا الثمرة ثم لا تسأله عن شيء، ولا تحاسبه على شيء » حمل بعضهما على بعض. يقول ا لسمائلي: [إن مال والدته محمول على ماله في وجوب الزكاة إن كانت مفوضة له، وأنا أرى على صفتك هذه هي صورة المفاوضة، وحقيقتها أن تفوض إليه أمر مالها ولا تسأله عن غلته يفعل فيها ما يشاء، وقيل: إن مال المتفاوضين لا يحمل بعضه على بعض، والأول أكثر، والثاني أقرب في النظر، وكله من قول أهل ا لبصر]. . أبو عبيد السمائلي: هداية المبصرين في فتاوى المتأخرين، الطبعة الأولى، ١٤٣٣ ٢٠١٢ ، ص ١١٢ (١) . الإمام السالمي: معارج الآمال، ج ٧، ص ١٥٩ ١٦٠ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٥٣ قلت: فإن لم تسأله ويسألها هو وحاسبها؟ قال: إذا فوضت مالها في يده، وخلطت ثمرتها معه حمل بعضهما على بعض، ولو حاسبها هو إلا الورق، فإن الورق لا مفاوضة فيه، ولو أن أحدهما كان معه مائتا درهم إلا خمسة دراهم، ثم خلطها مع الآخر ما كان في المائتين إلا « خمسة دراهم زكاة(١) . كذلك قيل » : والمفاوضة تكون بالكلام بمعنى الحل والإباحة، وتكون بمعنى الترك والتسليم بمعنى تطمئن به القلوب وتسكن إليه النفس(٢) . فلو قايض الرجل أحد ً ا بمال زوجته وهي حاضرة لم تغير ولم تنكر جاز ذلك للزوج ولمن قايضه. إذا ثبتت المفاوضة منه لها أو منها له جاز ما فعله أحدهما في مال صاحبه بحكم المفاوضة، ويكون حكم المال لمن أخذ منه البدل من الزوجين في المحيا .« والممات حتى يصح غير ذلك « المفاوضة أن يكون مالها في يده يفعل فيه (أي: الزوج) ما أراد »(٣) . كذلك قيل: إن المفاوضة بين الزوجين هي: أن يخلطا ثمرتهما ولا يتحاسبان عليها، ولا يسأل أحدهما صاحبه عن » « شيء منها(٤) . (١) . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٠ ، ص ٢٣١ ؛ النزوي: المصنف، ج ٦، ص ١٧٣ كذلك قيل: (وسئل غيره عن حد المفاوضة بين الزوجين؟ فقال: حدها أن يخلط الثمرة ثم لا تسأله عن شيء، ولا تحاسبه على شيء. قيل له: فإن لم تسأله لكنه حاسبها هو؟ فأجاب: بأنه لا يضر المفاوضة). وقال أبو مالك: (لا يحمل حتى تترك مالها في ماله، يأمر فيه وينهى ويقبضه. وإذا كانت تعرف غلة مالها فلا يحمل ولو فعل فيه ما يشاء). . السالمي معارج الآمال، ج ٧، ص ١٥٧ ١٥٨ (٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٣، ص ٦٢١ ، الكندي: بيان الشرع، ج ١٧ ، ص ٤٥(٣) . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٠ ، ص ٢٣٢(٤) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٣، ص ٦١٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٥٤ فإذا تحقق ذلك اعتبر المال مال الشركة وبالتالي حمل أحدهما على الآخر، وإلا فلا. يقول ا لنزوي: وإذا كان الزوج هو الذي يلي أمر المال جميعا، وأمره فيه جائز ونهيه، » ً ويفعل فيه ما يشاء بغير رأي المرأة. فهذه مفاوضة يحملان على بعضهما بعض. وإن كانت المرأة تلي أمر مالها، لم يحمل بعضهما على بعض، وكان على « كل واحد منهما ما تجب عليه من الزكاة، والعامل تبع لهما، إذا كانا متفاوضين(١) . ويقول ا لعوتبي: والزوجان إذا لم يكونا متفاوضين وكل واحد منهما يعرف ماله ويمنعه » صاحبه لم يحمل بعضهما على بعض في الزكاة في الثمار، وأما الدراهم فلا يحمل بعضها على بعض ولا يقاس بهذا، وإذا تفاوض الزوجان حمل مالهما على بعضهما بعض ً « ا وأخرجت الزكاة من رأس المال من ماله ومالها(٢) . ٢ ت عقيب: يتضح مما تقدم أن الإباضية عرفوا ما تعرفه القوانين الوضعية المعاصرة من :« تحديد النظام المالي للزواج » ضرورة - فإذا كان الزوجان كل منهما مستقل بماله، وليس للطرف الآخر حق التصرف فيه، فإنه بداهة لا توجد شركة، ويكون كل منهما مسؤولا ً منفرد ً ا عن تصرفاته(٣) . (١) . النزوي: المصنف، ج ٦، ص ١٧٤(٢) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ٦، ص ١٤٢(٣) وإن كانت الثمرة مميزة، وعارف كل » : الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٣، ص ٦٢٠ . لذلك قيل السعدي: قاموس الشريعة، « منهما ثمرة ماله فعلى كل واحد منهما زكاة ثمرة نفسه، لا يحملان . ج ٢٥ ، ص ٦٢ ٦٣ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٥٥ - أما إذا ثبتت المفاوضة بينهما، وبالتالي كان لأي منهما أن يتصرف في  مالهما الذي تم خلطه، فإننا نكون بصدد شركة، ينطبق عليها ما يسري على أية شركة ومن ذلك خصوصا خضوعها للنظام الضريبي المقرر: زكاة ً المال ا لمشترك. تلكم أهم ما ذكرناه بخصوص المفاوضة بين الزوجين(١) . مع مراعاة أنه حماية للمرأة فقد تطلب الفقه الإباضي شروط ً ا لا يجوز الخروج عليها حتى تصح المفاوضة، وهي أن تترك له مالها، ولا تسأله عنه: « بطيبة نفسها، من غير تقية ولا حياء مفرط، وكانت حرة بالغة »(٢) . فهذه شروط أربعة لازمة، وهي: ١ أن يكون ذلك بطيبة نفسها، فلا تكون تحت ضغط أو إكراه من زوجها أو غيره يسلبه حرية ا لاختيار. ﺎﻣﻭ ﻩﺎﻧﺮﻛﺫ ﻞﻜﺸﻳ ﻩﺎﺠﺗﻻﺍ ،ﺐﻟﺎﻐﻟﺍ ﻦﻜﻟ ﺪﺟﻮﺗ ﺕﺎﻫﺎﺠﺗﺍ ،ﻯﺮﺧﺃ ﺎﻬﺼﺨﻟ ﻲﻗﺎﺘﺳﺮﻟﺍ :ﻪﻟﻮﻘﺑ ﻞﺌﺳﻭ (١) ﺾﻌﺑ ﺀﺎﻬﻘﻔﻟﺍ ﻦﻋ ﺔــﺿﻭﺎﻔﻤﻟﺍ ﻦﻴﺑ ﻦﻴﻨﺛﻻﺍ ﻞﻫ ﻞﻤﺤﻳ ﺎﻬﻀﻌﺑ ﻰﻠﻋ ﺾــﻌﺑ ﻲﻓ ؟ﺓﺎﻛﺰﻟﺍ :ﻝﺎﻗ ﺎﻣﺃ ﻥﺎﺟﻭﺰﻟﺍ :ﻞﻴﻘﻓ ﻥﻼﻤﺤﻳ ﻲﻓ ﺐﻫﺬﻟﺍ ﺔﻀﻔﻟﺍﻭ ﻥﻼﻤﺤﻳﻭ ﻲﻓ ﺭﺎﻤﺜﻟﺍ ،ﺔﻴــﺷﺎﻤﻟﺍﻭ :ﻝﻮﻗﻭﻻ ﻥﻼﻤﺤﻳ ﻲﻓ ﺐــﻫﺬﻟﺍ ﺔﻀﻔﻟﺍﻭ ﻥﻼﻤﺤﻳﻭ ﻲﻓ ﺭﺎﻤﺜﻟﺍ ،ﺔﻴــﺷﺎﻤﻟﺍﻭ :ﻝﻮــﻗﻭﻻ ﻥﻼﻤﺤﻳ ﻲﻓ ﺔﻴــﺷﺎﻤﻟﺍ ﺎﻤﻧﺇﻭ ﻥﻼﻤﺤﻳ ﻲﻓ ،ﺭﺎﻤﺜﻟﺍ :ﻝﻮﻗﻭﻻ ﻥﻼﻤﺤﻳ ﻲﻓ ،ﺀﻲــﺷ ﻝﻮﻘﻟ ﻲــﺒﻨﻟﺍﮊ : ﻻ» ﻊﻤﺠﻳ ﻦﻴﺑ ﻕﺮﺘﻔﻣ ﻻﻭ ﻕﺮﻔﻳ ﻦﻴﺑ ﻊﻤﺘﺠﻣ ﺭﺍﺬﺣ.«ﺔﻗﺪﺼﻟﺍ ﻊﺟﺍﺭ :ﻲﻗﺎﺘﺳﺮﻟﺍ ﺞﻬﻨﻣ ،ﻦﻴﺒﻟﺎﻄﻟﺍﺝ ،٣ ﺹ.٦٢٢ ﻚﻟﺬﻛ :ﻞﻴﻗ ﺍﺫﺈﻓ» ﻥﺎﻛ ﻝﺎﻣ ﺔﺟﻭﺰﻟﺍ ﻎﻠﺒﺗ ﻪﻴﻓ ﺏﺎﺼﻧ ؛ﺓﺎﻛﺰﻟﺍ ﺎﻬﻴﻠﻌﻓ ﻪﻴﻓ ﺓﺎﻛﺰﻟﺍ ﻮﻟﻭ ﺖﺿﻮﻓ ﺎﻬﺟﻭﺯ ً .ﺎــ ﺍﻮﻔﻠﺘﺧﺍﻭ ﻲﻓ ﺎﻬﻟﺎﻣ ﺍﺫﺇ ﻥﺎﻛﻻ ﻎــﻠﺒﺗ ﻪﻴﻓ ﺓﺎﻛﺰﻟﺍ ،ﻩﺪﺣﻭ ﻲﻓ ،ﻪﻀﻌﺑ ﻻﻭ ﻢﻠﻋﺃ ﻲﻓ ﺍﺬﻫﻓﻼﺘﺧﺍ ﻪﺘﺿﻮﻓﻭ ؟ﻪــﻴﻓ ﻝﺎﻘﻓ ﻦﻣ :ﻝﺎﻗ ﺎﻤﻬﻴﻠﻋ ﺓﺎﻛﺰﻟﺍ ﻲﻓ ،ﺔــﺿﻭﺎﻔﻤﻟﺍ ﻥﻼﻤﺤﻳﻭ ﻰﻠﻋ ﺎﻤﻬﻀﻌﺑ ﺾﻌﺑ ﻲﻓ ﻢﻬﻟﺍﻮﻣﺃ ﻦﻣ ﻲﺷﺍﻮﻤﻟﺍ ﺩﻮﻘﻨﻟﺍﻭ .ﺭﺎﻤﺜﻟﺍﻭ ﻝﺎﻗﻭ ﻦﻣ :ﻝﺎﻗ ﻥﻼﻤﺤﻳ ﻲﻓ ﺭﺎﻤﺜﻟﺍ ﻥﻭﺩ ﻲﺷﺍﻮﻤﻟﺍ ،ﺩﻮﻘﻨﻟﺍﻭ ﻮﻫﻭ ﺮﺜﻛﺃ ﻝﻮﻗ .ﻦﻴﻤﻠﺴﻤﻟﺍ ﻝﺎﻗ ﻦﻣ :ﻝﺎﻗﻻ ﻥﻼﻤﺤﻳ ﻰﻠﻋ ﺎﻤﻬﻀﻌﺑ ﺾﻌﺑ ﻲﻓ ،ﺓﺎﻛﺰﻟﺍ ﺎﻤﻧﺇﻭ ﺓﺎﻛﺰﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﻞﻛ ﺪﺣﺍﻭ ﻲﻓ ﻪﻟﺎﻣ ﻰﻠﻋ ،ﺓﺪﺣ ﻥﺇ ﻎﻠﺑ ﻪﻴﻓ «ﺏﺎﺼﻨﻟﺍ :ﻱﺪﻌــﺴﻟﺍ ﺱﻮﻣﺎﻗ ،ﺔﻌﻳﺮــﺸﻟﺍﺝ ،٢٥ ﺹ.٧١ ـ ٧٠ :ﻱﺪﻌﺴﻟﺍ ﺱﻮﻣﺎﻗ ،ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍﺝ ،٢٥ ﺹ.٦٩ (٢) أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٥٦ ٢ أن يكون ذلك بإرادتها وأن تكون راغبة فيه، ومن ثم لا يجوز إن كان تقية أو حياء(١) . ٣ أن يصدر قرار المفاوضة عن زوجة حرة. ٤ أن يصدر قرار المفاوضة عن امرأة بالغة، وبالتالي لا يجوز من ا لقاصرة. ): % (أو دو %CU أ  ا  ة ا  د) ز بحث الإباضية إمكانية فرض الزكاة على مثل تلك الشركة، في حالتين: ١ إذا تمت التجارة وأعمال الشركة خارج دار ا لإسلام: يقول الفقه ا لإباضي: ولو أن رجلين جاء كل واحد منهما بمائة درهم فخلطاها وخرجا مشتركين » في تجارة إلى أرض الشرك، فقدما بمتاع، فباعاه بثلاثمائة درهم، وحال على الثلاثمائة سنة، ما رأينا في الثلاثمائة زكاة حتى يقع لكل واحد منهما مائتا درهم، « أو أكثر ويحول عليها سنة متى صارت له(٢) . ٢ إذا كانت الشركة مختلطة (أي: بين مسلم وغير مسلم): إذا كانت الشركة بين مسلم وغير مسلم (مسيحي أو يهودي)، فهل تفرض الزكاة باعتبارهما مجتمعين؟ أم تفرض فقط بالنظر إلى نصيب المسلم منفرد ًا؟ في الفقه الإباضي اتجاهان، عرض لهما السعدي كما يلي(٣) : (١) أو كما قال أبو سعيد : أن تترك مالها (على ما يخرج من اطمئنان القلوب) وبالتالي (فهي . خارجة مخرج الإدلال) ذات المرجع، ص ٦٣(٢) ابن جعفر: الجامع، ج ٣، ص ١٣٤ ، السعدي: قاموس الشريعة، ج ٢٧ ، ص ١٣٤ ، جامع . أبي الحسن البسيوي، ج ٢، ص ١١٧٦(٣) . انظر السعدي: قاموس الشريعة، ج ٢٥ ، مكتبة الجيل الواعد، مسقط، ١٤٣٦ ٢٠١٥ ، ص ٨٠ ٨١ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٥٧ وسئل عن الرجل المصلي إذا كانت زراعة بينه وبين نصراني، إذا جمعت » بلغت فيه الزكاة، فإذا حصل للمصلي نصيبه لم تبلغ فيه الزكاة، أعلى المصلي في حصته الزكاة، أم لا؟ قال: معي أنه يختلف فيه؛ فقال من قال: إن على المسلم الزكاة في حصته إذا وجبت في جملة الثمرة؛ لأنه شريك بحصته. ومعي أنه في .« بعض القول: إنه لا زكاة فيه حتى تجب في حصته خاصة وإذا كان ذمي ومسلم مشتركين في حرث؛ فقول: لا يحملان على بعضهما » بعض، حتى يقع لكل واحد منهما ما تجب فيه الزكاة. وقول: يحملان على بعضهما بعض. وبالقول الأول نعمل، إلا أن تكون الأرض لأحدهما، ويأخذها بزراعة، وعليه الماء والبذر بنصيب معروف؛ فلا يحمل بعضهما على بعضن حتى يقع لكل منهما ما تجب فيه الزكاة، ولا نعرف في هذا ا ختلاف ً.« ا ويقول ا لعوتبي: وإذا اشترك يهودي أو نصراني ورجل مسلم في زراعة فأصابا ثلاثين جربا » ً .« قال أبو علي: لا أرى على المسلم زكاة في حصته حتى تبلغ عليه ا لصدقة كذلك يقول: » وإذا كان لرجل شريك ذمي يهودي في الزراعة فجاءت ثلاثمائة صاع فلا زكاة على المسلم في حصته حتى يحصل في يده منها من غير شريكه الذمي خمسة أوسق ولو كانا مسلمين لوجب عليهما فيها الزكاة ولو كانت « ثلاثمائة صاع(١) . (١) ١٣٥ ، وراجع أيض ، العوتبي، كتاب الضياء، ج ٦، ص ١٣١ ً . ا ص ١٢٦ ندرس ماهية الشخصية المعنوية ونتبعها ببيان الشخصية المعنوية للشركة، لننتهي بعرض آثار تلك ا لشخصية. وندرس هذه الأمور الثلاثة، على أن نخصص لكل منها مبحث ً ا. لوﻷا ا ا ا ﺹﺎﺨﺷﻷﺍ ﻰﻠﻋ ،ﻦﻴﻋﻮﻧ:ﺎﻤﻫﻭ (١) -- الشخص الطبيعي: الإنسان، فلكل إنسان شخصية وذمة مالية خاصة به. الشخص المعنوي أو الاعتباري، وهو غير الإنسان: فقد وصل تطور الفكر القانوني إلى الاعتراف لبعض الكائنات (كالدولة والمنظمات الدولية والشركات... إلخ) بشخصية قانونية مستقلة عن شخصية الكائنات أو الوحدات المكونة لها. وهكذا ينشأ بخصوص الشركة عن العقد المنشئ لها شخصية اعتبارية مستقلة عن الشركاء: فالشركة شخصي معنوي أو ا عتباري. (١) انظر: Ahmed Abou - el - Wafa: A manual on the Law of International Organizations, Dar . 67.p 014، - Nahda Al – Arabia, Cairo, 2Al   أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٦٠ ويترتب على تلك الشخصية القانونية بالنسبة للشركة عدة نتائج أهمها: أن للشركة اسم، وموطن، وأهلية(١) وذمة مالية مستقلة عن ذمة الشركاء، وكذلك مستقلة في مواجهة الدائنين(٢) ، وتمثيل الشركة بواسطة أشخاص طبيعيين (مدير الشركة إن كان واحد ً ا، أو مجلس الإدارة كما في الشركات المساهمة) يمثلونها أمام السلطات العامة وأمام ا لقضاء. ومن الثابت أن الشخصية القانونية ليست إلا مجرد حيلة قانونية أو اختلاق صناعي، بمقتضاها يمنح نظام قانوني معين بعض الحقوق إلى كائن ما، ويحمله ببعض الالتزامات. وتحدد الشخصية الوضع القانوني الذي يتمتع به الشخص المعني على الصعيد الدولي (بل وفي النظام الداخلي للدول)، كما أنها هي التي تسمح بالمحافظة على وحدته، خصوصا تجاه الغير. بالإضافة إلى ذلك، يعني ً الاعتراف بالشخصية القانونية الاعتراف بذاتية قانونية مستقلة، تجعل الشخص قادرا على أن يقيم لحسابه الخاص علاقات مع غيره من أشخاص القانون، وما ً يصاحب ذلك من واجبات والتزامات. وتقوم النظرية التقليدية في الفقه الإسلامي على أساس أن الفرد أو الشخص الطبيعي، هو الذي يتمتع بالشخصية القانونية. إلا أن ذلك لا ينفي وجود أسس معينة تطرق إليها فقهاء المسلمين بطريقة أو بأخرى تثبت وجود شخصية معنوية أو اعتبارية مستقلة لكائنات قانونية أخرى. وسنذكر أهم الأسس التي قدمها الفقه للتدليل على فكرة الشخصية الاعتبارية(٣) . فإذا انتهينا من ذلك فحقيق بنا أن نذكر رأينا ا لخاص. (١) وبالتالي يكون لها أهلية اكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات، وأهلية ممارسة التصرفات القانونية، وأهلية التقاضي.. إلخ. (٢) وإن كان ذلك صحيحا بالنسبة للشركات المساهمة، وذات المسؤولية المحددة. أما شركات ً التضامن والتوصية فيسأل الشركاء المتضامنون مسؤولية شخصية وتضامنية. (٣) قرر رأي أن الإسلام لا يعترف بالشخصية الاعتبارية بقوله بخصوص أهلية الدولة : إن المعتبر الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٦١ :'( ا % ا W< الأ LB أ) أ تعددت الأسانيد التي ذكرها الفقه للتدليل على الشخصية الاعتبارية للأشخاص المعنوية في الإسلام، ويمكن أن نوجز أهمها في: فكرة المصلحة المرسلة، ومنح سلطات واختصاصات، وإمكانية توقيع الجزاء أو العقاب، والفرد كأساس للشخصية الدولية في الشريعة الإسلامية، والأمر الواقع، وعدم التفرقة بين الشخصية الداخلية والدولية. وهو ما نبحثه الآن. ١ فكرة المصلحة ا لمرسلة: تعد المصالح المرسلة وهي كل مصلحة لم يقم دليل على اعتبارها أو إلغائها ولكن يترتب على تقريرها جلب مصلحة أو دفع مفسدة من الأسس التي قامت عليها شريعة الإسلام. ولم يتوان الفقه عن الاستناد إليها لتبرير فكرة الشخصية المعنوية في الشريعة ا لإسلامية. يقول د. يوسف قاسم بخصوص الشخصية الاعتبارية للمشروعات الكبيرة (الصحفية والعلمية): وهل تمنحها الشريعة هذه ا لصفة؟. في الشريعة الإسلامية أهلية الخليفة الذي يتولى عقد التحكيم نيابة عن الأمة أو من ينيبه من المسلمين في ذلك، وليس باعتبار توافر الأهلية في الدولة ذاتها، لأن الإسلام لا يعترف بالشخصية الاعتبارية. راجع د. جعفر عبد السلام: تعليق على بعض الرسائل الجامعية في كلية الشريعة والقانون . بجامعة الأزهر، المجلة المصرية للقانون الدولي، ١٩٧٩ ، ص ٢٦٠ ويقرر آخرون: «The Sharia did not acknowledge the existance of a juristic entity distinct from the persons of partners in a partenership or from the members of an organization or institution» J. Schacht, An introductuon to Islamic Iaw, Oxford، Clarendon press, 1984, p. 125 ـ 126. N. Saleh. Arab international corporations - The impat of sharia», Arab Law Quarterly, vol. 8, part 3. 1993,p. 180 ـ 181. وانظر بخصوص الشخصية الحكيمة للدولة الإسلامية، د. عادل حمزة شيبة: مسؤولية الشخص الاعتباري التقصيرية في القانون الوضعي مقارنة بالشريعة الإسلامية، رسالة دكتوراه، حقوق . القاهرة. ١٤١٤ ١٩٩٤ ، ص ١٦٧ ١٦٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٦٢  ..» لما كانت القاعدة المتفق عليها في أصول الفقه الإسلامي، والتي تقول الأمور بمقاصدها فإنه يتعين النظر في المقصد من الاعتراف بالشخصية الاعتبارية. وقد قلنا إن هذه الأهمية ترجع إلى ظهور المشروعات الكبيرة التي تحتاج إلى تعاون كثير من الأفراد بمجهودهم وأموالهم حتى يضمن بقاء المشروع في خدمة الغرض الذي أنشئ من أجله سواء كان مقصد ً ا ماديا أو مقصد ً ا معنويا، كما هي الحال بالنسبة للمؤسسات الصحفية والعلمية ونحوهما، كما أن سرعة التعامل تقتضي وجود شخص طبيعي يمثل هذه المجموعة تسهيلا ً للتعامل، لما كان ذلك فإنه يمكن القول بأن هذا القصد لا غبار عليه شرع ً ا.. بل إن المصلحة المرسلة التي شهد لها الشارع تقتضي إضفاء هذه الصفة على المشروعات التي تعود بالخير على جماعة المسلمين سواء في ذلك « الخيرات المادية أو الخيرات ا لمعنوية(١) . ومن هذا الاتجاه أيض ً ا المرحوم الأستاذ الدكتور سلام مدكور، إذ يقول:  ..» إن الفقهاء إذا نفوا الذمة وأهلية الوجوب عن غير الإنسان المعين، فإنهم لا ينفون إلا الذمة والأهلية الحقيقيتين اللتين تنشآن عن العهد والعقد، ولا يعنون الذمة والأهلية الاعتباريتين، وما دام فقهاؤنا يقولون بذلك ويعتبرون الجهات في الوجوب وعليها، فإنهم قائلون حتما بالشخص ً « الإعتباري بأوسع ا لمعاني(٢) . ومن ذلك أيض ً ا الأستاذ الدكتور الغنيمي حيث يقول: (١) د. يوسف قاسم: ضوابط الإعلام في الشريعة الإسلامية وأنظمة المملكة العربية السعودية، . عمادة شؤون المكتبات، جامعة الرياض، ١٣٩٩ ١٩٧٩ ، ص ٥٤ ٥٥ وذهب البعض إلى أن التنظيم الدولي يمكن النظر إليه على ضوء المصلحة المرسلة أو الاستصلاح؛ د. مصطفى عبد الرحمن: تمثيل الدول في علاقاتها مع المنظمات الدولية ذات ٰ . السمة العالمية، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة القاهرة، ١٩٨٤ ، ص ٢٥(٢) ، د. محمد سلام مدكور: المدخل للفقه الإسلامي. دار النهضة العربية، القاهرة. ١٣٨٩ ١٩٦٩ . ص ٤٤٣ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٦٣ ..» وهناك آيات أخرى.. أضيفها لتأييد وجهة نظري هذه أذكر منها على سبيل المثال قوله تعالى: ﴿ ! '&%$#" 3210/.-,+*)( =<;:987654 > ﴾[ [الحديد: ٢٥ ، وقوله تعالى: ﴿ xwvutsrqpon ﴾[ [النور: ٤٨ . إن هذه الآيات وغيرها كثيرة تشير إلى نظم لا يمكن تصورها على شكلها الصحيح إلا في داخل دولة ومن ثم فالآيات تشير إلى سلطات مضمرة، والسلطات المضمرة حسبما قالت محكمة العدل الدولية في فتواها الخاصة بالكونت برنادوت يمكن أن تدل على توافر الشخصية القانونية ا لمعنوية. لذلك أرى أن الدولة كذلك وكشخص معنوي هي من أشخاص القانون « الدولي ا لإسلامي (١) . ٢ منح اختصاصات وتصرفات ل لدولة: من المعروف أن وجود اختصاصات معينة صريحة وضمنية ممنوحة لكائن ما تعد دليلا ً ا على تمتعه بشخصية قانونية مستقلة. وهذا هو ما قررته أيض ً ا محكمة  حي العدل الدولية عام ١٩٤٩ في رأيها الاستشاري الخاص بالتعويض عن ا لأضرار. وقد ذهب رأي إلى أن تمتع الدولة بحق التصرف في أمور كثيرة دليل على شخصيتها الاعتبارية، بقوله: إن ما قرره الفقهاء من أحكام لتصرف السلطان في الدولة الإسلامية في » شتى النواحي لا يمكن تفسيره إلا باعتبار أن الدولة شخصية حكمية عامة يمثلها في التصرفات والحقوق والواجبات رئيسها ونوابه من سائر العمال والموظفين، .« في فروع الأعمال المختلفة، في كل النواحي الخارجية والداخلية والمالية (١) د. محمد طلعت الغنيمي: الأحكام العامة في قانون الأمم، دراسة في كل من الفقه الغربي . والاشتراكي والإسلامي، منشأة المعارف الإسكندرية، ١٩٧٠ ، ص ٦٣٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٦٤  ففي السياسة الخارجية مثلا :ً اعتبر الفقهاء أن ما يبرمه الإمام أو القائد من » الصلح والمعاهدات هو محترم وملزم للدولة لا يجوز للإمام أو الرعية مخالفته أو نقضه ما لم ينته أجله، أو ينقض نقض ً ا مشروع ً ا، أو يخل الطرف الثاني بعهده فيه كما هو مقرر في نصوص ا لشريعة. ومعنى هذا اعتبار الدولة من الناحية السياسية الخارجية شخصا حكميا ً « يمثله الإمام ويتعاقد باسمه وهذا يتفق مع أحدث النظريات السياسية ا لحديثة(١) . ويقرر رأي أن من أدلة وجود الدولة في الشريعة الإسلامية: وجود أحكام تتعلق بالدولة وشؤونها مثل مبدأ الشورى ومسؤولية الحكام وكيفية اختيار رئيس الدولة وحقوقه وواجباته؛ وجود أحكام لا يمكن تنفيذها بدون الدولة  كالعقوبات، وفرض الجهاد، والحكم بين الناس بما أنزل الله؛ وأن الإنسان لا يستطيع أن يصوغ حياته وفق ً ا للمنهج الإسلامي إلا إذا وجدت دولة؛ إنشاء الرسول لدولة المدينة؛ استخدام فقهاء المسلمين اصطلاح دار الإسلام وهو يعادل فكرة ا لدولة(٢) . (١) د. محمود بلال مهران: نظرية الحق في الفقه الإسلامي، رسالة دكتوراه، كلية الشريعة . والقانون، جامعة الأزهر، ١٤٠٠ ١٩٨٠ ، ص ١١١ (٢) د. عبد الكريم زيدان: الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام، منشور في كتابه مجموعه . بحوث فقهية، مكتبة القدس بغداد، مؤسسة الرسالة بيروت، ١٤٠٢ ١٩٨٢ ، ص ١٢ ١٤ ويضيف آخرون: وإذا كان فقهاء الشريعة الإسلامية لم يعرفوا تعبير الشخصية المعنوية، فإنه يمكن القول »إنهم عرفوا معناها. ولهذا أثبتوا لبيت المال، والمسجد، والوقف أحكاما كثيرة تقضي ً د. محمود عاطف البنا: « بأن تكون لهذه الجهات حقوق وعليها واجبات تجاه الغير الوسيط في النظم السياسية. دار الفكر العربي، القاهرة، ١٤١٤ ١٩٩٤ ، ص ٥٣ . ويرى الدولة الإسلامية لها شخصيتها المتميزة التي من أهم مقوماتها » الأزهر الشريف أن اعتبار العقيدة ركنا ُ « أساسيا فيها، وعدم الفصل بين الروحانيات والماديات في شريعتها ، بيان للناس من الأزهر الشريف، مطبعة المصحف الشريف، القاهرة، ١٩٨٤ ، ج ١ . ص ١٨٥ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٦٥ ٣ إمكانية توقيع الجزاء أو العقاب على الشخص ا لمعنوي: لا شك أن المسؤولية تعد مظهرا من مظاهر الشخصية القانونية. ولم يتوان ً اتجاه في الفقه الإسلامي في الاستناد إليها لتبرير فكرة الشخصية المعنوية، يقول عبد القادر عودة:  وقد عرفت الشريعة من يوم وجودها الشخصيات المعنوية فاعتبر الفقهاء » بيت المال جهة، والوقف جهة أي: شخصا معنويا وكذلك اعتبرت المدارس ً والملاجئ والمستشفيات وغيرها، وجعلت هذه الجهات أو الشخصيات المعنوية أهلا ً لتملك الحقوق والتصرف فيها، ولكنها لم تجعلها أهلا ً للمسؤولية الجنائية؛ لأن المسؤولية تبنى على الإدراك والاختيار وكلاهما منعدم دون شك في هذه الشخصيات، ولكن إذا وقع الفعل المحرم ممن يتولى مصالح هذه الجهات، أو الأشخاص المعنوية كما نسميها الآن، فإنه هو الذي يعاقب على جنايته ولو أنه كان يعمل لصالح الشخص ا لمعنوي. ويمكن عقاب الشخص المعنوي كلما كانت العقوبة واقعة على من يشرفون على شؤونه أو الأشخاص الحقيقيين الذين يمثلهم الشخص المعنوي كعقوبة الحل والهدم والإزالة والمصادرة، كذلك يمكن شرع ً ا أن يفرض على هذه « الشخصيات ما يحد من نشاطها الضار حماية للجماعة ونظامها وأمنها(١) . كذلك ا ستناد ً ا إلى قوله تعالى: ﴿ ÉÈÇÆÅÄÃÂÁ ÎÍÌËÊ ﴾[ [الإسراء: ١٦ إذا فسق » ، قيل: إن معناها أنه المسؤولون في دولة ما فإن هذه الدولة يحق علها الخراب والدمار. فلو أننا قلنا: إن الأحكام تتعلق بالشخص الطبيعي فحسب كان مؤدى هذا أن شخصا يفسق ً ولكن العقاب لا يوقع عليه وحده بل يوقع كذلك على غيره من شعب الدولة. (١)، عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، نادي القضاة، القاهرة، ١٩٨٤ ، ج ١ . ص ٣٩٣ ٣٩٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٦٦ يقول المفسرون: إن العقاب هنا يوقع على غير من فسق لسكوته على فسق من فسق، ولكن هذا التفسير ليس مقنعا إذ هو فرض وتبرير من المفسرين وحكم ً الآية عام مطلق. ومن ثم فإن الفهم الصحيح لهذه الآية يفرض علينا أن نقر بفكرة  الشخصية المعنوية حيث إن الفسق الذي يرتكبه المسؤولون إنما يحصل منهم بوصفهم هذا، أي أن العقاب هنا ليس على الفسق من حيث هو وإنما على الفسق الذي يأتيه المسؤول بوصفه مسؤولا .ً وهذا أمر طبيعي أن تتحمل الدولة بوصفها « شخصا معنويا أخطاء من يديرونها(١) . ً ٤ الفرد هو أساس الشخصية الدولية في ا لإسلام:  يذهب رأي في الفقه إلى القول: إن الجماعات الإقليمية لكي تتمتع بالشخصية القانونية في نظر الشريعة الإسلامية يجب أن يتوافر فيها ثلاثة أمور: ١ .« العقيدة » الوحدة الاجتماعية الثقافية  ٢ .« الإمامة » الوحدة السياسية  ٣ .« الشريعة » وحدة النظام القانوني والشريعة الإسلامية في قاعدتها تختلف » : ويضيف صاحب هذا الرأي جوهريا عن قاعدة القانون الدولي التقليدي، الرومانية الأصل، والتي تربط الشخصية بأهليتها القانونية أو حريتها وجود ً ا وعدما بينما القاعدة الإسلامية تفرق ً وتميز بين الشخصية وأهليتها. فتبقى الشخصية قائمة قانون ً ا ولو جردت من أهليتها القانونية، فلا تسحب عنها الحماية القانونية لحقوقها. والنظرية الإسلامية لا تعرف وجود ً ا للدولة مستقلا عن الأمة أو عن الشعب وهي لا تمنح وصف بل للأمة أي: للجماعة « الدولة » الشخصية الدولية للتنظيم السياسي المجرد المنظمة المتماسكة في وحدة قانونية ذات قيادة سياسية أيا كان مستواها من ونتيجة لذلك: .« التنظيم (١) . د. محمد طلعت الغنيمي: الأحكام العامة في قانون الأمم، المرجع السابق، ص ٣٦٧ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٦٧ ..» لا تقف النظرية الإسلامية عند ذلك الغلاف الخارجي أو التنظيم الشكلي بل تنفذ من خلاله إلى (البروتوبلازم ونواته) إلى القوى الداخلية « الدولة » السياسي التي تتحرك داخله وتحركه، إلى ذات العنصر الإنساني الجماعة الإقليمية المنظمة وتقرر أنها وحدة دولية حقيقية وأنها هي الشخصية الدولية الأساسية مهما كان « مستواها من التنظيم السياسي والأهلية الدولية دون مستوى ا لدولة(١) . ويذهب آخرون إلى أن الفرد هو أساس الشخصية الدولية في الإسلام، ولذلك فيصح أن مسلما يعقد معاهدة مع غير مسلم بأمان أو غيره، ولا يشترط أن ً يتخلل ذلك كيان ا لدولة. أن هناك أحكاما تتطلب أن يمارسها الإمام، أو تتطلب » ولا يقدح في ذلك ً إذنه، فإن هذا توزيع عضوي للاختصاص لأن للمسلم الفرد أحوالا ً يمثل فيها المجتمع الإسلامي كله، ولا تعني هذه الاختصاصات الخاصة للإمام كالإذن بالغزو وعقد الذمة ونحوه أن الشكل الرسمي كدولة حجاب دون الأصل السابق ذكره، وهو أن الجماعة الدولية هي جماعة أفراد في أفراد، وأن الكيان الرسمي أمر غير لازم ولا مشترط فيها في كثير من الأحيان. وأن اشتراطه هو استثناء من هذا الأصل. ولكن متى وجد هذا الاشتراط فلا يجوز لأحد « المسلمين الافتيات عليه(٢) . (١) لمزيد من التفاصيل: راجع د. محمد كامل ياقوت: الشخصية الدولية في القانون الدولي العام، .٥٠٧ ،٥٠٢ ، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة القاهرة، ص ٤٨١ ٥١٠ ، خصوصا ص ٤٩٠ ً (٢) د. مصطفى كمال وصفي: مصنفة النظم الإسلامية، مكتبة وهبة، القاهرة، ص ٢٩٣ . ويضيف وأوضاع الشخصية الدولية لا محل لها في الإسلام. وكل فرد ككل جماعة في » ( (ص ٢٩٤ شكل دولة أو مدينة أو ما دون و(من فوق) ذلك ممكن أن تكون لها شخصية في نظر الإسلام ويقرر آخرون أن القانون في الإسلام هو قانون داخلي يكون تطبيقه .« إذا تعاقدوا بمن يمثلهم ملزما على الصعيد الدولي. ولذلك فإن: ً «Le droit internaional a comme sujet non seulementles Etats mais aussi l'individu d'une façon directe et indirecte، c'est -à- dire dans sa dependance vis - à ـ d'un Etat quelconque» (Armanazi: L'Islam et le droit intenational. thèse, Paris, 1929, p. 46). أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٦٨  ٥ فكرة الأمر الواقع كمبرر للشخصية المعنوية في ا لإسلام: لأن رفضها « أمر واقع » يذهب رأي إلى أن الشخصية المعنوية تثبت لأنها سيؤدي إلى رفض الشخصية للدولة ولسائر المؤسسات بأنواعها ا لمختلفة(١) . ٦ الشريعة الإسلامية لا تفرق بين الشخصية الداخلية والدولية: قال بهذا الرأي المرحوم الأستاذ الدكتور حامد سلطان، حيث يقرر: إن الشريعة الإسلامية في أحكامها الخاصة بتنظيم العلاقات الإنسانية »  لا تفرق بين النطاق الداخلي والنطاق الدولي وينبنى على ذلك نتيجة حتمية وهي أن الشخصية القانونية في نظام الشريعة الإسلامية واحدة، وأن ما يكتسب هذا الوصف في نطاقها يعد شخصا قانونيا، وأنه يتمتع بهذا الوصف على المستوى ً الداخلي وعلى المستوى الدولي معا، إذ أنه لا تمييز في الشريعة الإسلامية بين ً نظمها القانونية، فمن اعتبر مخاطبا بأحكامها خطابا مباشرا صار شخصا قانونيا ً ًًً « فيها وفي النظم القانونية المتفرعة منها أو عليها(٢) . ص: 4 ا C (ب) رأ نحن نعتقد أن الشريعة الإسلامية أقرت فكرة الشخصية القانونية للأشخاص المعنوية. وإذا كنا نوافق على العديد من الأسس السابقة التي قدمها الفقه للتدليل على تلك الفكرة في الإسلام، خصوصا منح اختصاصات معينة، أو إمكانية توقيع ً العقاب، أو فكرة المصلحة المرسلة، أو اعتبار الشخص العادي أساس الشخصية القانونية في الإسلام، فإننا نضيف إلى ذلك أن الشخصية المعنوية ثابتة في الإسلام ا ستناد ً ا إلى حجج أربع: (١) عمران نيازي: مشروعية الشخصية المعنوية في الفقه الإسلامي، الدراسات الإسلامية، مجمع . ١٩٨٣ ١٤٠٣ ، ص ١٠ ٣٤ ، البحوث الإسلامية، الجامعة الإسلامية، إسلام آباد، عدد ١٨(٢) د. حامد سلطان: أحكام القانون الدولي في الشريعة الإسلامية، دار النهضة العربية، القاهرة، . ١٩٧٠ ، ص ١٨٣ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٦٩ ١ حجة منطقية مؤداها: أن ما يثبت للأشخاص فرادى يثبت لهم مجتمعين: تقوم النظرية الإسلامية التقليدية على مسلمة أساسية هي أن الشخص الطبيعي هو فقط الذي يكتسب الشخصية القانونية. هذه الفكرة نفسها يمكن أن تؤسس في نظرنا أيض ً ا فكرة الشخصية المعنوية للدولة أو للمنظمات الدولية أو للشركة أو لغيرها استناد ً ا إلى حجة منطقية وهي أن ما يثبت للأشخاص فرادى يثبت لهم بالضرورة مجتمعين داخل دولة، وللدول داخل المنظمة الدولية، وللشركة. وبعبارة أخرى، من الثابت أن الفقه الإسلامي يثبت أهلية الوجوب لكل الأشخاص بمجرد ولادتهم (وهو أيض ً ا ما تذهب إليه التشريعات الحديثة). أما مباشرة الأفعال والتصرفات القانونية كالبيع والإجارة والهبة فهي تدخل في نطاق ما يطلق عليه الفقهاء، اصطلاح أهلية الأداء أو أهلية ا لتعامل. وأهلية الوجوب تعادل اصطلاح الشخصية القانونية في الاصطلاح القانوني أما أهلية الأداء فهي تساوي فكرة الأهلية القانونية (أي أهلية مباشرة التصرفات أو الاختصاصات). ولما كانت الشخصية القانونية ثابتة لكل شخص منذ ميلاده، فإن ما يثبت للأشخاص فرادى يحتم ألا يسقط عنهم مجتمعين (داخل الدولة) وهذه الأخيرة (داخل المنظمة الدولية)، أو الشركة تجاه الشركاء والغير. والواقع أن تعدد أشخاص القانون الدولي في الإسلام يؤيده الكثير من الآيات القرآنية، منها قوله تعالى: · ﴿ 43210/... ﴾[ [آل عمران: ١١٠ . · ﴿ utsrqp ﴾[ [المائدة: ٤٨ . · ﴿ GFEDCBA@? ﴾[ [المائدة: ٦٦ . · ﴿ ´ ¶µ ¸ »º¹ ﴾[ [يونس: ١٩ . أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٧٠ · ﴿ ! &%$#" ' ﴾[ [هود: ١١٨ . · ﴿ ¾½¼»º¹ ﴾[ [النحل: ٩٣ . يؤيد ذلك أيضا أن للفرد قدرا من الشخصية القانونية في الإسلام، سواء ًً بالنسبة للالتزامات أو الحقوق. فبالنسبة للالتزامات من المعلوم أن الفرد في إطار الواجبات الكفائية (فروض الكفاية) إذا قام بها سقط عن الآخرين (أي: الجماعة) الإثم، ومن ذلك رد السلام والحسبة والجهاد وغيرها. وبالنسبة للحقوق فمن حق الفرد أن يمنح الأمان والذي يسري على الجماعة الإسلامية مصداق ً ا لقوله ژ : .« المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم » حاصل ما تقدم أنه إذا كانت الشخصية ثابتة في الإسلام دون منازع للفرد، فلأن يكون ثبوتها للجماعة (الشركة أو الدولة أو المنظمة الدولية أو غيرها) يكون من باب أولى: فما يثبت لأعضاء الجماعة فرادى، يثبت لهم مجتمعين. بل إن الشخصية في الإسلام ثابتة أيض ً ا للمجموع في القرآن الكريم نفسه، مثال ذلك قوله تعالى: ﴿ ÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º Æ ﴾[ [الحجرات: ١١ . ﴿ ONMLKJIHGFE ﴾[ [الحجرات: ١٣ . وقد يتم التعبير عن الجماعة بضمير الغائب، كقوله تعالى: ﴿ LKJI ]\[ZYXWVUTSRQPONM lkjihgfedcba`❁ ^ onm ﴾[٩ ، [الممتحنة: ٨ . وأيض ً ا قوله تعالى: ﴿ «ª© [ [النساء: ٩٠ . ´³²±°¯®¬ ¶µ ﴾ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٧١ ٢ حجة مادية: مبدأ استمرارية الدولة في الشريعة ا لإسلامية: من الثابت أن علماء المسلمين توصلوا إلى إدراك الفكرة التي تستند إليها الدولة حديث ً ا، وهي فكرة الوجود الدائم للدولة بما يحتم وجود شخصية معنوية خاصة بها ومستقلة، عن الأفراد الذين يكونونها. ويضرب الفقهاء لذلك المثال المستقر عليه وهو أن القاضي لا ينعزل بموت الإمام بينما يمكن عزله في حياة ا لإمام(١) . وإذا كان الفقهاء قد اقتصروا تقريبا على ذكر أمور تتعلق بالنظام الداخلي ً للدولة الإسلامية كدليل على استمراريتها رغم اختلاف شخصية الحكام فيها أو غير ذلك من التغييرات، فإننا نعتقد أن لمبدأ استمرارية الدولة في الشريعة الإسلامية مجالا ً كبيرا في إطار المعاهدات الدولية، في رأينا، ثلاثة جوانب: ً جانب زمني، وجانب مكاني، وجانب شخصي(٢) . ولا شك أن هذه الاستمرارية بجوانبها الثلاثة خير دليل على معرفة فقهاء الإسلام لفكرة الشخصية ا لمعنوية. ﻊﺟﺍﺭ.ﺩ ﻡﺯﺎــﺣ :ﻱﺪــﻴﻌﺼﻟﺍ ﺔﻳﺮﻈﻧ ﺔﻟﻭﺪﻟﺍ ﺔﻴﻣﻼــﺳﻹﺍ ﻊﻣ ﺔــﻧﺭﺎﻘﻤﻟﺍ ﺔﻳﺮﻈﻨﺑ ﺔــﻟﻭﺪﻟﺍ ﻲﻓ ﻪﻘﻔﻟﺍ ﻱﺭﻮﺘﺳﺪﻟﺍ ،ﺚﻳﺪﺤﻟﺍ ﺔﻟﺎﺳﺭ ،ﻩﺍﺭﻮﺘﻛﺩ ﺔﻴﻠﻛ ﻕﻮﻘﺤﻟﺍ ـ ﺔﻌﻣﺎﺟ ،ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ ﺹ.١٤٧ (١) ﻙﺎﻨﻫﻭ ﺪﻳﺪﻌﻟﺍ ﻦﻣ ﺕﺎﻳﻵﺍ ﻲﻓ ﻥﺁﺮﻘﻟﺍ ﻢﻳﺮﻜﻟﺍ ﻲﺘﻟﺍ ﻝﺪﺗ ﻰﻠﻋ ﺭﺍﺮﻗﺇ» ﻥﺁﺮﻘﻟﺍ ﺭﺍﺮﻤﺘﺳﻻ ﺔﻤﻬﻣ ﺔﻟﻭﺪﻟﺍ  ﻥﺎﻄﻠﺴﻟﺍﻭ ﺪﻌﺑ ﻲﺒﻨﻟﺍﮊ « :ﺪﻳﺪﺤﻟﺍ) ،٢٥ :ﺭﻮﻨﻟﺍﻭ ،٥٥ :ﺞﺤﻟﺍﻭ ٢٩ـ (٤١ ﻊﺟﺍﺭ ﺪﻤﺤﻣ ﺓﺰﻋ :ﺓﺯﻭﺭﺩ ﺭﻮﺘﺳﺪﻟﺍ ﻲﻧﺁﺮﻘﻟﺍ ﺴﻟﺍﻭ ﺔ ﺔﻳﻮﺒﻨﻟﺍ ﻲﻓ ﻥﻭﺆــﺷ ،ﺓﺎﻴﺤﻟﺍ ﺔﻌﺒﻄﻣ ﻰــﺴﻴﻋ ﻲﺑﺎﺒﻟﺍ ،ﻲﺒﻠﺤﻟﺍ ،ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍﻨــ ١٣٨٦ـ ،١٩٦٦ ﺝ ،١ ﺹ ٧٥ ﺎﻣﻭ.(ﺎﻫﺪﻌﺑ ﺐﻫﺬﻳﻭ ﺾﻌﺒﻟﺍ ﻰﻟﺇ ﻁﺎﺒﻨﺘﺳﺍ ﺔﻴﺼﺨــﺸﻟﺍ ﺔﻳﻮﻨﻌﻤﻟﺍ ﺔﻋﺎﻤﺠﻟ ﻦﻴﻤﻠــﺴﻤﻟﺍ ﻦﻣ ﻪﺑﺎﻄﺧ ﻰﻟﺎﻌﺗ ﺀﺍﺪﻨﺑ ﺔﻋﺎﻤﺠﻟﺍ ﴿DCB ﴾ ، ﻦﻣﻭ ﺩﻮﺟﻭ ﺾﻌﺑ ﺕﺎــﺴﺳﺆﻤﻟﺍ ﺔــﻣﺎﻌﻟﺍ ﺖﻴﺒﻛ ،ﻝﺎﻤﻟﺍ ﻦﻣﻭ ﻪﻟﻮﻗﮊ : ﻢﻜﻠﻛ»ﻉﺍﺭٍ ﻢﻜﻠﻛﻭ ﻝﻭﺆــﺴﻣ ﻦــﻋ «ﻪﺘﻴﻋﺭ .ﺩ) ﻲﺤﺘﻓ :ﻲﻨﻳﺭﺪﻟﺍ ﻖﺤﻟﺍ ﻯﺪﻣﻭ ﻥﺎﻄﻠــﺳ ﺔﻟﻭﺪﻟﺍ ﻲﻓ ،ﻩﺪﻴﻴﻘﺗ ﺔﺴﺳﺆﻣ ،ﺔﻟﺎﺳﺮﻟﺍ ،ﺕﻭﺮﻴﺑ ١٤٠٤ـ ،١٩٨٤ ﺹ١٥٤ ـ .(١٥٥ ﻊﺟﺍﺭ ﺕﻼﻴﺼﻔﺗ ﻚﻟﺫ ﻲﻓ.ﺩ ﺪﻤﺣﺃ ﻮﺑﺃ :ﺎﻓﻮﻟﺍ ﺕﺍﺪﻫﺎﻌﻤﻟﺍ ﺔﻴﻟﻭﺪﻟﺍ ﻲﻓ ﺔﻌﻳﺮــﺸﻟﺍ ،ﺔﻴﻣﻼﺳﻹﺍ ﺭﺍﺩ ﺔﻀﻬﻨﻟﺍ ،ﺔﻴﺑﺮﻌﻟﺍ .ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ (٢) أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٧٢ ٣ حجة عملية: المسؤولية الدولية للدولة ا لإسلامية: تعد مسؤولية أشخاص أي نظام قانوني دليلا ً ظاهرا على تمتعهم ً بالشخصية القانونية المستقلة عن تلك المقررة في حق الأفراد الذين يدخلون في تكوينهم(١) . وفي الإسلام ثبتت المسؤولية على الصعيد الدولي في حق الدولة الإسلامية في أحوال كثيرة مما يدل على أن الإسلام قد أقر مسؤولية الأشخاص المعنوية عن تصرفاتها، وبالتالي اعترف بشخصيتها القانونية المستقلة وهو ما يسري أيض ً ا على أي شخص اعتباري، بما في ذلك المنظمات الدولية والشركات(٢) . ٤ حجة واقعية: ضرورة إدراك » ونستمد هذه الحجة مما قررته دار الإفتاء المصرية بخصوص والتي قررت أن الأشخاص الاعتبارية لها خصائص تميزها عن « فقه الواقع لها أحكام مختلفة عن الشخص الطبيعي، والآن » : الشخص الطبيعي، وبالتالي انفصلت الشخصية الاعتبارية تماما عن ممثليها وحددت تحديد ً ا دقيق ً ا، لذا يجب ً (١) إذا ادعى على بيت المال بحق، أو كان لبيت المال حق قبل الغير، » لذلك من الثابت أنه « ورفعت الدعوى بذلك أمام القضاء، كان للقاضي الذي رفعت الدعوى إليه أن يقضي فيها . الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، الطبعة الثانية، ج ٨، ص ٢٦٣ كذلك من المعروف أن من أتلف شيئ ً ا من أموال بيت المال لزمه الضمان، وإن أخذ منه شيئ ً ا بغير حق وجب عليه الرد. وإن كان هناك خلاف في السرقة: فقد ذهب اتجاه إلى أن السارق . من بيت المال لا تقطع يده، وذهب آخرون إلى قطع اليد، نفس المرجع، ص ٢٦٢ إنه إن ضاق بيت المال عن جميع مصارفه فللسلطان أن يقترض على بيت المال » : بل قيل ما يصرفه في مصارفه، وهو يوفي ذلك إذا اجتمعت أمواله، وعلى من ولي بعده أمر المسلمين الإمام ابن جماعة: تحرير الأحكام في تدبير أهل « قضاء ذلك إن لم يتفق للمقرض قضاؤه . الإسلام، دار الثقافة، الدوحة، ١٤٠٨ ١٩٨٨ ، ص ١٥١ (٢) م راجع تفصيلات أكثر في د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة الإسلام، دار النهضة العربية، القاهرة، ج ٨، وهو الجزء الخاص بالمسؤولية الدولية في الشريعة ا لإسلامية. الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٧٣ على المفتي ان يدرك هذا الواقع الجديد ولا يتعامل مع الشخص الاعتباري كما يتعامل مع الشخص الطبيعي، ولعل أشهر مثال لهذا اللبس ما حدث في فتاوى التعامل مع البنوك المعاصرة ما بين محرم ومبيح، وربما غاب عن كثيرين « ما ذكرناه عن الشخص ا لاعتباري(١) . %A ا ? ا  اف / الا C. ا  يذهب الفقه الإسلامي الحديث والراجح إلى الاعتراف بشخصية مستقلة  للشركة ا ستناد ً ا إلى حجتين: الأولى : أنه ليس في الكتاب ولا ا لسنة ما يمنع ذلك: الفقهاء » إن :« شخصية الشركة » يقول الشيخ علي الخفيف بخصوصلا يجعلون لها وجود (مستقلا عن وجود أعضائها) ولا يرون أن لها ذمة خاصة افتقرت الذمة على » فقد .« بها غير ذمم الشركاء ولا يعرفون لها شخصية معنوية الإنسان الحي في الفقه الإسلامي واستتبع ذلك ثبوت الشخصية الاعتبارية .« القانونية له دون غيره من المنشآت والشركات (١) دار الإفتاء المصرية: ضوابط الاختيار الفقهي عند النوازل، القاهرة، ١٤٣٤ ه، ص ٣٦ . كذلك قيل: إن ضمان الشخص ا لاعتباري: لا يعتمد إلى كل نشاط يقع من التابع أو النائب أثناء تأدية العمل أو بسببه، وإنما يقتصر »نطاق الضمان على الأضرار التي يحدثها التابع بنفس الغير أو ماله، إذا كانت في نطاق المأذون فيه، وفي حدود ما يمليه أداء العمل على نحو جيد، مع حسن نية العامل، وأن لا يتعمد الإضرار بالغير، فإنه إن تعمد الإضرار، يكون الدافع لديه هو التشفي، أو الانتقام الشخصي، وليس لذلك صلة بالشخص الافتراضي، وهناك ضابط فقهي يقضي بأن كل ضرر .« يأتي نتيجة تعمد، يكون الضمان على فاعله د. عبد الله مبروك: مسؤولية الشخص الافتراضي ونطاقها في الفقهين الإسلامي والوضعي، . ٢٠٠٣ ، ص ٥٧ ، مجلة كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، القاهرة، عدد ٢٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٧٤ ويضيف أيض ً لم يتسع مع ما ذهب » ا أن هذا الذي ذهب إليه الفقه الإسلامي إليه من الأحكام في كثير من مسائل الوقف وبيت المال والمساجد والقناطر   وليس فيما جاء به الكتاب ولا فيما أثر من ا لسنة ما يمنع » : كذلك يقول .« ونحوها من أن تفرض الذمة لغير الإنسان وتفسر تفسيرا يتسع لأن تثبت للشركات ً « والمؤسسات والأموال ا لعامة(١) . الثانية : الخلطة » أن الشخصية المعنوية في الفقه الإسلامي يدل عليها فكرة في هذا الشأن قيل: .« في الأموال دون نظر « شخصية معنوية » إن الشريعة عرفت معاملة الشركات باعتبارها » إلى الأفراد المشتركين ورتبت على ذلك أحكامها في الزكاة كما هو رأي الجمهور « في الخلطة في المواشي. وكما هو رأي الشافعي في الخلطة في كافة ا لأموال(٢) . ﺦﻴﺸﻟﺍ ﻲﻠﻋ :ﻒﻴﻔﺨﻟﺍ ﺕﺎﻛﺮﺸﻟﺍ ﻲﻓ ﻪﻘﻔﻟﺍ ،ﻲﻣﻼﺳﻹﺍ ﺪﻬﻌﻣ ﺕﺎﺳﺍﺭﺪﻟﺍ ﺔﻴﺑﺮﻌﻟﺍ ،ﺔﻴﻟﺎﻌﻟﺍ ،ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍً ﺎ .ﺩﺪﺒﻋ ﺰﻳﺰﻌﻟﺍ :ﻁﺎﻴﺨﻟﺍ ﺕﺎﻛﺮــﺸﻟﺍ ﻲﻓ ﺔﻌﻳﺮــﺸﻟﺍ ﺔﻴﻣﻼــﺳﻹﺍ ﻥﻮﻧﺎﻘﻟﺍﻭ ﺹ٢٢ ـ ،٢٦ ﺮــﻈﻧﺃﻀﻳﺃ (١) ً ﺎ ﺦﻴــﺸﻟﺍ ﻲﻠﻋ :ﻒﻴﻔﺨﻟﺍ ﻖﺤﻟﺍ ﺔﻣﺬﻟﺍﻭ ﺮﻴﺛﺄﺗﻭ ﺕﻮﻤﻟﺍ ،ﻲﻌﺿﻮﻟﺍﺝ ،١ ﺹ٢١١ ـ ،٢١٣ ﻊﺟﺍﺭﻭﻀﻳﺃ ﺎﻤﻬﻴﻓ ﺙﻮﺤﺑﻭ ،ﻯﺮﺧﺃ ﺭﺍﺩ ﺮﻜﻔﻟﺍ ،ﻲﺑﺮﻌﻟﺍ ،ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍ ١٤٣١ـ ،٢٠١٠ ﺹ١١٩ ـ .١٢٨ ﻕﺮﻔﻳﻭ ،ﻱﺃﺭ ﻲﻓ ﺍﺬﻫ ،ﺹﻮﺼﺨﻟﺍ ﻦﻴﺑ :ﻦﻴﻫﺎﺠﺗﺍ ﻝﻭﻷﺍ ﻯﺮﻳ ﻥﺃ ﺔﻴﺼﺨــﺸﻟﺍ ﺔﻳﻮﻨﻌﻤﻟﺍ ﺕﺎﻛﺮﺸﻠﻟ ﺓﺮــﺒﺘﻌﻣ ﺯﻮﺠﻳﻭ ﺎــﻬﺗﺎﺒﺛﺇ ﻖﻠﻌﺗﻭ ﻡﺎﻜﺣﻷﺍ ،ﺎــﻬﺑ :ﻲﻧﺎﺜﻟﺍﻭﻻ ﺯﻮــﺠﻳ ﺕﺎﺒﺛﺇ ﺔﻴﺼﺨــﺸﻟﺍ ﺔﻳﻮﻨﻌﻤﻟﺍ ﺔــﻳﺭﺎﺒﺘﻋﻻﺍ ﻑﺍﺮﺘﻋﻻﺍﻭ ﺎﻬﺑ ﻊﺟﺍﺭ) ﺕﻼﻴﺼﻔﺗ ﺓﺮﻴﺜﻛ ﻲﻓ.ﺩ ﻒــﺳﻮﻳ :ﻲﺤــﺸﻟﺍ ﺪﻋﺍﻮﻗ ﺕﺍﺮﻳﺪﻘﺘﻟﺍ ﺔﻴﻋﺮــﺸﻟﺍ ﺎﻬﺗﺎﻘﻴﺒﻄﺗﻭ ﻲــﻓ ﺕﺎﺿﻭﺎﻌﻤﻟﺍ ،ﺔﻴﻟﺎﻤﻟﺍ ﺔﻟﺎــﺳﺭ ،ﻩﺍﺭﻮــﺘﻛﺩ ﺔﻌﻣﺎﺠﻟﺍ ،ﺔــﻴﻧﺩﺭﻷﺍ ،٢٠٠٤ ﺹ.(٢٥٤ ـ ٢٤٠ .ﺩ ﻒﺳﻮﻳ :ﻱﻭﺎﺿﺮﻘﻟﺍ ﻪﻘﻓ ،ﺓﺎﻛﺰﻟﺍ ﺔﺴﺳﺆﻣ ،ﺔﻟﺎﺳﺮﻟﺍ ،ﺕﻭﺮﻴﺑ ١٤١٨ـ ،١٩٩٧ ﺝ ،١ ﺹ.٢٣٧ ﺎ ﻦﺑﺍ ﻡﺰﺣ (ﻲﻌﻓﺎﺸﻟﺍﻭ ﻂﺒﻨﺘﺴﻳﻭ ﺎﻬﻨﻣ ﺽﺮﻌﻳﻭ ﺲﻔﻧ ﺐﺗﺎﻜﻟﺍ ﻱﺃﺮﻟ ﺐﻫﺍﺬﻤﻟﺍ ﺔﻴﻣﻼﺳﻹﺍﺻﻮﺼﺧ)ًً ،ﺎ:ﻪﻟﻮﻘﺑﺣﺍﺮﺘﻗﺍ (٢) ﺪﻗﻭ» ﺪــﻨﻓ ﻦﺑﺍ ﻡﺰﺣ ﻲﻓ «ﻰﻠﺤﻤﻟﺍ» ﺐﻫﺬﻣ ﻦــﻣ ﺍﻭﺃﺭ ﻥﺃ ﺔﻄﻠﺨﻟﺍ ﻞﻴﺤﺗ ﻢﻜﺣ ،ﺓﺎﻛﺰــﻟﺍ ﺎﻤﻟ ﻲﻓ ﺍﺬﻫ  ﺍ ،ﻪﻨﻋ ﺕﺩﺪﺣﻭ ﺮﻳﺩﺎﻘﻤﻟﺍ ﺔﺒﺟﺍﻮﻟﺍ ﻝﻮﻘﻟﺍ ﻦﻣ ﺔﻔﻟﺎﺨﻣ ﺹﻮﺼﻨﻟﺍ ﻲﺘﻟﺍ ﺖﻠﻌﺟﺎﻣ ﻥﻭﺩ ﺏﺎﺼﻨﻟﺍﻮــﻔﻌﻣ ﻲﻓ ﺩﺍﺪﻋﺃ ،ﺔﻨﻴﻌﻣ ﻝﻮﻘﻟﺍﻭ ﺮﻴﺛﺄﺘﺑ ﺔﻄﻠﺨﻟﺍ .ﺎﻬﻴﻓﺎﻨﻳ ﻲﻓﺎﻨﻳﻭ ﺔﻴﻟﻭﺆﺴﻣ ﺩﺮﻔﻟﺍ ﻦﻋ ﻪﺴﻔﻧ.ﻪﻟﺎﻣﻭ :ﻝﺎﻗ ﻝﺎﻗﻭ :ﻰــﻟﺎﻌﺗ ﴿ÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄà ﴾[١٦٤ :ﻡﺎﻌﻧﻷﺍ] ﻦﻣﻭً ﺍﺒﺳﺎﻛ ﻯﺃﺭ ﻢﻜﺣ ﺔﻄﻠﺨﻟﺍ ﻞﻴﺤﻳ ﺓﺎﻛﺰﻟﺍ ﺪﻘﻓ ﻞﻌﺟ ﺪﻳﺯ ﺎ ﺎ ﻰﻠﻋ ،ﻭﺮﻤﻋ ﻞﻌﺟﻭ ﻝﺎﻤﻟﺍ ﺎﻤﻫﺪﺣﺃﻤﻜﺣًً   في مال الآخر. وهذا باطل وخلاف للقرآن والسنة. الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٧٥ وفي الفقه الإباضي يمكن أن نجد للشخصية القانونية متكأ يستند إلى حجتين أساسيتين، وهما: ْْ ١ « تعلق حق بها » : أن الإباضية قالوا: بأن شغل الذمة يعني(١) . ومذهب الشافعي هو أوسع المذاهب القائلة بتأثير الخلطة في حكم الزكاة فلم يقصر تأثيرها على الخلطة في الماشية، بل يذهب إلى تأثيرها في الزروع والثمار، والدراهم والدنانير. في حكم الزكاة « الشركات المساهمة ونحوها » ويمكن أن يكون هذا القول أساسا لمعاملة ً لما فيه من تبسيط الإجراءات، .« إدارة الزكاة » إذا احتاجت إلى ذلك « شخصية واحدة » معاملة ذات المرجع، ص ٢٢٠ ٢٢١ . كذلك ذهبت دار « وتيسير التعامل، وتقليل الجهود والنفقات الإفتاء المصرية بخصوص جريان الربا في الشخصية الاعتبارية إلى التفرقة بين كون  الشركة الأم مالكة كليا أو جزئيا للشركة ا لفرعية:  فإذا كانت الأم مالكة كليا للشركة الفرعية فلا ربا لأن المسألة تكون كما لو أقرض الإنسان  نفسه، والربا لا يجري بين الإنسان ونفسه، ولذلك لم يحرم جمهور الفقهاء الربا بين السيد وعبده، لأن العبد وما في يده لسيده. أما إذا كانت الشركة الأم مالكة لجزء من الشركة الفرعية فيتوافر الربا إذا قدمت لها قرضا ً فيه اشتراط الزيادة، شأنه في ذلك شأن شركة العنان فإن كلا الشريكين كالغريب بالنسبة لمال الشركة فلا يجوز لشريك الاستدانة بغير إذن شريكه، كما لا يجوز لشريكه اشتراط الزيادة، . عما أخذه، راجع موسوعة الفتاوى المؤصلة من دار الإفتاء المصرية، ج ٣، ص ٤٢٤ ٤٢٨ (١)قيل: الذمة في اللغة العهد والأمان والضمان، وفي الشرع وصف ما يكون به الشخص أهلا » ً للإيجاب. وشغل الذمة تعلق حق بها، سواء كان لله أم للخلق، وسبب شغلها خطاب من الشارع أو التزام من المكلف، أو تقصير منه أو ا عتداء. والغالب استعمال هذا المصطلح في باب الديون، كما يعبر الفقهاء عن اشغال الذمة بالوجوب. إذا تعارض دليلان مختلفان في شغل الذمة وبراءتها، قضي بترجيح الدليل الشاغل للذمة، لأن البراءة هي الأصل قبل ورود الدليل الشاغل بها، فإذا ورد الدليل الشاغل كان الشغل هو معجم « الأصل، ورفع الشغل يحتاج إلى دليل يثبت نسخ الحكم، والنسخ لا يكون بالاحتمال عرف بعضهم الذمة بأنها وصف يصير » : مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٤٠٣ . ويقول السالمي الشخص به أهلا ً للإيجاب له وعليه، وعرفها آخرون بأنها نفس لها عهد، فإن الإنسان يولد وله ذمة صالحة للوجوب له وعليه عند جميع الفقهاء، بخلاف سائر الحيوانات اه، فعلى التعريف الأول تكون الذمة من أعراض الذات لأنها وصف من أوصافها، وعلى التعريف الثاني تكون الذمة هي الذات الموصوفة بالعهد الذي أخذه الله عليها والمعنى متقارب. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٧٦ وهذا صحيح بالنسبة للشخص الطبيعي والشخصي الاعتباري أو ا لمعنوي. ٢ خصص الإباضية تفصيلات كثيرة لكائنات لها أموال وحقوق وتتعلق بها، وهي ليست إنسان ً ا (شخصا طبيعيا)، مما يؤيد معرفتهم لنوع آخر من الأشخاص: ً الأشخاص الاعتبارية أو المعنوية. ومن أمثلة هذه الأخيرة ا لمدارس(١) ، وبيت المال(٢) ، والمساجد(٣) . جوابات الإمام السالمي، « ومعنى اشتغال الذمة بالحقوق هو كون النفس ملزمة لذلك الحق . ج ١، ص ٢٨٥ (١) في مال المدرسة وما أوصى وأقر به لها ولمن يعلم فيها، وما » فقد خصص السعدي باب  السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٧ ، ص ٢٢٢ ٢٣٥ . كذلك تحدث عن: « يجوز من ذلك لعمارها ذات المرجع، ) « عمار بيت المدرسة ومالها، وقطع ما يجوز قطعه من غلتها وخوصها ».( ص ٢١٥ الغافري: صراط « في المدارس وأموالها وفي المعلم فيها » كذلك خصص الغافري باب . الهداية، مكتبة مسقط، ١٤٣٣ ٢٠١٢ ، ج ١ ص ٤٠٢ ويشير المحقق الخليلي إلى أموال المدارس، وأموال الوقف، راجع أجوبة المحقق الخليلي، . ١٨٣ ١٨٤ ، مكتبة الجيل. الواعد، مسقط، ١٤٣١ ٢٠١٠ ، ص ١٧٦ (٢) انظر تأجير أرض بيت المال، وبيع أمواله، والاعتداء على بيت المال، في سماحة ، الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى، الأجيال، الكتاب الرابع، ١٤٣٤ ٢٠١٣ . ص ٢٣٩ ٢٤٩ (٣) في أموال المساجد وأحكامها وحكم من أوصى لها به وفي بيان » خصص أطفيش باب أطفيش: كشف « الاستعانة بها في المصالح العامة وفي صفة الجماعة الذين لهم الإنفاذ الكرب، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ١٩٨٦ ، وخصص العلامة البطاشي ُ راجع البطاشي: كتاب غاية « في المجلس وحقه » وباب ،« فيما يصرف فيه مال المسجد » باب في أموال » ٣٧٢ ، أما النزوي فخصص باب ، المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٣، ص ٣٥٥ في زراعة مال المسجد وفسلها « وكذلك باب » المساجد وضماناتها وحفظها والخلاص منها في القيام » أنظر النزوي: المصنف، ج ١٩ ، ص ٤٩ ٦٥ كذلك خصص ابن عبيدان بابا « وطنائها ً ، ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ٢ « بالمساجد وأموالهن وما يجوز من فعل الوكيل في أموالهن . ص ٣٧ وكذلك ،« في قعادة مال المسجد وما يجوز من ذلك وما لا يجوز » : وخصص السعدي باب ، السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٦ « في قرض المسجد والاقتراض من ماله » : باب . ص ١٢ ٧٢ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٧٧ ? A ا ? ا C. ا 5-4 ر ا [ آ تحدث الإباضية عن الآثار التي تترتب على الشخصية الاعتبارية. يكفي أن نذكر منها، ما يلي: ال:  أ) الأ مال » : وقد ذكر الحارثي ذلك بخصوص المسجد بطريقة جلية، بقوله « المسجد له لا لغيره(١) . ري / الا _4 وي ا :; ب) %.5^ ا_4 ا ر:  الأ ومنها نصيبه في إصلاح المرافق العامة. يقول ا لعبري: على أمواه المساجد من الغرم ما على غيرها فيما يحكم به على أرباب » الأفلاج والرزوز الحاجزة المانعة لجري الماء محكوم بحذفها إذا طلب بعض أرباب الفلج ذلك، وعلى وكيل المساجد أن يسلم ما يلزم أمواه المساجد من مالها، ولا حجة له إذا ادعى إنه وكيل الفلج، وجبره الحاكم على التسليم إليه لم « يلزمه ضمان للمساجد(٢) . (١) . ١٤٢٧ ٢٠٠٦ ، ص ٣١ ، الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤ إن كان خراب هذا المسجد لا تكافئ غلل أصوله لإصلاحه ولا دراهم له من » : ويقول السيابي وجهة أخرى حاز البيع من أصوله لعمارته، ولا يضيق ذلك في الواسع خصوصا إذا كان يبقى ً السيابي: فصل الخطاب في المسألة « له من الأصول ما تكفي ثماره للمصالح الأخرى . والجواب، ج ١ ٢، ص ٢٥٢(٢) . سالم العبري: فواكه البستان، ص ١٢٤ ١٢٥ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٧٨ :%& ا ` ج) ا وهذه من آثار الشخصية المعنوية أيض ً ا، فأي شخص له الحق في أن يرفع أو ترفع عليه القضايا أمام المحاكم، وذلك وفق ً ا للقاعدة التي تقرر أن A person is .entitled to sue and be sued يقول ا لخليلي: لوكيل المسجد وعليه أن يحاكم له وعنه في موضع وجوب ذلك ولا يمين على » وكيل المسجد ولا يمين له أيض ً « ا وإنما يحكم له وعليه بالبينة إذا حاكم للمسجد(١) . وهكذا الشخص المعنوي قد تختلف أحكامه عن تلك المطبقة، على الشخص الطبيعي. لذلك، مثلا، ً ،« لا أيمان في أموال المساجد » : قيل بقاعدة لذلك قيل: أما الأمانات التي عنده للمساجد فلا أيمان في أموال المساجد وأما الأمانات » التي للناس فقال بعض المسلمين: إن الأمين خصم في أمانته، وله أن يحلف عليها، « وقال بعض المسلمين: إن الأمين لا يكون خصما في أمانته، وليس له يمين(٢) . ً از:  م الإ 6M أ ^4 د) ا « المفاوضة » المترتبة على « الخلطة » أكد اتجاه كبير لدى فقهاء الإباضية أن يترتب عليها آثار تختلف عن تلك التي يكون فيها المال مفرز ً ا يخص كل شريك: ففي حالة الخلطة يتم حمل مال جميع الشركاء بعضها على بعض، بينما في غير الخلطة لا يتم هذا الحمل. مما يعني أنه في حالة الخلطة نحن بصدد شركة، وفي غيرها لا شركة(٣) . ﻖﻘﺤﻤﻟﺍ :ﻲﻠﻴﻠﺨﻟﺍ ﺪﻴﻬﻤﺗ ﺪﻋﺍﻮﻗ ،ﻥﺎﻤﻳﻹﺍﺝ ،٦ ﺹ.٢٤٤ (١) ﺪﻴﺴﻟﺍﺎﻨﻬﻣ ﻦﺑ :ﻥﺎﻔﻠﺧ ﺏﺎﺒﻟ ،ﺭﺎﺛﻵﺍﺝ ،١٠ ﺹ.٢٤٨ (٢) ﻚﻟﺬﻟﻻ ﻖﻓﺍﻮﻧ ﻰﻠﻋ ﻱﺃﺮﻟﺍ ﻲﺗﻵﺍ ﻱﺬﻟﺍ ﺮﻜﻨﻳ ﺔﻴﺼﺨﺸﻟﺍ ﺔﻳﻮﻨﻌﻤﻟﺍ ،ﺔﻛﺮﺸﻠﻟ:ﻪﻟﻮﻘﺑ (٣) الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٧٩ وهكذا يمكن باختصار، القول: إن الشركة يمكن أن تتواجد كشخص معنوي أو اعتباري إلى جانب الشخص الطبيعي: الإنسان. بل في قراره بشأن مدى مسؤولية المضارب ومجالس الإدارة عما يحدث من :( خسائر، جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي (مكة المكرمة ١٤١٥ ١٩٩٥ والمسؤول عما يحدث في البنوك والمؤسسات المالية ذات الشخصية » الاعتبارية هو مجلس الإدارة، لأنه هو الوكيل عن المساهمين في إدارة الشركة، والممثل للشخصية الاعتبارية، والحالات التي يسأل فيها مجلس الإدارة عن الخسارة التي تحدث في مال المضاربة هي نفس الحالات التي يسأل فيها المضارب (الشخص الطبيعي) فيكون مجلس الإدارة مسؤولا ً أمام أرباب المال عن كل ما يحدث في مال المضاربة من خسارة بتعد أو تقصير منه أو من موظفي المؤسسة وضمان مجلس الإدارة يكون من أموال المساهمين، ثم إذا كان التعدي أو التقصير من أحد الموظفين فعلى مجلس الإدارة محاسبته، أما إذا كان التعدي « أو التقصير من مجلس الإدارة نفسه فمن حق المساهمين أن يحاسبوه(١) . الشركة بكسر الشين وإسكان الراء وبفتح الشين وكسر الراء لغة: مخالطة ا لشريكين. ».« فتعني اجتماع حقوق الملاك في الشيء الواحد على سبيل ا لشياع » أما في اصطلاح الفقهاءلا يخفى أن تعريف عقد الشركة المذكور في المصادر الفقهية لا يشمل الشركات الحديثة أيضا خصوصا الشركات التجارية غير شركة المحاصة لأن الملكية في الشركات التجارية ًً الحديثة ليست بالشيوع وإنما الملكية فيها مفرزة. وصاحب الملك فيها هو الشخصية المعنوية للشركة أي: المؤسسة الحاصلة باسم الشركة نتيجة العقد وإقرار القانون عليها. ومالك السهم في الشركات الحديثة إنما هو صاحب حق في أخذ الربح لو حصل للشركة ربح فليس السهم (شهادة اكتتاب أو مساهمة: certificate of stock التي تعطيها الشركة للدلالة على أن للمشار إليه عدد ً ا معين ً ا من الأسهم أو الحصص) بمعنى كون مالكه يملك شيئ ً ا بنحو الإشاعة في أموال الشركة بل إنما هي لبيان حقه في أخذ الربح لو حصل ذلك الشيخ مرتضى الترابي: الشركة في الفقه والقانون، منشورا في « ولالتزامه بسائر الحقوق والتكاليف ً قراءات فقهية معاصرة في الاقتصاد الإسلامي، ج ٢: فقه العقود والمعاملات، إعداد مجموعة من ».« الفقهاء والباحثين، الغدير للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ١٤٢٥ ٢٠٠٤ ، ص ٤٤٣ ٤٤٤(١) . قرارات المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي، الدورة ١٤ ، ص ٣٩ نعرض أولا ً لبعض العموميات، ونتبعها بدراسة الأنواع الثلاثة للشركة: الشركات التقليدية، والحديثة، والمركبة أو ا لمختلطة. وندرس هذه الأمور الأربعة، على أن نخصص لكل منها مبحث ً ا. الأول ? ا ت 5  / عرف فقهاء المسلمين عدة أنواع من الشركات، وهي: ١ الشركة في الأموال المباحة، مثل قوله ژ : الناس شركاء في ثلاثة الماء » .« والكلأ والنار ٢ شركة الملك، وتفترض اشتراك اثنين فأكثر في تملك شيء ما، عن طريق الشراء أو الإرث أو الوصية مثلا، ً وفيها تكون الأموال بين الشركاء مملوكة (كما في حالة ا لشيوع)(١) . (١) وتنقسم شركة الملك إلى نوعين: شركة دين، وشركة غيره، وشركة اختيارية، واضطرارية (جبرية) موسوعة فتاوى المعاملات المالية للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، إشراف . د. علي جمعة وآخرون، دار السلام، القاهرة، ١٤٣١ ٢٠١٠ ، ج ٩، ص ١٤ ١٥ كذلك من حيث محلها تنقسم الشركة إلى أنواع ثلاثة: ذلك أنه إذا كان رأس مال الشركة نقود » ً ا، كانت شركة أموال، وإن كان العمل للغير كانت شركة أعمال شركة صنائع وتسمى أيض ً ا شركة أبدان. وتسمى كذلك شركة التقبل؛ لأن أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٨٢  ٣ شركة العقد، وتكون بالاتفاق بين اثنين فأكثر على اقتسام الأرباح والخسائر، وهي ثلاثة: شركة بالمال، وشركة بالأعمال، وشركة وجوه، وكل واحد منها قد يكون عنان أو مفاوضة.  وهذا المعنى الأخير هو الذي يشكل موضوع هذه ا لدراسة. كذلك فالشركة قد تكون مدنية (إذا مارست نشاط ً ا مدنيا كالاستغلال الزراعي) أو تجارية (عند ممارستها لنشاط تجاري). وإن كانت التفرقة بينهما قد تأثرت كثيرا ً في قوانين بعض الدول، ومنها القانون المصري الجديد (لعام ١٩٩٩ ) والذي بسط الصفة التجارية على الشركات المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالشركات أيا كان الغرض الذي أنشئت الشركة من أجله، مما يشمل شركات التضامن، والتوصية البسيطة، والشركة ذات المسؤولية المحدودة، وشركة المساهمة، وشركة التوصية بالأسهم. ووفق ً ا لهذا الضابط الجديد تعتبر الشركة ذات المسؤولية المحدودة مثلا ً شركة تجارية حتى ولو كان موضوع نشاطها وغرضها الرئيسي القيام بعمل من طبيعة مدنية، كالاستغلال الزراعي أو ممارسة نشاط مهني أو حرفي. وحتى ولو كان الشركاء فيها حرفيين أو مهنيين وليسوا بتجار. ولا يشتمل النص السابق شركة المحاصة لأنها لا تتمتع بالشخصية ا لقانونية(١) . التقبل قد يكون ممن لا يقدر على القيام بأي عمل للغير سوى التقبل نفسه، ومع ذلك تحصل به هذه الشركة؛ لأنه ملزم لشريكه القادر، فهما شريكان بالتقبل. أما إذا كان ما تقوم الشركة عليه ما للشريكين أو للشركاء من وجاهة عند الناس ومنزلة تصلح للاستغلال، فالشركة شركة وجوه، ولعدم رأس المال فيها، وغلبة وقوعها بين المعدمين . ذات المرجع، ص ٢٨٠ « تسمى: شركة المفاليس والشركة الاختيارية تكون بشراء أو هبة أو وصية أو خلط لأموال الشركاء برضاهم. أما الشركة الجبرية فتكون بغير اختيار (كما في حالة ا لميراث). راجع أيضا بخصوص أنواع ا لشركات: ً محمد قدري باشا: مرشد الحيران، ص ١٤١ وما بعدها؛ الشيخ علي الخفيف: أحكام المعاملات . الشرعية، ص ٤٨٩ ٤٩٢ ، ابن جزي: قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية، ص ٢٩٠(١) د. علي قاسم: قانون الأعمال، ج ٢، الشركات، ص ٢٨ ٣٢ . وتوجد ثمة فوارق بين الشركات التجارية والمدنية: فالشركات التجارية تكتسب صفة التاجر، بينما الشركة المدنية تخضع الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٨٣ وبخصوص التفرقة بين الشركات التجارية والشركات المدنية، قيل: والفقه الإسلامي لا يعرف هذه القسمة ولا يفرق بين شركات مدنية وأخرى » تجارية، والاصطلاح الشرعي يقضي بأن أعمال الشركات أعمال تتناولها التجارة، إذ التجارة في عرف الشريعة عبارة عن البيع والشراء والمبادلة لاستجلاب الربح « في أي عمل من ا لأعمال(١) . وإن كنا نعتقد أن هذا القول لا يجب الأخذية به على إطلاقه: فقد عرف فقهاء المسلمين التمييز بين العمل التجاري والعمل المدني، وذكروا أوجه فروق بينها، وهو ما يمكن أن ينسحب أيض ً ا على الشركة التجارية والشركة ا لمدنية. وفي الفقه ا لإباضي: تقع الشركة بصور متعددة، ففيها شركة التمليك، وشركة المنافع، » وشركة ا لأموال. للقانون المدني، والشركة التجارية يتم الاحتجاج بشخصيتها القانونية تجاه الغير بمجرد نشرها أو شهرها، بينما لم ينص المشرع على ذلك بالنسبة للشركة المدنية وبالتالي فيتم الاحتجاج بشخصيتها تجاه الغير بمجرد تأسيسها، ومسؤولية الشريك تختلف حسب نوع الشركة فهي تضامنية في شركات التضامن، ومحدودة في الشركات ذات المسؤولية المحدودة، بينما في الشركة المدنية مسؤولية الشريك شخصية بنسبة نصيبه من خسائر الشركة، والتضامن لا يفترض بين الشركاء، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك (ذات المرجع، ذات ا لموضع). (١) الشيخ علي الخفبف: الشركات في الفقه الإسلامي، ص ٩١ . راجع أيض ً ا د. عبد العزيز الخياط: . الشركات في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، ج ٢، ص ١٣٨ ليس عقد المزارعة » : وبخصوص المزارعة يوجد اتجاهان في الفقه الإسلامي. فثمة رأي يقرر غير متوفرة في بدء العقد حيث ينعقد إجارة في » لأن نية المشاركة « أو المساقاه من الشركة د. عبد العزيز الخياط: الشركات في الشريعة الإسلامية « الابتداء وتنعقد شركة في الانتهاء والقانون الوضعي، ج ١، ص ١٢٩ ١٣٠ ، الشيخ علي الخفيف: أحكام المعاملات الشرعية، بأن المزارعة » ص ٤٥٨ . والقول السابق هو مذهب الحنفية. أما المالكية والحنابلة فقد قالوا د. وليد الربيع: عقد المزارعة في الفقه الإسلامي، مجلة الشريعة والقانون، « نوع من الشركات . ٢٠٠٢ ، ص ١٥٨ ١٥٩ ، جامعة الأزهر، القاهرة، عدد ٢٤ ، ج ١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٨٤ وذكر أبو العباس أحمد الفرسطائي، أن الشركة تقع على نوعين: في الأموال، وفي غير ا لأموال. والشركة في غير الأموال تقع في الدين، وأمور الإسلام، وشركة النسب، والولاء، وغيرها. وفي الأموال تقع بفعل الشركاء، وبفعل بعضهم، وبغير فعلهم. فالشركة بفعلهم جميعا إن اتفقوا في السعي لكسب المال، وفيما يدخل ملكهم من جميع ً المباحات، إذا أحرزوها، والتجارات والغنائم. أما الشركة بفعل بعضهم، مثل جميع المكاسب من التجارة والأرباح، إذا شارك بعضهم غيره دون فعل منه. وأما الشركة بفعل غيرهم مثل الميراث والوصايا، والأموال الممتزجة بسبب خارجي، كالقمح والغنم والنقود، ولم يمكن تمييز نصيب كل واحد عن نصيب غيره. وجعل ابن بركة الشركة على أنواع ثلاثة: شركة المضاربة وشركة العنان « وشركة ا لمفاوضة(١) . وقسم القطب أطفيش في شرح النيل الشركة إلى ستة أقسام: شركة مضاربة، وشركة عنان، وشركة مفاوضة، وشركة أبدان، وشركة وجوه، وشركة جبر، وقال: « والثلاثة الأولى متفق عليها عند أصحابنا، ولو اختلفوا في بعض ا لشروط »(٢) . كذلك أشار فقهاء الإباضية إلى أنواع أخرى للشركة، منها: (١) من هذا الاتجاه ابن بركة: كتاب الجامع، ج ٢، ص ٣٨٠ ، ابن النظر: الدعائم، ص ٤٧٩ . ويضيف اتجاه آخر نوع رابع هو شركة الوجه (الذمم) ويقول أبو إسحاق إنها غير جائزة، راجع إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٢٩٢ ، سعيد الحارثي: نتائج الأقوال من معارج الآمال . ونثر مدارج الكمال، ج ٢، ص ٦٣(٢) ، معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٥٤٤ ٥٤٥ ؛ أطفيش: شرح النيل، ج ١٠ ، ص ٣٠٣ ٣٠٤ . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٦، ص ٩٠ ٩١ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٨٥ ١ شركة المنافع، وتكون كما سبق القول : في المباح دون ملك (كالماء والكلأ والنار). وتقع أيض ً والسابق إلى « من مسكن وطريق وغيره » ا في نحو ذلك الشيء أولى به من غيره، وإن تشاححوا اقترعوا عليه(١) . ٢ شركة الجبر، وهي على ما يبدو يعوزها عنصر التراضي، وجاء في معجم مصطلحات ا لإباضية(٢) : شركة الجبر: أن يشتري أحد تجار السوق شيئ » ً ا مع حضور غيره من التجار، فمن أراد من هؤلاء التجار أن يدخل معه شريك ً ا في ذلك أجبر التاجر الذي اشترى على قبوله شريك ً ا. الجبر جائز، والأصل في جوازه قضاء عمر .« ƒ وللجبر شروط: أولها : أن يكون الشراء بالسوق، فلو كان في بيت أو زقاق لم يجز. والثاني : أن يكون للتجارة، فلو كان للاقتناء أو الأكل أو السفر أو نحو ذلك لم يصح ا لجبر. والثالث: أن يكون بحضرة تجار آخرين من أهل ذلك البلد، يحضرون دون أن يتكلموا، فلو لم يحضر غيره من تجار البلد، أو حصلت مزايدة على السلعة لم يثبت حق ا لجبر. ٣ وتخص العلاقة « الشركة بلا عقد وحيازة الأب » يتحدث الإباضية عن بين الأب وأبنائه وفق ً ا لقوله ژ : أو ما يتمخض عن ذلك « أنت ومالك لأبيك » بعد وفاته(٣) . (١) معحم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ١٠١٢ ١٠١٣ ، الشيخ الفرسطائي: القسمة وأصول . الأراضين، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ٤١٤ ١٩٩٢ ، ص ٦٠ ُ (٢) . معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ١٧٣ ١٧٤(٣) انظر تفصيلات أكثر في البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٦، ص ١٢٢ وما بعدها. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٨٦ وندرس الشركات في الفقه الإباضي من ثلاث زوايا: - الشركات التقليدية: وهي شركات معروفة سلف ً ا وتعرض لها الفقهاء الأقدمون (وتشمل شركة العنان، وشركة الأبدان، وشركة المفاوضة، وشركة الوجوه، والمضاربة). - الشركات الحديثة: وهي شركات لم تظهر في عهد الفقهاء الأقدمين وإنما جاءت نتيجة لتطورات حديثة في التجارة، الدولية والداخلية. - الشركات المركبة أو المختلطة: (والتي تنشأ بين مسلم وغير مسلم). %A ا ? ا 5 ت ا  ا ونقصد بها الشركات التي تناولها بالدراسة والتحليل الفقهاء الأقدمون ومن جاء من بعدهم، وإن كان موقف المذاهب الإسلامية منها ليس واحد ً ا. فقد أجاز مالك شركة العنان والمفاوضة والأبدان، ومنع شركة الوجوه، وأجاز أبو حنيفة الأربعة، وأجاز الشافعي العنان خاصة(١) . (١) ابن جزي: قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية، ص ٢٩٠ . وبصورة أكثر تفصيلا ً ، قيل: شركة العنان جائزة بالاتفاق، وشركة المفاوضة جائزة عند أبي حنيفة ومالك، إلا أن أبا حنيفة »يخالف مالك ً ا في صورتها فيقول: المفاوضة أن يشترط الرجلان في جميع ما يملكانه من ذهب وورق ولا يبقى لواحد منهما شيء من هذين الجنسين إلا مثل ما لصاحبه فإذا زاد مال أحدهما على مال الآخر لم يصح حتى لو ورث أحدهما مالا ً بطلت الشركة لأن ماله زاد عل مال صاحبه، وكل ما ربحه أحدهما كان شركة بينهما، وكل ما ضمن أحدهما من غصب وغيره ضمنه الآخر، ومالك يقول: يجوز أن يزيد ماله على مال صاحبه ويكون الربح على قدر المالين وما ضمنه أحدهما مما هو لتجارتهما فبينهما. وأما الغصب ونحوه فلا، ولا فرق عند مالك بين أن يكون رأس مالهما عروضا أو دراهم ولا بين أن يكونا شريكين في كل ً ما يملكانه ويجعلانه للتجارة أو في بعض ماليهما، وسواء عنده اختلط مالهما حتى لا يتميز أحدهما عن الآخر أو كان متميز ً ا بعد أن يجمعاه وتصير أيديهما جميع ً ا عليه في الشركة، وأبو حنيفة قال: تصح الشركة وإن كان مال كل واحد منهما في يده وإن لم يجمعاه. ومذهب الشافعي وأحمد أن هذه الشركة باطلة: الباب الرابع: الشركا تف ي الفقه الإباضي ٨٧  نC. ا(١) : أ) أن يشترك الرجلان أو أكثر في شيء خاص يعن لهم، ويكون لكل » : وهي شريك عنان التصرف في بعض المال دون بعض، وهي تتضمن الوكالة دون « الكفالة(٢) . كذلك قيل: الشركة تعقد على أنواع، والصحيح ليس إلا شركة ا لعنان: » وهي أن يأذن أهل التوكيل والتوكل كل واحد (منهما) للآخر بالتصرف في « نصيبه من مال مشترك بينهما بشيوع أو خلط يتعذر معه ا لتمييز(٣) .  وشركة الأبدان جائزة عند مالك وأحمد في الصنائع إذا اشتركا في صنعة واحدة وعملا في موضع واحد وقال أبو حنيفة بجوازها، وإن اختلفت صناعتهما وافترق موضعاهما، وجوزها أحمد في كل شيء وشركة الوجوه جائزة عند أبي حنيفة وأحمد، وصورتها أن لا يكون لهما رأس مال ويقول أحدهما للآخر: اشتركنا على أن ما اشترى كل واحد منا في الذمة كان شركة والربح بيننا، ومذهب مالك والشافعي أنها باطلة. ولا يصح عند الشافعي إلا شركة العنان بشرط أن يكون رأس مالهما نوع ً ا واحد ً ا ويخلط كل حتى لا تتميز عين أحدهما من عين الآخر ولا تعرف، ولا يشترط تساوي قدر المالين، وإذا كان رأس مالهما متساويا واشترط أحدهما أن يكون له من الربح أكثر مما لصاحبه فالشركة فاسدة ً عند مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة يصح ذلك وإن كان المشترط لذلك أحدث في التجارة وأكثر عملا «ً . أبو عبد الله العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ١٥٩ ١٦٠(١) بكسر العين أخذ « وشهرت بشركة العنان » : يقول أطفيش ً ا من عنان فرسي الرهان، لأن الفارسين إذا استبقا عنان فرسيهما باستوائهما كاستواء الشريكين في ولاية الفسخ والتصرف واستحقاق الربح، وقيل: من عن الأمر إذا ظهر، لأن جوازها ظاهر، وقيل: من عن الأمر اعترض، لاعتراض الفسخ والتصرف وغيرهما لها. وشركة العنان أن يشتركا في شيء خاص دون سائر أموالهما، كأنه عن :« الصحاح » قال في لهما شيء فاشترياه مشتركين فيه، وكذا قال ابن السكيت في إصلاح ا لمنطق. وقال بعض شراح رسالة أبي زيد: وأما شركة العنان فمعناها: أن كل واحد منهما يشترط على صاحبه أن لا يشتغل بالصرف وحده، وهي بكسر العين وفتحها مأخوذة من عنان الفرس، وقيل: . أطفيش: شرح النيل، ج ١٠ ، ص ٣٨٨ « من عن إذا عرض، وهي من العقود الجائزة كالمفاوضة(٢) . معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٧٥٢(٣) قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ج ١، ص ٥٣٧ . وفي الفقه المالكي يجعل كل واحد من الشريكين مالا » قيل: إن شركة العنان هي أن ً ثم يخلطاه أو يجعلاه في أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٨٨ ويحكم شركة العنان القواعد ا لآتية: ١ شرط التساوي في المال المقدم من الشركاء (عدد ً ا وكمية ً وجنس ً ا): يقول الشماخي: وقد اتفقوا على جوازها إذا كانت أمثالا » ً من جنس واحد من الدنانير والدراهم، وإن كان مال أحدهم دنانير والآخر دراهم، فقد اختلف أصحابنا في ذلك على وجهين: منهم من رآه جائز ً ا ويرجع كل واحد منهم إلى رأس ماله ويأخذه إذا أراد المفاضلة ويقسمان الفضل، وقال بعض: إن هذا لا يجوز؛ لأن الشركة لا تكون إلا متساوية من جنس واحد، وما ذهب ذهب، وما حصل فلهما، وكذلك أيض ً ا تجوز بغير الدنانير والدراهم إذا كانت من جنس واحد، وتساوي ما لكل شريك إذا أحضراه، وكان مضبوط ً ا بالكيل والوزن، مثل الحبوب إذا كانت من جنس واحد متساوية في القدر والثمن وما « جرى هذا ا لمجرى(١) . ويضيف أيض ً ا: وفي الأثر: قلت: هل تجوز الشركة فيما لا يتساوى؛ مثل: الحيوان والثياب؟ » ومثل ذلك من الأمتعة التي لا تضبط لا بالكيل ولا بالوزن، قال: لا؛ فقد دل هذا من قولهم: إن من شرط هذه الشركة التساوي والجنس والخلطة، أعني: أن يحضر كل واحد منهما ماله، ويخلطاهما جميعا. ً ابن جزي: قوانين « صندوق واحد، ويتجرا به معا، ولا يستبد أحدهما بالتصرف دون الآخر ً . الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية، ص ٢٩٠ ﻮــﻋﺪﺗ ﺎــﻨﻟ ﻙﺍﺮﺘــﺷﻻﺎﺑ ﻱﻭﺎﺤﻟﺍ ﻱﻭﺎــﺴﺘﻠﻟ (١) ﻝﻮﻘﻳ:ﻢﻇﺎﻨﻟﺍ ﻥﺇﺔــﻴﻧﺎﻨﻌﻟﺍ ﻙﺍﺬــﻛ ﺲــﻨﺠﻟﺍﻭ ﻙﺎــﻨﻫ ﺪــﺣﺍﻭ ﺔــﺋﺎﻣﺪــﻟﺎﺧﻭ ﻊــﻓﺪﻳ ﺪــﻳﺯ  ﺎﻬــﺳﺎﻨﺟﺃﺪــﻋ ﺍ ﺪــﻗﺪﻬﻋ ﺍﺪﺣﻭ ﺪــﺤﺘﺗ ﻢــﻟ ﻥﺇ ﺔــﻴﻧﺎﻨﻋ ﻻﻭ راجع سالم السيابي: العقود المفصلة في الأحكام المؤصلة، وزارة التراث القومي والثقافة، . سلطنة عمان، ١٤٠٢ ١٩٨٢ ، ج ١، ص ١٦٥ ُ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٨٩ أما التساوي فلعلهم إنما ذهبوا إليه التفات ً ا إلى العمل؛ لأن العمل في الغائب لا يكون إلا متساويا، فإذا لم يكن بينهما على التساوي كان هناك غبن على ً .« أحدهما في ا لعمل ويضيف أيض ً ا: فإن لم يكن مالهما متساويا؛ مثل: إن كان رأس مال أحد الشريكين ألف » ً درهم، ورأس مال الآخر خمسمئة درهم، وشرطا أن الربح بينهما سواء فهما على شرطهما لقوله : ‰ المؤمنون على شروطهم إلا شرط » ً ا أحل حراما أو حرم ً ،« حلالا ً وقال بعض: إنما يقسمان على أموالهما؛ لأن الأرباح تابعة لرؤوس الأموال كالوضيعة، وعلى القول الأول: لعله إنما جعل لصاحبه جزءا من الربح ً لفضل عمله على عمله هو؛ لأن الناس يتفاوتون في العمل كما يتفاوتون في غير ذلك، ويكون ذلك الجزء من الربح مقابلا ً لفضل عمل صاحبه على عمله هو، ألا ترى إلى المضارب إنما استحق الجزء من الربح بالعمل لا غير، والله أعلم. « وإن لم يكن بينهما شرط؛ فالربح والوضيعة والدين على رؤوس ا لأموال(١) . وهكذا يكون الشماخي قد عالج كافة الفروض ا لخاصة: · بمبدأ التساوي في رأس ا لمال(٢) ، وإن كان قد عالج أيض ً ا مسألة عدم التساوي فيه وأجاز ذلك إن كان لأحد الشركاء فضل عمل عن ا لآخرين. · وبكيفية توزيع الريح وتحمل ا لخسارة. (١) . الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٤، ص ٨٠ ٨٣ (٢) انظر بخصوص اشتراط هذا المبدأ، معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٧٥٢ ، العوتبي: ولا تصح شركة العنان إلا بالتساوي سواء كان هذا » : كتاب الضياء، ج ١٨ ، ص ٩٤ ، كذلك قيل الاسم مأخوذ ً د. ماجد الكندي: الوجيز في فقه المعاملات ؛« ا من طريق الشرع أو طريق اللغة المالية عند الإباضية، ص ٣٦٤ (حيث يؤيد الاتجاه القائل بعدم اشتراط التساوي لأنه لا يوجد دليل يمنعه كما أن اشتراط التساوي يضيق مجال المشاركات ويعسر على الناس ا لأمر). أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٩٠ ونحن نرى أن الشركة عقد يستند في جوهره إلى التراضي، وبالتالي فإن التساوي أو عدم التساوي صحيح ما دام قد تم التراضي عليه. ٢ مدى جواز الشركة بالعقد أو بالخلط: يوجد خلاف عند الإباضية بخصوص جواز الشركة بالعقد أو بالخلط، يقول واختلف في الشركة الجائزة هل تلزم بالعقد وهو المشهور عند قوم أو » : أطفيشلا تلزم إلا بالخلط؟ وظاهر كلام غير واحد أنه المشهور، وجمع بعضهم فقال: من قال إنها لازمة بالعقد فمراده أن ليس لأحدهما الرجوع بعد العقد، ومن قال: « إنها جائزة فمراده أن الضمان لا يكون منهما حتى يحصل ا لخلط(١) . ويقول ا لبطاشي: ومن شرط شركة العنان خلط المالين حتى لا يتميز أحدهما ويقدم الخلط » « فيها على قولهما اشتركنا وعلى ا لإذن(٢) . حري بالذكر أن الفقه الحنفي وضع قاعدة:  ما كان إتلاف » ً ا أو تمليك ً ا بغير عوض من أحد شريكي العنان لا يجوز على « شريكه إلا أن ينص عليه(٣) . ان:  ب) الأ# بالأبدان » :( وهي شركة الأصل أن يكون الكسب فيها (كما يتضح من اسمها« لا بالدراهم(٤) . لذلك قيل(٥) : (١) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٠ ، ص ٣٨٩(٢) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٦، ص ١١٣(٣) مفتي الشام محمود حمزة: الفرائد البهية في القواعد والفوائد الفقهية دار الفكر دمشق، . ١٤٠٦ ١٩٨٦ ، ص ٢٣٨(٤) . السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ١ ٢، ص ٤٤٧(٥) وهي (أن يشتركا « شركة الأبدان » : معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٥٤٥ ٥٤٦ . كذلك قيل الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٩١ شركة الأبدان أن يتعاقد اثنان فأكثر لتقبل نوع من العمل وتكون الأجرة » بينهم بنسب معلومة. وفيها نوعان: - شركة مقيدة ببعض الأعمال، دون بعض. - شركة مطلقة، لم تقيد بذلك: كأن يتفقا على الاشتراك في أجرة ما يعملانه من أي نوع. أجاز أكثر الإباضية شركة الأبدان. ومن أجازها قيد الجواز بعدم تعدد الصنائع إلا إن تلازمت كتجهيز الغزل للنسيج لئلا يأخذ البعض ما لا يستحقون، على خلاف من يرى جواز ذلك. واختار ابن بركة فسادها، ووافقه الثميني في النيل؛ لأن الأفعال لا تقع فيها « المشاركة إنما تصح المشاركة في ا لأموال(١) . وفي الفقه المالكي، يقول ابن جزي إن شركة الأبدان تجوز بشرطين: فيما يكتسبان بأبدانهما) أي: يشتركان في كسبهما من صنائعهما فما رزق الله فهو بينهما (فما تقبله أحدهما من عمل يلزمهما فعله) ويطالبان به لأن شركة الأبدان لا تنعقد إلا على ذلك وتصح مع اختلاف الصنائع كقصار مع خياط ولكل واحد منهما طلب الأجرة وللمستأجر دفعها إلى أحدهما ومن تلفت بيده بغير تفريط لم يضمن. (وتصح) شركة الأبدان (في الاحتشاش والاحتطاب وسائر .« المباحات) كالثمار المأخوذة من الجبال والمعادن والتلصص على دار ا لحرب أبو النجا الحجاوي: الروض المربع للبهوتي، ص ٢٩٩ ٣٠٠ راجع أيض ً ا البطاشي: غاية . المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٦، ص ١٢٠ ١٢١ (١) اختلف أصحابنا في شركة الأبدان على قولين: فأكثرهم أجازها وبعضهم لم » : يقول ابن بركة يجوز ذلك، وهذا الاختلاف واقع بين مخالفينا أيض ً ا، فالنظر يوجب عندي فساد ذلك؛ لأن الأفعال لا تقع فيها المشاركة، لأن الشركة إنما تصح ويمكن للحاكم أن يحكم بجوازها إذا كانت في أعيان الأموال، فأما في مال وعمل بدن فغير ممكن أن يحكم بجوازه والله أعلم. ومن ذهب إلى جواز ذلك من أصحابنا فأظنهم يرون جوازه من طريق القياس على مشاركة ابن بركة: كتاب الجامع، ج ٢، ص ٣٦٧ ؛ العوتبي: كتاب « المضاربة والمساقاة في الأموال الضياء، ج ١٨ ، ص ٨٦ ؛ أطفيش: شرح النيل، ج ١٠ ، ص ٤١٨ ٤١٩ ؛ الشماخي: كتاب الإيضاح، . ج ٤، ص ٩٥ ٩٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٩٢ أحدهما اتفاق الصناعة كخياطين وحدادين، ولا تجوز مع اختلاف الصناعة » كخياطين ونجار. والشرط الثاني: اتفاق المكان الذي يعملان فيه، فإن كانا في موضعين لم يجز، خلاف ً ا لأبي حنيفة في الشرطين. وإذا كان لأحدهما العمل دون « الآخر، فإن كانت تافهة ألغاها، وإن كانت لها خطر اكترى حصته منها(١) . وبخصوص شركة الأبدان، يقول ا لناظم(٢) : ﺪــﻌﺑ ﺔــﻴﻧﺎﻨﻌﻟﺍ ﻢــﻬﻌﻣﺔــﻴﻓﺎﺟ ﺔﻛﺮــﺷﻭ ﻥﺍﺪــﺑﻷﺍ ﻲــﻬﻓﺔﻴﻧﺎﺜﻟﺍ ﻢﻬﻀﻌﺑﻭ ﻊــﻣ ﺯﺍﻮﺠﻟﺍ ﺪــﻗﻊﻗﻭ ﻒــﻠﺘﺨﻣ ﺎــﻬﻴﻓ ﻢــﻬﻀﻌﺒﻓﻊــﻨﻣ ﻥﻮﻜﻳ ﻲــﻓ ﻝﺍﻮﻣﻷﺍ ﺔــﻄﻠﺧﺎﻤﻨﻟﺍ ﻥﻮــﻌﻧﺎﻤﻟﺎﻓ ﻻ ﻥﻭﺮــﻳ ﺮــﻴﻏﺎــﻣ ﻲــﻫﻭ ﺓﺭﺎــﺒﻋ ﻦــﻋﻥﺎــﺴﻧﻹﺍ ﻻ ﻪــﺟﻭ ﺔﻛﺮـــﺸﻠﻟ ﻲــﻓﻥﺍﺪﺑﻷﺍ ﻊﻣ ﺀﻻﺆــﻫ ﺢﺻ ﺍﺬﻫ ﻲــﻓﺮﻈﻨﻟﺍ ﺫﺇ ﺔﻛﺮــﺷ ﻥﺍﺪــﺑﻷﺍ ﺐﺟﻮﺗﺭﺮﻐﻟﺍ ﺍﺮــﻈﻧﺎﻓ ﻲــﻠﻋ ﻪــﻟﺎﻨﻳ ﺎــﻤﻣ ﺫﺇ ﺎــﻤﺑﺭ ﻝﺎــﻧ ﺪﻴﻌــﺳ ﺮــﺜﻛﺃ ﻢﻬﺘﻛﺮﺷ ﻲﻓ ﻢﻨﻐﻟﺍ ﻦﻴﺣﺍﻭﺮـﺼﺘﻧﺍ ﺍﻭﺮــﺒﺘﻋﺍ ﺯﺍﻮــﺠﻟﺎﺑ ﻥﻮــﻠﺋﺎﻘﻟﺍﻭ ﻻﻭ ﻱﻭﺎــﺴﺗ ﺎــﻫ ﺎﻨﻫﺎﻛﺮـــﺸﻠﻟ ﻢﻬﻠﻜﻓ ﻲــﻓ ﻢﻨﻐﻟﺍ ﺍﻭﺭﺎﺻﺎﻛﺮــﺷ ﻮــﻫﻭ ﻰــﻠﻋ ﺐﺗﺍﺮﻣ ﻢــﻟﻞﻬﺠﻳ ﺪﻗ ﺍﻮﻘﺤﺘــﺳﺍ ﻢــﻨﻐﻟﺍ ﻱﺃﻞﻤﻌﻟﺎﺑ ﻲﻓ ﻡﻮﻳ ﺭﺪــﺑ ﺪﻗ ﻩﺎﻜﺣ ﻦﻣﻰﻜﺣ ﻥﺃ ﻦﺑﺍ ﺩﻮﻌــﺴﻣ ﺪﻌــﺳﻭﺎﻛﺮﺘﺷﺍ ﻥﺎﻜــﻓ ﺔــﺠﺣ ﺢــﻳﺰﺗ ﺍﺮــﻜﻨﻟﺍ ﻢــﻟ ﺮــﻜﻨﻳ ﻲــﺒﻨﻟﺍ ﻙﺍﺫﺮــﻣﻷﺍ (٣) : & و( ج) ا في الفقه الإباضي قيل إن: شركة المفاوضة أن يتخلى كل واحد عما يملكه شراكة بينهما وكل واحد » مفوض الثاني في المتاجرة لنيل الأرباح والهدايا وإذا كان التفاوض بينهما ومال (١) . ابن جزي: قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية، ص ٢٩٠(٢) . سالم السياني: العقود المفصلة في الأحكام المؤصلة، ج ١، ص ١٦٦ ١٦٧(٣) اختلف الفقهاء بخصوص هذه ا لشركة: الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٩٣ أحدهما أكثر من الثاني فلكل واحد ماله والربح في المتاجرة بينهما نصفان ويروى هذا للإمام الربيع وصححه شيخنا صاحب السلك وقال بعض الأرباح لكل واحد على مقدار أصوله وهذا أيض ً « ا جميل وأبرد للقلب(١) . إن لم تكن شركة المفاوضة باطلة فما » : فقد ذهب الإمام الشافعي إلى أنها باطلة، بل قال أعلم شيئ ً ا باطلا «ً ابن تيمية: القواعد النورانية الفقهية، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، . ص ٤٤ وبالنسبة للمذاهب ا لأخرى: · شركة المفاوضة أن تكون في جميع التجارات لا يختص أحدهما » : ففي المذهب الحنفي بتجارة دون صاحبه، وأن ما لزم أحدهما من حقوق ما يتجران فيه لزم الآخر، وما يجب لكل واحد منهما يجب للآخر، ويكون كل واحد منهما فيما يجب لصاحبه بمنزلة الوكيل له، وفيما يجب عليه بمنزلة الكفيل عنه ويتساويان في رأس المال وفي الربح، فإن تفاوتا في شيء من ذلك تكون عنان ً مفتي الشام محمود حمزة: الفرائد البهية في القواعد والفوائد الفقهية، « ا . ص ٢٣٩ · المفاوضة أن يفوض كل واحد منهما التصرف للآخر في حضوره وغيبته، » : وعند المالكية ويلزمه كل ما يعمله شريكه، ومنع الشافعي شركة المفاوضة، واشترط أبو حنيفة فيها تساوي رؤوس الأموال، ويجب في شركة الأموال أن يكون الربح بينهما على حسب نصيب كل واحد منهما من المال، ولا يجوز أن يشترط أحدهما من الربح أكثر من المال، خلاف ً ا لأبي حنيفة، وما فعله أحد الشريكين من معروف فهو في نصيبه خاصة، إلا أن يكون مما ترجى به منفعة ابن جزي: قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع « في التجارة، كضيافة التجار وشبه ذلك . الفقهية، ص ٢٩٠ · وهي: (أن يفوض كل منهما إلى صاحبه كل تصرف مالي « شركة المفاوضة » : وعند الحنابلة وبدني من أنواع الشركة) بيعا وشراء ومضاربة وتوكيلا ً وابتياع ً ا في الذمة ومسافرة بالمال ً وارتهان ً ا وضمان ما يرى من الأعمال أو يشتركا في كل ما يثبت لهما وعليهما فتصح (والربح على ما شرطاه والوضيعة بقدر المال) لما سبق في العنان (فإن أدخلا فيها كسبا أو غرامة ً نادرين) كوجدان لقطة أو ركاز أو ميراث أو أرش جناية (أو) ما يلزم أحدهما من ضمان « (غصب أو نحوه فسدت) لكثرة الغرر فيها لأنها تضمنت كفالة وغيرها مما لا يقتضيه العقد . أبو النجا الحجاوي: الروض المربع للبهوتي، ص ٣٠٠ (١)المفاوضة لغة: من » : أبو سرور الجامعي: الوحدة الإسلامية، ج ٣، ص ٣٤ ٣٥ . كذلك قيل الفوض وهو التداخل والتمازج، وكأن كل شريك قد فاض بماله على صاحبه. وقيل: من التفويض، فكل منهما فوض الأمر لصاحبه. واصطلاحا: شركة المفاوضة من شركات ً الأشخاص التي يشترك فيها رجلان أو أكثر في رأس المال والربح وجميع ا لتصرفات. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٩٤ أما الشماخي ف يقول: وشركة المفاوضة: هو أن يكون مال كل واحد منهما مثل مال صاحبه في » الإباحة له، وإن كانت فائدة من ربح أو هدية فهي بينهما إلا الميراث فإنها لا تدخل في ذلك باتفاق؛ لأن الميراث ليس من كسبهما، وكذلك الدية والمهر لا تدخل في ذلك، والمأخوذ اسم المفاوضة من أفاض كل واحد منهما لصاحبه بما عنده، كما يقال للرجلين إذا اشتركا في الحديث: متفاوضان. وفي الأثر: وإذا اشترك الرجلان شركة مفاوضة ولأحدهما ألف درهم وللآخر أكثر من ذلك؛ فإن ابن عبد العزيز يقول: ليست هذه بمفاوضة، وبه نأخذ. وكان الربيع يقول: هذه مفاوضة، والمال بينهما نصفان، فهؤلاء يدل قولهم أنها تجري عندهم مجرى البيع، فكأن كل واحد منهما باع جزءا من ماله بجزء من مال ً « شريكه ويقع هذا في جميع أنواع الممتلكات على هذا ا لقول(١) . ونلاحظ على شركة المفاوضة عند الإباضية، ما يلي:١ إذا اختلف نصيب كل شريك في رأس المال، فإن ثمة اتجاهين عند ا لإباضية. وهكذا جاء في ا لمدونة: وإذا اشترك الرجلان في شركة مفاوضة، ولأحدهما ألف درهم، وللآخر أكثر » من ذلك. فإن ابن عبد العزيز كان يقول: ليست هذه مفاوضة؛ وبه نأخذ. « وكان الربيع يقول: هذه مفاوضة، والمال بينهما نصفان(٢) . وحكمها الجواز للبراءة الأصلية. وشروطها التساوي في رأس المال عند عبد الله بن عبد العزيز، وبه أخذ القطب أطفيش. خلاف ً ا للربيع بن حبيب والثميني وغيرهما فلم يشترطوه. واشترط الجميع التساوي في الربح، وما يشبهه من هدية إلا الميراث كما لا يدخل في شركة المفاوضة . معجم مصطلحات الإباضية ج ٢، ص ٨٢٠ « الصداق ولا الدية (١) . الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٤، ص ٨٦ ٨٨(٢) . مدونة أبي غانم الخراساني ملحق بها كتاب ابن عباد وكتاب الربا، ص ٦٠٥ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٩٥ ٢ كذلك اختلف فقهاء المذهب في الشركة ذاتها، فمنهم من أجازها، ومنهم من منعها، ومنهم من قال: إنها شركة فاسدة(١) . ٣ شركة المفاوضة تختلف عن شركة العنان، يقول ا لعوتبي: وشركة المفاوضة أن يكون الشريكان قد اشتركا في كل ما يملكانه، وأما » « شركة العنان فهي في شيء بعينه(٢) . ٤ يذكر أطفيش أن لصحة المفاوضة شروط: »الأول: أن يكون المال الذي يعمل فيه ذهبا من الجانبين، أو ورق كذلك، أو ً ذهبا أو ورق ً ا من جانب ومن الآخر كذلك، أو ذهبا من جانب وعرضا من الآخر، ً ًً أو عرضا من الجانبين، سواء كان من جنس العرض الآخر أو لا، فلا يجوز أن ً يكون من جانب ذهبا ومن الآخر ورق ً ا على المشهور، لأنه صرف وشركة وذلك ً ممنوع، أما صحة الذهب والورق من كل جانب منهما فيشترط استواء المقدارين والصنفين، وأما صحة بالعين من جانب والعرض من جانب فهو مذهب المدونة، وأن صحتها بالعرضين، فأما في حالة الاتفاق فبالاتفاق وأما في حالة الاختلاف فعلى المشهور من الخلاف، لأن رأس المال ما قوم به العرض فلا مانع. الشرط الثاني: أن لا يكون رأس المال طعاما من الجانبين، فإن كان رأس ً المال طعام ا من الجانبين لم يجز لأنه يلزم من الجواز بيع الطعام قبل قبضه، لأن ً كل واحد منهما قد باع نصف طعامه بنصف طعام الآخر، فإن باع أحدهما هذا الطعام على الشركة فقد باع ما اشتراه قبل قبضه، لأن يد الآخر جائلة فيه. (١) فالشارع الذي منع الغرر والجهالة في صنوف أدنى من هذا » : يعلق رأي على الغرر فيها بقوله لحقيق بأن يمنع هذه ويكتنفها من الجهالة والإفضاء إلى الخلف أمر كبير، على أنه مع د. ماجد الكندي: الوجيز في فقه « الخلاف فيها لم أجدها في شيء من النصوص الشرعية . المعاملات المالية عند الإباضية، ص ٣٦٥ ٣٦٦ (٢) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٨ ، ص ٩٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٩٦ الشرط الثالث: أن يكون الربح والخسران موزع ً ا على قدر المالين، فلو أخرج أحدهما ألف ً ا والآخر ألفين فالربح بينهما أثلاث ً ا، فلو شرط النصف فسدت وفسخ قبل العمل، وإن عملا رجع صاحب الألفين بفاضل الربح فيأخذ ثلثه، ويرجع « الآخر عليه بفاضل عمله فيأخذ سدس أجرة ا لمجموع(١) . ٥ بخصوص ديون الشركة بعد افتراق المتفاوضين، فالقاعدة عند الإباضية بمعنى أن للدائن أن يرجع على أي منهم، دون المرور « تضامن الشركاء » تطبيق بالآخرين. فالمسؤولية هنا شخصية وتضامنية. يقول ا لنزوي(٢) : في المتفاوضين يفترقان وعليهما دين؟ قال: لأصحاب الدين أن يأخذوا أيهما شاؤوا بجميع الدين، فإن أخذوا أحدهما فأدى شيئ ً ا لم يرجع بشيء حتى يؤدي أكثر من النصف، وإن أدى أكثر من النصف رجع على صاحبه بالفضل على ا لنصف. وينطبق ذلك أيض ً ا عند انقضاء الشركة بوفاة أحد الشركاء. فقد جاء في قال عبد الله بن عبد العزيز: المفاوضة لا تكون إلا في المال أجمع، » : المدونة قال: وتفسير المفاوضة في الشريكين أنهما إذا أقر أحدهما بشيء جاز على (١) وفي شركة المفاوضة أربعة أقسام » : أطفيش: شرح النيل، ج ١٠ ، ص ٤٠٠ ٤٠٣ . ويقول العوتبيأحدها: أن يخرج هذا ألف ً ا طرية وهذا خمسمائة طرية يخلطانها أن الربح بينهما والخسران على قدر رأس المال فذلك جائز، والثاني: أن تكون المسألة بحالها ولكن يشترطان أن الربح بينهما نصفين فهذا شرط باطل وشركة فاسدة، ومتى ربحا أو خسرا فهو بينهما على قدر المالين. والثالث: أن يستويا في رؤوس الأموال ويشترطا تفاضلا ً في الربح ففاسد، والرابع: أن يخرج هذا الدراهم طرية وهذا سواد أو هذا صحاح ً ا وهذا مكسرة فهذه فاسدة أيض ً ا، وأي ربح . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٨ ، ص ٩٥ « حصل لهما وخسران قسم على قيم رؤوس أموالهما (٢) النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ٩٣ ٩٤ ؛ أطفيش: شرح النيل، ج ٩، ص ٤١٨ ، الشيخ أبو زكريا: ، كتاب الإيضاح في الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ١٩٨٤ ، ج ٢ ُ ؛ ص ٣٠ ، ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ ، ص ١٢٢ ؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ٢٥ . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٣٦٠ الباب الرابع: الشركا تف ي الفقه الإباضي ٩٧ صاحبه، وإن باع أحدهما سلعة دون صاحبه؛ وكان صاحبه غائبا جازت عليه ً خصومته، وإن ادعى أحد على الغائب شيئ ً ا لزم الشاهد منهما ما لزم الغائب إذا قامت البينة، وإن مات أحدهما انقطعت الشركة، ويؤخذ الباقي منهما بما « على ا لميت(١) . ٦ استناد ً ا إلى أن شركة المفاوضة أن يبيح كل لصاحبه ماله فيتجر به ويأكل منه ويركب ويلبس ويكون ملك ً ا له، وكذا فائدته، قيل: قال القطب » 5 فهذا بناء على أن شركة المفاوضة تكون في الفائدة وأصل « ا(٢) الفائدة وهو ما تولدت منه الفائدة ولو كان عرض . ً تلكم أهم القواعد الحاكمة لشركة المفاوضة أو التفويض. يقول ا لناظم(٣) : أما التي تعرف بالمفاوضة بينهم أشبه بالمعاوضة زيد يفوضن فيما ملكا عمرا وعمرو هكذا فاشتركا ً هذا لهذا أعلن التفويضا وخلطا الطويل والعريضا يكون في حضوره وغيبته مفوضا فيه بحكم شركته يشمل ذاك كل ما قد ملكا حين بذاك يا أخي اشتركا وبعضهم يمنعها كالشافعي لما لديه من دليل مانع وهو انطلاق الاسم في اشتراك أموالهم بدون ما ارتباك فالربح فرع والفروع أصولها على الصحيح فاسمعوا ذلك يقضي أن كل أصل قاض على الفرع بحكم العدل أما بأن يشرط ربح ماله لذلك الشريك في أعماله فذاك لا يجوز عند العلما فإن فيه غررا تحتما ً (١) . ابن غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٢، ص ٥٠٢(٢) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٦، ص ١١٤(٣) . سالم السيابي: العقود المفصلة في الأحكام المؤصلة، ج ١، ص ١٦٧ ١٦٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٩٨ ه U د) ا ) ): Lc ا « الشركة بغير رأس مال » ويسميها النزوي(١) . وجاء في معجم مصطلحات الإباضية بخصوص شركة ا لوجه:  هي شركة الذمم؛ بأن يتفق الشخصان على الشراء في ذمتهما من غير مال » لهما ولا صنعة ويكون الربح بينهما. وقيل: هي بيع وجيه مال ضامن بجزء من ربحه. ومعناه: أن تكسد بضاعة شخص لخموله فيأتي للوجيه فيتفق معه أن يبيعها له على جزء من ربحها. والشركة بصورتيها ممنوعة؛ لأنها في الصورة الأولى من باب تحمل عني وأتحمل عنك، وذلك ضمان بجعل، وسلف جر منفعة، وفي الصورة الثانية إجارة مجهولة فيها تدليس على الغير؛ لأن كثيرا من الناس ترغب في الشراء من ً « الأملياء لاعتقادهم أنهم لا يتجرون إلا في الجيد وأن الفقراء على ا لعكس(٢) . وقد اختلف الفقهاء بخصوص هذه ا لشركة(٣) . حري بالذكر أن كل واحد من (١) أما شركة الوجوه، فهي أن يشتركا » : النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ٩٢ . كذلك يقول ابن جزي على غير مال ولا عمل، وهي الشركة على الذمم، بحيث إذا اشتريا شيئ ً ا كان في ذمتهما، وإذا باعاه اقتسما ربحه وهي غير جائزة، خلاف ً ابن جزي: قوانين الأحكام الشرعية « ا لأبي حنيفة . ومسائل الفروع الفقهية، ص ٢٩٠ (٢) . معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٥٤٧ (٣) وهو خلاف لخصه الناظم، بقوله: وشركة الوجوه بعض أبطلا وبعضهم جوزها وحللا وهذه الشركة شركة الذمم لا شركة الصنعة أمرها علم ولم تكن شركة مال فاعرفا لذاك قد أبطلها من عرفا أبطلها من قومنا أكابر كالشافعي وهو الفقيه الماهر ومالك أبطلها ولا خفا لم يروجها ثابت ً ا لها اعرفا أما أبو حنيفة أجازها ولم يكن في الحكم يوما ما زها ً والمانعون مطلق ً ا قد قرروا أصول الاشتراك فيما حرروا الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٩٩ الشركاء في هذه الشركة وكيل صاحبه وكفيل عنه بالثمن لأن مبناهما على « الوكالة والكفالة »(١) . : ر# e ) ا B ندرس المضاربة كنوع من أنواع الشركات، ولكننا نرى أنها عمل تجاري لا تتوافر فيه خصائص كثيرة لازمة لوجود ا لشركة. ١ ماهية ا لمضاربة: رب المال قد قطع للعامل » المضاربة في لغة أهل الحجاز، القراض، لأن .« قطعة من ماله فلأنهما متضاربان في ا لربح. » وأما المضاربة وقيل: كان أصلها أن العامل كان يضرب بها مسافرا في ا لأرض. ً « وقيل: إنها لا تحصل (تصلح) إلا بأن يضرب الآراء بعضها ببعض(٢) . ويمكن أن نجد أساسا للمضاربة في قوله تعالى: ﴿ LKJ ً QPONM ﴾[ [المزمل: ٢٠ فقد أباحت التجارة في كل صورها يرون الاشتراك في الأموال أو عمل من ساير الأعمال وها هنا ذلك معدوم فما معنى اشتراكهم تراه العلما والاشتراك أن يكن في الذمم أوجب طبعا غررا فلتفهم ًً . سالم السيابي: العقود المفصلة في الأحكام المؤصلة، ج ١، ص ١٧١ (١). أبو النجا الحجاوي: الروض المربع للبهوتي، ص ٢٩٦ (٢) حتى لا يلتبس الأمر » : النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ٩٧ . ويفضل رأي استخدام كلمة القراض على القارئ، وحتى لا يتجه ذهنه إلى المضاربات غير المشروعة التي كثيرا ما نسمع عنها ً د. يوسف قاسم: التعامل التجاري في ميزان الشريعة، دار « وخاصة في أسواق الأوراق المالية النهضة العربية، القاهرة، ١٤٠٦ ١٩٨٦ ، ص ١٥٠ . راجع أيضا مصطفى الهمشري: الأعمال ً . المصرفية والإسلام، مجمع البحوث الإسلامية، القاهرة، ١٤٠٥ ١٩٨٥ ، ص ١٢٣ ١٢٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٠٠ سواء كانت فردية أو عن طريق الاتفاق في صورة مضاربة، ومن ذلك أيض ً ا قوله تعالى ﴿ ÒÑÐÏ ﴾[ [النساء: ١٠١ كذلك ثبت المضاربة في الأحاديث ا لنبوية: - عن صهيب ƒ ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، » : أن النبي ژ قال رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف. « والمقارضة، وخلط البر بالشعير للبيت لا للبيع « وإنما كانت البركة في المقارضة لما في ذلك من انتفاع الناس بعضهم ببعض »(١) . وخلط البر بالشعير قوت ً ا لا للبيع لأنه قد يكون فيه غرر وغش. - وعن حكيم بن حزام ƒ أنه كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالا » ً مقارضة أن لا تجعل مالي في كبد رطبة ولا تحمله في بحر، ولا تنزل به في بطن مسيل، فإن فعلت شيئ ً رواه « ا من ذلك فقد ضمنت مالي الدارقطني ورجاله ثقات، وقال مالك في الموطأ عن العلاء بن إنه عمل في مال لعثمان على » : عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن جده ٰ وهو موقوف صحيح « أن الربح بينهما(٢) . وثبتت المضاربة أيض ً ا في سلوك ا لصحابة(٣) . (١) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ١٠٢ (٢) ذات المرجع، ذات ا لموضع. (٣) يقول الإمام مالك: خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب في جيش إلى العراق فلما قفلا مرا على »أبي موسى الأشعري وهو أمير البصرة. فرحب بهما وسهل. ثم قال: لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت. ثم قال: بلى، ها هنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين. فأسلفكماه فتبتاعان به متاع ً ا من متاع العراق، ثم تبيعانه بالمدينة، فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون الربح لكما. فقالا: وددنا ذلك ففعل وكتب إلى عمر بن الخطاب، أن يأخذ منهما المال، فلما قدما باعا فأربحا فلما دفعا ذلك إلى عمر، قال: أكل الجيش أسلفه مثل ً ما أسلفكما؟ قالا: لا. فقال عمر بن الخطاب: ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما. أديا المال وربحه. فأما عبد الله فسكت. وأما عبيد الله، فقال: ما ينبغي لك، يا أمير المؤمنين، هذا، لو نقص هذا الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٠١ وهكذا أجاز ا لنبي ژ : « المضاربة في ا لتجارة »(١) . وبالتالي، فلولا الاتفاق على جوازها لم تجز لأنها: « أجرة غير معلومة »(٢) . وكانت المضاربة (أو القراض) من النظم التي وجدت قبل الإسلام، وأقرها   الإسلام بشروط لعدم تعارضها مع تعاليمه. بل قال ابن حجر: إنه إجماع « لما جاز » صحيح أقره النبي ژ ولولا ذلك(٣) . وقيل: إن الرسول ژ وهو في شبابه وقبل زواجه بالسيدة خديجة # تعامل بهذه الشركة عندما تاجر في » « مالها(٤) . فقد « لا إجماع بلا نص » والراجح أن المضاربة لا ينطبق عليها قاعدة كان بعض ا لناس: يذكر مسائل فيها إجماع بلا نص كالمضاربة وليس كذلك، بل المضاربة »   كانت مشهورة بينهم في الجاهلية لا سيما قريش، فإن الأغلب بينهم كان التجارة، وكان أصحاب الأموال يدفعونها إلى العمال ورسول الله ژ قد سافر بمال غيره قبل النبوة كما سافر بمال خديجة، والعير التي كان فيها أبو سفيان كان أكثرها مضاربة مع أبي سفيان وغيره، فلما جاء الإسلام أقرها رسول الله ژ وكان أصحابه يسافرون بمال غيرهم مضاربة ولم ينه عن ذلك، والسنة: قوله وفعله وإقراره، فلما « ة(٥) أقرها كانت ثابتة بالسن . المال أو هلك لضمناه، فقال عمر: أدياه فسكت عبد الله، وراجعه عبيد الله، فقال رجل من جلساء عمر: يا أمير المؤمنين، لو جعلته قراضا، فقال عمر: قد جعلته قراضا. فأخذ عمر رأس ًً المال ونصف ربحه. وأخذ عبد الله وعبيد الله، ابنا عمر بن الخطاب، نصف ربح ا لمال. . راجع الإمام مالك: الموطأ، دار الشعب، القاهرة، ص ٤٢٧(١) . الرستاقي منهج الطالبين، ج ٧، ص ٣٤٠(٢) . النزوي: المصنف: ج ٢٥ ، ص ٩٦(٣) . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٣، ص ٢٣٣(٤) د. علي أحمد السالوس: الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية المعاصرة، دار الثقافة الدوحة، . مؤسسة الريان للنشر، بيروت، ١٤١٦ ١٩٩٦ ، ج ١، ص ١٣٤(٥) . ذات المرجع، ص ١٤٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٠٢ إحدى طرق استثمار المال » والمضاربة وسيلة من وسائل تنمية المال، فهي « وتنميته في الفقه ا لإسلامي(١) . وقد أكدت دار الإفتاء ا لمصرية: ١ عقد المضاربة جائز شرع ً ا بشرط ألا يتجاوز العاقدان حدوده. ٢ لمن بيده المال أن يتصرف فيه بجميع أنواع التصرف الجائزة شرع ً ا ويكون الربح بينهما على ما اتفقا عليه. ٣ المنصوص عليه شرع ً ا أن للوصي دفع مال اليتيم إلى من يعمل فيه مضاربة بطريق النيابة عن ا ليتيم(٢) . والمضاربة على نوعين: - مضاربة تقليدية (خصوصا التي تكون بين المضارب ورب ا لمال). ً - ومضاربة عن طريق إصدار سندات أو صكوك المضاربة لإنشاء مشاريع أو جهات إنتاج استثمارية (وهي البديل الشرعي لسندات القرض بفائدة). ٤) قرارا بشأن سندات /٥) وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم ٣٠ ً المقارضة (المضاربة) جاء فيه: سندات المقارضة: هي أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس مال القراض » (المضاربة) بإصدار صكوك ملكية برأس مال المضاربة، على أساس وحدات متساوية القيمة، ومسجلة بأسماء أصحابها، باعتبارهم يملكون حصصا في رأس ً .« مال المضاربة وما يتحول إليه، بنسبة ملكية كل منهم فيه (١) المرحوم الزميل العزيز أ. د. محمود بلال مهران: استثمار المال عن طريق المضاربة في الفقه الإسلامي، القاهرة، ١٤١١ ١٩٩٠ ، ص ٢٠٥ ، وقيل: إن المضاربة تعدو وسيلة من وسائل التعاون . د. علي جمعة: الكلم الطيب فتاوى عصرية، ج ٢، ص ١٩٥ « لأن الحاجة تدعو إليها » بين الناس ابن « تنمية العامل المال بالتجارة على جزء من الربح يتفقان عليه » كذلك قيل: إن القراض . عسكر البغدادي: إرشاد السالك إلى أشرف المسالك في فقه الإمام مالك، دار الفضيلة، ص ١٩٠ (٢) . الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، ج ٥ ٧، ص ٢٣٠٩ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٠٣ أن يدفع مالا » والقراض (أو المضاربة) هو ً إلى غيره ليتجر فيه بجزء من « الربح(١) . فهي إذن تتمثل في أمرين: أن يكون رأس المال لشخص (رب المال) والقراض جائز » : والعمل من جانب شخص آخر (المضارب). يقول ابن جزي مستثنى من الغرر والإجارة المجهولة، وإنما يجوز بستة شروط: (الأول): أن يكون رأس المال دنانير أو دراهم، فلا يجوز بالعروض وغيرها، واختلف في التبر ونقاد الذهب والفضة وفي الفلوس، فإن كان له دين على رجل لم يجز أن يدفعه له قرضا عند الجمهور، وكذلك إن كان له دين على آخر، فأمره بقبضة ليقارض به، ً (الثاني): أن يكون الجزء مسمى كالنصف، ولا يجوز أن يكون مجهولا، ً (الثالث): أن لا يضرب أجل العمل، خلاف ً ا لأبي حنيفة، (الرابع): أن لا ينضم إليه عقد آخر كالبيع وغيره، (الخامس): أن لا يحجر على العمل فيقصر على سلعة واحدة أو دكان. (السادس): أن لا يشترط أحدهما لنفسه شيئ ً ا ينفرد به من الربح، ويجوز أن يشترط العامل الربح كله، خلاف ً ا للشافعي، ولا يجوز أن يشترط الضمان على العامل، خلاف ً ا لأبي حنيفة، واختلف في اشتراط أحدهما على الآخر زكاة نصيبه « من ا لربح(٢) . (١) قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ج ٢، ص ٦٠٧ . كذلك قيل: إن الصنعاني: سبل السلام ج ٣، ص ١٠٢ . وقيل « معاملة العامل بنصيب من الربح » القراض هو اتفق الأئمة على جواز المضاربة وهي القراض بلغة أهل المدينة وهو أن يدفع إنسان » : أيضا ً إلى إنسان مالا ً ليتجر فيه والربح مشترك، فلو أعطاه سلعة وقال له: بعها واجعل ثمنها قراضا ً فهذا عند مالك والشافعي وأحمد قراض فاسد وقال أبو حنيفة هو قراض صحيح، واختلف في القراض بالفلوس فمنعه الأئمة، وأجازه أشهب وأبو يوسف إذا راجت، ولا يجوز القراض إلى مدة معلومة لا يفسحه قبلها أو على أنه إذا انتهت المدة يكون ممنوع ً ا من البيع والشراء عند مالك والشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة: يجوز ذلك، وإذا شرط رب المال على العامل أن لا يشتري إلا من فلان أو لا يبيع إلا من فلان كان القراض فاسد ً ا عند مالك والشافعي، أبو عبد الله العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، « وقال أبو حنيفة وأحمد: يصح . ص ١٧٥(٢) ابن جزي: قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية، ص ٢٨٨ . ويقول الشيخ علي وقد علمت أنها شركة في الربح وعلى ذلك لا بد فيها » : الخفيف بخصوص شركة المضاربة أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٠٤ وقد أخذ الإباضية بأقوال قريبة من ذلك: يدفع رجل إلى رجل مالا » فالمضاربة عندهم أن ً يتجر فيه وما كان فيه « من ربح، فللمضارب جزء منه ما اتفقا على ذلك(١) . قال أ بو إسحاق: ولا تكون مضاربة إلا بوجود خمس خصال: »أحدها: أن يدفع إلى أحد مالا ً يتجر فيه، الثاني: أن يشترط فيه المضارب جزءا من الربح، ً الثالث: أن يكون الدافع والمضارب جائزي الفعل والأمر، الرابع: أن يكون ذلك المال دراهم، أو دنانير، الخامس: أن لا يتعدى المضارب في ا لمال. قال: ولا تجوز المضاربة بالمتاع إلا في خصلة واحدة: وهو أن يدفع متاع ً ا إلى رجل يبيعه بدراهم أو دنانير، فإذا حصل ذلك كان مضاربة بينه وبين ذلك « على صفة المضاربة جاز ذلك(٢) . ﻝﻮﻘﻳﻭ ﻢﻇﺎﻨﻟﺍ ﺹﻮﺼﺨﺑﺔﺑﺭﺎﻀﻤﻟﺍ(٣): ﺏﺭﺎــﻀﻳ ﻩﺮــﻴﻐﻟ ﻪــﺑ ﻻﺎــﻣً ﻲــﻫﻭ ﻥﺃ ﻢﻠﺘــﺴﻳ ﺏﺭﺎــﻀﻤﻟﺍ ﻦــﻴﺒﻳ ﺲــﻤﺧ ﻭﺃ ﻊــﺑﺮﻛ ﻦــﻴﻌﻳ ﻪــﺤﺑﺭ ﻦــﻣ ﺀﺰــﺠﺑ ﺎــﻫﺮﻴﻏﻭ ﻦــﻣ ﺔــﻠﻤﺟﺩﻭﺩﺮــﻤﻟﺍ ﺩﻮــﻘﻨﻟﺎﺑ ﻥﻮــﻜﻳ ﺎــﻫﺯﺍﻮﺟ ﻰﻤــﺴﺗ ﺫﺇ ﺬــﺷ ﻻﺎــﻘﻣ ﻻﺇ ﻲﻓﻭ ﺽﻭﺮــﻌﻟﺍ ﻻ ﺯﻮــﺠﺗ ﺎﻤﺘﺣ ﺢــﺑﺮﻟﺍﻭ ﺎــﻤﻴﻓ ﺩﺍﺯ ﺪــﻌﺑ ﻦﻄﻓﺎﻓ ﻦــﻤﺜﻠﻟ ﺎــﻬﻌﻓﺍﺩ ﻦﻴﻤــﺴﻳ ﺭﺪــﻘﺑ ﺫﻮــﺧﺄﻤﻟﺍ ﺪــﻨﻋ ﻞــﻌﻔﻟﺍ ﻞــﻬﺠﻠﻟ ﺎــﻬﻌﻨﻤﻳ ﻦــﻣ ﻥﻷ ﺎــﻧﺮﻬﻈﻳ ﺔﻌﻠــﺴﻟﺍ ﺔــﻤﻴﻗﻭ ﺎــﻨﻴﻔﻨﻳ ﻦــﻴﻴﺒﺘﻟﺍ ﻚــﻟﺫﻭ من بيان نصيب كل من رب المال والمضارب، فلو جعل الربح كله لرب المال وعمل المضارب فيه مجان ً ا صح العقد وسمي حينئذ بضاعة والعامل مستبضع ً ا، ولو جعل الربح كله الشيخ علي الخفيف: أحكام المعاملات « للعامل كان العامل بذلك مقترضا للمال من صاحبه ً . الشرعية، ص ٤٩٤(١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٦ ، ص ٢٤٧ (٢). إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٤٠٣ ٤٠٤(٣) . السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ١ ٤، ص ٣٢٨ الباب الرابع: الشركا تف ي الفقه الإباضي ١٠٥ لو كان دفعها من الربا لما جوزه بذاك بعض العلما وحيث كان المنع للجهالة جوزه بعض بهذي الحالة وربح جزء منه مهما سمي فإنه منتقض في الحكم ُّ لأن ذاك الجزء وهو الباقي يكون كالقرض على الأعناق فكان قرضا جر نفعا فمنع وهو خلاف حكمه الذي شرع ًً   ٢ القواعد الحاكمة ل لمضاربة: لنا على المضاربة عند الإباضية الملاحظات ا لآتية: أولا ً إلا حتى يخلي بين المال والعامل فإن اشترى » أن المضاربة لا تصح « ا(١) أو باع والمال في قبض مالكه لم تصح المضاربة إجماع ً . ثانيا فعلا » أن المضاربة تفترض ً حدده الإمام السالمي، بقوله: « إيجابيا ماديا ً ولا تثبت المضاربة بالنية بل ولا بشرط التسليم بل لا تثبت إلا بدفع » الدراهم المعلومة القدر إلى المضارب على أن للدافع جزءا من الربح، ً وللمضارب جزءا آخر، وتصير الدراهم في يد المضارب أمانة ومسألة المضاربة ً « من جملة المستثنى من جملة تحريم ا لربا(٢) . ويقول ا لنزوي: والمضاربة لا تصح حتى يخلى بين المال وبين العامل، فإن اشترى أو باع » والمال في يد ا لمالك؟ « ا(٣) لم تصح المضاربة، ولا أعلم في ذلك ا ختلاف ً . (١) . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٩٨(٢) . السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين، ج ٤، ص ٨٦(٣) . النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ٩٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٠٦ ثالث ً ا أن المبدأ الحاكم للمضاربة هو عدم قابليتها للتحويل ابتداء أو انتهاء أو ما بين ذلك. فإن أريد لها أن تكون كذلك (أي: مضاربة) فيجب أن تكون كذلك بدءا واستمرارا وانتهاء . ً ًً يقول ا لصحاري: ولا يجوز تحويل القرض مضاربة ولا المضاربة قرضا والوديعة مضاربة فإن » ً فعلا ً « فهي على تأسيسها الأول حتى يقضيه منه ويرده إليه كما أراد(١) . ويقول ا لنزوي: وإن شرط عليه رب المال الضمان فباطل، وقيل: يكون قرضا له على » ً المضارب والربح له على المضارب بما ضمن، وقيل: إن تلف المال لزم المضارب المال بالشرط. وإن سلم فالربح بينهما على ما تشارطا عليه، والنظر يوجب ما قلنا إن الشرط باطل والمضاربة صحيحة، لأن رب المال لم يقصد إلى إقراضه إياه فيكون دين ً « ا عليه(٢) . رابعا: أن الربح وإن كان غير معلوم وقت المضاربة، إلا أنه لا يجوز أن ً يكفي أن نذكر هنا ما قيل: .« مجهول المجهول » يكون من أعطى رجلا » ً دراهم للمضاربة بجزء من الربح كنصف أو ثلث أو ربع فذلك جائز ولا مانع من الصحبة، وإنما الممنوع أن يكون له عدد معين كخمسين « أو مائة لأن هذا أمر مجهول لعله لا يحصل فيها ربح إلى هذا ا لقدر(٣) . وجاء في قاموس ا لشريعة: (١) . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ١٠٦(٢) . النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ٩٦(٣) . السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ١ ٢، ص ٢٥٦ ٢٥٧ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٠٧ ؛« ربح هذا النصف بعينه » أو ،« ربح هذه المائة بعينها » : وإن قال للمضارب » فقال من قال: إن هذه مضاربة فاسدة، وله أجر مثله. وإذا شرطا، الربح كله فهذه ؛« الربح كله لرب المال » : للمضارب؛ فهو للمال ضامن، وهذا دين. وإن قال بضاعة لرب المال، ولا ضمان على ا لمضارب. ومن غيره: قال: نعم، من كان له الربح كله، كان عليه الضمان؛ لقول النبي ژ : وإذا كان الربح لرب المال كله فهو ،« الربح بالضمان، والغلة بالضمان » « ماله، وللمضارب أجر مثله(١) . كذلك فالربح لا يجوز أخذه إلا بعد استيفاء رأس المال، تحت أي حال من ا لأحوال. وزعم أن رجلا » : فقد جاء في المدونة ً كان معه مال مضاربة فربح فيه، فمر على عامل فأخبره فقال العامل: أرني رأس مال صاحب المال، فلما فرق منه أعطاه رأس المال، فلما قدم أفتاه قتادة والحسن أن يقاسم الرجل الربح، وما ذهب فهو من رأس المال، فأتوا جابرا فسألوه فقال: لا ربح لك حتى توفي رأس ً « المال ثم يكون الربح فيما فضل، وما ذهب فهو ظلم ظلمته من ا لمال(٢) . (١) السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٦ ، ص ٢٤٧ . ويقول ا لبطاشي: ضمن المضارب رأس المال إن شرط الربح كله، وإن شرط الربح كله رب المال فالمال »بضاعة وهو ربحه لصاحبه ولا عناء للمضارب ولا ضمان عليه ولا مضاربة هناك. قال القطب 5 : وفي الديوان إن له عناءه والأول وهو شرط المضارب الربح كله حكمه حكم القرض وفسدت المضاربة إن شرط رب المال ضمان المال أو بعضه ورجعت قرضا ً فهو دين عليه والربح للمضارب كله ولو لم يشترط صاحب المال إلا ضمان بعض، وقيل: الربح بينهما كما اتفقا عليه والمضاربة صحيحة ولزمه الضمان كما شرط عليه رب المال والشرط صحيح، وقيل: الشرط فاسد، فإن نقص رأس المال لم يضمنه والمضاربة صحيحة البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، .« فإن كان ربح قسماه على ما عقدا عليه . ج ٦، ص ٩٥ . انظر أيضا الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، ج ٩، ص ٣٣٦٥ ً (٢) . مدونة أبي غانم الخراساني ملحق بها كتاب ابن عباد وكتاب الربا، ص ٦٥٥ ٦٥٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٠٨ خامسا بخصوص نفقة المضارب من المال، اختلفوا فيها: ً واختلف في نفقة المضارب من ا لمال: فقول: له نفقته بالمعروف، شرط أو لم يشرط. » وقول: لا نفقة له، إلا أن يشترطه. فإذا شرط نفقة، كانت له نفقة شار. وقول: إن شرط أو لم يشرط، فذلك مجهول، حتى يشترط شيئ ً ا معروف ً ا. وقول: إن كانت سنة البلدان له النفقة في المضاربات، فله النفقة، وإن لم ُ يكن كذلك، فلا شيء له، وله الوسط من ا لنفقة. وأما الكسوة: فإذا افترقا رد ما بقي منها، ووضع في المال إلا أن تطيب بذلك « نفس رب ا لمال(١) .  سادسا بخصوص الألفاظ التي يجب استخدامها لوجود المضاربة، فيبدو أن ً اتجاه ً ا كبيرا في الفقه الإباضي يتطلب استخدام ألفاظ بعينها. يقول ا لكندي: ً (١) الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٣٥٤ ، ويضيف ا لنزوي: واختلف أصحابنا في نفقة المضارب وكسوته إذا اشترطها على رب المال مما في يده: »فقال كثير منهم: إن الشرط ثابت وله ا لوسط. وقيل: الشرط باطل إلا أن يشترط شيئ ً ا معلوما. ً وأجمع مخالفوهم أن المضاربة تفسد ا لشرط. والنظر يوجب ذلك لأن ما يشترط المضارب لا يكون إلا في الربح، ولا يعلم يربح أو يخسر، راجع النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ١١٦ . وجاء في لباب « والأخذ من الأصول يوجب الضمان الآثار: وقيل في نفقة المضارب وكسوته على نفسه: وأما ما يعني المال من الكراء والإجراء وجميع »مؤنته فذلك من رأس المال وإن اشترط المضارب على صاحب المال أن نفقته منه فذلك له وكذلك كل ما اشترط من الكسوة وغيرها. وقول: إن كان المضارب يعمل بيده في المال فيكره أن يأخذ أجر ذلك. السيد .« وأما كراء المنزل والدابة إن كانت له فلا بأس أن يأخذ كراء ذلك كما يكون لغيره . مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ١٠ ، ص ١٣ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٠٩  والمضاربة لا تنعقد إلا بألفاظ، وألفاظها أن يقول: خذ هذا المال مضاربة أو » معاملة أو مفاوضة أو مقارضة على كذا وكذا، والمسلمون مجتمعون على صحة  « المضاربة بهذه ا لألفاظ(١) . ولما كانت المضاربة من العقود الرضائية، فإننا نعتقد أن المضاربة كغيرها من كثير من التصرفات لا يشترط فيها صيغة معينة. علة ذلك: ١ أن العبرة بالمقاصد والمعاني، لا الألفاظ والمباني. فما دام قصد المتعاقدين اتضح، فيستوي في هذا استخدام أي ألفاظ أخرى ولو كانت غير تلك المشار إليها أعلاه. ٢ أن المعول عليه هو جوهر أو ماهية الشيء، أما الاستناد إلى شكلية معينة يجب أن يلبسها التصرف القانوني ولا يتواجد بدونها، فهو أمر غير مقبول،  ويتعارض مع الشيء ذاته: والذي في جوهره يتواجد، لكن بخصوص لفظه أو شكله هو غير موجود. ٣ أن مما يؤيد ما ذكرناه أنه توجد ألفاظ وعبارات أخرى ناطقة بوجود  المضاربة رغم عدم استخدام الألفاظ المذكورة أعلاه: مثل أن يقول شخص تصرف في هذا المال والربح ٥٠ » : لشخص آخر٪ لي، ٥٠٪ لك والخسارة علي ،« أو يقول له: خذ هذا المال واعمل فيه على أن يكون لك من الربح ٣٠٪ والخسارة علي وباقي الربح لي . ٤ أنه لما كانت المضاربة عقد رضائي، فإنها تتواجد أيا كان اللفظ المستخدم الدال على أننا بصدد مضاربة(٢) . (١) الكندي: بيان الشرع، ج ٤٥ ، ص ١٢٦ ؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٦ ، ص ٢٥٥ ؛ العوتبي: . كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ١٤ ؛ النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ٩٦(٢) لا يشترط فيها إلا مجرد التراضي فقط على التعامل وقدر » : يقول الشوكاني بخصوص المضاربة الربح فإذا وقع ذلك فهذه المضاربة داخلة تحت قوله تعالى: ﴿ FED ﴾ وقد عرفناك في .« كتاب البيع وما فيه من الأبواب وما بعده أن هذا الاشتراط للألفاظ ليس عليه أثارة من علم أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١١٠ لذلك نرى أن خير من عبر عن هذه المسألة عند الإباضية هو الرستاقي، بقوله: والمضاربة لا تنعقد إلا بلفظ، وهو أن يقول رب المال: قد دفعت لك هذا » المال، أو يقول المضارب: قد أخذت هذا المال مضاربة، أو معاملة، أو مفاوضة « على كذا كذا، وهذه الألفاظ، وما خرج معناها من الكلام، جائز في ا لمضاربة(١) . وهذه الألفاظ، وما خرج معناها من الكلام، جائز في » ولا جرم أن عبارة تدل على عدم حصرها في ألفاظ بعينها، وإنما هي تحتمل ألفاظ « المضاربة ً ا أخرى ما دام معناها يعبر عن المراد: وجود مضاربة تم التراضي عليها. سابع ً ا: بخصوص إمكانية المضاربة في ا لعروض(٢) ، فقد ذهب اتجاه عريض عند الإباضية إلى أن: قد عرفناك غير مرة أن حكم هؤلاء على المعاملات بالفساد يرجع إلى فوات » : ويضيف أمور لفظية لا تقتضي خلل المعاملات، ولا يعلق بها حكم، فإذا حصل التراضي بين صاحب المال والعامل على أن يتصرف بماله على نصيب من الربح معلوم، فهذه مضاربة صحيحة، وإذا لم يحصل هذا فهي باطلة وجودها كعدمها، ولا وجه لجعل أمر ثالث بين .« الصحة والبطلان وإثبات أحكام له مخالفة للأحكام الكائنة في جانبي الصحة والبطلان .٢٣٨ ، الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٣، ص ٢٣٣ (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٣٤٠ ٣٤١(٢) المقارضة في العروض إنما تكون على أحد وجهين. إما أن يقول له صاحب » : يقول الإمام مالك العرض: خذ هذا العرض فبعه. فما خرج من ثمنه فاشتر به. وبع على وجه القراض. فقد اشترط ِ صاحب المال فضلا ً لنفسه. ومن بيع سلعته وما يكفيه من مؤونتها. أو يقول: اشتر بهذه السلعة وبع . فإذا فرغت فابتع لي مثل عرضي الذي دفعت إليك. فإن فضل شيء فهو بيني وبينك. ْ ولعل صاحب العرض أن يدفعه إلى العامل في زمن هو فيه نافق. كثير الثمن. ثم يرده العامل حين يرده وقد رخص. فيشتريه بثلث ثمنه. أو أقل من ذلك. فيكون العامل قد ربح نصف ما نقص من ثمن العرض. في حصته من الربح. أو يأخذ العرض في زمان ثمنه فيه قليل. فيعمل فيه حتى يكثر المال في يديه. ثم يغلو ذلك العرض ويرتفع ثمنه حين يرده. فيشتريه بكل ما في يديه. فيذهب عمله وعلاجه باطلا .ً فهذا غرو لا يصلح. فإن جهل ذلك. حتى يمضي. نظر إلى قدر أجر الذي دفع إليه القراض، في بيعه إياه، وعلاجه فيعطاه. ثم يكون المال قراضا. من يوم نض المال. واجتمع عين ً . الإمام مالك: الموطأ، ص ٤٣١ « ا. ويرد إلى قراض مثله الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١١١ « القراض لا يكون إلا في العين من الذهب والفضة، ولا يصلح بالعروض »(١) . ويستند هذا الاتجاه خصوصا إلى حجتين: ً ١ ما رواه الإمام أبو عبيدة عن جابر عن ابن عباس قال: قال رسول الله ژ : « لا شفعة إلا لشريك، ولا رهن إلا بقبض، ولا قراض إلا بعين »(٢) . ٢ ويعجبنا » : أن العروض يحدث فيها تقلبات في الأسعار. يقول الرستاقي « قول من لا يجيز العروض في المضاربة، لأن العروض تغلو وترخص(٣) . يقول ا لنزوي: وأما المضاربة فلا تجوز إلا بالدراهم والدنانير، وأما العروض مثل الحب » والتمر والثياب وما أشبه ذلك فليس تلك مضاربة، وإنما هي المتاممة، فإن سلم إليه عروضا على سبيل رأس المال فللمضارب عناه، فليس عليه خسران، ً ولا ربح له. وإن عقد عليه ثمن ً ا فقد قال من قال: إن الربح له وعليه ضمان المال، ولرب المال رأس ماله ولا ربح له. « وقال قوم: غير هذا(٤) . على أن الاتجاه السابق ليس هو الوحيد عند الإباضية، فهناك اتجاه آخر. وقد لخص البعض هذا الخلاف بقوله: اختلف فيما يكون به أساس المال مضاربة فقال من قال: لا يثبت ذلك » ولا يكون أحكامه أحكام المضاربة إلا بالدراهم والدنانير وسائر ذلك من (١) . ابن غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٢، ص ٥٠٧(٢) الإمام الربيع: الجامع الصحيح، كتاب البيوع، رقم ٥٨٧ . انظر أيض ً ا سعيد العبري: فقه الإمام . أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، رسالة ماجستير، الجامعة الأردنية، ١٤١١ ١٩٩١ ، ص ٩٩(٣) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٣٤٦(٤) . النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ١٠٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١١٢ الذهب والفضة والكسور وسائر الأمتعة فلا يكون أساس مال مضاربة، وقال من قال: تكون الدراهم والدنانير والذهب والفضة والكسور ولا يكون سائر ذلك من ا لأمتعة. وقال من قال: تكون المضاربة بالدراهم والدنانير والذهب والفضة وسائر ذلك من الأمتعة مما يدرك لها المثل ويحكم فيه بالمثل الحب والتمر والكيل والوزن والقطن وأشباه ذلك من جميع ما يدرك بالمثل في الأحكام ولا يرجع إلى القيمة والأمتعة لأنها تغلو وترخص. والدراهم والدنانير يجري عليه قيمة كل « شيء من الأمتعة، والذهب والفضة ولا يكون غيره قيمة له في ا لأحكام(١) . وهكذا فالمضاربة تفترض تحديد الربح لمن يقدم العمل كمقابل لرأس المال الذي يدفعه إليه صاحبه(٢) . (١) السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ١٠ ، ص ٢٠ وما بعدها. انظر أيض ً ، ا: الأصم: البصيرة، ج ١ ص ١٩ ؛ البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول ج ٦، ص ٩٣ ؛ السعدي: قاموس . الشريعة، ج ٥٦ ، ص ٢٦١ انظر كذلك الاتجاهين الموجودين في الفقة الإسلامي بخصوص المتاجرة بالعروض في . د. هشام يسري العربي: التيسير في المعاملات المالية، ص ٥٣٩ ٥٤٥ ولا خلاف في جوازه لكن يشترط أن يكون » :( ويقول السالمي بخصوص القراض (المضاربة بعين، والمراد بالعين ما ضرب من الدنانير أو الدراهم، وقيل: العين النقد، والحديث ينفي صحة القراض إلا في العين، فمن دفع في القراض سلعة فقد خالف أمر الشرع، والسلعة على ذمة صاحبها، والمقارض أمين فيها، وما تحصل منها فهو لصاحبها، وللمقارض فيها أجر . السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ٢٣٤ ٢٣٥ .« عنائه (٢) قيل: ويشترط في الربح شرطان: ١ أن يكون الربح معلوم القدر؛ أي: قدرا معلوما لكل واحد من العاقدين، فإن كان مجهولا » ً ًً فسد العقد، لأن الجهالة تفسد ا لعقد. ٢ أن يكون جزءا شائعا لا مقطوع ً ا، ومن الربح لا من رأس المال؛ أي: نسبة عشرية أو ًً مئوية، فإن كان مقطوع ً ا محدد ً ا كاشتراط مبلغ محدد ثابت، لم يصح الشرط، وفسدت المضاربة، لاحتمال ألا يربح المضارب إلا هذا القدر ا لمذكور. والربح جزء من ربح المضاربة، فلو شرط للعامل جزء من رأس المال، أو من الربح ورأس المال، فسدت المضاربة، لأن استحقاق العامل الربح بسبب جهده وعمله في تحريك رأس الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١١٣ ثامن ً ا المضاربة الصحيحة والمضاربة ا لفاسدة: المضاربة الصحيحة هي التي يتوافر فيها الشروط اللازمة. ويتحدث المضاربة الفاسدة: والقاعدة أن كل مضارب عمل في » الفقه الحنفي عن المضاربة الفاسدة وربح، كان الربح لرب المال وللمضارب أجر المثل وتفسد المضاربة بأشياء: منها: إذا شرط لأحدهما من الربح شيء خارج عن الشركة كمئة درهم. » ومنها: إذا شرط على المضارب ضمان ما هلك في يده. ومنها: إذا شرط عمل رب المال مع المضارب، وكذلك شرط وكيل رب المال عمل نفسه بخلاف الأب والجد والوصي إذا دفعوا مال الصغير، وشرطوا شيئ ً ا من الربح وعمل أنفسهم، فإنه يجوز ولا تفسد ا لمضاربة. ومنها: إذا دفع الأب أو الجد أو الوصي مال الصغير مضاربة وشرط عمل « الصغير فيها فإنها تفسد(١) .  ويقول ابن ن جيم: إذا فسدت كان للمضارب أجر مثله إن عمل، إلا في » ومن ألغاز .« الوصي يأخذ مال اليتيم مضاربة فاسدة فلا شيء له إذا عمل أي مضارب يغرم ما أنفقه من عنده؟ فقط إذا لم يبق في يده من » : ابن نجيم « مالها شيء(٢) . د. وهبة الزحيلي: المعاملات المالية المعاصرة، ص ١١١ . انظر أيضا « المال بالتجارة ونحوها ً . د. يوسف قاسم: التعامل التجاري في ميزان الشريعة، ص ١٥٨(١) مفتي الشام محمود حمزة: الفرائد البهية في القواعد والفوائد الفقهية، دار الفكر، دمشق، وأما إذا كان الاشتراط لا يرجع إلى الحفظ بل كان » : ١٤٠٦ ١٩٨٦ ، ص ١١٨ . ويقول الصنعاني يرجع إلى التجارة وذلك بأن ينهاه أن لا يشتري نوع ً ا معين ً ا ولا يبيع من فلان فإنه يصير الصنعاني: سبل السلام، « فضوليا إذا خالف فإن أجاز المالك نفذ البيع وإن لم يجز لم ينفذ . ج ٣، ص ١٠٤(٢) .٤٠٠ ، ابن نجيم: الأشباه والنظائر، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٧ ١٩٦٨ ، ص ٢٦٢ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١١٤ أما في الفقه الإباضي فالقاعدة هي أن: كل مضاربة فسدت من أولها أو بعد صحتها فالمال فيها وربحه لربه » « وللمضارب قدر عناءه ولو تلف المال أو خسر(١) للعامل في المضاربة » ؛ أي: أن « الفاسدة أجر المثل، والربح لرب ا لمال(٢) . وبخصوص المضاربة الصحيحة، قيل: المضاربة إذا كان أصلها صحيحا، وعقدتها صحيحة على ما يأمر به » ً المسلمون، ولم يخالف المضارب فيما يجب عليه في أمر المضاربة في أيدي الناس، وأراد صاحب الدراهم أخذ دراهمه بالربح من عند المضارب فلا يجوز ذلك، إذا غابت عين الدراهم لأنه لو أعطاه رأس ماله أعني: إذا أعطى المضارب من عنده من غير دراهم المضاربة وضاعت دراهم المضاربة فله أن يرجع يأخذها من عند الذي أعطاه إياها، ولا تجوز العطية أيض ً ا فيها، وهو أكثر القول فيما عندي، وقيل: إذا كانت حالة، وقبل أصحاب الديون للمعطي ثبتت، وقيل: حتى « يقبضها منهم إلا أن يحتالوا فيها بأمر من غير هذا(٣) . ٣ الشروط في عقد ا لمضاربة: الشروط في عقد المضاربة على أنواع، وهي: أولا :ً شروط صحيحة، وهي تلك التي تتفق ومقتضى العقد، ولا تحلل حراما ً أو تحرم حلالا ً (مثل عدم السفر بالمال إلى جهة معينة، أو عدم شراء سلعة معينة). (١) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٦، ص ١١٠ (٢) قال » : النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ٩٧ . ويضيف 5 : وهذا هو المشهور المختار، وقيل: ليس لصاحب المال رأس ماله والربح للمضارب، وإن لم يكن فلا عناء له إلا إذا غره صاحب المال، وقيل: رأس المال لربه والربح بينهما نصفان ولو اتفقا في العقد على غير النصف لبطلان العقد وبقاء الشركة بلا قيد وعلى القولين الآخرين لم يكن للمضارب شيء من العناء إن لم يربح أو تلف المال ولا يضمن المقارض إجماع ً ا إن لم يتعد ما حده رب المال أو ذات المرجع، ذات ا لموضع. « ما منعه الشرع منه (٣) . السيد مهنا بن خلفان لباب الآثار، ج ١٠ ، ص ٦١ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١١٥ ثانيا : شروط غير صحيحة، وهي التي تتعارض ومقتضى العقد، أو تحلل ً حراما أو تحرم حلالا ً (مثل اشتراط تقاسم الخسارة بين ا لطرفين). ً ثالث ًا : شروط مختلف عليها، وهي التي يعتبرها البعض صحيحة، بينما ينظر إليها البعض الآخر على أنها غير صحيحة (مثل اشتراط كون كل الربح للمضارب أو لرب المال، أو تأقيت ا لمضاربة)(١) . وقد تعرض فقهاء الإباضية لذكر الشروط في ا لمضاربة: · كان حكيم بن حزام يشترط على الرجل إذا أعطاه مالا ً مقارضة يضرب له به ويقول له: لا تجعل مالي في كبد رطبة، ولا تحمله في بحر ولا تنزل به بطن مسيل، فإن فعلت شيئ ً ا من ذلك فقد ضمنت مالي(٢) . · كذلك كان ابن عمر وغيره يقولون لمن يقارضه: إذا نقص المال أو هلك تضمنه، فيقول: نعم، فيعطيه. يبطل القراض بهذا الشرط، وللعامل أجرته بالعدول والمال » والمذهب أنه « في ضمانه إن نقص ضمنه(٣) . · وقيل: في المقارضة والشركة الوضعية على المال والربح على ما اصطلحوا عليه؛ ومن قاسم الربح فلا ضمان عليه(٤) . · ومن جابر بن زيد إلى عبد الملك بن المهلب: (١) راجع أيض ً ا د. محمود بلال مهران: استثمار المال عن طريق المضاربة في الفقه الإسلامي، . ص ٢١٣ ٢١٤ راجع الكندي: بيان الشرع، « ما يجوز للمضارب فعله » وقد خصص فقهاء الإباضية باب في . ج ٤٥ ، ص ١٣٥ ١٤٠ (٢) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٤، ص ١٠٩(٣) . ذات المرجع، ص ١١٠(٤) ذات المرجع، ذات ا لموضع. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١١٦ وأما الذي ذكرت من مال المضاربة يعطاه الرجل، هل للرجل صاحب المال أن يشترط عليه؟ فإن ابن عباس ينهى عن ذلك، إلا أن يقول له: لا تبرح بمالي ولا تخاطر به بحرا، فأما أن يقول: اشتر كذا وكذا ولا تشتر ً كذا وكذا فلا(١) . · وعن نفقة المضارب وكسوته، فقد ذكر ابن بركة الخلاف فيها إذا اشترطها المضارب على رب المال، فقال كثير من الفقهاء: إن الشرط ثابت، وله من ذلك الوسط من الكسوة والنفقة، وقال آخرون: إنه شرط باطل، إلا أن يشترط شيئ ً ا معلوما لكسوته ونفقته. ً وأيد ابن بركة قول من ذهب إلى فساد المضاربة بهذا الشرط، لأن النظر يوجب ذلك، إذ تخرج هذه النفقة من الربح، وهو أمر غير حاصل بعد، ولا يدري المضارب أيربح أم يخسر(٢) . · يشترط على رب المال أن يتجر في أجناس معلومة وفي » ولمن يضارب أن ضرب من التجارة معلومة وفي بلد معلوم وبلدان معلومة ولرب المال عليه مثل ا(٣) ذلك من الشرط وليس له أن يتعدى شرط ً ا رسم له فإن تعدى كان ضامن ً . · يخرج حيث شاء بتجارته إلا أن يحجر عليه رب المال » وللمضارب أن « فليس له أن يتعدى نهيه ولا يخالف شرطه في ذلك(٤) . (١) موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، ج ٢، ص ٩٥٤ : رسائل الإمام جابر بن زيد الأزدي، . تحقيق: د. فرحات الجعبيري، مكتبة مسقط، ١٢٣٢ ٢٠١٣ ، ص ١٥٤ ١٥٥(٢) . معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٦٢٣(٣) . الإمام ابن بركة: كتاب الجامع، ج ٢، ص ٣٦٩ وهكذا فلصاحب المال أن يطلق العنان للعامل بحيث يتجر بأي شيء، أو يحدد له ما يعجز .( فيه (الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى المعاملات ج ٣، ص ٢٣٤(٤) ، العوتبي: كتاب الضياء، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤١٥ ١٩٩٥ ، ج ١٧ ُ . ص ٥ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١١٧ · « شروط ا لمضاربة » أو ،« الشرط في المضاربة » : خصص الإباضية بابا عنوانه(١) . ً · المضارب إذا شرط عليه ضمان رأس المال، يبطل الشرط ولا ضمان عليه(٢) . · أكد فقهاء الإباضية عدم جواز شراء رب المال من مال المضاربة، لأن ذلك يساوي شراء الشخص ماله بماله(٣) . واستثنوا من ذلك حالة خلط مال أكثر من مضارب (فالأموال مختلطة)(٤) . والمضاربة قد تكون مطلقة من كل قيد (لكن في حدود الضوابط الشرعية) أو مقيدة من ناحية الموضوع (نوع التجارة) أو الأشخاص (التعامل مع أشخاص معينين) أو المكان (أي: من حيث النطاق الإقليمي) أو الزمان (أي: من حيث المدة: سنة أو عشرة مثلا (ً (٥) . (١) راجع النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ١٠٣ ؛ البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، . ج ٦ ص ٩٥(٢) . النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ذات المرجع، ص ١٠٥(٣) وهكذا بخصوص: ما يوجد في الدلائل عن الشيخ درويش بن جمعة فيمن أعطى أحد ً ا دراهم بالمضاربة بنصف الربح أو أقل أو أكثر أنه لا يجوز للمعطي أن يشتري من عند المعطي أن المال الذي في » ويوفيه ثمن ما أخذ، ما وجه ذلك؟ عرفنا. صدق الشيخ في ذلك ووجهه يد المضارب هو للدافع والمضارب أمين فيه، فإذا اشترى الدافع منه فهو قد اشترى من ماله ، جوابات الإمام السالمي، ج ٣ « ولا يصح أن يشتري الرجل ماله فهو في حكم من استرده . ص ٢٨٥ ؛ السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ١٠ ، ص ٧ (٤) . المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، ج ٣، ص ١٢٦ ٰ (٥) ولعل خير من عبر عن تصرفات المضارب، الشيخ علي الخفيف. ولأهمية رأيه نذكره لك: يجب أن يتقيد المضارب بما يقيده به رب المال كما قدمنا، وفيما عدا ذلك تكون تصرفاته »ثلاثة أنواع: ١ نوع يملكه بمقتضى عقد المضاربة وهو ما تتناوله أعمال التجارة عادة فيملك البيع والشراء بأجل متعارف وبغير أجل، غاية الأمر أنه يمتنع عليه الغبن الفاحش، فإذا فعل فاشترى به مثلا ً نفذ الشراء عليه ولم يكن للمضاربة، وكذلك إذا باع مال المضاربة بغبن فاحش لم ينفذ عند الصاحبين خلاف ً ا للإمام كما تقدم في الوكيل، ويملك كذلك التوكيل بهما والسفر بالمال ودفعه بضاعة وإيداعه ورهنه وإجارته. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١١٨ يقول ا لبطاشي: ولكل من صاحب المال والمضارب اشتراط تجر في جنس » كالثمر والزبيب أو البر أو الشعير أو نحو ذلك أو الغنم أو الإبل أو البقر أو نوع ما يتجر به كتمر بلد كذا أو تمر بلد معين أو زمان معين كالربيع والصيف أو نفي المؤمنون » : المضاربة تلك الأشياء لأنه شرط حلال معروف، وقد ثبت عنه ژ على شروطهم إلا شرط ً ،« ا أحل حراما أو حرم حلالا ً ولا يجوز اشتراط جنس ً واحد، وإن شرط عليه صح القراض، ولم يلزم التجر في واحد بل في كل ما يطمع فيه الربح لأن التجارة لا تكون في سلعة واحدة ويعظم الغرر بذلك وصحح ضمان رأس المال على المضارب إن تلف إن حجر عليه بلد أو زمان أو « جنس مخالف(١) . والمضاربة قد تكون علاقة بين جانبين (أي بين اثنين: رب المال والمضارب) وتعرف أيض ً ا باسم المضاربة الخاصة، وقد تكون جماعية (وأقل الجمع ثلاثة) ٢ ونوع لا يملكه إلا إذا قيل له في عقد المضاربة: اعمل برأيك وهو ما يحتمل أن يلحق بأعمال التجارة وذلك كإعطاء مال المضاربة لشخص ثالث على أن يضارب فيه أو جعله رأس مال لشركة. فإذا أعطاه مضاربة في هذه الحال صح وكأن لرب رأس المال ربحه على حسب الشرط في عقد المضاربة الأول، وما يبقى بعد ذلك يكون بين المضارب الأول والثاني على حسب الشرط في عقد المضاربة الثاني، إذ لا يستطيع المضارب الأول أن ينقص نصيب رب المال فإذا كان الربح في المضاربة الأولى مناصفة فيما يرزق الله، وفي المضاربة الثانية مناصفة لم يكن للمضارب الأول شيء، وإذا جعل للمضارب الثاني في هذه الحال الثلث فقط كان له، وكان لرب المال النصف والباقي وهو السدس للمضارب الأول، وإذا كان الربح فيه المضاربة الأولى مناصفة فيما يعطيه الله من الربح للمضارب ثم قارب فيه المضارب على النصف كان النصف للمضارب الثاني. والنصف الآخر بين رب رأس المال والمضارب الأول بالسوية، لأنه هو ما أعطاه الله للمضارب، وكذلك يكون الحكم فيما إذا ما شارك المضارب غيره في رأس المال أو أضاف إلى رأس مال المضاربة من ماله وكون من المجموع شركة. ٣ ونوع لا يملكه إلا بالنص الصريح عليه كالتبرعات والإقراض والشراء نسيئة بما يزيد على الشيخ علي الخفيف: أحكام المعاملات الشرعية، ص ٤٩٥ ٤٩٦ ؛ راجع « رأس مال المضاربة . أيضا د. وهبه الزحيلي: المعاملات المالية المعاصرة، ص ١٠٨ ١٠٩ ً (١) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٦، ص ٩٥ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١١٩  ويطلق عليها أيض ً ا اسم المضاربة المشتركة: فالأولى ثنائية، والثانية ثلاثية (تشمل مالكي المال، ومن يعملون فيه، ووسيط بين الفريقين كبنك مثلا ً أو شركة)(١) . ٤ تكييف عقد ا لمضاربة:  تكييف أي عقد هو أمر مهم لأنه يبين خصائصه الذاتية، وصفاته الجوهرية. وبخصوص المضاربة تعددت المناحي التي ينظر إلى تكييفه منها، وأهمها ما يلي: أولا ً المضاربة بالنسبة للمضارب هي عمل ت جاري: سبق القول إن الفقه المعاصر يفرق بين الأعمال التجارية والأعمال غير التجارية. واتضح مما سبق ذكره أنه يفترض في التاجر أن تكون أعماله تجارية (ما لم يثبت العكس)، وأن نية التجارة تلعب دورا أساسيا لاعتبار العمل تجاريا ً في الفقه الإسلامي بصفة عامة، وفي الفقه الإباضي بصفة خاصة. وهذا ما ينطبق أيض ً ا على المضارب لأنه يعطي المال للتجارة على أن يكون له الربح حسبما تم الاتفاق عليه مع رب ا لمال. يقول ا لكرابيسي: المضارب إذا اشترى بمال المضاربة طعاما للعبيد، فحال » ً الحول عليه ففيه ا لزكاة. (١) يقول الدكتور وهبة ا لزحيلي: وأما العلاقات بين أطراف المضاربة المشتركة: فلا إشكال في أن جماعة المستثمرين هم »أرباب الأموال الذين هم شركاء في الربح الذي قد ينتج عنه، وأن آخذي المال للعمل به هم المضاربون، وهم مستقلون عن بعضهم بعض ً ا، كمن يدفع مضاربة لعدة أشخاص متفرقين، ليعمل كل واحد منهم فيما يتسلمه من مال على حدة. وأما الفرق الجديد الثالث في هذه المضاربة باعتباره وسيط ً ا: فهو البنك الذي يتصف بصفة مزدوجة، فهو من جهة يعد مضاربا بالنسبة للمستثمرين (أصحاب الأموال) ومن جهة أخرى ً يعد مثل مالك المال بالنسبة للمضاربين، ويمكن وصفه بصفة المضارب المشترك، فهو لا يعمل لشخص معين كعمل المضارب في المضاربة الخاصة، وإنما يقدم خدمة للمستثمرين، يأخذ مقابلا ً . د. وهبة الزحيلي: المعاملات المالية المعاصرة، ص ٤٤٨ « لها أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٢٠ ولو اشترى رب المال طعاما لعبيده لا يكون للتجارة إلا بالنية. ً والفرق أن المضارب مأمور بالتجارة فكان ما يشتريه للتجارة، إذ لو لم يجعل ما يشتريه للتجارة لصار مخالف ً ا ويكون ضامن ً ا، فإذا لم نجعله ضامن ً ا فقد جعلنا ما اشتراه للتجارة، وإذا كان مأمورا بالتجارة فكان ما يشتريه للتجارة لم يحتج فيه ً إلى ا لنية. وليس كذلك رب المال، لأنه غير مأمور بالتجارة، وله أن يشتريه للتجارة ولغيره، وشراؤه يصلح لهما جميعا، فالظاهر إنما يشتريه للمهنة وإنما يصرف إلى ً « التجارة بقرينة وهي النية، فإن وجدت النية كانت للتجارة، وإلا فلا(١) . ويقول أ بو سرور الجامعي: « القراض في عرفنا أصبح يطلق عليه ا لمتاجرة »(٢) . ثانيا عقد المضاربة عقد غير لازم: ً لذلك يمكن إنهاؤه في أي وقت دون ضمان لذلك على عاتق من أنهاه لأنه من حقه ذلك: فلزومية العقد لا تتحقق بالنسبة لهذا العقد. معنى ذلك: أن هذا العقد يقبل بطبيعته الإنهاء أو الفسخ بالإرادة المنفردة لأي طرف فيه. وإن كان للإمام مالك رأي جدير بالتأييد(٣) . (١) .( الفروق للكرابيسي، ج ١، ص ٧٧ (الفرق ٥٣ (٢). أبو سرور الجامعي: الوحدة الإسلامية، ج ٣، ص ٣٢(٣) إن المضاربة من العقود الجائزة غير اللازمة، » : يقول المرحوم الدكتور محمود بلال مهران لأنها عقد معونة وإرفاق، فهي عقد اختيار وليس عقد لزوم، لذا يجوز عند جمهور الفقهاء لأي من رب المال أو المضارب أن يفسخها متى شاء، ويرى الإمام مالك أن هذا العقد غير لازم قبل عمل المضارب في مال المضاربة، وأما بعد العمل كأن خرج به إلى سفر أو اشترى به سلعة من السلع أو نحو ذلك، فالعقد يصبح لازما، بحيث لا يجوز لأحدهما أي: رب ً المال والمضارب أن يستقل بفسخه. ومذهب مالك هنا جدير بالترجيح وأولى بالاعتبار. لما فيه من مراعاة لمصلحة المضارب ودفع الضرر عنه، ورعاية لجهده وعمله، حتى لا يكون تحت رحمة رب المال ورغبته في فسخ عقد المضاربة، واسترداد ماله في أي وقت يشاء دون الباب الرابع: الشركا تف ي الفقه الإباضي ١٢١ كذلك للفقه الإباضي رأي يقضي بعدم الرجوع في المضاربة المؤقتة بأجل، إذ حالئذ لا يجوز إنهاؤها قبل الأجل. يقول ا لصحاري: وإذا كان الشرط في المضاربة إلى أجل فهي إلى أجلها ولا رجعة لأحدهما » دخل المضارب في العمل أو لم يدخل وإن كانت لغير أجل فلا رجعة لرب المال « دخل المضارب في العمل وما لزم المال من كراء ومؤونة فهو من رأس ا لمال(١) . ويوضح الرستاقي حلا قريبا بخصوص المضاربة غير المحددة بأجل، لو بدأ ً والمضاربة » : المضارب في أعمال المضاربة، فلا يجوز الإنهاء الفجائي لها، بقوله إذا لم تكن إلى أجل معلوم، ودخل المضارب في شيء من المضاربة، ورجع رب المال، فله الرجعة حتى يشتري بالدراهم والدنانير شيئ ً ا من المتاع، فلم يكن له منه خروج حتى يبيعه،  « فإن اختلفا كان إلى نظر العدول في ذلك(٢) . ثالث ً ا عقد المضاربة من عقود ا لأمانة: ومن المعلوم أن الأمين أو الوديع لا يضمن، إلا في حالة التعدي أو التقصير أو الإهمال أو التفريط. وهكذا فالمضارب لكونه نائبا عن صاحب المال ً لا ضمان عليه إذا لم يحدث منه ذلك التعدي أو ا لتفريط(٣) . « نظر لما قام به المضارب من عمل وما بذله من جهد، أو تكبده من تعب ومشقة . د. محمود بلال مهران: استثمار المال عن طريق المضاربة في الفقه الإسلامي، دار الثقافة العربية، القاهرة، ١٤١١ ١٩٩٠ ، ص ٢٠٥ ٢٠٦ . وفي ذات المعنى د. وهبة الزحيلي: المعاملات . المالية المعاصرة، ص ٤٤٥ (١) ، الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٩٩ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧ . ص ٣٤١ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٤٥ ، ص ١٣٧(٢) . الرستاقي منهج الطالبين، ج ٧، ص ٣٥١ ؛ النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ٩٩(٣) يد المضارب يد أمانة على المال، فلا يضمن ما يتلف بيده إلا » : يقول الدكتور وهبة الزحيلي بالتعدي أو التقصير، ويجوز لرب المال أخذ أو اشتراط تقديم رهن، أو طلب كفيل من المضارب لاستيفاء حقه في حال التعدي أو التقصير، ولكن لا يجوز اشتراط الضمان لرأس المال أو الربح، على المضارب، لأنه مجرد أمين أو وديع، واشتراط الضمان على الأمين باطل، وتكون المضاربة صحيحة والشرط باطلا .ً ولأن ضمان المضارب لرأس المال في .« المشاركة يجعل التعامل كالمراباة المضمونة ا لزيادة أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٢٢ وجاء في قاموس الشريعة أنه لولا اتفاق الناس على جواز المضاربة لم تجز « أجرة غير معلومة، وهي عندي ضرب من الإجارة، وحكمه حكم ا لأمين » لأنها(١) . سألت رحمك الله عن رجل أسلم إلى رجل رأس مال » : وجاء في بيان الشرع فأراد صاحب المال أن يشهد له المضارب الذي في يده المال بما في يده له من المال خوفا أن يحدث على الذي في يده المال حدث كيف يثبت ذلك. فاعلم أن رأس المال في هذا الذي يستعمله في التجارة مضاربة بمنزلة الأمانة لا ضمان على المضارب في ذلك لأنه متى ضمن المضارب ذلك لرب رأس المال لم يكن لرب فقالت العلماء: إن « الربح بالضمان » : رأس المال ربح إذ روي عن ا لنبي ژ أنه قال ضمن شيئ ً « ا فله ربحه كما عليه نقصه(٢) . المضاربة إنما هي أمانة » : بعبارة وجيزة « ليست بمضمونة على ا لمضارب(٣) . « الأمين لا ضمان عليه » علة ذلك أن(٤) . رابعا المضارب وكيل عن رب ا لمال: ً لأن المضارب يتصرف في مال رب المال ونيابة عنه فهو بمثابة الوكيل، بما يترتب على ذلك من حق الأصيل في عزل ا لوكيل. يقول البيضاوي إن من أحكام ا لمضاربة: « تسليط العامل على تصرف يناسب التجارة تسلط ا لوكيل »(٥) . ويقول ا لشوكاني: العامل إنما هو بمنزلة الوكيل لصاحب المال، والوكالة أمرها إلى الموكل » فمتى أراد عزل الوكيل عزله مع استحقاقه لما قد حصل من نصيبه من الربح د. وهبة الزحيلي: المعاملات المالية المعاصرة، ص ٤٤٢ ؛ د. محمود بلال مهران: استثمار . المال عن طريق المضاربة في الفقه الإسلامي، ص ٢١٢(١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٦ ، ص ٢٢٤ ؛ أجوبة المحقق الخليلي، ج ٤، ص ٢٩٨(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٤٥ ، ص ١٤١(٣) . الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٤، ص ١٣ ؛ جوابات الإمام السالمي، ج ٣، ص ٢٨٣(٤) الأصم: البصيرة، ج ١، ص ٢٢ ؛ سعيد الحارثي: نتائج الأقوال من معارج الآمال ونثر مدارج . الكمال، ج ٢، ص ٦٤(٥) . قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ج ٢، ص ٧٠٩ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٢٣ إلى وقت العزل، فليس ها هنا ما يوجب تسليط العامل على المال حتى يقال: إن اشترى سلع المضاربة منه بل ها هنا ما هو أقرب مسافة وأقل مؤنة، وهو أن يأخذ المالك سلع المضاربة لأنها ملكه، وإذا كانت قد اشتملت على ربح أعطاه « نصيبه منه(١) . ؟« شركة » خامسا هل المضاربة تعتبر ً نشير هنا إلى رأي الفقه الإسلامي، ونتبعه ببيان رأينا ا لخاص. · رأي الفقه: المضاربة تعتبر ن وع ً ا من أنواع ا لشركات: نوع من أنواع » هذا هو الاتجاه الغالب في الفقه الإسلامي: فالمضاربة هي « الشركة(٢) « كالشريك في أي شركة » ، كما أن المضارب(٣) . ويأخذ الفقه الإباضي بذلك أيض ً « سن جواز شركة ا لمضاربة » : ا، فقد قيل(٤) . شركة » وقال القطب: إن أنواع الشركة ستة، منها: شركة المضاربة وهي من قبيل « الأموال(٥) . « الشركاء في المضاربة » كذلك خصص الإباضية بابا في(٦) . كذلك ً « عقد شركة في ا لربح » قالوا: إن المضاربة في الاصطلاح هي(٧) . (١) . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٣، ص ٢٣٦ (٢) د. علي جمعة: الكلم الطيب فتاوى عصرية، ج ٢، ص ١٩٥ ؛ الشيخ علي الخفيف: أحكام المعاملات الشرعية، ص ٤٩٣ ؛ د. هشام يسري العربي: التيسير في المعاملات المالية دار البشائر الإسلامية، بيروت، ١٤٣٣ ه، ص ٥٣٧ ؛ د. يوسف قاسم: التعامل التجاري في ميزان . الشريعة، ص ١٥٢ (٣) . د. وهبة الزحيلي: المعاملات المالية المعاصرة، ص ١٠٨ الشيخ علي « نوع من الشركة لأنها شركة في الربح لا في رأس المال » كذلك قيل: إن المضاربة . الخفيف: الشركات في الفقه الإسلامي، معهد الدراسات العربية العالية، القاهرة، ص ٦٣ (٤) البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان ُ . ١٤٠٥ ١٩٨٥ ، ص ٨٨ : السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ١٠ ، ص ٥٦ ، ج ٦(٥) . البطاشي، ذات المرجع، ص ٩٠ ٩١(٦) . الكندي: بيان الشرع، ج ٤٥ ، ص ١٣٢(٧) . معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٦٢٢ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٢٤ · رأينا الخاص: هناك فروق بين المضاربة والشركة:  ثمة فروق كثيرة في رأينا بين المضاربة والشركة(١) . ويبدو ذلك مما يلي: · إن من أخص خصائص الشركة تمتعها بشخصية معنوية مستقلة عن الشركاء، وهذا غير موجود في القراض أو ا لمضاربة. · « المضاربة نوع من ا لإجارات » أن فقهاء الإباضية أنفسهم ذهبوا إلى القول: إن(٢) . (١) يفرق رأي بين القرض الإنتاجي والمضاربة (وإن كان يعتبر هذه الأخيرة شركة)، بقوله: والفرق بين القرض الإنتاجي الربوي وشركة المضاربة أن القرض يحدد له فائدة ربوية للمبلغ »المقترض، والزمن الذي يستغرقه القرض، كأن يكون ١٠٪ من رأس المال سنويا، بغض النظر عما ينتج عن هذا القرض من كسب كثير أو قليل أو خسارة أما في المضاربة فالربح الفعلي يقسم بين صاحب رأس المال والمضارب بنسبة متفق عليها، والخسارة من رأس المال وحده، ولا يأخذ العامل شيئ ً ا في حالة الخسارة، ولا في حالة عدم وجود ربح. والعلاقة بين صاحب القرض وآخذه ليست من باب الشركة، فصاحب القرض له مبلغ معين محدد، ولا شأن له بعمل من أخذ القرض، ومن أخذ القرض يستثمره لنفسه فقط، حيث يملك المال ويضمن رد مثله مع الزيادة الربوية، فإن كسب كثيرا فلنفسه، وإن خسر تحمل ً وحده ا لخسارة. أما المضاربة فهي شركة فيها المغنم والمغرم للاثنين معا. فالمضارب لا يملك المال الذي ً بيده وإنما يتصرف فيه كوكيل عن صاحب رأس المال، والكسب مهما قل أو كثر يقسم بينهما بالنسبة المتفق عليها، وعند الخسارة يتحمل صاحب رأس المال الخسارة المالية، د. علي أحمد السالوس: « ويتحمل العامل ضياع جهده وعمله، ولا ضمان على المضارب . الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية المعاصرة، ج ١، ص ١٣٥ ١٣٦ وتختلف المضاربة عن شركة العنان فيما يلي: ١ أن الوضعية في المضاربة على المال خاصة، ليس على العامل منها شيء فخسارة العامل تكون في عمله، وفي الشركة تكون الوضعية على ا لمالين. ٢ أن العمل في المضاربة على العامل، وفي شركة العنان عليهما. وقد تجتمع المضاربة والعنان عند ا لحنابلة. ٣ أنهما إذا لم يذكرا قدر ما لكل منهما من الربح، ففي المضاربة يكون الربح لرب المال، وفي الشركة يوزع بنسب ا لأموال. د. يوسف الصقر: آثار المضاربة المشتركة، مجلة الشريعة والقانون، كلية الشريعة والقانون، . جامعة الأزهر، القاهرة، عدد ٢٤ ، ص ٢٨٧(٢) البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٦، ص ٩٢ . كذلك قيل: إن المضاربة الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٢٥ ولا شك أن هناك فارق ً ا بين الإجارات والشركات(١) . · في المضاربة يكون التصرف للمضارب (العامل) في حدود تعليمات رب المال، أما في الشركة فلكل شريك أن يتصرف في أمور الشركة بالأصالة عن نفسه أو نيابة عن الشركاء ا لآخرين. · أن الشركة تفترض الاشتراك في الربح والخسارة، بينما المضاربة لا يتحمل المضارب فيها خسارة، وإن كان له نسبة الربح المتفق عليها(٢) . أجمعوا على » فقد السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ١٠ ، ص ٥٦ . راجع أيضا ابن « عندي ضرب من الإجارة » ً . بركة: كتاب الجامع، ج ٢، ص ٦٣٨ ، النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ٩٦ (١) ومما يدل على أن الشركة شيء، والمضاربة شيء آخر، ما جاء بخصوص مسألة: وكذلك إذا رفع دراهم رجل على سبيل المضاربة وله جزء من الربح فعد المضارب شارك رجلا ً من غير أمر صاحب الدراهم في شراء سلعة وسلم الدراهم من عنده أعني من دراهم المضاربة ولم يسلم الآخر فحصل ربح. الذي أشرك ربح أم لا؟ ويصير المضارب متعديا ويكون ضامن ً ا وله ً إن تعاقدا على الشركة في شراء السلعة أن » : عناؤه أم له نصيبه من الربح؟ يقول المحيلوي يكون بينهما نصفان أو غير ذلك من الإجراء فهو عندي بينهما على ما وقعت الشركة بينهما والربح عندي يكون لكل واحد منهما على قدر ماله بسبب الشركة لا بسبب المضاربة وبضمان المضارب ما سلمه من دراهم المضاربة في ثمن حصة شريكه من السلعة التي أشركه فيها لأن صاحب المال لم يأمره بذلك وإنما أمره أن يضارب فيها وقد خالف أمره وإن خالف أمر صاحب المال فيما دفعه له على وجه المضاربة فهو ضامن لصاحب المال وله عليه أن يرد .« على صاحب المال ما ضمنه له المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، ج ٣، ص ١٢٣ . وبخصوص مسألة أخرى ٰ . جوابات الإمام السالمي، ج ٣، ص ٢٨٤ « ليس بمضاربة ولا شركة » قال السالمي: إن هذا(٢) وأجمعوا أن المضارب لا خسران عليه ولا يضمن من المال شيئ » : يقول الصحاري ً ا ما لم يتعد فيه وإن شرط عليه رب المال الضمان فالشرط باطل وقيل: تبطل المضاربة ويصير المال قرضا على ً المضارب والربح له بما ضمن وقيل: إن تلف المال ضمنه المضارب بالشرط فالربح على ما تشارطا عليه والنظر يوجب ما قلنا إن الشرط باطل والمضاربة صحيحة لأن رب المال لم يقصد إقراضه فيكون دين ً الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٩٧ ٩٨ ؛ الرستاقي: « ا عليه منهج الطالبين وبلاغ الراغبين، ج ٧، ص ٣٤٠ . ويضيف ا لرستاقي: وقيل في رجلين اشتركا، مع كل واحد منهما ألف درهم، فقال أحدهما: أنا أبصر بالبيع »منك، فلا أرضى حتى يكون الربح بيننا، وليكن لي في كل شهر عشرة دراهم من الربح، فهما على شرطهما، وما بقي من الربح، فهو بينهما. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٢٦ « أن المضارب لا خسران عليه(١) . أن لا تلحقه » وقالوا: فإذا اشترط صاحب المال « خسارة من قبل الشركة، فلا مضاربة(٢) . لا خسران » : كذلك قالوا: ان المضارب « عليه كانت المضاربة صحيحة أم فاسدة(٣) . ويقول ا لكندي: « واجتمعوا على أن المضارب لا خسران عليه »(٤) . بينما تنص المادة ٥٠٥ من القانون المدني المصري على أن: الشركة عقد بمقتضاه يلتزم شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع » مالي، بتقديم حصة من مال أو من عمل، لاقتسام ما قد ينشأ عن هذا المشروع .« من ربح أو خسارة وفي القوانين الوضعية عندما يكون لأحد الشركاء الربح دون الخسارة، فإن شرط الأسد » ذلك يعرف باسم Le pacte Lionin ، وهو يؤدي إلى بطلان عقد « الشركة لتخلف عنصر المشاركة في الخسارة والربح(٥) . وإن كان رأس مال أحدهما أكثر من الآخر، فلحقهما دين، فالدين على قدر رؤوس الأموال، إلا أن يكون بينهما شرط الوضيعة، والربح بينهما سواء، فهما على ما شرطا. فإن لم يشرطا فالربح بينهما، والوضيعة على رأس ا لمال. . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٣٤٨ « وقول: الربح بينهما، والوضيعة على رأس المال ولو شرطا (١) . معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٦٢٢(٢) . فتاوى البكري، ج ٣، ص ٣٧(٣) . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٩٨ ؛ النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ٩٧(٤) . الكندي: بيان الشرع، ج ٤٥ ، ص ٢٠٣(٥) لكن في القانون الفرنسي يعد هذا الشرط غير مكتوب ) nonécrite )، ومن ثم لا اعتبار له. ويبقى عقد الشركة صحيحا ومنتجا لجميع آثاره القانونية. وتوزع الأرباح والخسائر في هذه ًً الحالة وفق ً ا لأحكام التوزيع القانوني؛ أي: بنسبة المساهمة في رأس المال. غير أن المادة ٢ من القانون المدني أجازت الاتفاق على إعفاء الشريك بالعمل من تحمل الخسارة إذا /٥١٥إن الشريك بالعمل في هذا الفرض » : كان لا يتقاضى أجرا عن هذا العمل. وقيل في تبرير ذلك ً .« قد خسر بالفعل عمله الذي أداه للشركة دون مقابل الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٢٧ ٥ الضمان في ا لمضاربة: أي تصرف قانوني ومنه المضاربة يمكن أن تترتب عليه مسألة الضمان بالنسبة لأطرافه). « المسؤولية » (أو بلغة القوانين الحديثة وقد لخص الإمام ابن بركة رأي الإباضية بخصوص مسائل الضمان، كما يلي: وأجمعوا أن المضارب لا خسران عليه ولا يضمن من المال شيئ » ً ا ما لم يتعد فيه وإن اشترط عليه رب المال الضمان فالشرط باطل. قال بعض أصحابنا: إذا اشترط رب المال على المضارب ضمان المال أو ضمان بعضه أن المضاربة باطلة ويكون قرضا له على المضارب/ والربح وله بما ضمن. وقال بعضهم: إن ً تلف المال لزم المضارب بالشرط وإن ربح فالربح بينهما على ما تشارطا عليه. والنظر يوجب عندي ما قلنا: إن الشرط باطل والمضاربة صحيحة لأن رب المال لم يقصد إلى إقراضه إياه فيكون دين ً ا له عليه على ما ذهب إليه أصحاب القول الأول. ولم يتعد فيه المضارب فيلزمه الضمان على ما ذهب إليه أصحاب « القول ا لثاني(١) . وأهم أحوال ضمان المضاربة عند الإباضية، هي: · تعريض المال للتلف: ويكون ذلك إذا أهمل من يقوم بالمضاربة، فتلف المال. ومن أمثلة ذلك أنك بايعت غير ملئ، ولا وفي بنسيئه، ولم يوفك، أو أمنت شيئ » ً ا مما في يدك وينتقد الفقه هذا التعليل الأخير لأن الشريك بحصة نقدية لا يتقاضى فوائد ومع ذلك لا يعفى من ا لخسارة. راجع د. علي قاسم: قانون الأعمال، ج ٢ الشركات التجارية، دار النهضة العربية، القاهرة، . ٢٠٠١ ، ص ٧٨ ٧٩(١) ابن بركة: كتاب الجامع، ج ٢، ص ٦٣٨ ٦٣٩ ؛ د. ماجد الكندي: الوجيز في فقه المعاملات . المالية عند الإباضية، ص ٣٤٩ ٣٥٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٢٨ غير أمين، وتلف ذلك الشيء من عنده، ولم يرد عليك ما تلف، أو تركت شيئ ً ا مما في يدك في غير حفظ، فتلف، وفعلت جميع ما وصفت لك بغير رأي من له « الدراهم، ولم تغلب نفسه عليك بذلك فعليك ضمان ما وصفت لك(١) . وهذه الأمثلة على كثرتها يوجد أيض ً ا غيرها(٢) . · الخروج على قواعد تحديد الربح في ا لمضاربة: فإن شرطا الربح كله للمضارب، فهو ضامن للمال، وهو » : يقول الرستاقي عليه دين، وإن قال: الربح كله لرب المال، فهذه بضاعة لرب المال، ولا ضمان على المضارب، فكل من كان له الربح كله، فضمان المال كله عليه؛ لقول النبي ژ : « الربح بالضمان، والغلة بالضمان »(٣) .  (١) الشيخ درويش المحروقي: الدلائل في اللوازم والوسائل، ص ٣٣١ . كذلك يقول الخليلي مختلف في جواز الخروج (بها) من البلد للمضارب مع عدم » : بخصوص أموال المضاربة الشرط بالمنع ووجود الأمان في الطريق، فإن خرج بها مخاطرا فتلفت ضمنها وإن أودعها ً غير الأمين ضمنها ومع الأمان عليها إن أودعها أمين ً ا فمختلف في تضمينه لها ولها مع الأمين . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٨، ص ٤٥٢ ٤٥٣ « حكم الأمانة(٢) مثال ذلك ما جاء في قاموس ا لشريعة: في رجلين أخذا دراهم مضاربة من رجل شركة، ثم إن أحد الشريكين تركها على سبيل »الإهمال في يد صاحبه، ولم يتعرض لها، ولم يزل الثاني يضارب فيها حتى قدر الله إتلاف بعضها على يده، أيضمنان ما تلف منها جميعا، أم الضمان على من ضارب فيها دون من لم ً يضرب؟ قال: فعلى ما وصفت حسب ما قصصت: إن هذين الرجلين شريكان في المضاربة بتلك الدراهم، ليس لأحدهما الانفراد بشيء منها دون صاحبه، خلاف ً ا لمراد المضارب له فيها؛ لأنه إن صح نقصان فيما تفرد به عما هي عليه في الأصل؛ فإني أخشى لزوم الضمان عليهما جميعا، إلا أنه لا يجاوز ذلك مقدار نصف الناقص، ويكونان فيه مشتركين حسب اشتراكهما في ً المضاربة، فيلزم كلا « منهما نصفه، فهذا لتهميله وتقصيره في القيام بما التزمه، وهذا بتعديه ومخالفته فيما تفرد به. وأما النصف الآخر مما صار في يد المنفرد بذلك؛ فكلاهما من ضمان الناقص منه سالمان، خصوصا إذا لم يكن منهما ما يوجب عليهما فيه الضمان. وأيض ً ا فإن ً « المنفرد مسلط في النصف من قبل من له الدراهم، إذ الشركة بينه و(صاحبه) تقتضي ذلك . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٦ ، ص ٢٢٩(٣) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٣٤٢ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٢٩ « بل قال الإباضية بعدم جواز تسليم المال لإنقاذ حياة نفسه(١) . · مخالفة تعليمات وأوامر صاحب ا لمال: لما كان المضارب أمين ً ا على المال، ووكيلا ً عن صاحبه، فبالتالي يجب عليه مراعاة أوامر هذا الأخير وتعليماته: فالمال ماله، ما دامت تلك الأوامر والتعليمات لا تحرم حلالا ً ولا تحل حراما. ً لذلك إذا خرج المضارب على هذه الحدود، فإنه يضمن. فقد جاء في قاموس ا لشريعة: « وليس على المضارب ضمان حتى يعدو ما أقره صاحب ا لمال »(٢) . كذلك قيل: وإذا اشترط رب الدراهم على المضارب أن لا يتجر في شيء حده له أو »« لا يخرج بماله من البلد فتعدى ضمن ما توى(٣) . وجاء في المدونة ا لكبرى: سألت أبا المؤرج عن المقارض يقارض بالمال، أو يؤمر أن يذهب به إلى » بلدة كذا وكذا، ولا يتعداها إلى غيرها، فخالف وتلف المال، هل يضمن؟ قال: يضمن إذا خالف. قال ابن عبد العزيز: إذا هو سلم، فمنهم من يقول: الربح بينهما، ومنهم من يقول: [إن] الربح لمن ضمن. وآخرون يقولون: لا نراه لواحد منهما، ويتصدق به أفضل. (١) وهكذا قيل: ومن كان في يده مال لغيره مضاربة فأخذ السلطان وقال له: إن لم تدفع هذا المال قتلتك »فليس له أن يدفعه إليه. فإن كان في سفينة أو في يده هذا المال فجاء الخب الذي يخاف منه الهلاك فله أن يطرح هذا المال رجاء السلامة، الفرق بينهما أن الأول لسلامة نفسه وحده . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ١٢ « وهذه لسلامته وسلامة غيره، فلذلك جاز (٢) .١٤٣ ، السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٦ ، ص ٢٤٩ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٤٥ ، ص ١٢٢(٣) . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ١١٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٣٠ قال ابن عبد العزيز: هذا قول إبراهيم، وأنا أخالفه في ذلك، ولا أرى الربح إلا لمن ضمن المال، لأني ألزمته في التعدي الوضيعة، فإذا ألزمته في التعدي « الوضيعة جعلت الربح له(١) . · بخصوص شرط ا لضمان: القاعدة عند الإباضية أنه: « لا يثبت شرط الضمان مع ا لمضاربة »(٢) . فإذا حدث ووقع الشرط، فإن ثمة خلاف في الفقه الإباضي: فقد جاء في قاموس ا لشريعة: في المضارب إذا شرط عليه ضمان رأس المال؟ قال: يبطل الشرط، ولا » ضمان عليه. قال غيره: وقول: يضمن، والربح له بالضمان، وتبطل المضاربة، ولا يثبت « ضمان وربح في ا لمضاربة(٣) . وجاء في الدلائل والحجج: وقيل: إن اشترط المضارب على الضارب الضمان انتقضت المضاربة بينهما، » وعلى قول: له الربح وعليه الضمان. وكل مضاربة انتقضت فالمال وربحه لربه، وللمضارب أجرة مثله. وقد قال بعض: الربح للمضارب ولرب المال رأس ماله. وفي قول الشيخ أبي الحسن قال: وفيها قول ثالث: إن الربح بينهما نصفين، « وقال: ولم أعرض له؛ لأن الذي يعجبني أن يكون له أجرة مثله(٤) . (١) وكذلك لا ضمان » : ابن غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٢، ص ٥١٠ . ويقول الحضرمي على المضارب حتى يتعدى الرسم، فإن تعدى ضمن إذا تلف، وإن سلم فهو على ما كان من . الحضرمي: الدلائل والحجج، ج ١ ٢، ص ٥٢٧ « قبل (٢) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٨، ص ٤٥٥(٣) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٦ ، ص ٢٥٩(٤) عن شريح » : الحضرمي: الدلائل والحجج، ج ١ ٢، ص ٥٢٦ . كذلك جاء في بيان الشرع الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٣١ · في حال ضياع ا لمال: القاعدة عند الإباضية هي أنه: ليس على المضارب غرم فيما وقع بالمال من النقصان ولا يلزمه أن يضارب » به حتى يرجع إلى رأس ماله، وإن كان هذا على سبيل الصلح بالتراضي من « الخصمين من غير تقية ولا جبر فلا يضيق ذلك إن شاء ا لله(١) . وقد بحث الإباضية مسألة ضياع جزء من المال، واتجار المضارب بالجزء الباقي بعلم أو بعدم علم رب المال. يقول ا لحضرمي: إذا ضاع بعض المال ولم يخبره حتى اتجر بالباقي فلا ربح له حتى يكمل » رأس المال، وإن أخبره فأجاز له أن يضارب بما بقي في يده وهو شيء معلوم فله « حصته من الربح ولا ضمان فيما ضاع(٢) . وجاء في لباب ا لآثار: قال: ليس في العارية ولا الوديعة ولا المضاربة ضمان، وقال: لو أن رجلا ً دفع إلى رجل مالا ً مضاربة أو وديعة فاشترط عليه الضمان أن ذلك لا ضمان فيه لأن الاسم أمانة وإنما الأحكام على الأسماء ويرفع إلى النبي ژ أنه استعار من أهل نجران دروع ً ا فضمنها لهم ويرفع إلى النبي ژ أنه استعار من صفوان بن أمية سبعين درع ً ا فقال الكندي: بيان الشرع، « صفوان: عارية مضمونة يا رسول الله، قال: عارية مضمونة . ج ٦٣ ٦٤ ، ص ٢٢٩ انظر أيض ً . ا الفقيه موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون المعادن، ج ١٣ ، ص ١١١ (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٨، ص ٤٥٢(٢) رجل كان معه » : الحضرمي: الدلائل والحجج، ج ١ ٢، ص ٥٢٦ ٥٢٧ . وفي معنى قريب قيل مال مضاربة فربح فيه فمر على عامل فقال: أرى رأيا في مال صاحب المال ففرق منه فأعطاه ً رأس المال، فلما قدم قال قتادة والحسن: قاسم الرجل الربح فما ذهب فهو من رأس ماله: فهو رأس ماله، فقال جابر بن زيد 5 : لا ربح له حتى يوفيه رأس ماله ثم يكون الربح فضلا، ً وما ذهب فهو ظلم ظ ُ لمه من المال. قال أبو أيوب 5 : موسوعة « القول قول جابر . آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، ج ٢، ص ٩٥٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٣٢ إذا أتت على الدراهم في يد المضارب آفة من السلطان أو سرق ثم لم يأذن » له صاحب المال أن يعمل بما بقي، أو لم يستشره في ذلك وعمل هو بالدراهم فإن أساس المال يخرج عند القسمة على أساس المال ا لأول. وإن أذن له بعد أن أعلمه أن المال قد تلف منه شيء فإنما يكون رأس المال ما كان باقيا في يد ا لمضارب. ً قال غيره: ولو أذن له حتى يقبضه منه صاحب المال ثم يرده إليه يعمل فيه « فحينئذ يكون رأس المال ما بقي في يد ا لمضارب(١) . تلك أهم فروض الضمان عند الإباضية، ومن قواعده أيض ً كل من » ا عندهم أن يضمن شيئ ً « ا فله خراجه الذي أخرجه إلا المضاربة فليس فيها ربح إن ضمنها(٢) . ٦ المضاربة ا لدولية: نقصد بالمضاربة الدولية تلك التي تكون (من الناحية الشخصية) بين مسلم وغير مسلم، أو تلك التي تكون (من الناحية المكانية) عابرة لحدود دار الإسلام أي: تتم في بلد أجنبي. وقد أشار الإباضية إلى ذلك خصوصا في صور ثلاثة: ً · من حيث أطراف المضاربة (وجود غير مسلم ف يها): الثابت عند الإباضية عدم المضاربة مع غير المسلمين إذا تم التأكد من إدخالهم الحرام في المعاملة. وهكذا جاء في قاموس ا لشريعة: قلت: فإن كان أبا، أو أما، وهما فاسقان؛ قال: إن لم يكونا ثقتين، ولا » ًً يتحران، ويبيعان بالحرام، أو بالربا؛ فلا تدفع إليهما مالك. وأما إذا لم تعلم ذلك؛ فلا بأس أن يتحر له، ولو لم يكن عنده ثقة. وأما الذمي فلا يتجر بمال (١) . السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ١٠ ، ص ١٩(٢) . سعيد الحارثي: نتائج الأقوال من معارج الآمال ونثر مدارج الكمال، ج ٢، ص ٦٥ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٣٣ المسلم، ولا يشارك المسلم في تجارة، إلا أن يكون المسلم هو المتولي لذلك، [أو تكون] تجارة بين يدي المسلم، لا يغيب عنه حتى يعلم أنه لم يدخلها « بشيء من ا لحرام(١) . ويقول ا لبطاشي: ولا ينبغي للموحد أن يأخذ القراض من المشرك من أجل أن لا يخدم » الموحد المشرك ويكره للموحد أن يدفع القراض للمشرك من أجل ما يستحلون في دينهم من بيع ما حرم الله. « قال: وقيل: لا يجوز وهو مذهب ا لأكثرين(٢) . تجدر الإشارة أن الإباضية بذلك يساوون، إذا تحقق الحرام أو الربا، بين المسلم وغير المسلم: إذ أمام الحرام أو الربا الكل سواء، فلا تجوز المضاربة بإعطاء المال لمن يرتكب ذلك(٣) . لذلك يقول ا لرستاقي: ولا نحب للمسلم أن يعطي ماله منافق » ً ا يتجر به، ويدخل الحرام والربا، ولو كان أباه أو أمه. وأما إذا لم يعلم ما يدخل فيه المضارب من الحرام، فلا بأس عليه، كان المضارب ثقة أو غير ثقة. وأما الذمي فلا يتجر بمال المسلم، إلا أن يكون المسلم هو المتولي لذلك، « أو تكون تجارة بين يديه، لا يغيب عنه أمره(٤) . (١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٦ ، ص ٢٥٠(٢) البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٦، ص ٨٩ . انظر أيض ً ا جامع أبي الحسن . البسيوي، ج ٣، ص ١٨١٩(٣) وفي حدود ذلك يجب فهم ا لآتي: ولا يشترط في رب المال أو المضارب أن يكون مسلم » ا، حيث تصح المضاربة بين أهل ً .« الذمة، وبين المسلم والذمي والمستأمن، كما تصح بين المسلم والمسلم . راجع: د. محمود بلال مهران: استثمار المال عن طريق المضاربة في الفقه الإسلامي، ص ٢٠٧(٤) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٣٤٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٣٤ وجاء في مدونة أبي غانم: ولا تحل لمسلم مشاركة مشرك يستحل ما حرم الله وسألته: أيصلح أن أعطي ِ مالي منافق ً ا يتجر به؟ قال: إن خشيت أن يدخل عليك ما لا يصلح فلا تعطه. قلت: أرأيت إن كان أبا أو أخ ً ا وهما فاسقان؟ ً قال: إذا لم يكونا تقيين ولم يتحرجا، ويتعاملان بالربا، فلا تدفع إليهما « مالك(١) . أما إذا كان المسلم هو الذي يضارب لغير المسلم، فهذا لا خلاف فيه. يقول ا لكندي: وجائز للمسلم أن يعمل في القراض للذمي ولا تنازع في ذلك أظن » « القراض ا لمضاربة(٢) .  (١) . مدونة أبي غانم الخراساني ملحق بها كتاب ابن عباد وكتاب الربا، ص ٦٥٨ (٢) الكندي: بيان الشرع، ج ٤٥ ، ص ١٢٦ ؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٦ ، ص ٢٥٦ . راجع أيض ً ا لا يشترط إسلامهما » الإمام الخلال: أحكام أهل الملل، ص ١٠٩ . ويقول الكاساني: إن العاقدين فتصح المضاربة بين أهل الذمة وبين المسلم والذمي والحربي والمستأمن حتى لو دخل حربي دار الإسلام بأمان فدفع ماله إلى المسلم مضاربة أو دفع إليه المسلم ماله مضاربة فهو جائز لأن المستأمن في دارنا بمنزلة الذمي والمضاربة مع الذمي مضاربة جائزة فكذلك مع الحربي المستأمن فإن كان المضارب هو المسلم فدخل دار الحرب بأمان فعمل بالمال فهو جائز لأنه دخل دار رب المال فلم يوجد بينهما اختلاف الدارين فصار كأنهما في دار واحدة وإن كان المضارب هو الحربي فرجع إلى داره الحربي فإن كان بغير إذن رب المال بطلت المضاربة وإن كان بإذنه فذلك جائز ويكون على المضاربة ويكون الربح بينهما على ما شرطا إن رجع إلى دار الإسلام مسلما أو معاهد ً ا أو بأمان استحسان ً ا والقياس أن تبطل المضاربة ً (وجه) القياس أنه لما عاد إلى دار الحرب بطل أمانه وعاد إلى حكم الحرب كما كان فبطل أمر رب المال عند اختلاف الدارين فإذا تصرف فيه فقد تعدى بالتصرف فملك ما تصرف فيه (وجه) الاستحسان أنه لما خرج بأمر رب المال صار كأن رب المال دخل معه ولو دخل رب المال معه إلى دار الحرب لم تبطل المضاربة فكذا إذا دخل بأمره بخلاف ما إذا دخل بغير أمره لأنه لما لم يأذن له بالدخول انقطع حكم رب المال عنه فصار تصرفه لنفسه فملك الأمر . الكاساني: بدائع الصنائع، ج ٦، ص ٨١ ٨٢ « به الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٣٥  هذا هو الجانب الشخصي للمضاربة الدولية عند ا لإباضية(١) . وهكذا يتضح من قول الإمام ا لكاساني: أولا :ً أن المضاربة جائزة بين المسلم وغير المسلم، وأن الإسلام ليس من شروط انعقاد صحتها. ثاني ً ا: أن اختلاف الدارين (دار الحرب ودار الإسلام)؛ أي: اختلاف مكان المضاربة لا يبطل استحسان » المضاربة ً وعدم البطلان يرجع استحسان « قياسا » وإن أبطلها ،« ا ً ا إلى عدم وجود ً اختلاف للدارين عند إجراء المضاربة في دار الحرب بإذن رب المال أما البطلان قياسا فيرجع ً إلى اختلاف الدارين لأن المضارب غير المسلم برجوعه إلى دار الحرب يكون حربيا. (١) يذكر العوتبي مسألة تستحق أن نذكرها بحذافيرها، وهي: ومن كان في يده مال ليهودي مضاربة فمات اليهودي وخلف يتيما وأوصى ليهودي مثله فسلم » ً المسلم مال اليهودي إلى وصيه اليهودي فإنه يبرأ إذا حكم له الحاكم بذلك وكان عدلا ً في دينه لأن شهادة اليهودي جائزة له وعليه، فأما على المسلم فلا، وإن سلمه بغير حكم فلا يبرأ. ومن حبس مال اليهودي اليتيم في يده ثم تلف فإنه أمانة في يده ولا ضمان عليه إذا لم يضيعه، فإن كان خلطها في أموال الناس فدفع إلى الناس أموالهم وأخرج له مقدار ماله ثم تلف ففيه اختلاف، وقال قوم: لا يضمن إذا خرج له حصته فإن تلفت الحصة ضمن بقدر ما سلم إلى القوم من حصة اليهودي لأن القسم غير صحيح، وإن سلم وأخذ اليهودي ماله برئ إلا أن يكون والد اليتيم أمر أن يخلط ماله بمال غيره وتقاسم ففعل ثم مات اليهودي فلا ضمان على صاحب الأمانة. وإن كان هذا المتجر بأموال الناس معروف ً ا برسم تجارته أن أموال الناس يكون فيها خلط لاختلاطها في البيوع، وكل من سلم إليه شيئ ً ا فقد عرف الرسم ولم يشترط عليه أن يفرد ماله من مال غيره فيعزل قسط مال اليتيم من أموال الناس ثم تلف فإنه ضامن إذا تلف، وإن صار إليه حقه سلم من الضمان فإن مات اليهودي على غير رضا أخرج لليتيم حصته وجعلها له إلى بلوغه ويكسوه وينفق عليه رجل فإذا استفرغها اليتيم برئ ويقام عليه وكيل عدل من المسلمين فإن لم يستطع ذلك أعطى بغير نفقة من المسلمين يطعمه رجلا ً كان أو امرأة، وإن لم يقدر على ذلك أنفق هو عليه بنفسه يطعمه بحضرته، فإذا شبع رفع ما بقي له ويكسوه كسوة مثله وإن كان له والدة فرض له المسلمون فريضة على ما يستحق برأي العدول وأمرت أن تطعمه ويسلم إليها ذلك وعلى غير هذا لا يبرأ ويسلم إلى والدته شهرا بشهر وأسبوع ً ا بأسبوع ً أو أقل من ذلك على ما يرى العدول مخافة الحدث فقد أخذت المال، فإن دفعت امرأة اليهودي على اليهودي إلى الحاكم بحقها وأصحت بشاهدين من عدول اليهود على اليهودي فأقام الحاكم وكيلا ً ينظر حجته ويسمع البينة ويقوم بحجة اليتيم فحكم غلته في ماله بقضاء هذا الحق وأمر من عنده المال بدفعه الحق جاز لمن في يده هذا المال لليهودي أن يدفعه إلى . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ١١ ١٢ « الحكم الذي صح على اليهودي أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٣٦ · من حيث النطاق الجغرافي للمضاربة (إمكانية حدوثها خارج دار ا لإسلام): بحث الإباضية إمكانية المضاربة خارج دار الإسلام، وهو ما نطلق عليه اسم يكفي أن نذكر مثالين: .« المضاربة العابرة للحدود »  - جاء في ،« في المضاربة بالزكاة والربح والضمان فيها » فتحت باب بيان ا لشرع: في رجل في بلاد الشرك، يتجر بما عنده من الزكاة في تجارته للمسلمين؟ » قال: إن ربح فلهم، وإن تلف فليس عليه، وإن كانت معه فذهبت، فهو شبه الأمين، وقال أبو عبد الله: هو ضامن للزكاة، إن خلطها أو ميزها، والربح له ولا « ربح للمسلمين، وهذا الرأي أحب إلي وبه نأخذ(٢) . ّ - وجاء في ا لضياء: ومن أخذ أموال الناس مضاربة ثم خرج إلى بلاد الهند ثم بعث بدون » ما أخذ من أموال القوم فوقع قوم على الرجل الذي بعث بالمال في دين يطلبونه ليأخذوا ديونهم من ذلك المال الذي بعث به، وقال أصحاب المضاربة: المال مالنا حتى نستوفي رؤوس هذا المال من رؤوس أموال القوم، لم يكن لأهل الدين « فيه كلام إلا أن يقطع للمضارب ربح فيعطى أهل الدين حصتهم(٣) . · المضاربة في ا لبحر: يمكن ركوب البحر للمضاربة، سواء كان بحر المسلمين أو بحر غير المسلمين وهذا الفرض الأخير تكون للمضاربة فيه بعد ً ا دوليا. يقول ابن بركة: واختلف أصحابنا في الخروج بالمضاربة إلى بلدان يقع فيها البحر من » مضرة فأجاز ذلك بعضهم له ما لم يكن عليه شرط يمنعه. وقال آخرون: ليس له (٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ١٨ ، ص ٧٧(٣) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ١٢ ١٣ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٣٧ الخروج إلى البحر إلا بأمر رب المال، والنظر يوجب عندي أن المضارب والمضاربة المقصودة بذلك المال يراعى الحال فيهما، فإن كان المضارب معروف ً ا بالمضاربات، إلى أماكن معروفة. وجرت العادة منه في التجارة في بر وبحر فهو على عادته. وكذلك إذا أراد بهذا المال تجارة لا تعرف بالمصر الذي هو فيه كان « له الخروج إلى حيث تكون تلك التجارة وبذلك المال ما لم يمنعه شرط(١) . وعلى ذلك فالمضاربة في البحر غير جائزة عند الإباضية في حالتين: الأولى : إذا منع منها شرط اشترطه صاحب ا لمال. والثانية : إذا كان المضارب لا يتقن ركوب البحر، وليست هذه عادته، لأن هذا من قبيل تعريض المال للتلف، فيضمنه حينئذ. وفي المسألة بعض التفصيل ذكرها أيض ً ا فقهاء ا لإباضية(٢) . كذلك قيل: والمختار أنه إن عرف المضارب بالمضاربة إلى أماكن اعتيدت له ولو في » البحر فليضارب إليها على عادته بلا ضمان يلحقه إن لم يمنعه أو يتعد وإلا لزمه « الإذن في التجر مع قطع ا لبحر(٣) . (١) . ابن بركة: كتاب الجامع، ج ٢، ص ٣٦٩ ٣٧٠ ؛ النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ١٠٩ (٢) يقول ا لرستاقي: وقيل: إن إعطاه المال، على أن لا يركب به البحر، فلا يجوز له خلافه، وإن خالفه ضمن. »وإن أعطاه بلا شرط، ثم أمره أن لا يركب بماله البحر: فقول: إن ذلك يلزمه، ويضمن إن خالفه. وقول: لا يثبت عليه ذلك الشرط، حتى يكون عند عقد المضاربة. واختلفوا فيه، إذا لم يتقدم عليه في ركوب البحر، فركب البحر بالمال فتلف. فقول: إن البحر خطر وهو ضامن، تقدم عليه، أو لم يتقدم، إلا أن يكون ذلك برأيه. وقول: لا ضمان عليه، إذا مضى بالمال إلى موضع مأمن. وكذلك إن كان موضع خطر من البر، كخطر البحر، فهو بمنزلة البحر وعليه .« الضمان الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٣٥٠ ؛ النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ١١٠ ، السيد مهنا بن . خلفان: لباب الآثار، ج ١٠ ، ص ٤٧ (٣) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٦، ص ٩٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٣٨ كذلك بحث الإباضية المضاربة عن طريق السفينة والمال(١) . ويفسر أطفيش دون إذن ) « حظر قيام العامل بالمضاربة في بلد قطع البحر بينه وبين بلده »صاحب المال) بقوله: وإن لم يشترط) رب المال (عليه) أي: على المضارب (موضعا) ولا أحد )» ً ا ً ولا ناسا ولا طريق ً ا ولا سلعة (اتجر) مع من شاء في أي سلعة وأخذ أي طريق ً شاء وينظر المصلحة واتجر (حيث شاء) مع نظرها (غير بلد قطع البحر) بعض البحر أو كله (بينه وبين بلده) أي: بلد المضارب، سواء كان أيض ً ا بلد ً ا لصاحب المال أم لا، سواء كان البلد الذي يقطع إليه البحر جزيرة كجربة وعدن فيكون قد قطع البحر إن سافر إليها، أو غير جزيرة كقرى الأندلس، فإنها لم يحط البحر بها، وإنما تسمى جزيرة لأن البحر أحاط بها من ثلاث جهات غير جهة الشمال، فمن سافر إليها فقد قطع البحر كله. « وكذلك لا يسافر في البحر ولو بلا قطع أو على ا لساحل(٢) . ٧ ما يؤثر على ا لمضاربة: بحث الإباضية خصوصا مسألتين يمكن أن تؤثرا على المضاربة، وهما: ً (١) فقد جاء في مدونة أبي غانم: وعن رجل دفع إلى آخر سفينة ومالا، » ً مقارضة على النصف، وقال صاحب السفينة: لا تنفق على السفينة شيئ ً ا إلا أعلمتني به، فإن فعلت فأنا منه بريء، وشرط ذلك بينهما، فلما أتي الرجل الهند، خلقت السفينة وأنفق عليها، حتى قدم فقال لصاحبه: إني قد أنفقت عليها، ولم يكن لي من ذلك بد، فقال له صاحب السفينة: ألم اشترط عليك؟ قال: لا أحسبه. فأقبلا إلى الشيخ؛ فأخبرهما أن نفقتها من الربح، فإن عجز الربح بيعت السفينة أو قومت، فينظر في ثمنها يومئذ وثمنها وهي خلق، فيعطي رأس المال وما كان من فضل على رأس المال والثمن الأول فيعطي ربحه وما ينوبه منه، وإن لم يكن إلا رأس المال والسفينة خلق، دفعت مدونة أبي غانم الخراساني ملحق بها كتاب « إليه السفينة ورأس المال ولا ربح إلا من الفضل . ابن عباد وكتاب الربا، ص ٦٥٣ ؛ ابن غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٢، ص ٤٣٧ (٢) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٠ ، ص ٣٣٦ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٣٩ · الوفاة: بحث الإباضية موت المضارب أو رب المال، يقول ا لصحاري: وإذا مات رب المال بطلت المضاربة إلا أن يكونا جعلا لها أجل فإلى أجلها » على الأصح وقيل: إنها تنتقض بموت رب المال أو بموت المضارب فإذا عملا بعد نقضها جهلا ً فلا أحب أن يكون ضامن ً « ا إذ هو عامل بسبب وظن أن العمل له جائز(١) . وقد فصل أبو سعيد حالة موت المضارب، بقوله(٢) : فمعي أنه أكثر ما قيل: إن ما تركه هذا الرجل، هو محكوم في ملكه أنه » للهالك المضارب، حتى يصح بينة في شيء بعينه، أنه من المضاربة التي كانت بيده، ولا شيء لصاحب المضاربة إلا ما صح بالبينة، وقد قيل: إنه إذا صح أنه دفع إليه مالا ً مضاربة، ثم مات ولم يتبين ذلك، كان لرب المال مثل ماله فيما تركه المضارب مثل وزنه، أو كيله، ولو لم يصح بعينه أنه من ا لمضاربة. والقول الأول عندي أصح، لأن المضاربة إنما هي أمانة ليست بمضمونة على ا لمضارب. قلت: إن كان الرجل المتوفى كان يعرف بشيء يملكه غير هذه المضاربة، أو يعرف كيف يفعل هذا المبتلى مع هذا الهالك، وقد غابت عنه أموره بغيبته عنه، فلم يعرف هذا الذي خلفه من مضاربته هذه. فمعي أن القول في هذا سواء، وما لم يصح لرب المال شيء مما خلف رب « المال بعينه، أنه من مضاربته، فقد مضى القول والاختلاف فيه(٣) . (١) . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ١٠١ (٢) بخصوص المسألة الآتية: عن رجل دفع إلى رجل رأس مال يضارب به، ويتجر به، وكان يغيب بمضاربته، ويشهد ويخرج إلى القرى، ويتجر فيها، فتوفي في بلد كان يتجر فيه، ولم تكن له وصية، وخلف فيه مالا ً وبضاعة ومتاعا، وخلف أيتاما، ما حكم ما خلفه هذا الرجل، ًً وكيف يفعل صاحب هذا الرأس ا لمال؟ (٣) . الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٤، ص ١٣ ١٤ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٣٤٥ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٤٠ كذلك فصل ا لبطاشي(١) . حالة وفاة رب المال، بقوله: وكذا إن مات رب المال فإن اتجر المقارض بعده فله منابه إن اتجر قبل » موت رب المال على حساب ما عقد معه سواء علم بموته أو لم يعلم ولكن ضمن التلف إن علم واتجر بعد علمه، وإن لم يتجر قبل موت رب المال ثم اتجر بعد موته عد متبرع ً ا في الحكم وله العناء فيما بينه وبين الله وضمن التلف إن علم بموته واتجر بعد موته، وقيل: له عناءه في الحكم وفيما بينه وبين الله لأنه ليس متعديا. ً قال القطب 5 : ولا يقال إنه حين مات صاحب المال وانتقل ذلك إلى الوارث وعلم به فقد انفسخ ما بينهما ويصير متعديا بعد ذلك، وإن لم يكن ً متعديا في الأصل قال: لأنا نقول: لا يلزم من الفسخ أن لا يثبت له شيء ألا ترى ً أنه ثبت لوارث المقارض فيما بينه وبين الله حين علم واتجر ولو لم يتجر .« المقارض وإن غصب من مقارض مال القراض أو بعضه ثم رد · الجنون: بحث الإباضية حالة جنون صاحب المال، وقالوا: إنه لا يجوز للمضارب أن يستمر بعد ثبوت ذلك الجنون في المضاربة، وإلا كان ضامن ً ا للتلف: إذ يعتبر وكأنه يتصرف في مال غيره. وهكذا قيل بخصوص جنون صاحب المال بعد مدة من إعطائه المال للمضارب ومع ذلك استمر هذا الأخير في ا لمضاربة: المضاربة بدراهمه بعد حدوث الجنون به؛ لحال تغير عقله بسببه، وإن » كانت في بدوها ثابتة الأصل، فإنها منتقضة لتغير العقل؛ لأن من كان حاله كذلك؛ فلا يثبت منه نقض ولا إتمام؛ إذ لا تجري عليه الأحكام، وإن بقي المضارب على المضاربة بها كما كان؛ فلا أبرئه فيما تلف منها من الضمان على (١) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٦، ص ١٠٢ ١٠٣ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٤١ يده؛ لأجل تعديه في مال غيره، بغير وجه موجب له جواز ذلك فيه، ومهما صح تعلق الضمان عليه بذلك، فيلزمه الخلاص منه مع سائر الديون الصاحة عليه؛ إذ هو من جملته، لا مخرج له منها؛ لاستوائهما بعد صحة تعلقهما عليه في الحكم؛ إذ هو حق كسائر الحقوق، وليس غيره أقدم منه في الأداء في حكم القضاء، وإنما يكون حكم الجميع بالسواء إن صح للجميع الوفاء، وإلا فالمحاصصة « تكون بين ا لغرماء(١) . ? A ا ? ا A ت ا  ا ندرس أولا ً الضوابط الحاكمة لإنشاء الشركات الحديثة، ونتبع ذلك بعرض لبعض أنواعها: :A ت ا  ء ا  لإ  ا Q ا# e أ) ا هذه الشركات هي ثمة التطور الحديث للعلاقات التجارية. أما الشركات التقليدية فقد بحثها الفقهاء الأقدمون لأنها هي التي كانت موجودة في زمانهم. ونحن نعتقد أنه يجوز الأخذ بأية صورة من صور الشركات الحديثة، مع الأخذ في الاعتبار ما يلي: ً ﺎ ﺎــﻤﻟ ﻖﺒــﺳ ﻥﺃ ﻩﺎﻧﺮﻛﺫ ﻦﻣ ﺓﺭﻭﺮــﺿ ﺬــﺧﻷﺍ ﺭﻮﻣﻷﺎﺑ ﻥﺃ ﻚﻟﺫ ﺪــﻌﻳ ﻘﻴﺒﻄﺗ. ﺔﺛﺪﺤﺘﺴﻤﻟﺍ ﻲﻓ ﻝﺎﻤﻋﻷﺍﺔﻳﺭﺎﺠﺘﻟﺍ (٢) ﺃ ( ﻥﺃ ﻢﺘﻳ ﺓﺎﻋﺍﺮﻣ ﺪﻋﺍﻮﻘﻟﺍ ﺓﺭﺮﺤﻤﻟﺍ ﺲﺳﻷﺍﻭ ﺓﺭﺮﻘﻤﻟﺍ ﻲﻓ ﺕﻼﻣﺎﻌﻤﻟﺍ ،ﺔﻴﻣﻼﺳﻹﺍ ﻲﻟﺎﺘﻟﺎﺑﻭﻻ ﺯﻮﺠﻳ ﻞﻴﻠﺤﺗ ﻡﺍﺮﺤﻟﺍ ﻭﺃ ﻢﻳﺮﺤﺗ.ﻝﻼﺤﻟﺍ ﺏ ( (١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٦ ، ص ٢٢٥ ٢٢٦(٢) راجع ما قلناه آنف ً ا. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٤٢ ج ( أن الصور التقليدية للشركات والتي أطنب الفقهاء الأقدمون في تحليلها ودراستها هي اجتهادات فقهية ومسميات تلازمت مع الأوقات والبيئة التي نشأت فيها. وبالتالي فالجمود غير مطلوب، وإنما تتغير الأحكام بتغير ا لزمان. د ( أن الكتاب والسنة والإجماع ليس فيه ما يمنع من تطبيق شكل معين من الشركات، ما دام يتفق مع قواعد الشريعة. فالأصل في العقود الإباحة، والتجارة تكون عن تراض. يكفي أن نذكر في هذا الشأن قول ا لشوكاني: هذه الأنواع التي ذكرها أهل الفروع وقالوا: مفاوضة. عنان. أبدان. وجوه » ليست إلا أسامي اصطلحوا عليها وجعلوا لكل واحد منها ماهية، وقيدوها بقيود. وليس هذا العلم علم مواضعة ولا علم اصطلاح بل هو علم يبين فيه ما شرعه الله   « لعباده من العبادات والمعاملات(١) . ويقول صاحب الروضة ا لندية: واعلم أن هذه الأسامي التي وقعت في كتب الفروع لأنواع من الشركة » كالمفاوضة والعنان والوجوه والأبدان لم تكن أسماء شرعية ولا لغوية بل اصطلاحات حادثة متجددة، ولا مانع للرجلين أن يخلطا ماليهما ويتجرا كما هو معنى المفاوضة المصطلح عليها؛ لأن للمالك أن يتصرف في ملكه كيف يشاء ما لم يستلزم ذلك التصرف محرما مما ورد الشرع بتحريمه. ً وإنما الشأن في اشتراط استواء المالين وكونهما نقد ً ا واشتراط العقد فهذا لم « يرد ما يدل على اعتباره بل مجرد التراضي بجمع المالين والاتجار بهما كاف(٢) . :A ت ا  ر ا 3 < ب) درا نذكر هنا بعض أنواع من هذه ا لشركات. (١) . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٣، ص ٢٤٦(٢) . الروضة الندية، ج ٢، ص ١٤٢ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٤٣ ١ الشركات ا لمساهمة: وهي كما سبق القول ينقسم رأس مالها إلى أسهم متساوية القيمة، وتقبل التداول بالطرق التجارية، وتكون مسؤولية كل شريك فيها بقدر قيمة الأسهم التي اكتتب فيها، ولا يكون اسم أي من الشركاء أو كلهم عنوان ً ا لها. وبالسهم يقدم الشريك حصة في الشركة بخلاف السند الذي هو دين على الشركة ؛ لذلك فالسهم يعطي لصاحبه نصيبا في أرباح الشركة، بينما السند يتلقى صاحبه فائدة ً سنوية سواء ربحت الشركة أم خسرت. والأصل أن هذه الشركات جائزة شرع ً ا. تقول دار الإفتاء ا لمصرية: الشركات المساهمة جائزة شرع » ً ا عند جميع الأئمة، ولكن يجب ألا يستعمل « رأس مالها بفائدة أو ربا، أو بيع أو شراء شيء محرم في الشريعة ا لإسلامية(١) . كذلك قررت دار الإفتاء ا لمصرية: » ١ ........ ٢ أسهم الشركات التي يشتريها الناس وتكون قيمتها مجتمعة هي رأس مال الشركة موزع ً ا على جميع المساهمين فيها تعتبر عروض تجارة وتجب فيها الزكاة ومقدار ما يجب فيها وما يضاف عليها من ربح هو ربع ا لعشر. ٣ السندات عبارة عن ديون لأصحابها على البنك المسحوب منه السند وحكمها في الزكاة حكم الديون المضمونة ولا خلاف في وجوب الزكاة فيها وإنما الخلاف في وقت وجوبها فيرى الحنفية عدم لزوم إخراج زكاتها حتى يقبض الدين ومتى قبض فإنه يزكى عما مضى ويرى الشافعية وجوب إخراجها في الحال وإن لم يقبض. (١) الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، ج ٥ ٧، ص ٢٣١٢ ، وثمة رأي في الفقه ذهب إلى القول بحرمة شركات المساهمة استناد ً ا إلى أنها جزء من النظام الرأسمالي الذي لا يتفق مع النظام الإسلامي، وأنها يشوبها الجهالة إذ لا يعلم المشتري للأسهم العلم التفصيلي بحقيقة محتوى السهم (راجع هذا الرأي والرد عليه في د. ماجد الكندي أسواق الأوراق المالية .( وضوابطها في النظر الفقهي، مكتب الإفتاء، سلطنة عمان، ص ٣٩ ٤٣ ُ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٤٤ ٤ وجوب زكاتها مشروط بأن تكون القيمة قد بلغت نصابا وحال عليه ً الحول وكانت فائضة عن حوائجه الأصلية، ويعتبر الحول من تاريخ الشراء، « ومقدار زكاتها ربع ا لعشر(١) . ونرفق بهذه الدراسة بعض الملاحق بخصوص الأسهم في إطار الشركات ا لمساهمة(٢) . ا(٣) والفتوى بشروط معينة هي أن شراء أسهم الشركات في البورصة جائز شرع ً . ٢ نظام شركة بزناس وشركات التسويق ا لشبكي: وفيها يحصل المشترك على دخل. إذ تتسع قاعدة الشركة في شكل هرم المستفيد الأول منه يوجد في قمته الذي تتكون تحته ثلاث طبقات، على أن تدفع (١) ١٧٧٧ ، وانظر الاتجاهين الخاصين بزكاة ، الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، ج ٥ ٧ الأسهم والسندات (الاتجاه القائل بالتفرقة بين الشركات التجارية وغير التجارية، والاتجاه الذى ينظر إلى أسهم جميع الشركات على أنها من عروض التجارة) في د. يوسف القرضاوي: . فقه الزكاة، ص ٥٢١ ٥٢٩ (٢) انظر لاحق ً ا، وانظر رأيا بخصوص المضاربة في أسهم الشركات في سوق المال عن طريق ً شراء ما يرخص ثمنه من الأسهم وبيعها عندما يرتفع السعر وبالتالي يتحقق الربح من الفرق بين سعري الشراء والبيع. وقد انتهى صاحب ذلك الرأي إلى أن ذلك أمر غير مشروع ويتعارض مع الأدلة الشرعية (راجع د. ماجد الكندي: الوجيز في فقه المعاملات المالية عند .( الإباضية، ص ٣٧٣ ٣٧٧(٣) وهكذا بخصوص: ما حكم التعامل في البورصة حلال أم حرام من ناحية شراء أسهم الشركات وكوبونات شركات السكر والمحالج؟ يقول المفتي السابق لمصر: الجواب: البورصة ما هي إلا سوق للأوراق المالية والمعاملات ا لتجارية. »وبناء على ذلك: فإن التعامل في البورصة بشراء أو بيع أسهم الشركات التي تتعامل فيما أحله الله تعالى جائز شرع ً ا؛ بشرط أن يكون الشراء أو البيع بقصد المشاركة في التجارة أو الصناعة أو الإنتاج، أما إذا كان بقصد المضاربة على هذه الأسهم لإفساد الواقع المالي لهذه الأسهم والتدليس على جمهور المتعاملين؛ فإن ذلك لا يجوز شرع ً.« ا ، د. علي جمعة: الكلم الطيب فتاوى عصرية، دار السلام، القاهرة، ١٤٢٨ ٢٠٠٧ ، ج ٢ . ص ١٩٣ ١٩٤ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٤٥ قاعدة الهرم مجموع عمولات وحوافز الأفراد الذين هم فوقهم بالإضافة إلى عمولة الشركة، على أمل أن تتبوأ القاعدة تلك القمة إذا قامت باستقطاب أعضاء جدد يكونون بداهة في مستويات أدنى تحتهم. معنى ذلك أن الأعضاء الجدد هم الذين يتعرضون للخسارة، لأنهم لا يضمنون أن تتكون تحتهم ثلاث طبقات فيكسبون، وإلا فهم الخاسرون. وهذا هو القمار بعينه: إذ فيه لا يدري من يدفع مالا ً هل سيكسب أم سيخسر. ولهذا السبب أصدر مجمع الفقه الإسلامي فتوى تقضي بعدم جواز تلك ا(١) الشركات شرع ً . ٣ شركات ا لتضامن: ندرس أولا ً ماهية التضامن بين الشركاء، وأدلة وجود هذا ا لتضامن. أولا ً ماهية التضامن بين ا لشركاء: قلنا سلف ً ا إن شركة التضامن تكون مسؤولية الشريك فيها ذات طبيعة مزدوجة: - فهي مسؤولية شخصية لأنه يسأل في أمواله الخاصة عن كافة ديون ا لشركة. (١) ٢٤ بتاريخ ١٧ ربيع الآخر ١٤٢٤ ه الموافق / فقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي في جلسته ٣ ٢٠٠٣ م الفتوى ا لتالية: /٦/٧١ إن الاشتراك في شركة بزناس وما يشابهها من شركات التسويق الشبكي لا يجوز شرع » ً ا لأنه قمار. ٢ إن نظام شركة بزناس وما يشابهها من شركات التسويق الشبكي لا صلة له بعقد السمسرة كما تزعم الشركة وكما حاولت أن توحي بذلك لأهل العلم الذين أفتوا بالجواز على أنه سمسرة من خلال الأسئلة التي وجهت لهم والتي صورت لهم الأمر على غير حقيقته. وبناء على هذا يوجه المجمع الجهات المرخصة بسحب تراخيص شركات التسويق الشبكي .« وعدم منح أي تراخيص بمزاولة هذا النشاط إلا بعد الرجوع إلى مجمع الفقه ا لإسلامي انظر أيضا تفصيلات كثيرة حول السمسرة بالتسويق الشبكي، في د. ماجد الكندي: المعاملات ً . المالية والتطبيق المعاصر، ج ١، ص ٥٦٩ ٥٨٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٤٦ - وهي مسؤولية تضامنية لأن كل شريك يضمن ديون الشركة ويجوز الرجوع على أي من الشركاء بخصوص كل ديون ا لشركة. ويتواجد التضامن في شركة التضامن (بالنسبة لأي شريك) وشركة التوصية البسيطة (بالنسبة للشركاء المتضامنين دون الشركاء ا لموصين). وفي الفقه الإسلامي ما يدل على معرفة شركات التضامن، وإن كان الفقهاء للدلالة على الضمان الواقع على ا لشريك). ) « كفالة » قد استخدموا كلمة وتتواجد هذه الكفالة في نوعين من الشركات التقليدية السابق الإشارة إليها وهما شركة المفاوضة، وشركة ا لوجوه: ما تضمنت وكالة وكفالة، وتساويا » يقول الجرجاني: إن شركة المفاوضة هي مالا ً وتصرف ً ا ودين ً أن يشتركا بلا مال على أن يشتريا » : كما أن شركة الوجوه هي « ا « بوجوههما ويبيعا وتتضمن ا لكفالة(١) . يقول البيضاوي: إن ،« الضمان » كذلك استخدم فريق آخر من الفقهاء كلمة والأصل فيه قوله ژ ،« التزام دين على آخر » الضمان هو : الدين يقضى والزعيم » « غارم(٢) . بينما جمع فريق ثالث معنى الكفالة والضمان بقوله (في ا لكفالة):(٣) . الكفالة هي ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في المطالبة بنفس أو دين » « أو عين(٤) . (١) . الجرحاني: التعريفات، ص ٧٣(٢) قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ج ١، ص ٥٢٩ ، والحديث رواه أحمد .٧٢/ ٢٦٧ ، والسنن الكبرى ٦ / ٨٠٤ ، وأحمد ٥ / وأصحاب السنن، انظر ابن ماجه ٢(٣) .( محمد قدري باشا: مرشد الحيران، ص ١٦٠ (المادة ٨٢٢(٤) وهكذا يمكن القول إن ا تجاه ً ا في الفقه استخدم كلمة الكفالة للتعبير عن كفالة النفس وضمان المال، بينما يقصر اتجاه آخر الكفالة بالنفس على: الكفالة، ويطلقون على الكفالة بالمال: ، العوتبي: الضياء، ج ١٧ « والكفيل والضمين معناهما يقرب بعضه من بعض » : الضمان. بل قيل . ص ١٠٣ ؛ ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٤١٢ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٤٧ وأكد إمكانية الضمان في الديون أيض ً ا قوله تعالى: ﴿ <; = BA@?> ﴾[ [يوسف: ٧٢ . ثانيا أدلة وجود تضامن بين ا لشركاء: ً بخصوص ديون الشركة عند « تضامن الشركاء » يمكن أن نستنبط مسألة الإباضية، مما يأتي: · فقد سبق أن قلنا عند دراسة شركة المفاوضة إنه بخصوص ديون الشركة بعد افتراق المتفاوضين وعليها دين أن لأصحاب الحقوق أن: يأخذوا أيهما شاؤوا بجميع الدين، فإن أخذ أحدهما فأدى شيئ » ً ا لم يرجع على صاحبه حتى يؤدي أكثر من النصف، فإذا أدى أكثر من النصف رجع على « شريكه بالفضل على ا لنصف(١) . وقد قلنا: إن ذلك التضامن يسري على شركة ا لوجوه. · يفرق الإباضية بين الكفالة والضمان، ويقصرون الأولى على النفس، والثانية على المال. يقول السالمي بخصوص الفرق بين الكفالة والضمانة والحوالة: أما الكفالة فهي أن يتكفل الرجل بإحضار المدعى عليه عند تمام الأجل » المحدود. وأما الضمانة فهي أن يضمن في الحق المدعى عليه على غيره ويكون لصاحب الحق أخذه من الضامن ومن المضمون عنه إن شاء فأيهما لزمه في حقه كان عليه أداؤه، وأما الحوالة فهي أن يضمن في الحق المدعى ويبري صاحب الحق المضمون عنه فيبقى الحق على الضامن من خاصته، ولا رجعة له على « الأول إذا كان قد برأه ا ختيارا فانحال الحق في ذمة ا لثاني(٢) . ً (١) انظر سابق ً ا، وأيض ً . ا العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ٢٥(٢) العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين، ج ٤، ص ٤٣ . كذلك قيل: أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٤٨ « القبالة مثل ا لضمانة » ويرى فقهاء الإباضية أن(١) ، يقول ا لسالمي: القبالة وهي الضمانة في عرف الفقهاء تلزم المقابل وهو الضامن بأداء الحق » بلا خلاف إذا قابل عن اختيار غير مجبور وكان ذلك عن أمر من عليه الحق، « ا(٢) وليس له الرجوع عن القبالة بل يلزمه الوفاء بها حكما ودين ً . ً · بخصوص أحكام الضمان، يقول أبو إسحاق: ولا يتم ضمان إلا بوجود خمس خصال: أحدها: حضور الضامن » : قال والمضمون عليه، وعندي أنه لا يحتاج المضمون له إلى محضره. الثاني: رضاهم جميعا بالضمان. الثالث: أن يكون الضامن جائز الأمر. الرابع: أن يكون المال ً معلوما. الخامس: أن يلفظ الضامن بالضمان فإن كان على هذا الوصف لزم ً الضامن ما ضمن به، فإن أفلس الضامن أو مات، ولم يخلف وفاء رجع صاحب الدين على الغريم إلا أن يكون صاحب الدين أبرأه، وهو جائز الأمر فلا يرجع عليه بشيء. قال: ولا يرجع الضامن على المضمون عليه بشيء إلا أن يكون ضمن عليه بإذن له، فإنه يرجع عليه وله ومطالبته. قال أبو إسحاق: وهذا من أثر وتخريج، وله مطالبة من شاء منهما إلا أن يبرأ الغريم الأول برئا جميعا، فإن أبرأ الضامن عاد حقه على الأول، وأقول: إن ً المضمون له لا يحتاج إلى جواز الأمر؛ لأن من كان غير بالغ وطلب إنسان ً ا بحق فضمن له ضامن بذلك لزم الضامن ما ضمن للمضمون له، وكذلك لو كان أيضا ً والفرق بين الكفالة والضمان أن الكفالة تكون بالنفس والضمان بالمال. فالضمان التزام »شيء عن المضمون والكفالة التزام نفس المكفول به. ومن الدليل على أن الضمان يكون للمال والكفالة للنفس أن الإنسان يجوز أن يضمن عمن لا يعرفه، ولا يجوز أن يكفل من راجع « لا يعرفه لأنه إذا لم يعرفه لم يتمكن من تسليمه ويصح أن يؤدي عنه وإن لم يعرفه . أبو هلال العسكري: الفروق اللغوية، دار زاهد القدسي، القاهرة، ص ١٧٠ ١٧١ (١) أجوبة المحقق الخليلي، ج ٤، ص ٢٧٦ ، ويقرر رأي أن خطاب الضمان من صور الكفالة . المعاصرة، راجع د. ماجد الكندي: الوجيز في المعاملات المالية عند الإباضية، ص ٤٤٣(٢) . جوابات الإمام السالمي، ج ٣، ص ٢٠٢ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٤٩ عبد ً ا أو غير عاقل لذلك، وللمضمون له أن يطالب من شاء من هؤلاء، ولا يبرأ « الغريم ببراءتهم له إذا كانوا غير جائزي ا لأمر(١) . هو موجود في شركات التضامن « رضاهم جميعا بالضمان » ومعنى الشرط الثاني ً والتوصية البسيطة (بالنسبة للشركاء المتضامين) لأنهم بقبولهم أن يكونوا شركاء فيها قد ارتضوا أن تكون مسؤوليتهم شخصية وتضامنية (أي: وافقوا على ا لتضامن)(٢) . · « الشريك أولى بماله من غرماء شريكه » أن عبارة(٣) : - تطبق فقط في حالة عدم التضامن بين الشركاء: بمعنى أن كل شريك  مسؤول فقط في حدود نصيبه في ا لشركة. -لا تطبق في حالة التضامن بين الشركاء لسببين: الأول « تعاقدي » أو « اتفاقي » أن التضامن هنا ليس مفترضا، بل هو ً ارتضاه كل شريك قبل دخول ا لشركة. والثاني أنه في حالة التضامن لا يوجد غريم لشريك بعينه، وإنما الغريم هو باعتبارها شخصا قانونيا يتمتع بشخصية معنوية. « غريم الشركة » ً « الضامن الغارم » أو « الزعيم غارم » ومن ثم تطبق هنا قاعدة(٤) . ومعنى غارم؛ أي: ضامن. (١) . إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٤٠٥(٢) والتضامن بين الشركاء لا يفترض كقاعدة عامة، لذلك فالقاعدة تقرر: .« أحد الشريكين ليس بخصم عن الآخر، فلا يكون الحكم عليه حكما على ا لآخر » ً ويستثنى من ذلك: أن يكون كل واحد منهما كفيلا » ً عن الآخر بأمر، فحينئذ يكون القضاء على أحدهما قضاء .« على ا لآخر . مفتي الشام محمود حمزة: القرائن البهية في القواعد والفوائد الفقهية، ص ٥١(٣) العالم موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون المعادن، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة . عمان، ١٤٠٤ ١٩٨٣ ، ج ١٤ ، ص ٢٢ ُ (٤) . راجع هذه القاعدة، في: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٥٨٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٥٠ · جوهر فكرة التضامن كما سبق القول أن الدائن يمكن أن يرجع على أي شريك(١) . ويكون للشريك الذي دفع الدين أن يرجع على باقي الشركاء كل بنسبة دينه. وهذا ما قاله أبو قحطان: كل حر بالغ صحيح العقل أو أنثى ضمن على أحد من الناس كلهم ممن » يجوز أن يلزمه الحق الذي ضمن به عليه على وجه من الوجوه كلها بحق من جميع الأموال وما عاد في المعنى إليها من المضمون عنه من ضمان يدرك في البيوع من استحقاق أو رد بعيب ونحو ذلك أن الضمان في ذلك كله جائز والضامن به مأخوذ غارم إلا في الحدود والقصاص فالضمان به باطل وللضامن على المضمون عنه خلاصه ممن ضمن به عنه فإن أداه الضامن لزم « المضمون عنه(٢) . باختصار، يتضح مما تقدم أن ليس ثمة ما يمنع عند الإباضية من القول بتضامن الشركاء في بعض الشركات، متى تراضى الشركاء على أن تكون مسؤوليتهم شخصية وتضامنية. صادرة من « التضامن » ويشترط لجواز ذلك أن تكون الموافقة على مسألة شخص له أهلية تسمح له بذلك. وهو ما لا يتوافر، في نظرنا، في الصبي أو العبد المأذون له بالتجارة(٣) . (١) جاء في كتاب ابن عباد: وإذا كان لرجل على رجل مال، [وتكفل عنه] رجل آخر. فقول ابن عبد العزيز والربيع: أن للطالب أن يأخذ أيهما شماء؛ وإن كانت حوالة لم يكن له أن يأخذ الذي أحاله لأنه قد أبرأه؛ وبه نأخذ. وكان ابن عباد يقول: ليس للطالب أن يأخذ الذي عليه الأصل، لأنه حيث قبل منه الكفيل فقد أبرأه من المال، إلا أن يكون المال قد توى على الكفيل، فيرجع به على الذي عليه ا لأصل. . مدونة أبي غانم الخراساني ملحق بها كتاب ابن عباد وكتاب الربا، ص ٦٠٢ (٢) . النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ٨١ ؛ بالشيخ أبو زكريا: كتاب المنهاج في الأحكام، ج ٢، ص ٣٧ ٣٨(٣) في هذا المعنى قيل: وإذا تكفل العبد المأذون له في التجارة بكفالة فقولهما جميعا إن كفالته باطلة لأنها معروف، » ً الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٥١ · وفكرة تضامن أكثر من شخص بخصوص التزام أمر ما ليس بالغريب على الفقه الإباضي: يكفي أن نذكر أيض ً ا التطبيقات ا لآتية: ،« في الضمان بالتدافع » ١ فتحت باب يقرر ا لثميني: « إن المتصارعين والمتدافعين بالتنازع متضامنين »(١) . ونحن نرى أن يستثنى من ذلك حالة واحدة: التدافع أثناء الحرب؛ فالتصارع والمدافعة لرد العدو ونحوه واستئصال شأفته لا توجب الضمان. ٢ ومن خير من بحث هذه المسألة الشيخ ا لرقيشي؛ إذ يقول: » المسألة ا لثانية: في ضمان ما فعله البغاة هل يكون على كل واحد قسطه من الضمان على عددهم أو عليه ضمان كل ما فعله ذلك الجيش يؤخذ به وذلك في كل مضمون في نفس أو مال وفي المسألة خلاف في الأثر وجه جواز الأخذ من الواحد منهم ضمان كل ما أخذه مجموعهم لأنهم يد واحدة ولأنهم أعوان على الظلم، فاليد الواحدة منهم يد لهم كلهم ووجه لا يضمن كل منهم إلا منابه من المظلمة قوله تعالى: ﴿ ÒÑÐÏÎ ﴾[ [النجم: ٣٨ ، والحق أنهم يد واحدة لأنهم كلهم يد واحدة، والله أعلم. المسألة ا لثالثة: إذا أخذ من له الضمان واحد ً ا منهم بجميع ذلك المضمون وأداه إليه من غير حاكم، هل له الرجوع على شركائه في الضمان بما أداه عنهم أم لا قول: إن أداه من غير حكم فلا رجوع على شركائه؛ لأنه يعد متبرع ً ا وتكفيهم التوبة لأن الحق أصله واحد فبلغ صاحبه وأما إن أداه بحكم حاكم فله الرجوع « عليهم صرح بذلك الشيخ جاعد في اللباب رأيته بعد ما كتبته والحمد لله(٢) . ابن « وليس يجوز له المعروف. وبه نأخذ. وكان ابن عباد يقول: كفالته جائزة لأنها من التجارة . غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٢، ص ٤٨٣(١) . ضياء الدين الثميني: الورد البسام في ضياء الأحكام، ص ٣٠٢(٢) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٣٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٥٢ ٣ وفي ذات المعنى ما يحدث من ا لبغاة(١) : ٤ كذلك بحث الإباضية التضامن بين المساهمين في الجريمة بخصوص دفع ا لدية. يثير دفع الدية عند تعدد من ارتكبوا الجريمة مسألة: هل يوجد تضامن بين الجناة؟ أم أن كل منهم مسؤول فقط عن حصته؟ إذا كانت الإجابة بالإيجاب عن السؤال الأول فإننا نكون بصدد ما يسمى في لغة القانون بالمسؤولية التضامنية joint and severalliability ، أما إذا كانت الإجابة بالإيجاب على السؤال الثاني فإننا نكون أمام ما يسمى بالمسؤولية الفردية: .Individual Liability وفي الفقه الإباضي يوجد هذان ا لاتجاهان: وهكذا بخصوص سؤال: عن اختلافهم في جماعة سرقت فتاب واحد هل عليه أن يؤدي الكل أو تجزئه حصته قولان ما وجههما؟ يقول ا لسالمي: أما القول بإلزامه الكل فتعلق الضمان بكل واحد منهم والضمان معنى »لا يتجزأ وإنما يتجزأ المضمون، فهو في ذمة كل واحد من السارقين على طريق ا لبدل. (١) وهكذا بخصوص ما يلي: نستشيرك في قبيلتين وقع بينهما حرب ويحتمل بغي الكل أو بغي أحد أهل القبيلتين، ثم »وقع بينهما صبر إلى مدة معلومة ثم سارت إحدى الطائفتين فهجمت على سور القبيلة الأخرى على حين غفلة ووقع قتال ونهب أموال، وقد صاحب الفئة المتسورة رجل وطلع السور ووقع ضرب البنادق، وقد صح قتل في أهل السور وحين الدخول في السور ليس فيه أحد إلا أنهم حواليه. ما يلزم هذا الرجل على هذه الصفة ما صح معه أنه قتله بنفسه أو جميع ًً ما فعلته السرية إذا كان التسور والفعل مثلا ً بغيا أيضا؟. ثم القبيلة المتسورين حين صح معهم التسور ثابوا وصح منهم قتل في أهل السور في حلتهم القريبة من السور وصح الضرب في أهل السور من ا لحزبين. الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٥٣ وأما القائل بأن تجزيه حصته فلعله رأى أن الضمان يتجزأ وأنه وقع على كل واحد جزء منه نظر إلى أن الغرض المطلوب في جملة المضمون لا معنى الضمان نفسه، ولأنه لا يلزم كل واحد منهم أن يسلم لصاحب المال جميع القيمة إذ لو لزم كل واحد منهم ذلك لأخذ عن حقه أضعاف ً ا مضاعفة. قلنا: إنما يلزمه عن طريق البدل بمعنى أنه إذا لم يسلم هذا لزم هذا ولصاحب الحق أن يختار فإن شاء ألزم الكل وإن شاء ألزم واحد ً ا أو اثنين أو ما شاء فإن سلم أحدهم جميع الحق لم تكن له على الباقين خصومة. « وللمسلم أن يرجع إلى أصحابه فيأخذ منهم حصصهم من ذلك(١) . هل يكون هذا الرجل شريك ً ا للمتسورين والثائبين كان ذلك عن مواطأة بين المتسورين تمت الإجابة كما يلي: « والثائبين أم لا؟ وربما المقتولون نظروا هؤلاء إذا خرج عليهم مع أهل البغي بغير ما يقدر به في الأثر أنه شريك للكل ما أصابته تلك »السرية التي هو فيها إذا كان المقتولون يرونه لمواجهته لهم معهم أو هو يراهم مواجهة، وإذا رام الخلاص فيلزمه في الكل بذل ما يجب لهم من قود أو دية إلا إذا ساعده الشركاء بما يكون من ذلك لازما أو بعضهم فينحط عنه في موضع الدية بقدر ذلك فإنه مما قد تعبد الكل ً به ولا عذر لمن أراد الخلاص إلا بالتزام كله. وما أحدثته السرية الأخرى فهو عليها دونه إذا كان قبل اجتماعهما وكونهما في الفعل والمواجهة للخصم جيش ً ا واحد ً ا، فإذا اجتمعا كانوا شركاء جميعا في ذلك، أما ما داموا فرق ً ا فلو علم أنهم في الأصل يد واحدة وقوم مجتمعون ً فالذي يظهر لي أن كل فرقة يلزم آحادها ما يلزم جميعها سواء نظرهم المقتول أو نظرهم سواد المقتول، على اختلاف عبارة أهل العلم في ذلك وكلها لا تخرج من الصواب فيما معي. والله ، المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، ج ١٢ « أعلم . ص ٣٤٢ ٣٤٣(١) . ابن رزيق: حل المشكلات، ص ١٧٥ ؛ جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٥٧٢ ٥٧٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٥٤ ا#"  ا ? ا )I5: ا(١)  ر ( ^4 أو ا  ت ا  ا رغم أن مثل هذه الشركات تجد لها جذورا منذ العهد الأول للدولة الإسلامية، إلا ً أنها في صورها الحديثة اتخذت أبعاد ً ا أكثر من حيث حجمها وأنشطتها والشركاء فيها. لذلك آثرنا أن نخصص لها مبحث ً ا مستقلا، ونتبع ذلك ببيان رأينا ا لخاص.  ت أو G ء  إ 5/ و ى  ١) : ونقصد بها الشركات التي يتم إنشاؤها مع غير المسلمين. ويوجد اتجاهان في الفقه الإسلامي بخصوص إقامة مشروعات مشتركة بين المسلمين وغير ا لمسلمين: الأول: يذهب إلى أن للرجل أن يشارك اليهودي والنصراني ، بشرط أن: .« يلي هو البيع والشراء، وذلك أنهم يأكلون الربا، ويستحلون ا لأموال » ويجد ذلك أصله، في رأينا، في الكتاب الذي أنفذه عبد الرحمن بن غنم ٰ لأهل الجزيرة بناء على طلبهم (والذي وافق عليه عمر بن الخطاب أيض ً ا باعتباره خليفة المسلمين) فقد جاء في ذلك ا لكتاب: « ولا يشارك أحد منا مسلما في تجارة إلا أن يكون إلى المسلم أمر ا لتجارة »(٢) . ً (١) المشاركة معناها: (أن يشارك إنسان غيره بقصد تنمية أموالهما في تجارة أو صناعة أو زراعة أو غير ذلك من وجوه المنافع المشروعة) (شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي، المعاملات .( في الإسلام، هدية مجلة الأزهر، ذو القعدة ١٤١٧ ه، ص ١٢ أجمعوا على أن الشركة الصحيحة أن يخرج كل واحد من الشريكين مالا » وقد قيل: إن المسلمين ً مثل صاحبه دنانير أو دراهم، ثم يخلطان ذلك حتى يصير مالا ً واحد ً ا لا يتميز، على أن يبيعا ويشتريا ما رأيا من التجارات، على أن ما كان فيه من فضل فلهما. وما كان من نقص فعليهما. فإن فعلا ً ذلك .( الإمام ابن المنذر، الإجماع، دار الثقافة، الدوحة، ١٤٠٨ ه ١٩٨٧ ، ص ٩٥ ) « صحت الشركة (٢) . الإمام ابن قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، دار العلم للملايين، بيروت، ١٩٨٣ ، ج ٢، ص ٧٧٦ ٧٧٨ انظر أيض ً . ا الإمام الخلال: أحكام أهل الملل، ص ١٠٦ ١٠٩ الباب الرابع: الشركا تف ي الفقه الإباضي ١٥٥ ويقول الإمام ا لخلال: استقرت الروايات عن أبي عبد الله بكراهة مشاركة أو » .« مضاربة اليهودي والنصراني إلا أن يكون هو يلي ذلك وعن عبد الله بن حنبل قال: سألت عمي: ترى للرجل أن يشارك اليهودي والنصراني؟ قال: لا بأس إلا أن لا تكن المعاملة في البيع والشراء إليه. يشرف على ذلك ولا » « يدعه حتى يعلم معاملته وبيعه(١) . والثاني يذهب إلى كراهة مشاركة غير ا لمسلم . وهكذا يقول الإمام السيوطي: « تكره الشركة مع ا لذمي »(٢) . ويكره مشاركة الكفار والفساق، فإنهم لا يحترزون » : ويقول الإمام البيضاوي « عن التصرفات ا لفاسدة(٣) . وجاء  ذلك أيض ً ولا نشارك أحد » : ا في عهد أبي عبيدة لأهل دمشق ً ا من المسلمين إلا أن يكون للمسلم .( أحمد زكي صفوت: جمهرة رسائل العرب، المكتبة العلمية، بيروت، ج ١، ص ١٥٢ ) « أمر التجارة ويقول ابن رشد بخصوص أنواع التعامل بين الذمي والمسلم أن: ١ التعاون بين الذمي والمسلم جائز، فيما يجوز بين ا لمسلمين. »٢ فإن وقع التعامل فيما لا يجوز بين المسلمين، لم يخل ذلك من ثلاثة أوجه: أحدهما: أن يتعاملا فيما يجوز ملكه، ولا يجوز بيعه. والثاني: أن يتعاملا فيما يجوز بيعه وملكه. على وجه لا يجوز من ا لغرر. والثالث: أن يتعاملا فيما لا يجوز ملكه. تحقيق: محمد الحبيب ،«( مسائل أبي الوليد بن رشد (الجد » (راجع تفصيلات أكثر، في .( التجكاني، منشورات دار الأفق الجديدة، المغرب، ١٤١٢ ١٩٩٢ ، ج ٢، ص ٨٦٢ ٨٦٦ (١) . الإمام أبو بكر الخلال: أحكام أهل الملل، ص ١٠٧ ١٠٩(٢) . السيوطي: الأشباه والنظائر، مؤسسة الحلبي، القاهرة، ١٣٨٧ ه ١٩٦٧ م، ص ١٩٣(٣) قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، تحقيق: علي محيي الدين داغي، . دار الإصلاح للطبع والنشر والتوزيع، القاهرة ١٤٠٠ ه ١٩٨٠ م، ج ١، ص ٥٣٧ حري بالذكر أن من يكرهون مشاركتهم يستندون أيض ً مشاركتهم سبب لمخالطتهم، » ا إلى أن . ابن قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، ج ١، ص ٢٠٦ .« وذلك يجر إلى موادتهم أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٥٦ ويستند هذا الاتجاه إلى عدة حجج، للقول بكراهة مشاركة غير المسلم وكراهة إقامة مشروعات مشتركة معهم، أهمها ما يلي: » ١ استحلالهم ما لا يستحله المسلم من الربا والعقود الفاسدة وغيرها. وعلى هذا تزول الكراهة بتولي المسلم البيع والشراء.  ٢ أن مشاركتهم سبب لمخالطتهم، وذلك يجر إلى موادتهم، وقد كره الشافعي وابن عباس مشاركتهم مطلق ً ا. ٣ علل اتجاه آخر كراهة مشاركتهم بأن كسبهم غير طيب، لأنهم يبيعون ول » : الخمر والخنزير. وهذه العلة لا توجد الكراهة: فقد قال عمر بن الخطاب ّ وهم وما باعوه من الخمر والخنزير قبل مشاركة المسلم جاز .« بيعها، وخذوا أثمانها لهم شركتهم في ثمنه؛ وثمنه حلال، لاعتقادهم حله؛ وما باعوه واشتروه بمال الشركة فالعقد فيه فاسد، فإن الشريك وكيل، والعقد يقع للموكل، والمسلم « لا يثبت ملكه على الخمر والخنزير(١) . ومن الآراء الجيدة، ذات المغزى، رأى الإمام ابن حزم إذ يجيز المشاركة، ويجيز لغير المسلم أن يتصرف، ولو منفرد ً ا. لكن بشرط أن يتقيد بالقيود التي يلتزم بها ا لمسلم. وهكذا يقول ابن حزم: مشاركة المسلم للذمي جائزة ولا يحل له من التصرف والبيع إلا » « ما يحل للمسلم(٢) . وقد أدى تداخل العلاقات الاقتصادية الدولية حاليا إلى إقامة مشروعات مشتركة بين الدول أو الشركات والتجمعات الاقتصادية الإسلامية أو غير ا لإسلامية. (١) . الإمام ابن قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٧٠ ٢٧٤(٢) معجم فقه ابن حزم الظاهري، جامعة دمشق كلية الشريعة، لجنة موسوعة الفقه الإسلامي، . ١٣٨٥ ه ١٩٦٦ ، ج ١، ص ٣٨١ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٥٧ ويبدو أن اتجاه ً ا في الفقه الإباضي يبيح إقامة مشروعات مع الدول غير الإسلامية في حالتين: الأولى إذا التزم الطرف غير المسلم بما أقره الإسلام من حلال أو حرام(١) : هذا أمر بديهي ذلك أنه لا يجوز عن طريق مشروع مشترك مع دولة غير إسلامية الخروج على القواعد المحررة والأسس المقررة في شريعة ا لإسلام. جاء في ،« باب في مشاركة المشركين ومن لا يتقي الحرام » وهكذا تحت كتاب ا لبصيرة: وكره كثير من أهل العلم مشاركة اليهودي والنصراني إذا كان الذي يلي البيع » الذمي. قال أبو سعيد: نعم قد كره مشاركة من لا يتقي الحرام في التجارة ولو كان البيع يتولاه المسلم، وبعض كره ذلك، إذا كانا جميعا يعملان كل واحد منهما على ً الانفراد، وبعض لم يكره ذلك إلا أن يكون هو يلي البيع، أعني الذمي أو من لا يتقي « الحرام، وهذا كراهية كله ولا يبين لي هنالك حرام بعينه إلا أن يعلم ذلك(٢) . (١) ويؤخذ من سياق حديث علماء المذهب في هذه القضية أنه إن أمن دخول الحرام » : لذلك قيل راجع: د. ماجد الكندي: الوجيز في فقه المعاملات ،« إلى الشركة فلا مانع من المشاركة . المالية عند الإباضية، ص ٣٣٩ (٢) انظر أيض ً ا: السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ مان، . ١٤٠٥ ١٩٨٥ ، ج ١٠ ، ص ٢١ راجع كذلك: أبو محمد الأصم، البصيرة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ . ص ٢٣ ٢٤ ما يدعو إلى التنزه عن المال الحرام والابتعاد عنه، فلا يجيز » أما الإمام جابر: كان كثيرا ً لما » : مشاركة المسلم للمشرك ولا لأهل الكتاب في التجارات والشركات؛ وعلل ذلك بقوله وهو ما ذهب إليه جمهور أصحابه، إلا ابن بركة، وجمهور ،« يستحلون من الذي يحرم عليهم الفقهاء على كراهتها من غير تحريم للحذر من إدخال الربا وما يدينون من تحليله، ولما يقع فيه من مخالطة المال، ويجري هذا الحكم في التحقيق أيض ً ا على كل فاسق ومنافق الحاج سليمان بابزيز: الإمام جابر والمشكلات الفقهية، ندوة فقه « لا يتورع عن أموال الناس النوازل وتجديد الفتوى، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ص ١٨٩ ١٩٠ . راجع ُ أيض ً . ا العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ٢٥ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٥٨ الثانية : إذا حتمت الضرورة ذلك لتطوير وسد حاجات الفرد، ومن باب أولى ا لدولة: إذ يجوز في « الضرورات تبيح المحظورات » : ولا جرم أن ذلك تطبيق لقاعدة هذه الحالة إقامة مشروعات مشتركة مع الدول غير الإسلامية أو حتى العمل لديها(١) ، (١) يقول الإمام ابن بركة:  لا يحرم على المسلم أن يفعل فعلا » ً تناله منفعة جزيلة وينجو من ذل الفقر. فإن كان يعلم أن يناله بعض الذل والظلم، إذا كان يعلم الذي يناله من عز الغني أكثر كما يجوز للمسلم أن يعمل لأهل الذمة؛ إذا كان احتاج عملا ً ينال به عزا يرفعه عن الفقر ومسألة الناس. وإن كان في ذلك إذلال النفس واحتمال المكروه وما لا يخفى على ذي لب، فيجوز للمؤمن أن يحتمل بعض الظلم والمكروه الذي هو دون غيره إذا كانت نيته أن يزرع لمنفعة نفسه وستر عياله. ولو لزم هذا لكان لا يجوز للمسلمين تخليص أسراهم من يد عدوهم بمال إذا قدروا على ذلك، لأن في ذلك تقوية لهم وإعانة منهم على أنفسهم، وقد أباح الله 8 ذكره مفاداة المشركين في كتابه فقال: ﴿ ^]\[ZYX _`a ﴾[ [محمد: ٤ ، وقد فعل رسول الله ژ يوم بدر ورجع قوم منهم فحاربوهم، ولم يكن نيته ژ تقوية منه لهم ولا تقوية على محاربته. .« وإنما كانت إرادته منهم التوبة التي كان يرجوها منهم الإمام ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٠٢ ٢٠٣ . وانظر النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ٢٧٣ ٢٧٤ . انظر أيضا السعدي: قاموس الشريعة، وزارة التراث القومي، والثقافة، ً . سلطنة عمان، ١٤٠٤ ١٩٨٤ ، ج ١٣ ، ص ٢٨٠ ُ وقال البخاري إلى خباب بن الأرت : كنت رجلا ً قين ً ا أي: حداد ً ا فعملت أي: سيف ً ا للعاصي بن وائل، وذلك بمكة، وهي يومئذ دار حرب، فاجتمع لدي عنه أي: مال ، ولفظ أحمد فاجتمع لي عنده دراهم، فأتيته أتقاضاه، فقال: لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، أما والله لا أكفر حتى تموت ثم تبعث، أي: لا أكفر أبد » : فقلت ً ا، قال: وإني لميت ثم مبعوث؟ قال خباب: نعم. قال: فإني سيكون لي ثم مال وولد فأقضيك. فأنزل الله تعالى: ﴿ "! ('&%$# ﴾[ [مريم: ٧٧ . وفي الحديث جواز أن يكون المؤمن أجير المشرك، لأنه ژ لم ينهه عن ذلك، وهو قبل ا لفتح . قلت: لعل ذلك للضرورة من جهة القوت أو الخوف، أو لأن ذلك قبل الإذن بقتال المشركين ومفارقتهم، أو خص بما لا إذلال فيه؛ كالحدادة والخياطة، بخلاف ما فيه إذلال؛ كالحمل أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في « على ظهرك أو دابتك لمشرك بأجرة وخدمته في منزله . فن الحديث، ج ٤، ص ١٢٩ وبخصوص الذمي يجد المعدن في أرض الإسلام، يقول ا لسالمي: الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٥٩ ما دام المسلم يقوم بعمل مشروع ويحصل حقيقة على أجره كاملا ً غير منقوص(١) . (فإنه لا شيء فيه فيمنع من أخذه كما يمنع من إحياء مواتها؛ لأن الدار للمسلمين وهو دخيل فيها، والمانع له الحاكم فقط عند بعض. وقيل: لكل مسلم منعه؛ لأنهم جميعا شركاء فيها، فمن قام ً . بشيء من مصالحها صح وثبت) السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ١٣٠ وواضح أن الضرورة قد تدفع الدولة الإسلامية إلى التصريح لشركات تابعة لدول غير إسلامية لاستخراج المعادن، كالبترول، والفوسفات، والمنجنيز من أراضيها إذا كانت هي لا تقدر على ذلك. (١) قيل: (العمل في البلاد التي استولى عليها المشركون تختلف باختلاف الأعمال، فإن كان العمل خيرا فهو خير، وإن كان شرا فهو شر)، (ما أفضى إلى شر فهو شر)، (وما لا يمكن ً  فعله إلا بمعصية فهو معصية). د. هلال الراشدي: القواعد الفقهية عند الإباضية تنظيرا ً  وتطبيق ً . ا، مركز الغندور، القاهرة، ٢٠٠٩ ، ص ١٤١ ويقول ا لسالمي: (لا يجوز دفع مال المسلمين إلى مشرك ولا إلى جائر من الموحدين ولا إلى خائن من الخائنين ومن فعل ذلك كان خائن ً ا لتضييعه أمانة ربه واستحق البراءة إن لم يتب، ولا تجوز إعانة الجائر في شيء من أحكام الجور ولا الحبس في محابسه المفضية إلى الجور في المحبوس، ومن فعل ذلك فقد استحق البراءة إن لم يتب. وأما العمل في البلاد التي استولى عليها المشركون والجبابرة فيختلف باختلاف الأعمال فإن كان عمل خير فهو خير وإن كان شرا فشر، وما أفضى إلى الشر فهو شر وما لا يمكن فعله إلا بمعصية فهو معصية، ومن عمل شيئ ً ا يستحق عليه العناء في المال فله أن يأخذ عناءه منه وإن ، دفع إليه المشرك أو الجائر ذلك جاز له) جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥ . ص ٢٢٨ ولذلك أفتت دار الإفتاء المصرية بجواز العمل في الشركات العالمية متعددة الجنسيات ما دام أن هذا العمل غير مرتبط بوجود الضرر بالمسلمين. واستندت لتأييد ذلك، بين أمور أخرى، إلى ما حدث في عهد ا لنبي ژ بقولها: وأما دليل الإجارة من المعاهد فهو ما أخرجه ابن عساكر عن ابن عباس ^ أصابت نبي » : قال الله ژ خصاصة، فبلغ ذلك عليا ƒ فخرج يلتمس عملا ً يصيب فيه شيئ ً ا ليغيث به النبي ژ فأتى بستان ً ا لرجل من اليهود، فاستسقى له سبعة عشر دلوا، على كل دلو تمرة، فخيره اليهودي ً على تمره فأخذ سبع عشرة عجوة، فجاء بها إلى النبي ژ فقال: من أين لك هذا يا أبا الحسن؟ قال: بلغني ما بك من الخصاصة يا نبي الله، فخرجت ألتمس لك عملا ً لأصيب موسوعة الفتاوى .« لك طعاما. قال: حملك على هذا حب الله ورسوله؟ قال: نعم يا نبي الله ً . المؤصلة من دار الإفتاء المصرية، ج ٤، ص ٧٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٦٠ مما تقدم يمكن تلخيص موقف الإباضية بخصوص المشروعات المشتركة، فيما يلي: واختلفوا في مشاركة الذمي للمسلم، فذهب الأكثرون إلى المنع احتراز » ً ا من « المال الذي خالطه الحرام، وذهب ابن بركة إلى ا لجواز(١) . ويستند ابن بركة إلى الحجة الآتية: أنه إذا كان منع المسلم من مشاركة الذمي في التجارة يرجع إلى الحذر من ادخار الربا فيها وما يدينون من تحليله مما هو  لو كان يوجب المنع لم تجز إلا مشاركة » حرام في دين المسلمين، فإن ما قالوا به العدل من المسلمين؛ لأن فيهم من يستحل في تجارته الحرام ويرتكب في ذلك ما لا يجوز في مذهبه ويستعمله مرة مستحلا، ً وتارة مرتكبا، وإذا كان هذا هكذا، ً « كانت مشاركة الذمي جائزة لاتفاقهم على إجازة مشاركة الفاسق من أهل ا لقبلة(٢) . (١) معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٣٢ . كذلك عن جابر بن زيد إلى عبد الملك بن المهلب: (وأما الذي ذكر من شركة الدهاقين (زعيم فلاحي العجم) في أرضهم فلا يحل لمسلم شركة مشرك من أهل الكتاب ولا غيرهم، لما يستحلون من الذي يحرم عليهم). إبراهيم بولرواح، . موسوعة آثار الإمام جابر بن زويد الفقهية، مكتبة مسقط، ج ٢، ص ٩٥٨ كذلك قيل: (واختير جواز مشاركة مسلم ذميا وغيره من المشركين في التجر مضاربة أو عنان ً ا أو مفاوضة بكراهة ولا يؤاخذ إلا بما اطلع عليه أنه فعله كالربا وثمن الخمر والخنزير، وإن منع الأكثر ذلك لما يدخله المشرك في تجره من أثمان ا لحرام). ، البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٦، ص ١٠٩ ؛ أطفيش: شرح النيل، ج ١٠ . ص ٣٨٣ (٢) ابن بركة، الجامع، ج ٢، ص ٣٦٨ . انظر أيض ً ا العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ٢٢ ، الصحاري: . الكوكب الدري والجوهر البري ج ٥، ص ٥١ ٥٢ ، الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٤، ص ٧٧ بينما جاء في المدونة الكبرى: (قلت: فما تقول في مشاركة اليهود والعمل معهم، وفي مخالطة الأموال: قال أبو المؤرج: أكره مشاركتهم، وقد رخص فيها غيري إذا كان المال بيد المسلم هو الذي يتجر به. قلت: من أين كرهت ذلك؟ قال: من قبل استحلالهم الربا، وبيعهم به، والبائع بالربا والمبتاع به في الإثم سواء). . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ١٢٢ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٦١ تجدر الإشارة أن إقامة مشروعات مشتركة مع غير المسلم تثير مسألة دفع الزكاة إذا توافر النصاب: والقاعدة أن الزكاة هي عبادة، وبالتالي فهي تفرض على المسلم فقط، لأنها من فروض الإسلام، وبالتالي فهي لا يلتزم بها غير ا لمسلمين.   ومن خير من عبر عن هذه المسألة في الفقه الإباضي الإمام ا لسالمي(١) . ونلاحظ أن الفقه الإباضي مختلف بخصوص هذه المسألة، إذ به عدة اتجاهات والكثير من ا لآراء(٢) . (١) لأهمية رأي السالمي نذكره بحذافيره: (وإن كان المشرك شريك ً ا للمسلم في أرض بلغت جملتها ا لنصاب: فقيل: لا يجب على المسلم زكاة في نصيبه حتى يبلغ النصاب، ولا يحمل على نصيب المشرك، لأن الزكاة عليه غير واجبة، وهو قول أبي علي وغيره، وجزم به أبو إسحاق في خصاله، وأبو جابر في جامعه. قال أبو جابر: كذلك من لا تجب عليه الصدقة من صافية أو مسجد أو نحو ذلك فلا صدقة عليه في حصته. وبيان ذلك: أن تكون الأرض نصفها ملك ً ا لمسلم ونصفها للمسجد، أو غيره من المذكورات فإنه لا يحمل نصيب المسلم على نصيب المشرك وغيره ممن لا زكاة عليه. وقيل: يحمل فتجب عليه الزكاة في نصيبه، سواء شارك ذميا أو غيره، من نحو المسجد والصافية؛ لأن النصاب في الجملة موجب للزكاة، وإنما سقطت عن المشرك لكونه ليس من أهلها، وعن المسجد ونحوه؛ لأنه ليس من العباد المعينين بقوله تعالى: ﴿ mlkj pon ﴾[ [التوبة: ١٠٣ . وينبغي أن يكون الخلاف في الحمل على الشريك المشرك مبنيا على الخلاف المذكور في تكليف المشرك بفروع ا لشريعة. وقد تقدم أن المذهب أنه مخاطب بها، بمعنى أنه معذب على تركها. وقد قيل: إنه غير مخاطب بها. فالمناسب أن يجعل القول بعدم الحمل مرتبا على القول بأنه لم يخاطب بها، إذ لا معنى ً للحمل مع رفع ا لخطاب. والقول الآخر مرتبا على القول بأنه مخاطب بذلك؛ لأن الخطاب شامل للكل لكن لخسة ً الشرك لم تقبل منه الزكاة فوجب على المسلم في نصيبه لهذا المعنى) السالمي: معارج . الآمال، ج ٧، ص ١٥٥ ١٥٦(٢) والتي جاءت في بيان الشرع، كما يلي: (وسئل عن رجل يصلي إذا كانت زراعته بينه وبين نصراني إذا جمعت فيها الزكاة، فإذا حصل للمصلي نصيبه لم تبلغ الزكاة أعلى المصلي في حصته زكاة أم لا؟ قال: معي، أنه يختلف فيه أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٦٢ ص: 4 ا C ب) رأ ازدادت في الوقت الراهن ظاهرة إنشاء مشروعات مشتركة بين الدول الإسلامية ودول غير إسلامية، أو بين مؤسسات أو أفراد مسلمين وغير مسلمين. وهذا ليس بالأمر ا لغريب(١) .  فيقال: من قال على المسلم الزكاة في حصته، إذا وجبت في جملة الثمرة الزكاة، لأنه شريك بحصته. ومعي، أنه في بعض القول أنه لا زكاة فيه، حتى تجب في حصته خاصة.  ومن كتاب أبي جابر ومن كان شريكه في الأرض ذميا أو ممن لا تجب عليه الصدقة من صافية أو نحو ذلك، فلا صدقة عليه في حصته، ولو جاءت الأرض كلها بما تجب فيه الصدقة، حتى تتم في حصته هو، وأما إن كان الشريك ممن تلزمه الصدقة، إلا انه لا يدين بها ولا يخرجها، فعلى هذا أن يخرج من حصته ما يلزمه، وإذا كان ذمي ومسلم مشتركين في حرث، فقول: لا يحملان على بعضهما بعض وبهذا نعمل، إلا أن تكون الأرض لأحدهما، ويأخذها الآخر بزراعة، وعليه الماء والبذر بنصيب معروف، فلا يحمل بعضهما على بعض، حتى يقع لكل واحد ما تجب فيه الزكاة، ولا نعرف في هذا ا ختلاف ً ا. قال غيره: إذا كانت الأرض للذمي وكانت من أرض العشر، ففيها الزكاة على الذمي والمصلي، وكذلك إن كانت للمصلي، وإن كانت للذمي، وهي مما لا تجب فيه العشر، فقد قيل: إنها إذا وجبت فيها الزكاة، كان على المصلي في حصته الزكاة، وقول: لا تجب عليه الزكاة، حتى يصيب من حصته ما تجب فيه الزكاة، ويحمله على ماله من غير هذه الحصة، وقول ليس عليه زكاة على حال، لأنها أرض لا زكاة فيها، وفيها ا لجزية. مسألة: من كتاب الضياء ومن كان شريكه ذميا، فجاءت الزراعة ثلاثمائة صاع، فعلى المسلم في نفسه، ولا شيء على الذمي، وقال قوم: لا شيء عليه، حتى تتم حصته ثلاثمائة صاع، وإن كان شريك ً ا في صافية، فهي مثل الأولى، وقال قوم: لا شيء عليه حتى يتم في حصته هو الصدق، والله أعلم بذلك. مسألة: ومنه، إذا كان الرجل شريك ذمي أو يهودي في الزراعة، فجاءه ثلاثمائة صاع، فلا زكاة على المسلم في حصته، حتى يحصل له في يده منها غير شريكه الذمي خمسة أوسق، ولو كانا مسلمين لوجب عليهما فيها الزكاة، ولو كانت ثلاثمائة. مسألة: ومنه، وإذا اشترك يهودي أو نصراني ورجل مسلم في زراعة فأصابا ثلثي جربا؟ قال ً أبو علي: لا أرى على المسلم زكاة في حصته، حتى تبلغ عليه الصدقة) الكندي: بيان الشرع، . ج ١٧ ، ص ٦١ ٦٣(١) التصرفات العدلية في الأرض جنسان: معاوضات ومشاركات » : يقول الإمام ابن تيمية الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٦٣ ونحن نرى أن ذلك جائز بشروط، هي:   أولا :ً ألا يخرج استغلال هذه المشروعات عن القواعد العليا للشريعة ولا يجوز من المعاملة بين المسلم والذمي، إلا » : الإسلامية. لذلك قيل ما يجوز بين المسلمين، فإن عامله بما لا يجوز من البيع وغيره فالحكم فيه « كالحكم بين ا لمسلمين(١) . ثانيا : أن تكون للدولة الإسلامية الكلمة العليا عند اتخاذ القرارات الحاسمة ً بالنسبة لتلك ا لمشروعات. ثالث ًا : ألا تنطوي شروط تلك المشروعات على تقييد لحرية الدولة الإسلامية وسيادتها فوق مواردها ا لطبيعية. رابعا : حجة سلوكية: أننا نرى أنه ليس هناك ما يحول في الإسلام دون ً إقامة مشروعات مشتركة بين المسلمين أو بينهم وبين غيرهم، بشرط عدم الخيانة. قال الله تعالى: أنا ثالث » : يؤيد ذلك قوله ژ فيما رواه أبو داود عن أبي هريرة .« الشريكين ما لم يخن أحدهما الآخر، فإن خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما معنى هذا الحديث ما يلي: - أنه أجاز المشاركة؛ أي: إقامة المشروعات ا لمشتركة. - انه أجاز ذلك سواء كان الشريكين مسلمين أو كان أحدهما مسلم ا. دليل ً جاءت عامة بحيث تنتظم كل ذلك. ولو أراد « الشريكين » ذلك أن لفظة الله 4 قصر المشاركة على المسلمين فقط، لكان قد حددها بقوله: .« الشريكين ا لمسلمين » (ابن تيمية: القواعد النورانية الفقهية، تحقيق: محمد حامد الفقي. مكتبة السنة المحمدية، .( القاهرة، ١٣٧٠ ، ص ١٨٨(١) ، ابن جزي: قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية، عالم الفكر، القاهرة، ١٤٠٥ ١٩٨٥ . ص ٢٩٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٦٤ - أن المشاركة تتطلب، ما دامت قائمة ومستمرة، أن يراعي كل شريك شريكه، وذلك بعدم غ َبنه، أو تهريب الأموال إلى الخارج، أو الحصول ْ على أرباح دون علمه، أو الحصول على أية ميزة أخرى لا يوافق عليها الشريك الآخر، وعدم غشه، وكذلك عدم خيانته. - أن المشاركة في الإسلام تتميز، إلى جانب عنصرها المادي الاقتصادي (المتمثل في المشروع المشارك فيه)، بعنصرها المعنوي الأخلاقي وهي خضوعها لمراقبة ا لله 4 ثالث الشريكين الأمر الذي يضفي عليها بعد ً ا أخلاقيا (غير متوافر في مشاركات هذه الأيام) يكون بمثابة حاجز عن الخيانة أو ا لغدر. خامس ً ا حجة عملية: إذ يجيز الإسلام مشاركة غير المسلمين (الدول الأجنبية أو الذميين أو المستأمين) للقيام بمشروعات التنمية والتعمير(١) .  دليل ذلك حينما نكثت خيبر سنة ٧ه فأراد ا لرسول ژ أن يجليهم عنها، فقالوا: ولم يكن لرسول الله ژ وأصحابه « دعنا نكن في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها »غلمان يقومون بها وكانوا لا يفرغون للقيام عليها بأنفسهم فأعطاهم الرسول خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشيء ما بدا لرسول الله ژ . فكان عبد الله بن فلم يزل على ذلك حياة » ، رواحة يأتيهم كل عام فيخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر رسول الله ژ وأبي بكر فلما كان عمر وكثر المال في أيدي المسلمين وقووا على « عمارة الأرض أجلى اليهود إلى الشام وقسم الأموال بين ا لمسلمين(٢) . (١) بل يعرف الفقهاء، شركة المفاوضة بقولهم: وهي أن يخرج حران مكلفان مسلمان أو ذميان جميع نقدهما السواء جنسا وقدرا لا فلوسهما » ًً ثم يخلطان، ويعقدان غير مفضلين في الربح، والوضيعة، فيصير كل منهما فيما يتعلق بالتصرف فيه وكيلا ً للآخر وكفيلا ً له ما له وعليه ما عليه مطلق ً .« ا الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، . القاهرة، ١٤١٥ ١٩٩٤ ، ج ٣، ص ٢٤٥(٢) . راجع البلاذري: فتوح البلدان، مؤسسة المعارف، بيروت، ١٤٠٧ ١٩٨٧ ، ص ٣٥ ٣٧ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٦٥ ومن هذه الواقعة يمكن القول: إن منح الأجنبي ومشاركته حق استغلال الثروات الطبيعية في دار الإسلام يحكمه أربعة شروط: الأول : عدم قدرة المسلمين على استغلالها أو عدم توفر من يقوم منهم بهذا ا لاستغلال؛ الثاني : قدرة الأجنبي على استغلال ما يعهد إليه. فقد اتفق معهم ا لنبي ژ على النصف على أن يعملوها بأموالهم وأنفسهم(١) . الثالث : منح الأجنبي نسبة من عائد الاستغلال (النصف في هذه الحالة)، ويتوقف ذلك كما سنذكره لاحق ً ا على ما يتم الاتفاق عليه. إذ الاتفاق هو الأساس واجب الاتباع، في هذا المقام. ذلك أن مناط أي استغلال اقتصادي هو ما يتراضي عليه الأطراف المعنية. كما أن الاتفاق هو أهم وسيلة لخلق التزامات قانونية على الصعيد الدولي والوطني. الرابع : إذا ما استطاع المسلمون الاستغلال وتوفر فيهم من يقوم بذلك، فيجب حينئذ العمل على إنهاء استغلال ا لأجنبي(٢) . (١) لكن للرستاقي: على ما يبدو، رأي آخر: واختلف في صحة الخبر الذي روى أن رسول الله ژ عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج »من ثمارهم، من تمر، أو زرع، وبعث ابن رواحة خارصا عليهم. والله أعلم بصحة هذا الخبر. ً إلا أن القول فيه مستفاض، وإذا صح الخبر فيمكن أن يكون أهل خيبر مخصوصين بهذا الحكم، لأنهم لم يكونوا مسلمين فتثبت لهم حرمة الإسلام، ولا مؤتمنين فيكونوا مصدقين على ما يؤمنون عليه، فوجب النظر فيهم من رسول الله ژ وأصحابه، أن يخرصوا عليهم ثمارهم ما دامت قائمة، لئلا يخونوها ويذهبوا بها، وهذا مما يمكن عدله ولا ينكر صوابه، .« ولكل وقت حكم إذا أوجب النظر ذلك . الرستاقي: منهج الطالبية وبلاغ الراغبين، ج ٣، ص ٧٢٠ ؛ وانظر الحديث في أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٤، ص ١٤٤ . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ١٠٥(٢) نستنبط ذلك مما قاله البلاذري (نفس المرجع. ص ٣٧ ) فلما كان عمر وكثر المال في أيدي المسلمين وقووا على عمارة الأرض أجلى اليهود إلى الشام وقسم الأموال بين ا لمسلمين. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٦٦ كذلك عن إياس بن معاوية: لا بأس بمشاركة المسلم للذمي إذا كانت الدراهم عند المسلم وتولى العمل بها، وهو قول مالك، وكره ذلك أصحاب أبي حنيفة جملة. سادسا : أن الشركات من الأمور الدنيوية العملية التي لا يلعب الدين دورا ً ً فيها(١) ، ما دام موضوعها وتصرفات الشركاء المسلمين وغير المسلمين لا تحل حراما ولا تحرم حلالا .ً ً سابعا: نذكر هنا أيضا الضوابط الواردة في فتوى صادرة عن المجلس ً ً فسألوه أن يقرهم بها على أن يكفوا عملها ولهم نصف الثمر، فقال لهم » : وفي رواية أخرى رسول الله ژ : (نقركم بها على ذلك ما شئنا)، فقرروا بها حتى أجلاهم عمر (الصنعاني: سبل .( السلام، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٠٥ (١) لذلك قيل: (لا يشترط الفقهاء والقانونيين التساوي في الدين بين الشركاء في جميع أنواع الشركات ما عدا شركة المفاوضة عند الأحناف فقد اختلفوا في أمر التساوي في الدين فيها) د. عبد العزيز الخياط: الشركات في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية؛ عمان، ١٣٩٠ ١٩٧١ ، ج ١، ص ٩٣ ، ويضيف أن المجيزون منهم من أجازها مطلق ً ا، ومنهم من أجازها مع الكراهة. كذلك قيل: بعد استعراض أقوال الفقهاء في مشاركة غير المسلم في استثمار الأموال فكل الفقهاء عدا »الإمام الشافعي يقولون بجواز هذه المشاركة، إذا تولى المسلم العمل وباشر أعمال الاستثمار، أو تولى غير المسلم الأعمال المذكورة بحضرة المسلم، وبذلك تنتفي العلة المانعة وهي أن المسيحي أو غير المسلم يستحل ما لا يستحله المسلم من الأموال؛ كالخمر والخنزير والربا، وإذا انفرد بالعمل وحده يتضح بعد مناقشة ما استند إليه الإمام الشافعي في منع المشاركة بحجة أن أموالهم غير طبيعية، يتضح سلامة وصحة ما ذهب إليه الحنفية والمالكية والحنابلة من جواز هذه المشاركة بالقيد المذكور، أما المجوس وغيرهم من المشركين فإن ما كان من طعامهم لا يحتاج إلى زكاة فهو حلال، وما ذكره الإمام أحمد من أنهم يستحلون ما لا يستحله اليهودي والنصراني وكره مشاركتهم لذلك، فإن هذه العلة التي بني عليها الكراهة بمشاركتهم تقتضي أو تستلزم انفرادهم بالعمل، أما إذا تولى العمل الشريك المسلم أو كان تصرف المجوسي بحضرة المسلم فلا مجال للقول بالكراهة إذا انتفى سببها. وعلى هذا فإن مساهمة المسيحيين وغير المسلمين من غيرهم في المؤسسات والبنوك الإسلامية جائزة شرع ً ا، وليست محرمة في ذاتها لعلة الكفر بنص صريح، ولا هي في معنى الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٦٧ ( ١٦ ) استانبول (تركيا ١٤٢٧ ٢٠٠٦ /١ ، الأوروبي للإفتاء والبحوث (فتوى ٩٩(١) ، فقد جاء فيها ما يلي: أولا :ً لا مانع من الإسهام في شركة غرضها تجاري كالشركة المشار إليها ولو كانت مصادر أموال الشركاء مختلفة ما بين أموال مكتسبة بوجه حلال، أو مقترضة بالفائدة؛ لأن مسؤولية الاقتراض الحرام هي على أولئك الشركاء، ولكن يشترط أن لا تكون تلك القروض موثقة برهن على محل المشاركة؛ لأنه بالدخول في الشركة يظل الرهن قائما، ويكون المساهم الملتزم بالشريعة كفيلا ً لذلك ً القرض المحرم، ومن المعلوم حرمة هذا الاقتراض وحرمة المعونة عليه ولو بالكتابة والشهادة، على أن الرهن والكفالة أشد في ا لمعونة. ثانيا: يجب أن يكون للشريك المسلم السلطة في إدارة الشركة أو ضبط ً تعاملاتها لتكون متفقة مع الشريعة الإسلامية، ومن ذلك تحويل التسهيلات البنكية بفائدة، إلى الحصول على تمويلات متفقة مع الشريعة، كالشراء بالأجل والسلم ونحوها. ثالث ً ا: الدخول في عملية الفرنشايز (نقل الترخيص بالامتياز بمقابل) لا مانع منه شرع ً ا؛ لأنه من قبيل استئجار حق معنوي، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي الدولي بأن الحقوق المعنوية يجوز شراؤها واستئجارها. كما أن الالتزام باستخدام ما يستحله غير المسلمين وهو محرم علينا، والأصل المقرر في العقود والمعاملات هو الصحة حتى يقوم الدليل على البطلان والتحريم، كما يقول ابن القيم: (فإنه لا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله)، وحسن ً ا فعل المالكية في مساواتهم بين غير المسلم وبين المسلم الفاجر في أعمال القيد المجوز للمشاركة، وهو ألا ينفرد واحد منهم بأعمال قد يستحل منها ما لا يستحله المسلم المحافظ لدينه). ، راجع موسوعة فتاوى المعاملات المالية للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية ج ٣ . المشاركة، دار السلام، القاهرة، ١٤٣٠ ٢٠٠٩ ، ص ٦٠ ٦١ (١) راجع: القرارات والفتاوى الصادرة عن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، تجميع . د. عبد الله الجديع، ص ٣٠٥ ٣٠٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٦٨ الأدوات والآليات والطرق المتبقية من الشركة المانحة للامتياز هو من قبيل التعهد الذي يجب الوفاء به، للمحافظة على مستوى إنتاج الشركة. أما شراء المواد الخام ونحوها من تلك الشركة فهو أيض ً ا للغرض نفسه، وهو تنفيذ للتعهد نفسه. رابعا: إن سعي الشريك الملتزم بتصحيح شروط تعامل الشركة بإلغاء فوائد ً التأخير ونحوها هو من تغيير المنكر، وهو مأمور به. · تذييل: ا لملاحق: ملحق ( ١): قرار المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث: ١٢ ) عن المجلس الأوروبي للإفتاء بخصوص الأسواق /٤) صدر القرار ٤٩ المالية والتعامل بأسهم الشركات المساهمة جاء فيه: ٧) الصادر عن /١) يؤكد المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث القرار رقم ٦٣ مجمع الفقه الإسلامي الدولي بشأن الأسواق المالية، مع إضافة بعض وجهات النظر الشرعية التي اختارها ا لمجلس(١) ، وذلك على النحو ا لتالي: قرار مجمع الفقه الإسلامي ا لدولي: أولا ً ا لأسهم: ١ الإسهام في ا لشركات: أ ( بما أن الأصل في المعاملات الحل فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مشروعة أمر جائز. ب ( لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم، كالتعامل بالربا أو إنتاج المحرمات أو المتاجرة بها. (١) تجميع د. عبد الله ،« القرارات والفتاوى الصادرة عن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ».( ٧) جدة ( ١٤١٢ ١٩٩٢ /١) الجديع، ص ١١٦ ١٢٣ ؛ قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي هو رقم ٦٣ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٦٩ ج ( الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحيان ً ا بالمحرمات، كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة. قرار تكميلي من المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث: قرر المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بالنسبة للأقليات الإسلامية في الغرب حيث لا تتوفر المؤسسات الإسلامية والشركات ذات الأغراض والأنشطة المشروعة أنه: لا مانع من تعاملها بأسهم الشركات المساهمة التي غرضها الأساسي مشروع وتتجنب الأغراض المحرمة، مثل الخمور والخنازير والقمار، ولو كانت لها إيداعات أو قروض ربوية أو موجودات ثانوية غير مشروعة، شريطة مراعاة الضوابط التي قررتها الهيئات الشرعية وصدرت بها فتاوى في الندوات المصرفية، وهي: أ ( عدم تجاوز القروض من البنوك التقليدية ثلث موجودات ا لشركة. ب ( وعدم تجاوز الفوائد ٥٪ من ا لعوائد. ج ( وعدم تجاوز الموجودات غير المشروعة ١٠٪ من ا لموجودات. على أن يتم التخلص من الفوائد والكسب غير المشروع مهما كانت نسبتها، بصرف ذلك في وجوه الخير، وأن يكون التداول في حالة زيادة الموجودات العينية والمنافع، على الديون والنقود. ويرجع إلى الجهات المعتمدة من الهيئات الشرعية لتصنيف الشركات المقبولة، مثل مؤشر داو جونز الإسلامي المعتمد من الهيئة الشرعية للمؤشر وغيره. بقية قرار مجمع الفقه الإسلامي الذي يؤكده ا لمجلس: ٢ ضمان الإصدار )Under Writing:( ضمان الإصدار هو: الاتفاق عند تأسيس شركة مع من يلتزم بضمان جميع الإصدار من الأسهم أو جزء من ذلك الإصدار، وهو تعهد من الملتزم بالاكتتاب في كل ما تبقى مما لم يكتتب فيه غيره. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٧٠ وهذا لا مانع منه شرع ً ا إذا كان تعهد الملتزم بالاكتتاب بالقيمة الاسمية بدون مقابل لقاء التعهد، ويجوز أن يحصل الملتزم على مقابل عن عمل يؤديه غير الضمان، مثل: إعداد الدراسات، أو تسويق ا لأسهم. ٣ تقسيط سداد قيمة السهم عند ا لاكتتاب: لا مانع شرع ً ا من أداء قسط من قيمة السهم المكتتب فيه، وتأجيل سداد بقية الأقساط؛ لأن ذلك يعتبر من الاشتراك بما عجل دفعه والتواعد على زيادة رأس المال، ولا يترتب على ذلك محظور؛ لأن هذا يشمل جميع الأسهم، وتظل مسؤولية الشركة بكامل رأس مالها المعلن بالنسبة للغير؛ لأنه هو القدر الذي حصل العلم والرضا به من المتعاملين مع ا لشركة. ٤ السهم ل حامله: بما أن المبيع في (السهم لحامله) هو حصة شائعة في موجودات الشركة، وأن شهادة السهم هي وثيقة لإثبات هذا الاستحقاق في الحصة، فلا مانع شرع ً ا من إصدار أسهم في الشركة بهذه الطريقة وتداولها. ٥ محل العقد في بيع ا لسهم: إن المحل المتعاقد عليه في بيع السهم هو الحصة الشائعة من أصول الشركة، وشهادة السهم عبارة عن وثيقة للحق في تلك ا لحصة. ٦ الأسهم ا لممتازة: لا يجوز إصدار أسهم ممتازة لها خصائص مالية تؤدي إلى ضمان رأس المال، أو ضمان قدر من الربح، أو تقديمها عند التصفية، أو عند توزيع ا لأرباح. ويجوز إعطاء بعض الأسهم خصائص تتعلق بالأمور الإجرائية أو ا لإدارية. الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٧١ ٧ التعامل في الأسهم بطريقة ربوية: أ ( لا يجوز شراء السهم بقرض ربوي يقدمه السمسار أو غيره للمشتري لقاء رهن السهم، لما في ذلك من المراباة وتوثيقها بالرهن، وهما من الأعمال المحرمة بالنص على لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. ب ( لا يجوز أيض ً ا بيع سهم لا يملكه البائع، وإنما يتلقى وعد ً ا من السمسار بإقراضه السهم في موعد التسليم؛ لأنه من بيع ما لا يملك البائع، ويقوى المنع إذا اشترط إقباض الثمن للسمسار لينتفع به، بإيداعه بفائدة للحصول على مقابل ا لإقراض. ٨ بيع السهم أو رهنه: يجوز بيع السهم أو رهنه مع مراعاة ما يقضي به نظام الشركة، كما لو تضمن النظام تسويغ البيع مطلق ً ا، أو مشروط ً ا بمراعاة أولوية المساهمين القدامى في الشراء، وكذلك يعتبر النص في النظام على إمكان الرهن من الشركاء برهن الحصة ا لمشاعة. ٩ إصدار أسهم مع رسوم إ صدار: إن إضافة نسبة معينة مع قيمة السهم لتغطية مصاريف الإصدار لا مانع منها شرع ً ا ما دامت هذه النسبة مقدرة تقديرا مناسبا. ًً ١٠ إصدار أسهم بعلاوة إصدار أو حسم (خصم) إ صدار: يجوز إصدار أسهم جديدة لزيادة رأس مال الشركة إذا أصدرت بالقيمة الحقيقية للأسهم القديمة (حسب تقويم الخبراء لأصول الشركة)، أو بالقيمة ا لسوقية. ١١ ضمان الشركة شراء الأسهم (المؤجل حكمه في قرار ا لمجمع): قرر المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث أنه يجوز أن تصدر الشركة وعد ً ا ملزما بشراء الأسهم من بعض حملتها خلال مدتها، أو عند التصفية ً أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٧٢ بالقيمة السوقية، أو بما يتفق عليه عند الشراء، ولا يجوز الوعد بالشراء بالقيمة ا لاسمية. بقية قرار مجمع الفقه الإسلامي الذي يؤكده ا لمجلس: ١٢ تحديد مسؤولية الشركة المساهمة ا لمحدودة: لا مانع شرع ً ا من إنشاء شركة مساهمة ذات مسؤولية محدودة برأس مالها؛ لأن ذلك معلوم للمتعاملين مع الشركة، وبحصول العلم ينتفي الغرر عمن يتعامل مع ا لشركة. كما لا مانع شرع ً ا من أن تكون مسؤولية بعض المساهمين غير محدودة بالنسبة للدائنين بدون مقابل لقاء هذا الالتزام، وهي الشركات التي فيها شركاء متضامنون وشركاء محدودو ا لمسؤولية. ١٣ حصر تداول الأسهم بسماسرة مرخصين، واشتراط رسوم للتعامل في أ سواقها: يجوز للجهات الرسمية المختصة أن تنظم تداول بعض الأسهم، بأن لا يتم إلا بواسطة سماسرة مخصوصين ومرخصين بذلك العمل؛ لأن هذا من التصرفات الرسمية المحققة لمصالح مشروعة. وكذلك يجوز اشتراط رسوم لعضوية المتعامل في الأسواق المالية؛ لأن هذا من الأمور التنظيمية المنوطة بتحقيق المصالح ا لمشروعة. ١٤ حق ا لأولوية: يرى المجلس تأجيل البت في هذا الموضوع إلى دورة قادمة لمزيد من البحث والدراسة. ١٥ شهادة حق ا لتملك: يرى المجلس تأجيل البت في هذا الموضوع إلى دورة قادمة لمزيد من البحث والدراسة. الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٧٣ ثانيا بيع ا لاختيارات: ً ملحق ( ٢): بعض فتاوى سماحة المفتي العام لسلطنة ع ُ مان بخصوص الأسهم والسندات: من هذه الفتاوى، ما يلي(١) : · ما حكم بيع وشراء ا لأسهم: يجب أن يكون معلوما عند المتاجرين بهذه الأسهم بيعا أو شراء أن الإسلام ً ًً يحرم الغرر في المعاملات كلها، ولذلك حرم المقامرة لما فيها من الغرر، ونص النبي ژ على النهي عن بيع الغرر، كما نص على النهي عن بيوع بعينها لما فيها من الغرر، كبيع الثمرة قبل دراكها، واتفق أهل العلم على أنه مما يدخل في بيع الغرر كل ما كان مستورا، فكان مجهول العين أو الوصف أو المقدار، كالتمر في ً الظرف بدون نقش، وما كان في داخل الأرض من الثمار كالجزر. إلخ، وعليه فإنه لا يحل بيع وشراء الأسهم إلا بعد معرفة مقدار رؤوس أموالها، وإحراز ما حققته من أرباح، والتمييز ما بين الأموال الناضة أي: النقدية وبين عروض التجارة التي تتعرض لارتفاع السعر وانخفاضه، وتقدير كل من ذلك بقدره، ثم بجانب ذلك لا بد من أن يكون بيع الأموال النقدية يد ً ا بيد ومثلا ً بمثل، كما نص عليه الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر » الحديث الشريف، وذلك قوله ژ والشعير بالشعير والتمر بالتمر والزبيب بالزبيب والملح بالملح، يد ً ا بيد مثلا ً على أن تكون الشركة ذات الأسهم المتداولة ،« بمثل، فمن زاد أو استزاد فقد أربى متقيدة بأحكام الشريعة الإسلامية، بحيث تجتنب الربا والغش والغرر، وجميع المعاملات المحجورة، ولا تتجر إلا في أعيان مباحة، هذا ما ظهر لي والله أعلم. · ما قولكم في التعامل بأسهم لسوق الأوراق المالية؟ ولقد سمعت سؤالا ً عن هذا الموضوع ولم أفهم الإجابة من لدنكم، فأرجو التوضيح؟ وهل هنالك (١) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى المعاملات، الكتاب الثالث، ص ٢٣٨ ٢٤١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٧٤ ما يدل على أن سوق الأوراق المالية من مساوئ الربا، علما بأنه يعتبر من نوع ً المضاربة المالية؛ أي: أن المشتري لا يعلم بالربح ولا بالخسارة؟ أولا :ً هذا المشتري ما الذي يشتريه. إذ يدخل الإنسان السوق ويتجر بيع ً ا وشراء فلا يعرف ما الذي اشتراه وما الذي باعه، وبلغني أن أحد ً ا من الناس دخل  ً السوق، وفي ظرف مدة يسيرة استفاد نصف مليون، بأي طريق؟ ما الذي يبيعه؟ وما الذي يشتريه؟ مع أن ا لنبي ژ نهى عن بيوع الغرر، فبيوع الغرر بيوع محرمة، ولذلك حرم الميسر من أجل الغرر الذي فيه، ومن ذلك أن يبيع الإنسان الثمر قبل دراكه، حرم لأجل الغرر، أو أن يبيع السلعة غير مكشوفة، فلا يعرف نوعها ولا يعرف حجمها ولا يعرف قدرها، كذلك هذا الذي يشتري الأسهم، ما هو   الشيء الذي يشتريه؟ لا بد من أن يكون على بينة، بحيث يعرف ما يبيعه وما يشتريه، لا أن يبيع شيئ ً ا وهميا أو أن يشتري شيئ ً ا وهميا ويربح في شيء وهمي، فإن كانت شركة تعرض أسهمها للبيع فلا بد أن تعرف ما هو رأس مالها؟ وإن كانت تتجر ففي أي شيء تتجر، هل تتجر في مواد البناء، أم تتجر في الحديد، وما هو مقدار الحديد الذي عندها؟ وإن كانت تتجر في المواد الغذائية، فما هي مقاديرها؟ ومن أي نوع هي؟ حتى يعرف مقدارها، وإلى كم سهم تنقسم؟ وما هي حصة هذا المشتري من هذه الكمية الموجودة من هذه المواد الغذائية؟ ومعنى ذلك أنه لا بد من أن تقدم كشوف ً ا بكل ما عندها، ثم بجانب ذلك لا بد من أن يكون البيع فيما عندها من الأموال الناضة أي: الأموال النقدية يد ً ا بيد ومثلا ً بمثل، وأن تكون هذه الشركة أيض ً ا قائمة على أسس شرعية، بحيث لا تتجر في الربويات ولا تعامل الناس بطريق الربا والله أعلم. · هل يجوز بيع وشراء أسهم في سوق الأوراق ا لمالية، إذا كان شخص اشترى أسهما من هذا السوق بمبلغ ريال واحد للسهم، وباعه بعد ذلك في فترة ً ما بريالين؟ إن كان ذلك سعرا حقيقيا، وباعه نقد ً ا يد ً ا بيد، فلا حرج في ذلك والله أعلم. ً الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٧٥ هل يجوز شراء الأسهم من الشركات المساهمة العامة، والتي تطرح عن طريق سوق الأوراق ا لمالية؟ إن كانت الشركات متقيدة في معاملاتها بالشريعة الإسلامية، وكان بيع أسهمها لا غرر فيه، والبيع نقد ً ا يد ً ا بيد، فلا مانع من ذلك والله أعلم. · ما حكم الإسلام في شراء وبيع الأسهم من الشركات بسوق الأوراق ا لمالية؟ يجب الاحتياط والتحرز باستقصاء أحوال هذه الشركات، وما إذا كانت متقيدة بالضوابط الشرعية في معاملاتها، بحيث إن كانت خارجة عن إطار الشريعة فإن المساهمة فيها غير جائزة، أما إن كانت متقيدة بأحكام المعاملات الشرعية فإن ذلك يجوز، بشرط أن يحصى ما فيها من النقود ومن العروض، ويكون البيع بسعر السوق الحقيقي يد ً ا بيد، حتى لا يقع هناك بيع شيء بجنسه نسيئة، مع اعتبار أن تكون النقود بقيمتها، بناء على اعتبار ربا الفضل كما هو قول طائفة من المحققين والله أعلم. ملحق ( ٣) قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي ( (مكة المكرمة ١٤١٥ ١٩٩٥ بشأن حكم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا جاء في القرار ما يلي(١) : ١ بما أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مباحة أمر جائز شرع ً ا. ٢ لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم، كالتعامل بالربا أو تصنيع المحرمات أو المتاجرة فيها. ٣ لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالم ا بذلك. ً (١) . قرارات المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي، الدورة ١٤ ، م ٣١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٧٦ ٤ إذا اشترى شخص وهو لا يعلم أن الشركة تتعامل بالربا، ثم علم فالواجب عليه الخروج منها.  والتحريم في ذلك واضح لعموم الأدلة من الكتاب والسن في تحريم الربا،  ولأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا مع علم المشتري بذلك، يعني اشتراك المشتري نفسه في التعامل بالربا، لأن السهم يمثل جزء ً ا شائع ً ا من رأس مال الشركة، والمساهم يملك حصة شائعة في موجودات الشركة، فكل مال تقرضه الشركة بفائدة، أو تقترضه بفائدة، فللمساهم نصيب منه؛ لأن الذين يباشرون الإقراض والاقتراض بالفائدة يقومون بهذا العمل نيابة عنه وبتوكيل منه، والتوكيل بعمل المحرم لا يجوز. ملحق ( ٤) قرار مجمع الفقه بخصوص ا لسندات: ٦) بشأن /١١) صدر هذا القرار من مجمع الفقه الإسلامي الدولي برقم ٦٠ السندات عام ١٤١٠ ه/ ١٩٩٠(١) ، وينص على ما يلي: شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها » بعد الاطلاع على أن السند القيمة الاسمية عند الاستحقاق، مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند، أو ترتيب نفع مشروط، سواء أكان جوائز توزع بالقرعة أم مبلغ ً ا مقطوع ً قرر: « ا أم حسما ً أولا :ً إن السندات التي تمثل ا لتزاما بدفع مبلغها مع فائدة منسوبة إليه، أو ً نفع مشروط، محرمة شرع ً ا من حيث الإصدار أو الشراء أو التداول، لأنها قروض ربوية سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة أم عامة ترتبط بالدولة، ولا أثر لتسميتها شهادات أو صكوك ً ا استثمارية أو ادخارية أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها ربحا أو ريعا أو عمولة أو عائد ً ا. ًً (١) ينظر ص ١٢٦ ١٢٧ من قرارات وتوصيات ا لمجمع. الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٧٧ ثانيا : تحرم أيضا السندات ذات الكوبون الصفري باعتبارها قروضا يجرى ً ًً بيعها بأقل من قيمتها الاسمية، ويستفيد أصحابها من الفروق، باعتبارها حسما ً لهذه ا لسندات. ثالث ًا : كما تحرم أيض ً ا السندات ذات الجوائز، باعتبارها قروض ً ا اشترط فيها نفع أو زيادة بالنسبة لمجموع المقرضين، أو لبعضهم لا على التعيين، فضلا ً عن شبهة ا لقمار. رابعا : من البدائل للسندات المحرمة إصدارا أو شراء أو تداولا ً السندات ً ً أو الصكوك القائمة على أساس المضاربة لمشروع أو نشاط استثماري معين، بحيث لا يكون لمالكيها فائدة أو نفع مقطوع، وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع، بقدر ما يملكون من هذه السندات أو الصكوك، ولا ينالون هذا الربح إلا إذا تحقق فعلا، ً ٤) لهذا المجتمع بشأن سندات ا لمقارضة. /٥) بالقرار رقم ٣٠ ملحق ( ٥): قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بشأن سندات المقارضة وسندات ا لاستثمار: ٤) بتاريخ ١٤٠٨ ه/ ١٩٨٨ ونصه: /٥) وقد صدر هذا القرار في جدة، ورقمه ٣٠ أولا ً من حيث الصيغة المقبولة شرع ً ا لصكوك ا لمقارضة: ١ سندات المقارضة: هي أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس مال القراض (المضاربة) بإصدار صكوك ملكية برأس مال المضاربة على أساس وحدات متساوية القيمة ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصا شائعة في ً رأس مال المضاربة وما يتحول إليه، بنسبة ملكية كل منهم فيه. ويفضل تسمية هذه الأداة الاستثمارية صكوك ا لمقارضة. ٢ الصورة المقبولة شرع ً ا لسندات المقارضة بوجه عام لا بد أن تتوافر فيها العناصر ا لتالية: أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٧٨ العنصر ا لأول: أن يمثل الصك ملكية حصة شائعة في المشروع الذي أصدرت الصكوك لإنشائه أو تمويله، وتستمر هذه الملكية طيلة المشروع من بدايته إلى نهايته. العنصر الثاني: يقوم العقد في صكوك المقارضة على أساس أن شروط التعاقد تحددها نشرة الإصدار، وأن الإيجاب يعبر عنه الاكتتاب في هذه الصكوك، وأن القبول تعبر عنه موافقة الجهة ا لمصدرة. ولا بد من أن تشتمل نشرة الإصدار على جميع البيانات المطلوبة شرع ً ا في عقد القراض (المضاربة) من حيث بيان معلومية رأس المال وتوزيع الربح مع بيان الشروط الخاصة بذلك الإصدار على أن تتفق جميع الشروط مع الأحكام ا لشرعية. العنصر الثالث: أن تكون صكوك المقارضة قابلة للتداول بعد انتهاء الفترة المحددة للاكتتاب باعتبار ذلك مأذون ً ا فيه من المضارب عند نشوء السندات مع مراعاة الضوابط ا لتالية: أ ( إذا كان مال القراض المتجمع بعد الاكتتاب وقبل المباشرة في العمل ما يزال نقود ً ا، فإن تداول صكوك المقارضة يعتبر مبادلة نقد بنقد، وتطبق عليه أحكام ا لصرف. ب ( إذا أصبح مال القراض ديون ً ا، تطبق على تداول صكوك المقارضة أحكام التعامل بالديون. ج ( إذا صار مال القراض موجودات مختلطة من النقود والديون والأعيان والمنافع، فإنه يجوز تداول صكوك المقارضة وفق ً ا للسعر المتراضي عليه، على أن يكون الغالب في هذه الحالة أعيان ً ا ومنافع. أما إذا كان الغالب نقود ً ا أو ديون ً ا، فتراعى في التداول الأحكام الشرعية التي ستبينها لائحة تفسيرية توضع وتعرض على الجميع في الدورة ا لقادمة. الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٧٩ وفي جميع الأحوال يتعين تسجيل التداول أ صوليا في سجلات الجهة ا لمصدرة. العنصر ا لرابع: إن من يتلقى حصيلة الاكتتاب في الصكوك الاستثمارية وإقامة المشروع بها هو المضارب؛ أي: عامل المضاربة، ولا يملك من المشروع إلا بمقدار ما قد يسهم به بشراء بعض الصكوك، فهو رب مال بما أسهم به، بالإضافة  إلى أن المضارب شريك في الربح، بعد تحققه، بنسبة الحصة المحددة له في نشرة الإصدار، وتكون ملكيته في المشروع على هذا الأساس. وأن يد المضارب على حصيلة الاكتتاب في الصكوك وعلى موجودات المشروع هي يد أمانة، لا يضمن إلا بسبب من أسباب الضمان ا لشرعية. ٣ مع مراعاة الضوابط السابقة في التداول: يجوز تداول صكوك المقارضة في أسواق الأوراق المالية، إن وجدت، بالضوابط الشرعية، وذلك وفق ً ا لظروف العرض والطلب، ويخضع لإرادة العاقدين. كما يجوز أن يتم التداول بقيام الجهة المصدرة في فترة دورية معينة بإعلان أو إيجاب يوجه إلى الجمهور، تلتزم بمقتضاه خلال مدة محددة بشراء هذه الصكوك، من ربح مال المضاربة بسعر معين، ويحسن أن تستعين في تحديد السعر بأهل الخبرة، وفق ً ا لظروف السوق والمركز المالي للمشروع. كما يجوز الإعلان عن الالتزام بالشراء من غير الجهة المصدرة من مالها الخاص، على النحو المشار إليه. ٤ لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال أو ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال، فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمن ً ا، بطل شرط الضمان، واستحق المضارب ربح مضاربة ا لمثل. ٥ لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار ولا صك المقارضة الصادر بناء عليها على نص يلزم بالبيع، ولو كان معلق ً ا أو مضاف ً ا للمستقبل. وإنما يجوز أن يتضمن صك المقارضة وعد ً ا بالبيع، وفي هذه الحالة لا يتم البيع إلا بعد معرفة القيمة المقدرة من الخبراء وبرضا ا لطرفين. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٨٠ ٦ لا يجوز أن تتضمن نشرة الإصدار ولا الصكوك المصدرة على أساسها نصا يؤدي إلى احتمال اختصاص الشركة في الربح، فإن وقع كان العقد باطلا .ً ويترتب على ذلك: أ ( عدم جواز اشتراط مبلغ محدد لحملة الصكوك أو صاحب المشروع في نشرة الإصدار وصكوك المقارضة الصادرة بناء عليها. ب ( أن محل القسمة: هو الربح بمعناه الشرعي، وهو الزائد عن رأس المال، وليس الإيراد أو الغلة. ويعرف مقدار الربح: إما بالتنضيض أو بالتقويم للمشروع بالنقد، وما زاد عن رأس المال عند التنضيض أو التقويم، فهو  الربح الذي يوزع بين حملة الصكوك وعامل المضاربة، وفق ً ا لشروط ا لعقد. ج ( أن يعد حساب أرباح وخسائر للمشروع، وأن يكون معلن ً ا وتحت تصرف حملة ا لصكوك. ٧ يستحق الربح بالظهور، ويملك بالتنضيض أو التقويم، ولا يلزم إلا بالقسمة. وبالنسبة للمشروع الذى يدر إيراد ً ا أو غلة، فإنه يجوز أن توزع غلته،  وما يوزع على طرفي العقد قبل التنضيض (التصفية) يعتبر مبالغ مدفوعة تحت ا لحساب. ٨ ليس هناك ما يمنع شرع ً ا من النص في نشرة الإصدار على اقتطاع نسبة معينة في نهاية كل دورة، إما من حصة حملة الصكوك في الأرباح في حالة وجود تنضيض دوري، وإما من حصصهم في الإيراد أو الغلة الموزعة تحت الحساب ووضعها في احتياطي خاص لمواجهة مخاطر خسارة رأس ا لمال. ٩ ليس هناك ما يمنع شرع ً ا من النص في نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على وعد طرف ثالث منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد، بالتبرع من دون مقابل بمبلغ مخصص لجبر الخسران في مشروع معين، على أن يكون التزاما مستقلا عن عقد المضاربة، بمعنى أن قيامه بالوفاء بالتزامه ً الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٨١ ليس شرط ً ا في نفاذ العقد، وترتب أحكامه عليه بين أطرافه، ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو عامل المضاربة الدفع ببطلان المضاربة أو الامتناع عن الوفاء بالتزاماتهم بها، بسبب عدم قيام المتبرع بالوفاء بما تبرع به، بحجة أن هذا الالتزام كان محل اعتبار في ا لعقد. ملحق ( ٦) قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ( ١٤٠٤ ه): حول سوق الأوراق المالية والبضائع ( البورصة): الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. وبعد: ًً فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد نظر في موضوع سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة)، وما يعقد فيها من عقود بيع ً ا وشراء ً على العملات الورقية وأسهم الشركات، وسندات القروض التجارية والحكومية، والبضائع، وما كان من هذه العقود على معجل، وما كان منها على مؤجل. كما اطلع مجلس المجمع على الجوانب الإيجابية المفيدة لهذه السوق في نظر الاقتصاديين والمتعاملين فيها، وعلى الجوانب السلبية الضارة فيها. أ فأما الجوانب الإيجابية المفيدة فيها: أولا :ً أنها تقيم سوق ً ا دائمة تسهل تلاقي البائعين والمشترين، وتعقد فيها العقود العاجلة والآجلة على الأسهم والسندات والبضائع. ثانيا : أنها تسهل عملية تمويل المؤسسات الصناعية والتجارية والحكومية عن ً طريق طرح الأسهم وسندات القروض للبيع. ثالث ًا : أنها تسهل بيع الأسهم وسندات القروض للغير والانتفاع بقيمتها؛ لأن الشركات المصدرة لا تصفي قيمتها لأصحابها. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٨٢ رابعا : أنها تسهل معرفة ميزان أسعار الأسهم وسندات القروض والبضائع، ً وتموجاتها في ميدان التعامل عن طريق حركة العرض والطلب. ب وأما الجوانب السلبية الضارة في هذه السوق ف هي :  أولا :ً أن العقود الآجلة التي تجري في هذه السوق ليست في معظمها بيع ً ا حقيق ً ا، ولا شراء حقيق ً ا، لأنه لا يجري فيها التقابض بين طرفي العقد فيما يشترط ً له التقابض في العوضين أو في أحدهما شرع ً ا. ثانيا : أن البائع فيها غالبا يبيع ما لا يملك من عملات وأسهم أو سندات ً ً قروض أو بضائع؛ على أمل شرائه من السوق وتسليمه في الموعد، دون أن يقبض الثمن عند العقد كما هو الشرط في ا لسلم. ثالث ًا : أن المشتري فيها غالبا يبيع ما اشتراه لآخر قبل قبضه، والآخر يبيعه ً أيض ً ا لآخر قبل قبضه. وهكذا يتكرر البيع والشراء على الشيء ذاته قبل قبضه إلى أن تنتهي الصفقة إلى المشتري الأخير، الذي قد يريد أن يتسلم المبيع من البائع الأول، الذي يكون قد باع ما لا يملك، أو أن يحاسبه على فرق السعر في موعد التنفيذ، وهو يوم التصفية، بينما يقتصر دور المشترين والبائعين غير الأول والأخير على قبض فرق السعر في حالة الربح، أو دفعه في حالة الخسارة، في الموعد المذكور، كما يجري بين المقامرين تماما. ً رابعا : ما يقوم به المتمولون من احتكار الأسهم والسندات والبضائع في ً السوق للتحكم في البائعين الذين باعوا ما لا يملكون؛ على أمل الشراء قبل موعد تنفيذ العقد بسعر أقل، والتسليم في حينه، وإيقاعهم في ا لحرج. خامسا : أن خطورة السوق المالية هذه تأتي من اتخاذها وسيلة للتأثير في ً الأسواق بصفة عامة، لأن الأسعار فيها لا تعتمد كليا على العرض والطلب الفعليين من قبل المحتاجين إلى البيع أو إلى الشراء، وإنما تتأثر بأشياء كثيرة بعضها مفتعل من المهيمنين على السوق، أو من المحتكرين للسلع أو الأوراق الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٨٣ المالية فيها، كإشاعة كاذبة أو نحوها. وهنا تكمن الخطورة المحظورة شرع ً ا؛ لأن ذلك يؤدي إلى تقلبات غير طبيعية في الأسعار، مما يؤثر على الحياة الاقتصادية تأثيرا سيئ ً ا. ً وعلى سبيل المثال لا الحصر: يعمد كبار الممولين إلى طرح مجموعة من الأوراق المالية من أسهم أو سندات قروض، فيهبط سعرها لكثرة العرض، فيسارع صغار حملة هذه الأوراق إلى بيعها بسعر أقل، خشية هبوط سعرها أكثر من ذلك وزيادة خسارتهم، فيهبط سعرها مجدد ً ا بزيادة عرضهم، فيعود الكبار إلى شراء هذه الأوراق بسعر أقل بغية رفع سعرها بكثرة الطلب، وينتهي الأمر بتحقيق مكاسب للكبار، وإلحاق خسائر فادحة بالكثرة الغالبة، وهم صغار حملة الأوراق المالية، نتيجة خداعهم بطرح غير حقيقي لأوراق مماثلة. ويجري مثل ذلك أيض ً ا في سوق ا لبضائع. ولذلك قد أثارت سوق البورصة جدلا ً كبيرا بين الاقتصاديين، والسبب في ً ذلك أنها سببت في فترات معينة من تاريخ العالم الاقتصادي ضياع ثروات ضخمة في وقت قصير، بينما سببت غنى للآخرين دون جهد، حتى إنهم في الأزمات الكبيرة التي اجتاحت العالم طالب الكثيرون بإلغائها؛ إذ تذهب بسببها ثروات، وتنهار أوضاع اقتصادية في هاوية، وبوقت سريع، كما يحصل في الزلازل والانخسافات ا لأرضية. ولذلك كله، فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، بعد اطلاعه على حقيقة سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة) وما يجري فيها من عقود عاجلة وآجلة على الأسهم وسندات القروض والبضائع والعملات الورقية ومناقشتها في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية يقرر ما يلي: أولا :ً أن غاية السوق المالية (البورصة) هي إيجاد سوق مستمرة ودائمة يتلاقى فيها العرض والطلب والمتعاملون بيعا وشراء، وهذا أمر جيد ومفيد، ًً ويمنع استغلال المحترفين للغافلين والمسترسلين الذين يحتاجون إلى بيع أو أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٨٤ شراء، ولا يعرفون حقيقة الأسعار، ولا يعرفون المحتاج إلى البيع ومن هو محتاج إلى ا لشراء. ولكن هذه المصلحة الواضحة يواكبها في الأسواق المذكورة (البورصة) أنواع من الصفقات المحظورة شرع ً ا والمقامرة والاستغلال وأكل أموال الناس بالباطل. ولذلك لا يمكن إعطاء حكم شرعي عام بشأنها؛ بل يجب بيان حكم المعاملات التي تجري فيها، كل واحدة منها على حدة. ثانيا : أن العقود العاجلة على السلع الحاضرة الموجودة في ملك البائع التي ً يجري فيها القبض فيما يشترط له القبض في مجلس العقد شرع ً ا هي عقود جائزة، ما لم تكن عقود ً ا على محرم شرع ً ا، أما إذا لم يكن المبيع في ملك البائع فيجب أن تتوافر فيه شروط بيع السلم، ثم لا يجوز للمشتري بعد ذلك بيعه قبل قبضه. ثالث ًا : أن العقود العاجلة على أسهم الشركات والمؤسسات حيث تكون تلك الأسهم في ملك البائع جائزة شرع ً ا، ما لم تكن تلك الشركات أو المؤسسات موضوع تعاملها محرم شرع ً ا كشركات البنوك الربوية وشركات الخمور، فحينئذ يحرم التعاقد في أسهمها بيعا وشراء . ًً رابعا : أن العقود العاجلة والآجلة على سندات القروض بفائدة، بمختلف ً أنواعها غير جائزة شرع ً ا، لأنها معاملات تجري بالربا ا لمحرم. خامسا : أن العقود الآجلة بأنواعها، التي تجري على المكشوف، أي: على ً الأسهم والسلع التي ليست في ملك البائع، بالكيفية التي تجري في السوق المالية (البورصة) غير جائزة شرع ً ا؛ لأنها تشتمل على بيع الشخص ما لا يملك، اعتماد ً ا على أنه سيشتريه فيما بعد ويسلمه في الموعد. وهذا منهي عنه شرع ً ا لما صح عن رسول الله ژ أنه قال: [لا تبع ما ليس عندك]، وكذلك ما رواه الإمام الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٨٥ أحمد وأبو داود بإسناد صحيح عن زيد بن ثابت : ƒ أن النبي ژ نهى أن تباع » .« السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهمسادس ًا : ليست العقود الآجلة في السوق المالية (البورصة) من قبيل بيع السلم الجائز في الشريعة الإسلامية، وذلك للفرق بينهما من وجهين: أ ( في السوق المالية (البورصة) لا يدفع الثمن في العقود الآجلة في مجلس العقد، وإنما يؤجل دفع الثمن إلى موعد التصفية، بينما الثمن في بيع السلم يجب أن يدفع في مجلس ا لعقد. ب ( في السوق المالية (البورصة) تباع السلعة المتعاقد عليها وهي في ذمة البائع الأول وقبل أن يحوزها المشتري الأول عدة بيوعات، وليس الغرض من ذلك إلا قبض أو دفع فروق الأسعار بين البائعين والمشترين غير الفعليين، مخاطرة منهم على الكسب والربح، كالمقامرة سواء بسواء، بينما لا يجوز بيع المبيع في عقد السلم قبل قبضه. وبناء على ما تقدم يرى المجمع الفقهي الإسلامي أنه يجب على المسؤولين في البلاد الإسلامية ألا يتركوا أسواق البورصة في بلادهم حرة تتعامل كيف تشاء في عقود وصفقات؛ سواء أكانت جائزة أم محرمة، وألا يتركوا للمتلاعبين بالأسعار فيها أن يفعلوا ما يشاؤون، بل يوجبوا فيها مراعاة الطرق المشروعة في الصفقات التي تعقد فيها، ويمنعوا العقود غير الجائزة شرع ً ا؛ ليحولوا دون التلاعب الذي يجر إلى الكوارث المالية ويخرب الاقتصاد العام، ويلحق النكبات بالكثيرين؛ لأن الخير كل الخير في التزام طريق الشريعة الإسلامية في كل شيء، قال الله تعالى: ﴿ TSRQPONMLKJ \[ZYXWVU ﴾[ [الأنعام: ١٥٣ . ذكرنا سلف ً ا الأسباب العامة والأسباب الخاصة لانقضاء الشركة في القانون التجاري الوضعي. ونذكر هنا ما بحثه الفقه الإباضي بخصوص هذه المسألة. وندرس أهم هذه الأسباب، وهي: القسمة، وتصفية الشركة، واتفاق الشركاء، والوفاة، والأسباب القهرية (الغصب)، والتقادم. ونعرض لهذه الأسباب، على أن نخصص لكل منها مبحث ً ا. الأول ? ا  : ا نشير إلى ماهية القسمة، والقواعد الحاكمة لها: :: أ) ا القسمة أمر لازم في إطار المال المشترك إذا دعى داع إليها أو أمر حامل عليها. لذلك قيل: القسمة لما يتعلق به ملك أو حق ثابتة لأن ذلك يحصل العدل بين الشركاء » « ويصل كل ذي حق بحقه من غير تظالم(١) . (١) . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٣، ص ٢٥٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٨٨ ويقول الشماخي إ نها: « حق من حقوق الناس يجبر عليها الشركاء إذا طلبها بعضهم »(١) . كذلك يقول ا لفرسطائي: والقسمة جائزة بين الشركاء في جميع الأموال التي تمكن فيه القسمة » ويدركها بعضهم على بعض بالجبر وسواء في هؤلاء الشركاء من تجوز أفعاله « ومن لا تجوز(٢) . ويؤكد ا لناظم(٣) : والقسم توزيع لمال مشترك ْ ما بين أهله لكل ما اشترك ْ وشركة الأموال طورا تكتسب ومرة ً تأتيك من غير سبب ًْ ْ والأصل في هذا الشأن قوله تعالى: ﴿ ;:9876 <=> ﴾[ [النساء: ٨ ، وقوله: ﴿ !"%$# & ﴾[ [النساء: ٧ ، وكذلك قوله : ‰ أيما دار » ٍ قسمت في الجاهلية فهي على ٍ « قسمة الجاهلية، وأيما دار أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسمة ا لإسلام(٤) . وتختلف القسمة عن البيوع من ثلاثة وجوه: أحدها » : القسمة يجبر عليها الشركاء، والبيع لا يصح إلا بالتراضي من المتبابعين، والثاني : القسمة من شروط جوازها الجنس، والبيع يصح في الجنس وغير الجنس، الثالث : لا يجوز في القسمة الجزاف، والبيع يجوز فيه الجزاف، لأن المقصود بالقسمة تبين سهام الشركاء وإنما أشبهت البيع من جهة المعاوضة، « ولذلك كانت تقاس على البيع في بعض ا لمواضع(٥) . (١) . الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٤، ص ١٣٢(٢) . الشيخ الفرسطائي: القسمة وأصول الأراضين، ص ٦١(٣) . السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ١ ٤، ص ٤٣١(٤) رواه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي، والنسائي. (٥) . الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٤، ص ١٣٢ ١٣٣ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٨٩   ا / ا ب) ا : يحكم القسمة، خصوصا، ما يلي: ً ١ القسمة لا تصح إلا بمحضر جميع الشركاء أو وكلائهم، فإذا قسم الحاضرون الأموال التي بينهم وبين شركائهم الغائبين، فإذا حضر شركاهم الغائبون وعرفوهم سهامهم ورضوا بسهامهم وأتموا القسم، فالقسم ثابت وإن لم يكن من الغائبين رضى ولا إتمام للقسم، فالأموال مشاعة بين ورثة ا لهالك(١) . ٢ القسمة عقد لازم، يقول ا لشماخي: والقسمة من العقود اللازمة لا يدرك من أراد من المقتسمين نقضها ولا » الرجوع، إلا إن طرأ عليها ما يفسخها، ومن الفسوخ الموجبة للفسخ فيها الاستحقاق إذا استحق بعض أسهم الشركاء، فقد انفسخت القسمة في جميع نظائره من الأسهم، لأنهم اقتسموا ما لهم وما ليس لهم، ولو كان ذلك الشيء المستحق غبن ً ا، جاز إليه في سهمه، فلما استحق استوت السهام لأنهم قسموا « ما لهم وما ليس لهم(٢) . ٣ يجوز أن يلي القسمة من هو مختلف في ا لدين: ذلك أن وحدة الدين ليست شرط ً ا لازما فيمن يقوم بإجراء القسمة بين ا لشركاء: ً أولا ً فيجوز أن يلي المسلم قسمة أموال الشركاء غير ا لمسلمين: يقول ا لشماخي: وأهل الكتاب إذا أتوا إلى الحاكم ليأخذ بعضهم لبعض » ٍ بالقسمة، فإنه (١) . الغافري: صراط الهداية، ج ٢، ص ٢١٨(٢) الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٤، ص ١٨٨ ؛ البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، . ج ٦، ص ١٧٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٩٠ يخبرهم على ما عليه العدل والصواب عند أهل القبلة، لقوله 8 لرسوله : ‰ ﴿ <;:98765=> ﴾[ [المائدة: ٤٢ «(١) . ثانيا ويجوز أن يلي غير المسلم قسمة أموال الشركاء ا لمسلمين: ً لذلك قيل: وجائز لليهودي أن يقسم شيئ » ً ا بين سائر المسلمين إذا كانوا كلهم بالغين راضين بذلك. وأما إن كان فيهم يتيم أو غائب أو معتوه فلا يجوز ذلك ولا يلي « ذلك إلا الثقات من ا لمسلمين(٢) . ٤ القسمة على أ نواع(٣) : - قسمة الرقاب وقسمة ا لمنافع. - قسمة المهايأة، وقسمة المراضاة، وقسمة ا لقرعة. - كذلك بخصوص قسمة المشتركات، فهي أقسام: أحدها: أن يقسم جبر ً ا أو صلح ً ا مثل الأرضين، والبساتين، والضياع. ومنها: ما لا يسوغ قسمه بحال، مثل الجوهرة، وما أشبهها. ومنها: ما ينقسم صلح ً ا لا جبرا كالبناء المنفرد والسفينة ومثله(٤) . ً (١) . الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٤، ص ١٨٢(٢) الكندي: بيان الشرع، ج ٤١ ٤٢ ، ص ٨؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥٢ ، ص ١٣ ؛ النزوي: . المصنف، ج ٢٦ ، ص ٩ (٣) الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٤، ص ١٢٣ ؛ البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٦، ص ١٣٧ ؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٨ ، ص ١٢١ ؛ ابن جزي: قوانين الأحكام الشرعية . ومسائل الفروع الفقهية، ص ٢٩١ انظر كذلك الأموال التي تجري فيها القسمة بين الناس وهي ستة، في إبراهيم بن قيس: . مختصر الخصال، ص ٤٠٨ ٤١١ (٤) النزوي: المصنف، ج ٢٦ ، ص ٦، ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ٢٠ ، ص ٣٣ ؛ الكندي: بيان . الشرع، ج ٤١ ٤٢ ، ص ٥؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٨ ، ص ١٢٩ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٩١ ٥ تشكل قسمة مال الشركاء القاعدة » والعرف الجاري به العمل عند جميع جبر بعضهم بعض » المسلمين. وبالتالي لا يجوز ً ا على البيع إلا في حالة واحدة « هي أن تستحيل وتتعذر قسمة ا لمتروك(١) . %A ا ? ا  ا تعرض الإباضية لمسألة تتصل بتصفية الشركة، وهي أن يكون لها ديون على بعض المدينين. وقالوا بضرورة أن يراعي كل شريك حقوق الشركاء الآخرين وأن تتم المحاصصة بينهم إذا كانت أموال المدين لا تكفي ديونهم. يقول الشيخ أبو زكريا: وعن دين لقوم شركاء، وطلب أحدهم نصيبه وأخذه، هل يلحقه شركاؤه بشيء؟ » قال: إذا أخذ حصته فهو أولى بها، ولا يرجعون عليه بشيء ولو أفلس أو غاب إلا أن يكون الدين على غرماء عدة فاستوفى حصته من الدين من غريم واحد فإنه يسلم حصته من ما هو على هذا الغريم ويحاصصونه في ما ازداد على ذلك. قال غيره: وقيل: إذا كان مال بين شركاء على رجل فأخذ أحد منهم شيئ ً ا والدين لهم كلهم، وأصل البيع مال مشترك أو ميراث مشترك فإنهم شركاء في « ذلك إلا أن يصلوا إلى حقوقهم من مال ا لغريم(٢) . ويقول ا لعوتبي: وعن شريكين افترقا وكان بينهما دين فأتبع كل واحد منهما طائفة من الغرماء » « ورضيا بذلك فترى ما نرى لأحدهما فما أصابا فهو لهما وما توى فعليهما(٣) . (١) . فتاوى الشيخ بيوض، ص ٥٤٠(٢) . الشيخ أبو زكريا: كتاب الإيضاح في الأحكام، ج ٢، ص ٤٨ ؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٥٦(٣) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٥٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٩٢ أيض ً ا يقول ا لبسيوي: والشريكان في التجارة إن افترقا وعلى الناس شيء من ذلك؛ فما بقي » بينهما. وإن أخذ أحدهما شيئ ً ا فهو بينهما وما توى بينهما على شركته. وإن كان « نقصان فعليهما(١) . وهو ما أكده العوتبي: وإذا افترق المتشاركان فيما كان في أيديهما من المال فهو بينهما، وما كان على الناس فهو بينهما، فإن أخذ أحدهما شيئ ً ا منه فهو بينهما، وما توى من المال فهو بينهما(٢) . ? A ا ? ا ء ق ا (; ا تنقضي الشركة باتفاق الشركاء على ذلك. فالشركة رضائية بالنسبة إلى إنشائها (كما قلنا)، واستمرارها، وانتهائها. والقاعدة أن ما ينشؤه الاتفاق، يمكن أن ينهيه ا لاتفاق. إذا عقدها أكثر في مال خاص أو عام، موجود أو » : يقول أطفيش إن الشركة منتظر الوجود، فإن من أراد منهم ترك الشركة فله تركها فيقسمون تحقيق ً ا أو يترك كل للآخر ما بيده ويفسخون الشركة فسخ ً ا فقط فيما إذا عقداها على منتظر « الوجود كما إذا عقدوها فيما يكسبون بعد(٣) . وبخصوص مسألة: إذا اختلط مال التاجر مع تاجر آخر حتى لا يفرز بينهما، فإنهما يقتسمانه . نصفين، انظر التفصيلات في الشيخ الفرسطائي: القسمة وأصول الأراضين، ص ٧٧ ٧٩(١) . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٨٤٤(٢) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ٢٦(٣) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٠ ، ص ١٧٣ وبخصوص السؤال ا لآتي:  لدي شركة، وقد تعاهدت مع شريكي على الالتزام بعدة أمور تخص العمل، لكن بعد فترة الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٩٣ ا#"  ا ? ا ة  ا وأجمعوا » : قد يؤدي وفاة شريك أو أكثر إلى انقضاء الشركة. يقول ابن المنذر « أنه إذا مات أحد منهما انفسخت ا لشركة(١) . وتثير الوفاة ثلاث مسائل بحثها الفقه الإباضي بخصوص ا لشركة:  دات ا U j ة ا  و [ أ) أ : القاعدة هي أن حقوق الورثة وحقوق غيرهم محفوظة، لكن على هؤلاء الأخيرين إن كانوا من غير الشركاء إثبات تلك ا لحقوق. يخلص هذا مما جاء في لباب ا لآثار: وفي رجل مات وترك شيئ » ً ا من التجارات، وقد كان يعرف بودائع الأمانات ويأخذ رؤوس الأموال مضاربة في التجارات، ثم إنه مات من غير وصية. فعلى تفاجأت بنقض شريكي للعهد ومخالفته بعض ما اتفقنا عليه، وحينما سألته عن ذلك وضح موقفه بأن التزامه بحميع بنود ذلك العهد لم يعد يناسبه، ولما ذكرت له بأن المسلم لا ينقض عهده، قال لي بأن نقض بعض بنود العهد لا يعتبر نقضا للعهد، ودعم رأيه هذا بأن النبي ژ ً في صلح الحديبية بعد أن تعاهد مع قريش على أن يرد إليهم كل من جاءه منهم ولو كان مسلما، نقض جزءا من هذا العهد في النساء المؤمنات امتثالا ً لأمر الله تعالى: ﴿ xw ًً }|{zy ﮯ~ §¦¥¤£¢¡ ¨ © ª « ﴾[ [الممتحنة: ١٠ ، فأرجو بيان ما هو الصواب في هذه ا لمسألة؟ العهد القائم بينكما، ولا » وقد انتهت دار الإفتاء المصرية إلى أنه لا يحق للشريك أن ينقض يصح ادعاؤه بأن الرسول صلى الله عليه وسلم نقض بعض بنود المعاهدة التي تمت بينه وبين قريش في صلح الحديبية، فإنه لا فرق في نقض العهد بين الإخلال بشرط واحد من شروطه أو أكثر؛ « فانعدام بعض الشروط يستلزم انعدام ا لمشروط . . انظر تفصيلات أكثر في موسوعة الفتاوى المؤصلة من دار الإفتاء المصرية، ج ٥، ص ٤٩١ ٤٩٩ (١) . ابن المنذر: الإجماع، ص ٩٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٩٤ ما وصفت فجميع ما في يده لورثته حتى يصح أنه فيه لأحد رأس مال أو وديعة، ومن علم أنه له عنده رأس مال، أو وديعة فليس له أن يأخذ مما ترك حتى يعلم أنه فيما قد ترك، وأنه لم يضع من يده وأنه هو هذا فهنا يجوز له أخذه إن لم يمنعه أحد فإن منعه أحد بحجة حق فلا تحل له المكابرة على ذلك إلا بعد أن يصبح له بينة تشهد بأن شية هذا فيما ترك الميت ويبينون شية ذلك بقيمة معروفة « أو تعلق معروف يشهدون عليه بعينه(١) . :IJ ء ا لآ  ق ا M j ة ا  و [ ب) أ في هذه الحالة، إذا انقضت الشركة يتم تقسيم أصول وأموال الشركة كما سبق ا لبيان(٢) . لكن هل يتم تقييم الأصول والأموال وفق ً ا للقيمة السوقية أو القيمة الحقيقية؟ وبالنسبة لهذه الأخيرة هل العبرة بتاريخ الوفاة أم بتاريخ تقسيم الأموال والأصول؟(٣) . (١) . السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ١٠ ، ص ٦٠ ؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٩٤(٢) انظر سابق ً ا. (٣) في هذا المعنى وبخصوص سؤال: شركاء في تجارة وفي أملاك وقواعد تابعة لتلك التجارة: توفي بعضهم في الستينات، وبعضهم في السبعينات وبعضهم في أوائل الثمانينات، استخرج ورثة الهلكى مناب مورثهم من التجارة ومن الأملاك التي كانت تقوم بقيمة شرائها أول مرة بدون اعتبار القيمة الحقيقية يوم وفاة كل من المشتركين، وأراد المشتركون الباقون تنجية أنفسهم من تبعة هؤلاء، فهل يعتبر منابهم من الأملاك والقواعد هو ما أخذه الورثة يوم إخراج مالهم من الشركة على حسب التقويم الجاري به العمل بين الشركاء؟ أم تعتبر القيمة الحقيقية يوم وفاتهم ولم تمكن آنذاك؟ أم تعتبر القيمة الحقيقية يوم أراد المشتركون الباقون إخراج مناب هؤلاء ا لهالكين؟ يقول ا لبكري: بناء على أن ورثة الشركاء المتوفين قد استخرجوا منابهم في التجارة والأملاك والقواعد » ً التابعة للشركة عند وفاة كل واحد على ما بينهم من تفاوت. وبناء على أن التقويم قد وقع حسب ما جرت به العادة بين الشركاء بالنسبة للتجارة وبالنسبة ً للأملاك على قيمة شرائها أول مرة، وكذلك الأمر بالنسبة للقواعد. وبناء على أن السائل لم يذكر، هل كان التقويم الذي استخرج منه مناب الشركاء المتوفين، ً هل كان تقويم مواصلة أو مفاصلة وفرق بين التقويمين في العرف التجاري والمفهوم من الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٩٥ وتثير هذه المسألة أيض ً ا كيفية توزيع أموال الشركة على الشركاء، وكيفية تمييز الأموال التي تخص كلا منهم(١) . كذلك يجب إعطاء باقي الشركاء حقوقهم دون تأخير. حالهم أنهم أبقوا دار ابن لقمان على حالها، وإلا لكانوا قد قوموا رأس مال الشركة تجارة وأملاك ً ا وقواعد تقويما حقيقيا لمجرد أن يموت أحد الشركاء، وإذن لزال الإشكال، واتصل ً  كل بقسطه، ولما سأل بقية الشركاء عما يبرئ ساحتهم. ونظرا لارتفاع قيمة الأملاك والقواعد تبع ً ا لموقعها وأهميتها دراك ً ا طيلة هذه المدة التي تمتد ً من الستينات إلى أوائل ا لثمانينات. بناء على ذلك كله: ً فالذي يبدو لي والله أعلم أن هناك غبن ً ا بين ً ا نظرا للتقويم الحقيقي الذي يجب إجراؤه يوم ً  مات كل شريك ولم يقع. وأن الشركاء المتوفين لم يتصلوا بكامل حقهم من الشركة، وهو وبالتالي لابد من تحقيق العدل لكل طرف بخصوص تقييم ،« ما استشعره بقية الشركاء .« وتقسيم تلك ا لأموال . راجع فتاوى البكري، ج ٣، ص ٨٢ ٨٤ (١) بحث الشيخ الفرسطائي هذا الأمر بخصوص المضاربة، بقوله: وإذا أعطى ناس شتى لرجل قراضا على أن يتجر في بلدهم الذي كانوا فيه أو على أن يسافر » ً بذلك القراض ثم توفي ذلك التاجر من قبل أن يخرج من منزله، أو توفي الذي أعطوه القراض على أن يتجر به في المنزل فقاموا إلى أموالهم ليأخذوها، فإن تبين ما لكل واحد منهم فليأخذه، وإن اختلط ذلك المال كله ولم يتبين ما لكل واحد منهم فإنهم ينزلون في كل ما كسر من أموالهم، فإن لم يعلموا ما جعل فيه أموالهم فإنهم ينزلون في جنس ما يجعله الناس للتجارة. ومنهم من يقول: ينزلون في جميع المقبوض من تركته إلا ما عرف له قبل أن يعطوه القراض وأما الأرض وجميع ما اتصل بها فلا يصيبونه. ومنهم من يقول: ينزلون في جميع ما استفاد بعد أن يعطوه القراض أصلا ً كان أو غيره من جميع المقبوض، وينزلون في ذلك كله برؤوس أموالهم إن علموها، وإن لم يعلموا رؤوس أموالهم ولا قيمتها فإنهم يقسمون ذلك كله على رؤوس الأموال هكذا، ولا ينظر في هذا إلى عدد أصحاب الأموال ولكن ينزل كل من اجتمعت صفقتهم برأس مال واحد، وينزل من أعطى له على الانفراد، كل واحد منهم برأس ماله قل ذلك أو كثر، إلا أن علموا من له الأكثر من ذلك ممن له الأقل. وكذلك المقارض إن كان له في تلك التركة مال فإنه ينزل برأس ماله .« كما بينا في غيره. وأما إن كان فيهم من تبين ماله فليأخذه ويقسم الباقون ما ذكرنا راجع: الشيخ الفرسطائي: القسمة وأصول الأراضين، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ُ . ١٤١٤ ١٩٩٢ ، ص ٧٩ ٨٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٩٦ قلت له: من له حق في مال شركة لبلغ وأيتام، وأصل الحق على » : لذلك قيل هالكهم، هل يؤخر تسليم الحق إلى بلوغ الأيتام؟ يقول ا لسمائلي: قال: إن صحت الديون أو الحقوق أو صح بعضها وطلب أربابها قضاءهم « إياها فلا يلزمهم انتظار بلوغ الأيتام، ومنعهم مالهم ظلم(١) . .« لا تركة إلا بعد سداد ا لديون » : ولا شك أن ذلك تطبيق لقاعدة  ا  ار < ا j ة ا  و [ ج) أ : '; و  بطلان الشركة بموت أحد الشركاء محل اتفاق أبي حنيفة ومالك والشافعي(٢) . أما الحنابلة فقد قالوا أيض ً ا ببطلان الشركة بموت أحد الشريكين (وبجنونه (١) ويضيف: والظلم ممنوع، فإن كان لليتيم وصي فيصرفه الوصي إن كان ثقة أو أمين ً ا له معرفة بما يأتي ويذر من ذلك، وإلا استعان بمن يرشده إلى ذلك، وإن احتسب له أحد، جائز [الحسبة مع عدم الوصي وفعل الجائز فيه ففعله جائز] وإلا فليرفع أمرهم إلى الحاكم، والنظر في ذلك من وظائفه التي لا بد له منها مع قدرته، وأما صدقات النساء فهي ديون مع جملة الديون شرع ً .« ا . أبو عبيد السمائلي: هداية المبصرين في فتاوى المتأخرين، ص ٢٨٦ ٢٨٧ (٢) جعلوا لوارث أحد » : فصل الشيخ علي الخفيف هذه المسألة بخصوص الحنابلة، بقوله إنهم الشريكين إذا مات أن يقيم على الشركة إذا كان رشيد ً ا بعد اتفاقه مع الشريك الآخر على ذلك، ولا شك أن ذلك ليس محلا للخلاف لأنه ابتداء شركة جديدة وعقد جديد، بدليل اشتراط اتفاق الطرفين على استدامتها، وإنما محل الخلاف فيه أن الحنابلة لا يعتبرونه ابتداء شركة جديدة بكل معانيها، بل يرونه استدامة للشركة التي كانت، ولذا لا يوجبون أن يتوافر عند عقد هذا الاتفاق بين الورثة أو بين أحدهما وورثة الآخر جميع شروط الشركة التي يجب توافرها عند الابتداء، من حضور المال وكونه نقدا مضروبا وبيان الربح إلى غير ذلك، وإذن ًً فهي عندهم حالة خاصة من أحوال الشركة أعطي لها حكم خاص دعا إليه التيسر وتحقق المصلحة فيه، وليس إذن معنى قولهم: إن ذلك لا يعد ابتداء شركة جديدة بل إتماما للشركة ً السابقة، إن الشركة لم تبطل بالموت، وإنما معناه: أن الشركة التي تمت بين أحد الشريكين وورثة الآخر لما كانت على مثال الشركة السابقة وعلى شروطها، وقد حلت محلها، اعتبرت كأنها استدامة للأولى، ويدل على ذلك ما في المستوعب: إن مات أحد الشريكين بطلت الشركة، وتسلم الوارث حقه، وفي المغني: الشركة من العقود الجائزة تبطل بموت ا لشريك، الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٩٧ وبالحجر عليه للسفه). لكنهم أخذوا باستدامة الشركة واستمراريتها إذا اتفق ورثة المتوفى مع باقي الشركاء دون حاجة إلى إنشاء شركة جديدة. وقد بحث الإباضية ا(١) هذه المسألة أيض ً . كذلك قيل: وإذا اتجر المضارب أو الشريك بعد موت الشريك، ولم يعلم بموته فتلف » .« المال فإنه ضامن لما تلف من يده وعليه ما أكله بعد موت ا لشريك W4 ا ? ا % ا N ب ا < الأ ٴ )l-i (ا  ا يمكن أن يتأثر وجود الشركة بسبب وقوع حوادث لا يد للشركاء فيها، لكنها تؤثر على أموال وأصول الشركة، وقد تصل إذا زالت كلها إلى انقضاء ا لشركة. وقد بحث فقهاء الإباضية خصوصا مسألة غصب السلطان لأموال ً الشركة(٢) . فقد قيل: وعلى ذلك فقد انحصر الخلاف بين الأئمة في وجوب توافر ما يلزم للشركة من الشروط ابتداء، عند إرادة استدامة الشركة المقتضية بالموت، أو عدم وجوبه، لا يرى أحمد إلا أن يتفق الطرفان على استدامتها فتستمر وهذا بلا شك تيسير وفيه مصلحة، ويرى غيره أنه لا بد حينئذ من توافر جميع الشروط اللازمة لابتداء الشركة حتى تنعقد شركة جديدة تحل محل المنقضية، وفي هذا تشديد ما كان أغناهم عنه لانتفاء الضرر عند عدم توافر كل هذه الشروط، الشيخ علي الخفيف: الحق والذمة وتأثير الموت فيهما، « وهي ما شرعت إلا لأجل تجنبه فإذا تم » . ص ٢٧٠ ٢٧١ ؛ أيضا الشيخ علي الخفيف: الشركات في الفقه الإسلامي، ص ١٠٤ ً إنشاء شركة جديدة بعد وفاة أحد الشركاء، فليس لورثته إلا نصيبهم في الشركة الأولى، إلا إذا وجد اتفاق يقضي بخلاف ذلك. يقول البكري: إن أبناء الشريك المتوفى ينحصر في سهم مورثهم في الشركة الأولى دون الشركة الثانية التي تأسست بعد وفاته، وإن استعمل اسمه في الطلب الذي قدم للحكومة، كما لا يجيز بقية الشركاء أن ينزلوا أولاده منزلته في الشركة . في فتاوى البكري، ج ٣، ص ٧٣ « كشركاء، إلا أن يكون هناك شرط خاص(١) . السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار، ج ١٠ ، ص ٥٥(٢) المنصوص عليه » : وأكدت دار الإفتاء المصرية أن فقد مال الشركة بالسرقة مبطل لها، بقولها أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ١٩٨ ومن غيره: وسألته عن شريكين في نخل فغضب الأمير على أحدهما فعقر » الأمير النخل فقطع نصيبه وبقي نصيب صاحبه. « قال: ما بقي من النخل فهو بينهما لأن الأمير ظلمه، ولا يسع صاحبه أن يظلمه(١) . وبخصوص مسألة: سألت عن شريكين في مال غصب حصة أحدهما السلطان الجائر، وهرب وبقي الآخر فأخذه السلطان يعمل المال على أن للسلطان نصفه، وله نصفه، قلت: هل يجوز لهذا أن يعمل المال بغير رأي شريكه، وتكون حصته سببا له توجب ً معنى العذر والدخول بالسبب أم لا؟ يقول ابن عبيدان: فمعي أن الشريك الحاضر القادر على عمارة المال وعمله، ليس بممنوع » ذلك لموضع غصب الغاصب لحصة شريكه ودخوله في المال عندي، إذا قصد إلى هذا سبب له، ولا يكون بمنزلة المغتصب في المال إذا لم يقصد إلى معونة له على غصبه، وإنما قصد على ما يسعه في الحكم، ويجب له من عمارة المال أن ذلك واجب على شريكه أن يزارعه. فإذا عدم شريكه ولم يقدر عليه، وامتنعه بوجه ليس فيه حجة على شريكه الحاضر لم يزل بذلك حجة الحاضر، وكان له عندي الانتظار في الفقه الحنفي، أنه متى اختلط مال الشركة بعضه ببعض، ثم هلك قبل أن يشتري به شيئ ً ا بطلت الشركة لعدم فائدتها بعد ذلك والمال الهالك تتحمله الشركة، لأنه بعد خلطه يكون غير متميز، ومن ثم كان الهالك من المالين، ولأنه بدفع أحد الشريكين ماله إلى صاحبه يكون قد رضي بأمانته وحفظه، وعلى ذلك يكون هلاك مال الشركة بسرقته من أحد الشريكين مبطلا ً لعقد الشركة بينهما من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن المبلغ المسروق يكون عليهما الفتاوى الإسلامية « معا، لأنه أمانة في يد صاحبه والأمانة لا تضمن إلا بالتعدي أو الإهمال ً . من دار الإفتاء المصرية، ج ٥ ٧، ص ٢٣١٤(١) . الشيخ أبو زكريا: كتاب الإيضاح في الأحكام، ج ٢، ص ٥١ الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ١٩٩ لنفسه، والحكم لها بما يجب له في الحكم بما يحكم له به الحاكم أن لو قدر على ذلك. وقلت: إن غصب المال كله وهرب بعض الشركاء، وبقي الآخر فأجاز هذا الحاضر للعمال في حصته، هل يكون بذلك سببا للعمال بإذن الشريك أم لا؟ ً فمعي أن ذلك إذا لم يكن حيلة على الأغياب، وإنما قصد بإذن ذلك إلى بلوغ حقه من المال بحيلة من الاحتيال، فعمد إلى عمارة المال لتحيا بذلك حجته، ولعله يدرك شيئ ً ا من ثمرته، فيكون هذا عندي اعتقاده واحتياله، لا احتيال لكل امرئ » : على المعونة على شريكه للغاصب، ولا لمال الغاصب، فقد قيل وعليه ما نوى، يروون ذلك عن ا لنبي ژ ، فقد يكون من النيات « ما نوى ما يوجب الضمان والهلاك، ولو لم يعمل العامل، ولو لم يقل القائل فإنا لله وإنا « إليه راجعون من هذه ا لنيات (١) . وهكذا فالغصب (ومثله المصادرة أو التأميم أو حدوث كارثة طبيعية تذهب ْ بأموال الشركة) تدخل في عداد القوة القاهرة التي ت ُ عفي من الضمان الشركاء، وتؤدي إلى انقضاء ا لشركة. ويدخل في ذلك أيض ً ا ا لحرب(٢) . (١) ؛ ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٩ ، ص ٢٥٥ ٢٥٦ ؛ النزوي: المصنف، ج ٢١ ، ص ١٠٥ ١٠٦ . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٤٢٥ ؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٥١ ، ص ٨١ (٢) من ذلك ما حدث أثناء حرب التحرير الجزائرية حينما أضرم الفرنسيون النار في دكان مملوك لشريكين مناصفة، فسأل أحدهما عما إذا كان عليه لصاحبه شيء من ضمان ماله؟ يقول الشيخ ليس عليك لصاحبك شيء من ضمان ماله مطلق » : بيوض ً ا لا قليلا ً ولا كثيرا، فإنما هذه مصيبة ً سماوية نزلت بك وبصاحبك فأكلت جهدك وثمرة عملك كما أكلت ماله فليس لأحدكما على . فتاوى الشيخ بيوض، ص ٥٣٧ ٥٣٩ « الآخر شيء وأجركم على الله أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٠٠ دس : ا ? ا دم   ا يعني التقادم: مضي فترة زمنية معينة يحوز فيها الشخص شيئ ً ا ما حيازة هادئة دون معارضة من أحد، ومع نية تملكه، والتقادم بهذا المعنى قد يرد على الشركة ذاتها (فتستمر في ملكية من حازها وتنقضي بالنسبة للمالك الأصلي) كذلك يمكن أن ينطبق التقادم في إطار الشركات على أمور أخرى كديون الشركة مثلا .ً والقاعدة عند الإباضية هي: « لا يتقادم الحق ا لثابت »(١) . كذلك بخصوص سؤال، أجاب المحقق ا لخليلي: الأوراق المنقضية مدتها بعد زمان طويل أعني: مدة تأجيلها، فقد قال في » هذه المسألة السيد مهنا بن خلفان فيما نرجو أنها عنه منصوصة في بعض أجوبة المتأخرين، أنه ينظر في المطالب للحق إن كان مطالبته ممتدة على أكثر الأحيان والأشهر والأيام، فتلك مما يحكم ببقائها، وفي كل على طول ذلك الزمان صار صاحبها ساكت ً ا لم تعلم منه مطالبة في يوم ما على طريق التكرار والترجيع فتلك بمضي ذلك الزمان الطويل والمدة قد انقضت مدة التأجيل، فقد قالوا: إن الأوراق تبقى والحقوق توفى ولغيره من العلماء في هذه المسألة ما يدل على تأييد مقالته هذه والله أعلم، وعلى ما قررنا يظهر لك أن لا فرق بين حياة من له « الحق وموته(٢) . (١) متى يحكم بتقادم الحق إذا » : الفتح الجليل من أجوبة أبي خليل، ص ٥٢٠ ، وكان السؤال هو .«؟ سكت صاحبه عن المطالبة بغير عذر شرعي(٢) ذات المرجع، ص ٥١٨ ٥١٩ . وكان السؤال هو: عن الأوراق نجدها قد وجبت على من كانت عليه منذ سنين فهل يحكم ببقاء ما تضمنته مع احتمال الوفاء؟ فإن قلت: الأصل بقاء الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٢٠١ ويقوم التقادم على الحيازة الهادئة(١) ، والتي تعني بقاء ما كان على ما كان (أي: الحكم للحائز بالملكية) ما لم يوجد سبب يمنع من ذلك. وهكذا جاء في الجامع ا لمفيد: جواب من أبي عبيدة: وحاجب إلى الجلندا: ذكر لنا أن ناسا من » ً قضاتكم يختصم إليهم في دور وأرضين قد كانت في يد أناس منذ خمسين سنة أو نحوها، يدعون بالبينات، ويذكرون أصولا ً لا تسمى لم تنسب بأيديهم اليوم، فيرون انتزاعها ممن هي في يده، وردها إلى المدعين؟ فاعلموا أن ذلك مما يختلف فيه رأي ذي الرأي من الفقهاء، فأحب إلينا أن لا يتكلفوا في ذلك قضاتكم اليوم، وأن يقروها على منزلها بأيدي من وجدتموها بيده إلا ما وجدتم في أيدي الناس من أيدي الجبابرة، الذين كانوا يعملون في بلادكم، فينتزعون الأرضيين والدور غصبا مما عرف من ذلك، وقامت به ً البينة العادلة، غير التهمة فردوه على أربابه، فإن عمال الجور وولاة الفسقة أسوة في أمر ا لرعية. ما تضمنته إن كان الصك صحيحا قلت: فهل فرق بين حياة من عليه الحق وموته أو موتهما ً وبقاء ورثتهما محتجين بالصكوك اللاتي ورثوها؟ (١) تصح الحيازة ويمكن أن ترسم بادعاء أصل بالتصرف فيه مدة بلا » : في هذا الخصوص، قيل معارضة له فيه. قال القطب 5 : وذلك في الحكم وأما عند الله فلا يبطل الحق تقادمه قال: والمدة ثلاث سنين في الحيازة بمعنى الشهرة وعشر في الحيازة الواردة في الحديث قال: ولا يخفى أن التصرف في الأصل من خواص ادعاء الملك فإن من تملك شيئ ً ا تصرف فيه وخرج ما إذا ادعاه بلا تصرف أو بالتصرف دون المدة أو بالتصرف في المدة لكن مع معارضة أحد له فيها قبل تمامها وكذا الشهرة في مثل هذا المقام يمكن رسمها بما ذكر بأن يقول الناس لا المتملك: إن هذا الأصل لفلان مكثه ثلاث سنين ولم نر معارضا له والشهرة إظهار الشيء ً باللسان أو غيره في اللغة والتصرف في الأصل تلك المدة بلا معارض إظهار للمتملك نطق .« به أو لم ينطق . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٨، ص ١٦٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٠٢ وكل ما كان فيه تنازع من أمر القضاء والحكم بين الناس، فارجوه وارفعوه إلى ذوي رأيكم، ولا تعجلون فيه بتكلف في القضاء فما أوجبتم لا تبعة فيه « عليكم، ولا إثم إن شاء ا لله(١) . وجاء في ا لمصنف: ومن بعض الجوابات: أما بعد فإن الأمور، إذا تقادمت، فإنك تسأل » المدعي عن الأصل: أنه كان له، أو لأبيه، أو لجده؟ فإن أقام البينة بذلك، فسله البينة، أنه كان مظلوما فيه، أبوه، أو أخوه، أو من ً كان له ذلك ا لمال. فإن قامت البينة: أنهم جبروا عليه، وظلموا فيه، فادفع إليهم ا لمال. وإن لم تقم البينة، فحلف الذي في يده المال، ما لم يكن له به علم، لما يدعى هذا إليه، فإن حلف، فأقر المال في يده، وهذا إذا كان نسل، يدعى إلى نسل، وإذا ادعى نسل إلى غير نسل، فسئل النسل البينة، أن المال الذي يدعيه ماله. فإذا أقام البينة بذلك، فاسأل المدعى إليه، الذي بغير نسل: بم يأكل هذا ا لمال؟ فإن ادعى أكله، صدقة، أو عطية، أو نحل أو بيع، من الذي كان له المال، وصاحب المال محاضر لذلك، لا يغير، فأقر المال في يده، فليس لصاحب « الأصل شيء(٢) . (١) . الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ٢٧٣ ٢٧٤ ؛ النزوي: المصنف، ج ١٤ ، ص ٦٠(٢) . النزوي: المصنف، ج ١٤ ، ص ٢١٧ أكدت المحكمة العليا في سلطنة عمان على قواعد كثيرة تخص مسائل تتعلق ُ بالشركات، نذكر منها ما يلي: ء:  ص ا -4 أ) # تقول المحكمة ا لعليا: إذا وفى أحد المدينين المتضامنين بكل الدين فإن ذمة بقية المدينين تبرأ قبل الدائن، إلا أن أسباب الانقضاء الأخرى غير الوفاء من إبراء وتجديد ومقاصة واتحاد ذمة وتقادم فإنها إذا تحققت بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين اقتصر أثرها عليه دون أن تتعداه إلى سائر المدينين ولا يحتج بها أي من هؤلاء إلا بقدر حصة المدين الذي قام به سبب ا لانقضاء. ٢٠٠٥ م) /١٢/ (الطعن رقم ١٨٤ لسنة ٢٠٠٥ تجاري عليا جلسة ٢١ إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا وقع الاتفاق في عقد الكفالة أو » في ورقة مستقلة عنه على تنازل الكفيل عن التمسك بحقه الذي نصت عليه المادة ( ٢٤٦ ) من قانون التجارة وهو أن يطلب إبراء ذمته من الكفالة بمطالبة الدائن باتخاذ الإجراءات القانونية ضد المدين مقررا إخلاله بالتزامه سداد أقساط ً أو قسط القرض في الكفالة، فإن حقه الذي نصت عليه المادة يسقط لأنه حق الطعن « لا يتعلق بالنظام العام وإنما يرتبط بمصلحة الكفيل فيصح التنازل عنه ٢٠٠٩ م الدائرة ا لتجارية. / رقم ٣١١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٠٤  دم:  ص ا -4 ب) # تقول المحكمة العليا في سلطنة ع ُ مان: - الشريك في الشيء لا تجري عليه أحكام التقادم المسقط لقوله ژ: وهؤلاء يدعون ا لشركة. «.. لا حيازة لشريك على شريك » ٢٠٠٨ م). /٥/ ٢٠٠٧ م شرعي عليا جلسة ٣ / (الطعن رقم ١٠٢ - إنه من المتفق عليه فقها وقضاء شرع ً ا وقانون ً ا أن الحق لا يسقط بالتقادم ً  مهما كانت المدة إلا أن الدعوى لا تسمع من المدعي على المدعى عليه عند الإنكار وعدم وجود عذر مانع من المطالبة سواء كان المانع ماديا أو أدبيا إذا مضت مدة معلومة على عدم المطالبة حسبما هو مقرر  في فقه القضاء على حسب نوع الدعوى ووضعها القائمة عليه عند من يرى عدم سماعها أما إذا وجد مانع من إقامة الدعوى ولو أدبيا فإن  الدعوى لا تسقط لعدم توفر شروط التقادم ا لمسقط. - من المتفق عليه أن المطالبة بالحق المدني لا تسري عليها أحكام مدد ُ التقادم إلا بعد صدور الحكم الجنائي بمعنى أنه بعد صدور الحكم الجنائي تبدأ مدة سريان ا لتقادم. ٢٠٠٨ م). /١/ ٢٠٠٧ م مدنية أولى عليا جلسة ٥ / (الطعن رقم ٤١٩ - المقرر في قضاء المحكمة العليا أن التقادم ينقطع إذا أقر المدين بحق الدائن إقرارا صريحا أو ضمنيا. ًً - الإقرار الصريح لا يشترط فيه أن يكون في شكل خاص فأي تعبير عن إرادة المدين تفيد معنى الإقرار بالدين يكفي وقد يكون الإقرار مكتوبا أو غير ً مكتوب وذلك كأن يكون في صورة رسالة موجهة إلى الدائن أو في صورة اتفاق بين الدائن والمدين أما الإقرار الضمني يستخلص من أي عمل يصدر الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٢٠٥ عن المدين يمكن أن يفيد معنى الإقرار بالدين وذلك كأن يعرض المدين مقاصة في دين أو تسوية في الدين أو أن يدفع الفوائد أو قسط ً ا من الدين وأن قاضي الموضوع هو الذي يقدر ما إذا كان العمل الذي صدر من المدين ينطوي على إقرار ضمني أم لا ولا معقب على تقديره من المحكمة العليا ما دام ذلك التقدير سائغ ًا. ٢٠٠٨ م). /٦/ ٢٠٠٧ م تجاري عليا جلسة ١٨ / (الطعن رقم ٣٨٩ - تتقادم دعوى تعويض الضرر الناشئ عن إهمال الناقل في توصيل » الأمتعة خلال مدة سنتين من يوم وصول الطائرة إلى ميناء الوصول أو في اليوم الذي كان يجب أن تصل فيه أو يوم وقف النقل، ينقطع التقادم، .« برفع الدعوى للقضاء أو إعطاء إنذار باللجوء للقضاء ٢٠١٠ م الدائرة المدنية (ب). / (الطعن رقم ٣٠٧ - تقادم الشيك هو في صرفه لدى البنك وليس المطالبة بفحواه أو قيمته وبعد »تقادم صرفه يلجأ فيه إلى قواعد الإثبات فعلى المدعي إثبات الالتزام وعلى المدعى عليه إثبات التخلص منه كما نصت المادة ( ١) من قانون الإثبات وحيث إن المطعون ضده يدعي السداد فإن عبء الإثبات يقع عليه وعلى خصم اليمين عند عجزه عن عبء الإثبات وحيث تعين تأسيسا على ذلك ً نقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم .« فيها من جديد بهيئة مغايرة ٢٠١٠ الدائرة المدنية (ج). / (الطعن رقم ٣٧٥ لا يسري التقادم المانع من سماع الدعوى كلما حال بين صاحب الحق والمطالبة عذر شرعي، مثال (إصابته بعجز ١٠٠٪ .( ٢٠١٠ م المدنية (ب)). / (الطعن رقم ٩٩٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٠٦  ا  او V ص -4 ج) # : تقول المحكمة ا لعليا: - واعتبار أن عقد الشركة الحاصل بين الطرفين باطل تأسيسا على أن » ً المطعون ضده أجنبي لا حق له في ممارسة التجارة طالما وأنه لم يتحصل على ترخيص من الجهة المختصة تطبيق ً ١٩٩٤/ ا للمرسوم السلطاني رقم ١٠٢ المتعلق باستثمار رأس المال الأجنبي فإن بطلان عقد الشراكة لا يحرم « المطعون ضده من الحصول على حقه من ثمن بيع نشاط المطعم خاصة (مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ ٢٠١١ ، سلطنة عمان، /٦/ ٢٠١٠ وحتى ٣٠ /١٠/ المستخلصة منها في الفترة من ١ ُ .( ص ١٧٢ ١٧٣ - مزاولة الشخص للأعمال المصرفية بيع » ا وشراء قبل الحصول على ً ترخيص للشركة من الجهة المعنية، أثره، ضمان حقوق المشتركين تكون في ذمته وليس في ذمة ا لشركة. لما كان الطاعن قد قام بمزاولة الأعمال المصرفية بيعا وشراء قبل الحصول ًً على ترخيص من الجهة المعنية فإنه بذلك قد ألزم نفسه بالمسؤولية وجعل صفته قائمة في الدعوى ومسؤولا ً عن كل تصرفاته تجاه ما قام به لأنه قام بهذا العمل وهو على علم بالمخالفة التي ارتكبها بخلاف المشتركين الذين لم يكونوا على ٢٠١١ الدائرة المدنية (أ)). / الطعن رقم ٣٩١ ) .« دراية بمثل هذه الأعمال :>:4 ح وا  ص الأر# -4 د) # تقول المحكمة ا لعليا: المادة ( ١٣ ) من قانون التجارة رقم ٤ لسنة ١٩٧٤ معدلا » ً تنص على أن يشارك جميع الشركاء في أرباح وخسائر الشركة إذا لم يعين عقد تأسيس الشركة أو الباب الرابع: الشركات في الفقه الإباضي ٢٠٧ نظامها أنصبة الشركاء في أرباح وخسائر الشركة كان لكل شريك أن ينال ويساهم فيها بنسبة حصته في رأس مال الشركة، إذا لم يعين عقد التأسيس أو نظامها سوى توزيع الأرباح فإن هذا التعيين يطلق على الخسائر والعكس بالعكس، وأي نص يرد في عقد تأسيس الشركة أو نظامها أو أي اتفاق آخر يقضي بحرمان أحد الشركاء من المشاركة بالربح أو بإعفائه من تحميل خسائر الشركة يكون باطلا ً .« وكأنه لم يكن وتطبق في هذه الحالة أحكام الفقرة ا لسابقة أن جميع الشركاء يشاركون في الأرباح وخسائر » حيث إن مؤدي هذه المادة الشركة كل حسب نسبة حصته في رأس مال الشركة ما لم يحدد عقد تأسيس الشركة أنصبة الشركاء وأن كل اتفاق بحرمان الشريك من نصيبه من الأرباح أو .« إعفائه من تحمل خسارة الشركة باطل ٢٠١٠ م الدائرة ا لتجارية). / (الطعن رقم ٣٠٥ ت:  ا l> اe ص ا -4 ) # B تقول المحكمة ا لعليا: -لا يجوز خصم أي تكاليف من الدخل الإجمالي للشركة ما لم تتوافر » فيها شروط أهمها أن تكون التكاليف فعلية أو حقيقية وأن تكون لازمة وضرورية حتى تحقق الشركة دخلها الإجمالي ولما كانت الضمانة البنكية مقابل الحصول على قرض حصلت عليها الشركة لاستثمار القرض في شركة تابعة وكانت تلك الشركة الأخيرة قد حققت خسائر ومن ثم نال القرض من الضمانة البنكية المقدمة من الشركة المدعية ويعد بالتالي من ١) السالفة / المصروفات التي لم تتوفر فيها الشروط الواردة بالمادة ( ١٣ الذكر إذ أنه لم يلزم لإنتاج إجمالي وبالتالي لا يعد من التكاليف الواجبة الخصم من الدخل ا لإجمالي. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٠٨ قضاء المحكمة العليا درج آخذ ً ا بمبدأ التبعية الاقتصادية على اعتبار أن الدخل الناشئ خارج عمان يخضع للضريبة متى كان ناتج ً ا عن ارتباط لنشاط الشركة إعمالا ً للقواعد العامة في القانون الضريبي وهو ما توفر في توزيعات الطعن رقم ١٨ لسنة ٢٠٠٨ تجاري عليا جلسة « الأرباح النقدية السالف البيان ٢٠٠٨ م. /٦/٤ %& ا لإ# '( ت ا  # لاس  الإ تفترض دراسة هذه المسألة، أن نعرض للأمور ا لآتية: القواعد ا لعامة. ماهية الإفلاس وطبيعته. شروط الحجر ل لإفلاس. آثار ا لإفلاس. انتهاء ا لإفلاس. الإفلاس في أحكام المحكمة العليا بسلطنة ع ُمان. وندرس المسائل السابقة، على أن نخصص لكل منها فصلا، ً ونختم الدراسة بملحقين لها: (نظرية الإفلاس عند الشيخ العبادي)، و(نظرية الإفلاس في القانون ا لإنجليزي). نظام الإفلاس من الأنظمة القانونية الموجودة في قوانين وأعراف الدول داخلي بيان قواعده وأحكامه (١)  ا منذ غابر الأزمان، وهو نظام لعب القضاء الوطني والفقه دورا كبيرا في ًً . وشروط شهر الإفلاس عديدة في القوانين الوضعية، وهي: (١) من أحكام محكمة النقض المصرية، أ ن قواعد الإفلاس تتعلق بالنظام العام، ولذلك للمحكمة أن تقضي بها من تلقاء نفسها. دعوى الإفلاس ليست دعوى خصومة، إنما هي دعوى إثبات حالة معينة. تقديم طلب شهر الإفلاس من غير ذي صفة لا يمنع من الحكم به. جواز شهر إفلاس الموظف المحترف للتجارة. ترك التجارة لا يمنع من اتخاذ إجراءات ا لإفلاس. التوقف عن الدفع هو الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة. مناط إشهار إفلاس التاجر هو توقفه عن الدفع لا عدم اتخاذه الدفاتر ا لمقررة. حكم إشهار الإفلاس ينشئ حالة قانونية جديدة. الحكم بتعيين تاريخ الوقوف عن الدفع أو بتعديله له حجية مطلقة. عقود المفلس في فترة الريبة صحيحة بين عاقديها وغير نافذة في حق جماعة ا لدائنين. عدم جواز مخاصمة المفلس إلا في شخص وكيل ا لدائنين. الصلح بين المدين المفلس ودائنيه لا يسري على الدائن الذي لم يتدخل فيه. شهر إفلاس شركة التضامن يستتبع شهر إفلاس الشركاء فيها. ، راجع د. أحمد حسني: قضاء النقض التجاري منشأة المعارف، الإسكندرية، ٢٠٠٠ ، ص ٥٨ .١٣٩ ،١٣٢ ،١١٨ ،١٠٤ ،٨٨ ،٨٣ ،٧٨ ،٧٠ ،٦٩ ،٦٧ ،٦٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢١٢  ١ أن يكون المدين تاجرا، وسواء كان حيا أو ميت ً ا، إذ يجوز شهر إفلاس ً التاجر الميت، لكن بشرطين: (الأول) أن يكون قد مات وهو في حالة توقف عن دفع ديونه، (والثاني) أن يتم طلب شهر إفلاسه خلال سنة من تاريخ الوفاة. كذلك  يمكن شهر إفلاس التاجر الذي اعتزل التجارة، بشرط أن يكون قد توقف عن الدفع أثناء مزاولته للتجارة وقبل أن يعتزلها.  ٢ أن يتوقف التاجر عن دفع ما عليه من ديون. ٣ صدور حكم من المحكمة المختصة يقضي بشهر إفلاس التاجر (وفيه أيضا تحدد المحكمة تاريخ الوقوف عن الدفع، وتعيين السنديك الذي يتولى أمر ً التفليسة (مأمور التفليسة)، ووضع الأختام على أموال التاجر المفلس والأمر عند الاقتضاء بحبسه أو التحفظ عليه، وتعيين جريدتين لنشر ا لحكم). وآثار شهر الإفلاس، هي: (أولا (ً آثار تتعلق بالمدين، وهي: ١ إمكان حبسه أو التحفظ عليه. ٢ تقرير إعانة للمفلس ولعائلته لكي يتمكنوا من مواجهة أعباء ا لمعيشة. ٣ سقوط بعض الحقوق السياسية والمدنية (كحق الانتخاب، والحرمان من الترشيح لعضوية المجالس ا لنيابية). ٤ إذا كان الإفلاس بالتدليس (وذلك في حالة إخفاء التاجر لدفاتره التجارية أو إعدامه لها، أو اختلاسه جزء من أمواله إضرارا بالدائنين، أو تقريره على خلاف ً الحقيقة بديون ليست في ذمته، فإن ذلك يشكل جريمة يعاقب عليها جنائيا) أو بالتقصير (كما لو أنفق مصاريف شخصية ببذخ، أو قام بلعب القمار، أو اشترى بضائع لبيعها بأسعار رخيصة حتى يؤخر شهر إفلاسه، أو إذا لم يمسك دفاتر تجارية منتظمة، فإن ذلك يشكل جريمة يعاقب عليها جنائيا أيض ً ا). الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢١٣ ٥ آثار تتعلق بالذمة المالية للمدين: أ ( يترتب على شهر الإفلاس غل يد المدين المفلس عن إدارة أمواله والتصرف فيها (ويشمل ذلك كل أموال المدين تطبيق ً كل أموال » ا لقاعدة أن عدا الأموال اللازمة للمدين ولعائلته كالفراش « المدين ضامنة للوفاء بديونه  والثياب والمأكل والمشرب). ب ( لا تسري تصرفات المدين الصادرة منه بعد شهر إفلاسه، إلا إذا كانت مفيدة للدائنين (مثل قطع التقادم، وتجديد قيد الرهن، وطلب توقيع  الحجز ا لتحفظي). ج ( لا يجوز للمفلس التقاضي (سواء القضايا التي يرفعها هو، أو تلك التي ترفع عليه) ويستثنى من ذلك دعاواه الشخصية، كطلبه التعويض عن ضرر أصابه من فعل الغير أو الدعاوى الخاصة بحالة الأشخاص، أو بالتزاماته العائلية كدعوى النفقة والطاعة.. إلخ. ٦ بطلان تصرفات المدين المفلس الصادرة في فترة ا لريبة: إذ تبطل تصرفات المدين المفلس الواقعة بين تاريخ وقوفه عن الدفع وصدور حكم شهر إفلاسه، وقد سميت بهذا الاسم لأن أحوالها كما سنرى تنبئ عن ريبة وشك في تصرفات المدين، ولما كان هذا البطلان تقرر لحماية مصالح الدائنين، فإن الذي يتمسك به فقط السنديك باعتباره ممثلا ً لهم. وبالتالي لا يجوز للمدين المفلس ولا لمن تصرف معه التمسك به. وهذا البطلان قد يكون وجوبيا أو جوازيا (المادتان ٢٢٧ ٢٢٨ من القانون ا لمصري): · البطلان ا لوجوبي: وهو متى ثبتت تقضي به المحكمة متى طلبه ا لسنديك. ويشترط للحكم بالبطلان الوجوبي الشروط ا لآتية: أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢١٤ ﻥﺃ ﺭﺪﺼﻳ ﻑﺮــﺼﺘﻟﺍ ﻲﻓ ﺓﺮﺘﻓ ،ﺔﺒﻳﺮﻟﺍ ﻲﻫﻭ ﺓﺮﺘﻔﻟﺍ ﺔــﻌﻗﺍﻮﻟﺍ ﻦﻴﺑ ﺦﻳﺭﺎﺘﻟﺍ ﻱﺬﻟﺍ ﻪﺘﻨﻴﻋ ﺔﻤﻜﺤﻤﻟﺍ ﻒﻗﻮﺘﻟ ﻦﻳﺪﻤﻟﺍ ﻦﻋ ﻊﻓﺩ ﻪﻧﻮﻳﺩ ﺦﻳﺭﺎﺗﻭ ﺭﻭﺪﺻ ﻢﻜﺤﻟﺍ ﺮﻬــﺸﺑ ﺃ ( ،ﺱﻼﻓﻹﺍ ﻭﺃ ﻲﻓ ﺓﺮﺸﻌﻟﺍ ﻡﺎﻳﺃ ﺔﻘﺑﺎﺴﻟﺍ .ﺎﻬﻴﻠﻋ ﻥﺃ ﻥﻮﻜﻳ ﻦﻣ ﺕﺎﻓﺮﺼﺘﻟﺍ :ﺔﻴﺗﻵﺍ ﺏ ( - التبرعات. - الوفاء بالديون قبل حلول ا لأجل. - الوفاء بالديون الحالة، ولكن بغير نقود ولا أوراق تجارية (مثل الوفاء بطريق البيع بأن يبيع المدين لدائنه مالا ً فتقع المقاصة بين الثمن والدين). ٤ التأمينات الضامنة لدين سابق. إذ يكون باطلا ً كل رهن رسمي أو حيازي أو اختصاص يؤخذ على مال للمدين في فترة الريبة أو الأيام العشرة السابقة عليها ضمان ً ا لدين سابق. · البطلان ا لجوازي: ويكون إذا توافر شرطان: أ ( أن يقع التصرف في فترة الريبة، وتقتصر فترة الريبة على المدة الواقعة بين التاريخ المعين للوقوف عن الدفع وتاريخ حكم شهر الإفلاس، وبالتالي لا يضاف إليها الأيام العشرة السابقة على تاريخ الوقوف عن ا لدفع. ب ( أن يكون من تعامل مع المدين في فترة الريبة سيئ النية؛ أي: عالما ً باختلال أعماله وقت التصرف. فإذا كان المتصرف إليه حسن النية لا يعلم باختلال أشغال المدين وقت التصرف، فلا محل للحكم بالبطلان. وإذا توافر هذان الشرطان فلا تلزم المحكمة بإبطال التصرف، وإنما تتمتع في هذا الشأن بسلطة تقديرية واسعة، فيجوز لها الحكم بالبطلان أو عدم الحكم به. الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢١٥ (ثاني ً ا) آثار شهر الإفلاس بالنسبة ل لدائنين: هذه الآثار ثلاثة:  ١ نشأة جماعة ا لدائنين : بمجرد صدور الحكم بشهر إفلاس التاجر، يتكون بقوة القانون ما يسمى بجماعة الدائنين، والتي تتألف من جميع الدائنين العاديين أصحاب الديون السابقة على شهر الإفلاس، وبالتالي لا يدخل فيها الدائنون المرتهنون (أو الدائنون أصحاب حقوق الاختصاص أو حقوق الامتياز الخاصة، أما أصحاب حقوق الامتياز العامة فيدخلون في جماعة الدائنين في الأحوال التي يمتنع عليهم اتخاذ الإجراءات الفردية ضد ا لمدين). ونشأة جماعة الدائنين (بتكوينها السابق) يرتب أثرا مهما هو: وقف حق كل ً دائن في اتخاذ أية إجراءات فردية (كرفع دعاوى على المفلس للمطالبة بدينه، أو التنفيذ على أموال المدين حتى ولو تمت الإجراءات من قبل) وحلول إجراءات جماعية يباشرها السنديك نيابة عن جماعة ا لدائنين. ٢ وقف سريان ا لفوائد : وبالتالي ليس للدائن العادي إلا أن يطالب بأصل دينه والفوائد المستحقة حتى تاريخ شهر الإفلاس. أما الديون المضمونة برهن أو اختصاص أو امتياز فتستمر فوائدها، لكنها تستوفي من الأموال المحملة بالتأمين (المادة ٢٢٦ من القانون ا لمصري). ٣ حلول الديون ا لآجلة : يترتب على الحكم بشهر الإفلاس، سقوط الآجال الممنوحة للتاجر المفلس، وحلول ما عليه من ديون مؤجلة (المادة ٢٢٣ من القانون المصري)، علة ذلك أن الأجل منح للثقة في التاجر، وقد زالت هذه الثقة وأصبحت في غير موضعها بإفلاسه. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢١٦ ثالث ً ا انتهاء الإفلاس أو زواله:  قد ينتهي ا لإفلاس: أ ( إما بالصلح البسيط، وذلك بأن يتفق المفلس وجماعة الدائنين على أن يقوم المفلس بإدارة أمواله والتصرف فيها، وعلى أن يتعهد بدفع ديونه كلها أو بعضها في مواعيد معينة. ب ( وإما بالاتحاد في شكل جمعية من الدائنين لتصفية أموال المفلس وتوزيع الناتج عليهم. ج ( وإما بالصلح على ترك الأموال للدائنين، أي: يبرأ التاجر المفلس من ديونه بترك أمواله كلها أو بعضها للدائنين. د ( وإما بقفل التفليسة إذا كانت أموالها ضعيفة لا تكفي حتى لمواجهة مصروفاتها. رابعا الصلح الواقي من ا لإفلاس: ً يختلف هذا الصلح عن الصلح البسيط: فهذا الأخير يتم به انتهاء حالة الإفلاس المشهر (فهو إذن يتم اللجوء إليه انتهاء)، بينما الصلح الواقي من الإفلاس يرمي إلى تفادي شهر الإفلاس تطبيق ً « الوقاية خير من العلاج » ا لقاعدة ولذلك يمنح هذا الصلح للتاجر حسن النية (وبالتالي يستبعد التاجر سيئ النية)، والذي لا دخل له في توقفه عن دفع ديونه. تلكم أهم القواعد التي تحكم الإفلاس في القانون التجاري الوضعي، ومنها القانون ا لمصري(١) . (١) ٢٠٠٩ ) لأحكام الإفلاس والصلح الواقي في المواد ) تعرض القانون التجاري العماني رقم ٥٥ ٥٧٩ ٧٨٦ . وإتماما للفائدة نذكر بعض نصوصه، وأهمها: ً المادة ٥٧٩ : شهر الإفلاس كل تاجر اضطربت أعماله المالية، فوقف عن دفع ديونه التجارية يجوز شهر إفلاسه. ويعتبر الوقوف عن دفع الدين دليلا ً على اضطراب الأعمال ما لم يثبت ا لعكس . الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢١٧ المادة ٥٨٠ : لا تنشأ حالة الإفلاس إلا بحكم يصدر بشهر الإفلاس، ولا يترتب على الوقوف عن دفع الديون قبل صدور هذا الحكم أي أثر ما لم ينص القانون على غير ذلك. المادة ٥٨١ : يشهر إفلاس التاجر بناء على طلب أحد دائنيه أو بناء على طلب التاجر نفسه. ويجوز للمحكمة أن تقضي بإفلاس التاجر من تلقاء نفسها. المادة ٥٨٢ : لكل دائن بدين تجاري حال أن يطلب شهر إفلاس مدينه التاجر إذا وقف عن دفع الدين. ولكل دائن بدين تجاري آجل الحق في طلب إفلاس مدينه التاجر إذا لم يكن لهذا المدين موطن معروف أو إذا لجأ إلى الفرار، أو أغلق متجره، أو شرع في تصفيته، أو أجرى تصرفات ضارة بدائنيه، بشرط أن يقدم الدائن ما يثبت أن المدين وقف عن دفع دينه التجاري الحال. ولكل دائن بدين مدني حال أن يطلب شهر إفلاس مدينه التاجر إذا وقف عن دفع الدين. ولكل دائن بدين تجاري آجل الحق في طلب شهر إفلاس مدينه التاجر إذا لم يكن لهذا المدين ما يثبت أن المدين وقف عن دفع دينه التجاري الحال. ولكل دائن بدين مدني  حال أن يطلب شهر إفلاس مدينه التاجر إذا قدم ما يثبت أن هذا المدين قد وقف عن دفع دينه التجاري الحال. ولا يجوز شهر إفلاس التاجر بسبب وقوفه عن دفع ما يستحق عليه من غرامات جزائية أو ضرائب أيا كان نوعها. المادة ٥٨٦ : يجوز شهر إفلاس التاجر الذي وقف عن دفع ديونه التجارية حتى بعد وفاته أو اعتزاله التجارة. ويطلب شهر الإفلاس حتى لو نظرته المحكمة من تلقاء ذاتها خلال السنتين التاليتين للوفاة أو بشطب اسم التاجر من السجل التجاري. وتعلن دعوى شهر إفلاس في حالة وفاة التاجر في آخر موطن له دون حاجة إلى تعيين الورثة. ويجوز لورثة التاجر طلب شهر إفلاسه بعد وفاته خلال السنتين التاليتين للوفاة. فإذا لم يجمع الورثة على طلب شهر الإفلاس، سمعت المحكمة أقوال الورثة الذين لم يشتركوا في تقديم الطلب وفصلت فيه وفق ً ا لمصلحة ذوي ا لشأن. المادة ٥٨٨ : يجوز للمحكمة التي تنظر في طلب شهر الإفلاس أن تأمر باتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على أموال المدين أو لإدارتها إلى أن تفصل في شهر الإفلاس. ولها أن تندب من تراه لإجراء تحريات عن حالة المدين المالية وأسباب وقوفه عن الدفع وتقديم تقرير بذلك. ويسري حكم الفقرة السابقة في حالة ما إذا أمرت المحكمة بشهر إفلاس التاجر من تلقاء نفسها. المادة ٥٨٩ : تعين المحكمة مديرا للتفليسة وتأمر بوضع الأختام على محل تجارة المدين. ً وتندب المحكمة أحد قضاتها ليكون قاضيا للتفليسة. ً المادة ٥٩٠ : تحدد المحكمة في حكم شهر الإفلاس تاريخ ً ا مؤقت ً ا للوقوف عن الدفع، فإذا لم تحدده اعتبر تاريخ صدور الحكم هو التاريخ المؤقت. وإذا صدر الحكم بعد وفاة المدين أو بعد اعتزاله التجارة وقبل تحديد التاريخ المؤقت سالف الذكر، اعتبر هذا التاريخ هو تاريخ الوفاة أو تاريخ اعتزال ا لتجارة. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢١٨ المادة ٥٩١ : يجوز للمحكمة، من تلقاء نفسها أو بناء على طلب المدين أو أحد الدائنين أو مدير التفليسة أو غيرهم من ذوي المصلحة، تعديل التاريخ المؤقت للوقوف عن الدفع إلى انقضاء عشرة أيام من تاريخ إيداع قائمة الديون المحققة لدى المحكمة. وبعد انقضاء هذا الميعاد يصبح التاريخ المعين للوقوف عن الدفع نهائيا. ولا يجوز بأية حال إرجاع تاريخ  الوقوف عن الدفع إلى أكثر من سنتين من تاريخ صدور حكم شهر الإفلاس وفيما يتعلق بتعيين هذا التاريخ تعتبر الاستعانة بوسائل ضارة أو غير مشروعة للوفاء بالديون في حكم الوقوف عن ا لدفع. المادة ٦٠٣ : لا يجوز للمفلس أن يتغيب عن موطنه دون إذن من قاضي التفليسة. ويجوز لقاضي التفليسة أن يقرر في كل وقت وضع المفلس تحت المراقبة. وللمفلس أن يقدم طلبا بإعادة النظر ً في هذا القرار. كما يجوز لقاضي التفليسة أن يقرر في كل وقت رفع المراقبة عن ا لمفلس. المادة ٦٠٤ : يترتب حتما على الحكم بشهر الإفلاس ومن تاريخ صدوره تخلي المفلس لمدير ً التفليسة عن إدارة جميع أمواله بما فيها الأموال التي تؤول إليه وهو في حالة الإفلاس. ولا يجوز للمفلس أن يتصرف في شيء من أمواله ولا يحق له القيام بأي وفاء أو قبض إلا إذا كان القبض عن حسن نية لسند تجاري. لا يجوز بعد صدور حكم شهر الإفلاس رفع دعوى من المفلس أو عليه أو السير فيها فيما عدا الدعاوى الآتية: أ الدعاوى المتعلقة بالأموال والتصرفات التي لا يمتد إليها يد المفلس. ب الدعاوى المتعلقة بأعمال التفليسة التي يجيز له القانون القيام بها. ج الدعاوى الجزائية. وإذا رفع المفلس أو رفعت عليه دعوى جزائية أو دعوى متعلقة بشخصه أو بأحواله الشخصية، وجب إدخال مدير التفليسة فيها إذا اشتملت على طلبات مالية. ويجوز للمحكمة أن تأذن في إدخال المفلس في الدعاوى المتعلقة بالتفليسة كما يجوز لها أن تأذن في إدخال الدائن في هذه الدعاوى إذا كانت له مصلحة خاصة بها. المادة ٦٠٥ : لا يشمل التخلي المشار إليه في المادة السابقة الحقوق التي تتعلق بشخص المفلس بصفته رب أسرة، أو الحقوق التي تتناول مصلحة أدبية محضة. على أنه يقبل تدخل مديري التفليسة في الدعوى إذا كانت تؤول إلى الحكم بمبلغ من النقود. وكذلك لا يشمل التخلي الأموال التي نص القانون على عدم قابليتها للحجز ولا الأرباح التي يمكن أن يحوزها المفلس بنشاطه أو صناعته وذلك على قدر ما يعتبره القاضي متناسبا مع حاجة ً المفلس لإعالة نفسه وأسرته. المادة ٦٠٦ : تعتبر جميع التصرفات التي يجريها المفلس يوم صدور حكم الإفلاس حاصلة بعد صدوره. وإذا كان التصرف مما لا يحتج به إلا بالقيد أو التسجيل أو غير ذلك من الإجراءات، فلا يسري على جماعة الدائنين إلا إذا تم الإجراء قبل صدور حكم ا لإفلاس. المادة ٦٠٨ : إذا حكم على المفلس بعد شهر إفلاسه، بالتعويض عن ضرر أحدثه للغير، جاز للمحكوم له مطالبة التفليسة بالتعويض المقضي به ما لم يثبت تواطؤه مع ا لمفلس. الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢١٩ المادة ٦٠٩ : لا يجوز التمسك في مواجهة جماعة الدائنين بالتصرفات الآتية: ١ إذا قام بها المدين بعد تاريخ الوقوف عن الدفع وقبل الحكم بشهر الإفلاس، ما عدا الهدايا الصغيرة التي يجري بها ا لعرف. ٢ جميع الديون قبل حلول الأجل أيا كانت كيفية هذا الوفاء، ويعتبر إنشاء مقابل وفاء ورقة تجارية لم يحل ميعاد استحقاقها في حكم الوفاء قبل حلول الأجل. ٣ وفاء الديون الحالة بغير الشيء المتفق عليه، ويعتبر الوفاء بطريق الأوراق التجارية أو النقل المصرفي كالوفاء بالنقود. ٤ كل رهن أو تأمين اتفاقي آخر. وكل ما أجراه المفلس من تصرفات غير ما تقدم ذكره، خلال الفترة المشار إليها، يجوز الحكم بعدم نفاذه في مواجهة جماعة الدائنين، إذا كان  التصرف ضارا بهم، وكان المتصرف إليه يعلم وقت وقوعه بوقوف المفلس عن الدفع. وفي جميع الأحوال يكون لجماعة الدائنين إقامة دعوى الاسترداد فإذا كان محل الوفاء كمبيالة أو شيك ً ا أقيمت الدعوى المذكورة على الشخص الذي أعطي السند أو الشيك لحسابه فقط. أما إذا كان محل الوفاء سند ً ا لأمر فلا يجوز أن تقام الدعوى إلا على المظهر الأول وفي الحالتين يجب إقامة الدليل على أن الشخص الذي يطلب منه الرد كان عالما وقت إصدار السند ً بتوقف المدين عن ا لدفع.  المادة ٦١٤ : يجوز للمفلس أن يمارس تجارة جديدة بغير أموال التفليسة، بشرط ألا يترتب على ذلك ضرر للدائنين ويكون للدائنين الذين تنشأ ديونهم بمناسبة هذه التجارة الأولوية في استيفاء حقوقهم من أموالها. المادة ٦١٥ : الدائنون بوجه عام تنشأ بقوة القانون بمجرد صدور حكم شهر الإفلاس جماعة للدائنين من الذين نشأت حقوقهم في مواجهة المفلس بسبب صحيح قبل صدور الحكم بشهر الإفلاس. وتتمتع هذه الجماعة بالشخصية القانونية ويمثلها مدير التفليسة. ولا يعتبر ضمن جماعة الدائنين وفق ً ا للفقرة السابقة أصحاب الديون المضمونة برهن أو امتياز خاص، وذلك باستثناء الحالات التي يدخلون فيها التفليسة باعتبارهم دائنين عاديين وفق ً ا لما هو منصوص عليه في هذا ا لقانون. المادة ٦١٦ : الحكم بشهر الإفلاس يسقط آجال جميع الديون النقدية التي على المفلس سواء كانت ديون ً ا عادية أو مضمونة بامتياز عام أو خاص، وإذا كانت الديون مقومة بغير نقود الجهة التي صدر فيها الحكم بشهر الإفلاس وجب تحويلها إلى نقود تلك الجهة طبق ً ا لسعر الصرف يوم صدور الحكم بشهر الإفلاس. وللمحكمة أن تستنزل من الدين المؤجل الذي لم تشترط فيه عوائد مبلغ ً ا يعادل العائد القانوني عن المدة من تاريخ الحكم بشهر الإفلاس إلى تاريخ استحقاق ا لدين. المادة ٦٣٠ : أثر الإفلاس على العقود الصحيحة المبرمة قبل الحكم به إذا كان المفلس مستأجرا للعقار الذي يزاول فيه التجارة، فلا ينتهي عقد الإيجار ولا تحل الأجرة عن المدة ً الباقية لانقضائه بصدور حكم الإفلاس، ويكون باطلا ً كل شرط مخالف. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٢٠ المادة ٣١٦ : يجوز لمدير التفليسة بإذن من قاضيها، خلال ستين يوما من تاريخ حكم الإفلاس ً أن يقرر إنهاء إيجار العقار الذي يزاول فيه المفلس تجارته وعلى المدير في هذه الحالة إخطار المؤجر بهذا القرار خلال المدة المذكورة. وإذا قرر المدير الاستمرار في الإجارة، وجب أن يدفع الأجرة المتأخرة وأن يقدم ضمان ً ا كافيا بالأجرة المستقبلية، ويجوز للمؤجر أن يطلب من ً المحكمة إنهاء الإجارة إذا كان الضمان غير كاف، ولمدير التفليسة بإذن من قاضيها، تأجير العقار من الباطن أو النزول عن الإيجار، ولو كان المفلس ممنوع ً ا من ذلك بموجب عقد الإيجار بشرط أن تكون هناك مصلحة حقيقية وبينة لجماعة الدائنين، وأن يتم تعويض المؤجر تعويض ً ا عادلا .ً المادة ٦٣٢ : تنقضي الوكالة بإفلاس الوكيل أو إفلاس الموكل، ومع ذلك لا تنقضي بإفلاس الموكل إذا كان للوكيل أو للغير مصلحة فيها. المادة ٦٣٣ : العقود الملزمة للجانبين التي يكون المفلس طرف ً ا فيها لا تنفسخ بحكم الإفلاس، إلا إذا كانت قائمة على اعتبارات شخصية. وإذا لم ينفذ مدير التفليسة العقد، جاز للطرف الآخر أن يطلب الفسخ، ويشترك في التفليسة بالتعويض المترتب على ا لفسخ. المادة ٦٣٤ : حق الاسترداد لكل شخص أن يسترد من التفليسة ما يثبت ملكيته له من أشياء معينة بذاتها ولا يجوز لمدير التفليسة أن يسلم المسترد ما يطالب به إلا بعد الحصول على إذن من قاضي التفليسة. وإذا رفض مدير التفليسة رد الأشياء المطلوب استردادها وجب عرض النزاع على ا لمحكمة. المادة ٦٦٦ : تحقيق الديون عقب صدور الحكم بشهر الإفلاس: يسلم الدائنون، ولو كانت ديونهم مضمونة بتأمينات خاصة، مدير التفليسة مستندات ديونهم مع بيان بالديون وتأميناتها ويحرر مدير التفليسة إيصالا ً بتسلم البيان مستندات الدين. ويعيد مدير التفليسة المستندات إلى الدائنين بعد إقفال التفليسة ويكون مسؤولا ً عنها لمدة سنة من تاريخ انتهاء ا لتفليسة. المادة ٦٧٥ : لا يشترك الدائنون الذين لم يقدموا طلباتهم في المواعيد المقررة في التوزيعات الجارية، وإنما تجوز لهم المعارضة إلى أن ينتهي توزيع النقود ويتحملون مصروفات المعارضة. ولا يترتب على المعارضة وقف تنفيذ التوزيعات التي أمر بها قاضي التفليسة، ومع ذلك يجوز للدائنين المذكورين الاشتراك في التوزيعات الجديدة بالمبالغ التي تقدرها المحكمة تقديرا مؤقت ً ا، وتحفظ لهم حصتهم إلى حين الحكم في المعارضة. وإذا ثبتت ً ديونهم بعد ذلك. فلا تجوز لهم المطالبة بحصة في التوزيعات التي أمر بها قاضي التفليسة، وإنما يجوز لهم أن يأخذوا من المبالغ الباقية دون توزيع أنصبة ديونهم التي كانت تؤول إليهم لو أنهم اشتركوا في التوزيعات ا لسابقة. المادة ٦٧٦ : إقفال التفليسة لعدم كفاية الأموال إذا وقفت أعمال التفليسة لعدم كفاية الأموال قبل التصديق على الصلح أو قيام حالة الاتحاد، جاز لقاضي التفليسة أن يقضي بإقفالها. الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٢١   المادة ٦٧٧ : يترتب على الحكم بإقفال التفليسة لعدم كفاية أموالها، أن يعود إلى كل دائن  الحق في اتخاذ الإجراءات ومباشرة الدعاوى الفردية وإذا كان دينه قد حقق وقبل نهائيا في التفليسة جاز له التنفيذ على أموال المفلس بموجب أمر أداء من قاضي ا لتفليسة. المادة ٦٨١ : إفلاس الشركات تسري على إفلاس الشركات التجارية نصوص الإفلاس بوجه عام، وتسري بوجه خاص أحكام المواد ا لتالية: المادة ٦٨٢ : فيما عدا شركات المحاصة، يجوز شهر إفلاس أية شركة تجارية إذا اضطربت أعمالها المالية فوقفت عن دفع ديونها. ويجوز شهر إفلاس الشركة ولو لم تقف عن دفع ديونها التجارية إلا إذا كانت في دور التصفية، وبعد انتهاء التصفية يجوز لكل دائن لم يستوف دينه أن يطلب شهر إفلاس الشركة خلال السنتين التاليتين لشطبها من السجل التجاري. المادة ٦٩٦ : للمحكمة بعد إعداد القائمة النهاية للديون المنصوص عليها في المادة ٦٧٢ ، أن تحكم بناء على طلب المفلس بإنهاء التفليسة إذا أثبت أنه وفي جميع الدائنين الذين قدموا في التفليسة أو أنه أودع عند مدير التفليسة المبالغ اللازمة لوفاء الديون المذكورة من أصل وعوائد ومصروفات. المادة ٦٩٨ : لا يجوز عقد الصلح مع مفلس حكم عليه بعقوبة الإفلاس بالتدليس وإذا بدأ التحقيق مع المفلس في جريمة الإفلاس بالتدليس، وجب تأجيل المداولة في ا لصلح. المادة ٦٩٩ : لا يحول الحكم على المفلس بعقوبة الإفلاس بالتقصير دون الصلح معه وإذا بدأ التحقيق مع المفلس في هذه الجريمة كان للدائنين الخيار بين الاستمرار في مداولات الصلح أو تأجيلها. المادة ٧٠٠ : على قاضي التفليسة دعوة الدائنين الذين قبلت ديونهم نهائيا أو مؤقت ً ا بكتب مسجلة مصحوبة بعلم وصول لحضور المداولة في الصلح. وتوجه هذه الدعوة في حالة عدم حصول أية منازعة في الديون، خلال الأيام السبعة التالية لوضع القائمة النهائية بالديون، وتوجه الدعوة في حالة حصول المنازعة خلال الخمسة عشر يوما التالية لانتهاء ميعاد الطعن ً في آخر قرار لقاضي التفليسة بشأن قبول الديون أو رفضها. وعلى مدير التفليسة، أن يقوم بنشر الدعوة لحضور المداولة في الصلح في أول عدد يصدر من الجريدة الرسمية بعد انقضاء الميعاد المنصوص عليه. المادة ٧٠٦ : لا يقع الصلح إلا بموافقة أغلبية الدائنين الذين قبلت ديونهم نهائيا أو مؤقت ً ا وبشرط أن يكونوا حائزين لثلثي هذه الديون. وتستنزل عند حساب الأغلبيتين المذكورتين ديون الدائنين الذين لم يشتركوا في التصويت. وإذا لم يتوافر أي من النصابين المشار إليهما تأجلت المداولة إلى عشرة أيام لا مهلة بعدها. ويجوز للدائنين الذين حضروا الاجتماع الأول أو كانوا ممثلين فيه تمثيلا ً صحيحا ووقعوا محضر الجلسة ألا يحضروا الاجتماع الثاني وتبقى ً أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٢٢ قراراتهم التي اتخذوها في الاجتماع الأول قائمة إلا إذا حضروا وعدلوها أو عدل المدين مقترحاته بشأن الصلح في الفترة بين ا لاجتماعين.  المادة ٧٠٨ : يجوز أن يتضمن الصلح منح المدين آجالا ً لوفاء الديون وكما يجوز أن يتضمن إبراء المدين من جزء من ا لدين. المادة ٧٠٩ : يجوز أن يعتد الصلح بشرط الوفاء إذا أيسر المدين خلال مدة يعينها عقد الصلح، على ألا تجاوز خمس سنوات من تاريخ التصديق على الصلح. ولا يعتبر المدين قد أيسر إلا إذا صارت قيمة موجوداته تزيد على الديون المترتبة عليه بما يعادل ٢٥٪ على ا لأقل. المادة ٧٢٢ : يجوز أن يعقد الصلح على أن يتخلى المدين عن أمواله كلها أو بعضها وتتبع فيما يتعلق بشروط هذا الصلح وآثاره وإبطاله وفسخه الأحكام الخاصة بالصلح القضائي. وتباع . الأموال التي يتخلى عنها المدين بالكيفية المبينة في المادة ٧٣٢ المادة ٧٢٣ : إذا كان الثمن الناتج من بيع الأموال التي تخلى عنها المدين يجاوز الديون المطلوبة منه، وجب رد القدر الزائد إليه. المادة ٧٢٤ : يعتبر الدائنون في حالة اتحاد بحكم القانون في الأحوال الآتية: ١ إذا لم يطلب المدين الصلح. ٢ إذا طلب المدين الصلح ورفضه الدائنون. ٣ إذا حصل المدين على الصلح ثم أبطل أو فسخ. المادة ٧٢٥ : على أثر قيام حالة الاتحاد يدعو قاضي التفليسة الدائنين للمداولة في شؤون التفليسة والنظر في إبقاء مديرها أو تغييره، وللدائنين أصحاب التأمينات العينية الاشتراك في هذه المداولات والتصويت دون أن يترتب على ذلك سقوط تأميناتهم. المادة ٧٢٨ : لا يجوز لمدير الاتحاد الاستمرار في تجارة المدين ولو كان مأذون ً ا في ذلك من قبل، إلا بعد الحصول على تفويض خاص من أغلبية تمثل ثلاثة أرباع الدائنين عدد ً ا ومبلغ ً ا، وبعد تصديق قاضي التفليسة. ويجب أن تعين في التفويض مدته، وسلطة المدير، والمبالغ التي يجوز له استبقاؤها تحت يده لتشغيل ا لتجارة. المادة ٧٢٩ : إذا نشأت عن الاستمرار في التجارة التزامات تزيد على أموال الاتحاد، كان الدائنون الذين وافقوا على الاستمرار مسؤولين في أموالهم الخاصة ودون تضامن بينهم عن الزيادة، بشرط أن تكون ناشئة عن أعمال تدخل ضمن حدود التفويض الصادر منهم، وتكون مسؤولية كل دائن بنسبة دينه. المادة ٧٥٣ : يجوز للتاجر الذي اضطربت أعماله اضطرابا يؤدي إلى وقوفه عن الدفع أن ً يطلب الصلح الواقي من الإفلاس، بشرط ألا يكون قد ارتكب غشا أو خطأ جسيما، وأن ً يكون قد زاول التجارة بصفة مستمرة خلال السنتين السابقتين على تقديم ا لطلب. المادة ٧٥٤ : لمن آل إليهم المتجر بطريق الإرث أو الوصية أن يطالبوا الصلح إذا قرروا الاستمرار في التجارة، وكان التاجر قبل وفاته ممن يجوز لهم الحصول على الصلح. ويجب الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٢٣ على الورثة والموصى لهم أن يطلبوا الصلح خلال ثلاثة أشهر من تاريخ وفاة التاجر فإذا لم يتفقوا بالإجماع على طلب الصلح، وجب على المحكمة أن تسمع أقوال من عارض منهم، وأن تفصل في الطلب وفق ً ا لمصلحة ذوي ا لشأن. المادة ٧٥٨ : بقدم طلب الصلح بعريضة إلى المحكمة يبين فيها الطالب أسباب اضطراب أعماله ومقترحات الصلح. وترفق عريضة الصلح بما يأتي: ١ الوثائق المؤيدة للبيانات المذكورة فيها. ٢ شهادة من أمانة السجل التجاري تثبت قيام الطالب بما تفرضه عليه الأحكام الخاصة بهذا السجل خلال السنتين السابقتين على طلب الصلح. ٣ شهادة من غرفة تجارة وصناعة عمان تفيد مزاولة التجارة بصفة مستمرة خلال السنتين السابقتين على طلب الصلح. ٤ الدفاتر التجارية الرئيسية. ٥ صورة من آخر ميزانية وحساب الأرباح والخسائر. ٦ بيان إجمالي بالمصروفات الشخصية عن السنتين السابقتين على طلب الصلح. ٧ بيان تفصيلي بأموال الطالب المنقولة والعقارية وقيمتها التقريبية عند طلب الصلح. ٨ بيان بأسماء الدائنين والمدينين وعناوينهم ومقدار حقوقهم وديونهم والتأمينات الضامنة لها. ٩ إقرار من المدين بأنه لم يسبق الحكم عليه في إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة ٧٦٣ وبأنه لم يحصل من قبل على صلح واق يجري تنفيذه. المادة ٧٦٣ : تقضي المحكمة برفض طلب الصلح في الأحوال الآتية: ١ إذا لم يقدم طالب ٧٥٩ أو قدمها ناقصة دون مسوغ ، الصلح الوثائق والبيانات المنصوص عليها في المادتين ٧٥٨ مشروع أو إذا كانت غير صحيحة. ٢ إذا سبق الحكم على التاجر بالإدانة في إحدى جرائم الإفلاس بالتدليس أو التزوير أو السرقة أو النصب أو خيانة الأمانة أو اختلاس الأموال العامة. ٣ إذا اعتزل التجارة أو أغلق متجره أو لجأ إلى الفرار. وللمحكمة من تلقاء ذاتها أن تقضي بشهر إفلاس التاجر إذا توافرت الشروط اللازمة لذلك . المادة ٧٦٤ : إذا رأت المحكمة قبول الطلب، قضت بافتتاح إجراءات الصلح، ويجب أن يتضمن الحكم المذكور: ١ تعيين أحد أعضائها من القضاة قاضيا للصلح الواقي للإشراف ً على إجراءاته. ٢ تعيين رقيب أو أكثر لمباشرة الإجراءات ولا يجوز أن يكون زوجا للمدين ً أو قريبا أو صهرا إلى الدرجة الرابعة، أو شريك ً ا أو مستخدما عنده أو محاسبا لديه أو وكيلا ً ًً ًً عنه خلال السنوات الثلاث السابقة. ٣ تعيين تاريخ لاجتماع الدائنين لتحقيق الديون ومناقشة مقترحات الصلح، ويجب أن يتم هذا الاجتماع خلال الثلاثين يوما التالية لصدور ً الحكم بافتتاح ا لإجراءات. ينقسم هذا الفصل إلى مبحثين: تعريف الإفلاس وتمييزه عن غيره ا لأول ? ا ه5f ه V55; لاس و  الإ لاس:  أ) الإ عرف الإباضية بكثرة في كتاباتهم نظام الإفلاس، بل قال ا لناظم(١) : وحيث إن حالة الإنسان هذا تراه في غناه يرفل وذاك في الفقر الكريه المدقع هذا وبعد ذاك تلقى الحالا لذلك الإفلاس يعرو الأغنيا والمعسر المفلس حين أعسرا وقيل عند العرب من لا عين له وباعتبار الشرع معهم من قصر فإن يكن كذاك فهو مفلس لا تستقرن مذا الزمان وفي نعيمه سعيد جذل لحكمة برهانها صح معي منعكسا جهرا ولا جدالا ً ًً والشرع راعا الكل أصلا ً رويا صح له الإفلاس حكما قررا ً ولا من الأعراض شيئ ً ا حصله ما عنده عما عليه في الأثر وذا مقال بالهدى مؤسس (١) . سالم السيابي: كتاب إرشاد الأنام في الأديان والأحكام، ج ٥، ص ٢٨٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٢٦ فلا يصح لزمه حين اتضح بأنه المفلس في القول الأصح إذ ذاك أمر فوق طاقة البشر ولم يكلف إلا له بالضرر وللإفلاس تعريفه عند الإباضية. فقد قيل: الإفلاس مأخوذ من تفلس الشجر، يقال: تفلس الشجر إذا ذهب ورقه في » الشتاء، فإذا ذهب مال الرجل سمي مفلسا، والمفلس إذا لم يكن له مال فلما ً يسر حبس حتى يصح مع الحاكم بعدلين من أهل الخبرة والمعرفة أنهما لا يعلمان له مالا ً ولا يسارا ثم يخرجه. وقال ابن محبوب: لا يبدأ مثل هذا ً بالحبس حتى يسأل عنه من يثق من أهل المعرفة به. وقال بعض: عليه اليمين « ما عنده ما يؤدي الحق للذي صح عليه. وقال بعض: ليس في هذا يمين(١) . وقد بين أطفيش ماهية الإفلاس ونوعيه بطريقة تستحق أن نذكرها كاملة(٢) . (١) العوتبي: كتاب الضياء، ج ١١ ، ج ١٦ ، ص ١٨٤ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ١٠٥ . وجاء  التفليس هو جعل الإنسان لا يعامل إلا بالفلوس بعد أن كان » : في معجم مصطلحات الإباضية يتجر بالدنانير الذهبية والدراهم الفضية. والفلوس هي العملة المعدنية التي تصنع من نحاس صاف أو مخلوط. وهي أقل الأموال قيمة، ولا يمكن تجزئتها لتفاهتها، ومنه قيل: أفلس فلان إذا كانت أمواله فلوا. ً ويقصد بالتفليس اصطلاحا منع الحاكم المدين من التصرف في ماله بسبب الإفلاس. ويكون ً الإفلاس بسبب زيادة ديون الإنسان على موجوداته، وعجزه عن سدادها. للمفلس فعل ما شاء في ماله ما لم يفلسه الحاكم؛ لأن الدين متعلق بالذمة، وقيل: يمنع من ذلك، كما هو المعنى العام للتفليس عند ا لمالكية. معجم مصطلحات « ويتم التفليس بحكم الحاكم عليه بنزع ماله أو التحجير عليه في تصرفاته . الإباضية، ج ٢، ص ٨١٥(٢) وهو تصيير الإنسان لا يعامل إلا بالفلوس وهي أدنى » : وهكذا تحت باب التفليس، يقول الأموال بعد أن كان يتجر بالدنانير مثلا، ً أو تصييره لا يعامل إلا بالحقير كالفلس، ومعنى تصييره كذلك نزع الحاكم ماله أو حجره عليه، وأفلس الرجل: صارت دنانيره فلوسا، أي: صار ً بيده فلوس بعد أن كان فيها دنانير، أو صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير، إشارة إلى أنه لا يملك إلا أدنى الأموال، وهي الفلوس، أو لأنه لا يتصرف إلا في الحقير كالفلس، والهمزة للصيرورة، ويجوز كونه بمعنى زالت فلوسه فلا يملك فلسا، فالهمزة على هذا للسلب . ً الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٢٧ وبعبارة وجيزة، يقول النزوي إن: « المفلس غير ا لمتفلس »(١) . ويبدو أنه يعني بذلك أن الفوارق بينهما، هي: ١ أن المفلس هو من صدر ضده حكم بإفلاسه من القاضي، بينما المتفلس ليس كذلك. ٢ أن المفلس هو من يتوافر في حقه فعلا ً الإفلاس (لعدم تغطية أمواله لكل ديونه) أما المتفلس فهو قد يكون مليئ ً ا ولكن يدعي ا لإفلاس. ٣ أن المفلس قد يرجع إفلاسه إلى أسباب لا يد له فيه (تدهور أسعار المنتجات، إحجام الناس عن الشراء… إلخ)، بينما المتفلس ليس كذلك، بل قد يخترع أسبابا يدعيها على خلاف ا لحقيقة. ً قال ابن حجر: المفلس شرع ً ا من تزيد ديونه على موجوده، وهو قيل قسمان: أخص وأعم، قال ابن عرفة: الأخص حكم الحاكم بخلع كل مال المدين لغرمائه لعجزه عن قضاء ما لزمه، قال: والأعم قيام ذي دين على مدين ليس له ما يفي فيه، وأشار بقوله: حكم الحاكم، إلى أن التفليس العام إنما يكون بالحكم، وقال: حكم الحاكم بخلع، لأن التفليس هو الحكم بالخلع لا ثبوت الخلع، وخرج بخلع المال الحكم بخلع غير المال، والحكم بأداء المال أو غيره، وخرج بقوله: لعجزه خلع ماله لاستحقاق عينه، قال ميارة: وإذا أخذ الغرماء المال واقتسموه فهو تفليس أخص، والحد لا يصدق عليه، وقوله: والأعم قيام… الخ، مناسب لإطلاق التفليس على قيام الغرماء، وكذا تفليس السلطان هو تفليس لا يصدق عليه الحد، ولو قلنا: شمله لفظ الحاكم لأنه إلقاء في الإسماع لا خلع، ومن خاصية الأعم أنه لا يجوز له تبرع ولا معاملة بغير عوض ولا محاباة إلا ما تجري العادة بفعله والأخص يمنع ما منع منه الأعم ويمنع مطلق الشراء والبيع، والمذهب أن الدين متعلق بالذمة، فله أن يفعل في ماله ما شاء ما لم يفلسه ا لحاكم. وتفليس الحاكم هو المسمى عند قومنا بالتفليس الخاص كما مر آنف ً ا، أما مجرد قيام الغرماء فهو التفليس العام، ولا يمنع من فعل ما شاء، وفيه قول في المذهب أنه مانع، وقال شارح العاصمية الأندلسي لا ميارة: إن التفليس الأعم عند ابن عاصم إحاطة الدين بماله ولو لم يقم .« الغرماء، وأن التفليس الأخص هو تشاور الديون في أمر ا لفلاس . أطفيش: شرح النيل، ج ١٣ ، ص ٦٠٨ ٦٠٩ . انظر أيضا ابن عمر: حاشية الترتيب، ج ٣، ص ٢٠٤ ً (١) . النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ٢٠٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٢٨ ٤ أن المفلس قد يكون إفلاسه إما لأسباب ترجع إليه أو لأسباب خارجة عنه، أما المتفلس فهو من سبب تفلسه غيره. ٥ أن حكم الإفلاس هو حكم منشئ لمركز قانوني جديد للمفلس، بينما لا يتحقق ذلك بالنسبة للمتفلس (لعدم وجود مثل هذا ا لحكم). رق ( ب) ا م: . وا W( ا I5 لاس، و#  ر والإ :/ الإ ١ الفارق بين الإعسار والإفلاس: في القانون التجاري الوضعي يكمن الفارق بين الإعسار والإفلاس في أن الأول يخضع له غير التاجر، أما الثاني فهو مقصور تطبيقه على التجار، كذلك فالإعسار يفترض زيادة ديون المدين الحالة على أمواله (م ٢٤٩ من القانون المدني المصري) على خلاف الإفلاس الذي لا يقارن بين ما يملك التاجر من أموال والديون التي هي عليه، وإنما يتحقق الإفلاس بمجرد توقف الدائن عن الدفع بما ينبئ عن مركزه المالي ا لمضطرب(١) . أما في الفقه الإباضي فيبدو أن الإعسار مظهر للإفلاس. يقول ا لسالمي: إن حقيقة الإفلاس هي: الانتقال عن حالة اليسر إلى حالة العسر، وقيل: المفلس لغة من لا عين له » ولا عرض، وشرع ً « ا من قصر ما بيده عما عليه من ا لديون(٢) . (١) لا يختلط الوقوف عن الدفع بالإعسار. ذلك أن الإعسار يفترض عدم كفاية أموال » : لذلك قيل المدين للوفاء بديونه المستحقة الأداء. أما الإفلاس فيفترض وقوف التاجر عن دفع ديونه في مواعيد استحقاقها بغض النظر عما إذا كان موسرا أم معسرا تقل أصوله عن خصومه أم تزيد ًً عليها. وذلك لأن الضرر الذي يلحق الدائنين من جراء عدم وفاء المدين التاجر بديونه في مواعيد استحقاقها لا يقل عن الضرر الذي يعود عليهم من عدم الوفاء أصلا .«ً د. مصطفى . كمال طه وآخرون: أساسيات القانون التجاري، ص ٣٠٦(٢) . السالمي: شرح الجامع الصحيح، ج ٣، ص ٢٢٨ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٢٩ كذلك بخصوص: وما حد كض المعسر المنهي عنه في الشرع، أهو مرافقته إلى الحاكم، أم كثرة الالجاج في المطالبة؟ قيل: إذا صح إعسار هذا المفلس فجميع ما يولد عليه الأذى ليس للطالب أن » « ا(١) يفعله فيه، إذا كان صح عذره في ترك قضاء ما وجب عليه لو كان موسر . ً ونحن نرى أن المفلس كالمعسر أمواله لا تفي بالوفاء بديونه إلا أن الفارق بينهما: أولا ً أن المعسر ينقلب مفلسا بحكم القاضي بإفلاسه، أما قبل ذلك ً فيظل معسرا. ً ثانيا يترتب على ذلك أنه قبل حكم القاضي تبقى تصرفات الشخص في ً أمواله صحيحة، لكنها تكون باطلة إن تمت بعد الحجر عليه للإفلاس أو تم إبطالها لوقوعها في فترة الريبة، يقول الثميني بخصوص ا لمعدم: وهو من أحاط الدين بماله، أو كان أكثر منه، لا إن كان لا يحيط به، وجازت » أفعال المعدم في ماله، من عتق وتدبير وبيع وهبة وإصداق وقضاء دين، ونحو « ذلك؛ إذ ليس هو كالمفلس(٢) . ثالث ً ا « إقرار المديون بما عليه جائز عليه » القاعدة أن(٣) ، بينما كما سنرى إقرار المفلس بعد حكم الحاكم عليه بالإفلاس لا يصح بخصوص الديون السابقة على هذا الحكم إلا بشروط. (١) . السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ٧، ص ٣٢٢ (٢) الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، ص ٢٤٨ . كذلك يقول ا لناظم: ومن بماله أحاط الدين أو زاد عليه فهو معدم رأوا وفعله في ماله جاز ولا يرد كالمفلس ما قد فعلا عتق وتدبير وبيع وقضا ديونه وهبة كل مضى الأغبري: فتح الأكمام عن الورد البسام في رياض الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، . سلطنة عمان، ١٤٠١ ١٩٨١ ، ص ٢٠٥ ُ (٣) . الفتح الجليل من أجوبة أبي خليل، ص ٥٣٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٣٠ رابعا لم » بخصوص المعسر: القاعدة هي أنه إذا تبين للحاكم أنه معسر ً يكن عليه حبس إذا صح عدمه، وليأخذ عليه كفيلا ً لئلا يتولى ويفرض عليه « فريضة في مكسبته(١) . أما بخصوص المفلس، فيقول ا لعوتبي: » وعن المفلس هل يؤخذ عليه كفيل إذا فرض عليه فريضة في الديون التي عليه مخافة أن يغيب عن غرمائه إلى بلد بعيد وكان من أصحاب الصناعات حداد ً ا أو نجارا أو غير ذلك، فعلى ما وصفت فإذا كان من أصحاب الصناعات وكتبت ً عليه الفريضة لديانه وطلب الديان أن يأخذوا عليه كفيلا ً كان لهم ذلك، وليس لأصحاب الصناعات تفليس وإنما التفليس للذي ليس له مال ولا صناعة، فإذا كان المديون لا مال له ولا مكسبة نظر إلى ميسوره ولم يؤخذ عليه كفيل، وكذلك فالقاعدة .« الآباء ليس عليهم في فرائض أولادهم كفلاء كانوا ميسرين أو معسرين « المفلس ليس عليه كفيل » أن(٢) . خامس ً ا بخصوص نظرة الميسرة (أو مهلة الوفاء أو التقسيط): تنص مثلا ً لا يجوز للمحكمة منح » : المادة ٥٩ من قانون التجارة المصري على أنه المدين بالتزام تجاري مهلة للوفاء به أو تقسيطه إلا عند الضرورة ويشترط ٢ من القانون / ويختلف ذلك عن المادة ٣٤٦ « عدم إلحاق ضرر جسيم بالدائن المدني المصري حيث الأصل هو ا لجواز(٣) ، أما في الفقه الإباضي والفقه (١) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١١ ، ج ١٣ ، ص ١٩٢ (٢) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٦٧ . ٢) ذات المرجع، ج ١١ ، ص ١٨٤ ؛ الشيخ أبو زكريا: كتاب الإيضاح في الأحكام، ج ٢، ص ٢٠ )انظر أيض ً ا: جامع أبي الحواري، ج ٤، ص ٨٠ ٨١ ؛ ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ ، ص ٤١ ؛ ابن والمديون إذا صح إعدامه وفلس وفرض عليه فريضة » : جعفر: الجامع، ج ٥، ص ٣٢٢ حيث يقول لغرمائه فلا حبس عليه وإن حضر أهل الفريضة واجتمع ذلك عليه ولم يؤده واحتج أنه لم يقدره فقد قيل: إنه لا يحبس إلا أن يكون له صناعة فكره، أن يعمل فإنه يحبس حتى يعمل ويعرف ذات المرجع، ذات ا لموضع « عذره، والمفلس ليس عليه كفيل . (٣) ( يلاحظ اختلاف صياغة هذا النص (م ٥٩ » : تقول المذكرة الإيضاحية في هذا الخصوص إنه ٢) مدني، فالمشرع يجعل حظر منح المهل القضائية هو الأصل في / عن نص المادة ( ٣٤٦ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٣١ الإسلامي بصفة عامة فيجوز منح نظرة الميسرة لمن هو في حالة إعسار. ﻝﻮﻘﻳﻢﻇﺎﻨﻟﺍ(١): ﺮــﺴـﻌﻤﻓ ﻦــﻋ ﺎـــﻀﻘﻟﺍﺎــﻨﻴـﻘﻳ ﻦﻣ ﻢﻟ ﺪـﺠﻳ ﺎــﻣ ﻦﻴـﻀﻘﻳﺎﻴﻧﺪﻟﺍ ﻢﻠﻇ ﻦــﻋ ﺭﺎﺘﺨﻤﻟﺍ ﺪــﻗ ﻯﻭﺭﺎﻨﻟ ﻪﻣﻭﺰﻟ ﻢــﻠﻇ ﻞــﻄﻣﻭ ﻱﺫﻰﻨﻐﻟﺍ ﻥﺎـــﻴـﺒﺘﻟﺍ ﻦـــﺴـﺣﺄﺑ ً ﺎــﻨـﻴﺒﻣ ﺭﺎﻈﻧﺇ ﻦﻣ ﺮـــﺴﻋﺃ ﻲـــﻓ ﻥﺁﺮـﻘﻟﺍ ً ﺍ ﻲــﻓﺮـــﺸﺤﻟﺍ ﻪـــﻠﻈﻳ ﷲﺍﺪــﻏ ﺮــﻈﻨﻣﻭ ﺮـــﺴﻌﻤﻟﺍ ﻡﻮــﻳﺮـــﺴﻋ  تلكم أهم الفوارق بين المعسر والمفلس، وإن اتفقا في أن كلا منهما لا يوفي بديونه أو يمتنع عن الوفاء بها. في هذا الخصوص وتعليق ً ا على قول القائل: والمعسر من لا يملك شيئ » ً « ا غير ما استثني له، والمفلس من لا يفي ماله بدينه يقول ا لشوكاني: هذا الفرق بين المعسر والمفلس، وجعل كل واحد منهما له مفهوم مستقل »لا يرجع إلى شرع ولا لغة، فإن كان المصنف بصدد بيان عرف له ولأهل عصره فلا يخاطب أحد بعرف غيره، على أنه لا فائدة في بيان الأعراف ها هنا، لأن المراد الحكم على من صدق عليه الإعسار والإفلاس بحكم الشرع. ولا شك أن معنى المعسر لغة هو من يتعسر عليه قضاء دينه، والمفلس هو من أفلس عن .« قضاء دينه، فهما من هذه الحيثية متحدان فالحاصل أن معناهما يرجع إلى شيء » : وينتهي الشوكاني إلى القول « واحد (٢) . المسائل التجارية، بحيث لا يجوز الخروج على هذا الأصل إلا في حالة الضرورة ويشترط عدم إلحاق ضرر جسيم بالدائن، وهذا أمر طبيعي نظرا لأهمية الدور الذي يلعبه الائتمان في ً الحياة التجارية ولتشابك علاقات الائتمان فيها، الأمر الذي يعظم من مخاطر تأخر المدين في راجع أيض .« الوفاء بالتزامه التجاري على مصالح الدائن ً ا د. سميحة القليوبي: تعليق على . ١٩٩٩ ، ص ١٣٧ / مواد قانون التجارة المصري رقم ١٧(١) . السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ١ ٤، ص ٣٤٣(٢) . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٢٢٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٣٢ ٢ الفارق بين المفلس والمعدم: يسري كثير مما قلناه أعلاه بالنسبة للمعسر والمفلس أيض ً ا على الفارق بين المفلس والمعدم. وقد ذكر أطفيش أيض ً ا فارق ً « الحمالة » ا بينهما بخصوص(١) . ونحن نعتقد أن الفارق بين المفلس والمعدم يكمن في أن الأول صدر حكم من القاضي أو الحاكم بالحجر عليه لإفلاسه، أما الثاني فلم يصدر ضده مثل هذا الحجر، لذلك فكل مفلس هو معدم، وليس كل معدم يعد مفلسا. ً (١) يجوز الحمالة بين من ذكر (أي: البلغ العقلاء) لا حمالة مفلس عند » : فقد جاء في شرح النيل لا حمالة مفلس عند الأكثر)، وجازت عند قليل )» : يقول أطفيش « الأكثر، والخلف في المعدم من العلماء، وعلى الجواز فللمحمول له أن يرجع إلى أيهما شاء من المحمول عنه والحميل إلا إن اشترط المحمول عنه أن لا رجوع إليه، وقيل: لا رجوع إلى المحمول عنه إلا إن اشترطه المحمول، وهو الصحيح عند بعض، لأن المفلس بالغ عاقل، إلا إن حجر عليه، والحمالة تكون في الذمة لا في مال معين فلا ينافيها إفلاسه. ووجه المنع أن المفلس مشغول بالغرماء المتقدمين عليه فلسه لهم الحاكم أو قاموا عليه بلا رفع إلى الحاكم أو نحوه بالإفلاس، أما (في المعدم) بضم الميم وإسكان العين وكسر الدال اسم فاعل أعدم بالبناء للفاعل، أي: صاحب عدم، أو صار ذا عدم، أو داخل في العدم، والمراد عدم المال وهو أفقر من المفلس، وقيل: بالعكس، وذكرهما معا بناء على تخالفهما، ً المعدم هو الذي أحاط الدين بماله أو كان أكثر من ماله، :« الديوان » وقيل: هما سواء. وفي وأما إن كان الدين لا يحيط بماله فلا يقال له معدم، وأفعال المعدم جائزة في ماله من العتق والتدبير والهبة والصدقة والبيع والشراء وتقاضي الديون وما أشبه ذلك، وليس هو مثل المفلس، ومنهم من يقول: لا تجوز أفعال المعدم في ماله مثل المفلس، اه. والمعدم لم تقم المذكور نص في أن المفلس أشد من « الديوان » عليه الغرماء ولم يفلسه الحاكم، وكلام المعدم لكنه يدل على أنه هو المفلس قبل الحكم بإفلاسه، والصحيح جواز حمالة المعدم . أطفيش: شرح النيل، ج ٩، ص ٤١٤ ٤١٥ « لعدم مانع من حجر حاكم أو قيام غرماء الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٣٣ %A ا ? ا لاس  الإ  تعرض فقهاء الإباضية لمسألة الإفلاس باستفاضة كبيرة في كافة ملامحها ومناحيها. ومن كتاباتهم، يمكن القول إن الإفلاس ذو طبيعة مزدوجة: فهو مظهر من مظاهر مسألة الديون، وهو صورة من صور ا لحجر. :« ن ا» لاس  أ) الإ ١ ماهية ا لدين: يتمثل جوهر الإفلاس كما سبق القول في عدم وفاء المدين بديونه أو بعبارة أخرى توقفه عن دفع تلك ا لديون.  وقد أكد فقهاء الإباضية بخصوص حكم الدين أن: الدين حلال بنص كتاب الله تعالى لقوله تعالى: » ﴿ &%$ '( ) ﴾[ [البقرة: ٢٨٢ « فهو حلال جائز(١) . « ما يصبح عليك لأخيك من حق » : وتوجد تعريفات عدة للدين، فهو(٢) . « ما ثبت بالذمة من حق للغير » أو هو(٣) . (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ٢٦٠ ٢٦١ (٢). أبو سرور الجامعي: الوحدة الإسلامية، ج ٣، ص ٢٥(٣) معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٤٤٨ . وجاء في ذات المرجع تفصيلا ً أكثر، كما يلي: الدين هو كل حق ثبت في الذمة، وهذا التعريف يشمل كل ما يشغل ذمة الإنسان سواء أكان »حقا لله 4 ؛ وهي حقوقه التي ثبتت في الذمة، كالنذور والكفارات، وصدقة الفطر، والحج، والصوم الذي لم يؤد، والصلاة التي خرج وقتها ولم تؤد، أم كان حقا للعبد؛ وهو ما ثبت في أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٣٤ ويقول الإمام ابن العربي إن حقيقة ا لدين:  هو عبارة عن كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقد » ً ا والآخر في الذمة نسيئة، فإن العين عند العرب ما كان حاضرا، والدين ما كان غائبا، قال ا لشاعر: ًً وعدتنا بدرهمينا طلاء وشواء معجلا ً غير دين والمداينة مفاعلة منه، لأن أحدهما يرضاه والآخر يلتزمه، وقد بينه الله تعالى )( ﴾ «(١) بقوله: ﴿ ' . والدين يقتضي ممن عليه أن يقوم بالوفاء به كما سبق القول للدائن. يقول أطفيش: ومن عليه تبعات لا يفي بها ماله فإنه يحاص ماله بينها وينوي أن يكسب » « الحلال حتى يؤديها كلها(٢) . « الأصل عدم ا لدين » : ولما كان الأصل براءة الذمة، لذلك فإن(٣) . الذمة إثر معاملة. يرى جمهور الإباضية أن ديون العباد تقدم على ديون الله في إنفاذ الوصية، يختلف الدين عن القرض في مجال المعاملات، فالدين يكون عند التبايع، ويجب أن يحدد له وقت على الراجح، والمذهب على أن كتابته والإشهاد عليه مندوب. وللدائن الحق في الانتصار عند الإباضية، وهو أن يأخذ من مال المدين قدر دينه خفية من غير علمه، إذا امتنع المدين من التسديد مماطلة وظلم ً ص ٣٩٨ ). وأيض ) « ا ً الدين الصحيح لا يسقط إلا » : ا أن بالأداء أو الإبراء ويظل مملوك ً ص ٤٤٨ ). ويقول ) « ا لدائنه حكما وإن كان في يد المدين ً الناظم:والدين حق صار في ذمة من يأخذه يبقى إلى أن يدفعن يكون بالقرض وبالبيع معا أو سلف أو من ضمان تبعا . السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ١ ٤، ص ٣٣٢(١) ابن العربي: أحكام القرآن، ج ١، ص ٢٤٧ ٢٤٨ ، (البقرة: ٢٨٢ ). انظر أيض ً ا الإمام القرطبي: . الجامع لأحكام القرآن، ج ٣ ٤، ص ٣٧٧(٢) . أطفيش: كشف الكرب، ج ٢، ص ٢٥٨(٣) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٢ ، ص ٤٠٤ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٣٥ وقد حد الفقه الإباضي المقصود بالغارم تحديد ً ا رائع ً ا، ويتلخص ذلك في ألا يكون قد ساهم بخطئه أو إفساده في حدوث الدين (كأن تصيبه جائحة، أو تحمله حمالة للإصلاح بين ا لناس): الغارم هو المدين بلا سرف ولا فساد، وإن لم يحل أجل الدين. حدد » الحضرمي صفات الغارم الذي يستحق الصدقة، بأنه كل مسلم بالغ حر، لزمه غرم مال من غير معصية ولا تبذير. وجعله ابن بركة عاما لكل من لزمه غرم غيره، بأن ً تحمل دين ً ا لنفسه أو عن غيره. ويشترط فيه أن لا يجد قضاء دينه، إذ لا يقال لمن يجد القضاء إنه غارم، وإن كان مثقلا ً « بالدين(١) . حري بالذكر أنه عند المالكية أحوال المدين ثلاثة(٢) . (١) معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٧٦٥ ٧٦٦ . أنظر أيض ً أربعون حديث » ا ً في « ا في الدين  أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٤، ص ٩٣ ١٢٥ . وبخصوص قوله ژ : فالظاهر أن المراد بالدين » : يقول ابن عمر « من مات وعليه دين لم يدخل الجنة » الذي يمنع من دخول الجنة، الدين الذي يكون بإسراف ولم يتخلص منه صاحبه، وأما إذا كان من غير إسراف ولم يقدر على التنصل منه لعجز أو نسيان فالظاهر أن المؤاداة على ، ابن عمر: حاشية الترتيب، ج ٤ « مولاه تعالى بعد فراغ حسناته ويدخله الجنة بفضل رحمته . ص ٢١٧ ٢١٨ (٢) الحالة الأولى: إحاطة الدين بماله قبل الحكم عليه » : لخصها الشيخ علي الخفيف، كما يلي بالتفليس وهي تقتضي منعه من التبرعات كالهبة والصدقة والعتق والحبس والإقرار لمتهم عليه فإذا فعل شيئ ً ا من ذلك كان للغرماء حق إبطاله أما معاوضاته فنافذة. الحالة الثانية: قيام الغرماء عليه قبل الحكم عليه بخلع ماله ولهم حينئذ طلب سجنه إن وجدوه فإن لم يجدوه حالوا بينه وبين ماله فيمنعونه من التبرع وجميع التصرفات المالية كالبيع والشراء ولو بغير محاباة ومن التزوج. الحالة الثالثة: حكم الحاكم بخلع ماله للدائنين لعجزه عن قضاء ديونه ويترتب على ذلك أيض ً ا منعه من التبرعات والتصرفات المالية كما يترتب عليه قسمة ماله راجع: الشيخ علي الخفيف: الحق « بين الغرماء قسمة تناسبية وحلول الديون المؤجلة ، والذمة وتأثير الموت فيهما وبحوث أخرى، دار الفكر العربي، القاهرة، ١٤٣١ ٢٠١٠ . ص ١٢٨ ١٢٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٣٦ ٢ مبدأ عدم جواز حبس من يعجز عن الوفاء بالتزاماته ا لمالية: هذا مبدأ عظيم الأثر أقره القانون الدولي المعاصر، وأكدته الشريعة الإسلامية قبل ذلك بكثير. · في القانون الدولي ا لعام: أكدت المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على عدم جواز حبس أي شخص في حالة إعساره أو إذا كان لا يستطيع أن يوفي بديونه أو التزاماته المالية، يكفي أن نذكر هنا المادة ١١ من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم ٢٢٠٠ يوم ١٦ ديسمبر ١٩٦٦ ، والتي تنص على أنه: « لا يجوز حبس أي شخص فقط بسبب عدم مقدرته على الوفاء بالتزام تعاقدي » (١) . وتأخذ القوانين الداخلية أيض ً ضد « الإكراه البدني » ا بقاعدة عدم جواز تطبيق المدين المعسر كوسيلة لإجباره على تنفيذ ا لتزاماته(٢) · في الشريعة ا لإسلامية: . أقر فقهاء وأئمة المسلمين منذ زمن بعيد عدم جواز حبس الشخص غير القادر على الوفاء بالتزاماته التعاقدية أو ا لمالية. فقد كان علي ƒ وقال: ،« إنه ظلم » : وأرضاه لا يحبس في الدين، ويقول ا كان  كذلك فإن علي « حبس الرجل في السجن بعد معرفة ما عليه من الحق ظلم »إذا جاءه الرجل بغريمه قال: لي عليه كذا، يقول: اقضه فيقول: ما عندي ما أقضيه. فيقول غريمه: إنه كاذب، وإنه غيب ماله. فيقول: هلم بينة على ماله يقضى لك (١) راجع النص، في: Human rights - a compilation of international instruments UN, New York, 1988, p. 23. (٢) . د. فتحي والي: التنفيذ الجبري، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٩٩٥ ، ص ٩ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٣٧   عليه، فيقول: إنه غيبه، فيقول: استحلفه بالله ما غيب منه شيئ ً ا. قال: لا أرضى بيمينه، فيقول: فما تريد؟ قال: أريد أن تحبسه لي، فيقول: لا أعينك على ظلمه، ولا أحبسه. قال: إذ ً ا ألزمه. فيقول: إن لزمته كنت ظالما له وأنا حائل بينك ً « وبينه(١) . وعدم حبس من لم يقدم على وفاء دينه يؤكده قوله تعالى: ﴿ º¹ ¿¾½¼» ﴾ . (١) هذا الحكم عليه جمهور الأمة إذا كان عليه دين عن غير عوض » : يقول الإمام ابن قيم الجوزية مالي، كالإتلاف والضمان والمهر ونحوه. فإن القول قوله مع يمينه، ولا يحل حبسه بمجرد   قول الغريم: إنه مليء وإنه غيب ماله، قالوا: وكيف يقبل قول غريمه عليه، ولا أصل هناك يستصحبه ولا عوض، هذا الذي ذكره أصحاب الشافعي ومالك وأحمد. وأما أصحاب  أبي حنيفة فإنهم قسموا الدين إلى ثلاثة أقسام: قسم عن عوض مالي، كالقرض، وثمن المبيع، ونحوهما. وقسم لزمه بالتزامه، كالكفالة والمهر وعوض الخلع ونحوه، وقسم بغير التزامه، وليس في مقابلة عوض، كبدل المتلف وأرش الجناية، ونفقة الأقارب والزوجات، وإعتاق العبد المشترك ونحوه، ففي القسمين الأولين: يسأل المدعي عن إعسار غريمه، فإن أقر بإعساره لم يحبس له وإن أنكر إعساره. وسأل حبسه: حبس، لأن الأصل بقاء عوض الدين عنده، والتزامه للقسم الآخر باختياره، يدل على قدرته على الوفاء، وهل تسمع بينة الإعسار قبل الحبس أو بعده؟ على قولين عندهم. وإذا قيل: لا تسمع إلا بعد الحبس، فقال بعضهم: تكون مدة الحبس شهرا، وقيل: إثنان وقيل ثلاثة، وقيل أربعة، وقيل سنة، والصحيح أنه ً ويضيف أيض .« لا حد له وأنه مفوض إلى رأي الحاكم ً والذي يدل عليه الكتاب والسنة، » : ا وقواعد الشرع: أنه لا يحبس في شيء من ذلك إلا أن يظهر بقرينة أنه قادر مماطل، سواء كان دينه عن عوض أو غير عوض، وسواء لزمه اختياره أو بغير اختياره فإن الحبس عقوبة والعقوبة إنما تسوغ بعد تحقق سببها، وهي من جنس الحدود، فلا يجوز إيقاعها بالشبهة، بل يثبت الحاكم ويتأمل حال الخصم، ويسأل عنه فإن تبين له مطله وظلمه ضربه إلى أن يوفي أو يحبسه، ولو أنكر غريمه إعساره، فإن عقوبة المعذور شرع ً ا ظلم، وإن لم يتبين له من حاله شيء آخر حتى يتبين له حاله، وقد قال النبي لغرماء المفلس الذي لم يكن له ما يوفي دينه: وهذا صريح في أنه ليس لهم إذا أخذوا ما وجده إلا « خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك »ذلك وليس لهم حبسه وملازمته ولا ريب أن الحبس من جنس الضرب، بل قد يكون أشد منه، ولو قال الغريم للحاكم: أضربه إلى أن يحضر المال: لم يجبه إلى ذلك: فكيف يجيبه إلى الحبس الذي هو مثله أو أشد، ولم يحبس الرسول ژ طول مدته أحد ً ا في دين قط ولا أبو بكر بعده ولا عمر ولا عثمان وقد ذكرنا قول علي .« ƒ (ابن قيم الجوزية: الطرق .( الحكمية في السياسة الشرعية، مكتبة ا لسنة المحمدية، القاهرة، ١٣٧٢ ، ص ٦٢ ٦٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٣٨ بل يقول الشوكاني بخصوص من يقول بحبس من يثبت عدم قدرته على الوفاء بديونه: كيف يحبس رجل يعرض البينة على إعساره، ويعرض مع بينته يمينه، » ويجمع على نفسه بين المدركين الشرعيين، والمستندين المرضيين، ثم يقال له: لا يقبل هذا منك حتى نعزرك بالحبس، وننزل بك من الهوان ما ننزله باللصوص، والقطاع الطريق والمنتهكين لمحارم الله، فليت شعري أي شرع هذا، بل أي « طاغوت يسوغه(١) . وفي الفقه الإباضي، يقول ا لرستاقي: والديون التي يجوز الحبس عليها، هي كل دين ثبت عن عوض يستغنى به؛ »لأنه في الظاهر مستغن بالمال إذا حصل في يده، ولأنه ممتنع عن الأداء مع التمكن، وكل دين لم تكن هذه صفته لم يحبس فيه، حتى يعلم أنه عنى بما قال، وذلك مثل ما يتحمله من الغرم في الأروش والديات وصدقات النساء، ومثل ذلك مما لا يكون قد أخذ عليه الضامن، أو منه عوضا من المال، فهذه صفة من ً لا يبدأ بحبسه حتى يصح غناه، وامتناعه من الأداء؛ لأن الأصل في الناس الفقر، « والغنى حادث فيهم(٢) . (١) الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٢٢٨ . وبخصوص قوله ژ : جزء من حديث أخرجه مسلم) يقول ) « ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة »« إن ذلك من تفريج الكربات، ويؤخذ منه أن من عسر على معسر عسر عليه » : الصنعاني . الصنعاني: سبل السلام ج ٤، ص ٣٣٦ (٢) جاء عن » : الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٨٧ ، ويقول سماحة المفتي السابق لسلطنة عمان ُ وهو من صح إعساره، وأما من لم يعلم إعساره، ففيه » « حبس المعسر ظلم » : النبي ژ أنه قال تفصيل فإن كان أصل ثبوت ذلك الحق عليه، من أرش أو صداق أو ضمان، مما لم يقبض عنه عوضا فالقول قوله مع يمينه إن ادعى إعسارا ولا يصح هنا حبسه. وإن كان ذلك الحق ًً أصله من بيع أو قرض فادعى العسر فلا يقبل قوله، ولا يصدق في دعوى الإعسار إلا بالصحة؛ لأن الأصل بقاء ذلك العوض عنده، وهذا يسع حبسه إلا إذا تبين إعساره، والله د. علي العبري « أعلم، وللحاكم أن يحبس من عرفه بالمطل والتماري في أداء حقوق الناس الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٣٩ وجاء في قاموس الشريعة الاتجاهات الثلاثة الموجودة في المذهب، والرأي الراجح فيها، يقول ا لسعدي: فعلى ما وصفت من هذا المعنى، فالذي يقول: إن الحقوق كلها سواء في » المعنى والوجوب على من لزمت عليه؛ كانت من عوض أو غير عوض؛ فلا سؤال على الحاكم في مثل هذا، وأما في حبسه على هذه الصفة؛ فمعي أنه قد قيل في ذلك باختلاف؛ فقال من قال: إنه لا يحبس؛ حتى يصح غناه. وقال من قال: يحبس؛ حتى يصح فقره، وقال من قال: إن كان من عوض؛ يحبس حتى يصح فقره، وإن كان من غير عوض لم يحبس حتى يصح غناه، وهذا القول هو « أكثر قول أصحابنا(١) . وآخرون: الآثار العلمية لسماحة العلامة الشيخ إبراهيم العبري المفتي العام السابق لسلطنة عمان، ج ٢، ص ١٢٨ . وبخصوص قوله ژ : فأما من » : يقول الإمام السالمي « لزوم الفقير حرام » ُ ادعى العدم فقيل: لا يحبس حتى يصح كذبه، وقيل: يحبس حتى يصح عدمه، وقيل: إن كان ُ الدين من عوض كقرض وشراء سلعة ونحو ذلك حبس حتى يصح عدمه وإن كان من غير عوض لم يحبس حتى يصح غناه، ونسب إلى أكثر أصحابنا، وذلك أن الحكم فيما كان من عوض بقاء ذلك الشيء أو عوضه، والحكم فيما كان من ضمان أو نحوه عدم الشيء حتى . السالمي: شرح الجامع الصحيح، ج ٣، ص ٢٤٥ « يصح الوجود، والأقوال الثلاثة في المذهب وأما الذي عليه دين ويريد قضاء ولا مال ولا يقدر على أدائه فالعاجز يوجب » : ويقول العوتبي له العذر في جميع الأمور إذا صدق الله في جميع إرادته وعلم منه أنه لو قدر على أداء ذلك لأداه لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها فيدين هذا بما يلزمه ويعتقد أداءه وقد عذر الله المعسر ً فقال: ﴿ ¿¾½¼»º¹ ﴾ فإذا قدر على أدائه بالميسرة وجب عليه أداؤه إن شاء الله، وما لم يصل إلى حال الميسرة فهو في حال من تجاوز الله عنه وعذره ولا يحكم « على الله بأحكام الآخرة وإنما يرجى فضل على سبيل ما يبين لعباده من أحكامه الظاهرة وللوالي الكبير أن يرفع أهل » : العوتبي: كتاب الضياء: ج ١٣ ، ص ١٨٩ . وجاء في بيان الشرع الأحداث من قتل أو جراح أو ضرب أو سرق أو ما أشبه ذلك إلى موضعه ويحبسهم في الكندي: بيان « حبسه إلا الحقوق فإن الناس يحبسون في مواضعهم في الدين وما أشبهه . الشرع، ج ٢٩ ، ص ١٥٣(١) السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ٣١ ، انظر أيض ً ا ذات المرجع، ص ٢٩ ؛ السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ٧، ص ٣٨٤ ؛ الشيخ حسن أيوب: فقه المعاملات المالية في الإسلام أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٤٠ ٣ ضرورة إنظار ا لمعسر: هذا خلق إسلامي فريد، فإنذار المعسر من باب تنفيس الكربات الذي تحض عليه شريعة الإسلام. يقول تعالى: ﴿ ¿¾½¼»º¹ ﴾ (١) [ [البقرة: ٢٨٠ . وبخصوص هذه الآية جاء في قاموس ا لشريعة: معناه والله أعلم : إن دفع غريم من غرمائكم ذو عسرة، وهو عدم المال » في الحال؛ فالحكم الواجب عليكم، أو فالأمر لكم هو إنظاره وإمهاله إلى يسار، وصدقتكم برؤوس أموالكم، أو ببعضها على من أعسر من غرمائكم خير لكم لا يحل » : عند الله وأفضل من المطالبة بها، وقيل: أريد بالتصدق الإنظار؛ للحديث « دين رجل مسلم فيؤخره إلا كان له بكل يوم صدقة(٢) . ص ١٧٠ ١٧١ ؛ د. محمد سيد طنطاوي: المعاملات في الإسلام، ص ٣٥ . راجع أيضا أبو عبيد ً السمائلي:  هداية الحكام إلى منهج الأحكام، ص ٢٦٧ ٢٦٨ ، ومن القائلين بالحبس ابن جعفر  .( إذا كان عند المفلس مال فلم يبعه (ابن جعفر: الجامع، ج ٤، ص ١٦٢(١) كنت مع أبي إذ أبصر غريما له، فلما » : بخصوص هذه الآية ذكر يعلى بن شداد بن أوس قال ً رآه الغريم أسرع حتى دخل بيته وأغلق بابه، فجئنا فقمنا على بابه فطلبناه، فقالوا: ليس ها هنا، فقال أبي: أنا أنظر إليه آنف ً ا حتى دخل. فلما سمع الغريم خرج، فقال له أبي: ما حملك على ما صنعت؟ قال: العسرة، قال: الله فقال: اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك أني سمعت رسول الله ژ يقول: من أنظر معسرا أو ً الشيخ هود الهواري: تفسير كتاب الله « تصدق عليه، وأشهدك يا رب أني تصدقت عليه العزيز، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ج ١، ص ٢٥٧ ٢٥٨ . وبخصوص نفس الآية يقول فيه سؤالان: » سلطان العلماء ابن عبد السلام إنالأول: كيف نجعل الإبراء خيرا من التأخير، ً والتأخير واجب والإبراء مندوب إليه، والمندوب لا يرجح على الواجب. الثاني: أنه قال: ﴿ ÂÁ ﴾ والجواب عن الأول: أن هذا المندوب قد حصل « وأن تبرئوا » : ولم يقل مصلحة ذلك الواجب وزيادة بخلاف غيره من المندوبات مع الواجبات، وعن الثاني: أنه ذكر ذلك بلفظ الصدقة ليفيد أن ذلك عنده بمنزلة الصدقات يثبت عليه كما يثبت عليها . ا لعز بن عبد السلام: الفوائد في مشكل القرآن، ص ٥٣ ٥٤ « ترغيبا فيه ً (٢) السعدي، قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٧ ، كذلك بخصوص الرواية عنه ژ : مطل الغنى ظلم » الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٤١ ويقول ا لطبري: إن الآية وإن كانت قد نزلت نصا في دين الربا، فإنه يلتحق به  سائر الديون لحصول المعنى الجامع بينهما، ويضيف: « فإذا أعسر المديون وجب إنظاره ولا سبيل إلى ضربه ولا إلى حبسه »(١) . .« وفي ا لسنة النبوية ما يدل على الحث على إنظار ا لمعسر   يقول النبي ژ : ٭ كان تاجر يداين الناس، فإذا رأى معسرا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه لعل الله » ً .« أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه · .« من أنظر معسرا أو وضع له أظله الله في ظل عرشه » ً · « من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه »(٢) . يقول الخليلي: هذا في الحقوق مع مطالبة أهلها بها فالغني القادر على « وإلزام المعسر ظلم القضاء لا يحل له تأخير القضاء إلا لعذر فإن أخره مع القدرة عليه فهو من مطله والمطل ظلم يوجب الإثم وكذا إلزام المعسر ظلم مع العلم بعدم قدرته على الوفاء لا يجوز وهو ظلم يوجب الإثم وعليه أن ينتظره كما قال تعالى: ﴿ ¿¾½¼»º¹﴾ المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ٢٧٦ . كذلك فإن قوله ژ : يجب تفسيره على « لزوم الفقير حرام » أن ذلك يكون بعد العلم أنه معسر لقوله: ﴿ ¿¾½¼»º¹﴾ ابن عمر: حاشية الترتيب ج ٣، ص ٢١٧ . وهو ما قاله الناظم: ﻻﺇ ﺍﺫﺇ ﻢــﻳﺮـﻐﻟﺍ ﺎـــﻣﻮﻳﺍﺮـــﺴﻋﺃ ﺐـــﺟﻭﻭ ﺀﺎـﻀﻘﻟﺍ ﻦــﻳﺪﻟﺍﺮـﻀﺣ ﻰــﻔـﻄﺼﻤﻠﻟ ﻩﺪﻨـــﺴﻧ ﺩﺭﺍﻮـــﻟ ﺎﺎـﻓﺮـﻋﺎﻓ ﺐﺠﻳﻭ ﻞــﻴـﺠﻌﺘﻟﺍ ـﻀﻳﺃً ﻚــﻟﺬﻟ ﻞــﻴـﺠـﻌﺘﻟﺍ ﺎـــﻨﻠﻗﺎـﻣﺰﻟ ﻞﻄﻣ) ﻲﻨـﻐﻟﺍ ﻝﺎــﻗ (ﻢﻠﻇﺎﻤـﻠﻋﺎﻓ ﻰﻠﻋ ﺏﺎــﺴﺘﻛﺍ ﻞﻴﻗ ﺍﺬﻫﺮـــﺳﺆﻣ ﺮـــﺴﻌﻣﻭ ﻦـــﻜﻟ ﻩﺍﺮـــﻧﺭﺪـــﻘﻳ ﺎـــﻣﺰـﻟ ﺎـــﻣ ﻊــﻴـﻀﻣ ﻪـــﻧﻷ ﻪـــﻣﺰـﻠﻳ ﺐـــﺴﻜﻟﺍ ﻻﺇﻭ ﺎـــﻤـﺛﺃ ﻞــﻴﻗﻭ ﻻ ﺦـــﺴﻓ ﻊـــﻴﺒﻟﺍﺮـﻈﻧﺎﻓ ﺦﺴﻔﻟﺍﻭ ﺱﻼﻓﻹﺎﺑ ﻊﻣ ﺾﻌﺑﻯﺭﻮﻟﺍ ﻦــﻳﺩﺆـﻳ ﺎـــﻣ ﻪـــﻴـﻠﻋﻰـــﺘـﻔﻠﻟ ﻥﺃﻭ ﺐـــﻐﻳ ﻪــﺒـﻠﻄﻳ ﻢﻳﺮـﻐﻟﺍﻲـﻛ . سالم السيابي: كتاب إرشاد الأنام في الأديان والأحكام، ج ٥، ص ٣١٩(١) . ابن حجر العسقلاني: فتح الباري شرح صحيح البخاري، المرجع السابق، ج ٤، ص ٣٥٦(٢) نفس المرجع، نفس الموضع؛ راجع أيض ً ، ا صحيح مسلم بشرح النووي، المرجع السابق، ج ١ . ص ٢٢٦ ٢٢٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٤٢ شح الدائن على مدينه المعسر مع علمه » وقد اعتبر الهيتمي من الكبائر ويذكر خصوصا قوله ژ : .« بإعساره بالملازمة أو الحبس ً من أنظر معسرا أو وضع له أي: حط عنه دينه أو بعضه بالبراءة منه وقاه الله » ً « من قبح جهنم(١) . وهكذا يشكل إمهال أو إنظار(٢) المعسر فريضة إسلامية واجبة وخلق ً ا وسلوك ً ا ا(٣) رفيع . كذلك قرر مجمع الفقه الإسلامي الدولي: ضابط الإعسار الذي يجب ً على المدين إنظاره هو ألا يكون للمدين مال زائد عن حاجته الأصلية يمكن أن يفي بدينه نقد ً ا أو عين ً ا وإلا لم يعد معسرا حيث يمكن استيفاء حقوق الدائن منه(٤) . ً والإعسار لا يكفي فيه مجرد القول، وإنما يجب أن تؤيده باعتباره ادعاء البينة. يقول ا لعوتبي: ومن ادعى إعسارا بعد ثبوت حق عند الحاكم لم يقبل منه قوله وعليه البينة » ً « بالإعسار الذي ادعاه في أكثر قول أصحابنا(٥) . (١) . ابن حجر الهيتمي: الزواجر عن اقتراف الكبائر: المرجع السابق، ص ٢٣٨ (٢) قبل: إن هناك فارق ً ا بين الإمهال والإنظار: فالإنظار مقرون بمقدار ما يقع فيه النظر، والإمهال مبهم، وقيل الأنظار تأخير العبد لينظر في أمره والإمهال تأخيره ليسهل ما يتكلفه من عمله، راجع أبو هلال العسكري، الفروق اللغوية، دار زاهد القدسي، القاهرة، ص ١٦٦ . كذلك قيل: بينما قال السبكي إن « إبراء المعسر، فإنه أفضل من إنظاره، وإنظاره واجب، وإبراؤه مستحب »الإبراء يشتمل على الإنظار اشتمال الأخص على الأعم، لكونه تأخيرا للمطالبة، فلم يفضل » ً ندبا واجبا، وإنما فضل واجب، وهو الإنظار الذي تضمنه الإبراء، وزيادة وهو خصوص ًً إن الإبراء محصل لمقصود الإنظار » : كذلك قيل .« الإبراء واجبا آخر وهو مجرد الإنظار ً راجع الإمام السيوطي: الأشباه والنظائر، مكتبة مصطفى ) .« وزيادة، من غير اشتمال عليه .( الباب الحلبي، القاهرة، ١٣٧٨ ١٩٥٩ ، ص ١٤٥(٣) من طلب غريما له وهو عالم بإعساره كان لله » : بل ذهب فقهاء الإباضية إلى حد القول إن ً الشيخ أبو زكريا: الإيضاح في الأحكام، ج ٢، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة .« عاصيا ً . عمان، ١٤٠٤ ١٩٨٤ ، ص ١٤٠ ُ (٤) . مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة ٧، ج ٢، ص ٢١٨(٥) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١١ ، ص ١٨٨ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٤٣ تجدر الإشارة أن الإعسار لا يعفي المدين من دفع دينه، ذلك أن: الدين لا يسقط بإعسار المدين وإنما تتأخر عنه المطالبة في الحال ومتى » « أيسر وجب عليه ا لقضاء(١) . ولعل ذلك يؤيده في نظرنا أن الآية الكريمة قالت: ﴿ ¼»º¹ ¿¾½﴾ الأمر الذي يعني أن الدين باقي إلى أن تتحقق الميسرة، فلم .« فإسقاط للدين عليه » أو « فإعفاء للمدين » تقل الآية :I ا  ر ا 3 رة 3 لاس  ب) الإ تقتضينا دراسة هذه المسألة أن نشير إلى الأمور ا لآتية: ١ ماهية الحجر وأنواعه: الحجر لغة مصدر حجر أي: منع وضيق، وشرع ً ا قول الحاكم للمديون: حجرت عليك التصرف في ملكك(٢) . وهو في اللغة التضييق والمنع، ومنه سمي الحرام والعقل » : كذلك قيل حجرا، وشرع ً ا منع إنسان من تصرفه في ماله، وهو ضربان حجر لحق الغير كعلي ًّ مفلس، وحجر لحق نفسه كعلي نحو صغير ويسمى هذا الأخير أيض ً ا المحجور ّ « عليه لحظه(٣) . « منع المحجور عليه من التصرف في ماله » : فالحجر إذن يقتضي(٤) . يقول ا لناظم(٥) : (١) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٥٦(٢) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٥١ (٣). أبو النجا الحجاوي: الروض المربع للبهوتي، ص ٢٨٦(٤) د. عبد الله السيابي: المنهج الفقهي للشيخ أبي الحسن البسيوي من خلال كتابه الجامع، مركز . الغندور، القاهرة، ٢٠١٠ ، ص ٣١٢(٥) . الإمام السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ١ ٤، ص ٣٤٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٤٤ ومن يكن عليه دين لا تفي أمواله يمنع من تصرف وذلك الحجر ولكن بعدما يطلبه الغريم ممن حكما كذاك إن كان أخا عناء لكنه يمطل بالوفاء فيطلب الغريم وهو يمتنع من الأدا يحبس حتى يرتدع ويقضي ما عليه والحاكم لا يبيع ماله إذا ما نكلا وقيل بل يبيعه إذا أبى وذلك الحكم الذي قد وجبا وليس للحاكم أن يحجرا في غيبة ممن عليه حجرا في قول بعض وأناس قالوا إن غاب أيض ً ا تحجر الأموال يعلن ذاك في مجامع ا لورى إن فلان ً ا ماله قد حجرا وقد تعددت تقسيمات الحجر في الفقه ا لإسلامي: · فقد جاء في الأشباه والنظائر أن الحجر أربعة أقسام: الأول: يثبت بلا حاكم، وينفك بدونه، وهو: حجر المجنون، والمغمى عليه. الثاني: لا يثبت إلا بحاكم، ولا يرتفع إلا به، وهو: حجر ا لسفيه. الثالث: لا يثبت إلا بحاكم، وفي انفكاكه بدونه وجهان، وهو: حجر ا لمفلس. ا (١) الرابع: ما يثبت بدونه، وفي انفكاكه، وجهان، وهو: حجر الصبي إذا بلغ رشيد ً . ولخص الزركشي أحوال الحجر بالنسبة لثبوته وارتفاعه إلى أقسام، منها .«( ما لا يثبت إلا بحاكم وفي انفكاكه بغيره وجهان وهو (المفلس » كذلك يقول إنه ينقسم إلى: ١ ما لا يجوز إلا بعد تحقق سببه قطع ً ا وهو حجر الصبي والمجنون. ٢ ما يجوز بغلبة الظن قطع ً ا وهو ا لسفه. (١) . السيوطي: الأشباه والنظائر، ص ٤٦٠ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٤٥ ٣ ما فيه خلاف والأصح جوازه وهو المفلس إذا ظهرت أمارات ا لإفلاس. وينقسم أيض ً ا إلى ما لحق الغير إلى أنواع، منها: حجر المفلس للغرماء، والراهن للمرتهن(١) . وفي الفقه الإباضي تم تقسيم الحجر إلى نوعين، يقول ا لعوتبي: » والحجر حجران، حجر ف ساد: وهو أن يكون الإنسان غير رشيد في ماله، ويخاف غرماؤه إتلافه لأنه يسرف فيه ويصرفه فيما لا معنى له، فهذا يحجر عليه. والحجر الثاني: حجر ا لدين: وهو أن يستغرق الدين أمواله ويخاف غرماؤه إتلافه لها عليهم، فإن القاضي يحجر عليه ويبطل ما فعله بعد ذلك في ماله ويبيع ما وجد له، ويقسم أثمان ذلك بين غرمائه. وبهذا يقول أبو يوسف ومحمد وأما أبو حنيفة فقد قال: لا ينبغي للقاضي أن يحجر على هذا، ولا يحدث عليه في ماله حدث ً ا، ولكنه يحبس حتى يكون هو الذي يبيع ماله في دينه ويقضيه غرماءه، « ووجدت أصحابنا يقولون بالحجر(٢) . (١) انظر الزركشي: المنثور في القواعد، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، . ١٤٠٢ ١٩٨٢ ، ج ٢، ص ٢٦ ٣٠ (٢) العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٦ ، ص ١٩٧ ؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٩٧ . ويقول ا لبيضاوي: منع المالك عن التصرف إما لعدم تأهله لفقد العقل أو نقصانه، أو لوجود مانع » : الحجر هو وهو تعلق حق الغير إما بذمته أو بعين ما له توثق ً ا، أو تملك ً وبالتالي هو على خمسة أقسام: .« ا حجر الصبي والمجنون. حجر ا لسفيه. حجر المديون (المشتري للبائع، والمفلس للغرماء). حجر ا لراهن. حجر المريض والكاتب للورثة والسيد. . قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ج ١، ص ٥١٣ ٥١٨ وبخصوص ما افترق فيه حجر المفلس وحجر السفيه، يقول السيوطي: إنهما افترقا في أمور: فالمفلس يجوز شراؤه في الذمة، ونكاحه بلا إذن، وقبضه عوض الخلع. والسفيه لا يصح منه شيء من ذلك. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٤٦ بينما قال أبو إسحاق(١) : والذي يوجب الحجر به سبع خصال: أحدها: أن » يكون مفسد ً ا لا يعرف حظ نفسه، هذا قلته تخريج ً ا، الثاني: الإفلاس، الثالث: الصغر، الرابع: الجنون، الخامس: المرض، السادس: العبد غير المأذون له في التجارة، السابع: الراهن في رهنه.   .« قال: واثنان لا يحجر عليهما إلا الحاكم، وهما المفسد لماله، والمفلس  يقول ا لبيضاوي(٢) :  بعبارة وجيزة، حجر المديون يشمل خصوصا أمرين: إذ يمكن أن يكون على ً المشتري للبائع، وعلى المفلس للغرماء. وهذه الصورة الأخيرة هي التي تعنينا هنا. ويجب على القاضي أو الحاكم ألا يتردد إن توافرت شروطها في تطبيقها(٣) . ٢ القواعد الحاكمة ل لحجر: أكد فقهاء الإباضية على العديد من القواعد الضابطة للحجر، وأهمها: . السيوطي: الأشباه والنظائر، ص ٥٢٣ مفتي الشام محمود حمزة: « الصبي والمجنون يكونان محجورين بغير حجر » والقاعدة أن . الفرائد البهية في القواعد والفوائد الفقهية، ص ٢٤٢ (١). إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٢٩٠(٢) . قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ج ١، ص ٥١٤(٣) لما كان الدين ثابت » : يقول الشوكاني ً ا بذمة معلومة معينة، وصاحب الدين مطالب به، والغريم لي الواجد » : مماطل له مع تمكنه من القضاء من ماله كان مستحقا لما ثبت عنه ژ من قوله ّ وعلى حكام الشرع القادرين على رفع الظلامات، والأخذ على ،« ظلم يحل عرضه وعقوبته أيدي الظلمة أن يأخذوا لصاحب الدين دينه من ظالمه قسرا وقهرا، وإذا لم يطلب من له الدين ًً وهذا الذي .« إلا مجرد الحجر على من عليه الدين كان هذا أقل ما يجب على حكام الشريعة ذكرنا معلوم بكليات الأدلة وجزئياتها، ومن ذلك أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأخذ للمظلوم من الظالم، وهي كثيرة جدا في الكتاب والسنة، وهو يغني عن الاستدلال أن ا لنبي » : بحديث كعب بن مالكصلى الله عليه وسلم .« حجر على معاذ ماله وباعه في دين كان عليه . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٢٣٢ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٤٧ أولا ً علة ا لحجر: · فطن فقهاء المسلمين إلى علة قيام الحاكم ببيع مال المحجور عليهم (ومنهم المفلس)، وهي: عدم الإضرار بالدائن. لذلك قيل: إن المدين إن لم يبع ماله وأصر على عدم قضاء ا لدين: باعه الحاكم وقضاه لقيامه مقامه ودفع » ً « ا لضرر رب الدين بالتأخير(١) . وقد أكد الفقه الإباضي على هذه العلة أيض ً ا. يقول ا لعوتبي: اختلف الناس في وجوه الحجر، فقال كثير منهم بوجوبه على كل مضيع » لماله صغيرا كان أو كبيرا، واحتجوا في ذلك بأخبار عن علي وابن عباس وابن ًً الزبير، وبذلك يقول مالك وعثمان والليث والشافعي وغيرهم. « وقال النعمان وزفر: لا يحجر على الحر ا لبالغ(٢) . وجاء في قاموس ا لشريعة: إنه لا يصح ثبوت الحجة عليه بحجر ماله عنه، حتى يعلم به؛ فتقام به عليه » الحجة لغرمائه؛ لأن حجر الحاكم حجة عليه إذا علم بها؛ لئلا يهمل أموال الناس على غير شيء قيمت عليه الحجة بما عليه لغرمائه بعد الشكاية معه، والطلب منهم لذلك، حتى تحل حقوقهم إذا خافوا عليها الذهاب؛ لعدم اقتصاد منه فيما له من المخاطرة منه بغير مبالاة فيه؛ فعلى الحاكم إحضاره والقيام عليه بما صح « معه من الحقوق حالة كانت أو مؤجلة(٣) . · وللحجر أيض ً ا غرض آخر: حماية المحجور عليه من تبذير أمواله، ومن إنفاقها فيما لا يعود عليه بالنفع. (١). أبو النجا الحجاوي: الروض المربع للبهوتي، ص ٢٨٦(٢) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٦ ، ص ١٩٨(٣) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ٢٠٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٤٨ يقول ا لثميني: وقد ندب للحاكم أو الجماعة، إذا رأوا من يفسد ماله، أو يتلفه، أن ينزعوه عنه، » « ويجبرونه بالحبس، أن يمكنه لأمين، يحرزه له، إن أبى، ولا يعطيه منه إلا ما يحتاجه(١) . ويقول ا لسعدي: لكل من بان للحاكم منه إضاعة ماله، وتبذيره في لا شيء؛ فعليه أن ينظر » « فيه، ويزجره عن ذلك، وإلا حجره عليه، إلا فيما يراه أنه لا بد له منه(٢) . ثانيا الحجر ذو أثر شخصي: ً يقتصر الحجر على من تم الحكم عليه به، ولا يمتد إلى غيره من الناس ولو أقاربه أو أفراد أسرته، إذ كل نفس بما كسبت رهينة. وقد أكد الإباضية على ذلك، فبخصوص: رجل من أهل فارس، أو من ناحيتها، أو من غير، قدم إلى الصير أو إلى بندر من بنادر عمان، وأدان من أحد من هؤلاء البنادر دين ً ا، وأقام فيها ما شاء الله من الزمان، فلما طالبه صاحب الحق بحقه ورفع عليه عند القائم بأمر المسلمين حتى يوفي غريمه، ثم تولى إلى فارس أو إلى مكانه إن كان من غيرها. هل يجوز للقائم بأمر المسلمين المتولي عنه هذا الرجل، أن يحجر على من قدم عليه من أقارب ذلك الرجل المتولي عنه وذويه، وعلى احتسابهم إذا رجى القائم بأمر المسلمين، إذا حجر على أقارب الرجل المتولي عنه أن يجيء بنفسه، أو يأتوه إليه أقاربه إذا كان الرجل المتولي من غير رعية سيدنا الإمام، أعزه الله ونصره؟ يقول ا لغافري: (١) الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ مان، . ص ٢٤١(٢) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ٢١٢ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٤٩ الجواب: » وبالله التوفيق، إنه لا تزر وازرة وزر أخرى، ولا أعلم إجازة ذلك، وقولنا في ذلك وغيره قول المسلمين أهل الاستقامة في الدين، والله أعلم. قال  الشيخ القاضي ناصر بن سليمان بن محمد بن مداد 5 : إذا كان هذا المطلوب لا تناله يد المسلمين، فيعجبني أن يشاور القائم بأمر المسلمين إمام المسلمين « رضيه ا لله(١) . ثالث ً ا الحاكم هو المختص بتوقيع ا لحجر: نظرا لخطورة الحجر، فإن من يوقعه هو حاكم الدولة أو من ينيبه، فلا يجوز ً توقيعه من الأفراد العاديين؛ لذلك بخصوص: وفي الكاتب إذا كتب حجر الشيء من الحقوق. أتجوز كتابته في ذلك؟ يقول ا لمحيلوي:  لا تكون كتابة الحجر إلا لحاكم المسلمين أو من جعله لذلك إماما وقاضيا، » ًً أو جماعة فقهاء المسلمين أهل الاستقامة في الدين الذين يهدون بالحق وبه  يعدلون مع عدم حكامهم، إذ ذلك بمنزلة الحكم، ولا يكون الحكم إلا من حاكم « المسلمين أو من جعله لذلك(٢) . رابع ً :« الأصل براءة ا لذمة » ا في الحجر هذه قاعدة بدهية يحتمها المنطق والسليقة والفطرة الحسنة. يقول ا لسالمي: الأصل براءة الذمة واشتغالها بالفرائض أما الحادث فلا يثبت إلا بدليل » « سالم من المعارضة أو راجح على معارضه(٣) . ومما يؤكد ذلك قوله ژ : لو » يعطى الناس ما يدعون لادعى قوم دماء قوم ٍ وأموالهم، لكن البينة على المدعي َ « واليمين على من أنكر(٤) . (١) . الغافري: صراط الهداية، ج ٢، ص ٢٦٣(٢) المحليوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، وزارة التراث القومي والثقافة، ٰ . سلطنة عمان، ١٤٠٩ ١٩٨٩ ، ج ٢، ص ١٠٥ ُ (٣) . السالمي: معارج الآمال، ج ١، ص ٣٨٧(٤) . سنن البيهقي، ج ٩، ص ٢٣٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٥٠ ويؤكد ذلك أيض ً « إذا أعمرت الذمة بيقين فلا تبرأ إلا بيقين » : ا قاعدة(١) ، وقد أخذ فقهاء الإباضية بذلك بخصوص ا لحجر: لذلك بخصوص دائني التاجر الذي ترك أمواله وغادر البلاد، فجاء التجار الذي » : الذين يعاملهم إلى حاكم البلاد وطلبوا الحجر على أمواله، يقول السيابي أراه أن ليس للقاضي التعرض لأملاك هذا الغائب بحجر ولا غيره بمحض دعوى المدعين عليه دون حجة بينة، بل ولا أن يتعرض لطلبه واستدعائه من غيبته إزعاجه والتشويش عليه دون إمارات تقتضي صدق مدعاهم ولو ظنية أما الحجر فلا دون صحة ثبوت الحق، وأما استدعاؤه فلا أيض ً ا دون إمارات ظنية في صدق المدعي فإن جاؤوا بشيء من ذلك عمل به وإلا فلا لأن الأصل براءة الذمم حتى « يصح ا شتغالها(٢) . خامسا صيغة ا لحجر: ً ذكر فقهاء الإباضية ما يجب كتابته لبيان الحجر، وإن كنا نرى أن الحجر يثبت بكل ما يدل عليه دلالة قاطعة، حتى ولو اختلفت الصيغة أو الكلمات المستخدمة عن تلك الواردة في كتب الفقه، ما دام قد نطق به ا لحاكم. ومن صيغ الحجر ما جاء في ا لمصنف: الشيخ أبو محمد: كيف يحجر الحاكم على الإنسان ماله قال: يكتب أنه قد » ثبت عندي على فلان ابن فلان ولفلان كذا من الدين وسألوني الغرماء حجر ماله وقد حجرته عليه إلا لما لا بد له منه لنفقته ومئونته قال: فما أقر بعد ذلك من « الدين لم يدخل على الغرماء وكان ذلك في نفسه(٣) . وجاء في معنى قريب في الكوكب ا لدري: (١) . معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ١٢٠(٢) . السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ١ ٢، ص ٤٢٢ ٤٢٣(٣) . النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ١٨١ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٥١ عن أبي محمد: أن إذا أراد الحاكم أن يحجر على المديون ماله كتب قد » ثبت عندي على فلان ابن فلان لفلان وفلان كذا من الدين وسألني أن أحجر ماله عليه فحجرته إلا لما لا بد له منه لمئونته ومن يمون فإن أقر بعد ذلك  بشيء فهدر ولا يدخل مع الغرماء وهو في ذمته إلا أن يصح أن الحق كان  « قبل ا لحجر(١) .  سادسا الحكم الصادر بالحجر له قوة الأمر ا لمقضي: ً  هذه قاعدة مستقرة في النظم القانونية المعاصرة تحت اسم Res judicata أو Autorité de la chose jugée ، والغرض منها استقرار الأوضاع القانونية  وعدم المساس بحجية الأحكام، وقد أخذ بذلك فقهاء المسلمين ما دام الحكم  ٍ عادلا، ً فلا يجوز لحكم تال أن يعدل أو ينقض حكم سابق عليه. ُ في هذا المعنى يقول ا لسعدي: فالموجود عن بعض الفقهاء أن كلا منهم أولى بما صار في يده من ذلك، » وليس للديان الغائبين بعد حضورهم مشاركتهم فيما قبضوه بالمحاصصة إن لم يف مال المديون جميع الحقوق، وإذا ثبت هذا في الحكم على قول من قال به من أهل العلم؛ فيخرج في ذلك فيما حكم به على سبيل العدل حاكم من حكام المسلمين، الثابت حكمه على من حكم عليه في حكم الدين، ولعل الحجة في (١) ، الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٣٨١ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين ج ٦ ص ٩٥ . وجاء في قاموس ا لشريعة: إذا طلب من له الحق إلى الحاكم منع خصمه عن الت » ّ صرف، فإن الحاكم يأمره بإحضار خصمه إذا أراد الإنصاف منه، فإذا حضر الخصم أخبره الحاكم بمطلوب خصمه، واستفهمه ِ عن دعوى خصمه، فإن أقر له بما ادعى عليه؛ حجر عليه من ماله بمقدار ما عليه، وقال من قال: جميع ماله، وإن أنكر الحق دعى الخصم بالبينة، فإن أصح البينة فعل الحاكم ما وصفت ّّ ٍ لك، وهو أن يقول بحضرة من يحضره من ا لصالحين: اعلموا أن ّ ي قد حجرت على فلان هذا ّ ِِ ِ من ماله بقدر ما عليه، إلا ّ لم َ ا له منه من الن ّ فقة والكسوة بالمعروف، ولعل ّ بعض ً ا لا يرى الحجر إلا ّ . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ٢١٥ « في الحقوق الحالة أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٥٢ ذلك أنه حكم قد مضى، وعلى وجهه انقضى، فلا سبيل إلى نقضه بعد انقضائه، وما لم يكن جرى الحكم فيه على وجهه وجوازه في ذلك المال؛ فليس ذلك « الحكم بشيء؛ إذ لا تقوم به حجة يصح بها، بل النقض أولى به على حال(١) . سابعا تصرفات المحجور عليه: ً يفرق فقهاء الإباضية كقاعدة بين تصرفات المحجور عليه قبل الحجر (وهذه تكون صحيحة ونافذة) وتصرفاته بعد توقيع الحجر عليه (وهذه لا تسري على الدائنين إذا لم تكف أمواله ديونهم). (١) السعدي: قاموس الشريعة ج ٥٦ ، ص ٢٢٦ ٢٢٧ ، وقد وضح المسألة رأي فقهي آخر، بقوله: ّ لو أن قاضيا حجر على مفسد يستحق الحجر، ثم رفع ذلك إلى قاض آخر فأطلقه ورفع عنه » ٍ ً الحجر، جاز إطلاق الثاني ذلك المحجور، وما صنع المحجور في ماله من بيع وشراء قبل إطلاق الثاني وبعده كان جائز ً ا لأن حجر الأول مجتهد فيه، فيتوقف على إمضاء قاض آخر ٍ كما لو قضى القاضي وهو محدود في قذف لا يتم قضاؤه ما لم يتصل به إمضاء قاض آخر، ٍ وعلل قبل ذلك توقف حجر القاضي الأول بقوله لأن قضاء الأول كان في فصل مختلف فيه، ِ وهذا اختلاف في نفس القضاء أو لأن حجر الأول لم يكن قضاء لعدم المقضي له، وعليه ُ فينفذ ما قضاه الثاني.. ا ه. قلت: إنما لم يعتبر حجر الأول قضاء لعدم استكمال أطراف القضية الستة التي ذكرها ابن ٌ ِ ﺱﺮﻐﻟﺍ ﻲﻓ ﻪﻴﺘﻴﺑ ﻲﻫﻭ:ﻪﻟﻮﻗ  ﺖــﺳ ﺡﻮـــﻠﺑ ﺎــﻫﺪـﻌﺑﻖـﻴﻘﺤﺘﻟﺍ ٍﺔــﻴـﻤﻜﺣ ٍ ﻑﺍﺮـــﻃﺃ ﻞﻛﺔــﻴﻀﻗ ِﻡﻮـــﻜﺤﻣﻭﻪﻴﻠﻋﻢــﻛﺎﺣﻭﻖﻳﺮﻃﻭٌٌٌ ِ ُﻪـــﻟﻭ ِﻪـــﺑ ﻡﻮـــﻜﺤﻣﻭٌ ﻢـــﻜﺣٌ حيث وجد الحاكم والحكم والمحكوم به والطريق، ولم يوجد المحكوم له ولا المحكوم ُ عليه إذا فرضنا أن الحجر وقع في غيبة المحجور عليه، فإن كان المحجور عليه موجود ً ا، فقد ف َق َد َ المحكوم له ُ فتأمل، لكن إذا استوفت القضية أطرافها الستة المذكورة فليس لقاض آخر أن ٍَ ِ يطلقه بعد حكم الأول بالحجر مستوفيا شروط الحكم، وإليه أشار قاضي خان آخر الخانية ً بقوله: فإن رفع شيء من تبرعات المحجور إلى القاضي الذي حجر عليه قبل إطلاق القاضي الثاني فنقضه وأبطله، ثم رفع إلى قاض آخر، فإن الثاني ينفذ حجر الأول وقضاءه، فلو أن ٍ ُُ الثاني لم ينفذ حجر الأول وأجاز ما صنع المحجور، ثم رفع إلى قاض ثالث فإن الثالث ينفذ ٍ ِ حجر الأول، ويرد قضاء الثاني بالإطلاق؛ لأن القاضي الأول حين رفع إليه حجره فأمضاه كان ِ ذلك قضاء منه لوجود المقضي له والمقضي عليه، فينفذ هذا القضاء ولا ينفذ إبطال الثاني ُُ . مفتي الشام محمود حمزة: الفوائد البهية في القواعد والفوائد الفقهية، ص ٢٤٣ « حجر الأول الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٥٣ وهكذا يمكن أن نذكر ما يلي: - جاء في لباب ا لآثار: وأما أصحاب الحقوق المتقدمة قبل الحجر، وصاحب الحق المكتوب له وبعد » الحجر في حقه فهم سواء شرع في مال المديون لكل واحد منهم بقدر حقه، ولا يكون صاحب الحجر أولى بحقه في مال المديون من أهل الحقوق المتقدمة قبل الحجر، وأما الحقوق المكتوبة بعد الحجر فلا تدخل إلا أن يفضل شيء من مال المديون، بعد أن يأخذ أهل الحقوق المتقدمة قبل الحجر، وصاحب الحق المكتوب « له الحجر، فإذا استوفى هؤلاء الذين ذكرتهم لكل حقوقهم فحينئذ يثبت ا لبيع(١) . ولا يقبل إقراره من بعد حجر الحاكم عليه بالحقوق لغير من » : كذلك قيل حجر له عليه الحاكم على المال إلا أن يصح أن هذا الحق كان عليه قبل أن « يحجر الحاكم عليه(٢) . - وبخصوص: ومنه، وعمن عليه حق وحجر عليه الحاكم لأجل ما عليه أيكون كالمفلس في جميع أحكامه إذا كان ماله لا يفضل عن الحق الذي حجر عليه من سببه، وما تقدمه من الحقوق أيض ً ا، يكون مثل المحجور عليه من قبله على هذه الصفة أم لا؟ جاء في لباب ا لآثار: إن من لزمه الحجر وجب عليه ترك التصرف في ماله لمن أحجر له وتقدم » من الدين، ولعل بعض ً ا يرى لصاحب الحجر وحده دون من لم يحجر له، ولعل بعض ً ا لا يرى الحجر إلا فيما وجب أداؤه من الحقوق، وفيما يثبت عليه الحجر « يلحقه ما قيل في المفلس لم أحط به(٣) . (١) . السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ٧، ص ٣٣٦(٢) . النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ١٨١(٣) . السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ٧، ص ٣٢٢ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٥٤ كذلك بخصوص مسألة(١) للمديون التصرف في ماله ما لم يحجر عليه » : ، قيل الحاكم ذلك عليه بعد رفع غرمائه إليه، كان الدين محيط ً ا بماله أم لا فذلك كلها سواء لأن الدين الذي عليه هو متعلق بذمته في ماله ما كان حي  ا وعلى هذا فليس لغرمائه حجة عليه فيما صرفه من مال فثبت حال جوازه تصرفه فيه على حسب .« ما عرفت، ولكنهم فيما بقي أسوة ثامن ً ا مدى ا لحجر: هل يشمل الحجر كل أموال المدين (عدا تلك المستثناة لعيشه وأسرته أو اللازمة لقيامه بعمله) أم يقتصر على الأموال التي تكفي سداد ديونه فقط؟ أبو قحطان وإذا » : يوجد اتجاهان في الفقه الإباضي، فقد جاء في المصنف صحت الحقوق مع الحاكم فله أن يحجر على صاحب المال ماله ألا يزيله حتى يؤدي الحقوق التي صحت عليه وقول: يحجر عليه من ماله بقدر ما صح من « الحقوق عليه(٢) . ويميل الإمام الشوكاني إلى الرأي الذي يأخذ بالحجر فقط فيما يتعلق بما يكفي الديون لأن العدل يحتمه، إلا إذا وجدت مصلحة أعلى تحتم الحجز على كل المال. يقول ا لشوكاني: حجر جزء من المال بقدر دين الطالب يكفي، وينتظر طلب الآخرين إلا أن » يرى الحاكم في ذلك ص َ لا َ ح ً ا لوجه من الوجوه، فلا بأس بالحجر لجميع المال (١) وفي رجل عليه ديون للناس يحيط بجميع ماله، فكتب نصف ماله لورثته بعد موته » : وهي لكل منهم على قدر ميراثه منه من ضمان عليه لهم، وكتب أيض ً ا جميع ماله لديانه بيع خيار إلى مدة وتاريخ الورقة التي للورثة قبلها، وطلب الديان حقوقهم، وأظهر الورثة ورقتهم ذات « بالضمان، وأقام الديان حجتهم أنه ما ألجأ هذا المال إلى لورثته بباطل عن الديان . المرجع، ص ٤١٩(٢) النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ١٨١ ؛ السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ٧، ص ٣٣٣ ، ابن . جعفر: الجامع، ج ٨، ص ٢١٧ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٥٥ عن جميع الغرماء، وإذا ساغ حجر المال لطلب جميع الغرماء، أو لطلب بعضهم، ورأى الحاكم في جميع الحجر مصلحة ت َن َ اول الحجر ما زاد من المال على قدر َ الدين، وما دخل في ملكه في المستقبل بعد الحجر، لأن المفروض أنه ح َ ج َ ر ِِ الجميع والزائد ُ والمستقبل من جملة ما يصد ُ ق عليه أنه من مال من عليه الدين، َْ َْْ ِ فإن أمكن تعليق الحجر بما يفي الدين أهل الدين من غير تعميم إذا كان في ماله َ ِ زيادة على قدر ما عليه من الدين، فهذا هو الوجه العدل، وإن لم يمكن إلا بحجر َ ِ الكل كان ذلك سائغ ً ا لأنه لا ي ُ مكن حفظ مال الذي عليه الدين لي ُق ْض َ ى منه غرماؤه « إلا بذلك(١) .  (١) . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٢٣٤ هذه الشروط ثلاثة: شخصي، وموضوعي، وإجرائي. ا لأول ? ا 4 ن ا 6 (أن %-4 ط ا  ا ً( سبق القول إن هذا الشرط يعني، في القانون التجاري الوضعي، أن نظام الإفلاس يطبق فقط على ا لتاجر. لكن يبدو أن فقهاء الإباضية لا يشترطون ذلك، وإنما يكتفون بأن يكون الشخص مديون ً ا بديون تبرر الحكم عليه بالإفلاس، سواء كان تاجرا أو غير تاجر. ً يقول ا لثميني: وإنما يفلس الحاكم الحر العاقل. ولو مشرك » ً ا، أو أنثى، لا غيرهم. إذ لا يجوز عليهم. ويفلس الشهود حاضرا، أو غائبا. ًً ولا يفلسه إلا على الديون، لا على النفقات ونحوها. ولا أبا بما على ابنه من ديون. إلا ما يلزمه غرمه من ماله. ً ولا خليفة بما على من استخلف عليه. ولا كل من ولي أمر غيره. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٥٨ « ولا من له وقف إليه، أو إلى غيره(١) . كذلك يقول ا لنزوي: والمديون إذا صح إعدامه فلس وفرضت عليه فريضة لغرمائه ولا حبس عليه » « وليس عليه كفيل(٢) . وهكذا فإن الإفلاس يطبق على التاجر وعلى غير التاجر، لكن بشرط أن يكون مدين ً أي: ) « المعدم » ا. لكن ليس كل مدين يتم اعتباره مفلسا، وإنما المدين ً الذي صح إعدامه)، بمعنى أنه الشخص الذي أحاطت به ديونه بطريقة شديدة. وقد توقع الإباضية أن يكون المفلس تاجرا: ً وهكذا بخصوص مسألة: وعن رجل عليه دين كثير، فادعى أنه مفلس فاتهمه الحاكم، هل يجوز له أن يحبسه في السيرة، وكيف السيرة في ذلك؟ جاء في قاموس ا لشريعة: إنما على الحاكم أن ينظر في ذلك الدين، فإن كان ذلك الدين من التجارة، » فإنما على الحاكم أن يحيل بين صاحب الدين والغريم؛ فيلزمه حتى يعطي حقه، أو يأتي الغريم بالبينة أنه مفلس؛ فيخلي سبيله، وليس عليه أن يحبسه؛ لأنه هو الذي أعطى المال له، وإن كان المال إنما عليه من غصب غصبه، أو تعد تعدى عليه، فعلى الحاكم أن يحبسه في السجن حتى يعطيه حقه، أو يأتي بالبينة أنه « مفلس فيخلي سبيله(٣) . ولا شك أن هذا الشرط يتطلب ضرورة إثبات أن الشخص الذي يراد إفلاسه مدين وأنه متوقف عن دفع ديونه(٤) . (١) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، ص ٢٤٤ ٢٤٥(٢) النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ١٩٥ . انظر أيض ً . ا العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٦٥(٣) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ٤٠ ٤٠ (٤) ويثبت التفليس بأمينين أو أمين وأمينتين لا بقول غيرهم ولا بقول الغرماء » : في هذا الشأن، قيل وإذا أرادوا أن يشهدوا على رجل بالتفليس عند الحاكم فإنهما يقولان: شهدنا أن هذا الرجل الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٥٩ %A ا ? ا ن)  " ا  د @X (ا %/& ط ا  ا كما سبق القول يعني هذا الشرط في القانون التجاري الوضعي: توقف التاجر عن الوفاء بديونه. ولا يختلف ذلك عند الإباضية، إذ اكتفائهم بأن الإفلاس يوقع على المدين، يعني بالضرورة أن المدين توقف عن الدفع، لعدم توافر الأموال التي تمكنه من ذلك بسبب إحاطة الديون به من كل جانب. فليس كل مدين يتم الحكم بإفلاسه، وإنما يجب أن تتوافر أحوال داعية إلى ذلك، بأن يركبه أو يستغرقه ا لدين. ومن المعلوم أنه في رأينا وفق ً ا للقواعد الإسلامية واجبة التطبيق، لا يكون الحكم بالإفلاس في حالتين، وهما: حالة الجائحة، وحالة ا لحمالة(١) : · عن أبي سعيد الخدري ƒ قال: أصيب رجل في عهد رسول الله ژ في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله ژ : فتصدق الناس عليه « تصدقوا عليه » مفلس وليس له شيء إلا أن كان له ما لم نعلم، وإن قالوا: ليس له شيء فقد بروه وإن قالوا: إلا إن كان له ما لم نعلم فقد بروا أنفسهم وإن شهدوا أن هذا الرجل مفلس أو فلسه فلان الحاكم فقد جاز قولهم في ذلك ويكون مفلسا، وإن قالوا: إن هذا الرجل فقير أو مسكين أو صعلوك ً البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، وزارة التراث .« فلا يفلسه الحاكم بذلك . القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ١٩٨٧ ، ج ٨، ص ١٩٤ ُ (١) كذلك يمكن أن نستنبط ذلك من تفسير الفقه الإباضي لحديث ورد عنه ژ . فقد جاء في جواهر ا لآثار: قلت: فما معنى قول النبي » ! : قال: هو أن ؟« مطل الغنى ظلم » : أو قال « مطل الموسر ظلم » يكون حقه من حبس يقدر عليه، وتناله يده، وصاحبه محتاج إليه أو غير محتاج، إلا أنه يطلبه فلا يدفعه إليه، فأما إذا كان يطلبه بدرهم واحد، وعنده النخيل الكثيرة، والدور والمراكب، .« وليس عنده من الدراهم شيء، فليس بمماطل ولا آثم، إذا كان يريد دفع الحق إلى صاحبه . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ ، ص ٥٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٦٠ خذوا ما وجدتم وليس لكم » : ولم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله ژ لغرمائه رواه مسلم. « إلا ذلك يقول ا لصنعاني: فلا يحل » : تقدم الكلام في الجمع بين هذا الحديث وحديث جابر وقوله » بأن هذا على جهة الاستحباب والحث على جبر من حدث « لك أن تأخذ عليه حادث. ويدل أيض ً على أن الثمرة غير « وليس لكم إلا ذلك » : ا قوله مضمونة إذ لو كانت مضمونة لقال: وما بقي فنظرة إلى ميسرة أو نحوه إذ الدين لا يسقط بإعسار المدين وإنما تتأخر عنه المطالبة في الحال ومتى أيسر « وجب عليه ا لقضاء(١) . · وعن قبيصة بن مخارق الهلالي ƒ قال: قال رسول الله ژ : إن المسألة »لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما ً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلان ً رواه مسلم. « ا فاقة فحلت له المسألة يقول ا لصنعاني: إن الرجل الذي تحمل حمالة قد لزمه دين فلا يكون له حكم المفلس في » الحجر عليه بل يترك حتى يسأل الناس فيقضي دينه وهذا يستقيم على القواعد إذا « لم يكن قد ضمن ذلك ا لمال(٢) . (١) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٥٦(٢) . ذات المرجع، ص ٦٢ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٦١ ? A ا ? ا ور 3 ( %> اU ط الإ  ا لاس)  الإ يفترض هذا الشرط أمرين. لاس:  لإ ور # 3 ورة & أ) الحجر بسبب السفه أو الدين لا يكون إلا » من المعلوم أن القاعدة هي أن « بقضاء ا لقاضي(١) . وقد طبق الإباضية ذلك على الإفلاس. يتضح ذلك مما يلي: قلت: وما صحة المفلس بتفليسه؟ أو هو حكم الحاكم بتفليسه وترك مبايعته » والشراء من عنده أم عدمه لليسار والمال ولو لم يقض عليه بذلك ا لحاكم؟ قال: المفلس إذا قضى بتفليسه حاكم من حكام المسلمين في حقوق تثبت « عليه، وهو وجه من وجوه ا لحق(٢) . (١) . مفتي الشام محمود حمزة: الفرائد البهية في القواعد والفوائد الفقهية، ص ٢٤٢ (٢) الشيخ أبو زكريا: كتاب الإيضاح في الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ مان، . ١٤٠٤ ١٩٨٤ ، ج ٢، ص ١٤ راجع أيض ً ؛ ا: النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ١٩٥ ؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٦٣ . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١١٩ اتفق الثلاثة مالك والشافعي وأحمد على أن الحجر على المفلس عند » : يقول أبو عبد الله طلب الغرماء وإحاطة الديون بالمدين مستحق على الحاكم وأن له منعه عن التصرف حتى لا يضر بالغرماء وأن الحاكم يبيع أموال المفلس إذا امتنع من بيعها أو يقسمها بين غرمائه بالحصص، وقال أبو حنيفة: لا يحجر على المفلس بل يحبس حتى يقضي الديون، فإن كان له مال لم يتصرف الحاكم فيه ولا يبيعه إلا أن يكون ماله درهما ودينه دراهم فيقبضها القاضي ً .« بغير أمره، وإن كان دينه دراهم وماله دنانير باعه القاضي في دينه . أبو عبد الله العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ١٥٢ أبو الحواري وليس لأصحاب الصناعات التفليس وإنما التفليس للذي له مال » : كذلك قيل أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٦٢ :' زوا NG لاس، و  ورة الإ & ب) الغرض من ذلك لا يخفى على أحد: تحذير المتعاملين مع المفلس من التعامل معه، لأنه لن يفي بديونه التي قد تترتب على ذلك. ومن المنطقي أن المفلس قد تتغير أحواله ويخرج من حالة الإفلاس (لوفائه بديونه، أو للصلح مع الغرماء... إلخ) لذلك فمن الطبيعي أن يتم الإعلان أيض ً ا عن ذلك حتى يتعامل الناس معه(١) . وقد بين أطفيش هذين الجانبين من جوانب شهر الإفلاس بطريقة رائعة(٢) .  وهو ما أكد عليه أيض ً ا فقهاء آخرون: « ولا صناعة له فإذا كان معدما لا مال له ولا مكسبة نظر إلى ميسورة ولم يؤخذ عليه كفيل ً :ﻱﻭﺰﻨﻟﺍ ،ﻒﻨﺼﻤﻟﺍﺝ ،٢٠ ﺹ.١٩٧ ﻚﻟﺬﻟ :ﻞﻴﻗ ﺐﺤﺘﺴﻳﻭ ﺭﺎﻬﻇﺇ» ﺮﺠﺣ ﺲﻠﻔﻤﻟﺍ ﺍﺬﻛﻭ ﻪﻴﻔﺴﻟﺍ ﻢﻠﻌﻴﻟ ﺱﺎﻨﻟﺍ ﻪﻟﺎﺤﺑ ﻼﻓ ﻩﻮﻠﻣﺎﻌﻳ ﻻﺇ ﻰﻠﻋ (١) «ﺓﺮﻴﺼﺑﻮﺑﺃ ﺎﺠﻨﻟﺍ :ﻱﻭﺎﺠﺤﻟﺍ ﺽﻭﺮﻟﺍ ﻊﺑﺮﻤﻟﺍ ،ﻲﺗﻮﻬﺒﻠﻟ ﺭﺍﺩ ،ﺙﺍﺮﺘﻟﺍ ،ﺓﺮﻫﺎﻘﻟﺍﺹ ،٢٨٦ .٢٨٨ ً ﺍ ﻯﺩﺎﻧ ﻪﻴﻠﻋ ﻢﻠﻋﺃﻭ ﻪﺑ ﺱﺎﻨﻟﺍ ﻩﺮﻬــﺷﻭ ﻲﻓ ﻊﻣﺎﺠﻣ ﺱﺎﻨﻟﺍ ﻝﻮﻘﻳ :ﺶﻴﻔﻃﺃ ﺍﺫﺇﻭ» ﺲﻠﻓ ﻢﻛﺎﺤﻟﺍﺪﺣﺃ (٢) ﻢﻠﻋﺃﻭ ﻪﺑ ﺱﺎﻨﻟﺍ ﻼﺌﻟ ،ﻢﻬﻋﺪﺨﻳ ﺮﺠﺤﻳﻭ ﻥﺃﻻ ﻉﺎﺒﻳ ﻪﻟ ﻻﻭ ﻱﺮﺘــﺸﻳ ،ﻪﻨﻣ ﻦﻣﻭ ﺮﺴﻛ ﺮﺠﺤﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﻢﻠﻋ ﻪﻨﻣ ﺝﺮﺧﺃ ﻪــﻨﻣ ،ﻖﺤﻟﺍ ﻻﻭ ﺏﺮﻀﻳ ﻦﻣ ﻢﻟ ،ﻢﻠﻌﻳ ﻦﻜﻟﻭ ﺏﺮــﻀﻳ ﺲﻠﻔﻤﻟﺍ ﻰﻠﻋ ،ﻚﻟﺫ ﺍﺫﺇﻭ ﺎــ ﻦﻴﺒﺘﻳ ﻪﺑ ﻲﻓ ،ﺱﺎﻨﻟﺍ ﺐﻀﺨﺗﻭ ﻩﺪﻳ ﺩﺍﺭﺃ ﻢﻛﺎﺤﻟﺍ ﻥﺃ ﺮﻬــﺸﻳ ﺲﻠﻔﻤﻟﺍ ﻪﻧﺈﻓ ﻩﺮﻣﺄﻳ ﻥﺃ ﺲﺒﻠﻳﺳﺎﺒﻟً ،ﺀﺎﻨﺤﻟﺎﺑ ﻪﺒﻛﺮﻳﻭ ﻰﻠﻋ ﺔﺑﺍﺪﻟﺍ ﻑﺎﻄﻳﻭ ،ﻪﺑ ﻥﺇﻭ ﻰﺑﺃ ﻦﻣ ﻚﻟﺫ ،ﻩﺮﺒﺟ ﻻﺇ ﻥﺃ ﻚﻟﺫ ﻲﻓ ﻥﺎﻣﺯ ،ﺭﻮﻬﻈﻟﺍ ﺍﺬﻛﻭ ،ﻡﺪﻌﻤﻟﺍ ﻝﺎﻗ:ﻲﻤﺻﺎﻌﻟﺍ ﻲــﻓ ﻞﻛ ﺪﻬـــﺸﻣ ﺮــﻣﺄﺑﻢﻜـﺤﻟﺍ ﻲــﻐﺒﻨﻳﻭ ﻥﻼــﻋﺇ ﻝﺎــﺣﻡﺪـﻌﻤﻟﺍ :ﻱﺃ ﺭﺎﻬﺷﺇ ﻩﺮﻣﺃ ﻲﻓ ﺪﻫﺎﺸﻤﻟﺍ ﺪﺟﺎﺴﻤﻟﺎﻛ ،ﻕﺍﻮــﺳﻷﺍﻭ ﻻﻭ ﺺﺘﺨﻳ ﻚﻟﺬﺑ ﺪﻨﻋ ﺎﻨﻣﻮﻗ ﻡﺎﻣﻹﺎﺑ ﻻﻭ ،ﻪﻧﺎﻣﺰﺑ ﻦﻜﻟ ﻥﻮﻜﻳ ﺮﻣﺄﺑ ،ﻲﺿﺎﻘﻟﺍ ﻝﺎﻗ ﻪﺣﺭﺎﺷ ﻲﺴﻟﺪﻧﻷﺍ :ﺓﺭﺎﻴﻣﻻ ﻩﺭﺎﻬﺷﺇ ﻮﻫ ﻱﺬﻟﺍ ﻪﻴﻠﻋ ،ﻞﻤﻌﻟﺍ ﻪﻬﺟﻭﻭ ،ﺮﻫﺎﻇ ﻮﻫﻭ ﻥﺃ ﻑﺮﻌﻳ ﺱﺎﻨﻟﺍ ﻪﻟﺎﺣ ﻼﻓ ﻪﻠﻣﺎﻌﻳ ﺪــﺣﺃ ﻻﺇ ﻰﻠﻋ ﺓﺮﻴﺼﺑ ﻦﻣ ،ﻩﺮﻣﺃ ﻞﺻﻷﺍﻭ ﻲﻓ ﻚﻟﺫ ﻞﻌﻓ ﺮﻤﻋ. ƒ ﺯﺎﺟﺃﻭ ﺾﻌﺑ ﺎﻨﺑﺎﺤﺻﺃ ﺭﺎﻬــﺷﺇ ﺲﻠﻔﻤﻟﺍ ﻦــﻠﻌﻤﻟﺍﻭ ﻲﻓ ،ﻥﺎﻤﺘﻜﻟﺍ ﻮﻫﻭ ﻝﻮﻗ ﻦــﻣ :ﻝﺎﻗ ﻞﻤﻌﻳ ﻲﻓ ﻥﺎﻤﺘﻜﻟﺍﺎﻣ ﺭﺪﻗ ﻪﻴﻠﻋ ﻦﻣ ﻡﺎﻜﺣﺃ ،ﺭﻮﻬﻈﻟﺍ ﻥﺇﻭ ﺩﺎﻔﺘــﺳﺍ ﺾﻌﺑﺎﻣ ﻪﺴﻠﻓ ﻪﻴﻠﻋ ﻢﻛﺎﺤﻟﺍ ﻼﻓ ﻪﺟﺮﺨﻳ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺲﻴﻠﻔﺘﻟﺍ ﻰﺘﺣ ﺪﻴﻔﺘﺴﻳ ﻊﻴﻤﺟﺎﻣ ﻪﺴﻠﻓ ﻪﻴﻠﻋ ،ﻢﻛﺎﺤﻟﺍ :ﻞﻴﻗﻭ ﻰﺘﺣ ﺪﻴﻔﺘﺴﻳ ﺮﺜﻛﺃ ﺎﻤﻣ ﻪﺴﻠﻓ ﻪﻴﻠﻋ ،ﻢﻛﺎﺤﻟﺍ ﺍﺫﺇﻭ ﺝﺮﺧ ﻦﻣ ﺲﻴﻠﻔﺘﻟﺍ ﻢﻠﻌﻴﻠﻓ ﻪﺑ ﻢﻛﺎﺤﻟﺍ ﺱﺎﻨﻟﺍ ﻪﻧﺃ ﺪﻗ ﺝﺮﺧ ﻦﻣ ﺲﻴﻠﻔﺘﻟﺍ ﻪﻠﻣﺎﻌﻴﻟ ً ،«ﺱﺎﻨﻟﺍ ﻊﺟﺍﺭ :ﺶﻴﻔﻃﺃ ﺡﺮﺷ ،ﻞﻴﻨﻟﺍﺝ ،١٣ ﺹ٦١٤ ـ .٦١٥ ﺮﻈﻧﺍﻀﻳﺃ ﺎ :ﻲﻨﻴﻤﺜﻟﺍ ﺩﺭﻮﻟﺍ ﻡﺎﺴﺒﻟﺍ ﻲﻓ ﺽﺎﻳﺭ ،ﻡﺎﻜﺣﻷﺍ ﺹ.٢٤٧ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٦٣ ١ فبخصوص شهر ا لإفلاس، يجب أن يتم مع استبعاد سوء النية أو الحيل الفاسدة حتى يتحقق الغرض منه. وهكذا بخصوص مسألة: عن الحجر الذي يكتبه الحاكم في مال المديون أيجب عليه إعلامه، وإظهاره » للناس لئلا تتلف أموال الناس، لأن ظاهره مليء وباطنه محجور عليه، أم يكتب ويستر ذلك، ويبقى يأخذ أموال الناس، ويكون المال لصاحب الحجر ويبطل حق الباقين، وإن فعل ذلك الحاكم، أيلحقه شيء أم يكون سالما لأنه صار شبه الحيلة ً جاء في لباب ا لآثار: « والخديعة للرعية بحجر المال لا يبين لي أن الحجر في المال حجة على المحجور عليه ماله لمن طلب » ذلك إلى الحاكم، إلا أن يصح ذلك معه، وعلى الحاكم إعلامه لمن طلب ذلك في لزوم موضع القيام عليه، وهنالك يكون حجة وإن لم ينادي به في الناس ولا أعلم أنه يأثم بترك إشاعة ذلك في الناس ما لم تكن هناك نية سوء يأثم بها لأنه ليس عليه أن ينادي في كل ناد، كلا ولا يكون هذا من أمور الكتمان للحيلة الفاسدة في شيء ما لم يكن يسأل عن ذلك فليكتمه في محل ما يلزمه إعلام سائله، ومتى « قامت الحجة على المديون بالحجر من الحاكم منع من التصرف في ماله(١) . ٢ وبخصوص شهر انتهاء ا لإفلاس ، يقول ا لثميني: ولا يخرجه من تفليسه، استفادة بعض ما أفلس عليه فقط. » وقيل: لا يخرج منه، حتى يستفيد أكثر مما فلس عليه. « وإذا خرج منه، فليعلم به الحاكم الناس، ليعاملوه(٢) . يتضح من ذلك أن شهر انتهاء الإفلاس أمر تحتمه طبيعة الأشياء، فهو يشك ّ ل الجانب الثاني لأمرين متوازيين الشهر فيها لازم: (١) . السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار، ج ٧، ص ٤٠٧ ٤٠٨(٢) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، ص ٢٤٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٦٤ الأول: وذلك ليعلم الناس أن الشخص المعني أصبح ،« الإفلاس » شهر مفلسا، فيمتنعون عن التعامل معه، لأن الظاهر يدل على تعثره وعدم قدرته على ً تنفيذ ا لتزاماته. والثاني: وذلك حتى يعلم الآخرون أن الشخص ،« انتهاء الإفلاس » شهر المعني أصبح غير مفلس، وبالتالي زال الحجر من عليه، فيقدمون على التعامل معه مطمئنين أنه قادر على الوفاء بالتزاماته تجاههم. الإفلاس كنظام لا بد وأن تترتب عليه آثار معينة، إذ الحكم به ليس محض وجود محايد لا أثر له، وإلا ما الداعي إلى تقريره واتخاذه. وآثار الإفلاس نبحثها عند الإباضية على مستويات ثلاثة: بالنسبة للمدين، وبخصوص الدائنين، وبالنسبة لمن تمت إحالة الدين عليه. ا لأول ? ا لاس  ر الإ [ آ I ا 9 إ تتعدد هذه الآثار وتتنوع بالنسبة لكمها ولكيفها ويمكن أن نشير إلى أهمها، وهي: ترك ما هو لازم لمعيشة المدين ومن يعول، وغل يد المدين عن تصريف أمواله. ا لأول l^ ا ل. I و I ك لازم ا ; المفلس إنسان، وبالتالي لا بد رغم الحجر عليه في تصريف أمواله وغل يده عنها أن يترك له ما هو لازم لبقائه هو ومن يعول(١) . (١) تعرض فقهاء المسلمين لهذه المسألة. فبخصوص: (فصل) هل تباع دار المفلس التي لا غنى أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٦٦ وقد أخذ فقهاء الإباضية بذلك: يقول ابن عبيدان: والمتفلس يترك له من منزله بقدر ما يكفيه لسكنه في البرد والحر، ولا يباع » .« في ذلك ويضيف أيض ً ا: ومن كان عليه دين فإنه يأكل مثل ما يقيم الصلب، ويسد به الجوع، ولا » « يأكل اللحم وما أشبه ذلك(١) . ويقول المحقق ا لخليلي: ولا يجوز للمديون مع مطالبة أهل الحقوق بما لهم وعدم توسيعهم له فيه » أن يشتري ما له غنى عنه من عبيد ولا آنية ولا كسوة ولا غيرها إن كان لحقهم وفاء بدون ذلك وعليه أن يبيع لهم في بعض القول ما فوق إزاره الذي يواري به سوءته وليس له أكثر من إزار مثله في حاله تلك. وقيل في قول آخر: إن له ما يحتاج إليه من كسوة لصلاته أو لما يقيه من حر أو برد من لحاف أو فراش كسوة مثله وله بيت على قدر حاجته له هو ولمن « يلزمه عوله وله أن ينفق ويكسو لنفسه ولمن يلزمه عوله بالمعروف(٢) . له عن سكناها وخادمه المحتاج إليه؟ قال أبو حنيفة وأحمد: لا يباع ذلك، وزاد أبو حنيفة فقال: لا يباع شيء من العقار والعروض، وقال مالك والشافعي: يباع ذلك كله. أبو عبد الله . العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ١٥٣ من أفلس، وأحاطت به الديون، واقتضى رأي القاضي ضرب حجر عليه عند » : كذلك قيل استدعاء غرمائه، فإنا نبقي له دست ثوب، ولا نتركه بإزار يستر عورته، فإذا أبقوا أبقوا له . إمام الحرمين الجويني: غياث الأمم في التياث الظلم، ص ٣٤٨ « إقامة لمروءته أثوابا ً (١) ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ ، ص ٤٦ ٤٧ ؛ الصحارى: الكوكب الدري والجوهر البري، . ج ٥، ص ٣٦٣(٢) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ٢٦٧ الباب الخامس: نظرية الإفلا سف ي كتابات الفقه الإباضي ٢٦٧ وقرر الإباضية بضرورة ترك الأدوات التي لا غنى عنها للمدين للقيام بعمله  (إن استمر فيه بعد الحجر عليه)(١) . لذلك بخصوص: وفيمن لا يملك إلا بقرة يزرع عليها زرع ً ا وعليه دين حال، فضيق عليه أصحاب ا لدي ْ ن في حقوقهم، أت َُب َ اع ُ البقرة ُ ، ويقض َ ي ث َ من َه َ ا أه ْ ل ُ الدي ْ ن وإن مات ز َرع ُه ُ ، أم ي ُنظ َ ر إلى حصاد زرعه؟ يقول السيد مهنا: ْ فيما يعجبني في مثل هذا أن ينظر الحاكم الصلاح لأصحاب الدين » ولدينهم، فإن كان ترك هذه البقرة لزجر هذا الزرع أوفر على أهل الدين في استيفاء حقوقهم وأوفر للمدين في وفاء الدين الذي عليه، لم يعجبني أن يقتل الزرع لأنه لا ضرر ولا ضرار في الإسلام، وإن كان في نظره أن هذا الزرع لا يقوم بغرامته، وإنما هو مطل من المدين يريد التخلف عن قضاء الحقوق التي « عليه بيعت البقرة في ا لدين(٢) . %A ا l^ ا (٣)' ا أ I ا الغرض من ذلك كما هو ظاهر منع المفلس من الإضرار بدائنيه. (١) ينبغي أن يترك للمفلس على كل تقدير ما تدعو إليه حاجته من الطعام والإدام إلى » : يقول الشوكاني وقت الدخل، وهكذا يترك للمجاهد والمحتاج إلى المدافعة عن نفسه أو ماله سلاحه، وللعالم ما يحتاج إليه من كتب التدريس والإفتاء، والتصنيف. وهكذا يترك لمن كان معاشه بالحرث ما يحتاج إليه في الحرث من دابة وآلة حرث، وهكذا يترك لما كان كسبه بدابته بتأجيرها، ونحو ذلك تلك . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٢٣٦ « الدابة (٢) . السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ٧، ص ٣١٩ (٣) وهي الكلمة التي يفضلها المحيلوي. وهكذا بخصوص مسألة: ويكتب في الحجر ليس له تصريف أم تصرف؟ يقول ا لمحيلوي: فأرجو أنه قال: يعجبه على ما بانت لي منه أن يكتب ذلك تصريف » ً ا لا تصرف ً .« ا، لأنه مصدر صرف . المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، ج ٢، ص ١٧٨ ٰ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٦٨ يقول ا لعوتبي: وإذا فلس الحاكم لرجل لم يجز له بيع ولا هبة ولا صدقة ولا عتق ولا » « إقرار بدين إلا بالبينة(١) . وقد أخذ فقهاء الإباضية بقاعدة مؤداها: نفاذ تصرفات المفلس التي تمت قبل الحكم بإفلاسه، وعدم نفاذها بعد » .« الحجر عليه وهكذا جاء في قاموس ا لشريعة(٢) : المديون إذا قضى بعض ديانه حقوقهم؛ فجائز ذلك، ولا رجعة على من » قبض حقه لسائر الديان الذين لم يقبضوا من حقوقهم شيئ ً ا، ما لم يحجر الحاكم على المديون ماله؛ فليس له أن يقضي أحد ً ا دون أحد، والله أعلم. ﻦﻣﻭ ﺓﺯﻮﺟﺭﺃ:ﻲﻐﺋﺎﺼﻟﺍ ﻥﺃ ﻲــﻀـﻘﻳ ﺾﻌﺒﻟﺍ ﻦــﻣﻥﻮﻳﺪﻟﺍ ﻝﺎــﻗﻭ ﻲــﻟ ﺯﻮــﺠﻳﻥﻮــﻳﺪﻤﻠﻟ ﻪﻴﻠﻋ ﻊﻤــﺳﺎﻓ ﺎــﻣ ﻝﻮــﻗﺃﻢﻬﻓﺍﻭ ﻙﺮــﺘﻳﻭ ﺾــﻌﺒﻟﺍ ﺍﺫﺇ ﻢــﻟﻢﻜﺤﻳ ﻪــﺘﻈﻔﺣ ﻦــﻣ ﺐــﺘﻛﻒــﻨﺼﻤﻟﺍ ﻥﺎﻛ ﺀﺎــﻓﻭ ﻪــﻟﺎﻣ ﻭﺃ ﻢــﻟﻒــﻳ ﻪــﻴﻟﺇ ﺍﻮــﺒﻠﻄﻳ ﻥﻮــﻳﺪﻟﺍ ﻞــﻫﺃ ﻞــﻴﻗﻭ ﺎــﻣ ﻢــﻟ ﺍﻮــﻌﻓﺮﻳ ﻪــﻴﻠﻋ ﻡﺎــﻤﺗ ﻩﺅﺎــﻀﻗ ﻪــﻟﺍﻮﻣﺃ ﻞــﻴﻗﻭ ﺎــﻣ ﻢــﻟ ﺮــﺠﺤﻳ ﻡﺎﻜﺤﻟﺍ هذا هو مفهوم المسألة باختصار، لكننا ندرسها بتفصيل لازم، وذلك بدراسة أهم الأمور التي تثيرها، وهي: تصرفات المدين قبل الحجر عليه، وبعده، وتصرفاته في فترة الريبة ومع أبنائه، وما نسميه اللجوء إلى التدليس والخداع، لننتهي بدراسة أن تصرفات المفلس الممنوعة عليه تخص أمواله فقط، فإذا انتهينا .« من ذلك فحقيق بنا أن نشير إلى تميز نظرية الإفلاس عند الإباضية ببعد أخلاقي (١) . ١٦ ، ص ١٨٩ ، العوتبي: كتاب الضياء، ج ١١(٢) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٨٦ ١٨٧ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٦٩  ا I ت ا -; أ) : الأصل في هذه التصرفات ما دامت قد تمت دون تحايل أو غش أو سوء نية أن تكون، إذا استجمعت شرائط صحتها، نافذة. علة ذلك أمران: الأول : أن المدين مالك لأمواله(١) ، وبالتالي يكون له حق التصرف فيها كما يشاء معاوضة وتبرع ً ا كأي شخص آخر.  والثاني : أنه لم يتم الحجر عليه ومنعه من التصرف فيها، وبالتالي ينبئ ذلك عن عدم اضطراب أموره المالية ا ضطرابا شديد ً ا. ً وهكذا جاء في قاموس الشريعة عن الفقيه مهنا بن خلفان: وفي رجل عليه ديون للناس تحيط بجميع ماله؛ فكتب نصف ماله لورثته » بعد موته، لكل منهم على قدر ميراثه منه من ضمان عليه لهم، وكتب جميع ماله أيض ً ا لديانه بيع خيار إلى مدة، وتاريخ الورقة التي للورثة قبلها، وطلب الديان حقوقهم، وأظهر الورثة ورقتهم بالضمان، وأقام الديان حجتهم أنه (ما إلجاء) هذا ِ المال لورثته بباطل عن الديان؟ قال: عرضت على هذه المسألة فتأملتها؛ فلم يبن ْ لي إلا أن للمديون التصرف في ماله، ما لم يحجر الحاكم ذلك عليه بعد رفع غرمائه إليه، كان الدين محيط ً ا بماله أو لا؛ فذلك كله سواء؛ لأن الدين الذي عليه هو متعلق بذمته، لا في ماله ما كان حيا، وعلى هذا فليس لغرمائه حجة عليه فيما صرفه من ماله، إذا صح فثبت حال جواز تصرفه فيه على حسب ما عرفت، « ولكنهم فيما بقي أسوة(٢) . (١) الملك هو المبيح لصاحبه التصرف، فإذا كان في البيع شرط يمنع صاحبه من » فمن الثابت أن ؛ الشيخ أبو زكريا: كتاب الإيضاح في الأحكام، ج ٢، ص ٢٤ « التصرف في البيع لم يكن بيعا ً . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٢٨(٢) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٦٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٧٠ ومما يؤيد ذلك أيض ً ا ما ذكره ابن عبيدان(١) : ورغم أن الفقه الإباضي يسلم بصحة تلك التصرفات، إلا أنه يرى أن المدين يكون آثما لقيامه بها رغم وجود ديون عليه(٢) . ً (١) عن أبي سعيد: وعن رجل له على رجل حق، والحق واجب، فلما حضر ليأخذ حقه » : بقوله قال: على دين لغيرك ولم يحضر غيره يطلب، واتهمه أنه يريد أن ينقصه حقه ويبطله، قلت: هل لهذا في ذلك حجة عليه إذا أقر بالحق عليه. ويريد أن يدفع إليه حقه بالحصة؟ فعلى ما وصفت، فإن كان ذلك في حضرة حاكم فما لم يحجر عليه الحاكم ماله فيجوز إقراره بالحقوق، وإن كان قد حجر عليه ماله لم يجز إقراره بالحقوق في هذا المال الذي في يده، إذا كان قد حكم به لهذا الخصم وحجر عليه. وإن لم يكن هنالك حاكم فالناس مأمونون على دينهم وأمانتهم، وكما لهذا الحق يمكن أن .« يكون لغيره، ولا يعنف في ذلك من أقر بحق عليه لأحد من الناس وأراد قضاءه . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ ، ص ٦٨ ؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٥٥ ١٥٦ ويقول أبو عمر يوسف النمري ا لقرطبي: ومن كان عليه دين يحيط بماله ولم يوقف لتفليس فجائز أن يقضي بعض غرمائه دون بعض »وجائز تصرفه في بيعه وشرائه، وأخذه، وعطائه، ونكاحه، وسائر معاوضاته إلا أن يحابي في ذلك فإن حابى أحد ً ا فالمحاباة عطية وهبة، ولا يجوز ذلك لمن أحاط الدين بماله قبل التفليس ولا بعده، وإقراره لمن يعرف بمعاملته ولا يتهم فيه جائز له ماض له وعليه ما لم .« يفلسه الحاكم، ويحال بينه وبين ماله . راجع النمري القرطبي: الكافي في فقه أهل المدينة، ج ٢، ص ٨٢٨ (٢) وقد حاول الفقه الإباضي التوفيق بين الأمرين، يقول ابن بركة: ولو أن رجلا » ً عليه ديون كثيرة من أموال اغتصبها ومظالم ارتكبها وله مال يملكه بقدر ما عليه، لم يكن له فيما بينه وبين خالقه أن يتصرف فيه ويحبسه على قضائه في تلك المظالم، إلا بقدر ما يكفيه لقوته الذي يبلغه إلى قوت مثله. فإن قال قائل: فإن وهب منه شيئ ً ا أو باع أو اشترى شيئ ً ا منه أو تزوج عليه، أكان يجوز له ذلك؟ قيل له: نعم هو ملكه وله أن يتصرف فيه تصرف الملاك. كل ذلك يجوز ويحكم به الحاكم، وأما فيما بينه وبين ربه فهو آثم، فإن قال: ولم قلتم أنه يكون مأثوما مع تجويزكم له التصرف فيه؟ قيل له: إن هذا المال هو مال له، وله ً أن ينفق منه ويتصرف فيه كيف شاء، وإنما قلنا: لا يجوز له ذلك فيما بينه وبين الله لأن أصحاب المظالم مضيقون عليه فليس له أن يحبس عليهم مالهم، وإذا كان يقدر على تسليم حقوقهم وهم غير موسعين عليه فيها كان حبسه ذلك عنهم معصية لقول ا لنبي ژ : مط » ْ ل ُ ِ الموسر ظل ْ والمغصوب منه والمتعدى عليه في ماله بمنزلة المطالب المضيق عليه، لأنه ؛« م ُ .« غير مبيح له لمن ظلمه ولا موسع عليه في تأخير حقه الذي هو غير ماله أو قيمته الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٧١ I ت ا -; ب)  ا : نشير إلى المبدأ العام، ونتتبع ذلك ببيان الاستثناءات عليه. ١ المبدأ ا لعام: يأخذ الاتجاه الغالب عند الإباضية بأن المدين الذي يفلسه الحاكم، وبالتالي يحجر عليه، لا يجوز منه التصرفات الضارة بالدائنين(١) . يقول ا لعوتبي: ومن رفع عليه غرماؤه إلى حاكم أو وال فحجر عليه ماله لم يجز له بعد » « ذلك بيعه ولا هبته ولا قياضه ولا قضاؤه، وهو بمنزلة ا لمريض(٢) . ويقول ابن عبيدان: وأما المفلس فلا يجوز له بيع ولا شراء، وإنما هو متلف لأموال الناس، وما » « لم يحكم بتفليسه فلا يحجر عليه بيع ولا شراء(٣) . ؛ ابن بركة: كتاب الجامع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ١، ص ٢٠٦ ٢٠٧ ُ . العوتبي، كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٩١ ١٩٢ ، ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ ، ص ٥١ ٥٢(١) واختلفوا في تصرفات المفلس في ماله بعد الحجر عليه، فقال أبو حنيفة: لا يحجر عليه » : قيل في تصرفه، وإن حكم به قاضي لم ينفذ قضاؤه ما لم يحكم به قاضي ثان، وإذ لم يصح الحجر عليه صحت تصرفاته كلها سواء احتملت الفسخ كالنكاح أو لم تحتمل، فإن نفذ الحجر قاض ثان صح من تصرفاته ما لا يحتمل الفسخ كالنكاح والطلاق والتدبير والعتق والاستيلاد وبطل ما يحتمل الفسخ كالبيع والإجارة والهبة والصدقة ونحو ذلك، وقال مالك: لا ينفذ تصرفه في أعيان ماله ببيع ولا هبة ولا عتق، وعن الشافعي قولان: أحدهما وهو الأظهر كمذهب مالك. والثاني تصح تصرفاته وتكون موقوفة، فإن قضيت الديون من غير نقض التصرف نفذ التصرف وإن لم تقض إلا بنقضه فسخ منها الأضعف فالأضعف، فيبدأ بالهبة ثم البيع ثم العتق. وقال أحمد في أظهر روايتيه: لا ينفذ تصرفه في شيء إلا في العتق . أبو عبد الله العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ١٥٢ ١٥٣ « خاصة(٢) . ١٦ ، ص ١٩٦ ، العوتبي: كتاب الضياء، ج ١١(٣) . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ ، ص ٥٠ ؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ١٨ ، ص ٤٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٧٢ بل قيل إن المدين ليس له: « ا(١) إقراء ضيف ولا يهب لأحد شيئ » ً . كذلك فإنه: « ليس للمفلس أن يهدي »(٢) . وفي ذات المعنى، جاء في قاموس ا لشريعة: ومن حجر عليه الحاكم، ثم جرح؛ فليس له أن يبرئ الجارح من الأرش، » ْ فإن أبرأه لم يبرأ، وله أن يعفو عن القصاص؛ لأن الأصل له القصاص، وليس للغرماء فيه حق؛ فله أن يعفو، فلما رجع إلى الدية صارت مالا، ً وقد حجر عليه الحاكم بيع ماله وهبته، وكذلك لو كان له قود؛ فرجع إلى الدية؛ لم يكن له إبراء « القاتل عن الدية، وله أن يعفو عن ا لقود(٣) . (١) ، الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٣٦٣ ؛ ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ . ص ٤٧(٢) . الشيخ أبو زكريا: كتاب الإيضاح في الأحكام، ج ٢، ص ٢١(٣) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٥٤ ؛ النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ١٨٢ ومما يدل أيض ً ا على عدم نفاذ تصرفات المفلس المحجور عليه، في حق الدائنين، ما جاء في قاموس ا لشريعة: مسألة: والمفلس إذا بعث بدراهم إلى بعض الغرماء؛ فهي بينهم بالحصص كلهم، وأما إن »بعث الهدية إلى بعضهم؛ فقول: هي لمن أهديت إليه. وقول: بين غرمائه؛ لأنه ليس له أن يهدي. مسألة: وإن خرج أحد الغرماء إلى المفلس وأعطاه حقه؛ فقد قيل: إن الغرماء أسوة في ذلك، .« وله عليهم بقدر عنائه، ونفقته على قدر حصصهم السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٨٢ ؛ ابن جعفر: الجامع، ج ٥، ص ٣٢٣ ؛ الصحاري: . الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٣٨٩ وجاء في فواكه البستان بخصوص المديون إذا قضى بعض ديانه حقوقهم: فجائز ذلك ولا رجعة على من قبض حقه لسائر الديان الذين لم يقبضوا من حقوقهم شيئ » ً ا ما لم يحجر الحاكم على المديون ماله. وأما إذا حجر الحاكم على المديون ماله فليس له أن يقضي أحد ً . المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، ج ٣، ص ٣٧ « ا دون أحد ٰ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٧٣ ويقول ا لعوتبي:  ومن باع سلعة على رجل ثم صح أن المشتري مفلس فللذي باع أن يأخذ » سلعته إذا وجدها بعينها، ولورثته أيض ً ا ذلك، هذا إذا كان الحاكم قد فلسه، وأما « قبل أن يفلسه الحاكم فلا يجوز للبائع أخذ ما باع وهو غريم من ا لغرماء(١) . ومما يوجد عن أبي سعيد قلت: فمن باع للمفلس شيئ » : كذلك قيل ً ا أو اشترى منه شيئ ً ا أتراه بيع ً ا فاسد ً ا؟ قال: إذا كان مفلسا فهو بيع باطل، ويدرك ماله حيث ما وجده فيما قيل. ً قلت: فإن علم أنه مفلس فباع أو اشترى منه، وتلف ماله من يد المفلس، هل يبطل ماله ولا يلحق المفلس، أو لم يكن عالما إلا أنه قد علم بتفليسه من حاكم ا لمسلمين؟ ً قال: إذا علم ذلك كان البيع باطلا، ً ولم يكن له حق في مال المفلس إلا بعد الحقوق التي فلس فيها وهو ضامن له في ذمته إن تلف(٢) . وجاء في قاموس ا لشريعة: وأما إن باع المديون جميع أملاكه لأحد بعد الحجر، فلا يثبت البيع بعد » الحجر، إلا أن يكون عند المديون شيء مما يوفي أهل الديون المتقدمة قبل وبحث فقهاء الإباضية مسألة في غاية الغرابة وجود صكان صادران في ذات اليوم أحدهما يقرر الحجر، والآخر لا حجر فيه (لنفس الشخص). وقد وضع الإباضية لذلك حلا جيد ً ا، كما يلي: ومن ثبت عليه حكم إفلاس أو حجر من حاكم لأجل حقوق عليه فوجد عليه صكان أحدهما »فيه حجر، والآخر لا حجر فيه وتاريخهما في يوم واحد. قال: عندي أن لصاحب الحق الذي لا حجر فيه نصف حقه يدخل في الحجر ويساويه ونصفه بعد الحجر لأجل اللبس الواقع عليه، وإن ثبت عليه حكم الحجر وكان الحق الذي لا حجر فيه من عوض أخذه من صاحبه فلا يعجبني حبسه في هذا الموضع، خوف أن يكون العوض .« ذهب به صاحب ا لحجر ، السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ٧ . ص ٣٨٩ ؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٦٨ (١) . ١٦ ، ص ١٨٩ ، العوتبي: كتاب الضياء، ج ١١(٢) . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ ، ص ٣٧ ٣٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٧٤ الحجر، وصاحب الحق المكتوب له الحجر، فإذا استوفى هؤلاء الذين ذكرتهم « لك حقوقهم؛ فحينئذ يثبت ا لبيع(١) . ويبدو أن هناك ا تجاه ً ا آخر في الفقه الإباضي بخصوص ذات ا لمسألة(٢) . ٢ ا لاستثناءات: إذا كان الاتجاه الغالب عند الإباضية يقرر عدم نفاذ تصرفات المفلس الذي تم الحجر عليه، فإنهم استثنوا من ذلك ثلاثة أنواع من ا لتصرفات: أولا ً التصرفات المتعلقة بالأحوال ا لشخصية: فالأحوال الشخصية تتعلق بالمفلس ككائن حي، ولا تضر عادة بالدائنين، ولذلك تنفذ عليهم: قال أبو إسحاق: وعقود المفلس بعد الحجر كلها باطلة، إلا في ست خصال: » أحدها: الوصايا، الثاني: النكاح، الثالث: الخلع، الرابع: الطلاق، الخامس: الإقرار بالدين، السادس: ا لرجعة. (١) السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ٢١٨ . كذلك قيل: وعن رجل باع لرجل بيعا ولم يكن به ً عارف ً ا، فلما قبض البيع إذا المشتري مفلس، فإن كان المشتري قد فلسه قاض أو وال؛ فبيعه مردود، وإن لم يكن فلسه قاض ولا وال؛ فهو مع الغرماء، والبيع عندنا جائز، السعدي: ذات . المرجع، ص ١١٩(٢) وإذا حبس الرجل في دين، فأفلسه القاضي، وباع في السجن أو اشترى أو أعتق » : وهكذا قيل أو وهب أو تصدق. فإن ابن عبد العزيز كان يقول في ذلك كله أنه جائز، ولا يباع شيء من ماله في الدين، وليس التفليس عنده بشيء، ألا ترى أن الرجل يفلس اليوم، ويصيب غد ً ا مالا .ً وكان الربيع يقول: لا يجوز بيعه ولا شراؤه ولا عتقه ولا هبته ولا صدقته بعد التفليس، ويباع ماله ويقسمه الغرماء، ولا يجوز شيء من ماله أ بد ً مدونة أ بي غانم الخراساني « ا حتى يقضي دينه . ملحق بها كتاب ابن عباد وكتاب الربا، مكتبة الجيل الواعد، ص ٥٩٦ ٥٩٧ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٧٥ قال قيس بن سليمان: وكل ما أوجبه المفلس على نفسه بعد الحجر، فلا « يشارك فيه الغرماء إلا الغرماء الأولين، وهو لازم له في ذمته(١) . ثانيا الجرائم المرتكبة بعد الحجر يدخل أصحاب الحقوق فيها مع ا لغرماء: ً هذا استثناء بدهي، لأنه إن لم يتم التسليم به لضاعت حقوق المجنى عليهم الذين أصابهم الضرر جراء تلك الجرائم: فلن يحصلوا على حقوقهم المالية كالأرش والدية لإفلاس الجاني، فكان من الأوفق دخولهم مع الغرماء ليحصلوا ولو على جزء من ا لمستحق. يقول ا لغافري: وفي الرجل يحجر عليه الحاكم ماله وفلسه، ثم أدان هذا الرجل دين » ً ا، أو جنى جناية بعد أن فلسه وحجر عليه ماله، هل تدخل هذه الديون، والجنايات مع الحقوق التي صحت عليه قبل التفليس، أم لا؟ الجواب: إن الديون التي يدانها المفلس بعد تفليسه لا تدخل مع الغرماء، وإنما تدخل الجنايات إذا صحت عليه، والله أعلم. قلت له: إذا أقر هذا المفلس بهذه الجناية، أتدخل مع الغرماء، أم حتى تصح الجناية بالبينة ا لعادلة؟ الجواب: إقرار المفلس ليس بشيء إلا أن يصح بالبينة العادلة، والله أعلم. قلت له: وما صفة الجنايات، قال: هي مثل السرق، واغتصاب الأموال، والأنفس، « والفروج، والقتل، والجراح(٢) . إذا جنى المفلس جناية في حال إفلاسه، ورفع عليه مع » فالقاعدة إذن أنه « الحاكم، شاركوا الغرماء في ماله وحاصصوهم فيه(٣) . (١). إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٢٨٩ ٢٩٠(٢) ،١٣٤ ،١٣٣ ، الغافري: صراط الهداية، ج ٢، ص ٢٥٨ ؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٢٩ . وأيضا السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار، ج ٧، ص ٣٥٣ ً (٣) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٢٤ ؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٦٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٧٦ ثالث ً ا إقرار المفلس بعد الحجر بحقوق ثبتت ق بله: الغرض من ذلك، على ما يبدو، عدم ضياع حقوق ثابتة بطريقة صحيحة قبل الحجر على المفلس وتستحق ا لحماية. يقول ابن عبيدان: ويتقدم الحاكم على المفلس أن لا يدان دين » ً ا حتى يؤدي ما فرض عليه لديانه الذين رفعوا عليه، ويكون ما أقر به عليه لمن أقر له به، ولا يدخل مع الديان، فإذا استوفوا أخذ الذين أقر لهم. فإن ادعى عليه أحد دين ً ا فأقر له به من بعد حجر الحاكم عليه، لم يدخل في « فريضة الذين فرض لهم إلا بشاهدي عدل، أن له عليه قبل حجر الحاكم عليه(١) . لكن هناك آراء أخرى في الفقه الإباضي. وقد لخص العوتبي مختلف الآراء، كما يلي: وقيل فيه: إن أقر بحقوق لأحد من الناس وقال: إنه كانت عليه هذه الحقوق »  قبل أن يوقف عليه ماله فقال من قال: إن إقراره ثابت، ويكون لذي الحق حقه مع الغرماء، وقال من قال: إنه لا يثبت إلا أن يصدق الغرماء ما أخذ منهم فمن صدق وحاصص بمقدار ما يقع له فيما يستحقه في مال الغريم، وقال من قال: إن ذلك ثابت عليه فيما اكتسب من مال بعد هذه الحقوق التي قد لزمته واستحقها الغرماء عليه، وقيل إن وهب شيئ ً ا من ماله أو أقر به ففيه قولان: أحدهما أنه باطل مردود، والثاني: « أنه موقوف فيما يحدث له من مال بعد هذا الحق وهذا ا لمال (٢) . (١) ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ ، ص ٤٣ ؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٦٨ ؛ السعدي: . قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٤٢ ١٤٣(٢) العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٦٢ ١٦٣ . راجع أيض ً . ا السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٤٦ حري بالذكر أن الاتجاه الذي يرفض إقرار المفلس بعد الحجر عليه يستند إلى حجة منطقية هي أن اعتماد هذا الإقرار سيؤثر على الدائنين الآخرين، والقاعدة أن من أقر على غيره لا يؤخذ بإقراره. يقول ا لنزوي: الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٧٧ كذلك بخصوص الإقرار توجد مسألة فريدة وردت في قاموس الشريعة، وهاك هي: وإذا رفع أهل الديون على المديون منهم من عنده صحة ورقة بخط من » يجوز خطه، ومنهم من لا صحة عنده، لكن المديون أقر له بدعواه، أيدخل عند أهل الصحيح أم لا؟ قال: في مثل هذا يجري الاختلاف، إذا كان الإقرار بعد ما رفع أهل الدين وطلبوا حقوقهم إلى الحاكم، بعد أن صحت حقوقهم عليه عند الحاكم؛ فبعض لم يجز إقراره بعد ذلك، إذا أنكر الديان إلا بالصحة. وبعض قال: إذا لم يحجر عليه الحاكم ماله، أو يحكم بتفليسه؛ جاز إقراره، ودخل المقر له مع الديان، ولكن لهذا تفسير في معنى الصحة بالدين، فإن كانت الصحة من قبل شهود شهدوا بذلك؛ فهذه هي الصحة، وإن كانت الصحة إلا بإقراره في الأوراق التي جاء بها الذين رفعوا عليه؛ فلا يعجبني أن يبطل إقراره بعد ما رفعوا عليه، « ما لم يحجر عليه الحاكم، لأنه كله صدر عن إقراره(١) . ويرى الإباضية أن إقرار المفلس يحفظ حقوق الغير حسن النية، فلا يزاحمه فيها ا لغرماء(٢) . فإن أقر المفلس لرجل بعد أن أفلس لم يجز إقراره لأن إقراره على الغرماء ومن أقر على »غيره لم يلتفت إلى إقراره وكان باطلا ً وكذلك إذا أقر المفلس بعد إفلاسه بدين لرجل لم يحكم له بذلك ولم يدخل مع الغرماء حتى يستوفوا فإن فضل بعد ذلك شيء سلمه إليه وإلا فلا شيء له. فإن تزوج امرأة بصداق أو جرح رجلا ً جرحا وكانت له لمن جرحه ثم طلق ً ، النزوي: المصنف، ج ٢٠ « المرأة فأما الجناية فتدخل مع الغرماء وأما المرأة فلا تدخل معهم . ص ٢٠٠(١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٦٩ ١٧٠(٢) ومن حجر عليه الحاكم ماله وتقدم عليه فيه ألا يحدث فيه حدث » : يقول النزوي ً ا فباعه لم يتم ذلك له ويبطل ولا يدخل المقضا ولا المشتري مع الغرماء في هذا المال بشيء ويرجع بيعه ويستسعيه بما لزمه له من حق وسواء رفع عليه أحد من غرمائه إلى الإمام أو إلى القاضي أو بلدهم أو حجر عليه ماله أحد منهم على هذه الصفة فهو سواء ولكن إن رفع عليه غرماؤه إلى أحد من حكام المسلمين ثم أقر أن ماله هذا لفلان دونه جاز إقراره هذا ولا يدخل غرماؤه في . النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ١٨٢ « هذا المال ولهم على من أقر له به يمين أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٧٨ : ة ا  I ت ا -; ج) قلنا سلف ً ا إن القانون التجاري الوضعي لا يقبل تصرفات المدين في فترة الريبة (والتي تقع بين توقفه عن الدفع وصدور حكم بشهر إفلاسه) حماية لمصلحة الدائنين، وحتى لا يعمد المدين إلى الإضرار بهم بتصرفات تؤثر على مجموع حقوقهم. وعلة منع هذه التصرفات أنها تنبئ عن شك وريبة في تصرفات ا لمدين(١) .  التي لا تنفذ فيها تصرفات « فترة الريبة » ونعتقد أن فقهاء الإباضية قد عرفوا المدين رغم أنه لم يتم الحكم بإفلاسه والحجر عليه. يكفي أن نذكر ثلاثة أمور: ١ فإن كان » : يقول ابن جعفر ،« متى توقف تصرفات المفلس » تحت عنوان قد ظهر إفلاسه لم يكن له بيع ولا هبة ولا عتق. قال أبو عبد الله 5 في التقاضي: الله أعلم. وأما إذا رفع عليه غرماؤه أو أحد منهم لم يجز بعد ذلك عتقه « ولا هبته إذا لم يكن فيما بقي من ماله وفاء(٢) . تعني بما لا يدع مجالا « فإن كان قد ظهر إفلاسه » فعبارة ً للشك : اضطراب أحواله المالية وتوقفه عن دفع ديونه قبل صدور حكم بشهر ا لإفلاس. ٢ اعتبار رفع الدعوى إلى القاضي وفق ً ا لاتجاه في الفقه الإباضي مساويا ً للحجر على المدين، بما مفاده عدم صحة تصرفاته ابتداء من هذه اللحظة، تلافيا ً لأي ريبة أو شك في تصرفات المدين إلى أن يصدر الحكم بالإفلاس والحجر. (١) الريبة المحققة هي التي دخل المكلف إليها مع » كما أن ،« هي الشك » بخصوص الريبة، قيل علمه تحقيق ً ا بأنها ريبة. مثل ما يكون في أيدي قطاع الطرق وأصحاب الغارات. وعرفها الوارجلاني أنها ما قويت شبهته. الريبة العارضة هي الريبة التي لم يعلم بأنها ريبة إلا بعدما دخلت يده أو تصرف فيها بوجه ما. وقال الوارجلاني: بأنها ما ليست محققة وهي دونها. الصحيح اجتناب الشيء المريب ريبة محققة، ولو وافق عند الله أنه ليس حراما، لأحاديث ً الوقف عما اشتبه فيه، فيحب رده لمن خرج منه، أو التصدق به أو بقيمته بأن يبيعه إن تعذر . معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٤٤٤ ٤٤٥ « الرد(٢) . ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ٢١٩ ٢٢٠ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٧٩ في هذا الشأن، جاء في قاموس ا لشريعة: إذا رفع أهل الحقوق على من لهم عليه عند حاكم عدل من حكام » المسلمين، وصحت الحقوق عند الحاكم؛ فقد قيل: إن ذلك بمنزلة التحجير من الحاكم، وليس له بعد ذلك في ماله بيع ولا هبة ولا إقرار ولا تصرف، وقوله على هذه الصفة غير مقبول، وبيعه غير ثابت. وقول: إن ذلك ليس بمنزلة التحجير من الحاكم، وبيعه وتصرفه في ماله على هذه الصفة جائز وثابت، وللديان اليمين على المشتري إذا ثبت البيع، إن اتهموه أنه ألجأ إليه ماله عن ِ « الديان، إن كان ماله لم يف بما عليه من ا لحقوق(١) . وقد فصل ابن عبيدان مختلف الآراء في هذا الخصوص، كما يلي: وإذا قضى الذي عليه الدين بعض غرمائه دون بعض، من قبل أن يرفع » عليه إلى المسلمين جاز قضاؤه وعطيته، فإن رفع عليه إلى المسلمين، ثم قضى أو أعطى لم يجز ذلك في ماله، لأنه إذا رفع عليه أهل الحقوق لم يجز لأنهم يدعون على حقوقهم بالبينات، فإذا صحت البينات علم أن الحق كان عليه قبل ذلك هذا قوله. وفيها قول غير هذا: بلغنا عن موسى بن علي 5 أن بيعه وقضاءه وعطيته جائزة ما لم يحجر عليه ا لحاكم. ومن غيره قال: وقد قيل فيها قول ثالث: إنه إذا صحت الحقوق لم يجز من ذلك شيء. وقال من قال: حتى يحكم عليه الحاكم بالتسليم. وقال من قال: حتى يحجر عليه الحاكم إزالة ماله والتصرف منه. (١) السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٦٦ وأيض ً ا ص ١٢٤ . راجع كذلك المحيلوي: فواكه البستان . الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، ج ٣، ص ٤٢ ؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ١١ ، ص ٢٠٠ ٰ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٨٠ « وقال من قال: ما لم يفلس(١) . ٣ ومن خير من أكد على بطلان تصرفات المدين في فترة الريبة، الإمام السالمي حيث قال بخصوص تبرعات وصدقات المستغرق بالديون قبل أن يحجر عليه الحاكم: إن مثل هذا التصرف باطل(٢) . (١) ؛ ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ ، ص ٣٤ ؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٧٢ ١٧٣ . الشيخ أبو زكريا: كتاب الإيضاح في الأحكام، ج ٢، ص ١٦ ١٧ ونذكر نتف ً ا مما قاله بعض ا لفقهاء: وهكذا جاء في الجامع الكبير المسألة ا لآتية: وما الأعدل من الاختلاف عندك في الديون إذا أتلف بعض ماله أو ماله كله ببيع أو إقرار أو »غير ذلك أو أقر لأحد بحق بعد أن رفع عليه أصحاب الديون وقبل أن يحجر عليه الحاكم ماله. أيكون فعله ذلك ماضيا ثابت ً ا أم لا يثبت ويكون كالمحجور عليه؟ ً « الجواب: إن فعله ثابت وتصرفه في ماله جائز إذا لم يحكم بتفليسه أو يحجر عليه ماله بعلمه . الصبحي: الجامع الكبير، ج ٢، ص ٨٨ بينما يقول ابن جعفر: قال أبو عبد الله » 5 : إذا كان على رجل دين ثم رفع عليه غرمائه إلى الحاكم بحقوقهم ثم قضى ما له أحد من غرمائه أو غيرهم بحق أقربه عليه لم يجز قضاؤه، ويشرع جميع غرمائه بحقوقهم . ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ٢١٧ « في هذا المال إذا لم يبقى له ما لا يكون فيه وفاء لهم ً وبخصوص: ما تقول في تأجيل الحاكم الحق على الغريم أربع جمع، يكون بمنزلة التحجير، فالذي عندي أن هذا » : أم بمنزلة الحكم، أم بمنزلة الرفعان، أم كيف الحكم في ذلك؟ قيل بمنزلة الرفعان، وقد وجدت في كتاب بيان الشرع: في رجل رفع على رجل بحق، فأجله الوالي ثم انصرف، فقضى امرأته ماله؛ إن ذلك ليس له، والغرماء شرع في المال بالحصة. وقال من قال: حتى يقدم عليه السلطان في ماله ويحجره، ثم لا يجوز فيه قضاؤه، وهذا الرأي أحب إلي، فدل هذا أن التأجيل ليس بمنزلة التحجير إذا وقع من الحاكم على المديون؛ لم تجز إزالته لماله . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٩٩ « بلا اختلاف نعلمه(٢) جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ٢٦٩ ٢٧٠ . وكان السؤال هو ا لآتي: من أدان كثيرا حتى استغرق ماله كله ثم أوقف ما عنده من المنازل والأرض والخيل وبعض ً المال باعه أصلا ً وبعضه خيارا وأعتق ما عنده من العبيد كل ذلك إلجاء للمال من الغرماء ً فهل تصرفه هذا جائز في المال وعتقه لاحق في العبيد قبل أن يحجر عليه الحاكم أرأيت إن لم يكن حاكم في ا لبلدة؟. الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٨١ يقول ا لسالمي: هذا التصرف كله باطل مردود على صاحبه إذ ليس له أن يتلف أموال » الناس، وقضاء الدين أحق من هذا كله قال النبي ژ : من أخذ أموال الناس يريد » ونهى النبي ژ عن إضاعة المال فليس له أن يضيع أموال .« إتلافها أتلفه الله الناس بعلة الصدقة والعتق والبيع، وجاء في بعض الروايات أن رجلا ً من الأنصار أعتق غلام ً ا له عن دين وكان محتاج ً ا وكان عليه دين فباعه رسول الله ژ بثمانمائة درهم فأعطاه فقال له: اقض دينك وأنفق على عيالك، ولئن ثبت الخلاف بين الفقهاء في صحة تصرف المدين قبل الحجر فلا ينبغي أن يكون ذلك الخلاف في من قصد الإتلاف وأظهر الإلجاء، بل الواجب في هذا أن يناقض في قصده ويحكم عليه بضده ولو سئل الفقهاء عن نفس مسألتك هذه لكان الظن بهم أن .« يتفقوا على المنع وهو اللائق بمنصبهم الشريف ونظرهم العالي. والله أعلم وبخصوص المستغرق في الديون أيض ً ا، جاء في قاموس ا لشريعة: وفي رجل عليه دين يستغرق جميع ماله، فأقر لزوجته يسكنها في بيته » ما دامت حية، من ضمان لزمه لها، هل يدخل عليها الديان أم لا؟ قال: إن كان هذا الإقرار في المرض؛ فعندي أنهم يدخلون عليها بقيمة السكن، وإن كان « الإقرار في الصحة؛ فعندي أنهم لا يدخلون عليها(١) . ويعني ذلك أن المسكن في حالة استغراق الديون له حكمان: - إذا كان الإقرار به كان في مرض المديون، فإنه يعتبر وكأنه صدر في فترة الريبة، فلا يمنع الدائنين من الحصول على حقوقهم منه. - أما إذا تم الإقرار في فترة الصحة، فيظل على حكمه الأصلي: إعفاؤه من التنفيذ عليه لكونه من الأمور اللازمة لحياة الإنسان ومعيشته، فيمتنع على الدائنين الحصول على ديونهم منه. (١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٦٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٨٢ كذلك مما يدل على معرفة الإباضية لبطلان التصرفات التي تقع في فترة الريبة، ما جاء في ا لمصنف: في المفلس الذي فلسه الحاكم إذا اشترى شيئ » ً ا هل يكون البيع باطلا ً فإذا كان بالعدل فالبيع باطل وهو للبائع فإن رضي البائع وأتم له وقد علم أنه مفلس ثم رجع هل له رجعة فإذا باعه من ماله أثبته الإتمام للبيع فإن كان جاهلا ً بإفلاسه سلم إليه المتاع الذي باعه له جهلا ً بما يلزمه فلا يثبت عليه ذلك وإن كان باع له وهو بحد من يفلسه الحاكم ولم يعلم ثم علم فإذا كان مفلسا أو ثبت عليه اسم ً « الإفلاس فلا يقع البيع ولو لم يفلسه ا لحاكم(١) . تدل على أن الديون قد « وهو بحد من يفلسه الحاكم » : فلا شك أن قوله أحاطت به من كل جانب، فإذا وقع التصرف ابتداء من ذلك فهو باطل حتى ولو لم يكن قد صدر حكم بالإفلاس، وهذه الفترة هي الفترة المعروفة بفترة الريبة جل الشريعة » : وما يبرمه المدين خلالها يجب ألا ينفذ في حق الدائنين، ذلك أن « إنما جاء في اطراح ا لريبة(٢) . W( ت ا -; د) :'>C أ# من الثابت أن للعلاقة بين الوالد والولد قواعد خاصة حددها الفقه ا لإسلامي. ويسري ذلك حتى في حالة إفلاس ا لأب. وقد وضع الفقه الإباضي في هذا الشأن قاعدتين: :« عدم استخدام الأب المفلس أموال أبنائه لسداد ديونه » ١ قاعدة وقد أكد على ذلك الإمام السالمي. وهكذا بخصوص: (١) . النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ٢٠٠ ٢٠١(٢) الوارجلاني: العدل والإنصاف في معرفة أصول الفقه والاختلاف، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع . مان، ١٤٠٤ ١٩٨٤ ، ج ١، ص ٩٤ ُ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٨٣ عن رجل فقير وعليه ديون وعول ولم يكن له مال لوفاء ما عليه أيجوز أن يبيع مال أولاده سواء كانوا ذكورا أم إناث ً ا أم غير ذلك؟ أعني: أن يبيع ذلك لوفاء ً الغرماء ونفقة من تلزمه نفقته؟ يقول ا لسالمي: ليس له ذلك، وقد قال موسى بن أبي جابر » ƒ فيمن أخذ مال ولده إنه لص، وفي الحديث عن رسول الله ژ : إن كل أحد أحق بما في يده حتى » أنت » : وأما قوله ژ لرجل آخر « ولا يوفى الدين بمال الغير » .« الوالد وولده فتلك مبالغة قالها إنكارا لمن شح بماله عن نفقة والده، ومن « ومالك لأبيك ً المعلوم أن الوالد إذا اضطر في قوته لزم الولد أن يطعمه، ويكسيه إن وجد ذلك وقدر عليه وإن امتنع والوالد عاجز فرضت له النفقة في مال ولده، هذا ما للوالد على ولده، وليس له أن يأكل مال ولده خضما وقضما، ويقضي به ًً « ديونه، ويأخذ به ا لزوجات(١) . :« الإحازة » ٢ قاعدة فقد ورد في ا لإيضاح: وفي الأثر: وإذا لم يعرف للرجل شيء من المال وقد ثبت عليه الإفلاس أو » ٌ ٍٍ لم يثبت، وقد كان له أولاد ٌ فتفرقوا في البلاد، وقدم كل واحد منهم بطائفة من المال؛ فوالدهم هو القاعد فيما في أيديهم جميعا، وإنما جعلوا الوالد هو القاعد ً فيما في أيدي أولاده فيما يوجبه النظر؛ لأن الأصل أنهم خدماء لأبيهم، وما في يد الخديم الذي هو على هذه الصفة، فالقاعد فيه المستخدم كالعبيد مع ساداتهم، وأعظم من هذا قوله : ‰ .« أنت ومالك لأبيك » فثبت بهذا أن ما في يد الوالد القاعد فيه أبوه في ظاهر الحكم، إلا إذا أحازه الأب عن نفسه. (١) ، السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ١ . ص ٤٧٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٨٤ ومعنى الإحازة: أن يعطيهم أبوهم من ماله شيئ ً ا ويحيزهم عن نفسه، ويقول لهم أو لواحد منهم بعد ما يعطيه ذلك الشيء: أحزتك بهذا الشيء عن نفسي، فكل ما سعيت فهو لك ليس لي فيه شيء، فإذا فعل ذلك فيصير لكل واحد منهم « بعد ذلك ما استفاد من مال(١) . وما تقدم ذكره نلاحظ عليه أمرين: الأول: أنه قابل للتطبيق سواء كان الأب في حالة إفلاس أو كان غير مفلس. .« وقد ثبت عليه الإفلاس أو لم يثبت » : ويتضح ذلك من قوله والثاني: أن يعطهيم » : أن ما قاله في عجز العبارات السابقة: ومعنى الإحازة أبوهم من ماله شيئ ً لا يجوز أن يتم من الأب المفلس الذي تم « ا ويحيزهم الحجر عليه، لأن الحجر كما سبق القول يعني: غل ّ يده عن التصرف في أمواله، ولو لأبنائه، إلا ما استثناه الفقهاء، وليس هذا داخلا ً في ما است ُ ثني. والقول بغير ذلك يعني أن الأب المحجور عليه للإفلاس يستطيع أن يضر بدائنيه عن طريق إعطائه لأبنائه بعض أمواله أو كلها. وهذا لا يجوز ممن هو في حالة إفلاس. :.4 أو ا W5  لاس وا  ) الإ B يشير الفقه الإباضي إلى الخلابة أو الخيانة في إطار ا لإفلاس. يقول ابن ا لنظر: ومن أخذ من قوم مالا » ً ثم أفلس فهو بين الغرماء، وإن أخذه بعد أن أفلس « ولم يعلموا فتلك خيانة وصاحب المال أحق به إذا أدركه بعينه(٢) . (١) . الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٤، ص ٩٨ ١٠١(٢) . ابن النظر: الدعائم، ص ٤٦١ ؛ البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٨، ص ٢٠٠ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٨٥ ويقول ا لبسيوي: ومن أخذ مال قوم ثم أفلس؛ فهو بين الغرماء، ودين رب المال بالحصة » عليه. وإن أخذه بعد أن أفلس؛ فعلى قول: ذلك خلابة، والمال لربه أحق به إذا  « أدركه بعينه(١) . ويلعب العلم بحالة الإفلاس في هذا الخصوص دورا في بيان مدى صحة ً أو عدم صحة التصرف. وهكذا جاء في ا لضياء: ومما يوجد عن أبي سعيد قلت: فإن باع المفلس شيئ » ً ا أو اشترى منه شيئ ً ا أتراه بيع ً ا فاسد ً ا؟ قال: إذا كان مال فهو بيع باطل ويدرك ماله حيث ما وجد فيما قيل. قلت: فإن علم أنه مفلس فباع له واشترى منه وتلف ماله في يد المفلس هل يلحق ماله ولا يلحق المفلس إن كان عالما بحجر بيع المفلس ولم يكن عالما ًً إلا أنه قد علم تفليسه من حاكم المسلمين، قال: إذا علم تفليسه كان ذلك البيع باطلا ً ولم يكن له حق في مال المفلس إلا بعد الحقوق التي فلس فيها وهو  « ضامن له في ذمته إن تلف(٢) . كذلك فإن الخداع في مجال حوالة الدين إلى مفلس تعطي للمحال الحق في الرجوع على من عليه أصل الحق (أي: على ا لمحيل)(٣) . وبخصوص العلم بحالة إفلاس البائع أو المشتري، فيوجد اتجاهان عند ا لإباضية: (١) . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٨٤٧ ١٨٤٨(٢) العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٦٠ ، انظر أيض ً ا ج ١١ ، ص ١٨٧ ؛ راجع أيض ً ا النزوي: . المصنف، ج ٢٠ ، ص ١٩٩ (٣) فأما إن أحاله عليه وهو مفلس، لا يعلم بإفلاسه ولم يخبره بذلك، وظن أنه » : يقول البسيوي على ملي فإذا هو مفلس؛ فإنه يرجع بحقه على من كان عليه أولا؛ ً لأنه ليس له أن يغره ويخرج المفلس « من أحيل بحقه على ملي فليحتل » ويحيله على مفلس، وإنما جاء الحديث . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٨٤٨ .« من الخبر بإفلاسه أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٨٦ )الأول :( يقول إن البيع صحيح لتوافر التراضي بين ا لطرفين. )والثاني :( يرى أن البيع باطل لأن المسلم منهي عن إضاعة ماله(١) . ه: 5f ال  لا أ ' ا ف أ - ا W( ع ا C و) ا تجدر الإشارة أن الحجر على المفلس يمنعه كما سبق القول من التصرف في أمواله، لأنه بذلك قد يلحق ضررا بدائنيه، وبالتالي فلا منع له من إبرام ً تصرفات لصالح الغير ومن أموال هذا ا لأخير. فالممنوع عليه التصرف في ماله، لا مال غيره. وهذا ما قرره فقهاء الإباضية أيض ً ا. لذلك جاء في شرح ا لنيل: «(٢) ولا تصح مضاربة سفيه ومحجور عليه بفلس، وجاز أن يكون عاملا » ً . (١) وإذا باع أحد على المفلس شيئ » : يقول الصحاري ً ا على علم بإفلاسه فقول: إن البيع ثابت كأنه رضي بمبايعته وأتلف ماله وعليه التوبة من تضيع ماله إن نوى ذلك لارتكابه نهى النبي ژ عن إضاعة المال وقول: بيعه باطل ومحجور عليه إضاعة ماله. ومن باع مفلسا لا يعلم إفلاسه ً فله أخذ متاعه ولا توى على ماله فإن باع المشتري ما اشتراه من المفلس أدرك من باع على المفلس أولا ً متاعه ممن وجده في يده ويرجع المشتري ما اشتراه من المفلس على من باعه ، راجع الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥ .« بالثمن حتى يرجع على المفلس . ص ٣٩١(٢) و) رب المال والمضارب كموكل ووكيل ف (لا تصح مضاربة) صبي )» : يقول أطفيش و(سفيه ومحجور عليه بفلس) أي: لا يؤخذ منهم قراض، فإن أخذ منهم مال على القراض لم يصح وكان له عناؤه، وإن تلف ضمنه إلا المحجور عليه فلا عناء عليه ولا نصيب، لأن الأخذ منه مع الحجر عليه تعدية، وعندي، يجوز أخذ المال من السفيه بالمضاربة، كما يجوز أن يكون عاملا ً ، (وجاز أن يكون) السفيه أو المحجور عليه (عاملا (ً أي آخذ ً ا للقراض لأن الحجر على ماله لا على بدنه، وما القراض مال لغيره إلا أنه إن فعل في القراض ما يلزمه به الضمان رجع في الحجر، فلا يؤخذ من ماله لأنه محجور عليه فالضمان في ذمته، ومن أجاز مبايعة الصبي فيما قل أجاز أن يؤخذ منه القراض القليل، وأن يأخذه إذا . أطفيش: شرح النيل، ج ١٠ ، ص ٣٤٢ ٣٤٣ .« كان يميز ولم تر به النفس الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٨٧ ويقول الشيخ علي ا لخفيف: فإذا أفلس أحد الشركاء أو رب مال المضاربة انقضى عقد الشركة أو » عقد المضاربة بذلك، أما إذا أفلس المضارب فلا ينتهي بذلك عقد المضاربة إذ أنه يتصرف في مال غيره بحكم الوكالة والمفلس أهل لأن يوكل في ا لتصرف. أما الحنفية فلا يرون التفليس وإنما يرى الصاحبان الحجر للدين وذلك بمنع « المدين من ا لتبرع(١) . لاس:  الإ %X لاJ الأ . ز) ا جدير بالذكر أن فقهاء الإباضية رغم تسليمهم بعدم جواز قيام المفلس بتصرفات مالية أو غيرها إلا أنهم، انطلاق ً ا من بعد أخلاقي لا يخفى على أحد، استثنوا من ذلك أمرين، هما: ١ المواقف التي تلحق بالمفلس ضرر ً ا فأجازوا معاملته ف يها: وهكذا أكد الإباضية على ما يلي: وإذا صار المفلس في حال الضرورة، والحال التي يلزم فيها إحياؤه » واستنقاذه من الضرر الذي يخاف منه عليه تولد المضرات، فواجب مبايعته، « والصدقة عليه. ولا يترك بسوء حال، مع القدرة على إنقاذه من ذلك(٢) . ولا جرم أن هذا الاستثناء يبرره أن دفع الضرر مقدم على جلب المصلحة، في ا لإسلام. « لا ضرر ولا ضرار » كما أنه (١) الشيخ علي الخفيف: الشركات في الفقه الإسلامي، معهد الدراسات العربية العالية، القاهرة، . ص ١٠٩(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ١٠٩ ؛ أطفيش: شرح النيل، ج ١٣ ، ص ٦١٢ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٨٨ ٢ حالة كون المفلس قادر ً ا على أن يستمر في تجارته وعمله: ويفترض ذلك أن المفلس أحاطت به الديون لأسباب لا يد له فيها، بل نتيجة للظروف الاقتصادية السائدة، وهو في نفس الوقت أمين قادر على العمل والاكتساب للوفاء بديونه، فتترك له أمواله ولا يتم غل يده عنها. وهو ما أكده الشيخ ا لعبادي: قيل فيمن عنده زراعات ودواب قد حضر عليها، فيحيط به الدين؛ قيل: إنه »لا يحكم ببيع دوابه، فيذهب زرعه، ولا يحكم عليه لديانه بأخذ زرائعه قبل دراكها، بل عليهم قيامها حتى تدرك؛ فيكون بالحساب على قدر حصصهم يتحاصصونها، وذلك إذا لم يأمنوا منه إضاعة مالهم، فإن أمنوا منه، فهو أولى بقيامها، ويعطوه لما يحتاج إليه حتى الحصاد؛ فهذا على معنى ما جاء في الأثر « لا النص بعينه، فافهمه ترشد إن شاء ا لله(١) . وتبرير هذا الاستثناء جد واضح، من نواحي ثلاثة: · أن حق الدائنين محفوظ، لأن الاستثناء يظهر أن المفلس قادر على الوفاء بديونه، وراغب فيه. · أن ذلك من الناحية المعنوية والنفسية له أثر كبير في تشجيع المفلس على الإسراع في سداد ديونه، بسبب عدم توقيع الحجر عليه، وما يترتب عليه من آثار أدبية لا تخفى على أحد. · تجارة المفلس)، في ) « فردي » أن ذلك من شأنه الإبقاء على نشاط تجاري « مجتمعين » يقوي « فرادى » إطار الاقتصاد الوطني ككل: فما يقوم به التجار التجارة الكلية للبلد. (١) مذكور في السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ٢٩٠ ٢٩١ . (انظر أيض ً ا لاحق ً ا: ملحق خاتمة الإفلاس). الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٨٩ وبالتالي، فهذا الاستثناء له آثاره الإيجابية، وهي ذات أبعاد ثلاثة: بالنسبة إلى الدائنين، وبالنسبة إلى المفلس، وبالنسبة للاقتصاد الوطني في مجموعه. %A ا ? ا لاس  ر الإ [ آ I5C> ا ا 9 إ في القانون التجاري الوضعي، وكما سبق ذكره، للإفلاس خصوصا آثار ً ثلاثة: نشأة جماعة الدائنين، وحلول الديون الآجلة، ووقف الفوائد. ونظرا ً لأن فوائد الديون لها علاقة بالربا، فلم يبحثها فقهاء الإباضية بخصوص الإفلاس. وبالتالي يتبقى لنا أن نذكر مسألتين بخصوص آثار الإفلاس بالنسبة إلى ا لدائنين: :I5C> ا ة ا q أ) نشير إلى تكوين جماعة الدائنين، والقواعد واجبة ا لتطبيق. ١ تكوين جماعة ا لدائنين: القاعدة عند الإباضية أن جماعة الدائنين فيما يخص التنفيذ على أموال المفلس الذي تم الحجر عليه تشمل أولئك الذين ثبتت ديونهم قبل الحجر وطلبوا توقيعه. وهكذا جاء في قاموس ا لشريعة: أرأيت إن كان الحاكم يعلم أن على هذا الرجل حقوق ً ا لأناس ٍ غير هذا ٍ الرافع من صداق أو دين، أيجوز للحاكم جبر من عليه الحق للرافع عليه بأدائه، دون من لم يرفع عليه؛ كان هذا المديون معه وفاء لديانه، أو لم يكن بقي عليه جميعا؟ ً أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٩٠ الجواب : جائز » ٌ للحاكم جبر من عليه الحق للرافع بأدائه، دون من لم يرفع « عليه، إذا لم يكن على هذا المديون حجر في ماله(١) . ٌ كذلك بخصوص من رفع عليه غرماؤه إلى حاكم أو وال فحجر عليه، يقول ا لعوتبي: فإن رفع عليه واحد من غرمائه ولم يرفع عليه الباقون فإن الذي رفع مقام » نفسه في حقه ولا يكون لسائر الغرماء الذين لم يرفعوا عليه مثل ما للذي رفع عليه. فإن رفعوا كلهم فأنكرهم ولم يصح حقوقهم ببينة عادلة مع الحاكم حتى « أزال ماله جائز إزالته ماله ما لم يصح عليه حق الرافع عليه مع ا لحاكم(٢) . ويقول ابن عبيدان: أصحاب الحقوق المتقدمة قبل الحجر وصاحب الحق المكتوب له الحجر » ٍ في حقه، فهم سواء شرع في مال المديون، لكل واحد منهم بقدر حقه، ولا يكون صاحب الحجر أولى بحقه في مال المديون من أهل الحقوق المتقدمة قبل الحجر، وأما الحقوق المكتوبة بعد الحجر؛ فلا يدخل إلا أن يفضل شيء من مال ٌ المديون بعد أن يأخذ أهل الحقوق المتقدمة قبل الحجر وصاحب الحق المكتوب « له الحجر في حقه(٣) . ٢ القواعد الخاصة بجماعة ا لدائنين: هذه القواعد هي، ما يلي: أولا ً يجب أن يكون الدين معلوم ً ا، وإلا كان من الأموال ا لمجهولة: الدين الذي يدعيه الدائن على مدينه يجب أن يكون معلوما علما نافيا ً ًً (١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٦٥(٢) . ١٦ ، ص ١٩٦ ، العوتبي: كتاب الضياء، ج ١١(٣) . ذكره السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ٢١٨ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٩١ للجهالة، حتى يمكن توزيع حصيلة التنفيذ على أموال المدين. إذ بدون ذلك لن يمكن توزيعها إذا كانت مجهولة ا لمقدار. قسمة المال بين الغرماء » وقد أكد على ذلك الإمام السالمي عند بحثه لمسألة « مع جهالة بعضهم(١) ، بقوله: يوجد في آثار أبي نبهان رضوان الله عليه ما يدل صريحا على أنه إذا كان » ً ماله لا يفي بتلك الحقوق وكان بعضها مجهول المقدار وتعذر الاصطلاح من أرباب الحقوق أن ذلك المال يكون كله مجهولا .ً ووجه ذلك أنه لما كانت الحقوق مستغرقة لذلك المال وكان بعض تلك  الحقوق لا تعرف كميته تعذر إعطاء أهل الحقوق حقوقهم لأن المال لا يفي بجميعها فوجبت المحاصة بينهم وبجهالة مقدار بعضها تتعذر المحاصة فيها فلا  يمكن أن يوصل إلى معرفة حصة كل واحد منهم إلا بعد معرفة مقاديرها كلها وليس لمن عليه الحق أن يتحرى قدر المجهول لأن ماله إنما صار لأهل الحقوق لا له ولا يصح لأحد التحري في مال غيره فإن أمكن التصالح والتراضي بين أهل الحقوق كان لهم ذلك وإن لم يكن دخلت الجهالة في جميع الحقوق لتعذر معرفة مقادير حصصها وكان في هذا المال ما في المجهول من الأحكام، ذهب بعضهم إلى أنه حشري لا ينتفع بشيء منه إلى وقت الحشر، وذهب آخرون إلى أنه يكون في بيت مال المسلمين وقيل: إنه للفقراء وقيل: يجعل أمانة في بيت « مال ا لمسلمين(٢) . (١) كان السؤال هو: رجل لزمته مظالم من دماء وغيرها فأراد المبتلي التوبة والرجوع إلى الله تعالى والتخلص من تلك المظالم ولا عنده مال ما يكفي لتلك المظالم ومن تلك المظالم ما هو معروف أهله وما هو مجهول أهله وما هو مجهول كميته ومن المحال أن يقع التراضي من الجميع على قسم ما في يده، ما يصنع هذا المبتلي في خلاصه على قول من جعل المجهول ربه باقيا لأهله حشريا؟ هل يوجد في الأثر أو في صحيح النظر أن يكون ما في يد هذا المبتلي ً مجهولا ً كله لتعذر توزيعه ما بين أهله؟ وإن رجع إلى الجهالة فهل تبدي له رخصة منك ومعونة له أن يبرئ نفسه من تلك المظالم على هذا أم لا؟ تفضل علينا بإيضاح هذا كله. (٢) . جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ٢٧٠ ٢٧١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٩٢ ثانيا الدائن الذي يبذل نفقات للحصول على أموال من المدين، يتم ً تعويضه بردها إ ليه: قد يسعى أحد الدائنين بعد الحجر إلى الحصول على أموال المدين لدى طرف آخر، أو من المدين نفسه الذي يوجد في بلد آخر، ويتحمل في سبيل ذلك نفقات السفر أو توكيل محام أو غيرها. وقد أكد الفقه الإباضي على أحقية ذلك الدائن في الحصول على تلك ا لنفقات. يقول ا لرستاقي: وإن كان المفلس نازحا عن الغرماء، فخرج إليه أحدهم، فأعطاه حقه، » ً أشركه الغرماء فيه، وله بقدر عنائه ونفقته، على قدر الحصص، لا على قدر الرؤوس. والأجرة تخرج من رأس ا لمال. وكذلك ما يغرمه لغرمائه على عمل المفلس، إن مرض، أو غاب، أو حبس « هو من ا لرأس(١) . ثالث ً ا ما هو مقرر لحماية الغرماء يمكن الخروج عليه بموافقتهم: الأحكام الخاصة بالإفلاس والرامية إلى حماية الغرماء (مثل عدم نفاذ تصرفات المفلس التي تتم بعد الحجر عليه) تقررت لمصلحتهم، وبالتالي يكون لهم وحدهم وليس أي شخص آخر ولو كان المفلس أو القاضي أن يوافقوا على الخرج عليها وعدم تطبيقها. يقول الإمام ا لشوكاني: معنى الحجر هو المنع للمالك من التصرفات به، فلو نفذ له تصرف فيه لم » يحصل ما هو المطلوب به، ولتسارع الماطلون إلى إخراج أموالهم بأنواع الإقرارات والإنشاءات، وأما إذا أجاز ذلك الغرماء فهم أهل الحق، ولهم أن يأذنوا لما شاؤوا، وأما الحاكم فليس له أن يجيز إلا إذا عرف رضاء الغرماء بذلك لأنه (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ١٠٣ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٩٣ لا حق له إنما هو قائم في مقام التعريف بأحكام الله 8 ، فليس له أن يفك « الحجر من جهة نفسه لغير سبب يقتضي ذلك(١) . محاصصة أحد الدائنين » وقد أخذ فقهاء الإباضية بذلك. وهكذا بخصوص بأن أعطى المدين أحد الغرماء أزيد مما يجب، « بأكثر من سهمه يقول ا لخليلي: ِ إذا نزل بمنزلة من يحكم بماله لأهل الديون المطالبين مع عجزه عن وفاء » الجميع ونزوله في ذلك بمنزلة الحاكم على نفسه لهم بذلك، فلا يجوز له أن يعطي أحد ً ا منهم فوق حقه من ماله ذلك، فإن زاد أحد ً ا منهم أكثر ما يجب له فعليه مع القدرة إن حدث له ما يقضيه شركاءه أن يتم لهم حقوقهم كما أعطاه إلا إذا أحلوه فوسعوا له فيه عن رضا منهم في محل جوازه وهذا أقرب إلى ا لعدل. وفي قول آخر: فعسى ألا يضيق عليه ذلك ما لم يحجر الحاكم عليه ماله فيمنع من التصرف فيه ومن رأى من ذلك ما جاز في العدل أن يعمل به من تشدد لورع في دينه أو ترخص بالواسع في حينه فلا يجوز أن يمنع فما جاز في صحيح « الرأي بالعدل من قول أهل ا لفضل(٢) . رابعا ضرورة التسوية بين ا لدائنين: ً علة ذلك أنهم كلهم دائنون، والمدين واحد. وبالتالي، فالحل العادل هو أن يأخذ كل منهم بقدر دينه: فالتسوية تكون للحقوق، وليس على ا لرؤوس. (١) . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٢٣٤ (٢) فإن » : المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ٢٨٩ . وفي معنى قريب يقول ابن بركة قال: فلم فرقتم بين الديون والمظالم وما تحمله برأي أربابه وبين ما تحمله بغير رأيهم؟ قيل له: إن الدين الذي تحمله برأي أربابه وأنفسهم بذلك طيبة فهو غير آثم، إلا أن يضيقوا عليه ويطالبوا ولا تطيب نفوسهم بحبسه عليهم، فحينئذ يأثم بتأخيره إياه عنهم وهو يجد السبيل إلى دفع حقوقهم، وأما المتعدي على الناس في أموالهم والآخذ لهم بغير رأيهم، وأنفسهم بذلك غير طيبة، وهم مضيقون عليه وطالبون له أن يجدوا السبيل إلى مطالبته وقد حرج الله « عليه حبسه ما لهم عليه وتأخيره عنهم حقوقهم . ابن بركة: الجامع، ج ١، ص ٢٠٧ ؛ ابن عبيدان: . جواهر الآثار، ج ١٨ ، ص ٥٢ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٩٤ يقول ا لرستاقي: قال أبو عبد الله: إذا كان على رجل دين، ثم رفع عليه غرماؤه بحقوقهم إلى » الحاكم، شرع كل واحد منهم بحقه، إن كان في ماله وفاء لجميعهم. وإن لم يكن في ماله وفاء لجميعهم، قسط ماله الحاضر بين غرمائه، كل على قدر حقه بما ينوبه. ولا يجوز أن يخص أحد ً « ا بالوفاء دون ا لآخرين(١) . « بقدر حقوقهم » معنى ذلك أن الدائنين يتحاصصون في المال(٢) . لذلك بخصوص سؤال: وما تقول في المديون إذا لم يوف ما عنده بما عليه من الدين وقد ضيق عليه بالمطالبة أهل الدين هل يجوز له أن يقدم أحد ً ا بالوفاء دون بعض أم عليه أن يحاصص ما عنده بين غرمائه فيما بينه وبين الله؟ يقول ا لخليلي: لا يجوز له تقديم أحد على أحد إن كانوا كلهم مضيقين ومطالبين (بالدين) » « وعليه التسوية بينهم(٣) . ٍ كذلك بخصوص: ومن عليه حقوق لأناس واقتعد أرضا ليزرعها، وأدرك الزرع ً وحصده، ورفعوا عليه ديانة ً عند الحاكم، أهل يقدم أحد ٌ من هؤلاء الديان؟ أم كلهم شرع في زرعه هذا إذا لم يف ما عليه من الحقوق، جاء في فواكه ا لبستان: «ٍ (٤) لا يقدم أحد » ٌ في ماله إذا طلبوا جميع ً ا ولم يكن عليه حجر متقدم لأحد . خامسا إمكانية إعطاء أسبقية لبعض الدائنين إذا وجدت أحوال تبرر ذلك: ً أكد فقهاء الإباضية « التسوية بين الدائنين أو الغرماء » خروجا على قاعدة ً إمكانية تقديم بعض الدائنين على البعض الآخر لوجود أحوال تبرر ذلك (مثل (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ١٠٢(٢) . الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ٢٤٤ ؛ النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ١٨٩(٣) . أجوبة المحقق الخليلي، ج ٤، ص ٢٥٤(٤) . سالم العبري: فواكه البستان، ص ٢١ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٩٥ الحصول على حكم بالحجر قبل حكم آخر يقرر الحجر، أو استلام الدائن للمال من المدين.. إلخ). ونذكر هنا من أقوال فقهاء ا لإباضية. فقد جاء في قاموس ا لشريعة: وإذا رفع على الغريم أحد » ٌ ممن له حق؛ فأقر له به، وأمره الحاكم بتسليم الحق إليه، ثم رفع عليه بعد ذلك أحد ٌ ، وأقر له أيض ً ا بحق عليه؛ كان الذي رفع عليه أولا ً بالحق أولى بماله حتى يستوفي؛ فإن فضل شيء قضى به ٌ للثاني. وقول: ما لم يحجر عليه الحاكم ماله؛ فإقراره مقبول ويشرع، [والثاني] والأول في المال، ما لم يكن استوفى الأول قبل صاحبه، وقبل مطالبته، « ويعجبني هذا ا لقول(١) . كذلك بخصوص: وإذا أفلس المديون وتحاصص الغرماء ما له ثم جاء آخر بصك له فيه حق عليه، وقال: لم أعلم بتفليسه هل يدرك الغرماء بما قبضوا؟ قيل: « ا(٢) لا يدركهم بشيء من ذلك، إلا أن يكون الغريم هالك » ً ا أو مفلس . ً (١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٣٤ (٢) من المسائل التي » : السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ٧، ص ٣٨٢ . وجاء في فواكه البستان وقعت فيها المناظرة بين المشايخ بنزوى وعرضت على إمام المسلمين سيف بن سلطان بن سيف اليعربي 5 : والإثبات في الزرع والأصول وغير ذلك إذا لم يكن في يد المثبوت له هل يتقدم على الديان أم يكون هو وغيره شرع ً ا أم غير ذلك؟ الجواب: فرفع عن الشيخ علي بن مسعود المحمودي عن المشايخ راشد بن خلف وعبد الله بن محمد بن محمود أنهما كانا يعملان بقول وعرضاه على الشيخ صالح بن سعيد لعلمه ولم ينكر عليهما فيه أن المثبوت له يكون حقه وحق من تقدم قبله شرع ً ا ولم يدخل عنده من تأخر حقه بعد كتابة الإثبات وهو كالحجر، وأعجبهم هذا القول. قال سيدنا المرحوم إمام المسلمين سيف بن سلطان بن سيف اليعربي 5 ورضيه: وأما الإثبات إذا كان في يد المثبوت له فناظرنا فيه الشيخ علي بن سعيد بن علي الرمحي 5 : فكان قوله الذي في يده أولى به ممن قبله وممن بعده من أهل الديون كالرهن المقبوض وإن لم يكن في يد المثبوت له وكان في مال الغريم وفاء لبقية الدين الذي عليه فلو الإثبات أولى وإن لم يف مال الغريم بما عليه من أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٩٦ كذلك يقول ا لعوتبي: وإذا استدان رجل دين » ً ا من بعد ما يشهر إفلاسه وفرضت عليه الفريضة لغرمائه ثم اكتسب مالا ً فإن ذلك المال يقسم على غرمائه الذين فلس على حقوقهم حتى يستوفوا ولا يدخل معهم صاحب هذا الدين الذي استدان فيه بعد « أن فرضت عليه الفريضة لغرمائه الأولين فإذا استوفوا أخذه له الحاكم بذلك(١) .  كذلك في حالة وجود تأمينات عينية (كالرهن مثلا (ً قررها المدين، فإن الدائن المرتهن تكون له الأولوية على غيره من الدائنين بخصوص المال المرهون، إذا أفلس المدين. علة ذلك أن الغاية من الرهن هي إعطاء أولوية للدائن المرتهن، فلا يزاحمه أحد من الدائنين العاديين، ولا تدخل العين المرهونة في تحاصص ا لغرماء(٢) . قال الإمام ا لسالمي(٣) : والرهن لا يشرع فيه الغرما إن كان مقبوضا رواه العلما ً بلا اختلاف إن يكن من رهنا حيا وفي الموت اختلاف الفطنا وأكثر القول به أحق قابضه حتى يتم الحق أيض ً ا بخصوص: وفيمن له حق على رجل وحجر له الحاكم في حقه ثم أفلس من عليه الحق، وصار فقيرا، ثم أدان من آخر دين ً ا، وحجر له الحاكم أيض ً ا ً في حقه ثم استفاد هذا المديون مالا ً من ميراث أو غيره، هل يحكم عليه بماله لصاحب الحق، والحجر الأول أم الثاني إذا لم يف كليهما؟ قيل: الديون فجميع الذين شرعوا هذا الإثبات وهذه المسائل المرفوعة يعجبهم أن يكون حكمها في « التحجير المحجور له وما تقدم شرع وللمتأخر بعد . المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى . طريق طاعة ا لرحمن، ج ٣، ص ١١٥ ٰ (١) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٧١(٢) انظر أيض ً . ا الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٤، ص ٢٣١ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ١٤ ، ص ٣١٤(٣) . الإمام السالمي: جوهر النظام، ج ٢، ص ٤٥٢ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٩٧ أما ما كان معه من المال قبل إحجار الحاكم عليه ماله ثم حجر عليه الحاكم » ماله أو من ماله بقدر حق بعض غرمائه، فصاحب الحق المحجور له في حقه أولى من أهل الديون المنطلقة على أكثر القول والمعمول به عندنا، وأما ما حدث عليه من المال بعد ذلك، فأرجو أن الغرماء في ذلك أسوة كل منهم له من هذا « المال بقدر حقه(١) . سادسا لمن تكون الأولوية في حالة وجود دائنين أجانب لأب مدين ً أيض ً ا لابنه: يفرق فقهاء الإباضية بين فرضين: الأول إذا كان الأب قد دفع الدين لابنه قبل طلب الأجانب ل ديونهم: في هذه الحالة، وقد تم تسوية دين الابن، فلا رجوع ا ستقرارا للوضع الظاهر، ً وبالتالي ليس للدائنين الآخرين مزاحمة الابن فيما أخذه سلف ً ا. وهكذا جاء في قاموس ا لشريعة: وعن محمد بن محبوب » 5 : عن رجل ٍ عليه دين ٌ لابنه؛ فقضاه، ما عليه له من دين ٍ في صحته، ثم مات الأب؛ فطلب الديان دينهم، هل يرجعون على الابن بما اقتضى؟ قال: لا، وكذلك عندنا في كل مديون أعطى ولده أو غيره ماله في الصحة أو باعه له أو قضاه إياه؛ إن ذلك جائز ٌ لمن صار المال إليه في الحكم، « والمضرة على الذي أشهد به(٢) . الثاني إذا كان الدين لم تتم تسويته للابن وللأجانب: هنا اختلف فقهاء الإباضية إلى عدة اتجاهات لخصها السعدي كما يلي(٣) : (١) . السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ٧، ص ٤٠٥(٢) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٩٢(٣) السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٦٣ ١٦٤ . وفي الفقه الإباضي تأويل يستحق أن يذكر لقوله ژ : وهكذا قيل: وقال بعض: إن تأويل الرواية يؤدي إلى أن .« أنت ومالك لأبيك » أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٢٩٨ ومن جواب حبيب بن سالم النزوي: في المديون إذا كان لم يف ماله بما عليه، وكان عليه حق لولده، أيدخل الولد مع الغرماء، أم يكون دين الأجنبي أولى منه؟ وهل فرق بين أن يكون هذا الحق لولده تعلق عليه من قبله أو من قبل غيره؟ الجواب : قد اختلف العلماء في ذلك؛ قول: إن الولد هو شرع مع الديان؛ ٍ لقول ا لنبي ژ : لا يحل مال امرئ مسلم » ٍ وقيل: إن الأجنبي .« إلا بطيب من نفسه أولى؛ لقول النبي ژ : وقيل: إن كان المال الآيل للولد من .« أنت ومالك لأبيك » قبله؛ فالأجنبي أولى، وإن كان من قبل غيره؛ فهو والأجنبي شرع ٌ ، وهذا هو رأي موسى بن علي وغيره من الفقهاء، وهو رأينا وبه نأخذ إن شاء الله، والله أعلم. سابعا مدى أولوية البائع في سلعته عند إفلاس ا لمشتري: ً قال رسول الله ژ : أيما رجل » ٍ أفلس. فأدرك الرجل ماله بعينه. فهو أحق به « من غيره(١) . حكم مال الولد ليس لأبيه، وأن حروف الجر يقوم بعض منها مقام بعض، واللام هنا قائم أي: من أبيك، ولو لم يكن كذلك لجاز للوالد بيع ولده؛ لأنه أنزل المال والنفس « من » مقام فهذا مما يدل على أن مال الولد ونفسه ليس ؛« أنت ومالك لأبيك » : بمنزلة واحدة؛ فقال للوالد فيه ملك ولا تصريف المالك؛ وإلا فمن أي وجه تصح التفرقة، والنبي ژ جعلهما من أن » أبيه؛ فيجوز أن يملك هذا، ولا يجوز أن يملك الآخر. واحتج أيضا أصحاب هذا القول ً الوالد إذا عجز عن قيام نفسه، يفرض له في مال ولده، ولو كان ماله مال ولده؛ لم يحتج إلى « أن يفرض له في مال ولده، ولو كان ماله مال ولده، لم يحتج إلى أن يفرض له . ذات المرجع، ص ١٩٤ ١٩٥ . بينما يستند أيضا من يقولون بأن الابن لا يزاحم دائني أبيه إلى ً وإذا كان للولد دين، وللأجنبيين دين، كان دين الأجنبيين أولى من » : حجة أخرى، بقولهم دين الابن. والحجة فيه: أن الله تعالى لا يعذب والد ً والله أعلم. ويضيف أيض « ا بدين ولده ً ا: « وإن كان لولده دين عليه لم يدخل مع الأجنبيين حتى يستوفوا حقوقهم » . ابن عبيدان: جواهر . الآثار، ج ١٨ ، ص ٧٠(١) قال مالك، في رجل » : للإمام مالك تفسير جيد لهذا الحديث ٍ باع من رجل متاع ً ا. فأفلس المبتاع. فإن البائع إذا وجد شيئ ً ا من متاعه بعينه، أخذه. وإن كان المشتري قد باع بعضه، وفرقه. فصاحب المتاع أحق به من الغرماء. لا يمنعه ما فرق المبتاع منه، أن يأخذ ما وجد الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٢٩٩ أي: وجده باقيا على حاله لم « ماله بعينه » : قوله » يقول الإمام السالمي: إن ً يتغير، وهذا يدل على أنه إن باعه المشتري فأدرك ثمنه فلا يأخذه بل يكون فيه هو والغرماء سواء، ثم إن ظاهره يدل على أن لصاحب المتاع أن يأخذه بغير حكم، قيل: وهو الأصح، وقيل: يتوقف على حكم الحاكم كما توقف ثبوت « التفليس على ذلك(١) . بعينه، فإن اقتضى من ثمن المبتاع شيئ ً ا. فأحب أن يرده ويقبض ما وجد من متاعه ويكون فيما لم يجد أسوة الغرماء، فذلك له. قال مالك: ومن اشترى سلعة من السلع غزلا ً أو متاع ً ا أو بقعة من الأرض. ثم أحدث في ذلك المشتري عملا .ً بنى البقعة دارا. أو نسج الغزل ثوبا. ًً ثم أفلس الذي ابتاع ذلك فقال رب البقعة: أنا آخذ البقعة وما فيها من البنيان: إن ذلك ليس له. ولكن تقوم البقعة وما فيها مما أصلح المشتري. ثم ينظر كم ثمن البقعة؟ وكم ثمن البنيان من تلك القيمة؟ ثم يكونان شريكين في ذلك. لصاحب البقعة بقدر حصته. ويكون للغرماء بقدر حصة البنيان. قال مالك: وتفسير ذلك أن تكون قيمة ذلك كله ألف درهم وخمسمائة درهم. فتكون قيمة البقعة خمسمائة درهم وقيمة البنيان ألف درهم. فيكون لصاحب البقعة الثلث. ويكون للغرماء الثلثان. قال مالك: وكذلك الغزل. وغيره. مما أشبهه. إذا دخله هذا. ولحق المشتري دين. لا وفاء له عنده. وهذا، العمل فيه. قال مالك: فأما ما بيع من السلع التي لم يحدث فيها المبتاع شيئ ً ا. إلا أن تلك السلعة نفقت وارتفع ثمنها. فصاحبها يرغب فيها. والغرماء يريدون إمساكها. فإن الغرماء يخيرون بين أن يعطوا رب السلعة الثمن الذي باعها به ولا ينقصوه شيئ ً ا، وبين أن يسلموا إليه سلعته. وإن كانت السلعة قد نقص ثمنها، فالذي باعها بالخيار. إن شاء أن يأخذ سلعته ولا تباعة له في شيء من مال غريمه. فذلك له راجع الموطأ « وإن شاء أن يكون غريما من الغرماء، يحاص بحقه، ولا يأخذ سلعته، فذلك له ً . للإمام مالك، دار الشعب، القاهرة، ص ٤٢١ ٤٢٢ ؛ الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٥١(١) السالمي: شرح الجامع الصحيح، ج ٣، ص ٢٢٨ . وجاء في المصنف تفسيرا لهذا الحديث، ً كما يلي: يروى عنه ژ أنه قال: إذا مات المشتري أو أفلس فصاحب السلعة أولى بسلعته، قيل: »واختلف في تأويل ذلك فقيل بظاهر الحديث: أنه متى أفلس المشتري أو مات والسلعة قائمة بعينها أن البائع في ذلك بالخيار إن شاء أخذها بعينها بنقصانها وزيادتها ولا حق له مع الغرماء في سائر مال الميت المفلس وإن شاء ترك السلعة وضرب له بالثمن مع الغرماء في مال الميت أو المفلس وقيل: إن ذلك في الإفلاس وليس ذلك في الموت لأن الموت يستحقه بزوال حجة الهالك ويرجع أمره إلى الورثة وقيل: إن ذلك ليس له في الموت والتفليس وإنما له الثمن مع الغرماء إذا كان البيع قد استحقه المشتري وهو على غير مفلس فالبيع جائز أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٠٠ حري بالذكر أن فقهاء الإباضية اختلفوا بخصوص مدى أولوية البائع في أخذ سلعته عند إفلاس ا لمشتري(١) ، بل انتقد رأي هذه الأولوية، بقوله:   وعن أبي محمد عبد الله بن محمد بن بركة رضيه الله: قال أبو عبد الله في » رجل باع من رجل ٍ سلعة ً ، ثم حدث للمشتري إفلاس : إن للبائع أن يرجع على ٌ السلعة فيأخذها، وفي هذا القول نظر؛ لأن البيع لا يخلو أن يكون وقع في الأصل صحيح ً ا أو فاسد ً ا، فإن كان فاسد ً ا؛ فلا معنى لذكره ثم أفلس، وإن كان بيع ً ا ٍ صحيح ً « ا؛ فحدوث إفلاسه لا يزيل ملكه عنه لغير حدث منه(٢) . وذلك إتلاف من البائع لماله وليس الرجل بمفلس وإنما إفلاسه بعد أن استحق البيع وإنما له فإن « فصاحب السلعة أولى بسلعته » : ذلك إذا وقع البيع وهو مفلس وإنما قال رسول الله ژ كانت أمانة أو وديعة في يد الميت أو المفلس فصاحبها أحق بها ولم يقل ا لنبي ژ: فالبيع أحق بسلعته وقيل: إن ذلك له إذا وقع البيع والمشتري مفلس لأن المفلس لا يجوز بيعه ولا شراؤه وإنما هو أخذ مالا ً بغير شرى وأما الميت فإذا لم يقبض المشتري السلعة حتى مات فالبائع أولى بسلعته من الغرماء إذا لم يكن في المال وفاء وإنما هذا كله إذا لم يكن في المال  وفاء على الاختلاف ومن الحجة لهذا القائل أن البائع كان ضامن ً ا للبيع إلى أن مات المشتري  ولو تلف كان من ماله فإذا لم يقبض المشتري فالبائع أولى به إلى أن يستوفي حقه فإن فضل من ثمن السلعة شيء كانت للغرماء وإن نقص منها شيء خاص الغرماء بقدر ما نقص من « حقه وكذلك إن أفلس فهو على هذا إذا لم يكن قبضه . . النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ٢٠٦ راجع أيض ً ، ا العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٦١ ١٦٢ ؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ . ص ١١٦ ١١٨ (١) أيما رجل » : الإشراف: ثبت أن رسول الله ژ قال » : وهكذا جاء في قاموس الشريعة ٍ أفلس، وقال طائفة: هو أسوة بين الغرماء. قال أبو بكر: .« فوجد رجل متاعه؛ فهو أحق به من غيره فوجد » : السنة يستغنى بها عن كل قول، وقد بلغني أن بعضا ممن خالف ا لسنة تأول قوله ً أي: أمانته ووديعته، وفي حديث أبي هريرة ما يبطل هذه الدعوى، وقد قال ؛« رجل ماله بعينه النبي ژ : قال أبو سعيد: في قول .« فإن وجد البائع سلعته بعينها؛ فهو أحق بها دون الغرماء » أصحابنا: إذا وقع البيع، وهو مفلس لم ينعقد، والبائع أحق به، وإن أفلس بعد البيع والقبض؛ فهو أسوة مع الغرماء، ولا نعلم في هذا ا ختلاف ً ا، وإن وقع البيع وهو غير مفلس؛ فأفلس قبل السعدي: قاموس « القبض ففيه قولان: أحدهما أنه غريم من الغرماء، وقول: إنه أحق به . الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٤٧ ١٤٨(٢) . ذات المرجع، ص ١٢٧ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٣٠١ إذا مات المشتري أو أفلس فصاحب السلعة أحق » : وهكذا فإن قاعدة « بسلعته(١) . لها تفسيرات عدة عند ا لإباضية(٢) . ن:  ا ,U ل أ M ب) قلنا سلف ً ا: إن القانون التجاري الوضعي في كثير من الدول يرتب حلول أجل الدين بعد الحكم بشهر إفلاس ا لمدين. وفي الفقه الإباضي ا تجاهان(٣) : ١ الاتجاه الأول: عدم حلول أجل ا لديون: الاتجاه الغالب في الفقه الإباضي هو أن الحجر على المدين بسبب الحكم بالإفلاس لا يؤدي إلى حلول الديون المؤجلة؛ أي: أن الأجل لا يحل عند شهر ا لإفلاس. ويمكن أن نذكر حجتين لتأييد هذا ا لاتجاه: (١) . معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ١٩٣ ١٩٤(٢) كذلك قال أبو حنيفة بخصوص قوله ژ : إذا أفلس غريم الرجل فوجد متاعه بعينه فهو أحق » يشاركه الغرماء فيه وخالفه الناس وقال الشافعي: يأخذه البائع ناقصا أو زائد « به من الغرماء ً ا ً في الحياة وبعد الممات وقال داود: يأخذه على الحال التي كان عليها وقت البيع فإن تغيرت . الحال لم يجز له أخذه. راجع ابن بركة: كتاب الجامع، ج ٢، ص ٣٨٤(٣) قيل: الدين إذا كان مؤجلا ً هل يحل بالحجر أم لا؟ قال مالك: يحل، وقال أحمد: لا يحل، وللشافعي قولان كالمذهبين وأصحهما لا يحل، وأبو حنيفة لا حجر عنده مطلق ً ا، وهل يحل الدين بالموت؟ الثلاثة على أنه يحل، وقال أحمد وحده: لا يحل في أظهر روايتيه إذا وثق الورثة، ولو أقر المفلس بدين بعد الحجر تعلق الدين بذمته ولم يشارك المقر له الغرماء الذين حجر عليه لأجلهم عند الثلاثة، وقال الشافعي: يشاركهم. أبو عبد الله العثماني الشافعي: رحمة وأما الفلس فلا تحل به الديون على الأظهر » : الأمة في اختلاف الأئمة، ص ١٥٣ . كذلك قيل الزركشي: المنثور في القواعد، .« ولا بالجنون على الأصح وما وقع في الروضة خلافه مردود . ج ٢، ص ١٥٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٠٢ الأولى: أن الأجل هو حق من حقوق المدين المفلس، وبالتالي لا يجوز سلبه إياه رغما عنه. ً والثانية: أن الدين المؤجل هو في ذمة المفلس، وبالتالي لا يسقط بإفلاسه. ٢ الاتجاه الثاني: حلول أجل ا لديون: بينما يذهب اتجاه آخر وهو ضعيف إلى حلول أجل الديون، معاملة للمفلس كالميت، والذي تحل ديونه بمجرد موته (إذ لا تركة إلا بعد سداد الديون) ونذكر نتف ً ا من أقوال الفقهاء، كما يلي: يقول ا لثميني: وإنما يجب للتفليس فيما حل أجله، من دين، لا فيما لم يحل. وفيما يجب » عليه، ولو مجهولا، ً « أو كان لمسجد، أو غيره. ويفلسه لجميع ا لناس(١) . وهل قال بعض المسلمين: أن ديون المفلس الآجلة تحل عليه » : كذلك قيل بإفلاسه كالميت أم لا؟ الجواب: في ذلك اختلاف بين المسلمين والذي يعجبني من القول وأراه « صوابا أن لا تحل هذه الحقوق بإفلاس هذا المفلس حتى يحل أجلها(٢) . ً وجاء في ا لمصنف: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم إن كان ما كان من ديون المفلس » إلى أجل إن ذلك إلى أجله ولا يحل بإفلاسه. قال أبو سعيد: نعم واختلفوا في حلول ما عليه من الدين فقال الشافعي: يحتمل ما قال مالك: أن يؤخذ (١) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، ص ٢٤٤(٢) ، الصبحي: الجامع الكبير، ج ٢، ص ٨٩ ؛ السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار، ج ٧ . ص ٤٢٩ ٤٣٠ ؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٦٢ الباب الخامس: نظرية الإفلا سف ي كتابات الفقه الإباضي ٣٠٣ الدين، قال أبو سعيد: ديونه الآجلة لا تحل بإفلاسه ولا يجب ذلك عليه لأنه « في ذمته(١) . أيض ً ا بحث فقهاء الإباضية العلاقة بين العاجل والآجل من الحقوق إذا رفع الغرماء بحقوقهم إلى الحاكم(٢) . لكن يجب أن يلاحظ أن الأصل هو أن الحكم بالحجر على المفلس يفترض أن يكون الدين حالا . يقول ا لشوكاني: وأما اشتراط أن يكون الدين حالا فوجهه أنه لا يتضيق عليه القضاء المسوغ »  « لجنس ماله وحجره عنه إلا عند حلول ا لأجل(٣) . حري بالذكر أن المالكية يقولون: إنه بالنسبة للمفلس الذي يحل:  « المؤجل عليه لا له »(٤) . (١) النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ٢٠٥ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ١٠٩ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٣٥ ٣٦ ، ص ٣٤ ؛ ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ ، ص ٣٦ ؛ الصحاري: الكوكب . الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٣٩٣ ولا يحل دين مؤجل بفلس مدين لأن الأجل حق للمفلس فلا يسقط بفلسه » : كذلك قيل . أبو النجا الحجاوي: الروض المربع للبهوتي، دار التراث، القاهرة، ص ٢٨٧ « كسائر حقوقه (٢) فإن كان ديون » : جاء في الجامع المفيد ً ا إلى أجل، وصداق لزوجته آجل، دخلوا مع غرمائه في مالهم، وتوقف لهم إلى محل حقوقهم، ويكون غلة ذلك المال الموقوف لصاحب المال حتى يحل الحق، أو يكون بين الديان الذين حقوقهم عاجلة. قال أبو المؤثر: لأصحاب العاجل والآجل بالحصص إذا لم يكن وفاء، وإذا تحاصص الغرماء مال الهالك، ثم صح حق لرجل الجامع المفيد من أحكام .« آخر من بعد حقوقهم لحقهم بحصته على قدر ما يلزم كل واحد . أبي سعيد، ص ٢٤٥ (٣) . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٢٣٣ (٤) ابن عسكر البغدادي: إرشاد السالك إلى أشرف المسالك في فقه الإمام مالك، دار الفضيلة، . ص ١٦٨ وأجمعوا على أن ما كان من دين للمفلس إلى أجل » : ويقول ابن المنذر إن ذلك إجماع، بقوله ، ابن المنذر: الإجماع، دار الثقافة، الدوحة، ١٤٠٨ ١٩٨٧ « أن ذلك إلى أجله لا يحل بإفلاسه . ص ١٠٠ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٠٤ ? A ا ? ا '5 إ I ا  M لاس إ  إ الحوالة ثابتة بالسنة النبوية، لقوله ژ : مطل الغني ظلم، وإذا أتبع » ُ أحدكم « على ملئ فليتبع(١) .« وإذا أحيل أحدكم على ملئ فليحتل » : ، وفي رواية أخرى وجاء في شرح ا لنيل: تصح الحوالة بين بلغ عقلاء ولو عبيد » ً ا بإذن أو مشركين أو متخالفين برضي ُ « المحيل والمحال والمحال عليه(٢) . يقول ا لبطاشي(٣) :   الحوالة بكسر الحاء نقل الدين من ذمة إلى ذمة نقلا » ً على برأة تبرأ به الأولى وتشغل به الثانية التي أحيل عليها ا لدين. قال القطب 5 : وحجة من أجازها مع أنها من بيع الدين بالدين قوله ژ: وقال: يا أهل البقيع البيع إلى أن « مطل الغني ظلم، ومن أحيل على ملئ فليحتل »قال: والحوالة بيع وفي الحديثين دلالة أن لا حوالة إلا بمال لأنه قال: ومن أحيل على مليء، وفي الحديث الثاني قال: إنها بيع فلا يجوز أن تجعل في الحدود ولا .« في القصاص ولا على مفلس وبطلت إن وقعت على هذا وهكذا، فالقاعدة أن حكم الحوالة هو: « براءة المحيل، وتحول حق المحتال إلى ذمة المحال إليه »(٤) . (١) رواه الجماعة عن أبي هريرة.(٢) . أطفيش: شرح النيل، ج ٩، ص ٣٨٠ ٣٨١(٣) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٥، ص ٢٤٥(٤) . قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ج ١، ص ٥٢٧ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٣٠٥ ولا تتم الحوالة إلا بوجود ست خصال: » : قال أبو إسحاق إحداها: حضور المحيل، والمحتال، والمحال عليه، الثانية: رضاهم جميع ً ا، الثالثة: أن يكونوا جميعا جائزي الأمر، الرابعة: أن يكون المال معلوما، الخامسة: أن يضمن المحال ًً عليه بالمال، السادسة: أن يبرئ المحتال المحيل من المال، فإذا كان على هذا  الوصف، فقد تحول مال المحيل له على المحال عليه، سواء فلس المحال عليه، أو مات ولم يخلف وفاء، فلا يرجع المحتال على المحيل بشيء إلا أن يكون المحتال لم يبرئ المحيل من المال، وإلا فلا يرجع بشيء بعد البراءة، فإن لم « يبرئه فهو كالضمان والكفالة، وبه نأخذ(١) . حري بالذكر أن ثمة فارق ً « الضمان » و « الحوالة » ا بين(٢) .  وإذا استجمعت الحوالة شروطها وأحكامها، فقد يفلس المحال إليه، فما هو مصير الدين؟ وهل يرجع المحال إلى المحتال أو المحال عليه فقط؟ ﻢﻴﻫﺍﺮﺑﺇ ﻦﺑ :ﺲﻴﻗ ﺮﺼﺘﺨﻣ ،ﻝﺎﺼﺨﻟﺍ ﺹ.٤٠٤ (١) ﻮﻫﻭ ﻕﺭﺎﻓ ﻪﻄﺒﻨﺘــﺳﺍ ،ﻲﺒﺗﻮﻌﻟﺍ :ﻪﻟﻮﻘﺑ ﻥﺎﻤﻀﻟﺍﻭ» ﻒﻟﺎﺨﻣ ﺔــﻟﺍﻮﺤﻠﻟ ﻥﻷ ﻥﺎﻤﻀﻟﺍ ﺢﺼﻳ ﻦﻤﻣ ﻉﺰﻨﻳ (٢) ﻥﺇﻭ ﻢﻟ ﻩﺮﻣﺄﻳ ﻪﺑ ﻥﻮﻤﻀﻤﻟﺍ ﻪﻨﻋ ﻚﻟﺬﻛﻭ ﺢﺼﻳ ﻦﻋ ،ﺖــﻴﻤﻟﺍ ﺔﻟﺍﻮﺤﻟﺍﻭﻻ ﺢﺼﺗ ﻻﺇ ﻥﺃ ﻞﻴﺤﻳ ﺎﻬﺑ ﻦﻣ ﻪﻴﻠﻋ ﻖﺤﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﻱﺬﻟﺍﺎﻣ ﻞﻴﺤﻳ ﻪﻴﻠﻋ ﻞﻴﻟﺪﻟﺍﻭ ﻰﻠﻋ ﻚﻟﺫ ﻥﺃ ﻥﺎﻤﻀﻟﺍ ﺢﺼﻳ ﻰﻠﻋ ﻦﻣ ﻩﺮﻣﺄﻳ ﻪﺑ ﻥﺎﻤﻀﻟﻲﺒﻨﻟﺍ ﮊ ﻦﻋ ﻦﺑﺍ ﺱﺎﺒﻋ .ﻪﻘﻳﺪﺻ ﻥﺎﻤﺿﻭﻲﺑﺃ ﺓﺩﺎﺘﻗ ﻦﻋ ﻱﺭﺎﺼﻧﻷﺍ ﺪﻌﺑ ،ﻪﺗﻮﻣ ﻥﺈﻓ ﻦﻤﺿ ﻩﺮﻣﺄﺑ ﻥﺎﻛ ﻪﻟ ﻉﻮﺟﺮﻟﺍ ﺎﻤﺑ ﻦﻤﺿ ،ﻪﻨﻋ ﻻﻭ ﻉﺯﺎﻨﺗ ﻦﻴﺑ ﺔﻣﻷﺍ ﻲﻓ ،ﻚﻟﺫ ﻥﺈﻓ ﻦﻤﺿ ﻪﻨﻋ ﺮﻴﻐﺑ ﻩﺮﻣﺃ ﻢﻟ ﺰﺠﻳ ﻉﻮﺟﺮﻟﺍ ﻪﻧﻷ ﻉﺮﺒﺘﻣ ﻥﺎﻤﻀﻟﺎﺑ ﻉﺮــﺒﺘﻤﻟﺍﻭﻻ ﻊﺟﺮﻳ ﻦﻤﻋ ﻉﺮﺒﺗ ،ﻪﻨﻋ ﺍﺫﺇﻭ ﻦﻤﺿ ﻪﻨﻋ ﻩﺮﻣﺄﺑ ﻥﺎﻛ ﻪﻟ ﻪﺘﺒﻟﺎﻄﻣ ﻞﺒﻗ ﻥﺃ ﻊــﻓﺪﻳ ﻰﻟﺇ ﻥﻮﻤﻀﻤﻟﺍ .ﻪﻟ ﻥﻷ ﻥﺎﻤﻀﻟﺍ ﺮﻣﻷﺎﺑ ﺐﺟﻮﻳ ﻝﺎﻤﻟﺍ ﻲﻓ ﺔﻣﺫ ﻥﻮﻤﻀﻤﻟﺍ ،ﻪﻨﻋ ﻥﺎﻤﻀﻟﺍﻭ ﺉﺮﺒﻳ ﺔــﻣﺫ ﻥﻮﻤﻀﻤﻟﺍ ﻪﻨﻋ ﺖﺒﺜﻳﻭ ﻝﺎﻤﻟﺍ ﻲﻓ ﺔﻣﺫ ،ﻦــﻣﺎﻀﻟﺍ ﺍﺫﺈﻓ ﺮﻜﻧﺃ ﻦﻣﺎﻀﻟﺍ ﻭﺃ ﺕﺎﻣ ﻭﺃ ﻊﻨﺘﻣﺍ ﻦﻣ ﻊﻓﺪﻟﺍ ﻢﻟ ﻦﻜﻳ ﻥﻮﻤﻀﻤﻠﻟ ﻪﻟ ﺔﺒﻟﺎﻄﻣ ﻉﻮــﻨﻤﻤﻟﺍ ﻪﻨﻋ ﺓﺀﺍﺮﺒﻟ .ﻪﺘﻣﺫ ﻞﻴﻟﺪﻟﺍﻭ ﻰﻠﻋ ﻚﻟﺫﺎﻣ ﻯﻭﺭ ﺪﺒﻋﷲﺍ ﻦﺑ ﺓﺩﺎﺘﻗ ﻦﻋ ﻪــﻴﺑﺃ ﻥﺃﻲﺒﻨﻟﺍ ﮊ ﻰﺗﺃ ﻞﺟﺮﺑ ﻦﻣ ﺭﺎﺼﻧﻷﺍ ﻲﻠﺼﻴﻟ ﻪﻴﻠﻋ :ﻝﺎﻘﻓ ﻝﺎﻘﻓ ﻝﻮــﺳﺭﷲﺍ ﮊ ﺀﺎﻓﻮﻟﺎﺑ ﻝﺎﻘﻓ ّﻠﺻ»ً ،«ﺎ ﻝﺎﻘﻓﻮﺑﺃ :ﺓﺩﺎﺘﻗ ﻮﻫﻲﻠﻋ ﺍﻮ ﻰﻠﻋ ﻢﻜﺒﺣﺎﺻ ﻥﺈﻓ ﻪﻴﻠﻋﻨﻳﺩّ ،ﺎ ﻲﻔﻓ ﺍﺬــﻫ ﻞﻴﻟﺩ ﻰﻠﻋ ﺓﺀﺍﺮﺑ ﻥﻮﻤﻀﻤﻟﺍ .ﺀﺎﻓﻮﻟﺍ ﻰﻠﺼﻓ ،ﻪﻴﻠﻋ ﺎﻤﻧﺇﻭ ﻥﺎﻛ ﻪﻴﻠﻋ ﺔﻴﻧﺎﻤﺛ ﺮــﺸﻋﻤﻫﺭﺩً ،ﻪﻨﻋ ﻥﺈﻓ ﻝﺎﻗ :ﻞﺋﺎﻗ ﺪﻘﻓ ﻱﻭﺭ ﻦﻋﻲﺑﺃ ﺓﺩﺎﺘﻗ ﻪﻧﺃ :ﻝﺎﻗ ﺎﻳﻝﻮــﺳﺭ ﷲﺍ ﻲﻧﺇ ﺖﻴﻀﻗ ﻪﻨﻋ ﻲﻠﺼﺗ ؟ﻪﻴﻠﻋ :ﻝﺎﻘﻓ .ﻢﻌﻧ ﺐﻫﺬﻓﻮﺑﺃ ﺓﺩﺎﺘﻗ ﻰﻀﻘﻓ ﻪﻨﻋ ﺎﻋﺪﻓ ﻪﻟ ﻲﺒﻨﻟﺍﮊ ، :ﻞﻴﻗﻭ ﻥﺇ ﺭﺎﺒﺧﻷﺍ ﺡﺎﺤﺼﻟﺍ ﻲﻫ ﻲﺘﻟﺍ ﺎﻬﻴﻓ ﻥﺎــﻤﻀﻟﺍ ﻻﻭ ﺮﻛﺫ ﺀﺎﻀﻘﻠﻟ ،ﺎﻬﻴﻓ ﺮﺒﺨﻟﺍﻭ ﻱﺬﻟﺍ ﺖﻠﻠﺘﻋﺍ ﺭﻮــﻛﺬﻤﻟﺍ ﺀﺎﻀﻘﻠﻟ ﺲﻴﻟ ﻪﻴﻓ ﻪﻧﺃ ﺀﺎﻀﻗ ﻞﺒﻗ ﻥﺃ ﻲﻠﺼﻳ ﻲﺒﻨﻟﺍﮊ .« :ﻲﺒﺗﻮﻌﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ،ﺀﺎﻴﻀﻟﺍﺝ ،١٧ ﺹ.١١١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٠٦ يقول البيضاوي: لو أفلس المحال عليه، أو جحد لم يرجع المحتال خلاف » ً ا له. وإن كان مفلسا وجهله المحال فالأظهر ثبوت الخيار كما لو استوفى، أو ً « ا(١) استبدل معيب . ً وفي الفقه الإباضي يقول ابن جعفر: وإذا كان لرجل على رجل دين فأحال به على رجل فأفلس الذي أحيل عليه » فله أن يرجع على الذي كان عليه أصل حقه ولو كان الذي له الحق هو الطالب إلى الذي عليه الحق أن يحيله بحقه هذا عليه إلا أن يكون أصل مبايعته على أن يحيله بحقه هذا على هذا الرجل فإنه ليس له أن يرجع على الآخر، فإذا لم يكن « كذلك فله أن يرجع على الذي عليه أصل ا لحق(٢) . إن أحاله على مليء فأفلس فلا » : إلا أن فقهاء الإباضية يقولون بقاعدة أنه « يرجع(٣) . ولهذا قيل: عن رجل اشترى من آخر سلعة ويحيل [الثمن] على غريم له، فرضي » صاحب السلعة بالغريم وتبايعا على ذلك. « قال: قد برئ منه، أفلس الغريم أم لم يفلس(٤) . علة ذلك أن الحق قد انتقل بالحوالة، فلا يجوز ا لرجعة(٥) . (١) . قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ج ١، ص ٥٢٧(٢) ابن جعفر: الجامع، ج ٤، ص ١٦٢ ، انظر أيض ً ، ا العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ٢١٩ ٢٢١ . الكندي: بيان الشرع، ج ٣٥ ٣٦ ، ص ١٤٦ ١٤٨ ، النزوي، ج ٢٠ ، ص ١٠٨ ١٠٩(٣) . الحضرمي: الدلائل والحجج، ج ١ ٢، ص ٥٣٥(٤) . مدونة أبي غانم الخرساني ملحق بها كتاب ابن عباد وكتاب الربا، ص ٦٥١(٥) يقول ا لحضرمي: وفي جامع الشيخ أبي محمد: إذا أفلس المحال عليه رجع صاحب المال إلى من أحاله، » وبعض قال: هذا حق قد انتقل .« لا ثواء على مال امرئ مسلم » : ويبرأ المفلس لقول النبي ژ . الحضرمي: الدلائل والحجج، ج ١ ٢، ص ٥٣٥ « ولا تجوز الرجعة الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٣٠٧ يقول ا لبسيوي: فأما إن أحاله على مليء فله ذلك جائز، وليس له أن يرجع بحقه على » واسم الإحالة مأخوذ ،« من أحيل بحقه على مليء فليحتل » : المحيل؛ لأن الحديث « من إحالة الشيء؛ فكأنه حول الحق عليه فلا يرجع ولو أفلس من بعده(١) . لكن للإمام ابن بركة رأي وجيه آخر(٢) . (١) . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٨٤٧ ويذكر الخليلي ثمانية أقوال في ا لمذهب: قيل: له أن يرجع على المحيل إذا أفلس المحال عليه إلا أن يكون قد أبرأه فلا رجوع له عليه. »وقيل: إن كان الطالب الذي أحيل له فلا رجعة على المحيل، وإن كان بالعكس فله ا لرجعة. وقيل: إذا وقع البيع على شرط الإحالة فلا رجوع له وإلا فله ا لرجوع. وقيل بذلك إلا أن تقع الإحالة عليه وهو مفلس فله ا لرجوع. وقيل: كذلك إن أبرأه المحيل وقبل حقه من المحال عليه وهو مفلس ولم يعلم بإفلاسه فله الرجوع. وقيل: لا رجوع له في هذا. وفي قول آخر: لا رجوع له إذا وقع البيع على شرط الإحالة وهي على مفلس. وثامن الأقوال: لا رجوع للمحتال بعد قبول الإحالة على حال، وكل هذا موجود في آثار . أجوبة المحقق الخليلي، ج ٤، ص ٢٧١ « السلف (٢) يقول ابن بركة: وكذلك قالوا في الحوالة: إذا أحال رجل رجلا » ً بحق على آخر ثم أفلس المحال عليه رجع على الأول مما كان أحال به من الحق وعندهم أن يبرأ من الحق والمطالبة بنفس الحوالة ثم إفلاسه أوجب عندهم الرجوع بالحق عليه، وأظن الحجة لهم في ذلك في قول النبي ژ : والنظر يوجب عندي ألا يرجع عليه الشيء لأن حقه لا يخلو أن « لا تعدي على مال مسلم »يكون قد تحول بالحوالة التي عليها لأنها نقلت، أو يكون لم يتحول، فإن لم يكن تحول أو انتقل فلم حكموا بالوقت بانتقال الحق وتحويله، واسم الحوالة مأخوذ من التحول؟ وإن كان ابن بركة: كتاب « قد زال وانتقل بالحوالة فلم جاز أن يرجع مما برئ منه؟ لأن غيره أفلس . الجامع، ج ٢، ص ٤١١ ٤١٢ ، العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٧ ، ص ٩٨ قلنا سلف ً ا إن أسباب انتهاء الإفلاس في القانون التجاري الوضعي أهمها اتحاد الدائنين للتنفيذ على أموال المدين، والصلح البسيط، وغلق ا لتفليسة(١) . ونشير إلى ما يؤدي إلى انتهاء الإفلاس في الفقه الإباضي، وهي: - التنفيذ على أموال المدين وفاء لديونه. ً - وفاة ا لمفلس. - الصلح بين المفلس والدائنين. وندرس هذه الأسباب على التفصيل الآتي بيانه، على أن نخصص لكل منها مبحث ً ا. (١) بل يقول ا لثميني: ولا يخرجه من إفلاسه، استعادة بعض ما أفلس عليه. »الثميني: الورد البسام في رياض « وقيل: لا يخرج منه، حتى يستفيد أكثر مما فلس عليه . الأحكام، ص ٢٤٧ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣١٠ ا لأول ? ا ء ؛ و I ال ا  أ c5(C ا ً نشير إلى المبدأ العام ثم ندرس القواعد الحاكمة للمسألة. م: . أ ا  أ) ا يقر الإسلام ذلك منذ بداياته. فعن كعب بن مالك عن أبيه ^ أن » رواه الدارقطني « رسول الله ژ حجر على معاذ ماله وباعه في دين كان عليه وصححه الحاكم. يقول ا لصنعاني: والحديث دليل على أنه يحجر الحاكم، على المدين التصرف في ماله » ويبيعه عنه لقضاء غرمائه. والقول بأنه حكاية فعل غير صحيح فإن هذا فعل لا يتم إلا بأقوال تصدر عنه ژ يحجر بها تصرفه وألفاظ يبيع بها ماله وألفاظ يقضي بها غرماءه وما كان بهذه المثابة لا يقال إنه حكاية فعل إنما حكاية الفعل مثل حديث خلع نعله فخلعوا نعالهم كما لا يخفى. ظاهر الحديث أن ماله كان مستغرق ً ا بالدين فهل يلحق به من لم يستغرق ماله في الحجر والبيع عنه كالواجد إذا مطل اختلف العلماء في ذلك. فقال جمهور الهادوية والشافعي: إنه يلحق به فيحجر عليه ويباع ماله لأنه قد حصل المقتضي لذلك وهو عدم المسارعة بقضاء ا لدين. وقال زيد بن علي والحنفية: إنه لا يلحق به فلا يحجر عليه ولا يباع عنه بل « يجب حبسه حتى يقضي دينه(١) . (١) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٥٧ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٣١١ ولا يخفى على أحد أن التنفيذ على أموال المدين تشكل الغاية من الحجر على المفلس إن لم يدفع للدائنين أموالهم، إذ يتم بيعها وتوزيع حصيلتها كما سنرى عليهم. ويتم ذلك عادة ً عن طريق المزاد العلني. وإن كان ثمة خلاف بين الإباضية بخصوص التزايد على أموال المفلس، تجسد في ا تجاهين. يقول ا لعوتبي: وأما ما ذكرت فيمن باع ماله في سوق من يزيد، فأما مسعدة » فقال: ليس يباع مال الأحياء في سوق من يزيد إلا مال من أفلس وأمر الولاة  ببيعه وإنما يباع فيمن يزيد أموال الموتى، ولكن رخص في الثوب والبضاعة وكره ببيع الأموال. وأما سليمان بن عثمان فقال: لا يباع مال الأحياء فيمن يزيد إلا مال مفلس ومن أمر الوالي والقاضي ببيعه، فمن أراد ثوبا أو بضاعة فيدور به ً « ويعرضه على الناس ويقول: أعطيت كذا وكذا وأما النداء فلا(١) .  ا / ا ب) ا : وضع الإباضية عدة قواعد بخصوص بيع أموال المفلس، منها ما يلي:  ١ جواز بيع أموال المدين ولو كان السعر السائد ليس مرتفعا: ً الغرض من ذلك هو تأمين حصول الدائنين على حقوقهم دون ا نتظار. (١) العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٠١ . انظر أيض ً ، ا الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢ . ص ٢٤٣ ٢٤٤ حري بالذكر أن للإفلاس حكم خاص به عند اجتماع حق الله وحق ا لعبد. إذا وفت التركة بحقوق الله، وحقوق الآدميين قضيت جميعا، وإن لم تف، وتعلق » : يقول السيوطي ً بعضها بالعين، وبعضها بالذمة: قدم المتعلق بالعين سواء اجتمع النوعان، أو انفرد أحدهما. وإن اجتمعا، وتعلق الجميع بالعين، أو الذمة فهل يقدم حق الله تعالى، أو الآدمي، أو يستويان؟ فيه أقوال: أظهرها: الأول، ولا تجري هذه الأقوال في المحجور عليه بفلس، إذا اجتمع النوعان. بل . السيوطي: الأشباه والنظائر، ص ٣٣٥ « تقدم حقوق الآدمي، وتؤخر حقوق الله تعالى مادام حيا ينبغي للحاكم إذا أمر بالبيع على المفلس أن يجعل أمين » : كذلك قال الشافعي ً ا يبيع عليه « ويأمر المفلس بحضور البيع أو التوكيل بحضوره إن شاء ويأمر بذلك من حضر من الغرماء الإمام الشافعي: الأم، ج ٣، ص ١٨٤ (ط تراثنا ا لقاهرة). أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣١٢  وهكذا بخصوص، وفيمن عليه حقوق لأناس، وعنده أموال لا تنفق إلا بالبخس، أيحكم عليه ببيعها بما تسوى، أم ينظر به، وما حد البخس الذي لا يجبر على البيع به، وكذلك إذا قسم الشركاء مالا، ً وغير أحدهم بالغبن ما حد الغبن الذي يجوز به ا لغير؟ قال من قال من المسلمين: إن مال المديون يباع كيف ما ينفق، ولا » : قيل ينظر في ذلك كسران السعر، وللغرماء ما فوق الإزار، وهذا القول عندي أكثر وبه أعمل. وأما كسران السعر قال من قال: إذا انكسر الثلث، وقد فسر بعد الأشياخ المتأخرين وهو أن يكون بثلث ثمنه، وأما القسم فقال من قال: إذا كان في ذلك غبن مقدار العشر، وهو أن يكون قد أخذ عشر سهمه، وأما في الآثار السالفة، فلم يفسروا في ذلك تفسيرا مثل ما فسرته الأشياخ المتأخرين، وإنما جاء في آثار ً « المسلمين السالفة: إن الغبن في قسم الأموال العشر هكذا، ولم يفسروا ذلك(١) . ٢ جواز التنفيذ على مال المديون ا لغائب: لا شك أن ذلك ضروري في بعض الأحوال حتى لا يغيب المفلس نكاية في دائنيه ليحرمهم من الحصول العاجل على حقوقهم(٢) . (١) إنه لا يباع ماله إذا كان فيه غبن » : الغافري: صراط الهداية، ج ٢، ص ٢٥٧ . ويقول العوتبي الربع، وقال من قال: الثلث وقال من قال: إنه يباع كيف ما نفق لأنه مستهلك في الدين ، العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ « وقال من قال: يمكن أن يباع ماله بالكسر إن الربع أو الثلث . ص ٩٤ (٢) إذا كان بموضع تناله الحجة وإلا بيع من ماله في حق من أصبح عليه حقا » : وهكذا قيل واستثنى له حجته وإن كان ماله ليس فيه وفاء للدين الذي صح عليه لمن تولى عنه وفي نسخة ثم تولى عنه وللدين الذي صح من بعد فيقوم المال قيمة عدل وتنظر الحقوق فيأخذ الذي تولى عنه بقدر حقه ويوقف للذين أثبتوا حقوقهم بقدر الذي لهم من ماله حتى يحضر المتولي ويحتج عليه إلا أن يصح أنه قد خرج من مصر عمان أو يعرف مكانه أو حيث لا تناله الحجة فإن أصحاب الحقوق يثبتون حقوقهم مع الحاكم ويحلفونهم عليها ثم يقضي كل واحد منهم ما صح له مما يصح ومن مال ذلك ا لغائب. وقال أبو المؤثر: إذا تولى المدعى عليه عن المسلمين وكان توليه بحق رجل ثم ادعى عليه الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٣١٣ ٣ عدم جواز التنفيذ على بعض أموال ا لمفلس: لاعتبارات إنسانية محضة أكد الفقه الإباضي على عدم جواز بيع بعض أموال المفلس، لكونها لازمة لحياته، أو للقيام بعمله(١) . يخلص مما تقدم أن بيع أموال المفلس يرمي إلى المحافظة على حقوق الدائنين وحتى لا تضيع الحقوق، وهو أمر حرص على التأكيد عليه الفقه الإباضي، يقول ا لنزوي: قوم آخرون حقوق ً ا وأصحوها عليه ولم يكن في مال وفاء لحقوقهم جميعا وكان الذي تولى ً بحقه يتعرف ماله فهو عندي أولى بماله فيوفيه الحاكم حقه ويكون دين أولئك على صاحبهم فإن عرف موضعه وكان حيث يمكن الحجة عليه من المسلمين فإنه لا يعجل في بيع ماله حتى يحتج عليه المسلمون في موضعه كما أمكن لهم بكتاب إليه مع ثقة أو رسول ثقة يحتج لهم . راجع ابن جعفر: الجامع، ج ٤، ص ١٥٨ « عليه برأي الحاكم(١) لا يباع منزل الرجل الذي عليه الدين في دينه وهو حي إذا طلب ذلك » : يقول ابن جعفر غرماؤه  إلا أن يكون فيه فضل عن سكنه وسكن عياله، فيترك لهم ما يكفيهم ويباع الباقي قلت: فإنه يجد ما أوسع منه ببعض ثمنه. قال: لا يباع في الذي عليه دين وليس له مال غير منزله ولا يباع كسوته التي يلبسها بقدر ما يجزيه ويباع ما بقي منها ولا يباع نعله ولا مصحفه ولا كتبه مما كان من أو حديث الأنبياء صلوات الله عليهم، أو المسلمين، فإن ذلك من العلم. وقال: ويباع سيفه في دينه ويباع خادمه في دينه، ولو لم يكن له غيره. قلت فإن كان زمن ً ا يحتاج إلى خدمة الخادم هل يباع في دينه؟ قال إذا كان زمن ً ا لا يقيم أمر نفسه وليس معه من يقوم بشأنه ويكفيه خدمة ممن يلزمه خدمته والقيام عليه من ولد فلا أرى أن يباع خادمه هذا يترك يخدمه، ويقوم بشأنه، قلت: وتباع فرسه وحماره الذي يركبه. قال: نعم. قلت: فإنه زمن لا يقدر على المشي فطلب أن يترك دابة يركبها، ويطلب من فضل الله. قال: إذا كان كذلك فعسى أن تترك له الدابة يركبها، للطلب من فضل الله ، ابن جعفر، الجامع، ج ٨، ص ٢٢٠ ٢٢١ ؛ العوتبي: كتاب الضياء ج ١١ « دابة تجزيه . ص ١٨٥ حري بالذكر أن الإباضية بحثوا أيض ً ا أثر الإفلاس على دفع الزكاة. وهكذا جاء في جواهر ومن كان له دين على مفلس أو على من لا يرجوه منه، فلا زكاة عليه فيه حتى » : الآثار ؛ ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١١ ، ص ٥١ « يقبضه، ثم يعطى ما لزمه من الزكاة فيما مضى راجع أيض ً . ا الغافري: صراط الهداية، ج ١، ص ٢٤٧ ٢٤٨ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣١٤ وأصحابنا وأكثر حكامهم أن كل من رفع عليه بحق فلم يقضه حبس حتى » يقضي أو يصح إعدامه وذلك عندهما لئلا يستخف الناس بحقوق بعضهم بعض ً ا « وتبطل ا لحقوق(١) . ٤ طريقان لسداد المفلس ل ديونه: يتضح مما تقدم أيض ً ا أن الحجر على أموال المفلس وتوزيعها على الدائنين ا(٢) هو أمر صحيح إسلامي . كذلك فإن سداد المفلس لديونه عند الإباضية يمكن أن يتم بطريقين(٣) : الأول : طريق حال، ويتمثل في بيع كل أمواله الموجودة عدا تلك الواجب تجنبها وعدم بيعها، سداد ً ا لديونه.  والثاني : طريق مستقبلي، ويكون بفرض فريضة على المفلس مما يتكسبه مستقبلا ً لتغطية باقي ديونه. وبديهي أن هذا الطريق لا يتم تقريره من الحاكم (١) . النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ١٩٦(٢) ويدل على أنه يجوز حجر جميع مال المفلس وتفريقه كله بين أهل الدين » : يقول الشوكاني أن رجلا » : ما ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي سعيد ً ابتاع ثمار ا على عهد ً رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابتها جائحة فكثر دينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تصدقوا عليه [فتصدق الناس] ومعلوم أنه إذا جاز تفريق مال ،« فلم يبلغ وفاء دينه، فقال: خذوا ما وجدتم ليس لكم إلا ذلك المفلس جميعه بين أهل الدين كان جواز حجره حتى يفرق بين أهل الدين ثابت ً ا بفحوى . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٢٣٣ « الخطاب(٣) وإذا أخذ الغريم بالحقوق حكم عليه بجميع ما في يده أن يؤديه من أصل مال » : يقول العوتبي أو عروض أو حيوان ولم يحبس له منه شيء إلا لقوت يومه وعياله من ذلك الذي في يده مما يحكم عليه ببيعه في دينه وما بقي من دينه فرض عليه فريضة في صنعته وأمر بالعمل وأداء الحق في فريضته، وهنالك يجعل له من حراثته نصف عمله إن كان له عيال، وإن لم يكن له عيال فثلث عمله وسائر ذلك من الصناعات إنما يفرض عليه بقدر ما يرى الحاكم إنه يفضل عن قوته وقوت عياله فهذا فيما يحكم به الحاكم فيما يستقبل به، وأما ما كان في يده فيحكم عليه بأدائه إلا قوت يومه ثم يفرض عليه الفريضة فيما يستقبل على حسب ذلك عرفنا . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ٩٦ « في بعض القول الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٣١٥ أو القاضي إلا في حالة عدم كفاية حصيلة بيع الأموال الحالة للمفلس للوفاء بكل ديونه . وفي نظرنا، تم تطبيق هذين الطريقين منذ العهد ا لنبوي. يكفي أن نذكر هنا الحديث الثابت أن معاذ بن جبل أصيب على عهد رسول الله ژ في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله ژ : « تصدقوا عليه » خذوا ما وجدتم » : فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله ژ .« وليس لكم إلا ذلك يقول ابن الطلاع ت عليق ً ا على هذا ا لحديث: دليل على أن لا شيء على معدوم، « وليس لكم إلا ذلك » : في قول النبي ژ (وكان تفليس معاذ) سنة تسع من الهجرة، وخلصه رسول الله ژ من ماله لغرمائه، يا رسول الله بعه لنا، فقال » : وحصل لهم خمسة أسباع حقوقهم. فقالوا ْ رسول الله ژ : وبعثه رسول الله ژ إلى اليمن ،« خلوا عنه ليس لكم إليه سبيل » وذلك في ربيع الآخرة سنة تسع بعد أن غزا مع « لعل الله أن يجبرك » : وقال له النبي ژ : غزوة تبوك، وقدم بعد موت النبي ژ في خلافة أبي بكر ومعه غنم، فرآهم عمر، فقال: ما هم؟ فقال: أصبتهم في وجهتي فقال عمر: من أي وجه؟ فقال: اهدوا إلي وأكرمت بهم. فرأى كأنه على شفير جهنم وعمر آخذ بحجزته من ورائه لئلا يقع في النار، ففزع معاذ فذكرهم لأبي بكر كما أمر عمر فسوغه فقضى غرماءه بقية « لعل الله يجبرك » : إياهم أبو بكر فقال: سمعت النبي ژ يقول حقوقهم قال عمر: أذكرهم لأبي بكر، فقال معاذ ما أذكر هذا لأبي بكر فنام معاذ فذكرهم لأبي بكر كما أمر عمر فسوغه إياهم أبو بكر فقال: سمعت النبي ژ « فقضى غرماءه بقية حقوقهم « لعل الله أن يجبرك » : يقول(١) . (١) . ابن الطلاع: أقضية رسول الله ژ ، دار الوعي، حلب، ١٤٠٢ ١٩٨٢ ، ص ٩٨ ٩٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣١٦ %A ا ? ا W( ة ا  و بحث فقهاء الإباضية مسألة وفاة المفلس، وذهبوا حتى إلى حد زوال الديون إذا كان لم يسرف في إنفاقها، وبالتالي كان تعسره لأسباب لا يد له فيها. وهكذا جاء في قاموس ا لشريعة: ومن اضطر واحتاج؛ فقد رخص بعض المسلمين أن يدان بقدر ما يحييه » وعياله، ويستتر به من العري، لا أكثر من ذلك. وقيل: من تحمل دين ً ا من غير إسراف لتجارة أو لسبب خير، ثم لم يمكنه أداؤه حتى مات؛ فلا شيء عليه، وإن تحمله في إسراف، أو فيما لا يجوز له فعله، ثم لم يمكنه أداؤه حتى مات؛ فهو « هالك(١) . .« لا تركة إلا بعد سداد ا لدين » حري بالذكر أن ما تقدم يجب أن يراعي قاعدة  كذلك بحث فقهاء الإباضية أثر موت المفلس على أموال الغير التي يحوزها وقالوا بعدم تزاحم الغرماء فيها. يقول ا لنزوي: وإذا مات المفلس وعنده مال لرجل فهو غريم من الغرماء وإن كان المال » معروف ً « ا بعينه وقامت البينة أنه مال فلان بعينه أخذه دون ا لغرماء(٢) . (١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ٨٤ (٢) . النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ١٩٦ ؛ الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٣٩١ كذلك بحث الإباضية العلاقة بين الوفاة والدين واستحلاله، وهكذا قيل: وفيمن عليه دين لهالك يعلم أن عليه دين » ً ا لم يقضه الورثة، واستحل ورثة الهالك من ذلك الدين الذي عليه أيبرأ من ذلك أم لا؟ قال: معي أنه ما لم يحكم عليه حاكم بذلك، أو يقم عليه حجة الغرماء عليه، واحتمل في ذلك الورثة صواب فيما دخلوا فيه من جهلهم له، أنه لا يضيق عليه، فإن قامت حجة الغرماء بالدين وحكم لهم بالقضاء على الوصي فقضاهم فلم يوفهم، ولم يعلم أن الورثة سلموا إلى الوصي بقدر تلك التبعة التي أحلوه، فإذا صح أنهم أحلوه مما لا يستحقونه لثبوت الدين فيه أن الحل في هذا باطل، لأن المال لا حجة فيه في الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٣١٧ ? A ا ? ا(١) I5C> ا وا W( ا w- ا يمكن من كتابات فقهاء الإباضية أن نستنبط القواعد ا لآتية: أولا :ً أن الصلح جائز بين المفلس والغرماء، إذ ليس ثمة ما يمنعه، بل أن ذلك صحيح ما دام قد استجمع شرائطه الشرعية وقواعده ا لمرعية. ثانيا : أن للدائنين الحق في إعفاء المفلس من الديون كلها أو جزء منها، إذا ً تم عن تبصر وبصيرة، ودون الوقوع تحت وطأة حيل تدليسية لجأ إليها المفلس لإيهام غرمائه بأنه في حالة إفلاس. ثالث ًا : حتى إذا تم الصلح مع المفلس على دفع جزء من الديون لغرمائه، فإنه يلتزم برد الباقي في حالتين: · إذا وافق الدائنون على تأجيل دفع الجزء الباقي أملا ً في الحصول عليه مستقبلا، ً وبالتالي ترك فسحة من الوقت للمفلس للعمل والاكتساب حتى يتمكن من دفع ما عليه. ، ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ « الحكم، إلا بعد الدين إذا لم يحتمل لهم صواب ذلك . ص ٥٦(١) ولفظ الصلح يجوز أن يكون مصدرا للثلاثي وهو: صلح ضد فسد، فإن » : جاء في شرح النيل ً المصلحين إذا أصلحوا بين من فسد بالنزاع والبغض حصل الصلح ضد الفساد، وأن يكون بمعنى الإصلاح فهو اسم مصدر أصلح، ومصدر أصلح هو الإصلاح، أصلح بينهما صلحا ً أي: إصلاحا، وأن يكون بمعنى المصالحة فهو اسم مصدر صالح بفتح اللام والحاء الذي ً هو المصالحة، أو الصلاح بكسر الصاد أو هو اسم مصدر تصالحا وهو التصالح، أو اسم مصدر اصطلحا وهو الإصلاح، والصلح لغة ً : قطع المنازعة عن رضى، وشرع ً ا: انتقال عن حق ، أطفيش: شرح النيل، ج ١٣ « أو دعوى بعوض لدفع نزاع أو خوف وقوعه، قاله ابن عرفة . ص ٦٣٩ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣١٨ · إذا كان الاتفاق قد تم على إعفاء المفلس من جزء من الدين، لكن باستخدامه للتدليس أو الكذب أو الغش لحمل الدائنين على النظر بشفقة إلى حالته فوافقوا على إعفائه من ذلك ا لجزء. ونذكر هنا بعض أقوال الإباضية بخصوص الصلح مع ا لمفلس: يقول ا لعوتبي: وقيل في الغريم إذا عجز ماله عن غرمائه فبذل لهم ما في يده فرضوا به » حقهم الذي يتبرأ به وأبروه من بقية حقوقهم ولم يكتمهم أنه يجزيه ذلك ويرجى له خلاص، فإن ظهر له مال بعد ذلك بفائدة أو ميراث لم يكن عليه عندي أن يوفيهم ما بقي، قال: عندي أن ليس عليه ذلك إذا لم يكتمهم شيئ ً ا وإن كتمهم « كان عليه أن يوفيهم ما بقي من مستخرج مالهم بالكذب(١) . ومن أفضل ما قيل بخصوص الصلح مع المفلس، ما جاء في جواهر ا لآثار: ومن كان عليه دين ولا مال له يبلغ ذلك فقال الغرماء: أعطنا مالك هذا » ونحن نبرئك من الفضل الذي عليك ونهبه لك ففعل، ثم أصاب مالا ً بعد ذلك؟ قال: عليه أن يؤدي إليهم ما كان فضل عليه من مالهم إلا أن يعطوه إياه من ٍ بعد ما يأتيهم به، فلا أرى عليه حينئذ بأسا، وليس له أن يذهب مالهم جميعا، ًً فإذا أصاب مالا ً فليعرض عليهم ما بقي عليه، فإن تركوه وردوه عليه فلا بأس عليه حينئذ، وإن أخذوه فهم أحق به. فإن كان صالحهم على صلح فأعطاهم أنصاف أموالهم، ورضوا بذلك، ثم أصاب مالا ً فليرد عليهم ما فضل عليه، فإن الصلح هاهنا أشد من الهبة، فإن كان له أرض فرضوا بها من أموالهم وأخذوها وباعوها، وليس فيها وفاء للذي لهم، فكله سواء، وعليه أن يعطيهم بقية أموالهم إلا أن يردوها بعد أن يعطيهم إياها، فلا بأس عليه. (١) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٩٠ الباب الخامس: نظرية الإفلا سف ي كتابات الفقه الإباضي ٣١٩ ولكن يعطيهم ما عنده من مال، وليقل لهم: ما بقي لكم فهو علي، فإن أصبت مالا ً أعطيتكم بقية أموالكم، فإذا أعطاهم ما عنده، واعترف لهم فقالوا له: قد أعطيتنا ما اعترف لنا به، وزعمت أنك إن أصبت مالا ً أعطيتنا ما بقي لنا عليك فهو لك، فإذا قال لهم هذا وفعلوا له هذا فقد برئ ولا أرى عليه بأسا، ولا أن ً يعطيهم إن أصاب مالا ً « بعد ذلك(١) . بل يرى السالمي ضرورة دفع باقي الدين إذا تخلص المدين بجميع ما في يده وبقي عليه جزء من الديون فإذا ما اكتسب بعد ذلك مالا :ً هل يجزؤه كلية ً  التخلص ا لأول؟(٢) . ومما يدل على إمكانية الصلح بين المفلس والغرماء ما درج فقهاء الإباضية لصالح الغرماء إذ « فرض جزء على المفلس مما يكسبه » على القول به بخصوص « يفرض عليه لغرمائه » يجب على الحاكم أن(٣) . فهذا يدل على أنهم موافقون على أن يعمل ويتكسب، أي بعبارة أخرى : لا يتم غل يد المفلس عن أمواله(٤) . (١) . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ ، ص ٤٥ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٣٥ ٣٦ ، ص ٤٤ ٤٥ كذلك بخصوص فقير عليه دين وكان غنيا فأفلس فأبرأه غريمه وجعله في الحل من أجل الضعفة ثم اكتسب بعد ذلك مالا ً وسعة هل يعود عليه ذلك الدين؟ قيل: فعلى ما وصفت فإن كان أبرأه غريمه وهو في حد الفقر والعدم فقد برئ من ذلك الدين إلا أن »يكون أظهر الفقر والإفلاس ومعه ما يقدر على قضاء دينه أو شيء منه ولا يعلم به غريمه فأبرأه على . جامع أبي الحواري، ج ٤، ص ٧٩ « ما ظهر فيه من الفقر فلا يبرأ من الدين الذي أبرأه منه غريمه (٢) نعم عليه ذلك لأنها حقوق للغير والتخلص بما في يديه في أول مرة لا يكون » : يقول السالمي مسقط ً ا عنه باقي الحقوق، لكن ذلك التخلص هو الحكم الذي يحكم به عليه في ذلك الحال، بمعنى أنه ليس لأهل الحقوق أن يطالبوه ويلزموه فوق ما في يده، ولا للحاكم أن يأخذه بغير ذلك ولا يكون ذلك مسقط ً ا لحقوقهم إذا وجد لقضائها سبيلا، ً فإذا استحدث مالا ً كان عليه التخلص عما يبقى عليه وكان لأهل الحقوق مطالبته وعلى الحاكم إلزامه إذا طلبوا جوابات الإمام السالمي، ج ٣، ص ٦٢ « منه ذلك (٣) . الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ٥، ص ٣٩٠(٤) مما هو مشهور في هذا الشأن كتاب أبي قحطان، والذي جاء فيه: أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٢٠ تلكم أهم الجوانب الخاصة بنظرية الإفلاس في الفقه الإباضي(١) . وهي ويفرض على المفلس في كل شهر لديانه على قدر مكسبته، فإن كانت مكسبته حراثة فرض »عليه في الثمار لديانه، فإذا جاءت مكسبته فإن كان له عيال ترك له نصف عمله لعياله والنصف لديانه يتحاصصون فيه على قدر حقوقهم إلا أن يكون النصف واسعا على عياله، ً وإن لم يكن له عيال ترك له ثلث عمله وفرق الثلثين بين غرمائه فإن كان دين عاجل ودين آجل، رفع لصاحب الآجل بقدر حصته ورفعت حتى يحل حقه. وإن كانت مكسبته غير الحراثة فرض عليه لديانه في كل شهر على قدر مكسبته. وإن كان من الدين سلف واعترضوا ماله بيع لصاحب السلف حصته من المال واشترى له به بسلفه. وإن كان عليه لزوجته صداق كانت لها حصة مع الديان بقدر حقها إن كان عاجلا ً أو آجلا ً فإن كان حقها عاجلا ً كانت غلة ما يقع لها له وفي نسخة ما يقع لها منه له إلى أن يحل حقها، وإذا تفالس حجر عليه الحاكم أن يدان دين ً ا حتى يؤدي ما فرض عليه لديانه الذين رفعوا عليه، ويكون ما أقر به لمن أقر له به ولا يدخل مع الديان، فإذا استوفوا أخذ الذين أقر لهم فإذا ادعى أحد عليه دين ً ا فأقر له بعد أن حجر الحاكم لم يدخل في فريضته الذين فرض لهم إلا بشاهدي عدل أنه له قبل حجر الحاكم عليه، وكذلك إن كان له مال حجر الحاكم عليه ماله أن يحدث فيه حدث ً ا حتى راجع العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٣ ، ص ١٧٠ ؛ السعدي: « يؤدي حقوق القوم بعد حبسه وأجله ، قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٤٣ ؛ الشيخ أبو زكريا: كتاب الإيضاح في الأحكام، ج ٢ ، ص ١٨ ١٩ ؛ ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ٢١٣ ٢١٤ ؛ ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٨ . ص ٤٣(١) بحث الإباضية أيض ً ا الإفلاس في إطار عقدي الاكتراء والنقل. وإتماما للفائدة نذكر ما قاله ً النزوي: كان الشافعي يقول في القوم يتكارون من الجمال إبلا » ً بأعيانها ولا تباع حتى تستوفي الحمولة وبه قال مالك إلا أن يضمنوا له الغرماء ويكنزوا له مرحلا ً ويأخذون الإبل قال أبو سعيد: إن كان الكراء قبل الإفلاس فهو ثابت ولا يدخل الغرماء فيه إلى تمامه وإن كان الكراء وهو مفلس بطل ذلك الكراء ويأخذوا ما لهم إن وجدوه وإلا فهو أسوة للغرماء وقال الشافعي: وإن كان الإبل بغير أعيانها دخل بعضهم على بعض ودخل عليهم غرماؤهم غيرهم الذين لا حمولة لهم. قال أبو سعيد: إذا لم يكن إبل بأعيانها ولا حمولة بعينها فذلك مجهول .« ودخله النقض ولو كان غير مفلس واختلفوا في الرجل يتكاري من الرجل حمل طعام إلى بلد من البلدان ثم » : ويضيف النزوي يفلس المكتري أو يموت فقال الشافعي: يكون الكراء أسوة الغرماء لأنه ليس في الطعام مبهمة ولو أفلس قبل أن يحمل الطعام له فسخ الكراء وقال مالك: الجمال أولى بالشيء إذا كان في يده حتى يستوفي الكراء، قال أبو سعيد: إن كان الكراء وهو مفلس لم يقع فإذا حمل الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٣٢١ لا شك تتعلق، في جوانبها الأساسية، بالتصرفات المالية لمن تطبق عليهم(١) . فالتجارة تتعلق في جوهرها بالمال: سواء كان المال نقد ً ا أو عين ً ا. وهو أمر لم يغفله فقهاء المذهب ا لإباضي. كان له أجر مثله مع الغرماء ما كان المال في يده أو قد سلمه وإن كان الكراء قبل أن يفلس فيحمل ثم أفلس هو أسوة بين الغرماء ما كان في يده أو قد سلمه وإن أفلس قبل أن يحمل « كان بالخيار إن شاء حمل له وله كراؤه مع الغرماء وإن شاء فسخ الكراء لأن ذلك عذرا ً . النزوي: المصنف، ج ٢٠ ، ص ٢٠٤ ؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ١٥١ ١٥٢(١) ويقول: إن الشريعة وضعت مخارج « مشكلة الخسارات المالية أو الإفلاس » يتحدث رأي عن لمثل هؤلاء الأشخاص، منها: ِِ أن ا لله 4 كتب للغارم سهما من أسهم الزكاة فقال تعالى: ﴿ والغ َارمين َ .﴾ ً إباحة السؤال للغارمين (أو ا لحمالة). المحاصصة بين الغرماء وإلزامهم بأخذ ما تبقى من مال ا لغريم. مقاصد الشريعة عند الإباضية، التصرفات » : انظر تفصيلات ذلك في رسالة دكتوراه بعنوان .. جامعة الزيتون، إشراف د. نور الدين الخادمي، ص ٧٠٦ ٧٠٩ ،« المالية نموذجا ً وهي رسالة قابلت صاحبها في مسقط (سلطنة عمان) وطلبت منه نسخة إلكترونية فأحضرها ُ لي على CD لكن لم أجد اسمه عليها، ولا أعرف هذا الاسم حتى ا لآن. وإن كان لنا من تعليق فإن استخدام الباحث لكلمة أو الإفلاس ليس لها موضع هنا لأن للإفلاس أحكامه والتي منها المخرج الأخير الذي أشار إليه، لذا كان من الأفضل أن يقتصر .« مشكلة الخسارات ا لمالية » على وهو ما أشار إليه بطريقة أفضل عند بحثه (ص ٧٣٨ ٧٤٠ ) لمسألة العسر والإفلاس. تعرضت المحكمة العليا في سلطنة عمان لمسائل كثيرة تتعلق بإفلاس ا لتجار. ُ ونكتفي هنا بذكر أمثلة من أحكامها:  لاس:  وط الإ G ص -4 أ) # تقول ا لمحكمة(١) : » ١ يشترط في الدين الذي يتوقف عن دفعه في دعوى الإفلاس شرطان: أ ( أن يكون دين ً ا تجاريا. ب ( أن يكون حالا ً ومحقق ً ا وخاليا من ا لنزاع. ً - إن تقدير الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع وما إذا كان هناك نزاع جدي حول الدين المتوقف عن دفعه من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها في ذلك على أسباب سائغة .« تجد أصلها الثابت بالأوراق ( ٢٠٠٥ م المبدأ رقم: ( ٢٧ /٤/ ٢٠٠٥ م تجاري عليا جلسة ١٣ / (الطعن رقم ١١ .( س ق ٥ (١) مجموعة المبادئ والقواعد القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ وحتى . ٢٠١٠ ، الدوائر المدنية، سلطنة عمان، ص ١١٨ ُ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٢٤ »٢ دعوى شهر الإفلاس التي يقيمها الدائن ضد مدينه هي دعوى ذات طبيعة خاصة إذ لا يقصد بها أصلا ً الفصل في نزاع وإنما يكون مبتغي المدعي أن ينشئ لمدينه التاجر حالة جديدة لم يكن لها وجود من قبل وهذه الحالة لا تتقرر إلا بالحكم النهائي الصادر بشهر الإفلاس فهي لهذا ليست بديلا ً لدعاوى استيفاء الديون كما أنها ليست أداة لتنفيذ الأحكام ولهذا فقد اشترط المشرع للحكم بشهر إفلاس التاجر أمورا محددة أوضحها في المادة ٥٧٩ من قانون التجارة الصادر ً .٩٠/ بالمرسوم السلطاني رقم ٥٥ الدائن المدعي في دعوى شهر الإفلاس لا يكفيه أن يثبت أن المدين عليه مدين له وأنه عجز عن أداء ذلك الدين وحسب بل يتعين عليه فوق ذلك أن يقنع محكمة الموضوع أن ذلك العجز أو التوقف عن دفع دينه ينبئ عن اضطراب أعماله التجارية بما يؤثر سلبا على حالته الائتمانية لأن التوقف عن الدفع المعتبر ً قانون ً ا لإصدار حكم بشهر الإفلاس التاجر هو ذلك الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر وتتعرض بها حقوق دائنيه .« إلى خطر محقق أو كبير ا لاحتمال ( ٢٠٠٥ م المبدأ رقم: ( ٧٧ /١٠/ ٢٠٠٥ م تجاري عليا جلسة ١٩ / (الطعن رقم ١٠٨ .( س ق ٥ ٢٠١٠ م الدائرة ا لتجارية. / الطعن رقم ٢٤٠ لاس:  الإ %X ا ا w- ن ا q ب) # تقول ا لمحكمة(١) : إن الحكم أقام قضاءه على نص المادة ( ٧٠٣ ) من قانون التجارة ورتب على » ذلك اعتبار البنك المطعون ضده كونه صاحب تأمينات عينية غير مخاطب (١) ٢٠١٠ م حتى /١٠/ مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا في الفترة من ١ . ٢٠١١ م، ص ٥٩٤ ٥٩٥ /٦/٣٠ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٣٢٥  بأحكام الصلح الواقي، في حين أن ما ذهب إليه وجعله أساسا لقضائه ينطوي ً على مخالفة صريحة لنص المادة ( ٧٦٥ ) من قانون التجارة التي حددت أحكام الصلح القضائي التي تسري على الصلح الواقي وليس من بينها نص المادة ٧٠٣ ) مما يعيبه بما يستوجب نقضه. ) وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه وإن كانت المادة ( ٧٦٥ ) من المرسوم السلطاني رقم ٥٥ لسنة ١٩٩٠ م بإصدار قانون التجارة قد حددت أحكام الصلح القضائي التي ترسي على الصلح الواقي وليس من بينها المادة ( ٧٠٣ ) من قانون التجارة سالف البيان، إلا أنه لما كان النص في المادة ( ٧٨٠ ) من قانون التجارة والواردة في الباب الخاص بالصلح الواقي من الإفلاس على أن التصديق على الصلح يجعله نافذ ً ا من حق جميع الدائنين العاديين ولو لم يوافقوا عليه أو يشتركوا في عمله، يدل على أن الصلح الواقي من الإفلاس بمجرد التصديق عليه يسري على جميع الدائنين العاديين حتى ولو لم يوافقوا عليه أو يشتركوا في عمله، بما مؤداه أنه لا يسري على الدائنين الممتازين سواء أكان الامتياز عاما أم خاصا بمنقول أو عقار، لما كان ذلك، وكان البنك المطعون ضده من أصحاب  الديون الممتازة المضمونة بتأمينات عينية متمثلة في رهون عقارات وأسهم ومن .« ثم فإنه لا يسري في حقه الصلح الواقي من ا لإفلاس ن:  ص ا -4 ج) # تقول ا لمحكمة(١) : - للدائن الحق في اقتضاء » : نصت المادة ( ٨٠ ) من قانون التجارة على أنه »عائد مقابل حصول المدين على قرض أو دين تجاري، ويتم تحديد العائد باتفاق الطرفين في الحدود التي تحددها وزارة التجارة والصناعة بالاتفاق (١) مجموعة المبادئ والقواعد القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ وحتى .٣٧٣ ، ٢٠١٠ ، الدوائر المدنية، سلطنة عمان، ص ٢٨٥ ُ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٢٦ مع غرفة تجارة وصناعة عمان كل عام مع مراعاة أجل القرض وأغراضه ومخاطره، وإذا تأخر المدين عن الوفاء في ميعاد الاستحقاق، كان للدائن .« الحق في اقتضاء العائد المتفق عليه عن مدة ا لتأخير ٢٠٠٦ م). /٣/ (الطعن رقم ١٦ لسنة ٢٠٠٥ م تجاري عليا جلسة ٢٩ - اليسار والقدرة على الوفاء بالدين مفترض في الالتزام الناشئ عن »العقد الرضائي، ولمحكمة الموضوع صلاحية قبول أو رفض ما يثبت .« خلاف ذلك L6 ا [ ص أ -4 د) # :5>C ى ا / لاس ا  الإ تقول ا لمحكمة(١) : إن صدور الحكم بشهر الإفلاس لا يمنع من رفع الدعوى الجزائية قبل » المفلس وفق ً .« ا لنص المادة ٦٠٤ من قانون التجارة متى توافرت موجبات ذلك و) ـا ﱠ ت ـا ا (ــ ص نﻼـ ة:(ا ا يـ ﻝﻮﻘﺗ:ﺔﻤﻜﺤﻤﻟﺍ باب سد الذرائع باب عظيم في الأحكام وهو مما جرى العمل عليه لدى » سلف هذه الأمة وخلفائها عبر القرون الماضية وما أجدر الأخذ به في عصرنا الحاضر بكثرة التحايل على ذهاب الحقوق بشتى الوسائل فالحكم به يقطع مادة الفساد وهذه الدعوى الماثلة لا تخرج عن دائرة حكم هذا الباب الذى قرره الفقهاء في أحكامهم لا سيما إذا أحاط الدين بمال المدين واستغرقه فكل تصرف يصدر منه من بيع وإعطاء وهبة يكون باطلا ً قضاء ولو لم يحجر عليه حسبما ً (١) . ذات المرجع، الدائرة الجزائية، ص ١٣٨ الباب الخامس: نظرية الإفلاس في كتابات الفقه الإباضي ٣٢٧ ذهب إليه بعض أهل العلم وعليه لما كان الحكم المطعون فيه سلك هذا المنحى في قضائه فإنه يكون صحيحا موافق ً .« ا لقواعد الشريعة وصحيح ا لقانون ً ٢٠٠٦ م). /٥/ ٢٠٠٥ م مدنية أولى عليا جلسة ٢١ / (الطعن رقم ٣٣٤ نشير هنا إلى نظرية الإفلاس عند الشيخ العبادي، وفي القانون الإنجليزي. فإذا انتهينا من ذلك فحقيق بنا أن نذكر تعقيبا عليها. ً دي: . ا y5 لاس ا  أ) الإ للشيخ أبو أحمد بن علي العبادي نظرية متكاملة عن الإفلاس عند الإباضية، ولأهميتها آثرنا أن نذكرها كملحق لنظرية الإفلاس في كتاباتهم(١) . رأى الشيخ أبي أحمد عامر بن علي العبادي: وما تقول في المديون، هل يطلق عليه اسم الإفلاس باستغراق ماله في حقوق الله وحقوق الناس، بالمطالبة ممن له عليه الطلب فيها؟ أم حتى يرفع عليه مع الحاكم، أو مع من يقوم مقامه من الجماعة عند عدمه؟ أم حتى يحكم عليه بأدائها لأهلها؟ أم حتى يحجر عليه ماله؟ أم حتى ينادي له بالإفلاس في مجامع الناس؟ وهل ترى لحاكم الجور جواز ً ا ومدخلا ً بالحكم في مثل هذا أم لا؟ أم هو على أهل العدل خاصة؟ وما القول في هذا المديون وما يترك له من ماله بعد استغراقه؟ أرأيت إذا لم يقع عليه حكم من حاكم بما يجب عليه من حق أن يؤديه لربه؛ كان للخالق أو للخلق، أعليه أن يحكم على نفسه، طالبه من له الطلب أو لم يطالبه؟ أم لا عليه قبل (١) راجع السعدي: قاموس الشريعة، ج ٤٣ ، ص ٢٧٧ ٢٩١ (وقد أضاف تفصيلات أخرى .( ص ٢٩١ ٣٠٤ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٣٠ الطلب، وعليه بعده؟ أم لا عليه حتى يرفعوا عليه مع من يحكم عليه به لهم؟ أم له ذلك، ولا عليه؟ عرفني وجه الصواب تحض بالثواب إن شاء ا لله. قال: ففي الأثر الوارد عن أولي العلم والبصر: إن الإفلاس لا نعلم أنه يطلق اسمه على أحد من الناس قبل أن يرفع غرماء المديون المبتلي بأموال الناس، وغيرهم مع من يحكم عليه بها بحكم كتاب الله بعد صحتها ببينة إو إقرار منه بها مع الحاكم؛ فتذهب جميع أملاكه، أو يحجر عليه ماله؛ فيمنع عن الأخذ والعطاء فيه، حتى يقضي بتوزيعه عليه بين غرمائه، وهو أن ينادي بإفلاسه في المجامع؛ ليحذره الناس، ومما يوجبه النظر، فيؤكده الأثر أنه لا عليه أن يفلس نفسه قبل مطالبة غرمائه والتضييق عليه، ولو استغرق ماله كله مع صحة نيته لله مخلصا لها ً أن يؤدي كل حق يجب عليه للخالق أو للخلق، كما وجب عليه في حكم الحق، مع الاجتهاد منه في السعي والمكسبة وبذل القوى فيها، لا للمهمل لها التارك المساعي؛ فذلك الخارج عن حيز أهل العدل والتمييز، والله سائله عنها، ولو لم يصح عليه طلب من الغرماء. وقيل: هذا مما له، لا مما عليه حتى يرفع عليه مع الحاكم، أو ممن يقوم مقامه. وقيل: حتى يحجر عليه ماله الذي لزمه ذلك، فوجب عليه. وفي حكام الجور اختلاف؛ قول: يجوز الرفيعة معهم. وقول: لا تجوز؛ لأنهم غير مأمونين عن الجور على من رفع عليه معهم. وقول: إذا أمن جورهم في مثل تلك الحكومة؛ جازت الرفيعة معهم. ولكل قول حجة، فقول من يجيزها بغير شرط؛ لأن له أن يطلب حقه، وغير ممنوع عن ذلك، فإن لم يجده إلا باسترهاب لصاحبه معهم، وكان حقه مما تقوم لديه البينة العادلة؛ جاز له، وإن لم تقم له الحجة بذلك أو كان مما يختلف في ثبوته؛ دخل عليه الاختلاف من هذا الباب لأن حكام الجور أكثر قول المسلمين لا يجوز لهم الحكم بالمختلف فيه؛ لأنهم لا لهم من الأمر شيء، حتى يتخيروا في الآراء للأحكام. وقيل: يجوز لهم الحكم برأي من آراء العلماء؛ لأنها كلها عدل، ومن حكم بشيء منها؛ فقد حكم بالعدل؛ كان عادلا ً أو جائرا، ولا يمنع ً ملحق: خاتمة تظرية الإفلاس ٣٣١ الرفعان لهم على هذا الوجه، وعلى هذا المعنى يقع على الرافع معهم كما هم من الاختلاف بالرأي، ومما يوجبه النظر فاختاره أنه إذا صح التضييق على الغريم من غرمائه؛ أنه يجب عليه أن يحكم على نفسه، كما أن لو حكم عليه حاكم عدل، وخاصة ً في أيام الجور، وأما في أيام أهل العدل؛ فواسع له التمسك بماله، حتى يحكم عليه حاكم العدل؛ لأنه الموجود، وحكمه لازم على من حكم عليه، وإن كان الحق الواجب عليه؛ لم تقم عليه فيه بينة، فالأولى أن يشهد على نفسه بما عليه من الحق إذا لم يجد الوفاء كما أمره الله به أيام العدل والجور، ويعجبني إن حكم على نفسه؛ فيحكم عليها بما لا ضرر ولا إضرار فيه على نفسه، ولا على غرمائه، فيتوسط الأمر فيه حتى يحكم عليه بما هو أشد منه، وما جرى فيه الاختلاف، وإن رأى أن يترك لنفسه إلا إزاره، واستحسن ذلك؛ فقد خرج عنه التكليف فوق ذلك من الملك الحق، دع حكام الخلق، مع الدينونة منه بما يبقى عليه من حق، والوصية به حالة عجزه عن وفائه من كسبه، وفي حقوق الله اختلاف  بين المسلمين؛ بين من أنها تزاحم حقوق العباد، أو أنها مقدمة أو مؤخرة عنها؛ فتكون حقوق العباد أولى وأحق بالوفاء، والنظر يوجب تقديم حقوق الخلق؛ لما في حقوق الله من السعة في تأخيرها إلى الوفاء، ما كان منها متعلق ً ا بالأموال، ومن رأى تأخيرها من حكم نفسه على نفسه أو محكوم عليه بحكم من لا يسعه إلا قبوله؛ فعليه أن يؤدي ما لزمه من حق لكافة الخلق، وما عداها فيجري فيه الاختلاف بلزوم الدينونة بها مع الوصية بعد الموت، والنظر يوجب ذلك. وفي بعض القول: إن التوبة مجزئة عن الأداء، مع عجز المبتلى بها، وله أن يتمتع بماله ويؤخرها إلى الموت، ولا يضر بنفسه؛ لأنه متى ما استهلك ماله فنفذه فيها بقي ضياع ً ا لشدة حاجته وفقره إلى ما يقيم به نفسه وعوله، فلربما على هذا من أمره، تذهب عليه حقوق لربه لزمته بأداء ذلك، وإن كانت المكسبة هي من أفضل الطاعات، وأجل العبادات، بل مع ضعفه عنها يضيع، وبضياعه تضيع عليه حقوق لا يقدر على القيام بها كما أمره مولاه؛ فيكون قضاء هذا ضياع ً ا لغيره، وكله له جل وعلا؛ له الخلق والأمر، لا شريك له فيها؛ فهو المولى، وبالعفو أولى، وله أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٣٢ الآخرة والأولى، غير أنا نحب الدينونة بها، والوصية بعد الموت بهذا، مع قيام وصاياه بالحجة العادلة حسب جهده فيها، مع التوبة منه عنها، إن كان بقاؤها عليه عن تقصير منه لها، وتبذير لماله وضياع، وإلا فلا توبة عليه، إن لم يك مما يلزمه فيه من شيء، وعلى ما مر من معنى حقوق الله؛ فلا معنى يدل على إطلاق اسم إفلاس لمن ابتلي بها مع الناس دون غيرها، مما لزمه لمن هو بمثله من الأجناس، مع من رأى ما بيناه من سعة تأخيرها بلا خلاف نعلمه معه، ومن ساوى بها غيرها أو رآها متقدمة عليها بالحكم معه فيها؛ إذ لا يرى سعة لتأخير شيء منها؛ لعدم الفرق فيها من حقوق الخالق أو الخلق، وله رأيه الذي رآه حسن ً ا ما لم يخط من خالفه؛ إذ لا سعة للتخطئة لأحد منهم في هذا الموضع؛ لأنه ٍ موضع رأي واجتهاد، لا موضع دين واعتقاد. ومتى ما صح استغراق مال المديون وإفلاسه بحكم من حاكم، أو جماعة المسلمين، أو حكم على نفسه بنفسه على إحدى هذه الوجوه؛ فيجري فيه الاختلاف فيما يجب له من ماله؛ فيترك له منه؛ ففيه عشرات ا لآراء: الأول: إنه ليس له من ماله شيء بعد إفلاسه فوق إزاره، وما عداه فلأهل الحقوق؛ لأنهم هم به أولى وأحق في حكم الحق، والله جل وعلا متكفل بأرزاق جميع الخلق، وهو الغني ونحن الفقراء إليه، ومع ذلك؛ فعليه أن يدين، فيوصي بما بقي عليه من الحق للخلق بعد توزيع ماله لهم، لا عذر له إلا بذلك، بلا اختلاف نعلمه، وفي حقوق الملك الحق على ما مضى من الاختلاف، وما رأينا له من الاستحسان فقد مر، ولا نعيده؛ لوجوده، وبيان برهانه لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. القول ا لثاني: وهو أن يترك لهذا المديون الملزوم بأداء الديون قوته وعوله ليوم واحد بعدما يقطع عليه بالحكم لجميع أملاكه، ويخرج له من اعتبار هذا القائل بهذا القول، أن ليس له قدرة ولا استطاعة؛ ليسعى بطلب قوته وعوله في ذلك اليوم مع اضطراره إليه؛ لعدم اعتراه لما أن الحاكم قد مضى حكمه عليه ملحق: خاتمة تظرية الإفلاس ٣٣٣ بالتوزيع بماله بين غرمائه، فقضاه به لهم وأجراه، فكأنه على هذا صار شريك ً ا لهم، يأخذه لحياة نفسه، وأداء لازمه، [فكل ما] لزمه لغرمائه دين، كذلك قوت عوله عليه دين لذلك اليوم، فلما قضى بماله، فكأنه يكون لأداء دينه، وهذا وذاك كله سواء ولا فرق، إلا وربما في بعض القول أنهم أولى به؛ لأنه فيما بقي عليه من حق قيل: إنه يكون قضاؤه بما يفضل من قوته وعوله، ومع صاحب هذا القول هم أولى به من بقية غرمائه؛ لأنه لا طاقة له في السعاية إلا بقوام بنيته، ولا تقوم إلا [بالأكل والشراب]، والوجه الآخر في تقدمة عوله على ديانه فلان ً ا، لم نر أحد ً ا من علماء المسلمين ولا حكامهم حكموا على المفلس بطلاق زوجته لما أفلس، فلما لم يحكم عليه بذلك؛ حكم عليه بنفقتها ومن لزمه معها، فبهذا صاروا أولى وأحق بالحكم لهم بالمؤنة الكافية لهم، كما يراها العدول من أهل الفقه بذلك؛ فينظر فيه. والقول ا لثالث: يترك قوته وعوله ليومه وكسوته، وفي هذا نظر؛ أعني: ترك الكسوة، وهو نظير تفسير مع ما يحسن فيه من الرأي والقياس؛ فأقول: أول ما أراه للناظر هذا النظر، والقائل بهذا أنه لما أن قال قائل بتركه له للقوت لليوم؛ لأجل المشقة على من ابتلي بمثل هذا رأى هذا القائل بترك الكسوة؛ لأنه مما لزمه؛ فوجب عليه لنفسه، وعوله على ذلك، ولا بد له من ذلك؛ لدخوله الضرر بخلعها عنه، وجب عليه أن يقول: هي أولى من الغرماء؛ لأنه لا يحمل عليه والوجه الثاني في مثل هذا ،« لا ضرر ولا إضرار في الإسلام » الضرر؛ لقوله ژ مما نرى له من القول الذي يحسن القول به؛ فأقول: إن قال قائل: إن يترك له كسوته في ذلك اليوم لا غيره فحسن؛ لأنه كمثل ما لا يسعه له في السعاية لذلك القوت، كذلك الكسوة، وما عدا ذلك اليوم؛ فيمكنه الاحتيال لهما، وإلا فوارثه أولى بقيامه وعوله بنفسه، إلا لمن لزمه عوله في حكم الحق عن أهل الصدق، ٍ فإن لم يكن وارثه على قدرة أو معدوما، وإلا فعلى القائم بأمر المسلمين رعاية ً كل من لزمته رعايته ومواساة فقرائهم وضعفائهم الذين ضعفوا عن المكسبة من بيت مال المسلمين، ولا يسعه أن يتركهم سد ً ى؛ فيهملهم ضياع ً ا، فإن لم يكن أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٣٤ قائم للمسلمين بأمرهم، ولا بيت مال لهم في دار المبتلي؛ فعلى كافة من قدر فاستطاع من سكان تلك الدار مواساة من رأوا فيه فاقة وشدة، ولكن غرماء المديون كأحد أهل الدار مع لزومهم له، ولا فرق بينهم فيما لزمهم من حق المسلمون » : الإسلام، ومواساة من ضاع بين ظهرانيهم من الأنام، كما قال ژ كالبنيان يشد بعضه بعض ً وهذا وإن لم يكن وارد بالسطور؛ ففي الصدور له ،« ا وقع لظهور عدله في ا لنظر. وإن قال قائل: يترك له كسوته ما على ظهره عند الحكومة، ولا يكلف خلعها عن جسده؛ فلذلك حسن، خارج على معنى العدل؛ لأنه لا تكليف عليه لاحتمال الضرر، وكما أنه حكم عليه بماله لغرمائه، فما على نفسه من كسوة، كأنها يقع عليها الحكم أنها له؛ لبيان ما بيناه من القول في أنه قوته يحاصص غرماءه، أو ّ ٍ هو أولى مع عجز ما عنده، أو ما اكتسبه من مال لقوته وقضاء دينه، لكان قوامه أولى من غيره لما يبدو به من ضيره إذا باد ما بيده، فعلى هذا؛ فلا يبعد في الحق أن تكون الكسوة على هذا المثال؛ فافهمه إن شاء ا لله. وإن قال قائل: يترك له كسوة النصف عامة ً ذلك كما أوجبه المسلمون؛ فرأوه ٍ ٍ كاف له ومجز؛ فذلك رأي حسن، وعلى قياد هذا القول بالحكم به، فكما يحكم عليه، فيحكم به لزوجته، ومن لزمه عوله وكسوته أنه يعطيهم كسوة ستة أشهر، كذلك هو من حقه في ماله مع غرمائه، يحاصصهم فيه لقوته في يومه وكسوته لنصف عامه، ولا فرق مع من رأى فيما يراه له. وإن قال قائل: يترك له قوته وعوله شهرا؛ فلذلك رأى له معنى من معاني ً الحق قياسا على جريان نفقة من لزمته نفقة يجريها الحاكم عليه لشهر إذا تعاسرا ً [وتشاققا]، وهذا مثله غير بعيد عن الحق جزما. ً وإن قال قائل: يترك له القوت ثلاثة أيام أو أكثر أو أقل، أو قوت عام أو نصفه أو ثلاثة أو أربعة؛ فليس بخارج كله عن العدل؛ من القوت والكسوة حسب اجتهاده في النظر فيه؛ لأنه قيل: إن الحاكم إلى رأيه أحوج من كتبه؛ وعلى قياد ملحق: خاتمة تظرية الإفلاس ٣٣٥ هذا، كما أنه لو حكم عليه بما فوق إزاره؛ فما بعد ذلك أمره بالسعي بما هو أهله، فيعرض عليه من سعته لغرمائه، كما يراه الحاكم، ويترك له ما يكفيه لمؤنته وكسوته وعياله إلى وقت حصاد ثمرته أو صناعته، أو غير ذلك، ولا يتركه هملا ً يتكفف الناس؛ فانظر في هذا، وقس عليه؛ فهو مجال فسيح واسع. والقول ا لرابع: إنه يترك له بيت شرعي، وهو سبعة أجذاع عمارها، ومثلها خراب، ومعنى الخراب منها هو: المبرز يكون بقدر سبعة أجذاع، أن لو كان عمارا؛ لأنه لا بد له من بيت يسكن فيه، ويكنه عن البرد والحر، وقد قال بعض ً المسلمين: إن للزوجة على زوجها ذلك؛ فعسى صاحب هذا القول قد قاسه على هذا، فإن كان ذلك كذلك؛ فهو مما يؤكد [ما قسناه] في القوت والكسوة، غير أني أرى هذا الميت أن يكون موقوف ً ا معه لغرمائه، لا له منه إلا الانتفاع به ما دام محتاجا إليه، إلى أن يقضي ما بقي عليه من حق أو يموت، فيباع لغرمائه؛ فينظر ً فيه، وهو إن كان حكم الزوجة شيء غير هذا؛ فهذا لا يبعد من ذلك؛ لأنه مرتبط مناط برفع الأذى ،« لا ضرر ولا إضرار في الإسلام » : بقيد الرواية عنه ژ بقوله لجميع المسلمين عن بعضهم بعض؛ فقد قلت هذا عن قياس. والقول ا لخامس: إنه يترك له منزله الذي يسكنه، إن لم يكن له فيه سعة عن سكنه، ومن لزمه سكنه من عوله؛ لأنه مما يختلف أجناس الناس في ذلك؛ لقلة العيال وكثرتهم، ولا يمكنهم مع كثرتهم السكن في محل واحد؛ فيترك لهم ما لا ضرر عليهم فيه، ويؤخذ في الدين ما عداه، وليكن موقوف ً ا على ما وصفناه، حتى يفرج الله عليه بيسره بعد عسره، وقدرته بعد عجزه، أو يموت؛ فيبقى على حاله يتحاصصونه الغرماء فيما بقي لهم من حق. وفيه قول سادس: وذلك فيما قيل: يترك له آلة صناعته، أو حراثته إن كان حراث ً ا، أو ذا صنعة، ولا تباع عنه في دينه، إذ لا بد له من مكسبة، ومن كانت تلك مكسبته، فلا يشاق عليها، فتؤخذ من عنده، فتدخل عليه الضرورة، بل تترك عنده موقوفة، يستعين بها على صنعته وحراثته، لقوامه وعوله ولقضاء ما بقي أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٣٦ عليه من دين، فقيل: له من كسبه ثلثه، وثلثاه لديانه، وقيل: نصفه. وقيل: يترك له من كسبه قدر ما يكفيه له ولعوله، وما بقي لديانه، وهذا ما يوجب النظر، فيؤكده لا ضرر، ولا إضرار » : صحيح الأثر عن أولي العلم والبصر، [وقوله] خير البشر وما أعظمها مضرة، أخذ ما لا بد للإنسان منه لقوته المعين له على ،« في الإسلام سعيه، [وقوته]، فافهمه. وفيه قول سابع: إنه يترك له خادمه الذي يخدمه إذا كان لا بد له منه، وكذلك دابته التي يركبها إذا كان في النظر إذا أخذ منه، فتنفذ في دينه، بقي ضياع ً ا بسبب عجزه عن المسعى للمكسب والمرعى، فتقع عليه بسبب ذلك المشقة والهلاك. وفيه قول ثامن: وهو أن يترك له مع ذلك كتبه التي يتعلم منها دينه، وكان ذا فقه، وإن حوائج المسلمين على يده تجري لعلمه وفقهه وبصره؛ فتقع بصرفها عنه مضرة عليه، وعلى المسلمين كافة؛ فرأي هذا القائل بذلك تركها موقوفة بيده حتى يفرج الله عليه، أو إلى يوم ما، وهو رأي حسن؛ وقول مستحسن. والقول التاسع: إنه يترك له بستانه الذي هو له ببيته، إذا كان لا مدخل له إلا منه؛ لئلا يقع عليه الضرر بنزعه عنه؛ لسبب تعلق طرقه بالبيت، والبيت قد حكم له به الحاكم، وفي هذا القول إن صح؛ فثبت في صحيح الرأي والنظر؛ أنه ولو لم يكن منفذه من البيت؛ فعلى هذا كأنه مما يوجبه النظر تركه له موقوف ً ا بيده يتعيش منه؛ إذ إن الخلق أحوالهم مختلفة في المساعي؛ فيكون منهم ذا قوة فيها، وغيره خلاف ذلك؛ فلا يضار بنزعه عنه، وتوزيعه حالة عجزه عن قوامه وعوله، بل يترك بيده موقوف ً ا إلى يوم ما، أو يقضي دينه، إن وجد سعة لحل ربقته من رقبته، وقد مضى الاختلاف فيما يجعل عليه لديانه بعدما يرزؤه، وعوله من مؤنة وكسوة و[لا بعده] ثانيا. ً والقول ا لعاشر: إنه إذا كان من أهل التجارات، وكان عنده شيء من النقد؛ فقيل: يترك له مائتا درهم. وقيل: خمسون درهما، ولكل قول حجة، ومن قال ً بهذا القول فكأنه أن مائتا درهم أو خمسون درهما في نظره، كان أقل من ثمن ً ملحق: خاتمة تظرية الإفلاس ٣٣٧ الخادم، وهي ليست بأشد منه، وإن كانت هي غير الدين، فكل ما لا يحمل على المضرة فيما من الأقاويل بالسعة له في أكثر من هذا كذلك، وهذا كمثله ولا فرق، بل المساواة أولى وأحق، من التمييز عنه، ولا دليل على التفريق بينهما في السعة والتضييق. ألا وكل ما أوردناه من الآراء؛ فالحكم فيها وبها يجري على من ابتلاه من الحكام في مثل هذه النوازل؛ فيكون عنده جريانها على قدر المنازل، ولكل حادثة حكم لا يشاكه ما لغيرها، وذلك إلى نظر الحاكم فيها؛ لأن المبتلين بمثل هذا تفترق أحوالهم؛ فمنهم القوي، وآخر الضعيف، ومنهم المنصف من نفسه، ومنهم الجاحد الحائد، والمخادع، والمماطل عن يسر، ومنهم الأمين فيما جعل بيده، المقتصد في مدخله ومخرجه فيه، ولا يكتم شيئ ً ا قدر عليه، ولا يبذر ما بيده، وربما يمكن من نفسه أشياء يحتمل فيها ما لا يحتمله غيره، ولا هو في أوان سعته، ومنهم من يضعف عن ذلك، فلم يستطع إلا جريان ما قد جرى عليه أيام يسره، وربما إن يحلل عليه ذلك؛ رأى في نفسه ضررا، فهذا كأنه أدنى إلى ً جواز ترك ما لا بد له؛ لبيان ضرره بدونه، بل الآخرون هم الذين أحفى وأولى وأحق بالجفاء، والتضييق لهم حتى الوفاء؛ لأنهم مما ليس هم في محل الأمانة على ما يجب عليهم من الاقتصاد وغيره، وحفظ ما يترك بأيديهم؛ لئلا يذهب عنهم ضياع ً ا؛ فيذهب ما بقي فيهم من الحقوق إلا بمرصد من الحاكم يكون معهم، يجزئ ما ينفق عليهم على يديه؛ فيكون أمين الحاكم هو المتولي ذلك، كما قيل فيمن عنده زراعات ودواب قد حضر عليها؛ فيحيط به الدين، قيل: إنه لا يحكم عليه ببيع دوابه؛ فيذهب زرعه، ولا يحكم عليه لديانه بأخذ زرائعه قبل دراكها، بل عليهم قيامها حتى تدرك؛ فيكون بالحساب على قدر حصصهم يتحاصصونها، وذلك إذا لم يأمنوا منه إضاعة مالهم، فإن أمنوا منه؛ فهو أولى بقيامها، ويعطوه هم لما يحتاج إليه حتى الحصاد؛ فهذا على معنى ما جاء في الأثر لا النص بعينه؛ فافهمه ترشد إن شاء ا لله. أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٣٨ قلت له: وما جئت به من القول فرفعته من الاختلاف، وهو عشرة آراء وما أخرجته في خلالها من القياس حسب ما بان لك؛ فاستحسنت منه أن لو قال به قائل، أكله عن علماء المسلمين موجودة في كتبهم المأثورة، والتصانيف المشهورة التي صنفها أهل الاستقامة في الدين أم لا؟ قال: نعم، وإن لم تكن بعينها هذه منصوصة؛ فمن معناها، ومعنى حكم الخاص والعام منها، وما قلته من القياسات المحتملات لمقايستها عليها، كل على حدته؛ فذلك عن نظر مني، وإن كنت أنا ما من أهل النظر، بل ما بان لي أنه خارج على وجه الصواب؛ فينظر فيه، ويعرض على علماء المسلمين، وآثار السالفين الموافقين منهم غير المخالفين؛ فما وافقها؛ فهو المراد، وما خالفها؛ فأنا له بالراد؛ فلا يسعني وجميع الواقفين عليه إلا قبول الحق ورد ضده، وأنا تائب إلى الله مما خالفت فيه الحق والصواب. يV5 ن ا لإ  لاس ا  ب) الإ(١) : BANKRUPTCY LAW Bankruptcy proceedings are started by a bankruptcy petition, which may be presented to the court by: (I) a creditor or creditors; (2) a person affected by a ‘voluntary arrangement to pay debts set up by the debtor under the Insolvency Act 1986; (3) the Director of Public Prosecutions; (4) the debtor himself. The grounds for a creditorʼs petition are that the debtor appears to be unable to pay a debt for which a statutory demand has been made or that a court has ordered him or her to pay. The debt must amount to at least £750. The grounds for a petition by a person bound by a voluntary arrangement are that the debtor has not complied with the terms of the arrangement or has withheld material (١) كما وردت في الكتاب ا لآتي: "Oxford Dictionary of Law", Seventh edition, Oxford university Press, 2009, P.55. ملحق: خاتمة تظرية الإفلاس ٣٣٩ information. The Director of Public Prosecutions may present a petition in the public interest under the Powers of Criminal Courts Act 1973. The debtor may also present a petition on the grounds of being unable to pay his debts. Once a petition has been presented, the debtor may not dispose of any property. The court may halt any other legal proceedings against the debtor. An official receiver, ٭ interim receiver may be appointed. This will usually be the who will take any necessary action to protect the debtor's estate. A special manager may be appointed if the nature of the debtor's business requires it. The court may make a bankruptcy order at its discretion. Once this has undischarged bankrupt, who is deprived of the ٭ happened, the debtor is an ownership of all property and must assist the official receiver in listing it, recovering it, protecting it, etc. The official receiver becomes manager and receiver of the estate until the appointment of a trustee in bankruptcy. The bankrupt must prepare a statement of affairs for the official receiver within 21 public examination of the bankrupt may be ٭ A days of the bankruptcy order. ordered on the application of the official receiver or the creditors, in which the bankrupt will be required to answer questions about his or her affairs in court. Within 12 weeks the official receiver must decide whether to call a meeting of creditors to appoint a trustee in bankruptcy. The trustee's duties are to collect, realize, and distribute the bankrupt's estate. The trustee may be appointed by the creditors, the court, or the Secretary of State and must be a qualified ٭insolvency practitioner or the official receiver. All the property of the bankrupt is available to pay the creditors, except for the following: ● equipment necessary for him to continue in employment or business; ● necessary domestic equipment; ● income required for the reasonable domestic needs of the bankrupt and his family. The court has discretion whether to order sale of a house in which a spouse or children are living. All creditors must prove their claims to the trustee. Only unsecured claims can be proved in bankruptcy. When all expenses have been paid, the trustee will أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٤٠ divide the estate. The Insolvency Act 1986 sets out the order in which creditors will be paid (see PREFERENTIAL DEBTS). The bankruptcy may end automatically after one year, but in some cases a court order is required. The bankrupt is discharged and receives a certificate of discharge from the court.   ر "  ( l 5.; ج) ي): V5 الإ ن  ا %  دي و . ا  C/ لاس  الإ  p يتركه هملا » يقول العبادي: إن التعامل مع المفلس يجب ألا ْ ً .« ف ا لناس  يتضح من عرض نص نظرية الإفلاس عند الشيخ العبادي أنها تتميز بالآتي: ١ حسن العرض، وإبداء آراء الفقهاء والرأي الشخصي للمؤلف. ٢ شمولية النظرية لأغلب، إن لم يكن كل المسائل والمشاكل التي يثيرها إفلاس ا لمدين. ٣ ذبحه » في كيفية التعامل مع المفلس، وعدم « بعد أخلاقي » وجود « إنسانية في التعامل » بسبب إفلاسه، بل النظر إليه كإنسان يحتاج إلى « وتحطيمه خصوصا بشأن حاجياته ومن يعول، وكسبه وممارسته لحرفته ونشاطه. أو كما ً يتكف ٤ القول ) « أهل التجارات » الإشارة إلى أن الإفلاس يمكن أن يطبق على ٍ العاشر)، وما يجب فعله معهم حالئذ .   ٥ التأكيد، في مرات عديدة، وأحوال كلها سديدة، على أن ضابط تقرير الحل الذي يتم تطبيقه على المفلس هو عدم الإضرار به ضررا جسيما، مصداق ً ا ًً لقوله ژ : .« لا ضرر ولا إضرار في ا لإسلام »٦ اقتراح العديد من الحلول واجبة المراعاة في تقرير مصير المفلس، وليس ا يطبق بطريقة آلية أو تلقائي فقط حلا واحد ً ا. وهذه الحلول يتوقف تطبيق أي منها على العديد من العوامل، ومنها: ملحق: خاتمة تظرية الإفلاس ٣٤١ - أحوال المفلس نفسه. - من يعولهم ا لمفلس. - مدى قدرة المفلس على العمل والكسب. - حسن أو سوء نية ا لمفلس. وإذا قارن ّ ا بين ما قاله العبادي وما هو مطبق في القانون الإنجليزي، فإننا نقول: بوجود جوانب اتفاق، ومناطق ا ختلاف. أولا ً جوانب ا لاتفاق: وتشمل أمورا كثيرة، أهمها: ً ١ الإفلاس لا يتم إلا بتقديم طلب إلى المحكمة أو إلى ا لقاضي. ٢ بمجرد تقديم طلب شهر الإفلاس، لا يمكن للمدين أن يتصرف في أي ملكية له. ٣ يترك للمدين ما هو لازم لمعيشته وأسرته، ولممارسة عمله وحرفته. ٤ يترك للمدين مسكن يؤويه هو وأسرته. ٥ يتم التنفيذ على أموال المفلس وسداد ديون الغرماء من حصيلة ا لبيع. ثانيا جوانب ا لاختلاف: ً وتتمثل في أمرين أساسيين: ١ البعد الأخلاقي والإنساني الذي سبق ذكره بخصوص نظرية العبادي، وهو يكاد يكون غير موجود في القانون الإنجليزي، فلم نجد فيما ذكرناه في هملا » القانون الإنجليزي ما يساوي قول العبادي: إنه لا يجوز ترك المفلس ً .« يتكفف ا لناس أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٤٢ ولم نجد أيضا قوله بعدم الإضرار بالمدين ضررا جسيما؛ لأنه: ً ًً .« لا ضرر ولا ضرار في ا لإسلام » َ ٢ لا يجيز العبادي للمفلس أن يطلب شهر إفلاسه، بينما يجيز له القانون ومما يوجبه » : الإنجليزي ذلك إذا كان غير قادر على سداد ديونه، يقول العبادي النظر فيؤكده الأثر أنه لا عليه أن يفلس نفسه قبل مطالبة غرمائه والتضييق عليه،  .« ولو استغرق ماله كله ولا شك أن قول العبادي من مزاياه: • منع المفلس من طلب الإفلاس تحقيق ً ا لمآرب أخرى. • تمكين المفلس من الاستمرار في تجارته، مما يساعده على سداد الديون التي تعثر في سدادها. • عدم الإضرار بالدائنين لأنهم وهم أصحاب المصلحة الأولى في شهر الإفلاس  لم يطلبوه لأمور قد ّ روها هم أنها تحقق لهم مصلحة ما. • الإقلال من حالات الإفلاس، وقصرها على جانب واحد فقط هو جانب الدائنين، ولا يخفى على كل ذي ل ُ ب ما لهذا من آثار إيجابية على الاقتصاد ا لوطني. ا#"  با  ا %& الإ# '( ت ا  ا . ا / ا الأول: ا ,-( ا ................................................................................... ٧ د - : ا %A ا ,-( ا B3C/ و ..................................................... ١٧ المبحث الأول: تعريف ا لشركة ....................................................................................... ١٧ المبحث الثاني: عناصر ا لشركة ........................................................................................ ٢١ أ) الأركان ا لعامة ............................................................................................................... ٢١ ١ ركن ا لمحل ....................................................................................................... ٢١ ٢ ركن ا لتراضي .................................................................................................... ٢٢ ب) الأركان ا لخاصة ......................................................................................................... ٢٤ ١ تعدد ا لشركاء ..................................................................................................... ٢٥ ٢ تقديم ا لحصص ................................................................................................. ٢٧ ٣ نية المشاركة في الربح والخسارة ................................................................... ٣٠ ت ءا  : إ ? A ا ,-( ا .................................................................. ٣٩  ا / ا ا#": ا  ا ,-( ا .............................................................. ٤٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٤٤ المبحث الأول: الشركة بيع من ا لبيوع ............................................................................٤٣ المبحث الثاني: لا حيازة بين الشركاء، ولا شهادة من أحدهم ل لآخر ..........................٤٤ المبحث الثالث: زكاة المال المشترك أو المختلط (زكاة الشركة أو زكاة ا لمفاوضة) ..........٤٥ أ) المبدأ ا لعام ....................................................................................................................٤٥ ب) أمثلة عملية عن كيفية حساب زكاة الشركة ( التفاوض) ..........................................٤٩ ج) المفاوضة بين ا لزوجين ..............................................................................................٥٢ ١ القواعد الحاكمة للمسألة ..................................................................................٥٢ ٢ تعقيب ................................................................................................................٥٤ د) زكاة الشركة المحتوية على عنصر أجنبي (أو دولي) ................................................٥٦ C. ا 5-4 : ا W4 ا ,-( ا ....................................................٥٩ المبحث الأول: ماهية الشخصية ا لمعنوية ...........................................................................٥٩ أ) أهم الأسس التي قدمها ا لفقه .......................................................................................٦١ ١ فكرة المصلحة ا لمرسلة ....................................................................................٦١ ٢ منح اختصاصات وتصرفات للدولة ................................................................٦٣ ٣ إمكانية توقيع الجزاء أو العقاب على الشخص ا لمعنوي ..............................٦٥ ٤ الفرد هو أساس الشخصية الدولية في ا لإسلام ..............................................٦٦ ٥ فكرة الأمر الواقع كمبرر للشخصية المعنوية في ا لإسلام .............................٦٨ ٦ الشريعة الإسلامية لا تفرق بين الشخصية الداخلية والدولية ........................٦٨ ب) رأينا ا لخاص ..............................................................................................................٦٨ ١ حجة منطقية ......................................................................................................٦٩ ٢ حجة مادية: مبدأ استمرارية الدولة في الشريعة ا لإسلامية .............................٧١ ٣ حجة عملية: المسؤولية الدولية للدولة ا لإسلامية .........................................٧٢ ٤ حجة واقعية .......................................................................................................٧٢ المبحث الثاني: الاعتراف بالشخصية المعنوية ل لشركة ...................................................... ٧٣ فهرس الجزء الثالث ٣٤٥ المبحث الثالث: آثار الشخصية ا لمعنوية ............................................................................٧٧ أ) ملكية ا لأموال ................................................................................................................٧٧ ب) تساوي الشخص الاعتباري مع الشخص الطبيعي في بعض ا لأمور ......................٧٧ ج) الحق في ا لتقاضي .......................................................................................................٧٨ د) الخلطة لها أحكام تختلف عن حالة ا لإفراز ...............................................................٧٨ ت اع ا  دس: أ : ا ,-( ا ...............................................................................٨١ المبحث الأول: عموميات ...................................................................................................٨١ المبحث الثاني: الشركات ا لتقليدية ....................................................................................٨٦ أ) شركة ا لعنان ..................................................................................................................٨٧ ١ شرط التساوي في المال المقدم من الشركاء (عدد ً ا وكمية وجنس ً ا) .............٨٨ ٢ مدى جواز الشركة بالعقد أو بالخلط ..............................................................٩٠ ب) شركة ا لأبدان .............................................................................................................٩٠ ج) شركة ا لمفاوضة ..........................................................................................................٩٢ د) شركة الوجوه (شركة ا لذمم) .......................................................................................٩٨ ه) ا لمضاربة ....................................................................................................................٩٩ ١ ماهية ا لمضاربة ..................................................................................................٩٩ ٢ القواعد الحاكمة للمضاربة ...............................................................................١٠٥ ٣ الشروط في عقد ا لمضاربة ..............................................................................١١٤ ٤ تكييف عقد ا لمضاربة: ..................................................................................... ١١٩ أولا ً المضاربة بالنسبة للمضارب هي عمل تجاري ...................................... ١١٩ ثانيا: عقد المضاربة عقد غير لازم .................................................................... ١٢٠ ً ثالث ً ا عقد المضاربة من عقود ا لأمانة .............................................................. ١٢١ رابعا المضارب وكيل عن رب ا لمال ............................................................. ١٢٢ ً .« شركة » خامسا هل المضاربة تعتبر .............................................................. ١٢٣ ً • رأي ا لفقه ...................................................................................................... ١٢٣ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٤٦ • رأينا ا لخاص ................................................................................................١٢٤ ٥ الضمان في ا لمضاربة .......................................................................................١٢٧ ٦ المضاربة ا لدولية: ............................................................................................. ١٣٢ • من حيث أطراف المضاربة (وجود غير مسلم فيها) ................................. ١٣٢ • من حيث النطاق الجغرافي للمضاربة (إمكانية حدوثها خارج دار ا لإسلام) ................................................................................................. ١٣٦ • المضاربة في ا لبحر ...................................................................................١٣٦ ٧ ما يؤثر على ا لمضاربة: .................................................................................... ١٣٨ • الوفاة .......................................................................................................... ١٣٩ • الجنون .......................................................................................................١٤٠ المبحث الثالث: الشركات ا لحديثة .....................................................................................١٤١ أ) الضوابط الحاكمة لإنشاء الشركات ا لحديثة ..............................................................١٤١ ب) دراسة لبعض صور الشركات ا لحديثة .....................................................................١٤٢ ١ الشركات ا لمساهمة ...........................................................................................١٤٣ ٢ نظام شركة بزناس وشركات التسويق ا لشبكي ................................................١٤٤ ٣ شركات ا لتضامن .............................................................................................. ١٤٥ أولا ً ماهية التضامن بين ا لشركاء .................................................................... ١٤٥ ثانيا أدلة وجود تضامن بين ا لشركاء .............................................................. ١٤٧ ً المبحث الرابع: الشركات المركبة أو المختلطة (مشاركة غير ا لمسلمين ( ..........................١٥٤ أ) مدى مشروعية إنشاء شركات مركبة أو مختلطة ........................................................١٥٤ ب) رأينا ا لخاص .............................................................................................................. ١٦٢ • تذييل: ا لملاحق ...........................................................................................١٦٨ :( ملحق ( ١ قرار المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث .......................................١٦٨ :( ملحق ( ٢ بعض فتاوى سماحة المفتي العام لسلطنة عمان بخصوص ُ الأسهم والسندات ................................................................................................... ١٧٣ فهرس الجزء الثالث ٣٤٧ :( ملحق ( ٣ قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم ا لإسلامي ( (مكة المكرمة ١٤١٥ ١٩٩٥ ....................................................................................١٧٥ :( ملحق ( ٤ قرار مجمع الفقه بخصوص ا لسندات ..............................................١٧٦ :( ملحق ( ٥ قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بشأن سندات ا لمقارضة وسندات ا لاستثمار ..................................................................................................١٧٧ :( ملحق ( ٦ قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم ا لإسلامي بمكة المكرمة ( ١٤٠٤ ه) .........................................................................................١٨١  ء ا e #": ا : ا ,-( ا ...............................................................................١٨٧ المبحث الأول: ا لقسمة ......................................................................................................١٨٧ أ) ماهية ا لقسمة .................................................................................................................١٨٧ ب) القواعد الحاكمة ل لقسمة ...........................................................................................١٨٩ ١ القسمة لا تصح إلا بمحضر جميع الشركاء أو وكلائهم ................................١٨٩ ٢ القسمة عقد لازم ...............................................................................................١٨٩ ٣ يجوز أن يلي القسمة من هو مختلف في ا لدين: ........................................... ١٨٩ أولا ً فيجوز أن يلي المسلم قسمة أموال الشركاء غير ا لمسلمين ................. ١٨٩ ثانيا ويجوز أن يلي غير المسلم قسمة أموال الشركاء ا لمسلمين ................. ١٩٠ ً ٤ القسمة على أنواع .............................................................................................١٩٠ ٥ تشكل قسمة مال الشركاء ا لقاعدة ...................................................................١٩١ المبحث الثاني: تصفية ا لشركة ...........................................................................................١٩١ المبحث الثالث: اتفاق ا لشركاء ...........................................................................................١٩٢ المبحث الرابع: ا لوفاة .......................................................................................................١٩٣ أ) أثر وفاة الشريك على موجودات الشركة بالنسبة ل لغير .............................................١٩٣ ب) أثر وفاة الشريك على حقوق الشركاء ا لآخرين ......................................................١٩٤ ج) أثر وفاه الشريك على استمرارية الشركة بعد وفاته ................................................. ١٩٦ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٤٨ المبحث الخامس: الأسباب القهرية التي تؤثر على الشركة ( الغصب) ................................ ١٩٧ المبحث السادس: ا لتقادم .................................................................................................. ٢٠٠ ُ 5. ا 6 ء ا eX ت  : ا IA ا ,-( ا ن ................ ٢٠٣ أ) بخصوص تضامن ا لشركاء .......................................................................................... ٢٠٣ ب) بخصوص ا لتقادم ....................................................................................................... ٢٠٤ ج) بخصوص مزاولة الشركة ل نشاطها ............................................................................. ٢٠٦ د) بخصوص تقسيم الأرباح والخسائر ........................................................................... ٢٠٦ ه) بخصوص الضرائب على ا لشركات ......................................................................... ٢٠٧ W4 با  ا %& ا لإ# '( ت ا  # لاس  الإ . ا / ا الأول: ا ,-( ا ................................................................................... ٢١١ '.5n لاس و  : الإ %A ا ,-( ا .............................................................. ٢٢٥ المبحث الأول: تعريف الإفلاس وتمييزه عن غيره ............................................................. ٢٢٥ أ) تعريف ا لإفلاس ............................................................................................................ ٢٢٥ ب) الفارق بين الإعسار والإفلاس، وبين المفلس والمعدم .......................................... ٢٢٨ ١ الفارق بين الإعسار والإفلاس ......................................................................... ٢٢٨ ٢ الفارق بين المفلس والمعدم ............................................................................ ٢٣٢ المبحث الثاني: طبيعة ا لإفلاس .......................................................................................... ٢٣٣ « الديون » أ) الإفلاس مظهر من مظاهر مسألة .................................................................. ٢٣٣ ١ ماهية ا لدين ........................................................................................................ ٢٣٣ ٢ مبدأ عدم جواز حبس من يعجز عن الوفاء بالتزاماته ا لمالية ......................... ٢٣٦ ٣ ضرورة إنظار ا لمعسر ....................................................................................... ٢٤٠ فهرس الجزء الثالث ٣٤٩ ب) الإفلاس صورة من صور الحجر على ا لمدين .........................................................٢٤٣ ١ ماهية الحجر وأنواعه ........................................................................................٢٤٣ ٢ القواعد الحاكمة للحجر ................................................................................... ٢٤٦ أولا ً علة ا لحجر ............................................................................................... ٢٤٧ ثانيا الحجر ذو أثر شخصي ............................................................................ ٢٤٨ ً ثالث ً ا الحاكم هو المختص بتوقيع ا لحجر ...................................................... ٢٤٩ « الأصل براءة ا لذمة » رابعا في الحجر ............................................................ ٢٤٩ ً خامسا صيغة ا لحجر ........................................................................................ ٢٥٠ ً سادسا الحكم الصادر بالحجر له قوة الأمر ا لمقضي ................................... ٢٥١ ً سابعا تصرفات المحجور عليه ....................................................................... ٢٥٢ ً ثامن ً ا مدى ا لحجر ............................................................................................٢٥٤ لاس  لإ  وط ا G : ? A ا ,-( ا .................................................................٢٥٧ المبحث الأول: الشرط الشخصي (أن يكون الشخص مدين ًا) .............................................٢٥٧ المبحث الثانى: الشرط الموضوعي (التوقف عن دفع ا لديون) ............................................٢٥٩ المبحث الثالث: الشرط الإجرائي (صدور حكم بتوقيع ا لإفلاس) ......................................٢٦١ أ) ضرورة صدور حكم بالإفلاس ....................................................................................٢٦١ ب) ضرورة شهر الإفلاس، وشهر زواله ..........................................................................٢٦٢ لاس  ر الإ [ ا#": آ  ا ,-( ا .....................................................................................٢٦٥ المبحث الأول: آثار الإفلاس بالنسبة إلى ا لمدين ...............................................................٢٦٥ المطلب الأول: ترك ما هو لازم لمعيشة المدين ومن يعول ..........................................٢٦٥ المطلب الثاني: غل يد المدين عن تصريف أ مواله .......................................................٢٦٧ أ) تصرفات المدين قبل الحجر عليه ...............................................................................٢٦٩ ب) تصرفات المدين بعد الحجر عليه ...........................................................................٢٧١ ١ المبدأ ا لعام ........................................................................................................ ٢٧١ أحكام القانون التجاري في الفقه الإباضي ٣٥٠ ٢ ا لاستثناءات ....................................................................................................... ٢٧٤ أولا ً التصرفات المتعلقة بالأحوال ا لشخصية ................................................ ٢٧٤ ثانيا الجرائم المرتكبة بعد الحجر يدخل أصحاب الحقوق فيها مع ا لغرماء ..... ٢٧٥ ً ثالث ً ا إقرار المفلس بعد الحجر بحقوق ثبتت قبله ........................................٢٧٦ ج) تصرفات المدين في فترة ا لريبة .................................................................................٢٧٨ د) تصرفات المفلس مع أ بنائه .........................................................................................٢٨٢ « عدم استخدام الأب المفلس أموال أبنائه لسداد ديونه » ١ قاعدة .....................٢٨٢ « الإحازة » ٢ قاعدة .................................................................................................٢٨٣ ه) الإفلاس والتدليس أو ا لخديعة .................................................................................٢٨٤ و) الممنوع على المفلس هو التصرف في أمواله لا أموال غيره ....................................٢٨٦ ز) البعد الأخلاقي لنظرية ا لإفلاس ..................................................................................٢٨٧ المبحث الثاني: آثار الإفلاس بالنسبة إلى ا لدائنين .............................................................٢٨٩ أ) نشأة جماعة ا لدائنين .....................................................................................................٢٨٩ ١ تكوين جماعة ا لدائنين ......................................................................................٢٨٩ ٢ القواعد الخاصة بجماعة ا لدائنين: ................................................................... ٢٩٠ أولا ً يجب أن يكون الدين معلوما، وإلا كان من الأموال ا لمجهولة ........... ٢٩٠ ً ثانيا الدائن الذي يبذل نفقات للحصول على أموال من المدين، يتم ً تعويضه بردها إليه .............................................................................................. ٢٩٢ ثالث ً ا ما هو مقرر لحماية الغرماء يمكن الخروج عليه بموافقتهم ................. ٢٩٢ رابعا: ضرورة التسوية بين ا لدائنين ................................................................... ٢٩٣ ً خامسا إمكانية إعطاء أسبقية لبعض الدائنين إذا وجدت أحوال تبرر ذلك ...... ٢٩٤ ً سادسا لمن تكون الأولوية في حالة وجود دائنين أجانب لأب مدين ً أيض ً ا لابنه ............................................................................................................ ٢٩٧ سابعا مدى أولوية البائع في سلعته عند إفلاس ا لمشتري ............................ ٢٩٨ ً ب) حلول أجل ا لديون ....................................................................................................٣٠١ ١ الاتجاه الأول: عدم حلول أجل ا لديون ........................................................... ٣٠١ فهرس الجزء الثالث ٣٥١ ٢ الاتجاه الثاني: حلول أجل ا لديون ................................................................... ٣٠٢ المبحث الثالث: مسألة إفلاس من تمت إحالة الدين إ ليه ................................................... ٣٠٤ لاس  ءا لإ N : ا W4 ا ,-( ا ............................................................................. ٣٠٩ المبحث الأول: التنفيذ على أموال المدين؛ وفاء لديونه ..................................................... ٣١٠ ً أ) المبدأ ا لعام .................................................................................................................... ٣١٠ ب) القواعد الحاكمة ل لمسألة .......................................................................................... ٣١١ ١ جواز بيع أموال المدين ولو كان السعر السائد ليس مرتفعا .......................... ٣١١ ً ٢ جواز التنفيذ على مال المديون ا لغائب ........................................................... ٣١٢ ٣ عدم جواز التنفيذ على بعض أموال ا لمفلس ................................................. ٣١٣ ٤ طريقان لسداد المفلس لديونه .......................................................................... ٣١٤ المبحث الثاني: وفاة ا لمفلس .............................................................................................. ٣١٦ المبحث الثالث: الصلح بين المفلس والدائنين .................................................................. ٣١٧ ُ 5. ا 6 م ا 6M لاس أ  دس: الإ : ا ,-( ا ن ............. ٣٢٣ أ) بخصوص شروط شهر ا لإفلاس .................................................................................. ٣٢٣ ب) بشأن الصلح الواقي من ا لإفلاس ............................................................................. ٣٢٤ ج) بخصوص ا لديون ....................................................................................................... ٣٢٥ د) بخصوص أثر الحكم بشهر الإفلاس على الدعوى ا لجنائية .................................... ٣٢٦ ه) بخصوص بطلان تصرفات المدين التي تمت قبل الحجر عليه (وهو ما يسري على تلك التي تقع في فترة ا لريبة). ................................................................................ ٣٢٦ () لاس  الإ ............................................................................. ٣٢٩ أ) نظرية الإفلاس عند الشيخ ا لعبادي ............................................................................. ٣٢٩ ب) نظرية الإفلاس في القانون ا لإنجليزي ..................................................................... ٣٣٨ ج) تعقيب (مع مقارنة بين نظرية الإفلاس عند العبادي وفي القانون ا لإنجليزي) ..... ٣٤٠ فهرس الجزء ا لثالث ........................................................................................................... ٣٤٣