١٤٣٦ غمي ٢٠١٥ م لا يجوز نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب في أي شكل من الأشكال أو بأية وسيلة من ا لوسائل سواء التصويرية أ و الالكترونية، بما في ذلك ا لنسخ الفوتوغرافي أ و سواه وحفظ ا لمعلومات واسترجاعها إلا بإذن خطي من ا لناشر . نعرف لشيوخ حملة العلم أقوالا ً وفتاوى وجوابات في المسائل الجنائية منذ أواخر القرن الهجري الأول. ثم صارت الحدود والجنايات أبوابا ثابتة ً ً في دواوين الحديث، وكتب الفقه العامة. وهذا الباب شديد الأهمية بالفعل لأنه يتعلق بعدة أمور: إحقاق العدالة والحقوق، وفض النزاعات بين الناس، ّ وردع ا لجناة على الأنفس والأعراض والأموال، وتأمين الأفراد والجماعات ُ والمجتمعات.    ولذلك كله جرى الاشتراع في هذه المسائل في القرآن والسنة، وتناولها   بالتفسير وتنزيل النصوص على الوقائع المفسرون والقضاة والفقهاء. وهكذا فإنه في الجنايات بالذات هناك شراكة ٌ ظاهرة ٌ وقائمة ٌ بين السلطات والقضاة والفقهاء، لأن السلطة هي القائمة على إنفاذ أحكام الشرع من خلال تنفيذ أحكام القضاء، ومن خلال المحترزات التي يقوم عليها المحتسب والشرطي، والجهات ا لمكلفة ا لأ ُ خرى من جانب ا لسلطة. لقد رجع العلا ّ مة الدكتور أحمد أبو الوفا إلى كتب الفقه والفتوى جميعا عند الإباضية، ومنذ القرن الرابع الهجري وإلى الأزمنة الحديثة. ً وقد راعى في هذا الرجوع والترتيب أبواب القوانين الجنائية الحديثة،  ٍ فقام بمقارنات متوازية ومفيدة في شتى مجالات الفقه الجنائي. ولأنه يعرف كتب المذاهب الفقهية الأ ُ خرى؛ فإن ّ عرضه كما جاء شاملا ً في المقارنة مع القوانين الحديثة؛ فإنه جاء شاملا ً من حيث المقارنة بين شتى المذاهب انطلاق ً ا مما لدى الإباضية، في المسائل الرئيسية ّ على ا لأقل ّ. لقد افتتح التأليف في فقه الجنايات المقارن في المجال العربي الإسلامي في الأزمنة الحديثة الأستاذ عبد القادر عودة. وكان يهدف لأمرين: تقنين أو قوننة أحكام الجنايات الواردة في الكتب الفقهية من جهة، وإثبات تفوق الفقه الجنائي لدى المسلمين على مثائله في القوانين الحديثة. وقد كثر التأليف بعده في الأمور الثلاثة: التقنين، والمقارنة، والتفضيل. والواقع أن ّ الأستاذ أبو الوفا في كتابه هذا يعتبر رائد ً ا في مجال بحث المسألة الجنائية لدى فقهاء الإباضية وقضاتها. وهو قد قصد في عمله الكبير هذا إلى إثبات الشمولية، وإثبات الصلاحية، والمقارنة، والقابلية للتقنين دونما ا هتمام ٍ لأيديولوجيات التفضيل التي قد ت ُ لهي عن القراءة الموضوعية. ولذا فأنا أرى أن ّ هذا العمل الكبير سيكون مفيد ً ا للدارسين والق ُ ضاة ولسائر العاملين في الشأن الفقهي أو القانوني. وقد اختار الباحث والقانوني البارز أن يسمي كتابه: أحكام القانون الجنائي » ُّ « في الفقه الإباضي . وهذا المنزع لا غبار عليه، لكن ّ الشريعة غير القانون، بل والفقه غير القانون. فهل يكون هذا المنزع مفيد ً ا في إمكان التلاقح والتلاؤم بين الفقه والقوانين الجنائية الحديثة، ثم ما صار دوليا مثل القانون الدولي ا لإنساني؟ إنني أحمد للقانوني والفقيه العلا ّ مة الدكتور أحمد أبو الوفا عمله الكبير والمستقصي هذا الذي ذكرت ُ أنه يتم للمرة الأولى في المذهب الإباضي بهذا المنحى الشامل. وقد كتب الأستاذ أبو الوفا من قبل في القانون الدولي والقانون الدولي الخاص في المذهب، وكان مستقصيا ً ُ وشاملا ً في الكتابين أيض ً ا. وإنني إذ أثني على هذا الجهد الواضح، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوف ّ قنا لما يحبه ويرضاه، وأن يجعل عملنا خالصا لوجهه ا لكريم. ً  القانون ا لجنائي » هذا كتاب في(١) جعلته حاوي ،« في الفقه الإباضي ً ا لأصوله، شاملا ً لأبوابه وفصوله، راجيا أن ينتفع قراؤه بمحصوله. ً ويظهر من ثنايا هذا الكتاب أن الفقه الإباضي تصدى لكل جوانب وموضوعات القانون الجنائي، سواء تلك الخاصة بالمبادئ العامة للتجريم (١) لقد اتصلت بدراسات القانون الجنائي من نواح ٍٍ ثلاث: أولاها : أنني حصلت على دبلوم الدراسات العليا في العلوم الجنائية من كلية الحقوق جامعة القاهرة، عام ١٩٧٦ ، وكنت الأول على هذا الدبلوم . والثانية : أنني ألفت كتابا باللغة الإنجليزية عن القانون الدولي الجنائي. ويحتوي الكتاب ً بداهة على ذات النظريات والمبادئ والقواعد الموجودة في القانون الجنائي الوطني (المبادئ العامة، والمصادر، والجريمة وأنواعها، والأشخاص المتصلين بالمحاكمات الجنائية كالجاني والمجني عليه والشهود، والمحاكمات والتحقيقات الجنائية، والعقوبات واجبة التوقيع، وتنفيذ هذه العقوبات، وغير ذلك من الموضوعات). والكتاب هو الكتاب ا لآتي: Ahmed Abou – el-wafa: Criminal international law, Dar Al-Nahda Al-Arabia, Cairo, 20071427, 481pp. والثالثة : أنني قمت ُ بتدريس مادة القانون الدولي الجنائي في القسم الفرنسي بكلية الحقوق جامعة عين شمس لمدة تربو على العشر سنوات . ولا شك أن هذه الأمور الثلاثة ساعدتني مساعدة كبيرة في إعداد هذا الكتاب، بل وفي إعطائه أبعاد ً ا أكثر من تلك التي يضمنها أساتذة القانون الجنائي في كتبهم عادة ً . يكفي أن وهو « الجوانب الدولية للمسائل الجنائية » أذكر أن هذا الكتاب يحتوي على موضوع موضوع نادرا ما يبحث، وبالحجم الذي هو عليه في هذا الكتاب، في ثنايا أي كتاب ًُ خاص بالقانون ا لجنائي. والعقاب، أو تلك الخاصة بالجريمة، والعقوبة، أو تلك الخاصة بالمسؤولية الجنائية، وسواء وقعت الجريمة من فرد واحد أو ساهم فيها أكثر من فرد. ولم يقتصر الإباضية على الجوانب الداخلية الصرفة للجريمة، إنما درسوا ّ أيضا جوانبها الدولية التي يعنى بها القانون الجنائي الدولي والقانون الدولي ًُ الجنائي. في عبارة وجيزة ي ُعد ّ الكتاب الحالي جامع ً ا شاملا ً للأحكام العامة للقانون الجنائي في الفقه ا لإباضي. وقد ا تبعت ُ في إعداده ذات المنهج الذي ا تبعت ُ أحكام » : ه في تأليف كتاب  والذي يرتكز على ،« القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي أمور أربعة، وهي: الأول: الرجوع إلى أمهات كتب الفقه الإباضي، مع عدم إغفال غيرها. الثاني: الربط بين ما استقر عليه القانون الجنائي المعاصر وما هو ثابت في الفقه الإباضي، مع المقارنة بينهما. الثالث: ترك الفقه الإباضي ينطق بما يحويه بخصوص موضوعات هذا الكتاب. الرابع: تنظير وتحليل وتأصيل وتقعيد النظريات الأساسية للقانون الجنائي في الفقه ا لإباضي. أ. د. أحمد أبو الوفا :á«dɪLEG áëªd (CG عني الفقه الإباضي كغيره من فقه المذاهب الإسلامية الأخرى ُ بالمسائل والقواعد والمبادئ والنظريات الخاصة بالقانون ا لجنائي. ويمكن القول إن الفقه الإباضي يحتوي على نوعين من الأحكام  والقواعد، وهما: أولا ً: القواعد والأحكام واجبة التطبيق على الصعيد الداخلي، وهذه لها علائق ووشائج بالعلاقات الوطنية الصرفة (التي تقوم بين الأفراد الطبيعيين أو المعنويين داخل الدولة الواحدة)، بمختلف مناحيها: المدنية والإدارية والتجارية والجنائية وغيرها. ثاني ً ا: القواعد والأحكام واجبة التطبيق على الصعيد الدولي العام (والتي تحكم العلاقات بين أشخاص القانون الدولي كالدول والمنظمات الدولية)، الخاصة » وكذلك علاقات القانون الدولي الخاص (والتي تتعلق بالمسائل أي: التي تثور بين الأفراد والأشخاص العاديين أو المعنويين، لكنها « الدولية تحتوي على عنصر أجنبي). وهكذا يشكل هذا الكتاب دراسة لفرع مهم من فروع القانون، يخص المسائل أو الجوانب الجنائية، والتي بحثناها على مستويين:   الأول: أي: أنها ،« ذات الطابع الوطني الصرف » المسائل والأمور الجنائيةلا تحتوي على أي عنصر أجنبي: فالجاني والمجني عليه من مواطني الدولة، والجريمة وقعت داخل حدودها، وترتبت فيها كل آثارها، وبالتالي بسط ً ا لمبدأ سيادة الدولة على إقليمها يكون قانونها الجنائي واجب ا لتطبيق. والثاني: وهي على ،« ذات الطابع الدولي » المسائل والأمور الجنائية نوعين: من ناحية، المسائل والأمور الجنائية التي تخص الأفراد العاديين، لكنها تحتوي على عنصر أجنبي: لكون الجاني أو المجني عليه ليس من رعايا الدولة التي وقعت فيها الجريمة، أو لأن هذه الأخيرة وقعت في الخارج القانون الجنائي » لكن امتد أثر من آثارها إلى الدولة، وهذه يعنى بها .« الدولي ومن ناحية أخرى، المسائل والأمور الجنائية التي تثور في العلاقات بين أشخاص القانون الدولي أنفسهم (كالجرائم الدولية مثل جرائم الحرب)، .« القانون الدولي ا لجنائي » والتي يعنى بها وقد لاحظنا أن الفقه الجنائي الإباضي، كفقه المذاهب الأخرى، يلتزم مع اجتهادات خاصة به(١) بالقواعد الإسلامية الواردة في الكتاب والسنة (١) إن الخاصة الرئيسة المميزة للمذهب الإباضي في هذا المجال هي التعطيل » : يقرر رأي المؤقت للحدود باستثناء عقوبة الإعدام (ما عدا الرجم) خلال فترة الكتمان، وبالإضافة إلى هذه الخاصة، يمكن لنا هنا أن نذكر نقطتين أخريين: ١ بين المذاهب الإسلامية كلها، كان الإباضيون وحدهم هم الذين حددوا الإجراءات التي بموجبها ينبغي أن تدفع مبالغ محددة تعويض ً ا عن إنزال الأضرار الجسدية، دون الدامية خطورة، في حين أنه لم يحدد لذلك أي مبلغ من قبل السن ّ ة، لقد تركت المذاهب التي تقدر العقوبة، أي: مقدار ما « الحكومة » الإسلامية الأخرى مثل هذه الحالات لقرار يخفضه الضرر المشار إليه بقيمة الرقيق، وهو ما يحدد نسبة الدية التي ت ُ دفع، وقد وضع =  والإجماع مع الإحاطة خبرا بكل الجوانب الجنائية للمسألة قيد البحث ً والنظر(١) . وسنلاحظ في ثنايا هذا الكتاب وبين دفتيه آراء عديدة لفقهاء الإباضية تتعلق بالمسائل الجنائية لا يختلف عليها اثنان. يكفي كمثالين  ّ والشرع لم يفوض إلى المكلف إقامة شيء » : أن نذكر ما قاله الإمام السالمي من العقوبات على نفسه، بل جعل ذلك إلى الأئمة يستوفونه بطريق الجبر، « وفي وجوبها معنى ا لعقوبة(٢) . = علماء ا لإباضية، بغية اجتناب القرارات غير العادلة من قبل الحكومة، مقياسا خاصا لتقدير ًّ الأضرار وتحديد المبلغ الذي يجب أن يدفع تعويض ً ا عنها، ووحدة تقدير الأضرار هي ُ أو عقدة الطرف في الإبهام، أي: ما يقرب من بوصة واحدة. ،« الراجبة »٢ وفي القصاص، إذا كان ينبغي قتل الرجل عقوبة له لقتله امرأة متعمد ً ا، فإنه يجب على ولي المرأة أن يعيد نصف دية الرجل إلى أقارب الرجل، وهذا هو الموقف نفسه ّ .« الذي اتخذه الشيعة الإثنا عشرية . د. عمرو النامي، دراسات عن ا لإباضية، ص ١٥٧ ١٥٨ ّ (١) تعددت مجالات البحث في التراث الإباضي بالنسبة لإقامة » : على سبيل المثال، يقرر رأي الحدود، فبالنظر إلى الحدود بعينها تمت دراستها من قبل علماء المذهب الإباضي في إطار معناها العام، ثم النظر إلى وجوب إقامتها على المعنى الخاص، والبحث عن أهمية ذلك وما تثمره إقامة الحدود من فوائد على المستوى الفردي والاجتماعي والمصلحة الدينية، في المستوى نفسه لم يغفل الإباضية عن مناقشة كيفية إقامة الحدود كعقوبات ّ شرعية على بعض الجرائم، والنظر فيمن يتحمل مسؤولية تنفيذها، مع مراعاة من يقام عليه الحد ّ تعرضا لوضعه الاجتماعي من قبول ورفض، قبل إقامة الحد ّ عليه وبعد ذلك، ً فتناول العلماء ضمن ما تناولوه في مناقشاتهم من يقيم ا لحد ّ الشرعي، وعلى من يقام، وما موجبات الحد، وحالة الشخصية التي يقام عليها، وما يتبع ذلك من نقاط، لتكون عناصر .« دراستها النظرية في إطار واحد د. سعيد الوائلي، البعد الحضاري لتفسير القرآن عند الإباضية، رسالة دكتوراه جامعة ّ . الزيتونة المعهد الأعلى لأصول الدين، ١٤٣٠ ه ٢٠٠٩ م، ص ٢٠٠(٢) . السالمي، طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٥٨ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١٤ إن الله أوجب الحدود لتؤخذ من أهلها، وأثبت » : وما قاله النزواني الحقوق لتؤد  « ى إلى أهلها (١) . :ÜÉàμdG á£N (Ü  سنسير في هذه الدراسة، حتى تحقق غرضها ونصل بها إلى بر وفق ً ا للخطة ا لآتية: فصل تمهيدي: مقدمات دراسة القانون الجنائي في الفقه ا لإباضي. الباب ا لأول: المبادئ العامة للتجريم والعقاب في الفقه ا لإباضي. الباب ا لثاني: الجريمة في الفقه ا لإباضي. الباب ا لثالث: المسؤولية الجنائية في الفقه ا لإباضي. الباب ا لرابع: الجزاء الجنائي في الفقه ا لإباضي. الباب ا لخامس: الجوانب الدولية للمسائل الجنائية في الفقه ا لإباضي. وننهي هذا الكتاب بعون الله وتوفيقه بخاتمة عامة. وندرس الموضوعات آنفة الذكر على التفصيل الآتي بيانه. الأمان، (١) الشيخ أبو بكر النزواني، كتاب الاهتداء والمنتخب من سير الرسول عليه الصلاة والسلام وأئمة وعلماء عمان، وزارة التراث، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه ١٩٨٥ م، ص ُُ . ص ٢٣٨ ٢٣٩ راجع أيض ً . ا: الكندي، بيان الشرع، ج ٣، ص ٢٧١   من اللازم دراسة بعض الأمور الأساسية التي تشكل مدخلا ً ضروريا لدراسة القانون الجنائي في الفقه الإباضي، والتي تتعلق خصوصا ً بتعريفه، وأقسامه، والعلاقة بين قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية، وأهمية دراسته، ومصادره، والقواعد التي تحكمه لنشير في النهاية إلى القانون الجنائي في سلطنة عمان، وندرس هذه الأمور على التفصيل الآتي ُ بيانه. :»FÉæédG ¿ƒfÉ≤dG ∞jô©J (CG      في النظم القانونية المعاصرة ينتقي ا لمشرع بعض الأفعال التي تخالف القواعد القانونية المقررة ليعتبرها جرائم، وبالتالي يحدد لها جزاءات جنائية، فليست كل مخالفة لقواعد القانون تشكل جريمة، وليس كل مخالف لها يعد مجرما، وليس كل جزاء ينص عليه القانون يعتبر جنائيا، وهكذا من بين ً فروع القانون يعد القانون الجنائي أو قانون العقوبات هو ذلك الفرع الذي يتضمن تجريما للأفعال المخالفة له وجزاء على فاعلها أو من شارك وساهم ً فيها. حري بالذكر أن النتيجة القانونية المترتبة على الجريمة هي العقوبة التي يحددها القانون، لكن إلى جانب ذلك قد يقرر القانون ما يسمى بالتدابير الاحترازية وهي ليست لها صفة العقوبة، وإنما هي تهدف إلى وقاية المجتمع من خطورة الجاني، ولهذا السبب يقترح اتجاه استخدام تعبير بدلا « القانون الجنائي » ً لأنه إلى جانب العقوبة ،« قانون العقوبات » من يمكن أن تطبق أيض ً ا تلك التدابير الاحترازية على ا لجاني. :(»FÉæédG ¿ƒfÉ≤dG) äÉHƒ≤©dG ¿ƒfÉb ΩÉ°ùbCG (Ü التقسيم التقليدي في هذا الخصوص هو تقسيم قانون العقوبات إلى قسمين، هما: • القسم ا لعام: (ويتضمن القواعد العامة القابلة للتطبيق على كل الجرائم والعقوبات، أو على الأقل على أغلبها). • والقسم الخاص: (ويشمل القواعد واجبة التطبيق على كل جريمة على حدة ويبين العقوبة التي يرصدها المشرع لها).   وتبدو العلاقة بين القسمين السابقين واضحة جلية: فالقسم العام يمنع  « خصوصيات » من التكرار بخصوص كل جريمة، أما القسم الخاص فهو يبين الجريمة المعنية التي قد لا تتوافر في غيرها، باعتبارها لازمة لمسؤولية ،« كل من شارك في جريمة عليه عقوبتها » الجاني عن فعله، وهكذا فإن قاعدة تغني عن تكرار ذات المعنى في إطار جريمة السرقة، أو الضرب، أو القتل، أو الاختلاس، أو انتهاك حرمة المساكن... إلخ. لكن تطبيق ً ا لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، فإن المشرع إن أراد أن يضع نصا خاصا بجريمة معينة، فإن من حقه ذلك، في حدود ما يقرره الشرع، إلا أنه في هذه الحالة لن يطبق النص العام، وتكون أولوية التطبيق بخصوص هذه الجريمة للنص الخاص، استناد ً ا إلى القاعدة القانونية التي تقضي بأن النص الخاص يقيد أو يخرج على النص العام Lex specialis .derogat generalis :á«FÉæédG äGAGôLE’G ¿ƒfÉbh äÉHƒ≤©dG ¿ƒfÉb (ê لكل قانون جانب موضوعي، وجانب إجرائي. وفي إطار القانون ا لجنائي: يتمثل الجانب الموضوعي في قانون العقوبات (أو وفق ً ا لتسمية أخرى القانون الجزائي)، باعتباره يتضمن القواعد الحاكمة لأركان الجريمة، والعقوبة المقررة لها، والمسؤولية الجنائية عنها، وانقضاء الجريمة أو العقوبة وغيرها. بينما يحتوي قانون الإجراءات الجنائية على القواعد الإجرائية أو الشكلية التي تبين الطريقة التي يسير المجتمع وفق ً ا لها The mouds operandi لاستيفاء حقه في العقاب: مثل كيفية الكشف عن الجريمة، وجمع الأدلة، والتحقيق مع المتهم، والإحالة إلى المحكمة المختصة، وكيفية إصدار  الأحكام الجنائية وطرق الطعن فيها وتنفيذها، والجزاءات الإجرائية واجبة التطبيق إذا خولفت تلك القواعد السابقة. وهكذا تحتوي تلك القواعد على .« أصول التحقيقات والمحاكمات ا لجنائية » ما يمكن أن نسميه والقواعد الإجرائية ،« القواعد الموضوعية » وتبدو أهمية التفرقة بين خصوصا من زاويتين(١) : ً الأولى: أن القياس غير جائز بالنسبة للقواعد الموضوعية، بينما هو مسموح به ومتصور بخصوص القواعد ا لإجرائية. والثانية: أن التطبيق بأثر رجعي للقواعد الموضوعية الأصلح للمتهم هو أمر مسل ّ م به، بينما القواعد الإجرائية تطبق بأثر فوري أو مباشر (أي: سواء ُ كانت في صالح أو في غير صالح ا لمتهم). (١) راجع أيض ً ا: د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري، القسم العام، دار . النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١١ ٢٠١٢ ، ص ٩ :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a »FÉæédG ¿ƒfÉ≤dG á°SGQO ᫪gCG (O  لدراسة أي فرع من فروع القانون أهمية خاصة به، وتبدو هذه الأهمية فيما يلي: ،« الإباضي » في إطار القانون الجنائي ١ دراسة القانون الجنائي تدخل في باب مهم من أبواب الفقه ومن المعلوم أن السياسة الشرعية .« السياسة الشرعية » الإباضي، وهو باب تشمل الأحكام الشرعية الخاصة بالدولة الإسلامية وعلاقتها بالدول الأخرى وكذلك علاقة الدولة بالأفراد، والتي من أولى مظاهرها تجريم الأفعال غير الحسنة وبيان العقوبات المقررة لها، وهذا أخص خصائص القانون ا لجنائي.  يقول ا لماوردي: فهذا ما أوجب الله في الدين من قتال الأعداء والمخالفين وقتلهم، » وقتل أهل الجنايات وتأديبهم، فإذا حقت الكلمة وظهرت العداوة، وجب في « السياسة والشريعة منابذة بعض المخالفين أو مناجزتهم(١) . ٢ بيان عدم تخلف الفقه الإسلامي بصفة عامة، والفقه الإباضي بصفة خاصة في مجال التجريم والعقاب(٢) . (١) . نصيحة الملوك المنسوب لأبي الحسن الماوردي، ص ٣٣٤ (٢) يقول عبد القادر عودة: أما القسم الجنائي فهو في عقيدة جمهور رجال القانون لا يتفق مع عصرنا الحاضر ولا »يصلح للتطبيق اليوم، ولا يبلغ مستوى القوانين الوضعية، وهي عقيدة خاطئة مضللة، وإذا حاول أي شخص منصف أن يعرف الأساس الذي قامت عليه هذه العقيدة فيعجزه أن يجد لها أساسا سوى الجهل، وسيدهشه أن يعلم أننا نحكم على القسم الجنائي في ً الشريعة بعدم الصلاحية ونحن نجهل كل الجهل أحكام الشريعة الجنائية مجملة ومفصلة. ومن المؤلم للنفس أن تروج هذه العقيدة الخاطئة أو الأكذوبة الكبرى وأن يلقنها الطلبة على أنها عقيدة مسلم بها من أولي العلم والقائمين على أمر التشريع بالرغم من أنها = ٣ توضيح خطورة ارتكاب الجرائم وما يترتب عليها، والتي قد تصل إلى حد اعتبار ارتكاب بعضها فناء للجنس البشري كله، والعكس صحيح. ومن جامع ابن جعفر: وقال الله تبارك » : في هذا المعنى جاء في بيان الشرع وتعالى في كتابه: ﴿ !" &%$# ' )( *+ , -. 543210/ ﴾ [ [المائدة: ٣٢ ، قال غيره: معي إنه قيل في هذا: إنه كأنما قتل الناس جميعا في تعظيم حرمة ً قتل النفس في عظيم الإثم والوزر وكبر الذنب فقتل نفس واحدة بأي وجه جرى قتلها على التعمد بسيف أو جوع أو ظمأ أو غرق فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فأنقذها من أحد هذه المتالف بعد أن أشرفت ً عليه من القتل فكأنما أحيا الناس جميعا من الثواب والفضل والأجر ً « والشرف(١) . ومعنى ذلك في عبارة أوجز، أن الجرائم الخطيرة تشكل اعتداء على .« كل بني آدم » كله أو على ،« الجنس البشري » يؤيد ذلك أيض ً ا أن قوله: ﴿ KJI ﴾ ،[ [النساء: ٢٩ أي لا » : يعني « ا(٢) يقتل بعضكم بعض . ً = قائمة على مخالفة الواقع، وإنكار الحقائق، والجهل الفاضح بأحكام الشريعة، ومن أراد أن يعرف مدى خطأ هذه العقيدة وضلالها فعليه أن يرجع إلى كتب الشريعة الإسلامية ليرى أن كل مبدأ وكل قاعدة وكل نظرية في الشريعة الإسلامية تنادي بخطأ هذه العقيدة وبعدها .« من ا لصواب ، عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، نادي القضاة، القاهرة، ١٩٨٤ ، ج ١ . ص ٩ (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٥١(٢) . ذات المرجع، ص ٢٥٣ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٢٢  ٤ للقانون الجنائي عند الإباضية تتضمن بيان « نظرية عامة » بيان ّ القواعد والمبادئ التي تنتظمها، بالنظر إلى قلة الكتابات في هذا الموضوع،  وعدم وجود مرجع شامل يحتويه بين جنباته. لكل ما تقدم فإن دراسة، بل وتقنين(١) ، القانون الجنائي في الفقه الإسلامي بصفة عامة، وفي الفقه الإباضي بصفة خاصة يعد أمرا مهما. ً :(2)»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a »FÉæédG ¿ƒfÉ≤dG QOÉ°üe (`g   أكد الفقه الإباضي على مصادر ثلاثة أساسية وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع أو رأي المسلمين، وإلى جانب هذه المصادر الأساسية توجد أيض ً ا مصادر أخرى تبعية أو فرعية. (١) حول تقنين القانون الجنائي الإسلامي، راجع: د. محمد البشير، الفقه الجنائي الإسلامي ومحاولات التقنين، ندوة التقنين والتجديد في الفقه الإسلامي المعاصر، وزارة الأوقاف  والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٢٩ ه ٢٠٠٨ م، ص ٥٦٣ ٦٨٢ ؛ د. رجب أبو مليح، ُ . حول تقنين أحكام العقوبات في الفقه الإسلامي، ذات الندوة، ص ٦١٧ ٦٨١(٢) بحث الفقه الإباضي ذلك أيض ً يقول ا لناظم: .« أصول الإسلام » ا تحت عنوان   وسنة صدقها ا لبرهان ُ وقال في شأن الأخير الناس بل الخلاف في الأخير قد نقل فشركه قد صح في الديانة أصل القياس هكذا نقول ومجمع عليه حين ينقل فكفره لا يقبل النزاعا قد أثبتته سنة ا لأمين ُ وقيل لا والحق ما تقدما وقيل في الثاني لا ملام أن أصول ديننا القرآن كذلك ا لإجماع والقياس ولا خلاف في الثلاثة الأول ومنكر لأحد ا لثلاثة وتلكم ا لثلاثة ا لأصول وما يوافق الكتاب يقبل وكل من قد خالف الإجماعا حجته قطعية في الدين وجايز قيل القياس فاعلما وقيل في التوحيد والأحكام وأنه في الشرع حجة بدت كاعتبروا معناه قيسوا ما ثبت = ٢٣ وقد ثبتت أهم مصادر الفقه الإسلامي، بما في ذلك الفقه الجنائي، في حديث رسول الله ژ لمعاذ بن جبل حين ولاه قضاء اليمن، فقال له: «؟ بم تقضي » قال: ،« بكتاب الله » : ، فقال معاذ « فإن لم تجد » أقضي » : ، قال قال: ،« بسنة رسول الله « فإن لم تجد » فقال ،« أجتهد رأيي » : ، قال ُ ِ الرسول ژ: الحمد لله الذي وفق رسول » َ رسول الله إلى ما يرضي الله « ورسوله . يشمل أصولا « اجتهاد الرأي » غير خاف على أحد أن ً كثيرة معروفة في  الفقه الإسلامي ومنها: الإجماع، والاستحسان، والعرف، والاستصحاب، والمصالح ا لمرسلة. ونشير إلى أهم مصادر القواعد الجنائية عند ا لإباضية، كما يلي: ّ ١ القرآن ا لكريم: القرآن الكريم هو المصدر الأول، بلا منازع، لأية قواعد دولية أو  « مورد الموارد » كما أنه ،« مصدر المصادر » داخلية يتم الاستناد إليها، فهو للقواعد في الشريعة ا لإسلامية. ﺮﺒﺘﻋﺍ ﺮﻴﻈﻨﻟﺍ ـﻓﻭ ﻲـ ﺎﻬﻫﺎﺒﺷﺃ ـﻗ ﺲــﻣﻷﺍ ﺭﻮـــﺑـﻣﻷﺎـ ﺭﻮـ ﺮﻈﻧﺍﻭ = ـﻋﻭ ﻦــ ﺎﻨﻴﺒﻧـﺗﺃ ﻰـــﻓ ﻲـﺮﺒﺧ ﻚﻠﻛـﻗ ﺪـ ﺍﻭﻭﺭ ﺎﻨﻟـﻋ ﻦـ ﺮﻤﻋ ﺎﻤﻬﻨﻴﺑ ـﻟـﺠــﻣﺎـ ﻊـ ـﻋـﻓﺮــﺘـ ﻪـ ﻙﺍﺫﻭ ﻞﻤﺣ ﻉﺮﻔﻟﺍ ﻞﺻﻸﻟ ﺎﻤﻛ ﺪﻨﺴﻟﺍ ﺢﻴﺤﺻ ﻲﻓ ﻞﻴﻟﺩ ﺎﻬﻟ ـﻣـﺤــﻠـ ﻪــﻗـﻀــﻴـ ﺔــﻟ ﻢـــﻳـﺟﻮـ ﺪـ ﻊﺴﻳ ـﻧﺃ ﻪــ ـﻟﺍﻭـﺤـ ﻖـ ﻢﻬﻀﻌﺑ ﻊﻨﻣﻭ ﺱﺎﻘﻳ ﻉﺮﻔﻟﺎﺑ ـﻟﺍﻭـﻔـ ﻉﺮـ ﻢﻠﻋﺎﻓ ﻞﻴﺒﺳ ﺮﺴﻌﻠﻟ ﻊﻨﻤﻟﺍﻭ ﻦﻣ ﺚﻴﺣ ﻥﺃ ﻦﻳﺪﻟﺍ ﺮﺴﻳ ﻢﻬﻓﺎﻓ ـﻳـﺠـ ﺯﻮــﻓ ﻲــﻓ ﻉﺮــﻟـﻔـ ﻉﺮـ ﻼﺜﻣ ﺎﻤﻠﻛﻭ ﻲﻓ ﻞﺻﻷﺍ ﺯﺎﺟ ﻒﻴﻛ ﻻ ﻝﻮﺒﻘﻤﻟﺍ ﻊﻣﺎﺠﻠﻟ ـﻓﻭـﻋﺮــﻬـ ﺎـ ـﺻﻷﺍﻝﻮـ ﻰﻠﻋ ﻢﻛﺎﺣ ﻉﺮﺸﻟﺍﻭ ﻥﻮﻜﺗ ﻲﻓ ﺮﻣﺃ ﻱﺭﻭﺮــﺿﻞﻤﻌﻟﺍ ﻝﺰﺗ ﻢﻟ ﺱﺎﻴﻘﻟﺍ ﻡﺎﻜﺣﺃ ﻥﺇﻭ . الشيخ سالم السيابي: كتاب إرشاد الأنام في الأديان والأحكام، ص ٦٥ والقرآن الكريم هو المصدر الذي تدور حوله كل أنواع المصادر الأخرى في الشريعة الإسلامية، فهو عمودها وذروة سنامها. وقد تضمن القرآن الكريم نوعين من النصوص الخاصة بالجرائم والعقوبات: النوع ا لأول: الآيات التي تطبق بذاتها، دون تدخل من ولي الأمر في صياغة نصوصها: وتتسم هذه الآيات بأنها تحتوي على كل التفاصيل اللازمة لتطبيقها، فهي ليست في حاجة إلى إضافة لتحديد كيفية التطبيق وعناصر التجريم والعقاب، بعبارة أخرى تعتبر هذه الآيات قابلة للتطبيق بذاتها، أو هي وفق ً ا لما هو معروف في النظم القانونية المعاصرة ما يطلق عليها أنها Self .executing  ويشمل ذلك جرائم الحدود والقصاص والدية.  النوع الثاني: الآيات غير القابلة للتطبيق بذاتها، وإنما يجب تدخل ولي ّ الأمر لإضافة العناصر والشروط والعقوبات ا للازمة: والتي اكتفى القرآن الكريم بذكر وجوب « التعزير » ويشمل ذلك جرائم تحريمها، تارك ً ا وضع تفاصيل وآثار ذلك التحريم للقاضي أو ولي الأمر ّ (الإمام أو من ينوب عنه)، والآيات في هذا الخصوص يمكن تقسيمها إلى طائفتين: أ) أي: تجرم كل فعل شاذ أو غير مشروع، ومنها قول الله « عامة » آيات تعالى: ﴿ ¾ ¿ ÅÄÃÂÁÀ ﴾ [ [الأنعام: ١٥١ ، وقوله تعالى: ﴿ SRQPONMLK [ZYXWVUT ﴾ [ [النحل: ٩٠ . ب) تجرم فعلا « خاصة » آيات ً بعينه، ومنها قوله تعالى: ﴿ ! +*)( '&%$# " =<;:9876543210/ .-, L K J IH G F E D C B A @ ? > \[ZYXWVUT❁ RQPONM ^] _﴾ [٢٧٦ ، [البقرة: ٢٧٥ . ﴿ lk tsrqp onm zyxwvu {﴾ [ [البقرة: ١٨٨ . ﴿ <;:98765 = ?>﴾ [ [الأنفال: ٢٧ . ﴿ º ÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼»ÙØ×ÖÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌËÊÉ ãâáàßÞÝÜÛÚ﴾ [ [الحجرات: ١١ . ﴿ ! /.-,+*)('&%$#" ?> =<;:9876543210 CBA@﴾ [ [الحجرات: ١٢ . ﴿ §¦ ³²± ❁ ¯®¬«ª© ❁ ÄÃÂÁ❁ ¿¾❁ ¼»º¹¸❁ µ´ Å﴾ [ [المطففين: ١ ٦ . ة ا لنبوية:      ٢ السن السنة هي المصدر الثاني الذي أخذ به الفقه الإباضي، كما هو حال أي مسلم، وتم تعريف ا لس  نة في الفقه الإباضي، كما يلي: ِ ِ   السنة ُ القول ُ من َ الرسول والفعل ُ والتقرير للمفعول ُ يقول السالمي: اعلم أن السنة في اللغة: الطريقة والعادة، وفي اصطلاح »   الفقهاء: هي العبادات، وفي اصطلاح المحدثين والأصوليين: ما صدر عن  النبي ژ غير القرآن من قول، أو فعل، أو تقرير، والأول مختص باسم الحديث، فإنه إذا أطلق لا يفهم منه إلا السنة القولية، والمراد بالتقرير: هو ُ    أن يرى فعلا ً ، أو قولا ً صدر من أمته، أو من بعضهم، فلم ينكره، وسكت « عليه مع القدرة على إنكاره. والله أعلم(١) .    ويولي الفقه الإباضي للسنة أهمية كبيرة في جميع المجالات، بما في    ذلك الأمور ا لجنائية (٢) .      (١) . السالمي: كتاب طلعة الشمس، ج ٢، ص ٥ (٢) وفي اصطلاح أهل الأصول يراد بها ما .« السنة في اللغة العادة والطريقة المتبعة » : قيل     صدر عن  النبي ژ غير القرآن، من قول أو فعل، أو تقرير لما فعله غيره، بأن يرى أحد ً ا   من  أمته يفعل فعلا ً ، أو يبلغه عنه من يثق به ولا ينكر ذلك، حيث كان قادرا على ا لإنكار. ً وقد ميز أحمد الكندي بين الفرض والسنة قائلا ً : ويقال لما جاء في الكتاب فريضة، ولما » .« جاء عن ا لنبي ژ سنة، ولما جاء عن أئمة العدل أثر ُ وبين ا لسنة والأثر تشابه، ولذلك عدهما بعض العلماء جميعا من ا لسنة، مع التفريق بينهما ً فالسنة سنتان: سنة مأثورة، وسنة مستنة، أما المأثورة فالتي أثروها عن النبي » ‰ ، وأما ُُ ُُ .« المستنة فالتي استنوها بعده ُ بينما رأى بعضهم أن ا لسنة ما فعله ا لنبي ژ عدة مرات أو واظب عليه، أما ما صدر عنه في بعض العبادات لسبب عارض، أو فعله ولم يعد إليه، ولم يثبت أنه داوم عليه فيعتبرونه واقعة حال، يصلح إتيانه في ظروف مشابهة فقط. ويهتم الإباضية بالسنة الفعلية التي داوم عليها النبي ژ ، ولكنهم يقدمون السنة القولية ّ على الفعلية عند التعارض، لأن القول أدل في باب التشريع على الإلزام والاتباع من الفعل الذي ترد عليه ا لاحتمالات. وورد في المصادر ا لإباضية تقسيم ا لسنة إلى سنة واجبة وسنة مستحبة، فالسنة الواجبة ّ ُُ أوكد من المستحبة ولا يجوز تركها، مثل التسمية وغسل اليدين والمضمضة والاستنشاق لا تصح الصلاة بتركها ولو » : في الوضوء، وقراءة التحيات في الصلاة، قال القطب أطفيش =  وإذا كان للسنة معاني كثيرة، فإن ما نأخذ به هنا في إطار القانون    الجنائي هو ما كان مقررا لقواعد شرعية عامة واجبة التطبيق في هذا ً المجال. والأمثلة على ذلك كثيرة، منها: السنة المؤكدة للقرآن، من ذلك قوله ژ : إذا قتل قتيل فأهله بين » « خيرتين: إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا العقل (أي: الدية) وقوله: من قتل » « قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفتدي وإما أن يقتل . فهذا الحديث أكد قول   الله تعالى: ﴿ ]\ ^ _ ba` hgfedc srqponmlkji ﴾ [ [البقرة: ١٧٨ . السنة المفصلة لحكم مجمل ورد في القرآن، ومنها قوله ژ : لا قطع » « إلا في ربع دينار ، إذ جاء تفصيلا ً لقول الله تعالى: ﴿ 0/  87654321 ﴾ [ [المائدة: ٣٨ ، فبين نصاب  السرقة الموجبة للقطع، وهو ربع دينار أو أكثر من ذلك.    السنة المخصصة لحكم عام ورد في القرآن، مثل قوله ژ : لا يقتل » ،« والد بولدهوقوله: « أنت ومالك لأبيك » ، فقد خصص ذلك آية القصاص التي يجري حكمها على كل قاتل. ،« دفع الصائل » السنة المنشئة لحكم لم يرد في القرآن، ومنها إباحة والذي أكده قوله ژ .« الدفاع الشرعي » وهو ما يقابل في الفقه الوضعي : لو » أن رجلا ً « اطلع في بيت قوم بغير إذنهم ففقؤوا عينه فلا دية له ولا قصاص . ومنها حد الشرب، وهو حد لم ينص عليه القرآن الكريم(١) ، وكذلك قواعد = ويرى ا لإباضية مخالفة ا لسنة المستحبة .« بلا عمد، وغيرها تصح الصلاة مع تركه بلا عمد ّ أمرا غير جائز، إذا صحبها قصد المخالفة والإعراض عن التأسي برسول الله ژ .« معجم ً المصطلحات الإباضي ّ ة: وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة ع ُ ، مان، ج ١ . ١٤٢٩ ه ٢٠٠٨ م، ص ٥٠٧ ٥٠٨(١) ثبت حد شارب الخمر بالسنة، عن النبي ژ » : يقول الرستافي « الرستافي: منهج الطالبين، =    الإثبات الجنائي بشهادة الشهود بأن يكونا رجلين في الحدود والقصاص، عدا الزنا فيجب أن يكونوا أربعة. ويمكن أن نذكر كمثال على اتباع المسلمين منذ العهد الأول للسنة كاد عمر أن يقضي في الجنين كما » : النبوية في المجال الجنائي ما يروى أنه  قضى، إلى أن روى له حمل بن مالك رجل من أتباعه أن رسول الله ژ  .« قضى في الجنين بغرة عبد، فقال عمر: كدنا والله أن نقضي فيه بآرائنا  فقد ثبت أن ا لنبي ژ حكم في الجنين بغرة وبه قال عمر وعطاء والشعبي والزهري والنخعي ومالك والثوري والشافعي وأحمد وأبو ثور وأصحاب الرأي وأهل العلم، واختلفوا في الجنين يخرج بعضه من بطن أمه فقال مالك: لا تجب فيه غرة، وقال الشافعي: تجب فيه غرة، واحتج بعض فقال: إن   ا(١) النبي ژ إنما أوجب الغرة في الجنين الذي ألقته المرأة وهذه لم تلق شيئ ً .  كذلك بخصوص حد الزنا بينت السنة من يستحق الجلد، ومن  يوقع عليه جزاء الرجم، يقول سماحة المفتي العام لسلطنة عمان بخصوص ُ لأجل صون الأعراض حد الزنا وحد القذف، أما حد » : حد الزنا إنه شرع الزنا فمنه ما نص عليه القرآن وهو الجلد لذي جاء في سورة النور في قوله تعالى: ﴿ + , -. 9876543210/ <;: = FEDCBA@?> ﴾ [ [النور: ٢ ، وقد بينت السنة أن هذا الحد مخصوص بالبكر من الزناة دون المحصن، « ومنه ما ثبت بسنة ا لنبي ژ القولية والفعلية وهو الرجم للزاني ا لمحصن(٢) . ُ = ج ٥، ص ٢٨٧ ؛ العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ١٤٦ ؛ أحمد الخروصي: استقلال السنة . بالتشريع عند ا لإباضية، ص ٢٣٨ ّ (١) . العوتبي: الضياء، ج ١٥ ، ص ٨١(٢) . الشيخ أحمد بن أحمد الخليلي: جواهر التفسير، ج ١، ص ٩٣ « قد ثبت بالسنة ا لمتواترة » : ويقول الإمام السالمي إن رجم الزاني(١)  . ة ا لنبوي ومن المعلوم أن السن vutsrq   ة  واجبة الاتباع، امتثالا ً لقوله تعالى: ﴿ p  w﴾ [ [الحشر: ٧ .  لذا، فهي واجبة الاتباع كالقرآن تماما، لأنها وحي مثله. فعن حسان بن ً كان جبريل » : عطية قال ‰ ينزل على رسول الله ژ بالس .« مه إياها كما يعلمه ا لقرآن    نة كما ينزل عليه بالقرآن، ويعل يؤكد ما تقدم قوله تعالى: ﴿ ÊÉÈÇÆÅ ÔÓÒÑÐÏÎÍÌË﴾ [ [النساء: ١١٣ . وكذلك قوله تعالى: ﴿ ! " &%$#﴾ [ [النساء: ٨٠ . ﴿ ¸¶µ ´³²±°¯®¬ »º¹ À¿¾½¼﴾ [ [النساء: ٦٥ . ﴿ ´ ÁÀ¿¾½¼»º¹¸¶µ ÌËÊÉÈÇÆÅÄàÍ﴾ [ [آل عمران: ١٦٤ . ﴿ +,-.❁43210﴾ [ [النجم: ٤ ،٣ . (١) الإمام السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ٢٧٧ . ومن ذلك ما ذكره الإمام القرطبي بخصوص قوله تعالى: ﴿ 21﴾ [ [النساء: ٩٢ ، والدية ما يعطى مدفوعة مؤداة، ولم يعين الله في كتابه ما يعطى « مسلمة » ، عوضا عن دم القتيل إلى وليه ً في الدية، وإنما في الآية إيجاب الدية مطلق ً ا، وليس فيها إيجابها على العاقلة أو على .« ة   القاتل، وإنما أخذ ذلك من ا لسن . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٥، ص ٣١٥ ﴿ KJIHGFEDCBA@?>  L ﴾ [ [آل عمران: ٣١ . ﴿ ¾½¼»º¹ ÅÄÃÂÁÀ¿ ÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆ ﴾ [ [القصص: ٥٠ . ﴿ !" &%$# ')( *,+ -. 9876543210/ ﴾ [ [الأحزاب: ٣٦ . ٣ ا لإجماع: الإجماع بداهة هو اتفاق المجتهدين من المسلمين بعد وفاة ا لنبي ژ في عصر من العصور على أمر من الأمور، أو على واقعة من ا لوقائع. والإجماع من المصادر التي يستند إليها ويعترف بها ا لإباضية(١) كدليل ّ (١) من القواعد الفقهية في هذا ا لخصوص: الإجماع أحد وجوه الحق يقطع العذر ويرفع ا لخلاف. إذا أجمع المسلمون على وجه في المسألة فليس لأحد بعدهم أن يجمع على وجه آخر. معجم القواعد الفقهية الإباضي ّ ة، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة ع ُ ، مان، ج ١ . ص ٧٦ ١١١ ،٧٧ ١١٣ يقول » : ويعرف الفقه الإباضي فكرة الإجماع السكوتي، والذي عرفه السالمي كما يلي بعضهم قولا ً أو يعمل عملا ً ؛ ويسكت الباقون بعد انتشار ذلك القول أو العمل فيهم، ومع .« المقدرة على إنكاره فلا ينكرونه . السالمي: طلعة الشمس، المرجع السابق، ج ٢، ص ١١١ وقد ذهب جمهور الإباضية إلى اعتبار الإجماع السكوتي حجة؛ لأن العالم يحرم عليه ّ تضييع الاجتهاد والسكوت بعد ا لتبصرة. ويشترط لقبوله انتشار القول أو الفعل، مع القدرة على الإنكار أما إن تبين أن سكوت الساكت كان عن عذر، أو حياء، فيعتبر علة مقبولة تمنع من حصول ا لإجماع. قال القطب: واختلف في الإجماع السكوتي، ففيه خلاف، والصحيح أنه حجة لأن ».« سكوت باقيهم على ما حكم به بعضهم مع قدرتهم كالنطق بتصويبهم =  يمكن أن يطبق على حل أمر أو مشكلة أو واقعة ما، والإجماع يفترض عدم   وجود نص صريح ومباشر، في القرآن أو السنة، يحكم الأمر أو المسألة قيد البحث والنظر، لأنه إذا وجد مثل هذا النص فإن مصدر الدليل سيكون النص لا ا لإجماع(١) . ومما يؤيد الإجماع كدليل للأحكام قوله تعالى: ﴿ > @?   MLKJIHGFEDCBA ﴾ ..[ [النساء: ١١٥ ، « والآية حجة في أن الإجماع حجة » : يقول أطفيش(٢) . أما » : والإجماع يعتبر مصدرا للقواعد الجنائية في الفقه الإباضي، لذلك قيل ً تخصيص القرآن بالإجماع فكثير، قال الله 8 : ﴿ hgfedc kji ﴾ [ [النساء: ١١ ، فخص الإجماع منها العبيد وخصت السنة المشرك والقاتل وقول الله 8 : ﴿ £¤ §¦¥ ¨  ©ª«¬®¯ ﴾ [ [المائدة: ٤٥ ، وأجمعت الأمة أن هذا في المكلفين وأجمعوا أن الأطفال والمجانين ليس بيننا وبينهم قود ولا « قصاص وأجمعت الأمة أن ليس بيننا وبين البهائم قصاص ولا قود(٣) . = « دلالة الإجماع السكوتي دلالة ظنية، فهو مثل خبر الآحاد يوجب العمل دون العلم » و. معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٩٧ ّ (١) اعلم أن محل الإجماع قضية لم يرد فيها نص من كتاب أو سنة، » : لذلك يقول السالمي ُ السالمي: طلعة « ولم يوجد فيها خلاف لبعض من تقدم في شيء من الأزمنة السابقة . الشمس، ج ٢، ص ١٢٧ الإجماع الذي نتحدث عنه ونناقشه هو الإجماع الذي يشرح كدليل خاص » : كذلك قيل في أمر من الأمور لم يثبت فيه نص، أما عندما يكون على حكم ثبت بالنص فإن الإجماع علي يحيى .« حينئذ لا يكون عرضة لهذا النقاش لأنه اكتسب القطعية من دلالة النص . معمر: ا لإباضية بين الفرق الإسلامية، ص ٤٠٧ ّ (٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٣٤٥ ٣٤٦(٣) الوارجلاني: العدل والإنصاف في معرفة أصول الفقه والاختلاف، ج ١، ص ١٢٧ . ويقول = ويؤكد الإمام السالمي على حتمية اتباع الإجماع بخصوص حد شارب الخمر(١) . ثبت جلد السكران من غير الخمر، من الإجماع » : ويقول الرستاقي  = ونرى بعض العقوبات قد ثبتت بإجماع الصحابة، فحد شارب الخمر قد » : الشيخ أبو زهرة أجمعوا عليه وثبت بإجماعهم، وأصل الحد موضع إجماع، وإن كانوا قد اختلفوا أهو أربعون جلدة أم ثمانون جلدة، وإنه وإن ثبت بخبر آحاد قد قواه الإجماع، وثبته، مما يدل على أن العقوبة فيه قد ثبتت بالتواتر، ومن المسائل التي ثبتت بالإجماع قتال المرتدين، واعتبار مانع الزكاة إن كان من جماعة لها قوة ومنعة من المرتدين، وأجمع الصحابة على أن القتل بالسوط .« وما يشبهه مما لا يقتل به عادة لا قصاص فيه، وهكذا فكل هذه الأحكام ادعى فيها ا لإجماع المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٢٣٨ ٢٣٩ . انظر أيض ً ا المرحوم د. محمود . نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، دار النهضة العربية، القاهرة، ص ٨٢ ٨٣ وإن كان ثمة رأي في الفقه الحديث يذهب إلى أن عقوبة شرب الخمر عقوبة تعزيرية: وبناء على ما تقدم فإننا نذهب إلى أن العقوبة التي شرعها الإسلام لجريمة شرب الخمر هي »عقوبة تعزيرية المقصود بها ردع الجاني عن العودة لارتكاب الجريمة، ومنع غيره من أفراد المجتمع من ارتكابها، ومن ثم فإن هذه العقوبة يمكن أن تتغير بتغير الأحوال والظروف الفردية والاجتماعية، ولذلك فإن المشرع الكويتي والليبي حين جعلا عقوبة شرب الخمر والاتجار فيها د. محمد .« الحبس والغرامة، لم يجاوزوا الأصول الإسلامية في هذا الباب بل أحسنا فيه الاتباع . سليم العوا: في أصول النظام الجنائي الإسلامي، دار المعارف، القاهرة، ص ١٤٦ ١٤٧ (١) وهل يوجد في المذهب الاكتفاء بأربعين جلدة حد » : وهكذا بخصوص َْ ا لشاربها فإن فعل إمام ذلك مثلا ً فهل ت ُ يقول السالمي: في «؟ خلع إمامته بذلك، أم لا؟ وهل تلزم استتابته الحديث وعيد على شرب الخمر، فهو كناية عن حرمان الجنة لا حرمان نفس الشرب، والمعنى لا يدخل الجنة حي يشرب من شرابها، وهو مختص بمن مات عاصيا، ومن ً دخلها كان له فيها ما تشتهيه نفسه وتلذ عينه: ﴿ gf ❁ lkji ﴾ [٣٣ ، [الواقعة: ٣٢ ، ولا يوجد في المذهب الاكتفاء بأربعين جلدة في حد الشارب، وقد انعقد الإجماع في زمن الصحابة على الثمانين بعد أن كان الأمر مفوضا إلى نظر القائم وأقله ً أربعون ولولا التفويض ما كان للصحابة أن يزيدوا، وبعد انعقاد الإجماع ليس لأحد أن يخالفه، وإذا خالفه مخالف عوتب حتى يرجع، فإن أبى عزل عن الإمامة، وبخلعه أفتى الربيع الإمام الفقيه المحدث واقتفي آثاره في ذلك وغيره مشائخ المسلمين وعلماؤهم، وقد طال الأمد على فتيان نشؤوا في آخر العصر عميت عليهم أنباء السلف، فضلوا ينقرون مصوبين أفكارهم، متهمين أسلافهم. = من المسلمين، لما روي عن عمر بن الخطاب : ƒ أنه جمع علماء الصحابة،  وشاورهم في حد شارب الخمر والسكران، فأجمع رأيهم إلا من شذ عنهم: على أن حد شارب الخمر والسكران ثمانون جلدة، تشبها بحد القذف، لأن ًّ شارب الخمر ولكل السكر إذا سكر ذهب عقله، وإذا ذهب هذى وإذا هذى « قذف. فشبهوه بهذا المعنى بالقذف(١) .  ٤ ا لعرف: يعتبر العرف أحد الأصول التي اعتمد عليها فقه الإباضية، ويتمثل ّ العرف في اطراد سلوك الناس أو الدول على نهج معين مع شعورهم = وبخصوص ما رفع في الأثر عن الإمام المهنا 5 أنه جلد رجلا ً تسعين سوط ً ا تعزيرا ً  على ما حكى: أنه بقر بطن ببابه مع قولهم إنه لا يتجاوز به الحد، ولم يعب عليه أحد من المسلمين ذلك، أم يكون ذلك مرجعه إلى نظر الإمام. يقول ا لسالمي:  قولهم: لا يجاوز التعزير الحد ليس بمجمع عليه، بل هو قول لبعضهم أو أكثرهم، وقيل »بجواز ذلك، وهو نظر الإمام المهنا ولله دره في شدته وتصلبه بقول وجب على الرعية الانقياد له لوجوب طاعته، وصار القول الذي أخذ به الإمام في منزلة المجمع عليه، وذلك لإجماعهم على دخول طاعته، ولولا ذلك لقامت عليه الخصوم من كل جانب، فيقول هذا لأي شيء قطعت يدي؟، ويقول هذا لأي شيء ضربتني؟ وهلم جرا، وفي ذلك .« فساد العالم، والله أعلم السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، . ج ٤، ص ٤١٠ ٤١١ انظر أيض ً . ا ما قاله بخصوص ذات المسألة، ص ٤١٣ ٤١٤ حري بالذكر أن الإجماع عند الإباضية على ضربين: الأول: الإجماع من جهة النص ّ والتوقيف وهذا لا يجوز خلافه، والثاني الإجماع من جهة الاستدلال والاجتهاد، وهو على نوعين: أحدهما لا يجوز خلافه، والثاني: يجوز خلافه لمن كان مستنبط ً ا للقول، متأولا ً على سبيل الاجتهاد ما لم يدن بتخطئة فيه، راجع: . الإمام إ براهيم بن قيس: مختصر الخصال، مكتبة مسقط، ١٤٣٢ ه ٢٠١١ م، ص ١١٢ ١١٤(١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٨٧ دليل للاستئناس عند عدم » : بإلزاميته. وحجية العرف في الفقه الإباضي أنه « ورود النص ضمن المصادر التبعية الأخرى(١) . ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ § ¨©ª«¬ ﴾ [ [البقرة: ٢٣٣ ، وقوله: ﴿ kjih l ﴾ [ [البقرة: ٢٢٨ ، وقوله: ﴿ ³´ ﴾ [ [النساء: ١٩ ، وقوله: ﴿ ° ± ¹¸¶µ ´³² ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، ومن السنة قوله ژ لهند: « خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف »(٢) ، وكذلك  قوله ژ : ما رآه المسلمون حسن » ً « ا فهو عند الله حسن . ولا جرم أن دور العرف في إطار القانون الجنائي هو دور غير كبير بالنظر إلى مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات(٣) ، والذي يحتم أن يكون مصدر  التجريم نص، وليس العرف. إلا أن للعرف دور في المجال الجنائي،  خصوصا تحديد ماهية الأفعال التي تشكل جرما، وبالتالي تطبق عليها ًً  العقوبة ا لواجبة(٤) ، وهكذا جاء في منهج ا لطالبين:   (١) بل توجد عندهم العديد من القواعد الفقهية، ومنها: الإذن العرفي كالإذن ا للفظي. ا لثابت ُ عادة ً كالثابت نصا. العادة تعتبر إذا ا طردت. َُ العادة محكمة. العبرة للغالب (فالعرف النادر لا عبرة له). ما ليس له ضابط في الشرع ولا في اللغة فمرده إلى ا لعرف. ا لمعروف ُ ع ُ رف ً ا كالمشروط شرط ً ا. راجع: ، ٧٣٢ ، ج ٢ ،٧٠٤ ،٧٠٣ ،٤٠٧ ، معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٢٠٤ ّ .١٣٦٨ ، ص ١٢٧٧(٢) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٦٨٥ ّ (٣) انظر لاحق ً ا. (٤) وإذا كان العرف لا يصلح مصدرا مباشرا، فإن » : وهكذا قيل ّ له دوره في تحديد أركان ًً بعض الجرائم، وبناء على ذلك فإنه يتعين على القاضي في بعض الجرائم أن يحتكم = قال أبو المؤثر: قال بعض المسلمين: لو أن رجلا » ً رمى رجلا ً ببعرة، أو نواة أو نفكة، أو صوفة، متعمد ً ا لرميه، ثم مات كان فيه ا لقود.  وقال بعض المسلمين: إن مثل هذا لا يقتل فيه التعارف، وقد مات هذا  بأجله، لأن الله قد علم أنه لم يعن على قتله، والممات ما عنه موئل. وكذلك كل ما خرج من التعارف إنه لا يقتل ولا يعين على القتل، فهكذا حكمه، « والقول فيه بالاختلاف فيه(١) . = إلى العرف لكي يقرر ما إذا كانت أركان الجريمة متوافرة أو غير متوافرة، وعلى سبيل المثال، فإن تحديد ما إذا كان لفظ معين يعتبر سببا يقتضي الاحتكام إلى الدلالة العرفية ً التي استقرت لهذا اللفظ، وتحديد ما إذا كان سلوك معين يعتبر ماسا بالحياء العام، كارتداء ملابس تكشف عن بعض أجزاء الجسم، أو صدور إشارة يدعي أن لها دلالة ماسة فكرة الحياء » بالحياء، يقتضي الاحتكام إلى العرف الذي يحدد في مكان وزمان الفعل وتحديد فكرة الملكية للقول بما إذا كان المال الذي اتهم شخص بسرقته يعتبر ،« العام ملك ً ا لغيره فيقتضي ذلك إدانته، أم ملك ً ا له فيترتب على ذلك تقرير براءته، يتطلب تطبيق القواعد الخاصة بتحديد مالك هذا المال والعرف دون شك يعتبر مصدرا لبعض هذه ً القواعد. وفي مجال الإباحة فإن للعرف دوره في إضفاء الصفة المشروعة على أفعال هي في أصلها جرائم، وعلى سبيل المثال فإن تخويل المخدوم وملقن المهنة حق تأديب خادمه أو صبيه الصغير إنما يعتمد على العرف، وتحديد مدى جسامة الأفعال التي يجيزها حق التأديب يقتضي الرجوع إلى العرف، وإباحة أفعال العنف التي تمارس بها الألعاب الرياضية، وتحديد مدى جسامة ما يباح منها، وتحديد القواعد التي تمارس وفق ً ا لها هذه الأفعال المرحوم د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، .« يرجع فيه إلى العرف . المرجع السابق، ص ١١٢(١) الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٢٣٥ ، كذلك بخصوص مقتل شخص في ظروف وهناك يحتاج إلى النظر في ذلك الحدث نفسه وهل هو مما يكون » : معينة، يقول السيابي مثله قاتلا ً ، خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ٢ « في العادة أم لا « كل ضرب يقتل به المضروب في العادة » ص ٢٣٢ . كذلك يتحدث بعض الفقهاء عن . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٣٥ وما لم يستعمل لقتل ولم تجر العادة بقصد القتل به، فلا يقتل به » : وجاء في جلاء العمى = وللعرف دوره في بيان العقوبة عند الحبس للتهمة، فقد جاء في قلت له: فهل لحبس التهمة حد معروف؟ قال: ليس أعلم » : الجامع المفيد لذلك حدا إلا على ما يقع التعارف من الحكام، وأهل العلم والمشورة  « معه(١) . ،« دية من مات بعد التأديب مع جهل السبب » كذلك تحت عنوان  وبخصوص مسألة: رجل اتهم بسرقة أو بسرقات فأنكر ذلك بعد ما لزمه أهل الدولة هذا الزمان فضربوه ضرب الأدب وكبلوه بالقيود لعله يقر بالسرقة فلم يقر، فلما خافوا عليه التلف فكوه من القيد فبقي مدة يسيرة فهلك، فلم يعرف هلاكه بسبب هذا الأدب أم حدثت علة أخرى فأهلكته، ماذا يكون الحكم في ذلك؟. مرجع هذا إلى حكم العادة، فإن كان ذلك الضرب في » : يقول السالمي العادة قاتلا ً وهو لم يبرح معتل الفاعل الدية، وإن كان غير قاتل عادة أو كان  قاتلا ً « لكنه تعافى منه ثم مات بعد العافية فلا دية له(٢) . كذلك بخصوص إباحة الفعل وبالتالي عدم المعاقبة عليه الناجمة عن التعارف، يقول ا لسالمي(٣) : ﻢﻟﻭ ﻦــﻜﻳ ﻲﻓ ﺎــﻫﺮﻣﺃ ﻒﻟﺎﺨﺗ ﺍﻮـﻓﺭﺎﻌﺗ ﺎـﻬﺑ ﺔـﺣﺎﺑﺇ ﻲـﻫﻭ ﻥﺄــﺑ ﺍﺫ ﻢــﻟ ﻥﺮــﺠﺤﻳ ﺍﺮﺠﺣ ﺍﺮـﻃ ﺩﻼـﺒﻟﺍ ﻞـﻫﺃ ﺎـﻬﻓﺮﻌﻳ ﻢﻟﻭ ﻦﻜﻳ ﺐﻳﺭ ﻦﻣﺱﻮﺴﺤﻤﻟﺍ ﻪـﻠﺜﻣ ﺢﻣﺎـﺴﺗﺱﻮـﻔﻨﻟﺍ ﻲـﻓ = جميل بن خلفان: جلاء العمى، شرح ميمية الدما، ص ٢٦٦ . انظر أيض « ولزمت به الدية ً ا ، الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ « التعارف وجواز التعارف والدليل على ذلك » باب . ص ٧٦ (١) . الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ١٨٧(٢) . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٥٠١(٣) . السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ١ ٤، ص ٣٦٨ ٥ شرع من قبلنا: يقصد بشرع من قبلنا ما ورد من أحكام في الشرائع السماوية السابقة على الإسلام، أي: التي نزلت قبله. ويوجد خلاف في الفقه الإسلامي حول   مدى جواز تطبيق أحكام الشرائع ا لسابقة(١) ، وفي الفقه الإباضي لا يوجد ثمة رأي واحد بخصوص هذه ا لمسألة(٢) . (١) شرع من قبلنا ليس شرع » : يقول الإمام الزنجابي ً ا لنا عند الشافعي ƒ ، لقوله تعالى: ﴿ nmlkj ﴾ [ [المائدة: ٤٨ . والبرهان القاطع فيه: أن أصحاب  رسول الله ژ كانوا يترددون في الحوادث بين الكتاب والسنة، والاجتهاد، وكانوا لا يرجعون إلى الكتب المنزلة على الأنبياء المتقدمين. ونقل عن أبي حنيفة ƒ أنه قال: ما حكاه الله تعالى في كتابه من شرائع الماضين فهو شرع لنا، إذ لا فائدة من ذكره إلا  الاحتجاج به. ويدل عليه قوله تعالى: ﴿ [ZYXWVU ﴾ [ [النحل: ١٢٣ .  وقوله تعالى: ﴿ \[ZYXWVUTSRQ ﴾ [ [المائدة: ٤٤ . راجع، شهاب الدين الزنجابي: تخريج الفروع على الأصول، مؤسسة الرسالة، . بيروت، ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ص ٣٦٩ ٣٧٠ (٢) أجمع المسلمون على أن الإسلام ناسخ لما » : فقد جاء في معجم مصطلحات الإباضية ّ قبله من الشرائع، لقوله تعالى: ﴿ WVUTSRQPO ZYX ﴾ [ [المائدة: ٤٨ . واختلفوا في جواز العمل بشرع من قبلنا في المسائل التي سكت عنها الإسلام ووجدنا حكمها في تلك الشرائع. ذهب الإمام كل ما حل في شريعة نبي من الأنبياء صلوات الله عليهم، كان التمسك » : الكدمي إلى أن به هدى وعدلا ً وصوابا، ما لم ينسخه غيره من الأنبياء والمرسلين، فإذا جاء الدين ً الناسخ صار ذلك ضلالا ً شرع من قبلنا » ورجح أبو ستة أن .« وخطأ لا يجوز التمسك به أما الوارجلاني فحدد .« ليس بشرع لنا، إلا في ما لا ينسخ كالتوحيد ومحاسن الأخلاق وقال الشيخ أطفيش .« ما ذكره الله تعالى حكاية عنهم في القرآن ولم ينسخ » من ذلك وعندي أن ما ورد في القرآن أو الخبر الصحيح مما هو شرع لمن » : في شرح النيل فتثبت حجيته بوروده في شرعنا في .« قبلنا، ولم يقم دليل على نسخه فهو شرع لنا ، معجم مصطلحات الإباضية، ج ١ .« الكتاب والسنة، وإقرار الشرع به، وعدم إنكاره ّ . ص ٥٣٨ ومن الأحكام التي وردت في شريعة سابقة وأقرها الإسلام الأحكام المتعلقة بالقصاص التي قررها قوله تعالى: ﴿ ~ ﮯ £¢¡  ¬«ª©¨§¦¥¤ ®¯ ﴾ [ [المائدة: ٤٥ ، فهذه الآية تعتبر فيما حكته عن التوراة مصدر ً ا لأحكام القصاص في ا لإسلام. كذلك بخصوص ما رواه أ بو عبيدة عن جابر عن ابن عمر قال: إن اليهود جاؤوا إلى رسول الله ژ فذكروا له أن رجلا ً منهم وامرأة زنيا فقال لهم: ما » «؟ تجدون في التوراة في شأن ا لرجم ، فقالوا: نفضحهما ويجلدان، فقال لهم عبد الله بن سلام: كذبتم، إن فيها للرجم آية فأتوا بالتوراة فاتلوها، قال: فأتوا بها ونشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له ابن سلام: ارفع يدك، فرفع يده فإذا آية الرجم تتلألأ، فقالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله ژ فرجما، قال ابن عمر: فرأيت الرجل يجافي على المرأة يقيها ا لحجارة. واستدل به على أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا ثبت » : يقول ابن حجر ذلك لنا بدليل قرآني أو حديث صحيح ما لم يثبت نسخه إلى أن قال : وعلى هذا فيحمل ما وقع في هذه القصة على أن ا لنبي ژ علم أن هذا «(١) الحكم لم ينسخ من التوراة أصلا ً . ويمكن أن نذكر أيض ً ا مثالا ً آخر، هو قوله تعالى: ﴿ ONM `_^]\[ZYXWVUTSRQP a ﴾ [ [يوسف: ١٨(٢) ، فقد وضعت الآية قاعدتان يجب اتباعهما في التحقيقات الجنائية، وهما: (١) . ابن عمر: حاشية الترتيب على الجامع الصحيح للوارجلاني، ج ٣، ص ٢٤٢ ٢٥٤(٢) قال الله تعالى: » : يقول البطاشي ﴿ |{ ﴾ [ [البقرة: ٢٧٣ ، فدل على أن السيما حال = أولا ً: ضرورة تحقق القاضي من صدق الأدلة المقدمة إليه، وفحصها  وتمحيصها. ثانيا: عدم تصديق أي ادعاء يدفع به الخصم إلا بعد التأكد من صحته ً وجديته. ٦ ا لقياس: « حمل مجهول الحكم على معلوم الحكم بجامع بينهما » القياس هو(١) . القياس لا يجوز إلا على علة، ولا يجوز أن يقاس إلا » : يقول ابن بركة  على معلول وهو أن يرد حكم المسكوت عنه إلى حكم المنطوق به بعلة تجمع بينهما، ولا يجب تسليم العلة لكل من ادعاها، ولا تسلم إلا بدليل، « ولو جاز تسليمها بغير دليل لجاز لكل أحد أن يدعي ما يشاء ويعتل به(٢) . والقياس دليل للأحكام في الفقه الإباضي لذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ UTSRQPONMLK ﴾ [ [المائدة: ٣ ، = تظهر على الشخص، وقال تعالى: ﴿ QPONM ﴾ [ [يوسف: ١٨ ، ولما أتوا ٍٍ بقميصه إلى يعقوب ولم ير فيه أثر ناب ولا خرق استدل بذلك على كذبهم وقال: متى كان الذيب حليما يأكل يوسف ولا يخرق قميصه؟! أرادوا أن يجعلوا الدم علامة فقرن الله ً البطاشي: غاية المأمول في .« هذه العلامة بعلامة تكذيبها وهي سلامة القميص من التمزيق علم الفروع والأصول، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ُ . ج ٩، ص ٩١(١) الأصل في القياس » : السالمي: طلعة الشمس، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٤٠ ، كذلك قيل ما عرف حكمه بنفسه، أو ما عرف به حكم غيره، ذهب الإباضية إلى أن الأصل في ّ القياس يقصد به الصورة التي نزل فيها حكم الأصل، أي: محل الحكم، خلاف ً ا لجمهور معجم « المتكلمين الذين يرون بأنه دليل على الحكم ولبعض من قال بأنه الحكم نفسه . مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٢ ّ (٢) . ابن بركة: الجامع، ج ١، ص ١٤٠ فالدين في نفسه كامل بنصوصه وما يستنبط منه بالاجتهاد » : يقول أطفيش والقياس فالآية دليل للاجتهاد والقياس لا إبطال لهما كما زعم من  « زعم(١) . يفترض القياس عدم وجود نص يحكم مسألة معينة ووجوده بخصوص مسألة أخرى تتحد معها في ا لعلة(٢) ، فيتم مد حكم هذه الأخيرة إلى الأولى. إلا أنه ومما لا شك فيه أن القياس في مجال التجريم والعقاب نتائجه خطيرة: إذ أنه قد يصطدم مع مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات والذي يحتم  وجود نص بخصوص كل مسألة(٣) . (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٤٦١ (٢) إلحاق ما لا نص فيه بما فيه نص في الحكم الشرعي المنصوص عليه، » : فالقياس هوالشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٢٣٠ . وقد تم تعريف .« لاشتراكهما في علة الحكم  العلة كما يلي: والع ِلة ُ الوص ْ ف ُ الذي ي ُؤثر بن َِف ْس ِ ه ِ في الح ُك ْم ِ حيث ُ ي ُ ذك َر ُ عرفت العلة بأنها: الوصف المؤثر بنفسه في الحكم، كتأثير البيع في الملك، وعقد النكاح في جواز الاستمتاع، وكتأثير القتل في القصاص. وهذا التعريف مبني على قول بعض الأصوليين حيث عرفوا العلة بأنها: الوصف المؤثر في الحكم. وقد تقدم في مبحث شروط العلة من باب القياس: أن الصحيح في تعريفها قول من قال: إنها معرفة، وإنها تكون بذلك شاملة للوصف المؤثر وللعلامة، إذ لا مانع من تسمية العلامة علة أيض ً ا، راجع الإمام السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٣٨ ٣٣٩ . وانظر في ذات المرجع .( الفرق بين العلة والسبب، والعلة والشرط (ص ٣٤٠ ٣٤٣ (٣) ونظرا لخطورة النتيجة التي تفضي إليها وسيلة القياس، فإنه يتعين التمييز، » : لذلك قيل ً للقول بمدى جوازها في تفسير نصوص قانون العقوبات، بين قواعد التجريم والعقاب من ناحية وقواعد الإباحة والإفلات من العقاب من ناحية ثانية، ففيما يتعلق بقواعد التجريم والعقاب، من المسلم به أن القياس محظور، فمن الواضح أن السماح بهذه الوسيلة في مجالي التجريم والعقاب يهدر بالكلية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات ويذهب بالحماية التي يقررها للأفراد. أما فيما يتعلق بالقواعد التي يترتب عليها إفلات الجاني من العقاب، أي: تعالج أوضاع ً ا لصالح المتهم، كتلك التي تستبعد العقاب أو تخفف منه، فالقياس فيها = ولهذا السبب على ما يبدو فإن القياس في مجال التجريم والعقاب ليس موضع إجماع في الفقه ا لإسلامي(١) . = مقبول، إذ لا خطر على الحريات الفردية من الالتجاء إليه، وتطبيق ً ا لذلك، استقر الفقه والقضاء في مصر على اعتبار الدفاع الشرعي سببا عاما لإباحة كافة الجرائم، على الرغم  ً من أن موضع النصوص التي تقرره يوحي للوهلة الأولى بقصره على إباحة القتل والجرح والضرب، وإذا نص القانون على إباحة القتل في حالة الدفاع الشرعي، واكتفي المدافع بفعل دون القتل، كالضرب أو الجرح، فلا شك في إباحة الضرب والجرح قياسا على ً إباحة القتل، ومن باب أولى لأن من يباح له الأشد يباح له الأخف، ومن يملك الأكثر .« يملك ا لأقل  د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري، القسم العام، دار النهضة العربية، . القاهرة، ص ٦٢ ٦٣ (١) أنه يجوز القياس في :« المحصول » مذهب الشافعي كما قال في » : يقول الإمام الإسنوي الحدود، والكفارات، والتقديرات، والرخص، إذا وجدت شرائط القياس فيها، ويعبر أيض ً ا عن الرابع بالمخالف للقواعد. وقالت الحنفية: يجوز في الأربعة، فأما الرخص فقد رأيت ذكر ذلك في ،« ولا يعدي بالرخص مواضعها » : الجزم بالمنع فيها فقال « البويطي » في .« أوائل الكتاب، قبل كتاب الطهارة بدون ورقة الإمام الإسنوي: التمهيد في تخريج الفروع على الأصول، تحقيق د. محمد هيتو، مؤسسة . الرسالة، بيروت، ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ص ٤٦٣ تخصيص عموم الكتاب » : وبخصوص تخصيص عموم الكتاب بالقياس، يضيف بالقياس جائز عند الشافعي ƒ واحتج في ذلك بأن القياس دليل شرعي معمول به، فوجب أن يجوز التخصيص به، قياسا على خبر الواحد والكتاب، ولأنا إذا خصصنا ً العموم بالقياس، فقد عملنا بالدليلين جميعا، أما إذا أعرضنا عن القياس وجرينا على ً مقتضى عموم الكتاب والسنة أدى ذلك إلى العمل بأحد الدليلين وتعطيل الآخر. وذهبت الحنفية إلى إنكار ذلك واحتجوا فيه بأن التخصيص نازل منزلة النسخ، من حيث إن كل واحد منهما إسقاط لموجب اللفظ، غير أن النسخ إسقاط لموجب اللفظ .« العام في بعض الأزمان، والتخصيص إسقاط لموجب اللفظ في بعض الأعيان .( (ص ٣٣٠ ٣٣١ لا بد أن يسرق كل واحد من الجماعة » : وبخصوص السرقة التي تقع من جماعة، قيل نصاب ً ا من حرز، لا لو كان مجموع ما أخذوه وأخرجوه من الحرز جميع ً ا لا تأتي حصة كل = أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٤٢ ويمكن القول: إن ثمة اتجاهين موجودان في الفقه الإسلامي بخصوص هذه ا لمسألة: :ÜÉ≤©dGh ºjôéàdG »a ¢SÉ«≤dG RGƒL :∫hC’G √ÉéJ’G   ويستند هذا الاتجاه إلى عدة حجج، منها: أن عمر بن الخطاب ƒ في كتابه عن القضاء الذي وجهه إلى أبي مما يدل على جواز ،« قس الأشباه والأمثال » : موسى الأشعري قال له القياس في ا لحكم.  أن النبي ژ أقر القياس حين سأل معاذ ً ا بم تقضي؟ قال: أقضي بكتاب الله، فإن لم أجد فبسنة رسول الله، فإن لم أجد أجتهد رأيي، فأقره ُ الرسول على قوله: أجتهد رأيي، وهو تعبير مطلق لا تفصيل فيه، فدل ذلك على جواز القياس في الجرائم والعقوبات.  أن الصحابة تشاوروا في حد شارب الخمر قال علي :ƒ إنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذي، وإذا هذي افترى، فحدوه حد المفتري. فقاس حد الشارب على حد المفتري، ولم ينقل عن أحد من الصحابة إنكار ذلك فكان إجماع ً ا. • • • = واحد منهم قدر النصاب فلا قطع، لأن الشارع جعل مطلق النصاب شرط ً ا في مطلق القطع، والدماء معصومة فلا تراق إلا بحقها وهو سرقة النصاب من كل فرد، ولا وجه لقياس هذا على قتل الجماعة بالواحد، فإن القصاص حق لآدمي، وهذا حق الله، وأيض ً ا الحد يدرأ بالشبهة بخلاف القصاص، وأيض ً ا قام الدليل العقلي والنقلي هنالك، ولا يصح الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، المجلس الأعلى .« اعتباره هنا . للشؤن الإسلامية، القاهرة، ص ٣٣٤ :ÜÉ≤©dGh ºjôéàdG »a ¢SÉ«≤dG RGƒL ΩóY :»fÉãdG √ÉéJ’G ويستند هذا الاتجاه إلى الحجج ا لآتية: الأولى: أن الحدود والكفارات من الأمور المقدرة التي لا يمكن تعقل المعنى الموجب لتقديرها، والقياس أساسه تعقل علة حكم الأصل، فما لا يعقل له من الأحكام علة فالقياس فيه متعذر. الثانية: أن الحدود عقوبات وكذلك الكفارات فيها شائبة العقوبة، والقياس مما يدخله احتمال الخطأ، واحتمال الخطأ شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات لقوله ژ : « ادرؤوا الحدود بالشبهات » . والثالثة: أن الشارع قد أوجب حد القطع بالسرقة، ولم يوجبه بمكاتبة الكفار مع أنه أولى بالقطع، وأوجب الكفارة بالظهار لكونه منكرا وزورا، ًً ولم يوجبها في الردة مع أنها أشد في المنكر وقول الزور، فحيث لم يوجب ذلك فيما هو أولى، فهو دليل على امتناع جريان القياس فيه (١) . ويأخذ المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة برأي وجيه، نسانده فيه، وهو أن مع تغاير العقوبة (فالغصب ،« القياس بلا شك يعمل به في جرائم التعزير »يعاقب عليه، ولكن بعقوبة لا تكون كعقوبة السرقة، والسب يعاقب بعقوبة من جنس القذف، ولكن لا تماثلها تماما من كل الوجوه)، أما جرائم الحدود ً « فلا يصح القياس عليها (٢) . (١) راجع عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ١٨٣ ١٨٤ ؛ الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٣٠٥ ؛ الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، ١٩٦٣ م، ص ٢٠٩ ٢١١ ؛ د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في . الشريعة الإسلامية والقانون، ص ١١٤ ١١٦ (٢) . ٣٠٤ ٣٠٥ ، الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٢٣١ ويضرب الفقه بعض الأمثلة التي يجوز فيها القياس في إطار قانون العقوبات(١) ، ويقررون أيض ً ا بجواز القياس في مجال الإجراءات الجنائية لأن  (١) من ذلك قوله تعالى: ﴿ &%$ ' ,+*)( - ﴾ [ [المائدة: ٩٠ . فقد حرم الله شرب الخمر بالنص لما لها من مفاسد، » : يقول د. حسن الشاذلي لعلة هي الإسكار، والخمر عند العرب هي عصير العنب ا لنيئ إذا ترك حتى اشتد وقذف بالزبد، وقد وجدت أشياء أخرى تفعل فعل الخمر وتؤثر أثرها، وهي ما اتخذ من غير العنب من الثمار والحبوب والنباتات المختلفة وغيرها مما يغيب العقل ويحجبه عن العمل، فالمجتهد يلحق هذه الأشياء بالخمر لتحقق العلة التي شرع من أجلها التحريم والميسر حرام بالنص السابق، لعلة هي أخذ مال الغير على سبيل .« فيها، فتكون محرمة فيحرم. د. حسن الشاذلي: الجريمة « اليانصيب » المخاطرة، وقد وجدت هذه العلة في ورق دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابله بالنظم الوضعية، دار الفكر العربي، القاهرة، . ص ٥٩ وتطبيق » : ويذكر المرحوم د. محمود نجيب حسني الأمثلة الآتية ً دفع » ا لذلك، فإن حديث الذي رواه أبو هريرة عن رسول الله ژ الذي ورد فيه: « الصائل لو أن ا مرءا اطلع عليك » ً بغير  « إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح ، تضمن إباحة إتلاف العين في كفعل اعتداء كل فعل « الاطلاع » حالة اطلاع الصائل على قوم في بيتهم، ولكن يقاس على اعتداء آخر كالدخول في المسكن بغير إذن أو إتلاف المال، ويقاس من باب أولى الفعل الذي يهدد بالقتل أو الجرح أو المساس بالعرض، ويقاس كذلك على فقء العين كل فعل دفاع من شأنه رد الصيال، كقتل الصائل أو جرحه أو ضربه أو إتلاف سلاحه أو دابته التي يعتليها. وما ورد في الحديث « رفع القلم عن المجنون حتى يفيق » يرد عليه قياس، إذ يجوز أن يقاس على المجنون الشخص المصاب بمرض عصبي أو نفسي أو مصاب بالصمم متوافرة ،« فقد الإدراك وحرية الاختيار » والبكم إذا ثبت أن علة مساءلة المجنون، وهي كذلك في الحالات المشار إليها، فيما تقدم. وما ورد في آية الحرابة في قوله تعالى: ﴿ yxwvutsrqp }|{z ﴾ [ [المائدة: ٣٤ ، من تقرير مانع العقاب في حالة التوبة في جريمة الحرابة يمكن أن تقاس عليها التوبة من مرتكب جريمة أخرى قبل القدرة عليه، إذا رأى .« المفسر أن علة امتناع العقاب بالتوبة في الحرابة تتوافر بالتوبة في جريمة أخرى . د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، المرجع السابق، ص ٩٦ علة حظره في مجال التجريم والعقاب (تهديد للحقوق والحريات الفردية) لا تتوافر في المجال ا لإجرائي. وفي الفقه الإباضي من يجيز القياس في العقوبات وإن اختلفوا في الحل واجب ا لتطبيق(١) . لكن الثابت ما أكد عليه الإمام ا لسالمي: « ولا قياس مع نص، ولا سيما في ا لحدود »(٢) . وقال ابن عبد العزيز: إنا لا نقيس عن النبي ژ بل نقبل عنه، ولو علمنا أنه قاله ما » « خالفناه(٣) . ومن أمثلة القياس في الأمور الجنائية عند الإباضية ما جاء في ّ كتاب ا لضياء: (١) سئل أبو عبيدة عن » : يذكر د. باجو ما يلي ،« القياس في الحدود » وهكذا تحت عنوان رجل أتى امرأة في دبرها أو فرجها عليه الحد، وعن جابر في رجل يعمل عمل قوم لوط، أن عليه الرجم، بكرا كان أم ثيبا، حده قتل كقوم لوط، وشدد أبو المؤرج فيمن يأتي بهيمة ًً أن عليه الحد، وذكر الربيع أن أهون ما يقام عليه: مائة جلدة. وفي حد السرقة، اختلفوا في النباش والسرار والخائن والمختلس، هل يقاس هؤلاء على السارق؟. قال أبو المؤرج: لا قطع على هؤلاء إلا النباش، وقال عبد الله بن عبد العزيز: بأن النباش ليس سارق ً ا لأنه أخذ شيئ ً ا من غير حرز، ولا مالك له، فالميت لا يملك الكفن، فلا قطع على من أخذه، ولكن يعزر هؤلاء ويعاقبون عقوبة شديدة. هذا بينما يرى بعض الفقهاء هذا الرأي قياسا في ً الأسباب لا بجامع العلة، وأمثال هذه المسائل تدخل في تحقيق المناط، وهل يطلق على هؤلاء اسم السارق بالمعنى الشرعي أم لا؟ فمن أطلقه أقام الحد، ومن منعه رفع الحد، احتياط ً .« ا وتغليبا لقاعدة درء الحدود بالشبهات ً ، د. مصطفي باجو: منهج الاجتهاد عند الإباضية، مكتبة الجيل الواعد، مسقط، ج ١ ّ . ص ٣٧٩ ٣٨٠(٢) السالمي: العقد الثيمن نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، . ج ٤، ص ٤٠٢(٣) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ١٦٧ قال أبو محمد 5: إن سأل سائل فقال: أخبرونا عن الأمة إذا زنت ولم تحصن هل عليها الحد؟، قيل له: لا حد عليها إذا لم تكن محصنة والواجب عليها التعزير، فإن قال: ولم أسقطتم عنها الحد وقد أوجب الله 8 على الأمة أن تحد خمسين جلدة إذا زنت؟، قيل له: الأمة التي ورد الأمر بجلدها خمسين جلدة إذا زنت هي التي أحصنت وأنت سألت عن غير المحصنة.. فإن قال: أفتنكرون أن يكون زيادة الوصف لا يخرجها من أن تكون أمة فهلا ّ  جلدتموها؟. قيل له: لم ينزل القرآن بجلد الإماء على الإطلاق وإنما خص من جملة الإماء المحصنة دون غيرها. فإن قال: فلم لا تجلدونها مائة لقول الله تعالى: ﴿ ,+ -. 210/ ﴾ [ [النور: ٢ ، والعموم مشتمل على حال زان وزانية كانت حرة أو أمة فلم ادعيتم التخصيص بلا دلالة؟. قيل له: الإماء لم يدخلن في الآية بإجماع الأمة أن الأمة لم تنقل من حد إلى حد إذا أحصنت وإذا زنت فبهذا بطل اعتلالك في الآية وبالله التوفيق. فإن قال:  فما تقول في العبد إذا زنى ما حده؟. قيل له: حكمهما واحد. فإن قال: ولم  قلتم ذلك ولم يرد ذكر حد له؟. قيل له: القياس الذي أصلنا وهو رد حكم « المسكوت عنه إلى حكم المنطوق به وهذا الدليل ا لصحيح(١) . وتحت عنوان: ما يقاس على الحرابة، يقول ابن جعفر: وكذلك الرجل يحرق متاع الناس، فقال من قال: يقطع يده ورجله وقال » (١) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ٤، ص ١٥٢ ١٥٣ والحدود ثابتة بالنص من الكتاب » : تجدر الإشارة أنه جاء في معجم مصطلحات الإباضية ّ والسنة، ولا تثبت بالقياس عند فريق من الفقهاء، ومنهم الحنفية، بينما لم يحدد ا لإباضية ّ للقياس مجالا ً من الأحكام دون مجال، واكتفوا بصلاحية الحكم للتعليل وكون علته متعدية، فأجروا القياس، ولم يدخلوا في الجدل الذي قام بين الجمهور والحنفية حول تحديد مجالات القياس، وإن كان موقفهم متفق ً ا مع الجمهور في جواز القياس في العبادات . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٢٤٣ .« والمعاملات، وفي الحدود والكفارات أيضا ًّ آخرون من الفقهاء: تقطع يده ولعل القول الأول في قطع اليد والرجل من خلاف أكثر لأنه محارب، ويقطع بإحراق القليل والكثير، ولو درهم واحد « أو قيمته (١) . وجاء في أجوبة المحقق الخليلي الإشارة إلى مذهب ابن جعفر وأبي معاوية وغيرهما، أن من أحرق على أحد بيت ً ا فهو محارب وتقطع يده ورجله من خلاف. وفي قول آخر: فكذا إذا أحرق زرعه، فهذا غير قاطع طريق كما ترى، وقد حكموا فيه بحكم المحاربين، وعلى قياده فيجوز أن يطرد القول به في كثير من الصور أحببت كف اللسان والقلم عنها لمحبتي اتباع النص الصريح من الأثر عن المقيس، وإن كان صحيح ً « ا بالنسبة إلى القياس عليه(٢) . ومن لم يعرف له عصبة ولا موالي » : وبخصوص العاقلة، يقول النزوي  فلا أعلم أحد ً ا يعقل عنه. والجنايات لا تكون على الأجناس ولا يكون فيه القياس بسبب الميراث بالجنس لأن الميراث قد يكون للنساء والنساء لا « عقل عليهن(٣) . :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a »FÉæédG ¿ƒfÉ≤∏d áªcÉëdG óYGƒ≤dG (h   أهم هذه القواعد في الفقه الإباضي هي ما يلي: ١ تفسير النصوص ا لجنائية: لعل خير من عبر عن كيفية فهم النصوص وتفسيرها الإمام ابن بركة، حيث يقول: (١) . ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ٢١(٢) . أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ٥٢٣(٣) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٩٢ الحادثة إذا حدثت لا تخلو من حكم الله فيها، إما أن يكون منصوصا » ً عليها بأخص أسمائها أو يكون منصوصا عليها في الجملة مع غيرها. ً والاختلاف بين الصحابة في الحوادث وما يتنازع العلماء فيه من الأحكام لاختلاف المذاهب في المختلف فيه، فقال قوم: كان اختلاف الصحابة على طريق القياس والاجتهاد، وقال قوم: كان اختلافهم استخراج الحكم بالدليل المستنبط به، والاختلاف أيضا قد يقع بين العلماء في نفس المنصوص لأن ً من العلماء من يقول بالعموم، ومنهم من يقول: بالخصوص، وربما كان اختلافهم من وجه آخر، لأن من العلماء من يقول: إن الأوامر على الوجوب، ومنهم من يقول: هي على الندب، ومنهم من يقول: الأوامر إذا وردت كانت على الوقف لا حكم لها حتى يرد بيان يرفع الشبهة عن المأمورين ويزيح العلل عنهم. وإذا كان هذا هكذا فالاختلاف قد يقع عليه في المنصوص عليه بعينه، ويقع الاختلاف أيضا في المنصوص عليه باسمه في الجملة، ألا ً ترى إلى قول ا لنبي ژ كيف يقول: « إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم » ، ثم أجمعوا أن بيع الذهب بالفضة أحدهما بأخرى غير جائز إذا كان أحدهما غائبا، وقد نهى (عن بيع المنابذة والملامسة) ولم يقل: كيف شئتم إلا ً المنابذة والملامسة، فهذا يدل على أنه قد قال: بيعوا كيف شئتم إلا ما « نهيتكم عنه من ا لبيوع(١) . وهكذا فإن تفسير النصوص بصفة عامة، والنص الجنائي بصفة خاصة، له دور مهم في تطبيقها. ومن أروع التفسيرات في هذا الخصوص ما قرره العوتبي بخصوص قوله تعالى: ﴿ NMLKJ ﴾ [ [الإسراء: ٣١ ، وليس في نهيه تعالى عن ذلك دليل على إجازة قتلهم إذا لم » : حيث يقول يخش الإملاق بل كان ما عدا الإملاق موقوف ً ا على الدليل، وقد ورد التحريم (١) . ابن بركة: الجامع، ج ١، ص ١١٥ ١١٦ بقتل الأنفس المحرمات، قال الله تعالى: ﴿ KJI ﴾ [ [النساء: ٢٩ الآية، ﴿ rqponmlkjihgfed s ﴾ [ [الإسراء: ٣٣ ، فنهى تعالى عن قتل جميع الأنفس فلم يكن ما ورد من النهي عن قتل الأولاد خشية الإملاق تخصيصا لما ورد من العموم، بل كان ً ما ورد من ذلك مؤكد ً « ا لبعض النهي الذي ورد في عموم ا لآية(١) . ولا شك أن قواعد التفسير في الفقه الإسلامي سيحرص القاضي والفقيه الإباضي على مراعاتها وتطبيقها واللجوء إليها عند تفسير النصوص الجنائية(٢) . (١) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ ، ص ١١٧ كذلك بخصوص: ما معنى تفسير القرآن بالرأي الموعود عليه الوعيد الشديد لقوله ژ: « من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار » نعوذ بالله منها ومما يؤدي إليها، فإني كثيرا ً  ما أجد في التفاسير ترجيحا وتضعيف ً ا هل تلك الأقوال توقيفية؟ فإن كانت فمن أين ساغ ً  التفسير بالرأي هو الذي لا يستند إلى » : الترجيح والتضعيف وكيف ذلك؟ يقول السالمي وجه من وجوه الاستنباط. فهو نظير من أفتى مسألة بغير علم أو فسر بغير علم فإن هذا مخطئ وإن أصاب، ولولا اتساع المقال في ذلك ما كان للقرآن وجوه ولا تفاوتت فيه الأفهام، على أنه البحر الزاخر الذي لا قعر له ولا تفنى عجائبه على مر الليالي والأيام . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ١٨٩ .« والحديث بذلك مشكوك في صحته من » : وبخصوص تطبيقات لتفسير النص الجنائي في ضوء علته، يقول د. نجيب حسني هذه التطبيقات تفسير نص السرقة الذي ورد في قوله تعالى: ﴿ 10/ 8765432 ﴾ [ [المائدة: ٣٨ ، والذي اجتهد الفقهاء في تفسيره .« أخذ مال مملوك للغير من حرز مثله » بالتعريف الذي وضعوه للسرقة في قولهم: بأنها هذا التعريف يستخلص منه أن السرقة تنال بالاعتداء ملكية المجني عليه الثابتة على ماله، وتنال كذلك بالاعتداء حيازته لهذا المال، وأهم نتيجة تترتب على ذلك أن الكهرباء تصلح محلا للسرقة، باعتبارها تصلح موضوع ً ا للملكية والحيازة، إذ يقع عليهما الاعتداء د. محمود نجيب حسني: « الذي تفترضه السرقة، ومثل الكهرباء في ذلك أية قوة محرزة . الفقه الجنائي الإسلامي، ص ١٦٨ ١٦٩ (٢) تنص المادة ( ٢) من قانون المعاملات المدنية العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم = ُ ومن قواعد التفسير أن النص العام ينطبق على ما ينتظمه من وقائع أو أشخاص(١) ، كما أن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص ا لسبب.  « يحكم بالرأي سوى الدماء والفروج » ٢ قاعدة(٢) : لا شك أن هذه القاعدة أهميتها واضحة للعيان، لأنها: = يرجع في فهم النص وتفسيره وتأويله ودلالته إلى قواعد الفقه » : ٢٠١٣ على أن /٢٩ . الجريدة الرسمية، العدد ١٠١٢ .« الإسلامي وأصوله(١) وفوق ذلك فإن الحكمة من حد القذف وهو الرمي بالزنى (كما » : يقول الشيخ أبو زهرة تبين) هو منع أن تشيع الفاحشة في المؤمنين بكثرة الترامي بها، وسهولة قولها، كما قال  تعالى: ﴿ ÔÓÒÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅ ÙØ×ÖÕ ﴾ [ [النور: ١٩ ، تتحقق في الرجل والمرأة على سواء، وإن رمى  الرجال الذين اشتهروا بالعفة والتقوى بهذه الفاحشة من غير بينة يحل عرا الأخلاق ويسهل ارتكاب هذه الجريمة ممن يتردد فيها من الشباب. ويصح أن ننبه هنا إلى أن بعض فرق الخوارج يقولون: إن حد القذف الوارد في النص هو خاص برمي النساء دون الرجال، لأن النص وارد فيهن، فيقتصر على مورده، ولأن رمي المرأة بالزنى أشد تأثيرا ً في حياتها من رمي الرجل، لأن الدنس إذا لحقها من هذه لا يمحى عاره من حياتها، وأما من يقذف الرجال، فإنه لا ينطبق عليه النص، لأن تعميم تطبيق النصوص إنما يكون حيث التساوي، ولا تساوي هنا بين الرجل والمرأة في الأذى من هذه الجريمة. ويجاب عن ذلك بأن التساوي الذي يجعل الرمي واحد ً ا سواء أكان المقذوف رجلا ً أم امرأة لا ينظر فيه إلى الأذى الشخصي وإنما ينظر فيه إلى الأثر المترتب على الترامي بهذه الفاحشة، فإنه يؤدي إلى شيوعها وإن ذلك يتحقق سواء أكان على الرجل أم كان على المرأة فهما من حيث الأثر سواء، ولذلك يتساوى ا لعقاب. الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، معهد الدراسات العربية العالية، . ١٩٦٣ م، ص ١١٨(٢) قال بهذه القاعدة العلامة خميس بن سعيد: منهج الطالبين، ج ١، ص ١٢٠ ؛ انظرها أيض ً ا . في معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ٢، ص ١٥٠٥ ّ وقد فرع الإباضية على القاعدة المذكورة أعلاه أمورا عديدة في المجال الجنائي، فمن ًّ فروعها: أن القاضي في الدماء لا يحكم بمجرد التهمة أو اللوث أو ببينة زور لأن هذه الطرق كلها تثير الشبهات، والحدود تدرأ بالشبهات، ولا يحكم فيها أيض ً ا بمجرد ا لرأي = أولا ً: تمنع من الوقوع في ا لمحظور. ثاني ً ا: تتلافى وقوع ما لا يمكن تداركه بعد ذلك (الموت أو الاعتداء على السلامة الجسدية، أو تحليل الفروج المحرمة شرع ً ا). ثالث ً ا: تمنع التحكم والاستبداد في مجال الفروج والدماء. رابعا: تتلافى الحكم وفق ً ا للمزاج والهوى. ً خامسا: تؤكد مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات. ً سادسا: تحقق الاستقرار في المجتمع ا لإسلامي. ً سابعا: تمنع الفوضى واللجوء إلى الثأر غير ا لمشروع. ً  ثامن ً ا: تتلافى ا لغلو والشطط في ا لعقوبة. ّ = المبني على تلك المقدمات الفاسدة أو الظنون الواهية. ومنها: أن القاضي لو رفعت إليه دعوى على فلان بالزنى وأقام المدعي البينة وهم الشهود الأربعة لكن القاضي استراب في عدالتهم فعليه أن يطلب شاهد ً ا خامسا ليزكي هؤلاء الشهود، وهذا كله مبني على ً الاحتياط في أمر الدماء. ومنها إذا ادعى أنه قتله خطأ ولا توجد بينة على أنه قتله متعمد ً ا فإن الحد يسقط عنه إلى الدية. ومنها: لو قتل معصوم الدم في معركة ثم أقسم أمام القاضي أنه ظنه حربيا ولا بينة على أنه قتله وهو يعلم أنه معصوم الدم فإن القصاص يسقط عنه إلى الدية. ومنها: إن الحربي إذا لاذ بشجرة ثم قال: لا إل ٰ ه إلا الله محمد رسول الله، فقد عصم دمه وماله، ولا يجوز للمسلم قتله اعتماد ً ا على ظن أنه قالها ليعصم دمه لأن أمر الدماء عظيم. ومنها: إن الإباضية إنما تبرأوا من الأزارقة ومن سار على ّ منوالهم لأنهم أنزلوا أهل القبلة على أنهم مشركوا ملة وكفار ملة لا كفار نعمة واستباحوا معجم القواعد الفقهية .« الدماء الحرام فحفظهم الله بدماء المسلمين ولله الفضل والمنة . الإباضية، ج ٢، ص ١٥٠٦ ١٥٠٧ ّ فمن حكم بحكم الدين في موضع الرأي أو حكم بحكم الرأي في » : وجاء في بيان الشرع موضع الدين فقد خالف هو بذلك أحكام الدين، وكان من الضالين والفاسقين لأن الدين أصل والرأي أصل وكل أصل على كماله ولا يجوز أن يقبل حكم واحد منهما إلى آخر . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٣ ٦٤ ، ص ٣٨٨ .« برأي ولا بدين بجهل ولا بعلم ومما يؤكد القاعدة السابق ذكرها أن الإباضية يأخذون في فقههم ّ بفكرة الإيالة، خصوصا في مجال الدماء والفروج (١) ً . ٣ قاعدة عدم جواز الجهل بأحكام الجرائم والعقوبات: القاعدة المستقرة في النظم القانونية المعاصرة أن الجهل بالقانون ا(٢) الجنائي ليس عذر . يقول عبد القادر عودة: ً (١) :« الإيالة » يؤيد ذلك ما جاء في معجم مصطلحات ا لإباضية بخصوص ّ الإيالة تعني النظر إلى ما يؤول إليه الأمر، أو اعتبار مآلات الأحكام عند تنزيلها على »التطبيق العملي، ويعرف عند أهل الأصول بالنظر إلى المآل، وهو أمر أساسي في عمل المجتهد لتتم مطابقة النتيجة للمقصد الذي قصده الشارع من تشريع الأحكام. وقد اهتم الإباضية في فقههم بالجانب المقاصدي وتحري إصابة الغاية من التشريع عند الاجتهاد، ّ والعناية بالباعث والتعرف عليه للحكم على الأفعال، والاجتهاد بنظر إلى مآلات أفعال المكلفين وعدم الاكتفاء بالجانب الظاهري، ما وجدوا إلى ذلك سبيلا ً ، إلا أن تعذر الأمر فإنهم  يبنون الحكم على الظاهر. وتجلى هذا النظر إلى المآل في باب الفروج والدماء بصورة أساسية، من ذلك مثلا ً حكم البعض بحرمة المأتية في دبرها اعتماد ً ا على الإيالة، وسد . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٨٨ .« ا لذرائع الفساد ّ (٢) وهي القاعدة التي ذكرناها كما يلي: «Nemo jus ignorare censetur or ignorantia (or neminem) scusat: Ignorance of the law excuses no one: The principle is that «ignorance of the fact excuses; ignorance of the law does not excuse» (the maxim: «ignoratia facti excusat; ignoratia juris non excusat). Accordingly, when mistake is pleaded, it must be one of fact, not of law. However, ignorance of law is accepted as a defense in case it negates the mental element required for the crime». راجع كتابنا: Ahmed Abou El Wafa: Criminal International law, Dar Al Nahda Al Arabia. Cairo,2007, p130. المعنى الأول هو تصور الشيء على خلاف حقيقته، فهو في هذه » : والجهل له معنيان الحالة عرض له وجود وإن كان زائف ً ا، والثاني هو الخلو عن العلم بالمطلوب، وهو حينئذ عدم تصوره أصلا ً الشيخ عبد الله بن بيه: تنبيه المراجع على .« ، فالأول وجود والثاني عدم . تأصيل فقه الواقع، أبو ظبي، ٢٠١٤ م، ص ١١ كذلك يقسم الأصوليون الجهل قسمين: جهل بسيط وهو عدم الحكم بالشيء سواء كان = ،« لا يقبل في دار الإسلام العذر بجهل الأحكام » : ولهذا يقول الفقهاء » ويعتبر المكلف عالما بالأحكام بإمكان العلم لا بتحقق العلم فعلا ً ، ثم يعتبر ً النص المحرم معلوما للكافة ولو أن أغلبهم لم يطلع عليه أو يعلم عنه شيئ ً ا ً ما دام العلم به كان ممكن ً ا لهم، ولم تشترط الشريعة تحقق العلم فعلا ً ، لأن ذلك يؤدي إلى الحرج ويفتح باب الادعاء بالجهل على مصراعيه ويعطل « تنفيذ ا لنصوص(١) . ومع ذلك يرد على القاعدة المذكورة أعلاه استثناء أن افتراض العلم بأحكام القانون الجنائي لا يتوافر في حالة استحالة ذلك(٢) ، أو إذا ارتكب الشخص الجريمة تحت تأثير غلط لا يمكن تجنبه أو لا يمكن قهره وهي الفكرة المعروفة في الفقه الفرنسي تحت اسم Erreur invincible (الغلط المغتفر أو الذي لا يمكن تلافيه)(٣) . = مع عدم الشعور به أو مع الشعور به، ويدخل في الأول خلو الذهن وفي الثاني الشك ّ والوهم. وجهل مركب وهو الحكم غير المطابق للواقع مع اعتقاد مطابقته كاعتقاد الكفار ما يدينون به. . راجع التقرير والتحبير، ج ١، ص ٤٢ ، ج ٣، ص ٣١٣ (١). عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٤٣٠ ٤٣١(٢) كما لو رجع ذلك إلى وجود قوة قاهرة ومثالها جهل سكان إقليم احتله العدو قانون ً ا أصدرته السلطة الوطنية أثناء احتلال العدو للإقليم المذكورة ولم يبلغ لهؤلاء السكان (د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، .( ص ٣٠١(٣) مثال ذلك أن يتصرف شخص في مال معتقد ً ا أنه لا يرتكب أي جريمة ماسة بالمال، مدفوع ً ا إلى ذلك بتأكيدات متتالية من رؤسائه أو من زملائه الذين سبق أن قاموا بأعمال مماثلة، أو من ممارسات إدارية متكررة في هذا الشأن، ثم يتضح فيما بعد أن فعله لا يزال يشكل جريمة، ففي مثل تلك الحالات تتشكل الإرادة في ظروف لا يمكن أن توصف فيها بأنها خاطئة. راجع د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري، القسم . العام، ص ٦٩٩  وفي الفقه الإسلامي القاعدة أن الجهل بالأحكام لا يعد عذرا مسوغ ً ا ً لإسقاط الأحكام، أو لإسقاط العقوبات المترتبة عليها، خصوصا بالنسبة ً ومن ،« ما علم من الدين بالضرورة » للأمور القطعية التي تدخل في باب ذلك العقوبات ا لمقدرة(١) . اعلم أن صاحب الشرع قد تسامح في جهالات في » : يقول القرافي  الشريعة فعفا عن مرتكبها وأحذ بجهالات فلم يعف عن مرتكبها وضابط ما (١) عقوبات الحدود والقصاص قد ثبتت بالنص القرآني، أو » : يقول الشيخ أبو زهرة إن بالحديث النبوي، وانعقد إجماع المسلمين عليها، فهي لم تثبت بالتأويل أو بالقياس، وبذلك لا يكون الجهل بها عذرا لمن يكون في إمكانه العلم بها، فلا يسوغ لمسلم أو ً لغير مسلم يقيم في الديار الإسلامية أن يجهل أن الزنى حرام، وأن القتل حرام، فلا عذر في الجهل بأصل التحريم: ولا يعد الجهل بأصل التحريم شبهة تسقط العقوبات المقدرة، فإذا ادعى مسلم أنه يجهل تحريم الزنى لا يعد ذلك شبهة بل يعد جريمة بجوار جريمة الارتكاب، وذلك إذا كان يقيم في عمران المسلمين، ولم يكن حديث عهد بالإسلام، أما إذا كان كذلك، فإن مظنة الجهل تجعل ادعاءه مصدق ً ا. وأنه يجب أن يعلم أن أهل الذمة الذين يقيمون مع المسلمين لا يعذرون بالجهل بالأمور التي تعد من الأحكام الإسلامية المقررة، فلا يصح أن يزني أحد من أهل الذمة، ويدعي الجهل بالتحريم، أو يسرق ويدعي الجهل بالتحريم، وذلك لأمرين؛ أحدهما: إقامتهم في الديار الإسلامية فيجب أن يعرفوا قوانين الدولة التي يقيمون فيها، والزواجر الاجتماعية المطبقة على المسلمين وعليهم، فيعلموا أن السارق تقطع يده، وأن من قتل يقتل، وأن أكل أموال الناس بالباطل حرام، والسبب الثاني: أن إقامتهم في الديار الإسلامية على أساس أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وما دام الأمر كذلك فإنه يجب أن يعلموا الأحكام الإسلامية المطبقة عليهم، ولا يعذرون في الجهل بها، ولا يعد الجهل شبهة، وإلا تهدمت الأحكام في حقهم، .« وأصبحوا معفين من الحدود والقصاص بدعوى الجهل الذي لا تشهد الحال لهم فيها ولذلك بالنسبة لمن يقيم في غير الديار الإسلامية يمكن، إن ثبت، أن يكون الجهل عذرا، ً لتوافر شبهة الجهل في هذا الخصوص. راجع: الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، معهد الدراسات العربية العالمية، القاهرة، ١٩٦٦ م، القسم الثاني، ص ٢٧ ٣٣ . انظر أيض ً ا د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي، . ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٦١١ ٦١٧ يعفى عنه من الجهالات الجهل الذي يتعذر الاحتراز عنه عادة وما لا يتعذر الاحتراز عنه ولا يشق لم يعف عنه ولذلك صور، أحدها: من وطئ امرأة أجنبية بالليل يظنها امرأته أو جاريته عفي عنه لأن الفحص عن ذلك مما « يشق على ا لناس(١) . بل ويرى الفقه الإسلامي أن الجهل بتفسير النصوص لا يعد عذرا في ً رفع الحكم وفي عدم ا لمسؤولية(٢) . (١) . القرافي: الفروق، عالم الكتب، بيروت، ج ١، الفرق رقم ٩٤ ، ص ١٤٩ ١٥٠ (٢) من أن بعض الصحابة رضوان الله عنهم شرب الخمر بعد نزول آية » دليل ذلك ما حدث التحريم، وهي قوله تعالى: ﴿ ! " &%$# ' +*)( ,-./ ﴾ [ [المائدة: ٩٠ ، متأولا ً قوله تعالى في الآية التالية للآية التي بعدها وهي قوله تعالى: ﴿ ^]\[ZYXWV _ ` nmlkjihgfedcba ﴾ [ [المائدة: ٩٣ ، قائلا ً لعمر ƒ حينما أمر بجلده، لم تجلدني بيني وبينك كتاب الله!، فقال عمر: وفي أي كتاب الله تجد ألا أجلدك؟. فقال له: إن الله تعالى يقول في كتابه: ﴿ ZYXWV ]\[ ^﴾ .. الآية، فأنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ثم اتقوا وآمنوا، ثم اتقوا وأحسنوا، شهدت مع رسول الله ژ بدرا، وأحد ً ا والمشاهد كلها، فقال ً عمر: ألا تردون عليه ما يقول؟ فقال ابن عباس: إن هؤلاء الآيات أنزلن عذرا لمن غبر ً (أي: لمن سبق له الشرب قبل نزول الآية) وحجة على الناس، لأن الله تعالى يقول: ﴿ ! " &%$# ﴾ الآية، ثم قرأ حتى أنفذ الآية الأخرى التالية لها، وهي قوله تعالى: ﴿ <;:987654321 = ?> EDCBA@ ﴾ [ [المائدة: ٩٢ ، فإن كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فإن الله قد نهاه أن يشرب الخمر (أي لأن آية التحريم الخطاب موجه فيها إلى الذين آمنوا وعملوا وفي رواية قال له عمر « الصالحات) فقال عمر: صدقت، ثم جلده حد الخمر : ƒ أخطأت » ثم أقام عليه الحد، وما ذكر من هذه « التأويل يا قدامة، إذا اتقيت الله اجتنبت ما حرم الله .« القصة يدل على أن الخطأ في تأويل النصوص لا يرفع ا لمسؤولية د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، . ص ٦١٥ العوارض المكتسبة أو هو عارض » وفي الفقه الإباضي يعد الجهل من « كسبي(١) . وهو لا يعد من حيث المبدأ عذرا في المجال الجنائي، لذلك ً  « الحدود لا تدرأ بالجهل » يقول الإمام السالمي إن(٢) . وقد أكد على ذلك هل يعذر الجاهل بترك المأمور به » : أيضا المحقق الخليلي بخصوص مسألة ً « أو فعل المحظور عليه(٣) . (١) . السالمي: طلعة الشمس، ج ٥، ص ٣٧٧ (٢) السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، . ج ٤، ص ٤٠٢ (٣) وهكذا بخصوص مسألة: وما تفسير قول الشيخ الكبير 5 في الفرائض اللازمة إذا حضر وقت ذلك، ولزم العمل به ضاق جهله على جاهله إذا وجد من يعبر له علم ذلك وكان بأرض متصلة بمن يعبر له علم ذلك أهو بعد قيام الحجة عليه أو قبل ذلك؟. أرأيت إن لم يخطر بباله أن عليه عمل شيء من اللوازم ولم يذكر له ذلك ذاكر، وهو يجد المعبرين إلا أنه لم يسأل للعلة المتقدمة، أمثل هذا الذي يضيق عليه جهله في ذلك أم هو ضده أيض ً ا؟. وما فائدة كونه بأرض متصلة بمن يعبر له علم ذلك أهي القدرة والاستطاعة فقط، ولو كان المعبر في جزيرة من (جزائر) البحر أم غير ذلك؟. وإذا كان بغير الأرض المتصلة بمن يعبر له سقطت الكلفة عنه بعلم ذلك ولو كان قادرا على الوصول إلى المعبرين ً هو بعد قيام الحجة به » : بحيلة مثل ركوب سفينة أو غيرها أم كيف ذلك؟. يقول الخليلي إذا كان مما لا تقوم به حجة العقل وما لم يخطر بباله معرفة ذلك، ولم يهتد إليه فموسع له في تأخيره، لعدم قيام الحجة عليه، ولو وجد المعبر الذي تقوم به الحجة هنالك، إلا أنه لم تقم الحجة عليه، ولم يهتد هو إلى ذلك، وكان دائن ً ا في حينه بما يجب عليه لله في جملة دينه، والأرض المتصلة كغيرها في الحكم مع قيام الحجة بالعلم وليس المراد من ذكرها أن تكون شرط ً ا أو قيد ً ا على هذا من أمرها فليس العبرة فيه هذا إلا نفس الاستطاعة والقدرة على العلم بما ألزمه الله أمره وحكم الاستطاعة في هذا لمن وجب الخروج عليه في طلب علمه إن لزمه يوما فهدي إليه كالاستطاعة للخروج من كل فج لمن وجب عليه ً الحج، إلا أن ذلك أوسع لجواز تأخيره، وهذا أضيق إن لم يكن عذر عن مسيره. وما رجع به إلى استحسان عقله، إن لم يجد من يعبر له في جهله فلا يلزمه منه إلا ما هو المحقق « الحق في أصله إن هدي إليه فعرفه من عقله لأن الباطل محال، فلا يجوز . الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٢، ص ٨١ ٨٢ = والجهل لغة نقيض العلم، واصطلاحا قسمان: بسيط وهو عدم العلم ً بالشيء أصلا ً ، ومركب وهو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه في ا لواقع(١) . ويستند ا لإباضية إلى حجج عديدة، كلها سديدة، لبيان ما لا يسع ّ جهله (٢)خصوصا في المجال الجنائي، منها: ً  = حري بالذكر أنه تطبيق ً ا لقوله تعالى: ﴿ ÒÑÐÏÎÍÌ ﴾ [ [البقرة: ٢٨٦ ، تطبق في لا يكلف الله الإنسان » : المسائل غير الجنائية، وفي المسائل الجنائية في بعض الأحوال قاعدة تكليف النائم والمغمى عليه والجاهل بدار الحرب، » : ومن فروع هذه القاعدة .« ما لم يعلمه .« وكذلك الصبي الذي لا يعلم الخطاب، فهؤلاء لا تكليف بحقهم لأنهم لا يعلمون ا لخطاب . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١١٤٧ ّ (١) الإمام السالمي: مشارق أنوار العقول، ص ١٣١ ، وكمثال على الجهل البسيط والمركب ما القول في الجهل البسيط حيث عرفته بقولك: » : وأثرهما في العذر، وضع السؤال الآتي الجهل بالشيء مما من شأنه أن يعلم بحيث لم يتصور أصلا ً ليس يتخرج فيمن علم أن لله محللا ً ومحرم ً ا ثم فعل أشياء يظن أنها جائزة فإذا هي من المحرمات شرع ً ا وذلك كأكله  الخنزير أو شربه الخمر أو صلى بدم مسفوح ولم يدر بحرمتها ولا بنجاسة الدم كذلك من أكل المسكرات كالتتن والأفيون أو كتب شيئ ً ا من الصكوك غير الجائزة ومع هذا دان لله تعالى بجميع ما يلزمه تأديته وينتهي عن جميع ما نهى الله عنه إن علم به ويعتقد التوبة من جميع ما خالف الحق مجملا ً ، وإن علم بشيء محرم تاب منه بعينه، وهذا حاله أن يكون هذا الجهل بسيط ً ا معذورا به حتى يعلم بباطله أم هذا من الكبائر غير معذور صاحبه ً ويكون هالك ً ا بفعله ذلك؟ وهل يتصور البسيط فيمن علم أن الله حلل أشياء وحرم أشياء يقول ا لسالمي: «؟ أم ليس إلا المركب آكل المحرم لا يخرج من إحدى حالتين إما منتهك أو مستحل، والمستحل لا يخرج من »إحدى حالتين: إما أن يتمسك بشبهة أو جهل أو كلاهما جهل مركب، أما الأول فظاهر، وأما الثاني فإنه اعتقد حل المحرم بجهل. والجهل البسيط في هذا إنما لم يتصور فيمن لم يخطر بباله تحليل ولا تحريم فهذا هو عدم العلم بالشيء وهو من شأنه أن يعلم فإذا .« انتهى الإنسان في شيء من الأشياء بهذه المنزلة فإنه معذور لأن الحجة لم تقم عليه . جوابات الإمام السالمي، ج ١، ص ٣٠٩ ٣١٠(٢) والجاهل كل من دخل في الأحكام أو الفتيا في الإسلام بالرأي والاجتهاد، » : يقول الكدمي .« بغير علم بالأصول في ذلك الوجه، من وجوه الأحكام التي قد دخل فيها = أولا ً: « لا تتبدل لجهل جاهل، ولا لعلم عالم » : أن أحكام الله(١) ويعد  ذلك تطبيق ً « لا يعذر بالجهل بالأحكام » ا لقاعدة(٢) . ثانيا: أن الله لم يعذر أحد ً والله تعالى لم يعذر » : ا بالجهل، يقول البسيوي ً أحد ً ا بالجهل، وقد قال الله تعالى: ﴿ ÇÆÅÄÃÂÁ ﴾ [ [الإسراء: ٣٦ وقال: ﴿ ;:98765 ﴾ [ [الكهف: ٢٨ ، وقال: ﴿ n sro ﴾ [ [الجاثية: ١٨ ، ففي كل هذا لا يجوز قول هذا qp .« القائل وقال الله تعالى: ﴿ *+,-. 0/ ﴾ [ [النحل: ٤٣ ، فلو كان أباح الأشياء وركوبها على الجهل لم يقل: ﴿ *+,-. 0/ ﴾ ، ولكان قد أهملهم. فلما أمرهم بالسؤال، ونهى أن يقفوا ما ليس  لهم به علم، دل ذلك أن الأشياء غير مباحة، وأنها محجورة، ولا يجوز ركوب شيء مما حرم الله بجهل ولا علم ولا تعمد، ولا يحل إلا ما أحله الله .« بعمل ومعرفة مع السؤال عن ذلك ولو كان ما يقول من قال هذا شيئ ً ا يلتفت إليه لكان الجهل أنفع للعباد ُ من العلم؛ إذ الجهل معه لا يضر أهله، والعلم ضار لمن علم ثم ركب بعدما علمه. وهذا المستحل ّ لهذا والدائن به قائل غير الجميل، ضال عن سواء السبيل، فأين هو من قولهم: حلال وحرام وشبهات؟!، وقد روي عن = الكدمي: الاستقامة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ُ . ج ٣، ص ٦(١) فمن استحل » : ذات المرجع، ج ٣، ص ٢٢٦ . وقد أخذ بذات المعنى الإمام البسيوي، بقوله . جامع البسيوي، ج ١، ص ٦٤٤ « حراما، أو دان به بجهل أو علم لم يسعه ذلك ً (٢) انظر القاعدة ومثالا ً . عليها في جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٣٠٩ النبي ژ وعن ابن مسعود: إن الحرام بين والحلال بين، وبين ذلك ش » ُ بهات، ْ   « فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك(١) . ثالث ً ا: أن القول بأن الجهل يعد عذرا، يعني أن يكون العالم في مركز ً أسوأ من ا لجاهل. وهكذا بخصوص فيمن قذف مسلما جهلا ً منه، أو ناسيا، أيجب عليه ًً إن الحد على من قذف مسلما » : الحد، إذا كان ذلك بدعواه؟، الجواب ً بالزنى، إذا تعمد قذفه، ولو لم يعلم وجوب الحد في ذلك، والجهل في ذلك ليس عندنا بشيء، ولو أن الجهل ينفع، لكان الجهل أنفع من العلم، ويؤيد ذلك قول ا لله 8 : ﴿ ËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ ÑÐÏÎÍÌ ﴾ [ [الإسراء: ٣٦ . وقال تعالى: ﴿ *+ -0/ ﴾ [ [النحل: ٤٣ . ولو كان الجاهل معذور ً ا بجهله، لما .,  كان في أوامر ا لله 8 بالسؤال عما جهله معنى، ولا فائدة، تعالى الله علوا  « ا(٢) كبير . ً رابع ً ا: أن كل إنسان مسؤول عن أفعاله. وبالتالي، فإن من يرتكب جرما ً يعاقب عليه، عالما كان أو جاهلا ً ، فارتكاب الفعل الحرام هو مناط ا لعقاب. ً (١) إن إمكان » : جامع البسيوي، ج ١، ص ٦٤٣ ٦٤٤ . ويقول أستاذنا د. محمد سلام مدكور العلم بحكم الشرع يقوم مقام العلم الحقيقي، فمتى بلغ الإنسان عاقلا ً وكان ميسرا له أن ً يعلم ما حرم عليه، إما بالرجوع إلى النصوص، وإما بالرجوع إلى أهل الذكر ما دام قادرا ً على الرجوع إليهم، ما كان له أن يعتذر بالجهل بالحكم سواء عن طريق ادعائه بالجهل د. محمد سلام مدكور: نظرية الإباحة عند الأصوليين ،« بذات النص أو بمعناه الحقيقي . والفقهاء، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٩٨٤ ، ص ٥١٧(٢) الشيخ عبد الله الخراسيني: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، ج ٣، ص ٣٨٠ ؛ السيد ، مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ . ص ٢٩٠ ٢٩١ يقول ا لبسيوي: فإن ركب شيئ » ً ا من ذلك بجهل أو عمد فكذب أو قذف أو شتم المسلمين أو اغتابهم، أو شهد بزور لم يعذر بذلك، ركب ذلك جاهلا ً لحرمته أو عالما بحرمته، فلا يحل ركوبه لما حرم الله عليه من ذلك؛ لأن ً هذا كله قد حرمه الله وذمه وتوعد فاعله عليه، وحذر عنه وشدد فيه، ونهى « عنه رسول الله، ولم يرخص الله في ركوب شيء مما نهى عنه(١) . ويضيف أيضا: ً وكذلك يسعهم جهل المحارم التي حرم الله ما لم يركبوا شيئ » ً ا منها، أن يحل ّ وا حراما أو يحرموا حلالا ً ، أو يقعوا بالحرمة، ولا يصدقوا الحجة، أو ً  تقوم عليهم الحجة فيردوها، فإن ردوا الحجة أو ركبوا الحرمة أو تول ّ وا « راكبها، أو برؤوا من العلماء على براءتهم ممن ركبه، يسعهم ذلك(٢) . وقد أكد على ذات المعنى العوتبي، بقوله: ويسع جهل أداء الفرائض ما لم يبتل بالعمل بها فإذا وجب العمل » وحضر وقتها لم يسعه ذلك مثل الوضوء والصلاة والزكاة والصيام والحج وكل ما حرم الله تعالى فعله وأكله وشربه من جميع المحارم فواسع جهل ذلك كله ما لم يفعل ويركب شيئ ً ا منه كذلك سائر الطاعات والمعاصي يسع جهلها ما لم يبتل لعملها ويركب شيئ ً ا منها ويفعلها. ويسع جهل معرفة قسم (١) . جامع البسيوي، ج ١، ص ٦٥٦ (٢) ذات المرجع، ص ٦٤٨ . ويضيف أيض ً وقد قيل: أن مما لا يعذر الله العباد بجهله ولا » : ا الشك فيه بأن ينتهك المحارم التي حرمها الله على استحلال من أهلها لها، ودينونة فيها . ص ٦٤٥ ،« بها. فذلك الذي لا يعذر الله العباد بجهله ولا الشك فيه ر اجع أيض ً والأقوال الثلاثة الموجودة في ،« ارتكاب المحرم على جهل منه بتحريمه » : ا . الفقه بخصوص هذه المسألة، في جوابات الإمام السالمي، ج ١، ص ٢٩٩ ٣٠١ المواريث والحدود والقصاص وسائر الأحكام التي تشبه هذا ما لم يقم الحجة أو يحكم بغير ما أنزل الله أو عطل شيئ ً ا من حدود الله أو يعين على « ذلك(١) . ويضرب الفقه الإباضي أمثلة كثيرة على أن الجهل بالقانون الجنائي ليس عذرا، منها: ً • ما ورد في بيان ا لشرع: ومن الكتاب وعن أبي عبد الله » 5 في رجل يقطع الطريق يقتل ويسلب فلما ظفر به المسلمون قال: استغفر الله كنت أحسب هذا حلالا ً وكنت على ديانة وكنت أستحل ّ ه فليس يقبل هذا منه وقطع الطريق ليس مما يدان به في شيء من أديان أهل الخلافة فإذا كان ممن يعرف أنه يدين باعتراض أهل القبلة وقتلهم وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم فإذا كان ممن ينتسب إلى ذلك فامتحنه أحد من المسلمين ووجد نحلته نحلة الخوارج « ورجع لم يعجل عليه(٢) . • ما جاء في فواكه ا لعلوم: أن عبد الملك بن مروان أوتي بأعرابي تزوج زوجة أبيه، جهلا ً منه فقد قيل: إنه ،« تزوجت بأمك، فقال: لا إنما هي زوجة أبي » : بذلك، فقال له فبلغ ذلك أبا « لا جهل ولا تجاهل في الإسلام » : أمر بضرب عنقه. وقال الشعثاء جابر بن زيد 5 ولو أن الجهل ،« أحسن عبد الملك، وأجاد » : فقال ينفع، ويكون معذور ً ا بجهله، لما قال جابر بن زيد 5 « ذلك ا لقول(٣) . (١) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ٢، ص ٢٧٩(٢) الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ٢٢٧ . انظر أيض ً ا: السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار . الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ٢٦٩(٣) . الشيخ عبد الله الخراسيني النزوي: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، ج ٣، ص ٣٨١ = • ما ورد في المدونة ا لكبرى: قلت لأبي المؤرج: فالرجل يطأ الوليدة وله فيها شريك، أعليه الحد؟ » قال: نعم، عليه الحد. قال: وكذلك أخبرني محبوب عن الربيع، قال: وقال .« أبو غسان: عليه ا لحد قال ابن عبد العزيز وحاتم بن منصور: لا حد عليه في ذلك، لأن هذه شبهة. وقد قيل: « ادرؤوا الحدود بالشبهات » . قال ابن عبد العزيز: هذا يحتمل وجهين. قلت: وما هما؟ قال: الجهل  والشبهة. يقول: ظننت أنها تحل لي بملكي، وشبه لي أنه لا يجوز لشريكي منها ما يجوز لي بالضمان والملك. قلت: سبحان الله العظيم! رجلان يطآن  فرجا واحد ً ا؛ من غير انقراض عدة من أحدهما ببيع واستخلاص لنفسه، ً فيعذران بجهلهما، ويزيل الحد عنهما في غير تأويل شبهة منهما في الذي ركبا؟ قال: وأي تأويل أشد شبهة، وأبين جهلا ً من تأويلهما. قلت: وما تأويلهما؟ قال: يقولان: ﴿ lkji ﴾ [ [النساء: ٣ فيتأولونه على أن الفرج يحل بملك اليمين لكل من ملكه(١) . = انظر أيض ً ا السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، ج ٤، ص ٤٠٢ (١) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢١٣ ٢١٤ وبعد » : ويؤصل المرحوم د. محمد سلام مدكور لقاعدة عدم جواز الجهل بالأحكام بقوله فقد استبان لك أن الجهل بالأحكام ليس مطلق ً ا عذر ً ا رافع ً ا للإثم والحرج في ترك امتثال أمر الشارع وإنما يكون عذرا في حالة واحدة، وهي التي ضبطها القرافي بقوله: هو ما ً يتعذر الاحتراز عنه عادة، ومنه يتبين أن قولهم: لا عذر بالجهل في دار الإسلام ليس على عمومه، فقد توجد بعض جزئيات في دار الإسلام، ومع ذلك يكون الجاهل فيها معذورا ً د. محمد سلام مدكور: نظرية الإباحة عند .« بجهله لأنه لا يتيسر له تعرف حكم الله الأصوليين والفقهاء، المرجع السابق، ص ٥١٤ ٥١٥ . ويضرب أمثلة ً للجهل الذي يعد أو لا يعد عذرا: = ً وفي بعض الأحوال النادرة قد يكون الجهل عذرا. وهو ما أكده الفقه ً الإباضي أيض ً ا. وهكذا بخصوص سؤال: إنسان تزوج ببلدة وهو يجهل أن فيها محرمه، فتبين له بعد سنوات وبعد أن أولدها أولاد ً ا أنها أخته: فما الحكم؟ يقول ا لبكري: لا إثم عليه إذا لم يقصد محجورا وفارق زوجته لمجرد أن ثبت لديه » ً بالبينة العادلة أنها محرمته. اما نسب أولاده فثابت قطعا. قال نور الدين ً السالمي 5 : وواسع لجاهل الأنساب نكاح من شاء بلا ارتياب إذا كان لم يقصد خلاف ً ا ورجع متى رأى حرام ما فيه وقع = وكذلك الحربي إذا دخل دار الإسلام فأسلم فشرب الخمر جاهلا » ً بالحرمة فإنه لا يحد لشبهة عدم علمه بتحريمها في الإسلام لحداثة عهده به، لأن تحريمها ليس في جميع الأديان، وهذا بخلاف ما لو أسلم الذمي وشرب الخمر مدعيا جهله بتحريمها إذ لا يعتبر  ً هذا الجهل عذرا يندرئ به الحد لشيوع تحريمها في دار الإسلام وهو منها، وبخلاف ما ً لو دخل الحربي دار الإسلام فأسلم وزنى جاهلا ً التحريم فإنه لا يكون عذرا لحرمة الزنا ً .( ذات المرجع، ص ٥١١ ) « في جميع الأديان كذلك أكدت محكمة القضاء الإداري في سلطنة عمان على مبدأ عدم جواز الاعتذار ُ من القواعد المسلم بها قاعدة عدم جواز الاعتذار بجهل القانون. » : بجهل القانون، بقولها مفاد هذه القاعدة أنه بمجرد نشر القانون في الجريدة الرسمية، فإنه يفترض علم أي شخص به، ويطبق على الناس كافة ويصبح ملزما لهم من التاريخ المحدد لنفاذه، ولا ً يجوز لأحد أن يتخلص من تطبيق حكم القانون عليه بحجة أنه لم يعلم بصدوره. على ( هذا جرت المادة ( ٨) من قانون التفسيرات والنصوص العامة لسنة ١٩٧٣ م، والمادة ( ١٠ من قانون الجريدة الرسمية رقم ( ٤) لسنة ١٩٧٣ م. نصوص قانون محكمة القضاء الإداري التي استند إليها الحكم قد تم نشرها في الجريدة الرسمية بعددها رقم ٦٦٠ الصادر ١٩٩٩ م، النعي بعد ذلك بعدم العلم بأحكام القانون يكون غير صحيح /١٢/ بتاريخ ١ قانون ً مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها محكمة القضاء الإداري في العامين « ا القضائيين الخامس والسادس ١٤٢٥ ه ١٤٢٦ م، ٢٠٠٥ ٢٠٠٦ ، سلطنة عمان، محكمة ُ . القضاء الإداري، ص ٢٦١ قال الإمام الشافعي وقد سئل عن رجل تزوج امرأة وأبوه غائب، فلما  حضر أبوه، قال للمرأة: هذه ابنتي، وقالت المرأة: هذا أبي، أن المرأة زوج الرجل وابنه أبيه، فإن مات أبوها كان الإرث بينهما للذكر مثل حظ « الأنثيين(١) . :« الحكم المعلل بعلة ينتهي بانتهاء علته » ٤ قاعدة قال بهذه القاعدة الإمام السالمي(٢) . ما قاله السالمي » : ومن المعلوم أن أن زوال الحكم بزوال علته الغائية ليس من قبيل النسخ وهو الحق. » يشعرلأن الأصوليين اشترطوا في النسخ ألا يكون الحكم مقيد ً ا ومغيا بوقت فلا يكون انقضاء وقته الذي قيد به نسخ ً « ا له(٣) . والقاعدة قابلة للتطبيق في مجال التجريم، والعقاب. فمن فروعها: إيقاف حد القطع بسبب المجاعة العامة كما حدث في عصر الفاروق عمر . ƒ « فلما زالت المجاعة عاد ا لحكم(٤) . ومن الثابت أن تعليل الأحكام يساعد على فهمها وحسن إدراكها(٥) . (١) . فتاوى البكري، القسم الرابع، مكتبة البكري، غرداية، ص ٣٦ كزوجة طلقها » وبخصوص النسيان وأثره، يقول السالمي: إن ما يتعلق بما كان قائم العين وعبد أعتقه فنسي الطلاق والعقاد فاستمر على الاستمتاع والتملك ففي عذر هذا الناسي مع إقامته على ذلك الشيء قولان: من المسلمين من عذره لعموم الحديث ومنهم من لم يعذره وجعله بمنزلة من ارتكب الحرام جهلا ً . السالمي: مشارق أنوار العقول، ص ٤١٣ « بأنه حرام (٢) . السالمي: معارج الآمال، ج ٤، ص ٧١٢(٣) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٤٨٣ ّ (٤) ذات المرجع، ذات ا لموضع. (٥) د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة الإسلام، ج ١: المقدمة، المصادر، المعاهدات الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة، . ١٤٢١ ه ٢٠٠١ م، ص ١٧٩ إن التعليل هو أن يذكر الشيء معللا » : يقول الزركشي ً فإنه أبلغ من ذكره بلا علة لوجهين: أحدهما: أن العلة المنصوصة قاضية بعموم ا لمعلوم.  الثاني: « أن النصوص تنبعث إلى نقل الأحكام المعللة بخلاف غيرها (١) .    تعليق الحكم باسم مشتق » ٥ قاعدة(٢) « دليل على عليته للحكم(٣) . وهذه القاعدة أخذ بها الفقه الإباضي، وأورد تطبيقات لها خصوصا ً في المجال ا لجنائي(٤) . (١) . الزركشي: البرهان في علوم القرآن، ج ٣، ص ٩١ ظاهرة تعليل الاحكام في المعاملات والعقوبات وبيان حكمة التشريع » : ويقول د. الزحيلي في العبادات هي السائدة في القرآن الكريم والسنة النبوية... ففي القرآن ما يزيد على ألف د. وهبة الزجيلي: « موضع بطرق متنوعة تشتمل على تعليل الأحكام بالحكم والمصالح فقه التعليل وفقه المقاصد، ندوة تطور العلوم الفقهية في عمان: الفقه الإسلامي والمستقبل ُ . الأصول المقاصدية وفقه التوقع، سلطنة عمان، ١٤٣٠ ه ٢٠٠٩ م، ص ٢٩ ُ (٢) من المعلوم أن الاسم المشتق وهو ضد الجامد يتم اشتقاقه (وفق ً ا للراجح) من المصدر (وإن كان ثمة رأي مرجوح يقول إنه من الفعل) وهو المتصرف، مثل اسم الفاعل واسم المفعول واسم الزمان واسم ا لمكان. (٣) وردت هذه القاعدة في كتاب الإيضاح، ج ٣، ص ٨١ ؛ انظر أيض ً ا معجم القواعد الفقهية . الإباضية، ج ١، ص ٣٨٠ ّ (٤) ومعنى هذه القاعدة: إن الشارع الحكيم إذا علق حكم » : وهكذا قيل ً ا شرعي ً ا باسم مشتق كقوله تعالى: ﴿ ,+ -. 210/ ﴾ [ [النور: ٢ ، وقوله: والسارق ﴿ 210/ ﴾ [ [المائدة: ٣٨ ، فكل من الزاني والسارق اسم فاعل وهما مشتقان من المصدر الذي هو الزنى والسرقة وقد علق بهما حكم القطع والجلد فإن هذا التعليق بهذا الترتيب دل بالاستقراء عليه الاسم المشتق للحكم وهو المشتق منه الذي هو الزنى والسرقة. ويسمي الأصوليون هذه الدلالة بدلالة التنبيه، والإيماء، وهو ترتيب الحكم على الوصف . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٣٨٠ ٣٨١ « يشعر بعلية الوصف للحكم ّ :« النص مقدم على النظر أو الاجتهاد أو ا لقياس » ٦ قاعدة ثبت ذلك بقوله تعالى: ﴿ ÍÌËÊÉÈÇ ﴾ [ [النساء: ٥٩ أعاد الأمر إعظام ً ا له ژ ، ودفع ً ا لتوهم أنه لا يتبع إلا ما جاء به من القرآن، وإيذان ً ا بأن له استقلالا ً ليس لغيره. وقد أضاف سبحانه بعد ذلك مباشرة قوله: ﴿ ÐÏÎ ﴾ [ [النساء: ٥٩ليبين أن طاعتهم تبعا لما هو مقرر ً  في القرآن والسنة، لا ا ستقلالا ً عنهما. .« لا حظ للنظر مع ا لنص » : لذلك من القواعد الفقهية ا لإباضية قاعدة ّ أنه لا اجتهاد في مورد النص، وأنه لا قياس أيضا أمام » : ومعنى القاعدة ً النص؛ لأن القياس نوع من الاجتهاد لكون النص هو الذي أثبت قداسة « الإجماع وحجيته. وهو مستنده الذي يستند الإجماع إليه ويعول عليه(١) . ّ   والحدود لله تعالى وليس لأحد من الأمة أن يضع » : كذلك يقرر رأي حدا يوجب بوضعه في الشريعة حكما إلا أن يتولى وضع ذلك كتاب ناطق، ً أ و سنة ينقلها صادق عن صادق، أو يتفق على ذلك علماء الأمة. وليس ُ « للعقول مجال عند ورود ا لشرع(٢) . ولا شك أن تطبيق أية قاعدة قانونية يتطلب العلم بها أولا ً ، والعمل بما جاء فيها رغبة في عدم مخالفتها، أي: تطبيقها بطريقة سليمة، لا تخرج على فحواها أو مبناها. ويكون ذلك مع مراعاة القواعد السابق ذكرها خصوصا في ً إطار المسائل الجنائية حتى يتحقق الغرض منها؛ والذي يتمثل أساسا في ً عدم الخروج على القواعد الشرعية والأسس المرعية في الشريعة ا لإسلامية. (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٠٥٨ ١٠٥٩ ّ (٢) خلفان الحارثي: القواعد الفقهية عند الإمام ابن بركة، ندوة القواعد الفقهية بين التأصيل والتطبيق، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة ع ُ مان، ص ٢٦٨ . راجع أيض ً ا ابن بركة: . الجامع، ج ١، ص ٢٩٤ :¿ÉªY áæ£∏°S »a »FÉæédG ¿ƒfÉ≤dG (R o نشير إلى مصادر القانون الجنائي في سلطنة عمان، فإذا انتهينا من ذلك ُ فحقيق بنا أن نذكر خضوع أحكام القانون الجنائي في سلطنة عمان للشريعة ُ الإسلامية. ١ مصادر القانون الجنائي في سلطنة ع ُمان: لم توجد في سلطنة عمان وحتى عام ١٩٧٠ محاكم متخصصة (أي: ُ محاكم جنائية) مختصة بالحكم في الأمور الجنائية. وقد كان القضاء وفق ً ا للشريعة الإسلامية. ثم بدأ تنظيم المحاكم الجنائية في صورة محكمة الشرطة والمحكمة الجزائية والدائرة الجزائية في إطار المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف ضمن المحاكم العدلية الخاضعة لإشراف وزارة العدل(١) . وقد صدرت مراسيم سلطانية عديدة خاصة بالقانون الجنائي في سلطنة عمان، ومنها تلك الخاصة بما يلي: ُ ١ .(٧٤/ القانون الجزائي ا لعماني (المرسوم ٧ ُ ٢ .(٩٦/ النظام الأساسي لسلطنة عمان (المرسوم ١٠١ ُ ٣ .(٩٩/ السلطة القضائية (المرسوم ٩ ٤ .(٩٩/ الإدعاء العام (المرسوم ٩٢ ٥ .(٩٩/ الإجراءات الجزائية (المرسوم ٩٧ (١) راجع أيض ً ا حمدان المحفوظي: نظام القضاء الجزائي في سلطنة ع ُ مان، الطبعة الأولى، مسقط، ٢٠٠٤ ، ص ١٣ ١٥ ؛ د. عادل العاني: شرح قانون الجزاء ا لعماني، القسم العام، ُ . مسقط، ص ٢٦ ٢٧ وسنستعرض في ثنايا هذا الكتاب للعديد من أحكام القانون الجزائي  العماني وقانون الإجراءات الجزائية. ونظرا لأهمية ما احتواه النظام الأساسي ًُ للسلطنة من قواعد ومبادئ خاصة بالقانون الجزائي وقانون الإجراءات الجزائية فإننا نشير إليها منذ ا لبداية(١) .  (١) (٩٦/ أهم ما ورد في النظام الأساسي لسلطنة عمان (الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٠ ُ ما يلي: :( مادة ( ١٨ الحرية الشخصية مكفولة وفق ً ا للقانون، ولا يجوز القبض على إنسان أو تفتيشه أو حجزه أو حبسه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام ا لقانون. :( مادة ( ١٩ لا يجوز الحجز أو الحبس في غير الأماكن المخصصة لذلك في قوانين السجون المشمولة بالرعاية الصحية والاجتماعية. :( مادة ( ٢٠ لا يعرض أي إنسان للتعذيب المادي أو المعنوي أو للإغراء، أو للمعاملة ّ الحاطة بالكرامة ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك. كما يبطل كل قول او اعتراف يثبت صدوره تحت وطأة التعذيب أو بالإغراء أو لتلك المعاملة أو التهديد بأي منهما. :( مادة ( ٢١ لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة  للعمل بالقانون الذي ينص عليها والعقوبة شخصية. :( مادة ( ٢٢ المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع وفق ً ا للقانون ويحظر إيذاء المتهم جسمانيا أو معنويا. ً :( مادة ( ٢٣ للمتهم الحق في أن يوكل من يملك القدرة للدفاع عنه أثناء المحاكمة ويبين القانون الأحوال التي يتعين فيها حضور محام عن المتهم ويكفل لغير القادرين ماليا وسائل الالتجاء إلى القضاء والدفاع عن حقوقهم. :( مادة ( ٢٤ يبلغ كل من يقبض عليه أو يعتقل بأسباب القبض عليه أو اعتقاله فورا، ً ويكون له حق الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع أو الاستعانة به على الوجه الذي ينظمه القانون ويجب إعلانه على وجه السرعة بالتهم الموجهة إليه. وله ولمن ينوب عنه التظلم أمام القضاء من الإجراء الذي قيد حريته الشخصية، وينظم القانون حق التظلم بما يكفل الفصل فيه خلال مدة محددة، وإلا وجب الإفراج حتما. ً :( مادة ( ٢٥ التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة. ويبين القانون الإجراء والأوضاع اللازمة لممارسة هذا الحق وتكفل الدولة، قدر المستطاع، تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في ا لقضايا. :( مادة ( ٢٦ لا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أي إنسان بدون رضائه ا لحر. = ٢ ضرورة مراعاة أحكام الشريعة ا لإسلامية: حري بالذكر أن ما يطبق من قوانين في سلطنة عمان بما في ذلك ُ القانون الجزائي يخضع للقاعدة العامة واجبة المراعاة وهي ألا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. ومن هنا تبدو أهمية هذا الكتاب، والذي يخص دراسة ما بحثه الفقه الإباضي في هذا ا لخصوص. وتبدو مراعاة ما قررته الشريعة الإسلامية بخصوص المسائل الجنائية وملامح ذلك في سلطنة عمان، مما يلي: ُ أولا ً : النظام الأساسي للسلطنة والقوانين الصادرة فيها: ينص النظام الأساسي لسلطنة ع مان الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ُ دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية هي أساس » : ٩٦ على أن /١٠١ .( المادة ٢ ) « التشريع  .« سلطنة عمان دولة عربية إسلامية » : كما تنص المادة ( ١) على أن ُ = :( مادة ( ٢٧ للمساكن حرمة، فلا يجوز دخولها بغير إذن أهلها، إلا في الأحوال التي يعينها القانون بالكيفية المنصوص عليها فيه. ( مادة ( ٢٨ : حرية القيام بالشعائر الدينية طبق ً ا للعادات المرعية مصونة على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي ا لآداب. :( مادة ( ٢٩ حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود ا لقانون. :( مادة ( ٣٠ حرية المراسلات البريدية والبرقية والمخاطبات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال مصونة، وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبتها أو تفتيشها أو إفشاء سريتها أو تأخيرها أو مصادرتها إلا في الحالات التي يبينها القانون وبالإجراءات المنصوص عليها فيه. :( مادة ( ٤٢ .« العفو عن أية عقوبة أو تخفيفها » من مهام السلطان :( مادة ( ٧٥ لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب » عليها أثر فيما وقع قبل هذا التاريخ إلا إذا نص فيها على خلاف ذلك، ولا يشمل هذا .« الاستثناء القوانين الجزائية وقوانين الضرائب والرسوم ا لمالية ثانيا: القضاء ا لعماني: ًُ يحرص القضاء العماني على احترام ما تقرره الشريعة الإسلامية في ُ المجال الجنائي. وهكذا تقول المحكمة العليا بخصوص اتفاق المطلق مع مطلقته البائنة منه ببينونة كبرى على الرجوع إلى العشرة الزوجية أن ذلك:  « ا(١) لا يجوز شرع » ً .   وأكدت أيض ً محكمة أول درجة قد أصابت صحيح الشرع والقانون » : ا «... حينما قضت(٢) . المال المقدر من قبل الشرع عملا » : وقالت بخصوص الدية، إنها ً بمبدأ « تكافؤ الدم والنفس في ا لإسلام(٣) . وقالت أيض ً إن الثابت شرع » : ا ً ا بالسنة النبوية المطهرة أن الجراحات « يستأتي فيها سنة إذ الاعتبار فيها مآلها(٤) . ثالث ً ا: الاتفاقيات الدولية التي ترتبط بها سلطنة ع ُ مان في مجال حقوق الإنسان: تبرم سلطنة عمان اتفاقات دولية قد تتعلق من قريب أو بعيد بالقانون ُ الجنائي. من ذلك مثلا ً أن سلطنة عمان صادقت على خمس اتفاقيات ُ ومعاهدات دولية في مجال حقوق الإنسان وهي(٥) : (١) مجموعة المبادئ والقواعد القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ . وحتى ٢٠١٠ ، الدوائر المدنية، سلطنة عمان، المحكمة العليا، المكتب الفني، ص ٤٢٢ ُ (٢) . ذات المرجع، ص ٦٦ ٦٧(٣) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها . ٢٠١١ ، سلطنة عمان، المحكمة العليا، ص ١٠٠ /٦/ ٢٠١٠ وحتى ٣٠ /١٠/ في الفترة من ١ ُ (٤) . ذات المرجع، ص ١٤٦ ١٤٧(٥) انظر: اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، مسقط، ص ٨ ٩، وقد وقعت السلطنة على الإعلان = ٧١ ١ اتفاقية حقوق الطفل بالإضافة إلى البروتوكولين الملحقين بالاتفاقية وهما: إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة، وبيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء والمواد ا لإباحية. ٢ الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ا لعنصري. ٣ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد ا لمرأة. ٤ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي ا لإعاقة. ٥ اتفاقية حظر أسوأ أشكال عمالة الأطفال (الاتفاقية رقم ( ١٨٢ ) لعام ١٩٩٩ ، الصادرة عن منظمة العمل ا لدولية). وتحرص السلطنة على عدم الارتباط بأي اتفاق دولي يتعارض مع حقوق الإنسان المقررة في الشريعة ا لإسلامية. وهكذا، عند انضمامها وتصديقها على اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة قررت السلطنة التحفظ على كل نصوص الاتفاقية التي لا تتفق مع نصوص الشريعة الإسلامية أو النافذة في سلطنة عمان. ُ وهو ما قررته السلطنة عند التصديق على اتفاقية حقوق الطفل، النصوص المتعلقة بالتبني المذكورة في المادة » وتحفظت بصفة خاصة على «(٢١)(١) . = العالمي لحقوق الإنسان (ذات المرجع، ص ٦). انظر أيض ً ا محمد بن عبد الله الفزاري: ضمانات حماية حقوق الطفل في ضوء قواعد القانون الدولي والتشريع الوطني، اللجنة . الوطنية لحقوق الإنسان، سلطنة عمان، ٢٠١٣ ، ص ١٠٤ ُ (١) انظر: نص تحفظات السلطنة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وعلى اتفاقية حقوق الطفل، في: Collection of instruments relating to the international protection of human rights, vol. I, international institute of human rights, strasburg (France), 2012, p. 328, 576. ÜÉ≤©dGh ºjôéà∏d áeÉ©dG ÇOÉѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a أكد الفقه الإباضي على الكثير من المبادئ العامة التي تخص التجريم والعقاب. ويمكن تقسيم هذه المبادئ لحسن البحث والدراسة إلى طوائف أربع، وهي: المبادئ الخاصة بالتجريم. المبادئ الخاصة بالعقاب. المبادئ المختلطة (أي: التي تسري على التجريم والعقاب معا). ً المبادئ المتعلقة بالنواحي الإجرائية ا لجنائية. • • • • . وندرس هذه الأنواع الأربعة، على أن نخصص لكل منها فصلا ً وذلك على التفصيل الآتي بيانه: د الفقه الإباضي خصوصا على مبادئ ثلاثة، هي: ً .« الأصل في الإنسان ا لبراءة » مبدأ .« التجسيد الواقعي للفعل ا لإجرامي » مبدأ .« لا مسؤولية جنائية بدون إثم » مبدأ وندرس هذه المبادئ الثلاثة، على أن نخصص لكل منها مبحث ً ا. ∫hC’G åëѪdG zIAGôÑdG ¿É°ùfE’G »a π°UC’G{ CGóÑe هذا المبدأ من المبادئ الأساسية للسياسة الجنائية، قديمها وحديثها،  يعد باعتباره المظهر الأساسي لحماية حقوق الإنسان. وهو مبدأ يتفق مع المنطق، والفطرة، والسليقة الحسنة. فالأصل البراءة بقاء ما كان على ما كان إلا إذا حدث ما يغيره. وهذه هي فكرة ا لاستصحاب(١) في أصول الفقه ا لإسلامي. (١) جاء في معجم مصطلحات ا لإباضية: ّ معنى الاستصحاب: إبقاء ما كان على حاله التي هو عليها من وجود أو عدم، ما لم يرد »دليل ينقله عن حكم أصله إلى حكم آخر. = وهو ما قررته المحكمة العليا في سلطنة عمان، بقولها: ُ الأصل في الإنسان البراءة والإدانة عارض ولا يترك هذا الأصل إلا بناء » وتضيف أيض ،« على حجج قطعية الثبوت ً ا: الأصل في الإنسان البراءة، وأن الجريمة صورة من صور السلوك »  الإنساني الشاذ الخارج عن المألوف، مؤدى ذلك أن اليقين لا يزول « بالشك(١) . ومن المعلوم أن الأسس التي يقوم عليها مبدأ البراءة الأصلية في الفقه الإسلامي ترجع إلى أمور ثلاثة، هي: الإباحة الأصلية، واستصحاب الحال، ومبدأ اليقين لا يزول بالشك(٢) . = ومبنى الاستدلال بالاستصحاب حكم العقل ببقاء الشيء وعدم تغييره إلا بمحدث. وتتفرع عنه بعض القواعد الفقهية، مثل: الأصل براءة الذمة، والأصل بقاء ما كان على ما كان. ويعد استصحاب الأصل ضمن أقسام مصادر الشريعة الإسلامية، كما ذهب إلى ذلك الجناوني، فهو يجعلها ثلاثة: أصل ومعقول أصل واستصحاب حال الأصل. ويقسم استصحاب حال الأصل إلى ثلاثة: براءة الذمة وشغل الذمة والاستحسان. وهو ما ذهب إليه الوارجلاني في العدل والإنصاف، لكنه جعل الاستصحاب ملاذ الفقهاء إذا اشتبهت عليهم الأدلة الأخرى ثبوت ً ا أو تفسيرا، فهو يقول: بأن الظاهر والعام وأخبار ً الآحاد طرق مستعملة، فإذا تقاومت غلبوا عليها الرأي والقياس واستصحاب ا لأصل. ويعتمد على الاستصحاب في الدفع والإثبات، إذ يحتج به لإثبات الحقوق ولدفع . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٥٨٦ ،« الدعاوى ّ (١) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة ٢٠١١ ، سلطنة عمان، المحكمة العليا، /٦/ ٢٠١٠ وحتى ٣٠ /١٠/ منها في الفترة من ١ ُ . ص ٤٧٩ راجع أيض ً ا بخصوص أصل البراءة د. فوزية عبد الستار: القضاء في الإسلام، القاهرة، . ١٤٣٠ ه ٢٠٠٩ م، ص ١٤٠(٢) انظر تفصيلات كثيرة في: د. عبد العزيز سمك: الحبس للتهمة وضماناته في الفقه . الإسلامي، القاهرة، ٢٠٠٨ ، ص ٩١ ١٢٥ »fÉãdG åëѪdG (1)z»eGôLE’G π©Ø∏d »©bGƒdG ó«°ùéàdG{ CGóÑe من الناحيتين الواقعية « تتجسد » لكي نكون بصدد جريمة، فإنها يجب أن  المقنن لا يعتبر الإنسان » : بمعنى أن « مادة الجريمة » والفعلية. فالسلوك مجرما إلا إذا صدر عنه السلوك الذي حدده الأنموذج القانوني للجريمة. ً ولا استثناء يرد البتة على هذا « لا جريمة بغير سلوك » : ولهذا حق مبدأ أن « المبدأ(٢) . فالسلوك الإجرامي هو الذي يعكس إلى العالم الخارجي قوام الجريمة، ألا شأن لقانون العقوبات » ويشكل بالتالي التكئة المادية لها. فالقاعدة بالمراحل النفسية أو الإرادية السابقة على النشاط الإجرامي الملموس: فما يدور داخل مكنون الأنفس أو ما تعتلج به الصدور من نوازع وهواجس وأفكار ورغبات ونوايا إجرامية لا سلطان للقانون عليه، طالما لم يقترن ذلك بمظهر خارجي يستدل به عليه. والقانون الوضعي لا يقحم نفسه في مجال « تفكير الإنسان، وإنما يتدخل فحسب في مجال تصرفاته ا لخارجية(٣) . (١) وهو مبدأ يبحثه الفقه تحت مسميات أخرى: الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، « لا عقاب على النيات » فيشير إليه رأي تحت اسم . ص ٣٨٦ ٣٨٧ لا جريمة بغير ماديات تبرز بها إلى العالم الخارجي » : ويبحثه رأي ثان تحت اسم . د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٨ ٩ ،« المحسوس د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة « لا جريمة بغير سلوك » ويسميه رأي ثالث: مبدأ . للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، ص ١٦٤ ١٦٥ د. أحمد عوض بلال: « مبدأ لا جريمة بغير سلوك إجرامي » : ويطلق عليه رأي رابع . مبادئ قانون العقوبات المصري، القسم العام، ص ٢٦٣ (٢) . د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية، ص ١٦٤ ١٦٥(٣) . د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري، القسم العام، ص ٢٦٣ ٢٦٤ للفعل « التجسيد الواقعي » ومعنى ما تقدم أنه ما قبل هذا  الإجرامي، لا يسأل الإنسان عما يرد في خواطره أو يحدث به نفسه(١) . يؤيد ذلك قوله تعالى: ﴿ §¨©ª«¬ ﴾ [ [البقرة: ٢٨٦ ، وقوله تعالى: ﴿ ]\[ZYXWVU ^ _ ` a ﴾ [ [الطلاق: ٧ ؛ وقوله جل شأنه: ﴿ ÒÑÐÏÎÍÌ ﴾ [ [البقرة: ٢٨٦ . ويؤكد ذلك أيض ً ا الأحاديث النبوية، ومنها قوله ژ : ومن هم بسيئة فلم » « يعملها لم تكتب، وإن عملها كتبت(٢) . ُ وعن أبي هريرة ƒ عن النبي ژ قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما »  « حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم متفق عليه. أخبر عن الله تعالى بأنه لا يؤاخذ الأمة بحديث » : والحديث المذكور نفسها وأنه تعالى قال: ﴿ §¨©ª«¬ ﴾ وحديث النفس  يخرج عن الوسع نعم الاسترسال مع النفس في باطل أحاديثها يصير العبد عازما على الفعل فيخاف منه الوقوع فيما يحرم فهو الذي ينبغي أن يسارع ً « بقطعه إذا خطر(٣) . (١) راجع ماهية الصور الخمس لما قبل تنفيذ الجريمة (وهي الهاجس، والخاطر، وحديث إنما تناط » النفس، والهم، والعزم) والتي لا يعاقب عنها لأنها أمور باطنة، والأحكام د. حسن الشاذلي: الجريمة، دراسة « بالأسباب الظاهرة المنضبطة المحسوسة الملموسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٣١٦ ٣٢٣ ؛ د. هلال الرشيدي: القواعد الفقهية عند ا لإباضية، تنظيرا وتطبيق ً . ا، ص ٣٤٣ ٣٤٤ ًّ (٢) . صحيح مسلم، كتاب الإيمان، رقم الحديث ١٣٠ ، ج ١، ص ١١٨(٣) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٣١٨ ٣١٩ ومما يتعارض مع هذا المبدأ، وهو ما حرمه الإسلام، الكشف عما في لنا » : القلوب، والتنقيب عن خفايا النفوس. لذلك فالقاعدة الثابتة في الإسلام « الظاهر والله يتولى ا لسرائر(١) . وتكمن علة هذا المبدأ في احترام خصوصيات أفكار الناس وعدم  العصف بحقوقهم وحرياتهم. لذلك قيل:   علة هذا المبدأ في الفقه الإسلامي هي ذات علته في الفقه الوضعي: » فهي خشية أن يكون من شأن محاسبة الناس على نواياهم التي لم يعبروا عنها بسلوك خارجي محسوس ا جتماعيا العصف بحرياتهم، وأن يكون من مقتضى ذلك تنظيم الدولة أسلوبا للتجسس لا ترتضيه القيم الحضارية ً « والمثل الرفيعة التي استيقت منها الأحكام الجنائية ا لشرعية(٢) . والقصد إذا خلا عن الفعل لا يكون » : بل قال فقهاء المسلمين « كبيرة(٣) . وقد أكد الفقه الإباضي على ضرورة ارتكاب الفعل من الناحية الواقعية حتى يسأل الشخص جنائيا، باعتبارها أمرا مكتسبا، دليل ذلك ًً ما يلي: أولا ً : يقول ابن ا لنظر: فالأفاعيل اكتساب للورى ومن الرحمن » ِ خلق وف َط َر ٌُ ٌَْٰ (١) الشريعة الإسلامية ظاهرية لا يكتشف فيها القضاء أمور النيات » يقول الشيخ أبو زهرة: إن الشيخ محمد أ بو زهرة: الجريمة، « والبواعث، ولكن يحكم فيها بما ظهر، ويترك لله ما بطن . ص ٣٨٦ (٢) . د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٨ ٩(٣) الإمام ابن حجر الهيثمي: الزواجر عن اقتراف الكبائر، دار الشعب، القاهرة، . ١٤٠٠ ه ١٩٨٠ م، ص ٤٩٥ الأفعال: جمعها أفاعيل، وواحدها فعل، وهي أفعال العباد من خير وشر، ومن الله خلق وفطر، والفطر: الخلق. ومنه قوله تعالى: ﴿ ©ª« ¬®¯ ﴾ [ [الروم: ٣٠ « ، والفطرة التي طبعت عليها ا لخليقة(١) . ثانيا: يؤكد ا لإباضية على قاعدة مهمة، هي أن: ًّ « حديث النفس عفو »(٢) .  ثالث ً ا: يرى ا لإباضية أن: ّ « الفعل من الفاعل إنما يقع حين فعل لا قبل ذلك ولا بعد »(٣) . رابعا: « وجود » يضرب الفقه الإباضي العديد من الأمثلة على ضرورة ً السلوك الإجرامي لكي يسأل الشخص جنائيا. وهكذا بخصوص مسألة: وفي رجل أجر رجلا ً أن ينبت له نخلة أو يحدرها أو يحدها فسقط منها فمات حالا ً والمؤجر والمستأجر حران عاقلان (١) . أبو بكر بن النظر: الدعائم، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ١، ص ٧٩ ُ (٢) . القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٤٤٢ ٤٤٣ ّ (٣) تكون مع الفعل لا قبله » الكندي: بيان الشرع، ج ٢٧ ، ص ١١٧ . ويرى الفزاري أن الاستطاعة ابن إدريسو مصطفى وابن محمد بن صالح: الفكر العقدي عند الإباضية حتى « ولا بعده ّ . نهاية القرن الثالث الهجري، جمعية التراث، القرارة غرداية، طبع المطبعة العربية، ص ٣٨٩ ويرى الإباضية أن الاستطاعة تكون مع الفعل، لا قبله ولا بعده، وبينهما » : كذلك قيل ّ علاقة دال ومدلول عليه، كل واحد منهما دليل على الآخر، وهذا احتراز من القول بخلق الأفعال، إلا أن الإمام أبا عبيدة مسلم والقطب لم يريا مانع ً ا من اعتبارها قبل الفعل أيض ً ا، بمعنى سلامة الأعضاء، والقدرة التي يشعر بها الفاعل قبل فعله. وهو ما أشار إليه السالمي باعتبار أن الاستطاعة تفارق ا لفعل. ولكل فعل استطاعة تختص به، فلا يمكن أن تجتمع استطاعة واحدة لفعلين، فإذا انشغل بفعل امتنع أن يستطيع بها فعلا ً « آخر؛ فالكافر لا يستطيع الإيمان حال انشغاله بالكفر . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٦٥١ ّ إن كنت تبحث عن الضمان فلا ضمان » : ما الحكم في هذه المسألة؟ قيل على المؤجر حيث كان المستأجر حرا بالغ ً ا عاقلا ً ولا إثم أيض ً ا وكذا المستأجر لا إثم ولا ضمان أيضا عليه إلا إذا عرف النخلة قبل طلوعه أنها ً مخوفة أو قدر في نفسه أن لا يقدر على ارتقائها فتكلفها فهاهنا عليه الإثم ّ والضمان ولا شيء على مؤجره على كل حال والعلم عند الله سبحانه ذي  « الجلال والإكرام(١) .  وجاء في بيان ا لشرع: في البئر والطريق وإذا استأجر الرجل أربعة يحفرون بئرا فوقعت على » ً واحد فعلى الثلاثة الباقين ثلاثة أرباع الدية ولا ضمان على المستأجر من قبل أن هذا من فعلهم، وكذلك لو استعانهم، وإن كان الذي يحفر واحد « فانهارت عليه من حفرة لم يكن على الآمر ضمان في ذلك(٢) .  ويقول أيض ً يكن منهم » ا: (بخصوص المحاربين وقطاع السبيل): فإن لم تعرض ولا سبب يستحقون به التهمة فلا يعرض لهم حتى يحدثوا حدث ً « ا (أي بداهة حتى يرتكبوا جريمة). ويضيف أيض ً ولا يستحل قتال قوم » : ا دخلوا البلاد حتى يكون منهم الحدث الذي يجوز به ذلك وتقوم عليهم « الحجة. وهذا قول أبي ا لمؤثر(٣) . (١) . خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ٢، ص ٢٣١ ٢٣٢(٢) . بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣٦ (٣) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١٨٨ ١١٧ انظر أيض ً عليها مدار » ا الوجوه الأربعة التي لا يخرج عنها أي حدث في الإسلام والتي في الكدمي: الاستقامة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، « جميع الأحداث ُ . ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ج ٢، ص ٢٤٧ ٢٥١ ådÉãdG åëѪdG (1)ºKEG ¿hóH á«FÉæL á«dhDƒ°ùe ’ CGóÑe   نقصد بذلك أن يرتكب الشخص ما يستحق أن يلام عليه، أي: أن يتوافر ُ لديه قصد جنائي بارتكاب الجريمة وذلك بأن يتجه قصده إلى ارتكاب الجريمة (كقتل المجني عليه بتصويب الرصاص إليه أو ضربه بالسيف)، أو خطأ وذلك بأن يرتكب الفعل دون أن يقصد نتيجته (كمن يرمي طائرا ً ليصطاده فتصيب الرمية إنسان ً ا تصادف وجوده في المكان ذاته، أو من يصوب نحو جندي يحسبه عدوا، فإذا هو من المسلمين أو المعاهدين أو أهل ا لذمة). ويعني هذا المبدأ إذن أن ما يسمى بالمسؤولية الموضوعية  La responsabilité objective والتي تجعل الشخص مسؤولا ً جنائيا ولو لم لا تعترف بها الشريعة ا لإسلامية. « إثم جنائي » يتوافر لديه وقد أخذ فقهاء المذهب الإباضي بهذا المبدأ وذكروا له أحوالا ً كثيرا، ً منها: ١ أن تخرج الرمية من يد عاقل مكلف نافذ » : تعريفهم للعمد بأنه هو الأحكام على شخص معروف يتكافأ دمه دم القاتل من كل الوجوه مما لا « يحل له قتله(٢) . مما لا يحل له » ولا شك أن ما ورد في عجز هذه العبارة (١) د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام « لا مسؤولية جنائية بدون عصيان » يطلق عليه رأي آخر اسم العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٣٣٤ . كذلك يشير رأي آخر إليه إذ يجب أن تكون إرادة الجاني إرادة آثمة « مبدأ لا مسؤولية جنائية بغير إثم » تحت اسم على نحو تصبح معه العلاقة بين ماديات الجريمة وشخص الجاني محلا للوم القانوني، . د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري، القسم العام، ص ٦٤٧(٢) الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢، ص ٦٢٠ . وانظر تفسيره لذلك (ذات المرجع، .( ص ٦٢٠ ٦٢١ يدل على ضرورة وجود الإثم الجنائي واتجاه القصد إلى الاعتداء ،« قتله  على شخص يحميه الشرع لكي يسأل الجاني عن القتل، فإذا لم يكن كذلك كما هو الحال بالنسبة للباغي والمشرك المحارب، والزاني المحصن وأشباههم، فلا مسؤولية. ويأخذ آخرون في الفقه الإباضي بتعريف يشابه السابق ذكره، لكن مع « استخدام عبارة أن العمد يكون بخروج رمية من يد مكلف... لا بإباحة(١) . وهو ما يعني أن إباحة الفعل تمحو الإثم الجنائي، وبالتالي فلا مسؤولية. إخراج الرمية عمد » ويقول آخرون في ذات المعنى إن العمد هو ً ا من يد « مخرجها... من غير إباحة شرعية(٢) . ٢ ومنها تعريفهم للخطأ، بما يعني عدم وجود نية إجرامية. وهكذا الخطأ هو ما ليس للإنسان فيه قصد، من قول أو فعل، وعرفه البعض » : قيل بأنه القصد لفعل شيء يجوز فعله، فيصير إلى غيره. « يرفع الإثم في الخطأ دون غيره من الأحكام؛ من نحو ا لضمانات(٣) . ُ والقاعدة عند ا لإباضي ّ ة أيض ً الخطأ والنسيان يرفعان الإثم والمؤاخذة » ا أن« لا نفس ا لواجب(٤) . (١) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٦٧ (٢). جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٦٥(٣) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٣٣٨ ّ (٤) بخصوص هذه القاعدة، قيل: هذه قاعدة مهمة وهي متفرعة عن قاعدة أصولية خلافية وهي اختلافهم في عموم »المقتضى، والمراد بعموم المقتضى هو أن اللازم الاقتضائي المقدر في قول الرسول ژ : ر» ُ « فع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ، هل هو إثم الخطأ فقط، أو الإثم والحكم معا؟ ً فالذي ذهب إليه الشافعي وجمهور أهل الأصول هو أن للمقتضى عموما، فقول = ً لذلك فإن قوله ژ : عفي عن أمتي الخطأ والنسيان وما حدثوا به وما » « أكرهوا عليهمعناه: « لا إثم عليهم فيما وقع من هذه الأشياء ا لأربعة »(١) . كذلك يقول الإمام ا لسالمي: (ورف ْع ُ الإثم لدى الخطأ ومن ْ ألزمه الظاهر حكم ً ا يسلمن ( ْ (كالقتال النفس وكالمطلق ْ زوجته خطأ ومثل المعتق ْ ( رفع الله إثم الخطأ عن صاحبه على » : (قوله: ورفع الإثم لدى الخطأ) أي لسان نبيه ژ وسكت المصنف عن رفع الأحكام بالخطأ؛ لأن المذهب ّ المشهور بيننا إنما هو رفع الإثم بالخطأ لا غيره من الأحكام من نحو الضمانات وذهب قوم إلى رفع الأحكام أيضا فلا ضمان عندهم على من ً أخطأ فأتلف بخطئه مالا ً « ونحو ذلك(٢) . = الرسول ژ : ر» ُ « فع عن أمتي ا لخطأ شامل للإثم والحكم. فمن نسي شيئ ً ا من الدراهم ثم تذكرها بعد أن استفاد مالا ً جديد ً ا هل يجب عليه الزكاة؟ فقيل: لا زكاة عليه في الفائدة لأن يغتفر للناسي ما لا يغتفر للمتهاون. وقيل: يجب عليه إخراج الزكاة، لأن النسيان سبب لرفع الإثم والحرج لا لرفع نفس الواجب، نص عليه السالمي وهو مقتضى مذهب الحنفية الذين لم يقولوا بعموم المقتضى حيث حملوا الحديث على رفع الإثم والمؤاخذة وليس على رفع الحكم وهو الواجب معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٥٢٩ . كذلك قيل: « هنا ّ والمقصود من قوله ژ » : » « رفع عن أمتي الخطأ والنسيان أي: رفع إثم الخطأ وإثم ا لنسيان. وهذا عند الأصوليين من دلالة الاقتضاء وهي تقدير شيء في الكلام لتصحيحه عقلا ً أو شرع ً أي: رفع عن « إثم » ا، لكون ذات الخطأ وذات النسيان واقعين في الأمة فقدرنا كلمة . ذات المرجع، ج ٢، ص ١١١٤ « أمتي إثم الخطأ، وإثم النسيان(١) . أجوبة المحقق الخليلي، مكتبة الجيل الواعد، مسقط، ١٤٣١ ه ٢٠١٠ م، ص ٣٩١ ٣٩٢ ولكن « وقتل الخطأ لا إثم على من صدر منه » : ويقول سماحة المفتي العام لسلطنة عمان ُ تلزمه الدية والكفارة، راجع الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى، القسم الأول، ص ٢٤٠(٢) الإمام السالمي: مشارق أنوار العقول، ص ٤٠٩ ٤١٠ . لذلك بخصوص قوله ژ : رفع » = ويقول ا لكدمي: الخطأ لا يوجب معاني العقوبة، وإن كان يوجب ما يثبت به من » « الأحكام في غيره معاني ا لعقوبة(١) . ً لذلك بخصوص: فيمن قتل أحد ً ا خطأ، هل يجب عليه حبس، وكيف صفة حبسه؟ يقول ا لغافري: إنه لا حبس على من قتل أحد » ً « ا خطأ، وإنما عليه ا لدية(٢) . ويقول ا لجيطالي: « الغرم دون ا لإثم » : الخطأ في المال يلزم الجاني فيه »(٣) . وبخصوص قوله تعالى: ﴿ zyxw }|{ ~ے ¡ ﴾ [ [الأحزاب: ٥ ، يقول أطفيش: « وخرج بالتعمد النسيان والغلط فلا جناح فيهما »(٤) . = « عن أمتي الخطأ والنسيان ، يقول السالمي: والمراد رفع الإثم، الإمام السالمي: طلعة . الشمس، ج ٢، ص ٣٩٤(١) . الكدمي: المعتبر، ج ٤، ص ١٧(٢) . مبارك الغافري: صراط الهداية، ج ٢، ص ٤٤٢(٣) . الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢، ص ٦١٣(٤) وما » :« الضمان لا الإثم » : أطفيش: تيسير التفسير، ج ١١ ، ص ٢٣٧ . لذلك يتحدث رأي عن فعله الإنسان بمداواة أو معالجة حيث جاز له كقطع وكي وفصد وختن وبيطرة إذا أخطأ ّ في ذلك فقام عنه هلاك فيلزمه الضمان لا الإثم، وقيل: يلزم العاقلة وقيل بيت المال، وليس للحامل أن تعمل ما يضر بحملها من أكل وشرب كبارد أو حار أو غيرهما كحجامة ورفع ثقيل وفصد ونزع ضرس فإن تعمدت مع علمها بالحمل لزمها الضمان والإثم وإن البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، « لم تعلم بالحمل فالضمان لا الإثم . ج ٩، ص ١٧٥ ويؤكد هذا المبدأ أيضا ما ذكره ابن عبد السلام بخصوص قاعدة: ً « الجوابر والزواجر » (١) . والإثم عند الإباضية يتعلق بما تم ارتكابه عمد ً ا، وبالتالي تنعقد ّ المسؤولية الجنائية نتيجة لذلك(٢) . (١) والغرض من الجوابر جبر ما فات من مصالح حقوق الله وحقوق » : يقول ابن عبد السلام عباده، ولا يشترط في ذلك أن يكون من وجب عليه الجبر آثما، وكذلك شرع الجبر مع ً الخطأ والعمد والجهل والعلم والذكر والنسيان، وعلى المجانين والصبيان، بخلاف الزواجر فإن معظمها لا يجب إلا على عاص زجرا له عن المعصية، وقد تجب الزواجر ً دفعا للمفاسد من غير إثم ولا عدوان، كما في حد الحنفي إذا شرب النبيذ، ورياضة ً ابن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح « البهائم، وتأديب الصبيان ا ستصلاحا لهم ً . الأنام، مكتبة الكليات الأزهرية، ١٤١١ ه ١٩٩١ م، ج ١، ص ١٧٨(٢) الإثم هو الذنب المتعمد الذي يستحق عليه العقوبة، » : جاء في معجم مصطلحات ا لإباضية ّ قال تعالى على لسان ابن آدم: ﴿ §¦¥¤£¢ ¨ ®¬«ª© ¯° ﴾ [ [المائدة: ٢٩ . وبين الذنب والإثم عموم وخصوص، فكل إثم ذنب وليس كل ذنب إثما، يقول السالمي: ً إن الذنب مطلق الجرم، عمد » ً ا كان أو سهوا، بخلاف الإثم فإنه ما يستحق فاعله العقاب، ً ويختص بما يكون عمد ً .« ا وقد يرد الإثم مرادف ً .« ا للخطيئة وللذنب وللوزر، حسب سياق ا لنص . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٦ ّ بحث الفقه الإباضي العديد من المبادئ الخاصة بالعقاب ومن أهمها ما يلي: مبدأ توقيع العقاب يكون للإمام (أي: لسلطات ا لدولة). مبدأ عدم جواز أن ينتصف الشخص لنفسه بنفسه بخصوص المسائل الجنائية. مبدأ عدم جواز المعاقبة عن ذات الفعل أكثر من مرة. مبدأ درء العقوبة بالشبهة. مبدأ عدم جواز الشفاعة في ا لحدود. مبدأ استمرارية تنفيذ العقوبة الواجبة، وإطلاق سراح من حبس دون وجه حق. مبدأ تفريد ا لعقاب. مبدأ لا يطل (لا يهدر) دم في ا لإسلام. وندرس هذه المبادئ، على التوالي، على أن نخصص لكل منها مبحث ً ا. ∫hC’G åëѪdG (ádhódG äÉ£∏°ùd :…CG) zΩÉeEÓd ¿ƒμj ÜÉ≤©dG ™«bƒJ{ CGóÑe نشير إلى ماهية المبدأ، ونتائجه، والاستثناءات التي ترد عليه، وآثاره. :CGóѪdG á«gÉe (CG لولي الأمر: في إطار القانون الجنائي الإسلامي أدوار أربعة، هي: ١ حق تحريم أو إتيان أفعال معينة: وذلك مع مراعاة ما قرره الشرع في هذا الخصوص. تبدو هذه السلطة واضحة جلية في الجرائم التي لم يقرر لها الشرع نص تجريم أو عقاب (جرائم ا لتعزير). ٢ حق تخصيص القضاء، إذ يعتبر ذلك من إطلاقات ولي الأمر وفق ً ا لما  تمليه عليه المصلحة العامة، وتحقيق العدل بين ا لناس.  ٣ حق العفو عن الجريمة وعن العقوبة في جرائم التعزير التي وقعت وبالتالي فليس له العفو عنها قبل وقوعها ولا عن العقوبة قبل الحكم بها، لأن ذلك ليس عفوا وإنما هو ترخيصا بارتكاب الجريمة وعدم تحمل ا لعقوبة. ًً ٤ توقيع العقوبة المقررة على مرتكبي ا لجرائم. وهكذا يعد توقيع العقاب إحدى الوظائف الأساسية المنوطة بالإمام. « الأحكام لا تقوم إلا بالإمام » ذلك أن(١) . « إقامة الحدود ولاية مخصوصة بالسلطان » لذلك فمن الثابت أن(٢) . بل يقول ابن بركة: (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ١٠١ ّ (٢) ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، الدار العربية للكتاب، تونس . ليبيا، ج ٢، ص ٦٥٦ أجمع علماؤنا على أن إقامة الحد لا تكون إلا لأئمة العدل، ولا يجوز » أن يعمها غير العدل من الأئمة، ولا يجوز عندهم الرفعان إليهم فيها ولا ّ « شيء منها(١) . « أمور القصاص وقف على الحكام » : كذلك فإن(٢) ، كما أن (١) ابن بركة: الجامع، ج ١، ص ١٨٤ . انظر أيض ً ا، النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ٦؛ العلامة خلفان بن جميل السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، وزارة التراث القومي ٢٣٥ ٢٣٦ ؛ أبو غانم الخراساني: ، والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ج ٢ ُ . المدونة الكبرى، ج ٣، ص ١٩٧ :« الحدود » ويقول الناظم بخصوص يقيمها الإمام والمحتسب أعني الحدود حين صح السبب أما الإمام فهو لم يختلفوا فيه ولكن في سواه اختلفوا . عبد الله بن حميد السالمي: مدارج الكمال في نظم مختصر الخصال، ص ١٣٨(٢) الإمام القرطبي: الجامع لأحكام القرآن الكريم، ج ٢، ص ٣٥٥ ، لذلك بخصوص مسألة في رجل جرح رجلا ً هل يجوز القصاص في الجراحة والقتل عند غير أئمة العدل إذا انقادوا على ذلك أو قامت بذلك البينة؟ جاء في لباب ا لآثار: أما القصاص فإذا لم يكن إمام عدل قد ملك المصر فذلك جائز لأن ذلك حق من »الحقوق ونحب أن يكون ذلك مع السلطان المالك للأمر وذلك إذا زاد الجارح والمجروح ذلك، وقال من قال: لا يجوز ذلك إلا مع السلطان عادلا ً أو جايرا، وأما القود فقال من ً قال: إن ذلك من الحدود ولا يقيم الحدود إلا أئمة العدل، وقال من قال: يقيم الحدود أئمة العدل والجور إذا ملكوا البلد وهو قولنا، وأما إذا لم يكن سلطان عادل ولا جاير فما نحب أن يكون القود إلا مع السلطان فإن فعلوا ذلك جاز ولمن دخل معهم على سبيل التراضي بذلك لأن ذلك من حقوق العباد، ليس ذلك من الحدود التي لا يقيمها إلا السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على « الأئمة بإجماع من المسلمين . الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ٢٦٨ ويقول ا لرستاقي: وأما في القود فقال من قال: إن ذلك من الحدود ولا يقيم الحدود إلا أئمة ا لعدل. »وقال من قال: يقيم الحدود أئمة العدل والجور إذا ملكوا البلاد. وهذا قولنا. وأما إذا لم يكن السلطان عادلا ً ولا جائرا، فما نحب أن يكون القود، إلا مع السلطان = ً أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٩٠  « الإمام هو المرجع في تقدير ا لتعزير »(١) . وبالتالي، فهذه السلطة التي للإمام مخصوصة به، وليست أمرا عاما ً يسري على كل شخص. في هذا المعنى يقول ابن بركة: فإن قال قائل: لم » َ لا يقيم الحد كل إنسان قدر عليه مطيع ً ا كان أو عاصيا، لأن الأمر به عام لقول الله تعالى: ﴿ ,+ -.0/ ً 21 ﴾ [ [النور: ٢ ، وقوله جل اسمه: ﴿ ]\ ^_` ba fec ﴾ [ [النور: ٤ ، والأمر به عام كما قال: ﴿ » d  ~ے À¿¾½¼ ﴾ [ [البقرة: ٨٣ ، وقوله: ﴿ }| ¤ §¦¥ ¨ª¬® ﴾ [ [آل عمران: ٩٧ ، « © £¢¡ فهذا كله الأمر به على العموم، المطيع منهم كالعاصي، بحضور الإمام وغير الإمام في ذلك سواء. وكقوله 8 : ﴿ nmlkji zxvtrqpo }|{ ﴾ yw us [ [الحجرات: ٩ ، فهذا كله عام؟ قيل له: الأمر بإقامة الحد ليس بعام، الدليل على = الرستاقي، منهج « المالك للأمر، دون غيره. وذلك إذا أراد الجارح والمجروح ذلك . الطالبين، ج ٦، ص ٢٣٦ وإذا أقر رجل لمحضر الوالي أن قتل رجلا » : يقول المحيلوي ً فتك ً ا وطلب ورثة المقتول القود، فيقده الوالي، أم يكون ذلك إلا لأئمة العدل دون ا لولاة؟ الجواب وبالله التوفيق: قال بعض المسلمين: إن القود من الحدود، ولا يقيم الحدود إلا أئمة العدل. وقال من قال من المسلمين: يقيم الحدود أئمة العدل والجور إذا ملكوا البلاد. وقال من قال من المسلمين: إن القود لا يكون إلا مع الإمام والحاكم. وقال من قال من المسلمين: إن القود جائز بحضرة المسلمين إذا عدم إمام العدل. وأما القود عند الوالي المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة « فجائز على قول بعض المسلمين . الرحمن، ج ٣، ص ٣٧٨ ٰ (١) د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، دار . الفكر العربي، القاهرة، ص ١١٢ ذلك إجماع الأمة أن الشاهد لا يقوم بالحد إذا قدر عليه، فإجماعهم على « خروج بعض المخاطبين دليل على أنه مخصوص(١) . :CGóѪdG ≈∏Y áÑJôàªdG èFÉàædG (Ü ﺐﺗﺮﺘﻳﻭ ﻰﻠﻋ ﺭﺎﺒﺘﻋﺍ ﻩﺬﻫ ﺔﻄﻠﺴﻟﺍ «ﺔﺻﺎﺧ» ﻡﺎﻣﻹﺎﺑ ﺓﺪﻋ ،ﺭﻮﻣﺃ :ﺎﻬﻨﻣ ً.ﺎ ﻥﺇ ﻡﺎﻣﻺﻟ ﺾﻳﻮﻔﺗ ﻩﺮﻴﻏ ﻲﻓ ﻊﻴﻗﻮﺗ ،ﺏﺎﻘﻌﻟﺍ ﺎﻤﻛ ﻯﺮﻨﺳ ﻘﺣﻻ ١ ـ ً ﺎ :ﺓﺪﻋﺎﻘﻟ ﻰﻓﺎﻌﺘﻳ» ﻪﻧﺃ ﺍﺫﺇ ﻢﻟ ﻊﻓﺮﺗ ﺔﻤﻳﺮﺠﻟﺍ ﻰﻟﺇ ،ﻡﺎﻣﻹﺍ ﻼﻓ ﺏﺎــﻘﻋ ﻘﻴﺒﻄﺗ ٢ ـ . ﻦﻋ ﺩﻭﺪﺤﻟﺍ ﺎﻣ ﻢﻟ ﻞﺼﺗ«ﻥﺎﻄﻠﺴﻟﺍ(٢) ﻚﻟﺬﻟﻭ ﺹﻮﺼﺨﺑ :ﺔﻟﺄــﺴﻣ ﻞﻫﻭ ﻞﺤﻳ ﻦﻤﻟ ﺎﻧﺯ ﻥﺃ ؟ﺮﺘﺘﺴﻳ ﺀﺎﺟ ﻲﻓ ﺏﺎﺒﻟ  نعم لقوله » : الآثار : ‰ من أتى منكم شيئ ً ا من هذه القاذورات فليستتر بستر الله فإن أظهر صفحته علينا أقمنا حد الله عليه «(٣) . (١) وأما » : الإمام ابن بركة: الجامع، ج ١، ص ١٨٥ ١٨٦ ، وفي معنى قريب يقول الشوكاني كونه يجب إقامة الحدود على الإمام وواليه فوجهه واضح ظاهر، لأن الله سبحانه قد أمر عباده بإقامة الحدود، وقال: ﴿ ,+ -. 210/ ﴾ [ [النور: ٢ ، وقال: السارق ﴿ 210/ ﴾ [ [المائدة: ٣٨ ، والتكليف في هذا وإن كان متوجها إلى ً جميع المسلمين، ولكن الأئمة ومن يلي من جهتهم ومن له قدرة على تنفيذ حدود الله مع عدم وجود الإمام يدخلون في هذا التكليف دخولا ً أوليا، ويتوجه إليهم الخطاب توجها ً كاملا ً . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٨٩ ،«(٢) . عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ١١٠(٣) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ٢٧٤ ، والحديث في موطأ مالك برواية يحيى بن يحيى الليثي (كتاب الحدود)، وهذه القاعدة عامة في كل الجرائم التي تقام » : رقم ١٥٠٤ ، ص ٥٩٣ . يقول الشيخ بيوض عليها الحدود، فما لم يصل أمرها إلى السلطان فلا يقام الحد على صاحبها؛ فمثلا ً إذا قبض على سارق يسرق، ثم استتيب فتاب ورد المظلمة قبل بلوغ أمره إلى السلطان فقد . الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ٦، ص ٧٥ « تم أمره أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٩٢ ٣ حتمية إقامة العقاب (في الحدود) إذا وصلت إلى علم السلطان. ذلك أن « أن يعطل حد الله » الناس إذا ارتفعوا إلى الحاكم فليس له(١) . يؤيد ذلك ما رواه أبو عبيدة أن رسول الله ژ أتى برجل قد سرق فقال لهم النبي ژ : « اذهبوا به فاقطعوا يده » ، فقال الذي جاء به: يا نبي الله إني لم أرد هذا فخل سبيله، فقال له النبي ژ: فهلا فعلت هذا قبل أن تأتيني » «؟ به فقطعه رسول الله ژ (٢) . كذلك جاء في منهج ا لطالبين:   والحدود فريضة على الإمام. فإن عطل منها حدا وجب على فاعله »  فقد كفر. وإن جهل حكم حد، فأمسك عنه ليشاور أهل العلم ويسألهم، وسعه ذلك ولم يهلك. فإن عطله ولم يسأل عنه، لم يسعه ذلك « ويستتاب(٣) . ٤ للإمام عقاب من يتجرأ بنفسه ويوقع العقاب دون تفويض. ذلك أن من للإمام وللمسلمين أن يؤدبوه حتى لا » يقيم الحدود دون الإمام، فإن (١) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ١٨٩(٢) . سنن النسائي، باب الرجل يتجاوز للسارق عن سرقته بعد أن يأتي به، رقم ٤٨٧٩(٣) الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٤٥ ٢٤٦ ؛ السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ٢٧٧ . ويقول الشيخ بيوض: أما إذا وصل أمر الجريمة إلى الحاكم فلا عفو حينئذ، ولا بد من إقامة الحد، لأنه حينئذ »عدوان على الحكم، وعدوان على الإمامة، وعدوان على حدود ا لله. ولا يعفى السارق إذا وصل أمره إلى السلطان من الحد، ولو جاء صاحب المال وأعلن ُ صفحه وعفوه عن السارق؛ لأن صاحب المال له أن يتخلى عن حقه الشخصي في ماله لأنه مالكه، ولكن الحد حكم الله، وحق الله؛ والنبي ژ يقول: لو أن فاطمة بنت محمد » « سرقت لقطع محمد يدها . الشيخ بيوض: في رحاب ،« وهو ما يعبر عنه اليوم بالحق العام .( القرآن، ج ٦، ص ٧٥ (النور: ٣ « يعود لمثل ذلك دون أمر الإمام(١) . وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك  في مواضع كثيرة، وأكد على ضرورة تعزير من قام بذلك(٢) . (١) . الخراساني: المدونة الصغرى، ج ٢، ص ٧١ ٧٢(٢) وسئل: عن رجل قتل رجلا » : وهكذا بخصوص ً مرتدا دون الإمام أو زانيا محصن ً ا أو قطع  ً  عليه التعزير لإمضائه الحكم دون الإمام وليس عليه » : يمين سارق دون الحاكم؟ قال قصاص في قول الحسن وحماد وبه نأخذ وأحسب عن أبي عبيدة وحاجب وعن رجل .« عدو للمسلمين يقاد إلى الإمام هل لك قتله دونه فلا نرى له قتله دون الإمام، والله أعلم والحاصل أن من قتل قتيلا ً واعترضه رجل دون الإمام ودون أولياء المقتول فعليه القود؛ عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب « لأنه ليس له أن يقتل دون ولي الدم لعله يعفو ، المسائل، ج ٤، ص ٢٥١ ٢٥٢ ؛ الشيخ أبو زكريا: كتاب الإيضاح في الأحكام، ج ٣ . ص ١٧٦ كذلك جاء في المدونة ا لكبرى:  ً عدا على مال رجل فسرقه مما يجب فيه القطع، فأخذه قلت لأبي المؤرج: أرأيت رجلا »الرجل المسروق منه فقطع يده؟ قال: قد ذهبت يده، وليس عليه شيء، غير أن السلطان ، أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣ ،« يعزر من فعل ذلك بإقامة الحدود دونه  . ص ١٩١ وجاء في التاج ا لمنظوم: وإن سرق رجل من حصن أو قتل أحد » ً ا فقتله رجل ٌ بلا إمام به، أو قطع يده فإنه يعزر ولا يقتص منه، وألزمه غيره القود، إذ ليس له أن يقتله دون وليه ودون الإمام، وإن كان قتله ّ إليه بحد من حدود الله، لا على القود فهو كما قال، وكذا القطع والرجم، ليس له أن يعفو فيهما. ولمن لم تصح له بينة على قاتل وليه أن يقتله سرا إن أمكنه، ولا يقطع سارقه ولو سرا. ومن قتل مرتدا أو محصن ً ا زانيا بلا حاكم، فإنه قيل: يعزر لإمضائه الحكم بدونه، وهو ً . الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، ج ٧، ص ٢٣٠ « المختار وإنما ضرب السارق إلى الحاكم، فإن ضربه (رجل آخر) كان عليه دية ضربه » : كذلك قيل .« إلا أن يكون امتنع بسرقته، فإنه يجاهده بما قدر عليه حتى ينزع ذلك منه . العالم موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون المسائل، ج ١٣ ، ص ٢٣٤ ٢٣٥ راجع أيض ً باب في القاتل إذا قتله غير ولي المقتول، وفيمن يستحق حدا أو قتلا » : ا ً ففعل في الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣٠٣ « فيه ذلك غير الإمام ٥ لما كان توقيع العقاب أمرا خاصا بالإمام، فإن له أن يؤخر تطبيقه إذا ً اقتضت المصلحة ذلك. يقول الإمام ا لقرطبي: ولا خلاف بين الأمة أنه يجوز للإمام تأخير القصاص إذا أدى ذلك » « إلى إثارة الفتنة أو تشتيت ا لكلمة(١) . كذلك من الأحوال التي قد ترتب تأخير توقيع العقاب، وجود حالة حرب: وهو ما أكد عليه الفقه ا لإباضي(٢) .  وقد أكد على كل ذلك المحقق الخليلي في الفصل الخاص بالأدب والعقوبات (٣) . :CGóѪdG ≈∏Y äGAÉæãà°S’G (ê في الفقه الإباضي يوجد استثناءان على المبدأ ا لسابق. (١) . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن الكريم، ج ١٦ ، ص ٣١٨ (٢) انظر لاحق ً ا: تأجيل تنفيذ العقوبة وقت ا لحرب. (٣) وهذا النوع كله يختص به السلطان دون الرعية وإنه لعلى نوعين: أحدهما: » : يقول الخليلي الحدود المشروعة وهي إلى الإمام العدل دون غيره فمختلف في الإمام الجائر والسلطان والقائم بأمر المسلمين ما لم يكن إماما. ً والقول بالمنع هو الأكثر إلا في القائم بأمر المسلمين المنتدب لإظهار العدل فعسى أن القول بالجواز أرجح فيه إذا كان قائما بالعدل تماما على الذي أحسن وأما غيره من ًً سلطان جائر فلا تزيد منزلته على واحد من أراذل الرعية وإن كان ظاهر الغلبة والقدرة فما هي في الحق إلا نوع قصور وذل ومهانة فالصحيح قطع يده عما جعل لغيره من ا لأئمة. ومختلف في السيد هل له أن يقيم حد الزنى على عبده والمنع أرجح، وكأنه الصحيح ولا نعمل وجوب ذلك عليه في قول ا لمسلمين. والثاني من النوعين في الأدب والعقوبات المسلمة إلى السلطان أو من قام في مقامه بأمره أو نزل في منزله، كالرئيس في عشيرته إذا كانت له عليهم القدرة واليد الطولى فهو المحقق ،« فيهم بمنزلة السلطان، ما دام له عليهم اليد والقهر ولو كانت يد السلطان تناله . الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ٧٥ ٧٦ الاستثناء الأول: إمكانية التفويض من الإمام لشخص آخر، وهو استثناء عام: نظرا لكثرة مشاغل ووظائف الإمام، فإن له أن يفوض غيره بخصوص ً توقيع العقاب. ونظرية التفويض Delegation theory من النظريات المقررة في النظم القانونية المعاصرة. وقد أخذ بذلك أيضا الفقه الإباضي. يقول الإمام ً السالمي (بخصوص حد ا لحرابة): « وإما يتولى ذلك كله الإمام أو نائبه عن أمره »(١) . ويقول ا لنزوي: والإمام مخير في إقامته للحد إن شاء تولا » ّ ه بنفسه وإن شاء ولا ّ ه غيره « ممن يقوم به(٢) . وقد مارس حكام ا لإباضية تفويض غيرهم في توقيع ا لعقاب. ّ فقد جاء مثلا ً في عهد صادر عن الإمام ناصر بن مرشد إلى أحد عماله (أبو الحسن علي ا لنزوي): (١) السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، . ج ٤، ص ٤٠٩ (٢) النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ٦. راجع أيض ً ؛ ا أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ٥٠١ ج ١٢ ، ص ٣٥٢ . لذلك بخصوص مسألة: وهل للإمام أن يولي غيره إقامة الحدود من يقوم بها أم يتولى ذلك بنفسه؟، جاء في لباب ا لآثار: هو مخير في ذلك ويجوز إقامة الحدود في كل موضع إلا في المساجد فإنه يكره له »السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين « ذلك . الأخيار، ج ١٤ ، ص ٢٧٦ قال غيره معي: إنه قد قيل هذا إن الحدود لا يقيمها إلا الإمام. » : لكن جاء في بيان الشرع ويعجبني أن يكون من قدر على الحق كله وغلب عليه من إمام أو سلطان غالب عادل أو جائر من جميع أهل القبلة ممن يدين بشيء من الحق أن يكون له أن يقوم بذلك في . الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ٣٢ « حكم الدين أو حد  وقد جعلت لك حبس من يجب حبسه من أهل الأحداث والحقوق على » ما تراه عدلا ً « مما حفظته من آثار المسلمين من غير حيف ولا ميل لأحد(١) . ويضيف في عهده إلى الوالي صالح بن سعد ا لمعمري: « فإنه لا أثرة عندي لظالم ولا حيف لمسلم »(٢) . َْ بينما في أحوال أخرى لم يفوض الحاكم الإباضي غيره في توقيع العقاب. من ذلك ما جاء في رسالة الإمام الصلت إلى الوالي غسان بن ولا تقم شيئ » : خليل ً ا من الحدود، ولا تحكم بين الناس في القصاص، ولا أروش، ولا في الطلاق والنكاح، ولا في العتاق والأموال، ولا تقدم على شيء من ذلك حتى تشاورني، فأنظر أنا ومن معي ثم أطلعك على ما أرجو به السلامة لي ولك إن شاء الله، وكلما جاوزت أمري فلزمك قصاصا أو ً أرش ً « ا لأحد أو غرامة فهو عليك في مالك ونفسك، دون مال ا لمسلمين(٣) . ومعنى ما تقدم أنه إذا لم يكن ثمة تفويض من الإمام إلى الشخص المعني، فإن توقيع هذا الأخير للعقاب لا يجوز لأن هذا مقصور على الجهة السلطانية وحدها(٤) . (١) . السالمي: تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، مكتبة مسقط، ١٤١٧ ه ١٩٩٧ م، ج ٢، ص ٣١ ُ (٢) . ذات المرجع، ص ٣٤(٣) الشيخ السمائلي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة . عمان، ٢٠١١ ، ص ١١٩ ُ (٤) أما بالنسبة للأحكام الجزائية كإيقاع العقوبة الشرعية، وهي سلطانية، » : في هذا المعنى قيل فلها شروطها وضوابطها وموانعها، فالصلاحية فيها للجهة السلطانية وحدها، فلا تسلط للأفراد عليها، لأنهم فاقدوا الشرط الأول وهو شرط الصلاحية، فلو ارتكب أحد الأفراد، أو إحدى الجماعات غير ذات السلطان الشرعي ذلك لكان مخطئ ً ا وخاطئ ً ا ومتجاوز ً ا الشيخ عبد الله بن بيه: الاجتهاد بتحقيق المناط « للحد. وهنا تكمن أهمية تحقيق المناط . فقه الواقع والتوقع، مؤسسة طابة، أبو ظبي، ٢٠١٤ ، ص ٢٩ ٣٠ وقد أكد على ذلك الفقه الإباضي، يقول ا لرستاقي: ولا يجوز للوالي إقامة حد في قتل، أو سرق، أو جراحة، أو قذف أو » غير ذلك، دون رأي الإمام. فإن فعل ذلك فقد أساء، ولا يلزمه في ذلك « قصاص ولا أرش إذا كان قد عدل في ذلك (١) . ويرتب الفقه الإباضي على عدم وجود تفويض من الإمام، ضرورة توقيع :« المدونة ا لكبرى » العقوبة على من قام بذلك. وهكذا جاء في ا على صاحبه بمثل ما يقيمه الإمام، أو الحكم إذا رفع إليه من أقام حد » فليس عليه القود، ولكن للإمام والمسلمين أن يؤدبوه، حتى لا يعود لمثل  « ذلك دون أمر ا لإمام(٢) كذلك قيل: . وإن قتل المرتد أحد دون أمر الإمام، لم يقتل به بإجماع المسلمين » على ذلك. ولكن يحبس ويؤدب ولا دية عليه. وكذلك من قطع يد سارق بعد وجوب القطع عليه، فلا قصاص عليه، « ولا أرش، ولكن يحبس ويؤدب؛ لأن القتل والحدود للإمام (٣) . والاستثناء الثاني: استثناء خاص أو محدود (حالة الأمر بالمعروف والنهي عن ا لمنكر): حدود هذا الاستثناء مقصورة على أمور معينة ولأغراض محددة. وهكذا :« بيان ا لشرع » جاء في (١) . الرستاقي: منهاج الطالبين، ج ٥، ص ٢٤٥ ٢٤٦ ؛ النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ٦ ٧(٢) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ١٩٧ ١٩٨(٣) ، الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٠٣ ٢٠٤ ؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣ . ص ١٠٦ ١٠٧ ؛ النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٩٢ أحسب عن أبي الحواري وذكرت أن حكم رجل من المسلمين بين » الناس من غير ولاية له عليهم فأنكر المنكر وعاقب عليه وحبس على ذلك هل يسعه ذلك. فنعم يسعه ذلك إلا الحدود فليس له أن يقيم الحدود ولا القصاص في الدماء إلا بأمر السلطان وأما الأحكام بين الناس وإنكار المنكر والأمر بالمعروف والإصلاح بين الناس فهذا من أفضل الأعمال وهذا طاعة « الله سبحانه(١) . :CGóѪdG QÉKBG (O يترتب على مبدأ قصر توقيع العقاب على الإمام (أو تفويضه من يراه أهلا ً لذلك) عدة أمور، منها: ﻥﺃ ﻚــﻟﺫ ﺃﺪــﺒﻤﻟﺍ ﺕﺬــﺧﺃ ﻪــﺑ ﻢــﻈﻨﻟﺍ ﺔــﻴﻧﻮﻧﺎﻘﻟﺍ ﺓﺮﺻﺎﻌﻤﻟﺍ ﻲـﻓ ﻥﺃ ﻊـﻴﻗﻮﺗ ﺏﺎــﻘﻌﻟﺍ ﻥﻮﻜﻳ ﺕﺎﻄﻠــﺴﻠﻟ ﺔﺼﺘﺨﻤﻟﺍ ﻲﻓ .ﺔــﻟﻭﺪﻟﺍ ﻮـﻬﻓ ﺮـﻣﺃ «ﺮﻜﺣ» .ﺎﻬﻴﻠﻋ ١ ـ ﻊﻨﻣ ﺭﺄﺜﻟﺍ ﻊﻨﻣﻭ ﻥﺃ ﺬﺧﺄﻳ ﻥﺎــﺴﻧﻹﺍ ﻪﻘﺣ ،ﻩﺪﻴﺑ :ﻱﺃ ﻊﻨﻣ ﻥﺃ ﻒﺼﺘﻨﻳ ﻪﺴﻔﻨﻟ.ﻪﺴﻔﻨﺑ (٢) ٢ ـ ﺪﻴﻛﺄﺗ ﻂــﺴﺑ ﻥﺎﻄﻠــﺳ ﺔﻟﻭﺪﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﻝﺎﻌﻓﻷﺍ ﻲﺘﻟﺍ ﻊﻘﺗ ﻕﻮــﻓ ،ﺎﻬﻤﻴﻠﻗﺇ ﺎﻤﻣ. ﻆﻓﺎﺤﻳ ﻰﻠﻋ ﺔﺒﻴﻫ ﺔﻟﻭﺪﻟﺍ ﻊﻨﻤﻳﻭ ﻦﻣ ﻝﻼﺘﺧﺍﺎﻬﻧﺎﻴﻨﺑ (٣) ٣ ـ (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٢٨ ، ص ٤٦ ، ٢) بخصوص قتل القاتل أو غيره ثأرا، راجع الإمام السالمي: جوابات الإمام السالمي، ج ٢ ) ً . ص ٣٨٥(٣) قال عبد الله بن عبد العزيز: لا نرخص لأحد في هذا ونحوه بالجرأة عليه والتهاون بالأئمة، . راجع ابن غانم: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ١٩٧ ٤ القضاء على الفوضى في البلاد، والتي تترتب على توقيع كل فرد للعقوبة وما يترتب على ذلك من تحكيم المزاج والهوى والظلم(١) . ٥ تركيز سلطة العقاب في إطار واحد، الأمر الذي يساعد على عدم تناقض الأحكام، وتأكيدها، ووحدة السلوك ا لعقابي. يكون للإمام « مركزي » يتضح مما تقدم أن توقيع العقاب وإقامته هو أمر أو من ينيبه(٢) . لكن ليس معنى تركيز العقاب في يد الإمام أو من ينيبه أن سلطته في هذا المقام مطلقة، إذ يجب عليه أن يتقيد بقواعد الشرع في أصولها المرضية  وأسسها ا لمرعية(٣) .  (١) الحدود كلها لا يقيمها كل أحد، وإنما يقيمها الإمام » : يقول المفتي العام لسلطنة عمان ُ « الشرعي، وإلا لعمت الفوضى واعتدى الناس بعضهم على بعض بدعوى إقامة الحدود . سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى، ج ٥، ص ١٠٣(٢) وأما مقيمو الحدود فكانت الحدود على قسمين: إيجاب » : بخصوص مقيمي الحدود، قيل واستيعاب، فكان إيجاب الحدود مفوضا للقضاة، وأما استيعابها (أي: إجراؤها) فقد جعله ً رسول الله ژ لقوم، منهم: علي بن أبي طالب، ومحمد بن مسلمة ا لأنصاري. رفاعة « وولاية الحدود من أشرف الولايات، لأنها على أشرف الأشياء، وهي الأبدان ؛ الطهطاوي: الدولة الإسلامية نظامها وعمالاتها، مكتبة الآداب، القاهرة، ص ١٦٤ ١٦٥ الخزاعي التلمساني: تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، . ص ٣١٦ ٣١٧(٣) وذهب بعض الجهلة عن غرة وغباوة، أن ما جرى » : وهو ما أكده الإمام الجويني، بقوله في صدر الإسلام من التخفيفات، كان سببها أنهم كانوا على قرب عهد بصفوة الإسلام وكان يكفي في ردعهم التنبيه اليسير والمقدار القريب من التعزير، وأما الآن، فقد قست القلوب، وبعدت العهود، ووهت العقود، وصار متشبت عامة الخلق الرغبات والرهبات، فلو وقع الاقتصار على ما كان من العقوبات لما استمرت ا لسياسات. = فإذا لم يوجد إمام، فالمسألة لا شك تثير مشاكل صعبة(١) . »fÉãdG åëѪdG ¬°ùØæH ¬°ùØæd ¢üî°ûdG ∞°üàæj ¿CG RGƒL ΩóY CGóÑe á«FÉæédG πFÉ°ùªdG ¢Uƒ°üîH  هذا المبدأ معروف في النظم الجنائية ا لمعاصرة(٢) ، وقد ا ستقر خصوصا بعد ظهور الدولة ووجود سلطة للحكام فيها. وهو ً = وهذا الفن قد يستهين به الأغبياء، وهو على الحقيقة تسبب إلى مضادة ما ابتعث به سيد الأنبياء. وعلى الجملة من ظن أن الشريعة تتلقى من استصلاح العقلاء، ومقتضى رأي الحكماء فقد رد الشريعة، واتخذ كلامه هذا إلى رد الشرائع ذريعة، ولو جاز ذلك لساغ رجم من ليس محصن ً ا إذا زنا في زمننا هذا لما تخيله هذا القائل، ولجاز القتل بالتهم في الأمور الخطيرة، ولساغ إهلاك من يخاف غائلته في بيضة الإسلام؛ إذا ظهرت المخائل ،« والعلامات وبدت الدلالات. ولجاز الازدياد على مبالغ الزكوات عند ظهور الحاجات . إمام الحرمين الجويني: غياث الأمم في التياث الظلم، دار الدعوة الإسكندرية، ص ١٦٤ (١) وهكذا بخصوص من لزمه قود وعدم الإمام العادل، والتي تثيرها مسألة: فيمن لزمه قود ولم يكن أحد قائما بالعدل وولي الدم غير ثقة ولا مأمون فتعذر عليه القود من أجل ذلك. ًّ فما يجب عليه والحالة هذه تسليم أو الانتظار لحالة يلزمه القود؟ أو يجوز له إذا كان الولي لم يرض بالدية، وإذا حضره الموت ما الذي يجب عليه على هذه الصفة؟. يقول ا لخليلي: الله أعلم والذي معي في هذا أنه على قول من لا يوجب عليه القود على هذه الصفة أنه »يرجع إلى الدية وليس عليه غيرها، فإن قبلها ولي الدم فهي التي له وإن أبى لم يبطل حقه من الدم لأن المسألة اختلافية لا إجماعية فيبقى كل منهما على ما جاز له في الرأي ولم تنقطع حجة أحدهما إلا أن يحكم له أو عليه فيها من يلزمه حكمه في المختلف فيه. وإذا حضره الموت لم يبق عليه إلا الوصية بالدية من ماله وليس هو بمقصر في التأخير . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ١٩٥ « والانتظار مع عدم قبول الوارث للدية(٢) في غير المسائل الجنائية، في د. أحمد « الانتصار » أو « الظفر بالحق » راجع بخصوص جواز أبو الوفا: أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي، المرجع السابق . ج ١، ص ٣١٢ ٣١٥ معروف باللغة الفرنسية تحت اسم Ne pas se faire justice soi - même وباللغة الإنجليزية No one can make justice by his own means. وترجع علة تقرير هذا المبدأ إلى عدة أمور، منها: تلافي العواقب الوخيمة المترتبة على أن ينصب كل شخص من نفسه حكما وقاضيا وخصما في ذات الوقت بخصوص الانتقام ًً ً الشخصي. منع الفوضى والطغيان والهوى والاستبداد. احترام هيبة الدولة وسلطاتها. وقد أشار الفقه الإباضي إلى علة المبدأ أيضا. يقول أطفيش: إن ذلك ً « لئلا يتفاقم ا لأمر » : مقرر(١) . ويقول الخليلي: إن الشيخ الصبحي تعجب من سؤال خاص بالقتل في السريرة والتصرف في الجثة، أنه: لسعة نظره في مصالح المسلمين وشدة شفقته عليهم كان يخشى وقوع » « مثل هذه الأحوال التي لا تخلو في الأصل من وجود الضرر في ا لعواقب(٢) . (١) أو غيره ممن حل دمه (غير إنسان) « ولا يسلط على قتل رجل » : وهكذا يقول أطفيش كسبع وكلب وجمل (إلا إن امتنع، ويسلم) الجاني ونحوه (لإمام عدل) ليقتله، ولولي قتله على يد الإمام لئلا يتفاقم الأمر ولا شيء عليه في قتله بشهود (لا لغيره) ممن يجوز، وأما من لا يجوز من القضاة والولاة فجائز التسليم إليه إن لم يكن الإمام العدل أو كان وأقامه . أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ٢٦٨ « لذلك (٢) ويرى الإباضية » : المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ١٦٢ . كذلك قيل ّ كسائر المذاهب أن الحدود والعقوبات إلى الإمام ولا يقيمها غيره، فإن عدم الإمام لم يكن لأحد أن يتولاها، وإن اجترأ على إقامته غير الإمام مع وجود الإمام عزر حتى لا تكون فتنة كما يجيز ا لإباضية إقامة التعازير في حال ضعف سلطان المسلمين، وهو ما = ّ وقد أكد الفقه الإباضي على هذا المبدأ في أحوال كثيرة. فقد جاء في بيان ا لشرع: من كتاب الأشياخ رجل قتل رجلا » ً وصار القاتل في حد الموت من المرض وأراد التوبة وأقاد نفسه هل لأولياء الدم أن يقتلوه؟ قال: إذا أمر الحاكم نظر في ذلك إن كان في حال يكون مثله للقود أقاده للأولياء إن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا عفوا عنه وإن شاؤوا أخذوا الدية وإن قتلوه فلهم وليس له قتله في المرض على فراشه بغير حكم حاكم لأن الحدود لا تكون إلا مع الحاكم وإن كان مثله في حد النزع أو لم يقتلوه إلا أنه حضره الموت منه رجل قتل رجلا » كذلك « أوصى بالدية ً وأراد التوبة وأقاد نفسه إلى أولياء المقتول ولم يكن إمام، قال: القصاص لا يكون إلا مع الإمام والحاكم، وقد قال بعض جائز بحضرة المسلمين للقود إذا عدم الإمام فأما التوبة فهي عتق « رقبة فإن لم يجد قصيام شهرين متتابعين(١) . وبخصوص أخذ دية الجراح من مال الجارح دون علمه، يقول ا لخليلي(٢) : لا يجوز وعلى الجارح أن يسلم ما عليه فإن أبى رفع إلى حاكم » المسلمين إن وجد وإلا فإلى جماعة المسلمين إن وجدوا وهم يقيمون عليه = اصطلحوا عليه بإمامة الدفاع أو الكتمان. ومنهم من أجاز إقامة ما قدر عليه من الحدود ، معجم مصطلحات الإباضية، ج ١ « في هذه الحال إلا عقوبة القتل والرجم ّ . ص ٢٤٢ ٢٤٣ (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٨٣ ٢٨٤(٢) إجابة عن السؤال ا لآتي: وفي رجل جرح رجلا ً خطأ وعلى ولي المجروح دراهم للجارح لم يعلم بها الجارح أيجوز أن يعطي المجروح من هذه الدراهم أرش ) هذه ( الجراحة بغير إذن ا لجارح؟ وإن كان لا يجوز إلا بإذنه يحتج عليه إن عليك أرش هذه الجراحة دما وإن أبى كان جائز ً التسليم عنه على الأداء أو لم يعلم أم ماذا ترى الحجة عليه؟ الحجة، فإن امتنع عنها ظلما جاز لهم أن يأمروا هذا الذي عليه يدفع حق ً المجروح من مال الجارح حكما منه بذلك بعد الامتناع عما يصح عليه ً وذلك واسع للجماعة بلا خلاف نعلمه وخلاص لمن عليه الحق، وإبلاغ .« لحق ا لمجروح  فإن تعذر ذلك فلا نعلم وجها إلا أن يدفع له حقه فليس هي أول » ً مظلمة في الأرض وليس لمن عليه حق أن يحتسب على من له ذلك فيوفي عنه ديونه وضمانه إلا بحكم من حاكم أو من يقوم مقامه أو حيث يجوز الاحتساب مع غيبة من له الحق إلا في حال حضوره وليس هذا من باب الانتصار إلا أن يكون لغير النفس فيما عندي ولا يظهر له في غير ذلك على « حسب ما أعرفه(١) . وجاء في شرح ا لنيل: لا يأخذ المرة حقه بنفسه ولو إماما أو قاضيا أو لمن ولي عليه وإن » ًً إلا أن أطفيش يضيف: .« بحبس أو يمين ولا يأخذ ماله منه قهرا إلا على ما مر من قضاء المال من المنكر أو » ً غيره في باب قضائه من البيوع، وإلا ما مر في الدماء من قتل قاتل وليه فإنه على ما مر فيه، وإلا ما مر فيها من أخذ المرء ماله ولو بقتال من غاصب أو « باغ إذا لم يخلطه أو خلطة وأمكن فرزه فعلى ما مر فيها(٢) . كذلك بخصوص سؤال: من وجد في ماله لصا يجز نخلا ً أو يحطم شجرا أو يجز علف ً ا هل يجوز أن يضربه؟ وإن تلف هو آثم أو ضامن؟ يقول ً لا يجوز أن يضربه كثيرا ولا قليلا » : السالمي ً إلا إذا أبى الخروج عن ماله ً (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ١٧٩ ١٨٠(٢) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٦ ، ص ٥٠٣ ٥٠٤ ولم يقلع عن ضرره فإنه حينئذ يدافعه حتى ينصرف من ماله وكذلك إذا أراد منه أخذ ماله الذي سرقه فحال بينه وهو يراه بعينه فإنه يقاتله على ذلك حتى يصل إلى ماله ولا بأس عليه بما يصيبه. وأما إن ارتفع عن السرقة والضرر وتخلى عن المال فلا يجوز له أن يقصده بضرب بل يرفعه إلى حكام المسلمين أو جماعاتهم عند عدم الحكام فهم يلون أدبه وإن لم يجد أحد ً ا منهم فليصبر في نفسه وليحتسب ذلك عند ربه فإن ضربه على وجه لا يجوز له فعليه الإثم والغرم وإن تلف بذلك « فالدية وإن ضربه على الوجه الجائز فلا إثم ولا غرم(١) . ويبدو أن النزوي يجيز السرقة أخذ ً ا للحق، ويدرأ عنه الحد للشبهة. (١) . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٥٦٩ وفي معنى قريب: وعمن تعدى على رجل فضربه أو جرحه ثم إن المتعدى عليه رجع فضرب المتعدي وجرحه جرحا هل يبطل جرح ا لمعتدي؟. ً فأقول: إن الباغي منهما يبطل جرحه إلا إذا كانا في موضع لا تقوم فيه أحكام المسلمين وإن كان في موضع تجري فيه أحكام المسلمين جاز لكل واحد منهما مطالبته على ا لآخر. شيخنا وجدنا هذا المسألة ولم نعرف تأويلها لأنا وجدنا مطلق ً ا أن الباغي يبطل جرحه تفضل علينا بتأويل ذلك. يقول ا لخليلي: معنى جواب الشيخ أنه إذا جرحه ذلك الباغي في موضع يدرك فيه حكم المسلمين »وانصرف الباغي عنه ولم يكن هو الآن في محل الدفاع عن نفسه ولا يبطل حقه لوجود الأحكام فهو ممنوع من قتال ذلك الضارب في غير ذلك الحال، وإذا لقيته ثانية فضرب هو ذلك المتعدي من قبل فإذا حكم بينهم الحاكم أخذهما لبعضهما بعض بما جناه فيهما. وإن كان في موضع لا تقوم فيه أحكام المسلمين ولا يدرك فيه أخذ حجته من الباغي إلا بيده فله ذلك منه ويكون الباغي على حكم البغي ودمه هدر ما لم يرجع إلى أحكام الله .« تعالى، وإذا ضربه في ذلك الحال فدمه هدر على هذا . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ١٨٣ وهكذا جاء في ا لمصنف: فيمن له على رجل دراهم فسرق من منزله مثلها والدراهم أكثر من » أربعة أو متاع ً ا بقيمة ذلك فقول عليه القطع وقول لا قطع لحال الشبهة وهذا أحب إلي فالقطع يلزمه عند أصحابنا والنظر يوجب سقوط الحد عنه إذا  كان المؤخذ منه جاحد ً ا للآخذ منه أو ظالما له حقا عليه لأن النبي ژ أمر ً  هند ً « ا أن تقتص(١) . ولا يخفى على كل ذي فطنة أن المبدأ القاضي بعدم جواز أن ينتصف الشخص لنفسه بنفسه هو أثر من آثار مبدأ أن توقيع العقاب يكون للإمام أو للسلطات العامة المختصة في ا لدولة. ويجب القصاص بإقرار الجاني على نفسه بالجناية أو » : لذلك قيل بشهادة العدول، ويؤخذ منه برضاه إن رضي وإلا أجبره الإمام أو القاضي، وليس لصاحب الحق أي: الجناية جبره لئلا يكون جابرا له على أخذ حقه ً « منه بنفسه وإن فعل بنفسه فلا تباعة عليه(٢) . (١) النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ١٥٨ . وبخصوص جناية في رقبة عبد لرجل، يقول النزوي: ومن وجب له جناية في رقبة عبد لرجل فامتنع المولى من انتصاف صاحب الحق »المجني فجائز له إن قدر على بيع العبد أن يبيعه ويأخذ من ثمنه على قول بعض المسلمين من أجاز لصاحب الحق الممنوع منه أن يأخذ من غير جنس حقه ويبيعه ويأخذ . ذات المرجع، ج ٢٠ ، ص ١٤٤ « حقه وبعض لم يجز له أن يأخذ إلا من جنس ما كان له (٢). خلفان بن جميل: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ١٧٠ وليس التعزير لغير الإمام إلا لثلاثة: الأب » : وبخصوص التعزير كعقوبة يقول الصنعاني فإن له تعزير ولده الصغير للتعليم والزجر عن سيئ الأخلاق والظاهر أن الأم في مسألة زمن الصبا في كفالته لها ذلك وللأمر بالصلاة والضرب عليها، وليس للأب تعزير البالغ وإن كان سفيها، والثاني: السيد يعزر رقيقه في حق نفسه وفي حق الله تعالى على الأصح. ً الصنعاني: سبل « والثالث: الزوج له تعزير زوجته في أمر النشوز كما صرح به القرآن . السلام، ج ٤، ص ٨٠ ådÉãdG åëѪdG áÑbÉ©ªdG RGƒL ΩóY CGóÑe Iôe øe ôãcCG π©ØdG äGP øY هذا المبدأ معروف في اللغة اللاتينية باسم Non bis in idem ، وفي اللغة الإنجليزية باسم double jeopardy ، وهو مبدأ أقرته النظم الجنائية المعاصرة ليطبق أمام المحاكم الوطنية وأيض ً ا المحاكم ا لدولية (١) . ر بعض الفقه الإسلامي عن المبدأ بعبارات قريبة. وهكذا بخصوص ويعب عدم إقامة الحد في الغزو، وسؤال: هل يقام الحد على الجاني إذا عاد من الغزو، يقول الشيخ أبو زهرة: إن الظاهر أنه لا يقام عليه من بعد ذلك ا ستناد ً ا إلى الحجة ا لآتية: أنه قد قام مقامه التعزير، فكان بدلا » ً عنه، ولا يجمع بين البدلين في  « حيز واحد (٢) . كذلك يقول ابن ا لعربي: وقال بعض علمائنا: إن الإكراه لا يسقط الحد، وهو ضعيف؛ فإن الله لا » يجمع على عبده العذابين، ولا يصرفه بين البلاءين؛ فإنه من أعظم الحرج (١) قلنا بخصوص هذا ا لمبدأ: «A person may not be tried or punished for an act for which he has been finally convicted or acquitted by a national or an international court, i.e. the person may plead autrefois acquit, autrefois convict. This principle is justifiable by reasons of justice, iegal security and due respect for the authority and force of judgments. Moreover, it constitutes a mere application of the well established principle cessante causa, cessat effectus or cessante ratione legis, cessat ejus dispositio (the raison d›etre of the law terminated, the law itself will not operate). Finally, it prevents revenge in international and domestic criminal justice». راجع: Ahmed Abou – el – wafa: criminal international law, op. cit., p. 60. (٢) . الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي القسم الثاني، ص ١٧٥ في الدين، وصبر يوسف ‰ على السجن، واستعاذ من الكيد فقال: ﴿ b gf d ... ﴾ [ [يوسف: ٣٣« الآيتين(١) . ec وقد أكد الفقه الإباضي على هذا المبدأ. يكفي أن نذكر: فإن قيل: فيجب أن يكون الجبار إذا أقام الحد ثم قدر عليه الإمام أن » يقيمه ثانية قيل له الجبار قد تعجل وتعدى وفعل فعلا ً غيره أولى به منه ولا يجوز إعادته. الدليل قوله ژ : « ادرؤوا الحدود بالشبهات » ولا شبهة أولى « من حد أقيم على تأويل(٢) . ويؤيد هذا المبدأ أيض ً ا ما جاء في المدونة ا لكبرى: قال: وكذلك قال ابن عبد العزيز، وأخبرني وائل ومحبوب عن ا لربيع بن » حبيب بذلك. قلت: إن هؤلاء يقولون ويروون عن علي بن أبي طالب أنه  جلد امرأة يوم الخميس ثم رجمها يوم الجمعة؟ فقال: جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بسنة رسول الله ژ . قال ابن عبد العزيز: قد سمعت قول من ذكرت، ُ وعن عمد تركناه، لسنا نأخذ بهذا من قول علي، لأن فقهاءنا الذين نأخذ   عنهم ونعتمد عليهم لا يأخذون بذلك، ولا يقولون به. والسنة عندهم فيمن أحصن الرجم بالحجارة، ولا حد عليه ولا نفي، وفيمن لم يحصن جلد مائة (١) . ابن العربي: أحكام القرآن، ج ٣، ص ١٠٨٦ (٢) النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ٦؛ ابن بركة: الجامع، ج ١، ص ١٨٤ ١٨٥ وجاء في المصنف أيض ً ومن قذف عشرة أنفس قذف » : ا ً ا واحد ً ا فعليه حد واحد فإن قذفهم في مواضع متفرقة بلفظ واحد فلا يجب عله إلا حد واحد فإن رفع عليه واحد من العشرة حكم له فإن جلد للواحد الذي رفع عليه فليس بينه وبين الآخرين خصومة وفي موضع إن قذف أناسا بكلمة واحدة أقيم لهم عليه الحد ولكن إذا ضرب ما أمكن أمسك ً عنه حتى يبرأ ثم يضرب حتى تقام عليه الحدود التي لزمته وإن كان قذف واحد ً ا بعد ، ذات المرجع، ص ٨٩ ، العوتبي: الضياء، ج ٤ ،« واحد فإنه يحد للأول ثم الأول . ص ١٢٣ ١٢٤ ولا رجم عليه ولا نفي. حدثني بذلك أبو عبيدة عن جابر بن زيد. ولا « أحسبه رفعه إلا إلى ابن عباس (١) . بالذكر أن تكشف واقعة جديدة بعد الحكم الأول، من شأنها حري تغيير وجه الرأي في الدعوى، لا يجيز إعادة المحاكمة مرة ثانية عن ذات الواقعة ما دام قد صدر الحكم الأول، فإن لم يكن قد صدر فلا مشاحة في ذلك. في هذا المعنى جاء في ا لمصنف: وإذا تجارحا وهما زوجان وأعلم الحاكم المجروح أنه لا قصاص » بينكما فقد انهدم القصاص ونفذ الحكم ولو صح أنها أخته من الرضاعة وفرق بينهما ورجع المجروح يطلب القصاص وترك الأرش إن كان أخذه فقد بطل القصاص وإن كان الحاكم لم يحكم بينهما بشيء حتى  صح أن النكاح كان حرام ً  ا ثم لكن يبدو أن الفقه الإباضي يجيز إعادة المحاكمة مرة ثانية في حالة التطبيق الخاطئ للعقوبة التي تم توقيعها. يقول ا لعوتبي: وعن رجل زنى وقد أحصن فجلد مائة ولم يعلم بإحصانه ثم علم به » طلب المجروح القصاص فإن القصاص « بينهما (٢) . « بعد ذلك قال: عليه ا لرجم (٣) . (١) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٠٥(٢) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٨٨ ٨٩(٣) . العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ١٦٧ ™HGôdG åëѪdG zá¡Ñ°ûdÉH áHƒ≤©dG AQO{ CGóÑe :CGóѪdG á«gÉe (CG عن ا لنبي ژ : « ادرؤوا الحدود بالشبهات ما ا ستطعتم »(١) ، وعن عمر : ƒ ادرؤوا »(٢) الحدود بالشبهات ما استطعتم، فلأن يخطئ الإمام في العفو خير « من أن يخطئ في ا لعقوبة(٣) . (١) أخرجه السيوطي في الجامع الصغير باللفظ وزاد: وأقيلوا الكرام عثراتهم، إلا في حد من حدود الله تعالى، المجلد الأول، باب: حرف الألف، حديث رقم: ٣١٤ ، وروى صدره أبو مسلم الكجي، وابن السمعاني في الذيل عن عمر بن عبد العزيز مرسلا ً ، ومسدد في مسنده عن ابن مسعود موقوف ً ا، وقال: حسن. (٢) يقول: أدرأت الحد أي: أسقطته عن صاحبه من وجه ودرأت الحد بلا ألف » : يقول النزوي أجود. وعن عمر إدرؤوا الحدود ما استطعتم فلأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في ا لعقوبة. والمراد بالدرء عند أهل اللغة يقال: درأت عنه الحد وغيره أدرؤه درءا إذا أخرته عنه ًْ .( (لسان العرب لابن منظور، ج ١، ص ٧١ ٧٢ وانظر الفرق بين قاعدة ما هو شبهة تدرأ بها الحدود والكفارات وقاعدة ما ليس كذلك، . في الإمام القرافي: الفروق، ج ٤، الفرق ٢٤٤ ، ص ١٧٢ ١٧٤ وبخصوص قوله ژ : « ادرؤوا الحدود بالشبهات » ، يقول الفيروزآبادي: الدرء: الدفع إلى أحد الجانبين، وفي الحديث «... ادرؤوا ا لحدود » تنبيه على تطلب حيلة يدفع بها الحد، (الفيروزآبادي: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، المجلس الأعلى للشؤون .( الإسلامية، القاهرة، ١٤١٦ ه ١٩٩٦ م، ج ٣، ص ٥٩٨(٣) ٣٣ ، رقم ١٤٢٤ ؛ عامر بن خميس ا لعماني: غاية المطلوب في الأثر / راجع الترمذي، ٤ ُ المنسوب، مكتبة الجيل الواعد، ص ٨٥٣ ؛ أطفيش: جامع الشمل من أحاديث خاتم . الرسل، ج ٢، ص ١٣٨ ١٣٩ نشير إلى ماهية المبدأ، والقواعد التي تحكمه. ويطبق المبدأ وفق ً ا لروحه، وليس للفظه (إذ العبرة بالمقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني) على كل العقوبات، وليس فقط الحدود(١) . ذلك أن الفطرة السليمة تأبى أن يوقع عقاب على شخص ما إذا وجد شك أو شبهة في أنه ارتكب الجريمة المعاقب عليها. ولأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ » : لذلك بخصوص عبارة وإن كان هذا الكلام جاء في الحدود فهو » : يقول ابن الأزرق .« في العقوبة « متناول لغيرها من ا لزواجر(٢) . وفق ً ا لهذا المبدأ، فإن تطبيق العقوبة أية عقوبة يفترض أمرين لا انفصام بينهما، بل إن كلا منهما انعكاس للآخر، وهما:  أولا ً: عدم وجود شبهة في ارتكاب الجاني للجريمة. يقول الشيخ والشبهة هي الحال التي يكون عليها المرتكب أو تكون بموضوع » : أبو زهرة  (١)حري بالذكر أن الظاهرية لا يوافقون على المبدأ المذكور أعلاه، وهم يرون أن الحدود لا يجوز أن تقام ولا أن تدرأ بشبهة، راجع د. عوض محمد عوض: دراسات في الفقه الجنائي ؛ الإسلامي، دار البحوث العلمية للنشر والتوزيع، ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ٥٥ ٥٩ . د. محمد سليم العوا: في أصول النظام الجنائي الإسلامي، ص ١٠٧ ١٠٨ (٢) ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، الدار العربية للكتاب، تونس . ليبيا، ج ٢، ص ٦٦٤ انظر كذلك الإتجاه القائل بأن قاعدة درء الحد بالشبهة مقصورة على جرائم الحدود والقصاص، دون جرائم التعزير، وكذلك الرد على هذا الإتجاه، في عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٢١٦ ، د. محمد سليم العوا: في أصول النظام . الجنائي الإسلامي، ص ١٠٤ ١٠٦ شرط الشبهة أن » وإن ،« الشبهة لا تسقط التعزير، وتسقط الكفارة » يقول السيوطي: إن .« تكون قوية، وإلا فلا أثر لها الإمام السيوطي: الأشباه والنظائر، مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٧٨ ه ١٩٥٩ م، . ص ١٢٣ ١٢٤ الارتكاب، ويكون معها المرتكب معذورا في ارتكابها، أو يعد معذورا عذرا ً ًً يسقط الحد، ويستبدل به عقاب دونه، على حسب ما يرى الحاكم، ويقول الفقهاء في تعريفها: إنها ما يشبه الثابت وليس بثابت أو هي وجود صورة « الثابت(١) . (١) وأنواع الشبهات أربعة: أولها: ما يتعلق بركن الجريمة. والثاني: يتعلق بالجهل النافي للقصد الجنائي في »الإرتكاب، والثالث: يتعلق بالإثبات والرابع: يتعلق بتطبيق النصوص على الجزيئات « والخفاء في التطبيق في بعضها ؛ الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ص ١٣ ١٤ . عبد العزيز عامر: التعزير في الشريعة الإسلاميةة، ص ٤٥ كذلك يمكن تقسيم الشبهات إلى قوية (وهي تلك المتعلقة بالدليل، وبالملك)، وضعيفة (كتلك المتعلقة بالإثبات)، وشبهات بعضها قوية وبعضها ضعيفة، راجع د. أنور دبور: الشبهات وأثرها في إسقاط الحدود، القاهرة، ١٩٧٨ ، ص ١١٩ ١٢٣ ؛ الشيخ محمد  . أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ص ٥٨ ٦١ تقول دار الإفتاء ا لمصرية: لا يعتد بالشبهة التي تدرأ الحدود إلا إذا كانت قوية ناهضة، وقد نظم ذلك أبو بكر »الأهدل الحسيني اليمني فقال: وباتفاق الحدود تسقط بالشبهات حسبما قد ضبطوا وشرطها القوة فيما ذكروا جزما، وإلا فهي لا تؤثر ً . دار الإفتاء المصرية: ضوابط الإختيار الفقهي عند النوازل، القاهرة، ١٤٣٤ ه، ص ١٣٦ إذا ترتب على قيام الشبهة درء العقوبة المقدرة عن المتهم، فإن الأمر » حري بالذكر أنه بعد ذلك لا يعدو إحدى حالتين: فإما أن يترتب على درء العقوبة المقدرة تبرئة المتهم مما أسند إليه، وهنا لا يستبدل عقوبة أخرى بالعقوبة أو العقوبات التي درئت بالشبهة، وإما أن يؤدي ذلك إلى تطبيق عقوبة أخرى غير العقوبة المقدرة، إذا لم يكن من شأن الشبهة التي ثارت أن تزيل عن الفعل المرتكب وصف الجريمه، وفي هذه الحالة لا يستطيع القاضي أن يقضي بالبراءة، بل عليه أن يقضي بعقوبة أو عقوبات أخرى تناسب « الحالة المعروضة عليه، وهذه العقوبات الأخيرة تدخل فيما يسمى بالتعزيرات . د. عبد العزيز عامر: التعزير في الشريعة الإسلامية، ص ٤٧ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١١٢ ثانيا: استناد إدانة المتهم إلى يقين لا شك فيه، ذلك أن إدانة المتهم ً يجب أن تثبت ثبوت ً ا يقينيا، فالمقرر إسلاميا قوله تعالى: ﴿ <;:9876 ﴾ [ [النجم: ٢٨ . ﴿ 9876543210/ : <; = ?> ﴾ [ [الحجرات: ٦ .   لذلك من القواعد الفقهية ا لإسلامية: . • « اليقين لا يزول بالشك » قاعدة(١) • .« عدم جواز تأسيس القضاء على الغالب، وإنما على ا لثابت » قاعدة  . • « بالرأي ا لفطير » وعدم الأخذ « التثبت في الأمور » قاعدة(٢) وفي النظم القانونية المعاصرة يمكن أن نذكر القواعد ا لآتية: .« الشك يفسر لصالح ا لمتهم » (١) السيوطي: الأشباه والنظائر، ط البابي الحلبي، القاهرة، ص ٥٩ ؛ ابن نجيم الحنفي: الأشباه . والنظائر، ط البابي الحلبي، القاهرة، ص ٥٦ لذلك قيل بخصوص حد ا لزنا: والناظر في هذه الشروط يلاحظ أن حد الزنا جعل للحفاظ على النظام العام بالأساس، »لا لمجرد معاقبة الزاني، ولذلك كان ثبوت حد الزنا بالشهادة خاصة من الأ ُ مور النادرة، وهذا الذي جعل فقهاء القانون المصري مثلا ً يوقفون العمل بالحدود لانهم اعتبروا أن العصر عصر شبهة وهناك فرق بين إيقاف الحدود كما فعل سيدنا عمر في عام الرمادة وبين إلغائها من أجل اختلال شروط الشهادة وشيوع خراب الذمم، وهذا كله يتفق مع دار الإفتاء المصرية: سؤالات الأقليات، « مراد الشرع في أن الحدود تدرأ بالشبهات . القاهرة، ١٤٣٤ ه، ص ٣٥٦ (٢) راجع تفصيلات كثيرة في د. أحمد أبو الوفا: أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في . الفقه الإباضي، المرجع السابق ج ٢، ص ١٣٨ ١٤٣ .« تبنى الأحكام على الجزم واليقين لا الشك والتخمين » وهذا المبدأ لازم لمعاقبة أي متهم، في الشريعة الإسلامية، وقد ورد له في ا لسنة النبوية شواهد عديدة.  بينما أنا » : فعن عبد الله بن أبي أمامة وكان من أصحاب الصفة قال قاعد عند رسول الله ژ في المسجد جاءه رجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي! فسكت رسول الله ژ ، ثم قال: يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي، ثلاث مرات وأقيمت الصلاة. فلما انصرف اتبعه الرجل، قال أبو أمامة: فاتبعته أنظر ما يرد عليه رسول الله ژ ، فقال:  يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي. فقال له: أ لست حين خرجت من بيتك قد توضأت فأحسنت الوضوء؟ قال: بلى، قال: وشهدت الصلاة؟ قال: نعم، قال: إن الله تعالى قد غفر لك حدك .«  وعن  أتى ماعز » : ابن عباس قال ُ بن مالك ا لنبي ژ ، فقال: يا رسول َ الله ُ إني زنيت قال: لعلك لمست أو مسست أو غمزت؟ قال: لا بل زنيت فأعادها عليه ثلاث ً ا، فلما كان في الرابعة رجمه(١) . (١) . ابن حجر العسقلاني: فتح الباري شرح صحيح البحاري، ج ١٢ ، ص ١٩٢ يقول أطفيش بخصوص هذا ا لحديث: وتمسك الحنفية والحنابلة بالحديث على أنه لا يرجم المقر حتى يقر أربعا إقامة » ً مقام أربعة شهداء، وليس ذلك شرط ً ا عندنا وعند المالكية والشافعية، لأن إقراره أربع ً ا واقعة حال، لا حكم منه ژ أنه لا يرجم حتى يقر أربعا، ولحديث العسيف من ً قوله ژ: » « واغد يا أنيس إلى امرأة هذا؛ فإن اعترفت فارجمها ، ولم يقل فإن اعترفت ُ أربع مرات. ولحديث الغامدية، إذ لم ينقل أحد أنه تكرر إقرارها، وأما التكرار هنا فللإثبات والتحقق « والاحتياط في درء الحد بالشبهة . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانه في فن الحديث، ج ٤، ص ٢٩٩ وعن النبي ژ أنه قال: إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا » « يثرب . يقول ابن حجر العسقلاني ومعنى تبين:  « ن(١) أي: ظهر، وشرط بعضهم أن يظهر بالبينة مراعاة للفظ تبي » .   :CGóѪdG ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG (Ü في بؤرة « درء العقوبة بالشبهة » وضع فقهاء المذهب الإباضي مبدأ إهتماماتهم ونذكر أهم ما قالوه في هذا الخصوص كما يلي: ١ أكد فقهاء ا لإباضية على مبدأ التثبت والتحري كمبدأ عام يجب ّ مراعاته(٢) . « باب في الرأي والتثبت في ا لأمور » : وهكذا فقد خصص فقهاؤه(٣) . كذلك قرروا: والمسلمون يطلبون أوضح الأمر عذرا فيأخذون به، ويد » َ عون اللبس ًُ « والشك والريبة(٤) .  (١) وقد كان للمذهب الإباضي مراعاة لهذا الجانب، حيث يطبق اتباعه مسألة إسقاط » : قيل الحد الشرعي عند وجود الشبهة، معتبرين أن الخطأ في العفو عند الحد في الشبهة خير .« من الخطأ في العقوبة معها . سعيد الوائلي: البعد الحضاري لتفسير القرآن عند ا لإباضية، ص ١٩٧ ّ (٢) راجع أيض ً ا د. أحمد أبو الوفا: أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه . الإباضي، ج ٢، ص ١٣٨ ١٤٤(٣) . النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ١٥(٤) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٣٥٣ وقالوا أيض ً ا: ولا ينبغي للإمام أن يكون عجولا » ً « في أموره(١) . ومن قواعدهم الفقهية قاعدتان مهمتان: .« المتكلف للقول فيما لا يعلم غير معذور » « إذا حصل الالتباس وجب ا لتحري »(٢) . كذلك قرروا قاعدة ثالثة، هي: « لا يجوز الحكم بالظن »(٣) .  ٢ أخذ ا لإباضية بمبدأ التثبت واليقين في الأمور ا لجنائية. ّ ومن أفضل الأقوال ا لإباضية قول ابن عبد العزيز: ّ لكن لا نقضي بالدية ولا نحكم بها فيما يمكن أن يكون، ويمكن أن »« لا يكون، وإنما القضاء هنا والحكم فيما يعرف ويعلم أنه كان(٤) . ويقول ا لبسيوي: « الحدود لا تعطل إذا صحت على الجاني لها »(٥) . (١) الشيخ عبد الله بن بشير الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، راجعه ماجد الكندي، . ١٤٢٨ ه ٢٠٠٧ م، ص ٩٤ ، ج ٦(٢) ؛ راجع القاعدتين في معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٣٠٦ ّ . ج ١، ص ١٦٣(٣) السيد مهنا بن خلفان البورسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين . الأخيار، ج ١٤ ، ص ٤٢٩(٤) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٤٣(٥) . جامع أبي إسحاق البسيوي، ج ٤، ص ٢٤٦٦ ويقول الإمام أطفيش: ودعوا الخفة، ف » َلأ َ ن َ ْ تخطئوا في ترك القتل أولى من أن تخطئوا في « القتل(١) . (١) أطفيش: كشف الكرب، ج ٢، ص ٣٥٨ ، وجاء في بيان ا لشرع: وقلت إن لم يعلم أحد من المسلمين أن أحد » ً ا من البوارج انحدر إلى ذلك الموضع ووجدوا هؤلاء السند، فإنه لا يكون من هؤلاء الهند محاربين إلا أن يعلم ذلك المسلمون .« فأما على الظن والتهمة فلا . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ١٩١ ١٩٢ لكن في غير الأمور الجنائية يمكن الحكم بما يسكن إليه القلب، ولو لم يكن اليقين مؤكد ً ا. يحكم بموت المفقود إذا مضى أجل المفقود وهو أربع سنين واليقين خلافه، » مثل أن وكذلك من حمله السبع والملقى في الجزيرة في البحر، ثم لم يعلم لهما بحياة إلى مدة أربع سنين حكم لهما بالموت، واليقين خلافه، فإن قيل قال إنكم تزيلون الفرائض واليقين بالظن والشكوك لأن كلامكم يدل على ذلك، قيل له: أسأت الظن بنا لجهلك بما له قصدنا وذلك إن الظن والشك هما الواسطة بين العلم والجهل، ونحن فنقول بالعلم واليقين وهما ما بينا عليه أصلنا وهي القاعدة التي عليها الفقهاء وذلك إن العمل على ّ ضربين فعلم لا يجوز عليه الإنقلاب فيصير جهلا ً أبد ً ا، وهو علم المشاهدة وخبر التواتر وما يوجب العلم به ضرورة وعلم الظاهر قد يعتقده المعتقد ويكون بخلاف ما ظهر له وربما ظهرنا على ذلك، ومع هذا فقد يسمى علما نحو قول القائل: علمت هذا الأمر ً بشاهدي عدل، وكذلك قول الله تعالى: ﴿ JIHGF ﴾ [ [النور: ٣٢ وقوله: ﴿ §¦¥ ¨ ª© « ﴾ [ [الممتحنة: ١٠ فسمى هذا علم ً ا، فلو كان ما ذهب إليه من لا علم له بما الناس عليه وما جاءت به الآثار لكان ما ذكرنا لا يجب أن يحكم في شيء منه إلا بيقين إذا كان اليقين ما لا يجوز أن يكون غيره بل الذي أخذ علينا وتعبدنا به أن نحكم بما هو يقين عندنا وفي غالب ظنوننا لا اليقين الذي عند الله، وأيض ً ا فإن بعض فقهائنا قد قال فيمن كان عنده إناء أو ثلاثة أحدهما نجس ولا يجد ماء غيره أن يتحرى الطاهر منه ويتطهر به، وهذا إنما يرجع فيه إلى ما تسكن إليه النفس، واليقين غير .« ذلك . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٧٧ ٧٨ ومن الأقوال الرائعة لدى الإباضية بخصوص التثبت ودرء الشبهة في ّْ « كل حد فيه (عسى) و(لعل) فهو معطل » الأمور الجنائية، قاعدة(١) . ويأخذ  ربما، ويجوز » : ذات الحكم، في رأينا، أ ي ألفاظ أخرى لها ذات المعنى، مثل .« أن الجريمة وقعت، وأظن أنها وقعت  (١) فقد جاء في بيان ا لشرع: وعن رجل وجد في بيت شربة في الليل فاطلع عليه ثم أحضروا حلقة ليأخذوه فسبقهم »ودخل بيت ً ا وفيه رجل فقصد إلى جانبه فأخذوهما جميع ً ا فانتفيا من ذلك جميع ً ا؟ قال: إذا ،« اشتبها على الشهود فإنه لا حد على واحد منهما وكل حد فيه عسى ولعل فهو معطل . الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ١٠٨ كذلك يقول ابن بركة:  وإذا قال رجل لزوجته: زنيت بفلان. قال أصحابنا: يكون قاذف » ً ا لها، فإن أقام بينة على دعواه وإلا حد للمقذوف، ولاعن الإمام بينه وبين زوجته وفرق بينهما إلا أن يكذب نفسه فيسقط اللعان عنه، ويلزمه الحد لها (ويفرق بينهما ولا يجتمعان أبد ً ا). فإن قال قائل: فلم فرقتم بينهما وقد أكذب نفسه ورجوعه بعد وجوب الحكم بالفراق ولا يسقط عنه ما أوجبه الحكم؟ والنظر يوجب عندي ألا يكون قاذف ً ا بغير زوجته لأن قوله زنيت بفلان قذف ً ا لها، وليس إذا كان قاذف ً ا بهذا القول يكون مستكره ً ا على زناها أو مغلوب ً ا على عقله والحد متى اعترضت فيه الشبهة سقط. لقول النبي ژ: ادرؤوا الحدود بالشبهات ما » « استطعتم ، وإنما يكون قاذف ً ا لها لو قال لها: زنيت بفلان وزنا بك، وكذلك لو قال: زنا بك فلان لم يكن إلا قاذف ً . ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٥٣١ ،« ا له دونها كذلك بخصوص سؤال: عن الشبهة التي تدرأ بها الحدود هل لها ضابط أم لا أم يدرأ بكل شبهة، ولو كان شيئ ً ا غامض ً ا، قيل: ظاهر الحديث الإطلاق، وهو قوله ژ » : » « ادرؤوا الحدود بالشبهات ، وقد درأ عمر ƒ الحد عن امرأة تسرت مملوكها فيما قيل: فلما جيء بها إلى عمر قالت: أيحل لكم ما ملكت أيمانكم ولا يحل لنا ما ملكت أيماننا. فقال: دعوها فإنها متأولة يعني: لا تحدوها، وليس الجهل درأ للحدود إذ لا جهل ولا تجاهل في ا لإسلام. .« وما ملكت أيمانكم » : غير أن المراة تأولت الكتاب العزيز في قوله تعالى ولم تصب في تأويلها غير أنه شبهة حيث تمسكت بدليل في زعمها ولذا يدرأ الحد عن ،« المقر بالزنا إذا أنكر قبل الدخول في الحد لأن إنكاره يحدث شبهة في الإقرار الأول . ابن رزيق: حل المشكلات، ص ٣١٧ ٣١٨ ومن الأمثلة المعروفة عند الإباضية بخصوص مبدأ اليقين في الأمور ّ :« الضياء » الجنائية، المثال الآتي الذي ورد في كتاب وعن امرأة يظهر بها حمل ولم يعلم لها الزوج فسئلت عن حملها » فقالت: من غير زوج ما الحكم فيها؟. قال: لا حد عليها حتى تقر بالزنا لأنه يمكن من غير الزوج أن تكون   « ة(١) مكرهة أو ناعسة أو مغلوبا على عقلها بالسن . ً ومن الأمثلة على ذلك أيض ً ا، ما جاء في الجامع ا لمفيد: وعن رجل أقر بعمان أنه زنى اليوم بمكة، هل يقام عليه ا لحد؟ » ُ قال: معي أنه يدرأ عنه الحد بالشبهة. قلت له: فإن قال: إنه زنى هكذا لا غير ذلك أيلزمه بذلك الحد أم حتى يبين كيف زناه؟ قال: يعجبني أنه حتى يبين كيف زناه لأن الزنى يختلف، وليس لكل ذلك  يقع الحد لأنه قيل يزني بعينه، ويزني بيده، ويزني بما دون إيلاج الفرج، وكل هذا يخرج في تسمية زنى، كما أن الشهود إن شهدوا على رجل « بالزنى وهم أربعة لم تجز شهادتهم حتى يبينوا صفة ا لزنى(٢) . (١) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ٤، ص ١٥٥ (٢) . الجامع المفيد من احكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٣٢١ ومن ذلك ما جاء في منهج ا لطالبين: وقيل: إن السارق يجوز ضربه بغير تعمد لقتله. فإن مات بلا تعمد لقتله، فلا بأس وإن »بدأ بالضرب وأشار بالسلاح، فقد حل قتله. ويعجبني أنه إذا دخل أحد بيت أحد أنه لا يعجل بقتله؛ ولا يضربه. لعله التجأ من خوف عدو، وكان له عذر من جنون أو شيء من العوارض التي تزول بها عنه أحكام التعبد ،« والحدود. والتثبت في الأمور معنا أسلم، ما لم يخف معالجة هذا الداخل بسوء . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٩٨ = ٣ الأخذ بقاعدة ا لاحتياط: من مظاهر استناد ا لإباضية إلى قاعدة التثبت واليقين في الأمور الجنائية، ّ أخذهم أيض ً عند تطبيق العقوبات « الاحتياط » ا بقاعدة(١) . يقول الكندي: « وإني لأحب الاحتياط في الفروج والتبعد عن ا لشبهات »(٢) . = ونذكر كذلك المثال ا لآتي: وإذا توقع قوم على رجل فضربوه بالسيف ثم حلوا عنه ثم جاء قوم آخرون فضربوه، ثم »جاء بعد ذلك آخر فضربه فمكث الرجل يوما أو يومين ثم مات فإن للمضروب على ً الذين ضربوه أولا ً ما أوجبه الحكم من القصاص والأرش، وكذلك الذين ضربوه من بعد وعلى الذي ضربه الضرب الأخير الذي مات به في اليوم أو اليومين القود وما يحكم به الحاكم باختيار الولي، وفي بعض قول الفقهاء إن الضرب إذا كان متقاربا في الأوقات ً وكان مثل الأول يثوي به المضروب حتى يموت في العادة فكل ضرب منه يقتل به المضروب في العادة وأشكل الأمر واحتمل الأول والثاني والثالث به كان القتل فالدية .« بين الجميع وسقط القيود للإشكال والشبهة . العوتبي: الضياء، ج ١٥ ، ص ٤٢ ٤٣ (١)فمثلا، ً وإذا شهد رجلان على رجل أنه سرق، أو شهد أربعة على » : يقول الشيخ ابن بركة رجل بالزنا لم يجب أن يحكم بشهادة هؤلاء على هذا لأنهم لا يعرفون وصف الزنا ولا ، ابن بركة: الجامع، ج ٢ ،«... وصف السرقة، ويجب أن يقف الحاكم حتى يتبين من البينة . ص ٤٧٤ انظر أيض ً ا: إدريس بن بابه: قاعدة الإحتياط وتطبيقاتها عند ابن بركة من خلال كتابه . الجامع، نشر جمعية التراث، ١٤٣٥ ه ٢٠١٣ م، ص ١٣١ ١٣٤(٢) . الكندي بيان الشرع، ج ٤٧ ، ص ١٩٠ كذلك بخصوص علاقة قاعدة الشبهة تعمل عمل الحقيقة فيما بني أمره على الاحتياط هذه القاعدة تنطق بدلالة علاقتها بالاحتياط، فالعلاقة بينهما علاقة » : بقاعدة الاحتياط، قيل تكامل إذ كل منهما مكمل للآخر، فلا محل للاحتياط عند انعدام الشبهة ولا محل لاعتبار الشبهة حقيقة مستقرة ويقين ً ا إلا في مواضع تستدعي الاحتياط، فكل منهما قائم على قيام .« الآخر عزاء البريدية: فقه الاحتياط عند ا لإباضية، رسالة ماجستير، جامعة مؤته، ٢٠١٠ ّ . ص ١٤٣ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١٢٠ ويقول جميل بن خلفان: وإن شهد شاهد » ً ا عدل على رجل أنه قتل رجلا ً ولم يبينا أنه قتله عمد ً ا ولا خطأ ولا سئلا عن ذلك حتى ماتا، فإن في ذلك الدية في مال القاتل ُ ولا قود عليه لأنهما لم يشهدا بالعمد، ولا تلزم الدية العاقلة لأنهما لم « ا(١) يشهدا بالخطأ أيض ً . ٤ حدد الفقه الإباضي القواعد الأربعة الآتية التي تحكم ا لشبهة: أولا ً: الشبهة هي ما تشبه الشيء الثابت وليس بثابت في نفس الأمر، أو ا(٢) هي ما لم يتيقن كونها حلالا ً أو حرام . ً ثانيا: والمراد ،« ليس كل من ادعى شبهة قبلت منه إلا بدليل » قاعدة ً « كل ما يجعلنا نعتقد صدقه فيما ادعاه من ا لاشتباه » : بالدليل(٣) . وتهدف هذه القاعدة إلى: • تلافي إفلات الجاني الحقيقي من ا لعقاب. • تجنب الكذب وتحري الصدق، حتى في المسائل ا لجنائية. • استقرار الأوضاع القانونية، وتلافي الثأر الفردي ممن أفلت من العقاب بلا دليل يسند ا لشبهة. • بناء الأحكام على الجزم واليقين، لا الشك والتخمين. ثالث ً ا: « فلا يسقط بالشبهة » أما حق العبد « حق الله يسقط بالشبهة » قاعدة(٤) . من الأمثلة التي يذكرها الثميني على هذه ا لقاعدة: (١). جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٦٢(٢) . البركتي: التعريفات، ص ٣٣٣(٣) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١١٩٠ ١١٩١ ّ (٤) . المرجع السابق، ج ١، ص ٤٥٤ ٤٥٥ إذا أقر المحبوس بالقتل تحت الإكراه أو ما يشبه الإكراه كالسجن فإن » إقراره في هذه الحالة يورث شبهة دارئة للحد عنه لأن الحدود حقوق الله، « وأما حق العبد وهو الدية فلا يسقط عنه بالشبهة فعليه الدية لا ا لقتل(١) . رابعا: اختلف الفقه الإباضي بخصوص المقصود بالشبهة، وهل هي أية ً شبهة، أم يجب أن تكون قوية. وهكذا بخصوص الشبهة التي يدرأ بها الحدود، هل لها ضابط، أم لا؟ أم يدرأ بكل شبهة ولو كان شيئ ً ا غامض ً ا؟ يقول ا لسالمي:  ظاهر الحديث الإطلاق وهو قوله ژ » : « ادرؤوا الحدود بالشبهات » وقد درأ عمر ƒ الحد عن امرأة تسرت مملوكها فيما قيل، فلما جيء بها إلى عمر قالت: أيحل لكم ما ملكت أيمانكم ولا يحل لنا ما ملكت أيماننا؟ فقال: دعوها فإنها متأولة يعني: لا تحدوها، وليس الجهل درءا للحدود؛ إذ ً لا جهل ولا تجاهل في الإسلام، غير أن المرأة قد تأولت الكتاب العزيز في قوله تعالى: ﴿ lkji ﴾ [ [النساء: ٣ ولم تصب في تأويلها غير أنه شبهة حيث تمسكت بدليل في زعمها، ولذلك يدرأ الحد عن المقر بالزنا « إذا أنكر قبل الدخول في الحد؛ لأن إنكاره يورث شبهة في ا لإقرار(٢) . بينما يقرر آخرون: وليست كل شبهة تسقط الحد يقول أبو محمد في والشبهة التي يدرأ الحد بها هي التي » : مسألة من وطئ أمة ولده التي تسراها تقع بالواطئ في محظور لا يعلمه فيوافقه من طريق الجهل، فأما من أقدم « على محظور مع العلم بحظره فلا شبهة هناك(٣) . (١) . الثميني: التاج المنظوم، ج ٧، ص ٢١٨(٢) ، السالمي: نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤ .٤١٥ ، ص ٤٠٧(٣) خلفان الحارثي: القواعد الفقهية عند الإمام ابن بركة، ندوة القواعد الفقهية بين التأصيل = وهكذا فإن الشبهة، وهو ما يتضح من معناها ومبناها، تثير الكثير من الصعبوبات وأوجه الالتباس، مما يحتم ضرورة التثبت من وقوع الجريمة، ودرء العقوبة، إذا غلبت الشبهات الأمور ا لمؤكدات. ٥ ضرب الفقه الإباضي أمثلة كثيرة على ا لشبهة(١) . = والتطبيق، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، مسقط، ص ٢٥٥ ٢٥٦ . أنظر أيض ً ا: د. هلال الراشدي: القواعد الفقهية عند ا لإباضية تنظيرا وتطبيق ً ، ا، مركز الغندور، القاهرة، ٢٠٠٩ ًّ . ص ١١٠ ١١١ إن لهما » : وبخصوص المؤثرات على الدلالة القطعية، بالنسبة للحدود والضمانات، يقول وضعا خاصا جعله الشارع لهما، لأن الحدود تدرأ بأدنى شبهة ضعيفة كانت أو قوية، ولذا ً فإن من أقر بما يوجب عليه الحد ثم رجع عن إقراره يقبل فيما يتعلق بحق الله من إسقاط الحد، أما فيما يتعلق بحق المخلوق يؤخذ به ما لم يثبت خلاف ذلك، وهذا لا يعنى أن تسقط العقوبة عنه مطلق ً ا بل قد يعزر، وأما الضمان فيلزمه ما تلف بسببه، وإن كان مكره ً ا  . ذات المرجع، ص ٣٦١ .« أو خارجا عن إرادته، وإنما يسقط عنه الإثم فقط ً (١) نكتفي بذكر الأمثلة ا لتالية: ووجدت في كتاب أبي المؤثر أن امرأة لو تزوجت بزوج ولها زوج لم يمت ولم يطلق ولم » يعلم الزوج الثاني أنه يفرق بينهما وبين الزوج الآخر، ولا صداق لها؛ لأنها خانته، وعليها الرجم، ما لم تعتذر بعذر إن كان وطئها، مثل أن تقول: ظننت أن زوجي قد مات، أو حسبت العلامه أبو إسحاق الحضرمي: « أن المرأة يجوز لها أربعة أزواج كما يجوز للزوج أربع نسوة . كتاب الدلائل والحجج، تحقيق أحمد بن حمو وآخرين، ج ١ ٢، ص ٦٤١ ٦٤٢ أن من سرق من شيء له فيه شبهة أو شركة، مثل بيت مال » : وفي آثارهم رحمهم الله المسلمين، أو الغنيمة، أو الزوجين المتساكنين، أو الرجل وولده؛ أو العبد وسيده، أنه لا . ذات المرجع، ص ٦٥٤ « قطع عليه فإن كان لها زوج غائب أو مفقود فإنها لا ترجم؛ لما جاء في الحديث: أن امرأة رفعت » إلى عمر بن الخطاب حبلى لم يقربها الزوج قبل بسنتين، فأراد عمر بن الخطاب أن يا أمير المؤمنين، إن كان لك عليها سبيل فليس لك على ما في » : يرجمها، فقال له معاذ فتركها حتى ولدت، فإذا ولدها قد نبتت أسنانه في بطنها وهو ابن سنتين ،« بطنها سبيل عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ، لولا معاذ لهلك » : فقال عمر بن الخطاب » ؛ من زوج لها . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٩٧٨ « عمر = ٦ ذكر الفقه الإباضي أثر الشبهة على العقاب، ويتمثل ذلك في أحد أثرين:  الأول : البراءة التامة، وبالتالي لا عقاب يوقع(١) . والثاني : عدم تطبيق العقوبة التي حددها الشارع (كالحدود مثلا ً )، وتوقيع  عقوبة التعزير، إن كان له مقتض .ٍ ويكون ذلك مثلا ً في حالة التعريض، = يجوز للرجل أن يحتال في إدراء الحد عن نفسه إذا شهدت عليه بذلك البينة مهما كان »   السيد « من الحدود فرأيته يميل إلى إجازة ذلك من إجازة أو احتيال ادراء الحد عن نفسه ، مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ . ص ٢٩٢ وسئل عن رجل شهد شاهدان أنه سرق فقال: إن الذي سرقه » : وجاء في الجامع المفيد «؟ مال له ومعه بينة كم يؤجل وإلا أقيم عليه ا لحد   معي أنه يدرأ عنه الحد، وتقوم قيمة للسرقة. » : قال  قلت له: وكذلك لو أنه لم يدع بينة وادعى أنه ماله يدرأ عنه ا لحد؟ .« قال: معي أنه يدرأ عنه الحد لأنه موضع شبهة . الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٣٢٠ وبخصوص فيمن ق ُ تل وادعى وليه على أحد أنه قتل أخاه واحد منهم هرب من البلد وصح منهم القتل أعني الهاربين وبقي واحد من ا لمدع َ ى عليهم واشت ُ هر في البلدان أن هذا الرجل ما قتل َ فلان ً ا، ولا أعان على قتله وكثير شهدوا له على هذا المعنى، وولي المقتول يدعي عليه أنه عند القاتلين وأعان على قتله، أيجوز لنا أن نعاقبه ونقيده إذا اشتهر ما ادعى عليه، أم لا يجوز لنا عقوبته؟ يقول ا لعبري: أحب إلي العفو » : إلا أن يصح ما يوجب عليه القتل لأنه جاء في الأثر: الخطأ ُ الشيخ سالم العبري: فواكه البستان، « في العفو خير من الخطأ في العقوبة . ص ١٧(١) ومن قال لغيره: يا لوطي لم يكن قاذف » : يقول النزوي ً ا له لأن الإضافة إلى لوط ‰ وهو بالمدح أشبه، ولا يجب بذلك الحد لأن نسبته إلى ذلك يحتمل أن تكون نسبة إلى الفعل، النزوي: « أو إلى لوط، فإذا اعترضت الشبهة سقط الحد عندها وإلى هذا ذهب أصحابنا . المصنف، ج ٤٠ ، ص ٨٥ لا التصريح، بارتكاب الجريمة(١) . مثال ذلك مسألة اختلافهم في الحد بالتعريض بالقذف، قيل يوجبه وقيل لا، ما وجهه؟ يقول ا لسالمي: أما القائل بأنه يوجبه وهو مالك بن أنس فكأنه جعل المقصود من ذلك » فهم المعنى، والعرب تفهم المعنى من التعريض كما تفهمه من التصريح، فقول القائل: وما أنا بزان في مقام المخاصمة بينه وبين آخر يفيد في قذف صاحبه عند مالك، لأنه في منزلة قوله: بل أنت زان، وقال أحمد: يجب (١) نذكر أيض ً ا مثالين آخرين: فقد سئل أبو المؤرج عن رجل وجد مع امرأة رجلا ً في بيت وقد جامعها وقامت عليه البينة بجماعه إياها فلما أن أرادوا أن يقيم عليه الحد ادعى أنها امرأته وأقرت أنه زوجها ولا بينة لهما إلا ادعائهما أن بينتهما قد هلكت أيقام عليهما الحد أم لا؟ قال: لا حد عليهما إذا أدخلا الشبهة وعليهما التعزير ويفرق بينهما، قال ابن عبد العزيز: لا تعزير ولا يفرق بينهما. . الخراساني: المدونة الصغرى، ج ٢، ص ٨٥ والمثال الثاني حينما جاء إلى الإمام أبي خليل: رجل من بني حراص من أهل نخل وكان قد سافر إلى ساحل الشمال وأقام سنين عديدة »وله زوجة وابن منها فلما رجع لم يجد زوجته ووجد ماله وبيته في يد غيره فسأل عن زوجته فقيل له: إنها بسمائل تزوجت برجل من موالي بني هناة وأنه أولدها ا بن ً ا وبنت ً ا فشكى إلى الإمام الخليلي فأرسل إليها والزوج فسألها عن الحراصي فقالت: إن زوجها غاب عنها إلى الشمال منذ سنوات، فقال لها: ماذا جاء بك سمائل، وما صيرك إلى هذا الزوج الآخر؟ فقالت: إني شكوت عند الشيخ خلفان بن ثنيان الحراصي طول غيبة زوجي، فباع خلفان المال لنفقتى ثم باع البيت ثم طلقني ثم جئت سمائل وتزوجت هذا الرجل، فقال لها: هل أبلغت خلفان وهو جبار مفسد، قالت: هذا ما فعلت وأظهرت كتابا ً بخط خلفان أنه طلقها من زوجها ثلاث ً ا، فأحضر الإمام مشائخ العلم بسمائل فاتفقوا على عدم إجازة طلاق خلفان، وعامل الإمام بالحصين موجود، وحكم بالمرأة أنها زوجة الأول، وأنها فراش له لم تخرج عنه وللعاهر الحجر والأولاد أولاده جميعهم، ثم تذاكروا في إقامة الحد عليها وزوجها الثاني، فكان من جوابهم درأ الحد عنها للشبهة، ولا بد من الفتح الجليل من أجوبة الإمام « تعزيرهما فعزرا جميعا وأخذ الأول زوجته والأولاد جميعا ًً . أبي خليل، ص ٦٥٦ ٦٥٧ الحد إن قال ذلك في حال الغضب أي: لأن قرينة الحال تساعد اللفظ في الدلالة على المعنى، وأما القول بأنه لا يوجب الحد، وهو قولنا وقول أبي حنيفة والشافعي؛ فلأن الحدود تدرأ بالشبهات، ومن المعلوم أن دلالة التعريض ليست كالتصريح، فإن فهم القذف من التعريض إنما أخذ من القرائن وهي أمور ظنية؛ بخلاف التصريح فإنه يفيد القطع بمدلوله من حيث نفس الدلالة لا لعارض؛ ولذا أنزل أصحابنا إلى تعزير المعرض دون حده،  وفي الأثر من جواب أبي شعيب عرضه على موسى بن علي روى لنا الأزهر بن علي أن قوما من المسلمين كانوا يختلفون إلى قاضي مكة، وقال ً شبه الأوقص يومئذ وكان يختصم إليه رجلان، فقال أحدهما للآخر: والله ما أنا بزان، ولا شارب خمر، فأمر به القاضي فجلد أربعين سوط ً ا، فجاء القوم إلى أبي عبيدة: يطلبون القاضي، فسألهم أبو عبيدة فأخبروه، فقال أبو عبيدة: وفق القاضي، وقال أبو عبيدة عرض فعرض له، ولو صرح لصرح له. وروي أن فهم بن عنبسة مر بولده فقال له: إن رجلا ً قال لآخر: أخزى الله والدي، أدرك على الزنجية أو الأمة بصحار فأمر به فجلد ثلاثين سوط ً ا، فقال له « علي بن عزرة وفقت وروي أن عمر بن الخطاب فعل مثل ذلك(١) . إذا اجتمع حد » ٧ أخذ فقهاء ا لإباضية بقاعدة ّ ان وكان لك أن تدرأ ّ :« أحدهما فادرأه قال بهذه القاعدة أبو الحواري، فقد جاء في جامعه: وعن أربعة شهدوا على رجل بالزنا فعدلوا ثم جاء شاهدان فشهدا أن » أحد الشهود قذف رجلا ً من المسلمين بأي الحدين يبدأ؟ (١) السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، . ج ٤، ص ٤٠٦ ٤٠٧ قال: أبدأ بالقاذف وأدرأ عن المشهود عنه حد ا لزنا. قلت: ولم درأت عنه حد ا لزنا؟ قال: لأني حددت شهدوا فلا أجيز شهادتهم عليه وفيهم محدود. قلت: ولم لا تجيز شهادته في الزنا وتحد الزاني والقاذف فتكون قد أقمت ا لحدين جميعا. ً قال: إذا اجتمع حد ّ « ان وكان لك أن تدرأ أحدهما فادرأه(١) . ٨ يطبق الإباضية مبدأ درء الشبهة وضرورة التثبت وأثره على ّ العقوبة حتى في إطار العلاقات ا لدولية. وهكذا جاء في بيان ا لشرع(٢) : وقلت: إن انحدروا إلى الأرض في موضع لا يعرف أحد ً ا من الهند  يسكن في ذلك مثل أطراف عمان هل يقتلون؟ فإنه لا يقتل إلا من عرف أنه ُ كان من أهل الحرب لأنه قد يمكن أن يكون أولئك من الذين يأمنون مع المسلمين كسروا أو تخلفوا أو ذهب مركبهم ومثل هذا مما يمكن... وقلت: فإن قال الهند الذين وجدوهم في ذلك الموضع إنهم ليسوا من البوارج. وأنهم قوم من المعاهدين فإن القول قولهم كان المسلمون قد علموا أنه قد كسر في ذلك الموضع سفينة أو لم يعلموا ذلك لأنه قد تكسر السفن ولا يعلمون هم ذلك ويعرض عليهم أن يصلوا إلى إمام المسلمين ويدخلوا قراهم فإن لم يفعلوا ذلك لم يعرض لهم إلا أن ينقضوا العهد الذي ادعوه بمحاربة أو قطع طريق. (١) . جامع أبي الحواري، ج ٥، ص ١٥٧ ١٥٨ (٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١٩١ ١٩٢ • إن لم يعلم أحد من المسلمين أن أحد » : وقلت ً ا من البوارج انحدر إلى ذلك الموضع ووجدوا هؤلاء السند. فإنه لا يكون من هؤلاء الهند محاربين إلا أن يعلم ذلك المسلمون فأما على .« الظن والتهمة، فلا يتضح مما سبق أن الفقه الإباضي والفقه الإسلامي بصفة عامة يشترط لتوقيع العقوبة أن تكون فوق مستوى الشبهات، وإلا وجب درؤها(١) . (١) يكفي أن نذكر من التاريخ الإسلامي المثالين ا لآتيين: يروى أن رجلا ً في مصر في القرن الثامن الهجري تكل ّ م بكلام ظاهره كفر فرفعوا  أمره للقاضي المالكي وكان المالكية سراع ً ا إلى التكفير لأنهم لا يقبلون توبة الزنديق فحكم بقتله ولما حضر السلطان قال: هل بقي أحد من العلماء لم يحضر؟ فقيل له: جلال الدين المحلي، فلما حضر جلال الدين قال: ما شأن هذا الرجل، قالوا: تكلم بكلام موهم للكفر، فقال: من حكم بكفره فقام أحد العلماء فقال: كان والدى الشيخ البلقيني يفتي بكفر من تكلم بهذا الكلام، فقال الشيخ جلال الدين المحلي: تريد قتل مسلم يحب الله ورسوله بفتوى أبيك؟! ثم أمر بأن يخل ّ وا سبيله ويفك ّ وا قيوده فما استطاع أحد أن ينكر عليه 5 ! انظر معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، المرجع ّ . السابق، ص ٢٦٤ ٢٦٥ في هذا الخصوص، توجد .« دماء المسلمين لا تسفك بالأحلام » القاعدة في الإسلام أن ما جرمي » : قصة معروفة: فقد هم المهدي بقتل شريك بن عبد الله، فقال له هذا الأخير الذي استحق به سفك الدم؟ فقال المهدي: يا ابن الفاعلة إني رأيت فيما يرى النائم كأنك تكلمني من قفاك، وتأويل هذه الرؤيا أنك تنظرني على خلاف، وتضمر ضد ما تظهر. فقال شريك: يا أمير المؤمنين إن رؤياك هذه ليست برؤيا يوسف الصديق ولا رؤيا الخليل إبراهيم ‰ فأطرق المهدي ساعة، ثم قال: ،« ، وإن دماء المسلمين لا تسفك بالأحلام أغرب إلى لعنة الله، فخرج شريك ولحقه سعيد بن مسلم، فقال له: أحسنت، والله أنت، فما بقي على ظهرها مثلك. ١٤١٢ ه ، راجع الثعالبي: الاقتباس من القرآن الكريم، دار الوفاء، المنصورة، ج ٢ . ١٩٩٢ م، ص ٦٣ ٩ أكدت المحكمة العليا في سلطنة ع ُ مان على ضرورة ألا يداخل الحكم أي شبهة أو شك، وإنما يجب أن يبنى على الجزم واليقين(١) . وهكذا تقول: يترتب على قرينة البراءة أن كل شك في ثبوت التهمة يجب أن يفسر » لمصلحة المتهم فالأحكام الجزائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا .« على الظن والاحتمال (١) مجموعة المبادئ والقواعد القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ . وحتى ٢٠١٠ ، الدائرة الجزائية، سلطنة عمان، ص ١٤٨ ُ لذلك أكدت ذات ا لمحكمة: المقرر في قضاء المحكمة العليا أنه يكفي في المحاكمات الجزائية أن تتشكك محكمة »الموضوع في صحة إسناد التهمة كي تقضي بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الإثبات التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في عناصر الاتهام، كما هو الحال في واقع الدعوى .« المطروحة مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة . منها، س.ق. ( ١٠ )، سلطنة عمان، ٢٠٠٩ ٢٠١٠ ، ص ٨٧ ٨٨ ُ انظر أيض ً ا في ذات ا لمعنى: مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة ٢٠٠٩ ، س.ق.( ٩)، سلطنة عمان، المحكمة /٦/ ٢٠٠٨ وحتى ٣٠ /١٠/ منها في الفترة من ١ ُ . العليا، ص ١٧٣ ١٧٥ كذلك أكدت المحكمة ا لعليا: مجموعة « للإدانة بموجب أي مادة إتهام يتعين ثبوت تلك الإدانة فوق الشك المعقول »المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ وحتى ٢٠١٠ ، الدائرة . الجزائية، سلطنة عمان، ص ٥٠٢ ُ ¢ùeÉîdG åëѪdG OhóëdG »a áYÉØ°ûdG RGƒL ΩóY CGóÑe (OhóëdG äÉHƒ≤Y ™«bƒJ ᫪àM CGóÑe hCG) أمران شرعيان، وثوابهما عظيم، » : من الثابت أن الشفاعة وقبولها « وأجرهما جسيم، ولا يرحم الله من عباده إلا ا لرحماء(١) لذلك قيل: . تستحب الشفاعة إلى ولاة الأمر وغيرهم من أصحاب الحقوق، ما لم » يكن في حد ّ « أو أمر لا يجوز تركه (٢) .  دليل ذلك ثابت في القرآن والس º¹  نة وأقوال فقهاء ا لمسلمين: • • • فقد قال الله تعالى: ﴿ ¸ ¿¾½¼» ﴾ [ [النساء: ٨٥ . وعن أبي موسى الأشعري ƒ قال: كان النبي ژ إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه فقال: اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما » « أحب متفق عليه. وفي رواية: « ما شاء » . وعن ابن عباس ^ في قصة بريرة وزوجها، قال: قال لها ا لنبي ژ : لو » «؟ راجعته قالت: يا رسول الله، تأمرني؟ قال: « إنما أشفع » قالت: لا حاجة لي فيه. رواه ا لبخاري (٣) . (١) ابن رضوان المالقي: الشهب اللامعة في السياسة النافعة، دار الثقافة، الدار البيضاء، . ١٩٨٤ ، ص ٣٥٨(٢) ، ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، الدار العربية للكتاب، ليبيا، ج ٢ . ص ٦٧١(٣) . النووي: رياض الصالحين، ص ٨٢ وفي الفقه الإسلامي، خصص فقهاء المسلمين بابا مستقلا لذلك، وقد ً أي: في تخفيفه، وأسماه « باب الشفاعة في وضع الدين » : أسماه البخاري « باب الحاكم يشفع للخصم ويستوضع له » : الشوكاني(١) .  « لأهل الطاعة، ولا شفاعة لأهل المعصية » وتكون الشفاعة(٢) . لذلك يؤكد الإباضية أن حديث: « الشفاعة لأهل ا لكبائر » هو حديث غير ّ صحيح(٣) . لأن في ترك إقامة حد من حدود الله » : لذلك فلا شفاعة في الحدود « ا(٤) تعالى مفسدة عظيمة جد . وهو ما أكده الإباضية، فقد جاء في المدونة ّ الكبرى:  (١) ابن حجر العسقلاني: فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج ٥، ص ٧٦ ٧٧ : الشوكاني: . نيل الأوطار، ج ٨، ص ٢٧٧ راجع أيض ً ا:    . د. أحمد أبو الوفا: حقوق الإنسان في ا لسنة ا لنبوية، دار النهضة العربية، القاهرة، ص ٩١ (٢) . جامع أبي الحسن البسيوي، المجلد الأول، تحقيق الحاج سليمان الوارجلاني، ص ٤٢٣ (٣) وهكذا بخصوص مسألة: وجدت شيخي عن رسول الله ژ : » شفاعتي لأهل الكبائر من « أمتي ما معنى هذه الرواية؟ يقول ا لخليلي: هذا الحديث لم يصح مع أصحابنا، وإنما هو موجود في رواية غيرهم، وفي قول »أصحابنا إنه غير صحيح والله أعلم بذلك، وما وجهه. فإنه لو صح لجاز للناس أن يتقربوا إلى الله تعالى بفعل الفواحش، وعمل الكبائر، طلبا لوعد الرسول ژ بالشفاعة لهم على ً فعلهم ذلك، فيرجع المسيء به محسنا، والعاصي طائعا، والمنافق مسلما، والملعون ًً ً مقربا؛ لاستحقاقهم الشفاعة بكبائرهم، والإحسان بسيئاتهم، وهذا باطل عاطل مجانب ً   .« للصواب، مخالف للسنة والكتاب، والله أعلم المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٣، ص ٧٢ . أنظر أيض ً ا بخصوص الشفاعة لأهل . الصغائر ذات المرجع، ج ١، ص ٢٤٦ ٢٤٧(٤) الإمام ابن حجر الهيتمي: الزواجر عن اقتراف الكبائر، دار الشعب، القاهرة، ص ٥٣٦ .( (الكبيرة ٣٥٤ قلت لأبي المؤرج: أفيشفع الرجل لقرابته، أو لحاميه، أو لبعض من » يلم به عند السلطان، ويتكلم ولا يعاقبون؟ قال: لا بأس بذلك، ما لم يكن حدا من حدود ا لله. قال ابن عبد العزيز مثل ذلك. ولا بأس بهذا ما لم يفر منه أحد. والعفو « في هذا ونحوه أفضل(١) . وليس لأحد أن يشفع في حد أوجب الله إقامته ولا » : ويقول النزوي للإمام قبول ذلك ممن يشفع عنده لما روي عن النبي ژ أنه قال: الشافع » « والمشفع في ا لنار(٢) . « وذلك في الحدود بإجماع ا لناس(٣) . والأحاديث النبوية في هذا المقام كثيرة: فقد قال رسول الله ژ : أقيموا حدود الله في البعيد والقريب، ولا » « تأخذكم في الله لومة لائم(٤) . وروي أن عائشة # قالت: إن قريش ً ا همهم شأن المخزومية لما سرقت، وخافوا عليها الحد، فقالوا: لا نتكلم فيها، ولا يجترئ إلا أسامة بن زيد، فهو  حب رسول الله ژ ، فكلمه أسامة، فقال له رسول الله ژ : أتشفع في حد من » «!؟ حدود الله ثم قام النبي ژ فاختطب فقال في خطبته: إنما ذلك الذين من » قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف فيهم تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا « عليه الحد، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت رسول الله ژ سرقت لقطعت يدها(٥) . (١) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢١٧(٢) رواه مالك، ، كتاب الحدود، باب ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان، رقم: ١٥٢٥ ،٨٣٥/٢والدارقطني ٢٠٥ ، بلفظ: /٣ ، ، كتاب الحدود، رقم: ٣٦٤ ...» فلعن الله الشافع عن عروة. ،« والمشفع (٣) . النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ١٠(٤) . أطفيش: جامع الشمل في أحاديث خاتم المرسلين، ج ٢، ص ١٤٢(٥) رواه البخاري ، كتاب الحدود، باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان، رقم: = إقامة الحدود الشرعية على » ويذكر ابن جماعة هذا الحديث كدليل على الشروط المرعية، صيانة لمحارم الله عن التجرؤ عليها، ولحقوق العباد عن « التخطي إليها(١) . باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشرع » كذلك ذكر النووي ذلك تحت .« والانتصار لدين الله تعالى يؤيده قوله تعالى: ﴿ §¨©ª«¬®¯° ﴾ [ [الحج: ٣٠ . وقوله تعالى: ﴿ ¨©ª«¬® ﴾ [ [محمد: ٧(٢) .  المراهنة في إقامة الحدود » ويذكر ابن الأزرق الحديث تحت عنوان «(٣) عائدة بنقيض مصلحتها من حلول النقمة بها عاجلا ً . وعن جابر بن زيد عنه عليه الصلاة والسلام: من حالت شفاعته دون » حد من حدود الله، فقد ضاد الله في ملكه وخاض في سخ ْ طه، وأن لعنة الله ََ « تتابع عليه إلى يوم ا لقيامة(٤) . = ٢٤٩١ ، ومسلم /٦،٦٤٠٦ ، كتاب الحدود، باب قطع السارق الشريف وغيره، رقم: ١٣١١ ، عن عائشة. انظر أيض /٣ ،١٦٨٨ ً ا: ابن كثير: صفوة السيرة النبوية، ج ٣، ص ٢٦٦ : ابن حمزة الحسيني الدمشقي: البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف، ج ١، ص ٣٨ ، ج ٢، ص ٦٢ راجع أيض ً ا: بيان مشكل ما روي عن رسول الله ژ في الوعيد على الشفاعة في الحدود التي لله 8 ، . في الإمام الطحاوي مشكل الآثار، ج ٢، ص ٢٧٦ ٢٧٧ (١) الإمام ابن جماعة: تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، دار الثقافة، قطر، . ١٤٠٨ ه ١٩٨٨ م، ص ٦٧(٢) . الإمام النووي: رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين، ص ١٦٨(٣) . ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، ج ٢، ص ٦٥٢(٤) ، ابن عمر: حاشية الترتيب على الجامع الصحيح للوارجلاني، تحقيق إبراهيم طلاي، ج ٥ = تجدر الإشارة أن منع الشفاعة في الحدود يكون بعد أن تصل إلى الإمام، أما قبل ذلك كما سبق القول فتجوز(١) . ولذلك قيل: وللناس أن يستروا على من هو هفا وزل وينبغي لهم ذلك لقوله » :‰ « من ستر على مؤمن في الدنيا ستر الله عليه في ا لآخرة » ، ومعنى قوله :‰ الشافع والمشفع في النار في الحدود إذ ليس لأحد أن يشفع لمن وجبت « عليه ولا للإمام قبول ذلك (٢) . ¢SOÉ°ùdG åëѪdG ,áÑLGƒdG áHƒ≤©dG ò«ØæJ ájQGôªà°SCG{ CGóÑe z≥M ¬Lh ¿hO ¢ùÑM øe ìGô°S ¥ÓWEGh نشير إلى ماهية المبدأ، وضرورة توثيق العقوبة، وإمكانية المعاقبة عن الجرائم التي وقعت في عهد حاكم سابق. ص ١٧٧ ١٨٠ ، حديث رقم ٩٧٩ ؛ إبراهيم بولرواح: موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد مضادة الله » : الفقهية ج ٢، ص ١٠١٤ ، والشفاعة في الحدود بعد أن تصل إلى الإمام تعني تعالى بها وأعظم بذلك هلاك ً ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، « ا . المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٥٤ وانظر أيض ،« مبدأ توقيع العقاب يكون للإمام » : ا ً ا ابن عمر: حاشية الترتيب على = (١) انظر سابق ً . الجامع الصحيح للوارجلاني، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٧٧ بالذكر أن مبدأ ثبات وحتمية عقوبات الحدود أخذ به أيض ً ا مشروع القانون النموذجي  حري لا يجوز الأمر بإيقاف تنفيذ عقوبة » : بخصوص حد الزنا، والذي نص في المادة ٩ على أن .« الحد المنصوص عليها في هذا القانون ولا استبدال غيرها بها ولا تخفيضها ولا العفو عنها راجع المستشار علي منصور: نظام التجريم والعقاب في الإسلام مقارن ً ا بالقوانين . الوضعية، مؤسسة الزهراء للإيمان والخير، المدينة المنورة، ١٣٩٦ ه ١٩٧٦ م، ص ٢٤٥ (٢) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، . ج ١٤ ، ص ٢٧٧ :CGóѪdG á«gÉe (CG مقتضى هذا المبدأ يحتمه مبدأ استمرارية الدولة: فما دامت الدولة موجودة، فإن العقوبات المحكوم بها يجب الاستمرار في تنفيذها. وقد قال بهذا المبدأ ا لعوتبي: ٍ وكذلك للوالي الكبير إن وجد في حبس إمام قبله أو وال قبله » أحد ً ا لم يخرجه حتى يتبين فيما حبس ويستقصي أمره فإن كان في قتل أو دم أو مال أو حرمة أو غير ذلك يعرف كم حبس فإن كان قد استفرغ حبسه أطلقه وإن كان يستحق حبسا ترك حتى يستفرغ حبسه، وإن كان ً  على دين لم يخرجه حتى يعطي معه له ما يخرجه به من صحة عدم أو غيره، فإن كان ممن يدعي البراءة تسمع منه البراءة، وإخراج المتهمين بالقتل وحبسهم وبراءتهم إلى الأمام أو إلى والي صحار، فإن فوض الإمام إليه ذلك تولاه وإن أمر الأمام أحد ً ا من ولاته بالنظر في ذلك « جاز له(١) . (١) سلمة العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٨ ، ص ١٤٨ ؛ انظر أيض ً ، ا الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥ . ص ٢٢٧ ٢٢٨ ويقول الرستاقي: بخصوص والي ثان ورد على ا لوالي: وإن قدم هذا الوالي الثاني، وأوقفه الوالى الأول على حكم قد حكم به على غيره، لم »يقبله بعد عزله، إلا أن يصح بالبينة أنه قد حكم به. فإن لم يصح ببينة على ذلك، كان الوالى الأول شاهد ً ا. فإن كان عنده غيره ثبت ذلك، ويبنى عليه الوالي ا لثاني. وكذلك ما صح من أحكامه بعده بالبينة العادلة، بنى عليه الوالي أو الإمام أو ا لقاضي. وكل بينة سمعها حاكم ثم مات أو عزل وأشهد عليها عدولا ً ، وأسلم الحكم إلى الإمام أو الوالي الثاني، أخذ به وبنى عليه، كما فعل محمد بن محبوب، لما مات سليمان بن ذات .« الحكم، وقد دخل في الحكم من قوم، فبنى عليه محمد بن محبوب بعد موته . المرجع، ص ٢٢٨ ٢٢٩ معنى ذلك: ١ أن مبدأ استمرارية تطبيق العقوبة الواجبة أكد عليه الفقه الإباضي. فإذا حل حاكم محل حاكم سبقه، وكان هناك جناة ينفذون عقوبة واجبة عليهم، فعليه الاستمرار في تنفيذ تلك ا لعقوبة. ٢ لكن، عدالة، إذا وجد الحاكم الجديد أن سلفه حبس شخصا دون وجه ً حق، فعليه فورا أن يطلق سراحه(١) . ً ولمبدأ الاستمرارية مظهران آخران عند ا لإباضية: ّ  :áHƒ≤©dG ≥«KƒJ IQhô°V (Ü والغرض من ذلك جد واضح: معرفة متى بدأت العقوبة ومتى تنتهي (بالنسبة للعقوبات السالبة للحرية) وذلك حتى لا يستمر تنفيذها على شخص قضى المدة الواجبة. والكتابة دائما أوثق وأحوط. ً في هذا المعنى يقول الشيخ أبو زكريا: وينبغي للوالي والإمام إذا حبس من يطول حبسه أن تثبت معه صفة » ذنبه وتاريخ يوم حبسه لئلا ينسى إذا طال ذلك عليه أو زال عن ولايته ٍ (١) كذلك بخصوص سؤال: عن وال ولاه ّ الإمام على بلد، ولبث عليها ما شاء الله، وحبس من يستحق الحبس، ثم جاء غيره وعزل هو، ما يفعل في حبسه أيطلقه أم يتركه وينظر فيهم الوالي؟ يقول أبو سعيد: معي أنه قد قيل: إن كانوا استحقوا الإطلاق أطلقهم، وإن لم يكونوا استحقوا الإطلاق، »وكان الوالى من ولاة الإمام، ولا يعلم هو خيانته فهو مأمون في الحكم على ما ائتمن عليه من حبسهم، ويكتب ويؤرخ معه يوم أخذهم، وعلى ما حبسهم من حقوق الله وحقوق الكدمي: الجامع المفيد من « عباده، ويؤتمن عليهم اثنين من المسلمين ووالي الإمام . أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ١٢٨ ١٢٩ فيجيء غيره ويتعاهد من في حبسه، ويتعاهد ما في كتابه لينظر في حبس « من حبس متى حبس وما ذنبه فينظر فيه، وبالله ا لتوفيق (١) . :≥HÉ°S ºcÉM ó¡Y »a â©bh »àdG ºFGôédG øY áÑbÉ©ªdG á«fÉμeEG (ê الغرض من ذلك، كما لا يخفى على أحد، هو عدم إفلات الجاني من العقاب بسبب تغيير الحاكم أو الوالي أو القاضي. وهو مظهر أساسي من مظاهر مبدأ استمرارية ا لدولة. يؤيد ذلك ما جاء في بيان ا لشرع: عن ا لحسن بن أحمد، وما تقول في الوالي إذا كان قد جرى قبل ولايته » .«؟ حدث ثم علم بذلك، هل يلزمه أن يعاقب أصحابه الجواب: فإن كان من الحقوق وطلب من له الحق أنصفه كان قبل ولايته » « أو بعدها قبل قيام الحق أو بعده، وإن كان في أيام الحق أخذ بذلك(٢) وجاء في شرح ا لنيل: . يقيد لإمام إن كان قاتل من لا ولي له فإن شاء قتله وإن شاء عفا عنه، » .« وإن شاء أخذ منه الدية إن قتله في دولته، وإلا لم يخبر ولزمه قتله وبخصوص هذا التخيير، يقول: وذلك التخيير ثابت (إن قتله في دولته)، أي: في زمان إمامته وفي » مملكته لأن الإمام ولي من لا ولي له (وإلا) بل قبل ذلك أو في غير مملكته « (لم يخير) ولم يقبض الدية (ولزمه قتله)، وقيل: له أن يأخذ ا لدية (٣) . (١) ، الشيخ أبو زكريا: الإيضاح في الأحكام، ج ٣، ص ١٨٥ ؛ النزوي: المصنف، ج ١٢ . ص ٩٦ ٩٧ ؛ الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ١٥٠ ١٥١(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ٢٢٠(٣) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ٢٣٥ ٢٣٦ وجاء في جامع ابن جعفر: وأما أحكام الجبابرة وأهل الجور فنقول: إن كل حكم كان من أحكامهم » مخالف ً ا للحق فلا يجوز وأما ما كان موافق ً ا للحق فلا يدخل في نقضه من « جاء من بعده(١) . ™HÉ°ùdG åëѪdG ÜÉ≤©dG ójôØJ CGóÑe  يعد تفريد العقاب Individualization of the penalty من المبادئ الجنائية الحديثة. ومقتضى هذا المبدأ أن توقع على الجاني العقوبة التي تتناسب وجسامة الجريمة في ضوء درجة الإثم الجنائي لديه. معنى ذلك أنه لا توجد للعقاب، وإنما يعطى للقاضي في ضوء الأدلة المقدمة إليه « تعريفة موحدة »ودفاع ودفوع الجاني إمكانية تغاير العقوبة من شخص إلى آخر حسب  درجة الإثم لدى كل منهم. ومن صور ذلك في القوانين الجنائية الحديثة (١) . جامع ابن جعفر، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٨، ص ١٢٢ ُ ويؤكد ذات المبدأ، ما يلي: وعن الإمام إذا عقدت له الإمامة، ثم أدرك حدث » ً ا سبق من محدثه في أيام سلف قبله، ومات محدثه، أو كان بعده في الحياة، قلت: هل له أن يغير ذلك الحدث الذي لم يحدث في أيامه؟ قال: معي أن الأحداث تختلف معناها منها ما يغير مات محدثه أو كان بعده حيا حتى  يصح حقه، ومنها ما لا يغير حتى يصح باطنه، كان محدثه حيا أو ميت ً ا.  ومنها يغير ما دام محدثه حيا، فإذا مات ماتت حجته لم يغير الحدث حتى يصح أنه باطل، وينظر في هذا الحدث من أي الأحداث، فينفذ فيه حكم العدل، ولا فرق في الأحداث المزالة كانت قبل أيام الإمام أو في أيامه، وكذلك للقاضي إذا ثبت حكمه كان ، الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٣ .« له أن يغير الأحداث المضرة للإمام العدل . ص ١١٥ ١١٦ وضع حدين أدنى وأقصى للعقاب، وإمكانية الحكم بالعقوبة مع وقف التنفيذ... وهكذا. وقد عرف فقهاء المسلمين هذا المبدأ منذ القدم. يقول ابن رضوان المالقي: قال غيره: ليست الجنايات سواء فتستوي عقوبتها، ولا الناس سواء، » فتتماثل عقوباتهم، بل منهم من يعاقب بالإبعاد، ومنهم من يزاد مع ذلك، منع قرابته وأصحابه من كلامه، ومنهم من يعاقب بإلزام داره، ومنهم من « يعاقب بإلزام بلده، فيمنع بالأبواب(١) .  حري بالذكر أن المبدأ قابل للتطبيق فقط بالنسبة للعقوبات غير المقدرة من الشارع الإسلامي (أي: التعازير)، أما العقوبات المقدرة، فستطبق كما هي ولن تختلف من جان إلى آخر.  وقد أسهب فقهاء الإباضية كثيرا في التأكيد على ضرورة تفريد ًّ العقاب في ضوء درجة إثم الجاني والجريمة التي ا رتكبها. يقول ا لنزوي: ومن لم يثبت عليه القود، فعليه التعزير. والتعزير ينظر فيه الإمام، على » « ما يرى في عذر الجاني وظلمه(٢) . (١) ابن رضوان المالقي: الشهب اللامعة في السياسسة النافعة، دار الثقافة، الدار البيضاء، يزيد الحد لزيادة الذنب، فقد أتى » : ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ص ٣٥٠ . وقال ابن العربي عمر ƒ بسكران في رمضان، فضربه مائة: ثمانين حد الخمر، وعشرين لهتك حرمة ابن « الشهر. قال: وكذا يجب أن تترك العقوبات على تغليظ الجنايات وهتك الحرمات . الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، ج ٢، ص ٦٥٨ (٢) . النزوي المصنف، ج ١٣ ، ص ١٢١ ١٣٩ وبخصوص ما إذا كان للعقوبة حد أم لا، يقول المحقق ا لخليلي: « إن العقوبة على قدر الفعل وليس لها حد »(١) . ويضيف ا لخليلي: وقد عرف بهذا أن أنواع العقوبات ما دون الحدود والقتل قد تنحصر » في خمسة أنواع، من مجتمع عليه، ومختلف فيه، فهي: حبس وقيد وضرب وتصليب وطرد. وللحاكم أن يعاقب على الحدث الواحد بنوع واحد أو ما زاد عليه من نوعين أو ثلاثة على حسب عظم الحدث وحال المحدث رعاية للمصالح ولهذا فيجوز له العفو والعقاب والتخفيف والتغليظ في زمان واحد على حدث واحد لكن بشرط النظر إلى الأصلح لا لاتباع هوى وشفاء لغيظ نفس « ولا إيثار لحب. والله ولي ا لتوفيق(٢) . وبخصوص هل يحد في عقوبة الجاني بالقيد أو الحبس فإنا وجدنا في الأثر على نظر الحاكم؟ يقول ا لحارثي: المختار أن العقوبة على نظر الحاكم بقدر ا لجناية. » (١) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ٨١ . وإن كان الشيخ أبو زهرة في الجريمة تكبر » تبريره لقوله بتخفيف العقوبة على الضعفاء والفقراء ينادي بقاعدة أن بكبر المجرم، وتهون بهوانه، والعقوبة تبع للجريمة، لأنها جزاؤها، والجزاء يكون بمقدار الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي القسم « العمل، وعلى وفقه . الثاني، ص ١٦٧ « يكون بالقول والفعل على حسب ما يقتضيه حال الفاعل » ويقول الصنعاني: إن التعزير . الصنعاني: سبل السلام، ج ٤، ص ٧٨ (٢) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ذات المرجع، ج ١٣ ، ص ١٣٤ ١٣٥ قال الإمام عبد العزيز: ويحبس قيل في موجب الأدب ما دون عشرين يوما، وفي موجب التعزير ما دون أربعين يوما، وفي موجب النكال ما دون ًً « خمسين، والمأخوذ به عندنا يحبس بقدر النظر قلة وكثرة(١) . التي يقيد بها « القيود » كذلك ما جاء في بيان الشرع بخصوص   الجناة: يقيدون على قدر أحداثهم وقوتهم على القيود وما يخاف من هربهم » على القتل والجروح الشديدة والضرب الشديد والجهل على قدر جهل الجاهل ويعاقب حتى ينتهي. وكذلك في السرق على قدر كثرة السرق وبيانه وقدر السارق وإذا كان (١) عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ٢٦٧ . ويضيف الحارثي: والحبس يكون على قدر الجنايات؛ فإذا كان المحبوس معاند » ً ا للحق كاسرا للحجر ً فحبسه على قدر الجناية، وإن لم يكن كذلك فلا أرى هذا موافق ً ا للحق ويجب على الإمام النهي عن ذلك، والخطأ في العفو خير من الخطأ في ا لعقوبة. وإذا اختلفت الجنايات فلا معنى لتحديد العقوبة بخمسين يوما، فمنهم من يكون حبسه ً يوما وآخر ثلاث ً ذات « ا وهكذا على قدر النظر، ولم نجد حدا، والظاهر أن يعتبر الضرر ً . المرجع، ص ٢٥٨ ٢٥٩ وقد أكد ذلك أيض ً ا الخليلي، بقوله: وإذا ثبت جواز الاختلاف في رفع الحدود عنهم بالتوبة فكيف برفع العقاب من غير »الإمام إنه لأجوز وقيل: إن للحاكم أن يعفو عنه إن رأى العفو أصلح فإن الأدب من حقوق الله تعالى والأمر فيه إلى الحاكم ما دون الحدود وأما ما كان من العقوبات متعلق ً ا بخصم من البشر كالحبس على شتم أو ضرب أو نحوه بعد رفع المظلوم إلى الحاكم فالعقاب عليه واجب إن كان في الأصل مما يجب العقاب على مثله وليس للحاكم في ذلك تخيير ولكن له النظر في التشديد والتوسيع وما يشبه ذلك ا جتهاد ً ا لله ولعباده طلبا لرضوان الله لا ً ، المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ « لاتباع هوى ولا محبة مخلوق . ص ٨٦ ٨٧ قد شهر بمنازل الناس وأموالهم بنقبها وبفتحها كان أشد عقوبة وقيد ً ا وأطول « حبسا، ويتحرى الوالي في ذلك بجهده ويشاور ا لإمام(١) . ً ويؤكد ا لمحروقي: وأما بعض الناس فأرجو أنه لو حبس مدة عمره لم يروعه، وكل على » « قدره(٢) . ومما يدل أيض ً ا على كل ما قلناه بخصوص تفريد العقاب عند ا لإباضية، ّ ما جاء في الجامع ا لمفيد: وإنما يكون الحبس على قدر ما يكون حدث المحدث في عظمه » وصغره، وعلى قدر شر المحدث المتهم، فيعجبني أن يكون أخذ المستحق الحبس على معنى التهمة أن يكون أقل الحبس ثلاثة أيام، إلا أن يرى « الحاكم غير ذلك وهو ممن له نظر، فذلك إليه(٣) . وتطبيق ً ا لذلك بخصوص السرقة قيل: وكذلك التهمة في السرق إذا ظهر السرق بسبب من نقب بيت أو قلع » باب، أو صائح على سارق سرق فرآه الناس، أو سرقة تدعى فيظهر منها شيء وأشباه ذلك، فإن حبسهم على قدر السرقة وقبح فعل السارق وبيان « السرقة تكون طول حبسه وقصره(٤) . (١) بحسب » : الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ١٨٩ . وبخصوص تفريد التعزير، قيل إنه يكون . ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، ج ٢، ص ٦٦٢ « الجناية والمجني عليه(٢) . درويش المحروقي: الدلائل على اللوازم والوسائل، مكتبة الضامري، مسقط، ص ٢١٢(٣) . الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ١٨٨(٤) فأما ما كان مما وجب » : ذات المرجع، ص ١٧١ . ويقول ابن جعفر بخصوص المحاربين عليهم مما بالامتناع به صاروا محاربين فإنهم يحدون به ورغما على قدر منازلهم من قتل ً . ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ٢٣ « أو قطع لأنهم أصابوا ذلك وهم مستحقون ويقول ا لعوتبي: والتعزير دون الحد ومن الأثر عن رجل دعا رجلا » ً بلقبه وهو يكرهه قال: يعزر؛ أو قال: يا ابن السوداء أو يا ابن الأسود وأبواه لا يعرفان بذلك، أو قال: يا ابن الجرباء، أو قال: يا ابن السفالية وأبواه لا يعرفان ذلك؟ « قال: يعزر على قدر ا لتعريض(١) . معنى كل ما تقدم ما يلي: أولا ً: أنه في غير العقوبات المقدرة (الحدود والقصاص)، يمكن تغاير  العقوبة وتفريدها. ثانيا: « تسعيرة أو تعريفة موحدة » أن تفريد العقاب يعني عدم وجود ً للعقاب وإنما توقع العقوبة أخذ ً ا في الاعتبار درجة إثم الجاني، وظروف  الجريمة، ومدى جسامتها، ومدى عودة الجاني واعتياده الإجرام... إلخ (٢) . (١) . العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ١٦٧ (٢) ومن المعلوم أن النظرة المحرمة لا يصلح إلحاقها في العقوبة » : يقول ابن قيم الجوزية بعقوبة مرتكب الفاحشة ولا الخدشة بالعود بالضربة بالسيف ولا الشتم الخفيف بالقذف بالزنا والقدح في الأنساب ولا سرقة اللقمة والفلس بسرقة المال الخطير العظيم. فلما تفاوتت مراتب الجنايات لم يكن بد من تفاوت مراتب العقوبات وكان من المعلوم أن الناس لو وكلوا إلى عقولهم في معرفة ذلك وترتيب كل عقوبة على ما يناسبها من سفك الدماء وأخذ الأموال بغير الشريعة ولهذا سلكت فيه طائفة مسلك التفريط المذموم فقطعوا النظر عن هذا الباب إلا فيما قل ظنا منهم أن تعاطي ذلك مخالف للقواعد الشرعية فسدوا من طرق الحق سبيلا ً واضحة وعدلوا إلى طريق للعناد فاضحة لأن في إنكار السياسة الشرعية والنصوص الشريفة تغليط ً ا للخلفاء الراشدين، وطائفة سلكت في هذا الباب مسلك الإفراط فتعدوا حدود الله تعالى وخرجوا عن قانون الشرع إلى أنواع من الظلم والبدع والسياسة أي: غير الشريعة وتوهموا أن السياسة الشرعية قاصرة عن سياسة الخلق ومصلحة الأمة وهو جهل وغلط فاحش فقد قال عز من قائل: ﴿ MLK N ﴾ [ [المائدة: ٣ ، (اليوم أكملت لكم دينكم) فدخل في هذا جميع مصالح العباد الدينية =  ثالث ً ا: أن تفريد العقاب يجب أن يستند إلى أسس موضوعية، إلى جانب الاعتبارات الشخصية للجاني، ومنها أن يكون ذلك لإصلاح الجاني، ولتطبيق العقوبة المناسبة للجريمة، لا أن يتم ذلك عن هوى أو محبة أو وإنما يضرب من صح عليه ما » : علاقات شخصية أو مصلحية. لذلك قيل « اتهم به، ويكون الضرب على قدر شدة ا لحدث(١) . ويتضح ذلك أيضا من سؤال: ً ومنه: وما تقول شيخنا في التهمة بالقتل التي تثبت على المتهم من ولي أو وارث أو أجنبي للمقتول والذي صح بالتهمة في القتل جزاؤه الحبس أم قيد أم مقطرة؟. يقول ا لخليلي: يجوز في العقوبة على مثل هذي الجرائم العظام أن تكون على نظر » الحاكم في التهم على تظاهرها على المتهم بها أو على التظاهر وترجيح  الظن ونحوه فإن كان على التهمة بقول ولي المقتول وحده واتهامه لمن يدعي عليه التهمة ففي الأثر يجوز حبسه (له) على التهمة ولا نرى في مثل هذا جواز ً ا أكثر من ا لحبس. وإن تظاهر على المتهم أسباب التهمة وتأكد ذلك عليه بما دون البينة العادلة جاز فيه معنى ما يراه الحاكم أهلا ً من قيد أو تقطير ولا يجاوز به « عما هو له أهل في عدل النظر فيما جاز على مثله(٢) . = والدنيوية على وجه الكمال وقال ژ : تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله » « وسنتي . وطائفة توسطت وسلكت فيه مسلك الحق وجمعوا بين السياسة والشرع فقمعوا ُ ابن قيم ،« الباطل ودحضوه ونصبوا الشرع ونصروه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم . الجوزية: إعلام الموقعين، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، ج ٢، ص ١١٤(١) . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٨٩(٢) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ٧٦ ٧٧ رابعا: أن غرض تفريد العقاب لا يخفى على أحد: ً تحقيق العقوبة الغرض منها في الإيلام والردع والإصلاح وإظهار هيبة الدولة (١) . øeÉãdG åëѪdG zΩÓ°SE’G »a ΩO (Qó¡j ’) π£j ’{ CGóÑe نشير إلى ماهية المبدأ، ومظاهره. :CGóѪdG á«gÉe (CG معنى المبدأ أن الإسلام يأبى أن يظل دم الإنسان هدرا، بلا عقوبة ولا ً تعويض مالي. يقول ا لعوتبي: ُ دم فلان إذا بطل فلا يثأر به والطاء مضمومة قال:  يقال: طل فما لبثا في معرك الحرب ساعة فطل لعمرى في الوغى دمواهما وقال آخر: تبكي هريرة ما تجف دموعها أهرير ليس أخوك بالمطلول(٢) وكذلك شاط دمه إذا أهدر فلم يقدر على ثأره، قال ا لأعشى: ِِ قد نظعن العير في مكنون فايله وقد يشيط ُ على أرماحنا البطل ُ (١) انظر لاحق ً .« أغراض العقوبة في الفقه ا لإباضي » : ا(٢) . أي: لا ينسى دمه ولا تبطل ديته، راجع النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٢١ والمعنى: إذا بصرنا بالطعن نضع أرماحنا حيث نشاء، وقوله: يشيط على أرماحنا البطل أي: يذهب دمه هدرا فلا يقدر علينا في طلب ثأره لعزنا ً ومنعتنا(١) . والقاعدة في الإسلام ألا يهدر دم إنسان مسلما كان أو غير مسلم(٢) ً فلا يطل دم فيه(٣) . (١) العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ ، ص ١٣٤ ؛ النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٢١ ١٢٥ (باب ما قيل في القتيل إذا لم يؤخذ به قود ولا دية). (٢) بالنسبة لغير المسلم راجع ما قلناه عند دراستنا للقانون الجنائي الدولي (انظر لاحق ً ا). (٣) ولا يوجد في الفقه الإسلامي أن جناية قتل تقيد ضد مجهول، » : يقول الشيخ أبو زهرة ويذهب الدم هدرا، ويسكت القوامون على الحسبة، كأن لم يكن إنسان له حق الحياة قد ً ذهب، وكان له على المجتمع حق الحماية، وعلى الجماعة حق الرعاية، لم يكن في  الإسلام ذلك، فإن على القاضي والعاملين على الحسبة الإسلامية كالنيابة في هذه الأيام  أن يتحروا، وينقبوا أو يبحثوا حتى يصلوا، وإنهم لا بد ّ واصلون. فإن عجزوا كانت القسامة، وهي أن يحلف خسمون رجلا ً من أهل القرية التي حصل حولها أو في داخلها القتل على أنهم لا يعرفون له قاتلا ً ، فيحلف كل واحد أنه ما قتله، ولا يعرف له قاتلا ً. وإنه لا بد في هذه الأيمان المغلظة أن يوجد من يعرف القاتل، فإنه لا يحدث قتل في قرية إلا إذا كان القاتل معلوما لأكثر أهلها، ولكنهم يمتنعون عن التقدم للشهادة إما إيثارا ًً للعافية وإما خوف ً ا من الجاني أو عصابته، وفي هذه الأيمان الإجبارية حمل لهم على النطق إن كانوا يعلمون، ولا يريدون أن ينطقوا. فإن حلف الخمسون كان لابد من الدية حتى يشفي غيظ ا لمكلومين. وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على حرمة دم الإنسان سواء أكان مسلما أم كان غير ً مسلم، فإن ذلك يكون بالنسبة للمسلم والذمي على سواء، فلا يوجد من بين قضاة المسلمين من لا يهتم بدم مسفوك ظلما، ولا ينظر إلا إلى مقدار الأدلة المقدمة لديه، أهي ً مثبتة الإدانة قطعا، أم لا، فإن كانت الأولى فالحكم، وإلا فليذهب الدم المسفوك بين ً أهله، وليأكل الناس بعضهم بعض ً ا، ذلك هو منطق القوانين الجنائية الحاضرة، أما منطق . الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، دار الفكر العربي، القاهرة، ص ٢١ « الإسلام فلا علة ذلك أن الجريمة أية جريمة تشكل اعتداء على حق أو أكثر من حقوق المعتدى عليه، وفي الإسلام لا تضيع الحقوق أبد ً ا وبأي حال من الأحوال(١) . لذلك قرر المؤتمر الرابع لمجمع البحوث ا لإسلامية: يدعو المؤتمر مجمع البحوث الإسلامية، إلى دراسة القاعدة الإسلامية » التي تقرر أنه: لا يبطل دم في الإسلام، وأن من قتل ولم يعرف قاتله تدفع «( ديته من خزانة الدولة (بيت ا لمال(٢) . وعدم إهدار الدم أكده أيضا الإمام السالمي في إجابته عن سؤال: ً عن إرش المؤثر الغير الجارح ما الأصل فيه وفي تحديده؟ إذ يقول: لا أعرف له أصلا » ً إلا الرأي والاجتهاد من الأئمة الساعين في صلاح العباد القامعين للفساد، فأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فلهم النظر العالي رحمهم الله وجزاهم عن الإسلام خيرا، ولعل مستند ً نظرهم ثبوت الديات في النفس وما دونها من الجنايات فلم يكن إهدار شيء منها فاجتهدوا في التحديد لما لم يرد فيه تحديد عن الشارع، ومن « ذلك اختلافهم في قطع وصية ا لأقربين(٣) . (١) د. عبد العزيز سمك: تعدد الجرائم وأثره في « ولا يضيع في الشريعة حق بأي حال » : قيل ، العقاب في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠٠٨ . ص ٣٦٢(٢) انظر التوجيه التشريعي في الإسلام من بحوث مؤتمرات مجمع البحوث الإسلامية، . ج ٣، القاهرة، ١٣٩٢ ه ١٩٧٢ م، ص ٢١٨(٣) . السالمي: نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، ص ٤٣١ :CGóѪdG ôgɶe (Ü ومن مظاهر مبدأ لا يطل دم في الإسلام، ما يلي: ١ ا لقسامة: وتكون حيث يقتل إنسان في مكان ولا يعلم قاتله. فعن سهل بن أبي حثمة ƒ عن رجال من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم فأتى محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قتل وطرح في عين، فأتى يهود فقال أنتم والله قتلتموه، قالوا: والله ما قتلناه، فأقبل هو وأخوه حويصة وعبد الرحمن بن سهل فذهب محيصة ليتكلم فقال ٰ رسول الله ژ : « إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يأذنوا بحرب » فكتب إليهم في ذلك، فكتبوا: إنا والله ما قتلناه، فقال لحويصة ومحيصة عبد الرحمن بن ٰ قالوا لا، قال: «؟ أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم » : سهل » فتحلف لكم يهود؟ قالوا: ليسوا مسلمين، فوداه رسول الله ژ من عنده فبعث إليهم مائة متفق عليه « ناقة، قال سهل: فلقد ركضتني منها ناقة حمراء(١) .  كذلك عن أبي هريرة عن النبي ژ أنه قال: البينة على المدعي واليمين » « على المدعى عليه إلا في ا لقسامة قيل معناه: اليمين على من أنكر يمين واحدة إلا في القسامة فإنها خمسون يمين ً ا على من أنكر(٢) . وقد تقررت القسامة لمنع عدم معاقبة من يرتكب القتل ويهرب ولا يعرف له أثر. ولذلك فهي تتفق مع الاتجاه الجنائي الحديث الرامي إلى عدم إفلات الجاني من العقوبة Impunity . ولما كان القتل يكثر » : لذلك قيل بينما تقل الشهادة عليه لأن القاتل يتحرى بالقتل مواضع الخلوات جعلت (١) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٤٨٩ ٤٩٠(٢) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٠٠ « القسامة حتى لا يفلت المجرمون من العقاب وحتى تحفظ الدماء وتصان(١) . لتحقيق القاعدة التي قالها الإمام علي كرم الله وجهه » لذلك فالقسامة شرعت « ا(٢) أي: لا يذهب دم هدر « لا يطل دم في الإسلام » . ً وقد اختلف فقهاء المسلمين بخصوص الأخذ والعمل بالقسامة(٣) . ويمكن القول أنه في هذا الشأن توجد نظريتان: (١). عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ٢، ص ٣٢٧(٢) . الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي القسم الثاني، ص ٤١١(٣) وهو خلاف لخصه صاحب جلاء العمى، بقوله: فمنهم من لا يرى وجوب الحكم بها ولا جوازه، ومنهم من يقول ذلك جائز لا واجب، »   ولكن جمهور العلماء على الوجوب، ولكل فريق دليل من السنة يتعلق به، ثم إن القائلين بالوجوب وهم الأكثر اختلفوا أيض ً ا هل تجب بمطلق وجود القتيل بين قوم لا يعرف قاتله ولو بدون إمارة أو شبهة يتعلق بها الحكام ويستندون كما إذا كان القتيل وجد بين قوم بينه وبينهم شيء من العداوات والإحن، أو بينهم وبين قوم المقتول، وبهذا يقول مالك والشافعي: فلا تجب عند مالك إلا بلوث واللوث الحقد وشبه الدلالة على الشيء، والشاهد الواحد لوث عند مالك يكفي لدلالة الحال إذا كان عدلا ً ، واختلفوا فيه إذا لم يكن عدلا ً ، ووافق الشافعي في قرينة الحال المخيلة مثل أن يوجد قتيل متشحط ً ا بدمه وبقربه إنسان بيده حديدة مدماة، إلا أن مالك ً ا يرى أن وجود القتيل في المحلة ليس لوث ً ا، وإن كانت هناك عداوة بين القوم الذين منهم القتيل وبين أهل المحلة قال في النهاية، وإذا كان ذلك كذلك لم يبق ها هنا شيء يجب أن يكون أصلا ً .« لاشتراط اللوث في وجوبها ولذلك لم يقل بها قوم وقال أبو حنيفة وصاحباه: إذا وجد قتيل في محلة قوم وبه أثر وجبت القسامه على أهل المحلة قلت: وهو قول أصحابنا. ومن أهل العلم من أوجب القسامة بنفس وجود القتيل في المحلة دون سائر الشرائط التي اشترطها الشافعي ودون وجود الأثر بالقتيل الذي اشترطه أبو حنيفة، وهو مروي عن عمر بن الخطاب وعلي وابن مسعود وقال به الزهري وجماعة من ا لتابعين. وهو مذهب ابن حزم قال: القسامة تجب متى وجد قتيل لا يعرف من قتله أينما وجد فادعى ولاة الدم على رجل وحلف منهم خمسون رجلا ً خمسين يمين ً ا، فإن هم حلفوا على العمد فالقود، وإن حلفوا على الخطأ فالدية وليس يحلف عنده أقل من خمسين رجلا ً .« . جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٣٢ ٢٣٣ النظرية الأولى: نظرية أبي حنيفة وأصحابه، وهي قد اتجهت إلى جهالة القاتل، فاعتبرت القسامة عند جهالة القاتل، سواء كانت في محلة فيها أعداء لأولياء القاتل أو له نفسه أم لا.. هذه نظرية الحنفية، وهي تبني القسامة على جهالة القاتل، وعلى أنه لا يمين على الأولياء، لأنه لا يمين على المدعي  في قواعدهم المقررة فأيمان الخمسين تكون على أهل المحلة أو القبيلة التي وجد بينهم ا لقتيل. أما النظرية ا لثانية ، وهي نظرية جمهور الفقهاء، فهي تقوم على أساس أن القسامة تقوية للإثبات في حال قيام أمارة للإتهام، ولذلك يشترطون اللوث  أي: أن تكون بينهم جراحات أو عداوة كما كان أمر الأنصار وسائر المؤمنين من عداوة مع اليهود، فقصروا الحكم على هذه الحال، وأوجبوا البدء بحلف أولياء الدم، وذلك سير على نظريتهم من توجيه اليمين إلى المدعي إذا كان الإثبات في القضية غير كاف للحكم، كما في حال ما إذا كان المدعى له شاهد واحد، وهنا مقام الشاهد الواحد العداوة الظاهرة أو اللوث كما يعبر الفقهاء، ولأنها دون الشاهد الواحد قوة، إذ هي توجد شبهة الإتهام فقط ا(١) أوجبوا أن يحلف المدعون خمسون يمين ً . وقد بحث الفقه الإباضي أحكام القسامة، ولخصها أبو اسحاق تلخيصا ً رائعا، بقوله: ً وتجب القسامة بوجود سبع خصال: »أحدها : أن يوجد فيه علامة القتل، الثاني : أن لا يعلم من قتله، الثالث : أن لا تدعي ورثته على أحد بعينه، الرابع : أن يكون المقتول حرا، الخامس: أن لا يوجد في مسجد تصلى فيه جماعة، السادس : أن لا يكون مقتولا ً من زحام، السابع : أن لا يكون في تلك البلد قوم بينه وبينهم عداوة، من غير أهل ا لبلد. (١) . الشيخ محمد أبو زهرة: العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ص ٤١٨ ٤١٩ فإذا وجدت هذه الخصال وجب على أهل تلك البلد من قرية، أو محلة، أو كان قريب ً ا منهم في نحو ذلك أن يحلفوا خمسين يمين ً ا ما قتلناه، ولا علمنا قاتلا ً .  وليس على عبد، ولا أعمى، ولا صبي، ولا مجنون، ولا امرأة قسامة. فإن كان أهل القرية أقل من الخمسين رجلا ً كررت عليهم ا لأي َ مان حتى ْ يتموا خمسين يمين ً ا، ثم يدفعون الدية، (وإن كان رجلا ً واحد ً ا حلف خمسين « ا(١) يمين ً . ويذكر الفقه الإباضي الأحوال التي لا تكون فيها القسامة، وهي: لا قسامة في من لا أثر فيه إذ هو ميت لا قتيل(٢) . لا قسامة في السقط أو الجنين إلا إن كان حيا وتمت خلقته، وفيه أثر ظاهر للقتل(٣) . (١)إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٣٤٦ ٣٤٧ ؛ الشيخ سعيد الحارثي: نتائج الأقوال . من معارج الآمال ونثر مدارج الكمال، ص ١٧٢ راجع أيض ً ا في الفقه ا لإباضي: ، جامع أبي الحواري، ج ٥، ص ١٥٢ ١٥٣ ؛ الشيخ ابن النظر: الدعائم، ج ٢ ، ص ٥٦٩ ٥٧١ ؛ البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩ ص ١٧٨ ١٨٣ ؛ الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٣١٣ ٣١٦ ؛ السالمي: أنور العقول مدارج الكمال كشف الحقيقة، ص ١٦١ ؛ الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، ج ٧، ص ٢٣٧ ٢٣٩ ؛ جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٢٣ ٢٤٢ ؛ النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٩٤ ٢٠٩ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣٣٤ ٣٥٩ ؛ أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ١٦٠ ١٨٤ ؛ معجم ، مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٨٥٢ ٨٥٣ ؛ جامع أبي الحسن البسيوي: ج ٤ ّ . ص ١٦٢ ١٦٤(٢) . الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، ج ٧، ص ٢٣٧(٣) . معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٨٥٣ ّ لا قسامة في من وجد حيا وبه جراحة ثم مات من بعد(١) . لا قسامة في الجروح ولا في شيء من الأموال ولا العبيد ولا الدواب، وإنما هي في الأحرار من ا لمسلمين(٢) . لا قسامة إذا وجهت التهمة على أحد وإنما يحبس ا لمتهمون (٣) . « لا تكون إلا في جريمة القتل فقط » وهكذا يمكن القول إن القسامة(٤) . ٢ ا لعاقلة:  العاقلة هم عصبة الرجل أي: قرابته من جهة أبيه(٥) . وترتبط بالعاقلة أحكام أهمها تحمل الدية عن القاتل في قتل الخطأ وشبه ا لعمد.  ً ا لمصابه، وقد ألزم ا لنبي ژ العاقلة تحمل الدية مواساة للرجل وتخفيف وتأمين ً ا لسائر الناس إذا نزلت بهم مثل هذه النازلة، وذلك لحديث « قضى رسول الله ژ بالدية على ا لعاقلة » : المغيرة بن شعبة قال(٦) . وهو ما أكده أطفيش بقوله: وأما عقل دية الخطأ فليس عقابا بل تشريع بالمعاونة، ألا ترى أن » ً « القاتل لا ذنب له؟ فكيف قومه(٧) . (١) . سعيد الحارثي: نتائج الأقوال من معارج الآمال ونثر مدارج الكمال، ص ١٧٣(٢) ذات المرجع، ذات ا لموضع. (٣) ذات المرجع، ذات ا لموضع. (٤)عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ٢، ص ٣٢٩ . راجع أيض ً ا الإمام ابن . الشحنة الحنفي: لسان الحكام في معرفة الأحكام، ص ٣٩٧(٥) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٧٢١ ّ (٦) ذات المرجع، ذات ا لموضع. (٧) .( أطفيش: تيسير التفسير، ج ٨، ص ١٤٤ (الإسراء: ١٢ ١٧ ويضرب الفقه الإباضي أمثلة للخطأ الذي تتحمل العاقلة ديته. يقول الرستاقي: والخطأ الذي يلزم العاقلة فيه الدية، هو مثل أن يرمي الرجل صيد » ً ا، فيصيب إنسان ً ا، أو يتعمد لضرب دابته، أو ولده، أو عبده فيصيب إنسان ً ا أو يرمي غرضا، فيصيب إنسان ً ا، أو يركب دابة، فيصيب إنسان ً ا برجلها أو يدها، ً أو رأسها أو يشرع جناحا على الطريق، أو يميل له حائط على الطريق، ً فيتقدم عليه، فيقع على إنسان قبل صرفه، أو يقتص بجرحه ممن جرحه فيموت المقتص منه أو يسترشده رجل على الطريق، فلم يرشده، أو يستسقيه من عطش، فلم يسقه، أو يستطعمه من جوع، فلم يطعمه، فيهلك على ذلك. « ففي هذا وأمثاله الدية على العاقلة. وفي بعض هذا ا ختلاف(١) . بشهادة » والخطأ الذي تحمل ديته العاقلة يثبت لا بإقرار الجاني، وإنما « الشهود(٢) . إقرار العشيرة وكذلك إذا ادعى (الجاني) أنه جناها ضائع » أو « العقل فعليه ا لبينة(٣) . وبالنسبة لمن يعقل الدية، يقول الجيطالي: ويعقل دية الخطأ الرجال دون النساء الأقرب فالأقرب على كل واحد أربعة دراهم، فإن فضل شيء قسم على الذين يكون أقرب إلى الميت، ثم الذين يلونهم إلى آخرهم. فإن لم تتم أعيدت عليهم كذلك حتى تتم. واختلفوا في العاقلة فقيل: هي إلى خمسة آباء، وقيل إلى سبعة، وقيل إلى عشرة، وقيل ما لم يقطعهم ا لشرك(٤) . (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٢٥٦(٢) . الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢، ص ٦٢٢(٣) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٩٠(٤) الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢، ص ٦٢٢ . راجع أيض ً ، ا النزوي: المصنف، ج ٤١ . ص ١٩٠ الأب ثم الابن ثم الأخ ثم الأقرب » : ويقول الثميني: إن أول من يعقل « فالأقرب(١) . أما ما لا تحمله العاقلة فهي ستة أشياء: »أحدها : العمد(٢) وشبه العمد، والثاني: أن يقتل عبد ً ا، الثالث: الإقرار بالجناية، الرابع: أن يصالح على شيء، الخامس: أن يكون الأرش أقل من ْ خمسة من الإبل، السادس: أن يجني ذمي على ذمي، ثم يسلم الجاني، فلا « يلزم المسلمين ديته(٣) . كذلك جاء في ا لدعائم: ٍٍ ولا عق ْ ل َ في عمد وعبد عليهم وصلح ٍ ولا إقراره حين يقتل ُ ُُ َُُ يقول ابن ا لنظر: والرواية الظاهرة في ذلك عن محمد بن محبوب » 5 ، ولا تعقل العاقلة عبد ً ا ولا عمد ً ا ولا صلحا ولا ا عتراف ً ا ولا ما لا يأكل الصبي ً والمعتوه بفمه، ولا ما افتض من النساء ووطئهن بفرجه قسرا ً ، وذلك في مال الصبي والمعتوه والمصالح المعترف، وجاني العمد، وخيانة العبد في المال، وكذلك الاعتراف إذا اعترف الرجل بالخيانة من غير بينة (١) . الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، ج ٧، ص ٢٣٤ (٢) أن العاقلة لا تعقل العمد مطلق » المذهب ً « ا إلا عمد الصبي والمجنون ذلك كالخطأ . خلفان بن جميل: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٣٧ وقيل في جنايات الصبي (مثل القتل أو سفك دم): إنها على عاقلته، وقيل: عليه إذا بلغ مثل ما على أحدهم. المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، مكتبة الشيخ محمد بن شامس البطاشي، مسقط، . ج ٩، ص ٢١٧ ٢١٨ (٣). إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٣٣٧ ٣٣٨ تقوم عليه فإنها من ماله، وإن ادعى أنها خطأ فإنه لا يصدق على « العاقلة (١) . والعاقلة تعقل الأنفس دون الأموال، وأيا كانت النفس. لذلك جاء في جلاء ا لعمى:  وقال القطب » :5 قال الشيخ أحمد بن محمد: وتعقل العاقلة دية الخطأ في بني آدم كلهم أحياء كانوا أو أموات ً ا، موحدين أو مشركين أطفالا ً كانوا أو بلغ ً ا سواء في ذلك المجانين والعقلاء، وسواء في الأنفس والجراحات ما خلا العبيد فإنهم لا تعقلهم العاقلة، وذلك لأن العبيد مال، « وإنما تعقل العاقلة الأنفس لا ا لأموال (٢) . (١) . الشيخ ابن النظر: الدعائم، ج ٢، ص ٥٢٨ (٢). خلفان بن جميل: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٣٨ ٣٩ توجد بعض المبادئ العامة التي يجب عادة وكقاعدة عامة مراعاتها بشأن التجريم والعقاب. فهي إذن صالحة وقابلة للتطبيق على الأمرين. ومن هنا أسميناها المبادئ المختلطة أو ذات الطبيعة ا لمزدوجة. وقد أكد الفقه الإباضي على مثل هذه المبادئ وهي: مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.  مبدأ عدم رجعية النصوص ا لجنائية. مبدأ المساواة في التجريم والعقاب. مبدأ ا لإقليمية. مبدأ المسؤولية الجنائية فردية أو شخصية. وندرس هذه المبادئ على الترتيب السابق ذكره، على أن نخصص لكل منها مبحث ً ا. ∫hC’G åëѪdG äÉHƒ≤©dGh ºFGôédG á«Yô°T CGóÑe نشير إلى ماهية المبدأ، والقواعد الخاصة به. :CGóѪdG á«gÉe (CG في النظم القانونية الحديثة يعد هذا المبدأ محور ارتكاز وذروة سنام قانون العقوبات المعاصر: فالقواعد القانونية هي التي وحدها تحدد الجرائم والعقوبات، وبالتالي يجب الرجوع إليها لمعرفة هل الفعل قيد البحث يشكل جريمة أم لا، ولبيان أركان الجريمة، والجزاء الجنائي واجب التطبيق على فاعلها. لا جريمة ولا عقوبة إلا » ويعرف هذا المبدأ في اللغة العربية تحت اسم أو « بنص .....» .« إلا بقانون، أو بناء على قانون وفي اللغة اللاتينية تحت اسم: «Nullum crimen nulla poena sine lege». وفي اللغة الإنجليزية: «No crime nor penalty without law» وفي اللغة الفرنسية: «Pas de crime pas de peine sans loi». ويستند هذا المبدأ إلى مبررات عدة(١) ، منها: (١) قلنا إن مبدأ الشرعية تترتب عليه النتائج ا لآتية: a- Impossibility to apply ex post facto criminal laws. This means that the later are non-retroactive, i.e., they have only an immediate application. Non- retroactivity of criminal texts is indispensable for the principle of legality. b- A legal provision should not be too complex, too vague. It must be a lex certa (legal certainty). c- In the absence of a text at the time of the commission of the act, the person may not be = prosecuted or convicted. أولا ً: المحافظة على حقوق الأفراد وحرياتهم ضد تعسف السلطة الحاكمة، والتي إن لم يوجد مثل هذا النص يمكن أن تجرم أفعالا ً بطريقة مفاجئة انتقاما من خصومها السياسيين، أو حتى وفق ً ا للمزاج ً والهوى والنزوات ا لشخصية.  ثاني ً ا: مراعاة التوقعات القانونية legal expectations للأفراد والتي تقتضي أنه لكي يحاسب الشخص ويصبح مسؤولا جنائيا أن يكون عالما مسبق ً ا ً أن الفعل يشكل جريمة، الأمر الذي يحقق لهم الطمأنينة والاستقرار. ثالث ً ا: تقنين الجرائم والعقوبات من أهم مزاياه الدقة والوضوح، وهو بذلك يخالف العرف الذي هو بطبيعته غير مكتوب، وبالتالى يمكن أن يتسم بالغموض والخلاف حول مضمونه. وحيث إن الجرائم في الفقه الإسلامي تم تعريفها كما سنرى بأنها فإن معنى ذلك أمران: ،« محظورات شرعية » الأول: أن غير المحظور (أي: غير المحرم) مباح، وبالتالي فهو ليس في حاجة إلى نص صريح يفصله، فالأصل في الأشياء ا لإباحة. d- In case of ambiguity, the text shall be interpreted in favor of the accused person. In this = connection, article 22/2 statute of the ICC states that in case of ambiguity, the definition of a crime « shall be interpreted in favor of the person being investigated, prosecuted or convicted». e- The penal text must be strictly interpreted. In fact, penal texts ² sunt strictissimae interpretatio². f- Analogy is prohibited in penal matters. Accordingly, a text must not be extended by analogy. g- In the event of a change in the law, prior to final judgment, the law more favorable or more lenient to the accused shall apply. h- The rationale of the principle of legality lies in the principle of culpability. In fact, a potential criminal must know in advance what is required from him to do or not to do and whether a person in breach of the law will be punished or not. Accordingly, criminal texts should be fixed and knowable». Ahmed Abou-el-wafa: criminal international law, dar al – nahda al Arabia, Cairo, 2007- 1427, p. 58-59. الثاني: أن المحظور أو الممنوع (أو المحرم) في حاجة بالتالي إلى نص يقرره، لكونه يشكل الاستثناء وفق ً ا للمجرى العادي للأمور، إذ لا يمكن معرفة الاستثناء بداهة إلا ّ بنص صريح يقرره. ويقتضي ذلك نوعان من  الحكم: حكم تكليفي، أي: وجود نص يطلب من المكلف القيام بفعل أو الكف عنه، مثل قوله تعالى: ﴿ ©ª«¬®¯°± ﴾ [ [النساء: ٥٨ ، وبالتالي، فإن من يخون الأمانة (أي: لا يؤديها) يرتكب فعلا ً  مؤثما، يقتضي توقيع العقاب عليه، وقوله تعالى: ﴿ hgf ed ً kji ﴾ [ [الإسراء: ٣٣ فمن يقتل يجب أن يعاقب.   حكم وضعي يبين العقوبة واجبة التطبيق عند مخالفة المكلف للحكم التكليفي. والظاهرة الملحوظة في الشريعة الإسلامية أن المحظورات أو الممنوعات (ومنها الجرائم) تم تفصيلها وبيان ما يتعلق بها من أركان وشروط لازمة للجريمة، وكذلك للعقوبات واجبة التطبيق. وهو ما أكده قوله تعالى: ﴿ * ,+ -./ ﴾ [ [الأنعام: ١١٩(١) . (١) بينما المباحات ليست في حاجة إلى تفصيل كثير، وإنما تذكر بصفة مطلقة وعامة، يكفي أن نذكر هنا الاحاديث ا لآتية: • عن عمرو بن عوف المزني أن رسول الله ژ قال: الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا » ً ، وأحل حرام ً ا، والمسلمون على شروطهم إلا شرط ً ا حرم حلالا ً ، أو أحل حرام ً« ا رواه الترمذي، وأبو داود.   وعن أبي ثعلبة: أن رسول الله ژ قال: إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدود » ً ا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا « تسألوا عنها . رواه ا لدارقطني. وعن ا لنعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله ژ يقول: إن الحلال بي » • • =  ن وإن الحرام بين، ١٥٩ شرعية الجرائم » ومن المعلوم أنه لا يوجد نص يقرر صراحة مبدأ في الشريعة الإسلامية، فليس هناك نص لا في القرآن ولا « والعقوبات في السنة يدل صراحة على ذلك. إنما يمكن استنباط هذا المبدأ كما سنرى من نصوص بعينها أوردتها الشريعة الإسلامية في مصادرها ومواردها. ومن المعلوم أن الجرائم في الفقه الإسلامي تنقسم إلى جرائم حدود، وقصاص ودية وتعزير. وكل هذه الأنواع الثلاثة تخضع لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات: ١ فالنسبة لجرائم ا لحدود: فقد وردت كلها مفصلة في الشريعة الإسلامية، كما يلي: ١ ففي الزنا، يقول الله تعالى: ﴿ +,-. 210/ ﴾  [ [النور: ٢  ، ويقول رسوله ژ : خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن » سبيلا ً : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة « والرجم . ٢ وفي القذف، يقول الله تعالى: ﴿ ]\ ^_` cba onlkjihgf d ﴾ [ [النور: ٤ . me ٣ وفي السرقة، يقول الله تعالى: ﴿ 210/ 876543 ﴾ [ [المائدة: ٣٨ . = وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى بوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت « صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله، ألا وهي ا لقلب . رواه مسلم. ٤ وفي الحرابة قال الله تعالى: ﴿ PONMLK [ZYXWVUTSRQ ihgfedcba`_^]\ nmlkj ﴾[ [المائدة: ٣٣ . ٥ وفي شرب الخمر، تقطع النصوص بتحريم تناول الخمر، والمسكرات: يقول الله تعالى: ﴿ &%$')(*+, -﴾ [ [المائدة: ٩٠ يقول ا لرسول ژ : « كل مسكر حرام » ، كما يقول: ما » « أسكر كثيرة فقليله حرام ، ويقول: كل شراب أسكر فهو حرام » .« ٦ وفي البغي يقول تعالى: ﴿ ponmlkji zyxwvutsrq ~}|{ ﮯ ¬ ❁ ª © ¨ § ¦¥ ¤ £ ¢ ¡ ¶μ´³²±°¯® ¸﴾ [١٠ ، [الحجرات: ٩ . ٧ وفي الردة: وهي كفر المسلم بقول أو فعل يخرجه عن الإسلام، يقول الله تعالى: ﴿ ^ hgfedcba`_ srqponmlkji }|{zyxwvut﴾ [ [البقرة: ٢١٧ (١) . ويعتبر جمهور الفقهاء الردة جريمة حد يعاقب عليها بالقتل، وإن كان ثمة رأي في الفقه الحديث. يعتبرها من جرائم التعزير، استناد ً ا إلى أن النصوص المتعلقة بها في آيات القرآن الكريم لا تتضمن تقديرا لعقوبة دنيوية للمرتد (٢) ً . (١) ،( توجد آيات أخرى خاصة بالردة، راجع: سورة النساء (الآية ١٣٧ )، سورة التوبة (الآية ٧٤ ١٠ حتى ١٠٩ )، سورة ٢٧ )، سورة النحل (الآيات من ٦ ،٢٦ ، سورة محمد (الآيات ٢٥ .( البقرة (الآية ١٠٨ (٢)عبد العزيز عامر، التعزير في الشريعة الإسلامية، رسالة دكتوراه، القاهرة، دار الفكر العربي، = ٢ وبالنسبة للقصاص: فقد قررته الشريعة الإسلامية بالنسبة للقتل العمد، وهو قتل القاتل، وبالنسبة لما دون القتل العمد (كالجرح والضرب والإيذاء العمد). وتحل الدية محل القصاص بعفو ولي القتيل، أو بعفو المجني عليه إذا كانت الجريمة دون القتل. وعلة القصاص ذكرها القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ ¤ ª©¨§¦¥ «﴾ [ [البقرة: ١٧٩ . وأساس القصاص في القتل العمد، قوله تعالى: ﴿ ]\[ZY fedcba`_^ vutsrqp onmlkjihg ~}|{zy xw ﮯ ¢¡❁¤ §¦¥ ª©¨ «﴾ [١٧٩ ، [البقرة: ١٧٨ . أما القصاص فيما دون النفس، فوردت بخصوصه آيات، منها قوله تعالى: ﴿ ~ ے £¢¡ ¨§¦¥¤ ´³²±°¯®¬«ª© º¹¸¶μ ÁÀ¿¾½¼»﴾ [ [المائدة: ٤٥ . وقوله تعالى: ﴿ ]\[ZYXW a`_^ mlkjihgf edcb n﴾ [ [البقرة: ١٩٤ ، وقوله تعالى: ﴿ ² ¾ ½ ¼ » º¹ ¸ ¶ µ ´ ³ ¿﴾ [ [النحل: ١٢٦ . = ١٩٦٩ ، ص ١٧ وما بعدها، محمد سليم العوا، في أصول النظام الجنائي الإسلامي، . مرجع سابق، ص ١٣٣ ، فقرة ٥٣ ة والكفارة: فقد تقررت ا لدي ٣ وبخصوص ا لدي ة إذا تنازل أولياء القتيل في القتل العمد عن حقهم في القصاص مقابل الحصول على الدية. والدية هي الجزاء الوحيد في قتل شبه العمد. اما القتل الخطأ فعقوبته الدية والكفارة مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ !   / . -, + * )( ' & % $ # " >=<;:9876543210 JIHGFEDCBA@? WVUTSRQPONMLK `_^]\[ZYX a﴾ [ [النساء: ٩٢ . ٤ بالنسبة إلى ا لتعزير: يتضح مما سبق أن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات ثابت في إطار جرائم الحدود والقصاص والدية(١) . أما بالنسبة إلى التعزير ويكون عن الجرائم التي لم يتم تحديد عقوبة محددة لها، وإنما تركت لولي الأمر ليواجه تطورات الحياة وما يستحدث فيها من جرائم (الأمر الذي يجعل الشريعة مرنة قابلة للتطور بتطور الحياة ذاتها) فإن المبدأ أيض ً ا يجب احترامه، حتى حينما يخول القاضي سلطة تحديد الجرائم التعزيرية والعقوبات واجبة ّ (١) وإن كان ثمة رأي شاذ في الفقه الحديث يقرر أن قاعدة:لا جريمة ولا عقوبة بغير نص قاعدة لا تعرفها الشريعة الإسلامية، ولا يمكن الأخذ بها في نظام جنائي مستمد من الفقه الإسلامي. وإن اعمالها أو القول بوجوب أعمالها في مثل هذا النظام يعد ا فتئات ً ا على نصوص الشارع الإسلامي (د. مصطفى كامل وصفي، .( تقرير مقدم إلى الحلقة الثانية لتنظيم العدالة الجنائية، القاهرة، ١٩٧٦ ولا شك أن مثل هذا الرأي بالنظر إلى ما ذكرناه أعلاه غير مقبول. راجع أيض ً ا ، د. محمد سليم العوا: في أصول النظام الجنائي الإسلامي، دار المعارف، القاهرة، ١٩٨٣ . ص ٦٠ التطبيق عليها. وبالتالي حتى في هذه الحالة فإن الالتزام بمبدأ الشرعية أمر واجب ا لمراعاة . وإن كنا نرى أنه حتى في هذه الحالة، فإن الشريعة الإسلامية في معناها ومبناها، وفي حرفية نصوصها وروحها، وفي مختلف مصادرها ومواردها، لا يتعارض معها أن يتم تقنين الجريمة التعزيرية أولا ً ووضع قواعد التجريم والعقاب الخاصة بها، وعدم ترك ذلك للقاضي ابتداء. فإذا حدث فعل لا يوجد بصدده نص، فإنه لن يضر الشريعة الإسلامية ألا يعاقب أول شخص استحدث الجريمة، إذ في هذه الحالة نظرا لعدم وجود نص صريح ً بخصوصها سيثور الشك والشبهة حول توقيع العقاب عليها، تطبيق ً ا لمبدأ: ومن ثم يجب فورا على ولي الأمر (السلطات .« ادرؤوا الحدود بالشبهات » ً المختصة) تقنين الجريمة والعقوبة لتواجه أي مجرم محتمل آخر. وبذلك ألا » لن تخرج الشريعة الإسلامية على مقتضيات مبدأها الثابت ّ جريمة ولا « عقوبة إلا بنص(١) . (١) يقول المرحوم الشيخ أبو زهرة: إن القول بأن لا عقوبة بغير نص في التعزيرات يوضحه أمران: أحدهما: ما ذكرناه من أن العقوبات المقدرة جعلت أساسا لتبنى عليه العقوبات غير » ً المقدرة، فإن الشارع الإسلامي قد جعل عقوبات مقدرة في كل نوع من أنواع الاعتداء على المصالح الإنسانية المعتبرة، فجعل عقوبة القذف، وفيها إشارة إلى نوع العقاب في كل أنواع السب وخدش الناموس العام، وجعل عقوبة في الاعتداء على النسل بعقوبة الزنى، وفي ذلك إشارة إلى ما يتبع في كل أنواع الجرائم المتصلة بهذا النوع، وجعل عقوبة في الاعتداء على الأمن العام بعقوبة قطاع الطرق، وفيه إشارة إلى ما تعالج الجرائم التي تكون من هذا النوع وبهذا يتبين أن العقوبات التعزيرية لم تترك فرط ً ا، وإن تركها لتقدير القاضي أو ولي الأمر، مع قيام أسباب القياس لا يعد ترك ًا. الأمر الثاني: الذي يوضح أن الشارع الإسلامي عندما ترك العقوبات التعزيرية من غير تقدير، وفوض ذلك للقاضي في أكثر الأحوال ما خرج عن قاعدة لا عقوبة من غير نص = :CGóѪdÉH á°UÉîdG óYGƒ≤dG (Ü يعرف الفقه الإباضي مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات. قال أبو إسحاق: والذي يوجب إقامة الحدود خصلتان: »أحدهما: أن يكون إماما قائما بالعدل، الثاني: أن تكون الأفعال التي يجب فيها ً « الحدود(١) . وبالتالي، فإنه يشترط في الفعل أو الترك، حتى يكون جريمة تستحق العقوبة: أن يثبت تحريمه بدليل شرعي من نص أو إجماع أو قياس(٢) . = في الدور الأخير لها، ذلك أن آخر دور لهذه النظرية بالنسبة للعقوبات هو أنها جعلت   للعقوبات حدا أقصى، ولم تجعل لها حدا أدنى، وأطلقت للقاضي حرية التقدير في هذا الشيخ محمد ،« الحد الواسع، فله أن يبرئ ولكن ليس له أن يزيد على ما قدره الشارع . أبو زهرة: الجريمة، ص ١٣٥ ١٣٦ ، بند رقم ١٩٨ ويقول المرحوم د. محمود نجيب حسني: الشريعة الإسلامية حينما أجازت تخويل القاضي سلطة التجريم والعقاب في مجال التعزير لم تطلق هذه السلطة، وإنما أحاطتها بقيود وأفرغتها في ضوابط محددة، وقد سبقت الإشارة إلى أنه لا يجوز اعتبار الفعل جريمة إلا إذا كان معصية وكان صالحا للإثبات قضاء، وأشرنا كذلك إلى شروط يتعين توافرها في ً العقوبة التعزيرية. ويعني ذلك: أن الأمر لن يكون مجالا ً لتحكم قضائي على نحو ما كان جاريا في التشريعات الأوروبية السابقة على الثورة الفرنسية، وهوالتحكم الذي استهدف ً مبدأ الشرعية مواجهته، وذلك بالإضافة إلى ما قدمنا من ضرورة وجود سلطة قضائية عليا لتراقب مدى التزام قاضي الموضوع، قدمنا من ضرورة وجود سلطة قضائية عليا لتراقب مدى التزام قاضي الموضوع بالقيود والشروط التي وضعت فيها سلطته في التجريم . د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٦٧ .« والعقاب(١) . الإمام إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٣٥٣(٢) د. محمد نعيم وآخران: فقه النظم، معهد القضاء الشرعي والوعظ والإرشاد، سلطنة عمان، ُ . ١٤٢٨ ص ١٩١ ودليل معرفة ا لإباضية لمبدأ الشرعية في التجريم والعقاب، ما يلي: ّ « المناهي » ١ التأكيد على عدم إتيان (والجرائم من المنهيات أو المحظورات كما هو معروف)، سواء تلك التي قررها ا لله 4 ، أو رسوله ژ ، عند الإباضية، الإمام « المناهي » أو المسلمون. ومن خير من بحث فكرة ّ الوارجلاني، حيث يقول: اعلم أن مناهي ا لنبي ژ مقتبسة من مناهي ا لله » 8 ويقع نهيه بصيغة لا تفعل وبالتحريم وبالذم وباللعن وبالتبري... ومناهي ا لنبي ژ على ثلاثة أوجه: وجه يتعلق بالأصول المنهية عنها في القرآن كالربا والزنا والسرقة وما أشبه ذلك فهو أشدها ويأثم في فعلها، ووجه آخر فكمثل نهيه عن التكلف في العبادات وهو مكروه، والثالث نهي تأديب. ومناهي المسلمين مقتبسة من مناهي الرسول ژ ومن قوله : ‰ ما » رآه المسلمون حسن ً ا فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سي  ئ فإن حجر المسلمون على مباح كان محظور ً ا وإن أهملوه رجع إلى « الإباحة(١) . « لا تكليف بلا بيان، ولا عقوبة بلا إنذار » : ٢ قاعدة(٢) ، وهي قاعدة وردت في تيسير التفسير بخصوص قوله تعالى: ﴿ ONMLKJIHGFED ❁ `_^]\❁ ZYX❁ VUTSRQ mlkjih ❁ fedcba xwvutsrq ﴾ [ [البينة: ١ ٥ . pon (١) . الوارجلاني: العدل والإنصاف في معرفة أصول الفقه والاختلاف، ص ٩٧ ٩٨(٢) . أطفيش: تيسير، ج ١٦ ، ص ٣٢٠ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١٦٦ هي في « لا تكليف بلا بيان، ولا عقوبة بلا إنذار » ولا شك أن قاعدة في صورته الحديثة. بل هي « لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص » رأينا عين مبدأ أفضل في صياغتها منه؛ لأنها: • تذكر في صدرها ضرورة بيان ما هو مطلوب من الشخص من تكليف (فعلا ً أم ا متناع ً ا). وهذا يعني بيان الجريمة، وأركانها وشروطها، والعقوبة واجبة التطبيق عليها. • تبين في عجزها الأثر المترتب على مخالفة ما يقتضيه التكليف : العقوبة، والتي يجب لكي تكون مشروعة أن يتم الإنذار بها سلف ً ا. • تؤكد على ضرورة وجود نص صريح للتجريم والعقاب قبل مساءلة الجاني. • تجعل الجاني بالتالي مطمئن ً ا بخصوص مصير ما يرتكبه من سلوك أو أفعال أو ا متناع.   « ورود ا لشرع » ٣ قاعدة(١) . ما » : في هذا الخصوص، يقول الوارجلاني ؟« الحكم في الأشياء قبل ورود ا لشرع فقال بعضهم: الحظر وهذه عقلية . (١) في الآمدي: الأحكام، ج ١، ص ٨٦ ؛ الشوكاني: « لا تكليف قبل ورود الشرع » : انظر قاعدة إرشاد الفحول، ص ٧. أنظر أيض ً ا بخصوص موقف الفقه الإسلامي من الأفعال والتصرفات قبل وبعد ورود الشرع د. محمد سلام مدكور: نظرية الإباحة عند الأصوليين والفقهاء، دار . النهضة العربية، القاهرة، ١٩٨٤ ، ص ٤٩٧ ٥٠٦ يقول د. محمد سلام مدكور: فمؤدى قولنا: لا حكم قبل ورود الشرع، وقولنا: إن الأشياء التي لم ينص عليها في الإسلام ولم »يدل عليها دليل من أدلة الأحكام مباحا بحسب أصلها مع قول القانون إنه لا جريمة ولا عقوبة ً إلا بنص، أن من فعل شيئ ً ا من الأشياء مهما يكن أثره ولم يكن منصوصا عليه بنص شرعي ولا ً قانوني فلا إثم على فاعله ولا عقوبة عليه في الدنيا قانون ً ا وشرع ً ا ولا في الآخرة شرع ً .« ا = « وهذه شرعية » وقال بعضهم: الإباحة(١) . = ويضيف أيض ً ا: وتطبيق » ً ا لهذا فيما نحن فيه فإن الفقيه يستطيع أن يحكم بالإباحة فيما لم ينص الشرع على إباحته صراحة، كما يستطيع أن يحكم بالحظر كذلك، والقانون الجنائي يختلف مع الشريعة في هذا لأنه لا يسمح للقضاة أن يحكموا في جرائم أو عقوبات بمقتضى قياس أو غيره مما أفسحت الشريعة المجال فيه لأهل الفقه فالنتيجة أن الشريعة تقول: ما لم ينص عليه صراحة ولا دلالة فهو مباح، وأما القانون الجنائي ذات المرجع، ) « فإنه يقضي بأن ما لم ينص عليه صراحة يخرج عن نطاق التحريم  .( ص ٥٠٦ ٥٠٧ (١) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المجلد الثاني، ج ٣، ص ٣٠٨ عند ا لإباضية، كما يلي: « ورود الشرع » وقد تم تفصيل مصطلح ّ .« ورود الشرع: هو إرسال وإنزال ا لشرائع »اختلف الأصوليون ومعهم ا لإباضية في حكم الأشياء قبل ورود الشرع، فذهب بعضهم ّ إلى القول بالإباحة الأصلية أو العقلية، وهو قول الوارجلاني وأبي يحيى زكرياء بن أبي بكر، وهو الراجح. إذ لا تكليف قبل قيام الحجة وإرسال الرسل، غير ما يؤدي إليه  نظر ا لعقل. بينما ذهب جمهور ا لإباضية إلى القول بالحظر. ّ وتوقف فريق لاشتباه الأمور، ولم يحسم البدر الشماخي فيها برأي. ولكل فريق أدلته العقلية والنقلية. ونبه البرادي إلى عدم جدوى بحث هذه القضية التي جرت عادة الأصوليين بالخوض والتنازع فيها، وهي عديمة ا لفائدة. التحريم، والحل، » : أما بعد ورود الشرع فاختلفوا في حكم الأشياء إلى ثلاثة أقوال والأصل في المنافع التحليل وفي المضار ا لتحريم. والكلام في المنافع والمضار بالنظر لذاتها لا لما عرض لها. ومن هنا يرى السالمي أن الأصل في الأموال الحل، وفي الدماء والأعراض الحرمة. ومال أبو سعيد الكدمي إلى الحلية ما لم يرد محرم، لدلالة النصوص عليه ﴿ ÙØ×Ö æåäãâáàßÞÝÜÛÚ ﴾ [ [الجاثية: ١٣ ، وذكر الله ذلك ، معجم مصطلحات الإباضية، ج ١ ) « في معرض الامتنان، ولا يمتن الله بغير الجائز ّ .( ص ٥٤٠ ٥٤١ »fÉãdG åëѪdG á«FÉæédG ¢Uƒ°üædG á«©LQ ΩóY CGóÑe (á«æeõdG á«MÉædG øe äÉHƒ≤©dG ¿ƒfÉb ¿Éjô°S ¥É£f hCG) نشير إلى ماهية المبدأ، والقواعد التي تحكمه. :CGóѪdG á«gÉe (CG هذا المبدأ أثرا لازما لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، ذلك أن ًً يعد القول بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص يحتمه: فلا بد من وجود النص وقت ارتكاب الجريمة. أي: أنه إذا لم يوجد في هذا الوقت فلا تجريم ولا عقاب، ومن ثم لو صدر نص يجرم ويوقع عقوبة على الفعل فهو يطبق فورا ً ولا ينطبق على ما سبقه من أفعال. فالقاعدة في النصوص الجنائية هي التطبيق الفوري أو المباشر Application immédiate وبالتالي عدم رجعية  non-retroactivité إلا إذا كانت أصلح للمتهم. وقد نصت القوانين المعاصرة على كل ما تقدم. وهكذا تنص المادة ١ من قانون العقوبات المصري على أن يعاقب على الجرائم بمقتضى /٥وبالتالي يكون التطبيق مباشرا، أي: بغير » القانون المعمول به وقت ارتكابها ً إلا أن الفقرة الثانية من ذات المادة أضافت: .« أثر رجعي ا، قانون  ومع هذا، إذا صدر بعد وقوع الفعل، وقبل الحكم فيه نهائي » .« أصلح للمتهم، فهو الذي يتبع دون غيره وقررت الفقرة الثالثة من ذات المادة استثناء على هذا الاستثناء، أي: على رجعية النصوص الأصلح للمتهم، خاص بالقوانين محدودة الفقرة، بقولها:   في حالة قيام إجراءت الدعوى أو صدور حكم بالإدانة فيها وكان ذلك » عن فعل وقع مخالف ً ا لقانون ينهى عن ارتكابه في فترة محددة، فإن انتهاء هذه الفترة لا يحول دون السير في الدعوى أو تنفيذ العقوبات المحكوم ومعنى ذلك: أن النص محدد الفترة الذي وقعت الجريمة في ظله .« بها سيستمر في التطبيق عليها على الرغم من انتهاء مدة سريانه، طالما أن الدعوى كانت قد حركت في ظل ذلك النص، أو كان الحكم الصادر بالإدانة لم ينفذ كاملا ً . ولا شك أن هذين القيدين بدهيان، وهما يهدفان إلى منع إفلات الجاني من العقوبة المقررة بالتطبيق للقانون محدد المدة، بسبب .« انقضاء فترة تطبيقها وقد أكدت الشريعة الإسلامية على مبدأ عدم الرجعية(١) ، يتضح ذلك مما يلي: ١ قوله تعالى: ﴿ º » ¿¾½¼ ﴾ [ [الإسراء: ١٥ . وقوله تعالى: ﴿ ËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ Ì ﴾ [ [القصص: ٥٩ وقوله تعالى: ﴿ SRQPON XWVUT ﴾ [ [النساء: ١٦٥ ، وقوله تعالى: ﴿ ! " &%$# ' )( * -,+ . 543210/ ﴾ [ [الأنعام: ١٩ ﴿ ( * -. ﴾ [ [الشعراء: ٢٠٨ .  ,+ ) ٢ وقد أكد على هذه القاعدة القرآن والسنة. :« العفو عما سلف » قاعدة (١) تكمن عل ّ ة مبدأ عدم الرجعية في قول الله تعالى: ﴿ §¨ «ª© ¬ ﴾ [ [البقرة: ٢٨٦ . ذلك أن تكليف شخص أن يطابق سلوكه على مقتضى نص لم يرد بعد، هو تكليف بما ليس في وسعه، وبما لا طاقة له به، ولا يتصور » ، وبالتالي لم يعلم به قط د. محمود « أن يكلف الشارع الحكيم بمستحيل وتنزه سبحانه عن ذلك نجيب حسني: .. الفقة الجنائي الإسلامي، ص ١٧٥ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١٧٠ أما القرآن، فمنه قوله تعالى: ﴿ xwvuts zy }|{ ~ے ¡¢£ ﴾ [ [الأنفال: ٣٨ ، وقوله تعالى: ﴿ àßÞÝÜØ×ÖÕÔÓ á ﴾ [ [المائدة: ٩٥ وبعد أن جرم الله بعض أنواع السلوك، قال ﴿ IHG J ﴾ [ [النساء: ٢٢ . وأما ا لسنة: فقد روي أن عمرو بن العاص لما أسلم وبايع النبي ژ على نصرته قال: على أن يغفر الله ما تقدم من ذنبي، فقال عليه الصلاة والسلام: يا عمرو أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله » .« وقد قال ژ في خطبته في حجة الوداع: ألا وإن دم الجاهلية موضوع، » وأول دم أبدأ به دم الحارث بن عبد المطلب، وإن ربا الجاهلية موضوع، « وأول ربا أبدأ به ربا عمي ا لعباس بن عبد المطلب .   ٣ الأصل في الأشياء » : بعض القواعد الشرعية تؤيد المبدأ، مثل لا يكلف » ،« لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورود النص » ،« والأفعال الإباحة شرعا إلا ّ من كان قادرا على فهم دليل التكليف، أهلا ً لما كلف به، ولا ًً يكلف شرعا إلا ّ بفعل ممكن مقدور للمكلف معلوم له علما يحمله على ًً « امتثاله(١) . ويقرر الفقه الإسلامي بلا خلاف أن القانون الأصلح للمتهم يعد استثناء على مبدأ عدم رجعية النصوص الجنائية. إلا أن ثمة استثناء ثانيا ًً التشريع يجوز أن يكون له أثر رجعي في » : نادى به أحد الآراء مقتضاه أن ويشمل ذلك « حالة الجرائم الخطيرة التي تمس الأمن العام أو النظام العام (١) ، راجع هذه القواعد في عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ١١٥ ١١٦ د. محمد سلام مدكور: المدخل للفقه الإسلامي، دار النهضة العربية، القاهرة، . ١٣٨٩ ه ١٩٦٩ م، ص ٧٢٥ جرائم القذف والحرابة والظهار(١) ، واللعان، ولم يوافق اتجاه كبير في الفقه الإسلامي الحديث على هذا الاستثناء ا لثاني (٢) . :CGóѪdG ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG (Ü أكد الفقه الإباضي على مبدأ عدم رجعية النصوص الجنائية الخاصة بالتجريم والعقاب، وكذلك الاستثناء الوارد عليها: رجعية النصوص الأصلح للمتهم: ١ وهكذا بخصوص مبدأ عدم الرجعية، يقول الإمام السالمي: إن من شروط التكليف قيام الحجة (وهو ما يعني عدم التطبيق بأثر رجعي). وأما الحجة: فهي ما يقع بها حقيقة الشيء » : وبخصوص الحجة يقول المنظور فيه، أي: لو نظر الناظر في تلك الحجة بعين الصدق لاتضح بها حقيقة ذلك الشيء الذي نظر فيه، فهي حجة على من قامت عليه إذا كان على هذا الحال، سواء نظر فيها أم لا، وسواء عرف أنها حجة أم لم يعرف، ولولا ذلك لما قامت لله على خلقه حجة، ولله على الناس الحجة البالغة « عرفها من عرفها وجهلها من جهل (٣) . (١)عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، المرجع السابق، ص ٢٦١ ٢٧٢ ؛ د. محمد . سلام مدكور: المدخل للفقة الإسلامي، المرجع السابق، ص ٧٢٦ (٢) راجع الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٣٣٢ ٣٣٧ ، د. محمد سليم العوا: في أصول النظام الجنائي الإسلامي، دار المعارف، القاهرة، ١٩٨٣ ، ص ٦١ ٦٧ ، د. حسن الشاذلي: . الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ١٥٢ ١٥٧ تطبيقه بخصوص بعض الجرائم الخطيرة على ما  ويستند هذا الاتجاه إلى أن ما تم مضى من أفعال كان لأن العقوبة أصلح أو أخف، وليس لكون الجريمة خطيرة فحسب. (٣) السالمي: معارج الآمال، المقدمات، مكتبة الإمام السالمي، ولاية بدية سلطنة عمان، ُ . ٢٠١٠ ، ص ٢١١ ويقول السعدي: قد تفضل تبارك وتعالى فقال: ﴿ º» ½¼ ¿¾ ﴾ [ [الإسراء: ١٥ . وقال: ﴿ XWVUTSRQ ﴾ [ [النساء: ١٦٥ ، وتبارك  ربنا وتعالى جل أن تكون عليه الحجة أبد ً ا قبل الرسل، أو بعد الرسل، بل الحجة له في جميع ما سبق من أمره من عدله وفضله في جميع خلقه،   ولكنه من صحة فضله، ومنه أن جعل هذا لعباده من منته وفضله، فقال: ﴿ ` lkjihgfedcba ﴾ [ [التوبة: ١١٥ ، وكثير من شواهد كتابه تدل على هذا من فضله.  وشواهد العقول تشهد له بذلك في حكمته وعدله وفضله، لم يكن  ليعذب أحد ً ا من خلقه إلا بما يعذب به غيره من خلقه من أهل معصيته، وإلا فتناقضت الأحكام وجل عن ذلك وعز وتعالى علوا كبيرا، ومن ّ ته وفضله ً وشواهد أحكامه في خلقه من الثقلين تدل على ذلك على أنه لا يعذب منها أحد ً ا، ولا أحد ً ا من خلقه إلا لعاص قد عصاه بعد قيام الحجة عليه(١) . وبخصوص قوله تعالى: ﴿ º » ¿¾½¼ ﴾ [ [الإسراء: ١٥ أكد الفقه الإباضي على مبدأ عدم ا لرجعية(٢) . (١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٨، ص ١٧٩ (٢) وما كنا » : يقول أطفيش ﴿ ¼»º ﴾ [ [الإسراء: ١٥ أي: لأحد في الدنيا أو الآخرة أو فيهما على الدين ﴿ ¿¾½ ﴾ [ [الإسراء: ١٥يبين له ما يجب عليه وما يحرم عليه، والمراد: ما عذبنا أحد ً ا قبل التبليغ بل بعده، فكذلك أنتم تعذبون إن لم تؤمنوا لأنا قد بلغناكم، وهذا أولى من أن يقال: مضى قضاؤنا الأزلي أن لا نعذب أحد ً ا بعد الأزل إلا .( أطفيش: تيسير التفسير، ج ٨، ص ١٤٥ (الإسراء: ١٢ ١٧ .« بعد التبليغ وبخصوص ما حكم الإسلام في الذين لم يصلهم الإسلام ولم يسمعوا به، والذين قد سمعوا به بطرق مشوهة وغير كافية، وما حكم أطفالهم يوم القيامة؟ يقول الشيخ الخليلي: قال الله تعالى: » ﴿ ¿¾½¼»º ﴾ [ [الإسراء: ١٥ ، فما كانت حجته سمعية = ١٧٣ كذلك بخصوص قوله ژ : « الإسلام يجب ما (كان) قبله » ، قيل: أي  يقطع ويستأصل(١) فغير خاف على أحد أن مبدأ « الإسلام يجب ما قبله » يبدو أثره إذا أسلم غير المسلم وكان قد اتخذ تصرف ً ا قانونيا أو ارتكب فعلا ً ما ً قبل إسلامه، فإنه في هذه الحالة يبقى الحال كما هو عليه وقت إسلامه  (وهو ما أخذت به القاعدة اللاتينية المعروفة باسم Status quo ante )، مما يعني أن هذا ا لمبدأ: • يعترف بالقواعد القانونية التي أجري التصرف أو اتخذ الفعل في إ طارها. • بالتالي، يمنع من تطبيق القواعد الإسلامية على ذلك الفعل أو ا لتصرف. • يحترم الأوضاع التي استقرت نتيجة لهذا الفعل أو ا لتصرف. وهكذا فالثابت إسلاميا هو عدم العقاب على الماضي إذا لم يوجد نص يجرم الفعل وقت ا رتكابه(٢) . = يرجى لهم أن يعذروا فيه ما لم تقم عليهم الحجة به ، وما كان حجته عقلية كمعرفة الله وما يجب إثباته له ونفيه عنه فلا يعذرون فيه، وأما الأطفال فهم على الفطرة، والله لا الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى العقيدة، « يؤاخذهم بجريرة غيرهم والله أعلم . الجزء الأول، ١٤٢٤ ه ٢٠١٣ م، ص ١٤٢ ١٤٣ (١) . السالمي: معارج الآمال،، ج ٨. ص ٧٣ ويقول النزواني: ثم ما وجدنا الإجماع عليه من إسقاط النبي ژ الضمان عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى حيث لم يوجب جميع ما أحدثوه في حال المحاربة ولا قبلها في حال الشرك من الدماء والأموال. الشيخ أبو بكر النزواني: كتاب الاهتداء والمنتخب من سير الرسول عليه الصلاة والسلام . وأئمة وعلماء عمان، ص ١٤٣ ١٤٤ ُ (٢) فبخصوص؛ قلت لأبي محمد: وقد سمعتك تفتي سيدنا الإمام وتعذره عن الحكم فيما مضى قبل عصره بين الأنام ولو كان قادرا على الإنصاف من الظالمين ويمكنا على أخذ ً المظالم للمظلومين وتقول له: إنك مخير فيه لأنه قد مضى في غير عصرك وفي وقت أنت غير مخاطب بالقيام فيه بعدم قدرتك وأريد أن أعرف الحجة وأتبين الحجة إذ في الأثر = ٢ وبخصوص الاستثناء الخاص برجعية النصوص الأصلح للمتهم، فمن البدهي أنه يثور إذا تغيرت النظرة إلى الجريمة بما يكون صالح المتهم (ويكون ذلك في جرائم التعزير خصوصا). وهذا جائز في الفقه الإباضي، ً بالتطبيق لقاعدة:  يسوغ للناس الانتقال من حكم إلى حكم خلافه، من تحليل إلى » « تحريم، ومن تحريم إلى تحليل(١) . وقد أكدت المحكمة العليا في سلطنة عمان على مبدأ عدم الرجعية، ُ وعلى الاستثناء الخاص بالقانون الاصلح للمتهم(٢) . = إنه لا يعذر وعليه الإنصاف إن قدر وإنما لا له الحبس والعقوبات على الماضي قبل  عصره فتفضل بالإيضاح الذي عودتنا إياه. يقول ا لخليلي: خذوا بما في آثار المسلمين وأنا موافق عليها وراجع عما يخالفها وقولي قول المسلمين ».« ورأيي رأيهم المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، مكتبة الشيخ محمد بن شامس البطاشي، مسقط، . ٢٠١٠ م ١٤٣١ ه، ج ٦، ص ٣١ (١) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المجلد الثاني، ج ٣، ص ٥١ (٢) تقول المحكمة ا لعليا: إن المقرر في قضاء المحكمة العليا أن الأصل أن القانون يسري بأثر فوري على المراكز »القانونية التي تتكون بعد نفاذه سواء في نشأتها أو في إنتاجها آثارها أو في انقضائها وهو لا يسري على الماضي فالمراكز القانونية التي نشأت واكتملت فور تحقيق سببها قبل نفاذ وتضيف المحكمة ا لعليا: ..« القانون الجديد تخضع للقانون القديم الذي حصلت في ظله وحيث إنه ولما كان من المقرر أن القانون الجزائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى »أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لا حق ينسخ أحكامه إلا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائيا قانون ً ا أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره وقد تأيد هذا لا يجوز » : النظر بما نص عليه قانون الإجراءات الجزائية في المادة ( ٢٥٠ ) منه على أنه إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة العليا غير الأسباب التي أبديت خلال الميعاد، ومع ذلك فللمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم لما كان ذلك وكان قانون مساءلة الأحداث الصادر « المطعون فيه قانون أصلح للمتهم = ådÉãdG åëѪdG ÜÉ≤©dGh ºjôéàdG »a IGhÉ°ùªdG CGóÑe نشير إلى ماهية المبدأ والاستثناءات التي ترد عليه. :CGóѪdG á«gÉe (CG يعتبر حق المساواة بين الناس من أهم الأسس التي قامت عليها شريعة الإسلام: إذ لا تفاضل بين الناس بسبب الجنس أو اللون أو القوة أو المركز الاجتماعي أو الفقر أو الغنى أو الصحة أو المرض، إلا بالتقوى. فالإسلام ينظر إلى الناس نظرة متساوية؛ لأن معياره واحد وميزانه وحيد. وذلك مهما اختلفت مراتبهم أو مآربهم ومشاربهم. وقد أكد القرآن الكريم على المساواة في مواضع كثيرة، منها قوله تعالى: • ﴿ QPONMLKJIHGFE ZYXWVUTSR﴾ [ [الحجرات: ١٣ .    = ٢٠٠٨ م والذي بدأ سريان العمل به في التاسع من سبتمبر / بالمرسوم السلطاني رقم ٣٠ ٢٠٠٩ م يعد قانون أصلح للمتهمين الأحداث بما صاغه من إجراءات جديدة في صالحهم وما وفره لهم من ضمانات في محاكمتهم وغاير في بعض العقوبات التي توقع عليهم، ومن ثم فإنه يمتد ليكون واجب التطبيق على الجرائم التي وقعت من المتهمين الأحداث بتاريخ سابق على سريان العلم به طالما لم يتم الحكم فيها نهائيا أي: طالما لم يصر الحكم فيها باتا أي: غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن في الأحكام كما هو .« الحال في الدعوى ا لمطروحة مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة . منها، س.ق ( ١٠ )، سلطنة عمان، ٢٠٠٩ ٢٠١٠ ، ص ١ ٢١١ ،٣ ٢١٢ ُ • ﴿ _ jihgfedcba` nmlk o﴾ [ [الإسراء: ٧٠ . • ﴿ ! *)('&%$ #" .-,+ 10/ ﴾ [ [آل عمران: ١٩٥ . وقد أكدت ا لسن »   ة ا لنبوي ة على المساواة أيض ً  ا فيقول ژ : ر رجلا ً بقوله: يا ابن ا لسوداء(١) :  ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا » « من مات على عصبية (أخرجه أبو داود). ومن ذلك قوله ژ لأبي ذر لما عي أعي » كذلك يقول ژ : « الناس كأسنان ا لمشط » (٢)  « رته بأمه؟! إنك امرؤ فيك جاهلية (رواه البخاري ومسلم). . (١) لعل هذا الحديث هو ما استند إليه الرأي الآتي، بقوله: «Shria Contains Many Prohibitions Against Racisim, Labeling it jahilyah». Journal of international and comparative law, vol. 12, 1982, p. 62-63. ويقول الأستاذ عبد الرحمن عزام في مقارنته سند الحضارة المادية (وهي القوة). وسند ٰ هو قول يرجح بعض الأقوام على » : الحضارة الإسلامية (التقوى) إن القول بالحق للأقوى بعض دون سبب طبيعي، ويبيح الاستبداد للقادرين عليه، ويمحو حق المستضعفين. وهو قول تأباه الشريعة المحمدية كل الإباء، فهي التي جعلت الناس سواسية، وجعلت الحق عبد الرحمن عزام: « للأتقى والأبر، وقررت أن الناس أسرة واحدة، أكرمهم عند الله أتقاهم ٰ الرسالة الخالدة، دار الشروق، القاهرة، ص ٢٢٨ ، وما بعدها. (٢) قيل: إن هذا يتأول على وجهين: أحدها: أن يكون أراد أنهم متساوون في الأحكام: لا يفضل شريف لشرفه على وضيع، »كأسنان المشط متساوية: لا فضل لسن فيها على ا لأخرى. ّ والوجه الآخر: أن يكون ذلك بمعنى المذمة لهم وأن الغالب عليهم النقض، كقولهم إذا ّ أبو سليمان البستي: العزلة، دار ابن كثير، دمشق بيروت، .« ذموا قبيلة: هم كأسنان الحمار . ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ص ١٥٨ ١٥٩ ويقول ژ : المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد » « على من سواهم . المساواة المطلقة » : تعني « تتكافأ » ولا شك أن كلمة  في هذا ا لشأن. « والفعلية وعن سمرة ƒ قال: قال رسول الله ژ : » من قتل عبده قتلناه، ومن جدع « عبده جدعناه رواه أحمد والأربعة وحسنه الترمذي وهو من رواية الحسن البصري عن سمرة، وقد اختلف في سماعه منه، وفي رواية أبي داود  والنسائي بزيادة: « ومن خصى عبده خصيناه » وصحح الحاكم هذه ا لزيادة(١) . (١) . الصنعاني: سبل السلام، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ج ٣، ص ٤٤٢ حري بالذكر أنه كان يوجد تفاوت بين الناس وتفاضل بخصوص العقاب على الجرائم، بحسب النسب أو المال أو الحسب أو الجاه أو غيره من صنوف التمايز: فكانت على سبيل المثال دية القتيل من الأشراف أضعاف دية الشخص ا لعادي. والذين يقولون بتفاوت المنازل في العقاب » : ويرفض الإسلام ذلك. يقول الشيخ أبو زهرة  يسيرون على منطق الجاهلية الذي لا يقتل بعظيم القبيلة القاتل وحده، بل يقتل معه غيره، ويضيف: ،« أو يقتل من يماثله في الزعامة في القبيلة وإن مؤدي اعتبار المنازل بين الناس في الجرائم وعقابها أن تكبر الجريمة بصغر المجرم، »وتصغر بكبره، والعقاب يتبعها فيكبر بصغر المجرم، ويصغر بكبره مراعاة للمنازل والأقدار، وذلك غير ما وضعه القرآن من مقاييس العقاب، فقد جعل عقوبة العبد والأمة الشيخ أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه .« في الزنى على النصف من عقوبة الحر . الإسلامي، القسم الثاني، ص ٢٦٢ ويقول أيض ً ا: فإن الجرائم تكبر بكبر الكبير، وتصغر بصغر الصغير على ما سنبين إن شاء الله تعالى، »وإذا كان الناس يتفاوتون قدرا وشرف ً ا، فتقاوتهم في الفضائل، لا في الرذائل، فلا يبدو ً تفاوتهم إلا فيما يتسابقون فيه من مكارم، لا فيما ينتهكون من حرمات، ذلك لأن العدالة القانونية، توجب أن يتساوى الناس في أصل الجزاء القانوني إن ارتكبوا ما يوجب العقاب على نظر في ذلك بالنسبة للقدر، وإن كان تفاوت فهو تفاوت طردي لا عكسي، أي: الجريمة تكبر من الكبير فيكبر معها العقاب، وتصغر من الصغير فيصغر معها العقاب، . الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٣٤٢ ٣٤٥ « وذلك هو الإسلام بل قرر الفقه الإباضي المساواة بين الأحرار والعبيد في المحرمات، « أن الأمة والحرة في المحرمات سواء » فالقاعدة عنده(١) ، فينطبق ذلك أيض ً ا « الحكم في الحر والعبد، في هذا سواء » على من يظهر المنكر؛ إذ (٢) . ويؤكد ذلك أيض ً ا قوله تعالى: ﴿ ]\[ZY _^ o n m l k j i hg f e d c b a` ~}|{zy xwvutsrqp ے ¢¡ ﴾[ [البقرة: ١٧٨ . وسبب النزول أنها نزلت في الأوس والخزرج، كان لأحدهما ولعلهم الأوس على الآخرين قوة وشرف، وكانوا ينكحون نساءهم بلا مهر، وأقسموا لنقتلن الحر منهم بالعبد منا، وبالمرأة منا الرجل منهم بلا رد لنصف دية الرجل، وبالرجل الرجلين، وجعلوا جراحاتهم ضعف جراحات أولئك، فرفعوا أمرهم إلى ا لنبي ژ ، فأمرهم الله بالمساواة فرضوا وسلموا (٣) . ومما يدل على مبدأ المساواة في القانون الجنائي، وبالنسبة للجرائم والعقوبات، أن آيات القرآن جاءت في هذا الخصوص عامة غير مخصصة، مطلقة غير مقيدة، وبالتالي فمناط تطبيقها هو ارتكاب الفعل، بغض النظر عن فاعله. فالفاعل يستحق العقاب، دون ما تمييز بين شخص وآخر . وهكذا، يمكن أن نذكر كأمثلة من القرآن الكريم، ما يلي: ففي الجنايات على النفس: قوله تعالى: ﴿ ~ ے £¢¡ ¬«ª©¨§¦¥¤ (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ٢٤٤(٢) . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ١٦٨(٣) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١، ص ٣٧٠ ¼»º¹¸¶μ´³²±°¯® ÁÀ¿¾½﴾ [ [المائدة: ٤٥ . وقوله تعالى: ﴿ ]\[ZY cba` _^ rqponmlkjihgfed ~}|{zy xwvuts وفي حد  ے ¡¢﴾ [ [البقرة: ١٧٨ . الزنى: ﴿ ,+ . 210/﴾ [ [النور: ٢ . السرقة قوله تعالى: ﴿ 210/ وفي حد <;:9876543 ﴾ [ [المائدة: ٣٨ . وروي عن عائشة # أنها قالت: قال رسول الله ژ : تقطع يد السارق »  في ربع دينار فصاعد ً « ا(١) ، وفي رواية لأحمد: اقطعوا في ربع دينار، ولا » « تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك . وفي حد الحرابة قوله تعالى: ﴿ PONMLK \[ZYXWVUTSRQ k j ih g f e d cb a ` _ ^ ] zyxwvutsrqp❁ nml }|{﴾ [٣٤ ، [المائدة: ٣٣ . وفي حد القذف قوله تعالى: ﴿ ]\ cba`_^ nmlkjihgfed o﴾ [ [النور: ٤ . (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ٢٤٤ وقد تم تطبيق مبدأ المساواة بخصوص التجريم والعقاب منذ العهد الأول للدولة الإسلامية. يكفي أن نذكر ثلاثة أمثلة:  ١ فقد أكد رسول الله ژ على مبدأ المساواة بين رئيس الدولة وأي ّ شخص آخر. فقد قال: أيها الناس من كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه، » ً ومن أخذت له مالا ً فهذا مالي فليأخذ منه، ولا يخشى الشحناء من قبلي فإنها ليست من شأني، ألا وأن أحبكم إلي من أخذ مني حقا إن كان له، أو حل ّ « لني فلقيت ربي وأنا طيب ا لنفس(١) . ٢ ومما يؤكد مبدأ المساواة ما حدث حينما سرقت امرأة مخزومية في عهد رسول الله فحكم النبي ژ بقطع يدها وقد كبر ذلك على قومها فاستشفعوا إلى رسول الله بأسامة بن زيد وكان حب رسول الله ژ فلم يكد يدلي بشفاعته إليه حتى غضب ا لنبي ژ وقال: أتشفع في حد من » حدود الله يا أسامة؟ إنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم القوي « تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه ا لحد ثم قال عليه أفضل الصلاة والسلام: » والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت « يدها(٢) . (١) . تاريخ ابن الأثير، ج ٢، ص ١٥٤(٢) بخصوص هذه الواقعة، يقول سماحة المفتي العام لسطنة عمان: ُ وفي هذا ما يؤكد العدالة الجزائية في الإسلام فلا تفرقة ولا محاباة ولكن عدالة ومساواة »لا يلتفت معهما إلى قرب وبعد ولا إلى قوة وضعف ولا إلى غنى وفقر ولا إلى محبة وبغضاء ولا إلى جنس وآخر بل يلتقي الجميع في ظل العدالة السماوية التي يرفع شعارها قول الله تعالى: ﴿ }|{zyx ~ ¡ے £¢ ¶μ´³²±°¯®¬«ª©¨§¦¥¤ ¸ ﴾ [ [المائدة: ٨ . = ٣ ولعل خير ما يدل على أن الإسلام لا يراعي مكانة من وقع منه الفعل حتى لو كان أميرا، وأن القضاء ينتصف منه، ما حدث من جبلة بن ً الأيهم. والذي كان أميرا من غسان فاعتنق الإسلام وكان ذلك كسبا كبيرا ً ًً للإسلام ولما حضر جبلة موسم الحج، وخرج يطوف بالكعبة، وطئ على إزاره رجل من فزارة فحل ّ ه، وكبر الأمر على جبلة فلطم الفزاري فهشم أنفه. فذهب الفزاري إلى الخليفة عمر بن الخطاب يستعديه على الأمير. فبعث عمر إليه فسأله: ما دعاك يا جبلة أن لطمت أخاك هذا فهشمت أنفه؟ فاستمع الأمير إلى السؤال وهو يعجب وقال: إنه قد وطئ على إزاري في أثناء طوافي بالبيت الحرام فحله، وإنني قد ترفقت به، ولولا حرمة البيت لأخذت الذي فيه عيناه. فقال له عمر: إنك قد أقررت، فإما أن ترضيه وإلا أقدته منك. فقال جبلة في دهشة: تقيده مني وأنا ملك وهو سوقة؟! فقال عمر: إن الإسلام قد سو  ى بينكما. فقال جبلة: إنني رجوت أن أكون في الإسلام أعز ّ مني في الجاهلية. فما زاد عمر أن قال: هو كذلك فقال جبلة إذن أتنصر. فقال عمر: إذن أضرب عنقك، فقال جبلة: إذن اتركني بعض الوقت فمنحه عمر ذلك، وفي هذه الأثناء دبر جبلة هربه وغادر دار الإسلام وارتد عن الإسلام. ولولا ذلك لنفذ فيه عمر ما توعده به. وفي الفقه الإباضي عناية كبيرة بمبدأ المساواة، وخصوصا في شقه ً الجنائي: وفي قولهم: إن كل شيء من الحق أو غيره فلا يجوز » : يقول الخليلي -,+*)('&%$# = وقوله سبحانه: ﴿ " @?>=<;:9876543210/. IHGFEDCBA ﴾ [ [النساء: ١٣٥ ، وليست هذه العدالة في الإسلام الشيخ أحمد بن حمد « شعارا يردد أو شارة ترفع، وإنما حقيقة يجدها كل من يتلمسها ً . ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ص ٩٦ ، الخليلي: جواهر التفسير، مكتبة الاستقامة، عمان، ج ١ ُ إطلاق القول بمنعه عن أحد من البشر من سلطان أو غيره فكلهم سواء في حكم الحق وإعانة المحق منهم على الحق أو المبطل فيما قام به من الحق جائزة لمن أراد بها وجه الملك الحق وربما وجبت في موضع لزومها فكيف يمنع منها في موضع الإجازة كاتب أو حامل أو قارئ أو قائل أو معين أو راض أو مستعين، فكل ذلك ما لا سبيل عليه لأن الحق لا يختلف باختلاف الرجال ولا يتبدل بتغير الأحوال ولا يحكم عليه بالباطل على حال وهو على هذا لا يلتبس به الباطل ا متزاجا فيخالطه أ مشاجا فيرد استقامته ا عوجاجا ًً ً ويجعل حلوه في الذوق السليم أجاج ً « ا فتختلف أحكامه وتتنوع أقسامه(١) . ومن كتاب الإمام راشد بن سعيد لأبي المعالي قحطان بن محمد: ولا تذهب بك حمية أو تمنعك تقية، أن تساوي بالحق بين وضيع » الناس وشريفهم، وقويهم ووضيعهم، وبغيضهم وحبيبهم، وبعيدهم ّ « وقريبهم(٢) . وقال ا لناظم: وآس ِ بين خصوم ت ُ بتلى بهم في مجلس ٍ وكلام ٍ ثم في ا لنظر ْ لا يطمعن شريف أن تحيف له ولا يخاف ضعيف سلطة البطر ٌَ ٌ ْ وتعليق ً ا على ذلك قيل: فإن الله جعل الخلق في العدل سواسية، ولن يرضى الله أن يغير أحد » « حكمه، أو يبدل أمره، أو يشرع غير ما شرعه ا لله(٣) . (١) ، المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتحقيق شوارد مسائل الأحكام والأديان، ج ١٢ . ص ٢٣٥(٢) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٢١٢(٣) الشيخ سالم السمائلي: هدى الفاروق، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ . ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ٥٨ ٦٠ = وهكذا فمبدأ المساواة في العقاب مبدأ مستقر في الفقه الإباضي، حتى ولو كان الجاني هو الإمام أو غيره من أصحاب السلطان وبغض النظر عن نوع الجريمة التي ا رتكبها(١) . = كذلك فقد جاء في رسالة من الإمام ا لصلت بن مالك إلى واليه غسان بن خليد: أوصيك بتقوى الله في سرك وجهرك، وتعمل بالعدل في الرعية، وأن تقسم بينهم بالسوية، »وكذلك في شرحه لقوله ژ يوم فتح مكة: « كلكم لآدم وآدم من تراب » يقول الإمام السالمي: أي كلكم أبناء لآدم وآدم من تراب ففيما التفاخر والتعاظم والأصل واحد .« والمرجع إلى تراب نص الرسالة، منشور في الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الاحكام، المرجع السابق، ص ١١٧ ١١٩ . انظر أيض ً ا: ، الإمام السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، المرجع السابق، ج ٨ . ص ٢٢١ (١) يقول ا لبطاشي : إذا فعل الإمام كبيرة استتيب فإن تاب فهو إمام إلا إن كانت كبيرة مما فيه » ِ حد كالزنى والسرقة أو كان قد لاعن َ زوجت َ ه أو شهد زورا أو قتل نفسا بغير حق، ولا َ ًً تأويل، فتوبته تقبل ولا يرجع إماما فإذا فعل ذلك أقام المسلمون إماما يحد ّ ه وقيل: يبقى ًً إماما إن تاب وأصلح ولولي المقتول قتله ولزمه القود ولا يسقط عنه كونه إماما ما يجب ًً عليه وإذا أحدث الإمام أو حارب وكان المسلمون غالبية قتلوه وولوا إماما يقاتلون معه ً ، البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩ « كفعل أهل النهروان في علي ص ٢٦ . ويقول خلفان بن جميل: اعلم أن الدية الكبرى كانت معروفة مقررة عند العرب قبل الإسلام مائة من الإبل على »الأسنان المذكورة اليوم، إلا أنه كان عندهم إذا قتل سيد القبيلة فهو عندهم من عشرة رجال، فله عشر ديات إن نزلوا إلى الديات، وإلا ّ قيد به عشرة من يختارهم الأولياء، ولما جاء الله بالإسلام قرر الشارع صلوات الله وسلامه عليه دية كل رجل مائة من الإبل كما كان في الجاهلية إلا أنه لم يفرق بين سيد ومسود وبين قوي وضعيف لأن الإسلام ساوى ،« فالمسلمون تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم » ، بين الكل .«( الحديث (رواه أحمد والنسائي وأبو داود جميل بن خلفان: جلاء العمي شرح ميمية الدما، معهد القضاء الشرعي والوعظ والإرشاد، . سطنة عمان، ص ٤٤ ٤٥ ُ وإذا وصل إلينا رجل فقال: إن أبي قد قتله قاضي الإمام أو نائبه أو » وبخصوص مسألة = وإذا كان مبدأ المساوة في العقاب واجبا كقاعدة عامة فإن تطبيقه ً بالنسبة للعقوبات غير المقدرة (التعازير) يمكن أن يتغاير حسب ظروف  الجريمة وحالة الجاني. وهذا هو مبدأ تفريد العقاب individualization of penalties الذي تأخذ به القوانين الجنائية الحديثة. وقد أكد الفقه الإسلامي على ذلك ومنذ زمن بعيد. يقول ابن الأزرق ا لأندلسي: العقوبة السياسية، يجب أن تقدر بحسب الجناية والجاني، كما سبق في » التعزير الشرعي، ومن ثم قال بعضهم: ليست (الجناية) سواء، فتستوي عقوبتها. ولا الناس سواء فتماثل عقوبتهم، بل منهم من يعاقب بالابتعاد، ومن يزاد مع ذلك منع قرابته وأصحابه من كلامه، ومن يعاقب بإلزامه « داره أو بلده(١) . وقد أكدت المحكمة العليا في سلطنة عمان على مبدأ المساواة في ُ معرض حديثها عن مقدار الدية، بقولها: وإن عدم تغيير مقدار الدية من شخص لآخر يجعلها تتحد مع عناصر » العقوبة الجنائية القائلة بالمساواة تحقيق ً ا للعدالة والمساواة بين جميع الناس = واليه وأقر المدعي عليه بذلك ولكن ادعي أنه أراد تأديبه وضربه وتعزيره لما صح معه من استحقاقه فأبى واستكبر وقاتل حتى أفضى بهما الأمر إلى ذلك وأنكر المدعي ذلك أو سكت، كيف الحكم في ذلك؟ يقول المحقق ا لخليلي: إن كان الوالي أو القاضي أو من جعله الإمام لذلك من الثقات قد جعله الإمام لمثل هذا »من قتل من يمتنع عن حكمه ويستكبر عن أمر الله الذي (هو) موكل به فهو فيما عندي مصدق فيما يفعله من ذلك والقول فيه قوله ما لم يصح بالبينة ا لعادلة. وعندي أن حكمه فيما جعل له (و) فوضي إليه من الأحكام في مثل هذا أن له حكم الإمام وقد صرح الشيخ الكدمي بهذا في مسألة الإمام إذا أمر بقتل رجل أو رجمه وفي المحقق .« فحوى كلامه ما يستدل به على غيره ممن له مثل هذا لأن العلة هي هي بعينها . الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ١٠٢ ، ج ١٣ ، ص ١٠٢ (١) . ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، ج ٢، ص ٦٨٨ أمام القانون عملا ً بالسنة المطهرة « المسلمون تتكافأ دماؤهم » وبالتالي لا فرق في الدية بين كبير وصغير وقوي وضعيف، لذلك ذهبت الشريعة الإسلامية لتحديد المقدار المالي للنفس الذي لا يقبل زيادة أو تعويضا آخر ً من خلال السنة الشريفة التي حددت الدية بمائة من الإبل أو ألفي دينار من الذهب أو اثني عشر ألف درهم من الفضة وتتم معادلة الدية الواجبة شرع ً ا بالنقود الورقية التي يجري التعامل بهما وهذا ما ذهب إليه المشرع « العماني(١) . ُ      n :CGóѪdG ≈∏Y Oo ôp J »àdG äGAÉæãà°S’G (Ü استقرت النظم القانونية المعاصرة على إعفاء بعض الأشخاص من العقاب عن الجرائم التي يرتكبونها، ومن هؤلاء الاشخاص: رؤساء الدول الأجنبية، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، والقوات العسكرية الأجنبية التي تتواجد فوق إقليم دول ما بموافقة هذه الأخيرة. ومن ذلك أيضا الحصانة ً المقررة لأعضاء البرلمان الوطني في كل دولة. ولا شك أن مثل هذه الاستثناءات تتعارض ومبدأ المساواة في العقاب  ا(٢) الثابت إسلامي . (١) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة . ٢٠٠٩ ، ص ٤٨٣ /٦/ ٢٠٠٨ وحتى ٣٠ /١٠/ منها في الفترة من ١(٢) اختلف الفقه كثيرا حول هذه ا لاستثناءات: ً فيذهب اتجاه إلى أن أحكام الشريعة لا تقر من هذه الاستثناءات شيئ ً ا. والأصل فيها اطراد تطبيق أحكام الإسلام الجنائية على كل من يقع منه فعل معاقب عليه في إقليم الدولة ا لإسلامية. د. محمد سليم العوا: في أصول النظام الجنائي الإسلامي، ص ٧٠ ؛ عبد القادر عودة التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣١٠ ٣٤١ بينما يذهب اتجاه آخر إلى أن الاعتبارات العملية التي تقف وراء منح تلك الاستثناءات = وإذا كان ذلك كذلك، فإننا نشير هنا إلى بعض الفئات المستثناة من العقاب التي بحثها الفقه الإسلامي، والفقه ا لإباضي: = تلافي توتر العلاقات مع دولة الدبلوماسي أو الرئيس الأجنبي، وتمكين القوات الأجنبية »من أداء مهمتها في مساعدة الدول الإسلامية الموجودة فوق أراضيها، وتلافي الاتهامات الأشخاص الذين يستفيدون من » (الكيدية لأعضاء المجالس النيابية)، لا تقتضي إخراج الحصانات السابقة من نطاق تطبيق النص الجنائي الشرعي، أي: أنها لا تقتضي إخراجهم من عداد من يوجه إليهم الشارع أوامره ونواهيه. وإنما كل ما تقتضيه هو أن تمنع السلطات الإقليمية من اتخاذ إجراءات الاتهام والتحقيق والمحاكمة ضد هؤلاء الأشخاص، مع بقاء أفعالهم مجرمة ومعاقبا عليها. وبناء على ذلك فإن التكييف الصحيح لهذه الحصانات أنها ً الولاية القضائية للدولة، ولكنها لا تقرر خروجها من » تقرر خروج بعض الأفعال من الولاية التشريعية للدولة، فمجالها هو الإجراءات الجنائية، وليس القواعد الموضوعية، وكل ما تقرره هو وضع مانع إجرائي يحول دون اتخاذ الإجراءات الجنائية ضد شخص معين بصدد فعل يعد جريمة. ووفق ً ا لهذا التكييف، فإن الحصانة المقررة لبعض الأشخاص، تحقيق ً ا لاعتبارات ذات أهمية  للدولة الإسلامية ومواطنيها لا تعني إخلالا ً بمبدأ المساواة بين الناس في الخضوع للنص الجنائي الشرعي، من حيث ما يقرره من تجريم وعقاب، إذ المستفيد من الحصانة يبقى خاضعا لذلك النص، ويعتبر الفعل الذي ارتكبه جريمة، ولكن لاعتبارات تتصل ً بالملاءمة لا تتخذ الإجراءات الجنائية ضده. ولا يعني تقرير هذه الحصانة الإجرائية أن يفر المستفيد منها من العقاب، وإنما تتولى سلطات دولة أخرى بناء على إنابة قضائية من الدولة الإسلامية اتخاذ الإجراءات ً الجنائية ضده وتوقيع العقوبة عليه. وبناء على ذلك، فإن الحصانة تتحول في تكييف صحيح لها إلى إنابة قضائية. فالدولة ً الإسلامية تنيب عنها الدولة التي يتبعها عضو السلك السياسي أو القنصلي الأجنبي أو رجل القوات المسلحة الأجنبية في اتخاذ الإجراءات الجنائية ضده، وتوقيع العقوبة عليه إذا ثبتت إدانته. والإنابة القضائية لا تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية، لأنها لا تخل « بمبدأ المساواة بين الناس، وإنما هي نوع من التعاون الدولي لخير المجتمع الانساني . د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٢١٥ ٢١٦ ونحن نؤيد هذا الرأي الأخير، ونرى لتأييده أن ذلك نوع من المعاملة بالمثل في العقاب، والذي يدخل بالتالي في عموم قوله تعالى: ﴿ ³² ´¶µ = ١ مدى حصانة الإمام في الفقه ا لإسلامي:  الإمام » ثارت هذه المسألة خصوصا بالنسبة لما يسميه أبو حنيفة ً وهو يقصد على ما يبدو أعلى رأس في ) « الأعظم الذي ليس فوقه إمام الدولة الإسلامية أي: الرئيس الأعلى لها، والذي يعبر عنه في النظم القانونية حق تمثيل الدولة في جميع المجالات » اللاتينية بأنه الشخص الذي له .(«Jus representationis omnimado إذ يرى أبو حنيفة أن الإمام الأعظم إذا ارتكب جريمة من جرائم ة(١) الحدود فلا يطبق عليه العقاب، بعكس جرائم القصاص والدي . وأساس = ¸¹ ﴾ [ [النحل: ١٢٦ وهو قول ينطبق على العقوبة ليس فقط من حيث نوعها أو ماهيتها، وإنما أيض ً ا في رأينا من حيث كيفيتها وطريقتها. ويعني ذلك أن رؤساء الدول الأجنبية، ومبعوثوهم الدبلوماسيين لن يعاقبوا في الدول الإسلامية ا تباع ً ا للعرف الدولي المستقر عن الجرائم التي يرتكبونها في دار الإسلام وبالمثل لن يعاقب نظراؤهم المسلمين عن جرائمهم في تلك الدول الأجنبية، وإنما ستتم معاقبتهم في دار ا لإسلام. (١) يقول الشيخ أبو زهرة: والأساس في الاختلاف بين الحد، والقصاص ومثله الأموال أن الحد حق الله تعالى، وحقوق الله تعالى يتولى تنفيذها ولي الأمر بما خوله الله سبحانه وتعالى من سلطان، وهو لا ينفذها على نفسه، أما الدماء والأموال، فهي حقوق العباد، وإن ذلك الحق ثابت ابتداء للعباد، فقد قال تعالى: ﴿ rqponm {zyxwvuts ﴾ [ [الإسراء: ٣٣ فالمطالبة والتنفيذ يكون من صاحب الحق، وهو أمر استمد من حكم الله القاهر فوق عباده، وليس للقاضي فيه إلا . الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٣٥٨ « المعاونة على إظهاره انظر تفصيلات أكثر في المرجع السابق، ص ٣٥٨ ٣٦٠ ؛ د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٢٠٥ ٢١٠ ؛ د. حسن الشاذلي: الجريمة: دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٢٩٨ ٣٠٤ ، أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ص ١٢٥ ١٣٣ ؛ عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، . ج ١، ص ٣٢٠ ٣٢٣ واستناد ً ا إلى منطق الحجة الداعية إلى إعفاء الإمام الأعظم من العقاب (لأنه هو الذي يتولى تنفيذ الحدود ولا يتصور أن ينفذها على نفسه)، فإن الاستاذ عودة يرى أنه إذا =  هذه التفرقة أنه بخصوص جرائم الحدود الذي ينفذها الإمام، ولا يتصورونه  أن ينفذها على نفسه، بعكس جرائم القصاص والأموال فإنها تكون للولي مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ utsrqp onm v xwyz{ ﴾ [ [الإسراء: ٣٣ . أما جمهور الفقهاء فقد ذهبوا إلى تبني مبدأ المساواة على إطلاقه دون تفرقة بين بني البشر، ولو كان الجاني الإمام الأعظم، ولا فرق بين الحد أو القصاص أو الدية، ولا بين حقوق الله تعالى وحقوق العباد، ا ستناد ً ا إلى الحجج السابق ذكرها والتي جاءت نصوصها عامة مطلقة لا تفرق بين شخص وآخر بخصوص التجريم والعقاب . ويبدو أن الفقه الإباضي أقرب إلى رأي الجمهور بالنسبة لحصانة الإمام منه إلى رأي ا لإمام(١) أبي حنيفة. يقول ا لكندي: وليس الإمام يكون حكمه في ظلم العباد خلاف غيره. ولا ينحط عنه » حكم ما وجب عليه بعد قيام الحجة عليه بتعديه على ا لناس. والإمام وغيره سواء عندنا فاعلم ذلك وقد أطلت لك في هذا فانظر في ذلك ولا تقبل عني ولا عن غيري شيئ ً ا مما خالف الكتاب الناطق = فوض لشخص آخر هذه الوظيفة فيمكن لهذا الشخص توقيع العقاب على الإمام الأعظم. = :( يقول عبد القادر عودة (ذات المرجع الأخير، ص ٣٢٢ وإذا ول » ّ ى الإمام نائبا عنه أو قاضيا للحكم في كل الجرائم، كان من حق النائب أو ًً القاضي أن يأخذ الإمام الذي ليس فوقه إمام بكل جريمة سواء مست حقا لله أو حقا للأفراد. وعلى هذا لو ترك للمحاكم تطبيق الشريعة أخذ ً ا بنظام فصل السلطات، كان .« للمحاكم أن تحكم على الإمام الذي ليس فوقه إمام بعقوبة أية جريمة يرتكبها(١) « باب في أفعال الإمام من قتل أو غيره » بحث الفقة الإياضي ما يرتكبه الإمام تحت باب في أحداث » (الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ٤٢٦ وما بعدها)، أو تحت البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، وزارة التراث القومي والثقافة، ) « الإمام سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ج ٩، ص ٢٤ وما بعدها). ُ « وقول الرسول الصادق فتكون من الخاسرين وتحشر مع الجائرين(١) . ويضيف أيض ً ا: فالإمام إذا قتل رجلا » ً من المسلمين، ولم يعلم منه ما يستحق به القتل، ما حال الإمام؟ قال: هو على إمامته، إلا أن يطالبه أحد من المسلمين بصحة الفعل، أو يسألوه بماذا قتل وليهم فإذا قال: قتلته بحق، لم يكن لهم أن يسيئوا بإمامهم الظن. والإمام مطلق الفعل، مصدق القول، إلا ما يخرج من فعله من تعارف العادة من فعل الأئمة والحكام. فعند ذلك يسأله المسلمون « عن الفعل فإن تبين عذره وإلا حورب وعزل(٢) .  أن الإمام إذا قتل أحد » : علة ذلك ً ا من الرعية بغير حق خرج من إمامته، ووجب عليه القود لأولياء المقتول، ولا يسقط عنه إذا كان إماما حكم ما ً « وجب عليه من حكم الله تعالى عليه(٣) .   ويذهب الإباضية إلى أن الإمام يعاقب عن الجرائم التي تستوجب حدا، ّ ويعزل بالتالي: (١) .. الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ٤٢٨(٢) .. ذات المرجع، ص ٤٢٦(٣) ذات المرجع، ص ٤٢٧ وبخصوص: فيمن رأى الإمام يقتل رجلا، ً هل يجوز له الإنكار عليه أو عليه ذلك لازما؟ يقول ا لخليلي: ً ولعله الإنكار عليه ما لم يكن المقتول يدعي قتل بغي الإمام عليه ويستغيث منه بالله »وبالمسلمين أن يغيثوه منه ويمنعوه عنه حتى يظهر الإمام حجته (فيما قيل لأن الإمام قد صار خصما في الحكم الظاهر وعلى الإمام أن يمتنع إذا قامت عليه حجة المسلمين) ً بالنكير ولو كان محقا فيما بينه وبين الله وإلا صار خصما للحجة مخلوع ً ا بمخالفته حجة ً الله عليه وإلا ففي غير هذا الموضع وما يشبهه لا يلزمه الإنكار ولا يجوز له معارضة المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، « العدل فيما هو مؤتمن عليه في حكم الظاهر . ج ١٢ ، ص ٢٠٢ لأبي ا لمؤثر: « الأحداث والصفات » وهكذا جاء في كتاب فإن أحدث الإمام حدث » ً ا نظر المسلمون في حدثه، فإن كان حدث ً ا مثل: قذف أو زنا أو شرب خمر أو سرقة، لم يكن بد من إقامة الحد عليه، ولا يقيم الحد عليه إلا الإمام، فحينئذ تزول إمامته ويبايع المسلمون إماما يقيم ً عليه الحد، ثم يستتيبونه فإن تاب قبلت توبته وقد زالت إمامته. وإن كان حدثه من غير الحدود مثل الجور في الحكومة واغتصاب الناس أموالهم، نظر المسلمون في حدثه ثم استتابوه فإن تاب قبلت توبتة على رد ما غصب، والعدل فيما جار، وعدل للظالمين والإنصاف بينهم إذا صحت عليهم الحقوق لمن تعدوا عليه. وإن أصر على ذنبه وامتنع عن التوبة أظهر حينئذ المسلمون حدثه وذنوبه التي أصر عليها إلى عامة رعيته حتى يكون عامة الرعية شهود ً ا عليه، ولا يقتلونه خلسة ولا يعزلونه خلسة، فمتى فعلوا ذلك به لزمتهم التهمة مع عامة الرعية. فإذا شاعت أحداثه في رعيته ساروا إليه واستتابوه ما لم يقتل منهم أحد، فإن تاب قبلت توبته وفي  أنفسهم عليه ريبة، فإن كابر المسلمين عزلوه إن قدروا وإن قاتلهم قاتلوه « حتى يقتلوه كما فعل المسلمون بعثمان (١) . (١) ، السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، ج ١، ص ٧٤ ٧٥ ؛ النزوي: المصنف، ج ١ ُ ص ٢١٧ ٢١٨ . راجع أيض ً في صفة الإمام إذا ركب حدث » ا في باب ً ا، هل يرجع إلى السعدي: قاموس الشريعة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، « ولايته وإمامته ُ ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ج ٨، ص ١٢١ وما بعدها. وبخصوص شهادة الزور من الإمام، قيل: تزول إمامته ولو تاب؛ لأنه لا تجوز شهادته إذا كان قد حكم بشهادة زور في شيء من »الأحكام، مما يحل ّ به حراما، أو يحق به باطلا ً في أمر الدين، أو في حكم ثبت من أحكام ًّ .« المسلمين ممن يجوز حكمه بالرأي، ويثبت على ا لمسلمين إنه لا يجوز أن يكون إماما على الابتداء إذا كان شاهد زور. » : وكذلك قيل ً وقيل: إنه لا بأس بذلك، وتجوز شهادته وتثبت إمامته، وشهادة الزور كغيرها من المعاصي، فإذا تاب منها صاحبها كان له ما للتائبين من إجازة الشهادة، وثبوت ا لولاية. = ٢ حصانة السفراء (الرسل)(١) : من الأمور المعلومة منذ غابر الزمان أن الرسول أو السفير، باعتباره ممثلا ً للدولة المرسلة ولتمكينه من القيام بالمهمة الموفد من أجلها، يتمتع بالحصانة بخصوص ما يصدر عنه من أعمال لازمة لإنجاز تلك ا لمهمة. وقد وضع الفقه الإباضي كثيرا من القواعد بخصوص الدبلوماسيين ً أهمها أن الأصل تمتع الرسول بالحصانة: إذ يشكل ذلك القاعدة العامة عند الإباضية، يقول ا لكندي: ّ ويقول ابن محبوب: » رسل أهل الحرب » : نهى رسول الله ژ عن قتل ومن دخل إلى المسلمين منهم بأمان ما لم ينقض الرسول منهم والآمن من « عندهم عهد الأمان له بعدوان(٢) . رسل أهل الحرب... ما لم » وهكذا فقد نهى رسول الله ژ عن قتل « ينقض الرسول منهم... عهد الأمان له بعدوان(٣) . فقد روي أنه أرسل مسيلمة إليه ژ رسولين بكتاب فلما قرأه قال لهما: فما تقولان؟ » « فقالا: نقول بما قال، فقال ژ : لولا أن الرسل لا تقتل » « لقتلتكما(٤) . = وقيل: تثبت ولايته، ولا تجوز شهادته، يعني بذلك شهادة الزور، وحكم الكتاب يقضي بإجازة الشهادة لأهل الرضى من المسلمين، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وما أثبته . ذات المرجع، ص ١٢٢ ١٢٣ « الكتاب بأصل، فلا يزول إلا بأصل من الأصول(١) راجع تفصيلات كثيرة في د. أحمد أبو الوفا: أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في . الفقه الإباضي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ج ٢، ص ٢٨٥ ٣٠٧ ُ (٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧، ص ٢٦٧(٣) . ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، كتاب المحاربة، ص ٣٦(٤) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٢٢ وقد حدث ذلك سنة عشرة حينما ارتد بنو حنيفة وهم قوم مسيلمة الكذاب تنبأ وكتب إلى = وهكذا فقد جرت ا لسنة بعدم قتل رسل ومبعوثي الدول الأجنبية حتى ولو  استخدموا ألفاظ ً ا جارحة يعاقب عليها الشخص العادي؛ يقول ابن قيم ا لجوزية: وكانت تق » ْ دم عليه رسل أعدائه وهم على عداوته فلا يهيجهم ولا ُ « ألا يقتل رسول » ذلك أنه جرت سنته « يقتلهم(١) . ُ يقول الإمام الخطابي تعليق ً ا على ذلك: وأما قوله: » لولا أنك رسول لضربت » ُ « عنقك فالمعنى في الكف عن دمه أن الله سبحانه قال: ﴿ ¸ ¾½¼»º¹ ÄÃÂÁÀ¿ ﴾ [ [التوبة: ٦ ، فحقن له دمه حتى يبلغ مأمنه  ويعود بجواب ما أرسل به  « فتقوم به الحجة على مرسله(٢) . ثم كتب إلى مسيلمة:  بسم الله الرحمن ا لرحيم، من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب: » السلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين «(٣) . = من مسليمة رسول الله إلى محمد رسول الله، أما بعد فإن الأرض نصفها إلي » : رسول اللهژ ّ ونصفها لك، وأني قد أشركت في الأمر ولكن قريش ً فكتب إليه رسول الله ژ: .« ا تعتدي بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب السلام على من اتبع الهدى »أما بعد، ف ﴿ ﮯ £¢¡ ¤ ©¨§¦¥ ª ﴾ [ [الأعراف: ١٢٨ ،« راجع أطفيش: تيسير التفسير، ج ٤، ص ٦٦ ٦٧ (ذكره في تفسيره للآية ٤ من سورة ا لمائدة). (١) . ابن القيم الجوزية: زاد المعاد في هدي خير العباد، ج ٢، ص ٧٥(٢) . الخطابي: معالم السنن، ج ٢، ص ٣١٩ ويروى أن النبي ژ قال له: لو كنت قاتلا » ً رسولا ً « لقتلتك ولضربت عنقك راجع الحافظ الهيثمي: كشف الأسرار عن زوائد البزار على الكتب الستة، مؤسسة الرسالة، بيروت، . ١٣٩٩ ه ١٩٧٩ م، ج ٢، ص ٢٧١(٣) . السيرة ا لنبوية لابن هشام، المرجع السابق، ج ٢ = ومن ذلك ما حدث أثناء صلح الحديبية فقد تطاول عدد من رسل قريش على مجلس رسول الله مثل عروة بن مسعود الثقفي فحاول أ بو بكر الصديق ƒ أن يرده إلى صوابه، لكن ا لرسول ژ منع رفقاءه من أن يمسوا عروة بسوء مع العلم أن قريش ً ا عقرت مطية سفيره الذي راح عليها وهمت بقتله(١) .  ومن ذلك أيض ً ا ما حدث بين ا لنبي ژ ورسول هرقل فقد سأله   الرسول عن هديته وسأله إضافة لذلك: هل لك إلى الإسلام والحنيفية ملة » أبيك إبراهيم 0« ، فأجابه السفير بصراحة: إني رسول قوم وعلى دين قوم  ولا أرجع عنه حتى أرجع إليه، فضحك الرسول ژ قائلا ً : ﴿ _`a hgf edcb ﴾ [ [القصص: ٥٦ . ثم يقول له ژ معتذر ً ا لما وجده عليه من ضيق: إن لك حقا وإنك لرسول، فلو وجدت عندنا جائزة » لجوزناك بها، ولكن جئتنا ونحن مرملون (أي في ضيق)، فتطوع عثمان بن عفان بإعطائه جائزة. ثم قال الرسول: أيكم ينزل هذا الرجل، فقال رجل من « الأنصار: وأنا على ضيافته(٢) .  ويقرر الإمام السرخسي أن: الرسل لم تزل آمنة في الجاهلية والإسلام وهذا لأن أمر القتال والصلح »« لا يتم إلا بالرسل فلا بد من أمان الرسل ليتوصل إلى ما هو ا لمقصود(٣) . = وقد قيل: إن هذه الرسالة تعتبر من الرسائل القصيرة الآتية على المعاني الكثيرة، قدامة بن . جعفر: كتاب نقد النثر، المكتبة العلمية، بيروت، ١٤٠٠ ه ١٩٨٠ م، ص ١٠٠(١) انظر هذه القصة أيض ً ا في: د. عبد الهادي التازي: الحصانة الدبلوماسية في مفهوم السيرة ، النبوية، المؤتمر العالمي الثالث للسيرة والسنة النبوية، الدوحة، ١٤٠٠ ه، ج ٦ . ص ٦٥٣ ٦٥٤(٢) راجع الإمام حميد بن زنجويه: كتاب الأموال، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات . الإسلامية، الرياض، ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ج ١، ص ١٢٣ ١٢٤(٣) السرخسي: المبسوط، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، ج ١٠ ، ص ٩٢ ٩٣ . وانظر = وقد عبر الإمام الشوكاني عن دور العرف في هذا الخصوص تعبيرا بليغ ً ا ً بقوله: إن تأمين الرسل ثابت في الشريعة الإسلامية ثبوتا معلوما فقد كان » ًً رسول الله ژ يصل إليه الرسل من الكفار، فلا يتعرض لهم أحد من أصحابه وكان ذلك طريقة مستمرة وسنة ظاهرة، وهكذا كان الأمر عند غير أهل ُ الإسلام من ملوك الكفر، فإن ا لنبي ژ كان يراسلهم من غير تقدم أمان منهم لرسله، فلا يتعرض لهم متعرض.  والحاصل أنه لو قال قائل: إن تأمين الرسل قد اتفقت عليه الشرائع لم يكن ذلك بعيد ً ا وقد كان أيضا معلوما ذلك عند المشركين أهل الجاهلية ًً عبدة الأوثان، ولهذا فإن ا لنبي ژ يقول: لولا أن الرسل لا تقتل لضربت » « أعناقكما قاله لرسول َي مسيلمة،... فقوله: « لولا أن الرسل لا تقتل » فيه ْ « التصريح بأن شأن الرسل أنهم لا يقتلون في الإسلام وقبله(١) . ُ ويمكن القول: إن من الأخلاق التي يستند إليها ا لإباضية أن: ّ « للوافد إليهم حسن ا لرعاية »(٢) . وهو ما يؤكده كتاب الإمام سعيد بن عبد الله إلى يوسف بن وجيه: = أيض ً أصول القانون الدولي والعلاقات الدولية عند الإمام الشيباني وفق » : ا مقالتنا ً ا لكتاب ١٩٨٧ ، مطبعة ، مجلة القانون والاقتصاد، عدد ٥٧ « السير الكبير بشرح الإمام السرخسي . جامعة القاهرة، ١٩٩٠ ، ص ٣٨٤ (١) الشوكاني: كتاب السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، تحقيق محمود إبراهيم زايد، . دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، الطبعة الأولى، ج ٤، ص ٥٦٠ ٥٦١(٢) الشيخ سالم بن حمود السيابي: طلقات المعهد الرياضي في حلقات المذهب الإباضي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٠ ه ١٩٨٠ م، مطابع سجل العرب ُ . القاهرة، ص ١٢٩ ومن قولك: إن بعثت رسلك هؤلاء استظهارا منك بالحجة علينا فنحن » ً ِِ أحق بهذه الصفة منك ولو أنا أمنا على رسلنا إليك كما أمن ْت َ على رسلك إلينا لجاءك وخاطبك شفاه ً « ا إن أنت أنصفت في مخاطبتك(١) . بعثتني قريش إلى رسول الله ژ فلما رأيت » : وعن أبي رافع قال رسول الله ژ ألقي في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله، والله إني لا أرجع إليهم أبد ً ا، فقال رسول الله ژ : إني لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البرد، ولكن ارجع إليهم فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن فارجع ، فذهبت  .« ثم أتيت ا لنبي ژ فأسلمت يقول العلامة أطفيش:  وكان أبو رافع قبطيا، وهذا في ذلك الزمان، وأما الآن فلا يصلح؛ أي: »« لا يرد من آمن(٢) . وقد سبق أن ذكرنا أن تلك الحصانة وهي مانع إجرائي يدخل في إطار قانون الإجراءات الجنائية، ولا يمس كون الفعل جريمة يمكن، ا ستناد ً ا إلى اعتبارات عملية لعدم توتر العلاقات مع دولة السفير أو الرسول وعدم الإضرار بمصالح الدولة الإسلامية) الأخذ بها، حتى ولو ارتكب السفير جريمة في دار الإسلام، لأنه ستتم معاقبته ومحاكمته في دولته. وبالتالي يعد هذا نوع ً ا من التعاون الدولي في صورة إنابة قضائية، وهو أمر سيطبق أيض ً ا (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٦١(٢) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ج ٥، ص ٢٢١ ٢٢٢ ، وانظر ذات المرجع، ص ١٧٥ حيث ُ يذكر أنه ژ قال: « ولا أحبس ا لرسل » . وكان الإمام أبو داود يقرر بخصوص قول ا لنبي ژ لأبي رافع: « إني لا أحبس ا لبرد » : .« هذا كان في ذلك الزمان، فأما اليوم فلا يصلح » على السفراء المسلمين إذا ارتكبوا جرائم خارج دار الإسلام، إذ سيحاكمون في الدولة الإسلامية. وقد أيدنا هذا الاتجاه بالقول إن ذلك يدخل في إطار قوله تعالى: ﴿ ¹¸¶µ´³² ﴾ [ [النحل: ١٢٦(١) . (١) لكن رأيا آخر في الفقه الإسلامي يأخذ بعكس ذلك ويرى أن الرسل القادمين من دار ً الحرب يعاقبون في دار الإسلام عن الجرائم التي يرتكبونها فيها، سواء تعلقت بحق الله أم  بحق ا لعبد. أما حق الله تعالى، فما ارتكبوه من جريمة استوجبت عقوبة هي حق خالص لله تعالى، »كما في الزنا، والسرقة، والحرابة، فأرى أن يطبق عليهم أحكام المستأمن، وقد سبق أن بينا ّ ه تفصيلا ً ، وبينا ما يجري فيه من خلاف بين جمهور الفقهاء وبين أبي حنيفة، وعلى كلا الرأيين فإنه لا ينجو من العقوبة، لأنها إما عقوبة حدية، كما هو رأي جمهور الفقهاء، وإما عقوبة تعزيرية كما هو رأي الحنفية ومن نهج نهجهم . ولا شك أن هذا المسلك  الذي تقرره الشريعة الإسلامية هو الأولى بالأخذ والاتباع، وهو الذي يتفق مع العدالة ْ وتقضي به قواعد الأخلاق، وتقرره العقول السليمة السوية، وهو الذي يتناسب مع قواعد اختيار الرسل، وما يجب أن يتحلوا به من خلق واحترام لقوانين الدول وأحكامهم، وما هم إلا بشر يجري عليهم ما يجري على غيره. وأما حق العبد، فما ارتكبوا من جرائم استوجبت حقا للعبد من ضمان أموال أخذوها بغير وجه حق، أو أتلفوها، أو من قصاص في قتل عمد، أو دية في شبه عمد أو خطأ...، كانت الجناية على النفس أو على ما دونها، أو غرامات مالية تترتب على أسباب غير مشروعة اقترفوها... كل ذلك تقضي الشريعة الإسلامية فيه باستيفاء حق العبد منه بإجماع الفقهاء، ولا يختلف واحد منهم في هذا الحكم، لأنه كما التزمنا عند دخوله الحفاظ على نفسه، وماله، وعرضه، وأن أي مساس بهذا الالتزام يؤدي إلى العقاب على المعتدي، فكذلك هو قد التزم عند دخوله الحفاظ على الأنفس والأموال والأعراض، وكافة قوانين ونظم دار الإسلام، التي بها حمايته، فإذا نقض التزامه، فأهدر ما التزم الحفاظ عليه.. خلع بذلك د. حسن « ثوب حصانته الذي منح له، عاد بذلك إلى أصله، ومن ثم عوقب على ما اقترف . الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٣١٠ أما الشيخ أبو زهرة فيفرق بين جرائم التعزير وهذه يمكن الإتفاق على حصانة المبعوث السياسي الأجنبي بخصوصها، وجرائم الحدود والقصاص وهذه لا يجوز إعفاؤه منها لأن مصادر الشريعة ومواردها لا تسوغ الاتفاق على ترك المجرم الذي ارتكب ما يوجبها ليحاكم على أساس قانون آخر، وبقاض آخر، لأن ذلك يؤدي إلى تعطيل حدود الله تعالى = ™HGôdG åëѪdG (1)᫪«∏bE’G CGóÑe :CGóѪdG á«gÉe (CG باعتبارها جاءت للناس كافة، فإن الشريعة الإسلامية ذات طبيعة عالمية، لكنها لا تطبق لضرورات واضحة إلا على الأقاليم الخاضعة لسلطان المسلمين ومن هنا جوهرها الإقليمي. بعبارة أخرى، وكما يقول عبد القادر إن الشريعة الإسلامية في أساسها شريعة عالمية إذا نظرنا إليها من » : عودة الوجهة العلمية، ولكنها في تطبيقها شريعة إقليمية إذا نظرنا إليها من الوجهة « العملية(٢) . وقد نص قانون العقوبات المصري على قاعدة الإقليمية صراحة في موضعين: = في أرض الإسلام، وذلك لا يسوغ، وإذا تعهد ولي الأمر على ذلك فهو تعهد باطل، لأنه  تضمن شرط ً ا يخالف ما في كتاب الله. ولقد قال ا لنبي ژ : كل شرط ليس في كتاب الله » ،« فهو باطل، ولو كان مائة شرط وقال أيض ً ا: المسلمون عند شروطهم إلا شرط » ً ا أحل حرام ً ا أو حرم حلالا ً« ، وقال ژ : كل صلح جائز إلا صلح » ً ا أحل حرام ً ا أو حرم حلالا ً « ، . الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٣٤٥ (١) راجع تفصيلات أخرى كثيرة بخصوص مبدأ إقليمية النص الجنائي، في الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٣٤٣ ٣٥٦ ، د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ١٩٢ ٢٠٣ ، د. عبد الفتاح الصيفي: الاحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة ، الإسلامية والقانون، ص ١٤٨ ١٥٣ ، عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١ ص ٢٨٠ ٢٩٠ ، د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري القسم. العام، . ص ٦٤ ٧٣ (٢).٢٧٥ ، عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، نادي القضاة، القاهرة، ١٩٨٤ ، ج ١ نشير إلى ماهية المبدأ، والقواعد الخاصة به. الأول: ما نصت عليه المادة الأولى من أنه تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه. الثاني: ما نصت عليه المادة الثانية من أنه تسري أحكام هذا القانون أيض ً ا على الاشخاص الآتي ذكرهم: (أولا ً ( كل من ارتكب خارج القطر المصري فعلا ً يجعله فاعلا ً أو شريك ً ا في جريمة وقعت كلها أو بعضها في القطر ا لمصري. ويتكون إقليم الدول دائما من عنصرين: الأرض اليابسة (بما فيها من مياه ً داخلية وبحيرات وأنهار) والفضاء الجوي الذي يعلو اليابسة والمسطحات المائية الخاضعة لسيادة الدولة (مع مراعاة أن الفضاء الخارجي ليس مملوك ً ا لأحد، وإنما هو ملك للإنسانية جميعا). وهناك عنصر ثالث قد يشمله إقليم ً الدولة، وهو العنصر البحري، والمتمثل في البحار والمحيطات التي قد تحيط بشواطئها. هذا العنصر قد لا يتواجد بالنسبة لبعض الدول التي لا تطل على امتدادات بحرية، (والتي يطلق عليها اسم الدول الحبيسة أو المنغلقة أو التي لا شاطئ لها). ولذلك فهو ليس عنصر ً ا لازم ً ا من عناصر الإقليم، لأنه قد يتوافر لدى بعض الدول دون البعض الآخر بالنظر إلى موقعها ا لجغرافي(١) . والقاعدة أن الدولة يتحدد اختصاصها بحدود اقليمها وبالتالي لا يجوز لها ممارسة نوعين من الاختصاص خارج ذلك ا لإقليم. الأول: أي اختصاص مادي يتم رغما عن إرادة دولة الإقليم مثال ذلك ً إرسال قوة بوليس من الدولة (أ) إلى الدولة (ب) للقبض على شخص موجود فوق إقليم هذه الأخيرة دون موافقتها. (١) ، د. أحمد أبو الوفا: الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١٤ . ص ١٧٣  الثاني: أي اختصاص شخصي يمتد أثره إلى الدول الأخرى ومن شأنه الإضرار بها دون موافقتها كإصدار تشريع داخلي تمتد آثاره إلى الدول الأخرى إذ في هذه الحالة لهذه الدول الأخيرة عدم تطبيق الآثار المترتبة على ذلك. لذلك قالت المحكمة الدائمة للعدل الدولي في قضية اللوتس إنه، ما لم توجد قاعدة أخرى مخالفة، يحظر القانون الدولي على الدولة أن تمارس اختصاصا فوق إقليم دولة أخرى، ذلك أن الاختصاص يكون بالتأكيد إقليميا ً .«la Jurisdiction est certainement territoriale»  على أنه يرد على ذلك بعض الاستثناءات يمكن أن يمتد فيها اختصاص الدولة خارج إقليمها. فمثلا ً بخصوص القانون الجنائي يطبق  مبدأ الإقليمية أيض ً ا لكن يمكن للدول أن تمد نطاق اختصاص قانونها إلى جرائم ارتكبت خارج اقليمها، وذلك بالتطبيق لمبدأ العينية مثال ذلك جرائم تزييف العملة، أو جرائم التزوير وذلك بالنسبة للجرائم التي تمس أمن الدولة خارجيا أو داخليا. وقد ثبت مبدأ الإقليمية في قوله تعالى: ﴿ ]\ ^ _ ` gf edcba ﴾ [الأنفال: [٧٢ ، يقول أطفيش: » ﴿ ` gfe dcba ﴾ من ميراثهم ونصرتهم ومحبتهم أيها المؤمنون، ولو كانوا قرباء وعصبة لكم، إلا أن قاتلهم مشرك لا عهد له فانصروا ﴿ gf ﴾ بلاد الشرك ولا حظ لهم في الغنيمة ولو جاهدوا معكم « وإن جاهدوا وحدهم فلهم ما غنموا، وإن هاجروا فهم مثلكم(١) . (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٧٤ ولا شك أن إقليمية النص الجنائي تحتم سريانه على كل الأشخاص الذين يرتكبون جرائم في دار الإسلام، مسلمين أو غير مسلمين. وإذا كان  من الثابت أن رعايا الدولة الإسلامية (وهم الذين يحملون جنسيتها وسواء كانوا مسلمين أو ذميين) يسري علهم هذا المبدأ بلا خلاف، فإن الأجانب (وهم المستأمنون الموجودون في دار الإسلام وليسوا من رعايا الدولة  الإسلامية) قد تبلور بصددهم خلاف بين جمهور الفقهاء من ناحية والإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان من ناحية أخرى. وهو خلاف لخصه الإمام الشيخ أبو زهرة، بقوله (بخصوص ا لحدود): لقد قال جمهور الفقهاء: إن الحدود تطبق على كل من يقيميون في »  الديار الإسلامية أيا كانت ملتهم، وأيا كانت دولتهم ما دامت تظلهم شمس  الديار الإسلامية، لأن هذه العقوبات لدفع الفساد عن الجماعة الإسلامية هذا نظر الجمهور، ومعهم أبو يوسف من أصحاب أبي حنيفة ƒ ، أما أبو حنيفة فقد قرر أن الذمي تسري عليه الحدود ما عدا الشرب على ما ذكرنا، لأن له ما للمسلمين، وعليه ما على المسلمين، أما لمستأمن فإن الحدود تنقسم عند أبي حنيفة بالنسبة له إلى قسمين حدود خالصة لله تعالى، وهي الحدود كلها ما عدا حد ا لقذف. وحد القذف يقام عليه لحق المسلم في التعدي على عرضه، وغيره من الحدود لا يقام عليه، لأنها حقوق الله تعالى، لسببين أولهما: أن أساس الحدود الولاية الحقيقية والولاية الحكمية، وهنا الولاية الحكمية غير قائمة لأنه لا يزال محتفظ ً ا بولائه لدولته، ولم يستمتع بالولاية ا لإسلامية. والسبب الثاني: أنه التزم في دخوله بحقوق العباد فقط، ولم يلتزم بحقوق الله تعالى، إذ أنه لم يلتزم التدين الإسلامي، والحدود من التدين الإسلامي. ولا يعترض على ذلك الكلام بالذمي إذ تطبق عليه الحدود مع أنه لم يلتزم التدين بالإسلام والجواب عن ذلك أنها تطبق عليه لا باعتبار التدين، بل تطبق عليه بارتضائه بالولاية الإسلامية، وهي توجب أن يكون له ما للمسلمين، وعليه ما عليهم، أما المستأمن فإنه لم يرتض الولاية الإسلامية ِ بأمان، بل بقي على ولايته لدولته، ولم يرتض أحكام الإسلام تدين ً ا، فلا وجه َ « لإلزامه بأحكام الحدود في غير حال الاعتداء على حقوق ا لعباد(١) .  ونظرية الإمام أبي حنيفة(٢) ، فضلا ً مبدأ الإقليمية « جوهر » عن كونها تخالف وهو مبدأ تطبقه كل الدول على الجرائم التي تقع فوق إقليمها، إلا أن خطورتها أيض ً ا تكمن في عدم خضوع الأجانب لقوانين ومحاكم دولة الإقليم. وهذا ما ثبت عندما طبقت الدولة العثمانية رأي الإمام أبي حنيفة في صورة ما أطلق عليه الامتيازات الأجنبية les Capitulations والتي كانت تعني أن الأجانب المقيمين في الدولة الإسلامية كانوا يعاقبون عما يرتكبونه من جرائم بقوانين بلادهم وبقضاة منهم الأمر الذي سمح للأجانب ولدولهم بالتدخل في الشؤون الداخلية للدولة الإسلامية، وأظهرهم كطبقة متميزة في ديار ا لمسلمين. (١) . الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ص ١٣٦ ١٣٧ (٢) يقول عبد القادر عودة: هذه هي نظرية أبي حنيفة في سريان الشريعة الإسلامية على المكان، وقد كان لرأيه في »عدم سريان الشريعة على المستأمن أثر سيئ على البلاد الإسلامية، لأن رأيه اتخذ أساسا ً وسند ً ا في منح الامتيازات الأجنبية للمستأمنين، أي: من نسميهم اليوم بالأجانب، وكلنا يعلم مدى ما قاسته البلاد الإسلامية وما تزال تقاسيه من آثار هذه الامتيازات الأجنبية للمستأمنين، أي: من نسميهم اليوم بالأجانب، وكلنا يعلم مدى ما قاسته البلاد الإسلامية وما تزال تقاسيه من آثار هذه الامتيازات التي منحت للأجانب وقت ضعفهم وقوة المسلمين؛ لتشجع الأجانب على دخول دار الإسلام، وتؤمنهم على أنفسهم وأموالهم، فأصبحت بعد ضعف المسلمين سببا لاستغلال المسلمين، وتضييع حقوقهم، واستعلاء ً .« عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٢٨٥ ،« الأجانب عليهم ويعرف ا لإباضية مبدأ إقليمية الاختصاص: وهكذا قيل: ّ ما أتي المشرك من سرق، أو قتل، أو زنا في شركه، ثم أسلم، فقد محا » الإسلام عنه ذلك الشرك، إلا أن يكون، أي: ذلك، وهو بين ظهراني المسلمين، حيث يجري عليه حكمهم، فإنه بقاء عليه حد السارق وكذلك « السارق ا لمرتد(١) . ومما يؤيد معرفة الإباضية لمبدأ إقليمية الاختصاص، أن من قواعدهم ّ الفقهية(٢) : .« أحكام الدار تسري على أهلها » .« حكم الدار تابع لحكم من استولى عليها » كذلك في شرحهم لقوله ژ . ثلاثة من الكبائر: خروجك من أمتك، وقتالك أهل صفقتك، وتبديلك » « سنتك(٣) ، جاء في كتاب ا لإيضاح: والذي يذهب إليه العلماء أن خروجك من أمتك لاتخاذك دار الشرك » وطن ً ا، ونهي رسول الله ژ عن ذلك لما يجري عليك من الأحكام والسبي « والغنيمة والرق وتغيير النسل والإكراه على مفارقة دينك(٤) . باب في حكم » ويؤكد مبدأ الإقليمية في الفقه الإباضي تخصيصه « الحاكم في غير بلده أو ما لا يقدر عليه(٥) . (١) . النزوي: المصنف، المرج السابق، ج ١١ ، ص ١٢٤(٢) ، راجع هاتين القاعدتين، في معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١ ّ .٤٧٣ ، ص ٩١(٣) رواه أبو داود والترمذي. (٤) . الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ١، ص ٦٤٥(٥) يقول ا لنزوي: = كذلك جاء في الجامع لابن جعفر: وإذا حكم المسلمون في البلاد فلهم أن يقيموا الحدود التي كانت بعد » تمكنهم وقبل ذلك إن لم تكن أقيمت وليس لهم أن يقيموا الحدود حتى « يستولوا على جميع المصر الذي قاموا بالحق فيه(١) . معنى ذلك أن إقامة الحدود، وهي القتل وحد الزنا والقذف وشرب الخمر والحرابة والسرقة، رهن بسيطرة المسلمين على الإقليم سيطرة تامة، أي: خضوعه لاختصاصهم. وهذا هو جوهر مبدأ إقليمية القوانين وإقليمية الجرائم والعقوبات. وبخصوص المتهمين بالمحاربة وقطع السبيل، جاء في بيان ا لشرع: وقلت: إن كان الذي وصفت في مملكة المسلمين أو غير مملكتهم » فإنما يحكم المسلمون على أهل بلادهم وحيث بلغ سلطانهم فأما في سلطان غيرهم وحيث لا يجوز حكمهم، فلا أرى ذلك إلا أن يكون موضع ليس فيه لأحد من العمال عمل ولا حكم فعليهم أن يحكموا فيه « بالعدل(٢) . = ومن الأحكام: أن يدعي الرجل على الرجل مالا » ً في يده، أو عبد ً ا، أو متاع ً ا، في بلد غير بلد الحاكم، وينكر المدعى عليه ذلك فإن كان مالا ً أصلا، من نخل أو أرض، أو يأخذه، من يده وإلا ّ من غيره فوجد الحاكم للمدعى عليه مالا ً ، أعطاه، من ماله، مثل ما صح عنده أنه أخذ من ماله. وإن كان في البلد الذي فيه المال حكام يعدلون بين الناس، لم يأخذوا ماله، ويدفعه إليه، لأنه ليس يجوز حكمه في البلاد وحكامها أولى بها، إلا أن يصح عليه، أنه اغتصبه إياه . النزوي: المصنف، ج ١٤ ، ص ٦٨ .« فإنه يأخذ له من ماله، مثل ما اغتصب منه (١) الجامع لابن جعفر، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣١ ه ٢٠١٠ م، ُ . ج ٨، ص ٥٠(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٩٠ كذلك قيل: ومتى نقض الذمي العهد بمخالفة لأي من الشروط المأخوذة عليه لم » يرد إلى مأمنه، والإمام فيه مخير بين القتل، والاسترقاق في قول بعض « العلماء(١) . وقد أكد الفقه الإباضي على إقليمية الاختصاص بشأن القوانين واجبة التطبيق، وهكذا جاء في شرح ا لنيل: يحكم على من بدار شرك بأحكام المشركين من براءة وقتل أو جزية »  « أو غنيمة أو تحريم المناكحة والذبيحة(٢) . يقول ا لوارجلاني: ،« ما بيننا وبين المشركين » كذلك وتحت باب وإن دخلوا في بلادنا بأمان؛ فما أتوا به من المحارم، أجرينا عليهم حكمه » كما نجريه على أنفسنا، من السرقة والزنا والقصاص وغرم الأموال، إلا أن رأي « أمير المؤمنين غير ذلك، فليصلح ما أفسدوا من بيت مال ا لمسلمين(٣) . :CGóѪdÉH á°UÉîdG óYGƒ≤dG (Ü مما تقدم يمكن أن نؤكد أمور ً ا ثلاثة: ١ أن الفقه الإباضي يعتمد مبدأ الإقليمية كأحد المبادئ الكبرى في المجال ا لجنائي(٤) . (١) الجيطالي: قواعد الإسلام مذيلا ً بحاشية الشيخ ابن أبي ستة، تحقيق: بشير بن موسي، . ج ١، ص ٢٨٤(٢) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٧ ، ص ٥٥١(٣) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المجلد الثاني، ج ٣، ص ٩٥(٤) وهكذا بخصوص المحاربين وقطاع السبيل، جاء في بيان ا لشرع: = ٢ أن ا لإباضي ّ ة من أنصار معاقبة أي شخص، مسلم ً ا أو غير مسلم (وسواء كان هذا الأخير من أهل الذمة أو من الأجانب) يرتكب جريمة في دار الإسلام، ولا يستثنونه من ذلك. وبالتالي، فهم أبعد من نظرية أبي حنيفة، وأقرب إلى رأي ا لجمهور(١) . = فإن خرجوا من حدود حكم المسلمين تركوا وإن أحدثوا حدث » ً ا في حكم المسلمين أقيم .« عليهم حد ما أصابوا وجنوا على أنفسهم . راجع الكندي: في بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١٨٩ ١٩٠ من قتل رجلا » : ويقول جميل بن خلفان ً لا ولي له أو أمراة لا ولي لها فعليه أن يقيد نفسه للإمام إن كان وقت إمام، وهو مخير فيه أعني: الإمام إن شاء قتله وإن شاء عفا عنه وإن شاء أخذ منه الدية وأعطاها الفقراء أهل الولاية، وقيل مطلق ً ا، وإن شاء جعلها في بيت المال لعز الإسلام، وهذا التخيير للإمام إذا كان مقتولا ً في دولته وفي مكان مملكته، لأن  (الإمام ولي من لا ولي له)، وأما إن كان قبل إمامته أو في غير مملكته فلا خيار له بل  . جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٥٦ ،« عليه قتله إن الفار من إقامة ا لحد » : ويقول السيابي ّ بعد وقوع أول ضربة عليه يطلب لإنفاذ الحد ما .« أمكن طلبه ما لم يخرج من حدود مملكة ا لإمام . خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ٢، ص ٢٢٢ (١) يقول ابن بركة: وكذلك وجوب طاعة الإمام على الغرباء الذين يقدمون عليه من غير مصر، ولا يحتاجون »إلى معرفته بالبينة العادلة، بل يعلمون أنه إمام بالقلنسوة بين الناس، وإنفاذ الأمر واجتماع الإمام ابن بركة كتاب التعارف، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، « الناس عليه ُ . ١٩٨٤ ، تراثنا، ص ١٨ ويؤكد رأي آخر: وإذا آل نظر الإمام أن يحجر على رعيته حمل السلاح وأمر الوالي بذلك حل له أن ».« يحكم على القادمين من الغرباء كحكمة على رعيته الشيخ عبد الله بن بشير الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، راجعه ماجد الكندي، . ١٤٢٨ ه ٢٠٠٧ م، ج ٤، ص ٣٥٢ ولا جدال أن ذلك يثبت بوضوح أن النص الجنائي ينطبق على كل المقيمين في إقليم الدولة من المواطنين أو الأجانب (الغرباء). ٣ أن اتجاه ً ا في الفقه الإباضي يذهب إلى أن ارتكاب الشخص لجريمة خارج بلد الحاكم المسلم وفي غير سلطانه، يمنع من توقيع العقوبة تطبيق ً ا لمبدأ إقليمية التجريم والعقاب. وهكذا جاء في بيان ا لشرع: لو أحدث محدث حدث » ً ا في غير سلطانه وقبل أن يظهر ويملك البلاد لم يكن له عقوبة على حدثه ذلك، ولكنه يأخذ منه الحق الذي يجب في الحكم في ا لأحداث. « وأما العقوبة فليس له أن يعاقب بها، إلا لمن أحدث في سلطانه(١) . ¢ùeÉîdG åëѪdG á«°üî°T hCG ájOôa á«FÉæédG á«dhDƒ°ùªdG  ندرس ماهية المبدأ أولا ً ، ثم نبين القواعد التي تحكمه. :CGóѪdG á«gÉe (CG  كانت النظم القانونية الوضعية وإلى عهد قريب جدا لا تأخذ بهذا المبدأ، وإنما كانت تعتبر الشخص مسؤولا ً ليس فقط عن جرائمه، وإنما أيضا عن الجرائم التي يرتكبها غيره، ولذلك كانت العقوبة تطال الجاني ً وكذلك أهله وأصدقاءه وأقرباءه. بينما منذ بداية نزوله أكد الإسلام بوضوح وبما لا يدع مجالا ً لأدنى شك أن المسؤولية أو الضمان فردي أو شخصي، بمعنى أن من ارتكب فعلا ً (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ١٢٧ سبب ضرر ً ً عنه، سواء كان فرد ً ا عادي ً ا، أو رئيس ا يكون مسؤولا ا، أو حاكم دولة أو غيره. فلا يسأل عن الجريمة إلا من ارتكبها، ولا يكون الشخص مسؤولا ً عن جريمة ارتكبها آخر.  والآيات في القرآن الكريم كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿ Ø×ÖÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌËÊ ﴾ [ [الأنعام: ١٦٤ . ﴿ « ¯®¬ °﴾ [ [النحل: ٢٥ . ﴿ ³ ´ ¹¸¶µº»¿¾½¼﴾ [ [الإسراء: ١٥ . ﴿ ÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ ÑÐÏ﴾ [ [الإسراء: ٣٦ . ﴿ ° ¿ ¾ ½ ¼ » º ¹ ¸ ¶ µ´ ³ ² ± ÃÂÁÀ﴾ [ [فاطر: ١٨ .  ﴿ [\] ³ h ﴾ [الز g f e d c b a `_ [ مر: ٧ . ﴿ Ø ×ÖÕÔ áà ❁ ÞÝÜ❁ ãâ ﴾ [الن ÃÂÁÀ ❁ ¾½¼ »º¹ ❁ ¶µ ´  [ جم: ٣٩ ٤١ . ﴿ ³ ❁ Ä ÈÇÆ﴾ [ [القيامة: ١٢ ١٥ . ﴿ <;:9 [ [النساء: ١٢٣ . = DCBA@?> ﴾ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٢٠٨ ﴿ ÛÚÙØ× ﴾ [ [المدثر: ٣٨ . ﴿ hgf ed ﴾ [ [الطور: ٢١ . ﴿ XWVUTSRQP ﴾ [ [سبأ: ٢٥ . ﴿ ÝÜÛÚÙØ ﴾ [ [عبس: ٣٧ .   ﴿ ÑÐÏÎ ❁ Ø×ÖÕÔ ❁ ÜÞÝ ❁ ãâáà ﴾ [ [النجم: ٣٨ ٤١ .  ﴿ ` hgfedcba kji ﴾ [ [الأحزاب: ٥٨ . ﴿ }|{zy ~ ﮯ £¢¡ ¤ §¦¥ ¨©ª« ﴾ [ [لقمان: ٣٣ . ﴿ ÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄàÔÓÒÑÐ ﴾ [ [البقرة: ٤٨ . ﴿ ÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆ Ö ﴾ [ [البقرة: ١٣٤ . ﴿ [ZYXWVU ﴾ [ [الطلاق: ٧ . ﴿ çæåäãâáàßÞÝÜéè ﴾ [ [يونس: ٤١ . ﴿ ÒÑÐÏÎÍÌË ) Ø×ÖÕÔ ÚÙ ﴾ [ [يوسف: ٧٨ ، ﴿ !" &%$# '( * ,-﴾ [ [يوسف: ٧٩ . +) وعن ابن عمر ^ قال: سمعت رسول الله ژ يقول: كلكم راع وكلكم » مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده « ومسؤول عن رعيته، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته(١) . وعن أبي رمثة ƒ قال: أتيت النبي ژ ومعي ابني فقال: «؟ من هذا » فقلت: ابني وأشهد به، قال: « أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه » ، رواه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة وابن ا لجارود.  وبخصوص هذا الحديث، يقول ا لصنعاني: والجناية الذنب أو ما يفعله الإنسان مما يوجب عليه العقاب أو » القصاص. وفيه دلالة على أنه لا يطالب أحد بجناية غيره سواء كان قريبا ً كالأب والولد وغيرهما أو أجنبيا فالجاني يطلب وحده بجنابته ولا يطالب بجنايته غيره. قال الله تعالى: ﴿ ³´ ¶µ ¸ ﴾ [ [الإسراء: ١٥ فإن قلت: قد أمر الشارع بتحمل العاقلة الدية في جناية الخطأ والقسامة. قلت: قد أمر الشارع بتحمل العاقلة الدية في جناية الخطأ والقسامة. قلت: هذا مخصص من (١) صحيح البخاري، دار الشعب، القاهرة، ج ٩، ص ٧٧ . ويقرر رأي: وأساس المسؤولية يرتبط ارتباط » ً ا مباشرا ولازما بمشكلة الحرية، وبدور الإرادة الإنسانية ًً في صنع القرار الصادر عن الفرد، والدراسة هنا فلسفية بالدرجة الأولى لأنها تتعلق بالجبر ويضيف أيض .« والاختيار وهما من أمهات الأفكار الفلسفية ومن أكثرها إثارة للمتاعب ً ا: المسؤولية الجنائية ليس مجرد موضوع من موضوعات القسم العام في القانون » إن أساس د. محمد كمال الدين إمام، المسؤولية الجنائية « الجنائي، بل هو القانون الجنائي كله أساسها وتطورها دراسة مقارنة في القانون الوضعي والشريعة الإسلامية، دار الجامعة .١٧ ، الجديدة للنشر، الإسكندرية، ٢٠٠٤ ، ص ١٥ الحكم العام وقيل إن ذلك ليس من تحمل الجناية بل من باب التعاضد « والتناصر فيما بين ا لمسلمين(١) . ويبدو مبدأ المسؤولية الشخصية بجانبيه الإيجابي (تحمل الجاني لعواقب جريمته) والسلبي (عدم تحمله للمسؤولية عن جرائم وأفعال غيره) من آيتين كريمتين يؤكد تقابلهما ما قلناه، وهما: قوله تعالى : ﴿ ¾½¼ ÄÃÂÁÀ¿ ﴾ [ [هود: ٣٥ . وقوله سبحانه: ﴿ XWVUTSRQP ﴾ [ [سبأ: ٢٥ (٢) . يقول الإمام ا لسيوطي:  كل من جنى جناية، فهو المطالب بها، ولا يطالب بها غيره، إلا في » صورتين: ِ العاقلة: تحمل دية الخطأ، وشبه العمد، والصبي المحرم إذا قتل صيد ً « ا، أو ارتكب موجب كفارة، فالجزاء على الولي، لا في ماله(٣) . كذلك ذم الله أولئك الذين يحاولون إلقاء التهمة إلى الأبرياء، في قوله تعالى: ﴿ ﮯ £¢¡ ¤ §¦¥ ¨©ª«¬® ﴾ [ [النساء: ١١٢ . (١) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٤٨٧ ٤٨٨ (٢) بخصوص هذه الآية، يقول الشيخ بيوض: نحن على يقين أكثر منكم بأنه » ﴿ ³´ ¶µ ¸ ﴾ ، وأنكم لا تسألون عما أجرمنا، كل شاه » : مهما كان نوعه، كما أننا نحن لا نسأل عما تعملون، كما يقول المثل العامي . الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٣ ، ص ٢٤٠ « تتعلق من كراعها (٣) . السيوطي: الأشباه والنظائر، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، ص ٤٨٧  يقول ا لجرجاني: والشرط كما لا يخفى في مجموع الجملتين لا في كل واحدة منهما » على الانفراد، ولا في واحدة دون الأخرى، لأنا إن قلنا إنه في كل واحدة منهما على الانفراد، جعلناهما شرطين، وإذا جعلناهما شرطين اقتضتا  جزاءين، وليس معنا إلا جزاء واحد، وإن قلنا: إنه في واحدة منهما دون الأخرى، لزم منه إشراك ما ليس بشرط في الجزم بالشرط، وذلك ما لا « يخفى فساده(١) .  وفي الإسلام يجب القصاص من الجاني فقط، لذلك أنكر رب العزة الإسراف في القصاص، فقد روي عن ا لنبي ژ أنه قال: » قرصت نملة نبيا من الأنبياء، فأمر بقرية النمل فأحرقت، فأوحى إليه الله: أن قرصتك نملة أحرقت َ أمة ً «؟ تسبح الله . وفي راوية أخرى: « فأوحى إليه الله: فهلا نملة واحدة »(٢) .  َ (١)عبد القادر الجرجاني: دلائل الإعجاز، مكتبة الخانجي، القاهرة، ١٩٨٤ ، تحقيق: محمود . محمد شاكر، ص ٢٤٦ (٢) انظر الأحاديث القدسية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤٠٢ ه ١٩٨١ م، . ص ٢١٨ ٢٢١ ومن ذلك حينما دخل سليك بن سلكة على الحجاج، فقال: عصى عاص من عرض العشيرة فحلق علي اسمي، وهدمت داري، وحرمت عطائي، قال: هيهات!! أما سمعت قول ا لشاعر: ِِ  جانيك م َن ْ ي َ جني علي ْ ك وربما ت ُع ْ دي الصح َ اح َ مبارك ُ الج ُ ر ْ ب و َ ل َ رب مأخوذ ٍ بذنب ِ جريرة ٍ ونج َ ا الم ُ قارف ِ ُ صاحب ُ الذنب ِ قال: أصلح الله الأمير!! سمعت الله قال غير هذا، قال: وما ذاك؟ قال: قال: ﴿ ÌË #"!❁ ÚÙØ×ÖÕÔ) ÒÑÐÏÎÍ &%$ ' ,+*)( - ﴾ [٧٩ ، [يوسف: ٧٨ . فطلب الحجاج كاتبه وقال: فك ّ لهذا عن اسمه، وصك ُ ك ْ له بعطائه، وابن ِ منزل َ ه، ومر مناديا َ ْ ًُْْ .( ينادي في الناس: صدق ا لله وكذب الشاعر (ابن عبد ربه: العقد الفريد، ج ٣، ص ٦ َُ ُ ويقول ابن تيمية: إنه في دعاوى التهم لا يخلو المدعى عليه من ثلاثة أقسام: أن يكون من = وفي تعليقه على ما جاء في كتابه ژ لأهل نجران: ولا يؤخذ رجل » « منهم بظلم آخر ولا يجوز أن يؤخذ رجل من » : ، يقول ابن قيم الجوزية « الكفار بظلم آخر كما لا يجوز ذلك في حق المسلمين وكلاهما ظلم(١) . وقد ثار تطبيق مبدأ المسؤولية الشخصية كذلك في عهد ا لنبي ژ في الحادثة الآتية: فقد كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل، فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله ژ وأسر أصحاب ا لنبي ژ رجلا ً من بني عقيل، وأصابوا معه العضباء، فأتي عليه رسول الله ژ ، وهو في الوثاق، فقال:  يا محمد: فأتاه رسول الله ژ فقال: » ما شأنك؟ فقال: بم أخذتني؟، وبم َ أخذت سابقة الحاج؟ فقال: إعظاما لذلك أخذتك بجريرة حلفائك (٢) = أهل البر وليس من أهل التهمة، لم تجز عقوبته بالاتفاق، أو أن يكون مجهول الحال لا يعرف ببر أو فجور، فهذا يحبس حتى ينكشف حاله، أو أن يكون معروف ً ا بالفجور، مثل المتهم بالسرقة إذا كان معروف ً ا بها، والمتهم بقطع الطريق إذا كان معروف ً ا به، والمتهم  بالقتل، أو كان أحد هؤلاء معروف ً ا بما يقتضي ذلك. فإذا جاز حبس المجهول فحبس المعروف بالفجور أولى، وما علمت أحد ً ا من أئمة المسلمين المتبعين من قال: إن المدعى عليه في جميع هذه الدعاوى يحلف ويرسل بلا حبس ولا غيره من جميع ولاة الأمور؛ فليس هذا على إطلاقه مذهب أحد الأئمة، ومن زعم أن هذا على إطلاقه وعمومه هو الشرع فهو غالط غلط ً ا فاحش ً ا مخالف ً ا لنصوص رسول الله ژ ولإجماع الأمة، وبمثل هذا الغلط الفاحش استجرأ الولاة على مخالفة الشرع، وتوهموا أن مجرد الشرع لا بسياسة العالم وبمصالح الأمة، واعتدوا حدود الله في ذلك (مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن .( تيمية، ج ٣٥ ، ص ٣٩٩ ٤٠٠ (١) ، ابن قيم الجوزية: زاد المعاد في هدي خير العباد، دار الكتاب العربي بيروت، ج ٣ . ص ٤٤ (٢) يقول الإمام ا لمازري: مما يسأل عنه في هذا الحديث قوله ژ » : « أخذتك بجريرة حلفائك » . فيقال: كيف هذا والله تبارك وتعالى يقول: ﴿ ³´ ¶µ ¸ ﴾ وللناس عن هذا ثلاثة أجوبة: أحدها: أنه يمكن أن يكونوا عوهدوا على ألا يتعرضوا أصحاب النبي ژ : لا هم ولا حلفاؤهم، فنقض حلفاؤهم العهد ورضوا هم بذلك فاستبيحوا لأجل ذلك. الثاني: أنهم كفار لا عهد = « ثقيف ، ثم انصرف عنه فناداه وكان ژ : (رحيما رقيق ً ا) فرجع إليه، فقال: ما ً شأنك؟ فقال: إني مسلم. قال ژ : لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح .« ثم انصرف فناداه: فقال: يا محمد يا محمد فأتاه، فقال ژ : ما شأنك؟ . قال: إني جائع فأطعمني وظمآن فاسقني.. قال ژ : هذه حاجتك « ففدي بالرجلين . :CGóѪdG ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG (Ü  ويأخذ ا لإباضية بمبدأ شخصية المسؤولية الجنائية. ويمكن أن نقرر أن ّ هذا المبدأ يحكمه عندهم القواعد ا لآتية: ١ كل شخص مسؤول عن جرائمه وأفعاله: يقول ابن ا لنظر: ِِ هو لا يسأل ُ عن ْ أفعاله إنما ي ُ سأل ُ عبد ٌ مزد َ جر ْ = لهم، والكافر الذي لا عهد له يستباح وإن لم يفعل حلفاؤه شيئ ً ا. والثالث: أن يقال: في الكلام حذف ومعناه: أخذناك لنفادي بك حلفاءك. ويحتمل عندي جواب ً ا رابع ً ا، وهو أن يكون جوابه على جهة المجازاة والمقابلة؛ لأنه لما قال ژ له: « أخذتك بجريرة حلفائك » ؛ لأنهم كانوا أيض ً ا يطالبون بعهدة الحلفاء. هذا الأظهر من عادتهم؛ فكأنه ژ كان عنده مستباحا، فلما ذكر له سابقة الحاج، ذكر له جريرة ً الإمام المازري: كتاب المعلم بفوائد مسلم، ) « الحلفاء على جهة المقابلة على أصلهم .( المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ج ٢، ص ٧٦ ٧٧ فأي رئيس دولة يصنع اليوم هذا كلما دعاه أسير » : يعلق رأي سديد على هذه الواقعة بقوله أقبل عليه حتى إذا قضى حاجته وانصرف فعاود الأسير دعاءه لم يجد في نفسه حرجا أن ً يعود إليه غير مرة. كلا ولكنه خلق النبوة وتعاليم الإسلام ورفقهما في معاملة الأسرى لعل لهم شكاة تسمع أو حاجة تقضى (د. إبراهيم عبد الحميد: العلاقات الدولية العامة في الإسلام قسم الحرب .( دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، جامعة الأزهر، القاهرة، ١٣٦٣ ه ١٩٤٤ م، ص ٧٦٨  من قوله تعالى: ﴿ ÅÄÃÂÁÀ ﴾ [ [الأنبياء: ٣ . وجدت عن الزجاج أي: لا يسأل عباده عن أعمالهم سؤال التوبيخ، لمن يستحق التوبيخ، ويجازى بالمغفرة من يستحق ذلك(١) . ولأن مبدأ المسؤولية الشخصية ثابت في الفقه الإباضي، يقول ا لسعدي: إني لأعجب من قول من قال: إن أطفال المشركين يعذبون كعذاب » آبائهم تبع ً ا لهم؟ وكيف يعذب الله ولد ً ا بذنب أبيه، وهو يقول: ﴿ ³´ ¶µ ¸ ﴾ [ [الإسراء: ١٥ ، وكيف يعذب نفس ً ا لم تعصه بذنب نفس أخرى، وهو يقول: ﴿ ÈÇÆÅÄà ﴾ [ [الأنعام: ١٦٤ ، فإذا كان كذلك، وكيف يعذب هذا بذنب الآخر وهو يقول: ﴿ 210 ﴾ [ [العنكبوت: ٤٠ ، ولم يقل: بذنب أبيه، ولا بذنب ابنه، ولا جاء ذلك في سنة ُ رسول الله ژ « (٢) . وبخصوص سؤال: وما تقول في مماليك رجل كسروا قفول رجل وكسروا بابه، أتكون الجناية على المماليك أم على السيد إذا أنكر السيد ما أمرت عبيدي على كسر القفول وكسر الأبواب ماذا على السيد؟ وما على ا لمماليك؟. يقول ا لخليلي: هي جناية من المماليك وضمانها في رقابهم إن أحدثوا من ذلك ما » يوجب الضمان فإن شاء سيد العبد فداه بها وإلا بيع العبد وللسيد ما بقي « من قيمته إذا صح ذلك على ا لعبد(٣) . (١) الشيخ أبو بكر بن النظر: الدعائم، شرح الشيخ محمد بن وصاف، وزارة التراث القومي . والثقافة، سلطنة عمان، ج ١، ص ٧٨ ٧٩ ُ (٢) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٨، ص ١٨٣(٣) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ٣٢٦ ٢ يترتب على المبدأ آنفة الإشارة إليه، نتيجتان: أولا ً : لا كفالة (لا حمالة)(١) في حد أو قصاص أو عقوبة بدنية أو مقيدة للحرية؛ نظرا لأن المسؤولية الجنائية شخصية، فلا يجوز أن يحل شخص ً محل شخص آخر في تحملها إذا كانت تتعلق بالبدن (كحد أو قصاص أو عقوبة بدنية سالبة للحرية). علة ذلك أن أحد أغراض العقوبة وهو الإيلام وردع الآخرين لن يتحقق.  لذلك من القواعد الفقهية ا لإباضية قاعدتان تؤيدان ذلك، وهما: ّ « لا يقوم أحد عن أحد فيما كان مرجعه إلى ا لبدن » قاعدة(٢) . وأصل القاعدة حديث نبوي، هو « لا كفالة في حد أو قصاص » قاعدة قوله ژ : « لا كفالة في حد أو قصاص » أخرجه ابن أبي شيبة(٣) .  (١) بخصوص الحمالة، يقول أطفيش: وهي: شغل الإنسان ذمته للآخر بما شغلت به ذمة بدون تعليق الشغل بمال عليه لذلك »الآخر، فشملت الحمالة أن لا يكون للمحمول له على الحميل دين وأن يكون عليه له ولم ْ يعلق به، فخرجت الإحالة بنفي التعليق، والحمالة مأخوذة من الحمل شبه شغل الذمة بحمل الشيء على الظهر بجامع الثقل فإنها ثقيلة بالمعنى، وتسمى: الكفالة والضمانة والزعامة والقبالة، والمشغول بها: حميلا ً وكفيلا ً وضمينا وزعيما والقبيل، والأصل فيها قوله ًً تعالى: ﴿ ponmlkjihgfedcb q ﴾ [ [النحل: ٩١ ، وقوله تعالى: ﴿ <; = BA@?> ﴾ [ [يوسف: ٧٢ ، وقوله ژ : « إن الزعيم غارم » فهو الذي كفل إنسان » : ، أما الكافل ً راجع: أطفيش: شرح « ا يعوله . ٤٣٥ ٤٣٦ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٤٥ ، كتاب النيل، ج ٩، ص ٤١٢ ٤١٣(٢) لا تصح) الحمالة (في نفس أو جرح) أو عضو أو صفراء أو حمراء أو سوداء أو )» : يقول أطفيش حاسة أو منفعة عضو (أو حد) من حيث القصاص لأنه لا يقوم أحد عن أحد فيما مرجعه إلى البدن لأن القصاص شرع زجرا، وبه تبقى الحياة وصون ً ا للأعراض والأنساب والأموال كحد ً القذف والرجم والجلد وقطع السارق وعقوبة على الذنب فلا يوقع بمن ليس الذنب منه، وأيض ً ا . أطفيش: شرح النيل، ج ٩ ص ٤٣٥ « الحمالة في ذلك ولو بتأخير قليل شفاعة في حد ونحوه(٣) .١١٤٥ ، راجع القاعدتين في معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١١٠٧ ّ ويؤكد ذلك ما قاله ابن جعفر: ولا كفالة في قود ولا قصاص، إلا من كفل بإنسان فقد لزمه ذلك، » « وإنما يلزمه ما وجب من ا لأرش(١) . كذلك يقول ا لرستاقي:  ومن ضمن على رجل لسلطان، فليس له أن يطالبه بذلك، ولا »  على المضمون عنه أن يؤدي، إلا أن يكون أمره أن يضمن عنه، فله أن يطالبه بذلك، إذا طالبه السلطان، وليس له أن يطالبه، ما لم يطالبه السلطان بذلك. وإن ضمن بنفسه أن يحضره إلى السلطان بأمره، فله أن يطالبه، ويحضره إليه. فإن كان السلطان يريد قتله، فليس على المضمون عنه أن يحضر، ولا « على الضامن أن يحضره إلى السلطان، إذا كان يخاف عليه(٢) . (١) ابن جعفر: الجامع، ج ٤، ص ١٦٢ ، الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٤٥ ، أطفيش: . شرح النيل، ج ٩، ص ٤٣٦(٢) الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٤٣ . حري بالذكر أنه جاء في زيادات أبي سعيد: الأكثر من علماء الأمصار لا يرون الكفالة في الحدود جائزة، إذ غير جائز أن يحد »الضامن ولا يؤخذ بفعل غيره، وممن قال لا كفالة في الحدود الحسن البصري، وشريح، والشعبي، وروي (ذلك) عن مسروق، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب ا لرأي. قال أبو سعيد 5 : لا كفالة في الحدود إذ توجب الحدود على الكفيل، فلما بطل ذلك كانت الكفالة فيما لا يجوز باطلة، ولكن إذا كفل بإحضار الذي قد لزمه الحد لعلة توجب ذلك من تأخير الحد عنه أو لمعني شيء قد صح عليه لزمه ما كفل به من إحضار المكفول عنه، فإذا مات بطلت الكفالة عنه، وقد قيل: لا كفالة في ذلك، لأنه يوجب .« الحدود وجاء فيها أيض ً ا: = وتأكيد ً ا لذلك وبخصوص سؤال: عن كبير البلد إذا ضمن عن جماعته فيما يحدثون من قتل ونهب وكسب هل يلزمه ذلك أم لا؟ يقول ا لحارثي: لا أدري هل يضمن أم لا؟ ولا يظهر لي تضمينه في مستقبل لا يدري » وقوعه وعدمه ولا نعرف كميته ولم يتعين صاحبه وأولى بالضمان المحدث « الجاني(١) . ثانيا: لا يجوز عقاب الجميع بذنب شخص أو بعض ا لأشخاص: ً لأن المسؤولية الجنائية شخصية، فبالتالي لا يمكن أن تمتد إلى غير من ارتكب الجريمة. علة ذلك أن هذا يعد إسراف ً ا في ا لقتل(٢) ، فلا يجوز أن يمتد الجزاء إلى جماعة لا ناقة َ لها ولا جمل َ في الفعل المرتكب، ذلك أنه: = واختلفوا في الكفالة في النفس، فأوجب ذلك أكثر أهل العلم، هذا مذهب شريح، وبه »قال مالك، والثوري، والليث بن سعد، وأحمد، والنعمان. وقال الشافعي مرة: هي ضعيفة. ومرة (قال) كقول مالك. قال أبو بكر: وقد ذكرنا (فيه) أخبارا عن الأوائل، وهي مذكورة في غير هذا ا لموضع. ً قال أبو سعيد 5 : إن كان يعني بالكفالة بالنفس أن نفس الذي عليه الحق وهو أن يكفل بنفسه أي: باحضاره فذلك جائز، لأن ذلك موجود وهو من الحقوق، وإذا كان إحضاره حق ً ا واجبا فإن مات أو غاب غيبة من المصر فلا شيء على الكفيل حتى يحضر الغائب، وقد ً تدخله العلة ببطلان الكفالة، لأنه يعدم فيبطل إحضاره، وإن قال قائل: إنه لا كفالة فيه فهو قول. وإن لم يرد أن الكفالة في القود وفي، فإن كفل عليه بما يلزمه من ذلك القتل وهو عمد فذلك جائز، وإن كفل عليه بالقود بطل، لأنه لا يلزمه الق َود ُ إن أعدم القاتل، وإن كفل َ بإحضار نفسه فقد مضى القول في ذلك، وإن كفل عليه بالدية ثبت ذلك، وكان ذلك ضمان ً زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب الإشراف لابن المنذر النيسابوري، « ا صحيحا ً . وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٢ ه ٢٠١١ م، ج ٤، ص ٥٣ ٥٤ ُ (١) . عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ص ١٢٧ ١٢٨(٢) . العوتبي: الضياء، ج ١٥ ، ص ١٣٥ « الإسراف في القتل أن يقتل غير قاتل حميمه » : قيل لا يوجد عند الله تعالى ما يسمى بالمسؤولية المشتركة، أو المسؤولية » الجماعية، ما معنى هذا؟ هو أن يرتكب أحد ذنبا فيعاقب معه غيره، هذه المسؤولية المشتركة أو ً « الجماعية هي من صنع البشر، وقد ظلموا بها، وسيجازيهم الله عليها(١) . وقد أكد الإباضية على ما قلناه في مواضع كثيرة، نكتفي منها بذكر ّ أمثلة ثلاثة: • فقد جاء في الجامع ا لمفيد: قلت له: فإن أصبح الحبس مثقوبا ولم يصح على أحد بعينه، هل يؤخذ » ً أهل الحبس كلهم؟. قال: معي أن التهمة تلحق من لحقته التهمة في ذلك من أصحاب الحبس. قال له: فضمان الحدث من النقب في الحبس من يلزم منهم؟ « قال: معي أنه لا يلزم إلا من صح عليه فعل ذلك(٢) . • إذ يقول: « حرب الجميع ببغي البعض » ولا يوافق المحقق الخليلي على لا يجوز حرب الجميع ببغي البعض إن لم يكونوا لهم يد » ً ا، ولم ينصروهم ولا يعينوهم ولا منعوهم عن الحق ولا دفعوا من طلبهم « بحق، والعاجز الذي لا يقدر معذور، والمعذور من عذره الله تعالى(٣) . (١) .( الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٣ ، ص ٤٦٥ (فاطر: ١٨(٢) . الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ١٤٦(٣) ، أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ٢٩١ ٢٩٢ ، تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ . ص ٣٠٤ ٣٠٦ • مؤاخذة عشيرة على جناية بعض » ويؤكد الحارثي على عدم جواز « منها(١) . ٣ استثناء، يقرر الفقه الإباضي جواز معاقبة غير الجاني في حالتين: أولا :ً إذا كان ذلك لازما للقبض على ا لمتهم(٢) . ً (١) وهكذا يقول: كل من أراد الخروج من الدروع عن البغاة من قومهم فلا تصح مؤاخذته بذنب غيره ولا »قبضه فيهم إلا أن يكون ردأ لهم ومانعا لمن أراد إنفاذ الحق فيهم إلا إن كانت له قدرة ً على ردهم وإخراج الحق منهم فيلزمه ذلك، لأن الله سبحانه وتعالى قال: ﴿ À¿ ÂÁ ﴾ والأمر والنهي والقيام بالقسط من الواجب على القادر، فحينئذ يجوز للإمام القبض عليهم ومؤاخذتهم لجناية جماعتهم على قول في الأثر ولو في زمن الظهور. قال زياد في خطبته البتراء على المنبر: لآخذن المحسن بالمسيء والحاضر بالغائب والصحيح بالسقيم، فقام إليه أبو بلال فقال: ما هذا ذكر الله، إذ قال: ﴿ ÌËÊ ❁ ÑÐÏÎ ﴾ . قال: فالإمام وحاكمه وقضاته وولاته ونوابه هم القادرون « النيل » وقال القطب وعبد العزيز في في زمان الظهور إلى إيصال كل ذي حق إلى حقه وإذا رجع الأمر للكتمان واستقل كل برأيه وظهر الجور والفساد وكثر اللجاج والعناد جاز للحاكم والقاضي والجماعة والوالي أخذ عشيرة مانع حق أن يأتوا به، وذلك لأنهم هم أقدر عليه من غيرهم ولأنه لا يعمل ما يعمل من منع الحق إلا من تحت ظلال سيوفهم على ما لا يحل له، فهم يقومونه من عوج ظلمهم   كما يردون ظلم غيره له عنه، ويجبر الحاكم وغيره وليا على وليه إذا أطاق بحبس ولا  يخرجه منه إلا إذا أذعن للإتيان بوليه أو خرج وليه من الحوزة أو كان عند مانع كسلطان أو ّ أن يأتي أمينان فيقولان لا يطيق إتيان ً ا به ويعذر حينئذ. ا نتهى. فعلى قولي هذين الإمامين لا تؤخذ عشيرة مانع حق في زمان الظهور أن يؤتوا به وإنما ، عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤ .« يجوز ذلك في زمان الكتمان . ص ١٤٨ ١٤٩(٢) وهكذا بخصوص سؤال: فيمن عليه حق وشكي منه عند الحاكم فامتنع عن تسليم ما عليه = ثانيا: إذا ساعد غير الجاني هذا ا لأخير(١) . ً = وانقطع عن سوق المسلمين، أيجوز للحاكم أن يقبض أحد ً ا من عشيرته ويحجر عليه إلى أن يسلم هذا الممتنع ما عليه من الحق أم لا؟ يقول ا لخليلي:  .« إذا لم يقدر عليه إلا بذلك فقد قيل بجوازه رأيا لبعض ا لمسلمين » ً  . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦ ص ٧٥ ؛ ج ١٣ ، ص ٧٥ وبخصوص مسألة: ومنه وما تقول في رجل اقتص من رجل فقتله في السجن داخل الحصن وفر من البلاد أيجوز للحاكم أن يلزم أحد من قرابته ليأتوه أو كان القاتل خادما ً فيلزم فيه أحد من مخادميه ويحبسهم إلى أن يأتوه أم لا؟ ع َرفنا. ْ فعلى ما وصفت شيخنا فإن رجا القائم بالأمر أنه إذا ألزم أحد » : يقول العبري ً من قرابته أو مخاديمه أنهم يقدرون على إتيانه ولا يظفر به فذلك على معنى الاجتهاد في مصالح العباد لا يضيق ذلك وخاصة في قبائل البدو ومن شاكلهم، وقد رأينا في زمن أئمة العدل يلزمون المقاومة . الشيخ سالم العبري: فواكه البستان، ص ٩١ .« منهم، ويؤكدون عليهم في ذلك بالحبس وغيره وهكذا يشترط لجواز ذلك، وفق ً ا لما يمكن استنباطه من كتابات ا لإباضية، أمران: ّ • أن يكون ذلك مؤديا إلى إمكانية القبض على المتهم الذي فر أو اختفى. فإن كان من ً المحتمل عدم تحقق ذلك، فلا يجوز القبض على غير ا لجاني. • وذلك إذا أعيت غير ذلك من الحيل احتمالية ،« كحل أخير » أن يتم اللجوء إلى ذلك القبض على الجاني. بعبارة أخرى، إذا أمكن اللجوء إلى وسيلة أخرى فيتحتم اللجوء إليها، لأن القبض على غير المتهم سيتعارض حينئذ مع مبدأ شخصية ا لعقوبة. (١) وهكذا بخصوص مسألة: وما تقول في رجل من البدو وفعل فعلا ً مثل قتل أو ضرب أو غصب أو سرقة أو مثل ذلك من الأفعال التي لا تجوز ويستحق فاعلها العقوبة وأريد منه الحق، واستتر وامتنع عن الوالي والشراة ولم يدركوه، وربما لم تدركه الشراة ولو ساروا في طلبه، ولم يساعدهم عليه أحد من جماعته ولا غيرهم، إلا أنهم يسترونه ويكتمونه عليهم، وينذرونه إذا علموا بطلبه، فهل يجوز إلزام قرابته وجماعته فيه ممن هو يرجى منه أن يقدر على رجوعه إلى الحق لأنهم لا يخفى عليهم أمره، ولو استتر عنهم يقدرون عليه، ويعرفون أثره في الأرض ويقدرون عليه في كل حال، فهل عليهم إلزام بالحبس إذا كانوا على هذه الصفة أم لا؟ إذا آووه وستروه فجائز للوالي أن يأخذهم به، وإلا » : يقول العبري: الجواب وبالله التوفيق الشيخ سالم العبري: فواكه البستان، وزارة التراث .« فلا تزر وازرة وزر أخرى، والله أعلم . القومي والثقافة سلطنة عمان، ١٤٠٢ ه ١٩٨٢ م، ص ٧٩ ٨٠ ُ نشير إلى ماهية المبدأ، ومظاهره. :CGóѪdG á«gÉe (CG تلعب الإجراءات دور ً ا، ولا غنى عنه، في أية قضية أو أية محاكمة،  ا مهم وهذا صحيح أيضا بالنسبة للمسائل الجنائية. فالمحاكمات الجنائية لها ً أصولها وقواعدها، التي تتحلل بدءا واستمرارا وانتهاء في مجموعة من ً ًً الإجراءات التي تنتهي بإصدار الحكم الفاصل في القضية(١) . ويفترض ذلك بداهة أن تكون الإجراءات السابقة على نظر القضية، وتلك الخاصة بما يدور في جلسة الحكم والتحقيقات صحيحة وسليمة، وإلا شاب الحكم ذاته البطلان. (١) والحكم يجب احترامه وتنفيذه، وإلا عوقب من يخالف ذلك. وهكذا بخصوص مسألة: في رجل ما جعله الإمام حاكما وتحاكم عنده رجلان فلما انقطع الحكم قال أحدهما: أنا ً لا أرضى بهذا الحكم (أريد الحكم) عند فلان أيجوز لهذا الرجل أن يؤدبه بالقيد إذا لم يرض بالحكم صوابا؟ ً يقول ا لخليلي: إن كان هو ممن يبصر الأحكام وله بصر ومعرفة في ذلك فحكم عليه بحكم الله تعالى ».« إذا لم يرض به فيجوز له أن يعاقبه على ذلك حتى يرضى بالحكم اللازم عليه . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ٧١ :CGóѪdG ôgɶe (Ü  ومظاهر هذا المبدأ عند ا لإباضية كثيرة، منها: ّ ١ ضرورة الاستناد إلى ا لبينة العادلة والصحيحة: وقد أكد على ذلك الإمام ابن محبوب، بقوله إن: الإمام لا يحكم إلا بالبينة العادلة إلا ما اصطلح عليه المسلمون من » « حبس أهل التهم(١) المعروفون الموصوفون بها، الشاهر أمرهم عليها، » وهم  مثل السارق المعروف بالسرقة، وقاطع الطريق المنسوب بذلك، والجاهل « المعروف بجهالته(٢) .  وأهمية هذا الأمر جد واضحة لا تخفى على أحد: عدم معاقبة البريء، وتلافي تلفيق التهم الكيدية، وتلك التي لا أساس لها. وقد أكد الفقه الإباضي على هذا المعنى؛ إذ بخصوص السارق إذا لا، إلا أن تقوم عليه » : قال: إنه لم يسرق أيحد؟ يقول أبو غانم الخراساني « البينة، فإن لم تقم عليه البينة ولم يقر بشيء فلا حد عليه(٣) . « لا تضرب ظهور المسلمين إلا على أمر بين واضح » : علة ذلك أنه(٤) . وهذا يفترض أن الدليل صحيح تم الحصول عليه بطريقة مشروعة وإلا لا يجوز التعويل عليه(٥) . (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٣٢ ، ص ٩٢ (٢)العلامة ّ . عامر المالكي ا لعماني: غاية المطلوب في الأثر المنسوب، ص ٨٧٦ ُ (٣) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ١٩٠(٤) ذات المرجع، ذات ا لمكان. (٥) انظر في القانون الجنائي الوضعي د. أحمد عوض بلال: قاعدة استبعاد الأدلة المتحصلة بطريقة غير مشروعة في الإجراءات الجنائية المقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١٣ م، ٥٤٠ ص. ويقول ا لبسيوي: « ولا يقيم الإمام الحد بعلمه إذا علم به حتى يصح بالبينة »(١) . وجاء في بيان ا لشرع: وعن محمد بن محبوب » 5 قلت: إذا صح مع الإمام بالبينة العادلة أن قوما قد بايعوا على سفك دماء المسلمين، أيجوز للإمام أن يقتلهم بغير ً إحضار البينة عليهم؟ قال: لا ولكن يبعث إليه من يأتيه بهم ثم يحضر إليهم البينة، فإن تابوا قبل منهم ما لم يقتلوا أحد ً ا من المسلمين، فإن كانوا قد قتلوا أو قتل ببيعتهم أحد من المسلمين على دينه قتلوا بمن قتلوا من المسلمين، وإن قتل أحد من المسلمين ببيعتهم ولم يكونوا هم قتلوا بأيديهم فتابوا أو ألقوا بأيديهم من قبل أن يقدر عليهم؛ عفا عنهم الإمام وقبل توبتهم ولم يقتلهم. قلت ُ : فإن ْ قامت البينة العادلة عليهم بأسمائهم وأسماء آبائهم وأجدادهم وبيعتهم التي يصحون بها أنهم قاتلوا المسلمين وقتلوهم وهم أغياب ثم ماتت البينة من قبل أن يقدر عليهم ثم قدر عليهم أيقتلون بتلك الشهادة؟ قال: حتى تشهد البينة على عيونهم ولا تقبل عليهم شهادة عن شهادة. قلت: ولا يقتل على البيعة حتى يستتيبهم وإلا فلا قال نعم وإن لم يقتل أحد من المسلمين ببيعتهم ولم يتوبوا استودعهم الإمام الحبس ولا أتقدم « على قتلهم(٢) . (١) . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٩٩٦ (٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١٣١ وكذلك روي أن عمر قال لعبد الرحم ٰ ن بن عوف 5 اغد علي بقوم ورآهم » : ذات ليلة على حالة مكروهة، فلما رجع عبد الرحمن إلى بيته سألته امرأته لما بطأ عنها فأخبرها = ٰ ٢ ضرورة إجراء سلطات الدولة التحقيق في كل ما يتعلق بالجريمة: الغرض من ذلك هو ألا يترك دم الإنسان هدرا، وأن تعمل سلطات ً الدولة على اتخاذ كل ما يلزم الكشف عن ملابسات الاعتداء على حياة الإنسان أو سلامته الجسدية أو أمواله، أو أموال الدولة ذاتها، باعتبار ذلك من أولى وظائفها وواجباتها. ومما يروى في هذا الخصوص ما قاله رافع بن خديج: أصبح رجل من الأنصار بخيبر مقتولا ً ، فانطلق أولياؤه إلى النبي ژ فذكروا له ذلك، فقال: «؟ ألكم شاهدان على قتل صاحبكم » فقالوا: يا رسول الله؛ لم يكن ثم أحد من المسلمين، وإنما هم يهود يجترئون على أعظم من هذا. فقال: أتحلفون خمسين يمين » ً «؟ ا قسامة قالوا: يا رسول الله؛ كيف نحلف على ما لم نعلم؟ فقال رسول الله ژ : « استحلفوا من اليهود خمسين قسامة » فاختاروا منهم خمسين فاستحلفوهم، فقال جماعة: كيف نأخذ أيمان قوم كفار. فوداه النبي ژ من عنده عن اليهود بمائة من إبل الصدقة، لأنه وجد بين أظهرهم، وكره أن يهدر دمه(١) . = بقول عمر. فقالت: أما يكفي أمير المؤمنين ما يرفع إليه حتى يطلب الناس يحكم عليهم. فأخبر عبد الرحمن عمر بذلك فقال: أبصرت شيئ ً ا عمينا عنه. ولذلك شاور عمر ٰ الصحابة @ وهو على المنبر وسألهم عن الإمام إذا شاهد منكر ً ا بنفسه هل له إقامة الجيطالي: قناطر الخيرات، دار « الحد؟ فقال علي: إن ذلك منوط بعدلين فلا يكفي فيه . الكتب العلمية، بيروت، ١٤٢٢ ه ٢٠٠١ م، ج ٢، ص ١٣٩ ولا تلزم المدعى عليه بالضرب والجراح أرش إلا بالبينة العادلة » : وجاء في الجامع الكبير إلا في خصلة واحدة وهي إذا وجدت امرأة متعلقة برجل وتدعي عليه ما يوجب عليه لها ، الصبحي: الجامع الكبير، ج ٣ .« الصداق فهنالك يجب عليه وتكون مصدقة عليه . ص ٢٢٠ (١) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٧٣ وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك، كما يلي: وإذا وجد قتيل في طريق المسلمين في فلاة من الأرض وهو غريب » من الغريب ولم يصح من قتله فإن للإمام البحث عن ذلك والسؤال ولا يهمل الأمر إهمالا ً فإن شهر معه على أحد شهرة لا يرتاب فيها من الثلاثة فصاعد ً ا أخذ المتهم وحبسه على قدر كان عنده إذا كان له بصر بذلك فإذا استعصى حبسه أطلقه، فإن أقر المتهم وهو في الحبس بقتل الرجل فليس عليه قود ولكن عليه الدية إن ثبت على قوله وإن رجع فليس عليه شيء... فالإمام لا يلزمه إلا الجهدة والمبالغة للرعاية في الرعايا بلغ طوله بالحق ولا عليه أكثر من ذلك، وحساب القاتل على الله وعليه هو الحكم بالظاهر « ولله حكم الظاهر والسراير(١) . وقيام سلطات الدولة بالتحقيق اللازم في الأمور الجنائية هو ما يطلق أنه يجب على الإمام الاستفصال عن الأمور التي » عليه الفقه الإسلامي « يجب معها ا لحد(٢) . (١) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين . الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ص ١٨٢ ُ (٢) وهكذا بخصوص ما رواه أبو هريرة ƒ قال: أتى رجل من المسلمين رسول الله ژ وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله إني زنيت، فأعرض عنه، فتنحى تلقاء وجهه فقال: يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله ژ فقال: «؟ أبك جنون » قال: لا، قال: «؟ فهل أحصنت » قال: نعم، فقال ا لنبي ژ : « اذهبوا به فارجموه » متفق عليه. يقول ا لصنعاني: دلت ألفاظ الحديث على أنه يجب على الإمام الاستفصال عن الأمور التي يجب معها الحد، »أشربت » : فإنه قد روي في هذا الحديث ألفاظ كثيرة دالة عليه، ففي حديث بريدة أنه قال خمر ً ا؟ قال: لا، وأنه قام رجل يستنكهه فلم يجد فيه ريح ً لعلك » وفي حديث ابن عباس « ا هل ضاجعتها؟ قال: نعم، قال: فهل باشرتها؟ قال: نعم، قال: هل » : وفي رواية « قبلت أو غمزت لا يكني. رواه البخاري. وفي حديث «؟ أنكتها » : وفي حديث ابن عباس « جامعتها؟ قال: نعم = لكن اتجاه ً ا كبيرا عند الإباضية يقول بعدم جواز أن يقضي القاضي ً بعلمه (وهي القاعدة المعروفة باللغة الإنجليزية باسم Judicial notice .( يكفي أن نذكر ما جاء في جلاء ا لعمى: قال أبو زيادة ومحمد بن هاشم في الإمام إذا كان عنده رجل قاعد » ً ا إلى الليل في يوم معين وشهد عليه العدلان أنه قتل رجلا ً في ذلك اليوم، قالا: إن  « الإمام لا يتولى قتله وهو يعلم أنه بريء، ولكن يرد الحكم في ذلك إلى غيره(١) . ٣ إعلام المتهم بالتهمة الموجهة إليه: يعرف ا لإباضية هذه المسألة. يكفي أن نذكر أمرين: ّ فبخصوص سؤال: عن الرجل المتهم والمرأة المتهمة إذا وجب عليهما الحبس فحبسا فوصل إليهما من يواصلهما إلى الحبس، وكان هذا الواصل  في موضع تلحقه التهمة مثل مطلق أو مطلقة أو غيرهما، هل للقائم بالأمر أن يحبس هذا الواصل إلى الحبس؟ يقول أبو سعيد: معي أنه إذا لحقته التهمة في مواصلته لهذا بشيء من المعاصي التي » يجب إنكارها عليه، كان له النظر في ذلك، فإن رأى التقدمة قبل الحبس « أصلح فعل ذلك، وإن رأى الحبس أولى فعل ذلك(٢) . = أنكتها؟ قال: نعم، قال: دخل ذلك منك في ذلك منها؟ قال: نعم. قال: كما يغيب » : أبي هريرة المرود في المكحلة والرشاء في البئر؟ قال: نعم، قال: تدري ما الزنا؟ قال: نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا ً . .« قال: فما تريد بهذا القول، قال: تطهرني فأمر به فرجم ً فدل جميع ما ذكر على أنه يجب الاستفصال والتبين وأنه يندب تلقين ما يسقط الحد، الصنعاني: سبل .« وأن الإقرار لا بد فيه من اللفظ الصريح الذي لا يحتمل غير المواقعة . السلام، ج ٤، ص ١٢ ١٤ (١). جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٦٣(٢) الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ١٦٣ ؛ الكندي: بيان الشرع، . ج ٢٩ ، ص ٢٠٧ كذلك جاء في الورد ا لبسام: وإن استمسك الجماعة بأحد، أن يسير إلى حبس، ولم يعلم لنفسه: ما » يحبس عليه، فلا يمتنع منهم إن عرف بأفعال السوء. وإلا سألهم عن موجب حبسه. ويخبرونه عنه. ويطاوعهم إن أخبروه به. وكان موجبا له، ولو أنه لم ً « يفعله. وليمتنع منهم، إن كان غير موجب له(١) . ٤ جمع الأدلة الجنائية يجب أن يتم بطريقة مشروعة، والاستثناءات على ذلك: أولا ً : القاعدة: القاعدة عند الإباضية أن الأدلة الجنائية التي تعضد ارتكاب الجاني ّ للجريمة لا يجوز جمعها مثلا ً عن طريق التجسس، وإنما وفق ً ا لما ينبئ عن الظاهر أو الإقرار أو شهادة ا لشهود. يقول ا لبسيوي: وليس لأئمة المسلمين أن يفتشوا الناس في منازلهم، وإنما أمرهم الله » « أن يحكموا بالظاهر وما قامت به ا لشهادة(٢) . وجاء في ا لمصنف: قال البعض: لا ينبغي لأئمة المسلمين أن يغشوا الناس في منازلهم » وإنما أمروا أن يحكموا بالظاهر وبما انتهى علمه إليهم وقامت به « الشهود(٣) . (١) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، ص ١٩٨(٢) . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٩٨٤(٣) . النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ٥، العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ١٣٥ ويقول ا لجيطالي: .« كل من ستر معصية في داره وأغلق بابه فلا يجوز أن يتجسس عليه » قال الله 4 : ﴿ -. ﴾ [ [الحجرات: ١٢(١) . ثانيا ا لاستثناءات: ً يرد على القاعدة السابقة عدة استثناءات، هي: أ إذ ْ ن ُ الشخص ا لمعني: لا شك أن الموافقة أو الإذن الصادر عمن يملكه ينفي عدم المشروعية. لذلك، يجوز دخول مكان ما، لجمع أدلة جنائية منه بموافقة صاحب المكان أو من يوجد فيه. في هذا المعنى جاء في الجامع ا لمفيد: وإذا صح أن رجلا ً أو رجالا ً أو نساء من أهل الريب الذين لا يؤمن ذلك منهم فأخبر بذلك ثقة استؤذن عليهم، فإن أذنوا وإلا قالوا أنا ندخل عليهم فدخلوا عليهم، وإن لم يصح ذلك بقول فلا أراه إلا بإذن. وكذلك أصحاب الشراب إذا اجتمعوا عليه في موضع دخل عليهم. وكذلك وإن لم يصح فلا يدخل عليهم إلا بإذن(٢) . ب كون الفعل ظاهرا وليس مستترا: ًً لا شك أن كون الفعل المكون للجريمة ظاهرا يبيح القبض على الجاني ً وجمع الأدلة الجنائية المتحصلة عن ذلك. لأننا سنكون هنا في إطار ما يعرف في فقه الإجراءات الجنائية تحت اسم حالة التلبس Flagrante .delicto ـ en flagrant délit (١) . الجيطالي: قناطر الخيرات، ج ٢، ص ١٣٨(٢) . الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ١١٢ يقول ا لخليلي: إن من شروط ا لمنكر: أن يكون ظاهرا فإن التجسس لا يجوز في المستور إلا إذا أدى إلى » ً فساد العالم وتعذر قطعه بدون ذلك كالسرقات وسفك الدماء غيلة في السر فلا بد ّ من العناية بكف الأذى ودفع المظالم سرها وجهرها ما أمكن. وأما ما لا يتعدى شره عن الفاعل فإذا استتر به في بيته ولم يصح عليه ذلك بعلم يقين من شهرة أو شهادة أو سماع أو نظر أو نحوه من مؤديات العلم فلا يخترق ستره و [لا] يتولج عليه في بيوتاته فإن اقتحام بيوت الناس « لغير موجب معصية محضة(١) . وفي ذات المعنى، يقول ا لجيطالي: وأما إذا ظهر المنكر من البيت أو الدار ظهورا يعرفه من هو خارج » ً الدار: كأصوات المزامير، والملاهي، وأصوات السكاري، والكلمات المألوفات منهم فله دخول الدار وكسر الملاهي؛ لأنا قد أمرنا أن نستر ما ستر الله وننكر على من أبدى لنا صفحته. والإيذاء له درجة فتارة يبدو لنا بحاسة السمع، وتارة بحاسة البصر، وتارة بحاسة الشم، بل المراد العلم وهذه الحواس تفيد العلم، ومعنى التجسس طلب العلامات المعرفة، فإذا حصلت وأورثت المعرفة جاز العمل بمقتضاها، وأما أن يبحث على العلامات المعرفة فلا رخصة فيه أصلا ً إلا من دخل مداخل السوء وظهرت عليه علامة السوء فلا تباعة على من « اتهمه (٢) . (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ٦٤ (٢). الجيطالي: قناطر الخيرات، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٢٢ ه ٢٠٠١ م، ج ٢، ص ١٣٩ ج كون الشخص معروف ً ا بإجرامه: لا جرم أن كون الشخص معروف عنه الإجرام من المبررات التي تدفع إلى القبض عليه وتفتيشه وسؤاله وجمع الأدلة التي تخص الجريمة التي تم ارتكابها. في هذا المعنى يقول ابن بركة: عنهم بقول لا عمل عليه أن للإمام اتفق أصحابنا إلا من شذ  والحاكم أن يهجما على السارق والقاتل والممتنع بالحق في بيته وأمنه الذي كان قبل ذلك ومن كان في معناهما من المتعدين وإخراجهما إلى حيث ينصف الحاكم بينهما(١) ويقول ا لنزوي: . فالذي عرفت أن أهل الأحداث يهجم عليهم، وأهل الدين لا يهجم » « عليهم في منازلهم (٢) . وجاء في صراط ا لهداية: ومن جواب القاضي محمد بن عبد الله بن جمعة بن عبيدان 5 ، وفي رجل يشرب التتن وتظاهر عليه أنه يشرب التتن في بيته، أو إنه يبيع تتن ً ا أو أفيون ً ا، أو غير ذلك من المنكرات، أيجوز للوالي أن يأمر ثقة يفتش له ضيعته من بيته، لإتيان أهل المنكر بمنكرهم، وليعاقبه بما يكون من العقوبة مع المسلمين، أم لا يجوز له ذلك؟ (١) . ١٤٢٨ ه ٢٠٠٧ م، ص ١٧٧ ١٧٨ ، ابن بركة: الجامع، ج ١(٢) . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٧٧ ٢٣١ الجواب: وبالله التوفيق، إنه جائز للوالي أن يأمر ثقة من الثقات أن » « يفتش بيوت أصحاب المناكر المعروفين بذلك(١) . كذلك جاء في بيان ا لشرع: وليس على الإمام بأس في التجسس عن أصحاب الشراب والفسق في » « منازلهم(٢) . ٥ الأصل تطابق الأدلة الجنائية وعدم تعارضها: تطابق الأدلة، أو على الأقل عدم تعارضها أمر مهم في إطار الإجراءات الجنائية للحكم على مرتكب الجريمة، يقول ا لبطاشي: وشرط الشهادة أن لا تختلف بالمسروق أو المكان أو الزمان فلا قطع » أن قال شاهد: سرق كبش ً ا وقال الآخر: سرق نعجة أو قال أحدهما من موضع « كذا أو في وقت كذا وقال الآخر بخلاف ذلك(٣) . ويقول الرستاقي (بخصوص ا لزنا): ولابد للإمام أن يسأل الشهود: كانوا مجتمعين في وقت واحد، ويوم » واحد، وموضع واحد، وامرأة واحدة، ويسمون باسمها. فإن اختلفوا في الوقت أو في اليوم، أو في الموضع، أو في اسم المرأة، أو معرفتها أنها عربية أو زنجية أو ذمية، أو مصلبية، أو بالغ أو صبية، بطلت الشهادة لاختلافها. وإذا شهدوا أنه زنا بامرأة لا يعرفونها، فلا حد عليه؛ لأنه عسى أن تكون .« امرأته أو جاريته (١) . الغافري: صراط الهداية، ج ٢، ص ٤٥١(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ٤١٥(٣) . البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٣٢ وإن عرفوها واحتج أنها زوجته. فقد قيل: إنه يدرأ عنه الحد بذلك. وكذلك إذا ادعت هي ذلك أيض ً ا ولو كان وليا ينكر دعواها(١) . كذلك جاء في ا لمصنف: قال بعض أصحاب الظاهر: إذا شهد الشاهد أن القاذف قذفه بالعربية »  وشهد آخر إنه قذفه بالفارسية لم تجز شهادتهما لأن كل واحد منهما شهد بقذف غير الذي شهد به صاحبه وكذلك لو شهد أحدهما إنه قذفه يوم « الخميس وشهد آخر إنه قذفه يوم الجمعة لم يحكم بذلك لاختلافهما(٢) .  ويقول ا لنزوي: وإذا اختلف الشاهدان على القتل والجروح فقال واحد: قتله يوم كذا وكذا » « أو موضع كذا أو بمدية أو حجر وقال الآخر: بغير ذلك فشهادتهما تبطل(٣) . وهكذا فتعارض الشهادات أو عدم تطابقها يمكن أن يؤدي إلى إطراحها ولا يؤخذ بها. « تبطل » : جانبا، أي ً كذلك قيل: إن شهادة أهل الجملة على الجنايات، قيل تكفي ما لم « يظهر عليهم ما يبطلها، وقيل: لا حتى يعدلوا(٤) . (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٦٢(٢) النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ١٠٢ . راجع أيض ً ا أمثلة أخرى في الكندي: بيان الشرع، جاء فيه « في أي الشاهدين أولى إذا اختلفا » ج ٣٢ ، ص ٧٤ ٧٥ . وقد خصص الكندي بابا ً المثال ا لآتي: وإذا شهد شاهدان أن فلان » ً ا قتل فلان ً ا يوم النحر وشهد شاهدان أنهما رأياه يوم النحر في تلك السنة فشهادة القتل أولى من شهادة الحياة. ويقتل به من شهد عليه بقتله. فإن شهدوا . ذات المرجع، ص ٧٨ « جميعا وتنازعوا الشهادة في يوم واحد فشهادة الموت أولى ً (٣) النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٥٢ . انظر رأيا آخر ذات المرجع، ذات المكان يقول إن ً .« إذا اختلفوا في ا لأوقات » الشهادة تبطل فقط (٤). جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٤٥ يتضح من كل ما تقدم أن مبدأ شرعية وصحة الإجراءات الجنائية أمر ذو بال في المسائل الجنائية. لذلك على المختصين بجمع الأدلة الجنائية وغيرها من النواحي الجنائية الإجرائية خصوصا رجال ا لشرطة(١) مراعاة ذلك. ً لذلك قالت المحكمة العليا في سلطنة ع ُمان: التناقض ما يصيب الدليل الذي تأخذ به المحكمة فيجعله متهادما » ً  متساقط ً ا لا شيء منه باقيا يمكن أن يعتبر قواما لنتيجة سليمة يصلح معه ًً « الاعتماد عليها. أثره بطلان ا لحكم(٢) . حري بالذكر أن وجود أو ظهور تناقض في الأدلة، قد يكون مرجعه ٍ المتهمين أنفسهم: إذ كل جان أو كل متهم ٍ يسعى جاهد ً ا إلى التخلص من التهمة أو الجناية الموجهة إليه. وهو أمر أشار إليه القرآن الكريم، في قوله تعالى: ﴿ RQPON ﴾ [ [البقرة: ٧٢ . يقول الشيخ هود:  « أي: تدافعتم بعضكم على بعض، أي: يحيله بعضهم على بعض »(٣) . « فاختلفتم واختصمتم في شأنها » : ويقول الكندي: أي(٤) . (١) أهل الصدق والأمانة على عورات » : يقول الإباضية إن من يصلح أن يكون شرطيا، هم ّ أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٦٣ . راجع أيض « المسلمين ً ا عدون جهلان: الفكر السياسي عند ا لإباضي ّ ة، مكتبة الضامري، سلطنة ع ُ . مان، ص ٢٦٤ ٢٦٥(٢) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في الفترة من . ٢٠٠٩ ، سلطنة عمان، ص ٢٢٧ /٦/ ٢٠٠٨ وحتى ٣٠ /١٠/١ ُ (٣) الشيخ هود الهواري: تفسير كتاب الله العزيز، تحقيق: بالحاج بن سعيد، دار الغرب . الإسلامي، بيروت، ١٩٩٠ ، ج ١، ص ١١٧(٤) الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، تحقيق: شريفي وبابا عمى، ١٤١٨ ه ١٩٩٨ م، . ج ٢، ص ٦٠ »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a áªjôédG • • • . تثير دراسة الجريمة في الفقه الإباضي دراسة الأمور ا لآتية: تعريف الجريمة وأشخاصها. تقسيمات ا لجرائم. أركان ا لجريمة. وندرس هذه المسائل الثلاثة على أن نخصص لكل منها فصلا ً ينقسم هذا الفصل كما يبدو من عنوانه إلى مبحثين: نعالج في الأول تعريف الجريمة، ونتناول في الثاني أشخاصها. ∫hC’G åëѪdG áªjôédG ∞jô©J الجريمة في المجتمعات الوطنية يمكن أن يتغير مفهومها من وقت لآخر، ومن مكان لآخر: فما كان يعد جرائم جسيمة قديما أصبح الآن ً في بعض المجتمعات غير المسلمة، من الأفعال المباحة غير المعاقب عليها: كالزنا، وزواج ا لمثلين. ويكاد يجمع فقهاء القانون الجنائي على أن الجريمة هي سلوك غير ا (١) .  مشروع يقرر له المشرع جزاء جنائي (١) يكفي أن نذكر التعريفات ا لآتية: الجريمة فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية يقرر له القانون عقوبة أو تدبيرا » ً احترازاي  د. محمود نجيب حسني: شرح قانون العقوبات القسم العام، دار النهضة ،« ا . العربية، القاهرة ١٩٨٩ ، ص ٤٠ ا، في غير  سلوك إرادي غير مشروع، يصدر عن شخص مسؤول جنائي » : الجريمة هي حالات الإباحة، عدوان ً د. عبد الفتاح ،« ا على مال أو مصلحة أو حق محمي بجزاء جنائي الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، دار النهضة . العربية، القاهرة، ١٩٩٧ ، ص ٤٣ = أما في الإسلام فقد وردت كلمات كثيرة في القرآن الكريم بخصوص الجريمة والمجرمين، ومنها قوله تعالى: ﴿ !" $# &% ﴾ [ [الرحمن: ٤١ ، ﴿ JIHGFEDCB ﴾ [ [طه: ١٠٢ ؛ ﴿ XWVUTSRQP ﴾ [ [سبأ: ٢٥ ؛ ﴿ ¼ ¾½ À¿ ﴾ [ [هود: ٣٥ ، ﴿ ¢£¤ §¦¥ ¨ ﴾[ [المائدة: ٨ . كما في قوله تعالى: ،« الخبائث » وقد يستخدم القرآن الكريم كلمة ﴿ ZYX ﴾ [ [الأعراف: ١٥٧(١) ، للإشارة إلى الجرائم وغيرها من المحظورات. بل قد تتم الإشارة إلى الجريمة بكلمات عادية(٢) . بل قد   = سلوك يقع اعتداء على مصلحة محمية يحددها المشرع سلف » : الجريمة هي ً ا بنص مكتوب أو يعرضها للخطر، ويكون أي: السلوك صادرا عن إرادة حرة، واعية، وآثمة، ً ويقرر له القانون جزاء جنائيا يستوفى باسم المجتمع من خلال قنوات إجرائية جنائية ً د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري القسم العام، المرجع « يحددها . السابق، ص ١١٠(١) وكذلك جميع « جميع ما حرم الله تعالى » يقول الجيطالي إن ذلك يشمل ﴿ VUT YXW ﴾ [ [الأعراف: ٣٣ . الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢ ص ٦٢٨ ٦٢٩(٢) من ذلك قوله تعالى: ﴿ ÞÝÜÛÚÙØ ﴾ [ [الشعراء: ١٩ يقول وفي هذا الإيهام بقوله: » : الشيخ بيوض ﴿ ÙØ ﴾ تهويل كبير، فهو لم يصرح له بما فعل، ولم يقل له: وقتلت من ّ ا واحد ً ا، ولكن كما هو معروف في العربية أن الغموض والإبهام فيهما تهويل؛ ففرعون يصور له قتل القبطي أكبر جريمة وأشنع شيء، ثم قال له: ﴿ ÞÝÜ ﴾[ [الشعراء: ١٩ أي: من الجاحدين بالنعمة، يعني: فنحن ربيناك وآويناك، ومكثت معنا سنين، وآخر الأمر قتلت أبن ً ا من أبنائنا وفررت، أهكذا يكون الشيخ بيوض: في رحاب « جزاؤنا؟ هذا هو التفسير المشهور، والأقرب إلى المعقول . القرآن، ج ٧، ص ٣١٦ ٣١٧ وبخصوص العلاقة بين الجريمة وما استخدمه القرآن والأحاديث النبوية لعبارات المعصية والإثم والخطيئة، يقول المرحوم الشيخ أبو زهرة: وعلى ذلك تكون ألفاظ الجريمة والمعصية والخطيئة، والإثم ألفاظ متلاقية في معناها، وإن » = « الحرمات » يستخدم كلمة(١) ، كما في قوله تعالى: ﴿ \[ ﴾ [ [البقرة: ١٩٤ ، ﴿ §¦ ¨©ª«¬®¯° ﴾ [ [الحج: ٣٠ . « شرع أحكام الجنايات من معظم معاقد الأمور » ولما كان(٢) ، فقد ع ُ ني فقهاء المسلمين بتعريف ا لجريمة. ومن أفضل التعريفات في هذا الخصوص تعريف الماوردي، بأن: الجرائم محظورات شرعية، زجر الله تعالى عنها بحد أو تعزير، ولها » عند التهمة حال استبراء تقتضيه السياسة الدينية، ولها عند ثبوتها وصحتها « حال استيفاء توجبه الأحكام ا لشرعية(٣) . = كان ثمة اختلاف في إشارتها البيانية، فالجريمة لوحظ فيها ما يكتسبه المجرم من كسب خبيث، ومن أمر مكروه مستهجن في العقول. والإثم لوحظ فيه أنه مبطئ عن الوصول إلى المعاني الإنسانية المالية: وذلك لأن الإثم اسم للأفعال المبطئة، والخطيئة يلاحظ في معناها أن الشر يستغرق النفس ويستولي عليها، حتى يصدر عنها من غير قصد إليه ولذلك لا يجيء التعبير بالخطيئة إلا عندما يكون الشر قد استحكم في قلب إنسان في مثل قوله تعالى: ﴿ xwvutsrqponmlk ﴾ [ [البقرة: ٨١ . الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، دار الفكر العربي، القاهرة، ص ٢٧ ٢٨ (١) جمع الحرمة، وهي ما لا يحل انتهاكها، أو ما وجب القيام بها من حقوق الله » الحرمات مجمع اللغة العربية: معجم ألفاظ القرآن الكريم، القاهرة، « والعباد، وحرم التفريط فيها هو الشيء المقدس الذي له قيمة، » ١٤٠٩ ه ١٩٨٩ م، ج ١ ص ٢٨٢ . كذلك فالحرمة .( الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ٤، ص ٤١٧ (الحج: ٣٠ « وله قدر ومكان (٢) الإمام الطرابلسي الحنفي: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام، مكتبة . البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٩٣ ه ١٩٧٣ م، ص ١٨٠ (٣) الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ٣٦١ . ويعرفها آخرون بأنها: إتيان فعل محظور أو ترك فعل مأمور به شرع » ً .« ا مع الزجر عليه بحد أو قصاص أو تعزير أستاذنا د. محمد سلام مدكور: المدخل للفقه الإسلامي، دار النهضة العربية، القاهرة، . ١٣٨٩ ه ١٩٦٩ م، ص ٧٢٤ = وفي الفقه الإباضي تم استخدام ألفاظ عديدة للدلالة على الجريمة، منها: :zø«KóëªdGh çóëdG{ á¶Ød ΩGóîà°SG (CG .« الحدث » إذ يعبر فقهاء المذهب الإباضي عن الجريمة بكلمة وهكذا فقد خصص الكندي بابا عن: ً .« الحدث في الميت الحر والعبد » الحدث من الإمام وسراياه وولاته وشراته وما » كذلك خصص بابا عن ً « أشبه ذلك عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي ا لحروب(١) . إن أحضرتم البينة العادلة على من » : ومن ذلك قول عزان بن تميم « أحدث أخذته بحدثه(٢) . وجاء في بيان الشرع أيض ً «... ولو كان إشهار السلاح من ا لمحدثين » : ا(٣) . = عدة شروط: « المحظور الشرعي » ويشترط لتوافر وصف » : يقول د. عبد الفتاح الصيفيأولا ً: أن يكون هناك تكليف شرعي، أي: أمر أو نهي من الشارع للمكلف. وثانيا: أن يصدر عن ً المكلف سلوك إيجابي يخالف به ما نهى عنه الشرع، أو سلوك سلبي يخالف به ما أمر به الشرع. وثالث ً ا: أن لا يكون هناك نص يبيح استثناء السلوك المذكور. ورابع ً ا: أن يتطابق السلوك المرتكب مع السلوك المحظور، وخامسا: أن يكون مصدر الحظر هو الشرع، فالشرع لا العقل، ً د. عبد الفتاح .« فلا جريمة إلا ما يعتبره الشرع جريمة » ، مصدر التحسين والتقبيح. لهذا . الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٤٤(١) .٣٧٢ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ١٤٦(٢) . ذات المرجع، ص ٣٩٧(٣) ذات المرجع، ص ٣٩١ . انظر أيض ً « تمييز البراءة من أهل الأحداث والولاية لهم » ا باب والأصناف الأربعة للناس عند وقوع الحدث، في الكدمي: المعتبر، وزارة التراث القومي . والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ١٩٨٤ ، ج ١، ص ١٥١ ١٥٣ ُ :(1)zájÉæédG{ á¶Ød ΩGóîà°SG (Ü الجنايات ضروب فمنها جناية » : فقد سئل أبو سعيد عن الجنايات، فقال « الحر، والعبد، والمعتوة، والعبيد البالغون، والكبير الذي قد تغير عقله(٢) . ويقول الشيخ خلفان بن جميل: الدية المال الذي قدر عن ْ جناية في النفس تقدير ً ا ع ُ لم ْ يقال: جنى على قومه جناية أذنب ذنبا يؤخذ به وغلبت الجناية في ألسنة » ً « الفقهاء على الجرح والقطع، والجمع فيه جنايات وقل فيه جنايا كعطايا(٣) .  (١) فالجناية: اسم لفعل محرم شرع » : يقول عبد القادر عودة ً ا، سواء وقع الفعل على نفس أو مال أو غير ذلك. لكن أكثر الفقهاء تعارفوا على إطلاق لفظ الجناية على الأفعال الواقعة على نفس الإنسان أو أطرافه، وهي القتل والجرح والضرب والإجهاض بينما يطلق بعضهم لفظ الجناية على جرائم الحدود والقصاص. وإذا غضضنا النظر عما تعارف عليه الفقهاء من إطلاق لفظ الجناية على بعض الجرائم دون البعض الآخر، أمكننا أن نقول: إن لفظ الجناية في الاصطلاح الفقهي مرادف للفظ الجريمة. ويختلف معنى الجناية الاصطلاحي في القانون المصري عنه في الشريعة، ففي القانون المصري يعتبر الفعل جناية إذا كان معاقبا عليه بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو ً الأشغال الشاقة المؤقتة (السجن المؤبد أو المشدد) أو السجن طبق ً ا للمادة العاشرة من ؛ عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٦٧ « قانون العقوبات المصري د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، دار النهضة العربية، القاهرة، . ١٤٢٧ ه ٢٠٠٧ م، ص ١٥(٢) . الجامع المفيد من جوابات أبي سعيد، ج ١، ص ١٢٤ . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٤٠٤ « الذنب مطلق الجرم » كذلك قيل: إن ّ ويقول عبد القادر عودة: إن بعض الفقهاء يعبر عن جرائم الحدود بلفظ الجناية، وبالتالي لن يشمل هذا اللفظ الجرائم الأخرى (أي: التعازير)، راجع عبد القادر عودة: التشريع . الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٤٤ ٣٤٥(٣) الشيخ خلفان بن جميل: جلاء العمى شرح ميمية الدما، الطبعة الثانية، معهد القضاء . الشرعي والوعظ والإرشاد، سلطنة عمان، ١٤١١ ه ١٩٩١ م، ص ٣٠ = ُ :zºdɶªdG{ á¶Ød ΩGóîà°SG (ê يقول ا لجيطالي: .« المظالم » قد يطلق فقهاء ا لإباضية على الجرائم كلمة ّ قال الله تعالى: » ﴿ ÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½ ÉÈÇ ﴾ [ [الشورى: ٤٢ ، فأجمل الظلم في الأموال والأعراض والحقوق وغيرها، وقال النبي « الظلم ظلمات يوم القيامة » : ژ ، وقد قال الله تعالى: ﴿ ÇÆÅÄà ﴾ [ [طه: ١١١ . والكلام في المظالم ينحصر في في مظالم ا لأبدان. « والثاني » . في مظالم الأموال « الأول » ... أربعة  «ﺚﻟﺎﺜﻟﺍﻭ» ﻲﻓ ﻢﻟﺎﻈﻣ .ﺝﻭﺮﻔﻟﺍ «ﻊﺑﺍﺮﻟﺍﻭ» ﻲﻓ ﻢﻟﺎﻈﻣ.ﺽﺍﺮﻋﻷﺍ ﺪﻗﻭ ﻞﺼﻓ ﻲﻟﺎﻄﻴﺠﻟﺍ ﻞﻛ ﻉﻮﻧ ﻦﻣ ﻩﺬﻫ ،ﻢﻟﺎﻈﻤﻟﺍ ﺎﻤﻛ :ﻲﻠﻳ ﻢﻟﺎﻈﻣ ﻝﺍﻮﻣﻷﺍ ﻰﻠﻋ ﺔﻌﺑﺭﺃ ،ﻡﺎــﺴﻗﺃ :ﻲــﻫ ﺎﻤﻴﻓ ﻡﺰﻠﻳ ﻥﺎــﺴﻧﻹﺍ ﻦﻣ ﻩﻮﺟﻭ ١ ـ ﺐﺼﻐﻟﺍ ﻱﺪﻌﺘﻟﺍﻭ ﻲﻓ ﻝﺎﻣ ﻩﺮﻴﻏ ﻪﺴﻔﻨﺑ ﻪﻟﺎﻤﺑﻭ ﻭﺃ ﺔﻄﺳﺍﻮﺑ ﻪﻟﺎﻔﻃﺃ ،ﻩﺮﻣﺄﺑ ﺎﻣ ﻪﻣﺰﻠﻳ ﻦﻣ ﻞﺒﻗ ﺄﻄﺨﻟﺍ ،ﻥﺎﻴﺴﻨﻟﺍﻭ ﺎﻣ ﺀﺎﺟ ﻦﻣ ﻞﺒﻗ ،ﻪﻟﺎﻣ ﺎﻤﻴﻓ ﻪﻣﺰﻠﻳ ﺎﻤﻴﻓ ﻪﻨﻴﺑ ﻦﻴﺑﻭ ﷲﺍ ﻥﻭﺩ.ﻢﻜﺤﻟﺍ ﻡﺪﺨﺘﺴﻳﻭ ﻪﻘﻔﻟﺍ ﻲﺿﺎﺑﻹﺍ ﺔﻤﻠﻛ «ﺕﺎﻳﺎﻨﺟ» ﺎﻫﺩﺮﻔﻣﻭ «ﺔﻳﺎﻨﺟ» ﺔﻟﻻﺪﻠﻟ ﻰﻠﻋ ﻢﺋﺍﺮﺠﻟﺍ ﻦﻣ ﺚﻴﺣ = ﺎﻬﻨﻛﺭ .ﻱﻮﻨﻌﻤﻟﺍ ﻝﻮﻘﻳ ﻮﺑﺃ:ﻕﺎﺤﺳﺍ ً ﺎ ﻡﺎﻜﺣﺃ» ﺕﺎﻳﺎﻨﺠﻟﺍ ﺎﻤﻴﻓ ﺕﺎﻳﺎﻨﺠﻟﺍﻭ» ﻰﻠﻋ ﺔﺛﻼﺛ :ﻡﺎﺴﻗﺃ ،ﺪﻤﻋ ﻪﺒﺷﻭ ،ﺪﻤﻋ «ﺄﻄﺧﻭ ﻝﻮﻘﻳﻭﻀﻳﺃ ﻥﻭﺩ .«ﺲﻔﻨﻟﺍ ﻢﻴﻫﺍﺮﺑﺇ ﻦﺑ :ﺲﻴﻗ ﺮﺼﺘﺨﻣ ،ﻝﺎﺼﺨﻟﺍ ﺹ٣٣٣ ـ .٣٣٤ ً ﺍﺬﻜﻫﻭ ﻭﺪﺒﻳ ﻢﻬﻧﺃ ﺎﻫﻮﻣﺪﺨﺘــﺳﺍ ﻲﻓ ﻰﻨﻌﻣ ،«ﺔﻤﻳﺮﺠﻟﺍ» ﺮﻈﻧﺃﻀﻳﺃ :ﺎ ﻪﻣﺍﺪﺨﺘــﺳﺍ ﺓﺭﺎﺒﻌﻟ ﺔﻳﺎﻨﺟ» ،«ﺓﺃﺮﻤﻟﺍ ﺔﻳﺎﻨﺟ» «ﺪﺒﻌﻟﺍ (٣٣٨ﺹ) ﺔﻳﺎﻨﺟ» ،ﻲﺒﺼﻟﺍ ،ﺔﻧﻮﻨﺠﻤﻟﺍﻭ «ﻢﺠﻋﻷﺍﻭ ﺹ).(٣٣٩ ﻚﻟﺬﻛ ﻞﻴﻗ :ﺔﻳﺎﻨﺠﻟﺍ» ﺮﻴﺛﺄﺘﻟﺍ ﻊﻘﻳ ﻦﻣ ﺮــﺸﺒﻟﺍ ﻲــﻓ ﻪﻠﺜﻣ ﻭﺃ ﻲﻓ ﻩﺮﻴﻏ ﺕﻮــﻤﻟﺎﺑ ﻭﺃ ﺎﻤﺑ ،ﻪﻧﻭﺩ ﺝﺮﺨﺘﻓ ؛ﺀﺎﻤﺠﻌﻟﺍ ﻥﻷ ﺎﻬﺣﺮﺟ ﺭﻭﺪﻬﻣ ﺎﻤﻛ ﻲﻓ ﺚﻳﺪﺤﻟﺍ ﺡﺮﺟ) ﺀﺎﻤﺠﻌﻟﺍ.(ﺭﺎﺒﺟ  ﺎ ﻥﺎﻛ:ﻯﺫﻷﺍ ﻦﻣﻭ ﻥﺍﻮﻴﺤﻟﺍ ﺎﻣ ﻻ ﺮﺠﺤﺗ ﺔﻳﺎﻨﺠﻟﺍ ،ﻪﻴﻓ ﻱﺫﺆﻤﻟﺎﻛ ﻳﺃ ﻻﻭ ﻒــﺨﺗ ﻲﻓ ﷲﺍ ﻡﻮــﻟ«ﻝﺬﻌﻟﺍ ـﻛﻭ ﻞـــﻣ ﺫﺆــ ﻡﺎــﻧﻸــﻟﻞﺘﻗﺎﻓ ﻊﺟﺍﺭ ﺦﻴﺸﻟﺍ ﺪﻴﻌﺳ :ﻲﺛﺭﺎﺤﻟﺍ ﺞﺋﺎﺘﻧ ﻝﺍﻮﻗﻷﺍ ﻦﻣ ﺝﺭﺎﻌﻣ ﻝﺎﻣﻵﺍ ﺮﺸﻧﻭ ﺝﺭﺍﺪﻣ ،ﻝﺎﻤﻜﻟﺍ ﺔﺒﺘﻜﻣ ﻞﻴﺠﻟﺍ ،ﺪﻋﺍﻮﻟﺍ ﻂﻘﺴﻣ ـﻫ١٤٣١ـ ،ﻡ٢٠١٠ ﺹ.١٤٨ الباب الثاني: الجريمة في الفقه الإباضي ٢٤٣ ٢ مظالم الأبدان وتسمى قتلا ً ، وجراحا، وهي على ثلاثة أنواع: عمد، وشبه ً عمد، وخطأ. ٣ مظالم الفروج وهي على وجهين: مظلمة سفاح ونكاح. ا (١) ٤ مظالم الأعراض وتسمى قذف ً ا واغتياب ً ا وطعن ً ا واقتداح ً . ولعل الإمام الجيطالي يكون بذلك قد أشار إلى اعتداء الجريمة على المصالح الخمسة للدين، وهي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، أحكام فسقة » وحفظ النسل، وحفظ المال. ويقترب من قول الجيطالي باب « أهل ا لإسلام(٢) . (١) . الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢، ص ٦١٢ ٦١٣ (٢) يقول ا لوارجلاني: واعلم أن الذنوب التي يأتيها العباد على وجهين: ذنب بين العبد وبين ربه، وذنب بينه »وبين ا لعباد. فأما الذنوب التي بينه وبين العباد وهي المظالم، فعلى ثلاثة أوجه، يلزمهم منه الإثم والغرم والعار والنار. ووجه يكسبهم العار والنار، ولا غرم ولا نكال، ووجه يكسبهم الغرم لا غير. فأما الوجه الأول : فهو وجوه الغصوبات كلها من السرقة والتعدي في الفسادات كلها في أيام الظهور، خصوصا منع الزكاة والعشور والصدقات والخموس وشبهها، فهذه فيها الغرم ً والإثم، وأما في أيام الكتمان فلا جبر ولا قهر. والوجه الثاني : فأمر لا يحكم به عليهم في الدنيا، ويلتزمونه في الآخرة، ويخرجونه من حسناتهم، فكذلك الباب الأول إن لم يستدركوه ولم يصلحوه، ما داموه في الدنيا مثلما ما يفسد على يديه، بتضييع أموال الأغياب أو اليتامى، إذا استخلف عليهم، أو أموال الأجر كلها، أو أموال السلاطين، وجميع ما ضيع من نفقات من وجبت عليه نفقاته، من الأهل أو الأزواج والبنين والعبيد، ومضاربات، وما غسق بعينه، أو دل عليه من أكله أو يفسده، وتنجية الأنفس كلها من ماله من الجوع والعطش والهلاك والعداة والهبات وكفارات الأيمان والمغلطات وكفارات الظهار وكفارات الدماء، والنذر وشبه هذا، فإنه لا يؤخذ بشيء من هذا في الدنيا، ولا تأدية عليه فيه، ويؤخذ به في الأخرة، إن لم يصلحه بنفسه في ا لدنيا. = »fÉãdG åëѪdG áªjôédG ¢UÉî°TCG  الجريمة لها خصوصا طرفان: موجب وسالب: ً أما الطرف الموجب، فهو الجاني أو الفاعل. وهو من يرتكب الجريمة.  وأما الطرف السالب، فهو المجني عليه أو المفعول به، وهو من تقع الجريمة عليه أو على ماله أو على حق من حقوقه. أ) الجاني (المجرم أو مرتكب ا لجريمة): نشير إلى المقصود بالجاني، والقواعد الخاصة به:  ١ المقصود بالجاني: لا شك أن الجريمة تفترض لوقوعها أن يوجد مرتكب لها، هذا أمر بديهي، بل منطقي، تحتمه طبيعة الأشياء. يقول أطفيش: لا بد للحوادث من محدث ليس منها، وإلا كان مثلها، والشيء قبل » « حدوثه غير فاعل فلا يحدث نفسه (١) . وأهل المعاصي صنفان: مستحل، ومحرم. فالمستحل » : هو القائل في الدين بخلاف ما هو عند الله، والشاك فيه بعد قيام الحجة عليه في ذلك الشيء، وسواء كان ذلك منه بتأويل، أو جهل. = والوجه ا لثالث : .« ما يلتزمه من العواقل والنوائب والأحكام ا لظاهرة . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المجلد الثاني، ج ٣، ص ٩٧(١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٠ ، ص ٢٣٩  وأما المحرم لفعله: فهو الراكب للحدث، الدائن بتحريمه (ومنه القاذف َ «( والسارق وشارب ا لخمر(١) . وقد وضع القرآن الكريم نظرية متكاملة للجاني أو المجرم تتلخص، في نظرنا، في أمور ستة، هي: ١ ارتكاب الشخص، أو الجماعة، لجريمة لا يبرر انتهاك حقوق الإنسان. من ذلك قوله تعالى: المسجد ﴿ £¢ ¤¥ ﴾ [ [المائدة: ٨ ؛ ﴿ ¹¸¶µ´³² º ¾½¼» ﴾ [ [المائدة: ٢ ؛ ﴿ £¢ ¤ §¦¥ ¨ ﴾ [ [المائدة: ٨ . وبذلك يثبت أن ما استقر عليه القانون الدولي لحقوق الإنسان حاليا من ضرورة مراعاة حقوق الإنسان عند محاربة الإرهاب والإرهابيين أو  الإجرام والمجرمين(٢) ، هو أمر أكد عليه الإسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرن ً ا. (١). إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ١١٨ ١٢١ ويعتبر الجاني مرتكب الجرائم أيض ً ا داخلا ً مرتكب » في إطار ما يطلق عليه الفقه الإباضي :« نفي الإيمان لمرتكب ا لمحارم » في هذا المعنى، يقول البسيوي بخصوص .« المحارم أنه نقض إيمانه بركوب ما حرم الله عليه، مما دان بتحريمه في الإقرار بالجملة، وترك ما »صدق به من العمل، واستحل ما حرم الله عليه في كتابه من المحارم، وسواء كان راكبا ً معصية واحدة أو أكثر. وقد قال الله تعالى: ﴿ £¢¡ ¤§¦¥ ¨© ª« ﴾ [ [الجن: ٢٣ . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ١، ص ٦٣٤ ويعد الجاني أيض ً الباغي هو الذي تعدى حدود الله كان ذلك بظلم » : ا باغيا، يقول السالمي ً الغير أو منع الحق، والإصرار على الباطل مكابرة وعناد ً السالمي: العقد الثمين نماذج « ا . من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، ص ٣٨٢(٢) راجع د. أحمد أبو الوفا: الحماية الدولية لحقوق الإنسان، دار النهضة العربية، القاهرة، . ص ٨٥ ٨٦ ٢ المسؤولية الشخصية لمرتكبي الأفعال الإجرامية. يؤيد ذلك قوله تعالى: ﴿ ÄÃÂÁÀ¿¾½¼﴾ [ [هود: ٣٥ ؛ ﴿ P XWVUTSRQ﴾ [ [سبأ: ٢٥ . ٣ ضرورة توقيع العقاب على المجرمين، من ذلك قوله تعالى: ﴿ ´ ÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼ »º¹¸¶µ ÒÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆ Ó﴾ [ [الأنعام: ١٢٤ ؛ ﴿ ÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌËÊ Ö﴾ [ [طه: ٧٤ ؛ ﴿ &%$#"! )(' * ﴾ [ [المعارج: ١١ .  ٤ وجود مجرمين في أي QRS ﴾ [ [الأعراف: ١٣٣ ؛ ﴿ ¢£ مجتمع أمر معروف. يقول تعالى: ﴿ P §¦ ¥¤ ±°¯®¬«ª©¨ ²﴾ [ [الأنعام: ١٢٣ . ٥ ضرورة معرفة المجرمين وأفعالهم. يقول تعالى: ﴿ QP UTSR﴾ [ [الأنعام: ٥٥ ، يونس: ١٣ . ٦ ضرورة محاربة المجرمين والانتصار عليهم، يقول تعالى: ﴿ ° ´³²± ¶µ﴾ [ [الأنفال: ٨ . ٢ القواعد الخاصة بالجاني: د الفقه الإباضي على قواعد عديدة خاصة بالجاني، نكتفي منها بذكر:  أك أولا ً : يقول ا لنزوي: ؛« استعمال المحدثين وغيرهم » استعمال الإمام المحدثين على وجهين. فما كان ا ستعمالا » ً في الأمانات، وقبض الزكوات، وحفظ الجنايات، فذلك جائز. وما كان استعمالا ً في الولايات والأحكام والمحاربات، فلا يجوز ذلك إلا بعد التوبة. وما كان من الاستعمال يكون فيه يتبع للمتولى فيه للمسلمين والقائم غيره، فلا يضر الاستعمال له. ولو صح ذلك بالشهرة، أنه استعملهم قبل التوبة. وما لم يصح بالشهرة والبينة أن استعمال الإمام لهم قبل التوبة، فالإمام مأمون على ما دخل فيه، وليس لأحد من الرعية ومن المسلمين، البحث له عن ذلك، ولا المعارضة « في ذلك، إذا احتمل عذره(١) . ثانيا: الجريمة يجب أن تنسب إلى جان معين ومحدد: ً لذلك بخصوص سؤال: عن دابة لأهل القابل أصبحت في بلد الدريز مكسورة رجلها، ولم يعرف كاسرها، أتلزم أهل البلد كافة أم صاحب الأرض الذي أصبحت الدابة  مكسورة فيها؟ أم هذه الدعوى ليست مسموعة حتى يدعى على رجل معلوم؟  « هذه دعوى غير مسموعة حتى يدعى على أحد بعينه » : يقول السالمي(٢) . ثالث ً ا: عدم جواز إيواء الجاني (المجرم)، لأن من يعطي الملجأ (الجوار) للمجرمين يعتبر مثلهم: علة ذلك جد واضحة: أن من يفعل ذلك يعتبر شريك ً ا لهم بالمساعدة أو بالاتفاق أو بالتحريض، والإشتراك في الجريمة لا يقل خطورة عن ا رتكابها. وقد أكد الفقه الإباضي على هذه ا لقاعدة: (١) . النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ١٧٨(٢) ، السالمي: نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤ . ص ٣٠٢ فقد جاء في فتح ا لأكمام(١) : وإن يكن في بيت غيره ا متنع يهدم لكن مع ضمان ما انقشع ْ إلا إذا بني للامتناع أو كان ربه إليه داعي لأنه آواه إذ دعاه ﹸ ومانع الحق كمن آواه ُ وجاء في الورد ا لبسام: ومن آوى المانع (أي: مانع الحق) فهو مثله، إن منعه وإن سكت » المدعو إلى الحق، أو أقام مكانه، أو رقد، أو تمادى في شغله، أو ولى « ظهره، أو رأسه، فذهب ولم يبال، فهو مانع(٢) .  (١) الأغبري: فتح الأكمام عن الورد البسام في رياض الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، . سلطنة عمان، ١٤٠١ ه ١٩٨١ م، ص ٢٦ ٢٧ ُ (٢) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ص ٢٩ ُ ويقول ا لرقيشي: في المناصر للباغي والمؤيد له فإنهم بغاة مثله وأشد، لقوله ژ » : لعن الله من أحدث في » ُ الإسلام حدث ً ا أو آوى محدث ً « ا ويجوز فيه ما يجوز في الباغي، لقوله ژ : لعن الله الظلمة » « وأعوانهم ولو بمدة قلم ولقوله تعالى: ﴿ ÇÆÅÄÃÂÁÀ¿ È ﴾ [ [المائدة: ٢ ؛ ولأن الرضا بالمعصية معصية لقوله ژ : » تكون الفتنة بالمشرق ويكون أحدكم بالمغرب وسيفه يقطر دم ً ا منها وما ذلك إلا بالرضا بها فما ظنك بالناصر « والمؤيد فلا تأخذك فيهم لومة لائم الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، وزارة . التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ص ١٩ ُ ويؤكد ابن تيمية على المعنى ذاته، بقوله: ومن آوى محاربا أو سارق » ً ا، أو قاتلا ً ونحوهم ممن وجب عليه حد أو حق لله تعالى، أو ً لآدمي، ومنعه أن يستوفي منه الواجب بلا عدوان، فهو شريكه في الجرم. وقد لعنه الله ورسوله. روي مسلم في صحيحه، عن علي بن أبي طالب ƒ قال: قال رسول الله ژ : لعن الله من أحدث حدث » ً ا أو آوى محدث ً « ا . وإذا ظفر بهذا الذي آوى المحدث، فإنه يطلب منه إحضاره، أو الإعلام به، فإن امتنع عوقب بالحبس والضرب مرة بعد مرة حتى يمكن من ذلك المحدث، كما ذكرنا أن يعاقب الممتنع من أداء المال الواجب. فمن وجب حضوره من النفوس والأموال يعاقب من منع حضوره.... = رابع ً ا: تسليم الجناة (أو ا لمجرمين)(١) :  لا شك أن محاكمة الجاني في البلد الذي ارتكب فيه الجريمة يعتبر أمرا مثاليا؛ لما في ذلك من تيسير إقامة الأدلة، والإثبات، وسماع ًَ الشهود، ومعاينة مكان الجريمة، والتحقق من آثارها وظروفها، الأمر الذي قد يدعو إلى تفضيل تسليم المجرم لمحاكمته في بلد ارتكاب الجريمة.  غير أن أغلب دول العالم لا تفضل تسليم رعاياها إلى دولة أخرى لمحاكمتهم وفق ً ا لقوانينها، فما هو موقف الشريعة الإسلامية في هذا المقام؟ = وهذا يقع كثيرا في الرؤساء من أهل البادية والحاضرة، إذا استجار بهم مستجير، أو كان ً بينهم قرابة أو صداقة، فإنهم يرون الحمية الجاهلية، والعزة بالإثم، والسمعة عند الأوباش: أنهم ينصرونه وإن كان ظالما مبطلا ً على المحق المظلوم؛ لا سيما إن كان المظلوم ً رئيسا يناديهم ويناويهم، فيرون في تسليم المستجير بهم إلى من يناويهم ذلا أو عجز ً ا؛ ً  وهذا على الإطلاق جاهلية محضة. وهي من أكبر أسباب فساد الدين والدنيا. وقد ذكر أنه إنما كان سبب كثير من حروب الأعراب، كحرب البسوس التي كانت بين بني بكر وتغلب، إلى نحو هذا، وكذلك سبب دخول الترك، والمغول دار الإسلام، واستيلاؤهم ابن تيمية: السياسة الشرعية، « على ملوك ما وراء النهر وخراسان: كان سببه نحو هذا .٦٧ ، ص ٦٥ (١) يذهب رأي إلى أن تسليم الدولة لرعايا الدولة الأجنبية إلى دولتهم لا يعد مخالفة لمقتضى الأمان، ولا لحكم الشرع، لأن الأمان الممنوح للمستأمن، مع وجود معاهدات التسليم، يكون مشروط ً ا بشرط ضمني هو رده إلى دولته إذا طلبته وتوافرت فيه شروط التسليم، راجع: د. عبد الكريم زيدان: أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام، مكتبة القدس بغداد، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٢ ه ١٩٨٢ م، ص ١٢١ . والواقع أننا نرى أن ذلك يكون فقط إذا أبرمت معاهدة التسليم قبل إعطاء الأمان، وفي هذه الحالة سيكون التسليم بناء على شرط صريح وبناء على معرفة مسبقة من المستأمن، أما إذا تمت ً المعاهدة بعد منح الأمان فلا يجوز التسليم بحال وإنما يخير المستأمن في أن يبلغ المأمن بالتسليم، لأن ذلك « شرط ضمني » الذي يريد. ولا يمكن القول في هذه الحالة بوجود في رأينا محض افتراض يقوم على الخيال ولا أساس له من ا لواقع.  لما كان المسلمون أمة ً واحدة ً ، رغم اختلافها وتعدد دولها، فإنه يبدو أنه لا فرق بين أن يحاكم المسلم إذا ارتكب جريمة في هذا الإقليم أو ذاك  نظرا لوحدة القانون والنصوص المطبقة. ولذلك فإنه إذا فر مجرم ارتكب ً ٌ  ٍٍ جريمة في مصر إسلامي إلى مصر آخر فإنه في نظرنا وما دامت المحاكمة ِ ستتم وفق ً ا لقوانين تتفق والشريعة الإسلامية يمكن لأي من المصرين أن ْ يحاكمه، كما أنه يجوز للمصر الذي به مكان ارتكاب الجريمة أن يطلب   تسليمه ليحاكم هناك؛ لأنه بإجرامه قد ظلم، والشريعة الإسلامية لا تسمح  بهروب مرتكب المظالم. معنى ذلك أن تسليم المجرمين جائز بين الدول  والأقاليم الإسلامية إذا كان الجاني سيحاكم وفق ً ا لقوانين الشريعة  الإسلامية.  أما بالنسبة لتسليم المجرمين بين دولة إسلامية ودولة غير إسلامية، فيبدو أن تسليم من ارتكبوا جرائم من المسلمين إلى بلاد غير إسلامية، أمر ٌ لا يقره الإسلام وذلك لقوله ژ : « المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه » .  وهو ما يدل على حرمة المسلم في نفسه، ورده مضاد لذلك؛ لما فيه من جعل السبيل لغير المسلم عليه، وهو محرم بنص القرآن الكريم ﴿ A@ FEDCB ﴾ [ [النساء: ١٤١ (١) . (١) وهكذا بخصوص سؤال عن رجل جنى جناية مما يستحق بها العقوبة في بلد عليها عامل ٍ لم يجعل له الأحكام، هذا الجاني فر إلى بلد غيرها فيها عامل أو وال غير ذلك العامل، َُ فهل له مطالبته ورده، ليأخذ منه بما يجب الشرع أم لا؟ وإن لم يكن له ذلك وعليه أن يكتب لوالي ذلك البلد، فماذا يكتب له أهو يعرفه بفعله أم غير ذلك؟ وإن عرفه بفعله، ُ فهل للوالي ا لمعرف أن يعاقبه أو يرده إلى بلده أم لا؟ وقد أجيب عن هذا السؤال كالتالي: وإذا كان هذا قد جنى جناية وفر فجائز أن يكتب للوالي يعرفه بجنايته، وجائز للوالي أن »يرده إليه، ليأخذ منه ما يجب عليه بالحق، والله أعلم « (الشيخ سالم بن خميس العبري: .( فواكه البستان، سلطنة عمان، ص ١٢٠ ١٢١ ُ ومن المعلوم أن هناك اتجاهين أساسيين في الفقه الإسلامي بخصوص من يرتكب من المسلمين جريمة ً في دار الحرب ثم يفر إلى دار ا لإسلام: :« الاتجاه الشخصي » : ١ الاتجاه الأول ويذهب إلى إمكانية توقيع العقاب في هذه الإحالة لأن المسلم يلتزم بأحكام الإسلام أينما كان، وقد تبن ّ ى الجمهور هذا ا لاتجاه. :« الاتجاه المكاني » : ٢ الاتجاه الثاني ويرى أن العقاب على الجريمة  رهن بثبوت الولاية الإسلامية وقت ارتكاب الفعل، ولما كانت هذه الولاية منتفية على دار الحرب فإن المسلم لا يعاقب على جرائمه التي ارتكبها هناك. وقد أخذ بهذا الاتجاه الفقه ا لحنفي. إلى « أو الذمي » ولكن هل يجوز في إطار هذا الفرض تسليم المسلم دولة دار الحرب لتحاكمه عن الجريمة التي ارتكبها هناك حتى ولو كان ذلك بالتطبيق لمعاهدة دولية؟ يذهب الشيخ أبو زهرة إلى عدم جواز ذلك للأسباب ا لآتية: أولها: اتفاق فقهاء المسلمين على أنه لا يصح أن يقضي على المسلم قاض غير مسلم، بل إن جمهور الفقهاء لا يسوغ أن يعين في الديار الإسلامية قاض من أهل الذمة يقضي بينهم، وقد خالف في ذلك أبو حنيفة، وكان رأيه في هذا غير رأي الجمهور، وأن تسليم الحاكم مسلما، ليقضي في ً أمره قاض غير مسلم لا يجوز. ثانيها: اتفاق الفقهاء على أنه لا يصح أن يقضى على المسلم بشريعة ليست مشتقة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله، ولا يصح على هذا أن يسلم ُ مسلم ليقضى في أمره بغير الشرع الشريف، وليس لنا أن نثق من أنهم ينفذون فيه أحكام الشرع، ولو أعطوا على ذلك العهود والمواثيق. ثالثها: أن صلح الحديبية على فرض عمومه لا ينطبق على مثل هذه الحال؛ لأن الإتفاق لم يكن تسليم مسلم ليحاكم على مقتضى نظم الشرك. ويقضي فيه قاضي الشرك، بل على أساسه عدم قبوله ژ من يجيء إليه مسلما، لا أن يسلم أحد من أهل الإسلام ليحاكم بغير شرعه، ويقضي فيه ً قاض لا يخضع لنظامه، وفرق بين التسليم والقبول فضلا ً عن أنه حكم خاص في حالة استثنائية لا قاعدة عامة (١) . والواقع أن الاتجاه السابق جدير بالتأييد. على أنه إذا كان يجب عدم تسليم المجرم المسلم إلى دولة غير إسلامية هو الحكم واجب الاتباع، فإن ذلك لا يمنع، في رأينا، من محاكمته في دار الإسلام وتوقيع العقاب عليه (٢) . الذي تبن « الاتجاه الشخصي » ومعنى ذلك أننا نوافق على ّ اه جمهور الفقهاء في هذا ا لصدد. (١) الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، دار الفكر العربي، ص ٣٨٢ ٣٨٣ ، وفي معنى قريب د. محمود إبراهيم الديك: المعاهدات في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام، مطابع . البيان التجارية، دبي، ص ٣٥٢ ٣٥٤ (٢) يذهب رأي في الفقه إلى القول: إن الإسلام كان أول من وضع مبدأ تسليم المجرمين وذلك تأسيسأ على قوله تعالى: ﴿ ,+*)( 10/ . ;:98765432﴾ [ [المائدة: ٣٢ ا:  الأمر الذي يعني عدم قابلية العدالة للانقسام وضرورة معاقبة الجناة. وهكذا يقرر حرفي «L'Islam a posé, le premier, le principe de I'extradition, en indiquant de la façon la plus rationnelle et la plus concise, la base sur laquelle elle est fondée. En effet, il se dit dans le Koran (S.V.v35): «Celui qui aura tué un homme sera regardé meurtrier du genre humain, N est- ce pas la proclamation de I›indivisibilité de la justice et de la nécessité de punir les coupables, non obstant les frontières politiques el les théories basées sur la notion de la souveraineté des Etats et la territorialité des lois pénales». (A. Rechid: L›lslam et le droit des gens, RCADI,1937, II,p.434). ويذهب حميد الله إلى القول بتسليم الرعايا المسلمين إذا ارتكبوا أعمال قطع الطريق، بقوله: «If subjects of a Muslim State commit highway robbery in a foreign country even against Muslim subjects, their case may not be heard in a Muslim court though they may be extradited if there is a treaty to that effect» (Hamidulah: Muslim conduct of State, Sh. M. Ashraf, Lahore, Lahore, 1945, p.178). وقد سئل ابن حجر عما إذا أسلم واحد من الكفار فلحق بنا وتبعه ُ المشركون وألزمونا رده إليهم لقوتهم وضعفنا، فهل يجوز رده إليهم مع أننا إذا لم نرده إليهم فلا بد من هجرتنا وطننا حتى نسلم من شرورهم؟ فأجاب: إذا عجزنا عن أن نحول بيننا وبينه لم نأثم بأخذهم له وكذا لو لم نقدر » على منعه منهم إلا بجلائنا عن أوطاننا فلا يلزمنا ذلك بل قضية كلام أصحابنا جواز الرد أي: تمكينهم من أخذه مطلق ً ا، حيث قالوا: لو جاءنا منهم حر بالغ عاقل مسلم والرد مشروط علينا لزمنا إن كان له عشيرة تحميه ّ وطلبته عشيرته وكذا إن كان المطلوب يقهرهم وينفلت منهم وخرج بقولنا « ا(١) والرد مشروط أما إذا لم يشرط فلا يجب الرد مطلق ً . وهكذا يتضح من كل ما تقدم أنه وما لم يوجد اتفاق دولى يقضي بخلاف ذلك، فإن الشريعة الإسلامية(٢) ، لا تبيح للدولة خصوصا بالنسبة ً لرعاياها تسليمهم إلى دولة أجنبية (٣) . (١) ، الإمام ابن حجر الهيتمي: الفتاوى الكبرى الفقهية، دار الكتب العلمية، بيروت، ج ٤ . ص ٢٤٩(٢) نص المرسوم بقانون الصادر في البرازيل عام ١٩٣٨ على عدم تسليم المجرمين إذا كانت .« ضد ا لدين » الجريمة انظر: Whiteman: Digest, vol.6,p.858. (٣) :( يقول القاضي القشيري (مجموعة أحكام محكمة العدل الدولية، ١٩٩٢ ، ص ٣١٧ بخصوص محاكمة المتهمين في قضية لوكربي: «Whatever may be merits of the Libyan Judicial system under normal circumstaces, the need for a even – handed and just solution leads me to consider, within the special context of the present case, that the Libyan domestic courts could not be the appropriate forum. This conclusion derives logically and necessarily from the fundamental legal principles, deeply rooted in the legal traditions of the major systems, particularly islamic law (Weeramantry, Isamic Jurisprudence, an International perspective, MacMillan Press, 1988, Pp.67-77 and 7981), according to which nemo debet esse judex in propria sua causa» والواقع أن القول بأن الشريعة الإسلامية على غرار النظم القانونية الرئيسية الأخرى، وإنطلاق ً تحتم ألا « لا يجوز للشخص أن يكون قاضيا في الدعوى الخاصة به » ا من مبدأ أنه ً = بل ويذهب الإمام الشيباني إلى عدم جواز تسليم المستأمن فينا حتى لو هددونا بالقتال وإعلان ا لحرب(١) : ادفعوه إلينا وإلا قاتلناكم وليس » : (وإن قال المشركون للمسلمين بالمسلمين عليهم قوة فليس ينبغي للمسملين أن يفعلوا ذلك) لأنه غدر منا بأمانه وذلك لا رخصة فهو بمنزلة ما لو قالوا: إن رأيتم وإلا قاتلناكم، ولكن أن يقولوا له: اخرج من بلاد المسلمين فاذهب حيث شئت من أرض الله تعالى فإن قالوا له: اخرج إلى كذا من المدة وإلا دفعناك إليهم فقال لهم: نعم. (ثم لم يخرج، فإن طابت نفسه بالدفع إليهم فلا بأس بأن يدفعه وإن كره ذلك لم ينبغ لنا أن ندفعه إليهم) لأنه آمن فينا ما لم يبلغ مأمنه (فإن قيل) مقامه فينا إلى مضي المدة دليل الرضا بدفعه إليهم فينبغي أن نجعل = تكون المحاكم الليبية هي المكان للمحاكمة، قول يجب أخذه بتحفظ شديد. وذلك لأمرين ليس هنا مجال الدخول في تفصيلاتهما: أولا ً : أن القضاء في الإسلام مستقل عن السلطة التنفيذية، وهناك سوابق كثيرة في تاريخ الدولة الإسلامية تبين محاكمة الخليفة أو رئيس الدولة الإسلامية أمام القاضي ا لعادي. ثانيا: أنه إذا كانت الشريعة الإسلامية لا تبيح كما سبق القول تسليم المسلم إلى دولة ً أخرى، فمن باب أولى، لا تجيز محاكمته أمام محاكم تلك ا لدولة. (١) وهكذا جاء في السير ا لكبير: فإن دخل حربي منهم إلينا بأمان فطلبوا مفاداة الأسير بذلك المستأمن وكره المستأمن »وقال: إن دفعتموني إليهم قتلوني، فليس ينبغي لنا أن ندفعه إليهم لأنه في أمان منا فيكون كالذي إذا كره المفاداة به ولأنا نظلمه في التعريض بقتله بالرد عليهم والظلم حرام على المستأمن والذمي والمسلم. (ولكنا نقول له: ا ل ْ حق ببلادك أو حيث شئت من الأرض إن رضي المشركون بهذا منا) ْ لأن للإمام هذه الولاية في حق المستأمن إن كان لا يخاف القتل على الأسير المسلم (ألا ترى) أنه لو أطال المقام في دارنا يقدم إليه في الخروج فعند الخوف على الأسير المسلم شرح كتاب ) ،« أو عند مفاداة الأسير بهذه المقالة إذا رضوا بها أولى أن يثبت له الولاية .( السير الكبير للشيباني، ط حيدر أباد، ص ٣٠٠ ؛ ط القاهرة، ج ٤، ص ١٦١٢ ١٦١٤ ٢٥٥ ذلك كصريح الرضاء، كما لو قال الأمير للمستأمن: إن خرجت إلى وقت كذا وإلا جعلتك ذمة ثم لم يخرج فإنه يجعله ذميا لوجود دلالة الرضا منه بهذا الطريق (قلنا): هو كذلك الأمان هذا دليل محتمل فلا يجوز تعريضه للقتل بمثل هذا الدليل ما لم يصرح بالرضاء مرده عليهم فأما  صيرورته ذميا فهو حكم ثبت مع الشبهة ويجوز اعتماد الدليل المحتمل  « في مثله(١) . ويمكن لنا أن نستنبط مما قرره الإمام الشيباني في هذا الخصوص ما يلي: ١ أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال تسليم المستأمن إلى دولته حتى ولو كان ذلك لمفاداة أسرى المسلمين أو ترتب على ذلك قيام دولته بشن الحرب على الدولة الإسلامية، لأن في تسليمه نوع ً ا من الغدر لا رخصة فيه.  ٢ أن لرئيس الدولة أو السلطات المختصة فقط سلطة تخيير المستأمن في الخروج من دار الإسلام إلى أية بقعة أو دولة أخرى يريدها هو، ولذلك فالخيار خيار المستأمن نفسه. ٣ أن الشيباني يكون بذلك قد سبق، بقرون عديدة، ما أخذت به المواثيق الدولية الحديثة لحقوق الإنسان والتي تقضي بعدم جواز إرجاع اللاجئ عند الحدود prohibition of expulsion – le non- refoulement أو طرده إلى بلد يكون فيه حياته أو حريته مهددة his life or freedom would be threatened(٢) . (١) . شرح السير الكبير، ط حيدر آباد، ج ٣، ص ٣٠٠ ٣٠١ ؛ ط القاهرة، ج ٤، ص ١٦١٢ (٢) انظر مثلا ً المادة ٣٣ من الإتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام ١٩٥١ : وانظر أيض ً ا ، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠٠٨ ،« الحماية الدولية لحقوق الإنسان » : كتابنا . ص ١١٤ ١١٥ وقد بحث الفقه الإباضي كذلك مسألة تسليم الجناة أو ا لمجرمين(١) . (١) وهكذا بخصوص مسألة: ومنه وفي الوالي إذا كان له عمال في بعض البلدان، ثم إن رجلا ً من أهل البلد يسكن الوالي فيها سار إلى البلد الذي فيها العامل، وتنازع هو ورجل في شيء وتخاصما فيه عند العامل، ثم إن الرجل عمد إلى ذلك الشيء الذي تخاصم فيه خصمة واحدة بالليل وقربه إلى بلده، وهي البلد الذي فيها الوالي، فطلبه العامل وأراد رده إليه ليعاقبه وليرد ما أخذه وكره الرجل الرجوع هل يجوز للوالي رده إلى العامل، ولو كره كان الوالي حاضرا في البلد، أو كان وقته ذلك غير حاضر، عرفنا وجه الحق مأجورا إن شاء ا لله؟. ًً الجواب وبالله التوفيق: إذا كان العامل قد جعل له الأحكام بين الناس، وكان قد دخل في هذا الحكم، فإنه يكون تمام هذا الحكم على يديه وجائز رد هذا الرجل إليه، وإن لم يكن جعل له الأحكام فإن الوالي ينظر في أمره هذا الرجل. وما يجوز عليه والله أعلم. . الشيخ سالم العبري: فواكه البستان، ص ١١٤ ١١٥ ٢٠٠٠ )، نذكر منه / وفي سلطنة عمان يوجد قانون خاص بتسليم المجرمين (القانون رقم ٤ ُ خصوصا مادتين:  ً مادة ( ٢): يجوز التسليم في الأحوال ا لآتية: ١ إذا ارتكبت الجريمة في أرض الدولة طالبة التسليم، أو كان مرتكبها أحد رعاياها. ٢ إذا ارتكبت الجريمة خارج أرض الدولة طالبة التسليم، وكانت تخل بأمنها أو تمس بمركزها المالي أو بحجية أختامها ا لرسمية. ويشترط في كل الأحول أن تكون الجريمة المطلوب من أجلها التسليم جناية أو جنحة معاقبا عليها بالسجن مدة لا تقل عن سنة وفق ً ا لقوانين السلطنة، فإذا كان المطلوب تسليمه ً محكوما عليه تعين أن تكون العقوبة المحكوم بها عقوبة سالبة للحرية لا تقل عن سته ً أشهر أو أية عقوبة أشد. مادة ( ٣): لا يجوز التسليم في الحالات ا لآتية: ١ إذا كان المطلوب تسليمه عماني ا لجنسية. ُ ٢ إذا ارتكبت الجريمة أو أحد الأفعال المكونة لها في أراضي ا لسلطنة. ٣ إذا كان المطلوب تسليمه متمتعا بالحصانة ضد الإجراءات القانونية في سلطنة عمان، ًُ ما لم يتنازل صراحة عن الحصانة وذلك في الحالات التي يجوز له فيها التنازل عنها. ٤ إذا كان المطلوب تسليمه قد منح حق اللجوء السياسي في السلطنة قبل طلب التسليم واستمر متمتعا بهذا الحق بعد ورود ا لطلب. ً ٥ إذا كانت الجريمة المطلوب من أجلها التسليم جريمة سياسية أو ذات طابع سياسي أو كان التسليم لغرض سياسي. = خامسا: التفاوض مع ا لمجرمين: ً  وتثير دراسة الجناة أو المجرمين مسائل أخرى كثيرة لعل أحدثها الدخول في مفاوضات معهم حينما يخطفون رهائن ويطلبون فدية لتحريرهم، وهو أمر تجيزه دار الإفتاء ا لمصرية(١) . = ٦ إذا كان المطلوب تسليمه قد سبقت محاكمته عن الجريمة المطلوب تسليمه من أجلها، أو كان قيد التحقيق أو المحاكمة بالسلطنة عن هذه ا لجريمة. ٧ إذا كانت الدعوى الجزائية أو العقوبة قد سقطت بأحد الأسباب القانونية، وفق ً ا لقوانين السلطنة أو الدولة طالبة التسليم أو الدولة التي ارتكبت الجريمة على أرضيها. راجع نص القانون، عبد الله الشريف، موسوعة القوانين العمانية، ١٤٢٥ ه ٢٠٠٤ م، ُ . ص ٣٦٦ ٣٦٨(١) وهكذا بخصوص سؤال: تقوم بعض الجماعات السياسية أو غير السياسية، وقد تكون تقوم بخطف رهائن بهدف « القراصنة » بعض العصابات الإجرامية، وقد يطلق عليهم الحصول  على فدية مالية غالبا. فما حكم التساوم والتفاوض مع هؤلاء الخاطفين ودفع ً الفدية لتحرير ا لرهائن؟ تقول دار الإفتاء ا لمصرية: الجواب: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ژ وبعد، فهؤلاء الرهائن بتعرضهم لعملية الخطف صاروا في حكم الأسرى؛ لأن المختطفين غالبا ما يهددون ً دولهم وذويهم بقتلهم إن لم تنفذ مطالبهم، وقد وقع ذلك كثيرا. ً ولذا فإن الدولة مطالبة شرع ً ا بفك أسر هؤلاء الأسرى بأي سبيل تيسر، فقد يكون بالتفاوض، أو بتبادل الأسرى، أو بتيسير سبل الفرار له، أو بالمقاتلة، وكذلك يجوز أن يكون بدفع المال، قال عمر : ƒ لأن أستنقذ رجلا ً من المسلمين من أيدي الكفار أحب ٤١٨ ، ط. ا لهند]. / إلي من جزيرة العرب. [ينظر: مصنف ابن أبي شيبة ١٢ وقد أمر النبي ژ بفكاك الأسير، والأصل في أمره أنه للوجوب، ففي الحديث الذي في صحيح البخاري عن أبي موسى ƒ ، قال: قال رسول الله ژ : فكوا العاني، يعني: الأسير، » « وأطعموا الجائع، وعودوا المريض ، دار الإفتاء المصرية: موسوعة الفتاوى المؤصلة، . ١٤٣٤ ه، ص ١٥٣ ، القاهرة، ج ٥ :¬«∏Y »æéªdG (Ü  ندرس المقصود بالمجني عليه، ثم نشير إلى بعض صوره:   ١ المقصود بالمجني عليه: ،« الفاعل » بينما الجاني هو « المفعول به » المجني عليه في الجريمة هو ويقصد بالمجني عليه: « من وقعت الجناية على نفسه أو على ماله، أو على حق من حقوقه »(١) . ويقرر رأي في الفقه الإباضي أن المجني عليه هو: « من وقعت الجناية فيه من غيره »(٢) . ولنا على هذا التعريف الأخير ملاحظتان:   الأولى: تحديد « أكثر » أنه ً ا من التعريف السابق عليه، باستخدامه عبارة ذلك أن المجني عليه فعلا ،« من غيره » ً ليكون كذلك، يجب أن يكون ضحية فعل ارتكبه غيره، فلا يمكن مثلا ً في الانتحار اعتبار الشخص المنتحر مجنيا ٍ عليه، فهو جان على نفسه، والقول بغير ذلك يعني أنه يصبح بذات ا لفعل جانيا ومجنيا عليه، وهذا لا يجوز لأنه من اجتماع ا لضدين. ًْ (١)عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٩٧ ، ويضيف: ولا تستلزم الشريعة أن يكون المجني عليه مختارا مدرك » ً ا كما استلزمت هذين الشرطين ً في الجاني؛ ولأن المسؤولية مترتبة على عصيان أمر الشارع، وأوامر الشارع لا يخاطب بها إلا مدرك مختار، أما المجني عليه فغير مسؤول وإنما هو معتدى عليه، واكتسب بالاعتداء حقا قبل المعتدي وهو الجاني، وصاحب الحق لا يشترط فيه الإدراك ولا الاختيار، وإنما يشترط فيه فقط أن يكون أهلا ً ذات المرجع، ) :« لا كتساب الحقوق ص ٣٩٧ ٣٩٨ ) انظر أيض ً ا د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي . ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٥٣٥ (٢). خلفان بن جميل: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٣٠ والثانية: بيان « أقصر » أنه ً ا من التعريف السابق عليه، لقصره فكرة المجني أي: على جسده أو شخصه)، بينما ) « من وقعت الجناية فيه » عليه على عبارة يمكن أن يكون الشخص مجنيا عليه بالاعتداء على أمواله أو حقوقه الأخرى إذا شكل ذلك الاعتداء جريمة.  بناء عليه، نقترح التعريف الآتي للمجني عليه: ً المجني عليه هو من وقعت الجريمة من غيره على جسده أو ماله أو » .« حق من حقوقه  الخطأ في » حري بالذكر أنه بخصوص المجني عليه، يفرق الفقه بين « الشخص والخطأ في ا لشخصية(١) . (١) يقول عبد القادر عودة: يراد بالخطأ في الشخص أن يقصد الجاني قتل شخص معين فيصيب غيره، ويراد بالخطأ »  في الشخصية أن يقصد الجاني قتل شخص على أنه زيد فيتبين أنه عمرو، والخطأ في الشخص هو خطأ في الفعل، فمن رمى صيد ً ا أو غرضا أو آدميا معين ً ا فأخطأه وأصاب ًً شخصا آخر فقد أخطأ في فعله، أما الخطأ في الشخصية فهو خطأ في قصد الفاعل فمن ً رمي شخصا على أنه مرتد أو حربي فإذا هو معصوم أو رماه على أنه زيد فتبين أنه عمرو ً فقد أخطأ في قصده. وللفقهاء نظريتان مختلفتان في الخطأ في الشخص والشخصية: الأولى لمالك وأصحابه، وتلخص في أنه إذا قصد الجاني شخصا فأصاب غيره، أو قصد شخصا على أنه زيد فتبين ًً أنه بكر فإن الجاني يكون قاتلا ً عمد ً ا في الحالين، سواء قصد القتل أو قصد مجرد العدوان على وجه الغضب لا على وجه اللعب أو التأديب وبعض فقهاء المذهب يرى أن الحالة الأولى ليست قتلا ً عمد ً ا، بل هي قتل خطأ. ويرى بعض فقهاء المذهب الحنبلي: أن الفعل المقصود أصلا ً إذا كان محرما فإن الخطأ ً في الفعل أو الظن لا يؤثر على مسؤولية الجاني شيئ ً ا لأنه قصد فعلا ً محرما قتل به ً إنسان ً ا، فهو إذن قاتل له عمد ً ا، أما إذا كان الفعل المقصود أصلا ً غير محرم، فإن الخطأ في الفعل أو الظن يكون له أثره على مسؤولية الجاني لأنه قصد فعلا ً مباحا، فإذا أخطا في ً فعله أو ظنه فهو قاتل خطأ لا عمد ً ا. = ولكي يسأل الشخص (الجاني) يجب أن يكون المجني عليه معروف ً ا بطريقة لا تدع مجالا ً لأدنى شك(١) .  ٢ دراسة لبعض صور المجني عليه: صور المجني عليه كثيرة، منها الإنسان الحي (وهو ما تخصه هذه الدراسة في الغالبية العظمى منها) والإنسان قبل ميلاده (الجنين) أو بعد وفاته (الميت)، وندرس هاتين الصورتين الأخيرتين بإيجاز، ونحيل بعدها إلى الصورة ا لأولى. أولا ً : الجنين(٢) :  فمن القواعد الفقهية ا لإباضية تلك التي تقرر: ّ  « أحكام الجنين المصور كأحكام الحي إلا في ا لميراث »(٣) . = والنظرية الثانية يأخذ بها فقهاء مذهب أبي حنفة ومذهب الشافعي والفريق الأخير من فقهاء مذهب أحمد، وهؤلاء جميعا يرون أن من قصد قتل شخص فأخطأ في فعله وأصاب ً غيره أو أخطأ في ظنه وتبين أنه أصاب غير من قصده، فإن الجاني يكون مسؤولا ً عن القتل الخطأ فقط، سواء كان الفعل الذي قصده أصلا ً .« مباحا أو محرما ًً . عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ٢، ص ٨ ٨٩(١) وهو ما أكده الفقه الإباضي، وهكذا يقول ا لعوتبي: وعن رجل قال لعشرة أنفس: أحدكم زان، أنه لا حد عليه قيل له: وكيف لا يكون الحد »عليه وقد قذف؟ قال: لأنه لم يسم أحد ً فكلما جاء إليه « أحدكم » : ا بعينه واسمه، فلا شيء عليه وإنما قال أحد منهم فقال له قذفتني فقال: لم أعنك إلى أن يتم العشرة ولم يسم واحد ً ا فهذا لا حد . العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ١٢٤ ؛ النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ٩٠ « عليه(٢) بخصوص الجنين بصفة عامة، راجع د. محمد سلام مدكور: الجنين والأحكام المتعلقة به . في الفقه الإسلامي، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٣٨٩ ه ١٩٦٩ م، ص ٤٠٨(٣) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٨٩ ٩٠ ّ  وقد حمى الإسلام الجنين من الناحية الجنائية أيضا، يكفي أن نذكر ما ً روي عن أبي هريرة ƒ اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما » : قال فاختصموا إلى رسول الله ژ فقضى ،« الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها رسول الله ژ أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها وورثها ولدها ومن معهم، فقال حمل بن النابغة الهذلي: يا رسول الله كيف يغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل؟ فمثل ذلك يطل! فقال رسول الله ژ : « إنما هذا من إخوان الكهان من أجل سجعه الذي سجع » أن عمر سأل » : متفق عليه، وأخرجه أبو داود والنسائي من حديث ابن عباس من شهد قضاء رسول الله ژ في الجنين؟ قال: فقام حمل بن النابغة فقال: فذكره مختصرا وصححه « كنت بين يدي امرأتين فضربت إحداهما الأخرى ً ابن حبان والحاكم. يقول الصنعاني إن في ا لحديث: دليل على أن الجنين إذا مات بسبب الجناية وجبت فيه الغرة مطلق » ً ا سواء انفصل عن أمه وخرج ميت ً ا أو مات في بطنها فأما إذا خرج حيا ثم مات ففيه الدية كاملة ولكنه لا بد ّ أن يعلم أنه جنين بأن تخرج منه يد أو رجل وإلا فالأصل براءة الذمة وعدم وجوب الغرة وقد فسر الغرة في « الحديث بعبد أو وليدة وهي ا لأمة(١) . وإن كان ثمة رأي في الفقه الإباضي بخصوص: المرأة التي قتلت وفي بطنها حمل فمات هناك، ولم يخرج، ما الحكم » فيه؟ وكذلك إن خرج؟ يقول: (١) الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٤٥٣ ٤٥٥ ، راجع أيض ً ا سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الورجلاني، مكتبة مسقط، ١٤١٤ ه ١٩٩٤ م، . ص ٣٤٦ لا يحكم فيه بشيء؛ لأنه كالعدم فلا يطلق عليه ذكر ولا أنثي، وقاتلها » ليس عليه إلا ديتها فقط، وإن قتلت وخرج ولدها ميت ً ا مثلا ً ، فلا عليه أيض ً ا، « ا(١) وإن وقع حيا فمات فعلى الجاني ديته، والكفارة به أيض ً . لا بأس » : بينما بشأن امرأة شربت دواء لتقطع الولد، قال أبو الحواري عليها في ذلك كله إذا لم يكن هناك حمل وقد ظهر فإن شربته فطرحت « نطفة أو علقة أو مضغة فعليها أرش ذلك كله(٢) . ثانيا: الميت: ً فالمعتمد عند الإباضية قوله ژ : « حرمة موتانا كحرمة أحيائنا » . لذلك ّ فقد قرروا للميت حماية جنائية قريبة من تلك التي يتمتع بها ا لحي. يكفي أن نذكر هنا، ما يلي: جاء في منهج ا لطالبين:  ويوجد عن أبي سعيد » 5 جواز المعالجة لإخراج الولد، إذا ثبتت حياته من الميت، بغير إباحة ضرر من الميت، ولا من حي. ويخرج في معنى قولهم إن الميت محجور منه، ما يحجر من الحي، على التعمد، في معنى الحدث عليه، إلا أنهم قالوا: إن الخطأ في الميت، لا يوجب الدية. وأما سائر «(٣) الأحداث فيه، فالميت والحي سواء، إلا أنه لا قصاص فيه، ولا ق َود َ . َ وجاء في بيان ا لشرع: مسألة: ابن جعفر: ونباش القبور إذا سرق من الكفن ما يقطع في مثله قطع وقال بعض: إن النباش يقطع على حال إذا نبش من المقابر وهذا رأي، (١) . جوابات الشيخ أبي زيد الريامي، ص ١٨٣(٢) جامع أبي الحواري، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ُ . ج ١، ص ٣٤(٣) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٩، ص ١٠٥ وقال آخرون: حتى يأخذ من الكفن ما يقطع من مثله. وفي جامع أبي الحسن: وقال آخرون: حتى يأخذ ما يجب في مثله فيه القطع لأن من سرق الموتى كمن سرق الأحياء. قال النبي ژ حرمة موتانا كحرمة » « أحيائنا(١) . وجاء في هداية ا لحكام: وسأله عن من قطع رأس ميت عمد » ً ا هل عليه الدية؟ وهل ذلك من قوله ژ : « حرمة موتانا كحرمة أحيائنا » ، قال: نعم ألزموه الدية بذلك الحديث، ولم يلزموه القود، لأن القتل حد، ولأنه معلق بالقتل، وهذا غير قاتل، لأن القتل إزهاق الروح، وهو قد مات وليس الدية كذلك، أما ترى أن الأموال مضمونة وأما العبد فهو مخالف الحر في جملة أحكام، أما ترى إذا قتل فعلى قاتله قيمته ولو قتله سيده فليس عليه إلا عتق رقبة، وهكذا في جميع ما جني عليه من الجراح يرجع التقويم، فقد جعلوه مالا ً وحرمته في الإسلام أنه يعزر ويؤدب من مثل به بعد موته وعليه الإثم، وأما الدية فهو مال قد فسد وضاع بحيث لم يبق لصاحبه فيه نفع، فلا يلزم من أفسد فيه غرم، فترى أحكام العبيد مترددة بين كون حكمهم حكم المال، وبين كون حكمهم حكم « المخاطبين المكلفين من الأحرار، فهنا حكمهم حكم ا لأموال(٢) . أما في القوانين الوضعية الحالية، فالحماية مقررة أساسا للأحياء، أما ً الموتى فلا حماية لهم إلا فيما ندر(٣) . (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٧٢ ، ص ١٤٤(٢) الشيخ أبو عبيد السمائلي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، ص ٢٦٥ ؛ ابن جعفر: . الجامع، ج ٢، ص ٥٠٥(٣) أما فيما يتعلق بالقذف فالرأي السائد في القوانين الوضعية » : لذلك قيل بخصوص القذف ومن ثم فقذف الميت لا عقاب ،« اليوم أن القوانين توضع لحماية الأحياء دون الأموات عليه إلا إذا تعدى أثر القذف إلى الأحياء من ورثة المقذوف أو ذوي قرباه فلا مانع إذ ً ا = أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٢٦٤ ثالثا: الإنسان الحي (إحالة): تخص هذه الدراسة في المقام الأول الجرائم التي تقع على الإنسان الحي، وهو ما نذكره في ثناياها. لذلك لا داعي للحديث هنا أكثر من ذلك. = ، عبد القادرة عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٤٠١ « من المحاكمة والعقاب انظر أيض ً ا: د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، . ص ٥٣٧ ٥٥٥ نشير إلى أهمية الموضوع، ثم ندرس أهم تقسيمات ا لجرائم. ∫hC’G åëѪdG ´ƒ°VƒªdG ᫪gCG لا شك أن وجود تقسيمات لأية ظاهرة، بما في ذلك ظاهرة الجريمة، يساعد على حسن فهمها، ويسهل في ذات الوقت البحث والدراسة بشأنها. وتوجد تقسيمات كثيرة للجرائم بحسب الزاوية التي ننظر منها إليها. يقول الشيخ عبيد: « وتختلف الأحداث باختلاف أنواعها واختلاف محدثها »(١) . بل لأهمية « الجناية وأقسامها » تقسيم الجرائم خصص لها الناظم باب(٢) . ونذكر (١) الشيخ محمد عبيد: العقد الثمين في أحكام الدعوى واليمين، وزارة التراث القومي . والثقافة، سلطنة عمان، ص ١٦١ ُ (٢) ومما جاء في هذا الباب، ما يلي: أما الجنايات فتأثير وقع من بشر في حيوان فانصرع أو لم يمت فتخرج العجماء لأن جرحها به هباء والحيوان منه ما لا تحجر فيه الجنايات ومنه تحجر = الآن بعض ً ا من تقسيمات الجرائم ا ستناد ً ا إلى ما قرره الفقه ا لإباضي(١) . »fÉãdG åëѪdG (2)ºFGôédG äɪ«°ù≤J ºgCG ﻭﺃ ﺔﻬﺒــﺷ ﻭﺃ ﺄــﻄﺧ ﻻ ﺪــﺼﻗ ﺐﺒــﺳﻭ ﺮــﻴﺛﺄﺘﻟﺍ ﺎــﻣﺇﺪــﻤﻋ = ـﺷﻭـﺒــﻬـ ﻪــﻗـﺼـ ﺪــﻟـﻐــﻴـ ﺮـﻪﻠﺘﻗ ﻪــﻠﺘﻘﻟ ﻩﺪــﺼﻘﻳ ﻥﺃ ﺪــﻤﻌﻟﺎﻓ ـﻳﺩﻭ ﺔــــﺗـﻠــﻣﺰـ ﻪــﻟ ﻮــ ﺎﻄﺨﺳ ﻥﺇﻭ ﻯﺮﻋ ﻦﻣ ﻩﺪﺼﻗ ﻮﻬﻓ ﺄﻄﺨﻟﺍ ﺎــ ﺪﻗﻞﻌﻓ ﻪــﺷﺭﺃﻭ ﻥﺇ ﻥﺎﻛﺣﺮﺟً ﻖــﺘﻋﻭ ﺔــﺒﻗﺭ ﺍﺫﺇ ﻥﺎﻛﻞــﺘﻗ ﺪﻤﺘﻋﺍ ـﻟ ﻪـ ﺍﺫﺇ ـﻳﻭـﻠــﻣﺰــﻧﺎـ ﻪـ ﻻﻭ ﺹﺎــﺼﻗ ﻪــﻴﻓ ﻻ ﻻﻭ ﺩﻮــﻗ ﻪﻴﻓ ﺍﺬــﻛ ﺹﺎــﺼﻘﻟﺍ ﺮــﻴﻏﺪﺋﺍﺯ ﻞــﺘﻘﻳﻭ ﻒﻟﻷﺍ ﺺﺨــﺸﺑﺪﺣﺍﻭ ﺍ ﻭﺃ ﺎــﺸﻳﻞﺘﻘﻴﻠﻓ ﻥﺇ ﺀﺎــﺷﻮــﻔﻋً ﻪﻬﺒــﺷﻭ ﻪــﻴﻓ ﺭﺎــﻴﺨﻟﺍﻲــﻟﻮﻠﻟ ﻢﻫﺪﺣﺃ ﺍﺬــﻛ ﺹﺎــﺼﻘﻟﺍﻞﻌﺠﻳ ﺍﺬــﻛ ﻪــﻟ ﻦــﻣ ﺔــﺋﺎﻣ ﺪــﻗﺍﻮﻠﺘﻗ ﻢــﻬﻴﻠﻋ ﻦــﻣ ﻪــﻣﺮﻏ ﻮــﻟﺎﻣﺮﻏ ﻡﺰــﻠﻳﻭ ﻦــﻴﻗﺎﺒﻟﺍ ﻝﺎﻣ «ﺭﺪــﻗ»ﺎﻣ ﻥﺇﻭ ﺎــﺸﻳ ﻞــﺘﻗ ﻊــﻴﻤﺠﻟﺍﺎﻨﻜﻣ ﻪــﻧﻮﻄﻌﻳ ﻦــﻣ ﺹﺎــﺼﻘﻠﻟﺎﻨﻴﻋ ﻢــﻬﻨﻣ ﻥﻮﻤــﺴﻘﻴﻓ ﺎــﻣ ﻪــﺑ ﻰﺗﺃ ﻁﺮــﺸﺑ ﻥﺃ ﻢــﻬﻳﺪﻳ ﻻﺇﻰــﺘﻓ عبد الله بن حميد السالمي: مدارج الكمال في نظم مختصر الخصال، وزارة التراث القومي . والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ١٣٠ ُ (١) انظر تقسيمات في المذاهب الأخرى، في عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، . ج ١، ص ٧٨ ١٠١ د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، . ص ٤٩٧ ٥١٦(٢) تصنيف الجرائم هو وضعها في مجموعات محددة منها تجمع خصائص مشتركة » : قيل إن بين كل مجموعة منها، أو يجمع بينها خيط هو المتخذ أساسا للتقسيم. ً وتسهل عملية التصنيف استخلاص الأحكام المشتركة المتعلقة بكل طائفة بمجرد التأكد « من دخول جريمة بعينها ضمن الطائفة محل ا لبحث . د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري القسم العام، ص ١٢١ ١٢٢ ظهرت تقسيمات عديدة للجرائم، نكتفي منها بذكر ما يلي: :ÜÉ≤©dGh ºjôéàdG »a »eÓ°SE’G ´QÉ°ûdG è¡æe å«M øe (CG تنقسم الجرائم إلى نوعين(١) : ١ جرائم وعقوبات نص عليها الشارع الإسلامي، وهي: جريمة الاعتداء على النفس أو ما دونها، وعقوبتها القصاص إذا كانت عمدية، والدية إذا كانت شبه عمدية أو خطأ. وتحل الدية محل القصاص إذا عفي عن الجاني الجريح أو أولياء القتيل. جرائم الحدود، وهي: حد الردة، حد الزنا، حد القذف، حد السرقة، حد الشرب، حد ا لحرابة (٢) . ٢ جرائم نص عليها الشارع الإسلامي، ولم يحدد لها عقوبة تارك ً ا لولي الأمر أو من ينيبه تحديدها، مثل جريمة التزوير، والتعامل بالربا، والقمار والميسر، والرشوة... إلخ. وكذلك كل فعل يشكل جريمة يرى ولي الأمر ضرورة توقيع العقاب عليها. وهذا النوع من الجرائم عقوبته تعزيرية (وسندرس التعزير لاحق ً ا). (١) إذ تنقسم الجرائم ،« التقسيم الثلاثي للجرائم في الفقه الجنائي الإسلامي » يتحدث رأي عن إلى: حدود، وقصاص، وتعزير، راجع د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٦١ ٦٢ ، بينما يقسمها رأي ثان إلى أربعة هي: الحدود والقصاص والدية والتعزير، راجع د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي . الإسلامي، ص ٢٤ ٣٧ ويقسمها رأي ثالث إلى جرائم توجب الحد، وجرائم توجب القصاص أو الدية، وجرائم توجب التعزير، راجع د. محمد سلام مدكور: المدخل للفقه الإسلامي، دار النهضة . العربية، القاهرة، ١٩٦٩ ، ص ٧٢٨ (٢) . يضيف رأي جريمة البغي، راجع عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٧٩ :áªjôédG ÖμJôe å«M øe ºFGôédG º«°ù≤J (Ü يأخذ هذا التقسيم بالجانب الشخصي في تصنيف الجرائم، دون ما نظر إلى مادياتها. فقد سئل أبو سعيد عن الجنايات، فقال: الجنايات ضروب: فمنها جناية الحر، والعبد، والمعتوه، والعبيد » « البالغين، والذي قد تغير عقله(١) . وثمة تقسيم آخر أشار إليه الشيخ عبيد بقوله: واعلم أن الأحداث من المحدثين لها على وجوه شتى؛ منها ما يحدثه » العاقل المكلف على مكلف مثله ومنها ما يحدثه المكلف على من لا يملك أمره؛ كمسجد ومدرسة وطريق، ومنها ما يحدثه من لا تكليف عليه؛ كطفل « أو مجنون أو بهيمة أو نحو ذلك(٢) . (١) الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ . ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ج ٥، ص ٢٧٩ (٢) الشيخ محمد عبيد: العقد الثمين في أحكام الدعوى واليمين، ص ١٥٧ ١٦٠ . والنوعان أما أحداث الصبيان والمجانين ونحوهما » : الأولان مفهومان، أما النوع الأخير، فقد قال فيه مختلف فيها على اختلاف أنواعها، ففي بعض القول أنها مرفوعة عنهما لقوله ژ : رفع » « القلم عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النايم حتى يستيقظ فهذا يدل بظاهر منطوقه ومفهومه أنه لا يكتب عليهم شيء في تلك الحالة، سواء كان ذلك منهم في نفس أو مال، وسواء كان ذلك من الصبي والمجنون خطأ أو عمد ً ا، وقيل لا تعقل العاقلة من أحداثهما إلا ما تعقله من غيرها فلا تعقل إلا ما كان حدث ً ا في نفس لأن العاقلة لا تعقل مالا ً ولا تعقل من أحداثهما إلا ما بلغت قيمته نصف عشر الدية الكبرى كما لا تعقل العاقلة أقل من أرش موضحة الرأس، وقيل: ليس عليهما إلا ما أكلاه فأفنياه أو لبساه فأبلياه أو وطئاه بغصب. وقيل: ما كان كذلك في أموالهم خاصة، وقيل: ليس عليهما ذلك إلا إذا حفظاه بعد بلوغ أو افاقة. والخلاف في هذا مبسوط في كتب ا لفقه. وأما أحداث الدواب المملوكة فما لم يعرف بشيء من الأحداث قبل ذلك ثم يقع منها شيء لم يعهد أنها تفعله من قبل فحدثها ذلك جبار لقوله عليه الصلاة والسلام: جرح » = :(1)(᫪ëªdG áë∏°üªdG) É¡Yƒ°Vƒe å«M øe ºFGôédG º«°ù≤J (ê من خير من عرض لهذا التقسيم في الفقه الإباضي الإمام الجيطالي، وقد حصرها في أربعة، هي: .« المظالم » وقد بحثه تحت عنوان • مظالم الأموال(٢) ، وهي أربعة أيض ً ا: ١ فيما يلزمه من وجوه الغصب والتعدي في مال غيره بنفسه وبماله أو بواسطة أطفاله، ٢ ما يلزمه من قبل الخطأ والنسيان، ٣ ما جاء من قبل ماله وهو على نوعين: ذي = « العجماء جبار إلا ما كان منها مركوبا فتصيبه بمقدمها فهو على راكبها وكذا إن ضربها أو ً حركها وما عرف من الدواب أنه يرمح برجليه أو يعض بشفتيه أو ينطح بقرنيه أو يعقر بأنيابه ونحو ذلك من الأحداث المعروفة فيها بين الناس، فأهملها ربها مع علمه أنها تفعل ذلك، أو شيئ ً ا منه في نفس أو مال فضمان ما أصابته أو أتلفته على ربها، وذلك فيما إذا تقدم عليه فيها ثم أصابت أو أتلفت من بعد التقدم عليه والقول قوله مع يمينه إذا قال لم يتقدم علي فيها أو قال: إني حفظتها بما يحفظ غيرها به أو قال: إني لم أعهد فيها ذلك ّ .« والمثبت عليه خلاف ما يقول مدع وعليه ا لبيان ذات المرجع، ص ١٥٩ ١٦٠ . وراجع بخصوص أحداث الدواب، ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ٢٩٥ ٣٢٤ ، العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٨ ، ص ١٣٤ ١٤٦ ، ابن بركة: الجامع، . ج ٢، ص ٤٤٣(١) يسميها الشيخ أبو زهرة: أقسام الجرائم من حيث المصلحة المعتبرة، وهي خمسة أنواع من الاعتداءات على النفس، والأموال، والنسل، والعقل، والدين، راجع الشيخ محمد . أبو زهرة: الجريمة، ص ٥٣ ٥٥ الجناية على النفس والجناية على العقل والجناية على » وفي فصل الجنايات، قيل: إنها المال والجناية على النسب والجناية على العرض وجناية المحاربين والجناية على الأديان. ويندرج في ذلك حكم الخوارج والردة وحكم من سب الله أو الملائكة أو الأنبياء الإمام الطرابلسي .« أو الصحابة، وحكم الساحر وعقوبته والخناق والزنديق، وحكم العائن . الحنفي: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام، ص ١٨٠(٢) ومرتكب جرائم الأموال قد يكون غاصب أو سارق أو آخذ بخفية أو قاطع أو سالب، انظر . الفارق بين كل هذه الألفاظ في أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٤ ، ص ٤٣٥ ٤٣٧ وراجع أيض ً لاحق » ا ً .« ا أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٢٧٠ روح كالعبيد والبهائم، وغير ذي روح كالجدار المعوج والنخلة المائلة ونحوهما إذا تركه بعد التقدم إليه لزمه الضمان، ٤ فيما يلزمه فيما بينه وبين الله دون الحكم وهو ما غسقه بعينه أو مثله بلسانه أو كيفه بقلبه من الأموال فأصيب (وهذا اختلف فيه). • مظالم الأبدان، والجناية في الأبدان تسمى قتلا ً وجراح ً ا، وهي على ثلاثة أنواع: عمد، وشبه عمد وخطأ(١) .  • مظالم الفروج، فهي على وجهين سفاح ونكاح. ا(٢) • مظالم الأعراض وتسمى قذف ً ا واغتياب ً ا وطعن ً ا واقتراح ً . وللإمام الجيطالي بعد أن بسط التقسيم المذكور أعلاه قول يستحق الذكر: وبالجملة فظلم الناس في جميع أموالهم وأبدانهم بالحبة فما دونها » « وباللطمة في الأبدان فما دونها حرام محرم معاقب عليه(٣) . ِ وقد عني الإباضية بهذا التقسيم للجرائم من حيث المصلحة المحمية، َُ ّ خصوصا تلك التي تمس الدماء والأموال بالنظر إلى ما تمثله من اعتداء ً موقف الإباضية ،« الدماء » على مصالح جديرة بالحماية. وهكذا بخصوص ّ هو حمايتها، بل وعدم مجرد المساس بها لغير سبب مشروع. وهكذا قيل: تعني كلمة الدماء، أو حرمة الدماء جسد الإنسان كله، باعتبار الغلبة » َْ وعموم انتشار الدم في الجسد، وقد تعني المضرة المطلقة في الجسد، كما (١) انظر ما قلناه في شأن الركن المعنوي للجريمة. (٢) راجع تفصيلات كثيرة في الإمام الجيطالي: قواعد الإسلام، مكتبة الاستقامة، مسقط، . ١٤٢٣ ه ٢٠٠٣ م، ج ١ ٢، ص ٦١٢ ٦٢٧(٣) . ذات المرجع، ص ٦٣٠ يطلق على القصاص في العدوان العمد على النفس وما دونها، وعلى الدية والقسامة والكفارة والضرب والسجن. ويشدد الإباضية على وجوب اعتقاد حرمة دم المسلم بإقراره بالشهادة، ّ وحرمة أي إضرار به في بدنه، أو ماله، أو عرضه، إلا بحقها. ورفعوا مرتبة ذلك إلى التوحيد؛ حتى قال بعضهم بشرك من لم يعتقد هذا. وفرضوا اليقين في إنزال الحدود، وتطبيق أحكام الدماء، ودرء الحدود بالشبهة؛ حفاظ ً ا على حق المسلم، وتطبيق ً « ا للأحكام الواردة في ا لدين(١) . يذكر الجيطالي قتل النفس ،« فرز بعض الكبائر » لذلك في حديثه عن التي حرم الله بغير حق لقوله تعالى: ﴿ fedc hg ﴾ [ [النساء: ٩٣ ، ويذكر أيض ً ا أكل أموال الناس بجميع أنواع الباطل لقوله تعالى: ﴿ onmlk ﴾ [ [البقرة: ١٨٨(٢) . دماء المسلمين وأموالهم محرمة لم يرخص » لذلك فالقاعدة عند ا لإباضية أن ّ مصداقا ،« فيهما إلا بخطأ ً لقوله تعالى: ﴿ ! " &%$# ' ( ﴾ [ [النساء: ٩٢ « مال المسلم حرام كحرمة دمه » ، كما أن(٣) . يؤيده قوله ژ : إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم » « هذا، في بلدكم هذا(٤) . والذي نفسي بيده لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا » « بأسرها (٥) . (١) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٣٨٦ ٣٨٧ ّ (٢) . الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢، ص ٦٢٩ ٦٣٠(٣) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٥٤٦ ٥٤٨ ّ (٤) رواه ابن ماجه في باب حرمة دم المؤمن وماله. (٥) رواه النسائي في السنن الصغرى باب تعظيم ا لدم. لو أن أهل الأرض، والسماوات، اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في » « النار(١) . من أعان في دم مؤمن بشطر كلمة لقي الله، وبين عينيه آيس من » « رحمة ا لله(٢) . من غشنا فليس منا، ومن حمل علينا السلاح فليس منا، ومن انتهب » مالنا فليس منا، ومن لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا فليس منا، ومن ضرب « الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية فليس منا(٣) . وقال تعالى: ﴿ <;:9 = ?> @ ﴾ [ [النساء: ٢٩ إلى قوله: ﴿ XWVUTS ]\[ZY ^_` ﴾ [ [النساء: ٣٠ ، وكان جابر إذا تلاها قال: كبيرتان إلى النار الدم والمال(٤) . (١) رواه الترمذي في باب الحكم في ا لدماء. (٢) رواه ابن ماجه في باب التغليظ في ا لقتل. (٣) . الربيع: الجامع الصحيح، ج ٤، رقم ٩٧٠ ، ص ٢٦٤(٤) موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، ج ١، ص ٣٧٤ . ويقول ا لسالمي: قوله: « دماؤكم وأموالكم عليكم حرام » هكذا ساقه البخاري في الحج وذكره في كتاب الجهاد بزيادة « وأعراضكم » وكذا ذكر هذه الزيادة في الحج من حديث ابن عباس ومن حديث ابن عمر وهو على حذف مضاف، أي: سفك دمائكم وأخذ أموالكم وسلب أعراضكم، والعرض بكسر العين: موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان سلفه أو نفسه، فإن قيل: ظاهر الحديث تحريم دماء من أقر بالتوحيد وتحريم أموالهم وأنه لا تحل دماؤهم إلا حيث تحل أموالهم وقتال البغاة جائز إجماع ً ا فما الوجه في ذلك؟ إن قتال البغاة جائز لقوله تعالى: » : فالجواب ﴿ }|{zyxwv ﴾ [ [الحجرات: ٩ فظاهر الحديث غير مراد لهذه الآية، فإنه 4 قد أحل دماء البغاة حتى يفيئوا إلى أمر الله في هذه الآية، وبقيت أموالهم على التحريم لظاهر الحديث، وإنما تحرم .« الدماء والأموال معا في حق من أسلم ولم يبغ على ا لمسلمين ً . الإمام السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، الطبعة العاشرة، ج ٢، ص ٤٢٤ ومما يتصل بهذا التقسيم أيضا أن الجرائم قد: ً ﺎ ﻖﺤﺑ ﷲﺍ :ﻱﺃ) ﺪﺿ ﺔﺤﻠﺼﻤﻟﺍ ،(ﺔﻣﺎﻌﻟﺍ ﻞﺜﻣ ﺓﺩﺮﻟﺍ ﺎﻧﺰﻟﺍﻭ ﻊﻄﻗﻭ ﻊﻘﺗﺳﺎﺴﻣً • ﻖﻳﺮﻄﻟﺍ ﺲﺴﺠﺘﻟﺍﻭ ﺔﺤﻠﺼﻤﻟ.ﻭﺪﻌﻟﺍ ﺎ ﻖﺤﺑ ﺪﺒﻌﻟﺍ :ﻱﺃ) ﺪﺿ ﺔﺤﻠﺼﻣ ،(ﺔﺻﺎﺧ ﻞﺜﻣ ﻞﺘﻗ ﻭﺃ ﺏﺮﺿ ﻭﺃ ﻊﻘﺗﺳﺎﺴﻣً • ﻭﺃ ﺡﺮﺟ ﺺﺨﺷ ﺮﻴﻐﺑ ،ﻖﺣ ﺀﺍﺪﺘﻋﻻﺍﻭ ﻰﻠﻋ ،ﻝﺍﻮﻣﻷﺍ.ﺐﺴﻟﺍﻭ ﻚﻟﺬﻛ ﻥﺈــﻓ ﻢﺋﺍﺮﺠﻟﺍ ﺪﻗ ﻥﻮﻜﺗ ﻰﻠﻋ ،ﻝﺍﻮﻣﻷﺍ ﻭﺃ ﻰــﻠﻋ .ﻥﺍﺪﺑﻷﺍ ﺔﻳﺎﻨﺠﻟﺍﻭ « ا(١) تسمى قتلا » على النفس ً ، وفيما دون النفس تسمى قطعا وجرح . ًً  :…ƒæ©ªdG øcôdG å«M øe ºFGôédG º«°ù≤J (O يقسم الإباضية الجنايات إلى ثلاثة أقسام: خطأ وعمد وشبه عمد. يقول ّ أبو إسحاق: قال: والقتل على ثلاثة أقسام: »أحدها: ما لا يجب فيه إلا الدية: وذلك قتل الخطأ، الثاني: ما يجب فيه القصاص حتما إن كان إماما، وإلا الدية: ًً وذلك قتل العمد، وسواء كان القاتل واحد ً ا أو أكثر، فإنهم يقتلون به جميعا، ً الثالث: ما الأولياء بالخيار بين القتل والدية: وذلك شبه العمد، فإن كان القاتل أكثر من واحد لم يقتل به إلا واحد، ويدفع الباقون إلى ورثة المقتول « به من الدية بقدر شركتهم في ا لقتل(٢) . (١) الإمام الطرابلسي الحنفي: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الإمام، مكتبة البابي . الحلبي، القاهرة، ١٣٩٣ ه ١٩٧٣ م، ص ١٨٠(٢) . أبو إسحاق إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٣٣٣ وانظر تفصيلات أكثر درسناها لاحق ً للجريمة. « الركن المعنوي » ا في إطار :É¡àeÉ°ùL å«M øe ºFGôédG º«°ù≤J (`g من حيث جسامتها تقسم الجرائم إلى تقسيم ثلاثي تقليدي وشهير، وهو: الجنايات والجنح والمخالفات. وهو ما أخذ به المشرع في الكثير من الدول: فالجناية هي أشد الجرائم جسامة يليها الجنحة، ثم المخالفة والتي تعد أقل الجرائم جسامة. وقد اعتمد قانون العقوبات المصري معيار العقوبة لهذا التقسيم، إذ تنص المادة العاشرة على أن الجنايات هي الجرائم المعاقب عليها بالعقوبات الآتية: الإعدام السجن المؤبد السجن المشدد السجن، وتنص المادة الحادية عشرة على أن الجنح هي الجرائم المعاقب عليها بالعقوبات الآتية: الحبس الغرامة التي يزيد أقصى مقدار لها على مائة جنيه، وتنص المادة الثانية عشرة على أن المخالفات هي الجرائم المعاقب عليها بالغرامة التي لا يزيد أقصى مقدارها على مائة جنيه. ونجد أن التمييز بين الجرائم من حيث جسامتها ثابت في القرآن الكريم  والسنة النبوية الشريفة: وهكذا فقد حرم الله تعالى الجرائم بجميع أنواعها،   وذلك في قوله تعالى: ﴿ ZYX ﴾ [ [الأعراف: ١٥٧ . إلا أن القرآن الكريم أشار إلى الجرائم الأكثر جسامة في قوله تعالى: ﴿ mno  qp ﴾ [ [النجم: ٣٢(١) . (١) الذين يردون أنفسهم عن ارتكاب كبائر الذنوب، كالقتل » : قيل: إن تفسير ذلك إنهم والزنى، والسحر وشرب الخمر، والغيبة والنميمة وهتك الأعراض، وغيرها من أنواع الظلم، وترك الفرائض من الواجبات كالصلاة والزكاة والصوم وغيرها... والمحرمات بينة واضحة بحيث لا يخطئ فيها أحد، فيها كبائر الإثم، وفيها فواحش، وكلاهما ذنب كبير، غير أن بعضها يسمى: فاحشة، والفاحش: ما عظم خطره، فالذي يسرق مالا ً مرتكب لكبيرة، ولكن الذي يسرق مالا ً من جاره، أو ممن ائتمنه على دكانه أو على بيته فقد ارتكب فاحشة، لأن مرتكبه جمع بين كبيرة السرقة وخيانة ا لأمانة. كذلك الزنى كبيرة وإثم كبير، ولكنه يكون فاحشة إذا كان بحليلة الجار، فبدل أن يكون المرء حارس ً ا أمين ً ا على جاره، إذا به ينتهك حرمة داره ويزني ببنته أو زوجته!.. ولما نهى = وعند ا لإباضية قواعد فقهية كثيرة تخص جسامة الجريمة، ومنها(١) : ّ ومثالها قتل النفس المعصوم، وزنى ) « الدماء تحل بما هو كبيرة » المحصن، ودفع ا لصائل). .« لا تستباح الدماء بما دون ا لكبائر » .« كبيرتان إلى النار: الدم والمال » يؤيد ما سبق ذكره قوله ژ في خطبته يوم حجة الوداع: » ألا إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا قد بلغت ا لل ه ُ « م فاشهد(٢) . وكمثال لمعرفة الإباضية لأنواع الجرائم وفق ً ا لجسامتها ما قالوه من ّ التفرقة بين قطع الطريق واللصوصية. يقول البطاشي إن: الفرق أن قطع الطريق إنما يكون من قوم يجتمعون ولهم منعة وشوكة » تمنعهم ممن أراد بهم سواء بسبب ما يكون بينهم من التظاهر والتعاون والاقتدار على دفع من يتصدى لهم بسوء ويتعرضون لدماء المسلمين وأموالهم وأزواجهم وإمائهم وهذه المنعة غير معتبرة في اللصوصية وإن كان اللص مكابرا ومجاهرا في أخذ المال والنهب والموصوفون بهذه المنعة إذا ًً « اجتمعوا في الصحراء فهم قطاع ا لطريق(٣) . = الله تعالى عن الزنى قال: ﴿ ^]\[Z _` ba ﴾ [ [الإسراء: ٣٢ ، ولكن لما نهى عن نكاح زوجات الآباء قال: ﴿ GFEDCBA@ QPONMLKJIH ﴾ [ [النساء: ٢٢ ، فالفعل واحد والذنب . الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ٢١ ، ص ٢٠٢ « درجات (١) ، انظر هذه القواعد، في معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٥٤٨ ٥٤٩ ؛ ج ٢ ّ . ١٠٤٤ ١٠٤٥ ؛ ص ٨٦٩(٢) . مسند أحمد، رقم ١٥٥٩٧(٣) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٣١ = ويدل على ذلك أيضا ما جاء في ا لمصنف: ً ومن أشد الأحداث: القتل المحرم والدماء. وهي أطول عقوبة وأشد من » « الحبس والقيد والضرب(١) . ومن بين الجرائم الجسيمة يكفي أن نذكر: d قتل النفس التي حرم الله بغير حق، لقوله تعالى: ﴿ c mlkjihgfe rqp n ﴾ [ [النساء: ٩٣ ولقوله ژ : ومن أعان على قتل » o مؤمن ولو بشطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوب ً ا بين عينيه: آيس من رحمة « الله رواه أحمد وابن ماجه. الزنا، لقوله تعالى: ﴿ ]\[Z ^_`ab ﴾ [ [الإسراء: ٣٢﴿ ، 76543210 ﴾ [ [الفرقان: ٦٨ . = وكمثال آخر يمكن أن نذكر ما جاء في بيان ا لشرع: جواب من أبي معاوية عزان بن الصقر سألت: هل يجوز للمسلمين أن يحبسوا من اتهموه »أنه حرب لهم كالذي يظن في البحر أنهم قطرية أو غير ذلك من اللصوص وينكروا ذلك؟ فمن اتهموه بمحاربتهم وعرف منه أسباب ذلك من التعرض لمارة الطريق وقطع السبيل وبغى على المسلمين فللمسلمين حبسهم وإقامة الأحكام عليهم كل منهم يؤخذ بما جنى إن كانت جناية وإن لم تكن جنايات إلا التعرض في الطريق لقطعها وأخذ الأموال فإن أولئك يحبسون حتى يأمنهم الناس ويحدثوا خيرا وإن كان قوم في البر أو البحر فخاف ذلك منهم ً ولم يكن منهم تعرض ولا سبب يستحقون به التهمة فلا يعرض لهم حتى يحدثوا حدث ً .« ا . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١٨٨(١) النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٨٩ . راجع أيض ً ا ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ٢٨١ . والثابت عن النبي ژ أنه: « قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا » أطفيش: جامع الشمل في أحاديث خاتم المرسلين. وانظر أيض ً ا قصاص الأطراف (أي: ما دون النفس) وهو على ثلاثة أنواع: جرح، وإبانة، وإزالة منفعة، في قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في . دراية الفتوى، تحقيق علي داغي، دار الإصلاح للطبع والنشر، ج ٢، ص ٨٩٠ ويعني قوله تعالى: ﴿ o qp ﴾ [ [الشورى: ٣٧ أنه، بمفهوم أي الجرائم والآثام قليلة الجسامة « صغائر الإثم والفواحش » المخالفة، توجد أو ا لتافهة(١) . :á«Ñ∏°Sh á«HÉéjEG ≈dEG ºFGôédG º«°ù≤J (h ندرس ماهية هذا التقسيم، وشروط المسؤولية عن الجريمة بالترك. (١) وبخصوص الآيتين ٦٨ ٦٩ (الفرقان)، قيل: ﴿ ! " &%$# ' ﴾ [ [الفرقان: ٦٨ يعني: لا يعبدون مع الله إلها غيره ﴿ *)( ﴾ [الفرقان: ٦٨ ] يعني: نفس ً المؤمن ﴿ ,+ -﴾ قتلها ﴿ . 543210/ ﴾ يعني: هذه الخصال الثلاث جميع ً ا أو أشتات ًا ﴿ 76 ﴾ يعني : جزاؤه ﴿ 7 ﴾ يعني: وادي ً ا في النار ﴿ <;:9 = ?> ﴾ [ [الفرقان: ٦٩ يعني: في العذاب ﴿ @ ﴾ يعني: يهان فيه. أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، . ج ١٤١١ ،١ ه ١٩٩١ م، ص ١٢٤ ثلاثة أقسام هي: » في سلطنة عمان يقسم المشرع العماني الجرائم من حيث جسامتها إلى ُُ جنايات وجنح وقباحات، ولم يعرف قانون الجزاء كل نوع منها بحسب طبيعته بل عرفها بحسب العقوبات المقررة لها فالجنايات وتوصف عقوبتها بالإرهابية هي الجرائم المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المطلق أو السجن المؤقت من ثلاث إلى خمس عشرة سنة، والجنح توصف عقوبتها بالتأديبية، وهي الجرائم المعاقب عليها بالسجن من عشرة أيام إلى ثلاث سنوات والغرامة من عشرة ريالات عمانية إلى خمسمائة ريال أو إحداهما فقط ُ والقباحات توصف عقوبتها بالتكديرية، وهي الجرائم المعاقب عليها بالسجن من أربع وعشرين ساعة إلى عشرة أيام والغرامة من ريال واحد إلى عشرة ريالات أو إحداهما فقط ومعيار تقسيم الجرائم رهن بمقدار العقوبة المقررة لها قانون ً ا، وقياس مقدار العقوبة يكون بالرجوع إلى حدها الأقصى دون حدها الأدنى، والمرجع في تطبيق هذا المعيار هو الحد الأعلى لعقوبة السجن المنصوص عليها قانون ً .« ا مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة ٢٠١١ ، سلطنة عمان، المحكمة العليا، /٦/ ٢٠١٠ وحتى ٣٠ /١٠/ منها في الفترة من ١ ُ . س.ق.( ١١ )، ص ١٤٩  ١ ماهية ا لتقسيم: بحسب طبيعة فعل الجاني، يمكن تقسيم الجريمة إلى إيجابية وسلبية: أولا ً: الجريمة الإيجابية هي التي تتمثل في ارتكاب أمر إيجابي، وبالتالي فهي تفترض أمرين: حركة عضوية من الجاني (إمساكه بمسدس يصوبه إلى المجني عليه)، واتجاه إرادته إلى ذلك (وبالتالي لا يسأل إن لم تتوافر هذه الصفة كما لو كان في حالة اضطرار، أو تحت تأثير قوة قاهرة أو مخدر). ومن أمثلة الجرائم الإيجابية القتل والضرب والسرقة... إلخ. ثانيا: أما الجريمة السلبية، فهي على العكس، تفترض فعلا ً سلبيا هو ً الامتناع عن القيام بالتزام قانوني (أو شرعي)، واتجاه إرادته إلى ذلك (كالأم التي تمتنع عن إرضاع طفلها حتى مات)(١) . (١) يقصد بالجريمة السلبية الجريمة التي تنشأ عن ترك واجب، فمن » : يقول الشيخ أبو زهرة يترك عطشان من غير أن يسقيه ومعه الماء، فإن الواجب عليه أن يسقيه، فإذا تركه، وهو يعلم أنه لن يجد الماء وسيموت عطش ً الشيخ محمد « ا لا محالة، يكون قد ترك واجبا ً أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي القسم الثاني، ص ٣١٩ . وراجع أيض ً ا ، بخصوص الجريمة السلبية د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٩ ١٠ ص ٣٦٢ ٣٧٦ ، د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة ، الإسلامية والقانون، ص ١٦٢ ١٦٤ ؛ عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١ ص ٨٦ ٩٠ ، ص ٣٧١ ٣٧٢ ؛ د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري الامتناع هو » : القسم العام، ص ٢٦٧ ٢٧٩ . ويقول المرحوم د. محمود نجيب حسني إحجام شخص عن إتيان عمل إيجابي معين كان الشارع ينتظره منه في ظروف معينة، بشرط أن يوجد واجب شرعي يلزم بإتيان هذا العمل، وأن يكون في استطاعة المكلف ويقسم الامتناع إلى بسيط (كالامتناع عن الإدلاء بالشهادة)، وامتناع ذي نتيجة .« إتيانه إجرامية (كامتناع الأم عن إرضاع وليدها فمات أو مرض) راجع د. محمود نجيب حسني: . الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٣٦٤ ٣٦٥ وتذهب القوانين الحديثة إلى تجريم بعض الأفعال السلبية أو أفعال الامتناع. ومن أمثلة ذلك في القانون المصري: الامتناع عن قبول عملة البلاد   ٨ عقوبات)، الامتناع عن دفع النفقة المحكوم / أو مسكوكاتها (المادة ٣٧٧ بها (المادة ٢٩٣ عقوبات)، امتناع القاضي عن الحكم في القضية المرفوعة إليه (المادة ١٢١ عقوبات)، الامتناع عن التبليغ عن المواليد والوفيات ٣٥ من القانون رقم ١٤٣ لسنة ١٩٩٤ في شأن الأحوال ، (المادتان ١٩ المدنية). وفي القرآن الكريم أمثلة على ما يمكن أن يشكل جرائم بالامتناع، منها قوله تعالى: ﴿ ;:98 <=> @? ﴾ [ [البقرة: ٢٨٣ ، ومنها الامتناع عن النفقة بالمخالفة لقوله تعالى: ﴿ HGF JI ﴾ [ [الطلاق: ٧ ، ومنها الامتناع عن إرضاع المولود بالمخالفة لقوله  تعالى: ﴿ z }|{ ﮯ~ £¢¡ ¤¥ ﴾  [ [البقرة: ٢٣٣ . كذلك فإن الامتناع عن إغاثة الملهوف مؤثم في الشريعة الإسلامية، فقد روي عن الحسن أن رجلا ً استسقى على باب قوم فأبوا أن « فضمنهم عمر بن الخطاب ديته » يسقوه فأدركه العطش فمات(١) . وقد لخص المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة موقف الفقه الإسلامي من الجريمة السلبية من حيث انعقادها سببا موجبا للقصاص، على أقوال ًً ثلاثة(٢) : (١) بخصوص ذلك قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: أتذهب إليه؟ فقال: أي والله؟ وإن نزل بهم صحيح ً ا، ورحل كذلك، فضيافته يوم ً ا حق واجب (راجع ابن قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، دار العلم للملايين، بيروت، ١٩٨٣ ، ج ٢ ص ٧٨٨ ). ويسمي الفقهاء ذلك د. محمد سلام مدكور: المدخل للفقه « بالمسؤولية الناشئة عن التقصير فيما يجب » . الإسلامي، ص ٧٣٠(٢) . الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي القسم الثاني، ص ٣٢٠ أولها: قول المالكية والظاهرية إنها تنعقد بها السببية إذا تعين الامتناع سببا للموت وكان المنع مقصود ً ا فإن المنع في هذه الحال يكون كالفعل، ً ا(١) ولكن لا بد أن يكون المنع لأجل القتل مقصود ً . القول ا لثاني: قول الشافعي وأكثر الحنابلة إن المنع إذا سبقه عمل كأن حبسه وتركه من غير ماء ولا طعام، أو قطعت الصرة، وتركت ربطها، فإنه يجب القصاص إذا ثبت أن القصد من ذلك القتل، أما إذا لم يكن فعل سابق، بل كان امتناع مجرد، فإنه لا ينعقد سببا للقتل، إذ لا يتبين ا لقصد(٢) . ً ثالث ا لأقوال: هو قول الحنفية، وهو أن الجريمة السلبية لا تنعقد موجبة للقصاص، لأن شرط القصاص المباشرة من ا لجاني. وقد بحث فقهاء ا لإباضية مسائل الامتناع أو الترك بصفة عامة، والامتناع ّ أو ا لترك(٣) الذي يترتب عليه ترك واجب أو وقوع جريمة بصفة خاصة. (١) إذ لا فرق في رأيهم بين من يقتل بالسيف، ومن يقتل بالتجويع، أو بترك السبع ينهش إنسان ً . ا، راجع الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ١٣٧ (٢) وإن كان ثمة رأس عند الحنابلة يقول: إن التعزير يكون على فعل المحرمات، وترك الواجبات فمن جنس ترك الواجبات: من كتم ما يجب بيانه، كالبائع المدلس، والمؤجر، المدلس والناكح وغيرهم من العالمين، وكذا الشاهد والمخبر والمفتي والحاكم ونحوهم فإن كتمان الحق مشبه بالكذب. وينبغي أن يكون سببا للضمان، كما أن الكذب سبب للضمان فإن ترك الواجبات عندنا ً في الضمان كفعل المحرمات، حتى قلنا: من قدر على إنجاء شخص بإطعام أو سقي فلم يفعل فمات ضمنه. الشيخ علاء الدين الدمشقي: الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ . الإسلام ابن تيمية، ص ٣٠ ٣١(٣) :« الترك » جاء في معجم مصطلحات ا لإباضية بخصوص ّ ذكر الثميني أن الترك ليس بفعل، بينما عده القطب فعلا » ً ، واستدل لذلك بأنه حبس النفس وعلاجها عما تنزع إليه، وأن الله سمى الفرائض في القرآن كسبا. ً ويمكن الجمع بين الرأيين أن الترك ليس فعلا ً بحسب الظاهر، ولكنه فعل بحسب القصد، فلا تطلب فيه التسمية، خلاف ً ا لمن قال: إنه فعل. = من قدر على إحياء مضطر فلم يجبه حتى » : لذلك من قواعدهم الفقهية هذه ا لقاعدة: .« هلك فهو قاتل له تصور لنا نوع » ً ا من أنواع القتل وهو التسبب لأن القتل تارة يكون .« بالمباشرة، وتارة يكون بالتسبب وحكم المتسبب هنا كحكم ا لمباشر فمن قدر على إحياء نفس فلم يحيها حتى هلكت كان تقاعسه سببا من ً أسباب القتل فكان قاتلا ً « حكما(١) .  = وفي باب المناهي يعتبر الترك فعلا ً حيث يحرم الترك؛ لأن النهي عن الفعل أمر بالترك: فمن أتاه كان آثما، وأحيان ً ا يكون ضامن ً ا حيث تعلق به ضرر بالغير، كما في مسألة الممتنع ً عن إنقاذ الغريق، وإطعام المشرف على الهلاك، ومنع خطر النار أو السبع عنه، وهو المعروف بالجريمة ا لسلبية. ثم تركه للحية حتى » ، جاء في شرح النيل أن القادر على تنجية النفس من ظالم أو نحوه قتلته، أو العقرب حتى لسعته، أو تركه للحر أو البرد حتى هلك، أو تركه يأكل السم، أو معجم مصطلحات الإباضية، « دله عليه فأكله فمات، فهو ضامن وعليه الدية دون القود ّ . ج ١، ص ١٥١ أن الخذلان ليس معنى » وقد رأى البعض ،« ترك النصرة والعون » أما الخذلان لغة فهو فيوصف، لأنه ترك وليس فعلا ً « .( (ذات المرجع، ص ٣٢٨ فأما الترك فهو ترك ما حرم علينا ارتكابه، كأكل الميتة والدم ولحم » : ويقول السالمي الخنزير، وشرب الخمر، وأكل ما أهل به لغير الله، أي: ما ذبح للأصنام، والزنا والفاحشة، والغيبة والنميمة، والكذب، والبراءة من مسلم موف، ولبس الحرير والذهب، والخديعة للمؤمنين، والغش للمسلمين، فهذه وأمثالها أمور أوجب الله تعالى علينا تركها، فلا يحل لأحد منا فعلها، ويسعنا جهلها ما لم نرتكبها، أو نتول راكبها، أو نبرأ من راكبها، أو نقل فيها بغير ما حكم الله، أو تقوم علينا فيها حجة العلم بحرمتها، فإنه إن قامت علينا حجة العلم بها ضاق علينا جهلها، وكذلك إذا ارتكبناها بفعل أو تحليل أو تصويب لفاعلها، أو براءة من المسلمين إذا برئوا من فاعلها، فالسعة إنما هي قبل حصول العلم بحكمها، السالمي: معارج الآمال، المقدمات، « وقبل الدخول فيها بشيء مما حرمه الله تعالى . ص ٢٥٦(١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٤٠٦ ّ ويقول أطفيش: وتنجية المضطر فرض كفاية وإذا انقطع إلى أحد واختص له لزمه إذا » لم يكن إلا هو وقد لزم دفن ميت وتنجيته مما يفسده مع أنه لا يتوجع بضر ّ في بدنه ولزم ضمانه فكيف الحي، وأيضا نفس المؤمن كنفس أخيه فلو لم ً « ينجه لكان كمن لم ينج نفسه من هلاك وكفر(١) . وقد ضرب فقهاء الإباضية أمثلة كثيرة لما يمكن أن يقع من جرائم ّ بالترك أو بالامتناع(٢) . (١) أطفيش: كشف الكرب، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ُ . ج ١، ص ٦٩(٢) وأما إذا كان في سكوت الرعوي أو الحاكم تعطيل حق يجب إنفاذه في » : يقول الخليلي الحال فقد وجب القيام به ومن عطله بعد القدرة عليه هلك كما قيل في المصطحبين في الطريق لقيهما اللصوص فعمدوا إلى أحدهما ليقتلوه أو ينهبوه والآخر ممسك عن القتال أو هرب عنه وتركه حتى قتل وهو في حالة يجب عليه الجهاد معه فرضا فإنه بذلك آثم ً ظالم فيما قيل وعليه الدية (لأهل) ذلك القتيل وهكذا ما دون القتل يكون من جرح بدنه المحقق الخليلي: تمهيد « أو نهب ماله أو اقتسار فرج أو غيره مما يقدر على تخليصه . قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ١٥٥ وجاء في الباب ا لآثار: مسألة: ومن سمع إناسا ً يتعاهدون على قتل رجل إن عليه أن يعلمه وينذره إذا كان قادرا ً فإن لم يعلمه حتى قتل فقول عليه ديته وقول لا يلزمه لأن الحق متعلق على أحد وهذا القول عندي حسن... والله أعلم. السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، . ج ١٤ ، ص ١٦٠ ومن سمع قوما يتأمرون بقتل إنسان فعليه أن ينذره ويعلمه، وقتل » : وجاء في بيان الشرع ً الرجل كانت عليه ديته إلا أن يخاف أن ينذره قتل هو فليس له أن ينذره وليس عليه أن . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ١٠ « يحيي غيره ويقتل نفسه وانظر أيض ً ومن رأى أحد يسرق مال غيره ما » ،« من قدر على منع قتل رجل فلم يمنعه » : ا على التوالي في: المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ،« وكتمان الشهادة » ،« يلزمه = ٢ شروط المسؤولية عن الجريمة بالترك: على أن ثمة شروط أربعة يجب توافرها، كما يبدو من كتابات ا لإباضية، ّ لكي يسأل الشخص عن جريمة بالترك أو ا لامتناع: أولا :ً أن يكون الشخص قادرا على التدخل لمنع وقوع الجريمة وهذا ً أمر بديهي، ذلك أنه لا يكلف شخص بمستحيل، كما أنه لا يكلف الله نفسا ً إلا وسعها. يقول ا لنزوي: وفي من رأى صبيا في رأس نخلة، أو غير نخلة وهو يصيح هل عليه » أن يحدره، أو يدعو له من يخرجه؟  قال: إن قدر على خلاص الصبي، مما يخاف عليه منه الضرر، كان عليه ذلك بنفسه. وإن كان لا يقدر عليه أن يخلصه بنفسه، وقدر أن يدعو له أحد ً ا بلا مضرة تلحقه، أعجبني ذلك، على سبيل ا لاحتساب. « فإن تركه فمات، لزمه الضمان، إذا كان يقدر على خلاصه(١) . = ، ١٥٨ ١٦٠ ، العالم موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون المسائل، ج ١٣ ، ج ١٢ . ص ٢٢٦ ، الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، ص ١٥٥ مجرد حضور القتل بغير حق، موجب للتشريك في وعيد الإقدام عليه. » : يقول ابن الأزرق وهو سخط الله ولعنته، لقوله ژ : » لا يشهد أحكم قتيلا ً ، لعله أن يكون مظلوم ً ا، فتصيبه « السخطة معهم . رواه الإمام أحمد وقوله ژ : لا يقفن أحدكم موقف » ً ا فيه رجل قتل مظلوم ً ا، فإن اللعنة تنزل على من حضره، حين لم يدفعوا عنه، ولا يقفن أحدكم موقف ً ا « يضرب فيه رجل ظلما، فإن اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا عنه . رواه ً . ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، ج ٢، ص ٦٧٠ « البيهقي(١) . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٤١ معنى ذلك أن الفقه الإباضي يفرق بخصوص هذا الشرط بين فرضين: الأول : أن يكون الشخص عاجز ً ا عن التدخل أو غير قادر عليه. في هذه الحالة لا ضمان عليه. وهكذا جاء في الجامع ا لمفيد: وسئل عن رجل وقع في بئر، ورجل حاضر فلم يقدر على إخراجه، ولا » على إعانته فلم يزل يصيح، وهذا محاضر له إلى أن مات في الطوى هل يلزم هذا الذي محاضر له؟ « قال: معي إذا عجز عن إغاثته فلا شيء عليه من إثم ولا ضمان(١) . والثاني : أن يكون الشخص قادرا على التدخل، ولا يفعله. في هذه الحالة ً يأثم وعليه الضمان. وهكذا قيل: ولا يعذر هذا الذي له القدرة على أخذ أيدي المفسدين والنكال بهم » « بما يلزمهم من الحق، ولا يتعدى عليهم بجور(٢) . وجاء في بيان ا لشرع: ولو أن صاحب السفينة لم يخرج هذا الغريق من البحر وهو قادر على » « إخراجه ويحمله في سفينته حتى غرق الرجل، ومات لكان عليه ديته(٣) . بهذا يكون الإباضية قد عرفوا واجب الإنقاذ البحري maritime salvage ّ الذي يقع على ربان السفينة، ووضعوا جزاء على مخالفته. وكذلك قيل: وسألته عن رجل رأى صبيين يقتتلان، وهو يقدر على منعهما فلم » .«؟ يمنعهما إلى أن أضر أحدهما الآخر هل يلزمه في ذلك ضمان (١) . الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ١٨٦(٢) ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٥ ، ص ٢٤٣ . راجع أيض ً . ا العوتبي: الضياء، ج ١٤ ، ص ٢٠٠(٣) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ١٦ « معي أن في ذلك الضمان أن يلزمه » : قال(١) . ويقول ا لبطاشي: وإن ترك قادر على تنجية أحد » ً ا حتى قتله كبرد أو جوع أو سبع أو كحرق أو وقع في هوة لزمه إثم وعتق ودية وشدد من قال بلزوم القود ولا « يرثه إن كان وارثه وقيل: تلزمه التوبة فقط إذا لم يباشر ا لقتل(٢) . ويقول ا لخليلي: ومثله من ضل عن الطريق أو ترد » ّ ى في البحر أو الحريق إذا تركه من هو قادر، وإن كان في تركه متعمد ً ا لهلاكه مع القدرة على إنقاذه فيشبه ذلك « في معنى التعمد أن يجب القود عليه(٣) .  ويقول ا لعوتبي: ومن رأى صبيا يسقط في بئر ويغرق فلم ينجه وهو يقدر على ذلك » « حتى يموت فقيل: عليه ا لدية(٤) . ثانيا: ألا يترتب على من يتدخل ضرر جسيم في نفسه أو فيما دون ً النفس. هذا أمر بديهي أيض ً ا. ذلك أنه إذا كان المتدخل سيصيبه ضرر أكبر (١) الكدمي: الجامع المفيد من جوابات أبي سعيد، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة . عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ج ٤، ص ٩ ُ (٢) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٩٢(٣) . أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ١٨٠(٤) العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٨ ، ص ١٥٠ . وجاء في بيان ا لشرع: وعن أبي محمد عبد الله بن محمد بن بركة وقال: من رأى مال مسلم قد أشرف على »التلف وهو يقدر على حفظه فواجب عليه أن يحفظه، وكذلك إذا سمع قوما يتواعدون في ً قتل رجل فلم يعلمه حتى قتلوه أن عليه ديته في خاصة نفسه، ولا شيء على العاقلة، .« وعليه أن يعلمه وينذره . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ١٠ ؛ أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ٥، ص ٩٧ ٩٨ ٍ أو مساو للضرر المراد منعه، فلا إلزام عليه. فقد أكد القرآن الكريم مثل هذا الشرط في قوله تعالى: ﴿ ¯ yxwvu ﴾ [ [البقرة: ١٩٥ . وقد أكد فقهاء ا لإباضية على هذا الشريط مرارا. وهكذا يقول ا لمحيلوي: ًّ ومن رأى إنسان » ً ا يقتل أو يضرب ضربا يؤدي إلى الموت، ويمكنه فداؤه ً بشيء من الدنيا فعليه فداؤه، إلا أن يلحقه في فدائه ما يؤدي إلى عطبه وعطب عياله من الجوع، فليس عليه أن يحيي غيره ويميت نفسه. وأما إذا رأى مال إنسان يؤخذ ويمكنه فداؤه فليس عليه ذلك فرض أن يفديه إذا لم « يمكنه الذي عنه إلا بالغرم(١) . وبخصوص مسألة: إذا ثارت فتنة في سوق بين خصمين ولا يمكن للمتوسط بينهم قاصد ً ا للكفاف من المخاطرة؛ لأنهم كلهم أهل تغشم غير مأمونين، هل يصح له الدخول مع الخوف على نفسه؟ يقول الحارثي: لا أدري، والذي يظهر لي أنه لا يجوز له الدخول بينهم على تلك » الصفة إذا خشي الهلاك منهم فهو كمن ألقى بنفسه في نار وبحر لتنجية غيره ولا يرجو السلامة لنفسه مع ذلك فإنه لا يصح له ذلك والله أعلم فانظر « في ذلك ولا تأخذ إلا بعدله(٢) . وجاء في بيان ا لشرع: وعمن يكون مسافرا ويقع بهم اللصوص هو وأصحاب له ويخاف إن » ً قاتلهم قتلوا أصحابه وأضروهم بأشد مما إذا ا ستسلموا. (١) ، الشيخ سالم المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، ج ٢ ّ . ص ٤١٩ ٤٢٠(٢) . الشيخ عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤ ص ١٠٣ قلت: ما أمره يقاتل أم يستسلم؟ فعلى ما وصفت فالذي عرفنا في هذا ومثله أنه إذا لم يكن الحرب عليه فرضا وإنما هو وسيلة فهو مخير في ذلك ً ويسعه ذلك وإن جاد بنفسه وقاتل فقد نال الشرف الأعلى والنعيم الذي لا يزول إن كان لذلك أهلا ً وإن لم يقاتل واستسلم وسعه ذلك وليس يحجر عليه القتال من أجل ما يتخوف على أصحابه من الضرر بل مباح له أن يجاهد عن نفسه وينكر ا لمنكر. غير أنه فيما يستحب الفقهاء أنهم قالوا إذا كانت الحرب لا يرجى نفعها فتركها أولى. وذلك عندنا لما يحبون من سلامة المسلم أن لا يبذل نفسه إلا « في موضع يدخل نفعه على ا لإسلام(١) . ا(٢) وقد أكد فقهاء المذاهب الأخرى على هذا الشرط أيض ً . ثالث ً ا: أن يكون التدخل لتحقيق أمر مشروع. وبالتالي من حق الشخص (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ٢٢٥ (٢) وهكذا بخصوص قوله: والمباشر مضمون، وإن لم يتعد، فيضمن غريق ً ا من أمسكه فأرسله لخشية تلفهما لا المسبب إلا لتعد في السبب أو سببه، يقول ا لشوكاني: لا شك أن إنقاذ الغريق من أهم الواجبات على كل قادر على إنقاذه، فإذا أخذ في إنقاذه »فتعلق به حتى خشي على نفسه أن يغرق مثله، فليس عليه في هذه الحالة وجوب لا شرع ً ا ولا عقلا ً ، فيخلص نفسه منه ويدعه، سواء كان قد أشرف على النجاة أم لا، بل ظاهر قوله تعالى: ﴿ yxwvu¯ ﴾ [ [البقرة: ١٩٥ أنه يجب عليه تخليص نفسه، والآية هذه وإن كانت واردة على سبب خاص كما في سنن أبي داود وغيرها، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقرر في الأصول، وهو الحق، فالعجب من حكم المصنف على من أرسله لخشية التلف بالضمان، فإن هذا لا يطابق شيئ ً ا من الشرع، وإنما هو رجوع إلى .« مجرد رأس قد تقرر في الأذهان التي تقبل هذا وأمثاله من دون أن نزنه بميزان ا لشرع وملاك الأمر » ، فهكذا ينبغي أن يقال « لا المسبب إلا لتعد في السبب أو سببه » : وأما قوله الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على « في ضمان المسببات عن الأسباب هو التعدي . حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٣٩٤ ٣٩٥ أن يمتنع عن التدخل بخصوص أمر غير مشروع، أو حرام، أو معصية. وقد أكد ا لإباضية على هذا الشرط ذلك أن من قواعدهم ا لفقهية: ّ « المعصية لا تستوجب ا لإعانة »(١) . ما في تركه ثواب وفي فعله عقاب، أو ما » : لذلك فقد عرفوا الحرام بأنه « يثاب على تركه ويعاقب على فعله(٢) . رابع ً ا: بخصوص أموال الإنسان، من حقه أن يمتنع عن تقديمها لغيره؛  « لا يشاركه في ماله أحد » لأنه(٣) . (١) إنه لا يعان على قتل مسلم لقوله ژ » ومن فروع هذه القاعدة : من أعان على قتل مسلم »  بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب ً « ا بين عينيه: آيس من رحمة ا لله ، ومثل ذلك الإعانة على سائر المعاصي من الزنى، والسرقة، وقطع الطريق وغيرها.  ، معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ٢ « وبهذا يتضح أن المعصية لا يعان عليها ّ . ص ١٣٧١ ١٣٧٢ جامع أبي الحسن البسيوي، « من ركب المعاصي لم يقبل عمله » كذلك فمن الثابت أن . ج ١، ص ٤٠٦(٢) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٢٥٢ ّ .« الحرام ما منع تناوله نص أو إجماع أو قياس جلي » : وقال السالمي ويفيد كلام السالمي أن الإباضية يخصون الحرام بما ثبت بدليل قطعي، وما ثبت بالدليل ّ الظني يسمونه مكروه ً ا كراهة تحريم، مثل تحريم لحوم الحمر الأهلية الثابت بأحاديث أحادية. وموقف الإباضية هذا شبيه بموقف الحنفية، بينما يرى جمهور الأصوليين أن الحرام ما ّ . ثبت بالدليل الشرعي قطعيا كان أم ظنيا. ذات المرجع، ص ٢٥٣(٣) أخذ بهذا الشرط ابن عبد العزيز، فقد جاء في المدونة الكبرى ما يلي: قلت لأبي المؤرج: ما تقول في نفر من المسلمين يقطع بهم فيمرون بساحل من سواحل »البحر، وبه أناس من المسلمين فيستحملوهم، ويسألونهم دوابهم وإبلهم ليكروها منهم، أو يبيعوها أو يحملوهم بأجر، فيأبون من ذلك ويمتنعون من أن يكروا منهم، أو يبيعوهم، أو يحملوهم، فيسير المسافرون عنهم غير بعيد، فيموتون جميعا بالجهد والرحلة؟ قال: قد ً سمعنا في ذلك أثرا من الفقهاء أنهم ضامنون لديتهم. = ً = فلت: عمن يرحمك ا لله 8 ؟ قال: عن جابر بن زيد حدثني بذلك عنه أبو عبيدة، أنه كان يراه لازما عليهم ديتهم. وقد بلغنا ذلك عنه. قال: وكذلك حدثني وائل ومحبوب عن ً الربيع بن حبيب، قال الربيع: لأنه على الناس أن يرفقوا بابن السبيل، ويحملوهم حتى يبلغوهم موضعا يصيبون فيه ما يبلغهم إلى منازلهم إن نأت دارهم، أو يبلغوهم بأنفسهم. ً قال: وقال عبد الله بن عبد العزيز: الله أعلم بالعدل والموفق له وما روى أبو المؤرج عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد أنه ضمنهم ديتهم. وقد بلغنا ذلك عنه، غير أني لا أرى هذا مستقيما ولا عدلا ً أن يلزم قوما الدية في منع أموالهم وامتناعهم من الكراء لإبلهم ًً ودوابهم، وقد صنعوا في أموالهم التي ملكهم الله تعالى إياها وقسمها لهم ما أحبوا، وتركوا المنزلة التي فيها حظ أنفسهم من الرفق بابن السبيل واصطناع المعروف، فأبوا من ذلك وامتنعوا منه، ثم قضى هؤلاء نحبهم. أفأجعلهم هم الذين قتلوهم وأغرمهم الدية، وليس لهم علة إلا حبس أموالهم؟ فهذا لا يجوز الحكم فيه لأحد، والهجوم على غرم الدية لمن حبس ماله، وصنع فيه ما يجوز له من المنع، لأنه لا يشاركه في ماله أحد. قلت له: ما أراك في هذا القول إلا واحد ً ا مستوحش ً ا، لا أحد يتابعك فيه من أصحابنا، سمعتهم كلهم يقولون هذا. قال: صاحب الحق لا يكون مستوحش ً ا إذا فارقه الناس عليه، أبو غانم الخراساني: .« وإنما الوحشة في ترك الحق والهجوم على الناس فيما ليس عليهم . المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٤٣ ٢٤٤  للجريمة من الناحية الفنية والتقليدية ركنان: مادي ومعنوي(١) . هذان  الركنان يكمل أحدهما الآخر، ولا يستبعد أحدهما الثاني. فوجودهما إذن معا يعني وقوع لجريمة من الناحية الواقعية والفعلية، وعدم وجودهما، أو ً حتى غياب أحدهما، يعني عدم وجود ا لجريمة. وتتضح أهمية الركن وماهيته من تعريف الفقه الإباضي للركن؛ فقد جاء في طلعة ا لشمس:  « فالركن ما الشيء به تقوما فالشيء بانتفائه تهدما » عرف » َ الركن بأنه: ما يتقوم به الشيء، بمعنى: أنه يدخل في قوامه وينهدم ذلك الشيء بانتفائه، وذلك كالإقرار بالشهادتين، فإنه ركن لتمام .« الإيمان عند جمهور أصحابنا (١) يرى البعض أن ثمة ركن ً ا ثالث ً ا لازم ً ا في أركان الجريمة، وهو الركن الشرعي ويقصدون به النص الذي يجرم النشاط أو الفعل أو الامتناع (إذ لا جريمة بغير نص) أو الصفة غير المشروعة للفعل أو الامتناع (والتي تترتب على وجود نص يجرمه ويعاقب عليه)، راجع عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ١١٠ ١١١ . والواقع أننا لسنا من أنصار هذا الاتجاه للأسباب ا لآتية: أن النص سابق على الجريمة، وهذه الأخيرة لاحقة عليه. ولا يمكن الجمع بين السابق واللاحق في ذات الشيء (أي: الجريمة)، والتي هي فرع وهو أصل. أن النص يخلق الجريمة وينشؤها، ولا يجوز أن يكون الخالق جزءا في ا لمخلوق. ً هو شرط لتمامه. وكتكبيرة الإحرام في الصلاة المشروعة، » : وقيل وكركعة من الصلوات الخمس، ونحو ذلك. فإن هذه الأشياء أركان لا يقوم ذلك الشيء المشروع إلا بها، فلا إيمان لمن أبى من التشهد بالشهادتين، « ولا صلاة لمن لم يكبر تكبيرة ا لإحرام(١) . ْ وندرس ركني الجريمة، على أن نخصص لكل منهما مبحث ً ا.  ∫hC’G åëѪdG …OɪdG øcôdG لكل جريمة هيكل أو بنيان مادي يتمثل أساسا في الفعل المرتكب ً  سواء كان إيجابيا (الفعل) أو سلبيا (الامتناع). هذا الفعل يؤدي إلى نتيجة   معينة يسأل عنها الجاني إذا ارتبط هذان العنصران (الفعل والنتيجة) بعلاقة سببية(٢) .  كذلك فإن الركن المادي physical element (Actus reus) للجريمة قد يقع تاما أو يقف عند حد الشروع، وقد يتم ارتكابه بواسطة شخص واحد بمفرده أو بمساهمة من آخرين معه. (١) الإمام السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٣٨ . كذلك قيل: ركن الشيء جانبه الأقوى، وفي الاصطلاح: الركن هو ما توقف الشيء، على وجوده، وكان جزءا من حقيقته أو ما كان داخلا ً في الشيء، أو ما يقوم به الشيء، راجع د. حسن ً . الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٣٩٩(٢) تقول المحكمة العليا في سلطنة عمان: ُ الدفع بانتفاء الركن المادي لجريمة الاتجار بالبشر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا »« تستوجب ردا صريحا من المحكمة، بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها ا لحكم ً مجموعة الاحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة . منها، ص ق ( ١٠ )، سلطنة عمان، ٢٠٠٩ ٢٠١٠ ، ص ٣٣٦ ُ وهكذا تثير دراسة الركن المادي للجريمة، أمور ً ا ثلاثة: • • • عناصر الركن المادي (الفعل النتيجة علاقة ا لسببية). الشروع. المساهمة ا لجنائية. وندرس هذه المسائل تباع ً  ا، على أن نخص ∫hC’G ´ôØdG …OɪdG øcôdG ô°UÉæY ص َ لكل منها فرع ً ا. سبق القول إن هذه العناصر ثلاثة، وهي: الفعل، والنتيجة، وعلاقة السببية. :z»eGôLE’G π©Ø∏d »©bGƒdG ó«°ùéàdG{ CGóÑe :»eGôLE’G ∑ƒ∏°ùdG hCG π©ØdG (CG سبق أن قلنا إن الجريمة تفترض من الناحية المادية أن يتجسد سلوك في صورة فعل أو امتناع من الناحية الواقعية(١) . « واقعية » ويشكل ذلك الجريمة أو ظهورها الفعلي. فالإنسان لا يسأل عما يدور في خلجات نفسه لا جريمة بغير تجسيد واقعي للفعل » أو لما يزل داخل صدره أو فكره. ومبدأ .« لزوم ما يلزم » هو إذن مبدأ لا يحتمل أي استثناء، فهو من « الإجرامي وهذا هو ) « بقصد محله » ومن المعلوم أن تمام قصد الفعل يكون فذلك هو ا لخطأ) ) « قصد الفعل دون قصد المحل » العمد)، أما حيث يوجد (٢) (١) انظر سابق ً .« مبدأ التجسيد الواقعي للفعل ا لإجرامي » : ا(٢) . راجع الإمام السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٩٣ . ويؤكد الفقه الإباضي أن أفعال: الجنايات على ضربين مباشرة وسبب: فالمباشرة ضربان: توجيه وسراية، فالتوجيه ضرب العنق أو قطعه، » والسراية أن يقطع يد رجل أو إصبعه فيسري ذلك إلى نفسه. والسبب هو أن يحفر بئرا غير ملكه فيقع فيها إنسان أو حيوان فيموت ً فهو ضامن لديته إن كان آدميا، أو قيمته إن كان حيوان ً ا، فإذا كان مضمون ً ا « للتعدي فيه كان ما تولد عنه كذلك(١) .  :áé«àædG (Ü     لا بد وأن يترتب على السلوك الإجرامي نتيجة ما، وهي الأثر الملموس الذي يمس مصلحة جنائية يحميها المشرع كالموت في جرائم القتل، والاصابة أو المرض في جرائم الضرب والجرح... إلخ. وهكذا فإن النتيجة الإجرامية تشكل إهدارا كليا أو جزئيا للمصلحة الجنائية المحمية، أو على ً الأقل تعريضها للخطر. ففي القتل تكون النتيجة مساسا بالحق في الحياة، ً وفي الضرب مساسا بالسلامة الجسدية، وفي السب والقذف مساسا بالشرف ًً والاعتبار... وهكذا. وإذا كان المساس بالمصلحة المحمية هو مناط النتيجة، فإن معنى ذلك أنه إذا كان تحقق ضرر يلحق بالمجني عليه هو أمر يتوافر في الغالب الأعم من الجرائم، فإن ذلك قد يتحقق بطريقة تافهة (كسرقة مبلغ بسيط جدا). ولا شك أن للنتيجة دورا مهما في إطار القانون ا لجنائي(٢) : ً (١) الشيخ سعيد الحارثي: نتائج الأقوال من معارج الآمال ونثر مدارج الكمال، مكتبة الجيل . الواعد، مسقط، ١٤٣١ ه ٢٠١٠ م، ص ١٥٣(٢) بخصوص أهمية النتيجة الإجرامية في البنيان التشريعي للجريمة، قيل: تتضح هذه الأهمية من وجهين: من حيث علة تجريم الشارع للفعل، ذلك أنه يجرم » =  فهي يستند إليها للتمييز بين الجرائم (وفق ً ا للتقسيم الثلاثي الذائع الصيت في النظم الوضعية المعاصرة من تقسيم الجرائم إلى جنايات وجنح ومخالفات، أو تقسيمها إلى حدود وقصاص وتعزير وفق ً ا للفقه الإسلامي). وهي تؤثر في العقاب واجب التطبيق وفق ً ا لجسامتها. وهي، من الناحيتين الإجرائية والموضوعية، لها دور في تحديد مكان ارتكاب الجريمة وبالتالي المحكمة المختصة، ثانيا وزمنيا بدء ً سريان تقادم الجريمة، وتحديد القصد الجنائي باعتباره يتضمن، بين أمور أخرى، اتجاه الإرادة إلى تحقيق النتيجة... إلخ. وقد أكد الفقه الإسلامي على أهمية النتيجة وأن العبرة في تحقيقها لبيان وقوع الجريمة والمسؤولية الجنائية عنها(١) .   = الفعل من أجل ما يحدثه من عدوان على المصلحة التي يحميها، سواء أكان هذا العدوان فعليا أم كان محتملا ً ، ذلك أنه إذا كان الفعل لا ينجم عنه عدوان قط، فلا مبرر لتجريمه، وإلا كان ذلك مجرد تضييق على الناس، وحد من حرياتهم ونشاطهم، وهو ما يتنزه عنه الشارع. والنتيجة الإجرامية لها أهمية من وجهة ثانية: ذلك أن الركن المادي للجريمة لا تكتمل عناصره إلا بتحقق نتيجته. أما إذا لم تتحقق النتيجة، وكانت الجريمة عمدية، فإن المسؤولية تقف عند الشروع في هذه الجريمة. أما إذا كانت الجريمة غير عمدية، فلا مسؤولية عنها، إذا لم تتحقق النتيجة فيها، إذ لا شروع في الجرائم غير العمدية، ولكن قد يسأل مرتكب الفعل عن جريمة غير عمدية أخرى لا تتطلب هذه النتيجة، وإنما تكتفي بنتيجة أخرى أقل جسامة، إذا كانت قد تحققت فعلا ً . كما لو لم تتحقق الوفاة بالفعل الذي كان من شأنه إحداثها، وإنما تحققت الإصابة بجروح، إذ تقتصر المسؤولية عن .« جريمة الإصابة غير ا لعمدية . المرحوم د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٣٧٩ (١) وهو ما أبانه أبو عبد الله الدمشقي كما يلي: واختلفوا فيما إذا كان القتل بمثقل كالخشبة الكبيرة والحجر الكبير الذي الغالب في مثله » = وفي الفقه الإباضي ما يدل على بحثه لهذه المسألة أيضا، وهو ما يتضح ً مما يلي: أولا ً : النتيجة لازمة لوجود الجريمة، وهي مناط لمسؤولية ا لجاني: يكفي أن نذكر الأمثلة ا لآتية: فقد جاء في المدونة ا لكبرى: قلت لابن عبد العزيز: أخبرني عن قول الله: » ﴿ ,+ -./ :9876543210 ﴾ [ [النور: ٢ قلت: أرأيت إن وطئها فيما دون فرجها وتلذذ منها، أهو زان يقام عليه الحد؟ قال: لا يقام عليه الحد حتى يشهدوا أربعة أنهم رأوه يدخله كالمرود في ا لمك ْ حلة. قلت: فما َْ لم يشهدوا أربعة أنهم رأوه يدخله كالمرود في المكحلة. قلت: فما لم يشهدوا عليه هكذا، فلا حد عليه؟ قال: لا يقام عليه الحد إلا كما وصفت لك من تحديدهم هذه الشهادة، ويصفونه أيض ً « ا أنه زنى(١) . = أن يقتل به، فقال مالك والشافعي وأحمد: يجب القصاص بذلك ولا فرق بين أن يخدشه بحجر، أو عصا، أو يغرقه في الماء أو يحرقه بالنار، أو يخنقه، أو يطين عليه بيت ً ا، أو يمنعه الطعام والشراب حتى يموت جوع ً ا أو عطش ً ا، أو يضغطه، أو يهدم عليه بيت ً ا أو يضربه بحجر عظيم أو خشبة عظيمة محددة أو غير محددة، وبذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إنما يجب القصاص عن القتل بالنار أو بالمحدد من الحديد أو الخشبة المحددة أو الحجر المحدد، فأما إن غرقه بالماء أو قتله بحجر أو خشبة غير محددة فإنه لا قود، وقال الشافعي والنخعي والحسن البصري: لا قود َ إلا بحديد ولو َ ضربة فاسود الموضع أو كسر عظامه في داخل الجلد، فعن أبي حنيفة في ذلك روايتان، واختلفوا في عمد الخطأ وهو أن يتعمد الفعل ويخطئ في القصد أو يضرب سوط لا يقتل مثله غالبا أو يكنزه أو يلطمه لطما بليغ ً ا، ففي ذلك الدية دون القود عند أبي حنيفة ًً والشافعي، قال: إن كرر الضرب حتى مات فعليه القود، وقال مالك بوجوب القود في . أبو عبد الله الدمشقي الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ٣٥٠ « ذلك(١) أبو غانم الخراساني المدونة الكبرى، ج ٣، ص ١٩٨ . وجاء في منهج ا لطالبين: = وجاء فيها أيضا: ً  ِ قلت لابن عبد العزيز: فالسارق في كم تقطع يده؟ قال: في ثمن المج َ ن ّ . قلت: فما المجن؟ قال: الترس. قلت: وكم ثمنه؟ قال: أربعة دراهم فصاعد ً ا. قلت: فمتى يكون سارق ً ا؟ قال : إذا خرج بالسرقة من بيت صاحبها وحملها فوجدت عنده بعد، فعليه ا لقطع. قال: وقال أبو أيوب وائل ومحبوب عن الربيع: إذا وجد السارق وقد غير المتاع وحوله عن موضعه، ولم يخرج به من البيت فهو سارق وتقطع يده.  قال: وقال عبد الله بن عبد العزيز: سبحان الله العظيم! وكيف يجب عليه القطع ولم يخرج به من حرزه والمتاع في داخل البيت لم يخرج به؟ فالعلة   أن تحدث له التوبة قبل خروجه من البيت، فلا قطع عليه في شيء من ذلك. ِ ِ قال حاتم بن منصور: رأي ابن عبد العزيز في هذا أحب إلي من ُ رأي الربيع، ولا أحكم عليه بشيء مما ذكرت، حتى يخرج بالمتاع من البيت. سألت أبا المؤرج عن المختلس من الأسواق هل تقطع يده؟ قال: لا، ولكن عليه نكال. قال: وكذلك قال ابن عبد العزيز: (لأن المختلس ليس السارق)(١) . = عن محمد بن محبوب » 5 أنه قال: لو رمى رجل رجلا ً ببعرة، متعمد ً ا أنها له، أراد بها ا لرستاقي: « قتله، فهو عمد. وفيه القود . منهج الطالبين، ج ٦، ص ٢٢١(١) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبري، ج ٣، ص ٢١٩ ٢٢٠ وجاء في بيان ا لشرع: وإذا وقع رجل في بئر في الطريق فتعلق بآخر وتعلق الآخر بآخر » فوقعوا جميعا فماتوا جميعا، فماتوا ولم يقع بعضهم على بعض فدية الأول ًً « على الذي حفر البئر ودية الثاني على الأول ودية الثالث على ا لثاني(١) . ثانيا: عرف الإباضية مسؤولية مرتكبي الجريمة عن نتيجتها حتى ولو ًّ اختلفت عن تلك التي قصدها الجناة. يكفي أن نذكر ما جاء في لباب ا لآثار: في رجلين أرادا رجلا » ً يقتلانه فأخطآ وقتلا غيره متعمدين لقتله يظنان « صاحبهما، فهما قود به لأنهما اعتمدا على قتله(٢) .  حري بالذكر أن الفقه الجنائي الإسلامي بحث أيض ً ا مشكلة تغير الأمر بين حدوث الفعل ووقوع النتيجة أو اكتمالها، وهي من المشاكل الصعبة في الفقه الجنائي ا لمعاصر(٣) .  (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣٦(٢) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، . ج ١٤ ، ص ٢٢٩ (٣) فمثلا ً بحثها ابن رجب في القاعدة التاسعة والعشرين بعد المائة، بقوله: إذا تعين تغير حال المرمي بين الرمي والإصابة فهل الاعتبار بحال الإصابة أم بحالة »الرمي أم يفرق بين القود والضمان أم بين أن يكون الرمي مباحا أو محظورا؟ فيه ًً :« للأصحاب أوجه يتفرع على ذلك مسائل لو رمى مسلم ذميا أو حر عبد » :( (منها ً ا فلم يقع بهما السهم حتى أسلم الذمي وعتق العبد ثم ماتا فهل يجب القود أم لا على وجهين. أحدهما: لا يجب وهو قول الخرقي وابن حامد وصححه القاضي لفقد التكافؤ حين الجناية وهو حالة الإرسال فهو كما لو رمى إلى مرتد فأسلم قبل الإصابة، والثاني: يجب وهو قول أبي بكر وأخذه مما روي الحسن بن محمد بن الحارث عن أحد في رجل أرسل سهما على زيد فأصاب عمرو، ً قال: هو عمد عليه القود فاعتبر الرمي المحظور إذا أصاب به معصوما وإن كان غير ً المقصود. وفرق أبو بكر بين رمي المرتد والذمي بأن رمي المرتد مباح ورده القاضي بأن = وقد أشار إلى هذه المسألة أيضا الفقه الإباضي؛ يقول أطفيش: ً وإن ارتد الرامي) لأحد ظلما بعد الرمي و(قبل وصوله المرمي) أو )» ً بعد وصولها (قتل به) سواء كان المرمي موحد ً ا أو مشرك ً ا، وذلك معلوم، ولكن أراد أن يصرح لك بأنه إن ارتد الرامي قبل الوصول يقتل به، وإن ارتد المرمي لم يقتل به، وأراد أيض ً ا أن يعلمك أنه يتولى قتله الولي في وليه لا  الإمام، وإن ارتد فإن أخذ الدية أو عفا قتله الإمام أيضا لردته فافهم، والله ً أعلم. وإن كان الرامي مشرك ً ا وارتد المرمي قبل الوصول لم يقتل أيض ً ا ولكن يشدد عليه إذا رمى موحد ً ا في أول أمره وأما مصادفته إياه وقد ارتد فلم يقصدها وأيضا لا نصيب ليشرك في قتل مرتد إذ لا يستعان بمشرك على ً مشرك، ثم رأيته ذكر ذلك بقوله: (وإن رمي مشرك موحدا فارتد) الموحد « (قبل وصولها لم يقتل به) لأن دم المرتد حلال(١) . = رميه للإمام لا إلى آحاد الناس فهو غير مباح لآحادهم، وأما النص المذكور فلم يجب عنه القاضي ويمكن الجواب عنه بأنه قصد هناك مكافئ ً ا وأصاب نظيره وهنا لم يقصد مكافئ ً ا، وقد خرج صاحب الكافي وجوب القصاص في مسألة النص على قول أبي بكر وقد تبين أنها أصله وأما صاحب المحرر فجعله خطأ بغير خلاف لأنه أصاب من لم يقصده فاشبه ما إذا قصد صيد ً ا، وهذا ضعيف لأنه قصد معصوما فأصاب نظيره بخلاف من قصد صيد، ً ولهذا لو قصد صيد ً ا معين ً ا فأصاب صيد ً ا غيره حل بخلاف ما إذا رمى هدف ً ا يعلمه فأصاب صيد ً ا فإنه لا يحل أما لو ظن الهدف صيدا فأصاب صيد ً ا فوجهان وقد يتخرج هاهنا مثلهما لو رمي هدف ً ا يظنه آدميا معصوما فأصاب آدميا معصوبا غيره لأن أصل الرمي كان ًً ً ابن رجب الحنبلي: « محظورا فهذا الكلام في القود وأما الضمان فيضمنه بدية حر ً . القواعد، ص ٢٩١(١) أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ٢٢٨ . أما في حالة الغمية فقد جاء في ميمية ا لدما: ودية المغمى عليه إن يفق فورا بعير كامل من النعم ً وثلث الكبرى له إن فاته هناك كل الصلوات يستتم وإن يفت فرض واحد فخمس الثالث له مع من حكم = :á«ÑÑ°ùdG ábÓY (ê  نشير إلى ماهية علاقة السببية والقواعد الحاكمة لها. ١ ماهية علاقة ا لسببية: لكي تتوافر الجريمة وبالتالي يكون فاعلها مسؤولا ً جنائيا يجب توافر علاقة السببية بين الفعل المرتكب والنتيجة التي حدثت، أي: بعبارة أوجز يجب أن تكون النتيجة سببها الفعل ذاته. ومن هنا أهمية علاقة السببية في البنيان أو الهيكل المادي للجريمة(١) ، خصوصا عند تعدد العوامل ً المسببة لحدوث النتيجة، أو مضي فترة زمنية بين وقوع الفعل وحدوث .ﺔﺠﻴﺘﻨﻟﺍ ﻢﻟ ﻚﻳ ﺖﻗﻭ ﺕﺍﻮﻠﺼﻟﺍ ﺲﻤﺨﻟﺍ ﻢﺛ ﻞﻴﻗﻭ ﺎــﻣ ﻪــﻟ ﻱﻮــﺳ ﺮﻴﻌﺒﻟﺍﺎﻣ = ﺎ ﻞﻫﻭ ﻞﻜﻠﻟ ﺍﺬﻫ ﻢﻜﺤﻟﺍﻢﻋﻤﻜﺣً ً ﻢﺛ ﻙﺎــﻨﻫ ﺚﻠﺜﻟﺍ ﻲــﻄﻌﻳﻼﻣﺎﻛ ﺀﺎــﺴﻨﻟﺎﻓ ﻒﺼﻨﻟﺍ ﻦﻣ ﻙﺍﺫﻢﺘﺨﻧﺍ ﻡﺃ ﺺﺧ ﻝﺎﺟﺮﻟﺎﺑ ﻦﻣ ﻥﻭﺩﺎﺴﻨﻟﺍ  راجع شرحا لهذه الأبيات عند خلفان بن جميل: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ً . ص ١٩٠ ٢٠٥(١) وأهمية علاقة السببية في غنى عن البيان: فهي التي تربط بين عنصري الركن المادي، »فتقيم بذلك وحدته، وتوفر له كيانه. وعلاقة السببية تسند النتيجة إلى الفعل، فتقرر بذلك توفر شرط مسؤولية مرتكب الفعل عن النتيجة. وتسهم علاقة السببية في تحديد نطاق المسؤولية، باستبعادها حيث لا ترتبط النتيجة الإجرامية بفعل المكلف ا رتباط ً ا سببيا. وإذا انتفت علاقة السببية، فإن مسؤولية مرتكب الفعل تقتصر على الشروع إذا كانت جريمة عمدية، أما إذا كانت جريمة غير عمدية فلا يسأل عنها، إذ لا شروع في الجرائم غير العمدية، وإن ساغ أن يسأل عن جريمة غير عمدية أخرى لا تتطلب هذه النتيجة، وإنما تقوم بالفعل وحده أو تتطلب نتيجة أقل جسامة ثبت توافر علاقة السببية بينها وبين الفعل.. ولعلاقة السببية ذات الأهمية وذات الدور في المسؤولية، سواء في الشريعة الإسلامية أو . د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٣٧٩ ٣٨٠ « في القوانين الوضعية ٣٠١ وقد أثارت علاقة السببية مشاكل كثيرة، لعل أهمها معيارها. وأهم النظريات في هذا الخصوص ما يلي: نظرية تعادل ا لأسباب: والتي تعني من اسمها أن جميع العوامل التي ساهمت في وقوع الجريمة متساوية، وبحيث لا يمكن استبعاد أي: عامل منها، مهما كانت تفاهته ودوره في تجسيد الجريمة من الناحية ا لواقعية. نظريات التمييز بين الأسباب (أي عدم تعادلها): على عكس النظرية السابقة، ترى هذه النظريات أن علاقة السببية يجب أن يتم بيانها بالاستناد إلى ما حتم وقوع النتيجة. وقد اختلفت المعايير المقترحة في هذا الخصوص، ولعل أهمها ا لآتي(١) : • نظرية السبب القوي (أي: اعتبار أقوى العوامل التي أحدثت النتيجة سببا لها). ً • نظرية اختلال التوازن، ومؤداها أن وجود توازن بين العوامل المختلفة لن يؤدي إلى وقوع النتيجة، إنما هذه الأخيرة تحدث إذا اختل هذا التوازن. وبالتالي فإن العامل الذي يحدث هذا الاختلال هو سبب النتيجة ا لواقعة. • نظرية السبب الأخير، أي: أن آخر عامل تسبب من الناحية الزمنية في وقوع النتيجة هو الذي يعد سبب لها. • نظرية السببية الملائمة، وهي على ما يبدو أفضل هذه ا لنظريات. (١) انظر تفصيلات أكثر حول النظريات الخاصة بعلاقة السببية، في د. محمود نجيب حسني: . الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٣٨٩ ٣١٧ وهذه النظرية تقول: بأن بالفعل الذي يعد سببا للنتيجة هو ذلك الذي ً يحدثها وفق ً ا للإمكانيات الموضوعية فيه أو ملاءمته لاحداثها. أي: أن هذه النظرية تفترض ا لإجابة عن سؤال: هل فعل الجاني، في ضوء العوامل العادية المألوفة، من شأنه إحداث النتيجة أو هو قادر على إحداثها؟ فإن كان ذلك كذلك تتوافر علاقة السببية، وإلا فلا. وإذا ضربنا مثالا ً على هذه  النظرية بمن يطلق الرصاص على شخص قاصد ً ا قتله، لكن بعد أن نقل المجني عليه إلى المستشفى صعقه تيار كهربائي فمات فورا. في هذه الحالة ً لا يعد إطلاق الرصاص سببا للوفاة؛ لأنه ملاءمة لا علاقة له بالصعق ً الكهربائي (وإن كان يمكن أن يسأل مطلق الرصاص عن جريمة أخرى غير الوفاة)(١) . معنى ذلك أن علاقة السببية تنقطع وفق ً ا لهذه النظرية إذا ارتبط بفعل الجاني عوامل شاذة ولا يمكن توقعها وفق ً ا للمجرس العادي للأمور، أدت إلى حدوث ا لنتيجة. وفي الفقه الإسلامي بحث هذه المشكلة العديد من الفقهاء، فمنهم من قرر عدم إقرار الفقه الإسلامي لنظرية معينة في تحديد معيار السببية، وبالتالي تكون المسألة موضع اجتهاد الفقهاء. وإن كان ثمة رأي آخر ذهب إلى وضع بعض القواعد القابلة للتطبيق عند تحديد مدى توافر علاقة السببية بين الفعل والنتيجة(٢) . (١) . ذات المرجع، ص ٣٩٥ (٢) عرض عبد القادر عودة لذلك تفصيلا، ً وتتمثل أهم آرائه فيما يلي: ١ يسأل الجاني عن نتيجة سلوكه إذا كان فعله وحده هو علة النتيجة الإجرامية التي تحققت. ٢ كما يسأل عن نتيجة سلوكه إذا كان لفعله إذا نظر إليه منفرد ً ا عن غيره دخل في أحداث النتيجة. مثال ذلك: أن تكون بالمجني عليه إصابات قاتلة من قبل، ثم يحدث الجاني بالمجني عليه إصابة أخرى قاتلة فيموت المجني عليه منها جميعا ويستوي في ً هذا أن تكون الإصابات السابقة ناشئة عن فعل المجني عليه نفسه، كما لو كان قد جرح = وقد أشار الإمام القرافي إلى أمر يهمنا في هذا الخصوص عندما تحدث يقول ا لقرافي: .« الفرق بين قاعدة تداخل الأسباب وبين قاعدة تساقطها » عن واعلم أن التداخل والتساقط بين الأسباب قد استويا في أن الحكم لا » يترتب على السبب الذي دخل في غيره ولا على السبب الذي سقط بغيره، فهذا هو وجه الجمع بين القاعدتين والفرق بينهما أن التداخل بين الأسباب معناه أن يوجد سببان مسببهما واحد فيترتب عليهما مسبب واحد مع أن كل واحد منهما يقتضي مسببا من ذلك النوع، ومقتضى القياس أن يترتب من ً ٍ = نفسه عمد ً ا، أو ناشئة عن فعل  الغير، كأن يكون جان آخر قد ضربه من قبل ثم انصرف، أو من فعل حيوان. ٣ إذا كان بالمجني عليه بعض إصابات أفحش من بعض، فإن الجاني الذي أحدث أبسط الإصابات مسؤول عن القتل العمد ما دامت إصابته مهلكة بذاتها، أو كان لها دخل في القتل على ا نفرادها. ٤ لا عبرة بعدد الإصابات التي يحدثها كل جان، فلو كان بشخص مائة إصابة أدت إلى قتله، فالجاني الذي أحدث واحدة منها فقط مسؤول عن القتل ما دام لإصابته دخل في القتل على انفرادها ولو كانت بقية الإصابات من فعل شخص واحد. ٥ إذا أساء المجني عليه علاج نفسه أو أهمل العلاج أو سمح لطبيب بعلاج جرحه أو بإجراء عملية فأخطأ الطبيب العلاج أو قصر في العملية، وساعد كل هذا على إحداث النتيجة، فإن الجاني مع ذلك يسأل عن القتل العمد، ما دام فعله مهلك ً ا بذاته، أو كان له منفرد ً ا دخل في إحداث ا لنتيجة. ٦ إذا كان المجني عليه مريض ً ا أو ضعيف ً ا أو صغيرا سئل الجاني عن قتله عمد ً ا إذا ضربه ً أو جرحه ضربا أو جرحا لا يقتل الصحيح أو الكبير، ما دام من شأن هذا الضرب أو ًً الجرح أن يقتل المريض أو الضعيف أو ا لصغير. ٧ يسأل الجاني عن النتيجة ما لم ينقطع فعله بفعل آخر يتغلب عليه ويقطع عمله، ففي هذه الحالة يسأل الجاني عن الفعل دون نتيجته. راجع عبد القادر: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٧١ ، ج ٢، ص ٣٧ وما بعدها، د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، . ص ١٨٠ ١٨١ ذلك النوع مسببان، وقد وقع الأول في كثير من الصور، والثاني أيضا واقع ً .« في الشريعة وهو ا لأكثر ويضيف ا لقرافي:  وأما تساقط الأسباب فإنما يكون عند التعارض وتنافي المسببات بأن » يكون أحد السببين يقتضي شيئ ً ا والآخر يقتضي ضده فيقدم صاحب الشرع « ا(١) الراجح منهما على المرجوح فيسقط المرجوح أو يستويان فيتساقطان مع . ً ومقتضى قول القراقي، في رأينا، يتلخص في القاعدة ا لآتية: إن الأسباب الملائمة بعضها لبعض هي التي تتداخل، أما الأسباب » .« الشاذة فهي التي تتساقط ،« السببية الملائمة » ومعنى ذلك أن ما قال به القرافي أقرب إلى نظرية « تعادل ا لأسباب » وأبعد بكثير من نظرية(٢) . (١) . الإمام القرافي: الفروق، ج ١، الفرق رقم ٥٧ ، ص ٢٩ ٣١ (٢) ومن الآراء الجيدة بخصوص السببية ما ذكره الشيخ المرحوم محمد أبو زهرة بخصوص الأمثلة والقاعدة التي تحكمها عند فقهاء المسلمين. يقول أبو زهرة: ١ إذا شق بطنه وأخرج أمعاءه ثم ضرب رجل عنقه بالسيف عمد ً ا فأيهما يعتبر قاتلا ً إذا أجهز عليه الآخر قبل أن يترتب على الفعل الأول أثره، وهو ا لموت. ب إن ألقاه في ماء قاصد ً ا إغراقه، ولكن كان يمكنه التخلص فالتقمه حوت أتنعقد السببية؟ ج إذا ألقى رجلا ً من شاهق ليقتله، فتلقاه آخر بالسيف وقتله أتنعقد السببية في ا لرمي؟ وهكذا غير ذلك من الصور، التي تتعاقب فيها أعمال ا لقتل. وقد وضع الفقهاء لذلك قاعدة ترجع إليها الجزئيات المختلفة، فقالوا: إنه إذا جنى اثنان جنايتين متعاقبتين نظر فإن كانت الأولى أخرجته من حكم الحياة مثل شق بطنه وقطع ما فيها، أو ذبحه ثم ضرب الآخر عنقه. فالأول هو القاتل لأنه لا تبقى مع جنايته حياة فيكون الضارب من بعده كمن ضرب ميت ً ا أو ما هو في حكم الميت، ويكون على الثاني التعزير، كما لو جنى على ميت. = ٢ القواعد الحاكمة لعلاقة ا لسببية: في الفقه الإباضي يمكن استنباط القواعد الحاكمة لعلاقة السببية، فيما يلي: أولا :ً بخصوص العامل الزمني وأثره على علاقة السببية (أي: مضي فترة من الزمن بين الفعل الإجرامي والنتيجة المترتبة عليه)، يبدو أن الفقه الإباضي يتطلب أن تحدث النتيجة خلال فترة زمنية قصيرة، وبشرط أن يكون الفعل هو العامل الوحيد في حدوثها، فإن تداخلت معه عوامل أخرى، فإن حل المسألة يتوقف على ظروف كل حالة. في » : ومن خير من عبر عن ذلك الفقيه المحيلوي. وهكذا بخصوص الجريح إذا أقام زمان ً ا ثم مات، فإلى كم يحكم أنه مات من جرحه؟. يقول ا لمحيلوي: إذا صح الجريح من جرحه وبري منه فلا يلزم الجارح موت » المجروح لأنه قد بري. بل عليه دية الجرح لا غيره ما لم ينتقض الجرح فيموت من سبب انتقاض الجرح، وإذا لم يصح الجرح ولم يبرأ، وجاءته الأمراض والأسقام إلى أن مات فتلزم الجارح الدية، فإن مات من سبب جرحه، ولا حد في ذلك في المدة، لا القود، فأكثر القول إنه إذا مات ويضيف .« بعد ثلاثة أيام بلياليها لم يلزم الجارح القود، بل عليه الدية أيضا: ً = وإن كان جرح الأول يجوز أن تبقى الحياة معه مثل شق البطن من غير إخراج للأحشاء، أو جرحه جرحا يمكن البرء منه، فجاء آخر وأجهز عليه فإن القاتل هو الثاني لأن سببية ً الشيخ « الأول لم تتم، والسببية المقطوع بها هي سببية الثاني، فهو الذي يتحمل التبعة . محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ص ٣١٦ ٣١٧ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٣٠٦ وأما إذا ضرب رجل رجلا » ً فلم يمت في الحال فقيل: إن بقي ثاويا من ً ضربه أو من جراحه حتى مات، فعلى الضارب القود. وقيل: إن لم يمت في ثلاثة أيام فلا قود بعد الثلاث، وأما في الدية فقال من قال: إذا جاوز سبعة أيام فلا قود َ فيه. وقيل: ما لم يمت من ضربته. وقيل: ما لم يداو فإذا دووي َ ففي ذلك الدية ولا قود فيه، وقيل: الدواء ليس بحدث يبطل القود. وأما  « خياطة الجرح فهو حدث يبطل به ا لقود(١) . معنى ما تقدم ما يلي: • أن المجني عليه إن مات فور الضرب، فلا مشكلة إذ تتوافر علاقة السببية حتما بين الفعل الوحيد الذي سببها والنتيجة. ً • إذا لم يمت المجني عليه من الفعل، بل شفي، ثم مات بعد ذلك (لأي سبب) فإن علاقة السببية تنقطع بين الفعل الأول والوفاة، لكن يسأل مرتكب الفعل الأول عن دية ا لجرح. • أن مضي فترة وجيزة، ثلاثة أو سبعة أيام تترتب بعدها، على أثر الضرب، الوفاة، لا يقطع علاقة السببية، وبالتالي يسأل الجاني عن جريمة ا لقتل. • إذا تدخلت بعد الضرب ووقت الوفاة عوامل أخرى مثل إعطاء أدوية للمريض، أو خياطة الجرح، فإنها يمكن أن تقطع علاقة السببية وفق ً ا (١) المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ ٣٨٦ ٣٨٧ . راجع أيض ، مان، ج ٣، ص ٣٨٣ ً ا في معنى قريب: الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٢٣٧ ؛ السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ٢٢٤ ؛ مبارك الغافري: صراط . الهداية، ج ٢، ص ٥٢٠ ٥٢١ للرأي الغالب إذا ترتب عليها شفاء المريض أو تحسين حالته، لكن يظل الفاعل مسؤولا ً عن دفع دية ا لجرح(١) . ويتضح ما قلناه أيض ً ا من قول ا لبطاشي: من مات بجرح وإن صغيرا مات به جارحه إن لم يمت بعد برء وإن » ً برجوع وإن مات بعد برء فما عليه إلا أرش الجرح، وإن مات برجوع الجرح عليه بعد برء فلا يقتل ولا يقر بقتله ولا يقر بقتله جارحه إن مكث يوما ً وليلة فمات ولكن يعطي الدية من حيث لا يجعل على نفسه سبيلا ً إلا أن علم أنه مات بغير جرحه فما عليه إلا أرش الجرح، وجوز أن يقر ما دون ثلاثة إيام وقيل ما دون سبعة وقيل له أن يقر ما حيي الجرح، وكذا إن جرحه غيره بعده أو قتله أو لدغته حية أو عقرب أو نحوهما أو حدث به ما يقتله لا يقر بالقتل، وفي الأثر اختلف فيما إذا اضر به ولم يمت في حينه ّ فقيل: إن بقي ثاويا من ضربه وجرحه حتى مات فعلى الضارب القود، وقيل: ً لا إن لم يمت في ثلاثة أيام؛ وقيل: لا قود إن جاوز سبعة؛ وقيل: ما لم يمت من ضربته فيما دون يوم وليلة؛ وقيل: ما لم يداو، فإذا دووي بطل َ « القود ووجبت الدية، وقيل: لا يبطله الدواء وخياطة الجرح حدث يبطله(٢) . ٍ (١) وهكذا بخصوص: من ضرب إنسان ً ا فقطع عضوا منه كيد أو رجل ٍ فعاش قليلا ً ثم مات ما ً يلزم ا لجاني؟ إن مات بالضربة التي قطعت العضو أو جرحته في موضع من جسده فما على » : قيل الجاني إلا النفس الهالكة إن كان قصاصا أو دية، وما عليه أرش الضرب ولا دية الجارحة، ً وإن كان ضربه فجرحه أو قطع منه عضوا ثم ضربه أخرى فمات بعد ذلك فعليه أرش ُ ًْ الضرب أو دية الجارحة مع دية النفس وإن كان عمد ً .« ا فقيد به إلا القصاص على كل حال . خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ٢، ص ٢٣٥(٢) . الشيخ البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٩١ وقد ثارت علة تحديد الفترة الوجيزة (ثلاثة أيام) في المسألة ا لآتية: سألت عما أجاب به أبو عبد الله في سرية خرجت بغيا وعدوان ً ا فضربوا رجلا ً بغير حق، = ً أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٣٠٨ ثانيا: إذا تكافأت العوامل والأفعال التي سببت النتيجة، ولم يكن من ً الممكن ترجيح من أحدثها، فإن علاقة السببية تتوافر في حق كل من ارتكب فعلا ً أدى إلى وقوعها. وقد ذكر الفقه الإباضي أمثلة كثيرة تبين ما قلناه، نكتفي منها بذكر الأمثلة الثلاثة ا لآتية: • جاء في الجامع ا لمفيد: وسئل عن رجل ضرب رجلا » ً حتى أوهاه، فرصع على حية أو عقرب لدغته فمات بعد ثلاثة أيام، هل يكون أرش أو قصاص أو دية؟ = وكذا الحكم أيض ً ا إن ضرب رجل رجلا ً فأجاب أبو عبد الله أنه إن مات في ثلاثة أيام فما دونها فعلى الضارب القود، وإن مات بعد الثلاثة فعلية الدية، وقلت: ما وجه التحديد بثلاثة أيام مع أنه مات بسبب الضرب؟ يقول ا لسيابي: إنهم يعتبرون هذا العدد في كثير من الأحكام الشرعية لأن الشارع يعتبرها في أمور؛ منها أنه »جعل الطلاق ثلاث ً ا والعدة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر وصوم كفارة اليمين ثلاثة أيام، والجمار ثلاثة ورميهن في ثلاثة أيام، وأيام التشريق ثلاثة وأيام البيض ثلاثة، وكذا صوم المتمتع في الحج ثلاثة، واستتابة المرتد ثلاث مرات في ثلاثة أيام مع الخلف فيها، وتقرير المقر بموجب حد ثلاث ً ا في ثلاثة أيام، والأوقات التي يجب فيها الاستئذان من الأطفال والمماليك في البيوت ثلاثة... وغير هذا كثير مما يعتبر فيه الشرع التثليث، ويمكن أن يكون هذا السر علمه الشارع في هذا العدد وحكمه خفية فيه، وهذا الذي نذكره عن الشيخ المذكور أمر القتيل قول. وفي المسألة أقوال غيره ولعلهم يعتبرون هنا أن في أغلب الأحوال أن الضرب إذا كان قاتلا ً في العادة أن المضروب لا يبقى بعد ثلاثة ولأن الجراح لا يترك أكثر من هذه المدة بدون علاج فيه أو زيادة حدث كوضع دواء عليه أو غسل وكخياطه ونحو هذا، فإن حدث عليه زيادة حدث أمكن أن يكون الموت من الحدث الزائد عليه فكانت شبهة فلهذه لم يحكموا فيه بالقود حينئذ لأجل هذه الشهبة والقود لا يكون إلا بالقتل الصريح، ويلوح لي أيض ً ا في المسألة اعتبار معني هو أن الأطباء قالوا: إن الطعام الذي يأكله الإنسان لا يحيله المزاج إلى المادة الدموية والمنوية إلا بعد اثنتين وسبعين ساعة وهي مدة ثلاثة أيام بلياليها فيتصرف المزاج في المأكول والمشروب يظهر الفاعل الطبيعي من الفاعل . خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ٢، ص ٢٢٧ ٢٢٨ « القسري قال: معي أنه إذا كانت الاصابة من فعله وما يتولد من صرعته، ومن ضرب الضارب له كان عليه عندي دية ا لنفس. قلت له: فإن لدغته بعد الضرب وهو مصروع من ضربه وخلا له ثلاثة أيام ثم مات، ما يلزمه؟ قال: معي إن كان ضربه مثلا ً لا يقتل في الاعتبار ولا يخاف منه الموت كان عليه أرش الضرب عندي، وإن كان ضربه مما يخاف من مثله الموت، وكانت اللدغة مما يقتل مثلها كان عليه نصف ا لدية. قلت له: فإن لدغته الدابة ثم ضربه هذا الرجل فمات، ما يلزمه؟ قال: معي أن فيه ا ختلاف ً ا: قال من قال: إنها مثل الأولى، ومعي أنه قيل: إذا كان الضرب بعد اللدغة، وكان مما يقتل ومات في ثلاثة أيام، كان فيه القود، وإن مات بعد « ثلاثة أيام فهي مثل الأولى في معنى ا للدغة(١) . • جاء في الجامع ا لكبير: فيمن ضرب رجلا » ً حتى صار في حد الموت إلا أن الروح تجيء وتذهب فيه ثم وقع عليه آخر فقتله من يقاد به منهما؟ أليس ذلك شبهة في الأول لأنه يمكن أن يحيا وربما أحد يظنه الناس ميت ً ا فحي وربما دفن فحي بعد ذلك. الجواب: عندي أن كلاهما ضامن ويلزمهما القود في موضعه وللوارث الخيار فيهما إذا لم يكونا سافكين والله أعلم، وهذا إذا كان ضرب الأول فيه مخوف ً « ا وجنايته عليه يموت بها(٢) . (١) . الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٣٠١ ، ج ٣، ص ٢٦١(٢) . الصبحي: الجامع الكبير، ج ٣، ص ٢١٣ • وجاء في شرح ميمية ا لدما: ومن ضرب رجلا » ً حتى أشرف على الموت، ثم جاء آخر فقتله، قيد َ ا به كذلك جاء فيه: .« جميعا ً وإن ضرب رجل رجلا » ً فأغمي عليه، ثم ضربه آخر فمات، فهو عليهما ً معا يؤاخذان به إن كان عمد ً ا فالقود، وإن كان خطأ فالدية حيث لم يعلم من ً ِ أيهما ق ُ ضي عليه، وحيث كان ضرب أحدهما لا يحدث قتلا ً في العادة في ُْ َ نظر أهل العدل فالدية على الآخر وعلى الأول أر ْ ش ُ ضربه فقط. ِ قال ا لفضل بن الحواري: في مثل هذا إن لم يكن من ضرب أحدهما ْ خوف، فالدية، فإن الدية على الضارب المخوف ضربه إلا ما يسقط منها عنه بقدر أرش ضربه الآخر، سواء كان الضرب الأخف من الأول أو من « الثاني(١) . من هذه الأمثلة الثلاثة يمكن أن نستنبط بخصوص علاقة السببية، ما يلي: • إذا وقع فعل يؤدي إلى نتيجة معينة، ثم تلاه فعل آخر يؤدي حتما ً  إلى ذات النتيجة، فإن كل من ارتكب أيا من هذه الأفعال تتوافر في حقه علاقة السببية ويسأل عن النتيجة. بعبارة أخرى، هنا، تتداخل الأسباب ولا تتساقط، ومن ثم من المستحيل معرفة أي فعل ترتبت عليه النتيجة. (٢) الأمر الذي يعني بالضرورة أن كل فاعل يكون مسؤولا ً . (١).٢٦٢ ، جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٥٢ (٢) يؤيد ما قلناه أيض ً ا، ما يلي: لو أن رجلا » ً ضرب رجلا ً ، حتى صار في حد الموت، إلا أن الروح تجيء وتذهب. ثم وقع عليه رجل آخر، فأتم قتله، إنهما شريكان في دمه، وعليهما ا لق َ و َ د جميع ً « ا إن فتكا به .« أو لم يفتكا » : بل قال القطب = ٣١١ • وحيث كان ضرب أحدهما لا يحدث » : أن ما جاء في شرح ميمية الدما قتلا ً إن كان » : وما جاء في الجامع المفيد ،« في العادة في نظر أهل العدل ضربه مثلا ً لا يقتل في الاعتبار ولا يخاف منه الموت كان عليه أرش يظهر بما لا يدع مجالا ،« الضرب عندي ً لأدنى شك معرفة الفقه الإباضي لنظرية السببية الملائمة، والتي كما سبق ذكره تؤاخذ الجاني بفعلته إن توافر في حقه السبب إذا كانت تلك الفعلة وفق ً ا للمجرى وفقا » العادي للأمور هي التي سببت النتيجة، أي: أن الفعل أحدثها فإن لم يتوافر فيه ذلك ،« للإمكانات الموضوعية فيه أو ملاءمته لإحداثها فإن الفاعل لا يسأل عن النتيجة التي وقعت، وإن كان يمكن أن يسأل عن جريمة أخرى إن توافرت في حقه عناصرها، أي: أن الفقه الإباضي قرر أن إفلات الجاني من المسؤولية عن نتيجة وقعت، لعدم توافر السبب في حقه، لا يجعله يفلت من العقاب عن أية جريمة أخرى وقعت بسبب فعله. • إذا تعددت الأفعال، وأمكن ترجيح أحدها باعتباره السبب الفاعل أو الملائم لوقوع النتيجة، فإن مرتكب هذا الفعل الذي سبب النتيجة هو الذي يسأل عنها لتوافر علاقة السببية في حقه. وهكذا جاء في بيان ا لشرع: ولو أن إنسان » ً ا حفر بئرا في طريق ثم سدها وأوثقها وجاء آخر فحفرها ً وأظهرها كان الضمان على الآخر. ولو أن رجلا ً وضع حجرا في طريق ً المسلمين وإلى جنبها بئر قد احتفرها رجل آخر فعثر رجل بالحجر فسقط في البئر فمات كان الضمان على الذي وضع الحجر لأنه مثل الدافع، فإن لم يكن أحد وضع الحجر، فالضمان على الذي حفر البئر، وإذا وضع رجل = الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٢٨٣ ؛ البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع ، والأصول، ج ٩، ص ١٩١ ؛ الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، ج ٧ . ص ٢٢٦  في البئر حجرا أو حديدة فوقع فيها فقتله الحجر أو الحديدة فالضمان على ً الذي حفر البئر لأنه بمنزلة الدافع، وقد قال ذلك من قال من الفقهاء ولعل «(١) في بعض الرأي أن يكون عليهما وذلك أحب إلي . • حري بالذكر أن تحديد السبب الفاعل أو المرجح يمكن أن يتم عن  طريق الاستنباط الذي تحتمه العادة أو المجرى العادي للأمور، أو عن طريق أي من طرق إثبات ا لوقائع. في هذا المعنى جاء في كتاب ا لضياء: ومن غير شيئ » ً ا وضعه غيره في الطريق عن حاله ومكانه الأول في ناحية عن طريق برأ الواضع الأول من الضمان ولزم من غيره أو نحاه عن الطريق... ومن حفر بئرا في طريق المسلمين فوقع فيها أحد فقال الحافر أنه ألقى نفسه ً عمد ً ا وقال ورثة الرجل كذب والحافر ضامن إلا أن يقيموا بينة أنه ألقى   (١) الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣٣ . ومثال ذلك أيض ً ا: وفيمن صدم صبيا أو غيره في حشي من جسده، وفي ذلك الموضع ألم من قبل لم يبرأ بعد، فأدمي من سبب الوجع الذي فيه، ولو أنه كان صحيحا لم يدم في مثل ذلك، والصدمة خطأ. أيلزمه أرش دامية أم ً غير ذلك؟ الجواب وبالله التوفيق : المحيلوي: فواكه البستان .« يلزمه أرش دامية على صفتك هذه » الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، ج ٣، ص ٣٧٨ . وجاء في المدونة ا لكبرى: ّ سألت ابن عبد العزيز عن الرجل يحفر الركية في أرض غيره بغير إذن أرباب تلك »الأرض فيقع فيها إنسان أو دابة؟ قال: ما تردي في تلك (الركية) مما ذكرت ومما (لم) تذكره فقد ضمنه، لأنه قد احتفرها في ملك غيره بغير إذن أهلها. قال: فإن احتفرها في .« أرض نفسه فليس عليه مما وقع فيها ضمان . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٤١ وجاء أيض ً ا في بيان ا لشرع : ولو أن رجلا » ً حفر بئرا في طريق المسلمين ويسدها بطين أو ً تراب أو بجص فجاء آخر فحفرها فوقع فيها إنسان كان الضمان على الذي حفر آخر مرة ّ لأن الأول قد سدها، وكذلك لو سد رأسها واستوثق منه فجاء آخر فنقض ذلك كان . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣٦ « بمنزلته نفسه عمد ً ا، فإن أقام على ذلك بينة برئ من الضمان. وفي أثر آخر أن البينة « على أولياء الواقع أنه وقع بلا تعمد ثم يكون ضمانه على ا لحافر(١) . فإذا تم التأكد من السبب، فمن الطبيعي أن تترتب آثاره فقط، دون زيادة أو نقصان، يؤيد ذلك ما جاء في ا لمصنف: ومن كانت به قرحة أو جرح قديم فضربه عليه فرأينا في ذلك إن هو » أدمي أن يعطي ثلث إرشه من قبل أن يزداد بضربته ا تساع ً ا فينظر ما زاد على الجرح فيقاس ويعطي ارشه على حده قال: ولا نعرف في القرحة في الجرح « ا(٢) القديم قصاص . ً ثالث ً ا: أكد الفقه الإباضي على أن علاقة السببية تتوافر حتى في حالة التولد (السراية) في الأفعال الجنائية، أي: حالة ارتكاب فعل فتفاقم وضع الجاني أو حالته وأفضى ذلك إلى نتيجة اشد أو نتيجة أخرى. ومن خير من عبر عن فكرة التولد (السراية) في الفقه الإباضي(٣) ، الإمام السالمي، إذ بخصوص: ما معنى قول صاحب المعالم وقد يقول أصحابنا بالتولد في مسائل الفقه هل معناه الاستنباط أم معنى آخر؟ يقول ا لسالمي: (١) .١٥٩ ، العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٨ ، ص ١٥٥(٢) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٣٧(٣) ما يلي: ،« ما تولد منه القتل » بينما بحث النزوي تحت باب ومن حفر بئرا أو ألقى حجرا في غير حقه فمات به مسلم، لزمته الدية، ولا قود عليه » ًً ٌ بإجماع ا لأمة. وإذا وضع حجرا أو حفر بئرا في ماله أن يحفر فيه ويضع فيه لم يكن ضامن ً ا تلف به. ًً قال: ووجدت عن قومنا أنه إجماع. النزوي: « قال أصحابنا: إلا أن يكون صاحب البئر أذن للداخل فسقط في البئر ولم يحذره . المصنف، ج ٤١ ، ص ٣٩ المراد بالتولد في الفقه إلزام الجاني ما يتولد من أثر جنايته، كما إذا » ضرب إنسان ً ا ضربة شج بها رأس فإن للمضروب أرش النتيجة ولو تولد من هذه الشجة آفة أخرى مثل جنون أو صمم أو عمى أو نحو ذلك كان على الجاني أرش ذلك فهذا هو التولد الذي يقوله فقهاؤنا، وهم خلاف التولد الذي تزعمه المعتزلة القائلون بخلق العبد فعل نفسه فإنهم يضيفون إلى ذلك الفعل ما يتولد منه ويجعلون الكل خلق ً « ا للعبد(١) . وقد بحث الإباضية التولد أو السراية في مواضع شتى لا تعد ولا ّ تحصى، ليس هنا معرض بحثها(٢) . (١) جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٣٩٣ ، ويقول عبد القادر عودة: السراية هي أثر الجرح في النفس أو في عضو آخر، فإن لم يؤثر الجرح على النفس أو »  عضو آخر غير محله فلا سراية، وإذا سري الجرح إلى النفس، قيل: إن هناك سراية النفس، وهو ما نسميه أفضاء للموت. وإذا سري إلى عضو آخر قيل: إن الجرح سرى إلى عضو عبد القادر « آخر، والسراية إما أن تكون من فعل مأذون فيه أو مباح أو من فعل محرم . عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ٢، ص ٢٥٣ والسراية في الجروح هي عبارة عن امتداد الألم الحادث في جزء من أجزاء » : كذلك قيل الجسم، بسبب جرح أو ما ماثله، إلى باقي أجزاء الجسم وعدم توقفه أو برئه، مما قد يترتب عليه الإتيان على النفس كلها (قتلا ً ( أو على عضو من أعضاء الجسم كاليد أو الرجل... أو على منفعة من منافعه، كالبصر، والسمع، والذوق، والشم، والكلام...، هذه هي حقيقة السراية، فالسراية هي النفوذ والتأثير في الشيء المضاف إليه والحادث فيه، ثم د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة « تسري إلى باقيه . بالنظم الوضعية، ص ٥٩٠ (٢) وهكذا جاء في جلاء ا لعمى: .« الأحداث المتولدة بالوطء » بل بحثوا كل جناية يتولد منها ما يمنع الجماع من الرجل أو المرأة ففي ذلك الدية كاملة، وكذلك »في ذهاب العقل الدية كاملة، وإذا استرسل خروج الريح من د ُ بر الرجل أو دبر المرأة أو ُ ق ُبلها ففي ذلك سوم العدول ينظرون في قدر خروج ذلك، وفي دوامه قلة وكثرة فيجعلون ُ ً له دية على قدر ما يرون سواء كانت الجناية عمد ً ا أو خطأ، لكن تزاد جنايات العمد بالتغليظ في أسنان الإبل لأنهم قالوا: إن الديات كلها إنما شرعت في الإبل ثم نقلت إلى = ضرر يتعاقب » : وترى المحكمة العليا في سلطنة عمان أن السراية هي ُ من الجناية على البدن، أو الآلام المترادفة التي لا تتحملها النفس إلى أن يموت المجني عليه. شرطها: اتصال النشاط السببي ا تصالا ً لا تتدخل عوامل أخرى لقطعه. الأصل اعتبار الموت نتيجة للجناية إن استمر المجني عليه طريح الفراش حتى الوفاة ولم يق ُ م الدليل على أنه ش ُ في تماما من الإصابات ًْ « التي لحقت به(١) . ويبدو أن ثمة خلاف ً ا في الفقه الإسلامي بخصوص الأثر المترتب على التولد أو ا لسراية(٢) . = خلفان بن جميل: جلاء العمى شرح ميمية الدما، .« الدراهم والدنانير في حق من ماله . ص ٢٠٥(١) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها ،( ٢٠١١ ، سلطنة عمان، س.ق. ( ١١ /٦/ ٢٠١٠ وحتى ٣٠ /١٠/ في الفترة من ١ ُ . ص ١٤٦ ١٤٧(٢) واتفقوا على أن الإمام إذا قطع يد السارق فسري ذلك في نفسه أنه لا ضمان » : وهكذا قيل عليه، واختلفوا فيما إذا قطعه مستقص ٍ فسرى إلى نفسه، فقال مالك والشافعي وأحمد: السراية غير مضمونة، وقال أبو حنيفة: هي مضمونة يتحملها عاقلة المقتص، ولو قطع ّ ولي المقتول يد القاتل، قال أبو حنيفة: إن عفا عنه الولي غرم دية يده، وإن لم يعف لم ُ يلزمه شيء، وقال مالك: تقطع يده بكل حال سواء عفا عنه الولي أو لم يعف، وقال الشافعي: لا ضمان على القاطع ولا قصاص بكل حال سواء عفا الولي أو لم يعف، وقال أبو عبد الله الدمشقي العثماني الشافعي: رحمة « أحمد: يلزمه دية اليد في ماله بكل حال . الأمة في اختلاف الأئمة، ص ٢٥٣ ويلتحق بهذا ما إذا جرح ذمي خطأ ثم أسلم وسري الجرح إلى النفس » : ويقول ابن رجب وفيه ثلاثة أوجه مذكورة في المغني والمحرر. أحدهما: الدية على عاقلته حال الجرح وبه جزم في الكافي والمحرر ا عتبارا بحال الجناية. والثاني: على عاقلته أرش الجرح والزائد ً بالسراية في ماله لأنه حصل بعد مخالفته لدين عاقلته. والثالث: الدية كلها في ماله كما لو اختلفت ديته حال الرمي والإصابة على ما يأتي ذكره لأن أرش الجرح إنما يستقر بالاندمال أو السراية، ولو كان الجاني ابن معتقة لقوم ثم أنجز ولاؤه إلى موالي أبيه ففي = رابعا: بحث الفقه الإباضي علاقة السببية حتى في إطار الأفعال غير ً كالصياح، والنهر، والنظر) التي ) « المعنوية » المادية. نقصد بذلك الأفعال يترتب عليها وقوع ا لجريمة.  وهكذا بخصوص: إذا رأيت صبيا فوق نخلة وهو يغني أو يعمل شيئ ً ا من المعاصي فهل لي أن أنهره، إن نهرته وطاح أو قحم بسبب تلك النهرة فأصابه شيء من العوائق، ما يلزمني؟  يقول ا لخليلي:  لا تنهره نهرا يخشى عليه منه سقوط أو ضرر، ولكن مره بالمعروف » ً فقل له قولا ً لين ً ا لعله يتذكر أو يخشى، وإن زدت إلى حد ما يفزعه ويرعبه ّ فسقط فأصابه شيء من ذلك فله حكم الخطأ في الضمان ما لم تتعمد وقوع « ذلك به (١) . = المحرر هو على هذا الخلاف وفي الكافي الدية في ماله ولم يذكر خلاف ً ابن رجب « ا . الحنبلي: القواعد، ص ٢٩٠ ، القاعدة ١٢٨ (١) أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ١٧٦ . ومن الآراء الجيدة أيض ً ا في الفقه الإباضي، ما يلي: سألت أبا المؤرج عن رجل كان فوق البيت فزجره رجل، وروعه بصوته حين زجره، فوقع »فمات؟ قال: على الذي زجره الدية. قال: وكذلك حدثني محبوب عن ا لربيع بن حبيب. قلت لأبي المؤرج: وكذلك لو كان على نخلة يأكل من رطبها، وصاح به صائح وقال: يا هذا احذر ولا تقع. فأفزعه فوقع؟ قال: عليه الدية أيض ً ا. قال ابن عبد العزيز في هاتين المسألتين: لا شيء على الزاجر، ولا على الصائح المحذر، وليس (يستدل) ها هنا على أنه روعه بصوته وأفزعه، ما الدليل على أنه هو روعه، ومن صيحته كانت وقعته؟ قلت: الدليل على ذلك أنه لم يقع قبل أن يصيح به، وقبل أن يحذره، فلما صاح به وحذره وقع من صيحته ومن تحذيره. قال: عليه في ذلك البينة أنه إنما مات من صيحته ومن تحذيره، قلت: نعم، أجد بينة من الناس كثيرا يشهدون أنه لما ً صاح وحذره وقع ميت ً ا. قال: فلم يشهدوا هاهنا بشيء، إنما مات من صيحته ومن تحذيره، وليس هنا شيء إلا أن يعلم أن الصيحة والتحذير هما اللتان أوقعتاه وقتلتاه، وهذا ما لا = معنى ذلك أن الإباضية بخصوص الأفعال غير المادية(١) ، يقولون ّ تتوافر علاقة السببية بين الفعل غير المادي والنتيجة متى » : بالقاعدة الآتية اتجه قصد الجاني إلى حدوث النتيجة، وإلا فإن الأمر يعد خطأ فتطبق .« القواعد الحاكمة للخطأ حري بالذكر أن الفقه الإسلامي فيه خلاف بخصوص هذه ا لمسألة(٢) . خامسا: إذا اجتمع السبب والمباشرة » أكد الفقه الإباضي على قاعدة ً « فالحكم للمباشرة(٣) . = تمكن الشهادة فيه ولا يشهد به، ألا ترى أنهم لا يدرون لعل صيحته وتحذيره وافقتا زوال رجله عن الجذع والبيت وكان وقوعه في نفس صيحة هذا، وقد يمكن أن يكون أن الصيحة والتحذير هما اللتان أوقعتاه وقتلتاه، ومن علتهما كان موته. قال: صدقت قد يمكن أن يكون هذا، لكنا لا نقضي بالدية ولا نحكم بها فيما يمكن أن يكون، ويمكن أن لا يكون، وإنما القضاء هنا والحكم فيما يعرف ويعلم أنه كان، وإنما يعلم ويعرف هاهنا  أبو غانم « وقوع الرجل وموته، ولم يعرف ولم يعلم أن الصيحة والتحذير منهما كان موته . الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٤٢ ٢٤٣ (١) ، عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ٢ « القتل بوسيلة معنوية » يطلق عليها رأي . ص ٧٤ (٢) وهكذا قيل: ولو صاح على صبي أو معتوه وهو على سطح أو حائط فوقع فمات أو ذهب عقل الصبي أو عقل البالغ فسقط أو بعث الإمام إلى امراة يستدعيها إلى مجلس الحكم فأجهضت جنينها فزع ً ا أو زال عقلها، قال أبو حنيفة: لا ضمان في شيء من ذلك على أحد جملة، وقال الشافعي: الدية في ذلك كله على العاقلة إلا في حق البالغ فإنه لا ضمان على العاقلة فيه، وقال ابن أبي هريرة من أصحابه بوجوب الضمان فيه، وقال أحمد: الدية في ذلك على العاقلة وعلى الإمام في حق المستدعاة، وقال مالك: الدية في ذلك كله أبو عبد الله الدمشقي العثماني « على العاقلة ما عدا المرأة فإنه لا دية فيها على أحد . الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ٢٦٣ (٣) معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ١٠٩ . يقول عبد القادر عودة: إن الأفعال ّ المتصلة بالجريمة إما أن تكون مباشرة أو سبب أو شرط: ويميز بينها كما يلي: المباشرة: هي ما أحدث الجريمة بذاته دون واسطة وكان علة للجريمة، كذبح شخص = يقول ا لنزوي: إن أصل الجنايات على ضربين: مباشرة وسبب: = بسكين فإن الذبح يحدث الموت بذاته، وهو في الوقت نفسه علة الموت، وكالخنق فإنه يحدث الموت بذاته، وهو في الوقت نفسه علة للموت، وكإشعال نار في الشيء المحترق، فإن إشعال النار يحدث الحريق بذاته وهو في الوقت نفسه علة الحريق، وكأخذ السارق مال الغير من حرزه خفية، فإن الأخذ يحدث السرقة وهو علة لها، وكتناول الخمر فإنه يحدث جريمة الشرب وهو في الوقت نفسه علة لها. السبب: هو ما أحدث الجريمة لا بذاته بل بواسطة وكان علة الجريمة، كشهادة الزور على بريء بأنه قتل غيره فإنها علة للحكم على المشهود عليه بالموت، ولكن الشهادة لا تحدث بذاتها الموت، وإنما يحدث الموت بواسطة فعل الجلاد الذي يتولى تنفيذ حكم القاضي الذي صدر بالموت. وكحفر بئر في طريق المجني عليه وتغطيتها بحيث إذا مر عليها سقط فيها وجرح أو مات، فالحفر هو علة الموت أو الجرح ولكن الحفر لا يحدث الجرح أو الموت بذاته، وإنما يحدثه بواسطة سقوط المجني عليه في ا لبئر. الشرط: هو ما لا يحدث الجريمة ولا هو علة لها، ولكن وجوده جعل فعلا ً آخر محدثا للجريمة وعلة لها. ومثل ذلك أن يلقي إنسان بآخر في بئر حفره ثالث لغير غرض القتل  فيموت الثاني، فإن ما أحدث الموت وكان علة له هو الإلقاء في البئر لا حفر البئر، ولكن الإلقاء ما كان يمكن أن يكون له أثره الذي حدث لولا وجود البئر، فوجود البئر شرط عبد القادر عودة: التشريع الجنائي « لجريمة القتل التي وقعت بواسطة الإلقاء في البئر . الإسلامي، ج ١، ص ٤٥٠ ٤٥٣ وفي حالة اجتماع المباشرة والسبب، يفرق بين فروض ثلاثة: »أولا ً : أن يغلب السبب المباشرة. ويتغلب السبب على المباشرة إذا لم تكن المباشرة عدوان ً ا. وفي هذه الحالة تكون المسؤولية على المتسبب دون المباشر. كقتل المحكوم عليه بالإعدام بناء على شهادة الزور. فإن قتل الجلاد له ليس عدوان ً ا. والجلاد هو المباشر للقتل، أما المتسبب في القتل فشهود الزور، وما دامت المباشرة ليست عدوان ً ا فالمسؤولية على المتسبب وحده. ثانيا: أن تغلب المباشرة السبب. وتتغلب المباشرة على السبب إذا قطعت عمله كمن ألقى ً إنسان ً ا من شاهق فتلقاه آخر قبل وصوله إلى الأرض فقطع رقبته بسيف أو أطلق عليه عيارا ناريا فقتله قبل وصوله إلى الأرض. فالمسؤول عن القتل هو المباشر وليس ً المتسبب، ولكن الأخير يعزر على فعله. ثالث ً ا: أن يعتدل السبب والمباشرة بأن يتساوى أثرهما في الفعل، وفي هذه الحالة يكون المتسبب والمباشر مسؤولين مع ً ا عن القتل كحالة الإكراه على القتل، فإن المكره وهو = فالمباشرة ضربان: توجيه وسراية؛ فالتوجيه ضرب العنق أو قطعه بتبين » والسراية أن يقطع يد رجل أو أصبعه فيسري ذلك إلى نفسه. والسبب هو أن يحفر بئرا في غير ملكه فيقع فيها إنسان أو حيوان فيموت ً فهو ضامن لديته إن كان آدميا أو قيمته إن كان حيوان ً ا وكذلك لو رش ماء في طريق لا يملكه أو التي فيها ما يزلق به الناس فالضمان في ذلك واجب وهذه جناية السبب. فإذا كان مضمون ً .« ا للتعدي فيه كان ما تولد عنه كذلك وبخصوص اجتماع المباشرة والسبب، يقول:  والسبب والمباشرة إذا اجتمعا فالحكم للمباشرة كان رجلا » ً حفر بئرا ً  في أرض لا يملكها فدفع رجل إنسان ً ا فيها أو حيوان ً ا، فالضمان على الدافع دون الحافر؛ لأنه مباشرة وكذلك لو اختار رجل إلقاء نفسه في تلك البئر كانت نفسه هدرا. ً وأما إذا حفر بئرا في أرض يملكها أو في أرض غيره بأمر المالك فلا ً ضمان على أحد إن وقع فيها(١) . = المتسبب هو الذي يحرك المباشر وهو المكره ويحمله على ارتكاب الحادث، ولولا الأول لما فعل الثاني شيئ ً ا ولما حصل ا لقتل. وكذلك من يأمر ولده الصغير أو المعتوه بقتل آخر فيقتله طاعة لهذا الأمر فكلاهما يعتبر قاتلا ً ولو أن للصغير أو المعتوه حكما خاصا من حيث العقوبة خلاف ً عبد القادر عودة: « ا لأبي حنيفة ً التشريع الجنائي الإسلامي، ج ٢، ص ٤٦ ٤٧ . انظر أيض ً ا د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٤٠٤ ٤٣٥ ؛ الإمام ابن الشحنة الحنفي: لسان الحكام في معرفة الأحكام، ص ٣٩٣ ٣٩٤ ، د. محمود الزيني: التمالؤ وأثره . في ارتكاب جريمة القتل، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، ٢٠٠٤ ، ص ٤٤٣ (١)النزوي : المصنف، ج ٤١ ، ص ١٧ ، العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ ، ص ٨٢ . بينما يقول ابن رجب: إذا استند إتلاف أموال الآدميين ونفوسهم إلى مباشرة وسبب تعلق الضمان بالمباشرة »دون السبب، إلا أن (تكون) المباشرة مبنية على السبب وناشئة عنه سواء كانت ملجئة إليه أو غير ملجئة ثم إن كانت المباشرة والحالة هذه لا عدوان فيها بالكلية استقل السبب = أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٣٢٠ وبخصوص رجل أتى إلى شجرة ،« القتل خطأ بالتسبب » كذلك تحت عنوان فعلق فيها تفق ً ا له ثم جاء رجل آخر فنام تحت الشجرة فطاح التفق من الشجرة فضرب النائم وجاء صاحب التفق من بعد، هل بينهما فرق؟ يقول ا لسالمي: لا فرق بينهما عندي وفي الكل يكون صاحب التفق في حكم القاتل » « خطأ(١) . حري بالذكر أن المادة ٩١٣ من مجلة الأحكام العدلية تقرر أن: « المباشر ضامن وإن لم يتعمد »(٢) أي: هو ضامن حتى في حالة ا لخطأ. سادس ً ا: أكدت المحكمة العليا في سلطنة ع ُ مان على بعض القواعد الخاصة بعلاقة السببية، ومنها: ١ أن علاقة السببية يجب أن تتوافر بين الفعل والنتيجة(٣) .  = « وحده بالضمان، وإن كان فيها عدوان شاركت السبب في الضمان. فالأقسام ثلاثة ابن رجب الحنبلي: . القواعد، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ص ٢٨٥ ، القاعدة رقم ١٢٧(١) . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٣٧٨(٢) بخصوص تلك القاعدة، قيل: والمباشر للفعل في نظر الفقهاء هو الذي يحصل التلف من فعله دون أن يتخلل بينه »وبين التلف فعل فاعل آخر. أما المتسبب هو الفاعل للسبب المفضي إلى التلف، ولم يكن السبب من شأنه أن يؤدي إلى هذا الإتلاف بذاته. والفرق بين المباشر والسبب: هو أن المباشرة علة مستقلة وسبب للتلف قائم بذاته، فلا يجوز إسقاط حكمها بدعوى عدم التعمد، وبما أن السبب ليس علة مستقلة لزم أن يقترن د. هلال الراشدي: القواعد « العمل فيه بصفة الاعتداء والتعمد ليكون موجبا للضمان ً . الفقهية عند ا لإباضية، ص ٤٦٢ ّ (٣) حصيلة ما تجمع من مصادر الأدلة المتنوعة في هذه الدعوى » : تقول المحكمة العليا الجنائية كافية للدلالة على توافر القصد الجنائي لدى المطعون ضده (المتهم) في إزهاق روح المجني عليه، وتضافر ذلك مع الفعل المادي المتمثل في خنقها بلحافها، وعلاقة .« السببية التي تربط بين الفعل المادي والنتيجة المتحصلة وهي ا لوفاة = ٢٠٠٤ م. مجموعة الأحكام /١٢/ ٢٠٠٤ م جلسة ٢١ / قرار رقم ٣٠٤ في الطعن ٢٨٣ = ٢ أن تلك العلاقة ذات طبيعة مادية (وبالتالي فهي تدخل في الركن المادي  للجريمة)(١) .  ٣ أن علاقة السببية تعد من المسائل الموضوعية التي تستقل تقديرها محكمة ا لموضوع(٢) .  ٤ أن علاقة السببية تنقطع إذا كانت الأدلة التي تستند إليها لا تؤدي عقلا ً إلى القول بتوافرها(٣) . الصاردة عن هيئة توحيد المبادئ والدائرة الجزائية مع المبادئ المستخلصة منها لسنة . ٢٠٠٤ ، سلطنة عمان المحكمة العليا، ص ٦٣٦ ُ (١) لما كان ذلك، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة » : تقول المحكمة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمد ً ا، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص أن الطاعنين قد تعدوا بالضرب على المجني عليه فأحدثوا عمد ً ا إصاباته المبينة بالتقرير الطبي، فإن في ذلك الكفاية لاستظهار رابطة السببية ويكون منعى الطاعنين على مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا ،« الحكم غير سديد . والمبادئ المستخلصة منها، س.ق. ( ١٠ ). سلطنة عمان، ٢٠٠٩ ٢٠١٠ ، ص ٩٦ ُ (٢) أكدت ذات ا لمحكمة: أن المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسؤولية مرتكبه جزائيا أو مدنيا، مما يتعلق »بموضوع الدعوى، وأن تقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع طالما كان تقديرها سائغ ً ا ومستند ً ا على أدلة مقبولة لها سندها في أوراق الدعوى بما يكفي لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع وأن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب مجموعة الأحكام الصادرة من الدائرة الجزائية .« من المسؤول عن الضرر لما وقع الحادث ، بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها، س.ق. ( ١٠ )، سلطنة عمان، ٢٠٠٩ ٢٠١٠ ُ . ص ٤٢٤(٣) تقول المحكمة العليا: لما كانت المادة السامة أحدثت الوفاة في حينها فقد ارتبطت ارتباط المسبب بالسبب فتحققت الرابطة السببية بين الفعل والنتيجة، وعلاقة السببية هي علاقة مادية تبدأ بفعل المتسبب وترتبط من الناحية المعنوية بما كان يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا أتاه عمد ً ا، والفعل الذي أتاه الطاعن بدس السم في الشراب فإن نتيجة = ٥ التولد). تقول ) « السراية » إن علاقة السببية يجب ألا تنقطع في حالة المحكمة ا لعليا: وحيث إن الثابت من الأوراق وهو ما لم تنكره الطاعنة أن مورث » المطعون ضدهم طريح الفراش منذ إصابته وحتى وفاته، ولم يقم الدليل على أنه شفي تماما من الإصابة التي لحقت به، بل ترتبت عليها مضاعفات ً خطيرة، فإن هذا يدل على سراية الجناية إلى النفس، والسراية كما عرفها  الفقه هي ضرر يتعاقب من الجناية علي البدن، أو الآلام المترادفة التي لا تتحملها النفس إلى أن يموت المجني عليه، لهذا فالسراية مظهر من النشاط السببي الملازم للمساس بسلامة الجسد والمؤدي إلى تفاقم آثاره السلبية وهكذا يفترض اتصال النشاط السببي ا تصالا ً لا تتدخل عوامل أخرى لقطعه، وحيث إن الثابت من التقارير الطبية أن مورث المطعون ضدهم قد أصيب  في الرأس بجروح عميقة وكدمة في الصدر أدت إلى مضاعفات ووضع على أثرها على جهاز التنفس وأصيب بكسر مركب بكلتا عظمتي الساق تم إجراء عمليات تثبيت لها نتج عنها تلوث في الدم أدي ذلك كله إلى تفاقم وصفه الصحي فلا يمكن إنكار العلاقة بين الإصابات والوفاة لا سيما وأن « الوفاة اتصلت بالإصابات دون ا نقطاع(١) . = الوفاة المترتبة عليه مألوفة ومتوقعة، ولم تتدخل عوامل خارجية من شأنها أن تقطع علاقة السببية، وتوافر أو عدم توافر رابطة السببية هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع ولا رقابة عليها من المحكمة العليا في ذلك ما لم تكن الأمور التي ساقتها للتدليل علي السببية لا تؤدي إلى القول بتوافرها وهو ما لم يخطئ فيه الحكم المطعون فيه. مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة ٢٠٠٨ وحتى ٣٠ ٦ ٢٠٠٩ ، س. ق( ٩)، سلطنة عمان، /١٠/ منها في الفترة من ١ ُ . المحكمة العليا، ص ٣٣٠ ٣٣٢(١) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها . ٢٠١١ ، سلطنة عمان المحكمة العليا، ص ١٤٧ /٦/ ٢٠١٠ وحتى ٣٠ /١٠/ في الفترة من ١ ُ »fÉãdG ´ôØdG ´hô°ûdG :´hô°ûdG á«gÉe ` CG نشير إلى ماهية الشروع والقواعد التي تحكمه. سبق القول إن المراحل التي تمر بها الجريمة ثلاثة وهي: مرحلة التفكير أو العزم والتصميم، وهي مرحلة داخلية نفسية أساسا. ً مرحلة التحضير للجريمة (كشراء السلاح والمادة السامة التي ستستخدم فيها). مرحلة تنفيذ الجريمة أو البدء في تنفيذها (كوجود من يريد سرقة مسكن بجواره ومعه الأدوات التي سيستخدمها في فتح الأبواب والخزائن أو ا لدواليب). ولا يعاقب القانون على المرحلتين الأولى والثانية، وإنما يعاقب فقط على البدء في تنفيذ الجريمة(١) أو تنفيذها كاملة أو منقوصة. لذلك تنص المادة ٤٥ من قانون العقوبات المصري على أن الشروع هو: (١) اختلف الفقه إلى مذهبين بخصوص معيار البدء في التنفيذ: الأول موضوعي يتطلب للبدء في تنفيذ الجريمة أفعالا ً خطرة، والثاني شخصي لا يشترط خطورة الأفعال، وإنما يكتفي بأنها تعبر عن خطورة شخصية الجاني ونيته، راجع د. محمود نجيب حسني: الفقه . الجنائي الإسلامي، ص ٤٠٦ ٤١٠ وعلى ذلك فالمذهب الأول ينظر إلى الخطورة الذاتية للفعل، بينما يستند الثاني إلى خطورة الجاني، انظر د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري القسم العام، ص ٣٢٨ وما بعدها. البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو » خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها. ولا يعتبر شروع ً ا في الجناية أو الجنحة مجرد العزم على ارتكابها ولا الأعمال التحضيرية .« لذلك معنى ذلك أن العقاب يكون على الجريمة التي اكتملت (الجريمة ا لتامة) والتي تحققت فيها النتيجة التي يجرمها المشرع، أو التي لم تكتمل أو لم تتحقق لسبب غير إرادي (أي: لا يرجع إلى إرادة الجاني) ولذلك فالشروع مقصور فقط على الجرائم العمدية: فالقاعدة أن لا شروع في الجرائم غير العمدية (أي: الجرائم التي تقع بخطأ غير عمدي). والشروع على نوعين: الأول: الشروع التام (ويطلق عليه أيض ً ا الجريمة الخائبة)، وفيه خاب الجاني عن تحقيق النتيجة رغم قيامه بكل النشاط الإجرامي المؤدي إليها. مثال ذلك: أن يطلق رصاصة على المجني عليه فلا تصيبه، أو يكسر خزينة أو دولاب ً ا لسرقة أوراق أو نقود فلا يجد شيئ ً ا). الثاني: الشروع الناقص (ويسمي أيض ً ا الجريمة الموقوفة)، وفيه تم وقف نشاط الجاني بعامل خارجي كما لو استعد لإطلاق النار تجاه المجني عليه فتدخل شخص ثالث وأمسك بيده وانتزع المسدس منه. وبخصوص الشروع في الفقه الإسلامي الجنائي، فإن: العقوبات على الشروع عقوبات تعزيرية، سواء أكان الشروع في ذاته » جريمة كالقتل والخلوة عاريين، ولكن لم تتم الجريمة لمفاجأة مثلا ً ، فإن هذا العمل في ذاته معصية منهي عنها عليه عقوبات تعزيرية، أم كان العمل في ذاته ليس جريمة، ولكن القصد هو الذي ألبسه لبوس الإجرام، كمن يترصد شخصا ليغفله وينشل منه، فإن الترصد في ذاته دون أن يقع منه شيء ً « ليس جريمة إلا بقصده الذي لابسه (١) . أن تكون دون العقوبة المقدرة، فلا » ويلاحظ أن عقوبة الشروع ضابطها يصح أن تكون عقوبة الشروع في السرقة كعقوبة السرقة، لأن عقوبة الوسيلة تكون أخف من عقوبة القصد، ولا يصح أن تكون عقوبة الشروع في الزنى مثل عقوبة الزنى كما ذكرنا ولسبب آخر، وهو أن التعزير لا يصل إلى الحد الذي هو من جنسه، لما ورد من أثر أن من بلغ الحد في غير حد فقد بغى « وظلم(٢) . للشروع « نظرية عامة » ولم يضع فقهاء المسلمين(٣) ، وإن كنا نعتقد أن هذا نهجهم في كثير من الموضوعات الأخرى. إلا أن ذلك لا يعني أنهم لا يعرفون ماهية الشروع والآثار المترتبة عليه(٤) . فالعقاب على الشروع واجب إذا شكل حتى ولو كان في إطار الأعمال ا لتحضيرية ،« معصية » الفعل المرتكب(٥) . (١) . الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٣٩٤ (٢) ذات المرجع، ذات المكان. ويوجد اتجاهان آخران بخصوص العقوبة التعزيرية للشروع أحدهما: أنها لا تزيد على عشرة أسواط، والآخر أنها موكولة إلى الإمام والذي له أن يزيد على عشرة أسواط، بل ويزيد عن الحد. فالتعزيز إلى الإمام بالغ ً ا ما بلغ، راجع د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٣٥٤ ٣٦٢ . انظر أيض ً ، ا عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١ . ص ٣٥٠ ٣٥١ (٣) راجع عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٤٣ وما بعدها، د. محمود . نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٣٩٩ ٤٠٠ (٤) راجع سرد ً ا لأمثلة كثيرة على الشروع في السرقة، وفي قطع الطريق، في د. عبد العزيز عامر: التعزير في الشريعة الإسلامية، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة القاهرة، . ص ٢٣٨ ٢٤٠ ، ص ٢٥١ ٢٥٣ (٥) ونظرية الشريعة في الشروع أوسع مدى منها في القوانين » : بل يقول عبد القادر عودة الوضعية، فهي تعاقب على الشروع في كل جريمة إذا كون الفعل غير التام معصية، وهي = ` Ü :´hô°ûdG ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG ١ حتى في المسائل « الشروع » في الفقه الإباضي تم استخدام كلمة  غير ا لجنائية(١) . أما في المسائل الجنائية، فقد جاء في بيان ا لشرع: وقيل في قوم خرجوا يريدون قتل رجل وخرجوا على أن يقتلوه أو » يضربوه أو يسلبوه، فلما وصلوا إلى منزله لم يجدوه فكسر واحد منهم الباب ولم يخرجوا على ذلك، ومنهم من لم يرم ولم يكسر إلا أنه لم يمنع أنه لا غرم إلا على الذي كسر بيده أو على القائد الذي يقود القوم فإن الغرم عليه أيضا في جميع ما أحدث الجماعة إذا كان هو يقودهم، وكذلك لو خرجوا ً على أن يسلبوا قرية أو يحدثوا شيئ ً ا من الأحداث غير القتل فلما وصلوا أحدث منهم من أحدث ومنهم من لم يحدث، وإنما الغ ُرم على المحدثين ْ في الأموال والقائد الذي يقودهم عليه أيض ً ا الغرم لجميع ما أحدث الجماعة من قتل أو سلب والتوبة لازمة للجميع في ذلك إذا كان على نية الظلم، قيل: = تسير علي هذه القاعدة دون استثناء، فمن رفع على إنسان عصا ليضربه بها فحيل بينه وبين ذلك فهو مرتكب لمعصية يعزر عليها، ومن حاول إطلاق النار على آخر فلم يصبه فهو مرتكب لمعصية عقوبتها التعزير. أما القوانين الوضعية فتعاقب غالبا على الشروع في ً أكثر الجنايات، وعلى الشروع في بعض الجنح، دون البعض الآخر وليس لها قاعدة عامة . عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٤٦ « في هذا(١) وبخصوص قول من جوز ترك المندوب بعد ،« أثر الشروع في المندوب » إذ تحت عنوان    الشروع فيه، ما يقول في قوله تعالى: ﴿ YXW ﴾ [ [محمد: ٣٣ ومن لم يجوز تركه بعد الشروع فيه، ما يقول في قوله ژ : الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء » « أفطر ؟ يقول ا لسالمي: لعل المجوز يقول في معنى الآية: إن الإبطال فعل ما يبطل الأعمال من الشرك وكبائر »الذنوب، لأنها ليست نصا في ترك العمل بعد الدخول فيه وإن تناولته معن ً ى. ولعل القائل بالمنع يتأول الحديث فيمن عزم أن يصوم شهر ً ا أو أيام ً ا معلومة تطوع ً ا أنه ليس عليه أن يتم ذلك بل هو أمير نفسه إن شاء صام ما نوى وإن شاء أفطر لأنه ليس نصا . جوابات الإمام السالمي، ج ١، ص ٢٦٠ « في فطر اليوم الذي شرع في صيامه وأما إذا خرجوا لقتل رجل أو للقتل فلما وصلوا إلى المقتول ندم من ندم منهم على ذلك وبقي قائما نادما ولم يرجع، وسلاحه شاهر حتى قتل القتيل ًً إن عليه الدية ولا قود عليه وإن ندم وغمد سيفه وبقي قائما أو رجع فعليه ً التوبة ولا قود عليه ولا دية وإن كان على نيته وهو ينظر إلى سواد المقتول حتى قتل فعليه القود والدية وهو شريك في جميع ما على القاتل إذا نظر إلى  سواده المقتول، قيل: وكذلك لو خرجوا ومع بعضهم إنهم يريدون صلحا أو ً أمرا مما يسع فلما وصلوا كان منهم من كان وقتلوا على هذا الحال فعلى من ً لم يقتل ولم يرض ولم يندم ويخرج من الجملة وبقي مكثرا بنفسه شاهرا َ ًً سيفه الدية ولا قود عليه إذا كان غير مريد لذلك، أما من أراد ذلك في حين « ما وقع الأمر فهو شريك للفاعل إذا نظر سواده ا لمقتول(١) . معنى ذلك أن القواعد الآتية يمكن استنباطها من هذا النص، وهي: ١ إن الارتكاب الفعلي للجريمة هو مناط المسؤولية ا لجنائية. ٢ إن الشخص إن امتنع عن المساهمة فعليا في أحد أعمال الجريمة يمكن أن يعتبر شريك ً ا فيها، ويتحمل الدية لا القود، وذلك إذا ما بقي على مسرح الجريمة شاهرا سلاحه ويكثر الجناة مرتكبي ا لفعل. ً ٣ لما كان الشروع يفترض عدم تحقيق الجاني للنتيجة التي كان يسعى إليها لأسباب خارجة عن إرادته، فمعنى ذلك أنه يختلف عن العدول الاختياري(٢) . (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٧٠ ٢٧١ (٢) العدول له أسباب ثلاثة يتنوع بسببها: » قيل إنفالأول: العدول ا ضطرار ً ا، وهذا يعتبر شروع ً ا. والثاني: عدول اختياري محض وهذا يجعل الفعل التمهيدي لا جزاء عليه إلا اذا كان هو في ذاته جريمة كدخول منزل ا لغير. = :« العدول ا لاختياري » ويعرف الفقه الإباضي مسألة وهكذا فقد جاء في مكنون ا لخزائن: قلت له: فلو أن رجلا » ً نقب بيت ً ا ليسرقه، ثم تركه فجاء غيره فسرق البيت، ما كان يلزم الناقب إذا تاب؟ فلم نر عليه إلا ما أحدث من نقب الجدار، ولم ير عليه ما أخذ ََ « غيره(١) . = والثالث: بين الاضطراري والاختياري والأمر فيه عند الكثيرين من رجال القانون يوكل . الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٣٩٦ ٣٩٧ « إلى القاضي ليرجح فيه أي: الجانبين  وإذا عدل الجاني عن إتمام جريمته » : وبخصوص مدى المسؤولية الجنائية لمن يعدل، قيل بدافع من نفسه بغض ً ا في الجريمة ورجوع ً ا إلى الله فإنه لا يعاقب في جريمة الحرابة اتفاق ً ا لقول الله تعالى: ﴿ }|{zyxwvutsrqp ﴾ [ [المائدة: ٣٤ واختلفوا فيما عداها، أما إذا عدل لأي سبب غير التوبة فهو مسؤول ما دام الفعل الذي تم يعتبر معصية؛ كمن يكسر الباب ثم يعدل عن السرقة لرؤية الحارس، أو ينقب الحائط ثم يعدل لتنبه من بالدار، أما إذا وصل بالقرب من المنزل ثم عدل لوجود « كثير من المارة أو تنبه الحارس فإنه لا يعاقب لأن ما تم من فعل لا يعتبر معصية . د. محمد سلام مدكور: المدخل للفقه الإسلامي، ص ٧٢٨ كذلك راجع بخصوص العدول، د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٢١٩ ٢٢١ ، د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة . في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٣٤٩ ٣٧٦ (١) العالم موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون المسائل، ج ١٣ ، ص ٢١٨ وما بعدها. وكمثال آخر على العدول الاختياري، نذكر ما جاء في بيان ا لشرع: وإذا صح مع الإمام أن قوما تبايعوا على سفك دماء المسلمين فلا يحل قتلهم ا غتيالا » ً ولا ً جهرا. ولكن يرسل إليهم من يأتيه بهم ويحضر عليهم البينة فإن تابوا قبل منهم ما لم ً يقتلوا أحد ً ا من المسلمين وإن كانوا قد قتلوا ببيعتهم أحد ً ا على دينه ق ُ تلوا بمن قتلوا من .« المسلمين . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١٢٣ ١٢٤ ويتضح من ذلك أن العدول عند ا لإباضية تحكمه القواعد ا لآتية: ّ أولا :ً أن الذي يعدل باختياره عن ارتكاب جريمة انتوي أصلا ً فعلها وبدأ فعلا ً في تنفيذها، لا يعد مرتكبا لتلك الجريمة التي عدل عنها. ً ثانيا: أن هذا العدول لا يعفيه من المسؤولية عن أية جريمة أخرى إذا  ً توافرت في حقه عناصر تلك الجريمة (في المثال السابق جريمة نقب الجدار والاعتداء على ملكية ا لغير). ثالث ً ا: أن من يعدل عن جريمة انتوي فعلها، لا يسأل عن جريمة أتى آخر وارتكبها واستفاد من أفعال من عدل، إذا كان هذا الأخير لم يذهب مقصده إلى الاشتراك في الجريمة الثانية (أي: لم يكن بينه وبين مرتكبها اتفاق أو مساعدة أو تحريض). ويعتبر الندم عند الإباضية صورة من صور العدول الاختياري عن ّ ارتكاب الجريمة. وهكذا قيل: وسألته عن قوم اتفقوا على قتل رجل فلما وصلوا إليه ندم أحدهم على » ما فعل واعتزل عنهم وكره ما فعلوا وقتلوا الرجل أيلزمه ما يلزمهم أم لا؟ « الجواب: إذا ندم واعتزل ولم يبصر المقتول سواد رأسه فلا شيء عليه(١) . معنى ذلك أن الندم الذي يعتبر عدولا ً اختياريا، ولا يعاقب صاحبه عن الفعل المزمع ارتكابه، يتطلب توافر شروط ثلاثة: ١ أن يكون الندم سابق ً ا على ارتكاب الجريمة، لأنه إن كان تاليا عليها، ً فإنه يعد نوع ً ا من التوبة، وهذه لها حكم آخر وقواعد أخرى. ٢ ألا يرتكب النادم أي فعل من الأفعال الداخلة في ارتكاب الجريمة، وأن يعتزل الباقين الذين سيقومون بارتكابها. (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٧٥ ، جامع أبي الحواري، ج ٥، ص ١٣٢ ١٣٣ ٣ ألا يبصر المقتول سواد رأسه، لأنه إن نظر إليه فقد أشرك في دمه.  وقد تعرضت المحكمة العليا في سلطنة عمان لمسألة الشروع (وأسمتها ُ (« المحاولة » في أكثر من مناسبة(١) . تقول ا لمحكمة:  الشروع أو المحاولة في الجريمة مرحلة من مراحل ارتكابها تالية » للتحضير وسابقة على تمامها وللشروع ثلاثة أوجه ماديا ومعنويا، وثالث ً ا هو عدم تمام الجريمة التي سعى الجاني لارتكابها، ويلزم لتوفر الركن المادي أن تبلغ أفعال الجاني درجة معينة من حيث تقدمها، وقربها من تمام الجريمة، والعنصر المعنوي يتمثل في أن جريمة الشروع أو المحاولة جريمة عمدية، يلزم لتوافرها أن تنصرف نية الجاني إلى تنفيذها، والعنصر الثالث « ألا تتم الجريمة لسبب خارج عن إرادة ا لفاعل(٢) . (١) هو ترجمة حرفية لكلمة « المحاولة » استخدام كلمة Attempt في اللغة الإنجليزية (والتي هي اسم وفعل: محاولة يحاول). والأفضل رغبة في توحيد المصطلحات القانونية فهي أفضل في معناها ومغزاها. ،« الشروع » العربية الاقتصار على استخدام كلمة (٢) ٢٠٠٤ م جلسة ١٣ ٤ ٢٠١٤ م مجموعة الأحكام الصادرة / قرار رقم ٨٨ في الطعن ٥٨ عن هيئة توحيد المبادئ والدائرة الجزائية المحكمة العليا، سلطنة عمان، ٢٠٠٤ ُ . ص ٦٤٠ من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن » : وبخصوص الركن المادي، تقول ذات المحكمة النشاط الإجرامي في المحاولة لارتكاب الجريمة هو ذاته في الجريمة الكاملة فلا خلاف مجموعة المبادئ والقواعد « بين الجريمة التامة وبين المحاولة في الجريمة إلا في النتيجة القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ وحتى ٢٠١٠ الدائرة الجزائية، . سلطنة عمان، ص ٣٣٠ ُ أما بخصوص الركن المعنوي، فقد أكدت ا لمحكمة: القصد الجنائي الذي يتعين توافره بالنسبة لمحاولة ارتكاب الجريمة هو ذات القصد »الجنائي الذي يتعين توافره إذا كانت الجريمة تامة فيقوم في الحالتين على نفس العناصر ويخضع لذات الأحكام فليس هناك فارق بين محاولة ارتكاب الجريمة والجريمة التامة من حيث الركن المعنوي، ومؤدى ذلك أن القصد الجنائي في محاولة ارتكاب الجريمة = ådÉãdG ´ôØdG á«FÉæédG áªgÉ°ùªdG :(1)á«FÉæédG áªgÉ°ùªdG á«gÉe (CG من المعروف أن الجريمة إما أن يرتكبها شخص واحد (الجاني الفرد) أو يساهم فيها شخص (تعدد الجناة). وهذا الفرض الأخير هو الذي نعني به هنا. ويقصد بالمساهمة الجنائية ارتكاب عدة أشخاص لجريمة واحدة، أي: تقع ذات الجريمة نتيجة مساهمتهم جميعا (ففي السرقة مثلا ً يمكن أن يتم ً توزيع الأدوار: فيقوم (أ) بالتحريض على ارتكابها، بينما يعطيهم (ب) = يتطلب أن تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب جريمة تامة فلا يتصور أن يكون هدفه مجرد . ذات المرجع، ص ٤١٩ ٤٢٠ « الشروع فيها أو عدم إتمامها إلا في حالة عدوله عنها وتقول المحكمة أيض ً كل محاولة لارتكاب جناية تعتبر كالجناية نفسها إذا لم يحل دون » : ا مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة « ارتكابها سوى ظروف خارجة عن إرادة الفاعل ٢٠٠٨ وحتى ٣٠ ٦ ٢٠٠٩ ، سلطنة /١٠/ الجزائية بالمحكمة العليا في الفترة من ١ . عمان، ص ٢٢٦ ُ (١) حول المساهمة الجنائية بصفة عامة راجع د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري القسم العام، ص ٣٨٤ وما بعدها، د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٤٤٣ وما بعدها، د. عوض محمد عوض: دراسات في الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٢٧٥ ٣١٠ ، د. محمود الزيني: التمالؤ وأثره ٤٥٠ ص، ، في ارتكاب جريمة القتل، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، ٢٠٠٤ د. محمود الزيني: نظرية الاشتراك في الجريمة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية، ٣٥٠ ص، عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٥٧ وما بعدها، د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام . الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٢٥٧ ٢٦٧ نشير إلى ماهية المساهمة الجنائية والقواعد الخاصة بها. الأدوات اللازمة لكسر الأبواب، ويقوم (ج) بمراقبة الطريق، ويقوم (د) بالكسر، ويقوم (ه) بالاستيلاء على المال المزمع سرقته وهكذا. معني ما تقدم أن المساهمة الجنائية تفترض وجود عنصرين يكمل أحدهما الآخر ولا يستبعده، وهما: أولا ً : تعدد ا لجناة. ثاني ً ا وحدة الجريمة؛ (أي: مساهمتهم جميع ً ا في ذات الجريمة)،  ويفترض ذلك أن تترتب النتيجة من الناحية المادية عن أفعال المساهمين وترتبط بها سببيا، وكذلك من الناحية المعنوية أن يعي المساهمون أنهم متجهون إلى ارتكاب ذات ا لجريمة. والجريمة متعددة الجناة قد يرتكبها فاعلون أصليون، أو فاعلون أصليون  من ناحية، « الفاعل الأصلي » ومعهم شركاء، ومن هنا لا بد من التمييز بين والشريك من ناحية أخرى: ١ أما المساهم (الفاعل) الأصلي، فهو الذي يرتكب الأفعال المادية المكونة للجريمة ولذلك عرفته المادة ٣٩ من قانون العقوبات المصري بقولها: إنه يعد فاعلا ً أولا )» : للجريمة ً ( من يرتكبها وحده أو مع غيره، (ثاني ا) ً من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمد ً ا عملا ً .« من الأعمال المكونة لها وهكذا فالفاعل الأصلي له حالتان: أي: الفاعل الوحيد للجريمة)، وحيث إننا هنا في ) « وحده » الفاعل مجال المساهمة الجنائية، فإن ذلك يعني أننا بصدد فاعل وحيد ارتكب الجريمة لكن كان معه على الأقل شريك واحد حرضه أو ساعده أو اتفق معه على أركان ا لجريمة. وهذا له صورتان: ،« مع آخر » أو « مع غيره » الفاعل ويعني ذلك « مع غيره » فمن ناحية، قد يرتكب أكثر من شخص الجريمة أن كل شخص ارتكب الجريمة (في صورتها التامة أو في صورة الشروع): مثال ذلك أن يكسر اثنان خزينة ويختلس كل واحد منهما بعض الأمور الموجودة فيها، أو أن يتجه اثنان إلى مسكن شخص ويطلق كل منهما عليه مقذوفات تقتله في ا لحال. ومن ناحية أخرى، قد يدخل أكثر من شخص في ارتكاب جريمة متعددة الأفعال، ويكون ذلك بتوزيع الأدوار فيما بينهم: كأن يمسك احدهم بالمجني عليه، ويقوم الثاني بكسر الخزينة ويأخذ الثالث الأموال ويفر بها. وبخصوص عقوبة المساهم الأصلي، فإنه بداهة إذا كان وحيد ً ا فستطبق عليه العقوبة المقررة، أما إذا تعدد المساهمون الأصليون فالقاعدة أن كل فاعل أصلي يستحق ذات العقوبة المقررة للجريمة كما لو » المستقرة  « كما لو كان قد ارتكبها وحده » وهذه العبارة الأخيرة .« كان قد ارتكبها وحده تعني أن كل فاعل إجرامه ناجم عن فعله، وبالتالي فلا تأثير عليه للظروف التي قد تتوافر في حق فاعل آخر في ذات الجريمة. لذلك أكد قانون العقوبات المصري (م ٣٩ ) على أحوال أربعة لاستقلال كل فاعل بظروفه وعدم تأثر الآخرين به، بقوله: إذا وجدت أحوال خاصة بأحد الفاعلين تقتضي تغيير وصف الجريمة » أو العقوبة بالنسبة له فلا يتعدى أثرها إلى غيره منهم، وكذلك الحال إذا .« تغير الوصف باعتبار قصد مرتكب الجريمة أو كيفية علمه بها استقلال كل فاعل » مقتضى ذلك أن الأحوال الأربعة لمبدأ هي: ،« بظروفه أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٣٣٤ الاستقلال بخصوص الظروف التي تغير من وصف الجريمة، كما لو  ارتكب جريمة الإجهاض طبيب وفرد عادي، إذ يعاقب الأول عن ٢٦٣ من قانون العقوبات ، جناية، والثاني عن جنحة (المادتان ٢٦١ المصري). الاستقلال بخصوص الظروف التي تغير من العقوبة، كما لو كان بين فإن عقابه أشد من الآخرين (المادتان « عائد » المساهمين شخص ٢٤٩ ٢٥٠ من قانون العقوبات ا لمصري). الاستقلال بخصوص الظروف التي تغير من وصف الجريمة بالنظر إلى قصد مرتكبها، مثال ذلك: أن يضرب اثنان المجني عليه فيموت لكن أحدهما كان يقصد قتله، والآخر مجرد إيذاؤه بدنيا، إذ يسأل الأول عن جريمة قتل، والآخر عن ضرب أفضى إلى ا لموت. الاستقلال بخصوص الظروف التي تغير من وصف الجريمة بالنظر إلى كيفية علم الفاعل بها، كما لو ساهم أشخاص في إخفاء أشياء مسروقة وكان أحدهم يعلم أنها متحصلة من جناية، بينما جهل الباقون ذلك، فإن الأول سيعاقب بعقوبة الجناية (م ٤٤ من قانون العقوبات المصري)، بينما الآخرون سيعاقبون بعقوبة أقل من ذلك. والأحوال الأربعة السابقة لمبدأ الاستقلال خاصة بالظروف التي تتصل بالشخص (أي: الفاعل). لكن هناك نوع آخر من الظروف التي قد تحيط بالجريمة ذاتها، أي: تتعلق بالفعل لا الفاعل (مثل ارتكاب السرقة ليلا ً ، أو عن طريق كسر الأبواب، أو باستعمال مفاتيح مصطنعة... إلخ) والرأي في أنها تمتد إلى كل « المادية أو العينية » الفقه الغالب أن مثل هذه الظروف المساهمين وبالتالي لا استقلال في هذا الخصوص بينهم. ٢ وأما المساهم التبعي (الشريك)، فهو لا ينفذ أفعال الجريمة، وإنما يلعب دورا ثانويا أو هامشيا يساهم في حدوثها. ً في هذا الصدد ينص المشرع المصري في المادة ٤٠ من قانون العقوبات  على أن: يعد شريك ً ا في ا لجريمة: أولا :ً كل من حرض على ارتكاب الفعل المكون للجريمة إذا كان هذا  الفعل قد وقع بناء على هذا ا لتحريض(١) . ثانيا: من اتفق مع غيره على ارتكاب الجريمة فوقعت بناء على هذا ً  الاتفاق.  ثالث ً ا: من أعطى للفاعل أو الفاعلين سلاح ً ا أو آلات أو أي شيء آخر   مما استعمل في ارتكاب الجريمة مع علمه بها أو ساعدهم بأي طريقة أخرى .« في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها  (١) وهذا يعني أن التحريض موجه إلى شخص أو أشخاص معينين. أما التحريض العلني العام (كمن يلقي خطبة في جمع غفير من الناس فأثار مشاعرهم فقام بعضهم بارتكاب الجريمة)، فقد جرمته أيض ً كل من أغرى واحد » : ا المادة ١٧١ من قانون العقوبات المصري، بقولها ً ا أو أكثر بارتكاب جناية أو جنحة بقول أو صياح جهر به علن ً ا أو إيماء صدر منه علن ً ا أو بكتابه أو رسوم أو صور او صور شمسية أو رموز أو أية طريقة أخرى من طرق التمثيل جعلها علنية أو بأية وسيلة أخرى من وسائل العلنية، يعد شريك ً ا في فعلها ويعاقب بالعقاب المقرر لها إذا ترتب على هذا الإغراء وقوع تلك الجناية أو الجنحة بالفعل. أما إذا ترتب على الإغراء .«... مجرد الشروع في الجريمة فيطبق القاضي الأحكام القانونية في العقاب على ا لشروع على بعض « التحريض المجرد » أو « مجرد التحريض » كذلك تعاقب بعض القوانين على الأفعال، أي: ذلك الذي لا يترتب عليه أي أثر. من ذلك المادة ١٧٢ من ذات القانون، كل من حرض مباشرة على ارتكاب جنايات القتل أو الحرق أو » : والتي تعتبر جريمة جنايات مخلة بأمن الحكومة بواسطة إحدى الطرق المنصوص عليها في المادة السابقة .« ولو لم تترتب على تحريضه أية نتيجة يعاقب بالحبس معنى ذلك أن الاشتراك في الجريمة له صور ثلاث: التحريض، والاتفاق(١) ، والمساعدة. ويراعى أن الاتفاق إذا لم يتبعه وقوع الجريمة أو الشروع فيها، فلا يعاقب المتفقون وفق ً ا لأحكام المساهمة الجنائية، وإنما يعاقبون عن جريمة مستقلة هي جريمة الاتفاق الجنائي (مادة ٤٨ عقوبات مصري). • وبخصوص عقوبة الشريك، فالقاعدة في الكثير من القوانين هي المساواة بين الفاعل الأصلي والشريك. في هذا الخصوص تنص المادة ٤١ من قانون العقوبات المصري على أن: من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها إلا ما استثني قانون » ً .« ا بنص خاص بين الفاعل الأصلي والشريك، « المساواة » وعلى ذلك فالقاعدة هي بينهما، وذلك إذا نص المشرع على ذلك. ومن ذلك « التغاير » والاستثناء هو  ما نصت عليه المادة ٢٣٥ من قانون العقوبات المصري بقولها: المشاركون في القتل الذي يستوجب الحكم على فاعله بالإعدام » .« يعاقبون بالإعدام أو بالسجن ا لمؤبد • على عقوبة الشريك سواء كانت ظروف « الظروف » وبخصوص تأثير ً ا (١) والاتفاق هو تلاقي إرادتين او أكثر حول ارتكاب الجريمة، أما التوافق (ويسميه فقهاء فهو مجرد توارد خواطر أكثر من شخص على ارتكاب ذات الجريمة. (« التمالؤ » المسلمين ولما كان هذا الأخير ذا طابع نفسي، فهو لا يعد اشتراك ً أن يرد على « التوافق » ا. ومثال ذهن (أ)، (ب) فكرة قتل (ج)، لكن سبق (أ) وارتكب القتل دون اتفاق مع (ب) فهنا يسأل (أ) جنائيا عن جريمة قتل، ولا :يسأل (ب) عن ذلك. لذلك قيل إن الإرادتين في التوافق لانصراف كل منها في محاذاة الأخرى إلى ارتكاب ذات » لا تتلاقيان، وإنما تتوازيان د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية « الجريمة . والقانون، ص ٢٣٤ عينية (مادية) أو شخصية (تتعلق بالفاعل لا الفعل) فقد عالجتها قوانين الدول، ومنها القانون المصري والذي نص على مدى تأثير الظروف الخاصة بالفاعل على الشريك في ا لجريمة(١) . • أخيرا، تعاقب الكثير من قوانين العقوبات الشريك عن النتيجة المحتملة ً لأفعال اشتراكه (عن طريق التحريض، أو الاتفاق، أو المساعدة)، حتى ولم لم تكن تلك التي قصد إليها بتلك الأفعال. فمثلا ً نصت على مسؤولية الشريك عن النتيجة المحتملة، المادة ٤٣ من قانون العقوبات من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها ولو كانت غير » : المصري بقولها التي تعمد ارتكابها متى كانت الجريمة التي وقعت محتملة للتحريض .« أو الاتفاق أو المساعدة التي حصلت وقد بحث فقهاء المسلمين موضوع المساهمة الجنائية من كل جوانبه(٢) وتكمن علة تجريم الاشتراك أو المساهمة في الجريمة أن ذلك من التعاون (١) وهكذا بعد أن ذكرت المادة ٤١ مبدأ المساواة في العقوبة بين الفاعل والشريك إلا ما ومع هذا، » : استثني بنص خاص، أضافتأولا ً: لا تأثير على الشريك من الأحوال الخاصة بالفاعل التي تقتضي تغيير وصف الجريمة إذا كان الشريك غير عالم بتلك الأحوال. ثانيا: ً إذا تغير وصف الجريمة نظرا إلى قصد الفاعل منها أو كيفية علمه بها يعاقب الشريك ً بالعقوبة التي يستحقها لو كان قصد الفاعل من الجريمة أو علمه بها كقصد الشريك منها إذا كان فاعل الجريمة » كذلك نصت المادة ٤٢ من ذات القانون على أنه .« أو علمه بها غير معاقب لسبب من أسباب الإباحة أو لعدم وجود القصد الجنائي أو لأحوال أخرى خاصة به وجبت مع ذلك معاقبة الشريك بالعقوبة المنصوص عليها قانون ً .« ا(٢) بل لم يقتصروا على المساهمة بين الآدميين فقط، وإنما بحثوا أيض ً ا المساهمة بين آدمي فإذا اشترك مع سبع في قتل شخص، وتعمد شريك » : وحيوان في قتل إنسان. وهكذا قيل السبع الضرب لذلك الشخص حتى مات، هل يقتص منه بقسامة أو لا يقتص منه، لأنه لا يدري بأي الفعلين مات، أو عليه نصف الدية في ماله بغير قسامه، ويضرب مائة ويحبس سنة؟ قولا ً د. حسن الشاذلي: « لابن القاسم ولو ألقاه للسبع فإنه يقتل به بلا خلاف . الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٤٥٢ المحرم الذي يدخل في عموم قوله تعالى: ﴿ ÈÇÆÅÄ ﴾ [ [المائدة: ٢ . من .« المساهمة الجنائية » كذلك ورد في السنة النبوية أحاديث تجرم ذلك قوله ژ : إذا أمسك الرجل وقتله الآخر يقتل الذي قتل ويحبس الذي » « أمسك . والحديث دليل على أنه ليس على الممسك سوى » : يقول الصنعاني حبسه ولم يذكر قدر مدته فهي راجعة إلى نظر الحاكم وأن القود أو الدية  على القاتل وإلى هذا ذهبت الهادوية والحنفية والشافعية للحديث ولقوله تعالى: ﴿ ^_`  fedcba ﴾ [ [البقرة: ١٩٤ .  وذهب مالك والنخعي وابن أبي ليلى إلى أنهما يقتلان جميعا إذ هما ً مشتركان في قتله فإنه لولا الإمساك ما قتل. وأجيب بأن النص منع الإلحاق فإن حكم ذلك حكم الحافر للبئر ا(١) والمردي إليها فإن الضمان على المردي دون الحافر ا تفاق ً . وعن جابر بن زيد عن ا لنبي ژ قال: من أعان على قتل مؤمن ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبا بين » ً « عينيه آيس من رحمة ا لله(٢) . كذلك عن ابن عمر : ƒ « قتل غلام غيلة فقال عمر: لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم به »(٣) . (١) . الصنعاني سبل السلام، ج ٣، ص ٤٦٣ ٤٦٤(٢) ، راجع حاشية الترتيب على الجامع الصحيح ترتيب الشيخ الوارجلاني، ج ٥، ص ١٥٢ . حديث رقم ٩٦٠(٣) . الصنعاني سبل السلام، ج ٣، ص ٤٦٤ :á«FÉæédG áªgÉ°ùªdG ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG (Ü نشير إلى القواعد العامة، ثم تطبيقاتها. ١ القواعد ا لعامة: في « المساهمة الجنائية » يمكن تلخيص موقف الفقه الإسلامي من مسألة الآتي: أولا ً: بخصوص قتل الجماعة بالواحد، فإن المسألة يتعلق بها نصان في ّ القرآن الكريم، هما ﴿ ]\ ^_` ﴾ [ [البقرة: ١٧٨ : كتب وهذا يعني: إن قتلت نفس واحدة ان تقتل مثيلتها (أي: نفس واحدة)،: ﴿ !" 10/.-,+*)('&%$# 23456789:; ﴾ [ [المائدة: ٣٢ كتب وهو ما يعني إمكانية قتل أكثر من واحد مقابل قتيل واحد. ويؤيد هذا الحل الأخير قول عمر ƒ لو اشترك فيه » : حينما قتل غلام غيلة بينما يؤيد الحل الأول قوله تعالى: .« أهل صنعاء لقتلتهم به ﴿ ~ ﮯ £¢¡ ¤ ﴾ [ [المائدة: ٤٥ . وهكذا تفرق الفقه الإسلامي بخصوص هذه المسألة إلى عدة اتجاهات(١) : (١) راجع تفصيلات كثيرة في: الشيخ محمد أبو زهرة، فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي القسم الثاني، ص ٢٠٩ ٢٢٣ ، د. عبد العزيز عامر: التعزير في الشريعة الإسلامية، ص ١٠١ ١٠٢ ؛ الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ٣٨٢ ٣٨٣ ؛ د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٧١٤ وما بعدها؛ د. محمد بن راشد الغاربي: دور المصالح المرسلة في علاج المستجدات، ندوة الفقه الإسلامي في عالم متغير، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ُ . ١٤٣٢ ه ٢٠١١ م، ص ٢٣٦ ٢٣٧ = الأول: أن الجماعة يقتلون بالواحد. الثاني: أن لأولياء الدم حق اختيار واحد فقط من الجماعة، مع إمكانية تعزير ا لآخرين. الثالث: أنه لا قصاص على الجماعة، بل إلى الدية رعاية للمماثلة التي هي موجب ا لقصاص.  ونكتفي هنا بذكر رأيين يستند كل منهما إلى ما يؤيد وجهة َ نظره بخصوص هذه المسألة، إذ ْ ردا على الاتجاه القائل بعدم قتل الجماعة  بالواحد، يقول ابن ا لعربي: هذا عموم تخصه حكمته، فإن الله سبحانه إنما قتل من قتل صيانة » للأنفس عن القتل، فلو علم الأعداء أنهم بالإجماع يسقط القصاص عنهم ل َق َت َل َ وا عدوهم في جماعتهم، فحكمنا بإيجاب القصاص عليهم ردع ً ا للأعداء،   « وحسما لهذا الداء ولا كلام لهم على هذا(١) . ً أما الاتجاه القائل بعدم القصاص بل الدية، فقد ذكر مستنده صاحب سبل السلام، ورجحه أولا :ً لأنه أوجب القصاص وهو المماثلة، وقد انتفت هنا ثم » موجب القصاص هو الجناية التي تزهق الروح بها، فإن زهقت بمجموع فعلهم فكل فرد ليس بقاتل فكيف يقتل عند الجمهور، وإنما يصح على قول النخعي: وإن كان كل واحد قاتلا ً بانفراده لزم توارد المؤثرات على أثر واحد والجمهور يمنعونه علي أنه لا سبيل إلى معرفة أنه مات بفعلهم جميعا أو ً بفعل بعضهم فإن مات بكل منها فلا عبرة بالأسبق كما قيل. = وانظر أيض ً ا بخصوص القصاص من الجماعة فيما دون النفس، الشيخ محمد أبو زهرة . فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي القسم الثاني، ص ٢١٩ ٢٢٣(١) ابن العربي: أحكام القرآن، ج ٢، ص ٦٢٧ ، انظر أيض ً . ا ذات المرجع، ج ١، ص ٦٥ ٦٦ وأما حكم عمر ƒ ففعل صحابي لا تقوم به الحجة. ودعوى انه إجماع غير مقبولة، وإذا لم يجب قتل الجماعة بالواحد فإنها تلزمهم دية واحدة لأنها عوض عن دم ا لمقتول. وقيل: تلزم كل واحد ونسب قائله إلى خلاف الإجماع هذا ما قررناه هنا، ثم قوي لنا قتل الجماعة بالواحد وحررنا دليله في حواشي ضوء النهار « وفي ذيلنا على الأبحاث ا لمسددة(١) .  ثانيا: بخصوص المساهمين في الجريمة، فقد سبق القول إنهم إما أن ً يكونوا فاعلين أصليين أو شركاء، أما في الفقه الإسلامي فقد تم استخدام ،« الاشتراك بالمباشرة » والاشتراك، وإن كانوا قد ميزوا بين « الشركاء » لفظ « والاشتراك بالتسبب »(٢) . (١) الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٤٦٦ . ويقول أبو عبد الله الدمشقي: والجماعة إذا اشتركوا في قتل الواحد هل يقتلون به؟ فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: »تقتل الجماعة كلهم بالواحد إلا إن مالك ً ا استثني من ذلك القسامة، فقال: لا يقتل بالقسامة إلا واحد، وعن أحمد روايتان: إحداهما: كمذهب الجماعة واختارها الخرقي، والأخرى: لا تقتل الجماعة بالواحد وتجب .« الدية دون ا لقود أبو عبد الله الدمشقي العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ٢٤٩ . ويضيف أيض ً :( ا (ص ٢٥١ واختلفوا فيما إذا أمسك رجل رجلا » ً فقتله آخر، فقال أبو حنيفة والشافعي: القود على القاتل دون الممسك ولم يوجبا على الممسك شيئ ً ا إلا التعزير، وقال مالك: الممسك والقاتل شريكان في القتل فيجب عليهما القود إذا كان القاتل لا يمكنه قتله إلا بالإمساك وكان المقتول لا يقدر على الهرب بعد الإمساك، وقال أحمد في إحدى روايتيه: يقتل .« القاتل ويحبس الممسك حتى يموت، وفي الرواية الأخرى يقتلان جميعا على ا لإطلاق ً (٢) وإن تفاوتوا « الشركاء » يطلق عليهم مصطلح موحد هو « فالمساهمين » : يقول الدكتور الصيفي على أساس التمييز بين من يساهم ماديا ومن لا يساهم في تنفيذ الجريمة: فيسمى من شريك » يباشر تنفيذ الفعل المادي للجريمة ً اشتراك » ويسمى فعله ،« ا مباشرا ً وتسمى « ا مباشرا = ًً   ثالث ً ا: بخصوص الاشتراك في القتل يرى الحنفية أن القصاص يكون على المباشرين للفعل فقط، وبالتالي فإن القتل بالتسبب لا يعد موجبا للقصاص، ًُ أما الإمام مالك فيساوي بين القتل بالمباشرة والقتل بالتسبب: فيعتبر قاتلا ً من تمالأ على القتل وحضر، ولو لم يباشر(١) . رابع ً ا: جريمة الاشتراك بالتسبب هي من جرائم التعازير، سواء اشترك الشريك في جريمة من جرائم الحدود أو القصاص أو ا لتعزير(٢) . خامس ً ا: بخصوص التمالؤ (الاتفاق) على ارتكاب القتل، فإن ثمة اتجاهين في الفقه ا لإسلامي: الأول: لا ينسب القتل إلا لمن باشره فعلا ً (وهذا هو رأي أبي حنيفة). الثاني: أن القصاص عليهم جميع ً ا، من باشر منهم ومن اتفق ولم يباشر (وهذا قول الإمام مالك والذي يسوي بين المباشرة والتسبب). كذلك فإن بقية الأئمة يفرقون بين التوافق والتمالؤ، بينما أبو حنيفة حكمهما عنده واحد حيث لا يسأل الجاني في الحالين إلا عن فعله فقط(٣) . = شريك » بفتح حرف الشين). ويسمى من لا يباشر التنفيذ ) « بالجريمة المباشرة » الجريمة ً ا ويسمى تدخله ا شتراك ،« بالتسبب ً اشتراك » ا غير مباشر أو ً وتسمى الجريمة ،« ا بالتسبب ولهذه التفرقة .« المتسبب » و « المباشر » : ويوجزون المصطلحات في .« الجريمة بالتسبب »أهميتها في الحدود والقصاص فإنها لا تجب على المتسبب إلا استثناء. د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٢٥٧ . راجع أيض ً ا . عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٥٧ (١) راجع تفصيلات أخرى، في المرحوم الشيخ أبو زهرة: الجريمة، ص ٤١٥ ٤١٩ . وانظر أيض ً ا الاشتراك في غير جرائم القتل، وفي جرائم الحدود والتعزير (ذات المرجع، .( ص ٤٢٣ ٤٢٧ (٢). عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٥٨ ٣٥٩ (٣). عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٥٧ ٣٦١ ؛ ج ٢، ص ١٣٥ = سادس ً ا: وبخصوص المساهمة الجنائية في الجرائم غير العمدية (أو عن طريق الخطأ)، فثمة خلاف أيض ً ا في الفقه الإسلامي، وهو خلاف لخصه الإمام القرطبي، بقوله: واختلفوا في الجماعة يقتلون الرجل خطأ؛ فقالت طائفة: على كل واحد » منهم الكفارة؛ كذلك قال الحسن وعكرمة والنخعي والحارث العكلي ُ ومالك والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وحكي ذلك عن الأوزاعي. وفرق الزهري بين العتق والصوم؛ فقال في الجماعة يرمون بالمنجنيق فيقتلون رجلا ً : عليهم كلهم عتق رقبة، وإن كانوا لا يجدون فعلى « كل واحد منهم صوم شهرين متتابعين (١) . سابعا: ذهب اتجاه في الفقه الإسلامي إلى أن السلطان يكون مسؤولا ً ً أيض ً ا عن قتل أي إنسان أمر هو بقتله(٢) . = إن من كان ردءا للمحاربين، كأن يكون معهم يكثر من عددهم، ويهيب » : وقد قال الشافعي ً المجني عليهم، ولكنه لم يقتل، ولم يأخذ مالا ً ، لا حد ّ عليه؛ إذ الحد لا يجب إلا بارتكاب المعصية التي تستوجبه، ولا يتعلق الحد بالمعين كسائر الحدود، فيكون حكم الشريك في جريمة المحاربة، عند الشافعي، التعزير. أما عند المالكية والحنفية والحنابلة فحكم « فإن الشريك في المحاربة تجرى عليه عقوبات الفاعلين الأصليين، فيحد مثلهم راجع: د. عبد العزيز عامر: التعزير في الشريعة ،« حكم المباشر » الرداء في المحاربة . الإسلامية، ص ٢٥٤ ٢٥٥(١) . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٥، ص ٣٣١ ٣٣٢(٢) يقول ا لطبري: يضاف قتل من قتل أعوان السلطان، وجلد من جلدوه بأمر السلطان، إلى السلطان، وإن »تفسير الطبري: جامع البيان عن تأويل « لم يكن السلطان باشر ذلك بنفسه، ولا وليه بيده . آي القرآن. دار المعارف بمصر، ١٩٥٧ ، ج ١١ ، ص ٤١ إذا أمر السلطان رجلا » : كذلك قيل ً بقتل رجل والمأمور يعلم أنه أمر بقتله ظلما كان عليه ً وعلى الإمام القود كقاتلين معا، وإن أكرهه الإمام عليه وعلم أنه يقتله ظلما كان على ًً الإمام القود. وفي المأمور قولان: أحدهما: أن عليه القود. والآخر لا قود عليه وعليه نصف = ثامن ً ا: وبخصوص العقوبة عن المساهمة الجنائية، فإن القواعد الآتية يتم تطبيقها: = الدية؛ حكاه ابن المنذر. وقال علماؤنا: لا يخلو المأمور أن يكون ممن تلزمه طاعة الآمر ويخاف شره كالسلطان والسيد لعبده، فالقود في ذلك لازم لهما؛ أو يكون ممن لا يلزمه ذلك فيقتل المباشر وحده دون الآمر؛ وذلك كالأب يأمر ولده، أو المعلم بعض صبيانه، أو الصانع بعض متعلميه إذا كان محتلما؛ فإن كان غير محتلم فالقتل على الآمر، وعلى ً .« عاقلة الصبي نصف ا لدية .( (القرطبي: الجامع لأحكام القرآن المرجع السابق، ج ١، ص ٣٨٥ ٣٨٦ وقد اختلف الفقهاء في أمر السلطان هل يكون إكراه ً ا؟ على قولين: أحدهما: لا وإنما الإكراه بالتهديد الصريح، كغير السلطان والثاني: نعم، لعلتين: أحدهما: أن الغالب من حاله السطوة عند ا لمخالفة. والثاني: أن طاعته واجبة في الجملة، فينتهض ذلك شبهة (راجع السيوطي: الأشباه .( والنظائر، المرجع السابق، ص ٢١٠ في هذا الخصوص يقرر رأي: لا عذر لأعوان الظلمة في أخذ أموال الناس عند غيبة الآمرين، وتعللهم بأمرهم، »والخوف من عقوبتهم ليس بعذر إلا أن يكون رسول الآمر معه على أن يرده عليه فيكون دده أفندي إبراهيم ابن يحيى خليفة: السياسة الشرعية، تحقيق: « بمنزلة حضور الآمر . د. فؤاد عبد المنعم، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية ص ١٢٧ وإن أمر السلطان بقتل إنسان بغير حق، من يعلم ذلك، فالقصاص » : وفي الفقه الحنبلي على القاتل، لأنه غير معذور في فعله؛ لقوله ژ: « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق » ولأن غير السلطان لو أمره بذلك كان القصاص على المباشر، علم أو لم يعلم، ويعزر الآمر بالقتل ظلما لارتكابه معصية. ً وإن لم يعلم المأمور أن القتل بغير حق، فالقصاص على الآمر؛ لأن المأمور معذور لوجوب طاعة الإمام في غير المعصية، والظاهر من حاله أنه لا يأمر إلا بالحق، قال أبو العباس: هذا بناء على وجوب طاعة السلطان في القتل المجهول، وفيه نظر، بل لا يطاع حتى يعلم جواز قتله، وحينئذ فتكون الطاعة له معصية، لا سيما إذا كان معروف ً ا بالظلم، وهنا الجهل بعدم الحل، كالعلم بالحرمة. وإن كان الآمر بالقتل غير السلطان فالقصاص على القاتل بكل حال، حيث علم تحريم د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم « القتل . الوضعية، ص ٤٧٦ = بخصوص عقوبة المباشرين (أي: الفاعلين الأصليين)، فالقاعدة أن تعددهم ليس له من أثر على العقوبة، إذ يعاقب بالعقوبة المقررة كما لو كان قد ارتكب الجريمة وحده. إلا أن عقوبة كل فاعل تتأثر حتما ً بظروفه المتعلقة بصفة الفعل (فقد يكون اعتداء من شخص، أو دفاع ً ا  شرعيا بالنسبة للآخر)، أو بصفة الفاعل (فقد يكون أحدهما مجنون ً ا، والآخر صحيحا)، أو بالقصد الجنائي (فقد يكون أحدهم مجنون ً ا، ً والآخر صحيحا)، أو بالقصد الجنائي (فقد يكون أحدهم مخطئا، ً والآخر متعمد ً ا)؛ وبالتالي كل جان يتحدد موقفه في ضوء ظروفه(١) .  أما عقوبة الشريك المتسبب، فقد لخصها عبد القادر عودة تلخيصا ً ا(٢) جيد ً . = ويعتبر تحريض » : كذلك قيل ً ا الأمر بالقتل، والإكراه على القتل، والفرق بين الأمر والإكراه  أن الأمر لا يؤثر على اختيار المأمور فيكون في وسعه أن يأتي الجريمة أو يتركها، أما المكره فليس كذلك؛ لأن الإكراه يؤثر على اختياره وليس في وسعه أن يختار إلا بين عبد القادر عودة: التشريع ،« شيئين: إما إتيان الجريمة، وإما قبول ما يهدد به والصبر عليه . الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٦٨ (١). عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٦٣ ٣٦٥ (٢) :( إذ يقول (ذات المرجع، ص ٣٧٣ ٣٧٤ القاعدة في الشريعة أن العقوبات المقدرة جعلت لمباشر الجريمة دون الشريك المتسبب، »وتطبيق هذه القاعدة يقتضي أن من اشترك في جريمة من جرائم الحدود أو القصاص لا يعاقب بالعقوبة المقررة للجريمة أيا كانت وسيلة الاشتراك، أي: سواء كان الاشتراك بالاتفاق أو التحريض أو العون، وإنما يعاقب بالتعزير. وقد عرفنا نظرية مالك التي تعتبر الشريك المتسبب أيا كانت وسيلة الاشتراك شريك ً ا مباشرا إذا حضر تنفيذ الجريمة، وكان بحيث إذا لم ينفذها غيره نفذها هو، أو اشترك مع ً غيره في تنفيذها. وبمقتضى هذه النظرية يعاقب الشريك المتسبب بعقوبة الحد والقصاص كلما اعتبر شريك ً ا مباشرا. ً أما جرائم التعازير فنستطيع أن ننظر إليها من وجهين: ١ فإذا قسناها على جرائم الحدود والقصاص وجب أن لا نسوي بين عقوبة الشريك = ّ ٢ تطبيقات: في الفقه الإباضي، فيمكن لنا أن نقرر « المساهمة الجنائية » أما نظرية بخصوصها، ما يلي: أولا ً : معرفة ا لإباضية لنظرية المساهمة ا لجنائية: ّ عرف فقهاء الإباضية نظرية المساهمة الجنائية، وعالجوها في مواضع ّ كثيرة، بل وخصصوا لها أبوابا كاملة(١) . ً = المباشر وعقوبة الشريك المتسبب، ووجب أن نجعل عقوبة الأخير أخف من عقوبة الأول، ويمكن تعليل هذا الرأي بأن القواعد التي تنطبق على جرائم الحدود والقصاص، هي نفس القواعد التي تنطبق على جرائم التعازير في الغالب، وأن الشريك المتسبب أقل خطرا وأخف جرما من الشريك المباشر، فلا معنى للتسوية بين مختلفين. ًً ٢ وإذا قلنا: إن القاعدة خاصة بجرائم الحدود والقصاص، وإن سببه التفريق بين الشريك المباشر والشريك المتسبب هو شدة العقوبة، وجب أن نقول: إن جرائم التعازير لا يفرق فيها بين عقوبة الشريك المباشر والشريك المتسبب، وهذا هو الذي نرجحه؛ لأن جريمة كل من الشريكين جريمة تعزيرية والعقوبة المقررة عليها عقوبة تعزيرية، والشريعة لا تفرق .« بين جريمة تعزيرية وأخرى(١) ،« باب الاشتراك في القتل » : من هؤلاء الإمام النزوي، والذي خصص في كتابه أبوابا، منها ً « باب الاشتراك في الجراح والدماء » ،« باب في سقوط القود بمشاركة من لا قود عليه ».٢٣٥ ،١١٩ ، راجع النزوي؛ المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٢ الباب العشرون: في ضمان الشركاء في » : ومنهم الكندي، والذي ذكر الأبواب الآتية الباب الحادي والعشرون: في ضمان الآمر والمأمور » ،« الحدث الواحد والخلاص من ذلك باب في الاشتراك في السرقة وغيرها مما يجب فيه » ،« بالحدث وكيفية خلاصهما من ذلك باب في الرجلين والجماعة إذا قتلوا رجلا » ،« الضمان ً وكانوا أحرارا أو عبيد ً باب في » ،« ا ً ،« باب في القود في الأمر بالقتل » ،« الاشتراك في القتل بأمر أو معونة أو رأي أو غير ذلك راجع الكندي: بيان ،« باب في القصاص إذا اشترك فيه رجل وغلام أو مجنون في جناية »،٣٠٩ ، الشرع، ص ٤٥ ٤٧ ، ج ٦٣ ٦٤ ، ص ٣٤٥ ، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٩٧ ،٢٧٠ ٢٩٩ . ج ٦٧ ٦٨ ، ص ١٤ ١٥ فيمن قتل أو أمر أو أعان أو رأى » : ومنهم الثميني حيث عالج في الباب الثالث والعشرين = ثانيا: معرفة ا لإباضية فكرتي الفاعل والشريك: ًّ سبق القول إن الفقه الجنائي الإسلامي استخدم لفظ الاشتراك والشركاء  وإن كانوا قد ميزوا بين الاشتراك ،« المساهمة الجنائية » للدلالة على مسألة بالمباشرة ويقصدون به ما استقر على تسميته القانون الجنائي المعاصر: والاشتراك بالتسبب (ويعنون به ما يسميه القانون الجنائي « الفاعل الأصلي »المعاصر الشريك بالأمر أو التحريض أو الاتفاق أو المساعدة دون أن يباشر فعلا ً من أفعال ا لجريمة). وهكذا جاء .« والشريك » ،« الفاعل » أما الفقه الإباضي فقد عرف فكرتي في ا لمصنف: أخبرنا خالد بن سعوة أن بشيرا سأله رجل عن قوم ساروا إلى رجل » ً يريدون قتله فسبق إليه بعضهم فقتله فقال: كل رجل نظر المقتول سواد رأسه فقد دخله في جملة ا لمعينين. إذا كان على نية المعونة وإنما قصد إلى ذلك حتى وقع الحدث وهو شريك الفاعل في القتل ومعي أنه قيل في القود والدية جميعا وإن كان في ً موضع لا يبصره المقتول فيدخل في جملة المعينين في هيبة المقتول، فمعي أن عليه الإثم إذا كان على النية حتى وقع الحدث ولا يبين لي أن عليه ّ ضمان ً ا حتى يدخل في جملة الفاعلين حين الفعل الذي يكون به معين ً ا على « الفعل في وقته بفعل أو هيبة من المفعول به(١) . = الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، ج ٧، ص ٢٢١ ؛ الرستاقي: « من قتل . منهج الطالبين، ج ٦، ص ٢٢٨ ٢٣٠ الأسئلة والأجوبة النثرية للبكري، ،« ضمان أمر المجرم » ومنهم من بحثها تحت عنوان . ص ١٦٦(١) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٢ حتى يدخل في جملة » وعبارة « وهو شريك الفاعل » يتضح من عبارة الفاعلين حين الفعل الذي يكون به معين ً ا على الفعل في وقته بفعل أو هيبة وهو من يرتكب ) « الفاعل » أن الفقه الإباضي يميز بين ،« من المفعول به وهو من لا يرتكب تلك ) « والشريك » ،( الأعمال المادية ا لمكونة للجريمة  الأعمال، وإنما يشارك في الجريمة بالمعاونة أو التحريض أو ا لاتفاق). ومما يؤيد ما قلناه أيضا ما قاله أبو المؤثر: ً من دل سارق » ً ا على مال رجل حتى سرقه أو دله على رجل حتى قتله فالدال شريك ٌ « للفاعل في ا لإثم(١) .  تظهر بوضوح « فالدال شريك للفاعل في الإثم » ولا شك أن عبارة  معرفة الفقه الإباضي لما استقر حديث ً ،« الفاعل » ا في الفقه الجنائي من تسمية .« والشريك »  ثالث ً ا: معيار المساهمة الجنائية عند ا لإباضي ّ ة (القاعدة والاستثناءات عليها):  ُ من نظر سواد رأس المقتول فقد أشرك » : هذا المعيار يحكمه قاعدة :« في دمه • القاعدة: من خير من عبر عن هذه القاعدة في الفقه الإباضي المحقق ا لخليلي: وهكذا بخصوص مسألة: كيف وجوب ضمان القتل إذا اجتمع أناس على قتل رجل مؤمن فمنهم » من ضربه ومنهم واقف ينظر فيعبره من نظر إلى سواد رأس القتيل لزمه ضمان أو من نظر القتيل رأسه؟ يقول الخليلي: يوجد في الأثر: من نظر (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١٢٥ ُ سواد رأس المقتول فقد أشرك في دمه، ويوجد أيضا في بعض المواضع: من ًَ نظر إلى المقتول سواد رأسه فقد أشرك في دمه. فقد وجد هذا وهذا كله مما قيل به إلا أن نظره هو إلى المقتول أثبت حجة عليه وأوضح دليلا ً لأن نظر المقتول إليه مع عدم قيام الحجة عليه كان الوجود به متعذر في نفسه وأما نظره فمتيقن، ولهذا كان هو أكثر القول لكنه في ظاهر عمومه يقبل الخصوص فيما عندي بأنه خاص ممن كان في أصله من البغاة (مشايعا) للقاتل ومشاهد ً ا للمقتول. ً فلو كان مستترا عنه لا يراه إلا من خلال باب أو من وراء حجاب أو ً مما يشابه مما يعلم أن المقتول لم يشاهده فلا أقول بلزوم ذلك عليه لأنه بمجرد النظر ولا بنفس الرؤية منه يكون قاتلا ً ولا معين ً ا؟ وكذا من كان في محل العذر فأرجو أن الله في عظيم فضله لا يؤاخذه في عدله بما لم يكن له سبب ولا منه عون ولا به رضا ولا تكثير لسواد البغاة وصحبتهم؛ لأن في صحيح حكمه لا يكلف نفسا إلا وسعها ﴿ ³´ ً ¶µ ¸ ﴾ « ، فلينظر في ذلك إن صح ما فيه أرى(١) . وقد طبق فقهاء ا لإباضية القاعدة المذكورة أعلاه: ّ باب في الاشتراك في القتل بأمر أو معونة أو رأي أو غير » وهكذا تحت جاء في بيان ا لشرع: ،« ذلك ومن جواب أبي الحواري وعن قوم ساروا إلى قوم يريدون قتلهم فلما » التقوا كان في القوم الذين ساروا رجل وكان خلفهم ولم يرم ولم يقتل ولم يفعل شيئ ً ا وأراد التوبة ما يلزمه في ذلك؟ فعلى ما وصفت فإن كان هذا (١) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ١٥٧ ١٥٨ ؛ أجوبة المحقق الخليلي، . ج ٥، ص ٥٢٤ ٥٢٥ الرجل سار مع هؤلاء القوم وكانوا بغاة ظالمين وكثرهم بنفسه معهم وكان معهم حتى وقعوا بالقوم حتى ينالوا من القوم ما نالوا من القتل والجرح والسلب، أيلزمه مثل ما يلزم من فعل ذلك ولم يرم ولم يقتل؟ وقد قيل عن بعض الفقهاء: إنه قال من نظر إلى سواده المقتول فقد أشرك في دمه. وعن رجلين سارا يريدان قتل رجل فقتله أحدهما والآخر واقف ينظر ثم أراد التوبة ما يلزمه، فالجواب في هذه المسألة مثل الجواب في المسألة التي قبلها، يلزمه مثل ما يلزم القاتل من الحق إذا كان إنما مضى معه معين ً ا « له على قتل ا لرجل(١) . كذلك جاء في بيان ا لشرع: وعن قوم خرجوا إلى حي يريدون قتلهم فلما وصلوا إليهم تقدم بعضهم » فقتلوهم وبقي الآخرون قائمين ولم يقتلوا أ حد ً ا، قلت: هل يكون دم المقتولين لازما لجميع من قتل ومن لم يقتل؟ فمعي إنه قد قيل ذلك؛ إنهم إذا كانوا ً يريدون القتل وكانوا في الجماعة على ذلك غير نازعين ولا راجعين، فمن أبصر المقتول سواد رأسه فقد أشرك في دمه، وقلت: إن أراد الذين لم يقتلوا التوبة أو واحد منهم ما يلزمه قود أو دية؟ فمعي إنه قد قيل: إن كان القتل مما « يجب به القود فعليهم القود وكذلك في الدية وهم مثل ا لقاتلين(٢) . « من نظر سواد رأس المقتول فقد أشرك في دمه » معنى ما تقدم أن قاعدة يحكمها القواعد ا لآتية: (١) الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٧٠ ؛ جامع أبي الحواري، ج ٥، ص ١٣٢ ؛ السيد ، مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ؛ ص ١٧٧ ١٧٨ ؛ الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، ج ٧، ص ٢٢١ . الرستاقي: منهاج الطالبين، ج ٦، ص ٢٢٨ ٢٣٠(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٧٥ ٣٥١ ١ أنها تفترض وجود قصد بارتكاب الجريمة لدى كل المتواجدين على مسرح الجريمة (في صورة اتفاق مثلا ً أو معونة أو تحريض يتلوه ارتكابها) لذلك فهي لا تنطبق كما سنرى عند انعدام هذا القصد، كأن يتواجد هناك مصادفة، أو كان قريبا من مسرح الجريمة لكن يفصله عنه جدار مثلا ً . ٢ أن القاعدة تنطبق على أي شخص موجود في مسرح الجريمة، حتى ولو لم يرتكب أي فعل يتعلق بها، ما دام وجوده يكثر المجرمين، وكان معهم منذ البداية. لأنه بهذا له حكم من يعين. يقول أبو سعيد إن من: « نظر المقتول إلى سواد رأسه فقد دخل في جملة ا لمعينين » (١) . ٣ أن القاعدة، على ما يبدو، لها غرض بعيد: حث من يتواجد على مسرح ُ .« أشرك في دمه » الجريمة على الدفاع عمن يتم الاعتداء عليه، وإلا  • الاستثناءات على ا لقاعدة: على أن القاعدة المذكورة أعلاه يرد عليها استثناءات ثلاثة: يتواجد فيها الشخص فوق مسرح الجريمة ويبصر المقتول سواد رأسه، ومع ذلك فهو لا يسأل جنائيا، وهي: إذا تواجد الشخص مع مرتكبي الجريمة، ولكن لتحقيق غرض مشروع، فإذا بهم يرتكبون أفعالا ً غير مشروعة لا يشارك هو فيها. يؤكد ذلك ما جاء في جامع أبي ا لحواري: وقيل: في رجل خرج مع قوم صاحوا بالسلاح يريدون الدفع عن » الحريم معهم فأحدث القوم أحداث ً ا بالباطل وسفكوا ا لدماء؟ (١) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٢ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٣٥٢ فإن كان هذا الرجل لا يحب ذلك ولم يتبين عليه بوجه من الوجوه وإنما خرج على سبيل الوسيلة ليدفع عن الحريم أو سبيل يجوز له ما حدث غيره ذلك ولم يكن منه هو رضي بذلك ولا معونة ولا قدر على إنكار « الباطل لم يلزمه عندي إثم ولا ضمان ولكل امرئ ما نوى وعليه ما نوى(١) . ولا شك أن هذا الاستثناء يتطلب توافر أمرين: • فمن ناحية، يجب أن يكون خروج الشخص منذ البداية لهدف مشروع (كالدفاع الشرعي عن أشخاص آخرين)، وليس لارتكاب جريمة. • ومن ناحية أخرى، يجب ألا يساهم بأية صورة في ارتكاب الفعل غير المشروع (فلا يجوز له إعانتهم أو الموافقة على ما يقومون به... إلخ).  وحدة » وهذا الاستثناء يبين وهو ما سنراه في الاستثناء الثاني ضرورة لدى جميع المساهمين حتى يسألوا عن الجريمة التي تم « الركن المعنوي ارتكابها، فإذا اختلف القصد الجنائي لديهم، فيسأل كل واحد منهم وفق ً ا لقصده. إذا لم يتوافر لدى الشخص قصد جنائي متجه نحو ارتكاب الجريمة التي تم ا رتكابها . وهكذا جاء في بيان ا لشرع: وأما الجماعة الذين غزوا قرية فقتلوا رجلا » ً وكان القاتل له بعضهم ولم يره الباقون، فمعي إنه قد قيل: إذا خرجوا لذلك الشأن فمن حضر قتله ورأى المقتول سواد رأسه في الجماعة القاتلين فهو بمنزلة القاتلين، وأما من غاب عن الحدث ولم يحضر الفعل فعليه الإثم ولا ضمان عليه، وإن خرجوا لغير ذلك من المعاني ثم كان من بعضهم الحدث الذي لم يتفقوا ولا اجتمعوا (١) ؛ جامع أبي الحواري، ج ٥، ص ١٣٣ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٧٢ . الثميني: التاج المنظوم عن درر المنهاج المعلوم، ج ٧، ص ٢٢١ عليه فإنما الحدث على من أحدث أو أعان في الوقت أو قصر في نكير وهو يقدر عليه حتى استحق بتركه وجوب ضمان وتضييعه لذلك وإلا أجزاه « التوبة من ذلك دون ا لضمان(١) . وإن خرجوا لغير ذلك من المعاني (أي: لغير القتل) » ولا شك أن عبارة ثم كان من بعضهم الحدث الذي لم يتفقوا ولا اجتمعوا عليه فإنما الحدث  تدل على مبدأين مهمين: « على من أحدث أو أعانالأول: مبدأ التفرقة بين المساهمين  في الجريمة وفق ً ا لقصدهم، وبحيث يحاسب كل منهم عما ارتكبه أو أعان عليه. بعبارة أخرى يجب لاعتبار الشخص مساهما في الجريمة أن يندمج قصده مع قصد الجناة ا لآخرين. ً الثاني: أو مبدأ كل إنسان مسؤول عن ،« ألا تزر وازرة وزر أخرى » مبدأ أفعاله وفق ً ا لقصده (مبدأ المسؤولية ا لشخصية).  إذا لم يشترك الشخص في ارتكاب الجريمة تحت أية صورة من الصور (سواء كفاعل أو شريك فيها) : وهذا الاستثناء بديهي لأنه يستصحب الحال: إذ الأصل في الإنسان ا لبراءة. وقد عبر عن هذا الاستثناء الإمام أبو خليل، بقوله: من لم يرض بالحق ويذعن للأحكام فقد خلع من نفسه ربقة الإسلام، » وصار من بغاة الأنام ولو كان مبغيا عليه فيما مضى من الأيام، وأما من رضي وكف عن مساعدة المستكبرين عنه ولم يكثر سوادهم في جناياتهم ومقاتلاتهم فلا أرى عليه بأسا ولا ضمان ً ا ولو خالطهم في مأمنهم ومكانهم ً « ا(٢) حيث لا يظلمون أحد ً ا ولا يسفكون دم . ً (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٧٢ ٢٧٣(٢) . الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، ص ٧٣٣ كذلك جاء في بيان ا لشرع: قال محمد بن جعفر: وعن رجل أراد سفرا وخاف على نفسه العدو في ً طريقه وحضر خروج الأجناد أو بعض الفساق من اللصوص أو غيرهم ممن يظلم الناس فهل لهذا الخارج أن يخرج معهم ويكون في أنسهم ولا يدخل فيما يدخلون فيه من الظلم؟ فلا أرى عليه بأسا إذا اعتزل عنهم وقت ظلمهم  ً وأنكر ذلك عليهم بقلبه فإن أمكنه أن لا يكون معهم فهو أسلم له إن شاء الله وقال أبو المؤثر مثل ذلك(١) . رابع ً :« وحدة المشروع ا لإجرامي » هو « المساهمة الجنائية » ا: أساس توافر هذا أمر بدهي لأن وحدة مشروع الجريمة، هي التي تبرر المسؤولية الجنائية عنها، في ضوء توزيع الأدوار الذي تم بين كافة المساهمين فيها، أما إذا لم يكن المشروع الإجرامي واحد ً ا، فمعنى ذلك أننا سنكون أمام عدة جرائم يسأل عن كل منها من ارتكبها في ضوء دوره فيها. يؤيد ما قلناه ما جاء في بيان ا لشرع: ومن جواب آخر وعن قوم تبايعوا على رجل أن يقتلوه فتبايعوا على » ذلك فمنهم من أعان بسلاحه ومنهم من أعان بطعامه ومنهم من أعان بدوابه للركوب وحمل الطعام والماء وساروا إليه جميعا حتى إذا دنوا منه تقدم ً رجل منهم يقويهم فقتله، فعلى ما وصفت فهؤلاء كلهم شركاء في دم هذا الرجل وكلهم في النار لأنه قد روي: من نظر إلى سواد المقتول فقد أشرك في دمه، قال غيره: معي إنه قيل من نظر إلى سواده المقتول فقد أشرك في « دمه(٢) . (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١٩٥(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٧٠ ؛ جامع أبي الحواري، ج ٥، ص ١٣٢ يموت في الرجل خمسة رجال: من قتله، » : وعن الشيخ أبي سليمان قال ومن أشغله حتى ضربه الآخر، ومن أشار إليه بالإصبع، ومن رده إليهم، « ومن أمسكه (١) . معنى ذلك أن المساهمة الجنائية تفترض أمرين في الفقه ا لإباضي:  ١ الوحدة المادية للجريمة، رغم تعدد أفعال كل مساهم، وذلك بأن تكون هذه الأفعال داخلة ماديا في تنفيذ الجريمة التي وقعت. ٢ الوحدة المعنوية أو وحدة الرابطة الذهنية التي تجمع بين المساهمين، وذلك متى اتجهت إرادة كل منهم إلى إقحام فعله إلى أفعال الآخرين  من أجل ارتكاب ا لجريمة. فإذا تخلف أي من هذين الأمرين أو كلاهما، فلن يعتبر الشخص المعني مساهما في هذه الجريمة، سواء كفاعل أصلي أو شريك(٢) . ً  حري بالذكر أن وحدة المشروع الإجرامي تقتضي لكي يعاقب كل  جان أن يتوافر في حقه أركان الجريمة التي تم ارتكابها(٣) ، وإلا ع ُ وقب كل (١). جميل بن خلفان: جلاء العمي شرح ميمية الدما، ص ٢٦٩ (٢)يبين ذلك المثال ا لآتي: وسئل عن رجل خرج مع قوم صاحوا بالسلاح فخرج معهم هذا الرجل يريد الدفع عن »الحريم معهم فأحدثوا في القوم أحداث ً ا بالباطل وسفكوا دما، هل يكون الرجل مشاركهم ً في ذلك؟ قال: معي إنه قيل إن كان من أبصر المقتول سواده معين على ظلمه فهو شريك في ظلمه وهذا إذا تعاونوا على الظلم، وأما إن كان فيهم من لم يحب ذلك ولم يعن عليه بوجه من الوجوه وإنما خرج على سبيل يدفع عن الحريم أو سبيل يجوز له فأحدث غيره ذلك ولم يكن منه هو رضاء بذلك ولا معونة ولا قدر على إنكار الباطل لم يلزمه عندي الكندي: بيان الشرع، « إثم ولا ضمان ولكل امرئ ما نوى، وعليه ما نوى على معنى قوله . ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٧٢(٣) جاء في الجامع ا لمفيد: = قلت له: فلو أن رجلا » : واحد عن قصده أو خطئه، وكذلك فعله. وهكذا قيل ً = قلت له: فإن جماعة سرقوا من حصن أربعة دراهم هل عليهم قطع؟ قال: معي أنه قيل في ذلك باختلاف: فقال من قال: عليهم ا لقطع. وقيل: لا قطع عليهم حتى يسرق كل واحد منهم أو أحدهم قيمة أربعة دراهم. قلت له: فإن جماعة دخلوا منزلا ً يريدون أخذ شيء منه فأخذه أحدهم وخرجوا جميع ً ا. على من يكون ا لقطع؟ قال: معي أنه قيل القطع على الذي أخذ. الجامع المفيد من جوابات أبي سعيد، ج ٣، ص ٢٦٧ ٢٦٨ . ويقول ابن ا لعربي: لما ثبت اعتبار النصاب في القطع قال علماؤنا: إذا اجتمع جماعة، فاجتمعوا على إخراج »نصاب من حرزه؛ فلا يخلو أن يكون بعضهم ممن يقدر على إخراجه أو يكون مما لا يمكن إخراجه إلا بتعاونهم؛ فإن كان مما لا يمكن إخراجه إلا بالتعاون فإنه يقطع جميعهم باتفاق من علمائنا. وإن كان مما يخرجه واحد واشتركوا في إخراجه فاختلف علماؤنا فيه على قولين: أحدهما لا قطع فيه. والثاني فيه ا لقطع. وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يقطع في السرقة المشتركون إلا بشرط أن يجب لكل واحد منهم في حصته نصاب؛ لقول النبي ژ في النصاب ومحله حين لم يقطع إلا من سرق نصابا، وكل واحد من هؤلاء لم يسرق نصابا، فلا قطع عليهم. ًً ودليلنا الاشتراك في الجناية لا يسقط عقوبتها، كالاشتراك في القتل، وما أقرب ما بينهما؛ فإنا قتلنا الجماعة بقتل الواحد، صيانة للدماء، لئلا يتعاون على سفكها الأعداء، وكذلك في الأموال مثله، لا سيما وقد ساعدنا الشافعي على أن الجماعة إذا اشتركوا في قطع يد رجل قطعوا، ولا فرق بينهما. المسألة السادسة عشرة: إذا اشتركوا في السرقة فإن نقب واحد الحرز وأخرج آخر فلا قطع على واحد منهما عند الشافعي؛ لأن هذا نقب ولم يسرق، والآخر سرق من حرز مهتوك الحرمة. وقال أبو حنيفة: إن شارك في النقب ودخل وأخذ قطع. وأما علماؤنا فقالوا: إن كان بينهما تعاون واتفاق قطعا، وإن نقب سارق وجاء آخر لم يشعر به فدخل النقب وسرق فلا قطع عليه لعدم شرط القطع وهو الحرز، وفصل التعاون قد تقدم ودليلنا عليه، فلينظر هنالك. ، ابن العربي: أحكام القرآن، ج ٢، ص ٦١٠ ٦١١ ؛ القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٦ . ص ١٦٣ ١٦٤ نقب بيت ً ا ليسرقه ثم تركه فجاء غيره فسرق البيت، ما كان يلزم الناقب إذا تاب؟ فلم ير عليه إلا ما أحدث من نقب الجدار ولم نر عليه ما أخذ َ « غيره(١) . خامس ً ا: وسائل الاشتراك تتمثل في المساعدة والأمر (التحريض)، والاتفاق، بل والدلالة. هذه هي الوسائل المتصورة للاشتراك في أية جريمة، وقد سبق ذكرها في إطار الفقه الجنائي المعاصر. وهي في الفقه الإباضي كذلك: المساعدة: وتكون بتقديم أو عمل أي أمر يعين على ارتكاب الجريمة. لكن يحكم ذلك شرط مهم جد ًا : أن يكون من قدم المساعدة متجه قصده إلى المساعدة في ارتكاب الجريمة، أما إذ اختلف هذا الشرط فلا مسؤولية (إذ هو يعد وغير مؤثم). « بريء » حسن النية أو هو شريك يكفي أن نذكر هنا الأمثلة ا لآتية: • بخصوص مسألة: عن رجلين تضاربا فحجزهما رجل فقبض واحد منهم فجاء الآخر فضرب المقبوض ما ترى يلزم هذا الرجل الحاجز لأنه ضربه في يده؟ يقول ا لحارثي: إذا كان الحاجز قبضه لأجل الفصل بينهما فلا أرى عليه شيئ » ً ا، وإن قبضه ليضربه الآخر فعليه الضمان، وله أن يدفع عن صاحبه إذا تعدى عليه « صاحبه الآخر إذا لم يتوقف عن الضرب، والله أعلم(٢) . (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٣ ٦٤ ، ص ٣٣٥ ٣٣٦(٢) . عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ١١٨ ١١٩ • كذلك جاء في بيان ا لشرع: ومن جواب أبي الحسن » 5 وعن رجل خاف على سلاح له أن يقع عليه ظالم يغصبه إياه فيعزله عند رجل غير ثقة فيوقع ذلك الرجل المؤتمن  على رجل فقتله بذلك السلاح؟ قلت: هل يلزم صاحب السلاح من ذلك إثم؟ فعلى ما وصفت فإذا لم يكن يأذن له بذلك ولم يعره ليظلم به أحد ً ا ولم يرض بذلك ولم يأذن له في سلاحه بظلم ولم يعلم بذلك فيرضى به، َ « فأرجو أن لا يأثم إن شاء ا لله(١) . حري بالذكر أن المساعدة تتم بكل ما يدل عليها، من أفعال، حتى ولو ما دام يستشف منها اتجاه القصد نحو تسهيل أو إتمام « ضمنية » كانت الجريمة. لبيان ذلك يكفي أن نذكر ما جاء في مكنون ا لخزائن: وفيمن رفع على السارق سرقته التي سرقها على دابته أو عليه عن » طريق أو بيت، أيلزمه الضمان بلا اختلاف، أم فيه اختلاف في الوجهين .«؟ جميعا  ً قال: وجدت في آثار المسلمين إذا رفع رافع على هذا السارق السرقة من بيت المسروق، فعليه الضمان، وإن رفعه عليه من خارج، فقد قيل عليه التوبة ولا ضمان على ا لرافع. (١) الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢١ . كذلك بخصوص مسألة: وأما الذي استعار من عند رجل سيف ً ا، وجرح به أحد ً ا، ولم يعلم المعير أنه يستعير منه سيفه ليجرح به؟ يقول المحيلوي: فلا ضمان على المعير، إلا أن يكون المستعير جبارا وبينه وبين أحد من المسلمين » ً حرب، فلا يجوز لأحد من المسلمين أن يعيره سيفه ولا السلاح، وإن لم يكن الجبار حربا لأحد من المسلمين فجائز أن يعيره السلاح ويبايع إياه على قول محمد بن جعفر، ً وأما الشيخ أبو المؤثر فلم يجز ذلك، كان الجبار حربا لأحد من المسلمين ومسلما لعله ًً . المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، ج ٣، ص ٣٨٧ « مسالما ً الباب الثاني: الجريمة في الفقه الإباضي ٣٥٩ قال المؤلف: هذا صحيح من قول المسلمين، لأن السرقة إذا أخرجها السارق من البيت المسروقة منه، فقد صارت في ضمانه، ورفع هذا عليه « معونة له تجب عليه التوبة منها بلا ضمان(١) . الأمر (أو ا لتحريض): وقد بحثه الفقه الإباضي كذلك، فقد جاء في كتاب البصيرة تلخيصا ً لمختلف الفروض في هذا ا لخصوص: ومن أمر بقتل رجل فعليه الدية والتوبة، وإن كان الآمر سلطان » ً ا أو أمر عبده أو ولده فعليه القود، ومن رضي بفعل ظالم في ذلك فهو ظالم، ومن أعان ظالما فهو ضامن، ومن أمر بظلم فهو شريك ويحشر الظلمة والغصبة، ً ومن أعانهم أو آزرهم ورضي بظلمهم إلى الله فهم في النار والله لا يحب الظالمين، وقال الله تعالى: ﴿ nmlkjihg wusrqp ﴾[ [هود: ١١٣(٢) . vt o (١) العالم موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون المسائل، ج ١٣ ، ص ٢٢٢ ، راجع أيض ً ا: ابن عبيدان: جواهر الآثار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ . ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ج ١، ص ٢٤٢ ٢٤٣ ومما يدل أيض ً ا على عدم مسؤولية من يقدم مساعدة بحسن نية، ما جاء في شرح ا لنيل: وجاز إعطاؤه)، أي: إعطاء السلاح (لباغ إن أعطي أمان )» ً ا) لصاحب السلاح أن لا يضره به ّ (ولم يخف شره) بالغدر فحينئذ إن طلبه الباغي أن يعطيه السلاح ليكون ملك ً ا له، أو قال له الباغي: أعطني سلاحك لئلا تضرني، وذلك الأمان أن لا أضرك به، أو إعطاء بلا طلب جاز، وإن قال له: أعطينيه لأقاتل به فلان ً ا أو أحد ً ا، فلا يعطيه. ولا يلزم به إثم ولو غدر به بعد (وقتله)، أو قتل صاحبه، أو من لا يلزمهما الدفع عنه، وعطف غدر على القتل عطف خاص على عام، فإن الغدر يعم ما دون القتل أيض ً ا. (وكذا إن لم يخف منه أولا ً ( وهو باغ ولم يعلمه باغيا من قبل، ولكن أراد البغي من حينه ً أو حدث له بعد ولا علم لصاحب السلاح بذلك (وطلبه ليقاتل به) هكذا، أو ليقاتل به فلان ً ا .« أطفيش: شرح النيل، ١٤ ج، ص ٧٦٨ « أو قوما ممن يحل قتاله فله إعطاؤه فلا إثم عليه ً (٢) . الأصم: البصيرة، ص ١٤٧ ١٤٨ ويمكن القول إن الاشتراك بالأمر بارتكاب الجريمة تحكمه القواعد ا لآتية: • قاعدة أن المأمور في جرائم الاعتداء على السلامة الجسدية، لا يمكن أن يفلت من العقاب استناد ً ا إلى التقية؛ لأن هذه الأخيرة تكون بالأقوال .« النفس لا يتقى بها عن ا لنفس » لا الأفعال ولأن ومن خير من عبر عن هذه القاعدة الإمام البكري، بخصوص سؤال: من أمر شخصا أن يفعل جرائم، فعلى من يقع الضمان؟ يقول ا لبكري: ًَ ومن أمر غيره بارتكاب الجرائم هو آثم وفاعله إن كان بالغ » ً ا عاقلا ً غير مقهور يبوء بالإثم والضمان، سواء أصاب مالا ً أو فرجا، وسواء كان ضربا أو ًً قتلا ً أو جراحا، لكن إذا كان مقهورا مجبورا فما أصاب من مال قهر فإن ً ًً الإثم والضمانة على مجبوره هذا ما عدا النفس، فإن الجبر لا يحط عنه الغرم ويضمنها المجبور صراحة؛ لأن النفس لا يتقى بها عن النفس إن خاف ْ « الهلاك، ونفس المتقي ليست بأفضل من نفس ا لمتقى(١) . بل قال أبو المؤثر: يقتل المأمور ولو كان مكره » ً ا لأنه ليس له عذر في التقية بالقتل وإنما « أجاز المسلمون التقية بالكلام فقط(٢) . (١) . الأسئلة والأجوبة النثرية للبكري، ص ١٦٦ (٢) قال أبو معاوية: قال أبو زياد: إذا أمر السلطان رجلا » : وهكذا جاء في بيان الشرع ً يقتل رجلا ً وجبره على ذلك فلأولياء المقتول الخيار إن شاؤوا قتلوا السلطان وإن شاؤوا قتلوا المأمور، قال غيره: ومعي أنه قد قيل: إن الجبر على القتل كالجبر على الزنا فيدرأ عنه القود بالشبهة كما يدرأ عنه الحد بالشبهة، وبعض لا يعذره في ذلك ويوجب عليه الحدود والقود ولو جبر على ذلك، ومنه قلت: فإن اختاروا أحدهما فقال: ليرد علي صاحبي ّ نصف ديتي ثم يقتلوني، قال: ليس ذلك عليهم أن يأخذوه ولهم أن يقتلوه ويكون صاحبه . ذات المرجع، ص ٢٩٨ « غريما لورثته ً ٣٦١ وإن كان ثمة اتجاه آخر يرى أن الإكراه يعد شبهة تدرأ عن المأمور الحد(١) . • المأمور مسؤول عن الجريمة، ما دام لديه حرية اختيار في » قاعدة أن :« ارتكابها أو عدم ارتكابها، لكن يعاقب الآمر عقوبة تعزيرية يتمثل الغرض من هذه القاعدة في سد الذرائع بالادعاء أن مرتكب الجريمة من حقه أن يفلت من العقاب، استناد ً ا إلى التحريض أو الأمر الصادر إليه، وحتى لا يتم اللعب بأرواح الناس أو سلامتهم الجسدية أو أموالهم. وهكذا جاء في المدونة الكبرى: سألت أبا المؤرج عن رجل، قال لآخر » في قتال: اضرب أو اقتل، فضرب المأمور أو قتل أو جرح، قال: يقتل القاتل أو يقتص من الجارح، ويعاقب الآمر عقوبة شديدة موجعة حتى لا يعود إلى مثل ذلك. قلت: إن ناسا يقولون: الآمر في هذا بمنزلة القاتل والجارح، يجب عليه ً في ذلك مثل ما يجب على الذي ارتكب ذلك قال: ليس هذا بشيء، ولا يعدو القتل والقصاص من قتل أو جرح، ويعاقب على هذا عقوبة شديدة موجعة. قال: وكذلك قال ابن عبد العزيز: ولا يكون القتل والقصاص بالغ ً ا ما بلغ إلا على القاتل والجارح، ولا يكون على الآمر شيء، إنما يصير ما كان « من ذلك كله على الذي ضربه(٢) . (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٩٧(٢) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٣٥ كذلك جاء في ذات ا لكتاب: قلت لابن عبد العزيز: ولا نرى على الآمر يأمر رجلا » ً أن يقتل رجلا ً ، أو يجرحه أو يقتص منه، مثل ما فعل به؟ قال: وما المأمور من الآمر؟ قلت: لا شيء إلا صاحبا له أو قريبا منه، وهو من الأحرار. قال: لا يجب عليه في ًً ذلك قتل، ولا قصاص في جراحاته، بالغة ما بلغت، وإنما يكون ذلك على ِ القاتل والجارح الذي ولي الضرب بيده. َ َ قلت له (حينئذ :(ٍ أفترى هذا عدلا ً ؟ قال: وهل العدل إلا هذا؟ وهل يمكن أن يكون إلا ما ذكرت لك؟ قلت: فإن ذلك يدخل عليك دخولا ً فاحش ً ا. قال: أدخله حتى يفحش ويسمج، وتأخذ حينئذ بغيره مما لا يفحش « عليك(١) . • :« الآمر يسأل في حالتين » قاعدة أن ِ الأولى: إذا مارس إكراه ً ا مل ْجئ ً ا على المأمور(٢) (كتهديد مثلا ً بالقتل ُ إن لم يقتل). (١) ذات المرجع، ص ٢٣٧ ٢٣٨ . ويخصوص أمر السلطان، هل يكون إكراه ً ا؟ قيل: اختلفت في أمر السطان. هل ينزل منزله الإكراه؟ على وجهين، أو قولين: » أحدهما: لا، وإنما الإكراه بالتهديد صريح ً ا، كغير ا لسطان. والثاني: نعم، لعلتين: إحداهما: أن الغالب من حاله السطوة عند ا لمخالفة: والثاني: السيوطي: الأشباه والنظائر، « أن طاعته واجبة في الجملة، فينتهض ذلك شبهة . مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، ١٣١٨ ه ١٩٥٩ م، ص ٢١٠ (٢) جاء في جلاء ا لعمى: واختلفوا فيمن قتل أحد » ً ا بإكراه غيره له على القتل، فقال قوم: إن القصاص على مباشر القتل دون الآمر، وعليه الشافعي ومالك والثوري وأحمد وأبو ثور وجماعة من الفقهاء قالوا: وعلى الآمر العقوبة فقط، وقالت طائفة: يقتلان جميعا، وهذا إذا لم يكن للآمر ً سلطان على المأمور، وأما إذا كان له عليه سلطان ففي ذلك ثلاثة أقوال: = يؤيد ذلك ما جاء في بيان ا لشرع: وعن جبار أمر رجلا » ً وقتل رجلا ً فإذا كان هذا الجبار سلطان ً ا جائرا، ً وكان المأمور يخاف إن لم يفعل ما أمره قتله، فإن السلطان الآمر يلزمه « القود وإن لم يكن كذلك لم يلزم الآمر ولزم الفاعل ا لقود(١) . الثانية: إذا كان المأمور مجرد أداة يحركها الآمر، أو مجرد سوط يضرب به (فكرة الفاعل المعنوي التي سندرسها لاحق ً ا). ففي هذه الحالة يسأل  والسلطان إن أمر بقتل رجل قتل به إن قتله المأمور، » : الآمر. وهكذا قيل وكذا المأمور يقتل مع السلطان الآمر لأنهما كرجل واحد إن كان المأمور من رعيته، وكذا المعلم إن أمر بعض صبيانه بقتل أحد فقتله قتل به المعلم « ا(٢) إن لم يبلغ المأمور وإلا قتلا به مع . ً = قال قوم: يقتل الآمر دون المأمور، وإنما على المأمور العقوبة فقط، وبه قال داود وأبو حنيفة وأحد قولي ا لشافعي. وقال قوم: يقتل المأمور دون ا لآمر. .« وقال قوم: يقتلان جميعا، وبه قال مالك. ولكل فريق استدلال لا نطيل بذكره ً . جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ١٨٦(١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٩٧ (٢)جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٥٥ . كذلك في ذات المعنى قيل: سألت أبا المؤرج وابن عبد العزيز وأخبرني من سأل ا لربيع بن حبيب عن الرجل يأمر »عبده أن يقتل رجلا ً أو يجرحه؟ فقالوا جميعا: إذا أمر عبده فهو قاتل أو جارح، وهو ً الخراساني: المدونة « بمنزلة من ولي الضرب بيده، لأن مملوكه سوطه الذي يضرب به . الكبرى، ج ٣، ص ٢٣٥ ٢٣٦ وجاء في ذات ا لمرجع: قلت: ولا أراك تجعل الآمر قاتلا » ً في وجه من الوجوه، إلا على ما ذكرت من التجويز للوالي على الذي سميت لك؟ قال: بل يكون الآمر أيض ً ا قاتلا ً إذا أمر عبد ً ا له (أن) يقتل رجلا ً ، لأنه سوطه جائز فيه أمره، فقوله له: اقتل، بمنزلة من ولي ذلك بيده من الضرب والقتل. وليسا عندي سواء من أمر رجلا ً حرا مالكا لأمره أن يقتل رجلا ً ، ومن أمر مملوكه = بل إن اتجاه ً ا في الفقه الإباضي يرى أن المشاورة في ارتكاب الجريمة ا(١) يمكن في بعض الأحوال أن يسأل الشخص عنها جنائي .  • للأمر بارتكاب الجريمة أثره بخصوص العقوبة واجبة ا لتطبيق: فقد جاء في ا لمصنف: وإذا أمر الرجل المعلم بضرب ابنه وبأدبه، فضربه فمات؟ »كان على المعلم الدية، وللمعلم أن يتتبع والد الغلام بالديه. وقول: ليس على الوالد شيء، ويرث ابنه لأنه أمره بالأدب، لم يأمره بالقتل إلا أنه ضربه ضرب أدب، ولم يتعد فقول: هو على المعلم، ويرجع على ا لأب. وقول: على عاقلته. « وقول: في ماله لا على الأب ولا على ا لعاقلة(٢) . وبخصوص القصاص، قيل: = ذات « الذي يملكه ويقهره على ما يريد لا يستويان جميعا في القياس ولا عند أهل النظر ً . المرجع، ص ٢٣٩ ٢٤٠ فعلى الإمام ديته خاصة في ماله، » كذلك قيل: وإن أمر الإمام بضرب رجل في غير حله « وكذلك الذي أمر بقتله، فقتل بأمره، ولم يكن عليه قتل، فيلزم الإمام لورثته ديته في ماله . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٤٨ (١) ومن أمر رجلا » : وهكذا جاء في جلاء العمى ً بقتل رجل وليس للآمر سلطان على المأمور. قال أبو عبد الله: إذا أقر المأمور بقتل الرجل أنه قتله كان القود عليه، وليس على الآمر إلا التوبة والاستغفار، وإن أنكر المأمور كان على الآمر الدية، ولا قود عليه إذا لم يكن سلطان ً ا على المأمور ولا هو عبد له، وإن شاوره فأشار عليه بقتله فهو مثل الأمر، وكذا إن جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، .« شاوره فسكت ولم ينكر عليه . ص ٢٥٩ ٢٦٠ (٢) . النزوي: المصنف، ج ٢٩ ، ص ٣٠٢ والقصاص في قتل النفس يجب بشيئين: العمد والتساوي. فيخرج من » « التعريف الأمر بالقتل؛ لأنه لم يقم بالقتل بنفسه(١) . الاتفاق: وهو أيض ً ا من صور الاشتراك في الجريمة، وهو يختلف كما سبق القول عن التوافق (أي: توارد خواطر أكثر من شخص على ارتكاب ذات الجريمة دون سابق اتفاق بينهم على ذلك)(٢) . ومن أمثلة كون من يتفق شريك ً ا، ما جاء في بيان ا لشرع: قلت: رجل سار مع جماعة يريدون استباحة بلد وسلب أهله وقتلهم » ووصل إلى الموضع الذي يريدونه وكان ناحية عنهم لم يخالطهم في وقت سلبهم ولم يمد يده معهم إلا كان مجرد ً ا لسيفه وهو واقف في بعضهم ّ  عزلا ً وساقوا القوم وقتلوا فرجع واحد من جملة الغنم التي ساقوها شاة وأكل من لحم الغنم التي ذبحوها لحما وأراد التوبة والخلاص ما يلزمه في ذلك؟ قال الذي عرفت إنه إن كان رأيه معهم وهو في جملتهم وخرج عن نيته ولا نهى أصحابه حتى وقع منهم ما وقع فهو شريك لهم في القتل « ب(٣) والسل ْ . (١) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٧٣٨ ّ (٢) قيل: ،« في التوافق » وجدنا أن للتوافق معنى آخر. وهكذا تحت فصل وإن أردت معرفة صفة الموافقة للضرب فافهمه موفق » ً ا إن شاء الله تعالى فاسقط أقل العددين من الأكثر ما داما مجتمعين مرة بعد مرة وثانية وثالثة حتى يتساويا، ثم انظر الواحد ما يكون مما يبقي من أحدهما، فإن نصف ً ا فاعرف أنهما يتفقان بالانصاف، وإن كان سدسا علم أنهما يتفقان بالاسداس. وهو أن تقول بما يوافق الستة العشرة، فالوجه في ً ِ ذلك أن تلقي الستة من العشرة بقيت في العشرة أربعة، فألق نصف هذه الأربعة التي راجع العلامة درويش المحروقي: الدلائل على اللوازم والوسائل، مكتبة الضامري .« بقيت . للنشر والتوزيع، سلطنة عمان، ١٤٣٤ ه ٢٠١٣ م، ص ٣٩٥ ُ (٣) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١١٥ ١١٦ ا لدلالة: يعاقب الدال ّ إن كان سيئ النية، أي: إذا اتجه قصده بالدلالة إلى ّ الدال على الخير » : الدخول في المشروع الإجرامي. وحينئذ تنطبق قاعدة الدال على » : ولذلك في شرحه لعبارة .« كفاعله، والدال على الشر كفاعله يقول أطفيش: ،« الخير كفاعله، وله من الفضل ما له بلا نقص و) معنى ذلك أن الدال على الخير (له من ) « والدال على الخير كفاعله » الفضل ما له) أي: ما للفاعل (بلا نقص) من فضل الفاعل وللدال على الشر من العقاب ما لفاعله بلا نقص من عقاب الفاعل إلا أنه لا يضاعف الثواب للدال كما يضاعف للفاعل، فالحسنة للدال بواحدة وللفاعل بعشر فأكثر إلى سبع مائة فصاعد ً ا، وكذا إن ضوعف العقاب للفاعل لعظم مكان المعصية كالمسجد ومكة أو زمانها لم يضاعف للدال إن دله على غير ذلك الزمان أو « ا(١) المكان، أو لم يذكر له زمان ً ا ولا مكان ً . ويشترط الفقه الإباضي لكي يكون الدال مسؤولا أن يكون قصده بالدلالة المساعدة على ارتكاب الجريمة. وهكذا بخصوص سؤال رجل عرف باللصوصية قد وضع متاع ً ا في مكان، فرآه إنسان فقال لرجل آخر: انظر إلى المكان الفلاني فإن فلان ً ا قد وضع فيه متاع ً ا. فنظر فأخذ ذلك المتاع وقال: هذا قد سرقه علي أو على فلان ولم يكن الآخذ ثقة، لكن في نفسي شيء من ذلك أترى الدال ضامن ً لا ضمان عليه لأنه » : ا أو لا؟ يقول السالمي لم يقصد الدلالة للأخذ وإنما ذكر ذلك للإخبار، ولم يضمن الدال من حيث الإخبار بالدلالة وإنما ضمن من حيث كونه سببا للإتلاف، فإن قصد الدلالة ً للأخذ صار في حكم المتلف إذ لولاه لم يتلف المال وإن لم يقصد ذلك فلا ضمان عليه، حتى قيل فيمن دل جبارا على بلده وهو لا يعلم أنه يريد أن ً (١) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٧ ، ص ٦٨٧ يفعل فيها ما لا يجوز أنه لا ضمان عليه ولو قتل الجبار وحرق، وقال « بعضهم: لا نحب أن يدل الجبار على شيء لأن من عادته الظلم والجور(١) . وبخصوص مسألة: ،« ضمان من قتله الجبار بالدلالة » : كذلك تحت عنوان وفيمن دل السلطان على طريق يأتي على بيت فلان أو ماله أو نفسه أو قال »(له): فلان بصحار أو بجلفار فأصابه السلطان في ذلك الطريق قاصد ً ا إليه ثم علم هذا الدال أن فلان ً ا قتله الجبار أو أخذ ماله بذلك المكان أو غيره. أترى عليه ضمان ً ا في مثل هذا أم يحتمل أنه قتل أو أخذ بغير دلالة هذا؟. يقول ا لخليلي: إن دل الجبار وهو يعلم أنه يريد قتله أو نهبه ففعل الجبار ذلك بدلالته » فهو ضامن لما أصاب الجبار وعليه ما يجب فيه من قود أو ما دونه من ضمان أو دية. وإن دل الجبار على طريق لا يعلم أنه يريد بها شيئ ً ا ولا قصد بها شيئ ً ا ولا قصد هو شيئ ً ا من ذلك إلا الجائز والمباح فلا ضمان عليه ولا يبين لي أن عليه إثما إذا لم يتعمد ظلما. ًً وإن كان هو لا يعلم قصد الجبار ولكنه يعرف أنه مخوف على عباد الله تعالى فدل ّ ه على قلة المبالاة بما يكون واحتمال المخاطرة بما يقع فهو إلى الإثم أقرب وفي التضمين يشبه أن يتعارض الرأي بما يفيد معنى الاختلاف في مثل هذا(٢) . (١) الدال على الشيء » جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤٠٣ . فالقاعدة عند الإباضية أن ّ أن من دل غيره على حيلة توصلوا من خلالها إلى ضرر في » : أي « كفاعله في الغنم والغرم معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، « مال الغير أو في نفسه فهو شريكهم في العقوبة والضمان ّ . ج ١، ص ٥٣٩(٢) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٩، ص ١١٦ ١١٧ . انظر أيض ً ا ذات المرجع، ص ٤٩ ٥٠ . كذلك جاء في بيان ا لشرع: = أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٣٦٨ وهكذا فإن فقه هذه المسألة يحكمه القواعد ا لآتية:  ١ إذا اتجه قصد الدال إلى مساعدة الجاني على ارتكاب الجريمة أو تشجيعه على ارتكابها، فهو شريك له فيها. ٢ إذا كان الدال حسن النية، بأن لم يقصد من دلالته سوى الدلالة، ولم يتجه قصده أبد ً ا إلى ارتكاب الجاني للجريمة بناء على الدلالة، فلا شيء على الدال، ويعد ذلك استصحابا للحال، إذ الأصل في الإنسان ً البراءة. ٣ إذا ثبت اتجاه قصد الدال إلى ارتكاب الجاني للجريمة، فإنهما يعاقبان عن تلك الجريمة. وإن كان العقاب بالنسبة للدال يمكن أن يكون  مساويا لذلك الذي يوقع على الجاني إن كان جرم الدال خطيرا (وفق ً ا ً ًُْ لاتجاه عند ا لإباضية) أو يكتفي بتوقيع عقوبة تعزيرية تتناسب مع الجرم ّ المرتكب (وفق ً ا لاتجاه ثان عندهم). يؤيد ما قلناه، ما جاء في منهج ا لطالبين: = قال أبو المؤثر: من دل سارق » ً ا على مال رجل حتى سرقه أو دله على رجل حتى قتله فالدال شريك الفاعل في الإثم والعقوبة وأما القطع فعلى السارق فيما سرق وعلى الدال الحبس والتعزير بدلالته وأما القتل فالذي حفظنا أنه من قتل المسلمين بدلالته قتل الدليل به إذا وجدوه وإن وجد القاتل قتل فهذا فيما أحسب أنه من دل محاربا على رجل من ً المسلمين في حد المحاربة قتل الدليل والقاتل والإمام يلي الحكم في ذلك، فإن وجدوا أو قدر على أحدهما أخذوا وولي الحكم الإمام فيهما وإن امتنعا وقاتلا قتلا ً قال: وأما إن كان الدليل دل على رجل فقتله من جهة. قال محمد بن سالم: فلا أرى على الدليل قود ً ا أو القود على القاتل وعلى الدليل الحبس َ الطويل والعقوبة الوجيعة والنكال حتى لا يدل على دماء المسلمين إذا دله عليه ليقتله، وأما إن دل ّ الكندي: بيان « ه عليه وهو لا يدري ما يفعل به فقتله فلا شيء على الدليل . الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١٢٥ وقيل: ومن دل على أحد من المسلمين، فقتل بدلالته، فليس على » الدليل قود. والقود على القاتل. والدليل عليه الحبس الطويل والعقوبة  الوجيعة والنكال؛ لئلا يعود إلى ذلك.  وأما إن دل عليه وهو لا يدري ما يفعل به فقتله، فلا شيء على الدليل. والدليل إذا دل المحاربين للمسلمين عن الطريق فهلكوا وهلكت « مواشيهم فلا شيء على ا لدليل(١) . سادسا: قتل الجماعة بالواحد: ً  لا شك أن القتل هو القتل، وقع من واحد أو من جماعة. وإذا وقع القتل من جماعة ضد واحد فقد سبق عرض موقف الفقه الإسلامي من هذه   المسألة(٢) ، والتي بالنظر إلى خطورة نتيجتها فقد قال ژ : لو أن أهل » السموات والأرض اشتركوا في دم امرئ مسلم حرام ً ا لأكبهم الله تعالى « جميعا على مناخرهم في ا لنار . جاء في حاشية ا لترتيب: ً قال في ا لصحاح: كبه الله لوجهه أي: صرعه فأكب هو على وجهه. وهذا » من النوادر أن يقال فعلت أنا وفعلت غيري، يقال: كب الله عدو المسلمين ُ ولا يقال: أكب... إلخ. يعني: إن ما كان بالهمز قاصرا وما كان بغير الهمز متعديا وهذا خلاف ًً القياس ولم يكتب شارح الجامع على هذا الحديث شيئ ً ا لأن معناه « ظاهر(٣) . (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٨٥(٢) انظر سابق ً ا. (٣) حاشية الترتيب للعلامة الوارجلاني، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، = ُ وقد بحث فقهاء ا لإباضية كثيرا مسألة قتل اثنين أو جماعة لواحد: ًّ فقد جاء في جلاء ا لعمى: وإن قتل رجلان أو جماعة رجلا » ً قتلوا به إن كان فتك ً ا، وإلا قتل واحد وعلى الباقين دية هذا المقتول منهم إلا قدر ما ينوبه معهم من دية القتيل « الذي قتلوه(١) . وجاء في الجامع ا لكبير: إن الجماعة إذا اجتمعوا على قتل واحد أو أكثر على سبيل الفتك وقد » ِ فتكوا به، أخ ُ ذ ُ وا به جميعا قود ً ا أو قصاصا. ًً وإن رجعوا إلى الدية فعلى كل واحد من الجماعة دية تامة لهذا القتيل « إذا فتكوا به هكذا في كتاب ا لمصنف(٢) . وجاء في فصل الخطاب بخصوص ثلاثة نفر اشتركوا في قتيل وقد تساووا في قتله: = ، ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ج ٧، ص ٤٧ ؛ موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، ج ١ . ص ٣٧٩ (١). جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٤٤(٢) الصبحي: الجامع الكبير، ج ٣، ص ٢٢١ . راجع أيض ً ا، السيد مهنا بن خلفان بن ؛ البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ٢٦٠ الثميني: التاج المنظوم من درر المناهج المعلوم، ج ٧، ص ٢٣١ ؛ الجامع المفيد من ٣٠٥ ٣٠٦ ؛ الكندي: ،٣٠٠ ، جوابات أبي سعيد، ج ٣، ص ٢١٨ ٢١٩ ؛ ج ٥، ص ٢٩٣ بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣٠٩ ؛ البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، . ص ١٦٨ ، العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ ، ص ١٠٧ ويقول ابن الشحنة: فإذا قتل جماعة واحد ً ا عمد ً ا تقتل الجماعة بالواحد لإجماع الصحابة @ ابن الشحنة الحنفي: لسان الحكام في معرفة الأحكام، مكتبة البابي الحلبي، . القاهرة، ١٣٩٣ ه ١٩٧٣ م، ص ٣٨٩ الباب الثاني: الجريمة في الفقه الإباضي ٣٧١  إن كانوا قتلوه في نائرة فلأولياء المقتول أن يختاروا واحد » ً ا من الثلاثة فيقتلوه بصاحبهم، وكل واحد من الرجلين الباقيين عليه أن يرجع للمقتول أعني: شريكهما الذي اختار ولي الدم قتله ثلث الدية، وإن كان القتل فتك ً ا قتلوا به كانوا ثلاثة أو أكثر ولو كعداد أهل صنعاء، وقتل الفتك أمره إلى « الإمام هو الذي يتولى أمر قتلهم لا إلى والي ا لمقتول (١) . وجاء في ا لدعائم: ولو أن ألف ﹰ ا يفتكون بواحد أبيدوا به قتلا ً جميع ً ا وقتلوا الفتك القتل غدرا، إن فتك رجل أو امرأة فتك ً ا يقتل به كل من قتله، ولو ً كثروا، ولو زادوا على أوليائهم شيء من زيادتهم. والفتك هو الذي يتسور عليه في منزله، أو يلقي به في طريق فيقتل بلا جناية ولا نائرة متقدمة بينهم. وقد قيل: إن تقدم بينهم منازعة فهي من الحبة، وإن كان شهد عليهم بحق أو أمرهم به، فقتلوا فليس ذلك منازعة ويقتلون به ورغما لهم. ً وقال أبو مروان، وأبو زياد، وأبو عبد الله في لصوص يقطعون الطريق أخذوا ا(٢) رجلا ً وأرادوا سلبه فقاتلهم دون ماله فقتلوه، أنه فتك، يقتلون به جميع ً . (١) . خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ٢، ص ٢٢١(٢) . الشيخ ابن النظر: الدعائم، ج ٢، ص ٥٦٠ كذلك يقول ا لناظم: ويقتل الألف بشخص واحد فيه كذا القصاص غير زائد وشبهة فيه الخيار للولي إن شاء عفوا أو يشا فليقتل ً لكن له من مائة قد قتلوا أحدهم كذا القصاص يجعل ويلزم ا لباقين مال قدر ما عليهم من غرمه لو غرما يعطونه من للقصاص عينا وإن يشا قتل الجميع مكنا بشرط أن يديهم إلا فتى منهم فيقسمون ما به أتى . نور الدين السالمي: أنوار العقول مدارج الكمال كشف الحقيقة، ص ١٥٤ ١٥٥ وجاء في بيان ا لشرع: وعن رجل وقع عليه قوم فأصابوه بجراحة منهم من ضربه بالسيف » ومنهم من طعنه بمدية ومنهم من رماه بحجر ثم أرادوا أن يعطوه حقه واتفقوا على ذلك فجرى بينه وبينهم صلح في دية جراحته ضمنوا له بألف درهم بينهم بالسواء وأرش الجراحة أو أكثر الجراحة أكثر وأقل وأعطوه بينهم مائة درهم، ثم إن الرجل المجروح مات من بعد الصلح وإنما كان الصلح من بعد أن برئت الجراحة فلما إن مات المجروح ورجع من رجع من هؤلاء الذين أصابوه فقال واحد منهم: أنا طعنته طعنة وقال آخر: أنا رميته بحجر هل يتم هذا الصلح أم كيف الخروج منه؟ فعلى ما وصفت فإن كان هذا الرجل قد مات بجراحته تلك فهؤلاء النفر كلهم جميعا عليهم الدم، وإن كان يجب للمقتول قود كان القود على هؤلاء ً النفر جميعا الذين قصدوا إلى هذا الرجل الضارب والطاعن والرامي في ذلك ً سواء، وكذلك إن رماه وضربه فلم تصبه فهو مثل من أصابه فإن كانوا فتكوا به جميعا كان القود عليهم جميعا وإن لم يكونوا فتكوا به وكان ذلك في نائرة ًً بينهم، فإن أراد أولياء المقتول قتلوهم جميعا وردوا الدية إلا دية واحدة وإن ً أرادوا قتلوا واحد ً ا منهم بصاحبهم وكان على الباقين أن يردوا الدية، وإن كان هذا الرجل لم يمت بجراحته كان الإرش عليهم جميعا إلا أن تصح البينة ً على جارح بعينه كانت على ذلك الجارح خاصة، وكذلك الضارب والرامي على كل واحد منهم دية جرحه وهذا إذا صحت البينة العادلة على كل جارح أو ضارب أو رامي بعينه، فإن كان الرجل مات بجراحته من بعد ثلاثة أيام كانت الدية عليهم جميع ً « ا وعلى من أصابه وعلى من لم يصبه(١) . (١) ، الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٧٤ ؛ جامع أبي الحواري، ج ٥ . ص ١٤٥ ١٤٧ يتضح مما تقدم أن فقهاء الإباضية يفرقون، بخصوص قتل الجماعة ّ بالواحد، بين فرضين: الأول: حالة قتل الفتك، وفيها يقتل الجماعة بالواحد حتما مهما ً ًً كثروا(١) . والثاني: غير حالة الفتك، وفيها يقتل واحد من الجماعة، ويطبق على الباقين الأحكام الواجبة للدية(٢) . يضاف إلى ما تقدم أن قتل الجماعة بالواحد يتعلق به قواعد أخرى في الفقه الإباضي، وهي: ١ بحث فقهاء ا لإباضية مسألة تغاير عقوبة الشركاء والفاعلين حسب الدور ّ الذي قام به كل منهم(٣) .  (١) ومن ق » : فقد قيل ُ تل فتك ً جامع أبي الحسن « ا قتل به كل من قتله، وكل من اشترك في قتله . البسيوي، ج ٢، ص ٧١٨(٢) بخصوص سؤال: إذا قصد أناس قتيلا ً تعديا فبعضهم قصد القتل وبعضهم تأخر ردأ لهم ً متى فعلوا ذب عنهم فقتلوا رجلا ً ثم ندم القوم كلهم وجاؤوا تائبين فما يلزمهم كانوا أهل قال القطب: والجماعة تقتل بواحد إذا » : فتنة وفتاكا أو قصدوا أخذ مال؟ يقول الحارثي قتلته بحرابة أو غيلة أو غير ذلك سواء من باشر القتل وغيره، وإن جاء تائبا من مباشرة ً فقيل: لا يقتل، وقيل: يقتل، وقيل: لا يقتل إلا واحد؛ لقوله تعالى: ﴿ ¤£¢ ﴾ [ [المائدة: ٤٥ ويعطي الباقون ما نابهم من الدية، وقيل: يقتل من شاء ويعفو عمن شاء ويأخذ الدية عمن شاء. وقد قتل عمر بامرأة فتك بها ثلاثة رجال، وقال: لو تمالأ عليها أهل صنعاء لقتلتهم. وأما المتجسس لهم وإن لم ير سواد المقتول ولم يعن عليه ولم يذب من أراد منعهم عن قتله فالظاهر أنه لا يلزمه إلا الإثم وإن جاؤوا تائبين وكان قتلهم له فتك ً ا وحرابة وغيلة .« فعفا عنهم وليه أو أخذ الدية ففي العفو للإمام عنهم خلاف ّ . الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ١٥٤ ١٥٥(٣) وهكذا بخصوص سؤال: عن أناس تعدوا على رجل بعضهم قبضه وبعضهم تولى القتل ماذا على المتولي والممسك؟ كان قتلهم نائرة أو فتك ً ا أو لقصد السلب وهل فرق بين إن = أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٣٧٤ ٢ أكد فقهاء الإباضية أن القصد الجنائي الذي يتم التعويل عليه بخصوص ّ قتل الجماعة بالواحد هو ذاك الذي توافر وقت ارتكاب الجريمة، وليس بعد ذلك، وهكذا جاء في بيان ا لشرع: وسألته عن قوم اعترضوا رجلا » ً بين قريتين فقتلوه وهم يومئذ لا يتحرجون ثم عرفوا بعد ذلك وتحرجوا وقالوا إننا أصبنا ونحن جهال وإنما أصبناه على وجه المحاربة أعليهم القود؟ قال: نعم، وليس هؤلاء بالمحاربين يهدر عنهم ما أصاب هؤلاء أصابوا ما أصابوا ثم رجعوا إلى منازلهم ثم أقاموا فيها ثم أخذوا يدخلون في العلل والباطن فعليهم القود، قال « أبو المؤثر: كلهم يقتلوا إذا فتكوا به(١) . ٣ إذا طبقت أحكام الدية المقررة شرع ً ا، فلا يجوز العدول عنها في خصوص قتل الجماعة للواحد. وهكذا جاء في ا لمصنف: ومن قتل له قتيل فاتهم به جماعة فأقر بعضهم وأنكر بعض وأجاب » إلى أخذ الدية فلما علم المنكرون أنه قد أجاب إلى أخذ الدية أقروا بالقتل « فامتنع عن الدية وطلب القود فليس له ذلك(٢) . = قتلوا أو قطعوا جارحة، وقول عمر: اقتلوا القاتل واصبروا الصابر هل المراد حبسه لا يطعم ولا يسقى حتى يموت أو أنه يطال حبسه حتى يموت؟ روى الدارقطني موصولا » : الجواب: قال القطب في الوفاء ً ومرسلا ً وصححه ابن القطان ورجاله ثقات إلا إن البيهقي رجح المرسل إلى ابن عمر أن النبي ژ قال: إذا أمسك » « الرجل الرجل وقتله الآخر يقتل الذي قتل ويحبس الذي حبس بقدر ما يرى الإمام وكان عيسى الحارثي: خلاصة « علي يقضي بحبس الحابس حتى يموت، والمذهب قتلهما معا ً . الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ١٥٥ ١٥٦(١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣٠٩(٢) النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٦٨ . كذلك يقول ا لصبحى: وإن سلم أولياء القاتل دية المقتول عمد » ً ا وقبلها أولياءه ثم رجعوا وقتلوا القاتل قصاصا ً لصاحبهم بعد أخذ الدية. ماذا يجب عليهم من القود والدية وما يسمى هذا ا لقتل؟ = ٤ بخصوص أحكام الكفارة الخاصة بقتل الجماعة لواحد خطأ، فقد انتهى سماحة المفتي العام لسلطنة عمان بعد أن استعرض الاتجاهات ُ الفقهية الخاصة بالمسألة إلى ترجيح قول من أوجب: على الجميع كفارة واحدة سواء كانت عتق » ً ا أو صياما ودليله أمران: ً أولهما: النص وهو قوله تعالى: ﴿ * ,+ -./ 0 ﴾ [ [النساء: ٩٢ حيث أوجب الله في قتل المؤمن خطأ تحرير رقبة = الجواب: إن قبلوا الدية بدلا ً من القصاص وعفوا عن الجاني لم يكن لهم قتله ولا يسعهم. فإن قتلوا قتلوا به ولو جماعة. وفي بعض: لا عفو عنهم في هذا ولا أحفظ ما يسمى إلا أنه إن خرج على الفتك ففتك الصبحي: الجامع « وإن على النايرة فكذلك. وإن خرج على الغدر أو على الصبر فكذلك . الكبير، ج ٣، ص ٢١٣ وبخصوص كيفية بيان تقسيم الدية التي يدفعها الجماعة، جاء في كتاب ا لضياء: وإذا اقتتل ستة نفر على ماء فمات أحدهم فشهد ثلاثة على اثنين وشهد اثنان على ثلاثة »فعن ابن محبوب قال: يكون على الثلاثة خمسا الدية وعلى الإثنين ثلاثة أخماس الدية، وقيل: الدية على خمسة أخماس على كل واحد منهم الخمس إلا أن يكون أولياء الدم يدعون دم صاحبهم إلى واحد من الخمسة أو إلى اثنين منهم فإنه يكون دمه على من ، العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ « ادعوا إليه إذا شهد عليه شاهد عدل ولا يلزم الباقين . ص ١٢٧ وإذا اشترك الجماعة في القتل، فعفي عنهم على الدية فالواجب عليهم دية » : كذلك قيل واحدة، وإن عفي عن بعضهم فعلى المعفو عنه قسطه من الدية، لأن الدية بدل المحل، والمحل واحد، فيكون الواجب دية واحدة، وسواء تعد ّ ى عليه واحد أو أكثر. وذهب رأي آخر إلى أنه على كل قاتل دية كاملة، لأن للولي قتل كل واحد من الجماعة، فكان على كل واحد منهم دية نفس كاملة، وقد رجحنا الرأي الأول، لأن الواجب بدل المتلف، والمتلف واحد، وليس متعدد ً ا، بخلاف الأمر في القصاص فهو عقوبة على د. عبد العزيز سمك: « الفعل، والفعل متعدد، لأن الجماعة متعددة، فيتعدد أثره بتعدده العفو وأثره في عقوبة القصاص والدية في الفقه الجنائي الإسلامي، دار النهضة العربية، . القاهرة، ١٧٥ ١٧٦ مؤمنة لا أكثر، ولا فرق في ذلك بين أن يكون القتل صادرا من واحد أو ً  تصدق على الجماعة كما تصدق على الواحد كما « من » من جماعة، فإن هو معلوم. ثانيهما : القياس على وجوب الدية، ووجه القياس أن كلا منهما إنما واجب من أجل تلك النفس المقتولة، وقد أجمع الكل على أنه لا تجب في .« النفس الواحدة إلا دية واحدة، ولو تعدد الذين كانوا السبب في زهوقها أن الواجب على الجماعة إن اشتركوا في قتل معصوم » : ومعنى ذلك الدم خطأ أن يعتقوا رقبة واحدة يشتركون في ثمنها بقدر منابهم في الدية، وإن لم يجدوها فعليهم صيام شهرين متتابعين، يتقاسمون أيامهما بعددهم، فيفطر هذا مع صيام هذا، بحيث لا يكون بين صيامهم فصل كما هو الشأن في صيام الفرد، فإن اختلفوا فل ْ يق ْت َر ِع ُ « وا(١) . ٥ عرف فقهاء ا لإباضية تأثير عدم عقاب أحد المساهمين على المساهم ّ الآخر، وإمكانية استفادته مثله من عدم العقاب، إلا إذا عرف ما ارتكبه كل منهم، فيحاسب كل جان بما ا رتكبه. وهكذا جاء في ا لمصنف: قال أبو عبد الله: إذا جرحت امرأة ورجل معها زوجها جرحا فليس بين » ً الزوجين قصاص في الجروح ولا قصاص عليها ولا الذي جرح معها زوجها وإنما يلزمها الأرش إلا أن يكون جرحه كل واحد منهما جرحا فيعرف جرح ً (١) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى، الكتاب الخامس، قسم الفتوى بمكتب الإفتاء، . وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ ه ٢٠١٣ م، ص ١٠١ ١٠٢ ُ وسألته عن عبد بين عشرة أنفس قتلوه جميعا أعليهم جميعا » : بينما جاء في بيان الشرع ًً كفارة واحدة أو على واحد منهم كفارة، قال: معي إنه قيل على كل واحد كفارة على . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٥٧ « الانفراد كل واحد منهما كان على الرجل القصاص بما جرح وعليها هي أرش ما « جرحته(١) . سابعا: اعتداء جماعة على واحد فيما دون ا لنفس: ً ا(٢) : بحث ا لإباضي ّ ة هذه المسألة أيض ً فقد جاء في فصل الخطاب، مسألة: (١) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٨٩ (٢) وبحثه فقهاء المذاهب الإسلامية الأخرى، والذين انقسوا إلى ا تجاهين: · فمنهم من قال بعدم القصاص في الجريمة على ما دون النفس عند تعدد الجناة، استناد ً ا إلى الحجج ا لآتية: ١ أن المماثلة في القصاص فيما دون النفس واجبة، وأخذ يدين مثلا ً بيد واحدة ليست فيه مماثلة، لأن اليدين لا تماثلان اليد الواحدة، وكل واحد من الجناة عند التعدد قد يعتبر قاطعا لبعض اليد لإمكان تصور التجزؤ في قطع الأطراف، بخلاف القتل فهو لا يتجزأ، ً وعلى ذلك فأخذ اليد الكاملة بجزء اليد تنتفي فيه المماثلة، وهي واجبة، لقوله تعالى: ﴿ §¦¥ ¨©ª«¬®¯ ﴾ [ [المائدة: ٤٥ ، ولقوله: ﴿ ¹¸¶µ´³² ﴾ [ [النحل: ١٢٦ ، ولقوله: ﴿ ¸ ¾½¼»º¹ ﴾ [ [غافر: ٤٠ . ٢ وأن ما دون النفس لا يقاس على النفس، لأن التساوي غير معتبر في النفس، إذ يؤخذ الصحيح بالمريض، وصحيح الأطراف بمقطوع ا لأطراف. ٣ وأن الاشتراك الموجب للقصاص في النفس يكثر عنه فيما دونها، فوجب اختلاف الحكم في ا لحالتين. ٤ وأن ما دون النفس يأخذ حكم الأموال فتعتبر فيه المماثلة كما تعتبر في إتلاف ا لأموال. · ومنهم من قال بالقصاص عند التعدد في الجريمة على ما دون النفس، ا ستناد ً ا إلى ما يلي: ١ ما روي عن علي ƒ أن رجلين شهدا عنده على رجل بالسرقة فقطعه، ثم جاءا بآخر، وقالا إنه السارق، وقد أخطأنا في الأول، فرد شهادتهما على الثاني، وغرمهما دبة يد الأول، وقال: لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما، وهذا يدل على أنه كان سيقطع يدين في يد واحدة. ٢ وأن القصاص فيما دون النفس أحد نوعي القصاص، فتؤخذ الجماعة بالواحد فيه، كما تؤخذ الجماعة بالواحد في الأنفس، راجع د. عبد العزيز عامر: التعزير في الشريعة . الإسلامية، ص ١٢٠ ١٢١ في جماعة قطعوا يد رجل كيف القصاص منهم، وإذا لم تكن له إلا تلك اليد المقطوعة، فهل القصاص سواء في الصورتين، وكذلك الأعور إذا قلعت عينه؟ وله أن يقطع يد أيهم شاء وعلى أصحاب المقطوع أي » : وكان الجواب شركاءه أن يدفعوا إليه منابهم من دية يده، ومن له جارحة واحدة من اثنتين فقطعت فليس له إلا قصاص جارحته المقطوعة في محل القصاص وديتها في محل الدية، وقال قوم: إن كانت جارحته الذاهبة أولا ً ذهبت بجناية أحد وأخذ لها أرش ً ا فله هنا أرش واحدة وهي المقطوعة آخرا، وإن كانت الأولى إنما ً ذهبت في طاعة الله كجهاد ونحوه أو قطعت ببغي واعتداء أو بعاهة سماوية « ا(١) فهذه الباقية تعد عن جارحتين إذا قطعت فله بواحدة قصاصا وبأخرى أ رش ً . ً كذلك جاء في خلاصة ا لوسائل: إذا قطع رجلان يد رجل عمد » ً ا فإن شاء قطع أيديهما جميعا ورد عليه ً دية أحدهما فاقتسماها بينهما وإن شاء قطع يد أحدهما ورد الذي لم تقطع يده على الذي قطعت يده دية يده، وقيل: له عليهما دية يده لا القطع، وقيل: « له ديتها على كل منهما فذلك دية اليدين، وكذا في غير ا ليد(٢) . :« أحكام الجنايات فيما دون ا لنفس » بينما يقول أبو إسحاق بخصوص فإن كان الجاني أكثر من واحد، وكانت عمد » ً ا محض ً ا اقتص من كل واحد، وإن كانت شبه العمد اقتص من واحد، ودفع الباقون من الأرش إلى « المقتص منه بقدر شركته في الجناية، ولأولياء المقتول الخيار في ذلك(٣) . (١) . خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ٢، ص ٢٢٤ ٢٢٥(٢) . عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ١٥٦(٣) قال أبو إسحاق: وأما صفة العمد المحض: فهو أن يقصد لإفاتة النفس بحجر، أو حديد، أو عصا أو نحو ذلك، وأما شبه العمد: فهو أن يجري قتال بينه وبين صاحبه ما يتدارأ فيه = وهكذا فالقصاص واجب في حالة الاعتداء على السلامة الجسدية، فيما دون النفس، ومع مراعاة الأحكام الخاصة بالدية. كذلك بخصوص قوم تضاربوا بالعصا أو بالحجارة، فدخل بينهم مصلحون يصلحون شأنهم، فأصابهم جراح لا يعرفونه من أي الخصمين؛ لأنهم مختلطون، أو كانوا غير مختلطين، فعلى من يكون جراح الحاجزين، وكذلك ما أصاب أحد الخصمين من القتل والجراح على من يكون إذا أنكر خصمهم، وهل سواء كانوا مختلطين يرمون بعضهم بعضا أو مفترقين يرمي ً كل فريق الفريق الآخر، بين لنا ذلك وأنت ا لمأجور؟ الجواب: قال الإمام :5 أما ما أصاب الحاجزين المصلحين من »  الجراح أو القتل فذلك على المقتتلين، وأما ما أصاب المقتتلين؛ فقيل: كذلك على الجميع غرمهم على رؤوسهم، وقيل: ما وقع في ذلك الفريق فعلى خصمه وما كان في الثاني فعلى خصمه، وكل قول المسلمين صواب، وأما إن اختلط الناس فالنفس تميل على القول الأول وهو الأحسن، وإذا كانوا متميزين عن بعضهم بعضا ويترامون، فالقول الثاني ً « هو ا لأحسن(١) . ثامن ً ا: الجرائم التي تقع من جماعة ضد جماعة: بحث ا لإباضية أيض ً ا ما يقع من جرائم ضد الأشخاص (قتل، أو جرح، ّ أو ضرب) وضد الأموال (هدم أو حرق) التي ترتكبها جماعة في نزاع ضد جماعة أخرى. وهكذا جاء في العقد ا لثمين: = الناس، ولا يتعمد لإفاتة النفس، وأما الخطأ: فهو أن يقصد شيئ ً ا فيصيب غيره. إبراهيم بن . قيس: مختصر الخصال، ص ٣٣٤(١) . أبو عبيد السمائلي: هداية المبصرين في فتاوى المتأخرين، ص ٤٩١ ٤٩٢ قال الشيخ إبراهيم بن سعيد العبري في أهل بلدين أو طائفتين أو » جمعين من الناس تقاتلوا ولم يعلم المتعدي منهم من غيرهم فكل واحدة من الفئتين أو الطائفتين أو البلدين مأخوذة بما أصاب الآخرين من قتل أو جراح أو إتلاف مال إذا تميزت عن بعضهم من بعض، وكذلك ما أصاب الأجانب الداخلين من بينهم حاجزين أو كانوا هنالك حاضرين فأصابهم من القتل أو الجراح ما أصاب المتقاتلين، فإن علم الجاني فيهم من الفئتين أو من البلدين فضمان ما أصابهم على الآخرين إن صح عليهم ذلك ولو بقرينة الحال فإن لم تتمكن معرفة الجاني عليهم فما أصابهم على جميع من اشتراك في ذلك القتالو وكذلك إن لم تتميز الفئتان واختلطت فأحسب أن في ذلك ا ختلاف ً ا، ففي بعض القول يكون ضمان الجنايات على الجميع ممن اختلط معهم في القتل ويسقط من حق المجني عليه لقتل أو جراح أو في مال مقدار ما عليه من ذلك. وقيل: ما أصاب هؤلاء فعلى الآخرين إذا كانوا متخاصمين. وفي بعض القول: إنما وقع بينهم في المعركة من قتل أو جراح فهو مهدور وتلك دماء أضاعها أهلها بسبب بغيهم على بعضهم بعض ً ا وتعديهم بعدوانهم. ثم اعلم أن كل ما تلف من أموال البغاة في حال الحرب من سلاح أو كراع أي: خيل، وخف أي: بعير وطعام ونحو ذلك مما أتلفته الحرب من هدم دورهم ونسف حصونهم وحرق منازلهم إذا لم يقدر عليهم إلا بذلك فهو مهدور مما فعله فيهم وليس على المسلمين فيه ِ « ة(١) ضمان ولا تب َ ع َ . وكذلك في الزحوف التي تتلاقى ويكون الطوايل » : وجاء في بيان الشرع بينهم قيل يلزم كل زحف إرش ما كان في الزحف الآخر من الطوايل إذا (١) الشيخ محمد عبيد: العقد الثمين في أحكام الدعوى واليمين، وزارة التراث القومي . والثقافة، سلطنة عمان، ص ١٥٦ ١٥٧ ُ ِ ادعوها إليهم فإن شهد من الزحفين شاهد َ ا عدل على رجل من أصحابهم أو من الزحف الآخر إنه قتل رجلا ً « جازت شهادتهما في ذلك(١) . وللإمام السالمي آراء عديدة بخصوص هذه المسألة أيض ً ا(٢) ، منها قوله: (١) الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٦؛ العوتبي: الضياء: ج ١٥ ، ص ٨٩ وما بعدها. (٢) فبخصوص سؤال: عن الطائفة إذا قتلت طائفة أخرى، والقاتلة قتلت ظلما لا حق لها، والقاتلة ً طائفة كبيرة فيها بطون وأفخاذ ومتفرقة في جملة بلدان وأقاليم وغالب أحوالهم، حربهم واحد، وصلحهم واحد كبني رواحة وآل وهيبة، هل لأولياء المقتول أن يقتلوا من غير الفخذ القاتل، ومن غير أهل البلدة التي قتلتهم، أو يحتاج لأولياء المقتول أن يسألوا الطائفة إما أن يؤدوا ما عليهم بحكم الشرع، أو يكونوا مصرين وحلال دمهم حينئذ ا لجميع؟  ّ لا بد » : يقول السالمي ّ من إقامة حجة وتثبت في الأمر وذلك أن يرسلوا إليهم من يثقون به يقول لهم إن فلان ً ا قتل فلان ً ا أو نحو ذلك من الكلام، ونحن نريد ما يلزمه بحكم الشرع من قود أو غيره، فإما أن تسلموه لذلك، وإما أن تكونوا قتلة مثله، فإن سلموه للحكم وإلا جاز قتلهم؛ لأنهم يد واحدة، إلا من تبرأ من فعلهم وظهر عجزه وطلب العافية؛ فإن هذا لا يقتل؛ لأنه لم يكن شريك ً السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى « ا لهم في بغيهم . نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، ص ٣٩٧ ٣٩٨ وفي المسألة حديث: عن ابن عباس ^ قال: قال رسول الله ژ : من قتل في عميا أو رميا » ً بحجر أو سوط أو عصا فعقله عقل الخطأ، ومن قتل عمد ً ا فهو قود، ومن حال دونه فعليه « لعنة ا لله أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه بإسناد قوي. إن الحديث دليل على أن من لم يعرف قاتله فإنها تجب فيه الدية وتكون » : يقول الصنعاني وقد اختلف في ذلك. .« على العاقلة وظاهره من غير أيمان قسامة فقالت الهادوية: إن كان الحاضرون الذين وقع بينهم القتل منحصرين لزمت القسامة وجرى فيها حكمها من الأيمان والدية. وإن كانوا غير منحصرين لزمت الدية في بيت ا لمال. وقال الخطابي: اختلف هل تجب الدية في بيت المال أو لا؟ قال إسحاق بالوجوب وتوجيهه من حيث المعنى أنه مسلم مات بفعل قوم من المسلمين فوجبت ديته في بيت مال ا لمسلمين. وذهب الحسن إلى أن ديته تجب على جميع من حضر وذلك لأنه مات بفعلهم فلا تتعداهم إلى غيرهم وقال مالك إنه يهدر لأنه إذا لم يوجد قاتله بعينه استحال أن يؤخذ به أحد. وللشافعي قول: إنه يقال لوليه: ادع على من شئت واحلف فإن حلف استحق الدية ونكل = أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٣٨٢ إن المتقاتلين إذا كانوا صفين فما وقع في أحد الصفين فالحكم أنه من » الصف الآخر أنه من غيرهم وجميع الصف يد واحدة في تأثير ما أثروا وإن ادعى المجروح على واحد بعينه فالذي يظهر لي أن الحق يكون على ذلك الواحد إذا أقر به وقامت به البينة وإلا فاليمين، وتنقلب المسألة عما كانت في ِ « حكم الصفوف إلى حكم الدعاوى والخصومة ولا له طلابة على ا لباقين(١) . يتضح مما تقدم أن المسألة قيد البحث يحكمها في الفقه الإباضي القواعد ا لآتية: ١ يفرق الإباضية بين فرضين بخصوص جرائم الاعتداء على الحياة أو ّ السلامة الجسدية (الجرح أو الضرب)، وهما: • إذا لم يعرف شخص من ارتكب الجريمة، فالقاعدة اعتبار الجناية من الجماعة التي أحدثتها (أي: من الخصوم كلهم). ولا شك أن هذا هو السبيل الوحيد الذي يمكن الأخذ به، وحتى لا يهدر دم في الإسلام أو يظل اعتداء أو جريمة بلا عقاب. • إذا عرف شخص من ارتكب الجريمة بالبينة أو بالإقرار أو باليمين ففي هذه الحالة يسأل هو وحده، وليس الباقين، ونكون في هذه الحالة في خصومة أو دعوى فتطبق القواعد التي تحكمها. ولا شك أن هذا الحل يتفق ومبدأ المسؤولية ا لشخصية. = حلف المدعى عليه على النفي وسقطت المطالبة وذلك لأن الدم لا يجب إلا بالطلب. وإذا عرفت هذا الاختلاف وعدم المستند القوي في أي هذه الأقوال وقد عرفت أن سند الصنعاني: سبل « الحديث قوي كما قاله المصنف: علمت أن القول به أولى الأقوال . السلام، ج ٣، ص ٤٦١ ٤٦٢ (١) جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٣٩٢ ؛ السالمي: نماذج من فتاوى نور الدين فخر . المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، ص ٣٣٩ ٢ بخصوص ما يتلف من أموال الجناة (من هدم الحصون وتدمير المنازل أو السلاح أو طعام ونحو ذلك) فهو هدر إذا كانت ضرورات القتال تحتم ذلك. ٣ بخصوص دية القتيل في قتال الجماعة ضد الجماعة، توجد عدة آراء في الفقه ا لإباضي(١) . تاسع ً ا: ضرورة تسليم ا لمجرمين: على الجماعة (أو القبيلة) تسليم المجرم الذي يحتمي بها، وإلا شملها العقاب في مجموعها: بحث الفقه الإباضي هذه المسألة أيضا فبخصوص ً سؤال: عن رجل ظالم غاشم يسكن ديار قومه ويعبث في ديار المسلمين وإذا سرق استقر في ديار قومه له عين ً ا وأذن ً ا إذ يطعمهم اللحم والتمر ويكونوا له عين ً ا وأذن ً ا إذا رأوا ما يخافون أنذروه وإذا سمعوا حذروه وإذا قيل لهم نراه عندكم قالوا: غير قادرين عليه ولا نمنعه من يقصده بسوء، فما حكم هؤلاء؟ قال الإمامان في النيل: وإن دخل الباغي منزل قوم أو » : يقول الحارثي مالهم أو حريمهم فسألهم المبغي عليه إخراجه من ذلك إليه ليأخذ منه ما وجب بحكم الشرع، وأقدمهم الشرع إليه لم يدرك عليهم إخراجه في الحكم ولزمهم عند الله إن قدروا عليه أي: على الإخراج وصح عندهم بغيه (١) وإذا اقتتل القوم فانجلوا عن قتيل لا يعلم أيهم أصابه، » : وهكذا جاء في المدونة الكبرى فقول ابن عبد العزيز: أن ديته على عاقلة تلك القبيلة الذين وجد فيهم، إذا لم يدع أولياء القتيل غير ذلك. وقال ابن عباد: هو على عاقلة الذين اقتتلوا جميعا، إلا أن يدعي أولياء ً القتيل غير ذلك. وإذا أصيب الرجل بجراحة في قبيلة فاحتمل، فلم يزل مريض ً ا حتى مات، فقول ابن عبد العزيز: أن ديته على عاقلة تلك القبيلة. وقال ابن عباد: ليس عليهم شيء. وبقول ابن . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٤٦ « عبد العزيز: في هذا نأخذ على مطالبه، وكفروا كفر نفاق إن أبوا من إخراجه؛ لأن إباءهم ترك للقيام بالقسط وإلا يقدروا على إخراجه لأنه يقتلهم أو يفسد أموالهم أو يضرهم في أبدانهم أو إنه اختفى ولا يدرون أين هو فلا يلزمهم إخراجه في الحكم ولا عند الله ولا إثم عليهم، ولكن يمنعوه من أخذه من منزلهم والبحث عنه فيه وقتاله فيه إن حل له، ولا يحل له قتالهم وكذا إن منعه منهم بها جبار لا يطيقونه وكان الجبار لا يقهرهم على الدفع والقتال أو يأمرهم ويعصونه وعلم بذلك من بغي عليه وإلا قاتلهم جميعا إذا أبوا إخراجه وقاتل عليه ً وكان منظورهم إلا من ترك القتال وحل قتالهم إن منعوه من مطالبة بحق،  وقد صح عندهم بغيه عليهم وإن اختلط معهم حتى لا يغرز حرم الهجوم عليهم إن لم يقاتلوا عليه وإن قاتلوا عليه حل للمبغي عليه قتالهم وكل ما يفعل مع الباغي، ا نتهى. وأرى للإمام أبقاه الله عقوبة هؤلاء حتى لا يكونوا شركاء له ولا عين ً ا ولا أذن ً « ا ولا ينذروه ويخفوه(١) . ا(٢) وقد أخذ الإمام السالمي بحل مشابه أيض . ً (١) . عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ٢٥٢ ٢٥٣(٢) فبخصوص مسألة: الطائفة إذا قتلت طائفة أخرى والقاتلة قتلت ظلما لا حق لها، والقاتلة ً طائفة كبيرة فيها بطون وأفخاذ ومتفرقة في جملة بلدان وأقاليم وغالب أحوالهم حربهم واحدة وصلحهم واحد كبني رواحة وآل وهيبة. هل لأولياء المقتول أن يقتلوا من غير الفخذ القاتل ومن غير أهل البلدة التي قتلتهم أو يحتاج لأولياء المقتول أن يسألوا الطائفة إما أن يؤدوا ما عليهم بحكم الشرع أو يكونوا مصرين وحلال دمهم حينئذ الجميع؟ يقول لا بد من إقامة حجة وتثبت في الأمر وذلك أن يرسلوا إليهم من يثقون به، » : السالمي يقول لهم إن فلان ً ا قتل فلان ً ا أو نحو ذلك من الكلام ونحن نريد ما يلزمه بحكم الشرع من قود أو غيره، فإما أن تسلموه كذلك وإما أن تكونوا قتلة فإن سلموه للحكم وإلا جاز قتلهم لأنهم يد واحدة وإلا من تبرأ من فعلهم وظهر عجزه وطلب العافية فإن هذا لا يقتل لأنه لم يكن شريك ً . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٣٩٦ ٣٩٧ « ا لهم في بغيهم معنى ذلك أن فقه هذه المسألة يحكمه ما يلي: ١ أن على الجماعة التي يحتمي بها الجاني تسليمه ليطبق حكم الشرع عليه. ٢ أن تلك الجماعة، إذا لم تسلمه واستمر في الاحتماء بها، يمكن أن تتعرض لعقوبات جماعية لإجبارها على تسليم المجرم، أو لكونهم شركاء في الجريمة أو لأنهم يتسترون عليهم. ٣ إخفاء » أن هذه العقوبات الجماعية تطبق فقط على من يرتكب جريمة وبالتالي فإن من لا يشارك في ذلك أو لا يوافق عليه، أو يعتزل ،« مجرم تلك الجماعة، لا تطبق عليه تلك العقوبات، حتى لا يظلم بريء. ٤ أن الغرض مما تقدم هو ألا يفلت مجرم من العقاب، وألا يطل (يهدر) دم في ا لإسلام. عاشرا: اشتراك جماعة بالتعاقب في ارتكاب ذات ا لجريمة: ً من أفضل من بحث هذه المسألة عند الإباضية الإمام النزوي. وهكذا ّ يقول: « الاشتراك في الجراح والدماء » تحت باب وإذا جرح رجل رجلا » ً ثم جاء آخر وجرحه على ذلك الجرح الأول من قبل أن يقاس أو من بعد فالمأخوذ به من الرأي عندنا أنهما شريكان في ذلك فإن مات بذلك فهما شريكان في القود والدية وإن لم يمت ويعرف منتهى جرح أحدهما دون الآخر فعلى كل واحد منهما جناية وإن التبس فهما شريكان إن شاء اقتص من أحدهما وارتجع المقتص منه على صاحبه « بنصف الدية وإن شاء أخذ منهما الأرش من كل واحد بالنصف(١) . (١) النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٣٥ ويضيف أيض ً ا: = أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٣٨٦ وجاء أيضا في ا لمصنف: ً وعن أبي علي فيمن جرحه رجل فلم يبرأ حتى جرحه آخر ثم مكث » قليلا ً ثم مات قال: إذا كان هو من الجرح الأول إلى أن أصابه الثاني ثم مات فهما شريكان وإن كان يحمل جرحه ذلك ويخرج به حتى أصابه الثاني فهوى إلى أن مات كانت الدية على الآخران لم يكن قود وعلى الأول أرش جرحه وقد كان في الدية والقود اختلاف في مثل هذا... = وإذا توقع قوم على رجل فضربوه بالسيف ثم خلوا عنه وجاء قوم آخرون فضربوه ثم »جاء بعد ذلك آخر فضربه فمكث الرجل يوما أو يومين ثم مات فإن للمضروب على ً الذين ضربوه أولا ً ما أوجبه الحكم القصاص والأرش. كذلك والذين ضربوه من بعد وعلى الذي ضربه الضرب الأخير الذي مات به في اليوم واليومين القود أو ما يحكم به الحكم باختيار ا لمولى. وفي قول بعض الفقهاء أن الضرب إذا كان متقاربا في الأوقات وكان مثل الأولى يثوي به ً المضروب حتى يموت في العادة وكل ضرب يقتل به المضروب في العادة، وأشكل الأمر واحتمل الأول والثاني والثالث به كان القتل والدية بين الجميع وسقط القود للإشكال والشبهة ومن ضرب رجلا ً ضربة فعمي عليه ثم ضربه آخر فمات قال: فإنهما شريكان فيه إذا لم يعلم من أيهما الأولى فإن ضربه الأول بعصى فهو منها ولم يكن به جرح ثم ضربه بالسيف وجرحه فمات فإن كانت الأولى مثلها لم يجز القتل فإنما عليه الدية والقتل على الآخر وإن وقعت الأولى في المقاتل فهما شريكان. وعن الفضل بن الحواري وإن لم يكن من ضرب أحدهما خوف فالدية على المخوف ضربة إلا ما ينحط عنه من ضرب الآخر كان أولا ً وآخرا. ً قال: وهكذا رأينا في مثل هذا استبان قتل المقتول بضرب أحدهما كان القود وعلى الآخر . ذات المرجع، ص ٢٣٥ ٢٣٦ « دية ضربه وإن اشتبه فكل قتلته شركاء وجاء في شرح ا لنيل: وإن قطع رجل لآخر مفصلا » ً من إصبعه ثم آخر ثانيا منها ثم ثالث أسفلها من إصبعه فإنه ً يقتص في الأول ويأخذ دية الآخرين، إلا إن وجد قاطع الثاني مقطوع ً ا منه الأول قبل فإنه يقطع له الثاني وكذا قاطع الأسفل، ومن قطع لرجل أعلى إصبعه وآخر أوسطها وثالث أسفلها فإن اجتمعوا قطع كل ما قطع له فإن عفا صاحب الفوقاني أو أخذ الدية بطل عنه . أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ٢٨١ ٢٨٢ « القطع ومن كسر يد رجل ثم جاء آخر فقطعهما فمات فإن كان الكسر مما يخاف منه ذهاب النفس لزمهما جميعا يختار الأولياء أحدهما ويرد الآخر ً عليه دية وإن كان مما لا يخاف منه كان على الكاسر أرش الكسر وعلى « الآخر ا لقود(١) . يتضح مما تقدم إذن أن تعاقب أكثر من شخص على ارتكاب أفعال ترتبط ببعضها ترابط ً ا تسلسليا وتؤدي في النهاية إلى نتيجة ما، يحكمه في الفقه الإباضي ثلاث قواعد: الأولى: أن كل مجرم مسؤول عن فعله، إن ثبتت في حقه ثبوت ً ا لا شك  فيه. ويعد ذلك تطبقا لقاعدة ﴿ ÑÐÏÎ ﴾ [ [النجم: ٣٨ . والثانية: إن لم يثبت نسبة ما ساهم به كل مجرم (بأن كان هناك غموض أو التباس أو عدم يقين في تحديد من المتسبب في النتيجة النهائية) يتم اعتبارهم جميع ً ا شركاء في الجريمة، أي: إذا كانت الجريمة قتلا ً مثلا ً ، فإن يبدو أنه من الأفضل هنا القول إنهم » كل قتلة المجني عليه شركاء « فاعلون أصليون للجريمة(٢) . والثالثة: أن بيان مدى مسؤولية كل جان يمكن أن يتم أيض ً ا في ضوء الاحتكام إلى ا لعادة(٣) . (١) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ذات المرجع، ص ٢٣٦ ٢٣٧ (٢) ولأن القتل بطريق التعاقب غالب والقصاص شرع لحكمة الزجر » : يقول ابن الشحنة فيجعل كل واحد منهم كالمنفرد بهذا الفعل فيجب القصاص تحقيق ً ا لمعنى الإحياء من الإمام ابن الشحنة الحنفي: لسان الحكام في معرفة الأحكام، مكتبة البابي الحلبي، « الكل . القاهرة، ١٣٩٣ ه ١٩٧٣ م، ص ٣٩٠ (٣) إن مثل هذه الجناية مما يختلف فيها أهل » : يقول السيابي بخصوص جريمة قتل وقعت العلم إن مات بها المجني عليه منهم من يرى فيها القود ومنهم من يرى فيها الدية عمد ً ا أو شبه العمد وهناك يحتاج إلى النظر في ذلك الحدث نفسه وهل هو مما يكون مثله = حادي عشر:أثر عدم عقاب واحد أو أكثر من الجناة على عقاب ا لآخرين: يعني هذا الفرض بارتكاب الجريمة من أكثر من واحد، إلا أن واحد ً ا أو أكثر من الجناة لن يعاقب (لكونه مثلا ً طفل لم يبلغ الحلم، أو مجنون ً ا، أو حيوان ً ا، أو كون أحد القتلة هو الأب). وقد بحث الإباضية هذا الموضوع ّ أيضا بإسهاب. ً وهكذا جاء في كتاب ا لضياء: قال أبو عبد الله في رجل وصبي ومعتوه ضربوا رجلا » ً حتى قتلوه: إنه يلزم فيه الدية على ثلاثة؛ فعلى الرجل ثلث وعلى عاقلة الصبي ثلث »وعلى عاقلة المعتوه ثلث، وقال: وليس على البالغ القود لأنه إذا دخل في الدم من لا يلزمه القود بطل القود على الباقين، وإنما فيه الدية وإنما يكون لأولياء المقتول الخيار فيمن قتله إذا كانوا كلهم بالغين، فإن قتله والده ورجل معه بطل القود عن الآخر وعلى القاتل مع والده نصف « الدية(١) . سألت أبا المؤرج وابن عبد العزيز وأخبرني » : وجاء في المدونة الصغرى من سأل الربيع عن الرجل البالغ والغلام الذي لم يحتلم يجتمعان على رجل فيقتلاه عمد ً ا قالوا: يقتل البالغ منهما وتغرم عاقلة الغلام لورثة القتيل نصف الدية لأن عمد الغلام وخطأه خطأ تعقله ا لعاقلة. قد كان بعض الفقهاء يقول: إذا اشترك من يقاد مع » : قال ابن عبد العزيز من لا يقاد صارت دية لا قود فيها لأنه لا يدري أهل الغلام هو الذي قتله = قاتلا ً في العادة أم لا وإلى معرفة قصد المحدث بالأدلة والقرائن ولا يثبت حكم في قود خلفان السيابي: فصل الخطاب .« أو دية إلا بإقرار أو شهادة عدلين أو عدلتين والله أعلم . في المسألة والجواب، ج ٢، ص ٢٣٢ (١) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ ، ص ٨٩ ٩٠ دون حق الرجل وما أبعد أن يكون هذا القول موافق الحق وأبعد من الشك قلت: قد روى بعض الناس عن إبراهيم قال وقد قال ذلك غيره من الفقهاء «(١) كثير ولا أراه إلا عدلا ً . وجاء في بيان ا لشرع: وعن رجل وغلام لم يبلغ الحلم قتلا رجلا » ً عمد ً ا. كيف القصاص فيهما؟ فأما الغلام فلا قصاص عليه عندنا وجنايته خطأ على عاقلته وفيها الدية، فإن قبلوا الدية فعلى الرجل فيها نصف دية، وإن اختاروا قتل الرجل قتلوه وأدت عاقلة الغلام نصف الدية دية الخطأ إلى ورثته. وإذا قتل رجل وصبي رجلا ً عمد ً ا. فاختار أولياؤه قتل الرجل فذلك لهم، ويأخذ أولياء المقتول بالقتيل نصف الدية من عاقلة الصبي، وكذلك المجنون، وقال من قال: يسقط القود عن البالغ إذا دخل الصبي في ذلك (١) الخراساني: المدونة الصغرى، ج ٢، ص ٣٧ ؛ المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٣٧ . راجع أيض ً ا وإن اشترك في القتل عامد ومخطئ أو » : أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ١٩٥ . كذلك قيل مكلف وغير مكلف كصبي أو مجنون فإن العلماء اختلفوا في ذلك، فقال بعضهم: على العامد القصاص وعلى المخطئ والصبي أو المجنون نصف الدية، وعليه مالك والشافعي لكن مالك يجعل هذا النصف على العاقلة، والشافعي يقول في ماله، والمذهب الأول وعليه ا لأكثر. وكذلك قالوا في حر وعبد قتلا عبد ً ا: إن العبد يقتل بالعبد، وعلى الحر نصف قيمته، وكذا إن اشترك مسلم وذمي في قتل رجل على هذا ا لحال. وقال أبو حنيفة: إذا اشترك من يجب عليه القصاص مع من لا يحب عليه فلا قصاص عليهما معا بل الدية، قال: لأن هذه شبهة فإن القتل لا يتبعض، ويمكن أن يكون تلف ً نفسه واقعا من جهة الذي القصاص عليه، كما يمكن كونه واقعا من شريكه الآخر، وقد ًً قال ژ : « إدرؤوا الحدود بالشبهات » وإذا لم يكن القصاص ثبت بدله وهو ا لدية. وعمدة أهل القول الأول النظر إلى المصلحة التي تقتضي التغليظ لحوطة الدماء، فكأن جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية « كل واحد منهما انفرد بالقتل فله حكم نفسه . الدما، ص ١٨٧ لأنه دخل الخطأ في هذا الدم. والرأي في ذلك لأنه دخل الخطأ في هذا « الدم، والرأي الأول أكثر عندنا(١) . وجاء في ا لمصنف: وإن قتله رجل وصبي فاختار أولياؤه الرجل فذلك لهم ويأخذوا » أولياء المقتول الأخير نصف الدية من عاقلة الصبي وكذلك المعتوه وقول يسقط القود عن البالغ حيث دخل الصبي فيه لأنه دخل خطأ قال: والأول أكثر. وكذلك إن قتلاه خطأ قال: والأول أكثر... فإن قتله والده ورجل معه بطل القود عن الآخر وعلى القاتل مع والده نصف ا لدية. وفي موضع: وإذا اشترك الأب والأجنبي في القتل أنه لا قصاص عليه لغير ا لأجنبي. قال الشافعي بأنه يجب عليه القصاص الدليل للأول أنه شاركه في القتل من لا يجب عليه القود بنفس الفعل فوجب أن لا يجب قصاص على الآخر « كالخاطئ، والعامد(٢) . يتضح من ذلك أن فقه المسألة تضبطه الأمور ا لآتية: ١ بخصوص مسؤولية الآخر أو الآخرين الذين اشتركوا في الجريمة مع من لا يعاقب، يوجد اتجاهان في الفقه ا لإباضي: الأول: يرى أن الوضع القانوني لكل شخص لا يتأثر بالآخر، فإذا كان (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ١٤ ؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ ، ص ٨٦(٢) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١١٩ ١٢٠ هناك شخص بسبب ظروفه لن يعاقب، فإن الآخرين يعاقبون وفق ً ا لدرجة مساهمتهم في ارتكاب الجريمة. وهذا الرأي هو الأكثر رواجا عند ا لإباضية. ًّ والثاني: أن وجود شخص لن يعاقب، ينعكس أثره على الآخرين معه، لوجود شبهة، وبالتالي لا تتم معاقبتهم. وهذا رأي الأقلية عند ا لإباضية. ّ ٢ يجب مراعاة القواعد واجبة التطبيق بخصوص ا لدية(١) . ٣ بحث ا لإباضية أيضا اشتراك عاقل مع حيوان في ارتكاب الجريمة. ًّ ويبدو أن الاتجاهين السابقين موجودان أيض ً ا عندهم، مع أكثرية بالنسبة لمن لا يدرأ العقاب عن العاقل. وهكذا يقول ا لنزوي: وعن أبي علي فيمن ضرب رجلا » ً فلم يقدر يمش فجاء سبع فأكله فعليه « حينئذ ا لقتل(٢) . (١) حدد ذلك بدقة بخصوص المسألة قيد البحث، العلامة جميل بن خلفان، بقوله: وإن اشترك عاقل بالغ مع طفل أو مجنون في قتل رجل فالقود على البالغ العاقل وعلى »الطفل أو المجنون ما ينوبه من الدية على العاقلة لأن عمد الطفل والمجنون كالخطأ، وتؤدي ذلك العاقلة لولي المقتول المقاد الذي هو شريكهما إلا أن يشاء ولي القتيل الأول دية وعفا عن القود فليأخذ نصف الدية من البالغ العاقل ونصفها من عاقلة الطفل أو المجنون. وقال من قال: له أن يأخذ دية تامة من البالغ مع دية تامة أيض ً ا من عاقلة الطفل أو المجنون، وجه هذا القول أنه يصدق على كل منهما أنه قاتل، وإن اشترك الثلاثة في قتيل فعلى البالغ القود وعلى عاقلة الطفل والمجنون ثلثا الدية، وقيل: لا قود في مثل هذا أي: إن اشترك من يقاد مع من لا يقاد بطل القود كله ويدونه جميعا. ً وإن اشترك جماعة من العقلاء مع جماعة من الصبيان أو المجانين فللولي أخذ الدية منهم دية واحدة بينهم على الرؤوس، والذي ينوب الأطفال أو المجانين منها فعلى عواقلهم، وله إن شاء قتل عاقل من العقلاء وأخذ الدية من عواقل هؤلاء، وإن كان الاشتراك بين جميل بن خلفان: جلاء العمى « أكثر ممن ذكرنا أو اقل فعلى تلك الكيفية في الأقوال كلها . شرح ميمية الدما؛ ص ٢٤٤(٢) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٣٦ وإن اشترك في القتيل مكلف مع غير مكلف كحية أو » : كذلك قيل بهيمة فعلى المكلف ديته فقط وقيل: يقاد به. ومن أغرى س َب ُع ً ا أو بهيمة أو صبيا أو مجنون ً « ا على أحد فقتله قيد به(١) . :« الحوادث بسبب ا لاشتراك » : ثاني عشر فقد وضع السؤال الآتي إلى المفتي العام لسلطنة عمان: ُ   قد يقع حادث تشترك فيه عدد من السيارات، كما تشترك في نسبة تسببها في الحادث فكيف يكون ضمان ما هلك من أنفس؟ أجاب سماحته: في حال الاشتراك في الحادث يشترك المتسببون في ضمان الأنفس » « والأموال كل بقدر نسبته في ا لاشتراك(٢) .  ولنا، على ما يبدو، أن السؤال المطروح كان يتعلق بقتل الخطأ بسبب الحوادث، وليس الاشتراك عمد ً ا في إحداث ا لوفاة(٣) . (١)جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٤٥ . كذلك جاء في بيان الشرع: وعن رجل قطع يده ذئب ثم قطع يده الثانية رجل فمات من ساعته؟ فالقتل على الرجل »إذا لم يقبلوا الدية دية ا ليد. ومن غيره قال: وقد قيل على الضارب الدية ولا قصاص فيه لأن هنالك الشبهة فله نصف الدية إذا كان ذلك مما يكون الحكم فيه شركة وكذلك الرجلين، قال: وسواء ذلك كان السبع أولا ً . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ١٥ « وآخرا وكذلك قولنا في الرجلين ً رجل قمط صبيا وطرحه فقتله سبع لم يكن عليه قود ولا دية، » : بينما يقول ابن الشحنة الإمام ابن الشحنة: لسان الحكام في « ولكن يعزر ويحبس حتى يموت، وعلى عاقلته الدية . معرفة الأحكام، ص ٣٩٠(٢) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى، القسم الأول، ص ٢٣٤ ٢٤٤(٣) انظر الفارق بين الخطأ والعمد، ما قلناه لاحق ً الركن المعنوي :« الخطأ » ا عند دراسة للجريمة. ثالث عشر: المساهمة الجنائية مفسرة في آية من آيات القرآن ا لكريم: من تفسيرهم « المساهمة الجنائية » تبدو عناية الفقه الإباضي بمسألة لقوله تعالى: ﴿ !" )('&%$# * ,+-./ <;:9876543210 = @?> ﴾ [ [النور: ١١ . يقول أبو الحواري: يعني: في هذه الآية عبرة لجميع المسلمين إذا كانت بينهم خطيئة، من أعان عليها بفعل أو كلام، أو عرض بها، أو أعجبه ذلك، أو رضي به فهم شركاء في تلك الخطيئة على قدر ما كان منهم ﴿ <;: = ﴾ يعني: تولى تلك الخطيئة بنفسه هو أعظم إثما، عبد الله بن أبي سلول. ً  وهو المأخوذ بها. إذا كانت خطيئة بين المسلمين فمن شهد وكره فهو مثل الغائب، » : قال « ومن غاب ورضي فهو مثل ا لشاهد(١) . رابع عشر: المساهمة الجنائية في أحكام المحكمة العليا بسلطنة ع ُمان: أكدت المحكمة العليا بخصوص المساهمة الجنائية على العديد من الأمور التي تتفق مع ما سبق ذكره. ويكفي في صحيح القانون لاعتبار » : وهكذا قررت المحكمة الشخص فاعلا ً أصليا في الجريمة أن يسهم فيها بفعل من الأفعال « المكونة لها(٢) . (١) أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائه آية، . ج ١، ص ١٨٨ ١٨٩(٢) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها . ٢٠٠٩ ، المحكمة العليا، سلطنة عمان، ص ١٠١ /٦ / ٢٠٠٨ وحتى ٣٠ /١٠/ في الفترة من ١ ُ  الاشتراك في الجريمة يتحقق ولو لم يتم » : وأكدت ذات المحكمة الاتفاق السابق بين الفاعل والشريك بل يكفي لتوافره مساعدة الشريك في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة للجريمة بقصد تقديم العون للفاعل الأصلي بأعمال سابقة أو معاصرة لنشاطه يترتب عليها تحقق النتيجة « الإجرامية المرجوة من ا لتدخل(١) . وأضافت ا لمحكمة: يكفي في صحيح القانون تحقق المساهمة الجنائية في ارتكاب » الجريمة إذا تدخل أكثر من جان في ارتكاب جريمة واحدة عن علم وإرادة، ويتوافر العلم حينما يعلم المساهم بنشاط الآخرين وتتحقق الإرادة إذا اتجهت إلى الفعل الذي قام به هذا المساهم وإلى إضافته أو إقحامه  إلى أفعال الآخرين وإلى وقوع الجريمة، فإذا تحقق هذا القصد لدى كل الجناة توافرت المساهمة الجنائية عن الجريمة التي وقعت وتتحقق تبعا ً لذلك الوحدة المعنوية أو الرابطة الذهنية التي تجمع بينهم في هذه  الجريمة بالإضافة إلى الوحدة المادية، فإذا كانت الأعمال التي اقترفها كل منهم داخلة ماديا في تنفيذ الجريمة التي حدثت عد مقترفها فاعلا ً « ا(٢) أصلي . (١) مجموعة المبادئ والقواعد القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ . وحتى ٢٠١٠ ، الدائرة الجزائية، ص ٣٣٠ (٢) ذات المرجع، ص ٤٨٣ . وقالت ا لمحكمة: لئن لم يكن الطاعن الفاعل الأصلي للجريمة فهو شريك فيها ولا يشترط أن تكون له »علاقة مباشرة مع الفاعل للجريمة وكل ما يتطلبه القانون في الشريك أن تكون الجريمة قد وقعت بناء على تحريضه على ارتكاب الفعل المكون لها أو بناء على اتفاقه مع غيره أيا كان ومهما كانت صفته أو بناء على مساعدته في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لها إذا المعول عليه علاقة المتهم بذات الفعل الجنائي المكون للجريمة لا بأشخاص من ساهموا معه فيها، ذلك أن الشريك إنما يستمد صفته بحسب الأصل من فعل الاشتراك الذي = »fÉãdG åëѪdG …ƒæ©ªdG øcôdG ندرس ماهية الركن المعنوي Mental element (Mens rea) ، فإذا انتهينا من ذلك فحقيق بنا أن نولي وجهنا شط ْر القواعد التي تحكمه. َ ونخصص لكل من هاتين المسألتين فرع ً ا. ∫hC’G ´ôØdG …ƒæ©ªdG øcôdG á«gÉe لا يكفي أن يرتكب الجاني الركن المادي للجريمة أو مادياتها وجواهرها وإنما لا بد أن يتوافر لديه عنصر معنوي أو إرادي أو نفسي يتصل بتلك الماديات اتصالا ً لا يقبل الانفصام، وهذا هو الركن المعنوي للجريمة الذي هو أساسا مناط المسؤولية ا لجنائية. ً ويشترط أن يتوافر في هذا العنصر الخاص بإرادة الجاني ثلاثة شروط يكمل كل منها الآخر، وهي أن تكون واعية، وحرة، ومذنبة (أو آثمة). :(á«FÉæédG á«∏gC’G Iôμa) á«YGƒdG IOGQE’G (CG كما تلعب الأهلية دورا لا غنى عنه لصحة التصرفات المدنية والتجارية، ً فإن لها أهميتها أيضا في تحمل تبعة المسؤولية الجنائية، ذلك أن تخلفها ً يعني عدم توافر معنويات ا لجريمة. = ارتكبه ومن قصده منه ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه، فهو شريك في الجريمة مجموعة الأحكام الصادرة عن هيئة توحيد المبادئ والدائرة الجزائية « لا شريك مع فاعلها . مع المبادئ المستخلصة منها لسنة ٢٠٠٤ ، سلطنة عمان المحكمة العليا، ص ٥٣٩ ٦٣٨ ُ انظر أيض ً ا في ذات المعنى، ص ١٣١ من ذات ا لمرجع. وترتبط الإرادة الواعية بأمور، هي: سن الشخص، ومدى سلامة قواه العقلية والنفسية، وغياب وعيه بسبب مخدر أو مسكر. ١ سن ا لشخص: تفرق قوانين الدول عادة بين مراحل سنية ثلاث، فمثلا ً ينص قانون الطفل في مصر على التمييز بين المراحل ا لتالية: أولا ً : مرحلة ما قبل سن الثانية عشرة: وفيها تمتنع المسؤولية الجنائية علي الطفل إذا لم يجاوز ذلك السن وقت ارتكاب الجريمة (م ٩٤ )، بل إنه إذا كان دون السابعة وارتكب جناية أو جنحة فإنه لا يعتبره مجرما، وإنما .( معرضا للخطر (م ٩٦ ً ثاني ًا : مرحلة بلوغ سن الثامنة عشرة (اكتمال الأهلية الجنائية): وفيها يسأل الطفل عن كافة أفعاله كالبالغين تماما. ً ثالث ًا : مرحلة ما بعد الثانية عشرة وقبل بلوغ الثامنة عشرة: وقسمها إلى مرحلتين: من فوق الثانية عشرة ودون الخامسة عشرة وفيها توقع بعض التدابير الاحترازية (مثل التوبيخ، والإلحاق بالتدريب والتأهيل، والإيداع في إحدى مؤسسات الرعاية)، ومرحلة ما بعد الخامسة عشرة ودون الثامنة عشرة وفيها تطبق العقوبات المقررة ولكن بصورة مخففة (فلا يطبق عليه عقوبات الإعدام والسجن المؤبد والسجن المشدد)، وبالنسبة للعقوبات الأخرى ففيها تخفيف وجوبي بالنسبة للجنايات دون ا لجاني. ٢ الخلل النفسي أو ا لعقلي: إذ تمتنع مسؤولية الشخص في هذه الحالة بشروط هي: أولا :ً أن يكون الجاني مصابا باضطراب أو خلل نفسي أو عقلي. ً  ثانيا : أن يترتب على ذلك إفقاده للإدراك بخصوص ما يقوم به من ً نشاط. ثالثا : أن يكون هذا الفقد متزامن ً ا ومتعاصرا مع الفعل المكون ً للجريمة. ٣ غيبوبة التخدير أو ا لسكر: قطعا تغيب الإرادة الواعية بتناول التخدير أو المسكر، ويفرق الفقه بين ً فروض ثلاثة: أولا ً : تناول المادة المخدرة أو المسكرة بقصد ارتكاب الجريمة .« وهنا يكاد يجمع الفقه على أن الجاني يسأل عن الجريمة التي ا رتكبها ثاني ًا : الغيبوبة المترتبة على تناول مسكر أو مخدر اضطراري (غير اختياري) وهنا الإجماع ثابت في عدم مسؤولية الجاني، وهو ما أخذ به لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو » : القانون المصري (م ٦٢ ) بقوله الاختيار وقت ارتكاب الجريمة، لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخذها. ثالث ًا : الغيبوبة الناجمة عن سكر أو تخدير اختياري: وهي تترتب على تناول المخدر أو المسكر ليس لارتكاب الجريمة، ولكن لأغراض أخرى (مثلا ً للمتعة أو للهروب من الواقع)، ورغم ذلك يرتكب جريمة أثناء غيبوبته تحت تأثير السكر أو التخدير. وقد اختلف الفقه حول هذه المسألة، فالاتجاه الغالب يذهب إلى مساءلة السكران عن كل جرائمه، وثمة اتجاه يرى فقط مساءلته عن الجرائم غير ا لعمدية(١) . (١) راجع تفصيلات كثيرة، في د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري القسم . العام، المرجع السابق، ص ٥٧٣ ٥٩٢ :(QÉ«àN’G ≈∏Y IQOÉ≤dG) IôëdG IOGQE’G (Ü :áªKB’G hCG áÑfòªdG IOGQE’G (ê  العلم بالوقائع التي تشكل بنيان الجريمة (مثل موضوع المصلحة المحمية جنائيا، خطورة الفعل على تلك المصلحة)، فهذا العلم إذن يتعلق بمقومات الواقعة المنشئة للجريمة. • وهذا الأمر يفترض خصوصا أن يكون ارتكاب الجريمة صادرا من ًً إرادة حرة، وعن اختيار وازن فيه الجاني بين ارتكاب الجريمة أو عدم ارتكابها واستقر في النهاية على ولوج طريق الجريمة وبالتالي فلا يتوافر هذا العنصر إذا ارتكب الجاني الجريمة تحت تأثير إكراه ملجئ دفعه إلى ارتكابها. فلا يكفي ارتكاب الجاني لماديات الجريمة، بل يجب أيض ً ا أن يكون منحرف » في ارتكابها ويتحقق ذلك بأن يكون سلوكه « مذنبا » أو « آثما » ً أي: « ا ًً خارجا على أو مصطدما مع القانون، الأمر الذي يعني وجود رابطة نفسية أو ًً معنوية بين ماديات الجريمة وشخص مرتكبها. ويأخذ الإثم الجنائي صورتين: القصد الجنائي (في الجرائم العمدية)، والخطأ غير العمدي (في الجرائم غير ا لعمدية). ١ القصد ا لجنائي: والقصد الجنائي يمكن تعريفه باتجاه الجاني عن علم وإرادة إلى ارتكاب العناصر المكونة للجريمة، وبالتالي يوجد مكونان للقصد الجنائي: العلم والإرادة. أولا ً : العلم: وهو على نوعين: الباب الثاني: الجريمة في الفقه الإباضي ٣٩٩ • العلم بالقانون، والقاعدة أن العلم بنصوص التجريم والعقاب ليس لازما ً لتوافر القصد الجنائي تطبيق ً ا لمبدأ مستقر مؤداه أن العلم بالقانون مفترض، وبالتالي فإن الجهل بقانون العقوبات ليس عذرا يتم الاستناد إليه لنفي القصد ا لجنائي(١) . كذلك هناك مقومات يفترض القانون العلم بها، ومنها عناصر الأهلية الجنائية، الظروف المشددة للعقوبة، الشروط الموضوعية اللازمة لتوقيع العقاب(٢) . ثانيا: الإرادة: ويعني هذا العنصر اتجاه إرادة الجاني إلى كل من الفعل ً والنتيجة الإجرامية المترتبة عليه، وواضح أن هذا العنصر هو الذي يفرق القصد الجنائي عن الخطأ غير ا لعمدي. كذلك فإن للقصد الجنائي صورا عديدة منها: ً • القصد البسيط (والذي تتجه فيه إرادة الجاني إلى نتيجة محددة توقعها مسبق ً ا لقتل إنسان)، والقصد الاحتمالي (وفيه يتوقع الجاني احتمال حدوث النتيجة ضمن عدة احتمالات: كمن يضع السم في طعام لشخص ويتوقع احتمال أن يشاركه آخر في أكله ويتقبل إمكانية حدوث ذلك وتتحقق بالفعل). • القصد المحدود (والذي يتجه إلى تحقيق نتيجة حد ّ دها الجاني سلف ً ا: أحد « زيد » مثل ضرب ً ا من الناس، والقصد غير المحدود (ويتوافر إذا استوى لدى الجاني أي نتيجة تقع: كإلقاء قنبلة في جمع من الناس تقتل أي عدد منهم). (١) انظر ما قلناه سابق ً ا. (٢) د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، . ص ٢٩٨ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٤٠٠ • القصد البسيط والقصد المقترن بسبق الإصرار: وهذا الأخير يفترض قدرا من الهدوء والروية قبل اتخاذ قرار ارتكاب الجريمة، وهو ما لا ً يتوافر في القصد ا لبسيط. • القصد العام (وهو القصد العادي المطلوب في أية جريمة عمدية) والقصد الخاص (ويتوافر باتجاه إرادة الجاني إلى غاية تتجاوز نتيجة الجريمة: كما في جريمة التزوير إذ لا يكفي أن تتجه إرادة الجاني إلى تغيير الحقيقة في المحرر المزور، بل يجب أن يتوافر لديه أيضا مقصد ً آخر هو الاتجاه إلى استعماله وكما في جريمة السرقة والتي إلى جانب القصد العام وهو نزع حيازة الشيء المسروق من المجني عليه يجب أن يتوافر فيها قصد خاص هو نية التملك ). • القصد البسيط: (ويتجه إلى نتيجة محددة لا يتلوها أخرى أشد جسامة) والقصد المتعدي (ويسأل بمقتضاه الجاني عن نتيجة لم يتجه قصده إليها وإنما اتجه هذا القصد فقط إلى نتيجة سابقة عليها أو أقل جسامة منها)، مثال ذلك: ترك طفل في مكان خال مما ترتب عليه موته، إذ في هذه الحالة يعاقب الجاني بعقوبة القتل العمد بالتطبيق للمادتين ٢٨٥ ٢٨٦ من قانون العقوبات ا لمصري). ٢ الخطأ غير ا لعمدي: وهو الصورة الثانية للركن المعنوي في الجريمة وينجم عن: الإخلال بالالتزام الواجب في مراعاة الحيطة والحذر، أو ارتكاب أفعال تنم عن الرعونة، والإهمال وعدم ا لانتباه. وجود علاقة نفسية بين الجاني والنتيجة التي تحققت ويتمثل ذلك في توقع الجاني لهذه النتيجة ومع ذلك يستمر في مسلكه متوقعا ً عدم حدوثها، ومع ذلك حدثت (كقيادة سيارة بسرعة ٢٠٠ كم في شارع مزدحم، فترتبت عليه وفاة عدة أشخاص، أو عدم توقع النتيجة مسبق ً ا، إلا أنه خالف ما يجب على الشخص المعتاد، إذا وجد في ذات ظروفه، مراعاته، فيكون حينئذ قد خالف الحيطة والحذر، ويسأل عن جريمة غير عمدية. وواضح أن الخطأ غير العمدي درجة الإثم فيه أقل لعدم اتجاه إرادة الجاني عمد ً ا إلى ارتكاب ا لجريمة. »fÉãdG ´ôØdG …ƒæ©ªdG øcôdÉH á°UÉîdG óYGƒ≤dG يمكن بيان نظرية الركن المعنوي عند ا لإباضية كما يلي: ّ :á«ædÉH …ƒæ©ªdG øcôdG •ÉÑJQG (CG ترتبط ا رتباط « الركن المعنوي » لا يخفى على أحد أن مسألة ً ا وثيق ً ا بما فقد قال رسول الله ژ :« النية أو النيات » بحثه فقهاء المسلمين تحت باب : « الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى »(١) . كذلك من أصول الشريعة التي عليها مدار الأعمال (المشروعة أو غير المشروعة): قاعدة: .« الأمور بمقاصدها » (١) هذا الحديث متفق على صحته، وهو مجمع على عظم موقعه وجلالته وكثرة فوائده، » : قيل ابن عمر: حاشية الترتيب على الجامع الصحيح ،« وأنه أصل عظيم من أصول الدين . للوارجلاني، دار البعث، قسنطينة الجزائر، ج ١، ص ٥ وقد أكد ا لإباضية على أهمية النية، فقالوا إنها: ّ « روح الفعل ولبابه »(١) . والنية إذا انفردت لم يجب بها حكم وكذلك » ويقول العلامة النزوي الفعل إذا انفرد لم يجب به حكم فإذا عقب النية بالفعل الموضوع لذلك المعنى وقع موقعه، ولا تنازع بين أهل العلم في وقوع الحكم إذا اجتمع « القول والنية(٢) . ولنا على هذا القول ملاحظتان: أولا ً: أنه يبين أساس وجود أي فعل، والمتمثل في أمرين: الركن المادي (الفعل)، والركن المعنوي (النية)، واللذان إن اجتمعا ترتبت الآثار المقررة للحكم الشرعي (المسؤولية عن الجريمة مثلا ً .( ثانيا: أنه يوضح أن تخلف أي من الأمرين السابقين، ومن باب أولى ً ْ كليهما، يمنع من وقوع الجريمة، وبالتالي فلا مسؤولية جنائية عما وقع. ﻝﻮﻘﻳ:ﻢﻇﺎﻨﻟﺍ ﻪــﻓﺮﻌﻧ ﻲــﻓ ﺐــﻫﺬﻣﺪﺟﺎﻣﻷﺍ ﺚـﻴﺣﻭ ﻥﺇ ﺮـﻣﻷﺍﺪـﺻﺎﻘﻤﻟﺎﺑ ﻊﻤــﺳﺎﻓ ﻪﻟﺎﻣﻭ ﻰﺘﻔﻟﺍ ﺪﻗﺪﻤﺘﻋﺍ ﻞﻛﻭ ﺀﻲـﺷ ﺎﻤﺒـﺴﺣ ﻪـﺑﺪـﺼﻗ ﻥﺈﻓ ﻞــﻀﻓ ﻢــﻠﻌﻟﺍ ﺮــﻣﺃﺮﻬﺒﻳ ﻮـﻫﻭ ﻦـﻣ ﻢـﻠﻌﻟﺍ ﻻﻭﺮﻜﻨﺘـﺴﻳ ﻉﺎــﻔﺘﻧﻻﺍ ﻞﻛ ﻝﺎــﻨﻳ ﺎــﻬﺑ ﻦـﻣ ﻚـﻟﺫ ﺔـﻴﻨﻟﺍ ﻲـﻓ ﻲﻋﺎـﺴﻤﻟﺍ (١) اعلم أن النية لباب » : معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ١٠٣٥ . لذلك قال الجيطالي ّ . الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١، ص ١١٩ « الفعل وصفوته، وعماد الدين وأسه(٢) العلامة الشيخ سالم النزوي: الأخبار والآثار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة اعتقاد بالقلب وعزيمة » عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ج ١، ص ٩٨ . وقيل: النية إنما هي ُ الجوارح وتلفظ باللسان، فإذا كان هذا هكذا، واجتمع في عمل شيء من الواجبات فقد العالم موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون المعادن، .« خرج من حكم الاختلاف . ج ٢، ص ٢٢١ فنية الإنسان أصل عمله في الخير والشر ولو في أمله (فإنما الأعمال بالنيات صحتها لا بالنقولات) (١) :Qó≤dGh AÉ°†≤dG ádCÉ°ùe Ü لما كان الركن المعنوي كما ذكرنا يفترض العلم والإرادة، وكانت القصد أو عدم القصد) تؤثر في مداه، بل وفي وجوده من عدمه، فإن ) « النية »عنصر الإرادة يرتبط كذلك بمسألة معروفة في الفقه الإسلامي، وهي مسألة القضاء والقدر(٢) . ولا شك أن الجريمة يرتكبها شخص (منفرد ً ا) أو عدة (١) الشيخ سالم السيابي: كتاب إرشاد الأنام في الأديان والأحكام، وزارة التراث القومي . والثقافة، سلطنة عمان، ص ١٣ ُ (٢) خالق الفعل فاعله لا الله » : اختلف الفقه الإسلامي حول هذه المسألة، فقد قالت المعتزلة وقالت أيض « ولا علم به حتى وقع ً أطفيش: تيسير التفسير، « لا يخلق المعاصي » ا: إن الله أفعال العباد خلق الله وكسب » ج ٧، ص ٤٤٦ ، ج ١٠ ، ص ١٣ . أما الإباضية فيقولون: إن ّ . الإمام السالمي: مشارق أنوار العقول، دار الجيل، بيروت، ج ٢، ص ١٧٣ « لهم ومن ذلك أنهم يؤمنون بالقضاء والقدر أنه من الله وأن الخير والشر خلق » : ويقول الحارثي   من الله وكسب من العباد وهم يوافقون أهل ا لسنة في هذا: والحجة قوله تعالى: ﴿ ¦¥ ¨ ﴾ [ [الصافات: ٩٦ ﴿ ` ba ﴾ [ [الزمر: ٦٢ ﴿ qpo ﴾ [ [الأعراف: ٥٤ _ § ﴿ ÅÄÃÂÁÀ ﴾ [ [الأنبياء: ٢٣ ولو ثبت للعباد خلق لزم ثبوت شريك ﴿ ËÊ ÎÍÌ ﴾[ [فاطر: ٣ ﴿ ÃÂÁÀ¿¾½¼» ﴾[ [لقمان: ١١ . الشيخ سالم الحارثي: العقود الفضية في أصول ا لإباضية، ص ٢٩٠ ، انظر أيض ً ا، محمد نمر المدني: ّ « خيره وشره من الله » الإباضية أهل الحق والاستقامة، دار طارق بن زياد، ٢٠١١ ، ص ٥٨ ، فالقدر ّ . د. فرحات الجعبيري: البعد الحضاري للعقيدة ا لإباضية، مطبعة الألوان الحديثة، ١٩٨٩ ، ص ٤٠٣ ّ ومن خير من عبر عن موقف ا لإباضية من المسألة، الراشدي، حيث يقول: ّ اختلفت المذاهب الإسلامية في أعمال العبد هل هو مسلوب الإرادة فيها، فهو كالخيط المعلق »تصرفه الرياح كيفما تشاء، فهو يطيع ويعصي بإرادة الله لا باختياره، أو أنه يخلق أفعال الشر بنفسه والله منزه عن خلق الشر، وفعل الخير يخلقه الله أو خلق الأفعال كلها خيرها وشرها من الله وإنما العبد جعلت له قوة الإرادة في الفعل، والقول الفصل في هذا أن الله قال: ﴿ ÑÐ = أشخاص (إن تعدد المساهمون)، والجاني فرد ً ا أو أكثر هو المسؤول   جنائيا عن الجريمة(١) ، إذا كان أحد المساهمين فيها (كفاعل أو شريك)(٢) وترتبط الإرادة، أيض ً ا، بالعلم ا رتباط ً ا وثيق ً ا. لذلك بخصوص فيمن أطلق لفظ ً ا لا يعرف معناه لم يؤاخذ، بمقتضاه، يقول ابن عبد السلام:  إذا نطق الأعجمي بكلمة كفر أو إيمان أو طلاق أو إعتاق أو بيع أو »  شراء أو صلح أو وإبراء لم يؤخذ بشيء من ذلك لأنه لم يلتزم مقتضاه، ولم = ÕÔÓ ﴾ [ [البقرة: ١٣٤ وأما خلق الأفعال كلها فعن الله لأنه يقول: خالق كل شيء فالله ليس شريك في الخلق ولم يسلب إرادة الاكتساب عن العباد، وهذا القول المتفق عليه ». سالم الراشدي: المرجان في أحكام القرآن، ج ١، ص ٢٣ ٢٤ « عند أصحابنا رحمهم الله انظر أيضا تفصيلات كثيرة في: معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٨٣٤ ، السالمي: ًّ شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ١، ص ١٦٢ ١٦٣ ، جوابات الإمام ، السالمي، ج ١، ص ١٩٣ ؛ أطفيش: تيسير التفسير، ج ٨، ص ٢٨٢ ٢٨٣ ، ج ١١ ، ص ١٨  د. سعيد الوائلي: البعد الحضاري لتفسير القرآن عند ا لإباضية، رسالة دكتوراة، جامعة ّ . الزيتونة المعهد الأعلى لأصول الدين، ١٤٣٠ ه ٢٠٠٩ م، ص ١٠٩(١) إن كنت تعني أنه » : بخصوص سؤال: أتقولون إن الخير والشر كله من الله؟ يقول البسيوي من خلق الله فنعم الخير والشر كله خلق من الله، خلقه على ما هو عليه، فهو من الله خلق، . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ١، ص ٤٩٧ ،« ومن العباد عمل ويبدو أن الإباضية بخصوص هذه المسألة لا يختلفون عن المذاهب السنية، لذلك قيل: ّ علي يحيى معمر: « يبدو أنه لا خلاف بين الإباضية وأهل السنة في موضوع القدر » ّ الإباضي ّ ة بين الفرق الإسلامية، مكتبة الضامري، سلطنة ع ُ . مان، ص ٢٢٠(٢) إن الشريعة الإسلامية رجحت مذهب حرية » : يقول المرحوم د. محمود نجيب حسني الاختيار، فيقول الله تعالى: ﴿ !" &%$# ')( * + ﴾ [ [النور: ٥٩ . ويقول سبحانه: ﴿ XWVUTS ﴾ [ [النحل: ١٠٦ ويقول سبحانه: ﴿ qp onmlkji ﴾ [ [البقرة: ١٧٣ د. محمود نجيب حسني: الفقه ،« . الجنائي الإسلامي، ص ٥٣٣ يقصد إليه وكذلك إذا نطق العربي بما يدل على هذه المعاني بلفظ أعجمي لا يعرف معناه فإنه لا يؤخذ بشيء من ذلك لأنه لم يرده، فإن الإرادة لا « تتوجه إلا إلى معلوم أو مظنون(١) . ولا شك أن القاعدة المذكورة أعلاه تنطبق خصوصا على الجرائم ً القولية: كالسب والقذف وشهادة ا لزور. :»fÉédG á«dhDƒ°ùe •Éæe …ƒæ©ªdG øcôdG (ê  تبدو أهمية الركن المعنوي في أنه مناط مسؤولية الشخص عن الفعل المنسوب إليه، وبالتالي فهو يبين ما إذا كان الشخص مسؤولا عن فعله أو غير مسؤول، وكذلك يظهر نوع الجريمة، المنسوبة إليه، وكذلك العقوبة واجبة ا لتطبيق. وقد أوضح ا لإباضية ما قلناه أعلاه بأمثلة متنوعة وكثيرة، نذكر منها ما ّ يلي: وهكذا بخصوص من دعا صبيا ففزع وركض فعثر فانكسر بعض أعضائه هل يضمن؟ يقول السالمي: إذا أراد بذلك إفزاعه ضمن، وإن لم يرد إفزاعه فلا ضمان عليه إلا إذا أعجله فوق المعتاد فحينئذ يضمن(٢) . (١) الإمام ابن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، . ج ٢، ص ١٢٠ ١٢١(٢) جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٣٩٦ ، وفي معنى قريب، قيل: ومن رأى في نخلة صبيا يخرف منها رطبا جنيا ّّ قال له: عن نخلة الأنام انزل وخل مذهب اللئام ولم يرد إفزاعه ففزعا فلا ضمان إن بذلك صرعا أبو عبيد السمائلي: هداية المبصرين في فتاوى المتأخرين، ص ٤٩٩ ، انظر أيض ً ا: . الشيخ عبد الله الخراسيني النزوي: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، ج ٣، ص ٣٥٢ وبشأن الذي عنده عبد مريض مدنف لا حفظ له من شدة ما به من المرض أيجوز له أن يسقيه إذا ظن أنه لا يخلو من عطش أم لا؟. وإن سقاه برأي نفسه فشرقه الماء فمات أيكون ضامن ً ا أم لا ضمان عليه إذا كان مراده سقيه عن العطش والمريض لا حفظ معه حتى يأمره بسقيه أو ينهاه عن السقي؟ يقول ا لخليلي: لا بأس عليه أن يسقيه على رجاء المصلحة له فهو مما يؤمر به وعليه » يؤجر ولا يتركه عطشان، إذا كان هو لا يستطيع التعبير عما به، فالقائم بأمره هو الناظر صلاحه، وإن شرق في ذلك لم يضمنه إذا كان ذلك باجتهاده من « غير تعد فيه لفعل مثله(١) . كذلك جاء في منهج ا لطالبين:  وإن أحرق بيت » ً ا لغيره، ولم يعلم أن فيه أحد ً ا، فعليه الدية، وإن علم أن فيه أحد ً ا، فتعمد لذلك، فعليه ا لقود. وقيل: يحرق بالنار. « وقيل: يقتل بالسيف، في قول أبي معاوية(٢) . (١) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٩، ص ٢٣٥ ، وبخصوص كتب الشخص لا يجد من يعيره أيجوز له سرقها أو أخذها قهرا على نية الانتفاع منها من قراءة أو نسخ ً وردها على أهلها كان يتيما أو بالغ ً ا، وكذلك المصاحف تكون أحكامها (كأحكامها) في ً الجواز والمنع أم لا؟ يقول ا لخليلي: إن كان هو من أهل الثقة والأمانة وممن يجب لمثله بذل الحكمة فيكون منعها منه ومنعه »منها ظلما له ولها بشهادة الحديث عن رسول الله ژ : لا تضعوا الحكمة في غير أهلها » ً « فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم ولم تكن موجودة له إلا في هذه الكتب وهو في موضع الحاجة إليها لنفسه أو لغيره فيعجبنا جواز ما ذكرته وقد رفع لنا جواز ذلك (عن) .( ذات المرجع، ص ١٠٥ ١٠٦ ) « الشيخ الصبحي(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٦٩٧ = كذلك جاء في ا لبصيرة: وإن رجع بعض الشهود وقد قام الحد: لزم من رجع أرش الحد، وإن »  ْ .« كان مرجوما كان ا لدية ً = في علة الجدري رأيت بعض المسلمين » : وبخصوص المسؤولية عن عدوى الأمراض، قيل .« يسموا إلى أنها تعدو وبعضهم ينفي ذلك ولا يراه فإن صح أنها تعدي وخالط من به العلة في أكله وشربه ومماسته وجماعه عمد ً ا منه ليصيبه نحو ما أصابه إن أصابه الجدري ومات منه فأخاف عليه ا لدية. وإن تعمد هذا العليل على قتل « فإذا ثبت العدو منه وصح ذلك وكذلك القول في الحصبة هذا الصحيح بهذه العلة وصح أنها تؤثر فيمن لم يصطحب بها خفت عليه ا لقود. وكذلك القول فيمن به علة الجزام إلا أن علة الجزام لا تقتل سريعا مثل الجدري ً والحصبة. فيعجبني أن تلزم الدية ولو لم يمت لأن الدية تجب للإنسان وهو حي بأشياء كثيرة وهذا الصبحي: « أشد فيما عندي من ذهاب الضروس والجماع، وقالوا في ذلك الدية الكبرى الجامع الكبير، ج ٣، ص ٢١٨ ٢١٩ ، السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة  . على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ١٨٥ كذلك بالنسبة لمن يتقي ضربة بشخص آخر، قيل: ١٩٠ ) وفي من يقي بالطفل سيف عدوه فأصبح ذاك الطفل وهو مخردل ) ُ ِ ١٩١ ) فإن كان هذا المتقي غير عامد لذلك منه وهو غر مغفل ) ُ ِ الغر : الذي لم يجرب الأمور، والمغفل الذي لا نظر له. ١٩٢ ) فضاربه خطأ تقوم بأرضه عشيرته عنه وذو الدين أوجل )١٩٣ ) وإلا أقيد المتقي ولأهله به النصف يعطى الضارب المترفل ) وعن رجل أراد أن يضرب رجلا ً فأهوى له واتقاه بصبي، فوقعت الضربة على الصبي فقتله الضارب، فقال: إن كان المتقي لم يتعمد للاتقاء بالصبي فإن ديته على الضارب، وذلك إذا أهوى الرجل، وإن كان المتقي اتقي به عمد ً ا فإن لأولياء الصبي إن شاءوا، قتلوا المتقي بصبيهم لأنه قتلة، وكان على الضارب لأولياء المقتول بالصبي نصف دية الخطأ، وعلى المتقي نصف دية العمد، وذلك إذا اتقاه بعد ما أهوي إليه بالسيف فإن كان من قبل ذلك فهو عليهما جميعا، وهو العمد، وفيه ا لقود. ً الشيخ ابن النظر: الدعائم، ج ٢، ص ٥٧٦ ٥٧٧ ، انظر أيض ً ا في ذات المعنى الجامع . المفيد من جوابات أبي سعيد، ج ٣، ص ٢٦٧ ٢٦٨ وقد قيل: على الراجع بقسطه من الدية، ولولا شهادتهم لم تجز شهادته، فإن رجعوا جميعا لزمهم كل واحد ربع الدية، وإن قالوا: تعمدنا للشهادة ً « عليه زورا، وقد رجم، كان عليهم ا لقود(١) . ً وقد أكد على هذا الدور الذي يلعبه الركن المعنوي، الإمام ابن بركة، بقوله: ومما يدل على ما قلنا إن الله تعالى وضع عن عباده الخطأ فيما تعبدهم » به إذا اخطؤوا مع قصدهم الصواب، وصحة نياتهم إذا اجتهدوا في طلب الحق أن الله تعالى عظم أمر الدماء والفروج، وأكد في تحريمها، وتوعد لمن استباح ما خصه عليه منها بأشد ا لوعيد. ثم مع هذا لو أن مسلما أراد الجهاد، فرأى رجلا ً في صف العدو فقتله، ً وهو يرى أنه من أهل الحرب، والمقتول عند الله مؤمن، لم يكن قاتله مأزورا ً إنما قصد عدو الله، ولم يكلف علم الحقيقة فيه. وكذلك لو تزوج امرأة يحسبها أجنبية، فإذا هي أخته، فهذه ونحوه يدل على أنا تعبدنا بما عندنا علمه بالظاهر، ومن حمل على الناس علم الحقيقة، وكلفهم أن يعلموا غير ما عندهم إذا اجتهدوا من حيث الاجتهاد، وطلبوا الحق وعلموا إنما هو حق عندهم، واستدلوا فقد أعظم القول على المسلمين، واجتزأ على مخالفة كتاب رب ا لعالمين(٢) . :»FÉæédG ó°ü≤dG Gô°üæY (O سبق القول: إن عنصري العلم والإرادة(٣) يشكلان جناحي القصد الجنائي، وقد أكد على ذلك أيض ً ا الفقه ا لإباضي. (١) . الأصم: البصيرة، ص ١٦٩ ١٧٠(٢) .١١ ، ابن بركة: كتاب التعارف، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٩٨٤ ، ص ١٠ ُ (٣) لكن هناك فرق ً ا بين الإرادة والمشيئة، يقول الإمام ا لسالمي: = وهكذا قيل: مسائل الحدود والقصاص مما يجتمع فيها خطاب الوضع وخطاب » فمن حيث كون إتيانها محرما فمن خطاب التكليف، وخطاب « التكليف ًّ التكليف يشترط فيه العلم والقدرة والإرادة إضافة إلى البلوغ والعقل، ومن حيث كونها سببا لوجوب العقوبة علي مرتكبها فمن خطاب الوضع وخطاب ً استثنى صاحب » . الوضع لا يشترط فيه ذلك، إلا أن الشارع استثنى قاعدتين إحداهما ،« الشرع من عدم اشتراط العلم والقدرة في خطاب الوضع قاعدتين تتعلق بالجنايات وأسباب ا لعقوبات:  الأسباب التي هي أسباب للعقوبات وهي جنايات كالقتل الموجب » للقصاص يشترط فيه القدرة والعلم والقصد فلذلك لا قصاص في قتل الخطأ (كما لا قصاص على الصبي والمجنون إذ عمدهما في حكم الخطأ) والزاني أيض ً ا (إن لم يقصد الزنا بل قصد الحلال كأن يطأ امرأة يظنها زوجته فإذا هي أجنبية فصادف الحرمة من غير قصد إليها أو كان مكره ً ا) ولذلك لا يجب الحد على المكره ولا على من لا يعلم أن الموطوءة أجنبية بل إذا اعتقد أنها امرأته سقط الحد لعدم العلم، وكذلك من شرب خمرا يعتقدها خلا لا حد ّ عليه، لعدم العلم، وكذلك جميع ً الأسباب التي هي جنايات وأسباب للعقوبات يشترط فيها العلم والقصد والقدرة، والسر في استثناء هذه القاعدة من خطاب الوضع أن رحمة صاحب الشرع تأبى عقوبة من لم يقصد الفساد ولا يسعى فيه بإرادته = أما بحسب اللغة فيستعمل كل منهما مقام الآخر، وأما بحسب استعمال الشرع، فإن »المشيئة تستعمل في إيجاد المعدوم أو إعدام الموجود، والإرادة تستعمل في إيجاد المعدوم، فالمشيئة أعم من وجه من الإرادة ومن تتبع مواضع استعمالات المشيئة والإرادة . جوابات الإمام السالمي، ج ١، ص ٢١٢ ،« في القرآن يعلم ذلك وقدرته بل قلبه يشتمل علي العفة والطاعة والإنابة فمثل هذا لا يعاقبه « ا(١) صاحب الشرع رحمة ولطف ً . كذلك جاء في فواكه ا لبستان: وفيمن رفع على سارق سرقته التي سرقها عليه أو على دابته من طريق أو » بيت، أيلزمه الضمان بلا اختلاف أم فيه اختلاف في الوجهين جميعا أم لا؟ ً الجواب وبالله التوفيق: وجدت في آثار المسلمين إذا رفع على هذا السارق السرقة من بيت المسروق فعليه الضمان. وإن رفع عليه من خارج « فقد قيل عليه التوبة ولا ضمان على ا لرافع(٢) . فلا شك أن من يرفع على السارق الشيء المسروق من داخل البيت الذي تمت فيه السرقة، فإنه يكون عالما بالسرقة ولذلك يعاقب، أما من ً يرفعه خارج ذلك البيت فالعكس هو الصحيح، ولذلك لا يعاقب، ما لم يثبت عكس ذلك. :…ƒæ©ªdG øcôdG Qƒ°U (`g ١ ماهية ا لمسألة:  ولعل خير من عبر عن الركن المعنوي بصوره المختلفة الراغب ا لأصفهاني(٣) . (١) ، زهران البراشدي: أثر القواعد الفقهية في التطبيق، الطبعة الأولى، ١٤٢٩ ه ٢٠٠٨ م، ج ١ وتعقب على هذا بأنه ليس ذلك باستثناء من » ص ١٢٦ ١٢٧ . إلا أن ذات المؤلف أضاف خطاب الوضع ولكنه ازدوج في هذه الأمور خطاب التكليف وخطاب الوضع فلحقها اشتراط العقل وما معه من جهة خطاب التكليف لا من جهة خطاب الوضع فإنه يرتفع التكليف مع ذات المرجع، ذات ا لموضع. « عدم تلك الأوصاف فيرتفع خطاب الوضع المرتب عليه (٢) المحليوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، وزارة التراث القومي والثقافة، ّ . ١٤٠٩ ه ١٩٨٩ م، ص ٤٢٩ ، سلطنة عمان، ج ٢ ُ (٣) حيث يقول تحت باب ما يستحق به اللوم وما لا يستحق: = الباب الثاني: الجريمة في الفقه الإباضي ٤١١ وقد أشار القرآن الكريم إلى أهم صورتين للركن المعنوي، وهما العمد والخطأ: يقول تعالى: ﴿ zyxw }|{ ~ ﮯ ¡ ﴾ [ [الأحزاب: ٥ ، ويقول أيض ً ا: ﴿ !" &%$# '( ﴾ [ [النساء: ٩٢ . ويقول أيض ً ا: ﴿ hgfedc rqponmlkji ﴾ [ [النساء: ٩٣ . = الأفعال ضربان: إرادي وضرب غير إرادي، والإرادي ضربان: ضرب عن روية وضرب لا »  عن روية، والذي عن روية ضربان أحدهما: الذي عن روية تظن في غاية الشرف وهو ما يكون بحسب النفس الناطقة ويسمى الاختيار وهو طلب ما هو خير له ويستحق أبد ً ا به الحمد إذا كان على الحقيقة ا ختيارا. والثاني: على روية فيما ليس هو في غاية الشرف، ً وذلك إما بحسب القوة الغضبية وهو دفع ما يضره وإما بحسب القوة الشهوية، وكل واحد منهما إذا كان بقدر ما يوجبه العقل يستحق به الحمد، وإذا كان زائد ً ا أو ناقصا يستحق الذم، ً والإرادي الذي عن غير روية واختيار ضربان: أحدهما: ما يفعله في نفسه والثاني بغيره.  وكل ضربان نفع وضر فما قصد به نفع نفسه فقد يستحق به الحمد والشكر معا، وما قصد ً به ضر نفسه فقد يستحق به الذم والعتب عليه، وغير الإرادي ثلاثة أضرب. الأول: يكون قسريا ومبدأه من خارج ولا يكون من أربابه معونة بوجه كمن رفعته ريح فسقط على آنية فكسرها. والثاني: أن يكون إلجائيا كمن أكرهه سلطان على فعل ما، وهذا متى كان الملجأ إليه قبيحا جدا والسبب الملجئ إليه خفيف ً ا يستحق مرتكبه الذم كمن يضرب على أن يقتل إنسان ً ا، ومتى كان الملجأ إليه ليس بحميد بل قبيح، وكان السبب الملجئ إليه عظيما لا يستحق مرتكبه الذم كمن يوضع على حلقه السيف فيهدد بأن يقتل إن لم يتكلم بكل قبيح وكلاهم يقال له الإكراه، والثالث: الخطأ وهو ما يكون مبدأه من صاحبه، وذلك نوعان: أحدهما: ما تولد عن فعل وقع منه وله أن يفعله، كمن يرمي هدف ً ا فيصيب إنسان ً ا وذلك يستحق به ملامة ما لم يقع من صاحبه تقصير في الاحتراز، والثاني: ما يتولد عن فعل ليس له أن يفعله كمن شرب فسكر فحمله سكره على أن كسر إناء، وضرب إنسان ً ا فإن ذلك يستحق الملامة، وإن لم يكسر الإناء وضرب الإنسان فقد ارتكب محظورا أدى به إلى وقوع ً ذلك منه، فالضرب الأول يقال له أخطأ فهو مخطئ، والثاني يقال له خطئ فهو خاطئ، الراغب الأصفهاني: الذريعة إلى « ولهذا قال أهل اللغة: خطئ في العمد وأخطأ في غيره . مكارم الشريعة، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ١٣٩٣ ه ١٩٧٣ م، ص ٢٢٢ ٢٢٣ وإذا كان فقهاء المسلمين قد سلموا بالعمد والخطأ كصورتين من صور شبه » القصد الجنائي، إلا أنهم اختلفوا بخصوص صورة ثالثة له وهي « العمد(١) ، بل ويذكر البعض خمس صور(٢) .   (١) ذكر الله » : يقول الإمام القرطبي ملخصا هذا الاختلاف ومبينا رأيه فيه 8 في كتابه العمد ً والخطأ ولم يذكر شبه العمد وقد اختلف العلماء في القول به؛ فقال ابن المنذر: أنكر ذلك مالك، وقال: ليس في كتاب الله إلا العمد والخطأ. وذكره الخطابي أيض ً ا عن مالك وزاد: وأما شبه العمد فلا نعرفه. قال أبو عمر: أنكر مالك والليث بن سعد شبه العمد؛ فمن ق ُ تل عندهما بما لا يقتل مثله غالبا كالعضة واللطمة وضربة السوط والقضيب وشبه ذلك فإنه ً عمد وفيه القود. قال أبو عمر: وقال بقولهما جماعة من الصحابة والتابعين. وذهب جمهور فقهاء الأمصار إلى أن هذا كله شبه العمد. وقد ذ ُ كر عن مالك وقاله ابن وهب وجماعة من الصحابة والتابعين. قال ابن المنذر: وشبه العمد يعمل به عندنا. ومن أثبت شبه العمد  الشعبي والحكم وحماد والنخعي وقتادة وسفيان الثوري وأهل العراق والشافعي، وروينا ذلك عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب ^ . قلت: وهو الصحيح؛ فإن الدماء أحق ما احتيط لها إذ الأصل صيانتها في أهبها، فلا تستباح إلا بأمر بين لا إشكال فيه، وهذا فيه إشكال؛ لأنه لما كان متردد ً ا بين العمد والخطأ حكم له بشبه العمد؛ فالضرب مقصود والقتل غير مقصود، وإنما وقع بغير القصد فيسقط القود وتغلظ الدية. وبمثل هذا جاءت السنة؛ روى أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله ژ قال: ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط » « والعصا مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها . وروى الدارقطني عن ابن عباس قال: قال رسول الله ژ : العمد قود اليد والخطأ عقل لا قود فيه ومن قتل » ُ في عمية بحجر « أو عصا أو سوط فهو دية مغلظة في أسنان ا لإبل . وروي أيض ً ا من حديث سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله ژ : عقل شبه العمد » « مغلظ مثل قتل العمد ولا يقتل صاحبه . وهذا نص. وقال طاوس في الرجل يصاب في الرميا في القتال بالعصا أو السوط أو الترامي بالحجارة. يودى ولا يقتل به من أجل أنه لا يدري من قاتله. وقال أحمد بن حنبل: العميا هو الأمر الأعمى للعصبية لا تستبين ما وجهه. وقال إسحاق: هذا في تحارج القوم وقتل بعضهم بعض ً ا. فكأن أصله من التعمية ، الإمام القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٥ « وهو التلبيس؛ ذكره الدارقطني . ص ٣٢٩ ٣٣٠ (٢) تعمد القتل على خمسة أوجه: عمد، وشبه عمد، وخطأ، وما جرى » : يقول الإمام ابن الشحنة = ٢ التقسيم الثلاثي للركن ا لمعنوي: يأخذ الفقه الإباضي بتقسيم ثلاثي للركن المعنوي، فيقسمه إلى عمد، وخطأ، وشبه عمد، يقول الإمام ابن بركة: والقتل على ثلاثة أصناف: قتل عمد وفيه القصاص أو الدية إن اختار » الولي ذلك. وقتل خطأ لا قود فيه وفيه الدية (وهي على العاقلة، وقتل شبه ُ العمد لا قصاص له) وفيه الدية مغلظة على القاتل في نفسه. فقتل العمد هو من قصد إنسان ً ا بضرب يريد بذلك قتله، والخطأ من قصد شيئ ً ا مباح ً ا له فتعدى الفعل إلى إنسان فقتله وهو كالرامي للصيد، فتحمل الريح السهم فتقتل مسلما، أو يرمي حيث مباح له ذلك، فيتولد من ً = مجرى الخطأ، والقتل بسبب، فالعمد ما تعمد ضربه بسلاح أو ما جرى مجرى السلاح في  تفريق الأجزاء كالمحدد من الخشب والحجر والنار، وموجب ذلك الإثم والقود إلا أن يعفو الأولياء، ولا كفارة فيه. وشبه العمد: عند أبي حنيفة 5 أن يتعمد الضرب بما ليس بسلاح ولا ما جرى مجرى السلاح. وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: إذا ضرب بحجر عظيم أو بخشبة عظيمة فهو عمد لأنه لا يقصد إلا القتل، وموجب ذلك على القولين الإثم والكفارة، ولا قود فيه وفيه دية مغلظة على العاقلة. والخطأ على وجهين: خطأ في القصد، وهو أن يرمي شخصا يظنه صيد ً ا فإذا هو آدمي، وخطأ في الفعل، وهو أن يرمي غرضا ً فيصيب آدميا وموجب ذلك الكفارة والدية على العاقلة ولا إثم فيه. وأما ما جرى مجرى الخطأ فمثل النائم ينقلب على رجل فيقتله فحكمه حكم الخطأ. وأما القتل بسبب: فكحافر البئر وواضع الحجر في غير ملكه، وموجبه إذا تلف فيه آدمي الدية على العاقلة، ولا كفارة فيه. والكفارة في شبه الخطأ عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، ولا يجزئ فيهما الإطعام لقوله تعالى: ﴿ ,+* -. 0/ ﴾ [ [النساء: ٩٢ . الإمام ابن الشحنة الحنفي: لسان الحكام في معرفة الأحكام، مطبعة مصطفى البابي . الحلبي، القاهرة، ١٣٩٣ ه ١٩٧٣ م، ص ٣٨٩ ٣٩٢ التي استخدمها ابن الشحنة في صدر رأيه لا تنطبق على كل « تعمد » ولا شك أن كلمة الصور التي ذكرها، ومنها الخطأ، وما جرى مجراه، إذ فيها يختفي العمد تماما. لذلك يا .«.... القتل » حبذا لو كان لم يستخدم تلك الكلمة وحذفها وبدأ كلامه بالكلمة التالية لها فعله المباح قتل إنسان، وشبه العمد هو أن يقصد الضارب بالضرب إنسان ً ا ولا يريد قتله فيموت، فهذا هو القتل الذي شبه العمد، ولا تعقل العاقلة « الاعتراف ولا الصلح ولا جناية عبد ولا دية عمد(١) . أولا ً : العمد: أما العمد(٢) إخراج الرمية عمد » : ، فهو ً ا من يد مخرجها إن كان مكلف ً ا نافذ الأحكام إلى شخص معين تتكافأ دماء الضارب والمضرب من جميع (١) ، ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٤٩٦ ٤٩٧ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٥٥ ٢٥٧ ؛ الشيخ عبد الله الخراسيني: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، ج ٣ ص ٣٦١ ، جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٦٥ ٢٦٨ ، أطفيش: ، شرح النيل، ج ١٥ ، ص ١١٥ ١٢٤ ، الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٣٠ ٢٣٢ . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٢١٩ ٢٢٠ ويقول ا لناظم:  وسبب التأثير إما عمد أو شبهه أو خطأ لا قصد فالعمد أن يقصده لقتله وشبهه قصد لغير قتله وإن عرى من قصده فهو الخطا ودية تلزمه لو سخطا وعتق رقبة إذا كان قتل وأرشه إن كان جرحا قد فعل ً ولا قصاص فيه لا ولا قود ويلزمانه إذا له اعتمد . الإمام السالمي: أنوار العقول مدارج الكمال كشف الحقيقة، ص ١٥٤ حري بالذكر أن الإمام ابن بركة (وكثير من الإباضية) إذا كان قد قصر في كلامه ّ الأقسام الثلاثة على القتل فقط، فإن العلامة جميل بن خلفان قد مد ذلك وبحق إلى القتل والجروح وكسر العظام وإزالة بعض منافع من الإنسان ونحو » جرائم أخرى ليشمل . جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٦٥ « ذلك(٢) أن يتعمد قتل النفس بما يقطع بحده » : فهو « العمد المحض » أو ما يسميه الماوردي كالحديد، أو بما يمور في اللحم مور الحديد، أو ما يقتل غالبا بثقله كالحجارة والخشب، ً فهو قاتل عمد يوجب الحد. وقال أبو حنيفة: العمد الموجب للقود ما قتل بحده من حديد وغيره إذا مار في اللحم مورا، ولا يكون ما قتل بثقله أو ألمه من الأحجار والخشب عمد ً ا ً ولا يوجب قود ً . الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ٣٨٠ « ا = « الوجوه من غير إباحة شرعية(١) . أن تخرج الرمية من يد عاقل مكلف » أو هو نافذ الأحكام على شخص معروف يتكافأ دمه ودم القاتل من كل الوجوه « مما لا يحل قتله(٢) . ويرى ا لإباضية أن أنواع العمد (بخصوص القتل) أربعة: ّ الغيلة: وهو أن يغتال أحد ً ا؛ كأن يدعوه لطعام مثلا ً أو إلى جماعة في مكان أو لأمر خيري في الظاهر مما هو مغتر غافل لا يدري ما يراد به فيقتل ُُ = يتضح من ذلك أنه بخصوص العمد يوجد اتجاهان في الفقه الإسلامي يتعلقان بالمباشرة (اتجاه القصد) والآلة أو الأداة المستخدمة، وهو خلاف شرحه بطريقة جيدة المرحوم الشيخ أبو زهرة، بقوله: وأشدهم تشديد » ً ا في أدلة العمد وإرادة النتائج أبو حنيفة ƒ وأصحابه، فقد حصروا القتل الموجب للقصاص، في القتل المباشر، بآلة ينشأ منها القتل عادة، وإنه إذا كانت الآلة كذلك، وحدثت منها الوفاة، فإن القود يثبت، وذلك لأن عقوبة القصاص هي أقصى العقوبات وأشدها، فهو كما جاء في كتاب البدائع عقوبة متناهية، ولا بد ّ أن تكون الجريمة الموجبة لها هي أقصى الجرائم وأشدها، أي: تكون جريمة متناهية خالية من أي ا حتمال. وإذا كان القتل بآلة تقتل عادة من مختار مريد يعرف أن المقتول غير مباح الدم، فقد ارتكب موجب القصاص، ولا يصدق في ادعائه عدم قصد القتل إلا بدليل ظاهر مثبت لذلك. أما الآخرون فقد اشترطوا المباشرة من غير أن يشترطوا آلة معينة للدلالة على القصد، واعتبروا القصد ثابت ً ا في كل آلة تؤدي إلى القتل، وهي تقتل عادة، كالضرب بالحجر الشديد أو الضرب بهراوة ثقيلة من شأنها أن تقتل عادة، وحجتهم في ذلك أن الضرب بكل مهلك عادة قصد إلى القتل إذا كان لا يستعمل إلا في القتل، فيكون القتل به دليلا ً على القصد كاستعمال السيف والسكين والحديد بشكل عام، إذ لا يتصور غير ذلك، فمن رمى شخصا بحجر ثقيل، واستهدف رأسه، وهو إذا أصاب الرأس يقتل حتما لا يمكن إلا ًً أن يكون قاصد ً ا القتل، وحسبه ذلك دليلا ً الشيخ محمد أبو زهرة: .« على وجود إرادة القتل . فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ص ٣٢٣ ٣٢٧ (١). جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٦٥(٢) . الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢، ص ٦٢٠ هناك، وقال بعضهم: الغيلة القتل بحيلة والإتيان على الإنسان من حيث لا يتهمه. الفتك: وهو أن يؤتى في بيته أو أي موضع هو فيه آمن مطمئن غافل لا يرى أنه يراد به بأس فيقتل فجأة، وهو الذي يقال فيه الإسلام قيد الفتك أي: مانع للفتك كما يمنع القيد الدابة، ولا يفتك مؤمن ولا فتك في ا لإسلام. الغدر: وهو أن يقتل بعد إعطاء الأمان وهو شر ا لوجوه. ُ العقص: وهو أن يضرب بحديد فيموت مكانه، ويكون في تلك الوجوه كلها أو غيرها، ويكون في القتل الجائز وغير ا لجائز(١) . (١)جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٦٨ . راجع أيض ً ا، الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢، ص ٦٢٠ ٦٢١ ، البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٦٨ ؛ أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ١١٥ ؛ المحقق الخليلي: تمهيد قواعد . الإيمان، ج ١٢ ، ص ٣٠٨ ومن القتل أيض ً ا قتل النايرة، وهو أن يقتل بعد خلاف أو خصام أو منازعة. وقد فسرت آراء أخرى بعض ً ا من المعاني المذكورة أعلاه: أن يقتل على غير شيء ا غتيالا » فقد قيل: إن قتل الفتك هو ً ، لا من قبل عداوة، ولا من الشيخ عبد الله الخراسيني: فواكه العلوم في طاعة الحي « نزاعة جرت بينه وبين القتيل . القيوم، ج ٣، ص ٣٧١ في حديث عمر » وفي تفسير الغيلة، قيل : ƒ الغيلة أن يقتل الإنسان ا ختداع ً ا، وهو الذي يقول فيه أهل الحجاز إنه ليس للولي أن يعفو عنه، يرون القتل عليه في كل حال في الغيلة خاصة، وأما أهل العراق فالغيلة عندهم وغيرها سواء إن شاء الولي عفا وإن شاء قتل، فهذا تفسير إن الغيلة أن يغتال الرجل » : العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ ، ص ١٣٦ ، ويقول النزوي .« الغيلة . النزوي المصنف، ج ٤١ ، ص ١٦ .« فيخدع في الشيء حتى يصير إلى موضع فيقتل فيه معجم « الغيلة قتل شخص خديعة ومكرا، من حيث لا يعلم ولا يشعر » : كذلك قيل ً . مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٧٨٣ ّ قال أبو الحواري » : وجاء في بيان الشرع 5 في الذي يقتل على دينه: إنه جائز لمن قتل قاتل ذلك المقتول على دينه، وقال: إنه يقتل غيلة وقال أيض ً ا: وجائز أن يقتل قاتل المقتول = أن يؤخذ الإنسان أسيرا فيقتل، » وهو « الصبر » ويوجد نوع خامس وهو ً « والصبر نصب الإنسان للقتل(١) .  ويقول النزوي بخصوص قتل ا لفتك: وأما الفتك فهو أن يأتي الرجل الرجل وهو غار مطمئن لا يعلم بمكان  الذي يريد فتكه حتى يفتك به فيقتله. وكذلك لو كمن له في موضع ليلا ً أو نهارا فإذا وجد غرة فقتله. ً ومن حديث الزبير حين أتاه رجل فقال: ألا أقتل لك عليا؟ قال: وكيف تقتله؟ قال: أفتك به. فقال: قال رسول الله ژ : قيد الإيمان الفتك، لا يفتك » « مؤمن(٢) .  = الكندي: بيان الشرع .« بشهرة الخبر ولو لم تكن بينة عدل تشهد إنه قتله بالعيان . ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١٢٢ وبخصوص القتل غيلة يوجد رأيان في الفقه ا لإسلامي: الأول : وهو رأي الجمهور ويرى أن القتل غيلة وغيره سواء في إيجاب القصاص، والثاني : وهو رأي الملكية وابن تيمية، ويرى أن القتل غيلة يوجب الحد لا ا لقصاص. راجع تفصيلات كثيرة في د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٦٠٦ ٦٠٧ . ومن المعلوم أن بعض الفقهاء خصوا بعض الجرائم العمدية بعقوبة أشد من القصاص، فجعلوه حدا (ومنها الغيلة، والعود في الجريمة، واقتران المحاربة بجريمة أخرى). ومن الثابت أن هناك فارق ً ا بين القتل قصاصا (وهذا يجوز ً فيه العفو)، والقتل حدا (وهو لا يجوز فيه العفو)، انظر أيض ً . ا ذات المرجع، ص ٦٠٥ ٦٠٦(١) الشيخ سعيد الحارثي: نتائج الأقوال من معارج الآمال ونثر مدارج الكمال، مكتبة الجيل . الواعد، مسقط، ١٤٣١ ه ٢٠١٠ م، ص ١٥٢ ؛ النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٦(٢) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٦ وأما إذا كان يقتل النفوس سرا، لأخذ المال؛ مثل الذي يجلس في خان » : كذلك قيل يكريه لأبناء السبيل، فإذا انفرد بقوم منهم قتلهم وأخذ أموالهم. أو يدعو إلى منزله من يستأجره لخياطة، أو طب أو نحو ذلك فيقتله، ويأخذ ماله، وهذا يسمى القتل غيلة، ويسميهم بعض العامة المعرجين فإذا كان لأخذ المال، فهل هم كالمحاربين، أو يجري عليهم حكم القود؟ فيه قولان للفقهاء: = ولا يخفى على كل ذي لب أن تلك الصور الخمسة تندرج كلها « سبق ا لإصرار » تحت ما يسميه القانون الجنائي الحديث(١) . ثانيا: شبه ا لعمد: ً وأما شبه ا لعمد(٢) أن يكون عامد » : ، فقد عرفه الماوردي بقوله ً ا في الفعل « غير قاصد للقتل(٣) . = أحدهما: أنهم كالمحاربين، لأن القتل بالحيلة كالقتل مكابرة، كلاهما لا يمكن الاحتراز منه؛ بل قد يكون ضرر هذا أشد؛ لأنه لا يدري به. والثاني: أن المحارب هو المجاهر بالقتال، وأن هذا المغتال يكون أمره إلى ولي الدم.  .« والأول أشبه بأصول الشريعة؛ بل قد يكون ضرر هذا أشد؛ لأنه لا يدري به  واختلف الفقهاء أيض ً ا فيمن يقتل السلطان، كقتلة عثمان، وقاتل علي ^ هل هم كالمحاربين، فيقتلون حدا، أو يكون أمرهم إلى ولي الدم على قولين في مذهب أحمد وغيره لأن في قتله فساد ً ا عاما. ابن تيمية: السياسة الشرعية، الهيئة العامة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الرياض، . ١٩٩٢ ، ص ٦٠ (١) القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جناية أو جنحة يكون غرض » : وسبق الإصرار هو المصر منها إيذاء شخص معين، أو أي شخص غير معين، وجده أو صادفه، سواء كان ذلك ّ القصد معلق ً ا على حدوث أمر، أو موقوف ً المادة ٢٣١ من قانون العقوبات ا لمصري. « ا على شرط إذ تعمد إنسان أن يصدم آخر بسيارته قاصد » ومن أمثلة العمد ً ا إتلافه، فهل يعتبر قاتلا ً متعمد ً ا؟ وماذا يجب عليه؟ يقول المفتي العام لسلطنة ع ُ مان: نعم له حكم قاتل العمد، ويحكم عليه بالقصاص إن ثبت ذلك عليه بإقراره أو ظهور »قرائن العمد في فعله، ويبوء بينه وبين ربه بوزر القاتل عمد ً .« ا . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى، الكتاب الخامس، ص ١٤٤ (٢) لا تعرف الشريعة شبه العمد إلا في القتل والجناية على ما دون » : يقول عبد القادر عودة النفس وهو غير مجمع عليه من الأئمة، فمالك لا يعترف به في القتل ولا فيما دون القتل. ويرى أنه ليس في كتاب الله إلا العمد والخطأ فمن زاد قسما ثالث ً .« ا زاد على ا لنص ً . عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٤٠٦ (٣) الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ٣٨٢ . انظر أيض ً ا في الجريمة ذات النتيجة متجاوزة القصد، د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية . والقانون، ص ٣٢٣ ٣٢٥ ويأخذ ا لإباضية بشبه العمد كالجمهور وخلاف ً ا للمالكية ّ ويرون أنه: أن يقصد الضارب إنسان » ً ا بالضرب ولا يريد القتل، ويدفعه ولا يريد « قتله فيموت، فهذا هو القتل الذي يشبه ا لعمد(١) . ويقول البطاشي: إن شبه العمد يكون: بالضرب بما لا يقتل عادة كعصى خفيفة وضربة خفيفة أو ريشة » فيموت المضروب مكانه أو في غير مكانه مع بيان صحة أن مبدأ ضره من تلك الضربة وذلك الضرب يكون عمد ً ا، وإنما سمي شبه العمد لأنه وإن وقع عمد ً ا لكنه لم يتعمد القتل بحسب الظاهر قال القطب :5 وفي الأثر شبه العمد أن يضرب بيده أو يرميه ولا يريد قتله أو نحو ذلك مما لا يقتله عادة فديته دية العمد، وقيل: فيه القصاص إلا أن أراد الولي الدية وعن ابن محبوب: لو رمى رجل رجلا ً ببعرة متعمد ً ا بها قتله فهو عمد وفيه القتل ولا كفارة فيه وفي الخطأ وشبه « العمد ا لكفارة(٢) . وأما شبه العمد فهو: أن يضرب بما لا يقتل مثله » : ويقول الجيطالي مثل الريشة ونحوها ثم يموت المضروب مكانه وفيه اختلاف، قال بعضهم: فيه دية ولا قود ولا تعقله العاقلة. وهي مغلظة على القاتل يديها في سنة واحدة. وقال آخرون: يقاد منه لأنه تعمد ضربه وإن لم يتعمد « قتله(٣) . (١) . الشيخ ابن النظر: الدعائم، ج ٢، ص ٥٣٠(٢) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٦٧ (٣) . الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢، ص ٦٢١ ٦٢٢ وهكذا يعتمد الإباضية شبه العمد كصورة من صور القصد الجنائي(١) . ّ (١) وقد أثار ذلك حالات وأسئلة كثيرة في الفقه ا لإباضي: من ذلك ما جاء في الجامع ا لمفيد: وسئل عن رجل دفر رجلا » ً ، وأراد أن يصرعه في موضع مستوي فصرع في طوى فمات. هل يكون هذا شبه ا لعمد؟ قال: معي أنه قيل إذا كان فعل شيئ ً ا من المظالم لا يريد بذلك قتله عامد ً ا للفعل به فمات هو شبه العمد في ا لدية. قلت له: فهذا يكون في مال الجاني أم هذا مما يعقله ا لعاقلة؟ .« قال: معي أنه يكون عليه في ماله . الجامع المفيد من جوابات أبي سعيد، ج ٥، ص ٢٩٣ ٢٩٤ ، ج ٣، ص ٢٦٧ وجاء في لباب ا لآثار: ما خرج من القتل على شبه العمد فهو عمد وخارج مخرج العمد وفيه القود وقال من »قال من المسلمين: شبه العمد من باب الخطأ ويحكم به على حكم الخطأ فيه وشبه العمد هو أن يضربه ولا يريد قتله أو يضربه بما لا يقتل مثله في التعارف، وقيل: إنه بمنزلة العمد وفيه القود أو الدية المغلظة على ثلاثة، وقيل: إنه بمنزلة الخطأ لا قود فيه وفيه .« الدية المخفضة على خمسة، وقيل: فيه الدية ا لوسطى السيد مهنا بن خلفان البورسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ١٨٤ ؛ راجع أيض ً . ا الخراساني: المدونة الصغرى، ج ٢، ص ٣١ وبخصوص سؤال: ما الفرق بين شبه الخطأ، وشبه العمد في التصوير، أما شبه العمد فمعلوم، لكن كيف صورة شبه الخطأ، وهل من فرق بينهما في الحكم؟ وهل ترى القول بالقود في شبه العمد شديد ً ا، فإني بين إقدام وإحجام، فإن هذا الرامي قصد برميه ذلك الشخص بعينه تعمد ً ا، لكن لم يقصد قتله وليس ما رماه به من شأنه القتل عادة، لكن ّ وافق وقوعه عليه حضور الموت أرجو التحقيق في هذا، يقول ا لسالمي: لا فرق بين المعنيين، وإنما هما عبارتان عن معنى واحد، ولم أعرف من عبر عنه بشبه »الخطأ، والوارد في خطبة النبي ژ يوم الفتح على باب الكعبة في رواية الربيع، من بلاغ أبي عبيدة: (الخطأ شبه العمد) وكذلك ورد عند النسائي وغيره من حديث عبد الله بن عمر وعبر عنه أكثر الفقهاء (شبه العمد) والحديث يدل على إثبات واسطة بين العمد والخطأ، وهو المعبر عنه بشبه العمد، وزعم بعضهم أن القتل لا يكون إلا عمد ً ا محضا أو خطأ محض ً ا، فأما شبه العمد فلا يعرف وهو قول مالك، والأول مذهبنا، وقال محمد بن = الضرب أو » ولا شك أنه يقترب في القوانين الجنائية الحديثة من جرائم الجريمة متعدية ا لقصد). ) « الجرح المفضي إلى موت ثالث ً ا: ا لخطأ:  • ماهية ا لخطأ: وأما الخطأ ففيه يتم ارتكاب جريمة غير عمدية رغما عن قصد الجاني، ً بل وضد إرادته(١) : = محبوب 5 ، ولو رماه ببعرة متعمد ً .« ا به له ولا يريد قتله فقتله كان عليه القود بذلك . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٣٩٤ ٣٩٥ كذلك قيل: يوجب الإباضية على القاتل في شبه العمد دية مغلظة. قال القطب أطفيش في ّ وفي شبه العمد خمس وعشرون بنت مخاض، وكذا خمس وعشرون بنت » : شرح النيل .« لبون، وكذا خمس وعشرون حقة، وكذا خمس وعشرون جذعة لبازل عامها والدية في شبه العمد على العاقلة، وخالف ابن بركة لجعلها على القاتل وحده دون ». معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٧٤٠ .« العاقلة ّ (١) من خير من بحث فكرة الخطأ في الفقه الإسلامي الجنائي الحديث، عبد القادر عودة. فهو يقسم الخطأ على نوعين: الخطأ ا لمتولد : هو ما تولد عن فعل مباح أو فعل أتاه الفاعل وهو يعتقد أنه مباح، والخطأ المتولد إما أن يكون مباشرا كمن يرمي طائرا فيصيب شخصا، وكمن يرمي جنديا في ًًً ً صفوف الأعداء أو عليه لباسهم معتقد ً ا أنه من العدو ثم يتبين أنه من جنود الوطن. وإما أن يكون بالتسبب كمن يحفر بئرا في الطريق العام بإذن من ولي الأمر ولا يتخذ ً الاحتياطات لمنع المارة من السقوط فيها. الخطأ غير ا لمتولد : هو كل ماعدا الخطأ المتولد، وهو إما أن يكون خطأ مباشرا فيقع من ً المخطئ مباشرة دون واسطة، كما لو انقلب نائم على صغير بجواره فقتله، وإما أن يكون خطأ بالتسبب، وهو ما يتسبب فيه المخطئ دون أن يقع منه مباشرة، كما لو حفر شخص بئرا في الطريق العام دون إذن ولي الأمر فوقع فيها أحد المارة، وكما لو وضع شخص ً أحجارا في الشارع العام دون إذن فاصطدم فيها شخص وأصيب. ً ويطلق بعض الفقهاء على الخطأ المتولد المباشر لفظ الخطأ مطلق ً ا من كل قيد، ويسميه بعضهم الخطأ المحض، أما الخطأ المباشر غير المتولد، والخطأ بالتسبب متولد ً ا وغير = أن يتسبب إليه في القتل من غير » ولذلك قيل إن الخطأ المحض هو « قصد(١) أن يقصد بفعله شيئ » ، أو هو ً ا فيصادف فعله غير ما قصده. مثل أن « ا(٢) يقصد قتل كافر فصادف قتله مسلم . ً كثيرة » وقد ذكر الإمام القرطبي أن وجوه الخطأ وصوره  « لا تحصى يربطها عدم القصد(٣) . وعن النبي ژ قال: إن » = متولد، فيسمونه اصطلاح ً ا ما جرى مجرى الخطأ. ومن الفقهاء من لا ينوع الخطأ ولا يفرق بين صوره المختلفة ويسميها جميعا خطأ. ً ويقول إن ثمة قاعدتين تحكمان ا لخطأ: » القاعدة ا لأولى : إذا أتى الجاني فعلا ً مباح ً ا أو يعتقد أنه مباح فتولد عنه ما ليس مباح ً ا فهو مسؤول عنه جنائيا، سواء مباشرة أو تسبب فيه، إذا ثبت أنه كان يمكنه التحرز منه، فإذا كان لا يمكنه التحرز  منه إطلاق ً ا فلا مسؤولية. القاعدة ا لثانية : إذا كان الفعل غير مباح فأتاه الجاني أو تسبب فيه دون ضرورة ملجئة، فهو تعد من غير ضرورة، وما نتج عنه يسأل عنه الجاني جنائيا سواء كان مما يمكن التحرز .« عنه أو ما لا يمكن التحرز عنه . عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٤٣٥ ٤٣٦ ومن صور الخطأ أيض ً وهو يفترض أمرين: ،« الخطأ المشترك » ا ١ أن يوصف فعل المضرور والمسؤول بالخطأ. ٢ ألا يستوعب أحد الخطأين للآخر بأن يستقل كل خطأ منهما في وقوع ا لضرر. فإذا اشتملت الواقعة على هاتين الخاصيتين وصفت بالخطأ المشترك، وإذا انتفت عنها إحدى الخاصيتين انتفى وصف الخطأ المشترك عنها. د. علي عبده محمد: الأخطاء المشتركة وأثرها على المسؤولية، دار الفكر الجامعي، . الإسكندرية، ٢٠٠٨ ، ص ٤٢٣ ٤٢٤ (١) . الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ٣٨١ (٢) ابن رجب الحنبلي: جامع العلوم والحكم شرح خمسين حديث ً ا من جوامع الكلم، دار نهر . النيل، القاهرة، ص ٣٢٧ (٣) وضرب لذلك أمثلة، مثل أن يرمي صفوف المشركين فيصيب مسلما. أو يسعى بين يديه ً من يستحق القتل من زان أو محارب أو مرتد فطلبه ليقتله فلقي غيره فظنه هو فقتله فذلك خطأ. أو يرمي إلى غرض فيصيب إنسان ً ا أو ما جرى مجراه؛ وهذا مما لا خلاف فيه. = « الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان واستكرهوا عليه(١) . = والخطأ اسم من أخطأ خطأ وإخطاء إذا لم يصنع عن تعمد؛ فالخطأ الاسم يقوم مقام الإخطاء. ويقال لمن أراد شيئ ً .« ا ففعل غيره: أخطأ، ولمن فعل غير الصواب: أخطأ .( القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٥، ص ٣١٣ (النساء: ٩٢ (١) ونقل الخلال عن أحمد أنه قال: من زعم أن الخطأ والنسيان » : بخصوص هذا الحديث قبل مرفوع فقد خالف كتاب الله وسنة رسول الله ژ فإن الله أوجب في قتل النفس والخطأ ُ الكفارة. والحديث دليل على أن الأحكام الأخروية من العقاب معفوة عن الأمة المحمدية إذا  . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٣١٩ ٣٢٠ « صدرت عن خطأ أو نسيان أو إكراه ولم يؤخذ القاتل خطأ بجريرة القتل وعقابه الأصلي وهو » : ويقول الشيخ أبو زهرة القصاص صورة ومعنى لأنه ليس بمجرم على التحقيق، وأن غيظ أولياء الدم في الجناية ليس عادلا ً ، وكان يجب عليهم أن يفرضوا المعذرة، بدل أن يفرضوا القصاص، وذلك لأن الله تعالى رفع إثم الخطأ، إذ قال عليه الصلاة والسلام: رفع عن أمتي الخطأ » « والنسيان وما استكرهوا عليه . ولكن لأنه لا جريمة تقع على من هو في ظل الإسلام من غير تعويض للمجني عليه أو « أسرته أوجب الشارع الدية، لأن الأسرة فقدت عائلها، وفقد المسلمون عضوا منها ً . الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ١١٨ ١١٩ ويفرق عبد القادر عودة بين الخطأ في الشخص والخطأ في الشخصية: يراد بالخطأ في الشخص أن يقصد الجاني قتل شخص معين فيصيب غيره، ويراد بالخطأ في الشخصية أن يقصد الجاني قتل شخص على أنه زيد فيتبين أنه عمرو. والخطأ في الشخص والخطأ في الشخصية نوعان من الخطأ المتولد، فالخطأ في الشخص هو خطأ في الفعل، فمن يرمي شخصا معين ً ا فيخطئه ويصيب غيره فقد أخطأ في فعله، والخطأ الذي وقع فيه متولد عن ً فعله الذي قصده. أما الخطأ في الشخصية فهو خطأ في ظن الفاعل وقصده، فمن رمى شخصا على أنه زيد ثم تبين أنه رمى عمرو فقد أخطأ في قصده، والخطأ الذي وقع فيه ً تولد عما ظنه صحيحا وقصده. وقد اختلف الفقهاء في حكم الخطأ في الشخص والشخصية، فرأى البعض أن الجاني يسأل عن الجريمة باعتباره متعمد ً ا، ورأى البعض أن الجاني يسأل عن الجريمة باعتباره مخطئ ً ، ا. راجع تفصيلات أكثر في عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١ . ص ٤٣٦ ٤٣٧ وهكذا فالخطأ وهو عكس العمد يفترض عدم إرادة النتيجة. لذلك في خصوص قوله تعالى: ﴿ !" &%$# '( ﴾ [ [النساء: ٩٢ هذا استثناء من غير الجنس، وله يقول النحاة » : ، يقول ابن العربي إن « الاستثناء المنقطع إذا لم يكن من جنس الأول؛ وذلك كثير في لسان ا لعرب(١) . ويرد ابن العربي على من يأخذ بغير ذلك، بقوله: أراد بعض أصحاب الشافعي أن يخرج هذا من الاستثناء المنقطع، » ويجعله متصلا ً لجهله باللغة وكونه أعجميا في السلف؛ فقال: هو استثناء صحيح. وفائدته أن له أن يقتله خطأ في بعض الأحوال، فيا لله! ويا للعالمين من هذا الكلام! كيف يصح في عقل عاقل أن يقول: أبيح له أن يقتله خطأ، ومن شرط الإذن والإباحة علم المكلف وقصده، وذلك ضد الخطأ، فالكلام «(٢) لا يتحصل معقولا ً . • :« الخطأ » أهم ملامح فكرة في ا لآتي: ،« الخطأ » وفي الفقه الإباضي يمكن أن نذكر أهم ملامح ١ « الذنب الذي ليس للإنسان فيه قصد » معنى الخطأ هو(٣) ، أو هو القصد لفعل شيء يجوز فعله فيخطأ في غيره، كما إذا قصد أن يضرب طيرا » ً مباح ً « ا فأصابت الضربة إنسانا مثلا(٤) . (١) . ابن العربي: أحكام القرآن، ج ١، ص ٤٧١ (٢) ذات المرجع، ص ٤٧١ . ويضيف ابن العربي بعد أن ذكر قوله تعالى في ذات الآية: ﴿ * ,+ -. 76543210/ ﴾ [ [النساء: ٩٢ . أوجب الله تعالى الدية في قتل الخطأ جبرا، كما أوجب القصاص في قتل العمد زجرا، »وجعل الدية على العاقلة رفقا، وهذا يدل على أن قاتل الخطأ لم يكتسب إثما ولا محرما . ذات المرجع، ص ٤٧٤ ٤٧٥ .« والكفارة وجب زجرا عن التقصير والحذر في جميع الأمور (٣) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٥٢٧ ّ (٤) السالمي: مشارف أنوار العقول، ص ٤٠٩ . راجع أيض ً ا في ذات المعنى: معجم مصطلحات = ٢ أن العبد له فيه كسب » فهو ،« العوارض المكتسبة » الخطأ يعد من من حيث أنه تعمد لفعل ذلك الشيء في غير من وقع عليه، فالكسب « حاصل، وإن اختلف ا لقصد(١) . يفعل فعلا » فالجاني ً من غير أن يقصده قصد ً ا  تاما، وذلك أن تمام قصد الفعل بقصد محله، وفي الخطأ يوجد قصد الفعل « دون قصد ا لمحل(٢) . ويضيف ا لسالمي:  ِِ ِ َِ أما الخ َ طا فقد ْ يكون ُ ع ُذ ْ را ي ُ سقط ُ من حق الإله الوزرا ِ ٍِ ومسقط ٌ للح َ د والقصاص ِ لش ُ بهة في الفعل ِ والإخلاص ِ ُْ لكن ّ ه يلز َ م ُ ه ُ في القت ْ ل ِ كفارة ٌ ودي َة ٌ للأهل ِ وليس م ﹸس ﹾ ق ﹺط ﹰ ا لحق ﱢ الخ ﹶل ﹾ ق ﹺ م ﹺ ثل ﹶ الضمانات ﹺ لم ﹸ ستح ﹺق ﱢ وقد بينت هذه الأبيات في عبارات وجيزة معاني كثيرة(٣) :   = ٣٣٩ ٣٤٠ ؛ أبو إسحاق الحضرمي: الدلائل والحجج، ؛ الإباضية، ج ١، ص ٣٣٨ ّ . ج ١ ٢، ص ٦٨٤ ؛ الخراساني: المدونة الصغرى، ج ٢، ص ٣١(١) . الإمام السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٦٣  (٢)  . ذات المرجع، ص ٣٩٣ (٣) يقول ا لسالمي: وكذلك، يسقط بالخطأ الحد والقصاص، أي: إذا فعل المخطئ ما يوجب الحد والقصاص »خطأ، فلا يقام عليه الحد، ولا ينفذ فيه القصاص، لشبهة ا لخطأ. أما الخطأ في موجب الحد، فكما لو قصد إلى مدح إنسان، فسبقت لسانه بقذفه، مع قيام القرائن على صحة قصده. وأما الخطأ في موجب القصاص، فلإخلاص قصده إلى غير الفعل الذي فعله، لكن يلزم ً من قتل مؤمن ً ا خطأ تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين، ودية على عاقلته مسلمة إلى أهل ا لمقتول. أما الكفارة فعقوبة عدم التثبت منه. وأما الدية فجبر دم ا لمؤمن. وأما كونها على العاقلة، فهو تخفيف له، حيث لم يقصد إلى قتله. ولا ي ُ سقط الخطأ شيئ ً السالمي: .« ا من حقوق الخلق، فيلزم من أخطأ في مال الغير ضمانه . طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٩٤ ٣ سبقت الإشارة إلى موقف ابن العربي والشافعية من قوله تعالى: ﴿ !" &%$# '( ﴾ [ [النساء: ٩٢ ، وفي الفقه الإباضي يقول العوتبي إن هذا القول لله جل شأنه: فيه ثلاثة تأويلات »أحدها: لكن إن وقع القتل خطأ، فكان إلا هنا بمعنى لكن، والثاني: إلا هاهنا بمعنى الواو وكأنه قال: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمن ً ا  عمد ً ا ولا خطأ، ونظيره قوله تعالى: ﴿ " &%$# ' (  )*,+ - ﴾ [ [العنكبوت: ٤٦ ، معناه: ولا الذين ظلموا منهم، والتأويل الثالث: أن ذلك الاستثناء من مضمر تقديره: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمن ً « ا بحال فإن قتله فقد عصى وحرج وأثم إلا خطأ فلا حرج عليه ولا إثم(١) . ٤ الخطأ لا » : يحكم الخطأ عند ا لإباضية العديد من القواعد، ومنها ّ « ينفي الضمان(٢) « الخطأ في الأموال مضمون » ،(٣) الخطأ يرفع الإثم » ، « والعقوبة لا ا لضمان(٤) . لكنه ،« الإثم الجنائي » ولا شك أن كل هذه القواعد تعني أن الخطأ ينفيلا يؤثر على حقوق العباد، وبالتالي فلا عقاب، لكن يبقى الضمان قائما ً (١) العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ ، ص ٩٠ . حري بالذكر أن القاعدة بخصوص القتل الخطأ أن المشرع الجنائي لا يعترف بقرائن الخطأ، فلا يفترض خطأ من ارتكب فعلا ً ، بل يجب إثبات الخطأ. والمكلف بالإثبات هو سلطة الاتهام. فإن لم يثبت خطأ المتهم وجب على القاضي أن يحكم ببراءة المتهم، ولا يجوز له أن ينقل عبء الإثبات من سلطة الاتهام (إذا فشلت في إثبات الخطأ) إلى المتهم نفسه. راجع أيض ً ا المرحوم د. محمود نجيب حسني: شرح قانون العقوبات القسم الخاص، دار . النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١٢ ، ص ٤٧٥ (٢) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٥٢٢ ّ (٣) . ذات المرجع، ص ٥٢٧ ٥٢٩(٤) . ابن عمر: حاشية الترتيب للعلامة الوارجلاني، ج ٧، ص ١٠٨ الباب الثاني: الجريمة في الفقه الإباضي ٤٢٧ سواء كان الخطأ واقعا على النفس، أو ما دون النفس، أو العرض، أو ً الشرف، أو المال. لذلك بخصوص قوله ژ : « رفع عن أمتي الخطأ والنسيان » .« رفع إثمهما لأن الواقع لا يرفع » : يعني ثم إنه إذا تعلق الخطأ والنسيان بما هو من خطاب الوضع تعلق الضمان بالفاعل مطلق ً ا أي: سواء كان طفلا ً أو بالغ ً ا عاقلا ً كان أو مجنون ً ا، فلذلك تسمعهم يقولون: (الخطأ لا يزيل الضمان) وذلك في الأنفس والأموال(١) . ٥ تتمثل آثار قتل الخطأ في أنه لا قود فيه، وإنما الدية، وتكون الدية على عاقلة الجاني، إذا صح الخطأ، وإن لم يصح الخطأ، فتكون الدية في »« مال ا لقاتل(٢) . وتكون الدية مائة في ا لإبل: تجعل أخماسا فيها عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون » ً ابن لبون ذكر وعشرون حقة وعشرون جذعة فهذه مائة من الإبل، قال:  (١) والخطأ عذر فيما لم يقابل مالا » : الكدمي: المعتبر، ج ٤، ص ١٧ . لذلك قيل ً ولا نفسا، ً فإن قابلهما فلا بد من الضمان، ويبني على التخفيف، ومن ثم شرعت الدية فيه على سفيان الراشدي: جواهر القواعد من بحر الفوائد، مكتبة « العاقلة، ونجمت في ثلاث سنين . الاستقامة، مسقط، ١٤٢٥ ه ٢٠٠٥ م، ص ١١٩ خطأ » حري بالذكر أن ثمة أحوال قليلة لا ضمان على الجاني في الخطأ، مثل قاعدة لكن يكون ضمانه من بيت المال، راجع معجم القواعد الفقهية ،« القاضي لا ضمان فيه . ذات المرجع، ص ٥١٨ « خطأ المفتي يستوجب الضمان » الإباضية، ج ١، ص ٥١٧ . بينما ّ لذلك قيل: وهكذا فكل خطأ في النفس، أو الأطراف، أو المال، أو المنافع حصل من القاضي ولم »يحصل تقصير منه، فالضمان من بيت مال المسلمين لقوله تعالى: ﴿ uts wv ﴾ [ [التوبة: ٩١ .« . ذات المرجع، ص ٥١٨(٢) الشيخ عبد الله الخراسيني: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، ج ٣، ص ٣٧٩ . وذلك على خلاف قتل العمد، إذ يكون على الجاني القود، إلا أن يرجع أولياء المقتول إلى الدية، أو يرجع أحدهم إلى الدية ويعفو عن القود، فيبطل القود ويرجع جميع الورثة إلى الدية (ذات المرجع، ذات ا لمكان). وكذلك قال ابن عبد العزيز: إلا أنه أدخل شيئ ً ا قال: تفرض عليه في ثلاث سنين يؤدي في كل سنة ثلثها وهي على عاقلته إن أقامت البينة أنه أصاب الميت فمات مما أصابه وإن لم تقم البينة واعترف على نفسه أنه أصاب فالدية عليه في خالص ماله ليس على عاقلته شيء في ا لمائة. قال: وقال عبد الله بن العزيز: بلغنا عن المفسرين في تفسير هذه الآية: ﴿ srqp onmlkji ﴾ [ [البقرة: ١٧٨ أمر من وجبت عليه الدية أن يؤدي إليه بإحسان قال: وللمعروف أخذ الدية في « ثلاثة أعوام (١) . ٦ القتل الخطأ كفارته في الفقه الإباضي عتق رقبة، وإلا فصيام شهرين متتابعين. وهكذا بخصوص سؤال: دهست امرأة في حادث سير إذ لم أشاهدها أمامي وتوفيت، دفعت الدية، فهل بقي علي شيء؟ والرجاء توضيح ّ حالة إطعام ستين مسكين ً ا؟ يقول سماحة المفتي العام لسلطنة ع ُ مان: لا إطعام في ذلك، وإنما عليك عتق رقبة فإن لم تجد فصيام شهرين » « متتابعين(٢) . (١) . الخراساني: المدونة الصغرى، ج ٢، ص ٣١ ٣٢ (٢) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى، الكتاب الخامس، ص ١٠٧ . كذلك بخصوص السؤال ا لآتي: بينما كنت أقود سيارتي شاءت الأقدار أن أنام وأصطدم بجمل، وكان معي في السيارة أم أولادي وإحدى بناتي، فتوفيت زوجتي وكانت حاملا ً في شهرها السادس، وأنا والبنت لم نصب بأذى كبير، ما يلزمني شرع ً ا عن وفاة زوجتي؟ وما حكم الجنين الذي في بطنها؟ وهل علي شيء تجاه ابني؟ يقول سماحة ا لمفتي: ّ تلزمك دية زوجتك إلا إن عفا ورثتها، وعليك كفارة القتل الخطأ وهي عتق رقبة فإن لم »تجد فصيام شهرين متتابعين، وأما الجنين فما لم ينفصل عن أمه فحكمه حكمها أي: لا . ذات المرجع، ص ١١٢ ،« يترتب عليه بنفسه شيء ويضيف سماحة المفتي: إن الجاني إن لم يجد عتق رقبة، ولم يستطع الصيام: بقي الصيام دين » ً ا في ذمته إلى أن يمن الله عليه بالاستطاعة أو يهيئ له رقبة يعتقها، ولم يذكر الله في كتابه غير العتق والصيام، لذلك لم ير العلماء العدول عنهما إلى غيرهما، ا للهم إلا عند الإمام الشافعي الذي رأى الانتقال عن الصيام ُ عند العجز عنه إلى الإطعام، وقد ذكر هذا القول الإمام السالمي 5 في جوهره، وهو قول بعض علمائنا المتقدمين منهم أبو المؤثر 5 ، وهذه « الرخصة لا ينبغي الأخذ بها إلا في حالة الضرورة ا لقصوى(١) . حري]ٌ بالذك ْ ر أن الكفارة تتعدد بتعدد الأشخاص المقتولين خطأ. وهكذا  بخصوص السائق في حادث سيارة مات فيه أربعة أشخاص، هل تجب  الكفارة عليه عن كل شخص مع العلم أن زوجته كانت حاملا ً في شهرها التاسع؟ يقول سماحة ا لمفتي: الذي نذهب إليه، وهو الذي عول عليه العلماء في مجمع الفقه » ّ الإسلامي أن الكفارة تجب بعدد الأشخاص الذين توفوا بطريق قتل الخطأ، كما في هذه الصورة، وعليه أن ينفذها بقدر وسعه، فإن استطاع أن ينفذ ذلك في عام فلينفذه في عام، وإن لم يستطع إلا أن ينفذ كفارة في كل عام فليفعل « ذلك، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها(٢) . ً لكن هل تكون كفارة القتل الخطأ على الفور أم على التراخي؟ يقول سماحة ا لمفتي: الكفارة حكمها كحكم سائر الأوامر المطلقة التي يؤمر بها الإنسان، » وقد اختلف الأصوليون في الأوامر المطلقة فمنهم من قال: بأنها تحمل على (١) . ذات المرجع، ص ١٠٨(٢) . ذات المرجع، ص ١١٤ الفور، ومنهم من قال: بأنها للتراخي، ومن الأصوليين من قال: بأن الأمر المطلق الذي لم يقيد بوقت يبقى على إطلاقه لا للفور ولا للتراخي، فمتى أداه سواء عجل تأديته أو أخر فهو مؤد له، إن كان لم يؤخره تأخيرا يؤدي به ً « إلى ا لإهمال(١) . ٧ لكن هل من آثار القتل الخطأ الحرمان من الوصية؟ يقول ابن رزيق:  وأما القاتل خطأ فلا أعرف منع الوصية له إلا ما يوجد من منع الإيصاء » له بدية من قتله وذلك أن الدية في الخطأ إنما تكون لأهل الميت لقوله تعالى: ﴿ 4321 ﴾ [ [النساء: ٩٢ فإذا أوصى به المقتول فكأنما أوصى بشيء غيره، وقيل فيها غير ذلك. وأما من منع الوصية له مطلق ً ا فلا أدريها، إلا أن يقول قائلا ً ببطلان الوصية التي أوصى له بها قبل الجراح قياسا على حرمان الميراث للقاتل ً « خطأ فهذا وجه والله أعلم به وبغيره(٢) . (٣) وبخصوص أثر القتل الخطأ على الميراث، ذكر أبو الحواري مثالا ً . (١) . ذات المرجع، ص ١٠٣ ١٠٤(٢) . ابن زريق: حل المشكلات، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ص ١٣٨ ُ (٣) وهكذا جاء في جامع أبي الحواري: وسألته عن امرأة وجدت في بطنها شيئ ً ا يشبه الريح وهي على حال الحيض فظنت أن ذلك الذي تجده ريح الدبابنة فشربت الشراب أو احتملت له أيض ً ا وهي مع زوج فطرحت جنين ً ا تاما وهو ميت إلا أن جوارحه تامة مستبينة إلا أنه لم يعرف أنثى أم ذكر وسترت ذلك من زوجها فإذا أرادت المرأة التوبة؟ يقول أبو الحواري: عليها نصف دية غرة الذكر ونصف غرة الأنثى وغرة الذكر ستمائة درهم وغرة الأنثى »ثلاثمائة درهم ونصف ذلك أربعمائة درهم وخمسون درهما تسلمها إلى ورثة الأب ً وللمرأة ميراثها من هذه الدية من زوجها ولا ترث من الجنين شيئ ً ا والدية كلها للأب. إذا مات الأب كانت الدية لورثته وكان للمرأة ميراثها في زوجها في هذه الدية التي عليها وذلك إذا طرحت الجنين والأب حي. = ٨ ذكر الفقه الإباضي أمثلة كثيرة لحالات دقيقة من الخطأ. نكتفي  بذكر الأمثلة ا لآتية: • جاء في فواكه ا لعلوم: وفيمن ركب دابة وفي يده رمح، فجمحت به الدابة تحت الشجرة، » فقبضت الشجرة الرمح، فجعلت الدابة تسير به صاعد ً ا، وهو قابض للرمح، فانطلق الرمح من يده على الغلبة، فوقعت على رجل فقتله؛ أتلزمه دية .«؟ الرجل أم لا ِ الجواب، وبالله التوفيق، أما حفظا بعينها فلا، وأما فيما عندي أن هذا خطأ، إذ لم يتعمد لإرسال الرمح، فانطلق من يده على ا لغلبة(١) . • وجاء في هداية ا لمبصرين:  في حداد أدخل في النار قطعة تفق عماني، بقي اسمه وذهب رسمه، » ُ فلما حميت القطعة نقعت، فكان من قدر الله تعالى أن أصابت رجلا ً فقتلته، فهل يكون الحداد ضامن ً ا في ماله أو على عاقلته، ويكون سبيل ذلك سبيل قتل الخطأ، فإن قلت: نعم؛ هو كذلك، ولم تكن للحداد عاقلة، فهل يوجد في الأثر، أو يسوغ في النظر أن يكون أهل الدار هم عاقلته، بين لنا الحكم .«؟ في ذلك قال: هذا من أمر الخطأ في القتل، ودية المقتول هاهنا دية خطأ، وهي على عاقلة الجاني، وإن لم تكن له عاقلة فالدية عليه في ماله، ولا أعلم أن أحد ً ا قال إن أهل الدار النازل فيها يكونون له عاقلة، ولا يسوغ يبين لي ذلك = وإن طرحت الجنين من بعد موت الأب كان عليها الدية لورثة الجنين ولم ترث هي منه شيئ ً . جامع أبي الحواري، ج ٥، ص ١٢٩ .« ا(١) . الشيخ عبد الله الخراسيني: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، ج ٣، ص ٣٨٠ في النظر، ويستثنى مما قلت إن الحداد قد حجر الدخول عليه في موضع عمله، فدخل عليه بغير إذنه فأصابه ما أصابه، فلا ضمان على الحداد، والله 4 أعلم (١) . • وجاء في بيان ا لشرع: وسألته عن رجل نام هو وزوجته وبينهما ولدهما فانقلبت المرأة على » الولد فمات واعترفت بذلك على من الدية؟ قال: عليها الدية لزوجها وليس .« له منه ميراث ومن غيره قال: هو فعل خطأ إذا كانت ناعسة وصح ذلك وهي على العاقلة وإن لم يصح عليها ذلك وإنما كان بينهما فمات فإن كان فيه أثر ما يكون فيه حكم القتل فهو دية عليهما لسائر الورثة محكوم به وهو على العشيرة وعشيرتهما (٢) . • وجاء في شرح ا لنيل: إن غطت المرأة ولدها بثوب لا يطيقه فغمه ذلك حتى مات، أو جعلت » ا؛ ضمنته؛ وكذا إذا انقلبت عليه في فراشها ولو  ثديها في فمه حتى مات غم نائمة غائبة العقل، وإن رفعته فوقع من يدها فلا ضمان عليها إن لم تتعمد، وإن أرضعته أو أطعمته حتى امتلأ فمه فقتلته بذلك ضمنت، وإن أرضعته مجذومة أو برصاء أو جرباء أو بهقاء ضمنت ما أصابه إن لم تخبرهم، وإن « ا(٣) أخبرتهم وأعطوها ضمنت أيض ً . (١) . أبو عبيد السمائلي: هداية المبصرين في فتاوى المتأخرين، ص ٤٩٦(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ١٤٩(٣) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ١٥٩ • وجاء في كتاب ا لجامع: ومن حفر بئرا أو ألقى حجرا في غير حقه فمات به مسلم لزمته الدية » ًً ولا قود عليه في إجماع هذه الأمة، وإذا وضع حجرا أو حفر بئرا في ما ل َ ه ًً أن يحفر فيه ويضع فيه لم يكن ضامن ً ا لما تلف به. قال أصحابنا: إلا أن يكون صاحب البئر أذن للداخل فسقط في البئر ولم يحذره، وإذا كان لرجل حائط مائلا ً أو نخلة فهو منها على طريق وقدم عليه فلم يغيرها مع القدرة على ذلك ضمن ما تلف منها بعد التقدمة. قال بعض مخالفينا: يضمن ولو لم نتقدم عليه. وقال بعض أهل الخلاف أيض ً ا: لا شيء عليه ولو تقدم إليه « في إزالته وأجمعوا أن لا قود عليه(١) . • وجاء في جلاء ا لعمى: ومن قتل رجلا » ً متعمد ً ا لقتله وهو يظنه غيره ولو علمه لم يقتله، فقد « قيل إنه خطأ ويسقط القود، قال أبو عبد الله: وبه نأخذ (٢) . ٩ بحث الفقه الإباضي فرضا دقيق ً ا بخصوص كيفية الفصل في وقوع ً القتل عمد ً ا أو خطأ. إذ يحدث عادة أن الجاني يدعي أن القتل (أو الضرب أو الجرح) خطأ (بالنظر إلى الآثار المترتبة عليه بالمقارنة بالقتل العمد أو الضرب أو الجرح وآثاره)، بينما يدعي أولياء المقتول (أو المضروب أو المجروح) أنه كان عمد ً ا، فكيف يمكن الفصل في هذه المسألة؟ نذكر ما طرحه الفقه الإباضي من إجابات، فإذا انتهينا من ذلك فحقيق بنا أن نستنبط منها القواعد الحاكمة لها. (١) . ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٥٠١ (٢). جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٦٠ وهكذا بخصوص سؤال: يوجد في السيرة في رجل رمى طيرا فقتل رجلا ً فاختصم هو وأولياء ً المقتول وأولياء القاتل، فقال أولياء القاتل بعدما أخذه أبو معروف لم يتعمد فقال: اصبروا وإلا دفعته فيقتل وأنتم تنتظرون، وقال خصماؤه: ادفعه إلينا لأنه قاتل ولينا ظلما. فقال: اصبروا وإلا تركته ولا تجدون إليه سبيلا ً فحكم بالدية، ًّ وعلل صاحب الكتاب أن في المسألة خلاف ً ا فتحيرت من هذا الاختلاف وما بينهما منه البون البعيد فإنه ما بين إفراط أو تفريط؟ يقول ا لسالمي: لعل وجه الاختلاف في القاتل إذا ادعى الخطأ هل يصدق في دعواه أم » حتى يأتي ببينة تشهد أنه في ذلك مخطئ، والقاضي سكت أولياء القاتل بإرهابهم أن يعلم بالتشديد وسكت أولياء المقتول بإرهابهم أن يعمل بالتخفيف، وقد عمل به حيث أعطاهم الدية، ثم ظهر لي من قوله: ثم لا تجدون إليه سبيلا ً أنه أراد إرهابهم بمطالبته الحجة على القاتل وهم لا يجدونها في حالهم ذلك، واعتراف أولياء القاتل ليس بحجة عليه ولم يذكر « في المسألة أن القاتل قد ا عترف(١) . (١) جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤٠٠ ٤٠١ . كذلك بخصوص مسألة: هل يمين على أولياء الدم إذا ادعوا على قوم أنهم قتلوا صاحبهم خطأ وقد أنكروا ذلك؟ وما صفة لفظ اليمين إن وجبت عليهم لهم لأنه لو صح ذلك القتل خطأ تحول الحق على عاقلة القائلين، والقضية أنه حين وصول تيمور بن فيصل بلد العوابي نقع القابضون لبيت العوابي جملة بنادق كأنه فرح على الهواء فأصابت ضربة امرأة سيابية في فلاة بلد العوابي برصاصة فقتلتها فأراد أولياء الدم من أولئك القوم ما لهم عليهم بحكم الشرع؟ يقول ا لسالمي: أما الحال فيدل على أن قتلهم كان خطأ لأن التنقيع للفرح، وأما مسألة القتل إذا ادعى »القاتل أنه أخطأ في ذلك فأحسب أنه قيل: إن القول قوله في ذلك مع يمينه إلا أن تقوم بينة أنه تعمد القتل وأحسب أنه قيل: إنه لا يقبل قوله في ذلك وعليه هو البينة أنه أخطأ وفي هذه الصورة لا تلزم الدية العاقلة إنما تلزم القاتل نفسه إلا أن يطوعوا لأن العاقلة لا تعقل ا عتراف ً .« ا أي إقرارا وإنما تعقل الخطأ الثابت بالبينة = ً وجاء في الجامع ا لمفيد: وعن رجل وقع من داره فسقط على رجل في الطريق، فمات الذي في » الطريق، وسلم الساقط من الدار ما يلزمه؟ قال: معي أنه إذا تبين أنه خطأ فعلى عاقلته. قلت له: فإن ادعى الذي في الدار أنه سقط غير متعمد للسقوط عليه، وقالت ورثة الميت أنه طرح نفسه عليه، كيف الحكم في ذلك؟ قال: معي أنه إن تبين له عذر يوجب الخطأ وإلا فالدية في ماله حتى « يصح أنه خطأ(١) . = . ذات المرجع، ص ٣٩٨ ٣٩٩ . انظر كذلك، أبو عبيد السمائلي: هداية المبصرين في فتاوى المتأخرين، ص ٤٨٩ ٤٩٠ (١) . الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٣٠٧ «؟ وسئل عن الناعس إذا سقط على إنسان فأثر فيه أو قتله، أيكون فيه ضمان أم لا » : كذلك قال: معي أنه إذا صح أنه أحدث وهو ناعس كان عندي بمنزلة الصبي والمجنون، لأنه يشبههما في الأحكام، وتكون عليه البينة أنه أحدث هذا الحدث وهو ناعس، وإلا فهو محكوم عليه بجنايته النقصان إذا كان بالغ ً ا. وقال أبو سعيد: يفحص المقر باللطمة خطأ أو عمد ً .( ذات المرجع، ص ٣٠٣ ) « ا وجاء في فصل ا لخطاب: وفيمن قتل رجلا ً وقال: إني قتلته خطأ ما الحكم في ذلك؟ قال: يوجد في هذا اختلاف بين أهل العلم، منهم من يرى أن القتل إذا لم يصح بإقرار ولا »بينة أنه قتل عمد أو خطأ فإن الأصل فيه العمد حتى يصح أنه خطأ، ومنهم من يقول إن الأصل الخطأ حتى يصح العمد، والله أعلم. قال القطب: القاعدة في الدم أنه مهرق على التعدي أو الخطأ ما لم يتبين سفكه على حل، فمن شاهد أحد ً ا قتل آخر أو ضربه أو أقر له بذلك شهد عليه بالتعدي وحكم له به وقال الشيخ أبو الربيع قدس الله سره: من رأى آكل مال لغيره وادعى الدلالة ثم استمسك به رب المال أنه أكله بتعديه شهد عليه الذي رآه بالتعدية، ومن ادعى على رجل أنه قتل وليه بتعديه فقال: قتلته خطأ؛ كلفه الحاكم البينة فإن أتى بها أنه قتله خطأ نجا من القتل وإلا = من الأمثلة السابقة يمكن أن نستنبط القواعد الآتية التي تحكم المسألة في الفقه ا لإباضي: أولا ً: أن مجرد ادعاء الجاني بأن الفعل كان خطأ، أو ادعاء ورثة المقتول أنه كان عمد ً ا، لا يكفي في ذاته. ثانيا: أنه عند وجود مثل هذا التعارض، فإننا نكون أمام مسألة إثبات ً للوقائع التي حدثت، أي: لا بد ّ من البينة، مثل اعتراف القاتل، أو يدعم قوله باليمين، أو يأتي ورثة المقتول ببينة تثبت أن القتل كان كما يدعون، أو يثبت المضروب أو المجروح ما يدعيه. ثالث ً ا: إذا ثبت الخطأ فتطبق أحكام الدية والكفارة، وإذا ثبت العمد فتطبق أحكامه(١) . = حبس حتى يقر أو يموت في الحبس، وقيل: يحلفه الحاكم أنه لم يقتله بالتعدية فإذا حلف ِ مضى لسبيله وإذا نكل عن اليمين تركه وقيل: إن لم يأت بالبينة فليخل سبيله، وقيل: إنه يكلف مدعي التعدية البينة فإن أتى بها برئ وإلا حكم عليه بالتعدية، وقيل: إن ادعى أولا أنه قتله خطأ كلف الولي بيان العمد، وإن قبض عليه الولي ببيان القتل أو بإقراره ثم ادعى أنه خطأ فعليه البيان لا على الولي وقيل في كل جناية ادعاها الجاني عمد ً ا والمصاب خطأ أنه لا شيء له، وفي العكس الأرش، وقيل: له به في الوجهين ومن ادعى على أحد أنه قتل وليه بخطأ فقال المدعي: قتلته عمد ً ا بتعدية بريء من القتل لإقرار المدعي بالخطأ وتلزمه الدية في ماله وإن تقرر المدعي والمدعى عليه بالخطأ لزمته الدية في ماله ولا رجوع له على عاقلته. . خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ٢، ص ٢٢٩ ٢٣٠ وبخصوص سؤال: إذا تعمد إنسان أن يصدم آخر بسيارته قاصد ً ا إتلافه فهل يعتبر قاتلا ً متعمد ً ا؟ يقول سماحة المفتي العام لسلطنة ع ُ نعم له حكم قاتل العمد ويحكم عليه » : مان الشيخ أحمد بن « بالقصاص إذا ثبت ذلك عليه بإقراره أو ظهور قرائن العمد في فعله . حمد الخليلي: الفتاوى، القسم الأول، الأجيال للتسويق، ص ٢٥٢ (١) وهكذا بخصوص سؤال: في رجل قتل خطأ .« لزوم جميع العاقلة دين الخطأ » والقاعدة هي فحضر أحد من العاقلة فأعطى ولي الدم قرب عشرين قرش ً ا أو أقل أو أكثر ورضي ولي = رابعا: أن القاعدة أن المسؤولية الجنائية تكون عن الفعل العمد ً والاستثناء المسؤولية عن الخطأ، لقوله تعالى: ﴿ zyxw }|{ ~ے ¡ ﴾ [ [الأحزاب: ٥ ، ولقوله ژ : » رفع عن أمتي « الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ، لكن استثناء قال تعالى: ﴿ *+ , -. 43210/ ﴾ [ [النساء: ٩٢ . = الدم بذلك ولم يشاور هذا المسلم العاقلة في هذا التسليم، وأراد هذا الذي سلم العشرين القرش من بقية العاقلة أن يغرموا له من هذه العشرين التي سلمها لولي الدم فأبوا، أيلزمهم أم لا؟ يقول ا لخليلي: ويضيف ا لخليلي: « يلزمهم ذلك »وكذلك لا يلزم الوصية به إجماع » ً ا ولا يلزم العاقلة أن يسلموه إلى ورثة المقتول ولا أن يدينوا به وإنما هو إذا طلبه الجاني إليهم فعليهم إمداده به مع القدرة، وليس هو في ذلك شريك ً ا لهم بالمعنى ولا هم شركاء فيه، لأنهم لو كانوا شركاء فيه لوجب أن يحكم عليهم به بغير مطلب من الجاني، ولما لم يحكم عليهم به ولم تجب عليهم فيه دينونة ولا وصية صح أنه شيء يجب عليهم ويحكم به عليهم به إذا طلبه الجاني لبذله في موضع وجوبه عليه. فإن طلبه بعد ذلك فقد طلبه في غير موضعه ولم يحكم به عليهم؛ لأن الحكم ببذله لنفسه بعد انقضاء اللازم خارج عن الأصل الذي يحكم به فلا وجه ولا معنى وليس حكم .« الوصي ولا الوكيل كذلك . أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ٤٨٧ ٤٨٨ ما يلزم الجاني وحده كما إذا اعترف بالجناية أو اصطلح » : كذلك من الثابت أن من الخطأ . أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ١٥٢ « هو والمجني عليه أو هو والوارث وبخصوص سؤال: في امرأة كانت تقود سيارتها بسرعة مائة وستين كيلو مترا في الساعة وبصحبتها والدتها، فحصل لها حادث توفيت على إثره والدتها، فماذا يلزمها؟ يقول سماحة المفتي العام لسلطنة عمان: ُ الشيخ أحمد بن حمد .« عليها الدية والكفارة والتوبة إلى الله من هذا التهور الأرعن »الخليلي: الفتاوى، الكتاب الخامس، ص ١٠٢ وما بعدها. الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى، القسم « حوادث المركبات » انظر كذلك بخصوص . الأول، الأجيال للتسويق، روى، مسقط، ص ٢٢٨ « بمرفوع في كل معاني الحق » يتضح مما تقدم أن الخطأ ليس(١) ؛ لأن « من أراد الحق فأخطأه بغيره من الباطل لا كمن أراد الباطل فأصابه »(٢) . ١٠ في حالة الخطأ يجب مراعاة قاعدة: .« عدوى المعتدي في غيره لا تحط عنه ما وجب عليه » قال بهذه القاعدة الإمام السالمي. وهكذا بخصوص سؤال: في رجل قصد قتل طائفة بينها وبينه خصومه فأخطأ في طائفة أخرى، فلما علم وصل إلى أهل المقتول أني أذعن بما علي لكم من الغرم وغيره فأبوا، ثم قتلوا رجلا ً من الطائفة التي منها القاتل، وفي أنفسهم أنهم أخذوا حقهم بأيديهم، أيسلم الأول من الغرم والإثم أم لا؟ وإذا كان يلزمه الغرم أيكون عليه في ماله أم على العاقلة؟ يقول ا لسالمي: لا يبريه ذلك عن ا لغ » ُرم وهو على العاقلة، وأما الإثم فلا إثم عليه؛ لأنه خطأ ْ محض، ولكن عليه الكفارة، واذكر قوله تعالى: ﴿ ! " %$# &'( ﴾ ، إلى قوله: ﴿ KJIHGFE ﴾ ...[ [النساء: ٩٢ إلى آخر الآية، وإنما عليه الإثم إن قصر في أداء ما وجب عليه من « الكفارة والدية، وعدوى المعتدى عليه في غيره لا تحط عنه ما وجب عليه(٣) . ١١ ارتكاب الجريمة خطأ يفترض الجهل بالشخص، لا الجهل بالحكم في الجرائم متعدية القصد: سبق القول: إن القاعدة ألا عذر بالجهل بالقانون (أو بالأحكام ا لشرعية). (١) الصائغي: جامع الجواهر، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ُ . ج ١، ص ٢٢١(٢) . الفقيه موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون المعادن، ج ١٤ ، ص ١٩٤(٣) السالمي: العقد الثمين، نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، . ج ٤، ص ٤١٨ ٤١٩ وينطبق المبدأ أيضا على جرائم القتل أو الجرح أو الضرب أو غيرها ً التي تقع خطأ: فالجهل بالشخص، لا بالحكم هو المعيار واجب المراعاة في تكييف ا لجريمة. وقد وضح ذلك الإمام السالمي. فبخصوص سؤال: فيمن قصد شخصا ً بقتل ظانا أنه من يحل له دمه بوجه ما فإذا هو من لا يحل له قتله، هل عليه  قود أم الدية فقط؟ وإن لزمته الدية فقط هل تكون عليه في ماله أم تكون على العاقلة كالخطأ؟ وما ضابطه أي: الخطأ؟ يقول ا لسالمي: هناك أمران: » أحدهما: أن يكون عالما بالشخص جاهلا ً بالحكم فيه يظن أنه له قتله ً فإذا هو ليس كذلك فهذا أمر شديد وحكمه حكم المتعمد لقتله وجهله بالحكم لا يغني عنه شيئ ً ا ولا جهل ولا تجاهل في ا لإسلام.  والأمر الثاني : جهله بالشخص يظنه حربيا فإذا هو مسلم أو يظنه قاتل وليه فإذا هو غيره، فهذا حكمه خطأ لقوله تعالى: ﴿ *,+ -﴾ .. ّ « الآية وضابط الخطأ أن يقصد إلى شيء يجوز له فيقع في غيره(١) . (١) . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٣٩٠ ٣٩١ وبخصوص واقعة أخرى قصد فيها الجاني قتل شخص، فقتل آخر، يقول السالمي في ذات المعنى: والذي نأخذ به أنه لا قود على هذا الرجل، وإنما تلزمه الدية في نفسه، ولا تلزم عاقلته »منها شيء، وإن أراد أولياء الدم يمينه، فعليه لهم يمين بالله، أنه ما قصد إلى قتل صاحبهم هذا ولا تعمد ذلك وما أراد إلا قتل رجل غيره فأخطأ به. ليس هذا رحمك الله عندنا، بمنزلة من أقر بقتل رجل فقال: ابتدأ بي فضربني وبغى علي فقتلته، هذا لا يقبل منه دعواه إلا بالبينة، إلا أنه قد أقر أنه قصد إلى قتله وادعى بغيه عليه، وذلك يقول: إني لم أقصد إلى قتل هذا ولا أردته، وإنما أردت قتل غيره فقتلته، وعندي أنه ذلك الذي أردته، ثم بان لي أن الذي أردت قتله حي، وإنما وقع القتل بغيره، ولو أن رجلا ً أقر بقتل رجل، = في الفقه الإباضي، وفق « الركن المعنوي » تلكم أهم ضوابط ً ا للتقسيم الثلاثي الذي اعتمده: العمد شبه العمد ا لخطأ(١) ، وهو تقسيم يبين من العرض السابق أن هناك فوارق بين كل منها من حيث ماهية الفعل، والآثار المترتبة عليه(٢) . = .« وقد رأيته قتل ابني فقتلته، لم تقبل دعواه هذه إلا بشاهدي عدل وإلا لزمه ا لقود . السالمي: تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، ج ١، ص ١٩٢ ُ (١) .« ما جرى مجرى الخطأ » : وقد أخذت بعض الآراء في المذاهب الأخرى بتقسيم رابع يقول الشيخ أبو زهرة: ولأنه لا بد من تعويض لأسرة المجني عليه كان ما يشبه الخطأ فيه الدية، وما يشبه »الخطأ أو كما يقول الفقهاء يجري مجرى الخطأ، وهي الجريمة التي تقع من غير مسؤول، أو على حد التعبير الشرعي غير مكلف كالصغير، والمجنون، فإن التعويض بالدية يثبت مع أن ركن الجريمة غير ثابت، إذ أن الجاني غير مسؤول، إذ لا تكليف عليه، لأنه لم يؤت العقل الذي نيط به التكليف وهو مناط تحمل المسؤولية، والأساس الذي تبنى عليه .« التكليفات ا لشرعية الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ١١٩ . انظر أيض ً ا عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٤٠٧ ٤٠٨ ، د. عبد العزيز عامر: التعزير في الشريعة الإسلامية، . ص ١٠٩ ١١٦(٢) لخص ذلك صاحب جلاء العمى، بقوله: )مسألة :( اعلم أن القتل والجروح وكسر العظام وإزالة بعض المنافع من الإنسان ونحو ذلك كله ينحصر في ثلاثة أقسام: إما عمد أو شبهه أو خطأ، فالعمد في عرف الفقهاء هو الذي يجب فيه القود أو الدية إن اختارها الولي؛ فالعمد هو إخراج الرمية عمد ً ا من يد مخرجها إن كان مكلف ً ا نافذ الأحكام إلى شخص معين تتكافأ دماء الضارب والمضروب من كل الوجوه من غير إباحة شرعية، والخطأ في الدماء على وجوه منها المجمع عليه أنه خطأ، كمن رمى رمية قصد بها العدو أو غيره مما يحل له رميه فعاقها أمر فرجعت حتى أصابت من لا يحل قتله، أو أنها وصلت حيث قصد فانفضت هناك فأصاب فضاضها غير المقصود ونحو ذلك، وجاز للشهود أن يشهدوا في مثل ذلك بالخطأ إن عاينوا الأمر تحقيق ً ا، وكذا من وصل لهم الشهود صورة الواقعة فليشهدوا أيض ً ا أنه خطأ، وقيل: كل ما حققه الشهود جائز للرامي أو غير جائز له، فهم يشهدون بما فهموا من ضرب أو رمي. وشبه العمد على القول به كالضرب بما لا يقتل في العادة كعصا خفيفة وكضربة خفيفة = :…ƒæ©ªdG øcôdG ᫪gCG (h يتضح مما تقدم أن للركن المعنوي أثره في بيان المسؤولية الجنائية، ومن ثم العقوبة واجبة التطبيق. وهذا ما أكده الفقه ا لإباضي(١) . = بيد ونحو ذلك، فيموت المضروب مكانه أو في غير مكانه مع بيان صحة أن مبدأ ضره من تلك الضربة، وهذا الضرب يكون عمد ً ا في نفس الأمر، وإنما سمي شبه العمد لأنه وإن كان وقع عمد ً ا، لكنه لم يتعمد الضارب القتل بحسب الظاهر، وأشبه التعمد للقتل لأنه تعمد الضرب فحصل الموت مترتبا عليه بحسب ا لظاهر. ً وقيل شبه العمد أربعة أنواع: الأول: القتل بغير آلة القتل؛ كالسوط والعصا واللطمة والوكزة، الثاني: يكون بآلة القتل لكن لا يتوهم قصد القتل كفعل الذابح لولده، الثالث: أن يكون ممن أبيح له ذلك كالمعلم والطبيب، والرابع أن يكون على صفة القتل ويتقدمه بسط يفهم أنه لم يرد القتل كالمتصارعين، وجاء في أثر: شبه العمد أن يضرب بيده أو يرميه ولا يريد قتله أو نحو ذلك مما لا يقتل في العادة ففيه دية العمد، وقيل: فيه القصاص إلا إن أراد الولي ا لدية. ومن قتل رجلا » ً عمد ً ا يظنه غيره ممن لو قتله لم يكن فيه قصاص فهو من الخطأ لا قصاص فيه، وقد روي أن مسلما قتله المسلمون في عهد النبي ژ يظنونه من المشركين، ً ولم يأمر ژ بقتله ولم يجعله عمد ً جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، « ا . ص ٢٦٥ ٢٦٨(١) وهكذا بخصوص سؤال: عن أهل بلدين تحاربوا، وخرجت امرأة من أحد البلدين إلى بلد آخر، ليعينوا أهل بلدها، ولقيت إنسان ً ا طفلا ً كان أو بالغ ً ا دون البلد الذي تريد منها الإعانة فقالت له: اكفني وقل لأهل البلد الفلاني إن أهل بلدنا يريدون منكم الإعانة، على أن جيرانهم أتتهم ناس تعينهم والبلد الذي يراد منها الإعانة أميرها ثقة كان أم غير ثقة، وهم رأيهم عندهم لا عند الذي يستصرخهم، هل على المستصرخ ضمان إذا صاروا المستصرخون يعينوا عشيرتهم؟ أعني: إذا قتلوا أحد ً ا من الذين ضاربوهم، يقول ا لسالمي: إذا لم يستصرخهم لبغي، وإنما أستصرخهم ليحموا حريم البلد ويدافعوا من أراد ظلمها »فلا ضمان على المستصرخ، وإن استصرخهم للقتل ظلما فهو شريكهم في سفك ما ً سفكوا وضمان ما أتلفوا، وفيها وجه آخر: وهو أنه آثم فقط، إذ لا سلطان عليهم؛ .« وبالضمان على فاعله . السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين، ج ٤، ص ٣٩٣ óª©dG) …ƒæ©ªdG É¡æcQ ¿É«H »a ôKCG áªjôédG »a áeóîà°ùªdG ádBÓd πg (R ?(óª©dG ¬Ñ°T ` من المعلوم أن ثمة اتجاه ً لا يرى اشتراط قصد » : ا لدى جمهور الفقهاء القتل في اعتبار الجريمة عمدية ما دام قد قصد الجاني ضرب المجني عليه بما يقتل غالبا، وهو رأي جمهور الفقهاء: (الحنفية غير الكسائي ً والشافعية غير الماوردي والحنابلة غير أبي يعلى والزيدية والإمامية والإباضية) وأما إذا قصد ضربه بما لا يقتل عادة فلا بد ّ من توافر قصد القتل ّ « عند عامتهم(١) . ونفصل المسألة عند ا لإباضية، كما يلي: ّ بالفعل ذهب اتجاه إلى اشتراط الآلة التي تقتل غالبا للقول بوجود ً العمد؛ يقول أطفيش: وعرف بعضهم العمد بقصد إتلاف النفس بآلة تقتل غالبا ولو بشغل أو » ً بإصابة المقتل كعصر الأنثيين، وشدة الخنق، والضغث، وإطباق بيت عليه، « ومنعه الطعام والشراب(٢) . (١) د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، . ص ٥٧٠ (٢) أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ١١٦ ، جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، وقيل فيمن ضرب أحد » : ص ٢٦٥ ، ويقول الثميني ً ا، بما لا يقتل بمثله عادة فمات، أن على الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، ص ٢٣٥ . كذلك قيل: « قاتله دية، لأنه مخطئ قال أبو المؤثرة: قد سمعنا إنه من رمى رجلا » ً بما لا يكسر مثله ولا يؤثر فليس فيه قود لو أن رجلا ً رمى رجلا ً بنفكة أو ضربه بصوفة فمات من حينه ولا أثر فيه ولا كسر لم يكن فيه قود ولا دية، قال: مات بأجله لأنه قد علم الله إنه لم يعن على قتله بكسر ولا بأثر .« والضربة بالصوفة والرمية بالنفكة لا يعنيان على قتل، قال: وبهذا نأخذ . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٨٥ ٢٨٦ وجاء في الجامع ا لمفيد: قال: معي أنه إذا رماه بمثل ما يقتل به مثله أعجبني أن يكون عليه » القود.  قلت له: ما يقتل به مثله ما هو؟ قال: معي أنه إذا كان ذلك مثل سيف أو حربة أو سهم وما يقتل مثله « من غير ذلك في ا لاعتبار(١) . لكن هذا الاتجاه ليس هو الوحيد في الفقه ا لإباضي: دليل ذلك ما جاء في بيان ا لشرع: فأما العمد فإن تعمد لقتله ببعرة فهو عمد وفيه القود، وبلغنا عن بعض » قومنا أنه قال: لا قود إلا بحديدة ونحن نرى لو رمى ببعرة يتعمد بها قتله « كان عليه القود وبهذا نأخذ إن شاء ا لله(٢) . لو رمى رجل ببعرة متعمد » : وعن ابن محبوب ً ا بها قتله فتولد بها قتله « فهو عمد وفيه ا لقتل(٣) . (١) . الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٣٠٦(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٥٧ (٣)جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٦٧ . ويقول أيض ً ا صاحب هذا الكتاب: ومن تعمد ضربا بتعديه بما لا يتوهم منه قتل فتولد به قتل فإنه يقتل به، وقيل: يحط عنه » ً القود وتلزمه الدية والإثم، وذلك مثل ريشة وخرقه ونحوهما، وأما ما يتوهم منه القتل وإن لم يستعمله كما يستعمل في القتل فإنه يقتل به ويأثم، وما لم يستعمل لقتل ولم تجر العادة بقصد القتل به، فلا يقتل به ولزمت به الدية، والإثم كالضرب باليد والعصا وما لا يتوهم منه قتل، وهذا هو العمد شبه الخطأ، والخطأ شبه العمد، وهذا إن رمى فيه كما يجيز له العلماء رميه كصيد ونحوه فصادف ما لا يجوز له رميه فقتله أو جرحه، فالقتل = أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٤٤٤ وجاء في الجامع ا لكبير: وشبه العمد هو أن يضربه لا يريد قتله بما لا يقتل مثله في ا لتعارف. »وقيل: إنه بمنزلة العمد وفيه القود أو الدية المغلظة على ثلاثة. وقيل: إنه بمنزلة الخطأ لا قود فيه وفيه الدية المخففة على خمسة. وقيل: فيه الدية الوسطى على أربعة خمس وعشرون حقة ومثله جذع « ومثله جذع ومثله بنات لبون ومثله بنات مخاض(١) . ونحن نؤيد الاتجاه القائل بتوافر العمد لدى من يقصد القتل ولو استخدم شيئ ً ا لا يمكن القتل به عادة، وبعدم توافره ولو استخدم ما يقتل به عادة ما دام قد توافر في حقه الخطأ. فالعبرة لدينا هي بالإثم الجنائي لدى الجاني: هل تعمد ذلك أم أخطأ فيه؟. وهذا لا شك مناط المسؤولية الجنائية التي تستند إلى درجة الإثم الجنائي، والتي يحددها، بالطبع، قصد الجاني وليس الآلة التي يستخدمها(٢) : فهذه الأخيرة صماء لا حياة فيها. = والدية محطوطان عنه، وكذا الإثم والضمان لازم فيه على العاقلة، وقيل في الخطأ شبه .( ذات المرجع، ص ٢٦٦ ) « العمد: يلزم ضمانة العاقلة، وقيل: بيت المال، وقيل غير ذلك(١) . الصبحي: الجامع الكبير، ج ٣، ص ٢١٧ ٢١٨(٢) ومن قصد إلى ضرب إنسان بعصا لا يريد قتله فقتله بها » : ولذلك نوافق على ما قاله ابن بركة « فالدية عليه ولا قود ولا تنتقل عنه إلى العاقلة لأنه ليس بمخطئ في قتله ولا بمتعمد لقتله لما روي عن ا لنبي ژ أنه قال: « لا يجني الجاني إلا على نفسه، وجناية الخطأ على ا لعاقلة » . . ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٥٠٠ ، الحضرمي: كتاب الدلائل والحجج، ج ١ ٢، ص ٦٧٧ فإن طرح فيه حية فقول ما كان مما هو معروف بالقتل فمات في » : وجاء في المصنف ثلاثة أيام مذ لدغه أو أصابه ففيه القود وإن مات في أكثر من ثلاثة أيام ففيه الدية وقول فيه الدية على حال وأما ما لم يعرف أن مثله يقتل فإن فيه الدية إذا مات من سببه ذلك .« ولو كان في أقل من ثلاثة أيام . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٨٦ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٧٩ ولعل ما يؤيد ما قلناه، ما جاء في المدونة الكبرى والصغرى(١) ، وما ة(٢) جاء في معجم مصطلحات ا لإباضي . ّ :¿ÉªY áæ£∏°ùH É«∏©dG áªμëªdG AÉ°†b »a …ƒæ©ªdG øcôdG (ì o أكدت الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا مرارا على العديد من الأمور ً الخاصة بالركن المعنوي، ومنها ما يلي: ١ تقول دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة العليا ا لعمانية: ُ يمثل الخطأ غير العمدي الركن المعنوي في الجريمة غير العمدية » « وبانتفاء هذا الركن تنهار مقومات ا لإدانة(٣) . (١) قال ابن عبد العزيز: والعمد أن يضرب الرجل رجلا؛ » ً أو يطعنه بحديد أو بغير حديد؛ فيصيبه فيموت من رميته تلك، فهذا هو العمد ليس فيه دية، إلا أن يحب أولياء المقتول أن يأخذوا الدية، فلهم ذلك، ولهم أن يأخذوا أكثر من ديته أضعاف ً ا إذا رضي القاتل بذلك، وإن أحبوا أن يقتلوه فلهم ذلك، إن شاؤوا قتلوه، وإن شاؤوا أخذوا الدية، وإن شاؤوا عفوا عنه أو صالحوه من المال على ما أحبوا. قلت: لقد خالفت هاهنا إبراهيم فيما روي عنه من غير وجه إن كان يقول: ليس في قتل شبه العمد قصاص، إنما هو دية على العاقلة، بمنزلة الخطأ. وليس يكون القصاص عنده في العمد أيض ً ا، إلا من قتل بحديد، وأما من قتل بغير حديد كما وصفت لك فلا يرى عليه ا لقصاص. فقال لي: يا هذا ما أحسبك تعقل، كم تردد علينا قول إبراهيم! أتجعلني آخذ ً ا بقول إبراهيم في كل ما يصيب فيه أو يخطئ؟ أما أعلمتك أني لم أرض لنفسي باتباع من هو أعظم ) منه عندي ( وأفضل قدرا، وإنما رأيتني أتبع الأثر المتين الذي لا دخل فيه ولا خلل عندي من ً جميع الفقهاء، ولا يكون ناظرا ولا منصف ً أبو غانم الخراساني. .« ا من لم يكن هكذا ً . المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٣٠ ٢٣٢ ؛ المدونة الصغرى، ج ٢، ص ٣٢ ٣٣ (٢)والإباضية يعمدون إلى اعتبار العمد بناء على توفر قصد القتل، دون النظر إلى الوسيلة » ّ . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٨٣٠ « أو الآلة المستعملة في ذلك ّ (٣) ٢٠٠٤ م. /٤/ ٢٠٠٤ م جلسة ٢٠ / قرار رقم ١٠٠ في الطعن ٧٣ ٢ قصد القتل هو أمر خفي لا يدرك بالحس وإنما يدرك بالظروف » المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وكان استخلاص تلك النية من عناصر الدعوى موكولا ً لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية، ولما كانت المحكمة تستخلص تلك النية لدى المتهم من حيازته وحمله لبندقية نارية صالحة للاستخدام ومحشوة بطلقات سليمة وهي آلة قاتلة بطبيعتها قد قام بتوجيهها مباشرة نحو الهالك.. وأطلقها عليه في موضع قتل ومن مسافة تكاد تكون معدومة ( ٥ سم) وتعمده إطلاقها عليه حيث أصابه في مقتل ولدرجة احتراق ملابسه نتيجه الإطلاق وكان الثابت أنه يعرف نوعية البندقية المستخدمة وصلاحيتها للاستعمال وكيفية استخدامها وحملها معه محشوة بالطلقات معدة للاستخدام كما حمل طلقات أخرى صالحة الأمر الذي يقطع بيقين توافر نية القتل لديه ومن ثم وجبت مساءلته عن قتل الهالك قصد ً ا وهو ما « تلتفت معه المحكمة عما نادى به المتهم أنه لم يكن يقصد ا لقتل(١) . ٣ القصد الجنائي في جرائم القتل قصد » ً ا يتميز عن القصد الجنائي العام في جرائم الاعتداء على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني إزهاق روح المجني عليه، ويجب لصحة الحكم بإدانة المتهم في هذه الجناية أن تعني المحكمة بالتحدث عنه استقلالا ً وإيراد الأدلة التي تكون قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه قد « كان في الواقع يقصد به إزهاق روح المجني عليه(٢) . قرار رقم ٢٩٧ في ٢٠٠٤ م. /١٢/ ٢٠٠٤ م جلسة ٢١ / الطعن ٢٤٣ (١) مجموعة المبادئ والقواعد القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ . وحتى ٢٠١٠ ، الدائرة الجزائية، سلطنة عمان، ص ٤٢٤ ُ (٢) مجموعة الأحكام الصادرة عن هيئة توحيد المبادئ والدائرة الجزائية لسنة ٢٠٠٤ ، سلطنة . عمان المحكمة العليا ص ٦٤٢ ُ ٤ تقول دائرة توحيد المبادئ والدائرة الجزائية في المحكمة العليا العمانية: ُ إن سبق الإصرار والتصميم على ارتكاب الجريمة حالة ذهنية بنفس » « الجاني قد لا يكون له في الخارج أثر محسوس يدل عليه مباشرة(١) . ٢٠٠٤ ، جلسة /٣٠٠ ،٢٩٩ ،٢٩٨ ،٢٩٧ ، قرار ٢٣٦ في الطعون ٢٩ ٢٠٠٤ م. /١٠/٢٦ (١) ذات المرجع، ص ٦٤١ ، كذلك تقول المحكمة ا لعليا: سبق الإصرار والتصميم على قتل المجني عليه فإنه من المقرر أنه أمر نفساني ليس له »  كيان مادي ملموس في كثير من الأحيان وإنما يستفاد من وقائع خارجية تكون بمثابة القرائن التي تكشف عن وجوده، وإثباته مسألة موضوعية يدخل البحث فيه والقول بتوافره أو عدم توافره من سلطة قاضي الموضوع دون معقب عليه من المحكمة العليا طالما أن موجب الوقائع والظروف الذي استخلصه منها لا يتنافر عقلا ً مع هذه الاستنتاج. المقرر في قضاء المحكمة العليا أن المعلوم شرع ً ا أن القصاص حق لأولياء الدم ولهم أن يطلبوه أو ينزلوا عنه إلى الدية أو العفو ولذلك فإن معرفة رأيهم أمر جوهري في تحديد نوع العقوبة التي يمكن أن توقع على الجاني، وفي هذا الصدد يجب أن يعين أولا ً أولياء ّ الدم بإعلام شرعي ثم سؤالهم واحد ً ا تلو الآخر عن مطالبتهم بالقصاص أو خلافه، وبالاطلاع على أوراق الدعوى فقد خلا من هذا الإعلام بينما مثل والد المجني عليه وطالب منفرد ً ا بالقصاص ولم يرد أي ذكر إن كان للمجني عليه ورثة غير الأب، ولما كان رأي جميع الورثة هو المعتبر وبه تحدد العقوبة الشرعية فإن تجاوزه يشوب الحكم بالقصور في هذا الخصوص خاصة إن استطلاع رأيهم قد يكون مفيد ً ا للمتهم وعلى ذلك وإذا كان الإعدام قصاصا وعفا » نصت المادة ٢٩١ من قانون الإجراءات الجزائية على أنه ً لما كان ذلك ،« صاحب الدم قبل تنفيذه استبدلت عقوبة السجن المطلق بعقوبة الإعدام يتعين نقض الحكم جزئيا في شقه الخاص بالعقوبة مع إحالة الأوراق لمحكمة الجنايات .« لإصدار العقوبة الشرعية بعد استطلاع رأي أولياء دم المجني عليه مجموعة القواعد والمبادئ القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ . وحتى ٢٠١٠ ، الدائرة الجزائية، سلطنة عمان، ص ٤٢٠ ٤٢١ ُ ٥ لا تتجه نية الجاني في القتل المتعدي القصد إلى القتل عند إقدامه » على فعله الجرمي، أما في القتل المقصود فإن نيته تتجه منذ مباشرة فعله الجرمي إلى إزهاق روح من قصده، كذلك تختلف هذه الجريمة عن جريمة القتل بطريق الخطأ الناتج عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة في كون أن الجاني في جرائم القتل المتعدية القصد قصد فعل الإيذاء فنتج عنه موت شخص لم يكن يقصد قتله، أما القتل الناتج عن طريق الخطأ فالقصد لا يتوافر في النتيجة التي ترتبت على هذا الخطأ ولا في الإرادة التي انصرفت إلى مثل ذلك الفعل لأنه أساسه الإهمال وقلة التبصر وسوء التقدير، ولجريمة القتل المتعدي القصد المعاقب عليها طبق ً ا للمادة ( ٢٣٨ ) من قانون الجزاء ركنان: ركن مادي يتمثل في سلوك الجاني بالضرب أو العنف أو الشدة أو أي عمل آخر مقصود، وركن معنوي يقوم بوجود قصد لدى الجاني يتمثل في نيته الإتيان بفعل الضرب أو العنف أو الشدة أو غيرها من الأعمال المقصودة وهو يدرك ما يترتب عليها من نتائج وفق المجرى العادي والمألوف للأمور، ولكن هذا القصد لا يتجه إلى .« إحداث ا لوفاة ٢٠٠٤ م. /٤/ ٢٠٠٤ م جلسة ١٣ / قرار رقم ٩٣ في الطعن ٦٤ تقديم معالي الوزير عبد الله بن محمد بن عبد الله السالمي .......................................................... ٥ توطئة ..................................................................................................................................................................... ٩ مقدمة عامة .......................................................................................................................................................... ١١ أ) لمحة إجمالية ...................................................................................................................................................................١١ ب) خطة ا لكتاب ................................................................................................................................................................. ١٤ ...................... »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a »FÉæédG ¿ƒfÉ≤dG á°SGQO äÉeó≤e :…󫡪J π°üa ١٥ أ ) تعريف القانون ا لجنائي ......................................................................................................................... ١٧ ب) أقسام قانون العقوبات (القانون ا لجنائي) .......................................................................... ١٨ ج) قانون العقوبات وقانون الإجراءات ا لجنائية .................................................................... ١٩ د) أهمية دراسة القانون الجنائي في الفقه ا لإباضي ........................................................... ٢٠ ه) مصادر القانون الجنائي في الفقه ا لإباضي ........................................................................ ٢٢ ١ القرآن ا لكريم ............................................................................................................................................ ٢٣ ٤٥٠ ٢ السنة ا لنبوية .......................................................................................................................................... ٢٥ ٣ ا لإجماع ........................................................................................................................................................ ٣٠ ٤ ا لعرف ............................................................................................................................................................ ٣٣ ٥ شرع من قبلنا ............................................................................................................................................ ٣٧ ٦ ا لقياس ........................................................................................................................................................... ٣٩ و) القواعد الحاكمة للقانون الجنائي في الفقه ا لإباضي ............................................... ٤٧ ١ تفسير النصوص ا لجنائية .................................................................................................................. ٤٧ « يحكم بالرأي سوى الدماء والفروج » ٢ قاعدة ....................................................................... ٥٠ ٣ قاعدة عدم جواز الجهل بأحكام الجرائم والعقوبات ..................................................... ٥٢ « الحكم المعلل بعلة ينتهي بانتهاء علته » ٤ قاعدة .................................................................... ٦٤   « تعليق الحكم باسم مشتق دليل على عليته للحكم » ٥ قاعدة .......................................... ٦٥ ٦ قاعدة النص مقدم على النظر أو الاجتهاد أو ا لقياس ........................................................ ٦٦ ز) القانون الجنائي في سلطنة ع ُ مان .................................................................................................. ٦٧ ١ مصادر القانون الجنائي في سلطنة عمان ................................................................................. ٦٧ ُ ٢ ضرورة مراعاة أحكام الشريعة ا لإسلامية ............................................................................... ٦٩ أولا ً النظام الأساسي للسلطنة والقوانين الصادرة فيها .................................................... ٦٩ ثانيا القضاء ا لعماني .......................................................................................................................... ٧٠ ًُ ثالث ً ا الاتفاقيات الدولية التي ترتبط بها سلطنة ع ُ مان في مجال حقوق ا لإنسان ...................................................................................................... ٧٠ ∫hC’G ÜÉÑdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ÜÉ≤©dGh ºjôéà∏d áeÉ©dG ÇOÉѪdG ................................................................................... ºjôéàdÉH á°UÉîdG ÇOÉѪdG :∫hC’G π°üØdG ٧٥ « الأصل في الإنسان ا لبراءة » المبحث الأول: مبدأ .......................................................................... ٧٥ للفعل الإجرامي « التجسيد الواقعي » المبحث الثاني: مبدأ ..................................................... ٧٧ « مبدأ لا مسؤولية جنائية بدون إثم » : المبحث الثالث ................................................................. ...................................................................................... ÜÉ≤©dÉH á°UÉîdG ÇOÉѪdG :»fÉãdG π°üØdG ٨٢ ٨٧ أي: لسلطات ا لدولة) ) « توقيع العقاب يكون للإمام » المبحث الأول: مبدأ ..................... ٨٨ أ ( ماهية ا لمبد أ ................................................................................................................................................................ ٨٨ ب ( النتائج المترتبة على ا لمبدأ ............................................................................................................................. ٩١ ج ( الاستثناءات على ا لمبدأ ................................................................................................................................... ٩٤ د ( آثار ا لمبدأ ................................................................................................................................................................... ٩٨ المبحث الثاني: مبدأ عدم جواز أن ينتصف الشخص لنفسه بنفسه بخصوص المسائل الجنائية ............................................................................................................................... ١٠٠ المبحث الثالث: مبدأ عدم جواز المعاقبة عن ذات الفعل أكثر من مرة ..................... ١٠٦ ٤٥٢ « درء العقوبة بالشبهة » المبحث الرابع: مبدأ ............................................................................... ١٠٩ أ ( ماهية ا لمبدأ ............................................................................................................................................................ ١٠٩ ب ( القواعد التي تحكم ا لمبدأ .......................................................................................................................... ١١٤ ١ أكد فقهاء ا لإباضية على التثبت والتحري كمبدأ عام يجب مراعاته ............................... ١١٤ ّ ٢ أخذ ا لإباضية بمبدأ التثبت واليقين في الأمور ا لجنائية ................................................ ١١٥ ّ ٣ الأخذ بقاعدة ا لاحتياط ...................................................................................................................... ١١٩ ٤ حدد الفقه الإباضي القواعد الأربعة التي تحكم ا لشبهة ............................................... ١٢٠ ٥ ضرب الفقه الإباضي أمثلة كثيرة على ا لشبهة ..................................................................... ١٢٢ ٦ ذكر الفقه الإباضي أثر الشبهة على ا لعقاب .......................................................................... ١٢٣ إذا اجتمع حدان وكان لك أن تدرأ » ٧ أخذ فقهاء ا لإباضية بقاعدة ّ « أحدهما فادرأه ........................................................................................................................................ ١٢٥ ٨ يطبق ا لإباضية مبدأ درء الشبهة وضرورة التثبت وأثره على ا لعقوبة ّ حتى في إطار العلاقات ا لدولية .................................................................................................... ١٢٦ ٩ أكدت المحكمة العليا في سلطنة عمان على ضرورة ألا يداخل الحكم أي شبهة ُ أو شك، وإنما يجب أن يبنى على الجزم واليقين ................................................................. ١٢٨ ُ المبحث الخامس: مبدأ عدم جواز الشفاعة في الحدود (أو مبدأ حتمية توقيع عقوبات ا لحدود) .................................................................................................................. ١٢٩ استمرارية تنفيذ العقوبة الواجبة، وإطلاق سراح من » المبحث السادس: مبدأ « حبس دون وجه حق ........................................................................................................................ ١٣٣ ٤٥٣ أ ( ماهية ا لمبدأ ............................................................................................................................................................ ١٣٤ ب ( ضرورة توثيق ا لعقوبة ...................................................................................................................................... ١٣٥ ج ( إمكانية المعاقبة عن الجرائم التي وقعت في عهد حاكم سابق .................................................. ١٣٦ المبحث السابع: مبدأ تفريد ا لعقاب .................................................................................................. ١٣٧ « لا يطل (لا يهدر) دم في ا لإسلام » المبحث الثامن: مبدأ .................................................... ١٤٤ أ ( ماهية ا لمبدأ ............................................................................................................................................................ ١٤٤ ب ( مظاهر ا لمبدأ ...................................................................................................................................................... ١٤٧ ١ ا لقسامة ...................................................................................................................................................... ١٤٧ ٢ ا لعاقلة ........................................................................................................................................................ ١٥١ G ÇOÉѪdG :ådÉãdG π°üØdG لمختلطة (أي: الخاصة بالتجريم والعقاب مع ًا) .. ١٥٥ المبحث الأول: مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات ........................................................................ ١٥٦ أ ( ماهية ا لمبدأ ............................................................................................................................................................ ١٥٦ ١ بالنسبة لجرائم ا لحدود ................................................................................................................. ١٥٩ ٢ وبالنسبة للقصاص ............................................................................................................................. ١٦١ ٣ وبخصوص الدية والكفارة ............................................................................................................ ١٦٢ ٤ بالنسبة إلى ا لتعزير ............................................................................................................................ ١٦٢ ب ( القواعد الخاصة بالمبدأ .................................................................................................................................. ١٦٤ ١ التأكيد على عدم إتيان ا لمناهي ................................................................................................... ١٦٥ ٤٥٤ « لا تكليف بلا بيان ولا عقوبة بلا إنذار » ٢ قاعدة ............................................................. ١٦٥ « ورود ا لشرع » ٢ قاعدة ......................................................................................................................... ١٦٦ المبحث الثاني: مبدأ عدم رجعية النصوص الجنائية (أو نطاق سريان قانون العقوبات من الناحية ا لزمنية) ..................................................................................................... ١٦٨ أ ( ماهية ا لمبدأ ........................................................................................................................................................... ١٦٨ ب ( القواعد التي تحكم ا لمبدأ ......................................................................................................................... ١٧١ المبحث الثالث: مبدأ المساواة في التجريم والعقاب ....................................................................... ١٧٥ أ ( ماهية ا لمبدأ ............................................................................................................................................................ ١٧٥ ب) الاستثناءات التي ت َرد ِ ُ على ا لمبدأ ............................................................................................................ ١٨٥ ١ مدى حصانة الإمام في الفقه ا لإسلامي ................................................................................ ١٨٧ ٢ حصانة السفراء (الرسل) ................................................................................................................. ١٩١ المبحث الرابع: مبدأ ا لإقليمية ............................................................................................................... ١٩٧ أ ( ماهية ا لمبدأ ........................................................................................................................................................ ١٩٧ ب) القواعد الخاصة بالمبدأ. .................................................................................................................................. ٢٠٤ المبحث الخامس: المسؤولية الجنائية فردية أو شخصية ...................................................... ٢٠٦ أ ( ماهية ا لمبدأ ........................................................................................................................................................ ٢٠٦ ب) القواعد التي تحكم ا لمبدأ. ............................................................................................................................. ٢١٣ ...... á«FÉæédG äGAGôLE’G á«Yô°Th áë°U IÉYGôe IQhô°V CGóÑe :™HGôdG π°üØdG ٢٢١ أ ( ماهية ا لمبدأ ب ( مظاهر ا لمبدأ ........................................................................................................................................................ ...................................................................................................................................................... ٢٢١ ٢٢٢ ١ ضرورة الاستناد إلى البينة العادلة والصحيحة ................................................................. ٢٢٢ ٢ ضرورة إجراء سلطات الدولة التحقيق في كل ما يتعلق بالجريمة ............................. ٢٢٤ ٣ إعلام المتهم بالتهمة الموجهة إليه ............................................................................................. ٢٢٦ ٤ جمع الأدلة الجنائية يجب أن يتم بطريقة مشروعة والاستثناءات على ذلك ........ ٢٢٧ أولا ً ا لقاعدة .......................................................................................................................................... ٢٢٧ ثانيا ا لاستثناءات ً أ إذ ْن ُ ................................................................................................................................ ٢٢٨ الشخص ا لمعني ...................................................................................................... ٢٢٨ ب كون الفعل ظاهرا وليس مستترا ًً .......................................................................... ٢٢٨ ج كون الشخص معروف ً ا بإجرامه ................................................................................. ٢٣٠ ٥ الأصل تطابق الأدلة الجنائية وعدم تعارضها ......................................................................... ٢٣١ »fÉãdG ÜÉÑdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a áªjôédG ............................................................................ É¡°UÉî°TCGh áªjôédG ∞jô©J :∫hC’G π°üØdG ٢٣٧ المبحث الأول: تعريف ا لجريمة .............................................................................................................. ٢٣٧ أ ( « الحدث والمحدثين » استخدام لفظة ......................................................................................................... ٢٤٠ ٤٥٦ .« الجناية » ب) استخدام لفظة ................................................................................................................................ ٢٤١ « المظالم » ج) استخدام لفظة .................................................................................................................................. ٢٤٢ المبحث الثاني: أشخاص ا لجريمة ......................................................................................................... ٢٤٤ أ ( الجاني (المجرم أو مرتكب ا لجريمة) ...................................................................................................... ٢٤٤ ١ المقصود بالجاني ............................................................................................................................... ٢٤٤ ٢ القواعد الخاصة بالجاني ............................................................................................................... ٢٤٦ أولا ً « استعمال المحدثين وغيرهم » ......................................................................................... ٢٤٦ ٍ ثانيا الجريمة يجب أن تنسب إلى جان معين ومحدد .................................................... ٢٤٧ ً ثالث ً ا عدم جواز إيواء الجاني (المجرم)، لأن من يعطي الملجأ (الجوار) للمجرمين يعتبر مثلهم ............................................................................................................ ٢٤٧ رابعا تسليم الجتاة (أو ا لمجرمين) ........................................................................................... ٢٤٩ ً خامسا التفاوض مع ا لمجرمين .................................................................................................. ٢٥٧ ً ب) المجني عليه ......................................................................................................................................................... ٢٥٨ ١ المقصود بالمجني عليه .................................................................................................................. ٢٥٨ ٢ دراسة لبعض صور المجني عليه ............................................................................................. ٢٦٠ أولا ً الجنين ........................................................................................................................................... ٢٦١ ثانيا ا لميت ............................................................................................................................................ ٢٦٢ ً ثالث ً ا الإنسان الحي (إحالة) ........................................................................................................... ٢٦٤ ٤٥٧ »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ºFGôédG ´GƒfCG hCG äɪ«°ù≤J :»fÉãdG π°üØdG .................................. ٢٦٥ المبحث الأول: أهمية ا لموضوع ............................................................................................................... ٢٦٥ المبحث الثاني: أهم تقسيمات ا لجرائم .............................................................................................. ٢٦٦ أ) من حيث منهج الشارع الإسلامي في التجريم والعقاب ..................................................................... ٢٦٧ ب) تقسيم الجرائم من حيث مرتكب ا لجريمة ........................................................................................... ٢٦٨ ج) تقسيم الجرائم من حيث موضوعها (المصلحة ا لمحمية) .............................................................. ٢٦٩ د) تقسيم الجرائم من حيث الركن ا لمعنوي ................................................................................................. ٢٧٣ ه) تقسيم الجرائم من حيث جسامتها ............................................................................................................ ٢٧٤ و) تقسيم الجرائم إلى إيجابية وسلبية: ............................................................................................................. ٢٧٧ ١ ماهية ا لتقسيم ........................................................................................................................................ ٢٧٨ أولا ً الجريمة ا لإيجابية .................................................................................................................... ٢٧٨ ثانيا الجريمة ا لسلبية ........................................................................................................................ ٢٧٨ ً ٢ شروط المسؤولية عن الجريمة بالترك .................................................................................. ٢٨٣ áªjôédG ¿ÉcQCG :ådÉãdG π°üØdG .......................................................................................................... ٢٩١ المبحث الأول: الركن ا لمادي .................................................................................................................... ٢٩٢ الفرع الأول: عناصر الركن ا لمادي ....................................................................................................... ٢٩٣ أ ( « التجسيد الواقعي للفعل الإجرامي » الفعل أو السلوك الإجرامي: مبدأ ................... ٢٩٣ ب) ا لنتيجة ........................................................................................................................................................................ ٢٩٤ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٤٥٨ ج) علاقة السببية ........................................................................................................................................................... ٣٠٠ ١ ماهية علاقة ا لسببية ........................................................................................................................... ٣٠٠ ٢ القواعد الحاكمة لعلاقة ا لسببية .................................................................................................. ٣٠٥ الفرع الثاني: ا لشروع ..................................................................................................................................... ٣٢٣ أ ( ماهية الشروع ...................................................................................................................................................... ٣٢٣ ب) القواعد التي تحكم ا لشروع ............................................................................................................................ ٣٢٦ الفرع الثالث: المساهمة ا لجنائية ............................................................................................................ ٣٣١ أ ( ماهية المساهمة الجنائية ............................................................................................................................. ٣٣١ ب) القواعد التي تحكم المساهمة ا لجنائية ...................................................................................................... ٣٣٩ ١ القواعد ا لعامة ....................................................................................................................................... ٣٣٩ ٢ تطبيقات .................................................................................................................................................... ٣٤٦ أولا ً معرفة ا لإباضية لنظرية المساهمة ا لجنائية .................................................................... ٣٤٦ ّ ثانيا معرفة ا لإباضية فكرتي الفاعل والشريك .................................................................... ٣٤٧ ًّ ثالث ً ا معيار المساهمة الجنائية عند ا لإباضية (القاعدة والاستثناء عليها) ......... ٢٤٨ ّ • القاعدة .............................................................................................................................................. ٣٤٨ • الاستثناءات على ا لقاعدة ........................................................................................................ ٣٥١ إذا تواجد الشخص مع مرتكبي ا لجريمة .............................................................. ٣٥١ إذا لم يتوافر لدى الشخص قصد جنائي متجه نحو ارتكاب ا لجريمة التي تم ا رتكابها ................................................................................................................... ٣٥٢ ٤٥٩ إذا لم يشترك الشخص في ارتكاب الجريمة تحت أية صورة من ا لصور ................................................................................................................................ ٣٥٣ « وحدة المشروع ا لإجرامي » رابعا أساس توافر المساهمة الجنائية هو .................. ٣٥٤ ً خامسا وسائل ا لاشتراك .................................................................................................................. ٣٥٧ ً المساعدة ......................................................................................................................................... ٣٥٧ الأمر (أو ا لتحريض) .................................................................................................................. ٣٥٩ الاتفاق .............................................................................................................................................. ٣٦٥ الدلالة ............................................................................................................................................... ٣٦٦ سادسا قتل الجماعة بالواحد ....................................................................................................... ٣٦٩ ً سابعا اعتداء جماعة على واحد فيما دون ا لنفس ............................................................... ٣٧٧ ً ثامن ً ا الجرائم التي تقع من جماعة ضد جماعة .................................................................... ٣٧٩ تاسعا ضرورة تسليم المجرمين .................................................................................................. ٣٨٣ ً عاشرا اشتراك جماعة بالتعاقب في ارتكاب ذات الجريمة .................................. ٣٨٥ ً حادي عشر أثر عدم عقاب واحد أو أكثر من الجناة على عقاب الآخرين .......... ٣٨٨ ثاني عشر الحوادث بسبب ا لاشتراك ........................................................................................ ٣٩٢ ثالث عشر المساهمة الجنائية مفسرة في آية من آيات القرآن الكريم .................... ٣٩٣ رابع عشر المساهمة الجنائية في أحكام المحكمة العليا بسلطنة عمان ................ ٣٩٣ ُ المبحث الثاني: الركن ا لمعنوي .................................................................................................................. ٣٩٥ الفرع الأول: ماهية الركن ا لمعنوي ..................................................................................................... ٣٩٥ ٤٦٠ أ) الإرادة الواعية (فكرة الأهلية ا لجنائية) ......................................................................................................... ٣٩٥ ١ سن ا لشخص ......................................................................................................................................... ٣٩٦ ٢ الخلل النفسي أو ا لعقلي ............................................................................................................... ٣٩٦ ٣ غيبوبة التخدير أو ا لسكر ............................................................................................................... ٣٩٧ أولا ً تناول المادة المخدرة أو المسكرة بقصد ارتكاب ا لجريمة ..................... ٣٩٧ ثانيا الغيبوبة المترتبة على تناول مسكر أو مخدر اضطراري (غير ا ختياري) .... ٣٩٧ ً ثالث ً ا الغيبوبة الناجمة عن سكر أو تخدير ا ختياري ............................................................. ٣٩٧ ب) الإرادة الحرة (القادرة على ا لاختيار) ......................................................................................................... ٣٩٨ ج) الإرادة المذنبة أو ا لآثمة .................................................................................................................................... ٣٩٨ ١ القصد الجنائي ..................................................................................................................................... ٣٩٨ ٢ الخطأ غير ا لعمدي ............................................................................................................................ ٤٠٠ الفرع الثاني: القواعد الخاصة بالركن ا لمعنوي ............................................................................. ٤٠١ أ) ارتباط الركن المعنوي بالنية ........................................................................................................................... ٤٠١ ب) مسألة القضاء والقدر ........................................................................................................................................ ٤٠٣ « مناط مسؤولية ا لجاني » ج) الركن المعنوي .................................................................................................. ٤٠٥ د) عنصرا القصد ا لجنائي ......................................................................................................................................... ٤٠٨ ه) صور الركن ا لمعنوي ......................................................................................................................................... ٤١٠ ١ ماهية المسألة ........................................................................................................................................ ٤١٠ ٢ التقسيم الثلاثي للركن ا لمعنوي ................................................................................................ ٤١٣ فهرس الجزء الأول ٤٦١ أولا ً ا لعمد .................................................................................................................................... ٤١٤ ثانيا شبه ا لعمد ............................................................................................................................ ٤١٨ ً ثالث ً ا الخطأ ................................................................................................................................................ ٤٢١ ماهية ا لخطأ ................................................................................................................................... ٤٢١ « الخطأ » أهم ملامح فكرة ....................................................................................................... ٤٢٤ و) أهمية الركن ا لمعنوي .......................................................................................................................................... ٤٤١ ز) هل للآلة المستخدمة في الجريمة أثر في بيان ركنها المعنوي (العمد شبه ا لعمد)؟ ..... ٤٤٢ ح) الركن المعنوي في قضاء المحكمة العليا بسلطنة ع ُمان ............................................................... ٤٤٥