١٤٣٦ غمي ٢٠١٥ م لا يجوز نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب في أي شكل من الأشكال أو بأية وسيلة من ا لوسائل سواء التصويرية أ و الالكترونية، بما في ذلك ا لنسخ الفوتوغرافي أ و سواه وحفظ ا لمعلومات واسترجاعها إلا بإذن خطي من ا لناشر . á«FÉæédG á«dhDƒ°ùªdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a  تقتضي دراسة المسؤولية ا لجنائية(١) ، أن ندرس مسألتين: ماهية المسؤولية ا لجنائية. عوارض المسؤولية ا لجنائية. وندرس هاتين المسألتين، على أن نخصص لكل • • .   ١) قلنا بخصوص أن تقرير المسؤولية الجنائية لمرتكب الجريمة دولي ) وداخلي 1- It encourages each state and international organization to exercise greater control and supervision over its representatives, agents and officials and even simple individuals. 2- It incites every state and international organization to comply with principles and rules of international law. 3- It reduces disputes and conflicts on the international and domestic planes. 4- It affirms the rule under which illegal acts should not go unpunished. 5- It emphasizes the principle of the rule of law. ا ا له بعض النتائج الجوهرية، ومنها: منهما فصلا ً . راجع كتابنا عن القانون الدولي الجنائي السابق الإشارة إليه، ص ٧٦ ٧٧ ن تعريفها،  ة أن نبي منها مبحث ً ا.  تقتضي دراسة ماهية المسؤولية الجنائية عند ا لإباضي ّ والقواعد التي تحكمها، وصورها. وندرس هذه المسائل الثلاثة، على أن نخصص لكل ∫hC’G åëѪdG á«FÉæédG á«dhDƒ°ùªdG ∞jô©J لا بد وأن يترتب على ارتكاب الجريمة بحث المسؤولية الجنائية لمن تحمل مرتكب الجريمة » ارتكبها. ويمكن تعريف المسؤولية الجنائية بأنه للعقوبة المقررة جزاء لما ارتكبه من فعل، أو امتناع، مخالف لما هو مقرر ً . « ا (١) شرع ً (١) توجد تعريفات كثيرة لفكرة المسؤولية الجنائية، نكتفي بذكر بعضها: إن المسؤولية الجنائية وهي تحمل الإنسان نتائج الأفعال المحرمة التي » : فقد قيل يأتيها مختارا مدرك ً د. محمد ،« ا لها تقوم على إتيان فعل محرم، مع توفر الاختيار والإدراك ً سلام مدكور: المدخل للفقه الإسلامي، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٣٨٩ ه ١٩٦٩ م، . ص ٧٢٧ أن يتحمل الإنسان نتائج الأفعال المحرمة التي يأتيها مختارا وهو » وقيل: إن معناها ً مدرك لمعانيها ونتائجها، فمن أتى فعلا ً محرما وهو لا يريده كالمكره أو المغمى عليه لا ً =  « تحمل التبعة » ويساوي اتجاه في الفقه الجنائي الإسلامي الحديث بين يقول المرحوم الشيخ أبو زهرة: « المسؤولية الجنائية » و « تحمل التبعة هو ما يسمى في لغة القانون بالمسؤولية ا لجنائية »(١) .  يقول: إن ،« القصاص يكون في العدوان المقصود » وفي عرضه لمسألة « أن يكون المرتكب ممن يتحمل تبعة أفعاله » : من شروطه(٢) .  كذلك عند حديثه عن عناصر التبعة، يقول المرحوم د. محمود نجيب « نظرية التبعة، أي: المسؤولية الجنائية » تقيم الشريعة الإسلامية » : حسني  = يسأل جنائيا عن فعله، ومن أتى فعلا ً محرما وهو يريده ولكنه لا يدرك معناه كالطفل أو ً المجنون لا يسأل أيض ً ا عن فعله. فالمسؤولية الجنائية في الشريعة تقوم على ثلاثة أسس: أولها: أن يأتي الإنسان فعلا ً محرما. ثانيها: أن يكون الفاعل مختارا. ثالثها: أن يكون الفاعل مدرك ً ا فإذا وجدت هذه ً ً عبد القادر عودة: « الأسس الثلاثة وجدت المسؤولية الجنائية، وإذا انعدم أحدها انعدمت  . التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٩٢ استحقاق مرتكب الجريمة العقوبة المقررة لها. وتتعلق هذه » : ويعرفها رأي بأنها المسؤولية بفاعل أخل بما خوطب به من تكليف جنائي، فحقت عليه العقوبة المقررة لحماية هذا التكليف. د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة . الإسلامية والقانون، المرجع السابق، ص ٤٣٩ ٤٤٠ صلاحية الإنسان شرع » : ويعرفها آخرون بأنها ً ا لأن يتحمل نتائج ما يصدر عنه من أقوال أو أفعال ضارة، رتب الشرع عليها عقوبة، سواء أكانت هذه العقوبة أخروية، أم دنيوية (من حد أو قصاص أو دية أو غير ذلك) وسواء أكان ما اقترفه من معصية ماسا بحق من حقوق الله تعالى، أم ماسا بحق من حقوق العباد، سواء أكان فعله ا نتهاك ً ا لأمر أو لنهي، كان ذلك في دائرة الاعتقادات، أو في دائرة الجنايات، أو في دائرة موارد الدولة المالية، أو في دائرة المعاملات المالية وغير المالية، أو في دائرة الولايات والأحكام... أو في غير ذلك من الفرائض والسنن د. حسن الشاذلي: « التي فرضها الله تعالى لعباده أو سنها، وجعلها حقا لهم أو واجبا عليهم ً . الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٥٢١(١) . الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٤٢٧(٢) . الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ص ٢٦٣ استناد ً ا إلى نصوص صريحة على أصلين ثابتين، هما التمييز وحرية « الاختيار(١) . المسؤولية)، ) « الضمان » و ،« التبعة » ويحمد للفقه الإباضي أنه يفرق بين والفارق بينهما هو: أن التبعة ما لزم على غير تعمد من وجه الخطأ والضمان ما ضمن من » « أموال الناس بالتعمد وعليه في هذا الفصل الخروج والأول لا خروج عليه فيه(٢) . وهكذا فالفارق بين الأمرين يكمن في الركن المعنوي المصاحب وإن « تحمل التبعة » لارتكاب الفعل: فإذا كان ارتكابه من غير عمد كنا بصدد أو للمسؤولية). ) « كان عن عمد فإننا نكون أمام تحمل للضمان في القرآن الكريم في آيات كثيرة، منها « المسؤولية » وقد وردت فكرة قوله تعالى: ﴿ XWVUTSRQP ﴾ [ [سبأ: ٢٥ . ﴿ ÅÄÃÂÁÀ ﴾ [ [الأنبياء: ٢٣ . ﴿ :;<=> ﴾ [ [القصص: ٧٨ . ﴿ ÛÚÙØ ﴾ [ [الصافات: ٢٤ . (١) . د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ١٠ (٢) . النزوي: المصنف، ج ١٨ ، ص ١٣٢ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٦٦٥ لا أعلم أن مظالم العباد التي » : يقول الجيطالي ،« التنصل من التباعات » وتحت فصل قدمناها من الحقوق والأموال والفروج لا تجوز توبة من هي في يده أو في ذمته إلا بالتنصل منها إلى أربابها والخروج منها بالأداء أو المحاللة منهم له بطيبة نفس ولا أعلم بين الأمة في هذا خلاف ً ا. واختلفوا إذا لم يجد أربابها بعد ما تاب: فقيل عن ابن عباس أنه قال: هو قفل ضاع مفتاحه. وقيل يتصدق بها على الفقراء، وأظنه قول ابن مسعود 5 ، . الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢، ص ٦٢٨ « وأحسبه أنه قول جمهور العلماء . ﴿ ÖÕÔÓÑÐÏ﴾ [ [الرحمن: ٣٩ (١) »fÉãdG åëѪdG á«FÉæédG á«dhDƒ°ùª∏d áªcÉëdG óYGƒ≤dG في الفقه الإباضي، توجد العديد من القواعد والمبادئ العامة المتعلقة بالمسؤولية بصفة عامة، والمسؤولية بصفة خاصة، وقد درسنا بعضها في معرض دراستنا للمبادئ العامة للتجريم والعقاب، ونضيف إليها هنا القواعد ا لآتية: k .(2)z¬KóëH PƒNCÉe ƒ¡a ¬μ∏ªj ’ ∫Ée »a ÉKóM çóMCG øe πc{ (CG .(3)z…ó©àdÉH ¿Éª°†dG{ (Ü :z¿Éª°†dG §ëJ áMÉHE’G{ (ê إذا أباح الشارع وأجاز للمكلف القيام بفعل معين، وترتب على ذلك (١) في تأويل آيتي المسؤولية ونفيها، يقول الإمام ا لسالمي: قوله تبارك وتعالى: »﴿ ÛÚÙØ﴾ وقال في موضع: ﴿ ÔÓÑÐÏ ÖÕ﴾ . لا تنافي بين الآيتين فإن قوله تعالى: ﴿ ÛÚÙØ﴾ أي: سؤالا ً نصه: ﴿ ! $﴾ فهو سؤال توبيخ وتبكيت لا سؤال عن ذنبهم. #" ثم إن في القيامة مواقف في بعضها يقول المجرمون: ﴿ £¢¡ ¤ ¥﴾ وفي بعضها: ﴿ qpon﴾ فيمكن أنهم لا يسألون عن ذنبهم في بعض المواقف دون . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ١٨٨ « بعض لثبوت الحساب قطعا ً (٢) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٠٠١ ّ (٣) . ذات المرجع، ج ١، ص ٦٨٨ الفعل ما يوجب الضمان، فإن تلك الإباحة تسقط الضمان عنه، قال السالمي معللا ً لا يصح في مقتضى الشرع الشريف أن يأمر » : لذلك 4 بفعل شيء وهذه القاعدة نظير القاعدة التي ذكرها الزرقا .« ثم يلزمنا الضمان على فعله (الجواز الشرعي ينافي ا لضمان)(١) . :z¬«∏Y ±Qƒ©J ɪ«a ¿Éª°V ’{ (O  لا ضمان مما يتعارف بين الناس بالإباحة » : أكد الفقه الإباضي على أنه « فيما يجوز فيه ا لتعارف(٢) . .« لا ضمان فيما تعورف عليه » : فالقاعدة أنه ما كان معروف » : علة ذلك أنه ً ا مع الناس أنه لا بد منه في ذلك فلا ضمان فيه، إلا إذا تعدي العاسف الحد المعتاد فيه في النظر عند أهل « المعرفة، ومثل هذا موجود في الأثر عند أهل ا لبصر (٣) . :(´hô°ûe ƒg ɪ«a hCG) ¬H 샪°ùe ƒg ɪ«a ¿Éª°V ’ (`g من الطبيعي أنه إذا ارتكب الشخص فعلا ً مشروع ً ا أو مباح ً ا أو مسموح به، فإنه لا يتحمل الضمان أو المسؤولية الدولية عن هذا الفعل. ويكون ذلك خصوصا في حالة القتال: ففي الحرب يكون لكل طرف توجيه ً (١) . د. هلال الراشدي: القواعد الفقهية عند ا لإباضية، ص ٤٧٣ ّ (٢) الشيخ صالح السليفي: منهاج الطالبين أو تحفة المتعلم وبشارة المتكلم، مسقط، . ١٤٣٢ ه ٢٠١١ م، ص ١١٧(٣) محمد المقبالي: الطلع النضيد في أجوبة العلامة الشيخ أحمد بن سعيد الخليلي، مكتبة . الجيل الواعد، مسقط، ١٤٢٧ ه ٢٠٠٦ م، ص ٥٣٠ .( ذات المرجع، ص ٥٤٦ ) « كذلك القاعدة: لا ضمان مع عدم التقصير في الحفظ الضربات العسكرية للمقاتلين ولو ترتب على ذلك وفاة العدو أو سقوطه جريح ً ا أو مستسلم ً ا صريع ً ا. « من وجب قتاله فدمه هدر » : لذلك من القواعد الفقهية ا لإباضية(١) . ّ وتنطبق هذه القاعدة، وبالتالي لا ضمان، في: ١ قتل الأعداء من غير المسلمين أثناء ا لحرب. ٢ قتل البغاة من المسلمين أثناء ا لبغي. ٣ قتل المحاربين أو الإرهابيين ما داموا على حرابتهم، إلا إذا تابوا قبل القدرة عليهم. ٤ تدمير الأهداف العسكرية وقت ا لحرب. وقيد قيل: إنما كان بحضرة الباغين، بعد نصب المسلمين » : يقول النزوي الحرب لهم من آلة الحرب. ولم يصل المسلمون إلى منعهم منها، إلا بإتلافها، عن حال ما يصلح لمحاربتهم بها، كان ذلك لهم ولا غرم في ذلك عليهم. وكذلك ما تلف لهم في المحاربة، مما يلبسونه، أو يركبونه، أو « يستعملونه فيها، في حرب المسلمين، فلا غرم فيه عليهم(٢) . ومن المعلوم أن هناك قاعدة شرعية مؤداها أن: (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٤١١ ّ (٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٢٤ . فالقاعدة في الفقه الإباضي أن معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٣٠٢ ، كما أن « أموال المحاربين غير محترمة » ّ . ذات المرجع، ج ٢، ص ١٣٦٩ « المعصية لا تجتمع مع الطاعة » « الجواز الشرعي ينافي ا لضمان »(١) (م ٩١ من مجلة الأحكام ا لعدلية). وهو كون الأمر مباحا، « الجواز الشرعي » ومقتضى القاعدة السالفة أن » ً فعلا ً كان أو ترك ً « ا، ينافي الضمان(٢) ، لما حصل بذلك الأمر الجائز من التلف. ولكن بشرط: أن لا يكون ذلك الأمر الجائز مقيد ً ا بشرط ا لسلامة. وأن لا يكون عبارة عن اتلاف مال الغير لأجل نفسه، وذلك لأن .« الضمان يستدعي سبق التعدي، والجواز الشرعي يأبى وجوده، فتنافيا « لا تجتمع إباحة وضمان » وهكذا فالقاعدة أنه(٣) . وبعبارة أخرى، معنى الجواز الشرعي ينافي الضمان أنه لو فعل شخص ما أجيز له فعله شرع ً ا ونشأ عن فعله هذا ضرر، فلا يكون، من حيث المبدأ، ضامن ً ا للخسارة الناشئة عن ذلك.  (١) راجع: استعمال الحقوق وأداء الواجبات كسبب من أسباب الإباحة في الشريعة الإسلامية، ، في عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، نادي القضاة، القاهرة، ١٩٨٤ ، ج ١ ص ٤٦٩ وما بعدها. حري بالذكر أن هذه القاعدة يقيدها قواعد أخرى في الفقه الإسلامي، مثل قاعدة الاضطرار لا يبطل حق الغير (م ٣٣ من ا لمجلة). (٢) لذلك قيل: إن المأذون فيه من الشارع يجعل الفعل مباحا، إلا أن إذن الشارع بالانتفاع ً يحدث فيه الضمان إذا استعمل بوجه غير مشروع (د. محمد سلام مدكور: نظرية الإباحة .( عند الأصوليين والفقهاء، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٩٨٤ ، ص ١١٠ ٢٨٤ ما ثبت بالنص لا يضمن ما يترتب عليه ما لم يتعد وما ثبت بالاجتهاد » : كذلك قيل قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ) « مشروط بسلامة العاقبة .(١١١٠ ، المرجع السابق، ج ٢، ص ٩٢٥(٣) راجع: شرح القاعدة السابقة والاستثناءات التي قد ترد عليها، في الشيخ أحمد الزرقاء: شرح القواعد الفقهية، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ٣٨١ وما . بعدها؛ د. محمد سلام مدكور: نظرية الإباحة عند الأصوليين، المرجع السابق، ص ٣٩٧ :±hô©e »fÉédG ¿CG ¢VôàØJ á«FÉæédG á«dhDƒ°ùªdG (h هذه القاعدة بدهية. ذلك أن المسؤولية الجنائية تفترض أن يكون من ارتكب الفعل معروف ً ا، لأنه هو الذي سيتحمل آثارها (العقوبة خصوصا). ً ومن مر في قرية فأصابته » : وقد أكد الإباضية على ذلك. يقول أبو الحواري ّ رمية من دار أو غيرها ولا يدري ممن هي؟ فلا شيء في ذلك حتى يدعي « إلى إنسان بعينه وينتصف. وأما إذا مات بذلك فله ا لقسامة(١) . :¿Éª°†dG πjõj ’ CÉ£îdG (R إذا توافر ما يوجب الضمان، فعلى من أحدث الضرر إصلاحه وإزالة آثاره. وإصلاح الضرر الواقع على الأشياء واجب، سواء كان إلحاق الضرر عمد ً « الخطأ في الأموال لا يزيل ا لضمان » : ا أو حتى من غير عمد لأن(٢) . لا ينفي « الخطأ في التقدير » كذلك من المعلوم على الصعيد الدولي أن  مسؤولية الدولة الإسلامية، وإنما الضمان واجب سواء في مال مرتكب الفعل، .« الاضطرار لا يبطل حق ا لغير » أو الإمام، أو بيت المال. يؤيد ذلك أيضا قاعدة ً (١) . جامع أبي الحواري، ج ٥، ص ١٤٨ ١٤٩(٢) . الشيخ عامر الشماخي، كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٣٤ راجع أيض ً . ا: القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٢٢ ٥٢٩ ّ حري بالذكر أن الضمان يمكن ان ينتفي في بعض الأحوال إذا اتخذ الشخص الحيطة ومن قاد الأعمى فليحذره » : الواجبة وراعي القواعد واجبة التطبيق، في هذا المعنى، قيل ما يلقاه به، فإن لم يحذره ضمن إن وقع في متلفة، ومن حفر بئرا في الطريق الأعظم أو ً في طريق المسلمين ضمن ما وقع فيها فتلف من نفس أو مال، ومن حفر بئرا أو نهرا في ًً غير حقه ضمن ما عطب فيه، ومن حفر ذلك في حقه فلا ضمان فيه لأحد عليه إن وقع في ذلك أحد؛ لأنه فعل ما هو جايز له، ومن حفر بئرا في منزله فدخل إنسان إليه بلا رأيه ً فوقع فيها فلا شيء عليه، وإن أدخل أحد ً ا في الليل فلم يدر أو أدخل أعمى ولم يحذرهم . الأصم: البصيرة، ص ١٨١ ١٨٢ « ذلك فإنه إن وقع فيه ضمن بالتالي، يمكن أن نقرر: أن الخطأ في الأموال مضمون إن أدى إلى اتلاف مال ا لغير. أن الخطأ الذي تترتب عليه جرائم حرب في النفس أو المال مضمون. أن الخطأ الذي يلحق أضرار ا بدولة أخرى مضمون. ً أن الخطأ في تطبيق معاهدة دولية أو قرار دولي مضمون. ådÉãdG åëѪdG á«FÉæédG á«dhDƒ°ùªdG Qƒ°U نشير إلى بعض صور المسؤولية الجنائية، على النحو الآتي ذكره: :áeÉ©dG äÉ£∏°ùdG ∫ÉLQ á«dhDƒ°ùe (CG يمكن أن يقع من السلطات العامة (كالإمام، ورجال الشرطة، والولاة وغيرهم) أ فعالا ً تشكل اعتداءات على السلامة الجسدية أو الأموال أو غيرها. وقد تعرض الفقه الإباضي لمثل هذه المسائل. ولعل خير من عبر عنها ابن محبوب، على النحو ا لتالي: قد حفظنا وروينا من أولي العلم بالله أن خطأ الإمام والحاكم والوالي » دية لا قود فيه، والدية وما دون الدية من الأرش في بيت مال المسلمين، إلا أن يكون الإمام أو الحاكم أو الوالي بدل الحكم، وخالف الحق الذي لا خلاف فيه، فذلك يكون عليه فيه القصاص، إلا أن يرضى أولياء الدم بالأرش، وذلك مثل الإمام يرفع إليه الزاني البكر، فيأمر برجمه، والسارق الصبي أو المعتوه، فيأمر بقطعه، أو السارق أقل من أربعة دراهم، فيأمر   بقطعه، أو الأب قد قتل ابنه فيأمر بقتله، أو القاذف لليهودي أو العبد فيأمر  بجلده ا لحد. ويكون الإمام قد رأى رجلا ً قتل رجلا ً قبل أن يكون إ ماما، فلما صار ً إماما رفع إليه الرجل عليه فأمر بقتله بشهادته وحده، أو أقام حدا بشهادة ً نساء لا رجل معهن، أو أقام حد الزنى بشهادة ثلاثة رجال وامرأتين، أو أقام حد السارق بشهادة رجل وامرأة وما يشبه هذا، مما يخالف القرآن أو ا لسنة، أو الأثر المجتمع عليه وما يشبهه، فهذا يلزمه فيه القصاص، أو يرضى أولياء الحق بالأرش، فيعطيهم الأرش من ماله ليس من مال ا لمسلمين. وأما إذا أقام الحدود على وجهها في جلد البكر الزاني والقاذف، وقطع السارق، وجلد شارب الخمر، فمات من ذلك المحدود فلا قصاص فيه، ولا دية على الإمام في نفسه ولا في ماله، ولا في مال المسلمين وأما إذا عزر رجلا ً فيما يرى فيه التعزير، فمات أو قيده فيما يرى عليه فيه التقييد، فعثمت رجله، أو سجنه فيما يرى عليه السجن، فخرج من السجن أو نقبه أو أراد أن يقتحمه فعزره الإمام فمات أو جرح رجل رجلا ً جرح ً ا، فأخذ المجروح من الجارح أرش ً ا، أو عفى عنه فعزره الإمام فمات. فقال بعض فقهاء المسلمين: ليس عليه قصاص ولا أرش في ماله، ولا في مال المسلمين، لأن هذا مما قد رآه المسلمون من أئمتهم، فلا يلزمه فيه شيء كما لا يلزمه في إقامة ا لحدود. وقال آخرون من الفقهاء وهو أكثر قولهم فأرجو أن يكون أسلمه وأبرأه وأعدله: أن ليس على الإمام والحاكم في ذلك قصاص في نفسه، ولا دية ولا أرش من ماله، ولكن يكون ذلك ديته في بيت مال المسلمين، وبهذا أخذنا. إن على » : وقال رجل واحد مفرد من فقهاء المسلمين فيما بلغني عنه الإمام في هذا القصاص أو الأرش في ماله أن رضي بذلك أولياء الدم، ولا أعلم أن أحد ً ا من الفقهاء وافقه على ذلك، ولا أخذ بهذا القول، وأنا أقول: « لو أن إماما فعل مثل هذا، ثم قاد نفسه فقتل لوقفت عن ولايته(١) . ً معنى ذلك أن جرائم السلطات العامة يحكمها في الفقه الإباضي قاعدتان: الأولى: إذا تم تطبيق العقوبة بطريقة غير سليمة ومتعمدة، بما يشكل خروجا على القواعد المرعية والأصول المرضية المعتمدة، ففي هذه الحالة ً يسأل الحاكم عن أفعاله، حسب الجريمة المرتكبة، وقد يصل ذلك إلى حد القصاص، ما لم يوافق أولياء الحق على ا لأرش. والثانية: إذا تم تطبيق العقوبة بطريقة سليمة ووفق ً ا للشرع وترتب عليها الوفاة أو المساس بالسلامة الجسدية للشخص المعني، فلا عقاب على رجال السلطة العامة، ولكن تكون الدية في بيت مال المسلمين، وإن ذهب اتجاه آخر إلى حد القول بعدم تحمل بيت المال الدية، ولا الحاكم من باب أولى(٢) . (١) ، ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٥ ، ص ٣٠٨ ٣٠٩ ؛ النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ١٥٤ ١٥٥ ، ج ١٣ ، ص ١٢٠ ١٢٣ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥ . ص ١٤٧ ١٤٨ (٢) يقول ا لبيضاوي: ،« في ضمان الولاة » : تحت عنوان الصادر عن الإمام إما حد ولا ضمان فيه إلا إذا جاوز الواجب فيجب قسط الزائد؛ إذ »التلف بالمجموع، ونصف الأرش على قول نظرا إلى الحق والباطل. ً وإما تعزير: وهو مضمون، لأنه باجتهاده فيشترط فيه سلامة العاقبة؛ كتأديب القيم والزوج. وإما استصلاح كفصد وختان وقطع سلعة ويد متآكلة إبقاؤهما أخطر فلا يضمن على الأظهر؛ لأنه كيف يضمن وتجويزه مع الخطر. فإن علم أن قطعه أخطر فقطع لزمه دية = ,äGQÉ«°ùdGh ,äGôFÉ£dGh ,äGQÉ£≤dG) ácôëàªdG AÉ«°TC’G …óFÉb á«dhDƒ°ùe (Ü :(Égô«Zh ÜGhódGh  يمكن أن نشير، لبيان ذلك، إلى ما جاء في بيان ا لشرع:  وإذا كان للدابة قائد وسائق وراكب ثم أصابت فهو عليهم، وإذا أصابت »  الدابة التي عليها راكب بمقدمتها فذلك عليه، وأما بمؤخرها فلا نرى ذلك يلزمه، وإذا قاد قائد قطارا من الإبل في طريق المسلمين فما أوطى القطار أو ً كدم فالقائد ضامن ولا كفارة عليه وإن معه سائق فالضمان عليهما ولو سقط مما تحمل الإبل على إنسان أو سقط في طريق فعثر به إنسان كان الضمان في ذلك على الذي يقود كذلك، قال من قال: وينظر في ذلك فإني لم أغرم في ذلك، وقيل: إذا عثرت الدابة في الطريق بحجر أو غيره فوقعت على = قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية .« العمد دون القود على الأصح للشبهة . الفتوى، ج ٢، ص ٩٣٧ واستناد « التفريق بين خطأ الحاكم وبين تجاوزه سلطاته » كذلك تحت عنوان ً ا إلى قول مشهور عن عمر بن الخطاب ƒ وقد فرق أمير المؤمنين » : ، يقول أستاذنا د. محمد سلام مدكور عمر بن الخطاب بين عدم مسؤولية العامل لسبب اقتضاه عمله أخطأ فيه التقدير بنية حسنة، وبين عمل تجاوز فيه حدود سلطته أو أساء استعمال وظيفته. روى ابن الجوزي أن عمر ألا وإني والله ما أرسل عمالي ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم ولكن » ... خطب فقال أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسننكم. فمن فعل به سوى ذلك فليدفعه إلي فوالذي نفسي بيده إذن لأقصنه أي: لآخذ له القصاص فوثب عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين. أفرأيت إن كان رجل من المسلمين على رعيته فأدب بعض رعيته. إنك لمقصه منه؟! قال عمر: أي والذي نفس عمر بيده إذن لأقصنه منه. إني لأقص منه، وقد رأيت رسول الله ژ يقتص من نفسه. ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم د. محمد سلام مدكور: معالم الدولة « فتكفروهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم . الإسلامية، مكتبة الفلاح، الكويت، ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ١٣٨ ١٣٩ راجع أيض ً ا: د. أحمد أبو الوفا: حقوق الإنسان في السنة النبوية، دار النهضة العربية، . القاهرة، ص ١٠٧ ١٠٨ إنسان فقتلته فقالوا: الضمان على الذي وضع ذلك في الطريق ولا ضمان « على صاحب ا لدابة (١) . ولنا على ما تقدم الملاحظات ا لآتية: أولا ً: رغم أن الرأي السابق تعرض صراحة فقط لمسؤولية قائد الدواب، إلا أنه قابل للتطبيق على كل من يقود أية أشياء متحركة كالسيارات والقطارات والسفن، وغيرها من وسائل المواصلات ا لحديثة. ثانيا: أن التفرقة بين ثبوت مسؤولية القائد إذا أصابت المركبة بمقدمتها، ً وعدم مسؤوليته إذا أصابت بمؤخرتها، هي تفرقة جديرة بالأخذ في الاعتبار كحل منطقي لحوادث وسائل المواصلات الحديثة. وإن كان الأمر في نظرنا يتوقف على ظروف كل حالة. لذلك مثلا ً وراكب الدابة إذا » : قيل « كفحها باللجام فأصابت بمؤخرها ضمن(٢) . ا(٣) : وفي المسألة تفصيل كثير لخصه ابن بركة تلخيص ً ا رائع ً (١) ، الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣٩ ؛ الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥ . ص ١٧٧ ؛ الإمام ابن الشحنة الحنفي: لسان الحكام في معرفة الأحكام، ص ٤٠٢(٢) الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ١٧٧ . ويضع الجيطالي قاعدة مهمة، هي: وأما البهائم فإنه أن ضيع لزمه الضمان قليلا » ً كان أو كثيرا. وقيل: مقدار الرقاب. وإن لم ً الجيطالي: « يضيع فلا ضمان عليه إذا أوثقها بما يوثق به مثلها فانفلتت ولم يقدر عليها . قواعد الإسلام، ج ١ ٢، ص ٦١٤ انظر أيض ً ، ا: الأصم: البصيرة، ص ١٨٥ ١٨٨ ؛ الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ١ ص ١٢٠ ١٢٣ ؛ المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ٣٦١ ٣٦٣ ؛ العوتبي: ؛ الضياء، ج ١٥ ، ص ١٣٩ ١٦٩ ؛ جوابات المحقق الخليلي، ج ٥، ص ١٢٠ ١٢١ السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، . ج ٤، ص ٣٥٨ ٣٥٩(٣) يقول محمد بن بركة: فاختلف أصحابنا فيما تناهى إلينا عنهم في الدابة تأكل زرع إنسان أو طعامه في الليل والنهار في حال الإرسال والاستيثاق فقال بعضهم: يضمن ربها أكلها وما أتلفت على صاحب الطعام والزرع في الليل والنهار في حال الرعي أو الشد. وقال = :ø«æédG ≈∏Y AGóàY’G øY á«dhDƒ°ùªdG (ê  الولد في البطن وقول هو المقبور. وقول الولد الصغير... » الجنين هو   « قال الخليل: الجنين الولد في الرحم والجمع ا لأجنة(١) . = بعضهم: لا يضمن فعل النهار في رعي أو شد وعلى صاحب الزرع والطعام حفظ زرعه وطعامه في النهار، وعلى صاحب الدابة حفظ دابته وشدها في الليل لأنهم ينشغلون عن حفظ أموالهم براحة النوم والليل وما يحجبهم من ظلمة الليل. وقال بعضهم: إذا أطلقها ربها في موضع الرعي، والفلاة فرجعت في النهار فأكلت فلا شيء على ربها، وإن أطلقها ربها في القرية، والعمارة وقرب الزرع ضمن ما أكلت في الليل والنهار. واختلفوا في أكلها في الليل إذا انطلقت من رباطها فقال بعضهم: لا ضمان على صاحبها إذا لم يتعمد ويفرط وضمنه آخرون. واتفقوا في عقرها، ونطحها وإتلاف نفس أو مال بفعلها في منزل ربها وحصنه أنه لا ضمان عليه في شيء من ذلك إلا أن يكون أذن للداخل وأسكنه في داره وكتمه ما جرى من عادتها فيكون عند ذلك ضامن ً ا لجنايتها إذا كانت معروفة بذلك. قال: وقد وجدت عن محمد بن محبوب في الدابة المعروفة بالعقر أنها إذا انطلقت من وثاق ربها فما أتلفت أو عقرت فلا ضمان على ربها إذا كان قد أوثقها بما يوثق به مثلها. وقد روي عن ا لنبي ژ أنه قال: » « جراح العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وإنما يكون جرح العجماء جبارا إذا كانت منفلتة ليس لها قائد، ولا سائق ولا عليها راكب. فإذا ً كان معها واحد من هؤلاء الثلاثة فهو ضامن؛ لأن الجناية حينئذ ليست للعجماء وإنما هي . ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٤٤٣ ٤٤٤ « جناية صاحبها الذي أوطاها الناس انظر أيض ً ا: تفسير ا لإباضية لقوله تعالى: ﴿ nmlkjihg ّ tro ❁ zyxwv |{ ﴾ s qp [ [الأنبياء: ٧٨ ٧٩ ، في أطفيش: تيسير التفسير، ج ٩، ص ٣٢٠ ٣٢٣ ؛ الشيخ بيوض: في . رحاب القرآن، ج ٤، ص ١١٤ ١٢٢ وبخصوص مسألة: وفي ثور نطح رجلا ً فمات، أيلزم صاحب الثور الأرش، أم لا؟ قيل: على ما سمعته من آثار المسلمين، أن الجناية من الدواب هدر، إلا أن تكون معروفة »بالبطش، فتقدم على صاحبها بالمنع لها، فأطلقها بعد التقديم ضمن ما أصابت من نفس ، الشيخ عبد الله الخراسيني النزوي: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، ج ٣ « أو مال ، ص ٣٧١ ٣٧٢ ، راجع ا يضا: عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤ ً ص ٣٦٩ ٣٧٠ . انظر أيض ً . ا د. أحمد أبو الوفا: حقوق الإنسان في ا لسنة ا لنبوية، ص ١٧٠ (١) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٧١ والاعتداء على المرأة الحامل، وبالتالي على الجنين أمر غير مسموح به(١) . بل لا يجوز للمرأة الحامل ولا لغيرها اتخاذ أي فعل يضر بالجنين، يقول أ طفيش: ليس للحامل أن تعمل ما يضر بحملها من أكل أو شرب كبارد أو حار » أو غيرهما، كحجامة، ورفع ثقيل، وفصد، ونزع ضرس، فإن تعمدت مع علمها بالحمل لزمها الضمان والإثم، وإن لم تعلم بالحمل فالضمان لا الإثم، وكذا غيرها إذا فعل مضرا بحملها فهو مثلها إذا تعمده على علم منه ً به أو جهل، وإن أمرت من يطلع عليها أو يرفع لها ثقيلا ً ففعل فأسقطت، فإن كان على علم منه به لزمه الضمان لا الإثم، وقيل: بالعكس؛ وإلا لزمه الضمان لا الإثم، وقيل: بسقوطهما عنه، وإن علمت الحامل دون الطالع أو « الرافع لزم الضمان والإثم الحامل دونهما(٢) . فإذا ما حدث اعتداء على الجنين، فيمكن أن تثور المسؤولية الجنائية لمرتكب الفعل. يقول ابن ا لنظر(٣) : (١) يقول عبد القادر عودة: .« الجناية على ما هو نفس من وجه دون وجه » : ويسميها الحنفية يعبر الحنفية عن هذه الجناية بالجناية على ما هو نفس من وجه دون وجه، لأن الجنين »يعتبر نفسا من وجه، ولا يعتبر كذلك من وجه آخر فيعتبر نفسا من وجه لأنه آدمي، ولا ًً يعتبر كذلك لأنه لم ينفصل عن أمه، ويعللون ذلك بأن الجنين ما دام مختبئ ً ا في بطن أمه فليس له ذمة صالحة أو كاملة ولا يعتبر أهلا ً لوجوب الحق عليه لكونه في حكم جزء من الأم، لكنه لما كان منفرد ً ا بالحياة فهو نفس وله ذمة وباعتبار هذا الوجه يكون أهلا ً عبد القادر عودة: التشريع الجنائي « لوجوب الحق له من إرث ونسب ووصية إلخ . الإسلامي، ج ٢، ص ٢٩٢(٢) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ١٥٢(٣) الشيخ ابن النظر: الدعائم، ج ٢، ص ٥٦٦ ٥٦٨ . راجع ايض ً ا: خلفان بن جميل: جلاء ، العمى شرح ميمية الدما، ص ٢١١ ٢٢٢ ؛ الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥ ص ٣٠٣ ٣٠٤ ؛ أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٤٠ ٢٤١ ؛ عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ٢، ص ٢٩٢ ٣٠٣ ؛ الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة . العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ص ٤٤١ ٍ  وإن أمة ألقت جنين ً ا بضربة فقيمته إن كان حيا يرفل ُ لسيدها والعشر إن كان ميتا يقوم في أثمانها حين تبخل ُ ّ  وإن كان حرا ميت ً ا فهو غرة يقوم ستا من مئين ٍ ت ُف َصل ُ فأنثى بأنثى قدرها النصف ما لها مزيد ولا فوق المزيد معول ُ  وتسعون إن ألقته في الوقت نطفة وفي العلق التسعون ضعفا تحول ُ وفي المضغة التسعون والعظم مثلها وتم له تركيبه والتنقل ُ وإن طرحته وهو حي فإنما له الدية العظمى وعيش مدغفل ُ وإذا ضرب رجل امرأة فألقت جنينها كانت عليه ديته » : يقول ابن بركة غرة عبد أو أمة، والغرة التي تؤدي في الجنين هي غرة عبد أو أمة وإنما قيل غرة لأنها غير ما يملك، قال الشاعر ابن أحمد:  إنما نحن الأناس أهل سائمة ما أن لنا دونها حرث ولا غرر يقول من قوم قليلي المال ليس لنا إلا ما نرعى وليس لنا عبيد(١) ومن الأمور التي تحكم المسألة ما روي أن عمر بن الخطاب ƒ أرسل إلى امرأة بلغه عنها بعض الريبة فجاءت تمشي وهي فزعة من فرقه. حولها نسوة، وكانت حاملا ً فألقت حملها من خوفه فجمع المسلمين. واستشارهم فيما عنا به من أمر المرأة إذ ألقت حملها من خوفه. فاجتمع رأي من حضره أنه لا شيء عليه وأشاروا عليه بذلك وقالوا: إنما أنت مؤدب وكان فيهم معاذ ولم يكن ذلك رأيه معهم. فقال له: إن كان القوم كتموك فقد غشوك وإن كان هذا مبلغ علمهم فقد جهلوا الدية عليك، وأحسب أنهم قالوا جعلها دية خطأ، فأقول إنه في الحديث قسمت على بني عدي. فقال عمر بن الخطاب: لولا معاذ لهلك عمر عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ(٢) . (١) . ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٥٠٦(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ١٤٢ ؛ النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٧٦ ١٧٧  ويفرق الإباضية بين خروج الجنين ميت ً ا، وخروجه حيا ثم مات. يقول ّ النزوي(١) :   والجنين إذا لم يستبن خلقه فلا دية فيه، وإن استبان خلقه فإن كان فيه » الروح فديته كاملة وإن خرج ميت ً .« ا فديته غرة قال أبو عبد الله: إذا خرج حيا ثم مات من حينه ففيه الدية وإن مات من .« بعد فلا شيء فيه  وقد فصل الخليلي الأمور الخاصة بدية الجنين، كما يلي:  ودية الجنين وتسمى غرة إذا وضعته أمه نطفة فديته ستون درهما، وإن » ً وضعته علقة فديته مائة وعشرون درهما، وإن وضعته مضغة فديته مائة ً وثمانون درهمان، وإن وضعته عظاما فديته مائتان وأربعون درهما، وإن ًً ً وضعته لحما تام الخلق وهو أنثى فديته ثلاث مائة درهم، وإن كان ذكرا ًً « فديته ستمائة درهم، وإن وضعته حيا فمات فديته الدية ا لكاملة(٢) . وبخصوص أثر الجناية على الجنين في إرث الجاني منه، يوجد اتجاهان: الإباضية يورثون القاتل خلاف ً ا لجمهور الفقهاء، فقد قرروا أن القتل أيا ّ كان لا يمنع من الإرث لعموم آيات الإرث إنها لم تقيد الإرث بشيء من ذلك ولما حكي أن سعيد بن المسيب وابن جبير ورثا ا لقاتل. ُ أما جمهور الفقهاء فإنهم اتفقوا على أن القتل مانع يمنع القاتل من الإرث، لأن رسول الله ژ قضي بأن « لا ميراث لقاتل »(٣) . (١) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٧٤(٢) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ١٧٢(٣) . د. محمد سلام مدكور: الجنين والأحكام المتعلقة به في الفقه الإسلامي، ص ٢٥٣ ٢٥٧ = يتضح مما تقدم أن للجنين أحكامه فيما يتعلق بالمسؤولية الجنائية كما أن .« كجنين » المترتبة على ارتكاب فعل أو امتناع يمكن أن يؤثر عليه العمد أو الخطأ) ) « الركن المعنوي » أحكام تلك المسؤولية يتوقف على لمرتكبي الفعل أو الامتناع الذي يمس ا لجنين(١) . :™aGóàdÉH hCG ´QÉ°üàdÉH ¿Éª°†dG (O .« التصارع أو التدافع » بحث الفقه الإباضي أيضا المسؤولية الناجمة عن ً ويكفي أن نشير هنا إلى قول ا لناظم(٢) : ويلزم الضمان بالتصارع ويتجاذب وبالتدافع  = ولا خلاف بين العلماء أن الجنين إذا خرج حيا فيه الكفارة مع » : ويقول الإمام القرطبي   الدية. واختلفوا في الكفارة إذا خرج ميت ً ا؛ فقال مالك: فيه الغرة والكفارة. وقال أبو حنيفة والشافعي: فيه الغرة ولا كفارة. واختلفوا في ميراث الغرة عن الجنين؛ فقال مالك والشافعي وأصحابهما: الغرة في الجنين موروثة عن الجنين على كتاب الله تعالى؛ لأنها دية. وقال أبو حنيفة وأصحابه: الغرة للأم وحدها؛ لأنها جناية جنى عليها بقطع عضو من أعضائها وليست بدية. ومن الدليل على ذلك أنه لم يعتبر فيه الذكر والأنثى كما يلزم في الديات، فدل على أن ذلك كالعضو. وكان ابن هرمز يقول: ديته لأبويه خاصة؛ لأبيه ثلثاها ولأمه ثلثها، من كان منهما حيا كان ذلك له، فإن كان أحدهما قد مات كانت للباقي منهما أب ً ا كان أو أم ً ا، ولا يرث الإخوة شيئ ً . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٥، ص ٣٢٣ « ا (١) فإن شربت امرأة دواء وهي حبلى حامل فطرحت ما في بطنها » : وهكذا جاء في المصنف فإن كانت شربت الدواء لتقتل ولدها فخرج حيا ثم مات فديته لورثته وليس للأم منه  شيء. وإن كانت شربته ولا تعلم أنها حبلى فخرج حيا ثم مات فهو خطأ وهو دية على عشيرتها وإن خرج ميت ً ا فغرة عبد ً ا وأمة. قال: وعندنا أنها إذا شربت دواء مما يشرب الناس تريد به الشفاء ولا تعلم أنه مما يقتل فطرحت ولدها أنه لا دية عليها ولو علمت أنها حبلى. راجع النزوي: المصنف، « وكذلك يوجد عن أبي علي وقال: ما أرى بأسا أن تصوم شهرين ً . ج ٤١ ، ص ١٧٧(٢) . الأغبري: فتح الأكمام عن الورد البسام في رياض الأحكام، ص ٢٥٣ يلزم كلا ما أصاب صاحبه منه إذا صارعه أو جاذبه وقاعد لأحد فدفعه آخر فوقه فوافى مفجعه فيضمن القاعد مثل الدافع إن هلك المدفوع في التدافع وإن يك الفاعل بالدفع هلك فما على المدفوع تضمين سلك وإن يكن على اتفاق وقعا منهم فيضمنون ما جرى معا وإن يك المدفوع عالما فقد دون الذي دفعه ومن قعد رمى بنفسه عليه عامدا يضمن ما أصابه حيث اعتدى ومن يقول صادق ً ا لمن طلع بنخلة جاءك ريح فوقع أو جاءك القوم فخر فزعا فما عليه من ضمان وقعا وسارق يلقاه فوق نخلته صاح عليه فتوى من صيحته فما عليه فيه من ضمان أن زهقت بالصوت نفس ا لجاني  ومتماسكان كل أدعى جرحا به من خله قد وقعا ً يضمن كل منهما لصاحبه دية جرحه ولا قصاص به ورجل بخله تعلقا وهو غدا مستسلما ومطرقا فالمتعلق الذي هنا جرح صاحبه لا ذاك إلا أن يصح فهو هنا يلزمه البيان أولا ً فما بينهما الإيمان وإن تلاقت الزحوف ووقع تجارح فيهم وبعضهم صرع فكل زحف ضامن للآخر ما قد أصابه من التشاجر á«dhDƒ``°ùeh ,óMGƒdG π``à≤H áYɪédG á«dhDƒ``°ùeh ,∂jô``°ûdG á«dhDƒ``°ùe (```g :(ádÉMEG) iôNCG ó°V áYɪédG وقد بحثنا ذلك في إطار دراستنا للمساهمة الجنائية في الفقه ا لإباضي(١) . (١) انظر ما قلناه سابق ً ا. كذلك بخصوص مسؤولية العبيد في الفقه الإباضي، راجع: أطفيش: = :É¡ÑμJôj »àdG ºFGôédG øY OôØdG »fÉédG á«dhDƒ°ùe (h وهي التي ندرسها تفصيلا ً خلال هذه الدراسة مع الأخذ في الاعتبار أنه حتى ولو كان الفعل قد ارتكب في إطار المساهمة الجنائية أو الاشتراك من أكثر من شخص في ارتكاب الجريمة، فإن ما يسري عليهم فرادى، يسري عليهم مجتمعين. بشرط مراعاة الوضع القانوني لكل مساهم ودرجة إذنابه وظروفه الشخصية وغيرها، والتي سبق دراستها في إطار موضوع .« المساهمة ا لجنائية » والقاعدة التي لا يختلف عليها اثنان ولا ينتطح فيها عنزان هي أن « غير الإنسان » وأن لا مسؤولية على « الإنسان » المسؤولية الجنائية يتحملها كالحيوان والجماد وغيرهما(١) . ويشترط لكي يتحمل الإنسان المسؤولية، ما يلي:  أن يكون حيا، فلا مسؤولية على الميت. وهذا شرط تقتضيه طبيعة الركنين المادي والمعنوي؛ كأمرين لازمين لوجود الجريمة والمسؤولية عنها. ْْ أن يكون ذا إرادة حرة مختارة، وبالتالي كما سنرى لا يتوافر هذا الشرط بالنسبة للطفل غير المميز، والمجنون، والمكره،...إلخ. وبالتالي يجب أن يتوافر لدى الجاني القدرة على الإدراك، والقدرة على ا لاختيار. أن يرتكب فعلا ً أو ا متناع ً ا جرمه الشارع الحكيم (مبدأ لا مسؤولية بغير ماديات إجرامية أو بغير سلوك إجرامي). • • • = شرح النيل، ج ١٥ ، ص ٢٤٩ ٢٦٣ ؛ النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٦٠ ١٦٦ ؛ الثميني: ، الورد البسام في رياض الأحكام، ص ٣٤٩ ٣٥٣ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٩ . ص ٣٧٠ ٣٧٧ (١) انظر ما قلناه سابق ً ا. الأهلية » وهكذا فالمسؤولية الجنائية تقتصر على من يتوافر لديه وهو الإنسان العاقل المدرك الاختيار وذو الإرادة الحرة وقت ،« الجنائية َ ارتكابه للجريمة (١) . :Iô£îdG AÉ«°TC’G øY á«dhDƒ°ùªdG (R أكد الإباضية(٢) ، على إمكانية تحمل الإنسان الضمان عن إهماله في ّ صيانة والمحافظة على الأشياء التي يمكن أن يتولد عنها مخاطر تسبب أضرارا لحياة الآخر أو سلامته ا لجسدية. ً والوجه الآخر ما جاء من قبل ماله مما ليس له روح » : يقول الجيطالي كالجدار المعوج والنخلة المائلة ونحوهما: إذا تركه بعد التقدم إليه لزمه الضمان، وإن لم يتقدم إليه في صرفه فلا ضمان عليه في الحكم ويلزمه فيما « بينه وبين الله إن علم به(٣) . (١) راجع أيض ً ا تفصيلات كثيرة، عند: الشيخ أبو زهرة: الجريمة، ص ٤٢٧ وما بعدها؛ عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٩٣ ٣٩٤ ؛ د. عبد الفتاح ؛ الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٤٤٢ ٤٥٥ د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، . ص ٥٢٢ ٥٢٨ (٢) إذا مال حائط إنسان إلى طريق أو ملك » : وكذلك فقهاء المذاهب الأخرى. وهكذا قيل غيره ثم وقع على شخص فقتله، قال أبو حنيفة: إن طولب بالنقض فلم يفعل مع التمكن ضمن ما تلف بسببه وإلا فلا يضمن، وقال مالك وأحمد في إحدى روايتيهما: إن تقدم إليه طلب بنقضه فلم ينقضه فعليه الضمان، زاد مالك وأشهد عليه. وعن مالك رواية أخرى أنه إذا بلغ من شدة الخوف إلى ما لا يؤمن معه اتلاف ضمن ما أتلف به سواء تقدم أم لا وسواء أشهد أم لا، وعن أحمد رواية أخرى فهي المشهورة أنه لا يضمن مطلق ً أبو عبد الله « ا؛ ولأصحاب الشافعي في الضمان وجهان أصحهما أنه لا يضمن . الدمشقي العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ٢٦٢ ٢٦٣ (٣) . الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢، ص ٦١٤ معنى ذلك قاعدتان: (الأولى): إذا توافر العمد أو الخطأ في صيانة الشيء الخطر أو إزالته، فصاحبه يكون مسؤولا ً جنائيا عن إهماله أو عمده؛ (والثانية): إذا لم يتوافر في حقه العمد أو الخطأ، فلا مسؤولية عليه إن وقع ٍ وأحدث ضررا بشخص آخر أو ماله؛ لأنه سيكون حينئذ من قبيل القوة ً  القاهرة (أو الحادث ا لسماوي). :…ƒæ©ªdG πYÉØdG (ì درج الفقهاء على معالجة » : يقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح الصيفي باعتبارها صورة من صور المساهمة الأصلية، ولدينا « الفاعل المعنوي » صورة أنها تخرج من مجال المساهمة الجنائية، وهي لا تعدو أن تكون تطبيق ً ا لصورة الجريمة التي ينفرد بارتكابها شخص واحد لأن المنفذ للجريمة لا يسأل جنائيا: إما لعدم أهليته الجنائية وقت ارتكابه الجريمة، أو لحسن نيته.  في صورة الفاعل المعنوي، يسخر الفاعل غيره في تنفيذ الجريمة بحيث في يد الفاعل: كمن يحرض مجنون « أداة » يكون ا لمنفذ ً ا على قتل ثالث، أو يزين لطفل غير مميز وضع قنبلة موقوتة في فراش والده، أو يكلف الجاني شخصا حسن النية بوضع طعام مسموم على مائدة شخص ثالث فيتناول هذا ً الطعام فيموت مسموما دون أن يعلم حامل الطعام أن الطعام مسموم. في ً هذه الأمثلة الثلاثة، سخر الفاعل المعنوي شخصا غير أهل للمسؤولية ً الجنائية (المثالان الأول والثاني) أو شخصا حسن النية (المثال الثالث)، ً لأنه لم يباشر التنفيذ المادي للجريمة ،« ذهني » فالفاعل إذن (معنوي)، أو « بنفسه، وإنما سخر غيره في تنفيذها(١) . (١) د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، . ص ٢٢٩ ٢٣٠ ونحن نوافق على هذا الرأي الذي يجعل الفاعل المعنوي مسؤولا ً ، وليس الفاعل المادي (الذي نفذ ا لجريمة): ١ فالفاعل المادي لا يسأل لأنه ليس له إرادة اتجهت عن علم ودراية إلى ارتكاب الجريمة. وإنما كان مجرد أداة أو وسيلة لارتكابها، فعل الجلاد » : أو هو كما قال البيضاوي كالآلة في التنفيذ، إذ يقرر أن فعله (أي: فعل الجلاد يعتبر فعل الإمام)، وهو كالآلة فلا يضمن إلا إذا « علم حرمته ووجد محيصا عنه(١) . ً ٢ وبالتالي، فالفاعل المادي ليس من صور المساهمة الجنائية، لأن هذه الأخيرة تفترض في رأينا اتجاه الإرادة نحو ارتكاب الجريمة مع  العلم بأن الفعل غير مشروع، بينما الفاعل المعنوي هو مجرد آلة تنفذ  تلقائيا كل ما يلقي إليها. يقول الشيخ ابن النظر: .« الفاعل المعنوي » ويعرف الفقه الإباضي: فكرة   ويلزمه فيما جناه بأمره صبي ومجنون وعبد مكبل (المكبل ا لمقيد). » ومن أمر صبيا لا تجري عليه الأحكام بقتل إنسان أو ضربه فعلى من أمر القصاص، ولا سبيل على ا لصبي. (١) قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ج ٢، ص ٩٣٨ . كذلك بخصوص من يأمر صبيا أو مجنون ً ا أو معتوه ً ا بارتكاب جريمة، فإن الآمر هو الذي يقتص الشيخ محمد « غير المسؤول كالآلة في يد القاتل، ولا يذهب الدم هدرا » منه، إذ إن ً . أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ص ٣٤٠ يعتبر » : بقوله ،« الشريك المباشر المتسبب » ويطلق عبد القادر عودة على هذه المسألة عبارة « مباشرا للجريمة الشريك المتسبب إذا كان المباشر آلة في يده يحركه كيف يشاء ً . عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٦٢ راجع أيض ً ا بخصوص الفاعل المعنوي: د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات . المصري القسم العام، ص ٤٢٤ ٤٢٩ ومن أمر غلامه أن يقتل رجلا ً « أو يضربه فالقصاص على ا لمولى(١) . على الآمر صبيا أن يرمي رجلا » : وقال أبو عبد الله ً القود إن رماه وقتله، لا على الصبي، وقال غزان: عليه الدية لا القود، وقيل: إن كل آمر في مال أو دم ولم يصل ذو الحق إلى حقه مما فعل من دية أو غرم، أو قود فلا نراه فيما أمر به؛ وقيل: إذا لم يكن سلطان ً ا أو مطاع ً ا فلا غرم عليه ولا دية، إلا إن « أمر عبده أو صبيه فعليه ذلك، ولا مخرج له منه إلا بأدائه(٢) .  وعن رجل أرسل كلبه على رجل فعقره فمات أفيه قود، فإذا أرسله متعمد ً ا فما يبريه من ا لقود(٣) . وأجمع الناس على وجوب القود على من حمل دابة » : ويقول ابن بركة على قتل رجل فقتلته، وأجمعوا أن الدابة لو انفلتت بنفسها من وثاق سيدها فقتلت رجلا ً « فلا شيء على ربها(٤) . ،« الفاعل المعنوي » وقد وضع الفقه الإباضي عدة قواعد تحكم نظرية وهي: أولا ً: يجب أن يتجه قصد من استخدم الفاعل المادي إلى ارتكاب هذا ِ الأخير للجريمة. فإذا لم يتوافر هذا القصد فلا مسؤولية على ا لمستخدم، م(٥) وقد تقع المسؤولية في بعض الأحوال على ا لمستخد َ . (١) . الشيخ ابن النظر: الدعائم، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٢، ص ٥٧٣ ُ (٢) . الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، ج ٧، ص ٢٢٨(٣) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٤٣(٤) ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٥٠٠ . انظر أيض ً ؛ ا، الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٢٤١ البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٩١ ١٩٢ ؛ أطفيش: الذهب . الخالص المنوه بالعلم القالص، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ص ٣٣٢ ُ (٥) وهكذا بخصوص مسألة فيمن سلح ولده وهو صبي سلاح ً ا مثل خنجر أو سكين ً ا أو سيف ً ا = ثانيا: يجب التمييز بين مسؤولية ا لمستخد َ م والفاعل المعنوي في العقاب ً = أو رمحا أو بندق ً ا أو مما يكون سلاحا، واشترط عليه أن لا يضرب به أحد ً ا أو لم يشترط، ًً والصبي خرج به وقتل به إنسان ً ا أو شيئ ً ا من الحيوانات المربوطة أيضمن هذا المعير له من والد أو أخ أو غيره من الناس بفعل ذلك الصبي أم لا وإذا وجد مع صبي مثل ما ذكرنا وأخذ معه شيئ ً ا من ذلك ليقضي به وطره فلما قضى حاجته رده إليه، ثم إن الصبي فعل بذلك المستعار ما لم يجز له في الشرع أيكون ضامن ً ا أم لا، وهل يضمن المستعار برده للصبي حتى يعلم حفظه وبقاءه حتى يبلغ الصبي إن كان له ويرجع سالما لمن أعاره ً إياه إن كان ممن عليك أمره. الجواب: لا ضمان على أب الصبي في الوجهين إن لم يرد تسليحه إياه أو رد السلاح » إليه أن يضرب به أحد أو يفعل به حدث ً ا إلا أن يكون الصبي معروف ً ا بالبطش والفتك فيحرم عليه دفع السلاح إليه مع علمه بذلك منه، فإن دفعه لذلك مع علمه بذلك منه في المراسلات الفقهية بين « الحال فهو آثم وعليه التوبة والخلاص مما وقع بذلك السبب الشيخين خميس بن أبي نبهان الخروصي وسعيد بن خلفان الخليلي، تحقيق خالد بن . عبد الله، ذاكرة عمان، مسقط، ١٤٣٥ ٢٠١٤ ، ص ١٠٥ ١٠٦ ُ كذلك بخصوص رجل مجنون أتاه رجل صحيح العقل فوقعت من الصحيح للمجنون مناوشة بيد ونحوها وتحريش وتهييج حتى أخذ المجنون حجرا ورمى به قبله فأصابت ً الرمية رجلا ً آخر فجرحته فعلى من يكون ا لضمان؟ الجواب: إن كان المحرش والمهيج للمجنون أمره بضرب فلان مثلا » ً بلسانه أو بإشارة منه إليه بيد ونحوها كعصا أو بإيماء منه إليه فعلى هذا لا يبرأ من الضمان فيما أرى، وأما إذا لم يقع منه شيء من ذلك بل هيجه فقط من غير أمر ولا إشارة منه إليه بضرب الغير وإنما رمى المجنون هكذا من تلقاء نفسه فلا أرى ضمان ً ا على هذا المحرض المهيج، وإنما يكون الضمان على المجنون في ماله على قول وفي ماله إن كانت الجناية دون أرش الموضحة وهي نصف عشر الدية الكبرى، وإن زادت على ذلك فهي على عاقلته، هذا على قول ثان، وعلى عاقلته مطلق ً ا، قلت: أو كثرت على قول ثالث، وكل هذه الأقوال في المذهب، وهذا الثالث عليه أكثر العمل عندنا، وكذا الخلاف في جناية الصبي عندنا على هذا النحو لا يقال أن تحريش المجنون كمحرش البهيمة يلزمه ما أصابت بسبب تحريشه لتساويهما في عدم العقل وسقوط التكليف لأن هذا القياس لا يتم لقائله من وجوه أما، أولا ً : فلأن جراح البهيمة جبار، أي: هدر إذا جرحت من دون تحريش أحد وكذلك المجنون، وثانيا: أن المجنون وإن كان ساقط التكليف فسقوطه ليس هو من كل ً الوجوه فليس هو بسقوط كامل كالبهيمة بل يبقى عليه بعض التكليفات المالية، ألا ترى =  أو عدم العقاب بحسب موقع كل منهما من الجريمة، فقد لا يسأل أحدهما، بينما يسأل الثاني، والعكس صحيح. وقد أخذت بهذه القاعدة المحكمة ة(١) العليا في سلطنة عمان، وكذلك فقهاء ا لإباضي . ُّ ثالث ً ا: عرف الفقه الإباضي جوهر نظرية الفاعل المعنوي بقوله: إن ما قام  به الفاعل المادي لا ينسب إليه، إنما الفعل هو فعل من أمره. وهكذا جاء أمر الصبيان بالقتل ليس فعلهم وعسى لا يلزم عاقلتهم » : في بيان الشرع « شيء(٢) . = أن الزكاة مثلا ً تجب في ماله وكذا حقوق من تلزمه حقوقه كإنفاق أطفاله وزوجته ومن تعلق عليه وكذا الضيافة حيث تلزم وكذا المعاشرة للأزواج تلزمه على قدر ما عقل منها . خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ٢، ص ٢٢٥ ٢٢٦ « ونحو هذا (١) سقوط القصاص عن الجاني لصفة فيه لا يترتب عليه تلقائيا سقوط » : تقول المحكمة العليا القصاص عمن حرضه أو ساعده أو اشترك معه كحالة المجنون والصبي غير المميز. والقول بغير ذلك لا سند له في القانون ومن شأنه انتشار الجرائم الخطيرة كالقتل تحت .« ستار عديمي الأهلية أو ناقصيها ٢٠٠٤ م)، /١١/ ٢٠٠٤ م جلسة ٩ / (قرار رقم ٢٥٤ في الطعون ٣٠١ و ٣٠٢ و ٣٠٣ و ٣٠٤ مجموعة الأحكام الصادرة عن دائرة توحيد المبادئ والدائرة الجزائية لسنة ٢٠٠٤ ، سلطنة . عمان، ص ٦٤٣ ُ ومن أغرى كلبه أو جمله أو حماره على أحد فقتله قتل به إن » : ويقول جميل بن خلفان كان يأتمر بأمره، وكذا إن جرحه اقتص منه، وكذا عبده أو طفله، وقيل: في الطفل والبهيمة يغرم الدية ولا قود عليه، والخيار للولي في العبد القاتل بأمر سيده بين أن يقتل العبد أو يأخذه له أو يأخذ دية وليه من سيده، وقد مر قول: إن له قتل السيد الآمر أيض ً جميل بن « ا . خلفان: جلاء العمي شرح ميمة الدما، ص ٢٥٤ وعن أبي عبد الله وعن رجل أمر صبيا أن يرمي رجلا » : وجاء في بيان الشرع ً فرماه فجرحه فقتله على من ذلك الجرح وهل يقاد الرجل بذلك إذا كان الصبي قتل بأمره وإذا كان « الصبي ممن لا تجري عليه الأحكام فعلى من أمره القود بالمقتول ولا سبيل على الصبي . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٩٨(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣٠٠ ومن الأقوال التي تؤيد معرفة ا لإباضية لنظرية الفاعل المعنوي ما جاء ّ سألت أبا المؤرج وابن عبد العزيز وأخبرني من سأل » : في المدونة الصغرى الربيع بن حبيب عن الرجل يأمر عبده أن يقتل رجلا ً أو يجرحه قالوا جميعا: ً إذا أمر عبده بقتل أو جرح فهو بمنزلة من ولى الضرب بيده لأنه مملوكه هو « سوطه الذي يضرب به(١) . وهذا هو جوهر فكرة الفاعل المعنوي: تسخير شخص لارتكاب جريمة  يريدها شخص آخر، والفاعل المادي فيها لا إرادة له في ارتكابها. فالعبد .« هو سوطه الذي يضرب به » بالنسبة للسيد في عبارة وجيزة، يتضح مما تقدم معرفة الإباضية لنظرية الفاعل ّ المعنوي L’auteur moral – moral agent « الدمية » والتي يكون الفاعل فيها مثل a puppet body التي يحركها حتى بإصبعه أو بالريموت كنترول من يتحكم فيها. لذلك فمرتكب الجريمة (الفاعل المادي) لا حول له ولا قوة بخصوص الجريمة التي وقعت، فلا يسأل عنها، ويسأل فقط من أمره أو َ ََ  حرضه (الفاعل ا لمعنوي). (١) . الخراساني: المدونة الصغرى، ج ٢، ص ٣٥ ٣٦ قصدنا بهذا العنوان أن نجمع تحته كل ما يؤثر في التجريم والعقاب عند ا لإباضية، خصوصا أسباب الإباحة، أو موانع المسؤولية، أو غيرها. ًّ وقد فضلنا هذا العنوان لأنه يتسم بعمومية تغطي أو تنتظم كل ما يؤثر في التجريم والعقاب(١) . (١) استخدم فقهاء آخرون تعبيرات أخرى، مثل: د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي « ارتفاع المسؤولية الجنائية » ومقابلة بالنظم الوضعية، دار الفكر العربي، القاهرة، ص ٦١٧ ؛ عبد القادر عودة: التشريع . الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٤٦٧ إذ بخصوص قوله ژ ،« عدم المؤاخذة » : رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، » « وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق (رواه أحمد والأربعة إلا والمراد برفع القلم عدم » : الترمذي وصححه الحاكم وأخرجه ابن حبان)، يقول الصنعاني . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٣٢٨ .« المؤاخذة إذ بخصوص .« العوارض التي تضعف المسؤولية أو تسقطها أو تزيل وصف الجريمة » الأشخاص الذين يتحملون التبعة، يقسمهم المرحوم الشيخ أبو زهرة إلى أقسام ثلاثة: القسم الأول: هم الذين تكون لهم أهلية لتحمل التبعات، ولكنها أهلية ناقصة، وهؤلاء هم الصغار والمجانين، والمعاتيه، ومن يكون في حال جهل وهم المخطئ والغالط، ومن يفقدون الوعي وهم السكران، والنائم، والمغمي عليه، على خلاف بين الفقهاء في بعض هؤلاء. القسم الثاني: هم الذين يعفون من عقوبة الجريمة، وإن كان الفعل في ذاته اعتبر جريمة ونسبت لغيره، إذا كان على غيره العقاب، وهذا يكون في حال ا لإكراه. = نشير إلى القواعد واجبة التطبيق، ونتلوها بدراسة أسباب الإباحة وموانع المسؤولية. ∫hC’G åëѪdG ≥«Ñ£àdG áÑLGh óYGƒ≤dG هذه القواعد هي: :ÜÉ≤©dG hCG ºjôéàdG øe ™æªj QòY hCG ¢VQÉY OƒLh IQhô°V (CG عرف فقهاء المسلمين ضرورة وجود عارض يمنع من التجريم أو قيل: « القتل العمد العدوان » العقاب حتى ترتفع المسؤولية. لذلك بخصوص وأما العدوان فكون القتل محرما وهو أن يكون القتيل ذا إيمان أو أمان، » ً « ولم يستحق القاتل قتله (١) . = والقسم الثالث: من ينزلون الأذى بغيرهم، ولكن يقترن الفعل بحال يمحي فيها وصف الجريمة، وهؤلاء أنواع أربعة هم: ١) من يكون في حال دفاع عن النفس أو ا لمال. ٢) من يفعل فعلا ً هو في أصله موضع عقاب جريمة، ولكنه وقع منع ً ا لاستمرار جريمة. ٣) ارتكاب الجريمة برضا المجني عليه، على خلاف في ذلك سنبينه في موضعه. ٤) ارتكاب أمر يعتبر في ذاته جريمة، ولكن دفع إليه العار، كمن يقتل إحدى محارمه . الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٤٦٣ ٤٦٤ « لتأكده أنها تزني الإمام القرافي: الفروق، عالم الكتب، « قاعدة ما يوجب الضمان وقاعدة ما لا يوجبه » . بيروت، الفرق ٢١٧ ، ج ٤، ص ٢٧ راجع: د. محمد فاروق العكام: « طروء المشروعية على الفعل المعتدي فيه وأسبابها » الفعل الموجب للضمان في الفقه الإسلامي، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة القاهرة، ١٣٩٧ ه ١٩٧٧ م، ص ١٤١ وما بعدها. (١) . قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ج ٢، ص ٨٨٥ ما هو شبهة تدرأ بها الحدود » كذلك بخصوص الفرق بين قاعدة يقول القرافي: إن ضابط ذلك له شرط « والكفارات وقاعدة ما ليس كذلك تقديم الحكم على سببه » وسر ذلك أن « اعتقاد مقارنة السبب المبيح » وهو بطلانه مشهور غير ملتبس في الشريعة فلا صلاة قبل الزوال ولا صوم قبل « الهلاك ولا عقوبة قبل ا لجنايات(١) . ويقارن أستاذنا الدكتور سلام مدكور بين الفقه الإسلامي والقانون، إلا أن هناك فرق » : بقوله ً ا بين أسباب الإباحة عند علماء الشريعة، وبينها في القانون الجنائي، فإن دائرة الإباحة الطارئة في عرف الشرعيين أوسع منها عند علماء القانون إذ هم لم يفرقوا بين جزئي وجزئي آخر، ولا اختلفت التسميات عندهم. كما اختلفت عند علماء القانون الذين يفرقون بين الإباحة الطارئة وبين كل من الأسباب المانعة من المسؤولية وعدم توافر الإرادة، وعدم توافر القصد، وعدم ا لأهلية. فسبب التعميم عند علماء الشريعة أن النظرة في اعتبار الفعل مباحا هي ً كون الفعل لا ثواب ولا عقاب عليه في الآخرة، غاية الأمر إن كان من الأصل فهو من الإباحة الأصلية، وإن كان لطارئ ا يا كان فهو إباحة طارئة دون تشقيق ً أو تنويع فيما يرفع المسؤولية ويمنع العقاب الأخروي. ويتجلى ذلك واضحا ً في أنهم قد يرتبون على بعض هذه الأفعال المباحة بعض المسؤوليات المادية الدنيوية، كضمان المتلفات والتعويض، ومن الخطأ والنسيان وما استكرهوا على إطلاقة بل فسروه بما يتفق مع وجود المسؤوليات الدنيوية، فقالوا: « عليه « ا(٢) إن المراد رفع الإثم الأخروي لا رفع المسؤولية مطلق ً . (١) . الإمام القرافي: الفروق، الفرق ٢٤٤ ، ج ٤، ص ١٧٢ ١٧٣(٢) د. محمد سلام مدكور: نظرية الإباحة عند الأصوليين والفقهاء، دار النهضة العربية، . القاهرة، ١٩٨٤ ، ص ٦٢ ٦٣ وقد عرف الفقه الإباضي أيضا ضرورة وجود عذر أو عارض حتى ً ترتفع المسؤولية ا لجنائية: القاعدة في الدم أنه مهرق على التعدي أو الخطأ ما لم » : يقول أطفيش « يتبين سفكها على حل(١) . القاتل ضامن لما أحدثه من القتل ما » : تحت عنوان » ويقول الخليلي :« لم يصح له ا لعذر ومع الدعاوى في ذلك فحكم القتل ضامن لما أحدثه من القتل ما لم » يصح له عذر يهدر عنه الضمان والبينة بإيضاح العذر المسقط للضمان على « الفاعل من ا لفريقين(٢) . وبالجملة: فالقتل أمره عظيم وكله محظور على وجه » : ويقول البطاشي التحريم جزما، إلا ما قد أبيح منه في مواطن تحتاج معرفتها إلى حد ذهن ً « ونور عقل(٣) . فالعمد هو إخراج الرمية عمد » : وفي تعريف العمد جاء في جلاء العمي ً ا من يد مخرجها إن كان مكلف ً ا نافذ الأحكام إلى شخص معين تتكافأ دماء « الضارب والمضروب من كل الوجوه من غير إباحة شرعية(٤) . وإذا صح السرق على إنسان مع الحاكم لم » : وفي معنى قريب، قيل يقطعه حتى يحتج على المسروق فإن رفع ثم غاب وصحت السرقة بالبينة مع الحاكم لم يعجل عليه حتى يحتج على المسروق فإن لم يقدر عليه وقد (١) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ١٥٦(٢) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ٣١٢ ٣) جوابات ورسائل العلامة ا لبطاشي ) 5 . ، الطبعة الأولى، ص ٣٠٦ (٤). جميل بن خلفان: جلاء العمي شرح ميمية الدما، ص ٢٦٥ كان طلب وقد صح السرق مع الحاكم قطع وليس للطالب في هذا عفو إذا رفع إلى الحاكم إلا أن يقر المسروق إن ذلك المال للسارق أو له فيه حصة « أو لأبنه أو لغلامه أو وجه يبطل عنه الحد إذا أقر بذلك(١) . وقد استخدم فقهاء الإباضية للتعبير عن هذه المسألة العديد من ّ التعبيرات(٢) . (١) . النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ١٤٢(٢) ،« لا غرم في ذلك عليهم » وهكذا كتعبير مساو لعدم الضمان يستخدم ابن محبوب عبارة  وقد قيل: إن ما كان بحضرة الباغين بعد نصب المسلمين الحرب عليهم » : وهكذا يقول من آلة الحرب، ولم يصل المسلمون إلى منعهم منها إلا بإتلافها عن حال ما يصلح  لمحاربتهم بها، كان ذلك لهم ولا غرم في ذلك عليهم، وكذلك ما تلف لهم في المحاربة ابن .« مما يلبسونه ويركبونه ويستعملونه فيهم لحرب المسلمين، لا غرم في ذلك عليهم . محبوب: ثلاث رسائل إباضية، كتاب المحاربة، تحقيق عبد الرحمن السالمي، ص ٥١ ٰ القاتل ضامن لما أحدثه من » : بقوله ،« العذر المسقط للضمان » ويستخدم الخليلي عبارة القتل ما لم يصح له عذر يهدر عنه الضمان والبينة بإيضاح العذر المسقط للضمان على . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ٣١٢ .« الفاعل من الفريقين منها: ما يزيل أهلية الأداء بالكلية، » : ويقول السالمي: إن أهلية الأداء قد تعتريها عوارض كالصغر والجنون والعته. ومنها: ما لا يزيلها بالكلية، كالجهل والهزل واشباههما. وهذه العوارض منها ما يكون سماويا، وهي: الجنون، والعته، والصغر، والرق، والنسيان، والنوم، والحيض، والنفاس، والموت، والمرض، والإغماء. ومنها مكتسب وهي: الجهل، والخطأ، والهزل، والسفه، والسفر، والسكر، والإكراه. ومعنى كون الأول سماويا؛ لأنه لا كسب للعبد في وجوده. ومعنى كون النوع التالي مكتسبا هو: أن العبد له في حصوله كسب، وذلك الكسب ظاهر ً في نحو السفر، والسكر، والهزل، وخفي في نحو الجهل والخطأ. وبيانه: أنه لما كان العبد قادرا على التعلم، وقد أمر بذلك، ثم ترك الطلب لإزالة الجهل، ً . السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٦٣ « كان كمن اكتسب الجهل مختارا ً وكل من أتلف مالا » : يقول أبو إسحاق ،« ما لا ضمان على متلفه » : وتحت عنوان ً لأحد من الموحدين، لزمه مثله إن كان له مثل، أو قيمته إن لم يكن له مثل إلا في تسع خصال: = ويعبر الإمام أطفيش عن وجود العذر أو العارض بخصوص المسؤولية « سبب ا لحق » الجنائية بعبارة(١) . وهكذا فقد استخدم ا لإباضية للتعبير عن المسألة قيد البحث عبارات ّ من غير » ،« العذر المسقط للضمان » ،« على حل » كثيرة منها: ارتكاب الجريمة .« سبب ا لحق » ،« إباحة شرعية = أحدها: أن يتلف آلة لهو كالدف والمزمار ونحو ذلك، الثاني: أن يتلف كلبا ليس لصيد ً ولا لزرع ولا لضرع، الثالث: أن يعدو عليه دابة أو سبع، فيقتلها ليدفعها عن نفسه، الرابع : أن يسرق شيئ ً ا يجب عليه فيه القطع فيقطع، ويتلف ذلك الشيء، فلا ضمان عليه فيه بعد القطع على قول، الخامس: أن يأخذ مالا ً يجب عليه فيه حد المحاربة، فيقام عليه فيتلف ذلك المال، فلا ضمان عليه فيه بعد الحد، السادس: أن يقتل عبد ً ا مرتد ً ا، السابع: أن يقتل عبد ً ا باغيا على وجه الإباحة، الثامن: أن يتلف له مالا ً في حال الحرب بين ً المسلمين وأهل البغي، التاسع: أن يتعدي في متاع رجل، أو داره، أو أرضه، شيئ ً ا على المودع فيه ضرر فلا يستطيع حفظه إلا بمشقة ومؤونة، فأخرجه من مكانه فتلف ذلك إ براهيم بن إسحاق: مختصر الخصال، « الشيء، فلا ضمان عليه إذا كان ذلك بغير إذنه . ص ٤٠٦ ٤٠٧(١) وهكذا بخصوص قوله تعالى: ﴿ kjihgfed ﴾ [ [الإسراء: ٣٣ ، يقول: كقتل لردة ورجم لإحصان وقتل من وجدته في دار حرمك بالغ » ً ا عاقلا ً غير مضطر غير محرم لهن مختفيا متهما بالزنى بلا معاهدة منهن أو بالمعاهدة، وكقتل للقصاص من ًً متعمد مكافئ، وكقتل للإشراك بلا ردة، وقتل الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساد ً ا، وكقتل لترك الصلاة أو الزكاة إذ منعها، وقيل: تؤخذ منه قهرا بلا قتل، ً وغير ذلك مما يحل به الدم، [قلت]: وجمعت منه نحو ثلاثين مسألة. و(بالحق) متعلق ب (تقتلوا)، أي: بسبب إلا سبب الحق، أو لمحذوف جواز ً « النفس » ا حال من الواو، أو من أي: متلبسين بالحق أو متلبسة بالحق، أو يقدر: قتلا ً ما إلا قتلا ً أطفيش: « ملتبسا بالحق ً . تيسير التفسير، ج ٨، ص ١٧١ وانظر أيض ً ا: الأحوال التي لا يجب فيها القصاص (واحد وعشرون حالة)، ومنها: قتل الصبي أو المجنون لإنسان، وقتل المشرك، في إبراهيم بن إسحاق: مختصر الخصال، . ص ٣٣٤ ٣٣٥ :z√AGQh Ée AɨàHG hCG{ √É°†à≤e RhÉéJ ΩóY ºàëj ¢VQÉY hCG QòY OƒLh (Ü ١ المبدأ ا لعام:  لا يجيز القرآن الكريم الخروج عما يجب، وإنما لا بد A@?>=<; من الالتزام بالحدود المرعية والأسس المرضية المقررة من الناحية الشرعية. يقول تعالى: ﴿ 9876❁ ❁ DCB LKJIHGF﴾ [ [المؤمنين: ٥ ٧ . المنتهكون لحرمات الله، » : هم « العادون » يقول الشيخ بيوض: إن « المعتدون لحدود الله، وكأنهم هم العادون لا غيرهم(١) كذلك من القواعد ا لإباضية: ّ . « كل قصاص لا يستوفي بغير حيف ففيه ا لدية » (٢) . قال بعض المتفقهة من مخالفينا ليس فيما » : لذلك يقول ابن بركة دون الموضحة قصاص لأنه لا يوصل إلى حقيقة الحق منه يعني: الدية ولا له حد ينتهي إليه إلا الموضحة، ونحن نوجب القصاص في كل ما « يقدر عليه ويرجع إلى الدية فيما عجز عن إدراكه(٣) ، وتعليق ً ا على ذلك ومقصوده بما يعجز عن إدراكه، أي: ما تتعذر فيه المماثلة لأن » : قيل القصاص مبني على المماثلة فإذا كان القصاص لا يستوفي إلا مع شيء من الزيادة والحيف فإن حق المقتص له ينتقل إلى الدية، لئلا يترتب على « القصاص ظلم (٤) . (١) . الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ٥، ص ٧٢(٢) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ٩٣٨ ّ (٣) . ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٥١٠(٤) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ٩٣٩ ّ وهكذا فإن وجود عذر أو عارض يؤثر في المسؤولية الجنائية أو يمنعها، لا للشخص المعني في أن يتصرف كما قد يحلو « شيك على بياض » يعني إعطاء له، أو إطلاق حرية تصرفاته بلا حدود. إنما يجب عليه ألا يتجاوز ما يحتمه العذر والعارض وفق ً ا لمقتضاه كما يتضح من معناه ومبناه. يؤيد ذلك في .« ما جاز لعذر بطل بزواله » : رأينا القاعدة المستقرة في الفقه الإسلامي أن الإباحة » : ويحكم المسألة قاعدة معروفة في الفقه الإسلامي، مؤداها أن « في الممنوع تكون على قدر ا لمبيح(١) . ،« الرخص لا تناط بالمعاصي » : وقريب من هذه القاعدة أيضا، قاعدة ً « إذا زال المانع عاد ا لممنوع » : وقاعدة(٢) . وهكذا فإنه إذا وجد عذر أو عارض يؤثر على المسؤولية أو يمنعها، فلا « إلا بحقها » : يجوز استخدامه أو اللجوء إليه(٣) . يؤيد ذلك ما ورد عن ابن عمر ^ عن ا لنبي ژ قال: إن أعتى الناس » « على الله ثلاثة: من قتل في حرم الله، أو قتل غير قاتله، أو لذ حل الجاهلية أخرجه ابن حبان في حديث صححه. ويفسر الصنعاني قوله ژ : من قتل » « غير قاتله من كان له دم عند شخص فيقتل رجلا » : أي ً آخر غير من عنده له « الدم سواء كان له مشاركة في القتل أو لا(٤) . (١) . المقري: القواعد، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ج ١، ص ٣٣١(٢) .٥٦٦ ، معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ١٧٤ ّ (٣)اقتباسا من قوله ژ : أمرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله؛ فإذا قالوها عصموا » ً « مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله وقد فسرت « إلا بحقها » : فينبغي أن يتفهم الناس هذه النكتة إلا بحقها، وحقها ما وصفنا من رجل كفر بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفسا متعمد ً الشيخ هود الهواري: « ا، أو قاتل على البغي فقتل عليه ً . تفسير كتاب الله العزيز، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ص ١١٦(٤) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٤٧٩ ٤٨٠ ٤٣ ويؤيد المبدأ أيض ً ا قول الله تعالى: ﴿ rqponm zxwus { ﴾ [ [الإسراء: ٣٣ . yv t « الإسراف أن يقتل غير صاحبه » : قيل(١) . وقوله تعالى: ﴿ wvut ﴾ لا يقتل غير قاتل » : ، يعني « حميمه(٢) . أن يقتل بما يعذب القتل به، أو يقتل غير القاتل وحده، أو » : أو هو يعني مع القاتل، أو يمثل بالقاتل. وكانوا في الجاهلية إذا قتل غير الشريف شريف ً ا « تركوا القتل وقتلوا شريف قومه(٣) . فيه ثلاثة أقوال: لا يقتل غير قاتله، قاله » ويقترب منه قول القرطبي: إن الحسن والضحاك ومجاهد وسعيد بن جبير. الثاني: لا يقتل بدل وليه اثنين كما كانت العرب تفعله. الثالث: لا يمثل بالقاتل، قاله طلق بن حبيب، وكله « مراد لأنه إسراف منهي عنه(٤) .  وأكد ا لنبي ژ على عدم الإسراف في القصاص في قوله ژ : قرصت » نملة نبيا من الأنبياء، فأمر بقرية النمل فأحرقت، فأوحى إليه الله: أن قرصتك «؟ نملة، أحرقت أمة تسبح الله وفي رواية أخرى: فأوحى إليه الله: فهلا نملة » « واحدة(٥) . (١) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٧٦(٢) أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، . ج ١، ص ١٣٢ ؛ جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٢، ص ٧١٦(٣) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٨، ص ١٧١(٤) . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٩، ص ٢٥٥(٥) الأحاديث القدسية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤٠٢ ه ١٩٨١ م، . ج ١ ٢، ص ٢١٨ ٢٢١ ٢ الضمان أو المسؤولية الجنائية لمن يتجاوز: يتأكد هذا من الآية الكريمة: ﴿ ]\[ZY ^_ onmlkjihgfedcba` ~ }|{zy xwvutsr qp ﮯ ¢¡ ﴾ [ [البقرة: ١٧٨ . وقد فسر قوله تعالى: ﴿ }|{ ~ ﮯ ¢¡ ﴾ ، بأن بعد ترك القصاص بالقتل، أو بعد أخذ الدية، أو » : الاعتداء بعد ذلك، أي بعد العفو الكلي فلا يعود إلى الجناية مرة أخرى، ويتمثل ذلك في القاتل إذا تكرر منه القتل، وفي الولي العافي إذا قتل القاتل بعد أخذه الدية أو عفوه عليه، ففي كلتا الحالتين يستحق الجاني منهما العقاب، وللعلماء آراء في ذلك تشديد ً ا بعدم العفو عنه، أو تنفيذ ً ا لأمر الحاكم في ما يراه الأصلح، ولذلك اختلف تفسيرهم أين يكون له العذاب الأليم، فقيل: في الدنيا بالقتل، ولو عفا عنه ولي القاتل، وقيل: هو عذاب الآخرة، ويؤيده ما روي عن رسول الله ژ أنه قال: لا أعفي أحد » ً « ا قتل بعد أخذ الدية(١) . والاعتداء أن يقتل صاحبه بعد ما قبل منه » : وبخصوص ذات الآية، قيل « الدية فيقتل به(٢) . كل قصاص لا يستوفي بغير حيف ففيه » : ويؤيد ما قلناه القاعدة الفقهية القصاص مبني على المماثلة فإذا كان القصاص لا » : علة ذلك أن « الدية يستوفي إلا مع شيء من الزيادة والحيف فإن حق المقتص له ينتقل إلى « الدية، لئلا يترتب على القصاص ظلم (٣) . (١) الشيخ محمد كعباش: نفحات الرحمن في رياض القرآن، جمعية النهضة، العطف . الجزائر، ١٤٢٤ ه ٢٠٠٣ م، ج ١، ص ٣٧٨(٢) . العوتبي: الضياء، ج ١٥ ، ص ١٣٦(٣) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ٩٣٨ ٩٣٩ ّ وللإمام أن يعزر من يريد. فإن مات من » : يؤيد ذلك ما جاء في المصنف تعزيره، كان عليه ما جنى. وإن عزره تعزيرا شديد ً ا يخرج من حد التعزير، كان ضامن ً ا ما خرج من ً « حد ا لتعزير(١) .  ٣ مدى المسؤولية الجنائية أو الضمان لمن يتجاوز العذر أو ا لعارض: إذ يقول: ،« جلاء العمى » تعرض لهذه المسألة صاحب ومن يك اقتص بجرح فتوى جارحه من القصاص وانعدم فدية المقتص منه لزمت عواقل المقتص كل قد غرم لكنه يطرح منها عنهم أرش الجراح المستفاد الملتزم وقيل: بل في ماله وقيل: لا يطرح منها بل جميعا تستلم ً وقيل: لا شيء عليه حيثل م يأخذ سوى حق به الشرع حكم هذه الأبيات الخمسة مفروضة في مسألة وهي أن المجروح أو المقطوع عضو منه إن اقتص من جارحه حيث يجب له القصاص بجرحه، أو قطع عضو قاطعه حيث يجب له القطع فمات المقتص منه من أجل ذلك القصاص، وهو معنى قوله: فتوى جارحه، أي: مات فذكر المصنف فيها أربعة أقوال: الأول: وأحسب أنه قول أكثر العلماء، وعليه أكثر العمل في ع ُ مان، وهو أن لأولياء المقتص منه دية على عاقلة المقتص ويسقط عنهم منها قدر أرش جراح ذلك المقتص ويسلمون ا لباقي. (١) . النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ١٥٥ الصادر عن الإمام إما حد ولا ضمان فيه إلا إذا جاوز الواجب فيجب » : ويقول البيضاوي ، البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ج ٢ « قسط الزائد، إذ التلف بالمجموع . ص ٩٣٧ القول الثاني: أنهم يسلمون ديته كلها ولا يسقط منها أرش ذلك ا لجراح. القول الثالث: أن الدية ليست على العاقلة بل في مال الجاني المقتص، ولا يلزم العاقلة منها شيء. القول ا لرابع: أن المقتص ليس عليه ولا على عاقلته شيء، ووجهه أنه ما تعدي في شيء بعمد ولا خطأ، ولم يأخذ منه شيئ ً ا غير حقه الذي حكم له « الشرع به(١) . ويبدو أن ثمة اتجاهات ثلاثة موجودة في الفقه الإباضي، عرضها النزوي كما يلي: ومن جرح رجلا » ً فأخذ منه القصاص فمات ففيه اختلاف بين أصحابنا قول على المقتص دية المقتص منه كاملة وبه يقول أبو عبد الله. وقول: عليه الدية إلا قيمة الجرح الذي اقتص له. وقول: لا شيء عليه لأن الحق قتله والنظر يوجب هذا القول الأخير لأنه لم يتعد عليه ولم يأخذ إلا حقه. قال الله تعالى: ﴿ ³´ ¶µ ¸ ❁ º ¾½¼» ¿ ﴾ [٤٢ ، [الشورى: ٤١(٢) . وهكذا يمكن تلخيص حجج الاتجاهين السابقين الخاصين بمن لديه في ارتكاب فعل، فترتب عليه نتيجة أو جريمة أخرى، كما يلي: « مسوغ شرعي » (١). شرح ميمية الدما، ص ١٧١ ١٧٢ « خلفان بن جميل: جلاء العم(٢) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٨٢ ؛ الكندى: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ١٦ انظر أيضا عرضا للمذاهب الإسلامية الأخرى، في: د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة ًً مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٧٥٢ ٧٥٧ ؛ أبو عبد الله الدمشقي .٢٩١ ، العثماني للشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ٢٨٨  • الاتجاه الأول: ويري ألا مسؤولية جنائية عليه لأنه استعمل حقا شرعيا،  ولم يتوافر لديه الركن المعنوي الخاص بالجريمة الأخرى (لأنه لم يتعمد هذه ا لأخيرة). ومن مات في الحد فلا شيء له ولا لورثته على الإمام، » : يقول ابن بركة « ولا في بيت المال، لأن الحق قتله(١) . إذا أقام قاض الحد على فتى فمات من حده فلا جناح » : ويقول البكري « ولا مغرم عليه إذا لم يتعد حكم ا لله(٢) . وإذا أمر الإمام بأدب رجل قد لزمه حد، أو لم يلزمه، » : ويقول الرستاقي فمات تحت الضرب أو بعده، من قبل أن يصح ضربه، وكان ذلك الحد « الذي أقامه عليه واجبا، فليس على الإمام شيء. وقيل: هذا قتيل ا لله(٣) . ً (١) . ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٥٥١ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ١١٢(٢) . الأسئلة والأجوبة النثرية للبكري، ص ١٦٢(٣) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٤٨ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ٤١٤ كذلك بخصوص سؤال بما نصه أن رئيسا ذا شوكة سجن أحد ً ا على الحق فعمي أو عور ً إن سجنه على الحق ولا شيء في قلبه على الانتقام » : لتشديد السجن؟ يقول أطفيش لنفسه أو من يليه واستحق التشديد فلا ضمان عليه وإن كان في قلبه أقل قليل من الانتقام أو تعدي في التشديد أو به فعليه دية العينين أو العين وما كان من ضمان مال أو دية بلا سبب من فعله أو حكمه فضمانه في بيت المال مثل أن يحكم بشهادة ما يرضاه ثم تبين .« خلافه بتحقيق وقال أيض ً ا: ومن سجن على الحق فعمي في السجن أو تضرر بضرر ما؟ الجواب: أنه لا بأس على ساجنه إن لم يزد على ما يستحق ولم يكن هوى في سجنه أو أطفيش: كشف الكرب، ج ٢، وزارة التراث القومي والثقافة، « كان ودفعه ثم سجنه بعد . سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ص ٣٤٥ ُ وفي معنى قريب بخصوص رجل أتهم بسرقة فلزمه أهل البلد ولا حاكم فيها إذا مات في إذا جاز لهم إلزامه » : الإلزام بلا سبب إلا الإلزام، هل يلزمهم غرمه أم لا؟ يقول السالمي على هذا الحال فقيل: لا ضمان عليهم فيما أصابه من الإلزام إذا لم يتعدوا به حد الجائز، = • الاتجاه الثاني: يرى استحقاق المجني عليه للدية كاملة. الاتجاه الثالث (وهو وسط بين الاتجاهين السابقين): يرى أن للمجني عليه الدية إلا قيمة الجرح الذي اقتص له. ويبدو أن الفقه الإباضي يفرق بين التجاوز المترتب على تطبيق الحد، وذلك المترتب على توقيع التعزير. وهكذا جاء في بيان الشرع مسألة: وإذا أمر الإمام بأدب رجل قد لزمه حد، أو لم يلزمه، فيموت تحت الضرب أو بعد الضرب ما يلزمه. فأما الذي مات تحت الضرب أو بعده من قبل أن يصح ضربه، وكان ذلك بحد أقامه عليه من الحدود الواجبة، فليس على الإمام شيء. وقيل: هذا قتيل ا لله 8 . وإن كان الضرب في شيء مما يلزمه التعزير فيه عند المسلمين، كانت ديته في بيت مال المسلمين، ولا قود عليه فيه. وإن كان هذا الضرب في غير حد من حدود الله تعالى ولا، مما يلزمه عليه التعزير مع المسلمين. فعلى الإمام ديته خاصة في ماله. وكذلك الذي أمر الإمام بقتله فلما قتل تدبر أمره فلم يكن عليه قتل، فيلزم الإمام لورثته ديته في ماله إلا أن يكون إ ماما جائرا، ًً « فإنه يلزمه القود هو ولا يلزم المأمور شيء، إذا كان أجبره على قتله(١) .  حري بالذكر أنه حتى ولو لم يتم تجاوز العذر، بل توافرت شروطه وضوابطه، فإن بعض الآثار قد يلتزم بها الفاعل محافظة على حق المجني الأعذار ترفع » : عليه. في هذا المعنى يأخذ الإباضية بقاعدة مهمة هي أن ّ « الإثم وليس ا لحكم(٢) . = وقيل: عليهم ضمانه، وقيل بل ذلك في بيت مال المسلمين. فهذا فيما يكون الإلزام فيه جائز ً . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٣٩٧ « ا، وإن كان غير جائز فهم ضامنون لا محالة(١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ٤١٤(٢) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٢٦٩ ّ ومنها إن من اضطر فأخذ مال غيره بالقوة » : ولهذه القاعدة عدة فروع فعليه ضمانه بعد زوال حال الضرورة؛ لأن العذر يزيل الإثم ولا يزيل حكم .« حرمة مال ا لغير أن من نام على طفل فقتله أو قتل مسلما خطأ فإن العذر وهو » : ومنها ً « الخطأ يرفع الإثم وليس الحكم وهو الدية هنا(١) . ويؤيد ذلك أيض ً الاضطرار لا يبطل حق » ا القاعدة الفقهية التي تقرر أن « الغير(٢) . ٤ أمثلة كحالات للتجاوز: نكتفي هنا بذكر بعض الأمثلة العملية أو حتى النظرية التي تدل على معرفة الفقه الإباضي لمسألة المسؤولية الجنائية لمن يتجاوز العذر أو العارض المؤثر في المسؤولية ا لجنائية(٣) . (١) . ذات المرجع، ص ٢٧٠(٢) . ذات المرجع، ص ٢٦٥(٣) وهكذا بخصوص عن قولهم فيمن وطئ امرأته فماتت من ذلك أن عليه الدية صغيرة أو كبيرة، ما وجه ذلك مع أنه أراد منها الحلال؟ يقول ا لسالمي: وجهه إنهم جعلوا ذلك بمنزلة الخطأ في الأنفس، والخطأ في الأنفس والأموال مضمون، »وعلى هذا فتكون الدية على عاقلة الرجل صبية كانت أم بالغ ً ا، وهذا على القول بصحة تزويج الصبيان، وقيل: إن كانت بالغ ً ا فعلى عاقلته، وإن كانت صبية ففي ماله بنفسه، وهذا على القول بوقوف تزويج الصبيان إلى بلوغهم؛ فإنه إن دخل بها قبل ذلك كان دخوله في غير حله، وقيل إن كانت بالغ ً ا فلا شيء عليه؛ لأنه محكوم عليها بمعاشرته، فهي في منزلة من قتلها حكما لله؛ كمقطوع اليد بالسرقة والمجلود على الخمر ونحو ذلك، قلنا: ولا ً سواء؛ فإن المحكوم عليها به المعاشرة ما لم تفض إلى ضرر عليها، فإن أفضت إلى ضرر ارتفع الحكم، وأما السارق والشارب ونحوهما فمحكوم عليهما بذلك عقوبة ونكالا ً ، غاية الأمر أن الإيلام في هؤلاء مقصود بالذات، وأما في المعاشرة فلم تقصد رأسا، وإنما قصد ً السالمي: .« حصول اللذات وقضاء الشهوات وبقاء النوع الإنساني بتتابع النسل، والله أعلم = يتضح مما تقدم أن أحكام تجاوز ما هو مباح أو ما هو مؤثر من أعذار = . نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، ص ٤٢٧ رجل جرح رجلا » : وجاء في بيان الشرع ً عمد ً ا فاقتص منه فمات المقتص منه؟ قال: ديته على العاقلة دية كاملة دية خطأ. قلت: ولا يلقى عنه بقدر الجرح؟ قال: لا ذلك خطأ، قلت: كيف؟ أرأيت لو أن رجلا ً قطع يد رجل فاقتص منه قطع يده فمات المقتص منه أليس يلقي عنه نصف الدية؟ قلت: بلى يقولون ذلك، فقال: إنه قطع يديه كلتاهما، فاقتص منه فمات المقتص منه أليس يصير في قولهم أنه لا دية له؟ قلت: بلى، قال: هذا خطأ، ولكنه إذا اقتص منه فقد استوفى حقه منه فإن مات ضمن ديته كاملة، ومن غيره قال: قد قيل هي . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ١٠٤ ،« خطأ على العاقلة، ويطرح عنهم الجناية وعن رجل وطئ امرأة فماتت من وطئه فيما دون ثلاثة أيام ما » : وجاء في الجامع المفيد يلزمه؟ قال: معي أنه فيما يوجد أنه لا شيء عليه إذا كانت بالغ ً ا، ويوجد أنه على عاقلته دية خطأ، وأرجو أن في بعض القول أنها دية عليه في ماله. قلت له: فإن كانت غير بالغ ما يلزمه في ذلك؟ قال: معي في بعض القول أن عليه الدية، وفي بعض القول أنها على عاقلته، ولا أعلم أن أحد ً ا أهدرها. قلت له: فإن أراد مجامعتها فامتنعت فضربها وهي بالغ فماتت من ضربه في ثلاثة أيام، ما يلزمه في ذلك؟ قال: معي أنه إذا ضربها ضرب الأدب المأذون له به فمعي أنه لا قود عليه، وإن ضربها فوق ما أذن له فماتت من ضربه في ثلاثة أيام مما يجب فيه القود فقد قيل: بين الزوجين القود في النفس، وأما في الجروح فمعي أنه قيل: لا قصاص بينهما، وكذلك في الجوارح ، الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥ « لا قصاص بينهما في ذلك فيما عندي أنه قيل . ص ٢٩١ ٢٩٢ وجاء في بيان الشرع أيض ً وسألته عن رجل قتل رجلا » : ا ً وجدع المقتول أنف القاتل، قال: إن شاء أهل المقتول قتلوا القاتل وأدوا دية أنف القاتل الذي جدع أنفه إذا قتلوه وإن شاءوا لم يقتلوه وأخذوا جدع الأنف إذا استاهل الدية كاملة، قال أ بو المؤثر: نعم إذا شاء أولياء المقتول أدوا الدية وإن شاءوا تقاصصوا ولم يتبع بعضهم بعض ً ا بشيء هذا إذا لم يعرف الباغي منهما على صاحبه قال: فإن عرف أن أحدهما بغى على صاحبه بالبينة العادلة لم يكن للباغي منهما حق، كان الحق للمبغي عليه، قال: لأن الله يقول: ﴿ ¯ ³²± ¶µ ¸ ﴾ « . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٨١ ´° وأما إذا أقام الحدود، أو إن عزر رجلا » : وبخصوص الحاكم، يقول النزوي ً ، فيما يرى فيه = أو غيرها في المسؤولية الجنائية لمرتكبي الجريمة بحثها الفقه الإباضي في مختلف فروضها على نحو يقترب مما هو ثابت في القوانين الجنائية ا لحديثة(١) . = التعزير. فمات، أو قيده، فعطبت رجله. أو سجنه، فيما يرى عليه السجن، فخرج من السجن، أو نقبه، أو أراد أن يقتحمه، فعزره فمات. نقول: لا قصاص عليه. ولا أرش في ماله، ولا في مال المسلمين؛ لأن هذا مما أثره المسلمون عن أئمتهم. وقال أكثر الفقهاء: لا قصاص على الإمام والحاكم في ذلك في نفسه، ولا دية ولا أرش النزوي: « في ذلك ولكن يكون دية في بيت مال المسلمين. وبهذا يأخذ محمد بن محبوب المصنف، ج ١٣ ، ص ١٢١ ، ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٥ ، ص ٣٠٨ ٣٠٩ ؛ المحقق ، الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٩، ص ١٠٩ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ . ص ٣٩٢ ٣٩٣ ؛ ج ٤٩ ٥٠ ، ص ٣٢٨ ؛ ابن جعفر: الجامع، ج ٩، ص ١١١ (١) من » : لبيان ذلك نذكر الرأي الآتي الخاص بتجاوز حدود الإباحة في القوانين الحديثة البديهي أن سبب الإباحة يحدث تأثيره طالما التزم المستفيد منه بالحدود التي يضعها له القانون، فإن تجاوزها سقطت الإباحة في النطاق الذي حدث فيه؛ ولكن التكييف النهائي للجريمة التي تقع في حالة التجاوز يتوقف على الظروف التي حدث فيها هذا الأخير ومدى الإثم الذي شاب إرادة المتجاوز. فإذا وقع التجاوز عمد ً ا، كما لو تذرع المستفيد من حق التأديب بهذا الحق وضرب ابنه أو زوجته أو الخادم لديه قاصد ً ا قتله أو قاصد ً ا إحداث أذى به أشد مما يقتضيه التأديب وحدثت الوفاة على أثر ذلك، فإنه يسأل عن النتيجة التي تحققت: فإن قصد الوفاة سئل عن قتل عمد، وإن قصد الإيذاء الشديد ليس إلا سئل عن ضرب أفضى إلى موت. وإذا حدث ا لتج اوز خطأ، لا يسأل المتجاوز سوى مسؤولية غير عمدية إذا كان القانون يجرم النتيجة التي أفضى إليها فعله بوصف جريمة غير عمدية. ومن ذلك أن يحاول المعتدي عليه رد الاعتداء فلا يحكم توجيه الضربة إلى المعتدي ويصيب آخر كان بجانبه: فحينئذ يعاقب عن إصابة غير عمدية، فإن حدثت الوفاة سئل عن قتل خطأ. ومن ذلك أيض ً ا أن يقصد من له حق التأديب الضرب بقصد التأديب، ولكنه لا يسلك في ذلك مسلك الشخص المعتاد فتحدث الوفاة على أثر رعونه: فحيئنذ يسأل عن قتل خطأ. وأخيرا، قد يحدث التجاوز في ظروف لا يمكن فيها نسبة خطأ ما إلى إرادة الجاني، كما ً لو حاول رد الاعتداء بطريقة لا تكشف عن تعمد التجاوز ولا عن خطأ غير عمدي ومع ذلك أدى فعله إلى وفاة المعتدي الذي أصيب بصدمة في غضون ذلك: فحينئذ لا يسأل = »fÉãdG åëѪdG áMÉHE’G ÜÉÑ°SCG أسباب الإباحة هي تلك الأحوال التي يقع فيها الفعل المكون للجريمة بطريقة تنتفي معه عدم المشروعية المقررة في الأحوال العادية، وبالتالي فهو ينفي الأساس الشرعي للجريمة، والجريمة ذاتها بالتالي (١) . وتتسم الإباحة بطابع موضوعي، لأنها كما يبدو مما سبق تتعلق بالفعل، وليس بشخص الفاعل، وكمثال على ذلك نذكر قوله تعالى في سورة النساء (الآية: ٣٤ ) حيث يقول في حالة نشوز الزوجة ﴿ ? ﴾ فهذا يتعلق بالفعل ذاته، ولذلك فهو يختلف عن قوله ژ : » رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم، وعن النائم حتى يصحو، وعن المجنون « حتى يفيق فالحديث يتعلق بالفاعل، وليس بالفعل، ولذلك فهو ليس بسبب إباحة، وإنما مانع من موانع ا لمسؤولية. وبالتالي يفيد ،« الموضوعية » هكذا، فإن أسباب الإباحة تتسم بطبيعتها منه كقاعدة كل المساهمين في الجريمة (لأن هذه الأخيرة غير موجودة)(٢) ، بينما موانع المسؤولية لكونها تخص الفاعل فهي ذات = د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات « لانعدام الإثم الجنائي لديه « المتجاوز ». المصري القسم العام، ص ١٦٥ (١) حول أسباب الإباحة راجع: د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٢١٧ ٢٢٣ ؛ د. حسن الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٣٤٦ ٣٥٥ ؛ د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري . القسم العام، ص ١٥٢ ١٦ (٢) ولدينا أن أسباب الإباحة في مجال الفقه الإسلامي وإن كانت ذات أثر » يقرر رأي موضوعي يتمثل في نزع صفة اللامشروعية الجنائية استثناء عن الفعل المباح إلا أنها ذات طبيعة شخصية تتمثل في ضرورة العلم بالإباحة حتى يمكن للفاعل الاستفادة منها ا ستناد ً ا = طبيعة شخصية (كصغر السن والجنون والإكراه والسكر غير الاختياري)، وبالتالي لا يستفيد منها إلا من توافرت فيه، وليس غيره. أما موانع العقاب فهي تلك الأمور التي يرى فيها المشرع أن المصلحة  تحتم عدم معاقبة مرتكب الجريمة من العقاب رغم ارتكابها لأن مصلحة معينة تبرر ذلك. ومن أمثلة موانع العقاب في القوانين الحديثة إعفاء الراشي من عقوبة الرشوة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها، وإعفاء الخاطف للأنثى إذا تزوج بمن خطفها زواجا شرعيا (المادة ٢٩١ قانون ً العقوبات المصري قبل إلغائها عام ١٩٩٩ ). وفي الشريعة الإسلامية يمكن أن ذكر مثالا ً لموانع العقاب ما قرره سبحانه وتعالى من عدم معاقبة المحاربين التائبين قبل القدرة عليهم، في قوله تعالى: ﴿ rqp wvt ﴾ [ [المائدة: ٣٤ . us حري بالذكر أن موانع العقاب، كموانع المسؤولية، ذات طبيعة شخصية،  وبالتالي يقتصر أثرها على من توافرت لديه دون باقي المساهمين معه في على « الموضوعية » ذات الجريمة، بخلاف أسباب الإباحة التي تتسم بصفتها النحو الذي ذكرناه آنف ً ا. = منا إلى حديث « إنما الأعمال بالنيات » ، فالفاعل في حالة جهله بسبب الإباحة يكون قد أقدم على ارتكاب جريمة ظنية أو وهمية. لهذا فالأمر متروك لولي الأمر، يعزره إذا رأى أن الحكمة من التعزير متوافرة أو يتركه إن رأى عدم توافرها، في ضوء ما يلمسه فيه من د. حسن الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية « خطورة إجرامية . والقانون، ص ٣٤٩ كذلك يفرق الفقه بين أسباب الإباحة العامة (ويستفيد منها كل المساهمين كالدفاع الشرعي ورضاء المجني عليه) وأسباب الإباحة النسبية أو الخاصة (كصفة الطبيب بخصوص التدخل الطبي، وهذه لا يستفيد منها إلا من توافرت لديه فقط: فإن اشترك في العملية الجراحية شخص إلى جانب الطبيب فإن الأخير لا يعاقب، بينما الأول يعاقب). والإباحة بالمعنى الذي نذكره هنا، وهي انتفاء عدم مشروعية الفعل، وانتفاء الجريمة بالتالي، لها وشائج وعلائق بموضوع الإباحة في علم أصول الفقه(١) . وأسباب الإباحة التي أقرها الفقه الإسلامي هي: استعمال الحق، وأداء الواجب ودفع الصائل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورضاء المجني عليه، ومهدورو الدم. وندرس هذه الأمور على أن نخصص لكل منها فرع ً ا: ∫hC’G ´ôØdG ≥ëdG ∫ɪ©à°SG   نشير إلى القواعد العامة، وصور وتطبيقات استعمال ا لحق: (١) إذ ينقسم الحكم التكليفي والذي يراد به طلب الإتيان بفعل، والكف عنه، أو التخيير بين الفعل والكف إلى أقسام خمسة: الإيجاب والندب والتحريم والكراهة والإباحة. ما ورد فيه الخطاب بالتخيير فعلا » : وعند ا لإباضية تم تعريف المباح، كما يلي ً أو ترك ً ا، أو ّ هو ما ليس في فعله ثواب، وليس في تركه عقاب، ويطلق عليه الجائز، والحلال. يرى ا لإباضية الحكم بالإباحة هو الأصل، كونه حكما عقليا قبل ورود الشرع، ولما جاء ًّ الشرع أثبته فصار حكما شرعيا، ولا يند أمر عن حكم الشرع. بخلاف المعتزلة الذين قالوا ً إن الإباحة حكم عقلي لا شرعي، لأن معنى المباح رفع الحرج عن الفعل والترك، وذلك ثابت قبل ا لسمع. والمباح لا ثواب ولا عقاب في فعله ولا في تركه، إذا تجرد عن النية، ولكن إذا قارنته النية لحقه الحكم، فيكون بنية التقرب طاعة لها أجرها، وبالنية السيئة يغدو معصية يؤزر عليها. لذلك جعل الإمام الكدمي فعل العبد قسمين: طاعة ومعصية، لا يخلو من أحدهما. معجم مصطلحات « ويندرج في المباح اجتهاد الناس في تنظيم شؤون حياتهم وتطويرها . الإباضية، ج ١، ص ١٣١ ١٣٢ ّ :áeÉ©dG óYGƒ≤dG (CG من الطبيعي وهو ما يتفق مع الفطرة والسليقة الحسنة، أنه إذا قرر الشرع حقا للشخص، فإن استعماله لهذا الحق في الحدود المقررة ووفق ً ا للشروط المحررة لا يرتب عليه مسؤولية. وقد نصت على ذلك القوانين الجنائية الحديثة، ومنها قانون العقوبات لا تسري أحكام قانون » المصري في أكثر من موضع: فالمادة ٦٠ تنص على أنه العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا ً ؛« بحق مقرر بمقتضى الشريعة لا تخل أحكام هذا القانون في » والمادة السابعة من ذات القانون تنص على أنه .« أي حال من الأحوال بالحقوق الشخصية المقررة في الشريعة ا لغراء واستعمال الحق كسبب نافي للضمان يؤكده قوله تعالى: ﴿ ts wvu ﴾ (١)[ [التوبة: ٩١ . ويستند اتجاه في الفقه الإسلامي إلى وإذا اطلع المحتسب » : الآية المذكورة للقول بانتفاء الضمان. وهكذا قيل على خمر المسلم وأراقها لا ضمان عليه في إراقتها أما الإراقة فلأنه نهي  عن المنكر، وأما عدم الضمان فلأنه محسن ﴿ vuts w ﴾ (٢) أصل في رفع » : ، ويقول الإمام القرطبي بخصوص هذه الآية إنها « العقاب عن كل محسن(٣) يريد » : ، وبخصوص نفس الآية يقول ابن العربي (١) أصبحت هذه القاعدة من أمثال القرآن تجري مجرى المثل، وهو من النوع البديعي المسمى بإرسال المثال (راجع: جعفر بن شمس الخلافة: كتاب الآداب، تحقيق محمد أمين الخانجي، مكتبة الخانجي، القاهرة، ١٤١٤ ه ١٩٩٣ م. ص ٦٢ ؛ الإمام السيوطي: الإتقان .( في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث، القاهرة، ج ٤، ص ٤٤ (٢) الإمام عمر بن محمد السنامي: نصاب الاحتساب، دار الوطن، الرياض، . ١٤١٤ ه ١٩٩٣ م، تحقيق د. مريزن عسيري، ص ٢٩٩(٣) الإمام القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨٧ م، . ج ٨، ص ٢٢٧ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٥٦ من طريق إلى العقوبة على فعله؛ لأنه إحسان في نفسه، والحسن ما لم ينه عنه الشرع، والقبيح ما نهي عنه. هذا عموم ممهد في الشريعة، أصل في رفع العقاب والعتاب عن كل محسن، قال علماؤنا في الذي يقتص من قاطع يده فيفضي ذلك بالسراية إلى اتلاف نفسه...: لا دية عليه، لأنه محسن في اقتصاصه من المعتدي عليه، « فلا سبيل إليه(١) . ويقول ابن العربي: إن تلك الآية يقابلها قوله تعالى: ﴿ º»½¼ ÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾ ﴾ [ [الشورى: ٤١ : فكما نفى السبيل عمن أحسن فكذلك أثبتها على من ظلم، واستوفى بيان »« القسمين(٢) . المحسن الذي لا » : كذلك يقول الإمام القشيري بخصوص ذات الآية تكون للشرع منه مطالبة لا في حق الله ولا في حق الخلق... ويقال: هو الذي « يقوم بحقوق ما نيط به أمره(٣) . وهكذا فإن معنى هذه القاعدة نفي الإثم أو عدم المشروعية عمن يأخذ حقه وهو محسن(٤) ، أي: غير معتد ولا ظالم لغيره ولا ملحق ضررا غير مشروع بهم. ً (١) ابن العربي: أحكام القرآن، تحقيق علي البجاوي، دار الجيل، بيروت، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، . ج ٢، ص ٩٩٥(٢) . نفس المرجع، ج ٤، ص ١٦٧٠(٣) الإمام القشيري: لطائف الإشارات تفسير صوفي كامل للقرآن الكريم، الهيئة المصرية . العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨١ ، ج ٢، ص ٥٤(٤) يقترب من ذلك قوله تعالى: ﴿ ¯°³²±´¶µ¸﴾ [ [الشورى: ٤١ . وهو الحقيقة. إذ يقال طريق إلى مكان وسبيل .« ما إليهم » ولم يقل ،« ما عليهم » : فلماذا قال يستعمل في الضرر، كقوله: « على » إن » : إليه، أجاب الإمام ابن عبد السلام على ذلك، بقوله ﴿ çæå﴾ ، وكقولنا: عليه دين والمقصود ها هنا إنما هو نفي الضرر عنهم إذا طلبوا = معنى ذلك أن لا ضمان إذا صدر فعل دون تفريط، وإنما أداء للواجب الذي يقع على عاتق الشخص أو ا ستعمالا ً لحق له، لأنه محسن يفعل ما هو جائز له، والله تعالى يقول: ﴿ wvuts ﴾ [ [اتوبة: ٩١(١) . ويدخل في ذلك أيضا، ما يلي: ً أولا ً: « الجواز الشرعي ينافي ا لضمان » أو « الإباحة تحط الضمان » أن(٢) ، إذ من غير المتصور أن يباح الفعل ثم يتحتم الضمان على فعله. ثانيا: لا ضمان على من لا يقصر في الواجب عليه(٣) . ً ثالث ً ا: من أتلف مالا » : بخصوص قاعدة ً لأحد من الموحدين لزمه مثله إن أن » : يستثني تسع خصال، منها « كان له مثله أو قيمته إن لم يكن له مثل يتلف له مالا ً « في حال الحرب بين المسلمين وأهل البغي(٤) ، ويسرى هذا الاستثناء أيضا إذا حدث التلف في حرب مع غير ا لمسلمين. ً :áMÉHEÓd ÖÑ°ùc ≥ëdG ∫ɪ©à°SG äÉ≤«Ñ£Jh Qƒ°U (Ü لا شك أن هذه الصور والتطبيقات متعددة ويصعب حصرها، فهي = حقوقهم، فكان الاهتمام بالمقصود أولى، (الإمام العز بن عبد السلام: الفوائد في مشكل .( القرآن، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، ١٣٨٧ ه ١٩٦٧ م، ص ١٥٧(١) ومن حفر بئرا أو نهرا في غير حقه ضمن ما عطب فيه، ومن حفر ذلك في » : لذلك قيل ًً درويش بن جمعة المحروقي: الدلائل « حقه فلا ضمان عليه لأحد، لأنه فعل ما هو جائز له . على اللوازم والوسائل، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ١٤٢٧ ه ٢٠٠٦ م، ص ٢٨٦ ُ (٢) د. هلال الراشدي: القواعد الفقهية عند ا لإباضية تنظيرا وتطبيق ً . ا، المرجع السابق، ص ٤٧٣ ًّ (٣) العالم السيد مهنا البوسعيدي: كتاب لباب الآثار، سلطنة عمان، وزارة التراث القومي ُ . والثقافة، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ج ١٤ ، ص ٤٢٢(٤) أبو إسحاق بن قيس: مختصر الخصال، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ . ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ٤٢٢ ٤٢٣ تتوقف على الحق الذي يراد استعماله، لكن أكثرها شيوع ً ا في الفقه الجنائي الحديث وفي الشريعة الإسلامية ثلاثة، هي: حق ممارسة الألعاب الرياضية، وحق مباشرة الأعمال الطبية، وحق ا لتأديب. ١ حق ممارسة الألعاب الرياضية: عني الإسلام بالفروسية وممارسة الألعاب الرياضية، دليل ذلك من القرآن الكريم، قوله تعالى: ﴿ ¨©ª«¬®¯° ½¼»º¹¸¶µ´³²± ¾ ﴾ [ [الأنفال: ٦٠ ، وقوله تعالى وهو ما يدل على مشروعية السباق ﴿ ;<=>? ﴾ [ [يوسف: ١٧ .  ومن ا لسنة ا لنبوية، يمكن أن نذكر قوله ژ(١) : ارموا واركبوا، وأن ترموا »  أحب إلي من أن تركبوا، كل شيء يلهو به الرجل باطل إلا رمي الرجل   بقوسه، أو تأديبه فرسه، أو ملاعبته امرأته؛ فإنهن من الحق ومن ترك الرمي « بعد ما علمه فقد كفر الذي علمه ، الهوا والعبوا؛ فإني أكره أن يرى في » « دينكم غلظة ، ملعون من لعب بالشطرنج، والناظر إليها كالآكل لحم » « الخنزير ، « من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله » . وفي باب السبق والرمي، يذكر الصنعاني الأحاديث ا لآتية(٢) : ١ عن ابن عمر ^ قال: سابق ا لنبي ژ بالخيل التي قد ضمرت من الحفياء وكان أمدها ثنية الوداع وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية (١) انظر الأحاديث، في: أطفيش جامع الشمل في أحاديث خاتم الرسل، مكتبة الاستقامة، . مسقط، ج ١، ص ٣٧٥ ٣٧٦(٢) الصنعاني: سبل السلام، ج ٤، ص ١٤٥ ١٤٨ ؛ الخزاعي التلمساني: تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، . ص ٣٩٢ ٣٩٣ متفق عليه، وزاد البخاري: « إلى مسجد بني زريق، وكان ابن عمر فيمن سابق من الحفياء إلى ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة، ومن الثنية إلى » : قال سفيان .« مسجد بني زريق ميل ٢ وعنه : ƒ « أن النبي ژ سبق بين الخيل وفضل القرح في الغاية » رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان. ٣ وعن أبي هريرة ƒ قال: قال رسول الله ژ : لا سبق إلا في خف » « أو نصل أو حافر رواه أحمد والثلاثة وصححه ابن حبان. ٤ وعنه ƒ عن ا لنبي ژ قال: من أدخل فرس » ً ا بين فرسين وهو لا « يأمن أن يسبق فلا بأس به، وإن أمن فهو قمار رواه أحمد وأبو داود وإسناده ضعيف. ٥ وعن عقبة بن عامر ƒ قال: سمعت رسول الله ژ وهو على المنبر يقرأ: ﴿ ¨©ª«¬® ﴾ ، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة » « الرمي، ألا إن القوة الرمي رواه مسلم. ٦ وقال ابن إسحاق: حدثني أبي إسحاق بن يسار: كان ركانة أشد قريش، فخلا برسول الله ژ في بعض شعاب مكة فقال رسول الله ژ : ألا » «!! تتقي الله يا ركانة، وتقبل ما أدعوك إليه فقال: لو أني أعلم أن ما تقول حق لاتبعتك، قال رسول الله ژ : أرأيت أن صرعت » ُ ك َ ، أتعلم أن ما أقول «؟ حق قال: نعم، قال: » « فقم حتى أصارعك فقام ركانة فصارع فألقاه رسول الله ژ على الأرض ولم يملك من نفسه شيئ ً ا، وكان يصرع الناس ولا يصرعونه قبل ذلك، ثم قال: عد يا محمد، فعاد فقال: يا محمد هذا عجب، ا تصرعني(١) . (١) . أطفيش: السيرة الجامعة من المعجزات اللامعة، ص ١٧٠ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٦٠ ويذكر الفقه بعض الضوابط الشرعية لممارسة الألعاب الرياضية، منها(١) : ١ أن يكون اللعب محقق ً ا لمصلحة معتبرة شرع ً ا (كتنمية القدرات الجسمانية والعقلية، والمهارات ا لقتالية). ٢ ألا يترتب عليه صرف عن واجب من الواجبات الشرعية (كتحصيل العلم أو ا لصلاة). ٣ أن يكون بالقدر الذي يحقق قوة الجسم وسلامته. ٤ ألا يقترن باللعب قمار وهو الميسر، لقوله تعالى: ﴿ &%$ ')(*,+-﴾ [ [المائدة: ٩٠(٢) . (١) وفي الفقه الجنائي الوضعي، يشترط أن تكون اللعبة من الألعاب التي يقرها العرف الرياضي، وأن تقع أعمال العنف أثناء المباراة الرياضية، وأن تتفق مع القواعد التي أقرها العرف الرياضي للعبة، راجع: د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٢٤٢ ٢٤٥ ؛ د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري القسم العام، . ص ١٨٨ ١٨٩ (٢) د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٦٧١ ٦٨٠ . انظر أيض ً ا: قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ج ٢، ص ٩٨٩ ٩٩١ ؛ خليفة الجابري: أحكام المسابقات في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، كلية الدراسات الفقهية والقانونية، جامعة آل البيت، ١٤٢٢ ه ٢٠٠١ م، . ص ١٢ ١٧ نرى أن المبارزة تدخل في باب الإذن » : وبخصوص المبارزة، يقول الشيخ أ بو زهرة بالقتل، ويجري عليها الخلاف الذي جرى في الإذن بالقتل من حيث وجوب القصاص أو الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه « عدم وجوبه، ومن حيث قيمة الإذن . الإسلامي، القسم الثاني، ص ٢٨٢ ٢٨٣ ويجب أن نفرق في المبارزة المحرمة بين حالتين: » : ويقول عبد القادر عودةالأولى: ما إذا أحل كل من المتبارزين زميله من دمه، وفي هذه الحالة تطبق القواعد الخاصة برضاء المجني عليه بالقتل والجرح وقد سبق أن بينا هذه القواعد. الثانية: إذا لم يحل أحد المتبارزين الآخر من دمه، وفي هذه الحالة تطبق على القاتل أو الجارح النصوص الخاصة = وقد عنى الفقه الإباضي بالألعاب الرياضية والآثار المترتبة عليها من الناحية الجنائية، فقد قرر جمهور الإباضية مثلا ً أن المسابقة جائزة في ّ الجملة(١) ، لكنهم حرموا الرهان ا لرياضي(٢) . = بالقتل والجرح، ولا يكون لاتفاق المتبارزين على المبارزة أثر على العقوبة الواجبة، لأن عبد القادر عودة: التشريع الجنائي « الاتفاق على المبارزة ليس معناه الرضاء بالقتل والجرح . الإسلامي، ص ٤٤٩ (١) أطفيش: شرح كتاب النيل، وشفاء العليل، ج ١٠ ، ص ٢٧ ، السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، مطبعة الاستقامة، سلطنة عمان، ج ٢، ص ٣٠٧ ، البطاشي: كتاب غاية ُ المأمول في علم الفروع والأصول، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان ١٤٠٥ ه ُ ١٩٨٥ م، ج ٦، ص ٨، إبراهيم بيوض: فتاوى الشيخ بيوض، ترتيب وتخريج بكير محمد الشيخ بالحج، الطبعة الثانية، مطبعة أبي الشعثاء، السيب سلطنة عمان، ص ٧٢٠ ، يحيى ُ محمد بكوش، فقه الإمام جابر بن زيد، مطبعة دار الغرب الإسلامي، ص ٥١١ ، ابن عمر: .٣٢٤ ، حاشية الترتيب في الجامع الصحيح للوارجلاني، ج ٢، ص ٣٢٢(٢) يقول البكري بخصوص الرهان ا لرياضي: هو من القمار المحرم، لأنه رهان بعوض من الجانبين بدون محلل، وهو لا يجوز. »وخلاصة القول في المسابقة، قال القرطبي: لا خلاف في جواز المسابقة على الخيل وغيرها من الدواب وعلى الأقدام، وكذا الرمي بالسهام، واستعمال الأسلحة، وقد قصرها فريق من العلماء على الخف والحافر والنصل. وخصها بعض العلماء بالخيل، وأجازها عطاء في كل شيء، كل هذا إذا كان بغير عوض أما إذا كان بعوض، فيجوز في الحالات الآتية: ١ أن يكون الجعل من غير المتسابقين كالإمام وفي معناه: الحكومة بأن يقول الإمام لفارسين أو راميين: من سبق منكما، فله كذا. ومن سبق فلا شيء له. وحكي عن مالك أنه ُ لا يجوز العوض من غير ا لإمام. ٢ أن يكون المال من جانب واحد، كأن يقول أحد المتسابقين: إن سبقتني أعطيتك كذا، وإن سبقتك لا آخذ منك شيئ ً ا. ٣ إذا كان معهما ثالث محلل شريطة أن يكون محتمل السبق، ولا يخرج من عنده شيئ ً ا ليخرج العقد من متناول القمار. وصورته: أن يقال: إن سبق أخذ منهما إنصاف ً ا، وإن لم يسبق لم يعطهما شيئ ً ا وإن سبق أخذ ما شرط له. فأنت ترى أن الرهان الرياضي لا ينطبق على صورة من صور الجواز لذلك قلنا: إنه قمار وإنه حرام. = كذلك تصدى المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي لموضوع الملاكمة، والمصارعة الحرة ومصارعة الثيران والتحرش بين الحيوانات، وانتهى إلى أنها حرام شرع ً ا إذا ترتب عليها ا لإيذاء(١) . = لا يقال: إن ما يوضع على كلا الجانبين رهان ً ا في مباراة العصر، لا يكون غالبا من ً المتسابقين، إنما يضعه غيرهم من هواة السباق: أفلا ينزل ذلك منزلة جعل الإمام ما دام  ذلك يجري على يد ممثله؟  قلنا: فرق بين القصدين، فإن الإمام يمنح ذلك تشجيعا لرعيته على ركوب الخيل ً والفروسية إعداد ً ا للقوة، ثم لا يسترد ما أعطى، بخلاف أولئك الهواة فإنهم لا يقصدون من وراء ذلك سوى الربح من طريق القمار، والحصول على الرهان، ولم يكن مقصدهم كالمقصد الأول نبيلا ً ، والأعمال بالمقاصد، فتدبر، فتاوى البكري، القسم الثالث، مكتبة . البكرى، العطف غرداية، ص ٥١ ٥٢ (١)إتماما للفائدة نذكر لك قرار المجمع، كالتالي: ً أولا » ً : الملاكمة: يرى مجلس المجمع بالإجماع أن الملاكمة المذكورة التي أصبحت تمارس فعلا ً في حلبات الرياضة والمسابقة في بلادنا اليوم هي ممارسة محرمة في الشريعة الإسلامية لأنها تقوم على أساس استباحة إيذاء كل من المتغالبين للآخر إيذاء بالغ ً ا في جسمه قد يصل به إلى العمى أو التلف الحاد أو المزمن في المخ أو إلى الكسور البليغة، أو إلى الموت، دون مسؤولية على الضارب، مع فرح الجمهور المؤيد للمنتصر؛ والابتهاج بما حصل للآخر من الأذى، وهو عمل محرم مرفوض كليا وجزئيا في حكم الإسلام لقوله تعالى: ﴿ ¯ yxwvu ﴾ وقوله تعالى: ﴿ QPONMLKJI ﴾ وقوله ژ : « لا ضرر ولا ضرار » . على ذلك فقد نص فقهاء الشريعة على أن من أباح دمه لآخر فقال له: (أقتلني) أنه لا يجوز له قتله، ولو فعل كان مسؤولا ً ومستحقا للعقاب. وبناء على ذلك يقرر المجمع أن هذه الملاكمة لا يجوز أن تسمى رياضة بدنية ولا تجوز ممارستها لأن مفهوم الرياضة يقوم على أساس التمرين دون إيذاء أو ضرر، ويجب أن تحذف من برامج الرياضة المحلية ومن المشاركات فيها في المباريات العالمية، كما يقرر المجلس عدم جواز عرضها في البرامج التلفازية كيلا تتعلم الناشئة هذا العمل السيئ وتحاول تقليده. ثانيا: المصارعة الحرة: ً وأما المصارعة الحرة التي يستبيح فيها كل من المتصارعين إيذاء الآخر والإضرار به. فإن = ٢ حق ممارسة الأعمال الطبية: نشير إلى القواعد التي تحكم ممارسة العمل الطبي، ثم ندرس المسؤولية أو الضمان الناجمة عنه. أولا ً القواعد التي تحكم ممارسة العمل الطبي: عرف الإباضية ممارسة الأعمال الطبية ومعالجة الأمراض والمسؤولية ّ « في معالجة ا لعلل » التي تترتب عليها. بل عقدوا لذلك بابا أسموه(١) ، وذكره ً « الطب في ا لإسلام » الناظم تحت عنوان(٢) . = المجلس يرى فيها عملا ً مشابها تمام المشابهة للملاكمة المذكورة وإن اختلفت الصورة، لأن ً جميع المحاذير الشرعية التي أشير إليها في الملاكمة موجودة في المصارعة الحرة التي تجري المبارزة وتأخذ حكمها في التحريم. وأما الأنواع الأخرى من المصارعة التي تمارس » على طريقة لمحض الرياضة البدنية ولا يستباح فيها الإيذاء فإنها جائزة شرعا ولا يرى المجلس مانعا منها. ًً ثالث ً ا: مصارعة الثيران: وأما مصارعة الثيران المعتادة في بعض بلاد العالم، والتي تؤدي إلى قتل الثور ببراعة استخدام الإنسان المدرب للسلاح فهي أيض ً ا محرمة شرع ً ا في حكم الإسلام، لأنها تؤدي إلى قتل الحيوان تعذيبا بما يغرس في جسمه من سهام، وكثيرا ما تؤدي هذه المصارعة ًً إلى أن يقتل الثور مصارعه وهذه المصارعة عمل وحشي يأباه الشرع الإسلامي الذي يقول رسوله ا لمصطفي ژ في الحديث الصحيح: دخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا » « هي أطعمتها، وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض . فإذا كان هذا الحبس للهرة يوجب دخول النار يوم القيامة فكيف بحال من يعذب الثور بالسلاح حتى ا لموت؟ رابع ً ا: التحريش بين الحيوانات: ويقرر المجمع أيض ً ا تحريم ما يقع في بعض البلاد من التحريش بين الحيوانات كالجمال والكباش، والديكة، وغيرها، حتى يقتل أو يؤذي بعضها بعض ً .« ا . قرارات المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي، الدورات ١٠ ١٣ ، ص ٢٥ ٢٧ (١) . النزوي: المصنف، ج ١ ٢، ص ١١٩ (٢) . الشيخ سالم السيابي: كتاب إرشاد الأنام في الأديان والأحكام، ص ١٠٢ ١٠٧ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٦٤ وعلاج الأمراض والعلل أمر تحتمه طبيعة الأشياء، فقد روى عن النبي ژ أنه قال، من الله الداء ومنه الدواء فتداوا عباد الله، وقيل، دخل ژ على رجل يعوده، فقال: ادعوا له طبيبا، فقال له الرجل، وهل ً ينفع الطبيب؟ فقال عليه الصلاة والسلام، الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء(١) . ويلزم لإباحة التدخل الطبي بخصوص المريض عدة شروط، هي: ١ أن يكون الشخص مرخصا له بمباشرة العلاج ا لطبي. ً ٢ أن يستهدف من تدخله علاج المريض، وليس أي غرض آخر. ٣ أن يحصل على رضاء المريض نفسه أو من يمثله إن تعذر ذلك، وإن كان يجوز التدخل حتى دون هذا الرضاء في حالات الضرورة القصوى ككون المريض أصيب في حادث ولا يمكن له التعبير عن رضاه، أو في حالات انتشار ا لأوبئة. ٤ الالتزام بالأصول المرعية والقواعد المرضية في التدخلات الطبية، فإذا كان الخطأ الطبي يدل في ظاهره على خروج عن تلك الأصول والقواعد كما لو استأصل جزء سليما بدلا ً من المصاب، أو نقل للمريض دما ًً ملوث ً ا، أو أجرى التدخل الطبي وهو سكران، أو بأدوات ملوثة غير معقمة، فإنه يسأل عن ذلك(٢) . وقد أكد الفقه الإباضي على هذه الشروط، كما يلي: (١) . النزوي: المصنف، ج ١ ٢، ص ١١٩ (٢) راجع أيض ً ا: د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٢٣٨ ٢٤٢ ؛ د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، . ص ٦٣٢ ٦٥٠ • رضاء المريض: يشترط ا لإباضية أن يصدر ذلك من بالغ عاقل. وهكذا بخصوص مسألة: ّ  وفي رجل يأتيه الناس ليقلع لهم ضروسهم، وهو معروف بقلع الضروس »فيأتيه أحد تؤذيه ضرسه، فيقلعها له بأمره لإزالة الأذى عنه؟ يقول المحيلوي: إذا أتاه صاحب الضرس بالغ » ً ا عاقلا ً حرا وأمره بقلعها وقلعها بأمره، فلا  ا عاقلا ً حرا وأمره أن يقلع له ضمان عليه. وإذا كان صاحب الضرس بالغ ً ضرسا معلومة من ضروسه، فأخطأ القالع فقلع ضرسا غيرها خطأ منه فعليه ًً الضمان في الخطأ. وكذلك إذا أتاه صبي أو عبد أو مجنون وأمره أن يقلع له « ضرسا، فقلعها له ضمن ما قلع لهؤلاء(١) . ً فإذا لم يكن الشخص بالغ ً ا عاقلا ً ، فالموافقة تصدر عمن يمثله؛ كالوالد وأما الصبي فيكون ذلك برأي » : أو الوصي أو الوكيل. في هذا المعنى قيل « والده، واليتيم برأي وصيه أو وكيله أو وليه إن أمكن في ذلك مشورتهم(٢) . وفي الصبي إذا طلب دية ثقب أذنه ممن ثقبه » : وجاء في جلاء العمى هل له ذلك، قالوا: إذا فعل ذلك أحد الوالدين في الولد دون أن يتقدم الأب بالمنع فلا شيء في ذلك على الفاعل إلا إن مات الصبي من ذلك، فعليه (١) الشيخ المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، ج ٣، ص ٣٨٦ ، وجاء مسألة: وفيمن يجيه الناس ليقلع لهم أضراسهم من ضرباتها، أو يكويهم » : في ذات الكتاب بالنار من أذى في أجسادهم. وكلهم بالغون ومنهم نساء متزوجات. هل يطلب منهم الحل في ذلك أم يكفيه أمرهم له بذلك، والنساء المتزوجات، هل عليه أن يستأذن أزواجهن في ذلك، أم لا؟ الجواب: عن الشيخ العالم الفقيه النزيه صالح بن سعيد بن زامل 5 . يكفيه أمرهم بذلك . ذات المرجع، ج ٢، ص ٤٤٨ « ولم يكن عليهن لعله عليه أن يستأذن الأزواج (٢) العالم موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون المعادن، ج ٢، وزارة التراث القومي . والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٣ ه ١٩٨٢ م، ص ١٧٣ ُ عتق رقبة لأن الفاعل أراد الصلاح، وأما إن تقدم أحد الوالدين على الآخر  « بالمنع من ذلك ففعل فعليه دية الثقب، وكذا دية النفس إن هلك بذلك(١) . وهكذا فموافقة صاحب الشأن أو من يمثله تعد شرط ً ا ضروريا لإباحة ة(٢) التدخل الطبي عند ا لإباضي . ّ حري بالذكر أنه في بعض الحالات التي تستدعي تدخلا ً طبيا عاجلا ً يتساهل الفقه والقضاء في ضرورة الحصول على الموافقة المسبقة للمريض  (١). جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٦٤ (٢) إلا أن ذلك يثير فيما يجري عليه العمل مشاكل كثيرة. وقد لخص بعضها العالم البشري كما يلي: سألت أبا سعيد عن امرأة ثقبت أذني أبنها أو غيرها من أوليائه من بعد أبيه، من أمر أبيه »أو غير رأيه، هل يلزمها أرش ذلك للولد؟ قال: فمعي أن الأم قد قيل فيها باختلاف: فقيل إن عليها الضمان إلا أن يكون ذلك برأي  الوالد على سبيل ما يكون مصلحة للولد، هكذا معي أنه قيل، ومعي أنه قيل: ما لم يمنعها .« فثقبت على سبيل ما يكون مصلحة، فلا ضمان عليها حتى تثقب له من بعد المنع من والده وأما غير الوالدة فلا يبين لي أن لها ذلك، إلا أن تكون وصية لليتيم، أو لا يكون لهم ولي ولا وصي، وترى ذلك مصلحة، وكان من أهل ذلك، فأرجو أنه قد قيل ذلك أنه يسعها. والأرحام عندي مثل الخالة والجدة أشبه بهذا الذين يقومون مقام الوالدة بعد عدمها، ومن كان أولى منهم كان أشبه عنه عندي بالإجازة إذا صدقت البينة، ولم يكن ثم قائم سوي الفاعل ممن يستأذن ويشاور. قلت له: فإن كان ثم وارث الصبي بلقاء الصبي قبل الثاقب هل يلزم الثاقب أرش ذلك للوارث إذا لم يستأذنه؟ قال: هكذا عندي إذا لم يكن وصيا، ولا وكيلا ً يقوم مقام الوصي في مصالح اليتيم، وكان يمكنه المشورة على الولي، وكان الولي ممن ينظر في مصالح الصبي، وقائم بأمره. فإن كان إنما يعرف منه المضار له، والرفض به، ولا يسارع إلى القيام بمصالحه، رجوت أن يكون هذا ليس يقوم مقام الولي الذي تجب له المشاورة والرأي في الصبي، ورجوت أن المحتسب بالعدل من سائر الأرحام الذي يقوم بالصبي أولى بالنظر في مصالحه من العالم موسي البشري: مكنون الخزائن وعيون المعادن، « هذا إذا كان على هذه الصفة . ج ١٢ ، ص ١١٤ ١١٥ أو من يمثله. ويوافق على ذلك الفقه الإباضي. يقول العالم موسى البشري: وأما الصبي فيكون ذلك برأي والده، واليتيم برأي وصيه أو وكيله أو وليه »إن أمكن في ذلك مشورتهم، وإن خيف عليهم الضرر في ذلك، وفعل بهم ذلك رجوت أن ذلك جائز إن شاء الله إذا خيف الضرر ولم تمكن المشورة « ويكون كما وصفت لك إن شاء ا لله(١) . ولا يخفى على أحد أن عدم استلزام الموافقة في حالات التدخل الطبي العاجل، تبرره اعتبارات عملية وعلاجية(٢) .  • ضرورة مراعاة أصول العلاج: يجب على من يتدخل طبيا بخصوص المريض أن يكون مصرحا له ً مزاولة مهنة الطب وبالتالي يكون عالما بأصول العلاج وقواعده. ً (١) . ذات المرجع، ج ٢، ص ١٧٣ (٢) وفي حديث الحسن: لا بأس أن يسطو الرجل على المرأة، وذلك » : فقد جاء في المصنف إذا خيف عليها ولم توجد المرأة تعالج ذلك منها، والسطو أن يدخل الرجل يده في رحمها فيخرج الولد إذا شب في بطنها ميت ً ا، وقد يفعلون ذلك بالناقة، وربما أخرجوا. وقيل: إن امرأة لجابر بن زيد عرضت لها علة، فوصف لها الكي فشاورته في ذلك فنهاها، فاكتوت في غيبته فعوفيت فوجد عليها، وهجرها في سفره إلى الحج، فشق عليها هجرانه وعتبه عليها، فأرسلت إليه عبد الله بن العباس فقال: إن هذه لم تتوكل على الله، والله يقول: ﴿ }|{zyxw ~ ﮯ ¢¡ ﴾ . فقال له ابن عباس: أتم الآية، كأنه يقول: ﴿ ¤ §¦¥ ¨© ﴾ فأحسب أنه بهذا رجع جابر إليها وكان رضاه عنها. ومن كتاب الأشراف، اختلفوا في إخراج الولد الذي يتحرك من بطن أمه، قال مالك: يعالجه ليخرج من مخرج الولد، وكره شق بطنها ابن حنبل، وحرمه إسحاق، ولم ير به الثوري بأسا. وأبو سعيد تخرج إجازة المعالجة لإخراجه إذا تبين حياته بغير إباحة ضرر ً .« في الميت ولا الحي، لأن الميت محجور عنه ما هو محجور من الحي على ا لتعبد . النزوي: المصنف، ج ١ ٢، ص ١٢٣ ١٢٥ وكذلك الحجام إذا ختن صبيا بوجه يسعه في الأصل » : يقول البشري ولم يتعد فعل مثله، وإنما قطع ما يقطع مثله، ولم يتعد القلفة، ومات فليس عليه في ذلك ضمان خطأ ولا عمد ً ا، وأن تعدى ذلك خطأ كان ضامن ً ا لذلك على وجه الخطأ، وإن كان عمد ً ا كان على وجه سبيل ا لعمد.  وكذلك المتطبب إذا فعل في الأصل ما يسعه، ولم يتعد فعل مثله فهو مثل الحجام، ومن أبصر ذلك وكان عالما به، وكان إنما يفعله بعلم كما ً يفعله المتطبب بعلم فهو بمنزلة المتطبب، وإن كان بغير علم لم يسعه ذلك، وكان ضامن ً « ا فيما عندي أنه قيل(١) . • ضرورة أن يكون التدخل الطبي لصالح المريض: هذا أمر بدهي. فالغرض من مثل هذا التدخل هو رجاء علاج المريض. فالعلاج الطبي لا يرتب حتما ضمان الشفاء، وإنما السعي إلى تحقيق ً هذا الشفاء. فالتزام الطبيب كقاعدة هو التزام ببذل عناية obligation de une moyen وليس ا لتزاما بتحقيق نتيجة une obligation de resultat. ً وقد أكد الفقه الإباضي على هذا ا لشرط(٢) : (١) . العالم موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون المعادن، ج ٢، ص ١٧٢ ١٧٣(٢) وفيمن عنده ولد جاءه الجدرى، أو جاء في بلده وصار » : وهكذا جاء في مكنون الخزائن أهل البلد يأخذون من المجدور قشرا، وينشطون أولادهم في أبدانهم حتى يخرج الدم، ً ويضعون في الجرح قشر الجدري، لأنهم يقولون: إذا فعلوا ذلك يجيء أولاد َ هم قليل ٌ من حب الجدري، أيجوز لمن أراد أن يفعل ذلك لولده على نظر ا لصلاح؟ أرأيت إذا فعل أحد لولده، وجاءه الجدري كثيرا، ومات الولد، أيلزمه شيء أم لا؟ أو جاءه ً في عينيه، وعميت عيناه، أيلزمه شيء من الديات أو ا لأرش؟ قال: إني لا أحفظ في هذا شيئ ً ا، وأحب لي ترك جميع ذلك، وإن فعل ما ذكرته طلب « السلامة والعافية، فأرجو أن لا شيء عليه فيما يتولد منه، والله أعلم . العالم موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون المعادن، ج ١٢ ، ص ١١٩ = ثانيا المسؤولية الجنائية أو الضمان عن التدخل الطبي: ً في الفقه الإباضي يسأل من تدخل طبيا خصوصا في حالتين: ً • إذا لم يكن مصرح ً ا له ممارسة الطب: فقد قال الدارقطني وصححه الحاكم وهو عند أبي داود والنسائي  وغيرهما، إلا أن من أرسله أقوى ممن وصله إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عنه ژ : من تطبب ولم يكون بالطب معروف » ً ا فأصاب نفسا وما ً « دونها فهو ضامن . يقول أطفيش: قلت: ذلك على إطلاقه، وقال بعض: إن ذلك في قطع عضو أو عرق أو » بط جرح أو كي لا فيما يصفه الطبيب من مأكول أو مشروب، وكان عمر « يضمن من يختن الصبي إذا قطع ا لذكر(١) . = وبخصوص مسألة: في الذي عنده مريض مدنف لا حفظ له من شدة ما به من المرض، أيجوز له أن يسقيه إذا ظن أنه لا يخلو من عطش أم لا؟ وإذا سقاه برأي نفسه فشرقه الماء فمات، أيكون ضامن ً ا أم لا ضمان عليه إذا كان مراده سقيه عن العطش، والمريض لا حفظ معه، حتى يأمره بسقيه أو ينهاه عن السقي؟ يقول ا لخليلي: لا بأس عليه أن يسقيه على رجاء المصلحة له فهو مما يؤمر به وعليه يؤجر، ولا يتركه »عطشان إذا كان هو لا يستطيع التعبير عما به، فالقائم بأمره هو الناظر لصلاحه، وإن شرق .« في ذلك لم يضمنه إذا كان ذلك باجتهاده من غير تعد فيه لفعل مثله. والله أعلم . أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ١٧١ ١٧٢ (١) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٤، ص ٢٧٢ . وجاء في سبل السلام الحديث دليل على تضمين المتطبب ما أتلفه من نفس فما » : بخصوص ذات الحديث دونها سواء أصاب بالسراية أو المباشرة وسواء كان عمد ً ا أو خطأ وقد أدعى على هذا الإجماع وفي نهاية المجتهد إذا أعنت، أي: المتطبب كان عليه الضرب والسجن والدية في ماله وقيل: على ا لعاقلة. واعلم أن المتطبب هو من ليس له خبرة بالعلاج وليس له شيخ معروف والطبيب الحاذق هو من له شيخ معروف وثق من نفسه بجودة الصنعة وإحكام ا لمعرفة. = أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٧٠ • إذا خرج على الأصول المرعية والقواعد المرضية في المعالجات الطبية: ومعنى ذلك: وجود تعمد في هذا الخصوص، أو على الأقل وجود طبيب داوى » : تقصير أو خطأ لا تبرره قواعد المهنة. وهكذا بخصوص سؤال إنسان ً ا فمات بدوائه فهل يضمنه وهو يقصد نفعه؟ أضمان عمد؟ أم ضمان أما من عالج مريض » : خطأ؟ يقول البكري ً ا فتسبب عن ذلك موته فلا إثم ولا ضمان عليه إن لم يقصر أو يجاوز ما يعتبر علاجا عند مهرة الأطباء أو لم ً يتعد في فعله حكم الشرع. أما إذا خالف ما يفعله حذاق الناس فالإثم والضمان يضمن دية عمد، وأما إن تجاوز في علاجه عن خطأ فلا إثم عليه والضمان على العاقلة. قيل: هذا على الإطلاق. وقيل: تضمن العاقلة ما فوق « الموضحة أما ما دونها فتلزم في ماله(١) . = قال الخطابي لا أعلم خلاف ً ا في أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض كان ضامن ً ا والمتعاطي علما أو عملا ً لا يعرفه متعد، فإذا تولد من فعله التلف ضمن الدية وسقط عنه القود لأنه لا ً يستبد بذلك دون إذن المريض وجناية الطبيب على قول عامة أهل العلم على عاقلته له. وأما إعنات الطبيب الحاذق فإن كان بالسراية لم يضمن اتفاق ً ا لأنها سراية فعل مأذون فيه من جهة الشرع ومن جهة المعالج، وهكذا سراية كل مأذون فيه لم يتعد الفاعل في سببه كسراية الحد وسراية القصاص عند الجمهور خلاف ً ا لأبي حنيفة ƒ فإنه أوجب الضمان بها. وفرق الشافعي بين الفعل المقدر شرع ً ا كالحد وغير المقدر كالتعزير فلا يضمن في المقدر ويضمن في غير المقدر؛ لأنه راجع إلى الاجتهاد فهو في مظنة العدوان وإن كان الإعنات بالمباشرة فهو مضمون عليه إن كان عمد ً الصنعاني: سبل « ا وإن كان خطأ فعلى العاقلة . السلام، ج ٣، ص ٤٨١ ٤٨٢ انظر أيض ً تضمين الأطباء إذا أخطأوا بتقصير منهم، في: د. محمد بن راشد الغاربي: دور » : ا المصالح المرسلة في علاج المستجدات، ندوة الفقه الإسلامي في عالم متغير، وزارة . الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٢ ه ٢٠١١ م، ص ٢٣٧ ُ وانظر أيض ً . ا: أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ١١٨ ١١٩(١) . الأسئلة والأجوبة النثرية للبكرى، ص ١٦٤ وجاء في شرح النيل تفصيل كثير لهذه المسألة، جدير بأن نذكره هنا، كما يلي: التنبيه الثاني: » ما فعله بمداواة أو معالجة حيث جاز له كقطع وكي وفصد وختن وبيطرة = وقد أكدت المحكمة العليا في سلطنة عمان في أكثر من مناسبة على ُ = إذا أخطأ في ذلك فقام عنه هلاك فيلزمه الضمان لا الإثم، وقيل: يلزم العاقلة، وقيل: بيت المال، وقيل غير ذلك. والله أعلم. التنبيه ا لخامس: وإذا قطعت القابلة ما لها قطعه فأخطأت فيه كان ما قطعته للولد إذا عسر عليه الخروج أو ما اتصل به إلى أمه لزمها الضمان لا الإثم إلا إن جاوزت في ذلك ما لا يحل لها فيلزمانها فإذا عسر خروج الولد على أمه فلتقطع إلى فوق، فإن قطعت إلى أسفل ولم يقع خلط فلا ضمان عليها وإنما تقطع بالشفرة الحادة النظيفة أو القصبة الحادة والذي اتصل به الولد إلى أمه إنما تقطعه من العقدة الكائنة في ذلك الموضع، وقيل: تترك قدر ثلاثة أصابع عرضا إلى الولد، وتقطع في الرابع، والخطأ في ذلك على ما مر، وإذا ً أرسلت إلى القابلة ولم تأت ضمنت، وكذا إن أبى الرسول، وإن منع القابلة زوجها أو سيدها أو غيرهما ضمن، ولا تشتغل بمنعه ولو أبا أو زوجا أو سيد ً ا، وإن أبت الأمة بلا ًً منع من سيد ضمنت إذا عتقت، ويضمن مانع رسولها إن علم، وكذا من علم ولم يأتها ولم ترسل إليه، وإن لم ترسل حتى هلكت أو هلك ولدها ضمنت، وإن ضيعت القابلة الولد حتى بلغ ما يقتله، أو لم تعقد ما يلي المرأة أو الولد ضمنت، وكذا إن قطعت مقابل وجه الولد فأصابه ضر، ويكون حجة على القابلة في أن الحامل أرسلت إليها أو احتاجت أمينان أو أمين، وأمينتان، وقيل: من صدقته، والله أعلم. التنبيه السادس: إن جاوز في الختان ما يبلغ سلخ الجلد بخطأ فالضمان لا الإثم، وإن قصر على المعتاد بخطأ لزمه الضمان لا الإثم، وقيل: لا ضمان ولا إثم ويجزى اختتانه إذا دار القطع من كل ناحية، وإن لم يدر لزمه الضمان ولو خرجت الحشفة كلها ومنتهى القطع في ذلك مبلغ سلخ الجلد، وقيل: لا يجزي في الختن إلا خروج الحشفة كلها ولو دار بها القطع، وكذا في الكي والبيطرة إن جاوز أو قصر ولا ضمان على حاجم لطفل أو نازع سن أو ضرس له أو شوك بلا إذن أبيه على رخصة، ويضمن في غير الترخيض ولا ضمان على خاتن طفل أو عبد بإذن إلا إن جاوز الموضع وضمن بلا إذن مطلق ً ا، وكذا إن أكرهه ورخص، ولا ضمان على فاعل بيتيم صلاحا له كنزع ضرس أو ظفر أو شوك وكحلق، وإن أمره بالغ ً أو أب أو سيد ينزع الضرس فغلط لغيرها ضمن، لا إن غلط صاحب الضرس أو الأب أو السيد، ومن أكره رجلا ً فختن له أو نزع له ما ينزع ضمن، ويلزم الضمان الطبيب أو البيطار الذي يقطع ويكوي ورخص وإن سقاه دواء فمات ضمن، وإن أعطاء فشربه بنفسه فالدية. إن ختن فقطع رأس الحشفة فالدية بحسب ما ذهب، وإن استوعبها فدية :« الأثر » وفي .« كاملة، وإن قلع السن لأحد إذا ضرته فلا شيء عليه إذا لم يتعمد . ١٥٥ ١٥٦ ، أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ١٥٢  الجراحة الطبية الخاطئة توجب التعويض » : مسؤولية الأطباء، وهكذا تقول وإن كانت ناجحة فنيا. والثابت في الحكمين وسائر الأوراق أن العملية الأولى (جراحة الثدي) كانت خطأ ولا فائدة منها للمرأة المجراة لها العملية وقد قرر التقرير المشار إليه صراحة بذلك. ولما كان الأمر كذلك فلا بد من تعويض المصاب بالجروح عن الجراحة التي أجريت له وقد نص المرسوم السلطاني على ذلك فليقرأ بتأمل وفهم دقيق إذ صرح في المادة المشار إليها ولو فرضنا جدلا «... ٢٠ ) مكررا بالتعويض عن الإصابات والجروح ) ً أن نوع ً العملية من الناحية الفنية كانت جيدة فلا يؤثر ذلك على الحكم شيئ ً ا إذ أن جسم الإنسان مصون عن الضرر والنيل منه لا يجوز إلا بوجه صحيح يبيح « ذلك وقد صح الخطأ هنا(١) .  حري بالذكر أن لولي الأمر تقدير التعويض الناجم عن الأخطاء الطبية وهو ما تقرر في سلطنة عمان، وتقول المحكمة العليا بضرورة الالتزام ُ  وحيث إنه عملا » : بذلك، حيث أكدت ً بالمادة ٢٠ / مكرر من قانون مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان فيما تضمنه من تحديد لمقدار التعويض عن الأضرار الناتجة عن الأخطاء الطبية الناشئة هو تعويض مقدر بصريح النص لجبر كافة الأضرار المادية والمعنوية الناتجة عن الأخطاء الطبية ويجب التقيد بمقدار هذا التعويض ولا يجوز تقديره بخلاف ما ورد في « النص أو استكماله بأي تعويض آخر(٢) . (١) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها ٢٠٠٧ ، س.ق. ( ٧)، سلطنة عمان، المحكمة /٦/ ٢٠٠٦ وحتى ٣٠ /١٠/ في الفترة من ١ ُ . العليا، ص ١٣١(٢) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة ،٢٠١١/٦/ ٢٠١٠ وحتى ٣٠ /١٠/ منها، سلطنة عمان، س.ق. ( ١١ ) في الفترة من ١ ُ . ص ٢٠٠ ٢٠١ ٣ حق التأديب: ندرس أولا ً القواعد التي تحكم حق التأديب، وحالاته: أولا ً القواعد التي تحكم حق التأديب: التأديب حق تقرره الكثير من النظم القانونية لبعض الأشخاص على بعض رغبة في إرجاع هؤلاء الأخيرين إلى الطريق المستقيم والسلوك القويم. وهو يتمثل خصوصا في الضرب الخفيف، أي: غير المبرح، ً وبالتالي يشكل مساسا بسلامة الجسم، أو بتوجيه عبارات اللوم والتأنيب ً والعنف والتحذير (وهذه لا تشكل مساسا بالسلامة الجسدية للشخص، وإنما ً بتكوينه ا لمعنوي). كحق يمارسه شخص ما على « التأديب » وقد عرف الفقه الإباضي   شخص آخر. وقرر ا لإباضية أن اللجوء إلى التأديب يحكمه القواعد ا لآتية: ّ  أ ( لا يجوز التأديب أصلا ً فيما ليس بمعصية ولا أمر أورد الشرع أنه مكروه(١) . ب ( يجب ألا يترتب على التأديب أذى جسماني جسيم بالشخص الذي يتم تأديبه. « يجوز التأديب ولو بالضرب إذا كان ذلك لا يجر إلى شر » : يقول أطفيش(٢) . وقد بين الخليلي هذا الشرط أيضا، بقوله: ً كل ما تولد منه ضرر أو خيف منه وقوع الضرر فلا جواز له، وما تولد » منه ضرر فيما يكون فيه الأرش فعليه ضمانه. (١) . أطفيش: كشف الكرب، ج ٢، ص ٣٥١(٢) . ذات المرجع، ص ٣٣٥ وحد الأدب: ما كان غير مؤثر ولا مبرح، وحده بعضهم بثلاث ضربات ويضيف أيض .« غير مؤثرات ولا مبرحات بشرط كونه في موضع جواز ذلك ً ا: المؤثر معلوم: وهو ما يظهر أثره في الجسد فيحكم فيه بالأرش، » والمبرح أشد منه: وهو ما يورث الضرر وشدة الأذى، أي: ضرب الأدب ما لم يؤثر مضرة، ولا يعقب شدة أذى، ولا يظهر له أثر في الجسد، لأنه أخف « من ذلك كله(١) . وبعد أن ذكر موجب الأدب (ومنه النميمة، والهروب من المعلم، وأخلاق السوء كالتعري، وكثرة النوم، والسخرية، والكذب، ودخول البيت والأدب: ما دون عشرين جلدة، ولو في الظهور، ولا » : بلا إذن) يقول الثميني تبلغ فيه ولا يزاد عليها، إذ هما خطأ من فاعلهما. ويؤدب أيض ً ا بحبس، وبانتهار بكلام وبهجران، وبربط الإزار، على قدر « النظر(٢) . ج ( يرتب الخروج على تلك الشروط الضمان. وهكذا جاء في الجامع المفيد: وأما ضرب الرجل زوجته وما خرج من حد الأدب المأذون له فيه فهو » « مضمون عليه إلا أن تبرئه منه أو يسلمه إليها(٣) . كذلك بخصوص سؤال يتعلق بدعوى الضرب والحبس على ا لولي(٤) ، . ١) أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ٢٣٤ ٢٣٥ ؛ تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ٦٤ ٦٧ )(٢) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، ص ٢٠٢ ٢٠٥(٣) . الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٢٠٠ ٢٠١(٤) كان السؤال كالتالي: وإذا وصلتنا امرأة شاكية من وليها أنه ضربها أو حبسها أو قيدها ولها ولي دونه أو لم يكن لها ولي غيره فأقر بذلك، بل إنه زعم أنه صار منه ذلك تأديبا لها ً لمصلحة يراها وفسرها وإن لو صح ذلك عليها لكان (ذلك) جائز ً ا منه عليها ولكنها = هذا من المحتملات وما كان من قبل زمانك فدع وأما ما » : يقول الخليلي يكون الآن فلا تقدم فيه إلا بعد البحث والتنقير حتى يتبين في معاني الاطمئنان الصادق منهما من الكاذب لأنه إن كان صادق ً ا فقد أمر بمعروف ونهى عن منكر وليس على الناس أن يرفعوا أمر الحرم في كفاف المفاسد وصرف الفواحش إلى حكام العدل والأولياء هم القوام عليهن بذلك؛ فإن ظهر جورهم عليهن وظلمهم لهن عوقبوا بما هم أهله؛ فإذا ادعين عليهم الظلم وصح ذلك أخذوا به وإن صح فسادهن فهو العذر لهم وإن حصلت الشبهة نظر الحاكم فيما يقطع الظلم والمفسدة جميعا ورجح ما يراه أقرب ً « إلى العدل في مقتضى ا لنظر (١) . ثانيا حالات التأديب: ً وبخصوص حالات التأديب، فقد عقد المحقق الخليلي فصلا ً أسماه: ذكر فيه أن ،« في التأديب والسياسة الخارجة عن حد العقوبات السلطانية »إمام وسيد وزوج وولي ونائب أو من ينوب » : القائم بذلك أحد خمسة رجال عنهم شرع ً .« ا ندرس هنا فقط ثلاثة أمثلة على التأديب، هي: تأديب الولي (وندرس منه مثالان، هما: تأديب الولد، وتأديب المعلم للطلاب)، وتأديب الزوجة(٢) . = جحدت كون ذلك منها ولا بينة عنده عليها في ذلك كان قبل ظهور أو في الحين كيف الحكم في ذلك بينهم؟ صرح لنا ذلك شيئ ً ا جزاك الله خيرا. ً وهل فرق في هذا وفي الولد إذا شكا من أبيه أو الخادم من سيده أو أمثالهم؟ (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ١٠٢ ١٠٣(٢) راجع: الحالات الأخرى، ومنها أيض ً ا: تأديب الخادم، في المحقق الخليلي: تمهيد قواعد . الإيمان، ج ١٣ ، ص ١٣٦ ؛ جامع أبي الحواري، ج ٢، ص ٢٩٦ • تأديب الأب لابنه: وجائز للأب تأديب » : وهذا جائز، ويقول الخليلي بخصوص هذه المسألة ولده الصبي وزجره عن ركوب الفواحش والمنكرات وتعليمه مكارم الأخلاق من غير الواجبات على حسب ما تقبل من ذلك فطرته ويصلح في الاجتهاد له ولا ضمان عليه ولا إثم بل له الأجر والفضل على قيامه « بالعدل(١) . وقيل: [إن] الأدب على ضربين: إما خارج على معنى » : ويضيف الخليلي الزجر عن المنكر الحاضر في الحال كاتلاف نفس أو مال ما لم يمتنع عنه بغير ذلك من زجر أو تهديد فهذا واسع وكأنه لا يحتمل ا ختلاف ً ا وإما خارج على معنى نظر الصلاح [له] كالتعليم والمؤاخذة بحسن الخلق فهذا أقرب إلى الحجر وأشبه بالمنع وكأن في مفهوم هذا اللفظ دلالة على المنع لأن ما أشبه الشيء فهو مثله بالإجماع. نعم والصحيح عندنا هو الجواز على نظر المصلحة وقد عمل المسلمون به والآثار مشحونة أن ابن عشر يضرب على الصلاة وعلى قول من أجازه فقد يخرج في حده تلك الأقوال التي أسلفناها فهي ثلاث قد عرفناها « والحبس أخف منها فهو أقرب إجازة(٢) .  حري بالذكر أن تأديب الأب لولده قد يترتب عليه مشاكل بخصوص الميراث إذا مات ا لولد(٣) . (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ١٤٣(٢) . ذات المرجع، ص ١٤٤(٣) راجع مثالا ً على ذلك في: السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر . المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، ص ٤١٧ ٤١٨ • تأديب المعلم لتلاميذه(١) : وهو مسموح به في الحدود السابق ذكرها، لذلك قيل: قلت له معلم الصبيان يجوز أن يضرب ذا التواني يجوز أن لو يضرب اليتيما ليحفظ القرآن والتعليما فجائز يضرب حتى يفهما من غير تأثير وإن استفهما (٢)  وإن كان الفقه الإباضي يشترط إذن الأب أو الولي. وهكذا بخصوص وفيمن كفل معلم الصبيان وضربهم ضربا غير مؤثر إلا أنه من غير » : سؤال ً نظر آباء الصبيان وأوليائهم هل يلزمه ضمان أم لا كان المعلم ثقة أو لا أذن .«؟ له في ضربهم أم لا يقول الخليلي: قيل: ليس له ضربهم إلا بنظر آبائهم أو أوليائهم وإلا فعليه الضمان لأن » ذلك مما ليس له. ويوجد في بعض الأثر: من رأى صبيا يفعل ما ينكر عليه ولم يحضره وليه فاحتسب لتأديبه فقال: فيه الأجر إذا احتسب له، وكأنه في كلام يشبه كلام الشيخ أبي سعيد 5 ولم يكن الصبي عديم ولي وإنما [لم] يحضر وليه في تلك ا لحال. وإن كان المعلم في هذه المنزلة فيعجبني أنه لا ضمان عليه إذا احتسب « لتأديبه في موضع جوازه والأول أحوط(٣) . (١) بخصوص التأديب من النائب عن الولي، يدرج الخليلي أربعة، وهم: الوصي والوكيل . والمحتسب والمعلم، راجع: المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ١٤٦(٢) . الكندي: كتاب النعمة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ص ٦٩ ُ (٣) وبخصوص تأديب الصبيان: هل للمعلم أن يؤدب الصبيان بالعصا إذا أذن له أبوه؟ قال = • تأديب الزوجة: راعى الإسلام المرأة وقرر كقاعدة عدم جواز الاعتداء عليها، بل من الأنوثة عجز دائم يستوجب الرعاية أ بد » : عبارات علماء المسلمين ً « ا(١) ، لذلك أكد الإسلام على الرحمة والمودة بين الزوجين، في قوله تعالى: ﴿ [ZY ihgfedcba`_^]\  mlkj ﴾ [ [الروم: ٢١ . وقد ذكر القرآن الكريم ضرب النساء في موضع واحد، هو قوله تعالى: ﴿ <;:98 = FEDCBA@?> ﴾ [ [النساء: ٣٤ . لكن ليس معنى إباحة ضرب الزوجة عند مخافة نشوزها أن يكون مطلق ً ا يتسم بالعنف، وإنما هو الضرب الخفيف جدا، ويمكن وصفه بأنه .« الضرب الذي لا يعد ضربا » ً تقول دار الافتاء المصرية: وأما خيار الضرب المذكور في الآية: فقد أجمع الفقهاء على أنه لا » = لا يجوز حتى ولو أذن له أبوه، وهذا ما صدر به من القول، ونقل قولا » : أبو نبهان ً بالجواز عند الإذن، أما عند عدم الإذن فلا يجوز، واستثنى من ذلك أحوالا ً خاصة وهي: العصيان أو إساءة الأدب، أو إلهاء الأطفال الآخرين أو التواني عن الحضور، أو إذا صدر منه إيذاء للمعلم أو لغيره أو لماله، أو كان يتلهى عن الدراسة بشيء آخر. لكنه في هذه الأحوال كلها يأمره بالكف عن الضرب أولا ً ، ولكن ينذره أمرا في الفعل ً ونهيا في الكف، فإن ارتدع، وإلا فيجوز ضربه بعد العودة إلى ذلك المنهي عنه، أو ترك ً المأمور به، ولكن لا بد من إعلام ولي أمره، ولكن بشرط أن يكون غير مبرح. فإذا تكرر فعله جاز له ضربه بدون إنذار، ولو أنه يرتدع في بعض الأحيان لكونه يخاف منه أن يصبح د. مبارك الراشدي: التجديد الفقهي عند أبي نبهان الخروصي، ندوة فقه النوازل « عادة له وتجديد الفتوى، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٢٨ ه ٢٠٠٧ م، ُ . ص ٢٨٥(١) . دار الإفتاء المصرية: سؤالات الأقليات، القاهرة، ١٤٣٤ ه، ص ٥٤٥ يقصد به هنا إيذاء الزوجة أو إهانتها، وإنما جاءت إباحته في بعض الأحوال على غير جهة الإلزام وفي بعض البيئات التي لا تعد مثل هذا التصرف إهانة للزوجة ولا إ يذاء لها، وذلك لاظهار عدم رضا الزوج وغضبه بإصرارها ً على ترك واجباتها؛ وذلك بأن يضربها ضربة خفيفة على جهة العتاب  والإنكار عليها بحيث لا تترك أثرا، ويكون ذلك بالسواك وفرشة الأسنان ً وغيرهما مما ليس أداة فعلية للضرب، فأخرج ابن جرير عن عطاء قال: قلت لابن عباس ^ : ما الضرب غير المبرح؟ قال: (بالسواك ونحوه) ولذلك وبناء على ذلك: فإن ضرب الزوج » : انتهت دار الإفتاء المصرية إلى القول لزوجته واعتداءه عليها وتهديدها وترويعها وكذلك الأولاد من الأمور التي أجمع المسلمون على تحريمها، ولا علاقة لها بتعاليم الإسلام ولا بالشريعة « ا(١) الإسلامية، وفاعل ذلك آثم شرع ً . وفي الفقه الإباضي أيض ً ا ما يدل على هذا المعنى، يقول الخليلي: فالتزويج نوع ملك وله في الواسع أن يحتسب في تأديب أهله بالعدل » على حد الجائز كالرئيس في عشيرته إن كان له على قهرها قدرة بلا ممانعة تقوم بها عليه الحجة في دين وليس ذلك بالواجب عليه لانحطاطه عن مرتبة الحاكم إلى محل المطالب بالإنصاف منه مع الإنكار عليه إن لم يصح ما يوجب ذلك [له] شرع ً ا. وأما في الواسع فبالنص الصريح أن الرجال قوامون على النساء فهم القوامون بمصالحهن الدينية والدنياوية جميعا وإن الأدب لنوع واحد من ً تلك المصالح ولا شك أن له أن يحجرها عن التعرض للتهم والتبرز للفساد واستباحة المنكرات جميعا. ً (١) .٥٥٤ ، ذات المرجع، ص ٥٤٧ وليس من المروءة كشف الأستار بالترافع إلى الحكام وغيرهم فإن في إبرازهن إلى مجالس الحكم نوع مهانة وتبذل وقلة حياء وضعف مروءة « وشائبة عار(١) . فإذا خرج الزوج عن الحدود المقررة للتأديب والسابق ذكرها فإنه إنما تجب التوبة على من » : يأثم. لذلك قيل بخصوص ضرب الوجه تأديبا ً « أتى ما يأثم به في التأديب ا لجائز(٢) . »fÉãdG ´ôØdG á£∏°ùdG ∫ɪ©à°SGh ÖLGƒdG AGOCG في القوانين الوضعية يعد أداء الواجب واستعمال السلطة سببا يبيح ً الفعل الذي تم اتخاذه، بشروط معينة تحددها تلك القوانين(٣) ، مثال ذلك: لا جريمة إذا » المادة ( ٦٣ ) من قانون العقوبات المصري والتي ورد فيها أنه وقع الفعل من موظف أميري في الأحوال الآتية: (أولا ً ( إذا ارتكب الفعل تنفيذ ً ا لأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه إطاعته أو اعتقد أنها واجبة عليه. (ثانيا) إذا حسنت نيته وارتكب الفعل تنفيذ ً ا لما أمرت به القوانين أو ً ما عتقد أن إجراءه من اختصاصه. وعلى كل حال يجب على الموظف أن (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ١٤٢ (٢) ذات المرجع، ج ٣، ص ٢٠٧ . انظر أيض ً ا: ج ٦، ص ٦١ ٦٢ . راجع كذلك في المذاهب الإسلامية الأخرى: د. حسن الشاذلى: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة ، بالنظم الوضعية، ص ٦٢٧ ٦٣٢ ؛ عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١ . ص ٥١٥ ٥٢٠ ؛ د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٢٢٧ ٢٣٢ (٣) راجع، على سبيل المثال: د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٣١٥ ٣٢٧ ؛ د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري القسم العام، ص ١٩٠ وما بعدها. يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته .« وأن اعتقاده كان مبنيا على أسباب معقولة وفي الفقه الإسلامي تم بحث هذه المسألة خصوصا في نطاق تنفيذ ً الشخص لأوامر صادرة ممن هو أعلى منه. وهنا يحكم المسألة قاعدة واستثناء(١) .  :záYhô°ûªdG ôeGhC’G ò«ØæJ{ :IóYÉ≤dG (CG هذه قاعدة بديهية. إذ على المسلم واجب الطاعة وتنفيذ ما يصدر إليه من أوامر من صاحب السلطان. يقول تعالى: ﴿ ÎÍÌËÊ ÐÏ ﴾ [ [النساء: ٥٩ . ويقول رسول الله ژ : من أطاعني فقد أطاع الله، ومن أطاع الإمام فقد » « أطاعني، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن عصى الإمام فقد عصاني(٢) . وقال أ يض ً ا: الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين ا لنصيحة » ، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: « لله ولرسوله ولأولي الأمر منكم . فنصيحة الإمام ولزوم طاعته فرض واجب وأمر » : يقول ابن عبد ربه« لازم، ولا يتم إيمان إلا به، ولا يثبت إسلام إلا عليه(٣) . بايعنا » : وعن عبادة بن الصامت، عن أبيه، عن جده، قال رسول الله ژ على السمع والطاعة في اليسر والعسر، والمنشط والمكره،  ة النبوية، دار النهضة العربية،  ن    (١) راجع أيض ً ا: د. أحمد أبو الوفا: حقوق الإنسان في الس . القاهرة، ص ٧٧ ٨١(٢) . الإمام البغوي: شرح ا لسنة، ج ٥، ص ٢٩٧(٣) . ابن عبد ربه: العقد الفريد، ج ١، ص ١١ وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول أو نقوم بالحق حيثما كنا، لا نخاف « في الله لومة لائم(١) . :áYhô°ûªdG ô«Z ôeGhC’G ¢Uƒ°üîH áYÉ£dG ΩóY :AÉæãà°S’G (Ü  هذا الاستثناء بدهي بنفس درجة بداهة القاعدة نفسها، ذلك أنه إذا كان من الواجب الطاعة في المعروف، فمن المنطقي عدم الطاعة في المعصية أو في انتهاك حقوق الناس دون سند شرعي. وفي ا لسنة ا لنبوية أدلة كثيرة على ذلك، يقول ژ : السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر »  « بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة .  قيل: إن قوله ژ : « فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة »لا يجب » : أي  « ذلك بل يحرم على من كان قادرا على ا لامتناع(٢) . ً وهذا القول الأخير يتفق مع ما استقر حاليا في القانون الوضعي من أن « الخيار المعنوي » المسؤولية الدولية للفرد عن جرائم الحرب تفترض توافر على التنفيذ أو عدم التنفيذ، ذلك أنه إذا سلبت إرادته نتيجة إكراه ملجئ، يستحيل الفكاك منه، فلا مسؤولية عليه. « لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف » . في غير » يقول النووي: إن العلماء أجمعوا على وجوب طاعة الأمراء « معصية وعلى تحريمها في المعصية نقل الاجماع القاضي عياض وآخرون(٣) . (١) . الإمام مالك: الموطأ، دار الشعب، القاهرة، ص ٢٧٦(٢) . ابن حجر العسقلاني: فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج ١٣ ، ص ١٤٥(٣) . صحيح مسلم بشرح النووي، ج ١٢ ، ص ٢٢٢ ٢٢٣ « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق »(١) . يؤيد ما قلناه العديد من الحوادث العملية التي تدل على حظر الطاعة في ا لمعصية. من ذلك حينما بعث النبي ژ سرية وأمر عليهم رجلا » ً من الأنصار  وأمرهم أن يطيعوه، فغضب عليهم وقال: أليس أمر ا لنبي ژ أن تطيعوني؟ قالوا: بلى. قال: أقسمت عليكم لما جمعتم حطبا وأوقدتم نارا ثم دخلتم ًً فيها، فجمعوا حطبا فأوقدوا نارا، فلما هموا بالدخول قام ينظر بعضهم إلى ًً بعض. قال بعضهم: إنما تبعنا النبي ژ فرارا من النار(٢) ، أفندخلها؟ فبينما ً هم كذلك إذ خمدت النار فسكن غضبه، فذكر ذلك للنبي ژ فقال: لو » دخلوها ما خرجوا منها أبد ً « ا. إنما الطاعة في المعروف . يقول ابن قيم ا لجوزية: فهذه فتوى عامة لكل من أمره أمير بمعصية الله كائن » ً ا من كان، ولا « تخصيص فيها ا لبتة(٣) .   (١) البغوي: شرح ا لسنة، المرجع السابق، ج ٥، ص ٣٠٠ ؛ معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ّ . ج ٢، ص ١٠٨٨ ١٠٨٩ (٢) ابن حمزة الحسيني الحنفي الدمشقي: البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف، . المرجع السابق، ج ٢، ص ٥٤ ٥٥ (٣) . ابن قيم الجوزية: إعلام الموقعين عن رب العالمين، المرجع السابق، ج ٤، ص ٤٠٠ ويضيف أيض ً ا: ابن قيم الجوزية بخصوص نفس ا لقصة: فلم تدفع طاعتهم أولي الأمر معصيتهم لله ورسوله لأنهم قد علموا أن من قتل نفسه فهو »مستحق الوعيد والله قد نهاهم عن قتل أنفسهم فليس لهم أن يقدموا على هذا النهي طاعة لمن لا تجب طاعته إلا في المعروف؛ فإذا كان هذا حكم من عذب نفسه طاعة لولي الأمر فكيف من عذب مسلما لا يجوز تعذيبه طاعة لولي الأمر، وأيض ً ا فإذا كان الصحابة ً المذكورون لو دخلوها لما خرجوا منها مع قصدهم طاعة الله ورسوله بذلك الدخول فكيف بمن حمله على ما لا يجوز من الطاعة الرغبة والرهبة الدنيوية وإذا كان هؤلاء لو دخلوها .« لما خرجوا منها مع كونهم قصدوا طاعة الأمير وظنوا أن ذلك من طاعة الله ورسوله = يقول ابن عبد السلام(١) : ولا طاعة لأحد في معصية الله » 8 لما فيه من المفسدة الموبقة في الدارين أو في أحدهما، فمن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة له، إلا أن يكره إنسان ً ا على أمر يبيحه الإكراه فلا إثم على مطيعه، وقد تجب طاعته لا لكونه أمر بل لدفع مفسدة ما يهدده به من قتل أو قطع أو جناية على بضع، ولو أمر الإمام أو الحاكم إ نسان ً ا بما يعتقد الآمر حله والمأمور تحريمه فهل له فعله نظرا إلى رأي الآمر أو يمتنع نظرا إلى رأي المأمور، فيه خلاف، ًً وهذا مختص فيما لا ينقض حكم الآمر به، فإن كان مما ينتقض حكمه به    فلا سمع ولا طاعة، وكذلك لا طاعة لجهة الملوك والأمراء إلا فيما يعلم المأمور أنه مأذون في ا لشرع(٢) . = . ابن القيم الجوزية: زاد المعاد في هدي خير العباد، دار الكتاب العربي، ج ٢، ص ١٥١ (١)العز بن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، . ١٤١١ ه ١٩٩١ م، ج ٢، ص ١٥٧ ١٥٨ (٢) يؤيد ذلك أيض ً ا الواقعتان ا لآتيتان: حكي أن عمر بن هبيرة كان على العراق، قال لعدة من الفقهاء منهم الحسن والشعبي: إن أمير المؤمنين يكتب إلي في أمور أعمل بها فما تريان؟ قال الشعبي: أنت مأمور، والتبعة على آمرك، فقال ا لحسن: ما تقول؟ قال: قد قال هذا، قال: قل، قال: اتق الله يا عمر، فكأنك بملك قد أتاك، فاستنزلك عن سريرك هذا، فأخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، فإياك أن تعرض لله بالمعاصي، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية ا لخالق. وروي عن أبي برزة أنه مر على أبي بكر وهو يتغيظ على رجل من أصحابه، وقيل: إن الرجل كان يسب أبا بكر. فقال أبو برزة: قلت: يا خليفة رسول الله من هذا الذي تتغيظ عليه؟ قال: فلم تسأل عنه؟ قلت: لأضرب عنقه. وفي رواية قال أبو بكر لأبى برزة: لو قلت لك ذلك أكنت تفعله؟ قال: نعم. فقال: ما كان ذلك لأحد بعد رسول الله ژ فذا يؤيد ما قلنا. وهو أن أحد ً ا لا يجب طاعته في قتل مسلم إلا بعد أن يعلم أنه حق إلا رسول الله ژ ، فإنه لا يأمر إلا بحق، ولا يحكم إلا بعدل. . راجع: الإمام البغوي: شرح ا لسنة، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٩٧ ٢٩٨ وجاء في السير الكبير أن طاعة الأمير في المعصية وقت الحرب أيضا ً « غير جائزة(١) . يتضح مما تقدم إذ ً ا أمران: أولا ً: أن طاعة الأوامر المشروعة (كالقبض على مجرم) هي طاعة في المعروف. ثاني ً ا: أن طاعة الأوامر غير المشروعة (كتلفيق تهمة لبريء، أو القبض على إنسان لم يرتكب جريمة، أو قتل إنسان بدون وجه حق) هي طاعة في المعصية لا تجوز أبد ً ا. وفي الفقه الإباضي تم بحث هذه المسألة، خصوصا بالنسبة للأوامر ً التي يصدرها الإمام، أوالحاكم، أو إذا مارس صاحب السلطان سلطة يخولها له ا لشرع(٢) . (١) وهكذا قيل: فإذا كان عندهم أنهم لو أطاعوا هلكوا، كان أمره إياهم بذلك قصد » ً ا منه إهلاكهم واستخفاف ً ا بهم. وقد ذم الله تعالى الطاعة في ذلك فقال: ﴿ srqpo vut ﴾ [ [الزخرف: ٥٤ . وإن كان الناس في ذلك الأمر مختلفين فمنهم من يقول فيه الهلكة ومنهم من يقول فيه النجاة، فليطيعوا الأمير في ذلك. لأن الاجتهاد لا يعارض النص. ولأن الامتناع من الطاعة فتح لسان اللائمة عليهم، وفي إظهار الطاعة قطع ذلك عنهم، فعليهم أن يطيعوه إلا أن يأمرهم بأمر ظاهر لا يكاد يخفى على أحد أنه هلكة. أو أمرهم بمعصية، فحينئذ لا طاعة عليهم في ذلك.. فعرفنا أنه لا طاعة للأمير على جنده فيما هو معصية، ولا فيما كان وجه الخطأ فيه بينا. فأما فيما سوي ذلك فينبغي لهم أن يطيعوه لئلا يفشلوا ولا يتنازعوا كما قال الله تعالى: ﴿ &%$ ﴾ [ [الأنفال: ٤٦ . ، شرح كتاب السير الكبير للشيباني: معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، ج ١ . ص ١٦٦ ١٦٨ (٢) يقول ا لناظم: « إذن الإمام » لذلك تحت عنوان قد جعل الله الشرع له ما لم يكن لغيره من الأنام يا فطن من ذلك الحدود لا تقام إلا بإذنه ولا ملام = :áMÉHEÓd ÖÑ°ùc ÖLGƒdG AGOCG •hô°T (ê ﺔ ﻲﻓ ﺀﺍﺩﺃ ﺐﺟﺍﻮﻟﺍ ﺐﺒﺴﻛ ﺔﺣﺎﺑﻹ ،ﻞﻌﻔﻟﺍ ﺎﻣ:ﻲﻠﻳ ﻁﺮﺘﺸﻳﻭ ﻴﺿﺎﺑﻹﺍّ ً ،« :ﻥﻷ ﷲﺍ» ﻻ ﻉﺎﻄﻳ ﻲﻓ ﻥﺃ ﻥﻮــﻜﻳ ﺮﻣﻷﺍ ﺭﺩﺎﺼﻟﺍ ﻰﻟﺇ ﺺﺨــﺸﻟﺍ ﻻﺩﺎــﻋ» ١ ـ .«ﺔﻴﺼﻌﻣ (١)  ﻥﺃ ﻥﻮﻜﻳ ﺐﺟﺍﻮﻟﺍ ﻩﺬﻴﻔﻨﺗﻋﻭﺮﺸﻣ» ﺮﻴﺿﺎﺑﻹﺍ :«ﺎ ﺪﻗﻭﺒﻋ ﺔ ﻦﻋ ﻥﻮﻤﻀﻣ ﻚﻟﺫًّ ﺕﺍﺭﺎﺒﻌﺑ ﻝﺪﺗ ﻰﻠﻋ ﺍﺬﻫ .ﻰﻨﻌﻤﻟﺍ ٢ ـ ﻦﻣ ﻚﻟﺫ ﺯﺍﻮﺟ» «ﻞﻌﻔﻟﺍ ﺍﺬــﻜﻫﻭ ﻝﻮﻘﻳﺶﻴﻔﻃﺃ(٢) : ﻦﻣﻭ» ﻩﺮﻣﺃ ﻡﺎﻣﻹﺍ ﻭﺃ ـ ﻲﺿﺎﻘﻟﺍ ﻭﺃ ﺔﻋﺎﻤﺠﻟﺍ ﺝﺍﺮﺧﺈﺑ ؛ﻕﻮﻘﺤﻟﺍ ﻞــﺘﻘﻟﺎﻛ ﻭﺃ ﻊﻄﻘﻟﺍ ﻭﺃ ﺏﺮﻀﻟﺍ ﺲﺒﺤﻟﺍﻭ ﺄﻄﺧﺄﻓ ﺚﻴﺣ ﺯﻮﺠﻳ ﻪﻟ ﻡﺪﻘﺘﻟﺍ ﻢﻫﺮﻣﺄﺑ ﻥﺎﻤﻀﻟﺎﻓ ﻰﻠﻋ ﻩﺮﻣﺁ ﻻ ﻪﻴﻠﻋ ﺫﺇ ﺯﺎﺟ ﻪﻟ.«ﻞﻌﻔﻟﺍ ﺦﻴﺸﻟﺍ ﻢﻟﺎﺳ :ﻲﺑﺎﻴﺴﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺩﺎﺷﺭﺇ ﻡﺎﻧﻷﺍ ﻲﻓ ﻥﺎﻳﺩﻷﺍ ،ﻡﺎﻜﺣﻷﺍﻭ ﺹ.٣٦٨ ﻻﻭ ﻚﺷ ﻥﺃ ﻢﻛﺎﺤﻟﺍ ـ ﺮﻈﻨﻟﺎﺑ ﻰﻟﺇ ﻪﺘﻔﻴﻇﻭ ﺎﻬﺘﻴﻤﻫﺃﻭ ـ ﻪﻟ ﺔﻧﺎﻜﻣ ﺐﺠﻳ ﺎﻬﺗﺎﻋﺍﺮﻣ ﺍﺫﺇ ﻥﺎﻛ ﺮﻴﺴﻳ ﻲﻓ ﺱﺎﻨﻟﺍ ﻝﺪﻌﻟﺎﺑ ﻊﺒﺘﻳﻭ ﻞﺒﺳ .ﻡﻼﺳﻹﺍ ﻚﻟﺬﻟ ﺀﺎﺟ ﻲﻓ ﺓﺮﻴﺳ ﻰﺑﺃ ﻥﺎﻄﺤﻗ:ﺪﻟﺎﺧ ﺔﻣﺮﺤﻓ» ﻡﺎﻣﻹﺍ ﻝﺪﻌﻟﺍ ﻢﻈﻋﺃ ﺔﻣﺮﺣ ﻦﻣ ﺔﻣﺮﺣ «ﻦﻴﻤﻠــﺴﻤﻟﺍ ﺀﺎﺟﻭ ﻲﻓ ﺓﺮﻴــﺳ :ﻯﺮﺧﺃ ﻡﺎﻣﻺﻟﻭ» ﺔﻟﺰﻨﻣ ﺖﺴﻴﻟ ﻩﺮﻴﻐﻟ ﻦﻣ ﻦﻴﻤﻠــﺴﻤﻟﺍ ﻲﻓ ﻖﻳﺪﺼﺗ ﻪﻟﺍﻮﻗﺃ ﻲﻓ ﻡﺎﻜﺣﻷﺍ ﺎﻬﺋﺎﻀﻣﺇﻭ ﻥﻷ ﻦﻴﻤﻠﺴﻤﻟﺍ ﻩﻮﻨﻤﺘﺋﺍ ﻰﻠﻋ.«ﻚﻟﺫ ﺮﻴــﺴﻟﺍ ﺕﺎﺑﺍﻮﺠﻟﺍﻭ ﺀﺎﻤﻠﻌﻟ ﺔﻤﺋﺃﻭﻋ ،ﻥﺎﻤ ﻖﻴﻘﺤﺗ.ﺩ ﺓﺪﻴﺳ ،ﻞﻴﻋﺎﻤــﺳﺇ ﺓﺭﺍﺯﻭ ﺙﺍﺮﺘﻟﺍ ﻲﻣﻮﻘﻟﺍُ ،ﻥﺎﻤ ـﻫ١٤١٠ـ ،ﻡ١٩٨٩ ﺹ ،١٤٠ .٢١٣ ،ﺔﻓﺎﻘﺜﻟﺍﻭ ﺔﻨﻄﻠﺳﻋُ ﺀﺎﺟﻭ ﻲــﻓ ﺏﺎﺒﻟﺍ :ﺭﺎــﺛﻵﺍ ﻥﺇﻭ ﻢﻜﺣ ﻡﺎــﻣﻹﺍ ﻝﺪﻌﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﺪــﺣﺃ ﻦﻣ ﺔﻴﻋﺮﻟﺍ ﻱﺃﺮــﺑ ﻦﻣ ﺀﺍﺭﺁ ﻦﻴﻤﻠــﺴﻤﻟﺍ ﻢﻟ ﻦﻜﻳ ﻡﻮﻜﺤﻤﻠﻟ ﻪﻴﻠﻋ ﺭﺎﻴﺘﺧﺍ ﻻﻭ ﺝﻭﺮﺧ ﻦﻣ ؛ﻪﻤﻜﺣ ﻥﻷ ﻡﺎﻣﻹﺍ ﻪﻣﺎﻜﺣﻭ ﺍﺫﺇً.ﺎ ﺍﻮﻤﻜﺣ ﻒﻠﺘﺨﻤﻟﺎﺑ ﻪﻴﻓ ﺭﺎﺻ ﻉﺎﻤﺟﻹﺎﻛ ﻰﻠﻋ ﻡﻮﻜﺤﻤﻟﺍ ﻪﻴﻠﻋ ﻻﻭ ﻢﻠﻋﺃ ﻲﻓ ﻚﻟﺫﻓﻼﺘﺧﺍ ﺪﻴﺴﻟﺍﺎﻨﻬﻣ ﻦﺑ ﻥﺎﻔﻠﺧ :ﻱﺪﻴﻌــﺳﻮﺒﻟﺍ ﺏﺎﺒﻟ ﺭﺎﺛﻵﺍ ﺓﺩﺭﺍﻮﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﻦﻴﻟﻭﻷﺍ ﻦﻳﺮﺧﺄﺘﻤﻟﺍﻭ ،ﺭﺎﻴﺧﻷﺍ ،١٤ ﺝ.٢٣٣ ﺹ = (١) الكندي: بيان الشرع، ج ٢٨ ، ص ٤٥ . ويعد ذلك تطبيق ً ا لقاعدة لا طاعة لمخلوق في » ُ « معصية الخالق . (٢) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ١٥١ ؛ جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٧٠ قال: إذا » : ومن ذلك وجود سبب صحيح، وهكذا جاء في الإيضاح سجن (أي: السجان) من يجب عليه الحبس فهل يلزمه الحبس بذلك؟ قال: إذا سجن من يجب عليه حبس لم يكن عليه حبس.  وإذا كانت العادة قد جرت بين السجان والحاكم بأنه يرسل إليه بغلامه فحبس إنسان ً ا ممن لا يستحق الحبس لم يكن على السجان حبس لأنه قد « ثبت سبب(١) . ومن ذلك وجود حجة تبرر الفعل، وهكذا جاء في بيان الشرع: وسألته عن الإمام إذا أمر رجلا » ً أن يقتل وليا له هل له أن يقتله بأمره. قال: ليس له أن يقتله بغير حجة يعلمها ويستعفي إلى الإمام « من ذلك، وقد جاء الأثر بأن لا تقتل وليك بغير حجة(٢) . لكن هل يجوز، للتأكد من جواز الفعل أو وجود السبب الصحيح أو الحجة التي تبرره، مناقشة من أصدر الأمر (كالإمام مثلا ً .( يقول ا لرقيشي: ِ وليس لمأمور إذا ما إمامه أراد لشيء أن يقول لما وما قال الشيخ خميس في منهجه: وقيل: إن الإمام مصدق في الأشياء التي لا يلي الحكم فيها غيره فلا يسأل البينة عن يد سارق قطعها أو زان جلده أو رجمه أو مقتول قتله لا يجوز لأحد أن يسأله عن ذلك إنها أمانة، ولأن الإمام هو الذي يلي الحكم في ذلك ولا يسأل البينة على حكم يليه فإذا قال: قامت معي البينة لم يكلف أن يقال له أحضر البينة حتى نسمعها ولا يسعهم الإمساك عنه، ولا الوقوف عنه وليس على المسلمين الكشف عن الأحكام التي حكمها، فإن كان الإمام حكم عليه بحق فحظه أخذ وربه أطاع (١) . الشيخ أ بو زكريا: الإيضاح في الأحكام، ج ٣، ص ٢٢٠ ؛ النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ١٠٢(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ٤٢٩ وإن حكم فيها بجور فحظه ترك وربه عصى بل على الرعية السمع والطاعة  له. هذا وأما في الأموال فالإمام والقاضي والوالي كغيرهم ليس يجوز تصديقهم ولو في درهم أدعوه على أحد وعليهم ولهم الأحكام بالبينات « المقبولة واليمين هذا(١) . لكن يبدو أن هناك آراء أخرى في الفقه ا لإباضي(٢) . ً ٣ أن يطمئن من يقوم بتنفيذ الأمر إلى مشروعيته. وهو ما عبر عنه قانون يثبت أنه لم يرتكب » : العقوبات المصري بأن يكون حسن النية، أي الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته وأن اعتقاده .( المادة ٦٣ ) « كان مبنيا على أسباب معقولة (١) . الرقيشي: النور الوقاد على علم الرشاد، ص ١٠٢  (٢) وهكذا وبخصوص سؤال: عن الإمام إذا أمر بقتل رجل أو رجمه أو قطع يده، أيصح رجمه بلا علم موجب الرجم إلا قول الإمام؟ أيكون من يرجمه سالما؟ وهل للمسلمين ً أن يناقشوا الإمام في ذلك قبل إنفاذ الحكم؟ يقول الحارثي: قال القطب في النيل: إذا أمر الإمام بقتل رجل وقال: قد قامت البينة معي ولم يهتم فليس عليهم أن يسألوه البينة إلا أن طلبها الذي أمرهم الإمام أن يقتلوه أو يرجموه، فإن سأل ذلك فعليه أن يحضرها ويسمعها المشهود عليه إذ الإمام خصم حينئذ. وقيل: إذا أمر الإمام بقتل أحد قتل ولم ينتظر بيان ولو سأله الذي أمر الإمام بقتله أو رجمه. وقيل: الإمام مصدق ولكن إذا طلب إلى الإمام مدة يبين فيها براءته أمهله الإمام فإذا تمت ولم يحضر بينته قتل، وأما ما يلي الحكم فيه الإمام فهو مصدق فيه كيد قطعها أو زان جلده أو رجمه أو قاتل قتله فلا يجوز لأحد أن يسأل البينة، وليس عليه أن يحضرها ولا يبرأ منه ولا يكلفهم الله الغيب فإن أطاع أثابه وإن عصى عاقبه الله 8 .« وإن سألوه وقال: « رأيته يزني فهو قاذف . عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ٢٥٦ ٢٥٨ راجع أيضا: أطفيش: كشف الكرب، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ًُ . ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ج ٢، ص ٣٣٧ وقد عبر أطفيش عن هذا الشرط تعبيرا وجيز ً ا وبليغ ً ا، بقوله: ً  « ما اطمأنت إليه النفس حجة فيما بينه وبين ا لله »(١) . وقد بحث ا لإباضية الآثار المترتبة على أداء الواجب أو استعمال السلطة ّ إذا لم يتم مراعاة الشروط آنفة الذكر، فترتب على ذلك جريمة أو وقوع من قلده إمام المسلمين حكما وكان شديد » : ضرر، يقول البكري ً ا في الله لا ً يخاف لومة لائم، أو تقلده من تلقاء نفسه لأنه يأنس من نفسه قوة وكفاءة فخالف الحق متعمد ً ا أو جاهلا ً فإن عليه الإثم والتوبة والضمان من ماله، ولا يعذر الجاهل ولا يتحمل بيت المال من ذلك شيئ ً ا، لكنه إذا كان عالما ً بالحق وقصده فزل أو أخطأ في الحكم به فقد رفع عنه الإثم لحديث: ر» ُ فع ُ « عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ويضمن المتلفات لكن الأولى في هذه الحالة أن يغرم بيت المال إذا كان عادلا ً في أحكامه. ولا فرق في « ذلك بين النفس والمال(٢) . قلت له: فإن كان رجل أمر آخر أن يقتل رجلا » : وجاء في الجامع المفيد ً فقتله، هل يلزمهما ا لقود؟ قال: معي أنه إذا كان الآمر ممن له الطاعة بلا سلطان، فمعي أنه قيل: عليه الدية، ولا قود عليه، وإن كان ممن لا طاعة له ولا سلطان، فمعي أنه (١) أطفيش: كشف الكرب، ج ٢، ص ٣٦٦ . وراجع: حكم ما اطمأنت إليه النفس في: د. هلال . الراشدي: القواعد الفقهية عند ا لإباضية، مركز الغندور، القاهرة، ٢٠٠٩ ، ص ٩٥ ٩٩ ّ (٢) كان ذلك إجابة عن السؤال ا لآتي: إمام المسلمين أقام عاملا ً ذا كفاءة وقوة شكيمة لا يهاب في الله لومة لائم. فجار العامل في قضية إما عن جهل أو خطأ بعد أن اجتهد في تحري الصواب: أعليه ضمان؟ أفلا يكون هذا الغرم على بيت المال؟ أثمت فرق في الضمان بين جنايات الأموال وجنايات . الأنفس؟ الأسئلة والأجوبة النثرية للبكري، ص ١٦٥ ١٦٦ قيل: ليس عليه إلا التوبة، وقيل: عليه الدية، ولا أعلم في قول أصحابنا قود ً ا « ا(١) إذا لم يكن مطاع ً ا ولا سلطان ً . ådÉãdG ´ôØdG (»Yô°ûdG ´ÉaódG) πFÉ°üdG ™aO الصائل: اسم فاعل من صال على قرنه إذا سطا عليه واستطال(٢) . الدفع لغة هو المنع دفعه كمنعه وشرع » : ويقول الرقيشي ً ا هو دفع المشرك أو الباغي عن حريم المسلمين وأموالهم وأنفسهم قال الله تعالى: ﴿ £¢¡ ¤¦¥﴾ .. الآية [ [البقرة: ٢٥١ وأوجبه الله بقوله: ﴿ 765432 ﴾ الآية [ [آل عمران: ١٦٧ وهو واجب على كل مكلف قادر إجمالا ً وتفصيلا ً لوجوبه معرفة حرمة دم المسلم وماله ووجوب الدفع عنه فمن قال بعدم وجوبه فهو مشرك لرده للقرآن ومن جهله « ففيه الخلاف وتصحيح القطب وغيره من الأيمة أنه منافق(٣) . ودفع الصائل أو بلغة القانون الحديث الدفاع الشرعي هو نظام تعترف به كل النظم القانونية، وأكد عليه أيض ً « ا الفقه ا لإسلامي(٤) . (١) الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٣٠٤ ٣٠٥ . راجع أيض ً ا: الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٢٤١ ٢٤٢ ؛ أطفيش: كشف الكرب، ج ٢، ص ٣٦٢ ؛ السيد ، مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الوارة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ . ص ٣٠٠ (٢) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٤، ص ٧٨(٣) . الرقيشي: النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٦١(٤) يجوز دفع كل صائل من آدمي أو بهيمة على نفس أو طرف أو بضع أو مال » : وهكذا قيل فإن لم يندفع إلا بالقتل فقتله فلا ضمان عليه عند مالك والشافعي وأحمد، وقال أ بو حنيفة عليه الضمان، ولو وجد قتيلا ً في داره فأدعى أنه دخل عليه بسيف مشهور فقتله دفع ً ا عن نفسه وأقام بينة تصدقه في دخوله وذكرت البينة أنه أراده بذلك فلا قود عليه، وإن لم تقل = ندرس دفع الصائل من حيث مدى لزوميته، وشروطه، وصوره، وأثر توافره (الإباحة)، وموقف المحكمة العليا في سلطنة عمان منه. ُ :(?ÖLGh hCG á°üNQ hCG ´ƒ£J hCG ¢Vôa ƒg πg) »Yô°ûdG ´ÉaódG á«ehõd ióe (CG من المعروف أن بعض الأحاديث النبوية قد يفهم منها الاستسلام ا، مثل قوله ژ : من قتل » ُ دون ماله فهو شهيد، للصائل، ما لم يكن حربي ومن ق ُ تل دون أهله فهو شهيد، ومن ق ُ « تل دون دمه فهو شهيدوقوله: كن » « عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل ويدل على ذلك ما قاله ابن آدم  لأخيه حينما هم ~}|{zyx  بقتله ﴿ o wvutsrqp ے﴾ [ [المائدة: ٢٨واستناد ً ا إلى قوله ژ : « إذا تواجه المسلمان بسيفهما، فالقاتل والمقتول في ا لنار » ، قيل: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: « إنه أراد قتل صاحبه » متفق عليه. بينما قوله تعالى: ﴿ JIHGF﴾ [ [البقرة: ١٩٣ يؤكد ضرورة الدفاع عندما يتعرض الإنسان أو ماله للاعتداء. والقاعدة في الفقه الإباضي هي ما وردت في شرح ا لنيل: = البينة ذلك فقد ذكر الشيخ أ بو حامد أنه يقبل منه ويسقط عنه القود والدية، وقال الماوردي .« في الحاوي: عندي أنه يسقط ا لقود . أبو عبد الله الدمشقي العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ٢٩٠ ويذهب رأي إلى أن: الأساس الحقيقي للدفاع الشرعي هو المبدأ القائل بإزالة الضرر والمستمد من قول رسول الله ژ : « لا ضرر ولا ضرار » . د. يوسف قاسم: نظرية الدفاع الشرعي في الفقه الجنائي الإسلامي والقانون الجنائي الوضعي، دار النهضة العربية، القاهرة، . ١٣٩٩ ه ١٩٧٩ م، ص ٣٥٨ ٣٥٩ إن كان قوم بمنازلهم أو فحوصهم أو طرقهم أو أسفارهم لطلب عيش » أو مباح آخر وأتاهم بحالهم مريد بغيهم وقتالهم وأكل أموالهم وإخراجهم من أوطانهم حرم عليهم الشك في سفك دمه، وضاق عليهم العلم بتخطئته، ولزمهم دفعه وقتاله والعلم بوجوب ذلك، وهلكوا إن تركوه حتى قتلهم « كمستمكن نفسه لقاتله ومعط سلاحه لعدوه فقتله به(١) . أعلم أن على كل مكلف أن يدفع الضرر عن نفسه » : ويقول الرقيشي فرضا وعن غيره مع القدرة على ذلك لو كان المدفوع بهيمة أو سبعا أو حية ًً أو نارا أو إنسان ً ا ولا يلزمه إهلاك نفسه بالنار إن لم يقدر إلا بإهلاكها ولا ً بالماء إن كان لا يقدر إلا بغرقه، وأما عن البهيمة فيلزمه دفاعها وقتالها حد « قدرته(٢) . وفي الفقه الجنائي الإسلامي اتجاهان: (الأول) يرى أن الدفاع واجب في حالة الاعتداء على العرض، أو كان الخطر يهدد النفس (الجمهور)، (الثاني) يرى أنه غير واجب إذا كان على النفس ا ستناد ً ا إلى قوله ژ : كن » « عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل (الحنابلة)، وأيض ً ا غير واجب إذا كان على المال لأن لصاحب المال أن يتنازل عنه، ويستثني بعض الفقهاء من هذا القول حالة ما إذا كان المال حيوان ً ا أو كان لغير المصول عليه حق عليه كراهن أو مودع أو موقوف عليه، إذ يكون التنازل غير حائز لمساسه « بحق لا يجوز للمصال عليه إهداره، إذ لا يجوز له إهدار حق ليس له(٣) . (١) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٤ ، ص ٤٧٩ ٤٨٠(٢) . الرقيشي: النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٦٩(٣) ؛ راجع: المرحوم الدكتور محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٢٤٦ ٢٤٧ د. يوسف قاسم: نظرية الدفاع الشرعي في الفقه الجنائي الإسلامي والقانون الجنائي . الوضعي، ذات المرجع السابق، ص ٧٥ ٨١ ويبدو أن تفرقة مماثلة موجودة أيضا في الفقه الإباضي، فقد قالوا: إن ً « تطوع » وإما « فرض » الدفاع إما(١) ، بعبارة أخرى، يفرق ا لإباضية بين التزام ّ الشخص بالدفاع، وحالة تخييره (أي: عدم التزامه) بذلك، وأبانوا أيض ً ا علة هذه ا لتفرقة(٢) . (١) الدفاع إما فرض وهو القتال لمريد قتلك أو أخذ لباسك أو » : وهكذا جاء في غاية المأمول سلاحك أو مريد ضر من لزمك الدفاع عنه؛ كعيالك وصاحبك بما قدرت عليه وأن بلا سلاح وبما ينجي من لزمك الدفاع عنه من كغرق أو بهيمة أو ضرر من قبل الله ولا يحط عنه من النتيجة إلا ما تعطي المال للجائر ليخليه وأما ما يعطي في نحو طعام أو شراب أو لباس أو ركوب لينجو به فواجب عليك ولا يلزمه اتلاف نفسه إلا على نفسه، وإما تطوع وهو إتلاف النفس عن الغير إذا رجا أن ينجو كدفاع مغير لأخذ مال الغير أو لقتله أو تغييره جوره وذلك أن تسمع إنسان ً ا أو اثنين خرجوا لأخذ مال أو قتل نفس أو أنهم جاروا كمنع عن مال أو كفحش فلا يلزمك الخروج للتعرض لهم ودفعهم أو كقتل الجاني أو الباغي ونحوهما؛ كالطاعن والمرتد والقاطع بل يجوز ولا يجب وكدفاع مفسد مالا ً لا يلزم الخروج لدفاعه أو مستخف لأخذه أو لقتل ولا يلزم عند الخوف على نفسه إظهار تجوير مبتدع أو طعن في دينه أو تصويب ديانة الموافق وإظهارها وإذا احتيج إلى علمه لزمه نشره إن كان لا يوصله إلى ضر في بدنه أو موته، وإن كان يوصله فله النشر والترك ولا يلزمه الدفاع عن المال كما يلزمه عن نفسه ولباسه وسلاحه إن لم يؤد تلف المال لتلف النفس وقد قالوا بموت الرجل والمرأة ولا يعرى ولا يعطى سلاحه وأن أعطاه ومات به ممن أعطاه له هلك وإن لم يمت أثم ورخص له أن لا يأثم بإعطاء لباسه ولا بإعطاء سلاحه إن أمسك ما يقاتل به وليكن ما أمسكه أفضل سلاحه الحاضر وأفضل .« السلاح السكين ثم السيف ثم ا لرمح البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٢٥ ؛ الرقيشي: النور الوقاد . على علم الرشاد، ص ٦١ ٦٢ ؛ أطفيش: شرح النيل: ج ١٤ ، ص ٧٦٠ ٧٦٣ (٢) من قولهم في المبغي عليه يلزمه قتال باغيه عن نفسه وسلبه » : وهكذا بخصوص سؤال أما المال فمخير فيه » : ولباسه وخير في الدفع عن ماله ما الفرق بينهما؟ يقول السالميلأنه يفدي به النفس، ويتقي به عن الدين بالدنيا، ويبذل المنافع، فإذا اختار تركه لانقاذ نفسه أو سلامة دينه أو نحو ذلك جاز له، وإن شاء دفع الباغي عنه جاز له والدفع من شيم الرجال ولا يسام الخسف إلا جبان، ولا يقر على الضيم إلا دنيء. ومن رأى الضيم عارا ما تمر به شرارة منه إلا خالها أطما = ً :»Yô°ûdG ´ÉaódG •hô°T (Ü يتمثل الدفاع الشرعي في أبسط تعريف له في وجود اعتداء يتم الرد = وذو الدناءة لو مزقت جلدته بشفرة الضيم لم يحسس لها ألما إن المنية فاعلم عند ذي حسب ولا الدنية هان الأمر أو عظما وأما قتاله عن نفسه فإنه يلزمه لأن الله تعالى أوجب عليه الدفاع عنها عند القدرة على ذلك. وقد قال تعالى: ﴿ <;:9876543210/ = ﴾ [ [آل عمران: ١٦٧ وهذا منه تعالى توبيخ للتاركين للقتال والدفاع، وقد عقب ذلك بقوله: ﴿ ? DCBA@ ﴾ [ [آل عمران: ١٦٧ وأما القتال عن سلبه فمن جنس القتال عن نفسه، لأنه إذا ألقى إليهم السلب صار أسيرا في أيديهم، كيف شاءوا فعلوا وهم غير ً مأمونين فلا يمكن تسليم النفس إليهم، وأما القتال عن لباسهم فإن في نزعه كشف عورته، وكشفها محجور شرع ً ا، فليس له أن يقر على ذلك عند القدرة على الدفاع، وأقول: إن اللباس المشار إليه يجب أن يكون اللباس الساتر للعورة، وليس كذلك الرداء والعمامة والقميص ونحوها؛ فإنها لا تفضي إلى كشف العورة، فهي من جملة المال الذي يخير في الدفاع عنه وتركه، اللهم إلا أن يكون في موضع يفضي به الحال إذا أسلمها إلى هلاكه بالبرد أو نحوه، فإنه يكون في حكم القتال عن سلبه، وأما النساء فحكم لباسهن الساتر لهن السالمي: العقد « حكم اللباس الساتر لعورة الرجل، فيلزمهن الدفاع عنه إذا قدرن على ذلك . الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، ص ٣٨٥ ٣٨٦ وهو الظالم بلا تأويل ولا ولاية، « الصائل » وهذا الذي تسميه الفقهاء » : ويقول ابن تيمية فإذا كان مطلوبه المال جاز دفعه بما يمكن، فإذا لم يندفع إلا بالقتال قوتل، وإن ترك القتال وأعطاهم شيئ ً ا من المال جاز، وأما إذا كان مطلوبه الحرمة مثل أن يطلب الزنا بمحارم الإنسان، أو يطلب من المرأة أو الصبي المملوك أو غيره الفجور به: فإنه يجب عليه أن يدفع عن نفسه بما يمكن، ولو بالقتال، ولا يجوز التمكين منه بحال؛ بخلاف المال فإنه يجوز التمكين منه؛ لأن بذل المال جائز، وبذل الفجور بالنفس أو بالحرمة غير جائز. وأما إذا كان مقصوده قتل الإنسان، جاز له الدفع عن نفسه. وهل يجب عليه؟ على قولين للعلماء في مذهب أحمد وغيره. وهذا إذا كان للناس سلطان، فأما إذا كان والعياذ بالله فتنة، مثل أن يختلف سلطانان للمسلمين، ويقتتلان على الملك، فهل يجوز للإنسان، إذا دخل أحدهما بلد الآخر، وجرى السيف، أن يدفع عن نفسه في الفتنة، أو .« يستسلم فلا يقاتل فيها؟ على قولين لأهل العلم، في مذهب أحمد وغيره . ابن تيمية: السياسة الشرعية، ص ٦٢ ٦٣ عليه، وهكذا فإن الدفاع الشرعي يتطلب شرطين: ا لاعتداء(١) (والذي يجب أن يكون غير مشروع وحال)، والدفاع (والذي يجب أن يكون هو وسيلة رد العدوان، أي: لا يمكن دفعه بطريق آخر، وأن يدفع الاعتداء بالقوة اللازمة لرده، وهذا هو شرط التناسب Proportionality.( ١ الاعتداء: يحكم الاعتداء كشرط للدفاع الشرعي عند ا لإباضية القواعد ا لآتية: ّ أولا ً لا بد من وجود اعتداء: وهذا أمر بدهي. وقد أكد عليه الفقه الإباضي مرارا. ً فإنما يقاتل من قاتل؛ فأما من لم يقاتل فلا يعرض » : يقول الكندي « له(٢) . وإذا بدأ اللص رب البيت بالضرب فلا شيء عليه في قتله » : ويقول أ يضا ً وإن كان صاحب البيت قتله من قبل أن يبدأه اللص بالضرب ولا وجده يضم المتاع فعليه الدية، وإن كان وجده يضم المتاع فلا دية عليه ودمه هدر « وليس له أن يقتله إلا أن يبدأه بالضرب أو يجده يضم ا لمتاع(٣) . (١) د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في « التعرض » يطلق عليه رأي اسم الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٣٩٤ . انظر أيض ً ا بخصوص شروط الدفاع الشرعي: د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ؛ ص ٦٥١ ٦٧٠ ؛ عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٤٧٨ ٤٨٩ د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٢٤٧ وما بعدها؛ د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري القسم العام، ص ٢١٠ وما بعدها. (٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١٩١(٣) . ذات المرجع، ص ٢٢٧ ثانيا أن يكون الاعتداء حالا ووشيك ً ا: ً إذا أشار رجل على صاحبه بالعصا، ولم يضربه فليس هو » : وهكذا قيل بحرب في معنى الحكم إلا أن يشير عليه بالسلاح، فيكون حربا، فعلى هذه ً الصفة يعجبني أن يلزم المبتدأ لعله المبتدئ بالضرب الضمان، إذا لم يشر « عليه صاحبه إلا بالعصا لأنه عسى ألا يضربه(١) . وعن رجل أراد أن يسلب رجلا » : وجاء في بيان الشرع ً أو يضربه وقد شهر عليه السلاح، هل يجوز له أن يبدأه بالضرب؟ فعلى ما وصفت فإذا شهر عليه   السلاح قاصد ً « ا إليه جاز له أن يبدأه بالضرب من قبل أن يضربه ويسلبه(٢) .  ثالث ً ا أن يكون الاعتداء حقيقيا (الخطر الوهمي أو ا لظني):   يجيز ا لإباضية بشروط معينة الدفاع ضد الخطر الوهمي أو الظني. ّ ويعتبر الخطر وهميا أو ظنيا إذا اعتقد شخص على غير الحقيقة أنه معرض لوقوع جريمة عليه أو على ماله، أو على نفس الغير أو ماله، ثم يتضح أن ذلك لم يكن حقيقيا. والعبرة في أفعال الدفاع في حالة الخطر الوهمي أن تكون هناك أسباب معقولة تبرره، وهو ما أخذت به المادة ٤٩ من قانون فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح » : العقوبات المصري، بقولها ويرى الفقه الجنائي الحديث أنه .« بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة لا يوقع عقاب على من توهم خطرا فدفعه، وآذى بفعله شخصا بريئ » ً ا، وسند ًً « عدم عقابه هو انتفاء الركن المعنوي لجريمته، وليس إباحة فعله(٣) . (١) . الشيخ المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، ج ٢، ص ٤٤٨(٢) الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ٢١٧ ؛ السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ٢٨٣ ؛ الأصم: البصيرة، . ص ١٥٦ (٣) . د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٢٥٣ ويمكن في الفقه الإباضي الدفاع ضد الخطر الوهمي أو الظني. بل جاء وجاز عمل منع مريد الضر ولو على مال الغير أو متوهما » : في شرح النيل ً « خيف منه وتوقع » : أي « منه الضر(١) . ويأخذ ا لإباضية بخصوص الشخص الذي يتوهم منه الخطر بضرورة ّ « ولا يعجل عليه حتى يتبين » عدم الإسراع بقتله أو ضربه، فالمعيار هو(٢) . أما من رأى رجلا » : وهكذا جاء في لباب الآثار ً في منزله ليلا ً ولم يعرف ما حاله ولا رآه يأخذ متاعه من بيته فلا أرى له ضربه ولا قتله على هذه الصفة حتى يعرف حاله ويصح أمره فلعله كان ملتجيا أو زايل العقل، ً ولا أرى بأسا أن يزجره ويهدده إذا استراب منه خوف ً ا أن يكون في قلبه ً « شر(٣) . سألت عمن دخل منازل الناس متعديا قال: قد » : وجاء في بيان الشرع ً قيل في بعض القول: إنه من دخل منازل الناس متعديا هدر دمه. ً قلت له: فله أن يضربه أم لا؟ قال: قد قيل لا يضربه حتى يعلم ما يريد لعله ملتجئ ً ا به وهارب من عدو أو ضائع العقل بسكر أو غيره وربما إن علم « أنه متعد فله ضربه على قول من أجاز ذلك(٤) . (١) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٤ ، ص ٥٥٢ (٢) إذا » : النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٩٠ . ويذكر النزوي في موضع آخر قول عمر إذا رأيت » : وقول عمرو بن العاص ،« رأيت السواد في الليل فلا تكن أجبن السوادين ذات المرجع، ص ٢٨٩ ). وهذه أمثلة ) « السواد بالليل، فاحمل عليه فإنه يهابك كما تهابه أكيدة ولا شك للخطر الوهي أو ا لظني. (٣) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، . ج ١٤ ، ص ١٦٦(٤) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ٢٢١ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٩٨ رجل دخل على رجل في منزله في جوف من » : كذلك جاء في البصيرة الليل يريد أن يسرق متاعه فقام إليه فضربه بالسيف فقتله، فقال: هدر دمه، ولا حرمة لمن دخل بيوت الناس بلا إذنهم. « الله أعلم ما نحب له أن يضربه حتى يعلم ما يريد » : قال أبو المؤثر(١) .  ٢ الدفاع: من المعلوم أن الدفاع ضد العدوان الحال والقائم يتطلب وجود شرطين، هما اللزوم، والتناسب، أي: أن يكون فعل الدفاع لازما لدرء العدوان، ً ومتناسبا مع جسامته. ً وتفرق القوانين الوضعية بين جرائم النفس، وجرائم ا لأموال: • فبخصوص جرائم النفس، يجوز الدفاع ضدها أ يا كان نوعها أو جسامتها. • أما جرائم الأموال التي يجوز الدفاع الشرعي ضدها فهي غير مطلقة، وإنما يحصرها المشرع في أنواع معينة. فمثلا ً تنص المادة ٢٤٦ من قانون العقوبات المصري على أن الدفاع الشرعي جائز فقط في: ١ ٢٥٩ ، من قانون ا لعقوبات). ،٢٥٢ ، جرائم الحريق العمد (المواد ٢٥٧٢ جرائم السرقة والاغتصاب (المواد ٣١١ وما بعدها من قانون ا لعقوبات). ٣ جرائم التخريب والتعييب والاتلاف (المواد ٣٥٤ وما بعدها من قانون العقوبات). ٤ جرائم انتهاك حرمة ملك الغير (المواد ٣٦٩ وما بعدها من قانون العقوبات. (١) الأصم: البصيرة، ص ١٥٥ ؛ السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على . الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ٢٨٣ ٥ ٤ من قانون العقوبات وهي / المخالفة المنصوص عليها في المادة ٣٧٩ الدخول في أرض مهيأة للزرع أو مبذور فيها زرع أو محصول أو مرور المتهم فيها بمفرده أو ببهائمه أو دوابه المعدة للجر أو الحمل أو الركوب أو ترك هذه البهائم أو الدواب تمر فيها أو ترعى بغير حق. وتضع القوانين الوضعية قيود ً ا لتحديد أفعال الدفاع المسموح بها، ويتمثل ذلك في القانون المصري في نوعين من ا لقيود: الأول: عدم جواز مقاومة مأموري الضبط القضائي إلا في أحوال معينة. لا » : وقد نصت المادة ٢٤٨ من قانون العقوبات على هذا القيد بقولها يبيح حق الدفاع الشرعي مقاومة أحد مأموري الضبط أثناء قيامه بأمر بناء على واجبات وظيفته مع حسن النية ولو تخطى المأمور حدود وظيفته إلا إذا خيف أن ينشأ عن أفعاله موت أو جروح بالغة وكان لهذا الخوف سبب .« مقبول والثاني: حظر القتل العمد على سبيل الدفاع باستثناء حالات معينة. فالقتل العمد دفاع ً ا عن النفس جائز فقط وفق ً ا للمادة ٢٤٩ من قانون العقوبات المصري إذا كان يقصد به دفع أحد الأمور ا لآتية: فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة. إتيان امرأة كره ً ٢٦٨ ، ا أو هتك عرض إنسان بالقوة (المادتان ٢٦٧ من قانون ا لعقوبات). ٢٨٨ وما بعدها). ، اختطاف إنسان (المواد ٢٨٣ أما القتل العمد دفاع ً ا عن المال، فقد حصرته المادة ٢٥٠ من قانون العقوبات المصري في أربع حالات: فعل من الأفعال المبينة في الباب الثاني من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، والمقصود بذلك جرائم الحريق العمد (المواد .(٢٥٩ ، ٢٥٢ ٢٥٧ سرقة من السرقات المعدودة من الجنايات، وهي تلك المنصوص عليها في المواد ٣١٣ وما بعدها من قانون ا لعقوبات. الدخول ليلا ً في منزل مسكون أو أحد ملحقاته. فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة. وفي الفقه الإسلامي، أفعال الدفاع يحكمها ما ذكره البيضاوي، بقوله: يجوز دفع ما يخاف منه على نفسه أو ماله مكلف » ً ا أو غيره، لقوله تعالى: ﴿ ^ _ ` fedcba ﴾ [ [البقرة: ١٩٤ ... بالتدريج فيهرب إن تيسر ثم يضرب باليد، فإن علم أنه لا يفيد يضرب بالسوط ثم « بالسيف، ولا ضمان، لأنه مسبب عن فعله(١) . وقد جمعت هذه العبارات شرطي الدفاع، وهما: اللزوم والتناسب. ومن المعلوم أن الشارع الإسلامي كالمشرع الوضعي لا يمكن أن يضع معيارا ً جامعا مانعا لفكرتي اللزوم والتناسب، وإنما الأمر يتوقف على ظروف كل ًً حالة. ومن الأمثلة التي ذكرها الإسلام لهذا الغرض، قوله ژ : لو أن امرأ » ً « اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه، لم يكن عليك جناح(٢) . (١) . قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ج ٢، ص ٩٣٩ (٢) انظر: الشوكاني: نيل الأوطار ج ٧، ص ٢٩ . راجع أيض ً التعدي » ا أمثلة أخرى بخصوص ، في: عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤ « على حرمات الناس . ص ١٤٣ ١٤٥ وفي الفقه الإباضي تم ذكر ضرورة توافر اللزوم والتناسب(١) ، في أفعال  الدفاع. يكفي أن نذكر الأمثلة ا لآتية: • وإذا وجد في البيت لص، » فقد ورد في صراط الهداية، بخصوص سؤال هل يجوز قتله؛ لأنه يخاف منه على النفس والمال معا، أم لا يجوز ً ذلك كان دخوله ليلا ً .«؟ أو نهارا، وعلى أي حال يجوز قتله ً وجدت في آثار المسلمين، قال أبو المؤثر: إذا دخل » : يقول الغافري سارق بيت قوم فأصابوه يلف المال قتلوه، وإن وجدوه في البيت فشهر عليهم السلاح قتلوه، وإن لم يشهر السلاح، ولم يلف المال ضربوه ضربا وجيعا، ولا يعجلوا حتى يعلموا أنه سارق؛ لأنه لعله يكون ًً ضائع العقل، قلت: فإن ضربوه، ودفعوه إلى الإمام العدل، أعليهم إثم؟، قال: لا لأنه قد أتى منكرا، فهذا ما وجدته من آثار المسلمين ً « مؤثرا بعينه(٢) . ً • وسئل عن رجل يجد في ماله صبيا يسرقه » : وجاء في كتاب الضياء فمنعه فلم يمتنع هل له أن يضربه على ذلك. قال: معي أن الضرب ممنوع من كل من وقع ويعجبني له أن يمنعه بالهد والتخويف فإن لم يمتنع لم يبعد عندي أن يضربه ضرب الأدب على سوء أدبه لأن هذا موضع ذلك فيما قد حضر هذا منه عند غيبة مؤدب، قلت له: فما حد ضرب الأدب في ذلك، قال: معي أنه قيل: ضرب غير مبرح وفي بعض القول أن المبرح الذي يؤثر أو يجرح. قلت له: فإن أثر فيه من ذلك كان (١) انظر بخصوص معنى المثل في رد العدوان أي: التناسب واللزوم والواردة في قول تعالى: ﴿ ^ _ ` fedcba ﴾ [ [البقرة: ١٩٤ ، في: جوابات . الإمام السالمي، ج ٢، ص ٣٨٠ ٣٨١ (٢) . مبارك الغافري: صراط الهداية، ج ٢، ص ٥٢١ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١٠٢ عليه أرش الضرب؟ قال: يعجبني أنه ما لم يكن مضرا به وكان يحتمله في معنى الأدب وكان إنما دفعه على اتلاف ماله إذا لم يمتنع عنه إلا بذلك في معنى النظر فيما يصح أن لا يكون عليه ضمان  (١) .  • وعن سارق دخل على قوم فقطعوا أنفه وجرحوه. » : وجاء في المصنف قال: إن كان قاتلهم فلا شيء عليهم فيما أصابوا منه. فإن كان لم يقاتلهم « وإنما جرحوه متعمدين لذلك فإن عليهم ا لقصاص(٢) . • وجاء في جلاء العمى ما يدل على أن فعل الدفاع لا يتوافر فيه اللزوم رجل ضرب رجلا » : في بعض الأحوال، مثال ذلك ً بسيف أو غيره، فاتقي المضروب بصبي فوقعت الضربة في الصبي فمات، فإن كان المضروب لم يتعمد الاتقاء بالصبي ولا قصد ذلك، وإنما وقعت الضربة فيه هكذا موافقة، فإن ديته على الضارب خطأ على عاقلته، وإن كان اتقى به عمد ً ا فلأولياء الصبي الخيار، إن شاؤا قتلوا المتقي وعلى الضارب نصف دية الخطأ لأولياء المقتول المتقي، وإن قبلوا الدية كان على الضارب نصف دية الخطأ وعلى المتقي نصف دية ا لعمد. قلت: وعلى المتقي أيضا فضل ما نقص نصف دية الخطأ ونصف دية ً العمد حتى تكون كلها دية عمد، وهذا الحكم إنما هو إذا كان اتقى به من بعد ما أهوى إليه بالسيف، وأما إن اتقى به قبل ذلك فهو عمد وهو عليهما مع ً « ا على سواء، وفيه ا لقود(٣) . • مسألة: قلت: رجل يسبني في الطريق فقاتلته لعله » : وجاء في لباب الآثار وما منعني عن سلبي إلا أن أقتله ولم يشهر علي السلاح هل يسعني أن (١) . العوتبي: الضياء، ج ١٤ ، ص ١٧٤ ١٧٥(٢) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٨ (٣). جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٦١ ٢٦٢ أقتله؟، قال: أضربه إلى أن يترك السلب. قلت: فإن لم يترك السلب ولم « يشهر علي السلاح؟. قال: اضربه على سلبك ولا تزيد قتله(١) . يتضح من الأمثلة السابقة قاعدتان: الأولى: أن شرطي لزوم أفعال الدفاع، وكذلك تناسبها مع العدوان والحظر القائم هما شرطان لازمان لإباحة دفع الصائل عند ا لإباضية. ّ والثانية: أن عدم توافر شرطي اللزوم والتناسب في أفعال الدفاع (أي: وقوع تجاوز فيه) يرتب المسؤولية الجنائية للمدافع والتي تتمثل حسب ظروف كل حالة في توقيع العقاب اللازم (مثل القود، أو القصاص، أو الدية).  :»Yô°ûdG ´ÉaódG Qƒ°U (ê للدفاع الشرعي صور وأنواع كثيرة في الفقه الإباضي، نكتفي منها بذكر ما يلي: ١ الدفاع عن النفس: لا شك أن أي خطر أو عدوان يهدد السلامة الجسدية للإنسان يتيح له الدفاع عن نفسه، حتى ولو كان المعتدي قريبا للمعتدى عليه. وهكذا بخصوص ً رجل له ولدان: بكر وخالد وقد اختلفا على مال طفيف فسطا بكر » : سؤال على خالد وانهال على رأسه ضربا فولى خالد إلى أبيه مستعديا فغضب الأب ًً فأعطاه بندقية وقال: ارمه وهذا أمر مني فلما رأى بكر أخاه بسلاحه قاصد ً ا قتله بادره فقتله قبل أن يبلغ مقصده: فما الحكم في القضية؟ يقول ا لبكري: (١) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، . ج ١٤ ، ص ٢٦٧  إذا ثبت أن الأب أعطى لابنه البندقية وأغراه بقتل أخيه، وأيقن هذا أنه »  يقصد قتله، ولاحت عليه أمارة الشر وغلب ذلك على ظنه، إذا صح ذلك فعاجله بالقتل دفاع ً ا عن نفسه فلست أرى عليه شيئ ً ا لأنه دفع باغي ً ا ظلوم ً ا، وإن واجب المسلم أن يدفع عن نفسه وماله كل مجرم ولو تركه يقتله لكان هالك ً ا في نظر الشرع، فافهم هذا على فرض أن ما ذكرته واقع، وإن ظهرت « دعوى على غير ذلك فأمرها إلى الحاكم فهو الذي يفصل ا لقضية(١) . لكن هل لا يجوز الدفاع عن النفس استناد ً ا إلى ما ورد في قوله تعالى: ﴿ xw vuts rqp o }|{zy ~ ﮯ﴾ [ [المائدة: ٢٨ وهل القتل في حالة الدفاع » : ، يقول الشيخ كعباش عن النفس كان محرما في الشريعة الأولى؟ ثم نسخ بجواز ذلك في حالة ً الدفاع عن النفس كما في الإسلام؟؛ لم يتعرض النص إلى شيء من ذلك، بل كل ما يفهم من إجابة الأخ المظلوم أنه يستفظع أمر القتل أيا كانت أسبابه، لأن للدفاع عن النفس أساليب أخرى دون الانتهاء إلى القتل، منها: هذا الأسلوب الوديع في الاستعطاف، وإثارة كوامن النبل والشهامة في نفس الجاني، وتهدئة دواعي العصبية، سيما والأخ المتوعد ليس بالكافر الجحود بدليل تقربه إلى الله بالقربان، وعلى أسلوب الترغيب والترهيب في الموعظة والتذكير، أضاف الأخ المهدد قوله: ﴿ £¢ §¦¥¤ ¨© ¬« ¯° ﴾ [ [المائدة: ٢٩ . ®ª فليست العلة إذن في امتناع المجني عليه المهدد بالقتل عن المجابهة بالمثل، هو الضعف والجبن كما سبق، بل هو الخوف من رب العالمين « الذي جعل للنفس حرمة مقدسة، فلا تزهق إلا بحقها(٢) . (١) . الأسئلة والأجوبة النثرية للبكري، ص ١٥٨ ١٥٩(٢) الشيخ محمد كعباش: نفحات الرحمن في رياض القرآن، ج ٤، ص ٩، ويقول ا لبغوي: = ٢ الدفاع عن العرض: الدفاع عن العرض واجب، لأنه يشكل أخص خصائص شرف وكرامة الإنسان وهو ما أكد عليه الإباضية، فقد قال أبو سعيد في امرأة اغتصبها ّ رجل وغلبها على نفسها: والذي معي أنه قد قيل أن ليس لها قتله إلا إذا جاء يطأها فلها قتله في حين الوطئ وليس لها في غير ذلك إلا أن تمتنع منه، ومن ملكته فيجازيها على ذلك فإن قتلته في حين المحاربة جاز لها « ذلك(١) . = ذهب عامة أهل العلم إلى أن الرجل إذا أريد ماله، أو دمه، أو أهله، فله دفع القاصد »ومقاتلته، وينبغي أن يدفع بالأحسن فالأحسن، فإن لم يمتنع إلا بالمقاتلة، فقاتله، فأتى القتل على نفسه، فدمه هدر، ولا شيء على الدافع، وهل له أن يستسلم، نظر إن أريد   ماله، فله ذلك، وأن أريد دمه، ولا يمكنه دفعه إلا بالقتل، فقد ذهب قوم إلى أن له الاستسلام، إلا أن يكون القاصد كافرا، أو بهيمة، وذهب قوم إلى أنه إن استسلم يكون في ً دمه. وذهب قوم إلى أن الواجب عليه الاستسلام. وكرهوا له أن يقاتل عن نفسه متمسكين بأحاديث وردت في ترك القتال في الفتن، وليس هذا من ذلك في شيء، إنما هذا في قتال اللصوص، وقطاع الطرق، والساعين في الأرض بالفساد، ففي الانقياد لهم ظهور الفساد في الأرض، واجتراء أهل الطغيان على العدوان، وتلك الأحاديث في قتال القوم على طلب الملك. فعلى المرء المسلم أن يكون في ذلك الزمان جليس بيته، ويعتزل تلك .« الفرق كلها ليسلم له دينه . البغوي: شرح ا لسنة، ج ٥، ص ٤٣٨ ٤٣٩(١) ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٤٩ ٥٠ ، ص ٣٢٩ ؛ ابن جعفر: الجامع، ج ٥، ص ٢٨٥ ٢٨٦ . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٥٧٢ وقد روى أبو عبيدة عن جابر قال: أتى رجل إلى رسول الله ژ يقال له: عاصم بن عدي الأنصاري فقال: يا رسول الله أرأيت رجلا ً وجد مع امرأته رجلا ً أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع فكره ا لنبي ژ المسألة حتى عابها وبلغ ذلك بالرجل مبلغ ً ا عظيما ثم أتاه بعد ذلك رجل ً يقال له: عويمر العجلاني فسأل ا لنبي ژ عن المسألة بعينها فقال له رسول الله ژ : قد » « أنزلت فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها فأتي بها فتلاعنا ففرق رسول الله ژ بينهما، قال الربيع: قال أبو عبيدة: لا تحل له أبد ً ا وإن نكحت زوج ً ا غيره فمات عنها أو طلقها. = ٣ الدفاع عن ا لمال: اختلفت الآراء بخصوص الدفاع عن المال: وهل هو واجب أم جائز؟(١) ، فقد جاء رجل إلى رسول الله ژ فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي قال: « فلا تعطه مالك » قال: أرأيت إن قاتلني قال: « قاتله » قال أرأيت إن قتلني؟ قال: « فأنت شهيد » قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: « هو في النار » . = وقد اختلف العلماء فيمن » : أي: قصاصا، يقول ابن عمر « أيقتله فتقتلونه » : وبخصوص قوله ً وجد مع امرأته رجلا ً فتحقق الأمر فقتله هل يقتل به؟ فمنع الجمهور الإقدام. وقالوا: يقتص منه إلا أن يأتي ببينة الزنا أو على المقتول بالاعتراف أو تعترف به ورثته فلا يقتل القاتل به بشرط أن يكون المقتول محصن ً ا وقيل: بل يقتل به لأنه ليس له أن يقيم الحد بغير إذن الإمام، وقال بعض السلف: بل لا يقتل أصلا ً ويعذر فيما فعله إذا ظهرت أمارة صدقه. وشرط أحمد وإسحاق ومن تبعهما أن يأتي بشاهدين أنه قتله بسبب ذلك. ووافقهم ابن القاسم وابن حبيب من المالكية لكن زاد: أن يكون المقتول قد أحصن. قال القرطبي: .« ظاهر تقرير عويمر على ما قال يؤيد قولهم. كذا قال . ابن عمر: حاشية الترتيب على الجامع الصحيح للوارجلاني، ج ٣، ص ٢٤٦ ٢٤٧(١) وأما حكم الدفاع عن المال عموما فقد قال رأي بوجوبه. وآخر قال » : وهكذا قيل ً بجوازه. وثالث قال بوجوبه إذا كان المال فيه روح أو تعلق به حق للغير، ورابع قال بوجوبه إذا ترتب على أخذه هلاك أو شدة أذى. والذي ظهر لي أن المذهب الرابع وإن لم يصرح به إلا المالكية فإن قواعد المذاهب الأخرى تقول به من غير شك. إذ لو ترتب على هذا هلاك أو شدة أذى لانقلب من كونه دفاع ً ا عن المال إلى كونه دفاع ً ا عن النفس. والجمهور على أنه واجب، هذا فضلا ً عن أنه يصبح في منزلة تناول المضطر للميتة وهم يقولون بوجوبه. وقد انتهيت بعد ذلك إلى ترجيح القول بوجوب الدفاع عن المال إذا تعلق به حق للغير؛ لأنه إذا جاز للإنسان أن يتنازل عن حقوقه المالية؛ فلا يجوز له أن يفرط في حقوق غيره لأن الأموال معصوبة إلا بحقها. د. يوسف قاسم: نظرية الدفاع في الفقه الجنائي الإسلامي والقانون الجنائي الوضعي، دار . النهضة العربية، القاهرة، ١٣٩٩ ه ١٩٧٩ م، ص ٣٦٢ من قصد أخذ مال غيره بغير حق كان القاصد » يدل الحديث على أن مهدر الدم في حقه وإن قتل كان في النار وإن من قتل دون ماله فهو « شهيد(١) . وعن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن ا لنبي ژ : المقتول » « دون ماله شهيد يقول الإمام السالمي بخصوص هذا ا لحديث: والدفع عن المال جائز بل مستحب سواء ظن النجاة أو الموت لظاهر » حديث الباب، وقيل: إن غلب على ظنه أنه يقتل فلا يقاتل، وهذا إن كان على جهة النظر في سياسة الناس وطلب استبقائهم فلا بأس به عند ظهور المصلحة « في ذلك، وإن كان على جهة المنع الشرعي فحديث الباب يرده(٢) . وفي الحديث دليل على جواز الدفاع عن المال وهو » : ويقول الصنعاني « قول الجمهور، وشذ من أوجبه(٣) . فالدفاع عن المال جائز في الفقه ا لإباضي(٤) ، يقول أطفيش: (١) صحيح مسلم بشرح النووي، ج ٢، ص ١٦٣ ١٦٤ ، ابن حجر العسقلاني، فتح الباري . بشرح صحيح البخاري، ج ٥، ص ١٣٦(٢) . السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٢، ص ٣٨٨(٣) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٤، ص ٨٤(٤) وفي رجل رأى رجلا » : وهكذا بخصوص سؤال ً دخل بيته في الليل، ولم يعلم ما يريد، أيجوز له قتله، إذا رآه يسرق شيئ ً ا من منزله، أم لا؟ وهل فيه فرق بين من رآه يسرق، أو جائز أن يضربه ضرب » : لم يسرق؟ قيل ً ا وجيع ً ا، على ما نطق به الأثر. وقال من قال من ً المسلمين: لا يستعجل في ضربه، خوف ً ا أن يكون ملتجئأ أو مجنون ً ا. وأما إذا رآه يسرق متاعه، فقال من قال من المسلمين: جائز قتله. وقال من قال من المسلمين: لا يقتله، ولكن الشيخ عبد الله الخراسيني: « يضربه ضربا وجيعا. فإن مات من ذلك الضرب فلا شيء عليه ًً . فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، ج ٣، ص ٣٧٢ ٣٧٣ وإن وجد السارق في الليل، ينقب بيته، وقد أهمل رأسه في البيت » : وجاء في المصنف من الثقب، فضربه فقطع رأسه، فقد اختلف فيه. فقول: إنه بريء من دمه، حجته الخبر، = أو إرادة أخذه (وإن) كان أخذه « جاز اتباع باغ وقتله على أخذ المال » (من غير يد ربه) ولا من يد أحد (كضالة ولقطة) ودفين وثمار من حرث أو نخل أو شجر أو مال وضعه ربه ليرجع إليه (أو كان بيد غيره)، أي: غير ربه (بكأمانة) مما لا ضمان به أو به ضمان (إن أخذه على غصب) مثل أن يجد إنسان شيئ ً « ا فيلتقطه فيأخذه باغ من يده على غصب(١) . ويحتم الدفاع عن المال في الفقه الإباضي مراعاة شرطي اللزوم ليس كل أخذ لأموال الناس » :( والتناسب، لذلك قيل (بخصوص السراق « يبيح دمهم(٢) . عن أبي سعيد قلت: فإن وجدت أحد » : وجاء في بيان الشرع ً ا يخرف نخلة لي ولم أعلم أنه استشارني في ذلك هل لي أن أجاهده؟ قال: لا ما أحب ذلك لعل له حجة يجوز له فيما غاب عنك ولا تجوز المجاهدة عندي « على الأموال إلا بعد انقطاع العذر وعدم الحجة من المحدثين في ا لأموال(٣) . وهكذا فالدفاع عن الأموال عند ا لإباضية يحكمه أمران: ّ الأول: أن الدفاع جائز سواء عن أموال الشخص نفسه أو أموال غيره(٤) . = لأنه لا حرمة إن دخل منازل الناس، بغير إذنهم. وحجة من لم يقتله: أن أخذ المال لا .« تحل به الدماء. وإنما له دفعه من ماله بما قدر عليه. فإن قتله بذلك، لم يلزمه شيء . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٩١ ٢٩٢ (١) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٤ ، ص ٤٧١(٢) . الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، ص ٧٠٨(٣) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٣ ٦٤ ، ص ٣٥٥(٤) فإنا نظرنا إلى حرمتها في الشريعة، وحرمة » : يقول الوارجلاني بخصوص حرمة الأموال الدماء، فوجدنا الأموال أعظم حرمة منها، لأن الله تعالى حرم دماء المؤمنين وأموالهم، قال رسول الله ژ : إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في » « شهركم هذا، في بلدكم هذا . = والثاني: مراعاة شرط جوهري أكده الوارجلاني هو أن الدفاع عن .« إلا بعد انقطاع العذر، وعدم ا لحجة » المال لا يجوز ٤ الدفاع الجماعي: كذلك يجيز الفقه الإباضي الدفاع الشرعي الجماعي، أي: من جماعة أو فصيلة أو قبيلة ضد أخرى(١) . = ثم إن الله تعالى، جعل عقوبة كثير من المعاصي، في أنفس الأموال، ينتهك به حرمة الدماء، ولم يجعل حرمة الدماء ينتهك بها حرمة الأموال. أولها المحاربون: جعل الله عقوبتهم في معصيتهم، حين انتهكوا حرمة السبيل في الأموال والأنفس، أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف. وقيل: إنهم يقتلون في الأموال، والسارق جعلت عقوبته، إن سرق نصابا من المال، يساوي ً ربع دينار أن تقطع يده التي تساوي خمسمائة دينار. ومن وراء ذلك من أراد أن يظلمك في قليل من المال، فقد أباح الله لك دفعه وقتله، ولو بخروج روحه، والروح تساوي ألف دينار. المال درهم. ومن وراء ذلك النكالات والتعزير والتأديب على أدنى شيء من الأموال، ولو انتهك فرج امرأة زنا إذا أحصن رجم عليها، وإن لم يحصن جلد عليها، والعقوبة متوجهة إلى البدن الوارجلاني: الدليل والبرهان، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، « في المال ُ . ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، المجلد الثاني، ج ٣، ص ٨٩ انظر أيض ً البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، « باب في حفظ مال المسلم » : ا . وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ج ٣، ص ٣٢١ ٣٢٣ ُ (١) يكفي أن نذكر هنا مثالين: قلت له: إن خارجة من المسلمين خرجت باغية، فمرت » : فقد جاء في هداية المبصرين في بلد سرور حاملة أطفالا ً وبلغ ً ا، حملتهم من بلد السيب على وجه الغصب والسرقة، فاستغاث المجهولون بأهل البلد، فهل لأهل البلد أن يفتكوا فيهم ويبطشوا بهم إن لم يقدروا على تخليصهم بوجه غير ذلك؟ قال: إن هؤلاء بغاة، وعلى قادر أن يمنعهم من بغيهم ويخلص أولئك المأسورين منهم من بين أيديهم، فإن صحت مدافعة بينهم وقتل من تلك الخارجة أحد، فدم مهدور ولا دية له عندي، وأهل القرية الحاضرون لا ينتظرون أمر إمام المسلمين في ذلك إلا إن كان حاضرا = ً ٥ الدفاع عن الغير: ومن وقي مسلما بنفسه فليس له جزاء إلا الجنة، » : يقول ابن العربي ً  = معهم في البلد، فهو الملزوم في ذلك وأهل القرية تبع له، ووقوف أولئك الباغين، ورميهم بما في أيديهم من نفس ومال حيث أحاط أهل البلد بهم لا يكون ذلك إفاءة، لقوله تعالى: ﴿ wvutsrqp ﴾ [ [البقرة: ١٦٠ إلى تمام الآية، وتلك الفئة الباغية قد كان منها ما كان إلى من قدر عليهم فهم على هذا من أمرهم، لهم وعليهم أبو عبيد السمائلي: هداية المبصرين في فتاوى المتأخرين، « حكم البغاة لا غير . ص ٤٩٨ ٤٩٩ ومن جواب الشيخ أبي سعيد » : كذلك جاء في بيان الشرع 5 سألت عن قوم متجاورين هم وفصائل من العرب أو أحياء متجاورين أو حارات متقاربات فشهر من بعض العرب من قبيلة أو فصيلة أنهم يريدون الإغارة على أحد من هؤلاء فتعاقد هؤلاء على أنهم حيث ما أغير على أحد منهم من الأحياء أو أهل الحارات وأريد ظلمهم كانوا جميعا على من أغار ً عليهم. قلت: هل يجوز أن يحاربوا من أغار على بعضهم؟ وإن كان يجوز ذلك فهل يجوز على من أغار عليهم؟ وهل يجوز لهم قتال من أغار عليهم أو على بعضهم؟ وما يجوز للذين أغير عليهم لمن أغار عليهم؟ وما يجوز للذين أعانوا المغار عليه في الذي أغار من القتل والدفع؟ فمعي أنه يجوز لهم كلهم على ما وصفت والمغار عليه والمعين والمتعاقدين ما وافق الحق من قتل أو قتال أو دفع وما خالف الحق لم يجز لهم ذلك ولو تعاقدوا عليه. وقلت: وعليهم إن قتلوا قتيلا ً في بعض الأحياء أو الحارات أو استاقوا مالا ً وسلبوا متاع ً ا فأتبعهم أهل البلد ليردوا ما أخذوه وحاربوهم وامتنعوا عن رد ما أخذوا للناس قلت: هل للتابعين محاربتهم؟ فمعي أنه قد قيل: إذا فعلوا ذلك بغير الحق وكان المال في أيديهم قائما بعينه فلأهله محاربتهم عليه بعد الحجة أو إن بدءوا بالقتال ولمن أعانهم ممن علم ً كعلمهم إلى أن يصلوا إلى المال بعينه. وإن كان قد تلف واستهلك فليس لهم محاربتهم عليه فيما قيل: لأنه قد صار في ذمتهم. وأما القتيل فمعي أنه إن كانوا قتلوه فتك ً ا وامتنعوا بما يلزمهم فيه من سبيل القود بعد الحجة والدعاء إلى ذلك فمعي أن ذلك لأولياء المقتول أن يقتلوا قاتل صاحبهم ولا يبين لي في هذا الموضع محاربة لغيرهم؛ لأن هذا يخرج على وجه القود عندي بعد الامتناع عن حكم العدل فإن حملوا عليهم باطلهم وقاتلوهم على غير حجة فأخاف أن لا يسعهم الكندي: « ذلك في أمر القتيل إلا على ما وصفت لك لأنه قد صار حقا في ذمتهم عندي . بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ٢٢٣ ٢٢٤ وذلك جائز، والدليل عليه وجوب مدافعة المطالب والصائل على أخيك « المسلم(١) . ويؤكد ا لإباضي ّ ة على ذلك أ يض ً إن طلب » : ا. وهكذا جاء في شرح النيل باغ ببغيه فاحشة، وإن برجل أو امرأة بأخرى، لا قتلا ً ولا مالا ً ، أو بمذاكرة لا في فرج، أو باستلذاذ وإن بلمس أو كشفه لينظر إليه، أو لعورته وإن بلا « تلذذ جاز دفاعه وقتاله وإن من غير مبغي عليه، أو أراد لغيره فعل ذلك(٢) . والدفاع عن الغير عند الإباضية لا يقتصر على الدفاع عن نفسه، بل ّ أيض ً ا عن ماله(٣) . ٦ هل يجوز الدفاع (المقاومة) ضد السلطات العامة؟ قد تستدعي ظروف التحقيق والمحاكمة ضرورة حضور الجاني أو المتهم (١) . ابن العربي: أحكام القرآن، ج ٢، ص ٨٥١(٢) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٤ ، ص ٥٥٧ ٥٥٨(٣) في الدفاع عن مال اليتيم والمرأة والغايب والوقف والمسجد وغيره ممن » : يقول الرقيشي لا يملك أمره ولم يطق الدفع عن ماله ففي الأثر في ذلك ثلاثة أقوال: المنع من ذلك لأنك سالم من الخطاب عنه والمخاطب به الظالم الآخذ له لقوله تعالى: ﴿ °±² ³´ ﴾ [ [فاطر: ١٨ وأما إن كان هلاكه من غير عاقل كنار وبهيمة وماء فعليك الدفع عنه مع المقدرة على ذلك، ولك أن تدفع عنه ما لم تخف في الدفع هلاك نفسك فإن خفت هلاكها وكان المدفوع ممن لا يملك أمره فلا يجوز لك إهلاك نفسك وإن كان المدفوع من بني آدم فلك الدفاع عنه ولو كان فيه مثلا ً تلف نفسك ولك إن شاء الله الأجر العظيم. والقول الثاني: ليس لك الدفع عن مال المذكورين إلى أن يمد الظالم يده عليه فإن مدها فلك أن تدفعه ببعضها وذلك لأنك تيقنت ذلك فأنت منقذ للكل بالبعض لأن لك النظر في صلاحهم، وذلك هو عين الصلاح لهم. والقول الثالث: إذا خفت على أموال المذكورين من هذا الظالم فلك دفعه ببعض المال لبقاء بعضه وأنت غير مخاطب بقدرة « الله لأن الله على كل شيء قدير والله أمر بذلك وذلك من التعاون على البر والتقوى . الرقيشي: النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٧٥ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١١٢ إلى مقر السلطات العامة. والقاعدة في هذا الخصوص أن عليه الاستجابة عن امرأة متهومة بسرقة، أيلزم » : للأمر بحضوره. وهكذا بخصوص مسألة الوالي مخاطب في » : أوليائها إن يقربوها تؤدي ما عليها أم لا؟ يقول الحارثي « إيتان موليته إن وجب عليها حق إن طلبه حاكم أو قاض(١) . فإذا دافع الشخص المعني عن نفسه وقاوم رجال السلطة العامة، ولو مقاومة السلطات » بأعمال عنف، فهو لا يعد محاربا، وإنما يرتكب جريمة ً وهكذا جاء في جلاء ا لعمى: .« العامة ومن طلب بحق فلما هجم عليه المسلمون امتنع بسلاحه فظفروا به » بعد أن شهر عليهم السلاح، فللإمام أن يحبسه ويؤدبه ويعطي منه الحق، وليس له قتله كالمحارب. قلت: لأن هذا يمكن أن يكون الحق الذي امتنع به إنما لزمه بحكم الظاهر وهو يعلم أنه ما عليه في ما عند الله أو في نفس الأمر، بخلاف « المحارب المجاهر بالحرب(٢) . وقد بحث ا لإباضية هذه المسألة باستفاضة كبيرة: ّ وفي عامل الإمام قاض أو وال إذا بعث شراة » : وهكذا بخصوص سؤال الإمام لإتيان ذي مطلب أو خطيئة فأبى وتمرد وعتا فهل له أن يأمرهم بضربه كانوا ثقات أو جهالا ً أو مجهولي ا لحال؟ وإذا لم يكونوا ثقات وضربوه ورفعوا خلفه، هل هم حجة؟ ويجوز للقاضي أن يقبل ذلك منهم لا سيما [من] اشتهر من ذلك أمره أم لا؟ يقول الخليلي: (١) . عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ٢٩٠ ٢٩١ (٢). جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٦٠ الله أعلم. ولا يسلط الجهال والفسقة على الضرب وأما إن كانوا ثقاة أو » معهم ثقة أو أحد من أهل الأمانة فجائز ذلك إذا امتنعوا عن الحق وأمرهم « هو بضربهم حتى ينقادوا إذا لم يرج هو انقيادهم بدون ذلك (١) . مسألة. وعن موسى بن علي في رجل اتهم بتهمة » : وجاء في بيان الشرع فقام الوالي ليضربه هل له أن يجاهد الوالي؟ قال: فإن احتمل فهو أحب إلينا وإن قدر على الامتناع جاز له أن يمنع نفسه من الظلم فإن تلف في أيديهم وكان مما يجوز للولاة فيه التعزير والعقوبة فهو من بيت المال وإن كان مما لا يجوز للولاة كان ذلك على الوالي خاصة. مسألة: وإذا كان رجل مطلوب بحق فطلبه المسلمون فلما هجموا عليه امتنع منهم بسلاحه فظفروا به من بعد أن شهر السلاح وضرب به فأسروه ولم يقتلوه وأتوا به إلى الإمام فإن الإمام يحبسه ويؤدبه ويعطي منه القصاص مما أتي ولا يكون للإمام قتله مثل ما يكون له في المحارب في الوقائع « التي تكون من البغاة على ا لمسلمين (٢) . قال المؤلف: ومما سألت عنه العلامة » : وجاء في هداية المبصرين سعيد بن ناصر الكندي: في عسكر الإمام إذا دعوا رجلا ً لأمر وجب عليه عند الإمام أو نائبه، فتحصن الرجل في بيته ولم يجب دعواهم، فدخلوا عليه ً ن لنا ذلك،  البيت وقتل منهم رجلا ثم قتلوه، كيف الحكم بينهم، بي والسلام؟ قال العلامة سعيد بن ناصر: لا يقال: إن هذا الرجل محارب ممتنع بحق؛ لأن الحجة لم تقم عليه من الإمام، فيصح الإباء والامتناع، فيتحصن (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ٧٤ ٧٥(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١٣٥ في بيته بصورة محارب، فلو كان الأمر كذلك فهنالك يجوز الدخول عليه في بيته بغير إذنه وأخذه قهرا؛ جبر لانقاذ الحكم عليه من الإمام بالوجه ً العدل صاغرا، فإن قاتل على ذلك قتل ودمه هدر، وأما على الحالة التي ً ذكرتها أنت، فأرى أن عسكر الإمام عملوا بغير الجائز، وكان الواجب عليهم أن يمسكوا عن دخول البيت ويرجعوا إلى إمامهم ويخبروه بصورة الرجل، فيأمرهم بما يراه من الوجه الجائز، وأما دخول العسكر على الرجل في بيته على الوجه الذي ذكرته فهم بذلك معتدون، وإن عمل الرجل في مدافعتهم، ولم يكن قصد القتل فأفضى ذلك الدفاع إلى القتل فلا أراه ضامن ً ا والعسكر هم الضامنون لدية الرجل في أموالهم على هذا من أمرهم والله أعلم(١) . وقد ذكر في خلاصة الوسائل خصوصا أمثلة ثلاثة على هذه ا لمسألة؛ ً (الأولى) وسئل: ما تقول في أناس متهمين بقتل، وأناس يظهر منهم في الدار أنهم يهيجون الفتنة طلبهم الحاكم فامتنعوا وقصده أدبهم وردعهم والإنصاف منهم، وهم أهل شر يخاف منهم إذا قصدهم العسكر أن يفتكوا فيهم، أو شردوا إن أمكنهم أن يشردوا، وهل يصح أن يقصدهم العسكر من أول الأمر أن يفتكوا فيهم وإذا تركوا يخاف أن تكثر الفتنة نرجو ا لجواب؟ الجواب: قال أبو سعيد: معي أنه يختلف فيمن يثبت عليه التهمة بمعنى » من المعاني فطلب منه الرجوع إلى الحق وإبلاغ العقوبة له في ذلك بحبس أو أوجب النظر من القوام فامتنع عن الانقياد إلى ذلك وعصى القوام فمعي أنه قال من قال: إنه يحارب على ذلك ويروى عن أبي المؤثر، وقال من قال: إنه يحارب وإن قدر عليه بكل حيلة أقيم عليه ما أوجب النظر من غير محاربة ويروي ذلك عن عزان بن الصقر 5 . انتهى ولا دليل فيما يروى عن أبي المؤثر في جواز ا لفتك. (١) . أبو عبيد السمائلي: هداية المبصرين في فتاوى المتأخرين، ص ٤٩٤ ٤٩٥ قال القطب: ومنع الحق باللسان أو باليد أو غير ذلك والركون فيه والأمر بمنعه كبائر، ومن أقر بذلك حبس ونكل، فإن عاند وكابر في منع الحق الذي عليه أو على غيره ضرب وحل دمه لضاربه بالعصى أو بالحديد أو باليد، وإن مات في وقت امتناعه فلا ضمان. وعنه وعن عبد العزيز: ويدعي سارق أو مستخف لقاض، أي: إلى قاض أو إمام أو حاكم أو سلطان يحكم بالحق أو جماعة تحكم بحق فإن أبى أن يرتفع إلى ما ذكر أجبر فإن أبى وقاتل حل قتاله وجاز الهجوم عليه لأخذ سلاحه وما يمنع به نفسه أو ذلك المال او كليهما كفرس وحمولة وإن لم يوصل إلى المال أو إليه لإخراج الحق مطلق ً ا، وينزع المال منه إن أخذه فإن كابر، أي: استعمل الترفع وإن لم يذعن ضرب، ولو لم يقاتل بلا قصد موته، ولا بموصل إليه، أي: إلى الموت فإن مات به، أي: الضرب لم يلزم به إثم ولا غرم للدية ولا قود وإن جرح فلا إرش، وكذا كل ما وقع به قصد موته ولا ضرب بما « يوصل إليه ولاحظ لذي الحق في قهره وضربه إلا إن بدأه بالضرب(١) . (والثانية) خاصة بمن امتنع عن الانقياد لحكم ا لإمام(٢) . (١) . عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ١٠٥ ١٠٦ (٢) فقد سئل: إذا أرسل الإمام إلى قوم بإتيان المشهور بالسرقة خوف هروبه فأتوا به مقيد ً ا أو معه زوجته وبهما أثر ضرب مبرح فأدعى أنهم ضربوه في الطريق بعد الإذعان فأقروا بضربهما لأنه امتنع عن الانقياد وتعصبت له زوجته وقبضت عصى وأقرت بقبضه فهل يكون قولهم حجة أم لا ويلزمهم الغرم أو يلزم الإمام وبيت ا لمال؟ إذا كان من كتب إليهم الإمام بإتيانه من أهل الثقة والأمانة فامتنع وعاند وكابر » : الجواب فأنكر المدعو ذلك فقول أهل الثقة والأمانة حجة عليه في ذلك، ولو أدى ذلك إلى قتله وقت امتناعه صرح بذلك المحقق ا لخليلي 5 . وإن لم يكونوا من أهل الثقة والأمانة فهو مأخوذ بجنايته ولا يلزم الإمام شيء إن لم يأمرهم بذلك ولا يلزم بيت مال المسلمين أن يأتوا ببيان على صحة دعواهم إلا أن يرى الإمام الغرم عنهم لمصلحة يراها. = (والثالثة) تتعلق بمقاومة قواد الإمام وعسكره(١) . من الأمثلة السابقة، يمكن استنباط القواعد الآتية التي تحكم مسألة الدفاع (أو المقاومة) ضد سلطات الدولة عند ا لإباضية: ّ ١ الأصل أن يستجيب الشخص للأمر الصادر إليه باصطحابه إلى مقر التحقيقات أو المحاكمات الجنائية، دون مقاومة. ٢ ضرورة أن يكون من يرسل لتنفيذ أمر القبض أو الضبط أو الإحضار من ُ الثقاة والأمناء (المحقق ا لخليلي). ٣ من يقاوم السلطات العامة بدون وجه حق للإمام معاقبته عقوبة تعزيرية، فضلا ً عن الاقتصاص منه (بيان ا لشرع). ٤ التنفيذ الخاطئ أو غير المشروع لأمر القبض أو الضبط والإحضار، إن قاوم الشخص المعني رجال السلطة العامة مقاومة مناسبة، فلا ضمان = وفي النيل عنه : ƒ (مانع الحق يقتل) وإن دعا رجل رجلا ً فقال: لا أعطيه لك أو لا أسر معك إليه أو منعت الحق أو لا أجيبك إليه أجبروه، وإن امتنع وقاتل فلهم قتله ولا يضمنون ما أفسدوا في سلاحه وقت امتناعه به، ومن يمنع الحق بيده أو بلسانه أو بمعنى ما، أو أمر بمنعه حبس ونكل، وإن كابر في منع الحق فيه أو في غيره حل دمه لمن يضربه بنحو اليد والعصا ولو أنثى أو عبد ً ا أو مشرك ً . ذات المرجع، ص ١٣٨ ١٣٩ « ا (١) فقد سئل: عن الإمام إذا أرسل عسكرا لأحد فأدعى عسكره أنه نكل عن الانقياد للأحكام ً وقاتلنا فقتلناه. هل مصدقون في دعواهم؟ وهل تعتبر الأحوال إن كان بينهم شيء من الضغائن أم لا؟ ومما حفظ عن أبي عبد الله أن قول قائد السرية والوالي مقبول لأنهم أمناء » : الجواب الإمام فيما غاب عنه، وقال بعض بالتهمة. وفي النيل: ولزم من حضر مانعا أن يأمره بالإجابة وينهاه عن المنع فإن أبى أجبره على ً السير للحق، وأن يضرب إن كان الضرب بما لا يتلف نفسه إن لم يكابر أو يقاتل إن قدر عليه، وإن كابر أو قاتل حل قتله، ويجوز الجبر بالحبس لمن يلي الأمر وغيره في هذا، . ذات المرجع، ص ٢٦٠ ٢٦١ « وإن استطاعوا إجباره بلا ضرب أو حبس أجبروه بدونهما ١١٧ عليه، كما لو اقتحم عسكر الإمام منزل الشخص، دون داع فقاومهم (هداية ا لمبصرين). ٥ المقاومة غير المشروعة لرجال السلطة العامة، كما لو كان الشخص فعلا ً ارتكب الجريمة، يبيح لرجال السلطة العامة الدفاع عن أنفسهم ضد أفعال هذا الشخص، فيجوز لهم قتاله وضربه (خلاصة الوسائل المثال  الأول والثاني). ٦ على رجال السلطة العامة الذين ينفذون أمر القبض أو الضبط والإحضار ،« كحل أخير » ألا يستخدموا العنف ضد الشخص المعني بتنفيذ الأمر إلا وبالتالي فعليهم أن يبصروه بضرورة المجيء معهم بالكلام أولا ً ، وإلا كان لهم إجباره ولو بالضرب أو الحبس (خلاصة الوسائل المثال ا لثالث). ٧ دخول رجال السلطة العامة منزل شخص بدون وجه حق، يبيح له الامتناع  منهم والدفاع عن نفسه، فإن أصابه أذى منهم كان لورثته الدية إن ق ُ تل (هداية ا لمبصرين). ٧ الدفاع الشرعي الدولي: الدفاع ضد أي اعتداء من بدهيات أو مسلمات المعيشة المشتركة في أي مجتمع، دولي أو داخلي. وقد عرف الفقه الإباضي نظام الدفاع الشرعي، خصوصا الصور ا لآتية: ً الأولى: الدفاع عن النفس والمال والأرض ضد أي اعتداء (وقد سبقت دراسته)(١) . (١) راجع: سابق ً ا. انظر أيض ً « باب في وجوب الدفع عن النفس وجواز الدفع للباغي وندبه » : ا الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، المرجع السابق، ص ٦٤ ٧٠ ؛ انظر أيض ً الشيخ الرقيشي: « باب الدفاع عن البلد والمصر وغير ذلك » : ا . كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٦٠ ٦٦  والثانية: إمامة ا لدفاع(١) . الثالثة: الدفاع خارج حدود الدولة، أي: فوق إقليم غير خاضع لسلطان أو سيادة ا لمسلمين(٢) . الرابعة: الدفاع الشرعي الوقائي أو الاستباقي: في القانون الدولي المعاصر يذهب اتجاه في الفقه إلى إباحة استباق ضرب العدو للوقاية من اعتداء وشيك سيقوم به، ويعرف ذلك باسم الدفاع الشرعي الوقائي أو الدفاع الشرعي الاستباقي أو الدفاع الشرعي ضد عدوان على وشك أن يكون حالا . (١) إذا دهمهم العدو وخافوا من تفرق كلمتهم وتنازع الرأي قدموا منهم » إمامة الدفاع صورتها رجلا ً من أهل النجدة والشجاعة والسياسة في الحرب يقاتل بهم عدوهم إما عدوا معين ً ا كبني فلان وإما لزمن معين كأشهر معدودة أو سنين معدودة فتلزم طاعته وحقوقه كما تلزم للإمام المطلق فإذا كان لطائفة معينة أو زمان معين فزال حرب تلك الطائفة أو مضت  المدة المعينة زالت إمامته بزوالها لا يحتاج إلى قول كسائر العقودات المعينة ويزول عنهم « ما كان له عليهم وجاز لهم تجديدها ولو للإمامة الكبرى إذا تمت شروط الإمامة فيه .١٠٣ ، الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ذات المرجع، ص ١٠١ (٢) وهكذا بخصوص سؤال: هل يجوز أن يسمى دفاع ً ا قتال من خرج عن المصر أم لا؟ قال هكذا عندي وقد علمتم ما كان عليه رسول الله ژ وأصحابه من الاستيلاء » : الشيخ الخليلي على الأمصار البعيدة والأقاليم الشاسعة فهل يسوغ في عقل أو نقل أنه لو قام على قطر من الأقطار الشاسعة أو بغي على مصر من الأمصار فلم يكف للدفاع عنه أن يتركوه ولا يلزموا الناس الدفاع عنه والخروج إليه، وليت شعري هل كان يسع علي بن أبي طالب ومن كان معه من المهاجرين والأنصار ترك الدفاع عن الشام لو سالمهم عليها معاوية بن أبي سفيان وقد ثبت عن النبي ژ لما استغاثت به خزاعة وقد كانوا أسلموا ودخلوا في عهده ومكة يومئذ كافرة فقال ژ : « لا نصرت إن لم أنصركم » دليل الوجوب إذ لا يستوجب عليه بذلك من هو مخير في فعل ذلك وتركه ونصر المظلومين وإنقاذهم وإغاثتهم وكف البغي عنهم هو معنى الدفاع في الخارج عن المصر ولو خارجا عن ملك الإمام إذا رأى الإمام الخروج ً « إليه، فإن كان ذلك المصر في حماية الإمام وتحت راية الإسلام، فالدفع عنه أوجب . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٢٠٧ ٢٠٩ وقد عرف الفقه الإباضي ذلك، وأحاط إمكانية اللجوء إليه بالتثبت بطريقة جازمة أن هناك عدوان ً ا سيقع، فإن وقع يكون الرد عليه من باب  أولى. يقول ا لناظم: ومن أتي ليس يدري ما أرادف إ ن أبدى بضرب كسيف أو رمى نبلا لو لم يصب من رماه أو أصابب ه ثيابه فهو باغ فارمه عجلا معنى الأبيات: ومن أتى ولست تدري قصده فلا تبده بالضرب والرمي » حتى يكون هو المبتدي بالضرب أو الرمي أو الإغارة أو أشهر عليك « سلاحه(١) . الخامسة: الدفاع الشرعي الجماعي: أجاز ميثاق الأمم المتحدة الدفاع الشرعي الفردي والجماعي Individual and Collective self – Defence. ا(٢) وقد عرف الفقه الإباضي هذين النوعين أيض . ً (١) . الرقيشي، النور الوقاد على علم الرشاد، ذات المرجع، ص ٤٧ (٢) فبخصوص سؤال حول وجوب الدفاع عن البلد أو عن القرية أو عن المصر أهو على هذا مما يختلف فيه قيل » : الترتيب أم على الإطلاق في وقت الحاجة إليه؟ يقول الخليلي لزومه على الإطلاق في وقت الحاجة إليه وقيل: على الترتيب، وقيل: إن كان العدو قاصد ً ا للجميع فهو على الإطلاق وإلا فهو على الترتيب قلت: وما هذا الترتيب المذكور وما وجهه؟ قال: إن كان الخصم قاصد ً ا لشخص بعينه وهو قادر على دفعه لم يلزم ذلك أهل البلد ولا من حضره فإن لم يكف بنفسه لزم ذلك أهل بلده ولا يلزم أهل قريته، وكذا إن كان الخصم متعين ً ا لبلد فلا يلزم أهل القرية، وقيل: إن لم يكف أهل البلد لدفعهم فعلى أهل القرية، وقيل: لا يلزم أهل قرية الخروج دفاع ً ا عن قرية أخرى، وهو أكثر القول، وقيل: إذا لم يكف أهل القرية للدفاع فعلى من يليهم من البلدان والقرى أولا ً فأولا ً حتى يأتي على أهل المصر كله، فهذا القول أصح ولا يلزم الترتيب، وإن كان العدو خصما لبلد أو ً . ذكره الرقيشي، ذات المرجع، ص ٩ « قرية فالقول بالترتيب صح في النظر واعلم أن الجهاد فرض في الجملة غير أنه ينقسم إلى فرض العين وفرض » : كذلك قيل الكفاية، ففرض العين أن يدخل العدو دار قوم من المؤمنين، فيجب على كل مكلف من الرجال ممن لا عذر له من أهل تلك البلاد الخروج إلى عدوهم حرا كان أو عبد ً ا، فقيرا = ً وتفترض كل هذه الصور وجود اعتداء على الدولة الإسلامية أو رعاياها (١) . فإذا حدث اعتداء على الدولة الإسلامية تحت أية صورة من الصور فإن لها استخدام حقها الطبيعي في الدفاع عن نفسها. وحق الدفاع الشرعي حق مقرر في إطار العلاقات الدولية المعاصرة. فقد أكدت عليه المادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة بقولها: إنه ليس في الميثاق ما ينتقض من الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن نفسها إذا اعتدت قوة « مسلحة ضد أحد أعضاء الأمم ا لمتحدة(٢) . وقد أكد الإسلام على هذا الحق. يقول تعالى: ﴿ -. 0/ ?>=<;:987654321 = كان أو غنيا دفع فرض على الكفاية فإن لم تقع الكفاية بمن نزل بهم فيجب على كل من  .« بعد عنهم من المسلمين عونهم إذا كانوا قادرين السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع . السابق، ج ١٤ ، ص ٢٣١ (١) جاء في بيان ا لشرع: ومن جواب أبي الحسن » ƒ وذكرت في العدو: إذا دهم البلد يريد قتل الرجال وأخذ الأموال وحرق المنازل عند ذلك. قلت: هل يجوز لأحد أن يقهر أحد ً ا على جهاد ذلك العدو فعلى ما وصفت فهذا العدو جهاده على أهل البلد وعن حريمهم من أفضل الجهاد إذا كان يريد الفساد وظلم العباد ولا ينبغي لمن كانت له طاقة أن يجاهد هذا العدو أن يتخلف عن ذلك؛ لأنه إن كان العدو يكون كنصف أهل البلد الذين يلزمهم الجهاد عن بلده من الرجال فجهاده على الرجال الأصحاء جهاد فرض فليس بمعذور عن تلك الفريضة، وإن كان العدو أكثر من نصف رجال ذلك البلد فجهاده فضيلة ولا ينبغي لأحد أن يرغب بنفسه على إحدى .« المنزلتين ويرغب في ذلك ويوزع إليهم بالترغيب والتحذير . راجع: الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٠٠ (٢) الشيخ بيوض: في رحاب « تنظير ومقابلة بالمثل ودفاع » يقول الشيخ بيوض: إن الآية . القرآن، ج ٤، ص ٤٧٦ JIHGFEDCBA@ RQPONMLK﴾ [ [الحج: ٤٠ . فهذه الآية وآيات أخرى كثيرة تدل على أن لجوء المسلمين إلى القتال كان كره ً ا لهم ورد ً ا على عدوان قائم. يكفي أن نذكر قوله تعالى: ﴿ ÈÇÆÅÄÃÂÁ﴾ [ [البقرة: ١٩٠ . وقوله تعالى: ﴿ © ´³²±°¯®¬«ª ¶µ﴾ [ [النساء: ٩٠ . ثم يقول بعد ذلك: ﴿ ¹ ¾½¼»º ÎÍÌËÊÉÈÆÅÄÃÂÁÀ¿ ÙØ×ÖÕÔÓÒÑÐÏ Ú﴾ [ [النساء: ٩١ . وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ ² ´³ ¶µ ¸ ﴾ [ [التوبة: ٣٦ . ومما يؤكد الدفاع أيض ً ا(١) ، قوله تعالى: ﴿ ,+ 0/. @?>=<;:987654321 DCBA﴾ [ [آل عمران: ١٦٧ ؛ وكذلك قوله 4 : ﴿ ¢¡ §¦¥¤£¨ ﴾ [ [البقرة: ٢٥١ . (١) لا يجوز لك إعانة » : بخصوص فئتين اقتتلتا ولا يعرف المحق من المبطل، يقول الخليلي المبطل منهم على حال ولا يجوز الدخول في ذلك إلا على معرفة ويقين بالفئة الباغية التي يجوز حربها، وأما إذا غشو الدار لاستباحة النساء والأطفال والأموال ومن لا حجة عليه في ذلك وعرفوا بذلك بالشهرة الصحيحة أو البينة، فيجوز حربهم دفاع ً ا على قصد إعانة من لا يجوز إعانته ولكن الدفع والذب عن استباحة الحريم بغيا وعدوان ً ا وظلما إن ًً قصد به الدفع عن نفسه ومن تلزمه حمايته أو بجواز الدفاع عنه، فهو نوع جهاد يجب في موضع اللزوم ويجوز فيما سواه بل هو نوع فضيلة وأعظم وسيلة ولكل امرئ ما نوى .« وعليه ما نوى . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ٣٠٦ ٣٠٧ « الإسلام انتشر بالسيف » لذلك لا يمكن قبول دعوى أن(١) . فالسيف: لم يشرع للحمل على الدين وإنما لحمايته، وأن الحروب التي خاضها »« المسلمون كانت دفاعية(٢) . إنما انتشر الإسلام بالحجة والإقناع، فإن تم الاعتداء عليه يتم اللجوء إلى ا لدفاع(٣) . فالإسلام ينطلق » : يقول الشيخ بيوض داعيا الناس، يحمل الكتاب بيد والسيف بيد، فإن خلى الناس بينه وبين ً دعوته ينشرها كما يريد وينصرها كما يريد، والناس يدخلون فيها لا يفتنهم أحد، فإن كانوا هكذا تركهم وشأنهم. وإن منعوه، وحاولوا الدفاع عن سلطانهم الغاشم حتى يبقى العباد عبيد ً ا لهم لا لله، هنالك تكون الفتنة، والله تعالى يقول: ﴿ MLKJIHGF ﴾ [ [البقرة: ١٩٣ . ﴿ ) *+, ﴾ [ [البقرة: ١٩١ . وفتن الناس عن دينهم هو حملهم ومنعهم من الدخول في الدين الذي يرتضونه لأنفسهم، والحيلولة بينهم وبين الدعاة، إما النبي نفسه، أو رسله، أو كتبه التي يبعثها إلى ا لآفاق. إذن يصح أن نقول: إن السيف شرع لحماية الدعوة والدعوة يجب أن « تكون معها قوة تدفع المعتدي عليها(٤) . (١) قال بهذه الدعوى حديث ً ا بابا الفاتيكان مردد ً ا في ذلك ما قاله قبله بآلاف السنين الكثيرون. راجع هذا الرأي والرد عليه، في: Ahmed Abou-El-Wafa: Islam and the west, Dar Al-Nahda Al-Arabia, Cairo, 1427-2006, p.353-358. (٢) . الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، المرجع السابق، ج ٤، ص ٤٧٩ (٣) انتشر الإسلام بسماحته، وبيسره وعدالته ومساواته بين الناس في » : يقول الشيخ بيوض الحقوق، إذ لا فرق بين الحاكم والمحكوم، والفرس في آسيا الصغرى، والروم في الشام وغيرهم كانوا يفضلون حكم المسلمين على حكم النصارى، لأنهم لا يجدون من الحرية تحت دينهم كالتي يجدونها في ظل الإسلام، ولقد كانوا تحت حكامهم مضطهدين، إذ الظلم كان على أشد أنواعه والجبروت على أفظع صوره. فما أجبر أحد على الدخول فيه بالسيف، فآية: ﴿ ÔÓÒÑ﴾ [ [البقرة: ٢٥٦ آية محكمة . ذات المرجع، ص ٤٧٨ « غير منسوخة كما يزعم البعض أنها نسخت بآية السيف (٤) . ذات المرجع، ص ٤٨١ ٤٨٢ فحروب الإسلام وفق ً « كلها دفاع » ا لهذا الرأي (١) ، ذلك أن من واجب « أن يدفعوا عن حريمهم كل من استباح بلادهم » : المسلمين(٢) . وهكذا أكد الإباضية على أن الدفاع الشرعي ضد العدو غير المسلم في ّ حالة هجومه على دار الإسلام، أو البغاة في حالة البغي أمر لازم على كل وقد يكون ترك الدفاع أضر والقيام به واجب قال » : فرد. يقول الرقيشي الله تعالى: ﴿ §¦¥¤£¢¡ ¨ ﴾ [ [البقرة: ٢٥١ ولهذا قال العلماء إذا غشي العدو البلاد فدفعه واجب على الغني َ والفقير والحر والعبد على قول والمديون ولو لم يكن له وفاء على قول ولا قائل بوجوب الجهاد على العبد والمديون الذي بتلك الصفة في باب الجهاد أصلا ً وقيل به في الدفاع لأنه فرض عين فالفقير كالغني والعبد كالحر والمديون كالموسر، لأن على كل منهم دفع القتل عن نفسه في موضع « وجوب ذلك فرضا من الله تعالى(٣) . ً ومن دهمه العدو في بلده فله بل عليه أن يقاتله » : وجاء في جلاء العمي ويدفع المفسدين عن استباحة حريم المسلمين، وله أن يستعين على أولئك المعتدين حتى بالجائرين الجبابرة، وله أن يباشر قتالهم ولو نهاه والداه وكرهوا ذلك، وأما الخروج للجهاد في غير بلده فلا يخرج إلا بإذن والديه، إن لم يكن ممن يتعطل الجهاد إذا لم يخرج، وكذا لا يخرج للجهاد إلا مع عساكر المسلمين أهل العدل، وكذا لا يخرج للجهاد أ يض ً ا من عليه دين إلا بعد الخلاص من دينه، ورضى والديه إلا أن يكون له مال يكفي لدينه « فيوصي بقضائه، وله الخروج بعد ذلك(٤) . (١) . ذات المرجع، ص ٤٨٥(٢) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ٢٠٨(٣) .١٠١ ، الرقيشي: النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٦٣ (٤)جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٦٤ . راجع أيض ً ا: الكندي: بين = :(áMÉHE’G) »Yô°ûdG ´ÉaódG ádÉM ôaGƒJ ôKCG (O  إذا توافرت شروط الدفاع الشرعي، فإن ما يرتكبه المدافع ردا للعدوان لا يعد جريمة، بل هو فعل مباح. فقد نصت المادة ٢٤٥ من قانون » : وهو أمر تؤكده القوانين الوضعية لا عقوبة مطلق » العقوبات المصري على أنه ً ا على من قتل غيره أو أصابه بجراح أو ضربه أثناء استعماله حق الدفاع الشرعي عن نفسه أو ماله أو عن .« نفس غيره أو ماله ومن تعدى على » : وقد أكد على ذلك الفقه الإباضي أيضا، يقول النزوي ً رجل فضربه ضربة فجرحه جرحا فقام إليه فضربه ضربة فجرحه مثل جرحه ً فعن هاشم ومسبح: أنه لا شيء على ا لمعتد َ ى عليه وينظر جرح ا لمعتدي. وكذلك عندنا ولو كان جرح المعتدي الذي فيه أكثر فلا شيء له لأنه باغ وليس له أن يفعل ذلك إلا في الوقت الذي بدأه بالقتال وبفاعليه. وأما « بعد ذلك فلا أرى له إلا أخذ حقه على وجهه(١) . فما الباغي إذا جرح فلا شيء له، لأنه جرحه من قد » : ويقول البسيوي بغي عليه، ألا ترى إلى قول الله تعالى: ﴿ ]^_`a ﴾ [ [الحج: ٦٠ ، فلو أن رجلا ً بغى على رجل فجرحه جرح ً ا، فجرحه المبغي عليه جرحا مثل جرحه، فإن جرح الباغي هدر. ً وفي الأثر أن المبغي عليه له مثل جرحه ويبطل جرح المتعدي والله أعلم، فأما المحاربة فيتعادل البغي فلا شيء على أحد الفريقين، إذا تاب = ؛ الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١١٣ ؛ الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ١٢٩ . أطفيش: شرح النيل، ج ١٤ ، ص ٤٨٧ ٤٩١(١) النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٩ ؛ العوتبي: الضياء، ج ١٥ ، ص ٨٩ وما بعدها. وليس للمبغي عليه أن يتعدي ويأخذ منه جرحا باعتداء، إلا في الوقت الذي ً فعل به وقاتله عليه بلا حق، فأما بعد ذلك فإنما يطلب حقه إلى المسلمين « على جه ا لحكم(١) . ليس على الدافع » : في عبارة وجيزة القاعدة عند ا لإباضية هي أنه ّ « شيء(٢) . ويحكم إباحة الدفاع الشرعي عند ا لإباضية القواعد ا لآتية: ّ ١ ضرورة إثبات توافر شروط حالة الدفاع الشرعي: وفيمن قتل رجلا » : يؤيد ذلك ما جاء في فصل الخطاب ً فقال: إنه بغي إن قوله: قتلته إقرار منه بالقتل، » : على فقتلته، ما الحكم في ذلك؟ الجواب وقوله: إنه بغى على فذلك إدعاء منه عليه بالبغي ولا تقبل دعواه إلا بالبينة (١) جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٤، ص ١٢٢ . يقول ابن عبد السلام إن اتلاف الدفع على أنواع: أحدها: القتل والقطع والجرح لدفع ضرر الصيال على الأرواح والأبضاع والأموال. الثاني: قتل الحيوانات المؤذية؛ كالحية والعقرب والسباع والضباع. الثالث: قتل الكفار دفع ً ا لمفسدة الكفر في قتال الطلب، ودفع ً ا لمفسدتي الكفر والإضرار بالمسلمين في قتال ا لدفع. الرابع: قتل البغاة دفع ً ا لبغيهم وخروجهم عن ا لطاعة. الخامس: إتلاف لدفع المعصية كقتال الظلمة دفع ً ا لظلمهم وعصيانهم، وكذلك تخريب ديار الكفار وقطع أشجارهم وتحريقها وإتلاف ملابسهم وتمزيقها، وهي نوع من ا لجهاد. السادس: إتلاف ما يعصى الله به؛ كالملاهي والصلبان والأوثان. السابع: إتلاف الزجر كرمي الزناة والقصاص من الجناة، وقطع السراق والمحاربين، زجرا ً عن السرقة والمحاربة والجناية وصون ً ا لهم. . ابن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، ج ٢، ص ٨٨(٢) السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، . ج ٤، ص ٣٣٨ فإن أحضر بينة على دعواه هذه وإلا قتل به، وإن ثبتت دعواه بالبينة العادلة أنه بغي عليه وأنه إنما قتله لبغيه فلا قود عليه ولا دية لأن الباغي واجب « دفعه عن بغيه(١) . ٢ إذا انتهت أعمال الاعتداء، فلا يجوز الدفاع بعد ذلك: يعني ذلك أن علة الدفاع الشرعي هي رد عدوان قائم أو على وشك الوقوع وبالتالي إذا كان العدوان قد انتهى، فلا دفاع؛ لأن ذلك يعني عدوان ً ا جديد ً ا أن ينتصف » يتعارض والقاعدة المعروفة التي تقضي بأنه لا يجوز للشخص « لنفسه بنفسه(٢) ، فضلا ً عن أن ذلك يشكل تجاوز ً ا للإباحة، وهو أمر ممنوع(٣) . وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك، وهكذا جاء في بيان ا لشرع: وقال أ بو معاوية: إن والده كان في بعض السرايا فوافقوا رجلا » ً ففوق لهم سهما وأراد رميهم فأمسك فأخذوه فكتب والدي إلى أبي مروان سليمان بن ً الحكم فكتب إليه إن كنتم قتلتموه في مكانه جاز لكم فإذا لم تقتلوه في « مكانه فلا تقتلوه فسرحه والدي ولم يرفعه إلى الحبس فيما بلغنا(٤) . (١) خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ٢، ص ٢٢٨ ٢٢٩ . انظر أيض ً ا في . أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ٥٣٢ ٥٣٣ « دعوى الدفاع عن النفس في القتل » : معنى قريب(٢) راجع سابق ً .« مبدأ عدم جواز أن أينتصف الشخص لنفسه بنفسه في الأمور ا لجنائية » : ا(٣) راجع ما قلناه سابق ً ويلاحظ أنه في « وجود عذر أو عارض يحتم عدم تجاوز مقتضاه » : ا بعض الأحوال يمكن رغم انتهاء العدوان ملاحقة الجناة وتتبعهم، كما هو الحال بالنسبة يختلف في البغاة إذا انهزموا عن القتال فقيل: لا » : للبغاة في ظروف معينة. يقول الخليلي يتبع موليهم ولا يجاز على جريحهم وقيل: يقتلون مقبلين ومدبرين ويتبع موليهم حتى يفيئوا إلى أمر الله، وقيل: إن كانوا يرجعون إلى فئة يتحيزون إليها ويرجى عودهم للبغي المحقق الخليلي: تمهيد « وعدم رجوعهم عنه فيتبع موليهم ويجاز على جريحهم وإلا فلا . قواعد الإيمان، ج ٦، ص ٦٥ ٦٦ (٤) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١٣٧ ٣ توافر نية الدفاع: ويفترض ذلك فقط أن يتم الدفاع لرد العدوان. وبالتالي يجب أن يكون في هذا المعنى. فإن قتل لحمية، أو للانتقام غير المبرر « حسن النية » المدافع فإن فعله يعاقب عليه(١) .  ٤ عدم تجاوز حدود ا لدفاع:  ذلك أن التجاور سواء كان عمد ً اعتداء » ا أو خطأ يعتبر « موجبا ًً للضمان(٢) ولا يحل لمن أخذ » : ، وقد أكد على ذلك الإباضية. يقول أطفيش ّ (١) وهكذا تحت عنوان: من ضرب أحد ً إذا ثارت فتنة بين الناس » : ا حمية، وبخصوص سؤال فجاء الناس قصدهم كفهم لما شاهدوا الفتنة فلم يقدروا على كفهم، فقال لهم رجل منهم: اضربوهم فضربوهم فأثر في المتفاتنين جراح هل يلزم هؤلاء إرش، وذلك أن الرجل لما لم يقدر على كفهم أخذته الحمية لا قصده أن القوم بغاة، لكن دخل في نفسه أنهم استحقرونا، فأمر أصحابه بضربهم، فإن قلت: يلزمهم الإرش ماذا يلزمهم والقوم قد يضرب بعضهم بعض ً ا، فهل يحسب ذلك الضرب على الكل، وإذا أصاب هؤلاء ضرب هل لهم ما للمتفاتنين، ثم إذا كان هذا الرجل الآمر ممن يحسن الناس فيه الظن ويحسبون أنه ليس المسؤول بأعلم من » : لم يأمرهم إلا بالحق أترى المسألة سواء أم لا؟ يقول الحارثي السائل وعلى ما تفهمه من النيل في مثلها أن الضاربين للمتفاتنين دفعا لهم عن الفتنة قد ً فعلوا جائز ً ا ولا ضمان عليهم ما لم يتجاوزوا الحد في دفعهم، كانوا يضربوهم بعد ما كفوا عن الفتنة، فمن ضرب منهم على قصد حمية لعدم امتثالهم لا دفعا لبغيهم، ففي ً لزوم الإرش خلاف، وهو كمن قصد باطلا ً فوافق حقا، ومن ضرب الحاجز يلزمه الأرش « فيما أرى، ويلزم كل من المتفاتنين الأرش لصاحبه إن لم يتعين الضارب، والصلح خير . عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ١٠٣ ١٠٤(٢) ونرى أنه لتحديد تبعة التجاوز يتعين » : يقول المرحوم الدكتور محمود نجيب حسني التمييز بين فروض ثلاثة: إذا كان الخروج على حدود الدفع عمديا، أي كان المدافع مدرك ً ا جسامة الخطر، وفي وسعه درؤه بفعل متناسب معه، ولكنه فضل اللجوء إلى فعل تزيد جسامته على ذلك، فهو مسؤول عن ذلك الفعل مسؤولية عمدية، ذلك أن الفعل في هذا الفرض محض انتقام، فلا = ماله إن اتبع الباغي أن يغير عليه ويأخذ ماله أيضا، وليقصد لماله فيأخذه إن  ً « سلمه له وعرفه وإلا قاتله عليه(١) . فإذا لم يحدث تجاوز بأن لم يحدث ثمة اختلال في التناسب بين فعل الدفاع والاعتداء فلا مسؤولية. أبو سعيد فيمن دخل زرعه رجل يسرقه، أو » : وهكذا جاء في المصنف يحش منه، فطرده فلم ينته، فضربه حتى أخرجه، فأما السارق، فإذا امتنع عن السرقة، أخرجه بغير الضرب، وإن قدر عليه بالدفع والمنع، بغير ضرب، فإن ضربه، وهو يقدر على منعه، بغير ضرب، فهو ضامن لضربه. وإن لم يقدر على منعه إلا بالضرب، منعه من ماله، بما قدر عليه، من المنع والدفع « والضرب. ولا ضمان عليه(٢) . ومن ذلك المسألة التي عرضت على المحقق ا لخليلي(٣) ، فأجاب بقوله: = يدخل في نطاق الغرض الاجتماعي الشرعي لدفع الصائل، مثال ذلك: أن يهاجم الصائل شخصا بعصا، ويكون أضعف بدن ً ا من المصال عليه، وفي استطاعته أن يدرأ خطره بدفعه ً بيده أو ركله بقدمه، ولكنه يقتله أو ينزل به أذى جسيما مستعملا ً في ذلك سيفه أو خنجره. ً أما إذا كان تجاوز ا لمصال عليه حدود حقه ثمرة الخطأ، كأن حدد جسامة خطر الصيال أو ُ جسامة فعل الدفاع على نحو غير صحيح، في حين كان في وسعه التحديد الصحيح، فهو مسؤول عن فعله مسؤولية غير عمدية فتلزمه ا لدية. وفي النهاية، لا يكون محل لمسؤولية المصال عليه، إذا ثبت تجرد فعله من العمد ُ والخطأ، كأن يكون التجاوز وليد الاضطراب ودقة الموقف اللذين بلغا حدا أزال كل سيطرة لإرادته على فعله. وتعليل انتفاء المسؤولية هو انتفاء الركن المعنوي لجريمته، د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، « بانتفاء العمل والخطأ معا ً . ص ٢٦٤ ٢٦٥(١) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٤ ، ص ٤٧٢(٢) . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٩٢(٣) عن أبي عبد الله: وعمن تعدى على رجل فضربه أو جرحه ثم إن » : كانت المسألة، ما يلي المتعدي عليه رجع فضرب المتعدي وجرحه جرحا هل يبطل جرح المتعدي؟ فأقول: إن ً الباغي منهما يبطل جرحه إلا إذا كانا في موضع لا تقوم فيه أحكام المسلمين وإن كان في = معنى جواب الشيخ: أنه إذا جرحه ذلك الباغي في موضع يدرك فيه حكم »المسلمين وانصرف الباغي عنه ولم يكن هو الآن في محل الدفاع عن نفسه ولا يبطل حقه لوجود الأحكام فهو ممنوع من قتال ذلك الضارب في غير ذلك الحال، وإذا لقيه ثانية فضرب هو ذلك المتعدي من قبل فإذا حكم بينهم الحاكم أخذهما لبعضهما بعض بما جناه فيهما. وإن كان في موضع لا تقوم فيه أحكام المسلمين ولا يدرك فيه أخذ حجته من الباغي إلا بيده فله ذلك منه، ويكون الباغي على حكم البغي ودمه هدر ما لم يرجع إلى أحكام الله تعالى، وإذا ضربه في ذلك الحال « فدمه هدر على هذا(١) . ويدل هذا على أمرين: الأول: أنه إذا انتهى الاعتداء فلا يجوز الدفاع، وإنما يتم اللجوء إلى سلطات الدولة لمعاقبة ا لجاني. الثاني: أنه بعد انتهاء الاعتداء لا يجوز للإنسان أن ينتصف لنفسه بنفسه. وقد ضرب الإباضية أمثلة كثيرة أخرى لعدم مراعاة شروط الدفاع ّ الشرعي، وتجاوزه(٢) . = موضع تجري فيه أحكام المسلمين جاز لكل واحد منهما مطالبته على ا لآخر. شيخنا وجدنا هذا المسألة ولم نعرف تأويلها لأنا وجدنا مطلق ً ا أن الباغي يبطل جرحه تفضل علينا بتأويل ذلك. (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ١٨٣(٢) نذكر منها مثالا ً وقيل في رجل دفر رجلا » : عجيبا هو الآتي ً ظالما له ليهدفه من على جدار ًً أو من على جبل أو من متلف فلما أحس المدفور أنه يسقط في المتلف أمسك بالدافر فسقطا جميعا فماتا جميعا، قال: الدية في مالهما جميعا لورثتهما كل واحد منهما ضامن ًً ً = تجدر الإشارة أن القوانين الوضعية تعاقب أيضا على تجاوز الدفاع ً الشرعي، وإن قررت تخفيف العقوبة في حالة حسن النية في التجاوز. في هذا الخصوص تنص المادة ٢٥١ من قانون العقوبات المصري على أنه: لا يعفى من العقاب بالكلية من تعدى بنية سليمة حدود حق الدفاع » الشرعي أثناء استعماله إياه دون أن يكون قاصد ً ا إحداث ضرر أشد مما يستلزمه هذا الدفاع. ومع ذلك، يجوز للقاضي إذا كان الفعل جناية أن يعده معذورا إذا رأى لذلك محلا وأن يحكم عليه بالحبس بدلا ً من العقوبة ً .« المقررة في ا لقانون  :¿ÉªY áæ£∏°ùH É«∏©dG áªμëªdG ΩÉμMCG »a »Yô°ûdG ´ÉaódG (`g o أكدت المحكمة العليا الدائرة الجزائية في الكثير من أحكامها على القواعد الحاكمة للدفاع الشرعي. يكفي أن نذكر ما قالته ا لمحكمة: المقرر قانون » ً ا أن حالة الدفاع الشرعي تتوافر بوقوع فعل إيجابي يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي سواء وقع الاعتداء بالفعل أو بدر من المجني عليه بادرة اعتداء تجعل المتهم يعتقد لأسباب معقولة وجود خطر حال على نفسه أو على نفس غيره أو = للآخر لأنه لم يكن له أن يتلفه لأنه في حين ما سقط وأيقن أنه قد سقط فقد عرف أن استمساكه به ليجره معه ا تلاف ً ا منه له بلا أن يدفع عن نفسه بذلك ظلما منه إذا كان على هذا ً الحال. وكذلك لو كان استمساكه به وهو في حال يأمن على نفسه باستمساكه به ويدفع عن نفسه ظلمه ذلك باستمساكه به فاستمسك به ولم يكن نيته أن يتلفه معه ولم يكن إلا على هذه النية أن يدفع ظلمه هذا عن نفسه بإمساكه به فصرعا جميعا على هذا الوجه لكان الدافر ً ظالما والمدفور ليس بضامن لأنه إنما تلف من دفع هذا عن نفسه ظلم الدافر لأنه إذا جاز ً له أن يدفع عن نفسه ظلمه بالسيف جاز له أن يدفع عن نفسه بإمساكه به ليستمسك لا . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٩ « ليقتله فإذا تلف من ذلك الدفع فلا ضمان عليه ماله وفق ً ا لمفهوم نص المادة ( ٢٥٣ ) من قانون الجزاء وأنه وإن كان الأصل أن تجريد المجني عليه من آلة العدوان ثم طعنه بها يعد محض عدوان، ولا يعد من قبيل الدفاع الشرعي إلا أن القضاء جرى على أنه إذا كان تجريد المجني عليه من آلة العدوان ليس من شأنه بمجرده أن يحول دون مواصلة العدوان فإنه يحق للمعتدي عليه أن يستعمل القوة اللازمة لدرئه مع الأخذ في الاعتبار ما يحيط بالمدافع من مخاطر وملابسات تتطلب منه معالجة الموقف على الفور مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادي المتزن الذي كان يتعذر عليه وهو محفوف بالمخاطر(١) . ™HGôdG ´ôØdG ôμæªdG øY »¡ædGh ±hô©ªdÉH ôeC’G نشير إلى ماهية المسألة، وكونها سبب إباحة. :ôμæªdG øY »¡ædGh ±hô©ªdÉH ôeC’G á«gÉe (CG حيث يدافع ) « الدفاع الشرعي العام » يسميه اتجاه في الفقه الإسلامي الشخص عن مبادئ الجماعة، بأن رأى منكرا مرتكبا أو يوشك أن يرتكب، ًً (١) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة ٢٠٠٩ ، س.ق. ( ٩)، سلطنة عمان، /٦/ ٢٠٠٨ وحتى ٣٠ /١٠/ منها في الفترة من ١ ُ . المحكمة العليا، ص ٦٢٣ ٦٢٤ وحيث إنه من المقرر أن الدفاع الشرعي عن النفس هو » : كذلك في حكم آخر، قالت استعمال القوة اللازمة لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو عن غيره، وأنه يلزم لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد صدر فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة « يجوز فيها الدفاع الشرعي ٢٠١١ ، س.ق. ( ١١ )، سلطنة عمان /٦/ ٢٠١٠ وحتى ٣٠ /١٠/ العليا في الفترة من ١ ُ . المحكمة العليا، ص ٤٢٣ ٤٢٥ فيعمل على تغيير هذا المنكر، أو يحول دون وقوعه)(١) ، بالمقارنة بالدفاع والذي ذكرناه آ نف ) « دفع الصائل » الشرعي الخاص ً ا والمتمثل في وقوع اعتداء والرد عليه بالدفاع اللازم والمناسب). ،« أو دفع الصائل » وواضح أن الفارق بين الدفاع الشرعي الخاص والدفاع الشرعي العام (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) يتمثل في أن  إذ يرمي إلى الدفاع عن اعتداء على « ذو طابع خاص ومحدود » الأول شخص أو ماله (سواء كان هذا الشخص هو ذات المدافع أو الغير)، بينما الثاني أثره أعم: إذ يهدف إلى المحافظة على القواعد العليا للمجتمع وعدم الخروج عليها(٢) .  وسبب تسمية المعروف معروف ً أنه لما كان » : ا والمنكر منكرا يرجع إلى ً المعروف لا ينكره العقل بل يوجبه ويعرفه، زال عنه اسم المنكر وصار معروف ً ا، ولما أن كان المنكر لا توجبه العقول بل تنكره وتأباه، ولا يميل (١) د. يوسف قاسم: نظرية الدفاع في الفقه الجنائي الإسلامي والقانون الجنائي الوضعي، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٣٩٩ ه ١٩٧٩ م، ص ٢٤ ؛ د. حسن الشاذلي: الجريمة: دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٦٥١ ؛ عبد القادر عودة: التشريع . الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٤٨٩ (٢) كذلك قيل: الفارق بينهما من حيث إن دفع الصائل يفترض صيالا، ً أي: اعتداء على نفس أو مال أو تهديد ً ا لأيهما بالخطر. ولكن دفع المنكر لا يفترض في أغلب حالاته ذلك: فمعاينة شخص يتعاطى خمرا أو مخدرا؛ أو يلعب ميسرا؛ أو يأتي أفعال لهو غير جائز ًً ً شرع ً ا؛ أو يتصل جنسيا بامرأة برضاء صحيح منها؛ أو يمارس صلة شاذة بشخص برضائه؛ أو يأتي في الطريق العام فعلا ً على جسمه مخلا بالحياء، كأن يظهر عاريا أو يحاول ً الانتحار أو إصابة نفسه، كل هذه أمثلة لفروض يوجد فيها المنكر الذي يتعين دفعه، ولا يوجد فيها صيال، أي: هجوم، يجوز دفعه. في هذه الفروض، وأمثلتها كثيرة، تتوافر شروط د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي .« دفع الصائل » ولا تتوافر شروط « دفع المنكر ». الإسلامي، ص ٢٨٥ إلى تصويبه زال عنه اسم المعروف وصار منكرا، وقد قالت العرب: الفاحشة ً « كاسمها (١) . قيل: سمي المعروف معروف » : وجاء في المصنف ً ا؛ لأن القلوب تعرفه وتأنسه، وتألفه النفوس، وتطمئن إليه؛ لأنه يعرف في النفوس بحقيقته، وقيل: سمي المعروف من العرف، وهو ا لطيب. ،« وصدق فاعله وسمي المنكر منكرا؛ لأن القلوب تنكره وترده، وتأبى أن تقبله، ولا ً « تؤمنه، ولا تميل إلى تصديقه (٢) . وقد ورد في القرآن الكريم الكثير من الآيات بخصوص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، منها قوله تعالى: ﴿ے £¢¡ ❁ «ª©¨§¦¥¤ ¶μ´³²±°¯® »º¹¸ ½¼﴾ [ [آ ل عمران: ١١٣ ١١٤ . ﴿ 76543210/.﴾ [ [آ ل عمران: ١١٠ . ﴿ <;:9 ❁ JIHGFED CBA@?>= ONML VUTSRQP﴾ [ [المائدة: ٧٨ ٧٩ . ﴿ 987 BA@?>=<;: HGFEDC﴾ [ [الأعراف: ١٦٥ . (١) . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٦ ، ص ٥٦(٢) النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٦. انظر أيض ً ا: درويش المحروقي: الدلائل على اللوازم . والوسائل، ص ٢١٠ ﴿ lkjihgf m n o qp qsr ﴾ [ [آ ل عمران: ١٠٤ . أصل من أصول » حري بالذكر أن: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدين عند ا لإباضية، وهما من أوثق عرى الإسلام، وأوكد فرائضه، إذ بهما ّ يقمع الله الظالمين ويعز بهما الدين، وبتركهما تضيع الأمانة وتحل النقمة، « فهما واجبان على كل مكلف في كل زمان على قدر ا لطاقة(١) . فالذي حفظنا من قول المسلمين أن الأمر » : ويقول ابن عبيدان بالمعروف، والنهي عن المنكر، واجب على جميع المسلمين، فمن قدر أن ينكره بيده كان عليه ذلك، ومن لم يقدر بيده وقدر بلسانه كان عليه ذلك، ومن لم يقدر ينكر بلسانه كان عليه أن ينكر بقلبه، فإذا خفت إذا أنكرت « بيدك أو بلسانك يغشاك شر لا تقدر على صرفه أنكرت بقلبك(٢) .  ومن السعي في الأرض فساد » : بل يقول الريامي ً ا عدم أمركم بالمعروف « وترك نهيكم عن المنكر مع قدرتكم على ذلك(٣) . :áMÉHEG ÖÑ°S ôμæªdG øY »¡ædGh ±hô©ªdÉH ôeC’G (Ü الأمر بالمعروف » : أكد على ذلك الفقه الجنائي الإسلامي، وهكذا قيل والنهي عن المنكر هو سبب إباحة، لأن وسيلة ذلك قد تكون قولا ً أو فعلا ً يشكل في أصله جريمة، كما لو كان القول فيه تعنيف يمس اعتبار الموجه إليه، أو كان الفعل فيه إتلاف لمال، كإراقة خمر يتعاطاه شخص أو إتلاف (١) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٤٧ ّ (٢) ابن عبيدان: جواهر الآثار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ . ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ج ١٦ ، ص ٧٢(٣) . جوابات الشيخ أبي زيد الريامي، ص ١٧٦ أدوات قمار أو لهو منهي عنه. فإذا ثبت توافر شروط الإباحة، أي: شروط الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر، كان القول أو الفعل السابق مباحا فلا ً « مسؤولية ولا عقوبة على من صدر عنه ذلك القول أو ا لفعل(١) .  وفي الفقه الإباضي لا يسأل جنائيا من قام بأعمال الأمر بالمعروف والنهي عن ا لمنكر(٢) ، لأن تلك الأعمال مباحة إسلاميا.  يقول الناظم(٣) : فمن ترك العصاة بغير زجر فعاص ليس يصحبه السلام عليه اللعن يغشاه عقابا عقاب الله ويل لا يرام فأولها التعرف ثم » : ويقول الجيطالي بخصوص درجات الاحتساب التعريف ثم النهي ثم الوعظ والنصح والسب والتعنيف، ثم التغيير باليد (١) . المرحوم د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٢٨٣ (٢) فلجملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أقسام، منها ما يجب على » : يقول ابن محبوب الكافة مقدار الطاقة، ومنها ما يجب على أئمة العدل وأمرائهم دون العامة، وليس ذلك للعامة دون الأئمة إلا بالموعظة والتخويف لعقاب الله. فأما ما كان على الكافة من ذلك، أمرتهم الأئمة أم لم تأمرهم به، فإغاثة المستغيثين من الظالمين لهم في أنفسهم وحرمهم وولدانهم واغتصاب أموالهم وإخافة سبلهم حتى يحولوا بينهم وبين ظالميهم، فذلك ما لم يكن على سبيل ما يحاكم الناس فيه إلى سلطانهم، ويتداعون فيه إلى قضاتهم بالدعوى له منهم. فإن لم يستحيلوا به لهم عن ظلمهم بدون الجهاد لهم من الإنكار عليهم، وكانت فيهم أئمة عدل أو أحد من ولاتهم وأمرائهم بحضرتهم رفعوا ذلك إليهم حتى يمضوا في ذلك إليهم لأمرهم. ويلي الأئمة وأمراؤهم عقابهم بما يستحقونه في العدل معهم، فإن لم يكن أحد من الأئمة والأمراء بحضرتهم ولم يمتنعوا لهم عن ظلمهم إلا بجهادهم كان ذلك لهم، فإن امتنعوا بجبرهم إياهم ولم يأمنوا معاودتهم لذلك فيهم كان الاستئناف منهم إلى أن يأمنوا معاودتهم، لا على سبيل العقاب لهم؛ لأن ذلك إنما ائتمن عليه أئمة ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، كتاب المحاربة، تحقيق عبد الرحمن « العدل وأمراؤهم ٰ . السالمي ويلفرد مادلينغ، ص ٤٢(٣) . أبو سرور السمائلي: الفقه في إطار الأدب، ج ٣ ٤، ص ٣١٣ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١٣٦ (مثل إراقة الخمر) ثم التهديد بالضرب، ثم إيقاع الضرب، ثم شهر السلاح، « ثم الاستظهار فيه بالأعوان وجمع ا لجنود(١) . وللتدليل على معرفة الإباضية كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ّ سبب إباحة، يكفي أن نذكر أمرين: • ومن جواب أبي الحسن وذكرت في قوم » : فقد جاء في بيان الشرع معروفين في البلد بالسرق والفساد في الأرض وفي الطرق. قلت: هل يجوز لأحد من أهل البلاد أن يأخذ على أيديهم وينكل بهم بالحبس والمقطرة وهل يجوز له أن يضربهم على ذلك. فأعلم رحمك الله أنه من قدر على ذلك فقد وجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإذا قدر أن ينكر على هؤلاء المفسدين بيده فقد وجب عليه ذلك. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على جميع المسلمين مع قدرتهم عليه فإن قدر هذا أن يأخذ الحق من هؤلاء المفسدين وينكل بهم بما يستحقون في حكم المسلمين من الحبس والقيد في كل حدث يلزم ذلك فيه بالعدل لأن الله لا يطاع في معصية فذلك من الواجب ويؤخذ منهم. وينكل بهم على ما يلزمهم بالقول على جميع أحداثهم إذا صح « ذلك عليهم وعلى من يدفعهم به من جميع باطلهم(٢) . • وبخصوص سؤال: عن رجل له يد في البلد، وقام على أهل المناكر فيها يردعهم عن مناكرهم بما يمكنه أن يردعهم به من ضرب بالسياط، وغيره، وإن هذا الرجل ليس هو بأمير البلد وإن أميرها داخل تحت أهل المناكر ومخالط لهم في ذلك، سألت: هل على هذا الرجل ضمان في ضرب من ضربه من أهل ا لمناكر؟ (١) . الجيطالي: قناطر الخيرات، ج ١، ص ١٤٠(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٢٨ ، ص ٤٥ ِ يقول السالمي: إنه لا ضمان على هذا الرجل ا لمحتسب في ضرب أهل » المناكر ليردعهم عن منكرهم، وإن كان أمير البلد غيره فالواجب على من كانت له يد على رفع شيء من المنكر أن يرفعه كان أ ميرا أو مأمورا، وليته ًً كان قد خلط أمير البلد فيمن ضرب؛ فإنه أجدر بذلك، ولا ضمان عليه هنالك سواء طالبه بحقه من ضربه أو لم يطالبه إذا لم يتعد في ضربه حد  الجائز فيه. والدليل على أنه لا ضمان على ذلك هو قوله تعالى: ﴿ a b c d fe kjihg ﴾ [ [النوبة: ٧١ وقوله تعالى: ﴿ . 43210/ 765 ﴾ [ [آل عمران: ١١٠ففضل الله 4 هذه الأمة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومدح المؤمنين على فعلهم ذلك. وأنت خبير أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتاج تارة إلى ضرب بالسياط، وأخرى إلى ضرب بالسيوف، ولا يصح في مقتضى الشرع الشريف أن يأمرنا 4 بفعل شيء ويثني علينا بامتثاله، ثم يلزمنا الضمان « على فعله(١) . يتضح مما تقدم أمران: أن أفعال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب أن تكون أي: أن تكون لازمة، وألا تخرج عن حدود ما هو واجب « بالعدل »لمواجهة المناكر ا لقائمة. أن سبب إباحة ما يحتمه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو أن يأمرنا » الله أمرنا بذلك ولا يصح كما يقول السالمي أن 4 بفعل .« شيء ويثني علينا بامتثاله، ثم يلزمنا الضمان على فعله (١) السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، . ج ٤، ص ٢٩٣ ٢٩٤  ختاما لما تقدم، تعتبر الأفعال المرتكبة ممارسة للأمر بالمعروف والنهي ً عن المنكر مباحة بشرط مراعاة القواعد الشرعية واجبة الاتباع. حري بالذكر أن فكرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باعتبارها تهدف إلى الدفاع عن الصالح العام الإسلامي تعادل ما تأخذ به بعض النظم القانونية تحت « الدعوى الشعبية » ما يسمى Actio popularis (أي: دعوى ا لحسبة). ¢ùeÉîdG ´ôØdG ¬«∏Y »æéªdG AÉ°VQ :ádCÉ°ùª∏d áªcÉëdG óYGƒ≤dG (CG  من الثابت أن الأصل العام أن رضاء المجني عليه بارتكاب الفعل الذي أن الشارع يحمي » تقوم به الجريمة ليس سبب إباحة للفعل، وعلة ذلك بالعقوبة حقا ذا أهمية اجتماعية، أي حقا للمجتمع كله، بجميع أفراده، وجميع مقوماته، ومن ثم لم يكن لفرد ولو كان صاحب الحق صفة في التنازل عن ذلك الحق، وإباحته للاعتداء. وبناء على ذلك، كان الزنا معاقبا عليه، ولو ارتكب برضاء متبادل بين ً طرفيه، فالرجل الذي يزني بامرأة برضائها يعاقب كما لو كان قد اغتصبها، ويطبق هذا الأصل على اللواط والسحاق، ويسري كذلك على الأفعال الماسة بالحياء دون الصلة الجنسية. ومن يقتل أو يجرح شخصا برضائه، بل ً « وبناء على طلبه، يستحق ا لعقوبة(١) . (١) د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٣٤٢ ٣٤٣ . ويشترط الفقه في رضاء المجني عليه كسبب للإباحة شروط، منها: صدوره من ذي صفة، ومن شخص = ندرس القواعد الحاكمة للمسألة، وصورها. لكن توجد أحوال يكون فيها رضاء المجني عليه سببا لإباحة الجريمة: ً كصاحب المال الذي يطلب من آخر إتلافه (كهدم عقار مثلا ً ( أو صاحب الحيوان الذي يطلب من آخر ذبحه. في ضوء ما تقدم يجب فهم القواعد الثلاث الآتية الخاصة بدور الرضا في إباحة ا لجريمة: « لا ضمان مع الإذن » ١ قاعدة(١) : ومعنى ا لقاعدة: إن كل ما أذن للإنسان في مباشرته فهلك من غير تقصير فيه فلا ضمان » على من تسبب بإهلاكه لأن يده مطلقة فيه شرع ً ا وهذا ينافي الضمان، أما لو كان الإتلاف أو الهلاك بنوع تقصير فعند ذلك يترتب عليه الضمان لتقصيره « وتفريطه(٢) . = « في وقته » مميز، وسلامة الإرادة من العيوب (كالغلط والتدليس والإكراه)، وصدور الرضا .( أي: في اللحظة التي يؤدي دوره فيها (ذات المرجع، ص ٣٥٣ ٣٥٥ المقرر أنه إذا كان الرضاء في ذاته تعبيرا عن » : تقول المحكمة العليا في سلطنة عمان ًُ إرادة، وكانت إرادة غير المميز مجردة من القيمة القانونية فلا يعتد بهذا الرضاء لكونه غير صحيح، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن بما أورده من أدلة سائغة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى ارتكابه لجريمة هتك عرض المجني ٣ من / عليها والتي لم يجاوز عمرها عند وقوع الجريمة سبع سنوات المؤثمة بالمادة ٢١٨ قانون الجزء ومن ثم فإن ما يقول به الطاعن من أن هتك عرض المجني عليها كان مجموعة « برضاها لا يؤبه له لكونه بفرض صحة ذلك لا يعتد بهذا الرضاء ولا أثر له المبادئ والقواعد القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ وحتى ٢٠١٠ . الدائرة الجزائية، سلطنة عمان، ص ٤٩٨ ُ (١) راجع: القاعدة في موسوعة جمال عبد الناصر في الفقه الإسلامي، المجلس الأعلى . للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٣٨٩ ، ج ٤، ص ٢٤٤(٢) راجع: قاضي القضاة « الرضا الطارئ كالمقارن في سقوط الضمان » أكد فقهاء المسلمين أن =  وفي شريعة الإسلام يمكن أن تكون الموافقة سببا نافيا لعدم المشروعية ًً على الصعيد ا لدولي. في هذا الخصوص يوجد في الفقه الإسلامي قاعدة هامة، هي قاعدة: التصرف والعمل إذا كان يمس حقا لغير من يباشره وجب لنفاذه وجوازه، »دون ترتب تبعة، الإذن فيه من صاحب هذا الحق إما بطلب ذلك منه أو .« بإقدام صحب الحق على إصداره دون طلب ذلك أن موافقة أو إذن من يملك الحق أ صلا ً تنفي الضمان أو  المسؤولية، وهو ما أكده قول ا لقائل(١) : فمن جني في مال غيره ضمن إن لم يكن صاحبه بذا أذن ومن أحله قوم من ضمان فلا بأس عليه ولو كان يظن » : ويقول النزوي « أنهم استحيوا فالحل له جائز(٢) .  حري بالذكر أن الرضا بالإبراء من الضمان يجب: أن يكون واضحا، لا ً لبس فيه ولا غموض، لكي يمكن القول: إن الإرادة قد اتجهت فعلا ً إلى الإعفاء من ا لضمان(٣) . = البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، تحقيق علي محيي الدين داغي، دار الإصلاح . للطبع والنشر والتوزيع، القاهرة، ١٤٠٠ ه ١٩٨٠ م، ج ١، ص ٥٧٥(١) ، أبو عبد الله محمد السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، طبعة ١١ . ١٤٠٩ ه ١٩٨٩ م، ج ١ ٢، ص ٤٦٨(٢) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ١٣٤(٣) الإبراء من الضمانات إجمالا » : وهو ما يمكن استنباطه من الجواب التالي للإمام السالمي ً أو تفصيلا ً .. ما ورد في الأثر أن الضمانات يكفي فيها الحل من صاحبها وإن لم يسم وجه الضمان إلا في الدماء والفروج ففيهما خلاف، فما وجه الفرق هنا بين هذه وغيرها؟ وما الذي يعجبك في ذلك؟ وما الدليل على وجه الفرق ها هنا؟ فضلا ً منك يا شيخنا بالجواب. = ويكفي أن يكون الرضا ضمنيا، تدل عليه شواهد ا لحال(١) . يجب أن يكون الرضا متفق » ٢ قاعدة ً :« ا مع الشرع وهذا يندرج تحت قواعد مقاصد :« التراضي لا يبيح الحرام » فالثابت أن أن يكون قصد المكلف موافق » : المكلفين. ومفادها ً ا لقصد الشارع، وإلا كان عمله باطلا ً لبطلان قصده، سواء كان ذلك فعلا ً منفرد ً ا، أو ا تفاق ً ا أو شرط ً ا « بين اثنين في عقد أو معاملة من ا لمعاملات(٢) .  ما كان أصله غير مضمون فلا يثبت ضمانه » : يؤيد ذلك أيضا قاعدة ً بالشرط وما كان أصله مضمون ً قال العلامة « ا فلا يسقط ضمانه بالشرط والعارية لا تكون مضمونة إلا بالتعدي فإن شرط صاحبها » : محمد بن بركة عدم الضمان ضمن.. وإن شرط صاحب الأمانة الضمان على المؤتمن لم = وجه ذلك أن للناس في الدماء والفروج حمية وأنفة ليستا في سائر » : يقول السالمي الأموال فلا يصح البرآن منهما مجملا ً لأن نفسه لا تطيب بذلك لو علم، ففي الإجمال خديعة ومال المسلم لا يحل إلا عن طيب نفس وتراض. وليس مراد المفرقين أنه يلزمه الإخبار بذلك، وإنما مرادهم أنه يجب عليه أداء الضمان إلى أهله في الدماء والفروج من غير أن يفسر، إذ في التفسير طعن وتشاحن وفساد عظيم، فإذا بلي بالضمان من الدماء أو الفروج فعليه الخلاص ولا يكفيه البرآن إلا إذا كان ذلك معلوما عند من له الحق فأبرأه ً جوابات الإمام السالمي، ج ٢، المرجع « منه على علم فهو الرضا وطيب النفس والله أعلم . السابق، ص ٣٨٨ ٣٨٩(١) مسألة: أحسب عن أبي علي: وعن » : وهو ما يدل عليه المثال الآتي الذي ذكره العوتبي صبي كان يجمع ضرسه فذهب إلى رجل فقلعها له وأن الصبي راجع على الرجل في « ضرسه التي قلعها منه. قال: إذا علم أن ضرسه كان يؤذيه فليس على الرجل شيء . العوتبي: الضياء، ج ١٤ ، ص ١٧٦(٢) راجع: د. مصطفى باجو: القواعد الفقهية عند الإمام أبي سعيد الكدمي من خلال كتابه ندوة القواعد الفقهية بين التأصيل والتطبيق، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ،« المعتبر ». مسقط، ص ٢٩٢ يضمن، وكان شرطه باطلا ً . فيجب أن لا يكون في العارية ضمان وإن شرط فيها لأن ما أصله غير مضمون فيجب أن يكون الشرط لا يوجب ضمانه كما أن أصل ما كان مضمون ً « ا لا يبطل ضمانه بالشرط(١) .  الاتفاق على هضم حقوق الناس دون موافقتهم لا » وكذلك قاعدة « يجوز الوفاء به(٢) : هذه قاعدة عظيمة، مؤداها أن لصاحب الحق فقط أن يتنازل عنه، وبالتالي ليس لغيره أية صفة في هذا الخصوص، ولو كان هو الحاكم نفسه. فإن التزم قصاصا أو حد قذف ثم » : نؤيد ذلك بما جاء في السير الكبير ً ارتد، ولحق بدار الحرب، ثم قال للمسلمين: أصالحكم على أن تؤمنوني على ما أصيب؛ فليس ينبغي لأحد من المسلمين أن يؤمنه على ذلك.   لأن هذا شرط مخالف لحكم الشرع، قال ژ : كل شرط ليس في كتاب » « الله تعالى فهو باطل ولأن فيما لزمه حق العباد، فالقصاص محض حق الولي ليس لغيره ولاية الإسقاط فيه، وفي حد القذف حق المقذوف، وإذا كان هو لا يملك إسقاطه عنه فكيف يملك غيره ذلك، فظهر أن من يؤمنه .« على هذا فهو ملتزم ما لا يمكن الوفاء به فإن آمنه الإمام على هذا فليس ينبغي أن يفي له به، لقوله ژ : ردوا » « الجهالات إلى السن ة . وقد كان هذا جهلا ً من حيث شرط أن يترك له ما هو من مظالم العباد، فينبغي أن يقيم عليه ما لزمه إذا طلبه الخصم ولا يلتفت « إلى هذا ا لشرط(٣) . (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٢٤٠ ّ (٢) راجع: د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في . شريعة الإسلام، ج ٦، ص ٨٣(٣) ، السير الكبير للشيباني، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، القاهرة، ج ٥ . ص ٢٠١٤ ٢٠١٥ ١٤٣ :« الإنسان لا يملك بدنه » : ٣ قاعدة فلو قال أي لرب » : هذه قاعدة ذكرها الإمام محمد بن يوسف، بقوله الدين اقتلني وليس قتله حقا لك بنفسك أو بواسطة، أو اجرحني أو اقطع ٍ عضوي أو أفسد شيئ ً ا من جسدي وليس ذلك نفع ً ا له كطب ففعلت لهلكت إجماع ً ا ولزمك الضمان على الصحيح إذ لا يملك الإنسان نفسه في مثل .« ذلك فالحياة في الإسلام أعطاها الله وبالتالي لا يملك أحد انتزاعها غير الله (أو الحاكم بالتطبيق لنصوص الشريعة)، قال تعالى: ﴿ hgf e  ji ﴾ [ [الحجر: ٢٣ ؛ ﴿ ðï ﴾ [ [النجم: ٤٤ ؛ ﴿ srq vut ﴾ [ [ق: ٤٣ . لذلك لم يبح الإسلام أن يكون للإرادة أي دور في تقرير إزهاق الروح أو الاعتداء على السلامة الجسدية للإنسان(١) . وبالتالي، فإن كل شرط يبيح الاعتداء على الحياة رد وباطل ولا يجوز الوفاء به، سواء تم اشتراط ذلك على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الدولي. وهكذا فقد انتفض أهل الموصل على أبي جعفر المنصور الخليفة العباسي وتكرر انتفاضهم فاشترط عليهم أنهم إن انتفضوا تحل دماؤهم! فلما وقع ذلك، جمع الفقهاء وفيهم الإمام أبي حنيفة ƒ وقال: أليس صح أن النبي ژ قال: «؟ المؤمنون عند شروطهم » وأهل الموصل قد اشترطوا ألا يخرجوا علي، وقد خرجوا على عاملي وحلت لي دماؤهم! قال رجل: يدك ّ مبسوطة عليهم، وقولك مقبول فيهم، فإن عفوت فأنت أهل العفو، وإن (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٣١٢ ٣١٤ ّ عاقبت فبما يستحقون! وأبو حنيفة ساكت فالتفت إليه المنصور وقال له: وأنت ما تقول يا شيخ. ألسنا في خلافة نبوة وبيت أمان؟ فقال الإمام أبو حنيفة: إنهم شرطوا لك ما لا يملكون، وشرطت عليهم ما ليس لك. لأن دم المسلم لا يحل إلا بأحد معان ثلاثة كفر بعد إيمان وزن ً ا بعد إحصان وقتل نفس بغير نفس فإن أخذتهم أخذت بما لا يحل، وشرط الله أحق أن توفى به! فأمرهم المنصور بأن يتفرقوا، ثم دعاه وقال: يا شيخ، القول ما قلت انصرف إلى بلادك ولا تفت الناس بما هو شين على إمامك فتبسط أيدي ا لخوارج (١) . ا وعلى غير المسلمين.  ويسري عدم جواز الشرط الذي يهدر الحياة دولي وإن » : وهكذا تحت باب صلح الملوك والموادعة، يقول الإمام السرخسي كان طلب الذمة على أن يترك يحكم في أهل مملكته بما شاء من قتل أو صلب أو غيره مما لا يصلح في دار الإسلام لم يجب إلى ذلك، لأن التقرير على الظلم مع إمكان المنع منه حرام ولأن الذمي من يلتزم أحكام الإسلام « فيما يرجع إلى المعاملات فشرطه بخلاف موجب العقد باطل (٢) . :¬«∏Y »æéªdG AÉ°VQ Qƒ°U (Ü نشير هنا إلى أهم هذه الصور، وهي أربعة: ١ تحريم قتل الشفقة أو قتل الرحمة أو قتل الميئوس منه: تجيز بعض القوانين والتشريعات في الدول غير الإسلامية قتل الرحمة (١)عبد العزيز البدري: الإسلام بين العلماء والحكام، دار القلم، الكويت، ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ص ١٢٥ ١٢٦ . نقلا ً عن ا لغزالي. (٢) . الإمام السرخسي: المبسوط، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، ج ١٠ ، ص ٨٥ أو قتل الشفقة Euthanasia ، وذلك إذا كان المريض ميؤوسا من شفائه، ويعاني ً آلاما شديدة لا يستطيع أن يتحملها، فيطلب هو أو أقاربه إنهاء حياته ً شفقة ورحمة به ولوضع حد للآلام التي يعاني منها. ومن الثابت في الإسلام أن لا رخصة للإنسان في قتل نفسه فقد قال تعالى: ﴿ KJI ﴾ [ [النساء: ٢٩ فيكون ممنوع ً ا من باب أولى أن يسمح للغير بالإجهاز عليه. لذلك فإن قتل الشفقة أو الرحمة Euthanasia لا يجوز في ا لإسلام(١) . ويكون قتل الشفقة بأن يعطي الطبيب المريض دواء مخدرا أو مسكن ً ا ً بجرعة كبيرة تسبب وفاته، أو بالامتناع عن إعطائه العلاج ليموت نتيجة للمرض(٢) . (١) هناك خلاف في الفقه الإسلامي بخصوص ما إذا كان رضاء المجني عليه بالقتل أو إذنه به يؤدي إلى إباحة الفعل أم العكس، وهل يترتب على ذلك إسقاط العقوبة أم لا. ويرجع ذلك أساسا إلى النظر إلى الرضاء أو الإذن باعتباره شبهة تدخل في عموم قوله ژ : ً « ادرؤوا الحدود بالشبهات » ، كذلك من المعلوم أن للمجني عليه وأوليائه حق العفو عن العقوبة الأصلية في الجناية على النفس وما دون النفس، فلهم أن يعفوا عن القصاص إلى الدية، أو يعفو عن القصاص والدية مع ً ا (راجع هذا الخلاف في: عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ط ١٩٨٤ ، ص ٤٤٠ ٤٤٦ ). وهناك اتجاه آخر يوجب القصاص لأن عصمة النفس مما لا يحتمل الإباحة بحال من الأحوال، وبه قال مالك وزفر وأحد القولين عن الشافعي (انظر: الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، دار الفكر العربي، .( ص ٥٥٥ ٥٥٨(٢) أما إذا عالج الطبيب المريض وحدثت الوفاة، فالأمر يختلف، ولذلك يقول ا لشافعي: والوجه الثاني الذي يسقط فيه العقل أن يأمر الرجل به الداء الطبيب أن يبط جرحه والأكلة »أن يقطع عضوا يخاف مشبها إليه أو يفجر له عرق ً ا أو الحجام أن يحجمه أو الكاوي أن ًً يكويه أو يأمر أبو الصبي أو سيد المملوك الحجام أن يختنه فيموت من شيء من هذا ولم يتعد المأمور ما أمره به فلا عقل ولا مأخوذية إن حسنت نيته إن شاء الله تعالى، وذلك أن الطبيب أو الحجام فعلاه للصلاح بأمر المفعول به أو والد الصبي أو سيد المملوك الذي = أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١٤٦ هذا الموت البطيء أو موت المريض الميئوس منه(١) يتعارض مع أحكام الشريعة ا لإسلامية: • فهو يتعارض مع العديد من الآيات القرآنية، ومنها قوله تعالى: ﴿ KJI ﴾ [ [النساء: ٢٩ . ﴿ ÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼﴾ [ [يس: ٨٢ . ﴿ kjihgf ed ﴾ [ [الإسراء: ٣٣ . ﴿ ~ے §¦¥¤£¢¡¨ ©ª«¬®¯﴾ [ [المائدة: ٤٥ . ﴿ §¦¨©ª®¬«¯﴾ [ [يونس: ٤٩ . ﴿ ÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌËÊÉ﴾ [ [لقمان: ٣٤ . = الأم ) « يجوز عليهما أمره في كل نظر لهما كما يجوز عليهما أمر أنفسهما لو كانا بالغين يعالج بغير » للشافعي، ج ٦، ص ١٧١ ). تجدر الإشارة إلى أن الرسول ژ كان يضمن من فعن عمرو بن العاص قال: ،« معرفة » « من تطبب ولم يعلم منه الطب قبل ذلك فهو ضامن ، .« لا خلاف بين العلماء أن من طبب بغير علم فأهلك المريض لزمه ا لضمان » ذلك أنه الفيروزآبادي (صاحب القاموس): سفر السعادة، وهو على هامش كشف الغمة عن جميع الأمة للشعراني، ج ٢، ص ١٨٠ . وانظر أيض ً ا: الحكيم راجي عباس التكريتي: الإسناد . الطبي في الجيوش العربية الإسلامية، وزارة الثقافة والإعلام، العراق، ١٩٨٤ ، ص ٥٤ (١) وإذا كان الإسلام لا يجيز موت الشفقة، فإن محاولة إطالة عمر المريض عن طريق وضع أجهزة للقلب، وللرئة، وبحيث يظل الجسم ممدد ً ا، وبحيث لو فصلت عنه الأجهزة فارق راجع: المقري: القواعد، ) « الحياة المستعارة كالعدم » الحياة، يندرج تحت عموم قاعدة ، تحقيق أحمد بن حميد، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ج ١، ص ٩، ج ٢، ص ٤٨٢ القاعدة رقم ٢٣٩ ). وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بمنظمة المؤتمر الإسلامي إن ما يعتبر حالة ميئوسا من علاجها هو بحسب تقدير الأطباء » :( ١٤١٢ ه ١٩٩٢ م ) ً .« وإمكانات الطب المتاحة في كل زمان ومكان وتبعا لظروف ا لمرضى ً  ﴿ kjihgfedcb ﴾ [ [آل عمران: ١٤٥ . • بل إن أنس ƒ قال: قال رسول الله ژ : لا يتمنين أحدكم الموت » لضرر أصابه. فإن كان لا بد فاعلا ً ، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة ُ  « خيرا لي، وتوفني إذا كانت خيرا لي متفق عليه(١) . ًً  فإذا كان تمني الموت غير جائز، فإن السماح بموت الشفقة يكون ممنوع ً ا وفق ً ا للسنة ا لنبوية المشرفة من باب أولى(٢) .  (١) . صحيح البخاري، ج ٧، ص ١٥٦  ً ا كذلك فإن الاستثنائين الوحيدين اللذين استثناهما أهل العلم (جواز تمني الموت خوف من الفتنة لقول مريم # : ﴿ ¾½¼» ﴾ [ [مريم: ٢٣ ، وتمني الموت شوق ً ا إلى الله،  لقول يوسف : ‰ ﴿ ÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾ ﴾  [ [يوسف: ١٠١ ليس منهما الموت عند اشتداد المرض أو قتل ا لشفقة. (٢) وقد أكد ذلك أئمة وفقهاء ا لمسلمين: وهكذا بخصوص قول صاحب التنبيه فيما إذا ماتت الحامل وفي جوفها جنين لا ترجى في نهاية الفساد بل » حياته أنه يوضع على بطنها ما يموته، أجاب ابن الصلاح أن هذا فتاوى ابن الصلاح، تحقيق د. عبد المعطي ) « الصواب أن يترك حتى يموت من غير ذلك .( قلعجي، دار الوعي، حلب، ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ١٠٨ ، مسألة ١٠٦ إن الحيوان الذي لا يؤكل إذا وصل في المرض حدا لا » : كذلك يقول الإمام القرافي يرجى هل يجوز ذبحه تسهيلا ً عليه وإراحة له من الألم الموجع، الذي رأيته إلا أن يكون ويضيف: « مما يزكى لأخذ جلده كالسباع وأجمع الناس على منع ذلك في حق الآدمي، وإن اشتد ألمه، واحتمل أن يكون ذلك »شهاب الدين القرافي: تنقيح الفصول ) « لشرفه عن الإهانة بالذبح فلا يتعدى ذلك إلى غيره .( في الأصول، المطبعة المنيرية، القاهرة، ١٣٠٦ ه، ص ٢٠٧ ولا شك أن ذلك يتمشى مع ما أكده الدرديري أنه في باب القصاص لا يفرق بين من قتل صحيح ً ا أو مريض ً ا، ولا بين صغير وكبير، وإلا اختلت موازين العدل والإنصاف .( (الدرديري: الشرح الكبير، ج ٤، ص ٣٤١ متى إذا كان الحكم دائرا بين حق الله وحق العبد لم يصح للعبد » : ويقول الشاطبي ً إسقاط حقه إذا أدى إلى إسقاط حق الله، فلأجل ذلك لا يعترض هذا بأن يقال مثلا ً : إن = ولا يوافق الفقه الإباضي على قتل الشفقة أو الرحمة، لأن القاعدة « الإنسان لا يملك بدنه » فيه كما سبق القول هي أن (١) . فأما الدم فلا يجوز لأحد أن يبيح أحد » : يقول الرستاقي ً ا في دمه لا يحل له منه شيء، فكذلك لا تجوز في » : علة ذلك أن دمه ،« ونفسه « نظرنا إباحته فيه لغيره (٢) . كذلك بخصوص سؤال عن المصاب بمرض الإيدز هل يصح قتله لتخليصه من آلامه؟ يقول سماحة المفتي العام لسلطنة عمان: ُ قتل النفس المحرمة بغير حق لا يجوز، فالله تعالى شدد في ذلك حيث » قال: ﴿ ! -,+*)('&%$#" . 76543210/﴾ [ [النساء: ٩٢ ، هذا في قتل الخطأ، ثم قال في قتل العمد: ﴿ c ed onmlkjihgf qp r﴾ [ [النساء: ٩٣ . وقال: ﴿ ! '&%$#" 76543210/.-,+*)( EDCB❁ @? >=<;:9❁ RQPOMLKJIHGF﴾ = حق العبد ثابت له في حياته وكمال جسمه وعقله وبقاء ماله في يده، فإذا أسقط ذلك بأن سلط يد الغير عليه، فإما أن يقال بجواز ذلك له أو لا، فإن قلت لا وهو الفقه كان نقض ً ا لما أصلت لأنه حقه فإذا أسقطه اقتضى ما تقدم أنه مخير في إسقاطه، والفقه يقتضي أن ليس له ذلك، وإن قلت نعم خالفت الشرع، إذ ليس لأحد أن يقتل نفسه ولا أن يفوت ، الشاطبي: الموافقات، مكتبة محمد علي صبيح، القاهرة، ج ٢ ) « عضوا من أعضائه ً .( ص ٢٧٧ ٢٧٨ ا. (١) انظر سابق ً (٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٦٤٤ [ [الفرقان: ٦٨ ٧٠ ، فترون أن الله قرن قتل النفس المحرمة بغير حق بالإشراك به « وبالزنا وهذا مما يدل على خطورة ذلك(١) . لكن جاء في المصنف ما يدل على تخفيف المسؤولية عن قتل الشفقة. يقول ا لنزوي: « ولو قال له: إني قد أصابني مرض شديد فاقتلني فقتله فعليه الدية »(٢) . فالمسؤولية الجنائية ثابتة، بدليل دفع الدية، وإن كانت أخف، لأنه لم يقل بالقود. (١) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى الطبية، إعداد رقية بنت ناصر، ص ٢٣٠ ويذهب رأي إلى ا لقول: اعتبر بعض شراح القانون حالة قتل المريض بإذنه من صور الخطأ المشترك بين الطبيب »والمريض والتي تستتبع تخفيف المسؤولية عن الطبيب لمشاركة المريض فيما حدث له، بينما ذهب البعض إلى أن فعل المريض يستغرق خطأ الطبيب، وتنتفي مسؤولية الطبيب لانتفاء الضرر، أما الفقه الإسلامي فلم يعتبر هذه الصورة من صور الخطأ المشترك، وذلك لحرمة الاعتداء على النفس أو العبث بها حتى ولو كان في آخر حياته أو كان بإذن د. علي عبده محمد: الأخطاء المشتركة « المقتول لأنه إذن فيما لا يملك فبطل تصرفه . وأثرها على المسؤولية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، ٢٠٠٨ ، ص ٤٢٦ وراجع مقالتنا: «Le devoir de respecter le droit à la vie en droit international public», R. Egyptienne DI, 1984, p.9ss. (٢) النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٤٩ . ويبدو أن الشيخ أبو زهرة يخفف مسؤولية قاتل الشفقة. وهكذا بعد أن عرض لاختلاف الفقهاء بخصوص أثر موافقة المجني عليه على القتل أو الاعتداء على الأطراف، يقول: ونحن نرى ابتداء وجوب القصاص، سواء أكان في النفس أم كان في الأطراف ولكن »يجب أن يفتح الباب للنظر في الباعث على الإذن، فقد يكون الباعث على الإذن آلاما ً مبرحة بالآذن، ولم يجد سبيلا ً للراحة منها إلا بأن يموت، كأن يكون مريضا مرضا لم ًً يعرف دواؤه، وهو في آلام شديدة، فأذن لطبيب أو لغيره أن يقتله، فإن الموت في هذه (الحالة) فيه راحة للمقتول، وإن كان غير مباح له إنما الواجب عليه هو الصبر الجميل من غير أنين ولا شكوى إلا لله تعالى الذي خلق الداء وخلق الدواء، ولذا قال ا لنبي ژ : إن » ٍ « الله خلق الداء وخلق الدواء، وجعل لكل داء دواء إلا السام أو الموت . أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١٥٠ وهكذا فالقاعدة العامة في الفقه الإسلامي، بما في ذلك الفقه الإباضي، هي عدم مشروعية قتل الشفقة أو قتل المريض الميئوس من شفائه. ويأخذ بذات الحل الغالبية الساحقة من الفقه الجنائي المقارن والذي يقرر عدم إضفاء المشروعية على القتل الرحيم، ا ستناد ً ا إلى حجج عديدة، منها: أنه لا يسوغ التضحية بالمريض الميئوس من شفائه من أجل  المجتمع: فهذا الأخير صنع من أجل الإنسان، وليس ا لعكس. أن إضفاء الشرعية على القتل الرحيم سوف يفضي إلى شل حركة البحث العلمي في المجال الطبي ويحول دون استحداث طرق جديدة للعلاج والتخفيف من آلام المرضى. فضلا ً عن أنه ليس من مهام الطبيب وضع حد للحياة أو التعجيل بإنهائها، وإنما العلاج وتخفيف ا لآلام. أن هذا الحل سوف يفضي إلى ممارسات تأباها القيم الدينية والأخلاقية، حيث سيعمد أقارب المحتضر إلى التعجيل بلحظة الوفاة إذا كانوا ينتظرون بعدها مغنما ماليا. ً أنه من المتعذر القول من الناحية القانونية بأن رضاء المريض بوضع حد لحياته، بالنظر إلى الظروف التي يصدر فيها، يعد رضاء صادرا ًً عن إرادة حرة: فمن المؤكد أن آلام المرض والحالة النفسية المتدنية تؤثر حتما على إرادته(١) . ً = وفي هذه الحال لا يعد القاتل مجرما إجراما كاملا ً ، ولذا يؤخذ في مثل هذه الحال برأي ًً الشيخ محمد أ بو زهرة: فلسفة العقوبة .« الفقهاء الذين منعوا القصاص والله بكل شيء عليم . في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ص ٢٨١ ٢٨٢(١) راجع: د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري، القسم العام، . ص ٢٥٥ ٢٥٦ ٢ القتل أو الجرح أو الضرب بموافقة المجني عليه: بحث الفقه الإسلامي مسألة إذن أو أمر المجني عليه لشخص آخر بأن يقتله أو يعتدي على سلامة الجسد (كقطع يده، أو رجله، أو ضربه)(١) . وقد عرض المرحوم الإمام الشيخ أبو زهرة لهذه المسألة عرضا جيد ً ا في ً الفقه الإسلامي. ويقول بالنسبة للقتل بإذن المجني عليه توجد أقوال ثلاثة: أولها: قول الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف وأحمد، فقد قالوا: إن الإذن يسقط العقاب، فيسقط القصاص وتسقط الدية، وحجته أن الإذن أسقط (١) رجل قال: بعتك دمي بألف درهم أو بفلس فقتله يجب » : وهكذا جاء في معين الحكام القصاص، ولو قال له: اقتلني فقتله لا يجب القصاص وتجب الدية. وفي التجريد: لا تجب الدية في أصح الروايتين عند أبي حنيفة وهو قولهما، وفي رواية تجب. ولو قال له: اقطع يدي فقطع فلا شيء عليه، وكذا في جميع ا لأطراف. مسألة: وفي المنتقى: لو قال لآخر: اقطع يدي على أن تعطيني هذا الثوب أو هذه الدراهم ففعل لا قصاص عليه وعليه خمسة آلاف درهم وبطل الصلح. ولو قال لآخر: اجن علي ّ فرماه بحجر فجرحه جرحا لا يعيش من مثله فهذا قاتل ولا يسمى جانيا وعليه الدية، ولو ًً جرحه جرحا يعيش من مثله لا يسمى قاتلا ً ، ولو مات من ذلك لا شيء على الجاني. ً ومن هذا الجنس صارت واقعة الفتوى صورتها: رجل قال لآخر: ارم إلي أقبضه وأكسره، ّ فرماه فأصاب عينه فذهب ضوءها لا يضمن شيئ ً ا. مسألة: لو قال لآخر: اقتل ابني وهو صغير فقتله يجب القصاص، وكذا لو قال له: اقطع يدي فقطع يده فعليه القصاص. وفي العيون: لو قال لآخر اقتل أخي فقتله وهو وارثه القياس أنه يجب القصاص وهو رواية عن أبي يوسف. وروى هشام عن محمد عن أبي حنيفة أنه قال: تجب الدية. وفي كفاية البيهقي: جعل الأخ كالابن وقال: القياس أنه يجب القصاص في الكل، والاستحسان تجب الدية. وفي الإيضاح بهذه العبارة في الابن يحتمل أن يكون هذا وجه القياس، ولو قال: اقتل أبي فقتله تجب الدية، ولو قال: اقطع يده فقطع .« يجب القصاص، ولو قال: اقتل عبدي أو اقطع يده ففعل لا شيء عليه الإمام الطرابلسي الحنفي: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام، مطبعة . البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٩٣ ه ١٩٧٣ م، ص ١٨٢ القصاص لمكان الشبهة وأسقط المال لأن الحق يثبت للآذن ابتداء بدليل أنه يورث عنه، وإذا كان قد ثبت ابتداء فالإذن يسقطه. والقول الثاني: أن الإذن يسقط القصاص في القتل ولا يسقط وجوب الدية، وهذا رأي الإمام محمد، وحجته أن الإذن شبهة منعت القصاص، لكنها لا تمنع الدية، لأن العصمة للنفس قائمة لم يسقطها الإذن فإذا مات نتيجة لإذنه فحق الأولياء ثابت فكانت ا لدية. الرأي الثالث: أن العقوبة الكاملة تثبت، فإن كانت العقوبة القصاص فإنه يجب ا لقصاص(١) . أما أثر الإذن في الجرح فقد بينا » : وبخصوص الإذن بالجرح، فيقول أن الاتفاق بين فقهاء الأمصار على الإثم من الآذن والمأذون معا. أما من ً ناحية العقوبة فإنه لا قصاص ولا دية، ولا أرش جراحة عندهم، وقد اتفق على ذلك الأئمة الأربعة كما هو مدون في كتبهم، وذلك لأن الذي يطالب بالقصاص أو الدية أو الأرش هو المجني عليه، وقد أسقط حقه في المطالبة بالإذن ابتداء، فليس له الحق بالمطالبة بالتعويض في أمر قد تم بإرادته. وموضع الخلاف هو ما إذا أفضى الإذن بالجرح أو القتل إلى الموت، فقد قال أبو حنيفة ومالك: إن الفعل يسري عليه حكم القتل العمد، وذلك لأن الإذن لم يكن بالقتل فالفعل الذي أدى إلى الموت كان قتلا ً عمد ً ا بغير إذن. (١) الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٥٥٦ ٥٥٧ ؛ فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ص ٢٧٨ ٢٨٢ . انظر أيض ً ا: عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، . ج ١، ص ٤٤٠ ٤٤٥ ؛ ج ٢، ص ٨٣ ٨٧  إن العقوبة المقدرة بنوعيها » : وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي وأحمد وهي القصاص أو الدية تسقط، لأن الإذن ثابت ابتداء وقضاؤه إلى الموت لا « يجعله غير مأذون فيه، لأن أصل الفعل كان بإذن، فلا يغيره ما أفضى إليه(١) . ا(٢) وقد بحث الفقه الإباضي هذه المسألة أيض ً . يقول النزوي: فإن قال: من قتلني فقد أبرأته أو قال لرجل بعينه: إذا قتلتني فقد عفوت » « عنك أو قطعت يدي أو جرحتني فكل هذا ليس بشيء(٣) . ويضيف أيضا: ً رجل أمر رجلا » ً أن يقتله فقتله فقيل: هو قود به ولا يجوز ذلك لهما. فإن أبرأه من ديته فقد برئ إذا قتله عمد ً ا. ولو قال رجل لرجل: أضربني مائة سوط أو أقل أو أكثر فضربه أو قال: اقطع يدي فقطعها أو قال: اقتلني فقتله كان عليه القصاص إذا فعل ذلك « وقول عليه الدية ولا قود عليه لأجل ا لشبهة(٤) . معنى ذلك: أن مسألة موافقة المجني عليه على أن يقتله آخر أو يعتدي على سلامته الجسدية، يحكمها في الفقه الإباضي قاعدتان: (١) . الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٥٥٧(٢) قال الله تعالى: » : من الأمور الجديرة بالذكر هنا رأى الإمام ابن بركة ﴿ ®¯° ± ﴾ لم يكن أمرا منهم له بقتلهم فيكونوا قد أعانوا على قتل أنفسهم، ويستحق فرعون ً به مدحا إذ سارع إلى طاعتهم، بل كان هذا القول منهم تسليما للقضاء وقنوعا بما أعد الله ً ًً لهم من الجزاء، ومثل هذا مشهور في كلام العرب. وقال أبو سحر الحملي: « فتيقني أني كلفت بكم ثم اصنعي ما شئت من علمي . ابن بركة: الجامع، ج ١، ص ١٤٧(٣) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٥٠(٤) . ذات المرجع، ص ٤٩ الأولى: أن الموافقة ليست ذات أثر بخصوص المسؤولية الجنائية. إذ القاتل أو المعتدي على السلامة الجسدية ارتكب فعلا ً غير مشروع، فالموافقة إذن لا .« فكل هذا ليس بشيء » : تنفي عدم المشروعية. ويتضح هذا من قول النزوي والثانية: ضرورة توقيع عقوبة على الجاني، لكن هنا اختلف الفقه الإباضي إلى ا تجاهين: الأول : يأخذ بالعقوبة البدنية (القصاص). وهو ما يؤكده ما جاء في الجامع ا لمفيد: قلت له: فرجل قال لآخر: اقتلني وأنت في الحل من دمي، فقتله ما » يلزم ا لقاتل؟ قال: معي أنه إذا قصد إلى قتله بغير حق لزمه ا لقود. قلت له: فمال حال ا لمقتول؟ « قال: معي أنه إذا أمر بقتل نفسه فهي كبيرة عندي(١) . والثاني : يرى الاكتفاء بالعقوبة المالية (الدية) واستبعاد العقوبة البدنية (القصاص) لأن رضاء المجني عليه يعد شبهة تستبعد هذه الأخيرة. وهكذا جاء في لباب ا لآثار: وعن رجل قال لرجل: اقتلني فقتله؟ »قال: عليه الدية ولا قود عليه وكذلك لو أمره أن يقطع يده فقطعها أيلزمه « القصاص؟ قال: عليه الدية، وكذلك لو أمره أن يجرحه فجرحه، قال: نعم(٢) . (١) الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٣٠٦ ؛ الجامع المفيد من جوابات أبي . سعيد، ج ٣، ص ٢٢٠ ٢٢١(٢) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، . ج ١٤ ، ص ٢٦٨ كذلك جاء فيه: فيمن قال: اقتلني وأنت بريء من دمي أيحل ذلك؟ »« قال: لا، وعليه ديته(١) . ٣ الانتحار: القاعدة في الإسلام أنه لا يجوز للإنسان أن يعرض نفسه للتهلكة يقول تعالى: ﴿ yxwvu¯srqp ﴾ [ [البقرة: ١٩٥(٢) . كذلك حرم الإسلام الانتحار لأنه إزهاق للروح قبل أجلها المكتوب. ولذلك يقول الله تعالى: ﴿ LKJI (٣) Q PONM ﴾ [ [النساء: ٢٩ . (١) . ذات المرجع، ص ٢٢٥ (٢) يقول ابن حجر ا لعسقلاني: التهلكة والهلك واحد هو تفسير أبي عبيدة وزاد: والهلاك والهلك يعني بفتح الهاء »وبضمها واللام ساكنة فيهما، وكل هذه مصادر هلك بلفظ الفعل الماضي، وقيل: التهلكة ما أمكن التحرز منه، والهلاك بخلافه، وقيل: التهلكة نفس الشيء المهلك. وقيل ما تضر .« عاقبته والمشهور ا لأول ، (الإمام ابن حجر العسقلاني: فتح الباري شرح صحيح البخاري، المرجع السابق، ج ٨ .( ص ٢٠٦ (٣) في تفسير قوله تعالى: ﴿ KJI ﴾ يقول العلامة ابن الجوزي: فيه خمسة أقوال: الأول : أنه على ظاهره، وأن الله حرم على العبد قتل نفسه. والثاني : أن معناه: لا يقتل بعضكم بعض ً ا؛ وهذا قول ابن عباس... (وآخرون). والثالث : أن المعنى: لا تكلفوا أنفسكم عملا ً ربما أدى إلى قتلها، وإن كان فرضا، وعلى ً هذا تأولها عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل حيث صلى بأصحابه جنبا في ليلة ًُ باردة، فلما ذكر ذلك للنبي ژ قال له: «؟ يا عمرو أصليت بأصحابك وأنت جنب » فقال: يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة، وأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فذكرت قوله تعالى: ﴿ KJI ﴾ فضحك رسول الله ژ . والرابع : أن المعنى: لا تغفلوا عن حظ أنفسكم، فمن غفل عن حظها، فكأنما قتلها. هذا قول ا لفضيل بن عياض. = وحرمت السنة النبوية الانتحار. فقد قال رسول الله ژ : من حلف بملة »    غير الإسلام كاذب ً ا متعمد ً ا لهو كما قال ومن قتل نفسه بحديدة عذب في نار ،« جهنموأيض ً ا: الذي يخنق نفسه يخنقها في النار والذي يطعنها يطعنها في » « النار وقال أ يض ً ا: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم ومن » « تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم(١) .  ومن ذلك أن ا لرسول ژ قال: كان فيمن كان قبلكم رجل، به جرح » فجزع، فأخذ سكين ً ا، فخر بها يده، فما رفأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: « بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة(٢) . ولا شك أن كل ما تقدم يدل على أنه لا يجوز للإنسان أن يقدم على إزهاق روحه بنفسه(٣) . = والخامس : .( لا تقتلوها بارتكاب المعاصي (راجع: زاد المسير، ج ٢، ص ٦١ ٦٢ بل إن جانبا في الفقه يستدل بقوله تعالى: ﴿ KJI ﴾ لتأكيد كونها مصدرا ًً لنظرية الضرورة (إلى جانب الآيات الأخرى الصريحة) وذلك لأن المضطر حينما يمتنع عن إنقاذ نفسه إنما يساهم في قتلها، فالنص بعمومه يشمل مثل هذه ا لحالة. انظر: د. يوسف قاسم: نظرية الضرورة في الفقه الجنائي الإسلامي والقانون الجنائي . الوضعي، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٤٠٢ ه ١٩٨٢ م، ص ١٠٣ ١٠٤(١) .١٨١ ، صحيح البخاري، ج ٢، ص ١٢٠ ١٢١ ، ج ٧(٢) انظر: الأحاديث القدسية، ج ١ ٢، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، . ١٤٠٢ ه ١٩٨٢ م، ص ٢٧٧(٣) لذلك يقول الشيخ ا لمراغي: فلا يباح بحال أن يقتل أحد نفسه، ليستريح من الغم وشقاء الحياة، فمهما اشتدت »المصايب بالمؤمن، فعليه أن يصبر ويحتسب ولا ييأس من الفرج الإلهي، ومن ثم لا يكثر تفسير المراغي، ) « بخع النفس (الانتحار) إلا حيث يقل الإيمان ويفشو الكفر والإلحاد .( مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٩٤ ه ١٩٧٤ م، ج ٥، ص ١٩ ويقول ا لبيضاوي: من به ألم لا يطيقه ليس له إهلاك نفسه إلا إذا تيقن الهلاك به كما إذا كان في سفينة » =   وبخصوص قوله ژ : .« من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجيء بها نفسه في نار جهنم » تم تأويل اللفظ الذي ذكره من وجهين: أحدهما: أنه ذكره على سبيل التهديد، وأضمر في كلامه معنى صحيح ً ا، وهو أنه أراد الدخول الذي هو تحلة القسم. قال الله تعالى: ﴿ ` cba ﴾ [ [مريم: ٧١ . والمراد داخلها عند أهل ا لسنة والجماعة.  والثاني: أن المراد بيان جزاء فعله. يعني: أن جزاء فعله دخول النار، ولكنه في مشيئة الله تعالى. إن شاء عفا عنه بفضله، وإن شاء أدخله النار بعدله. وهذا نظير ما قيل في بيان قوله تعالى: ﴿ ihg j ﴾ [ [النساء: ٩٣ أن هذا جزاؤه إن جازاه الله تعالى به، ولكنه عفو كريم يتفضل بالعفو، ولا يخلد أحد ً ا من المؤمنين في نار جهنم(١) . وقد تعرض الفقه الإباضي للانتحار من ناحيتين: يعتبر منتحرا: « فاعل معنوي » الأولى: أن من يموت عن طريق ً يقول النزوي: فإن أمر مجنون » ً ا أو صبيا بقتله فقتله فهو قاتل نفسه ولا قود ولا دية « وكأنه آلة في قتله(٢) . = ، قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، المرجع السابق، ج ٢ « مشتعلة . ص ٩٣٧(١) الإمام الشيباني: الاكتساب في الرزق المستطاب، تلخيص الإمام ابن سماعة، هدية مجلة . الأزهر، رجب ١٤١٦ ، ص ٧٤(٢) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٤٩  وإن أمر عاقل مجنون » : بينما ً ا بقتل نفس المجنون أو الصبي فقتل « المجنون نفسه أو الصبي نفسه بأمر هذا فهو قتله وعليه ا لقود(١) . والثانية: تحريم الانتحار تحت أي ظرف من ا لظروف:  وهكذا بخصوص سؤال: هل يعتبر المنتحر والعياذ بالله قاتل نفس، حرم الله قتلها، ولو وجد نفسه مستهدف ً ا للوقوع في أسر العدو، وخاف أن لا يقوى على احتمال وطأة تعذيبه؟ فهل له أن ينتحر لا حبا في الانتحار، وإنما تفاديا أن يبوح بأسرار تضر بالأمة وتمكن العدو من القضاء على حركة ً مقاومتها؟ يقول البكري: الانتحار محرم في الإسلام على كل حال، فلن يسوغ لأحد مهما قست » عليه ظروفه وأحاطت به المصائب والنكبات وانتحل له في زعمه من أعذار، وإمرار طعم الحياة في فمه، لن يسوغ له أن يبخع نفسه ويجعل بيده حدا لحياته،  ما في ذلك ترخيص ولا هوادة. قال الله تعالى: ﴿ dc mlkjihgfe qp n ّ ى من جبل ro ﴾ [ [النساء: ٩٣ ، وقال ژ : من ترد » فقتل نفسه فهو في نار جهنم يترد ّ ى فيها خالد ً ا مخلد ً ا فيها أبد ً ا، ومن تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالد ً ا مخلد ً ا فيها أبد ً ا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالد ً ا مخلد ً ا فيها أبد ً « ا ، وقال ژ : » بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه « الجنة ، وقال: « من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة » «...(٢) . (١) . ذات المرجع، ص ٥٠(٢) فتاوى البكري، القسم الأول، تحقيق داود بورقيبة، مكتبة البكري، غرداية، . ص ٠٧١ ١١٠ = حري بالذكر أن المنتحر لن يعاقب إذا كان هو وحده الذي قام بالفعل  (فقد مات)، لكن يمكن معاقبته إذا فشل في الانتحار، وذلك عن الشروع فيه (وذلك بعقوبة تعزيرية)، وكذلك يمكن معاقبة من ساعده أو حرضه على  ذلك بوصفه شريك ً ا في ا لجريمة. ٤ الإجهاض: يشكل الإجهاض اعتداء على حياة الجنين. لذلك لا يوافق الفقه ً = ويضيف ا لبكري: هذا، وهناك شبه يعتبرها البعض مبررا لهذه الفعلة الشنعاء، وليست في الحقيقة كذلك، ذلك » َُ ً هو ما يعتري بعض رؤساء الجيش أو أضرابهم من ذوي المسؤوليات العامة الذين يملكون أسرارا ووثائق إذا ما أحس بعضهم بغلبة العدو، وأنه على وشك الوقوع في قبضته، عمد إلى ً الوثائق فأتلفها ثم ينتحر، بعد ذلك، بدعوى تنجية من وراءه لا حبا في الانتحار والموت. هبه أتلف الوثائق، فما بال الانتحار بعد؟ قال: ومن يدري لعله إن وقع بيد العدو، لا يأمن  تحت الضغط والتعذيب أن يبوح بالأسرار، فتهلك الأمة بأسرها، أليس خيرا من ذلك أن ً يهلك نفسه بيده لينقذ غيره؟ قلنا: قد تجوز التقية بالقول لدفع المكروه عن النفس، أما بالفعل فلا، والمنتحر لم يدفع بانتحاره المكروه عن نفسه، بل أنزله بها تنفيذ ً ا لأوهامه واستسلام ً ا لخطرات وساوسه، ﴿ ;:98765432 < ﴾ [ [آل عمران: ١٧٥ . وقصارى ما يفعل به عدوه متى وقع في أسره أن يزهق روحه، وقد لا يبلغ به حد الموت كما توهم. وعليه فما الذي ألجأه أن يستعجل موته بنفسه مختارا؟ ألم يكن خيرا ًً له ما دام خروجه أول الأمر كان لأجل الموت أن يستميت في كفاحه حتى يخر شهيد ً ا في ميدان القتال أو يصبر إن وقع أسيرا على ما يناله من تعذيب، ولا يبوح بشيء وإن ً مات تحت سياط العدو؟ إنه إن فعل ذلك وقع بموته صك بطولته للأجيال تترسم خطاه في ميدان الشرف، ونفخ فيهم روح التضحية والفداء، وبذلك يختم حياته بما يسجل به اسمه في سفر الخلود. بخلاف من إذا استولى عليه الهلع وخانه الجلد واستسلم لفكرة الانتحار فقد أبان عن فسولته، وخبث عنصره ورقة دينه وختم حياته بما يورثه عار الدهر وخزي الأبد، والعياذ بالله، وتلك قاصمة الظهر. عصمنا الله من مزلات الأقدام، ومثلات ذات المرجع، ذات ا لمكان). ) « الأيام الإباضي عليه أبد ً ا، إلا إذا كان ذلك لتحقيق مصلحة أعلى (كإنقاذ حياة ا لأم). يقول الشيخ بيوض: لا يجوز مطلق » ً ا إسقاط الجنين بعد العلوق وإن كان نطقة إلا لضرورة محققة كإنقاذ الأم من هلاك محقق وأنت خبير أن التحقق هنا هو غلبة الظن « عند الخبراء ا لاختصاصيين(١) . وبخصوص سؤال: أنا امرأة حامل وفي بداية الحمل أصبت بنزيف شديد وأخبرني الطبيب بضرورة إجراء عملية إجهاض لأن الطفل مشوه والحوض غير منفتح فوافقت، فما ا لحكم؟ يقول سماحة المفتي العام لسلطنة ع ُ مان: إن كان بقاء الحمل يعرضها للخطر فإنه يسوغ لها أن تتخلص من » الحمل لأجل المحافظة على سلامتها، إذ حياتها حياة متيقنة بينما حياة الجنين حياة غير متيقنة، لأنه كما قلنا من قبل لم يخرج إلى عالم الشهادة، فلذلك لا يحكم عليه من هذه الناحية بحكم الأحياء، والمحافظة على حياة متيقنة أولى من التفريط فيها وعدم المبالاة بها من أجل المحافظة على حياة غير متيقنة، ومن ناحية ثانية فإنها هي الأصل، والجنين فرع، فلذلك أباح العلماء في مثل هذه الحالة أن يضحى بالجنين لأجل سلامتها، وهذا رأي ُ « صحيح(٢) . (١) فتاوى الإمام الشيخ بيوض، مكتبة أبي الشعثاء، سلطنة عمان، ١٤١١ ه ١٩٩٠ م، ُ . ص ٣٩٩(٢) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى الطبية، إعداد رقية بنت ناصر، ص ١٨٧ ¢SOÉ°ùdG ´ôØdG Ωó`dG hQhó`¡e يعرف الفقه الإباضي إهدار حرمة بعض ا لأشخاص(١) . ومن المعلوم أن الإنسان في الإسلام معصوم لسببين: إما بالإيمان (الإسلام) أو الأمان. والأول يعني أن دم المسلم وماله مصون إلا لسبب شرعي يبيح عكس ذلك. أما الثاني فمؤداه إبرام اتفاق بين المسلمين وغير المسلمين يأمن به هؤلاء الأخيرين في أنفسهم وأموالهم، وهو على نوعين: مؤبد (عقد الذمة)، ومؤقت (عقد الأمان والذي يكتسب فيه غير المسلم وصف ا لمستأمن)(٢) . فإذا انتهت مقتضيات الإيمان أو الأمان، فإن الشخص المعنى يصبح بشروط معينة مهدور ا لدم. وقد عرف ا لإباضية هذا الأمر، دليل ذلك ما يلي: ّ « من وجب قتاله فدمه هدر » : أن من قواعدهم الفقهية(٣) . « في قتل من أهدر دمه » تخصيصهم بابا لهذه المسألة، من ذلك باب(٤) . ً • • (١) ويشترط في الجريمة المهدرة شرطان لا يغني أحدهما عن الآخر، » : يقول عبد القادر عودةأولهما : أن تكون الجريمة ذات عقوبة مقدرة، والعقوبات المقدرة محلها جرائم الحدود وجرائم القصاص فقط، أما جرائم التعازير فعقوباتها غير مقدرة. ثانيهما : أن تكون العقوبة متلفة للنفس أي قتلا ً ، أو متلفة للطرف أي قطع ً عبد القادر عودة: التشريع الجنائي « ا . الإسلامي، ج ١، ص ٥٣٢ (٢) راجع: د. أحمد أبو الوفا: أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي، المرجع السابق، ج ١، ص ١٩٩ وما بعدها. (٣) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٤١١ ّ (٤) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٨ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١٦٢ • تأكيدهم أن من شروط معاقبة من يرتكب القتل أن يكون المجني عليه مباح قتله(١) . • بيانهم أن مهدور الدم هو من تتوافر فيه تلك الصفة، وإلا سئل قاتله أو ُ من أصابه عن حدثه.  وهكذا بخصوص سؤاله: وإن تشاهر أنهم تنادوا فأشهروا أسلحتهم عليه قبله فأخذ يذب عن نفسه بغيهم أيكون ما أصاب منهم من جراح أو قتل مهدورا عنه أم عليه فيه شيء من ا لغ ُ رم أم لا؟ يقول ا لخليلي: ً إذا صح بغيهم أهدر عنه ما أصاب، وإذا لم يصح فهو مؤاخذ بحدثه » « وهم مؤاخذون بأحداثهم حتى يصح ما يزيل ذلك عنهم(٢) . كذلك جاء في بيان ا لشرع:  عن رجل دخل عسكرا من عساكر العدو من أهل القبلة فاغتال رجلا » ً ً فقتله وليس ذلك في حين القتال من الفريقين فأقول ليس له ذلك وهو قود به (١) القتل كالجرح إما عمد أو شبهة، أو خطأ، وحد الأول بخروج رمية عمد » : لذلك قيل ً ا من يد مكلف نافذ الأحكام على شخص معين تتكافأ دماؤهما من كل الوجوه، لا بإباحة أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ١١٥ ١١٦ . كذلك قيل: « قتله (وأمر بقتل مباح القتل واعط على قتاله المال واستحضر له ا لأجلا) (وأجرة القتل فرضا لا تحل له وجائز أخذها إن كان منتفلا) (ولا يحل له منع المباح لمن أراد إلا إذا ما قبله دخلا) قوله: وأمر بقتل مباح القتل وأعط على قتله المال قال في النيل وشرحه فإن قتله لكونه باغيا أو طاعن ً ا أو مرتد ً ا والعياذ بالله أو نحو ذلك مما هو حق لله فللمطلوب أن يقتله ولا ً تحل له الأجرة؛ لأن قتله فرض على القادر والأجرة على الفرض حرام، وللمعطي أن يعطيها إذا لم يتأت له قتله إلا بها وأن قتله لكونه منع حقا أو إ نسان ً ا أو غير ذلك فللممنوع من ماله أو إنسانه أن يعطي الأجرة لمن يقتله ليرد ذلك ماله أو إنسانه أو غير ذلك مما الرقيشي: النور الوقاد على علم الرشاد، وزارة التراث القومي « منع منه وللقاتل أن يأخذها . والثقافة، مسقط، ١٤٠٤ ه ١٩٨٢ م، ص ١٢٣ ١٢٥(٢) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ١٩١ ١٩٢ ولو كان المسلمون قد دعوا عدوهم إلى الحق وكرهوا إلا أن يكون المقتول « منهم إمامهم أو قائدهم فإن دمه هدر ولا دية ولا قود على من ا غتاله(١) . وهكذا يشترط في مهدور الدم أن تتوافر فيه الصفة المبيحة لإهدار دمه وقت وقوع النتيجة، لا قبل ولا بعد(٢) . وندرس بعض مهدوري الدم في الفقه الإباضي، وهم: المحاربون، والبغاة، والمرتدون، والحربيون، وأشخاص آخرون. :(3)¿ƒHQÉëªdG (CG  بحث الفقه الإباضي المحاربين (وهم يعادلون أيض ً ا ما هو معروف الآن من حيث الجزاء (« مرتكبي الأعمال الإرهابية » أو « الإرهابيين » تحت اسم واجب التطبيق، والقواعد التي تحكم ا لمسألة. (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ٧٠ ، ص ١٣٠ (٢) بحث الفقه الإسلامي هذه المسألة أيض ً ا عند تغير حال ا لشخص: إذا تعين حال المرمى أو الرامي بين الرمي والإصابة، فهل الاعتبار بحال الإصابة أم »بحالة الرمي أم يفرق بين القود والضمان أم بين أن يكون الرمي مباحا أو محظورا فيه ًً للأصحاب أوجه يتفرع على ذلك مسائل: (منها) لو رمى مسلم ذميا أو حر عبد ً ا فلم يقع بهما السهم حتى أسلم الذمي وعتق العبد ثم ماتا فهل يجب القود أم لا؟ على وجهين؛ أحدهما: لا يجب لفقد التكافئ حين الجناية وهو حالة الإرسال فهو كما لو رمى إلى مرتد فأسلم قبل الإصابة. والثاني: .« يجب . ابن رجب الحنبلي: القواعد، ص ٢٩١ ٢٩٢ وقد بحث الفقه الإباضي هذه المسألة أيض ً ا. يقول ا لبطاشي: ومن رمى عبد » ً ا أو مشرك ً ا فأصابته رمية بعد عتق أو إسلام لزمته دية الحر أو الموحد وقيل: يقتل به إن كان معاهد ً ا وإن رمى مشرك موحد ً .« ا فارتد الموحد قبل وصولها لم يقتل به . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٩٣ (٣) ، أطفيش: تيسير التفسير، ج ٤، ص ١٩ « المكابرة باللصوصية » : يطلق عليهم رأي، اسم = ١ جزاء ارتكاب أفعال الإرهاب الدولي: يحكم جزاء ارتكاب أعمال إرهابية باعتباره أقرب النصوص القرآنية في هذا الخصوص قوله تعالى بخصوص ا لحرابة: ﴿ UTSRQPONMLK `_^]\[ZYXWV n mlkjihgfedcba ❁ }|{zyxwvutsrqp ﴾ [ [المائدة: ٣٣ ٣٤ . قيل: إنها نزلت في الأسلميين، أصحاب أبي بردة، نقضوا عهد رسول الله ژ (١) . وقال بعضهم: في العرنيين، قال ابن ماجه إلى أنس إن أناسا من ً عرينه قدموا على عهد رسول الله ژ فاجتووا المدينة، فقال: لو خرجتم » « إلى ذود لنا فشربتم من ألبانها وأبوالها ففعلوا، فارتدوا عن الإسلام وقتلوا راعى رسول الله ژ واستاقوا ذوده، فبعث رسول الله ژ في طلبهم فجيء بهم، وقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم بالحرة حتى = ،« قطاع الطرق والمنقلبون على الإمام والمفسدون في الأرض » : ويسميهم آخرون النفر يكونون بالمرصاد على » ويسميهم النزوي ،« الراصدين للطريق » : ويسميهم ابن جعفر .« طريق المسلمين فيقطعون بالناس ا لطريق راجع على التوالي: أبو إسحاق الحضرمي: الدلائل والحجج، ج ١ ٢، ص ٦٥٠ ؛ ابن . جعفر: الجامع، ج ٨، ص ١٩ ؛ النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٧٤ ويسميهم الماوردي: قطاع الطرق ومخيفو السبيل (نصيحة الملوك المنسوب لأبي الحسن اللصوص يكونون بالمرصد في طريق المسلمين، » الماوردي، ص ٣٢٨ ). وقيل: هم . الرستاقي: منهم الطالبين، ج ٥، ص ٢٠١ « يتعرضون الناس بالظلم (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٧٢ ُِ ماتوا، أي: أح ْ مي َت ْ لهم مسامير وكويت بها أعينهم، وذلك أنهم سملوا عين ا لراعي(١) . ِ وقال ابن ماجه إلى عائشة إن قوما أغاروا على لقاح ِ رسول الله ژ ، ً فقطع ا لنبي ژ أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم(٢) . َ وقد ذهب المسلمون في تأويل هذه الآية إلى ا لقول: إنها عامة لمن بعدهم بأن من اعترض سبيل المسلمين بإراقة الدماء » « وأخذ الأموال في التحريم بذلك منهم أن الإمام يطلبهم بذلك(٣) . اتفق الأئمة على أن من برز وأشهر السلاح مخيف » : لذلك قيل ً ا للسبيل خارج المصر بحيث لا يدركه الغوث؛ فإنه محارب قاطع للطريق جار عليه ٌ « أحكام ا لمحاربين(٤) . وبديهي أن الآية تحرم ارتكاب الإرهاب (الحرابة) سواء ضد المسلمين أو غير ا لمسلمين: وإذا قطع المسلمون على أهل الذمة، حدوا حدودهم لو » : يقول الشافعي قطعوا على المسلمين، إلا أني أتوقف في أن أقتلهم إن قتلوا، أو أضمنهم ا لدية. وقال أبو ثور: نحكم عليهم على من قطعوا، على مسلمين أو ذميين « وكذلك نحكم عليهم مسلمين كانوا أو ذميين(٥) . (١) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٤٤(٢) ذات المرجع، ذات ا لموضع. (٣) ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، المرجع السابق، ص ٥٨ ؛ الكندي: بيان الشرع، المرجع . السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٠٩ ؛ النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٧٢(٤) . الإمام الشعراني: الميزان الكبرى، المطبعة العامرة الشرقية بمصر، ١٣١٨ ه، ج ٢، ص ١٤٨(٥) الإمام الحافظ النيسابوري: الإشراف على مذاهب أهل العلم، تحقيق محمد نجيب سراج . الدين، ج ١، إدارة إحياء التراث الإسلامي بدولة قطر، ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ص ٥٣٨ ٥٣٩ ويأخذ بهذا الاتجاه الأخير أيضا الإمام ابن حزم؛ حيث يقرر: ً قطع الطريق من المسلم على المسلم وعلى الذمي سواء، وذلك لأن » الله تعالى إنما نص على حكم من حاربه وحارب رسوله ژ وسعى في الأرض فساد ً « ا، ولم يخص بذلك مسلم من ذمي(١) . ويرى ابن قدامة أن أحكام المحاربة تثبت بشروط ثلاثة(٢) .  ﻝﻮﻘﻳﻭ ﻮﺑﺃﺪﺒﻋ ﷲﺍ ﻲﻤﻟﺎﺴﻟﺍ(٣): ﺪﺣ ﻪــﺑ ﻥﺁﺮﻘﻟﺍ ﻢــﻬﻴﻓ ﺪﻗﻖﻄﻧ ﻦــﻴﺑﺭﺎﺤﻤﻠﻟﻭ ﻉﺎــﻄﻗﻕﺮــﻄﻟﺍ ﺩﺎــﺒﻌﻟﺍﻭ ﺙﺮــﺤﻟﺍ ﻙﻼــﻬﺑﻭ ﻦﻣﻭ ﻰﻌﺳ ﻲﻓ ﺽﺭﻷﺍ ﺩﺎﺴﻔﻟﺎﺑ ﻪــﻴﻓ ﺩﻭﺪــﺣ ﷲﺍ ﻙﺍﺫ ﺬــﻔﻨﻤﻟﺍ ﻮــﻬﻓ ﻦــﻣ ﻦــﻴﺑﺭﺎﺤﻤﻟﺍﺬــﻔﻨﻳ  (١) . ابن حزم: المحلى، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ج ١١ ، المسألة ٢٢٥٩ ، ص ٣١٥ (٢) هي الشروط ا لآتية: ١ أن يقع الفعل منهم في الصحراء وليس في المصر لأن قطع الطريق إنما يكون في الصحراء ولأن من في المصر يلحق به الغوث غالبا فتذهب شوكة ا لمعتدين. ً وذهب رأي آخر (كثير من الحنابلة والأوزاعي والليث والشافعي وأبو ثور وأبو يوسف) إلى القول بأنه قاطع لتناول الآية بعمومها كل محارب ولأن ذلك إذا وجد في المصر كان أعظم خوف ً ا وأكثر ضررا فكان بذلك أولى. ً ٢ أن يكون معهم سلاح فإن لم يكن معهم سلاح فغير محاربين لأنهم لا يمنعون من ِِ يقصدهم، وإن كان أبو حنيفة يرى أنه إذا كان معهم عصي أو حجارة فليسوا محاربين لأنه لا سلاح معهم. ٣ أن يأتوا مجاهرة ويأخذوا المال قهرا، لأنهم إن أخذوه مختفين فهم سراق وإن ً اختطفوه وهربوا فهم منتهبون لا قطع عليهم. راجع: ابن قدامة: المغني والشرح الكبير، . ج ١٠ ، ص ٣٠٣ ٣٠٤ معنى ذلك، في رأينا، أن ابن قدامة يشترط شروط ً ا ثلاثة لتوافر وصف المحارب، تتعلق: بمكان ارتكاب الفعل، وبالأدوات المستخدمة، وبكيفية ارتكاب ا لفعل. (٣) . أبو عبد الله السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ٣ ٤، ص ٢٠٢  وقد فسر الفقه الإباضي آية الحرابة تفسيرا رائعا، كما يلي: ً ً أ) قوله تعالى: ﴿ PONMLK ﴾ [ [المائدة: ٣٣ : ،« الذين لا تحل دماؤهم » ( أي: الذين يحاربون المسلمين (الموحدين تعظيما، كما أن في « الله » فمحاربة المسلمين محاربة لرسول الله ژ وذكر ً « جعل محاربة المسلمين محاربة لله ورسوله تعظيم لهم »(١) . ب) قوله تعالى: ﴿ TSRQ ﴾ ؛يعني: « يعملون فيها بالمعاصي، بالقتل وأخذ ا لأموال »(٢) .  يأخذ أشكالا » : كما أن السعي بالفساد ً مختلفة، وله أساليبه المتعددة قديما ً وحديث ً ا، والتعبير بالسعي يدل على القصد والعمد، لا يتحقق إلا بالتخطيط  والتدبير الحازم من طرف هذه العصابات المجرمة، فكل ما يقره الشرع والعقل  وكذا العرف بأنه فساد في الأرض فهو يندرج في مفهوم هذه الجملة، أيا كان « نوعه أو مجاله، برا أو بحرا أو جوا، مما تشمله دائرة السلطة المسلمة ا لحقة(٣) . ً ولا شك أن الإرهاب هو فساد في الأرض، بل هو من أعظم ا لفساد. ج) قوله جل شأنه: ﴿ [ZYXWVU ^]\ ﴾ : يقول الوارجلاني: واختلف العلماء في ظاهر هذه الآية وباطنها. فمن قائل: إنها على » ظاهرها. فمن وقع عليه اسم الحرابة: الإمام مخير في جميع ما ذكرنا من (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٤، ص ١٨(٢) البسيوي: جامع أبى الحسن البسيوي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ص ١٨٣ ؛ أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ . الكفاية في تفسير خمسمائة آية، ج ١، ص ١٢٧(٣) . الشيخ محمد كعباش: نفحات الرحمن في رياض القرآن، ج ٤، ص ١٨ هذه المعاني التي نص الله عليها، من القتل والصلب وتقطيع الأيدي والأرجل من خلاف والنفي. وبعض يقول: إن الآية مرتبطة بلحن الخطاب، وقوله: ﴿ TSRQPONMLK VU ﴾ إذا قتلوا أحد ً ا من بني آدم، كائن ً ا ما كان، فيقتلون به جميع ً ا، أو يصلبون إذا قتلوا وهم مشركون، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، إذا « لم يقاتلوا النفوس، لكن أخذوا الأموال أو ينفوا من ا لأرض(١) . (١) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٧١ وما بعدها؛ معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٤٥ ؛ الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد ّ . على علم الرشاد، ص ١١ ١٢ للترتيب (للتفصيل والتبعيض) أي: ترتيب الجزاء على « أو » والراجح في الفقه الإباضي أن قدر ا لجريمة: التي في قوله تعالى: « أو » وليس من التخيير » ﴿ PONMLK ^]\[ZYXWVUTSRQ _` ba ﴾ [ [المائدة: ٣٣ كذا قيل، فهي عند « بل » ، وإنما هي في الآية بمعنى هذا القائل كالتي في قوله تعالى: ﴿ qpon ﴾ [ [البقرة: ٧٤ ، فيكون المعنى: بل يصلبوا إذا وقعت المحاربة بقتل النفس وأخذ المال، بل تقطع أيديهم إذا أخذوا المال فقط، بل ينفوا من الأرض إذا خوفوا ا لطريق. في الإنشاء للتخيير ثبت التخيير في كل نوع من أنواع قطع « أو » وقال مالك: لما كانت الطريق بقوله تعالى: ﴿ ^]\[ZYXWVU _ ` ba ﴾ [المائدة: ٣٣ [ ، وأجيب بأنه تعالى ذكر الأجزية مقابلة لأنواع الجناية، والجزاء مما يزداد بازدياد الجناية وينقص بانتقاصها، وجزاء سيئة سيئة ٌ مثلها، فلا يليق مقابلة أغلظ الجناية بأخف الجزاء ولا العكس، فلا يجوز العمل بالتخيير الظاهر من الآية، فوزعت الجملة المذكورة عادة حسب ما تقتضيه المناسبة، فالقتل جزاؤه القتل، والقتل والأخذ جزاؤه الصلب، والأخذ جزاؤه قطع اليد والرجل من خلاف، والتخويف جزاؤه الإمام السالمي: كتاب طلعة الشمس، ج ١، ص ٤٣٩ ٤٤٠ . ويقول أيض « النفي ً ا: إن اعتبار راجع: السالمي: معارج الآمال، المقدمات، « مذهب أصحابنا » للتفصيل والتبعيض هو « أو »ص ٧٦ ٧٧ ، راجع أيض ً ا: جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤٤٧ ٤٤٨ ؛ سالم بن ؛ خلفان: المرجان في أحكام القرآن، ج ٣، ص ٣٦ ٣٧ ؛ ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ٢٠ = د) قوله تعالى: ﴿ _` ba ﴾ (١) : أي: يدومون في طلبه والبحث عنه » ،( يقول أطفيش: (ونفوه من الأرض والإرسال على من نزل عنده أو في حريمه بإرسال أو بإخراج الحق منه فيفعل فذلك المطلوب، أو يسمع أو يطلب فيهرب وهكذا كل ما نزل (حتى لا يأمن في بلاد الإسلام) شبه مطالبته والبحث وراءه بنفيه من الأرض لجامع أن في الكل تبعيده من الأرض، وهي الأرض التي شرع في التهيؤ « فيها للبغي، وكذا كل أرض نزلها(٢) . = أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ٥٢١ ٥٢٢ ؛ الماوردي: الأحكام السلطانية، دار . الكتاب العربي، بيروت، ص ١٢٤ ؛ النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٧٤ ٢٧٧ (١) بخصوص هذه الآية يلخص رأي مختلف الاتجاهات في تفسيرها، بقوله: النفي من الأرض هو إبعاد المجرم من المكان الذي هو وطنه إلى مكان بعيد واختلف »الفقهاء في المقصود من نفي المحارب في هذه ا لآية. فقال أبو الشعثاء: إن النفي هو أن ينقل من جند إلى جند، أي: من بلد إلى بلد سنين، ولا يخرج من دار الإسلام. نقل ذلك ابن كثير. وهو قول سعيد بن جبير والحسن والزهري والشافعي وغيرهم. وقال عمر بن عبد العزيز: ينفى من بلد إلى غيره مما هو قاص بعيد، وقال أبو الزناد: كان النفي قديما إلى دهلك ً وباضع، وهما من أقاصي البلاد من اليمن والحبشة. القول ا لثاني: هو أن ينفى المحارب إلى دار الحرب، وذلك بأن يطلب حتى يقدر عليه فيقام عليه الحد، أو يهرب من دار الإسلام. روى هذا عن ابن عباس وأنس بن مالك والربيع بن أنس. وقال فريق ثالث: إنه يسجن، فينفى من سعة الدنيا إلى ضيقها، ويحبس حيث يرى الإمام، وقال بهذا أبو حنيفة وإبراهيم ا لنخعي. وقال الإمام مالك: ينفى إلى بلد آخر غير البلد الذي يستحق فيه العقوبة فيحبس هناك، « ولا يضطر إلى الخروج من دار ا لإسلام يحيى بكوش: فقه الإمام جابر بن زيد، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٧ ه ١٩٨٦ م، . ص ١١٤ (٢) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٦١٧ . وجاء في معجم مصطلحات اختلفوا في النفي فقال بعضهم: النفي أن يطلبوا حتى لا يأمنوا على » : الفقه الإباضي = وهناك اتجاه آخر قال به أبو حنيفة يرى أن النفي: أن يسجنوا حتى يؤمن فسادهم، كما قال محبوس في مكان ضيق طال فيه حبسه(١) : خرجنا عن الدنيا وعن وصل أهلها فلسنا من الأحياء ولسنا من ا لموتى إذا جاءنا السجان يوما لحاجة عجبنا وقلنا: جاء هذا من ا لدنيا ً ه) ق وله ٤ : ﴿ {zyxwvutsrqp }| ﴾ [ [المائدة: ٣٣ : معنى ذلك: أنه يجب التفرقة بين أمرين: الأول: أن يتوب المحاربون قبل القدرة عليهم، وذلك إذا كانوا قد شرعوا وبدأوا في المحاربة وارتكاب أعمالهم الإرهابية، لكنهم رجعوا عن ذلك قبل أن يتمكن منهم الإمام أو غيره من سلطات الدولة ا لإسلامية. في معنى قريب جاء في منهج الطالبين أنهم يكونون كذلك: « وذلك إذا ألقوا بأيديهم من بعد المحاربة، من قبل أن يقدر عليهم »(٢) . وإن تاب) المحارب (قبل أن يقدر) بالبناء للمفعول )» : ويقول أطفيش ُ (عليه) وكيفية توبته أن يترك ما كان عليه من الحرابة ولو لم يأت الإمام، وقيل: أن يترك ما كان عليه ولو لم يأته معترف ً ا بالتوبة (هدر عنه) في الحكم = أنفسهم في شيء من بلدان المسلمين. وقال آخرون: أن يسجنوا أو ينفوا من على وجه الأرض حتى يؤمن فسادهم. وقال الإمام جابر بن زيد: ويكون النفي بأن ينقل من بلد إلى ، معجم مصطلحات الفقه الإباضي، المرجع السابق، ج ١ « بلد، ولا يخرج من دار الإسلام . ص ٢٤٥ ٢٤٦ (١) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٧٩٠ ؛ تيسير التفسير، تفسير سورة المائدة، الآيتان ٣٣ ٣٤ ، ص ٢١ ٢٢ ؛ الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، . مج ٢، ج ٣، ص ٧٢ (٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٠١ (ما أصاب في محاربته) من مال أو نفس إلا ما وجد بيده، وقيل: لا يهدر عنه إلا أنه لا يقتل ولا يقتص منه، وقيل: لا يؤخذ ما بيده من مال الناس إن « تاب من شرك (١) .  والثاني: أن يتوب المحاربون بعد القدرة عليهم، ويفترض ذلك أنهم بعد أن ارتكبوا أعمالهم الإجرامية استطاع الإمام أو سلطات الدولة القبض عليهم. والذي تاب بعد أن قدر عليه هو الذي تاب بعد الظفر » : يقول الصبحي « والسبي والقهر(٢) .  (١) ولا بد من ا لق » : أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٧٨٧ . كذلك قيل َود َ على قطاع الطرق، وما قيل فيهم خاصة أن من تاب منهم قبل أن يقدر عليه وأعطى الحق من نفسه فمختلف للإمام في رفع الحدود عنه بالتوبة إلا إذا كان مشرك ً ا، فرفع ما أحدثه قبل الإسلام مجتمع عليه أو مستحلا فكذلك بالتوبة على الأشهر. وبقي الاختلاف في المحرم وحده، والأصل في ذلك تعارض النظر في مفهوم قوله تعالى: ﴿ utsrqp wv ﴾ [ [المائدة: ٣٤ فقيل فيها بالعموم، وفي الكشاف يروى عن علي بن أبي طالب أنه قد أخذ بذلك وقد عمل به بعض الأئمة من عمان وقيل: إنها خاصة في المرتدين وذلك ُ « معروف بالنزول، لأنها أنزلت في قوم حاربوا الرسول، وكان هذا القول أشبه بالأصول سعيد بن خلفان الخليلي: إغاثة الملهوف بالسيف المذكور في الأمر بالمعروف والنهي عن . المنكر، رسالة ماجستير للطالب/ صالح الربخي، جامعة آل البيت، ١٩٩٨ م، ص ١٩٤ ١٩٥ انظر أيض ً . ا ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٨، ص ٢٢(٢) الصبحي: كتاب الجامع الكبير، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٧ ه ١٩٨٦ م، ج ٣، ص ١٧٤ . وبخصوص مسألة: وما صفة من إذا ألقى بيده إلى المسلمين لم يقتل ولم يؤخذ بشيء؟. وما صفة من يقتل ولا يعفى عنه؟ وما صفة من يؤخذ بما عليه حارب ويهدر عنه ما أصاب في المحاربة؟ تمت ا لإجابة: أن الذي ألقى بيده تائبا أهدر عنه جميع ما أصابه إذا كان مستحلا » . ً وان كان محرما ففي جواز الإهدار عنه اختلاف وهذا إذا ألقى بنفسه تائبا قبل أن يقدر ً عليه ولم يكن قتل أحد ً ا بنفسه ولا لزمه حد من حدود ا لله. فهذا الذي يهدر عنه ما أصاب في المحاربة من غير القتل والحد. = ويقول الوارجلاني: وأما إن وقعت المحاربة بيننا وبينهم، ولم يذعنوا » لحق الله 8 فيهم، حتى قتلوا منا رجالا ً ، وقتلنا منهم رجالا ً ، وأكلوا الأموال وأفسدوها. فإن قدرنا عليهم قبل أن يتوبوا، أجرينا عليهم حد الحرابة، « وقتلناهم عن آخرهم(١) . وقد بين أطفيش ما تقدم ذكره بقوله: وإن تابوا بعد القبض عليهم لم يسقط عنهم ذلك إلا المشرك فيسقط » عنه بالتوحيد ولو وحد بعد القدرة عليه، ولا يطالب بمال ولا نفس، وقيل: لا يطالب الموحد بمال ولا نفس إن تاب قبل القدرة عليه، إلا إن وجد مال بعينه لمعلوم، وبهذا حكم على في حارثة بن بدر؛ إذ خرج  محاربا مفسد ً ا وتاب قبل القدرة وقبل توبته، وكتب له الأمان وبه قال ً السدي .  وإن تاب المشرك قبل القدرة عليه عن السعي فساد ً ا ولم يوحد لم يحكم  عليه  بتلك الأحكام المذكورة في الآية، بل يحكم عليه بما استحقه من جزية  أو قتل أو إنذار إن لم يبلغه، فلا تدل الآية بقيد القبلية على أنها في الموحدين من حيث إن الموحد يدفع عنه توحيده القتل مطلق ً ا، والغفران يعم عدم الجزاء بتلك الأحكام في الدنيا، والرحمة تعمه دنيا، أو هما له في الآخرة إن تاب عن ذلك ووحد، ولو وحد قبل القدرة ولم يتب عن ذلك السعي فهو كغيره من القطاع إن عاود السعي بعد التوحيد، ثم المفهوم إذا « كان فيه تفصيل لا ينقض عموم ا لكلام(٢) . = ذات « وأما إن كان قتل وألقى بنفسه تائبا فللإمام فيه التخيير بين القتل والعفو والله أعلم ً . المرجع، ص ١٧٣ ١٧٤(١) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٧٣ ٧٤(٢) . أطفيش: تيسير التفسير، تفسير سورة المائدة، الآيتان ٣٣ ٣٤ ، ص ٢٢ ٢٣ وقد حدد ابن رشد كيفية التوبة التي تؤدى إلى تطبيق هذا ا لاستثناء(١) . ٢ القواعد التي تحكم وضع المحاربين: أشار الفقه الإباضي إلى قواعد ثلاث خاصة بالإرهاب، هي: (١) يقول ابن رشد: وأما صفة التوبة التي تسقط الحكم فإنهم اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال: أحدها أن توبته »تكون بوجهين أحدهما: أن يترك ما هو عليه وإن لم يأت الإمام، والثاني أن يلقى سلاحه ويأتي الإمام طائع ً ا، وهو مذهب ابن القاسم. والقول الثاني: أن توبته بأن تكون بأن يترك ما هو عليه ويجلس في موضعه ويظهر لجيرانه، وإن أتى الإمام قبل أن تظهر توبته أقام عليه الحد. وهذا هو قول ابن الماجشون. والقول ا لثالث : أن توبته إنما تكون بالمجيء إلى إلإمام، وإن ترك ما هو عليه لم يسقط ذلك عنه حكما من الأحكام إن أخذ قبل أن يأتي ً الإمام، وتحصل ذلك هو أن توبته قيل إنها تكون بأن يأتي الإمام قبل أن يقدر عليه، وقيل: بأنها إنما تكون إذا ظهرت توبته قبل القدرة فقط، وقيل: تكون بالأمرين جميعا. ً وأما صفة المحارب الذي تقبل توبته، فإنهم اختلفوا فيها أ يض ً ا على ثلاثة أقوال: أحدها: أن يلحق بدار الحرب. والثاني: أن تكون له فئة. والثالث: كيفما كان كانت له فئة أو لم تكن لحق بدار الحرب أو لم يلحق. واختلف في المحارب إذا امتنع فأمنه الإمام على أن ينزل: ابن « فقيل له الأمان ويسقط عنه حد الحرابة، وقيل: لا أمان له لأنه إنما يؤمن المشرك . رشد: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ط البابي الحلبي، القاهرة، ج ٢، ص ٤٥٧ ٤٥٨ وأما ما تسقط عنه التوبة فاختلفوا في ذلك على أربعة أقوال: (أحدها): أن التوبة إنما تسقط عنه حد الحرابة فقط، ويؤخذ بما سوى ذلك من حقوق الله وحقوق الآدميين، وهو قول مالك. (والثاني) : أن التوبة تسقط عنه حد الحرابة وجميع حقوق الله، ويتبع بحقوق الناس من الأموال والدماء إلا أن يعفو أولياء المقتول. ُ (والثالث) أن التوبة ترفع جميع حقوق الله ويؤخذ بالدماء، وفي الأموال بما وجد بعينه في أيديهم ولا تتبع في ذممهم. (والرابع) أن التوبة ترفع جميع حقوق الله وحقوق الآدميين من مال ودم إلا ما كان من الأموال قائم العين بيده. انظر: المجموع شرح المهذب، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ٣٤٧ ؛ ابن رشد: بداية المجتهد . ونهاية المقتصد، ج ٢، المرجع السابق، ص ٤٥٧ ٤٥٨ أولا ً : الحق في مقاومة الإرهابيين: هذا أمر طبيعي، وهو يدخل في إطار القاعدة العامة التي تعطي للأفراد والدول الحق في الدفاع الشرعي ضد عدوان حال. إن سار قوم بطريقهم فرأوا مخوف » يدل على ذلك ما جاء في شرح النيل ً ا « فلهم جمع أموالهم وأصحابهم وأخذ في هيئة حرب وقتال(١) . ثانيا: الحق العام في العقوبة عند ارتكاب أعمال إرهابية: ً من المعلوم أن ارتكاب فعل غير مشروع يرتب حقين: الأول: حق المجني عليه بخصوص الضرر الذي لحق به. والثاني: الحق العام (أو حق الله) في ضرورة توقيع العقاب بسبب الانتهاك ا لواقع. والحق الأول يمكن لأصحابه التنازل عنه، أما الحق الثاني فلا يجوز للأفراد أن يتنازلوا عنه. وعن رجل سرق وقطع الطريق » : في هذا المعنى جاء في بيان الشرع فقامت عليه العدول فأخذه الإمام فجاء أصحاب السرقة فعفوا عن السارق هل (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٦٢٥ ومعنى ذلك (ذات المرجع، ذات ا لموضع): (إن سار قوم بطريقهم) أو كانوا في منزلهم أو بلدهم أو غير ذلك (فرأوا مخوف ً ا فلهم جمع أموالهم وأصحابهم) ولو بإسراع المشي ولهم الانضمام إلى حيث كان مالهم أو أصحابهم ولو بإسراع، ولهم الانضمام إلى غير جهة الخوف، سواء كانوا في ذلك الموضع بطاعة أو معصية أو مباح إلا إن كانوا مطلوبين في حق عليهم فلا يحل لهم قتال صاحب ولا الأخذ في هيئة الحرب بعد علم بأن المخوف صاحب ا لحق. (و) جاز لهم (أخذ في هيئة حرب وقتال) من نحو إحضار السلاح بلا توجيه إلى المخوف .« وركوب الخيل وتصفيف الصفوف وتركيب السهام في ا لأقواس للإمام أن يخلى سبيله؟ قال: لا، ولكن يقيم عليه حد ما فعل من ذلك لأن الحق ليس لأصحاب المال إنما الحق لله فلا بد من إقامة الحد وإنما لأصحاب المال مالهم إذا وجد بعينه وإن لم يوجد فليس على السارق « غرم(١) . ثالث ً ا: لا تزر وازرة وزر أخرى حتى في إطار الأعمال الإرهابية: معنى هذه القاعدة أمران: الأول: أن من يرتكب أعمالا ً إرهابية يسأل، وليس غيره، عنها. وهذا أمر واضح لا يحتاج إلى أي تعليق. والثاني: أنه لا يجوز توجيه أعمال العنف ضد الأبرياء. يؤيد ذلك أنه بخصوص السؤال الآتي: إن ارتكاب أعمال الإرهاب يبرره أن الآخرين يقتلون أبناءه ونساءه وأطفاله فلا بد أن يواجههم أيضا بالمثل، وبعضهم ً خصص ذلك بالنسبة للكافرين، فما دام الكفار يفعلون مع أبنائه وأطفاله نفس تلك الأفعال، فلا بد أن يواجهوا بالمثل، هل هذه الحجة صحيحة؟ فقد أجاب مفتي عام سلطنة عمان: ُ لا، وألف لا، فإن المسلم الذي هو صحيح الإسلام من شأنه الرفق، » ومن شأنه الرحمة، فهو لا يعتدي على من لم يعتد عليه، وما ذنب هذا الطفل الذي ولد على الفطرة؟! فإن كل مولود يولد على الفطرة كما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله ژ : كل مولود يولد على الفطرة، وإنما » « أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه (رواه البخاري ومسلم). فما ذنب هذا المولود الذي ولد على الفطرة، ولم يبلغ الحلم، ولم يرتكب شيئ ً ا من المنكرات، ولم يقارف شيئ ً ا من الأوزار، ولم يعتد على (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٣١ حرمة أحد من الناس حتى تنتهك حرمة حياته ويودي بها؟! فما الداعي إلى ذلك؟! ما ارتكبه غيره من حماقات لا ينعكس أثره عليه؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: ﴿ °± ³²´ ﴾ [ [فاطر: ١٨ . ثم مع هذا كله هب أن أولئك تنكروا لإنسانيتهم، وفعلوا ما فعلوا من هذه الأعمال الوحشية بالمسلمين، فهل المسلمون في مثل هذه الحالة يتنكرون لإنسانيتهم أيض ً ا « ويتجردون من معاني هذه الإنسانية؟! لا، وألف لا(١) . :IɨÑdG (Ü حروب البغي تقع بين المسلمين، ذلك أن الحرب إن وقعت بين دولة مسلمة وأخرى غير مسلمة فإنها تصبح حربا دولية. ً وندرس المسألة بالإشارة إلى المقصود بالبغاة، ومشروعية قتالهم، والقواعد التي تحكم ذلك. ١ المقصود بالبغاة: نقصد بالبغاة في هذه الدراسة تلك المجموعة المسلحة، تحت إمرة قائد لهم، التي تملك من القوة ما يمكنها من مناوئة سلطات الدولة ا ستناد ً ا إلى تأويل يصرحون به. بعبارة أخرى يشترط في البغاة توافر الشروط ا لآتية: (١) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: لقاءات الفكر والدعوة، المجلد الأول، ص ٣٨٨ ٣٨٩ راجع أيضا قول المفتي العام لسلطنة عمان: بخصوص قتل الأطفال والنساء وتشريد ًُ الإسلام براء من كل ذلك، فإن الإسلام يدعو أتباعه إلى الرحمة في أي موقف » : الآمنين في د. خلفان الشعيلي: مؤسسة الإفتاء والتحولات الحضارية في عمان، ،« من المواقف ُ . ندوة فقه النوازل وتجديد الفتوى، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ص ٥٥٥ ُ الباب الثالث: المسؤولية ا لجنائية في الفقه الإباضي ١٧٧ ١ أن يخرجوا على إمام. ٢ أن تكون لهم شوكة. ٣ أن يكون لهم تأويل.  ٤ أن يكون لهم إمام. وحتى مع توفر هذه الشروط يرى ا لإباضية أنه يجب إضافة شرطين هما: ّ ١ أن ي ُدع َوا إلى الحق وي َ متنعوا، وإلى التوبة فيصروا. ُْ ٢ أن لا يبدؤوا بالقتال حتى يبدؤوا هم بالقتال(١) . َُ وفي الفقه الإباضي تعريفات أخرى كثيرة لحالة البغي والبغاة(٢) . (١) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٢٤ ١٢٥ ّ (٢) نكتفي منها بذكر ما يلي: من عمل البغي وأصر عليه وحاد وكابر إلى أن يصير في النظر أنه لا يقدر » الباغي هو .« عليه الا بالقتل الظلم والاستطالة والعلو في الأرض ولو قيل: إنه مخالفة الشرع مع » أما البغي فهو المكابرة على الباطل والمحادة مطلق ً ا لكان حسن ً .« ا عين المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام المحتسب صالح بن علي الحارثي، مكتبة . الضامري، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه ١٩٩٣ م، ص ٣٧١ ُ الذين خالفوا الإمام وخلعوا الطاعة، وفارقوا الجماعة، » : ويقول السالمي: إن البغاة هم وأفسدوا في البلاد، وتمردوا على العباد، وهؤلاء صنفان؛ لأنهم: إما أن يفعلوا ذلك وهم مستحلون لفعله، وإما أن يفعلوه ا نتهاك ً ا. فأما المستحلون لفعله، فإنه يدعوهم الإمام إلى الدخول في الطاعة وترك الفساد، ويبين لهم ضلالهم، وأنهم مخطئون في استحلالهم، فإن أجابوا إلى ذلك، كان لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، وإن امتنعوا ناصبهم الحرب حتى يذعنوا بالطاعة، ولا يحل غنم أموالهم، ولا سبى ذراريهم، ولا يطالبون في شيء مما أتلفوه من دماء المسلمين وأموالهم. وأما المنتهكون لذلك، فإنه يدعوهم الإمام، أو من يقوم مقامه، إلى الدخول في الطاعة، فإن أبوا قاتلهم حتى يدخلوا في ا لطاعة. = أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١٧٨ ٢ مشروعية قتال البغاة (الآية ٩ من سورة الحجرات): قتال البغاة ثابت في قوله تعالى: ﴿ mlkji ~}|{zyxwvutsrqpon  ﮯ £¢¡ ¤ §¦¥ ¨©ª ﴾ [ [الحجرات: ٩ . وقد وضعت هذه الآية عدة قواعد بخصوص البغاة وقتالهم: أولا ً : يقول ابن محبوب: الآية في مخرجها وظاهر بيانها عامة الأمر فيما وقعت عليه إلا ما » إن خصته الحجة أو منعت منه سنة ولما كان الأمر عاما كان الحكم به لازما ً فيما اشتملته الآية بعمومها ودخل فيه من معانيها كلها إلى أن يقوم في ذلك ما خصه منها بحجة يجب ذلك بها ولما كان ذلك كذلك كان القتال كله وما يقاتل به داخلا ً في الأمر لكافة المؤمنين به ولم يجب زواله عنهم بحجة « تمنعهم مما وجب من ذلك عليهم (١) . = وحكمهم حال الحرب حكم المستحلين، إلا أن قطاع الطريق من المنتهكين يقام عليهم حد المحارب، بخلاف المستحلين، فإن أفاء البغاة، ورجعوا إلى الحق، فإنه تجري عليهم الإمام السالمي: طلعة « أحكام المسلمين، ولا يطالبون في غرم ما أتلفوه في حال الحرب . الشمس، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٨٢ ٣٨٣ راجع أيض ً . ا: السالمي: تلقين الصبيان ما يلزم الإنسان، مكتبة الاستقامة، مسقط، ص ١٢٢ وجاء في بيان ا لشرع: وعن أهل القبلة كيف يكونون بغاة ويلزم المسلمين محاربتهم؟ قال: هو أن يمتنعوا بحق »يجب عليهم إعطاؤه أو حد يلزمهم التسليم للمسلمين في إقامته عليهم أو يدعون ما ليس لهم من الإمامة والولاية على المسلمين أو يمتنعوا من طاعة أئمة المسلمين أو يظهروا .« خلافهم الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٤٨ . انظر أيض ً ا: البسيوي: جامع أبي . الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٨١ (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٩٨ ثاني ً ا: قوله تعالى: ﴿ lkji ﴾ [ [الحجرات: ٩ : يدل كما جاء الإيمان يجمع أهل » في جواب أبي الحواري إلى أهل حضر موت على أن القبلة جميعا الباغي والمبغي عليه... فلم يخرجهم بغيهم من الإيمان فتحل ً من أموالهم ما يحل من أموال أهل البغي من أهل الشرك إلا أن يحرق البغاة « منازل الناس ويقطعون أموالهم فإنهم يعاقبون بمثل ما عاقبوا(١) . لذلك يقول « إن القتل قد ثبت بالبغي وليس هو من ا لشرك » : السالمي(٢) . ثالث ً ا: قوله تعالى: ﴿ m ﴾ : أي: قتل بعضهم بعض ً ا، وهذا يعني أن القتال قد بدأ فعلا ً بينهم(٣) . رابع ً ا: قوله تعالى: ﴿ on ﴾ : أي: اسعوا في الصلح بينهما بكافة (١) . ذات المرجع، ج ٦٩ ، ص ١٩٦ ١٩٧ (٢) الإمام السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٤، ص ٣٥٧ . ويقول الغدامسي: الكبيرة لا تخرج العبد من الإيمان ولا تدخله في الكفر. قال تعالى: ﴿ lkji m ﴾ الغدامسي والشماخي: « النصوص الناطقة بإطلاق المؤمن على العاصي » فهذا من الحوار الإباضي المالكي، تحقيق العربي بن ثاير، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة يقال: » : عمان، ١٤٢٧ ه ٢٠٠٦ م، ص ١٠٤ ١٠٥ . وقد رد الشماخي على ذلك بقوله ُ ولو كان من آمن يقال له مؤمن، لكان « آمن، ولا يقال مؤمن، لأن معناه أقر ولم يوف المذكورون في قوله: ﴿ }|{~ے ¡﴾ [ [الحديد: ٢٨ ولو قلت أنه . ذات المرجع، ص ٢٢٠ « مؤول قلنا مثله(٣) يقول ابن جعفر: وذلك أنه يكون بين الطائفتين التنازع في بعض ما يتنازع الناس فيه مما ينزغ بينهم »الشيطان، ويرتفع الأمر بهم إلى القتال ويكون بينهم الدم فيطلب إليهم حق ما يقرون به ويدينون بتحريمه فإن أعطوه قبل منهم وكانت فيهم سلامتهم وإن امتنع أحد من الطائفتين بما عليهم من قليل ذلك أو كثيره مما يعرف من ذلك ويقربه صاحبه صار باغيا كافرا في ًً بغيه لا إيمان له حلال دمه ولا قصاص له لأنه قيل: لا بغى في الإيمان ولا إيمان للبغاة، .« وإن دماء المؤمنين حرام وإنه لا قصاص لمن حل دمه ابن جعفر: الجامع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣١ ه ٢٠١٠ م، ج ٨، ص ١٤ . ُ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١٨٠ الوسائل السلمية الممكنة: كالوساطة، والمساعي الحميدة، والتوفيق،... إلخ(١) .  خامس ً ا: قوله تعالى: ﴿ ponmlkji xwuts q ﴾ [ [الحجرات: ٩ ، مناطه أمران: vr ١ حصول بغي، أي اعتداء من طائفة ضد الطائفة الأخرى، وفشل الصلح بينهما. ٢ القيام بالدفاع أو الرد ضد الفئة الباغية، وذلك بقتالها إلى جانب الفئة المبغى عليها(٢) .  بل يذهب رأي في الفقه الإباضي إلى أن قوله ژ : انصر أخاك ظالما » ً أو مظلوم ً « ا يعني:  ِ (١) يقول أطفيش: ﴿ on ﴾ بالأمر برد ما أخذ من الأموال، وبديات القتلى والجرحى، والفساد في البدن. وعبر بالإصلاح لأنه ربما لا يتوصل إلى إيصال كل ذي حق إلى كل حقه إلا به، أو الإصلاح هنا إزالة الفساد، ويجوز الصلح ولو تميز كل حق وصاحبه إذا .« خيف دوام الفتنة بالاستقصاء، ولا تتركوهم بلا إصلاح لئلا يرجعوا إلى ا لقتال . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٣ ، ص ٤٢٢ ٤٢٣ (٢) يقول أطفيش: ومقاتلة الباغي، مثل أن تمتنعا من الصلح، واستمرتا على القتال، قاتلهما معا أولو الأمر » ً وكبيرهم لعدم الإذعان إلى الصلح المأمور به. والمذهب: حمل ذلك على أن تقاتل الباغية فقط، وبه قال جماعة من قومنا، حتى إن أعانة المبغى عليه كجهاد ا لمشركين. وصرح بعض الحنابلة بأنه أفضل من جهاد المشركين، لأن علي بن أبي طالب ترك جهاد المشركين واشتغل بقتال معاوية. (قلت: ( وليس كذلك بل اشتغل بقتاله لما ظهر بغيه وبغى من معه من بني أمية، فلو تركه لأدى الأمر إلى فساد أقوى مما وقع، ولولا أنه يؤدي إلى . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٣ ، ص ٤٢٣ ٤٢٤ « ذلك لم يكن أفضل من جهاد المشركين ١٨١ « انصره إن بغى عليه ورده عن بغيه إن بغى؛ فذلك نصر له »(١) . ُ سادس ً ا: قوله تعالى: ﴿ zy }|{ :﴾ أي: حتى تمتنع عن القتال ترجع » وتقبل المسالمة على الحرب والمنازعة، أو بعبارة أخرى حتى « إلى أمر الله تعالى إلى الصلح الذي أمر به(٢) . وفيئتهم عند المسلمين ما وجب عليهم، ويتوبون » : أو كما قال النزوي « مما أصابوا(٣) .  سابع ً ا: قوله تعالى: ﴿ ﮯ £¢¡ ¤ §¦¥ ¨ ©ª ﴾ [ [الحجرات: ٩  ، يدل وهذا هو منتهى الغاية من هذه الآية   على أن الإصلاح والسلم يتحقق بأمور ثلاثة: ١ أن تفيء الجماعة الباغية وترجع إلى طريق الحق، وذلك بأن تنتهي عن البغي. ٢ أن يتم الصلح بين الفئتين، ويكون ذلك بكافة الوسائل السلمية الممكنة، الصلح » وخصوصا إزالة الأسباب الحقيقية للنزاع، وليس مجرد ً .« الظاهري ٣ أن يكون الصلح قائما على القسط، أي: العدل، وذلك حتى يدوم بين ً من كانوا متقاتلين. تجدر الإشارة أن بالسنة ا لنبوية ما يدل على تحريم حروب البغي، منها: ما رواه أبو عبيدة عن جابر عن عائشة # قالت: قال رسول الله ژ : (١) . الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، المطبعة العمومية بدمشق، ١٣٨٥ ه ١٩٦٥ م، ص ١٣(٢) أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، . ١٤١١ ه ١٩٩١ م، ج ٢، ص ١٤٣(٣) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢١٦ « من حمل علينا السلاح فليس منا »(١) . ٣ القواعد التي تتعلق بقتال البغاة: يحكم قتال البغاة في الفقه الإباضي بعض القواعد، وهي: أولا ً : ضرورة دعوة البغاة قبل قتالهم: يدخل ذلك في إطار القاعدة العامة السالف ذكرها، والتي تقضي بعدم القتال قبل دعوة ا لأعداء. لذلك جاء في ا لمصنف: وإن كان البغاة في بلادهم، فسار المسلمون إليهم، لم يبيتوهم، ولم » يحاربوهم، حتى يدعوهم ويحتجوا عليهم. فإن قدروا، على قاتل الرجل، فلهم أن يقتلوه غيلة، إذا كانوا قد عرفوه « بقتل المسلمين، كان الرجل بعثه المسلمون، أو احتج برأيه(٢) . (١) يقول الإمام ا لسالمي: ومعنى) الحديث عند قومنا فيمن حمل السلاح على المسلمين لقتالهم به بغير حق لما )»في ذلك من تخويفهم وإدخال الرعب عليهم، قالوا: وكأنه كنى بالحمل عن المقاتلة أو القتل للملازمة الغالبة؛ وقال ابن دقيق العيد: يحتمل أن يريد بالحمل ما يضاد الوضع ويكون كناية عن القتل (ويحتمل) أن يراد بالحمل حمله لإرادة القتل به لقرينة قوله: « علينا » ويحتمل أن يكون المراد حمله للضرب به، وعلى كل حال ففيه دلالة على تحريم السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، « قتال المسلمين والتشديد فيه . المرجع السابق، ج ٢، ص ٣١٦ ٣١٧ (٢) النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢١٩ . كذلك يقول ا لرقيشي: هل تجب الدعوة لأهل البغي من أهل القبلة أم لا؟ قيل: لا يحل قتالهم حتى يدعوا إلى » ُْ َْ   أحكام الله، فإن ردوا الدعوة حل قتال ُ هم ويحل بياتهم والدعوة إنما تكون من قائد المسلمين إلى أمير البغاة لا إلى أفرادهم. قال الشيخ خميس 5 في منهجه عن أبي سعيد 5 : إنه من بغى على المسلمين من بعد علمه بدعوتهم أنه لا دعوة له وفيما = ثانيا: الجرحى من البغاة: ً أقر الفقه الإباضي أن الجرحى من البغاة لهم معاملة معينة؛ فقد قال ابن محبوب: وأما الجرحى فلا يجهز عليهم ما كانت جراحاتهم تحول بينهم وبين » البغي والظلم، نحو ما قلناه في الأسارى منهم، وإن كانت به جراحة خفيفة غير معجزة له عن بغيه فسبيله سبيل أصحابه. وإن كان مع ما به من الجراحة مقيما على الظلم والبغي، فللمسلمين قتله ما لم يمكنهم منعه من ذلك إلا ً بقتله، فسبيل هذا المجروح (سبيل) الذي يقاتل مع البغاة وإن كانت به « جراحة، فما منعته مما يجب (المحاربة) من أجله(١) . قال أبو عبد الله: إذا انهزم أهل البغي، وكان لهم » : وجاء في المصنف مسند قائم، قتل موليهم ولا يجاز على جريحهم الصريع، الذي لا قتال فيه، ولكن يجاز على الجريح الذي يخاف منه القتل. وإذا قتل مسندهم، لم يقتل موليهم، ولم يجز على جريحهم.  = عندي أن ما قاله الشيخ أبو سعيد هو الأصح، والدليل على ذلك أن أهل مكة لما نكثوا العهد وقتلوا خزاعة حلفاء رسول الله ژ لم يجدد لهم دعوة وغزاهم لما استنصرته خزاعة فقال: »لا ن ُصرت ُ « إن لم أنصركم .« الشيخ الرقيشي: النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ١٥ ١٦ . انظر أيض ً ا: . الشيخ عبد الله النزوي: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، المرجع السابق، ص ٣٢٨ كذلك جاء في بيان الشرع أنه: إذا أقام المسلمون الحجة على الأمير الأكبر من أهل البغي فقد قامت الحجة على ». الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ٢٣٥ « سائرهم (١) ابن محبوب: ثلاثة رسائل إباضية، كتاب المحاربة، ص ٥٣ . انظر أيض ً ا: النزوي: المصنف، ، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٤٦ ؛ الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣١٦ . ج ٦٩ ، ص ٢٣٥ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١٨٤ قال غيره: قول المسلمين في عدوهم: لا يقتلون موليا، ولا يجيزون ً على جريح. قال المنير: لم يفعل ذلك المسلمون إلا تكرما. وقول: يتبعون ً  ويقتلون عشرة أيام. وقول: ما دام أهل البغي على بغيهم، فهم يقتلون مقبلين ومدبرين، حتى يفيئوا إلى أمر الله، ويرجعوا عن بغيهم. أبو جعفر: ومن أتى عليه المسلمون، من صريع مستسلم، أو جريح متشحط فلا يقتل، إلا أن يعلم أنه قتل أحد ً ا من المسلمين، فإنه يقتل. ولا يقتل إلا « برأي ا لإمام(١) . معنى ما تقدم: أن القواعد الآتية تحكم وضع جرحى البغاة في الفقه الإباضي: أولا ً : أن الجريح من البغاة الذي لا يشترك، أو يرجى عدم اشتراكه، في القتال لا يجوز المساس به. علة ذلك أمران: • أنه ليس من المقاتلين في هذه الحالة، وإنما قد كفى المسلمين شره وأصبح خارج مجال العمليات ا لعسكرية. • الإرادة » : أن علة قتاله أصبحت منتفية. لذلك قيل بخصوص البغاة إن في جميع جهادهم وقتلهم كفاية شرهم بمعنى من المعاني فقد حصلت « البغية والإرادة(٢) . ثانيا: أنه يجوز الإجهاز على جرحى البغاة في أحوال، منها: ً • أن يشتركوا رغم جراحاتهم في ا لقتال. (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٤٣ وما بعدها. (٢) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ١٧٩ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، . ج ٥، ص ١٩١ الباب الثالث: المسؤولية ا لجنائية في الفقه الإباضي ١٨٥ • أن يكون المجروح قد قتل أحد ً ا من ا لمسلمين. ِ • أن يكون للجرحى موئل ٌ يرجعون إليه. َْ ا(١) . • أن يكون إمامهم قائم ً وقرر اتجاه آخر أن عدم الإجهاز على الجريح هو من باب التكرم أي:  الجواز، وليس من باب ا لإلزام. ثالث ً ا: إذا تم الإجهاز على الجرحى خلاف ً ا لأمر الإمام، وجب الضمان على الفاعل أو من بيت مال المسلمين، وفق ً ا لظروف كل حالة: فإن كان بخطأ شخصي من القاتل تحمل هو الضمان، أما إن اعتقد مشروعية الفعل فالضمان في بيت ا لمال(٢) . ثالث ً ا: الأسرى من البغاة: يحكم الأسرى من البغاة القواعد الآتية في الفقه ا لإباضي: أن المستسلم منهم لا يجوز الإجهاز عليه لأن دمه حرام : (١) وقال من قال: إنه ما دام إمام الضلال قائما فإنهم يقتلون في معرك » : جاء في بيان الشرع ً الكندي: بيان .« الحرب مقبلين ومدبرين ويتبع المدبر ويجاز على الجريح والله أعلم . الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٢٣ ٣٢٤(٢) ووجدت في سيرة ابن محبوب إلى أهل المغرب يقول: إذا نهى الإمام » : وهكذا قيل الجيش عن قتل الجريح أو غنم مال أهل القبلة أو نحو ذلك، ثم تعدى أحد ٌ أمر الإمام، وفعل ما نهى عنه، أن الفاعل يؤخذ بضمان ما فعل، ولا ضمان على الإمام في ذلك؛ إلا أن يكون الإمام أمر بذلك وهو يعلم أن ذلك خلاف سنة المسلمين، ضمن ذلك هو ومن ُ فعل ذلك بأمره دون بيت مال المسلمين. وإن فعلوا ذلك بأمره ورأوا أن ذلك حلال له .« وذلك خطأ، فهو في بيت مال ا لمسلمين ، أبو إسحاق إبراهيم الحضرمي: كتاب الدلائل والحجج، المرجع السابق، ج ١ ٢ . ص ٦٠٩ ٦١٠ يقول ا لنزوي: ومن قدر عليه منهم، بعد يوم أو يومين، أو أكثر من » ذلك، أو أقل، فاستسلم ولم يمتنع من حكم المسلمين، فدمه حرام لا يحل، « إلا أن يكون قد قتل، فلا يقتل إلا برأي ا لإمام(١) . فالمبدأ عند ا لإباضية هو أنهم: ّ « لا يجيزون الإجهاز على ا لمستسلم »(٢) . تكمن علة قاعدة عدم قتل الأسير من البغاة في أنه لم يعد قادر ً ا على الاشتراك في القتال بسبب أسره: إن معنى لا يقتل أسيرهم لأنه صار مأسورا موثوق » : لذلك قيل ً ا عن ً البغي على الناس، قد أمن شره وكفى المسلمون بغيه بغير قتله لم يعرض لقتله، وكذلك من تاب منهم وأمنت عودته إلى البغي خلي سبيله ولا « يعرض لقتله إلا أن يخاف معاودته فإنه يحبس إلى أن يؤمن منه(٣) . يمكن قتل الأسرى من البغاة في الأحوال الآتية: • إذا كانوا قد قتلوا أفراد ً ا من ا لمسلمين: (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٤٤(٢) د. محمد صالح ناصر: منهج الدعوة عند ا لإباضية، جمعية التراث، القرارة الجزائر، ّ . ١٤٢٢ ه ٢٠٠١ م، ص ٢٣٩ ويسري عدم القتل أيض ً ا وفق ً ا لرأي في الفقه الإباضي، في حالة التوبة إذا لم يرتكب التائب قتلا ً . وهكذا قيل: عين « وأما الأتباع الذين لم يصح عليهم قتل أحد من المسلمين فلا يقتلون بعد التوبة »المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام المحتسب صالح بن علي الحارثي، المرجع . السابق، ص ٣٧٧(٣) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ١٧٨ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، . ج ٥، ص ١٩٠ يقول الإمام جابر: إذا التقى المسلمون وقومهم فهزم عدوهم فأخذوا منهم أسارى، فمن » كان قد قتل فإنه يقتل وليس للإمام أن يعفو عنه، ومن لم يكن قتل فرأي « الإمام فيه إن شاء قتل وإن شاء عفا(١) . • إذا كان الأسير هو قائد البغاة: علة ذلك أنه هو الذي خطط ودبر وقاد العمليات ا لعسكرية. وهكذا بخصوص: قولهم يقتل قائد الجيش من أهل البغي من بعد أن قدر عليه لو تاب وكذلك يقتل القاتل من سائر الجيش وكذلك من المشركين. ما وجهه؟ يقول السالمي: أما قتل القاتل فظاهر لأنه يقاد بمن قتل ولا تسقط عنه توبته القود. » َ وأما قتل القائد فلأنه شريك فيما صنع الجيش بل يحمل عليه جميع ما صنعوا وأيضا فقيادته للجيش سعى بالفساد في الأرض وقد قال الله ً تعالى: ﴿ TSRQPONMLK XWVU ﴾ [ [المائدة: ٣٣ ، وقال تعالى: ﴿ )( *+ ,-. 543210/ ﴾ [ [المائدة: ٣٢ ، فقتل القائد بمنزلة الحد فلذا لا يسقط بالتوبة بعد القدرة عليه، قال الله تعالى: ﴿ wvutsrqp ﴾ [ [المائدة: ٣٤ والله أعلم. (١) إبراهيم بولرواح: موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، ج ٢، المرجع السابق، . ص ١٠٠٧ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١٨٨ وأما المشركون فإنما يقتلون إذا لم يسلموا فأما إن أسلموا فلا يقتلون لأن الإسلام جب ما قبله ﴿ zyxwvuts |{﴾ [ [الأنفال: ٣٨(١) . إذا هاجم المسلمون البغاة وكان في معسكرهم أسرى فيجب ألا يقصدوهم بقتال ويوجهوا ضرباتهم إلى البغاة فقط. وهكذا جاء في شرح ا لنيل: وإن كان في عسكر بغاة أو محاربين من لا يحل قتله كأسير فلا يقصده » بقتل عارف بحاله، وليدفعه إن قابله بما لا يفوت به فيه، وليتق ضربته، ولا « يحل له سواه، ولو جاز له هو القتال إذ ليس من ا لبغاة(٢) . رابعا: مصير أموال ا لبغاة: ً يحكم أموال البغاة أمور ثلاثة: (١) جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٨٢ ٢٨٣ ؛ ابن رزيق (المكنى بأبي . زيد الريامي): حل المشكلات، المرجع السابق، ص ٢٩٢ ٢٩٣ ومن ذلك أن عيسى بن جعفر قائد الجيش الذي أرسله هارون الرشيد لاحتلال عمان، ُ أسر، فقام الإمام الوارث في الناس خطيب ً ا، فقال: يا أيها الناس إني قاتل ٌ عيسى بن جعفر فمن كان معه قول فليقل، قال: فبلغنا أن علي بن عزرة وكان من فقهاء المسلمين، فقال: إن قتلته فواسع لك، وإن تركته فواسع لك، أي: لأنه باغ والباغي حلال الدم ويجوز العفو عنه إذا رأى الإمام الصلاح في العفو عنه، قال: فأمسك الإمام عن قتله وتركه في السجن، قال: فلما كان بعد ذلك بلغنا أن قوما من المسلمين، وفيهم رجل يقال له: يحيى بن ً عبد العزيز 5 وكان من أفاضل المسلمين ولعله لم يكن يقدم عليه أحد في زمانه في الفضل بعمان، انطلقوا من حيث لا يعلم الإمام حتى أتوا صحار، فتسوروا السجن فقتلوا ُ عيسى بن جعفر في السجن من حيث لا يعلم الإمام ولا الوالي، وانصرفوا من ليلتهم. سالم السيابي: عمان عبر التاريخ، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ُُ ج ٢، ص ٣٠ ؛ محمد بن خميس: النصوص في أئمة بني خروص، ص ٢٤ ٢٥ . (٢) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٦٥٠ ٦٥١ ١٨٩ القاعدة: عدم جواز الاعتداء على أموال البغاة: لذلك بخصوص تحريق أموال البغاة، يقول ابن جعفر: والتحريق للأموال ليس من سيرة المسلمين ولا ينبغي لهم أن يسيروا » بسيرة أهل الجور وعلى الذين أحرقوا أن يغرموا قيمة ما أحرقوا يوم أحرقوه « بقيمة العدل لأهله ويطلبوا طيب ذلك من قبلهم أو من قبل ورثتهم(١) . ويقول السالمي: « مال أهل القبلة حرام ولا تحلله رؤوس البنادق ولا ظباء ا لسيوف »(٢) . الاستثناء: جواز التعرض لأموال البغاة: استثناء يجيز الفقه الإباضي التعرض لأموال البغاة، في حالتين: • جواز تدمير أموال البغاة إذا حتمته الضرورة الحربية: هذا أمر طبيعي، ذلك أن قوانين الحرب الدولية والداخلية تبيح تدمير أموال وأسلحة العدو، حتى غير الحربية منها ما دامت تستخدم في العمليات ا لعسكرية. والمبدأ العام المطبق في الفقه هو ما ذكره ا لخليلي: (١) . ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٨، ص ٤٠ (٢) ويضيف الإمام ا لسالمي: واعلم أن الحرب لا يحل من الأموال إلا ما أحل الله منها وهي أموال المشركين فهي »التي تحل بالحرب وتصير غنيمة للمسلمين، فأما أهل القبلة فإن حاربوا حوربوا وضيقت ُ عليهم المسالك حتى يفيئوا إلى أمر الله ولا تغنم أموالهم ولا تسبى ذراريهم لأنهم عصموها بالتوحيد وأحلت الدماء بالبغي لقوله تعالى: ﴿ |{zyxwv }﴾ [ [الحجرات: ٩ .« . جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ٢٩٠ ٢٩١ الجامع الكلي هو أن كل ما تقووا به على الحرب وكان لهم وسيلة إلى » « العناد وسببا للخلاف والشقاق إن إتلافه عليهم جائز إذ الحكم فيه على سواء(١) . ً وتدمير أموال وممتلكات البغاة يكون وقت الحرب، أما بعد انتهائها فلا يجوز، إلا إن كانت مكان ً ا لتجمعهم ولعودتهم إلى القتال، فتهدم(٢) . • جواز الاستيلاء على أسلحة البغاة: الغرض من ذلك مزدوج: من ناحية، منع البغاة من استخدام هذه الأسلحة لمحاربة المسلمين وإلحاق الأضرار بهم، ومن ناحية أخرى، استعانة المسلمين بهذه الأسلحة في محاربة البغاة والقضاء عليهم. هذا المبدأ في الفقه الإباضي ذكره الإمام السالمي، بقوله: رخص المسلمون في الاستعانة على بغاة المسلمين بسلاحهم وكراعهم » « حتى تضع الحرب أوزارها(٣) . (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٢ ، ص ٣١٥ (٢) لذلك جاء في جواب أبي الحواري إلى أهل حضرموت: وسألتم: هل يجوز أن يهدم المسلمون مصنعه قاتل عليها أهل البغي بعد أن ظفر »المسلمون على ا لبغي؟ الذي عرفنا من قول المسلمين وعلمائهم أن المسلمين إذا ظفروا بعدوهم وظهروا عليهم لم يهدموا لهم دارا ولم يغنموا لهم مالا ً فإن كانت هذه المصنعة مرصد ً ا للبغاة يجتمعون ً فيها ويحاربون فيها المسلمين ويتخذونها محمى ويمتنعون فيها فإنها تهدم وتخرب. قال الله تعالى: ﴿ ! " &%$# ' *)( ,+ -﴾ [ [التوبة: ١٠٧ . فبلغنا أن المنافقين اتخذوا هذا المسجد مرصد ً ا لقتل النبي ژ إذا مر بهم، فبلغنا أن النبي ژ أحرقه. فإن كانت هذه المصنعة مرصد ً ا للبغاة جائز هدمها ونسفها وليس أموال جامع أبي الحواري، المرجع السابق، « أهل القبلة ومنازلهم كأموال أهل الشرك ومنازلهم . ج ١، ص ٨٦ ٨٧(٣) . جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٩٨  وجاء في بيان ا لشرع:  قلت: فهل يسع المسلمين حبس السلاح والكراع حتى تضع الحرب » أوزارها؟ قال: نعم، يسعهم ذلك ولا يردون عليهم السلاح فيتقووا به عليهم « وليعطوهم ثمنه إن قدروا عليهم(١) . لا غنيمة في أموال البغاة: القاعدة في الفقه الإباضي أن أموال المسلمين، ولو كانوا بغاة، لا تسري عليها أحكام الغنيمة. بل وترد إلى أصحابها إن كانوا معروفين(٢) . بل وصل الفكر الإباضي إلى حد مساواة الذمي الذي يحارب في معية البغاة بهم في عدم تطبيق الغنيمة عليه، إلا إذا كان قائد ً ا لهم فتطبق عليه أحكام الغنيمة التي تسري على غير ا لمسلمين(٣) . خامسا: ملاحقة البغاة: ً يعني ذلك: تعقب البغاة إذا فروا، ويكون ذلك إذا كانوا يريدون إعادة تجمعهم لمعاودة الكرة مرة أخرى. أما إن فروا دون رغبة في استمرار القتال، فإنهم بذلك يكفون المسلمون شرهم. (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٣٧ (٢) أن القائد إذا رأى شيئ » : فقد جاء في بيان الشرع ً ا من أموال أهل البغي في يد أحد من عسكره فعليه رد ذلك إلى أصحابه إن عرفهم وإن لم يعرفهم فلا شيء عليه في ذلك وهو . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٣٠٢ « سالم من ضمانه (٣) وهكذا جاء في بيان ا لشرع: وسألته عن ذمي نقض ذمته وحارب المسلمين في جملة البغاة من أهل الإقرار هل يغنم »ماله؟ قال: معي أنه قد قيل: لا يغنم ماله، قلت له: فما العلة في ذلك؟ قال: معي أنه كان هو التابع لهم فلحقه حكمهم والحكم فيهم أنه لا غنيمة فيهم بذلك جاءت ا لسنة فيهم. قلت له: فإن كان هو القائد لهم وهم المتبعون له هل يغنم ماله؟ .« قال: معي أنه قيل يغنم ماله ولا يلحقهم أحكامه لأنهم أهل إقرار . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٠٤ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ١٩٢ وهكذا جاء في ا لمصنف: عن بشير: وأما قوله: ولا يتبع مدبرهم. المعنى في ذلك والله أعلم » : أن لا يقتلون منهزمين، ما كان ذلك تفرق ً ا منهم إلى غير فئة لهم، يراجعون بها إلى حرب ا لمسلمين. فإن ظهر للمسلمين، في تفرقهم، توبة منهم عن بغيهم، أو أمنوا معاودتهم للبغى عليهم، أمسك المسلمون عن ا تباعهم. وإن لم يكن ذلك، فلم يأمن المسلمون مراجعتهم إلى فئة لهم، يرجعون بها إلى حرب المسلمين، أو إلى بغيهم عليهم، ويظلمون الناس في مسالك انهزامهم، اتبعهم المسلمون، ليأسروهم ويحبسوهم، إلى أن يأمن المسلمون « ذلك منهم(١) . سادسا: فيئة البغاة تنهي بغيهم، فإذا لم يقبلها الطرف الآخر أصبح هو ً الباغي: إذا فاء البغاة ورجعوا عن بغيهم وقبلوا الصلح، فيجب على الطرف الآخر حقن ً ا لدماء المسلمين وأموالهم أن يقبل ذلك، فإذا رفض انقلب الوضع وأصبح هو ا لباغي. في هذا المعنى قيل: لا يحل للبغاة أن يدفعوا عن أنفسهم القتل فكيف لهم أن يدفعوا عن » أموالهم ولا خوف ً ا لما يتوقعونه من المظنون، ولكن للبغاة سيف قاطع وحصن مانع وهما التوبة والإفاءة إلى أمر الله فليبادروا إلى ذاك قبل القدرة عليهم وتمكن أهل الحق منهم فتحقن به دماؤهم ويحرم به تخريب ديارهم، (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٤٥ فإن لم يقبل خصمهم ذاك منهم صار باغيا وحل لهم قتاله وانعكست ً « القضية (١) . سابع ً ا: من يقتل بين صفوف البغاة وهو ليس منهم له الدية فقط: أكد الفقه الإباضي على أنه إذا صودف وكان هناك شخص بين البغاة أو قريب منهم فأصيب بسبب حربهم من الفئة غير الباغية، فإن له ا لدية(٢) . :¿hóJôªdG (ê نبحث الردة من حيث ماهيتها والقواعد التي تحكمها، وآثارها: ١ ماهية الردة والقواعد التي تحكمها: من المقرر شرع ً « الرجوع عن الإسلام إلى ا لكفر » ا أن الردة هي(٣) ، كما « الراجع عن دين الإسلام » أن المرتد هو(٤) . وقد حدثت الردة حتى في عهد (١) عين المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام المحتسب صالح بن علي الحارثي، المرجع السابق، ص ٣٨١ (٢) بخصوص هذه المسألة، جاء في خلاصة ا لوسائل: قال القطب: وإن أتلف الإمام مال المحاربين كشجر ودواب فلا ضمان عليه، ولا يأثم من »قتل من صودف فيهم من غيرهم؛ لأن عليه أن يعتزل معسكرهم وديته من بيت ا لمال. وعن الشيخ ناصر: إن البغاة إذا اجتمعوا في موضع فوقع قتل في غيرهم فلا إثم عليه ولا ضمان؛ لأنه جائز له كما قال والدي، لو كان لا يجوز ويضمن المحق المحارب لكانت هذه حيلة لكل باغ فيجمع معه من لا يجوز قتله ويحرم بذلك حربه. قال الوالد 5 في فتاويه في قتل البغاة ولو كان فيهم من لا يرضى ذلك من الأخيار ومن لا قدرة له ولا رأي معه، لأن الأحكام على الغالب من الأمور والشاذ لا عبرة به إن أخطأ عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب « فيه مع الحرب أو الضرب فهو خطأ ويؤدي دية . المسائل، ج ٤، ص ١٢٣ ١٢٤ (٣) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٠٥٦ ّ (٤) . الفتاوى الإسلامية الصادرة من دار الإفتاء المصرية، ج ٢، ص ٦٤٠ رسول الله ژ وبعد وفاته(١) يبطل عمله في » : ، ومن المعلوم أن المرتد « الإسلام بحكم الردة، لأن الردة تبطل ا لعمل(٢) . وتفترض الردة في الفقه الإباضي ضرورة توافر أمرين أساسين: الأول: لا يحكم على أحد بالارتداد إلا بعد الدخول في الإسلام والارتداد عنه. يقول ا لسالمي: لا يكون مرتدا إلا من دخل في الإسلام بعد بلوغه، أو أسلم أبوه وهو » صبي ثم رجع عنه بوجه من الوجوه التي تخرجه عن الإسلام. فأما من كان على ملة من الملل فد ُ عي إلى الإسلام فأبى أو شك فيه، فحكمه حكم أهل ُ « ملته من ثبوت المحاربة وحكم ا لمصالحة(٣) .  إجراء كلمة » : بل إن الإمام الكاساني يعتبر أن ركن الردة الوحيد هو « الكفر على اللسان بعد وجود ا لإيمان(٤) . لذلك يقول الإمام السيوطي: كل من صح إسلامه، صحت ردته جزما، إلا الصبي المميز، إسلامه » ً « صحيح على وجه مرجح، ولا تصح ردته(٥) . (١) من ذلك في عهد ا لنبي ژ ارتداد بني مدلج، وبني حنيفة قوم مسيلمة الكذاب، وبني أسد قوم طلحة بن خويلد، وفي عهد الصديق فزارة، وغطفان، وبنو سليم وبنو يربوع وبعض بني تميم وغيرهم، وفي عهد عمر بن الخطاب جبلة بن الأيهم وقومه، راجع: أطفيش: تيسير التفسير، ج ٤، ص ٦٦ ٦٨ (المائدة: ٥٤ ٥٦ ). انظر كذلك: أربعين حديث ً ا في . حكم الردة في أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ٣٥ ٤٩ (٢) . النزوي: المصنف، ج ٤، ص ١٨١(٣) . جوابات الإمام السالمي، ج ١، ص ٨٠ ٨١ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ٩(٤) . الكاساني: بدائع الصنائع، ج ٧، ص ١٣٤(٥) . السيوطي: الأشباه والنظائر، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة، ص ٤٨٨ ويترتب على ما تقدم أن الانتقال من دين غير إسلامي إلى آخر مثله لا  وهذا ما أكده الفقه الإباضي أيض .« ردة » يعد ً ا، يقول ا لعوتبي: وكل مرتد يسمى كافرا وليس كل كافر يسمى مرتد » ً ا ومن انتقل من كفر ًُ إلى كفر لم يجب قتله لأن انتقاله إلى الكفر ككونه على الكفر المنتقل عنه لأن الكفر كله ملة واحدة وكذلك الإسلام كله ملة واحدة، ولا أعلم أن أ حد ً ا أوجب قتل من انتقل من كفر إلى كفر، وقد قال ا لنبي ژ: من بدل دينه »  « دين الحق فاقتلوه ، وفي هذا بيان الذي يجب قتله هو المنتقل من الإسلام « إلى غيره(١) . والصحيح أن هذا في أهل » : وبخصوص ذات الحديث يقول أطفيش التوحيد، وقيل أ يضا في كتابي ارتد إلى غير أهل الكتاب ولو إلى ً « المجوس: يقتل(٢) . والثاني: ضرورة التثبت من حدوث الردة بأدلة دامغة. وهكذا بخصوص المسألة ا لآتية: إنسان سمع عن ابنته أنها ارتدت والعياذ بالله اتباع » ً ا لزوجها الذي تحقق الأب ردته، وقد أفضت البنت إلى أبيها قبل أن يسمع بردتها أن (١) سلمة العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ٠١٠٧ انظر أيض ً ، ا: النزوي: المصنف، ج ١١ ص ١٩٧ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٠٤ ؛ السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ٢٩٦ . حري بالذكر أن الشافعية ا ستناد ً ا إلى قوله ژ : « من بدل دينه فاقتلوه » ظاهر الحديث إطلاق » يرون أن الصنعاني: « التبديل فيشمل من تنصر بعد أن كان يهوديا وغير ذلك من الأديان الكفرية والصحيح أن من انتقل من هذه » : سبل السلام، ج ٣، ص ٥١٥ . بينما يقول الوارجلاني الوارجلاني: العدل « الملل إلى من دونها فواسع لها وإن انتقلت إلى من فوقها فهي مرتدة . والإنصاف، ج ١، ص ١٢٧ (٢) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ٤٠ زوجها خيرها بين أن تتبعه في عقيدته وسيرته، وبين أن تلحق بدار أبيها،  فأجابها الأب وقتئذ: إياك أن تفارقي دينك، فإن أبي عليك إلا ما أراد فبيت أبيك واسع لا يضيق عنك، لكنه لم يراجعها بعد ذلك، ولا هي كاشفته بما أرسى عليه حالها؛ وإنما شاهد منها تمرد ً ا وشدة وقاحة، فهي تشرب مع زوجها الخمر أمامه بلا حياء، ولا خجل، وتأكل معه لحم الخنزير في نهار .«؟ رمضان، فهل للأب أن يعتبرها بذلك مرتدة ويمنعها من ميراثه كان الجواب: أن التثبت واجب، ولا يكتفي بالقرائن(١) . وإثبات الارتداد يمكن أن يتم بشهادة الشهود أو بالإقرار: ولا يكون مرتد » : قال أ بو إسحاق ً ا إلا بسبع خصال؛ أحدها: أن يكون بالغ ً ا عاقلا ً ،الثاني: أن يكون ممن أقر بالتوحيد أو ثبتت فطرته على التوحيد، الثالث: أن يجحد شيئ ً ا من الجملة أو يشك في شيء من الجملة بعد قيام  الحجة عليه فيه، الرابع: أن يشهد عليه بذلك رجلان حران بالغان عاقلان مسلمان عدلان، أو رجل وامرأتان كذلك أو يقر عندهما(٢) ،الخامس: أن (١) يقول ا لبكري: لا يكتفي بالقرائن الظاهرة للحكم عليها بالردة وحرمانها من الميراث، بل لا بد من اتخاذ »الإجراءات اللازمة كوثيقة تثبت تجنيسها فعلا ً بجنسية كافرة، وردتها عن دينها، لأن تلك المخالفات التي سردها يمكن صدورها من إنسان موحد لكنه متهتك منهمك؛ وليس من العدل أن يسرع بطرد من نشأ في الإسلام منه بسهولة قبل التثبت والاستيقان؛ هذا وقبل أن يسأل عن ردة ابنته يقال له: ما بالك تركتها زوجة لمن تحققت ردته كما هو نص سؤالك، أم تراها تحل له رغم ذلك؟ وكان الواجب عليك كولي أن تطالب بفسخ نكاحهما فورا؛ ً وإذ لم تفعل فلا تبتئس بما جره إهمالك من انجراف ابنتك، فيد ُ ك أوكت، وف ُ وك نفخ!. ْ والله أعلم « . فتاوى البكري، القسم الثالث، مكتبة البكري، غرداية، ص ١٥٣ ١٥٤(٢) يقول ابن ا لمنذر: وأجمع أهل العلم أن شهادة شاهدين يجب قبولهما على الارتداد، ويقتل المرء بشهادتهما ».« إن لم يرجع إلى الإسلام. وانفرد الحسن، فقال: لا يقبل في القتل إلا شهادة أربعة = يترك التوبة حتى يقتل، السادس: أن لا يكون ذلك منه في حال سكره، السابع: أن يكون رجلا ً « على قول(١) . ومما يدل على ضرورة التثبت من الردة أيض ً ا، ما يلي: ١ ما روي أن عمر كان إذا بلغه أن شخصا قتل بعد أن ارتد وكفر بعد ً إسلامه، يقول: هلا حبستموه ثلاث ً ا وأطعمتموه كل يوم رغيف ً ا، واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله؛ ا للهم إني لم أحضر ولم أرض إذ بلغني(٢) . َُ  . الإمام ابن المنذر: الإجماع، ص ١٢٣ ويقول أطفيش: أي: أقوال الأول (الحكم على من زنى فيها)، « والحكم والسيرة في دار التوحيد وجوه »أي: في دار التوحيد (به)، أي: بالتوحيد والشهادة به عليه والحكم بأحكام التوحيد كلها، ولا يتولى إلا بالوفاء (والبراءة من راميه بشرك) إلا إن شهد بشركه اثنان عدلان. (وإن جحد التوحيد) بأن قال: لست موحد ً ا، أو قال: دين التوحيد باطل (حكم عليه برد ّ ة) فيحكم عليه بحكم المرتد، وهو في كل ذلك لم يفز بالتوحيد ولم يشهد به عليه إلا أنه من أهل دار التوحيد فيحكم عليه به، ويشهد له به، فإذا جحد حكم عليه بأنه جحد بعد إقرار فهو مرتد إلا إن قامت البينة العادلة أنه مشرك من أول الأمر لا مرتد فلا يحكم عليه بحكم ا لردة. (و) القول الثاني (الحكم عليه وعلى المتربي على الفطرة بأحكام الموحدين) يعتقد أحكام التوحيد فيما بينه وبينه ويجري عليها، وهذا فرق بينه وبين الثالث (و) لكن (لا يشهد بالتوحيد إلا للمقر به أو لمشهود له به) بشهادة اثنين، وأجيز واحد، أو بأهل الجملة (وهو المأخوذ به) وإن ظهرت من إنسان أحكام الموحدين من صلاة وحج وحضور مجالسهم وكذلك، فما قال صاحب الأصل 5 ، والذي عندي أنه يشهد له بالتوحيد، وهو القول ا لأول. (و) القول الثالث (الوقف فيه) لا يشهد له بالتوحيد كما لا يشهد عليه بالشرك، ولا يحكم عليه أيض ً ا بأحكام التوحيد، فالحكم كلي عام، (إلا إن ظهر منه) التوحيد بالتلفظ به أو . بقوله: إني موحد (أو شهد له به)، أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٧ ، ص ٥٦٥ ٥٦٦ (١) أبو إسحاق بن قيس: مختصر الخصال، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان،  = ُ . ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ١٩٠ ١٩١(٢) . الكاساني: بدائع الصنائع، ج ٧، ص ١٣٥ ، أبو يوسف: كتاب الخراج، ص ١٩٥ يقول أطفيش: ولعل هذا لا يصح عن عمر، لقوله ژ » : « من رجع عن دينه فاقتلوه » . وقال مالك: يستتاب فإن لم يتب قتل، إلا الزنديق فلا يستتاب لأنه لا تعرف « توبته لإصراره على الكفر وإعلانه بالإسلام(١) . ِِ كذلك قال ا بن بركة َ : النظ » َ ر يوجب أن ْ لا يجب على ا لإمام ِ استتابت ُ ه، ُ َُُ ِ ِِِ ولو كانت ا لاستتابة ُ واجبة قبل َ القت ْ ل لم َ ا ي ُرج َ ى من رجوعه لو َج َب َ أن ْ لا ِِ ي َقبل َ منه ُ استتابة ً واحدة ُ ، أو ِ اثنتين، ِ أو ثلاث ً ا؛ لأن ّ الرجاء قبل َ القتل لما َ ْ ََْ ِ ِِ ي ُرج َ « ى من رجوعه قائم(٢) . بينما يقول ا لسالمي: أن » واختار أصحابنا » ْ لما روي عنه ژ أنه ،« يستتاب المرتد قبل أن يقتل َ ُُ « استتاب مرتدا أربع مرار(٣) .  ٢ ما أخذ به السالمي من عدم جواز توقيع حد الارتداد على السكران (لعدم إدراكه أو تمييزه لما يقول). يقول السالمي: إن المرتد في حال سكره: لا يقام عليه حد المرتد، وهو القتل؛ لأن السكران لا تمييز معه، » فيجري على لسانه ما لم يكن مقصود ً ا له، وقد رأيناهم ينتظرون بالمرتد ما لا ينتظرون بغيره من أهل الحدود. حتى حكى بعضهم إجماع الناس على ويضيف ا لسالمي: .« أن المرتد من الإسلام إلى الشرك يستتاب قبل القتل (١) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة . عمان، ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ج ٥، ص ٤٣ ُ (٢) . ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٥٢٥ ٥٢٦(٣) السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٨٧ ؛ العلامة عامر المالكي العماني: غاية المطلوب ُ . في الأثر المنسوب، ص ٨٩٨ فهذه الأخبار، وهذه الآثار، دالة على تخصيص المرتد بالتأني في شأنه، » والانتظار لتوبته، وليس شيء من ذلك في سائر الحدود، فإن سائر الحدود تقام بنفس مباشرة سببها، فصح أن تستثنى من جملتها حد المرتد، فلا يقتل « إذا ارتد وهو سكران حتى يستمر على ارتداده بعد ا لصحو(١) .  ٣ ويدل على ضرورة التثبت، ما قاله ابن عمر: لما بعث رسول الله ژ خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، دعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، وجعل خالد يأسر ويقتل، ودفع إلى كل رجل منا أسيره، حتى إذا أصبح أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، فقلت: والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، حتى نقدم على رسول الله ژ فنذكر له ذلك، فلما قدمنا وذكرنا له ذلك، رفع ژ يديه وقال: الله » ُ « م إني أبرأ إليك مما فعل خالد (مرتين) قال الشعراني: قال  العلماء: وفي الحديث دليل على أن الكناية مع النية كصريح لفظ ا لإسلام(٢) .  ٢ الآثار المترتبة نتيجة للردة: أكد الفقه الإباضي أن الردة ترتب العديد من الآثار، منها: ١ لا حرمة للمرتد في دمه أو ماله أو عرضه(٣) . (١) . السالمي: طلعة الشمس، ص ٣٨٦ ٣٨٨(٢) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ٤٨(٣) ويترتب على هذه القاعدة فروع كثيرة منها: من قذف مرتدا فلا دية عليه. ومنها: إن غيبة المرتد جائزة لأنه لا حرمة له. ومنها: إنه يجب قتاله مع الإمام لفعل أبي بكر ƒ وموافقة الصحابة له. ومنها: إن من جرح المرتد ثم رجع إلى الإسلام فلا قصاص له في ذلك ولا دية. ومنها: إن من أخذ مال المرتد لا تقطع يده لشبهة ردته فإن أبا بكر ƒ حارب المرتدين، وغنم أموالهم لأنهم بردتهم أصبحوا مشركين والمشرك مهدور الدم والمال والعرض. . راجع: القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٠٥٦ ١٠٥٧ ّ  ٢ إحباط العمل. يقول ا لجيطالي: فإذا ارتد الرجل عن الإسلام فقد حل قتله بعد الاستتابة وحرمت عليه » أزواجه وانقطعت بينه وبين المسلمين الولاية والموارثة والمناكحة والمدافنة، وحبطت أعماله كلها، لقول ا لرسول : ‰ من أشرك بالله ساعة أحبط عمله، » « وإن تاب جدد له العمل(١) . وقال تعالى: ﴿ §¨©ª« ¬® ﴾ [ [الزمر: ٦٥ ، وكذلك إن كانت فيه خصلة من خصال الشرك ثم « أطلع عليها، وقيل فيه غير ذلك(٢) . يؤيد ذلك أيض ً ا قوله تعالى: ﴿ £¢¡ ¤ §¦¥ ﴾ [ [الأنعام: ٨٨ ، وقوله سبحانه: ﴿ ÔÓÒÑÐÏ ﴾ [ [المائدة: ٥ . ٣ الوضع القانوني للمرتد من الإسلام إلى دين آخر أشد من ذلك الخاص بالارتداد من دين غير إسلامي إلى دين غير إسلامي: فالمسلم الذي ارتد يكون في وضع أسوأ من غير المسلم الذي ارتد إلى دين غير الإسلام. يتضح ذلك من ا لآتي: أولا ً: سبق القول إن المسلم الذي يرتد إلى دين آخر يعتبر مرتدا، بينما خروج غير المسلم من دينه إلى دين غير الإسلام لا يعتبر ردة. ثاني ا: المرتد لا تؤكل ذبيحته، ولو ارتد إلى اليهودية أو النصرانية. ً عمن ارتد عن مذهب المسلمين وهو دين الحق » : وهكذا بخصوص السؤال إلى دين اليهودية أو النصرانية هل ت ُؤ ْ كل ذبيحته أم لا وما وجه المنع وهل لا تؤكل ذبيحة المرتد وإن اختار اليهودية » : قيل بعدم المنع؟، يقول السالمي أو النصرانية لأنه ليس من أهل الكتاب الذين أحل الله للمسلمين ذبائحهم (١) رواه الربيع عن أنس. (٢) . الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢، ص ٧٦ ؛ النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٩٩ وإنما هو رجل اختار الكفر على الإسلام ووجب جبره على الإسلام وقتله على الكفر فكيف يعامل مع هذا بمعاملة أهل الكتاب ولا أعلم أن أحد ً ا « رخص في ذبيحته(١) . ثالث ً ا: بخصوص: عن قول بعضهم: إن المرتد عن الإسلام إلى الكفر مكلف بالفروع لاستمرار التكليف بالإسلام لم خص المرتد بذلك من بين سائر الكفرة؟ وهل عنده إنه لما ارتد انقطع عنه التكليف فإن كان لا فلم لم يأمره بإتيانها؟ يقول ا لسالمي: عنده أنه لما دخل نفسه في الإسلام اختيارا جبر على الاستمرار » ً على الإسلام وأخذ بجميع أحكامه والفروع من جملة أحكام الإسلام فيعاقب على تركها فوق عقاب الارتداد ولم يأمره هذا القائل بفعلها حال الارتداد لأنها لا تصح في حال الشرك وإنما يأمرونه بالرجوع إلى الإيمان ثم أداء سائر الواجبات، مثال ذلك تارك الوضوء لا يجبر على الصلاة بغير وضوء بل يؤخذ أولا ً بالوضوء ثم بالصلاة لأنها لا تتم بدون « وضوء(٢) . رابع ً ا: المرتد غير المسلم لا يرتكب بارتداده جريمة، بينما المرتد المسلم يشكل فعل الردة بالنسبة له جريمة توقع عليها عقوبة ا لقتل(٣) . (١) أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، مكتبة الضامري، مسقط، ١٤١٣ ، ج ١، ص ٢٦٣ . انظر أ يض ً ا: النزوي: المصنف، . ج ١١ ، ص ٢٠١(٢) أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٦٤ ٢٦٥(٣) لذلك قيل: وتعتبر الردة في شريعة الإسلام من أخطر الجرائم؛ لما فيها من العدوان على الجماعة » المسلمة ودينها وعقيدتها، ولو تركت بغير عقاب لفتح باب من الفتنة يلجه أعداء الإسلام، = وقد لخص الرقيشي موقف ا لإباضية من هذه المسألة بقوله: ّ المرتد عن دينه والعياذ بالله حكمه القتل لقوله ژ: » من بدل دينه » « فاقتلوه وذلك إذا بدل دين الإسلام بدين الكفر من أي ملة كانت من اليهود والنصارى والصابئين والمجوس وعبدة الأصنام، فالمبدل بدينه دين ً ا من هذه الملل حكمه القتل إجماع ً ا، واختلف هل ذلك عام في الرجال والنساء أو يقتل الرجال دون النساء وهل يقتل حالا ً لظاهر الحديث؟ قيل: يستتاب ثلاثة أيام، وقيل: يستتاب ثلاث مرات فإن لم يتب قتل. وقال الشافعي: يستتاب في الحال فإن تاب وإلا قتل. وقال علي: يستتاب شهرا فإن تاب وإلا قتل، ً وقيل: لا يستتاب أبد ً ا. والمرأة كالرجل، وقال علي: تسترق، وقال أبو حنيفة: تحبس ويجبر ا لأمة َ سيد ُ ها على الإسلام. ولعلهم نظروا إلى نفس الخطاب هل عام أم مخصص بالعرف لأن المرأة لا قتل عليها إلا أن قاتلت، والردة فرع والشرك الأصلي أعظم والفرع يرد على الأصل في حكمه قال العزيزي من قومنا في شرحه على الجامع الصغير: إن المرتد حكمه القتل ولو تاب ووجه قوله: إن قتله حد من حدود الله والتوبة لا تسقط الحد بل الإثم فقط لكن لم أظفر بهذا القول عن غيره وهو غير خارج عن دائرة الرأي، والأول « هو المعتمد عليه وعليه جل الأصحاب والقوم(١) . = ويستعملونه للصد عن سبيل الله، وزعزعة عقائد المسلمين، بالتظاهر بالإسلام، ثم بالرجوع .« عنه، والتأثير بذلك على جهلة الناس ومن في قلوبهم مرض د. محمد نعيم وآخران: فقه النظم، معهد القضاء الشرعي والوعظ والإرشاد، مسقط، . ١٤٢٨ ، ص ٢٣٨ (١) الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٨٧ . انظر أيض ً ا: ، السعدي: قاموس الشريعة، ج ٧، ص ٢٥٣ ٢٥٤ ، ابن جعفر: الجامع، ج ٢ ، ص ٥٠١ ٥٠٢ ؛ جامع أبي الحواري، ج ٥، ص ١٥٤ ، الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥ ، ص ٢٠٣ ؛ الحيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢، ص ٥٧٦ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ . ص ٩؛ جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٤، ص ١١٩ ١٢٥ وجريمة الردة تقع كما سبق القول من المسلم، وسواء ولد على « كلا الفريقين في حكم الردة سواء » إذ « عن كفر » فطرة الإسلام أو أسلم لم يجز أن يقر » وسواء انتقل إلى اليهودية أو النصرانية أو الوثنية أو غيرها  « من ارتد إليه؛ لأن الإقرار بالحق يوجب التزام أحكامه(١) . ومما يدل على قتل المرتد، قوله ژ : « من بدل دينه فاقتلوه »(٢) . وقوله ژ : لا يحل دم رجل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله » إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق « للجماعة(٣) . ويفرق ابن محبوب بين المرتد في دار الحرب وفي دار ا لإسلام:   وأما المرتدون في دار الحرب فحكمهم [حكم أهل الحرب في » أنفسهم] وما فيها من أموالهم وذراريهم الذين ولدوا في حال ردتهم، وكذلك إذا قامت لهم دار منعوا فيها الرجعة إلى دار الإسلام، أو كانوا مع أهل حرب المسلمين من المشركين، وقال رسول الله ژ : « من بدل دينه فاقتلوه » ، وأجمع المسلمون في تأويل ذلك على أنهم أهل الردة إلى الشرك بعد إيمانهم، وجرت السنة ألا يقتلوا إلا بعد الاستتابة لهم، ولا حرب إلا بعد حجة يدعى بها المحاربون إلى ترك ما يحاربون عليه ما لم تكن البدأة بالقتال منهم. واختلف في حكم المرتد في دار الإسلام ما لم ينصب حربا ً « عليهم، فقال بعضهم: قتله من الحدود، ولا يقوم به إلا الأئمة العدل فيهم(٤) . (١) . الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ١١٣(٢) رواه البخاري عن ابن عباس بلفظه، كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، ، ١٠٩٨ . والترمذي مثله، كتاب الحدود، باب ما جاء في المرتد، ر ١٤٥٨ /٣ ، ر ٢٨٥٤ .٥٩/٤ (٣) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ٣٦(٤) ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، رسالة المحاربة، ص ٣٨ ؛ انظر أيض ً ا: الكندي: بيان = حري بالذكر أنه بخصوص قتل المرأة المرتدة، جاء في بيان ا لشرع:  والمرأة تقتل بالارتداد ولا فرق بينها وبين الرجل في ذلك لقول » النبي ژ : « من بدل دينه فاقتلوه » ومن يدخل فيها الذكر والأنثى، والواحد والجماعة، ومن لم يوجب القتل على المرأة بالارتداد محتاج إلى دليل. ويقول الشافعي: وكذلك العبد أيض ً ا إذا ارتد يقتل بظاهر الخبر، لأنه أمر عام والمخصص عليه إقامة الدليل. وقال أصحابنا: إذا ارتد العبيد بيعوا في الأعراب ولم يقتلوا، وليس في الخبر ما يوجب التخصيص. فإن رجع المرتد « قبل أن يقتل فإن توبته تقبل بالإجماع(١) . بينما يقول الإمام السالمي: أما المرأة إذا ارتدت عن الإسلام فإنها ت » ُ ستتاب فإن لم تتب قتلت وهو  أكثر قول أصحابنا وقال بعضهم: تسبى ولا تقتل، قال الربيع: تقتل بعد ما « تستتاب ثلاث مرات، قال: وليس ذلك في يوم واحد ولكن في ثلاثة أ يام(٢) .  = الشرع، ج ٧٠ ، ص ٢٦٨ ؛ الشيزري: المنهج المسلوك في سياسة الملوك، مكتبة المنار، . الزرقاء الأردن، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ص ٦٤٧ ٦٥٦(١) ، الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ١٠ ؛ سلمة العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ١٠٤ ١٠٥ . جامع أبي الحواري، ج ٥، ص ١٥٤ (٢) أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٦١ وقد بين الكاساني حجج الحنفية بخصوص عدم قتل المرأة المرتدة، كما يلي: وأما المرأة فلا يباح دمها إذا ارتدت ولا تقتل عندنا، ولكنها تجبر على الإسلام »وإجبارها على الإسلام أن تحبس وتخرج في كل يوم فتستتاب ويعرض عليها الإسلام فإن أسلمت وإلا حبست ثانيا: هكذا إلى أن تسلم أو تموت. وذكر ا لكرخي 5 وزاد ً عليه: تضرب أسواط ً ا في كل مرة تعزيرا لها على ما فعلت. وعند ا لشافعي 5 تقتل ً لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: « من بدل دينه فاقتلوه » ولأن علة إباحة الدم هو الكفر بعد الإيمان ولهذا قتل الرجل وقد وجد منها ذلك بخلاف الحربية وهذا لأن = خامسا: المرتد لا يحكم عليه بحكم أهل الكتاب، بل يسلم أو يقتل، ً ولا يقبل منه عهد ولا يؤمن، وكذا إن ارتد إلى غير أهل الكتاب، لا يقبل ّ منه عهد بل يسلم أو يقتل(١) . ٤ بخصوص الأمور المالية للمرتد: يقول ابن جعفر: وإذا ارتد ولحق بدار الحرب كان ماله مرفوع » ً ا عليه، فإن رجع، رجع إليه ماله وما كان له حق فهو ثابت فلا يزول بالكفر، وهو قول أبي معاوية عزان بن الصقر وأما أبو المؤثر فإنه قال: فإن الحقوق تنتقل بالكفر وما ثبت له من حق قبل ارتداده يبطل بالردة. قال: فإن رجع إلى « الإسلام رجع إليه ماله، وقول أبي معاوية أنظر(٢) . = الكفر بعد الإيمان أغلظ من التمكن من الوقوف دون حقيقة الوقوف فلا يستقيم الاستدلال. (ولنا) ما روي عن رسول الله ژ أنه قال: لا تقتلوا امرأة ولا وليد » ً « ا ولأن القتل إنما شرع وسيلة إلى الإسلام بالدعوة إليه بأعلى الطريقين عند وقوع اليأس عن إجابتها بأدناهما، وهو دعوة اللسان بالاستتابة بإظهار محاسن الإسلام والنساء اتباع الرجال في إجابة هذه الدعوة في العادة فإنهن في العادات الجارية يسلمن بإسلام أزواجهن على ما روي أن رجلا ً أسلم وكانت تحته خمس نسوة فأسلمن معه، وإذا كان كذاك فلا يقع شرع القتل في حقها وسيلة إلى الإسلام فلا يفيد ولهذا لم تقتل الحربية بخلاف الرجل فإن الرجل لا يتبع رأي غيره خصوصا في أمر الدين بل يتبع ً رأي نفسه فكان رجاء الإسلام منه ثابت ً ا فكان شرع القتل مفيد ً ا فهو الفرق، والحديث محمول على الذكور عملا ً الكاساني: بدائع الصنائع، « بالدلائل صيانة لها عن التناقض . ج ٧، ص ١٣٥ النهي إنما هو عن قتل الكافرة الأصلية كما وقع في سياق قصة » وأجاب الجمهور بأن النهي فيكون النهي مخصوصا بما فهم من العلة وهو لما كانت لا تقاتل فالنهي عن قتلها ً إنما هو لتركها المقاتلة فكان ذلك في دين الكفار الأصليين المتحزبين للقتال، وبقي عموم قوله: « من بدل دينه ». الصنعاني: سبيل السلام، ج ٣، ص ٥١٥ « سالما عن المعارض ً راجع أيض ً . ا: القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٣، ص ٤٨(١) . أطفيش شرح كتاب النيل، ج ٦، ص ٣١٢(٢) ابن جعفر: الجامع، ج ٢، ص ٥٠٣ ؛ النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٠٥ ؛ السيد مهنا بن = معنى ذلك: أنه بخصوص ل ُ حوق المرتد بدار الحرب يوجد اتجاهان في الفقه ا لإباضي: الأول: يرى أن مال المرتد يظل موقوف ً ا عليه، فإن رجع، رجع إليه ماله. والثاني: يذهب إلى أن الردة تبطل ما له من حقوق لأن الحقوق تنتقل .« بالكفر » أما إذا بقى المرتد في دار الإسلام، فإن مصير أمواله يكون كما يلي: ومن ارتد، ولم يلحق بدار الكفر وهو مقيم في دار الإسلام، لم يقسم » ماله. وطالبه الإمام بالرجوع إلى الإسلام. ولولا الاتفاق في هذا لكان يقتضي حكم من ارتد في الإسلام، ولحق بدار الحرب، أو لم يلحق. وأما ما كان يذهب إلى توقيف مال المرتد. فما كان حكمه حكم الحياة، « وإن لحق بدار الحرب. وقال: لا يقسم مال امرئ حي(١) . = ، خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ . ص ٢٩٥ ٢٩٧ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ٥ الإمام ابن « لا يزول ملكه من ماله » يقول ابن المنذر: إن الإجماع على أن المرتد بارتداده . المنذر، الإجماع، ص ١٢٢ ، رقم ٧٢١ أما دار الإفتاء المصرية فقد أخذت بالرأي ا لآتي: المسلم الذي ارتد عن دينه وانتقل منه إلى دين آخر زال ملكه عن ماله زوالا » ً موقوف ً ا، فإن عاد إلى الإسلام عاد إليه ملكه، وإن مات على ردته ورث ماله الذي كسبه في حال إسلامه وارثه المسلم بعد قضاء ما استدانه في إسلامه أما ما كسبه في حال ردته فهو فيء بعد قضاء دين ردته ويقضي أيض ً ا بأن المرتد لا يرث من أحد. لا من مسلم ولا من مرتد ولا من كافر أصلا ً « ، الفتاوى الإسلامية الصادرة من دار الإفتاء المصرية، ج ٢ . ص ٦٤٢ (١) النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٠٥ . راجع أيض ً ا: خلفان السيابي: فصل الخطاب في . المسألة والجواب، ج ٢، ص ٢٢٦  ٥ يؤخذ المرتد بما جناه قبل ارتداده إذا رجع إلى الإسلام مرة أخرى. يقول ا لرستاقي:  وكل ما جنى المرتد في إسلامه، ثم ارتد، ثم أسلم، فالذي جناه في » « إسلامه يؤخذ به. وما جناه في ارتداده، فلعله لا يؤخذ به(١) . ويقول العوتبي: ومن أصاب في حال إسلامه قتلا » ً أو قذف ً ا أو سرقة أو زن ً ا أو حدا ثم رجع إلى الشرك أو أصاب ذلك في حال ارتداده ثم أسلم فإنه يؤخذ به إذا رجع إلى الإسلام إلا ما أصاب في ارتداده مما هو في دينه حلال عنده فلا يؤخذ منه إلا ما وجد في يده من غنيمة مالا ً وسبأ فإنه يرد، وأما ما كان يدين بتحريمه في ارتداده فهو مأخوذ به، فأما إن جرحه أحد وهو مرتد فلا قصاص له ولا دية وهو مرتد ولا حد على من قتله، ومن جرحه وهو مسلم ثم ارتد ثم أسلم فله الخيار إن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية؛ فقال قوم: له الدية ولا قصاص له، وقال قوم: له القصاص إذا أسلم وإن لم يسلم فلا قصاص له، وقال قوم: له دية مشرك إذا لم يسلم ويقتل هذا في أهل الديات « ممن له أهل الذمة فأما العرب فلا(٢) . سادسا: المرتد أن تاب ورجع إلى الإسلام تقبل توبته، بما يعني عدم ً توقيع عقوبة الردة عليه. يقول ابن جعفر: ومن ارتد ولحق بدار الحرب ثم رجع ثانيا ق » ُ بلت توبته، وقد ارتد ً عبد الله بن أبي سرح ولحق بمكة فأمر رسول الله ژ بقتله فجاء إلى عثمان بن عفان مسلما بعد ارتداده قبل أن يأتي ا لنبي ژ ، فجاء به إلى ً (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٠٦(٢) . سلمة العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ١١٠ ، جامع أبي الحسن البسيوي، ص ١٩٦٩ النبي ژ وقبل توبته ولم يقتله، وكذلك فعل أبو بكر ƒ حين ارتدت « العرب ثم رجعوا إلى أداء الزكاة فأزال القتل عنهم(١) . وهكذا مما تقدم يمكن استنباط القواعد ا لآتية: ١ أن المرتد يسأل عما اقترفه من جرائم قبل ارتداده إن رجع إلى الإسلام. علة ذلك أنه وقت ارتكاب الجريمة كان مسؤولا ً عن ارتكابها مسؤولية جنائية، فضلا ً عن توافر كل الأركان اللازمة لارتكابها. ٢ الجرائم التي يرتكبها المرتد أثناء ردته مما هو حلال في دينه لا يسأل .« أمرنا أن نتركهم وما يدينون » عنها، ولعل ذلك يدخل في نطاق قاعدة٣ انطلاق ً فإن ما يقع على المرتد من جرائم « لا حرمة لمرتد » ا من قاعدة (كالقذف أو الجرح أو الشتم) يعتبر أمرا مباحا لا يسأل فاعله عنه. ً ً ٤ شهادة المرتد بخصوص وقائع معينة وقعت وهو مسلم لا يحكم بها، وفق ً ا لرأي، إذا ارتد وكانت القضية ما زالت منظورة أمام ا لمحكمة(٢) .  (١) ابن جعفر: الجامع، ج ٢، ص ٥٠٣ . حري بالذكر أن رأيا في الفقه الجنائي الحديث يذهب ً إلى أن عقوبة الردة هي عقوبة تعزيرية وليست عقوبة حد، وبالتالي فقتل المرتد تعزيرا هو ً أمر جوازي، خلاف ً ا لرأي جمهور الفقهاء الذي يرى وجوب قتله، راجع: د. محمد سليم . العوا: في أصول النظام الجنائي الإسلامي، ص ١٦٦(٢) يفصل أطفيش رأي ا لإباضية من هذه المسألة، بقوله: ّ إن شهدا) أي: أديا الشهادة عند الحاكم (على شيء فارتدا أو نافقا قبل الحكم لم يحكم بها )»على المختار ولو في المرتد) أي: والحال أن المختار في المرتد منع الحكم، وأما الذي نافق فلا يجوز الحكم بشهادته تلك قولا ً واحد ً ا عند من يمنع شهادة ذي الكبيرة مطلق ً ا، والفرق أن المرتد لم يبق له من أحكام الإسلام شيء، فكان كالميت، فجازت شهادته التي أداها قبل َ الارتداد على غير القول المختار، وما ذكرته هو فائدة ذكر المرتد مع الاستغناء عنه بقوله: ارتد، أو المراد بالمرتد: الجنس الصادق بالمرتدين؛ لأن الكلام فيهما، أو أراد الواحد، وذلك .« أنه إن ارتد أحدهما فقط فأولى بالخلاف، لكن المبالغة بارتداد الواحد فقط . أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٣ ، ص ١٨٤ يتضح مما تقدم أن الردة لها آثار خطيرة بينها الفقه الإباضي، ويرجع « لعظم أمر الارتداد فإنه أعظم من الشرك الذي لم يسبقه إسلام » : ذلك(١) .  :(»dhódG »Yô°ûdG ´ÉaódG ≈dEG ádÉMEG) ¿ƒ«HôëdG (O الحربي هو من ينتمي إلى الأعداء ويقوم بقتال المسلمين أو الدولة الإسلامية، ومن الطبيعي أنه إذا حدث ذلك، فإن للمعتدي عليهم حق الدفاع الشرعي عن أنفسهم وأموالهم، بما في ذلك قتل المهاجمين ا لمعتدين. وقد سبق دراسة ذلك تفصيلا ً عند دراستنا لمسألة دفع الصائل .« الدفاع الشرعي ا لدولي » :Qóg º¡eO ¿hôNBG ¢UÉî°TCG (`g أشار ا لإباضية أ يض ً ا إلى بعض الأحوال الأخرى التي يكون فيها دم ّ الشخص هدرا، ومنها: ً ١ قتل من صار الإيذاء طبع ً ا له: وهكذا بخصوص سؤال: الرجل المؤذي هل يجوز صرفه وقتله؟ يقول السالمي: إذا صار الإيذاء طبع » ً ا له وعادة جاز صرفه وقتله إذا لم يردعه إلا ذلك، وما جاز قتل الحية والعقرب إلا لكون الأذى منها طبعا، ً فإذا صار الإنسان بهذه المثابة خرج عن الإنسانية إلى حد السبعية فيجوز فيه ما جاز فيها، ومن هاهنا جاز قتل الباغي والمحارب وهو الساعي في الأرض فساد ً .« ا (١) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٤، ص ٩٩ ويضيف أيضا: ً والإنسان إذا تعود الضرر وصار الأذى له طبعا خرج من حد الإنسانية » ً « إلى حد السبعية ولم يبق له حرمة ولا احترام، ذلك دم أبطله أهله(١) . ٢ مانع الماء المؤدي إلى الموت: وإذا كان رجلان في سفر عند أحدهما ماء » : فقد جاء في بيان الشرع وأصاب الآخر عطش شديد فإنه يطلبه شربة يحيي بها نفسه فإن قوي عليه العطش وخاف الموت ومنعه صاحبه ولم يقدر على أن يسرق منه ما يحيي به نفسه فله أن يقاتله على الماء ليحيي به نفسه فإن شهر عليه سلاح ومنعه به  « دون الماء فله أن يشهر عليه السلاح ويقاتله به فإن قتله فإن دم المانع هدر(٢) . وإن كان ثمة اتجاه آخر في الفقه الإباضي، يقول: ومن خاف على نفسه الموت من العطش الشديد فلقي رجلا » ً عنده ماء فطلب إليه أن يسقيه فأبى فله أن يجاهده بقوته إن كان أقوى منه ويقدر على قهره بقوته ولا يقتله ولا يضربه ويأخذ الماء على هذا ويشرب بقدر ما يحيى به، وإن خاف أن لا يقدر عليه فلا يجاهده لأنه ليس له أن يضربه ولا « يقتله، قال الناظر: إلا أن يخاف على نفسه التلف فله أن يجاهده بما يقدر(٣) . ٣ كون الشخص في موضع يعادل قتله لنفسه: يؤيد ذلك قول ابن بركة: وإذا نام رجل في طريق المسلمين أو في موضع ليس له أن ينام فيه، » (١) . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤٤٨(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ١٢(٣) . ذات المرجع، ص ١٣ فعثر به رجل فماتا جميعا أو مات النائم دون صاحبه أو مات الذي وقع ً على النائم. الجواب في ذلك على أصول أصحابنا: أن النائم إن مات كان « دمه هدرا، وكأنه هو الذي جنى على نفسه(١) . ً وبخصوص سؤال: إذا هلك إنسان ومن معه في حادث تصادم بين سيارتين، وكان الهلاك بسبب تعديه وإهماله، فهل يكون موته هدرا بسبب ً تعديه؟ وما وقع من هلاك في الأنفس بكلا السيارتين على من يكون ضمانها؟ يقول سماحة المفتي العام بسلطنة ع ُمان: نعم يكون دمه هدرا، لأنه المتسبب في إهلاك نفسه وإهلاك غيره، بل » ً ويجب في ماله غرم ما تلف بسبب تعديه أو إهماله من أنفس أو « أموال(٢) . ٤ قتل مانع الزكاة: يؤيد ذلك ما جاء في الجامع ا لصحيح: أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن ا لنبي ژ قال: مانع » « الزكاة يقتل . ُ أبو عبيدة عن جابر بن زيد قال: بلغنا أن أبا بكر ا لصديق ƒ والله » : قال لو منعوني عقالا ً ذلك إذا منعها » : قال الربيع: قال أبو عبيدة « لقاتلتهم عليه « من إمام يستحق أخذها، وأما غيره فلا يقتل من منعه إياها(٣) . (١) . ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٥٠٨(٢) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى، الكتاب الخامس، ص ١١٤(٣) . الإمام السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٢، ص ٩٢ ٥ إرادة الزوج زوجته وهي محرمة عليه، فلها مجاهدته ولو بالقتل إذا تحتم ذلك: إن منها: « من وجب قتاله فدمه هدر » وهكذا قيل بخصوص فروع قاعدة إذا أراد الزوج زوجته وهي محرمة عليه جاهدته حتى تقتله، أو يقتلها » وذلك إذا أراد وطئها وتحتج عليه، وتقول له: إن أردت وطئي حراما فقد ً أجاز المسلمون لي أن أجاهدك عن نفسي، وأقتلك، وإنما تقتله إذا غلبها في الجماع ما دام في جماعها إذا لم تقدر على منعه إلا بالقتل، وإن اعتزل عنها فلا تقتله، وكذلك إن كان في جهادها قبل الجماع فتجاهده على نفسها ولا تقتله، ولا تعمد لقتله فإن قتلته في جهادها عن نفسها قبل أن يطأها بعد الحجة عليه فدمه هدر. وهذا مبني على أن الإكراه على الزنى لا يبيحه عند فقهاء ا لإباضية وعند ّ غيرهم فيه خلاف فقيل: إن الإكراه على الزنى يبيحه وقيل لا يبيحه. قلت: إذا كان الإكراه على الكفر يسوغه فمن باب أولى ما هو أدنى « منه (١) . ådÉãdG åëѪdG á«dhDƒ°ùªdG ™fGƒe (É«FÉæL º∏≤dG ™aQ ∫GƒMCG :hCG) v أخذنا هذا العنوان الأخير من قوله ژ : رفع القلم عن ثلاث: الصبي » « حتى يحتلم، والمجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ . وإلى جانب ذلك (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٤١١ ١٤١٢ ّ هناك أسباب أخرى لموانع المسؤولية وهي السكر، والإكراه، والقوة القاهرة والحادث الفجائي، وحالة الضرورة. ويمكن أن نلحق بذلك أيض ً ا الجرائم التي تقع بين بعض ا لأقارب. وندرس موانع المسؤولية على الترتيب الآتي بيانه، وهو: صغر السن، والجنون والعته، والسكر، والإكراه، وحالة الضرورة، والقوة القاهرة والحادث الفجائي، والجرائم بين بعض ا لأقارب(١) . ومن هذه العوارض ما هو سماوي (أي: لا دخل للشخص فيها): كالصغر، والجنون، ومنها ما هو غير سماوي: كالسكر، والإكراه. :ø°ùdG ô¨°U (CG) القاعدة في فقه المذاهب الإسلامية، ومنها الفقه الإباضي هي عدم  مسؤولية الطفل جنائيا، أي: عما يرتكبه من جرائم(٢) . (١) ذكر ا لإباضية كذلك أحوال أخرى، منها: ّ إذا سرق » ( عدم معاقبة الأعجم: فقد جاء في الضياء أن الأعجم (الذي لا يدري ما يفعله تعقل عنه » وإنما « أو زنا أو شرب الخمر أو قتل فإنه لا يقام عليه الحد بما أتى من ذلك . العوتبي: الضياء، ج ١٨ ، ص ٧١ ، ج ٤، ص ٢٠٨ ٢٠٩ « عاقلته ما صح أنه خطأ والأعمى إذا زنى ولم يكن له امرأة ولا جارية فقيل: يقام عليه » : الأعمى: فقد قال ابن جعفر .« الحد؛ وأما إن كان له زوجة أو جارية واحتج أنه ظن أنها زوجته أو جاريته فلا حد عليه وعن قائد الأعمى إذا سدع الأعمى ما يلزمه فيه الضمان إذا كان يحذره الموضع » كذلك ويعرفه ذلك ولا يمر به فيما يزل به عن الطريق فلا ضمان على القائد؛ وإن أصاب الأعمى بيده شيئ ً ا فلا ضمان على القائد؛ وأما إن مر به ولم يعرفه فسدع أو سدع إنسان ً ا كان ذلك .٢١٨ ، ذات المرجع، ج ٤، ص ٢١٦ « مثل قائد الدابة ضمن القائد(٢) من المعلوم أن الإنسان يمر بمراحل سنية معينة يختلف وفق ً ا لها مدى مسؤوليته، وكذلك أهليته الجنائية والمدنية. في هذا الخصوص جاء في معجم القواعد الفقهية الإباضية: = ّ يقول المرحوم الدكتور محمود نجيب حسني: يجتاز صغير السن مرحلتين: مرحلة انعدام التمييز فيسمى صغيرا غير » ً مميز، ومرحلة نقص التمييز، وفيها ي ُ سمى صغيرا مميز ً ا. والصغير غير المميز ً  = الصبي: يطلق في عبارات الفقهاء على من لم يبلغ مرحلة التمييز ويبدأ هذا الدور، أي: »دور الصبا من بعد سن الطفولة ويسمى حينذاك صبيا، فإذا ما وصل إلى سن العاشرة أو بعدها بقليل سمي يافع ً ا، أو يفاع ً ا. ُ والإنسان باعتبار الأهلية يمر في أربعة أطوار: ١ طور الاجتنان عندما يكون جنين ً ا في بطن أمه. ٢ دور الصبا ويبدأ من انفصاله عن أمه إلى ما قبل سن ا لتمييز. ٣ دور التمييز ويبدأ من سن العاشرة أو بعدها بقليل. ٤ دور البلوغ ويبدأ من بلوغه الحلم أو دخوله في سن الخامسة عشرة من عمره. وقد وزع الشارع على الإنسان في هذه الأدوار أهلية الوجوب وأهلية ا لأداء. فأثبت للجنين في بطن أمه أهلية الوجوب، وكذلك للصبي بمعنى أنهما يصح منهما التملك وتثبت الحقوق لهما من وقف ووصية وهبة، ونحو ذلك. أما أهلية الأداء وهي صحة التصرف في العقود والالتزامات فليس لهما ذلك إلا أن المميز له أهلية أداء ناقصة بمعنى: أنه إذا عقد عقد ً ا فإنه ينظر فإن كان فيه مصلحة محضة صح تصرفه، وإن كان فيه مفسدة محضة بطل تصرفه، وإن تردد تصرفه بين المصلحة والمفسدة فإنه ينظر إلى ما يقرره وليه من الإمضاء أو الإلغاء، لأن تصرف وليه عليه منوط بالمصلحة. وهذا من رحمة الله بالصبي فإنه محل للرحمة لقصور عقله عن عقل البالغ المكلف. معجم القواعد الفقهية الإباضية، « الصبي يملك ولا يملك » ولذلك نصت القاعدة على أن ُّ . ج ١، ص ٦٥٨ ٦٥٩ راجع أيض ً ا في المذاهب الإسلامية الأخرى: د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٧٦٣ ٧٦٩ ؛ د. محمود نجيب حسني: الفقه ، الجنائي الإسلامي، ص ٣٥٥ ٥٤٤ ؛ عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١ . ص ٦٠٠ ٦٠٣ وراجع بصفة عامة: د. محمد الشحات الجندي: جرائم الأحداث في الشريعة الإسلامية مقارن ً . ا بقانون الأحداث، دار الفكر العربي، القاهرة، ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ص ١ ٣٠٠ لا تبعة عليه إطلاق ً ا لانعدام التمييز لديه، أما الصبي المميز فتخفف تبعته، إذ لا توقع عليه عقوبة، وإنما يجوز أن تتخذ إزاءه جزاءات تأديبية، وفي تعبير آخر تدابير تهذيبية وإصلاحية، وهي ليست في حقيقتها عقوبات، وإنما هي تدابير تواجه خطورته على المجتمع التي عبرت عنها أفعاله، وهي تهدف « إلى تفادي أن يتحول عند بلوغه إلى الإجرام ا لفعلي(١) . وهكذا فإن صغر السن يقترن بانعدام أو قلة التمييز لدى الطفل، الأمر الذي يحتم إما عدم عقابه مطلق ً ا، أو تخفيف مسؤوليته، حسب المرحلة السنية التي ارتكبت فيها ا لجريمة. وندرس المسألة من حيث القواعد واجبة التطبيق، والمسؤولية عن الجرائم الخاصة بالصبيان. ١ القواعد واجبة التطبيق: أكد الفقه الإباضي على العديد من القواعد الفقهية الخاصة بالنواحي الجنائية لما يرتكبه الصغير من جرائم، كلها تدور حول امتناع مسؤوليته. ومن هذه القواعد ما يلي: . • « الصبي يثاب ولا يعاقب » (٢) (١) . د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٥٤١ (٢) بخصوص هذه القاعدة، قيل: ومن مظاهر رحمة الشارع للصبي نصت القاعدة على أن الصبي يثاب ولا يعاقب. »ومعنى ثوابه أنه يملك غلة الوقف، وتصح له الوصية والهبة والمنح والعطايا لكن لا .« يعاقب على شيء من ترك الحقوق والواجبات ومن فروع هذه ا لقاعدة: إذا جنى الطفل جناية » ً حتى لو قتل لا يعتبر فعله إجراما فلا يستحق العقوبة ولو كان ً المقتول مورثه فإنه لا يحرم من الميراث لسقوط المؤاخذة عنه. = ٢١٦ . • « بخصوص الصبي العمد والخطأ منه سواء » (١) . • « القلم مرفوع عن الصبي حتى يحتلم » (٢) . • « الغلام لا يلزمه الحد حتى يحتلم » (٣) . • « الصبي ليس له أمر ولا نهي » (٤) . • « لا نية للصبي » (٥) = هذا في العقوبة البدنية، أما في العقوبات المالية والضمانات والأروش والتعويضات فهذه تجب عليه في ماله نظرا لكونها أسبابا تترتب عليها أحكامها فهي من خطاب الوضع ُ ًً .« وليست من خطاب ا لتكليف  . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٦٥٨ ٦٦٠ ّ (١) . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ٤، ص ٢٤(٢) . الغافري: صراط الهداية، ج ٢، ص ٣٩٠(٣) الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ٧٩ . لذلك يقول الإمام ا لسالمي: وأما رفع الحد عن الصبي فلكونه غير مكلف فكلامه في منزلة هذيانه والخطاب إنما ». جوابات الإمام السالمي، ج ٣، ص ١٣٧ .« توجه على أهل التكليف وجاء في المدونة ا لكبرى: سألت أبا ا لمؤرج وابن عبد العزيز عن المجنون والصبي يصيبان حدا؟ قال: لا شيء »عليهما. حدثني بذلك أبو عبيدة. قال: وكذلك قال ابن عبد العزيز: سمعت أبا عبيدة يروي هذا الحديث ويرفعه إلى ا لنبي ژ أنه قال: رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصبي حتى » « يحتلم « . (سنن أبي داود، حديث ٤٤٠٣ ). المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٠٤(٤) النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٧٠ . والقاعدة المذكورة تدل على أن الطفل لا يعد شريك ً ا َ في جريمة أمر هو شخصا آخر بارتكابها. ًَ (٥) فالأمور ،« الصبي ليس من أهل التكليف الذي يشترط فيه القصد » ومعنى القاعدة: أن بمقاصدها، كما أنه وفق ً ا للحديث النبوي » « إنما الأعمال بالنيات ، راجع: معجم القواعد . الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١١١٤ ١١١٥ ّ . • « الأولاد قبل تكليفهم غير مخاطبين بشيء » (١) وهكذا يظهر أن الفقه الإباضي يراعي جنائيا جانب مصلحة الطفل، لأن امتناع مسؤوليته يرجع إلى عدم توافر الإرادة الصحيحة والإدراك لديه. مراعاة » ويدخل ذلك في عمومية ما أكد عليه السالمي أنه بالنسبة للصبيان  « ة(٢) الأصلحية مطلوبة بالكتاب والسن . كذلك يقول:   وأما رفع الحد عن الصبي فلكونه غير مكلف، فكلامه بمنزلة هذيانه » « والخطاب إنما توجه على أهل ا لتكليف(٣) . ٢ المسؤولية عن الجرائم الخاصة بالصبيان: يفرق الفقه الإباضي بين الجرائم التي يرتكبها صغار السن، وتلك التي تقع عليهم. أولا ً : الجرائم التي يرتكبها صغار السن: أفاض الفقه الإباضي في بيان من يتحمل آثار جرائم ا لأطفال. وجناية الصبي، والمجنون، والأعجم، على غيرهم » : قال أبو إسحاق خطأ وإن كانت عمد ً « ا، وتحمل العاقلة قليلها وكثيرها عنهم(٤) . (١) . ١٤٣٤ ه ٢٠١٣ م، ص ٦١ ، الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى، العقيدة، ج ١ أي بالمخاطب بالتكاليف « العبادة منوطة بالمخاطب المأمور » وقريب من ذلك قاعدة . الشرعية، راجع: معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٧١٧ ّ (٢) . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤٠٢(٣) ، السالمي: نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤ . ص ٤٠٨ ٤٠٩ (٤). إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٣٣٩ وجاء في ا لضياء: ما أصاب الصبي والمجنون والمعتوه، متى أصاب هؤلاء من شيء » فعلى العاقلة دون أموالهم. ويقول بعض الناس: ما أصابوا عمد ً ا فهو في أموالهم. قال أبو المؤثر: جناية الصبي والمجنون وقت جنونهم عمدهم « وخطؤهم خطأ(١) . وجاء في ا لبصيرة: والصبي القلم عنه مرفوع، فلا إثم عليه، ولكن يكون مضمون » ً ا في ماله، « فإذا بلغ فما علم به تخلص منه، وما لم يعلم به فلا شيء عليه (٢) . ويقول ا لنزوي: وكل شيء أصاب الصبي والمعتوه في جراحات الخطأ فهو على ا لعاقلة. »ومن جني جناية فادعى أنه جناها ضايع العقل فأنكرت عاقلته فإن عليه البينة أنه جناها وهو ضايع العقل إلا السكران فلا تعقل العاقلة جنايته. وأما الذي يجن حين ً ا ويفيق حين ً ا فما جني في حال جنونه فهو على عاقلته كان صغيرا أو كبيرا. ًً وما أصاب في حال إفاقته وصحة عقله فهو في ماله إذا كان عمد ً ا وأما « الخطأ فهو على ا لعاقلة(٣) . يتضح مما تقدم عدة أمور، منها: (١) . العوتبي: الضياء، ج ١٤ ، ص ٢٠٢ (٢) . الأصم: البصيرة، ص ١٧٩(٣) النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٦٧ . راجع أيض ً ا في ذات المعنى: الجامع المفيد من . أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٢٧٩ ٢٨٠ أ ( أن القلم مرفوع جنائيا عن الطفل الذي يرتكب جريمة ما. ب ( لكن ليس معنى ذلك عدم وجود أي آثار أخرى، إذ العقوبات المالية تظل واجبة التطبيق. لكن يبدو أن الفقه الإباضي ليس فيه رأي موحد بخصوص هذه ا لمسألة:  :« جناية الصبي في ا لأروش » فيقول المحقق الخليلي بشأن إن كان في الدماء فهي خطأ على عاقلته قلت أو كثرت (وقيل: إذا » بلغت خمسا من الإبل، ومن غير الدم فيختلف فيه قيل: على عاقلته). ً وقيل: هي هدر. وقيل: في ماله إن كان مما لبسه فأبلاه أو أكله فأفناه أو  « فرج افترعه على سبيل القهر أو الغلبة فأمضاه(١) . وجاء في صراط ا لهداية: وجناية الصبي خطأ، وقد قيل: إنها على العاقلة، والذي أرى أنه لا يلزم » العاقلة إلا ما بلغ في الدية نصف عشر الدية، أو خمس من الإبل، ولا تعقل العاقلة أقل من ذلك، ولا تعقل العاقلة ما جنى الصبي من الأموال، وذلك كله عندي في مال الصبي يؤخذ من ماله، ولا يلزم العاقلة، ولا تعقل العاقلة عبد ً ا، ولا عمد ً ا، ولا اعتراف ً ا، ولا صلح ً ا، ولا مالا ً ، وإنما تعقل في الدية من « مال الخطأ ما يبلغ ما وصفنا(٢) . (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ٢٠١ (٢) . الغافري: صراط الهداية، مكتبة مسقط، ١٤٣٣ ه ٢٠١٢ م، ج ٢، ص ٣٩٠ ٣٩١ وقد ورد في جواهر الآثار تفصيلات أكثر بخصوص ذات ا لمسألة: ومنه: وإن قلت: أن ذلك يلزم العاقلة ولم يصح ذلك مع العاقلة، ولم تصدق العاقلة »الفاعل أيرجع عليه ذلك وحده أم لا عليه لأنه بعد صبي أرأيت، وإن لم يبلغ ذلك نصف عشر الدية أيكون عليه وحده أم لا؟ فعلى ما وصفت، إذا لم تصح جناية الصبي فلا يلزم العاقلة شيء، ويكون ذلك على الصبي وحده، يسلمه إذا بلغ. = ثانيا: الجرائم التي ترتكب ضد صغار السن: ً يمكن أن يكون الصغير ضحية أو مجني عليه في إحدى الجرائم. فما هي الآثار الجنائية المترتبة على ذلك؟ بحث الفقه الإباضي هذه المسألة أيضا: ً يقول النزوي: ومن جرح صبيا فطلب والد الصبي أن يقتص من الجارح » بجرح ابنه فذلك له وإن شاء أخذ له أرش جرحه، فإذا بلغ ابنه وطلب القصاص فليس له ذلك وقد جاز عليه ما فعل والده من قصاص أو أرش فإن  عفا الوالد عن القصاص والأرش، فإذا بلغ الابن رجلا ً ولم يرض بما فعل والده فإن القصاص يبطل ويكون للابن أن يأخذ الجارح بأرش جرحه ذلك، فإذا بلغ الابن فلم يطلب شيئ ً ا حتى مات وخلف ولد ً ا فليس لولده في ذلك شيء. وقيل: لوصي اليتيم أن يقتص له إذا جني عليه أو يصالح له على الأرش وليس له أن يعفو وكذلك أن قتل عبد اليتيم عمد ً ا فليس له أن يقتص له ولا « أن يصالح له على أقل من قيمته وله أن يأخذ له ا لثمن(١) . ويقول العوتبي: قال أبو عبد الله: هو مقيد ذلك عنه أن الصبي إذا جرح لم يكن » = وقال من قال: لا يلزمه شيء. وأما إذا صحت جنايته فقد قال بعض المسلمين: إنها على عاقلته كائن ً ا ما كان. وقال من قال: ليس على عاقلته من جنايته شيء إلا ما تعقل عن غيره من البالغين من نصف عشر الدية فصاعد ً ا، وما كان دون ذلك فلا عليه ولا على عاقلته. .« وقال من قال: إذا كانت جناية الصبي أقل من نصف عشر الدية فهي في ماله . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ٤، ص ١٧ ١٨ (١) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٦٩ لوالده أن يقتص فإن أخذ الدية جاز أخذه للدية وإن لم يأخذ الدية وعفا عن القصاص لم يكن للابن أن يأخذ القصاص إذا بلغ وكان له أن يأخذ ا لدية. وإذا أصيب الصبي فليس للصبي أن يقتص حتى يدرك ليس له أمر ولا نهي. قال أبو المؤثر: إن اقتص والده جاز عليه. قال محمد بن محبوب: الصبي لا قصاص له ولا عليه، وكل جرح أحدثه الصبي من قتل أو جرح أو خطأ على عاقلة الصبي. قال أبو المؤثر: إذا أصيب  الصبي بجرح فلأبيه أن يقتص له وليس لغير الأب ذلك من أوليائه، قال: وإذا اقتص له والده فقد جاز عليه بحكم والده وليس له في ذلك مطلب إذا بلغ. وأما إذا جرح صبيا وله والد حر فللوالد أن يقتص إن شاء وإن شاء أخذ له الدية. وقال من قال: ليس له قصاص وله أن يأخذ الأرش فإذا أخذ الأرش ثبت ذلك على الولد. وقولنا أن له القصاص إن « أراد ذلك(١) . معنى ذلك أن المسألة يحكمها في الفقه الإباضي القواعد ا لآتية: ١ أن الاتجاه الغالب عند الإباضية أن لولي الصبي أو نائب الولي أن ّ يطالب بتطبيق الآثار الجنائية المترتبة على الجريمة (القصاص، أو أخذ الأرش). ٢ أن الاتجاه الغالب في الفقه الإباضي ا نطلاق ً ا على ما يبدو من مبدأ عدم جواز المحاكمة أو المعاقبة عن ذات الفعل أكثر من مرة يرى أن تطبيق العقوبة على الجاني بطلب من الولي أو نائب الولي يسري على الطفل حينما يكبر ويصبح بالغ ً ا، إلا إذا عفا الوالد عن القصاص والأرش، (١) . العوتبي: الضياء، ج ١٤ ، ص ٤٣ فيكون للابن بعد أن يكبر حق المطالبة عن أرش جرحه. وقد ضرب ا لإباضية أمثلة كثيرة على الجرائم التي تقع من الصبيان أو ّ عليهم(١) . (١) نذكر منها ا لآتي: بخصوص مسألة: وفي صبي دون البلوغ وقع على صبية دون البلوغ بغير كره حتى وضع ذكره في فرجها إلا أنه لم يفتضها، وبعدما بلغ ذكر فعله نادما. أيلزمه لها شيء فيما ً بينه وبين الله، أم لا؟ يقول ا لمحيلوي: إنه لا يلزمه لها شيء فيما بينه وبين الله على صفتك هذه، أما إذا افتض الصبية فيجري »في ذلك الاختلاف بين المسلمين بالرأي: قال من قال من المسلمين: إن الصبي لا يلزمه شيء لأن القلم مرفوع عنه. وقال من قال من المسلمين: يلزمه صداق الصبية وهو في .« ماله، وهذا القول الآخر أحب إلي المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، ج ٣، ص ٣٨٠ ؛ الغافري: . صراط الهداية، ج ٢، ص ٣٨٩ والصبي إذا فعل شيئ » : وجاء في جواهر الآثار ً ا من الجنايات مثل أن يرمي بحصاة عمد ً ا وأصاب إنسان ً ا أيلزم العاقلة أم يلزمه بنفسه؟ أرأيت وإن لزمه بنفسه ولم يكن للصبي مال أيلزم أباه أم لا؟ وهل يقبل إقرار الصبي إذا قال: أنه ما رمى إلا خطأ؟ فعلى ما وصفت، أنه جناية الصبي على العاقلة كانت جنايته خطأ أو عمد ً ا، لأن العمد ابن عبيدان: جواهر .« والخطأ منه سواء، وذلك إذا صحت جنايته بإقراره، أعني الصبي . الآثار، ج ٤، ص ٢٤ أحسب عن قومنا قال سفيان: إذا فجر الصغير بالكبيرة فليس » : وجاء في بيان الشرع عليهما حد ولكنها تعزر وليس لها مهر إلا أن تكون عذراء فيفتضها بإصبعه فأصبعه وذكره سواء فإن فعل ذلك فالعقر في ماله، فإن فجر الكبير بالصغيرة كان عليه في ماله عقرها بإصبعه كان أو ذكره. قال غيره: إذا وطئ الرجل الصغيرة كان عليه الحد والعقر. قال أبو المؤثر: يحد الكبير في كلا المسألتين وليس على الصغيرين حد، وغيره قال: لا حد على الكبيرة من وطئ الصبي الصغير ولا عقر على الصغير إذا كان على المطاوعة. وأما الصغير بالصغيرة. فإذا كان ذلك بإصبعه فلا عقر عليه في ماله وذلك على عاقلته. قال غيره: وقد قيل: لا يكون ذلك على عاقلته ولا عليه، . الكندي: بيان الشرع، ج ١٧ ، ص ٧٩ .« وذلك هدر والله أعلم. هذا الرد أحسبه عن أصحابنا = :ô`μ`r °ùdG (Ü t ك ْ ر، والمسؤولية الجنائية عن جرائمه، وموقف نشير إلى ماهية الس المحكمة العليا في سلطنة عمان منه. ُ ١ ماهية السكر: ورد في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تتعلق بالخمر: قال تعالى: ﴿ MLKJIHGF  N ﴾ [ [النحل: ٦٧ ، وقال الله تعالى: ﴿ ´ º¹¸¶µ » ÃÂÁÀ¿¾½¼﴾ [ [البقرة: ٢١٩ . ثم أنزل الله هذه الآية في شاربي الخمر: ﴿ s wvut }|{ zyx ~﴾ [ [النساء: ٤٣ . ثم أنزل الله هذه الآية لتحرمها: ﴿ &%$')( 654321 ❁ /.-,+* D C BA @ ? > = < ; : 9 8 7 E﴾ [ [المائدة: ٩٠ ٩١ . = انظر أيض ً ا أمثلة أخرى في: جوابات الإمام السالمي، ج ٣، ص ١٣٦ ١٣٧ ؛ السالمي: ، العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤ . ص ٣٣٧ ٣٣٨ بالذكر أن عدم معاقبة الطفل تسري حتى ولو ارتكب أشد الجرائم خطورة، كالحرابة.  حري لكن في هذه الحالة يمكن أن يعزر. وهكذا قيل: إذا ارتكب الصبي جريمة الحرابة، فلا يطبق عليه شأن جرائم الحدود الأخرى الحد بالقتل أو الصلب أو القطع أو النفي، لأن من المقرر فقها أن الحد لا يقام على غلام لم يبلغ الحلم، إنما يسأل عاقلته عن الدية ً ويمكن أن توقع عليه عقوبة تأديب (كالضرب أو الجلد أو الحبس)، راجع: د. محمد . الشحات الجندي: جرائم الأحداث في الشريعة الإسلامية، المرجع السابق، ص ٢٣٢ فجاء تحريمها في هذه الآية، فقليلها وكثيرها حرام، ما » : يقول ابن جعفر « أسكر منها، وما لم يسكر(١) . ومن ذلك قوله ژ : »الخمر أم الخبائث، ومن شربها لم يقبل الله منه ُ صلاة أربعين يوم ً « ا، فإن مات وهي في بطنه مات ميتة جاهلية . يقول وإنما سماها عليه الصلاة والسلام أم الخبائث على تغليظ » : الشريف الرضي ِ النهي عن شربها، وتعظيم قدر العقاب عليها، فكأنها جماع الخبائث ا لمردية، ُ ومعظم الذنوب الموبقة، كما أن الأم جامعة لأولادها، ومتقدمة عليهم بميلادها، والفائدة في تقديمها على غيرها من المعاصي، أن الأغلب في شربها أن يكون طريق ً ا إلى ارتكاب الكبائر، وجر الجرائر، فإن السكران قد يحمله سكره على القذف والافتراء، وإراقة الدماء، واستحلال الفروج والأموال، وغير ذلك من مقاحم الذنوب، ومعاظم العيوب، وكل هذا فالسكر « أقوى أسبابه، وأقرب أبوابه(٢) . « كل مسكر حرام » : كذلك من القواعد الفقهية عند ا لإباضية، قاعدة(٣) . ّ يقول الشيخ أبو زهرة: وجمهور الفقهاء: أن السكران هو الذي يغلب على كلامه الهذيان، » والأصل في ذلك قوله تعالى: ﴿ yxwvuts z }|{ ~ ﴾ [ [النساء: ٤٣ فالحد الفاصل بين السكر والإفاقة « هو أن يعلم الشخص ما يقول(٤) . (١) . ابن جعفر: الجامع، ج ٣، ص ٥٨٥(٢) . الشريف الرضي: المجازات النبوية، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، ص ٢٤٢ ٢٤٣(٣) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ٩٩٩ ّ (٤) . الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٥٢١ « جناية على ا لعقل » بل ويذهب الفقه الإسلامي إلى أن الشرب يشكل(١) . ويقول الماوردي: واختلف في حد المسكر، فذهب أبو حنيفة: إلى أن حد السكر ما زال » معه العقل حتى لا يفرق بين الأرض والسماء، ولا يعرف أمه من زوجته. وحده أصحاب الشافعي: بأنه ما أفضى بصاحبه إلى أن يتكلم بلسان منكسر، ومعنى غير منتظم، ويتصرف بحركة مختبط، ومشي متمايل، وإذا جمع بين اضطراب الكلام فهما وإفهاما، وبين اضطراب الحركة مشيا ًً ً وقياما، صار داخلا ً في حد السكر، وما زاد على هذا فهو زيادة في حد ً « السكر(٢) . وقد تعرض الفقه الإباضي كثيرا للسكر كعيب يؤثر على الإرادة ً والسكران هو الذي لا يعرف السواد من البياض » : والإدراك، يقول النزوي ولا الدراهم من الدنانير ولا الرجل من المرأة ولا القليل من الكثير ولا يعرف الصلاة وبه رائحة النبيذ وقول: ولا الأرض من السماء فإذا لم يعرف هذا كله أقيم عليه الحد وإذا كان مغمورا لا يتكلم إذا سألوه فإنه يسأله إذا ً صحا فإن قال: إن ذلك من النبيذ وأقر بما كان فيه من السكر أقيم عليه (١) . الإمام الطرابلسي الحنفي: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام، ص ١٨٤ كذلك يفرق القرافي بين قاعدة المسكرات وقاعد المرقدات وقاعدة المفسدات، بقوله: هذه القواعد الثلاث قواعد تلتبس على كثير من الفقهاء والفرق بينها أن المتناول من هذه »إما أن تغيب معه الحواس أولا ً فإن غابت معه الحواس كالبصر والسمع واللمس والشم والذوق فهو المرقد وإن لم تغب معه الحواس فلا يخلوا ما أن يحدث معه نشوة وسرور وقوة نفس عند غالب المتناول له أولا ً .« فإن حدث ذلك فهو المسكر وإلا فهو المفسد . راجع: القرافي: الفروق، علم الكتب، بيروت، ج ١، الفرق ٤٠ ، ص ٢١٧ (٢) الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ٣٧٧ ؛ أبو عبد الله الدمشقي العثماني الشافعي: رحمة . الأمة في اختلاف الأئمة، ص ٢٨٧ الحد ولا يحد على رائحة النبيذ التي تشم منه في حد ذهاب عقله حتى « يعرفوا إن ذلك الذي به من النبيذ إذا صحا(١) . حالة تعرض للإنسان من امتلاء دماغه من الأبخرة » : كذلك فالسكر المتصاعدة إليه فيعطل معه عقله المميز بين الأمور الحسنة والأمور القبيحة « وهو حرام بالإجماع إلا للمضطر أو ا لمكره(٢) . « العوارض ا لمكتسبة » ويرى ا لإباضية أن السكر من(٣) . ّ (١) . النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ١٢٦ ؛ العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ١٩٣(٢) معجم « نشوة تزيل العقل » معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٧٢٠ . كذلك فالسكر ّ . مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٤٨١ ّ (٣) من العوارض المكتسبة: السكر، وهو: تغير العقل بسبب أبخرة » : يقول الإمام السالمي تصعد إلى الدماغ من شرب المسكرات أو أكلها، فذهاب الدماغ في قول المصنف: عبارة عن تغير العقل، وصح تعبيره بذلك؛ لأن تغير الدماغ سبب لتغير العقل، وتغير العقل هو: ذهاب حاسته المدركة المميزة، فكان في كلام المصنف مجاز ٌ مرسل، أما على مذهب من زعم أن العقل في الرأس فالتجوز ظاهر.... ثم إن السكر نوعان؛ لأنه إما أن يكون سببه حلالا ً ، وإما أن يكون سببه حراما: ً فأما السكر الذي سببه حلال فكسكر من سكر من الأشياء التي أبيح له أكلها أو شربها لحال ا لضرورة. مثاله: لو اضطره الجوع إلى شرب الخمر أو أكل المسكر، أو جبره السلطان على ذلك، فإنه يباح له على قول إحياء نفسه من المسكر، فإذا أحياها من ذلك المباح في حقه، ٍ فسكر، فحكمه في الصلاة، والصيام، ومنع التصرف، حكم المغمى عليه؛ لأن كل واحد : من الإغماء والسكر المباح مغير للعقل من غير هوى من صاحبه. ً وأما السكر الذي سببه حرام، فهو: أن يسكر المرء من أكل المسكر، أو شربه، على غير ٌ الضرورة المتقدم ذكرها، فإن هذا السكر لا ينافي الخطاب؛ لأنه متعرض بنفسه لتغير عقله اختيارا، فناسب أن تجرى عليه الأحكام ا لشرعية. ً ٍ والدليل على أنه غير مناف للخطاب قوله تعالى: ﴿ xwvuts zy ﴾ [ [النساء: ٤٣ فإنهم نهوا أن يقربوا الصلاة وهم سكارى. وهذا الخطاب متوجه . السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٨٥ ٣٨٦ « إليهم حال السكر ٢ المسؤولية الجنائية المترتبة على جرائم السكر: والذي يوجب الحد على الشارب ثلاث خصال: » : قال أبو إسحاق أحدها: أن يشرب خمرا، أو نبيذ ً ا مسكرا، طائعا غير مكره، الثاني: أن يكون ً ًًُ الشارب بالغ ً ا عاقلا ً موحد ً ا، الثالث: أن يشهد عليه بذلك رجلان حران بالغان عاقلان مسلمان عدلان، أو رجل وامرأتان كذلك، أو يقر بذلك ويقيم على إقراره حتى يقام عليه أول الحد، وسواء كان جاهلا ً بعينه أو عالما ً متأولا ً أو غير متأول، فإذا اجتمع فيه هذا الوصف جلد ثمانين جلدة إن كان « ا(١) حرا، أو أربعين إن كان مملوك ً . وفي الفقه الإباضي خلاف بخصوص توقيع العقوبة الجنائية على السكران، وهو ما أشار إليه الإمام السالمي بقوله: وبالجملة، فجميع الأحكام ثابتة على السكران الذي سبب سكره حرام. » حتى قيل: إنه لو فعل في سكره مما يستوجب الحد، يقام عليه الحد. ُ فلو  زنى وهو سكران، أقيم عليه حد الزاني، ولو سرق وهو سكران ق ُ طعت يده، وكذا سائر الحدود، وقيل: لا يقام عليه الحد في ذلك؛ لأن الحدود ت ُ « درأ بالشبهات، وهو الصحيح عندي، والأول أشهر(٢) . أن أكثر العلماء لا يرون درء الحدود عن » : كذلك جاء في فصل الخطاب « السكران بشرب الخمر، ولعل بعضهم يرى ذلك(٣) . (١)إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٣٥١ . انظر أيض ً ا موقف المذاهب الإسلامية الأخرى، في: د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم . الوضعية، ص ٧٨١ ٧٨٤ (٢) . الإمام السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٨٦(٣) . خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ٢، ص ٢٣٤ ويكفي أن نبين الخلاف السابق، بذكر مثالين: فقد جاء في ا لمصنف: والسكران إذا سرق وهو ذاهب العقل فلا يقطع وكذلك المجنون » « والصبي(١) . بينما جاء في الضياء أن ا لسكران: إن زنى أو سرق لزمه حد ذلك، وإن قتل ق » ُ تل وإن غصب شيئ ً ا أخذ منه « وأقيم عليه حد حدثه(٢) . وهكذا يمكن القول إن ثمة اتجاهين في الفقه الإباضي يتنازعان حكم مسألة السكران من الناحية ا لجنائية(٣) : الأول: يرى أن السكر مانع من المسؤولية، وبالتالي لا تطبق العقوبة الواجبة (الحد) على ا لسكران. (١) . النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ١٥٤(٢) . العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ١٩٤(٣) بينما بالنسبة للمسائل غير الجنائية، يمكن أن يترتب على بعض أفعال السكران الآثار المقررة شرع ً ا. وأفعال السكران كلها باطلة، إلا في ست خصال: أحدها: النكاح إن جاز » : قال أبو إسحاق بها في حال سكره، وإن كانت هي السكرانة لم يجز نكاحها وإن جيز بها، الثاني: الطلاق، الثالث: الخلع، ولا زيادة عليه في المهر، هذا قلته قياسا، الرابع: العتق والتدبير، الخامس: ً إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، مكتبة مسقط، ،« الرجعة، السادس: الإقرار ١٤٣٢ ٢٠١١ ، ص ٢٩١ . انظر أ يض ً ا: ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٥٠٢ ؛ العوتبي: الضياء، . ج ٩، ص ٢٠٦ ابن رزيق: حل المشكلات، « تعمد الإسكار فقد تعمد توابعه » : ويقول ابن رزيق إن من . ص ٢٤٠   والثاني: يرى أن السكر لا يمنع من مسؤولية السكران، وبالتالي توقع عليه العقوبة الواجبة (الحد). ومن يرى توقيع الحد على السكران يذهب إلى أن ذلك يكون بضربه ثمانين جلدة، يقول سماحة المفتي العام لسلطنة عمان: ُ ومن حيث الخمر هي أم المعاصي وجماع الإثم فقد جاء في ا لسنة » عقوبة شاربها بجلد أربعين ثم لما تفشى شرب الخمر في أوساط الناس في عهد عمر ƒ استشار أصحاب رسول الله ژ فأشاروا عليه أن يعاقب الشارب بأقل الحدود وهو ثمانون جلدة لما يترتب على شربها من الهذيان « الذي يؤدي إلى القذف وهتك الأعراض واستقر على ذلك ا لعمل(١) . ولا يوجد في المذهب الاكتفاء بأربعين جلدة في حد » : ويقول السالمي الشارب وقد انعقد الإجماع في زمن الصحابة بعدد ثمانين جلدة بعد أن كان الأمر مفوضا إلى نظر القائم وأقله أربعون ولولا التفويض ما كان للصحابة ً « أن يزيدوا(٢) . (١) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: جواهر التفسير، ج ١، ص ٩٥ (٢) جوابات الإمام السلمي، ج ٢، ص ٤٤٣ . ويقول إمام ا لحرمين: فإن قيل: أليس روي أن حد الشرب كان أربعين جلدة في زمن أبي بكر الصديق، ثم رأى »عمر ƒ لما تتابع الناس في شرب الخمر؛ واستقلوا ذلك القدر من الحد، أن يجلد الشارب ثمانين، وساعده علي بن أبي طالب ƒ قلنا: هذا قول من يأخذ العلم من بعد، ليعلم هذا السائل أن عقوبة الشارب لم تثبت مقدرة محدودة في زمن رسول الله ژ ، بل روي أنه رفع إلى مجلسه شارب بعد تحريم الخمر، فأمر الحاضرين بأن يضربوه بالنعال وأطراف الثياب، فيبكتوه ويحثوا التراب عليه ثم رأى أبو بكر الجلدة فكان يجلد أربعين، مجتهد ً ا غير بان على توقيف وتقدير في الحد، ثم رأى عمر ما رأى وقد قال علي : ƒ لا أجد رجلا ً فيموت فأجد في نفسي فيه شيئ ً ا من الحق إلا شارب الخمر، فإنه شيء رأيناه بعد رسول الله ژ ، فكأن عقوبة الشارب تضاهي التعزيرات المفوضة إلى رأي الأئمة في . إمام الحرمين الجويني: غياث الأمم في التياث الظلم، الإسكندرية، ص ١٦٨ « مقدارها ٣ موقف المحكمة العليا في سلطنة ع ُ مان من المسؤولية عن الجرائم التي ترتكب تحت تأثير السكر الاختياري: يبدو أن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في سلطنة عمان تطبيق ً ا لما ُ قرره القانون الجزائي العماني تذهب إلى تبني الرأي الغالب في الفقه ُ الإباضي من أن السكر لا يعد مانعا للمسؤولية، وأن السكران باختياره توقع ً عليه العقوبات ا لمقررة. تقول ا لمحكمة: « أسباب التبرير موانع المسؤولية » وهكذا تحت عنوان لما كان الطاعن قد اعترف بتعاطيه الخمر باختياره في أماكن عامة فقد » توفر في حقه الدليل على جنحة السكر التي ليس لاقترانها بجناية القتل أي أثر على كامل المسؤولية ذلك أنه من المقرر أن مسؤولية السكران باختياره مسؤولية كاملة عما يرتكبه من جرائم في حالة السكر ذلك أن مصلحة المجتمع تفرض هذه المسؤولية، لمكافحة السكر، والحد من الجرائم التي يتسبب بها، ولا يقبل من الطاعن أن سكره الاختياري أثر على إرادته في « الفعل الذي أفضى إلى موت المجني عليه(١) . لما كان ذلك، وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من » : وتضيف المحكمة المسؤولية على مقتضى المادة ( ١٠٢ ) من قانون الجزاء هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهرا عنه، أو على غير علم منه ً بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسؤولا ً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها؛ فالقانون يجري على في هذه الحالة حكم المدرك التام الإدراك مما (١) مجموعة الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها في الفترة من . ٢٠٠٩ ، سلطنة عمان، ص ٣٣٠ ٣٣٤ /٦/ ٢٠٠٨ وحتى ٣٠ /١٠/١ ُ ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يجادل في أنه تناول المسكر عن اختيار وهو مدرك وعلى علم بحقيقة أمرها فإن ما «(١) يثيره في ذلك الشأن لا يكون مقبولا ً . :¿ƒæédG (ê ندرس ماهية الجنون، والمسؤولية عن جرائمه، وموقف المحكمة العليا في سلطنة عمان منه. ُ ١ ماهية الجنون: قلنا: إن المسؤولية الجنائية تفترض الإدراك والاختيار، وإلا رفع القلم عن الشخص، أي: ارتفع التكليف عنه. وهذا هو حال المجنون (أو المعتوه) لفقدانه عقله وبالتالي فقدانه ا لإدراك. الجنون والعته كلاهما يذهب بسلامة الإدراك » : يقول الشيخ أ بو زهرة وتقدير الأمور تقديرا صحيحا، بيد أن الجنون يصحبه عادة هياج واضطراب، ًً بينما العته يصحبه عادة خمول أو هدوء، والعته قد يكون معه تمييز، فقد يكون المعتوه مميز ً ا، وقد يكون غير مميز، أما المجنون فإنه لا يكون مميز ً ا، أو على الأقل لا يعطي حكم المميز ما دام في حال جنونه. وبعض العلماء يعتبر العته حالا ً « من أحوال ا لجنون(٢) . وهو ما أكده أيض ً ا الفقه الإباضي، كما يلي: (١) . ٢٠١١ ، ص ٨١ /٦/ ٢٠١٠ وحتى ٣٠ /١٠/ ذات المرجع، في الفترة من ١(٢) الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٤٦٥ ؛ عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، . ج ١، ص ٥٨٤ ٥٨٧ الجنون هو اختلال العقل واعتلاله بسبب خلط أو آفة أو وسواس من »   الشيطان. وقيل: هو فقد الأفهام بحيث لا يهتدي المبتلى به لما ينفع ولا يجانب ما يضر. وعرف القطب أطفيش المجنون بأنه من لا يميز بين السماء والأرض، المعتوه هو المطبق على عقله لا يجد راحة ولا يصحو في وقت، » : ثم قال ونقل عن بعض قولهم: من ذهب عقله سنة فهو معتوه، ،« والمجنون خلافه وإن أفاق حين ً ا ولو قل فمجنون. فالمعتوه هو الذي أصيب بجنون مطبق يستوعب جميع أوقاته، ولا تعتريه إفاقة، بخلاف المجنون الذي تتخلل جنونه إفاقة فهو غير مطبق. والجنون من عوارض الأهلية، وترتفع به التكاليف عن الإنسان، لحديث ٍََِِ ِ عائشة عن  النبي ژ قال: ر» ُفع َ الق َلم ع َن ْ ث َلاث ...: و َع َ ن المج ْن ُ ون ح َتى يعق َل َ ُ ََْ َ ِ««(١) أو يفيق َ . ُْ ٢ المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي يرتكبها المجنون: المجنون ليس من أهل التكليف لضياع عقله ولذلك فالقاعدة عند « المجنون كالطفل » الإباضية أن(٢) . ّ (١) معجم مصطلحات الإباضي ّ ة، ج ١، ص ٢١٢ ٢١٣ . راجع أيض ً ا: معجم القواعد الفقهية المطبق على عقله الذي لا يجد » الإباضية، ج ١، ص ٧١٨ ٧١٩ . وقيل: إن المعتوه هو ّ . العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ٢٠٠ .« راحة ولا يصحو عقله في وقت من الأوقات(٢) إن المجنون يشبه الطفل في سقوط التكليف عنه في أحكام الشرع لانعدام » : معنى القاعدة عقله. ولذلك فإن الأصوليين جعلوا الجنون والطفولة أو الصبا من عوارض التكليف السماوية بمعنى: أن سقوط التكليف عنهما من الله لكون العارض سماويا، أي: نازلا ً من السماء وهي كناية عن أن مصدر هذا العارض هو من عند الله تعالى. فكما أن الطفل لا = يقول ابن جعفر: ٍ وإن جنى جان جناية فادعى أنه جناها في ضياع عقله فأنكرت عاقلته » فإن عليه البينة أنه جناها وهو ضايع العقل؛ إلا السكران فإنه لا تعقل العاقلة جنايته. فأما الذي يعتريه الجنون حين ً ا ويفيق حين ً ا، فما جنى في حال جنونه فهو على عاقلته كان صغيرا أو كبيرا. وأما إن أصاب في حال إفاقته وصحة ًً « ا(١) عقله فهو في ماله إذا كان عمد ً ا، وأما الخطأ على العاقلة أيض ً . وجاء في فصل ا لخطاب: في جناية الصبي والمجنون خلاف على أقوال، الأول: على العاقلة » مطلق ً ا، والثاني: في أموالهم مطلق ً ا، والثالث: أنها على العاقلة إلا ما أتلفاه بفم أو فرج، ووجه التخصيص أن هذا نفعه عائد على أبدانهما فهو كالإنفاق من المال أنه من أموالهما ما لم يبلغ أرش ً ا لموضحة في مقدم الرأس، وهو خمسة أبعرة وذلك نصف عشر الدية الكبرى، فإن بلغ هذا القدر كان على « العاقلة، وفيه غير هذا والمختار ا لأول (٢) . = يعتد بشيء من التزاماته وتصرفاته القولية والفعلية فكذلك المجنون لا يعتد بشيء من التزاماته وتصرفاته القولية والفعلية ولا يؤاخذان مؤاخذة بدنية بل يؤاخذان مؤاخذة مالية كضمان من أتلفاه لأن الضمان من خطاب الوضع وليس من خطاب التكليف حيث يصير فعلهما كفعل البهيمة التي تتلف المال بتقصير من صاحبها فإن عليه ما أتلفت، وهذا من التبعات المالية وليس من ا لتكليف. وأصل هذه القاعدة قوله: ر» ُ فع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون « حتى يفيق وعن الصبي حتى يحلم . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٣١٣ ،« ّ (١) . ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ٣٠١ (٢) . خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ٢، ص ٢٢٣ راجع أيض ً ا: د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٧٦٩ ٧٧٤ ، حيث يقول: إن الفقهاء اتفقوا على أنه لا حد ولا عقوبة بدنية على المجنون، مثله كمثل الصبي غير المميز، لأنه غير مكلف. أما الجناية على النفس = وهكذا فقد تشعبت الآراء بخصوص المسؤولية الجنائية للمجنون عند الإباضية. يكفي أن نذكر لتوضيح ما تقدم بعض ا لآراء: ّ وجناية المجنون تضمن من ماله إن كان له مال، وإلا فعلى » : فقد قيل « وليه أو يضمنها القاضي من بيت ا لمال(١) . وكل شيء أصاب المعتوه والصبي في جراحات » : وجاء في الضياء الخطأ فهو على العاقلة، ومن جنى جناية فادعى أنه جناها وهو ضائع العقل فأنكرت عاقلته فإن عليه البينة أنه جناها وهو ضائع العقل إلا السكران فلا تعقل العاقلة بجنايته، وأما الذي يجن حين ً ا ويفيق حين ً ا فما جنى في حال الجنون فهو على عاقلته كان صغيرا أو كبيرا، وما أصاب في حال إفاقته ًً وصحة عقله فهو في ماله إذا كان عمد ً « ا وأما الخطأ فعلى ا لعاقلة(٢) . = فقد اختلفوا في موجبها: فمنهم من يرى أنها هدر (لقوله ژ : رفع القلم.... وعن المجنون »  « حتى يفيق ، ويرى الجمهور أن جناية المجنون كالخطأ في إيجاب الدية على العاقلة، ويرى بعض التابعين أن جناية المجنون في ماله. (١) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٢١٣ ّ (٢) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ ، ص ١١٣ وقد بين الإمام السالمي تفصيلات المسألة. وهكذا بخصوص سؤال: عن جناية المجنون هل هي خاصة في ماله أم على عاقلته، وهل العاقلة العصبة فقط. أما الموالي والحلفاء؟ يقول ا لسالمي: قال ابن محبوب رحمهما الله تعالى في المعتوه: إن ما جناه في الأحرار من ضراب أو »جراحة أو قتل فذلك على عاقلته لا يلزمه في ماله إلا مثل ما يلزم رجلا ً منهم، وأما ما جناه في أموال الناس أو في عبيدهم فذلك لا يلزم عاقلته، ولا يكون في ماله إلا ما أكله بفمه، أو غصب امرأة حتى نكحها فذلك يكون في خالص ماله، ويدخل تحت العاقلة العصبة والموالي، فإن مولى القوم منهم يعقل عنهم ويعقلون عنه، حتى قيل: لو أعتقه اثنان فإنه يعقل عنهما جميعا، ويعقل عنه عاقلتهما جميعا تعقل عنه كل واحدة نصف ًً العقل، ويجعلان كعاقلة واحدة، فيكون الاثنان من كل قبيلة بمنزلة واحد إن لو لم تعقله إلا قبيلة واحدة، وأما الحلفاء فلا أعلم أنهم يدخلون تحت العاقلة، ولم أجد ذلك في أثر = ويلحق الفقه الإباضي جناية الناعس الذي يسقط على شخص فيصيبه بأذى، بالمجنون والطفل للشبه بينهم في الأحكام خصوصا عدم توافر الركن ً المعنوي. وهكذا جاء في بيان ا لشرع: وسئل عن الناعس إذا سقط على إنسان فأثر فيه أو قتله أيكون عليه » ضمان أم لا؟ قال: معي أنه إذا صح أنه أحدث وهو ناعس كان عندي بمنزلة   الصبي والمجنون لأنه يشبههما في الأحكام وتكون عليه البينة أنه أحدث هذا الحدث وهو ناعس وإلا فهو محكوم عليه بجناية النقصان إذا كان « ا(١) بالغ ً .  = غير أنهم صرحوا أن العقل إنما يكون بصحة النسب والولاء لحمة منه، والحلف لا يغير الحكم الثابت في الأنساب، ويلزم من عاهد قوما على شيء مخصوص أن يفي بعهده، ً فإذا حالفهم على أن يعقل معهم فعليه أن يعقل فيما عندي، ويلزمه أيض ً ا أن يعقل عن  عشيرته، ولم أجد هذا مصرح ً ا، غير أن قوله تعالى: ﴿ ]\[Z ^ ﴾ يدل عليه، وكذلك قوله 8 : ﴿ fedcb ﴾ السالمي: العقد ،« ، الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤ . ص ٣٦٠ ٣٦١ حري بالذكر أن ا لإباضية بحثوا فرضا مهما وهو تغير حالة الشخص بين صدور الفعل ًّ ووقوع النتيجة. يقول البطاشي: (وإن جن الرامي قبل وصول الرمية فهل يقتل بمرميه أو لا يقتل ولكن يديه من ماله قولان وإن رمى مجنون فأفاق قبل الوصول أو طفل فبلغ قبل وصولها كذلك فهل دية مرميهما عليهما أو على عواقلهما وهو الصحيح). البطاشي: غاية . المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٩٣(١) .٣٨ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٨ ويختلف الحكم إذا سقط الإنسان من عل والإنسان مستيقظ، وهكذا فقد خصص صاحب بيان الشرع بابا خاصا بالسقوط من أعالي النخيل والحوايط والجبال والآبار وغيرها من ً المهادف المهلكة على غيره فيقتله أو يموت الساقط كان سقوطه خطأ أو عمد ً ا أو يسقط به ما هو عليه من نخيل أو جدر وضمان ذلك وإذا سقط بالرجل حائط لم يتقدم عليه فيه إن ذلك لا يلزمه لأن الحائط لم يتقدم عليه » : أو نخلة فوقع على شيء فأتلفه فقال من قال = ٣ موقف المحكمة العليا في سلطنة ع ُ مان من المسؤولية عن  الجرائم التي يرتكبها المجنون: أكدت الدائرة الجزائية في المحكمة العليا بسلطنة عمان على كل ما ُ يتعلق بالمسألة (سواء من حيث تعريف الجنون أو العاهة العقلية، أو شروط عدم توقيع العقاب أو تخفيفه)(١) . = فيه وهو هاهنا مدفوع مغلوب ولو كان سقط بلا أن يسقط الحائط لضمن، وإن كان هو الميت فلا شيء له على الذي سقط هو عليه وقال من قال: إن كان المسقوط عليه يمشي في أرضه أو في الطريق فلا شيء عليه وإن كان قائما أو قاعد ً ا في الطريق فعليه ضمان ً فتنظر في ذلك ذات « هذا الذي سقط عليه إذا مات لأنه لم يكن له أن يقف هنالك . المرجع، ص ٢٧(١) وهكذا تقول المحكمة ا لعليا: لا يعاقب من ارتكب » : لما كان ذلك وكانت المادة ( ١٠١ ) من قانون الجزاء تنص على أن ١) من ذات / وتنص المادة ( ١١٠ « جريمة وهو في حالة جنون أفقدته الوعي أو الإرادة القانون على أنه يستفيد من العذر المخفف من كان حين ارتكابه الجريمة مصابا بعاهة ً عقلية وراثية أو مكتسبة أو مصابا بضعف في قوة الوعي أو الإرادة بسبب حالة تسمم ً ناتجة عن قوة قاهرة أو عن حادث طارئ. ولانطباق هذين النصين يتعين توافر شروط ثلاثة هي: توافر الجنون أو العاهة العقلية لدى الجاني. وأن يؤدي ذلك إلى فقد أو نقص الوعي أو الإرادة. وأن يتعاصر ذلك مع ارتكاب الفعل الإجرامي ولا بد من توافر هذه الشروط الثلاثة مجتمعة لكي ينتج أثرها في عدم عقاب المصاب بجنون أو تخفيض عقوبة المصاب بعاهة عقلية. ولم يعرف المشرع لفظ الجنون، ولغة يقصد بالجنون ذهاب العقل وفساده أو عدم القدرة على التحكم في التصرفات والأفعال وتقدير عواقبها، أما عاهة العقل فيقصد بها كل آفة تصيب العقل وتخرج به عن حالته الطبيعية وتضعف قدرته على الوعي والإرادة وعاهة العقل لا تختلف عن الجنون من حيث طبيعته إذ كلاهما ناتج عن عاهة عقلية ولكن الاختلاف بينهما في درجة التأثير على الوعي والإرادة فإذا تسببت العاهة العقلية في فقد الوعي أو الإرادة تماما فيطلق على المصاب بأنه مجنون، أما إذا ً تسببت في انتقاص الوعي أو الإرادة فيطلق على المصاب بأنه معتوه فعاهة العقل إذن لا تؤدي إلى انعدام الوعي والإرادة لدى المصاب ولكنها تنقص منهما فقط ويستوي بعد ٢) من قانون / ذلك أن تكون عاهة العقل وراثية أم مكتسبة، فالمشرع في المادة ( ١١٠ = :√GôcE’G (O نشير إلى ماهية الإكراه، والمسؤولية الجنائية عن جرائمه، والقواعد واجبة ا لتطبيق. ُ = الجزاء لم يفرق بين ما إذا كان الإنسان قد ولد مصابا بعاهة العقل أم أنه قد أصيب بها ً بعد ولادته ومن العاهات العقلية التي تنقص الوعي والإرادة وتأخذ حكم عاهة العقل مرض الباراثويا الهذيان المزمن والخلل في التوازن العقلي ومرض الفصام والصرع الكبير المصحوب بتخلف فكري وبنسبة ذكاء توازي ذكاء ولد صغير. ولا يكفي للقول بعدم توقيع العقوبة أن يكون المتهم مصابا بجنون أو عاهة في العقل وإنما يلزم أن ينشأ ً عن الجنون فقد الوعي أو الإرادة وأن ينشأ من عاهة العقل نقص الوعي أو الإرادة، فإذا لم يترتب على العاهة العقلية هذا الأثر، أي فقد أو نقص الوعي أو الإرادة فإن المسؤولية الجنائية لا ترتفع ولا تنتقص وتوقع العقوبة على الجاني، ولكي ينتج الجنون أو عاهة العقل أثره في عدم توقيع العقوبة أو تخفيفها يجب أن يرتكب المصاب بالعاهة العقلية الفعل الإجرامي وقت فقد أو نقص الوعي أو الإرادة، أي: يلزم تعاصر وقت ارتكاب الفعل الإجرامي مع وقت تحقق حالة فقد أو نقص الوعي أو الإرادة فإذا لم يتحقق مجموعة .« التعاصر بينهما بقيت المسؤولية الجزائية واستحق الجاني توقيع العقوبة عليه الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها، س.ق. . ١٠ )، سلطنة عمان، ٢٠٠٩ ٢٠١٠ ، ص ٤٠٩ ٤١١ ) ُ وفي حكم آخر، تقول المحكمة ا لعليا: وعاهات العقل بعضها دائم لا يفيق منها المصاب وبعضها عرضي أو متقطع يصيبه في »فترات دورية تتخللها أوقات إفاقة، ولا خلاف حول أثر الجنون الدائم على المسؤولية الجنائية لأنه يفقد أو يضعف القدرة على الإدراك والاختيار بصفة مستمرة، أما في حالة الجنون العرضي أو المتقطع فالرأي الراجح أن المصاب لا يسأل عما يرتكبه من جرائم في فترة الإصابة ويسأل عما يأتيه في فترة الإفاقة، على الرغم من أن هذه التفرقة لم تسلم من الاعتراض لأنه من المتعذر التمييز بين الفترتين، والرأي الراجح المشار إليه يتجه إلى تخفيف العقوبة أثناء فترة الإفاقة مراعاة لظروف المتهم المرضية، ومن عاهات العقل فيما يتعلق بموضوع الدعوى جنون الاعتقادات الهذائية أو الوهمية وهو ما يعرف بالبارانويا ذلك أن المصاب بهذا المرض تتملكه أو تتسلط عليه فكرة ثابتة أو اعتقاد معين يكون خاطئ ً ا فقد يعتقد أنه مضطهد من شخص معين وقد تزداد هذه الاعتقادات الهذائية الشائعة = ١ ماهية الإكراه: بحث فقهاء المسلمين الإكراه وأثره على المسؤولية الجنائية(١) . وقد = في هذا المرض فيعتقد المريض أن أناسا يعملون على قتله أو أن زوجته تخونه مع ً شخص آخر وأنها متفقة مع عشيقها على الإضرار به وأنه قد يحاول قتل شخص مهم لجذب الانتباه إليه فتسمع شكايته في حق مضطهديه ومع ذلك يظل المصاب حافظ ً ا لحدة ذكائه فإذا اشتبه في أن مخاطبه يعتقد أنه مجنون امتنع عن الخوض معه في اعتقاداته مجموعة المبادئ والقواعد القانونية التي .« الهذائية فيتكلم ويظهر بشكل سليم العقل قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ وحتى ٢٠١٠ ، الدائرة الجزائية، سلطنة عمان، ُ . ص ٤٨٣ ٤٨٤ عدم المسؤولية التي تمنع العقاب لا تتحقق إلا إذا زالت قوة » : وأكدت ذات المحكمة عقل الجاني تماما أو وقع بها خلل يحول بين إدراكه لحرمة ما يقدم عليه مع عدم توفر ً .« الإرادة له للامتناع عن إتيانه مجموعة الأحكام الصادرة عن هيئة توحيد المبادئ والدائرة الجزائية مع المبادئ . المستخلصة منها لسنة ٢٠٠٤ ، سلطنة عمان المحكمة العليا، ص ٦٥٣ ُ (١) عبارة عن تهديد القادر غيره على ما هدده بمكروه على أمر بحيث ينتفي » : قيل: إن الإكراه .« به ا لرضا . الإمام الطرابلسي الحنفي: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام، ص ٣١١ وجاء في الأشباه والنظائر عرضا دقيق ً ا للإكراه، نذكره لأهميته: ً قال الرافعي: الذي مال إليه المعتبرون: أن الإكراه على القتل لا يحصل إلا بالتخويف »بالقتل، أو ما يخاف منه ا لقتل. وأما غيره، ففيه سبعة أوجه: أحدها: لا يحصل إلا بالقتل. الثاني: القتل، أو القطع، أو ضرب يخاف منه ا لهلاك. الثالث: ما يسلب الاختيار، ويجعله كالهارب من الأسد الذي يتخطى الشوك والنار ولا يبالي، فيخرج عنه ا لحبس. الرابع: اشتراط عقوبة بدنية، يتعلق بها قود. الخامس: اشتراط عقوبة شديدة تتعلق ببدنه، كالحبس ا لطويل. السادس: أنه يحصل بما ذكر، ويأخذ المال، أو إتلافه، ولاستخفاف بالأماثل، وإهانتهم، كالصفع بالملأ، وتسويد الوجه، وهذا اختيار جمهور العراقيين، وصححه ا لرافعي. = أو « الإجبار » بحث فقهاء الإباضية كذلك الإكراه، وأطلقوا أيضا عليه كلمة ًّ « الإجبار ما فيه سلب ا لاختيار » : يقول أطفيش .« الجبر »(١) . ويقول ا لسالمي: من العوارض ا لمكتسبة: ا لجبر، ويعبر عنه بالإكراه، » ُُ وهو: حمل الغير على أن يفعل ما لا يرضاه ولا يختار مباشرته لو خ ُ لي ونفسه، فيكون معدما للرضا، لا للاختيار؛ إذ الفعل يصدر عنه باختياره، ً ٍ حيث آثر الجانب الأسهل على الجانب الأشق، ولذا كان الجبر غير مناف للخطاب، فإن الخطاب الشرعي متوجه للمجبور، فتثبت الأحكام الشرعية = السابع: وهو اختيار النووي في الروضة: أنه يحصل بكل ما يؤثر العاقل الإقدام عليه، حذرا ما هدد به، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص، والأفعال المطلوبة، والأمور ً المخوف بها فقد يكون الشيء إكراه ً ا في شيء دون غيره، وفي حق شخص دون آخر. ولا بد في كل ذلك من أمور: أحدها: قدرة المكره على تحقيق ما هدد به بولاية، أو تغلب، أو فرط هجوم.  ثانيها: عجز المكره عن دفعه بهرب، أو استغاثة، أو مقاومة. ثالثها: ظنه أنه إن امتنع مما أكره عليه أوقع به ا لمتوعد. رابعها: كون المتوعد مما يحرم تعاطيه على ا لمكره. فلو قال ولي القصاص للجاني: طلق امرأتك، وإلا اقتصصت منك، لم يكن إكراه ً ا. خامسها: أن يكون عاجلا ً . فلو قال: طلقها وإلا قتلتك غد ً ا، فليس بإكراه. سادسها: أن يكون معين ً ا. فلو قال: اقتل زيد ً ا، أو عمرا، فليس بإكراه. ً سابعها: أن يحصل بفعل المكره عليه التخلص من المتوعد به. فلو قال: اقتل نفسك؛ وإلا قتلتك، فليس بإكراه. .« ولا يحصل الإكراه بقوله: وإلا قتلت نفسي، أو كفرت، أو أبطلت صومي، أو صلاتي السيوطي: الأشباه والنظائر، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٧٨ ه ١٩٥٩ م، . ص ٢٠٨ ٢٠١٠(١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ١، ص ١٣٠ ؛ راجع أيض ً ا تعريف ً ا للإكراه في: معجم مصطلحات . الإباضية، ج ٢، ص ٩١١ ّ في حقه، لكن خ ُ ففت عليه بسبب الإكراه؛ إذ جوز له الترخص في كثير من ُ الأحكام حتى في كلمة الشرك، فيصح للمجبور عليه المكره على الشرك أن يتلفظ بكلمة الشرك، إذا كان قلبه مطمئن ً ا بالإيمان، قال تعالى: ﴿ TS XWVU ﴾ [ [النحل: ١٠٦ «(١) . ويقسم فقهاء المسلمين الإكراه إلى: إكراه تام أو ملجئ وهو يعدم الرضا ويفسد الاختيار، وإكراه ناقص أو غير ملجئ يعدم الرضا ولا يفسد الاختيار (كالتهديد بإتلاف بعض المال)، وإكراه أدبي أو معنوي يعدم الرضا ولا يعدم الاختيار (كالتهديد بحبس أحد الأصول أو ا لفروع)(٢) . ٢ المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي ترتكب تحت تأثير ا لإكراه: لا شك أن للإكراه في أحوال معينة أثرا على المسؤولية الجنائية ً ِ للمكره وللمكره. َ وقد تم تلخيص ذلك، كما يلي: وكل من له سلطان على أحد فعليه القود إن قتل بأمره أحد، أي: على » الآمر الذي له السلطان، وتقدم ذكر الخلاف في هذا، وكذا القاتل المأمور إن كان بالغ ً ا عاقلا ً . ومن أكره على قتل فقيل: يقتل هو، وقيل: مكرهه، وقيل: كلاهما إن كان ُ فتك ً « ا، وقيل: يدرأ القتل عن الذي أكرهه غيره(٣) . (١) . السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٩٥ (٢) د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٤٧٠ ٤٧١ ؛ الشيخ محمد أ بو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ص ٣٣٨ ٣٣٩ ؛ د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة . بالنظم الوضعية، ص ٧٨٤ ٨٠٣ (٣). جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٤٣ وجاء في معجم مصطلحات ا لإباضية: ّ وتختلف تقديرات الفقهاء في إعذار من أكره على الفعل وهدد بالقتل. » ُ إذ إن فعل المحرمات منها ما لا يصح الترخيص بفعله، ومنها ما يصح فيه  الترخيص. فمن الأولى الإكراه على قتل نفس بغير حق، أو إتلاف عضو منه، أو ما ُ شابه ذلك، مثل الزنا، فإن التقية في مثل هذا لا تصح، حتى ولو أكره المأمور، لأن سلامة نفسه ليست بالأولى من نفس غيره. وأما المحرم الذي تصح التقية به فهو كقول كلمة الكفر بشرط الاطمئنان بالإيمان، وأكل الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وجميع ما أبيح للضرورة. وفي إتلاف مال الغير، ذهب السالمي إلى أن ذلك يصح للمجبور إذا  ُ أكره، بشرط ضمانه لصاحبه.  فشرائط إباحة هذه المحرمات أن يكون الإكراه حالا ومفضيا إلى القتل ً يقين ً ا أو ظنا قويا. وإن ارتكب ما يلزمه به القصاص أو الحد بسببه كقتل بريء، أو زنا حرام، فإن الإكراه لا يرفع الإثم، واختلفوا في القصاص والحد فقال بعض: « ينفذ عليه، ولا عذر له. وقال بعضهم: يدرأ عنه ذلك لموضع ا لشبهة(١) . ُ ونذكر أمثلة لأقوال ا لإباضية بخصوص هذه ا لمسألة: ّ ويحرم قتل أحد أو قطع عضو من نفسه، أو من أحد » : يقول أطفيش بإكراه، وإن فعل ففي القصاص قولان للشافعي، والمذهب القصاص وليس « ذلك مما يدرأ فيه الحد بالشبهة(٢) . (١) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٩١١ ّ (٢) .( أطفيش: تيسير التفسير، ج ٨، ص ٨٦ (النحل: ١٠٦ ١١١ ومن أكره على قتل إنسان فقتله فالقود على » : وجاء في العدل والإنصاف المكره وقيل: عليهما. وقال أبو حنيفة: على الذي أكرهه وليس على القاتل شيء وإن أكره على زنا امرأة فالحد عليه والصداق وإن هي أكرهته بطل الصداق والحد وقيل ببطلان الحد في ا لأول.... ومن كان تحت أيدي السلاطين الجورة فأكرهوه على قتل أحد من الناس وهو ممن يحل دمه عند المسلمين أو أحد من المحاربين أو المرتدين أو المرجفين أو أكرهوه على القصاص والجلد والقطع والرجم أو على ذمي منع الجزية أو أسير الحرب أو أن يخطب ويصلي بهم الجمعة ويذكر في خطبته مناقبهم وينال من السلف الصالح فهذا كله سائغ له إذا ظهر السيف « وخاف الحيف والتلف(١) . ٣ القواعد واجبة التطبيق: يمكن مما تقدم أن نذكر القواعد الآتية بخصوص أثر الإكراه على المسؤولية الجنائية عند ا لإباضية. ّ أولا ً: أنه في بعض الأحوال يمكن للإكراه أن ينفي المسؤولية الجنائية أو يخفف منها، وذلك إذا كان الإكراه حالا ً وملجئ ً ا. في هذا المعنى قيل: وحد الإكراه أن يهدد المكره قادر على الإكراه بعاجل من أنواع » العقوبات يؤثر العاقل لأجله الإقدام على ما أكره عليه وغلب على ظنه أنه يفعل به ما هدده به إن امتنع مما أكرهه عليه وعجز عن الهرب والمقاومة « والاستغاثة بغيره ونحوها من أنواع ا لدفع(٢) . (١) الوارجلاني: العدل والإنصاف، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ . ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ج ٢، ص ٥٥(٢) . ابن عمر: حاشية الترتيب للعلامة الوارجلاني، ج ٧، ص ١٠٩ ثانيا: أن الإكراه وفق ً ا للاتجاه الغالب عند ا لإباضية لا يعفى من ً ّ المسؤولية عن القتل أو الاعتداء على السلامة ا لجسدية: لذلك قيل: إن الإكراه لا يبيح: قتل معصوم وضربه، إذ ليس له أن يحيي نفسه بتلف غيره، ولا تفدي » « النفس بمثلها(١) . كذلك قيل: أجمع العلماء قاطبة على توجه النهي عن القتل على المكره على قتل » « إنسان وأنه يقاد به ويقتل فيه إلا على مذهب بعض المعتزلة وأبي حنيفة(٢) . وقد أخذ بذلك ابن العربي أيض ً ا: فلا خلاف بين الأمة إذا أكره عليه بالقتل أنه لا يحل له أن يفدي نفسه » « بقتل غيره، ويلزمه أن يصبر على البلاء الذي ينزل به(٣) . ثالث ً ا: أن القاعدة العامة، حتى في خصوص الإكراه، هي: أن التقية تكون بالقول لا بالفعل. يقول ابن عمر: « المكره عندنا مكلف فيما يتعلق بالأفعال دون ا لأقوال » إن(٤) . ويطبق ذلك حتى في إطار العلاقات الدولية وقت الحرب؛ لذلك قيل: (١) سفيان الراشدي: جواهر القواعد من بحر الفرائد، مكتبة الاستقامة، مسقط، . ١٤٢٥ ه ٢٠٠٥ م، ص ١١٦(٢) . ابن عمر: حاشية الترتيب للوارجلاني، ج ٤، ص ٢٥٦(٣) . ابن العربي: أحكام القرآن، ج ٣، ص ١١٧٧(٤) . ابن عمر: حاشية الترتيب للوارجلاني، ج ٧، ص ٩٩ لو أكره رجل على حمل الرؤوس المقطوعة أو تعليق مقتول فلا يجوز » له فعل ذلك، فإن فعل شيئ ً ا من ذلك بحد التقية كان ضامن ً ا لما يحدث في ذلك بفعله وحرمة الأموات كحرمة الأحياء بالسنة. والتقية لا تسع بالعمل « وإنما تسع أن يدفع الظلم بالقول لا بالفعل(١) .   رابعا: في بعض الأحوال، يمكن أن يعد الإكراه عذرا يعفي أو ً ً يخفف من المسؤولية، عن الأفعال كأكل الميتة وشرب الخمر واختلف في ا لزنا. والمكره على الزنى ممن له القدرة عليه مجبور، ولا » : يقول البشري قول في المفعول به على الغلبة، إلا أنه معذور، لأنه في نفسه مقهور، وإنما يجوز لأن يختلف في الفاعل على الجبر، فيلزمه الحد، أو يدرأ عنه بالشبهة لمعنى القهر، لا في ما يكون فيه من الإثم، ولزوم ما فيه من الغرم، لأنه في « فعله بما لا يبقى في الغير بمثله(٢) . خامسا: لخص الإمام السالمي موقف ا لإباضية من أثر الإكراه على ً ّ المسؤولية الجنائية، كما يلي: اعلم أن المحرمات، منها ما لا يصح الترخص بفعله عند الإكراه، ومنها » ما يصح التقية به. أما الذي لا يصح الترخص به عند الإكراه، فهو قتل المسلم بغير حق، أو إتلاف عضو منه، أو جرحه، أو نحو ذلك، مثل: الزنا وأشباهه، فإن التقية في مثل هذا لا تصح، حتى لو أكره الجبار أحد ً ا على جرح مسلم (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٩٢ ٣٩٣ ّ (٢) الفقيه موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون المعادن، وزارة التراث القومي والثقافة، . سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه ١٩٨٣ م، ج ١٤ ، ص ١٩٢ ُ فإن لم يفعل قتله، لزمه أن لا يفعل؛ لأن نفسه ليست أولى بالسلامة من نفس غيره.  وأما الزنا فإنه بنفسه لا يقبل الإكراه، حتى لو زنا عد مختارا للزنا؛ لأن ًُ الآلة لا تساعده إلا عند ا لرضا. وأما المحرم الذي يصح التقية به، فكأكل الميتة، والدم ولحم الخنزير، ُ وجميع ما أبيح في الضرورة؛ لأن الإكراه نوع ٌ من الاضطرار، فينبغي أن « يعطى أحكامه في صحة ا لترخص(١) . كذلك فصل السالمي حجج الاتجاهين الخاصين بالمسؤولية الجنائية للمكره على فعل يقام عليه ا لحد(٢) . (١) السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٩٦ . انظر أيضا في المذاهب الإسلامية الأخرى: أبو عبد الله الدمشقي العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، . ص ٢٥٠ ٢٥١ (٢) وهكذا جاء في مشارق أنوار ا لعقول: ومكره جاء بما الحد يجب عليه في أن لا يحد نستحب) )» (قوله: ومكره) مبتدأ خبره جملة قوله: في أن لا يحد نستحب، سوغ كونه مبتدأ وصفه بالجملة بعده اعلم أنه إذا أكره أحد على فعل شيء يجب فيه الحد أو القصاص ففعل هل يقام عليه الحد ويقتص منه أم لا..؟ قولان: ذهب قوم إلى وجوب إقامة الحد عليه والقصاص منه لأنه إنما فعل ذلك على قصد منه في حال لا يحل له فعله، ولأنه إنما قتل أو جرح عمد ً ا عدوان ً ا فيجب عليه القصاص لقوله تعالى: ﴿ ]\[ZY ^_` ﴾ [ [البقرة: ١٧٨ ، ولقوله تعالى: ﴿ ¯® ﴾ [ [المائدة: ٤٥ ولأنهم أجمعوا على أنه لو قصد المكره قتله أو جرحه حل لمن تقصد أن يدفعه عن نفسه حال قصده إياه، فلما كان توهم إقدامه على القتل يوجب إهدار دمه فلأن يكون عند صدور القتل منه حقيقة يصير دمه مهدرا كان أولى، وذهب آخرون إلى عدم وجوب ذلك لما فيه من الشبهة بالإكراه ً ً وقد قال ژ : ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن وجدتم للمسلم مخرج » ً ا فخلوا « سبيله فإن الإمام لئن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة .« . الإمام السالمي: مشارق أنوار العقول، ص ٤٠٧ ٤٠٨ :IQhô°†dG ádÉM (`g نشير إلى ماهية حالة الضرورة، والمسؤولية الجنائية المترتبة عليها، وموقف المحكمة العليا في سلطنة عمان منها. ُ ١ ماهية الضرورة: تنص القوانين الوضعية على حالة الضرورة كمانع مسؤولية. في هذا لا عقاب » : الخصوص تنص المادة ٦١ من قانون العقوبات المصري على أنه على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته .« دخل في حلوله ولا في قدرته منعه بطريقة أخرى وفي الشريعة الإسلامية يرجع أصل حالة الضرورة إلى العديد من الآيات القرآنية، منها قوله تعالى: ﴿ *+,-. 210/ 3 ﴾ [ [الأنعام: ١١٩ ، وقوله: ﴿ lkji mno rqp st vu ﴾ [ [البقرة: ١٧٣ ، وقوله: ﴿ ¨©ª«¬®¯° ±² ﴾ [ [الأنعام: ١٤٥ ، وقوله: ﴿ \[ZYXW _ ba ﴾ [ [المائدة: ٣ . ` ^] ويقرر المرحوم الدكتور محمود نجيب حسني أن التكييف الشرعي نظرية التنازع » لحالة الضرورة هو أنها سبب إباحة. ويضيف أن سندها هو والموازنة بينها، ووجوب ترجيح أكثرها أهمية. ويترتب على ،« بين المصالح ذلك أن يعتبر: فعل الضرورة، أي: الفعل الذي يأتيه المضطر، صيانة لحقه أو حق » غيره، فعلا ً مباحا، فلا تحريم في إتيانه، بل إن إتيانه يعتبر واجبا، لأن ًً الشارع الإسلامي يهمه صيانة الحق الأعلى قيمة، ولو كان ثمن ذلك التضحية بحق أدنى قيمة، إذ النتيجة الإجمالية لذلك صيانة حقوق المجتمع في مجموعها: فالحق الأدنى يجب أن يتراجع في مواجهة الحق « الأعلى(١) . وتتمثل الضرورة في ارتكاب فعل لمواجهة خطر حال أو وشيك يهدد النفس أو ا لمال(٢) . وقد عرف الإباضية الضرورة وأثرها على المسؤولية والضمان. يؤيد ّ ذلك معرفتهم للعديد من القواعد الفقهية الخاصة بهذه المسألة، ومنها: .« المشقة تجلب ا لتيسير » قاعدة .« الضرورات تبيح ا لمحظورات » قاعدة ويؤكد ما قلناه، ما قرره الإمام ا لسالمي: « وللاضطرار حكم يخالف حكم ا لاختيار »(٣) ليس مع الاضطرار » : ، كما أنه « يسلب الاختيار فيكون سببا من أسباب ا لترخص » أي: أنه « اختيار(٤) . ً (١) . د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٢٩١ ٢٩٢(٢) راجع تفصيلات كثيرة بخصوص شروط الخطر والفعل المرتكب، في: د. عبد الكريم زيدان: حالة الضرورة في الشريعة الإسلامية، منشورا في كتابه ً مكتبة القدس مؤسسة الرسالة، بغداد بيروت، ،« مجموعة بحوث فقهية »١٤٠٢ ه ١٩٨٢ م، ص ١٧٨ ؛ د. محمود نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٢٩٥ وما بعدها؛ د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٨٠٤ ٨٢٣ ؛ عبد القادر عودة: التشريع الجنائي . الإسلامي، ج ١، ص ٥٧٨ ٥٨١(٣) ، السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٥١ ؛ النزوي: المصنف، ج ١٢ . ص ٣٧ ؛ الشيخ عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ٤٣٢(٤) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١١٩٦ ّ ويحكم حالة الضرورة في الفقه الإباضي قواعد ثلاثة(١) : الأولى: الاضطرار لا يبطل حق الغير، وإلا كان من قبيل إزالة الضرر بالضرر، وهذا لا يجوز شرع ً ا. والثانية: الضرورة تقدر بقدرها، أي: ما هو مباح للضرورة لا يجوز أن ما أجيز للضرورة يزول » يجاوز ما تحتمه مواجهتها والتخلص منها، لأن .« ما فعل لعلة زال بزوالها » كما أن ،« بزوالها والثالثة: إذا خ ُ ير المضطر بين ما يترتب عليه ضمان وما لا يترتب عليه ضمان من المحظورات تعين عليه اختيار ما لا يترتب عليه ضمان. ٢ المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي ترتكب تحت تأثير الضرورة(٢) : إذا توافرت شروط الضرورة، فإنها يمكن أن تؤثر على المسؤولية الجنائية إلغاء أو، على الأقل، تخفيف ً ا. (١) ، ٦٨٦ ، ج ٢، ص ١٢٠٥ ،٢٦٥ ، راجع هذه القواعد في: المرجع السابق، ج ١، ص ١٦٨ . ١٢٣٠ ١٢٣١ ويقرر رأي أن ثمة مواضع لا تؤثر فيها الضرورة على الحكم، ومنها: لا يباح ارتكاب ما يضر بالغير للضرورة. أن لا تكون الضرورة ألغاها ا لشارع. لا رخصة للعاصي. راجع: د. هلال الراشدي: القواعد الفقهية عند الإباضية تنظيرا وتطبيق ً ا، مركز الغندور، ًّ القاهرة، ٢٠٠٩ ، ص ٢٧٣ ٢٧٧ . راجع كذلك قواعد أخرى، في: سفيان الراشدي: جواهر . القواعد من بحر الفرائد، ص ١٣٩ ١٤٢(٢) قيل: وقد اختلف فقهاء المسلمين حول مسألة: هل على المضطر ضمان ما أخذ؟ ويمكن أن نميز هنا بين الاتجاهات ا لآتية: = وقد أكد على ذلك ا لإباضية. يتضح ذلك من الأمثلة ا لآتية: ّ وهكذا بخصوص مسألة: وفي رجال صحبوا امرأة أجنبية، فارتمت في بئر أو بحر، أو رأوها لتقع من مركوبها، أو ما أشبه ذلك مما يضر بها، وخافوا عليها الهلاك، ألهم أن ينقذوها بما أمكن، أو يثبتوها حتى تستقر سالمة، أم التعفف أولى وأحسن؟ قيل: إن الذي يخشى منه الهلاك على المرأة الأجنبية إذا وقعت فيه، أو » شارفت الوقوع فيه؛ فيلزم من يقدر على إنقاذها من ذلك أن ينقذها، ولو بمس ما هو محرم مسه منها في حال الاختيار، والضرورات قد تبيح بعض المحظورات، وهذا من ذلك، وربما يخشى على تارك ذلك منها أن يكون ضامن ً « ا إذا قدر على إنقاذها، فأسلمها إلى ا لهلاك(١) . = ١ ذهب الحنفية إلى أن المضطر يجب عليه ضمان ما تناوله من مال الغير، لأن المضطر أخذ الشيء بغير إذن مالكه فوجب عليه الضمان. وكذلك الحنابلة يوجبون الضمان، وأيض ً ا ا لإمامية. ٢ وفي المذهب المالكي أقوال ثلاثة: أحدها: أن على المضطر ضمان ما أخذ من مال غيره، وثانيها: أنه لا يجب على المضطر ضمان ما أخذه من مال غيره، وثالثها: التفرقة بين ما إذا وجدت معه حال اضطراره قيمة ما تناوله من مال غيره (وفي هذه الحالة يجب عليه الضمان)، وبين ما لم توجد (وهنا لا شيء عليه مطلق ً ا). ويأخذ الظاهرية بهذه التفرقة الأخيرة ويعللون عدم الضمان في الفرض الثاني (عدم وجود مال معه) بقوله تعالى: ﴿ * ,+ -. 3210/ ﴾ ، وقوله تعالى: ﴿ onmlkji qp ﴾ ، وقوله تعالى: ﴿ ^]\[ZYXW _ ` ba ﴾ . ٣ أما المذهب الإباضي فيذهب إلى القول بعدم الضمان ويذكر كمثال: أن الشخص إذا جاع حتى خاف الموت فأخذ من مال الناس حتى ينجي نفسه، فلا ضمان عليه لأن على صاحب المال أن ينجيه لو حضر. ، موسوعة الفقه الإسلامي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٩٧٥ ، ج ١٤ . ص ٨٧ ٨٩ (١) الشيخ سيف البطاشي: فتح الرحمن ومورد الظمآن في جوابات الشيخ سلطان، مكتبة مسقط، ١٤٣٣ ه ٢٠١٢ م، ص ١٤٣ . راجع أيض ً ا: الشيخ خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة . والجواب، ج ١، ص ١٦٠ ١٦١ ، المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٣، ص ٢٥١ وجاء في بيان ا لشرع: وسألته عن قوم غصبهم المشركون، ثم أطلقوهم ومعهم مركب لرجل » من أهل الصين أو بلد من البلدان لا يقدرون أن يصلوا إليه، هل لهم أن يركبوا في ذلك المركب ويتوصلوا فيه إلى بلدانهم ويخشوا على دينهم إن قعدوا معهم أو أنفسهم، قال: جائز لهم أن يركبوا في ذلك المركب ويخلصوا أنفسهم من الهلكة وفتنة الشرك ويضمنوا لأرباب المركب، كما أن من خاف على نفسه أكل من مال غيره، وعليه الضمان وهذا مثله والله أعلم، قلت: فإذا ركبوا فيه ووصلوا بلدانهم كيف يفعلون فيه؟ قال: إن كان له ربان كان حافظ ً ا له ومن يده ركبوا فيه خلوه في يده وتخلصوا من التبعة إليه، وإن لم يكن له ربان ولا وكيل ولا مالك كان عندهم شبه الأمان وضمان الكراء لأربابه حتى يجدوا ثقة يوصل إليهم ذلك أو يوصلوه إليهم ويتخلصوا من الواجب إن عرفوا أهله، وإلا كان ذلك أمانة في حفظهم والحقوق عليهم لأربابه كراء ما ركبوا فيه، قلت: فجائز لهم بيعه على سبيل الحفظ لربه قال: لا إلا أن يخافوا تلفه فعلى قول لهم بيعه وحفظ الثمن، فإن ضاع فعليهم الضمان، وقيل: لا ضمان عليهم، قلت: فإن كسر في البحر قبل أن يصلوا إلى عمان أو ُ قد وصلوا، قال: إن كان أخذوه على وجه التعدي بلا رأي أربابه ضمنوه وإن « كان ذلك بلا تعدي وكان بوجه من وجوه الإجازة لم يضمنوه(١) . وبخصوص تخريب الأفلاج درأ لوقوعها في أيدي البغاة، يقول ا لخليلي: قد يوجد في الأثر جواز مثل هذا ولا يضيق مثل ذلك على الداخل فيه » « إذا وقع على سبيل ا لعدل(٢) . (١) الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٨ ٩. انظر أ يض ً ا: السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: . لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ١٦٩(٢) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٩، ص ٢٢٦ ٢٢٧ من حالة الضرورة، وإنما « الاستفادة العمياء » ويؤكد الكدمي على عدم ا(١) لا بد من الموازنة بين البدائل المطروحة واختيار أخفها ضرر . ً  وبخصوص ما يحكى أنه رفعت إلى عمر ƒ امرأة لقيها راع بفلاة من الأرض عطشى فاستسقت فأبى أن يسقيها إلا أن تتركه يفعل بها القبيح  فناشدته بالله تعالى فأبى، فلما قوي عليها العطش أمكنته فدرأ عنها عمر لعله أخذ » : الحد للضرورة وأخذ لها المهر، يقول الحارثي تعقيبا على ذلك ً منه المهر ولم يرجمه ولم يجلده بحضرته وحده أو مع أقل من أربعة وهو « لا يحكم بعلمه(٢) . ويعرف ا لإباضي ّ ة تطبيق حالة الضرورة أ يض ً ا في العلاقات الدولية وقت الحرب، إذ يعتبر الفعل عندهم مباحا إذا ارتكبته القوات المسلحة بسبب ً الضرورة الحربية Military Necessity كأن يتم تدمير ممتلكات وأعيان مدينة لإصابة هدف عسكري(٣) . (١) ومعي أنه قد قيل: إنه إذا وجد المضطر شيئ » : وهكذا يقرر ً ا من المحرمات مما يعصم ويحيي، وشيئ ً ا من أموال الناس الحرام الذي لا يحل له بوجه من الوجوه الحلال من بيع ولا هبة، ولا دليل على أنه يحيي نفسه من المحرم المباح من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أشبهه، ولا يأكل من أموال الناس، لأن هذا مباح ولا يلزمه الضمان، وهذا يلزمه فيه الضمان. وجميعها محجوران إلا عند الضرورة، فهذا عند الضرورة مباح، لا يتعلق عليه فيه حكم، وهذا يتعلق فيه الحكم والضمان. ومعي أنه قد قيل: إن شاء أحيي نفسه من هذا، ولا تبعة عليه. وإن شاء أحيي نفسه من هذا كله، ودان بما يلزمه من الضمان. والأفضل له أن يختار ما يتعلق عليه فيه حكم، حتى لا .« يقع عليه الحكم والضمان معا ً . الكدمي: المعتبر، ج ٣، ص ١٠٣ ١٠٤(٢) . عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ١٠٨(٣) قلت: فإن خرج الإمام على أهل الشرك وظفر بهم هل له قطع نخيلهم » : وهكذا قيل وشجرهم أو هدم منازلهم وتحريقهم؟ قال: لا، ليس له أن يخرب عامرا ولا يقطع شجرا ًً ولا نخلا ً بعد الظفر بهم لأن ذلك غنائم للمسلمين. = الثابت في الشريعة الإسلامية عدم الاعتداد بالضرورة لإباحة قتل الغير. فقد نظرت الشريعة الإسلامية إلى الحياة نظرة مطلقة حتى في حالة الضرورة والتي يمكن في القانون الوضعي أن تكون سببا لإباحة الفعل، فالحياة في ً الشريعة ليست محلا للإباحة أو موضعا لرخصة، وإنما هي معصومة دائما إلا ًً لسبب شرعي، وليست الضرورة سببا يبيح إزهاق أرواح الآخرين للنجاة بروح ً شخص أو أشخاص معينين. ذلك أنه في هذه الحالة لا تمايز بين الأرواح ولا  تفضيل بينها، وإنما الكل أمام الموت أو الحياة سواء. ويعزز ذلك قوله تعالى بصيغة الأمر: ﴿ ÎÍÌËÊÉÈÇ ﴾ [ [الإسراء: ٣٣ . ولا تعتبر الضرورة في الشريعة الإسلامية سببا يدخل في نطاق الاستثناء ً المذكور في عجز الآية السابقة. ويؤيد ذلك أيض ً ا (وهو ما يسري خصوص ً ا  على الضرب أو الجرح أو القطع) قوله تعالى: ﴿ ` ba kjihgfec ﴾ [ [الأحزاب: ٥٨ . d وقد قرر الإمام الشيباني مبدأ هاما في هذا الخصوص، وهو « لا يحل لمسلم أن يقي روحه بروح من هو مثله في ا لحرمة » : أنه(١) . = قلت: فإن كان لا يظفر بهم إلا بذلك؟ قال: إذا كان لا يظفر بهم إذا تحصنوا عنه إلا بهدم منازلهم جاز له، وقد فعل رسول الله ژ في محاربته لليهود حين تحصنوا عنه وكان المسلمون يخربون من موضع والكفار يخربون من موضع آخر ليسدوا ما خرب المسلمون. قال الله: ﴿ ¬®¯° ³²± ´ ﴾ [ [الحشر: ٢ . قلت: فيقطع نخيلهم إذا امتنعوا وتحصنوا؟ قال: فقد كان رسول الله ژ قطع عليهم وترك. وقد قال الله: ﴿ ;:9876543210/ ﴾ [ [الحشر: ٥ .« السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، تحقيق: د. سيدة إسماعيل كاشف، وزارة التراث ُ . القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ج ٢، ص ٢٠٨ ُ (١) انظر مقالتنا: أصول القانون الدولي والعلاقات الدولية عند الإمام الشيباني، مجلة القانون . ١٩٨٧ ، ص ٣١٦ ، والاقتصاد، كلية الحقوق جامعة القاهرة، عدد ٥٧ ويقول ابن حزم: فإذا هال البحر وخافوا العطب فلا يجوز أن يلقى إنسان أصلا ً لأنه لا يحل لأحد دفع ظلم عن نفسه بظلم من لم » لا مؤمن ولا كافر « يظلمه(١) . ٣ حالة الضرورة في قضاء المحكمة العليا في سلطنة ع ُ مان: تعرضت المحكمة لحالة الضرورة في بعض أحكامها(٢) . (١) . ابن حزم: المحلى، المرجع السابق، ج ٨، المسألة ١٣٢١ ، ص ٢٠٠ .« الاقتراع على إلقاء الآدمي في البحر لا يجوز » : كذلك قيل راجع: ابن العربي: أحكام القرآن، تحقيق علي البجاوي، دار الجيل، بيروت، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ج ٤، ص ١٦٢٣ ؛ القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، الهيئة المصرية . العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨٧ ، ج ١٥ ، ص ١٢٧ (٢) تأخذ المحكمة العليا في سلطنة عمان بقاعدة مؤداها أن حالة الضرورة من مسائل الواقع ُ التي تستأثر بها محكمة الموضوع، وبالتالي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام المحكمة لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعنان بوجه طعنهما من أن حالة » : العليا. تقول المحكمة ضرورة ألجأتهما إلى ارتكاب هذه الجرائم فإن ذلك جاء في سياق التماس أخذهما بالرأفة والتخفيف، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها من إطلاقات محكمة الموضوع ودون معقب، أو أن تسأل حسابا عن الأسباب التي من ً أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، لما كان ذلك وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعنين تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمتين اللتين أدان الطاعنين من أجلهما، فإن ما يثيرانه من موجبات الرأفة لظروفهما الاقتصادية الصعبة ومرض والدة أحدهما بمرض عضال فإنه فضلا ً .« عن أنه لا يجوز إبداؤه أمام المحكمة العليا ليس له محل مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة . منها، س. ق. ( ١٠ )، سلطنة عمان، ٢٠٠٩ ٢٠١٠ ، ص ٥٧ ٥٨ ُ انظر أيض ً . ا: ذات المرجع، ٢٠٠٨ ٢٠٠٩ ، ص ٤٢٦ ٤٢٨ كذلك قررت المحكمة العليا في سلطنة عمان (في شأن التمسك بالإكراه المعنوي أو ُ المحكمة غير ملتزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب ما لم » : حالة الضرورة) أن مجموعة المبادئ والقواعد القانونية التي قررتها المحكمة العليا في .« يدفع به أمامها . الفترة من ٢٠٠١ وحتى ٢٠١٠ ، الدائرة الجزائية، سلطنة عمان، ص ٤٨٢ ُ :»FÉéØdG çOÉëdGh IôgÉ≤dG Iƒ≤dG (h نشير إلى ماهية القوة القاهرة والحادث الفجائي، وأثر ذلك على المسؤولية الجنائية، وموقف المحكمة العليا في سلطنة عمان منهما. ُ ١ ماهية القوة القاهرة والحادث الفجائي: يمكن أن تؤثر القوة القاهرة أو الحادث الفجائي على المسؤولية الجنائية، إلغاء أو تخفيف ً ا (حسب ظروف كل حالة). ً وتتمثل القوة القاهرة في حدوث أمر لا يد للإنسان فيه وغير متوقع يؤدي إلى حدوث الضرر أو عدم تنفيذ ا لالتزام. وقد أخذ الفقه الإباضي بذلك أيضا. فقد جاء في المدونة ا لكبرى: ً وإذا غرقت سفينة الملاح وغرق الطعام الذي فيها من هزة البحر أو من » معالجة السفينة، وقد حملت بإجارة، فإن ابن عبد العزيز كان يقول: هو « ضامن، وكان الربيع يقول: لا ضمان عليه في الماء خاصة لأنه عدو(١) . ٢ أثر القوة القاهرة والحادث الفجائي على المسؤولية الجنائية: كل ما فسد بسبب قاهر فلا ضمان » : القاعدة في الفقه الإباضي أن « فيه(٢) . (١) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٩٨ (٢) من اكترى سفينة فغرقت بسبب قاهر فلا ضمان عليه فإن فرط بأن » : ومن فروع القاعدة كان جاهلا ً بسياسة البحر وبحركة الرياح أو كان في السفينة نوع خلل فدله حتى غرقت فهو ضامن. ويفهم من كلام ا لمصنف 5 بأنه لو لم يكن منه تدليس ولا تفريط فإنه لا يضمن لأنها هلكت بسبب قاهر وغالب. ومنها: ما لو خرج على السفينة عدو غالب وقاهر فأخذ المال أو سلب السفينة من = وقد فصل سماحة المفتي العام لسلطنة عمان في أحوال كثيرة ُ القواعد الضابطة لهذه المسألة. وهكذا بخصوص إذا حدث لشخص حادث بسبب سماوي، كأن ينفجر إطار السيارة، أو يتعطل جهاز من أجهزتها بغير  إهمال منه، فتصطدم بشخص مار أو بعمود ثابت أو بسيارة أخرى، فيهلك المصدوم والركاب، فهل يتحمل سائق السيارة ما هلك من أنفس في سيارته والسيارة الأخرى؟ وهل تجب عليه الكفارة؟ إذ يقول: إن كان ما وقع للسيارة أو وقع منها ليس بفعله، وإنما كان أمرا خارجا » ً ً عن تصرفه ولم يكن قادرا على التحكم فيه، ولم يكن مهملا ً في شيء مما ً « تجب المحافظة عليه فلا ضمان عليه مما وقع منها(١) . = مكتريها، قيل: لا يضمن وقيل: يضمن إلا إن أصيبت من فوقها بنحو ريح أو ماء مما ليس بسببه، وأما إن أصيبت من فوقها بضعف حبالها، أو صاليها، أو بعدم توثق عمل ذلك راجع: معجم .« وعقده فإنه يضمن بذلك، وإن ضرها الحوت بلا تفريط فلا ضمان عليه . القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٩٦٠ ّ (١) سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى، ج ٥، قسم الفتوى بمكتب الإفتاء، وزارة . الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ ه ٢٠١٣ م، ص ١١٥ ُ وبشأن سائق سيارة انقلبت سيارته ومعه تسعة أفراد، وتوفي اثنان ودفع ديتهما في يلزمه أن يكفر عن القتل الخطأ إما بعتق » : المحكمة، هل عليه كفارة صيام أم لا؟ يقول رقبة عن كل قتيل إن وجدها، وإما بصوم شهرين متتابعين إن لم يجد الرقبة، هذا إن كان « متسببا في الحادث بطريق الخطأ، وإن كان غير متلبس بسبب منه فما عليه من ذلك شيء ً . ذات المرجع، ص ١٠٦ ١٠٧ وبخصوص مسألة أخرى بخصوص حادث سيارة مات فيه المورث، يقول أيض ً إن كان » : ا السائق لم يرتكب خطأ قط وإنما كان الحادث بسبب لا يمت إليه، وذلك نحو اقتحام حيوان أو اعتراضه فجأة بين يدي السيارة، أو انفجار إطار مع كون السرعة عادية لم تخرج عن حدود الاعتدال، فلا يمنع من الإرث بسبب ذلك، كما لا تجب عليه الدية والكفارة، ذات المرجع، « وإن كان سبب الحادث يعود إلى السائق فعليه الدية والكفارة ولا ميراث له . ص ١١٠ ويسري ذلك أيض ً « الجوائح » ا على(١) التي تصيب الثمار؛ مصداق ً ا لقوله ژ : لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته عاهة فلا يحل لك أن تأخذ منه » ً شيئ ً « ا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق(٢) . إذا » : وهو ما تؤكده القاعدة الفقهية « تعذر الأداء ارتفع الوجوب وإن تقدم سببه(٣) . ومن كان في فحص، فطرده العدو، فرمى ما في يده من » : ويقول الثميني الأموال، فليس هو كأصحاب السفينة، فقد أجيز له أن يرمي، لتنجية نفسه ما شاء، ولو أموال غيره، ويحرز أمواله ولا يضمنها، إن كان ذلك العدو غالبا ً عليه ولم يكن تسبب في قيامه عليه. وكذا إن غلبه ريح، أو سيل، أو صاعقة، أو نحو ذلك، مما لا يطيق « عليه(٤) . ويرجع تعليل القوة القاهرة كسبب لنفي المسؤولية أو تخفيفها في الشريعة الإسلامية إلى أن من القواعد الأصولية في الفقه الإسلامي قاعدة: والأصل فيها قوله تعالى: .« المشقة تجلب التيسير » ﴿ §¨©ª (١) الجائحة (هي: كل ما لا يستطيع دفعه أو هي الشدة النازلة، وهي مأخوذة من الجوح، أي: الهلاك يقول ابن الشميل: أصابتهم جائحة أي سنة شديدة اجتاحت أموالهم فلم تدع لهم وجاجا، والوجاج ما يتبقى من الشيء من مال أو غيره (لسان العرب: ً ٢ ٤٣١ )؛ راجع أيض ً ا: العلامة أبو البركات الدردير: الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك، تحقيق د. مصطفى كمال وصفي، دار المعارف، . القاهرة، ١٩٧٤ ، ج ٤، ص ٩١١(٢) . رواه الربيع، عن أنس بلفظ قريب، كتاب البيوع، باب ما ينهى عنه من البيوع، ر ٥٥٨ .٧٦٦/٢ ، والبخاري، مثله بلفظه، باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، رقم ٢٠٨٦ .١١٩٠/١ ، ومسلم، مثله، باب وضع الجوائح، رقم ١٥٥٥ .٣٣٦/ ٣٩٩ ، والزرقاني في شرحه، مثله، ٣ / وذكره ابن حجر، عن أنس، فتح الباري، ٤(٣) . راجع القاعدة في: معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٤٣ ّ (٤) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٣٣٨ «¬ ﴾ [ [البقرة: ٢٨٦ . وقوله تعالى: ﴿ §¨©ª«¬ ¯ ﴾ [ [البقرة: ١٨٥ . وقوله تعالى: ﴿ z~ے ¡ ﴾ }|{® [ [الشورى: ٧٨ وقوله ژ : « أحب الدين إلى الله تعالى الحنيفية السمحة » . وكما قال ابن نجيم: « العسر وعموم ا لبلوى » : وأسباب التخفيف في الشريعة عديدة، منها(١) . ولا شك أن تلك القاعدة قابلة للتطبيق حتى في إطار المسؤولية ا لجنائية.  وهكذا في الفقه الإسلامي يمكن أن تنطبق قاعدة أخرى تؤثر على المسؤولية أو الضمان، هي قاعدة عموم ا لبلوى. الحالة أو الحادثة التي تشمل كثيرا » والمقصود بها في اصطلاح الفقهاء ً من الناس ويتعذر الاحتراز عنها، وعبر عنه بعض الفقهاء بالضرورة العامة  وبعضهم بالضرورة الماسة، أو حاجة الناس، وفسره الأصوليون بما تمس .« الحاجة إليه في عموم ا لأحوال وعموم البلوى تعتبر من أسباب التخفيف، تطبيق ً ا لقاعدة أن المشقة تجلب ا لتيسير(٢) . ٣ موقف المحكمة العليا في سلطنة ع ُ مان من القوة القاهرة والحادث الفجائي: أكدت المحكمة العليا في سلطنة عمان على انهيار الركن ُ (١) ابن نجيم: الأشباه والنظائر، مكتبة الحلبي، القاهرة، ١٣٨٧ ه ١٩٦٧ م، ص ٧٥ وما بعدها. (٢) راجع الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، ١٤١٤ ه ١٩٩٤ م، ج ٣١ ، ص ٦ ٧. بينما قيل: إن المراد بعموم البلوى في أمر ما: أنه لو ثبت لاشتهر وعم العلم به (راجع: الإمام الزنجابي: تخريج الفروع على الأصول، .( تحقيق د. محمد أديب صالح، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ص ٦٢ المعنوي نتيجة للحادث الفجائي، وبالتالي لا جريمة، ولا مسؤولية  عما وقع(١) . يتضح مما تقدم أن دراسة المسؤولية الجنائية تثير فروضا عديدة، ً  ومشاكل عويصة، خصوصا بالنسبة إلى الشخص المسؤول جنائيا، والأحوال ً التي يمكن أن يوضع عنه فيها العقاب أو يخفف عنه، أو يشدد عليه(٢) . (١) تقول ا لمحكمة:  ثبوت أن الجريمة وقعت نتيجة لحادث فجائي ينفي تلقائيا الركن المعنوي للجريمة، »والحادث الفجائي هو سبب غير متوقع يتوافر لدى الشخص فيؤدي إلى ارتكاب الجريمة،  وفجائية الحادث تعني بالضرورة استحالة دفعه، ومن المقرر أن تقدير ما إذا كانت الواقعة  تعتبر حادث ً ا فجائيا أم لا هو تقدير موضوعي تستقل به محكمة الموضوع ولا رقابة عليها .« في ذلك من المحكمة العليا شريطة أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله راجع: مجموعة الأحكام الصادرة عن هيئة توحيد المبادئ والدائرة الجزائية مع المبادئ . المستخلصة منها لسنة ٢٠٠٤ م، المحكمة العليا، مسقط، ص ٦٠٥ (٢) من الأمور التي أثارت خلاف ً ا في الفقه، حالة الرجل الذي يرى زوجته وآخر يزني بها. ومن المعلوم أن هناك حديث ً ا نبويا خاصا بهذه ا لمسألة: روى أبو عبيدة عن جابر قال: أتى رجل إلى رسول الله ژ يقال له: عاصم بن عدي  ٌُ يا رسول الله، أرأيت رجلا » : الأنصاري، فقال ً وجد َ مع امرأته رجلا ً أيقتله فتقتلونه، أم كيف يصنع؟ فكره ا لنبي ژ المسألة حتى عابها، وبلغ ذلك بالرجل مبلغ ً ثم أتاه بعد ،« ا عظيما ً ذلك رجل يقال له عويمر العجلاني فسأل ا لنبي ژ عن المسألة بعينها، فقال له ُْ ِِ رسول الله ژ : قد أنزلت فيك وفي صاحبك » َ « ، فاذهب فأت بها ، فأتى بها فتلاعنا، ففرق .« رسول الله ژ بينهما قال الربيع: قال أبو عبيدة: لا تحل له أبد ً ا، وإن نكحت زوج ً ا غيره فمات عنها أو طلقها. يقول ا لسالمي: وقد اختلف العلماء فيمن وجد مع امرأته رجلا » ً وتحقق وجود الفاحشة منهما فقتله، هل يقتل به أم لا؟ فمنع قوم الإقدام وقال: يقتص منه إلا أن يأتي ببينة الزنا أو يعترف المقتول ُ بذلك إذا أدركت حياته أو اعترف بذلك ورثته بشرط أن يكون محصن ً ا، وقيل: بل يقتل ُ لأنه ليس له أن يقيم الحد بغير إذن الإمام، وقال بعض السلف: لا يقتل أصلا ً ويعذر فيما ُ فعله إذا ظهرت أمارات صدقه، وشرط أحمد ُ وإسحاق ومن تبعهما أن يأتي بشاهدين أنه = َ ٢٥٩ وهي أحوال تقتضي دقة من القاضي في بحثها وإصدار حكمه عليها. = قتله بسبب ذلك، ووافقهم ابن القاسم وابن حبيب من المالكية، لكن زاد أن يكون المقتول قد أحصن. وقيل: يجوز للرجل أن يقتل من وجده مع زوجته وأمته وولده حال السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام « الفعل، وأما بعده فيقاد به إن كان بكرا ًُ . الربيع، ج ٣، ص ٢٨١ ٢٨٢ قال بعض الفقهاء: إذا أدرك الرجل رجلا » : وجاء في المصنف ً على بطن امرأته في بيته ِ ولم ير منه الجماع فله أن يقتله ما دام على بطنها ولا يقتلها هي. فإن قام من عليها فلا يقتله. وإن أدركه على بطنها في غير بيته فلا يقتله إذا لم يتبين الجماع وإن أبصر منه .« الجماع، وهو في بيته ثم قام من عليها فله قتله وقول: ما كان في ا لبيت . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٣١ »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a »FÉæédG AGõédG  لا شك أن العقوبات المقررة في الشريعة الإسلامية، سواء كانت من الحدود أو القصاص أو التعازير، تهدف إلى عدم إفلات الجاني من العقاب على الأفعال التي تشكل انتهاك ً ا لحقوق المجني عليه ولحقوق ا لمجتمع. وندرس الجزاء الجنائي في الفقه الإباضي من حيث: ماهيته وصوره، وأغراض العقوبة، وتنفيذها، والقواعد الحاكمة لتطبيقها، وتعدد الجرائم وأثره على العقوبات، وأسباب انقضاء ا لعقوبة. وندرس كل هذه المسائل، على أن نخصص لكل . منها فصلا ً منهما  كانت العقوبة هي الجزاء الوحيد الذي يوقع وما يزال على مرتكب الجريمة. لكن إلى جانب العقوبة، ظهر ما يسمى بالتدابير الاحترازية Preventive measures والتي لا توقع على جريمة تم ارتكابها، وإنما توقع على الشخص لمواجهة خطورته ا لإجرامية. وندرس هذين النوعين من الجزاء الجنائي، على أن نخصص لكل مبحث ً ا. ∫hC’G åëѪdG áHƒ≤©dG وندرس العقوبة ببيان مفهومها، وصورها. :áHƒ≤©dG Ωƒ¡Øe (CG لا جرم أن توقيع العقوبة يشكل المظهر القانوني لرد فعل ََ َ المجتمع تجاه الجاني، فهي إذن تعتبر الأثر القانوني أو الشرعي في الفقه « الزواجر » المترتب على ارتكاب الجريمة. وهي تدخل في باب الإسلامي. يقول ابن قيم الجوزية: ولما كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يتم إلا بالعقوبات » الله يزغ بالسلطان ما لم يزغ بالقرآن، فإقامة الحدود واجبة » الشرعية: فإن « على ولاة ا لأمور(١) . كذلك يمكن القول مع الإمام ا لصنعاني: وشريعة هذه الأمة أخف من شرائع من قبلها فإنه وضع عنهم فيها » « الآصار التي كانت على من قبلهم(٢) . والعقوبات التي جاءت بها الشريعة نوعان. أحدهما: عقوبة المقدور عليه، من الواحد والعدد، كما تقدم. والثاني: عقاب الطائفة الممتنعة، كالتي لا يقدر عليها إلا بقتال (أي: جهاد ا لكفار)(٣) . والعقوبات في الإسلام: إما أن تكون عقوبات مقدرة ومحددة سلف ً ا، وهي عقوبات الحدود والقصاص وهي تشمل: القتل (كما في حالة الردة، الحرابة، والقتل العمد (١) والعقوبات » ، ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ص ٢٦٥ ، ويضيف البدنية: كالقتل والقطع. والمالية: كإتلاف أوعية الخمر. والمركبة: كجلد السارق من غير حرز، وتضعيف ا لغ ُرم عليه، وكقتل الكفار وأخذ أموالهم. ْ والعقوبات البدنية: تارة تكون جزاء على ما مضى، كقطع السارق، وتارة تكون دفعا عن ً .( ذات المرجع، ص ٢٧٠ ) « الفساد المستقبل: وتارة تكون مركبة، كقتل القاتل(٢) الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٤٤٤ . انظر مثلا :ً الصور المختلفة لعقوبة الإعدام وما تظهره من وحشية وقسوة والتي كانت تطبق في النظم غير الإسلامية (عقوبة التمزيق، وعقوبة النار الحمراء، وعقوبة الدولاب أو الإطار، وعقوبة قطع الرأس) د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، دار النهضة . العربية، القاهرة، ١٩٩٧ ، ص ٢٢ ٢٣(٣) . ابن تيمية: السياسة الشرعية، ص ٨٥ ٢٦٥ العدوان)، والجلد، (كما في الزنا، والقذف عند عدم الإتيان بأربعة شهود، وجلد شارب الخمر) والقطع (في حالة السرقة، والحرابة).  وإما أن تكون غير مقدرة، ترك تحديدها لولي الأمر أو من ينيبه، وذلك بالنسبة لكافة الجرائم التي لم يحدد الشارع الإسلامي لها قدرا معين ً ا ً  (وتسمى ا لتعازير). والعقوبة في الإسلام أيض ً ا على طائفتين: • عقوبات على أفعال تشكل اعتداء على حق الله (كالحدود: حد الزنا،  والحرابة، والسرقة، وشرب ا لخمر. • عقوبات على أفعال تمثل اعتداء على حق الفرد (العبد)، مثل: السرقة والضرب، والسب(١) . (١) لخص د. حسن الشاذلي خصائص هذين النوعين من العقوبة تلخيص ً ا رائع ً ا، كما يلي: أ: تتميز عقوبة حق الله تعالى بما يأتي: »١ لا يجري فيها عفو ولا صلح ولا إبراء، بل لا بد من تطبيق العقوبة؛ وآية ذلك قوله ژ حيث شفع إليه في المخزومية التي سرقت: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت » « لقطعت يدها . ٢ لا يجري فيه التوارث، فلا يعاقب ورثة الجاني لما اقترفه، لقوله تعالى ﴿ °±² ³´ ﴾ [ [فاطر: ١٨ ، وقوله جل شأنه: ﴿ ÛÚÙØ× ﴾ [ [المدثر: ٣٨ . ٣ يفوض استيفاء العقوبة إلى الإمام أو نائبه، لأنه هو الذي نصب شرع ً ا لتنفيذ الأحكام ورعاية ا لأمة. ٤ يجرى فيها التداخل، فإذا شرب شخص الخمر مرات متفرقة، ولكنه لم يؤخذ إلا في المرة الأخيرة فإنه لا يقام عليه إلا حد واحد، وهذا الحكم إنما يكون إذا تكررت جناية معينة واحدة، دون أن يطبق على صاحبها حد مما وجب عليه، فإذا أخذ في المرة الثانية أو الثالثة.... فلا يطبق عليه إلا حد واحد. ٥ تنصف العقوبة بالرق، لقوله تعالى في شأن الأرقاء ﴿ }~ ﮯ ¢¡ ﴾ [ [النساء: ٢٥ . = كذلك يقسم السالمي العقوبة إلى نوعين: فالكامل منه » ، كامل وناقص : ما وقع في نفس الجاني، كحد قاطع ُُ الطريق، وحد الزاني والسارق وشارب الخمر، فإن هذه الحدود كلها حقوق  الله تعالى، وهي محض عقوبة للجاني، ولكونها حقا خالصا لله تعالى لا ًُ تسق ُ ط ُ بالعفو عنها من ا لعباد. ولكونها عقوبة لا يليها إلا الإمام أو من يقوم مقامة. وأما النوع الناقص فهو ما حل في مال الجاني دون بدنه، كحرمان القاتل الميراث، فإن حرمانه حق لله تعالى فلا يصح لأحد توريثه. ولكونه بمنزلة ا لغ ُ رم، صار عقوبة للجاني، ورادع ً « ا من تعجل الميراث بالقتل(١) . ْ = (ب) كما تتميز عقوبة حق العبد بما يأتي: ١ يجري فيها العفو والإبراء والصلح. ٢ يجري فيها التوارث بالنسبة لورثة المجني عليه أو وليه. ٣ تتكرر العقوبة فيها بتكرار الجناية، فلو شج شخصا وقطع آخر وقتل ثالث ً ا، أخذ بجميع ً ذلك. ٤ لا تتنصف العقوبة فيها بالرق. د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة « ٥ يفوض استيفاؤها إلى المجني عليه أو وليه مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، دار الكتاب الجامعي، القاهرة، . ص ١٣ ١٤ د. عبد العزيز عامر: التعزير « أوجه الخلاف بين الحدود والقصاص والتعزير » : انظر كذلك في الشريعة الإسلامية، ص ٦٨ ٧١ ؛ د. عبد العزيز سمك: العفو وأثره في عقوبة القصاص ؛ والديه في الفقه الجنائي الإسلامي، دار النهضة العربية القاهرة، ص ٣٣ ٣٩ د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، . ص ٥١٨ ٥٢٤ انظر كذلك: الفرق بين قاعدة الحدود وقاعدة التعازير من وجوه عشرة، الإمام القرافي: . الفروق، ج ٤، الفرق ٢٤٦ ، ص ١٧٨ ١٨٣(١) . السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٥٨ ويقسم المحقق الخليلي العقوبات إلى نوعين: الأول: عقوبات الحدود والقتل. والثاني: عقوبات ما دون الحدود والقتل، وهي: حبس وقيد وضرب وتصليب وطرد(١) . (١) لأهمية رأي الخليلي بخصوص هذا النوع الثاني، نذكر قطف ً ا مما قاله: في الحبس ولا يخفى أنه أشد من حبس التهم وأضيق مكان » ً ا وأطول زمان ً ا لأن حبس التهمة عقوبة على ظن، وهذا على يقين من بينة عدل أو ما يتأدى به العلم القاطع من سماع أو نظر أو شهرة خبر ليست هي من الدعوى في الحكم أو إقرار صحيح أو ما يشبه ذلك، وكل منكر باطل دينا فالعقاب على فاعله وعلى قدر الجريمة يكون التغليظ والتخفيف.... وأما القيد: فهو معروف أيض ً ا وإنه حلقتا حديد بينهما عمود منه ويسمى الأدهم وهي الأصفاد أيض ً ا. والكبل: بفتح الكاف وقد يكسر واحدها كبل وقيل: إن الكبل أعظمها والنكل بالكسر أشدها فإن كان من خشبة على سعة رجل المحبوس فهو مقطرة بكسر الميم أو من حبل أو نحوه فهو شكال بالكسر وصفد محركة. والغل : ما كان من القيود في عنق أو يد، والعقوبة بالقيد جائزة على نظر الحاكم مع حبس أو دونه على قدر الجريمة يكون ا لتغليظ. وأما الضرب عقاب ً ا لأهل الجنايات فواسع بلا خلاف نعلمه بين أحد من أهل العلم، وقد أجمع السلف والخلف عليه وعلى قدر الأحداث ينظر القائم بالعدل يكون تحديده في كثرة مقداره أو ضد ذلك في اعتباره وأقله فيما قيل بيان العدد خمس على مثل من يطلق لسانه في الناس بأنواع الوقيعة والشتم، كقوله: يا خائن يا كلب يا حمار يا فاسق يا قرد يا خنزير وهكذا القول » في :« يا ثور وإن اختلفوا فيه إلا أن يكون في موضع لا يراد به ا لشتم. وأما التصليب فلا نعرفه من عقوبات المسلمين فأولى ما به الترك إلا في قاطع الطريق إذا مشرك » كان ً ا وهو من أنواع الحدود فلا كلام فيه هنا وفيما يروى عن ا لنبي ژ أنه كان أحدث أحد حدث ً ا من مثل ما يجب عليه الحبس في الحكم قال: أربطوه إلى تلك السارية » « في المسجد . وأما طرد المحدث من ديار الإسلام فمختلف في جوازه بشرط أن يكون الحدث مما يتعدى شره ويخاف منه إفساد العالم في الدين والدنيا؛ كاللصوص وقطاع الطرق والذين يجمعون الرجال إلى النساء أو يخذلون الرعية عن الجهاد أو يعظمون شأن العدو ويلقون = ويؤكد الإباضية أن العقوبة تجب وقت ارتكاب الجريمة (مع مراعاة ّ التولد أو السراية بالنسبة للضرب أو ا لجرح)(١) .  وهكذا جاء في الجامع ا لمفيد:  وسئل عن رجل جرح إنسان » ً ا جرح ً ا نافذ ً ا في شيء من بدنه. قال: له ثلث ا لدية. قلت له: فإن ا لتأم. « قال: له ثلث الدية التأم أو لم يلتئم(٢) . وبخصوص سؤال: ومن زنا قبل التزويج ثم تزوج ودخل بزوجته قبل أن يحد ما يكون حده. « عليه حد زنا البكر وكذلك العبد إذا زنا ثم عتق فعليه حد ا لعبد » : قال(٣) . = الرعب في قلوب الضعفاء أو [من] كان من المبتدعين يغوى الأنام ويزين لهم البدع وما يشبه ذلك. والقول بإجازة إجلاء أمثال هؤلاء وطردهم في البلاد وتشريدهم عن العباد كأنه الأصح والأرجح فيما عندي، بدلالة ما في كتاب الله تعالى كقوله جل وعز : ﴿ §¨ ª© º¹¸¶µ´³²±°¯®¬« » ﴾ [ [الأحزاب: ٦٠ « ففي هذه ما دل على جواز الطرد والتشريد على من كان بتلك المنزلة المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ١٢٣ ١٣٥ . راجع أيض ً ا: الكندي: ؛ بيان الشرع؛ ج ٢٩ ، ص ١٨٧ ١٩١ ، معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٦٠٥ ٦٠٦ ّ . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ٢، ص ١٧٥(١) انظر: ما قلناه سابق ً ا. (٢) . الجامع المفيد من جوابات أبي سعيد، ج ٣، ص ٢٣٩(٣) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، . ج ١٤ ، ص ٢٧٩ وقد بحث فقهاء ا لإباضية العقوبات بطريقة تفصيلية في كتبهم وفتاواهم. ّ يقول البسيوي: « وما أعد الله فيه العقوبة وحرمه وأوجب فيه حدا فهو كبير »(١) .  كذلك من القواعد الفقهية ا لإباضية: ّ .« الحدود لا تعطل إذا رفعت إلى ا لإمام » .« كل عضو أخذت ديته ثم أصيب بعد ذلك فله ثلث عضو سالم » « لا رفق في ا لمعصية »(٢) . ويأخذ قانون الجزاء ا لع ُ ماني بتقسيم ثلاثي للجرائم تبع ً ا لعقوباتها(٣) . (١) .٢٤٦٦ ، جامع أبي الحسن البسوي، ج ٤، ص ٢٤٦٠ (٢) معجم القواعد الفقهية الإباضي ّ ١٠٦٧ ، راجع أيض ، ة، ج ١، ص ٤٤١ ، ج ٢، ص ٩٢٧ ً ا: عامر بن خميس: غاية المطلوب في الأثر المنسوب، مكتبة الجيل الواعد، مسقط، . ص ٨٥٤ (٣) وتحددها المادة ٢٩ كما يلي: ١ (الجناية): وتوصف عقوبتها بالإرهابية. ٢ (الجنحة): وتوصف عقوبتها بالتأديبية. ٣ (القباحة): وتوصف عقوبتها بالتكديرية. كذلك تنص المادة ٣٠ على أن يعتبر من الجرائم ا لشائنة: أولا ً: جميع الجرائم الجنائية التي يحكم بها بعقوبة إرهابية. ثانيا: جميع الجرائم الجناحية المبينة فيما يلي: ً ٤ ا لرشوة. ٥ ا لاختلاس. ٦ شهادة ا لزور. ٧ اليمين ا لكاذبة. ٨ التزوير والاستعمال المزور مع العلم بأمره. ٩ الحض على ا لفجور. = :áHƒ≤©dG Qƒ°U (Ü نشير إلى أهم هذه الصور، وهي: = ١٠ اللواط والسحاق. ١١ الاتجار بالمخدرات. ١٢ ا لسرقة. ١٣ الاغتصاب والتهويل. ١٤ ا لاحتيال. ١٥ الشيك دون مقابل. ١٦ إساءة ا لأمانة. ١٧ ا لتقليد. ١٨ غزو ممتلكات ا لغير. وبالنسبة للقباحات، فقد نصت المادة ٣١٢ على أن: يعاقب بالسجن التكديري أو الغرامة من ريال إلى خمسة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أقدم على: ١ مخالفة الأنظمة الإدارية أو البلدية الصادرة وفق ً ا للقانون. ٢ رفض قبول العملة المتداولة قانون ً ا بقيمتها. ٣ استخراج العشب أو التراب أو الحجارة أو أي شيء آخر من ملك الدولة بدون إذن. ٤ إقلاق الراحة العامة أو الطمأنينة بالصياح والضوضاء بدون داع أو باستعمال آلة يمكن أن تزعج الغير أو تحدث التشويش في راحة الأهلين في الأمكنه العامة أو ا لخاصة. ٥ رفض تقدم ما يطلبه الموظفون العاملون من المساعدات للأهلين عند حدوث اضطرابات أو أي كارثة طبيعية أو غير طبيعية. ٦ التسول في محل عام أو محل عام أو مباح للجمهور سواء بالتظاهر بالمرض أو بالظهور بصورة مزرية أو باستعمال ا لشعوذة. ٧ التقصير في حراسة الحيوانات بصورة تجعلها خطرا على السلامة ا لعامة. ً ٨ طرح الأقذار بين المساكن أو في الممرات ا لعامة. .(٧٩/ ٩ تم إلغاء هذا البند بموجب المرسوم السلطاني رقم ( ٢١ ١٠ نقض الصيام علن ً ا في شهر رمضان من قبل المسلمين بدون عذر شرعي. ١١ سد الطرق العامة بما يؤدي إلى منع عبورها أو عدم سهولة السير عليها. ١٢ الظهور في أمكنة عامة بصورة مخالفة للحشمة. = ١ عقوبات ا لحدود:  عقوبات الحدود ورد النص عليها في الإسلام في القرآن والس 10/.  نة النبوية المشرفة، كما يلي: سند حد الزنا هو قول الله تعالى: ﴿ ,+ B A@ ? > = < ; : 9 8 7 6 5 4 32 FEDC﴾ [ [النور: ٢ وجاء في شأن حد الزنى من المحصن قول الرسول لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: زنا بعد إحصان، » : ژ « وكفر بعد إيمان، وقتل نفس بغير نفس . وحد السرقة أساسه قول الله تعالى: ﴿ 10/ 8765432﴾ [ [المائدة: ٣٨ . وحد القذف ورد في قول الله تعالى: ﴿ ]\ a`_^ nmlkjihgfedcb o ﴾ [ [النور: ٤ . وحد البغي سنده قول الله تعالى: ﴿ lkji m ~}|{zyxwvutsrqpon ے £¢¡ ©¨§¦¥¤ ª﴾ [ [الحجرات: ٩ . وحد الحرابة سنده قول الله تعالى: ﴿ ONMLK [ZYXWVUTSRQP = ١٣ إهمال تدوين هويات النزلاء في دفاتر خاصة من قبل أصحاب المساكن أو الفنادق المعدة لمنامة ا لعموم. ١٤ قبول دخول الأشخاص الذين هم دون الثامنة عشر من أعمارهم إلى المسارح أو دور السينما في تمثيليات أو أفلام محظور حضورها على غير ا لبالغين. ihgfedcba`_^ ]\ xwvutsrqp❁ nm lkj zy }|{ ﴾ [ [المائدة: ٣٣ ٣٤ . وحد الردة سنده قول ا لرسول ژ : « من بدل دينه فاقتلوه » ، وقوله: لا » يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، « والتارك للجماعة . وحد الشرب سنده قول الرسول ژ في شارب أتى به: « اضربوه » ، وقوله: من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب » « فاجلدوه، ثم إن شرب الرابعة فاقتلوه(١) . ٢ الدية والأرش والعق ْ ر: ُ المال الذي قدره الشارع عن جناية في نفس أو ما دونها » : والدية هي كجرح أو كسر في جارحة أو فوت نفع منها كعور في عين أو صمم في أذن « أو شلل في يد ونحو ذلك تقديرا معلوما في كل جنس من أجناس ا لأموال(٢) . ًً (١) ويذهب رأي إلى أن جرائم الحدود المتفق عليها هي: السرقة، الحرابة، القذف، الزنا. أما ما لا يعتبر من جرائم الحدود فهي: البغي، شرب الخمر، ا لردة. راجع: د. محمد سليم العوا: في أصول النظام الجنائي الإسلامي، دار المعارف، القاهرة، . ١٩٨٣ ، ص ١٣٠ ٢٣٣ (٢)خلفان بن جميل: جلاء العمى شرح ميمية الدما، معهد القضاء الشرعي والوعظ والإرشاد، مسقط، ١٤١١ ه ١٩٩١ م، ص ٣٠ ، وجاء في معجم مصطلحات ا لإباضية: ّ الدية الكاملة مائة بعير على أهل البعير، ومائتا بقرة على أهل البقر، وألف شاة على أهل »الشاة، وألف دينار على أهل الذهب، واثنا عشر ألف درهم على أهل ا لفضة. للمرأة نصف دية الرجل، وللخنثى نصف دية المرأة ونصف دية الرجل. وكل ما في المرأة من عضو فديته نصف دية ذلك العضو عند الرجل إلا حلمة الثدي فديتها ضعف حلمة ثدي ا لرجل. = كذلك تكون الدية إذا تعذر القصاص، وطلب أولياء الدم أخذ الدية. أما الأرش فهو اسم للمال الواجب في الجناية على ما دون النفس. تجب الأروش في الاعتداء على الغير بدون حق، ولا تجب في تطبيق الحدود « والتعازير(١) . أما ا لعق ْ « ما يعطى على اغتصاب أو وطء شبهة » ر فهو(٢) . ُ = كل ما في الإنسان واحد ليس له ثان ففيه دية كاملة، وما كان فيه اثنان كالعينين واليدين، ففي أحدهما نصف الدية وفي كليهما دية كاملة. وفي كل أصبع من أصابع اليدين أو الرجلين عشر الدية. وفي كل سن خمس من الإبل، وفي جميعها دية كاملة. ُ وتكون الدية مخففة ومغلظة، فالمخففة في قتل الخطأ، والمغلطة في قتل العمد وشبه العمد. والدية المخففة مخمسة، أو على التخميس، والمغلظة على التربيع؛ ومعنى تخميس الدية. أن يعطى عشرين مخاض، وعشرين بنت لبون، وعشرين ابن لبون، وعشرين حقة، وعشرين جذعة. ومعنى تربيعها: أن يعطى خمسة وعشرين بنت مخاض، وخمسة وعشرين معجم مصطلحات الإباضية، « بنت لبون، وخمسة وعشرين حقة، وخمسة وعشرين جذعة ّ . ج ٢، ص ١٠٥٨ وانظر مقدار ديات أعضاء جسم الإنسان (الأنف، الفم، الضروس، الظهر، الضلوع،... إلخ) في: الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، المجلد السابع، الطبعة الأولى، ؛ ١٤٢١ ه ٢٠٠٠ م، ص ١٨٢ ٢١٣ ؛ جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤٨٩ ٥٠٣ عامر بن خميس: غاية المطلوب في الأثر المنسوب، ص ٩٠٠ ٩١٣ ؛ إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٣٣٩ ٣٤٦ ؛ العوتبي: الضياء، ج ١٥ ، ص ٧ ٧٩ ؛ البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٣٥ ١٧٤ ، جامع أبي الحسن البسوي، ج ٢، ص ٧١٠ ٧١٦ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ١٨ ٩٩ ؛ ابن رزيق: حل المشكلات، ص ٣٢٣ ٣٣١ ؛ الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٤٦٨ ٤٨١ ؛ أطفيش: ؛ شرح النيل، ج ١٥ ، ص ٨ ١١٤ ؛ النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٢٦ ١٥٩ . ص ٢١٠ ٢٣٤ ؛ خلفان بن جميل: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٥٠ ١٦٣(١) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٢٦ ّ (٢) بالزنا بصبية أو مجنونة أو أمة أو بالغة مكرهة. » ويثبت العقر وهو: نصف عشر الدية إن كانت ثيبا، وعشر الدية إن كانت بكرا، ونصف عشر القيمة ًً للأمة الثيب وعشر القيمة للأمة البكر. ونصف عشر الدية لمن وطئ في الدبر طفلا ً كان أو بالغ ً . معجم مصطلحات ا لإباضية ذات المرجع، ج ٢، ص ٧٢٠ ٧٢١ .« ا مقهورا ًّ وهكذا فالمظاهر المالية للاعتداءات الجنائية قد تكون الدية، أو الأرش(١) ، أو ا لعقر. (١) الجراح التي تستوجب الدية أو الأرش خمسة عشر: ثلاثة فوق الجلد: صفراء فحمراء فسوداء، وثلاثة في الجلد: خدش فدامية صغرى فدامية كبرى، وثلاثة في اللحم: باضعة فمتلاحمة فسمحاق، وثلاثة في العظم: موضحة فهاشمة فمنقلة، وثلاثة أخرى: جائفة ونافذة ومأمومة. وتسمية الثلاثة التي فوق الجلد جرحا مجاز أو باعتبار جرح باطنهن ً حتى ظهرت الصفرة أو الحمرة أو السواد ففي الصفراء نصف ثمن بعير والبعير ثمانية وأربعون درهما أو أربعة دنانير، وفي الحمراء ثمن بعير، وفي السوداء ربع بعير. ً والثلاثة التي في الجلد أولها: الخدش وتسمى الدامعة وهي التي يظهر منها الدم ولا يسيل كالدمع في العين، وتسمى أيض ً ا الحارصة وهي التي تكشط الجلد ولها نصف بعير، ثم الدامية الصغرى وهي الضربة التي تقطع الجلد ويفيض منه دم ولها بعير، ثم الدامية الكبرى وهي التي تقطع الجلد ولا تصل للحم وفيها بعيران وقيل: إن الدامية واحدة وحكمها واحد فإن كانت في الوجه ضوعفت على دامية مقدم الرأس ولها بعيران. والثلاثة التي في اللحم أولها: الباضعة اشتقاق ً ا من البضع وهو الشق وهي التي تقطع اللحم وتشقه ولها أربعة أبعرة، ثم المتلاحمة وهي التي تذهب في اللحم أكثر مما تذهب الباضعة ولم تقرب للعظم ولها ستة أبعرة، ثم السمحاق وهي التي تقطع اللحم وتظهر الجلدة الرقيقة التي بين اللحم والعظم وهذه الجلدة هي السمحاق والبعض يسميها الملطاط ولها ثمانية أبعرة. والثلاثة التي في العظم أولها: الموضحة وهي التي تخترق السمحاق وتوضح العظم، أي: تظهره وتكشفه ولو قدر مغرز إبرة ولها عشرة أبعرة، ثم الهاشمة وهي التي تهشم العظم، أي: تكسره ولها اثنا عشر بعيرا، ً وقيل: أكثر من ذلك على تفصيل إذا كانت في الرأس أو الوجه أو باقي الجسد، ثم المنقلة وهي التي تنقل العظم بعد كسره، أي: تحوله عن مكانه ولها اثنا عشر بعيرا ً وقيل: أكثر من ذلك إلى ثلاثين بعيرا على حسب موقعها من الجسد. والثلاثة الجروح ً المتبقية هي: الجائفة سميت كذلك لوصولها الجوف وهو البطن ولها ثلث الدية، ثم النافذة وهي التي تنفذ إلى الدبر أو الذكر أو الحلق أو الحلقوم أو الصدر ولها ثلث الدية، والدية التامة مائة بعير، ثم المأمومة وهي الجرح الموصل إلى أم الرأس وهي الجلدة التي تجمع الدماغ وتسمى الناقبة واللامة أيض ً ا وتختص بالرأس والوجه ولها ثلث ا لدية. . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ١٦٩ ٣ التعزير: قلنا سلفا: إن العقوبات في الفقه الإسلامي تنقسم إلى طائفتين  أساسيتين: عقوبات مقدرة ومحددة (وهي: الحدود والقصاص والكفارة)، وعقوبات غير مقدرة أو غير محددة تركها الشارع الإسلامي لولي الأمر ليبينها، وهذا عن طريق نظام ا لتعازير. فالتعزير إذن هو عقوبة على جريمة لم يشرع فيها الحدود أو ا لكفارة(١) . معنى ذلك: أن العقوبات التي قدرتها الشريعة الإسلامية هي خاصة بجرائم الحدود والقصاص والديات. وبالتالي، فإن غيرها من الجرائم تخضع لنظام التعزير ولا شك أن لذلك أهمية كبيرة: فهي تعطي للمقنن الإسلامي إمكانية مواجهة أية جريمة جديدة تنشأ. وهي تعطي للتشريع العقابي الإسلامي مرونة لا تخفى على أحد، وتحرره بالتالي من ا لجمود.  وهي تمكن الدولة الإسلامية، من مواجهة الجرائم أي ا كانت طبيعتها، أو نتيجتها، أو آثارها، أو مكان ارتكابها، أو من ارتكبها، أو ارتكبت ضد من. والتعزير يدخل في باب الزواجر في الفقه الإسلامي. يقول ابن عبد السلام: (١) الماوردي: الأحكام « تأديب على ذنوب لم تشرع فيها الحدود » يقول الماوردي: إن التعزير هو « مشروع لكل معصية لا حد فيها ولا كفارة » السلطانية، ص ٣٨٦ . ويقول آخرون: إن التعزير . أبو عبد الله الدمشقي العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ٢٨٨ راجع أيض ً ا: د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقة الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ١٠ ، د. عبد العزيز عامر: التعزير في الشريعة الإسلامية، ص ٥٢ ؛ د. محمود . نجيب حسني: الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٤٧ ٥٧ وأما التعزيرات فزواجر عن ذنوب لم تشرع فيها حدود ولا كفارات، » « وهي متفاوتة بتفاوت الذنوب في القبح والإيذاء(١) . وصور التعزير كثيرة لا يمكن حصرها، فالتعزير: « لا يختص بفعل معين ولا قول معين »(٢) . وفي الفقه الإباضي، أحكام التعزير تتمثل في ا لآتي: أولا ً : ماهية التعزير: التعزير هو: عقوبة على ذنب، غير مقدرة شرع » ً « ا وليس فيها حد(٣) . (١) . ابن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، ج ١، ص ١٩٤ (٢) . الإمام الطرابلسي الحنفي: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام، ص ١٩٥ ومن صور التعزير: هجر الشخص، أو نفيه، أو مصادرة المال محل الجريمة، أو حبس الجاني، أو ضربه، أو بالتوبيخ وبالزجر وبالكلام، وبالتهديد، والتشهير، والجلد. انظر: ذات المرجع السابق د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٤٩٨ ٥١٨ ، ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، ج ٢، ص ٦٦٥ ، ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، السيوطي: الأشباه والنظائر، ص ٤٩٠ ٤٩١ ، وانظر: التعزير في الاعتداء الذي لا يخلق أثرا، والقتل تعزيرا، والتعزير لمخالفة المبادئ العامة الثابتة للشريعة، والمصادرة والعزل ًً ، ٢٧٩ ٢٨١ ، (د. عبد العزيز عامر: التعزير في الشريعة الإسلامية، ص ١٧٤ ١٧٥ .( ٤٤٨ ٤٥٨ ، ٤٣٠ ٤٣٥ ، ٣٢٢ ٣٢٣ راجع أيض ً ، ا: التعزير للمصلحة العامة، عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١ ص ١٥٠ ١٥١ . وانظر: التعزير بالعقوبات المالية وأمثلة كثيرة عليه، ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ص ٢٦٦ ٢٦٧ ؛ وانظر التعزير عن القتل العمد الذي لا قصاص فيه (إذا عفي عن القاتل مثلا ً ، أو قتل الأب لابنه)، في: د. عبد العزيز . عامر: التعزيز في الشريعة الإسلامية ص ١٦٢ ١٦٥(٣) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٧٠٤ ّ ولا يقام التعزير في المساجد مراعاة لحرمتها(١) . ثانيا: موجبات التعزير(٢) صورها كثيرة، ولا تقع تحت حصر، ومنها: أن ً يدخل الشخص بيت ً ا بغير إذن، أو من يقول لأخيه: لست بأخي، أو من يقول لآخر: يا حمار أو يا جني... إلخ (٣) . (١) . ذات المرجع، ص ٧٠٥ (٢) يتحدث الفقه الإباضي أيض ً ومن اقتتل إلى غيره » : يقول الثميني .« موجب النكال » ا عن وفي يده ما يضربه به، كعصى، أو حجر، أو حديد، فإنه يعزر، وإن رماه به، ولم يبلغه، ولا حد له، ولكنه على قدر النظر في » : ويضيف الثميني .« فإنه ينكل وقيل: يعزر الفاعل. فلهم أن يغلظوا عليه بالكلام، في مجمع، أو يربطوا له الأزار، أو يحبسوه، أو يضربوه، أو نحو ذلك. وقيل: النكال: ما دون خمسين جلدة. وموجبه: كالتعزير ا لكبيرة. فمن جعل يده في غيره، بتعدية، أو ضربه بها، أو غصب ماله، أو سرقه، أو زنا، أو شرب خمرا في الكتمان، أو أكل دما، أو ميته، أو لحم خنزير، أو آدمي، أو بوله، أو عذرته، فإنه ًً ينكل. « وأهل الفتنة ينكلون، أن أخذ بعضهم السلاح إلى بعض، وأن لم يتلاقوا، أو لم يتراءوا ويضيف أيض ً ا: ومن وجب عليه أدب، أو تعزير، أو حد، أقيم عليه ذلك. »وإن وجب عليه نكال، اجتهد الصلحاء فيه بنظرهم، واختاروا منهم ثلاثة، او ما رأوه به علماء، فينظرون في الفاعل، وما يتحمله جسده من الضرب، وفي جرمه، وما عليه فيه، ويخبرهم، كل بما رأى. فإن اتفقوا فحسن. وإلا ارتفع النازل. ونزل المرتفع إلى ا لأوسط. فيجتمعون على رأيه. ثم يأمرون من يضربه، فيمسكون له العدد، حتى يتم ما اجتمعوا ، الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، ص ٢٠٧ ٢٠٨ « عليه. فيأمرونه برفع يده . ٢١٢ . وانظر: أمثلة أخرى كثيرة، ص ٢٠٨ ٢١٠(٣) انظر: أمثلة للأفعال الموجبة للتعزير، في: الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ١٩٣ ، وما بعدها. وانظر: أمثلة عند ابن تيمية، مثل: السرقة من غير حرز، وغش الأطعمة والثياب، . وتطفيف الكيل والميزان... إلخ (ابن تيمية: السياسة الشرعية، ص ٨٠ ٨٣ ثالث ً ا: صفة التعزير: أنه يكون بما يراه الإمام مثل الضرب، أو الحبس، أو الجلد... إلخ(١) . رابعا: التعزير للتعريض: ً يعرف الإباضية موجبا للتعزير ومن المعلوم .« التعزير للتعريض » نسميه ًّ أن استخدام معاريض الكلام أمر مطلوب في بعض الحالات، فقد قال تعالى: ﴿ =>?@ EDCBA ﴾ [ [البقرة: ٢٣٥ ، ويقول المحقق .« إن في التعريض لمندوحة عن الكذب » : كذلك تقرر القاعدة الخليلي بخصوص ما يجوز لمن وجد رجلا ً يزني بامرأة إن ذلك يكون « بالتلويح لا بالتصريح؛ لأن التصريح به قذف وهو حرام »(٢) . وقد اختلفت المذاهب الإسلامية بخصوص توقيع الحد على من يقوم بالتعريض(٣) . وفي المذهب الإباضي يقول ا لرستاقي: وقد اتفق المسلمون: على أن القاذف إذا صرح بالقذف، وجب عليه » الحد. (١) . في الإمام النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٨١ ٨٦ ،« باب التعزير لأهل المنكر » : راجع ، وانظر: التعزير بالضرب على الرجلين، في المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦ . ص ٥٩ ٦٠ (٢) . أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ٥٠٥ (٣) والتعريض لا يوجب الحد عند أبي حنيفة وإن نوى به القذف، قال مالك: » : وهكذا قيل يوجب الحد على الإطلاق، وقال الشافعي: إن نوى به القذف وفسره به وجب به الحد: وعن أحمد روايتان: أظهرهما وجوب الحد على الإطلاق والأخرى كمذهب الشافعي ولو قال لعربي: يا نبطي أو يا رومي أو يا بربري أو لفارسي يا رومي أو لرومي يا فارسي ولم يكن في آبائه من هذه صفته فعليه الحد عند مالك، وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: لا .« حد عليه . أبو عبد الله الدمشقي العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ٢٧٧ ٢٧٨ واختلفوا في التعريض فأوجب فريق منهم الحد، وأبى ذلك آخرون. والتعريض إيهام كلام، يستدل به على الشتم أو القذف. وذلك مثل أن يقول رجل لرجل: يا لوطي، أو يا خائن، أو يا آكل الربا أو الحرام أو الخمر والخنزير، أو يا سكران أو يا نغل، أو يا مخنث، أو يا فاسق الفرج، أو يا فاجر. أو يقول لامرأة: يا قحبة، أو أنه يفعل بها الشيطان، أو الشياطين أو الكبش، أو الضبع، أو التيس، أو إبليس، أو الكلب. ففي كل هذا لا حد فيه. « وفيه اختلاف. وأكثر القول: لا حد فيه(١) . « لا حد في التعريض بالقذف » وفي الفقه الإباضي المعتمد أنه(٢) . فالقاعدة عند ا لإباضي ّ القذف لا يكون إلا صريح » ة أن ً « ا(٣) . وهو ما أكده النزوي، بقوله: وكل لفظ يحتمل معنيين وأمكن أن يكون قذف » ً ا وأن يكون غير قذف لم يحكم فيه بحكم القذف لأن ظهر المؤمن حرام، كذا في الرواية عن النبي ژ ولا يجوز جلده إلا بدليل، ومعنى ذلك أنه لا يجوز ولا يسفك « دمه إلا بشيء واضح يجب به ا لحكم(٤) . (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٧٣(٢) .( أطفيش تيسير التفسير، ج ١٠ ، ص ٧١ (النور: ٤ ٥(٣) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٨٢٣ ٨٢٤ ّ (٤) النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ٨٦ ؛ البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، . ج ٩، ص ٢٢٦ وبخصوص الخلاف في الحد بالتعريض بالقذف قيل: يوجبه وقيل: لا، ما وجهه؟ يقول ا لسالمي: أما القائل بأنه يوجبه وهو مالك بن أنس فكأنه جعل المقصود من ذلك فهم المعنى »والعرب تفهم المعنى من التعريض كما تفهمه من التصريح، فقول القائل: ما أنا بزان في مقام المخاصمة بينه وبين آخر يفيد قذف صاحبه عند مالك، لأنه في منزلة قوله: بل أنت زان. وقال أحمد: يجب الحد إن قال ذلك في حال الغضب، أي لأن قرينة الحال تساعد اللفظ في الدلالة على المعنى. وأما القول بأنه لا يوجب الحد وهو قولنا وقول أبي حنيفة = إلا أن التعريض إذا كان ينطوي على سوء نية صاحبه، فإن يدخل في باب غير المشروع، بما يوجب معاقبته تعزيرا. ً يدل على ذلك، ما جاء في بيان ا لشرع:  مسألة: ومن جامع أبي محمد، والتعريض والشتم بالخيانة وأكل الربا وأكل الحرام والخمر والخنزير ويا سكران، فليس على قائله حد بإجماع الناس ولكن يؤدب حتى يرتدع عن أذى ا لمسلمين(١) . التعزير؟ « كم » : خامسا ً بخصوص ذلك فالأمر موكول إلى الإمام؛ لذلك حينما سئل أبو سعيد عن مسألة الرجل الذي رأى زوجته وامرأة أخرى تماسا بفرجيهما، كم يكون التعزير؟ = والشافعي فلأن الحدود تدرأ بالشبهات ومن المعلوم أن دلالة التعريض ليست كالتصريح فإن فهم القذف من التعريض إنما أخذ من القرائن، وهي أمور ظنية بخلاف التصريح فإنه يفيد القطع بمدلوله من حيث نفس الدلالة لا لعارض، ولذا نزل أصحابنا إلى تعزير المعرض دون حده، وفي الأثر من جواب أبي شعيب عرضه على موسى بن علي. روى لنا ا لأزهر بن علي أن قوما من المسلمين كانوا يختلفون إلى قاضي مكة وقال أشبه إلا ً وقضى يومئذ وكان يختصم إليه رجلان فقال أحدهما للآخر: والله ما أنا بزان ولا شارب خمر، فأمر به القاضي فجلد أربعين سوط ً ا فجاء القوم إلى أبي عبيدة يطلبون القاضي فسألهم أبو عبيدة فأخبروه فقال أبو عبيدة وفق القاضي وقال أبو عبيدة عرض فعرض له ولو صرح لصرح له، وروى أن فهم بن عنيسة مر بوالده فقال له إن رجلا ً قال لآخر: أخزى الله والدي أدرك على الزنجية أو الأمة بصحار فأمر به فجلد ثمانين سوط ً ا، فقال له .« علي بن عزرة: وفقت. وروي أن عمر بن الخطاب فعل مثل ذلك، انتهى. والله أعلم . جوابات الإمام السالمي، ج ٣، ص ١٣٤ ١٣٥ ؛ ابن رزيق: حل المشكلات، ص ٣١٩ ٣٢٠ الشيخ أبو زكريا: كتاب الإيضاح في الأحكام، ج ٣، ص ١٧٥ ، وانظر أيض ً ا: ما قلناه عن أثر الشبهة على العقاب، وأنه إذا وجدت شبهة لا يطبق الحد، وإنما تطبق عقوبة تعزيرية. (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ١٩٥ « ذلك إلى ما يرى ا لإمام » : قال(١) . لكن فقهاء ا لإباضية أشاروا إلى أعداد للتعزير في كتاباتهم، فقد جاء في ّ المصنف: وسئل بعض العلماء عن الإمام إذا ضرب الواحد من الرعية، أكثر من » عشرة، وخمسة عشر سوط ً ا، أيكون عليه ضمان؟ وفي أدبه لهم، حد محدود؟ أم على قدر ما شاءه الإمام من ذلك؟ « قال: الذي عرفت أن ذلك جائز ولا ضمان عليه فيه(٢) . كذلك جاء في ا لمصنف: أكثر التعزير من أقل الحدود وأقل الحدود: أربعون سوط » ً ا. حد العبد في الخمر إلى الخمسة والثلاثة، أقله مثل من يجهل على الناس بلسانه. مثل قوله لرجل: الخائن والكلب والثور والمولى. وإن قال ذلك لمسلم، كان أشد وأكثر. قال أبو المؤثر: وذكر لي: أن الإمام الصلت بن مالك، ضرب عبد الله بن نصر خمسين سوط ً ا. ولم نعلم أن أحد ً « ا من المسلمين عاب عليه(٣) . وعند ا لإباضية: ّ الأصل في التعزير ألا يبلغ الحد، واشترط بعضهم أن لا يزيد عن » « ا(٤) أربعين سوط ً . (١) والتعزير » : الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٤، ص ٣٨ . وفي ذات المعنى قيل موكول إلى الحاكم أو القاضي حسب ما يراه مصلحة لمنع الجريمة وردع الجناة وتأمين . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٧٠٥ ،« الناس ّ (٢) .٨٤ ، النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٨٢(٣) . ذات المرجع، ص ٨٣(٤) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٧٠٥ ّ عدم مجاوزة التعزير » لكن هذا أصل ليس مجمعا عليه. لذلك بخصوص ً وما قام به الإمام المهنا من جلد رجل تسعين سوط ،« الحد ً ا، يقول ا لسالمي:  قولهم: لا يجاوز التعزير الحد ليس بمجمع عليه بل هو قول بعضهم » أو أكثرهم، وقيل: يجوز ذلك وهو نظر الإمام المهنا ولله د َره وفي شدته وتصلبه بقول وجب على الرعية الانقياد له لوجوب طاعته، وصار القول الذي أخذ به الإمام في منزلة المجمع عليه، وذلك لإجماعهم على وجوب طاعته، ولولا ذلك لقامت عليه الخصوم من كل جانب فيقول هذا لأي شيء قطعت يدي؟ ويقول هذا لأي شيء ضربتني؟ وهلم جرا وفي ذلك فساد « العالم(١) .  وهكذا في الفقه الإباضي الإمام (أو من ينيبه) هو الذي يحدد: الأفعال التي تستوجب ا لتعزير. صفة التعزير وكميته. لا جريمة ولا عقوبة إلا » ولا شك أن هذين الأمرين يدلان على أن مبدأ موجود بخصوص التعزير عند ا لإباضية. « بنص ّ وإذا كان التعزير كما سبق القول تركه الشارع الإسلامي لولي الأمر (أو من ينيبه)، فليس معنى ذلك أنه مطلق من كل قيد، أو أن سلطة الحاكم في هذا المجال مطلقة. فالتعزير ضابطه الأساسي تحقيق الصالح العام الإسلامي(٢) . وبخصوص مقدار التعزير، فقد اختلف الفقهاء على أقوال: (١) . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤٤٣ ٤٤٤ (٢) لا بد أن يكون ما يسنه ولي الأمر من عقوبات في التعزيز مقيد » : يقول الشيخ أبو زهرة ً ا بثلاثة أمور: أولها: أن يكون الباعث حماية المصالح الإسلامية المقررة الثابتة، لا حماية الأهواء والشهوات، باسم حماية ا لمصالح. = »أحدها: أنه بحسب المصلحة، وعلى قدر الجريمة. فيجتهد فيه ولي ا لأمر. الثاني وهو أحسنها أنه لا يبلغ بالتعزير في معصية قدر الحد فيها. فلا يبلغ بالتعزير على النظر والمباشرة حد الزنا، ولا على السرقة من غير حرز حد القطع، ولا على الشتم بدون القذف حد القذف. وهذا قول طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد. والقول الثالث: أنه لا يبلغ بالتعزير أدنى الحدود: إما أربعين، وإما ثمانين. وهذا قول كثير من أصحاب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة. والقول الرابع: أنه لا يزاد في التعزير على عشرة أسواط. وهو أحد الأقوال من مذهب أحمد وغيره. وعلى القول الأول: هل يجوز أن يبلغ بالتعزير القتل؟ فيه قولان. أحدهما: « يجوز، كقتل الجاسوس المسلم، إذا اقتضت المصلحة قتله(١) . = ثانيها: أن تكون ناجعة في القضاء على الفساد، وألا يترتب على العقوبة فساد أشد وأفتك، وأضيع لمعنى الآدمية، والكرامة ا لإنسانية. ثالثها: أن تكون ثمة مناسبة بين الجريمة والعقاب، وألا يكون ثمة إسراف في العقاب ولا إهمال واستهانة. ويصح أن نضيف أمرا رابع ً ا: وهو المساواة العادلة، وإن كانت مفروضة بطبيعتها في كل قانون، ولذا لم نذكرها، ولكن احتمال الشر ووقوعه باسم التعزير في العصور الإسلامية الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ص ٦٣ ؛ راجع أيض « المختلفة أوجب علينا أن نذكره ً ا: د. محمد سليم العوا: في أصول النظام الجنائي الإسلامي، ص ٢٩١ ٢٩٥ ، د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ١١٢ ١١٣ ؛ د. محمد سلام مدكور: المدخل للفقه الإسلامي، ص ٧٤٠ ، والقاعدة عبد القادر عودة: التشريع الجنائي « لا جريمة ولا عقوبة بلا نص في جرائم التعازير » هي . الإسلامي، ج ١، ص ١٢٦ ١٢٨ (١) ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ص ١٠٧ . راجع أيض ً ا أبو عبد الله ؛ الدمشقي العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ٢٨٨ ٢٨٩ = ويقول ا لماوردي: إن تأديب ذي الهيبة من أهل الصيانة أخف من تأديب » أهل البذاء والسفاهة، لقول ا لنبي ژ : « أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم » . فتدرج في الناس على منازلهم: فإن تساووا في الحدود المقدرة فيكون تعزير من جل قدره بالإعراض عنه، وتعزير من دونه بالتعنيف له، وتعزير من دونه بزواجر الكلام وغاية الاستخفاف الذي لا قذف فيه ولا سب، ثم يعدل بمن دون ذلك إلى الحبس الذي يحبسون فيه، على حسب ذنبهم، وبحسب هفواتهم، فمنهم من يحبس يوما، ومنهم من يحبس أكثر منه إلى غاية مقدرة. ً وقال أبو عبد الله الزبيري من أصحاب الشافعي : نقدر غايته بشهر للاستبراء والكشف، وبستة أشهر للتأديب والتقويم، ثم يعدل بمن دون ذلك إلى النفي والإبعاد إذا تعدت ذنوبه إلى اجتذاب غيره إليها واستضراره بها. واختلف في غاية نفيه وإبعاده فالظاهر من مذهب الشافعي، تقدر بما  دون الحول ولو بيوم واحد لئلا يصير مساويا لتعزير الحول في الزنا، وظاهر ً مذهب مالك: أنه يجوز أن يزاد فيه على الحول بما يرى من أسباب ا لزواجر. ثم يعدل بمن دون ذلك إلى الضرب، ينزلون فيه على حسب الهفوة في « مقدار الضرب، وبحسب الرتبة في الامتهان والصيانة(١) . = ابن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، ج ١، ص ١٩٤ ١٩٥ ؛ الماوردي: . الأحكام السلطانية، ص ٣٨٦ ٣٨٨ اتفقوا على عدم تحديد أقله، » : وقد لخص القرافي موقف الفقهاء من مقدار التعزير، فقال . ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، ج ٢، ص ٦٦٢ « واختلفوا في أكثره (١) الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ٣٨٦ ، ويقول ا لسيوطي: وحكي الماوردي في ذوي الهيئات وجهين. »أحدهما: أنهم أصحاب الصغائر، دون ا لكبائر. والثاني: أنهم الذين إذا أتوا الذنب ندموا عليه، وتابوا منه. . السيوطي: الأشباه والنظائر، ص ٤٨٩ « ونص الشافعي على أنهم لا يعرفون بالشر سادسا: المبادئ الحاكمة للتعزير: ً يحكم التعزير عند ا لإباضية مبدآن، هما: ّ :« لا تعزير بالتهمة » ١ وهكذا جاء في بيان ا لشرع: »مسألة: وعن الجلد، جلد التعزير هل يجلد بتهمة؟ فليس الجلد عندنا بالتهمة، ولا عرفنا عمن مضى من قبلنا من المسلمين ولا من أدركنا منهم إلا بإقرار من المتهم بما يستحق التعزير، أو شاهدي عدل يشهدان عليه بما « يستحق به ا لتعزير(١) . كذلك بخصوص مسألة: في المتهمين والمتهمات بالفاحشة الذين لا بيوت ولا أموال لهم بالبلد إذا نفيناهم من البلد وعادوا مرة بعد أخرى هل يجوز تعزيرهم لمخالفتهم إذا رجونا بذلك لا يعودون إلى البلد أم لا يجوز إلا قيدهم أو حبسهم؟ يقول المحقق ا لخليلي: « لا تعزير على متهم ويشد عليهم في العقوبة بما دون ذلك »(٢) . والتعزير بالضرب لأهل التهم في شيء لم يبن عليهم لا » : كذلك قيل أحبه. وقد روي إجازة ذلك عن الشيخ أبي حاتم ولا نخطئ من فعله فيه « برأي إن أبصر عدله(٣) . (١) الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ٢٠٠ . ويضيف ا لكندي: يرفع إلى أحمد بن محمد بن صالح، أن العقوبة بالقيد والحبس جائزة بالتهمة ولا تجوز »إقامة الحد إلا بتهمة بلا خلاف، ولا يجوز التعزير بالتهمة بلا خلاف نعلمه، ولا تجوز الغرامة بالشهرة ولا بالتهمة بلا خلاف، ولا يجوز إقرار المقر في الحبس بذلك الحق الذي حبس عليه ولا نعلم في ذلك ا ختلاف ً ذات المرجع، ص ٢٠٠ ٢٠١ . انظر أيض .« ا ً ا: . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٨٥ (٢) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ٥٨(٣) . أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، ص ٢٥٧ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٢٨٦ :« لا تفاضل بين الناس في التعزير » ٢ التعزير بين ذوي الهيئات « تغاير » يذهب اتجاه في الفقه الإسلامي إلى وذوي السفالات. يقول ابن ا لأزرق: إذا كان التعزير مصروف » ً ا إلى اجتهاد الحاكم بقدر القائل مثلا ً والمقول له والقول. قال ابن الحاجب: فيخفف أو يتجافى عن الرفيع أو ذي الفلتة، ويثقل على ذي ا لشر. فائدة في تنبيه: من كان من أهل « الرفيع » قال ابن فرحون: المراد ب ٍ القرآن، والعلم، والآداب الإسلامية، لا المال والجاه. والمعتبر في الدني الجهل، والجفاء، والحماقة. فمن كان من أهل الشر ثقل عليه بالأدب، « لينزجر، وينزجر به غيره(١) . ويبدو أن الفقه الإباضي يضع بعض المعايير الموضوعية لحل المسألة. فقد جاء في ا لمصنف: من الضياء: والتعزير على قدر الفاعل، وعلى حسب ما يرى أنه يردعه، » من قول، أو ضرب قليل، أو كثير، على قدر جسمه، وضعفه وقوته، وعلى ما « يراه ا لإمام(٢) . لكن جاء في بيان ا لشرع: وقلت: هل يسعك أن تعفو عن بعض وتقدم عليه ويعزر غيره فنقول: » نعم لك ذلك؛ لأن القائم بالحق ناظر في ذلك، وإنما يلزم القائم بالحق إنفاذ العقوبة على جميع الناس ما كان من الحدود اللازمة للعباد، وذلك أنه (١) . ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، ج ٢، ص ٦٦٥(٢) . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٨٤ إنما يلزم التعزير والحبس على غير الحقوق اللازمة على قدر جعل الفاعل لها والمتهم بها ليس ذلك على الكل وقد يتقدم على الواحد في الشيء ويحبس غيره على فعله.  وكذلك يحبس واحد ويعاقب على الحدث، ويحبس آخر ويطلق بلا عقوبة على من فعل مثل ذلك الحدث، وذلك مثل من لم يعرف بالجهل ولا بالأحداث ثم عني بذلك، وذلك واسع لك العفو عنه والتقدم عليه، وأما من عرف بالجهل ثم أحدث حدث ً ا فليس ينبغي أن يعفى عنه من أجل « قدرته وأمره فافهم المعنى في ذلك(١) . وإذا كان هذا الرأي الإباضي الأخير يفهم منه إمكانية حدوث تفاضل  المعايير » في توقيع عقوبة التعزير، فإنه في رأينا يجب أن يفهم في حدود التي وردت في الضياء. فإذا حتم ذلك كذلك، إذن لا تفاضل « الموضوعية وإنما يكون ذلك إذا حتمته الاعتبارات ،« شخصية » بين الناس لاعتبارات .« الموضوعية » ٤ الكفارة (كفارة القتل): قررت الشريعة الإسلامية إلزام الجاني بتقديم كفارة عن فعل القتل الذي ارتكبه، وإن اختلفت المذاهب الإسلامية بخصوص نطاقه: فهل يقتصر على القتل الخطأ فقط، أم يشمل أيضا القتل العمد؟ وبخصوص موضوعه: عتق ً رقبة أو صيام شهرين، أم يضاف إلى ذلك إمكانية الكفارة بإطعام ستين ا؟(٢) مسكين ً . (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ٢٠١ . انظر: النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٨٦ (٢) اتفق الأئمة على وجوب الكفارة في القتل الخطأ إذا » : وهو خلاف تم تلخيصه، كما يلي لم يكن المقتول، ذميا ولا عبد ً ا. واختلفوا فيما إذا كان ذميا أو عبد ً ا؛ فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: تجب الكفارة في قتل الذمي على الإطلاق، وفي قتل العبد المسلم =   وفي الفقه الإباضي يمكن بيان القواعد التي تحكم ا لكفارة(١) ، فيما يلي: أولا ً : بخصوص ما يوجب الكفارة في القتل ، يقول أبو إسحاق: = على المشهور. وقال مالك: لا تجب كفارة في قتل الذمي، وهل تجب في قتل العبد؟ قال أبو حنيفة ومالك: لا تجب، وقال الشافعي: تجب، وعن أحمد روايتان كالمذهبين، ولو قتل الكافر مسلما خطأ، قال الشافعي وأحمد: تجب عليه الكفارة له؛ وقال أبو حنيفة ً ومالك: لا كفارة عليه، وهل تجب الكفارة على الصبي والمجنون إذا قتلا؟ قال مالك والشافعي وأحمد: تجب؛ وقال أبو حنيفة: لا تجب. (فصل) واتفقوا على أن كفارة الخطأ عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، ثم اختلفوا في الإطعام، فقال أ بو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى روايتيه: لا يجزئ الإطعام في ذلك، والرواية الأخرى عن أحمد: أنه يجزئ، وللشافعي في ذلك قولان أصحهما: أنه . أبو عبد الله الدمشي العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ٢٦٦ « لا إطعام(١) الكفارة لغة هي المبالغة في الستر وإذهاب الإثم. » : من أفضل ما جاء بخصوصها، ما يلي واصطلاحا هي ما يلزم المكلف بسبب ارتكاب عمل أوجب عليه تحرير رقبة، أو صياما، ًً أو تصدق ً ا بجزء من المال، زجرا له وسترا لذنبه. وهي نوعان: مرسلة ومغلظة. ًً  تجب المغلظة في القتل، والظهار، وانتهاك حرمة رمضان بالجماع. أما كفار القتل الخطأ  وكفارة الظهار فقد وردتا في القرآن الكريم، وأما كفارة منتهك رمضان بالوطء فثبتت في السنة بحديث الأعرابي الذي أوقع أهله في نهار رمضان. وقاس ا لإباضية على هذه الصور عدد ً ا من الكبائر، كأكل رمضان عمد ً ا والاستمناء فيه، ّ وترك الصلاة، وارتكاب الفواحش من زنى وشرب خمر... فألزموا التائب منها أن يكفر عن ذلك بكفارة مغلظة. والرقبة أمة أو عبد، بشرط الإيمان، وتجزي الرقبة ولو غير بالغة، فيقوم بما لا بد لها منه حتى تبلغ، وقيل: لا يجزئ عتق الصبي والصبية. فمن لم يجد رقبة مؤمنة بشراء ولا إرث ولا هبة ولا بعوض ما، أو وجدها ولم يجد ما يشتريها به فاضلا ً عن نفقته، ونفقة عياله، وسائر حوائجه الضرورية، من المسكن ونحوه، فصيام شهرين متتابعين. والتتابع في صيام الشهرين واجب، فإن اختل ولو بأمر ضروري كخوف الموت بالجوع، أو بنية صوم آخر استأنف، إلا إن أفطرت بحيض أو نفاس فلا تستأنف. وقيل في كل ما معجم « لا يمكن التحرز عنه كخوف موت بجوع، وقتل جبار ومرض: إنه لا يخل بالتتابع . مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٩١٦ ّ الباب الرابع: الجزاء ا لجنائي في الفقه الإباضي ٢٨٩ ولا تجب الكفارة على القاتل إلا بوجود أربع خصال: أحدها: أن يكون » القاتل بالغ ً ا، عاقلا ً ، الثاني: أن يكون المقتول آدميا، الثالث: أن يكون  المقتول ذميا أو موحد ً « ا، الرابع: أن يكون المقتول محظور ا لقتل(١) .  ثانيا: بخصوص نطاق كفارة القتل، يوجد اتجاهان: ً ا(٢) • الأول: يقول بأنها واجبة على القاتل، سواء كان عامد ً ا أو خاطئ ً . . • الثاني: يقصرها فقط على الخطأ دون ا لعمد (٣) (١). إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٣٣٨(٢) ذات المرجع، ذات ا لموضع. (٣) وعن بعض قومنا أن كفارة القتل تجب في الخطأ دون العمد » : فقد جاء في كتاب الضياء والموجب لها في العمد محتاج إلى دليل، قال أبو محمد: اتفقوا أن كفارة قتل الخطأ لا تكون إلا مؤمنة ولا يجوز عتق اليهودي ولا النصراني عن كفارة القتل لقوله تعالى:  ﴿ CBA ﴾ [ [النساء: ٩٢ ومن أعتق في كفارة القتل صبيا وضمن نفقته فجائز . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ ، ص ١٠٥ « ذلك .« الكفارة عقوبة التعمد والنسيان معفو عنه » ومن القواعد الفقهية عند الإباضية: قاعدة ّ القتل الخطأ فيه الدية، والدية ليست من خطاب التكليف بل هي من » : ومن فروع القاعدة العوض المالي لأنها حق للعبد وهو لا يسقط بالخطأ ولا بالنسيان، والقاعدة تنص على أن الكفارة عقوبة التعمد، والمخطئ ليس متعمد ً القواعد « ا والدية صلة وليست عقوبة . الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ٨٨٤ ٨٨٦ ّ راجع أيض ً . ا: الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ٣٨٥ ويقول ا لنزوي: اختلف أصحابنا في وجوب الكفارة على قاتل العمد فأوجبها بعضهم، ولعل حجتهم أنها »إذا أوجبت في الخطأ ففي العمد أحرى أنه تجب، وبه قال الشافعي واحتج بظاهر الآية: ﴿ QPONMLKJIHGFE R ﴾ [ [النساء: ٩٢ ولم يفرق بين عمد ولا خطأ، وقال بعضهم لا كفارة في ذلك وبه قال . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٤١ « أبو حنيفة كذلك قيل: وقتل العمد لا كفارة فيه إن وقع القصاص، وإن لم يقع لزمته، وفي قتل الخطأ وشبه » = ثالث ً ا: وبخصوص موضوع الكفارة ، يوجد اتجاهان، الأول: يقصرها على  عتق رقبة مؤمنة(١) ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. والثاني: يضيف إلى ذلك إمكانية إطعام ستين مسكين ً ا إن عجز عن ذلك(٢) . رابع ً ا: بخصوص تعدد الكفارة بتعدد الجناة (كما في قتل الجماعة للواحد)، يوجد اتجاهان في الفقه ا لإسلامي(٣) . = ، معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢ .« العمد الكفارة، ولا كفارة على قاتل عبده خطأ ّ . ص ٨٣٠(١) وهذا بخصوص القتل حيث قال تعالى: ﴿ CBA ﴾ [ [النساء: ٩٢ ، أما بخصوص كفارة الإيمان فقد قال تعالى: ﴿ ¾½¼ ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، وكذلك كفارة الظهار: ﴿ YX ﴾ [ [المجادلة: ٣ ، الأمر الذي يعني أنه في الحالتين الأخيرتين لا يقول ا لخليلي: ،« مؤمنة » يشترط أن تكون الرقبة قيل في قوله تعالى: » ﴿ CBA :﴾ أي: مسلمة مقرة بالإسلام لا غير ولا يلزم فيما وراء ذلك من صفات الأولياء، وأما كفارة الظهار فقد قيل: لا يشترط فيها الإيمان لإطلاق الآية الشريفة وقد أجازوا أن يعتق اليهودي والنصراني، وحكي الشيخ ابن النضر رحمة الله عليه أنه لا يجزي عتق المجوسي وما جاز في كفارة الظهار فلا بد أن يجوز في ، المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٥ « اليمين لأنهما سواء في معنى إطلاق الآية . ص ٣٢٣ ٣٢٤(٢) والكفارة عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب المضرة بالعمل، فإن أعوزها » : يقول الماوردي صام شهرين متتابعين، فإن عجز عنه أطعم ستين مسكين ً ا في أحد القولين، ولا شيء عليه . الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ٣٨٥ « في القول الآخر(٣) إذا تعدد الجناة في قتل يوجب الكفارة لزم كل جان » : لخصهما عبد القادر عودة بقوله كفارة مستقلة، وعلى هذا أجمع الأئمة الأربعة، لأن الكفارة عن الفعل فلا يتبعض وتكون كاملة في حق كل واحد من المشتركين في القتل كالقصاص يجب على كل مشترك في القتل. وهناك رواية عن أحمد ورأي في مذهب الشافعي بأن على الجميع كفارة واحدة، وهذا يتفق مع رأي أبي ثور والأوزاعي، وحجة أصحاب هذا الرأي أن النص أوجب في القتل دية واحدة وكفارة واحدة، وإذا كان من المسلم به أن الدية لا تتعدد فكذلك يجب أن . عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ٢، ص ١٧٤ « يكون شأن الكفارة ٥ السوم: يعني السوم عند ا لإباضية الجناية أو الحدث الذي ليس له دية محددة ّ أو مقررة، أي: بعبارة وجيزة هو يتعلق بجناية لا دية لها. ومنها: من يحمل نارا في يده فطارت شرارة فأصابت أذن يتيم، سواء أثرت ً  فيها قليلا ً أو لم تؤثر(١) . له(٢) من يضرب رجلا ً حتى أحدث من دبره أو ق ُ ب . ُ من يضرب رجلا ً فمال أنفه واحولت عينه أو حدث له نحو هذا(٣) . ً لم تيبس وهو يعرج أو يمشي بضعف(٤) . من يضرب رجلا ضربة في الرجل فأصبحت تمشي ضعيفة إلا أنها من أذعر صبيا أو نهره أو هيبه حتى بال أو أحدث في ثيابه(٥) . كل ضربة بعصا أو وجية أثرت في ا لوجه(٦) . من يطرح في بدن رجل عقربا فلدغته، وكذلك لدغ الدواب ً الأخرى (٧) . (١) . المحيلوي: فواكة البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، ج ٣، ص ٣٨٠(٢) الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٧٩ ؛ الثميني: التاج المنظوم عن درر المنهاج . المعلوم، المجلد السابع، ص ٢١٤(٣) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٨٦ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٧٩(٤) . جامع أبي الحواري، ج ٥، ص ١٣٦(٥) .٣٠٢ ، الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٢٩٢(٦) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ ، ص ٨٧(٧) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٨٦ الجروح تسام بعد الصحة ومعرفة ما يتولد من ذلك(١) . ويمكن تلخيص أحكام السوم عند الإباضية، فيما يلي: ّ أولا ً: النظر في الجناية التي ليس فهيا دية معروفة مفروضة. » السوم هو وكذلك ما كان من العوارض، مثل من طرح دابة على أحد فلسعته. والجروح التي تبرأ قبل الرفعان، وما يتولد من الزيادة بعد الحدث، وما لا يتوصل إلى معرفته من جميع الأحداث، ففيه السوم بنظر أهل العدل من « المسلمين(٢) . ثانيا: يوجد بخصوص السوم ثلاثة اتجاهات في الفقه ا لإباضي: ً • اتجاه يحدد السوم بنسبة من دية العضو المصاب (النصف أو الثلث أو الخمس) • اتجاه يستند إلى معيار حسابي (عشرون درهما أو أربعون درهما) ًً • اتجاه يعطي تقدير ذلك إلى نظر ا لعدلين. وتتضح هذه الاتجاهات الثلاثة من أقوال ا لإباضية فقد جاء في ا لضياء: ّ أبو الحسن: كل ضربة بعصا أو وجية أو رمية أو قفدة وأثرت في الوجه » فسوم عدلين، والسوم قد رفع إلى أنه خمس دية العضو وقد قيل: عشرون درهما، ومن جواب الشيخ أحمد مفرج أن السوم عشرون درهما، والسوم ًً أيض ً « ا يوجد أنه خمس دية ذلك ا لعضو(٣) . (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٧٩ ؛ النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٨٦ (٢) الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٢١٨ ، المحيلوي: فواكة البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، ج ٣، ص ٣٨٠ ؛ الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، المجلد . ٧، ص ٢١٥(٣) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ ، ص ٨٧ وجاء في منهج ا لطالبين: ووجدت في أثر: أن السوم قيل: هو نصف دية العضو. وقيل: ثلث » وقيل: عشرون درهما. ويعجبني قول من قال: إنه كل شيء من الأحداث ً والجنايات، مما لا يعرف قدر مبلغ ديته، ولا يتوصل إلى الحكم به، أن يكون بسوم العدول، وتقويمهم باجتهاد نظرهم في ذلك، واتفاقهم على « ذلك(١) . (١) الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٢١٨ ، انظر أيض ً ا: السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار والواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ١٦٤ ؛ النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٨٦ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٧٩ ؛ الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، ج ٧، ص ٢١٤ ؛ الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد،  . ج ٥، ص ٣٠٢ ونذكر هنا رأيا مهما لأبي سعيد بخصوص حل قضايا السوم، حيث جاء في الجامع ً المفيد: وعن رجل طرح في يد رجل عقربا فلدغته ما يلزمه له؟ » ً قال: معي أنه قيل يلزمه سوم عدلين من أهل العدل، يسومانه على قدر ما يتولد من ذلك، ومعي أن السوم يكون من حين ما وقع الحدث إلى أن يبرأ، فكل ما يتولد منه من ضرر فما يوجب من دية معروفة فقد حكم له بها، وما لم يكن إلا ما يوجب السوم يسم وكذلك سائر لدغ ا لدواب. قلت له: فإن طرح عليه حية فلدغته فمات من ذلك، ما يلزمه قود أو دية وكذلك غيرها من الدواب إذا مات من ذلك؟ قال: معي أنه قيل فيه باختلاف: فقال من قال: ما خرج معناه أنه معروف بالقتل فمات في ثلاثة أيام منه ففيه القود، وإن مات في أكثر من ثلاثة أيام ففيه الدية، وأحسب أن بعض ً ا يقول: فيه الدية على حال، وأما ما لم يعرف أن مثله يقتل، فأرجو أن لا قود فيه على حال، وفيه الدية إذا كان مات من حدثه ذلك. وروى لنا أبو سعيد ƒ عن النبي ژ أنه قال: من ظهرت صحته على سقمه فتعالج » « بشيء فمات منه فأنا منه بريء . ؛ الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٢٩٩ . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٢٨٦ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٧٩ تلكم أهم القواعد الحاكمة للسوم عند الإباضية. وفي الفقه الإسلامي ّ أيض ً ا، في رأينا نظام قريب من السوم، هو نظام حكومة العدل أو حكم العدل أو ا لحكومة(١) . ٦ القصاص: والقصاص يكون على القتل العمد، والقتل الخطأ، والقتل شبه العمد، والاعتداء على ما دون النفس عمد ً ا، أو خطأ. ومعنى القصاص: أن يعاقب مرتكب الجريمة بمثل فعله، وهو عقوبة مقدرة تقع على النفس (وبالتالي يعتبر قتلا ً )، أو ما دونها (ومن ثم فهو في هذه الحالة يعد جرحا أو قطعا): وهكذا فإن القصاص يعني: أن الجاني إن ًً قتل يقتل، وإن جرح يجرح كما جرح. (١) بخصوص حكم العدل، قيل: فإذا لم يكن قصاص ولا دية ولا أرش مقدر فإنه يجب أرش غير مقدر حتى لا تبقى »الجريمة دون جابر أو أجر. ويسمى الأرش غير المقدر بالحكومة، أو حكم العدل، وهو ما يحكم به الحاكم في الجنايات التي ليس فيها شيء مقدر من ا لشارع. أما كيف تقدر الحكومة فقد ذكر الطحاوي أن المجني عليه يقوم كما لو كان عبد ً ا ولا جناية به، ويقوم وبه الجناية، ثم ينظر كم بين القيمتين، وهو جزء القيمة الناقص فيقابل جزءا من ً الدية، وهذا هو الحكومة أو حكم العدل. وقال الكرخي. إن الجناية التي فيها الأرش غير المقدر تقرب إلى أقرب الجنايات التي لها أرش مقدر، فينظر ذو عدل من أطباء الجراحات وكثرتها بالحزر والظن، فيأخذ القاضي بقولهما، ويحكم من الأرش بمقداره من أرش . د. عبد العزيز عامر: التعزير في الشريعة الإسلامية، ص ١٣٧ ١٣٩ .« الجراحة المقدرة ويقول ابن ا لمنذر: وأجمع كل من نحفظ قوله أن معنى قولهم حكومة أن يقال: إذا أصيب الإنسان بجرح لا »عقل له معلوم، كم قيمة هذا لو كان عبد ً ا قبل أن يجرح هذا الجرح أو يضرب هذا الضرب؟ فإن قيل: مائة دينار، قيل: كم قيمته وقد أصابه هذا الجرح وانتهى برؤه؟ فإن قيل: خمسة وتسعون دينارا؛ فالذي يجب للمجني عليه على الجرح نصف عشر الدية، وما ً . ابن المنذر: الإجماع، ص ١١٩ « زاد أو نقص فعلى هذا المثال ة، فالله جل شأنه يقول: ومصدر عقوبة القصاص ثابت في القرآن والسن fedcba`_^   ﴿ ]\[ZY u ts r q p o n m l k j i hg ~}|{zy xwv ﮯ ¢¡❁ ¥¤ ª©¨§¦ شأنه: ﴿ ~ ے £¢¡  « ﴾ ،[ [البقرة: ١٧٨ ١٧٩ ويقول جل §¦¥¤ ²±°¯®¬«ª©¨ º¹¸¶μ´³ ÁÀ¿¾½¼»﴾ ة مؤكدة لما جاء به القرآن، فالرسول ژ يقول: من » [ [المائدة: ٤٥ . وجاءت ا لسن  « اعتبط مؤمنا بقتل فهو قود به، إلا أن يرضى ولي ا لمقتول ، ويقول: من قتل » « له قتيل فأهله بين خيرتين، وإن أحبوا فالقود، وإن أحبوا فالعقل أي الدية . وإذا كان القصاص سيؤدي إلى زوال منفعة عضو (كالعمى والصمم) فإنه يتعذر تطبيقه وينتقل الحق حينئذ إلى الدية، كذلك لا يطبق القصاص إذا عفا المجني عليه أو وليه عن تلك العقوبة، ويكون العفو: إما مجان ً ا (أي: بدون أي مقابل). أو بمقابل (عن طريق دفع ا لدية).  ٧ العقوبات التبعية والتكميلية: أولا ً : العقوبات التبعية les peines accessories هي تلك العقوبات التي توقع على مرتكب الجريمة بمجرد الحكم عليه بعقوبة أصلية، ومثالها في الإسلام: الحرمان من الميراث والوصية بالنسبة لمن ارتكب جريمة القتل، والتغريب لمن ارتكب جريمة الزنا، ورد شهادة القاذف(١) . ُ وتتميز هذه العقوبات بأنها تطبق على الجاني بطريقة آلية وأتوماتيكية، أي: دون حاجة إلى النص عليها في الحكم الصادر بالعقوبة ا لأصلية. وقد عرف الفقه الإباضي هذه العقوبات التبعية، ومن أمثلتها: أ حرمان القاتل من الميراث : فقد جاء في منهج ا لطالبين: وجميع أصناف القتل، يوجب حرمان القاتل ميراث المقتول، إلا القتل » بالسبب (مثل: حافر البئر في غير ملكه، وواضع الحجر في الطريق أو في المسجد أو موضع لا يجوز له فيه ذلك الفعل، فيعطب فيه إنسان)، ففيه « اختلاف(٢) . ومن البديهي أن الحرمان من الميراث يلحق فقط بالتطبيق لمبدأ شخصية العقوبة بمن يرتكب جريمة القتل أو يشارك فيه. وهكذا بخصوص سؤال: عن رجل قتل رجلا ً ظلما وعدوان ً ا متعمد ً ا ً ويزعم أنه ساحر والمقتول من قبيلة والقاتل من قبيلة ثانية وأخت القاتل (١) راجع أيض ً ا: د.حسني الجندي: فكرة العقوبات التبعية والتكميلية في الشريعة الإسلامية، ١٣٤ ص؛ عبد القادر عودة: التشريع الجنائي ، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٩٩٣ . الإسلامي، ج ١، ص ١٨٥ ١٨٩ ، ص ٦٣٢ (٢) عن عمر بن الخطاب وابن » : الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٢٢٠ ، ويقول العوتبي عباس وغيرهما من الصحابة أنه لا ميراث للقاتل، وقال أبو عبد الله: لا يرث القاتل عمد ً ا ولا خطأ ممن قتله من البالغين إذا كان من ورثته إلا أن يقتله بحق أو يكون معتوها فإنهما يرثانه، ولا يعقل فإنه يرثه. وإن قتله خطأ فإنه يرثه، وأستحسن أنه لا يرثه لأنه رفع في الحديث عن عمر بن الخطاب 5 قال: الصلاة على من عقل والصيام على من أطاق والحدود على من بلغ، ويوجد في بعض آثار المسلمين: ليس لقاتل عمد ولا خطأ ميراث . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٦ ، ص ٢٦٦ « ولا وصية زوجة المقتول، وألزموا القاتل الدية، والمقتول ترك أبا وأما وبنت ً ا وزوجة، ً وطلب القاتل سهم أخته من دية المقتول يقطعه من تسليم الدية المذكورة  على حسب نصيبها من الميراث؟ يقول ا لحارثي: لأخته الدية من زوجها الذي قتله أخوها إن لم تكن شريكة في قتله »  « وليست جناية أخيها تبطل ميراثها(١) . (١) . عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ٢٤٤  ويقول أطفيش: المانع الثاني، القتل: وهو مانع للقاتل فقط، فلا يرث مقتوله سواء كان القتل عمد » ً ا بعدوان، أو بغير عدوان، أو خطأ كان هذا القاتل بالغا عاقلا ً ، أو صبيا أو مجنون ً ا، أو نائما، ولو قتله بحق. ً وكذا لا يرثه من شهد بما يموت به أو حكم بالقتل، أو زكى الشاهد عليه، ولا كل من له سبب في قتله على مثل تلك الطريقة سدا للذريعة على الاستعجال، هذا مذهبنا ومذهب الشافعية، ولا مدخل للمفتي في القتل قيل: وإن على معين بخلاف القاضي فإنه ملزم. وقالت المالكية: قاتل العمد العدوان لا يرث من المال ولا من الدية، وقاتل الخطأ يرث من المال دون الدية، ولا يمنعان الولاء لأنه كالنسب، والنسب لا يسقط بالقتل. وقالت الحنفية: كل قتل أوجب الكفارة يمنع الإرث إلا قتل العمد، فإنه لا يوجب الكفارة عندهم، ولكنه يمنع ا لإرث. وقالت الحنبلية: كل قتل مضمون بقصاص أو دية أو كفارة يمنع الإرث وقالوا: (هم والحنفية والمالكية): القتل بالحق والشهادة بموجب القتل والتزكية ونحو ذلك لا تمنع الإرث. وكما يبطل القاتل الإرث يبطل ما أوصى له به المقتول والظاهر جريان الخلاف .« فيه ويرث المقتول قاتله إن مات قاتله قبله أطفيش: التحفة والتوأم، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ُ . ص ١٩ ٢٠ وينطبق ما قلناه أيض ً ا على الوصية، يقول أطفيش: ومن أوصى لاثنين) فصاعد )» ً ا بشيء سواء أو بتفاوت (فقتله أحدهما) أو تسبب في القتل بوجه على الخلاف السابق آنف ً ا (بطل سهمه لا سهم الآخر) الذي لم يقتله ولم يتسبب لقوله تعالى: ﴿ ÈÇÆÅÄà ﴾ [ [الأنعام: ١٦٤ فلا تبطل وصيته بفعل غيره أطفيش: شرح النيل، « (ولو) كان الآخر الذي لم يقتله (طفله) أو مجنونه أو عبده أو دابته . ج ١٢ ، ص ٣٣٥ من استعجل الشيء » وحرمان القاتل من الميراث يعد أحد مظاهر قاعدة ُ « قبل أوانه عوقب بحرمانه(١) . ولذلك يشترط لتطبيقه كعقوبة: ١ أن يحدث القتل فعلا ً إذا لم يقم عليه دليل صحيح لا » ، فالإتهام بالقتل « يمنع من ا لميراث(٢) .  ٢ أن يكون القتل لسبب غير مشروع إسلاميا، أي: بغير حق. يقول ا لنزوي: َ مضت ا لسنة أنه لا يرث وارث من قتله بخطأ ولا عمد، إلا أن يكون »  قتله بحق أو شهد عليه بحق، وقتل بشهادته، فإنه يرثه، وكذلك لو أمر رجل المعلم بضرب ابنه للأدب فمات من أدبه ورثه، أو طرح في الطريق جذع ً ا، أو حفر بئرا فوقع فيها الذي يرثه فإن مات ورثه. ً  وإنما يزول ميراثه منه بفعل يده إذا ضربه بخطأ أو عمدا وأمر من  يضربه. وأما إذا قتل غير ولده فلان، وكان ولده ولي الدم، فله أن يقتله ونحب أن يوكل في قتله، ولا يتولى هو قتله، وإنما يزيل ميراث القاتل من المقتول، ووصيته إذا قتله عمد ً ا أو خطأ بيده. وأما إذا قتله خطأ بغير يده فإنه يرثه، وتجوز وصيته له، وإن كان القاتل معتوه ً ا فإنه يرثه ولا يزول ميراثه، لأنه لا يجري عليه ما يجري على « الصحيح(٣) . (١) . راجع معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٣٩١ ّ (٢) الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، . ١٤١٢ ه ١٩٩٢ م، ج ١٩ ، ص ٧٣٠١(٣) ، النزوي: المصنف، ج ٢٩ ، ص ٢٩٨ ، المعولي: المهذب وعين الأدب، ج ٢ . ص ١٨٥ ١٨٧ ، العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ٢٠١ ب ومن العقوبات التبعية أيض ً ا عدم قبول شهادة القاذف . فقد قال الله تعالى في القاذف: ﴿ ]\ ^_` edcba onlkjihgf ﴾ [ [النور: ٤ ، فمنع من قبول m شهادتهم ثم استثنى ﴿ zyxwv }|{ ~ ے ﴾ [ [آل عمران: ٨٩ . فقد قيل: القاذف إذا تاب قبلت شهادته. وقال آخرون: لا تقبل(١) . ورأي جمهور ا لإباضية هو أن تقبل شهادته بعد ا لتوبة(٢) . ّ وقد أوضح سماحة المفتي العام لسلطنة عمان علة عدم قبول الشهادة ُ كعقوبة، بقوله: وفي رفض قبول شهادة الذين يقذفون المحصنات عقاب أدبي لهم »   بجانب العقاب الحسي ليكون في هذا ردع لذوي النفوس الدنيئة والألسنة البذيئة عن هتك أعراض الناس والتلذذ بذكر مساوئهم أو نسبة المساوئ إليهم، وقد جاء النص في قذف المحصنات، لأن الجرائم الخلقية في النساء أفحش، ولأن السفهاء كثيرا ما يتطاولون على أعراض النساء غير مبالين بما ً يعود من عار ذلك عليهن وعلى أسرهن، وفي هذا ما يدل على محافظة الإسلام على كرامة المرأة وشرفها، وقد حمل المحصنون على المحصنات « في الحكم بالسنة والإجماع(٣) . وقد فسر المحقق الخليلي آية القذف والعقوبة المترتبة عليه تفسيرا ً ا(٤) رائع . ً (١) . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٩٩٨(٢) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٨٣٨ ّ (٣) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: جواهر التفسير، ج ١، ص ٩٤ ٩٥(٤) يقول ا لخليلي: = ج حرمان القاتل من الزواج بزوجة المقتول ، وهكذا بخصوص سؤال: هل تحل زوجة المقتول لقاتله وهل يقبل إنكاره القتل بعد الإقرار أم لا؟ قيل: تحرم عليه زوج من قتله ظلما، قال ا لقطب » 5 : ولا يقبل إنكاره إن » ً « أقر بالقتل حيث يثبت إقراره عليه(١) . د ومن العقوبات التبعية تلك المترتبة على الزنا : وقد ذكر ا لإباضية ّ عدة حالات، منها: = يعزر القاذف ولا يحد إلا أن يكون المقذوف معروف » ً ا لما قذف به فلا حد ولا تعزير. رد شهادة القاذف معلق عند أبي حنيفة باستيفاء الحد، فإذا شهد قبل الحد أو قبل تمام استيفائه قبلت شهادته، فإذا استوفى لم تقبل شهادته أ بد ً ا وإن تاب وكان من الأبرار الأتقياء وعند من يتعلق رد شهادته بنفس القذف فإذا تاب عن القذف بأن يرجع عنه عاد مقبول الشهادة وكلاهما متمسك بالآية. فأبو حنيفة جعل جزاء الشرط الذي هو الرمي والجلد ورد الشهادة عقيب الجلد على التأبيد فكانوا من ذوي الشهادة عنده في أيديهم وهو مدة حياتهم وجعل قوله: ﴿ m on ﴾ كلاما مستأنف ً ا غير داخل في حيز جزاء الشرط كأنه حكاية حالة الرامين عند ً الله بعد انقضاء الجملة الشرطية ﴿ wvu ﴾ استثناء من الفاسقين ويدل عليه قوله: ﴿ }| ~ ﮯ﴾ والشافعي جعل جزاء الشرط الجملتين أيض ً ا غير أنه صرف الأبد إلى مدة كونه قاذف ً ا وهو تبتني بالتوبة والرجوع عن القذف وحتى المستثنى عنده أن يكون مجرورا بدلا ً منهم في لهم وحقه عند أبي حنيفة أن يكون منصوبا (لأنه) موجب. ًً والذي يقتضيه ظاهر الآية ونظمها أن تكون الجمل الثلاث لمجموعهن: ومن قذف المحصنات فاجلدوهم وردوا شهادتهم وفسقوهم، أي: فاجمعوا لهم الجلد والرد والتفسيق إلا الذين تابوا عن القذف وأصلحوا فإن الله يغفر لهم فينقلبون غير مجلودين ولا مردودين ولا مفسقين. ا نتهى. وقال في موضع منه: وإذا تاب القاذف قبل أن يثبت الحد سقط. ا نتهى. . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ٣٦٧ ٣٦٨(١) . عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٢، ص ١٦٩ قولهم بتحريم المزني بها لمن زنى بها عملا ً بقوله تعالى: ﴿ IH YXWVUTSRQPONMLKJ  Z ﴾ وبأحاديث كثيرة رواها جابر بن زيد وغيره عن ا لنبي ژ والصحابة والقول بالتحريم قال به عدد من الصحابة منهم: ابن مسعود وعائشة والبراء بن عازب وأبو هريرة وعلي بن أبي طالب وجابر بن عبد الله(١) . تغريب الزاني: وهكذا بخصوص سؤال: روى الربيع في حد الزاني البكر الحد والتغريب، وثم من العلماء من ً لم يصح لديه التغريب، فأي القولين أ صح؟ وأولى بالاتباع؟ يقول البكري: أما التغريب والجلد للزاني غير المحصن فقد وردت فيه أحاديث صحيحة »عن الرسول ژ وأكثر العلماء على إثباته (أي: التغريب) وعليه المعول ولا « أعلم ما مستند الذين ينفونه(٢) . ثاني ً ا: أما العقوبات ا لتكميلية les peines complémentaires فهي كالعقوبات التبعية تلحق بحكم أصلي، لكن وفي هذا تختلف عن العقوبات التبعية يجب الحكم بها صراحة. فهي إذن لا تترتب تبعا للحكم وبطريقة تلقائية. ً ومن أمثلتها المصادرة، وإتلاف متحصلات ا لجريمة. وقد عرف الفقه الإباضي هذا النوع من العقوبات، ومنها: أ إتلاف المتحصلات من الجريمة، وهكذا جاء في جواهر ا لآثار: ومنه: إذا وجد الشراة عند أحد من الكفار مثل البانيان أو غيرهم تتن ً ا أو بنجا ما يفعلون به أيردونه عليهم ويمنعونهم عن بيعه على المسلمين، أم ً (١) الشيخ سالم الحارثي: العقود الفضية في أصول الإباضية، ص ٢٩٣ ؛ ابن جعفر الجامع، ّ . ج ٩، ص ٣٠٤ ٣٠٥(٢) . الأسئلة والأجوبة النثرية للبكري، ص ١٦٠ يجوز إتلافه من أيديهم ويحبسون مثل غيرهم، أم لا حبس عليهم لارتكابهم ما هو أعظم منه، ولاستحلالهم له؟ فنعم، يجوز اتلاف ما ذكرته من التتن والبنج، ويحبسون مثل » « غيرهم(١) . ب غرم السارق بعد القطع ، لكن هناك عدة اتجاهات عند ا لإباضية ْ ّ لخصها الرستاقي بقوله: واختلف أصحابنا في تضمين السارق السرقة بعد القطع. فقول: عليه » الرد، ولا يرفع القطع عنه ضمان ما أخذ. إذ القطع حد لله. والضمان حق للعباد. وكل حكم منفرد حكمه عن حكم الآخر. ولا يحكم عليه بذلك إذا قطع. وقول: لا ضمان عليه بعد ا لقطع. وقول: عليه ضمان ما كان باقيا في يده لم يتلفه. ً والذي يعجبني أن لا يسقط عنه الضمان بالقطع، لقول ا لنبي ژ : لا » « يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه(٢) . والمذهب فيمن ق ُ أنه يغرم ما سرق؛ إذ القطع لا يسقط به الغرم؛ » طعلأن الغرم حق المخلوق، والقطع حق لله تعالى، شرع ردع ً « ا عن السرقة(٣) . يؤيد ذلك قول الله تعالى: ﴿ ©ª«¬®¯°± ﴾ [ [النساء: ٥٨ . وقال ژ : ،« ردوا الخيط والمخاط فإنه نار وشنار إلى يوم القيامة »وقال: « لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة نفسه » وبه قال الشافعي قال (١) . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ٢ ص ١٧٥(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٩٧(٣) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٨٦٥ ّ أبو حنيفة: الغرم والقطع لا يجتمعان فإن قيل: الأمانة غير مسروقة قيل: هذا لأن كل ما أمر الله بإيصاله إلى ربه فهو أمانة لقوله 8 : ﴿ °± ² ﴾ [ [الأحزاب: ٧٢ . إنما هو الأمر والنهي فإذا اتلف العين أو تلفت في يده « وجب عليه مثلها أو قيمتها(١) . لا يجتمع » أما الرأي الذي يقول بعدم الرد فيستند إلى حجة مؤداها أنه حد وحق بحكم واحد، وأن النبي ژ لما قطع السارق سكت عن الحكم « في ا لمسروق(٢) . (١) النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ١٣٧ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ١٢٥ ١٢٦ . ابن . بركة: الجامع، ج ١، ص ٣٢٩ ، ج ٢، ص ٤٧٥ ٤٨١ (٢) خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ٢، ص ٢٢٣ . وقد فصل الصنعاني المسألة بخصوص حديث « لا يغرم السارق إذا أقيم عليه الحد » وفي الحديث » : ، بقوله دليل على أن العين المسروقة إذا تلفت في يد السارق لم يغرمها بعد أن وجب عليه القطع سواء أتلفها قبل القطع أو بعده. وإلى هذا ذهب الهادوية ورواه أبو يوسف عن أبي حنيفة، وفي شرح الكنز على مذهبه تعليل ذلك: بأن اجتماع حقين في حق واحد مخالف للأصول فصار القطع بدلا ً من الغرم ولذلك ثني سرقة ما قطع به لم يقطع. وذهب الشافعي وأحمد وآخرون ورواية عن أبي حنيفة: إلى أنه يغرم لقوله ژ : على اليد » « ما أخذت حتى تؤديه . وحديث عبد الرحمن هذا لا تقوم به حجة مع ما قيل فيه، ولقوله تعالى: ﴿ lk ٰ onm ﴾ [ [البقرة: ١٨٨و « لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه » . ولأنه اجتمع في السرقة حقان: حق لله تعالى، وحق للآدمي فاقتضى كل حق موجبه. ولأنه قام الإجماع أنه إذا كان موجود ً ا بعينه أخذ منه، فيكون إذا لم يوجد في ضمانه قياسا ً على سائر الأموال ا لواجبة. وقوله: اجتماع الحقين مخالف للأصول دعوى غير صحيحة فإن الحقين مختلفان فإن القطع بحكمة الزجر؛ والتغريم لتفويت حق الآدمي كما في الغصب، ولا يخفى قوة هذا . الصنعاني: سبل السلام، ج ٤، ص ٥١ ٥٢ « القول راجع أيض ً ا: أبو عبد الله الدمشقي العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، . ص ٢٨١ ج تعليق يد السارق؛ إذ من ا لسنة أن تعلق يد السارق في عنقه لما أنه سئل: أرأيت تعليق يد » : أخرجه البيهقي بسنده من حديث فضالة بن عبيد السارق في عنقه من ا لسنة؟ قال: نعم رأيت ا لنبي ژ قطع سارق ً ا ثم أمر بيده .« فعلقت في عنقه وأخرج بسنده أن عليا ƒ قطع سارق ً ا فمر به ويده معلقة في عنقه؛  وأخرج عنه أيضا أنه أقر عنده سارق مرتين فقطع يده وعلقها في عنقه؛ قال ً  الراوي: فكأني أنظر إلى يده تضرب صدره(١) .  د ويذكر أطفيش ما قاله ابن ماجه إلى عمرو بن قرة قال:  يا رسول الله؛ إن الله قد كتب علي الشقوة، فما أراني أرزق إلا من دفي   بكفي، فأذن لي في الغناء من غير فاحشة، فقال رسول الله ژ : لا آذن لك » ولا كرامة ولا نعمت عين، كذبت أي عدو الله، رزقك الله طيبا حلالا ً ً فاخترت ما حرم الله عليك من رزقه مكان ما أحل ا لله 8 لك من حلاله، ولو كنت تقدمت إليك لفعلت بك وفعلت، قم عني وتب إلى الله، أما إنك إن فعلت بعد التقدمة إليك ضربتك ضرب ً ا وجيع ً ا، وحلقت رأسك مثله، ونفيتك ،« من أهلك وأحللت سلبك نهبا لفتيان أهل المدينة فقام عمرو وبه من الشر ً والخزي ما لا يعلمه إلا ا لله(٢) . وكمثال آخر على العقوبات التكميلية، يمكن أن نذكر ما جاء في الجامع المفيد: قلت له: فالمحدود، هل يكون حاكما إذا تاب؟ » ً (١) ، الصنعاني: سبل السلام، ج ٤، ص ٥٠ ٥١ ؛ القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٦ . ص ١٧٣(٢) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٤، ص ٢٨٧ قال: معي أنه لا يجوز أن يقيم الحدود من قد حد إذا تاب، وكذلك أحسب أنه قيل: أنه لا يكون إماما محدود، فالحاكم مثله عندي فيما يشبه ً معنى القول فيه، ويعجبني أن يجوز المحدود شاهد ً ا أو حاكما أو إماما إذا ًً تاب لقول الله تعالى: ﴿ zyxwvu }|{ ~ ﮯ﴾ [ [آل عمران: ٨٩(١) . ٨ الحبس للتهمة (الحبس الاحتياطي): نشير إلى ماهية الحبس الاحتياطي، وعلته، وشروطه، والوضع القانوني للمحبوسين، ونظام ا لسجون. أولا ً : ماهية الحبس للتهمة: الظن ويقال: اتهمته بكذا أي أوقعت ظني عليه أنه فعل » التهمة لغة « كذا(٢) . والقاعدة عند ا لإباضية أن: ّ « من وقف موقف التهمة ا تهم »(٣) . لذلك قالوا: والحبس في التهمات إنما هو على من تلحقه التهمة في القتل وغيره » من سائر الجنايات، أما الأمناء العدول فلا يحبسون إلا ببينة واضحة وعليهم اليمين فيما يدعى عليهم. (١) . الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ١٢٦ ١٢٧(٢) . الشيخ محمد عبيد: العقد الثمين في أحكام الدعوى واليمن، ص ١٦٥(٣) معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ٢، ص ١٤١٥ ، بل قال الإباضية بعزل الإمام بالتهمة ّّ ، النزوي: المصنف، ج ١٠ « لأنه لا يجوز أن يكون إماما تهيما » إذا تظاهرت عليه التهم ًً . ص ٢٣١ وقال بعض العلماء: إنه لا يحبس في السرقة أهل الستر والبيوتات ولو .« لم تكن لهم عدالة إلا بصحة ويضيف ابن قيم الجوزية: إن المدعى عليه على ثلاثة أقسام: إما أن يكون بريئ ً ا ليس من أهل التهمة، فلا تجوز عقوبته. وإما أن يكون مجهول الحال، فهذا يحبس حتى ينكشف حاله. وإما أن يكون معروف ً ا بالفجور؛ كالسرقة وقطع الطريق والقتل، فإذا جاز حبس المجهول فحبس هذا أولى(١) . وجمهور الفقهاء، ومنهم الإباضية، يذهبون إلى القول بمشروعية حبس ّ الجاني للتهمة. والحبس للتهمة في الفقه الإباضي يعادله الآن في النظم والقوانين « الحبس ا لاحتياطي » الجنائية نظام(٢) : Detention Préventive (Provisoire) . (١) ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، دار الوطن، الرياض، . ص ١٠١ ١٠٤ وجاء في بيان ا لشرع: التهمة حال بين الخائن والأمين، والأمين لا تلحقه التهمة والخائن قد لزمه جنايته »والتهمة به أشبه ومن لم تصح أمانته ولا خيانته جاز فيه معنى التهمة إذا ثبت الأخذ بالتهمة دون صحة ا لخيانة. قلت له: فما الفرق بين التهمة وصحة الخيانة عندك؟ قال: معي أن الخيانة ها هنا وصحتها يخرج معناه أنه يصح عليه الحكم بما اتهم به أو بما أدعي عليه، والتهمة أن تكون في موضع التهمة ويثبت عليه معناه من غير صحة يجب بها . الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ٢١٨ ٢١٩ « خيانته بلزوم حكمها (٢) راجع تسميات المذاهب الأخرى، في د. عبد العزيز سمك الحبس للتهمة وضماناته في الفقه الإسلامي، القاهرة، ٢٠٠٨ ، ص ٤١ ٤٢ . وانظر: موقف الفقه الإسلامي من الحبس للتهمة (حيث انقسم إلى مؤيد وهو رأي الجمهور ومعارض وهو رأي الظاهرية، في .( ذات المرجع، ص ١٤٣ ١٧٨ =  يقول الغافري: إن الحبس بالتهمة جائز للقائم بأمور المسلمين، ولو بقول الواحد الثقة »  = الحبس الاحتياطي ليست غريبة على الفقه الإباضي. يقول ا لنزوي: » وتسمية  في الإمام إذا رفع إليه، من قد أحدث حدث » ً ا، يجب عليه فيه حد، أو قصاص، أو حق.  فجهل ما يلزمه، فأراد مشاورة العلماء، إن له أن يحبسه، حتى يطالع ا لعلماء. فإن حبسه، فلم يكن عليه عند العلماء حبس ولا شيء، فإذا حبسه، على وجه الاحتياط، . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٩٦ ٩٧ « لم يكن عليه في ذلك شيء ٩٩ على / وبخصوص الحبس الاحتياطي ينص قانون الإجراءات الجزائية العماني رقم ٩٧ ُ ما يلي: مادة ( ٥٣ ): إذا اقتضت مصلحة التحقيق الابتدائي بعد استجواب المتهم منعه من الفرار أو من التأثير في سير التحقيق، جاز لعضو الإدعاء العام أن يصدر أمرا بحبسه ا حتياطيا، ولا ً يجوز الأمر بالحبس الاحتياطي إلا إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة معاقبا عليها بالسجن ً مدة تزيد على ثلاثة أشهر، ويجوز حبس المتهم ا حتياطيا إذا لم يكن له محل إقامة معروف في السلطنة إذا كانت العقوبة معاقبا عليها بالسجن.. ويجب أن يشتمل أمر الحبس إضافة ً إلى البيانات الواردة في المادة ( ٤٩ ) من هذا القانون على تكليف القائم على إدارة المكان المخصص للحبس قبول المتهم ووضعه فيه مع بيان مادة القانون المنطبقة على ا لواقعة. مادة ( ٥٤ ): الأمر بالحبس الاحتياطي الصادر من الإدعاء العام يكون لمدة سبعة أيام يجوز تجديدها لمدد أخرى أقصاها ثلاثون يوما، ولعضو الإدعاء العام في جرائم الأموال العام ً والمخدرات والمؤثرات العقلية أن يصدر أمرا بحبس المتهم احتياطيا لمدد لا تجاوز في ً مجموعها خمسة وأربعين يوما. وإذا رأى عضو الإدعاء العام مد الحبس الاحتياطي بعد ً ذلك وجب قبل انقضاء المدة عرض الأمر على محكمة الجنح لتصدر أمرا بمد الحبس ً الاحتياطي لمدة لا تزيد على خمسة عشر يوما قابلة للتجديد ستة أشهر... وإذا أحيل المتهم إلى المحكمة فلها مد الحبس الاحتياطي لمدة لا تزيد على خمسة وأربعين يوما، ً ويجوز تمديدها لمدد أخرى، وإلا وجب الإفراج عن المتهم في جميع ا لأحوال. مادة ( ٥٥ ): لا يجوز الإفراج عن المتهم المحبوس ا حتياطيا في جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن ا لمطلق. مادة ( ٥٦ ): إذا حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، تكون هي المختصة بالنظر في طلب الإفراج أو الحبس الاحتياطي إلى أن ترفع الدعوى إلى المحكمة ا لمختصة. مادة ( ٥٧ ): لعضو الإدعاء العام إذا اقتضت ضرورة إجراءات التحقيق أن يأمر بعدم ا تصال = أو غير الثقة، إذا كان من رفع عنه تلحقه التهمة، حتى أنه قيل: إن قول « المتهم على المتهم في الحبس مقبول(١) .  وعن أبي هريرة ƒ أن النبي ژ : حبس رجلا » ً في تهمة يوما وليلة ً « ا(٢) استظهارا واحتياط ً . ً ثانيا: علة الحبس للتهمة: ً يقول الخليلي: إن الحبس نوعان: النوع الأول: في الحبس إلى إنفاذ الحكم: » وليس هو من حبس العقوبات ولا يشبهه ولكنه منع وحجر عن ذهاب المدعى عليه إذا خيف إتلاف حق بذهابه كالمدعي في غلام أنه عبده الآبق أو امرأة أنها زوجته النشوز وأن عنده البينة عليهما فإذا أنكرا وخيف فواتهما جاز للحاكم حبسهما حتى تحضر البينة أو يكون لهما كفيل بإحضارهما إلى الحاكم عند وصول البينة فيقطع الحكم بينهما. = المتهم بغيره من المسجونين وألا يزوره أحد، وذلك دون الإخلال بحق المتهم في الاتصال دائما بالمدافع عنه. ً مادة ( ٥٨ ): يجب أن تسمع أقوال المتهم قبل إصدار أي أمر بالحبس الاحتياطي أو بمده، وإذا صدر الأمر ضد متهم فار يجب أن تسمع أقواله خلال أربع وعشرين ساعة من وقت القبض عليه. مادة ( ٥٩ ): للمتهم أو من ينوب عنه التظلم من الأمر بحبسه ا حتياطيا أمام محكمة الجنح منعقدة في غرفة المشورة، وعليها الفصل في التظلم خلال ثلاثة أيام على الأكثر، وإذا لم تجد ما يبرر صدور الأمر وجب الإفراج عن المتهم فورا. ً (١) . الغافري: صراط الهداية، مكتبة مسقط، ١٤٣٣ ه ٢٠١٢ م، ج ٢، ص ٤٤٧(٢) الحاكم النيسابوري: المستدرك على الصحيحين في الحديث، ج ٤، ص ١٠٢ ؛ سنن أبي داود (كتاب الأقضية). راجع كذلك: الخزاعي التلمساني: تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، المجلس الأعلى . للشؤون الإسلامية، القاهرة، ص ٣١٢ النوع الثاني: في حبس ا لتهم:  وقد أجمع المسلمون عليه فعلا ً وقولا ً ولا شك أنه عظيم الخطر جليل  القدر لما يترتب عليه من حسم المظالم وإصلاح العالم بكف البغي والعدوان ولا سيما في هذا الزمان وقد فشا العناد وعظم الفساد وقلت عدالة الشهود وتمالأ حزب الكفر والكنود على خراب الدنيا والدين وبسط الأيدي بأنواع الشر وكثرة الاعتساف والتناصر على الخلاف أمن ً ا من الانتصاف علما ً بقلة الإنصاف وكيف لا وأكف الحق مكفوفة وشمس العدل مكسوفة وقبة ِ الإسلام مكشوفة ونصرة الباطل مألوفة فيا خيل َ الله اركبي، ويا فئة الحق « اطلبي، وإلى نصرة الله اندبي، ومن الأعداء فلا ترهبي(١) . وهكذا فإن علة الحبس الاحتياطي عند الإباضية تكمن في الآثار ّ الإيجابية المترتبة عليه (خصوصا منع الفساد والعدوان). يقول ً الرستاقي: وإنما اصطلح المسلمون على الأخذ بالتهم، واتفقوا على ذلك؛ لإزالة » المنكر، لأنهم لو لم يعاقبوا بالتهمة، لكثر الفساد، واجترأ السفهاء على كثير من المعاصي ولم يؤخذ عليهم شهادة العدول. فلما نظر المسلمون في هذا، وأجمع رأيهم واتفاقهم على الأخذ بالتهمة، في حين ما يجب عليهم الأخذ بها في مواضعها وحينها ووقتها، ا ستئصالا ً للباطل ومحقا للمناكر، وترك « تظاهر أسباب ذلك(٢) . (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ٩١ ٩٣(٢) الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٢٥ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ٢٣٥ ؛ النزوي: ؛٢٢٧ ، المصنف، ج ١٢ ، ص ١٤٦ ؛ الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ١٧٩ ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ٢٧٩ ؛ الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، . ص ٧٢٣ ٧٢٥ وعن أبي سعيد بخصوص أصل ثبوت التهمة؟ قال: معي أنه قيل اصطلح عليه المسلمون نظرا منهم للإسلام وأهله(١) . ً ثالث ً ا: شروط الحبس للتهمة: « وأما الحبس فجائز بالتهمة » : يقول الصبحي(٢) . لكن ليس معنى ذلك أن الحبس للتهمة مطلق عن كل شرط، أو هو خاضع لمزاج الحاكم وشهواته ونزواته. فقد أحاط الفقه الإباضي الحبس للتهمة نظرا لأنه يشكل سلبا ًً لحرية المحبوس وخروجا على المجرى العادي للأمور بشروط، هي: ً أ أن تتظاهر الأم َ َ ارات على الاتهام: للحبس بالتهمة. والواجب « بريء » وهذا أمر بدهي، حتى لا يتعرض على أي شخص ألا يضع نفسه موضع الإتهام، إذ كما يقول ابن بركة: ويجب على المستور من الناس أن لا يفعل فعلا » ً يتهم من أجله، كما لا « يجوز له مجالسة المنهوكين في المواضع ا لوعرة(٣) . لذلك يقول ا لرستاقي: وإذا تظاهرت التهم على أحد بالقتل أو السرق، أو قطع الطرق، » والتعسف على الناس والفساد في الأرض، جاز حبسه بالتهمة ولو لم تكن « صحة(٤) . (١) ٢٢٧ . ويقول ابن محبوب: ، الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ١٧٩ واعلم رحمك الله أنه إنما يحبس أهل التهم بالدماء، حتى تقوم عليهم البينة العادلة، »أو يقروا بما كان منهم، ولا يصح ذلك عليهم، فيرى الإمام أنه قد اجتهد وبالغ في .« حبسهم، فيرى بعد ذلك إطلاقهم . السالمي: تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، ج ١، ص ١٩١ ُ (٢) . الصبحي: الجامع الكبير، ج ٣، ص ٢١٤(٣) . ابن بركة: الجامع، ج ١، ص ١٨٤(٤) الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٢٢ . انظر أيض ً قاعدة ما يشرع من » ا: الفرق بين = وقد ذكر ا لإباضية أمثلة على مظاهر أو أمارات ا لتهمة(١) . ّ أما إذا لم تتواجد مظاهر أو أدلة على الاتهام إلا من المدعي وحده، كالضرب ) « لا يصح الأخذ به إلا بالبينة أو ما دونها من موجب التهمة » فهذا فيه أو جرحه أو قتل ولده أو نهب ماله أو ثقب بيته)(٢) . يقول الخليلي: .« التهمة » لا « الصحة » أي: أننا هنا يجب أن نرجح واعلموا أن من كان وليا للمسلمين أو ثقة فلا يؤخذ بالتهمة ولكن بالصحة »وحدها وهكذا قيل في أهل الستر والصيانة ولو لم يبلغوا (حد) العدالة نعم = ، القرافي: الفروق، عالم الكتب، بيروت، ج ٤، الفرق ٢٣٦ ،« الحبس وقاعدة ما لا يشرع  ص ٧٩ ٨٠ ، راجع أيض ً . ا: الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ٢١٧ (١) يكفي أن نذكر الأمثلة الآتية: يقول أطفيش: جازت تهمة في تعدية) أي: يجوز اعتبار التهمة في تعدية على مال أو نفس بأن يتهمه )»الأمناء أو الحاكم مثلا ً بأن يرى حول المجني عليه، أو يصدر منه طرف كلام يقرب من الإقرار، أو يشهد عليه أهل الجملة فينكر حيث لا يتهمون، أو يشهد عليه أمين واحد أو أمناء حيث لا يحكم بشهادتهم لمانع أو رآه الحاكم وهو لا يحكم بعلمه أو نحو ذلك من الأمارات فيحبس ليقر. تجوز التهمة عندنا في المال وما تعلق به والمعاملات والبدن لا في :« الديوان » ففي الخيانة، وقيل: تجوز فيها ولا في الطلاق والنكاح والعتق ونحو ذلك، وقيل: بجوازها في الطلاق ولا في الحدود وتجوز في كسر حجر المسلمين ومنع الحق والخروج من الحبس .« والإخراج منه ونحو ذلك . أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٣ ، ص ٤٥٢ ٤٥٣ وجود بعض الشيء أو كله عند من اتهم أو شوهد عنده ولم » :( وأماراتها (أي: التهمة يوجد، أو شوهد هو في محل السرقة أو الواقعة، أو وجد فيه سلاحه أو بعضه أو لباسه ذات المرجع، ج ١٧ ، ص ١٢٨ ١٢٩ . راجع ،« كذلك أو شهر بالسوء في ذلك الطريق أيض ً ا: الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، ص ١٦٤ ١٦٥ ؛ النزوي: المصنف، . ج ١٢ ، ص ١٢١ (٢)سعيد بن خلفان الخليلي: إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن . المنكر، رسالة ماجستير للطالب صالح الربخي، جامعة آل البيت، ١٩٩٨ ، ص ٢٢٨ قد تتبدل الأحوال فتختلف الأحكام بمقتضاها فقد يتغير حال الولي تارة إلى أن يصير في محل التهمة أو الخيانة فالاعتبار فيه بما هو عليه في الحال لا بما كان عليه من قبل وكفى بما جرى على عثمان بن عفان من التهمة والخيانة شاهد ً « ا وعبرة فهل أغنى عنه سابقة الفضل بمشهور ا لعدل(١) . أي: غير التهمة (غير الظن)، ومن ثم ضرورة توافر الدليل « الصحة » ومعنى « والصحة مع المسلمين البينة ا لعادلة » : الصحيح. يقول الشيخ أبو زكريا(٢) . ب مدة الحبس للتهمة: لا توجد في الفقه الإباضي تعريفة أو تسعيرة على الحبس للتهمة، وإنما الأمر يرجع إلى نظر الحاكم الذي يجب عليه أن يراعي في رأينا أمرين: مصلحة ا لمحبوس. جسامة الجناية أو الحدث الذي تم ا رتكابه. وهكذا بخصوص سؤال ومنه: وفي حبس الوالي للناس على الدماء والفروج والسرقة والأحداث والجنايات والتهمة وغير ذلك فيكون لكل شيء من ذلك حد ومدة معلومة في الحبس، يرجع كل ذلك إلى نظر الإمام أو الوالي الذي ٍ ولاه إذ كان من تحت وال أم يكون ذلك على نظر القائم بنفسه في إصلاح رعيته وإن رجع إلى نظر القائم بنفسه، إذا كان ممن يكون له نظر في ذلك: إذا حبس الوالي أو العامل ممن له بصر بما يوجب » : يقول العبري « الحبس فجائز له أن يحبس على ما يرى أنه جائز(٣) . (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ١١٧ ١١٨(٢) . الشيخ أبو زكريا: الإيضاح في الأحكام، ج ٣، ص ٢٠٩(٣) . الشيخ سالم العبري: فواكه البستان، ص ٨٦ ويقول أطفيش:  وحبس المتهم بالقتل ما تظاهر أسباب التهمة عليه جائز في قول » الأعلام ولا تحديد بمدة منصوص فيه بل هو على ما يراه الإمام أو من كان بمنزلته قائما بمصالح الإسلام فقد حبسوا إلى عام وإلى عامين باجتهاد إلى ثلاثة أعوام وسبعة وما زاد فكلما تضافرت أسباب التهم أقوى كان لإطالة « المدة وإغلاظ العقوبة أولى(١) . وهكذا يمكن أن يختلف الحبس على التهمة من متهم إلى آخر، ومن وذلك إلى نظر الحاكم، على قدر » : جريمة إلى جريمة أخرى. ولذلك قيل الجناية، فليس الحبس على القتل كما هو على صرم عذق نخلة أو جز عود من طعام، وفي بعض القول: إن أقل حبس التهمة: ثلاثة أيام، وقيل: إنه بمقتضى النظر لا غير، فقد يكون الحبس يوما أو دونه أو ثلاثة، أو عشرا ًً إلى أربعين، فما زاد إلى آخر العمر، وأطوله زمان ً ا: أدومه عدوان ً ا كقطع الطرق والتعود بالسرقات والنهب وسفك الدم، تعود ً ا، وإخافة الناس بغيا في ً أمثالها، وليس المتخذ ذلك عادة كالواقع فيه هفوة، فلا تهملوا النظر، « وشاوروا أهل ا لبصر (٢) . (١) . أطفيش: كشف الكرب، ج ٢، ص ٣٦١ (٢)سعيد بن خلفان الخليلي: إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن . المنكر، المرجع السابق، ص ٢٢٩ راجع أيض ً ، ا: الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٢٣ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ وفي امرأة اتهمت أنها جعلت لزوجها سما في طعامه، » : ص ٢١٣ . وجاء في جواهر الآثار ُ ومات من ذلك وحبسناها سنة، أيعجبك حبس مثل هذه، كما يكون من الزمان لأن زوجها شكى منها قبل موته، وادعى عليه ما ذكرته لك فيما بلغني؟ فعلى ما وصفت، إذا كانت المرأة متهمة بذلك، وتلحقها التهمة فيطال حبسها أكثر من . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ٢، ص ١٨٤ ١٨٥ « سنة، والحبس إنما هو على النظر أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٣١٤ ج عدم جواز ضرب المحبوس للتهمة: تطبيق ،« المتهم بريء حتى تثبت إدانته » القاعدة أن ً البراءة » ا لمبدأ إذ الأصل في الإنسان ا لبراءة ،« الأصلية(١) . وسلامته الجسدية، ألا « المتهم » لذلك فمن قمة احترام حقوق الإنسان يتم ضربه، لمجرد اتهامه بارتكاب فعل ما. وهذا ما قرره الفقه ا لإباضي: يقول النزوي: ولم يروا على التهمة عقوبة، غير الحبس والقيد، وذلك أكثر ما عاقبوا » به. ولا يجوز عندهم الضرب على متهم، وضرب الناس على التهمة، حتى .« يقر. وإنما هو للجبابرة. وليس من حكم ا لمسلمين وجاء في معجم القواعد الفقهية ا لإباضية: ّ ويترتب على التهمة الحبس ونحوه كالضرب، وعند ا لإباضية أن المتهم » ّ لا يضرب حتى يقر ولو قويت التهمة وزعمت المالكية أن المتهم بالفجور كالسرقة وقطع الطريق والزنى يستقصى عليهم بقدر تهمتهم وشهرتهم وربما كان ذلك بالضرب أو الحبس دون الضرب؛ فعن أشهب: يمتحن المتهوم بالحبس والأدب، وقال ابن سهل: بقدر ما اتهم فيه وبقدر حاله، وقال الباجي: يحبس بقدر رأي الإمام وعن عمر بن عبد العزيز: يحبس حتى يموت إن لم يقر. وقال بعض الشافعية: يضربه الوالي دون القاضي، وكذا يحبسه الوالي وهو قول الإمام أحمد بن حنبل لأن ضرب المتهوم وحبسه لقمع أهل الشر (١) . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ١١٥ فهو من اختصاص الوالي أما بعد قيام الأسباب والأدلة فالضرب من « اختصاص ا لقاضي(١) . وهكذا فالقاعدة عند ا لإباضية: ّ « ولا يضرب المتهم عندنا ليقر ولو قويت ا لتهمة »(٢) . رابع ً ا: الوضع القانوني للمحبوسين: ذكر ا لإباضية بعض الأمور الخاصة بالمحبوسين، منها: ّ أ إمكانية الإنفاق على من يعولهم المحبوس من بيت المال في بعض الأحوال(٣) . ب بخصوص المحبوسين، وهل هم أمانة أم ضمانة في يد الحاكم، يقول ا لصبحي: عن المسجونين بحق يلزمهم في حكم المسلمين أهم في يد الإمام » بمنزلة الأمانة أم الضمانة وكذلك حكامه. قال: معي أنهم بمنزلة الأمانة ولا شيء على الإمام ولا حكامه لأن الحق حبسهم والضمان مرفوع عن الإمام وحكامه. وقول: على معنى ما قيل أنهم بمنزلة الشيء المضمون في أمواله. (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٤١٦ ١٤١٧ ّ (٢) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٧ ، ص ١٣٤(٣) وهكذا بخصوص رجل حبس وله زوجة وأولاد فقراء كانوا أو أغنياء، ما القول في نفقتهم نفقتهم عليه لا على بيت » : إذا كان الرجل فقيرا، أعلى بيت المال أم لا؟ يقول الخليلي ً المال، فإن صح الضرر عليهم رخص في النهار يخدم عليهم؛ فإذا فرغ في نهار أو ليل ؛ أجوبة المحقق الخليلي، ج ٣، ص ١١٧ « حبس إلا أن يرى الإمام أن ينفق عليهم فله ذلك . تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٠ ، ص ٢٩٠ وقيل: إنما يلزمهم الحبس بحكم من المسلمين والمسلمون غير معينين فالضمان في بيت مالهم لأن هذا المال يجمعهم جميعا فلذلك بيت الضمان ً الذي يخطأه الحاكم في الحدود والتعزير والحبس في هذا المال لأن المال يجمعهم. وقد قال من قال: لا شيء لهم في هذا المال وأن الحق قتلهم « وأصابهم (١) .  وهكذا فالمحبوس للتهمة كغيره من المحبوسين أو المسجونين يتمتع في الفقه الإباضي بوضع قانوني يهدف إلى المحافظة على كرامته الإنسانية: فلا يجوز ضربه، ويجب العناية بأسرته إن لم يكن له موارد مالية للإنفاق عليهم... إلخ(٢) . (١) الصبحي: الجامع الكبير، ج ٣، ص ١٤٤ . حري بالذكر أن المادة ٥ من قانون السجون في لا يجوز إيداع أي شخص في السجن أو مكان الحبس » : سلطنة عمان تنص على أنه ُ الإحتياطي إلا بأمر كتابي صادر من سلطة مختصة موقع ممن له الصلاحية القانونية في .« إصداره. وتحدد اللائحة قواعد وإجراءات قبول ا لنزلاء . راجع: عبد الله الشريفي: موسوعة القوانين ا لعمانية، ١٤٢٥ ه ٢٠٠٤ م، ص ٢٤٢ ُ (٢) لم يتخلف الإسلام عن تقرير حقوق للمحبوسين بالنظر إلى حالة الضعف التي هم فيها واحتراما لآدميتهم وكرامتهم الإنسانية. واستقراء هذه الحقوق يظهر أنها لا تقل إن لم تزد ً عن تلك المقررة في القوانين المعاصرة الداخلية منها والدولية. وهكذا بعث عمر بن عبد العزيز رسالة إلى أمراء الأجناد جاء فيها: وانظروا من في السجون ممن قام عليه الحق فلا تحبسه حتى تقيمه عليه. ومن أشكل »أمره فاكتب إلي] به. واستوثق من أهل الذعارات. فإن الحبس لهم نكال ولا تتعد في العقوبة، ويعاهد مريضهم ممن لا أحد له ولا مال، وإذا حبست قوما في دين فلا تجمع ً بينهم وبين أهل الذعارات في بيت واحد ولا حبس واحد، واجعل للنساء حبسا على ً حدة وانظر من تجعل على حبسك ممن تثق بهم وممن لا يرتشي، فإن من ارتشى فعل .« ما أمر به . انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد، ج ٥، ص ٣٥٦ الباب الرابع: الجزاء ا لجنائي في الفقه الإباضي ٣١٧ خامسا: نظام ا لسجون: ً إتماما للفائدة نذكر إلمامة سريعة عن فكرة السجن عند ا لإباضية. ًّ والسجن مشتق من الحصر، قال تعالى: ﴿ *+,-﴾ « ا (١) [ [الإسراء: ٨ سجن » أي ً ا وحبس . ً وقد وردت كلمة السجن ومشتقاتها في كثير من آيات القرآن الكريم. من ذلك قوله تعالى: ﴿ ]\[ZY^_`﴾ ، ﴿ zyx}|{ ~ے £¢¡﴾ ، ﴿ §¦¥¨﴾ ، ﴿ > FEDCBA@?﴾ ، ﴿ nml rqp o ﴾ [٤١ ،٣٩ ،٣٦ ،٣٥ ، [يوسف: ٣٣ . وللسجن آلامه، فهو عذاب آليم، لذلك يحكي القرآن عن فرعون حينما أوعد سيدنا موسى ‰، فقال له: ﴿ tsr ﴾ [ [الشعراء: ٢٩ . ولذلك ق ُ رن السجن بالعذاب الأليم، في قوله تعالى: ﴿ ihgf e j ﴾ [ [يوسف: ٢٥ . كذلك اعتبر يوسف ‰ خروجه من السجن إ حسان ً ا: ﴿ n oqprst﴾ [ [يوسف: ١٠٠ . بل يقال: إن يوسف كتب على باب ا لسجن: « هذه منازل البلوى وقبور الأحياء، وتجربة الأصدقاء وشماتة ا لأعداء »(٢) . وفي تأويله لقوله ژ : « الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر »(٣) ، يقول المحقق ا لخليلي: (١) . الإمام الطرابلسي الحنفي: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام، ص ١٩٦(٢) . ابن رضوان المالقي: الشهب اللامعة في السياسة النافعة، ص ٣٥٩(٣) ٥٦٢ ، رقم ٢٣٢٤ ؛ ابن ماجه / ٢٢٧٢ ، رقم ٢٩٥٦ ؛ الترمذي ٤ / أخرجه مسلم ٤ . ١٩٧ ، رقم ٦٨٥٥ / ١٣٧٨ ، رقم ٤١١٣ ؛ مسند أحمد ٢ /٢ السجن عبارة عن البقعة المانعة للمحبوس عن الاسترواح إلى » « ه(١) محاب .  ويعتبر الرستاقي من خير من عبر عن نظام السجون عند ا لإباضية؛ حيث ّ يقول: والذي يوجبه النظر مني أن يكون الحبس فيه مكان للخلاء، وموضع » للصلاة وخصوصا إذا كان في الحبس أكثر من واحد؛ لأنه ليس من العدل ً  إظهار العورات عند أحد من الناس غير الزوجين والإماء التي توطأ بملك اليمين، أو علة تحتاج إلى نظر الطبيب، عند الاضطرار إلى ذلك. فينبغي أن يكون السجن على هذا السبيل. ولا ضرر ولا ضرار في الإسلام. وإذا لم يجد الوالي مكان ً ا يحبس فيه، استوثق أهل الجنايات بالحبال، « حتى ينصف خصومهم، أو ينتهي بهم الحد الذي لزمهم من ا لعقوبة(٢) . (١) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، الناشر مكتبة الشيخ محمد بن شامس البطاشي، . مسقط، ١٤٣١ ه ٢٠١٠ م، ج ٣، ص ٧٥(٢) الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١١٩ . ويقول ا لكندي: ولم يبلغنا عن ا لنبي ژ أنه كان متخذ » ً ا حبسا إلا ما روي أنه كان إذا أحدث حدث ً ا يجب ً عليه مثلما يحبس عليه ا لحاكم. قال: « اربطوه إلى تلك السارية في المسجد » والله أعلم. ولما كثر الإسلام اتخذوا الحبوس في أيام الخلائف ومن بعدهم من أئمة العدل، واحتذى المسلمون مثالهم واقتفوا آثارهم لأنه عمل به أئمة العدل ولم يغيره العلماء في عصرهم، فصار أثرا يتبع وحجة لمن يأتي بعدهم والله أعلم بالصواب. ًُ ورأيناهم يجعلون الحبس مكشوف ً ا للشمس والبرد، فمن أراد ستر على نفسه لأن الحبس عقوبة، فمن أجل ذلك لم يجعلوا لهم أستارا ولو جعلوا لهم أستارا وأنفاق ً ا، لتهاونوا ًً بالحقوق ولاجترأوا على معاصي ا لله 8 « . الكندي: بيان الشرع؛ ج ٢٩ ، ص ١٢٥ كذلك يقول العوتبي: وللوالي الكبير أن يرفع أهل الأحداث من قتل أو جرح أو أخذ أو » سرق أو ضرب أو ما يشبه ذلك إلى موضعه ويحبسهم في حبسه إلا الحقوق فإن الناس يحبسون في مواضعهم في الدين وما يشبهه. وله أن يرفع المتنازعين في الأموال والأصول وغيرها وما لا يبصر العدل فيه. ولو أبصره ويتولاه هو إلا النساء فإنه لا يرفعهن ولا يحبسهن إلا في بلادهن إلا في « الأمور الثقيلة من القتل والدماء وما يشبهها (١) . وهكذا يكون ا لإباضية قد أكدوا على قاعدتين خاصتين بالسجون، وهما: ّ ١ عدم الإضرار بالمسجونين ومراعاة آدميتهم. ٢ ضرورة اتخاذ السجن الذي يتحقق فيه أغراض العقوبة، ومنها إيلام المسجونين وإصلاحهم وردعهم هم وغيرهم. »fÉãdG åëѪdG ájRGôàM’G ô«HGóàdG نشير إلى ماهية التدبير الاحترازي، والقواعد التي تحكمه. :…RGôàM’G ô«HóàdG á«gÉe (CG في السياسة الجنائية الحديثة يتم اللجوء إلى تطبيق بعض التدابير الضرورية لمواجهة الخطورة الإجرامية لبعض المجرمين، فهي إذن ذات طبيعة منعية أو احترازية. ومن خصائص تلك ا لتدابير: (١) . العوتبي: الضياء، ج ١٨ ، ص ١٤٧ ١٤٨ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ١٥٦ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٣٢٠  ١ الغرض المنعي للتدبير الاحترازي: ويعني ذلك أنه يهدف إلى الحيلولة دون وقوع جرائم في المستقبل من جانب من توافرت لديه الخطورة الإجرامية، فهو إذن لا شأن له بالماضي لمواجهة إثم الجاني. وقد عرف فقهاء المسلمين ذلك(١) . ٢ عدم تحديد مدة التدبير الاحترازي: ذلك أن مناطه مواجهة الخطورة الإجرامية والقضاء عليها، وبالتالي لا يمكن مسبق ً ا تحديد مدة لذلك. ولا شك أن ذلك يشكل مساسا بحرية الأفراد خصوصا إذا كانت ًً العقوبة سالبة للحرية، ولذلك تقرر قوانين الدول مدد ً ا معينة تشكل حدا أقصى لبعض التدابير ا لاحترازية. ٣ قابلية التدبير الاحترازي للمراجعة تبعا لما يلحق الخطورة الإجرامية من ً تطور زيادة أو نقصان ً ا. ٤ تطبيقه رغما عن الشخص المحكوم عليه، وبالتالي لا يتوقف على ً رضائه، وإنما يزول بزوال خطورته ا لإجرامية. ومن أمثلة التدابير الاحترازية بعض العقوبات التبعية أو التكميلية التي يقررها القانون المصري (المواد ٢٤ وما بعدها) مثل الحرمان من الحقوق والمزايا، والوضع تحت مراقبة الشرطة، والمصادرة في بعض صورها. ومن (١) العقوبة نوعان: » : وهكذا قيل(أحدهما) على ذنب ماض، جزاء بما كسب نكالا ً من الله، كجلد الشارب والقاذف، وقطع المحارب والسارق. (الثاني) العقوبة لتأدية حق واجب، وترك محرم في المستقبل، كما يستتاب المرتد حتى يسلم، فإن تاب؛ وإلا قتل. وكما يعاقب تارك الصلاة والزكاة وحقوق الآدميين حتى يؤدوها. فالتعزير في هذا الضرب أشد منه في الضرب الأول. ولهذا يجوز أن يضرب مرة ابن قيم الجوزية: السياسة « بعد مرة حتى يؤدي الصلاة الواجبة، أو يؤدي الواجب عليه . الشرعية، ص ٨٣ ذلك أيضا: حظر الإقامة في مكان معين أو منطقة معينة، والإلزام بالإقامة ً في مكان معين، وحظر التردد على أماكن معينة (م ٨٨ مكرر(د) من قانون العقوبات المصري)، أو الحرمان من ممارسة مهنة أو حرفة معينة، أو حجز المريض في إحدى د ُ ور ا لعلاج (١) . :…RGôàM’G ô«HóàdG ≥«Ñ£J ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG (Ü وقد عرف الفقه الإباضي في أحوال كثيرة فكرة التدابير الاحترازية. وهكذا بخصوص مسألة: ومنه وما تقوله في رجل ضربه رجل من قبيلة أخرى، فأراد الضارب أن يسلم له ما يجوز له عليه، فأبى المضروب أن يقبل منه ذلك وخوفه يريد منه القضاء بيده من غير أمر الحق، أيحكم على المضروب أن يقبل ما يجوز له على خصمه أو يبريه من مطلبه أم لا؟ وإن لم يجز فيجوز أن يحجر عليه حمل السلاح، وكذلك قبيلته يحجر عليهم حمل السلاح أم لا؟ وإن لم يجز فيجوز أن يحجر عليه هو وقبيلته الدخول في بلد خصمه إذا قال خصمه: إنه خائف منهم الضرب بغير أمر الحق وهم وبالله التوفيق أنه يقال » : غير ثقات أفتنا رحمك الله، جاء في فواكه البستان للمضروب إما أن يأخذ الأرش أو يقتص بمحضر المسلمين إن كان يمكن فيه القصاص أو يبرئ صاحبه، وإن خالف وخيف منه البطش، وكان صاحب « بطش فلا يضيق أن يمنع عليهم ا لسلاح (٢) . (١) راجع أيض ً ا: د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون العقوبات المصري القسم العام، ص ٧٤٣ ٧٦١ ؛ د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة . الإسلامية والقانون. ص ٥٥٥ ٥٥٩ (٢) . الشيخ سالم العبري: فواكه البستان، ص ٦١ وبخصوص مسألة: ومنه وفي رجل وقعت منه فتنة على رجل، وحضر بينهما أحد من الناس وشهدوا عليه أنه متعدي على صاحبه بالفتنة، وكان ذلك في السوق الذي يجتمع فيه الناس للبيع والشراء، كان في البلد أو في غيرها، أيجوز أن يرفق عليه دخول السوق وحمل السلاح بعد الحبس أم لا؟ جاء في ذات ا لمرجع: « أنه جائز إذا رأى القائم بالأمر ذلك »(١) . كذلك جاء في المدونة الكبرى والصغرى: قلت لأبي المؤرج فهل يحبس الرجل في السجن بعد ما يقام عليه » الحد قال: إن كان يخاف من شره وغائلته أن يؤذي الناس ويسرقهم استوثق  منه وأطيل حبسه قال ابن عبد العزيز: إذا حبس الرجل في السجن بعد إقامة « الحد عليه إذا استوفى في حق الله فيه خلي سبيله (٢) . وجاء في هداية ا لمبصرين: قلت له: هل لوالي الإمام أن يحجز الخروج ليلا » ً على أهل البلد إن كثرت المفاسد، ورأى ذلك قطعا لها وحسما لمادتها؟ ًً قال: إن على هذا الوالي أن يجتهد في صلاح البلد وحفظ الرعية من جميع المضار، فإن أعجزه دفع الفساد إلا باستعمال ذلك الوجه الذي ذكرته من منع الناس من الخروج ليلا ً ساغ له ذلك عندي، وكان هذا الوجه من باب دفع الضررين بأخفهما ضررا إلى أن يخف الفساد ويأمن العباد ويرفع ً « ذلك عن أهل ا لبلد(٣) . (١) . ذات المرجع، ص ٩٧(٢) .١٩٨ ، الخراساني المدونة الصغرى، ج ٢، ص ٧٢ ؛ المدونة الكبرى، ج ٣، ص ١٩٣(٣) أبو عبيد السمائلي: هداية المبصرين في فتاوى المتأخرين، ص ٥٠٠ ، كذلك يقول النزوي: = وجاء في المصنف بجواز ذلك حتى بالنسبة للصبيان إن كان ثمة خطورة يمكن أن يحدثوها. يقول ا لنزوي: وأما حبس الصبيان، فلا يبين لي إجازته ذلك، عن طريق عقوبة، ما لم » يكونوا بحد من تلزمه أحكام البالغ ولكنه إن رأى الحاكم حبسه، إذا تبين منه الفساد لقطع مادة الفساد عن الناس، وأن لا يهمل شيء من إصلاح أمور الرعية، كان ذلك وجها. ويكون حيث يأمن عليه. ً وإن خيف منه ضرر على أحد، أو رجا دفعه وأمنه من العقوبة، في غير حبس في مسجد، أو في مجلس الحاكم فحسن، وأما على فعله الذي قد فعله فتركه أو كد. وقد حبس ا لمهنا بن جيفر غلاما، دون المراهق في القتل، على عهد ً محمد بن محبوب، وغيره من ا لمشايخ. « وفي موضع: حتى إن رجليه ذهبتا من ا لقيد(١) . يتضح مما تقدم أن تطبيق التدابير الاحترازية، عند ا لإباضية، يحكمه ّ القواعد ا لآتية: ١ أن مناط تطبيق التدبير الاحترازي هو وجود خطورة إجرامية لدى الشخص يخشى منها ارتكابه لأفعال محظورة. ٢ أن التدبير الاحترازي يستمر تطبيقه طالما استمرت تلك الخطورة الإجرامية. ٣ أن تطبيق التدبير الاحترازي يستوي فيه أن يكون الشخص ذو الخطورة = وللحاكم إذا كان العبد مخوف » ً « ا، إن أخرج أن يدعه في الحبس، وينفق عليه من مال الله . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ١٦٩(١) . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ١٧٠ الإجرامية قد ارتكب جريمة لما تزل خطورته قائمة رغم قضائه العقوبة التي حكم عليه بها، أو لم يرتكب الجريمة لكن يطبق عليه التدبير لمنعه من ذلك. ٤ أن تطبيق التدبير الاحترازي ينتهي بزوال الخطورة الإجرامية التي دعت إلى تطبيقه. تشير إلى ماهية المسألة، والأغراض الخمسة التي ترمي العقوبة إلى تحقيقها. ∫hC’G åëѪdG ádCÉ°ùªdG á«gÉe للعقوبة أغراض معينة ترمي إلى تحقيقها(١) . ويقرر رأي أن ثمة نظريات ثلاث تسوغ العقوبة في الفكر القانوني والفلسفي ا لمعاصر: أولاها: أن العقوبة هي الجزاء العادل (أو المقابل) للجريمة. والثانية: أن العقوبة ترمي بتقريرها وتؤدي بتوقيعها إلى منع وقوع الجريمة في ا لمستقبل. (١) أن العقوبات » لكن هل العقوبات جوابر أم زواجر؟ يقرر الرأي السائد في الفقه الإسلامي جوابر، بمعنى أنها لو نفذت في الجاني في الدنيا وقته عذاب الآخرة. وفي هذا يقول رسول الله ژ : « من أذنب ذنبا فعوقب به في الدنيا، لم يعاقب به في الآخرة » . إلا أن بعض ً الفقهاء يرى أن العقوبات زواجر قبل ارتكاب الجريمة، أي: مانعة من الإقدام عليها، جوابر راجع: د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في « بعد تنفيذها في الجاني . الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٤٨٩ ٤٩٠ العقوبة جزاء وضعه الشارع للردع عن ارتكاب ما » بينما يقول أستاذنا د. سلام مدكور: إن د. محمد سلام مدكور: « نهى عنه، وترك ما أمر به، فهي قبل الفعل موانع وبعده زواجر . المدخل للفقه الإسلامي، ص ٧٣١ والثالثة: أن العقوبة إجراء تقويمي يؤدي إلى إصلاح المجرم فلا يعود إلى ارتكاب الجريمة مرة أخرى(١) . الأصول التي تقوم عليها العقوبة في الشريعة ترجع إلى » كذلك قيل: إن أصلين أساسيين أو مبدأين عامين، فبعضها يعنى بمحاربة الجريمة ويهمل شخصية المجرم، وبعضها يعنى بشخصية المجرم ولا يهمل محاربة الجريمة، والأصول التي تعنى بمحاربة الجريمة الغرض منها حماية الجماعة ً من الإجرام، أما ا لأصول التي تعنى بشخص المجرم فالغرض منها إصلاحه. وقد قامت نظرية العقوبة في الشريعة على هذين المبدأين المتضاربين، « ولكن الشريعة جمعت بين المبدأين بطريقة تزيل تناقضهما ا لظاهر(٢) . وفي الفكر الجنائي المعاصر للعقوبة كذلك خصائص وشروط كثيرة(٣) .  ويمكن أن نذكر بخصوص أغراض العقوبة عند ا لإباضية ما يلي: ّ ١ يمكن تلخيص غرض العقوبة في المذهب الإباضي في عبارة وجيزة الانتهاء عن المحارم، وتسلية المظلوم وتهديد الظالم، » : هي أن غرضها .« ومنع الناس من اقتحام ا لمظالم ٢ لا تتعارض الأغراض الخمسة للعقوبة، التي سنذكرها، ولا تتناقض فيما أي: يكمل كل منها « مكملة » بينها، بل بالعكس هي ذات طبيعة الآخر. الأمر الذي يعني أنها كلها يجب تحقيقها بقدر ا لإمكان. (١) . د. محمد سليم العوا: في أصول النظام الجنائي الإسلامي، ص ٧١ ٧٧ (٢). عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٦١١(٣) يشمل ذلك: صفة الإيلام المقصود في الجزاء، وتعبيره عن اللوم الأخلاقي، واستهداف أغراض أخلاقية ونفعية به، وخضوعه لمبدأ الشرعية، وطابعه الشخصي، والمساواة أمامه، وتناسبه كما ونوع ً د. أحمد عوض بلال: مبادئ قانون « ا مع الجريمة، وطابعه القضائي . العقوبات المصري القسم العام، ص ٧٢٣ ٣ يوجد عند ا لإباضية قول حكيم، هو: ّ لو عوقب الناس على جميع ما تجب به العقوبة أو تصح لفقدت حس » الناس في الطرق، وما كل مقول مقبول ولا كل جائز مفعول، والتغافل من « سجية ا لعاقل (١) . »fÉãdG åëѪdG É¡≤«≤ëJ ≈dEG áHƒ≤©dG »eôJ »àdG á°ùªîdG ¢VGôZC’G في الفقه الإباضي يمكن رد أغراض العقوبة إلى خمسة، هي: :»fÉédG ΩÓjEG (CG    هذا أمر ثابت في جوهر أي عقوبة. وهو الذي يجعل الجاني يشعر بجسامة ما ارتكبه. وتوقيع العقاب على الجرائم التي تم ارتكابها أمر ضروري لتلافي وقوعها مستقبلا ً ، حتى ولو كان المرء لاعتبارات إنسانية يميل إلى غير ذلك. يقول تعالى بخصوص الزانية والزاني: ﴿ 654 :987 ﴾ [ [النور: ٢ أي: لا تمتنعوا عن إقامة » : يقول الإمام القرطبي « الحد شفقة على ا لمحدود(٢) . يقول البسيوني: قد أوجب الله الحدود على المقرين بها ممن أتى ما يوجب عليه حدا » في الدنيا، عقوبة من الله له ونكالا ً ، وأن يرتدع العباد عن ذلك، كالقاتل « والزاني والسارق والقاذف، وشارب الخمر بالسنة لا اختلاف في ذلك(٣) . (١) . عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ٢٥٤(٢) . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ١٢ ، ص ١٦٥(٣) . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٩٧٢ لذلك من القواعد الفقهية ا لإباضية قاعدة: ّ « لا رفق في ا لمعصية »(١) . يؤيد ذلك قوله تعالى بخصوص الزانية والزاني: ﴿ 87654 <;:9 = @?> ﴾ [ [النور: ٢ . يؤيد ذلك أيضا أن الفقه الإباضي يقول بخصوص تطبيق الحد على ً السكران: يؤخره الإمام إلى أن يصحو أو يذهب السكر عنه، وحجتهم أنه في » « حال سكره لا يؤلمه الحد كما يؤلمه في حال صحوه ورجوع عقله(٢) . ومما يؤيد الإيلام كغرض للعقوبة عند ا لإباضية، قولهم: ّ « إنما جعل الحبس عقوبة لمن يستحقه، فكيف يرفه فيه »(٣) . كذلك قالوا: شرع الله تبارك وتعالى الحدود ردع » ً ا لأهل المعاصي وزجرا لهم عن ً « ارتكاب ا لفواحش(٤) . وبخصوص المحبوس الذي يطلب أن تكون زوجته معه، قيل برفض لأن الحبس ضرب من العقوبة، وأما الزوجة معه فترفيه وراحة » : هذا الطلب له، وليس مع العقوبة راحة ولا نعيم. (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٠٦٧ ؛ انظر كذلك: ج ١، ص ٤٤١ ّ (٢) . العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ١٦٤ ١٦٥ ؛ الأصم: البصيرة، ص ١٧٤ ١٧٥(٣) ، الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ١٤١ ؛ النزوي: المصنف، ج ١٢ . ص ١٠٣(٤) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ٢١١ وأيضا فإن إدخال السرور عليه يجرئه على التهاون بالحقوق وإن كان ً محبوسا عليها بالخيانات إن كان مأخوذ ً « ا بها(١) . ً وقد تأكد توضيح هذا الغرض للعقوبة مما جاء في الجامع المفيد، بخصوص عقوبة ا لسجن(٢) . (١) ، الشيخ أبو زكريا: الإيضاح في الأحكام، ج ٣، ص ٢١٩ ؛ النزوي: المصنف، ج ١٢ . ص ١٠٥ (٢) وهكذا قيل: والسجن يقع على المسجون على وجهين: » الوجه ا لأول: يكون نكالا ً له لما ارتكب من المحجورات التي يجب فيها الحبس بالنظر من أولي الأمر، واجتهاد النظر لله لا لأحد فيه حق وليس في ذلك حد سوى النظر من القائم بالأمر والمشورة لأهل العلم ومن لم يفعل هذا عن أولي الأمر بنظر منه لوجه من الوجوه، جاز له، وليس ذلك بمكفر، ولا نرى عيبا يلحقه فيه سوى التقصير عما بالغ فيه ً غيره، إذا كان الفاعل ممن لا يعرف بجهل، وإنما ذلك منه غلط وتقصير، لأن العقوبة نكال، والله يتجاوز عن السيئات عند اجتناب ا لمكفرات. ومنه ما يكون المرتكب يعرف بكثرة ارتكاب ذلك والعادة في التمادي فيه، فهذا أشد لقول الله تعالى: ﴿ ÜØ ﴾ [ [المائدة: ٩٥ . والوجه الثاني: يقع عليه مما انتهكه من أموال الناس، فهذا أشد الأمور، فهذا ومثله من وجه واحد ما لم يتعلق على المسجون فيه حق يلزمه أداؤه، وحبس الدماء والحدود الكدمي: .« والتهم والحقوق واحد، وكله عقوبة ينتهي بكل واحد على قدر معصيته وذنبه ، الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ١٤٩ ١٥٠ ؛ النزوي: المصنف، ج ١٢ ص ٩٥ ٩٦ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١١٧ ١١٨ ؛ الكندي: بيان الشرع، . ج ٢٩ ، ص ١٢٩ ١٣٠ وتقول المحكمة العليا في سلطنة عمان: ُ الدية شرع » ً ا وقانون ً ا هي المال المقدر من قبل المشرع عملا ً بمبدأ تكافؤ الدم والنفس في الإسلام وإن المعمول به شرع ً ا أنه متى ثبت القتل الخطأ فإنه يجب الحكم بالدية الشرعية على مرتكبه باعتبار أن الدية وإن كان فيها عنصر التعويض إلا أنها في الأساس المقدرة شرع ً ا لجريمة القتل الخطأ وهي تدخل في ذمة ورثة المجني عليه، ولهذا قال الفقهاء: إن في الدية إطفاء للألم والغيظ في نفس ذوي المجني عليه، وتعويضا للآلام النفسية التي تصيبهم وهي تشمل كافة التعويضات عن القتل الخطأ، ومن ثم فإن الدية يقصد منها = وإذا كان الإيلام هو أحد أغراض العقوبة عند ا لإباضية، فإن المقصود به ّ الإيلام المعقول الذي يحقق الغرض منه، ولا يتجاوزه إلى تحقيق أوجه معاناة غير مبررة أو آلاما غير مفيدة، وإلا كان هذا محلا لاستهجان العقلاء ً  والفقهاء والحكماء فضلا ً عن ا لعامة. يكفي أن نذكر كمثال ما جاء في فواكه ا لعلوم: ومنه إليه (رحمهما الله) وفي عامل حبس رجلا » ً في مطمرة، على سبع صديات، فمات من يومه أيضمنه أم لا؟ الجواب، وبالله التوفيق، إن هذا العامل على صفتك هذه، يلزمه الضمان، إذا صح هذا الفعل الذي ذكرته، بشهادة شاهد َ ي عدل، أو إقرار منه، وقد ْ ضاق صدري من هذا الفعل الذي ذكرته في كتابك. الذي جاء في آثار المسلمين كل من كان أشد ابتلاء، كان أشد مخافة. حتى قيل: إن ملائكة « السماء قالت: كل من كان أقرب كان أرهب(١) . :OÉ°ùØdG ™æe (Ü هذا أمر ثابت. تقول دار الإفتاء ا لمصرية: ومثل هذا أيض » ً ا يقال في المشقة المصاحبة لإقامة الحدود؛ كالرجم والقطع والقصاص والجلد، فمشروعية العقوبة الزاجرة عن الإفساد والإضرار بالمجتمع أمر تقره جميع الأديان والشعوب والحضارات؛ وإلا لانتشر الظلم = الزجر والردع وحماية الأنفس رأى المشرع تحديدها تشريف ً ا للآدمي وتميز ً ا له عن الأموال .« وقطعا لما يقع من مغالاة في طلبها ً مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها . ٢٠١١ ، ص ١٠٠ ١٠١ /٦/ ٢٠١٠ وحتى ٣٠ /١٠/ في الفترة من ١(١) . الشيخ عبد الله الخراسيني النزوي: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، ج ٣، ص ٣٥١ والسطو والتعدي بين أفراد المجتمع وتصير حياة البشر محكومة بقانون الغابة، وبديهة العقول والطبائع الإنسانية ترفض مثل هذا الفساد وتأبى الانحدار إلى رتبة الحيوانية المحضة، فمن هنا يتبين أن المشقة الواقعة مع الجهاد والحدود والعقوبات هي مشقة ملغاة لجريان عادة البشر بتحملها، « سواء أتى بها الحكم الشرعي أم لا(١) . يقول الشيخ الخراسيني: فبإقامة الحدود يحصل نصر الإسلام، ونشر الأحكام، وقهر الأنام، » « وزجرهم عن ا لآثام(٢) . الأولى أن يرسل إليها الإمام » : وبخصوص امرأة ولدت من غير أب، قيل حتى يعلم ما عندها، فإن أقرت بما يوجب الحد أقامه عليها، أو جاءت بما يدرأ عنها درأه، ولا يسعه السكوت إذا أخبره الأمناء بذلك، بل يجب عليه القيام قطع ً ا لمادة الفساد وأخذ ً « ا لأهل الريب والمناكر(٣) . :´Oô`dG (ê يشكل الردع Deterrence- La dissuasion غرضا من أغراض أية عقوبة. ً يتضح ذلك من قوله تعالى بخصوص الزاني والزانية: ﴿ DCB FE﴾ [ [النور: ٢ . (١) . دار الإفتاء المصرية: ضوابط الاختيار الفقهي عند النوازل، القاهرة، ١٤٣٤ ه، ص ١٧٣(٢) . الشيخ عبد الله الخراسيني: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، ج ٣، ص ٣٣٦(٣) عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ١٠٧ ١٠٨ ، ويقول ا لرستاقي: وعندي أن التعزير على ما يرى الحاكم، وليس هو بشيء مؤقت معروف، إلا على ما يرى »الإمام من ذنب الجاني وجهله. ولا يكفر الإمام بترك التعزير، كما يكفر بترك الحدود إذا وجبت، إلا أنه ينبغي له أن لا يترك شيئ ً ا من المنكرات إلا نهى عنها، ولا شيئ ً ا من الفضائل إلا . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٨، ص ٢٥ ٢٦ « أتاها. ولا يترك أهل الفساد يجترئون على الفساد ولا شك أن الغرض من ذلك يرمي، بين أمور أخرى، إلى تحقيق: ١ الردع في نفوس من يشهد توقيع العقوبة (الأثر الذاتي بالنسبة لهم).  ٢ الردع في نفوس من لم يشهد توقيعها، عن طريق ما يحكي له ممن حضروا، أو لمجرد علمه بتوقيع العقاب (الأثر الغيري للعقوبة) (١) . يقول ابن قيم الجوزية: فكان من بعض حكمته سبحانه ورحمته أن شرع العقوبات في » الجنايات الواقعة بين الناس بعضهم على بعض، في النفوس والأبدان والأعراض والأموال، كالقتل والجراح والقذف والسرقة؛ فأحكم سبحانه وجوه الزجر الرادعة عن هذه الجنايات غاية الإحكام، وشرعها على أكمل الوجوه المتضمنة لمصلحة الردع والزجر، مع عدم المجاوزة لما يستحقه الجاني من الردع؛ فلم يشرع في الكذب قطع اللسان ولا القتل، ولا في الزنا الخصاء، ولا في السرقة إعدام النفس. وإنما شرع لهم في ذلك ما هو موجب أسمائه وصفاته من حكمته ورحمته ولطفه وإحسانه وعدله لنزول « النوائب، وتنقطع الأطماع عن التظالم والعدوان(٢) . وقد أكد الفقه الإباضي على الردع كغرض للعقوبة. يقول ا لبطاشي: فإن المقصود من القصاص والحد الزجر عن القتل العمد العدواني » والردع عن المعاصي المذكورة والكل من ذلك حاصل ظنا فمن ثم ترى « ظهور الطاعات واختفاء المعاصي عند ظهور ا لعدل(٣) . (١) وفقه ذلك أن الحد يردع المحدود، ومن شهده » : بخصوص ذات الآية، يقول ابن العربي راجع: ابن الأزرق « وحضره يتعظ به، ويزدجر، ويشيع حديثه، فيعتبر به من بعده . الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، ج ٢، ص ٦٥٨ (٢) ابن قيم الجوزية: إعلام الموقعين عن رب العالمين، ج ٢، ص ٩٥ وما بعدها. (٣) البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة . عمان، ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ج ١، ص ٣٢٩ ُ ويقول سماحة المفتي العام لسلطنة ع ُمان: ولم تشرع العقوبات المتنوعة في الإسلام إلا لردع الذين يشذون عن » منهج الحياة الإسلامية السليم، وهؤلاء هم الذين لم يجد فيهم الإصلاح التربوي بسبب شذوذ طبائعهم عن الفطرة الإنسانية ا لسليمة(١) . ولأن الردع من أغراض العقوبة، جاء في طلعة ا لشمس: إن السكران لا يقام عليه الحد في حال سكره، لكن ينتظر به »  الصحو، فإذا صحا أقيم عليه حد السكران، وسائر الحدود الثابتة عليه؛ لأن ذلك أزجر له وأردع؛ لأن الصاحي أشد تألما بالحد من ً « السكران(٢) . وهو ما أخذ به أيضا العوتبي، بقوله: ً « ولا يجلد السكران حتى يصحو »(٣) . (١) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: جواهر التفسير، مكتبة الاستقامة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ص ٩٢ . كذلك يقول ا لخراسيني: الحمد لله الذي جعل الحدود رادعة عن بأس التعدي والظلم، قامعة لأهل الفسوق »والجرم، دافعة بأس المعتدين، مساوية بين المقلين والمكثرين، ولولا ذلك لأكل الناس بعضهم بعض ً ا، ولفسدت الأرض والديار، ونفدت الأعمار، ولكان كل من غلب صاحبه أن يقتله، ويتعدى عليه، ويظلمه، ولكن الله من على عباده بإقامة الحدود، والقصاص، من كل باغ عتود. لقوله 8 : ﴿ §¦¥¤ ¨ «ª© ﴾ [ [البقرة: ١٧٩ كلام في غاية الفصاحة والبلاغة. من حيث جعل الشيء محل ضده، وعرف القصاص، ونكر الحياة، ليدل على أن في هذا الجنس نوعا من الحياة عظيما، وذلك أن العلم به ًً .« يردع القاتل عن القتل فيكون سبب حياة . الشيخ عبد الله الخراسيني النزوي: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، ج ٣، ص ٣٥٥(٢) . السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٨٨(٣) . العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ١٥٩ X﴾ [ [المائدة: ٦ ، وقال كذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ ¤ §¦¥ ﴾ [ [البقرة: ١٧٩ ، نوع من الحياة عظيم في شأنه، كثير بأفراده، لأنه إذا علم » : يقول أطفيش مريد القتل ظلم ً ا أنه ي ُقت َ ل إذا ق َت َ « ل، كف عن ا لقتل(١) .  :»fÉédG ìÓ°UEG (O من أغراض العقوبة أيض ً ا إلى جانب الإيلام والردع إصلاح الجاني. ومن المعلوم أن مبدأ التخفيف عن الإنسان ومراعاة أحواله هو أمر ثابت إسلاميا: قال الله 8 : ﴿ §¨©ª«¬®¯° ¹¸¶µ´² ﴾ [ [البقرة: ١٨٥ ، ³±  WVU T S وقال تعالى: ﴿ R تعالى: ﴿ z}|{~ے ¡﴾ [ [الحج: ٧٨ ، وقال تعالى: ﴿ /   76543210 ﴾ [ [النساء: ٢٨ ، وقال تعالى ﴿ § © «¬ ﴾ [ [البقرة: ٢٨٦ ، وقوله تعالى: ﴿ nml ª¨ o qp rs ﴾ [ [الأنفال: ٦٦ . من أجل ذلك قيل بخصوص ا لعقوبات: العقوبات الشرعية إنما شرعت رحمة من الله تعالى بعباده. فهي صادرة » عن رحمة الله بالخلق، وإرادة الإحسان إليهم. ولهذا ينبغي لمن يعاقب الناس على ذنوبهم أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة لهم، كما يقصد الوالد « تأديب ولده وكما يقصد الطبيب معالجة ا لمريض(٢) . (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١، ص ٣٧٤ ؛ الرقيشي: النور الوقاد على علم الرشاد، ص ١١٩(٢) الشيخ علاء الدين الدمشقي: الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، مكتبة . السنة المحمدية، القاهرة، ١٣٦٩ ه ١٩٥٠ م، ص ٢٨٨ وقد أكد ا لإباضية على هذا الغرض من أغراض العقوبة، لدرجة أنهم ّ اعتمدوا قاعدة: إن الحبس ليس بفريضة مفروضة، وإنما هو صلح اصطلح عليه » .« المسلمون نظرا منهم للرعية ً وكذلك قاعدة: « الحبس ليس بفريضة وإنما هو استصلاح للمسلمين »(١) . وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك بخصوص حالات كثيرة وأمثلة عملية عديدة(٢) . وضابط ذلك كله ما جاء في ا لمصنف: (١) لكن هذا الإصلاح يجب ألا يتعارض مع تحقيق الأغراض الأخرى للعقوبة. يؤيد ذلك المثال الآتي. فقد جاء في فواكه ا لعلوم: قلت له: والمقيد إذا كان في حجر الإمام، فطلب أن تكون زوجته عنده، أيجاب إلى ذلك أم لا؟ »قال: لا يجاب إلى ذلك لأن حبس المسلمين عقوبة وليس فيه سلوة. قال المؤلف: السلوة بفتح السين وجزم اللام هو الرخاء تسلية عن الهموم؛ والفعل منه .« سلا عن الشيء يسلو سلوا إذا استراح والله أعلم ً الشيخ عبد الله الخراسيني النزوي: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، الطبعة الأولى، . مسقط، ١٤١٥ ه ١٩٩٤ م، ج ٢، ص ١٤٧ ويبدو هذا الغرض النفعي للعقوبة استصلاح الجاني من تعريف الفقه الإسلامي ؛ الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ٣٨٦ « تأديب استصلاح وزجر » للتعزير، بأنه د. عبد العزيز عامر: التعزير في الشريعة، الإسلامية، ص ٥٢ ؛ الإمام الطرابلسي الحنفي: . معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام، ص ١٩٤(٢) يكفي أن نذكر منها ثلاثة: فقد جاء في فواكه ا لبستان: في جواب القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن جمعة عبيدان » 5 أن المدان لا يحبس إلا في بلده، غير أنه قد قال بعض المسلمين: إذا كان الحق كثيرا فلا يضيق على ً الحاكم حبس المدان في بلده أعني بلد الحاكم، وأما إذا دان المدان بالوفاء وأمر ببيع ماله لقضاء ما عليه فلا حبس عليه والله أعلم، ومن غيره وأما إذا أراد أهل هذا الرجل أن يأتوا له فراش ً ا مثل الحصير أو غيره من الفرش الصوف فإن كان هذا الرجل من أهل الترفه =  لولاة الأمر أن يؤدبوا الرعية، بغير إفراط ولا تعد، على قدر أحداثهم » في جنايتهم. ونحن لا نأمر في ذلك بشيء، إلا أن على الولاة النظر « والاجتهاد، في مصلحة ا لرعية(١) .  = ومن يستحق ذلك فلا أقول إنه يضيق ولا يلزم الوالي شيئ ً ا لأن الحبس ليس بفريضة مفروضة، وإنما هو صلح اصطلح عليه المسلمون نظرا منهم للرعية، والوالي هو الناظر ً .« في مصالح رعيته ولا إثم عليه في ذلك . الشيخ سالم العبري: فواكه البستان، ص ٢٧ وجاء في صراط ا لهداية: مسألة: وعنه » 5 ، وفيمن ادعت عليه زوجته أنه باع لها بقرتها، وأقر هو بذلك، وقال: إنى لم أقدر على حفظها من أجل أنها تأكل حبالها وتضر على الناس، وأقر أنه باعها بغير أمر الزوجة والزوجة صبية أو بالغ، أيجب على مثل هذا حبس أم لا. ويكون القول قوله في القيمة، وأن هذه البقرة ما تسوى أكثر من كذا وكذا مع يمينه. الجواب: وبالله التوفيق، إن الحبس ليس بفريضة مفروضة، وإنما هو صلح اصطلح عليه المسلمون نظرا منهم للرعية. وإن كان هذا الرجل ليس معروف ً ا بالتجربة، وإنما وقع منه ً بيع بقرة زوجته على وجه الغفلة، أو أنه لم يقدر على حفظها فلا حبس عليه، وعليه قيمة البقرة والقول قوله في القيمة، وإن كان هذا الرجل معروف ً ا بالتجري وقلة المبالاة فيعجبني . حبسه، مبارك الغافري: صراط الهداية، ج ٢، ص ٦٠ وجاء في فواكه ا لعلوم: قلت له: ومن كان في الحبس لأجل حق الله لا للعباد، فشكاه رجل أن عليه له حقا، »أيجوز لنا أن نفسح له ليوفي الحق الذي عليه، وإن كان جائز الفسح له، فما حده من الأيام، إذا لم ينقض حبسه؟ قال: النظر في ذلك إلى القائم بالأمر. فإن كان في نظره أن يفسح له أصلح لأمر المسلمين، لم يضع عليه ذلك؛ لأن الحبس ليس بفريضة وإنما هو استصلاح للمسلمين، ليكف الباغي عنهم، لأن المفسد إذا تركت عقوبته حتى تشهد بينة عادلة على فساده لسفك الظلمة الدماء، وأخذوا الأموال بغير حلها، واستباحوا المحرمات إذا قدروا على الشيخ عبد الله الخراسيني: فواكه العلوم في .« شيء من ذلك، عند عدم العدول بحضرتهم طاعة الحي القيوم، الطبعة الأولي، مسقط، ١٤١٥ ه ١٩٩٤ م، ج ٢، ص ١٤٤ . انظر أيض ً ا مثالا ً . آخر في ذات المعنى: أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ٢٤٥(١) . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٨٧ ٨٨ وإصلاح الجاني كغرض للعقوبة واجب بداهة بالنسبة لكل الجناة: المكلف منهم وغير المكلف. لذلك قيل: تأديب الاستصلاح يعم المكلف وسواه: كتأديب الصبيان والبهائم » « والمجانين (١) . ومما يظهر حرص ا لإباضية على الإصلاح كهدف للعقوبة، قول ا لنزوي: ّ فيمن ينسب إليه حال، يستوجب بمثلها الحبس. فرأى الحاكم أن تركه » عن الحبس أصلح من حبسه، وأقوى في الإسلام. هل له تركه؟ قال: هكذا عندي. وقد قيل ذلك. « وكذلك التعزير، إلا الحدود، إذا وجب شيء منها، وجب إقامتها (٢) . :ádhódG Iƒbh áÑ«g QÉ¡XEG (`g لا شك أن وضع حد للجرائم المرتكبة عن طريق توقيع العقوبات الواجبة على مرتكبها فيه بسط لهيبة الدولة، وإظهار قوتها من أجل ردع الظالم ومنع ا لمظالم. وقد أكد على هذا الغرض للعقوبة المحقق الخليلي، بقوله: والعناية بهذا المقام واجبة على السلطان أو من قام في مقام السلطان » بإذنه من وال أو أمير وليس لهم إبطال العقوبات والإغضاء عن المنتهكين لمحارم الله فيؤدي ذلك إلى الإخلال بالهيبية والتهاون بالأوامر والمناهي والجراءة على فعل المنكرات واستباحة الفواحش الموبقات والله لا يرضى بذلك فالغضب والإغلاظ واجب على من غضب الله عليه فإن السجاحة (١) . ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، ج ٢، ص ٦٦١(٢) . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٩٦ والرحمة لها مواضع وأهل وللغضب والزجر مواضع أخرى ووضع كل واحد منهما في موضع الآخر ظاهر الفساد باطل الأصل والفرع مضاد للحكمة عقلا ً ونقلا ً كما قيل في المثل شعرا: ً « ووضع الندى في موضع السيف للعدى مخل كوضع السيف في موضع ا لندى(١) ُ كذلك يقول: إن مرتكب الجرم يجب أن يؤخذ بما:  عرف من حاله إرهابا له ولأشكاله ففي ذلك معزة الدين وصلاح الدنيا » ً وقطع المظالم وكف معزة الظالم وبالجملة فهذه الأحوال كلها محتاجة إلى « النظر من أهله لا يستغني فيها بمستودع ا لسطور(٢) . ويعتبر الفقه الإباضي الحاكم الذي لا يحقق هذا الغرض للعقوبة بأنه: « ليس بإمام »(٣) . (١) .٨٨ ، المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ٧٦(٢) .٨٨ ، ذات المرجع، ص ٧٦(٣) :« الممتنعين من الحدود من ا لإمام » فقد جاء في المدونة الكبرى بخصوص وإن أقر قوم بالقصاص أنه حق، وأبوا أن يعطوه من أنفسهم، فعلى الإمام قهرهم على »ذلك، فإن امتنعوا وقاتلوه فللإمام أن يقاتلهم حتى يعطوا من أنفسهم الحق الذي عليهم. قال: أفهو كذلك لا يقوى عليهم؟ ؟« لا قوة لي بهم » : قلت: إنه يقول قلت: نعم، قال: فليس هذا بإمام يقتدى به عند من يرجو الضعيف أخذ حقه، وكذلك إذا لم يكن إمام يقهر الناس، ويأخذهم بما يجب عليهم من الحدود، وينصف منهم للمبغي عليه، إذ ً وبالتالي، فعليه أن: .« ا تعطل الحدود، وتهدر الدماء، وتبطل الحقوق لضعف هذا الإمام ينفذ أحكام الله ويقتصها ممن هي قبله، أو يعتزل أمور المسلمين؛ إذا لم يقو على إنصاف »بعضهم من بعض، والأخذ بالحقوق التي امتنع بها منه، لا يسعه غير ذلك، ولا يسع المسلمين الذين بحضرته متابعته على هذا والكون معه، وهو لا ينفذ أحكامه ولا يمضي أموره، لأن هذا ليس بإمام، وإنما الإمام الذي يقهر الناس ويحملهم على أحكام الله .« بالرضا منهم أو ا لإكراه . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبري، ج ٣، ص ٣١٦ ٣١٨ إذا ثبتت عقوبة ما على شخص معين، فإن ذلك يقتضي تنفيذها، أي: تطبيقها من الناحيتين الفعلية والواقعية. وقد بحث فقهاء المذهب الإباضي أكثر المسائل التي يثيرها مثل هذا التنفيذ، والتي يمكن إيجازها في أمرين: المسائل التي يثيرها تنفيذ العقوبة، والقواعد التي تحكم تطبيقها. ∫hC’G åëѪdG áHƒ≤©dG ò«ØæJ Égô«ãj »àdG πFÉ°ùªdG يثير تنفيذ العقوبة مسائل ومشاكل كثيرة، أهمها ما يلي: :áHƒ≤©dG ò«ØæJ á«Ø«c hCG á∏«°Sh (CG يبدو من كتابات الفقه الإباضي أن وسيلة التنفيذ التي تسبب أوجه معاناة غير مبررة أو آ لاما غير مفيدة (كاستخدام السم أو النار)، يجب بقدر ً الإمكان تجنبها، وعدم اللجوء إليها إلا ا ستثناء. وهكذا يقول ا لمحيلوي: وأما إذا ألقى رجل رجلا » ً في النار ظالما فيموت بالنار، فقيل: إنه يطرح ً في النار حتى يموت، وقيل: إنه يضرب بالسيف. وكذلك القول في الذي « يقتل بالسم(١) . ويقول البطاشي: يقتل الجاني بسيف لا بنار أو دخان أو سم أو خناق أو إغراق ولو قتل » الجاني غيره بها أو امتنع، وجوز أن يقتل الجاني بنار أو نحوها إن قتل بها لقوله «.. المرء مقتول بما قتل » : ژ الحديث. وهكذا إن امتنع بل يقتل بذلك « وبكل ما أمكن إن ا متنع(٢) .  أما عن كيفية التنفيذ فقد بحثه الفقه الإباضي بإسهاب شديد ووضع كيفية وطرق ا لتطبيق(٣) . (١) . المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، ج ٣، ص ٣٨٤(٢) البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ٢٠١ ٢٠٢ ؛ أطفيش: شرح . النيل، ج ١٥ ، ص ٢٦٤ (٣) ، انظر: كيفية الرجم، والجلد، والعقوبة بالقيد والسلسلة وغيرها، في العوتبي: الضياء، ج ٤ ص ١٢٧ ١٦٤ ، أبو غانم الخراساني: المدونة الكبري، ج ٣، ص ٢٠٠ ٢٠٢ ؛ المحقق . الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٦، ص ٥١ ٥٦ ويكفي أن نذكر كمثال ما جاء في بيان ا لشرع: وقال: الزاني يجرد ويمدد ويجلد، يجلده عشرة أنفس، كل واحد منهم عشرة أسواط »بجهد كله، وقال: السكران من العسل والزبيب والنمت والخمر سواء في عدد الضرب ثمانون سوط ً ا، لا يجردون ولا يمددون ويضربون في ثيابهم التي شربوا فيها يفرق عليهم الجلد الظهر والجنبين والعضدين والذراعين والفخذين والساقين وكذلك ا لقاذف. وقال من قال في الزاني والزانية فإن رأى الإمام أن يضربهما قائمين على ضربهما. وإن رأى أن يضربهما جالسين وكان ذلك واسعا له. ً ومن غيره: وسألته عن الزانية، إذا جلدت كيف تجلد؟ أتجلد وعليها رداؤها؟ قال: نعم. قلت: على ظهرها تجلد قاعدة أو قائمة؟ قال: سمعت في هذا شيئ ً ا أخبرك أن الجلندا كان يجلدهن قاعدات. وسألته عن القاذف: كيف يجلد؟ أن يفرق جلده في جسده أم لا؟ قال: أي ذلك فعلوه فهو جائز. وفي غيره: أن القاذف لا تنزع عنه ثيابه ولا يمدد بين رجلين. = :áHƒ≤©dG ò«ØæJ ô«NCÉJ hCG π«LCÉJ (Ü نشير إلى القاعدة العامة، ونتبع ذلك ببيان الأحوال التي يمكن فيها تأجيل أو تأخير تنفيذ العقوبة (الاستثناءات). ١ القاعدة العامة: القاعدة هي أن العقوبة الثابتة شرع ً ا في حق الجاني يجب تنفيذها فورا ً ودون تأخير. وقد أكد ا لإباضية على ذلك: ّ يقول ابن بركة: ولا يجوز للإمام تأخير الحد عن وقته لأجل من يستحق إقامة الحد » عليه ولا ينتظره ولا يؤخره على انتظار برئه من العلة لما يجوز من فواته بالموت وغيره. قال بعض أصحابنا: يؤخر الحد إلى أن يبرأ، ولا يقام الحد « عليه في مرضه وسكره لتغير عقله(١) . ويقول الحضرمي: لا يجوز للإمام تأخير الحد بعد وجوبه، لما يخاف من فوت ذلك » ُ « بالمرض والموت وغير ذلك(٢) . = وله أن يتقي بيديه الضرب ويضرب ضربا بين الضربين. ولا يضرب وجهه ولا مذاكيره ً ويضرب سائر جسده. وقال: الزاني ينزع عنه ثيابه ويوجع ضربا. ومن غيره وعن الزانية ً هل تمد؟ قال: لا علم لي. فقيل له: بلغنا أن المسلمين يمددوا. قال: فلترد الكمين على .« ثدييها، ولا يجلدها إلا جالد واحد، وأما إثنان فلا . الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ٣٨(١) . ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٥٢٧(٢) . الحضرمي: الدلائل والحجج، ج ١ ٢، ص ٦٥٨ في هذا الخصوص يقول الشوكاني مخالف ً ا المذهب بأن للإمام إسقاط الحدود لمصلحة: ليس للإمام إسقاط ما أوجبه الله إلا ببرهان من الله لا من جهة نفسه، » « فإنه لم يفوض إليه ذلك، ولا من عهدته، ولا مما له مدخل فيه(١) . ٢ الاستثناءات: قد تحتم بعض الأحوال والظروف عدم تطبيق العقوبة في وقت معين. وقد أكد الفقه الإباضي أن ذلك ممكن في أحوال خمس: أولا ً : تأجيل تطبيق العقوبة على المرأة الحامل: استقر الفقه الإسلامي على ضرورة تأجيل تطبيق العقوبة على المرأة الحامل إذا كان ذلك يضر بحملها (كالقود والضرب والجلد)(٢) . لذلك قيل: (١) الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، المجلس الأعلى للشؤون . الإسلامية، القاهرة ١٤١٥ ه ١٩٩٤ م، ص ٢٨٨ ٢٩١ (٢) لكنهم اختلفوا في كيفية التطبيق، وهو خلاف لخصه عبد القادر عودة، كما يلي: فيرى الشافعي أن لا ينفذ على المرأة إذا ذكرت حملا ً أو ريبة من حمل حتى تضع حملها أو يتبين أنها غير حامل ثم ينفذ عليها بعد الوضع، وإن لم يكن لولدها مرضع فيفضل الشافعي تركها أياما حتى تجد لولدها مرضعا في حالة ا لقتل. ًً ويرى أبو حنيفة فوق ما سبق أن لا ينفذ على الحامل حتى تشفى من النفاس ولو كانت العقوبة جلد ً ا. ويرى مالك أن لا ينفذ على الحامل حتى تضع، ويعتبر النفاس مرضا يوجب تأخير الجلد ً حتى ينتهي، وإن وجد لطفلها مرضع نفذ عليها القتل، وإن لم يصيبوا لطفلها من يرضعه لم يعجل عليها بالقتل. ويرى أحمد أنه إذا وجب القود أو الرجم على حامل أو حملت بعد وجوبه لم تقتل حتى تضع وتسقيه اللبأ، ثم إن وجد له من يرضعه تركت حتى ترضعه حولين ثم تفطمه، كما « يرى تأخير الجلد حتى تضع ا لحمل . عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٧٦٣ ٧٦٤  فإذا وجب القود على حامل أو حائل فحبلت لم تقتل حتى تضع الولد » وتسقيه اللبن، ثم إن وجد من ترضعه وإلا تركت حتى تفطمه، ولا يقتص « منها في الطرف حتى تضع. والحد في ذلك كالقود(١) . وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك أيض ً ا. يقول ا لعوتبي(٢) : والحامل لا يقام عليها الحد حتى تضع ما في بطنها وإن لم يستغن » عنها ولدها بمرضعة أو لم يوجد له من سيعتني به عنها فإلى أن تفطمه، وفي الرواية أن امرأة من بني عامل أو من عامر وصلت إلى ا لنبي ژ قالت: يا رسول الله طهرني قد زنيت، قال: »« ارجعي ثم عادت إليه فقالت: أريد أن تطهرني، فقال: « حتى تضعي حملك » ثم أتته بعد ذلك فقال: « حتى تفطميه » ثم أتته بعد ذلك وبيده قطعة خبز فأمر بها فحفر لها حفرة إلى صدرها وأمر (١) ، مجد الدين أبو البركات: المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ج ٢ . ص ١٣١ ١٣٢ (٢) العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ١٦٣ ١٦٤ . وجاء في بيان ا لشرع: من الزيادة المضافة من كتاب الأشياخ، امرأة وجب عليها حد من زنا فأراد الحاكم أن »يقيم عليها الحد فقالت: إني حامل، قال: إذا قالت: إني حامل فلا أرى عليها حدا حتى تضع حملها، قلت: فإن لم يستبن حملها وهي تقول: إني حامل؟ قال: إن كان حملا ً خفيف ً ا فإنها تجلد. قلت: فإن قالت: إنها قد خلا لها شهر منذ حملت؟ قال: نعم. قلت: وفي ِ شهرين؟ قال: نعم. قلت: وفي ثلاثة أشهر؟ قال: نعم. قلت: وفي أربعة أشهر؟ قال: لا حتى تضع حملها، ثم قال: أما إنها شبهة وفي نفسي منها. وأقول: إذا ادعت أنها حامل فإنها تستودع الحبس حتى تضع حملها، كان الحمل خفيف ً ا أو ثقيلا ً والله أعلم. قلت: فإلى متى تنتظر؟ ثم يقام عليها الحد إلى سنتين، فإن أقيم عليها الحد فألقت جنين ً ا بعد السنتين. قال: يكون فيه غرة عبد أو أمة. قلت: لمن تكون هذه الغرة؟ قال: من قال: إنها لعصبة أمه. وقال من قال: إنها لأمه. قلت: فما تقول أنت؟ قال: أقول: إنها لأمه وهي على الحاكم في . الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ٤٣ ٤٤ ،« بيت مال المسلمين وإن تعمدوا ضرب حامل فماتت لزمتهم ديتها عند عبد العزيز ودية » : ويقول البطاشي . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ٢١٢ « حملها برجمها فرجمها الناس حتى خالد بن الوليد فرمى بحجر فطار الدم من رأسها حتى نضح بها فسبها، قال ا لنبي ژ : صه يا خالد!! لقد تابت توبة » « لو تابها صاحب مكس لغفر الله له . لا يقام الحد عليها حتى ينقضي وقت الرضاع لهذا » : قال بعض مخالفينا .« الخبر ولم يعتبروا وجود مرضعة له؛ وأمر ا لنبي ژ أن يصلى عليها وتدفن ٥ من العهد الدولي للحقوق المدنية / تجدر الإشارة أن المادة ٦ والسياسية لعام ١٩٦٦ نصت على عدم تنفيذ عقوبة الإعدام على النساء الحوامل pregnant women . ١٩٨٤ الذي تبنته / كذلك نص القرار رقم ٥٠ الجمعية العامة للأمم المتحدة على عدم تطبيق عقوبة الإعدام على الأمهات اللائي وضعن حملهن حديث ً ا new mothers ، وقد سبق الإسلام ذلك بأربعة عشر قرن ً ا بتقريره ذات ا لحلول. ثانيا: تأجيل تنفيذ العقوبة على المريض أو ا لجريح: ً فقد روي عن ا لنبي ژ أنه نهى: أن ي » قتص من جرح حتى يبرأ ُ « صاحبه(١) . كذلك قيل: إذا كان مرتكب الحد مريضا مرضا يرجى برؤه قريبا، فقد تنازعته » ًً ً الأنظار، فمن فقهاء الصحابة من نظر إلى حاله وقت ارتكاب موجب الحد، ورأي أن يقام عليه الحد، وقت ارتكابه، وعلى ذلك يقام عليه الحد، بآلة (١) وهو دليل على أنه لا يقتص من الجراحات حتى يحصل البرء من ذلك » : يقول الصنعاني وتؤمن ا لسراية. قال الشافعي: إن الانتظار مندوب بدليل تمكينه ژ من الاقتصاص قبل ا لإندمال. وذهب الهادوية وغيرهم إلى أنه واجب لأن دفع المفاسد واجب وإذنه ژ بالاقتصاص . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٤٥٣ « كان قبل علمه ژ بما يؤول إليه من المفسدة  مناسبة، فإن كان المرض خفيف ً ا ضرب بآله متوسطة، وإذا كان المرض قويا ضرب بآلة لا تؤدي إلى تلفه وهو عثكول فيه مائة عرجون أو ثمانون، على حسب الحال.... وحجة ذلك الرأي من الأثر أن عمر بن الخطاب أقام الحد على قدامة بن مظعون في مرضه، وفيه من الرأي أن الحدود تقام وقت ارتكابها ليكون الردع، والزجر، والحد مهما يخف فيه ردع وزجر. والنظر الثاني: أنه يؤخر حتى يصح، وإنه في هذه الحال كالحامل يؤخر عنها الضرب حتى تضع الحمل وإن ا لنبي ژ فعل ذلك، وفعل ا لنبي ژ أحرى بالاتباع من فعل عمر، ولعل قدامة بن مظعون لم يكن مريضا يمنع ً إقامة الحد كاملا ً ولذا لم يؤد إلى تلف، والمرض المانع هو الذي تؤدي إقامة الحد فيه إلى ا لتلف. « ولا شك أن هذا النظر الثاني أسلم، وهو قول جماهير ا لفقهاء(١) . وقد أخذ بذلك الفقه الإباضي. فقد جاء في شرح ا لنيل: ولا يقتص من جان مريض حتى يبرأ إلا إن جنى في مرضه، وإن جرح » قاطع يد رجل قاطع يد رجل في يده بعد قطعه أو بها قرح في محل القطع « كره قطعها حتى تبرأ(٢) . ويقول ا لثميني: وإن وجب الحد على مريض، أو على صحيح. ثم مرض، أو اعتل في » موضع الضرب، كقرح، أو جدري، أو جرح، أو جن. فليترك حتى يبرأ ثم يحد. (١) . الشيخ محمد أ بو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي القسم الثاني، ص ١٦٢ ١٦٣(٢) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ٢٨٥ وإن لم يعرف ذلك فيه إلا بقوله، نظروا فيه. فإن صح أخروه وإلا حدوه. وإن علم بما به، فليخبرهم به، إن لم يعلموا. وإن ضربوه كذلك، ولم يخبرهم، ظلم نفسه، إن هلك. « وكذا إن علموا به وضربوه، ضمنوا ما تولد عن ضربهم من هلاكه(١) . وإذا كان الفقه الإباضي يقرر تأجيل العقوبة على المريض حتى يبرأ،  فإن ا تجاه ً ا قويا فيه يذهب إلى القول بعدم التأجيل على ضعيف الخلق غير المريض(٢) . (١) الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، ص ٢١٥ ، ويقول ا لعوتبي: وكان الربيع يقول: كل جرح يخاف على صاحبه منه إذا اقتص منه فلا قصاص فيه وفيه »الأرش، فإذا تعذر القصاص والجراحة وجبت الدية للمجروح وهذا إجماع من الناس فيما علمت.  وأجمعت الأمة أنه لا قصاص في العظام وأن الدية فيها، وكذلك كل جرح لا يتوصل إلى معرفته، وكل ما اختلف على الحاكم في الأرش والقصاص أو لم يصح معه وجه القصاص فينبغي له أن يرجع في ذلك إلى الأرش فيما يلزم الأرش فيه، وكل قتيل لم يكن فيه أثر . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ ، ص ١٨ ٢١ « فهو ميت ولا قسامة فيه بل يقرر الفقه الإباضي تأجيل قتل القاتل المريض. وهكذا قيل: وإن مرض القاتل وطلب ولي الدم قتله فالنظر إلى الحاكم: إن رآه يصلح للقتل قاده »للولي ومكنه منه، وإلا أخره الحاكم عنه، وليس له أن يقتله في فراشه إلا بنظر الحاكم، .« وإن خاف الموت أوصى بالدية . جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٥٢ (٢) وهكذا جاء في المدونة ا لكبرى: قلت لابن عبد العزيز: أخبرني عن رجل ضعيف الخلق يجب عليه ا لحد » ّ ، ويخاف عليه فيه الموت، أيقام عليه الحد؟ قال: إن كان مريض ً ا أخ َ ر عنه حتى يبرأ، ثم يقام عليه الحد الذي وجب عليه. قلت: إنه ليس بمريض، ولكنه ضعيف الخلق والجسد؟ قال: لا ينظر إلى ضعف خلقه وجسده، ويقام عليه حد مثله. قلت: فإن كان حده الزنا، أيجتهد الجلاد في جلده وهو على ما أعلمتك من ضعف خلقه وجسده؟ قال: نعم، يجتهد في جلده ولا تأخذه رأفة في دين الله. قلت: إنه أضعف من = ثالث ً ا: تأجيل تنفيذ العقوبة وقت الحرب: لا شك أن ذلك يبرره أن الحرب يتوقف عليها مصير الأمة بأكملها، وبالتالي فلا يضرها مسألة خاصة بفرد. ذلك أن الحرب تقتضي التركيز بشأنها وعدم الانشغال بأي شيء غيرها، حتى ولو كان توقيع عقوبة الحد. وبالتالي فهذا تطبيق لقاعدة دفع الضرر الأكبر بالضرر الأدنى أو الأقل، وتقديم المصلحة العليا للدولة الإسلامية على ما عداها، حتى ولو تعلق الأمر بتوقيع عقاب واجب شرع ً ا. وقد أخذ الفقه الإباضي بذلك أيض ً ا، وهكذا بخصوص الإمام، جاء في بيان الشرع: وأما إذا كان سائرا في محاربة عدوه، فمعي أنه قد قيل له: أن يترك » ً الأحكام، وإقامة الحدود حتى يفرغ من محاربة عدوه، وله أن يقيم ذلك وله في ذلك الخيار. وأحسب أن في بعض القول: أن ليس له ذلك وعليه أن يجد في المحاربة ويدع ما يشغله عنها، وإذا ثبت معنى هذا وكان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إنما هو من حقوق الله التي للإمام فيها الخيار إن شاء عاقب وإن شاء لم يعاقب عليها. ورأى في ترك العقوبة في ذلك الوقت أعز الإسلام، فعندي أن ذلك له وأخاف أن يكون عليه ذلك أن يجهد = ذلك؟ قال: لو كان ضعيف ً ا كما وصفت لضعف عن الزنا، فما تأمرني أن أقول لك فيه؟ قلت: تأمرني أن أخفف عليه إن كان ذلك مما يسع؟ قال: لم يستثن الله فيمن وصفت من الضعف من غير مرض يخفف عنه ا لحد. قلت: إن هؤلاء يقولون ويروون عن ا لنبي ژ أنه أتي برجل زنى وهو ضعيف الخلق، فأمر بمائة من عثاكيل فقال: « أجلدوه » قال: لسنا نأخذ بهذا من حديثهم، ولا نصدقهم فيه، ولو نعلم أن ا لنبي ژ فعل ذلك لأخذنا به. أبو غانم الخراساني: « قلت: فالمريض عندك لا يجب عليه الحد حتى يبرأ؟ قال: نعم . المدونة الكبري، ج ٣، ص ٢٠٢ ٢٠٣ النظر فيه لله ولرسوله ولدينه وللمسلمين مع مشاورة أهل العدل من العلماء، « والذين يبصرون عدل ذلك ممن قدر على ذلك(١) . كذلك بخصوص القطع وهو بتر اليد أو الرجل أو كلتيهما عقوبة للسارق أو المحارب قيل: لا قطع في الحرب خوف الفتنة وتفرق الصفوف، مما يفتح باب » « الهزيمة على ا لمسلمين(٢) . يقول الشيخ أبو زهرة: قرر الأكثرون من العلماء أنه لا يقام الحد في أثناء الحرب على » محارب من جند المسلمين، وذلك لاعتبارات أقرب إلى السياسة؛ لأنه (١) . الكندي، بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ٣٩٤ ٣٩٥  (٢) معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٨٦٥ ، ويقول ا لرستاقي: قال ا لفقهاء: إذا ظهر المسلمون، وظهرت دعوتهم في مصر متفرقة، ولم يملكوها، وهم في محاربة »عدوهم من أهله، فإن وجب حد من الحدود على قاتل، أو شارب خمر، أو زان أو سارق، فلا يقيموا عليه الحد حتى يملكوا ذلك المصر. فإذا ملكوه، وطفيت نار الحرب، أقاموا عليه الحد الذي كان واجبا عليه. ً وقيل: إن للإمام أن يقيم الحدود ولو لم يستول على جميع المصر، ولو كان في محاربة عدوه. وقول: ليس له ذلك. وقول: هو مخير، إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل، حتى يستولي على جميع ا لمصر. فإن وجب حد على أحد، حبس حتى يستولي الإمام على المصر كله، ثم يقيم ذلك الحد على من وجب عليه، على قول من يرى أن ليس له إقامة الحدود، حتى يستولي على المصر كله، وأما الأحكام فلا يدعها. وأما في الحدود فيعجبني قول من قال: بإقامتها على من أتاها، لئلا يترك معروف ً ا يقدر على فعله، إلا أن يخاف في تشاغله بذلك على الدولة، على شيء مما قد حماه من المصر .« أن يؤخذ من يديه، أو يغلب عليه فأحب تقديم ذلك، والشاغل به ، ١٧١ ١٧٢ ، الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٥٢ ، المصنف، ج ١٠ ، ص ١٦٧ . الرقيشي: النور الوقاد على علم الرشاد، ص ١٠٣ يخشى أن يفر مرتكب الحد من الأعداء، فيكون الضرر بالتحاقه بالأعداء « أشد من ضرر السكوت عن إقامة ا لحد(١) . ويتعلق بالمسألة حديثان: عن بسر بن أرطأة أنه وجد رجلا ً يسرق في الغزو، فجلده، ولم يقطع  يده وقال: نهانا رسول الله ژ عن القطع في الغزو، رواه أحمد وأبو داود  والنسائي وللترمذي منه ا لمرفوع.  وعن عبادة من الصامت أن رسول الله ژ قال: » جاهدوا الناس في الله: القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم، وأقيموا حدود الله في الحضر « والسفر . رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه. وواضح أنه لا تعارض بين الحديثين: فالأول خاص، والثاني عام، والقاعدة: أن الخاص يقيد ا لعام (٢) . وعن عمر بن الخطاب ƒ أنه كتب إلى عماله ألا يجلدن أمير الجيش ولا سرية أ حد ً ا حتى يخرج إلى الدرب قافلا ً : لئلا يلحقه حمية الشيطان فيلتحق بالكفار. ون ُ قل عن أبي الدرداء ƒ أنه كان ينهى أن تقام الحدود على المسلمين في أرض العدو مخافة أن تلحقهم الحمية فيلحقوا بالكفار، فإن تابوا تاب الله عليهم، وإلا كان الله تعالى من ورائهم(٣) . (١) . الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي القسم الثاني، ص ١٥٧ (٢) د. أحمد أبو الوفا: العلاقات الدولية في السنة النبوية، دار النهضة العربية، القاهرة، ولا معارضة بين الحديثين لأن » : ص ١٩٠ ١٩١ ، يقول الشوكاني بخصوص الحديثين حديث بسر أخص مطلق ً ا من حديث عبادة فيبني العام على الخاص وبيانه أن السفر المذكور في حديث عبادة أعم مطلق ً ا من الغزو المذكور في حديث بسر لأن المسافر قد . نيل الأوطار، المرجع السابق، ج ٧، ص ١٨٥١ .« يكون غازيا وقد لا يكون ً (٣) . السرخسي: كتاب السير الكبير للشبياني، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٨٥١ يقول الشيخ أبو زهرة: ولكن هل يقام عليه الحد إذا عاد من الغزو إن الظاهر أنه لا يقام عليه » من بعد ذلك لأمرين: أولهما: أنه قد قام مقامه التعزير، فكان بدلا ً عنه، ولا يجمع بين البدلين في حيز واحد. وثانيهما: « أن ظاهر العبارات في هذا هو سقوط الحد، فلا يقام(١) . إلا أن أطفيش يذكر رأيا آخر: ً قال بعض أهل العلم، ومنهم الأوزاعي: لا يقام الحد في الغزو » بحضرة العدو مخافة أن يلحق بالعدو من يقام عليه الحد، فإذا خرج الإمام من أرض الحرب ورجع إلى دار الإسلام، أقام الحد على من « أصابه(٢) . جدير بالذكر أن اتجاه ً ا في الفقه الإباضي يعطي للقائد العسكري حق توقيع الحد، عدا القتل والرجم، على من معه من الجنود، وهكذا جاء في بيان ا لشرع: ومن جامع ابن جعفر الذي فيه الزيادة، وقيل: يقيم قائد السرية على من » كان معه حد ما أصابوه إلا القتل والرجم فإن ذلك لا يقيمه إلا الإمام « الأعظم(٣) . (١) . الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ص ١٥٧(٢) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ١٨(٣) . الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ٣٢ رابع ً ا: تأجيل تنفيذ العقوبة على اللاجئ إلى الحرم(١) : وقد أراد الله سبحانه وتعالى تعظيما للحرم وتقديسا له أن يعتبر من ًً لجأ إلى الحرم آ من ً ا، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿ kjihgf  y x w vu t s r q ❁ onml z ﴾ [ [آل عمران: ٩٦ ٩٧ . وقوله: ﴿ RQPONML UTS ﴾ ...[ [العنكبوت: ٦٧ . وقوله أيض ً ا: ﴿ )* ,+  ❁ . 43210/ ﴾ [ [قريش: ٣ ٤ . وكذلك قوله: ﴿ ®¯°± ³² ﴾ (٢)[ [البقرة: ١٢٥ . ويقول الرسول ژ : من دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن دخل بيت » « أبي سفيان فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن(٣) . ويرى الكاساني أن الأسباب ا لمحرمة للقتال ثلاثة: الإيمان والأمان والالتجاء إلى ا لحرم. (١) راجع: د. أحمد أبو الوفا حق اللجوء بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي للاجئين دراسة مقارنة، مفوضية الأمم المتحدة للاجئين جامعة نايف للعلوم الأمنية، . ١٤٣٠ ه ٢٠٠٩ م، ص ٧٦ ٨١ (٢) الواردة في قوله تعالى: « آمنا » في تفسيره لكلمة ﴿ ®¯°± ³² ﴾ يقول الإمام أبو السعود: أي آمن ً ا كما في قوله: ﴿ QP ﴾ على إيقاع المصدر موقع اسم الفاعل للمبالغة أو على تقدير المضاف، أي: ذا أمن أو على الإسناد المجازي، أي آمنا من حجه من عذاب الآخرة من حيث أن الحج يجب ما قبله أو من دخله من التعرض له بالعقوبة وإن كان جانبا حتى يخرج على ما هو رأي أبي حنيفة ويجوز أن يعتبر الأمن ً بالقياس إلى كل شيء كائن ً ا ويدخل فيه أمن الناس دخولا ً أوليا (تفسير أبي السعود ، المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم، دار المصحف، القاهرة، ج ١ ص ١٥٧ )، انظر أيض ً . ا: ابن العربي: أحكام القرآن، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٧ ٣٩(٣) ١٤٠٨ رقم / أخرجه مسلم، باب فتح مكة، من كتاب الجهاد والسير، صحيح مسلم، ٣ .٣١٩ ، ١٧٠ ، أو ابن أبي شيبة، كتاب المغازي، ٣١٨ وبخصوص الالتجاء إلى الحرم يقرر ما يلي: وأما الالتجاء إلى الحرم فإن الحربي إذا التجأ إلى الحرم لا يباح قتله » في الحرم ولكن لا يطعم ولا يسقى ولا يؤوى ولا يبايع حتى يخرج من  الحرم. وعند ا لشافعي 5 يقتل في الحرم واختلف أصحابنا فيما بينهم. قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله: لا يقتل في الحرم ولا يخرج منه أيض ً ا: وقال أبو يوسف 5 : « لا يباح قتله في الحرم ولكن يباح إخراجه من ا لحرم(١) . وإذا كان العلماء قد اتفقوا على أن من اقترف ما يوجب القصاص في الأطراف، ثم لجأ إلى الحرم فإنه يقتص منه، وعلى أن من جنى جناية على  ُ النفس أو ما دونها في الحرم، فاستوجب ذلك حدا فإنه يق ُ تص منه في  الحرم، فإنهم اختلفوا بالنسبة للجاني خارج الحرم الذي يلجأ إلى الحرم،   هل يقتص منه؟ ُ وقد ذهب الحنفية إلى أنه لا يقتص من داخل الحرم، ولكن يلجأ إلى ُ الخروج بعدم إطعامه وسقياه ومعاملته، حتى إذا خرج اقتص منه، وذلك لعموم قوله تعالى: ﴿ ... zyxw ﴾ [ [آل عمران: ٩٧ بينما ذهب الجمهور ومنهم الشافعي ومالك إلى أن من وجب عليه حد في النفس، ثم لجأ إلى الحرم فإنه يقتص منه، وقاسوه على من جنى في داخل الحرم لأنه ُ لو قتل أو أتى حدا في الحرم أقيم عليه فيه. وقد أكدت ا لسنة ا لنبوية المطهرة على احترام اللاجئ إلى الحرم، لقوله ژ : » إن مكة حرمها الله، ولم يحرمها الناس، ولا يحل لامرگ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دم ً «.. ا . (١) الكاساني: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتاب العربي، بيروت . ١٤٠٢ ه/ ١٩٨٢ م، ج ٧، ص ١١٤ الباب الرابع: الجزاء ا لجنائي في الفقه الإباضي ٣٥٣ .« فهذا تحريم شرعي قدري » : يقول ابن قيم الجوزية ويفرق ابن قيم الجوزية بين اللاجئ وبين من يرتكب جريمة في الحرم، بقوله: » ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم « فاقتلوهم والفرق بين اللاجئ والمتهتك فيه من وجوه: إحداها ، أن الجاني فيه هاتك لحرمته بإقدامه على الجناية فيه بخلاف من جنى خارجه ثم لجأ إليه فإنه معظم لحرمته مستشعر بها بالتجائه إليه فقياس أحدهما على الآخر باطل. الثاني: أن الجاني فيه بمنزلة المفسد الجاني على بساط الملك في داره وحرمه من جنى خارجه ثم لجأ إليه فإنه بمنزلة من جنى خارج بساط الملك وحرمه ثم دخل إلى حرمه مستجيرا. الثالث: أن الجاني في الحرم قد هتك حرمة الله ً سبحانه وحرمة بيته وحرمه فهو هاتك لحرمتين بخلاف غيره. الرابع: أنه لو لم يقم الحد على الجناه في الحرم لعم الفساد وعظم الشر في حرم الله فإن أهل الحرم كغيرهم في الحاجة إلى صيانة أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ولو لم يشرع الحد في حق من ارتكب الجرائم في الحرم لتعطلت حدود الله وعم الضرر للحرم وأهله. والخامس: أن اللاجئ إلى الحرم بمنزلة التائب المتنصل اللاجئ إلى بيت الرب تعالى المتعلق بأستاره فلا يناسب حاله ولا حال بيته .« وحرمه أن يهاج بخلاف المقدم على انتهاك حرمته فظهر سر ا لفرق كانت العرب في جاهليتها يرى الرجل قاتل أبيه أو ابنه في » : ويضيف الحرم فلا يهيجه، وكان ذلك بينهم خاصة الحرم التي صار بها حرما ثم جاء ً « الإسلام فأكد ذلك(١) . فاحترام اللاجئ إلى الحرم في الحدود السابقة إذن هو أمر ثابت في الإسلام. (١) ابن قيم الجوزية: زاد المعاد في هدي خير العباد، دار الكتاب العربي، بيروت، . ج ٢ص ١٧٧ وقد أكد قطاع كبير من الفقه الإباضي على ذلك. وهكذا جاء في بيان  الشرع: ومن قتل رجلا » ً ثم فر حتى دخل الحرم فلا يبايع ولا يطعم ولا يؤاوي حتى لا يجد بدا من الخروج، فإذا خرج أخذ فقتل وإن قتل في الحرم قتل وإن سرق المحرم فإن الإمام يأمره يطوف ويسعى ويحل ثم يحد كما قال الله « تعالى(١) . كذلك قيل: ومن لزمه حد من الحدود فامتنع من إقامته بدخوله الحرم فإنه يخرج » من الحرم ثم يقام عليه الحد فإن امتنع من الخروج ضرب حتى يخرج من الحرم، وكلما تزايد في الامتناع أوجع ضربا وضوعف له في العقوبة حتى ً  « ينقاد ويلقي بيديه إلى حكم ا لمسلمين(٢) . خامسا: تأجيل توقيع الحد على السكران حتى يفيق: ً الغرض من ذلك لمن قال به هو تحقيق أحد أغراض العقوبة، وهي ينتظر بالسكران حتى يعقل » : فقد قال اتجاه في الفقه الإباضي ،« الإيلام »« الألم(٣) . إلا أن ا تجاه ً ا آخر يذهب إلى عكس ذلك أخذ به ابن بركة، بقوله: (١) ٣٥٢ ٣٥٤ ، انظر أ يض ، الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٢ ً ا: الرستاقي، منهج . الطالبين، ج ٦، ص ٢٣٣ ٢٣٤ ؛ العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ١٦٢ (٢) النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ٧؛ العوتبي: كتاب الضياء ج ٤، ص ١٤٥ . حري بالذكر أن ، دية القتل في الحرم دية مغلظة (دية وثلث) راجع: الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ٣٥٢ ٣٥٤ . معنى ذلك: أن ارتكاب القتل داخل الحرم يعد ظرف ً ا مشدد ً ا للعقاب. (٣) الحضرمي: الدلائل والحجج، ج ١ ٢، ص ٦٥٨ . انظر أيض ً ا: ما قلناه عند دراستنا لغرض الإيلام كأحد أغراض ا لعقوبة. ومن وجد سكران » ً ا من الشرب لزمه الحد، ولا أعلم في ذلك خلاف ً ا، والقائل بتأخيره إلى وقت آخر محتاج إلى دليل، قال أصحابنا: يؤخره الإمام إلى أن يصحو ويذهب السكر عنه، وحجته أنه في حال سكره لا يلزمه الحد « كما يلزمه في حال صحوه ورجوع عقله (١) . :áHƒ≤©∏d ´hô°ûe ò«ØæJ øY IódƒàªdG áªjôédG (ê قد يثبت على الشخص عقوبة ما (كالقطع والجلد والرجم)، وعند البدء في تنفيذها أو أثناء ذلك يموت أو يتولد عن ذلك ضرر أكبر. بحث الفقه الإباضي هذه المسألة، وهكذا جاء في هداية ا لمبصرين: قال المؤلف: ومما سألت عنه العالم عامر بن خميس المالكي، وفي الإمام أو نائبه أو خليفته عزروا على تهمة فيما لهم فيه التعزير والعقوبة مثل مسكر أو غيره فمات المعزر قبل استقصاء أقل التعزير، فهل يضمن الإمام ونائبه وخليفته دية المعزر، وهل تكون في بيت المال؟ فإن قلت: نعم، قلنا لك: كيف ساغ ذلك والله تعالى أمر بقطع يد السارق وجلد البكر الزاني، واتفق العلماء أن من مات في حد مأمور به مثل قطع أو جلد أو رجم فلا شيء فيه، وكيف الوجه في وجوب الدية في بيت المال في قضية المرأة عند عمر الفاروق 5 لما أسقطت ما في بطنها عند مكالمته إياها، وظاهر الحكم يوجبها في ماله، ب َ ن لنا ذلك والسلام؟  ي الجواب: قال عامر بن خميس المالكي: جعل خطأ الحاكم في بيت المال قوله سائغ مضت عليه الأئمة: وإذا كان المخطئ من عرض الناس تعقل عن عواقله، فكيف بالحاكم الذي هو قوام الإسلام، وسهم من كنانته (١) .٥٥٠ ، ابن بركة: الجامع، ج ٢ لا يعقل عنه بيت المال؟ وما جعل بيت المال إلا لمصالح الإسلام والمسلمين، والمراد بالخطأ هاهنا ما كان من الخطأ في الأحكام والغزوات والأمور التي قصدوها وهي تعم المسلمين، لا في كل خطأ؛ إذ من المعلوم أنه لو أراد أن يضرب طائرا فأصاب إنسان ً ا خطأ كان خطأه على عاقلته، ً والحاصل: أنهم جعلوا الخطأ المقصود به صلاح الإسلام يؤخذ من المال الجامع لهم، وربما يستدل على ذلك بأن رسول الله ژ ودي قوما أخطأ ً خالد بن الوليد في قتلهم، وودي رجلين كان قتلهما من الصحابة، وهو الناجي من بئر معونة ولم يعرفهما، وكان عندهما كتاب منه ژ فقال؟: (لأدينهما)، وأما الحاكم المتخبط فما أحراه أن يكون خطأه في ماله لخروجه من حيز حكام ا لإسلام(١) .  يتضح مما تقدم أن المسألة يحكمها قاعدتان: ١ أن الجريمة المتولدة عن الخطأ في تنفيذ عقوبة مشروعة يكون في  بيت المال، تطبيق ً وإن ذهب رأي ،« خطأ الحاكم في بيت المال » ا لقاعدة أن إلى أنه لا ضمان لا في مال الإمام، ولا في بيت ا لمال. (١) أبو عبيد السمائلي: هداية المبصرين في فتاوى المتأخرين، ص ٤٩٢ ٤٩٣ ويضيف أيض ً ا: أما التعزير على أهل التهم بالحبس والقيد إن رأى الإمام ذلك لأحد من أهل التهمة، فهو »جائز عندي، والحد في ذلك راجع إلى نظر الإمام، فمن مات من أهل التهم في الحبس أو القيد من غير ما تعد في حقه في شيء من ذلك فقيل: إنه لا ضمان فيه على الإمام، لا في ماله ولا في بيت المال، وقيل: إن ذلك يكون من الخطأ المضمون من فعل الأ ئمة وضمانه في بيت المال وإن يكن الإمام تعدى في شيء من ذلك فزاد فوق الحد الجائز له شرع ً ا فتعديه راجع إليه، والضمان في ماله مع التوبة إلى الله تعالى، وأما التعزير بالضرب لأهل التهم في شيء لم يبين عليهم لا أحبه، وقد روي إجازة ذلك عن أبي حاتم، ولا نخطئ من فعله وعمل فيه برأي إن أبصر بدله ومن مات تحت الحد فلا ضمان فيه على الإمام مطلق ً ا وإن يكن (زاد) على الحد المشروع فتلك الزيادة محمولة عليه إن وقع ذلك . ذات المرجع، ص ٤٩٧ « منه على العمد، وضمان الخطأ في بيت المال ٢ أن ذلك يكون فقط بالنسبة لتنفيذ العقوبة بحسن نية، أما إذا تعمد الإمام الزيادة في الحد أو توقيع عقوبة غير واجبه فإن ذلك محمول عليه، وضمان خطأه يكون في ماله، وإن ذهب رأي إلى أنه يكون في بيت ا لمال. :áHƒ≤©∏d ÅWÉîdG ≥«Ñ£àdG (O نشير إلى ماهية المسألة، والقواعد التي تحكمها:  ١ ماهية المسألة: الأصل أن تطبق العقوبة كما هي واجبة. لكن لما كان كل بني آدم خطاء فقد يحدث خطأ في تطبيقها، فما هو الأثر الذي يترتب على ذلك؟ بحث الفقه الإباضي هذه المسألة بإسهاب وبخصوص قروض كثيرة ومتغايرة. وهكذا جاء في ا لمصنف: وإذا جلد الإمام من يجب عليه الحد أسواط » ً ا وأراحه جهلا ً منه ثم علم بذلك وتاب فلا يبطل ذلك عنه الحد تاما ويقام عليه الحد، وعلى الإمام له أرش ما جلده غير الحد في بيت مال المسلمين، إلا أن يكون فعل ذلك متعمد ً ا فعليه أرش جلده في ماله وعليه أن يقيم عليه الحد فإن لم يفعل بعد «... الاحتجاج عليه هلك(١) . (١) النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ١٠ . وجاء في جامع ا لبسيوي: وفي محصن زنى فوجب عليه حد الرجم فقتله الإمام بالسيف فقال: قد أخطأ الإمام »   السنة، ولا شيء على الإمام غير التوبة. فإن فعل ذلك والي الإمام أو قاض؛ ٍ فإن ً ه لا يلزمه غير التوبة ويفند بما فعل. وإن فعل ذلك رجل بلا رأي الإمام من سائر الناس؛ فعليه القصاص. وجاء في لباب الآثار: مسألة: وإذا جلد الإمام الزانية مائة جلدة ثم علم أنها محصنة ما يلزمه؟ قيل يرجمها ولها أرش الجلد في بيت المال إن لم يعلم أنها محصنة فإن » كان عالما فهو في ماله لأنه بدل الحكم، فإن رجمها وكانت بكرا ولم تكن ًً محصنة فأرى عليه القصاص إن أراد أولياؤها أخذوا منه الدية من ماله « خاصة أو قتلوه وردوا عليه نصف ا لدية(١) والله أعلم.  ويقول أطفيش: وإن رجم الإمام رجلا » ً بشهادة أربعة نفر وشهادة اثنين حرين بإحصانه ثم تبين أن امرأته محرمة منه فعلى الإمام ديته من بيت المال إن لم يتعمد ولا شيء على الشاهدين إذا لم يتعمدا الزور، وكذا يخرج من بيت المال ِ كل ما فعله الإمام مخالف ً ا للحق من غير عمد لخلاف الحق مما لا يميز بالعلم، وما كان غلط ً « ا منه ففي ماله(٢) . = وإن كان بكرا زنى فأمر برجمه فرجم لم يجز للإمام ذلك؛ لأنه خالف نص الكتاب، ً وعليه ا لقصاص. وإن كان رجل زنى فجلده الإمام ثم صح أنه قد أحصن؛ فإن عليه الرجم والأرش لجلده إلا أن يكون الإمام لم يسأله وجلده، ث ُ م صح أنه قد أحصن، فإن عليه الرجم، وعلى الإمام .« أرش جلده في بيت ا لمال . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٩٨٨ ، العوتبي: كتاب الضياء، ج ٤، ص ١٦٩(١) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، . ١٤ ، ص ٢٠(٢) أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ١٩ ، جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٤٣ ، ويضيف هذا الأخير: وكذا كل ما فعله الإمام أو القاضي أو الجماعة في إخراج الحقوق وإزالة المناكر إذا أخطأ والحق في ذلك، فإن مرجع ذلك كله ونحوه إلى بيت . ذات المرجع، ص ٢٧٠ « مال المسلمين، وقيل: ذلك يلزم من فعله وقيل غير ذلك = وجاء في ا لإيضاح: والذي حفظ عن المسلمين أن الإمام إذا أرسل من يأمر بالمعروف » وينهي عن المنكر في إقامة الحق وقمع الباطل فأخطأوا طريق الحق وزلوا « عنه إلى غيره فلا حبس عليهم، وغرمه بيت مال ا لمسلمين (١) .  وقد تعرض الإمام أبو خليل لهذه المسألة  أيض ً ا: = ومن الأمثلة الشهيرة للتطبيق الخاطئ للعقوبة ما يروى: أن أبا حنيفة جاء إليه رجل، فقال ابن أبي ليلي وكان قاضيا بالكوفة، جلد أمرأة مجنونة قالت لرجل: يا بن الزانيين، ً فحدها حدين في المسجد، وهي قائمة، فقال: أخطا من ستة أوجه. الأول: أن المجنون لا حد عليه؛ لأن الجنون يسقط التكليف، هذا إذا كان القذف في حالة الجنون، فأما إذا كان يجن مرة ويفيق أخرى فإنه يحد بالقذف في حال إفاقته. الثاني: قولها يا ابن الزانيين، فجلدها حدين لكل أب حد، فإنما خطأه أبو حنيفة فيه بناء على مذهبه في أن حد القذف يتداخل، لأنه عنده حق لله تعالى كحد الخمر والزنى. وأما الشافعي ومالك فإنهما يريان الحد بالقذف حقا للآدمي، فيتعدد بتعدد المقذوف وقد بينا ذلك في مسائل ا لخلاف. الثالث: أنه حد بغير مطالبة المقذوف ولا يجوز إقامة حد القذف بإجماع عن الأمة إلا بعد المطالبة بإقامته ممن يقول: إنه حق لله، ومن يقول: إنه حق للآدمي، وبهذا المعنى وقع الاحتجاج لمن يرى أنه حق للآدمي، إذ يقول: لو كان حقا لله لما توقف على المطالبة كحد ا لزنا. الرابع: أنه والى بين الحدين، ومن وجب عليه حدان لم يوال بينهما، بل يحد لأحدهما ثم ِ يترك حتى يندمل الضرب أو يست َبل َ المضروب، ثم يقام عليه الحد ا لآخر. َْ الخامس: أنه حدها قائمة، ولا تحد المرأة إلا جالسة مستورة، قال بعض الناس: في زنبيل، حسبما بيناه في كتب ا لسائل. السادس: أنه أقام الحد في المسجد، ولا يقام الحد فيه إجماع ً ا وفي القصاص في المسجد والتعزير فيه خلاف قدمنا بيانه فيما سلف من هذا الكتاب وفي كتب المسائل والخلاف. ، راجع ابن العربي، أحكام القرآن الكريم، دار الجيل، بيروت ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ج ٤ . ص ١٦٢٨ ١٦٢٩(١) . الشيخ أبو زكريا: الإيضاح في الأحكام، ج ٣، ص ٢١٠ وهكذا بخصوص سؤال عن الحاكم إذا حبس أحدا أو قيده فإذا ليس عليه حبس ولا قيد فما خلاصه هلا عليه عناء، أم لا، يقول أبو خليل: إذا حبسه بوجه يبيحه له الشرع كأن يكون على التهمة وهو ممن » تلحقه التهمة ويستبين عمره ويسره، ثم ظهر أنه معسر لا يستحق الحبس أو تبين أن الجاني غير المتهم فالحاكم لا شيء عليه لأنه جزاه العلم على ذلك، وإن كان حبسه جميلا ً بلا موجب يظن أنه مما يستحق وبخصوص سؤال: .« الحبس فإذا هو قد أخطأ فعليه التنصل مما جنى ما تقول في الحاكم إذا وجب الحد على حامل فحدها قبل أن تضع حملها فأسقطت حملها من أجل ذلك الحد، أعليه في ماله دية الحمل أم في بيت المسلمين؟ يقول: هذا عندي من خطأ الإمام، وضمانه في بيت المال والله سبحانه وتعالى » « أعلم(١) . ٢ القواعد واجبة التطبيق: يتضح مما تقدم: أولا ً: أن التطبيق الخاطئ للعقوبة لا يمنع إن أمكن من إعادة تطبيق العقوبة الواجبة، وهكذا جاء في كتاب ا لإيضاح: قلت: وكذلك إذا وجب على أحد شيء من العقوبة فعاقبه الحاكم » بغيرها خطأ أو عمد ً ا، أيزول عن المعاقب حكم ما وجب عليه من العقوبة لعقوبة الحاكم له لغيرها أم لا؟ قال: ما ثبت من الحق لا يزيله شيء من « الباطل بعمد ولا بخطأ(٢) . (١) .٧٢١ ، الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، ص ٧٠٠(٢) الشيخ أبو زكريا، كتاب الإيضاح في الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان ُ ١٤٠٤ ه، ج ٣، ص ١٧٩ . انظر أيض ً . ا: النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٨٢ وسئل: عن المتهم إذا » : وقريب من ذلك، ما جاء في الجامع المفيد حبس على تهمة ثم نسبت التهمة على غيره فطلب المتهم أن يحبس له من اتهمه بعد ذلك، هل للمحاكم أن يخرج إليهم الأول المحبوس ويحبس له الثاني؟ قال: معي أنه قيل: إن ذلك على الحاكم أن يفعل ذلك، وكذلك غيره ما نسبت التهمة على أحد بعينه، فللحاكم أن يخرج واحد ً ا ويحبس الآخر ما لم « تصح الثقة على أحد بعينه، ويتبين الحق عليه(١) . ثانيا: أن هذا التطبيق الخاطئ يجب ألا يترك دون أثر، في حق من نفذ ً العقوبة تنفيذ ً ا خاطئ ً ا، سواء تعلق ذلك بالعقوبة المالية (كالدية في ماله خاصة أو في بيت المال) أو بعقوبة جنائية توقع عليه (خصوصها إذا تعمد التطبيق أو تعمد استبدال عقوبة بأخرى غير واجبه). في هذا المعنى يقول أطفيش: وإن حبسوا، أي: الحاكم وأعوانه (غير متهم بغلط فيه أو في) الشيء » (المتهم عليه) بأن ظهر لهم أن الشيء الذي اتهموه عليه ليس هو من جنس « الذي ادعى صاحب الحق (لم يعذروا) في الضمان فعليهم الضمان لا ا لإثم(٢) . ?IôNB’G »a áHƒ≤©dG ≈∏Y √ôKCGh ájƒ«fódG áHƒ≤©dG ò«ØæJ (`g العقوبة في الإسلام ذات طبيعة مزدوجة: دنيوية وأخروية: ولا يعد ذلك خروجا على قاعدة عدم جواز معاقبة الشخص عن ذات ًُ الفعل مرتين لاختلاف طبيعة الدارين. فالعقوبة تطبق في الحياة الدنيا (١) . الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ١٧٨(٢) . أطفيش: شرح النيل، ج ١٧ ، ص ١٣٤ حتى لا يفلت الجاني من العقاب ولكي يرتدع هو والآخرون جزاء ً وفاق ً ا عن جرمه. وهي ت ُ طبق يوم الحساب (يوم القيامة): إذ هو اليوم الفصل الذي لا يفلت فيه أي شخص من مثقال ذرة ارتكبها اعتداء على الآخرين. ويؤيد هذه الطبيعة المزدوجة الكثير من الآيات في القرآن الكريم، منها قوله تعالى: edcba` _^ ﴿ ]\[ZY ts r q p o n m l k j i hg f ے ¡¢﴾ ~ } | { zy x w v u jihgfed [ [البقرة: ١٧٨ ، ﴿ c r﴾ [ [النساء: ٩٣ ، ﴿ K qp onmlk WVUTSRQ PON ML cba`_^]\[ZYX n﴾ [ [المائدة: ٣٣ ، mlkjihgfed ﴿ ÒÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅ ÖÕÔÓ×ÙØ﴾ [ [النور: ١٩ ، ويقول: ﴿ hgf t ❁ rqp onmlk ji |{﴾ [ [النور: ٢٣ ٢٤ ، ﴿ + zyxwvu $#" 210/﴾ [ [النور: ٢ ، ويقول: ﴿ ! .-, 3 21 0 / . -, + * ) ( ' & % ❁ @?> =<;:9 ❁ 7654 NMLKJIHGFEDCB lkji OPQR﴾ [ [الفرقان: ٦٨ ٧٠ ، ﴿ h w vu tsr q p o n m }|{zy﴾ [ [البقرة: ٢١٧ . x لكن هل تنفيذ العقوبة الدنيوية يرفع العقوبة الآخروية؟ في الفقه الإسلامي ا تجاهان(١) ، أما في الفقه الإباضي، فقد جاء في الجامع ا لمفيد: وسئل عن الزاني والسارق والقاذف إذا أقيم عليهم الحد في الدنيا، هل » تزول عنهم العقوبة في الآخرة بهما؟ قال: معي أن العقوبة لا تزول عنهم في الآخرة بهذا الحد الذي يقام عليهم في الدنيا إلا بالتوبة. قلت له: فعليهم الحد في الدنيا وعليهم العقوبة في ا لآخرة؟ قال: نعم وأنفسهم صاغرة، ولو قتل واحد منهم ألف قتلة في الدنيا ما زال عنهم ذلك العقوبة في الآخرة إلا بالتوبة إلى الله تبارك وتعالى، وقال الله (١) لخصهما أستاذنا د. سلام مدكور كما يلي: والعقوبات الدنيوية على هذا النوع من الجرائم يعتبرها بعض الفقهاء مع ما فيها من »الزجر جوابر وكفارات للذنوب، أي: أن تنفيذها على الجاني في الدنيا يقيه عذاب الآخرة أخذ ً ا من حديث عبادة بن الصامت الذي يقول فيه للنبي ‰ بعد أن بايعهم على ترك بعض ا لمحظورات: إن من أصاب من هذه المعاصي شيئ » ً ا فعوقب به في الدنيا فهو كفارته، ومن أصاب من ذلك شيئ ً ا فستره الله عليه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه .« ويرى البعض أنها ليس جوابر وإنما هي زواجر بمعنى: أنها تردع في الدنيا من يفكر في الإجرام وتحول بينه وبين ذلك مع بقاء العقاب عليها أيض ً ا في الآخرة استدلالا ً بأدلة متعددة، منها قوله تعالى في قطاع ا لطريق: ﴿ ]\[Z ^_` ba ﴾ [ [البقرة: ١١٤ « ومنها قوله تعالى: mlkjihgfedcba ﴿ ^]\ _` on ﴾ [ [النور: ٤ . . د. محمد سلام مدكور: المدخل للفقه الإسلامي، ص ٧٣٢ ٧٣٣ تبارك وتعالى: ﴿ !" &%$# '( ) ﴾ [ [السجدة: ٢١(١) . :áHƒ≤©dG Ióe »°†e πÑb øé°ùdG øe êhôîdG (h  بحث فقهاء ا لإباضية هذه المسألة من نواحي عدة يمكن أن نقسمها إلى ّ نوعين: الخروج المأذون به، والخروج غير المصرح به (الهروب). ١ الخروج المصرح به: هذا الخروج مشروع إذ تسمح به السلطات المختصة ومن صوره ما  يلي: أولا ً : الخروج لأداء واجب اجتماعي: يكون ذلك وهو ما درجت عليه النظم العقابية الحديثة بالسماح للسجين بالخروج لأداء واجب عليه: كتقديم العزاء، أو حضور فرح قريب له، أو زيارة عزيز عليه على وشك أن يموت...إلخ. وعادة ما تتخذ السلطات العقابية الاحتياطات التي تكفل رجوع السجين إلى محبسه (كتقديم كفيل يكفله، أو إرسال قوة عسكرية أو من البوليس معه لتأمين رجوعه). وهذا ما أكد عليه ا لإباضية، فقد جاء في ا لمصنف: ّ في رجل، من وجوه الناس، يموت وليه، أو من يلي أمره، فيطلب أن » يخرج، ويقدم كفيلا ً بنفسه، والناس يختلفون في أقدارهم في الدين، وفي دنياهم. فإذا كان في ثقة في دينه مأمون ً ا، أن يرى أن لا يضيع لأحد حقا، أو كفل به مليء، فلا بأس أن يخرج حتى ينقضي معناه. وإن كان في تهمة، (١) . الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٣١٧ يحدث أيضا، لم يصح عليه من أنواع التهم التي لم تصح فأرجو أن لا ً يكون بأس. وإن كان بحق، إذا ذهب لم يؤخذ الحق من الكفيل، مثل القتل والقصاص، فلا أرى ذلك إلا أن يبعث معه من يحفظه حتى يرده، فقد كان محمد بن محبوب يخرج الرجل في القيود، من السجن إلى منزله في « المنازعة ومعه من يتبعه، حتى يرده(١) . ثانيا: الخروج سعيا على الرزق لفترة محدودة: ًً يكون ذلك خصوصا إذا كان السجين يعول أسرة لا تجد من ينفق ً عليها فإذا كان بيت المال عاجز ً ا عن كفالة ذلك، فيمكن السماح للسجين بالخروج للكسب على أن يكون معه من يحرسه ويحفظه حتى لا يهرب. وهذا يدل على بعد إنساني كبير، وهكذا جاء في ا لإيضاح: ُ ومن غيره: قلت فمن لزمه الحبس بمعنى حق أو تهمة، وليس له مال، » وله أولاد صغار لا يقومون بأنفسهم فهل يطلق يحتال لهم ما يقوتهم بعمل ضيعة أو غيرها من سؤال الناس أم لا؟ قال: معي أنه إذا ثبت عليه ذلك فإن شاء الحاكم أنفق عليهم من بيت مال الله، وإن شاء أطلقه محفوظ ً ا إذا لزمه الحبس حتى يحتال لنفسه ولعياله إذا أمكن ذلك. قلت: فإن لم يكن بيت مال فهل يطلقه الحاكم محفوظ ً ا؟ قد قيل ذلك لأنه لا يحمل ضرر في نفسه ولا في عياله، وليس من عقوبة المسلمين العذاب بالجوع، ولا يصح ذلك إلا أن يكون قد نزل بمنزلة (١) . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ١٠٦ أهل الحرب، وهو حرب المسلمين، وأنه حقيق بذلك لأنه لا يجوز أن يطعم ولا يسقى ولو مات جوعا أو عطش ً « ا إذا كان مناصبا للحرب(١) . ًً ثالث ً ا: الخروج للعلاج: قد يصاب السجين بمرض أثناء سجنه، فيطلب الخروج للعلاج حتى يشفى من هذا المرض، وقد أجاز ا لإباضية ذلك بشرط أن يقدم ضمين ً ا. ّ وهكذا جاء في فواكه ا لعلوم: ومنه إليه رحمهما الله وفي المحبوس بتهمة سرقة، أو ضرب، أو فعل » شيء من المنكرات إذا تألم من أذية في الحبس، وأراد الخروج إلى أهله إلى أن يبرأ أيجوز إطلاقه إذا كان لم ينقض حبسه؟ وإن كان جائزا فإذا برئ يرد في الحبس أم لا؟  الجواب  وبالله التوفيق: وأما الذي عليه حق للخالق، فجائز إطلاقه إذا رأى ذلك القائم بالأمر. وأما الذي عليه حق للمخلوقين فيعجبني أن تطلب عليه ضمين، يرده إلى الحبس إن برئ، فإن لم يرده ضمن بالحق، ويكون « ا(٢) الضمين مليا وفي . رابع ً ا: الإفراج عن المتهم قبل مضي مدة الحبس: قد تقدر السلطة العقابية المختصة (الحاكم أو القاضي مثلا ً ( الإفراج عن الشخص قبل انقضاء مدة العقوبة المفروضة عليه. وقد عرف ا لإباضية ذلك، يقول ا لنزوي: ّ وفي الحاكم إذا حبس علي تهمة ضرب أو جرح أو سرق، مثل ما » (١) . الشيخ أبو زكريا، كتاب الإيضاح في الأحكام، ج ٣، ص ٢١٦ ٢١٧(٢) . الشيخ عبد الله الخراسيني: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، ج ٢، ص ١٤٤ ٣٦٧ يحبس مثله شهرا، فيجلس، فهو عشرة أيام، أو خمسة، أو ثلاثة أيام، ثم ً أطلق هل له ذلك؟ قال: إن فعل مثل ذلك باجتهاد نظر المعنى، قد رآه وهو من أهل الرأي جاز له ذلك. وإن كان على معنى الجهالة، فلا ينبغي له أن يدخل في شيء من الأحكام بالجهالة، ويشاور أهل العلم وقد ينبغي أن يشاور في جميع ما عرض له، إذا أمكنته المشاورة ولا يستبد برأيه. فإن فعل ذلك، كان وصمة فيه، إذا وافق معنى الحق، إذا ترك المشورة « وهو يجد أهلها(١) . ٢ الخروج غير المصرح به (الهروب): وهو خروج غير مصرح به، إذ لم تصرح به السلطات المختصة، وهو يأخذ صورتين، نعرض لهما ثم نبين مسؤولية حراس السجن عن ذلك. أولا ً : هرب من يراد تنفيذ عقوبة عليه وهو بريء من موجبها: َُ بحث العلامة أطفيش هذه المسألة بخصوص: فيمن لزمه قتل في الظاهر وهو بريء من موجبه، فهل يجوز له الهروب أو الامتناع بقوة ما؟ يقول أطفيش: أما القتل أو كمثله فيجب عليه الهروب فيما قيل: إن يطالب وبعده أو » الامتناع بقوة ما إلا قوة الالتجاء إلى جائر مخالف للإمام أو نائب الإمام فلا يجوز لأنه فيه إهانة للدين بمعاندة وليس هروبه وامتناعه مثل تلك المعاندة وإن لم يهرب أو لم يمتنع وقد أمكنه ذلك هلك ولا يضره إلقاء نفسه في (١) . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ١١٢ تبرئ الناس بهروبه وامتناعه كما يقال في الأثر: إذا حرمت على زوجها وأنكر ولا بيان ولم يقبل الفداء لزمها الامتناع عنه ولزمهم أن تبقى المرأة على الزنا وجوبا إذا حرمت على زوجها وحكم الحاكم على عدم الحرمة ً وهذا أمر فاحش لا يقول به مسلم وكما إذا ما ادعى مال على برئ منه ببيان كان له الامتناع منه ولو يبرأ منه. وأنا أكره التمثيل بذلك لأن المسألة فيما عندي أقوى من الأمثلة لا تقبل البحث وكل حجة تدعى تؤول بما عندي من البحث إن شاء الله 8 بلا تكلف في ا لتأويل. والذي في شرح النيل لي أنه لا يجوز امتناعه ولو علم أنه يبرأ مما حكم عليه به إلا أن علم الحاكم الشهرة عليه زورا له الامتناع حكيت بذلك ً ما في الأثر قبلي وأما المكاشفة فلا تحصر بحد إلا مع خفاء ولها أنواع « كلها ليست بوحي ولا هجوم على ا لغيب(١) . ولنا على هذه المسألة ملاحظتان: الأولى: أنها تتعلق بشخص هو في الحقيقة بريء أي: أن موجب توقيع العقوبة عليه غير ثابت. الثانية: أن ما قاله الإمام أطفيش يستجيب لاعتبارات عملية لا تخفى على أحد(٢) . (١) . أطفيش: كشف الكرب، ج ٢، ص ٣٧٣ ٣٧٤ (٢) لكن لا يجوز الهروب إذا كانت الجريمة ثابتة يقين ً ا في حق الجاني، وفي هذه الحالة يجب تسليمه إلى السلطات المختصة في الدولة. يقول ا لبطاشي: ويسلم الجاني لإمام عدل ليقتله ولولي قتيله على يد الإمام لئلا يتفاقم الأمر لا لغير »الإمام ممن يجوز، وأما من لا يجوز من القضاة والولاة فجائز التسليم إليه إن لم يكن .« الإمام العدل أو كان وأقامه لذلك . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ٢٠٢ لذلك جاء في الجامع المفيد بخصوص: فيمن حبس على تهمة، وكان عند نفسه أنه لم يفعل هل يجوز له أن ينقحم من السجن؟ قيل: إذا لم يثبت عليه حق، وانقحم غير معاند للحق، ولا ا ستحفاف » ً ا فأرجو « أن لا يضيق عليه(١) . ُ ثانيا: هرب من أدين بعقوبة واجبة عليه: ً جاء في الجامع ا لمفيد: وسئل عمن كان في حبس من الحاكم بسبب تهمة، ثم هرب من » الحبس، هل للحاكم طلبه؟ قال: معي أنه إذا كانت مما يتعلق فيه حق للعباد، وطلب الانصاف، وقدر عليه كان عليه مطالبته إذا تسبب له وجه يرجو به استدراكه في طلبه، وإن كان الحق فيه لله فالحاكم الناظر في ذلك، فإن رأى طلبه أصلح لأهل الإسلام والأخذ على يده كان عليه ذلك مع الاجتهاد وإن رأى الاشتغال بغيره من معاني الإسلام أفضل كان له ذلك. ومعي أنه إذا هرب من الحبس عن حق قد لزمه حكم الحاكم في ماله حيث كان وهو بمنزلة المتولي، وإن كان الحاكم على قدرة من طلبه والانتصار، وله أعوان من بيت مال الله، وسلطان على ذلك، فإنه عندي الناظر في طلبه « للعقوبة على توليه، والاشتغال بما فيه أفضل منه على الإسلام وأهله(٢) . معنى ذلك: أن المسألة يحكمها القواعد ا لآتية: • على الحاكم أن يجد في البحث عن المجرم الهارب، إن كان لديه من (١) . الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ١٥١(٢) ١٦٠ ؛ النزوي: المصنف ، الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد ج ٢، ص ١٥١ . ج ١٢ ، ص ٩٨ ١١٠ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٣٧٠ الأعوان والوسائل ما يمكنه من إعادة القبض عليه، خصوصا إذا كان ً هروبه يتصل بحق للعباد، ومن الصلاح القبض عليه. • للحاكم ألا يفعل ذلك إذا رأى أن الاشتغال بغيره أفضل لصالح ا لإسلام. • للحاكم الحق في توقيع عقوبة تعزيرية على الهارب لتجرؤه على ذلك واستخفافه بأوامره. وهكذا قيل: الذي يهرب من حبس الحاكم أنه يلزمه التعزير، لأن ذلك من » الاستخفاف بأمور الحكام، وتهاون بالحق ولا حد لتعزيره إلا ما يرى « الحاكم من استخفاف ا لفاعل(١) . • يتحمل الهارب أي تلفيات تترتب على هربه. يقول ا لرستاقي: ومن حبس وهو محق مع نفسه، واحتال في الخروج من الحبس، فلا يضيق » عليه، ويضمن ما يحدث من فعله عند اقتحامه، إن وقع منه حدث في جدار أو « غيره، ويعجبني أن يستر مثل هذا عن الجهال، لئلا يحتجوا به على ا لمسلمين(٢) . ثالث ً ا: مدى مسؤولية حراس السجن عن هروب السجين: يمكن القول: إن القاعدة التي تحكم المسألة هي أن المسؤولين عن السجين لا يسألون إلا إذا اتضح ثمة تقصير في جانبهم وتعمدهم عدم الاهتمام بما يجب إتباعه لمنع هروب ا لسجين. في هذا المعنى، جاء في جواهر ا لآثار: (١) الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٢، ص ١٥١ ؛ الكندي: بيان الشرع، .٩٨ ، ج ٢٩ ، ص ١٣٤ ؛ النزوي: المصنف، ج ١٢(٢) وإذا أصبح السجن منقوبا، » : الرستاقي منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٢٠ ويقول النزوي ً لحقت المتهم من تلحقه التهم في ذلك من أصحاب الحبس، فلا يلزم ضمان النقب إلا « النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٩٨ « من صح عليه . قلت له: فإن هرب أحد من الحبس عمن قد ثبت عليه الحق لغيره على » يد هذا الذي يلي الحبس، وهو غير ثقة في العدالة، إلا أنه يؤمن أنه لا يتعدى فوق ما يؤمر به، هل يضمن الحاكم الحق الذي تلف من الهارب في حبسه، الذي قد تعلق عليه ا لحق؟ قال: معي أنه لا يضمن ذلك في ملك نفسه إذا لم يقصد في تضييع واجب أن يكون ضمان ذلك في بيت مال الله، والحكم لا يلزمه في ماله شيء من الحقوق التي تتلف على يديه في الأحكام ويخطئ في حكمه ما لم يقصد إلى تضييع شيء أو يتعمد على ما لا يسمعه، ويعجبني أن يكون الذي يخطئه في الحكم أو يضيع على يديه من غير تعمد في بيت مال ا لله. قلت له: فإن لم يكن لله بيت مال لم يكن عليه أداؤه من ماله؟ قال: هكذا عندي. قلت: فإن قدر الله بيت مال بعد ذلك، هل له أن يؤدي ما لزمه من معاني الحكم في بيت مال ا لله؟ « قال: معي أنه إذا كان يملك ذلك، وقدر عليه جاز ذلك عندي (١) . :áHƒ≤©dG ò«ØæàH á£ÑJôªdG á«dɪdG πFÉ°ùªdG (R بحث الفقه الإباضي عدة مسائل أهمها ما يلي: ١ التعويضات المالية المترتبة على الجريمة لا تسقط كقاعدة عامة: القاعدة في الفقه الإباضي أنه: (١) ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٥ ، ص ٣٠٦ ٣٠٧ ؛ الكدمي: الجامع المفيد من أحكام . أبي سعيد، ج ٢، ص ٣٠٥ ٣٠٧ يلزم الإنسان ما أتلف ولو بعينه ولو طفلا » ً أو مجنون ً ا أو عبد ً ا في مال « أو نفس(١) . ويشترط لتطبيق ذلك أن يكون التعويض مترتبا ً على فعل غير مشروع، ذلك أن القاعدة عند ا لإباضية أنه: ّ « م(٢) لا عوض على محر » . ُ وإذا ثبت للمجني عليه أو لأوليائه حق مالي نتيجة للجريمة التي ارتكبت في حقه، فإن ذلك الحق لا يسقط تحت أي حال من الأحوال. في هذا المعنى وبخصوص ا لمسألة:  في القاتل إن ثبت عليه القتل ثم إن أهل الدم طلبوا حقهم من القاتل فقتل القاتل نفسه، فهل عليه في ماله دية القتل لأولياء المقتول أم لا؟ قيل: نعم، إذا ثبت عليه القتل عمد » ً ا ثم قتل نفسه أن يتمكنوا من أخذ حقهم « منه فقد انتقل الحق دية في ماله، والله أعلم(٣) . لكن لابن بركة رأي آخر، إذ يقول: وإذا قتل رجل رجلا » ً عمد ً ا ثم مات القاتل كان لأهل المقتول الدية في قول أصحابنا، والنظر يوجب أن لا دية، لأن الدية إنما تجب في الموضع الذي يكون له فيه الخيار بين القتل أو الدية، وليس هذا موقعه لأن أولياء « المقتول إنما لهم العودة والدية لا تجب لهم إلا أن يمكنوا فيختاروها(٤) . ومن المعلوم أن المحكمة العليا في سلطنة عمان قالت: ُ (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٣ ، ص ٤٦٦(٢) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١١٠٢ ّ (٣) . خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، ج ٢، ص ٢٢١(٤) . ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٤٩ التعويض يشمل كافة الأضرار المادية والمعنوية. فالقرار السلطاني » بين كيفية تقدير الديات والأروش وربطها بالقواعد الشرعية. التعويض المعنوي تقدره المحكمة علة ذلك صعوبة تحديد التعويض أو تقديره « ا(١) مقدم . ً وبخصوص التعويض وضع الفقه الإباضي بعض المبادئ واجبة التطبيق. من ذلك ما جاء في بيان ا لشرع: ومن قتل لرجل غلاما أو جملا » ً أو أحرق له زرع ً ا أو تمرا أو قطع له ًً نخلا ً أو شجرا أو هدم له دارا فعليه قيمة ما أتى من ذلك يوم فعله، إلا ًً أن يكون غصب شيئ ً ا من ذلك ثم حبسه في يده إلى وقت آخر ثم استهلكه، فإن لصاحبه أفضل قيمته على الغاصب يوم غصبه أو يوم ََ « استهلكه(٢) . ٢ رد غير المستحق من ا لعقوبة:  تعرض الفقه الإباضي لذلك بخصوص مسألتين: الأولى: دفع العقوبة المالية عن جهل بالتزام الشخص بها، ثم يعلم أنها على آخرين، فحينئذ يكون له حق المطالبة بما هو غير ملزم به. لكن ليس له ذلك إن كان دفعها وهو يعلم أنه غير ملزم بها لأنه حينئذ يمكن اعتباره متطوع ً ا أو متبرع ً ا. (١) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها . ٢٠٠٧ ، سلطنة عمان، ص ٩٣ /٦/ ٢٠٠٦ وحتى ٣٠ /١٠/ في الفترة ١ ُ (٢) وكذلك قولي في قيم » : ٦٤ ، ص ٣٨٥ . ويقول ابن بركة ، الكندي بيان الشرع، ج ٦٣ المتلفات فإنما الاعتبار فيه أن تجري القيمة على حسب ما تبايع الناس به، وتجري به ابن بركة: كتاب « البياعات بينهم فيرجع في ذلك إلى أهل المعرفة دون من لا معرفة معه . التعارف، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٩٨٤ ، ص ١٤ ُ وهكذا جاء في ا لمصنف: أبو زياد في صبي جرح رجل فأدى والده دية الجرح من ماله ثم رجع » يطلب على ا لعشيرة. قال: إن كان أدى دية الجرح طيبة بها نفسه وهو يعلم أنها على العشيرة ثم رجع يطلب فليس له ذلك. وإن كان أداها وهو جاهل لم يعلم أنها على العشيرة ثم علم بعد ذلك « فإن ذلك له على ا لعشيرة(١) . والثانية: دفع العقوبة المالية، ثم يزول سبب دفعها، فحينئذ لمن دفع الحق في المطالبة بما دفعه زائد ً ا عما يجب عليه. يقول ا لنزوي: ومن ضرب رجلا » ً في رأسه فذهب منه الكلام فإنه ينظر سنة فإن لم يتكلم أعطي أرش الضربة ودية الكلام تامة فإن لبث سنين ثم تكلم فعليه أن يرد وينظر له بقدر ما لم يتكلم بسوم العدل وليس عليه في أرش الضربة « رد، وكذلك السمع والبصر والجماع مثله(٢) . ٣ مدى التضامن بين المساهمين في الجريمة بخصوص دفع ا لدية؟ يثير دفع الدية عند تعدد من ارتكبوا الجريمة مسألة هل يوجد تضامن بين الجناة؟ أم أن كل منهم مسؤول فقط عن حصته؟ إذا كانت الإجابة بالإيجاب عن السؤال الأول فإننا نكون بصدد ما يسمى بالمسؤولية التضامنية joint and several liability ، أما إذا كانت الإجابة بالإيجاب على السؤال الثاني فإننا نكون أمام ما يسمى بالمسؤولية الفردية: Individual Liability. (١) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٦٧(٢) . ذات المرجع، ص ٢٨٨ وفي الفقه الإباضي يوجد هذان ا لاتجاهان: وهكذا بخصوص سؤال: عن اختلافهم في جماعة سرقت فتاب واحد هل عليه أن يؤدي الكل أو تجزئه حصته قولان ما وجههما؟ يقول ا لسالمي: أما القول بإلزامه الكل فتعلق الضمان بكل واحد منهم والضمان معنى »لا يتجزأ وإنما يتجزأ المضمون، فهو في ذمة كل واحد من السارقين على طريق ا لبدل. وأما القائل بأنه تجزيه حصته فلعله رأى أن الضمان يتجزأ وأنه وقع على كل واحد جزء منه نظر إلى أن الغرض المطلوب جملة المضمون لا معنى الضمان نفسه، ولأنه لا يلزم كل واحد منهم أن يسلم لصاحب المال جميع القيمة إذ لو لزم كل واحد منهم ذلك لأخذ عن حقه أضعاف ً ا مضاعفة. قلنا: إنما يلزمه على طريق البدل بمعنى أنه إذا لم يسلم هذا لزم هذا ولصاحب الحق أن يختار فإن شاء ألزم الكل وإن شاء ألزم واحد ً ا أو اثنين أو ما شاء فإن سلم أحدهم جميع الحق لم تكن له على الباقين خصومة. « وللمسلم أن يرجع إلى أصحابه فيأخذ منهم حصصهم من ذلك(١) . الثالثة: أن الوالد الذي يقتل ولده عمد ً من ولده الذي قتله » ا ليس له « ميراث بإجماع ا لأمة(٢) . جدير بالذكر أنه إذا حدث العكس، بأن قتل الابن أباه، فقد اتفق فقهاء « على أن الابن إذا قتل أحد أبويه قتل به » المسلمين(٣) . (١) . ابن رزيق: حل المشكلات، ص ١٧٥ ؛ جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٥٧٢ ٥٧٣ (٢) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ، ج ١٤ ، ص ١٥٨ ، المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، ج ٣ . ص ٣٨٦ (٣) . أبو عبد الله الدمشقي العثماني الشافعي، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ٢٤٩ :ÜQÉbC’G ¢†©H ø«H áÑμJôªdG ºFGôédG ¢Uƒ°üîH áHƒ≤©dG ≥«Ñ£J (ì في النظم القانونية المعاصرة يقرر القانون أعفاء وجوبيا من العقاب على  بعض الجرائم رغم وقوع الجريمة كاملة. ونظرا لأن ذلك يشكل استثناء على ً القاعدة العامة التي تقضي بالعقاب على أية جريمة ترتكب، فإن القانون يحددها صراحة ضمن نصوصه، وذلك لاعتبارات عملية خصوصا يقدرها ً المشرع لاقتناعه بأهميتها كعنصر في السياسة الجنائية واجبة ا لاتباع. ومن أمثلة ذلك في القانون ا لمصري: • • • • ما تنص عليه المادة ١٤٤ من قانون العقوبات من عدم تطبيق العقوبات المقررة بتلك المادة على زوج أو زوجة من أخفى أو سوعد على الاختفاء أو الفرار من وجه القضاء ولا على أبويه أو أجداده أو أولاده أو أحفاده. ما تنص عليه المادة ١٤٥ من قانون العقوبات من عدم تطبيق العقوبات المنصوص عليها فيها على الزوج أو الزوجة أو أصول أو فروع الجاني في جريمة إعانة الجاني مرتكب جناية أو جنحة بأي طريقة كانت على الفرار من وجه ا لقضاء. ما تنص عليه المادة ١٤٦ من قانون العقوبات من إعفاء زوجة الفار من الخدمة العسكرية من العقوبة المقررة لإخفاء أحد الفارين من الخدمة العسكرية والمقررة في تلك ا لمادة. ما تنص عليه المادة ٩٨ من إعفاء من لا يبلغ السلطات المختصة عن زوجه أو أحد أصوله أو فروعه إذا كان لهذا الأخير يد في مشروع لارتكاب أي من الجرائم المشار إليها في المادة ٩٨ من قانون ا لعقوبات. ونشير هنا إلى موقف الفقه الإباضي من الجرائم المرتكبة بين الأزواج، وتلك المرتكبة بين الوالد وولده. ١ الجرائم المرتكبة بين الأزواج: بحث ا لإباضية خصوصا مسألتين: ًّ أولا ً : أخذ الزوجة مال زوجها: روى أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن ا لنبي ژ أنه أذن لهند بنت عتبة، وقد شكت إليه زوجها أبا سفيان بن حرب، أنه قطع عنها وعن أولادها النفقة والكسوة أن تأخذ من ماله بغير إذن. وفي رواية أخرى أن أبا سفيان رجل شحيح فليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فقال: خذي ما يكفيك وولدك » « بالمعروف . وهكذا فالحديث يدل على أن أخذ الزوجة من مال زوجها بدون إذن لا أن » : يشكل جريمة السرقة أو غيرها من الجرائم المالية مع مراعاة أن قوله تأخذ من ماله بغير إذن يعني ما يكفيها وولدها بالمعروف كما تقدم التصريح بذلك في بعض الروايات، قال ابن حجر نقلا ً عن القرطبي: والمراد بالمعروف القدر الذي عرف بالعادة أنه الكفاية، قال: وهذه الإباحة وإن كانت مطلقة لفظ ً ا لكنها مقيدة معنى كأنه قال: إن صح ما ذكرت، وقال غيره: « يحتمل أن يكون ژ علم صدقها فيما ذكرت فاستغنى عن ا لتقييد(١) . واستدل في الإيضاح بهذا الحديث على أنه يجوز لصاحب الدين أن ففي هذا دليل أنه حيث » : يقضي بقدر دينه مما قد سبق في الذمة حيث قال يجوز له أن يأخذ مقدار حقه بلا أذن الذي عليه الحق من ماله المعين، جاز له أن يقضي بقدر دينه مما سبق في الذمة لأنه ماله كله، وهذا إذا اختلفت « الديون كما ذكرنا... إلخ(٢) . (١) . ابن عمر: حاشية الترتيب للوارجلاني، ج ٣، ص ٢٣٣(٢) . ذات المرجع، ص ٢٣٧ = وتقول دار الإفتاء المصرية: وأما إذا كانت الزوجية قائمة بين السارق والمسروق منه، فإن أخذت » الزوجة من مال زوجها على صورة السرقة المحرمة في حدود النفقة الواجبة فلا يعد ذلك سرقة محرمة بالاتفاق ودليله نص حديث هند بنت عتبة: « خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف » . أما إذا أخذت الزوجة قدرا زائد ً ا علي النفقة، وكان المأخوذ من حرز أو ً في مكان لم يشتركا فيه بحيث منع أحدهما الآخر من الدخول فيه، فيرى الحنفية أنه لا قطع على واحد منهما، وهو المذهب عند الحنابلة؛ وذلك لما = حري بالذكر أن المسألة ذكرها أيض ً ا النزوي، بقوله: وإذا سرق أحد الزوجين الآخر فلا قطع عليه في المنزل الذي هما فيه فإن سرق أحدهما من »الآخر من غير المنزل الذي هما فيه فالقطع عليه وهو قول أبي حنيفة، قال الشافعي: يقطع  أحدهما للآخر الحجة عليه إن لكل واحد منهما شبهة في مال الآخر لأنها تستحق عليه النفقة وهو يستحق الحجر عليها على قول بعض الناس. واحتج الشافعي أن الزوج لا يستحق الحجر عليها عنده، وعن أبي حنيفة ومالك لا يقولان به ولا يستدلان به والزوجة عليها عنده، وعن أبي حنيفة ومالك لا يستدلان به والزوجة إنما تستحق النفقة على وجه العوض عن الاستمتاع .« وذلك لا يكون لشبهة ولأنها بينهما موجب التوارث من غير حجر فأشبه الوالد والولد قالوا: لا قطع على من سرق من ذي رحم محرم عليه، قال الشافعي: يقطع إلا الوالد والولد وكذلك الولد من بيت والده إذا كان عند والده فلا قطع وإذا كان معتزلا ً فعليه النزوي: « القطع وأما الوالدان فلا قطع عليهما لولدهما إذا سرقاه كان من منزله أو غيره . المصنف ج ٤٠ ، ص ١٥٢ إن مال الزوجين محترم لكل واحد منهما عن صاحبه، وإن كانت » : أما ابن العربي فيقول أبدانهما حلالا ً لهما؛ لأنهما يتعاقدان بعقد يتعدى إلى المال. وقال أبو حنيفة: وأحد قولي الشافعي: لا يقطع؛ لأن الزوجية تقتضي الخالطة والتبسط وهذا باطل من وجهين: أحدهما: أن الكلام فيما يحوز كل واحد منهما عن صاحبه. « والثاني: أنه لو كان في مال زوجه تبسط لسقط عنه الحد بوطء جاريتها . ابن العربي: أحكام القرآن، ج ٢، ص ٦٠٩ بين الزوجين من الانبساط في الأموال عادة وقياسا على أخذ الأصول من ً الفروع والعكس. كما أن بين الزوجين سببا يوجب التوارث من غير حجب ً ويرى المالكية وهو الأظهر عند الشافعية وجوب الحد، لعموم آية السرقة؛ « لأن الحرز هنا تام، فانتفت ا لشبهة(١) . ثانيا: القصاص بين الزوجين: ً خصص صاحب بيان الشرع لهذه المسألة باب باب القصاص بين » ا أسماه ً جاء فيه: ،« الزوجين  قال أبو المؤثر: الحديث عن النبي ژ أن رجلا » ً أصاب امرأته بشيء، قال النبي ژ : « لتقتص منه » فأنزل الله: ﴿ !"# &%$ ' )( * ﴾ ..[ [النساء: ٣٤ ، قوامون يعني: مسلطين، فقال ا لنبي ژ : أردنا أمرا وأراد الله ما هو خير منه فلا قصاص » ً .« بينهما  قال أ بو المؤثر: لا قصاص بينهما وبينهما الدية إلا في القتل « فبينهما ا لقود(٢) . وهكذا، لا قصاص بين الزوجين في جرائم الاعتداء على السلامة الجسدية وينتقل الحق إلى الدية إلا القتل فالقود بينهما. وهكذا فالقاعدة ليس بين الزوجين قصاص في الجروح وبينهما القصاص في » : عند ا لإباضية ّ « النفوس (٣) . (١) . دار الإفتاء المصرية، موسوعة الفتاوى المؤصلة، القاهرة، ١٤٣٤ ه، ج ٥ص ٧٢(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ١١٠(٣) النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ٨٨ ، ويفرق النزوي بين عدة فروض أ يض ً ومن منعته » : ا، قوله زوجته نفسه فضربها فقتلها فإن كان ضربها على مقتل فعليه القود وإن ضربها في البدن ذات المرجع .« والظهر ضربا غير مبرح فليس عليه فإن ماتت من حينها فعليه ديتها ً . ص ٨٩ وقد أشار الإمام السالمي إلى علة عدم القصاص بين الزوجين، بقوله: ولعل السر في ذلك أن الرجل قد يطلع علي أشياء من أمر زوجته » فيؤدبها فيؤثر ذلك جرحا من غير أن يقصد جرحا، ويمكن أن تكون الحكمة ًً أن القصاص ينافي أمر الزوجية؛ لأن المقصود من الزوجية الائتلاف والتودد، والقصاص بينهما منفر بعضهما عن بعض، لأنه أثر باق دائما وكلما رآه أحدهما غلظ قلبه على صاحبه، والقود في القتل لا يؤثر هذا التأثير لأن الأول قد مات ويلحقه الآخر، وأما القطع في السرقة فإن قلنا: إنه لا قطع بينهما أبد ً ا فلأجل ما هو من حصول التآليف والتوادد، وإن قلنا: إنه لا قطع فيما إذا سرقا من البيت الذي يسكنانه، فالعلة في ذلك أن القطع يشترط فيه أن تكون السرقة من حرز فلا حرز في البيت الذي اشتركا فيه بالسكنى، واعلم أن الديات ثابتة بينهما على كل حال حتى في المواضع التي لا يجب « فيها القصاص، إذ يجب فيها الأرش، وكذلك غرم ا لمسروق(١) . ٢ الجرائم المرتكبة بين الوالد وولده: بحث الفقه الإباضي هذه المسألة من ناحيتين: القواعد العامة، وأنواع تلك ا لجرائم. أولا ً : القواعد العامة: أكد ا لإباضية خصوصا على ثلاث مسائل: ًّ الأولى: البينة على المدعي: هذه القاعدة من القواعد العامة في القضاء والتحكيم للفصل في أي (١) ، السالمي: نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤ . ص ٤٢٧ ٤٢٨ نزاع يطرح أمام القاضي، لذلك فهي تسري على المنازعات بين الأب وابنه. يقول الشيخ عبيد: وإذا ادعى الوالد نزع مال ولده مضطرا إليه وقال الولد: خرج من ملكي » ً ببيع أو هبة أو عطية أو نحو ذلك من وجوه التمليك فالقول قول الولد مع يمينه، لأنه ملكه وذو يد فيه والوالد مدع ٍ وعليه البيان. وقيل: القول قول الوالد مع يمينه لأن الأصل بقاء المال للولد ومدعي خروجه هو المدعي  وعليه البيان، وإن كان أحدهما مسلما والثاني مشرك ً ا أو كلاهما مشرك ً ا ثم ً أسلم أحدهما أو أسلما معا أو ارتد أحدهما بعد إسلامهما أو ارتدا معا ًً فادعى الوالد نزع المال في وقت جاز له النزع، وهو وقت ملة التوحيد أو  قال: نزعت المال بعدما وحدت أو بعدما أسلمت أنت وصرت موحد ً ا مثلي ليصح له النزع، فالقول قول الولد مع يمينه في هذا إذا أنكر دعوى أبيه، كأن يقول الولد للوالد: نزعت مالي في وقت لا يجوز له نزعه، لأن الأصل « بقاء المال في ملكه ومدعي خروجه منه هو المدعي وعليه ا لبيان (١) . الثانية: دعاوى الصبي ضد أبيه لا تسمع إلا بعد بلوغه سن الرشد: هذه القاعدة الغرض منها ألا يكون الصغير الذي لا يعي في موقف مطالبة ضد أبيه، بنفسه أو بوكيل عنه، إلا بعد أن يزن الأمور ويقلبها من جميع جوانبها، فيتخذ قراره وهو علم بكل خبايا ا لقضية. لذلك بخصوص سؤال: صبي له على أبيه أروش فرفع الصبي أمره إلى الحاكم: فهل للقاضي أن يقيم له وكيلا ً ليقبض له تلك الأروش، أو إلا إذا كان الأرش على غير الأب؟ (١) . الشيخ محمد عبيد: العقد الثمين في أحكام الدعوى واليمين، ص ١٦٧ يقول البكري(١) : وإذا شكا صبي من والده إلى الحكومة أن له عليه أروشا » ً فلا تسمع له دعوى ولا يتدخل في أمثال هذه الجنايات، لأن الأطفال لا يحكم لهم أو عليهم إلا بوكيل، وأولى الناس للقيام به فيما له أو عليه هو الأب، ولو كان عليه فهو أولى من غيره في نصب الخصومات، فالولد وماله لأبيه كما جاء عن خير البشر، نعم إذا بلغ الطفل سن الرشد وشكا لدى الحاكم أباه مطالبا ً .« لأروشه حكمنا له الثالثة: الحبس بالتهمة للوالد: ذكرنا أنه يجوز الحبس للتهمة في الفقه الإباضي(٢) ، فهل يجوز حبس الوالد للتهمة إذا ارتكب فعلا ً في حق ولده؟ يبدو أن القاعدة في الفقه الإباضي عدم جواز ذلك، والاستثناء جوازه. وهكذا، بخصوص سؤال: في رجل ادعى على أبيه أنه خرب له خرابا أو ً بناء، أو ما أشبهه وأنكر الوالد ذلك وكان للخراب أثر، أيحبس الأب بالتهمة مثل غيره من الناس أم لا؟ جاء في صراط ا لهداية: إنه لا يحبس الوالد بتهمة ولده له، إلا أن يقر الوالد بالخراب، أو يصح » عليه بشهود فحينئذ يجوز حبسه، لأنه يصير متعديا، وكذلك إذا تبين للقائم ً بالأمر، واطمأن قلبه أن هذا الوالد معروف بالتعدي في مال ولده، فالقائم بأمور المسلمين هو الناظر في أمر الرعية، وإن حبسه على هذه الصفة فلا « يضيق عليه ذلك(٣) . (١) . الأسئلة والأجوبة النثرية للبكري، ص ١٥٣(٢) انظر ما قلناه سابق ً ا (٣) . الغافري: صراط الهداية، مكتبة مسقط، ١٤٣٣ ه ٢٠١٢ م، ج ٢، ص ٤٤٤ ٤٤٥ ثانيا: بعض الجرائم المرتكبة بين الأب وولده: ً   بحث الفقه الإباضي بصفة خاصة ثلاثة أنواع من هذه الجرائم وهي: جريمة القذف: يبدو أن هناك اتجاهين في الفقه الإباضي بخصوص القذف بين الأب وابنه يقول ا لبسيوي:  وإذا قذف الرجل أباه والأب ابنه؛ فعليهما الحد » ً لأن الله أبهم الحكم ولم يخص فيه. فأما بعض فقالوا: لا حد على الوالدين للولد، فأما الولد فعليه الحد، كما أن الوالد لا يقاد بابنه، والابن يقتل بأبيه، وبذلك جاءت ا لسنة: لا يقاد » « والد بولده، أو قال لا يقتل والد بولده(١) . (١) ، جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٩٩٢ ، انظر: العوتبي: الضياء، ج ١١ ، ص ١١١ والذي يفضل الاتجاه الثاني ويعممه بعدم تطبيق العقوبة على الأب في جميع الحدود، بقوله: وإذا قذف الرجل أباه أو الأب ابنه فقال بعض: عليهم الحد لبعضهم بعض، لأن الله تعالى »أبهم الحكم في ذلك، وقال بعض لا حد على الوالدين للولد في قذف ولا غيره وأما الولد لا يحد قاذف » : ذات المرجع، ذات الموضع). وبخصوص « فعليه الحد لهما وذلك أحب إلي إن وجه ذلك قد يرجع لقوله تعالى: » : يقول السالمي « ولده ﴿ zyxw ﴾ [ [الإسراء: ٢٣ فإن في هذه الآية نهيا للولد عن إيذاء الوالد فيجب عليه أن يحتمل أذى والده ولا يقابل ً أذى بأذى وأنت خبير أن القذف لا يكون إلا مع المطالبة، وإذا طالبه بذلك فقد آذاه ولا يسمع منه الأذى لأبيه ومن ها هنا قيل: إن الوالد لا يقاد بولده إذا قتل مع أن الوالد كان « سببا لوجود الولد وتربيته وصلاحه فلا يليق أن يكون الولد سببا لهلاك الوالد وجلده . ًً ، السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين ج ٤ . ص ٤٠ ٤٠٩ ، ابن رزيق: حل المشكلات، ص ٣٢١ ٢٢ أخ ْ ذ الوالد مال ولده: لعل خير من عرض لهذه المسألة في الفقه الإباضي ا لعلا ّ مة الشماخي في كتاب ا لإيضاح(١) . (١) لأهمية رأيه نذكره كله، كما يلي: وفي كتاب أبي عبد الله: واختلف أصحابنا في مال الولد: هل للأب أخذه في حياته »وتمليكه عليه، أو شيء منه في حال الإعسار وغير ا لإعسار؟ فأجاز بعضهم للأب أخذ المال من ولده، وإن كان الأب موسرا ويحكم له الحاكم بجواز ً ذلك الفعل، وقال بعضهم: لا يجوز له ذلك إذا كان موسرا فإذا كان أخذ من ماله شيئ ً ا، ً كان بأخذه له ضامن ً ا. وقال بعضهم: ما يأخذه الأب من مال ولده انتزاع، والانتزاع لا يكون إلا فيما أتلفه، وأما فيما عينه قائمة، ينقلها إلى ملكه نحو الدورين والأرضين والنخل فلا يصلح الانتزاع فيه، والعين قائمة، وقال بعضهم: لا يجوز له أخذ شيء من ماله إلا الكسوة، ونفقته يفرضها الحاكم إذا كان معسرا والابن موسرا وهذا القول أنظر عندي وأدل على موافقة تأويل ًً السنة، والله أعلم.  واختلف أصحابنا فيمن أجاز للوالد مال ولده، فقال بعضهم: يملك بالانتزاع على الابن  ماله، أو ما يأخذ من ماله، ولا يكون ذلك إلا بالإشهاد على الفعل، وقال بعضهم: الأخذ هو الانتزاع هو الأخذ منه، فقال: من لم ير الأخذ إلا بالشهادة: إنه يشهد بأنه قد ملكه على ابنه، ثم يحل له ذلك، فأما أخذه بغير بينة فلا، وقال بعضهم تناوله انتقالا ً عن ملك ابنه إليه، وهو انتزاع منه له، فصاحب هذا القول يقول: لو أن رجلا ً وطئ جارية ابنه، جاز له وطؤها وانتقلت عن ولده إليه، ووطؤوه إياها انتزاع منه لها، وقال بعضهم: لا تحل له حتى ينزعها قبل الوطء فإذا ملكها على ذلك حل وطؤها. وفي الأثر: قلت لهما: فالرجل يأخذ من ماله ولده، ويتصدق ويهب ويعطي قالا: ذلك كله للوالد من مال ولده، يضع في ذلك ما أحب إلا أن ابن عبد العزيز قال: ما لم يضر ولده ويجحف بماله ولا حق بالضرر، قالا جميع ً ا. ولا يحل للولد أن يأخذ من مال والده شيئ ً ا إلا بأذنه قال أبو المورج: حدثني أبو عبيده، رفع الحديث إلى ابن عباس، إلى جابر عن عائشة أنها قالت: إن أطيب ما تأكلون من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم فكلوا من كسبكم. قلت لابن عبد العزيز: لو أن رجلا ً محتاجا وابنه غني، إن هو بسط يده إلى ماله حال الابن ً بينه وبين الأخذ من ماله، فليأت به إلى القاضي، فليعلمه بحاجته وأنه حال بينه وبين = كذلك يقول ابن بركة: اختلف أصحابنا في مال الولد، هل للأب أخذه في حياته ويتملكه » عليه أو شيء منه في حال الإعسار أو غير الإعسار، فأجاز بعضهم للأب أخذ مال ولده، وإن كان الأب موسرا يحكم له الحاكم بجواز ذلك الفعل، ً وقال بعضه: لا يجوز ذلك العمل له إذا كان موسرا فإن أخذ من مال ولده ً شيئ ً ا كأن أخذه له ضامن ً ا وقال بعضهم: لا يجوز له أخذ شيء من مال ولده إلا لكسوته أو نفقته بفرض حاكم إذا كان معسرا والابن موسرا، وهذا القول ًً «... أنظر عندي(١) . وهكذا يتضح أن سرقة الأب لابنه، يحكمها عند ا لإباضية القواعد ّ الآتية: أ ( عدم توقيع حد السرقة على الأب لكن هل يقطع الولد أن سرق من أبيه؟ يقول الشوكاني: لا شك أن حديث: « أنت ومالك لأبيك » . يكون شبهة أقل أحواله وهو حديث تقوم به الحجة، وقد عضده حديث: كلوا » « من كسب أولادكم وقد قدمنا الكلام على الحديثين جميع ً ا. = الأخذ من ماله، قلت: أفيعطيه القاضي إذا أتاه وأعلمه ما ذكرت على أخذ ما أحب من ماله؟ قال: نعم يعطيه القاضي من مال ولده ما احتاج إليه، ويحبسه على ذلك ويأخذه برزقه ونفقته وكسوة عياله بالمعروف، على قدر سعة الابن، غير مضار به ولا مشق عليه فيما لا يحمله، قال أبو المؤرج: حدثني أبو عبيده مسلم، أن رجلا ً أخذ من مال ولده في حياة ا لنبي ژ ، فانطلق الابن إلى النبي عليه الصلاة والسلام يشكو والده. ويقول: أخذ والدي من مالي، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: « أنت ومالك لوالدك » . الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٤، ص ٤٨٨ ٤٩١ ، راجع أيض ً ، ا: العوتبي: الضياء، ج ١١ . ص ١١١ ، القواعد الفقهية ا لإباضية ج ١، ص ٣١٠ ٣١١ ّ (١) ابن بركة: الجامع ج ٢، ص ٣٥٢ ، ويعتبر رأي في الفقه ذلك تطبيق ً ا لقاعدة الاحتياط عند ابن بركة، راجع: إدريس باحامد: قاعدة الاحتياط وتطبيقاتها عند ابن بركة من خلال كتابه . الجامع، نشر جمعية التراث، ١٤٣٥ ه ٢٠١٤ م، ص ١٢٩ ١٣٠   أما الولد إذا سرق مال والده فلا شبهة له، وهو مشمول بالأدلة الموجبة »  للحد على السارق ومن قال إن في قطعه قطع رحم أمر الله بصلتها فقد أسرف في الغفلة، فإنه أوجب على هذا الشرع الثابت بالكتاب والسنة وبإجماع المسلمين، وليست صلة الرحم بإسقاط ما أوجبه الله وجعله شرع ً ا لعباده، ولو كان هذا صحيحا لم يثبت على قريب لقريبه حق لا في نفس ً « ولا مال، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله(١) . ب ( أن يكون الأخذ بما يواجه حاجة الأب وفي حدود ما يقرره الشرع الحنيف، ومن الآراء الجيدة عند الإباضية في هذا الخصوص قول ّ البكري: لا يزال حديث « أنت ومالك لأبيك » ساري المفعول، بيد أن ذلك ليس على إطلاقه كما يفهمه البعض، بل هو مقيد بما إذا كان الولد موسر ً ا، والوالد محتاج ً ا، فلا مناص للولد حينئذ أن يفدي والده بماله ويزيل احتياجه، لا فيما إذا كان الوالد موسرا، وإن ظل الولد كذلك ً والعجب مما يفعله بعض الآباء الشرهين، يموت ولد أحدهم ويترك أموالا ً وورثة، فيستحوذ الوالد على كل متروكه، ويترك ورثته وفيهم ضعاف ً ا خاف عليهم محرومين من أرث أبيهم يكيلون الريح، كل ذلك بدعوى « أنت ومالك لأبيك » ، وأنه لم يحز ولده بعد. والحق أن ذلك ظلم وحيف، وليس للوالد إلا نصيبه من الإرث، قال ژ : كل أحق بماله » « حتى الوالد وولده . ليت شعري، كيف يحدد الله الوالد من إرث ولده السدس نصيبا مفروضا ًً أو يوجب على الولد نفقة والده لو كان مال الولد للوالد على الإطلاق؟ فتبين أن الحديث مقيد بقيد ا لاحتياج. (١) . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٣٤٥ ٣٤٦ أما دعوى الإجازة التي اتخذها الآباء الشرهين سدا حائلا ً دون الولد وحرية التصرف في ماله، فقد قال فيها بعض أئتمنا القدامى من أهل عمان: ُ إنها لصوصية شرعية.  إن كلا من الوالد والولد أحق بماله، وأن مال الولد مال » : والخلاصة « للوالد لدى ا لاحتياج(١) . قتل الوالد ولده: بخصوص هذه المسألة يوجد اتجاهات ثلاثة في الفقه ا لإسلامي: أ ( فثمة اتجاه وهو رأي الجمهور، أن الأب لا يقتل بابنه(٢) ، لما رواه  عمر بن الخطاب ƒ أن رسول الله ژ قال: » « لا يقاد الوالد بالولد ولقوله أيض ً ا: « أنت ومالك لأبيك » . ب ( وذهب الإمام مالك إلى أن الأب يقاد بابنه إذا قتله عمد ً ا، أما غير ذلك فلا قود، يقول ابن العربي (بخصوص قتل الأب بولده): قال مالك: يقتل به إذا تبين قصده إلى قتله بأن أضجعه وذبحه، » فإن رماه بالسلاح أ دبا وحنق ً ا، لم يقتل به ويقتل الأجنبي بمثل ً « هذا(٣) . (١) . فتاوى البكري، القسم الأول، مكتبة البكري، تحقيق داود بورقيبه، غرداية، ص ٤٧ ٤٨ (٢) وأما ما عللوا من منع ث » : انتقد الشوكاني هذا الاتجاه، بقوله ُ بوت القصاص للولد من والده مطلق ً ا بأنه كان سبب وجوده فلا يكون الولد سبب إعدامه فما أبرد هذه العلة، وما أقل فائدتها، وليس مجرد ما يتخيل المتخيل من العلل العليلة مسوغ ً ا لبناء ، الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤ « أحكام الشرع عليه . ص ٣٧٠ (٣) . ابن العربي: أحكام القرآن، ج ١، ص ٦٤ ٦٥ ج ( ويذكر الصنعاني أن النبي عليه الصلاة والسلام ذهب إلى أن الوالد يقاد  بالولد مطلق ً ا لعموم قوله تعالى: ﴿ £¤ ﴾ [ [المائدة: ٤٥(١) . وفي الفقه الإباضي يحكم المسألة ثلاث قواعد: الأولى: أن الأب لا يقاد بالولد لمكان حق الأب على الولد(٢) أن » ، كما قوله تعالى: ﴿ wxyz ﴾ [ [الرسراء: ٢٣ يدل على تحريم الإيذاء للوالدين وهو متناول القصاص وغيره من أنواع الأذى، والسر في ذلك أن الوالد  « سبب لوجود الولد فلا يليق أن يكون الولد سببا لعدم ا لوالد(٣) . ً والثانية: لزوم الدية على الوالد الذي قتل ولده، وتكون الدية على الأب لورثة الابن المقتول (كالأخوة مثلا ً .( فلا » لذلك قيل: إنه إذا قتل الوالد ولده قود عليه لأولاده أخوة المقتول، بل عليه الدية لأخوة المقتول إذا لم يكن وارث غيرهم، ولا يبرأ الوالد أن يبرئ نفسه من الدية دية ولده وعليه « التوبة والاستغفار من قتل ولده، وعليه أن يعتق رقبة(٤) . (١) الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٤٤٥ ، راجع أيض ً ا: د. حسن الشاذلي الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٧٥٨ ٧٦٣ . محمد سليم العوا: ٢٥٠ ، أبو عبد الله الدمشقي العثماني ، في أصول النظام الجنائي الإسلامي، ص ٢٤٩ . الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ٢٤٩ (٢). خلفان بن جميل: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ١٧٦ ١٧٧(٣) . السالمي: نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين ج ٤، ص ٤٣٠ وجاء في المصنف: ومن قتل ابنه ومثل به قال: لا يقاد الأب بابنه ولو مثل به، وفي ُ موضع آخر قال إذا مثل به وقتله يقاد به وكذلك الأم لا تقاد بولدها، النزوي: المصنف، . ج ٤١ ، ص ٨٦(٤) المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، ج ٣، ص ٣٦ ، السيد مهنا بن ، خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ . ص ١٥٨ ، المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان ج ١٢ ، ص ١٨٢ الثالثة: أن الوالد الذي يقتل ولده عمد ً من ولده الذي قتله » ا ليس له « ميراث بإجماع ا لأمة (١) . جدير بالذكر أنه إذا حدث العكس، بأن قتل الابن أباه، فقد اتفق فقهاء « على أن الابن إذا قتل أحد أبويه قتل به » المسلمين (٢) . وبخصوص من يتحمل الدية: قيل في ماله وقيل في ا لعاقلة (٣) . »fÉãdG åëѪdG áHƒ≤©dG ™«bƒàd áªcÉëdG óYGƒ≤dG أشار ا لإباضية إلى قواعد عديدة تحكم توقيع العقوبة واجبة التطبيق، ّ منها: :ÖÑ°ùdG ¢Uƒ°üîH ’ ßØ∏dG Ωƒª©H »g áHƒ≤©dG »a IôÑ©dG (CG لذلك بخصوص آيتي الحرابة ﴿ qp vutsr zy xw }|{❁ ے ¡¢ ¤£ «ª©¨§¦¥ ¬﴾ [ [المائدة: ٣٤ ٣٥ يقول النزوي بعد أن ذكر سبب نزولها: (قيل: في الأسلميين، وقيل: في العرنيين). (١) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ، ج ١٤ ، ص ١٥٨ ، المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، ج ٣ . ص ٣٨٦ (٢) . أبو عبد الله الدمشقي العثماني الشافعي، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ص ٢٤٩ (٣). خلفان بن جميل: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٣٧ « وذهب المسلمون في تأويل هذه الآية أنها عامة لمن بعدهم » (١) . :áªjôédG ´ƒbh øe âÑãà∏d ,á°ù∏édG »a ≥«≤ëàdG Öéj (Ü هذا أمر بدهي، فالمحاكمات الجنائية تفترضه، لكي يعرف القاضي خبايا القضايا، ويحكم وفق ً ا لذلك، إما بالبراءة أو الإدانة، وهكذا جاء في كتاب الضياء: ولا يقطع الحاكم السارق حتى يسأل المسروق منه: ألك في المسروق » شريك أم هو لك، وكذلك من صح على رجل أنه زنا بجاريته فعلى الحاكم أن يسأله: أله فيها شريك أو لا فإن كان سأله فقال: ليس لي شريك في ذلك وهو لي قطع السارق ثم أقر فأرى على صاحب الشيء القصاص والله أعلم. وإن كان الحاكم لم يسأل وقطع السارق على غير مسألة منه ثم أقر صاحب الشيء بالشريك فأرى على الحاكم الدية في بيت المال وعلى السارق ضمان الشيء، وكذلك إن صح على رجل أن زنا بجارية له الجواب « فيهما واحد (٢) . (١) النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٧٢ ، يقول الشوكاني بخصوص ذات ا لحد: هذا الحد من جملة ما شرعه الله من الحدود بين عباده، وجاء في كلامه بالصيغة المنادية »بالعموم، بأعلى صوت وأوضح دلالة فهي من هذه الحيثية شرع عام لجميع الأمة أولهم وآخرهم أسودهم وأبيضهم. فليس في حمل الآية على المشركين وتخصيص حد المحاربة بهم إلا التعطيل لفائدتها والمخالفة لما يقتضيه الحق ويقود إليه الإنصاف، وقد أقام هذا الحد على المحاربين الصحابة فمن بعدهم إلى هذه الغاية. الشوكاني: السيل الجرار . المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٣٤٦ ٣٤٧ (٢) . العوتبي: الضياء، ج ١١ ، ص ٣٩ ، ج ١٥ ، ص ٢٣٢ :É¡«∏Y áHƒ≤©dG ™«bƒJ OGôªdG áªjôédG ´ƒbh (ê هذا أمر طبيعي، لأنه لا جريمة دون فعل إجرامي سواء قصد الجاني ارتكابها أو توافر الخطأ في حقه أو شبه ا لعمد. ويتطلب ا لإباضية لذلك عدة أمور، منها: ّ أولا ً: لا يجوز الركون إلى مجرد ادعاء أحد الأطراف بأنه مجني عليه، وإنما لا بد من إثبات ذلك بالبينة العادلة (الإقرار أو شهادة الشهود مثلا ً ((١) .    ثانيا: إذا ثبت وقوع الجريمة، فإن التعلل بحجج لغوية غير صحيحة لا ً يجوز. يكفي أن نذكر ما جاء في ا لمصنف: فإن قال: يا زان، ثم قال: أردت بذلك شيئ » ً ا غير الزنا، واحتج أن ذلك يجوز في بعض اللغات لم يقبل منه، فإن قال له: يا زان بات في الجبل (١) يكفي أن نضرب المثال ا لآتي: قلت: فرجلان يقتتلان فيما بينهما بحضرة ملأ من الناس، ولم ير بأحدهما أثر ولا جرح َ قبل ذلك، ثم يفترقان وبأحدهم جرح أو كسر، فيقول المجروح أو المكسور: أنت كسرتني أو جرحتني ويقول الآخر: بل أنت جرحت نفسك أو كسرت نفسك؟ قال: ليس ذلك بشيء إلا أن يقيم البينة أن ذلك الجرح أو ذلك الكسر كان به قبل أن يقاتله، فقد برئ من ذلك الجرح أو ذلك الكسر، وإن لم يقم البينة على ما وصفت وشهد شاهدان عدلان ُ أنهما اقتتلا وليس بأحدهما جرح ولا كسر، ثم افترقا وبأحدهما جرح أو كسر لم يكونا رأياه قبل أن يقاتله، فهو مقتص منه. قلت: فإن كان الجرح الذي جرحه خفيا في رأسه، وإنما هي ضربة ورم بها رأسه، وكان الصدع من داخل، أو ضربه في ساقه، فأقام أيام ً ا وهو منتفخ، ثم انتقض فصار جرح ً ا عظيما، في جسده أو في رأسه، فادعى المجروح أن ذلك من ضربته؟ قال: إن كان يعرف ً أنه ضربه أو جرحه في ذلك الموضع وشهد عليه الشهود أنهم رأوا الضربة والجرح أو الكسر، أو أقر به (بعد) ما رآه في ذلك الموضع الذي قاتله فيه، فهو مقتص منه جرحه أو كسره بالغ ً أبو غانم الخراساني: المدونة .« ا ما بلغ، أو يأخذ الدية أيا ما أحب فله ذلك . الكبرى، ج ٣، ص ٢٤٥ مهموز لم يحد لأن الزنا إن كان مهموز ً ا لم يكن قذف ً ا لأن المهموز منه هو « الصعود في الجبل، تقول العرب: يا زنات في الجبل، أي: ا صعدنه(١) وبالتالي عليه الحد ولا ينفعه شيء مما قال(٢) . ثالث ً ا: يجب توافر كل الشروط الشرعية اللازمة لوجوب العقوبة، ذلك أن « إنما تسوغ بعد تحقق سببها » العقوبة(٣) ، وإلا انتفى تطبيقها. ونكتفي ببيان بعض الأمثلة على ذلك، لخصها بطريقة سديدة ومفيدة ابن قيس فيما يتعلق  ببعض الحدود، بقوله: • أحدها: أن يشهد عليه » : فالذي يوجب الجلد على الزنا ست خصال أربعة رجال أحرار بالغين عاقلين من المسلمين العدول أنه زنا، الثاني: أن يقولوا: رأينا فرجه في فرجها؛ كالميل في المكحلة، ونحو ذلك، الثالث: أن تكون شهادتهم جميعا متفقة في المكان والوقت، الرابع: أن ً يقيم على إقراره، حتى يقام عليه أول الحد، إن كان ذلك بإقرار منه، الخامس: أن يكون بالغ ً ا عاقلا ً موحد ً ا، السادس: أن لا يدعي المشهود عليه دعوى يكون عليه فيها شبهة. فإذا اجتمعت هذه الخصال، وكان حرا جلد مئة جلده، وإن كان عبد ً ا أو أمة جلد خمسين جلدة، وقد قيل: لا حد على المملوك إلا أن يكون محصن ً ا، « بل يعزر(٤) . • والذي يوجب الرجم على الزنا تسع خصال: ست قد قدمنا ذكرها، والسابع: أن المشهود عليه قد تزوج تزويجا صحيحا، ودخل على ًً (١) . النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ٨١(٢) . الكندي، بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ٨٣(٣) . ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، دار الوطن، الرياض، ص ٦٤ (٤). إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٣٤٨ ٣٩٣ الزوجة، الثامن: أن تكون زوجته التي تزوجها حرة موحدة، التاسع: أن يكون حرا موحد ً ا، وسواء كان معه زوجة ذلك الوقت، أو مفارق ً ا لها. • والذي يوجب حد القذف ثماني خصال: أحدها: أن يكون القاذف والمقذوف حرين موحدين، الثاني: أن يكون القاذف عاقلا ً ، الثالث: أن يكون المقذوف لم يقر بالزنا، ولم تشهد عليه بينة بذلك، الرابع: أن لا يكون القاذف زوج المقذوفة فتطالبه بحدها، فيلاعنها، الخامس: أن لا يكون القاذف والد المقذوف، السادس: أن يكون القذف صريح ً ا، السابع: أن لا يكون ثم شبهة، الثامن: أن يشهد عليه بذلك رجلان حران بالغان عاقلان مسلمان عدلان، أو رجل وامرأتان كذلك، أو يقر بذلك ويقيم علي إقراره حتى يقام عليه أول الحد، فإذا اجتمع عليه هذه الخصال، جلد   القاذف ثمانين جلدة، وإن كان بغير هذه الصفة، وكان بالغ ً ا عاقلا ً يعزر(١) .  • والذي يوجب القطع على السرقة أربع عشرة خصلة: أحدها: أن يسرق من حرز، الثاني: أن يكون المسروق ربع دينار فصاعد ً ا يوم خروجه من الحرز، الثالث: أن لا يكون شريك ً ا في ا لمسروق، الرابع: أن لا يكون ولد المسروق، الخامس: أن لا يكون ممن تلزمه نفقته في ذلك الوقت، السادس: أن لا يكون من الغنيمة، ولا من بيت المال، السابع: أن يكون السارق بالغ ً ا عاقلا ً عدلا ً ،الثامن: أن يشهد عليه بذلك رجلان مسلمان حران بالغان عاقلان عدلان أو رجل وامرأتان كذلك، أو على إقراره بذلك إن كان حرا، التاسع: أن يقيم على إقراره، حتى يقام عليه أول الحد إن كان مقرا، العاشر: أن يكون مالك السرقة يدعيها إلى قيام الحد، الحادي عشر: أن لا يقر صاحبها بشيء يكون فيه شبهة، الثاني عشر: أن لا يكون عليه حق للسارق، ولا قبله حتى يجب في ماله، الثالث عشر: (١) . ذات المرجع، ص ٣٤٩ أن لا يكون ذلك وديعة أو لأحد فيه شركة، ولم يقم معه على ذلك، الرابع عشر: أن لا يدعي السارق دعوى تكون فيها شبهة(١) . • والذي يوجب الحد على الشارب ثلاث خصال أحدها: أن يشرب خمرا ً أو نبيذ ً ا مسكرا طائعا غير مكره، الثاني: أن يكون الشارب بالغ ً ا عاقلا ً ًً موحد ً ا، الثالث: أن يشهد عليه بذلك رجلان حران بالغان عاقلان مسلمان عدلان، أو رجل وامرأتان كذلك، أو يقر بذلك ويقيم على إقراره حتى يقام عليه أول الحد وسواء كان جاهلا ً بعينه أو عالما متأولا ً ً أو غير متأول، فإذا اجتمع فيه هذا الوصف جلد ثمانين جلدة إن كان حرا، أو أربعين إن كان مملوك ً ا. (١) . ذات المرجع ص ٣٥٠ وبخصوص حد السرقة، يقول ا لأصم: قال تعالى: ﴿ ;:9876543210/ <  ﴾ [ [المائدة: ٣٨ وإنما عنى بذلك بعض السراق دون البعض للرواية جاء عن ا لنبي ژ : لا قطع في الثمر إذا كان في الشجر حتى تواريه البيوت ولا في ماشية حتى يواريها »« المراح وقيل: لا قطع في كثر، والكثر: هو الجدب، ولا على سارق السارق ولا على من سرق البالغين من الأحرار والعبيد، ولا على من سرق طيرا ولا على من سرق من مال ً الكعبة، ولا على من سرق من بيت المال، ولا من الغنيمة إذا كان له فيها نصيب، أو لم يكن له، وقيل: من سرق من الغنيمة قطع، إلا أن يكون أميرا عليها، والأول أحب إلي، ً ولا قطع على من سرق خمرا من المسلمين، ولا من أهل الذمة، ولا على من سرق من ً أستار الكعبة، ولا قطع على العبد إذا سرق من مال سيده، ولا على الأب لابنه والأم كذلك مثل الأب، ولا قطع على الصبي إذا سرق ولا قطع على المختلس، ولا الطور ولا الداخل بإذن، ولا المساكين في منزل بعضهم بعض، إلا أن يسرق أحدهم شيئ ً ا لصاحبه ما يجب فيه القطع من موضوع غير ذلك قطع، والزوجان لا يقطع أحدهما لصاحبه إلا أن يسرق أحدهما لصاحبه ما يجب القطع من غير المنزل الذي يتساكنان فيه، وكذلك الأولاد للوالدين، ولا قطع على المعتدي، ولا الغاصب، وإنما القطع على الذي يسرق من الحصون المحصنة . الأصم: البصيرة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ص ١٥٢ ١٥٣ « بالجدار ُ راجع أيض ً . ا: الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٩٠ ، ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٤٧٢ •  والذي يوجب حد المحاربة خمس خصال: إحداها: أن يكون بالغ ً ا عاقلا ً ،الثانية: أن يكون موحد ً ا محرم ً ا لفعله غير متأول، الثالثة: أن يشهر سلاح ً ا، أو يظهر فساد ً ا، الرابعة: أن يشهد عليه بذلك رجلان، أو رجل وامرأتان ويكون الشاهدين حرين بالغين عاقلين مسلمين عدلين، أو يقر بذلك إن كان حرا ويقيم على إقراره حتى ي ُ حد، الخامسة: أن لا يكون في ذلك شبهة(١) . :áÑLGƒdG áHƒ≤©dG ™«bƒJ áë°üd ΩR’ ÖμJôªdG π©ØdG ∞««μJ ø°ùM (O  فقد تتشابه بعض الجرائم، لكنها مختلفة من حيث ماهيتها والعقوبة التي توقع عليها، لذلك فإن حسن تكييف الفعل يلعب دورا مهما في حسن ً إدارة العدالة بما يؤدي إلى سلامة وصحة العقوبة التي يتم توقيعها. ونأخذ مثالا ً لذلك ا لسرقة: والسرقة هي أخذ العاقل البالغ مال الغير خفية من حرز على غير وجه شبهة. نصاب السرقة عند ا لإباضية أربعة دراهم، وعند الجمهور ثلاثة دراهم ّ أو ربع دينار، وعند الحنفية عشرة، وسبب الخلاف اختلافهم في تقدير المجن الذي قطع بسببه النبي يد السارق فجعل بعضهم قيمته ثلاثة دراهم، وقال ا لإباضية: قيمته أربعة، وقال الحنفية: بل هي عشر(٢) . ّ كذلك السرقة أخذ المال خفية لقصد تملكه أو تفويته على صاحبه(٣) . وجرائم الاعتداء على الأموال عديدة وكثيرة وقد يحدث تشابه بينهما في بعض الأمور والصفات؛ يقول ابن بركة: (١). إبراهيم بن قيس، مختصر الخصال، ص ٣٥١(٢) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٤٧٤ ٤٧٥ ّ (٣) . الشيح أبو عبيد السمائلي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، ص ٢٤٠ والسارق في لغة العرب: من أخذ ما هو ممنوع منه مستخفيا به، » ً الدليل على أن طريقه طريق الاستخفاء، قولهم سارق النظر، لأنه لو نظر لا من طريق الاستخفاف لم يسم سارق النظر، وإنما سمي سارق النظر إذا ُ نظر إليه وهو يريد ألا يرى أنه ينظر إليه، ومنه سمي سارق الشعر إذا أخذ ُ بيت ً ا من شعر غيره وأوهم أنه له إذ لو أنشد بيت ً ا لغيره وهو يعلم أنه ليس له لم يسم سارق الشعر، والسراق تختلف أحوالهم في حال تناولهم المسروق، ولكل واحد منهم اسم يخصه به، واسم سارق يعمهم، ويشتمل على جميعهم وفيهم المختلس، وهو سارق لأنه أخذ ما ليس له من طريق الاستخفاء، وكذلك الطرار له اسم يخفى به، وإن كان اسم السارق يقع عليه، ومنهم النباش والسلال والثقاب. وإنما جعلت هذه الأسماء لاختلاف الأفعال التي تقع منهم إلا أن اسم السارق واقع على كل واحد منهم، ولكل واحد منهم حكم غير حكم صاحبه، وإنما افترقت أسماؤهم لافتراق الأحكام  « عليهم(١) .  ويذكر ا لإباضية التفرقة بين أفعال الأشخاص ا لآتية: ّ الطرار: الذي يقطع الصرة من الثوب من غير فت. والداخل بالإذن: هو الذي يدخل منزل غيره بإذنه. والخائن: هو من يأمنه أحد على متاعه ويخونه؛ أو هو من يدخل بإذن فيسرق أمتعة بخيانة. والكثر: هو الجذب من النخل، وقيل: هو النخل ا لصغير. (١) ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٤٧٤ ٤٧٥ ؛ النزوي: المصنف، ج ٤، ص ١٥٥ ؛ الكندي بيان . الشرع: ج ٧١ ، ص ١٣٩ والمختلس: الذي يشل السرقة ويستلبها من أماكنها من غير فتح باب أو فك قفل أو غير ذلك.  والقاطع: هو الذي يرصد الناس خارج البلد أو فيه ليضرهم في مال أو بدن والسالب: هو الذي يخالط فإذا رأى غفلة اختطف ما في يدك(١) . وهكذا كل جان من الأشخاص السابقين ارتكب فعلا ً يجب تكييفه تكييف ً ا صحيح ً ا، لأنه رغم تشابه الأفعال، فإنه لا يقطع إلا على السرقة. فعن جابر ƒ عن النبي ژ قال: « ليس على خائن ولا مختلس ولا منتهب قطع » رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي وابن حبان(٢) . (١) راجع: الرستاقي: منهج الطالبين ج ٥، ص ٢٩٩ ، البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ٢٣٠ ، ابن غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢١٠ ؛ أطفيش: شرح النيل، ج ١٤ ، ص ٨٠٠ ٨٠١ ، الشيخ أبو عبيد السمائلي: هداية الحكام إلى منهج . الأحكام، ص ٢٤٠ (٢) والمراد بالخائن الذي يضمر ما لا يظهره في نفسه، والخائن هنا هو الذي » : يقول الصنعاني يأخذ المال خفية من مالكه مع إظهاره له النصيحة والحفظ، والخائن أعم، فإنها تكون الخيانة في غير المال، ومنه خائنة الأعين وهي مسارقة الناظر بطرفه ما لا يحل له نظره. والمنتهب: المغير من النهبة وهي: الغارة والسلب، وكأن المراد هنا ما كان على جهة الغلبة والقهر. . الصنعاني: سبل السلام، ج ٤، ص ٤٦ ٤٧ « والمختلس: السالب، من اختلسه إذا سلبه ويقول ابن قيم ا لجوزية: وأما قطع يد السارق في ثلاثة دراهم وترك قطع المختلس والمنتهب والغاصب فمن تمام »حكمة الشارع أيض ً ا فإن السارق لا يمكن الاحتراز منه فإنه ينقب الدور ويهتك الحرز ويكسر القفل ولا يمكن صاحب المتاع الاحتراز بأكثر من ذلك. بخلاف المنتهب والمختلس: فإن المنتهب هو الذي يأخذ المال، جهرة بمرأى الناس فيمكنهم أن يأخذوا على يديه، ويخلصوا حق المظلوم، أو يشهدوا له عند الحاكم، وأما المختلس فإنه إنما يأخذ المال على حين غفلة من مالكه وغيره، فلا يخلو من نوع تفريط يمكن به المختلس = وقد طبق ا لإباضية ذلك بأمثلة عملية: ّ يقول الأصم: ولا قطع على من سرق خاتما من يد رجل وهو ناعس في مسجد أو » ً ماش ٍ « لأنه مختلس(١) . وجاء في المدونة ا لكبري: سألت أبا المؤرج عن النباش إذا وجد وقد نبش قبرا، ووجد المتاع » ً عنده، قال: قطع يده، وهو كسارق الأحياء، يفعل به ما يفعل بسارق ُ الأحياء. قال: وكذلك قال الربيع: قال: وقال عبد الله بن عبد العزيز: ليس سارق الأحياء والأموات بمنزلة واحدة، لأن من سرق من حي قد سرق ممن يحوز ويحرز، وأما من أخذ كفن ً ا للميت من قبره ونزعه منه فقد أخذ من غير حرز، لأن الميت لا يحوز شيئ ً ا ولا يحرزه ولا قطع على النبش ولكن أنكله وأعاقبه عقوبة شديدة، ولا أقطعه وليس بمنزلة من أخرج شيئ ً ا من حرز وسرقه ممن كان يحوزه، والميت لا يحوز شيئ ً ا ولا يمنعه. قال: وكذلك قال « حاتم بن منصور مثل ما قال ابن عبد العزيز(٢) . = من اختلاسه وإلا فمع كمال التحفظ والتيقظ لا يمكنه الاختلاس فليس كالسارق بل هو كالخائن أشبه، وأيضا فالمختلس إنما يأخذ المال من غير حزر مثله غالبا، فإنه الذي يغافلك ًً ويختلس متاعك في حال تخليك عنه وغفلتك عن حفظه وهذا يمكن الاحتراز منه غالبا، فهو ً كالمنتهب، وأما الغصب فالأمر فيه ظاهر، وهو أولى بعدم القطع من المنتهب ولكن يسوغ .« كف عدوان هؤلاء بالضرب والنكال والسجن الطويل والعقوبة بأخذ ا لمال ابن قيم الجوزية: إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق محمد محيي الدين . عبد الحميد، ج ٢، ص ٦١ ٦٢(١) . الأصم: البصيرة، ص ١٥٩(٢) . أبو غانم الخراساني المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٢٤ = PEG ,ÜÉ≤©dG øe »``fÉédG äÓaEG »æ©j ’ áÑLGƒdG á``Hƒ≤©dG ≥«Ñ£J ΩóY (```g :á«°ü©e ¬∏©a πμ°T ¿EG ájôjõ©J áHƒ≤Y ¬«∏Y ™bƒJ إذا لم تتوافر شروط توقيع العقوبة (كالحدود وغيرها) وكان الفعل يشكل معصية، فإن الجاني يمكن أن يتعرض للتعزير الذي يقدره ا لإمام. وقد أكد ا لإباضية علي ذلك: ّ وهكذا بعد أن ذكر ابن قيس الثماني خصال السابق الإشارة إليها التي توجب حد القذف، يقول: فإذا اجتمع عليه هذه الخصال جلد القاذف ثمانين جلدة، وإن كان بغير » هذه الصفة، وكان بالغ ً ا عاقلا ً « يعزر (١) . وجاء في جامع المفيد ما يؤيد ذلك أيض ً ا: وعن رجل دخل حانوت عطار فتعطر من الحانوت عطرا قيمته مائتا » ً دينار، وخرج وليس عنده شيء إلا رائحة العطر، ما يجب عليه؟ قال: معي أنه يخرج معناه أن ليس عليه حد إذا كان خرج من الحانوت، وليس معه شيء ولكنه عليه ضمان ما أتلف والأدب. = اسم السارق ينطبق عليه، لأنه يأخذ الأموال » : ويرى الشيح أبو زهرة بخصوص الطرار أن في خفية ومن حرز مثلها، إذ إنه يأخذها من جيوب الناس ويعتمد في الاختفاء على غفلاتهم فهو لا يستغل الظلام إلا للسرقة ولكنه يختفي مع ذلك عن الأعين المراقبة، ويمد يده في اختفاء، معتمد ً ا على انشغال الناس وعلى مهارة يده فهو سارق قوي خفي الشيخ محمد أبو زهرة فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ،« سريع خطر ص ١٥٢ . لذلك يرى ابن تيمية أن الطرار يقطع على الصحيح، ابن تيمية: السياسة . الشرعية، ص ٧٢ (١) . إبراهيم ابن قيس: مختصر الخصال، ص ٣٤٩ قلت له: ورجل دخل منزل قوم فأكل من طعامهم قيمة ما يستحق القطع، فلم يوجد معه شيء وصح عليه أنه أكل ما يلزمه؟ قال: معي أنه مثل الذي دخل منزل العطار، ويكون عليه ضمان ما أتلف « والأدب على ما فعل(١) . هو من قبيل ا لتعزير. « الأدب » ولا شك أن حري بالذكر أنه بخصوص من يسقط عنه القصاص اختلف الفقه الإسلامي إلى آراء ثلاثة(٢) . وبعد أن عرض لهذه الآراء الثلاثة، يقول د. حسن الشاذلي: وأرى أن القياس في العقوبات غير مسلم على إطلاقه وهذا يضعف » رأي المالكية وأن القول بعدم توقيع عقوبة على من سقط عنه القصاص مطلق ً ا لا يتمشى مع حقيقة كون الاعتداء قد وقع على حق من حقوق الله  (١) . الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٣٢٣ (٢) الرأي الأول : يرى جمهور الفقهاء (الحنفية والشافعية والحنابلة، والظاهرية، وإسحاق بن راهويه، وسائر أصحاب الحديث) أنه ليس عليه عقوبة أخرى، وقد احتجوا بأن آية القصاص في قوله تعالى: ﴿ ]\[ZY ^ ﴾ [ [البقرة: ١٧٨ جعلت الموجب هو ا لقصاص أو الدية على الخلاف المتقدم ولم توجب عقوبة أخرى. الرأي الثاني: يرى الشافعية وجوب تعزيره، لأنه لما سقط القصاص أصبح القتل العمد خاليا عن الزجر والردع فأوجبوا فيه التعزير، ومقداره متروك للإمام. ً الرأي الثالث: يرى المالكية (وهو قول الأوزاعي والليث) جلده مائة سوط، وحبسه سنة من غير تغريب وقد استدلوا بقوله تعالى: ﴿ !" &%$# ')( ,+ . 76543210/ ﴾ فقد جمع الله تعالى -* القتل والزنا، وجعل الإثم، ومضاعفة العذاب على كل منهما، والزنا عقوبته القتل رجما ً على المحصن، والجلد مائة والنفي سنة على غير المحصن فالواجب على من قتل عمد ً ا القصاص فإن سقط عنه القصاص بعفو أو صلح كان عليه جلد مائة ونفي سنة، مثل عقوبة الزنا، وقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: أتي النبي ژ برجل قتل عبده متعمد ً ا، فجلده مائة ونفاه سنة، ومحا سهمه من المسلمين ولم يقده به. تعالى وهو صيانة النفس من الإهدار والزجر والردع عن ارتكاب مثل هذه الأفعال، وهذا يضعف الرأي الأول، ويقوى عندي الأخذ برأي الشافعية، وهو وجوب توقيع عقوبة تعزيرية عليه، وهذه العقوبة أرى أن تضعها السلطة الشورية على الوجه الذي يدرأ الجريمة والمجرمين عن المجتمع، كما أرى « ألا تصل إلى ا لقتل(١) . :∂dP »a áØ°U ¬d øªe áHƒ≤©dG ≥«Ñ£J ¿ƒμj ¿CG Öéj (h وقد سبق القول أن المبدأ هو أن تطبيق العقوبة يكون للإمام أو للسلطات المختصة في الدولة، لكن لأولياء الدم أيض ً ا دور في طلب القصاص أو النزول عنه، إلى الدية أو العفو، فيجب مراعاة ذلك وإلا كان الحكم غير صحيح. في هذا المعنى تقول المحكمة العليا في سلطنة عمان: ُ من المقرر في قضاء المحكمة العليا أن المعلوم شرع » ً ا أن القصاص حق لأولياء الدم ولهم أن يطلبوه أو ينزلوا عنه إلى الدية أو العفو، ولذلك فإن معرفة رأيهم أمر جوهري في تحديد نوع العقوبة التي يمكن أن تقع على الجاني. وفي هذه الصدد يجب أن يعين أولا ً أولياء الدم بإعلام شرعي ثم سؤالهم واحد ً ا تلو الآخر عن مطالبتهم بالقصاص أو خلافه وبالاطلاع على أوراق الدعوى فقد خلت من هذا الإعلام الأمر الذي يشوب الحكم « بالقصور(٢) . (١) د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، . ص ٨٣٢ ٨٣٣(٢) مجموعة القواعد والمبادئ القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ . وحتى ٢٠١٠ م، الدائرة الجزائية، سلطنة عمان، ص ٣٩٩ ُ وهكذا فإن تنفيذ عقوبة القتل يكون لأولياء القتيل فإن عدموا فللإمام: هذا أمر بدهي فعند وجود أولياء للقتيل فالحق يكون لهم. لكن تثور مشكلة إذا تعددوا وهكذا جاء في الجامع ا لمفيد: وألقى علينا أبو سعيد أسعده الله، مسألة في كتاب يقرؤه في رجل قتل » وله أولياء، فطلبوا جميع أن يلو القود به، فخرج في ثلاثة معان على ما رفع لنا أبو سعيد من الكتاب الذي يقرؤه. فقول: يقترعون، وقول: إن الأكبر منهم يلي ذلك، وقول: إنهم لا يتقدمون على قتله حتى يتفقوا ويوكلوا من يقتله. قال أبو سعيد: بهذا القول عندي أصح وأحوط، وكل المعاني تخرج « عندي، فالأول من الأثر، ثم أجاب هو ذلك بعد (١) . فإذا لم يوجد للمقتول ولي، ففي هذه الحالة الحل المتصور هو أن يلي وأما الذي قتل » : ذلك الإمام فهو ولي من لا ولي له، في هذا المعنى قيل رجلا ً لا يعرف له أب ولا عصبة ولا رحم؟ الجواب: فإن الإمام أولى بدم هذا الذي ذكرته إن شاء قتل قاتله، وإن شاء أخذ الدية فإن كان له جنس سلم الدية، وإن لم يصح له جنس، وصحت فالدية في بيت المال، فإن صح « له ولي بعد ذلك سلمت له الدية من بيت المال. هكذا يوجد في ا لأثر (٢) . :≥«Ñ£àdG á©æàªe áHƒ≤©dG ≥«Ñ£J Rƒéj ’ (R توجد أحوال لا يسمح فيها الشارع بتطبيق العقوبة الواجبة رغم وقوع الجريمة، مثل أسباب الإباحة، وموانع المسؤولية، وموانع العقاب وغيرها. (١) . الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٣١٠ ٣١١(٢) . المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، ج ٣، ص ٣٨٤ ففي مثل هذه الأحوال يمتنع تطبيق العقاب. وتوجد حالات أخرى بالنسبة للقصاص(١) . :áHƒ≤©∏d IOó°ûªdG hCG áØØîªdG ±hô¶dG IÉYGôe (ì  يدخل ذلك بداهة تحت المبدأ العام القاضي بتفريد العقاب والسابق الإشارة إليه. وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك، يقول صاحب بيان ا لشرع: ويكون حبس المتهم على قدر كثر السرقة أو فتح قفل السارق وبيان » السرقة يكون طول حبسه وقصره والتهمة تلحق كلا منهم إلا ا لعدل. (١) وكل جناية عمد » : لخصها ابن قيس بقوله ً ا ففيها القصاص، إلا في واحدة وعشرين خصلة، أحدها: أن يقتل حر عبد ً ا غير فاتك به، الثاني: أن يقتل موحد ً ا مشرك ً ا، الثالث: أن يقتل صبي بالغ ً ا، الرابع: أن يقتل مجنون عاقلا ً ،الخامس: أن يقتل ولده شبه العمد، السادس: أن يجني عليه منقلة، السابع: أن يجني عليه مأمومة، الثامن: أن يجني عليه جائفة، التاسع: أن يجني عليه هاشمة، العاشر: أن يجني عليه نافذة، الحادي عشر: أن يكسر عليه عضوا من ً غير جرح، الثاني عشر: أن يجني عليه من غير جرح كاللطمة، والوكزة، والضربة بالعصا، ونحو ذلك، الثالث عشر: أن يقطع له جارحة ليست به، الرابع عشر: أن يجتني عليه زوجته شبه العمد فيما دون النفس، الخامس عشر: أن يجني عليه في فرج أو دبر، السادس عشر: أن ليس في ذهاب الكلام قصاص، السابع عشر: أن لا قصاص في العقل، الثامن عشر: أن لا قصاص في الجماع، والشم إذا ذهبا، التاسع عشر: أن لا قصاص في السمع، العشرون: أنه لا قصاص في الشعر، والسن، والظفر، إذا نبتت، الحادي والعشرون: أنه لا قصاص في إبراهيم بن قيس مختصر الخصال، « السن، ولا في الظفر الزائد إلا في مثله . ص ٣٣٥ ٤٣٣ ، وراجع وجه التخصيص في حالات امتناع القصاص في: جوابات الإمام السالمي ج ٢ . ص ٣٧٣ ٣٧٥ كذلك قيل: إن القصاص يجب في تلف عضو لا في بطلانه أو إبطال عمله كالعمى أو الصمم والخرس وزوال الشم وموت الحس، إذ يتعذر القصاص لعدم إمكان ضبطه وتلزمه دية ذلك العضو، راجع: معجم مصطلحات الإباضية ج ٢، ص ٨٥٨ ، خلفان بن جميل: ّ . جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ١٦٦ ١٦٧ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٤٠٤ وقد يكون المتهمون بالسرقة مختلفين في العقوبة، والذي عرف بالسرق وبسبب طول عقوبة من لا يعرف بالسرق والرجل والمرأة والعبد في ذلك « سواء(١) . ويقول النزوي: الفعل الذي يجب فيه القطع على السارق هو أن يتسور حائط » ً ا أو يفتح « ا(٢) قفلا ً أو يكسره أو ينقب جدار . ً كذلك جاء في المادة ( ٢٣٦ ) من قانون الجزاء ا لعماني النص على أنه ُ يعاقب بالسجن المؤبد على القتل قصد ً ا إذا ا رتكب: ١ لسبب سافل (أي: سبب شائن أو دنيء يدفع الجاني لارتكاب ا لجريمة). ٢ للحصول على منفعة ناتجة عن جرم من نوع ا لجنحة. ٣ على موظف في أثناء إجراء وظيفته أو في معرض ممارسته لها. ٤ على حدث دون الخامسة عشرة من عمره. ٥ على شخصين أو أكثر. :OÉÑ©dG ¥ƒ≤Mh ˆG ¥ƒ≤M ≈∏Y ßaÉëj ¿CG Öéj áHƒ≤©dG ò«ØæJ (•  ١ فبخصوص حقوق ا لله(٣) ، فإنها لا تسقط حتى ولو مات المجني عليه كما في حد القذف. يقول ا لنزوي: (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ٢٥٥(٢) . النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ١٤٣(٣) من خير من عبر عن هذه الحقوق الإمام الكاساني، بقوله: إن سائر الحدود إنما كانت حقوق الله تبارك وتعالى على الخلوص لأنها وجبت لمصالح »العامة وهي دفع فساد يرجع إليهم ويقع حصول الصيانة لهم، فحد الزنا وجب لصيانة الأبضاع عن التعرض، وحد السرقة وقطع الطريق وجب لصيانة الأموال والأنفس عن = وإن قذف الرجل رجلا » ً فمات المقذوف وجب على الإمام إقامة الحد على القاذف عاش المقذوف أو مات، لأن الحد حق الله تعالى فإذا مات  المقذوف وعفا الورثة عن القاذف سقط عنه ا لحد ّ ، لأن المقذوف لو عفا عنه وهو حي لم يسقط عنه الحد بعفوه، قال بعض أصحابنا: لا يقيمه الحاكم إلا   أن يكون المقذوف حيا مقيما على مطالبته وفي موضع ومن قذف ميت ً ا فعليه ً الحد وإن قذف حيا ثم مات المقذوف فرفع أولياؤه أعجبني أن يدرأ عنه الحد إذا مات لأن الحد له هو ولم يطلب حتى مات والأول الحق « لأوليائه(١) . ٢ وبخصوص حقوق العباد يجب ألا يؤدي تنفيذ العقوبة إلى الإضرار بها.  وقد بحث الإباضي  ة ذلك خصوصا بالنسبة لأثر تنفيذ العقوبة على الدية ًّ المستحقة. = القاصدين، وحد الشرب وجب لصيانة الأموال والأنفس، والإيضاح في الحقيقة بواسطة صيانة العقول عن الزوال والاستتار بالسكر وكل جناية يرجع فسادها إلى العامة ومنفعة جزائها يعود إلى العامة كان الجزاء الواجب بها حق الله عز شأنه على الخلوص تأكيد ً ا للنفع والدفع كيلا يسقط باسقاط العبد وهو معنى نسبة هذه الحقوق إلى الله تبارك تعالى، وهذا المعنى موجود في حد القذف لأن مصلحة الصيانة ودفع الفساد يحصل للعامة بإقامة هذا الحد فكان حق الله عز شأنه على الخلوص كسائر الحدود إلا أن الشرع شرط فيه الدعوى من المقذوف وهذا لا ينفي كونه حقا لله تعالى عز شأنه على الخلوص كحد السرقة أنه خالص حق الله عز شأنه وإن كانت الدعوى من المسروق منه شرط ً ا، ثم نقول إنما شرط فيه الدعوى وإن كان خالص حق الله عز اسمه لأن المقذوف يطالب القاذف ً ًً ظاهرا وغالبا دفعا للعار عن نفسه فيحصل ما هو المقصود من شرع ا لحد، كما في السرقة، ولأن حقوق العباد تجب بطريق المماثلة إما صورة ومعنى وإما معنى لا صورة؛ لأنها تجب بمقابلة المحل جبرا والجبر لا يحصل إلا بالمثل ولا مماثلة بين الحد والقذف لا ً صورة ولا معنى فلا يكون حقه وأما حقوق الله 4 فلا يعتبر فيها المماثلة لأنها تجب . الكاساني: بدائع الصنائع، ج ٧، ص ٥٦ « جزاء للفعل كسائر الحدود(١) . النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ٩٤ ؛ الكندي، بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ٨٨ وهكذا بخصوص سؤال: وإذا أخذ السلطان القاتل بالعقوبة وكان القاتل له مال قليل وأراد ورثة المقتول الدية قبل أن تستوفي عقوبته وقال الورثة: نخاف ألا يبقى لنا شيء من مال، ألهم الدية في الحال أم بعد انقضاء عقوبته؟ يقول ا لخليلي: ر في عقوبته إن شاء عاقبه وأطعمه من بيت المال إن كان السلطان مخي » لهم بيت مال وإن شاء عاقبه وترك له وقت ً ا يطلقه فيه كل يوم بقدر السعي لقوته ثم يرجع إلى عقوبته وإن شاء تركه وأطلقه إذا خاف عليه الضرر؛ لأن  « نفس العقوبة ترجع إلى نظره ولو تركها نظرا للصلاح لم يأثم (١) ً وبخصوص مسألة أخرى، جاء في كتاب ا لإيضاح: . قلت: فإذا طلب الخصم أخذ حقه قبل الحبس فهل يأخذه الحاكم » به له؟ قال: له ذلك لأن الحق للعباد إذا خيف فوته أولى من العقوبة لأن العقوبة لله، فإذا فات الأخذ بها لم تتعلق على الحاكم تبعة. قلت: فإن عفا الخصم وطلب إلى الحاكم ألا يحبسه فهل يسقط عنه الحبس؟ قال: لا يبين لي ذلك، والعقوبة لله يجوز للقائم بالأمر أن يستعين بعاص، على عاص فيعاقب المستعان عليه أو يترك الآخر وهما يستحقان لئلا يعطل إنكار المنكر إذا أمنه على ذلك (٢) . (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ٥٧(٢) ، الشيح أ بو زكريا: الإيضاح في الحكام، ج ٣، ص ١٩٦ ١٩٧ ؛ الكندي بيان الشرع، ج ٢٩ ص ١٥٥ :¬«∏Y áHƒ≤©dG ò«ØæJ »a ´hô°ûdG óæY »fÉédG ±hôX IÉYGôe IQhô°V (… نعني بذلك أن المتهمين أو المجرمين ليسوا سواء، ولذلك يمكن أن تختلف طريقة التعامل معهم، فالقبض على النساء ليس كالقبض على الرجال، والتعامل مع أحد عتاة الإجرام ليس كالتعامل مع من يرتكب الجريمة لأول مرة، والقبض على طفل ليس كالقبض على بالغ... هكذا. وقد عرف الفقه الإباضي ما قلناه، يكفي أن نذكر المثال ا لآتي: وفي المرأة إذا امتنعت أن لا تحبس، فإذا ظفر بها فامتنعت عن حق »لازم، قد وجب عليها، ففيه الحبس، أو لأحد، أمرت بذلك. فإن لم تفعل وامتنعت أخذت من غير أن يصل الآخذ لها، إلى مس شيء من بدنها أو قدر على ذلك جعل على يده ما يستر يده، عن مس ذلك من يدها على ذلك ولا يلي ذلك منها إلا جماعة من ا لثقاة. فإن امتنعت ضربت على ما امتنعت حتى تستقر للحق وتطيع وإن امتنعت في البيوت، فإن كان امتناعها بحدث أحدثته، طولبت وجعل عليها العيون، حتى يظفر الله بها، ثم القول كما مضى. وإن كان امتناعها عن محاكمة بينها وبين أحد. فإذا صح توليها فعلى « خصمها أن يحضرها كيف شاء فانظر فيه (١) . Rƒéj ’h É¡≤«Ñ£J ºàëàj »àdG áHƒ≤©dG ô«Z ≈∏Y ¥ÉØJ’G RGƒL Ωó``Y (∑ :É¡«∏Y êhôîdG علة ذلك أن القول بعكسه يعني هدم القواعد العليا واجبة التطبيق في شريعة الإسلام، ولذلك يقع غير صحيح ولا يترتب عليه أي أثر. (١) . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ١٦٧  لذلك من القواعد ا لأباضية: وتعليق .« كل شرط يبطل به حق أو حد من قبل الله إنه يبطل » ً ا على هذه  القاعدة قيل: وأصل هذه القاعدة: قوله ژ : المسلمون عند شروطهم، إلا » شرط ً ا أحل حرام ً ا أو حرم حلالا ً«. ووجه الدلالة واضح لأن إسقاط الحق أو الحد بالشرط من باب تحليل  « الحرام أو تحريم ا لحلال(١) .  يؤيد ذلك أيض ً ا الحديث ا لآتي: اختصم رجلان إلى » : أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال  رسول الله ژ فقال أحدهما: اقض بيننا بكتاب الله، وقال الآخر: أجل يا رسول الله، اقض بيننا بكتاب الله وائذن لي أن أتكلم، فقال: « تكلم » ، فقال: ًِ ُِ إن ابني كان ع َسيفا لهذا الرجل فزنا بامرأته، فأخبرت ُ أن على ابني الرجم  ْ فافتديت ُ ه منه بمائة شاة وجارية، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني إنما على ابني مائة جلدة وتغريب عام، وإنما الرجم على المرأة؟ قال رسول الله ژ : والذي نفسي بيده لأقضين بينكم بكتاب الله، أما غنمك وجاريتك فرد ».« عليك وجلد ابنه مائة جلدة وغربه إلى خيبر. والحديث يدل على أن: « الصلح المبني على غير الشرع يرد ويعاد المال المأخوذ فيه »(٢) . (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ٩١٠ ٩١١ ّ (٢) .٢٣١ ، ابن عمر: حاشية الترتيب على الجامع الصحيح للوارجلاني، ج ٣، ص ٢١٠ والله أعلم بجناية الأعرابي؛ حيث عاقبه » : ويضيف آخرون بخصوص ذات الحديث .« النبي ژ بذلك أو بغير ذلك ولو كانت سنة ما تجاوزها المسلمون ولا قصروا عنها ُ . النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ٢٦ حري بالذكر أن الخروج على ما يجب بخصوص العقوبة، قد يحدث  من جانب واحد (عن طريق الهبة مثلا ً ((١) . (١) فقد جاء في جلاء ا لعمى: « هبة القصاص » نذكر لبيان ذلك مسألة وهبة القصاص فيها اختلفوا يرى الثبوت البعض والبعض ا لعدم اختلف العلماء في جواز هبة القصاص ممن له ذلك على أحد لمن ليس له، أجاز ذلك بعضهم ومنعه بعض، وكالهبة أيض ً ا سائر التمليكات والمعاوضات كالشراء به والإجارة به والإكراه والإصداق ونحو ذلك، قال في النيل وشرحه: هل جاز التوكيل على القطع وهو المأخوذ به أولا ً ؟ قولان: وكذا غيره من القصاص كفقء العين وكالقتل، وفي جواز هبة عضو قطع أو نزع كنزع ضرس وكقلع يد من مفصل خلاف أيض ً ا. قال الشارح: وذلك كأن يقول له: وهبت له هذه الجناية أو وهبت لك حقي الذي لي على الجاني أو الذي أدركه عليه من الحق أو نحو ذلك، وهذه العبارة شاملة للقصاص وأخذ الدية وللعفو أيض ً ا ولكن لا يقتص الموهوب له ولا على القول بجواز هبة عضو بل يأخذ الدية دية العضو أو النفس أو العفو ولا قصاص له أصلا ً ، وأما إن قال: وهبت لك هذا العضو فهذه هبة لا تجوز على كل حال لأن أعضاء بني آدم لا تملك، وكذا هبة دم العضو، فالدم كذلك لا يملك، والقصاص لغير الولي ممتنع. وأما قوله: (وهبت لك دم هذا العضو) بمعنى حقه الذي يجب له فيه ويحكم له به الشرع فهذا هو محل الخلاف، وعلى القول بالجواز فالموهوب يأخذ الأرش أو يعفو ولا قصاص له على كل حال. ووجه منع هبة العضو في ذلك ومنع القصاص أنه لا منفعة في القطع، والقصاص للموهوب والهبة إنما هي للمال أو للمنفعة، وقد يكون الموهوب له شهوة أو بغض في الجاني، فإن كان ذلك على حرام فلا يمكن من فعل الحرام، وإن كان على حلال فليس ذلك من حق ذلك ا لحلال. .« وأما بيع القصاص فممنوع على كل حال وكذا رهنه لأن ذلك من بيع ما لم يقبض . راجع: خلفان بن جميل: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ١٨٨ ١٨٩ منهما  تقودنا هذه المسألة إلى دراسة أمرين مهمين: التعدد المادي والمعنوي للجرائم، والعود. وندرس هذين الأمرين على أن نخصص لكل مبحث ً ا. ∫hC’G åëѪdG ºFGôé∏d …ƒæ©ªdGh …OɪdG Oó©àdG نشير إلى ماهية المسألة، والقواعد التي تحكمها، وموقف المحكمة العليا في سلطنة عمان. ُ :ádCÉ°ùªdG á«gÉe (CG في النظرية العامة للقانون الجنائي المعاصر لتعدد الجرائم نوعان: أولها: التعدد المعنوي أو الصوري أو الحكمي، ويكون نتيجة لفعل واحد: كمن يرتكب زنا في الطريق العام، فإنه يرتكب جريمتان: الزنا، الفعل ا فيصدم سيارة أخرى   الفاضح العلني، أو من يقود سيارة بسرعة كبيرة جد فيموت قائد هذه الأخيرة وأحد المارة. وقد نص قانون العقوبات المصري (المادة ٣٢ ) على أنه: إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها »  .« أشد والحكم بعقوبتها دون غيرهاوالثاني: التعدد المادي أو الحقيقي: ويكون حيث تتعدد أفعال نفس الشخص تعدد ً ا يترتب عليه تعدد للجرائم دون أن يفصل بينها حكم بات بالإدانة، أو يرتكب نفس الشخص عدة جرائم متتالية في فترة وجيزة كما لو سرق من منزل، ولما انتبه الحارس ضربه فأصابه وركب سيارته بسرعة وعلى عجلة فأصاب أحد ا لمارة. وبخصوص هذا النوع من أنواع التعدد توجد ثلاثة أنظمة طبقتها الدول، وهي: ﻡﺎﻈﻧ ﺩﺪﻌﺗ ،ﺕﺎــﺑﻮﻘﻌﻟﺍ ﻪﻴﻓﻭ ﻢﻜﺤﻳ ﻲﺿﺎﻘﻟﺍ ﺔــﺑﻮﻘﻌﺑ ﻞﻛ ﺔﻤﻳﺮﺟ ﺐﺠﻳﻭ ﻰﻠﻋ ﻡﻮﻜﺤﻤﻟﺍ ﻪﻴﻠﻋ ﺎﻫﺬﻴﻔﻨﺗ ﺎﻬﻌﻴﻤﺟ ﺎﻤﻬﻣ ﻎﻠﺑ .ﺎﻬﻋﻮﻤﺠﻣ ١ ـ ﻡﺎﻈﻧ ﻖﻄﻨﻟﺍ ﺔﺑﻮﻘﻌﺑ ﺮﺜﻛﺃ ﻢﺋﺍﺮﺠﻟﺍ ﺓﺭﻮــﻄﺧ ﻊﻣ ﺎﻬﺗﺩﺎﻳﺯ ﺬﺧﻸﻟ ﻲﻓ ﺭﺎﺒﺘﻋﻻﺍ ﻢﺋﺍﺮﺠﻟﺍ ﻯﺮﺧﻷﺍ ﻲﺘﻟﺍ ﺎﻬﺒﻜﺗﺭﺍ .ﻲﻧﺎﺠﻟﺍ ٢ ـ ﻡﺎﻈﻧ ﻡﺪﻋ ﺩﺪﻌﺗ ،ﺕﺎــﺑﻮﻘﻌﻟﺍ ﻩﺎﻀﺘﻘﻤﺑﻭ ﻢﺘﻳ ﻖﻴﺒﻄﺗ ﺔــﺑﻮﻘﻋ ﺮﺜﻛﺃ ﻢﺋﺍﺮﺠﻟﺍ ﺓﺭﻮﻄﺧ ﻥﻭﺩ ﺎﻬﺗﺩﺎﻳﺯ ﺔﺠﻴﺘﻧ ﺩﻮﺟﻮﻟ ﻢﺋﺍﺮﺟ.ﻯﺮﺧﺃ ٣ ـ ﻒﻗﻮﺘﻳﻭ ﻖﻴﺒﻄﺗ ﺍﺬﻫ ﻡﺎﻈﻨﻟﺍ ﻭﺃ ،ﻙﺍﺫ ﻭﺃ ﻊﻤﺠﻟﺍ ،ﺎﻬﻨﻴﺑ ﺐﺴﺣ ﺎﻣ ﻩﺭﺮﻘﻳ ﻥﻮﻧﺎﻗ العقوبات في كل دولة. ففي مصر مثلا ً القاعدة هي تعدد العقوبات، فقد نصت المادة ٣٧ من قانون العقوبات على أن تتعدد عقوبات الغرامة دائما، ً ونصت المادة ٣٨ على أن تتعدد عقوبات مراقبة البوليس، ولكن لا يجوز أن تزيد كلها على خمس سنين. أما العقوبات السالبة للحرية، فقد نصت المادة ٣٣ على أن تتعدد العقوبات المقيدة للحرية إلا ما استثني بنص المادتين ٣٦ ، فالقاعدة هي أن تتعدد العقوبات المقيدة للحرية، إلا في حالتين: ،٣٥ ٤١٣ • تجب عقوبة السجن المشدد بمقدار » ما قررته المادة ٣٥ : وبمقتضاها مدتها كل عقوبة مقيدة للحرية محكوم بها لجريمة وقعت قبل الحكم نظام جب ا لعقوبة). ) « بالسجن المشدد المذكور • إذا ارتكب شخص جرائم متعددة قبل » ما قررته المادة ٣٦ : وبمقتضاها الحكم عليه من أجل واحدة منها وجب أن لا تزيد مدة السجن المشدد على عشرين سنة ولو في حالة تعدد العقوبات، وأن لا تزيد مدة السجن والحبس على عشرين سنة وأن لا تزيد مدة الحبس وحده على ست .« سنين ويرد على قاعدة تعدد العقوبات عند تعدد الجرائم في القانون المصري إذا وقعت » : استثناء نص فيه القانون على الحكم بعقوبة واحدة فقط، وذلك عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها، بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم. (المادة ٣٢ من قانون العقوبات ا لمصري). وقد عرف الفقه الإسلامي مسألة تعدد العقوبات بتعدد الجرائم(١) ، إلا (١) عرفت الشريعة من يوم وجودها نظرية تعدد العقوبات ولكنها » : وتم تلخيص ذلك كما يلي لم تأخذ بها على إطلاقها، وإنما قيدتها بنظريتين أخرين الأولى هي: نظرية التداخل والثانية هي: نظرية ا لجب. نظرية التداخل معنى التداخل هو أن الجرائم في حالة التعدد تتداخل عقوباتها بعضها في بعض بحيث يعاقب على جميع الجرائم بعقوبة واحدة، ولا ينفذ على الجاني إلا عقوبة واحدة كما لو كان قد ارتكب جريمة واحدة وتقوم نظرية التداخل على مبدأين: أولهما : أن الجرائم إذا تعددت وكانت من نوع واحد كسرقات متعددة او زنا متعددة أو قذف متعدد فإن العقوبات تتداخل ويجزي عنها جميعا عقوبة واحدة، فإذا ارتكب الجاني ً جريمة أخرى من نفس النوع بعد إقامة العقوبة عليه وجبت عليه عقوبة أخرى. والعبرة بتنفيذ العقوبة لا الحكم بها فكل جريمة وقعت قبل تنفيذ العقوبة تتداخل عقوبتها مع العقوبة التي لم يتم تنفيذها بعد. = أن ثمة خلافات في الحلول واجبة الاتباع عند تعدد الجرائم ظهرت بين فقهاء ا لمسلمين(١) . = ثانيهما: أن الجرائم إذا تعددت وكانت من أنواع مختلفة فإن العقوبات تتداخل ويجزئ عن الجرائم جميعا عقوبة واحدة بشرط أن تكون العقوبات المقررة لهذه الجرائم قد ً وضعت لحماية مصلحة واحدة، أي: لتحقيق غرض واحد فمن أهان موظف ً ا وقاومه وتعدى عليه عوقب بعقوبة واحدة على هذه الجرائم الثلاث التي وضعت عقوباتها لغرض واحد هو حماية الموظف والوظيفة، ومن تناول ميتة ودما ولحم خنزير عوقب على هذه الجرائم ً الثلاث بعقوبة واحدة، لأن عقوباتها واحدة وضعت لغرض واحد هو حماية صحة الفرد والجماعة. والعبرة في التداخل بتنفيذ العقوبة لا بالحكم بها فكل جريمة وقعت قبل تنفيذ العقوبة تتداخل عقوبتها مع العقوبة التي لم يتم تنفيذها. نظرية الجب: معنى الجب في الشريعة هو: الاكتفاء بتنفيذ العقوبة التي يمتنع مع تنفيذها تنفيذ العقوبات الأخرى، ولا ينطبق هذا المعنى إلا على عقوبة القتل فإن تنفيذها يمنع بالضرورة من تنفيذ غيرها، ومن ثم فهي العقوبة الوحيدة التي تجب ما  عداها.  ولم يتفق الفقهاء على تقرير نظرية الجب؛ فمالك وأبو حنيفة وأحمد يقررونها ولكن عبد القادر عودة: التشريع .« الشافعي ينكرها، والذين اعترفوا بها يختلفون في مدى تطبيقها الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٧٤٧ ٧٤٩ . راجع أيض ً ا: الشيح محمد أبو زهرة، فلسفة ، ٨١ ١٠٦ ، ج ٢، ص ٢٥٠ ، العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني: ص ٣٨٦ ٣٩١ ٢٥١ ، د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون ص ٥٢٦ ٥٣١ ، د. عبد العزيز سمك، تعدد الجرائم وأثره في العقاب في الفقه ٣٦٩ ص. ويرى هذا ، الإسلامي والقانون الوضعي، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠٠٨ الأخير أن تداخل العقوبات في الفقه الإسلامي يكون في حالة ارتكاب جرائم من نوع أو جنس واحد أو لغرض واحد، ولا يكون بالنسبة للجرائم ذات الأجناس المختلفة (كالزنا . والسرقة)، ذات المرجع، ص ٣٦٣ (١) وقد بين ذلك أبو عبد الله الشافعي، بقوله: واختلفوا فيما لو قذف جماعة، فقال أبو حنيفة ومالك في المشهور منه: يحد لجماعتهم »حدا واحد ً ا سواء قذفهم بكلمة واحدة أو بكلمات، وللشافعي قولان أظهرهما يجب لكل واحد حد، وعن أحمد روايتان، المشهورة عند أصحابه وهي قول قديم للشافعي: أنه إن = حري بالذكر أن ما قلناه خاص بتعدد الجرائم وتعدد العقوبات إلا أن  ثمة أحوالا ً يمكن فيها عن الجريمة الواحدة أن تجتمع أكثر من عقوبة(١) .  ويميل اتجاه في الفقه الإسلامي إلى الأخذ بقاعدة (أن حدا لا يسقط ا)(٢) حد .  = قذفهم بكلمة واحدة أقيم عليه حد واحد أو بكلمات فلكل واحد حد: والثانية: إن طالبوه متفرقين حد لكل واحد منهم حدا. واختلفوا في الواحد يقتل الجماعة فقال أبو حنيفة ومالك: ليس عليه إلا القود لجماعتهم ولا يجب عليه شيء آخر، وقال الشافعي: إن قتل واحد ً ا بعد واحد قتل بالأول وللباقين  الديات، وإن قتلهم في حالة واحدة أقرع بين أولياء المقتولين فمن خرجت قرعته قتل له وللباقين الديات وقال احمد: إذا قتل واحد جماعة فحضر الأولياء وقتلوا القصاص قتل لجماعتهم ولا دية عليه، وإن طلب بعضهم القصاص وبعضهم الدية قتل لمن طلب القصاص ووجبت الدية لمن طلبها، وإن طلبوا الدية كان لكل واحد دية كاملة. (فصل) لو جنى رجل على رجل فقطع يده اليمنى ثم على آخر فقطع يده اليمنى فطلبا منه القصاص، فقال أبو حنيفة: تقطع يمينه بهما، ويؤخذ منه دية أخرى لهما، وقال مالك: تقطع يمينه بهما ولا دية عليه، وقال الشافعي: تقطع يمينه للأول ويغرم الدية للثاني فإن ُ كان قطع يديهما معا أقرع بينهما كما قال في النفس وكذا إن اشتبه الأمر، وقال أحمد: إن ً طلبا القصاص قطع لهما ولا دية، وإن طلب أحدهما القصاص وأحدهما الدية قطع لمن طلب القصاص وأخذت الدية للآخر، ولو قتل متعمد ً ا ثم مات، قال أبو حنيفة ومالك يسقط حق ولي الدم من القصاص والدية جميعا، وقال الشافعي وأحمد: تبقى الدية في ً أبو عبد الله الدمشقي، العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف « تركته لأولياء المقتول ٢٥٢ ٢٥٣ . انظر أ يض ، الأئمة، ص ٧٧ ً قاعدة القذف إذا وقع من الأزواج » ا: الفرق بين للزوجات فإن اللعان يتعدد بتعددهن إذا قذف الزوج زوجاته في مجلس أو مجلسين، ، القرافي الفروق، الفرق ٢٤٥ « وبين قاعدة الجماعة يقذفهم الواحد فإن الحد يتحد عندنا . ج ٤، ص ١٧٥(١) إذ يمكن أن يجتمع التعزير مع الحد والقصاص ومع الكفارة كما أن القذف عقوبتان الأولى أصلية وهي الجلد والثانية تبعية وهي عدم قبول الشهادة، راجع: عبد العزيز عامر: التعزير في الشريعة الإسلامية، ص ٥٣ ٥٦ ، عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، . ج ٢، ص ٤٩١ ٤٩٢(٢) . ابن العربي: أحكام القرآن، ج ٢، ص ٦١ :äÉHƒ≤©dGh ºFGôédG Oó©J ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG (Ü بحث الفقه الإباضي مسألة تعدد العقوبات بتعدد الجرائم كما يلي أولا ً: عرف فقهاء ا لإباضية التعدد المعنوي أو الحكمي أو الصوري ّ للجرائم، وهو كما سبق القول ذلك الذي يترتب عن فعل واحد. وهكذا جاء في ا لبصيرة: ومن قال لرجل: يا زان فعليه الحد، فإن قال: يا زان يا ابن الزانية، فعليه » « الحد حدان حد لقذفه للرجل، وحد لقذفه لأمه(١) .  وبخصوص اختلافهم فيمن قذف جمعا بلفظ واحد هل يحد حدا واحد ً ا ً  أو لكل واحد حد قولان، ما وجههما؟ يقول ا لسالمي: من قال: إن عليه حدا فقد نظر إلى نفس القذف وهو بلفظ واحد »  فعقوبته حد واحد، ومن قال بأن عليه لكل واحد حدا فقد نظر إلى   المقذوفين وهم متعددون فجعل لكل واحد حدا. وحاصله: هل الحد في القذف لصون لسان القاذف عن قذف الناس أو لصون أعراض المقذوفين؟ وجهان: تعلق بالأول صاحب القول الأول، والثاني بالثاني، وقال أبو المؤثر: إن رفعوا كلهم جلد لكل واحد منهم حدا وإن رفع بعضهم دون بعض لم يجلد ولعله رأى شبهة بترك بعضهم الرفيعة عليه؛ لأن قول المقذوف إنه قذفني وفلانا ً وفلان ً ا بلفظة واحدة دعوى على الرجل أنه قذف الباقين وقد اشترك حق الرافع مع غيره فلا يحد إلا بطلب الكل فإن كان ذلك أراد وإلإ فالله أعلم بمراده. وهذا كله فيما إذا قذفهم بلفظة واحدة، وأما إذا قذفهم واحد ً ا بعد واحد ولو في كلام متصل فإنه « ا(٢) يجب لكل منهم حد قولا ً واحد ً . (١) . الأصم: البصيرة، ص ١٦٤(٢) . جوابات الإمام السالمي: ج ٣، ص ١٣٥ ١٣٦ ، ابن رزيق: حل المشكلات، ص ٣٢٠ ٣٢١ وجاء في جلاء ا لعمى: اعلم أنهم قالوا: من أحدث في غيره حدث » ً ا يزول به عقله فلزوال العقل الدية كاملة وللحدث قدره من الدية، فإن ق ُ طعت يد رجل مثلا ً فجن بسبب قطعها فلزوال العقل الدية كاملة، ولليد نصف الدية، وإن قطع يديه كلتيهما فزال عقله من ذلك أيض ً ا فهل ديتان: دية لليدين ودية للعقل، وهكذا في غير اليدين من ا لأعضاء. وشرط ذلك أن يكون الحدث في غير محل العقل، فلو كان ضربه على رأسه أو وجهه أو قطع أذنيه مثلا ً مما هو متصل بالرأس وعروق الدماغ ا(١) فليس له إلا دية العقل، وقيل: له ديتان أيض ً . (١). خلفان بن جميل: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ١٩٣ ومن الأمثلة العجيبة للتعدد المعنوي ذلك الذي حدث في عهد عمر بن الخطاب : ƒ فقد قدم رجل على عمر بن الخطاب ƒ ، وقد ضرب على أم رأسه فذكر وليه أن فلان ً ا ضرب هذا الرجل فنزل الماء الأسود في عينيه، وكان الرجل قائم العينين، وذهب شمه وخرس لسانه وانقطع ماء صلبه، فضحك عمر ƒ وقال: إن هذه لقصة منكرة أيكون هذا أو مثله في الدنيا؟ لا والله لا كان هذا أبد ً ا، قال عمار بن ياسر: يا أمير المؤمنين أنفذ به إلى علي بن أبي طالب فإنه قد أوتي الحكمة وعرف دقائق الأحكام، قال عمر : ƒ سر به ْ يا عمار، فإن الحكم يؤتى ولا يأتي فصاع عمار بالرجل حتى أتى به إلى علي فقص عليه إن كان صادق » : قصته فقال له علي ً ا فيما ادعاه فله بكل واحد مما ادعاه دية كاملة، فقال عمار: أما تراه قائم العينين من أين تعلم أنه قد ذهب ضوؤهما؟ فقال له علي: أقمه في عين الشمس فإن هو لم يطرف فإن الضوء قد ذهب، قال: فمن أين تعلم أنه قد ذهب شمه؟ قال: أحرقوا تحت أنفه خرقة فإن دمعت عيناه فإن الشم قد ذهب قال: فمن أين تعلم أنه قد خرس لسانه؟ قال: اضربوه بإبرة فإن خرج منه دم أسود فإن اللسان قد ذهب وإن خرج منه دم أحمر فإن اللسان باق، قال: فمن أين تعلم أنه قد ذهب سمعه؟ قال: أخرجوه عني حتى أخبركم، فأخرج المضروب ووليه، قال: استقبلوه ليلا ً حيث لا يعلم هو ولا أحد من أنسابه فازعقوا به زعقة شديدة فإن هو التفت فالسمع باق، وإن لم يلتفت فقد ذهب، قال: فمن أين تعلم أن ماء صلبه قد ذهب؟ قال: أقعدوه في الماء البارد فإن تقلص ُ إحليله فإن ماء الصلب باق، وإن هو بقي على حالته فماء الصلب قد ذهب، قال عمار: =   وجاء في بيان ا لشرع: وسئل عن رجل رمى قوما مجتمعين بكلمة واحدة؟ قال أبو المؤثر: إن » ً قال: هؤلاء زناة ثم رفعوا عليه كلهم، جلد لكل واحد منهم وإن رفع بعضهم ُ وبعضهم لم يرفع لم يجلد. مسألة: وأما إذا حدث جمع القاذف قذفه فقد قيل: إن عليه حدا حدا، وقال من قال: حدود مختلفة لكل واحد منهم حد وذلك أنه لو قال لجماعة: يا زناة أو هؤلاء زناة أو يا الزناة؟ فإنما عليه في بعض القول حد واحد، وقال من قال: عليه لكل واحد منهم حد، وأما إذا قذف واحد ً ا بعد واحد فعليه لكل واحد منهم حد ولا نعلم في ذلك ا ختلاف ً ا. مسألة: عن رجل قذف رجلا ً وأمه بالزنا بلفظ واحد؟ قال: قد قيل عليه حدان إذا طلبا جميعا منه الإنصاف وإن طلب أحدهما ولم يطلب الآخر ً « فعليه حد واحد بعد قيام ا لبينة(١) . يتضح مما تقدم أنه في حالة التعدد المعنوي للجرائم بأن ترتب على الفعل الواحد أكثر من جريمة، فإن الفقه الإباضي يأخذ بالحلول ا لآتية: ١ انقسم الفقه الإباضي إلى اتجاهين: الأول: يقرر توقيع عقوبة واحدة، والثاني: ينادي بتعدد العقوبات بعدد الجرائم التي وقعت. ٢ تم الأخذ بالاتجاهين في حالة التعدد المعنوي لفعل القذف، أما إذا كان القذف واحد ً ا بعد الآخر تم قذفه فإننا نكون هنا بصدد تعدد مادي = « فبكيت وبكى من حضر وقالوا: بآبائنا وأمهاتنا نفديك يا منقذ أمة محمد ژ من الشبهات . ذات المرجع، ص ٢٠٠ ٢٠١ انظر أيضا: موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، مكتبة، مسقط عمان، ًُ . ١٤٢٧ ه ٢٠٠٦ م، ج ٢، ص ١٠٥٩ ١٠٦٠(١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ٨٥ للجرائم يكون عن كل جريمة منها عقوبتها، أي: تتعدد العقوبات هنا بلا  خلاف. ٣ تتعدد العقوبات بخصوص الضرب الذي أحدث أكثر من أثر، فقد جاء في الجامع ا لمفيد: وسئل عن رجل ضرب رجلا » ً ضربة واحدة بنعل فيها مسامير فأثر المسامير في وجهه أو بدنه، كل مسمار أثر أو أثرت النعل أيض ً ا من ضربة واحدة كيف يكون الأرش في هذه ا لأثارة؟ قال: معي أنه قد قيل: إن لكل أثر أرشه على حدة إذا كان بين ً ا معروف ً ا « وقوعه على حدة(١) . ثانيا: عرف ا لإباضية أيض ً ا التعدد المادي للجرائم وتعدد عقوباتها، ً ّ وقد انقسم الفقهاء الإباضية، إلى اتجاهين بخصوص تنفيذ تلك ّ العقوبات(٢) . الاتجاه الأول : يقول بالبدء بالأخف ثم الأخف حتى يأتي الإمام عليها كلها، معنى ذلك أن هذا الاتجاه يأخذ بنظرية استقلال كل عقوبة عن الأخرى. والاتجاه ا لثاني : أخذ به محمد بن محبوب والذي قال: يبدأ بالقتل لأنه يأتي على الجميع، ومقتضى هذا الاتجاه أن العقوبات تتداخل، فالأشد منها يجب الأخريات. وتم الأخذ بهذا الاتجاه الثاني أ يض ً ا بخصوص تعدد (١) . الجامع المفيد من جوابات أبي سعيد، ج ٣، ص ٢٤٦(٢) ، انظر: النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ١٠ ، أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣ ص ١٩٧ ، الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٤٧ ، السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي، لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ٢٧٧ ، ابن بركة: الجامع، . ج ١، ص ٣٧٤ ، ج ٢، ص ٥٢٩ السرقات، وهكذا قيل: (ومن سرق من منازل كل واحد ما يجب به القطع في ليلة فعليه حد واحد ولم يسرق بعد ما قطع)(١) . وكمثال على الاتجاهين السابقين، نذكر ما جاء في ا لمصنف: اختلف أصحابنا في الحدود إذا اجتمعت على رجل وكانت مختلفة » فقول: يبدأ بالأخف ثم الأخف حتى يأتي الإمام عليها كلها. قال محمد بن محبوب: يبدأ بالقتل لأنه يأتي على الجميع قال: والنظر يوجب أن يقام عليه ما استحق من إقامة الحد عليه يبدأ بالأول ثم الثاني، وبهذا يقول أصحابنا « والله أعلم وعليه أجمع أصحاب ا لظاهر(٢) . ثالث ً ا: وضع فقهاء الإباضية ترتيبا للأولويات بخصوص الآثار المترتبة ًّ على تعدد العقوبات بتعدد الجرائم. ويمكن أن نستنبط من كتاباتهم معيارين: ١ أن الخيار يكون للمجني عليه الذي وقعت عليه أول جريمة أو لأوليائه ثم من يليه حسب الترتيب الزمني لوقوع الجرائم، وهكذا يقول ابن بركة: وإذا قتل رجل رجلا » ً ثم قتل آخر فإن لأولياء الأول الخيار إن شاءوا قتلوا وإن شاءوا أخذوا الدية، لأن الحق للأول فإن اختاروا الدية عاد الخيار لأولياء الثاني، قال أصحابنا: إن لم يحكم لأولياء الأول بالدم اشتركوا في الدم إلا أن يرجعوا إلى الديات والذي قلناه عندي أنظر لأن (١) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، . ج ١٤ ، ص ٢٨٤ (٢) النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ١٠ ويقول النزوي أيض ً ا بقاعدة ألا يفصل بين الجرائم المتعددة حكم في القضية وإلا وجب توقيع العقوبة مرة أخرى عن الجريمة الأخرى، ومن سرق من منزلين في ليلة واحدة من كل منزل ما يجب فيه القطع » : وهكذا يقول . ذات المرجع، ص ١٣١ « فعليه حد واحد إلا أن يسرق بعد ما يقطع الحق تعلق به لأولياء الأول أولا ً ، ثم جنا على الثاني، ونفسه مستحقة « بجناية ا لأول(١) . ٢ إذا اجتمع حقان: حق لله وحق للعباد، فتقدم هذه العقوبة على تلك التي فيها حق واحد. وهكذا بخصوص مسألة: إذا زنى المحصن وقتل النفس المحرمة وأراد أرباب الدم القود كيف الحكم هنا؟ هل يقام عليه الحد ويجبر أرباب الدم على قبول الدية أم يقتل قود ً ا ويبقى عليه الحد فيسقط عنه بالموت أم يرجع النظر إلى ا لإمام؟ يقول السالمي: إذا تعين القود قدم على الرجم لأن فيه أداء حقين: حق لله وحق للعباد »  « وليس في الرجم إلا حق واحد(٢) . (١) من كتاب » ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٤٩٩ ، وفي فرض آخر جاء في بيان الشرع الضياء وقيل في رجل فقأ عين رجل وقطع أذن آخر وقتل آخر: إنه يبتدأ بما كان دون النفس ثم يقتل فإن ذهبت نفسه في شيء من القصاص قبل تمام ما عليه كانت دية ما بقي لأهلها في ماله. وقال بعضهم: يبدأ بما كان جناه من قبل فإن كان بدأ بالقتل قتل وأخذ كل واحد من أصحاب الجنايات إرش جنايته وقيل: كان أبو عبد الله أفتى بغير هذا الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣٠٦ ؛ انظر أيض .« الرأي ثم رجع إليه ً ا: أمثلة ٣٠٨ راجع أيض ، أخرى في ذات المرجع، ص ٣٠٧ ً ، ا: معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢ ّ . ص ٧٣٩ (٢) ومن وجبت عليه الحدود » : جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤٤٤ ، وفي مثال آخر قيل أنه يبدأ بما كان من حقوق العباد، الأول فالأول، ثم الحدود التي لله تعالى، يبدأ أولا ً بما كان دون ا لقتل. وقيل: إن القتل يأتي على جميع الحدود وهي داخلة فيه وذلك أحب إلى الرستاقي: منهج لو اجتمع عقوبات قدم » : الطالبين، ج ٦، ص ٢٣٧ . ويأخذ البيضاوي بحل مشابه، بقوله قاضي القضاة البيضاوي: « حقوق العباد: الأخف ثم الأخف، فيجلد ثم يقطع ثم يقتل . الغاية القصوى في دراية الفتوى، ج ٢، ص ٩٣٤ الإباضي « الأولويات » ولا يخفى على أحد أن هذين المعيارين من فقه يتفقان مع المنطق والفطرة الحسنة ولا يصطدمان وقواعد ا لشرع (١) . رابعا: بحث فقهاء ا لإباضية الآثار المالية المترتبة على تعدد العقوبات ً ّ ووضعوا لها حلولا ً سهلة وواضحة. يكفي أن نذكر المثال ا لآتي: في رجل غره شيطانه وهواه حتى قتل رجلا ً من طائفة، ثم قتل رجلا ً من طائفة أخرى، ثم قتل رجلين من طائفتين أخريين، ثم أخذ مالا ً من طائفة أخرى، ثم أخذ مالا ً من طائفة أخرى ثم أخذ مالا ً من طائفة أخرى، ثم فاق من غيه وهواه ثم أراد الخلاص عما جناه، وهؤلاء الطوائف مفترقة عن بعضها بعض، ولم يقدر على جمعهم وما بقي في يده من المال لم يكفهم كلهم، ولم يقدر على جمعهم بحيلة أبد ً ا، كيف الحيلة في ا لخلاصة؟ يقول الخليلي: الله أعلم، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى من ذلك، إذا كان القتل عمد » ً ا ظلما فعليه أن يقود نفسه للأول ثم الثاني والثالث على هذا، ويكون الباقون ً عليه ديات في ماله إن قتله ا لأول. وقيل: لا قود عليه إلا بحضور الجميع فيضربه كلهم. وقيل: يوكلون من يقتله فإن أبرأه بعضهم فعليه الخلاص من ا لباقين. (١) وهو ما يتضح مما جاء في بيان ا لشرع: وإذا قتل رجل رجلا » ً ثم قتل آخر كان لأولياء الأول الخيار إن شاؤوا قتلوا وإن شاؤوا أخذوا الدية لأن الحق للأول، فإن اختار الدية عاد الخيار لأولياء الثاني وقال أصحابنا: إذا لم تحكم الأموال بالدم اشتركوا في الدم إلا أن يرجعوا إلى الديات والذي قلناه عند أنظر، لأن الحق تعلق به لأولياء الأول أولا ً « ثم جنى على الثاني ونفسه به مستحقة للأول . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣٠٧ ٣٠٨ وعلى الأقوال هذه فإذا لم يمكن اجتماعهم لم يلزمه القود حتى يجمعوا وإذا أمكن القود فقتل، فالديون والمظالم في ماله والله أولى بالعذر إن عجز عن أدائه إلا ما كان باقيا بعينه فلا عذر له من رده لصاحبه، ولا أرى الحقوق ً للناس تمنعه من القود ولو كان غير واجد لها؛ لأن ذلك حق في نفسه وهذا في ماله فلا تزاحم بينهما، فإن كان القتل خطأ رجع ديات فصار مالا ً ، وإن « كان هو مستحيل لذلك فليس عليه بعد التوبة دية ولا قود(١) . خامسا: عرف الإباضية تعدد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباط ً ا لا يقبل ً ّ التجزئة (أي: تم ارتكابها في إطار مشروع إجرامي واحد من الناحية الزمنية والموضوعية). وهكذا جاء في بيان ا لشرع: عن أبي عبد الله وعن رجل قطع يد رجل ثم إنه ذهب عنه غير بعيد ثم » رجع إليه فقطع يده الباقية ثم ذهب عنه غير بعيد ثم رجع إليه فقطع رجليه ثم قتله من بعد فطلب أولياء المقتول إليه أن يأخذوا قصاصا وأن يفعلوا به ً مثل الذي فعل بصاحبهم أو طلبوا دية كل جارحة قطعها من صاحبهم ثم يأخذون دية نفس صاحبهم أيض ً ا ألهم ذلك؟ فإنا نقول: إنه إذا ضربه ضربة ً أذهب فيها هذه الجوارح وفاتت نفسه معها أو بعد ذهابها بذلك فلأولياء المقتول القود إن شاءوا، وإن شاءوا الدية تامة وليس لهم أرش الجوارح وإن كان قطع منه جارحة بعد جارحة فلهم إن شاءوا أرش الجوارح ودية النفس من بعد كاملة إن أرادوا وإن أرادوا القصاص بتلك الجوارح فلهم « ذلك(٢) . (١) أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ٥٣٥ ٥٣٦ ؛ انظر أيض ً ا مثلا ً آخر في: الكندي، بيان . الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٦٧ ٢٦٨(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٦٧ وجاء في منهج ا لطالبين: قال أبو المؤثر في رجل قطع أذني رجل وفقأ عينيه وقطع شفته وقطع » أنفه وقطع يديه ورجليه في مقام واحد، ثم قتله فليس عليه إلا القود وإن ترك أولياء المقتول إلى الدية فليس عليه إلا دية واحدة قال: وإن فعل به « ذلك ثم عاش ا لممثل به فله بكل عضو قطعه منه ديته(١) . وجاء في الجامع ا لمفيد: وعن رجل قطع يدي رجل ورجليه، ثم قتله كل ذلك في مرة واحدة أو في مرات أو في يوم بعد يوم؟ فأقول: كلما قطع عضوا كان الأرش والقصاص فيه، ثم إذا قتله كان ً  الأرش والقصاص أيضا إلا أن يكون ذلك بضربة واحدة فليس له إلا نفسه، ً فأما إذا قطع منه عضوا بعد عضو كان القصاص والأرش فيهن ثم إذا قتله ً كان له القصاص نفسه أو الدية فكذلك الأرش في الجروح ثم في ا لنفس(٢) . معنى ذلك: أن هذه المسألة فيها أيض ً ا اتجاهان في الفقه ا لإباضي: الأول: أخذ به أبو المؤثر، ومقتضاه: أن الجرائم في المشروع الإجرامي الواحد الذي تتعدد فيه وترتبط ا رتباط ً ا لا يقبل التجزئة، تطبق العقوبة الواجبة للجريمة الأشد، إلا إذا كانت الجرائم تتعلق فقط بأعضاء الإنسان فيكون لكل عضو ديته. الثاني: يقول بتعدد العقوبات واجبة التطبيق على الجرائم المتعددة رغم ارتباطها ا رتباط ً ا لا يقبل ا لتجزئة. (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٢٢٦ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٦٨(٢) . الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٣١١ ٣١٢ سادسا: عرف ا لإباضية إمكانية تطبيق عقوبة إضافية إلى جانب العقوبة ً ّ الأصلية. وهكذا جاء في المدونة لابن غانم إمكانية الجمع بين إقامة الحد وضمان ا لمسروق: سألت أبا المؤرج وأبا سعيد، وأخبرني محبوب عن الربيع عن السارق » إذا أخذ فقطعت يده في سرقته، هل يغرم ما سرق؟ قالوا جميعا: لا يحمل ً عليه شيء إلا أن توجد السرقة بعينها(١) . وجاء فيها أيض ً ا الجمع بين الحبس وإقامة ا لحد: قلت لأبي المؤرج: فهل يحبس الرجل في السجن بعد ما يقام عليه » الحد؟ قال: إن كان يخاف من شره وغائلته أن يؤذي الناس ويسرقهم استوثق  « منه وأطيل حبسه(٢) . سابع ً ا: أكد الفقه الإباضي على ترك فسحة من الوقت بين عقوبة وأخرى عند تعددها. ويبدو أن الغرض من ذلك هو مراعاة أمور إنسانية لا ت ُ خفى على أحد. لا يضرب الرجل حدين في مقام واحد، » : وهكذا قال ابن عبد العزيز وإن وجبا عليه جميعا، ولكن يضرب أحدهما ثم يحبس حتى يجف ً « الضرب، فيضرب حدا آخر(٣) . وقد نص قانون الجزاء العماني علي تعدد الجرائم وأثره على العقوبات ُ خصوصا في المواد ٩١ ٩٢(٤) . ً (١) .١٩٨ ، مدونة ابن غانم، ج ٣، ص ١٩٣(٢) ذات المرجع، ص ١٩٨(٣) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٢٧(٤) والتي يجري نصها، كما يلي: في اجتماع الجرائم ا لمادية: = :äÉHƒ≤©dGh ºFGôédG Oó©J øe ¿ÉªY áæ£∏°S »a É«∏©dG áªμëªdG ∞bƒe (ê o تطرقت المحكمة العليا في سلطة عمان إلى مسألة تعدد العقوبات بتعدد ُ الجرائم يكفي أن نذكر ثلاثة أمثلة: الأول: عرفت فيه المحكمة كلا من التعدد المعنوي والتعدد المادي (وإن كانت قد استخدمت كلمة الاجتماع بدلا ً من كلمة التعدد)، بقولها: وحيث إنه لما كان من المقرر أن المقصود باجتماع الجرائم هو حالة »  ارتكاب المجرم الواحد لعدة جرائم لا يفصل بينها حكم مبرم، وهذا الاجتماع نوعان معنوي وفيه يكون الفعل الإجرامي واحد ً ا ولكن تتعدد الأوصاف القانونية القابلة للانطباق عليه، ومادي وفيه يكون الفعل الإجرامي متعدد ً ا أو يتعدد تبع ً « ا له الوصف القانوني على نحو يشكل فيه كل منها جريمة مستقلة(١) . = المادة ( ٨٩ ) إذا ثبتت عدة جنايات أو جنح يقضي بعقوبة لكل جريمة ثم تدغم العقوبات ببعضها ويحكم بتنفيذ العقوبة الأشد دون سواها. على أنه يمكن عدم إدغام هذه العقوبات فتجمع كلها على أن لا تتعدى مجموعها مرة ونصف العقوبة المحددة قانون ً ا للجريمة ا لأشد. المادة ( ٩٠ ) إذا لم يكن القاضي قد حكم بإدغام العقوبات أو يجمعها تحيل السلطة الموكلة بالتنفيذ هذا الأمر إلى القاضي الذي حكم بالدعوى للفصل بأمر الإدغام أو عدمه. أما إذا كانت الأحكام صادرة عن قضاه مختلفين فيحال الأمر حينئذ إلى القاضي الذي أصدر الحكم ا لأخير. المادة ( ٩١ ) لا يجوز إدغام بين عقوبة وأخرى إذا حصلت الجريمة اللاحقة بعد صدور حكم مبرم بالجريمة ا لسابقة. المادة ( ٩٢ ) لا تخضع لقاعدة الإدغام العقوبات التكديرية المحكوم بها في جرائم من نوع القباحة بل تنفذ جميعها على التوالي. لا تخضع أيض ً ا لقاعدة الإدغام العقوبات الفرعية أو الأصلية حتى لو أدغمت العقوبات الأصلية إلا إذا قضى القاضي خلاف ذلك. إذا جمعت العقوبات الأصلية جمعت حكما العقوبات الفرعية التابعة لها. ً (١) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة . ٢٠٠٩ م، ٢٠١٠ م، سلطنة عمان، ص ٥٦ ٥٧ ،( منها س. ق ( ١٠ ُ والثاني: طبقت فيه المحكمة نص قانون الجزاء العماني القاضي بوضع ُ حد أقصى للعقوبات عند تعددها. تقول ا لمحكمة: لما كانت المادة ٨٩ من قانون الجزاء قد خيرت القاضي في حالة ثبوت » عدة جنايات أو جنح أن يدغم العقوبات بعضها ويحكم بتنفيذ العقوبة الأشد  دون سواها، أو أن يجمع بينها شريطة ألا يتعدى مجموعها مرة ونصف العقوبة المحددة قانون ً ا للجريمة الأشد، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد اختار الجمع بين العقوبات وقضى على الطاعن الأول بالسجن خمس عشرة سنة عن التهمة الأولى وعشر سنوات عن الثانية وسنة واحدة عن الثالثة وسنة واحدة عن الرابعة على أن تجمع العقوبات في حقه، وكانت العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد هي السجن خمس عشرة سنة، ومن ثم فإن مجموع العقوبات الموقعة على الطاعن الأول يتعين ألا يزيد على مرة ونصف عقوبة القتل العمد أي اثنتين وعشرين سنة ونصف السنة وهو ما تقضي به هذه المحكمة العليا تصحيح ً ا لخطأ الحكم المطعون فيه في هذا ا لشأن(١) . الثالث: وفي حكم لا غبار عليه، أكدت المحكمة العليا في سلطنة ع ُ مان يتفق وصحيح ا لإسلام « تعدد الديات » أن (٢) . (١) ، مجموعة القواعد والمبادئ القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة ما بين ٢٠٠١ . وحتى ٢٠١٠ م، الدائرة الجزائية، سلطنة عمان، ص ٣٩٨ ُ (٢) لأهمية هذا الحكم نذكره لك، تقول ا لمحكمة: إن الذي قضى به الحكم الابتدائي بتعدد عدة ديات في حق المضرور هو قضاء صحيح وفق »الشريعة الإسلامية التي هي أساس التشريع إذ ثبت تشريع تعدد الديات في جسم الإنسان من صاحب الشريعة المحمدية، محمد ژ من قوله الذي روي عنه من طريق أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله ژ كتب إلى أهل اليمن كتابا وكان في كتابه: ً أن من اغتبط مؤمن » ً ا قتلا ً عن بينة فإنه قود إلا أن يرضي أولياء المقتول وأن في النفس الدية مائة من الأبل وإن في الأنف إذا أوعب جدعه الدية وفي اللسان الدية وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية وفي الذكر الدية وفي الصلب الدية وفي العنين الدية وفي الرجل الواحدة = »fÉãdG åëѪdG (1)Oƒ©dG :Oƒ©dG á«gÉe (CG rn العود للجريمة معناه: أن يرتكب شخص جريمة أو أكثر بعد سبق صدور  حكم بات عليه بالعقوبة من أجل جريمة سابقة، ويفترض العود تعدد = نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية، وفي المنقلة خمسة عشر من الإبل وفي كل أصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل وفي السن خمس من الإبل، وفي الموضحة خمس من الإبل وإن الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار. وهذا الحديث أخرجه وصححه جماعة من أئمة الحديث وهو حديث ثابت وقد تلقته الأمة الإسلامية بالقبول وعملوا به في أحكام الدماء، منذ الرعيل الأول وحتى يومنا هذا في تعداد ديات الإنسان وهو حي يرزق، واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار إذ أنه ژ لم يحدد فيه زمن ً ا محدد ً ا وأمد ً ا معدود ً ا بنهايتهما يستحق المضرور ما جعل له من ديات حسب ذهاب منافعه بل أطلق الحكم دون تحديد مع العلم اليقيني أن كل حي يموت ﴿ ÖÕÔÓ ﴾[ [الزمر: ٣٠ إنك ميت وأنهم » ولو كان هناك مدة معلومة بمضيها يكون الحكم فيها يستحقه المجني عليه متعلق « ميتون ً ا بها لبينه ژ، إذ إنه هو المبلغ والمشرع عن الله فيما تحتاجه الأمة من أحكام، كما أن الأصل عدم تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه، وكذلك الأمر في القواعد الأصولية يجري الحكم به حسب وروده من إطلاق وتقييد عموم وخصوص، وألفاظ نص الحديث دالة على الإطلاق دون قيد بزمن معلوم وبهذا يتضح الأمر جليا بوجوب العمل بمقتضى هذا النص النبوي ومما يدل دلالة واضحة على أصل تعدد الديات في إتلاف الأعضاء وفقد المنافع إذا لم تفض إلى الموت في الحال، هذا الحكم الذي فهمه الصحابة رضوان الله عليهم من معنى النصوص مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة « الشرعية . ٢٠١١ ، سلطنة عمان، ص ١١٨ ١١٩ /٦/ ٢٠١٠ وحتى ٣٠ /١٠/ منها في الفترة من ١ ُ (١) يسميه أيض ً ا المرحوم الشيخ أبو زهرة: تكرار الجرائم، راجع: الشيخ محمد أبو زهرة، . فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي القسم الثاني، ص ١٠٧ يثير العود أو تكرار أو ارتكاب نفس الجاني للجرائم عدة مسائل أهمها: ماهيته، وتشديد العقاب عليه، والقواعد التي تحكمه. ٤٢٩ الجرائم التي يرتكبها المتهم، ولكن يفصل بينها حكم بات بالعقوبة عن  جريمة سابقة(١) . إذ في هذا الأخير هناك ؛« التعدد المادي » عن « العود » وبالتالي، يختلف (٢) جرائم متعددة كما هو حال العود لكن لم يفصل بينها حكم بات . ويقسم الفقه الجنائي العود عدة تقسيمات منها: • العود البسيط (ويكون إذا صدر ضد المتهم حكم بات واحد بعقوبة ثم ارتكب جريمة تالية)، والعود المتكرر (ويكون إذا تعددت أحكام الإدانة السابقة ثم ارتكب الجاني جريمة تالية من ذات نوع الجرائم التي سبق أن أدين بها). • العود المؤبد (وفيه لا يشترط ارتكاب الجريمة التالية في فترة زمنية معينة من تاريخ حكم الإدانة السابقة)، والعود المؤقت (ويشترط فيه ْ ارتكاب الجريمة خلال تلك ا لفترة). • العود العام (وفيه لا تماثل بين الجرائم المرتكبة)، والعود الخاص (وفيه ْ يشترط هذا ا لتماثل). . • عود التشديد فيه وجوبي، وعود التشديد فيه جوازي (٣) (١) . د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٥٣١ (٢) ومن تعريف تعدد الجرائم، يستبين لنا أن من يرتكب الجريمة بعد الحكم » : يقرر رأي النهائي في جريمة سابقة يعد عائد ً ا في نظر القانون، ويخضع لأحكام العود إلى الجريمة، وفي نظر الفقه الإسلامي، لا يعتبر الجاني كذلك، بل يعد مرتكبا لجرائم متعددة، لأنه لم ً ينفذ عليه إحدى عقوباتها لأن العبرة في الحكم بالتعدد في الفقه الإسلامي إنما هو تنفيذ د. عبد العزيز سمك: تعدد الجرائم وأثره في العقاب في الفقه « العقوبة لا بالحكم بها . الإسلامي والقانون الوضعي، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠٠٨ م، ص ٣٥٨(٣) . راجع: د. أحمد عوض بلال: قانون العقوبات المصري القسم العام، ص ٩٧٥ ففيه يكون الجاني عائد » أما الاعتياد على الإجرام ً ا عود ً ا متكررا ويثبت ً إلى جانب ذلك أنه قد انطوى على خطورة إجرامية، والخطورة الإجرامية معناها احتمال إقدامه على ارتكاب جريمة تالية، ويستوي أن يكون الاعتياد على الإجرام وليد احتراف المجرم للإجرام أو يكون وليد الوسط الاجتماعي السيئ الذي عاش فيه، أو وليد ضعف في إرادته لا يستطيع معه مقاومة « عوامل الإقدام على ا لجريمة(١) . « العود » وفي الشريعة الإسلامية بحث فقهاء المذاهب الإسلامية مسألة(٢) ووضعوا حلولا سليمة لها. بل يمكن القول إن القرآن الكريم به ما يدل على  فكرة العود، من ذلك قوله تعالى:   ﴿ }|{ ~ ﮯ ¢¡ ﴾ [ [البقرة: ١٧٨ ، فقد جعل 4 في هذه الآية جزاء القاتل الذي يعتدي بعد العفو العذاب الأليم في ا لآخرة.  (١) . د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٥٣٢ (٢) مبدأ العود على إطلاقة ولم يفرق الفقهاء بين العود العام » يؤكد رأي أن الشريعة أقرت والعود الخاص، كما أنهم لم يفرقوا بين العود الأبدي والعود المؤقت، ومن ثم يجوز أن يكون العود عاما وخاصا وأبديا ومؤقت ً ا، والأمر في ذلك متروك لولي الأمر يضع من القواعد ما يراه محقق ً . عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي ج ١، ص ٧٦٨ « ا للمصلحة العامة ويقرر رأي آخر أن من عوامل مكافحة العود التي قررتها الشريعة: عدم تعيير الآثم ْ بجريمته الأولى، وهكذا يقول: والشريعة الإسلامية حثت على عدم تعيير المجرم بجريمته، حتى لا تستمرئ نفسه طريق »الجرم ويستأصل فيها، ويروى أن رجلا ً أقيم عليه حد شرب الخمر، فقال له آخر: أخزاك الله فغضب ا لنبي ژ وقال: « لا تعينوا عليه الشيطان » ، فالإسلام بهذا يعمل على فتح باب التوبة أمام المذنب ولا يجعله يفقد الأمل في ثقة الجميع فيه وفي أن يغفر له ذنبه ويمسح له خطيئته، والعناية بشفاء نفس المجرم وعلاجها أمر له أثر كبير في المجتمع، فإنه بهذا .« بدل أن يفكر في الانتقام من مجتمع طرده يفكر في الندم والاستغفار د. محمد سلام مدكور: المدخل للفقه الإسلامي، ص ٧٤١ ٧٤٢ . راجع أيض ً ا بخصوص . د. عبد العزيز عامر: التعزير في الشريعة الإسلامية، ص ٥٠١ ٥٠٧ :« التعزير والعود » ﴿ ! +*)('&%$#" :9876543210/ .-, JIHGFEDCBA@?>=<; ة ا لنبوي ة أيض ً  RQPONMLK ﴾ [ [البقرة: ٢٧٥ . ﴿ ÜØ×ÖÕÔÓ ﴾ [ [المائدة: ٩٥ . وفي ا لسن   ا بعض الأحاديث بخصوص العود، منها: عن معاوية ƒ عن ا لنبي ژ أنه قال في شارب الخمر: إذا شرب » فاجلدوه، ثم إذا شرب الثانية فاجلدوه، ثم إذا شرب الثالثة فاجلدوه، ثم إذا « شرب الرابعة فاضربوا عنقه أخرجه أحمد وهذا لفظه، والأربعة ذكر الترمذي ما يدل على أنه منسوخ، وأخرج ذلك أبو داود صريحا عن ا لزهري. ً يقول الصنعاني بخصوص هذا الحديث: وإلى قتله فيها ذهب الظاهرية واستمر عليه ابن حزم واحتج له، وادعى » عدم الإجماع على نسخه. والجمهور على أنه منسوخ ولم يذكروا ناسخ ً ا صريحا، إلا ما أتى من رواية أبي داود عن الزهري: أنه صلى الله عليه وآله ً وسلم ترك القتل في الرابعة وقد يقال: القول أقوى من الترك فلعله صلى الله « عليه وآله وسلم تركه لعذر (١) . وقال أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن ا لنبي ژ أنه سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، فقال: إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت » فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو « بضفير . يعني: بحبل. (١) الصنعاني: سبل السلام، ج ٤، ص ٦٦ ٦٧ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٤٣٢ يقول السالمي: إن في الحديث فوائد، منها: إن من زنا فأقيم عليه الحد ثم عاد أعيد عليه بخلاف من زنا مرارا قبل » ً « الحد فإنه يكتفى فيه بإقامة الحد عليه مرة واحدة(١) . من البدهي أن الجاني إذا ارتكب الجريمة لأول مرة، فإنه عدالة يعاقب بالعقوبة المقررة لها، سواء كانت من العقوبات المقدرة أو غير المقدرة، لكنه إذا عاد إلى الإجرام، فيمكن تشديد العقاب عليه، علة ذلك أن العود يكشف عن خطورة إجرامية للعائد بما يحتم تشديد العقاب عليه لكي ينزجر، ولمواجهة مثل هذه الخطورة ا لإجرامية. وهكذا يرى الجويني أن المتهم إذا عاد إلى ارتكاب الجريمة، فعلى يسارع إلى تأديبه، وإذا تكرر عليه ذلك، أوشك أن يمتنع » السلطان أن ويرتدع، ثم إن انكف فهو الغرض، وإن تمادى في دعواته، أعاد عليه السلطان تنكيله وعقوباته فتبلغ العقوبات مبالغ تربي علي الحدود، وإنما يتسبب إلى تكثير العقوبات بأن يبادره بالتأديب مهما عاد، وإذا تخللت العقوبات في أثناء موجباتها تعددت وتجددت فلا يبرى جلده عن تعزير، وجلدات نكال حتى تحل به عقوبة أخرى. والذي بيديه أصحاب السياسات أن التعزير المحطوط عن الحد لا يزع ولا يدفع، وغايتهم أن يزيدوا على مواقف الشريعة ويتعدوها ليتوصلوا بزعمهم إلى أغراض رأوها في الإيالة. والسلك الذي مهدناه يتضمن الزجر الأعظم والردع الأتم واستمرار العقوبات مع تقدير المعاودات. فإن مجرم « أنكف بالقليل فالكثير محرم فلا أدب في تعذيب مسلم، وإن أبى عدنا له(٢) . (١) . السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ٣٠٨ ٣١٠(٢) . إمام الحرمين الجويني: غياث الأمم في التياث الظلم، ص ١٦٩ ١٧٠ وهو ما أكده أيضا الإمام ا لماوردي: ً يجوز للأمير فيمن تكررت منه الجرائم ولم ينزجر عنها بالحدود أن » يستديم حبسه إذا استضرا الناس بجرائمه حتى يموت، بعد أن يقوم بقوته « وكسوته من بيت المال ليدفع ضرره عن ا لناس(١) . :Oƒ©dG ≈∏Y ÜÉ≤©dG ójó°ûJ (Ü  المشكلة الأساسية التي يثيرها العود في النظم الجنائية المعاصرة هي كيفية معاملة المجرم العائد. ذلك أن عوده إلى الجريمة رغم عقابه عن جرمه السابق يدل على توافر خطورة إجرامية لديه، الأمر الذي يستتبع كقاعدة عامة تشديد العقاب عليه. وهذا ما تأخذ به القوانين الحديثة، ومنها القانون المصري والذي نص في المادة ٥٠ على أنه في حالة العود البسيط: يجوز للقاضي في حالة العود المنصوص عنه في المادة السابقة أن يحكم بأكثر من الحد الأقصى المقرر قانون ً ا للجريمة بشرط عدم تجاوز ضعف هذا الحد ومع هذا لا يجوز في أي من الأحوال أن تزيد مدة السجن المشدد أو السجن (العادي) على عشرين سنة. ٥٤ على أنه يجوز ، أما في حالة العود المتكرر، فقد نصت المادتان ٥١ للقاضي أن يحكم على المتهم بالسجن المشدد، من سنتين إلى خمس سنوات. وبهذا يتضح أن تشديد العقوبة في حالة العود بنوعيه هو أمر جوازي للقاضي إذ له في ضوء ظروف ارتكاب الجريمة، وأحوال الجاني، والضرر الذي لحق بالمجني عليه، أن يقرر التشديد أو لا يقرره(٢) . (١) . الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ٣٦٢(٢) أما في حالة الاعتياد على الإجرام، فقد قرر المشرع المصري لها تدبيرا ا حترازيا هو الإيداع ً   في إحدى مؤسسات العمل، ولم يضع المشرع حدا أدنى لذلك التدبير، وإنما وضع حدا ٥٣ من قانون ا لعقوبات). ، أقصى له هو ست سنوات أو عشر سنوات (المادتان ٥٢ وسنرى لاحقا أن فقهاء المذهب الإباضي يأخذون بهذا الحل أ يضا، بتقريرهم ً  أن توقيع العقوبة وتشديدها على المجرم العائد متروك لتقدير ولي ا لأمر(١) . وفي الفقه ا لإسلامي(٢) ، تم التأكيد على أن العائد إن كان يستحق تشديد العقاب عليه، فيجب الحكم بهذا التشديد وفق ً ا لما يراه ا لحاكم. يقول ابن تيمية: إن التعزير يكون على حساب ما يراه الوالي على النظر إلى أشياء منها: » ِ حالة الجاني، فإذا كان من المدمنين على الفجور، زيد في عقوبته، بخلاف « القول في ذلك؛ لأن عقوبة التعزير تكون للتنكيل والتأديب (٣) .   (١) انظر لاحقا. (٢) وردت فكرة العود في كتابات فقهاء ا لمسلمين:   السيوطي: الأشباه « لا يسقط القصاص، كالضمان بالعود في الجرم » : يقول السيوطي . والنظائر، ص ٤٨٧ وأجمعوا أن السارق إذا سرق مرات إذا قدم إلى الحاكم في آخر السرقات » : كذلك قيل أن قطع يده يجزي عن ذلك كله، كذلك أجمعوا على أن السكران في المرة الرابعة لا يجب عليه القتل إلا شاذا من الناس لا يعد خلاف ً الإمام ابن المنذر: الإجماع، دار الثقافة، « ا .١١٥ ، الدوحة، تحقيق د. فؤاد عبد المنعم، ١٤٠٨ ه ١٩٨٧ م، ص ١١٠ (٣) ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ص ٥٣ . ومن الآراء المهمة بخصوص تشديد العقوبة في حالة العود، نذكر الرأي ا لآتي: ولقد أدرك الفقهاء هذه الحقيقة فشددوا العقوبة في حالة العدو إلى الجناية فإذا ارتكب »شخص جناية قتل عمد ً ا وموجبها القصاص ثم عفا عنه ولي الدم، أو لم يكن ممن استوفوا شروط القصاص، فنجا من هذه العقوبة ثم عاد إلى القتل مرة أخرى فإن الفقهاء يرون في هذه الحالة أنه يكون للإمام الحق في نقل العقوبة من دائرة القصاص إلى دائرة الحد، أي: أنه يقتله حدا، لا قصاصا، لأنه بالعود إلى الجريمة صار من الساعين في الأرض فساد ً ا، ً وتلك عقوبة أمثالهم كما بينتها آية ا لمحاربة. فقد ذكر الحنفية في الحديث الذي ورد بشأن اليهودي الذي رض رأس جارية بين حجرين، أن النبي ژ قتله حدا، لا قصاصا، لأنه كان عادته قتل الصبيان فهو من الساعين = ً :Oƒ©dG ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG (ê في الفقه الإباضي، عقوبة العائد تحكمها القواعد ا لآتية: ١ المبدأ العام هو أن العود إلى الجريمة يقتضي تشديد العقوبة « ا(١) فالمتمرد المعروف بالأذى ليس كمن عثر عثرتين أو ثلاث » ً . فإن عاد إلى الذنب بعد الحبس والتوبة ورأى منه الرجوع » : كذلك قيل إلى ما كان عليه، من الجهل والتجاهل، وانتهاك المحارم، كان أشد عقوبة وأطول حبس ً ا وأحزم ا ستيثاق ً ا، وقد قال الله تعالى: ﴿ ÝÜØ áàßÞ ﴾ [ [المائدة: ٩٥(٢) . ويقول الكندي: ومن هذا الوجه ما يكون المرتكب لذلك يعرف بكثرة ارتكابه ذلك » وإجراء العادة فيه والتمادي فيه، فهذا الوجه من هذا الباب هو أشد لأن = في الأرض بالفساد، وكذلك قال أبو حنيفة: إن من خنق رجلا ً حتى قتله كانت الدية على عاقلته، فإن خنق في المصر غير مرة قتل به لأنه صار ساعيا في الأرض بالفساد، فيدفع ً شره بالقتل، وكذلك قال أبو حنيفة فيمن اعتاد اللواط ورأيه أن عقوبته بالتعزير أول الأمر يقتله الإمام محصن ً د. حسن الشاذلي الجريمة دراسة « ا كان أو غير محصن سياسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية ص ٦٠٩ . وانظر: عود الجاني إلى التعدي على المجني عليه بعد العفو عنه، كما لو قطع يده فعفا عنه، ثم عاد الجاني فقتله، فهل يعاقب الجاني بعقوبة الجناية الثانية باعتبارها جناية مستقلة عن الجناية الأولى، أم تأخذ حكم السراية؟ للفقهاء اتجاهان في هذه المسألة نعرضهما فيما يلي: ١ الاتجاه الأول: أن الجاني يعاقب بعقوبة الجناية الثانية على استقلال وهو رأي ا لجمهور. ٢ الاتجاه الثاني: أن القصاص لا يجب وهو لبعض ا لشافعية. وواضح أن الراجح هو رأي الجمهور (د. عبد العزيز سمك، العفو وأثره في عقوبة .( القصاص والدية في الفقه الجنائي الإسلامي، ص ١٥٨ ١٦١(١) . أجوبة علماء فزان، حققها د. عمر النامي، دار البعث، قسنطينة ١٩٩١ ، ص ٦٢(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١١٨ المدمن على الأشياء هو أولى بالعقوبة والتهمة، وقال الله 8 : ﴿ Ø áàßÞÝÜ﴾ [ [المائدة: ٩٥(١) . كذلك بخصوص مسألة إذا تكرر من إنسان الأخذ لأموال الناس، من إبل وغيرها ثلاث مرات فقطعه أبوه وجماعته لما أيسوا من رجوعه، فهل يحل لأبيه قتله أو الأمر به؟ يقول الحارثي: « النيل » من تكرر منه البغي ثلاث مرات جاز قتله، هكذا أفهم من كلام » « والمسألة لا تخفى عليك(٢) . ٢ بخصوص العود في جريمة قذف ذات الشخص، يأخذ ا لإباضية، ّ بتوقيع الحد فقط على الأول، وعدم تطبيقه على أي قذف تال.  وهكذا جاء في المدونة ا لكبرى: سألت أبا المؤرج وابن عبد العزيز وأخبرني من سأل الربيع بن حبيب » عن رجل يقذف رجلا ً ثم يعود المجلود للمقذوف لمن جلده؟ قالا جميع ً ا: حدثنا أ بو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس أنه قال: لا حد عليه مرة (١) . الكندي: بيان الشرع ج ٢٩ ص ١٣٠ (٢) . عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ١٤٠ وجاء في الجامع ا لمفيد: وعن عبد رجل قتل عبد » ً ا فلم يؤخذ منه الحق حتى عاد فقتل آخر فلم يؤخذ منه الحق حتى قتل ثالث ً ا، والمقتولون كلهم عبيد مماليك، قلت: كيف يؤخذ منه الحق على هذه ا لصفة؟ قال: معي أن موالي العبيد يتحصلون هذا العبد على قدر أثمان العبيد المقتولين الكثير بكثرته والقليل بقلته. قلت له: فإن أراد أحدهم أن يقتله دون الباقين، هل له ذلك وأراد الباقون أخذ ا لدية؟ قال: معي أن له ذلك ويرد على الباقين قدر ما يخصهم من قيمة العبد، وأثمان عبيدهم الجامع المفيد من أحكام « ويرفع عنه بقدر حصته من العبد عن ثمن عبده المقتول . أبي سعيد، ج ٥، ص ٣١١  أخرى، وقد قال ابن عباس: لو افترى أ بو بكر على ا لمغيرة بن شعبة مائة مرة  ما كان عليه إلا الحد ا لأول(١) . « يعزره.. .ويزجره عنه ويشد عليه حتى ينتهي » لكن للإمام أن(٢) .  ٣ بخصوص العود في جريمة السرقة، فالآراء هنا متعددة(٣) ، (١) . الخراساني: المدونة الصغرى، ج ٢، ص ٨١ ٨٢ ، المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٢٠٩ (٢) النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ٩٥ ٩٦ ، جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٣، ص ١٩٩٦ . إلا أن الإمام أطفيش يذكر اتجاها آخر يقرر أن القاذف إن حد فعاد إلى كلامه الأول حد. ً ُُ .( راجع: أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٠ ، ص ٧١ (النور: ٤ ٥(٣) وقد لخصها صاحب حاشية الترتيب كما يلي: واختلف فيمن سرق قطع ثم سرق ثانيا؟ فقال الجمهور: تقطع رجله اليسرى ثم إن سرق » ً فاليد الشمال ثم إن سرق فالرجل اليمنى واحتج لهم بآية المحاربة وبفعل الصحابة وبأنهم فهموا الآية أنها في المرة الواحدة فإذا عاد السارق وجب عليه القطع ثانيا إلى أن ً لا يبقى له ما يقطع، ثم إن سرق عزر وسجن وقيل: يقتل في الخامسة: قاله أبو مصعب الزهري المدني صاحب مالك فذكر حجته إلى أن قال. وفيه قول ثالث: تقطع اليد بعد اليد ثم الرجل بعد الرجل. نقل عن أبي بكر وعمر ولا يصح إلى أن قال: وفيه قول رابع: تقطع الرجل اليسرى بعد اليمنى ثم لا قطع أخرجه عبد الرزاق، إلى أن قال وبسند صحيح عن إبراهيم النخعي كان يقول: لا يترك ابن آدم مثل البهيمة ليس له يد يأكل بها ويستنجي، وبسند صحيح عن عبد الرحمن بن عائذ: أن ٰ عمر أراد أن يقطع في الثالثة فقال له علي: اضربه واحبسه ففعل: وهذا قول النخعي والشعبي والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة. وفيه قول خامس: قال عطاء: لا يقطع شيء من الرجلين أصلا ً على ظاهر الآية، وهو قول الظاهرية قال ابن عبد البر: حديث القتل في الخامسة منكر وقد ثبت لا يحل دم امرئ » « مسلم إلا بإحدى ثلاث وثبت أن السرقة فاحشة وفيها عقوبة وثبت عن الصحابة قطع الرجل بعد اليد وهم يقرءون ﴿ 210/ ﴾ [ [المائدة: ٣٨ ، كما اتفقوا على الجزاء في الصيد وإن قتل خطأ وهم يقرءون ﴿ ´¶µ º¹ ¾½¼» ﴾ [ [المائدة: ٩٥ . ويمسحون على الخفين وهم يقرءون غسل الرجلين، إنما قالوا جميع ذلك بالسنة. وجميع ما ذكر ظاهر إلا هذا الأخير كما هو معلوم وليراجع ما هو المذهب عندنا من هذه = أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٤٣٨ ويبدو أن هناك اتجاهين في الفقه الإباضي(١) : (الأول): يأخذ برأي جمهور ا لفقهاء(٢) . (والثاني): أخذ به أبو المؤرج، فقد جاء في المدونة ا لكبرى: سألت أبا المؤرج عن السارق إذا سرق أو قطعت يده فخلي سبيله، ثم » عاد فسرق، قال: تقطع رجله من خلاف، قلت: فإذا قطعت رجله من خلاف « ثم عاود فسرق قال: لا قطع عليه، ولكنه يستودع في ا لسجن(٣) . وهذا الاتجاه الثاني عند الإباضية هو الذي نؤيده، للأسباب الآتية: ّ ١ أنه تطبيق لمبادئ الإنسانية، ومراعاة الشفقة بالإنسان حتى لو كان جانيا ً عائد ً ا؛ إذ يجب الاحتفاظ له ببعض الأطراف التي تمكنه من الاستمرار في القيام بمقضيات الحياة دون عنت شديد. ٢ أن الجاني العائد إن أفلت من الحد فإنه مع ذلك سيعاقب تعزيرا: ً بإيداعه السجن، وهذه في حد ذاتها عقوبة شديدة سالبة لحرية ا لجاني(٤) : = راجع: ابن عمر حاشية الترتيب على الجامع الصحيح « الأقوال ولعله قول الجمهور للوارجلاني، ص ٣، ص ٢٢٦ انظر أيض ً ا: أبو عبد الله الدمشقي العثماني الشافعي رحمة ؛ الأمة في اختلاف الأمة؛ ص ٢٨٣ ؛ الإمام القرطبي الجامع لأحكام القرآن، ج ٦، ص ١٦٦ . ابن العربي: أحكام القرآن، ج ٢، ص ٦١٣ (١) راجع أيض ً ا: أطفيش: شرح النيل، ج ١٤ ، ص ٧٩٧ ، البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٣٣ ، المصنف، ج ٤٠ ، ص ١٣٠ ١٣١ . الرستاقي: منهج . الطالبين، ج ٥، ص ٢٩٥ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ١٢١ (٢) . ابن عمر: حاشية الترتيب على الجامع الصحيح للوارجلاني، ج ٣، ص ٢٦٦(٣) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ١٩١ ، المدونة الصغرى، ج ٢، ص ٦٧(٤) يقول الشيخ أبو زهرة، بالنسبة للعود في السرقة، بملاحظات ثلاث: أولها: أن عقوبة القطع ذاتها هي بتكرارها تشديد في العقاب فإذا قطعت يده في السرقة الأولى يكون القطع = أخف من أن تقطع رجله، فإن الضرر عليه أشد بقطع عضوين بدل عضو واحد، فالشدة = يقول أبو الحواري: في الذي يسرق مرة فقدر عليه تقطع يده اليمنى، فإن سرق الثانية تقطع » رجله اليسرى، فإن سرق الثالثة، لم تقطع ولكن يحبس في السجن؟ فإن ُِ آن َس منه رش ْد ً « ا أخرج، فإن عاد إلى السرقة حبس في السجن حتى يموت(١) . َُ = ثابتة من ذات تكرار العقاب فالعدد لا يحتاج إلى شدة أخرى فوق تكرار إقامة الحد لأنها هي ذاتها أضافة شدة ضرر عليه فوق الضرر الأول فتضاعف العقاب وليس ذلك كالسجن، فإن الجريمة إذا تكررت ولم يزد السجن، لم يكن في العقوبة الأخرى زيادة ضرر عن الأول. ثانيها: أن من الفقهاء من أجاز للإمام القتل سياسة لمن استشرى شره وكثر فساده، كما جاء في عبارة فتح القدير، وإنه في هذه الحالة يكون العود موجبا لإيجاد عقاب أشد ً وليس من نوع ما قبله. ثالثها: أن الفقهاء الذين منعوا القطع في المرة الثالثة حرصا على بقاء أدميته القادرة علي ً الحياة عملوا على قطع شره بالضرب الشديد أو السجن المؤبد، وفي ذلك تشديد في الشيخ أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، « العود لم يجئ في القوانين الحاضرة . القسم الثاني، ص ١١٣(١) أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، . ج ١، تحقيق د. محمد زناتي، ١٤١١ ، ص ١٩٧ ١٩٩ ومن الآراء الجيدة أيض ً ا ما جاء في ا لمصنف: ومن سرق قطعت يمينه فإن سرق الثانية قطعت يساره وغير جائز قطع الرجل في السرقة »لأن الله سبحانه أوجب قطع الرجل في المحاربين، ولم يذكر الأرجل في السرقة، قال داود تقطع يمينه ثم رجله اليسري ثم لا قطع، قال محمد تقطع اليد ثم اليد ولا تقطع الرجل، فإن قيل فقد روي عن ا لنبي ژ أنه قال: إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله » « ثم إن سرق فاقطعوا رجله قيل له: الأخبار في قطع الرجل ضعيفة وهذا حديث محمد بن إدريس والذي رواه غيره عن جابر في إسناده نظر والإجماع بخلافه لأنه قال: ثم أتي به فأمر بقتله وروي أنه قال له: أتسعى في الأرض ا لفساد َ ؟ قال: قد كان ذلك يا رسول الله فإذا كان هكذا قطعت يده اليسرى وأن أبا بكر وعمر قطعا في الثالثة محتج ً ا بالخبر، قال أبو حنيفة: لا تقطع، ولعله يحتج بما روي عن علي أنه أتي بسارق في الثالثة فلم يقطعه وقال: إني لأستحي أن لا أترك له ما يأكل به ويستنجي، وفي الحديث إن سارق ً ا سرق = أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٤٤٠ هذان هما الرأيان الموجودان على حد علمنا في الفقه الإباضي إلا أن رأي ً ا يذهب إلى أن ا لإباضية مذهبهم يأخذ بحل آخر(١) . ّ = ، النزوي: المصنف ج ٤٠ « فقطع فكان سرق بقطعته والقطعة اسم ذلك الموضع . ص ١٣٠ ١٣١ بينما يقرر رأي آخر ما يلي:   ليس كل أخذ الأموال الناس يبيح دمهم، فحكم هؤلاء ا لسراق قد أوضحه العلماء رحمهم » الله، ولو تكرر ذلك منهم فالسارق إذا سرق ما يجب فيه القطع قطعت يمناه، فإن سرق قطعت رجله اليسرى فإن سرق قطعت يده اليسرى، فإن سرق قطعت رجله اليمنى، لآية المحاربة وفعل الصحابة، ولأن الآية في المرة الواحدة فإذا أعاد السرقة وكرر أعيد القطع إلى أن لا يبقى له ما يقطع، وإن سرق سجن وعزر هذا قول أصحابنا والجمهور كما للقطب 5 الشيخ عيسى الحارثي: « في تفسيره، والقول بأنه يقتل في الخامسة هو لغيرنا خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ٩٦ ؛ انظر أيض ً ، ا: أطفيش: تيسير التفسير، ج ٤ . ص ٢٨ (١) هو الحل الذي أخذ به عطاء تلميذ ابن عباس، والذي ذهب إلى أن يد السارق اليمني وجب عليه « تقطع عند السرقة الأولى فقط. فإن عاد إلى ارتكاب جريمة السرقة مرة أخر التعزير مهما تعددت مرات ارتكاب الجريمة، والتعزير قد يكون بعقوبات مختلفة تختلف باختلاف حال الجاني وظروف ارتكاب الجريمة،وقد سئل عطاء في هذه المسألة فأصر على ما رآه فيها معضد ً ا رأيه. يقول الله تعالى: ﴿ ëêéè﴾ [ [مريم: ٦٤ يريد أن يقول: إن الله ذكر يد السارق والسارقة كمحل للعقاب، ولو أراد الله أن يحكم الناس بقطع غير اليد اليمنى للسرقات الأخرى لنص عليه وما ترك سبحانه وتعالى النص نسيان ً ا، وإنما تركه لأنه لم يوجبه علينا. ولعل التأمل في الآراء السابقة يقودنا إلى تأييد رأي التابعي الجليل » : يقول د. العوا عطاء ƒ فالأصل في العقوبات الإسلامية كلها أنها جاءت لتردع الناس عن ارتكاب الجرائم وتمنعهم منه ويتحقق هذا الأصل لا بتوقيع العقاب فحسب بل كذلك بمجرد كون هذه العقوبات واجبة التطبيق وليس ثمة ما يضاف بإباحة تكرار القطع إلى الأثر ويضيف أيض .« الرادع في عقوبة السرقة المقررة في الشريعة الإسلامية ً ا: وبالإضافة إلى أن هذا الرأي هو مذهب عطاء تلميذ ابن عباس ^ أيض » فإنه ً ا هو مذهب راجع: د. محمد سليم العوا، في أصول النظام الجنائي الإسلامي، « الإباضية ّ . ص ١٨٢ ١٨٣ ٤ يأخذ الإباضية بقاعدة أنه في حالة العود إلى ارتكاب الجريمة ّ دون أن يعاقب الجاني عن ذات جريمته السابقة، فإنه يعاقب عن جريمة واحدة ولا يعتبر عائد ً ا. أما إذا عوقب سلف ً ا، وارتكب ذات الجريمة بعد ذلك فإنه يعاقب عنها. في هذا الخصوص يقول: أنه سئل عن » أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي ژ الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال: إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم « إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير يعني: بحبل. وتعليق ً ا على هذا الحديث قيل: وفيه أن من زنا فأقيم عليه الحد ثم عاد أعيد عليه بخلاف من زنى » مرارا فإنه يكتفى بإقامة الحد عليه مرة واحدة على الراجح أقول وهو ً « المذهب عندنا(١) . ولا شك أن ذلك يعد تطبيق ً أي: تطبيق عقوبة « تداخل العقوبة » ا لفكرة واحدة على جرائم عديدة، متماثلة ارتكبها ذات الشخص قبل أن يحكم عليه في أحدها وهو ما ذكرناه عند دراستنا للتعدد المادي والمعنوي للجرائم. (١) ؛ ٧٢١ ٢٧٢ ، ابن عمر: حاشية الترتيب على الجامع الصحيح للوارجلاني، ج ٣، ص ٢٤٣ ويؤيد ما قلناه ما جاء في لباب الآثار: مسألة أبو سعيد: وإذا زنا الرجل فحد ثم زنا ثانية .« هل يحد؟ قال: معي أنه قيل: إن عليه الحد ولو لم يصح الضرب ا لأول السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، .٢٧٥ ، ج ١٤ كذلك جاء في ا لبصيرة: سئل عن الزاني إذا حد ثم زنا الثانية هل يحد؟ قال: معي أنه قيل: إن عليه الحد قيل له: فإن كان ضرب الحد الأول بعد لم يصح هل يحد قبل صحته؟ قال: معي أنه قد قيل ذلك، قيل له: فإن مات في الحد هل يلزم الإمام . الأصم: البصيرة، ص ١٧١ « شيء من ديته؟ قال: معي أنه قيل: لا شيء على الإمام ٥ وضع الإباضية مبدأ عاما: بخصوص عقاب الجاني العائد إلى ّ الإجرام، مقتضاه أن ذلك يرجع إلى تقدير الإمام. (ويكون ذلك بداهة بالنسبة للعقوبات غير المحددة ا لمقدار). يقول الخليلي: وأما ما خرج على معنى الاجتهاد والنظر فالحاكم موسع له نظر » الأصلح من العقوبة والترك (حتى) في الكبائر فمن كفاه النهي مثلا ً عن بيع الربا أو أشباه ذلك فالنهي فرض عينه وإن عاد فالعقاب على نظر الحاكم  (من القول) بردعه بما هو له أهل، ولا نعلم عليه بعد التوبة عقابا ولا نراه ً في النظر لهذا نظير من القول في ا لأثر. وهكذا حكم الأموال مطلق ً ا إلا ما خرج على معنى البغي ظلما وعدوان ً ا ً « كالنهب والسرقة، فإن أشد ولا ينبغي الغفول عنه(١) . ٦ طبق الإباضية المبدأ السابق حتى بالنسبة للعفو عن الجاني ّ العائد إذ لولي الأمر حق العفو عنه ولو كان عائد ً ا ما دام قد رأى أنه يستحق ذلك. والتعزير دون الحد، وهو أكثر من الأدب، ولا » : في هذا المعنى قيل يبلغ به خمسون والأدب أقل من ذلك، وإنما هو على قدر الذنب والتمرد، فالمتمرد المعروف بالأذى ليس كمن عثر عثرتين أو ثلاث ً ا، وينبغي أن يعفى صاحب الزلة إذا لم يعرف له قبل ذلك إلا هذه، فالعفو عن هذا أحسن وأقرب للتقوى، والأدب عظة له ولغيره لكي لا يتمادى ولا يعرف له وقت منه ثلاثة أو أربعة أو عشرة أو أثني عشر، ومنه ما يحبس به حتى تؤمن « بوائقة. وهذا باجتهاد النظر من الحكام لقطع الفساد وإصلاح ا لعباد(٢) . (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان: ج ١٣ ، ص ٨٤ ٨٥(٢) . أجوبة علماء فزان، تحقيق عمرو النامي، ص ٦٢ وفي ذات المعنى يقول الخليلي: إن ما دون الحدود فالحاكم موسع له في النظر فيه بين العفو والعقوبة » ومن لم يكن معود ً ا بالأحداث فالعفو عنه جائز إذا رأى الحاكم الصلاح في ذلك ومن تعودها فلا ينبغي إلا أن يعاقب إلا إذا وجب النظر خلاف ذلك « فيه وهكذا صرح ا لأثر(١) . حري بالذكر أن العفو يثير عن الجاني العائد يثير مشاكل أخرى، منها أن يتعدى على نفس المجني عليه الذي عفا عنه في جريمة سابقة(٢) .  (١) المحقق الخليلي، تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ٨١ . وبخصوص مسألة هدر الدماء التي على المستحل ومضمونها: في هذه الأيام وصلنا رجال من الهشم تائبين من دين الأزارقة المارقين فقبلنا توبتهم، وأقلنا عثرتهم، ولكنهم قد سفكوا دماء ونهبوا أموالا ً قد حكمنا ببعضها عليهم أن يؤدوها إلى من استحقها، وبعضها لم نحكم بها بعد حتى أتونا تائبين، أترى هاهنا أن يدرأ عنهم جميع ذلك فلا يؤاخذون به أم كيف الحكم فيهم على  هذا مع أننا لا ندري قواعد مذهبهم أنهم يستحلون أموال أهل القبلة، وسفك دمائهم قبل الدعوة أو بعدها أم غير ذلك. يقول ا لخليلي: إن كانوا مستحلين لذلك في دينهم الذي دانوا به فتابوا منه فيهدر عنهم جميع ما أصابوه »« فيه إلا ما وجد باقيا بعينه من مال أحد من المسلمين فهو مرجوع وصاحبه أولى به ً . أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ٣٠(٢) انقسم الفقه الإسلامي إلى اتجاهين بشأن: عود الجاني إلى التعدي على المجني عليه بعد العفو عنه، فذهب رأي إلى أن يعاقب الجاني بعقوبة الجناية الثانية على استقلال، بينما قضى رأي آخر بعدم القصاص، وقد رجحنا الرأي الأول لأن اعتبارها جناية مستقلة عن الأولى يترتب عليه أن يعاقب الجاني عن جنايته الثانية بالعقوبة الكاملة، وهذا يتناسب مع حال الجاني الذي عاد إلى ارتكاب الجناية الثانية، رغم عفو المجني عليه عنه، وكان الأولى بالجاني أن يشكر للمجني عليه حسن صنيعه، والله تعالى يقول: ﴿ °±² . ´ ﴾ [ [الرحمن: ٦٠ . د. عبد العزيز سمك: العفو وأثره في عقوبة القصاص والدية في الفقه الجنائي الإسلامي، . ص ١٨١ تجدر الإشارة إلى أن قانون الجزاء ا لع ُ ماني نص أ يض ً ا على التكرار ( خصوصا في المواد في ( ١١٥ ١١٧(١) . ً (١) والتي يجري نصها كما يلي: المادة ( ١١٥ ) يعتبر مكررا: ١ من حكم عليه بعقوبة إرهابية حكما مبرما، وارتكب جناية أخرى عقابها السجن في ًً أثناء مدة عقوبته أو في خلال خس سنوات بعد تنفيذها أو بعد سقوطها عنه بأحد الأسباب القانونية غير العفو ا لعام. ٢ من حكم عليه بعقوبة تأديبية حكما مبرما وارتكب جناية مماثلة للأولى من حيث ًً النوع في أثناء تنفيذ العقوبة أو في خلال سنتين بعد تنفيذها أو بعد سقوطها عنه بأحد الأسباب القانونية غير العفو ا لعام. ٣ من حكم عليه بعقوبة تكديرية وارتكب القباحة نفسها أو قباحة مماثلة لها خلال سنة من تاريخ تنفيذها أو سقوطها عنه بغير حالة العفو ا لعام. المادة ( ١٦٦ ) يعاقب المكرر كما يلي: أولا ً: بالإعدام إذا كانت عقوبته السابقة السجن ا لمؤبد. ثانيا: بمضاعفة العقوبة الإرهابية التي تستحقها الجناية الثانية على أن لا يجاوز حدها ً الأعلى ثلاثين سنة. ثالث ً ا: بفرض ضعفي الحد الأقصى المعين قانون ً ا للجنحة لمن كان محكوما سابق ً ا بجرم جنائي. رابع ً ا: بفرض ضعفي الحد الأقصى للعقوبة التأديبية التي تستحقها الجنحة الثانية لمن كان محكوما عليه بجنحة مماثلة من ا لنوع. ً خامسا: إذا كانت الجنحة الثانية غير مماثلة للجنحة الأولى فإنه يحكم على الفاعل بالحد ً الأقصى المعين قانون ً ا للجنحة ا لثانية. سادسا: إذا كانت الجنحة الثانية مماثلة للجنحة الأولى أو معاقبا عليها بنظام واحد فإنه َ ً يحكم على الفاعل بضعفي العقوبة التي تستحقها القباحة ا لثانية. المادة ( ١١٧ ) تعتبر الجرائم مماثلة لأجل تطبيق قاعدة ا لتكرار: في ا لجنح: ١ الجنح المقصودة المنصوص عليها في فصل واحد من فصول هذا ا لقانون. ٢ الجنح المقصودة على الأشخاص (الباب ا لرابع). ٣ القتل والجرح غير ا لمقصودين. = ٤٤٥ = ٤ السرقة, الاحتيال, إساءة الأمانة, التزوير, الاختلاس, الشيك دون مقابل، الجنح المنافية للأخلاق. ٥ في القباحات تعتبر مماثلة أفعال القباحات المخالفة لأحكام نظام واحد. ٦ أحكام مشتركة لأسباب تشديد العقوبة أو تخفيفها أو الإعفاء منها. توجد أسباب عديدة تؤدي إلى انقضاء العقوبة، رغم وقوع الجريمة مكتملة الأركان، وهذه الأسباب هي: وفاة الجاني، قاعدة الإسلام يجب ما قبله، التقادم، التوبة، ا لعفو. ∫hC’G åëѪdG »fÉédG IÉah يترتب على وفاة الجاني انقضاء العقوبة المحكوم بها عليه، ويرجع ذلك إلى سببين أساسيين: أولا ً : فوات المحل ، أي أن وفاة الجاني تجعل العقوبة ليس لها محل، ونعني بذلك جسد الجاني أما إذا كان قد حكم على الجاني بعقوبة مالية . فهي تحمل بها التركة بالتطبيق لقاعدة لا تركة إلا بعد سداد ا لدين (١) ثانيا: مبدأ شخصية العقوبة يحتم ذلك. ً (١) فالشافعية والحنابلة الذين قالوا: إن » : من المعلوم أنه بخصوص القصاص اختلف الفقهاء الواجب في القصاص واجب مخير، قالوا: إنه حيث تعذر استيفاء القصاص وهو أحد البدلين، وجب الآخر وعلى ذلك تجب الدية للورثة ويزكي ذلك النظر أنه لا يذهب دم في الإسلام هدرا إذ إنه إذا سقطت الدية بموت الجاني، فقد ذهب دم المجني عليه هدرا ًً = »fÉãdG åëѪdG ¬∏Ñb Ée Öéj ΩÓ°SE’G IóYÉb معنى ذلك: أنه لا ضمان بخصوص ما تم ارتكابه من أفعال قبل الإسلام مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ zyxwvuts { | ﴾ [ [الأنفال: ٣٨(١) . = فكان لا بد من الدية تصل إلى ورثته تحقيق ً ا للعدالة ما أمكن، ولأنه لو اختار الولي الدية ومات الجاني قبل أدائها لوجب الأداء فيكون الحكم كما لو لم يخترها. والذين قالوا: إن المطلوب هو القصاص في القتل العمد، وأن المال لا يكون إلا بإنفاق  مستقل يتكامل فيه التكوين من إرادتين وقد أصبح ذلك غير ممكن فإنه لا دية فإذا فات الشيخ أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي القسم « القود فات كل حق وراء ذلك ، الثاني، ص ٣٩٦ ٣٩٧ ، عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١  ص ٧٧٠ ٧٨١ ، عبد العزيز عامر: التعزير، ص ٥٠٩ ، د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام . العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٥٤٧ ٥٥٤ (١) وبخصوص هذه الآية السابقة (الأنفال: ٣٨ ) يوجد خلاف بين أهل العلم في حقوق العباد هل تدخل في عموم الآية أم لا، ولم يكن هناك دليل صريح يخصص الآية لذلك الأولى، أن يقال: إن الحقوق كلها تسقط عنه. . سالم بن خلفان: المرجان في علوم القرآن، ١٤٢١ ه ٢٠١٠ م، ص ١٨٦ ولو كانوا كتابيين، أو في عهد وذلك » ويقول أطفيش: إن الآية أنه يغفر لهم ما قد سلف . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٢٦ ،« هو الصحيح وجاء في جامع ا لبسيوي: وما أتى المشرك من قتل أو زنا أو سرق ثم أسلم، فقد محا الإسلام عنه ذلك إلا أن »يكون أتى ذلك بين ظهراني المسلمين، من حيث يجري عليه حكمهم، فإنه يقام عليه حد . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٤، ص ١٤٧ ،« السارق والمرتد ويبدو أن الغرض من ذلك هو تطبيق مبدأ إقليمية الجرائم والعقوبات، وكذلك قطع الطريق على الشخص الذي يرتكب جريمة وهو مقيم في الدولة الإسلامية ثم يسارع باعتناق الإسلام ولو ظاهريا حتى لا تتم محاكمته وتوقيع العقاب عليه. ويقول ابن العربي بخصوص ذات ا لآية: = ٤٤٩ « يتناول العفو عن كل ما سلف » فهذا(١) . ويؤيد ذلك أيض ً ا قوله ژ : « الإسلام يجب ما (كان) قبله »(٢) . « يقطع ويستأصل » : أي(٣) . وهكذا لا عقاب على ما يرتكبه غير المسلم، من جرائم قبل الإسلام  وبالتالي، فهو في وضع أفضل من المسلم مرتكب الجرائم، يقول ا لسالمي:  المشرك إذا أسلم ليس عليه بعد الإسلام تبعة » َ ٌ ﴿ uts zxv |{ ﴾ [ [الأنفال: ٣٨ . yw وقاسوا عليه المستحل وهو الذي يفعل الشيء ويعتقده حلالا ً وهو في دين الله حرام كالأزارقة المستحلين لأموال أهل القبلة ودمائهم فإن هؤلاء إذا تابوا ورجعوا إلى الحق فليس عليهم غرم ما أتلفوا كالمشرك إذا أسلم، وأما المنتهك الذي يفعل الشيء وهو يرى أنه حرام فإنه يلزمه غرم ما أتلف من « أموال الناس ودمائهم، ولا يعذر في ترك ذلك(٤) . = قال: علماؤنا: هذه لطيفة من الله سبحانه من بها على الخليقة: وذلك أن الكفار يقتحمون »الكفر والجرائم، ويرتكبون المعاصي، ويرتكبون المآثم، فلو كان ذلك يوجب مؤاخذتهم لما استدركوا أبد ً ا توبة ولا نالتهم مغفرة؛ فيسر الله عليهم قبول التوبة عند الإنابة وبذل المغفرة بالإسلام، وهدم جميع ما تقدم، ليكون ذلك أقرب إلى دخولهم في الدين، وأدعى إلى قبولهم كلمة الإسلام وتأليف ً ا على الملة، وترغيبا في الشريعة؛ فإنهم لو علموا أنهم ً . ابن العربي أحكام القرآن ج ٢، ص ٨٥٢ « يؤاخذون لما أنابوا ولا أسلموا(١) . نور الدين السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٨، ص ٧٣(٢) ١٢٣ انظر أيض / ٢٠٠٤ والبيهقي ٩ / رواه البخاري، ٤ ً ا: معجم القواعد الفقهية الإباضية ّ . ج ١، ص ٢٢٥(٣) نور الدين السالمي: معارج الآمال المرجع السابق، ج ٨، ص ٧٣ والحديث هو نص في جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، « المشرك إذا أسلم ليس عليه بعد الإسلام تبعة . ج ٢، ص ٢٤٦(٤) . السالمي: العقد الثمين من فتاوي نور الدين، ج ١، ص ٢٦٦ ٢٦٧ = ådÉãdG åëѪdG ΩOÉ≤àdG :ΩOÉ≤àdG á«gÉe (CG  يقصد بذلك مضي مدة معينة بعد ارتكاب الجريمة أو بعد الحكم بالعقوبة دون أن تنفذ، فتسقط أذن الجريمة أو العقوبة لتقادمها. وتحدد القوانين الوضعية عادة مدة التقادم بالنسبة للجرائم والعقوبات. فمثلا ً في القانون المصري المدة بالنسبة للجرائم هي عشر سنوات بالنسبة للجناية، وثلاث سنوات للجنحة وسنة للمخالفة، ويسقط حق الدولة في العقاب بمضي مدة هي ثلاثون سنة لسقوط عقوبة الإعدام، وعشرون سنة = وبخصوص قوله ژ : الإسلام يجب ما قبل » َ « ه وهذا القول مجاز، لأن أصل ا لجب » : ، قيل َْ ّ وهو اختزال السنام من أصله، فكأنه عليه الصلاة والسلام جعل الإسلام مستأصلا ً لكل ذنب تقدم للإنسان قبله حتى لا يدع له جناية يحذر عاقبتها ولا معرفة بسوء الحديث عنها الشريف الرضي: « بل يعفى على ما تقدم من السوءات ويحثو على ما ظهر من العورات . المجازات النبوية، ص ٥٤ ٥٥ يقول ا لقرافي: ،« قاعدة ما يلزم الكافر إذا أسلم وقاعدة ما لا يلزمه » وفي حديثه عن وضابط الفرق أن حقوق العباد قسمان :منها ما رضي به حالة كفره واطمأنت نفسه يدفعه »لمستحقه فهذا لا يسقط بالإسلام لأن إلزامه إياه ليس منفرا له عن الإسلام لرضاه وما لم ً يرض يدفعه لمستحقه كالقتل، والغصب ونحوه فإن هذه الأمور إنما دخل عليها معتمد ً ا على أنه لا يوفيها أهلها فهذا كله يسقط لأن في إلزامه ما لم يعتقد لزومه تنفيرا له عن ً الإسلام فقدمت مصلحة الإسلام على مصلحة ذوي الحقوق، وأما حقوق الله تعالى فتسقط مطلق ً .« ا رضي بها أم لا . الإمام القرافي: الفروق، الفرق ١٧٠ ، عالم الكتب، بيروت، ج ٣، ص ١٨٤ نشير إلى ماهية التقادم، والقواعد التي تحكمه، وموقف المحكمة العليا في سلطنة عمان منه. ُ   لسقوط ما عداها من عقوبات الجنايات، وخمس سنوات لسقوط الحكم الصادر بالعقوبة في الجنحة، وسنتان لسقوط عقوبة ا لمخالفة. وقد أولى فقهاء المسلمين لمضي المدة (أو التقادم) عناية كبيرة(١) . يقول الشيخ أبو زهرة: التقادم له أثر في الجرائم التي تكون عقوبتها الحد، وليس له أثر في » « جرائم القصاص والاعتداء على ا لأطراف(٢) . (١) عدم » : يقول الكاساني بخصوص شروط البينة التي تخص بعضها دون البعض إن منها التقادم له شرط في حد الزنا والسرقة وشرب الخمر وليس بشرط في حد القذف والفرق أن الشاهد إذا عاين الجريمة فهو مخير بين أداء الشهادة حسبة لله تعالى لقوله تعالى 8 : ﴿ ]\ ^ ﴾ [ [الطلاق: ٢ وبين التستر على أخيه المسلم لقوله ژ: » من ستر على « أخيه المسلم ستر الله عليه في الآخرة ، فلما لم يشهد على فور المعاينة حتى تقادم العهد دل ذلك على اختيار جهة الستر، فإذا شهد بعد ذلك دل على أن الضغينة حملته على ذلك فلا تقبل شهادته لما روي عن سيدنا عمر ƒ أيما قوم شهدوا على » : أنه قال ولم يقل أنه إنكر « حد لم يشهدوا عند حضرته فإنما شهدوا عن ضغن ولا شهادة لهم عليه منكر فيكون إجماع ً ا، فدل قول سيدنا عمر ƒ على أن مثل هذه الشهادة شهادة ضعيفة وأنها غير مقبولة، ولأن التأخير والحالة هذه يورث تهمة ولا شهادة للمتهم على لسان رسول الله ژ بخلاف حد القذف لأن التأخير لا يدل على الضغينة والتهمة لأن الدعوى هناك شرط فاحتمل أن التأخير كان لتأخير الدعوى من المدعي والدعوى ليست بشرط في الحدود الثلاثة فكأن التأخير لما قلنا ويشكل على هذا فصل السرقة فإن الكاساني: بدائع الصنائغ في ترتيب الشرائع، .« الدعوى هناك شرط ومع هذا التقادم مانع . ج ٧، ص ٤٦ ٤٧ (٢) أما غير المحاربين من الشربة والسراق » : الشيخ أبو زهرة، الجريمة، ص ١٩٥ ، كذلك قيل إذا تابوا فهل تسقط عنهم الحدود بالتوبة أم لا؟ قال أبو حنيفة ومالك: توبتهم لا تسقط الحدود عنهم، وعن الشافعي قولان أحدهما كمذهب أبي حنيفة ومالك والثاني تسقط حدودهم توبتهم إذا مضي على ذلك سنة، وعن أحمد روايتان كذلك أظهرهما تسقط من أبو عبد الله الدمشقي العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف « غير اشتراط مضي زمان . الأئمة، ص ٢٨٦ :áHƒ≤©dG ΩOÉ≤J ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG (Ü ونفصل ذلك بالتفرقة بين التقادم بخصوص جرائم الحدود والقصاص والتعزير(١) . ١ فبالنسبة للحدود يوجد ثمة خلاف كبير في فقه المذاهب ا لإسلامية(٢) . (١) راجع أيض ً ا تفصيلات كثيرة في: الشيخ أبو زهرة: الجريمة، ص ٨٦ ٩٧ ، د. محمود نجيب حسني، الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٣٥ ٣٧ ، أيض ً ا له شرح قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١١ ، ص ٢٢٢ وما بعدها، د. محمد سلام مدكور: المدخل للفقه الإسلامي، ص ٧٤١ ، د. عوض محمد عوض، دراسات في الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٣١١ ٣٤٤ ، د. عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، ص ٥٥٠ ٥٥٤ ، د. عبد العزيز عامر: التعزير، ، ص ٥٢٢ ٥٢٧ ، د. أنور دبور الشبهات وأثرها في إسقاط الحدود، القاهرة، ١٩٨٧ . ص ١٠٨ ١١٨ (٢) لخصه الأستاذ الدكتور عوض محمد عوض، كما يلي: ١ أن الحدود عند الجمهور لا تسقط بالتقادم. ٢ انها عند الحنفية تسقط بالتقادم فيما عدا حد القذف وهذا الرأي رواية عن الإمام أحمد. ٣ أن الحد يتقادم إذا كان دليله الشهادة لمقام التهمة، أما إذا كان دليله الإقرار ففيه الخلاف، والراجح عند الحنفية رد الإقرار بالزنا المتقادم والسرقة المتقادمة وقبوله في الشرب، وفي المذهب رأي يقبل الإقرار بالحدود المتقادمة بغير تفريق، أما ابن أبي ليلى فيرد الإقرار بالحدود المتقادمة بغير تفريق. ٤ أن مدة التقادم عند الحنفية مختلف فيها، والصحيح في المذهب أنها شهر لا عذر للشاهد في تأخير الشهادة فيه وفي تقادم حد الشرب خلاف، وصحيح المذهب أن حده زوال ا لرائحة. ٥ أن تقادم التنفيذ يسقط الحد المقضي به، ومدة التقادم فيها الخلاف والترجيح ا لسابقان. ٦ أن أساس التقادم في كل الأحوال هو رد الدليل، د. عوض محمد عوض: دراسات في الفقه الجنائي الإسلامي، دار البحوث العلمية للنشر، والتوزيع، ١٤٠٣ ه، ١٩٨٣ م، . ص ٣٢٤ ٣٢٥ ويقول عبد القادر عودة: =  وبخصوص القصاص، فهو لا يسقط بداهة بالتقادم، لكونه عقوبة مقدرة شرع ً ا لحق العبد، وبالتالي فهو لا يسقط إلا بالعفو أو الصلح أو بالإبراء (١) . ٢ وبخصوص التعزير، فقد قال رأي بأنه لا يسقط بالتقادم، بينما ذهب اتجاه حديث إلى إمكانية تحديد مدة تقادم ا لتعزير(٢) . وفي الفقه الإباضي يبدو أن هناك اتجاهين، لخصهما الإمام ابن بركة وإن شهدت البينة على الحد بعد زمان طويل لم تقبل شهادتهم » : كما يلي لقول عمر بن الخطاب : ƒ أيما قوم شهدوا في حد بعد حين، فإنها شهادة  « طعن، وفي الأثر جوازها عند أصحابنا ولو بعد حين(٣) . = وخلاص رأي الحنفيين في سقوط العقوبة بالتقادم أن عقوبات التعازير تسقط بالتقادم أيا كان »الدليل الذي بني عليه الحكم، وأن عقوبات الحدود فيما عدا القذف تسقط بالتقادم إذا كان دليل الجريمة فيها هو الشهادة، فإذا كان دليل الجريمة الإقرار فلا يسقط إلا حد شرب الخمر . عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٧٨١ « على رأي أبي حنيفة وأبي يوسف (١) راجع أيض ً . ا: د. عوض محمد عوض: دراسات في الفقه الجنائي الإسلامي، ص ٣١٥ (٢)استناد ً ا إلى الحجج ا لآتية: ١ أن جمهور الفقهاء مع اختلافهم في أثر التقادم على الجريمة وعلى العقوبة في الحدود على البيان السابق، فإنهم متفقون على أن التقادم في التعزير يجوز أن يسقط الجريمة وأن يسقط العقوبة إذا رأي ولي الأمر أن في ذلك مصلحة تقتضيه. ٢ وأن ولي الأمر إذا كان يملك العفو عن الجريمة عقب ارتكابها وإذا كان يملك العفو عن العقوبة عقب الحكم بها، إذا تطلبت ذلك مصلحة يراها، فإن له من باب أولى أن يقرر سقوط أثر الجريمة بتقادم العهد عليها، وله كذلك أن يقرر سقوط العقوبة مدة من الوقت يقدرها دون أن تنفذ. ٣ وأن المصلحة التي تدعو إلى العفو عن الجريمة أو عن العقوبة قد تكون حافز ً ا على التغاضي عن الجريمة أو على ترك تنفيذ العقوبة عند التقادم، إذا قد تستنفد العقوبة أغراضها بتقادم العهد على ارتكاب الجريمة أو على صدور الحكم بالعقوبة، فيكون . د. عبد العزيز عامر: التعزير، ص ٥٢٦ ٥٢٧ .« العقاب لا داعي له ولا حاجة إليه (٣) ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٥٢٧ ٥٢٨ ؛ انظر أيض ً ، ا: العوتبي: كتاب الضياء، ج ٤ . ص ١٤٣ ، النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ٥٣ ٥٤ ونذكر أقوالا ً لكل من هذين ا لاتجاهين: أولا ً : فبخصوص الاتجاه الأول (الرافض للتقادم)(١) : ومن أقر بالسرقة قطع ولو أقر بأمر قديم ولو خلا » : جاء في المصنف لذلك عشر سنين ولو كان قبل قيام ذلك الحاكم وكذلك لو قامت عليه البينة بذلك وجب قطعه سواء بعد الزمان أو قرب، لأن الله تعالى أمر بالقطع ولم يرفع وجوبه بمضي الزمان، والقائل بمضي الزمان ينفي الحدود بعد  « ثوبتها يحتاج إلى دليل(٢) . والنفس عندنا غير الجرح، فإن مات المجروح » : وجاء في منهج الطالبين « ا(٣) بعدما برئ فطلب الورثة ديته، فما نرى لهم شيئ ً . وإذا فقأ رجل عين رجل عورها عمد » : وجاء في بيان الشرع ً ا أو خطأ فلم يطلب المصاب حتى يهلك الذي أصابه، ثم طلب إلى ورثته أو هلك المصاب وطلب ورثة الذي أصاب والدهم، فإذا هلك المجروح ولم يطلب حقه إلى الجارح فليس لورثته أن يأخذوا من الجارح شيئ ً ا وذلك إذا صح (١) تجدر الإشارة أن نصوص مشروع قانون العقوبات الإسلامي (الذي تبناه مجلس الشعب في مصر عام ١٩٨٢ م) نص على عدم جواز تقادم الجريمة أو العقوبة في جرائم الحدود التالية: السرقة (م ٩٧ )، والحرابة (م ١١٣ )، والزنا (م ١٢٤ )، والشرب (م ١٧٥ )، والردة لا تسري » : (م ١٨٦ ). يكفي أن نذكر نص المادة ١١٣ الخاصة بحد الحرابة، والتي تقرر أنه على جريمة الحرابة الأحكام المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية بشأن انقضاء راجع النص منشورا في: د. أبو العلا « الدعوى الجنائية أو سقوط العقوبة بمضي المدة ً عقيدة: مشروع قانون العقوبات الإسلامي دراسة تحليلية تأصيلية، دار النهضة العربية، . القاهرة، ١٤٣٤ ه ٢٠١٣ م، ص ٢١٥(٢) . النزوي: المصنف: ج ٤٠ ، ص ١٣٣(٣) ، الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٦٢ ١٦٣ ، النزوي المصنف ج ٤١ . ص ١٣٦ ١٣٧ ، الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم ج ٧، ص ١٨٦ المجروح ثم مات ولم يطلب حقه إلى الجارح، فليس لورثته أن يأخذوا من  الجارح شيئ ً ا وذلك إن صح المجروح ثم مات ولم يطلب حقه إلى الجارح، وإذا هلك الجارح قبل أن يطلب إليه المجروح حقه ولم يمنع المجروح من طلب حقه تقية للجارح فلا سبيل للمجروح في مال الجارح، والخطأ العمد « في ذلك سواء، وذلك في ا لجروح(١) . وجاء أيض ً من الأثر وإذا أصاب الرجل حدا فمضى » : ا في بيان الشرع لذلك ما مضى من الدهر، ثم رفع إلى الإمام فعليه البينة يشهدون بذلك الحد، معي أنه أراد فإنه يقام عليه الحد، ولا ينبغي للإمام أن يعطله، وقد بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه أقام على رجل شرب الخمر بالبحرين، فأقام عليه عثمان ا لحد ّ بعدما قدم على عمر بالمدينة، وبلغنا عن عثمان أنه فعل ذلك برجل شرب بالكوفة أو سكر من غير الخمر فأقام عليه عثمان الحد ّ .« بالمدينة ومن صح عليه أو أقر بسرقة عند الحاكم » : كذلك جاء في بيان الشرع حكم بقطعه ولو تطاول ذلك وخلا لذلك عدة سنين ولو كان قبل قيام ذلك « الحاكم(٢) . (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ض ١٧ (٢) .١١٨ ، الكندي: بيان الشرع: ج ٧١ ، ص ٥٠ كذلك جاء في أجوبة علماء فزان: عن قوم لقوا قوما وهم عابرو سبيل في طلب عبد لهم هرب فقتلوهم وغنموا أموالهم، » ً والمقتولون تحت أمير معطل للأمور ولا يشتغل بإصلاح الإسلام فلم يشتغل بأمرهم ولم يطلب قتلتهم حتى عزل فولي غيره ممن يطلب إعزاز الإسلام وأهله فطلب إليه أولياء المقتولين أن ينصفهم من القاتلين وليس القاتلين برعية له والمقتولون رعية للأول ولهذا، فهل ترى له أن يطلب ثاراتهم وهم المفسدون اليوم، طلب ذلك أولياء المقتولين أو لم .« يطلبوه قال: الناس كلهم عند سلطان العدل كأسنان المشط؛ إذ لا حكم إلا لله، وإنما قام بقطع = ثاني ً ا: وبالنسبة إلى الاتجاه الثاني (المؤيد للتقادم): جاء في منهج ا لطالبين: ومن جرح رجلا » ً عمد ً ا أو خطأ ثم بقي الجارح مع المجروح زمان ً ا لا يطلب إليه شيئ ً ا حتى توفي الجارح ثم طلب المجروح حقه إلى ورثته من أرش الجراحة إنه لا شيء له، إلا أن يكون الجارح في حد لم يكن المجروح يقدر على الإنصاف منه. وكذلك إن مات المجروح ولم يطلب، لم يكن لورثته في ذلك مطلب، إلا أن يصح أنه كان يطلب حتى مات أحدهما. وإذا مات المجروح بعد موت الجارح من جراحته تلك. فإن الدية .« كاملة إلى ما تقدم يمكن أن نضيف مظاهر ثلاثة أخرى للتقادم عند ا لإباضية: ّ الأول: خاص بارتكاب الجاني جريمة القتل ثم هروبه وغيابه فما أثر ذلك على الدية (لتعذر القصاص بسب الغياب ومضي المدة) يبدو أن في الفقه الإباضي اتجاهان بخصوص هذه ا لمسألة(١) . = الشكية عن الله، فالضعيف عنده قوي حتى يأخذ له حقه، والقوي عنده ضعيف حتى ينصف منه ويكون لذي الحق أسيرا، ويقال: من مشى مع مظلوم حتى يثبت له حقه ثبت ً الله له قدميه يوم تزول الأقدام، وليس في تقصير من قصر في إيصال الأحكام ما يزيلها عمن وجبت عليه فليحكم فيما يستقبل بما أنزل الله. وأما من عفا عن حقه فليس عليه أن أجوبة علماء فزان، حققه د. عمرو النامي، « يلجئه إلى الطلب لأن العفو مما أمر الله به . ص ٧٦ ٧٧(١) يقول ا لعوتبي: قال أبو محمد: وإذا قتل رجل رجلا » ً ثم غاب القاتل فإن لأهل المقتول الدية في مال القاتل في قول أصحابنا، قال والنظر بوجب عندي أن الدية غير واجبة للورثة لأن الدية إنما تجب لهم في الموضع الذي يكون لهم فيه الخيار بين الدية والقتل كما قال = والثاني: يتعلق بعدم مطالبة المجني عليه بحقوقه المالية من الجاني حتى توفي هذا الأخير، فليس له شيء ما دام كان قادرا على طلب ذلك(١) . ً والثالث: خاص بإقرار الجاني ارتكاب الجريمة بعد مضي مدة طويلة. وقد جاء في لباب الآثار أن إقراره بالحد وإن تطاول لا يمنع من توقيعه عليه. وهكذا قيل: وأما الحدود فمتى أقر بها الجاني أقيمت عليه، وإن كان تطاول أمرها فلا » يقام عليه الحد حتى يقر أربع مرات مع الحاكم حد ما لم يرجع أو يقع عليه أول الحد، هذا قول بعض والحجة لهم في ذلك ما روي عن ا لنبي ژ أنه أمر  « د(٢) بإقامة الحد على ماعز بن مالك بعد إقراره أربع مرات ثم أمر به فح . َُ = رسول الله ژ : ،« إنما الديات تصح عند تسليم النفس والطاعة للحاكم ولأولياء المقتول » وهذا على غير هذا الوصف لأن الأصل أن الذي لأولياء المقتول القود فإذا أفاد الرجل نفسه وكان التوصل إلى أخذ الحق منه موجود ً ا وهو القود فعفا الأولياء وعادوا إلى الدية صحت الدية حينئذ بعد أن يخيروا بين الوجهين مع حضور القاتل ووجود شخصه، وأما ّ إذا كان القاتل غير موجود صار الحق متعلق ً .« ا على معدوم بعدمه وهو ا لقتل . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ ، ص ٨٨ ٨٩(١) جاء في بيان ا لشرع: وقال بعض الفقهاء في رجل جرح رجلا » ً جرح ً ا عمد ً ا أو خطأ ثم بقي الجارح مع المجروح زمان ً ا لا يطلب إليه شيئ ً ا حتى توفي الجارح ثم طلب المجروح حقه إلى ورثته: إنه لا شيء له إلا أن يكون الجارح في حد لم يكن المجروح يقدر على طلب الإنصاف منه وكذلك إن مات المجروح ولم يطلب، لم يكن لورثته في ذلك مطلب إلا أن يصح إنه كان يطلب حتى مات الجارح أو المجروح، وعن أبي علي إذا مات المجروح بعد موت الجارح ومات من جراحته تلك فإن الدية كاملة في مال الجارح وذلك أن الجرح كان فيه القصاص ولم يطلب إليه حتى مات والنفس عندنا غير ، وفي نسخة الجرح: وقلت: إن مات بعد أن أبرأه وطلب الورثة ديته فما نرى لهم شيئ ً الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣١٢ ٣١٣ « ا . (٢) ، السيد مهنا بن خلفان: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ . ص ٢٩٩ :ΩOÉ≤àdG øe ¿ÉªY áæ£∏°S »a É«∏©dG áªμëªdG ∞bƒe (ê o  تعرضت المحكمة العليا بسلطنة عمان للتقادم، خصوصا من ناحيتين: ًُ  أولا :ً تقول ا لمحكمة:  الدفع بانقضاء الدعوى العمومية للتقادم دفع متعلق بالنظام العام » وجوب تعرض المحكمة له والرد عليه، إغفال ذلك قصور في التسبيب « ينقض ا لحكم(١) . ثانيا: تؤكد المحكمة أن التقادم يوقفه العذر المانع من إقامة الدعوى: ً ١ من قانون / التقادم المنصوص عليه في المادة ١٦ » : تقول المحكمة تأمين المركبات ليس الهدف منه حماية المكلف بأداء التعويض متى ما ثبت موجب أدائه قانون ً ا، كما أن مدة السقوط ليست تلقائية ومجردة من الأحكام العامة لوقف التقادم بل تسري عليها هذه الأحكام، ومن بينها العذر المانع من إقامة الدعوى، وحيث إن الثابت شرع ً ا بالسنة النبوية المطهرة إن الجراحات يستأني فيها سنة؛ إذ الاعتبار فيها مآلها وحكمها في الحال غير معلوم فلربما تسري إلى النفس، فقياسا على ذلك وبالنظر إلى الإصابات ً التي لحقت بمورث المطعون ضدهم وألزمته فراش المرض منذ الحادث وحتى وفاته فإن إقامة الدعوى لم يكن ممكنا قبل أن تستقر حالته، هذا فضلا ً عن أن إقامة الدعوى من الورثة حدثت بعد أقل من أربعة أشهر من تاريخ الوفاة، وإذا كانت محكمتا أول وثاني درجة قد رفضتا هذا الدفع فقد « انتهيا إلى حكم صحيح يتفق والقانون(٢) . (١) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة . ٢٠١٠ ، ص ٢٤٦ ٢٤٧ ، منها، سلطنة عمان، ٢٠٠٩ ُ (٢) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة . منها، سلطنة عمان، ٢٠١٠ ٢٠١١ ص ١٤٦ ١٤٧ ُ بالذكر أن قانون الجزاء ا لع ُ ماني نص أيض ً ا على مرور الزمن وأثره حري على العقوبة في المادة ٧١ (١)  . ™HGôdG åëѪdG áHƒàdG نشير إلى ماهية المسألة، والقواعد التي تحكمها. :áHƒàdG á«gÉe (CG من المعلوم أن باب التوبة مفتوح دائما في الإسلام حتى بالنسبة لمن ً يرتكبون أشد الجرائم جسامه، فقد أوجب الله النار لأهل الفواحش والزنا والقتل ثم قال: ﴿ DCB﴾ [ [الفرقان: ٧٠ ، وقال أ يض ً ا: ﴿ ]\ ^ nmlkjihgfedcba`_ (١) والتي يجري نصها كما يلي: المادة ( ٧١ ) يمر الزمن علي العقوبات وفق ً ا للترتيب ا لآتي: أولا ً: في ا لجناية: الزمن على عقوبة الإعدام والسجن المؤبد بانقضاء خمس وعشرون سنة وبانقضاء  يمر عشر سنوات على أية عقوبة إرهابية أخرى. وتسري مدة الزمن من تاريخ صدور الحكم ا ومن يوم تملص المحكوم عليه من التنفيذ إذا كان الحكم   القاضي بالعقوبة إذا كان غيابي وجاهيا. في حال تخفيض العقوبة لأي سبب قانوني تؤخذ العقوبة الجديدة لأجل تطبيق أحكام مرور ا لزمن. ثانيا: في ا لجنحة: ً يمر الزمن على العقوبات التأديبية بانقضاء خمس سنوات اعتبارا من تاريخ إنبرام الحكم ً ا.   الصادر بها إذا كان وجاهيا ومن تاريخ تبليغه إلى المحكوم عليه إذا كان غيابي ثالث ً ا: يمر الزمن على العقوبات التكديرية بانقضاء سنتين وفق ً ا للقاعدة المتبعة في العقوبات ا لتأديبية. o ﴾ [ [النور: ٤ . ثم استثنى منهم ﴿ wvutsrq ﴾ [ [النور: ٥ .  كذلك قوله تعالى: ﴿ zyxwvut |{ } ﮯ~ £¢¡ ¤ §¦¥ ¨©ª ﴾ [ [الزمر: ٥٣ . وبخصوص أثر التوبة على العقاب عن الجرائم المرتكبة بين الأفراد فقد اتفق جمهور الفقهاء على أن التوبة تسقط حد الحرابة مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ zyxwvutsrqp }|{ ﴾ [ [المائدة: ٣٤ ، أما ما عدا ذلك من الجرائم، فقد وقع الخلاف بين فقهاء ا لمسلمين: فذهب اتجاه إلى أن سائر الحدود ما عدا الحرابة لا تسقط بالتوبة. وذهب اتجاه آخر إلى أن التوبة قبل القدرة على الجاني تسقط العقوبة، قياسا على حد الحرابة، الذي يسقط بالتوبة، قبل القدرة ً على ا لمحارب(١) . (١) ويا معشر » : يرد ابن العربي: على هذا القياس والذي من بين من أخذ به الشافعية بقوله الشافعية سبحان الله! أين الدقائق الفقهية، والحكم الشرعية التي تستنبطونها من غوامض المسائل؟! ألم تروا إلى المحارب المستبد بنفسه، المعتدي بسلاحه الذي يفتقر الإمام معه إلى الإيجاف بالخيل والركاب كيف أسقط جزاءه بالتوبة ا ستنزالا ً عن تلك الحالة، كما فعل بالكفار في مغفرة جميع ما سلف استئلافا على الإسلام، فأما السارق والزاني وهما في قبضة المسلمين وتحت حكم الإمام، فما الذي يسقط عنهم حكم ما وجب عليهم؟! أو أكيف يجوز أن يقال: يقاس على المحارب وقد فرقت بينهما الحكمة والحالة! هذا ما ابن العربي أحكام القرآن، ج ٢، ص ٦١٤ ، القرطبي: .« لا يليق بمثلكم يا معشر المحققين . ١٧٤ ١٧٥ ، الجامع لأحكام القرآن، ج ٦ انظر أيضا عرضا لحجج الاتحاهين السابقين في: الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه ًً ٤٠٣ ، د. عبد العزيز ، ١٢٢ ١٢٥ ، الجريمة، ص ٤٠٠ ، الإسلامي، القسم الثاني، ص ٦٢ ٧٤ ٥٢١ ، عبد الفتاح الصيفي: الأحكام العامة للنظام الجنائي الإسلامي، ، عامر: التعزير، ص ٥١٦ . ج ١، ص ٧٧٣ ، د. محمد سليم العوا: في أصول النظام الجنائي الإسلامي، ص ١١٣ ١١٨ أما بالنسبة لجرائم التعزير فالثابت أن: التعزير يسقط بالتوبة، قال ا(١) القرافي: ولا أعلم فيه خلاف ً . :áHƒàdG ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG (Ü بخصوص أثر التوبة على العقاب في الفقه الإباضي، فيمكن عرض المسألة في النقاط ا لآتية: ١ أكد الإباضية على أن التوبة لا ترفع الحد، وقد أقام رسول الله ژ الحد ّ على ا لتائبة(٢) . كذلك قيل: إن الحدود لا تسقط بالتوبة، ولا نعلم بين أصحابنا في ذلك اختلاف » ً ا ولو أنها تسقط بالتوبة لكان إرشادهم إلى التوبة من الواجب فلا يعجز أحد عن التلفظ بها(٣) . لذلك من القواعد الفقهية ا لإباضية قاعدتان: ّ الأولى: .« التوبة لا ترفع ا لحد »والثانية: « حقوق العباد لا تكفرها ا لتوبة »(٤) . (١) ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، ج ٢، ص ٦٦٦ ، ويرى عبد القادر عودة أن ذلك يطبق إذا رأى أولو الأمر مصلحة في ذلك، عبد القادر عودة: التشريع . الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٤٦٨ (٢) . ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٥٢٨ ، النزوي: المصنف، ج ٤٠ ، ص ١٠(٣) . أجوبة المحقق الخليل، ج ٥، ص ٥٢٠(٤) ٤٦١ ٤٦٣ . وقد قيل في شرح القاعدة ، القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٤٠٠ ٤٠١ ّ وهذا كله إذا وصل الحد إلى الإمام بإقرارها أو بالبينة، ولكن إذا تاب الإنسان » : الأولى وحسنت توبته وستره الله في الدنيا ولم يرفع أمره إلى الإمام فهو إلى الله تعالى إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه. أما إذا وقع في حق من حقوق الآدميين فإن توبته لا تصح إلا بالتحلل من صاحب الحق .« لأن حقوق الآدميين مبنية على المشاحة فلا تسقط بالتوبة = أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٤٦٢ ٢ أكد ا لإباضية أن التنصل من التباعات الخاصة بمظالم العباد في الحقوق ّ والأموال والفروج يكون بالتنصل منها وبالأداء أو ا لمحاللة. يقول الجيطالي: اعلم أن مظالم العباد التي قدمناها من الحقوق والأموال والفروج لا » تجوز توبة من هي في يده أو في ذمته إلا بالتنصل منها إلى أربابها والخروج منها بالأداء أو المحاللة منهم له بطيبة نفس، ولا أعلم بين الأمة في هذا خلاف ً ا، واختلفوا إذا لم يجد أربابها بعد ما تاب: فقيل عن ابن عباس: هو قفل ضاع مفتاحه، وقيل: تصدق بها على الفقراء وأظنه قول ابن مسعود 5 « ، وأحسبه أنه قول جمهور ا لعلماء(١) . ٣ أكد ا لإباضية أن التوبة تعفي من العقاب في حالتين: ّ الأولى: توبة المرتد تمنع من توقيع حد الردة، وهكذا قيل: « فإن رجع المرتد قبل أن يقتل فإن توبته تقبل بالإجماع »(٢) . والثانية: توبة المحاربين قبل القدرة عليهم، تمنع من توقيع حد ا لحرابة. يقول الوارجلاني: وإن لم نقدر عليهم، لكنهم جاءوا تائبين، بعد ما قتلوا منا وأكلوا » الأموال، أسقطنا عنهم حد الحرابة، وأخذناهم بما فعلوا خصوصا، وقتلنا ً = ذات المرجع، ذات الموضع. راجع أيض ً ا، بخصوص التوبة: المحقق الخليلي، تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ١٩٢ ١٩٤ ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ٢٢ ، جوابات ورسائل العلامة البطاشي، الطبعة الأولى، ١٤٢٤ ه ٢٠٠٣ م، ص ٣٠٤ ٣٠٥ ، ابن عمر: . حاشية الترتيب للوارجلاني، ج ٥، ص ١٦٤ ١٦٥ (١) . الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١، ٢، ص ٢٦٨(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ١٠ ، العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ١٠٤ ١٠٥  القاتل فيمن قتل، إذا كان ممن يقتل به، واستددنا الأموال من آخذيها وآكليها وهدرنا، عنهم جميع ما أصابوا منا في محاربتهم، لأنا وإياهم في حال المتدينين، لا نأخذ الحق ممن لا ندفع له الحق، ويهدر عنهم جميع ما أصابوا منا في محاربتهم، إلا قائم العين من الأموال، فإنه مردود إلى « أهله(١) . كذلك بخصوص ق ُطاع الطريق إذا تابوا قبل أن يقبض عليهم، يقول إذا كانوا مستحلين سقطت عنهم الدماء والأموال إلا ما » : الإمام أبو عبيدة  كان في أيديهم منها، وإذا كانوا منتهكين لم يسقط عنهم شيء فيقتص منهم فيما أصابوا في المستحلين، وخالفه ابن عبد العزيز في المستحلين، وقال  بوجوب القصاص منهم ورد الأموال لأنها حرام قبل استحلالهم لها، وقال حاتم بن منصور: قول ابن عبد العزيز أقرب إلى القياس ولكن أتبع « السلف(٢) . وجاء في معجم مصطلحات ا لإباضية: ّ ومن جاء من أهل الشرك تائبا قبل أن يقدر عليه، هدر عنه ما أصاب » ً « في محاربته(٣) . (١) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ١٠٤ ١٠٥ ، انظر أيض ً ا: الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٣٢ ، السير والجوابات لعلماء وأئمة . عمان، ج ٢، ص ٢٩٨ ُ (٢) مبارك الراشدي: الإمام أ بو عبيده مسلم بن أبي كريمة التميمي وفقهه، ١٤١٣ ه ١٩٩٢ م، لأني لا أضع عنهم شيئ » : ص ٤٧٦ ؛ وقد علل ابن عبد العزيز رأيه بقوله ً ا من ذلك لاستحلالهم شيئ ً ا كان حراما عليهم في أصل الدين؛ لأن الدماء قد حرمت قبل استحلالهم ً ، أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣ ،« إياها ودينونتهم فيها .٣٢٢ ، ص ٢٣٠(٣) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٤٦ ّ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٤٦٤ من جاء منهم مسلما تائبا من قبل أن يؤخذ فلا سبيل عليه » علة ذلك أن ًً « حيث هدم الإسلام ما فعل في الشرك، لأن الشرك كان أعظم منه(١) . كما أن قوله تعالى: ﴿ yxwvutsrqp z}|{﴾ [ [المائدة: ٣٤ ، إنما هو ما كان بعد المحاربة، أو فيها، فهو الذي يهدر عنهم(٢) . وبخصوص ذات الآية يقول البسيوي: إنما هو ما كان بعد المحاربة حين نسبهم الله محاربين، وامتنعوا بالذي » كانوا أصابوا من قبل المحاربة، وأما ما أصابوا بعدها وفيها فذلك الذي يهدر عنهم، وأما ما كان قد وجب عليهم بالامتناع وصاروا محاربين فإنهم يأخذوا به على قدر منازلهم قتلا ً وصلبا وقطعا؛ لأنهم أصابوا ذلك وهم ًً مستحقون به مقرون بالظاهر منهم بحد ما أصابوا. « وقد قيل: إنها عامة في أهل الشرك وأهل ا لإقرار(٣) . وهذا التفسير رائع يجب الأخذ به لأمرين: الأول: أن الآية تقول: ﴿ QPONMLK TSR ﴾ [ [المائدة: ٣٣ ، وهذا يدل على أن عدم التعرض لهم إذا تابوا يكون بفعل المحاربة والفساد لا قبل ذلك. والثاني: أن الآية جاءت عامة غير مخصصة، مطلقة غير مقيدة، وبالتالي فهي تنطبق على المسلم وغير ا لمسلم. (١) أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، ٣٤ من سورة ا لمائدة). ، ج ١، ص ١٢٧ (قاله في تفسير الآيتين، ٣٢(٢) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٥١(٣) . جامع أبي الحسن البسيوي، المجلد الأول، ص ٦٦٩ ٧٠٠ بينما يرى ابن قيس أن الحدود لا تسقط بالتوبة إلا في ثلاث خصال: إحداما » : أنه يجب عليه حد في محاربته، ثم يتوب من قبل أن يقدر عليه الإمام، فإنه يسقط عنه ما كان حقا لله وما كان من حق الآدمي هذا في قولي، وأما في قول أصحابنا فلا يسقط بالتوبة، الثانية : أن يقذف أحد ً ا فيعفو عنه المقذوف قبل أن يرفعه إلى الإمام، والثالثة : أن يسرق فيعفو عنه صاحب « السرقة قبل أن يرفعه إلى ا لإمام(١) . ٤ ونضرب أمثلة مما ذكره الفقه الإباضي بخصوص أثر التوبة على  العقوبة: جاء في ا لمصنف: ومن تعمد لقتل مؤمن ثم تاب وندم وأعطى الحق من نفسه وأقر لولي » الدم قتله فقد أخذ حقه وبرئ المأخوذ به. فإن ترك القصاص ونزل إلى الدية فذلك له ويبرأ المطلوب إذا أدى ما عليه من ذلك وإن عفا عنه وأبراه ولم يأخذ منه شيئ ً ا ففي ذلك الفضل العظيم والدرجة الرفيعة وهو قول الله تعالى: ﴿ ± ³²´ ¶μ ﴾ [ [المائدة: ٤٥ ، وفي ذلك خلاص للمعفي عنه إذا شهد الله له « بصدق التوبة وعليه ا لكفارة(٢) . وجاء في جواهر ا لآثار: ومنه: وفيمن سرق من رجل دراهم وتاب وندم على ما فعل، وجاء إلى » الذي أخذها منه وقال له: أنا يا فلان علي لك كذا وكذا ولم يعلمه أنه سرقها منه من أجل الحياء، وأنا أريد البرآن أيبرأ إذا أبرأه على هذه الصفة أم لا؟ (١). إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٣٥٢ ٣٥٣(٢) . النزوي: المصنف ج ٤١ ، ص ١٢٨ فعلى ما وصفت، يعجبني أن يعرفه السبب في أخذه لهذه الدراهم، لأنه أخذها منه على وجه التعدي والمكابرة، ولا يبرأ عندي إذا لم يعرفه السبب في ذلك، وخاصة إذا علم أنه إن عرف السبب لم يبرئه وإنما يبرأه لأنه لم يعلم حقيقة أمره، وكيف تعلق له هذه الحق من قبل تبعة ولا غيرها، وكذلك إذا علم السارق الآخذ لهذه الدراهم أن صاحبها يتظلم ممن أخذها منه، فإذا أبرأه ولم يعرفه الوجه في ذلك قد قيل أنه لا يبرأ على هذه الصفة إلا حتى يعرفه ويبرئه بطيبة نفسه من غير جبر ولا حياء مفرط، ولا تقية وإن استحى أن يظهر ذلك وأراد الخلاص فليعط صاحب الحق حقه كاملا ً ، وليس عليه « تعريفه ولا إعلامه(١) . وجاء في بيان الشرع بخصوص التوبة تطبيق ً ا لمبدأ المسؤولية التضامنية joint and several liability بين الجناة، ومقتضاه أداء أحد الجناة لكل ما يجب عليهم للمجني عليهم وعودته هو بعد ذلك على الباقين كل بقدر حصته(٢) . (١) . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ٢، ص ٣٦ (٢) وهكذا جاء في بيان ا لشرع: قلت: أرأيت إن سرقوا شاة فأكلوها ثم أراد التوبة أحدهم أو جميعهم قال: على كل واحد »منهم ضمان ما أكل من الشاة، قال: وقد قيل على كل واحد منهم ضمان الكل لصاحبها ضامنون لقيمتها فإن تابوا جميعا وجاءوا ليتخلصوا أعطوا قيمتها وإن تاب واحد منهم ً وأراد التخلص والتوبة أدى على هذا القول الأخير قيمتها إلى أصحابها ويرجع شركائه بحصصهم لأن الأداء عنه وعنهم. قلت: لم أوجبت له أن يرجع عليهم فيما أراه، عنهم ولم يأمره بذلك ولا سألوه أن يقضي عنهم، ولا كان هذا بمنزلة المتطوع عليهم بما أدى عنهم. وقد قال المسلمون: من تبرع على إنسان بقضاء دين فقضى عنه بغير أمره أو قضى عنه ليأخذ عوضا عنه أن الضمان يسقط عن المقضي عنه ولا شيء للقاضي عن المقضي عنه؟ ً قال: هؤلاء ضمناء في الأصل بحق واحد لرجل واحد من عين واحد وهم ممتنعون من دفع هذا الحق الذي عليهم ولم يكن لزمهم ضمان هذا الحق بأمر صاحبه فيكون له في ذلك سعة، وليس سبيل الدين المحتمل سبيل الغصب لأن الدين يحتمل بطيب قلب = بخصوص توبة ا لمستحلين جاء في المدونة ا لكبرى: سألت أبا المؤرج عن رجل كان ممن يستحل قتل المسلمين وأخذ أموالهم، وقتل فيهم وأخذ أموالهم، ثم أراد التوبة كيف توبته؟ قال أبو المؤرج: قال أبو عبيده: توبته أن يحرم من ذلك ما كان يستحل ويرد من ذلك ما أخذ من المسلمين إليهم ويستغفر الله ويضمر أن لا يعود. قال: فإن كان قد أفسد ما أخذ من أموال ولا يقدر على شيء منها، لا  يكلف غرم شيء منها؟ قال أبو المؤرج: قال أبو عبيدة: والذي يصيب الدماء والأموال وهو محرم لها ليس بهذه المنزلة، المحرم إذا جاء وهو تائب كان  عليه القصاص وكان عليه رد ما أخذ من الأموال، تلك توبته إن شاء الله، إلا أن يكون قد أفسدها فليمكن من نفسه، فهو دين عليه يطلب به كما يطلب الغريم. ثم قال  ابن عبد العزيز: من أصاب دم ً ا من دماء المسلمين دائن ً ا بذلك مستحلا له أو غير دائن لم يهدر عنه إذا جاء تائبا من ذلك الدم الذي هو ً حرام عليه، وليس يهدره ذلك عنه بدينونته له بما يعلم أنه حرام عليه، وأنه في أصل الدين محرم عليه، وأنه يتناول شيء من ذلك وانتهكه، فالعدل « ا(١) إقامة ذلك عليه إذا جاء تائب . ً = الكندي: بيان « صاحبه ورضائه والمغتصب هو بمنزلة من لم يزل يخرجه من الغاصب . الشرع، ج ٦٣ ٦٤ ، ص ٣٤٧ (١) ٣٢١ . ويرى الخليلي: أن المستحل لا يقبل ، أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣ منه بعد القدرة عليه: وأما من قدر عليه فقال: أستغفر الله أنا تائب وكنت أحسب هذا حلالا » ً فلا يقبل منه هذا ويقام الحد عليه. وعندي أن الحد يقام عليه، ولو كان مستحلا بدليل أن المرتد والمشرك يقام عليهما الحد وهما مستحلان. = ¢ùeÉîdG åëѪdG ƒØ©dG :ƒØ©dG á«gÉe (CG يؤثر عفو ذي أو ذوي الشأن في العقوبة، في بعض الأحوال، وتنص القواعد الجنائية الحديثة خصوصا على العفو الذي يصدر عن السلطات ً العفو عن » : العامة: فتنص المادة ٧٤ من قانون العقوبات المصري على أن العقوبة المحكوم بها يقتضي إسقاطها كلها أو بعضها أو إبدالها بعقوبة أخف منها مقررة قانون ً العفو الشامل يمنع » : وتنص المادة ٧٦ من ذات القانون .« ا أو يوقف السير في إجراءات الدعوى أو يمحو حكم الإدانة ولا يمس حقوق .« الغير إلا إذا نص القانون الصادر بالعفو على خلاف ذلك والعفو هو: « الصفح والمحو تقول: عفت الدار إذا محت ودرست »(١) . أو هو: التجاوز عن الذنب، وترك العقاب عليه، وأصله: المحو أو ا لطمس »(٢) . والعفو إذا توافرت شروطه له آثار إيجابية(٣) . لذلك قيل: اعلم أن الحلم = ولم تكن مسألة المستحل في عدم التضمين بعد التوبة إلا مقيسة على مسألة الشرك، وظاهر الآية الشريفة يوجب ذلك وفي بيان الشرع من قول أبي عبد الله أنه إذا علم استحلاله فلا يعجل عليه، وكأنه يدل على أنه لا يقام عليه الحد، ولكني لا أعرف وجهه . أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ٥٢٣ « إن لم يكن تاب من قبل القدرة عليه (١) . الشيخ ابن النظر: الدعائم، ج ٢، ص ٥٢٦(٢) . البطاشي: فتح الرحمن ومورد الظمآن في جوابات الشيخ سلطان، مكتبة مسقط، ص ١٣٩(٣) لذلك يقرر رأي بخصوص العفو عن ا لقصاص: = ندرس ماهية العفو، والقواعد التي تحكمه محمود في محله، والعفو مستحسن إذا استعمل مع أهله(١) . كما أن العفو « أجمل لباس يتزين به ا لرجل »(٢) . ونظرا للآثار الإيجابية للعفو، فقد حث عليه القرآن الكريم في مواضع ً كثيرة قال الله تعالى: ﴿ E F G KJIH ﴾ [ [الأعراف: ١٩٩ ، وقال تعالى: ﴿ ÊÉÈÇ ﴾ [ [البقرة: ٢٣٧ ، وقال  ﴿ gf edc ﴾ [ [الشورى: ٣٧ .  :ƒØ©dG ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG (Ü بحث الفقه الإباضي مسألة العفو، ويمكن تلخيص نظريته كما يلي: ١ بخصوص ماهية العفو وعلته: « عفو عن قود ورجوع إلى دية، وعفو قود ودية » العفو عفوان(٣) . = وقد تميزت الشريعة الإسلامية بفتح هذا الباب بين الجاني وولي الدم، دون غيرها من »الشرائع، والنظم. تخفيف ً ا من الله ورحمة بهذه الأمة، كما أباحت لولي الدم أخذ الدية أو الأرش ولم يكن ذلك مشروع ً ا في شريعة موسى ‰ ، إذ كان فيها القصاص فقط، ولا في شريعة عيسى ‰ د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في .« إذ كان فيها العفو فقط . الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، ص ٧١١ ويرى ابن عبد السلام أن إسقاط القصاص بالعفو هو من قبيل إسقاط للحق بغير عوض لأن العفو يسقط القصاص عن الجاني ولا ينقله إليه، راجع: ابن عبد السلام: قواعد الأحكام في . مصالح الأنام، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ١٤١٤ ه ١٩٩٤ م، ج ٢، ص ٨٢ (١) القلعي: تهذيب الرياسة وترتيب السياسة، تحقيق إبراهيم عجو، مكتبة المنار، الأردن، . الزرقاء، ص ٢٠١ (٢) العلامة سالم النزوي: الأخبار، والآثار وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ . ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ج ٢، ص ١٦٥(٣) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٠٦ وقد وضح سماحة المفتي العام لسلطنة عمان علة العفو (بخصوص ُ القصاص) بقوله: القصاص حق ثابت لولي الدم يحبب إليه التنازل عنه بعد أن يمكن » منه إما إلى العفو المطلق أو إلى الدية، وفي هذا ما يعطي دليلا ً على تفوق الإسلام على كل الأنظمة الأخرى، فهو يحبب إلى ولي الدم العفو لما فيه من شعور إنساني، ولكنه لا يفرضه عليه لئلا ً يشعر بحرمان من هو له، ولئلا يجد أيضا المجرمون الباب مفتوحا أمامهم للعبث في الأرض وسفك دماء ًً « الأبرياء(١) . ٢ بخصوص من له العفو: لخص الشيخ أبو زهرة من يملكون حق العفو، بقوله: إذا كان ولي الدم واحد » ً ا فإن له وحده حق القصاص وحق العفو وإن تعددوا وكانوا جميع ً ا كبار ً ا وعفو ً ا جميع ً ا. فإن العفو يكون صحيح ً ا وليس لهم أن ينكثوا فيه وذلك باتفاق ا لفقهاء. وإذا كان الاعتداء على الأطراف فصاحب الحق الذي يجوز منه العفو هو المجني عليه، وذلك موضع اتفاق وهو ثابت بإجماع الفقهاء وبقضاء .« النبي ژ هذه أحكام هي موضع اتفاق، إنما موضوع الخلاف هو فيما يأتي: ١ إذا عفا البعض، وأصر على القصاص ا لآخرون. ٢ إذا كان فيهم صغار. (١) الشيح أحمد بن حمد الخليلي: جواهر التفسير، ج ١، مكتبة الاستقامة، ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، . ص ١١١ « ا(١) ٣ إذا كان بعضهم غائب . ً ونذكر بعضا من أقوال ا لإباضية بخصوص هذه ا لمسألة: ًّ يقول النزوي: في الحديث عن ا لنبي ژ لأهل القتيل أن يتحجروا الأدنى فالأدنى » وكذلك أن يقتل القتيل وله ورثة رجال ونساء يقول فأيهم عفا عن دمه من الأقرب فالأقرب من رجل أو أمرأة فعفوه جائز لقول:ه يتحجروا، يعني: يكفوا عن القود، وفي هذا الحديث تقوية لأهل العراق لأنهم يقولون لكل وارث أن يعفو عن الدم من رجل أو أمرأة إذا عفا بعضهم سقط القود عن القاتل وأخذ الورثة حصصهم من ا لدية. وأما أهل الحجاز فيقولون: إنما العفو والقود إلى الأولياء خاصة وليس للورثة الذين ليسوا بأولياء من ذلك شيء لقوله تعالى: ﴿ rqp s ﴾ [ [الإسراء: ٣٣(٢) . ويضيف ا لنزوي: وإذا قال المقتول قبل موته دمي لفلان فدمه له إذا كان عليه القود إن » شاء أن يقتله قتله وهو أولى بدمه من الأب وجميع الأولياء وإن كان خطأ .« فليس لهذا شيء بهذه ا لكلمة والمقتول عمد ً ا له أن يعفو وعفوه جائز في العمد وأما في الخطأ فلا يجوز له إلا الثلث من ماله في كل وصاياه(٣) . (١) . الشيخ أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، القسم الثاني، ص ٣٣٩ ٤٠٠(٢) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١١٨(٣) . ذات المرجع، ص ١١٠ ويقول أيضا: ً ومن ضرب بالسيف فقال المضروب: إن مت من ضربته فقد عفوت » عنه فلا تقتلوه فمات. فإذا عفا قبل أن يموت فهو أولى بدمه من ورثته. وإنما جعل للورثة القتل إذا لم يعف المقتول وإنما يكون إلى الورثة ما  « كان من خطأ ليس للمقتول في الخطأ أمر. وإنما أمر الخطأ إلى ا لورثة(١) .  ويشترط ا لإباضية فيمن يصدر عنه العفو أن يكون عالما بما يعفو عنه. ًّ يقول الرستاقي: رجلان تقاتلا، فطعن كل واحد منهما صاحبه، ثم تبارءا، فمات أحدهما، » فإن البراءة في هذا لا تثبت؛ لأن ا لسنة جاءت أنه: لا قصاص ولا دية في » «؟ جرح حتى يبرأ ويعلم ما هو هذا قد أبرأ كل واحد منهما صاحبه، قبل أن يعلم الذي يجب له، من قصاص أو دية فلا أرى الحل ينفعه، ولعله أن يموت في مدة يجب بها القصاص، أو تنقضي مدة القصاص ويرجع إلى « الدية وتكون الدية لورثة ا لمطلوب(٢) . وجاء في بيان ا لشرع: وسألته وعن رجل جرح فعفا ولم يعلم قدر الجرح ولا ما بلغ ثم علم » بعد ذلك هل له أن يرجع؟ قال: إذا عفا فليس له أن يرجع في شيء ولا له بعد العفو شيء قال أ بو المؤثر: نعم إن كان جرحه عمد ً ا قال: وإن كان جرحه خطأ فإنما هو دين لا يعرف كم هو ومن ترك ما لا يعرف كانت له الرجعة (١) . ذات المرجع، ص ١١١ ١١٢(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٢٣٤ إلا أن يحد إلى قيمة كذا وكذا قال: وهذا يقول أن جرحي ظننت أن جرحي « ديته أقل فإذا بلغت هذا فأنا آخذ الدية فله دية جرحه(١) . ٣ بخصوص العفو في الحدود: من المعلوم أن ا لنبي ژ قال: تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني حد » « فقد وجب(٢) . كانوا يتعافون بينهم في » لذلك يقول البسيوي: إن المسلمين الحدود ما لم يترافعوا إلى الحاكم، فإذا رفع إلى الحاكم لم تعطل « الحدود(٣) . وجاء في المدونة ا لصغرى: سألتهما عن رجل يأخذ سارق » ً ا أو شاربا أو زانيا يخلي سبيله، قال ًً أبو المؤرج: حدثني أ بو عبيدة قال: كان الناس يتعافون فيما بينهم ما لم يرفعوا إلى حاكم من حكام المسلمين فإذا ارتفعوا إلى الحاكم فليس له أن يعطل حد الله، قال أبو المؤرج عن أبي عبيدة أن رسول الله ژ أتي برجل قد (١) ٦٦ ، ص ٣١٤ ، انظر أيض ، الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ً ا: السيد مهنا بن خلفان. البوسعيدي: لباب الآثار الواردة علي الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ٢٢٤ . ويقول السالمي: إنما جاز البرآن في دية العمد لأنها للمجروح وأما الخطأ فهو لأهل المجروح، كما قال »تعالى: ﴿ ONML ﴾ [ [النساء: ٩٢ وذلك الخطأ فإن سلمها إليه في صحته، كان قد أخذ دية جرحه وهي ماله فإن شاء أمسك وإن شاء أعطى، فإن مات من جرحه ذلك وجبت دية الخطأ ولا يبرأ منها بتسليم دية الجرح إنما يبرأ دية الجرح إذا صح السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوي نور الدين فخر المتأخرين وسابق ،« المجروح المتقدمين، ج ٤، ص ٤١٦ ٤١٧ ، الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، . ص ٧١٨ ٧١٩ (٢) .٨٧ / ١٢٣ ، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ١٢ / مختصر السنن للمنذري، ٦ (٣) جامع أبي الحسن البسيوي ج ٣، ص ١٩٧٩ لكن بالنسبة للقصاص، ويكون الحد فيه للآدميين، فإنه إن وهبه الأولياء لا يصح للإمام المطالبة به، راجع: الشيخ سعيد الحارثي . نتائج الأقوال من معارج الآمال ونثر مدارج الكمال، ص ١٧٩ سرق فقال لهم: اذهبوا به فاقطعوا يده » « فقال الذي جاء به: يا نبي الله إني لم أدر هذا فخل سبيله فقال له ا لنبي : ‰ » فهلا فعلت ذلك قبل أن « تأتيني به(١) . ولا يخفى على أحد أن عدم جواز العفو في الحدود إذا بلغت الإمام  أو ما يعبر عنه حديث ) « حقوق الله » يرجع إلى أنها من ً ا من حقوق المجتمع)(٢) . ويذكر ا لإباضية لتأييد ذلك ما حدث في عهد ا لنبي ژ : ّ أن شابا من الأنصار كان أجهر الرجل من الأعراب، فأدركه الأعرابي على زوجته يفجر بها، فلما أراد رفع ذلك، وجاء والد الشاب، فقال  (١) الخراساني: المدونة الصغرى، ج ٢، ص ٦٥ ، راجع أيض ً ، ا: المدونة الكبرى، ج ٣  . ص ٢١٥ ٢١٦ عن أبي المؤثر قال: وذكر لنا أن شابا من الأنصار كان أجيرا لرجل من » : وجاء في الضياء ً الأعراب فأدركه الأعرابي على زوجته يفجر بها، فلما أراد رفع ذلك جاء والد الشاب فقال للأعرابي: استر على ابني واستر على زوجتك وأنا أعطيك تزني بجاريته، فيقول: إن الهبة يسقط بها العقر ولا يسقط بها الحد والعقر حق لسيد الجارية والجلد حق لله تعالى لا يسقط إلا بشبهة وعدم الصحة، فإذا زالت الشبهة ووجدت الصحة وجب حق الله ولم يجز للإمام إهمال حق الله، وكذلك رجل يسرق من حرز رجل ما يستوجب به القطع وتقوم الشهادة التي بها ينفذ الحكم عليه، ثم يهب المسروق، فنقول: إن الهبة يسقط بها الضمان لما سرق إذ هو للمسروق وإذا وهبه سقط ولا يسقط إذ هو حق لله تعالى ولم يأمر بتركه بعد الصحة على فاعله، وكذلك رجل قذف رجلا ً فأقام عليه البينة مع الإمام ثم وهب له شتمه؟ فتقول: إن الإثم في تركه شتمه وقذفه للرجل قد سقط عنه بهبة المشتوم والمقذوف له ولا يسقط عنه الحد لأنه حق لله 8 .« العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ١٤٠ ١٤١ ، الشيخ سعد الحارثي: نتائج الأقوال من معارج . الآمال ونثر مدارج الكمال، ص ١٧٩(٢) انظر ما قلناه سابق ً .« حقوق ا لله » ا بخصوص الأعرابي: استر ابني، وأستر زوجتك وأنا أعطيك خمسا من الذود ووليد، ً ففعل، فلامه أهل فحملها، وجاء إلى ا لنبي ژ فأقرت وأقر الشاب، فقال ژ : ،« لأحكمن بينكم بكتاب الله، أما الذود والوليدة فمردودة على الأنصاري » ثم  رجم امرأة الأعرابي، وجلد الشاب مائة جلدة، ثم قال: « غربوه إلى خيبر »(١) . ٤ بخصوص العفو من الحاكم في التعزير: المبدأ الأساسي في هذا الخصوص عند ا لإباضية هو أن يكون العفو ّ للمصلحة، لا عن ميل أو نزوة طارئة أو هوى. وهكذا جاء في المدونة ا لصغرى: قلت لهما: فإذا أوجب على رجل من المسلمين أدب وتعزير مما لا » يبلغ الحد مما يكون ذلك إلى الإمام أيضرب أم يترك؟ قال العفو في ذلك أحسن لأن هذا شيء إلى الإمام إن شاء أدبه وإن شاء تركه وعفا عنه والعفو « في هذا أو نحوه أحسن وأفضل(٢) . لذلك بخصوص عفو الوالي عن أحد الأشخاص قيل: إذا ترك حبسه ميلا وحيفا من أجل قرابته فلا يجوز ذلك، وعليه التوبة » والاستغفار من تلك النية، وإن كان ترك حبسه نظرا من الصلاح، وأنه يكفيه ً الزجر فجائز ذلك، وله أن يعفو وينظر الصلاح في الرعية، ولا إثم عليه في « ذلك(٣) . ويضيف أيضا: ً (١)عامر بن خميس: غاية المطلوب في الأثر المنسوب، ص ٨٩٢ ٨٩٣ ؛ انظر أيض ً ا: الكندي: . ٥١ ٥٢ ، بيان الشرع، ج ٧١(٢) . الخراساني: المدونة الصغرى، ج ٢، ص ٦٦(٣) . ابن عبيدان: جواهر الآثار، ج ٢، ص ١٦٩  فاعلم أن الحبس ليس بفريضة مفروضة، وإنما هو صلح اصطلح عليه » المسلمون نظرا منهم للرعية، وإنما يكون الحبس على نظر القائم بأمر ً المسلمين، وجائز للوالي أن يحبس من ذكرت في كتابك هذا، وأن يحبسهم « الحبس الطويل، لأن فعلهم هذا منكر عظيم(١) . ٥ بخصوص الحالات التي لا يجوز العفو فيها: « الحد هو لله » : أكد ا لإباضية على أن العفو لا يجوز في الحدود لأن(٢) ؛ ّ « الحدود لا تعطل إذا صحت على ا لجاني » ولأن(٣) .  كذلك خمسة من القاتلين يقتلهم الإمام، ولا يجوز له أن يعفو عنهم ولو عفا ولي ا لدم. الأول: القاتل بديانة وهو أن يعتقد أن قتل هذا جائز حلال وهو مسلم. والثاني: من قتل أحد ً ا ليأخذ ما عنده من مال وسلب. والثالث: القاتل بعد عفو كما إذا عفا عن قاتل وليه ثم رجع فقتله. والرابع: من أخذ الدية عن دم وليه ثم قتل ا لقاتل. والخامس: من قتل صاحبه بعد تأمينه إياه. يقول ابن خلفان: فهؤلاء للولي إن شاء قتلهم وإن شاء أخذ الدية منهم، فإن عفا عن » الكل فقتلهم إلى الإمام ولا يعفو عنهم لأن قتلهم حد ولو أخذ الولي منهم (١) ذات المرجع، ص ١٧١ ، راجع أ يض ًَ ا عن عفو ولي الأمر عن التعزير الواجب حقا لله (وله ذلك إن كان للمصلحة) أو حقا لآدمي (اتجاهان) أما إن اجتمع فيه الحقان (فالعفو عن . حق الله يجب ألا يؤثر على حق الفرد) في د. عبد العزيز عامر، التعزير، ص ٥١٢ ٥١٣ (٢) . العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ١٤٩(٣) . النزوي: المصنف، ج ٤٠ ص ١١ دية ولا يجوز له ذلك ولا يجوز لأحد أن يطلب العفو عنهم من الولي ولا من ا لإمام(١) . ويذكر ابن قيس أن ثمة حالات أربع لا يجوز فيها ا لعفو(٢) .  :« القبول الإجباري للعفو » ٦ يعرف الإباضية ما يمكن أن نسميه ّ ويكون ذلك حيث يعفو المجني عليه عن الجاني ويختار الدية فليس للجاني خيار التمسك بالقصاص، ولا شك أن ذلك أمر يهدف إلى: المحافظة على حياة النفس أو على سلامة العضو الذي يجب القصاص فيه. إعطاء المجني عليه مخرجا لعدم الانتقام من ا لجاني. ً (١)جميل بن خلفان: جلاء العمى شرح ميمية الدما، ص ٢٥١ ، راجع أيض ً ا: البطاشي: غاية ، المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩ص ١٨٨ ، النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٠٦ أطفيش الذهب الخالص المنوه بالعلم القالص، ص ٣٣٢ ٣٣٣ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ١٢٦ ، أطفيش: شرح النيل، ج ١٥ ، ص ٢٠٧ ، الشيخ سعيد الحارثي، نتائج الأقوال من معارج الآمال ونثر مدارج الكمال، ص ١٤٥ . جدير بالذكر أنه للقتل غيلة، فقد رأى الجمهور جواز العفو عن القاتل غيلة، أما المالكية فقد منعوا هذا العفو وأوجبوا قتله عن طريق الحاكم، وجعلوا القتل غيلة كحد الحرابة، راجع:د. عبد العزيز سمك: العفو . وأثره في عقوبة القصاص والدية في الفقه الجنائي الإسلامي، ص ١٧٠ (٢) يقول ابن قيس: قال: وكل من عفي من جنايته جاز عفوه إلا في أربع خصال إحداها: أن يقتل في محاربته فيمكنه الإمام، ثم يعفو عنه ولي المقتول فإنه لا يجوز عفوه، الثانية: أن يشهر سلاحه فيقطع يد رجل ثم يمكنه الإمام ثم يعفو عنه صاحب اليد فإنه لا يجوز عفوه وكذلك إن قطع رجله فقطع الإمام رجله لم يجز عفو المجني عليه، الثالثة: أن يجني عليه خطأ ثم يعفو عنه وهو مريض فإنه لا يجوز عفوه، الرابعة: أن يكون صبيا أو مجنون ً ا فإنه لا يجوز . إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٣٥٢ ٣٥٣ .« عفوه على كل حال عدم تمكين الجاني من الاعتراض الذي يترتب عليه وقوعه في التهلكة، بفقد روحه أو العضو المزمع الاقتصاص منه. بيان إنسانية الإسلام في مجال العقوبات ا لبدنية. ويؤيد ذلك ما قاله ا لعوتبي: في الأثر إذا جرح رجل رجلا » ً ثم اصطلحا على الدية بشيء ثم رجع المجروح يدعي الجهالة ويطلب نقض ذلك إنه إن كان الصلح وقع على أصول أو عروض فله الرجعة في ذلك عن بعض قومنا، وقال ا لحسن بن إسماعيل: إن قال قائل: ما قولكم في قاتل العمد إذا عفا ولي الدم عن قتله   على أن يأخذ الدية؟ فقال القاتل: بل اقتلني ولا حاجة لي في عفوك ولا أعطيك مالي، قيل له: إن الأئمة تجبره على دفع الدية وتحقن دمه والحجة في ذلك أن الله تعالى: ﴿ rqp on mlkji s ﴾ [ [البقرة: ١٧٨ ؛ فإنما العفو من ولي الدم إذا شاء من غير ثنيا ولا شرط، وقال في العافي: فمن عفي له ولم يحتم العفو، وكان ولي الدم هو المخير فلا خيار للعفو عنه، ودلت السنة على مثل ما دل القرآن لأنه قال النبي ژ : من » « قتل له قتيل فهو بخير النظرين إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية فجعلوا الخيار للولي وإن لم يجعل للقاتل خيارا، وقال: قال اثنان. وهذا أعجب إلي ً ّ من قول أصحابنا: أنا أحجر عليه في أن يهلك ماله إذا غبن فيه فكيف لا ُُ « أحجر عليه إذا قال اقتلوني ولا أدى بلي أدى عنه وأجبره على ذلك(١) . ٧ بخصوص آثار العفو: يمكن إيجاز هذه الآثار فيما يلي: (١) العوتبي: الضياء ج ١٥ ، ص ١٠٩ ١١٠ ، انظر أيض ً ا: ص ١٢ ، حيث يقول: إن أبا حنيفة يقول: ليس له ذلك إلا برضى ا لجاني. ضرورة الالتزام بالعفو: وإذا رجع صاحب الدم أو وليه إن كان المصاب قد مات » : يقول النزوي « إلى الأرش أو عفا عن صاحبه، فليس له رجعة وقد انهدم ا لقصاص(١) . لذلك قال ژ : من قتل بعد العفو أو أخذ الدية فهو خالد مخلد في » « النار(٢) . « ا(٣) الرجوع عن العفو غير جائز شرع » لذلك فإن ً .  العفو يبطل القصاص ولو صدر من واحد من الأولياء وينتقل الحق إلى الدية(٤) :  (١) . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٠٨  (٢) يقول ابن عمر: قوله: » « من قتل بعد العفو أو أخذ الدية فهو خالد مخلد في النار » وذلك لأن ولي الدم مخير في قتل العمد بين القتل وأخذ الدية والعفو وهو الأفضل فإن اختار العفو أو الدية فقتل بعد ذلك فقد قتل النفس التي حرم الله لانقطاع حقه في القتل باختيار غيره ﴿ c jihgfed ﴾[ [النساء: ٩٣ . ابن عمر حاشية الترتيب للعلا ّ مة الوارجلاني، ج ٧، ص ٤٩ ؛ انظر أيض ً ا: قول الحنفية والشافعية، في . النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١١٧ (٣) د. عبد العزيز سمك: العفو وأثره في عقوبة القصاص والدية في الفقه الإسلامي، دار النهضة العربية، القاهرة، ص ١٧٨ ، انظر أيض ً . ا: الأسئلة والأجوبة النثرية للبكري، ص ١٥٦ (٤) لكن هل تترتب الدية تلقائيا؟ أم لا بد من الاتفاق؟ يوجد اتجاهان في الفقه الإسلامي. إذا كان العفو رتبت عليه آثاره، وهي سقوط حق القصاص، فهل » : يقول الشيخ أبو زهرة تجب الدية بمجرد العفو أم لا بد من اتفاق بين الجاني وولي الدم؟ لقد جرى الخلاف في هذه المسألة بشأن الواجب بالقتل العمد، أهو واجب معين، وهو القصاص فقط، أم هو واجب مخير؟ وقد قررنا أن رأي أبي حنيفة ومالك أن الواجب هو القصاص فقط، والمال لا يجب إلا بالاتفاق بين الجاني وولي الدم، ورأى الشافعي أن الواجب في القصاص هو التخيير بين الدية والقصاص فإذا عفا فقد وجبت الدية، لأنه اختار أحد الأمرين وعلى ذلك تلزم الدية من غير تراض عليها؛ كالقتل الخطأ على سواء. =  وإن كان الأولياء أكثر من واحد فعفا أحدهم أو رجع إلى » : يقول النزوي الدية فقد بطل القصاص إذا دخل فيه ذلك ولمن بقي من الورثة ما يقع لهم « من ا لدية (١) . إذا كان لمقتول أولياء عديدون فعفا أحدهم عم العفو » : ويقول البكري « الكل فلا سبيل للآخرين أن يطالبوا بالقود(٢) . ويلاحظ أنه إذا انتقل الحق إلى الدية فإن العفو لا يؤثر على حقوق من لم يعفو فإذا عفا أحد الورثة ويوجد وارث آخر لم يعفو احتفظ بحقه في الدية لأن عفو أحدهما عن الدية لا يبطل سهم غيره، وإنما ذلك في « القصاص لأن القصاص لا يتجزى(٣) . وجاء في بيان الشرع إذا كان للمقتول عمد ً ا أخوان فعفا أحدهما وأبى يحملان على العفو فلا يأخذ الذي عفا شيئ » الآخر فإنها ً ا لأنه قد ترك حقه « ويأخذ الذي لم يعفو ضعف الدية دية ا لعمد(٤) . = وبهذا الرأي تثبت الدية بمجرد العفو ما دام قد وقع صحيح ً ا، أما على الرأي الأول فإنه الشيخ أبو زهرة، فلسفة العقوبة في الفقه « لا يجب شيء من المال إلا بالاتفاق عليه . الإسلامي، القسم الثاني، ص ٤٠٦ (١) ، النزوي: المصنف، ج ٤١ ، ص ١٠ الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، ج ٧ . ص ٢٢٤ ، أطيفش كشف الكرب، ج ٢، ص ٣٧٨ (٢) الأسئلة والأجوبة النثرية للبكري، ص ١٢٧ . وقال أبو المؤثر: سمعت في بعض الحديث أن رجلا ً قتل رجلا ً في خلافة عمر بن الخطاب 5 فطلب بعض أوليائه القود وعفا بعض فأراد عمر بن الخطاب أن يقيد لمن لم يعف فقال عبد الله بن العباس: يا أمير المؤمين لو عبرت فأتممت عفو من عفا فأعطيتهم الدية ففطن لها عمر بن الخطاب 5 فقال لابن عباس كنيف مليء علما، والكنيف هو البيت تكون فيه الأداة، راجع الكندي: بيان الشرع، ً . ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٨٠(٣) . الشيخ سالم العبري: فواكه البستان، ص ١٠١(٤) الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٠ انظر أيض ً ، ا: الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦ = بخصوص العفو الصادر عن الأب عن القصاص والأرش المتعلقان بجرح الصغير، الأرش لا يلزم هذا الأخير(١) . بخصوص آثار العفو على الأولياء للإمام ابن بركة رأي يخالف الاتجاه الغالب عند الإباضية: ّ وإذا جرح رجل » : يقول ابن بركة ٌ رجلا ً فعفي المجروح عن الجارح فمات المجروح جاز العفو عند أصحابنا، والنظر يوجب عندي أن العفو باطل؛ لأن الحق لأولياء المقتول، وهذا أشبه بأصولهم لأنهم أبطلوا هبة المريض وإبراءه الغريم وحله له، ولم يجيزوا له في مرضه إزالة شيء من ماله إلا فيما لا بد له منه لتعلق حق الورثة في ماله في حال مرضه وهو  عندهم كالمحجور عليه، فهذا حق وجب له فإبراؤه له منه في مرضه لا « يصح(٢) . = ص ٢٣٣ ، السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ٦١٢ ، كذلك جاء في بيان ا لشرع: وسألته عن رجل يضربه الرجل بالسيف فيقول المضروب: إن مت من ضربته فقد عفوت »عنه فلا تقتلوه فيموت الرجل المضروب فيريد الأولياء أن لا ينفذوا العفو ويقولون: إنما جعل الله العفو إلينا لا إليه فإذا عفا المقتول قبل أن يموت فهو أولى بدمه من ورثته وإنما جعل إلى الورثة القتل إذا لم يعف المقتول وإنما الخطأ إلى الورثة ما كان من الخطأ ليس ،« للمقتول في الخطأ أمر وإنما أمر الخطأ إلى الورثة، قال أبو المؤثر: فيها قول آخر . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣٤١ (١) جاء في بيان ا لشرع: إذا جرح رجل صبيا فعفا الوالد عن القصاص والأرش فإذا بلغ الابن رجلا » ً ولم يرض بما فعل والده عن القصاص يبطل ويكون للابن أن يأخذ الجارح بأرش جرحه فإن بلغ الابن فلم يطلب شيئ ً ا حتى مات وخلف ولد ً الكندي بيان ،« ا فليس لولده في ذلك شيء . الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣١٣ (٢) ، ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٤٩٩ ، الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، ج ٥، ص ٣١٢ . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٧٣٨ ّ بخصوص القاتل الذي أفلت من القصاص وتم العفو وأخذ الدية  يجب الكفارة: والمقتول عمد » : يقول الجيطالي ً ا وليه مخير في القاتل بين القتل والعفو وأخذ الدية، فإن عفا أو أخذ الدية فعلى القاتل كفارة القتل وهي عتق رقبة « مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين بعد التوبة والاعتراف (١) .  ٨ بخصوص الصلح: من المعلوم أن الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا أحل حراما، أو ًً حرم حلالا ً وليس ثمة ما يمنع من الصلح بين الجاني والمجني عليه أو الصلح سبب من أسباب سقوط العقوبة » : أوليائه. يقول عبد القادر عودة ولكنه لا يسقط إلا القصاص والدية أما ما عداهما من العقوبات فلا أثر « للصلح عليها(٢) . ويحكم الصلح عند ا لإباضية في المسائل الجنائية، ما يلي: ّ  يوافق الإباضية على الصلح، فقد خصص الكندي باب في الصلح ّ في ديات النفس والجراحات ذكر منه قول أبي ا لمؤثر: إذا قتل رجل رجلا » ً عمد ً ا فأراد أولياء المقتول أن يقتلوه فقال لهم: أنا أفدي بنفسي بمائة ألف درهم، فقبلوا منه ذلك وصالحوه عليه، فإن لهم (١) الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ ٢، ص ٦٢٣ ، كذلك قيل: اختلف العلماء في القاتل عمد ً ا بعد العفو عنه، هل يبقى للحاكم حق تعزيره وتأديبه أم لا؟ ١ يرى المالكية والإباضية أنه يجلد مائة جلدة ويسجن عاما. ًّ ٢ ويرى الشافعية والحنابلة أنه لا يجوز للإمام تعزير القاتل بعد العفو عنه، راجع: د. عبد العزيز سمك: العفو وأثره في عقوبة القصاص والدية في الفقه الجنائي الإسلامي، . ص ١٦٥ (٢). عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٧٣٣ ذلك عليه وليس له رجعة ولا لهم رجعة في دمه: قال: وإن قال لهم: أنا أعطيكم عشر ديات على أن تعفوا عني فعفوا عنه على أن يعطيهم عشر « ديات، فليس لهم ذلك إلا دية واحدة وقد بطل ا لقود(١) . وبخصوص سؤال: هل تجوز المصالحة والمسامحة في مسائل الجروح والموت بحوادث السيارات وغيرها، ولو بدون مال يعطى، أم لا بد من إعطاء شيء؟ يقول الشيخ بيوض: المسامحة في الحقوق المالية وفي أروش الجراحات جائزة شرع » ً ا بلا قيد ولا شرط إلا أن يكون صاحب الحق أو مستحق الأرش بالغ ً ا عاقلا ً « طائعا مختارا غير مكره ولا مجبور فمن عفا وأصلح فأجره على ا لله (٢) . ًً لكن يرى ا لإباضية أن الصلح غير ملزم في أحوال ثلاثة: ّ الأول: إذا تم أثناء ا لحبس(٣) . (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ ٦٨ ، ص ٩ (٢) . فتاوى الإمام الشيخ بيوض: مكتبة أبي الشعثاء السيب، ١٤١١ ه ١٩٩٠ م، ص ٦٧٨ كذلك جاء في شرح ا لنيل: وإن عفا على أن يخرج له من بلده أو لا يرد موضع كذا إلى كذا أو نحو ذلك من كل »، أطفيش، شرح النيل، ج ١٥ ،« موقع عليه العفو على شرط بطل وجاز العفو، وقيل غيره ص ٢٣٨ ، البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٩٥ . جدير بالذكر أن المصالحة على أكثر من الدية فيه اتجاهان (أحدهما) جواز ذلك، والثاني الصلح فقط . على مال الدية أو دونها، انظر: الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٤٦٧ (٣) يقول العوتبي: وإذا ارتفع إلى الحاكم رجلان فحكم لكل واحد منهما بحبس صاحبه فلما مضى مدة اتفقا على الصلح واصطلحا في الحبس وأشهدا على أنفسهما أن لا يرجعا ولا يعدو أحدهما يدعي على صاحبه، وأخرجهما الحاكم بإذن منهما ثم طلب أحدهما أو كلاهما نقض الصلح فلهما ذلك ولمن طلب منهما؛ لأن الصلح في الحبس لا يثبت ولا يلزم لأن المحبوس هو مقهور بالحبس مذلول به بمنزلة المهان، والصلح لا يكون إلا . العوتبي: الضياء، ج ١١ ، ص ١٨٠ ،« بطيب النفس ورضى من صاحبه الثانية: إذا تعلق بجراح لم تبرأ(١) . الثالثة: إذا تم دون علم بمقدار ا لجرح(٢) . في الفقه الإباضي، « جنائيا » تلكم أهم القواعد التي تحكم الصلح  والصلح لا شك يدخل في باب التسامح بين الناس، فهو إذن قريب من العفو، إلا أن بينهما بعض الاختلافات: فالصلح عمل اتفاقي (أي: يفترض التراضي بين جانبين أو أكثر) بينما العفو بطبيعته هو عمل صادر من جانب واحد (المجني عليه أو وليه) (٣) .  (١) وهكذا قيل: ولا يجوز الصلح في جراحة لم تبرأ ولا يجوز لأحد الدخول على قوم في مثل هذا لقول النبي ژ : « لا قصاص بجرح حتى يبرأ » ،١٣٣ ، العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٥ ، ص ١٢٩ . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٢٨١ ، الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٦٣ (٢) لكن في المسألة تفصيل، وهكذا قيل: ومن جرح رجلا ً ثم صالحه ثم قال: لم أعلم كم لي من الأرش، فله أن يرجع ما لم يعلم وقيل: إن وقع الصلح على أصل أو عروض فله أن يرجع، وقيل: إن تعمد جرحه جاز الصلح، وإن كان خطأ انتقض ورجع عليه بالفضل، إن صالحه على دراهم، وإن صالحه على أصل أو متاع جاز، وكذا إن صالحه على أقل من حقه جاز وإن صالحه على دراهم فله الرجوع عمد ً ، الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، ج ٧، ص ١٧ .« ا كان أو خطأ . الرستاقي: منهاج الطالبين، ج ٥، ص ١٦٣ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ ٦٦ ، ص ٣١٢ (٣) العفو هو إسقاط دون مقابل أما الصلح فهو إسقاط بمقابل وقد ذكرنا أن مالك » : قيل ً ا وأبا حنيفة يعتبران العفو عن القصاص على الدية صلحا لا عفوا لأن الواجب بالعمد عندهما ًً هو القصاص عين ً ا والدية لا تجب إلا برضاء الجاني فإسقاط القصاص على الدية يقتضي رضاء الطرفين فهو صلح لا عفو، أما الشافعي وأحمد فيعتبران العفو على الدية عفوا لا ً صلحا لأن الواجب عندهما أحد شقي القصاص أو الدية والخيار للولي دون حاجة لرضاء ً الجاني، ومن ثم كان التصرف إسقاط ً ا من طرف واحد فهو عفو، عبد القادر عودة: التشريع . الجنائي الإسلامي، ج ٢، ص ١٦٨ ، ص ١٥٨ انظر أيض ً ا: د. عبد العزيز سمك: العفو وأثره في عقوبة القصاص والدية في الفقه الجنائي . الإسلامي، ص ٤٤ ٤٥ = ٤٨٥ = بينما يذهب رأي إلى القول إن ما تسميه النظم الجنائية المعاصرة بالصفح أو الصلح فهو ما يعرف في الفقه الجنائي الإسلامي باسم العفو، راجع: د. محمد سليم العوا في أصول . النظام الجنائي الإسلامي، ص ١١٨ ١١٩ كذلك بحث الإمام ابن الشحنة العفو والصلح معا في عنوان واحد، راجع: الإمام ابن ً . الشحنة: لسان الحكام في معرفة الأحكام، ص ٣٩٤ ådÉãdG ÜÉÑdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«FÉæédG á«dhDƒ°ùªdG ........................................ »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«FÉæédG á«dhDƒ°ùªdG á«gÉe :∫hC’G π°üØdG ٧ المبحث الأول: تعريف المسؤولية ا لجنائية .......................................................................................... ٧ المبحث الثاني: القواعد الحاكمة للمسؤولية الجنائية ............................................................... ١٠ أ ( كل من أحدث حدث ً ا في مال لا يملكه فهو مأخوذ بحدثه .................................................................. ١٠ ب ( الضمان بالتعدي ................................................................................................................................................... ١٠ ج ( الإباحة تحط ا لضمان ......................................................................................................................................... ١٠ د ( لا ضمان فيما تعورف عليه ............................................................................................................................... ١١ ............................................................................. ١١ ه) لا ضمان فيما هو مسموح به (أو فيما هو مشروع) و) المسؤولية الجنائية تفترض أن الجاني معروف ......................................................................................... ١٤ ز) الخطأ لا يزيل ا لضمان .......................................................................................................................................... ١٤ المبحث الثالث: صور المسؤولية الجنائية ........................................................................................ ١٥ أ ( مسؤولية رجال السلطات ا لعامة ...................................................................................................................... ..... ١٥ ١٨ ب ) مسؤولية قائدي الأشياء المتحركة (القطارات، والطائرات، والسيارات، والدواب وغيرها) ج ( المسؤولية عن الاعتداء على ا لجنين د ( الضمان بالتصارع أو بالتدافع .......................................................................................................... ......................................................................................................................... ٢٠ ٢٤ ه) مسؤولية الشريك، ومسؤولية الجماعة بقتل الواحد، ومسؤولية الجماعة ضد أخرى و) مسؤولية الجاني الفرد عن الجرائم التي يرتكبها ........ ................................................................................... ٢٥ ٢٦ ز) المسؤولية عن الأشياء ا لخطرة ح) الفاعل ا لمعنوي .......................................................................................................................................................... ......................................................................................................................... ٢٧ ٢٨ ºjôéàdG ≈∏Y ôKDƒJ »àdG πeGƒ©dG) á«FÉæédG á«dhDƒ°ùªdG ¢VQGƒY :»fÉãdG π°üØdG ........................................................................................... (á«°VÉHE’G óæY ÜÉ≤©dGh q ٣٥ المبحث الأول: القواعد واجبة ا لتطبيق ................................................................................................. ٣٦ أ ( ضرورة وجود عارض أو عذر يمنع من التجريم أو ا لعقاب ب ( « أو ابتغاء ما وراءه » جود عذر أو عارض يحتم عدم تجاوز مقتضاه ............................................................ ...................................... ٣٦ ٤١ ١ المبدأ ا لعام ................................................................................................................................................ ٤١ ٢ الضمان أو المسؤولية الجنائية لمن يتجاوز ........................................................................... ٤٤ ٣ مدى المسؤولية الجنائية أو الضمان لمن يتجاوز العذر أو ا لعارض ....................... ٤٥ ٤ أمثلة كحالات للتجاوز ......................................................................................................................... ٤٩ المبحث الثاني: أسباب ا لإباحة ................................................................................................................. ٥٢ الفرع الأول: استعمال ا لحق .......................................................................................................................... ٥٤ أ ( القواعد ا لعامة ........................................................................................................................................................... ................................................................................... ٥٥ ٥٧ ب) صور وتطبيقات استعمال الحق كسبب للإباحة ١ حق ممارسة الألعاب ا لرياضية ......................................................................................................... ٥٨ ٢ حق ممارسة الأعمال ا لطبية ............................................................................................................... ٦٣ أولا ً القواعد التي تحكم ممارسة العمل ا لطبي ....................................................................... ٦٣ • رضاء ا لمريض .................................................................................................................................. ٦٥ • ضرورة مراعاة أصول ا لعلاج .................................................................................................... ٦٧ • ضرورة أن يكون التدخل الطبي لصالح ا لمريض .......................................................... ٦٨ ثانيا المسؤولية الجنائية أو الضمان عن التدخل ا لطبي ....................................................... ٦٩ ً ٣ حق ا لتأديب أولا ً ................................................................................................................................................. ٧٣ القواعد التي تحكم حق ا لتأديب .......................................................................................... ٧٣ ثانيا حالات التأديب ً ............................................................................................................................ ٧٥ • تأديب الأب لابنه ............................................................................................................................ ٧٦ • تأديب المعلم لتلاميذه ................................................................................................................. ٧٧ • تأديب ا لزوجة ................................................................................................................................... ٧٨ الفرع الثاني: أداء الواجب واستعمال ا لسلطة ........................................................................................ ٨٠ أ ( القاعدة: تنفيذ الأوامر ا لمشروعة ..................................................................................................................... ................................................................. ٨١ ٨٢ ب) الاستثناء: عدم الطاعة بخصوص الأوامر غير ا لمشروعة ج) شروط أداء الواجب كسبب للإباحة ............................................................................................................ ٨٦ ٩٠ الفرع الثالث: دفع الصائل (الدفاع ا لشرعي) أ) مدى لزومية الدفاع الشرعي (هل هو فرض أو تطوع أو رخصة أو واجب؟) ......................................................................................... ٩١ ........................... ٤٨٩ ب) شروط الدفاع ا لشرعي ........................................................................................................................................ ٩٤ ١ شروط الدفاع ا لشرعي ............................................................................................................................. ٩٥ أولا ً لا بد من وجود ا عتداء ............................................................................................................... ٩٥ ثانيا أن يكون الاعتداء حالا ً ووشيك ً ا .......................................................................................... ٩٦ ً ثالث ً ا أن يكون الاعتداء حقيقيا (الخطر الوهمي أو الظني) ............................................... ٩٦ ٢ الدفاع .............................................................................................................................................................. ٩٨ ج) صور الدفاع ا لشرعي ......................................................................................................................................... ١٠٣ ١ الدفاع عن النفس .................................................................................................................................. ١٠٣ ٢ الدفاع عن العرض ................................................................................................................................ ١٠٥ ٣ الدفاع عن المال .................................................................................................................................... ١٠٦ ٤ الدفاع الجماعي ..................................................................................................................................... ١٠٩  ٥ الدفاع عن ا لغير ........................................................................................................................................ ١١٠ ٦ هل يجوز الدفاع (المقاومة) ضد السلطات العامة؟ ............................................................ ١١١ ٧ الدفاع الشرعي الدولي ....................................................................................................................... ١١٧ د) الدفاع الشرعي في أحكام المحكمة العليا بسلطنة ع ُمان ................................................................ ١٢٤ ه) الدفاع الشرعي في أحكام المحكمة العليا بسلطنة ع ُمان ............................................................. ١٣٠ الفرع الرابع: الأمر بالمعروف والنهي عن ا لمنكر .......................................................................... ١٣١ أ) ماهية الأمر بالمعروف والنهي عن ا لمنكر ............................................................................................... ١٣١ ب) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب إباحة .............................................................................. ١٣٤ الفرع الخامس: رضاء المجني عليه ........................................................................................................ ١٣٨ أ) القواعد الحاكمة للمسالة ................................................................................................................................... ١٣٨ « لا ضمان مع ا لإذن » ١ قاعدة ............................................................................................................... ١٣٩ يجب أن يكون الرضا متفق » ٢ قاعدة ً « ا مع الشرع .................................................................... ١٤١ « الإنسان لا يملك بدنه » : ٣ قاعدة ..................................................................................................... ١٤٣ ب صور رضاء المجني عليه ................................................................................................................................ ١٤٤ ١ تحريم قتل الشفقة أو قتل الرحمة أو قتل الميئوس منه .................................................. ١٤٤ ٢ القتل أو الجرح أو الضرب بموافقة المجني عليه ............................................................... ١٥١ ٣ الانتحار ...................................................................................................................................................... ١٥٥ ٢ الإجهاض .................................................................................................................................................. ١٥٩ الفرع السادس: مهدورو ا لدم ...................................................................................................................... ١٦١ أ) ا لمحاربون ................................................................................................................................................................ ١٦٣ ١ جزاء ارتكاب أفعال الإرهاب الدولي ........................................................................................ ١٦٤ ٢ القواعد التي تحكم وضع ا لمحاربين .................................................................... ١٧٣ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٤٩٠ أولا ً الحق في مقاومة الإرهابيين ................................................................................................ ١٧٤ ثانيا الحق العام في العقوبة عند ارتكاب أعمال إرهابية ............................................... ١٧٤ ً ثالث ً ا لا تزر وازرة وزر أخرى حتى في إطار الأعمال الإرهابية .................................. ١٧٥ ب ( البغاة .......................................................................................................................................................................... ١٧٦ ١ المقصود بالبغاة .................................................................................................................................... ١٧٦ ٢ مشروعية قتال البغاة (الآية ٩ من سورة ا لحجرات) ...................................................... ١٧٨ ٣ القواعد التي تتعلق بقتال ا لبغاة .................................................................................................. ١٨٢ أولا ً ضرورة دعوة البغاة قبل قتالهم .......................................................................................... ١٨٢ ثانيا الجرحى من البغاة ................................................................................................................... ١٨٣ ً ثالث ً ا الأسرى من البغاة ..................................................................................................................... ١٨٥ أن المستسلم منهم لا يجوز الإجهاز عليه لأن دمه حرام ....................................... ١٨٥ تكمن علة قاعدة عدم قتل الأسير من البغاة في أنه لم يعد قادرا على الاشتراك ً في القتال بسبب أ سره ............................................................................................................... ١٨٦ يمكن قتل الأسرى من البغاة في الأحوال ا لآتية ......................................................... ١٨٦ • إذا كانوا قد قتلوا أ فراد ً ا من ا لمسلمين ..................................................................... ١٨٦ • إذا كان الأسير هو قائد ا لبغاة ........................................................................................ ١٨٧ إذا هاجم المسلمون البغاة وكان في معسكرهم أسرى فيجب ألا يقصدوهم بقتال ويوجهوا ضرباتهم إلى البغاة فقط .......................................................................... ١٨٨ رابعا مصير أموال البغاة .................................................................................................................. ١٨٨ ً القاعدة: عدم جواز الاعتداء على أموال ا لبغاة .............................................................. ١٨٩ الاستثناء: جواز التعرض لأموال ا لبغاة: ............................................................................ ١٨٩ • جواز تدمير أموال البغاة إذا حتمته الضرورة ا لحربية ...................................... ١٨٩ • جواز الاستيلاء على أسلحة ا لبغاة ............................................................................. ١٩٠ لا غنيمة في أموال ا لبغاة: .......................................................................................................... ١٩١ خامسا ملاحقة البغاة ......................................................................................................................... ١٩١ ً سادسا فيئة البغاة تنهي بغيهم، فإذا لم يقبلها الطرف الآخر أصبح ً هو ا لباغي .............................................................................................................................. ١٩٢ سابعا من يقتل بين صفوف البغاة وهو ليس منهم له الدية فقط ......................... ١٩٣ ً ج) المرتدون ................................................................................................................................................................... ١٩٣ ١ ماهية الردة والقواعد التي تحكمها .......................................................................................... ١٩٣ ٢ الآثار المترتبة نتيجة للردة ............................................................................................................. ١٩٩ د) الحربيون (إحالة إلى الدفاع الشرعي الدولي) ......................................................................................... ٢٠٩ ه) أشخاص آخرون دمهم هدر ........................................................................................................................... ٢٠٩ ١ قتل من صار الإيذاء طبعا له ........................................................................................................ ٢٠٩ ً ٤٩١ ٢ مانع الماء المؤدي إلى ا لموت ................................................................................................... ٢١٠ ٣ كون الشخص في موضع يعادل قتله لنفسه ........................................................................ ٢١٠ ٤ قتل مانع ا لزكاة ..................................................................................................................................... ٢١١ ٥ إرادة الزوج زوجته وهي محرمة عليه، فلها مجاهدته ولو بالقتل إذا تحتم ذلك .........................................................................................................................................  ٢١٢ المبحث الخامس: موانع المسؤولية (أو أحوال رفع القلم جنائيا) ..................................... ٢١٢ أ) صغر السن .................................................................................................................................................................. ٢١٣ ١ القواعد واجبة ا لتطبيق ...................................................................................................................... ٢١٥ ٢ المسؤولية عن الجرائم الخاصة بالصبيان ............................................................................ ٢١٧ أولا ً الجرائم التي يرتكبها صغار السن .................................................................................... ٢١٧ ثانيا الجرائم التي ترتكب ضد صغار السن .......................................................................... ٢٢٠ ً ب) ا لسك ْر ...................................................................................................................................................................... ٢٢٣ ١ ماهية ا لسكر ............................................................................................................................................ ٢٢٣ ٢ المسؤولية الجنائية المترتبة على جرائم ا لسكر ................................................................ ٢٢٧ ٣ موقف المحكمة العليا في سلطنة عمان من المسؤولية عن الجرائم التي ُ ترتكب تحت تأثير السكر ا لاختياري .................................................................................... ٢٣٠ ج ( الجنون ..................................................................................................................................................................... ٢٣١ ١ ماهية ا لجنون .......................................................................................................................................... ٢٣١  ٢ المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي يرتكبها ا لمجنون ............................................... ٢٣٢ ٣ موقف المحكمة العليا في سلطنة عمان من المسؤولية عن الجرائم التي ُ يرتكبها ا لمجنون ................................................................................................................................. ٢٣٦ د ( الإكراه ........................................................................................................................................................................ ٢٣٧ ١ ماهية ا لإكراه ........................................................................................................................................... ٢٣٨ ٢ المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي ترتكب تحت تأثير ا لإكراه .......................... ٢٤٠ ٣ القواعد واجبة ا لتطبيق ...................................................................................................................... ٢٤٢ ه) حالة الضرورة ........................................................................................................................................................ ٢٤٦ ١ ماهية ا لضرورة ....................................................................................................................................... ٢٤٦ ٢ المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي ترتكب تحت تأثير ا لضرورة ..................... ٢٤٨ ٣ حالة الضرورة في قضاء المحكمة العليا في سلطنة عمان ........................................ ٢٥٣ ُ ه) القوة القاهرة والحادث الفجائي ................................................................................................................... ٢٥٤ ١ ماهية القوة القاهرة والحادث ا لفجائي ................................................................................... ٢٥٤ ٢ أثر القوة القاهرة والحادث الفجائي على المسؤولية ا لجنائية .................................. ٢٥٤ ٣ موقف المحكمة العليا في سلطنة عمان من القوة القاهرة والحادث ا لفجائي .......... ٢٥٧ ُ ٤٩٢ ™HGôdG ÜÉÑdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a »FÉæédG AGõédG ............................................. »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a »FÉæédG AGõédG á«gÉe :∫hC’G π°üØdG ٢٦٣ ٢٧٠ المبحث الأول: ا لعقوبة ................................................................................................................................ ٢٦٣ أ ( مفهوم ا لعقوبة ........................................................................................................................................................... ٢٦٣ ب ( صور ا لعقوبة ....................................................................................................................................................... ١ عقوبات ا لحدود ................................................................................................................................... ٢٧١ ٢ الدية والأرش والعق ْ ر ُ ........................................................................................................................ ٢٧٢ ٣ ا لتعزير ........................................................................................................................................................ ٢٧٥ أولا ً ماهية التعزير ............................................................................................................................... ٢٧٦ ثانيا موجبات التعزير ........................................................................................................................ ٢٧٧ ً ثالث ً ا صفة التعزير ................................................................................................................................ ٢٧٨ رابعا التعزير للتعريض ..................................................................................................................... ٢٧٨ ً التعزير « كم » خامسا ........................................................................................................................... ٢٨٠ ً سادسا المبادئ الحاكمة للتعزير ً ................................................................................................. ٢٨٥ ١ لا تعزير بالتهمة ............................................................................................................... ٢٨٥ ٢ لا تفاضل بين الناس في ا لتعزير ............................................................................ ٢٨٦ ٤ الكفارة (كفارة ا لقتل) أولا ً بخصوص ما يوجب الكفارة في القتل ٢٨٧ ....................................................................................................................... ......................................................................... ٢٨٨ ثانيا بخصوص نطاق كفارة القتل ............................................................................................... ٢٨٩ ً ثالث ً ا بخصوص موضوع الكفارة .................................................................................................. ٢٩٠ رابعا بخصوص تعدد الكفارة بتعدد الجناة ........................................................................... ٢٩٠ ً ٥ ا لسوم .......................................................................................................................................................... ٢٩١ ٦ ا لقصاص ................................................................................................................................................... ٢٩٤ ٧ العقوبات التبعية والتكميلية ......................................................................................................... ٢٩٥ أولا ً العقوبات التبعية ....................................................................................................................... ٢٩٥ أ) حرمان القاتل من الميراث ............................................................................. ٢٩٦ ب) عدم قبول شهادة القاذف ............................................................................. ٢٩٩ ج) حرمان القاتل من الزواج بزوجة المقتول ............................................... ٣٠٠ د) ومن العقوبات التبعية تلك المترتبة على الزنا ا العقوبات التكميلية ....................................... ٣٠٠ ثاني ً ................................................................................................................. ٣٠١ أ) إتلاف المتحصلات من الجريم ................................................................... ٣٠١ ٤٩٣ ب) غرم السارق بعد القطع ............................................................................... ٣٠٢ ْ ج) تعليق يد السارق ............................................................................................. ٣٠٤ ٨ الحبس للتهمة (الحبس ا لاحتياطي) ........................................................................................ ٣٠٥ أولا ً ماهية الحبس للتهمة ............................................................................................................... ٣٠٥ ثانيا علة الحبس للتهمة ................................................................................................................... ٣٠٨ ً النوع الأول: في الحبس إلى إنفاذ ا لحكم ........................................................... ٣٠٨ النوع الثاني: في حبس ا لتهم ...................................................................................... ٣٠٩ ثالث ً ا شروط الحبس للتهمة ............................................................................................................ ٣١٠ َ أ) أن تتظاهر ا لأمارات على الاتهام ................................................................. ٣١٠ َ ب) مدة الحبس للتهمة ....................................................................................... ٣١٢ ج) عدم جواز ضرب المحبوس للتهمة .......................................................... ٣١٤ رابعا الوضع القانوني للمحبوسين ............................................................................................ ٣١٥ ً خامسا نظام السجون ......................................................................................................................... ٣١٧ ً المبحث الثاني: التدابير ا لاحترازية ..................................................................................................... ٣١٩ أ) ماهية التدبير ا لاحترازي ......................................................................................................................... ٣١٩ ب) القواعد التي تحكم تطبيق التدبير ا لاحترازي ........................................................................... ٣٢١ »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a áHƒ≤©dG ¢VGôZCG :»fÉãdG π°üØdG .......................................................... ٣٢٥ المبحث الأول: ماهية ا لمسألة .................................................................................................................... ٣٢٥ المبحث الثاني: الأغراض الخمسة التي ترمي العقوبة إلى تحقيقها ................................. ٣٢٧ أ) إيلام ا لجاني .................................................................................................................................................................. ٣٢٧ ب) منع ا لفساد .................................................................................................................................................................. ٣٣٠ ج) ا لردع . ............................................................................................................................................................................. ٣٣١ د) إصلاح ا لجاني ............................................................................................................................................................. ٣٣٤ ه) إظهار هيبة وقوة ا لدولة . ....................................................................................................................................... ٣٣٧ »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a áHƒ≤©dG ò«ØæJ :ådÉãdG π°üØdG ............................................................. ٣٣٩ المبحث الأول: المسائل التي يثيرها تنفيذ ا لعقوبة ..................................................................... ٣٣٩ أ) وسيلة أو كيفية تنفيذ ا لعقوبة. ............................................................................................................................. ٣٣٩ ب) تأجيل أو تأخير تنفيذ ا لعقوبة: ........................................................................................................................ ٣٤١ ١ القاعدة ا لعامة ........................................................................................................................................ ٣٤١ ٢ ا لاستثناءات ............................................................................................................................................. ٣٤٢ أحكام القانون الجنائي في الفقه الإباضي ٤٩٤ أولا ً تأجيل تطبيق العقوبة على المرأة الحامل .................................................................... ٣٤٢ ثانيا تأجيل تنفيذ العقوبة على المريض أو الجريح ......................................................... ٣٤٤ ً ثالث ً ا تأجيل تنفيذ العقوبة وقت الحرب. ................................................................................. ٣٤٧ رابعا تأجيل تنفيذ العقوبة على اللاجئ إلى الحرم .......................................................... ٣٥١ ً خامسا تأجيل توقيع الحد على السكران حتى يفيق ........................................................ ٣٥٤ ً ج) الجريمة المتولدة عن تنفيذ مشروع للعقوبة ......................................................................................... ٣٥٥ د) التطبيق الخاطئ للعقوبة ................................................................................................................................ ٣٥٧ ١ ماهية ا لمسألة ......................................................................................................................................... ٣٥٧ ٢ القواعد واجبة ا لتطبيق ...................................................................................................................... ٣٦٠ ه) تنفيذ العقوبة الدنيوية وأثره على العقوبة في ا لآخرة؟ .................................................................... ٣٦١ و) الخروج من السجن قبل مضي مدة ا لعقوبة ............................................................................................ ٣٦٤ ١ الخروج ا لمصرح به ............................................................................................................................ ٣٦٤ أولا الخروج لأداء واجب اجتماعي ......................................................................................... ٣٦٤ ثانيا الخروج سعيا على الرزق لفترة محدودة ..................................................................... ٣٦٥ ًً  ثالث ً ا الخروج للعلاج ......................................................................................................................... ٣٦٦ رابعا الإفراج عن المتهم قبل مضي مدة الحبس ................................................................ ٣٦٦ ً ٢ الخروج غير المصرح به (الهروب) ............................................................................................. ٣٦٧ أولا ً هرب من يراد تنفيذ عقوبة عليه وهو بريء من موجبها ...................................... ٣٦٧ ثانيا هرب من أدين بعقوبة واجبة عليه ................................................................................... ٣٦٩ ً ثالث ً ا مدى مسؤولية حراس السجن عن هروب السجين ................................................ ٣٧٠ ز) المسائل المالية المرتبطة بتنفيذ ا لعقوبة .................................................................................................. ٣٧١ ١ التعويضات المالية المترتبة على الجريمة لا تسقط كقاعدة عامة .......................... ٣٧١ ٢ رد غير المستحق من ا لعقوبة. ....................................................................................................... ٣٧٣ ٣ مدى التضامن بين المساهمين في الجريمة بخصوص دفع ا لدية؟ ....................... ٣٧٤ ح) تطبيق العقوبة بخصوص الجرائم المرتكبة بين بعض ا لأقارب .................................................. ٣٧٦ ١ الجرائم المرتكبة بين ا لأزواج .......................................................................................................... ٣٧٧ أولا ً أخذ الزوجة مال زوجها ........................................................................................................ ٣٧٧ ثانيا القصاص بين ا لزوجين ............................................................................................................ ٣٧٩ ً ٢ الجرائم المرتكبة بين الوالد وولده ................................................................................................ ٣٨٠ أولا ً القواعد ا لعامة ............................................................................................................................... ٣٨٠ ثانيا بعض الجرائم المرتكبة بين الأب وولد ........................................................................ ٣٨٣ ً جريمة القذف ............................................................................................................................... ٣٨٣ أ خ ْ ذ الوالد مال ولد ................................................................................................................... ٣٨٣ قتل الوالد ولد ............................................................................................................................. ٣٨٧ فهرس الجزء الثاني ٤٩٥ المبحث الثاني: القواعد الحاكمة لتوقيع ا لعقوبة .......................................................................... ٣٨٩ أ) العبرة في العقوبة هي بعموم اللفظ لا بخصوص ا لسبب ................................................................. ٣٨٩ ب) يجب التحقيق في الجلسة، للتثبت من وقوع ا لجريمة ................................................................... ٣٩٠ ج) وقوع الجريمة المراد توقيع العقوبة عليها ............................................................................................. ٣٩١ د) حسن تكييف الفعل المرتكب لازم لصحة توقيع العقوبة ا لواجبة ................................................ ٣٩٥ ه) عدم تطبيق العقوبة الواجبة لا يعني إفلات الجاني من ا لعقاب ................................................... ٣٩٩ و) يجب أن يكون تطبيق العقوبة ممن له صفة في ذلك ....................................................................... ٤٠١ ز) لا يجوز تطبيق العقوبة ممتنعة ا لتطبيق ................................................................................................... ٤٠٢ ح) مراعاة الظروف المخففة أو المشددة للعقوبة ....................................................................................... ٤٠٣ ط) تنفيذ العقوبة يجب أن تحافظ على حقوق الله وحقوق ا لعباد. .................................................... ٤٠٤ ي) ضرورة مراعاة ظروف الجاني عند الشروع في تنفيذ العقوبة عليه. ............................................ ٤٠٧ ك) عدم جواز الاتفاق على غير العقوبة التي يتحتم تطبيقها ولا يجوز الخروج عليها ............. ٤٠٧  äÉHƒ≤©dG ≈∏Y √ôKCGh ºFGôédG Oó©J :™HGôdG π°üØdG ........................................................... ٤١١ المبحث الأول: التعدد المادي والمعنوي للجرائم ....................................................................... ٤١١ أ) ماهية ا لمسألة ...................................................................................................................................................... ٤١١ ب) القواعد التي تحكم تعدد الجرائم والعقوبات .................................................................................... ٤١٦ ج) موقف المحكمة العليا في سلطنة ع ُ مان من تعدد الجرائم والعقوبات ..................................... ٤٢٦ المبحث الثاني: ا لعود ..................................................................................................................................... ٤٢٨ أ) ماهية ا لعود .......................................................................................................................................................... ٤٢٨ ب) تشديد العقاب على ا لعود ......................................................................................................................... ٤٣٣ ج) القواعد التي تحكم ا لعود ........................................................................................................................... ٤٣٥ فالمتمرد » ١ المبدأ العام هو أن العود إلى الجريمة يقتضي تشديد العقوبة المعروف بالأذى ليس كمن عثر عثرتين أو ثلاث ً « ا ............................................................ ٤٣٥ ٢ بخصوص العود في جريمة قذف ذات الشخص، يأخذ ا لإباضية، بتوقيع ٍّ الحد فقط على الأول وعدم تطبيقه على أي قذف تال . ................................................. ٤٣٦ ٣ بخصوص العود في جريمة السرقة ......................................................................................... ٤٣٧ ٤ يأخذ ا لإباضية بقاعدة أنه في حالة العود إلى ارتكاب الجريمة دون أن يعاقب ّ الجاني عن ذات جريمته السابقة، فإنه يعاقب عن جريمة واحدة ولا يعتبر عائد ً ا ..................................................................................................................................................... ٤٤١ ٥ وضع ا لإباضية مبدأ عاما بخصوص عقاب الجاني العائد مقتضاه أن ذلك ّ يرجع إلى تقدير الإمام .................................................................................................................. ٤٤٢ ٦ طبق ا لإباضية المبدأ السابق حتى بالنسبة للعفو عن الجاني العائد .................. ٤٤٢ ّ ٤٩٦ áHƒ≤©dG AÉ°†≤fG ÜÉÑ°SCG :¢ùeÉîdG π°üØdG ................................................................................... ٤٤٧ المبحث الأول: وفاة ا لجاني ....................................................................................................................... ٤٤٧ المبحث الثاني: قاعدة الإسلام يجب ما قبله .................................................................................. ٤٤٨ المبحث الثالث: ا لتقادم ................................................................................................................................. ٤٥٠ أ) ماهية التقادم . ...................................................................................................................................................... ٤٥٠ ب) القواعد التي تحكم تقادم ا لعقوبة ............................................................................................................ ٤٥٢ أولا ً : فبخصوص الاتجاه الأول (الرافض للتقادم) ................................................................... ٤٥٤ ثانيا وبالنسبة إلى الاتجاه الثاني (المؤيد للتقادم) ............................................................... ٤٥٦ ً ج) موقف المحكمة العليا في سلطنة ع ُ مان من ا لتقادم ........................................................................... ٤٥٨ المبحث الرابع: ا لتوبة ................................................................................................................................... ٤٥٩ أ) ماهية التوبة ......................................................................................................................................................... ٤٥٩ ب) القواعد التي تحكم التوبة ......................................................................................................................... ٤٦١ المبحث الخامس: ا لعفو ............................................................................................................................... ٤٦٨ أ) ماهية العفو .......................................................................................................................................................... ٤٦٨ ب) القواعد التي تحكم العفو .......................................................................................................................... ٤٦٩ ١ بخصوص ماهية العفو وعلته ...................................................................................................... ٤٦٩ ٢ بخصوص من له ا لعفو .................................................................................................................. ٤٧٠ ٣ بخصوص العفو في ا لحدود ........................................................................................................ ٤٧٣ ٤ بخصوص العفو من الحاكم في ا لتعزير ................................................................................. ٤٧٥ ٥ بخصوص الحالات التي لا يجوز العفو فيها ....................................................................... ٤٧٦ « القبول الإجباري للعفو » ٦ يعرف ا لإباضية ما يمكن أن نسميه ....................................... ٤٧٧ ّ ٧ بخصوص آثار ا لعفو ....................................................................................................................... ٤٧٨ ٨ بخصوص ا لصلح ............................................................................................................................. ٤٨٢