١٤٣٦ غمي ٢٠١٥ م لا يجوز نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب في أي شكل من الأشكال أو بأية وسيلة من ا لوسائل سواء التصويرية أ و الالكترونية، بما في ذلك ا لنسخ الفوتوغرافي أ و سواه وحفظ ا لمعلومات واسترجاعها إلا بإذن خطي من ا لناشر .  إن ّ المعروف أن ّ القانون الدولي الخاص يعنى بالمسائل أو العناصر ُّ ٍ الأجنبية التي تتداخل مع أحداث ووقائع بداخل الدولة. وذلك من مثل   ما يحدث للمواطنين في الدول ا لأ ُ خرى وما يحدث للأجانب ضمن حدود الجوانب الخاصة للعلاقات عبر الوطنية؛ أي تلك التي تتم » الدولة ذاتها. إنها ٍ بين الأفراد عبر الحدود،  أو بتعبير أدق ّ .« ، تلك التي تحتوي على عنصر أجنبي إن ّ هذه الأمور صارت تنتظمها المنظومة المعروفة بالقانون الدولي ُ   الخاص . وهي مختلفة ٌ بالطبع عن مسائل ومنظومة القانون الدولي العام، ّ والتي تتعلق بالعلاقات بين الدول ضمن النظام الدولي. بيد َ أن ّ المشترك َْ التي سادت في زمن الدولة القومية التي قام على « السيادة » بينها يبقى مسألة ٍ أساس منها النظام الدولي السائد أيضا. ً لقد أثبت الأستاذ المعروف الدكتور أحمد أبو الوفا، أن ّ المسلمين الإباضية وغيرهم كانت لهم ا هتمامات ٌ بارزة ٌ ومؤثرة بالقانون الدولي العام، في كتابه ِ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه » : ذي الأجزاء الثلاثة وهذا أمر طبيعي لتعلق ذلك بعلاقات الحرب والسلم، وقضايا .« الإباضي ٌٌ الحدود، والنزاعات والاتفاقيات بين الدول حتى قبل ظهور نظرية ا لسيادة. ولا شك أن ّ مسائل القانون الدولي الخاص أكثر تعقيد ً ا. وذلك بسبب ّ التداخل الأكبر بين المحلي والخارجي وبأشكال تفصيلية يتعذر حلها من خلال ٍ للدولة كما تطورت إليه الأمور خلال أكثر من قرن « السيادة المطلقة » مبدأ ونصف. وقد بين المؤلف الأستاذ العلا ّ مة أبو الوفا في كتابه الضخم الجديد ٍ الذي نقد ّ م له هذه الإشكاليات كل ّ ها، وحاول إرجاعها إلى تأصيل ٍ وتقعيد ُ لدى فقهاء الإباضية، وفقهاء المذاهب الأخرى. وقد تأثرت ُ بالفعل للبيانات التي أوردها عن تصور الفقهاء الإباضية عن علاقات الآخر بهم في ديارهم، وعلاقات الأفراد منهم بالآخرين عندما يذهبون إليهم، والأحكام المترتبة ِ على ذلك في علمي الكلام والفقه ومسائل السياسة العامة والخاصة. ٍٍ ُ لكنني أريد ُ أن أقترح إغناء للبحث، التفكير في الأمور بطريقة مختلفة ً بعض الشيء. فمنذ حوالي المائة عام، يحاول مفكرونا وفقهاؤنا التلاؤم مع التحديات الحديثة والمعاصرة بأساليب متعددة. ومن تلك الأساليب إيراد النظم والقوانين والمسائل الغربية، وإثبات أن ّ الفقهاء المسلمين ا لق ُ دامى فك ّ روا بهذه المسائل أيضا، وتمايزوا في بعض الجزئيات أو الأصول، وأنه يمكن التوفيق  ً ِ وتحويل هذه المسألة الفقهية أو تلك إلى ما يشبه القانون الحديث؛ في حين يعلن المتشددون أن ّ التوفيق غير ممكن، وأنه إما الشريعة أو ا لقانون. إن ّ الذي أقصده أن ّ هذه التلاؤمية المستحدثة والتي بذلت جهود ً ا هائلة ً في ِ العمل على كتب الفقه الوسيطة، وعلى الاجتهادات الحديثة، ما استطاعت أن تكسب ا عتراف ً ا كافيا لدى مثقفي المسلمين فضلا ً عن جمهورهم. وليس معنى ً ٍ ذلك أنني أعتبرها بدون جدوى، بل ينبغي أن نراجع وأن نقرأ بجدية محاولات الملاءمة أو التلاؤم من جهة، وما يذهب إليه الغربيون بشأن طبيعة النظم والقوانين التي نريد أن نتلاءم معها، وكيف ولماذا يفكر الرافضون بهذه ا لطريقة؟! لقد ا ط ّ لعت ُ على أجزاء العمل الذي قام به الأستاذ الدكتور ا لعلا ّ مة أحمد ِِ أبو الوفا. وأنا معجب بسعة ا ط ّ لاعه على ا لفقه الإباضي، وفقه المذاهب ٌ ُ الإسلامية ا لأخرى. وإنني إذ أشكر له هذا ا لجهد الكبير، أسأل الله سبحانه أن ُ يجعل عملنا جميع ً ا مكللا ً بالتوفيق، وخالص ً ا لوجهه عز ّ وجل. تثير المسائل المتعلقة بالقانون الدولي الخاص مشاكل يومية كثيرة في كل دولة من دول عالمنا المعاصر، باعتبارها من المشاكل العابرة للحدود Transboundary problems – Problèmes transfrontières حسب المصطلح المستخدم حاليا في النظم القانونية ا لمعاصرة. ً وبهذا الكتاب يكون قد تم استكمال الجوانب الدولية في الفقه الإباضي. فقد سبق إصدار ثلاثة أجزاء عن الجوانب العامة للقانون الدولي والعلاقات الدولية عند الإباضية (وهي تلك الخاصة بأشخاص القانون أحكام القانون الدولي والعلاقات » الدولي، خصوصا الدول) وذلك في كتاب ً « الدولية في الفقه الإباضي(١) . وها أنا ذا أضيف بهذا الكتاب الجوانب الخاصة للعلاقات عبر الوطنية؛ أي: تلك التي تتم بين الأفراد عبر الحدود أو بعبارة أدق تلك التي تحتوي على عنصر أجنبي، كما توارد استخدامه كمصطلح في فقه القانون الدولي ا لخاص. أحكام » وقد اتبعت ذات المنهج الذي استندت إليه في تأليف كتاب وهو: « القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي (١) راجع د. أحمد أبو الوفا: أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٥ ه ٢٠١٤ م (في ُ ثلاثة أجزاء). أولا ً الرجوع إلى أمهات كتب الفقه الإباضي، مع عدم إغفال غيرها. ثانيا الربط بين ما استقر عليه القانون الدولي الخاص المعاصر وما هو ً ثابت في الفقه ا لإباضي. ثالث ًا أي: ينطق بما يحويه بخصوص « يتكلم » ترك الفقه الإباضي موضوعات هذا ا لكتاب. رابع ًا تحليل وتنظير وتقعيد وتأصيل الموضوعات التي بحثها الفقه الإباضي والمتعلقة بالقانون الدولي ا لخاص. وقد سرت في تأليف هذا الكتاب على ذات المنهج التقليدي الذي يتبعه فقهاء القانون الدولي الخاص في كتاباتهم (خصوصا تركيزهم على ً مسائل الجنسية، ومركز الأجانب، وتنازع القوانين، وتنازع الاختصاص القضائي الدولي، وتنفيذ الأحكام ا لأجنبية). إلا أنني بالإضافة إلى ذلك أضفت في هذا الكتاب، ولكي يكون مرجعا شاملا ً جامعا مانعا للعلاقات الدولية الخاصة عند الإباضية، ثلاثة ً ًً أمور أساسية ولازمة لتحقيق هذا الهدف، وهي: الأول نظرا لأن الكتاب يتعلق بأحد المذاهب الإسلامية، وهو المذهب ً الإباضي فإن موضوعه يجب أن يتسع ليشمل؛ أيض ً ا، القواعد الحاكمة للعلاقة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى، فيما تثيره العلاقات بين أفراد يختلفون في المذهب الذي ينتمي إليه كل منهم. وسنرى أن الفقه الإباضي وضع لتلك العلاقات حلولا ً تقترب في مغزاها ومعناها ومبناها َ من تلك التي يبحثها القانون الدولي الخاص. فضلا ً عن أن المذهب الإباضي يحترم المذاهب الإسلامية الأخرى، بل ويقرر في أحوال وبشروط معينة نفاذها في حل المنازعات التي تثور بين المنتمين إلى تلك ا لمذاهب. الثاني لذات السبب سالف الإشارة إليه أعلاه أدرجت في هذا الكتاب بإسهاب الحلول التي وضعها الفقه الإباضي لتطبق على موضوعات قليلة الذكر في فقه القانون الدولي الخاص (كالقواعد الحاكمة للجوانب الجنائية في علاقات غير المسلمين بعضهم مع البعض الآخر أو مع المسلمين، ومسائل الضرائب والرسوم التي تثيرها العلاقات الدولية الخاصة). الثالث ولأن الحلول التي وضعها الفقه الإباضي لمختلف مسائل العلاقات الدولية الخاصة هي حلول يجب معرفتها من الطلاب والمتخصصين في الدراسات الفقهية المقارنة، فقد وضعت ُ في ثنايا هذا الكتاب جل الآراء التي أخذ بها الإباضية بخصوص تلك المسائل، لكي تكون مرجعا للقضاة، ورجال العلم، والطلاب. ً  معنى ذلك أننا أردنا أن يكون هذا الكتاب جامعا لكل المسائل التي ً يثيرها وجود عنصر أجنبي في العلاقات الخاصة الدولية، في إطار ما تقرره تعاليم المذهب الإباضي، والقواعد الإسلامية العليا الثابتة في الفقه الوضع القانوني » الإسلامي؛ أي: بعبارة أكثر اختصارا، يبين هذا الكتاب ً .« للمسلمين وغير المسلمين في العلاقات الدولية ا لخاصة وسيتضح للقارئ أن الفقه الإباضي يتفق بخصوص المسائل موضوع هذا الكتاب مع المذاهب الإسلامية الأخرى في الكثير من الأمور، بل ويتفق في ذلك مع ما استقرت عليه قواعد القانون الدولي الخاص ا لمعاصر. د. أحمد أبو الوفا :á«dɪLEG áëªd (1 تطورت طبيعة العلاقات على الصعيد الدولي وازداد حجمها وأطرافها، فلم تعد هذه العلاقات مقصورة فقط على الدول وحدها أو غيرها من أشخاص القانون الدولي وإنما شملت أيضا العلاقات التي تتم بين الأفراد ً والتي تحتوي على عنصر أجنبي. وهكذا أصبحت العلاقات الدولية لها صورتان: الأولى العلاقات الدولية العامة، ونعني بها تلك التي تتم بين أشخاص القانون الدولي (الدول، والمنظمات الدولية كالأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية). وهذه العلاقات يحكمها فرع مستقل من فروع القانون وهو القانون الدولي العام. وتشتمل موضوعات هذا الفرع على العديد من الأمور، أهمها(١) : مصادر القواعد القانونية الدولية (خصوصا المعاهدات الدولية ً والعرف ا لدولي). الحماية الدولية لحقوق ا لإنسان. (١) انظر د. أحمد أبو الوفا: أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي، المرجع ا لسابق. أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ١٢ العلاقات ا لدبلوماسية. العلاقات الاقتصادية ا لدولية. البحار والأنهار ا لدولية. الحرب والسلام. المسؤولية الدولية المترتبة عن الأضرار التي تسببها دولة لدولة أخرى. المبادئ التي تحكم العلاقات الدولية من الناحية ا لقانونية. وقد قلنا بخصوص هذه العلاقات الدولية ا لعامة: تتميز العلاقات الدولية الحالية بصفتها الاجتماعية وبترابط وتداخل » أواصر العلاقات الموجودة بين مختلف أشخاص القانون ا لدولي. وتتسم تلك العلاقات اليوم، أكثر من أي: وقت مضى، بأنها ظاهرة كلية أو إجمالية، الأمر الذي يتم ترجمته بإقامة علاقات بين مختلف أشخاص القانون الدولي. ففي الحقيقة، نتيجة أن العلاقات الدولية تتميز بصفتها الاجتماعية وبترابطها فإن إقامة وسائل للاتصال بين مختلف أشخاص القانون الدولي هو أمر تحتمه طبيعة الأشياء باعتبار أن كل ظاهرة اجتماعية تتكون أساسا من عديد من المبادلات والتيارات العلائقية. وهذا هو حال ً العلاقات الدولية الحالية والتي ازدادت وتكاثفت في كافة المجالات والاتجاهات بسبب الزيادة الرأسية والأفقية، التي لم يسبق لها مثيل، « للكائنات القانونية ا لدولية(١) . (١) راجع د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي العلاقات الدولية في شريعة . الإسلام، دار النهضة العربية، القاهرة، ج ٣، ص ٣ ١٣ والثانية العلاقات الدولية الخاصة، وهي تلك العلاقات التي تقوم بين الأفراد العاديين الطبيعيين أو المعنويين والتي تحتوي على عنصر أجنبي. وهذه العلاقات يحكمها فرع مستقل من فروع القانون هو القانون الدولي الخاص(١) : والذي يمكن تعريفه بأنه ذلك الفرع من فروع القانون الذي يحكم العلاقات الخاصة التي تحتوي على عنصر أجنبي. وتشتمل موضوعات هذا الفرع على العديد من الأمور، أهمها: الجنسية. مركز الأجانب فوق إقليم ا لدولة. تنفيذ الأحكام القضائية ا لأجنبية. تنازع الاختصاص القضائي ا لدولي. تنازع القوانين (أو مشكلة القانون واجب التطبيق على نزاع يحتوي على عنصر أجنبي): مثال ذلك شخص عماني تزوج من هندية في ُ لندن، فأي: قانون يحكم هذا الزواج؟ أو عماني اشترى عقارات في ُ القاهرة من أمريكي، فأي: قانون يحكم عقد ا لبيع؟. فالقانون الدولي الخاص، بالتالي، يحتوي على عنصر دولي أو أكثر في إطار المستويات الثلاثة ا لآتية: أ الأطراف (بأن تختلف جنسياتهم). ب الأشياء (كأن يكون المال أو الشيء عقارا كان أو منقولا ً ً موجود ً ا في ا لخارج). (١) Private international law ـ Droit international privé. أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ١٤ ج السبب (كأن يتم إبرام اتفاق في الخارج لتصدير أو استيراد بضائع، أو أن يقع فعل ضار على أجنبي، أو توفى أجنبي في دولة ما). وهكذا فإن العلاقات الدولية الخاصة تتضمن عنصرا أجنبيا(١) سواء من ً حيث الأشياء أو بالنسبة إلى الأشخاص، الأمر الذي من شأنه أن يثير مشاكل َ خاصة بالقانون واجب ا لتطبيق. بعبارة أخرى، فيما بين الأفراد فإن العلاقات بينهم: ٍ ٤ إن كانت وطنيه صرفة، فحينئذ يحكمها القانون الوطني داخل الدولة (القانون المدني، أو القانون الجنائي، أو القانون التجاري، أو القانون الإداري... إلخ) حسب طبيعة العلاقة قيد ا لبحث. ٥ أما إذا كانت هذه العلاقات عبر الحدود، أو تحتوي على عنصر أجنبي، فإنه يحكمها فرع آخر من فروع القانون هو القانون الدولي ا لخاص. وهكذا  في العلاقة القانونية أو في النزاع « عنصر أجنبي » فإن وجود القائم هو العامل الفاصل بخصوص نطاق تطبيق القانون الداخلي أو الوطني والقانون الدولي الخاص، وهو ما يميز هذا الأخير عن القانون ،« البحت »الدولي ا لعام(٢) . (١) External element ـ Elément d’extranéité. (٢) بل بالنسبة للأحكام يوجد الخاص والعام. في هذا المعنى قيل: فمعي؛ والله أعلم أنه ليس شيء من الأحكام، ولا شيء من أمور أهل الإسلام إلا ويدخله »الخاص والعام، فلذلك قال الشيخ: كل طبقة من الناس تدعى إلى ما تعقل عن الداعي لهم من إقامة حجة الله، ويحتج عليهم الحجة التي يجتمعون على صوابها هم ومن يدعونهم إلى ذلك؛ لأن الله تبارك وتعالى احتج على كل أناس بما يعقلونه عنه؛ لأنك لو دعوت الجاهل بما خص العالم لبهت الجاهل وتحير في أمره، ولكنها هي سبيل يسرها الله تعالى بفضله فكل يدعى إلى ما يعقله منها فما يكون موافق ً ا لأصلها، غير مخالف لطريقة أهلها، فإذا دعوتهم إلى أمر واحد، وحملت جاهلهم على عالمهم افترقوا = :ÜÉàμdG á£N (Ü لا جرم أن ترابط وتداخل بل وتشابك العلاقات الدولية، سواء من َ الناحية الأفقية أو الرأسية تتجل ّ ى مظاهره في نواحي ومجالات عديدة، لعل أبرزها العلاقات الدولية ذات الطابع الخاص والتي تتمثل أساسا في دخول ً الفرد بؤرة ا هتمامها. ونقوم بسرد آراء الفقه الإباضي(١) بخصوص مسائل علاقات القانون الخاص(٢) متبعين في ذلك بقدر الإمكان منها ما يستند إلى ما يلي: = وتشافوا، وإذا دعوت كلا إلى ما يعقله مما لا يكون مخالف ً ا لأصل الدين وسلكت بكل  أحد ما يسعه في الدين، وقع الاتفاق وسلم الجاهل للعالم أهله، وكان له تبعا و عمل بما ً السعدي: قاموس الشريعة، ج ١٣ ، ص ٢٩٠ « قال له به -.٢٩١ (١) بخصوص الفقه، يقول ا لجيطالي: قد تصرفوا فيه بالتخصيص لمعرفة الفروع في الفتاوى والوقوف على دقائق عللها، فمن »كان أكثر اشتغالا ً بها، قيل: هو الأفقه، ولقد كان اسم الفقيه في العصر الأول مطلق ً ا على طريق الآخرة، ومعرفة دقائق آفات النفوس، ومفسد الأعمال، وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا، وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة، واستيلاء الخوف على القلب، ويدل على ذلك قوله 8 : ﴿ ÍÌËÊÉÈÇÆ ﴾ [ [التوبة: ١٢٢ . والذي يكون به الإنذار والتخويف هو هذا الفقه دون تفريعات الطلاق واللعان والسلم والإجارة وأشباه ذلك من ا لفروع. فهذا لا يحصل به إنذار ولا تخويف، بل التجرد له على الدوام يقسي القلب، وينزع منه الخشية كلما يشاهد من المتجردين له، وقد قال ا لله 8 : ﴿ ,+*) - ﴾ ..[ [الأعراف: ١٧٩ . وأراد به معاني الإيمان دون ا لفتاوى. ولعمري، إن الفقه والفهم في اللغة اسمان لمعنى واحد، وقد قال تعالى: ﴿ ih tsrqponmlkj ﴾ [ [الحشر: ١٣ ، راجع الجيطالي: قناطر الخيرات، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٢٢ ه -. ٢٠٠١ م، ج ١، ص ١٩٢ (٢) معنى أصول العلاقات الإنسانية في الاصطلاح: مجموع الأدلة والمقاصد الشرعية » : قيل « الحاكمة لطبيعة العلاقات الجامعة بين المسلمين وغيرهم من المجتمعات الإنسانية د. عبد القادر بن عزوز: أصل العلاقة مع غير المسلمين والمقاصد الشرعية، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ ه . ٢٠١٣ م، ص ٢ ُ أولا ً عدم الاكتفاء بمجرد سرد تلك الآراء، وإنما ذكرها في إطار منهج يستند إلى الأشباه والنظائر، وكذلك محاولة تجميع المؤتلف، وتفريق المختلف. ثانيا العمل على ذكر ما هو موجود في المذاهب الإسلامية ا لأخرى. ً حري بالذكر أن علاقات القانون الدولي العام تختلف عن علاقات القانون الدولي الخاص من حيث أشخاصها، والقانون واجب التطبيق، والمحكمة المختصة بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الأطراف المعينة وكذلك كيفية تنفيذ الحكم الصادر عنها. وفي إطار العلاقات ذات الطابع الدولي يعرف الفقه الإباضي علاقة القانون الدولي العام ويميزها عن علاقات القانون الدولي الخاص. يكفي أن نذكر ما قاله الإمام ا لسالمي: وإهانة العبد لا تفيد عز الإسلام، وإنما يفيد عزة الإسلام إهانة الملوك » « والأكابر وأتباعهم من أهل الأنفة والبطش(١) . ورغبة في إعطاء هذا الكتاب بعد ً ا أرحب وآفاق ً ا أوسع، فإننا سنعالج فيه العلاقات التي تحتوي على عنصر أجنبي بمعناها الواسع؛ أي: تلك ا لتي: ١ يكون طرف ً وليس من « أجنبي عن الدولة الإسلامية » ا فيها شخص رعاياها. ٢ يكون طرف ً وإن كان من « أجنبي عن الديانة الإسلامية » ا فيها شخص رعايا دولة ا لإسلام. ٣ في بلاد غير المسلمين (كالأسير، ومن « مسلم » يكون فيها شخص يهاجر إلى غير دار ا لإسلام).  (١) . السالمي: نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، ص ٣٧٢ ١٧ ٤ موجود خارج دار الإسلام ويتعلق بنزاع مطروح أمام « شيء » يكون فيها محاكم الدولة ا لإسلامية. وصعوبة بحث موضوع هذا الكتاب ترجع أساسا إلى قلة، إن لم يكن ً ندرة الكتابات الفقهية المتعلقة بالقانون الدولي الخاص في الإسلام بصفة عامة(١) ، وفي إطار الفقه الإباضي بصفة خاصة. ولعلنا، بذلك، نكون قد قمنا بسد نقص في الكتابات الخاصة بالفقه الإباضي، وهو أمر أشار إلى ضرورة القيام به بعض الآراء حتى في الفقه غير ا لإسلامي (٢) . (١) يمكن أن نشير إلى بعض ما كتب في هذا ا لخصوص: ـ ch. Cardahi: La conception et la pratique du droit international privé dans l’Islam, RCADI, t.60, 1973, II, p. 598 et ss. ـ M. Morand: Le droit musulman et les conflits des lois, memoires de l’Academie internationale de droit comparé, 1928, p. 328 et ss. د. عنايت عبد الحميد ثابت: أساليب فض تنازع القوانين ذي الطابع الدولي في الإسلام، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٤١٨ ه ١٩٩٨ م، ٢٤٤ ص. د. أحمد عبد الكريم سلامة: نحو نظرية عامة للقانون الدولي الخاص الإسلامي، منشور دار النهضة العربية، القاهرة، ،« مدونة أبحاث في القانون الدولي الخاص » في كتابه الطبعة الأولى، ص ١١ - .٢٠٦ د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة .١٠٩ الإسلام، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثانية، ج ٢، ص ٨١(٢) وهكذا يقرر رأي: «In 1903 professor Duncan Macdonald wrote: «Of the jurisprudence of the Ibãdis we know - comparatively little. A full examination of Ibãdī fiqh would be of the highest interest, as the separation of its line of descent goes for back behind the formation of any of the Orthodox system». The full examination of the Ibãdī fiqh has not been carried out since then as was hoped by this scholar. Instead, the Ibãdī school of law has been treated by those who studied Islamic = law with little attention and was always referred to in generalised statements of little value. أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ١٨ ومن المعلوم أن دراسة القانون الدولي الخاص تتطلب أن نشير إلى أمور عديدة، هي: ١ أشخاص هذا القانون، نعني بذلك الأشخاص المخاطبين بأحكامه. ويقتضينا ذلك أن نحدد هؤلاء الأشخاص. ويعني بهذه المسألة فرع من .« الجنسية ومركز ا لأجانب » فروع القانون الدولي الخاص وهو ٢ قواعد هذا القانون، ونقصد بها أن هؤلاء الأشخاص، أو الأشياء الداخلة في إطار القانون الدولي الخاص، قد يقوم بخصوصهم أو بخصوصها كما هو الحال في أية علاقة اجتماعية بعض المنازعات، فما هو القانون واجب التطبيق عليها؟ سيقودنا ذلك إلى دراسة مسألة القانون واجب التطبيق على المنازعات التي تحتوي على عنصر أجنبي. ٣ إنفاذ هذا القانون؛ أي: ما هي الجهة المختصة بحل ما قد يثور من منازعات تتعلق بالعلاقات الخاصة الدولية، ويقودنا ذلك إلى دراسة الاختصاص القضائي الدولي، والتحكيم الدولي، وتنفيذ الأحكام الأجنبية. Although Schacht was aware of the fact that Ibãdī school of law was attributed to the tãbi’ī = Jãbir b. Zayd he concluded his note on the Ibãdī law by stating that the Ibãdīs derived their law from the orthodox schools. Contrary to what he avers, the Ibãdī School from the start took a detached line. It had its own independent authorities, collections of Traiditions and works by its own jurists. It seems that Schacht was let to formulate such a view for the following reasons: lack of information about the original sources of Ibãdī law». راجع: Amr Ennami: Studies in Ibadhism, Sultanate of Oman, Ministry of endowments and religious affairs, 2008, p. 127. تلكم هي المسائل الضابطة للعلاقات الخاصة عبر الحدود Transfrontières – Transboundary ، والتي نبحثها في إطار الفقه الإباضي بصفة خاصة. ويسبق كل ذلك فصل تمهيدي. وهكذا، تنقسم هذه الدراسة، كما يلي: فصل تمهيدي : مقدمات دراسة القانون الدولي الخاص في الفقه ا لإباضي. القسم ا لأول: الجنسية ومركز الأجانب في الفقه ا لإباضي القسم ا لثاني: القانون واجب التطبيق على منازعات القانون الدولي الخاص (أو مشكلة تنازع القوانين) في الفقه ا لإباضي. القسم ا لثالث: الاختصاص القضائي والتحكيم بخصوص منازعات القانون الدولي الخاص في الفقه ا لإباضي. تفترض مقدمات دراسة القانون الدولي الخاص في الفقه الإباضي، كمدخل ضروري لموضوع هذا الكتاب، أن نشير إلى أمور ثلاثة: الأول مسائل القانون الدولي الخاص في الفقه ا لإباضي. الثاني الدور (دار الإسلام ودار غير المسلمين) في الفقه ا لإباضي. الثالث مستويات العلاقات الخاصة في الفقه ا لإباضي. ونخصص لكل مسألة من المسائل آنفة الإشارة إليها مبحث ً ا. :∫hC’G åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ¢UÉîdG »dhódG ¿ƒfÉ≤dG πFÉ°ùe يمكن القول إن مسائل القانون الدولي الخاص ليست غريبة عن فقهاء المذهب الإباضي. فقد عالجوها كلها تقريبا كما سيتضح من ً خلال هذا البحث بطريقة تدل على عمق في الفكر وذكر لأهم المشاكل، النظرية والعملية، المتصورة، كل ذلك في إطار من الاستناد إلى قواعد الشريعة الإسلامية واجبة التطبيق، ومع الأخذ في الاعتبار العديد من العوامل التي أدت إلى وجود مسائل تدخل في إطار مسائل القانون الدولي ا لخاص. يتضح مما تقدم أن هذا المبحث يقودنا إلى دراسة أمور ثلاثة: الأول معرفة فقهاء المذهب الإباضي لأحكام القانون الدولي الخاص ولكن تحت مسميات مختلفة. الثاني الدين عنصر مهم لحل مشاكل القانون الدولي الخاص في الفقه الإسلامي وفي المذهب ا لإباضي. الثالث عوامل وجود قواعد القانون الدولي الخاص في الفقه الإباضي øμdh ¢UÉîdG »dhódG ¿ƒfÉ≤dG ΩÉμMC’ »°VÉHE’G Ögò`ªdG AÉ`¡≤a á`aô`©e `` CG :iôNCG äÉ«ª°ùe âëJ يبين الإطلاع على فقه الإباضية معرفتهم لمسائل القانون الدولي هي « القانون الدولي الخاص » الخاص، ولكن تحت مسميات أخرى. فتسمية تسمية حديثة نسبيا، لذلك كان من الطبيعي ألا يستخدمها فقهاء المذهب ً الإباضي، خصوصا الأقدمون منهم. ً ونكتفي هنا بذكر ما يلي: :« في أحكام ملل أهل الشرك والأصنام » ١ استخدام عبارة هذه عبارة استخدمها الفقه الإسلامي، أو استخدم عبارات قريبة منها « أحكام أهل ا لذمة » : مثل الإمام ابن قيم الجوزية في كتابه(١) ، والإمام الخلال « أحكام أهل ا لملل » : في كتابه (٢) . (١) راجع ابن القيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، تحقيق: طه عبد الرؤوف، دار ابن خلدون، الإسكندرية، ١٤١٥ ه - ١٩٩٥ م (جزآن). (٢) أبو بكر الخلال: أحكام أهل الملل، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٤ ه ١٩٩٤ م. ِ في أحكام ملل أهل الشرك » وفي المذهب الإباضي تم استخدام عبارة .« والأصنام يقول الإمام الجيطالي تحت هذا ا لعنوان: اعلم أن اليهود والنصارى والصابئين هم من أهل كتاب وأحكامهم » واحدة وذلك أنهم يدعون أولا ً إلى الدخول في الإسلام. واختلف في كيفية دعوتهم فقيل يدعو الإمام من أهل القرى الأمراء. وأما أهل البادية فإنهم يدعوهم واحد ً ا واحد ً ا. وقيل يدعو المنظور إليه منهم والرؤساء كأهل القرى وإن لم يعلم لغتهم فانه يترجم لهم بأمينين وقيل: بواحد، فإن قبلوا دعوته ودخلوا الإسلام فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، وإن أبوا من الإسلام دعوا إلى إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون، فإن أعطوها قبلت منهم وتركوا على ما هم عليه. وتحل منهم  تلك الجزية، وأكل ذبائحهم ونكاح الحرائر المحصنات منهم دون الإماء .« والمسافحات وبخصوص المجوس يقول: وأحكامهم أيض » ً ا كأحكام أهل الكتاب حذو النعل بالنعل إلا في الذبائح ونكاح الحرائر منهم فهما على التحريم ولو مع إعطاء الجزية، والأصل في هذا حديث النبي ژ من طريق عبد الرحمن بن عوف 5 أنه ‰ قال: سنوا بهم سنة أهل ا لكتاب «(١) . ُُ يتضح مما تقدم أن الإمام الجيطالي وضح قاعدتين مهمتين: الأولى فلهم ما للمسلمين وعليهم ما » أن غير المسلمين إن أسلموا .« على ا لمسلمين (١) الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ - ٢، مكتبة الاستقامة، ١٤٢٣ ه ٢٠٠٣ م، ص ١١٠ -.١١١ الثانية قبلت منهم وتركوا على ما » أنهم إن لم يسلموا وأعطوا الجزية أي: يتم احترام القواعد القانونية التي تخصهم وكذلك عاداتهم ؛« هم عليه وتقاليدهم المقررة في أديانهم. وما ذكره الجيطالي يدخل في أخص مسائل القانون الدولي الخاص بمعناه ا لمعاصر. :« مسائل ما بيننا وبين ا لمشركين » ٢ استخدام عبارة استخدم هذه العبارة خصوصا الإمام ا لوارجلاني(١) ، والذي يمكن  ً  (١) لأهمية رأي الوارجلاني، نذكره بحذافيره: اعلم أنه لا يجوز لأحد أن يتخذ دار الشرك وطن » ً ا لقول رسول الله ژ : ثلاثة من الكبائر: » « خروجك من أمتك وتبديلك سنتك، وقتالك أهل صفقتك . :« خروجك من أمتك » ومعنى ُ أراد بذلك ‰ اتخاذ دار الشرك وطن ً رجوعك إلى البادية بعد :« تبديلك سنتك » : ا، وقوله قتالك من بايعته بلا حدث. وقال ژ في المسلمين :« قتالك صفقتك » : القرار، وقوله دليل على أن لا يجوز مساكنتهم، ويجوز السفر إلى بلادهم، « لا تنزل آثارهم » : والمشركين إن أمنا أن لا يغدروا بنا ولا يجرون علينا أحكامهم ولا يكرهونا على معصية. ويجوز دخولنا عليهم عيون ً ا وجواسيس ورسلا ً ، ودعاة ً إلى الإسلام وإلى الصلح، أو نقض الصلح، َ أو لأمر يحدث مما للمسمين فيه فرج ومخرج . وإن طلبوا منا الأمان للتصرف في بلادنا ٌٌ للتجارة أو للإسلام أو رسل إلينا، فجائز لنا تركهم أو الفكوك أو للبيع والشراء بالأمان فلا بأس، قال الله تعالى: ﴿ ÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹¸ Ä ﴾ ..[ [التوبة: ٦ . وإن افتتح المشركون بلاد المسلمين، لأن أهل البلاد جائز لهم الكون معهم وتحتهم، وتجري عليهم أحكامهم. ولا يجوز لأحد أن ينزلها وأن يتخذها وطن ً ا من سائر الناس. وإن خرج أحد من المسلمين من بلاده من خوفهم، فهو مثل من لم يسكنها قط. وإن كان المشركون أهل الكتاب كاليهود والنصارى، فللمسلمين مخالطتهم ومبايعتهم ومؤاكلتهم، ويأكلون ذبائحهم وسمونهم وأقطهم وجبنهم، ما لم يظهروا على حرام. وكذلك طبخهم وطعامهم وشرابهم ليس الخمور. وإن اتهموهم على النجاسة، فليخرجوا ما قدروا. ولا يتزوجون إليهم، ولا يت َ سرون، ولا ينكحونهم. ويعاملونهم في أموالهم ولا يحذرون َْ منها شيئ ً ا ولو كان أثمان الخنازير، أو من أثمان الربا. ولا يعاملونهم بالربا، ولا يأكلون = مما قاله أن نستنبط أنه ذكر أمورا كثيرة تتعلق بالقانون الدولي الخاص، ً ومنها: = خنازيرهم، ويدفعون عن بلدهم من أراد ظلمهم إلا عساكر المسلمين فلا يدفعونهم. ويتقون من المجوس جميع ما يؤكل، كل مما يخافون عليه النجاسة، أو من السمون والأجبان والطبيخ وغير ذلك. وإن غصبونا نساءنا وبناتنا، فإنا على الأصل لا تحرم علينا نساؤنا إذا رجعت إلينا، ونستبرئهن ثم لا نباليهن ولا نحتاج إلى نكاح جديد، وأما اشتراكهن فلا. ويجوز لنا منهم جميع ما يجوز للمسلمين الذين لم يتملكوهم، من غدر وخيانة ودلالة، والخروج عليهم ما لم نجعل إلى أنفسنا سبيلا ً ، في عهد أو ميثاق، أو أمانة . وإن دخلنا بلادهم بأمان فإنا لا نخون ولا نغدر. وإن دخلنا أسارى، فإن قدرنا على الهروب هربنا، ونسوق معنا من أموالهم ما قدرنا عليه، ومن الحرم والذرية. وليس علينا منهم شيء، وليس لهم فينا عهد ولا ميثاق. وإن دخلنا عليهم في بلادهم بأمان، أو رسلا ً ، أو لافتكاك أسارانا، فإنا لا نخون ولا نغدر. وإن جاءونا إلى بلادنا بأسرانا لنفكهم، فإنا نتفق معهم. فإن اتفقنا كان ذلك. وإن لم نتفق سلمنا إليهم إخواننا، وذهبوا بهم إلى بلادهم. فإن وقع منهم اشتطاط في الفداء، منعناهم في بلادنا. ولا نمنع لهم إخواننا، ويكونون في أيديهم. والله أعلم في هذه ا لمسألة. وإن دخلوا في بلادنا بأمان، فما أتوا به من المحارم، أجرينا عليهم حكمه كما نجريه على أنفسنا، من السرقة والزنا والقصاص وغ ُرم الأموال، إلا إن رأى أمير المؤمنين غير ذلك، ْ فليصلح ما أفسدوا من بيت مال المسلمين. وإن أتوا بهدايا من ملوكهم وسلاطينهم، ْ قبلناهم وأنبأناهم عليها، ونرسل إليهم هدايانا استصلاحا للمسلمين. وإن طعنوا فينا، أو ً في رسول الله ژ ، أو في السلف، فليس علينا منهم شيء، حتى يخرجوا من بلادنا. وإن أسلم واحد منهم وهو في بلادهم، ولم يصب السبيل إلى بلاد المسلمين، وعليه زكاة وعشور وفط ْ ر، ولم يصب من المسلمين أحد ً ا، إلا المخالفين فإنه يدفعها لهم. وإن لم يصب أحد ً ا، فإنه يدفعها لفقراء المشركين. وإن أصاب إرسالها فليفعل. وإن قاتلناهم ولم نقدر لهم على شيء، ووقعت المهادنة بيننا وبينهم، واشترطنا عليهم أن يخرجوا معنا في عساكرنا لقتال عدونا، فنسهم لهم، أو على خرج معلوم. أما الخرج فنعم، وأما الإسهام فلا. وإن وقعت منهم شروط مذل ّ ة مثلما جرى لرسول الله ژ لأهل مكة، فإنا لا نجيبهم إلى شيء من ذلك، وقد انتسخت شروط المهادنة في قول بعضهم. وقال الوارجلاني: الدليل « بعضهم: كل ما جاز لرسول الله ژ جاز لنا حتى تضع الحرب أوزارها والبرهان، المجلد الثاني، ج ٣، ص ٩٣ -.٩٥ أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٢٨ • عدم جواز الإقامة في ديار غير المسلمين، إلا لضرورة. • جواز دخول غير المسلمين إلينا للتجارة أو للإسلام أو رسلا ً . • جواز التعامل مع أهل الكتاب كاليهود والنصارى. • عدم الخيانة أو الغدر بغير المسلمين إذا دخل المسلم إليهم بأمان. • تطبيق أحكام الإسلام على غير المسلمين الموجودين في ديار الإسلام إذا ارتكبوا جرائم، كالزنا والسرقة وغ ُ رم الأموال، بنفس ما يطبق على المسلمين أهل ا لديار. وسنرى أن هذه المسائل التي بحثها الوارجلاني من أمهات مسائل القانون الدولي ا لخاص. بتغاير مكان إقامة بلد ذات « واجب التطبيق » ٣ تغاير القانون الشخص: يمكن استخلاص ذلك مما قاله الإمام أطفيش: ٍ من لم يكن له قرار يقصد فيه كباد ومنتقل » ٍ من بلد لأخرى، فالحكم فيهم والسيرة على ما حكموا على أنفسهم بإقرارهم، أو ما شهد به عليهم الأمناء إن أقروا أو كما شهد عليهم (حيث كانوا أو توجهوا إلا إن دخلوا ُ موضعا غلب فيهم عليهم حكم غيرهم)، ولو لم يعلم حكمهم بأن لم يقروا ً ولم يشهد عليهم، (ولا يصلون إلى إظهار دينهم وحكمهم) أو يصلون ولم يظهروه، ولا يوجد من يعرف لغتهم (فالحكم فيهم للظاهر عليهم) وقد يدخلون بلد ً ا ظهر فيه الإسلام فيحكم عليهم بحكمه إذ لم يعلم حالهم، ولم يكن إقرار أو شهادة تناقضه ثم يدخلون بلد ً ا ظهر فيه الشرك فيحكم عليهم بحكمه إذ لم يعلم حالهم ولا إقرار ولا شهادة، ثم يدخلون بلد ً ا ظهر فيه الإسلام فيحكم عليهم بحكمه، وهكذا، ولو كان الحاكم في ذلك كله « ا(١) واحد ً . ولا شك أن ما قاله أطفيش يظهر بما لا يدع مجالا ً لأدنى شك على العلاقات الخاصة التي « القانون واجب التطبيق » معرفة الإباضية لمسألة تحتوي على عنصر أجنبي. ٤ الإمام السالمي ومسائل القانون الدولي ا لخاص: أشار الإمام السالمي إلى بعض موضوعات القانون الدولي الخاص، بقوله:  هذا جواب لكتاب وصلني من زنجبار، مجادلا » ً فيه عن إخوان الكفار عبد َ ة الدرهم والدينار، وذلك حين نزع الله حكومة زنجبار من أيدي َ المسلمين بما كسبت أيديهم. وسلط عليهم عدوهم، بما تركوه من أوامر ربهم، فاحتلها النصارى بالمكر والخدائع، ونصبوا لهم أنواع الحيل السالبة للدين، رغبة ً في سلب دينهم، كما سلبوا دنياهم فيكونون سواء، فمال إليهم من لا خلاق َ له من جهال المسلمين، ومن زاغ عقله عن سنن الدين، فتزينوا َْ َْ بملابسهم، وعوجوا ألسنتهم بلغاتهم، وخالطوهم في مدارسهم، وعاونوهم في محاكمهم التي هي بيت الظلم ومستقر البوار، فصدرت مني إليهم إشارة « بالنصيحة عن هذا الاعوجاج، ومطالبة الرجوع إلى أقوم ا لمنهاج(٢) . ونرى أن السالمي يكون بذلك أشار إلى موضوعات عدة ينتظمها القانون الدولي الخاص، وهي: (١) أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٧ ، ص ٥٦١ -.٥٦٢ (٢) الإمام السالمي: بذل المجهود في مخالفة النصارى واليهود، الطبعة الأولى، ١٩٩٥ م، . ص ٦ • • • • وجود نزاع يحتوي على عنصر أجنبي. القانون الذي يحكم هذا النزاع ويجب تطبيقه عليه. المحاكم ا لمختصة. جنسية أطراف ا لنزاع. ¬≤ØdG »`a ¢UÉ`îdG »dhó`dG ¿ƒfÉ≤dG π``cÉ°ûe π`ëd º``¡e ô``°üæY ø`jódG `` Ü :»°VÉHE’G ÖgòªdG »ah »eÓ°SE’G نظرا لأن المذهب الإباضي هو أحد المذاهب الإسلامية، فإن قواعد ً الدين الإسلامي سيكون لها القول الفصل في بيان الحل واجب التطبيق على المنازعات والمراكز القانونية التي تطرح أمام القاضي ا لإباضي. إذ يستند القضاء الإباضي إلى قواعد المذهب وما يقرره الشرع في أحكامه . فقد قررت المحكمة العليا في سلطنة عمان: ُ أنه لا يسوغ شرع » ً ا وقانون ً ا أن تقيم المرأة في بيت مطلقها بعد انتهاء .« عدتها منه وتقول ذات ا لمحكمة: محكمة أول درجة قد أصابت صحيح الشرع والقانون حينما » «... قضت (١) . لذلك خصص الجيطالي عنوان ً قال « في معرفة الملل وأحكامها » : ا أسماه فيه: (١) مجموعة المبادئ والقواعد التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ م وحتى ٢٠١٠ م، سلطنة عمان المحكمة العليا، ص ٦٦ ُ - .٦٧ وذلك واجب على كل مكلف في أول حال بلوغه، وشدد أصحابنا » « فيمن جهل ذلك أن يبلغه إلى ا لشرك(١) . يقول أطفيش إن: ِ ِ  « من لازم الإيمان بالشيء العمل بمقتضاه »(٢) .  ويضيف أيض ً ا: فكل شيء يحتاج إليه يؤخذ من القرآن نصا وفهما، أو ضمن » ً ا وبالقياس، ً « ل(٣) فالكامل لا يكم .  ووجود حلول لمسائل القانون الدولي الخاص في الفقه الإباضي ليس  بالأمر الغريب. يقول ابن خلفون:  وأصول الفقه: معرفة أحكام الشريعة التي طريقها الاجتهاد والرأي. »   والفقه ضربان: معلوم، ومظنون؛ فالمعلوم ما ثبت بنص الكتاب، ومتواتر  ْ السنن، وإجماع الأمة. والمظنون ما ثبت بمحتمل ا لتأويل، والآحاد، والأقيسة ُ المسندة إلى الكتاب والسنة، وليس فيها تكفير ولا تفسيق ولا تضليل، باتفاق أهل العلم [إلا ما كان من المعظم أصولها]. واعلم أن كل حادثة لا تخلو من حكم الله فيها، إما أن يكون منصوصا ً عليها بعينها بأخص أسمائها، أو مدلولا ً عليها في الجملة مع غيرها. فإذا وردت ْ عليك مسألة فالتمسها في [الأصل الذي هو] نصوص الكتاب، ْ ومتواتر ا لسنة، وإجماع ا لأمة، فإن لم تجدها فالتمسها في معقول الأصل من ْ (١) الجيطالي: قناطر الخيرات، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٣٩ ؛ الجيطالي: قواعد الإسلام، . المرجع السابق، ج ١، ص ١٠٥(٢) أطفيش: تيسير التفسير، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه - ، ١٩٨٦ م، ج ١ ُ . ص ١١٨(٣) . ذات المرجع، ج ٤، ص ٣٩١ ٣٢ « العمل على الأدلة في أحكام ا لشريعة (١) . لحن الخطاب وفحواه، ودليله ومعناه، وأخبار الآحاد. فإن لم تجدها ْ فاستصحب حال الأصل من شغل الذمة وبراءتها حتى يتبين لك [وجه] الحق من ذلك. واعلم أن  ومن المعلوم أن الإسلام وضع قواعد عديدة، كلها سديدة، للتعامل بين المسلم وغير المسلم، سواء في الدول الإسلامية أو غير ا لإسلامية. حري بالذكر أن القانون الدولي المعاصر لا يستند إلى الدين كأساس لقواعده ونظمه(٢) . وهو أمر يختلف عن النظام الإسلامي والذي يجعل الشريعة الإسلامية في بؤرة اهتماماته حتى على الصعيد الدولي وفي إطار العلاقات مع الدول ا لأخرى(٣) . وفي علاقات المسلمين كأفراد مع أتباع الديانات ا لأخرى. (١) أجوبة ابن خلفون، تحقيق: د. عمرو النامي، دار الفتح للطباعة والنشر، بيروت، ص ١٠٠ - .١٠١ (٢)لذلكقيل : «Cuius reio eius religio was the substantive formula for the peace of Wesphalia that satisfied the parties» Cf Zartman and Berman: The practical negotiator, Yale Univ. press, 1982, p 103. كذلك يشير آخرون إلى أن: «Le droit international positif ignore de telles subtilités paraـ juridiques, et fait fi d’un prétendu jus religionis: il a pour sujets des Etats et non pas des communautés d’intérêts idéologiques» R. Yakemtchouk: Les frontièrs Africaines, RGDDIP, 1970, p 58. (٣) ذلك أن الإسلام هو ديانة وقاعدة سلوك في الحياة، راجع: Z. Choker: Origines et caractères du pouvoir politique dans l’Islam médieval, thèse, Aix Marseille, 1976, p5. كذلكفإنه : «A la différence du Christianism, l’Islam a toujours prétendu avoir vocation à … forger sur terre le meilleur type de societé possible, équitable et conforme à la volonté bienveillante de Dieu» M. Rodinson: Islam, facteur de conservatism ou de progrès, in pouvoirs: Les régimes Islamiques, PUF, paris, 980, p31. انظر كذلك: رد المنفلوطي على مقولة اللورد كرومر أن الدين الإسلامي دين جامد لا يتسع صدره للمدنية الإسلامية، ولا يصلح للنظام الاجتماعي، في مصطفى لطفي المنفلوطي: النظرات، المكتبة التجارية الكبرى بمصر، ج ١، ص ١٨١ - .١٨٨ يبدو ذلك جليا من المقولة الشهيرة لابن خلدون بخصوص وظائف  الخلافة: لما تبين أن حقيقة الخلافة نيابة عن صاحب الشرع في حفظ الدين » وسياسة الدنيا. فصاحب الشرع متصرف في الأمرين. أما في الدين فبمقتضى التكاليف الشرعية الذي هو مأمور بتبليغها وحمل الناس عليها. وأما سياسة  .« الدنيا فبمقتضى رعايتهم في العمران ا لبشري وهكذا فقد عني الإسلام بكافة جوانب الحياة، بما في ذلك تقرير ُ قواعد للتعامل في إطار القانون الدولي والعلاقات الدولية في مختلف جوانبها ومناحيها، وسواء كانت علاقات دولية عامة، أو علاقات دولية خاصة. ومن الثابت أن قواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية لم تنشأ بين عشية أو ضحاها. فقد عرف الإغريق قواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية، ولكنها كانت قواعد تحكم العلاقات بين المدن اليونانية، أما بالنسبة للآخرين (البربر) فهم مخلوقون فقط كما يقول أرسطو ليخدموا اليونانيين. كذلك طبق الرومانيون قواعد القانون أما بالنسبة لباقي دول ،« الحلفاء أو الأصدقاء » الدولي بالنسبة للأجانب العالم فقد ساد التحكم (والذي اختلف تبعا للأحوال والملابسات)، بدلا ً ً من ا لقانون. أما الإسلام فقد وضع، منذ بداية وجوده، قواعد قانونية يلتزم بها المسلمون في علاقاتهم مع غير ا لمسلمين(١) . (١) د. أحمد أبو الوفا: نحو نظرية للعلاقات الدولية في الفقه الإسلامي، ندوة تطور العلوم الفقهية: النظرية الفقهية النظام الفقهي، سلطنة عمان، أبريل ٢٠١٢ م، ص ٧ -.٨ ُ وهو أمر يقره ،« دين ودولة » أو هو « دين ودنيا » وبالتالي، فالإسلام الاتجاه الغالب في الفقه الإسلامي، بما في ذلك الفقه ا لإباضي (١) . ونستطيع أن نؤكد أنه ليس هناك تعارض بين الإسلام والنظام الدولي المعاصر (أو الذي سبقه)(٢) ، بل هناك تعايش بينهما قائم أو يجب أن يقوم على الاحترام ا لمتبادل. :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ¢UÉîdG »dhódG ¿ƒfÉ≤dG óYGƒb OƒLh πeGƒY `` ê تفترض العلاقات التي يحكمها القانون الدولي الخاص أن تتم: (١) الإسلام دين لا » راجع، على سبيل المثال، الرد على قول د. محمد أحمد خلف الله: إن في: « دولة عامر الراشدي: الدخيل في التفسير لدى أبرز المعاصرين والرد عليه، وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية، سلطنة عمان، ١٩٩٥ م، ص ٧٨ ُ ويقرر رأي آخر: - .٨٣ إن الظروف التاريخية التي نشأ الإباضية في ظلها أوجدت عندهم فقه » ً ا عميق ً ا،  ا سياسي بعضه يتعلق بالسياسة الداخلية، وبعضه الآخر بالسياسة الخارجية، أو بعبارة أدق ّ سياسة تتعلق بعلاقاتهم بعضهم ببعض داخل دولهم أفراد ً ا وجماعات، وأخرى تتعلق بعلاقاتهم د. محمد صالح ناصر: منهج الدعوة عند « مع جيرانهم، أو خصومهم من مخالفيهم الإباضية، جمعية التراث، القرارة الجزائر، ١٤٢٢ ه ٢٠٠١ م، معهد العلوم الشرعية، . مسقط، ص ١٩٩ (٢) يذهب البعض (الأستاذ بوزمان) إلى القول بأن الإسلام يتعارض والنظام القانوني القائم بالنظر إلى عدم قابليته للتغيير ولاستناد فقهاء المسلمين إلى مفاهيم قديمة تتعارض والوضع الراهن. انظر هذا الرأي والردود عليه في: Pisctori: Islam and international legal order, dissertation, Univv. Of Virginia, 1976, p.115 and ss, p. 395. والذي يقرر ص ٤ من مقدمة رسالته: «.. Islam is not intrinsically, antithetical to the prevailing international legal order». ويضيف أيض ً :( ا (ص ٣٢٧ «.. Islam should not be singled out as uniquely hostile to the international legal order». ١ بين أفراد ذوي جنسيات مختلفة على ذات ا لإقليم. ٢ أو بين أفراد ذوي جنسيات مختلفة مع اختلاف الإقليم الذي يتواجد فيه كل واحد منهم. أو أن يتواجد الشيء محل النزاع في إقليم أجنبي مع وحدة أو اختلاف الإقليم الذي يتواجد فيه أطراف النزاع. معنى ذلك أن العلاقة قيد البحث « تعايش » يوجد بها عنصر أجنبي: شخصي أو مكاني، تظهر نتيجة وجود(١) أو تنازع بين أطرافها. وقد تطرق الفقه الإباضي إلى أهم العوامل التي تخص العلاقات الخاصة الدولية؛ وهي: « الآخر » ١ بحث فقهاء المذهب الإباضي إمكانية إقامة علاقات مع (غير ا لمسلمين):  يكفي أن نذكر هنا ما قاله الشيخ بيوض: (١) يقرر رأي: يعتبر مفهوم التعايش من المفاهيم الإضافية التي تتصور عادة بلحاظ طرفين تقوم بينهما »دلالة » حالة من الإسناد والاعتماد، والاستفادة والإفادة؛ أي: إن هذا المفهوم يحمل بين الطرفين بقطع النظر عن وصفها، ومتقوم بطرفين، ودلالته العرفية هي دلالة « تفاعلية إيجابية ما تفيد عيش الطرفين في وئام وسلام ومحبة ومودة وألفة، وبهذا اللحاظ سوف في التعريف أو الوصف، لكون مفهوم التعايش يدل بذاته « السلمي » نحتاج إلى إضافة قيد على وجود تلازم بينه وبين السلام والسلم والألفة؛ أي: أن بين التعايش والسلام تلازما ً ذاتيا، فهو من قسم الدلالة التلازمية، وما كان على خلافه فلا يطلق عليه تعايش ً ا من أصل، .« ويعتبر هذا المصطلح من المصطلحات الحديثة التي أوجدتها الحاجة ا لاجتماعية الشيخ هلال اللواتيا: فقه العيش مع الآخر من منظور فقه المذهب الجعفري، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ ه ُ . ٢٠١٣ م، ص ٤٣  ومن المعلوم أن المجتمع المسلم لا يعيش معزولا » ً ، بل لا بد أن يكون  مجاورا ومتصلا ً بمجتمعات أخرى كافرة، ومن طبيعة أهل الأرض أن يختلط ً « بعضهم ببعض، مؤمنهم بكافرهم، ويهوديهم بنصرانيهم(١) . ويتفق ذلك مع ما قرره الإسلام وأكد عليه: فقد حبذ الإسلام منذ البداية إقامة علاقات دولية، مع الدول والشعوب الأخرى (٢) ، في قوله تعالى: ﴿ MLKJIHGFE ZYXWVUTSRQPON ﴾ [ [الحجرات: ١٣(٣) . ولعله يخلص من الآية السابقة أن الغرض من إقامة علاقات دولية (علاقات التعارف) يحتم: (١) الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، جمعية التراث، غرادية الجزائر، ج ٢٠ ، ص ١٣٩ (قاله  في معرض تفسيره للآية ١٣ من سورة ا لحجرات). (٢) مسالك الدين الأربعة وهي: (الظهور، والدفاع، والشراء، والكتمان) » يقرر رأي أن أصل من أهم ما يتميز به الإباضية في مجال الفكر السياسي. فهو يضع جملة من التعاليم والمبادئ يحدد الإباضية وفقهها مواقفهم السياسية في مختلف الظروف الزمانية والمكانية سواء المتعلقة بالشؤون الداخلية حيث تتواجد التجمعات الإباضية، أو المتعلقة بالشؤون الخارجية متمثلة في علاقاتهم بالدول الأخرى أو تكتلات مخالفيهم. ولعل السر في استمرار البقاء الإباضي، منذ أن سطع نور الإسلام إلى يومنا هذا سواء البقاء الفكري في عقيدتهم وتعاليمهم، أو البقاء الاجتماعي في قبائلهم وشعائرهم، يعود إلى هذا الأصل الذي يضمن لهم أسباب التكيف والتأقلم مع الحياة وتطوراتها مع الأمم وساساتها، .« مع المخالفين وعقائدهم، كل ذلك ضمن الإطار الشرعي وفي حمى الكتاب والسنة عدون جهلان: الفكر السياسي عند الإباضية، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ُ ١٤١١ ه . ١٩٩١ م، ص ١٤٩ (٣) خلق الله بين الذكر والأنثى أنساب » : بخصوص هذه الآية، قيل ً ا وأطهار ً ا وقبائل وشعوب ً ا، ابن ،« وخلق منها التعارف، وجعل لهم بها التواصل، للحكمة التي قدرها، وهو أعلم بها العربي: أحكام القرآن، تحقيق: علي البجاوي، دار الجيل، بيروت، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، . ج ٤، ص ١٧٢٥ ؛ القرطبي: أحكام القرآن، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ج ١٦ ، ص ٣٤٢ ١ عدم علو شعب على شعب. ُ  ٢ عدم انغلاق شعب على نفسه. ٣ ضرورة إقامة ما يؤدي على التعارف: كتبادل الممثلين الدبلوماسيين أو القناصل، وإبرام المعاهدات الدولية، والتجارة الدولية، والزواج، والقيام بما تقتضيه مقتضيات المجاملات ا لدولية... إلخ.٤ حظر كل ما يترتب عليه عدم التعارف (انغلاق الدولة أو الفرد أو الجماعة على نفسها)، إلا إذا وجد ما يحتمه. ٥ المساواة بين البشر، وبين الدول، وبحيث لا يكون التفضيل إلا لمعيار التقوى والعمل ا لصالح(١) . ومما يؤيد اهتمام الإسلام بإقامة علاقات بين مختلف البشر أيضا قوله ً تعالى: ﴿ ¯®¬«ª© ° ³²± ´ ¶µ ¸ À¿¾½¼»º¹ ﴾ [ [الزخرف: ٣٢ . كذلك يقول جل شأنه: ﴿ WVUTSRQPONMLKJI ^]\[ZYX ﴾ [ [الممتحنة: ٨ . يقول ا لشوكاني: كان النبي ژ وأصحابه يعاملون اليهود من أهل المدينة، وممن حولها » وهم مستحلون لكثير مما حرمه شرعنا، وهكذا كان النبي ژ يعامل هو (١) د. أحمد أبو الوفا: نحو نظرية للعلاقات الدولية في الفقه الإسلامي، ندوة تطور العلوم الفقهية، النظرية الفقهية النظام الفقهي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ُ أبريل ٢٠١٢ م، ص ١٠ -.١١  وأصحابه أهل مكة قبل الهجرة، ومن يرد إليها من طوائف الكفار، ولم يسمع على كثرة هذه المعاملة، وتطاول مدتها أنه ژ قال: هذا كافر لا تحل معاملته ولا قال أحد من أصحابه كذلك. وإذا كان هذا في معاملة الكفار الذين هذا حالهم ومسلكهم، فكيف لا تجوز معاملة من هو من المسلمين مع تلبسه بشيء من الظلم، فإن مجرد كونه مسلما يردعه عن بعض ما حرمه ً « الله عليه(١) . وقد أباح الإسلام التعامل مع غير المسلمين، بل ومؤاكلتهم، يقول تعالى: ﴿ ° ³²± ´¶µ ¸¹ ﴾ [ [المائدة: ٥ .  وقد أكدت ا لسنة ا لنبوية على ذلك أيض ً ا:  فمن المعروف أنه ژ رهن درعه عند يهودي.  معاملة الكفار جائزة، إلا بيع ما يستعين به أهل » : يقول ابن بطال .« الحرب على ا لمسلمين يدل على ذلك ما رواه عبد الرحمن بن أبي بكر @ : كنا مع ا لنبي ژ ، » ثم جاء رجل مشرك م ُ شعان (طويل الشعر) بغنم يسوقها، فقال النبي ژ بيع ً ا « أم عطية أو قال: أم هبة؟ فقال: لا، بيع، فاشترى منه شاة(٢) . (١) الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٥ ه . ١٩٩٤ م، ج ٣، ص ٢١ (٢) . ابن حجر العسقلاني: فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج ٤، ص ٤٦٩ ولما » : وبخصوص الوضع القانوني لغير المسلمين أيام ا لنبي ژ ، يقول ابن قيم الجوزي قدم النبي ژ المدينة صار الكفار معه ثلاثة أقسام: قسم صالحهم ووادعهم على أن لا يحاربوه ولا يظاهروا عليه ولا يوالوا عليه عدوه وهم على كفرهم آمنون على دمائهم وأموالهم، وقسم حاربوه ونصبوا له العداوة، وقسم تاركوه فلم يصالحوه ولم يحاربوه بل انتظروا ما يؤول إليه أمره وأمر أعدائه، ثم من هؤلاء من كان يحب ظهوره وانتصاره في الباطن، ومنهم من كان يحب ظهور عدوه عليه وانتصارهم، ومنهم من دخل معه في = لذلك يجيز الإسلام تبادل العلاقات مع غير المسلمين، إذا كانت في حدود القواعد الشرعية العليا. يقول الإمام ا لماتريدي: لا بأس ببيع الطعام من الكفرة، ولا يصير ذلك كالمعونة على ما هم »  « عليه(١) . لا بأس للمسلم أن يكون بينه وبين أهل الذمة معاملة، مما » : كذلك قيل« لا بد منه(٢) . ومن مقتضيات علاقة المسلمين بغيرهم:   « تبادل المصالح، واطراد المنافع، وتقوية الصلات ا لإنسانية »(٣) .   ح َ ري بالذك ْ ر أن إقامة علاقات بين المسلمين وغير ا لمسلمين:  ١ من ناحية، لا يتعارض مع ما ذكره القرآن الكريم من تعاملهم في أمور،  وإن كانت هذه الأمور محرمة في الشريعة الإسلامية في جميع الأحوال على ا لمسلمين. = الظاهر وهو مع عدوه في الباطن ليأمن الفريقين وهؤلاء هم المنافقون، فعامل كل طائفة من هذه الطوائف بما أمره به ربه تبارك وتعالى، فصالح يهود المدينة وكتب بينهم وبينه .« كتاب أمن وكانوا ثلاث طوائف حول المدينة: بني قينقاع وبني النضير وبني قريطة ، ابن قيم الجوزية: زاد المعاد في هدي خير العباد، دار الكتاب العربي بيروت، ج ٢ ص ٧٠ - ٧١ ؛ الشيخ عبد الحي الكتاني: نظام الحكومة النبوية المسمى التراتيب الإدارية، دار الكتاب العربي، بيروت، ج ١، ص ٣٨٤ -.٣٨٥ (١) الإمام الماتريدي: تأويلات أهل ا لسنة، تحقيق: د. محمد مستفيض الرحمن، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، العراق، ١٤٠٤ ه . ١٩٨٣ م، ص ٢٤٨ (٢) الإمام أبو الليث السمرقندي: بستان العارفين في الآداب الشرعية، دار المنار، القاهرة، . ١٩٩٥ م، ص ٢٤٣(٣) . السيد سابق: فقه ا لسنة، مكتبة الخدمات الحديثة، جدة، ج ٣، ص ١٠٩ وهكذا بخصوص قوله تعالى: ﴿ ³²± ´¶µ ¸ µ À¿¾½¼»º ﴾ [ [النساء: ١٦١ ، ذهب اتجاه إلى .« وذلك لما في أموالهم من هذا ا لفساد » أن معاملة الكفار لا تجوز   وقد رد على ذلك ابن العربي بقوله: والصحيح جواز معاملتهم مع رباهم واقتحامهم ما حرم الله سبحانه » عليهم، فقد قام الدليل القاطع على ذلك قرآن ً ا وسنة، قال تعالى: ﴿ ° ُ ³²± ´¶µ ¸¹ ﴾ . وهذا النص في مخاطبتهم بفروع الشريعة، وقد عامل ا لنبي ژ اليهود، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي في شعير أخذه لعياله. وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه سئل عمن أخذ ثمن الخمر في ُُ الجزية والتجارة، فقال ولوهم بيعها وخذوا منهم عشر أثمانها؛ والحاسم ُ .« لداء الشك والخلاف اتفاق الأئمة على جواز التجارة مع أهل ا لحرب كانوا يسافرون في فك » : ويضيف ابن العربي أن الصحابة والمسلمين الأسرى، وذلك واجب؛ وفي الصلح كما أرسل عثمان وغيره، وقد يجب « وقد يكون ندبا، فأما السفر لمجرد التجارة فذلك مباح(١) . ً ٢ من ناحية أخرى: لا يتعارض مع نهي القرآن الكريم من اتخاذ غير المسلمين أولياء من دون المسلمين، والذي أكده قوله تعالى: ﴿ ¬ ¯® ° ¶µ´³²± ¸ º¹ » ÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼ ﴾ [ [آل عمران: ٢٨ . (١) ابن العربي: أحكام القرآن، ج ١، ص ٥١٤ -.٥١٥ + ﴾ِ * ) ( ' & % $ # " ﴿! ـ [١ :ﺔﻨﺤﺘﻤﻤﻟﺍ]. ﴿§¦ ±°¯®¬«ª©¨ ـ  ³² ´µ ﴾ [ [النساء: ١٣٩ . وهكذا بخصوص قوله تعالى: ﴿ " &%$# ' ( ,+*) -﴾ [ [المائدة: ٥١ ، قال ابن عطية: نهى الله تعالى المؤمنين بهذه الآية عن اتخاذ اليهود والنصارى في » النصرة والخلطة المؤدية إلى الامتزاج.... وأما معاملة اليهود والنصارى من غير مخالطة وملابسة فلا يدخل في النهي، وقد عامل رسول الله ژ يهوديا « ورهن درعه(١) . يقول آدم ميتز (بخصوص التعايش بين المسلمين وغيرهم): إن أكبر فرق بين الإمبراطورية الإسلامية وبين أوروبا التي كانت كلها » على المسيحية في العصور الوسطى وجود عدد كبير من أهل الديانات الأخرى بين المسلمين، وأولئك هم أهل الذمة الذين كان وجودهم من أول الأمر حائلا ً « بين شعوب الإسلام وبين تكوين وحدة سياسية(٢) . ما يسوغ موافقة غير المسلمين » بل خصص خير الدين التونسي مطلبا في ً قرر فيه أنه ليس هناك ما يمنع من ذلك، واستند إلى « في الأقوال المستحسنة (١) راجع ا لعلامة ّ الخزاعي التلمساني: كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٥ ه . ١٩٩٥ م، ص ٧٩٩ (٢) آدم ميتز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، ترجمة د. محمد عبد الباري . أبو ريدة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٩٥ م، ص ٥٧ إن ما نهينا عنه من أعمال » : أقوال للعلامة الشيخ المواق المالكي ما نصه إن صورة » : وقول ابن عابدين ،« غيرنا هو ما كان على خلاف مقتضى شرعنا « المشابهة فيما تعلق به صلاح العباد لا تضر(١) . كما أن القاعدة في الفقه « مخالفة الأعاجم على حسب المفسدة الناشئة منها » : الإسلامي أن(٢) . ٢ معرفة الإباضية لفكرة الحدود ا لدولية: وجود الحدود الدولية يشكل أحد أسباب وجود العنصر الأجنبي في العلاقة الخاصة ا لدولية. ويعرف الإباضية فكرة الحدود باعتبارها تفصل بين دولتين؛ دليل ذلك: ١ « تحفظ ا لثغور » فمن وظائف الدولة عند الإباضية أن(٣) ، والثغور هي تلك المناطق التي تتواجد عند الحدود مع الدول ا لأخرى. ٢ جاء في بيان ،« المتهمين بالمحاربة وقطع السبيل » تحت باب   ولكن يكون المسلمون بإزائهم ولا يتركوهم يفسدون في الأرض » : الشرع فإن خرجوا من حدود حكم المسلمين تركوا وإن أحدثوا حدث ً ا في حكم وجاء أيضا في .« المسلمين أقيم عليهم حد ما أصابوا وجنوا على أنفسهم ً وكل ما باع بعمان صاحب هذا المال الذي يقدم به من بلاد » : بيان الشرع ُ الشرك إذا كان قريب ً ا فمنذ يدخل حدود ع ُ مان أخذ منه زكاة ما يبلغ في « السواحل إلى أن يصل إذا كان عنده ما يجب فيه ا لصدقة(٤) . (١) خير الدين التونسي: مقدمة كتاب أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك، تحقيق: ُ د. معن زيادة، دار الطليعة، بيروت، ١٩٧٨ م، ص ١١١ -.١١٢ (٢)المقري : . القواعد، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ج ٢، ص ٤٣٥(٣) . على يحيى معمر: الإباضية بين الفرق الإسلامية، ص ٣١٤(٤) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ١٨٩ ؛ ج ١٩ ، ص ٣١٢ ٣ الحدود في الأصل: جميع ما تبين به » جاء في كتاب الإيضاح أن الشيء من غيره، ويصل الواصف إلى صحة الشيء على ما هو فيه، وذلك يكون بالمنازل والأودية وقرون الجبال والطرق الجائزة والآبار والأجباب إذا لأنه في اللغة الحاجز بين الشيئين، » وهذا هو المعنى اللغوي للحد «... بنيت « ويلزم الحجز بين الشيئين، بين الشيء من غيره(١) . ٤ وحرم اهتمام بأمور ذوى الكفر إن لم يكن » : جاء في شرح النيللاستجرار نفع واستدفاع ضر وإن لخاصة المسلمين أو لنفس المهتم ما لم هي « ما لم يقصد تقويتهم على باطل » وعبارة ،« يقصد تقويتهم على باطل إذا توصلوا إلى مدن » قيد لجواز الاهتمام بأمور غير المسلمين لأنهم المخالفين الحاجزة بيننا وبينهم خيف أن يتوصلوا إلينا ويدخلوا أحكامنا « ويظهروا أحكامهم(٢) . ٥ أشار الوارجلاني إلى الأقاليم السبعة وخط الاستواء، وقال إن: الأرض واسعة وفي الأقاليم سعة. والأقاليم السبعة معمورة ببني آدم. ومن »وراء الأقاليم خط الاستواء أيض ً « ا معمور(٣) . ٦ من المعلوم أن اتخاذ الوطن هو أمر واجب وفرض لازم عند الإباضية، ويفترض ذلك بداهة وجود حدود بين الأقاليم والأراضي(٤) . لذلك (١) . الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٣، ص ٢٠٠(٢) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٦ ، ص ١٨٢ -.١٨٣ (٣) الوارجلاني: الدليل والبرهان، مج ٢، ج ٣، ص ٢٨٢ . ويرى الوارجلاني أن للأرض على . ذات المرجع، ص ٨٣ « تقاتل عليها من أراد ظلمها، وتدفع عنها » : الإنسان حقين(٤) تعدد الأوطان ووجود بلدان متغايرة. » يعني « واجب » ذلك أن القول بأن اتخاذ الأوطان « ومن نتائج ذلك حتمية إبرام معاهدات أو اتفاقات بينها لتصريف علاقاتها المتبادلة د. أحمد أبو الوفا: المعاهدات الدولية من خلال كتب الفقه الإباضي، ندوة تطوير العلوم . الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ص ٨٥٢ ُ فإن من يلغي الحدود يعتبر كمن لم يتخذ وطن ً ا. جاء في كتاب الإيضاح أن  الإنسان: إن و » َ ط َن َ « الدنيا كلها فإنه لا يجوز له؛ لأنه كمن لا وطن له (١) . وبعبارة أخرى: « لا وطن لمن وطن ا لدنيا »(٢) . ٧ كذلك عرف الفقه الإباضي فكرة الحدود عند تعريفه لكلمة اسم لكل بلد ممصور؛ أي: محدود، يقال: مصرت مصرا؛ » : وهي ،« المصر » ً أي: بنيته، والمصر: الحد... قال البيضاوي: المصر البلد العظيم، وأصله الحد « بين ا لشيئين (٣) .  ٨ معرفة الفقه الإباضي لمسألة دار الإسلام ود ُ ور غير ا لمسلمين(٤) : سنذكر تفصيلا ً القواعد الحاكمة لدار الإسلام والدور الأخرى. ويكفي أن نذكر هنا أن وجود بلاد مختلفة يخضع كل منها لنظام قانوني ِ خاص بها هو من أهم العوامل ا لموجد َ ة لمشاكل ومسائل القانون الدولي ُ الخاص(٥) . (١) . الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ١، ص ٦٤٨ (٢) كلها، فإن وطنها إلا بعض » : ومعنى هذه العبارة ً ا منها جاز له إن كان له تردد في تلك الأقاليم، فلو وطن أحد من مكانه في الغرب إلى مكة أو تونس أو نحو ذلك جاز إذا كان أطفيش: شرح « له تردد في ذلك لا بد منه في نيته، ولا يضره فصل دار شرك في ذلك . كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٧١ (٣) العلامة أبو مسلم البهلاني: نثار الجوهر في علم الشرع الأزهر، مكتبة مسقط، ١٤٣٠ ه ٢٠٠٩ م، ج ٤، ص ٧٣ -.٧٤ (٤) انظر لاحق ً ا: تفصيلات كثيرة. (٥) بل تساءل البعض: إلى أي حد ّ أسهمت وحدة ُ دار الإسلام من جهة، وأحكام اختلاف الدارين: دار الإسلام ودار الحرب، من جهة ثانية في صناعة فقه التعايش المشترك، من = ٣ تأكيد الإسلام على وجود أديان إلى جانبه: إن الإسلام يؤمن بوجود شرائع دينية إلى جانبه، ويسمح باستمرارها وعدم الإكراه على الخروج منها أو الدخول فيه. قال 4 : ﴿ ÕÔÓÒÑ ÚÙØ×Ö﴾ [ [البقرة: ٢٥٦ ، كذلك قال جل شأنه: ﴿ lkj {zyxwvutsrqponm ~}|ے £¢¡ §¦¥¤ ¨﴾ [ [المائدة: ٤٨ ، وقال تعالى: ﴿ <;:987 A@?>= FEDCB﴾ [ [يونس: ٩٩ ، ويؤيد ما قلناه أيض ً ا تسليم الإسلام بالتخاطب والحوار مع الأديان الأخرى، قال الله تعالى: ﴿ " # 210/.-,+*)('&%$ ;:9876543﴾ [ [العنكبوت: ٤٦ ، وقال تعالى: ﴿ <;: DCBA@?>= JIHGFE﴾ [ [آل عمران: ٦٤ . ويؤكد ذلك قوله تعالى: ﴿ <;: @?>= NMLKJIHGFEDCBA _^]\[ZYXWVUTSRQPO ` jihgfedcba﴾ [ [البقرة: ١٤٣ ، وقوله تعالى: ﴿ YXWVUTSRQPO Z﴾ [ [الإسراء: ٢١ ، وقوله تعالى: ﴿ ¯® ° ²±﴾ [ [المؤمنون: ٥٣ ، ٍٍ = جانب، وفقه عيش الخصوصية، من جانب ثان ة من جهة ثالثة؟  وفقه ثقافة السلم ا لكوني د. العروسي الميزوري: وحدة الدار وأحكام اختلاف ا لدارين لدى الفقهاء ودلالاتها على ْ رؤية العالم لدى المسلمين القدامى، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، وزارة الأوقاف . والشؤون الدينية سلطنة عمان، ١٤٣٤ ه ٢٠١٣ م، ص ١ ُ وقوله جل شأنه: ﴿ ]\[ZYXWV ^ _ ` ﴾ [ [السجدة: ٢٥ ، وقوله جل شأنه: ﴿ ´¶µ ¸º¹ » ﴾ [ [يونس: ١٨ . لذلك قلنا: إن من القواعد التي تحكم فقه العين المشترك وعين  ضرورة احترام ديانات وخصوصيات وأعراف » : الخصوصية في الإسلام تفصيل ذلك أن .« الناس بخصوص حقوق الإنسان : من المعروف أن لكل وجهة » ً هو موليها. لذا فإن احترام ديانات  وخصوصيات وأعراف الناس بخصوص حقوق الإنسان هو أمر يجب مراعاته دائما وعدم الخروج عليه أبد ً ا. ً وهكذا فإن التغاير الثقافي والديني والحضاري بين المدنيات والأديان والحضارات هو أمر يجب دائما مراعاته. وقد أشار القرآن الكريم إلى ً فكرة التغاير بين الأمم والشعوب خصوصا في قوله تعالى: ً ﴿ nmlkj ﴾ [ [المائدة: ٤٨ . ولا جرم أن احترام خصوصيات الآخر بخصوص حقوق الإنسان، من َ َ شأنه: أن يؤدي إلى تعميق التفاهم والمودة والتآلف بين الأفراد والجماعات والشعوب. أن يمنع الكراهية والحقد وعدم التسامح والازدراء بين الأفراد والجماعات. أن يزيد من الاحترام المتبادل بين مختلف الثقافات والأديان. « أن يثري احترام حقوق الإنسان وكذلك الفهم المتبادل لهذه ا لحقوق(١) . ٤ انتقال الأفراد من الأمصار وتفرقهم في ا لبلدان(٢) : وذلك بالذهاب من بلد إلى بلد، مما يترتب عليه إقامة علاقات أو حدوث وقائع تحتوي على عنصر أجنبي: قال ا لشاعر: ٍٍِ ٍ الناس للناس من بدو وحاضرة بعض لبعض وإن ْ لم يشعروا خدم ُْ ٌُُ ويترتب على ذلك العيش المشترك إقامة علاقات بين أشخاص وكائنات ذوي جنسيات مختلفة، على المستويين الدولي والوطني، بصفة دائمة أو مؤقتة. ومن المعلوم أن الانتقال من بلد إلى بلد قد يكون إجباريا أو إراديا ًً (اختياريا): ً ١ الانتقال الإجباري أو ا لاضطراري: أو « الاستضعاف » أو « الاستكبار » هو نتيجة « الإخراج من الديار » استخدام وسائل الإكراه والقوة، يقول تعالى: ﴿ " &%$# 6543210/.-,+*)(' 7 ﴾ [ [الأعراف: ٨٨ ، ﴿ TSRQPONMLKJI (١) د. أحمد أبو الوفا: الرؤى الفقهية النقدية للإعلانات العالمية لحقوق الإنسان، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ُ ١٤٣٤ ه ٢٠١٣ م، ص ٥ -.٦ (٢) راجع على سبيل المثال د. إدريس الفهري: قواعد فقه السياحة في الإسلام، ندوة تطور العلوم الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، جمادى الأولى ١٤٣٤ ه ُ . أبريل ٢٠١٣ م، ص ٦٥ edcba`❁ ^]\[ZYXWVU tsrqponmlkjihgf )('&%$#" u﴾ [٩ ، [الممتحنة: ٨ ، ﴿ ! :9876543210/.-,+* 43210/ . =﴾ [ [البقرة: ١٩١ ، ﴿ <; BA@?>=<;:98765 PONMLKJIHGFEDC RQ ﴾[ [الحج: ٤٠ . لدفع الإنسان « الاستفزاز من الأرض » والإخراج من الديار من عوامله )('&%$#" إلى الخروج منها: ﴿ ! .﴾ [ [الإسراء: ٧٦ . -,+* ٢ الانتقال الإرادي أو ا لاختياري: تعرض الفقه الإباضي لهذه المسألة. وهكذا بخصوص سؤال: ما القول في ذهاب بعض الأشخاص إلى البلدان الملحدة المتفسخة التي لا يذكر فيها اسم الله، لا لغرض التنزه والتفسح؟ يقول ا لبكري: الذين يذهبون إلى البلدان الملحدة إذا كان ذهابهم إليها على نية » السياحة والاطلاع للاعتبار لا بأس بذلك، فقد حث الله عباده على السير في الأرض للاعتبار والاتعاظ مطلق ً ا بلا قيد. وعليه فلا مانع هناك، كذلك إذا كانوا يذهبون إليها لدراسة الأوضاع ليعرفوا كيف يتقون شرها، وإنما يعرف . « السم ليتقى. والله أعلم (١) (١) فتاوى البكري، القسم الأول، تحقيق: داود بورقيبة، مكتبة البكري، غرداية، . ص ٨٦  كذلك تعرض الفقه الإباضي لهذه المسألة بخصوص مسائل أخرى(١) .  (١) فقد جاء في فواكه ا لبستان: مسألة: ومن جواب الشيخ الفقيه عبد الله بن محمد بن بشر بن مداد النزوى » 5 : في رجل له زوجتان وكان مقيما في غير بلده مثل عامل أو شار، ثم أخذ إحدى زوجتيه في موضع ً ِ رعيته. فأقامت معه ق َد ْ ر نحو شهر أو أكثر ثم رجع هو وإياها إلى بلدهما. أيكون كونه في بلده مع زوجته التي أخذها أولا ً بقدر ما أقامت عنده زوجته الأخرى في سفره هذا على هذه الصفة، أم لا؟ ِ الجواب: إذا أمكنه أن يقيم مع زوجته الأخرى مثلما أقام مع الأخرى بالعدل والسوية فذلك واجب وإن لم يمكنه الإقامة معها لأمر عاناه من أمور الدنيا والدين ولم تكن نيته في ذلك مضارة لإحداهما أو أث َرة ً .« للأخرى فلا يضيق إذا لم يقصد ضرارا لإحداهما. والله أعلم ََُ ً الشيخ سالم المحيلوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٩ ه ١٩٨٩ م، ج ٣، ص ٢٧٥ -.٢٧٦ ُ وجاء في زيادات أبي سعيد: مسألة: وعن رجل من أهل البصرة تزوج امرأة من عمان فأراد أن يحملها إلى البصرة » ُ فكره؛ إذا كانت قد عرفت أنه من أهل البصرة وكان محسن ً ا إليها لم يحل بينه وبينها. وقد   « قال من قال: إن كان يحملها إلى موضع لا يصل فيه إلى حق طلبته فليس له أن يحملها زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب الإشراف لابن المنذر النيسابوري، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٢ ه . ٢٠١١ م، ص ٤٢٦ ُ وإن كان الإمام السالمي يقول بخصوص من قطع الأوطان عن نفسه كسائح في عبادة لم ينو أن يكون حظ السائح من سياحته الإقامة في بلده، على أن لا » الرجوع إلى وطنه وددت . السالمي: معارج الآمال، ج ٥، ص ١٩٧ « سياحة لهذه الأمة وإنما سياحتها الجهاد في سبيل الله وبخصوص سؤال: وما تقول سيدنا: في المرأة إذا كانت وزوجها يسكنون الفلاة بعيد ً ا عن البلاد أو قريبا، فوقع بينهما التنازع في السكون فقال الزوج أريدها أن تسكن عندي في ً الفلاة، فأبت المرأة إلا السكون في البلاد، واحتجت أنها إن أسكنها في الفلاة لم تجد من ينصفها إذا ظلمها؛ أيحكم عليها بذلك أم لا؟ على ما سمعته من الأثر، إن المرأة لا تجبر على اتباع زوجها » الجواب وبالله التوفيق إلا إلى مكان تجري فيها أحكام المسلمين إذا أنصفها من نفسه، ويكون ذلك المكان في مصرها مع أمان الطريق في مسيرها من خوف ضرر يلحقها في نفسها ومالها. وأما السكن فعليه سكن مثلها من النساء، والله أعلم. قلت له: وكذلك إذا أراد الرجل سفرا إلى بعض البلدان وأراد أن تصحبه زوجته أيحكم = ً ٥ التجارة ا لدولية: يترتب على ا لتجارة(١) الدولية ولا شك وجود عنصر أجنبي في = عليها أن تصحبه في الأسفار، إذا كان لا يريد السكون في الموضع الذي يريد أن يسافر إليه. وإنما يريد قضاء حاجة ويرجع، فأرادها أن تصحبه؟ قال: إن كان يريد سفرا إلى بلد يقعد فيه لصنعة أو بيع أو شراء ولو لم يتخذه وطن ً ا، ً فالجواب فيها مثل الجواب في الأولى. وإن كان لا يريد قعود ً ا وإنما هو مسافر في حاجة لا تحتاج إلى قعود، وإنما هو صائر وراجع، لم يحكم عليها، عندي أن تسافر معه في الشيخ عبد الله الخراسيني النزوي: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، « الطريق، والله أعلم تحقيق: د. محمد بن صالح، مهني بن عمر، مسقط، ١٤١٥ ه . ١٩٩٤ م، ص ٤٨ راجع أيض ً ا العالم موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون المسائل، وزارة التراث والثقافة، . سلطنة عمان، ج ١٢ ، ص ١٥ ُ انظر أيض ً في، النزوي: المصنف، وزارة « في سفر الرجل برأي زوجته وبغير رأيها » ا ما جاء التراث والثقافة، ج ٣٥ ، ص ١٢٨ -.١٣١ (١) تقلب في » : يقول الإمام القرطبي: إن التجارة في اللغة عبارة عن المعاوضة، وهي نوعان الحضر من غير نقلة ولا سفر، وهذا تربص واحتكار قد رغب عنه أولو الأقدار، وزهد فيه ذوو الأخطار. والثاني: تقلب المال بالأسفار ونقله إلى الأمصار، فهذا أليق بأهل المروءة، وأعم جدوى ومنفعة، غير أنه أكثر خطر ً ا وأعظم غرر ً ا، (الإمام القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨٠ م، ج ٥، ص ١٥١ ؛ الماوردي: أدب .( الدنيا والدين، دار الشعب، القاهرة، ١٩٨٠ م، ج ٤، ص ٣٩٥ وجاء المعجم الوجيز: تجر تجرا، وتجارة: مارس البيع والشراء، ويقال تجر في كذا ً والتجارة هي: حرفة التاجر، وما يتجر فيه (مجمع اللغة العربية: المعجم الوجيز، القاهرة، .( ١٤٠٠ ه ١٩٨٠ م، ص ٧٢ الراغب ) « التصرف في رأس المال طلبا للربح » ويقول الراغب الأصفهاني: إن التجارة هي ً الأصفهاني: المفردات في غريب القرآن، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨١ ه .( ١٩٦١ م، ص ٧٣ مجمع اللغة العربية: معجم ألفاظ « البيع والشراء طلبا للربح » كذلك قيل: إن التجارة هي ً القرآن الكريم، القاهرة، ١٤٠٩ ه ١٩٨٩ م، ج ١، ص ١٨٩ ؛ التعريفات للجرجاني، وزارة . الثقافة والإعلام، بغداد، ص ٣٥ وتحت عنوان: ذكر أصل تسمية البيع تجارة، يذكر الكتاني عن قس بن أبي عرازة قال: كنا = أن التجارة الدولية تعتبر أمرا مشروع » العلاقة القانونية. ومن المعلوم ً ا في ً الإسلام، باعتبارها من أهم أسباب زيادة دخل الفرد وعلى المستوى الجماعي زيادة الدخل القومي للدولة الإسلامية. غير أن التجارة الدولية تتخذ في الدول الرأسمالية مفهوم ً ا نفعي ً ا محض ً ا يعتمد على الحرية التجارية المطلقة والتي يحتل فيها جني الربح الغاية الوحيدة من ممارسة تلك التجارة. بينما تقوم التجارة الدولية في المفهوم الإسلامي بالإضافة إلى هذا الجانب النفعي على اعتبارات أخرى تتعلق بالحل والحرمة وفق ً ا لما « تقضي به النصوص القطعية في الشريعة ا لإسلامية(١) . وقد ورد في القرآن الكريم آيات عديدة خاصة بالتجارة، منها قوله تعالى: ﴿ ° ³²± ´µ ﴾ [ [المائدة: ٥ . ﴿ XWVUTSRQPONMLKJIH ZY ﴾ [ [الجمعة: ١١ .  وللإباضية باع طويل في التجارة الدولية. لذلك قيل: تكرر في المصادر ذكر وصول سفن عمان إلى بلاد الهند، ووصول » ُ سفن الهند إلى عمان. إذ يشير بزرك في أوائل القرن الرابع للهجرة / العاشر ُ = نسمى في عهد رسول الله ژ السماسرة، فمر بنا رسول الله ژ فسمانا باسم هو أحسن منه فقال: يا معشر التجار فكان أول من سمانا التجار (الشيخ عبد الحي الكتاني: نظام الحكومة النبوية المسمى التراتيب الإدارية، ج ٢، ص ٢٩ - ٣٠ ؛ ابن سورة: الجامع الصحيح وهو .( سنن الترمذي، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث، القاهرة، ج ٣، ص ٥٠٥ التجارة بالكسر هي مبادلة مال بمال مثل ثمن وجب بالشراء أو باستحقاق المبيع » : وقيل التهانوني: موسوعة اصطلاحات العلوم « بعد التسليم إلى المشترى أو بهلاكه قبله . الإسلامية، خياط، بيروت، ١٩٦٦ م، ص ١٩٤ (١) د. أشرف وفا: التجارة الدولية من منظور الفقه الإسلامي، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ ه . ٢٠١٣ م، ص ٢٥ ُ للميلاد إلى رحلات السفن بين سندبوار أو صيمور، (تشول، جنوبي بمباي) وبين عمان، وكذلك من فنصور (في سومطرة) إلى بلاد الهند ومنها إلى ُ ميناء ريسوت في عمان، كما يشير ياقوت الحموي إلى أن أكثر سفن الهند ُ ترسو بميناء قلهات العامر الآهل بالسكان الذي تمصر بعد الخمسمائة للهجرة، كما يشير ابن بطوطة إلى النشاط التجاري البحري المتبادل بين الهند وعمان فيقول إن السلطان بكويل سلطان مدينة جرفتن التي تقع على ُ ساحل الملبار شمال قاليقوط والتي تسمى الآن كنانور، له مراكب كثيرة تسافر إلى عمان وفارس واليمن، وأن أهل عمان كانوا يفرحون أشد الفرح ُُ أهل تجارة » عند وصول السفن القادمة من الهند إلى بلادهم، لأنهم « ومعيشتهم مما يأتي إليهم في البحر ا لهندي(١) . كذلك: وبالمقابل كانت السفن ا لعمانية ترسو بمواني الهند العديدة مثل ميناء » ُ تانه وفندرينا وكنباية وجرفتن، وكلها تقع على الساحل الغربي للهند المسمى بساحل ملبار، وكان ا لعمانيون يأتون إلى هذه الموانئ ببضائعهم أو بالبضائع ُ (١) د. رحب عبد الحليم: العمانيون والملاحة والتجارة ونشر الإسلام منذ ظهوره إلى قدوم ُ البرتغاليين، مسقط، ١٤١٠ ه ١٩٨٩ م، ص ٦٨ -.٦٩ ويضيف أيض ً :( ا (ص ٧٤ ومما ساعد أيض » ً ا على انتشار الإسلام بين الهنود أن سكان المستوطنات والمراكز التجارية التي أقامها العمانيون وغيرهم من العرب والمسلمين كانوا يستقرون فيها لمدد ُ طويلة، وكان بعضهم يستقرون فيها نهائيا، ويصاهرون السكان المحليين ويتخذون لغتهم ً وكثيرا من عاداتهم وتقاليدهم التي لا تتنافى مع الإسلام، وبذلك كانوا مؤهلين تماما ًً كدعاة لنشر الإسلام في هذه البلاد، وخاصة بين الهنديات اللائي تزوجن من هؤلاء الوافدين المستقرين، وأيض ً ا بين الهنود الذين ارتبطوا معهم بعلاقات تجارية، أو عملوا لديهم في منازلهم أو حوانيتهم، أو في نقل سلعهم من مكان إلى آخر، أو في تفريغ .« سفنهم أو شحنها بالبضائع ا لهندية الأخرى التي يوكلون في بيعها، إذ كان بعضهم يعملون وكلاء لأهل العراق، .« فينقلون بضائعهم إلى الهند ويعودون بسلع الهند إلى ا لعراق واستمر ذلك في كل ا لعصور(١) . وقد كانت التجارة وسيلة من وسائل نشر الإسلام عند الإباضية(٢) وغيرهم (١) ففي عهد السيد أحمد بن سعيد (مؤسس الأسرة) ازدهرت مسقط وأصبحت ملتقى تجاريا ً لغرب المحيط الهندي، وقد وصفها المؤرخ الإنجليزي بارسونز وصف ً ا جميلا ً أثناء زيارته لها في عام ١٧٥٠ م فقال: (مسقط مدينة تجارية هامة جد ً ا، فيها عدد كبير من المراكب تتاجر مع سورات وبومباي وجوا الواقعة على امتداد ساحل ملبار من شبه القارة الهندية، وتتاجر مع مخا وجدة المطلتين على البحر الأحمر. ومسقط هي المستودع الكبير لمعظم السلع التي تأتي إليها من تلك الأقطار. كما تؤمها السفن القادمة من فارس والبصرة وموانئ جزيرة العرب على الخليج ومن ساحل مكران ومن نهر السند ومناطق أخرى مجاورة). وفي عهد السيد سلطان بن أحمد ( ١٧٩٢ - ١٨٠٤ م) كان نشاط عمان في التجارة البحرية ُ مزدهرا، وبلغ الأسطول ا لعماني في عهده مركزا متقدما من حيث أعداد السفن التجارية أو ً ًًُ الحربية، وكان هذا الأسطول محميا من الحكومة المركزية في مسقط التي كانت تدافع ً عن مصالح التجار ا لعمانيون أو الأجانب المقيمين في مسقط وعمان. ُُ راجع العلاقات العمانية الفارسية في عهد دولة آل بوسعيد ( ١١٥٤ - ١٢٨٨ ه، ُ ١٧٤١ -. ١٨٧١ م)، ص ٢١٤ انظر أيضا نموذجا للشهادة التي كانت تصدر من ميناء مسقط للبضائع التي تصدر منه، في: ًً . هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، سلطنة عمان، ص ٢٨١ « العلاقات ا لعمانية العثمانية » ُُ (٢) وهكذا قيل: ومن الأمثلة التاريخية الرائعة في بلاد المغرب العربي ما قامت به الدولة الرستمية من »فتح الطرق التجارية إلى أواسط إفريقيا إذ كان كبار التجار من تيهرت ووارجلان وإسدراتن ومعهم بعض المشائخ الإباضية يتبادلون التجارة مع دول إفريقيا حتى بلاد ودول خط الاستواء، فيتصلون بملوك القوم وعليتهم ويعلمونهم قواعد الدين، مما « غانة »كان سببا لدخولهم في الإسلام. ولا تزال آثار تلك التربية باقية إلى اليوم في بعض تلك ً ما تزال « غانة » الأقاليم، كما تحدث به أحد الطلبة الغانيين إذ ذكر أن قبيلة كبيرة من بلاد تحتفظ بالعادات والتقاليد الإباضية أخلاق ً ا وسلوك ً .« ا الشيخ محمد كعباش: نفحات الرحمن في رياض القرآن، ج ٥، ص ٤١١ -.٤١٣ من أتباع المذاهب الإسلامية. ولا شك أن من شأن ذلك زيادة التعامل والاختلاط بين الناس، مما يترتب عليه وجود علاقات خاصة ذات عنصر أجنبي. كذلك فقد قام غير المسلمين بالاتجار مع الإباضية، وقد أطلقوا عليهم هي تحريف لكلمة بهاتيا، » لفظة البانيان (بالنسبة للهنود). ولفظة البانيان وهي اسم إحدى الفئات التجارية في الهند، اقترن تاريخها بالاتجار مع الخارج، وهناك من يرى أن اسم البانيان، مأخوذ من كلمة بانيا، وهي كلمة مأخوذة بتصحيف من اللغة السنسكريتية، وأيضا معناها التاجر، وملخص ً ذلك أن البانيان هم ا لتجار. ونظر ً ا لوجودهم في ع ُ مان فإن الحكم الشرعي تجاههم، اعتبرهم مثل « المجوس، فأعطوهم عهد الأمان، وأخذوا منهم ا لجزية (١) . ٦ الزواج بأجنبيات أو وجود أزواج أجانب فوق أرض ا لإسلام: سنرى أن علاقات الزواج تثير الكثير من المسائل والمشاكل في إطار القانون الدولي الخاص باعتبارها من أخص أمور العلاقات الخاصة التي تحتوي على عنصر أجنبي. ومن المعلوم أن الزواج بالكتابيات غير المسلمات أمر أباحته الشريعة الإسلامية وأجازه بالتالي المذهب ا لإباضي. وقد أباح المشرع العماني ذلك، بل واعترف به. في هذا الخصوص ُ ننتهي » : ينص قانون إقامة الأجانب في سلطنة عمان (المادة ١٩ ) على أن ُ إقامة زوجة العماني الأجنبية بانقضاء العلاقة الزوجية، وعليها مغادرة البلاد. ُ ما لم تبد أسبابا تقبلها السلطة المختصة. ويشترط وجود كفيل لها بالسلطنة. ً (١) الشيخ أحمد السيابي: التعامل مع غير المسلمين، ندوة فقه رؤية العلم والعيش فيه، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ ه . ٢٠١٣ م، ص ١١ ُ فإذا كان الزوجان من الأجانب وانفضت العلاقة الزوجية بينهما انتهت .« إقامة الزوج المترتبة على إقامة الزوج الآخر وعليه مغادرة ا لبلاد »fÉãdG åëѪdG (1)»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a (ø«ª∏°ùªdG ô«Z QGOh ΩÓ°SE’G QGO) QhódGt  على الجزء من الأرض « الإقليم » في القانون الدولي المعاصر يطلق اسم وما يعلوه من طبقات الجو وكذلك المناطق الواقعة في البحر (المياه الداخلية والبحر الإقليمي) التي تقع تحت سيادة ا لدولة. (١) كل موضع حله قوم فهو دار، وإن لم يكن فيه أبنية، وسميت دار لدورها على سكانها، » : قال الخليل كما سمى الحائط حائط ً راجع أسامة بن منقذ: المنازل والديار، تحقيق: « ا، لإحاطته على ما يحويه مصطفى حجازي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٥ ه . ١٩٩٤ م، ص ٥٥ من يكون ساكن » : كذلك قيل ً شرح كتاب ،« ا في بلدة مقيما بها يعد في الناس من أهلها ً ، السير الكبير للشيباني، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، القاهرة، ١٩٧٠ م، ج ١ ص ١٧٠ - راجع ابن ،« كان من أهلها » ١٧١ . كذلك قيل: إن الشخص إذا استوطن الدار . قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، ج ١، ص ٢٦٨ ويقترب من ذلك قوله ژ : إن الله جعل الإسلام دار » ً « ا من » : فقد شبه ژ الإسلام بالدار راجع: الشريف الرضي: المجازات النبوية، ،« حيث كان جامعا لأهليه، حاميا لمن فيه ًً تحقيق: د. طه الزيني، مؤسسة البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٧ ه . ١٩٦٧ م، ص ١٨٣ في قوله تعالى: « الدار » وقد وردت كلمة ﴿ tsrqponmlkjihg ﴾[ [فاطر: ٣٥ . يقول الذي أنزلنا الدار التي لا خروج منها أبد » : الشيخ بيوض ً ا، إنها دار المقامة، وليست دار .« الإقامة، ودار المقامة هي دار ا لخلد الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٣ ، جمعية التراث، غرداية، ص ٥١١ . ويقول ا لشماخي: ، الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ١ « اتخاذ الوطن في موضع من شرط جواز الإقامة فيه »ص ٦٤٤ . ويضيف أيض ً :( ا ما يؤكد ذلك بقوله (ذات المرجع، ص ٦٤٨ وإذا أراد الرجل أن يتخذ لنفسه وطن » ً ا فإنما ينبغي له أن يوطن البلدة التي لا يخرجه منها .« إلا الجوع والقحط أو العدو، أو وجه من وجوه الأضرار كلها وقد أخذ فقهاء المسلمين منذ أمد بعيد بتقسيم للإقليم أصبح شائعا، ً وهو تقسيم العالم إلى دارين: دار الإسلام ودار الحرب(١) ، وأضاف آخرون دور ً دة... إلخ (٢) . ا أخرى: كدار العهد، ودار ا لر ونحن نعتقد أن فكرة التقسيم الأساسية التي أخذ بها فقهاء المسلمين من تقسيم العالم إلى دارين أساسيين: دار الإسلام ودار الحرب هو تقسيم بين ما « الحدود الفاصلة » واقعي، يتمثل الغرض الأساسي منه فقط في بيان هو إسلامي وما هو غير إسلامي. وبالتالي فإن ذلك ليس له علاقة، في  نظرنا، بأفكار أخرى كحتمية الجهاد لإجبار دار الحرب على التحول إلى دار إسلام، أو إجبار العالم كله على اعتناق العقيدة الإسلامية... إلخ. (١) يذهب رأي إلى أن ذلك التقسيم بدأ الأخذ به منذ العهد الأموي، بقوله: "C'est sous les Omayyades, première dynastie ''impériale'' de l'Islam que les juristes musulmans commencèrent à diviser le monde en deux dars (territoires ou domaines): le Dar ulـIslam ou Domaine de l'Islam et le Dar ulـHarb ou Domaine de la Guerre'' (Economidis: Guerre et paix en Islam, Publications de l'Institut de droit international public et des relations internationales, Théssalonique, Grèce. 1980. p. 145). ويذهب الشيخ أبو زهرة إلى القول إن فقهاء المسلمين يسمون ديار غير المسلمين دار حرب، إذ أن الحروب في عهد الاستنباط الفقهي كانت مستمرة قائمة على قدم وساق يرصدون للمسلمين كل مرصد، ويهاجمونهم إن لم يهاجموا، ولذلك اتخذ المسلمون الهجوم سبيلا ً الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ) « للدفاع، لأنهم سيؤكلون إن لم يحاربوا .( دار الفكر العربي، القاهرة، ص ٣٦٩ (٢) إن الأسماء التي تثبت لها بها، وتنتقل بها لها ما يجري من الأحكام على » : يقول الرحيلي أهلها فلزومها إياها فإنها أسماء عامة (لجمة) بين من فيها، ونحلهم المدان بها التي لا يجوز معها إلا إظهار التصويب لها، والرضا بها من الساكن فيها، والداخل إليها دون أن يكون معتصما بذمة فيها أو بأمان من أهلها فذلك وجوبها، ولزومها، ولا تجب هذه ً الأسماء لأفعال جوارحهم لأن الأفعال لا تحيط العلم باشتمالها لجميعهم، وللداخل .« إليهم، وليست لعامة ذلك لهم، لأن ذلك ممتنع من أهل الدور في عاداتهم . الرحيلي: أسماء الدور وأحكامها، دار البصائر، القاهرة، ص ٥٤ فهذه كلها تعد أثرا يترتب عليها، وهو ما لم يقرره الإسلام إذ القاعدة ً فيه أن لا إكراه في الدين، ولا تعد من أصول أو جذور تقسيم العالم إلى دار الإسلام ودار ا لحرب(١) . وقد بحث الفقه الإباضي هذه المسألة من نواحي عديدة، وهي: كيفية (١) يذهب رأي إلى ا لقول: وقد عمد كثير من المفكرين في هذا العصر إلى إنكار التفرقة بين دار الحرب ودار »الإسلام والقول بأنها ليست حكما أصيلا ً في الإسلام، وأنها من ابتداع ا لفقه. ً وأقاموا رأيهم هذا على أن الإسلام دين سلام وأن الحرب هي حالة استثنائية بمقدارها ولا يترتب عليها حكما دائما بإنشاء حالة حرب دائمة بين الفريقين. واستشهدوا في ذلك ًً بآيات كقوله تعالى: ﴿ ÒÑÐÏÎ ﴾[ [الأنفال: ٦١ ، وقوله أيض ً ا: ﴿ و }~ ﮯ ¥¤£¢¡ ﴾[ [النساء: ٩٤ وغير ذلك من الآيات الدالة على .« المسالمة بين المسلمين وغيرهم والواضح لنا أن التفرقة بين دار الحرب ودار الإسلام هي تفرقة أصيلة. وإنه وإن لم »يجر بها الاصطلاح في عهده ژ إلا أن مدلول هذه الأحكام كان مطبق ً ا بلا شك في أيامه وأن الأحكام التشريعية المختصة بكل من الدارين والتي قننها الفقه مستمدة من أصول الإسلام وليست ابتداع ً لم « دار حرب » و « دار إسلام » ا. ولا يغير من ذلك أن كلمتي تستعملا كمصطلح، فالعبرة بالجواهر والمعاني وليس بالألفاظ والمباني. فما دامت مجموعة الأحكام التي طبقها الفقه بعد ذلك على الوحدة التي سماها باسم دار الإسلام، والأخرى التي سماها باسم دار الحرب كانت موجودة فعلا ً في عهده ژ ، واستمد الفقه منها تقنينه لما أطلق عليه كل من الاسمين، فلا دلالة إذن للقول بأن هذه التسمية طارئة مستحدثة، ولا سند للقول بعدم شرعية تقسيم العالم إلى دار إسلام ودار حرب. وأما القول بأن هذا التقسيم يتنافى مع ما تقوم عليه أحكام الإسلام من السلام، فإن الواقع هو أن هذا الحكم لازم لإقرار السلام على أسسه الحقيقية التي لا تتأتى إلا بالسيادة الشاملة للإسلام في العالم. إذ ما دام هناك اختلاف الأهداف والمطامع فالسلام الذي يقتضيه الإسلام هو السلام في ظل الإسلام ولاحق ً ا على تصفية العناد والعدوان على الله والدين. « ولا يعقل أن يقعد المسلمون على سلام وأعداؤهم يسبون الله عدوا ويعتدون على الإسلام ً (د. مصطفى كمال وصفي: مصنفة النظم الإسلامية، مكتبة وهبة، القاهرة، ١٣٩٧ ه ١٩٧٧ م، ص ٢٨٨ -.(٢٨٩ معرفة الدار، وأنواع الدور، وتحول الدار، وتعدد دور الإسلام. فإذا انتهينا من ذلك فحقيق بنا أن نشير إلى مسألتين: أهمية الدار لأحكام القانون الدولي الخاص، واتخاذ الوطن كواجب عند ا لإباضية. :(É¡àaô©e á«Ø«c) »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a QGódG ∞««μJ `` CG لا شك أن تكييف الدار، وهل هي دار عدل أو دار جور أو غيرها له أهميته بخصوص الوضع القانوني للإقليم ومن وما عليه. ويبدو ذلك خصوصا بالنسبة للقواعد القانونية واجبة التطبيق. وهو ما أكده الفقه ً الإباضي. يقول ا لكدمي: « ولا تستوي دار أهل العدل ودار أهل ا لجور »(١) . ووفق ً ا للإباضية توجد عدة آراء لتكييف الدار، أهمها: ١ بالعموم بها » يأخذ الفقه الإباضي في تكييف الدار بأن العبرة هي« لأهلها في الخبر عنها(٢) . في هذا الخصوص، جاء في شرح ا لنيل: (١) الكدمي: الاستقامة، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ، ١٩٨٥ م، ج ٢ ُ . ص ٤٠(٢) يقول ابن محبوب: ،« القول في أسماء الدار وأحكامها » تحت باب إن الأسماء التي يثبت بها لها وينتقل بها لها ما يجرى من الأحكام على أهلها بلزومها »إياها فإنها أسماء عامة لذمة بين من فيها ولنحلتهم المدان بها التي لا يجوز معها إلا إظهار التصويب لها والرضا بها من الساكن فيها والداخل إليها دون أن يكون معتصما ً بذمة [من] فيها أو بأمان من أهلها، فبذلك وجوبها ولزومها. وهذه الأسماء إنما تجب لعظيم المعاصي من فاعليها، ولا يجب أن تكون الدار دار كفر وفسق وظلم وضلال لكفر إمامها وضلاله، ولا يلزم أهلها الفسق بفسقه ولا الظلم بظلمه ولا الجور بجوره أو تعطيله الحدود عمن وجبت عليه. ولهذا لا يجب كفر الدار لكفره، لأن من أهل الدار من لا يكفر لترك التكبر عليه لعجزه عن ذلك وقهر الإمام له مثل الزمنى منهم .« والأضراء والسناء ونحو ذلك. ولا تجب أسماء الدار إلا بالعموم بها لأهلها في الخبر عنها = يحكم على الدار وهي موضع أو بلد أو حوزة ظهر فيها حكم وسيرة » إما من ذوي عدل أو جور بالحكم الظاهر فيها من سلطان قهرهم عليه وعلى « ا(١) سيرته أو من جماعة أو عامة إن ساروا فيها سيرة وأجروا أحكام . ً ٢ السيطرة على الإقليم: فالسيطرة على الإقليم وهو ما عبر عنه دليل على تبعية الدار. يقول « الغالب عليها » أو « المالك للدار » النزوي بكلمة النزوي: = ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، رسالة المحاربة، ص ٢٦ ، الكندي: بيان الشرع، . المرجع السابق، ج ٣، ص ١٢٩ (١) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٠٢ ، كذلك جاء في كتاب ا لاستقامة: وقد اختلف أهل العلم في أحكام الدور في ا لولاية: »فقال من قال: إن الدار دار المالك لها، المستولى عليها من سلطانها، فإن كان المالك للدار محق ً ا عادلا ً ، كانت الدار دار عدل واستقامة، وكان القول في أهلها؛ ما وصفنا في دار أهل العدل، ووجبت الولاية في أهل الدار بغير محنة، وإن كان المالك للدار جائرا فالدار ً دار جور، ولا تثبت فيها الولاية لأهلها إلا بالمحنة، أو ظهور أهل الاستقامة لهم أو لأحد منهم، فهنالك يكون القول فيها ما قد وصفناه. وقال من قال: إن الدار تبع للأحكام فيها، فإن كانت الدار جارية أحكامها على أحكام أهل الاستقامة من المسلمين، كانت الدار دار أهل الاستقامة، ولا ينظر في مالك الجور ولا سلطان الجور، وإنما الدار بالأحكام، فإن كانت الأحكام أحكام أهل العدل؛ كانت دار عدل، ولم يكن على أهلها محنة على ما وصفنا، وإن كانت الأحكام جارية بأحكام أهل الجور وأحكام أهل الخلاف، فهي دار جور ودار خلاف، ولا تصح فيها الموافقة لأهلها إلا بالخبر والموافقة بالشهرة لأحد منهم بعينه. فصل: وقال من قال: إن الدار دار أهل النحلة والتدين، وإذا كانت الدار أهلها أهل نحلة الحق، والاستقامة على طرق الحق، ولا تتظاهر فيها الأديان بالضلال، ولا يغلب عليها دين ضلال، ولا يضاهى فيها دين ضلال دين أهل الاستقامة، ولا يتهمون بذلك في .« الديانة، فالدار دار عدل واستقامة الكدمي: الاستقامة، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣١ - ٣٢ ؛ انظر أيض ً ا السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، ج ١، ص ١٩٤ -.١٩٥ ُ وقيل: الدار إذا كان أهلها أئمة عدل وأتباعها، فهي دار العدل: دار » .« الإسلام وإذا كان الغالب عليها، والمالك لها أئمة الجور وأتباعها، فهي دار جور. والجور كفر، وهي دار كفر. وفي الدار قول: إنها دار إيمان. وقد مات رسول الله ژ . وكان أمر المسلمين العدل، وإجماعهم عليه، إلى أن قدم أبو بكر.... وأما إذا كان المالك للدار أهل الكفر، وهي دار كفر. فإذا خرج المسلمون وحاربوهم، فما لم يظهروا على أهل الكفر، فالله أعلم. وإن غلب عليه أهل الكفر، فهي دارهم، حتى يغلب عليه المسلمون، وإذا كان المسلمون المالكين الدار، والحاكمين عليها وعلى أهلها، فخرج عليهم أهل الجور، فالدار دارهم: دار الإسلام، وما بقوا يحاربون عنها، ويدفعون عنها، حتى يزول أمرهم، ويظهر أهل الجور عليهم. ثم قد زالت عنهم، وصارت دار كفر(١) . على الإقليم يعني بالمفهوم المعاصر « السيطرة » ولا شك أن معيار السيادة عليه. يتفق ذلك مع ما يجري عليه العمل في العلاقات الدولية المعاصرة. ذلك أن أي إقليم يعد خاضعا لسيادة الدولة إذا توافر فيه ا لآتي: ً أن يكون خاضع ا لولاية هذه الدولة، ويتوافر ذلك بتحقق المنعة، التي ً ليست سوى السيطرة Dominium التامة على أجزاء هذا ا لإقليم. أن تجري أحكام وقوانين هذه الدولة على الإقليم المذكور، لأن ذلك هو التجسيد الفعلي لسيطرة الدولة عليه(٢) . (١) النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ٤٩ -.٥٠ (٢) فكرة السيطرة الفعلية Effective control أو مظاهر السيادة Manifestations of sovereignty. أن يتوافر الأمن في هذا الإقليم، وذلك يعني توافر الاستقرار والطمأنينة لأن وجود قلاقل يعني أن السيطرة الفعلية ليست كاملة(١) . ولا جدال أن ذلك يعتبر أثرا من آثار سيادة الدولة على أي إقليم. ً ويمكن القول منذ البداية إن المعيار الأساسي في التفرقة بين دار الإسلام (العدل) ودار الكفر (الجور) يكمن في أمرين(٢) : معيار مادي: السيطرة على ا لإقليم.  معيار كيفي: سريان أحكام الإسلام على ذلك الإقليم (فتكون الدار دار إسلام) أو عدم سريانها عليه (فتكون الدار دار كفر أو جور)(٣) . (١) وهو ما تأخذ به الدول حاليا. فقد درجت بريطانيا على إتباع معيار يتلخص في معرفة ما ً إذا كان النظام الجديد قادرا على ممارسة السيطرة الفعلية effective control على الإقليم. ً كمعيار لازم للاعتراف به، راجع: 421 -BYIL, 1984, P. 420 الوسيط » : ، انظر كذلك كتابنا . دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١٠ م، ص ٤٣٨ ، ه ٤٢٢ .« في القانون الدولي العام(٢) وزعموا أن الدار يعني دار مخالفيهم دار » انظر الرد على قول أبي الحسن الأشعري وقالوا إن دار مخالفيهم من » : وقول الشهرستاني ،« توحيد إلا معسكر السلطان فإنه دار كفر في علي يحيى معمر: الإباضية « أهل الإسلام دار توحيد إلا معسكر السلطان فإنه دار بغي بين الفرق الإسلامية، المرجع السابق، ص ٢٦٤ - ٢٧٣ ؛ بدر اليحمدي: الأدلة المرضية في دحض ما ن ُ سب إلى الإباضية، ص ٤٧ -.٥١ وتعليق ً ويهمني أن أوضح » : ا على الأقوال المذكورة أعلاه، يقول الشيخ علي يحيى معمر للقارئ الكريم في بداية هذا الفصل أن كتاب المقالات يربطون بين كلمة المخالفين ومعسكر السلطان وبين الكفر والبغي كأنهما شيئان متلازمان، بينما يرى الإباضية إنه ليس هناك ارتباط بين موضوع دار السلطان وما يتصف به من عدل أو بغي وبين مذهبه علي يحيى معمر: الإباضية بين الفرق الإسلامية، « أو مذهب من يكون تحت حكمه المرجع السابق، ص ٢٦٤ . ويضيف (ص ٢٦٦ ) إن الإباضية يقصدون بالقول إن معسكر جميع الأجهزة الحاكمة التي انحرفت عن دين الله فلم تعمل به، سواء » السلطان دار بغي .« أكانت من الإباضية أم من غيرهم(٣) . د. أحمد أبو الوفا: المعاهدات الدولية في كتب الفقه الإباضي، المرجع السابق، ص ٨٥٣ :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a QhódG ´GƒfCG `` Ü يقسم الفقه الإباضي الدار إلى أنواع ثلاثة، هي: ١ دار العدل (دار ا لإسلام): أطلق فقهاء المسلمين اصطلاح دار الإسلام ليشمل الأقاليم التي تسري عليها أحكام الإسلام؛ أي: هي تلك التي تطبق فيها شريعته ويأمن من يقطنها من مسلمين وذميين ومستأمنين بأمان الإسلام(١) . ومعنى ذلك، في رأينا، أن دار الإسلام تتميز بأربعة عناصر: عنصر مكاني: وجود قطعة من الأرض أو إقليم معين. عنصر تنفيذي: وجود حكام ينفذون قواعد شريعة ا لإسلام. عنصر قاعدي: سريان الأحكام الإسلامية في الإقليم ا لمذكور. عنصر بشري: أن يكون سكانه من المسلمين أو الذين يقيمون معهم بأمان مؤقت أو دائم. وقد اشترط أبو حنيفة في الدار لكي تكون دار إسلام ثلاثة شروط: ١ ظهور الأحكام الإسلامية فيها، بأن يكون القانون المطبق هو الشريعة الإسلامية. (١) تسمى دار العدل، لأن العدل » يقول أستاذنا الدكتور محمد سلام مدكور إن دار الإسلام د. محمد سلام مدكور: معالم « واجب فيها بين جميع الأفراد المقيمين بها على أي وجه . الدولة الإسلامية، المرجع السابق، ص ١١٣ بل يقرر رأي أن الإسلام أقام للمسلمين كيان ً ا موحد ً ا يستند إلى الوحدة في: العقيدة، والشريعة، والأمة، والحضارة، ودار ا لإسلام. على أنها يجب أن تكون من عوامل الوحدة لا التفرق بين « دار الإسلام » وهكذا ينظر إلى المسلمين، راجع: د. محمد عمارة: الإسلام والتحديات المعاصرة، ص ٩ وما بعدها.   ٢ أن تكون متاخمة لديار المسلمين، فإذا كانت متاخمة لديار غير المسلمين فهي دار حرب لأنها بهذا الاتصال الجغرافي تكون ممنوعة على ا لمسلمين. ٣ أن يأمن سكانها من مسلمين وذميين بأمان ا لمسلمين. هذه هي شروط دار الإسلام عند ا لحنفية(١) .   ولعل أفضل تعريف، من حيث شموله واختصاره، لهذا النوع من الدور في الفقه الإباضي هو الذي جاء في ا لمصنف:   « الدار إذا كان أهلها أئمة عدل وأتباعها، فهي دار العدل: دار ا لإسلام »(٢) .    (١) وهناك اتجاه آخر في الفقه الحنفي يرى أن الدار تصير دار إسلام بظهور أحكام الإسلام ، فيها، وأنها تصير دار كفر بظهور أحكام الكفر فيها، راجع الكاساني: بدائع الصنائع، ج ٧  ص ١٣٠ -.١٣١   فكل دار غلب عليها أحكام المسلمين فدار الإسلام وإن » : أما في الفقه الحنبلي فقد قيل ابن مفلح الحنبلي: الآداب الشرعية ) « غلب عليها أحكام الكفار فدار الكفر ولا دار لغيرهما والمنح المرعية، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ١٣٩١ ه .( ١٩٧١ م، ج ١، ص ٢١٣ الدار إنما تنسب للغالب عليها والحاكم فيها والمالك لها، ولو أن » : ويقول ابن حزم إن كافرا مجاهد ً ا غلب على دار من دور الإسلام وأقر المسلمين بها على حالهم إلا أنه هو ً المالك لها المنفرد بنفسه في ضبطها وهو معلن بدين غير الإسلام لكفر بالبقاء معه كل من عاونه وأقام معه وإن ا د َْ ابن حزم: المحلى، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ) « عى أنه مسلم ج ١١ ، مسألة ٢١٩٨ ، ص ٢٠٠ -.(٢٠١ (٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٤٩ ، وهناك تعريفات أخرى نكتفي منها بذكر ا ثنين: دار الإسلام، وتسمى دار التوحيد، يكون الحاكم فيها مسلما، ويسكنها المسلمون، وتظهر » : الأول ً فيها أحكام الشريعة ورسومها، كالمساجد ومقابر المسلمين، وسك العملات؛ وهي نوعان: ١ دار العدل والحق، وتسمى دار دعوة الحق أيض ً ا، ويسودها العدل والالتزام بالكتاب والسنة، ومحاربة البدع، وإن ظهر فيها من ينتهك حرمات الله، لكن لا يحرم فيها ما أحل الله، ولا ي ُح َ ل ما ح ُ رم بدين ي ُت َ ولى حاكم ُ ها ورعيت ُ ه، إلا من ع ُ لم منه مخالفة ا لحق .   ويستخدم الإباضية أيض ً « ولاية ا لبيضة » ا تسمية أخرى هي(١) . ٢ دار الجور والظلم: يغلب عليها الجبابرة والجورة. وفيها الموافقون للحق يتبرأ من ُ  حاكمها، وممن دان بطاعته وأعانه على ظلمه، إلا من علم منه موافقة المسلمين، ويجب ُ فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والطاعة فيما يوافق ا لحق، ويجوز فيها الخروج معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٣٩٠ . ويأخذ « على الحكام إذا توفرت شروط ذلك  المصر الذي يتبع أهله المذهب الإباضي حتى ولو كان » : وهي « دار العدل » الإباضية باسم   ذات المرجع، ج ٢، ص ٦٧٢ ، ويأخذون أيض « حاكمه من غيرهم ً ا باسم دار التوحيد، أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، « كل أرض ظهر فيها أحكام الشريعة » : وهي . المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٦٦ دار الإسلام: وهي التي فتحها الإسلام وبسط سلطانه عليها وهي بنفسها تنقسم » : والثاني إلى خمسة أقسام: ١ دار العدل: وهي التي تقيم الإسلام وتحمي ا لسنة مع وجود خليفة مسلم.  ٢ دار البغي: وهي التي سيطر عليها ا لبغاة.  ٣ دار البدعة:  وهي التي سيطر عليها المبتدعون وأجروا أحكام بدعتهم بحد ا لسيف. َْْ ٤ دار الردة: وهي التي ارتد أهلها وسيطروا. ٥ الدار المسلوبة: وهي التي أغار عليها عدو خارجي فسلبها، مثل فلسطين، والأندلس معجم القواعد الفقهية « وبلاد ما وراء النهرين التي سيطر عليها الشيوعيون والملحدون . الإباضية، ج ١، ص ٩١(١) وقد عرفها الجيطالي بأنها: ولاية الإمام العادل إمام المسلمين ومن اتبعه على طاعة الله تعالى إلا أن ظهر من أحد ما »يبرأ به منه، وذلك أن كل دار يكون أهلها الغالبون عليها، القاهرون لأهلها، هم العاملين بما جاء به التنزيل، المتعبدين بما شرعه الرسول، الناهين بما نهى عنه الشرع والعقول، الداعين إلى السنة والعمل بها الرادين البدعة على من جاء بها غير متجانفين للأقارب، ولا متعصبين على الأجانب يتولاهم الإنسان ويسميهم أهل العدل والإحسان وينسب الدار إليهم فيسميها دار العدل والحق فكل من رآه منهم في زي أهلها فليحكم عليه .« بحكمهم إلا أن ظهر منه خلافهم الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ - ٢، مكتبة الاستقامة، ١٤٢٣ ه . ٢٠٠٣ م، ص ٥٠ ويأخذ أطفيش بتعريف آخر، فيقول: وتسمى الأولى) وهي ولاية من أظهر طاعة الإمام العدل (ولاية البيضة) وهي بيضة )»القتال، أضيفت الولاية إليها لأن المتولي يذعن إلى ما يأمره الإمام من القتال، والإضافة = ٢ دار الجور (دار الحرب أو دار ا لكفر): « دار الكفر إنما هي دار الحرب » فى الفقه الإباضي(١) . وقد عرفها ّ النزوي، بقوله: وأرض الحرب عندنا هي كل ما كان من بلدان الشرك، الذين هم في » غير طاعة أهل الإسلام وعهدهم، مثل بلاد الهند والزنج ونحوهما، من « بلدان أهل ا لشرك(٢) . = تصح لأدنى ملابسة، وأولى من ذلك أن بيضة القوم كبيرهم، والإمام العدل أكبر، فأضيفت أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، « إليه، ووجه التسمية لا يوجبها . ج ١٧ ، ص ٥١٠ إن انفرد بدار مرتدون فدار شرك أيض » : ويقول أطفيش إنه ً . ذات المرجع، ص ٥٥٨ « ا (١) . الكدمي: الاستقامة، ج ٢، ص ٣٦ ، الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤ « دار إباحة » ودار الحرب . ص ٥٢٢ وتشمل دار الحرب كل البلاد غير الإسلامية التي لا تدخل تحت سلطان » : كذلك قيل عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، « المسلمين، أو لا تظهر فيها أحكام الإسلام . ج ١، ص ٢٧٧ ويذهب الإمام الشوكاني إلى أن التفرقة بين دار الإسلام وغيرها ليست في نظره ذات واعلم أن التعرض لذكر دار الإسلام ودار الكفر قليل الفائدة جد » : أهمية عملية كبيرة ً ا لما قدمنا لك في الكلام على دار الحرب، وأن الكافر الحربي مباح الدم والمال على كل حال ما لم يؤمن من المسلمين، وأن مال المسلم ودمه معصومان بعصمة الإسلام في دار الحرب وغيرها، وإن كانت الفائدة هي ما تقدم من كونهم يملكون علينا ما دخل دارهم .« قهرا ً .( (الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، المرجع السابق، ج ٤، ص ٥٧٦(٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٤٣ . ويضيف ا لنزوي: وإذا كان الغالب عليها، والمالك لها أئمة الجور وأتباعها، فهي دار جور. »ذات المرجع، ج ١٠ ، ص ٤٩ . راجع أيض « والجور كفر، وهي دار كفر ً ا الكندي: بيان . الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٧٠ = بينما يضيف السعدي إلى ذلك عنصرا آخر هو عدم وجود ذمة بين ً أرض الحرب هي أرض المشركين مثل بلاد » : المسلمين وبينهم، فيقول الهند وبلاد الزنج والصين، وما أشبه ذلك من بلاد الشرك الذين ليس بينهم « وبين المسلمين ذمة(١) .  ويحكم دار الحرب عدة أحكام في الفقه الإباضي، منها: = ويوجد تعريفات أخرى في الفقه الإباضي لدار الكفر أو دار الجور أو دار الحرب، نكتفي بذكر أربعة منها: الأول: أما دار الحرب: فهي التي لم تخضع يوما لسلطان المسلمين ولم يدخلها الإسلام » ً ولم يبسط سلطانه عليها. وتنقسم إلى قسمين: دار العهد: وهي التي بيننا وبينهم عهد. .« والدار المستقلة: وهي التي ليس بيننا وبينهم عهد . معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٩٢والثاني: دار الشرك، وتسم » ّ ى أيض ً ا: دار الكفر، يغلب عليها سلطان المشركين، ويسكنونها، ويسكن معهم المسلمون ولو كانوا يظهرون شعائرهم، وحكمها: ألا ينتقل للتوطين فيها، ُ  ويجوز لمن دخل عليه الشرك فيها البقاء ما دام يتوصل إلى إظهار شعائر الإسلام، وتحرم .« طاعة حاكمه، ويجب السعي إلى تغييره . معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٩٠والثالث: الدار دار كفر ومعسكر السلطان معسكر كفر وذلك عندما يكون الوطن » .« للمشركين تسكنه أمة مشركة وتتولى الحكم فيه دولة مشركة د. وليد مساعد السيد الطبطبائي: منهج الإباضية في تفسير القرآن الكريم، رسالة لنيل درجة العالمية (الدكتوراه)، كلية أصول الدين، جامعة الأزهر، القاهرة ١٤١٣ ه ١٩٩٢ م، . ص ٣٥والرابع: وأجمعت الأمة على أن أهل هذه الملل (أي: الملل المخالفة لملة الإسلام) إذا » أبو عمار عبد الكفافي الإباضي: الموجز، « هم حاربوا، وبانوا بدارهم، أن دارهم دار شرك دار الجيل، بيروت، ١٤١٠ -. ١٩٩٠ ، ص ١٣٩ (١) السعدي: قاموس الشريعة، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ُ . ج ١٣ ، ص ٢٨٢ ١ قواعد تتعلق بالحق في ا للجوء(١) . ﺪﻋﺍﻮﻗ ﺺــﺨﺗ ﻥﻮﻧﺎﻘﻟﺍ ﺐــﺟﺍﻭ ﻖﻴﺒﻄﺘﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﻢﻠــﺴﻤﻟﺍ ﺩﻮﺟﻮﻤﻟﺍ ﻲﻓ ﺭﺍﺩﺏﺮﺤﻟﺍ (٢). ٢ ـ ﺪﻋﺍﻮﻗ ﺔﺻﺎﺧ ﺔﻳﻻﻮﻟﺎﺑ .ﺓﺀﺍﺮﺒﻟﺍﻭ ٣ ـ ﺪﻋﺍﻮﻗ ﺔﺻﺎﺧ ﻝﺍﻮﻣﺄﺑ ﺀﺎﻣﺩﻭ ﻞﻫﺃ ﺏﺮﺤﻟﺍ ﺪﻨﻋ.ﻢﻬﻟﺎﺘﻗ ٤ ـ ٣ ـ ﺭﺍﺩﻁﻼﺘﺧﻻﺍ(٣): ﻲﻫﻭـ ﻦﻣ ﺎﻬﻤﺳﺍ ـ ﻊﻤﺠﺗ ﻦﻴﺑ ﻦﻴﻋﻮﻨﻟﺍ .ﻦﻴﻘﺑﺎــﺴﻟﺍ ﺍﺬﻜﻫﻭ ﺀﺎﺟ ﻲﻓ ﻥﺎﻴﺑ الشرع: وإذا كانت الدار فيها من يدين بالضلال وفيها من يدين بالحق وتظاهر » « فيها دين أهل الحق ودين أهل الضلال، فهي دار ا ختلاط(٤) . ويقول أطفيش: وينظر في دار اختلط فيها الموحدون والمشركون لوالي أمرهم، فإن » كان للمشركين، وهم الغالبون، فالحكم لهم، ولكن يؤخر قتالهم ومخالطتهم حتى يتميز الموحدون منهم، وإن كان لهم وهم الغالبون فلا يحاذر من معاملتهم وأكل ذبائحهم والتسليم عليهم إلا من استريب بشرك أو ظهر منه، (١) راجع ما قلناه عند دراستنا للحق في ا للجوء. (٢) .« مبدأ إقليمية ا لاختصاص » راجع ما قلناه بخصوص(٣) ويسميها الإباضية أيض ً معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، « الدار المختلطة » ا .٤٧٥ ، ج ١، ص ٩٢(٤) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٤١ - ١٤٣ . ويقول أيض ً وأما » : ا ، ذات المرجع، ج ٤ « إذا اختلفوا في التدين، كانت الدار دار اختلاط في الأديان . ص ٢٠٥ وإن لم يكن غلب ولا ظهور لواحد كف عن أمرهم وأحكامهم حتى يظهر « هذا من ذا، كذا إن اختلطوا، ولا يفرز كل مع ظهور وغلبة(١) . ٤ تعقيب: ودار غير » ،« دار الإسلام » نعتقد أن الوقت قد حان الآن للحديث عن بدلا « المسلمين ً من تسمية هذه الأخيرة دار الكفر، أو دار الجور، أو دار الحرب أو غيرها من ا لتسميات. (١) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٥٩ . ويقول ا لكدمي: وقال من قال: إن الدار دار عدل، إذا كان أهلها أهل عدل حتى يغلب عليها المتدينون »بالضلال، ولا يقدرون أن يظهروا دينهم، فإذا لم يقدروا أن يظهروا دينهم، وكان دينهم دين ً ا مكتوما، كانت الدار حينئذ دار اختلاط، لأنه معروف فيها أهل العدل مكتتمون، وفيها أهل ً الباطل ظاهرون، ولا يحكم على أهل الدار بالكفر، ما كان المسلم يسعه أن يقعد على دينه، ويؤمر أن يقعد على كتمان دينه، فإذا كانت الدار لا يقدر المسلم أن يكتم تدينه، ُ ولم يقدر إلا أن يظهر دين الضلال، والسمع والطاعة لدين أهل الضلال، ولأهل الضلال، ولا يمكنه إلا أن يظهر دين الضلال، ولا يمكنه إلا إظهار طاعة أهل الضلال، أو موافقة .« أهل الضلال على ضلالهم، فإذا صاروا بهذه المنزلة، كانت الدار حينئذ دار كفر . الكدمي: الاستقامة، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٤ الدار المختلطة: وهي التي ذكرها فقهاء الإباضية وهي التي اختلط أهلها المسلمون » : لذلك قيل والحربيون، وهي على ما يبدو داخلة في أقسام دار الإسلام عند الحنفية لأن الدار المسلوبة أو دار الردة أو دار البدعة، إذا لم نقدر أن جميع أهلها ارتدوا أو صاروا أهل بدعة صارت مختلطة لأنه يبعد عقلا ً أن يتحول كل أهلها إلى الكفر أو البدعة، وعلى كل حال فهذا محض اصطلاح . معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٩٢ « في التقسيم والاصطلاح ولا مشاحة فيه ﻝﻮﻘﻳﻭ :ﻢﻇﺎﻨﻟﺍ ﻙﺮــﺸﻣﻭ ﺮﻈﻧﺎﻓ ﻰــﻟﺇ ﻦﻣﻢﻜﺤﻳ ﻢﻠـﺴﻤﻟﺍ ﺎـﻬﻴﻓ ﻁﻼـﺘﺧﻻﺍ ﺭﺍﺩﻭ ﻢﻠــﺳﺃ ﺍﺬــﻬﻓ ﻩﺮــﻣﺃ ﺮــﻣﻷﺍﻭ ﻥﺈـﻓ ﻦـﻜﻳ ﻢـﻜﺤﻳ ﺎـﻬﻴﻓ ﻢﻠـﺴﻤﻟﺍ ﺭﺍﺪـﻓ ﻙﺮـﺷ ﻚـﻠﺗ ﻲـﻓ ﻖـﺣﻞـﻘﻧ ﻥﺇﻭ ﻦـﻜﻳ ﺎـﻬﻤﻜﺤﻳ ﻙﺮـﺸﻟﺍﻞـﻀﻤﻟﺍ . الشيخ سالم السيابي: كتاب إرشاد الأنام في الأديان والأحكام، ص ٢٨٤ .« بيضة الإسلام تسمى مؤمنة وإن خالطها ا لغير » : ويقول الوارجلاني . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المجلد الثاني، ج ٣، ص ١٣٣ علة ذلك، في رأينا، ما يلي: ١ أن ما نقترحه هو المقصود من تسميات دار الكفر، أو دار الجور، أو دار الحرب، فكلها الغرض منها الإشارة إلى دار غير المسلمين الذين لا تطبق فيها أحكام الإسلام، ولا يحكمها حكام مسلمون. ٢ أن ما نقترحه يشمل كل الدور الموجودة في الفقه الإباضي (والفقه الإسلامي بصفة عامة)، فهو يشمل: دار العهد، ودار الردة، ودار الحرب، ودار الكفر، ودار الجور... إلخ. ٣ أن تقسيم العالم إلى دارين: دار الإسلام ودار الحرب هو اجتهاد فقهي حتمته بعض الأحوال السائدة وقت تقريره. ٤ أن العلاقات الدولية المعاصرة قد تغيرت عما كانت عليه وقت ظهور التقسيم آنف الذكر، وبالتالي يجب تغير المسميات بتغير الأحوال. :QGódG ∫ƒëJ `` ê يمكن أن تتحول الدار إلى دار إسلام أو دار حرب أو دار اختلاط أو غيرها، أو تبقى على سيرتها الأولى لكن مع تغير من يسيطرون عليها ومن يحكمونها. ويشترط لتحول الدار عند الإباضية توافر شرطين: ١ حدوث تغيير أو تحول في إطار الدار ا لمعنية: وهكذا جاء في شرح ا لنيل: وإن ظهر أحكام أهل الشرك بدار ثم تحولوا عنها وسكنها بعدهم » مثلهم ولو معاهدين أو من لم يحارب المسلمين أو المخالفون والموافقون ٍ « فحكم الدار باق وإن لم تعمر بعدهم زال(١) . ٢ استقرار هذا التحول أو ا لتغيير: علة ذلك أنه إذا كانت الحرب ما زالت قائمة مثلا ً ، ولم يستطع أي طرف أن يحسمها بطريقة نهائية، لكون الطرف الآخر يقاوم ويهاجم، فإن التحول لا يتم. (١) تفسير ذلك: وإن ظهر أحكام أهل الشرك بدار ثم تحولوا عنها وسكنها بعدهم مثلهم؛ أي: من هم »مشركون مثلا ً ولو خالفوا كنصارى وعقبهم اليهود (ولو معاهدين) أو ذميين (أو من لم ّ يحارب المسلمين) ممن لا يعلم حاله أو لم تصلهم الدعوة إن كان الموحدون فيها يجري عليهم حكم الشرك، وإن لم نعلمهم، أو حفظوها للمشركين، ونقاتل من حرزها لهم ولو ٍ موحد ً ا، ولا نسبي له مالا ً أو ذرية (أو المخالفون والموافقون فحكم الد ّ ار باق)، وأيض ً ا إن عهدت دار شرك وتحولوا عنها جاز قتال من فيها ممن خلفهم فيها، وعذروا في قتالهم ما ّ .« لم يعلموا أنه لا يحل قتالهم ويضيف أطفيش: فيجوز حمل الكلام على هذا فنأخذ أصول من خرجوا منها وما تبين أنه لهم، فإن تحول » ّّ منها مشركون محاربون وسكنها بعدهم مشركون محاربون فدار شرك ومحاربة، وإن تحول ّ عنها مشركون معاهدون وسكنها مشركون معاهدون فدار شرك وعهد، أو تحول ذميون ُ ّّ فنزلها ذميون فدار ذمة، أو تحول عنها مخالفون مسالمون فسكنها مخالفون مسالمون فدار ُّ ِ خلاف وسلم، أو تحول عنها مخالفون محاربون وسكنها مخالفون محاربون فدار خلاف ّ وحرب، أو تحول عنها موافقون مسالمون فدار وفاق وسلم، أو تحول موافقون محاربون ّّ وسكنها موافقون محاربون فدار وفاق وحرب، وذلك بأن يظهر الشرك والحرب، أو الشرك والسلم، أو الشرك والعهد، أو الشرك والذمة، أو الخلاف والحرب، أو الخلاف والسلم، أو الوفاق والسلم، أو الوفاق والحرب، بلا تجديد دعوة لهم من الإمام، فيحكم عليهم .« ولهم بحكم من ماثلهم فيها قبلهم أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٥٤ -.٥٥٥ ويصدق ذلك على المسلمين وغير المسلمين، وهو ما أكده ا لنزوي: وأما إذا كان المالك للدار أهل الكفر، وهي دار كفر، فإذا خرج » المسلمون وحاربوهم، فما لم يظهروا على أهل الكفر، فالله أعلم، وإن غلب عليه أهل الكفر، فهي دارهم، حتى يغلب عليه المسلمون وإذا كان المسلمون المالكين الدار، والحاكمين عليها وعلى أهلها، فخرج عليهم أهل الجور، فالدار دارهم: دار الإسلام، وما بقوا يحاربون عنها، ويدافعون عنها، حتى يزول أمرهم، ويظهر أهل الجور عليهم، ثم قد زالت عنهم، فصارت دار « كفر(١) . تجدر الإشارة أن هذين الشرطين يجب أن يجتمعا لكي يمكن القول بحدوث تحول للدار، بمعنى أن توافر أحدهما لا يغني عن ا لآخر. دار » تجدر الإشارة، أن في الفقه الإسلامي يوجد أيضا مصطلح ً والذي يطلق على ما يفقده المسلمون من بلادهم باستيلاء الكفار « الاسترداد عليها، وليشعرهم بالواجب تجاهها (كما هو الحال في الأندلس، وفلسطين وغيرها) (٢) . (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٤٩ - ٥٠ . كذلك جاء في بيان ا لشرع: وإذا كانت الدار دار اختلاط أو دار جور وفساد فاستولى عليها حاكم العدل حتى ظهرت »أحكامه وعلت يده وأظهر الحق وأخمد ظهور الباطل فإن الدار تتحول إليه ويرجع الناس .« إلى الحق والعدل، وتكون الدار دار عدل بظهور العدل على أهلها وخمود الباطل من أهلها . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٤٣ (٢) يقول ابن تيمية: « ماردين » بخصوص بلدة وأما كونها دار حرب أو سلم فهي مركبة: فيها المعنيان: ليست بمنزلة دار السلم التي »تجري فيها أحكام الإسلام؛ لكون جندها مسلمين؛ ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار؛ بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه، ويقاتل الخارج عن شريعة مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، مطابع الحكومة، الرياض، ) .« الإسلام بما يستحقه .( ١٣٨١ ه، ج ٢٨ ، ص ٢٤١ « دار ا لعهد » كذلك أشار العديد من فقهاء المسلمين إلى مصطلح(١) . :(áªFC’G Oó©J hCG ∫hódG Oó©J) ΩÓ°SE’G QhO Oó©J `` O قد يتعدد الأئمة في ديار الإسلام، بحيث يكون لكل إقليم حاكما مستقلا ً ً عن الآخر، ولا يكون هناك إمام واحد لكل ا لمسلمين. وقد لخص رأي مختلف المذاهب، في هذا الخصوص، بقوله: ٌ وبالتالي وحدة الدولة الإسلامية « وحدة الخليفة » رأى الجمهور هو (١) وبخصوص البلدان المغصوبة، يقول ا لرستاقي: والذي جاء في الأثر أن البلدان المغصوبة، مثل البحرين وهجر وسيفم وجمع وسلوت، »لا يجوز الأكل منها إلا للفقير المحتاج. وما كان يمكن أن يجلب إليها من غيرها، فلا ، الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦ .« بأس بالأكل منه للغني والفقير. ويجوز الشراء منه . ص ٦٨٣ يقول ا لشيباني: وإذا كانت دار من دور أهل الحرب قد وادع المسلمون أهلها على أن يؤدوا إلى »المسلمين شيئ ً ا معلوما في كل سنة، على ألا يجري عليهم المسلمون أحكامهم فهذه دار ً .« الحرب ويعلق على ذلك السرخسي بقوله: لأن الدار إنما تصير دار الإسلام بإجراء حكم المسلمين فيها، وحكم المسلمين غير جار، ».٢١٩٢ ، شرح كتاب السير الكبير للشيباني، ج ٥، ص ٢١٦٤ .« فكانت هذه دار حرب ويقول أطفيش: أطفيش: .« إن تحول عنها مشركون معاهدون وسكنها مشركون معاهدون فدار شرك وعهد ». شر ح كتاب النيل، ج ١٧ ، ص ٥٥٥ ويؤكد رأي أن دار العهد وإن كانت أصلا ً من دار الحرب إلا أنها بالمعاهدة التي أبرمها أستاذنا د. محمد سلام مدكور: معالم الدولة « تميزت بوضع خاص » أهلها مع دار الإسلام . الإسلامية، المرجع السابق، ص ١١٥ ولا جرم أن القول بأن دار العهد هي من ديار غير المسلمين هو أمر بدهي، ليس في حاجة إلى تدليل أو إثبات. وذلك لما في التعدد من انتشار الخلاف والفتن والمنازعات وذلك لقوله ژ : وأيض « إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما » ً ومن بايع » : ا قوله إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه ً « فاضربوا عنق ا لآخر . كذلك مما يدل على منع الاختلاف قوله تعالى: ﴿ v zyxw ﴾[ [آل عمران: ١٠٥ ، وقوله: ﴿ !" $# &% '( ﴾ [ [الأنفال: ٤٦ وقوله: ﴿ CBA D ﴾ [ [آل عمران: ١٠٣ . بينما ذهب فريق من العلماء (الكرامية) إلى القول بجواز التعدد مستدلين بأن عليا ومعاوية كانا إمامين، ولأنه جاز بعثة نبيين في عصر واحد ولم يؤد ذلك إلى إبطال النبوة وبالتالي كانت الإمامة أولى ولا يؤدي ذلك إلى إبطالها.  وذهب رأي وسط إلى القول بأنه لا يجوز تعدد الخليفة إذا كان في جهة ضيقة بحيث يسع الإمام تدبير شؤون أهلها والوقوف على أخبارها أما إذا كانت البلاد الإسلامية بعيدة الأطراف واسعة الأرجاء فيجوز التعدد للضرورة لأن المسلمين في هذه البلاد لا يستطيعون إتباع الإمام لبعد الشقة وتعذر الاتصال والمواصلات (قاعدة الضرورات تبيح ا لمحظورات)(١) . وقد تعرض الفقه الإباضي لمسألة وجود أكثر من إمام، ونذكر أولا ً أهم الآراء في هذا الخصوص، ثم نتلوها ببيان القواعد التي تحكم ا لمسألة. (١) راجع هذه المذاهب في: محمد فؤاد عبد العزيز خلف: رسالة في الخلافة، رسالة كلية الشريعة والقانون، ١٣٥٦ ه ١٩٣٧ م، ص ١٢٠ - ١٣٠ . ويقول الجويني: إنه إذا تعدد حكام كل إقليم، فإننا لأن جمع مستقلين بالزعامة الكبرى محال، وإنما يكون « خال عن الإمام » نكون في زمان إمام الحرمين الجويني: غياث الأمم في التياث الظلم، دار « أميرا لكل إقليم » كل منهم ً الدعوة، الإسكندرية، ١٩٧٩ م، ص ١٣٠ -.١٣١ أولا ً أهم الآراء في هذا ا لخصوص: يقول الشيخ ا لبطاشي: والإمامة الكبرى لا يكون لها إلا إمام واحد في العصر الواحد في » جميع الأقاليم التي يجري فيها حكم المسلمين فيجعل الإمام العمال في كل بلد ويأمرهم بأمره فمن سبقت إمامته على الإطلاق أو على الكل فهو إمام الدنيا ومن تأخرت إمامته بطلت فيجعله عاملا ً إن تأهل ومن عقدت له الإمامة على بلد مخصوص أو إقليم فقط لا على الإطلاق ولا على الكل ثم  ولى أهل بلد إماما على المسلمين كلهم والدنيا فالأول عامل له وقيل إن ً الأول هو الإمام على الكل قال القطب 5 والدليل على أنه لا يجتمع إمامان في عصر واحد كونه ژ في عصره هو الإمام وحده وغيره عمال وكذا في عصر أبي بكر وعمر ومن بعدهما فإن استعملا في وقت واحد بطلت إمامتهما وقيل يجوز إمام لكل مصر وإنما الممنوع إمامان لمصر واحد أو ثلاثة أئمة أو أكثر قال أبو الحسن لا يجوز أن يكون إمامان في  مصر واحد وعلى الأول صاحب الضياء إلا أنه أجاز إمامين فصل بينهما جبار لم يطيقاه وقال إن زال الجبار واتصل ملكهما انفسخت إمامتهما « واختار المسلمون إماما يقيمونه لأنفسهم(١) . ً ويؤكد رأي آخر: ولا يجوز إمامان في مصر واحد، إلا أن يكون بينهما سلطان جائر، وإن » ذهب السلطان الجائر واتصل سلطان الإمامين، بطلت إمامتهما، واختار « المسلمون إماما منهما لأنفسهم(٢) . ً (١) الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، وزارة التراث والثقافة، سلطنة ع ُ مان، ج ٩، ص ٣٦ - ٣٧ . انظر أيض ً . ا الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٣٦(٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ١١٨ ؛ الشيخ عبد الله النزوي: فواكه العلوم = إلا في خصلة واحدة وهو » كذلك لا يجوز أن يكون إمامان للمسلمين أن يكون بينهما بحر فإن لم يكن بينهما بحر وعقد لهما في صفقة واحدة وكذلك إن عقدت في صفقتين في وقت واحد أو لواحد « بطلت إمامتهما   بعد واحد ولم يعلم أيهما من قبل(١) . ثانيا القواعد التي تحكم ا لمسألة: ً  مما تقدم يمكن القول إن المسألة قيد البحث يحكمها القواعد ا لآتية: أولا ً الأصل أنه لا يجوز اختيار أكثر من إمام(٢) . ثانيا استثناء يمكن تعدد الأئمة، وذلك بأن يكون كل منهم إماما على ً ً مصر (بلد) واحد في الحالات ا لآتية(٣) : = في طاعة الحي القيوم، مسقط، ١٤١٥ ه ١٩٩٥ م، ج ٣، ص ٢٧٧ ، بكير بن بلحاج: الإمامة عند الإباضية بين النظرية والتطبيق مقارنة مع أهل ا لسنة والجماعة، ص ٨٠ -.٨١  (١) أبو إسحاق بن قيس: مختصر الخصال، مكتبة مسقط، ١٤٣٢ ه ٢٠١١ م، ص ١٩٤ -.١٩٥ (٢) فمن ا لثابت: أن عمر قال يوم خلافة أبي بكر: إن الله واحد، والإسلام واحد، ولا يستقيم سيفان في غمد »واحد، ولا تجوز الأمور إلا على واحد، وأن رسول الله ژ قال: إذا رأيتم أميرين فاضربوا عنق أحدهما كيف ذلك وهل يقال لهما إمام جميعا، كأن كل واحد إمام على رعيته، أحدهما ً رضي بإمامة الآخر، فأما الحديث عن النبي ژ ، فذلك على معنى: إذا رأيتم إمامين متضادين، مهتد وضال، وعادل وجائر، وأولى به ژ أن يكون إنما أمر بضرب عنق المبطل. ولا يجوز أن يكون يأمر بضرب عنق إمام محق، يتبع كتاب الله وسنة نبيه ژ . وأما قول عمر: إن الله واحد، والإسلام واحد، ولا يستقيم سيفان في غمد واحد، لعله يعني: إمامين. وكذلك قال المسلمون: لا يجتمع إمامان في مصر واحد ولا يكون للمسلمين إلا إمام . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ١١٧ « واحد(٣) وهكذا بخصوص مسألة: وعلى قول من جعل ع ُ مان والبحرين مصر ً ا واحد ً ا وجعل المصر كالبلد في حال الدفاع أيجوز على هذا جبر أهل عمان على قتال الدفاع عن البحرين وأهل ُ البحرين عن عمان أم لا؟ قيل: = ُ أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٧٦ ١ إذا فصل بينهم بحر.  ٢ إذا وجد بينهم جبار (أي حاكم ظالم). ٣ إذا حتم ذلك أحوال العصر، كما هو في الوقت الحالي، إذ ذاك هو المطبق في الدولة ا لإسلامية. ٤ يجوز الإباضية » إذا حتم ذلك اتساع نطاق إقليم الدولة الإسلامية، إذ « تعدد الإمامات إذا تباعدت الجوزات وانقطعت عن بعضها(١) . ثالث ً ا إذا حدث وتم اختيار أكثر من إمام واحد، فيجب المفاضلة بينهم لاختيار أحسنهم لهذا ا لمنصب(٢) .  = جائز له جبرهم وذلك على قول إن عمان والبحرين كلتيهما مصر واحد وقال من قال إنه » ُ لا يجوز له جبرهم وذلك على قول من قال إن عمان هي مصر وحدها والبحرين هي ُ .« مصر وحدها السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة . التراث والثقافة، سلطنة عمان، ج ١٤ ، ص ٢٤٤ ُ (١) . معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٦١ « ولا يرى إمامان لعسكر واحد وجاز لعساكر ولبلاد متفرقة » : فقد قال الإمام الثميني الواجب إمام واحد » : الثميني: كتاب النيل وشفاء العليل، ج ٣، ص ٨٨٦ ، وقال أطفيش أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، « ولكن لو فصلت أقوام لا تطاق فإنه يصح إمامان أو أكثر ص ٤٢٨ ، ومشار إليهما أيض ً ا في عدون جهلان: الفكر السياسي عند الإباضية، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ١٤١١ ه ١٩٩١ م، ص ١٤٢ -.١٤٣ ُ (٢) عند الإباضية عدة معايير لإجراء هذه المفاضلة، فقد جاء في جامع ابن جعفر: وفي جواب من محمد بن محبوب رحمهما الله سألت عن المسلمين إذا اختلفوا فعقد كل »فريق منهم لإمام فقال: إن اختلفوا في بلدين فالذين عقدوا من علماء المسلمين لمن رأوه موضعا في مواضع الأئمة فهو أولى بالإمامة، فإن كان اختلافهم في البلد الذي تكون فيه ً الإمامة فالذي قدمه أهل الدين والفقه والورع أولى بالإمامة، فإن استوى المقدمون في الفقه والدين والورع كان أفضل المؤمنين فقها ودين ً ا وورع ً ا وأرجى بهم للقوة في عز ً الدولة، وفي نسخة الدعوة وهيبة العدو وأحق بالإمامة فإن استوى المؤمنون في الفقه = رابعا أن وحدة الأمة الإسلامية، تحت أية صورة من الصور، هو أمل ً تتوافر فيها أسسه وقواعده(١) . لذلك يرى ا لإباضية: ولو كان بعمان إمام وإمام بالبحرين وإمام بحضرموت ثم اتصل » ُ سلطانهم سقطت إمامتهم وكانت مملكة واحدة واختار المسلمون إماما ً « يقيمونه للجميع(٢) . = والدين والورع فأرجاهم للقوة في عز الدولة وفي نسخة الدعوة وأهلها ومناصبة العدو،  .« فإن استووا في جميع ذلك فالذي عقد له الإمامة قبل صاحبه هو أولى من ا لمؤخر  ابن جعفر: الجامع، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣١ ه ، ٢٠١٠ م، ج ٨ ُ  ص ٥٨ -.٥٩ (١) يقول سماحة المفتي العام لسلطنة عمان: ُ لا شك أن القرآن الكريم والسنة ا لنبوية الشريفة يضمان أكبر مجموعة من ركائز الوحدة »الإسلامية المرجوة، يقول تعالى: ﴿ ¬ ¯® ﴾ [ [الحجرات: ١٠ ، وهذه الإخوة  الإيمانية هي ركيزة الوحدة الإسلامية، التي تؤكد الروابط الاجتماعية والإنسانية بين المسلمين، فيتلاشى الظلم ويعيش المسلمون في مجتمعاتهم إخوة متضامنين، لا شحناء ولا بغضاء بينهم، وهذا ما عناه ا لرسول ژ في قوله: لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا » تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض؛ وكونوا عباد الله إخوان ً ا، المسلم أخو المسلم لا « يظلمه ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه (رواه مسلم وأحمد)، فهذه ا لأخوة الإسلامية تعم جميع المجتمعات الإسلامية، ويراد بها الأخوة العقائدية، وأخوة العمل، وأخوة الإقامة، يقول تعالى: ﴿ LKJIHGFE ZYXWVUTSRQPONM ﴾ [ [الحجرات: ١٣ ، وهنا يتأصل .« المعنى العام للأخوة ويضيف أيض ً ا: فإذا قامت الوحدة الإسلامية فلن تستطيع أمة من الأمم أن تلحق الأذى بالمسلمين؛ لأننا »بهذه الوحدة ننصر دين الله فينصرنا في جميع قضايانا، يقول الله تعالى: ﴿ ONML ]\[ZYXWVUTSRQP ^ _ ﴾ [ [آل عمران: ١٦٠ . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفكر والدعوة، المجلد الأول، ص ٣٢٢ -.٣٢٣ (٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢١١ ومما يدل على وحدة دار الإسلام دوليا عند الإباضية، ما جاء في جامع ً  البسيوي: فأما الذمي إذا كان له مال وعيال بعمان ثم غاب سنين إلى بلد » ُ  الشرك ثم قدم؛ فقيل: تؤخذ منه الجزية، فأما إذا كان غائبا إلى بلاد ً الإسلام لا يؤخذ منه، لأن الذمة واحدة بين أهل الإسلام، فأما من قدم  من أهل الذمة إلى عمان، فأقام بها ثلاثة أشهر، أخذت منه الجزية وقال ُ « ا(١) قوم شهر . ً بينما يقول الإمام ا لسالمي: ِ ويؤخذ من جميع ما يق » َدم به الحربي من طعام، وعبيد، ومتاع حتى ظرف السفينة يقوم ويؤخذ مثل ما يأخذون، وإن قدم مال الحربي إلى أرض ّّ من أرض الإسلام مثل عدن أو غيرها فأخذوا منهم ث ُم قدم بذلك المال إلى عمان فينظر: فإن كان إذا قدم مال المسلمين إلى أرض الحرب أخذ منهم ُ كل ملك مروا عليه فأحب أن يؤخذ منهم كذلك، وإن كانوا يأخذون منه مرة ّ ّ « واحدة لا يؤخذ منهم إلا كذلك(٢) . وليس هناك تناقض بين ما قاله البسيوي وما أكد عليه السالمي، ذلك أن هناك فروق ً ا بينهما: ١ من ) « الحربي » بينما ذكر السالمي حالة ،« الذمي » فالبسيوي عالج حالة غير أهل ا لذمة). ٢ إلى بلاد الإسلام، بينما « غياب الذمي » كما أن البسيوي عالج حالة الحربي إلى ديار ا لمسلمين. « قدوم » السالمي تعرض لحالة (١) البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٢، ص ٢١٥ -.٢١٧ (٢) . السالمي: معارج الآمال، ج ٧، ص ٦٦٤ ٣ بينما ركز السالمي على ،« المعاملة بالمثل » أخيرا أن البسيوي لم يذكر ً معاملة الحربي بذات المعاملة التي يعاملون بها مال المسلمين (معاملة له بالمثل). في الفقه « الإقليم » أو « الدار » تلكم أهم المسائل التي تثيرها فكرة الإباضي(١) . :¢UÉîdG »dhódG ¿ƒfÉ≤dG ΩÉμMC’ zQGódG{ ᫪gCG ` `g لما كانت الدار يسكنها الأشخاص أو يوجد بها الأشياء، فإن أهميتها في هذا الخصوص تبدو مما يلي: (١) يلخص رأي في الفقه الإباضي أحكام الدور، كما يلي: ١ الدار دار إسلام ومعسكر السلطان معسكر إسلام وذلك عندما يكون الوطن مسلما » ً والأمة مسلمة والدولة مسلمة تعمل بحكم ا لله. ٢ الدار دار إسلام ومعسكر السلطان معسكر إسلام إلا أنه معسكر بغي وظلم وذلك: عندما يكون الوطن مسلما والأمة مسلمة والدولة مسلمة لكنها لا تلتزم ا لمنهج. ً ٣ الدار دار إسلام ومعسكر السلطان معسكر كفر وذلك عندما يكون الوطن مسلما ً والأمة مسلمة والدولة الحاكمة دولة مستعمرة مشركة كتابية أو غير كتابية. ٤ الدار دار كفر ومعسكر السلطان معسكر كفر وذلك عندما يكون الوطن للمشركين .« تسكنه أمة مشركة وتتولى حكمه دولة مشركة الشيخ على يحيى معمر: الإباضية بين الفرق الإسلامية، المرجع السابق، ص ٣٢٩ - ،٣٣٠ انظر أيض ً ا:   بكير بن بلحاج: الإمامة عند الإباضية بين النظرية والتطبيق مقارنة مع أهل السنة والجماعة، رسالة ماجستير، المعهد الوطني العالمي لأصول الدين، ١٤١٤ ه ١٩٩٣ م، ص ١٥٨ -.١٥٩ ودار التوحيد هي كل أرض ظهر فيها أحكام الشريعة من الأذان للصلاة، » : ويقول أطفيش والمحارب للقبلة والمقابر والذبح إليها، والنقش على الدنانير والدراهم، فمن رأيناه فيها أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ٧، ص ٥٦٦ « أجرينا عليه أحكام التوحيد -.٥٦٧ ١ أن الدار، وهي مكان الإقامة أو الموطن للشخص، لها أثرها على القانون واجب التطبيق، عند اختلاف جنسية الأشخاص أطراف العلاقة القانونية. ٢ أن الدار تؤثر أيض ً ا على القانون واجب التطبيق إذا كان أحد أطراف العلاقة، أو الشيء موضوع النزاع يعتبر أجنبيا بالنسبة لبلد القاضي الذي ً يفصل في ا لنزاع. ٣ الذي أخذ به الإباضية يبين بوضوح « دار الاختلاط » أن مصطلح معرفتهم لأخص خصائص مسائل القانون الدولي الخاص: وجود عنصر أجنبي في العلاقة القانونية الدولية ا لخاصة. ٤ أن الدار، مع اختلافها، يترتب عليها أيض ً تنازع » ا مشكلتي وتنفيذ الأحكام القضائية ،« دار » بين محاكم أكثر من « الاختصاص القضائي والتحكيمية الأجنبية وهما مشكلتان أساسيتان في القانون الدولي ا لخاص(١) . (١) حري بالذكر أن الماوردي يتحدث أيض ً ويبين وضعها القانوني بقوله: ،« دار الردة » ا عن ولدار الردة حكم تفارق به دار الإسلام ودار ا لحرب. »فأما ما تفارق به دار الحرب فمن أربعة أوجه: أحدها: أنه لا يجوز أن يهادنوا على الموادعة في ديارهم، ويجوز أن يهادن أهل ا لحرب. والثاني: أنه لا يجوز أن يصالحوا على مال يقرون به على ردتهم، ويجوز أن يصالح أهل الحرب. والثالث: أنه لا يجوز استرقاقهم ولا سبي نسائهم، ويجوز أن يسترق أهل الحرب وتسبى نساؤهم. والرابع: أنه لا يملك الغانمون أموالهم، ويملكون ما غنموه من مال أهل ا لحرب. وقال: أبو حنيفة :ƒ قد صارت ديارهم بالردة دار حرب، ويسبون ويغنمون وتكون أرضهم فيئ ً ا، وهم عنده كعبدة الأوثان من ا لعرب. وأما ما تفارق به دار الإسلام فمن أربعة أوجه: أحدها: وجوب قتالهم مقبلين ومدبرين كالمشركين. = :øWƒdG PÉîJG `` h من المعلوم أن اتخاذ الوطن هو أمر واجب وفرص لازم عند ا لإباضية(١) . ولا شك أن اتخاذ الوطن يرتب أثرين: الأول مراعاة التكاليف الشرعية، من صوم وصلاة وغيرها. والثاني تعدد البلدان، حسب البلد الذي يكون وطن ً ا، وهذا أمر يؤثر على مسائل ومشاكل القانون الدولي الخاص، باعتباره يقع في أخص خصائص العنصر الأجنبي في العلاقة الخاصة، وهو العنصر اللازم لوجود ذلك ا لقانون(٢) . = والثاني: إباحة إمائهم أسرى وممتنعين. والثالث: تصير أموالهم فيئ ً ا لكافة ا لمسلمين. والرابع: بطلان مناكحتهم بمضي العدة وإن اتفقوا على ا لردة. .« وقال أبو حنيفة: تبطل مناكحتهم بارتداد أحد الزوجين، ولا تبطل بارتدادهما معا ً  الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ١١٦ -.١١٧ وإن انفرد بدار مرتدون فهي دار شرك أيض » : وفي الفقه الإباضي ً الشيخ عيسى بن صالح « ا . الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ١٤١ (١) السالمي: معارج الآمال، ج ٥، ص ١٩٠ ، الشماخي: كتاب الإيضاح، مكتبة مسقط، ١٤٢٥ ه . ٢٠٠٤ م، ج ١، ص ٦٤٣ (٢) في هذا المعنى، يقول الإمام ا لسالمي: وإن قومنا قد خالفونا في صفة الإقامة، وهي عندنا: اتخاذ الدار وطن » ً ا، أو ينوي فيها إقامة لا غاية لها كأصحابنا الذين خرجوا من عمان وسكنوا أرض الزنج واتخذوا فيها الدور ُ والأموال والأهل والخول، فإنه يلزم هؤلاء التمام، فإنه وإن كان لهم قصد في الرجوع إلى عمان فإن هذا القصد ضعيف جد ً ا، ونية الإقامة غالبة عليه، فترى الواحد لا يخرج منها إلا ُ وقلبه متعلق فيها. وأيضا لا يخرج إلى عمان إلا لأحد شيئين: ًُ إما لفرجة شهر أو شهرين، أو سنة أو سنتين، أو لسخط السلطان له وغضبه عليه، فإذا آنس الرضا سارع في الرجوع، فهذا لعمر الله مقيم وإن تعلل بالقصد. سلمنا أن قصده صحيح؛ فغاية ما فيه أن عمان له وطن فقصده يفيد بقاء الوطن العماني ُُ .« ولا يفيد نفي الإقامة بأرض ا لزنج = إلا استثناء « تعدد الأوطان » ولا يميل اتجاه في الفقه الإباضي إلى ولضرورات ملحة. يقول علي يحيى معمر: « ا(١) لا أميل إلى جواز تعدد الأوطان، ولا أفتي به إلا مضطرا أو مقلد » ً . ً بينما يذهب اتجاه آخر إلى إمكانية تعدد الأوطان. يقول الإمام ا لنزوي: فقيل، لا يجوز له إلا واحد، وقيل يجوز له أن يتخذ وطنين، وقيل، »  يجوز له أن يتخذ ثلاثة، وقيل، يجوز له أن يتخذ أربعة وقيل يجوز له أن يتخذ ما شاء من الأوطان، ولا حد لذلك، وأكثر قول أصحابنا السائر، أنه أكثر ما يجوز له أن يتخذ وطنين، ويروي عن النبي ژ أنه قال: المسافر يقصر حتى يعزم على المقام، ولم يحد حد ً ا فيما يوجد «(٢) . ويقول ا لشماخي: ِ ويوطن الرجل أربعة مواطن في حوزة واحدة، لأنه يجوز له أن يتخذ » ُُ أربع زوجات، كل زوجة في وطن، ولكن لا يجعل كل وطن في أميال ٍ الآخر، لأن أميال كل وطن، حكمها حكم ذلك الوطن، فيكون كوطن واحد، والله أعلم. ٍِ وإن ْ وطن َ أكثر من أربعة مواطن بمرة فلا يجوز، فإن تتابعت فقد صحت ََ له الأربعة الأولى، ولا تتخذ المرأة لنفسها إلا وطن ً ا واحد ً ا بخلاف الزوج « الذي يجوز له أربع زوجات(٣) . = السالمي: معارج الآمال، ج ٥، ص ١٩٢ -.١٩٣ والمقصود بأرض الزنج أراضي تنزانيا وكينيا وما حولها. (١) . علي يحيى معمر: أحكام السفر في الإسلام، ص ٦٠(٢) . النزوي: المصنف، ج ٥، ص ٣٤٣(٣) الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ١، ص ٦٤٨ -.٦٤٩ بل ويذهب ذات الاتجاه إلى أنه أن اتخذ أكثر من أربعة صحت الأربعة  الأول ويبطل الخامس كما تبطل الخامسة من النساء. وهذا إذا لم ينزع عن بعضها، فإن نزع جاز أن يتبدل بالنساء غيرهن.  وقد انتقد الإمام السالمي الاتجاه السابق، واعتبر قياسه فاسد ً ا لسببين:  أما أولا ً: فإن حصر الأوطان على عدد الزوجات لا سبيل إليه، بل له أن يزيد وطن ً ا خامسا يجعله مع أمه أو أخته، وسادسا مع صديقه، وسابع ً ا في بستانه. ًً وأما ثانيا: فإن تحديد الجمع بين الزوجات لا يشابهه الجمع بين ً الأوطان؛ لأن ذلك أمر غير معقول المعنى، وإن عقل معناه فالعلة غير ا لعلة(١) . ونحن نؤيد ما ذهب إليه الإمام السالمي، ونضيف إليه سببا آخر: أن ً اتخاذ الوطن إن كان له بعد ديني في الفقه الإباضي (التأثير على التكاليف الشرعية)، فإن له بعد ً ا آخر لا يمكن إغفاله، ألا وهو البعد الإنساني، وهو أمر لا يمكن التحكم فيه أو تحديد مواقع له، إذ ذلك تتحكم فيه اعتبارات أخرى كالمزاج، بل والهوى، والتملك... إلخ. يقول ا لناظم(٢) : والحب ﱡ للأوطان أمر ﹲ ع ﹸ رف ﹶ ا في كل أمة ٍ وما فيه خ َ ف َ ا ﹺ ِِ ِ ذلك ﹶ للمنعة فيه فاع ﹾل ﹶ ما من عاديات الده ْ ر عند َ الع ُظ َ ما فالمرء ﹸ لو كان ﹶ استقر ﱠ في ب لد ﹾ بلا اطمئنان ٍ قصر فرضه عهد ْ فالوطن ﹸ المعروف ﹸ مع ﹾ ه ﹸ م ﹾ بالحضر ﹾ هو َ الذي ه ُ نا ي ُ قابل ِ ُ السف َر ْ نزع » لاتخاذ الأوطان، ما قيل بخصوص « الطابع الإرادي » ومما يؤيد :« الوطن (١) السالمي: معارج الأمال، ج ٥، ص ١٩٤ -.١٩٥ (٢) . الشيخ سالم السيابي: كتاب إرشاد الأنام في الأديان والأحكام، ص ٢٨٠ يحوز نزع الوطن لمن أراد الانتقال من ذلك الوطن إلى غيره، ويكون » النزع بعد الخروج منه إلى مسافة ا لقصر. ولا ينزع الرجل وطن ً ا حتى يتخذ لنفسه وطن ً ا آخر، إلا إن كان له من « قبل وطن غيره(١) . في الفقه الإباضي قول ا لشماخي: « اتخاذ الوطن » ومما يؤكد أهمية « إن وطن الدنيا كلها فإنه لا يجوز له، لأنه كمن لا وطن له » (٢) . « لا وطن لمن وطن ا لدنيا » : وبعبارة أخرى(٣) . حري بالذكر أن اتخاذ الوطن في الفقه الإباضي، تعرض لها أيضا فقهاء ً الشريعة الإسلامية من أصحاب المذاهب ا لأخرى(٤) . (١) معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٩٨٥ . كذلك قيل:  وإذا نزع وطنه من بلده أو لم ينو « لا ينتقل إلا ينزعه » فهو « لا ينزع بالإكراه » والوطن الرجوع بالنوى فقد صحح القطب أنه يكفيه ذلك، وقيل: لا بد من نزعه باللفظ والنوى؛ نزعت وطني من بلد كذا وينوي ذلك بقلبه، فإن نزعه وسافر إليها صلى سفرا، » : بأن تقول ً .« وإن لم ينزعه صلى تماما ً الشيخ عيسى بن صالح الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ترتيب الشيخ محمد ١٤٢٧ ه ، السالمي، ج ٢ ٢٠٠٦ م، ص ٥ -.٦ (٢) . الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ١، ص ٦٤٨(٣) كلها، فإن وطنها إلا بعض » : ومعنى هذه العبارة ً ا منها جاز له إن كان له تردد في تلك الأقاليم، فلو وطن أحد من مكانه في الغرب إلى مكة أو تونس أو نحو ذلك جاز إذا كان أطفيش: شرح « له تردد في ذلك لا بد منه في نيته، ولا يضره فصل دار شرط في ذلك . كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٧١(٤) الموطن الأصلي طبق » ً ا للرأي السائد في الفقه الإسلامي هو موطن الإنسان في بلدته أو في بلدة أخرى اتخذها دارا توطن فيها مع أهله وليس في قصده الارتحال عنها، وإن هذا ً الموطن يحتمل التعدد، ولا ينتقض بموطن السكنى وهو ما استلهمه الشرع حين نص في محل الإقامة هو البلد الذي يقطنه » المادة ٢٠ من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن = ويخلص مما تقدم أن اتخاذ الوطن له وشائج وعلائق مع مسائل القانون الدولي الخاص، خصوصا إذا اتخذه المسلم (الإباضي) في دولة أجنبية. ً ådÉãdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á°UÉîdG á«fƒfÉ≤dG äÉbÓ©dG äÉjƒà°ùe بحث فقهاء المذهب ا لإباضي(١) . العلاقات القانونية الخاصة على « الآخر » مستويات ثلاثة، هي: العلاقات فيما بينهم، والعلاقات مع(٢) ؛ سواء مع أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى، أو مع غير ا لمسلمين. :»°VÉHE’G ÖgòªdG ´ÉÑJCG ø«H äÉbÓ©dG `` CG لا شك أن مثل هذه العلاقات ستحكمها القواعد المرعية والأسس المرضية واجبة التطبيق عند الإباضية. ويشكل ذلك أساسا المبادئ ً المحررة والقواعد المقررة التي استقر عليها المذهب ا لإباضي. = الشخص على وجه يعتبر مقيما فيه عادة، وتقدير عنصر الاستقرار بنية الاستيطان من مسائل ً ١٩٨٣ م). /٥/ ٥٢ ق في ٢٤ / نقض. ٣٠ ) « الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع وهو عين ما أخذت به المحكمة الدائمة للعدل الدولي (في بدايات القرن العشرين) في قضية سيليزيا العليا البولندية، بقولها: «Le trait caractéristique du domicile est le fait qu'au point de viue juridique, une personne est rattachée à un endroit détérminé» «Cela résulte du terme «domicile» mêmeـle foyer, la maison habitée par la personne» (CPJI, Ser. AN7, P.79). (١) « أهل الحق والاستقامة » : أطلق الإباضية على أنفسهم بعض الأسماء أو المصطلحات، مثل راجع: معجم مصطلحات الإباضية، وزارة الأوقاف والشؤون ،« أهل الدعوة والاستقامة » أو الدينية، سلطنة عمان، ج ١، ص ٧٩ ُ ِ (٢) الآخ » أما كلمة - .٨١ فهي من أسماء الله تعالى. والآخر الذي لا يفني وهو من تأويل الباقي. ،« ر وإذا أطلق لفظ الآخر فلا ينصرف إلا لله، فهو تعالى أزلي أبدي، كما قال 8 : ﴿ ÇÆ È ﴾ ..[ [الحديد: ٣ . ومن الواضح أن مثل تلك العلاقات تخرج بداهة عن موضوع بحثنا، إذا لم تتضمن عنصرا أجنبيا. فإذا تضمنت مثل هذا العنصر كأن يبرم اثنان ً من أتباع المذهب الإباضي عقد بيع لعقار موجود في مدينة لندن بينما البائع والمشتري يقيمان في مدينة مسقط ففي هذه الحالة ستطبق أحكام القانون الدولي الخاص التي سنذكرها لاحق ً ا في ثنايا هذا ا لبحث. والعلاقات بين أتباع المذهب الإباضي ولا شك هي علاقات كثيرة ومتنوعة تنتظم مناحي كثيرة من الحياة ا لمعاصرة(١) .  :iôNC’G á«eÓ°SE’G (2)ÖgGòªdG ´ÉÑJCGh »°VÉ`HE’G ÖgòªdG ´ÉÑJCG ø`«H äÉbÓ©dG `` Ü يقيم أتباع المذهب الإباضي علائق ووشائج مع أتباع المذاهب الإسلامية ا لأخرى. (١) من ذلك كتاب أهل ع ُ مان إلى أصحابهم بالمغرب بخبر بيعة الإمام عزان بن قيس. انظر السالمي: تحفة الأعيان في سيرة أهل عمان، ج ٢، ص ٢٦١ وما بعدها. ُ (٢) يقول ا لوراجلاني: وأما المذاهب. وهي طريقة الأمة في الشريعة من الفقهيات ومذاهبهم في التفسير وما »يؤول إلى ذلك، لا تفسيق ولا تضليل، وهو سائغ الأخذ به والعمل للخاصة والعامة الوارجلاني: الدليل والبرهان، المجلد الأول، ج ١ « التخيير بين المذاهب -. ٢، ص ٦ وهم أصحاب المذاهب الأربعة في الغالب، وقد ،« قومنا » كذلك يستخدم الإباضية كلمة يطلقه الإباضية على جميع مخالفيهم من المذاهب الإسلامية بدلالة السياق أو ا لقرائن. ويرد مرادف ً .« عن المعني نفسه » للتعبير « غيرنا » لفظ « قومنا » ا للفظ . معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٨٨٥ ويقول ا لعوتبي: وواحد المذاهب مذهب وهو مشتق من ذهب إذا أخذ من وجه من الوجوه وذهب فيه »ومذهب الوجه الذي يأخذ فيه ويمضي ويتجنب سواه، وقال علقمة: ذهبت من الهجران في كل مذهب ولم يك حق ً ا كان هذا التجنب وقال آخر: = ووجود اختلافات بين المسلمين هو أمر معروف؛ إذ يروي أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي ژ قال: ما كان الله ليجمع أمتي » « على ضلال . وقال: إنكم ستختلفون من بعدي، فما جاءكم عني فاعرضوه على » « كتاب الله، فما وافقه فعني وما خالفه فليس عني . كذلك قال: ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلهن إلى النار ما » « خلا واحدة ناجية، وكلهم يدعي تلك ا لواحدة(١) .  = قال الغواني ما ذهبت مذهبنا وعبنني ولم أكن معيبا َ وفي نسخة: وغبنني بالغين، فمن أختار شيئ ً ا يهواه وشذ عن الجماعة فقد أخذ في مذهب، والمذاهب الفرق والمذهب مذموم، ولا يقال: لي مذهب كذا وإنا من فرقة كذا، إلا على المجاز، ويقال: أنا على فرقة الحق من مذهب الحق؛ لأن الحق يجمع المذاهب والفرق كلها، فصاحب الحق ثابت على الجماعة ثم يأخذ براءة في مذهب ولم يختر فرقة ولكن  .« ثبت على الجماعة وهذا قول ا لرازي سلمة العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ١٤٧ -.١٥٤ كذلك جاء في معجم مصطلحات ا لإباضية: المذهب في الاصطلاح اسم للطريق الذي بانت به كل فرقة في الفروع ومسائل الاستنباط والقياس. »وليس في المذهب قطع عذر المخالف، ولا تفسيق ولا تكفير. والمصيب في تلك المسائل واحد غير معين. وقد مثلوا للمسائل التي تختلف فيها المذاهب مما لا يقطع فيه العذر، برفع اليدين في ً الصلاة، قال القطب: ولو كان ذلك خطأ . ليس لنا مذهب إلا الإسلام، فمن ثم » : وفي بيان اعتبار الإباضية للمذهبية قال السالمي تجدنا نقبل الحق ممن جاء به، وإن كان بغيض ً ا، ونرد الباطل على من جاء به، وإن كان حبيبا، ونعرف الرجال بالحق، فالكبير عندنا من وافقه، والصغير من خالفه، ولم يشرع لنا ً ِ ابن إباض مذهبا، وإنما ن ُسبنا إليه لضرورة التمييز، حتى ذهب كل فريق إلى طريق، وأما ًْ معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٤٠٤ .« الدين فهو عندنا ما لم يتغير -.٤٠٥ (١) إبراهيم بولرواح: موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، مكتبة مسقط ١٤٢٧ ه . ٢٠٠٦ م، ج ١، ص ٤٠٢ وتثير مسألة العلاقة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى العديد من الأمور، لعل أهمها ما يلي: ١ القواعد العامة للتعامل بين المذاهب ا لإسلامية: لعل خير ما يمكن ذكره في هذا الخصوص أمران:  الأول القرار التاسع للمجمع الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي  ١٤٠٨ ه ١٩٧٨ م)، والذي ركز خصوصا على ضرورة احترام المذاهب ) ً الإسلامية، وأن وجودها يشكل ثروة تشريعية عظمى تشكل علامة مضيئة  للإسلام(١) .  (١)نظرا لأهمية هذا القرار نذكر أهم ما جاء فيه: ً أولا ً اختلاف ا لمذاهب: إن اختلاف المذاهب الفكرية القائم في البلاد الإسلامية نوعان: أ اختلاف في المذاهب ا لاعتقادية. ب واختلاف في المذاهب ا لفقهية. فأما الأول، وهو الاختلاف الاعتقادي، فهو في الواقع مصيبة جرت إلى كوارث في البلاد الإسلامية، وشقت صفوف المسلمين، وفرقت كلمتهم، وهي مما يؤسف له، ويجب أن لا يكون، وإن تجتمع الأمة على مذهب أهل ا لسنة والجماعة الذي يمثل الفكر الإسلامي النقي السليم في عهد الرسول ژ وعهد الخلافة الراشدة التي أعلن الرسول أنها امتداد لسنته بقوله: » عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها ُُ « بالنواجذ . وأما ا لثاني ، وهو اختلاف المذاهب الفقهية في بعض المسائل فله أسبابا عملية اقتضته ولله ً سبحانه في ذلك حكمة بالغة ومنها الرحمة بعباده وتوسيع مجال استنباط الأحكام من النصوص، ثم هي بعد ذلك نعمة وثروة فقهية تشريعية تجعل الأمة الإسلامية في سعة من أمر دينها وشريعتها، فلا تنحصر في تطبيق شرعي واحد حصرا لا مناص لها منه إلى ً غيره، بل إذا ضاق بالأمة مذهب أحد الأئمة الفقهاء في وقت ما، أو في أمر ما، وجدت في المذهب الآخر سعة ورفق ً ا ويسرا، سواء أكان ذلك في شؤون العبادة أم في المعاملات ً وشؤون الأسرة والقضاء والجنايات على ضوء الأدلة ا لشرعية. = والثاني في الخلاف الواقع بين » ما ورد في معارج الآمال تحت عنوان = فهذا النوع الثاني من اختلاف المذاهب، وهو الاختلاف الفقهي، ليس نقيصة ولا تناقض ً ا في ديننا ولا يمكن أن لا يكون، فلا يوجد أمة فيها نظام تشريعي كامل بفقهه واجتهاده ليس فيها هذا الاختلاف الفقهي ا لاجتهادي. فالواقع أن هذا الاختلاف لا يمكن أن لا يكون لأن النصوص الأصلية كثيرا ما تحتمل ً أكثر من معنى واحد، كما أن النص لا يمكن أن يستوعب جميع الوقائع المحتملة لأن النصوص محدودة والوقائع غير محددة كما قال جماعة من العلماء رحمهم الله تعالى، فلا بد من اللجوء إلى القياس والنظر إلى علل الأحكام وغرض الشارع والمقاصد العامة للشريعة، وتحكيمها في الوقائع والنوازل المستجدة وفي هذا تختلف مفهوم العلماء وترجيحاتهم بين الاحتمالات، فتختلف أحكامهم في الموضوع الواحد وكل منهم يقصد الحق ويبحث عنه. فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر واحد ومن هنا تنشأ السعة ويزول ا لحرج. فأين النقيصة في وجود هذا الاختلاف المذهبي الذي أوضحنا ما فيه من الخير والرحمة وأنه في الواقع نعمة ورحمة من الله بعباده المؤمنين، وهو في الوقت ذاته ثروة تشريعية عظمى رمزية جديرة بأن تتباهى بها الأمة الإسلامية ولكن المضللين من الأجانب الذين يستغلون ضعف الثقافة الإسلامية لدى بعض الشباب المسلم ولا سيما الذين يدرسون لديهم في الخارج فيصورون لهم اختلاف المذاهب الفقهية هذا كما لو كان ا ختلاف ً ا اعتقاديا ليوحوا إليهم ظلما وزورا بأنه يدل على تناقض الشريعة دون أن ينتبهوا إلى الفرق ً ًً بين النوعين وشتان ما بينهما. ثانيا وأما تلك الفئة الأخرى التي تدعو إلى نبذ المذاهب وتريد أن تحمل الناس على ً خط اجتهادي جديد لها وتطعن في المذاهب الفقهية القائمة وفي أئمتها أو بعضهم: ففي بياننا الآنف عن المذاهب الفقهية ومزايا وجودها وأئمتها ما يوجب عليهم أن يكفوا عن هذا الأسلوب البغيض الذي ينتهجونه ويضللون به الناس ويشقون صفوفهم، ويفرقون كلمتهم في وقت نحن أحوج ما نكون إلى جمع الكلمة في مواجهة التحديات الخطيرة من أعداء الإسلام، بدلا ً من هذه الدعوة المفرقة التي لا حاجة إليها. قرارات المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي، الدورات ١٠ -١٣ ، ص ٥٣ - ٥٥ . فالحكمة من تعدد المذاهب الفقهية وجود مسائل الأدلة ُ فيها ظنية ٌ وليست قطعية كما هو الحال في تحريم الزنا وبالتالي فالخلاف فيها دليل على مرونة الشريعة وصلاحيتها للتطبيق في كل زمان ومكان، دار الإفتاء المصرية: سؤالات الأقليات، القاهرة، ١٤٣٤ ه، ص ١٠٢ -.١٠٣ حيث ذكر الإمام السالمي أقوالا « الناس في الأديان والمذاهب ً مهمة للراغب « رحمة للناس » الأصفهاني، تتلخص في أن الخلاف المحمود(١) . ٢ القواعد الحاكمة للعلاقات مع المذاهب الأخرى وفق ً ا للفقه الإباضي: يذكر الإباضية كما سنرى هذه القواعد بطريقة تدل على احترامهم للمذاهب الإسلامية الأخرى إلى أقصى درجة.    (١) وهكذا ورد في معارج ا لآمال: جميع الاختلافات بين أهل الأديان والمذاهب على أربع مراتب: » : قال أ بو القاسم الراغب »الأولى: خلاف بين أهل الأديان النبوية، وبين الخارجين عنها من الثنوية والدهرية، وذلك في: حدوث العالم، وفي الصانع تعالى، وفي ا لتوحيد. والثانية: الخلاف بين أهل الأديان ا لنبوية بعضهم مع بعض، وذلك في الأنبياء: كاختلاف المسلمين والنصارى واليهود. والثالثة: الاختلاف والمختص في أهل الدين الواحد، بعضهم مع بعض في الأصول التي يقع فيها التبديع والتفجير، كالاختلاف في شيء من صفات الله تعالى، وفي القدرة، وكاختلاف ا لمجسمة. الرابعة: الاختلاف المختص بأهل المقالات في فروع المسائل، كاختلاف الشافعية والحنفية. فالاختلاف الأول: يجري مجرى متنافيين في مسلكهما، كآخذ طريق المشرق، وآخذ طريق المغرب، وآخذ طريق ناحية الشمال، وآخذ طريق ناحية ا لجنوب. والثاني: يجري مجرى آخذ نحو المشرق، وآخذ يمنة أو يسرة، فهو وإن كان أقرب من الأول فلا يخرج أحدهما أن يكون ضالا ضلالا ً بعيد ً ا. والثالث: جار مجرى آخذ جهة واحدة، ولكن أحدهما سالك المنهج، والآخر تارك ا لمنهج. والرابع: جرى مجرى جماعة سلكوا منهج ً ا واحد ً ا، لكن أخذ كل واحدة شعبة عن شعبة الآخر، وهذا هو الاختلاف المحمود، لقوله ژ: ،« الاختلاف في هذه الأمة رحمة للناس » « كل مجتهد في الفروع مصيب » : ونحوه نظير من قال ، ولأجل الفرق الثلاث أمرنا أن نستعيذ بالله، ونتضرع إليه بقوله: ﴿ 987 ﴾ [ [الفاتحة: ٦ ، وقال: ﴿ KJ VUTSRQPONML ﴾ [ [الأنعام: ١٥٣ . الإمام السالمي: معارج الآمال، المقدمات، ص ٧٣ -.٧٥ وهكذا ورد في الموسوعة الإسلامية العامة أن من آراء ا لإباضية:   أن مخالفيهم من المسلمين ليسوا مشركين ولا مؤمنين ويسمونهم » كفارا، ويقولون عنهم كفار نعمة، لا كفارا في الاعتقاد، وذلك لأنهم لم ًً يكفروا بالله، ولكنهم قصروا في جنب ا لله. دماء مخالفيهم حرام، ودارهم توحيد وإسلام إلا معسكر السلطان. تجوز شهادة المخالفين ومناكحتهم، والتوارث بينهم وبين الخوارج ثابت، ومن « هذا كله يتبين اعتدالهم وإنصافهم لمخالفيهم(١) . ومن أهم القواعد المقررة في المذهب الإباضي بخصوص المذاهب الإسلامية الأخرى ما يلي: أولا ً أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى هم كالإباضية مسلمون: وهكذا جاء في سيرة محبوب بن الرحيل إلى أهل عمان: ُ (١) الموسوعة الإسلامية العامة، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤٢٤ ه . ٢٠٠٣ م، ص ١٤٦٥ إن » : بقوله « بتكفير معسكر السلطان » تجدر الإشارة أن الشيخ بيوض أبان المقصود الكفر عند الإباضية وعند المحققين من علماء الأمة وعند أصحاب الحديث على باب » : قسمين: كفر شرك، وكفر نفاق. وكما يقرر الإمام البخاري في صحيحه إذ قال فتكفير البغاة إنما هو كفر نفاق لا كفر شرك، ولتعلم ثانيا أن المراد « كفر دون كفر ً بمعسكر السلطان هو الفئة الباغية والسلطان هو رئيسها وقائدها الباغي، وجندهم أعوان الظلمة، وقد لعن رسول الله ژ الظلمة وأعوانهم، ولا يقع اللعن إلا على كافر نفاق ً ا أو شرك ً ا. والبغي ظلم والفئة الباغية ظالمة، ولع ْ ن الظلمة ثابت بالكتاب والسنة والإجماع. وليس المراد بتكفير الإباضية للظلمة البغاة وأعوانهم إلا كفر النفاق فهم على ظلمهم وبغيهم موحدون غير مشركين، تجري عليهم أحكام المسلمين كلها لا أحكام المشركين، خلاف ً فتاوى الإمام الشيخ « ا لما تزعم بعض الفرق الضالة من الخوارج بيوض، ص ٤٦ -.٤٧ فليس بين المسلمين والحمد لله اختلاف، وإن جميع قولنا ممن يقر » بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد ً ا عبده ورسوله، والإقرار بجميع ما جاء به الله، إنهم مقرون وإنهم بإقرارهم خارجون من الشرك لأن الشرك لا يكون إلا إنكارا وتكذيبا وجحود ً ا، والتوحيد إقرار ًً « وتوحيد(١) . والمتبع في الفقه ا لإباضي: « تصويب الإباضية وتوليهم مع عدم تخطئة مخالفهم »(٢) . ثانيا احترام المذاهب الإسلامية ا لأخرى: ً عمان » : لعل خير ما يدل على ذلك ما ذكره سماحة مفتي سلطنة عمان ُُ منذ أمد بعيد على الوحدة، وحرصت على الألفة، وحرصت على الإنصاف، وإنصاف كل أحد، ولذلك نجد في كنف أهل عمان تعيش فئات الأمة جميعا ًُ (١) ، السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ج ١ ُُ . ص ٢٩٣(٢) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، مكتبة الشيخ محمد بن شامي البطاشي، مسقط، ١٤٣١ ه . ٢٠١٠ م، ج ٢، ص ١١٠ كذلك يقول المفتي العام لسلطنة عمان: ُ فنظرة المذهب إلى المسلمين جميعا أنهم إخوان ما داموا ينطقون بالشهادتين، اللهم إلا » ً الشيخ أحمد بن حمد « إذا نقضوا هذا الاعتقاد بما يجب على المسلمين منابذة من اعتقده الخليلي: مناهج التشريع الإسلامي والبحث العلمي، مكتبة الجيل الواعد، مسقط، . ٢٠٠١ م، ص ٣٣ وأصحابنا على ما قلنا وقومنا هم سائر أهل المذاهب دون ا لمشركين. » : ويقول المعولي وما عدا الدين الإباضي وأصحابنا هم الدين الإباضي دون سائر الأديان وإن كانوا كلهم .« يجمعهم ا لإسلام العلامة المعولي: المهذب وعين الأدب، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٩ ه . ١٩٨٩ م، ج ٢، ص ٥٩ على اختلافها، تعيش في كنف الوحدة والتعاون فيما بينها. هذا ما كان معروف ً ا عند ا لعمانيين سواء هنا أو في خارج أرض عمان، حتى أنه قبل ُُ خمس سنوات تقريبا كنت في اجتماع لافتتاح مسجد لجماعة عمانية في ًُ  الجزيرة الخضراء، وحضر في ذلك الوقت نائب الرئيس التنزاني السابق وهو الدكتور عمر علي جمعة، وألقى خطابا على الجمهور هناك، وكان فيما قاله ً ليس بيننا وبين الإباضية أية مشكلة، هؤلاء القوم » : في هذا الخطاب قال كانوا حكامنا في وقت من الأوقات حكموا بلادنا، لو شاءوا لحولونا جميعا ً إلى مذهبهم، ولكن لم يقف تسامحهم عند حد أنهم يتركوننا وحرياتنا في اختيار المذهب الذي نختاره بل كانوا بجانب ذلك أيضا يبنون المساجد ً ويسلمونها إلينا، وهذا التسامح هو مثال في التسامح الذي يجب أن يحتذى، ُ ألقى هذا الخطاب وقاله .« فعلى المذاهب الأخرى أن تتعلم من هذا التسامح أمام الجمهور، وقد بث عبر وسائل الإعلام هناك، وتمنيت في ذلك الوقت أن ْ لو ترجم إلى العربية ونشرته وسائل الإعلام هنا في ع ُ « مان(١) . (١) د. خلفان الشعيلي: سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ ه . ٢٠١٣ م، ص ٢١ ُ كذلك قيل بخصوص منهج الإفتاء لدى سماحة ا لمفتي: ومن خلال تتبعي لفتاوى سماحته فإني أجد حضور أئمة المذاهب الإسلامية في الكثير منها، وأجده يذكرهم بالتبجيل والاحترام، وينزل كل واحد منهم منزلته العلمية التي تليق إمام » : به، فيطالعنا على سبيل المثال في الجزء الأول من فتاوى العبادات العبارات التالية المحدثين الحافظ ابن حجر، العلامة السهرنفوري، الأئمة مالك والشافعي وأحمد، والعلامة .« العيني، والعلامة السيد محمد رشيد رضا، العلامة المراغي، العلامة ابن رشد، الإمام زيد حمود آل ثاني: التجديد الفقهي في الإفتاء العماني المعاصر، ندوة التقنين والتجديد في ُ الفقه الإسلامي المعاصر، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ُ ١٤٣٠ ه ٢٠٠٩ م، ص ٨٠٢ -.٨٠٣ ومما يبين احترام الإباضية للمذاهب الإسلامية قصيدة البهلاني التي يرثي فيها الفرقة والتكفير: ثالث ً ا المساواة في الحقوق والواجبات بين الإباضية وأتباع المذاهب الأخرى: وقد اعترف بذلك حتى غير الإباضية. وهكذا يقرر رأي: وعلى الجانب الآخر، فإن الإباضية يقلبون بإقامة مخالفيهم في دولتهم، » ولهم الحرية في اعتناق فكرهم، فإن قبلوا صاروا إخوان ً ا لهم، لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات، وإن بقوا على مذهبهم فلا بأس مقابل أن يلتزموا بالأحكام والقواعد التي تنظم المجتمع، لهم ما للإباضية من ￯ﻮﻬﻟﺍ .« الواجبات والحقوق، وعليهم ما عليهم لقد أقر أبو حمزة الشاري هذه المبادئ، عندما دخل المدينة المنورة ثائرا، وخطب في أهلها قائلا ً : يا أهل المدينة الناس منا ونحن منهم إلا » ً « ا(١) مشرك ً ا عابد َ وثن أو كافرا من أهل الكتاب، أو إماما جائر . ً ًً  فيا ليت أهل الدين لم يتفرقوا وليت نظام الدين للكل جامع ُ لو التزموا من عزة الدين شرطها لما اتضعت منها الرعان الفوارع ُ وما ذبح الإسلام إلا سيوفنا وقد جلت في نفسها تتقارع ُ ولو سل ّ ت السيفين يمني أخوة لدكت جبال المعتدين المصارع ُ وما صدعة الإسلام من سيف خصمه بأعظم مما بين أهليه واقع ُ فكم سيف باغ حز أوداج دينه بأفظع مما سيف ذي الشرك باخع ُ هراش ﹰ ا على الدنيا وطيش ﹰ ا على وذلك سم في الحقيقة ناقع ﹸ . راجع أبو مسلم البهلاني: ديوان أبي مسلم، ص ٣٢٨ (١) د. محمد صابر عرب: الدولة في الفكر الإباضي، دار الشروق، القاهرة، ٢٠١٢ م، ص ٦٧ -.٦٨ ويؤكد رأي أخر: ولا يخرج الإباضية مخالفيهم من الإسلام ولا يسقطون شيئ » ً ا من حقوقهم كحرمة دمائهم وأموالهم وأعراضهم فلا يستحلون قتالهم أو غنيمة أموالهم أو سبي ذراريهم ولا يحرمون تزويجهم والتزوج منهم ويبيحون إعطاء الزكاة لهم، ولهم حقوقهم كاملة في الميراث .« والقصاص والديات، ولهم حق الصلاة لهم ودفنهم في مقابر ا لمسلمين = ومن أمثلة المساواة في ا لواجبات (١)أن: أهل القبلة كلهم حرب للمشركين وواجب عليهم جميعا قتال » ً « المشركين(٢) . ويظهر كل ما تقدم بما لا يدع مجالا ً لأدنى شك ما قاله المختار بن عوف حينما خطب أهل المدينة فقال: = محمد نمر المدني: الإباضية أهل الحق والاستقامة، دار دمشق للنشر والتوزيع، ٢٠٠١ م، . ص ١٧٥  من قومنا وأراد الدخول في مذهبنا » وراجع قول الإمام السالمي فيمن كان من أهل الخلاف (أي مذهب الإباضية)، في جوابات الإمام السالمي، مكتبة الإمام السالمي، ولاية بدية، سلطنة عمان، ٢٠١٠ م، ج ١، ص ٣١ - في البراءة من الخارج من مذهب » ٣٣ . انظر كذلك ُ الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ « أهل الحق إلى مذهب أهل الخلاف -٢، ص ٧٧ -.٧٨ انظر « المؤمن وقاف والمنافق وثاب » ،« لا كفر مع الخلاف » : ومن القواعد الفقهية الإباضية معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ٢، ص ١١٠٨ - .١٢٠٤ ،١١١١ (١) بخصوص سؤال: ما معنى قول الأستاذ يحيى معمر: إن الإباضية يرون أن المسلمين يتساوون في الواجبات والحقوق، ما عدا الدعاء بخير الجنة وما يتعلق به؟ كانت ا لإجابة: نعم، المسلمون سواء في الحقوق والواجبات، ماعدا الدعاء بخير الآخرة، فإنه لا يستحقه منك »إلا من هو في ولايتك ممن صح عندك أنه موف بدين الله، بناء على القول بولاية الأشخاص الذي يقول به الإباضية دون سواهم من المذاهب الذين يكتفون عن ذلك بولاية الجملة. ومن المعلوم أن الولاية هي الحب بالقلب والدعاء بخير الدنيا والآخرة. وهذا لا يستحقه إلا الموفي بدين الله. قال ژ: « إن أوثق عرى الإسلام، ا لحب في الله، والبغض في ا لله » . َُ والخلاصة أن الدعاء بخير الآخرة لا يستحقه منك إلا من هو في ولايتك، أما من ليس .« في ولايتك فلا . فتاوى البكري، القسم الأول، ص ٨٨ (٢) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ص ١٦١ . وبخصوص من ُ الإباضية لا » : زعم أن الإباضية يستحلون دماء مخالفيهم في العلانية ويحرمونها في السر، قيل يستحلون مخالفيهم لا في السر ولا في العلانية، إلا أنني أريد هنا أن أفصل القول في هذه المسألة، فأقول: إن الإباضية منذ بداية تأسيس مذهبهم لم يستحلوا دم أي مسلم ما دام يشهد لله بالوحدانية ولمحمد عليه الصلاة والسلام بالرسالة وهم لم يخرجوا على المسلمين مبتدئين بقتال أبد ً . بدر اليحمدي: الأدلة المرضية في دحض ما نسب إلى الإباضية، ص ٤١ « ا « أيها الناس نحن من الناس والناس منا »(١) . والمساواة الفعلية « النظرية » وهي عبارة تدل على المساواة القانونية .« العملية » رابعا فرز الدين الإسلامي يكون بالنسبة للأديان الأخرى وليس ً المذاهب ا لإسلامية: في » لعل خير من عبر عن هذا الإمام أطفيش؛ حيث يقول تحت باب :« فرز دين الله من ا لأديان أي دين الإسلام الذي هو دين أهل ؛« يجب فرز دين الله من الأديان » الدعوة من سائر أديان المشركين، وكذا مما يدين به المخالفون مما يخالف  ما ندين به، إلا أنه لا يقال: دين المخالفين ولا ملة المخالفين، ولا دين الشافعي ولا ملته، ولا دين المالكية ولا ملتها، وهكذا؛ لأن ذلك يوهم الخروج من ملة التوحيد وهم داخلون فيها، كما يقال دين المشركين، ويقابل به دين المسلمين، فإن دين المخالفين يطلق عليه دين التوحيد، وقد يطلق عليه دين الإسلام بمعنى دين التوحيد والتصديق بالله ورسوله ومما جاء به، أو غيرها: لا يقال ملة الشافعي ولا ملة أبي حنيفة، « السؤالات » وقد قال في ومعنى فرز دين الله أن يعلم أنه دين الله وأنه حق مخالف لما سواه من « الباطل هكذا جملة، إلا ما يجب علمه على الفور بعينه فإنه يعلمه(٢) . يؤيد ذلك أنه 4 قال في المشركين وأهل الإسلام: ﴿ <=> ? ﴾ (٣)[ [الكافرون: ٦ . (١) . انظر أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٧ ، ص ٥٤٩(٢) . أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٧ ، ص ٤٤٧(٣) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المجلد الأول، ج ١ -. ٢، ص ٦ ولا شك أن ما قاله أطفيش: . • يعني وحدة الدين الإسلامي بمختلف مذاهبه (١) . • يرمي إلى تقليل الخلاف بين المذاهب ا لإسلامية(٢) • يؤدي إلى وجود كافة المذاهب الإسلامية في بوتقة واحدة.  • الذي « الكل » يحافظ على وجود المذاهب الإسلامية؛ لأنه لا يفصلها عن ينتظمها. « لهم ما لنا وعليهم ما علينا » خامسا تنطبق على أهل الخلاف قاعدة(٣) : ً ولا جدال أن مثل هذه العبارة الجامعة، والتي تطبق في أحوال لا تحصى، من شأنها: (١) لذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ onmlkjihgf srqp q ﴾ [ [آل عمران: ١٠٤ وقد قال أصحابنا لا أمر ولا » : ، يقول أطفيش نهي بيننا وبين قومنا؛ أي: في ما كان مذهبا أو دين ً ا مخالف ً ا، وفرض الكفاية واجب على ً الكل وسقط بفعل البعض هذا مذهبنا، ومذهب جمهور قومنا، وهو الصحيح، ولا على بعض مبهم على الصحيح، ألا ترى أنهم يأثمون كلهم إذا لم يفعل واحد، وذلك في الآية . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٢، ص ٤١٨ .« إذ خاطب الكل وطلب فعل البعض(٢) مسألة » من ذلك يتضح أن الإباضية لا يأخذون بما قرره بعض غلاة الخوارج بخصوص .« مشركون، حلال دماؤهم، حرام مناكحتهم، وذبائحهم » : حيث قالوا ،« حكم أهل القبلة .« هم مجوس » : وبعضهم يقول هم بمنزلة أهل الأوثان، ومن شك في شركهم فهو مشرك مثلهم، يحل » : وبعضهم يقول راجع الرسالة الحجة لأئمة المسلمين، « منه ما يحل منهم، ويحرم منه ما يحرم منهم تحقيق: بابزين الوارجلاني، ١٤٣٠ ه . ٢٠٠٩ م، ص ٥٢ انظر أيض ً ا الإجابة عن سؤال: أنبئني عن الذي يقر أن أصل مذهب أجداده وأهله على مذهب الإباضية وأنه هو وأبوه تحولا إلى دين الشافعية. أيجبر على الرجوع إلى دين الإباضية؟ في: الشيخ عبد الله الخراسيني النزوي: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، . ج ٢، الطبعة الأولى، مسقط، ص ١٤٨(٣) وأما الحكم في أهل خلاف المسلمين فإنهم يدعون إلى ترك ما به ضلوا » : يقول الجيطالي =  • أن تسهل تطبيق القواعد القانونية اللازمة لحل أي نزاع. • من أصحاب المذاهب ا لأخرى. « الأقليات » أن تحافظ على حقوق • أن تعمل على زيادة أواصر الانتماء داخل المجتمع الإسلامي ا لواحد.  • أن تؤدي إلى زيادة السكينة والاستقرار بين سكان البلد ا لواحد.  يتضح مما تقدم أن ثمة ً قواعد َ عامة ً مقررة ٌ ومحررة ٌ في الفقه الإباضي بخصوص كيفية التعامل مع المسلمين أتباع المذاهب الإسلامية ا لأخرى(١) . = من اعتقاد البدع والبراءة من الأئمة الذين ابتدعوها لهم، والدخول في ديننا وولاية أئتمنا ومن تولوه والبراءة ممن تبرءوا منه، فإن فعلوا ذلك فهم إخواننا لهم ما لنا وعليهم ما  علينا، وإن امتنعوا من ذلك وسفهوا مقالتنا دعوناهم إلى رفع واجب الحقوق إلينا والاستسلام لأحكامنا وإقامة الحدود عليهم كما نقيمها على أهل مذهبنا فإن أذعنوا لذلك تركناهم وما هو عليه من غير إكراه نقيمها على أهل مذهبنا فإن أذعنوا لذلك تركناهم وما هو عليه من غير إكراه على شيء من الدين مع تحليل جميع ما يحل من أهل مذهبنا منهم من المناكحة والذبائح والموارثة والمدافنة وغير ذلك من حقوقهم. وإجازة شهادة العدول منهم في الأحكام خصوصا دون الولاية والبراءة والحدود وما فيه تكفير ً للمسلمين، وقيل في كتاب عن أبي المؤثر: إذا قهرونا جازت شهادتهم وإن قهرناهم لم تجز شهادتهم ويجب لهم من الحقوق ما يجب لنا ويجب عليهم ما يجب علينا إلا الولاية والاستغفار فليس لهم فيها حق ما داموا متمسكين بضلالتهم كما قال أبو سفيان محبوب بن الرحيل 5 ليس بيننا وبين قومنا إلا منزلتان البراءة منهم عند المعصية والخلع لهم على خلافهم وما ركبوا من المعاصي، واستحلال دمائهم عند المباينة بعد دعائهم إلى الحق والعمل به، وما سوى ذلك من الأمور التي أجرى الله بين المؤمنين من المناكحة والموارثة وأكل الذبيحة والقصاص وقبول الشهادة إذا لم يتهموا والصلاة عليهم الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ « فهذه الأمور جائزة بيننا وبين قومنا بدين - ٢، المرجع السابق، ص ١٠٦ - ، ١٠٧ . وفي معني قريب الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٠٦ . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المجلد الثاني، ج ٣، ص ٩٢(١) وضح الإمام السالمي آراء الإباضية في التعامل مع أتباع المذاهب الأخرى، في ا لآتي: ١ ونرى حق الوالدين، وحق ذي القربى، وحق ما ملكت أيماننا أبرارا كانوا أو فجارا. ًْ ً ٢ نؤدي الأمانة إلى من استأمننا عليها من قومنا أو غيرهم. = ٣ تطبيقات عملية للعلاقات الخاصة بين أتباع المذهب الإباضي وأتباع المذاهب الإسلامية ا لأخرى: للعلاقات بين أتباع الإباضية والمذاهب الإسلامية الأخرى تطبيقات   عملية كثيرة، نكتفي منها بذكر ما يلي: = ٣ نوفي بعهود قومنا وأهل الذمة وغيرهم. ٤ نجير من استجرنا من قومنا وغيرهم.  ٥ يأمن عندنا منهم ا لكاف عن القتال، المعتزل بنفسه. ٦ ندعو إلى كتاب الله ومعرفة الحق وموالاة أهله، ومفارقة الباطل ومعاداة أهله. ٧ من أنكر حق الله منهم  واستحب العمى على الهدى، وفارق المسلمين وعاندهم، فارقناه وقاتلناه حتى يفيء إلى أمر الله أو يهلك على ضلالته. ٨ من أنكروا حق الله وفارقوا المسلمين وعاندوهم لا نستحل سبي نسائهم، ولا قتل ذراريهم، ولا غنيمة أموالهم، ولا قطع الميراث منهم. ٩ لا نرى الفتك بقومنا، ولا قتلهم غيلة في السر لأن الله لم يأمر به في كتابه، ولم يفعله أحد من ا لمسلمين. ١٠ نرى أن مناكحة قومنا وموارثتهم لا تحرم علينا ما داموا يستقبلون قبلتنا. ١١ لا نرى أن نقذف أحد ً ا ممن يستقبل قبلتنا بما لم نعلم أنه فعله. ١٢ لا نرى استعراض قومنا بالسيف ما داموا يستقبلون ا لقبلة. ١٣ لا نرى قتل الصغار من أهل القبلة ولا غيرهم. ١٤ لا نستحل فرج امرأة رجل تزوجها بكتاب الله وسنة نبيه حتى يطلقها زوجها أو ُ يتوفى عنها، ثم تعتد عدة الطلاق أو ا لوفاء. ١٥ لا نرى انتحال الهجرة من دار قومنا. ١٦ لا نرى الولاية إلا لمن علمنا منه الوفاء بما وجب عليه من دين ا لله. ١٧ نبرأ من المصريين على المعاصي من أهل دعوتنا وغيرهم حتى يراجعوا التوبة ويتركوا ا لإصرار. ١٨ نتولى من لم ندرك من المسلمين ولم نره منهم بشهادة ا لمسلمين. ١٩ نبرأ ممن لم ندرك من أئمة الظلم وممن لم نره منهم، ومن أوليائهم، بشهادة ا لمسلمين. ٢٠ نرضى من ملوك قومنا أن يتقوا الله، ولا يتبعوا أهواءهم، ولا يجحدوا سنة، ولا يصروا على ذنب بعد معرفة، وأن يضعوا الصدقة والفيء حيث أمرهم ا لله. = أولا ا لزواج:  نظرا لأن الإباضي مسلم وكذلك أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى ً لذلك فإن تزويجهم والتزوج منهم أمر مشروع.  في عدم تشريك الإباضية لمخالفيهم، وفي » : وهكذا تحت عنوان وبخصوص الحسن بن عبد الرحمن، قال أبو سفيان ،« تزويجهم مخالفيهم عن الربيع عن الشيوخ: إنه كان معروف ً ا مسلما فاضلا ً ، خطب أم عفان وكانت ً مسلمة، وإن أباها أستأمرها فكرهت ذلك فنهاه جابر أن يزوجها وهي كارهة، ثم خطبها رجل من قومها ليس منا فشاورا أبا الشعثاء فيه وقد رضيت به   فأمره أن يزوجها إياه(١) . = ٢١ نرضى من السبابة وهم الشيعة، أن يتقوا الله، ولا يفارقوا من لم يحكم إلا الله في أمر قد حكم الله فيه، ولا يتولوا من ترك حكم الله رغبة عنه وحكم غير ا لله. ٢٢ ونرضى من الخوارج أن يتقوا الله ولا يغشموا في دينهم، ولا يرغبوا عن سبيل من هدى الله قلبهم، ولا يتولوا قوما ويخالفوا أعمالهم، وأن لا يفارقوا من سار بسيرة قوم ً يتولوهم. ٢٣ ونرضى من المرجئة أن يتقوا لله ربهم، وأن يؤمنوا للمؤمنين في ولاية من لم يدركوا من المسلمين، والبراءة ممن لم يدركوا من أئمة الظلم، فيتولون بشهادتهم، كشهادة من يشهدون اليوم عليهم بالضلالة، وأن لا يسموا الحكام بغير ما انزل الله من أسمائهم. ٢٤ ونرضى من أهل السنة أن يتقوا الله، وأن يقروا بحكم القرآن، ويوقنوا بوعده، وأن يستحلوا من أهل البغي والعداء والظلم ما احل الله من فراقهم وقتالهم حتى يتوبوا. ٢٥ ونرضى من البدعية أن يتقوا الله ربهم، وأن يعملوا بسنة رسول الله ژ ، ويتولوا على ُ العمل بها، وإن ضعفوا عنها. ٢٦ ونرضى من سائر قومنا أن يتقوا الله ربهم، ولا يجعلوا حكمه تبعا لحكم قومهم، ً وأن لا يتمسكوا بطاعة قوم يعصون الله، فإن الله لم يأذن لأحد أن يعطي عهده من يعصي أمره. راجع الإمام السالمي: تحفة الأعيان، ج ١، ص ٦٦ وما بعدها؛ علي يحيى معمر: الإباضية بين الفرق الإسلامية، ص ٢٧٩ -.٢٨١ (١) موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٥٤ . وبخصوص =   وقد بحث الفقه الإباضي مسائل كثيرة بخصوص الزواج، منها: ١ أن توكيل غير الإباضي في التزويج جائز. وهكذا بخصوص مسألة:  فيمن وكل أحد ً ا من مخالفينا أن يزوج وليته، فهل هذا التوكيل جائز في  = مسألة ما تقول أيها الشيخ العلا ّ مة في التزويج بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم؛ أي: بين أهل السنة والشيعة والإباضية وغير ذلك نظرا إلى حالة هذه الظروف الداعية لتضامن  ً المسلمين وتأييد وحدتهم؟ أفيدونا عن ذلك فإن المسألة داعية حالا ً ، والله موفقنا جميعا  ً إن الذي نعلمه من الأثر عن أولي العلم والبصر أن الأحرار » : إلى مرضاته، كان الجواب الموحدين أكفاء بعضهم لبعض إلا من جاء استثناؤهم في السنة وهم المولى والنساج والحجام والبقال، وهؤلاء أيض ً ا يوجد الخلاف فيهم، ولا يمنع بالإجماع إلا اثنان وهما العبد المملوك والمشرك، قال القطب 5 إذا رضيت المرأة والولي بواحد من هؤلاء، يعني الأربعة المذكورين لم يفرق بينهما، وقيل: يفرق ما لم يمس، وقيل: ولو مس، والصحيح الأول يعني أن الصحيح عدم التفريق ولو لم يمس، وقال في موضع آخر: والحق عندي  أن النكاح ماض ولو لم يمس إذا كان الزوج موحد ً ا، حلالا ً لها، إلا إن شاء  أن يطلق من تلقاء نفسه، نعم، قال الشيخ عبد العزيز صاحب النيل: لا يزوج وليه من مخالف يفتنها في دينها، قال الشارح: أراد ما يشمل المذهب وهو الفروع التي لا يقنع فيها العذر أما مخالف لا يفتنها لحمية دين الإباضية حتى لا يجب الصرف عنه أو لكونه أبله لا يعرف ذاك أو لعدم اعتنائه بذلك فلا بأس، لكن الأولى غيره، وحاصل تحقيق: المقام، والذي عليه الجهابذة الأعلام أن الحر الموحد المقر بالجملة الدائن بجميع أركان الإسلام جائز نكاحه وإنكاحه وبذلك جاءت السنة وعليه استقر عمل جميع الأمة من لدن عصر الصحابة رضوان الله عليهم، إلا أن بعض الأصحاب يمنعون تزويج أهل الخلاف إذا كانوا من أهل البدع والأهواء خوف ً ا على المرأة أن يجرها الزوج إلى مذهبه الفاسد أو يدعوها إلى بدعته وضلالته، ولا نعلم المنع مستند ً ا من الكتاب والسنة إلا من باب قياس الدلالة المعبر عنه بالمصالح المرسلة، وقد اختلف علماء الأصول في جواز الأخذ به، والأكثر على منعه هذا في باب التحريم، وأما إن حملوا ذلك على الاستحسان والتنزه والأخذ بالأحزم والأحوط فذلك معنى آخر، وكل ذلك فيما إذا تخالف المرأة ووليها في التزويج، أما أن اتفقا على قبول شخص موحد ولو رقيق ً ا جاز النكاح ولا خلفان السيابي: فصل الخطاب في « يصح لأحد فسخه، والله أعلم وبه العون والتوفيق المسألة والجواب، ج ١، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ُ ص ١٥٩ -.١٦٠ مذهبنا فيحكم بثبوته عندنا؟ أم غير جائز فيرجع أمر الولية إلى السلطان أن لم تنل الحجة الولي عندما تطلب وليته التزويج، كان ا لجواب: هذا التوكيل جائز ثابت لأنه واقع من مسلم إلى مسلم على إنكاح » مسلمة، ولا فرق في مثل هذا بين موافق ومخالف، ولا يؤثر فيه اختلاف المذاهب شيئ ً ا سواء عين له شخصا معلوما أو بمن رضيته هي وكان كفئ ً ا ًً « لها، والله أعلم(١) . ٢ أن اعتناق الزوج الإباضي لمذهب آخر لا يؤثر على الزواج. وهكذا عن امرأة من أهل مذهبنا تزوجها إباضي ثم اندرج إلى » بخصوص سؤال لا بأس عليها في » : أجاب السالمي « مذهب أهل الخلاف هل عليها بأس « ذلك، والله أعلم (٢) . ٣ أن موافقة الولي الإباضي كغير الإباضي في التزويج. وهكذا عن امرأة عندها وليان أحدهما أزرقي والآخر على مذهبها » بخصوص سؤال أجاب ؟« الإباضي فتزوجت بأمر الأزرقي والإباضي هل هذا التزويج تام أم لا لا يبطل التزويج بذلك لأنهما جميع » : السالمي ً « ا من فرق الإسلام، والله أعلم(٣) . ٤ أن الحاكم الإباضي عند عدم وجود الولي الشرعي يمكن أن يزوج الإباضية بغير الإباضي، وهكذا بخصوص مسألة: هنا امرأة سقطرية معها بنت، أبوها رواحي من أهل سيما، سافر عنها » وهي صغيرة ولا يدري مكان غيبته من بلدان الخارج من ذلك العهد إلى (١) ، خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، المرجع السابق، ج ١ ص ١٥٣ -.١٥٤ (٢) أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، مكتبة الضامري، مسقط، ج ٣، ص ٤٤(٣) . ذات المرجع السابق، ص ٧٧ اليوم، والبنت مراهقة وتقول الأم أنها تخشى عليها ما تخشى من زوجها، وقد قامت البينة العادلة بشخصية هذا الرجل وبسفره وعدم العلم به في أي بلاد، وبما يخشى على البنت طبق ما تدعيه الأمن، والأم تريد لها التزويج من الحاكم، لكنها تريد أن تزوجها برجل وهابي، وقد اتفقت معه اتفاق ً ا كليا، وما بقي إلا حصول الأمر بالتزويج من الحاكم، فكيف رأيكم بهذا التزويج، وهي رواحية إباضية وذلك وهابي فهما متباينان، نرجو ما عندكم فوق ما أجبتم به على مسألة في هذا الموضوع وفوق ما وجدناه في الأثر كان ا لجواب: « القديم وعلى ما وصفت من حال هذه الابنة فيعجبني أن تبحثي عن أولياء » أبيها إن وجدتم له ولي ً ا من عصبته في ع ُ مان، فتأمرونه أن يزوج هذه الابنة بكفء من عشيرتها في بلد أبيها أو غير بلده، وإن لم تجدوا أحد ً ا من أولياء الأب فانظروا لها كفئ ً ا موافق ً ا في الدين، فإن لم تجدوا فزوجوها بمن اتفق من أهل ملة الإسلام فإن الموحدين أهل القبلة أكفاء، وذلك إن ألحت في الطلب،  أو خيف الفساد والضرر، وعلى الحاكم الاجتهاد في النظر لمصالح العباد ودرء المفاسد عنهم فمن اجتهد لله وفقه الله وسدده: ﴿ qp yxwvutsr ﴾ « (١)[ [العنكبوت: ٦٩ . (١) ، خلفان السيابي: فصل الخطاب في المسألة والجواب، المرجع السابق، ج ١ ص ١٧٢ -.١٧٣ تجدر الإشارة أن المجادلة بخصوص مسائل الزواج قد تؤدي إلى آثار سلبية. فتحت وبخصوص أبي ،« مجادلة بالباطل تؤدي إلى انقراض أهل الدعوة من حامة قابس » : عنوان عمرو عثمان بن خليفة، يذكر الدرجيني ما يلي: وكان أبو عمرو عابر سبيل فأراد أن يذكر من هناك من أهل المذهب بما يثبتهم في »الدين، ويمسكهم في عقائدهم على يقين، وكان المخالفون من أهل الموضع قد سكنت نفوسهم، واطمأنت قلوبهم بانقراض مذهبنا من بلدهم، وضعف من بقي من أهله، فلما سمعوا بقدوم أبي عمرو وبما شرع فيه عضوا عليه الأنامل من الغيظ، واجتمعوا فيما = ٥ أن زواج غير الإباضي بالزوجة الإباضية بغير إذن الولي يعني أن الزواج فاسد، لعدم توافر أحد الشروط اللازمة له. وهكذا بخصوص سؤال: عن رجل من أهل الخلاف اد » ّ عى أنه تزوج امرأة وهي من أهل الوفاق ولها ولي فتزوجها بغير إذنه، هل هذا التزويج صحيح أم فاسد؟ وهل دعواه بأنه إن التزويج » : يقول السالمي «؟ تزوجها مقبولة إذا لم يأت على ذلك ببينة أم لا بغير إذن الولي مع وجوده وعدم امتناعه فاسد لا يصح لقوله ژ: لا نكاح » « إلا بولي وشاهدين . ولقوله ژ: أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها » « فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل . فيفرق بين الرجل وبين المرأة التي تزوجها بغير إذن وليها، ولا عبرة بكون الرجل من أهل الوفاق أو من أهل الخلاف. ولا بكون المرأة كذلك = بينهم، وأرادوا ما يفضحون أبا عمرو إذا هم ناظروه، فتشاوروا في ذلك فجعل كل منهم يدلي برأي، فقال فريق منهم: اعلموا أن الرجل عامل ذو قدرة على المناظرة، ولا طاقة لكم به إن حاولتم أخذه في الطريق المهيع، لكن إن سلكتم معه بنات الطريق وجادلتموه بالباطل أوقعتموه في آذان العوام، وإن طلتم فإنكم تظفرون به، فقالوا: وكيف يمكن الظفر به من طريق الباطل، قالوا: يسأله أحدكم، هل يجوز في مذهبكم تزوج نسائنا؟ فإنه حينئذ يقول الحق ويجيب بأن يستعظم هذا، ويقول: يا سبحان الله قد جاز عندنا تزوج اليهوديات والنصرانيات فكيف نساؤكم؟ فإذا قال هذا ألزمناه الذنب بأن نقول: نراك أنزلتنا منزلة اليهود والنصارى، فنكفره ونفحمه، وإن هو أجاب بنعم فقط استأنفنا سؤالا ً ثانيا. ً فلما كان غد ً ا أجلبوا عليهم بخيلهم ورجلهم، وحضره هو وتلامذته، فسأله سائلهم بما أعد من مسألة النكاح، فأجاب بما كان خصمه ينتظره منه، فلما قال ذلك قال مدره القوم: ألا إن هذا أنزلكم منزلة اليهود والنصارى، فقاموا عليه قيام رجل واحد شتما وصفعا وضربا، ًًً حتى نفوه من البلد، وأكرهوا كثيرا ممن بقي من أهل المذهب على الرجوع إلى مذهبهم، ً وعمدوا إلى المسجد الكبير من مساجد الوهابية، وغسلوه بمياه كثيرة، حتى جرت أنهارا ً .« وسالت في الطرقات، وخرجت من البلد هائمة يعتقدون أن ذلك تطهيرا للمسجد ً ، الشيخ الدرجيني: طبقات المشايخ بالمغرب، تحقيق: إبراهيم طلاي، طبعة ثانية، ج ٢ ص ٣٠٣ -.٣٠٤ أيضا إذا كانا ممن يصح لهما تزوج بعضهما ببعض فإن أهل الوفاق وأهل ً الخلاف في هذا الحكم سواء عندي، ودعواه بأنه تزوجها ولم تقم له بينة فإن كان تزوجها بغير شهود فتزويجه بها باطل قطعا، وإن كان تزوجها بشهود ً لكنهم ماتوا أو تعذر إحضارهم فإنه إن كان التزويج بولي فلا يكلف على ذلك إحضار البينة وهو مصدق في قوله إذا أقرت له بالتزويج وإن كان التزويج بغير ولي فهو فاسد من أصله ولا ينفعه الشهود حضروا أو غابوا وجدوا أو عدموا، « هذا ما عندي جوابا عن مسألتك هذه والله أعلم، فانظر فيه وخذ بعدله(١) . ً تجدر الإشارة أن فساد الزواج في المثال السابق يرجع إلى عدم توافر شرط من الشروط اللازمة لصحته، لا لكون الزوج غير إباضي. ثانيا ا لشهادة: ً كوسيلة إثبات للشهادة دور مهم في الفصل في المنازعات وحسم ما يتعلق بها. وقد بحث فقهاء المذهب الإباضي ماهية وأثر الشهادة من معتنقي المذهب ومن المخالفين، يتضح منه: • أن الشهادة يختلف أثرها بحسب طبيعة الموضوع الذي تتعلق به. • .« عدول » أن الشهادة يجب أن تصدر عن • أن الشهادة، بحسب الأحوال، تنتج أثرها سواء صدرت من الإباضية أو غير ا لإباضية. شهادة قومنا في القصاص على » : وهكذا جاء في الجامع لابن جعفر وبخصوص شهادة غير الإباضية، .« المسلمين في كل شيء إلا في الحدود فقد جاء في ذات ا لكتاب: (١) أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، المرجع السابق، ج ٣، ص ٩ -.١٠ تجوز شهادة قومنا على المسلمين في كل شيء إذا كانوا عدولا » ً إلا فيما يوجب الكفر للمسلمين بشهادتهم، ولكن إذا شهدوا على رجل من المسلمين أن عليه لفلان عشرة دراهم قبلت شهادتهم عليه إذا كانوا عدولا ً وأخذ بما شهدوا به عليه في الحقوق وإن كان منكرا لذلك وإذا ً شهد عليه شاهدان من عدولهم أنه قتل فلان ً ا أقيد به لوليه بشهادتهما قلت فأبرأ منه وهو منكر وإن كان له ولاية عندي قال لا قلت: فإن شهد عليه أنه سرق أتقطع يده؟ قال: لا أغرمه هذا المال ولا أقطع يده، قال: تجوز شهادة قومنا العدول منهم في دينهم على المسلمين في الحقوق والقود، ولا تجوز في الحدود في الزنا والقذف والسرقة َ وشرب الخمر وما كان من الحدود التي هي حق لله ليس فيها حق « للعباد(١) . (١) ابن جعفر: الجامع، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ج ٨، ص ١٨٣ . كذلك جاء في ُ وعن إمام أقام حد الزنا والسرقة على رجل من المسلمين بشهادة رجلين » : بيان الشرع من قومنا عادلين في دينهما فعوقبت في ذلك. فاحتج بأن المسلمين قد حلوا في القود بشهادتهم وزعم أن ينفذ عليه الحد ويتولاه. قلتم فما تكون منزلة هذا الإمام. وما الذي يلزمه في الحكم. فإن الذي أدركنا عليه المسلمين أنهم لا يجيزون شهادة قومهم على المسلمين في الحدود ولا فيما يكفرون فيه المسلمين. وهذا الإمام مخطئ مخالف لآثار المسلمين ونقول أن عليه دية ما أقام فيه الحد على اليمين بشهادتهم في ماله من ضرب أو قطع أو نفس إلا في القصاص. فإن ذلك حد تجوز فيه إلى أوليائه دون الإمام وهذه الحدود لا عفو فيها إذا صارت إلى الإمام. فمن ها هنا وقع الفرق بين القصاص وسائر الحدود. وإلا أن الشهود عندي إنه أراد الشهود عليه يغرم بشهادتهم مثل ما شهدوا عليه بسرقة. وعلى الإمام التوبة مما صنع بإقامته على المسلمين الحدود بشهادة قومنا فإن امتنع عن التوبة ومضى على الإقامة وعلى مخالفة المسلمين وأصر على ذلك فليس له على الكندي: بيان الشرع، ج ٦٧ « المسلمين إمامة لأن من خالف المسلمين فليس منهم - ،٦٨ . ص ٤٢٩ ومن أفضل من بحث شهادة غير الإباضية من أهل القبلة، العلامة الرستاقي حيث جمع تقريبا مختلف الفروض والأحوال التي تثور في ً التطبيق ا لعملي(١) . (١) لأهمية رأيه نذكره لك كما يلي: قال أبو سعيد » 5 : أجمع أهل العلم أنه لا تجوز شهادة قومنا، قلوا أو كثروا، فيما يوجب كفر أحد من المسلمين، أو فيما يخرجهم من دينهم، أو من ولاية إلى عداوة؛ لأنهم خصماء للمسلمين في دينهم. ولا يجوز قبول مدع ولا شهادة خصم. واختلفوا بعد ذلك في شهادتهم على أهل الاستقامة من المسلمين، في الحقوق، وجميع ما كان متعلق ً ا حكمه في الأموال والأبشار، وما سوى الموجبات للكفر. فقول: لا تجوز شهادتهم عليهم، في شيء من الأحكام من الحقوق في الأموال، ولا في الأبشار، ولا في شيء من ذلك، قل أو كثر، لأنهم ليس ممن خاطب الله بإجازة شهادتهم؛ إذ قال: ﴿ gfed ﴾ فليسوا بمرضيين بما كانوا لدين الله خائنين، وفي شيء من دين الله مخالفين. وقال بعض أهل العلم: تجوز شهادتهم في الحقوق، وما كان متعلق ً ا في الأموال والذمم خاصة، ولم تجز في الإبشار، ولا في الفروج. وذلك مثل الديون والإقرار والوصايا والمواريث، ويكون حجة على المسلمين في ذلك. ولا تجوز شهادتهم عليهم، في مثل الطلاق والعتاق والعدد، وما يشبه هذا مما يدخل فيه أحكام ا لفروج. وقول: تجوز شهادتهم في كل ما وافقوا فيه المسلمين، في أصل ما دانوا به، وعلم منهم الموافقة بالدينونة فيه للمسلمين، مما عدا مما يكفرون به ا لمسلمين. وقول: تجوز شهادتهم في كل ما وافقوهم فيه، ولم يدينوا بخلافهم، حتى إنه قيل: تجوز شهادتهم عليهم في القود والقصاص. ويقاد بشهادتهم المسلم، ويقتص منه وهو على ولايته، لأنه يخرج ذلك مخرج الحقوق، ولا يخرج مخرج الحدود على قول. وقول: لا تجوز شهادتهم عليهم في جميع ذلك، ولا فيما تتعلق به الحدود من الحدود، مثل السرقة والمحاربة التي يجب بها القطع والغرم. وقول: تجوز شهادتهم في ذلك من الحقوق، ويغرمون المال المتعلق به الحد، ولا تقام عليهم الحدود بشهادتهم. وذلك مما لا نعلم فيه اختلاف ً ا؛ ولأن جميع ما يجب به حد في الدنيا وعذاب في الآخرة، فذلك كله لا تجوز شهادتهم فيه على المسلمين، في قول أهل الاستقامة جميع ً ا. = أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ١٠٨ ثالث ً ا بعض المسائل الخاصة بأمور دينية: تعرض الفقه الإباضي لبعض تلك المسائل في العلاقة مع اتباع المذاهب الإسلامية الأخرى، أهمها: • جواز الوصية لغير ا لإباضي: يقول أطفيش: جاز الإيصاء لموحد) ولو مخالف )» ً « ا غير وارث(١) . • بخصوص ا لزكاة: وما تقول في القائم بالأمر إذا كان أهل بلده أكثرهم » : فبخصوص مسألة على غير مذهبه والذين هم على مذهبه جهال ليس هم بأمناء واحتاج لإجباء = وأجمع المسلمون فيما معنا: أن شهادة العدول من قومنا جائزة عليهم، من بعضهم بعض، في جميع الحدود والحقوق والقصاص، وجميع الأحكام الجارية بين أهل الإقرار بالإسلام. وكل فرقة منهم تجوز شهادتهم على بعضهم بعض، وعلى سائر الفرق من أهل القبلة، ومن الروافض والشيعة والقدرية والمرجئة، والخوارج، وجميع من دان بخلاف المسلمين؛ ومفارقتهم بشهادتهم على بعضهم بعض جائزة، إذا كانوا عدولا ً في دينهم؛ لأنهم أهل ملة واحدة، وأهل نفاق، ويجمعهم جميعا اسم الملة والنفاق. ً وقال أ بو المؤثر: قد أجاز المسلمون شهادة قومنا على المسلمين بما لا يكفر به المسلمون، ومما يدينون باستحلاله من المسلمين، وهو حرام عليهم. ولا تجوز شهادة غير العدول منهم في دينهم عليهم، ولا على غيرهم في شيء؛ ولا في .« شيء من دين ا لإسلام الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٥٣٩ -.٥٤١ انظر أيض ً ا: الشيخ عبد العزيز الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، المجلد السابع، ١٤٢١ ه ٢٠٠٠ م، ص ٢٤٨ - ٢٤٩ ؛ جامع أبي الحواري، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ، ١٩٨٥ م، ج ٥، ص ٧٠ ؛ معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ٢ ُ ص ١٠٠٢ - ١٠٠٥ ؛ د. محمد كمال إمام: كتاب العدل والإنصاف للوارجلاني، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ص ٩٣ -.٩٤ ُ (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٢ ، ص ٣٢٤ الصدقات، وفي الظاهر الذين هم على غير مذهبنا، فما الحيلة في ذلك، إذا  احتاج القائم بالأمر ولم يتهيأ له على ما يريد من أصحابنا، ولم يعلم بباطن دين هؤلاء المذكورين، إلا أنهم يقال إنهم على غير مذهبنا، وهم مثل البلوش وغيرهم، من الطوائف وفيما عندي أنهم لم يقفوا أثرا ومقتدون به ً وتابعيه إلا في المذهب يقولون إن مذهبهم غير مذهب الإباضي الساعة، .« سيدي عرفني بما تراه، ولك الأجر إن شاء ا لله كان ا لجواب: إن القائم بالأمر عليه الاجتهاد ولا يجعل لقبض الزكاة الذين هم على » « غير مذهبنا والله أعلم(١) . • الصلاة على الميت غير الإباضي واجبة على ا لإباضي: وهكذا بخصوص مسألة:  وفي رجل مات وهو من أهل الخلاف لدين المسلمين وأرادنا أن » نصلي عليه ولا طاعه وليه أن نصلي عليه، يريد له من أهل مذهبه أيجوز لنا أن لا نصلي عليه ويقبر بغير صلاة، وإذا مات أحد من أهل الاستقامة ولم يوجد له من يصلي عليه من أهل مذهبه أيجوز له أن يصلي عليه من أهل يقول ا لخليلي: «؟ الخلاف وتجزيه تلك الصلاة أم لا يصلى عليه وإن كره وليه ولا يقبر بغير صلاة، ومن صلى عليه أحد » من أهل الخلاف فيجتزئ به إن لم يأت في صلاته بما يفسدها، « والله أعلم(٢) . (١) الشيخ سالم العبري: فواكه البستان، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٢٠ ه . ١٩٨٢ م، ص ٦٦ (٢) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٥، ص ١٦ رابع ً ا بعض المسائل الخاصة بالمعاملات(١) : يمكن أن نذكر المسألتين ا لآتيتين: • ضمان إفساد أموال أهل ا لخلاف: فبخصوص مسألة: في أناس من الإباضية تلاقوا هم وأناس من أهل الخلاف، وقتلوهم » وسلبوا سلاحهم، وأخذ رجل من الإباضية سلاحا من أهل الخلاف، ثم إنه ً أراد الخلاص كيف يفعل، والورثة متفرقون أو مجتمعون أيرد السلاح أم ؟« الثمن يرد لهم سلاحهم إن أمكن أن يقبضوه جميعا، أو » : يقول الخليلي ً  « وكيلهم إن كانوا ممن يجوز عليه أمره. والله أعلم(٢) . • ضرورة الوفاء بالتزامات عقد ا لبيع: ومن اشترى قطعة واغتلها ما شاء الله من » : وهكذا بخصوص مسألة السنة ولم يكن أدى الثمن وهو قادر على الوفاء فقال له البائع: أعطني دراهمي فقال: إن شئت فأنظرني، وأن شئت فخذ قطعتك فأخذ البائع قطعته إن الغلة » : يقول أبو الحواري ،« وطلب في الغلة التي أخذها المشتري (١) بل يمكن أن يلجأ الإباضية إلى الحرب من أجل حقوق أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى. فلما شرع » : يقول د. الأغبري ،« إصرار الإمام على رجع أموال الشيعة » : وهكذا تحت عنوان الإمام ناصر بن مرشد في حركة التحرير والجهاد ضد البرتغاليين استطاع أن ينزلهم من صياصيهم وحصونهم حتى طلبوا منه الصلح لكن الإمام ناصر أبى إيقاف الحرب إلا بعد انظر، د. إسماعيل الأغبري: الإباضية بين « إرجاع البرتغاليين أموال المسلمين الشيعة حراسة الدين وسياسة الدنيا، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان مكتب ُ الإفتاء، ١٤٣٤ ه . ٢٠١٣ م، ص ١٨٤ (٢) . أجوبة المحقق الخليلي، ج ٥، ص ١٧١ للمشتري وهو آثم في مطله، وهو قادر على الوفاء وعليه التوبة والندم والاستغفار من مخالفته. « نهى الرسول ژ عن: مطل الموسر ظلم(١) .  ٤ فقهاء المذهب الإباضي يقبلون الأحكام التي تصدر عن قضاة من غير المذهب ا لإباضي: ،« ما ينبغي لأمير المؤمنين أن يفعله في أهل الخلاف » وهكذا بخصوص يقول ا لوارجلاني: وإن اعترفوا بطاعتنا، وانفردوا ببلادهم، وأجروا فيها أحكامهم، » تركناهم. وذلك ما لم يكن رد ً ا على آية محكمة أو سنة قائمة، ونستقضي ُ عليهم منهم، من يقوم بواجب الحقوق عليهم ولهم، ونقبل قوله في ذلك على أسلوب القضاة كلهم، إذا كانوا ممن تقود لهم دياناتهم، ولم يمنعنا من ولايتهم إلا ما هم عليه، ونأخذ منهم كل ما يجب من الحقوق، ونردها في « فقرائهم وذوي الحاجة منهم(٢) . على أتباع المذهب الإباضي حتى في « المخالفين » وتسري أحكام مسائل الزواج ما داموا كانوا تحت ولايتهم(٣) . (١) . جامع أبي الحواري، ج ٢، ص ١٥٠(٢) . الوارجلاني، الدليل والبرهان، ج ٣، ص ٦٨(٣) وهكذا بخصوص فيمن كان تحت أحكام المخالفين، يقول ا لوارجلاني: رجل كان تحت أحكام للمخالفين فتزوج وغاب عن زوجته، فأعذر القاضي إليه فلم » يفعل، فطلق عليه القاضي زوجته، أو أوجب عليه من النفقة عليها ما أوجبه الله تعالى، فامتنع أو لم يكن له مال، فطلق عليه القاضي زوجته، ما حكم هذه؟ أهي مطلقة أم غير مطلقة؟ فإن كانت غير مطلقة، فهل له أن يلم بها، ولا ينظر إلى حكم هذا القاضي، وتقع .«؟ المواريث والحقوق والنسب أم لا = ٥ أهمية بحث العلاقة بين الإباضية وأتباع المذاهب الإسلامية   الأخرى بالنسبة لموضوع هذا ا لكتاب:  بحثنا هذا الموضوع رغم أنه، للوهلة الأولى، قد يبدو خارجا عن ً موضوع بحثنا. إلا أننا نعتقد أنه يقترب منه. يؤيد ذلك الأسباب ا لآتية: أولا ً: أن اختلاف المذاهب قد يرتبط في الوقت الراهن باختلاف الجنسيات. وبالتالي نصبح رغم اتحاد الدين الإسلامي لأتباع المذاهب المختلفة أمام علاقة بها عنصر أجنبي، وهو مناط تطبيق القانون الدولي الخاص حاليا. ً ثانيا : أن اختلاف المذهب قد يؤدي، في بعض الأحوال، إلى تطبيق ً قواعد المذهب الذي ينتمي إليه أطراف النزاع أو أحدهم. وهذا أيضا من ً مسائل القانون الدولي الخاص (عند تنازع القواعد القانونية واجبة = اعلم أن هذه مطلقة. وأن لم يكن في مأخوذ المسلمين هذا الجواب فلا يحل له أن يلم بها، ولا أن يقربها. وقد سقطت جميع الحقوق التي بينهما، ولها أن تتزوج غيره، وتقع الحقوق بينه وبين زوجها الأخير وترثه ويرثها. وأن كان نسيبها ورثها أن ماتت. وهكذا كل حكم لم يقطع المسلمون عذرهم في خلافه. وكل حكم حكموه بالشاهد واليمين، فهو ماض لنا وعلينا، إلا أن تنزهنا منه، ولنا معاملتهم في جميع ما حكموه بالشاهد واليمين لنا وعلينا، وتجرى فيه المواريث على وجوهها. وليس لهم مقاضاتها المديان، إلا إن علم أصل المال كما في الشاهدين. وله المقاضاة، إن علم أن الشهادة زور. وأما في الفروج، فلا سبيل إلى شيء من ذلك، لا سيما إذا انقطعت العصمة بنكاح آخر. أو تسر، فلا يجعل إلى نفسه سبيلا ً ولو كان مظلوما. ً فلو استبرأت المفتدية بحيضة، فتزوجت ما كان له عليها سبيل بعد، وله أن يتزوجها إن . ذات المرجع السابق، ج ٣، ص ٩٢ « فارقت زوجها الأخير وكلما كان فيه أهل الخلاف من أهل الإقرار مدعين في الأحكام » : ويقول الشيخ الصحاري فأهل العدل في ذلك مثلهم من جميع أهل الإسلام وكذلك الشهادة فالمدع مدع ٍ والحاكم .« حاكم والشاهد شاهد من جميع الخلق ولا تختلف الأحكام في دين أهل ا لإسلام الشيخ عبد الله الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، ج ١، ص ١٥٧ -.١٥٨ التطبيق). يكفي أن نذكر السؤال الآتي الذي وجه إلى الإمام أبي خليل. فقد سئل: عن رجل وزوجته من الشيعة قال لها بحضرة عامل السلطان الإباضي » مفارقة بالثلاث، فتقدم عليه العامل أن لا يراجعها إلا بعد السؤال للعلماء، فسأل علماء مذهبه فأتوه بأن هذا اللفظ لا يقع به طلاق رأسا ثلاث ً ا إلا إذا ً تخلل بين رجعتين، والطلاق بالثلاث في لفظة يكون واحدة، ومع ذلك فيه ٍ شروط، وطلاق هذا الشيعي خال من شروطهم وراجع زوجته فيما يلتزم هذا فكان ا لجواب: .«؟ العامل أرى أنه يسعك إن كانت المرأة والرجل من الشيعة أن تتركهم وشأنهم، » ولا سيما في المسائل الاجتهادية فإن تحاكموا عندكم فاحكم بينهم وأعرض « عنهم، وإن حكمت فاحكم بالعدل، والله ا لموفق(١) . فيمن اندرجت من مذهبنا إلى المذهب الشيعي » : كذلك بخصوص فأرادت الزواج برجل من نفس المذهب فلمن ترجع في إتمام الزواج؟ هل يقول مفتي سلطنة عمان: «؟ لمذهبها السابق أم لمذهبها الذي عليه الآن ُ أما أمر الولاية إن كان لأوليائها موقف فيرجع إلى القضاء الشرعي، » « وأما طريقة الزواج فكل يعمل بمذهبه والله أعلم(٢) . فاللافت للانتباه بخصوص المذهب الإباضي أنهم يحترمون ما تقرره المذاهب الإسلامية الأخرى من قواعد وأحكام حتى ولو اختلفت عن تلك الموجودة عند ا لإباضية(٣) . (١) . الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، ص ٦٦٦(٢) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى، النكاح، الكتاب الثاني، ص ٢٥٠ ً (٣) بل قيل: إن ثمة مبدأ جديد ً مسموح للمفتين الإباضيين أن » : ا عند الإباضية مقتضاه أنه « يستعينوا بآراء المذاهب غير الإباضية إذا لم يوجد لعلماء الإباضية آراء في تلك المسائل . د. عمرو النامي: دراسات عن الإباضية، ص ١٥٩ في هذا الخصوص، ينص قانون الأحوال الشخصية في سلطنة عمان ُ إذا كان مذهب الزوج يقتضي لوقوع الفرقة بين الزوجين » :« المادة ٢٨١ /ب » توفر شروط أشد أو اتباع إجراءات معينة لا ينص عليها القانون التزم القاضي .« بمراعاة تلك الشروط والإجراءات وهكذا اختلاف المذهب قد يؤدي إلى تطبيق أحكامه بخصوص بعض مسائل الزواج. وقد أخذ قانون الأحوال الشخصية في سلطنة عمان بهذا ُ الحل أيض ً ا بالنسبة للطلاق والميراث(١) . (١) فقد أثبت المقنن خاصة فيما يتعلق بالطلاق والميراث المتفق عليه في المذهب الإباضي إلا أنه لم يشأ إلزام المخالف بتلك الأحكام إن لم يقبلها؛ فالإباضية مثلا ً يرون وقوع الطلاق دون اشتراط التطليق بحضور فقيه أو عالم أو إمام أو مرجع، ولكن نظرا لوجود ً أحد المذاهب الإسلامية تشترط ذلك فإن الفقرة (ب) من المادة ( ٢٨١ ) تقول: إذا كان مذهب الزوج يقتضي لوقوع الفرقة بين الزوجين توفر شروط أشد أو إتباع إجراءات معينة لا ينص عليها القانون التزم القاضي بمراعاة تلك الشروط والإجراءات. أما ما يتعلق بالميراث فإن الإباضية يرون أن الجد يحجب الإخوة حجب حرمان كامل عن الميراث، إلا أن هناك مذاهب إسلامية لا ترى ذلك؛ لذلك فإن الفقرة (ج) من المادة ( ٢٨١ ) تقول: في حالة اختلاف أحكام ميراث البنت والجد وذوي الأرحام في مذهب المورث عن الأحكام الواردة في هذا القانون يطبق القاضي أرجح الأقوال في مذهب المورث ما لم يطلب الورثة بالإجماع تطبيق نصوص القانون. ولا يخفي ما في قانون الأحوال الشخصية العماني من مرونة وتسامح، وعدم إقصاء لرأي المخالف مهما كان حجم ذلك المخالف ُ .« ونسبته إسماعيل الأغبري: تقنين الفقه الإسلامي قانون الأحوال الشخصية العماني أنموذجا، ًُ بحوث ندوة التقنين والتجديد في الفقه الإسلامي المعاصر، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٠ ه .٧٦٨ ، ٢٠٠٩ م، ص ٧٥٦ ُ كذلك انظر جواب القاضي الرستاقي بخصوص مسألة أن ناسا من مفتي الشيعة أتوا إليه ً يسألونه على معنى الاستعجاز له عن الجواب والطعن في مذهب المسلمين فقالوا له: كيف أنتم تورثون الأخ والأخت مع الابنة وابنة الابن يعنون الأخوة للأب والأم أو الأب والله تعالى يقول: ﴿ ,+*)('&%$#"! -/. = يقول صاحب قاموس ا لشريعة: وأما المقام تحت أيدي المخالفين من المحمدية وتحت حكمهم حيث » تجري عليه أحكامهم فواسع له المقام ولو أنه يخشى جورهم ما لم يخف .« أن يفتنوه عن دينه، فإن أطاع ولم يفتن عن دينه فلا بأس أحكامهم التي يخالفون فيها » : وبخصوص ما يجري على الناس من  المسلمين؟ يقول: اعلم أن كل مسألة قطع المسلمون عذر من خالفهم قولا ً أو فعلا ً لا يسعه فعله ولا فتياه، وأما إذا لم يقطع المسلمون عذرهم في شيء فلا عليه، إن شاء فعل كره ً ا أو ترك فأول ذلك طلاق ً ا لقاضي، وذلك مثل رجل عجز عن نفقة امرأته فقرا ووقرا، فالقول عندنا: أنه يجبر بالسياط ًً  «... على النفقة فإن شاء طلق وأن شاء أمسك(١) . = ;:9876543210 ﴾ [ [النساء: ١٧٦ فكيف تورثون الأخوة والأخوات مع وجود بنات الصلب ولم تجعلوا للزوج النصف مع الابنة ولا الزوجات الربع مع وجود البنات أو بنات الابن والله تعالى يقول: ﴿ " %$# &' +*)( ﴾ [ [النساء: ١٢ إلى قوله: ﴿ CBA@?> FED ﴾ [ [النساء: ١٢ وقد (ثبت) أن الابنة تحجب الزوج عن النصف والزوجة أو الزوجات عن الربع إلى الربع والثمن، في: الإمام السالمي: تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، مكتبة الاستقامة، مسقط، ١٤١٧ ه . ١٩٩٧ م، ج ٢، ص ٤٧ ُ (١) وكذلك إن غاب وهو موسر في بلاد بعيدة فليكتب لقاضي بلده أعذارا وإنذارا، » : ويضيف ًً وليضرب له أجلا ً يأتي إليه، فإن أتى وإلا وجه إليه القضاء بالطلاق والفراق، وحلت للأزواج، فإن تزوجها آخر ومات وورثت منه أموالا ً ساغ لها ذلك، وساغ لمن يتزوجها من أهل دعوتنا، وتجري الأحكام بينه وبينها من النسب والحقوق والمواريث على ما قدمنا، ولو كانت بنتا أو أختا فطلقتا على هذا النعت فتزوجتا لمن ورثنا بمن ورثنا منهما أموالا ً جليلة ساغ لهما ذلك، وساغ لك إرثك منهما. وإن وقعت الحرمة بينهما بزنا أو غير ذلك عند المسلمين وليست بحرمة عند المخالفين فأثبتوا الزوجية، وحكموا بها فوقعت المواريث والأنساب والأحكام أجريت على ما حكم به القضاة مخالفين أو موافقين. فإن قضى لك القاضي بمشاهد ويمينك في أمر تعرفه =   ويقول الوارجلاني: بخصوص ا لمخالفين: ٍ وكل حكم حكموه بالشاهد واليمين فهو ماض لنا وعلينا إلا إن تنزهنا » منه، ولنا معاملتهم في جميع ما حكموه بالشاهد واليمين لنا وعلينا، تجري « فيه المواريث على وجوهها(١) . يتضح مما تقدم أن الاختلاف في المذهب قد يكون له في بعض الأحوال أثر على القواعد واجبة التطبيق. إلا أن ذلك لا يشكل إلا الاستثناء(٢) . = فسائغ لك أخذه ومعاملة جميع من قضى له القاضي بهذا الحكم، وإن كان هذا الحكم لا يجوز في مذهب ا لموافقين. وكذلك إن باع القاضي على أحد منهم ماله في ديون التزمته أو نفقات نساء، أو لمولود أو مماليك، فله معاملة جميع هؤلاء الذي قضى عليهم القاضي في أموالهم، وكذلك الحكم في المواريث أن قاسم القاضي الجد مع الأخ، أو أعطى للجد الثلثين مع الأخت، أو للأخت الثلث، كل هذا شائع ليس فيه بأس. وامرأة من أهل الدعوة تزوجت رجلا ً من الخوارج فاستمسكت به عندنا بحقوقها من الكسوة والنفقة والصداق والمتعة، وليس في دينه إلا ما جاز من غنائم أهل التوحيد ورقيقهم، فإنا نحكم لها بجميع حقوقها في هذا المال، أو كان المال معروف ً ا أهله، ولكن بعدما وقعت المقاسم، وإن وقعت الوفاة حكمنا لها بميراثها وقضينا منه ديونه وأدينا ، السعدي: قاموس الشريعة، ج ١٣ « أماناته وورثنا أولاده وحططنا عليهم أموالهم ص ٢٨٥ -.٢٨٧ (١) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، ج ٣، ص ٧٣ (٢) ومن خير من عبر عن ذلك الشيخ علي يحيى معمر، بقوله: ١ عندما تكون الدولة ملتزمة بأحكام المذهب الإباضي فإن موقفها مع مواطنيها من »المذاهب الأخرى أن تبين لهم نقط الخلاف، وأن تدعوهم إلى ما تعتقده هي حقا وصوابا، ً وسواء استجابوا لها أم لم يستجيبوا، فإن موقفها معهم لا يتعدى هذه الحال. ويجب أن تعاملهم في الحقوق والواجبات كما تعامل المواطنين الموافقين لها في المذهب، لا فرق ولا خلاف. أما من دعا إلى فتنة سواء أكان من موافقيها أم من مخالفيها، فإنها تعذر إليهم فإن رجعوا فذلك المطلوب، وإن أصروا على موقفهم استحلت قتالهم حتى يفيئوا. = فالقاعدة التزام الإباضية تحت حكم غير مذهبهم بالقوانين السارية في إقليم المذهب المخالف، مع احترام المذاهب الأخرى، ويسري ذلك؛ أيض ً ا على الأحكام ولو صدرت وفق ً ا للمذهب غير الإباضي ما دامت تتفق مع (١) أصول الشريعة ولا تحل حراما و تحرم حلالا ً . ً وهكذا فالإباضية يحترمون المذاهب الإسلامية الأخرى، وينبذون التعصب ا لمذهبي(٢) .  = ٢ عندما يكون الإباضية مواطنين في دولة ملتزمة بمذهب غير مذهبهم فإن عليهم أن يخضعوا لقوانينها وأن يرضوا أحكامها ولو كانت مخالفة لأراء مذهبهم وأحكامه، ما دامت موافقة لأحكام مذهب الدولة التي تطبق على الجميع، وعليهم أن يتعاونوا معها في كل شيء ما لم يكن معصية. فإذا أمروا بمعصية فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. . علي يحيى معمر: الإباضية بين الفرق الإسلامية، مكتبة الضامري، مسقط، ص ٢٧٤ (١) بحث الماوردي مدى إمكانية أن يحكم « تولية القضاء مع اختلاف المذاهب » تحت عنوان القاضي الذي يعتنق مذهبا ما في قضية ا ستناد ً ا إلى ما يقرره مذهب آخر، ورد على من ً مثل منع الحنفي أن يحكم بمذهب الشافعي، بقوله: » يمنع ذلك وهذا وإن كانت السياسة تقتضيه فأحكام الشرع لا توجبه، لأن التقليد فيها محظور ».« والاجتهاد فيها مستحق الماوردي: الأحكام السلطانية، دار الكتاب العربي، بيروت، ص ١٣٤ -.١٣٥ (٢) كالمرتد، يقول ا لشوكاني: « المتأول » في نبذ التعصب المذهبي وبخصوص قول هاهنا تسكب ا لعبرات، ويناح على الإسلام وأهله بما جناه التعصب في الدين على غالب » ُ َُ المسلمين من الترامي بالكفر لا لسنة، ولا لقرآن، ولا للبيان من العلل، ولا لبرهان، بل ُ لما غلت مراجل العصبية في الدين، وتمكن الشيطان الرجيم من تفريق كلمة المسلمين لقنهم إلزامات بعضهم لبعض، بما هو شبيه الهباء في الهواء، والسراب البقيعة، فيا لله وللمسلمين من هذه الفاقرة التي هي من أعظم فواقر الدين والذرية التي ما رزئ بمثلها سبيل المؤمنين، وأنت إن بقي ففيك نصيب من عقل، وبقية من مراقبة ا لله 8 ، وحصة من الغيرة الإسلامية قد علمت وعلم كل من له علم بهذا الدين أن النبي ژ لما سئل عن إنه إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج » : الإسلام قال في بيان حقيقته، وإيضاح مفهومه والأحاديث بهذا المعنى متواترة، فمن ،« البيت، وصوم رمضان، وشهادة أن لا إله إلا الله = :iôNC’G ¿ÉjOC’G ´ÉÑJCGh »°VÉHE’G ÖgòªdG ´ÉÑJCG ø«H äÉbÓ©dG `` ê ١ القواعد ا لعامة: يقيم الإباضية علاقات مع غير المسلمين من أصحاب الملل والأديان = جاء بهذه الأركان الخمسة، وقام بها حق القيام فهو المسلم على رغم أنف من أبى ذلك كائن ً ا من كان، فمن جاءك بما يخالف هذا من ساقط القول، وزائف العلم، بل الجهل، فاضرب به في وجهه، وقل له: قد تقدم هذيانك هذا برهان محمد بن عبد الله ، الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤ .« صلوات الله وسلامه عليه . ص ٥٥٥ وبخصوص تزويج أهل الخلاف، يقول ا لناظم: والقوم إن خطبوا منا نكرهه أعني وفاقهم إذ فارقوا الزللا  لسنا نزوجها أهل الخلاف لنا كذاك في أثر الأصحاب قد جذلا رووا لنا رجلا ً في الصحب زوج بن ت ً ا من مخالفنا شخصا بها ذألا ً رماهم بالهجر والإبعاد قدوتنا أبو عبيده أهدي صحبنا رجلا أتى إليه أبوها وهو معتذر أبدى إليه لما قد رامه عللا من ذاك لم يرغبن فيها هناك فتى وكان يخشى عليها تركب ا لخطلا وقال حينا أردت المال مع شرف والشيخ يلحظه شزرا بما فعلا ً وصد عنه ولم يسمع مقالته ولم يزل ينسجن في ذلك ا لحيلا أجابه نلت ما أملت من أرب له سعيت وقد حاولته عجلا عرضتها لافتتان في ديانتها تعسا لك اذهب تنل في قصدك الأملا ً وقد تجلى عليه عند ذا غضب لله دك به صرحا هناك علا ً يقوي المنافق مهما رام يفتنها يوما عليها لهذا فعله طملا ً لكن نقول إذا كانت مراقبة من قادر فنكاح القوم صح فلا حيث انتفت فتنة جاز النكاح كما في قول بعضهم عنهم كذا نقلا الشيخ سالم السيابي: معالم الإسلام في الأديان والأحكام، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه . ١٩٨٤ م، ص ١٢٣ ُ الأخرى(١) ، كما يسمحون لهم بإقامة علاقات فيما بينهم. علة ذلك أن هذا يحتمه حقهم في ا لبقاء(٢) . ِ وقد أشار 4 إلى ا لمل َ ل، بقوله: (١) يقول ا لجيطالي: « الدين » بخصوص معنى وأما الدين في اللغة فمعناه في اللغة الطاعة، ويتصرف فيها على وجوه يكون بمعنى الجزاء كقوله تعالى: ﴿ 0/. ﴾ [ [الفاتحة: ٤ ؛ أي: يوم الجزاء، ويكون بمعنى الحكم، قال تعالى: ﴿ zyxwvut ﴾ [ [يوسف: ٧٦ ؛ أي: في حكمه، ويكون بمعنى الحساب: ﴿ ¨ ª© ﴾ [ [التوبة: ٣٦ ؛ أي: الحساب ا لمستقيم. ويأتي بمعنى العادة: ﴿ ´³² µ ﴾ [ [الحجرات: ١٦ . واعلم ان الدين هو اسم لطاعة الله سبحانه. قال الله تعالى: ﴿ YXWV ﴾ [ [الزمر: ٣ . وقال تعالى: ﴿ LKJIH ﴾ [ [آل عمران: ١٩ . وقال تعالى: ﴿ lkjih ﴾ إلى قوله: ﴿ x ﴾ [ [البينة: ٥ ؛ أي: دين الحنفية السمحة ا لسهلة. الجيطالي: قناطر الخيرات، ج ١، ص ٢٦٢ -.٢٦٣ وبخصوص قوله تعالى: ﴿ !" &%$# ')( ﴾ [ [البقرة: ١٢٠ ، يقول الإمام القرطبي إن: الملة والشريعة، فإن الملة والشريعة ما دعا الله عباده إلى فعله، والدين ما فعله العابد عن ».« أمره . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن الكريم، ج ٢، ص ٩٤ وبخصوص ذات الآية يقول أطفيش: أفرد الملة مع تعددها لأن مللهم كلها كفر، والكفر ملة؛ وسميت ملة لأن الشيطان أملاها »عليهم أو أهواؤهم وأنفسهم، كما أن دين الله 8 أطفيش: تيسير « أملاه جبريل للنبي ژ .« التفسير، ج ١، ص ٢٤١ (٢) بخصوص قوله تعالى: ﴿ dcba` ﴾ [ [الأنبياء: ١٠٧ ودخل » : ، يقول أطفيش الكفار والمؤمنون، وأهل الشقاوة مطلق « في العالمين ً ا لأن الله رحمهم به لأنه ژ يبين لهم َ الهدي وأسباب السعادة، فلم يقبلوا رحمته لخلافهم، وضيعوها، وأيض ً ا هو لهم نفع دنيوي أيض ً .« ا إذ لا يستأصلون كما استؤصلت أمم قبلهم بنحو مسخ وخسف وإغراق وصاعقة أطفيش: تيسير التفسير، ج ٩، ص ٣٥٧ -.٣٦٥ ﴿ ! " %$# (١) *)('& 76543210/.-,+ 8 ﴾[ [البقرة: ٦٢ . وقال تعالى: ﴿ ,+ 210/. :9876543﴾ [ [الحج: ١٧ . وبخصوص هذه الملل قيل إن لكل ملة منها أحكامها(٢) ، وهي تخص القواعد القانونية واجبة التطبيق عليها. (١)سمي اليهود يهود ً ا لتهويدهم عند قراءة التوراة. وقيل لقولهم: ﴿ ,+*﴾ ُ [ [الأعراف: ١٥٦ . وقيل: لاتباعهم يهود بن يعقوب . ‰ وسمي النصارى نصارى لنزولهم قرية تسمى ناصرة. وقيل: لقولهم نحن أنصار الله، وسمي الصابئون صابئين لصبوهم من دين إلى دين، راجع الإمام الجناوني: كتاب الوضع مختصر في الأصول والفقه، علق عليه إبراهيم أطفيش، مكتبة الاستقامة سلطنة عمان، ُ ص ٢٧ - .٢٨ لا يستعمل نصران ونصرانة إلا بياءي النسب، لأنهم قالوا: نصراني ونصرانية، » : وقيل . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ١، ص ٤٣٣ « ا   ونصره الله: جعله نصراني (٢) وهكذا قيل: فحكم هذه الملل عدا ملة الإسلام كلها باطلة وفي ضلال، وأهلها في الآخرة من »الأشقياء، وأما في الدين، فتختلف أحكامهم حسب كل ملة. ويجب المعرفة بوجود هذه الملل في العموم وبصفتها، وحكمها في الآخرة؛ أما الأحكام التفصيلية فلا تجب إلا على من ابتلي بالتعامل مع أهل ملة منها. واختلف في إدراج معرفة الملل بين مسائل ما يسع جهله وما لا يسع، وقول جمهور الإباضية إنها مما لا يسع جهله، بينما رأي الوارجلاني وأبو إسحاق أطفيش أنها أبعد من أن يهتم بها، ولا تدرج ضمن مسائل ا لاعتقاد. وقد وقف القطب أطفيش موقف ً ا وسط ً ا، فيري أنها ليست مما لا يسع جهله، ولكن ينبغي على المسلمين أن يعرفوا هذه الملل، وأفكار أهلها؛ ليتصدوا لمواجهة غزوهم، وأفكارهم، .« ودعايتهم معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٩٦١ - .٩٦٢ وقد لخص الإمام الجناوني هذه الأحكام بقوله:  وأما أحكام ملل الشرك فإن اليهود والصابئين والنصارى أحكامهم » واحدة، وذلك أن الإمام يدعوهم إلى الدخول في الإسلام فإن دخلوا فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين. وإن امتنعوا من الدخول في الإسلام دعاهم إلى أخذ الجزية عن يد وهم صاغرون.. فإن أجابوا لذلك أخذت منهم وأمنوا بأداء الجزية، وحرم منهم ثلاثة: سفك دمائهم، وغنم أموالهم وسبي ذراريهم. وحلت منهم ثلاثة: أكل ذبائحهم، ونكاح الحرائر من نسائهم، وأخذ الجزية من أحرارهم البالغين، وليس على نسائهم وصغارهم ومجانينهم جزية، فان امتنعوا من إعطاء الجزية مع الامتناع من الدخول في الإسلام، ناصبهم إمام المسلمين الحرب، واستحل منهم ما يحرم بأداء الجزية، وحرم ما يحل بأدائها، وليس لحربهم أمد حتى يذعنوا لأحد الأمرين: إما الإسلام، وإما الجزية. وأما المجوس فأحكامهم كأحكام أهل الكتاب حذو النعل بالنعل، إلا في الذبائح، ونكاح الحرائر منهم، فهما على التحريم ولو مع إعطاء الجزية. وأما الذين أشركوا فهم عبدة الأوثان، فأحكامهم أن يدعوهم الإمام إلى الدخول في الإسلام؛ فإن دخلوا فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، وإن أبوا وحادوا، ناصبهم الإمام « الحرب(١) . (١) الإمام الجناوني: كتاب الوضع مختصر في الأصول والفقه، ص ١٨ -.١٩ انظر أيض ً ا: الشيخ سالم الحارثي: المسالك النقية إلى الشريعة الإسلامية، ص ٨٠ - ،٨٣ الشيخ سعيد الخروصي: قواعد الشرع في نظم كتاب الوضع، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ٢٩ -.٣١ ُ وواضح أن هذه الأحكام تتعلق بأمرين أساسيين: كيفية التعامل معهم، والقواعد التي تحكم ذلك(١) . وضابط كل ذلك هو احترام آدميتهم والوفاء بالعهد معهم. (١) يقرر رأي في الفقه ا لإباضي: ومن أمهات المسائل التي ترسم صورة مشرقة عن التعايش الحضاري مع غير المسلمين »ما تقرر عند الفقهاء من: الإجماع على إبقاء معابد أهل الكتاب، وضمان حريتهم في ممارسة شعائرهم فيها. الإجماع على حرمة الاعتداء عليهم إن تقيدوا بمضمون عقد الذمة، فتحرم دماؤهم وأموالهم وأعراضهم. وجوب دفاع الإمام عنهم، وصد أي اعتداء عليهم، مهما كان مصدره، سواء من قبل المسلمين أم من عدو يدخل بلاد ا لمسلمين. إذا عجز الإمام عن الدفاع عنهم تحلل من عقد الأمان ورد عليهم جزيتهم.   إن عقد الذمة يوجب لهم حقوق علينا لأنهم في جوارنا » :« الفروق » : قال القرافي في كتابه وفي خفارتنا، وفي ذمة الله وذمة رسوله ژ ودين الإسلام. فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة في عرض أحدهم، أو أي نوع من أنواع الأذية. أو أعان على ذلك؛ فقد ضيع .« ذمة الله وذمة رسول الله ژ، وذمة دين ا لإسلام وجوب توفير حياة كريمة تضمن لهم عيش ً ا محترما، فإن ضعفوا عن دفع الجزية لكبر أو ً مرض لزم الحاكم أن يؤمن لهم معايشهم من بيت المال. وهو ما سجلته مصادر التاريخ عن أئمة العدل ا لمسلمين. الإجماع على صحة معاملة المسلمين لهم في المعاملات المالية، ما لم تتضمن مخالفة للشرع، أو بيع ما لم يأذن به الله، كالخمر والميتة والخنزير. رد تحيتهم إجمالا ً ، مع تفصيل في كيفية الرد وما فيها من عبارات. الإجماع على تكفير من أنكر الكتب السماوية السابقة؛ لأن القرآن أثبتها وذكرها، وإن حدث فيها تغيير وتحريف لاحق ً ا. ﴿ qponmlkjihg {zyxwvutsr ﴾ [ [البقرة: ٢٨٥ . ِ الإجماع على حلية طعام أهل الكتاب ونكاح نسائهم، مع تفصيل في الموضوع مبسوط د. مصطفى باجو: فقه التعايش عند الشيخ أطفيش من خلال « في مكانه من أبواب الفقه كتابة شرح النيل، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ ه ٢٠١٣ م، ص ١٢ -.١٤ = ُ لذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ ^] _`a ﴾ [ [النحل: ٩١ ، يقول أبو الحواري: « يعني: فيما بينكم وبين الناس من أهل الشرك في أهل الحرب وغيره »(١) . وقد خص القرآن الكريم أهل ا لكتاب(٢) بالعديد « وهم اليهود والنصارى » = ويؤكد رأي أن من بين المسائل التي انفرد بها الإباضية وكانت لهم فيها حجتهم ا لمستقلة: .«( طعام أهل الكتاب (الحربيين »د. إبراهيم عبد العزيز بدوي: دور المدرسة الإباضية في الفقه والحضارة الإسلامية، ندوة الفقه الإسلامي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، الطبعة الثانية، ُ ١٤٢٧ ه . ٢٠٠٦ م، ص ٧٤٠ انظر أيض ً ا: د. وهبه الزحيلي: موسوعة الفقه الإسلامي والقضايا المعاصرة، دار الفكر، دمشق،  ١٤٣٣ ه . ٢٠١٢ م، ج ١، ص ٥٠٧ (١) أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى العناية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، . ج ٢، ص ٧٤ (٢) المقري: القواعد، « مخالفة الأعاجم على حسب المفسدة الناشئة منها » تقضي القاعدة أن . جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ج ٢، ص ٤٣٥ معجم القواعد الفقهية « الأصل في الشرائع مخالفة أهل الكتاب » : ومن القواعد الإباضية الإباضية، ج ١، ص ٢٥٢ -.٢٥٧ يقول الشيخ بيوض: إن أهل الكتاب يعاملون معاملة متميزة عن المشركين، ويضيف: ومن الفوارق بين المشركين وأهل الكتاب أن الإسلام لا يقبل من المشركين في حروبه »إلا الإسلام أو السيف، لأنهم منكرون لله وللرسالة والبعث، وأما أهل الكتاب فتقبل منهم الجزية، ويتركون على دينهم، ويدخلون تحت حكم الإسلام، كما قال الله تعالى: ﴿ M ]\[ZYXWVUTSRQPON ^_` / ihgfedcb ﴾ [ [التوبة: ٢٩ ، وقد بقي أهل الكتاب كذلك قرون ً ا عديدة في المشرق والمغرب في بلاد العرب، أو بلاد .« العجم بعد فتح المسلمين إياها الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ٩، ص ٢٠٤ -.٢٠٥ من آياته، كقوله تعالى: ﴿ < A@?>= MLKJIHGFEDCB SRQPON﴾ [ [المائدة: ١٥ . ﴿ ]\[ZYXWVU ^ `_ fedcba ﴾[ [المائدة: ١٦ . قوله سبحانه: ﴿ <;: CBA@?>= TSRQPONMLKJIHGFED YXWVU﴾ [ [آل عمران: ٦٤ . وقوله عز من قائل: ﴿ PONMLKJIHG a ` _ ^ ]\ [ Z Y XW V U T S R Q b﴾ [ [المائدة: ١٩ . يقول الشيخ ا لسيابي: ولا شك أن إطلاق مصطلح أهل الكتاب على اليهود والنصارى فيه » خصوصية لهم، لا توجد لغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى، لذلك خصهم الإسلام بأحكام تقربهم من المسلمين وتقرب المسلمين إليهم، كالقول بطهارتهم وأكل طعامهم وذبائحهم وتزويج نسائهم وغير ذلك من الأحكام ا لجميلة. ولم يف َ ُ ت ْ الإسلام أن ينظر نظرته الرحيمة إلى أصحاب الديانات الأخرى « من غير أهل ا لكتاب (١) . (١) الشيخ أحمد السيابي: التعامل مع غير المسلمين، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ ه . ٢٠١٣ م، ص ٤ ُ وقد أكد 4: ﴿ ~ ے ¥¤£¢¡ ¨§¦ (١) μ ´³² ± °¯ ® ¬ «ª© %$#"!❁ ¼» º¹¸¶ 32 10/ .-,+ * )( '& CBA@?>=<;:98❁ 654 QPONMLKJI❁ GFED ]\[ZY ❁ WVUTSR ^ _﴾ [المائدة ٨٢ - [٨٦ . ٢ تطبيقات عملية للعلاقات الخاصة بين الإباضية وغير المسلمين، أو بين غير المسلمين تحت الحكم ا لإباضي: نذكر هنا أمثلة ثلاثة: أولا ً مراعاة ما تحتمه العدالة في التعامل مع غير المسلمين المقيمين في الإقليم ا لإباضي: يكفي أن نذكر هنا هذه ا لمسألة. فقد حدث أن يهوديا كان في بلدة منح بالمنطقة الداخلية من عمان، ًُ َ وكانت له أمة ً مسلمة، وذلك على عهد دولة الإمام محمد بن أبي عفان َ اليحمدي ( ١٧٧ - ١٧٩ ه) ولما علم الإمام بإسلامها أمر بيعها من عند (١) ومن صور العلاقات مع الأديان الأخرى، محاولة فرض دين معين على أتباع دين آخر وهو ما حاوله ولا يزالون أصحاب الديانات الأخرى تجاه معتنقي الدين ا لإسلامي. مكتبة ،« رؤية موضوعية » راجع د. محمد عبد الرحيم الزيني: الاستشراق والتنصير . الضامري للنشر والتوزيع، سلطنة عمان السيب، ١٤٣٠ ه ٢٠١٠ م، ص ٤٦٢ ُ اليهودي، فلجأ اليهودي إلى العلامة الكبير موسى بن أبي جابر الذي كان  المرجع العام للدولة، فأمر بردها إلى اليهودي، فاعترض عليه الإمام قائلا ً : يا أبا علي، أرأيتك إن أخذ برجلها فمن يمنعه منها وهي مملوكته، وهي َ مسألة خلافية بين علماء المذهب، فإن منهم من يرى عدم جواز وجود أمة ً َ مسلمة في ملك أهل الكتاب وأن كانوا أهل ذمة، ومنهم من يفرق بين الذكور والإناث من المماليك فأجازوا ذلك في الذكور ومنعوه في الإناث، ومنهم من أجاز ذلك بشرط عدم تحويلهم عن إسلامهم... إلى غير ذلك من الأقوال الفقهية المختلفة، ولعل العلامة الكبير اشترط على ذلك اليهودي َ ا(١) عدم تحويل تلك ا لأمة عن إسلامها وألا يفترشها يستعملها جنسي . ََ ثانيا عهد الإمام الصلت: بخصوص التعامل مع ا لمسيحيين(٢) : ً • سبب صدور ا لعهد: وهو خاص بالمسيحيين المقيمين في جزيرة في بحر العرب تسمى جزيرة سقطري، والتي أبرم مع سكانها الإمام الجلندي بن مسعود ١٣٢) - ١٤٣ ه) اتفاق ً ا بخصوص الجزية التي يدفعونها. غير أن نصارى (١) القصة تدل على وجود يهودي قديم بعمان، حتى إنهم » : يعلق رأي على هذه القصة بقوله ُ كانوا موجودين بالمنطقة الداخلية منها، كما تدل على دقة إقامة العدل وإعطاء الإنصاف للجميع بمختلف طوائفهم وأطيافهم وأجناسهم وألوانهم. وقد يستغرب وجود يهودي بمنح من المنطقة الداخلية من عمان، ولا غرابة في ذلك لأن ُ منح كانت عاصمة الدولة العمانية في عهد الإمام محمد بن أبي عفان، وبداية إمامة ُ الوارث بن كعب قبل أن تكون نزوى هي العاصمة، ومن شأن العواصم أن تضم أطياف ً ا من .« الناس، مختلفي الأديان والمذاهب والأعراق والألوان الشيخ أحمد السيابي: التعامل مع غير المسلمين، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ ه . ٢٠١٣ م، ص ١٣ ُ (٢) راجع أيض ً ا وضع المجوس والهندوس في سلطنة ع ُ مان، في الشيخ أحمد السيابي: التعامل مع غير المسلمين، المرجع السابق، ص ٢٨ -.٣١ ١٢٧ سقطري نكثوا بالعهد في زمن الإمام الصلت بن مالك الخروصي، فأرسل إليهم حملة عسكرية وزودهم بوثيقة مهمة في كيفية التعامل بين المسلمين والمسيحيين وما يجب مراعاته في هذا ا لخصوص. وكان سبب تلك الحملة العسكرية أن امرأة كتبت إلى الإمام تذكر له ما حصل من ظلم وجور من النصارى وتستنصره عليهم، فقالت(١) : قل للإمام الذي ترجي فضائله ابن الكرام وابن السادة النجب وابن الجحاجحة الشم الذين هم كانوا سناها وكانوا سادة ا لعرب أمست سقطري من الإسلام مقفرة بعد الشرائع والفرقان والكتب وبعد حي حلال صار مغتبط ًا في ظل دولتهم بالمال والحسب لم تبق فيها سنون المحل ناضرة من الغصون ولا عود ً ا من ا لرطب واستبدلت بالهدي كفرا ومعصية وبالأذان نواقيسا من الخشب ًً وبالذراري رجالا ً لا خلاق لهم من اللئام علوا بالقهر والغلب جار النصارى على واليك وانتبهوا من الحريم ولم يألوا من ا لسلب إذ غادروا قاسما في فتية نجب عقوي مسامعهم في سبسب خرب ً مجدلين سراع ً ا لا وساد لهم للعاديات لسبع ضارئ كلب وأخرجوا حرم الإسلام قاطبة يهتفن بالويل والأعوال والكرب قل للإمام الذي ترجي فضائله بأن يغيث بنات الدين والحسب كم من منعمة بكر وشيبة من آل بيت كريم الجد والنسب تدعوا أباها إذا ما العلج هم بها وقد تلقف منها موضع ا للبب وباشر العلج ما كانت تضن به على الحلال بوافي المهر والقهب وحل كل عراء من ملمتها عن سوءة لم تزل في حوزة ا لحجب (١) ، الإمام السالمي: تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، مكتبة الاستقامة، مسقط، ج ١ ُ ١٤١٧ -١٩٩٧ ، ص ١٦٥ -.١٦٦ أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ١٢٨ وعن فخوذ وسيقان مدمجلة وأجعد كعناقيد من العنب قهرا بغير صداق لا ولا خطبت إلا بضرب العوالي السمر والقضب ًْ  أقول للعين والأجفان تسعدني يا عين جودي على الأحباب وانسكبي ما بال صلت ينام الليل معتبط ًا وفي سقطري حريم بادها النهب يا للرجال! أغيثوا كل مسلمة ولو حبوتم على الأذقان والركب حتى يعود عماد الدين منتصبا ويهلك الله أهل الجور والريب ً وثم يصبح دعي الزهراء صادقة بعد الفسوق وتحيي سنة ا لكتب ثم الصلاة على المختار سيدنا خير البرية مأمون ومنتخب • نصوص ا لعهد: على أثر ذلك جمع الإمام الصلت الجيوش وأرسلهم إلى سقطري وكتب للجيش عهد ً ا، كان مما جاء ما يلي(١) . واعلموا أني وليت عليكم يا معشر الشراة والمدافعة على جميع » سقطرى، أهل السلم منها وأهل الحرب وعلى الصلاة، وقبض الزكاة والجزية، والمصالحة والمسالمة والمحاربة لأهل النكث من النصارى، أو من حاربكم من المشركين في سفركم أو في مستقركم، على الأمر والنهي، وإعطاء الحق ومنع الباطل، وإنصاف المظلوم من الظالم، ووضع الأمور في مواضعها، وإعطاء كل ذي حق نصيبه من العدل، من قريب الناس وبعيدهم، وقسم ثلث الصدقات على أهلها، وتزويج النساء التي لا يصح لهن أولياء في مواضعهن بمن رضين به، إذا كان لها كفؤ ً ا على ما ترضوا به من الصداق، ولا يكون الصداق أقل من أربعة دراهم، وإقامة الوكلاء لليتامى والغياب الذين لا أوصياء لهم ولا وكلاء في أموالهم، وفرض الفرائض لليتامى في أموالهم، وللنساء النفقات على أزواجهن بالعدل (١) ذات المرجع السابق، ص ١٦٦ -.١٨١ والمعروف محمد بن عشيرة، وسعيد بن شملال فاسمعوا لهما وأطيعوا لهما.... وقد بغي هؤلاء النصارى ونقضوا عهدهم، ونرجو أن يديل الله عليهم، ُ وإلى الله نرغب ونبتهل أن يهدم محاصنهم، ويخرب بالعدل مساكنهم، ويغنمكم أموالهم وطعامهم، إن ربنا سميع قريب. فإذا سرتم أو نزلتم فأكثروا ذكر الله فإن بذكر الله تطمئن القلوب وقال الله: ﴿ lkjihg m﴾ [ [الحجر: ٩ . وشد على ربابنة السفن أن لا يفترقوا، ولا يستبق بعضهم بعض ً ا، فمن سبق فليقتصر على أصحابه بقدر ما يكون، حيث يسمع بعضهم دعاء بعض، فإن عناهم معني تكيف ووازر بعضهم بعضا إن شاء الله. فإذا أقدمكم الله ً الجزيرة، فتناظروا وتشاوروا، وأرجو أن لا يجمعكم الله على ضلال، فإن رأيتم أن يكون صمدكم ومنزلكم قريبا من القرية الناكثة، فتحاصروهم ً ويكون رسلكم إليهم من هناك، وترسلون إلى أهل العهد الذين لم ينقضوا عهدهم، حتى يصل إليكم وجوههم ورؤساؤهم، فإن رأيتم أن يكون منزلكم في القرية حيث عود ينزل الولاة والشراة، فافعلوا من ذلك ما اجتمع عليه رأيكم، من بعد مشورة أهل الخبرة بذلك، ممن ترجون بركة رأيهم وفضل معرفتهم. فإذا أرسلتم إلى أهل السلم والعهد، فأعلموهم مع رسلكم أنهم آمنون على أنفسهم ودمائهم وحريمهم وذراريهم وأموالهم، وأنكم وافون لهم بالعهد والذمة والجزية على الصلح الذي يقوم بينهم وبين المسلمين فيما مضى، ولا ينقض ذلك ولا يبدله، ومروهم بإحضار جزيتهم إليكم، واختاروا إليهم رجالا ً من خيارهم، من يثبت إلى الصلاح منهم، فوجهوهم إلى هؤلاء الناقضين لعهدهم، الناكثين على المسلمين ببغيهم، واجعلوا ممن توجهون رجلين صالحين ممن يوثق بهم من أهل الصلاة، فإن لم يمكنكم بعث اثنين صالحين من أهل الصلاة فواحد، فتأمروهم أن يصلوا إلى الذين نقضوا العهد، فتدعوهم عن لساني وألسنتكم إلى الدخول في الإسلام، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، مع حقوق الله والانتهاء عن معصيته، فإن قبلوا ذلك فهي أفضل المنزلتين لهم وذلك يمحو ما كان من حدثهم، لأن الله يقول في المحكم من كتابه: ﴿ }| ~ ے £¢¡ ¤¥ ´³²±°¯®¬«ª©¨§¦ μ ﴾ [ [التوبة: ٥ . وإن كرهوا أن يقبلوا الإسلام ويدخلوا فيه، فلتدعوهم إلى الرجعة من نكثهم والتوبة من حدثهم إلى الدخول في العهد الأول الذي كان بينهم وبين المسلمين، على أن لهم وعليهم الحق بحكم القرآن وحكم أهل القرآن من أولي العلم بالله وبدينه من أهل عمان ممن نزل إليهم من أمر المسلمين، ُ فإن أجابوا وتابوا فلتقبلوا ذلك منهم ولتأمروهم بترك ما في أيديهم وأيدي أصحابهم من أهل الحرب من نساء مسلمات، ثم لا يتزوج رسلكم من عندهم حتى يقدم معهم رؤساء أهل الحرب، ويسلموا إليهم النساء المسلمات اللاتي سبوهن واجعلوا لرسلكم أجلا ً في رجعتهم لمن أجابهم وبالسبايا إلى ذلك الأجل أن لا تظلموهم ولا تخادعوهم، ولا تماكروهم بالمطل والتواني في هذه الأيام، فإن وصلوا إليكم بمن أجابهم من أهل الحرب وقد استسلموا وتابوا من حدثهم وجاءوا بالنساء المسلمات فاقبلوا ذلك منهم، ولا تعرضوا لأحد ممن جاءكم تائبا مستأمن ً ا مستسلما بسفك ًً دمه، ولا انتهاك حرمته ولا سبي ذريته، ولا غنيمة ماله، وليكونوا مثلكم آمنين، واحفظوهم ألا يرجعوا إلى هرب من أيديكم، وتأمروهم أن يرسلوا إلى من وراءهم من أصحابهم أن يلقوا بأيديهم إلى ما ألقوا هؤلاء بأيديهم، وتأمروهم أن يبعثوا إلى من وراءهم بإحضار جزية هؤلاء الذين قد أمنتموهم الماضية، ولا يعلموا بما تريدون فيهم فإن جاء الذين وراءهم كما جاء هؤلاء وألقوا بأيديهم فاقبلوا ذلك منهم، وخذوا جزية من وصل إليكم منهم، وأما من تمرد وأراد أن يبعث بجزيته ويقيم في منزله على حدثه فلا تقبلوا ذلك منهم، ومن صار منهم إلى أمانكم وعهدكم فكونوا في أسركم آمنين، وأحسنوا إليهم في طعامهم وشرابهم، وامنعوهم ممن أراد ظلمهم حتى توصلوهم إلى والي المسلمين إن شاء الله،، فإن الله يقول: ﴿ YXWVUTSRQPONM `_^]\[Z ihgf ﴾ [ [التوبة: ٢٩ . edcb/   فإن أعطوها فلا سبيل عليهم، وإن رجع إليكم رسلكم فأخبروكم بأنهم كرهوا الدخول في الإسلام، والرجعة عن نكثهم، وحدثهم إلى العهد والذمة وإعطاء الجزية، وكان في رسلكم رجلان ثقتان أو رجل واحد من أهل الصلاة ممن تثقون به في صدق خبره، فقد حل لكم عند ذلك مناصبة ُ هؤلاء الناكثين، ومحاربت ُ هم بالمكائد والقتل لهم حيث وجدتموهم بالبيات وغير البيات، وغنيمة أموالهم، وسبي ذراريهم الذين ولدوا في حال نقضهم، ونكثهم، فأما من كان مولود ً ا في حال سلمهم قبل أن ينقضوا عهدهم فأولئك لا سبي فيهم، وحل لكم أيضا سبي نسائهم، واتقوا الله فيما غنمتم، فلا ً تستحلوا قليلا ً ولا كثيرا من ا لشسع فما فوقه، ولا وطء النساء من السبايا فإن ًْ ذلك حرام، ومن الخيط والمخاط، ولا تغلوا من ذلك شيئ ً ا، فإن ذلك عار. فما غنمتم من سلاح، أو طعام، أو أنعام، أو أثاث، فليس لأحد منكم أن يذهب منه شيئ ً ا قليلا ً ولا كثيرا ولا غيره، فأما الأثاث، والطعام، والأنعام، ً وما ثقل عليكم فلا يمكن لكم حمله، فذلك يباع كله فيمن يزيد بالاجتهاد  منكم في طلب غاية الثمن، ويتولى بيعه محمد بن عشيرة وسعيد بن شملال، أو من شهد ذلك منهما، ثم يعزل خمس ذلك حتى يوصل إلي وتقسم أربعة أخماس على المقاتلة، على من حضر الحرب كلهم بالسواء، وما كان من سلاح، أو نساء، أو ذرية من الذين ولدوا بعد نقض العهد، فأولئك يحملون إلي ويرفع وينفق عليه من مال الله من المغانم إلى وصولها، ويرفع السلاح إلي. ومن غنم شيئ ً ا ووقع في يده شيء من النساء، فليتق الله. فلا يطأهن حتى يبيعهن ويقبض ثمنهن. فمن شككتم فيه واشتبه عليكم فيه من الذراري ولم تدروا أكان مولده بعد العهد أو في العهد فخلوا سبيلهم ولا تسبوهم. وما كان من المسلمات اللاتي سبوهن قد ولدن من أحد منهم، أو كان في بطونهن حبل فإن أولادهن لحق أمهاتهم المسلمات وهم مسلمون مثل أمهاتهم، لا يكونن لحقا بآبائهم ولو دخلوا في العهد ورجعوا عن النكث، وإن كان من النساء المسلمات المسبيات أحد قد ارتد عن الإسلام ِ جبرن َ حتى يرجعن إلى ا لإسلام. ُْ وإذا التحمت الحرب بينكم وبينهم فلا تقتلوا صبيا صغيرا، ولا شيخ ً ا ًً كبيرا ولا امرأة، إلا شيخ ً ا أو امرأة أعانوا على القتال، ومن قتلتموه عند ً المحاربة فلا تمثلوا به فإن رسول الله ژ نهى عن ا لمثلة. ومن أراد من أهل سقطرى من أهل الصلاة من رجال، أو نساء، أو صبيان، أن يخرجوا معكم إلى بلاد المسلمين، فاحملوهم في حمولتكم، وأنفقوا عليهم من مال الله حتى يصلوا إلى بلاد المسلمين إن شاء الله، ومن كان هناك من أولاد الشراة وأعوان المسلمين فاحملوهم إلى بلاد المسلمين، فإن تلك دار لا تصلح لهم بعد تلاحم الحرب بيننا وبينهم . واعلموا أنه لا يحل لأحد من المسلمين نكاح نساء النصارى من أهل سقطري لا نساء أهل العهد منهم، ولا نساء أهل الحرب، إلا نساء الذين ١٣٣ يقرأون الإنجيل من أهل العهد منهم، فأما من لا يقرأ الإنجيل منهم من أهل العهد، فلا يحل نكاح نسائهم، ولا أكل ذبائحهم، ولا طعامهم، وأما أهل الحرب فلا يحل نكاح نسائهم، قرأوا الإنجيل أو لم يقرأوه، ولا تؤكل ذبائحهم كانوا من أهل العهد أو من أهل ا لحرب. وما اشتبه عليكم من الأمر الذي أنتم فيه فلم تجدوه في الآثار ولا في الكتاب ولا في ا لسنة، ولا في كتابي هذا، فقفوا عنه حتى توردوه إلي إن شاء الله، وإن انقضى الأمر بينكم وبين عدوكم إلى رأس الزنج فأخرجوه في ِ رأس الزنج، ولا تخلفوا بعد أن ينقضي الأمر بينكم وبينهم، وإن لم ينقض بينكم وبينهم إلى تبرمة فتأخروا إلى تبرمة إن شاء الله، فإني أرجوا أن يكون .« معكم من الطعام ما يكفيكم إلى ذلك إن شاء ا لله  • مسائل القانون الدولي الخاص في ا لعهد: واضح أن عهد الإمام الصلت احتوى على العديد من الأمور التي تخص العلاقات بين المسلمين والنصارى، وهي: • الكف عن محارم الشهوات وحفظ الفروج عن ا لحرام. • عدم التعرض لدماء الناس وأموالهم وأعراضهم بغير ا لحق. • ضرورة إنصاف المظلوم من الظالم، سواء كان من أهل السلم أو أهل الحرب. • إعطاء كل ذي حق نصيبيه من ا لعدل. • عدم المساس بسكان سقطري الذين لم ينكثوا بالعهد. • رغم النكث بالعهد، يمكن للناكثين أن يرجعوا إلى العهد ا لأول. • عدم التعرض للمستأمنين. أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ١٣٤ • عند الشك في الذراري وهل ولدوا بعد العهد أو في العهد، فإنه يجب أن » تخلية سبيلهم وعدم سبيهم (أي: أن المبدأ الذي يجب تطبيقه هو  .(« الشك يفسر لصالح الشخص ا لمحمي • جواز الزواج من نساء سقطري من أهل العهد الذين يقرأون ا لإنجيل. • عدم جواز الزواج من نساء أهل الحرب ولا أكل ذبائحهم. • ما تضعه المسلمات المسبيات من أولاد يلحقن بأمهاتهم المسلمات ويكونون مسلمين ولا يلحقون بآبائهم ولو دخلوا في العهد ورجعوا عن النكث. • عدم جواز قتل الأطفال أو الشيوخ أو النساء إلا من أعانوا على ا لقتال. ويدل ما تقدم على أن العلاقات الخاصة الدولية كانت في بؤرة اهتمام الإباضية منذ ا لقدم(١) . (١) يقرر رأي: وعاش في عمان ومنذ عصور طويلة طوائف من غير المسلمين من اليهود والنصارى » ُ والهندوس وغيرهم، وعلى قاعدة التسامح الديني، ظل وجودهم في عمان مقبولا ً ، ولم ُ الإمامة في » يشهدوا أية مضايقات بسبب انتمائهم الديني، حتى في عصور الدولة الدينية القرون الماضية، ويعيش في عمان حاليا عدد كبير من مختلف الديانات والطوائف وتسمح ًُ لهم الدولة بممارسة طقوسهم الدينية، وهنالك كنائس عديدة أغلبها في مسقط، كما توجد .« معابد خاصة للهندوس ويتم معاملتها على وفق العدالة العمانية المستمدة من شرع الله وسنة رسوله ژ والدولة ُُ .« العمانية الحديثة في نظامها الأساسي قد كفلت لغير المسلمين حقوقهم ُ د. خلفان الشعيلي: سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين، ندوة تطور العلوم الفقهية، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، سلطنة عمان، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ُ ١٤٣٤ -. ٢٠١٣ ، ص ٢٢  ثالث ً ا السماح بالزواج بين غير المسلمين مختلفي الملة أو ا لديانة(١) : يدل على ذلك ما ذكره الإمام السالمي بخصوص مسقط وما حدث فيها من رغبة أمير النصارى الزواج من بنت سكبيلة (من ا لبانيان). يقول ا لسالمي:  مسقط ع » َمرها بعض عرب ع ُ مان وهم يمن الأنساب فغرسوا فيها نخيلا ً  وأشجارا تسقيها آبار، قال: وآثار هذه الآبار باقية إلى هذه الغاية وهي سنة ً خمس وسبعين ومائتين وألف. قال: ثم اشتراها النصارى البرتكيسية منهم، وكان لنصارى وكيلان من البانيان أحدهما يسمى سكبيلة والثاني يسمى نروتم، فخطب أمير النصارى القابض في الكوت الشرقي بنت ً ا من بنات سكبيلة وكانت ذات جمال فائق وبذل له من المهر مالا ً كثيرا من الذهب ً  والفضة وسائر الجواهر فكان جوابه: لستم في القديم ولا في الحديث أنتم تتزوجون ببناتنا ولا نحن نتزوج منكم وهذا شيء لا يكون، فلما أغلظ النصارى عليه الكلام وعلم أنه إن لم يطاوعه يأخذ ابنته منه كره ً ا قال أمهلني إلى كذا من المدة حتى أصوغ للابنة حليا يصاغ لكل عرس من بناتنا الأبكار خاصة، فإذا تم الصوغ ووصلني دفعت إليك الابنة، فأمهله النصارى ورفع منزلته فكان لا يحدث شأن ً ا إلا يشاوره فيه ولما رأى سكبيلة التمكن من النصارى قال له: إن الماء الذي في الحصنين قديم فيه دود وأخشى أن يطول الحصار علينا من المسلمين فالرأي تجديد الماء وكذا الباروت فإنه قد فسد والرأي تجديده بالدق ثانية فأجابه إلى ذلك فأخلي الماء ونزل الباروت وكتب للإمام وأخبره عما جرى له من كبير النصارى ودله على الوثبة على السوروبين له وقت الوثبة وذلك يوم الأحد عند طلوع الشمس في اليوم (١) سنذكر أيض ً ا لاحق ً ا اعتراف الإباضية بمسائل الأحوال الشخصية الخاصة بغير المسلمين، ولو تمت في الإقليم الإباضي، ومن باب أولى خارجه. أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ١٣٦ العاشر من شهر رجب سنة تسع وخمسين بعد الألف، وكان ذلك اليوم عيد النصارى يشربون فيه الخمور ويضيعون فيه السلاح ويشتغلون لطربهم وملاهيهم، فوثب عليهم الإمام ومن معه من المسلمين فدخلوا السور ووثبوا « على الحصنين فأخذوهما في ساعة واحدة وقتلوا من فيهما من ا لنصارى(١) . يتضح مما تقدم أن مسقط كان يتم فيها الزواج بين ذوي الملل المختلفة (من غير المسلمين)، وكان ذلك من الأمور المسموح بها، بدليل أن سكبيلة (من البانيان) قال لأمير ا لنصارى: لستم في القديم ولا في الحديث أنتم تتزوجون ببناتنا ولا نحن نتزوج » وكان من الممكن أن يتم الزواج لولا ما حدث من وقائع تالية. .« منكم (١) الإمام السالمي: تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٨ -.٧٢ ُ يحتوي هذا القسم بين دفتيه مسألتين في غاية الأهمية في العلاقات الدولية الخاصة، وهي: • • الجنسية. مركز ا لأجانب. وندرس هذين الموضوعين في الفقه الإباضي، على أن نخصص لكل واحد منهما بابا مستقلا ً ً . وذلك على التفصيل الآتي بيانه. »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«°ùæédG . مستقلا ً قبل أن نشرع في دراسة أحكام الجنسية في الفقه الإباضي (والفقه الإسلامي بصفة عامة)، يحسن أن نشير إلى مقدمات لازمة لفهم فكرة ا لجنسية. ونخصص لكل مسألة من هاتين المسألتين فصلا ً تثير فكرة الجنسية في إطار القانون الدولي الخاص العديد من الأمور، والتي من بينها: أهمية دراسة الجنسية، وتعريفها، وأساس منحها، والمبادئ التي تحكمها، وأسباب الحصول عليها، وفقدها، واستردادها. (١) في فتوى صادرة عنه، ينكر الإمام محمد عبده فكرة الجنسية في الإسلام، بقوله: ولا ذكر لاختلاف الأوطان في الشريعة الإسلامية، إلا فيما يتعلق بأحكام العبادات من » قصر الصلاة للمسافر، أو جواز الفطر في رمضان مثلا ً . وقد يتبع ذلك شيء في اختصاص المحاكم، من حيث تعيين الجهة التي يكون لقاضيها الحق في أن يحكم في الدعوى التي ترفع إليه من شخص آخر، هل هي محل المدعي أو محل المدعي عليه، غير أن شيئ ً ا من ذلك لا يغير من حق للمدعي أو المدعي عليه. فالشريعة واحدة والحقوق واحدة يستوي فيها الجميع في أي مكان كانوا من البلاد الإسلامية، فوطن المسلمين في البلاد الإسلامية هو المحل الذي ينوي الإقامة فيه، ويتخذ فيه طريق كسبه لعيشه، ويستقر فيه مع أهله إن كان له أهل، ولا ينظر إلى مولده ولا إلى البلد الذي نشأ فيه، ولا يلتفت إلى عادات أهل بلده الأول، ولا إلى ما يتعارفون عليه في الأحكام والمعاملات. وإنما بلده ووطنه الذي يجري عليه عرفه ينفذ فيه حكمه هو البلد الذي انتقل إليه واستقر فيه. فهو رعية الحاكم الذي يقيم تحت ولايته دون سواه من سائر الحكام، وله من حقوق رعية ذلك الحاكم وعليه ما عليهم، ولا يميزه عنهم شيء لا خاص ولا عام. أما الجنسية فليست معروفة عند المسلمين، ولا لها أحكام تجري عليهم لا في خاصتهم ى عند العرب عصبية.  ولا عامتهم، وإنما الجنسية عند الأمم الأوروبية تشبه ما كان يسم وهو ارتباط أهل قبيلة واحدة أو عدة قبائل بنسب أو حلف يكون من حق ذلك الارتباط أن ينصر كل منتسب إليه من يشاركه فيه. وقد كان لأهل العصبية ذات القوة والشوكة = ونشير، في عجالة سريعة، إلى هذه الأمور كمدخل لازم لدراسة الجنسية في الفقه الإباضي، مع تعليق على موضعها في إطار الشريعة ا لإسلامية. :á«°ùæédG ᫪gCG (CG تهدف دراسة الجنسية على بيان من ينتمون إلى الدولة ومن لا ينتمون إليها؛ أي: معرفة المواطنين والأجانب. ذلك أن القوانين الحديثة تفرق بين الوطني والأجنبي في الكثير من الأمور، باعتبار الوطني صاحب البلد الأصلي يتمتع بكل الحقوق تقريبا. وقد أدى تشابك العلاقات بين الدول ً وسهولة الاتصال والمواصلات إلى وجود أفراد فوق إقليم الدولة لا يحملون جنسيتها أو لا يحملون أية جنسية على ا لإطلاق. وإذا كانت الجنسية ما هي إلا تعبير قانوني وسياسي تمنح به الدولة الصفة للأفراد طبيعيين أو معنويين الذين ينتمون إليها، فمعنى ذلك أنها، للوهلة الأولى، تفترض عناصر ثلاثة، وهي: أولها : الفرد، حامل ا لجنسية. وثانيها: الدول، مانحة ا لجنسية. وثالثها : وجود علاقة لا انفصام لها بين العنصرين السابقين، ألا وهي شعور الفرد بانتمائه إلى الدولة التي يحمل جنسيتها.  = حقوق يمتازون بها على من سواهم. جاء الإسلام فألغى تلك العصبية ومحا آثارها وسوى بين الناس في الحقوق فلم يبق للنسب ولا لما يتصل به أثر في الحقوق ولا في .« فتاوى دار الإفتاء المصرية، س ٢، ص ٢٧١ ، في ٦ رمضان ١٣٢٢ ه » .« الأحكام الإسلام لا يعتبر في تكوين الدول الجنسية لا العنصرية، ولا » وفي ذات الاتجاه قيل أن أستاذنا د. حامد سلطان: القانون الدولي في الشريعة الإسلامية، دار « التوطن في بلد معين النهضة العربية، القاهرة، ١٩٨٦ ، ص ١٥٥ -١٨٣ ،١٥٦ -.١٨٤ ١٤٥ وتتميز العلاقة بين الدولة ومواطنيها بأمور عديدة(١) : فالدولة تمارس تجاههم سلطات واسعة، سواء كانوا موجودين داخل إقليمها أو خارجه، ولا يقيد من عموم هذا الاختصاص إلا وجود قيد اتفاقي في صورة معاهدة دولية أبرمتها الدولة لتلتزم بمقتضاها بانتهاج سلوك معين في معاملتها لمواطنيها. كذلك يمكن للدولة أن تصدر تشريعات تسري على مواطنيها حتى ولو كانوا موجودين خارج إقليمها. وهكذا يمكن تطبيق قانون الدولة فوق إقليم دولة أخرى إذا اعترفت هذه الأخيرة بذلك أو بالتطبيق لقاعدة عرفية كما هو الحال بالنسبة للمسائل الخاصة بالحالة المدنية أو الأهلية.. وينطبق قانون الدولة أيضا على مواطنيها خارج إقليمها في حالة وجودهم في مناطق لا ً تخضع للسلطان الإقليمي لدولة ما. لذلك مثلا ً يخضع المصريون في أعالي البحار للقانون ا لمصري. كإصدار أمر » ويمكن للدولة إصدار أوامرها إلى مواطنيها في الخارج لكن في هذه .« بالتعبئة العامة أو النداء إلى الجهاد في الشريعة الإسلامية الحالة سيكون تنفيذ الأمر رهن بإرادة الفرد نفسه، إذ لا يجوز للدولة ممارسة أساليب الإكراه خارج أراضيها لتحقيق التطبيق الفعلي لقوانينها أو لأوامرها. ولعل من أهم مظاهر العلاقات بين الدولة ومواطنيها هي تلك الخاصة بممارسة الدولة للحماية الدبلوماسية لتوفير الاحترام الفعلي لقواعد القانون الدولي المتعلقة بحماية الأجانب، وكذلك الاختصاصات التي يمارسها (١) ، د. أحمد أبو الوفا: الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١٣ ص ٢٩٠ -.٢٩١ الدبلوماسيون والقناصل تجاه مواطنيهم المقيمين فوق أراضي الدول المعتمدين لديها. :á«°ùæédG ∞jô©J (Ü لم يستقر الفقه على تعريف محدد للجنسية(١) : الرابطة السياسية التي يصير الفرد » فذهب اتجاه إلى القول أنها أو أنها: ،« بمقتضاها جزء من العناصر التكوينية الدائمة لدولة معينة  .« الرابطة القانونية التي تلحق شخصا بدولة محددة » ً صفة يرتب منحها من جانب » وذهب اتجاه ثان إلى أن الجنسية هي الدولة، اختصاصا شخصيا لها تجاه الفرد، يحتج به قبل الدول ً .« الأخرى نظام قانوني تضعه الدولة، » : وذهب اتجاه ثالث إلى تعريفها بأنها لتحدد به ركن الشعب فيها، ويكتسب عن طريقه الفرد صفة تفيد وبالتالي وفق .« انتسابه إليها ً ا لهذا التعريف للجنسية جانبان: أحدهما والثاني وظيفي، ،« أي الدولة » عضوي، يتعلق بمن ينشئ الجنسية يخص تأثير الجنسية على المركز القانوني للمخاطب بأحكامها. حالة يتمتع بها الشخص وفق » ونرى أن الجنسية هي ً ا للقواعد القانونية .« السارية في بلد ما، تفيد انتمائه لهذا ا لبلد (١) راجع، د. أحمد عبد الكريم سلامة: نحو نظرية عامة للقانون الدولي الخاص الإسلامي، دار النهضة العربية، القاهرة، « مدونة أبحاث في القانون الدولي الخاص » : منشورا في كتابه ً الطبعة الأولى، ص ٤٥ -.٥٠ انظر أيض ً ا د. أشرف وفا: المبادئ العامة للجنسية ومركز الأجانب، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٤٢١ -٢٠٠١ ، ص ١٤ -.١٥ :á«°ùæédG íæe ¢SÉ°SCG (ê ١ في القانون الدولي ا لخاص: من المعلوم أن تحديد أساس منح الجنسية يتنازعه عدة نظريات، أ همها: النظرية الاجتماعية ومؤداها أن الجنسية تبين أن الشخص عضو في أمة أو جماعة أو شعب معين. نظرية الحالة: ومضمونها أن الجنسية تعد عنصر ا من عناصر الحالة ً المدنية état Civil للشخص. نظرية العقد: وترى أن الجنسية تتحلل في النهاية إلى عقد تبادلي un contrat synallagmatique بين المواطن ودولة الجنسية يتمثل في مجموعة من الحقوق والالتزامات ا لمتبادلة. نظرية الخضوع للدولة: ومؤداها أن الجنسية تعني خضوع الشخص لدولة ما (دولة ا لجنسية). ٢ في ا لإسلام: وبخصوص الشريعة الإسلامية فإننا نفرق بالنسبة لهذا الموضوع بين أمرين: الأول: بالنسبة لجنسية المسلم لا تصلح أي من النظريات السابقة لتأسيس منحها والتمتع بها. فهو يكتسب الجنسية لكونه مسلما. وبالتالي ً فجنسيته أساسها عقيدته، ولا شيء آخر يؤسسها. والثاني: بالنسبة لغير المسلم من رعايا الدولة الإسلامية (أي أولئك الذين يقيمون إقامة دائمة في دار الإسلام) فإننا نرى أن أقرب نظرية من النظريات آنفة الذكر تبين أساس منح الجنسية هي النظرية الأخيرة؛ أي نظرية خضوع الشخص لسلطات الدولة الإسلامية، ويفترض من ذلك إقامته الدائمة فيها، وحصوله، بالتالي على وضع أهل الذمة. عله ذلك كما سنرى إذا كانت إقامته « صار من أهلها » عند دراسة أهل الذمة أن من أقام في بلده دائمة(١) . :á«°ùæédG ºμëJ »àdG ÇOÉѪdG (O ١ في القانون الدولي ا لخاص: توجد بعض المبادئ تحكم الجنسية، ومنها: أولا ً: مبدأ حرية الدولة في مجال الجنسية: ويعني هذا المبدأ أن للدولة حق منح أو منع الجنسية لفرد أو عن فرد معين. ثانيا: مبدأ احترام إرادة الفرد: ومقتضاه أن الدولة لا يمكن لها وهذا ً يشكل خروجا على المبدأ السابق فرض جنسيتها على أي إنسان ضد ً إرادته ورغبته. ثالث ً ا: مبدأ الجنسية الفعلية: ومؤداه ضرورة وجود صلة فعلية وواقعية بين الفرد والدولة (مثل الإقامة فيها، أو كونه ابن أو ابنة لأب وطني أو أم وطنية، أو الميلاد فوق إقليم الدولة، أو أداء خدمة جليلة لتلك ا لدولة... إلخ). رابع ً ا: مبدأ وجوب أن يحمل الشخص جنسية دولة ما: إذ تعتبر الجنسية حق ً ا من حقوق الإنسان، ولذلك نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على م ١٥ ). وغرض هذا المبدأ هو تلافي ) « كل إنسان له الحق في الجنسية » أن (١) راجع تفصيلات أكثر في د. أشرف وفا: المبادئ العامة للجنسية ومركز الأجانب في القانون المقارن والقانون المصري، المرجع السابق، ص ١١ -.١٤ حالات انعدام الجنسية apatridie ؛ أي: عدم حمل الشخص لإحدى الجنسيات، الأمر الذي يؤدي إلي وجود صعوبات في خصوص انتقال هذا الشخص من دولة إلى دولة أخرى، أو قدرته على شراء العقارات أو المنقولات في دولة ما... إلخ. خامسا: مبدأ عدم ترتيب أثر للزواج على جنسية الزوجين: ويعني ً استقلال كل زوج بجنسيته رغم الزواج: فالزوج لا يجبر على اكتساب جنسية زوجته، والزوجة كذلك لا تكتسب جنسية زوجها بالزواج(١) . ٢ في ا لإسلام: إذا طبقنا المبادئ السابقة على ما هو مقرر في الإسلام، فإننا نرى ما يلي: أولا ً: بالنسبة لمبدأ حرية الدولة في مجال الجنسية، فإننا نرى أنه يجب أن نفرق بين منح الجنسية ومنعها: ١ فبخصوص منح الجنسية لا مجال لحرية الدولة هنا؛ إذ الأمر كلية رهن بإرادة الفرد الدخول في الإسلام، تطبيق ً ا لقوله تعالى: ﴿ ÓÒÑ ÚÙØ×ÖÕÔ ﴾ [ [البقرة: ٢٥٦ . ٢ وبالنسبة لمنع أو سحب الجنسية، فحرية الدولة أيض ً ا هنا تطبيق ً ا للآية السابقة تكاد تكون منعدمة، ولا تتدخل إرادة الدولة إلا تجاه بعض آثار الجنسية مثل النفي من البلاد كما في حالة الحرابة مصدق ً ا لقوله تعالى: ﴿ WVUTSRQPONMLK ^` ba ﴾ _ ]\[ZYX [ [المائدة: ٣٣ . (١) د. أشرف وفا: المبادئ العامة للجنسية ومركز الأجانب، المرجع السابق، ص ٢٦ -.٦٤ أو إذا نقض أهل الذمة العهد، إذ بنقضهم العهد يصبحون محاربين. ثانيا: بالنسبة لمبدأ احترام إرادة الفرد: فهذا المبدأ مطبق على إطلاقه في ً الفقه الإسلامي بما في ذلك الفقه الإباضي مصداق ً ا للآية ﴿ ÓÒÑ Ô ﴾ وذلك بخصوص اكتساب جنسية الدولة ا لإسلامية. أما بالنسبة لفقد تلك الجنسية، فيتم ذلك عن طريق خروج الفرد من الدين الإسلامي واتباعه دين ً .« مسألة ا لردة » ا آخر ثالث ً ا: وبخصوص مبدأ الجنسية الفعلية، فإن ملامحه الأساسية يمكن أن  ينطبق منها خصوصا أمران: ً الإقامة الفعلية في دار الإسلام وبصورة دائمة (عقد ا لذمة). الميلاد لأب مسلم. رابع ً ا: وبالنسبة لمبدأ وجوب أن يحمل الشخص جنسية دولة ما فهو مطبق إسلاميا، فالثابت أن الشخص يحمل الجنسية الإسلامية لمجرد كونه ً مسلما، ولا خيار للدولة في ذلك، كما أنه لا خيار له إذا ولد لأب مسلم. ً خامسا: وبشأن مبدأ عدم ترتيب أثر للزوج على جنسية الزوجين فهو ً مطبق في حالة واحدة: زواج المسلم من امرأة من أهل الكتاب (بينما العكس غير صحيح إذ لا يجوز إسلاميا زواج المسلمة برجل من أهل ا لكتاب). احترام دينها وعدم » وهكذا إذا تزوج المسلم بزوجة كتابية فإن عليه إجبارها على اعتناق الدين الإسلامي، الأمر الذي يعني أن الزواج ليس له من أثر تلقائي على اكتساب الزوجة غير المسلمة للجنسية الإسلامية، وإنما الأمر رهن بإرادتها: اعتناقها الإسلام، وبالتالي دخولها في جنسية الدولة .« أهل ا لذمة » الإسلامية، أو اكتسابها وضع :á«°ùæédG ≈∏Y ∫ƒ°üëdG ÜÉÑ°SCG (`g ١ في القانون الدولي ا لخاص:  الجنسية أما أن تكون أصلية أو مكتسبة. أما الجنسية الأصلية، فهي تلك التي يتم اكتسابها فور الميلاد،  ويكون ذلك أما ا ستناد ً ا إلى معيار حق الدم Jus sanguinis ؛ أي: كون الشخص يحمل جنسية أحد والديه أو كليهما، أو معيار حق الإقليم Jus soli ؛ أي: ميلاد الشخص فوق إقليم الدولة التي يحصل عليها  جنسيتها(١) . وبخصوص الجنسية المكتسبة، فهي تعني الدخول في جنسية الدولة في تاريخ لاحق على الميلاد. ومن أسباب اكتساب الجنسية في القانون الدولي المعاصر ما يسمى بالتجنس la naturalisation Naturalization (أي: طلب الشخص الحصول على جنسية دولة ما)، أو الزواج من شخص يحمل جنسية الدولة (رغبة في تحقيق وحدة الجنسية داخل الأسرة الواحدة) أو الميلاد فوق إقليم دولة تشترط إقامة الشخص فترة معينة بعد ا لميلاد(٢) . وبالنسبة للأشخاص المعنوية، تمنح الجنسية لها بالتطبيق للشروط التي تقررها القوانين الوطنية. فالشركة مثلا ً تحصل على الجنسية بالتطبيق لأحد نظامين معروفين: إما بالنظر إلى المقر الاجتماعي للشركة siège social أو (١) عبر الشاعر العربي عن مغزى الميلاد فوق إقليم معين، بقوله: بلاد بها شدت علي تمائمي وأول ُ أرض ٍ مس جلدي ترابها (٢) راجع أيض ً ا: د. أشرف وفا: المبادئ العامة للجنسية ومركز الأجانب في القانون المقارن والقانون المصري، المرجع السابق، ص ٧٧ -.١١٣ بالنظر إلى مكان التأسيس lieu d’incorporation . وهناك نظام آخر ينظر إلى مدى سيطرة أو هيمنة مواطني الدولة على رأس مال الشركة، وفيه تكون الشركة متمتعة بجنسية الدولة متى كانت أموالها مملوكة بنسبة معينة إلى الدولة أو رعاياها (مثال ذلك امتيازات المرافق ا لعامة)(١) .  ٢ في ا لإسلام: أولا ً : بالنسبة للجنسية ا لأصلية ، فيتم اكتسابها فور الميلاد إذا كان المولود لأب مسلم، أو لأب وأم من المسلمين؛ أيا كان مكان ا لميلاد. وبالتالي فإن معيار حق الإقليم كمعيار لاكتساب الجنسية غير قابل للتطبيق بالنسبة لمن يولد لأبوين غير مسلمين يقيمان في دار الإسلام بصورة مؤقتة. ثانيا بالنسبة للجنسية المكتسبة، فيمكن ا كتسابها: ً إما بالتجنس؛ أي: طلب الشخص الحصول على الإقامة الدائمة في دار الإسلام (عن طريق إبرام عقد ا لذمة). أو الميلاد فوق إقليم الدولة الإسلامية وطلب الإقامة الدائمة فيها (بمقتضى عقد ا لذمة). معنى ذلك أن مجرد الزواج بغير مسلمة من أهل الكتاب لا يرتب اكتساب الجنسية الإسلامية بالنسبة للزوجة، وإنما الأمر رهن بإرادتها إن اختارت بحرية أن تعتنق الدين الإسلامي. كذلك الزواج يمكن أن يكون له أثره على الجنسية إذا أقامت الزوجة بصورة دائمة في دار الإسلام وأصبحت من أهل ا لذمة. (١) راجع د. أحمد أبو الوفا: الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١٣ ، ص ٢٩٠ -.٢٩١ ١٥٣ حاصل ما تقدم أن طرق ثبوت الجنسية الإسلامية عديدة، أهمها(١) : ١ الإسلام. ٢ .« عن طريق عقد ا لذمة » التوطن الدائم لغير المسلم في ديار الإسلام ٣ مثل زواج نساء أهل الكتاب بالمسلمين وإقامتهم في دار » الزواج .« الإسلام ٤ ومنها اكتساب الأولاد لجنسية الأب أو الوالدين، فإذا » التبعية العائلية أسلم الأب وحده أو أصبح ذميا، تبعه أولاده القصر، على التفصيل الذي ً سنذكره فيما بعد. :(2)á«°ùæédG ó≤a ( h ١ في القانون الدولي ا لخاص: يمكن تقسيم أسباب فقد الجنسية وفق ً ا لما يجري عليه عمل الدول إلى طائفتين أساسيتين: الأولى الفقد غير العقابي للجنسية: ويشمل ذلك الحالات ا لآتية: التجنس بجنسية دولة أجنبية. زواج الوطني أو الوطنية من شخص أجنبي. (١) راجع أيض ً ا: د. أحمد عبد الكريم سلامة: نحو نظرية عامة للقانون الدولي الخاص الإسلامي، المرجع السابق، ص ١٠٩ -.١٢١ (٢) راجع د. أشرف وفا: المبادئ العامة للجنسية ومركز الأجانب في القانون المقارن والقانون المصري، المرجع السابق، ص ١١٤ -.١٤٢ التخلي عن جنسية ا لدولة. الممارسة الفعلية لجنسية دولة أجنبية. حدوث تغيير إقليمي في حدود ا لدولة. والثانية :« إسقاط ا لجنسية » فقد الجنسية على سبيل العقاب ويكون ذلك إذا ارتكب الشخص أفعالا ً تبرر توقيع عقاب عليه في صورة إسقاط الجنسية عنه. ومن هذه ا لأفعال: ارتكاب الشخص جريمة ضد أمن ا لدولة. الإخلال بالالتزامات التي تحتمها الخدمة ا لوطنية. القيام بعمل لصالح دولة أجنبية يضر بمصالح دولة ا لجنسية. ارتكاب الشخص لجريمة الخيانة ا لعظمى. ومن الثابت أن للدولة سلطة تقديرية في منح أو عدم منح جنسيتها إلى شخص معين، بل لها الحق في إسقاطها عنه(١) . وقد ترتب على حرية الدولة في هذا المجال ظهور العديد من حالات ازدواج الجنسية dual nationalityـ double nationalité أو انعدامها statelessness – apatridie. ٢ في ا لإسلام: نفرق هنا بين نوعي الفقد السالف الإشارة إليهما: أولا ً فبالنسبة للفقد غير العقابي للجنسية: يمكن أن يترتب ذلك في حالتين: (١) . د. أحمد أبو الوفا: الوسيط في القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص ٢٩١ ويكون ذلك باعتناق دين » التخلي عن جنسية الدولة الإسلامية .« سماوي آخر؛ أي: نكون هنا بصدد مسألة ا لردة زواج المسلمة بغير ا لمسلم. أما بالنسبة للأسباب الأخرى لفقد الجنسية، فهي لا تؤثر على جنسية ما دام يعتنق الدين » المسلم. وبالتالي لا يفقد المسلم جنسيته الإسلامية للأسباب ا لآتية: « الإسلامي تجنس المسلم بجنسية دولة أجنبية. زواج المسلم بغير مسلمة من أهل ا لكتاب. الممارسة الفعلية لجنسية دولة أجنبية. حدوث تغيير إقليمي في حدود ا لدولة. ثاني ًا أما الفقد الإجباري للجنسية على سبيل العقاب (إسقاط الجنسية)، فيمكن أن يكون سببه الوحيد هو: .« نقض الذمي لعقد ا لذمة »أما بالنسبة للمسلم فلا يمكن إجباره على فقد الجنسية الإسلامية (أي: إخراجه رغما عنه من الدين الإسلامي) حتى ولو ارتكب جرائم ضد أمن ً الدولة، أو أخل بالالتزامات التي تحتمها الخدمة الوطنية، أو عمل لصالح دولة أجنبية إخلالا ً بمصلحة الدولة ا لإسلامية. إلا أن ما ذكرناه يحتاج إلى أن ندرس خصوصا مسألتين: ً الأولى تجسس المسلم لصالح دولة أجنبية. والثانية التحاق المسلم بجيش الأعداء ليحارب ضد ا لمسلمين. ا(١) وندرس هاتين المسألتين لاحق ً . :á«°ùæédG OGOôà°SG (R ١ في القانون الدولي ا لخاص(٢) : يقصد باسترداد الجنسية عودة الشخص إلى جنسية الدولة التي فقد من قبل جنسيتها. ويختلف سلوك الدول بخصوص هذه المسألة، إذ يمكن أن نميز بين ثلاثة ا تجاهات: الأول الاتجاه التلقائي أو الأوتوماتيكي: ومؤداه أن للفرد أن يسترد جنسيته السابقة أيا ما كان سبب فقده لها، دون أن يكون للدولة سلطة  تقديرية Discretionary power في هذا ا لمجال. والثاني الاتجاه المشروط، والذي يرى أن استرداد الجنسية هو رهن بالسلطة التقديرية للدولة، والتي لها إن قدرت ذلك أن ترفض رد الجنسية للشخص المعني، أو على العكس توافق على استرداده لها. والثالث الاتجاه المانع، وهو لا يسمح باسترداد الجنسية مرة أخرى، وإنما على الفرد إن أراد اكتساب جنسية الدولة أن يسلك سبيل طرق .« كالتجنس، أو الزواج، أو الإقامة لفترة معينة » اكتساب الجنسية ٢ في ا لإسلام: ليس هناك ما يمنع كمبدأ عام أن يسترد الشخص جنسيته الإسلامية، (١) انظر لاحق ً .« فقد الجنسية في الفقه ا لإباضي » ا (٢) راجع أيض ً ا: د. أشرف وفا: المبادئ العامة للجنسية ومركز الأجانب في القانون المقارن والقانون المصري، المرجع السابق، ص ١٤٢ -.١٤٩ ١٥٧ وذلك في حالة ما إذا كان قد فقدها بالردة، ثم عاد عن ردته وانخرط في حظيرة ا لمسلمين(١) . ونرى أن الاسترداد هنا هو استرداد ً وبالتالي ،« تلقائي أو أوتوماتيكي » ا فليس للدولة الإسلامية سلطة تقديرية في منحه أو منعه، فبمجرد اعتناق المرتد للإسلام وتلفظه بما يدخله فيه، يصبح مسلما، وبالتالي يحصل على ً الجنسية ا لإسلامية. (١) انظر لاحق ً ا أثر رجوع المرتد إلى الإسلام على أمور كثيرة تخصه: كتلك المتعلقة بزوجه، وأولاده، وأمواله.... إلخ. يمكن أن ندرس الجنسية عند الإباضية من حيث: أهميتها، وماهيتها، والفرق بينها وبين المواطنة، وأساسها، والنتائج المترتبة عليها، وحكم تجنس المسلم بجنسية غير إسلامية، وفقدها، لنبحث أخيرا الجنسية في ً سلطنة عمان (ما يقرره القانون وما حكم به ا لقضاء). ُ وندرس كل هذه الأمور تحت عنوان (القواعد الحاكمة للجنسية في الفقه ا لإباضي). إلا أن دراسة الجنسية عند الإباضية تحتم أيضا أن نخصص دراسة ً مستقلة لسببين مستقلين من أسباب اكتسابها، وهما تبعية الأطفال، واكتساب الجنسية بمقتضي عقد الذمة، وكذلك دراسة أسباب فقدها (ارتكاب أفعال ضد أمن الدولة الإسلامية، والردة). دراسة لبعض مسائل الجنسية في » : وندرس هذه المسائل تحت عنوان .« الفقه ا لإباضي وهكذا ينقسم هذا الفصل إلى موضعين أساسيين: الأول القواعد الحاكمة للجنسية في الفقه ا لإباضي. الثاني اكتساب » دراسة لبعض موضوعات الجنسية في الفقه الإباضي .« الجنسية وفقدها ونخصص لكل موضوع مما سبق مبحث ً ا. ∫hC’G åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«°ùæé∏d áªcÉëdG óYGƒ≤dG تتمثل أهم هذه القواعد، كما سبق بيانه، في ا لآتي: :á«°ùæédG ᫪gCG `` CG تبدو أهمية من يحملون جنسية بلد معين، من قول أطفيش: وكثرة أهل بلد أدعى إلى زيادة وفطنة أهله ونبلهم إذ هو محل كرسي » « المملكة، والأحكام (١) . وهكذا يشكل شعب(٢) أية دولة أو سكانها عنصرا لا غنى عنه من عناصر ً تكوينها، وهو عنصر له أهمية في إطار القانون الدولي والعلاقات الدولية المعاصرة. ويكفي أن نذكر هنا قول ا لعامري: « على حسب كثرة الرعية يعلو شأن ا لملك »(٣) . « الأمة » وقد ركزت الشريعة الإسلامية خصوصا على فكرة(٤) الإسلامية ً (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١١ ، ص ١٢ (٢) جمع شعب للعجم مثل القبائل للعرب من قوله تعالى: » : الشعوب ﴿ NML O ﴾ [ [الحجرات: ١٣ ومنه قيل للذي يتعصب للعجم: شعوبي، وقيل: بل هي للعرب .« والعجم فبنو قحطان شعب وبنو عدنان شعب . الخوارزمي: كتاب مفاتيح العلوم، ١٩٦٨ ، ص ١٢٢ (٣) العامري: كتاب الإعلام بمناقب الإسلام، تحقيق: د. أحمد غراب، دار الكاتب العربي، . القاهرة، ١٩٦٧ ، ص ١٦٣ (٤) يذهب يحيي بن الإسلام إلى تفسير كلمة أمة على تسعة وجوه: ١ أمة بمعنى العصبة: كقوله تعالى: ﴿ ZYXWVUT ﴾ [ [الأعراف: ١٨١ . = باعتبارها العنصر الأساسي في تكوين سكان دار الإسلام على اختلاف = ٢ أمة بمعنى الملة: كقوله تعالى: ﴿ ~ ﮯ £¢¡ ﴾ [ [المؤمنون: ٥٢ ، ﴿ qp utsr ﴾ [ [المائدة: ٤٨ . ٣ أمة بمعنى سنين: كقوله تعالى: ﴿ [ZYXWVU ﴾ [ [هود: ٨ . ٤ أمة بمعنى القوم: كقوله تعالى: ﴿ nmlkjihgf po ﴾ [ [آل عمران: ١٠٤ . ٥ أمة بمعنى إماما: كقوله تعالى: ﴿ 8765 ﴾ [ [النحل: ١٢٠ . ً ٦ أمة بمعنى الأمم الخالية وغيرهم من الكفار: كقوله تعالى: ﴿ SRQPON T ﴾ [ [فاطر: ٢٤ . ٧ أمه بمعنى أمة محمد خاصة: كقوله تعالى: ﴿ 210/. ﴾ [ [آل عمران: ١١٠ . ٨ أمة تعني أمة محمد، الكفار منهم خاصة: كقوله تعالى: ﴿ ,+* -/. 210 ﴾ [ [الرعد: ٣٠ . ٩ أمة بمعنى خلق ً ا. كقوله تعالى: ﴿ NMLKJIHGFEDC ﴾ [ [الأنعام: ٣٨ . ، يحيى بن سلام: التصاريف، تحقيق: هند شلبي، الدار التونسية للتوزيع، ١٩٧٩ ص ١٥٠ - ١٥٣ ؛ وانظر أيض ً ا الإمام ابن الجوزي: منتخب قرة العيون النواظر في الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، تحقيق: محمد السيد الصفطاوي، منشأة المعارف، الإسكندرية، وكذلك كتاب الأمالي لأبي ،« حيث يرى أنها وردت على خمسة أوجه » ، ١٩٧٧ ، ص ٥٦ حيث يقرر » ، علي القالي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٧٦ ، ج ٢، ص ٣٣٤ .« أن من بين المعاني الكثيرة للفظة أمة: الجماعة من الناس أو القرن من الناس بعد ا لقرن أنه: « الأمة » وجاء في معجم مصطلحات الإباضية بخصوص كلمة مصطلح ورد في القرآن الكريم، واستعمل في مصادر الفرق الإسلامية بمعان »مختلفة. ففي القرآن الكريم: الأمة في كل شيء المنفرد به دون غيره، الثابت له حكمه من قليل أو كثير، ولو كان واحد ً ا فهو أمة في ذلك الشيء القائم به، المنفرد فيه... وكذلك المحق في المحق أمة ولو كان واحد » : كل عصر وزمان، وكل شيء خاص أو عام فهو أمة فيه. ويقال ً ا .« على رأس جبل أما في علم الكلام فللأمة معان عدة، قال الوارجلاني: اختلف الناس في الأمة إلى أقوال هي: = الأقطار والأمصار، وإلى جانب ذلك العنصر الأساسي تسمح الشريعة كأهل الذمة » الإسلامية بوجود غير المسلمين في ديار الإسلام .« والمستأمنين « في المعاملة والتشريع » ويتمتع هؤلاء بمنزلة خاصة (١) . :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »ah ΩÓ°SE’G »a á«°ùæédG á«gÉe `` Ü وهو أمر ليس بغريب ،« الجنس » لكلمة « صناعي » الجنسية هي مصدر على اللغة العربية؛ إذ تطبيقاته كثيرة مثل القومية والقوم، والعربية والعرب وغيرها. لذلك قيل: أطلق الجنس في الاصطلاح الحاضر على نوع بشري خاص يقابله نوع » آخر، باعتبار مميزات خاصة عرقية أو اجتماعية تفرق بين صنف وصنف ومنه أخذت ا لجنسية. = ١ الأمة جميع من أرسل إليه ا لرسول ژ ، من الجن والإنس. ٢ إنما أمة محمد ژ من آمن به من الموحدين جميعا. ً ٣ وقال بعض: إنما أمته من آمن به وصدقه وصح توحيده. فكل مذهب يدعي أنه تلك الفرقة، ،« إنما أمته ژ الفرقة المحقة الناجية » : ٤ وطائفة قالوا وأنه وحده أمة محمد ژ . معجم « والصواب أن أمة محمد ژ المحقون والموفون بدين الله من كل فرقة وطائفة . المصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٦٣ كذلكقلنا : «All Muslimy are considered as one Ummah. The bond which Unites them, wherever they are, is their common Faith». Ahmed Abouـ El Wafa: Islam and the west, coexistence or clash? Dar AlـNahda AlـArabia, Cairo, 1427 -2006, p.13. (١) د. يوسف القرضاوي: غير المسلمين في المجتمع الإسلامي، مكتبة وهبه، القاهرة، . ١٩٧٧ ، ص ٦ ،١٣٩٧ وهي الصفة التي تلحق بالشخص من جهة انتسابه لشعب: أو أمة مثل « د(١) تونسي، أو عربي وهو لفظ مول .  يقول أطفيش بخصوص قوله تعالى: ﴿ ×ÖÕÔÓ Ø﴾ .. [ [النحل: ٧٢ : لا من جنس آخر كالفرس والناقة لتأنسوا، وتماثلكم أولادكم، والنفس بمعنى الجنس مجاز ً ا، وأصله الذات فلا يجوز للرجل تزوج الجنية، ولا « للمرأة تزوج الجني، لعدم ا لجنسية(٢) . معنى ما تقدم أن للجنسية معنيين: الأول انتماء الشخص إلى دولة معينة. والثاني كون الشخص من جنس معين. والمعنى الأول هو الذي سنستخدمه خلال هذه ا لدراسة. هي فكرة حديثة نسبيا؛ إذ لم تعرف إلا منذ « الجنسية » والواقع أن فكرة ً فترة ليست بالبعيدة جد ً ا في تاريخ البشرية، وخصوصا أواخر القرن الثامن ً عشر الميلادي. لذا من الطبيعي ألا يكون فقهاء المسلمين قد تعرضوا لها منذ بدايات الإسلام. ولا عجب ألا يكون الفقهاء المسلمون حتى عهد قريب لم يتناولوه بهذا ا لاسم(٣) . (١) الشيخ محمد الشاذلي النيفر: التجنس بجنسية غير إسلامية، مجلة المجمع الفقهي ١٤١٠ ، الإسلامي، عدد ٤ -. ١٩٨٩ ، ص ١٧١ (٢) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٧، ص ٣٤ (سورة ا لنحل). (٣) ومن المعلوم في الإسلام، أن الرابطة الأساسية التي تربط المسلمين هي رابطة الدين، أما ٍ الجنسية فهي أمر تال مترتب عليها. أن المسلمين « الجنسية والديانة الإسلامية » لذلك جاء في العروة الوثقى تحت عنوان عن اعتبار الجنسيات ورفضهم أي نوع من أنواع » يعرضون على اختلاف أقطارهم = على أننا نعتقد أن الفقه الإباضي استخدم عبارات تؤدي ذات المعنى الذي تدل عليه كلمة الجنسية. من ذلك صاحب بيان الشرع الذي استخدم عبارة: « نسب ا لإسلام »(١) . بل قال الإمام جابر إن : « نسب الإسلام هو أفضل نسب »(٢) . ولا شك أن تلك عبارة تعادل لفظة الجنسية حاليا، فالنسب يعني انتماء ً الشخص إلى ما هو منسوب إليه، وهذا أخص خصائص الجنسية. يكفي أن  نذكر هنا ما جاء في بيان الشرع أيض ً ا: وسئل عن الرجل إذا قرئ عليه نسب الإسلام كيف يعاد عليه ا لقول؟ » قال: يقال له: إن هؤلاء المنسوبين في هذا النسب أئمتك في دينك وأوليائك، وليك وليهم، وعدوك عدوهم ودينك دينهم وقولك قولهم ورأيك « رأيهم ومذهبك مذهبهم وحربك حربهم وسلمك سلمهم(٣) . = العصبيات ما عدا عصبتهم الإسلامية، فإن المتدين بالدين الإسلامي متى رسخ فيه اعتقاده يلهو عن جنسه وشعبه ويلتفت عن الروابط الخاصة إلى العلاقة العامة وهي علاقة ما أرشدنا إليه سير المسلمين من يوم نشأة » وجاء في نفس المرجع أن ذلك هو ،« المعتقد « دينهم إلى الآن لا يعتدون برابطة الشعوب والأجناس، وإنما ينظرون إلى جامعة الدين (جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده: العروة الوثقى: دار الكتاب العربي، بيروت، ١٣٨٩ -١٩٧٠ ، ص ٥٠ -.(٥١ (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٣، ص ٢٦٩(٢) . رسائل جابر بن زيد، ص ٨(٣) ذات المرجع، ص ٢٧٢ . بل بخصوص قوله تعالى: ﴿ utsrqpo v ﴾ [ [النساء: ٩٠ سلمة العوتبي: « والاتصال يكون في النسب وفي الحلف لا غيره » : قيل كتاب الضياء، ج ٣، ص ١١١ . كذلك عن هاشم بن غيلان إلى الإمام عبد الملك: اعلم أنه = كذلك جاء في بيان ا لشرع: وعن رجل أتاه رجل يطلب إليه أن ينسب عليه الإسلام؛ أيرده حتى » ينظر حرصه عليه؟ أيسعه ذلك أم لا؟ قال: قد كان أشياخنا يردون إلى أن ينظروا حرص ا لطالب. فقلت: أرأيت أن حدث به حدث ما هو عند المسلمين، وأن كان قد رضي بسيرته فما تقول إلا أن يتولى والله أعلم. وقال الوضاح بن عقبة من « بعد ظهور الدولة والإسلام فما أحب أن يرد(١) . يعني: « نسب الإسلام » ومعنى ما تقدم أن أولا ً: وهو ما يعادل بالنسبة للجنسية انتماء » انتماء الشخص للإسلام .« الشخص لدولة ما ثانيا: تمتع الشخص بكل الحقوق والتزامه بكافة الواجبات الواقعة على ً أفراد المجتمع الذي يعيش فيه(٢) . = أن علموهم دينهم، وأظهروا » كان قبلك من أئمة المسلمين أنه أول من ساروا به في الناس . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٤٢ « لهم نسب الإسلام(١) . ذات المرجع، ص ٢٧٣(٢) وهو ما أكده الشيخ المنذري، بقوله: وأما ما تكلمت به على من دخل في الإسلام من اليهود والنصارى من أنهم طلبوا بذلك »التعزز بالدولة، ونكاح الفروج، فإنما قلت ذلك لعداوتك لهم فقط؛ إذ دخلوا في الإسلام، ولا تجد دليلا ً ولا حجة على ما قذفتهم به، ولم يكن اليهود الذين دخلوا في الإسلام إلا صاروا ممن آمن بعيسى وكف عن سبه، فكيف تقول: تعززوا بالدولة ليبسطوا ألسنتهم ّ على ذوي الأقدار، وإنما هذا كانوا يفعلونه قبل دخولهم في الإسلام، وأما في الإسلام، الشيخ المنذري: جواب الرسالة النسطورية، مكتبة مسقط، « فلا سبيل لأحد إلى ذلك ١٤٣٣ -٢٠١٢ ، ص ١٢٣ -.١٣٣ ١٦٦ .« وهو أيضا ما تنص عليه قوانين الجنسية في مختلف ا لدول » ً فكرة الجنسية وجدت في « ماهية ومفهوم » يضاف إلى ما تقدم أن الإسلام منذ ا لبداية: ١ باعتبار الرباط الديني الذي يربط المسلم بأخيه المسلم، أو امتداد سلطان الدولة الإسلامية إلى رعاياها الذين يعتنقون دينا سماويا آخر ً ويقيمون إقامة دائمة فوق إقليمها (١) . (١) في جوانب قانونية أخرى عرف فقهاء المسلمين ما استقر عليه القانون الدولي المعاصر ولكن تحت مسميات أخرى: يكفي أن نذكر هنا الأمثلة الآتية، والتي يوضحها الجدول ا لتالي: في القانون ا لدولي المسؤولية ا لدولية . المسؤولية عن الأفعال المشروعة أو تلك ا لتي لا ي حظرها القانون الدولي . الأحوال النافية للضمان أو لعدم المشروعية . ا لدولة. إعادة الحال إلى ما كانت عليه . استعمال الحق لا يرتب مسؤولية . الدفاع الشرعي. تنفيذ ا لأحكام ا لأجنبية . ا لمعاملة ب المثل أ و ا لتبادل . المياه الداخلية والبحر ا لإقليمي . ا لمحيطات . ا لمضيق . ا لبحر ا لمغلق . في الشريعة ا لإسلامية ا لضمان أ و ا لتضمين أ و ا لتباعة ضمان ما يتولد من المباح أو الضمان لسراية ا لضرر . قاعدة ما يوجب الضمان وقاعدة ما لا يوجبه أ و قاعدة طروء المشروعية على ا لفعل المتعدي فيه أ سبابها . الحضرة، أو دار الإسلام، ودار ال حرب، أو دار العهد . »القضاء على ا لمتعدي برد ما أخذ .« ما على ا لمحسنين من سبيل . الصيال أو دفع الصائل . كتاب القاضي إ لى ا لقاضي . مبدأ ا لمجازاة. بحر أرض ا لإس لام. ا لبحر ا لعظيم أو الأوقيا نوس. بحر ا لمجاز أو البحر ا لزقاق . البحر المدور أو المستدير أو الذي لا اتصال له بغيره من ا لبحار . = ٢ أنه لا يشك أحد في وجود الدولة الإسلامية منذ بدايات الإسلام، وحيث توجد دولة يوجد شعبها المقيم فوق إقليمها والذي ينتمي إليها. وقد اقتبست الدولة العثمانية، فكرة الجنسية من أوروبا، وتبلور هذا ١٨٦٩ ، وبمقتضى هذا /١/ رسميا بصدور قانون الجنسية العثماني في ١٩ ً القانون أصبح كل القاطنين في الدولة العثمانية، يحملون الجنسية العثمانية، استناد ً ا إلى روابط ليس من بينها رابطة الدين، إذ أن أحكام القانون، كما هو واضح من نصوصه، يقرر إمكان اكتساب الجنسية العثمانية بناء على النسب أو التجنس أو الزواج، وهكذا حلت، ومنذ ذلك الحين رابطة الجنسية محل رابطة الدين، وصارت الجنسية وصف ً ا في شخص يتمتع به، بصرف النظر عن ديانته، وهكذا تم هجر التقسيم الإسلامي الثلاثي للأشخاص بين المسلم والذمي والمستأمن(١) . :áæWGƒªdGh á«°ùæédG ` ê اختلفت الآراء حول علاقة الجنسية بالمواطنة إلى عدة اتجاهات، أهمها(٢) : = راجع د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة الإسلام، دار النهضة العربية، القاهرة، ج ١٧ ، ص ٤٦ -.٤٧ (١) د. فايز حسين: الشريعة والقانون في العصر العثماني والعلاقة بنظام الملل، ندوة تطور العلوم الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ -. ٢٠١٣ ، ص ٣ ُ (٢) راجع هذه الاتجاهات في دكتور ياسر حسن عبد التواب جابر، المواطنة في الشريعة الإسلامية دراسة فقهية مقارنة، ص ٢٣٦ وما بعدها، د. جابر عبد الهادي: المواطنة والخطاب التشريعي في الأحوال الشخصية، ندوة تطور العلوم الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ -٢٠١٣ ، ص ٢٦ - ٢٧ ؛ د. عبد الستار أبو غدة: ُ فكرة الجنسية وقاعدتها الشرعية في الفقه الإسلامي، ندوة الفقه الإسلامي في عالم متغير، . وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان ص ٦٢٩ ُ الاتجاه الأول: وهو اتجاه يسوي بين المواطنة والجنسية من خلال الاستعمال والتداول، وإن كان فرق بينهما فهو فرق تاريخي. الاتجاه ا لثاني: وهو اتجاه يرى أن المواطنة والجنسية تعبران عن وجهين مختلفين لعلاقة واحدة، هذه العلاقة الواحدة تتمثل في العلاقة بين الفرد والدولة التي ينتمي إليها ولكن المواطنة ترتكز على الإطار الوطني الداخلي في مجال الحقوق التي تكفلها الدولة لرعاياها والواجبات التي تلزمهم بها، أما الجنسية فتركز على الإطار الدولي الخارجي حين يصبح الفرد موضعا ً لعلاقة ما بين دولتين أو أكثر. الاتجاه ا لثالث: وهو اتجاه يرى أن الجنسية تعد تعبيرا عن إحدى صفات ً المواطنة، فالمواطنة وفق ً ا لهذا الاتجاه لها صفات عديدة تعتبر الجنسية واحدة منها، أو بمعنى آخر يعتبر هذا الاتجاه الجنسية أحد عناصر المواطنة. الاتجاه الرابع: أن المواطنة في الفكر الإسلامي تعد أثرا من الآثار التي ً ترتبها ا لجنسية. الاتجاه الخامس: الجنسية هي إحدى مقومات المواطنة، فهي التي تميز بين المواطن والأجنبي. أما رأينا، وهذا هو ا لاتجاه السادس: فالواقع أننا نرى أن الفارق بين الجنسية والمواطنة يكمن في ا لآتي: ١ في الشخص تلتصق به وبالتالي تنتقل « ذاتية » أن الجنسية هي صفة والمسلم يتمتع ،« مصري » معه أينما كان: فالمصري في خارج مصر هو بالجنسية الإسلامية أينما كان، في دار الإسلام أو في ديار غير المسلمين، حتى ولو لم يكن من مواطني بلد ا لإقامة. ٢ تلتصق بالشخص، لكنها « ذاتية ومكانية » أما المواطنة فهي صفة تكون فقط حيث يقيم في الدولة التي ينتمي إليها الشخص: فالمصري في إن ،« مواطن جزائري » والمسلم في الجزائر هو ،« مواطن مصري » مصر هو اتخذ من الجزائر موطن ً ا. ويرى اتجاه بين الفقهاء المحدثين أن مفهوم الذمة اختفى أو يكاد أمام مفهوم ا لمواطنة(١) . ونحن مع الاحترام الكامل لهذا الاتجاه نرى أنه لا فارق بين الذمية والمواطنة: (١) وهكذا يقرر رأي: ولقد عرف العالم الإسلامي في السابق نظام الذمية وقد أطلق عليه في آخر عصر الدولة »العثمانية: نظام المليات، وكان هذا النظام متطورا إذا ما أخذ في سياق عصره، لكنه لم يعد ً مقبولا ً بعد ظهور المواطنة، لأنه لئن حقق مكاسب مهمة في مجال المحافظة على خصوصيات المجموعات، بأن متعها بحق المحافظة على لغتها أو دينها أو تقاليدها، فإنه قد منع الانصهار بين سكان الدولة وجعلها؛ أي: الدولة، عرضة للنزعات العرقية والدينية وتنامي الحركات الانفصالية. كما أن احترام خصوصيات المجموعات قد تم على حساب .« حقوق الأفراد الذين كان ينظر إليهم فقط بصفتهم رعايا أو أقليات ويقرر رأي آخر: في النظر إلى « المواطنة » إلى مفهوم ،« الذمية » هل كان بالإمكان تصور التحول من مفهوم »وما فرضته من غلبة « صدمة الحداثة » غير المسلمين في البلدان الإسلامية، في غياب حضارية، أملت على المسلمين إجراء شتى عمليات التأصيل والتأويل لمنظومة قيمهم ومؤسساتهم حتى تتكيف مع سطوة مشروع الحداثة ا لغربية؟ راجع على ا لتوالي: د. محمد الحداد: الدين والدولة والمواطنة في الزمن الجديد، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ -. ٢٠١٣ ، ص ١ ُ د. عبد السلام الطويل: اتجاهات الفقه المعاصر في أصل العلاقة مع غير المسلمين، ذات . الندوة السابقة، ص ١ ١ .« بالذميين » وإن تم وصفهم ،« مواطنين » أن غير المسلمين، كانوا ذلك أن المواطنة تعني في الوضع القانوني المعاصر المساواة بين الأشخاص رعايا دولة ما في الحقوق والواجبات. وهو ما يحتمه نظام .« لهم ما لنا وعليهم ما علينا » والذي من أولى قواعده أن « الذمة » ٢ « أهل الذمة » كذلك فإنه إذا كان قد تم وصف غير المسلمين بأنهم فذلك فقط من أجل بيان أنهم غير مسلمين. « الذميون » أو٣ :« الذمية يضع واجبا أساسيا على عاتق ا لمسلمين » أن نظام ًً « يتمثل في ضرورة حمايتهم وعدم إخفار ذمتهم »وهكذا جاء في وصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ƒ حين وفاته للخليفة من بعده، حيث قال: ....) وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله ژ أن يوفي لهم بعدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلفوا إلا طاقتهم)(١) . وجاء في وصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : ƒ ...) والله في الزكاة؛ فإنها تطفئ غضب الرب، والله الله في ذمة نبيكم، لا تظلمن بين ظهرانيكم، والله الله في أصحاب نبيكم؛ فإن رسول الله ژ أوصى بهم)(٢) . كما يؤيده قول الإمام الأوزاعي في كتابه إلى الوالي العباسي صالح بن علي بن عبد الله بن عباس عن أهل الذمة: (فإنهم ليسوا بعبيد، فتكونوا من تحويلهم إلى بلد في سعة، ولكنهم أحرار أهل ذمة)(٣) . لذلك نوافق على الرأي ا لآتي: (١) صحيح البخاري: كتاب المناقب: قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان: رقم الحديث: .٣٤٢٢٤(٢) .١٧/ البداية والنهاية: ١١(٣) . ابن سلام: كتاب الأموال، ص ١٧٠ ؛ البلاذري: فتوح البلدان، ص ٢٢٢ ويختلف مفهوم أهل الكتاب عن مفهوم أهل الذمة فالأول تحديد » « للعلاقة مع الإنسان، والثاني تحديد للعلاقة مع ا لمواطن (١) . :z»eÓ°SE’G øjódG{ º∏°ùª∏d áÑ°ùædÉH á«°ùæédG ¢SÉ°SCG `` O يقول الدكتور أشرف وفا: ومن المعروف أن الإسلام يعتبر عقيدة عالمية قابلة للتطبيق في كل » مكان وزمان. ووفق ً ا لأحكام الشريعة الإسلامية لا توجد أدنى تفرقة بين المسلم الذي يقطن ديار الإسلام وبين المسلم المقيم في دولة أجنبية حيث وضعت الشريعة الإسلامية القاعدة الأساسية التي تقضي بالأخوة بين .«« إنما المؤمنون إخوة » المؤمنين على عكس ما تقوم عليه الجنسية في المفهوم المعاصر من تصنيف الأفراد إلى وطني وأجنبي بالنظر للانتساب إلى دولة ما، فإن الإسلام يقيم التفرقة بين الناس على أساس العقيدة لا غير والالتزام بأحكام الإسلام. وتأمل في ذلك قوله تعالى: ﴿ <;:98765 @?﴾ (٢)[ [التغابن: ٢ . >= وهكذا فإن كل من يعتنق الإسلام كدين يكتسب تلقائيا الجنسية ً الإسلامية، فكل المسلمين يتمتعون بجنسية واحدة هي جنسية الإسلام (٣) . (١) د. محمد كمال إمام: مفهوم الذمة وتطوره التاريخي، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ ُ - . ٢٠١٣ ، ص ٦ (٢) د. أشرف وفا: المبادئ العامة للجنسية ومركز الأجانب، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٤٢١ - ٢٠٠١ ، ص ١٥٣ - .١٥٤ (٣) في ذات المعنى، يقرر رأي: «La notion de la nationalité a été confondue avec celle de la religion et a été complètement absorbée par elle». V. choucri cardahi: La conception et pratique du droit international privé dans l’lslam, = R.C.A.D.l, tome 60, 1937, 518. وهذا دليل على وحدة دين ا لمسلمين(١) . لذلك جاء في السير ا لكبير: = « والتي تنظم علاقة الإنسان بربه » ويذهب اتجاه إلى ضرورة التفرقة بين العقيدة أو الدين والشريعة والتي تنظم علاقة الأفراد فيما بينهم، أو بينهم وبين الحكام، أو بين الدولة في الإسلام هي التي تدل على فكرة « الشريعة » الإسلامية والدول الأخرى. ويضيف أن الجنسية » ويطلق عليها « قررت للأفراد تبعية لدولتها » الجنسية؛ أي: أن الشريعة هي التي راجع أحمد طه السنوسي: فكرة الجنسية في التشريع الإسلامي المقارن، مجلة « الإسلامية ١٩٥٧ ، ص ١٥ وما يتلوها، ؛ د. ناصر الحجري: قواعد ، مصر المعاصرة، عدد ٢٨٨ الجنسية في الإسلام، ندوة الفقه الإسلامي في عالم متغير، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٢ -.٦٤٩ ُ (١) في المصادر الإباضية فإنها تنصرف إلى عدة معان حسب « المسلمون » إذا أطلقت لفظة »السياق والقرائن. المعنى ا لأول : عام، يطلق على كل مقر بملة سيدنا محمد ژ ولو كان مخلا ً ببعض الفرائض العملية، فيسمي مسلما، استعمالا ً عرفيا في مقابلة المشرك، وتترتب عليه أحكام ًً المسلمين، إلا ا لولاية. المعنى ا لثاني: المسلمون، أو جماعة المسلمين، أو أهل الاستقامة، أو أهل الدعوة، أو أهل الحق، كلها تسميات أطلقها الإباضية على أتباعهم في مقابل مخالفيهم لما وقع الاختلاف في الصدر الأول، رغبة منهم في الانتساب إلى الإسلام الجامع، لا إلى شخص أو طائفة؛ لذا لا نجد ذكرا لتسمية الإباضية في المصادر المغربية والمشرقية إلا في الربع الأخير من ً القرن الثالث ا لهجري. ويرى البعض أن سبب التسمية كان احتراز ً ا من المتابعة والمضايقة التي تعرضوا لها من قبل الأمويين والعباسيين. ولا تعني تسميتهم بذلك إخراج غيرهم من دائرة الإسلام، فهم يقولون بوجوب إجراء أحكام المسلمين على مخالفيهم، كالصلاة خلفهم وعليهم، والتزاوج والتعايش معهم. بكثرة في المصادر الإباضية الأولى، ثم « المسلمون » وقد شاع استعمال هذا المصطلح أخذ يتلاشى شيئ ً ا فشيئ ً ا مع مرور الزمن، لما أصبح أتباع المذهب يستسيغون تسميتهم بالإباضية، ويعتبر مؤلفو القرن السادس من أواخر من استعمل هذا ا لاسم. المعنى الثالث: ذو مدلول سياسي، يراد به المتمسكون بالإمامة العادلة، المتبعة لشرع الله، الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر في مقابل أئمة الجور، ولو كانوا من أهل ا لمذهب. مستعملا « المسلمون » ويبقى مصطلح ً في الغالب على جميع من استسلم لله تعالى ولشرعه معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٤٩٦ « بالجنان واللسان والأركان -.٤٩٧ = ١٧٣ « المسلم يكون من أهل دار الإسلام حيثما يكون » (١) . وبالتالي فإن الجنسية في الإسلام تستند إلى وحدة العقيدة التي تحتم وذلك بغض النظر عن اختلاف « الجنسية » وحدة الصفة المترتبة عليها المسلمين في الجنس أو اللون أو اللغة أو ا لموطن (٢) . معنى ذلك أن رابطة الجنسية في الإسلام هي رابطة إرادية أساسا ً وليست مجرد أمر يخضع للصدفة « اعتناق الإسلام »(٣) . وهي رابطة كما = انظر أيض ً ذات المرجع، ص ٤٩١ ؛ الجيطالي: قناطر الخيرات، « الإسلام » ا بخصوص معنى دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٢٢ - ٢٠٠١ ، ج ١، ص ٢٦٠ - ٢٦١ ؛ جامع أبي الحسن البسيوي، تحقيق: الحاج سليمان بابزيز، ج ١، ص ٥٩٤(١) . شرح كتاب السير الكبير للشيباني، ج ٥، ص ٢٠٤٧(٢) يقول سيد قطب: - .٥٩٥ من وشائج الأرض والطين، ومن وشائج اللحم والدين » جاء الإسلام ليخلص الإنسان وهي من وشائج الأرض والطين فلا وطن للمسلم إلا الذي تقام فيه شريعة الله، فتقوم الروابط بينه وبين سكانه على أساس الارتباط في الله، ولا جنسية للمسلم إلا عقيدته التي سيد قطب: معالم في الطريق، دار « تجعله عضوا في الأمة المسلمة في دار الإسلام ً . الشروق، القاهرة، ص ١٥١ يقرررأي : «Since nationality was dependent upon the personal faith of the Muslim, the Islamic law of nationality was neither jus soli. By which mere birth upon the soil is sufficient to confer nationality, nor was it jus sanguinis by which the nationality of children follows that of their parents. However, in regard to the nonـ Muslim citizens under the contract of protection, the Islamic state applied the principle of jus soli. So, any non ـ Muslim who was born upon the soil of the state to non ـ Muslim parents was a national irrespective of birth» (M. Gaber: The early Islamic state with special reference to the evolution of the principles of Islamic international law, R. Egypt. DI, 1980, p. 93). (٣) لذلك فقد قيل: «La nationalité chez les autres est essentiellement un accident inéluctable de la nature; dans l’Islam, c’est une chose dépendant uniquement de la volonté et du choix de l’individu» (France ـ Islam: Initiation à l’Islam, Paris, 5e ed., 1394 H, p. 13). ا  سنرى يترتب عليها العديد من النتائج(١) ، وعلى ذلك فالمسلم ليس أجنبي بالنسبة للمسلم حتى ولو اختلفت البقاع التي يأتي منها كل منهما، بينما الإنجليزي مثلا ً يعد أجنبيا بالنسبة للفرنسي أو الإيطالي حتى ولو ًُ اتحدت ديانة كل منهم. وقد اهتمت الشريعة الإسلامية بالفرد المسلم وجعلته موضع اهتمام العديد من الأعمال والتصرفات الدولية، بما في ذلك المعاهدات الدولية (٢) . (١) تجدر الإشارة إلى أن الدين الإسلامي قد أثير أمام محكمة العدل الدولية أثناء قضية الصحراء الغربية (والخاصة بالنزاع بين المغرب والبوليساريو): فيقرر القاضي أمون منتقد ً ا في ذلك الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أنه ليس ثمة شك في أن الرابطة الدينية تعتبر عنصرا مكون ً ا للروابط القانونية والجنسية، مضافة إلى ً الروابط العرقية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والطموحات الوطنية، لتأييدها. ويتمثل ذلك خصوصا في كون السلطان يجمع السلطات الدنيوية والروحية، وخصوصا القضاة ًً الذين يطبقون القانون ا لإسلامي. ويقرر القاضي دي كاسترو أن الانتماء إلى دار الإسلام يعتبر رابطة قوية. ذلك أن عالم المؤمنين المسلمين يقف في مقابلة عالم غير المؤمنين (دار الحرب)، وهو تقابل يبرر اللجوء إلى المساعدات بين المسلمين في حالات الحرب المقدسة (الجهاد)، وإن كان يجب ألا نخلط هذه الرابطة بالروابط القانونية أو ا لسياسية: ـ «L’appartenance au Dar el Islam est un lien puissant. Le monde des croyants musulmans s’oppose à celui des infidèles (Dar el Harb), opposition qui justifie l’appel à l’entraide dans les cas de guerre sainte (jihad). Il ne faut pas confondre ce lien avec les lien juridiques». (CIJ, Rec., 1975, p. 98, 148). (٢) راجع د. أحمد أبو الوفا: المعاهدات الدولية في الشريعة الإسلامية، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٤١٠ ه ١٩٩٠ م، ص ١٩١ وما بعدها. ويقرر آخرون: إن النظام الدولي في الإسلام، يعتبر الإنسان بوصفه إنسان » ً ا شخصا قانونيا دوليا. ً ًً يخاطبه مباشرة وبلا واسطة، ويمنحه الحقوق، ويرتب عليه الواجبات، مثلما يخاطب التجمعات الإنسانية على اختلاف أشكالها، دولا ً أو هيئات، أو غيرها، ويجعل الجميع محلا ً للتكليف، وأهلا ً .« للإلزام = ولا شك أن المسلمين باعتبارهم نواة الدولة الإسلامية يتمتعون كما هو الحال في أي نظام قانوني ببعض الحقوق وعليهم بعض الواجبات التي كما هو الحال في منح الأمان، ودفع » قد لا يتمتع بها أو يلتزم بها غيرهم وهذا أمر طبيعي .« الزكاة، والالتزام بالذب عن أراضي دار ا لإسلام... إلخ تحتمه طبيعة الأشياء، كما أن الإسلام في ذلك لا يخرج عما تقرره الأنظمة القانونية الأخرى والتي تفرق، عادة، بين حقوق وواجبات المواطنين والأجانب. والمسلم هو من يدين بالإسلام، واستجمع الشروط اللازمة لاعتباره كذلك وفق ً ا لما قررته الشريعة ا لإسلامية. فالمسلم هو أساس الدولة الإسلامية وذروة سنامها، بل هو عمود ارتكازها. أما غير المسلم فيمكن أن يكتسب جنسية الدولة الإسلامية بمقتضى عقد الذمة ولكونه يقيم دائما في دار ا لإسلام(١) ، كما سنرى. ً وحيث إن الجنسية الإسلامية تستند إلى الدين(٢) وجنسية الدولة = د. محمود أحمد أبو ليل: أسس العلاقات الدولية في الإسلام، رسالة دكتوراه، كلية » .« الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، ١٣٩٨ ه ١٩٧٨ م، ص ٧١١(١) انظر لاحق ً .« أهل ا لذمة » ا(٢) يذهب رأي إلى الاعتراف بالجنسية الإسلامية وقيامها على الارتباط العام بالإسلام. ويضيف أيض ً ا: كما أن إنكار فكرة الجنسية في الشريعة الإسلامية، يقود، في الواقع، إلى إنكار وجود »الدولة الإسلامية، وهو وجود أجمع عليه فقهاء الشريعة الإسلامية، وفقهاء القانون الدولي، على ما سلف البيان. لأنه إذا كانت الدولة الإسلامية قد وجدت، فماذا كانت أداة تحديد ركن الشعب فيها؟ هل هو الدين فقط؟ كلا. لأن الاكتفاء بالدين، واعتبار الإسلام دين وجنسية في آن واحد، سيضيق من نطاق شعب الدولة الإسلامية، ويترك دون تحديد = الإسلامية كما سنرى تكون لأهل الذمة(١) ، فبالتالي يمكن أن تتغير بتغير هذا الأساس: فيفقد المسلم جنسيته الإسلامية بخروجه عن الإسلام (الردة)، ويكتسب أهل الكتاب الجنسية الإسلامية باعتناقهم الإسلام وخروجهم من دينهم، ويفقد الذمي جنسية الدولة الإسلامية بالهجرة الدائمة إلى ديار غير المسلمين، أو بنقضه عقد الذمة وبالتالي انقضاء هذا ا لأخير. :á«eÓ°SE’G á«°ùæédG ≈∏Y áÑJôàªdG èFÉàædG `` `g أهم هذه النتائج ما يلي: ١ أن ديار الإسلام هي دار واحدة مهما فرقتها الحدود السياسية، = المركز القانوني لغير المسلمين المتوطنين بصفة دائمة في إقليمها د. أحمد عبد الكريم سلامة: نحو نظرية عامة للقانون الدولي الخاص الإسلامي، المرجع السابق، ص ٧٦ - .٩٨ ، ١٣٩ ، خصوصا ص ٩١ ً ويقرر أيض ً ا أن الدولة الحديثة وجدت في فكرة الجنسية الأداة التي يتم بها تحديد شعبها، وأن الإسلام عرف تلك الفكرة، وإن كان تحت مسميات أخرى كالتابعية، والرعوية . ذات المرجع، ص ١٩٥ « والمواطنة د. محمد سلام مدكور: معالم ،« الإسلام دين وجنسية » ويذهب رأي آخر إلى القول إن الدولة الإسلامية، ص ٩٨ ؛ بينما يقرر آخرون أنه عقيدة وجنسية، الشيخ أحمد إبراهيم: حكم الشريعة الإسلامية في الزواج مع اتحاد الدين واختلافه وتغييره، مجلة القانون . والاقتصاد، كلية الحقوق جامعة القاهرة، ١٩٣١ ، ص ١١ انظر أيض ً ا: د. صلاح الدين جمال الدين: النظام القانوني للجنسية في الدولة الإسلامية، . دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، ٢٠٠٤ ، ص ١٦٠(١) يقول أستاذنا الدكتور محمد سلام مدكور: فالإسلام من حيث كونه عقيدة يعتبر المسلمين جميع » ً ا إخوان ً ا في العقيدة أينما كانت إقامتهم، ومن حيث كونه جنسية فإنه يضم المسلمين والذميين ويعتبرهم إخوان ً ا في « الوطن راجع: د. محمد سلام: معالم الدولة الإسلامية المرجع السابق، ص ١٠٦ -.١٠٧ أيا كان « الرعايا » أو « المواطنون » فالإسلام هو الوطن والمسلمون جميعا هم ًً مكان إقامتهم، ومهما اختلفت البقاع التي يتواجدون فوقها بشرط أن تكون « دار ا لإسلام » من (١) . ٢ أن المسلم له، بالتالي، حق الدخول إلى أي بلد من بلاد المسلمين، فهو لا يعتبر أجنبيا في أي بلد منها لأن دار الإسلام واحدة. ولذلك فإن ً (١) من التعبيرات الجيدة في هذا المقام ما قاله الشيخ محمد ماضي أبو العزائم من أن راجع كتابه بهذا العنوان، ص ٢، مشيخة السادة « الإسلام وطن والمسلمون جميعا أهله » ً ١١٢ ص. ومن ذلك أيض ، العزمية، القاهرة، ١٩٧٤ ً ا ما قرره آخرون من أن الإسلام هو :« عابرة للإقليم أو عابرة للقومية » حركة «Islam is extraـ territoril and supra ـ national movement» (R. Kemal: the concept of constitutional law in Islam, p. 72). ويؤكد آخرون أن ا لإسلام: «is a commonwealth of the muslims living as one whole under the control and guidance of a supreme executive» (Ullah Ibn S. Jung: The administration of justice of muslim law, univ. of Allahabad, 1926, p. ii). ويقرر آخرون: فالمسلم كالسمك في الماء لا وطن له وإنما جميع بلاد المسلمين هي وطنه، فهو يمتد »مع العقيدة.... قال الله 8 : ﴿ KJIHGFED﴾ [ [العنكبوت: ٥٦ د. وهبة الزحيلي: آثار الحرب في الفقه الإسلامي، رسالة دكتوراه، كلية ،« . الحقوق جامعة القاهرة، ص ١٦٤ وبصدد مصطلح الوطن والوطنية، يقول ا لبعض: هذا المصطلح جديد في العالم الإسلامي؛ حيث لم يكن مفهوم الوطن والوطنية أن يرتبط »الإنسان ببقعة من الأرض حددتها الأهواء السياسية من خارج العالم الإسلامي، فقد كان المسلمون يعتبرون بلاد الإسلام أو دار الإسلام كلها وطن ً ا واحد ً د. عباس محجوب: مشكلات « ا . الشباب، الحلول المطروحة والحل الإسلامي، كتاب الأمة، عدد ١١ ، قطر ١٤٠٦ ه، ص ١٥٥ كذلك في هذا المعنى يقرر رأي: أن بلاد الدولة الإسلامية أو دار الإسلام هي وطن لأي مسلم يدخل في إحدى مدنها كما »د. عمار حسنين عمار: بحث في « يريد ويخرج منها كما يشاء دون رقيب عليه في ذلك بعض مسائل الجنسية وحقوق الأجانب في القوانين الوضعية والشريعة والإسلامية، رسالة لنيل إجازة القضاء الشرعي، كلية الشريعة، ١٣٥٥ - . ١٩٣٦ ، ص ١٨ الإجراءات التي تحد من دخول المسلم أو إقامته في أي بلد من بلاد المسلمين (كرفض التأشيرة مثلا ً ( تتعارض وما جرى عليه سلوك الدولة الإسلامية ا لأولى. ٣ وكنتيجة لما سلف، لا يجوز إبعاد أو نفي المسلم من دار الإسلام، إلا إذا توافر سبب شرعي يبرر ذلك كعقوبة النفي من الأرض في حد الحرابة، أو إذا حتمت الضرورة ذلك لأن الضرورات تبيح المحظورات وبشرط أن تقدر الضرورة بقدرها (١) . ٤ ليس هو العنصر الغالب والأساسي في الإسلام، « القومية » أن عنصر فقد عمل الإسلام على جعل الرابطة الدينية في المقام الأول، ا نطلاق ً ا من رسالته السامية: عالمية الشريعة دون تمييز مبني على الجنس أو الثقافة أو الوضع الاجتماعي، أو اللون، أو التاريخ أو غير ذلك من ا لأمور (٢) . (١)في الشريعة الإسلامية، وقد ذهب رأي إلى « اللجوء الإجباري » يعد ذلك مظهرا من مظاهر ًُ أنه ليس لدولة إسلامية أن تحرم دخول أرضها على رعايا دول إسلامية أخرى، لأنه يؤدي إلى إثارة النعرات الوطنية والجنسية، وهو ما يحاربه الإسلام (عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي ج ١، ص ٣٠٤ - .(٥ ً ا بخصوص مسلمي أوروبا، بقوله:  وفي حديثه عن المسلمين في أوروبا، يذكر رأي موقفا واقعي «La faiblesse intellectuelle des conmunautés musulmannes d’Europe, proches comme je l’ai dit de l’analphabétisme, intervient aussi dans ce tableau: elles ne sont pas préparées à fournir un cadre religieux sûr de luiـmême et rapidement capable de refléchir les problèmes nouveaux de la dispersion et de la situation minoritaire» cf, A. Bastenier: Le question sociologique: La régulation étatique de l’ Islam dans trois contexts européens, in «Le statut personnel des musulmans». sous la direction de j. carlier et M. Verwilghen, Bruylant, Bruxlles, 1992, p. 9. (٢) اختلفت نظرة الكتاب المسلمين المحدثين بالنسبة لعنصر القومية. فيذهب رأي إلى ا لقول: لقد عمل الإسلام على استبدال الرابطة القومية بالرابطة الدينية، وإن كان بعض » = ٥ أن ما تقدم لا يعني، بالضرورة، امتداد ولاية الدولة الإسلامية إلى = المستشرقين يرون أن الوحدة الدينية ليست طريقة لتقوية الرابطة بين الشعوب كما يكون د. عدنان وزان: الاستشراق والمستشرقون، رابطة ) « الحال حينما يتم ربط كل شعب بوطنه العالم الإسلامي، سلسلة دعوة الحق، عدد ٢٤ ، ص ١٤٥ ). بينما يقرر آخرون: المفهوم الإسلامي لا يفصل بين القومية والدين؛ باعتبار القومية مجموعة المميزات »اللغوية والثقافية والتاريخية والاجتماعية التي تميز جماعة من الناس عن غيرهم من الأمم، أما بعض المفاهيم فترى في القومية إطارا عنصريا يميز أمة عن غيرها مما يعليها ًً عليهم، ويجعل لها الحق في التسلط على الآخرين واستغلالهم؛ دون اعتبار للجوانب .« الإنسانية (د. عباس محجوب: مشكلات الشباب الحلول المطروحة والحل الإسلامي، كتاب ١٤٠٦ ه، ص ١٥٧ ، الأمة، قطر، عدد ١١ -.(٥٨ د. ) « أوسع دائرة من القومية وهو يحتويها » ويذهب اتجاه ثالث إلى القول إن الإسلام جمال الدين محمود: قضية العودة إلى الإسلام في الدولة والمجتمع، دار النهضة العربية، .( القاهرة، ص ٢١ أوسع في الإسلام عنه في الفقه « القومية » بينما يرى الدكتور عبد الله العربي أن مفهوم الغربي. ويضيف: فالقومية في نظر الإسلام باعتبارها عنصرا من العناصر الثلاثة في بنيان الدولة هي » ً رابطة تنظيمية تؤلف بين جماعة تعيش في رقعة ذات حدود جغرافية متعاونة في تدبير شؤونها ومصالحها المشتركة، بل هي دعوة للتعارف والتعاون بين هذه القوميات المتعددة ويقوم التصور الإسلامي على أساس أن التقوى هي معيار .« التي انتشرت في أرض الله الصلاحية للأفراد والشعوب على السواء، ويترتب على ذلك نتائج ثلاثة: أولا ً أن الأقليات غير الإسلامية التي تكون في حيز الوطن الإسلامي ترتبط في غير حرج أو عسر كالأكثرية الإسلامية برابطة القومية المشتركة، رابطة تنظيمية تهدف إلى تحقيق التعاون الوثيق بين الفريقين في خدمة مصالح الوطن ا لمشترك. ثانيا أن الإسلام ينزع من فكرة القومية تلك الأنانية الطاغية التي من شأنها أن تخلق ً منافسة مدمرة بين القوميات المتباينة، كل أمة تريد أن تستأثر لذاتها دون سائر الأمم بخيرات ا لأرض. ثالث ً ا أنه ما دام التآخي والتعاون هو فريضة الإسلام التي فرضها على كل شعب إسلامي فإن تآخي الشعوب الإسلامية وتعاونها فيما بينها يكون أوجب وألزم لاتحادها في العقيدة ومنهج الحياة، ويجب أن يكون هذا التعاون أول أهداف السياسة الخارجية لكل دولة إسلامية. = ١٨٠ كل من يعتنق الدين الإسلامي وفي أي مكان. ذلك أن تلك الولاية رهن بتوافر شرطين هما: اعتناق الدين الإسلامي، والإقامة في إقليم إسلامي. وقد حدد هذين الشرطين قوله تعالى: ﴿ TSRQPONMLKJ cba`_^]\[ZYXWVU rqponmlkjihgfed ts﴾ [ [الأنفال: ٧٢(١) . ويؤيد ذلك أيض ً ا قوله تعالى: ﴿ kji tsrqponml﴾ [ [محمد: ٢٥ . = (د. محمد عبد الله العربي: فكرة الدولة في الإسلام، مجلة القانون والاقتصاد، كلية ٣٦٢ ، الحقوق جامعة القاهرة، ١٩٥٦ ، ص ٣٥٤ - .(٣٦٥ الإسلام التقليدي شجع الأخوة العالمية بدلا » ويقرر رأي في الفقه غير الإسلامي أن ً من : « القوميةالمحلية «medieval Islam encouraged international brotherhood rather than provincial nationalism» (B. Dodge: The significance of religion in Arab nationalism, in Islam and international relations, ed. Harris Proctor, Pall mall press, London, 1965, 97». وفي معنى قريب: Economidis: Guerre et paix en Islam, op. cit, p. 152. ويذهب رأي إلى أن هناك أكثر من اتجاه في هذا الخصوص: فهناك اتجاه يقرر تناقض القومية في محتواها مع الإسلام في محتواه، وآخر يوجد تماثلا ً بينهما، وثالث يوجد ِ ِ ف َاقي علاقة و  الإسلام، والثاني جانب القومية (راجع د. سيف الدين عبد الفتاح إسماعيل: التجديد السياسي والواقع العربي المعاصر رؤية إسلامية، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ة بينهما، وأخيرا هناك اتجاه التصاعد ويتراوح بين موقفين: الأول يعلي جانب ً ١٩٨٩ ، ص ٣٨ - .(٣٩ (١)تعليق ً ا على تلك الآية، يقرر رأي: «If a person, even though he may be from amongst the faithful, does not renounce his allegiance to a nonـ Islamic State and migrate to Islamic State, he is not and cannot be its citizen. Contrary to this, all those believers who, whether they were born in the Islamic State or have migrated to it, are its citizens at par and helpers = of one another» (Abul A’al Maududi: The Islamic law and constitution, p. 246).  ٍ وسنرى مما هو آت، أن الإسلام وضع معاملة لغير المسلمين لا تقل عن تلك التي استقرت حاليا. ً ٦ .« الإقرار بالإسلام يوجب أحكامه » : القاعدة أن « المسلم مؤتمن على دينه » : كما أن(١) . ويحتم ذلك مراعاة ما يجب على المسلم في هذا الخصوص(٢) ، = ومما يدل على اقتصار ولاية الدولة الإسلامية على إقليمها، ما جاء في عهد خالد بن الوليد لأهل ا لحيرة: وجعلت لهم أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيا فافتقر » ِ وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته، وعيل َ من بيت مال المسلمين وعياله، ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام، فإن خرجوا إلى غير دار الهجرة ودار الإسلام، فليس على المسلمين النفقة على عيالهم (أحمد زكي صفوت: جمهرة رسائل العرب في عصور .( العربية الزاهرة، المكتبة العلمية، بيروت، ج ١، ص ١٢٦ (١) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، مكتبة الشيخ محمد بن شامي البطاش، مسقط، ١٤٣١ - الإقرار بالحق يوجب التزام » ٩٠ ، كذلك قال الماوردي: إن ، ٢٠١٠ ، ج، ص ٧٠ . الماوردي: الأحكام السلطانية، دار الكتاب العربي، بيروت، ص ١٣ « أحكامه (٢) بقوله: ،« نسب الإسلام » وهو ما ذكره صاحب بيان الشرع تحت باب من الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمد » ً ا عبده ورسوله، والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والبعث والحساب والجنة والنار، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في ا لقبور. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى واستقبال القبلة وإقام الصلاة لوقتها وتمام طهورها وحسن ركوعها وسجودها والتحيات التي لا تجوز الصلاة إلا بها وإيتاء الزكاة بحقها وصدقها وقسمها على أهلها وصيام شهر رمضان بالحلم والعفاف وحج البيت الحرام من استطاع إليه سبيلا ً ، وبالوالدين إحسان ً ا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم، إن الله لا يحب من كان مختالا ً فخورا. إن الله يحب التوابين ويحب ً المتطهرين وغض البصر عن المحارم وحفظ الفروج عن الفواحش ولين الجانب وحسن الصحبة ونقض كل عهد في معصية الله وستر الزينة التي أمر الله بسترها إلا ما ظهر منها = « المسلم لا يساوم على دينه » الأمر الذي يرتب أثرا مهما، هو أن(١) . ً = والاستئذان في البيوت والتسليم على أهلها والاغتسال من الجنابة وإتقاء غشيان النساء في المحيض وأداء الأمانة إلى جميع الناس البار منهم والفاجر وذكر اسم الله على الذبيحة  والاحتفاء بأهل الذمة، والقصد في المشي والصدق في المشي والصدق في الحديث  وكظم الغيظ، والنكاح بكتاب الله بالفريضة والبينة العادلة كما قال الله، ورضى المرأة وأذن  الولي والطلاق بالشهود والعدة بكتاب الله والمواريث بكتاب الله وتحريم ما حرم الله من جميع الفواحش ما ظهر منها وما بطن وتحريم شرب الخمر وكل ما أشبه من المسكرات ونزل بمنزلته من المحرمات وتحريم ما حرم الله من المناكح والمطاعم والمشارب كلها وتحريم الكذب والفواحش والأخذ بما فيه من العدل والبيان والتوبة إلى أهله من جميع الذنوب والخطايا لا يدعي الغفران من الله على الإصرار ولا الإقامة على مناهيه الكبار والشهادة على أهل الضلال بصلاتهم والبغض لهم والبراءة منهم والولاية لأهل طاعة الله  على طاعته والحب لهم والقيام بالشهادة والوفاء بالعهد إلى جميع الناس البار والفاجر، والعدل في الوزن والوفاء في الكيل وتحليل البيع وتحريم الربا، وتحريم مال اليتامى إلا بالتي هي أحسن. وفي مذهبنا أن لا يقطع رحما ولا يؤذي جارا ولا يقول كذبا، ولا يكره عدلا ً ، ولا يرد ًًً المعذرة ولا يغتنم العثرة، ولا يتجسس العورة ولا يحب أن تشيع الفاحشة، ولا يأخذ بالظن والتهمة، ولا يسخر بالناس ولا يعتدي عليهم، ولا يتعالى عليهم، ولا يظلمهم حقوقهم، ولا يدخل في ديننا من لا يكتم سرنا، لا يسرع غيثنا ولا يقول قولنا ولا يرضي رضانا، لا يوالي ولينا ولا يعادي عدونا ولا يسخط سخطنا، ونتهمه على أنفسنا، ونستحب مع هذا الذي تقدم ذكره أن نستبرئ من دعوناه أو دعانا إلى الموافقة بذكر ما يقع من الكندي: بيان الشرع، ج ٣، ص ٢٦٩ « الريب -.٢٧٠ راجع أيض ً ا ما ذكره المذهب الإباضي بخصوص حقوق المسلم، في الجيطالي: قناطر الخيرات، ج ٢، ص ٢٩٨ - ٣٠٢ ، الشماخي: كتاب الإيضاح، ج ٢، ص ٦١٣ -.٦١٥ انظر أيض ً ا: د. أحمد أبو الوفا: حقوق الإنسان في ا لسنة ا لنبوية، د ار النهضة العربية، القاهرة، ص ٣٩٥ -.٣٩٨ (١) بخصوص معنى هذه العبارة، يقول سماحة مفتي سلطنة عمان: ُ نعم المسلم لا يقبل المساومة على دينه، لأن الدين أغلى ما في نفسه، فهو أغلى من »عرضه وروحه فضلا ً عن أن يكون أغلى من ماله، فبه يتم الحفاظ على العرض والحياة، وبه سلامة الدنيا وسعادة العق ْ بى وبه الشرف في الدارين جميعا فكيف يرضى المؤمن أن يساوم ًُ على دينه مع هذا كله؟ بل على المسلم أن يقف في وجه من يريد أن يساومه على دينه. = :á«eÓ°SEG ô«Z ádhO á«°ùæéH º∏°ùªdG ¢ù«æéJ ºμM `` h وقد سبق للكفرة في عهد النبي ژ أن عرضوا عليه بأن ي ُ حوه أجمل النساء، وأن يعطوه بخصوص الجنسية يمكن أن نميز بين عدة فروض: الأول ألا يحمل الشخص جنسية أية دولة، فيكون في هذه الحالة عديم الجنسية Apatride ـ stateless وتسعى الدول والمواثيق الدولية إلى الإقلال إلى أكبر حد ممكن من حالات انعدام ا لجنسية. والثاني أن يحمل الشخص جنسية دولة واحدة، وهذا هو الوضع الغالب لمعظم سكان ا لعالم. والثالث أن يحمل الشخص جنسيتين أو أكثر؛ أي: يكون مزدوج أو متعدد الجنسية. وهذه الحالة تنجم عادة بسبب طلب الشخص الحصول على جنسية أكثر من دولة، وذلك عن طريق التجنس Naturalisation. ِ نك = من المال ما يصبح به أغنى قومه، وأن يؤمروه على أنفسهم على أن يتخلى عن دعوته، ولكنه أبى ذلك ووقف تلك الوقفة الصامدة التي زعزعت موقف أهل الكفر، ولم يرضخ لشيء من مطالبهم وعندما حاول المشركون منه بأن يعبد آلهتهم عاما ليعبدوا إلهه عاما أنزل الله تعالى ما ًً يقطع دابر هذه المساومة حيث قال: ﴿ !#"❁ *❁ ('&% =<❁ :9876❁ 43210❁ .-,+ ?>﴾ [ [الكافرون: ١ ٦ . ومن المساومة أن يقبل المسلم ترك بعض فروض دينه أو ارتكاب بعض المحارم في الدين من أجل أن يرضي الآخرين، فهذا كله مما لا يكون من المسلم الذي آمن بالله واليوم الآخر؛ فإن الله جعل طاعته فوق كل شيء ﴿ ! ('&%$#" -,+*) ./1023456789﴾ [ [الأحزاب: ٣٦ . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوى العقيدة، قسم الفتوى بمكتب الإفتاء، مسقط، ١٤٣٤ - ٢٠١٣ ، ج ١، ص ٨٧ - .٨٨ فهل يجوز للمسلم أن يتجنس بجنسية دولة غير إسلامية؟ يبدو أن ذلك جائز إذا دعت إليه ضرورة ملجئة بأن كان الشخص قد توطن في تلك الدولة هو وذريته، ويوجد هناك محل عمله، وبشرط أن يحافظ على شخصيته وهويته، وألا يكون عون ً ا لهم على المسلمين، وأن يكون قادرا على ممارسة ً شعائر دينه(١) . بينما يقول الشيخ رشيد رضا: علم من هذا أن قبول المسلم لجنسية ذات أحكام مخالفة لشريعة » الإسلام خروج من الإسلام فإنه رد له، وتفضيل لشريعة الجنسية الجديدة على شريعته، ويكفي في هذا أن يكون عالما بكون تلك الأحكام التي آثر ً غيرها عليها هي أحكام الإسلام، ولكن يقبل اعتذاره بالجهل إن لم تكن .«... مجمعا عليها معلومة من الدين بالضرورة ً وجملة القول إن المسلم الذي يقبل الانتظام في سلك جنسية يتبدل » أحكامها بأحكام القرآن، فهو من يتبدل الكفر بالإيمان، فلا يعامل معاملة المسلمين، وإذا وقع من أهل بلد أو قبيلة وجب قتالهم عليه حتى يرجعوا. والمعقول أن هذا لا يقع من مسلم صحيح الإيمان، بل لا يجوز عقلا ً أن « يصدر عنه(٢) . (١) انظر أيض ً في: « حكم تغيير الجنسية والجمع بين أكثر من جنسية » ا دار الإفتاء المصرية: موسوعة الفتاوى المؤصلة، القاهرة، ١٤٣٤ - ، ٢٠١٣ ، ج ٥ ص ٢٦٠ -.٢٧٧ (٢) ١٩٢٤ ، ص ٢١ وما بعدها. ويفرق رأي آخر بين أقسام ثلاثة: ، راجع المنار، عدد ٢٥ القسم ا لأول: إذا أخذ الجنسية من يرغب بلاد الكفار ويحبهم ويحب البقاء بينهم ويرى أن معاملتهم والانتماء إليهم أفضل من المسلمين وأنه راض بإجراء أحكامهم عليه من الحكم بغير ما أنزل الله في الأحكام والنكاح والطلاق والميراث فهذا لا شك في كفره وهو مرتد عن دين الإسلام ردة صريحة حتى ولو قال أنه مسلم ولو شهد شهادة أن لا إله إلا الله وأن = ويرى سماحة مفتي سلطنة عمان جواز التجنس بجنسية دولة غير ُ إسلامية عند الضرورة، بقوله: = محمد ً ا رسول الله، وصلى وعمل ببعض شرائع الإسلام لأن الله يقول: ﴿ 210/ 3 ﴾ [ [المائدة: ٥١ ، ﴿ RQPONMLKJIH ^]\[ZYXWVUTS _ ﴾ [ [البقرة: ٨٥ ، وقوله ژ: من أحب قوم » ً « ا حشر معهم وفي الحديث الآخر (المرء مع من أحب). القسم الثاني: راض بالانتماء لمصالحه الدنيوية ومعاملاتهم التجارية فأخذ الجنسية منهم ليتم مقصوده من حصول الدنيا والتسهيلات التي تحصل للمنتمين إليهم وهو مؤد لشرائع الإسلام مظهر لدينه ولا يترافع إليهم باختياره فإذا صدر منهم الحكم له بما لا يخالف الشريعة قبله. وإن صدر بما يخالف الشريعة رفضه. فأرى أن مثل هذا على خطر عظيم من تناول بعض الآيات حيث آثر دنياه على آخرته وقد ارتكب منكرا عظيما فهو على خطر من ًً الردة عن دين الإسلام لركونه إليهم وبقائه بين أظهرهم لكن لا أجزم بالحكم عليه بالردة فأتوقف في ذلك ولكنه بأخذه الجنسية أظهر الميل والمحبة لهم وعرض نفسه للدخول تحت قوله تعالى: ﴿ PONMLK ﴾ الآية [ [التوبة: ٢٤ وقوله تعالى: ﴿ !" &%$# ' ,+*)( ﴾ [ [المجادلة: ٢١ . القسم ا لثالث: من بلي بهم في بلاده وهو كاره لهم ومبغض لدينهم وحكموه بغير رضاه وأرغموه على التجنس أو مغادرة بلاده وأهله وأولاده فقبلها للبقاء في بلاده على ماله وأهله وولده ومع ذلك مقيم لشرائع الدين مظهر لدينه معلن ً ا العداء لهم مصارح ً ا لهم بكفرهم وأنهم على باطل وأن دينه هو الحق فمثل هذا لا شك أنه على خطر في بقائه عاص، وآثم بقبوله الجنسية بمقدار ما ألزم نفسه فيها لكن لا نحكم عليه بالكفر ما دام أنه عمل ما في وسعه من عدم اتباعهم وموافقتهم على باطلهم ومن إظهار دينه ولكن بقاؤه بين أظهر الكفار فيه خطر عليه وعلى أولاده ومن تحت يده. الشيخ محمد بن سبيل: التجنس بجنسية دولة غير إسلامية، مجلة المجمع الفقهي ١٤١٠ ، الإسلامي، عدد ٤ -١٩٨٩ ، ص ١٦٤ -.١٦٦ انظر كذلك بخصوص حكم التجنس بجنسية دولة أجنبية: منظمة المؤتمر الإسلامي ١٤٠٨ ، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الثالثة، عدد ٣، ج ٢ - ،١٩٨٧ ص ١٠٩٥ - ١٣٣٤ ؛ د. شريفة آل سعيد: فقه الجاليات الإسلامية في المعاملات المالية ، والعادات الاجتماعية، رسالة دكتوراه، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، ٢٠٠١ ص ٣٣ -.٤٨ التجنس بجنسية دولة غير مسلمة تتوقف الفتيا فيه على النظر في جوانب » مختلفة منه، فالتجنس يعني الالتحاق التام بمواطني الدولة المانحة للجنسية في الحقوق والواجبات بحيث يكون للمتجنس وعليه ما للمواطنين الأصليين وما عليهم من حقوق المواطنة وواجباتها، فلو اقتضى الأمر فرض تلك الدولة على مواطنيها مقاومة دول إسلامية لكان على هذا المسلم الحامل لجنسيتها، .« بموجب نظامها أن ينخرط في هذا السلك ويتحمل هذا ا لفرض لذلك نرى أن التجنس بجنسية دولة غير مسلمة من الأمور التي يصار إليها مع الضرورة، كما إذا طورد المسلم ولم يأمن على حياته أو عرضه أو ولده أو ما ماثل ذلك، ولم يتمكن من اللجوء إلى بلد إسلامي لانسداد الأبواب بين يديه. ومع ذلك فإن عليه أن ينوي في قرارة نفسه العود إلى بلاد الإسلام متى وجد الباب مفتوحا والمحذور مرتفعا. ًً كما أن عليه أن يختار من بين الدول التي يلجأ إليها حال الخوف الدولة التي يتمكن فيها من ممارسة جميع واجباته الدينية بحرية كاملة، سواء كانت هذه الواجبات شخصية أم ا جتماعية(١) . ويضيف أحد الكتاب أن مفتي سلطنة عمان وضع ثلاثة شروط للجواز، ُ وهي(٢) : (١) .١١١٩/٢ ، الشيخ أحمد بن حمد الخليل، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة ٣(٢) د. محمد موسي بابا عمي: التجنس والهجرة بين التراث الإسلامي والواقع العالمي، ندوة الفقه الإسلامي في عالم متغير، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ُ ١٤٣٢ -. ٢٠٠١ ، ص ٧١٢ د. عبد الستار أبو غدة: « من أعدل الآراء » ويقرر رأي أن ما ذهب إليه سماحة المفتي هو . فكرة الجنسية وقواعدها الشرعية في الفقه الإسلامي، المرجع السابق، ص ٦٤٦ الباب الأول: الجنسية في الفقه الإباضي ١٨٧ ١ انسداد أبواب العالم الإسلامي في وجه لجوئه إليهم. ٢ أن يضمر النية على العودة متى تيسر ذلك. ٣ أن يختار البلد التي يمارس فيها دينه بحرية. ولنا على رأي سماحة مفتي سلطنة عمان الملاحظات ا لآتية: ُ أولا ً: أن الشروط التي حددها في رأيه، خصوصا التجنس تحت ضغط ً يعد ا نعكاسا لاعتبارات عملية لا تخفى على أحد، ولا ينكرها عاقل. « الضرورة » ً ثانيا: أن معيار الضرورة كشرط للتجنس يعني الأمور ا لآتية: ً ١ الضرورات » أن ذلك تطبيق لقاعدة ثابتة في الفقه الإسلامي، ألا وهي أن .« تبيح ا لمحظورات٢ بالتالي، الضرورة يجب أن تقدر بقدرها. ٣ علة ذلك أن التجنس المذكور يشكل الاستثناء وليس القاعدة، ومن المعلوم أن الاستثناء لا يتوسع فيه ولا يقاس عليه. :¿ÉªY áæ£∏°S »a á«°ùæédG `` R o ٧٢ وتعديلاته، إلى / كان يحكم الجنسية في سلطنة عمان القانون رقم ١ ُ ٨٣ . وقد وردت / أن صدر قانون الجنسية الحالي بالمرسوم السلطاني رقم ٣ على هذا القانون بعض التعديلات خصوصا بمقتضى المرسوم السلطاني رقم ً ٩٩/ ٩٣ ، والمرسوم السلطاني رقم ٧٢ / ٨٦ ، والمرسوم السلطاني رقم ٥٨ /٥ . ونشير أولا ً إلى نصوص القانون الحالي للجنسية في سلطنة ع ُ مان، ثم إلى بعض الملاحظات عليه، لنذكر بعد ذلك أحكام القضاء ا لعماني الخاصة ُ بالجنسية. ١ قانون الجنسية ا لعمانية: ُ يقع القانون المذكور في تسع عشرة مادة، وهو يتضمن الأحكام الخاصة بالجنسية، سواء تم اكتسابها وقت الميلاد أو في تاريخ لاحق على الميلاد (عن طريق التجنس مثلا ً ((١) . (١) نذكر هنا نصوص قانون الجنسية ا لعمانية إتماما للفائدة: ًُ مادة ( ١): يعتبر ع ُ ماني ً ا بحكم ا لقانون: ١ من ولد في عمان أو خارجها من أب عماني. ُُ ٢ من ولد في عمان أو خارجها من أم عمانية وكان مجهول الأب إذا لم تثبت بنوته ُُ لأب شرع ً ا. أو كان أبوه ع ُ ماني ً ا وأصبح فاقد ا لجنسية. ٣ من ولد في عمان من والدين مجهولين. ُ ٤ من ولد في عمان وجعل منها إقامته العادية وكان أبوه قد ولد فيها على أن يكون ُ الأب وقت ولادة الابن فاقد الجنسية واستمر كذلك. مادة ( ٢) يجوز للأجنبي طلب التجنس بالجنسية ا لعمانية: إذا توافرت فيه الشروط ا لتالية: ُ ١ أن يكون بالغ ً ا سن الرشد ملما باللغة العربية كتابة وقراءة. ً ٢ أن يسبق طلبه إقامته من السلطنة إقامة شرعية متواصلة لمدة لا تقل عن عشرين عاما ً ميلاديا أو عشرة أعوام ميلادية إذا كان متزوجا بعمانية ولا يحول دون اعتبار إقامته ً ًُ متواصلة غيابه عن البلاد فترات مؤقتة لأعماله الخاصة شريطة ألا تزيد مدة غيابه خلال العام على ا لشهرين. ٣ أن يكون حسن السيرة سليم البنية خاليا من العاهات لم يسبق الحكم عليه في جريمة ً مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رد إليه ا عتباره. ٤ أن يكون لديه وسيلة مشروعة للرزق تدر عليه ما يكفي لسد حاجته وحاجة من يعولهم. ٥ أن يتقدم بطلب الجنسية على النموذج المعد لذلك في وزارة الداخلية يقر فيه برغبته في التنازل عن جنسيته الأصلية وأن قانون بلده يجيز له ذلك وفي حالة قبول الطلب يتعين على الطالب أن يقسم أمام القضاء في الولاية أو المحافظة التي يقيم بها اليمين الآتية: أقسم بالله العظيم أن أكون مواليا لسلطنة عمان وأن احترم قوانينها وعاداتها وتقاليدها، » ًُ وأن أكون مواطن ً ا صالح ً .« ا والله على ما أقول شهيد = ٢ ملاحظات على قانون الجنسية ا لعمانية: ُ تتمثل هذه الملاحظات فيما يلي: = مادة ( ٤): يجوز استثناء وبمقتضى مرسوم سلطاني خاص منح الجنسية العمانية لأجنبي ُ وذلك دون التقيد بشروط التجنس المشار إليها في المادة الثانية من هذا ا لقانون. مادة ( ٥): يجوز للمرأة الأجنبية التي تتزوج من عماني وشريطة أن ينقضي على زواجها ُ منه وإقامتها معه في عمان خمس سنوات على الأقل طلب الحصول على الجنسية ُ العمانية. ُ مادة ( ٦): يصدر بمنح الجنسية في جميع الحالات المتقدمة مرسوم سلطاني وبصورة فردية. ويجوز رفض طلب التجنس حتى في الأحوال المستثناة من شروط المادة الثانية من هذا القانون دون إبداء ا لأسباب. مادة ( ٧): يحق للأجنبي الذي اكتسب الجنسية العمانية طبق ً ا للأحكام السابقة ممارسة ُ الحقوق المدنية طبق ً ا لقوانين السلطنة من تاريخ نشر المرسوم السلطاني الصادر بمنحه الجنسية في الجريدة الرسمية ما لم ينص المرسوم المذكور على خلاف ذلك. مادة ( ٨): يحظر الجمع بين الجنسية العمانية وأية جنسية أخرى إلا بمقتضى مرسوم ُ سلطاني يرخص في ذلك. كما يحظر على ا لعماني التنازل عن جنسيته ا لعمانية لاكتساب ُُ جنسية أجنبية إلا إذا رخص له في ذلك بمقتضى مرسوم سلطاني ومع التأكد من وفائه بجميع واجباته والتزاماته تجاه ا لسلطنة. مادة ( ٩): يفقد العماني جنسيته بحكم القانون إذا اكتسب جنسية أجنبية بالخلاف لأحكام ُ هذا القانون. كما يفقدها أولاده القصر تبعا له ويكتسبون جنسية والدهم إذا كان قانون ً تلك الجنسية يمنحهم إياها. على أنه يجوز لأولاده المذكورين طلب استرداد الجنسية العمانية خلال السنة التالية ُ لبلوغهم سن الرشد إذا كانت إقامتهم العادية في عمان أو كانوا قد عادوا إليها وأقروا كتابة ُ برغبتهم في الاستقرار فيها وتوافرت لهم شروط الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة الثانية من هذا ا لقانون. مادة ( ١٠ ): مع عدم الإخلال بحكم المادتين السابقتين يجوز للجنة المنازعات المشار إليها في المادة ( ١٥ ) من هذا القانون أن ترفع لجلالة السلطان توصياتها عن الحالات التي يجوز فيها الجمع بين الجنسية العمانية وجنسية أخرى ويعمل بهذه التوصيات فور ُ اعتمادها بالتوقيع من جلالة ا لسلطان. = أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ١٩٠ ١ أن القانون أخذ بمعيار حق الدم (مثال ذلك من يولد لأب عماني في ُ = مادة ( ١١ ): المرأة العمانية التي تتزوج من أجنبي تحتفظ بجنسيتها العمانية إلا إذا قدمت ُُ طلبا لوزير الداخلية بالتنازل عنها لاكتساب جنسية زوجها وكان قانون زوجها يسمح ً بمنحها جنسيته. وعلى أن يرخص لها في ذلك طبق ً ا لنص المادة الثامنة من هذا القانون. ويجوز لها في حالة انتهاء الزوجية لأي سبب كان طلب استرداد جنسيتها ا لعمانية إذا ُ قدمت طلبا لوزير الداخلية وكانت إقامتها العادية في عمان أو كانت قد عادت إليها وأقرت ًُ برغبتها في الاستقرار فيها. مادة ( ١٢ ): يصدر برد الجنسية العمانية لطالبيها في الحالات المشار إليها في المادتين ُ ٩) و ( ١١ ) مرسوم سلطاني. )مادة ( ١٣ ): يجرد من الجنسية ا لعمانية بمرسوم سلطاني: ُ ١ كل من يثبت أنه حصل على الجنسية العمانية بناء على بيان كاذب أو بطرق الغش ُ والتزوير. كما يجرد منها كل من اكتسبها تبعا له. ً ٢ كل من يثبت أنه يعتنق مبادئ أو عقائد أو ينتمي إلى جماعة أو حزب أو تنظيم يعتنق تلك المبادئ أو ا لعقائد. ٣ كل من يثبت أنه يعمل لحساب دولة أجنبية بأية صفة كانت سواء كان عمله داخل عمان أو خارجها ولم يلب طلب الحكومة العمانية بترك هذا العمل خلال الأجل المحدد ُُ له. ٤ كل من يثبت أنه يعمل لصالح دولة معادية أو ضد مصلحة عمان. ُ ٥ كل من حصل على الجنسية العمانية بطريق التجنس ويحكم عليه في إحدى الجرائم ُ الواقعة على أمن السلطنة أو يثبت أنه ينتمي إلى جماعة أو حزب أو تنظيم قام بالتآمر أو الاعتداء على أمن ا لسلطنة. مادة ( ١٤ ): يجوز بناء على تنسيب وزير الداخلية رد الجنسية العمانية لمن جرد منها إذا ُ زالت أسباب التجريد ويصدر بالرد مرسوم سلطاني. مادة ( ١٥ ): تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بالجنسية العمانية وفرض العقوبات ُ المنصوص عليها في المادة ( ١٦ ) من هذا المرسوم لجنة تشكل من وزير الداخلية رئيسا ً وعضوية كل من رئيس مكتب القصر ومفتش عام الشرطة والجمارك ومندوب من وزارة شؤون الديوان السلطاني بدرجة وكيل وزارة على الأقل، واثنين من قضاة السلطنة يختارهم رئيس ا للجنة. مادة ( ١٦ ): مع عدم المساس بالعقوبات الواردة في قانون الجزاء الع ُ ماني ي ُ عاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد على ألفي ريال عماني، أو بالعقوبتين معا: كل من = ًُ الباب الأول: الجنسية في الفقه الإباضي ١٩١ عمان أو خارجها)، وكذلك بمعيار حق الإقليم (مثال ذلك من يولد في ُ عمان من والدين مجهولين). ُ ٢ أباح القانون التجنس بالجنسية ا لعمانية للأجانب (تقديم ُ طلب، أو بسبب الزواج مثلا ً ( إذا توافرت الشروط المنصوص عليها فيه. ٣ يحظر القانون اكتساب أية جنسية أخرى أو التنازل عن الجنسية العمانية ُ إلا وفق ً ا لمرسوم سلطاني. والغرض من ذلك على ما يبدو منع ازدواج ا لجنسية. ٤ يعتبر حصول العماني على جنسية أجنبية بالمخالفة لما قرره القانون ُ سببا لفقد الجنسية ا لعمانية. ًُ ٥ يبيح القانون التجريد من الجنسية، إذا توافرت حالة من الحالات الواردة فيه. ٦ في شؤون الجنسية يعتبر سن الرشد تمام الثامنة عشر ميلاديا. ً = يدلي أمام السلطات المختصة بمعلومات كاذبة، أو يقدم وثائق غير صحيحة بقصد اكتساب الجنسية ا لعمانية لنفسه أو لغيره. ُ مادة ( ١٦ مكررا): تحدد بقرار من وزير الداخلية بعد موافقة الوزير المشرف على وزارة ً المالية الرسوم التي تستحق على الطلبات والشهادات التي تقدم أو تصدر في نطاق تطبيق أحكام هذا القانون. وذلك بما لا يجاوز مائة ريال عماني عن كل طلب أو شهادة. ُ مادة ( ١٧ ): في تطبيق هذا القانون تشتمل كلمات أجنبي وعماني الذكر والأنثي على حد ُ سواء إلا إذا نص على خلاف ذلك ويعتبر سن الرشد في شؤون الجنسية تمام الثامنة عشر ميلاديا. ً ٢٧ الخاص بالجنسية ا لعمانية وتعديلاته المشار إليه. كما / مادة ( ١٨ ): يلغي القانون رقم ١ ُ يلغي أي نص يخالف أحكام هذا القانون أو يتعارض معه. مادة ( ١٩ ): ينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية ويعمل به ا عتبارا من تاريخ صدوره. ً ٧ يتضمن القانون نصا يقرر التجريد من الجنسية بالنسبة لكل من يثبت أنه ً يعتنق مبادئ أو عقائد لا دينية أو ينتمي إلى جماعة أو حزب أو تنظيم يعتنق تلك المبادئ والعقائد ٣ مسائل الجنسية في أحكام القضاء ا لعماني: ُ تعرض القضاء في سلطنة عمان لبعض المسائل التي تتعلق بالجنسية، ُ نكتفي بأن نذكر منها، ما يلي: ١ جريمة الزواج ممن تحمل جنسية أجنبية هي جريمة وقتية: قررت المحكمة العليا في سلطنة عمان هذا المبدأ، كما يلي: ُ أن العبرة في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هي طبيعة » الفعل المادية المكون للجريمة كما عرفه القانون، فإذا كان الفعل مما تتم وتنتهي معه الجريمة بمجرد ارتكابه كانت وقتية أما إذا استمرت الحالة الجزائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة والعبرة في الاستمرار في هذه الحالة هو بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلا ً متتابع ً ا متجدد ً ا ولما كان الاتهام الموجه إلى المتهم المطعون ضده هو أنه أقدم على الزواج من أجنبية بدون الحصول على تصريح مسبق من الجهة المختصة فإن الفعل المسند إليه يكون قد تم وانتهى من جهته بمجرد إبرام عقد الزواج مما لا يمكن معه تصور حصول تدخل جديد من جانبه في الفعل ذاته فتكون الجريمة التي تكونها هذه الواقعة وقتية ولا عبرة ببقاء الزواج بعد إبرامه لأن ذلك أثر من آثار إبرامه وليس امتداد ً ا لإرادة الزواج، ولما كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الدعوى أن المطعون ١٩٩٥ ، وتم اتخاذ إجراءات الاتهام /٨/ ضده تزوج من أجنبية بتاريخ ١٤ ٢٠٠٨ ؛ أي: بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات وهي المدة /٩/ ضده بتاريخ ٨ التي تنقضي الدعوى العمومية في الجنح بمرورها طبق ً ا للمادة ( ١٦ ) من قانون الإجراءات الجزئية، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منع الطاعن في ذلك الخصوص « غير سديد (١) . ٢ الجنسية يمكن اعتبارها قرينة لإثبات وقوع ا لجريمة: أكدت على هذا المبدأ المحكمة العليا أيض ً ا، بقولها: لما كان ما تقدم وكان الحكم قد عول في إدانة الطاعنين سالفي الذكر » ضمن ما عول على انتمائهم لجنسية واحدة هي الجنسية السورية وكذا جميع الأزواج المزعومين لعدد كبير من المجني عليهن من ذات الجنسية، وكان هذا لا يعيب الحكم المطعون فيه بعد أن استوفى دليله مما أورده من أدلة الإثبات المستخلصة من المعلومات التي وردت إلى إدارة التحريات وتحقيقات الجوازات والإقامة ومن أقوال شهود الإثبات الذين أورد الحكم مضمون  ومؤدى أقوالهم تفصيلا ً ومن أقوال المجني عليهن الثلاث عشر بتحقيقات الإدعاء العام وأمام المحكمة ومن إقرارات المتهمين بالتحقيقات وأمام المحكمة ومن محاضر الضبط والمستندات وتأشيرات الالتحاق العائلي للمجني عليهن ومن تقريري المختبر الجنائي وتقرير الإدارة العامة لتقنية المعلومات بشرطة عمان السلطانية فلا تثريب على الحكم بعد ذلك ُ إن هو عضد هذه الأدلة ببعض القرائن ومن بينها قرينة وحدة الجنسية التي تجمع بين الطاعنين سالفي الذكر، وإذ كان الحكم على نحو ما أوضحنا قد بين ما قام به الطاعنون المذكورون من أفعال تشكل الركن المادي (١) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا، سلطنة عمان، المحكمة ُ ،( ٢٠١٠ ، (ج) س.ق. ( ١٠ /٦/ ٢٠٠٩ وحتى ٣٠ /١٠/ العليا، المكتب الفني، الفترة من ١ ص ٢٥٤ -.٢٥٨ لجريمة الاتجار بالبشر، فإن النعي عليه بالقصور في هذا الشأن يكون غير « سديد(١) . ٣ الزواج سبب في اكتساب جنسية ا لبلاد: أكدت على هذا المبدأ محكمة القضاء الإداري، بقولها: من الأصول المقررة في أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وهي أساس » التشريع طبق ً ا للمادة ( ٢) من النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم ٩٦ ) أن الزوجة ملزمة بأن تتبع زوجها حيث يكون، / السلطاني رقم ( ١٠١ بحيث تبقى حيث يبقى، وتقيم حيث يقيم، فضلا ً عن أن المشرع قد جعل هذا الزواج سببا في اكتساب جنسية البلاد وميز الأجنبي عن غيره من ً الأجانب، عندما خفض مدة إقامته بالسلطنة من عشرين عاما إلى عشرة ً أعوام، وذلك في قانون تنظيم الجنسية العمانية الصادر بالمرسوم السلطاني ُ ٨٣ ) وتعديلاته، ومن ثم فلا مبرر أن تباعد الدولة بينهما إذا لم يكن / رقم ( ٣ في بقاء هذا الأجنبي على إقليم الدولة ما يزعزع الأمن فيها أو يهدده بخطر « على النظام العام أو الآداب ا لعامة(٢) . »fÉãdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«°ùæédG ó≤ah ÜÉ°ùàcG نشير أولا ً إلى اكتساب الجنسية، فإذا انتهينا من ذلك فحقيق بنا أن نشير إلى فقدها. (١) ذات المرجع، ص ٣٧٨ -.٣٨٠ (٢) سلطنة عمان، مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها محكمة القضاء الإداري في العامين ُ القضائيين الخامس والسادس، ١٤٢٥ -٢٠٠٥ ،١٤٢٦ -٢٠٠٦ ، ص ٧٦٩ -.٧٧٠ ونخصص لكل من هاتين المسألتين مطلبا. ً ∫hC’G Ö∏£ªdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«°ùæédG ÜÉ°ùàcG • • • • سبق أن ذكرنا أن اكتساب الجنسية الإسلامية أهم أسبابه: كون الشخص مسلما، فاعتناق الفرد للإسلام يجعله بقوة الشريعة من ً رعايا الدولة ا لإسلامية. عقد الذمة، فمن يقبل عقد الذمة، وخصوصا الإقامة الدائمة في دار ً الإسلام يحمل جنسية الدولة ا لإسلامية. يضاف إلى ما تقدم أن الفقه الإباضي يلحق الأطفال غير البالغين بآبائهم المسلمين أو بأفضل الأبوين عند اختلاف دينهما. كما أن هناك حالات أخرى نذكرها لاحق ً ا تخص تبعية الأطفال وفق ً ا للفقه الإباضي. كذلك في أحوال معينة يمكن أن تتبع الزوجة غير المسلمة زوجها. والسبب الأول لا يحتاج إلى بيان أكثر مما ذكرناه آنف ً ا. لذا فإننا نشرع هنا مباشرة في دراسة الأسباب الثلاثة ا لأخيرة. ونخصص لكل منها لهذا الغرض فرع ًا. الفرع ا لأول الذمة كسبب لاكتساب الجنسية ا لإسلامية نشير إلى وضع أهل الذمة في الدولة الإسلامية، ونتلوه بدراسة القواعد الحاكمة لأهل الذمة في الفقه ا لإباضي. :á«eÓ°SE’G ádhódG »a áeòdG πgCG ™°Vh `` CG ﺮﻴﻏ ﻦﻴﻤﻠﺴﻤﻟﺍ ﻲﻓ ﺔﻟﻭﺪﻟﺍ ﺔﻴﻣﻼﺳﻹﺍ :ﻥﻮﻠﻤﺸﻳ ﺮﻴﻏ ﻦﻴﻤﻠﺴﻤﻟﺍ ﻦﻳﺩﻮﺟﻮﻤﻟﺍ ﺳﺎﺳﺃ ﺎ ﺎــ ﻲﻓ ﻢﻴﻠﻗﺇ ﺔﻟﻭﺪﻟﺍ ﺔﻴﻣﻼﺳﻹﺍﺻﻮﺼﺧ)ًً ﻞﻫﺃ(ﺔﻣﺬﻟﺍ (١). ﺮﻴﻏ ﻦﻴﻤﻠــﺴﻤﻟﺍ ﻦﻳﺬﻟﺍ ﻥﻮﺤﺒﺼﻳ ﻦــﻣ ﺎﻳﺎﻋﺭ ﺔﻟﻭﺪﻟﺍ ﺔﻴﻣﻼــﺳﻹﺍ ﻖﻴﺒﻄﺘﻟﺎﺑ ١ ـ ٢ ـ ﺓﺪﻫﺎﻌﻤﻟ.ﺔﻴﻟﻭﺩ (١)فرق الماوردي بين أهل الذمة وأهل العهد بالنظر إلى طبيعة إقامة كل منهما في دار الإسلام، وهل هي دائمة أم مؤقتة، فيقول: فأما أهل الذمة، فهو المستوطن، ولا يجوز استيطانهم إلا بجزية إذا كانوا أهل كتاب، أو »شبهة كتاب. وأما أهل العهد، فهو الداخل إلى بلاد الإسلام بغير استيطان، فيكون مقامهم مقصورا على ً مدة لا يتجاوزونها. وهي أربعة أشهر لقول الله تعالى: ﴿ ,+ -/. ﴾ [ [التوبة: ٢ .  فأما مدة سنة، فلا يجوز أن يقيموها إلا بجزية، وفي جواز إقامتهم بغير جزية فيما بين أربعة أشهر وبين سنة قولان: أحدهما: يجوز، لأنها دون السنة كالأربعة. والقول ا لثاني: .« لا يجوز، لأنه فوق الأربعة كالسنة. وسواء كانوا من أهل الكتاب، أو لم يكونوا ، راجع، الماوردي: الحاوي الكبير، دار الفكر، بيروت، ١٤١٤ ه ١٩٩٤ م، ج ١٨ . ص ٣٩٢ ويقول ابن قيم ا لجوزية: الكفار إما أهل حرب وإما أهل عهد. وأهل العهد ثلاثة أصناف: أهل الذمة، وأهل هدنة، »وأهل أمان. وقد عقد الفقهاء لكل صنف بابا فقالوا: باب الهدنة، باب الأمان، باب عقد ً فإن ،« الصلح » يتناول هؤلاء كلهم في الأصل. وكذلك لفظ « الذمة والعهد » الذمة. ولفظ .« الذمة من جنس لفظ العهد والعقد . ابن قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، ج ١، ص ٣٣٥ ذات المرجع، « معاملة أهل الذمة متوقفة على أديانهم لا أنسابهم » : ويضيف أن ص ٦٥ -.٦٦ ١٩٧ ٣ غير المسلمين الذين يدخلون تحت ولاية الدولة الإسلامية على إثر الحرب. ٤ غير المسلمين الذين يتواجدون فوق إقليم الدولة الإسلامية لأي سبب آخر (كالرسل والسفراء، والمستأمنين، والتجار). ويشكل أهل الذمة إلى جانب المسلمين جناحي الدولة الإسلامية: فهم يتمتعون بجنسية الدولة الإسلامية ويتبعوها لكونهم ارتضوا الإقامة بصفة دائمة فوق إقليمها مع الالتزام بأحكامها. وإذا كانت القاعدة في الفقه الإباضي هي: « أمرنا بالإحسان للعبيد والرفق بهم »(١) ، فلئن تنطبق هذه القاعدة على أهل الذمة يكون من باب أولى: يقول صاحب بيان الشرع أن من ا لإسلام: « الاحتفاء بأهل ا لذمة »(٢) . كذلك يؤكد الفقه الإباضي أن من شروط ا لإمام: « أن يكون ذا وفاء بالعهد والذمة »(٣) . وقد وضعت الشريعة الإسلامية دستورا في معاملة أهل الذمة لخصه ً الإمام أبو يوسف في كتابه إلى هارون الرشيد، بقوله: وقد ينبغي يا أمير المؤمنين أيدك الله أن تتقدم في الرفق بأهل ذمة » نبيك وابن عمك محمد ژ والتفقد لهم حتى لا يظلموا ولا يؤذوا ولا (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ٥، ص ٢١٦(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٣، ص ٢٦٩(٣) . الشيخ سعيد الحارثي: نتائج الأقوال من معارج الآمال ونثر مدارج الكمال، ص ١٩٣ يكلفوا فوق طاقتهم ولا يؤخذ شيء من أموالهم إلا بحق يجب عليهم. فقد روي عن رسول الله ژ أنه قال: من ظلم معاهد » ً ا أو كلفه فوق طاقته، فأنا ِ ُ « حجيجه . وكان فيما تكلم به عمر بن الخطاب ƒ أوصي » : عند وفاته الخليفة َ من بعدي بذمة رسول الله ژ أن يوفي لهم بعهدهم وأن يقاتل من « ورائهم ولا يكلفوا فوق طاقتهم(١) .  ومن الأمور المهمة في الفقه الإباضي التفرقة بين الذمي والحربي والمعاهد: فالذمي هو الذي ضربت عليه الجزية، والحربي هو من لا جزية عليه، والمعاهد بفتح الهاء وكسرها من أخذ عليه العهد أو مستأمن وهو  الحربي الداخل دار الإسلام بأمان(٢) . وهو الذي انتقل من دين الإسلام إلى ،« المرتد » ونضيف إلى ما تقدم دين آخر، وهو وفق ً ا للفقه الإباضي لا يجوز عقد الذمة له لأنه ليس على دين يقر عليه، إذ يجب قتل المرتد، وعقد الذمة يتعارض مع وجوب قتله لأن الذمة كما سنرى تفيد العصمة لصاحبها في نفسه وماله. ويصبح غير المسلم ذميا بأي من الأسباب ا لآتية: ١ صراحة، إبرام عقد الذمة، وهو كما سنرى اتفاق يترتب عليه عصمة الذمي في نفسه وماله مع التزامه خصوصا بأحكام ا لإسلام. ً ٢ ضمن ً ا، إذا اتضح من مسلك لا يدعو مجالا ً لأدنى شك أنه ارتضى كأن يشتري أرضا « أهل الذمة » المقام في دار الإسلام تحت وضع ً ا(٣) خراجية فوضع عليه الخراج، فإنه يصير ذمي . (١) . أبو يوسف: الخراج، المطبعة السلفية، القاهرة، ص ١٢٥(٢) . أطفيش: التحفة والتوأم، ص ٢١(٣) جاء في كتاب السير ا لكبير: إذا دخل الحربي دار الإسلام بأمان فاشترى أرض خراج فوضع عليه الخراج فيها كان ذميا. » = ً الباب الأول: الجنسية في الفقه الإباضي ١٩٩ ٣ إذا استمر في الإبقاء في دار الإسلام رغم التنبيه عليه بأن إقامته مؤقتة، فاستمر رغم ذلك(١) . ٤ التبعية العائلية: فقد سبق القول: إن أولاد الذمي الصغار يحملون الجنسية الإسلامية تبعا له. ً :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a áeòdG πgC’ áªcÉëdG óYGƒ≤dG `` Ü بحث الفقه الإباضي مسألة أهل الذمة من نواح عديدة، هي: ١ تعريف أهل ا لذمة: الذمة لغة: العهد، سميت بذلك لأن نقضه يوجب الذم. واصطلاحا: نفس ً ورقبة لها ذمة وعهد يجب الوفاء به وعدم مخالفته. فالذمي هو من أبرم معه عقد (عقد الذمة) يأمن بمقتضاه على ماله ودمه، فهو إذن له ذمة الله ورسوله = اعلم بأن الحربي المستأمن إذا اشترى في دار الإسلام أرض عشر أو خراج فإنه لا يصير »ذميا حتى يزرعها، فيؤخذ منه عشر أو خراج. وقال بعض الناس بنفس الشراء يصير ذميا. ًً وذهبوا في ذلك إلى أن شراء الأرض للقرار فصار بالشراء راضيا بالمقام في دارنا فصار ً ذميا. إلا أنا نقول: لا يصير ذميا، لأن الشراء قد يكون للتجارة، وقد يكون للزراعة، فلا ًً .« يصير راضيا بالمقام في دارنا ما لم يزرع، فيؤخذ منه ا لخراج ً لأن خراج الأرض لا يجب إلا على من هو أهل دار الإسلام، لأنه حكم من أحكام .« المسلمين، وحكم المسلمين لا يجري إلا على من هو من أهل دار ا لإسلام شرح كتاب السير الكبير للشيباني، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٢٤٤ -.٢٢٤٥ (١) يؤكد ا لشيباني: والحربي يمتنع أن يطيل في دار الإسلام ولكنه إذا قضى حاجته في دار الإسلام يأمره »بالرجعة إلى بلاده فإن أطال المكث بها والإمام لا يعلم ثم علم فإنه ينبغي للإمام أن يتقدم إليه ويخبره أن من أقام سنة من يوم يقدم إليه أخذ منه الخراج فإن رجع قبل تمام « السنة فلا شيء عليه وإن أقام حتى تمت السنة أخذ الإمام منه خراج رأسه وجعله ذميا ً .( (المرجع السابق، ط حيدر آباد، ج ٤، ص ٣٥٥ ما دام ملتزما بالعقد؛ أي: ما لم يرتكب ما ينقضه. بعبارة أخرى، أهل الذمة ً الذين أعطاهم الإمام أو من يقوم مقامه ذمة لأدائهم الجزية، أو لصلح » : هم « فيما بينهم والمسلمين(١) . (١) الذمة لها أسماء كثيرة » : السالمي: كتاب طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٨٠ . ويقول العوتبي منها الذمة، والعهد والإل والبيعة، والصفقة والعقد والربات والبلا، والخفارة، والجوار، والحبل، والأصر، والولث، والذمار، والشرطة، والعصمة، والقسم، والحلف، واليمين، والحرمة، والصفحة، فهذه كلها أسماء الذمة قد جاءت عن العرب وهي كلها ترجع إلى معنى الأمان والعهد والحلف ولها شواهد قد ذكرتها، وإنما قيل لليهود والنصارى أهل الذمة لأن رسول الله ژ قبل منهم الجزية وسالمهم وأمنهم على أنفسهم وأموالهم وذراريهم وعاهدهم على ذلك وهم أهل الذمة دماؤهم وأموالهم حرام ولا تسبى ذريتهم لأنهم في ذمته وأمانه، وقيل سموا أهل الذمة لأن في عهدهم إذا أدوا الجزية أن يحموا ولا يقال لمن في دار الحرب من اليهود والنصارى أهل الذمة، لأنهم لا أمان معهم ولا عهد لهم وهم منابذون لأهل الإسلام الحرب فأولئك أهل الحرب وهؤلاء أهل الذمة لدخولهم في الذمة وقبولهم الجزية ومن ذلك قيل من فعل كذا برئت منه الذمة؛ أي: قد أحل بنفسه لأنه قد خرج من أمان الله تعالى وأمان رسوله ژ فدمه وماله حلال، وعنه ژ: « من آذى ذميا كنت أنا خصمه » . ً . العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ١١٢ وقال البيضاوي: الذمة العهد سمي بها لأنه يذم متعاطيها على إضاعتها، ابن عمر: حاشية . الترتيب للعلامة الوارجلاني، ج ٦، ص ٣٠ والذمة في اللغة: العهد والكفالة، تقول رجل ذمي معناه رجل له عهد وقوم ذمة؛ أي: معاهدون، وسمي أهل الذمة لدخولهم في أمان ا لمسلمين. وفي القاموس المحيط: الذمة: الأمان والعهد وأهل الذمة هم المعاهدون من اليهود والنصارى وغيرهم ممن يقيم في دار الإسلام (أي: في الدولة ا لإسلامية). والذمة في اصطلاح الفقهاء: هي معنى يصير به الآدمي أهلا ً لوجوب الحقوق وتحمل الواجبات، انظر على ا لتوالي: لسان العرب لابن منظور ج ١٥ ، ص ١١١ - ١١٢ ، الطبعة الأولى ١٣٠٣ ه المطبعة الأميرية بمصر. القاموس المحيط لمجد الدين الفيروز آبادي ج ٤، ص ١١٥ - ١١٦ ، الناشر المكتبة التجارية الكبرى بمصر. = .« ويذهب الإباضية وهو ما أخذ به أيضا الحنفية والمالكية » ً إلى جواز منح الذمة لجميع غير المسلمين، وليس فقط أهل الكتاب .« كما قصره ا لشافعية » والمجوس يقول أطفيش: يأخذ الجزية من أهليها، أهل الكتاب والصابئين والمجوس مطلق » ً ا، « وقيل المجوس الذين لهم شبهة كتاب (١) . = روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، للعلامة أبي الفضل شهاب الدين . الألوسي البغدادي ج ١٠ ، ص ٥٠ . وفي المعنى الأخير راجع الإمام إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٢٩٩ (١) أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٧ ، ص ٥٦٩ كذلك قيل: وسكان دار الإسلام نوعان: مسلمون، وهم كل من آمن بالدين الإسلامي وذميون، وهم »غير المسلمين الذين يلتزمون أحكام الإسلام، ويقيمون إقامة دائمة في دار الإسلام، بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. فيصح أن يكونوا مسيحيين ويصح أن يكونوا يهود ً ا، ويصح عبد القادر « أن يكونوا مجوسا أو صابئة، أو عباد ما استحسن أو ممن لا يدينون بدين ً . عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٢٧٦ بل ويذهب فقهاء المسلمين إلى ضرورة منح الذميين المعاملة الواجبة لهم دون انتظار المعاملة بالمثل من جانب الدول الأخرى في حق المسلمين. وهكذا يقرر ا لمودودي: «An islamic state is bound to give to the nonـ Muslim citizens whatever rights Islam prescribes or permits, regardless of what rights and privileges are given to or withheld from Muslims in the neighbouring or other nonـ Muslim states. Islam does not believe in the fact that Muslims should draw up their social or economic policies only with reference to the policies of nonـMuslims, nor does it tolerate that if nonـ Muslims act unjustly, the Muslim states should make their innocent nonـ Muslim subjects the victims of wrath and vengeance» (Abul A’al maududi: the Islamic law and constitution, p. 298 -299)». ويضيف نفس الكاتب (ص ٢٤٧ - ٢٤٨ ) أن الإسلام في معاملته لغير المسلمين يتفوق في ذلك على كثير من النظم ا لأخرى. أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٢٠٢ والقاعدة في الفقه الإباضي أن: « أهل الذمة غير أهل ا لحرب »(١) . وقد يجمع » : لذلك جاء في جواب أبي الحواري إلى أهل حضرموت أهل الشرك وأهل القبلة في أحكام ويفرق بينهم في أخرى. فأما الأحكام التي يجتمعون فيها مثل السرقة والزنا. وأما الأحكام التي يفترقون فيها مثل القذف وشرب الخمر، الحد على أهل القبلة ولا حد على أهل الشرك. وكذلك تقطع المادة في الحرب على أهل الشرك وعن أهل البغي من أهل « القبلة(٢) . ٢ عقد ا لذمة: وهو العقد الذي يبرم بين من يدخل في الذمة والمسلمين. ويحكم هذا العقد، القواعد ا لآتية: أولا ً أنه يجب أن يصدر عن المسلمين، وليس عمن يستولى على أرضهم أو إقليمهم. في هذا المعنى يقول الإمام ا لسالمي: أهل الذمة غير أهل الحرب، ولا ذمة اليوم لهم عندنا لأنهم إنما سكنوا » بلادنا بذمة أعدائنا، بل بعض المسلمين قد دخل في ذمتهم فالله « المستعان(٣) . ثانيا أن عقد الذمة يرتب ضرورة دفع غير المسلم للجزية. لذلك ً قيل: (١) . جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٤٢٨(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧١ ، ص ٣٦(٣) . جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٤٢٨ أجمعت الأمة ولا نعلم لهم خلاف » ً ا، على أن الملة المخالفة لملة الإسلام مشركون، يحكم عليهم بأحكام المشركين من القتل، وسبي الذرية، « وغنيمة المال، وأخذ الجزية من أهل العهد منهم(١) .   (١) عمار عبد الكافي الإباضي: الموجز، دار الجيل، بيروت، ١٤١٠ -. ١٩٩٠ ، ص ١٣٨ لكن يمكن الصلح على غير الجزية. وهكذا بخصوص مسألة: وإذا صالح الإمام أهل الشرك على شيء يعطونه غير الجزية هل له ذلك؟ كان ا لجواب: قد قال ذلك بعض المسلمين وعلى الإمام الوفاء بعهدهم ما لم ينقضوه، فإن نقضوه »وحاربوا د ُع ُ وا أيض ً ا إلى الدخول في الإسلام، فإن كرهوا د ُع ُ وا أن ي ُعط ُ وا ما جرى عليه ِ الصلح ُ ، فإن أجابوا ق َبل َ الإمام ُ السيد مهنا بن .« منهم وحقنوا دماءهم ولبثوا على عهدهم . خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ١٨٧ الإمام ابن سلام: كتاب الأموال، دار الفكر، القاهرة، « ليس على مسلم جزية » والقاعدة أنه ١٤٠١ -. ١٩٨١ ، ص ٤٩ وبخصوص هل أصل الجزية لعصمة الدم أو هي إذلال وعقوبة، يقول ابن قيم ا لجوزية: ِ والمسألة مبنية على حرف: وهو أن الجزية هل و » ُ ضعت ْ عاصمة ً للدم، أو مظهرا لص َ غ َ ار ً الكفر وإذلال أهله، فهي عقوبة؟ ِ فمن راعى فيها المعنى الأول قال: لا يلزم من عصمها لدم من خف كفره بالنسبة إلى غيره ْ وهم أهل الكتاب أن تكون عاصمة ً لدم من يغلظ كفره. ومن راعى فيها المعنى الثاني قال: المقصود إظهار ُ ص َ غ َ ار الكفر وأهله وقهر ُ ه ُ م، وهذا أمر لا يختص أهل الكتاب بل يعم كل كافر. قالوا: وقد أشار النص إلى هذا المعنى بعينه في قوله: ﴿ ihgfedc ﴾ فالجزية ص َ ابن قيم الجوزية: « غار وإذلال أحكام أهل الذمة، دار ابن خلدون، الإسكندرية، ج ١، ص ٢٨ -.٣١ ويؤكد الفقه الإباضي على أن: لا يأخذ الجزية إلا الإمام أو نائبه القائم مقامه في منع الظلم والغشم، وفي إرخاء »الشيخ « الأمن على سبل الرعية. وقيل: من اتصف غير الإمام بهذه الصفات جازت له ُُ أبو عبيد السمائلي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، وزارة التراث والثقافة، سلطنة . عمان، ص ٢٣٢ ُ انظر تفصيلات كثيرة بخصوص الجزية في النزوي: المصنف، ج ٦، ص ٩٢ - ؛١٠٥ الكندي: بيان الشرع، ج ١٧ ، ص ١٣٩ - ، ١٤٨ ؛ ابن عبيدان: جوهر الآثار، ج ١٠ ص ٣١٣ -.٣٢١ وقال الله تعالى في كتابه: ﴿ SRQPONM / `_^]\[ZYXWVUT ihgfedcb ﴾ [ [التوبة: ٢٩ .  ضريبة تفرض على أهل الكتاب ممن يسكن أرض الإسلام، » والجزية لقاء تأمين المسلمين له وعدم مشاركته في الجهاد معهم، وإعلان ً ا للولاء « والخضوع لدولة ا لمسلمين(١) . (١) معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٨٣ . كذلك قيل:  والجزية معناها في كلامهم الخراج المجعول عليهم، وسميت جزية لأنها قضاء منهم لما ».« عليهم. أخذ من قولهم قد جزى يجزي: إذا قضى أبو سلمة العوتبي الصحاري: كتاب الإبانة في اللغة العربية، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ج ٢ ص ٣٧٠ -.٣٧١ ُ ِِ ويقول القرطبي: الجزية وزنها فعلة؛ من جزى يجزي، إذا كافأ عما أسدي إليه؛ فكأنهم َْْ ْ ِ ِِ أعطوها جزاء ما منحوا من الأمن، وهي كالقعدة والجلسة. ومن هذا المعنى قول ا لشاعر: َُ ْ  يجزيك أو يثني عليك وإن من أثنى عليك بما فعلت كمن جزى ُ َََ . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٨، ص ١١٤ لأنها تجزئ عن قتلهم، أو لأنها طائفة مما على أهل » ويقول السالمي: وسميت جزية ُّ الكتاب أن يجيزوه؛ أي: يقضوه، ويقال: جزا دينه، بمعنى قضاه، أو لأنها مكافأة للمسلمين .« على إبقائهم السالمي: مشارق أنوار العقول، ص ٣٣٤ ؛ الشيخ أبو عبيد السمائلي: هداية الحكام إلى . منهج الأحكام، ص ٢٣٠ ِ والجز » : ويقول أطفيش ْ ية ُ : فع ْل َ ة للهيئة، من جزى إذا قضى ما عليه، ويقال: جزى دين ْ َ ه إذا قضاه، ومنه: ﴿ ÉÈÇÆÅÄ ﴾ [ [البقرة: ٤٨ وقيل: سميت لأنها جزاء الكفر؛ أي: ُ عوقبوا بها لكفرهم؛ فهي من معنى المجازاة، وقيل: لأنها تجزي عن دمائهم؛ أي: تكفي عن قتل، فهي من معنى الإجزاء، يقال: فلن يجزي؛ أي: يكفي، وقيل: من معنى المجازاة لكف ّ نا عنهم القتال، أو لأنها جزء من المال مفروض، وعليه تكون الياء عن همزة، وقيل: معرب من كزيت وهو الخراج بالفارسية، (قلت): ولا يجوز هذا؛ لأن الأصل عدم كون اللفظ معربا إلا ما قام دليله، وعلى كل حال هي في الأصل مصدر أطلقت على مقدار من ًٌ . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٤٣٨ « الخراج =  ثالث ً ا الجزية تكون على الرجال القادرين، لذلك جاء في كتاب موسى بن أبي جابر إلى أهل نزوى: إنه ليس على اليهود والنصارى والمجوس زكاة في أموالهم، وإنما » « عليهم الجزية على ا لرجال(١) . = وقيل بخصوص قوله تعالى: ﴿ WVUTSRQPONM ^]\[ZYX ﴾ ؛[ [التوبة: ٢٩ أي: دين الإسلام، وهو دين الحق ﴿ _` / ihgfedcb ﴾ ، فأمر بقتال أهل  حتى يسلموا أو يقروا بالجزية. فجعل الله للمسلمين مكان ما كانوا يصيبون في » الكتاب  أسواقهم في مواشيهم الجزية الدارة، تؤخذ من أهل الكتاب كل عام عن ظهر يد. وجميع المشركين، ما خلا العرب، بتلك المنزلة. إذا أقروا بالحزية قبلت منهم. وقال بعضهم: كان المسلمون يبايعون المشركين وينتفعون منهم؛ فلما عزلوا عن ذلك اشتد ذلك على المسلمين، فأنزل الله هذه الآية، فأغناهم الله بالجزية الجارية، يأخذونها شهرا شهرا، وعاما عاما. ًً ًً وقال مجاهد: قال المؤمنون: كنا نصيب من متاجر المشركين، فوعدهم الله أن يغنيهم من َ ِ الشيخ هود الهواري: تفسير كتاب الله العزيز، « فضله عوضا لهم بألا يقربوا المسجد الحرام ً . ج ٢، ص ١٢٥(١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ٦، ص ٩٣ - ٩٤ . وقد ورد في ذات المرجع تفصيل أكثر بالنسبة لتطبيق الجزية أو عدم تطبيقها على أهل ا لذمة: من كتاب أبي جابر: فليس على النساء والصبيان والمماليك جزية. وكذلك ا لزمنى » ْ والشيخ الفاني، ومن حبس نفسه من النصارى في الصوامع، وهم الرهبانية عباد ا لنصارى. ّ والشماسون عليهم الجزية، وهم القوامون على بيعهم وكتابهم وبيت نارهم. ومن كان منهم مسكين ً ا، قد ظهر عدم ُ ه ُ وفقره، لا يقدر على الجزية، فلا جزية عليه أيض ً ا. ومن كان من هؤلاء، فإنه يؤخذ منه كل شهر درهم. ومن ظهرت يسرته منهم، فإنه يؤخذ منه في كل شهر درهمان، حتى يكون دهقان ً ا مكثرا، ً فإنه يؤخذ عنه في كل شهر أربعة دراهم، ولا يؤخذ منهم أكثر من أربعة. ولا يؤخذ منه أقل من درهم. وإنما يؤخذ منه إذا أهل بعمان هلال الشهر ا لماضي. ُ وإذا ملك الذمي أربعين ألف درهم أو قيمتها من الأصل، فهو دهقان. = وجاء في صراط ا لهداية: مسألة: وعنه » 5 ، وفي المشرك الذمي تؤخذ منه الجزية وله مال ّ عظيم، وصار هذا المشرك زمن ً ا بحد من تسقط عنه الجزية، من أجل الزمانة والمال بحاله كذلك عظيم مثل أول أو أكثر، أعني مال هذا المشرك ّ المذكور، هل تسقط الجزية عن هذا المشرك، أم هي باقية عليه من أجل ماله، وتؤخذ منه؟ الجواب: وبالله التوفيق، ليست الجزية على المال، بل الجزية على ٍ الإنسان، وإذا وجبت عليه أو سقطت عنه بوجه من وجوه الحق، فلا جزية « عليه(١) . وليس للجزية دائما مقدار معين لا يجوز الخروج عليه، وإنما يقدرها ً الإمام حسب المصلحة والأحوال ا لسائدة(٢) . = وقال من قال: أقل من ذلك، ولا جزية على يهود خيبر إذا استبان ذلك. وقد قيل: إذا كان للذمي مال أو عيال، وكانت غيبته إلى بلاد الشرك ثم قدم، أخذت منه الجزية، لما مضى من السنين التي غاب فيها، إذا لم يكن أعطى ا لجزية. وإن لم يكن له بعمان مال ولا عيال، لم تؤخذ منه الجزية لما مضى. ُ .« وإن كانت غيبته إلى أرض الإسلام لم تؤخذ منه إذا رجع إلى عمان ُ ذات المرجع، ص ٩٤ - ٩٥ ، انظر أيض ً ، ا الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٣ ؛ ص ٧٠٥ ؛ أطفيش: تيسير التفسير، ص ٤٤١ ؛ السالمي: مشارق أنوار العقول، ص ٣٢٩ . ابن جعفر: الجامع، ج ٣، ص ١٤٣(١) الشيخ مبارك الغافري: صراط الهداية، مكتبة مسقط، ١٤٣٣ -. ٢٠١٢ ، ج ١، ص ٢٨٠ الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، « الرؤوس لا على الأموال » فالجزية على . ج ٢، ص ٣٢٩(٢) يقول أطفيش: والصحيح أن الجزية على قدر ما يرى الإمام من الإكثار على من اشتدت عداوته، »والتوسط على المتوسط، والتقليل على غيره، ومن الإكثار إذا احتاج إليه الإسلام وغير .« ذلك من المصالح، ولو ظهرت له مصلحة في التقليل عن غنى أو شديد العداوة لجاز = رابعا دفع الجزية مناطه الأساسي حماية أهل الذمة، فإذا لم يتحقق ً لا تؤخذ الجزية من أهل الذمة إلا » : ذلك، فلا جزية. لذلك قال أبو الحواري « أن يكون عليهم حكام يمنعونهم من ا لظلم(١) .  ولذلك لا تؤخذ الجزية في حالتين: الأولى: اشتراك أهل الذمة في الدفاع عن المسلمين أو مساعدتهم أو قيامهم بالدفاع عن أنفسهم وأموالهم. مثال ذلك ما جاء في معاهدة الصلح = أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٧ ، ص ٥٦٨ -.٥٦٩ ويقول ا لسالمي: ليس للجزية حد معلوم وإنما هي على ما يرى الإمام من قوة المشرك وضعفه وكثرة »« المال وقلته وشدة الإسلام وعدمها وغير ذلك حتى لو رأى الصلاح في تسويتهم لفعل . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤٢٩ انظر أيض ً ا ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، ص ٢٨٢ ؛ الشيخ . أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، ص ٢٣٢ (١) . ابن جعفر: الجامع، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ج ٣، ص ١٤٦ ُ فالقاعدة في الفقه الإباضي أنه: ليس للإمام أن يجبى صدقة قوم حتى يحميهم ويمنعهم أن يجار عليهم، فإن فعل فقد ».« جار عليهم ولا فرق بينه وبين من جار عليهم السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، ج ٢، تحقيق: د. سيدة إسماعيل كاشف، وزارة ُ التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ -. ١٩٨٦ ، ج ٢، ص ١٩٥ ُ ، وانظر تفصيلات أكثر بخصوص الجزية في أطفيش: تيسير التفسير، المرجع السابق، ج ٥ ص ٤٣٦ - ٤٤١ (تفسير الآية ٢٩ من سورة التوبة)؛ البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢١٥ - ٢١٧ ؛ أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المرجع السابق، ص ٤٠٩ -.٤١٤ أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، ، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٤٢ ؛ ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٣ ص ١٤٢ - ١٤٥ ؛ أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، المرجع السابق، ص ٣٧١ -.٣٧٢ بين سوير بن مقرن (أحد قادة عمر بن الخطاب) وأهل جورجان بعد فتحها: أن لكم الذمة وعلينا المنعة... ومن استعنا به منكم فله جزاؤه في » « معونته عوضا من جزائه(١) . ً كذلك ورد في الصلح الذي تم بين حبيب بن مسلمة الفهري (حاكم أنطاكية من قبل أبي عبيدة) وبين الجراجمة أنهم صولحوا على أن يكونوا ِ رد ْءا للمسلمين وعون ً ا لهم على أعدائهم ومسالح في جبل اللكام مقابل ً إعفائهم من ا لجزية(٢) . والثانية: إذا عجز المسلمون عن توفير الحماية لهم: مثال ذلك ما حدث من أبي عبيدة بن الجراح تجاه أهل الشام بعد أن أخذ منهم الجزية بناء على الصلح ثم شعر أنه لن يستطيع حمايتهم بسبب هجوم الروم، فقد قال لهم: قد رددنا عليكم ما أخذنا، ونحن لكم على الشروط وما كتبنا بيننا وبينكم »« إن نصرنا الله تعالى(٣) . ويتضح ذلك أيضا من معاهدة خالد بن الوليد لأهل الحيرة والتي جاء ً فيها أنه: عاهدهم على تسعين ومائة ألف درهم، تقبل في كل سنة... وعلى » المنعة. فإن لم يمنعهم فلا شيء عليهم حتى يمنعهم. وإن عذروا بفعل أو وفى كتاب خالد أيض .« قول فالذمة منهم بريئة ً إني » : ا إلى أهل بانقيا وبسما عاهدتكم على الجزية والمنعة... وقد قبلت ومن معي من المسلمين، (١) . الطبري: تاريخ الرسل والملوك، دار المعارف، القاهرة، ج ٤، ص ٢٥٤(٢) . البلاذري: فتوح البلدان، ص ١٦٤(٣) . أبو يوسف: كتاب الخراج، المطبعة السلفية، القاهرة، ١٣٥٤ ه، ص ١٣٩ ورضيت ورضي قومك. فلك الذمة والمنعة. فإن منعناكم فلنا الجزية، وإلا فلا حتى نمنعكم(١) . يقول ا لناظم: وإن يك عجز الإمام قد ظهر عن منع ظلم كان من هذا ا لبشر فالأخذ للجزية لا يصح له كالأخذ للزكاة عند الكملة فلا جباية بلا حماية فإن حمانا صحت الجبايه صف(٢) وما حماية سوى منع عرف من ظلمنا ومن تظالم و ُ يقول الإمام ا لسالمي: وأما المرأة والطفل والراهب والشيخ فلا جزية عليهم للنهي عن قتلهم » ومن نهينا عن قتله فلا تؤخذ منه الجزية لأن الجزية دفع عن النفس ولا « معنى للدفع عنها مع النهي عن قتلها(٣) . ومناط دفع الجزية هو القدرة على الدفع، فإذا انعدمت هذه المقدرة، فيمكن الإعفاء من دفعها: (١) محمد حميد الله: مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، دار النفائس، بيروت، ١٤٠٣ - .٣٨٣ ، ١٩٨٣ ، ص ٣٧٩ (٢) . سالم السيابي: كتاب إرشاد الأنام في الأديان والأحكام، ج ٣، ص ٢٤٣(٣) جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٣١ . لكن لابن بركة رأي آخر، وهكذا قال: والجزية ساقطة عن النساء والصبيان والعبيد بإجماع الأمة، قال أصحابنا: ولا تجب على »الزمنى والرهبان، ولا على الشيخ الفاني، وقد وافقهم بعض مخالفيهم على ذلك، والنظر يوجب أخذ الجزية منهم إلا من خرج بالإجماع، قال الله تعالى في كتابه: ﴿ NM _^]\[ZYXWVUTSRQPO ` / ihgfedcb ﴾[ [التوبة: ٢٩ . .« فظاهر الآية يوجب أخذ الجزية من الرهبان والشيوخ وغيرهم إلا من خصه بالإجماع ّ . ابن بركة: كتاب الجامع، ج ١، ص ٦٣٢ . معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٨٣ فقد مر عمر ƒ في مسيره إلى الشام لفتح بيت المقدس بقوم قد  أقاموا في الشمس يعذبون، فقال لهم عمر: ما بال هؤلاء؟ فقيل: يعذبون في ُُ فقال عمر: ،« ما نجد ما نؤدي » : الخراج، فقال: ما يقولون؟ فقيل: يقولون دعوهم ولا تكل ّ فوهم ما لا يطيقون، فإني سمعت رسول الله ژ يقول: لا »    تعذبوا الناس في الدنيا يعذ ّ « بكم الله يوم ا لقيامة« فخلى سبيلهم(١) . وعن عمر بن الخطاب ƒ ، أنه مر على ذمي مريض، مطروح في طريق، فلما رآه قال: أخذنا منه الجزية صحيح ً ا، ونضيعه مريض ً ا!! كأنه يرى أن ينفق عليه من بيت ا لمال(٢) . خامسا الذمة التي يعقدها أحد حكام المسلمين تكون نافذة حتى عند ً حدوث تغيير للحاكم الذي أبرمها: يعد ذلك تطبيق ً وهو أحد المبادئ التي تقوم ،« استمرارية الدولة » ا لمبدأ عليها العلاقات الدولية ا لمعاصرة(٣) . لذلك جاء في ا لمصنف: فإذا ظفر الإمام بأرض المسلمين، وفيها ذمة. وقد كان ع » َق َد َه َ ا لهم ج َب ّ ار ُ تلك الأرض، التي قد استولى عليها قبل الإمام، لم يكن للإمام أن ينقض ذمة الجبار، ويحل عليه ما عقده لهم. (١) أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المرجع السابق، ص ٤٠٩ -.٤١٠ (٢) ابن جعفر: الجامع، ج ٣، ص ١٤٢ ؛ ابن سلام: كتاب الأموال ص ٤٨ ؛ العوتبي: كتاب . الضياء، ج ٣، ص ١٤٥ (٣) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ٦، ص ٩٢ . انظر أيض ً ا الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٣، ص ٧٠٤ . واستمرار الصلح على مال معين قد يترتب عليه تكييفه بطريقة مغايرة، يقول ا لنزوي: وإذا صالح المسلمون المشركين على صلح قبلوه منهم، على مسالمتهم على الحرب. فإذا »كان لما يستأنفون يؤدونه، فهذا ليس بغنيمة. وهذا جزية مثل ما جرى بين أهل سقطرى. . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٦٧ « وأما ما كان لما مضى. فما أحراه أن يكون غنيمة وكذلك إن كان الجبار قد أخذ منهم الجزية لأعوام قد انقضت، في حال استيلائه على تلك ا لأرض. فإن قال قائل: لم جعلتم فعل الجبار كفعل الإمام في العهد وأخذ الجزية، عندكم أنه لا يستحق أخذها؟ قيل له: لقول النبي ژ : المسلمون يد على من سواهم يسعى بذمتهم » « أدناهم فهذا الخبر يوجب إسقاط أخذ الجزية منهم بعد أن أخذها من هو « أدنى المسلمين بتأويل(١) .  حري بالذكر أن اتجاه ً ا في الفقه الإباضي يرى أن دفع الجزية إلى الجبابرة يعني وفاء صحيح ً ا إليهم يسري تجاه ا لإمام(٢) . سادسا ينتقض عهد الذمة إذا ارتكب الذمي أفعالا ً تتعارض والغرض ً من إبرامه، ومنها الجرائم خصوصا: كالقتل، وقطع الطريق، والزنا، أو ً  (١) ذات المرجع، ص ١٦٨ ؛ ابن بركة: الجامع، ج ١، ص ١٨٨ - ١٨٩ ؛ الرستاقي: منهج . الطالبين، ج ٣، ص ٧٠٤ (٢) يقول ا لصبحي: وليس على الجبابرة الجزية إذا تابوا على من أخذت منه على قول من قال: إن الخطاب »في محاربة أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عام لأهل القبلة وإن صالح أهل الذمة وأخذها منهم فلا تحرم عليه لأنها من الفيء على المسلمين للغني والفقير والبار والفاجر. وهذا على قول من يجيز محاربة أهل الذمة والشرك للمسلمين مع ا لجبابرة. وأما في الأثر عن بعض المسلمين أنه لا يجوز للمسلمين أن يحاربوا مع الجبابرة أهل الشرك لأنهم يوصلون بها إلى أخذ الفيء والغنيمة والإمام أولى بذلك وهذا القول يجب عندي عليهم الضمان لأنه متعد ضامن. .« والأول أحب إلى أن لا ضمان عليهم الصبحي: كتاب الجامع الكبير، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ - ،١٩٨٦ ُ ج ٣، ص ٢١٠ -.٢١١ التجسس لصالح غير المسلمين أو إن دلهم على عورة من عورات المسلمين... إلخ(١) . سابع ً ا على المسلمين الوفاء بالذمة وعدم الخروج على ما توجبه. لذلك قيل: وإن انتصر الذمي من المسلم، حين أراد قتله، أو غصب ماله ظلما » ً واعتداء، فلا سبيل على الذمي؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿ ¯° ²± ³´ ¶µ ¸ ﴾ «[ [الشورى: ٤١ . علة ذلك أن: « الذمي إذا دخل في العهد، فليس لأحد أن يظلمه، ولا يعتدي عليه »(٢) . يقول القرافي بخصوص أهل ا لذمة:  فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة في عرض أحدهم أو نوع » من أنواع الأذية أو أعان على ذلك فقد ضيع ذمة الله تعالى وذمة رسوله ژ  « وذمة دين ا لإسلام(٣) . ثامن ً ا يوجب عقد الذمة الدفاع عنهم ومنع أي اعتداء على حقوقهم: هذا أمر تحتمه الذمة، فأهل الذمة يقيمون في الدولة الإسلامية، مما يحتم عدم منعهم الحقوق الواجبة لهم، بل وصد أي اعتداء عليهم كما هو الحال بالنسبة للمسلمين. وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك، يقول ا لرقيشي: (١) معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٥٨ . مثال ما تقدم: إن يهوديا أو نصرانيا، أذعر دابة عليها امرأة فصرعها، وكشف عورتها. فأمر عمر بن الخطاب ƒ بقتله. وقال: ما على هذا صالحناهم، أو ليس على هذا عاهدناهم. ويروى: . أنه قطع يده. الرستاقي: منهج الطالبين، ج ١٠ ، ص ٤٣ انظر كذلك تفصيلات أكثر حول نقض عهد الذمة (لاحق ً ا: فقد الجنسية في الفقه ا لإباضي). (٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، ذات المرجع، ص ٤٢(٣) . القرافي: الفروق، عالم الكتب، بيروت، ج ٣، الفرق ١١٩ ، ص ١٤ المشرك إما أن يكون ذميا أو حربيا فالحربي لا تلزم حقوقه وأما الذمي » ًً « فتلزم حقوقه من دفع الظلم عنه ومن إغاثته إلى غير ذلك من تأصيل ا لحقوق(١) . تاسع ً ا احترام المعتقدات الدينية لأهل ا لذمة:  يعد ذلك تطبيق ً ا للمبدأ الإسلامي: ﴿ ÔÓÒÑ ﴾ [ [البقرة: ٢٥٦(٢) . وإذا كان عدم إكراه أهل الذمة على اعتناق الإسلام يشكل القاعدة العامة،  فإن ذلك يحتم أيض ً ا احترام ما يتفرع عن ذلك من أمور.  يكفي أن نذكر هنا قول ا لرستاقي: « ومن تزوج يهودية أو نصرانية، فلا يطؤها في صومها ا لفريضة »(٣) . ومن أفضل من عبر عن هذه المسألة في الفقه الإباضي الإمام السالمي (٤) .  (١) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٥٩(٢) « قتال المشركين معلل بالحرابة وليس باختلاف الدين » فالقاعدة في الفقه الإباضي أن معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٨١٨ -.٨١٩ (٣) . الإمام الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٧، ص ٦٨٧(٤) إذ يقول إن أحكام أهل الذمة، هي: أنهم يق » َرون على ديانتهم التي دانوا بها، ولا يصح لنا التعرض عليهم في شيء من ذلك ُ ُُ وإن أكلوا لحم الخنزير وشربوا الخمور وتزوجوا ذوات المحارم، إذا كان في أصل الشرع َُ ِ الذي تدين ْ ُ وا به أن َ ذلك حلال ٌ ، وي ُ جع َل ُ لهم من َ الأحكام ِ جميع ما ث َبت َ في شريعتهم َُ فيثبت ُ لهم النسب بذلك النكاح، وت َجري عليهم بسببه ا لنفقات ُ وغير ذلك َ ، ما لم َُُُْ ُ يطل َ ُب ُوا ح ُ كم َ المسلمين، فإذا طل َ بوا ذلك َ من َ الإمام أو نائبه، أج َ ْ ر َ ى عليهم ح ُ كم َ العدل. وكذلك تثبت لهم المعاملة ُ فيما بينهم، بنحو: الخمر ِ ولحم ِ الخنزير ِ وغير ِ هما مما هو َُُ ُُ ََُ حلال ٌ في دينهم، حتى إنه يضم َ ن ُ م َ ن أراق َ خمر َ هم، وم َن ْ أضاع َ لحم َ خنزيرهم، ونحو َ ذلك، لكن ي ُؤم َ رون َ بس َ ت ْر ِ ما ي ُخالف ُ شرع َ المسلمين، ولا ي ُق َرون َ على فعل ِ ما لم يكن في شرعهم، كأكل الربا، فإنهم قد ن ُ هوا عنه، لقوله ِ ِ تعالى: ﴿ ³²± ´µ ﴾ ُ [ [النساء: ١٦١ ولا يعط َ ون َ الذمة، ولا عهد َ .« لهم، حتى يتركوا ا لربا = ُ واعتناق أي دين يقوم أساسا على الاعتناق الحر الخالي من أي إكراه، ً وقد أكد ذلك قوله تعالى: ﴿ ÜÛÚÙØ×ÖÕÔÓÒÑ éèçæåäãâáàßÞÝ  ëê ﴾ [ [البقرة: ٢٥٦ . ونفي الإكراه في الآية يعني النهي عن كل صوره، قليلة أو كثيرة، يقول أطفيش: » ﴿ ÔÓÒÑ ﴾ لا ت ُ كرهوا في الدين، فإنه خبر، بمعنى النهي، أو ليس من دين الله أن تكرهوا على الدخول فيه كالحبس والضرب أو الإيجاع أو الإعراء حتى يسلم، أو لا يكره الله أحد ً ا على الدين، بل جعل « الأمر ا ختياريا من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر(١) . لذلك أكد سبحانه أنه ليس على رسوله ژ إلا البلاغ والتذكير: ﴿ °± ³² ❁ ¶µ ¸ ﴾ [٢٢ ، [الغاشية: ٢١ ، وأنه ليس له أن يلح ّ على  الناس بالإيمان به: ﴿ ,+*)( -﴾ [ [الشعراء: ٣ ، ﴿ 987 <;: = FEDCBA@?> ﴾ [ [يونس: ٩٩ . وقد أكد الفقه الإباضي على مبدأ عدم إجبار غير المسلمين على الدخول في ا لإسلام. وأما العجم، من جميع أهل الشرك فإنهم لا يجبرون » : يقول النزوي « على الإسلام، ولكن من أسلم منهم قبل الظفر به، فهو مسلم حر(٢) . = السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٨٠ . راجع أيض ً ا الوارجلاني: الدليل والبرهان، المجلد . الثاني، ج ٣، ص ٦٥(١) أي: لم يجر الله أمر » : أطفيش: تيسير التفسير، ج ٢، ص ١٤٥ . وبخصوص ذات الآية قيل الشيخ المنذري: جواب « الإيمان على الإجبار والقسر، ولكن على التمكين والاختيار الرسالة النسطورية، مكتبة مسقط، ١٤٣٣ -. ٢٠١٢ ، ص ١٥١ (٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٣٥ . انظر أيض ً ا ابن العربي: أحكام القرآن، . ج ٤، ص ١٧٩٧   ويقول بكير بن بلحاج: اتبع الإباضية في مسألة حرية الفكر والعقيدة سياسة مبدأ أهل القبلة » أمة واحدة وإن اختلفت آراؤهم، إلا من حلل حراما أو حرم حلالا ً ، ولقد ً بقيت هذه السياسة متبعة مدة الحكم الإباضي سواء في الشرق أو ا لغرب. إن النظام الرستمي قد أتاح لأبنائه حريات ثلاثة كانت دعائم متينة للدولة وسبيلا ً لمساعدة جميع من سكنها وهي: حرية الفكر والمعتقد الإسلامي، حرية الاقتصاد، وحرية التقنين والتشريع السياسي والاجتماعي. في ضوء وحدة إسلامية متكاملة مطبقة لأحكام الله وما جاء في أحكام السياسة ا لشرعية. ومسايرة لهذه الدعائم الثلاثة فقد قصد هذا المجتمع عدة أجناس مختلفة وضمت عدة قوميات من بربر وعرب وفرس، وديانات أخرى سماوية « كالنصرانية واليهودية، إلى جانب الاختلاف المذهبي بالنسبة للمسلمين(١) . (١)بكير بن بلحاج: الإمامة عند الإباضية بين النظرية والتطبيق، مقارنة مع أهل السنة والجماعة، المرجع السابق، ص ٢٦٥ - ٢٦٦ . ويضيف أيض ً ا: أما سياسة الإباضية مع أهل الذمة فقد اتسمت بالطابع الشرعي، لهم ما للإباضية وعليهم »ما عليهم، وهذا ما يستنتج من عهد الإمام ا لصلت بن مالك لغسان بن جليد حين بعثه وليس على الصبيان والشيخ » ، واليا على (رستاق عجار) منطقة في عمان وما جاء فيه ًُ .« الفاني وعلى الفقراء وعلى الزمناء وعلى النساء وعلى العبيد ولا على الإماء شيء وقد تمتع غير المسلمين بحرياتهم الأساسية، ويذكر الأستاذ عيسى الحريري والشيخ محمد علي ديوز أنه قد ساكن الإباضية أقوام من البيزنطيين والقرطاجيين والرومان ثم المسيحيون واليهود والسودانيون، وكان منهم القيم ومنهم المتعلم أو المتعامل اقتصاديا ً كاليهود والنصارى، وقد دخل هؤلاء الغرب مع الجيوش الإسلامية لإخماد ثورات البربر فاستقروا هناك، ولم يمنعوا من التعامل إلا في ما حرم الله من جلب البضائع المحرمة كالخمر والخنزير، ونتيجة لسياسة التسامح، فقد وجد بعض المسيحيين مكانة خاصة لهم ذات المرجع، ص ٢٦٩ « لدى بعض الأئمة الرستميين كأبي بكر بن أفلح -.٢٧٠ أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٢١٦ وهناك أمثلة عملية كثيرة على رفض الإباضية الإكراه في الدين، ورد كثير منها في بيان ا لشرع: من ذلك ما ذكره صاحب بيان ا لشرع: مسألة: أحسب عن أبي عبد الله وسألته عن أمير من الجبابرة عرض » على قوم من أهل الذمة الإسلام فأبوا أن يسلموا فقتلهم، ثم عرض على قوم من أهل الذمة آخرين فأسلموا، مخافة القتل فلما ظهر العدل قالوا: إنما كان الجبار جبرنا على الإسلام فأسلمنا ونحن نرجع إلى ديننا ونعطي الجزية؟ قال: إذا أقاموا بينة أنهم عرض على غيرهم فلم يسلموا فقتلوا أو هؤلاء يرون ذلك فإن لهم أن يرجعوا إلى دينهم. « قلت: وإن كان ولد لهم أولاد على ذلك الجبر؟ قال: الله أعلم(١) . ومن ذلك عن نصراني دخل في دين اليهودية أو أشرك؟ فقال أبو الوليد: أي الملتين دخلت في دين صاحبتها لم يعرض لهم المسلمون، وأما الذي خرج من دين أهل الكتاب إلى دين أهل الأصنام فلم نحفظ شيئ ً ا ولكنا رأينا أن لا يترك ولا كرامة له(٢) . ومن ذلك عن أبي عبد الله عن اليهودية التي قالت أنا بريئة من ديني داخلة في الإسلام فقلنا لها دخلت في الإسلام؟ قالت: نعم. قلت ويلزمها الإسلام؟ قال: نعم. (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٢٩ ، ص ١٠٥ - والمجوسي » : ١٠٦ . كذلك قيل إذا أجبره الجبار على الإسلام فلما مات الجبار رجع إلى المجوسية فإنه لا يمنع من ذلك . العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ١٢٩ « إذا كان إسلامه على الجبر (٢) . ذات المرجع، ص ١٠٦ قال أبو مروان: لا أرى يلزمها القتل بهذا القول إن رجعت عنه حتى تقر بجملة الوظائف، والوظائف شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد ً ا رسول الله وأن ما جاء به محمد حق من عند ا لله(١) . ويقول السالمي إن الفقه الإباضي يذهب إلى أن النصرانية التي تكون تحت المسلم تجبر على الاغتسال من الحيض إذا طلب منها زوجها ذلك، لأنها قد: امتنعت عن أداء حقه، فالجبر إنما من جهة الحكم لا من جهة » ُ التعبد؛ لأنها تقر على دينها، ولا تجبر على دين المسلمين؛ لقوله  تعالى: ﴿ ÚÙØ×ÖÕÔÓÒÑ ﴾ [ [البقرة: ٢٥٦(٢) . يؤيد ذلك أيضا أن السنة النبوية درجت على احترام حرية العقيدة لغير  ً  (١) . ذات المرجع، ص ١١٠ كذلك قيل عن الإمام الصلت بن مالك قال: وصل كتاب من والي صحار إلى الإمام عبد الملك بن حميد يذكر فيه أن يهوديين اقتتلا بالساحل فقال واحد منهم: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد ً ا رسول الله فقال: أعينوا أخاكم المسلم، ثم أخذ القائل بهذا وأنكر المقالة ولم يقر بالإسلام فجمع الإمام عبد الملك بن حميد الأشياخ فأرادوا أن يجيبوا فيه جواب ً ا كأنهم يرون أن ذلك يلزمه ثم كتبوا إلى موسى بن علي 5 يستشيرونه في أمر اليهودي، فكتب إليهم موسى بن علي أن يشد على اليهودي ويهدد بالقتل فإن أسلم قبل منه وإلا فلا قتل عليه. وقال أبو عبد الله 5 إنما لم يلزمه القتل لأنه لم يقر بجملة الإسلام لأن القول الذي يلزمه به الإسلام ويجب عليه القتل في تركه إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد ً ا رسول الله وأن جميع ما جاء به محمد حق ً ا من عند الله، فهذا الذي يدخل به في الإسلام ويخرج به من الشرك، وكذلك عندنا الذي يريد أن يدخل في الإسلام من المشركين عند أحد من المسلمين يغتسل ويتطهر ويقول هذه المقالة وقد دخل في الإسلام ثم يؤمر بالختان وتعلم الفرائض (ذات المرجع، ص ١٠٩ -.(١١٠ (٢) الإمام السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٥٠ -.٤٥١ ِ « المسلم(١) أن يظهر في داره ما شاء من أمر » ، ذلك أن المعاهد له ُ    « دينه(٢) . وقد أكد الإباضية أن عدم الإكراه يسري حتى على العبيد. يقول   وإن اشترى مسلم غلاما نصرانيا، أو يهوديا، أو مجوسيا، فقال له » : الرستاقي ً الرجل المسلم: أسلم، قال: لا أسلم. إنه ليس لمولاه أن يجبره على الإسلام،  ويدعه ودينه، فإن شاء أمسكه، وإن شاء باعه.   وإن كان المشركون جلبوه من بلاد الهند، تركه على دينه. وإن جلبه المسلمون وهو مشرك، فللمسلمين أن لا يدعوه يدخل في  « شيء من هذه الأديان إلا دين ا لإسلام(٣) .  عاشرا بخصوص بناء أهل الذمة في أرض مملوكة لهم، يوجد رأيان ً في الفقه الإباضي عرضهما النزوي، كما يلي: وعن أبي علي في أهل الذمة إذا بنوا وعلوا دورهم على أهل الصلاة » فما عندنا في ذلك أثر وما نحب أن يحال بين أهل الذمة وبين مرافقهم في رفع البناء إذا ه ُ م ستروا على أنفسهم وأحصنوا بناءهم حتى لا يخاف من قبلهم خيانة بأبصارهم وقال غيره من الفقهاء ليس لهم أن يشرفوا على أهل « الصلاة بالغرف إلا أن يكون بناء قد سبق لهم(٤) . (١) والنبي لم يمنع قبل فرض الجهاد ولا بعده وثنيا دخل في دين » : يقول ابن قيم الجوزية أهل الكتاب، بل ولا يهوديا تنصر، أو نصرانيا تهود، أو مجوسيا دخل في ا لتهود والتنصر؛ ابن قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، تحقيق: .« بل جمهور الفقهاء اليوم يقرونه على ذلك د. صبحي الصالح، مطبعة دمشق، ١٣٨١ -. ١٩٦١ ، ج ١، ص ٧٠ (٢) . ذات المرجع، ج ٢، ص ٨١٦ (٣) الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٩، ص ٣٣٠ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٥٥ - ٥٦ ، ص ١٤٠ . بل وكان » بخصوص إسلام المشرك يقول أبو المؤثر: إن ابن محبوب كان يعلم الهند الإسلام ابن جعفر: الجامع، ج ٥، ص ٢٩٤ « الهند الذين أدخلهم في الإسلام بالغين -.٢٩٥ (٤) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٢١٢ . وراجع ما قاله الكندي بخصوص = أن يحال بين » معنى ذلك أن لأهل الذمة أن يرتفعوا بالبناء، إذ لا يجوز إلا أن ذلك مشروط بعدم الإضرار .« أهل الذمة وبين مرافقهم في رفع البناء بالمسلمين وبعدم إساءة استعمال الحق: فلا يجوز تعلية البناء إذا كان ينتهك الحق في الخصوصية (بأن يشرفوا على ما بداخل مسكن المسلم)، فإن انتفى ذلك كان لهم هذا الحق. وواضح أن هذا الآن مع تقدم أساليب البناء أصبح غير متوافر في الغالبية العظمى من ا لحالات. ولعل ذلك يذكرنا بما حدث مؤخرا في سويسرا من صدور قانون يمنع ً بناء المآذن على مساجد المسلمين هناك، وهو أمر غريب، الأمر الذي يبين مدى تسامح الفقه الإباضي والفقه الإسلامي في هذا ا لخصوص. ٣ الحكم بين أهل ا لذمة: في الفقه الإباضي إذا ترافع أهل الذمة إلى الحاكم المسلم، فله أن يحكم بينهم ولا يرفض ذلك. يقول ا لنزوي: وقد غلط بعض مخالفينا فقال: للإمام أن يحكم بين أهل الذمة، إذا اختلفوا إليه. وله أن يعرض عنهم؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿ &'( )* ,+ ﴾ [ [المائدة: ٤٢ . قالوا: فهذا تخيير وهذه عند العلماء منسوخة بقوله: ﴿ «ª ¬¯® ° ³²± ﴾ [ [المائدة: ٤٩ . وقد وضع الإباضية عدة قواعد تحكم ا لمسألة(١) : أولا ً أن الحكم في النزاع يستوي فيه أن يكون أطرافه كلهم غير مسلمين أو أن يكون بين أهل الذمة ومسلمين. = النصراني الذي أوصى أن يبنى في أرضه بيعة وأرضه في مصر، هل يجوز ذلك؟، في الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٢٩ ، ص ١٠٨ -.١٠٩ (١) انظر أيض ً ا تفصيلات أكثر: ما قلناه لاحق ً ا عند بحثنا للاختصاص القضائي ا لدولي. ثانيا أن الفصل في نزاع بين أهل الذمة بواسطة الحاكم المسلم يفترض ً تراضيهم على ذلك، أو على الأقل موافقة طرف واحد من أطراف ا لنزاع. ثالث ً ا أنه بخصوص إمكانية إصدار حكم غيابي على طرف في نزاع بين أهل الذمة (وهو يكون كذلك إذا مثل أمام القاضي المسلم طرف واحد، وغاب الطرف الآخر عن مجلس القضاء) هناك رأيان في الفقه ا لإباضي: الأول يجيز الفصل في النزاع رغم غياب الطرف ا لآخر. والثاني ولم ،« فإن جاءوك » : لا يجيز ذلك، لأن الآية الكريمة تقول « فإن جاءك أحدهم » : تقل(١) . (١) استنبطنا القواعد المذكورة أعلاه مما جاء في ا لمصنف: وإذا أصاب أهل الذمة حدود، أقامها عليهم بظاهر الأدلة. قال أصحابنا: يحكم عليهم »الإمام فيها، بما عنده، من حكم الله، مما هم يحرمونه، في دينهم. وإن كانت بينهم وبين المسلمين منازعة، في الأموال، كانت الخصومة بينهم وبينهم. والحكم في ذلك كالخصومة، والحكم بين ا لملتين.... وإذا تحاكم قوى نصارى، إلى حاكم، من حكام المسلمين. فقال أحدهما: لي بينة نصارى، فأنا أتقدم إلى صاحب ا لنصارى. قال الآخر: لا أرضى إلا بالمسلمين، فإنه يحكم المسلم بينهما، وتقبل شهادة النصارى على النصارى. ولا يرفعهما إلى حاكم النصارى، إلا أن يرضيا جميعا بحكم ا لنصارى. ً قال أبو عبد الله: ولو رضيا جميعا بحكام النصارى، لم يردهم المسلمون إلى حكام ً النصارى. ولكن يحكم بينهم بالحق. وأظن عن قومنا واختلفوا في الذمي، إذا جاء دون خصمه، ليدعو له خصمه، فينظر بينهم. ِ يقول: لا ينظر بينهم، حتى يأتي الخصمان جميعا. وبه قال مالك ولعل من حجته قول الله: ً ﴿ &' ﴾ ولم يقل: جاءك أحدهم. قال غيره: .« يحكم على الغائب، إذا جاء أحدهما النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ١٤٥ -.١٤٦ وإذا كان الفقه الإباضي يوافق على أن يتحاكم أهل الذمة إلى المسلمين، فإنهم لا يجيزون الفرض العكسي: فلا يوافقون على تحاكم المسلمين إلى أهل ا لكتاب (١) . ٤ جواز أكل طعام أهل الذمة (وأهل الكتاب بصفة عامة)، وكذلك الزواج من نسائهم: يحكم هذه المسألة في الفقه الإباضي القواعد ا لآتية: أولا ً أن أكل طعام أهل الكتاب يكون جائز ً ا إذا لم يكونوا في حرب مع المسلمين: يقول السالمي بخصوص النصارى واليهود ا لمحاربين: فذبائحهم إذا كانوا حربا للمسلمين حرام ورطوباتهم نجسة، وطعام » ً « ا(٢) الذين أوتوا الكتاب يحل لنا إن كانوا صلحا لا حرب ًً . ثانيا أن طعام أهل الكتاب حلال للمسلمين قال الله تعالى: ﴿ « ً ¬ ½¼»º¹¸¶µ´³²±°¯® ÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾ ÍÌËÊ﴾ [ [المائدة: ٥ . (١) يقول الإمام أطفيش: ولا يحل للمسلمين أن يتحاكموا إلى أهل الكتاب والمشركين أو لم يكفهم زجرا ما في » ً كتاب الله تعالى من قصة المتحاكمين إلى بردة الكاهن الأشرفي وكعب بن الأشرف رأس المنافقين فأنزل فيهم ﴿ 9876543210/ =<;: >﴾ [ [النساء: ٦٠ إلى قوله: ﴿ po﴾ [ [النساء: ٦٣ فهذه . أطفيش: كشف الكرب، المرجع السابق، ج ١، ص ١٧٣ « بعينها وكفى لها لمن عقل(٢) جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ١، ص ١٩٢ . ويقول أطفيش: ومن أقوال المذهب أن المشرك مطلق » ً ا إن عمل طعاما بحضرتك ولم يغب به أو جاء ً أطفيش: كشف الكرب، وزارة التراث والثقافة، « بثوب غير منشور فاحكم بطهارة ذلك سلطنة عمان، ١٤٠٥ ُ - . ١٩٨٥ ، ج ١، ص ١٤٦   يقول الشيخ بيوض: أما عن ذبائح أهل الكتاب التي هي المراد بالطعام في قوله تعالى: » ﴿ ° ³²± ´µ ﴾ فإن الشرط في حلها لنا أن تكون طعام ً ا لهم، أعنى أنها حلال لهم في دينهم بفتوى علمائهم كيفما كانت طريقة ذبحهم لا تشترط فيها طريقة معينة من الذبح أو النحر مثلا ً ، هذا في أهل الكتاب الذين هم اليهود والنصارى أصحاب التوراة والإنجيل، وأما غيرهم « ا(١) من سائر المشركين فلا يحل لنا من ذبائحهم شيء مطلق ً . ويعلل الشيخ بيوض الحكمة من تحليل طعام أهل الكتاب وتحليل المحصنات من نسائهم تعليلا ً رائع ً ا، بقوله إن ذلك يكمن في أن: يقتربوا من دين الإسلام ويجعل بينهم وبين المسلمين صلة، ليألفوا » ُ ُ دين الإسلام، وليظهر لهم يسره وسماحته، وليعلم الناس أنه دين ألفة لا دين فرقة، ولأن لأهل الكتاب مزية على الوثنيين وهي إيمانهم بوحدانية الله والأنبياء والرسل والكتاب والموت والبعث والحساب والجنة والنار. فيجب « أن تراعى هذه القرابة بينهم وبين ا لمسلمين(٢) . (١) فتاوى الإمام الشيخ بيوض، مكتبة أبي الشعثاء، سلطنة عمان، ١٤١١ -. ١٩٩٠ ، ص ٥٧٥ ُ (٢) ذات المرجع السابق، ص ٥٧٤ . ويرد الشيخ بيوض على شرط بعض الفقهاء أن يكونوا باطل » : تحت الذمة أو معاهدين، أو تكون ذبيحتهم تحت رقابة المسلمين، بقوله إن ذلك لم يشترطه الله ولا رسوله، بل فعل النبي ژ والصحابة يدل على خلاف هذا، فقد روي (أن ا لنبي ژ أهدت له اليهودية كتف شاة مسمومة وهي محاربة في غير خيبر فأكلها هو وأصحابه) ولكن لم يضره هذا السم لأن الله تعالى أخبره بذلك، وقد غنم الصحابة من خيبر شيئ ً ا كثيرا من الشحم واللحم فلم ينكر عليهم الرسول، مع أن هذه الآية كما قلنا من ً آخر ما نزل. فهي تثبت الحلية فإذا حلت الذبائح فالمطعومات من باب أولى، وأما نكاح ذات « المحصنات من نسائهم فكذلك لم يرد فيه قيد ولا شرط في الكتاب ولا في ا لسنة . المرجع، ص ٥٧٣ وهكذا لا يمانع الإباضية في أكل طعام أهل الكتاب، وفي الزواج من نسائهم(١) . ويدل ذلك على تسامح الفقه الإباضي بخصوص جواز أكل طعام كيفما كانت طريقة ذبحهم لا نشترط » : أهل الكتاب، كما قال الشيخ بيوض فيها طريقة معينة من الذبح أو النحر مثلا ً .« وهذا أمر لا يأخذ به غير المسلمين حتى ا ليوم (٢) . ا على قول ابن حزم إنه شاهد الإباضية عندهم في الأندلس يحرمون طعام أهل الكتاب، (١)رد يقول الشيخ علي يحيى معمر: علماء الأمة جميعا ومنهم علماء الإباضية لا يختلفون في أن طعام أهل الكتاب حلال » ً للمسلمين عندما يكون أهل الكتاب تحت الذمة؛ أي: تحت الحكم الإسلامي، خاضعين لرقابته، ولا يختلف الإباضية عن غيرهم من المسلمين في هذا الحكم للنص القرآني الكريم:  ﴿ ª ¼»º¹¸¶µ´³²±°¯®¬« ÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½ ÙØ×ÖÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌË﴾ [ [المائدة: ٥ . ولا يوجد أحد من علماء الإباضية يخالف النص، ويقوم بتحريم طعام أهل الكتاب هكذا على الإطلاق كما ادعى ابن حزم ولكن منهم من يشترط لحلية ذبائح أهل الكتاب أن يكونوا تحت الذمة؛ أي: تحت إشراف حكم الدولة المسلمة ورقابتها، فإذا كانوا كذلك حل طعامهم ونكاح الحرائر من نسائهم أما إذا خرجوا عن الذمة، بأن لم يكن بينهم وبين المسلمين صلة ولا علاقة أو كانوا محاربين لله ورسوله، أو كانوا مؤيدين لمن يحارب الله ورسوله، مساعدين له، فإنه لا يحل طعامهم؛ أي: ذبائحهم، ولا نكاح الحرائر من نسائهم كما هو الحال في وقتنا الحاضر لمن لم يكن تحت الحكم الإسلامي، ومن علماء علي يحيى معمر: « الإباضية من يعمل بعموم الآية فيجيز ذلك على جميع الأحوال الإباضية بين الفرق الإسلامية، المرجع السابق، ص ٣٥١ - .٣٥٢ (٢) فقد جاء في جريدة لوموند يوم ٢٧ فبراير ٢٠١٢ أن نيابة حي نانتير في فرنسا فتحت تحقيق ً أي: ذلك المذبوح وفق ) « اللحم الحلال » ا بخصوص ً ا للطريقة الإسلامية) حيث قدمت إليها شكاوى لاعتراض الناس على أكلها. ولأهمية هذا الأمر نذكره لك بحذافيره، حيث جاء كما يلي: «Le parquet de Nanterre a = décidé d’ouvrir, Vendredi 24 février, une enquête préliminaire, après le dépôt d’une plainte ٥ تفنيد بعض الآراء بخصوص أهل ا لذمة: أولا ً كيفية التعامل اليومي مع أهل الذمة (رأي جريء للإمام ابن بركة): يقول ابن بركة: أجمع علماء أصحابنا فيما علمت على المنع من مصافحة أهل الذمة، وأن يعادوا إذا مرضوا، وأن يكن ّ وا إذا خوطبوا، وأن يبدءوا بالسلام إذا لقوا. والنظر لا يوجب عندي ذلك إلا من قصد إلى تعظيمهم » : يقول ابن بركة والإجلال لهم بذلك. ألا ترى إلى قول الله جل ذكره: ﴿ MLKJI ]\[ZYXWVUTSRQPON ^﴾ [ [الممتحنة: ٨ . ثم قال: ﴿ ` gfedcba utsrqponmlkjih﴾ [ [الممتحنة: ٩ (١) . contre X par le Front national, jeudi 23 février, pour «tromperie» sur les conditions de = vente de la viande halal en France. Cette plainte, qui vise aussi des «actes de cruauté›› envers les animaux domestiques, a été déposée à la demande de deux associations, selon l’avocat du FN, M Wallerand de Saitـ Just: la Coordination francilienne de protection des consommateurs et l’Association francilienne de protection et de défense des animaux. Toutes les deux ont pour répresentant légal un conseiller régional FN de Lorraine, JeanـFrançois Jalkh. La candidate à l’élection présidentielle du FN, Marine Le Pen avait lancé une polémique, le 18 février, en déclarant que «l’ensemble de la viande qui est distribuée en lleـdeـ France (…) est exclusivement (…) halal». Une distribution qui se fait «à l’insu du consommateur» aـtـelle assuré» Le Mond, 27 Fevrier 2012, P. 12. (١) ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٢٦ ؛ انظر أيض ً ا الكندي: بيان الشرع، . المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٧٩ ونحن نوافق على هذا الرأي للإمام ابن بركة لأنه يتفق أيضا مع قوله ً تعالى: ﴿ ¸ º¹ ﴾ [ [البقرة: ٨٣ فلم يخص قولا ً دون قول، ولم وإنما ،«( يخص أناسا دون أناس آخرين، (فلم يقل سبحانه: وقولوا للمسلمين ً يشمل أي قول، ويخص أي إنسان بشرط وحيد أن يكون القول حسن ً ا لا تجريح فيه، ولا سب ولا قذف.  ِ ثانيا لبس وزي غير ا لمسلمين: ً ُْ الرأي في الفقه الإباضي أن اليهود والنصارى والمجوس والصابئين إذا  كانوا في بلاد ا لمسلمين: أنهم يؤمرون أن لا يتزيوا بزي المسلمين ليعرفوا فيما يجب لهم وعليهم »   من الأحكام الخارجة من أحكام المسلمين، فيؤمرون بشد الكسابيح وهي الزنانير في أوساطهم، وهي الخيط وغيره، وأن يغيروا لباسهم فتكون أرديتهم مغيرة بما يعرفون به عن زي المسلمين، وأن يقلبوا أشراك نعالهم عن زي ما يعرف به المسلمون، وأن لا يلووا أكوار عمائمهم في حلوقهم، لأن ذلك من زي المسلمين، وأن لا يطيلوا شعورهم لئلا يتزيوا بزي المسلمين، ويقصروا من مقدم شعورهم، ويطيلوا مؤخرها إن أرادوا ذلك أن يطيلوا شعورهم. ولا يحلقوا رؤوسهم كلها فيتزيوا بزي المسلمين، ولا يركبوا على السروج ويركبوا على الأكف إن أرادوا ذلك وإلا فلا يركبوا، وأن لا يحلوا الزنار من أوساطهم، ولا يمشون في قارعة الطريق، ولكن يلجون في جوانبها، ولا يلبسون الأخفاف إلا مقطوعة من الكعبين أو إلى ما دون ا لكعبين. ويعجبني أن لا يتزيوا من الختم بما يتزيا به المسلمون، فيجعلونها في « يسارهم، ولكن إن أرادوا ذلك فيجعلونها في أيمانهم(١) . (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٢ ، ص ٤٨ - ٥٠ ؛ الجامع المفيد من أحكام = ويبدو أن العلة من ذلك هي: ليعرفوا فيما يجب لهم وعليهم من الأحكام الخارجية من أحكام » « المسلمين(١) . ولما كان الحكم يدور مع علته وجود ً ا وعدما. فإننا نرى أنه في العصر ً الحالي يمكن عدم تطبيق ما سبق ذكره بخصوص لباس أهل الذمة وزيهم، إذ الآن الإنسان يعرف من جواز سفره أو من بطاقته الشخصية أو بطاقة الهوية.  وهو ما أخذ به الفقه ا لإباضي(٢) . ثالث ً ا بخصوص دفع أهل الذمة للجزية: من المعلوم أن عمر بن الخطاب فرض على بني تغلب العشر، ولم يفرض عليهم ا لجزية. = أبي سعيد، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٢، ص ١٠٠ - ١٠١ .؛ الرستاقي: ُ ؛ منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٠٧ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ١٢٣ . ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ٣٣٧(١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧١ ، ص ٢٩(٢) يؤكد ما قلناه ما يلي: المراد بما يذكره العلماء من شد الزنار والجرس وغيرهما من العلامة للمشركين إيجاد »مطلق علامة تفرق بين المسلم والمشرك خاصة بالجنس الأخير مميزة له، ولو اتخذ المشركون شعارا وامتازوا به لكان كافيا عما يذكره العلماء من الأشياء والأوصاف، وذلك ًً ليعطي لكل جنس ما يستوجبه من الحقوق فإن للمسلم على المسلم حقوق ً ا من السلام والتشميت وغير ذلك مما لا تجوز معاملة المشرك به. ثم اختلاط المسلم والمشرك والتباس كل منهما بالآخر مما يجعل المشركين في سعة ومندوحة لأن يكيدوا للإسلام وأهله، ويجدوا مرتعا خصيبا للفساد والإفساد، ومتى صافوا الإسلام؟ وقد كان ما ذكرنا ًً وهم تحت ذمة المسلمين وفي سعة المعاهدة ممتازين بشعارهم وشعائرهم فقد كانوا يكيدون ولم يزالوا كذلك. .( أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٧ ، ص ٥٧٥ ، هامش رقم ( ١ فمن كتاب الأموال تأليف أبي عبيدة ا لقاسم بن سلام. قال أبو عبيدة: روى أن عمر بن الخطاب 5 أراد أن يأخذ من نصارى بني تغلب الجزية فأنفوا منها وأرادوا أن يلحقوا بالروم، فقال النعمان بن زرعة: يا أمير ِ المؤمنين إن بني تغلب قوم عرب يأنفون من الجزية، فلا ت ُعن ْ عدوك عليك بهم، فصالحهم عمر على أن أضعف عليهم الصدقة، وإنما استجازها فيما يروى وترك الجزية، لما رأى من نفارهم وأنفهم منها، وعلم أنه لا ضرر على المسلمين من إسقاط ذلك الاسم عنهم، واستوفاها منهم حين ضاعف عليهم الصدقة، فكان في ذلك رتق ما خاف من منعهم، مع استيفاء حقوق المسلمين من رقابهم(١) . الأمر الذي يعني: أولا ً أنه إذا كان دفع الجزية وهى ليست في النهاية سوى نوع من الضرائب يثير حساسيات لغير المسلمين، فيمكن استبدالها بفكرة .« الضريبة » ثانيا وإنما إلباسها في ،« إلغاء الجزية » أن الغرض من ذلك ليس هو ً لبوس يتفق والأحوال السائدة، لمنع حدوث ضرر شديد بالمسلمين (توتر العلاقات الدولية مع الدول الأخرى، أو تدخلهم في شؤون المسلمين، أو قيامهم بالاعتداء عليهم)، مثلما فعل عمر بن الخطاب مع بني تغلب. رابع ً ا بخصوص كيفية دفع ا لجزية: نرى أن المقصود من قوله تعالى: ﴿ hgfedc i ﴾ [ [التوبة: ٢٩ هو دفعهم ا لجزية (٢) بسبب: (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٣، ص ٧١٠(٢) وبالتالي يمكن عدم الأخذ بالكثير من الآراء الآتية في تفسير ا لصغار: =  خضوعهم لسلطان الدولة ا لإسلامية. ٍ = قال ابن عباس: يعطونها بأيديهم ولا يرسلون بها غيرهم، وقيل: عن يد؛ أي: عن نقد لا »  ٍ نسيئة، وقيل: عن يد؛ أي: إقرار لمن له يد من المسلمين عليهم بقبول الجزية منهم، وهم صاغرون: أذلاء مقهورون، وقيل: يكون الذي يعطى الجزية قائما، والقابض لها منه قاعد ً ا، ً وقال ابن عباس 5 : تؤخذ منه وتوجأ عنقه. وقول: يصفع في قفاه، وقول: يجر إلى  موضع الإعطاء بعنف، وقول: إن ا لصغ َ الرستاقي: « ار هو جريان أحكام الإسلام عليهم  . منهج الطالبين، ج ٣، ص ٧٠٣ عقد الجزية يقصد به ا لصغ » : كذلك قيل بخصوص قاعدة َ إن معناها: « ار  إن الجزية لما كانت أثرا من آثار الكفر كان من مقاصدها حصول الصغ » َ ار، والمهانة فيمن ً  استنكف عن أن يكون عبد ً ا طائع  ً ، معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١ « ا لله تعالى ص ٧٤٦ ؛ أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير . خمسمائة آية، ج ٢، ص ٤٢ كل هذه الآراء لا فائدة منها الآن، لأنها تؤدي إلى تخويف الناس من الإسلام، وتخلق  توترا في العلاقات مع الدول غير ا لإسلامية. ً لذلك نوافق على الرأي القائل بأن المقصود بالصغار هو فقط وهذا أمر طبيعي جريان أحكام  الإسلام عليهم نتيجة لمقامهم في دار ا لإسلام. وهكذا يقول ابن قيم الجوزية إن الاتجاه السابق لا دليل عليه ولا هو مقتضى الآية، ولا نقل عن رسول الله ژ ولا عن الصحابة أنهم فعلوا ذلك، والصواب في الآية أن الصغ َ ار هو التزامهم لجريان أحكام الملة عليهم.. فإن التزام ذلك هو ا لصغ َ ار، وليس المراد .« تعذيبهم أو تكليفهم فوق طاقتهم »وقد قال ا لرافع 5 في أول كتاب ا لجزية: الأصح عند الأصحاب: تفسير ا لصغار بالتزام أحكام الإسلام وجريانها عليهم، وقالوا: أشد الصغ َ ار على المرء أن يحكم عليه بما لا يعتقده ويضطر إلى ا حتماله. ُ ولعل خير من عبر عن ذلك هو الإمام الشرقاوي؛ حيث يقرر: والحاصل أن إجراء الحكم من حيث استناده لديننا ذل عليهم وصغ » َ ار لهم لأنهم لا َ يعتقدون ديننا... وأما تفسير الصغ َ ار بأن يجلس الآخذ ويقوم الكافر ويطأطئ رأسه ويحني ِ ِ ظهره ويضع الجزية في الميزان ويقبض الآخذ لحيته ويضرب لهزمت َيه (بكسر اللام ْ والزاي) وهي مجتمع اللحم بين الماضغ والأذن من الجانبين فمردود بأن هذه الهيئة باطلة ودعوى استحبابها أو وجوبها أشد بطلان ً ا ولم ينقل أن النبي ژ ولا أحد ً ا من الخلفاء الراشدين بعده فعل شيئ ً ا منها. راجع على ا لتوالي: = وحمايتهم بواسطة ا لمسلمين. وخضوعهم لأحكام الإسلام، عدا تلك التي تسري فيها أحكام دينهم. ٦ آثار عقد ا لذمة:  الآدمي مكرم شرع » في الإسلام القاعدة أن ً وعلة ذلك ،« ا وإن كان كافرا ً  أن الله تعالى سوى بين البشر في أصل الخليقة، إذ جعلهم لأب واحد وأم  واحدة. ولعل ذلك أكده قوله تعالى: ﴿ _` edcba onlkjihgf ﴾ m [ [الإسراء: ٧٠ مطلق « بني آدم » ؛ فقد ورد لفظ ً ا غير مقيد، عام ً ا غير مخصص، ولذلك فهو ينتظم المسلم وغير المسلم، إذ لم يخصصه الله تعالى بقوم دون قوم أو جنس دون جنس أو إنسان دون إنسان أو دين دون دين(١) .  فتكريم الإنسان أمر يقيني » : وفي شرحه لذات الآية، يقول الشيخ بيوض « محسوس مقطوع به، فهو في أعلى الذرى وأسمى ا لدرجات(٢) . ومتى تم الارتباط بعقد الذمة عليه أمران هما: ١ حرمة نفس الذمي، وذلك لقوله تعالى: ﴿ PONM Q ﴾ [ [التوبة: ٢٩إلى قوله 8 : ﴿ ihgfedc ﴾ [ [التوبة: ٢٩ . فقد نهى سبحانه وتعالى عن القتال بإعطاء ا لجزية. = ابن قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٣ -.٢٤ . الإمام النووي: روضة الطالبين، ج ١٠ ، ص ٣١٦ ، حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب للأنصاري، ج ٢ . ص ٤٠٩ (١) د. أحمد أبو الوفا: حقوق الإنسان في السنة النبوية، دار النهضة العربية، القاهر، ص ٣٩٩ -.٣٤٠ (٢) . الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١، ص ٦٤   ٢ حرمة مال الذمي وهي أثر مترتب على ما سبق، لأن عصمة المال تابعة لعصمة النفس، وقد روي عن علي ƒ أنه قال: إنما قبلوا عقد الذمة لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا. ولذلك فقد قيل إن حكم عقد الذمة بالنسبة للمسلمين هو: وجوب الكف عنهم وأن نعصمهم بالضمان نفسا ومالا ً ولا نتعرض ً لكنائسهم وخمورهم وخنازيرهم ما لم يظهرونا، فمن أراق خمورهم فقد تعدى ولا ضمان (قيل يضمن) وإن غصب فعليه مؤنة ا لرد(١) . يقول ا لعوتبي: وأهل الذمة والمصلون سواء في الجوار لا ينبغي للجار أن يؤذي » « جاره(٢) . ويحتم ذلك حمايتهم والدفاع عن حقوقهم، وهو ما أكدته السنة ة(٣) النبوي .  (١) الغزالي: الوجيز في فقه مذهب الإمام الشافعي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢١ ؛ ابن جزي: . قوانين الأحكام الشرعية، ص ١٥١ ما بال » : ومن ذلك أن الخلفية عمر بن عبد العزيز كتب إلى الحسن البصري مستفتيا ً الخلفاء الراشدين تركوا أهل الذمة وما هم عليه من نكاح المحارم واقتناء الخمور إنما بذلوا الجزية ليتركوا وما يعتقدون. وإنما أنت » : فأجابه الحسن البصري ؟« والخنازير راجع أبو الأعلى المودودي: نظرية الإسلام وهديه في السياسة ) « متبع ولا مبتدع والسلام .( والقانون والدستور، ص ٣٤٦(٢) العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ١٢٤ . وانظر عشرة أحوال يتساوى فيها المسلم والذمي، في د. أحمد الحوفي: سماحة الإسلام، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٩٩٩ -١٤٢٠ ، ص ١٩٥ -.٢٠٠ (٣) فعن عبد الله بن أبي حدرد ا لأسلمي » ƒ أنه كان ليهودي عليه أربعة دراهم فاستعدى عليه. فقال: يا محمد إن لي على هذا أربعة دراهم وقد غلبني عليه. قال: أعطه حقه. قال: والذي بعثك بالحق! ما أقدر عليها، قال: أعطه حقه. قال: والذي نفسي بيده! ما أقدر عليها، قد =  كذلك جاء في المدونة ا لكبرى: ومن قاتلك من أهل الذمة مكره » ً ا فلا تقتله، ولا سبيل لك عليه. ومن نصب لك الحرب منهم طائعا فاحكم فيه حكم رسول الله ژ . ً وسألته عن نصراني نصب للمسلمين الحرب مع الفسقة، قال: لا يحل « شيء من ماله وولده، وإنما اتبع رضا ا لفسقة(١) . :« القانون الدولي ا لخاص » ٧ مسألة أهل الذمة لها وشائج وعلائق مع يتضح ذلك خصوصا من أمرين: ً الأول أن أهل الذمة يحملون جنسية الدولة الإسلامية، والجنسية من أهم موضوعات القانون الدولي الخاص، كما أنهم يفقدون تلك الجنسية إذا نقضوا الذمة. واكتساب أهل الذمة جنسية الدولة الإسلامية يرجع في رأينا إلى سببين، هما: = أخبرته أنك تبعثنا إلى خيبر فأرجو أن تغنمنا شيئ ً ا فأرجع فأقبضه. وكان رسول الله ژ إذا قال ثلاث ً ا لم يراجع. فخرج ابن أبي حدرد إلى السوق وعلى رأسه عصابة وهو متزر ببردة، ِ فنزع العمامة عن رأسه فاتزر بها ونزع البردة فقال: ا شتر مني هذه البردة! فباعها منه بأربعة دراهم. فمرت عجوز فقالت: ما لك يا صاحب رسول الله ژ ؟ فأخبرها فقالت: ها دونك .« هذا البرد لبرد عليها طرحته عليه راجع الكاندهلوي: حياة الصحابة، دار المعرفة، بيروت، ج ٢، ص ٨١ - ٨٢ ، الشوكاني: نيل الأوطار، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٣ - ١٩٨٣ ، ج ٨، باب ملازمة الغريم، إذا ثبت عليه ا لحق. (١) وإن استعان » : أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٣٥٠ . ويقول ابن جماعة أهل البغي بأهل الحرب وعقدوا لهم ذمة تلزمنا ذمتهم، بل حكم الحربيين بحاله فنقتلهم مدبرين ومأسورين، ونسترق أولادهم، ونغنم أموالهم وإن استعانوا بأهل الذمة فأطاعوهم .« غير مكرهين لهم فحكمهم حكم ا لبغاة . ابن جماعة: تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، ص ٢٤٦ أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٢٣٢ • من ناحية، أن ذلك يقتضيه عقد الذمة المبرم معهم والذي ارتضوه. فالجنسية لازمة لازبة للذمة. • ومن ناحية أخرى، أنهم يقيمون بصفة دائمة في إقليم دار الإسلام، والثابت أن هذه الإقامة والسكنى هي أساس منح ا لجنسية: فقد جاء في السير ا لكبير: من يكون ساكن » ً « ا في بلدة مقيما بها يعد في الناس من أهلها(١) . ًُ كذلك يقول ابن قيم الجوزية: إن الشخص إذا استوطن ا لدار:  « في دار الإسلام تبع » وأن أهل الذمة ،« كان من أهلها »(٢) . ويقترب من ذلك قوله ژ : إن الله جعل الإسلام دار » ً « ا ، يقول الشريف الرضي إنه ژ شبه الإسلام بالدار: من حيث كونه جامع » ً « ا لأهليه، حاميا لمن فيه(٣) . ً ومع ذلك وبخصوص عقد الذمة ذهب البعض إلى أنه لا يمنح الجنسية الإسلامية لأهل الذمة على أساس أن الذميين لا يتمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها المسلمون ولا يلتزمون بنفس التزاماتهم (مثل الحقوق السياسية، كما أنهم يلتزمون بالجزية بينما يلتزم المسلم بدفع ا لزكاة)(٤) ، وقد (١) شرح كتاب السير الكبير للشيباني، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، القاهرة، ١٩٧١ ، ج ١، ص ١٧٠ -.١٧١ (٢) .٢٦٨ ، ابن قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، ج ١، ص ٢٢٤(٣) . الشريف الرضي: المجازات ا لنبوية، ص ١٨٣(٤) د. محمد اللافي: نظرات في أحكام الحرب والسلم دراسة مقارنة، دار اقرأ، طرابلس، . ليبيا، ص ٣٤٢ رد البعض بأن ذلك الرأي ضعيف لأن الشريعة الإسلامية تأخذ مع بعض الاستثناءات بقاعدة المساواة في الحقوق والواجبات بين المسلم والذمي. ومن هذا الاتجاه الرافض لفكرة الجنسية من يؤسس ذلك على أن الإسلام عقيدة عالمية لا تقبل هذا الحاجز القانوني والسياسي للجنسية(١) . بينما ذهب آخرون إلى تبني موقف عكسي على أساس أنه إذا ما دفع لهم ما لنا وعليهم ما علينا من الإنصاف » أهل الذمة الجزية، فالثابت أن (المعاملة بالعدل والقسط) والانتصاف (الأخذ بالعدل)(٢) . وقد اختلف أنصار هذا الاتجاه حول أساس اكتساب الذمي للجنسية الإسلامية: فذهب البعض إلى أن ذلك يرجع إلى التزامه أحكام الإسلام(٣) ، بينما ذهب آخرون إلى أن ذلك يترتب على الإقامة غير الموقوتة في دار الإسلام(٤) ، وذهب فريق ثالث إلى أن ذلك يرجع إلى عقد الذمة بالنسبة لمن يدخل في الذمة عن طريق بعقد الذمة صار من أهل دار » العقد الصريح لأنه كما صرح به السرخسي أما إذا لم يكن هناك عقد صريح فإن أساس الجنسية الإسلامية « الإسلام بالنسبة للذمي هو إرادة الدولة الإسلامية، وذلك يحدث في حالات اكتساب الذمي الجنسية الإسلامية عن طريق القرائن الدالة على رضاه، أو التبعية لغيره، أو بالغلبة أو الفتح، فالدولة الإسلامية فى تلك الحالات تمنح غير المسلم الذمة (الجنسية) بمحض إرادتها وتقديرها (٥) . (١) . د. أحمد قسمت الجداوي: الوجيز في القانون الدولي الخاص، ١٩٧٨ ، ج ١، ص ٨٥(٢) . ابن عابدين: رد المحتار على الدر المختار، المرجع السابق، ج ٣، ص ٣٠٧ (٣)عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٠٤ ؛ د. محمد عاطف البنا: الوسيط في النظم السياسية، دار الفكر العربي، القاهرة، ١٤١٤ - ١٩٩٤ ، ص ٣٠ . راجع أيض ً ا د. أشرف وفا: المبادئ العامة للجنسية ومركز الأجانب، المرجع السابق، ص ١٥٤ -.١٥٦ (٤) . د. أحمد مسلم: القانون الدولي الخاص، ج ٢، القاهرة، ١٩٥٦ ، ص ٣٢٦(٥) د. عبد الغني عبد الحميد: آثار الاستخلاف الدولي في القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية، رسالة دكتوراه، كلية الشريعة والقانون، القاهرة، ١٤٠٠ -. ١٩٨٠ ، ص ٣٥٧ والواقع أننا نعتقد أن أهل الذمة لا يتمتعون بالجنسية ا لإسلامية(١) ، وإنما بجنسية الدولة ا لإسلامية: ١ ،« رابطة شخصية » لأن الجنسية في الإسلام تقوم على أساس توافر هي اعتناق الدين الإسلامي، وليس استناد ً ا إلى رابطة مكانية: التواجد في إقليم معين، فالمسلم يتمتع بالجنسية الإسلامية حيثما كان أقام في دار الإسلام أو في غيرها. أما غير المسلم ونظرا لعدم توافر الرابطة السابقة ً فهو لا يتمتع بنفس الجنسية التي يتمتع بها المسلمون حتى ولو أقام في دار الإسلام. ٢ كيف يمكن بالتالي فرض الجنسية على أشخاص لا يريدون ِ اعتناق أساس منح ها، بل وسيعتقدون في عكس ذلك ا لأساس؟ ٣ تتمثل الجنسية في أبسط تعريف لها في كونها رابطة ولاء بين الفرد والدولة التي ينتمي إليها، أما عقد الذمة فهو عقد يلتزم به من يقبله بجريان أحكام الإسلام عليه. لذلك فنحن نرى أنهم من مواطني الدولة الإسلامية تسري عليهم وما يترتب على ذلك من آثار « لهم ما لنا وما علينا » : القاعدة الشرعية كالحصول على جواز سفر، ودخول أقاليم الدولة الإسلامية، والإقامة فيه ويتمتعون بكل الحقوق إلا ما استثني منها وفق ً ا لقواعد الشريعة وأصولها الكلية(٢) . (١) بالجنسية » بينما يرى د. أشرف وفا: أن أهل الذمة يعتبرون ممن يشملهم التمتع د. أشرف وفا: المبادئ العامة للجنسية ومركز الأجانب، المرجع السابق، « الإسلامية . ص ١٥٦(٢) يقرر رأي: «The nonـMuslims who live in the Islamic state’s territory have never been = considered citizens of the Islamic state. Their status is determined by the Islamic holy معنى ذلك أنهم يتمتعون بجنسية الدولة الإسلامية لا بالجنسية .« جنسية دين » لا « جنسية دولة » الإسلامية، فهي إذن والثاني أن انتقال الذمي إلى بلاد أخرى وبالتالي يكون في العلاقة الخاصة عنصرا أجنبيا يؤثر على الجزية وكيفية دفعها. يقول ا لوارجلاني: ًً وإن غاب أهل الذمة في بلاد بعيدة غير بلادنا، فأتوا علينا، فإنا لا » نأخذهم بشيء من الجزاء، إلا إذا مكثوا في بلادنا سنة كاملة، سواء تلك البلاد التي جاءوا منها بلاد شرك أو بلاد إسلام، أن أطاع لهم أهل تلك البلاد بها وإلا أخذنا الجزاء عدة تلك السنين ما خلا بلاد ا لشرك. ولا نعشر أموالهم إلا لعام واحد، فإن ادعوا أنهم أعطوا العشر أو الجزية لبعض أهل تلك البلاد، التي جاءوا منها، أو لأهل الخلاف ولهم على ذلك براءات، فإنا نحط عنهم تلك الجزية أو الخراج، ونعشرهم لعامنا الذي جازوا فيه علينا، وما أحدثوه أيام الملوك، من الكنائس والبيع بالرشا هدمناه، « وإن كان على إذن تركناه، وعن ظلم أزحناه(١) . constitution as permanent or temporary residents who have a special responsibility towards the Islamic state as it does to them» (Abdulrahman A. Kurdi: the Islamic state, Mansell publishing limited, London ـ New York, 1984, p. 6.0). = لذلك قيل: إن الذميين مرتبطون بالدولة لا بالأمة الإسلامية: فالإسلام من حيث كونه عقيدة يعتبر المسلمين جميع ً ا إخوان ً ا في العقيدة، ومن حيث كونه جنسية فإنه يضم المسلمين والذميين ويعتبرهم إخوان ً ا في الوطن، د. محمد سلام مدكور: معالم الدولة الإسلامية، مكتبة الفلاح، الكويت، ١٤٠٣ -١٩٨٣ ، ص ١٠٦ -.١٠٧ (١) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المجلد الثاني، ج ٣، ص ٦٤ -.٦٥ ويذكر العوتبي فروضا أخرى، بقوله: ً والذمي إذا كان ببلد الشرك فسواء كان أو لم يكن خروجه من عمان ولم يكن تؤخذ منه » ُ الجزية ثم قدم عمان فلا تؤخذ منه الجزية حتى يقيم بها ثلاثة أشهر ثم خذوا منه الجزية = ُ الفرع ا لثاني تبعية الأطفال (الأولاد) نشير إلى الوضع في القانون الدولي الخاص، ثم ندرس مما ذكره الفقه الإباضي بشأن تبعية ا لأطفال. :¢UÉîdG »dhódG ¿ƒfÉ≤dG »a O’hC’G á«°ùæL (CG تأخذ قوانين الدول كقاعدة عامة بمبدأ أن الأولاد ا لقصر: ١ أي: عند الميلاد إذا كانت الدولة ؛« ابتداء » يتبعون جنسية أبويهم تأخذ بحق الدم كأساس لمنح جنسيتها، أو نتيجة ميلادهم فوق إقليمها إن طبقت الدولة حق ا لإقليم. ٢ كذلك يكتسبون جنسية الأب إذا تجنس بجنسية جديدة. وسنرى أن القاعدة في الشريعة الإسلامية قريبة مما تقدم: فمن يولد لمسلم يعتبر مسلما. ً  = فيما يستأنف، هكذا عن أبي عبد الله، قال: وإذا قدم ا لذمي من بلد عمان أخذت منه الجزية ُ من حينه، وإن قدم من العراق فحتى تمضي ثلاثة أشهر ثم يستكمل الرابع ثم تؤخذ منه الأربعة أشهر للثلاثة التي خلت والشهر الذي يستحق الأخذ منه، وإن هو خرج من الرابع إن هذا القول » لم يؤخذ منه للثلاثة الأشهر شيء، وقول آخر حتى يقيم شهرا. وفي الأثر ً وإذا خرج الذمي من دار الإسلام وترك أهله بها إلى دار الحرب فأقام بها سنة ،« أحب إلي أو أقل أو أكثر ولا يؤدي جزية فيها ثم قدم إلى دار الإسلام قال: تؤخذ منه الجزية لما أقام بدار الحرب، والذمي إذا كان له تجارة في بلد وخرج إلى بلد آخر فأدركه الهلال فإنه تؤخذ منه الجزية حيث أدركه الهلال، وأن احتج صاحب الجزية أن غيركم قد أخذها قبل الهلال لم يقبل منه ذلك لأن الجزية ليس فيها تقدمة ومن أخذها منه متقدما لها فليرجع بها عليه. ً العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ١٤٤ ؛ الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، المجلد الثاني، ص ٣٢٩ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٣، ص ٧٠٥ ؛ ابن جعفر: الجامع، . ج ٣، ص ١٤٥ ومن يدخل أبواه في الإسلام إن كان قاصرا يكتسب الجنسية ً الإسلامية نتيجة صيرورته مسلما، وذلك على التفصيل الذي نذكره ً فيما بعد. :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ∫ÉØWC’G á«°ùæL (Ü تثير دراسة تبعية الأطفال في الفقه الإباضي أمورا كثيرة نركزها حول ً أمرين: القواعد العامة واجبة التطبيق، وأشكال هذه ا لتبعية. ١ القواعد العامة التي تحكم تبعية الأطفال في الفقه ا لإباضي: تتمثل هذه القواعد، فيما يلي: أولا ً الطفل يحمل جنسية أفضل ا لأبوين:  معنى ذلك أنه إذا اختلفت ديانة الأبوين بأن كان أو صار أحدهما مسلما ً وكان أو بقي الآخر غير مسلم، فإن الطفل ما دام لم يكن بالغ ً ا يعتبر « الفرع » المسلم يجر أو يسحب « الأصل » مسلما؛ أي: بعبارة أخرى، أن ً (الطفل) إليه. في هذا الخصوص جاء في قاموس ا لشريعة: وكذلك التي أسلمت من الشرك ولها أولاد فإنها تجرهم إلى الإسلام » إذا كانوا أطفالا ً ، ويتولون أيض ً ا بولايتها، وكذلك أولاد الحرة المسلمة يتولون بولايتها، إذا كان أبوهم عبد ً ا، وإذا أعتق رجلان عبد ً ا أو طفلا ً ، وأحدهما متول والآخر من أهل الجملة، فإنه يتولى بالمتولي منهما، أما « المشرك من الأطفال بين المتولي وغيره، فإنه قيل: بالكف عنه(١) . (١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٨، ص ١٩٨ = ويقول ا لكندي: « ا(١) فالوالدان أيهما أسلم فالوالد تبع له إذا كان الولد صغير » . ً وجاء في كتاب ا لضياء: وسألته عن رجل وأمرأته نصرانية لا يسلم أحدهما قبل صاحبه ولهما » « أولاد. قال: الولد الصغار لمن أسلم قبل صاحبه(٢) . = وتعليق ً يقول .« والصبي مسلم بإسلام أحد أبويه، وبكونه في دارنا دونهما » : ا على القول الشوكاني: أقول: إذا كان مولود » ً ا على الفطرة الإسلامية، وكان كافيا في الحكم له بالإسلام، فإسلامه ً مع إسلام أحد أبويه أظهر وأظهر، ولا يحتاج استدلال بدليل يخص هذه الصورة، وهكذا لأنه قد اجتمع له ؛« وبكونه في دارنا دونهما » : لا يحتاج إلى الاستدلال بدليل يخص قوله الولادة على الفطرة، والكون في دار الإسلام، فكان من جملة من يحكم له الإسلام بالسببين المذكورين، كما استحق من أسلم أحد أبويه أن يحكم له بالإسلام بالسببين، وهما الولادة على الإسلام مع إسلام أحد أبويه، وقد كان أبواه هما اللذان يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، فمع إسلام أحدهما قد صار داعيا إلى الإسلام، كما صار بدعوة ً الآخر إلى الكفر ودواعي الإسلام أرجح وأقدم؛ لأن الإسلام يعلو، ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ً .« .٥٥٤ ، الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٥٤٨(١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ١١٤(٢) سلمة العوتبي: كتاب الضياء،، ج ١٤ ، ص ١٨٢ . وجاء في ذات الكتاب، في موضع آخر، تفصيل أكثر لهذه ا لمسألة: والذميان إذا أسلم أحدهما ولهما أولاد صغار فحكم أولادهما حكم المسلمين فإن ارتد »والدهم أو والدتهم بعد إسلامه دعي إلى التوبة فإن أسلم وإلا قتل وان ارتد قبل بلوغ أولاده فحكمهم حكم الإسلام فإن بلغوا ورجعوا إلى دين اليهودية دعوا إلى الإسلام فإن أسلموا وإلا قتلوا، وأجمع المسلمون أن الذميين إذا أسلما أو أحدهما ولهما أولاد بالغون لم يحكم للأولاد بحكم الأبوين ولا يجبرون على الإسلام، وأجمعوا أن الأب إذا أسلم فحكم الأطفال من أولاده حكمه فإذا بلغوا فاختاروا الكفر وجب قتلهم ولا تنازع بين أهل العلم أن حكمهم حكم المرتدين، وإذا أسلمت الأم ولم يسلم الأب، ففي الأولاد = فالقاعدة في المذهب ا لإباضي: « ويجر من أسلم منهما صغار أولاده للإسلام »(١) . وإذا كان لأي من الأبوين أن يجر أطفاله إلى الإسلام، فإن الفقه هل يجر الجد أطفال ابنه إن مات؟ » : الإباضي بخصوص السؤال الآتي أو لا: مطلق ً « قولان » : يوجد فيه «؟ ا(٢) . وقد أخذت بهذا الحكم أيض ً ا فتوى صادرة عن دار الإفتاء المصرية عام ١٣٥٩ ه ١٩٤٠ م، حيث قررت(٣) : = تنازع، قال قوم: حكمهم حكم المسلم منهما وبه يقول أصحابنا رحمهم الله، وقال مالك: ذات المرجع، ج ٣، ص ١٢٥ « حكمهم حكم الأب -.١٢٦ ويؤكد الإمام الشيباني أن الصغير يستفيد من أحسن الأوضاع التي يستفيد منها أحد الوالدين إذا قرر المقام في دار ا لإسلام: ولو دخل حربي مع امرأته دارنا بأمان ومعهما أولاد صغار وكبار فأسلم أحدهما فالصغار »من الأولاد صاروا مسلمين تبعا للذي أسلم منهما وأما الكبار منهم لا يكونون مسلمين ً ولهم أن يرجعوا إلى دار الحرب ذكورا كانوا أو إناث ً ا... ولو صار أحدهما ذميا كان الصغار ًً من الأولاد ذميين تبعا له؛ لأن عقد الذمة فيه التزام أحكام الإسلام فيما يرجع إلى ً .( المرجع السابق، ج ٤، ص ١١٩ ) « المعاملات، والصغير في مثل هذا تبع خير الوالدين ، ويلاحظ أن عقد الذمة أقوى من عقد الأمان. شرح كتاب السير الكبير، للشيباني، ج ١ . ص ٣٤٦ وسئل الربيع عن رجل تزوج امرأة من أهل الكتاب، وولد له منها أولاد، ثم مات ا لزوج؟ فقال: يرثون أباهم، وإن مات أحدهم وهو صغير لم ترثه أمه. . من جوابات الإمام جابر بن زيد، ص ١١٥(١) البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٤، ص ٩٩ : راجع أيض ً ا . الجناوني: كتاب النكاح، ص ١٤٣ ، موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد، ج ١، ص ٣٣٢(٢) . الثميني: التاج المنظوم من دار المنهاج المعلوم، المجلد الخامس، ص ١٧٨(٣) جاء في الفتوى المذكورة ما يلي: الولد الذي بلغ وهو عاقل لا يتبع أباه في الإسلام بل تنقطع تبعيته لأبيه بمجرد بلوغه » = أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٢٤٠ ١ يتبع الأولاد خير الأبوين دينا إذا كانوا صغارا. ًً (١) ٢ لا يتبع الولد أباه في الدين إذا كان بالغ ً ا عاقلا ً . ثانيا الطفل يحمل جنسية الأبوين إن اتحدا في ا لدين: ً يكون هذا وفقا لقياس أولوي. ذلك أنه إذا كان الطفل يكون مسلما إن ً كان أحد أبويه مسلما، فإنه يكون كذلك إن كان الأبوين مسلمين. كذلك إن ً = البلوغ الشرعي وهو عاقل. بمعنى أنه إذا أسلم والده وهو بالغ البلوغ الشرعي وهو عاقل لا يتبع أباه في الإسلام. وعلى هذا يكون الابن المذكور غير تابع لوالده في الإسلام لأنه بالغ شرع ً ا وعاقل على ما جاء بالسؤال. أما البنات الثلاث فيتبعن والدهن في الإسلام. ويكون الميراث كله لهن فرض ً ا ورد ً ا بالسوية بينهن إذا لم يوجد وارث آخر مسلم. أما الزوجة والابن المذكور فلا يرثان عن المتوفى لاختلاف الدين المانع من الإرث وبهذا .« علم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر والله أعلم . الفتاوى الإسلامية الصادرة من دار الإفتاء المصرية، ج ٢، ص ٦٢٩ ويقول عبد القادر عودة: ويتبع الصغار ومن في حكمهم كالمجنون أبويهم في الجنسية، فإذا أسلم الزوجان أو »دخلا في الذمة تبعها أولادهما غير المميزين، وإذا أسلم الأب وحده أو دخل في الذمة تبعه الأولاد غير المميزين، وإذا أسلمت الأم وحدها أو دخلت في الذمة تبعها الأولاد غير المميزين في رأي أبي حنيفة والشافعي وأحمد، وتبعوا الأب في رأي مالك. ويتبع الأولاد غير المميزين أبويهم في الجنسية على الوجه السابق كلما كان التغيير من جنسية أدنى إلى جنسية أعلى، والجنسية الإسلامية هي العليا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام، فإذا كان التغيير من الجنسية العليا إلى الجنسية الدنيا فلا يتبع ،« الإسلام يعلو ولا يعلى »الأولاد من غير جنسيته من الأبوين، بل يبقون على جنسيتهم الأولى، فإذا ارتد الزوجان المسلمان وأصبحا محاربين بقي أولادهما غير المميزين مسلمين، كذلك الحكم لو ارتد .« أحد الأبوين فقط عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٠٨ -.٣٠٩ (١) يقول الإمام ابن المنذر إن ذلك يشكل إجماع ًا: وأجمعوا على أن النصرانيين إذا أسلم أحدهما ولهما أولاد بالغون رجالا » ً ونساء، أنهم لا . ابن المنذر: الإجماع. ص ١٢٢ ، رقم ٧١٧ « يكونون مسلمين بإسلام أيهما أسلم كان الأبوين غير مسلمين (يهود ً ا أو نصارى) فإن طفلهما غير البالغ يكون مثلهما(١) . وما ذكرناه يؤكد الإمام ابن المنذر أنه إجماع؛ إذ يقول: وأجمعوا على أن حكم الطفل حكم أبويه إن ماتا مسلمين، فحكمه » حكم أهل الإسلام، وإن كانا مشركين فحكمه حكم الشرك، يرثهم ويرثونه، « ويحكم في ديته إن قتل حكم دية أبويه(٢) . ثالث ً ا خصص العلامة الكدمي باب ً اتفاق أحكام المولودين » ا بخصوص  « في معاني ا لأحكام(٣) .  (١) يقول ا لسعدي: وقد قيل: إن الإنسان ثابت له الإيمان والإسلام، منذ كان نطفة في ظهر أبيه، ومنذ كان »جنين ً ا في بطن أمه، مأخوذ عليه الميثاق به، وقد قال الله تبارك وتعالى : ﴿ 876 HGFEDCBA@?>=<;:9 ﴾ [ [الأعراف: ١٧٢ ، فثبت هذا الإقرار، وهذه الشهادة، وهذا الميثاق لهم وعليهم، وقال 8 : ﴿ «ª©¨§¦¥¤ ¬ ³²±°¯® ´ ﴾ِ[ [الروم: ٣٠ ، ثم قال: ﴿ ¶¸¹ ﴾ ، فكان هذا الخطاب عندي عند من تأوله، إنما هو في الدين، وإن كان قد يوجد في بعض تفسير القرآن عن قومنا غير هذا، فالذي عرفته عن بعض المسلمين، ما قد ذكرته، وقد قال النبي ژ: « كل مولود فهو مولود على ا لفطرة » ؛ أي: على الدين، وإنما يهوده أبواه، وينصرانه أبواه، فوجدت في التأويل أن معنى ذلك، أن أولاد اليهود والنصارى، وكذلك غيرهم من المشركين يجري عليهم ما يجري على آبائهم، ولا يجبرون على الرجوع عنه إلى دين الإسلام بعد بلوغهم، إذا لم يكونوا أقروا بالإسلام بعد بلوغهم، وإن أولاد أهل الإقرار محكوم عليهم بالإقرار، ولو أقروا بالإسلام بعد بلوغهم، ولا يقربون إلى تركه، أو الدخول في أديان أهل الشرك، وبالطهارة وغير ذلك من حكم . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٨، ص ١٨٢ .« الإسلام ويضيف أيض ً ا أن قوله ‰ (يمجسانه ويهودانه) يعني أنهما يعلمانه دينهما حتى ينشأ عليه، .( ولا يعرف إلا هو، فيكون حكمه حكمهم، (ذات المرجع، ص ١٨٨ (٢) . ابن المنذر: الإجماع، ص ٧٠ ، رقم ٣٢٢ (٣) وهكذا يقول: = أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٢٤٢ ٢ أشكال تبعية ا لأطفال(١) : تبعية الأطفال أو الأولاد في الفقه الإباضي تثير فروضا عديدة، نجملها ً في ا لآتي: • تبعية الطفل الشرعي؛ أي: من علاقة زوجية مشروعة. = وهذا معنا يخرج في كل مولود، ناشئ في جميع الأقطار، من البر والبحر والمسافر »والأمصار، من أولاد أهل الشرك، وأهل الإقرار من أهل الحرب، أو من أهل الذمة أهل النفاق، أو الأبرار والأخيار، ولا فرق معنا في مولود دون مولود، ولا بقعة دون بقعة، ولا أرض دون أرض، سواء كان كل منهم؛ يلزمه حكم ما يخصه؛ من جميع أحكام دين الله تبارك وتعالى ، ومن جميع أحكام ما بلغت إليه دعوته، وقامت عليه به حجته، مما نزلت به بليته، ومعذور عما سوى ذلك، وثابت له معنا على هذا الحال اسم التوحيد، والإقرار والإيمان والصدق والولاية، وأنه مقر بهذه الجملة، في أصل ما تعبده الله به، ومقر بجميع ما فيها من دين الله تبارك وتعالى ، من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، وجنته وناره، والبعث والحساب، وجميع تفسير توحيد الله بصدق وحقه، وجمع ما يسع جهله من دين الله، وما لا يسع جهله، مؤديا لجميع اللوازم، منتهيا عن جميع المحارم، ولو لم ًً تبلغه من جميع ذلك دعوة، ولا قامت عليه في شيء منه بعينه حجة، ولا نزلت به منه .« بلية الكدمي: المعتبر، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ - ، ١٩٨٥ ، ج ١ ُ . ص ٤٧(١) كذلك يشكل جواز سباء أطفال غير المسلمين إحدى المسائل الخاصة بهم. إذ يجوز في الفقه الإباضي سباء أطفال غير المسلمين، على عكس أطفال المسلمين الذين لا يجري عليهم سباء. يقول السعدي إن أولاد ا لمشركين: .« يجوز فيهم السباء إذا كان آباؤهم مشركين »فإن قيل: لأي علة يحل بها سبي الأطفال وهو ممن ليس عليهم ذنب؟ فالجواب أن لذلك ثلاثة أوجه: أحدهما: ليجروهم إلى الإسلام؛ فيكون ذلك سببا لدخولهم فيه، وذلك أنفع لهم. ً ِ والثاني: نظرا بهم حين قتل آباؤهم لئلا يموتوا هزلا ً . والوجه الثالث: ، تقوية لبيت المال، راجع: السعدي: قاموس الشريعة، ج ٨، ص ١٧٥ ؛ ج ٧ . ص ٢٤٨ الباب الأول: الجنسية في الفقه الإباضي ٢٤٣ • تبعية الطفل غير الشرعي (اللقيط أو ا لمنبوذ). • تبعية أطفال أهل ا لذمة. • تبعية أطفال ا لمرتد. • تبعية الطفل عند عدم معرفة لمن ينتمي رغم وجود ا لأم. • التبني. أولا ً تبعية الأطفال من زواج شرعي (أي: من علاقة زوجية مشروعة): ١ تبعية المولود من أبوين مسلمين: القاعدة في الفقه الإباضي أن أطفال المسلمين يلحقون بآبائهم. يقول ا لبسيوي: وأما أطفال المؤمنين فهم لحق لآبائهم بناطق القرآن، قال الله: » ﴿ U ٌ ]\[ZYXWV^_`ba ﴾ [ [الطور: ٢١ « فلا قول فيهم(١) . وجاء في منهج ا لطالبين: وأما أطفال المسلمين فهم لحق بآبائهم ولهم الولاية كما قال الله تعالى: » ٌ ﴿ ]\[ZYXWVU^_`a b﴾ ، فهذا التنزيل فيهم ولم ينزل في أطفال المشركين ولا أطفال المنافقين « تنزيل، وكذلك وقف المسلمون عنهم(٢) . (١) . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ١، ص ٤٢٧ (٢) ، الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٦٣٥ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٣ ص ٣٦٤ -.٣٦٥ ومن خير من عرض لهذه المسألة في الفقه الإباضي، الإمام الكدمي حيث يقول: = وسئل محبوب 5 عن أولاد المسلمين فقال: أما الصغار منهم فهم مع آبائهم وهم مسلمون عندنا، ومن كبر منهم ولم يلحق بأبيه إلا من يقول بقول المسلمين ويعمل بأعمالهم، وكان يقول: ليس على أولاد المسلمين دعوة؟. ولد بأعمالهم، وكان يقول: ليس على أولاد المسلمين دعوة. ولد المسلم مسلم، ما لم يرتكب محارم الله أو ينتهك معاصيه، ويرد على « المسلمين دينهم (١) . كذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ \[ZYXWVU ﴾ ، فمعي؛ أنه مما يجتمع عليه أن أولاد المؤمنين الصغار منهم لحق بآبائهم في المجتمع عليه « عندي، ولا يجوز فيها الاختلاف معي(٢) . = فأما في أطفال المسلمين فقد جاء فيهم عن الله فيما جاء في التأويل قوله تعالى : » ﴿ U ^]\[ZYXWV _ ` hgfedcba ﴾ . فإذا ثبت في الذين آمنوا، لم يصح ذلك إلا في الجملة، من الذين آمنوا أو تزول عن الذين آمنوا، والآباء والأمهات داخلون عندنا كلهم في الذين آمنوا، وأولادهم وذرياتهم، فإذا ثبت لهم الإيمان من الآباء لم يخرج من الأمهات، فمعي؛ أن هذا مذهب من يقول: بأنهم سواء الأب والأم، لمن كانت له الولاية منهما؛ ألحق به أولاده، وأن قول من يقول: إنه حتى يكون ا لأب. فمعي؛ أنه يذهب أن الأولاد إنما هم للآباء في ثبوت الأحكام، من ثبوت ما يلزم الحكم في الأب، وعلى الأب، وللأب دون الأم من وجوب النفقة، والكسوة للولد على أبيه، دون أمه، ووجوب حكم الرضاع على الأب للأم، وتصرف الأب في مال الولد، في مصالحه في نفسه من دون الأم، وإنما المخاطبة في هذه الأمور للرجال، فيلحق التعلق معنا بأحكام ولاية الظاهر، من أحكام الدنيا بهذه الأسباب، ولا يخرج ذلك معنا إلا .« التعلق بالصواب، لثبوت مخصوصات الحكم بالأب، دون الأم في هذه ا لأسباب (١) العلامة الكدمي: المعتبر، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ - ، ١٩٨٤ ، ج ٢ ُ . ص ٣٢(١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٦٣٥ ؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٨، ص ١٨٤ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٨، ص ١٧٧ . ويقول السعدي إن ثمة فروق ً ا بين تبعية أولاد غير المسلم وتبعية أولاد ا لمسلم: = وبخصوص سؤال: مسلم تزوج كتابية، فكانت بينهما ذرية، فما رأيكم في هذا الزواج؟ أيسوغ لتلك الذرية أن يتبعوا دين أمهم، كما ساغ لأبيهم أن يتزوج أمهم وهي غير مسلمة؟ يقول ا لبكري:  الإسلام يعلو ولا يعلى لا يسوغ لذرية الكتابية إلا أن يكونوا مسلمين » ُ على دين أبيهم متى تحقق بلوغهم، لا يقبل الله منهم غير ذلك، وإلا كانوا  « في الآخرة من ا لخاسرين(١) . ٢ تبعية المولود من أبوين غير مسلمين: يحكم هذه المسألة القواعد ا لآتية: أولا ً القاعدة أن الطفل المولود لأبوين غير مسلمين يكون تبع ً ا لهما. لقوله ژ » : فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه(٢) . يقول السعدي: فإذا = ويخرج في أولاد اليهودي والنصراني أنه يهوده أبوه، وينصره أبوه، فيما يثبت عليه، »ويجوز منه من إباحة السباء، ولا يجوز في أولاد المسلمين من أهل ا لإقرار. وكذلك يثبت له في الإسلام عند البلوغ أن يقر على دين والده على اليهودية والنصرانية، ولا يجوز ذلك في أولاد أهل الإقرار، ولو لم يكونوا أقروا بالإسلام من بعد بلوغهم؛ فإنه لا يقبل منهم إذا بلغوا إلا الإسلام أو السيف، إذا كانوا من أولاد أهل الإقرار فثبت لهذا ذات « حكم أبيه، وعليه في الدنيا في أحكام الله تبارك وتعالى التي لا يختلف فيها المرجع، ص ١٧٥ -.١٧٦ وبخصوص المسلم إذا اشتري صبيا من أولاد المشركين، قيل: ً .« هو تبع له، فإن مات غسل وصلي عليه ودفن في مقابر ا لمسلمين ». السالمي: معارج الآمال، ج ٤، ص ٦٦(١) . فتاوى البكري، القسم الرابع، مكتبة البكري، غرداية الجزائر، ص ١١(٢) وإن كان ثمة رأي في الفقه الإسلامي يعتبر الطفل مسلما إن أراد أبوه ذلك، يؤيد ذلك ما ً قاله ابن قيم ا لجوزية: فإن قيل: فما تقولون في الذمي يجعل ولده الصغير مسلما فهل يحكم بإسلامه بذلك أم ً لا؟ = أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٢٤٦ ثبت في أولاد اليهود، والنصارى، الحديث مطلق ً ا فغيرهم من أولاد « المشركين مثلهم(١) . ويأخذ السعدي أيض ً ا بقاعدة: ثبوت الحكم لولد اليهودي والنصراني وعليهما في أحكام أبيهما فيما » « نحن متعبدون به، وحكام فيه(٢) . ثانيا في الفقه الإباضي يمكن الإجبار على الإسلام، وذلك في أحوال ً خمسة: ١ إذا انتقل غير المسلم إلى ملة أقل: يقول أطفيش: ويجبر على التوحيد من رجع من المشركين إلى ملة أقبح من ملته، » كنصراني إلى اليهودي، يهودي إلى المجوس، والمجوسي إلى الوثني، ولا جبر في عكس ذلك إلا إن رجع إلى ما فوقه ثم رجع إلى ما كان عليه أو دونه مثل أن يرجع يهودي إلى النصارى، ثم يرجع إلى اليهود أو المجوس، = قيل: قد قال الخلال في (الجامع): (باب في الذميين يجعلون أولادهم مسلمين)، أخبرني عبد الكريم بن الهيثم العاقولي قال: سمعت أبا عبد الله يقول في المجوسيين يولد لهما ولد فيقولان: هذا مسلم، فيمكث خمس سنين ثم يتوفى، قال: ذاك يدفنه ا لمسلمون. وقال عبد الكريم بن الهيثم: سألت أبا عبد الله عن الصبي المجوسي يجعله أبواه وأمه مسلما ثم يموت؛ أين يدفن؟ قال: (يهودانه وينصرانه) إن معناه أن يدفن في مقابر ً المسلمين: هذا لفظه. والمعنى أنه إنما حكم بكفره لأن الأبوين يهودانه وينصرانه، فإذا .« جعلاه مسلما صار مسلما ًً ابن قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، دار ابن خلدون، الإسكندرية، ١٤١٥ - ، ١٩٩٥ ، ج ٢ . ص ٢٣(١) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٨، ص ١٧٥(٢) ذات المرجع، ص ١٧٧ . انظر أيض ً ا العلامة الكدمي: المعتبر، ج ١، ص ٤٨ -.٤٩ فإنه يجبر على التوحيد، ولا يجبر المشرك في الكتمان بالضرب والقتل إذا فعل موجب الجبر إلا على قول من قال: في الكتمان في الظهور لم قدر، ولا يجبر بلا موجب جبر، فإن أجبره حتى أقر فلا يصيب الرجوع ولو في « الكتمان (١) . ٢ إذا ولد الطفل لأب غير مسلم وأمة مسلمة(٢) . ٣ إذا اختلطت الأطفال المولودة ولم يعرف المسلم منهم من غير المسلم. يؤيد ذلك ما جاء في كتاب ا لضياء: مسألة: يهودية ونصرانية ومجوسية ومسلمة ولدن كل واحدة غلاما ولم » ً يعرف ولد هذه من هذه فإن الإسلام أولى بهم ويجبرون عليه إذا بلغوا ومن « لم يسلم قتل والمسلم يرثونه ويرثهم وهم بنوه(٣) . (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٧ ، ص ٥٨٤(٢) جاء في كتاب ا لضياء: َ مسألة: وعن يهودي وطأ أمته وهي مسلمة هل يقتل؟ قال: لا. وتنزع منه.. قلت فإن ولد له َ أولاد هل يجبرون على الإسلام إذا بلغوا؟ قال: نعم فإن لم يسلموا قتلوا. مسألة: وقد قيل أنهم لا يجبرون على الإسلام ما كانت الأمة مملوكة فإن عتقت جبروا على الإسلام. وقال من قال: ووقف من وقف عن جبرهم على الإسلام. وقال من قال: يحبسون ولا يسأم لهم من الحبس حتى يموتوا في الحبس أو يسلموا ولا يجبرون بالقتل. والله أعلم بالصواب. ويهددون بالقتل ولا يقتلون ولا يزالون في الحبس إلى أن يسلموا أو سلمة العوتبي: كتاب .« يموتوا في الحبس أو يهربوا فيكون نفيهم من أرض العدل بهربهم الضياء، ج ١٤ ، ص ١٨٠ . راجع أيض ً ا الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ، ص ١١٣ ؛ البشري: . مكنون الخزائن وعيون المسائل، ج ١٣ ، ص ٢٢(٣) العوتبي: كتاب الضياء، ذات المرجع، ص ١٨١ . حري بالذكر أن الإمام الخلال يضيف حالة أخرى لإجبار الطفل على الإسلام، وهي حالة: مسلم تزوج نصرانية على ما كان من ذكر فهو للرجل مسلم وما كان من أنثى فهي مشركة للمرأة حيث يقول: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: سألت أبي عن قوم يزوجون بناتهم من قوم على أنه ما كان من ذكر فهو للرجل مسلم وما كان من أنثى فهي مشركة يهودية أو نصرانية أو مجوسية؟ = ٤ منبوذ » إذا كان الطفل ً لقيط ) « ا ً ا) في دار الإسلام، ولما بلغ يزعم أنه غير مسلم (يهودي أو نصراني)(١) . ٥ إذا كان الطفل من الرقيق المسلم واشتراه غير المسلمين وأدخلوه في دينهم، وهكذا جاء في كتاب ا لضياء: وليس لأهل الذمة أن يشتروا ما جلبه المسلمون من الرقيق إلا أن » يكونوا جلبوهم وهم على أحد الأديان الثلاثة يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا، ًً ً فأما غير ذلك فلا، فإذا علم الإمام بذلك أخذهم من أيدي النصارى واليهود والمجوس الذين أدخلوهم في دينهم بالثمن ويجبروهم على الإسلام وإن جبروهم وضربوهم أو حبسوهم أو هددوهم فلا حد عليهم في ذلك ولكن « إن أدبهم الإمام بالحبس والضرب فذلك له وينهاهم أن يعودوا لذلك(٢) . حري بالذكر أن الفقه الإباضي لا يرى الإجبار على الإسلام في حالتين، هما: = قال: يجبر كل هؤلاء من أبى منهم على الإسلام لأن أباهم مسلم. وحديث ا لنبي ژ : « فأبواه يهودانه وينصرانه » : يردونهم كلهم عن ا لإسلام. الإمام الخلال: أحكام أهل الملل، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٤ -. ١٩٩٤ ، ص ٢٦ (١) يقول أبو إسحاق: واللقيط حر بكل حال، وحكمه حكم أهل الإسلام، إلا في ثلاث خصال: »أحدها: أن يلقطه كافر ويدعي أنه أبنه، الثاني: أن يوجد في قرية ليس فيها موحد؛ فإن حكمه حكم أهل تلك القرية، الثالث: أن يبلغ فيزعم أنه يهودي أو نصراني فإنه لا يكون به مرتد ً ا، بل أبو إسحاق إيراهيم بن قيس: مختصر الخصال، مكتبة « يجبر على الإسلام، ولا يقتل مسقط، ١٤٣٢ -. ٢٠٠١ ، ص ٣٠٥ وجده مسلم في مصر من » ويأخذ الفقه الحنفي بذات الحل. يقول الكاساني إن اللقيط إن أمصار المسلمين فبلغ كافرا يجبر على الإسلام ولكن لا يقتل لأنه لم يعرف إسلامه ً ، الكاساني: بدائع الصنائع، ج ٦ « حقيقة وإنما حكم به تبعا للدار فلم تتحقق ردته فلا يقتل ً . ص ١٩٨(٢) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ١٢٣ • بالنسبة للأولاد البالغين. يقول ا لعوتبي: وأجمع المسلمون أن الذميين إذا أسلما أو أحدهما ولهما أولاد بالغون » « لم يحكم للأولاد بحكم الأبوين ولا يجبرون على ا لإسلام(١) . . • إذا كان الأب غير مسلم وارتد إلى ملة غير ا لمسلمين (٢)ثالث ً ا في الفقه الإباضي الانتقال إلى دار الإسلام يمكن أن يؤثر على الجنسية أو الآثار المترتبة عليها: وهكذا جاء في بيان ا لشرع: مسألة: قال وسألته عن عبيد المشركين من أهل الحرب إذا أسلم العبيد » ثم لحقوا بالمسلمين منزلتهم أحرار هم أم ليسوا بأحرار؟ فقال: هم أحرار ما « لم يسلم مواليهم فإن أسلم مواليهم ردوا إليهم(٣) . كذلك جاء في بيان ا لشرع: وإذا أسلم العبد في دار الحرب وهو مملوك ثم أسلم مولاه بعده قبل » أن يخرج المملوك إلى دار الإسلام كان مردود ً ا على مولاه وإن أسلم ومولاه (١) . ذات المرجع، ص ١٢٦ (٢) جاء في كتاب ا لضياء: وإذا خرج يهودي إلى النصرانية أو المجوسية أو النصرانية إلى اليهودية والمجوسية أو »مجوسي إلى اليهودية والنصرانية فللمسلم تركهم على ذلك لأنهم كلهم أهل شرك ولا يجبر على الرجوع إلى دينه، وفي أثر من خرج من دين أهل الكتاب إلى دين أهل الأصنام لم نحفظ فيه شيئ ً ا، ولكن رأينا أن يترك ولا كرامة له. وقال أبو عبد الله ولو أن يهودي ً ا مات وله ولد صغير وله والد مسلم فميراثه لابنه ولا يجبر ابنه على الإسلام إذا كان الجد مسلم ً ا، ولو كان الجد يهودي ً ا ثم أسلم بعد موت ابنه لم يكن له ميراث والميراث لأبن ابنه الصغير، وعن ابن عباس أنه قال الميراث للولد ويجبر على الإسلام لمكان جده ولم ذات المرجع، ذات ا لمكان). ) .« ير ذلك أبو عبد الله وأنكره (٣) . الكندي: بيان الشرع، ج ٤٦ ، ص ٢٣٢ مشرك ثم خرج من دار الحرب إلى دار الإسلام فعن أبي عبد الله 5 إنه يترك في بلاد المسلمين ولا يرد إليه فإن طلبه سيده أمر ببيعه إذا كان مشرك ً ا « وإن أسلم فهو أولى بعبده(١) . رابعا بخصوص مصير أولاد المشركين وهل هم في الجنة أم في النار ً أم يجب التوقف بخصوصهم؟ الرأي الراجح في الفقه الإباضي أنهم في الجنة(٢) . وهذه المسألة من المسائل التي بحثها الفقه الإسلامي كثيرا. يقول د. الزيني: ً (١) . ذات المرجع، ص ٢٣٣ تجدر الإشارة أن الانتقال إلى دار الإسلام له أثر على الجنسية أيض ً ا بالنسبة للأطفال. الصبي يخرج من دار الشرك إلى أبويه في دار الإسلام، » : يقول الإمام الخلال تحت باب أخبرني محمد بن يحيي الكحال أنه قال لأبي عبد الله: « وهما نصرانيان في دار الإسلام الصبي يخرج إلى أبويه وهما نصرانيان؟ قال: هو مسلم؛ قلت: فإن مات يصلي عليه فقد حكم بإسلامه مع وجود أبويه الكافرين » : المسلمون؟ قال: نعم، يقول ابن قيم الجوزية من غير سباء ولا رق حادث عليه ووجه هذا والله أعلم أنه لما كان منفرد ً ا عن أبويه محكوما بإسلامه بانقطاع تبعيته لهما، فإذا خرج إليهما وهما في دار الإسلام خرج إليهما ً وهو مسلم، فلم يجر الحكم بكفره، فالدار فرقت بينهما حكما كما فرقت بينهما حسا. ًً فان قيل: فيلزمكم هذا فيما إذا كان الطفل في دار الحرب، وأبواه في دار أخرى من دور الحرب غيرها. قيل: ما دام في دار الحرب فنحن لا نحكم له بحكم الإسلام، ودار الحرب دار واحدة وإن تعددت بلادها، فما دام في دار الحرب فليس لنا عليه حكم، فإذا صار إلى دار الإسلام ظهر حكم الدار في الحال التي لم يكن لأبويه عليه فيها حكم، كان حكمه فيها حكم من انقطعت تبعيته لأبويه، فإنه لما صار إلى دار الإسلام، كان الحكم عليه وولايته للمسلمين دون أبويه. .« وسر المسألة أنه حكم بتبعيته الدار في الحال التي لا ولاية لأبويه عليه فيها راجع: ابن قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٠ - ٢٣ ؛ الإمام . الخلال: أحكام أهل الملل، المرجع السابق، ص ٢٥(٢) راجع أطفيش: تيسير التفسير، ج ٨، ص ١٤٤ ، أطفيش: كشف الكرب، وزارة التراث ا لقومي = هذه قضية ناقشها المتكلمون، وهي تعطي صورة واضحة عن لجاجة » = والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ - ، ١٩٨٥ ، ج ١، ص ١٠٤ ؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٨ ُ ص ١٨٦ ؛ أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ١، ص ٢٦٧ - ٢٦٩ ؛ الشيخ سيف بن ناصر الخروصبي: الإرشاد في شرح مهمات الاعتقاد، الطبعة الأولى، ١٤٢٠ - ١٩٩٩ ، ج ١، ص ٢٥٦ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٣، ص ٣٥٩ - ٣٦٤ ؛ الكدمي: المعتبر، ج ١، ص ٥٠ -.٥٦ ومن خير من كتب في هذه المسألة أيض ً ا العلامة البسيوي. ولأهمية رأيه وهو رأي جامع شامل نذكره بحذافيره: .« وأما أطفال المنافقين والمشركين فقد اختلف الناس فيهم »فقائل يقول: هم تبع لآبائهم. ََ ٌ وقائل يقول: بالوقوف عليهم. وقائل يقول: هم في ا لولاية. والله تعالى لم يذكرهم في لحوق آبائهم في شيء من حكم ا لآخرة. فأما في حكم الدنيا فعلى أطفال أهل الشرك في السبي والحكم بينهم في المواريث، وأما في حكم الآخرة فلم يذكرهم مع آبائهم، وقد قال النبي ژ : إن القلم مرفوع عن الطفل » « حتى يدرك ، فإذا كان الطفل مرفوع عنه القلم فلا ذنب عليه. وقد قال الله في كتابه: ﴿ ÌËÊ ﴾ .[ [النجم: ٣٧ ﴿ ÎÍÌËÊ ﴾ [ [الأنعام: ١٦٤ . ﴿ ÈÇÆÅÄà ﴾ [ [الأنعام: ١٦٤ . ﴿ lkjihgfedc ﴾ [ [الممتحنة: ٣ . ﴿ ÁÀ¿¾½¼»º¹¸ ﴾ [ [المؤمنون: ١٠١ . فلما قال الله تعالى هذا، وكان الطفل لم يعلم شيئا من المعاصي، ولا يزر وزرا، ولا كسب ًً ذنبا، والقلم عنه مرفوع فلا يضره من كسب أبيه شيء، وقال الله تعالى لأهل النار: ﴿ 9 ً <;: ﴾ [ [آل عمران: ١٨٢ ، ذلك بما كنتم تعملون، وقال: ﴿ NML QPO ﴾ [ [السجدة: ١٤ . وقد قال: ﴿ RQPO ﴾ [ [سبأ: ١٧ . ﴿ ¿¾½¼»º ﴾ [ [الإسراء: ١٥ . و[لما] كان الطفل لم يخاطب بأمر من طاعة ولا معصية، ولا قدمت يداه معصية ولا كسبت يداه ذنبا؛ لأن القلم عنه مرفوع، قلنا: بقول من قال: إنهم ليسوا لحق ً ا لآبائهم، وإن ً الله رؤوف رحيم، قادر على أن يتفضل عليهم برحمته ولا يعذبهم، ولم تكن لهم معهم = العقل الإنساني وحيرته الدائمة أمام ألغاز الوجود، وفي مواجهة أبسط بديهياته، وجريه وراء اكتنازه المجهول، وغير المجهول، ومحاولة فهم أسرار عالم الشهادة وعالم الغيب، وعدم الرضا أو الاطمئنان بما هو له من جانب النصوص الدينية، ولكنه يريد أن يخوض في كل ميدان، ويبحث عن جميع الأسرار، ويخوض فيما يجب أن يخوض فيه، وما لا يجب. فالإنسان ط ُل َع َة ٌ ، وعقله مفطور على التساؤل والدهشة، ونفسه مجبولة على كشف ح ُ ج ُ « ب ا لمستقبل(١) . خامسا بحث الإمام النزوي حالة الظفر بالبالغين من الرجال والنساء ً في دار أهل الحرب، وأثر ذلك على أطفالهم الصغار، وقال إنهم مسلمون في الحكم في جميع أحكام أولاد ا لمسلمين(٢) . = معصية، ويدخلهم جنته كيف يشاء، والله حكيم عليم، غفور رحيم، لا يعاقب إلا من  عصاه، وقد بي  ن ﴿ ÒÑÐÏÎ ﴾ [ [النجم: ٣٨ . ﴿ ﮯ §¦¥¤£¢¡ ¨ «ª© ﴾ [ [لقمان: ٣٣ . وقد روي عن النبي ژ روايات، فمنها أنه سئل عن أطفال المشركين والمنافقين فقال: (خدم أهل الجنة)، والله قادر أن يتفضل عليهم كما تفضل على الوالدان والحور العين الحسان. فإن قال قائل منهم: في قول الله تعالى: ﴿ ÑÐÏÎÍ ﴾ [ [نوح: ٢٧؟ قيل له: ذلك لما قال لنوح: ﴿ ÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌËÊÉ Ö ﴾ [ [هود: ٣٦ ، ﴿ ÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½ ❁ ËÊÉÈ ÑÐÏÎÍÌ ﴾ [٢٧ ، [نوح: ٢٦ ، وإذا بلغ وعاند كان كافرا معاند ً ا. ً وأخبار ،« هم في النار » : وقد قيل: إن زوجته خديجة، سألته عن أولادها من غيره، فقال النبي ژ لا تتناقض، ولكن إنما قال لها النبي ذلك لعلمه بأولادها أنهم كانوا بالغين معاندين، ولسنا نقول في هذا بالقياس، وقد أخذنا بقول من لم ير عذابهم ولا تبعا ً لآبائهم، وقد بين الله في كتابه ما فيه كفاية ما تلونا، وبالله التوفيق وبه نستعين. جامع أبي الحسن البسيوي: ج ١، ص ٤٢٧ -.٤٣٠ (١) د. محمد عبد الرحيم الزيني: عمرو بن عبيد والأصول الخمسة، دراسة مقارنة بين فكر المعتزلة والإباضية، دار اليقين، المنصورة، ١٤٣١ -. ٢٠١٠ ، ص ١٤٨ (٢) وهكذا جاء في ا لمصنف: = َ حري بالذكر أنه لا يوجد تناقض بين حديثين للنبي ژ بخصوص هذه المسألة (١) . = وأما من لم تصح عليه محاربة، وظفر به منهم، من البالغين الرجال والنساء، في دار أهل »الحرب من المشركين، ممن لم يصح له عهد ولا ذمة، فإنه غنيمة. ولا يقتلون على حال، من النساء والرجال، إلا أنهم يدعون إلى الإسلام. وكانوا عبيدا كما وصفنا مشركين،  وأموالهم غنيمة، وأصول أموالهم صوافي للمسلمين. وأما ما كان من ذريتهم صغارا، فغنمهم المسلمون وهم صغار، وصاروا ملك ً ا في الغنيمة، ً بمنزلة أولاد أهل الإسلام. ولو لم يسلم آباؤهم، فهم مسلمون في الحكم، في أحكام الطهارة، وجميع أحكام أولاد ا لمسلمين. وكذلك من ثبت عليه السباء، من أولاد أهل العهد، الذين ولدوا في المحاربة، فهم بمنزلة . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٣٧ .« المسلمين. وهم غنيمة عبيد للمسلمين أما من ولد في أثناء العهد فلا يجوز سبيه. وهكذا بخصوص سؤال: عن قولهم بمنع سبي من ولد في حال العهد ما وجهه، وكيف يعرف ذلك؟ يقول ا لسالمي: إن المولود في حال العهد إنما ولد على الذمة، فكأنه صار بذلك حرا، ومن صار إلى » ً الحرية لا يرجع إلى الرق أبد ً ا، وأما معرفة ذلك فإنه إنما يمنع عند الصحة، فمن جاء بصحة أنه ولد في ذلك الزمان خلي عنه، وكذلك من علم حاله بالسن في التاريخ، ومن .« لم يصح ولم يعلم حالة بيع في ا لأعراب ، السالمي: نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤ ص ٣٦٩ -.٣٧٠ (١) يقول ابن قتيبة ا لدينوري: كل مولود يولد على الفطرة حتى » (قالوا حديثان متناقضان) قالوا: رويتم عن النبي ژ الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد » ثم رويتم « يكون أبواه يهودانه وينصرانه في بطن أمه وأن النطفة إذا انعقدت بعث ا لله 8 إليها ملك ً ا يكتب أجله ورزقه وشقي أو سعيد وأنه مسح على ظهر آدم فقبض قبضة فقال إلى الجنة برحمتي وقبض أخرى فقال: إلى النار ولا أبالي، قالوا وهذا تناقض واختلاف فرق بين المسلمين واحتج به أهل القدر وأهل ا لإثبات. وقد رد على ذلك بقوله: ونحن نقول أنه ليس هاهنا تناقض ولا اختلاف بنعمة الله تعالى ولو عرفت المعتزلة ما »معناه ما فارقت المثبتة إن لم يكن الاختلاف إلا لهذا الحديث والفطرة هاهنا الابتداء =  ٣ تبعية المنبوذ (اللقيط): الطفل يوجد منبوذ » اللقيط هو ً « ا، ولا يعرف له أم، ولا أب(١) .  = والإنشاء ومنه قوله تعالى: ﴿ srqpo ﴾ ؛[ [فاطر: ١ أي: مبتدئها وكذلك قوله: ﴿ «ª© ¬¯® ﴾ [ [الروم: ٣٠ يريد ج ِبل ِ ته التي جبل الناس عليها أخذ الميثاق الذي أخذه عليهم في أصلاب « كل مولود يولد على الفطرة » : وأراد بقوله  آبائهم وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى فلست واجد ً ا أحد ً ا إلا وهو مقر بأن له صانع ً ا ومدبرا وأن سماه بغير اسمه أو عبد شيئ ً ا دونه ليقربه منه عند نفسه، أو ً وصفه بغير صفته، أو أضاف إليه ما تعالى عنه علوا كبيرا قال الله تعالى: ﴿ Äàً ÇÆÅ ﴾ [ [الزخرف: ٨٧ فكل مولود في العالم على ذلك العهد والإقرار وهي الحنيفية التي وقعت في أول الخلق وجرت في فطر العقول قال رسول الله ژ: يقول الله تبارك وتعالى: إني خلقت عبادي جميع » ً « ا حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم ، ثم يهود  اليهود أبناءهم ويمجس المجوس أبناءهم؛ أي: يعلمونهم ذلك وليس الإقرار الأول مما يقع به حكم أو عليه ثواب ألا ترى أن الطفل من أطفال المشركين ما كان بين أبويه فهو محكوم عليه بدينهما لا يصلي عليه إن مات ثم يخرج عن كنفهما إلى مالك من المسلمين فيحكم عليه بدين مالكه ويصلي عليه إن مات ومن وراء ذلك علم الله تعالى فيه وفرق ما بين أهل القدر وأهل الإثبات في هذا الحديث أن الفطرة عند أهل القدر الإسلام، فتناقض عندهم الحديثان، والفطرة عند أهل الإثبات العهد الذي أخذ عليهم حين فطروا .« فاتفق الحديثان ولم يختلفا وصار لكل واحد منهما موضع ابن قتيبة الدينوري: كتاب تأويل مختلف الحديث، مكتبة المتنبي، القاهرة ص ٨٧ -.٨٨ (١) الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٩، ص ١١٣ ؛ الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، ج ٦. ص ٤٤٥ . وهناك تعريفات أخرى كثيرة، منها: الأصم: البصيرة، وزارة « الحميل والنقل، ابن الليل » : ويقال له « اللقيط: المنبوذ » : يقال . التراث والثقافة، سلطنة عمان، ص ١٤٤ ُ ويقال للمنبوذ اللقطة، ويقال له: الحميل يحمله قوم فيرونه. ويقال: طفل ملقوط ولقيط ومنبوذ ونبيذ. والصبي المنبوذ المتروك وهو ولد الحركة والمدعدع وابن الليل وهو ولد ، الخبيثة، وهو النقل وابن المساعدة، وكله ولد الزنا. العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٨ . ص ٦٢ ؛ النزوي: المصنف، ج ٢٣ ، ص ١١٩ لغة: هو المطروح. واصطلاحا: هو الصبي الذي يوجد متروك » والمنبوذ ً ا ولا يعرف نسبه، ً وقد يكون لقيط ً . معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٩٧٣ « ا = صغير أو مجنون لا كافل له معلوم، فهو بهذا شخص غير » واللقيط منسوب لأحد، يرجع نبذه في الغالب إلى سبب غير شريف، وقد يكون بسبب الفقر أو التشوه أو لكونه أنثى، كما في عادات بعض البلاد الأجنبية، أو بسبب نزاع الزوجين، أو بغير ذلك. « وهؤلاء المنبوذون لا بد من رعايتهم، لأنهم برآء لا ذنب لهم(١) . وتحكم القواعد الآتية جنسية ا للقيط(٢) : = سالم الراشدي: المرجان في « هو الصبي المنبوذ يجده الإنسان في مكان فيلتقطه » اللقيط  . أحكام القرآن، ج ٥، ص ٧٩ في اللغة فعيل من اللقط وهو اللقاء بمعنى المفعول وهو » يقول الكاساني: إن اللقيط الملقوط وهو الملقي أو الأخذ والرفع بمعنى الملقوط وهو المأخوذ والمرفوع عادة لما أنه يؤخذ فيرفع، وأما في العرف فنقول: هو اسم للطفل المفقود وهو الملقي أو الطفل المأخوذ والمرفوع عادة، فكان تسميته لقيط ً ا باسم العاقبة؛ لأنه يلقط عادة؛ أي: يؤخذ  ويرفع، وتسمية الشيء باسم عاقبته أمر شائع في اللغة، قال الله تعالى جل شأنه: ﴿ ® ¯° ﴾ [ [يوسف: ٣٦ وقال الله تعالى جل شأنه: ﴿ ÖÕÔÓ ﴾ [ [الزمر: ٣٠سمي العنب خمرا والحي الذي يحتمل الموت ميت ً الكاساني: « ا باسم العاقبة كذا هذا ً . بدائع الصنائع، ج ٦، ص ١٩٧ الصبي المنبوذ يجده إنسان هو اللقيط عند العرب، وقال الليث: هو المولود الذي ينبذ على الطريق، أو يوجد مرميا على الطرق لا يعرف أبوه ولا أمه، فعيل بمعنى مفعول، .( كالملقوط (الزبيري: تاج العروس ج ٢٠ ، ص ٧٦ وقد تستخدم كلمة (منبوذ) في معنى آخر. فقد ورد في مسلم أن رجلا ً يكتب للنبي ژ فارتد عن الإسلام ولحق بالمشركين فقال النبي ژ: « إن الأرض لا تقبله » فأخبر أبو طلحة أنه أتى الأرض التي دفن فيها فوجده منبوذ ً ا فقال: ما هذا؟ قالوا: دفناه مرارا فلم تقبله ا لأرض. ً راجع أطفيش: السيرة الجامعة من المعجزات اللامعة، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٢٨ -. ٢٠٠٧ ، ص ٨٣ ُ (١) . بيان للناس من الأزهر الشريف، القاهرة، ١٩٨٨ ، ص ٢٧٥(٢) راجع أ يض ً ا: معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٩٧٣ ؛ الأصم: البصيرة، ص ١٤٤ - ؛١٤٥ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٩، ص ١١٣ - ١١٤ ، زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب = ١ للدار دور مهم في تحديد جنسية المنبوذ؛ أي: أن العامل المكاني ْ يلعب دورا لا يستهان به في كون اللقيط مسلما أو غير مسلم(١) . ًُ ً يقول ا لعوتبي: والمنبوذ إذا وجد في دار الإسلام كان حكمه حكم المسلمين باتفاق » ُ الأمة، فإن ادعاه ذمي وأقام على ذلك بينة من المسلمين كان حكمه حكم أبويه ولا تنازع بين أهل العلم في ذلك، وكذلك أصل بني آدم الحرية باجتماع، والمنبوذ حكمه الحرية ولا تنازع في ذلك. وإذا وجد على فراش أو دابة أو في ثور أو في ثوبه وفراشه مال مصرور كان ذلك كله له باتفاق الأمة. ومن وجد المنبوذ فهو أحق به من غيره، فإن وجده ملي وذمي وجب أخذه من يد الذمي وكان الملي أحق به وبالقيام به وإخراجه من الشرك وتسليمه إلى المسلم واجب باجتماع. والمنبوذ إذا ادعاه رجل ولم يكن له منازع فيه فقوله مقبول في نفسه بإجماع. وإذا ادعى ذمي نسب لقيط قال الشافعي: فهما سواء، وكذلك الحر والعبد. = الإشراف لابن المنذر النيسابوري، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة ع ُ مان، ١٤٣٢ -٢٠١١ ، ج ٤، ص ٢٦٧ - ٢٨٢ ؛ موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون المسائل، ج ١٣ ، ص ١١ - ١٢ ، العلامة المعولي: المهذب وعين الأدب، ج ٢، ص ٢٤٥ ؛ العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٨ ، ص ٦٢ -٦٦ ، ج ٤، ص ٢٩٧ - ٣٠١ ؛ أبو إسحاق الحضرمي: كتاب الدلائل والحجج، ج ١ - ٢، ص ٥٧٠ ؛ ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٤٤٦ - ٤٤٨ ؛ جامع أبي الحواري، ج ١، ص ٣١ - ٣٢ ؛ النزوي: المصنف، ج ٢٣ ، ص ١١٩ -.١٢٨ (١) إن اللقيط إن » : جاء في المجموع شرح المهذب ْ وجد في بلد من بلاد المسلمين وفيه ُ مسلم فهو مسلم؛ لأنه اجتمع له حكم الدار وإسلام من فيها، وإن كان في بلد الكفار ولا مسلم فيه، فهو كافر، لأن الظاهر أنه ولد بين كافرين. وإن كان فيه مسلم ففيه وجهان؛ ُ .« أحدهما: أنه كافر تغليبا لحكم الدار. والثاني: أنه مسلم تغليبا لإسلام المسلم الذي فيه ًً . المجموع شرح المهذب للنووي، ج ١٧ ، تحقيق: بخيت المطيعي، ص ٥٣٧ « وقال أبو حنيفة: المسلم أولى من الكافر والحر أولى من ا لعبد(١) . تقول دار الإفتاء ا لمصرية: اللقيط متى وجد في مكان أهل الذمة فهو ذمي ما دام الواجد له » « ا(٢) ذمي .   كذلك تطبيق ً الأصل في المسلم الإسلام حتى يثبت » : ا للقاعدة الفقهية فمن فروعها: ،« العكس إن المنبوذ إذا وجد في دار الإسلام حكم له بالإسلام اعتبارا بالدار؛ » ً لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وهذا أصل فيست َصح َ ب حتى يثبت ُْ ْ « خلافه(٣) . يقول ا لناظم: وإن يك الملقوط طفلا ﹰ فهو حر ﹾ وحكمه موحد حتى يقر ْ فيدعي بعد البلوغ الكفرا فحكم ما ادعي عليه يجرى ُ  كذاك إن ﹾ لقطه من ك ﹶف ﹶ را ثم ادعاه ابنه واشت ُ هرا ﹸﹶ َ ﹺ (٤) ِ أو كان في مواطن الكفار فأحكم له فيها بحكم الدار يتضح مما تقدم أن للعامل المكاني دورا مهما في تحديد جنسية ا للقيط(٥) . ً (١) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٨ ، ص ٦٦ ؛ النزوي: المصنف، ج ٢٣ ، ص ١٢٠(٢) . الفتاوى الإسلامية الصادرة من دار الإفتاء المصرية، ج ٢، ص ٦٠٩(٣) . معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٢٦٤(٤) عبد الله بن حميد السالمي: مدارج الكمال في نظم مختصر الخصال، وزارة التراث . والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ١٩٨٣ . ص ١٠٧ ُ (٥) في المذاهب (« تبعية الدار » لعل خير من عبر عن هذا العامل المكاني (والذي أسماه فكل لقيط وجد في دار الإسلام فهو مسلم. وإن » : الإسلامية، ابن قيم الجوزية حيث قال كان في دار الكفر ولا مسلم فيها فهو كافر، وإن كان فيها مسلم فهل يحكم بإسلامه أو يكون كافرا؟ على وجهين: هذا تحصيل مذهب أحمد. = ً ٢ يوجد خلاف في الفقه الإباضي بخصوص ميراث اللقيط ووصيته(١) ، = وقال أصحاب مالك: كل لقيط وجد في قرى الإسلام ومواضعهم فهو مسلم وإن كان في قرى الشرك وأهل الذمة ومواضعهم فهو مشرك. وقال أشهب: إن التقطه مسلم فهو مسلم. ولو وجد في قرية ليس فيها إلا الاثنان والثلاث من المسلمين فهو مشرك؛ ولا يعرض له إلا أن يلتقطه مسلم، فيجعله على دينه. وقال أشهب: حكمه في هذه أيض ً ا الإسلام التقطه ذمي أو مسلم، لاحتمال أن يكون لمن فيها من المسلمين قال: كما أجعله حرا وإن كنت لم أعلم حر هو أم عبد، لاحتمال ً الحرية؛ لأن المشرع رجح جانبها: هذا تحصيل مذهبهم. وقالت الشافعية: إما أن يوجد في دار الإسلام أو دار الكفر، فإن وجد في دار الإسلام فهي ثلاثة أضرب: أحدها: دار يسكنها المسلمون، فاللقيط الموجود فيها مسلم، وإن كان فيها أهل الذمة، تغليبا للإسلام.  ً الضرب ا لثاني: دار فتحها المسلمون وأقروها في يد الكفار بجزية، أو ملكوها، أو صالحوهم ولم يملكوها: فاللقيط فيها مسلم إذا كان ثم مسلم واحد فأكثر، وإلا فكافر على الصحيح. وقيل: مسلم لاحتمال أن يكون فيها من يكتم إسلامه. الثالث: دار كان المسلمون يسكنونها ثم رحلوا عنها، وغلب عليها الكفار، فإن لم يكن فيها من يعرف بالإسلام فهو كافر على ا لصحيح. وقال أبو إسحاق: هو مسلم، لاحتمال أن يكون فيها من يكتم إسلامه، وإن كان فيها معروف بالإسلام وفيه احتمال للجويني. وإن وجد في دار الكفر، فإن لم يكن فيها مسلم فاللقيط محكوم بكفره، وإن كان فيها تجار مسلمون ساكنين فهل نحكم بكفره تبعا للدار، أو بإسلامه تغليبا للإسلام؟ فيه ًً وجهان. وكذا الوجهان لو كان فيها أسارى مسلمون: فأما المحبوسون في المطامير. فلا أثر لهم، كما لا أثر للمجتازين ا لمارين من المسلمين: هذا تحصيل مذهبهم. وقالت الحنفية: إن التقطه في دار الإسلام فهو مسلم تبعا للدار، إلا أن يلتقطه من بيعة أو ً كنيسة أو قرية من قراهم، فيكون ذميا لأن الظاهر أن أولاد المسلمين لا يكونون في ً مواضع أهل الذمة، وكذلك بالعكس. قالوا: ففي ظاهر الرواية اعتبر المكان دون الواجد، كاللقيط إذا وجده مسلم في دار الحرب. وروي أبو سليمان عن محمد: أنه اعتبر الواجد .« دون المكان، لأن اليد أقوى، وفي رواية: اعتبر الإسلام نظرا للصغير ً ابن قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، ج ٢، ص ٢١ -.٢٢ (١) وهكذا جاء في منهج ا لطالبين: = وإن أكد فقهاؤه على أن اللقيط من الأولاد الذي لا وارث له يكون ميراثه لمن التقطه فرباه(١) . = قال كثير من أصحابنا: إنه لمن رباه، وانفق عليه. وقال كثير منهم: إن للقوام به، والمنفقين »عليه، أن يرجعوا بمثل ما أنفقوا عليه، ولا ميراث لهم منه. وقال بعض: ميراثه لبيت   المسلمين. وقال بعض : هو للفقراء. وقال أبو الحسن: اعدل ذلك عندنا إذا لم يوجد له ٌ رحم : أن يكون ميراثه للفقراء. وإن أوصى اللقيط بماله كله، ولم يكن له رحم، جاز ذلك، إلا أن تكون له زوجة فإن الوصية ترد إلى الثلث. وهكذا يوجد عن أبي الحواري 5 . وقول: تجوز وصيته إلى الربع، الذي للزوجة، أو النصف الذي للزوج. وما بقي، جازت فيه الوصية كلها. وكذلك على قول من يقول: إن للزوجين حصتهما، وما بقي فللجنس. .« وقول: ليس للجنس، مع الزوجين شيء. وكل المال للزوجين الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٩، ص ١١٦ ، العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٨ ، ص ٦٣ ؛ النزوي: . المصنف، ج ٢٣ ، ص ١٢٨(١) يبين الإمام السالمي وجه ذلك، بقوله: لم يكن أحد أخص به ممن التقطه فرباه، وأنت خبير بأن أحكام المواريث جارية على »الأخص فالأخص كما يفهم من مقاصد الكتاب والسنة. فقد ثبت في أول الأمر ميراث الحلفاء من بعضهم بعض ً ا وذلك معنى قوله تعالى: ﴿ ¾½¼»º¹¸ ﴾ [ [النساء: ٣٣ وما ذلك إلا للخصوصية التي أشرنا إليها، وقضى عمر بن الخطاب أن من كان حليف ً ا أو عديد ً ا في قوم قد عقلوا عنه ونصروه فميراثه لهم إذا لم يكن له وارث يعلم، وكان ابن عباس يقول لما آخى النبي ژ بين أصحابه كانوا يتوارثون بذلك حتى نزلت: ﴿ ÎÍÌË ÒÑÐÏ ﴾ [ [الأنفال: ٧٥ فتوارثوا بالنسب. وفي الحديث عن رسول الله ژ: إذا أسلم » « رجل على رجل من المسلمين، فهو أولى الناس بمحياه ومماته . فهذه الأخبار تدل على ثبوت الميراث بالخصوصية فاللقيط أخص به من التقطه، كما أن الحليف أخص بحليفه، ومن أسلم على يد رجل مسلم أخص به.لا يقال إن في بعض هذا ا حتجاجا بالمنسوج وهو ميراث الحليف، لأنا نقول لم نحتج ً بميراثه في نفسه وإنما احتججنا بثبوته للخصوصية المعتبرة في أول الإسلام، وتلك الخصوصية باقية على حالها وإنما نسخ التوريث بها وذلك لا يقدح في اعتبارها في نفسها حتى يقال إنها ملغاة بل هي معتبرة في غير التوريث من سائر ا لأحكام. = أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٢٦٠ ٣ تنص المادة ٦٩ من قانون الأحوال الشخصية في سلطنة ع ُ مان على أن: تكون نفقة اللقيط مجهول الأبوين من ماله إن وجد له مال فإذا لم » يوجد ولم يتبرع أحد بالإنفاق عليه كانت نفقته على بيت المال أو من يقوم « مقامه(١) . ٤ يوافق الفقه الإباضي على الإقرار بنسب اللقيط بشروط وفي أحوال معينة. فقد جاء في كتاب ا لضياء: فإن أقر له رجل بنسب أمه قبل ذلك منه إذا ادعاه ولد » ً ا له لأنه أقر للمنبوذ بحق على نفسه، وكذلك قال أصحابنا، ويقع لي أنه إجماع منهم. فإن أقر له بنسب يعلم كذبه في ذلك الإقرار لم يقبل منه إذا كان المقر بأنه ولد المقر له، وكان المقر أصغر سن ً ا وكان الولد هو المقر بالوالد مثل الوالد أو فوقه في السنن فإن أقر منبوذ رجل بنسب منه أنه ولد له وعند المنبوذ = وعن عمر ƒ أن اللقيط حر وميراثه لبيت المال والسائبة حر وميراثه لبيت المال. وهذا    يخالف ما مر، ووجهه أن أهل الميراث يعلمون بالنصوص القرآنية والسنة النبوية، وإذا لم .« يوجد أحد منهم فالمال لبيت المال الذي هو جامع لمصالح المسلمين. والله أعلم جوابات الإمام السالمي: ج ٣، ص ٢٢٣ - ٢٢٤ ؛ ابن رزيق: حل المشكلات، ص ٢٧٢ -.٢٧٣ (١) انظر أيض ً ا: أحمد نصر الجندي: شرح قانون الأحوال الشخصية في سلطنة عمان، دار الكتب القانونية، ُ . المحلة الكبرى، ٢٠٠٨ ، ص ١٢٦ أن نفقة اللقيط غير واجبة » : ويقول الإمام ابن المنذر إن علماء المسلمين أجمعوا على « على الملتقط كوجوب نفقة ولده إن كان له . ابن المنذر: الإجماع، المرجع السابق، ص ١٠٤ مال فطلب الرجل أخذ ذلك المال لم يدفع إليه في حياة ولا ممات، فإن قال قائل: لم أثبتم عليه حكم الأبوة للمنبوذ بالإقرار ولم تحكموا له إن مات  بماله قيل له إن إقراره بأنه ولد له إقرار منه على نفسه فإقراره على نفسه يلزم المقر له في ماله. قال الله تبارك وتعالى: ﴿ ÇÆÅÄÃ È ﴾ [ [الأنعام: ١٦٤ «(١) . بل ويطبق الفقه الإباضي حلولا ً منطقية بخصوص اللقيط أو اللقيطة التي لا يعرف نسبها(٢) . ُ (١) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٨ ، ص ٦٥ ؛ النزوي: المصنف، ج ٢٣ ، ص ١٢٧ (٢) وهكذا بخصوص سؤال: عن ابنة لا أب لها، تقول أمها أنها زنيهم وتريد لها تزويج ً ا ونحن لا نعرف نسب أمها أيض ً ا لأنها أعرابية غريبة، والابنة بالغة أو غير بالغة فمن عند أبي عبيد الله: اللقيطة وليها السلطان لا » : يزوجها تفضل بالبيان؟ أجاب الحارثي عصبة أمها، وهكذا عن محمد بن الحسن في تزويج من لا ولي ولا أب لها من النساء، الشيخ عيسى بن صالح الحارثي: خلاصة .« ولا تزوج غير البالغ ومن لا تعرف، والله أعلم . الوسائل بترتيب المسائل، ج ٢، ص ١٦٥ حري بالذكر أن نسب اللقيط تم بحثه أيض ً ا في إطار المذاهب الإسلامية ا لأخرى: فقد أعطى المالكية حق النسب لمن أقام عليه البينة مسلما كان أو غير مسلم؛ قال في ً قلت: أرأيت اللقيط من أقام عليه بينة أيض » المدونة ً ا له به وإن كان في يد مسلم فأقام ذمي البينة من المسلمين أنه ابنه أتقضي به لهذا الذمي وتجعله نصرانيا في قول مالك؟ قال: قال مالك في اللقيط يدعيه رجل: إن ذلك لا يقبل منه إلا ببينة أو يكون رجلا ً قد عرف أنه لا يعيش له ولد فيزعم أنه فعله لذلك فإن من الناس من يفعل ذلك، فإذا عرف ذلك منه رأيت القول قوله، وإن لم يعرف ذلك منه لم يلحق به، فإذا أقام البينة عدولا ً من المسلمين فهذا عرف ذلك منه أرأيت القول قوله، وإن لم يعرف ذلك منه لم يلحق به، فإذا أقام البينة عدولا ً المدونة، « من المسلمين فهذا أحرى أن يلحق به نصرانيا كان أو غيره ً . ج ٤، ص ٢١٣ وبذلك يقرر المالكية مساواة المسلم وغيره في حق دعوى النسب؛ قال القاضي ودليلنا أن المسلم يساوي الذمي في السبب الذي يلحق به النسب، وهو » : عبد الوهاب راجع، د. مجدي .« الفراش أو شبهه أو ملك اليمين؛ فساواه في تداعي النسب كالمسلمين = ٥ بخصوص ترك اللقيط دون رعاية حتى يموت، جاء في الفقه الإباضي: ومن دخل مسجد » ً ا، فوجد فيه صبيا، وتركه فيه، حتى مات. فإن كان في التماس من يقوم به، فمات قبل أن يجد، فلا بأس عليه وإن وجد من يقوم به وتركه عمد ً ا، حتى هلك. فأخاف أن يلزمه الضمان، كان الواجد له في المسجد إماما أو غير إمام. ً  وفي الأثر في رجل، خرج إلى فلاة، وهو حامل طعاما لأهله، فوجد ً صبي ً ا ملقى. ولا يقدر على حمل الطعام والصبي مع ً ا. إن حمل الطعام إلى أهله، ومن يلزمه عوله أولى، إذا خاف عليهم الضرر، والقيام بعولته ألزم. وإن كان يقدر على حفظ الصبي والقيام بعولته جميعا، والصبي في موضع، ً « يخاف عليه فيه الهلاك، فعليه القيام بذلك كله(١) .  وعن أبي ا لحواري » 5 في ولد الخبيثة، إذا طرح في بلد، فعليهم أن يربوه ولا يضيعوه. فإن لم يجدوا له من يربيه بالجعل، لزمهم أن يربوه، بما قدروا عليه، ليشتروا له شاة، يرضعونها من لبنها. = عاشور: فقه العيش مع الآخر من منظور فقه المذهب المالكي، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان ١٤٣٤ -. ٢٠١٣ ، ص ١٥ ُ وبخصوص اللقيط يقول ا لبيضاوي: النسب ينسب إلى مستلحقه؛ لعسر البينة، وعدم المنازع ولو عبد » ً ا كذبه السيد؛ لإمكانه، وقطع ولاء السيد منقوض باستلحاق المعتق. لا المرأة المزوجة بلا بينة على الأظهر؛ فإنه ُ إلحاق بالزوج. فلو تداعى اثنان حكم بالبينة. ثم القائف، ثم بميل طبعه إذا بلغ ولا يرجح .« بالإسلام والحرية؛ إذ لا تعلق لهما بالنسب قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، تحقيق: علي محيي الدين . داغي، دار الإصلاح، القاهرة، ج ٢، ص ٦٧١(١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٩، ص ١١٤  وإن تركوه حتى مات، فيما بينهم، لزمتهم الدية، إن عرفوا به أبا، أو أما، ًً أو رحما، أو عصبة، دفعوا الدية إليه. ً  وإن لم يعرفوا له أ حد ً « ا، فرقوا ديته على الفقراء، والله أعلم، وبه ا لتوفيق(١) . يتضح من ذلك أن الفقه الإباضي أكد على ما يلي: أولا ً: أن حفظ اللقيط أمر واجب(٢) . ثانيا: أن عدم القيام بهذا الواجب يرتب آثارا تتمثل في الضمان أو ً ً الدية(٣) . ثالث ً ا: أن الفقه الإباضي يكون بذلك قد عرف منذ أمد بعيد فكرة .« الجريمة بالامتناع » أو « الجريمة السلبية » رابع ً ا: لا ذنب له فيما « إنسان » أن علة العناية باللقيط ترجع إلى كونه حدث فهو خير ا لثلاثة(٤) . وإحياء النفس البشرية أمر مرغوب فيه إسلاميا.  وهكذا بخصوص: (١) . ذات المرجع، ص ١١٧ ؛ النزوي: المصنف، ج ٢٣ ، ص ١٢١(٢) وهو ما أكده الأزهر ا لشريف: وأمر الإسلام بأخذهم، وقرر الفقهاء أن التقاطهم واجب وجوبا عينيا إن وجد اللقيط في » ً مكان يغلب على الظن هلاكه فيه لو تركه، وإلا كان مندوبا، ويكون التقاطه حينئذ واجبا ًً كفائيا على المجتمع كله. وذلك لقوله تعالى: ﴿ :9876 ; ﴾ [ [المائدة: ٣٢ ، ﴿ ÂÁÀ¿ ﴾ [ [المائدة: ٢ ،﴿ nml o ﴾ [ [الحج: ٧٧ . ولأن في تركه تعريض ً .« ا لنفس بريئة للهلاك، وذلك منهي عنه . بيان للناس من الأزهر الشريف، القاهرة، ١٩٨٨ ، ص ٢٧٦ (٣) وإذا طرحت المرأة ولدها في مسجد أو منزل قوم، وكفله أحد » : كذلك في الفقه الإباضي ثم مات، وأرادت التوبة، فليس عليها إلا التوبة، وإن مات قبل أن يكفله أحد إذا طرحته فعليها التوبة، وديته لإخوته من أمه، ولا شيء لأبيه من ديته، إذا كان ولد دنية، ولا شيء . العلامة الأصم: البصيرة، ص ١٤٥ « لأمه من ديته، وإنما الدية لإخوته لأمه أو لعصبة أمه (٤) وهو قول ابن عباس . ƒ لذلك يجوز قال خميس أن يكون إماما في الصلاة، إن كان = ً قولهم: إنه يلزم أهل الدار إن وجدوا مولود ً ا مطروح ً ا أن يربوه، فإن مات بتضييع فعليهم الدية ما وجهه؟ يقول ا لسالمي:  وجهه أن دفع الضرر عن المسلم واجب على من قدر، وإن لهذا » المولود حرمة الإسلام، ولو لم تكن فحرمة الآدمي ولا شك أن لبني آدم بل لسائر الحيوانات حرمة في دفع الضرر عنهم حسب الإمكان ولكل في ذلك ِ منزلته إلا من ح ُ رم َ منهم هذه الح ُ ر ْ م َ ة، كالمشرك والباغي والذئب والكلب العق ُ ور والحية والعقرب وكل مؤذ أمر الشارع بقتله كالخنزير فإن هذه الأشياء َ لا حرمة لها. فإن تر َ ك الحيوان الذي له احترام حتى هلك ضيعة ً مع قدرته على نجاته  َ َِِ أثم وضمن، لأنه مكلف بالنجاة فإذا لم يفعل وتركه للضياع شارك في قتله. وأهل الدار الملتقطون للوليد هم الذين لزمهم الخطاب في القيام بأمره فإن مات بتضييعهم فقد قتلوه؛ أي: تسببوا لقتله ﴿ ,+*) 876543210/. ;:9﴾ (١)[ [المائدة: ٣٢ . ٤ تبعية أطفال ا لمرتد: تثير الردة أمور ً ا تتعلق بجنسية المرتد (والذي يفقدها لاعتناقه دين ً ا آخر) وكذلك جنسية أبنائه؛ فهل يفقدون الجنسية الإسلامية تبعا لردة أبيهم؟ أم ً يظلون محتفظين بها، رغم ردة أبيهم؟(٢) . = صالح ً ا وشاهد ً ا إن كان عدلا ً ، ولا يضره فعل أبويه، ويدخل الجنة إن أطاع الله، وأن يكون حاكما إن كان أمين ً ا، وأن يزوج، راجع: الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، ًُ . ج ٦، ص ٤٤٥(١) جوابات الإمام السالمي:، ج ٣، ص ٢٢٤ - ٢٢٥ ؛ ابن رزيق: حل المشكلات، ص ٢٧٣ -.٢٧٤ (٢) قيل: وفيما يتعلق بجنسية الأولاد نجد أن الأولاد غير المميزين يتبعون جنسية أبويهم إذا = يفرق الفقه الإباضي بين من ولد من الأولاد في دار الإسلام ومن ولد منهم في دار الحرب بعد انتقال آبائهم إليها على إثر الردة: ويقول ا لحارثي: وعن أبي ا لمؤثر » 5 : وإذا ارتد الرجل وامرأته ولحقا بأرض الحرب فإنما السبي فيما ولد لهما في أرض الحرب ولا يسبى ما حملا من دار ُ الإسلام من ا لأولاد. ومن جواب أبي عبد الله محمد بن محبوب 5 عن المرتدين هل عليهم سبي أهل مصر كانوا أو غير أهل مصر لحقوا بأرض الحرب أم لم يلحقوا من العرب كانوا أو من غير العرب، فأما من ولد من ذراريهم وآباؤهم مسلمون فلا سبي عليهم، وأما من ولد منهم من بعد ردة آبائهم فأولئك عليهم السبي، وذلك إذا حاربوا وأما إذا لم يحاربوا فإنه يعرض على البالغين من الرجال والنساء الرجوع فإن تابوا ورجعوا إلى الإسلام قبل منهم وإذا ثبتوا على الردة قتلوا ولا ت ُ سبى ذراريهم ولكن ينتظر بهم البلوغ، فإذا بلغوا عرض عليهم الإسلام فإن قبلوه ودخلوا فيه قبل منهم، وإن ثبتوا على الكفر ُ قتلوا أيض ً ا كما قتل آباؤهم، وسواء كانوا من أهل مصر أو غير مصر. وأما العرب فلا سبي فيهم إلا أن يكونوا أهل ذمة حاربوا من بعد المسالمة، أولئك عليهم السبي ممن ولد من ذراريهم من بعد المحاربة فأما = قام هؤلاء الأخيرون بتغيير جنسيتهم مع ملاحظة أن الأولاد يتبعون جنسية الوالدين فقط في الحالة التي يكون فيها التغيير من جنسية أدنى إلى جنسية أعلى والجنسية الإسلامية هي العليا لقول الرسول ژ: « الإسلام يعلو ولا يعلى » . وعلى ذلك فإنه إذا كان التغيير من الجنسية الإسلامية إلى جنسية أخرى، كما إذا ارتد الزوجان المسلمان، فلا يتبع الأولاد جنسية ا لوالدين. راجع: عبد القادر عودة التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٠٨ ، د. أشرف وفا: المبادئ العامة للجنسية ومركز الأجانب، المرجع السابق، ص ١٥٨ . انظر أيض ً ا د. أحمد عبد الكريم . سلامة: نحو نظرية عامة للقانون الدولي الخاص الإسلامي، المرجع السابق، ص ١١٩ من ولد وهم على عهدهم وسلمهم ثم حارب آباؤهم فأولئك لا سبي « عليهم، ا نتهى(١) . وهذه التفرقة التي تبناها الفقه الإباضي موجودة أيض ً ا في فقه المذاهب الإسلامية ا لأخرى(٢) . بل طبق فقهاء المسلمين ذات الحل بخصوص أهل   (١) . الشيخ عيسي بن صالح الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ج ٤، ص ١٤٢ (٢) يقول ا لكاساني: وأما حكم ولد المرتد فولد المرتد لا يخلو من أن يكون مولود » ً ا في الإسلام أو في الردة فإن كان مولود ً ا في الإسلام بأن ولد للزوجين ولد وهما مسلمان ثم ارتد لا يحكم بردته  ما دام في دار الإسلام لأنه لما ولد وأبواه مسلمان فقد حكم بإسلامه تبعا لأبويه، فلا ً يزول بردتهما لتحول التبعية إلى الدار، إذ الدار وإن كانت لا تصلح لإثبات التبعية ابتداء عند استتباع الأبوين تصلح للإبقاء لأنه أسهل من الابتداء، فما دام في دار الإسلام يبقى على حكم الإسلام تبعا للدار، ولو لحق المرتدان بهذا الولد بدار الحرب فكبر الولد ً وولد له ولد وكبر ثم ظهر عليهم، أما حكم المرتد والمرتدة فمعلوم، وقد ذكرنا أن المرتد لا يسترق ويقتل والمرتدة تسترق ولا تقتل وتجبر على الإسلام بالحبس، وأما حكم الأولاد فولد الأب يجبر على الإسلام ولا يقتل لأنه كان مسلما بإسلام أبويه تبعا لهما ًً فلما بلغ كافرا فقد ارتد عنه، والمرتد يجبر على الإسلام إلا أنه لا يقتل لأن هذه ردة ً حك ْ مية لا حقيقة لوجود الإيمان حكما بطريق التبعية لا حقيقة، فيجبر على الإسلام لكن ًُ بالحبس لا بالسيف إثبات ً ا للحكم على قدر العلة، ولا يجبر ولد ولده على الإسلام لأن ولد الولد لا يتبع الجد في الإسلام؛ إذ لو كان كذلك لكان الكفار كلهم مرتدين لكونهم من أولاد آدم ونوح عليهما الصلاة والسلام، فينبغي أن تجري عليهم أحكام أهل الردة وليس كذلك بالإجماع، وإن كان مولود ً ا في ا لردة بأن ارتد الزوجان ولا ولد لهما ثم حملت المرأة من زوجها بعد ردتها وهما مرتدان على حالهما فهذا الولد بمنزلة أبويه له حكم الردة حتى لو مات لا ي ُ صلى عليه؛ لأن المرتد لا يرث أحد ً ا ولو لحقا بهذا الولد بدار الحرب فبلغ وولد له أولاد فبلغوا ثم ظهر على الدار وسبوا جميعا، يجبر ولد الأب ً .« وولد ولده على الإسلام ولا يقتلون الكاساني: بدائع الصنائع، ج ٧، ص ١٣٩ -.١٤٠ راجع أيض ً ا: د. عبد الستار أبو غدة: فكرة الجنسية وقواعدها الشرعية في الفقه الإسلامي ندوة الفقه = الباب الأول: الجنسية في الفقه الإباضي ٢٦٧ العهد. وهكذا سئل أبي عبد الله: أهل العهد إذا نقضوا، ت ُ سبى ذراريهم أم لا؟ قال: « كل مولود بعد النقض يسبون، ومن ولد له قبل ذلك لا يسبون »(١) . وقد أخذ الفقه الإباضي بحل مشابه لهذا الحل وقريب منه بخصوص أهل العهد والذمة إذا حاربوا عند أهل القبلة من الجبابرة المفسدين، فهل ت ُ سبى ذراريهم على هذه ا لصفة؟(٢) . = الإسلامي في عالم متغير، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٢ - ،٢٠١١ ُ . ص ٦٣٠(١) . الإمام الخلال: أحكام أهل الملل، ص ٢٣٧(٢) وهكذا جاء في لباب ا لآثار: وأما سبي ذراريهم فأما الذين ولدوا قبل المحاربة فمعنى أنه لا يلحقهم السبي ولا أعلم »في ذلك اختلاف ً ا، وأما الذين ولدوا بعد النقض حين المحاربة أو بعدها فمعنى أنه يخرج في بعض القول أنهم لا يسبون وهو خارج على معنى القول الأول على قول من لا يراهم ُ َْ بذلك ناقضين، ويخرج في بعض القول أنهم لا يسبون وهو خارج على معنى إذا ثبت ُ َْ منهم ذلك نقض ً ا لعهدهم على ما بينته من القول، ومعنى أنه يخرج في بعض القول أنهم إذا ولدوا لأقل من ستة أشهر مذ أول المحاربة وابتدائها منهم أنهم لا يسبون لأنهم كأنهم قد ثبت الحمل بهم في حال التمسك بالأمة فلذلك لا يسبون لأنا وجدنا كثيرا من أصول ً أصحابنا يخرج على هذا المعنى، ويخرج على هذا المعنى على حكمها قياسا ليس ً بخارج عن معنى الحق، وإن ولدوا بعد ستة أشهر سبوا وجاز فيهم السبي؛ لأنهم قد ثبت ُُ بهم الحمل بعد النقض لمضي ستة أشهر من حين ابتداء المحاربة وكل هذا خارج في معنى الحكم عند صحة الحكم فيه ووضوح ذلك بها عند إيقاع الحكم عليهم، ويخرج في بعض القول إنهم ت ُ غنم أموالهم وت ُ سبى ذراريهم على حال ويكون حكمهم حكم السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين « المرتدين . والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ١٧٠ كذلك جاء في ا لمصنف: وإذا نقض أهل الكتاب العهد، وحاربوا حل سبي نسائهم وذراريهم، الذين ولدوا معهم، »   بعد نقض عهدهم، وإن لم يحاربوا. بذلك جاءت ا لسنة عن النبي ژ. = أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٢٦٨ ٥ تبعية الطفل عند عدم معرفة إلى من ينتمي رغم وجود ا لأم: بحث فقهاء المذهب الإباضي فرضا غريبا، وهو: ًً إذا خرج ثلاث نسوة حوامل مسلمة ويهودية ونصرانية فوضعن في » بعض المواضع ثلاثة غلمان ثم هلكن ولم يحضرهن أحد من الناس ووجد الغلمان ولم يعرف ولد المسلمة من ولد اليهودية أو النصرانية فإنه إن سبق كل واحد منهم إلى ولده فأخذه وادعاه فهو أولى به. وإن لم يسبق إليهم أحد فالإسلام أولى بهم ويجبرون عليه ولا يقتلون، وعليهم الحبس وعلى ْ آبائهم مئونتهم إلى بلوغهم ولا ميراث لهم من النصراني واليهودي، ويرثون من المسلم سهما واحد ً ا يقسمونه بينهم ولا يرث الأب المسلم منهم شيئ ً ا، ً « والله أعلم(١) . معنى ذلك: ١ أنه عند اختلاط الأنساب، يتم تغليب تبعية الطفل للإسلام. ٢ أن ذلك مناطه توافر شرطين: • أن يكون من بين أمهات الأطفال، أم مسلمة، ولو وجدت معها أم غير مسلمة (يهودية أو مسيحية مثلا ً .( • أن يكون الأطفال مولودين في دار ا لإسلام. = وإن كان لهؤلاء المحاربين أرحام ونساء وذراري، في غير البلد الذي نقض العهد فيه، وحاربوا، لم يحل للمسلمين سباهم، إلا من هرب من النساء والذراري إلى البلد الذي .« وقعت فيه الحرب، من بعد أن وقعت بينهم وبين المسلمين فأولئك عليهم ا لسباء النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٥٦ -.١٥٧ (١) العوتبي: كتاب الضياء، ج ١٠ ، ص ٢١٤ - ، ٢١٥ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٢٩ ص ١١٨ - ١١٩ ؛ العلامة المعولي: المهذب وعين الأدب، ج ٢، ص ٢٥٣ - ٢٥٤ ؛ البشري: . مكنون الخزائن وعيون المسائل، ج ١٣ ، ص ٢٠ ٣ أن هؤلاء الأطفال لا يرثون من الأب المسيحي أو اليهودي (بسبب أن اختلاف الديانة مانع من الميراث، إذ لا يتوارث أهل ملتين)(١) ، لكنهم  يرثون من المسلم سهم ً ا واحد ً ا يقسم عليهم جميع ً ا. ٤ أن الأب المسلم لا يرث شيئ ً ا من هؤلاء الأطفال لعدم معرفة المسلم منهم، ولوجود أطفال حتما هم من أصل مسيحي أو يهودي، ً وبالتالي، دفعا للشبهة تقرر عدم ميراث المسلم منهم. ً ٦ تبني ا لأطفال: التبني هو نسبة أو استلحاق شخص معلوم أو مجهول النسب إلى شخص يتبناه ويقول: إنه ابنه ويعطيه جميع حقوق الابن ا لصلبي. وقد كان هذا هو الشائع في الجاهلية، حيث كان المتبني يتمتع بجميع  حقوق الابن الصلبي. فلما جاء الإسلام حرم ذلك ومنع التبني بالمفهوم آنف الذكر لأنه محض كذب وافتراء وهو ما أكده قوله تعالى: ﴿ ]\ _^ ` edcba ﴾ [ [الأحزاب: ٤ . ويأخذ المذهب الإباضي بعدم جواز التبني. يكفي أن نذكر أن من القواعد الفقهية الإباضية قاعدة: .« أمر الجاهلية منسوخ إلا ما قام دليله » الإسلام قد نسخ كل أوضاع الجاهلية وأعراف » الأمر الذي يعني أن الجاهلية، وأحكام الجاهلية، وأوامر الجاهلية، ووشائج الجاهلية إلا ما قام « دليله بإقرار الإسلام له(٢) . (١) انظر لاحق ً ا. (٢) . معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٢٩٠ ومن فروع هذه ا لقاعدة: « التبني فهو من أمور الجاهلية التي نسخها ا لإسلام »(١) . إلا أن الإسلام لا يمنع الإحسان إلى الأطفال الذين يأتون من أسر فقيرة، أو مجهولي النسب ا نطلاق ً ا من نزعته الاجتماعية التي تستند إلى التكافل الاجتماعي بين أعضاء المجتمع المسلم، لكن مع مراعاة حدود الشرع وقواعده الكلية وأصوله الثابتة ومبادئه المقررة وقواعده المحررة. ومن ذلك تحريم التبني. بما يترتب على كل ذلك من آثار(٢) . (١) ذات المرجع، ذات ا لموضع. (٢) وهو ما أخذ به الفقه الإباضي أيض ً ا: سؤال: ما حكم الشريعة الإسلامية فيمن أخذ ولد ً ا صغيرا من أبويه الفقيرين العاجزين عن ً تربيته ليؤويه في بيته ويربيه كأحد أولاده ويكون له كالأب وتكون زوجته له كالأم ولا يرجع هذا الولد إلى أبيه طول عمره ولا ينفق عليه ولا يزوجه. فهل يجوز هذا؟ وهل يجوز للمرأة التي ربته أن تنكشف له بعد بلوغه كأمه أعني كأنها محرمة له؟وإن هذا  الأخذ للولد والإنفاق مع أبيه كان على يد قاضي الشرع. فما الحكم في جميع ذلك؟ إن إيواء ولد من المسلمين وتربيته وتعليمه والإنفاق عليه يتيما كان » : يقول الشيخ بيوض ً أو له أب حي يرزق إلا أنه فقير عاجز عن القيام بشؤون ولده عمل من أعمال الخير ومبرة عظمى عظيمة الأجر عند الله أما أن يلحق هذا الولد بنسب مربيه ويقطع عن نسب أبيه الحقيقي فهذا حرام باطل وكفر بما أنزل الله في كتابه في أول سورة الأحزاب: ﴿ W g ❁ e d c b a ` _^ ] \[ZYX jih ﴾ [الأحزاب: ٤ -[٥ فلا معنى مطلق ً ا لقولك في السؤال: (وهذا الولد لا يرجع إلى أبيه طول عمره) فإنه ابنه، وتربيته عند غير أبيه مهما طال أمدها لا تقطع صلة الأبوة والبنوة بينهما فإن لكل منهما على الآخر حقوق لا يبطلها شيء مطلق ً ا وإنهما يتوارثان فيما تركه الميت منهما، كما لا تجعله هذه التربية ولد ً ا لمربيه فلا يرثه مع سائر أولاده، ولا يرثه المربي كذلك، وإن شاء أحدهما أن يعطي الآخر شيئ ً ا من ماله أو يوصي له به فجائز له ذلك... وأما الميراث فلا يجوز مطلق ً ا إذ لا نسب بينهما وأما المرأة التي ربته فلها عليه حق الإحسان بالتربية ولكنها دائما تبقى أجنبية عنه ليست محرمة فإذ بلغ ً الحلم احتجبت عنه كغيرها من النساء، ويجوز له الجلوس إليها والتحدث معها وهي =  وبداهة، إذا كان التبني محرما إسلاميا، فإن معنى ذلك أن المتبني لا  ًً يحمل جنسية المتبنى، علة ذلك: ﴿ kjihg l ﴾ . وإذا كان التبني أن يلحق الإنسان إليه ولد ً ا هو ابن غيره وينسبه إلى نفسه نسبة الابن الذي من صلبه، فإنه يختلف عن الإقرار بالنسب(١) .  = محتجبة لا يبدو منها إلا ما أذن الله في قوله تعالى: ﴿ mlkj ﴾ [ [النور: ٣١ وهما الوجه والكفان، هذا حكم الله تبارك وتعالى في كتابة الكريم لا ينقضه حكم حاكم ولا .« قضاء قاض فتاوى الشيخ بيوض، ص ٥٢٣ -.٢٥٢ (١) جاء في فتوى لدار الإفتاء ا لمصرية: والتبني غير الإقرار بالنسب؛ إذ إن المقر يتعرف ببنوة ولد مخلوق من مائه بنوة حقيقية، كالبنوة الثابتة بفراش الزوجية، ولكي يقع الإقرار بالنسب صحيحا يتعين توافر شروط ً هي: ١ أن يكون الولد ذكر أو أنثى مجهول النسب لا يعرف له أب، فإن كان معلوم النسب فلا يصح إقرار به. ٢ أن يكون من الممكن أن يولد مثل هذا الولد للمقر، فلو كانت سن المقر ثلاثين سنة مثلا ً وسن المقر له مثل هذا أو أكثر أو أقل بقدر يسير كان كذب الإقرار ظاهرا، فلا يثبت ً به ا لنسب. ٣ أن يصدق الولد المقر في إقراره بالنسب إذا كان مميز ً ا يحسن التعبير عن نفسه، فإذا كذبه وأنكر نسبته إليه فلا يثبت نسبه منه، وإذا كان الولد لا يحسن التعبير عن نفسه، فإنه يكفي إقرار المقر لثبوت النسب، مع مراعاة الشرطين ا لسابقين. وخلاصة ما تقدم: أن التبني محرم بنص قاطع في القرآن الكريم، وهو المصدر الأول لأحكام الشريعة الإسلامية، وأن الإقرار بالنسب جائز ويقع صحيحا بالشروط ا لموضحة. ً وينبغي التفرقة بين التبني وبين الإقرار بالنسب حتى لا يختلط أمرهما، والفرق بينهما واضح من تحديد كل منهما على الوجه السابق بيانه؛ إذ إن التبني ادعاء نسب لا وجود له في الواقع، أما النسب، فهو أدعاء نسب واقع فعلا ً .« ، لكنه غير ثابت بمراعاة تلك ا لشروط راجع الفتاوى الإسلامية، المجلد التاسع، ص ٣٢٠٣ ؛ انظر أيض ً ا: بيان للناس من الأزهر الشريف، القاهرة، ١٩٨٨ ، ص ٢٧٤ -.٢٧٥ الفرع ا لثالث تبعية ا لزوجة   عادة يرتب الزواج في إطار القوانين المعاصرة إمكانية اكتساب الزوج أو الزوجة لجنسية الزوج الآخر إذا توافرت شروط معينة. وفي الفقه الإسلامي يمكن أن يرتب الزواج كذلك اكتساب الجنسية. يقول أستاذنا الدكتور محمد سلام مدكور: والمرأة تتبع زوجها في المقام والتوطن والتبعية لدار الإسلام، وكذا » الأولاد الصغار لأن عقد الذمة فيه التزام أحكام الإسلام فيما يرجع إلى المعاملات. والصغير في مثل هذا يتبع خير الأبوين دين ً ا وهو من يخضع « لحكم ا لإسلام(١) . ويقول ا لكاساني: ولو تزوجت الحربية المستأمنة في دار الإسلام ذميا صارت ذمية، » ِ ولو تزوج الحربي المستأمن في دار الإسلام لم يصر ذميا، (ووجه) الفرق ْ أن المرأة تابعة لزوجها فإذا تزوجت بذمي فقد رضيت بالمقام في دارنا فصارت ذمية تبعا لزوجها، فأما الزوج فليس بتابع للمرأة فلا يكون ً تزوجه إياها دليل الرضا بالمقام في دارنا فلا يصير ذميا. والله تعالى « أعلم(٢) . (١) . د. محمد سلام مدكور: معالم الدولة الإسلامية، ص ١٠٠(٢) ، الإمام الكاساني: بدائع الصنائع، ج ٧، ص ١٠١ ؛ شرح كتاب السير الكبير للشيباني، ج ٥ . ص ٢٢٤٤ وفي سلطنة عمان سبق القول: إن قانون الجنسية يجعل من الزواج سببا ًُ لاكتساب الجنسية ا لعمانية إذا توافرت شروط معينة(١) . ُ »fÉãdG Ö∏£ªdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«°ùæédG ó≤a سبق القول إنه في النظم القانونية المقارنة، وهو ما يأخذ به القانون الدولي الخاص أيضا، يمكن أن يفقد الشخص جنسيته: ً إذا ارتكب جريمة ضد أمن الدولة التي يحمل جنسيتها.  أو ارتكب جريمة الخيانة العظمى ضد هذه ا لدولة. وقد بحث الفقه الإباضي أمرين يدخلان في إطار ذلك، وهما: • •  ارتد عن الإسلام، أما إذا كان من أهل الذمة فهو يفقدها بنقضها. ونبحث المسائل آنفة الإشارة إليها، على أن نخصص لكل منها فرع ً ا. الفرع ا لأول ارتكاب الشخص لجرائم ضد أمن الدولة أو جريمة خيانة عظمى يتمثل ذلك كما سلف البيان في أمرين، هما: (١) انظر: سابق ً ا (الجنسية في سلطنة عمان). ُ ارتكاب حامل الجنسية الإسلامية للتجسس ضد دولته. انخراط حامل الجنسية الإسلامية في جيش الأعداء لمحاربة الدولة الإسلامية . كذلك فإن من يحمل الجنسية الإسلامية لكونه مسلما يفقدها إذا ً s :¬àdhO ó°V ¢ù°ùéà∏d á«eÓ°SE’G á«°ùæédG πeÉM ÜÉμJQG (CG التجسس ممقوت، سواء كان لتتبع عورات الناس(١) أو للتجسس على الدولة الإسلامية لحساب العدو، وسواء تم ذلك في وقت السلم أو في زمن التجسس أدهى وأم » الحرب. ذلك أن َ ر لذلك نهى الله عنه في قوله تعالى: ﴿  « (٢) . ، وأقبح وأشر  . ﴾ [ [الحجرات: ١٢ . وسئل - علي بن أبي طالب عن الجاسوس هل هو في القرآن؟ فقال: نعم، قوله 8 : ﴿ ¶ ¸ ¹﴾ [ [التوبة: ٤٧ . ومن خير ما كتب بخصوص التجسس لحساب العدو والتحذير منه في الفقه الإباضي، ما جاء في بيان ا لشرع: فمن ترك هذا فالطريق له مهيأ ليذهب حيث شاء من البر والبحر وليكن » امرؤ على حذر أن يتبع عورات المسلمين ويكاتب عدوهم. ويشغب عليهم فيجعل تشغبه عن المسلمين بطانة قد نهى الله عن إقرارهم بين ظهراني المسلمين لقوله: ﴿ XWVUTSRQPO hgfedcba`_^]\[ZY ji﴾ [ [آل عمران: ١١٨ ولقوله: ﴿ § ¸¶µ´³²±°¯ ÃÂÁÀ¿¾½ ﴾ [٦١ ، [الأحزاب: ٦٠ ، فمن كان في ®¬«ª©¨ »º¹ ❁ ُ ل « فإنا قد أعذرنا وأنذرنا والله ا لمستعان (٣) ت ُ واع ْت ُ د ْ  قلبه مرض لأهل هذا الحديث أو زيغ عنه إلى غيره وللمسلمين غاش فليذهب حيث شاء وليطلب دارا غير دار المسلمين ولا تقولن غد ً ا أو بغتة ً ِِ قد ظ م ي علي َ . (١) الشيخ أبو سعيد الكدمي: الاستقامة، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ُ . ج ٢، ص ١٥١ (٢) . سلمة العوتبي الصحاري: كتاب الإبانة في اللغة العربية، ج ٢، ص ٣٧٠(٣) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٤٢ - ،١٩٨٥ وبخصوص التعامل مع الجاسوس الذي يعمل لصالح الأعداء(١) ، فقد قال الإمام ا لسالمي:  (١) توجد حادثة شهيرة وقعت في عهد ا لنبي ژ ، لكنه لم يوقع عقابا على صاحبها: ً بعثني رسول الله ژ أنا » : فقد قال أبو داود إلى أبي رافع سمعت عليا يقول ً والزبير والمقداد قال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها، فانطلقنا تتعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة فقلنا: هلمي الكتاب. فقالت: ما عندي من كتاب. فقلت: لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب. فأخرجته من عقاصها. فأتينا به النبي ژ ، فإذا هو من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين، يخبرهم ببعض أمر رسول الله ژ . فقال: ما هذا يا حاطب؟ فقال: يا  رسول الله؛ لا تعجل علي، فإني كنت امرأ ملصق ً ا في قريش ولم أكن من أنفسها، وإن  قريش ً ا لهم بها قرابات يحمون بها أهلهم بمكة، فأحببت إذ فاتني ذلك أن اتخذ فيهم يد ً ا يحمون بها قرابتي، والله ما كان بي كفر ولا ارتداد. فقال رسول الله ژ : صدقكم. فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال رسول الله ژ : قد شهد بدرا، وما ً يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وفي رواية: والله لأقتلنك أو لتخرجن الكتاب. وبسطت القصة في شرح نونية المديح، التي منها: تيمم نجد ً ا في تلهفه الجاني يؤم رسول الله للإنس والجاني . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٠٧ كذلك قال النيسابوري لما هم رسول الله ژ بقطع نخيل أهل الطائف جاء عيينة بن حصن فقال: يا رسول الله ائذن لي أن أكلمهم لعل الله يهديهم، فأذن له النبي ژ فانطلق حتى دخل الحصن فقال بأبي أنتم تمسكوا بمكانكم والله لنحن أرذل من العبيد، وأقسم بالله لئن حدث به حادث لتكلمن العرب عز ً ا ومنعة فتمسكوا بحصنكم وإياكم أن تعطوا بأيديكم ولا يتكابرن عليكم قطع هذه الشجرة، ثم رجع عيينة إلى النبي ژ ثم قال له النبي ژ : ماذا قلت لهم يا عيينة؟ قال: قلت لهم وأمرتهم بالإسلام ودعوتهم إليه وحذرتهم من النار ودللتهم على الجنة، فقال رسول الله ژ: كذبت بل قلت: لهم كذا » « وكذا فقص عليه رسول الله ژ حديثه فقال: صدقت يا رسول الله أتوب إلى الله وإليك من ذلك. أطفيش: السيرة الجامعة من المعجزات اللامعة، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٥ -١٩٨٥ ، ص ١٩٤ -.١٩٥ « ا(١) وحكم الجاسوس قتله شرع » ً . وجاء في بيان ا لشرع: « من اتهم أنه يعين العدو فإنه يحبس حتى تضع الحرب أوزارها »(٢) . وجاء فيه أيض ً ا: وسئل عن عين عدو المسلمين إذا أخذت ما يصنع بها؟ قال: يحبس » « حتى تسكن الحرب وإن كان قد قتل بدلالته قتل هو (٣) . تجدر الإشارة إلى أن التجسس يعتبر سببا من أسباب نقض ا لعهد(٤) . ً وفي المذاهب الإسلامية الأخرى آراء قريبة مما أخذ به الفقه ا لإباضي. وهكذا يقول أبو يوسف: وسألت يا أمير المؤمنين عن الجواسيس يوجدون وهم من أهل الذمة » أو أهل الحرب أو من المسلمين فإن كانوا من أهل الذمة ممن يؤدي الجزية من اليهود والنصارى والمجوس فاضرب أعناقهم، وإن كانوا من أهل « الإسلام معروفين فأنجعهم عقوبة وأطل حبسهم حتى يحدثوا توبة(٥) . (١) أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، ج ٤، المرجع السابق، ص ٣٧٨(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٠٤(٣) . ذات المرجع، ج ٧٠ ، ص ٣٨٦(٤) لذلك قيل: والذمي ينقض العهد بأمور منها: الدلالة على عورات المسلمين، وإظهار عين إلى الكفار، ».« وحكمه: يقتل أو يستعبد، أو يجبر على الإسلام، فإن أبى قتل، أو يسترق الشيخ ناصر البهلاني: العقيدة الوهبية، مكتبة مسقط، ١٤٢٥ -. ٢٠٠٤ ، ص ٣٥٢ (٥) كتاب الخراج لأبي يوسف، المرجع السابق، ص ٢٠٥ -.٢٠٦ وعن سلمة بن الأكوع ƒ قال: أتى النبي ژ عين من المشركين وهو في سفر، فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انفتل فقال ا لنبي ژ : اطلبوه » « واقتلوه فنفلني سلبه(١) . يقول ابن دقيق العيد: إن ا لحديث: فيه تعلق بمسألة الجاسوس الحربي وجواز قتله ومن يشبهه ممن لا » « أمان له(٢) .   تجدر الإشارة أن القانون الدولي المعاصر يقرر أن الأشخاص الذين يتم ضبطهم كجواسيس ليس لهم الحق في أن تتم معاملتهم كأسرى حرب، كما   أن من يتم اتهامه بالتجسس يجب عدم معاقبته إلى أن تصدر السلطة القضائية المختصة حكما بشأنه(٣) . ً (١) . الإمام البغوي: شرح ا لسنة، ج ٥، ص ٥٨٩ ، باب حكم الجاسوس، حديث رقم ٢٧٠٣ (٢) . ابن دقيق العيد: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، ج ٤، ص ٢٣٣ ويقول الإمام ا لشوكاني: الحديث دليل على جواز قتل الجاسوس قال النووي: فيه قتل الجاسوس الحربي الكافر »وهو باتفاق وأما المعاهد أو الذمي فقال مالك والأوزاعي: ينقض عهده بذلك وعند الشافعية خلاف أما لو شرط عليه ذلك في عهده فينتقض ا تفاق ً ا. ولعل ذلك يبرره أنه اطلع .« على عورات ا لمسلمين الشوكاني: نيل الأوطار، ج ٨، ط الحلبي، القاهرة، ص ٦ - ٨، ويلاحظ أن البخاري ذكر الحديث تحت باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان، (راجع البخاري بشرح الكرماني، المطبعة المصرية، القاهرة، ١٣٥٤ - ، ١٩٣٥ ، ج ١٣ ص ٤٨ -.(٤٩ دليل على أن من دخل دار الإسلام من أهل الحرب » ويقول الإمام البغوي إن الحديث فيه . البغوي شرح ا لسنة، المرجع السابق، ج ٥، ص ٥٨٩ « من غير أمان حل قتله (٣) د. أحمد أبو الوفا: النظرية العامة للقانون الدولي الإنساني، دار النهضة العربية، القاهرة، . ٢٠١٢ ، ص ٨٧ :º∏°ùªdG ô«Z ™e º∏°ùª∏d º∏°ùªdG áHQÉëe (Ü هذا أمر مرفوض إسلاميًا، وهو حرام. وهو ما أكده الفقه الإباضي، إذ: لا يحل للمسلم أن يقاتل أحد » ً ا من المشركين إلا بعد أن يدعوه إلى كلمة التوحيد، ولا يحل له أن يقاتل أخاه المسلم، مختارا أو مجبرا أو دفاع ً ا ًً « ا(١) عن كيان دولة مشركة بأي وجه من الوجوه مطلق ً . كذلك بخصوص قوله ژ : ثلاثة من الكبائر: خروجك من أمتك، » « وقتالك أهل صفقتك، وتبديلك سنتك (رواه أبو داود). وأما قتالك أهل صفقتك فهو أن يكون الرجل في عسكر المسلمين » : قيل « حتى إذا قاتلهم العدو فيضعف المسلمون ويرجع إلى ا لعدو(٢) .  كذلك قيل: وقتال الصفقة، وهو أن يكون مع المسلمين فرأى ضعفهم فرجع إلى » عدوهم المشركين أو المنافقين يقاتل معهم، وقيل: قتل من أعطاه أمان ً ا وتلك الدار التي لا يجوز فيها ذلك هي الدار التي أمرها للمشرك يجري فيها « الأحكام الشرعية لا يرد عنها(٣) . ولا شك أنه إذا قاتل المسلم مع غير المسلم ضد المسلمين، فإنهم يصبحون جميعا من الأعداء ويحل قتالهم وتوجيه الضربات إليهم. ذلك أن ً (١) معجم المصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٢١٠ -.٢١١ (٢) . الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ١، ص ٦٤٥(٣) وقتالك أهل » : أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٥٥٢ . ويقول النزوي صفقتك: هو أن يبايع قوم ً ا على حق، ثم يقاتلهم مع قوم أكثر منهم: ﴿ ¤£¢¡ «ª©¨§¦¥ ¬ ﴾ [ [النحل: ٩٢ « . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٩٣ المسلم في هذه الحالة يكون مساويا من حيث وضعه القانوني لأهل ً الحرب(١) . الفرع ا لثاني الردة نبحث الردة من حيث ماهيتها والقواعد التي تحكمها، وآثارها: :É¡ªμëJ »àdG óYGƒ≤dGh IOôdG á«gÉe (CG من المقرر شرع ً الرجوع عن الإسلام إلى » ا أن الردة هي (١) معنى ذلك أن من ينضم من المسلمين إلى دولة غير إسلامية ليقاتل معها المسلمين فحكمه حكم أهل الحرب وهكذا جاء في الفتاوى ا لكاملية: سئلت عن بلدة أستولى عليها الكفار وتمكنوا منها فانضم إليها بعض قبائل العرب »والعشائر وصاروا يقاتلون معهم المسلمين وينهبون أموالهم وينصحون الكفار ويعينونهم على أذى المسلمين فكانوا أشد ضررا على المسلمين من الكفار فما الحكم ً راجع الشيخ أحمد فخر الدين أفندي ) « فيهم؟ فالجواب يقتلون وتؤخذ أموالهم الفيضي: كتاب إرشاد العباد إلى الغزو والجهاد، المطبعة العامرة، القاهرة، ١٣٣٦ ه، .( ص ٨٩ ويقول ابن حزم: (من لحق بدار الكفر والحرب مختار ً ا محارب ً ا لمن يليه من المسلمين فهو بهذا الفعل مرتد، له أحكام المرتد كلها: من وجوب القتل عليه متى قدر عليه، ومن إباحة ماله، وانفساخ نكاحه. وأما من فر إلى أرض الحرب لظلم خافه، ولم يحارب المسلمين، ولا أعانهم عليهم، ولم يجد في المسلمين من يجيره: فهذا لا شيء عليه، لأنه مضطر مكره)، راجع: معجم فقه ابن حزم الظاهري، جامعة دمشق كلية الشريعة، لجنة موسوعة الفقه الإسلامي، مطبعة جامعة دمشق، ١٣٨٥ - ، ١٩٦٦ ، ج ١ . ص ٣١٦ المرداوي: الإنصاف في ) « لو لحق مرتد بدار الحرب، فهو وما معه كحربي » : كذلك قيل معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، دار إحياء التراث العربي، .( بيروت، تحقيق: محمد حامد الفقي، ج ١٠ ، ص ٣٤٤ « الكفر(١) « الراجع عن دين ا لإسلام » ، كما أن المرتد هو(٢) . وقد حدثت الردة حتى في عهد رسول الله ژ وبعد وفاته(٣) يبطل » : ، ومن المعلوم أن المرتد « عمله في الإسلام بحكم الردة، لأن الردة تبطل ا لعمل(٤) . وتفترض الردة في الفقه الإباضي ضرورة توافر أمرين أساسين: الأول لا يحكم على أحد بالارتداد إلا بعد الدخول في الإسلام والارتداد عنه: يقول ا لسالمي: لا يكون مرتدا إلا من دخل في الإسلام بعد بلوغه، أو أسلم أبوه وهو » صبي ثم رجع عنه بوجه من الوجوه التي تخرجه عن الإسلام. فأما من كان على ملة من الملل فد ُ عي إلى الإسلام فأبى أو شك فيه، فحكمه حكم أهل ُ « ملته من ثبوت المحاربة وحكم ا لمصالحة(٥) .  إجراء كلمة » : بل إن الإمام الكاساني يعتبر أن ركن الردة الوحيد هو « الكفر على اللسان بعد وجود ا لإيمان(٦) . (١) والمرتد من أشرك بالله » : معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ٢، ص ٠١٠٥٦ كذلك قيل تعالى أو كان مبغض ً ا للرسول ژ ولما جاء به، أو ترك إنكار منكر بقلبه، أو توهم أن أحد ً ا من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم قاتل مع الكفار، أو أجاز ذلك، أو أنكر مجمعا عليه ً الشيخ علاء « إجماعا قطعيا أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم ًً . الدين الدمشقي: الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ص ٣٠٧(٢) . الفتاوى الإسلامية الصادرة من دار الإفتاء المصرية، ج ٢، ص ٦٤٠(٣) من ذلك في عهد ا لنبي ژ ارتداد بني مدلج، وبني حنيفة قوم مسيلمة الكذاب، وبني أسد قوم طلحة بن خويلد، وفي عهد الصديق فزارة، وغطفان، وبنو سليم وبنو يربوع وبعض بني تميم وغيرهم، وفي عهد عمر ابن الخطاب جبلة بن الأيهم وقومه، راجع: أطفيش: تيسير التفسير، ج ٤، ص ٦٦ - ٦٨ (المائدة: ٥٤ - ٥٦ ). انظر كذلك أربعين حديث ً ا في حكم الردة في أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ٣٥ -.٤٩ (٤) . النزوي: المصنف، ج ٤، ص ١٨١(٥) جوابات الإمام السالمي، ج ١، ص ٨٠ - . ٨١ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ٩ (٦) . الكاساني: بدائع الصنائع، ج ٧، ص ١٣٤ لذلك يقول الإمام ا لسيوطي: كل من صح إسلامه، صحت ردته جزما، إلا الصبي المميز، إسلامه » ً « صحيح على وجه مرجح، ولا تصح ردته(١) . ويترتب على ما تقدم أن الانتقال من دين غير إسلامي إلى آخر مثله لا وهذا ما أكده الفقه الإباضي أيض .« ردة » يعد ً ا، يقول ا لعوتبي: وكل مرتد يسمى كافرا وليس كل كافر يسمى مرتد » ً ا ومن انتقل من كفر ًُ إلى كفر لم يجب قتله لأن انتقاله إلى الكفر ككونه على الكفر المنتقل عنه لأن الكفر كله ملة واحدة وكذلك الإسلام كله ملة واحدة، ولا أعلم أن أحد ً ا أوجب قتل من انتقل من كفر إلى كفر وقد قال النبي ژ: من بدل دينه دين » « الحق فاقتلوه ، وفي هذا بيان الذي يجب قتله هو المنتقل من الإسلام إلى « غيره (٢) . والصحيح أن هذا في أهل » : وبخصوص ذات الحديث يقول أطفيش التوحيد، وقيل أيضا في كتابي ارتد إلى غير أهل الكتاب ولو إلى ً المجوس : « يقتل(٣) . (١) . السيوطي: الاشباه والنظائر، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة، ص ٤٨٨ (٢) سلمة العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ٠١٠٧ انظر أيض ً ، ا النزوي: المصنف، ج ١١ ص ١٩٧ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٠٤ ؛ السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ٢٩٦ . حري بالذكر أن الشافعية ا ستناد ً ا إلى قوله ژ : « من بدل دينه فاقتلوه » ظاهر الحديث إطلاق » يرون أن الصنعاني: « التبديل فيشمل من تنصر بعد أن كان يهوديا وغير ذلك من الأديان الكفرية ً والصحيح أن من انتقل من هذه » : سبل السلام، ج ٣، ص ٥١٥ . بينما يقول الوارجلاني الوارجلاني: العدل « الملل إلى من دونها فواسع لها وإن انتقلت إلى من فوقها فهي مرتدة . والإنصاف، ج ١، ص ١٢٧(٣) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ٤٠ والثاني ضرورة التثبت من حدوث الردة بأدلة دامغة. وهكذا بخصوص المسألة ا لآتية: إنسان سمع عن ابنته أنها ارتدت والعياذ بالله اتباع » ً ا لزوجها الذي تحقق الأب ردته، وقد أفضت البنت إلى أبيها قبل أن يسمع بردتها أن زوجها خيرها بين أن تتبعه في عقيدته وسيرته، وبين أن تلحق بدار أبيها، فأجابها الأب وقتئذ: إياك أن تفارقي دينك، فإن أبى عليك إلا ما أراد فبيت أبيك واسع لا يضيق عنك، لكنه لم يراجعها بعد ذلك، ولا هي كاشفته بما أرسى عليه حالها؛ وإنما شاهد منها تمرد ً ا وشدة وقاحة، فهي تشرب مع زوجها الخمر أمامه بلا حياء، ولا خجل، وتأكل معه لحم الخنزير في نهار .«؟ رمضان، فهل للأب أن يعتبرها بذلك مرتدة ويمنعها من ميراثه كان الجواب أن التثبت واجب، ولا يكتفي بالقرائن(١) . كذلك قيل: كما يشترط لوقوع هذه الجريمة أن يتعمد الجاني إتيان الفعل أو القول » المكفر وهو يعلم معناه، وأنه يؤدي إلى الكفر؛ فمن أتى فعلا ً أو قولا ً مكفرا ً وهو لا يعلم معناه؛ فلا يعتبر مرتد ً ا وكذلك من حكى كفرا سمعه، أو جرت ً (١) يقول ا لبكري: لا يكتفي بالقرائن الظاهرة للحكم عليها بالردة وحرمانها من الميراث، بل لا بد من »اتخاذ الإجراءات اللازمة كوثيقة تثبت تجنيسها فعلا ً بجنسية كافرة، وردتها عن دينها، لأن تلك المخالفات التي سردها يمكن صدورها من إنسان موحد لكنه متهتك منهمك؛ وليس من العدل أن يسرع بطرد من نشأ في الإسلام منه بسهولة قبل التثبت والاستيقان؛ هذا وقبل أن يسأل عن ردة ابنته يقال له: ما بالك تركتها زوجة لمن تحققت ردته كما هو نص سؤالك، أم تراها تحل له رغم ذلك؟ وكان الواجب عليك كولي أن تطالب بفسخ نكاحهما فورا؛ وإذ لم تفعل فلا تبتئس بما جره إهمالك من انجراف ابنتك، فيدك أوكت، وف ُ وك ً ُْ فتاوى البكري، القسم الثالث، مكتبة البكري، غرداية، ص ١٥٣ « نفخ!. والله أعلم -.١٥٤ على لسانه كلمة الكفر سبق ً ا من غير قصد؛ لشدة فرح أو وهن، ونحو « ذلك(١) . وإثبات الارتداد يمكن أن يتم بشهادة الشهود أو بالإقرار: ولا يكون مرتد » : قال أبو إسحاق ً ا إلا بسبع خصال أحدها: أن يكون بالغ ً ا عاقلا ً ،الثاني: أن يكون ممن أقر بالتوحيد أو ثبتت فطرته على التوحيد، الثالث: أن يجحد شيئ ً ا من الجملة أو يشك في شيء من الجملة بعد قيام الحجة عليه فيه، الرابع: أن يشهد عليه بذلك رجلان حران بالغان عاقلان مسلمان عدلان، أو رجل وامرأتان كذلك أو يقر عندهما(٢) ،الخامس: أن (١) د. محمد نعيم وآخران: فقه النظم، معهد القضاء الشرعي والوعظ والإرشاد، مسقط، . ١٤٢٨ ، ص ٢٤٢ (٢) يقول ابن ا لمنذر: وأجمع أهل العلم أن شهادة شاهدين يجب قبولهما على الارتداد، ويقتل المرء بشهادتهما ».« إن لم يرجع إلى الإسلام. وانفرد الحسن، فقال: لا يقبل في القتل إلا شهادة أربعة . الإمام ابن المنذر: الإجماع، ص ١٢٣ ويقول أطفيش: أي: أقوال ؛« والحكم والسيرة في دار التوحيد وجوه »الأول: (الحكم على من رنى فيها)؛ أي: في دار التوحيد (به)؛ أي: بالتوحيد والشهادة به عليه والحكم بأحكام التوحيد كلها، ولا يتولى إلا بالوفاء (والبراءة من راميه بشرك) إلا إن شهد بشركه اثنان عدلان. (وإن جحد التوحيد) بأن قال: لست موحد ً ا، أو قال: دين التوحيد باطل (حكم عليه برد ّ ة) فيحكم عليه بحكم المرتد، وهو في كل ذلك لم يفز بالتوحيد ولم يشهد به عليه إلا أنه من أهل دار التوحيد فيحكم عليه به، ويشهد له به، فإذا جحد حكم عليه بأنه جحد بعد إقرار فهو مرتد إلا إن قامت البينة العادلة أنه مشرك من أول الأمر لا مرتد فلا يحكم عليه بحكم ا لردة. (و) القول الثاني (الحكم عليه وعلى المتربى على الفطرة بأحكام الموحدين) يعتقد أحكام التوحيد فيما بينه وبينه ويجري عليها، وهذا فرق بينه وبين الثالث (و) لكن (لا يشهد بالتوحيد إلا للمقر به أو لمشهود له به) بشهادة اثنين، وأجيز واحد، أو بأهل الجملة (وهو المأخوذ به) وإن ظهرت من إنسان أحكام الموحدين من صلاة وحج وحضور = يترك التوبة حتى يقتل، السادس: أن لا يكون ذلك منه في حال سكره السابع أن يكون رجلا ً « على قول(١) . ومما يدل على ضرورة التثبت من الردة أيضا، ما يلي: ً ١ ما روي أن عمر كان إذا بلغه أن شخصا قتل بعد أن ارتد وكفر بعد ً إسلامه، يقول: هلا حبستموه ثلاث ً ا وأطعمتموه كل يوم رغيف ً ا، واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله؛ اللهم إني لم أحضر ولم أرض إذ بلغني(٢) . َ يقول أطفيش: ولعل هذا لا يصح عن عمر، لقوله ژ » : « من رجع عن دينه فاقتلوه » . وقال مالك: يستتاب فإن لم يتب قتل، إلا الزنديق فلا يستتاب لأنه لا تعرف « توبته لإصراره على الكفر وإعلانه بالإسلام(٣) . ِِ كذلك قال ا بن بركة َ : النظ » َ ر يوجب أن ْ لا يجب على ا لإمام ِ استتابت ُ ه، ُ َُُ ِ ِِِ ولو كانت الاستتابة ُ واجبة قبل َ القت ْ ل لم َ ا ي ُ رج َ ى من رجوعه لو َج َب َ أن ْ لا ِِ ي َقب َل َ منه ُ استتابة ً واحدة ُ ، أو ِ اثنتي ْن، ِ أو ثلاث ً ا؛ لأن ّ الرجاء َ قب ْل َ القتل لم َ ا ِ ِِ ي ُرج َ « ى من رجوعه قائم(٤) . = مجالسهم وكذلك، فما قال صاحب الأصل 5 ، والذي عندي أنه يشهد له بالتوحيد، وهو القول ا لأول. (و) القول ا لثالث (الوقف فيه) لا يشهد له بالتوحيد كما لا يشهد عليه بالشرك، ولا يحكم عليه أيض ً ا بأحكام التوحيد، فالحكم كلي عام، (إلا إن ظهر منه) التوحيد بالتلفظ به أو بقوله: إني موحد (أو شهد له به)، أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٧ ، ص ٥٦٥ -.٥٦٦ (١) أبو إسحاق بن قيس: مختصر الخصال، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٣ -١٩٨٣ ، ص ١٩٠ -.١٩١ (٢) . الكاساني: بدائع الصنائع، ج ٧، ص ١٣٥ ، أبو يوسف: كتاب الخراج، ص ١٩٥(٣) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٦ -. ١٩٨٦ ، ج ٥، ص ٤٣ (٤) ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٥٢٥ -.٥٢٦ بينما يقول ا لسالمي: أن » واختار أصحابنا » ْ لما روي عنه ژ أنه ،« يستتاب المرتد قبل أن يقتل َ ُُ « استتاب مرتدا أربع مرار(١) . ٢ ما أخذ به السالمي من عدم جواز توقيع حد الارتداد على السكران (لعدم إدراكه أو تمييزه لما يقول). يقول السالمي إن المرتد في حال سكره: لا يقام عليه حد المرتد، وهو القتل؛ لأن السكران لا تمييز معه، » فيجري على لسانه ما لم يكن مقصود ً ا له، وقد رأيناهم ينتظرون بالمرتد ما لا ينتظرون بغيره من أهل الحدود. حتى حكى بعضهم إجماع الناس على ويضيف ا لسالمي: ،« أن المرتد من الإسلام إلى الشرك يستتاب قبل القتل فهذه الأخبار، وهذه الآثار، دالة على تخصيص المرتد بالتأني في شأنه، »  والانتظار لتوبته، وليس شيء من ذلك في سائر الحدود، فإن سائر الحدود تقام بنفس مباشرة سببها، فصح أن تستثنى من جملتها حد المرتد، فلا يقتل « إذا ارتد وهو سكران حتى يستمر على ارتداده بعد ا لصحو(٢) . ٣ ويدل على ضرورة التثبت، ما قاله ابن عمر: لما بعث رسول الله ژ خالد ابن الوليد إلى بني جذيمة، دعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، وجعل خالد يأسر ويقتل، ودفع إلى كل رجل منا أسيره، حتى إذا أصبح أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، فقلت: والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، حتى نقدم على رسول الله ژ فنذكر له ذلك، فلما قدمنا وذكرنا له ذلك، رفع ژ يديه (١) السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٨٧ ؛ العلامة عامر المالكي العماني: غاية المطلوب ُ . في الأثر المنسوب، ص ٨٩٨(٢) السالمي: طلعة الشمس، ص ٣٨٦ -.٣٨٨ وقال: اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد (مرتين) قال الشعراني: قال العلماء: وفي الحديث دليل على أن الكناية مع النية كصريح لفظ ا لإسلام(١) . ٤ وفي الفقه الإباضي قاعدة مهمة في هذا الخصوص هي قاعدة: « الأصل في المسلم الإسلام حتى يثبت ا لعكس »(٢) . ٥ ما أخذ به الفقه الإباضي من أن الردة تفترض أن يكون اعتناق الإسلام عن اقتناع واختيار، وبالتالي فلا ردة إذا كان هناك إجبار على ذلك. يقول ا لعوتبي: وإذا أجبر جبار يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا على الإسلام فأسلم فلم » ًً ً يزل على جبره حتى مات الجابر له وله أولاد صغار وبلغوا ثم يرجع المجبر وأولاده فلهم الرجوع إلى دينهم لأن الإسلام لا يكون على الجبر، وإن مات المجبر على الإسلام بعد موت المجبر أو خرج من ملك ذلك الجبار فتم على الإسلام ولم يرجع ثم رجع فإنه إذا تم على الإسلام في حال قد زال (١) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ٤٨ (٢) ومن فروع هذه ا لقاعدة: أنه لا يجوز تكفير المسلمين بالشبه والظنون ولا بلازم أقوالهم ولا بلازم مذاهبهم فلازم »المذهب ليس بمذهب فلا يسوغ تكفير أحد من المسلمين مع التأويل وإن كان التأويل بعيد ً ا. يروى أن رجلا ً في مصر في القرن الثامن الهجري تكلم بكلام ظاهره كفر فرفعوا أمره للقاضي المالكي وكان المالكية سراع ً ا إلى التكفير لأنهم لا يقبلون توبة الزنديق فحكم بقتله ولما حضر السلطان قال: هل بقي أحد من العلماء لم يحضر فقيل له جلال الدين المحلي، فلما حضر جلال الدين قال: ما شأن هذا الرجل، قالوا: تكلم بكلام موهم للكفر، فقال: من حكم بكفره فقام أحد العلماء فقال: كان والدي الشيخ البلقيني يفتي بكفر من تكلم بهذا الكلام، فقال الشيخ جلال الدين المحلي: تريد قتل مسلم يحب الله ورسوله بفتوى أبيك؟! ثم أمر بأن يخلوا سبيله ويفكوا قيوده فما استطاع أحد أن ينكر عليه. 5 «! القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٢٦٣ -.٢٦٥ عنه ذلك الجبر فليس له أن يرجع عنه وإن كان رجع كان مرتد ً ا وكذلك أولاده الذين لم يبلغوا إلى أن زال عنه الجبر فليس لهم أن يرجعوا وأما « الذي بلغوا في حال الجبر فلهم أن يرجعوا(١) . :IOô∏d áé«àf á«eÓ°SE’G á«°ùæédG ó≤a ≈∏Y áÑJôàªdG QÉKB’G (Ü ﺪﻛﺃ ﻪﻘﻔﻟﺍ ﻲﺿﺎﺑﻹﺍ ﻥﺃ ﺓﺩﺮﻟﺍ ﺐﺗﺮﺗ ﺪﻳﺪﻌﻟﺍ ﻦﻣ ،ﺭﺎﺛﻵﺍ :ﺎﻬﻨﻣ . ﻻ ﺔﻣﺮﺣ ﺪﺗﺮﻤﻠﻟ ﻲﻓ ﻪﻣﺩ ﻭﺃ ﻪﻟﺎﻣ ﻭﺃﻪﺿﺮﻋ (٢) ١ ـ ﻁﺎﺒﺣﺇ .ﻞﻤﻌﻟﺍ ﻝﻮﻘﻳ:ﻲﻟﺎﻄﻴﺠﻟﺍ ٢ ـ ﺍﺫﺈﻓ» ﺪﺗﺭﺍ ﻞﺟﺮﻟﺍ ﻦﻋ ﻡﻼﺳﻹﺍ ﺪﻘﻓ ﻞﺣ ﻪﻠﺘﻗ ﺪﻌﺑ ﺔﺑﺎﺘﺘﺳﻻﺍ ﺖﻣﺮﺣﻭ ﻪﻴﻠﻋ أزواجه وانقطعت بينه وبين المسلمين الولاية والموارثة والمناكحة والمدافنة، وحبطت أعماله كلها، لقول الرسول : ‰ من أشرك بالله ساعة أحبط عمله، » « وإن تاب جدد له ا لعمل(٣) . وقال تعالى: ﴿ §¨«ª©¬ ®﴾ [ [الزمر: ٦٥ ، وكذلك إن كانت فيه خصلة من خصال الشرك ثم أطلع « عليها، وقيل فيه غير ذلك(٤) . (١) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ٨١ (٢) ويترتب على هذه القاعدة فروع كثيرة منها: من قذف مرتد ً ا فلا دية عليه. ومنها: إن غيبة المرتد جائزة لأنه لا حرمة له. ومنها: إنه يجب قتاله مع الإمام لفعل أبي بكر ƒ وموافقة الصحابة له. ومنها: إن من جرح المرتد ثم رجع إلى الإسلام فلا قصاص له في ذلك ولا دية. ومنها: إن من أخذ مال المرتد لا تقطع يده لشبهة ردته فإن أبا بكر ƒ حارب المرتدين، وغنم أموالهم لأنهم بردتهم أصبحوا مشركين والمشرك مهدور الدم والمال والعرض. راجع القواعد الفقهية الإباضية، ج ٢، ص ١٠٥٦ -.١٠٥٧ (٣) رواه الربيع عن أنس. (٤) الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ - . ٢، ص ٧٦ ؛ النزوى: المصنف، ج ١١ ، ص ١٩٩  يؤيد ذلك أيض ً ا قوله تعالى: ﴿ §¦¥¤£¢¡ ﴾ [ [الأنعام: ٨٨ ، وقوله سبحانه: ﴿ ÔÓÒÑÐÏ ﴾ [ [المائدة: ٥ . ومن المعلوم أن الإحباط: عبارة عن أشد الإبطال، حيث لا يبقى معه للعمل بقية. يوضحه قوله تعالى: ﴿ IHGFEDCB J ﴾ [ [الفرقان: ٢٣(١) . وبخصوص قوله تعالى: ﴿ onmlkjih rqp ﴾ [ [البقرة: ٢١٧ ، يقول أطفيش أن المذهب الإباضي كالشافعية يأخذ بحمل المطلق على المقيد، خلاف ً ا لأبي حنيفة(٢) .  ٣ الوضع القانوني للمرتد من الإسلام إلى دين آخر أشد من ذلك الخاص  بالارتداد من دين غير إسلامي إلى دين غير إسلامي: فالمسلم الذي ارتد يكون في وضع أسوأ من غير المسلم الذي ارتد إلى دين غير الإسلام. يتضح ذلك من ا لآتي:  (١) . الإمام السالمي: معارج الآمال، ج ٨، ص ٣١٣ (٢) يقول أطفيش: ومذهب الشافعي أنه إن » ْ تاب قبل الموت رجع إليه عمله، وصح له ولم يعده، لأن الله 8 قيد الإحباط بالموت على الردة، وعلى هذا القيد يحمل إطلاق قوله تعالى: ﴿ ÐÏ ÔÓÒÑ ﴾ [ [المائدة: ٥ ، ومذهبنا كمذهب الشافعي في حمل المطلق على إلا أنا نقول: قيد الموت على الردة إنما المطلق لا يحمل على المقيد إلا إذا اتحد « المقيد الحادثة والسبب، ودخل المطلق والمقيد على الحكم، بخلاف هذه الآية لأن الحكم والسبب وإن اتحدا لكن المطلق والمقيد دخلا على السبب، فيجوز أن يكون المطلق سبب ً ا كالمقيد لإمكان الجمع فيحتج بقوله تعالى: ﴿ ÔÓÒÑÐÏ ﴾ على أن الحسنات تحبط بنفس الردة، والموت عليها ليس بشرط، بناء على أصله من أن أطفيش: تيسير التفسير، « المطلق يحمل على إطلاقه كما أن المقيد يحمل على تقييده ج ٢، ص ٢٩ -.٣٠ راجع أيض ً ا ابن عمر: حاشية الترتيب للعلامة الوارجلاني، ج ١، ص ٩١ -.٩٥ أولا ً : سبق القول إن المسلم الذي يرتد إلى دين آخر يعتبر مرتد ً ا، بينما خروج غير المسلم من دينه إلى دين غير الإسلام لا يعتبر ردة. ثانيا: المرتد لا تؤكل ذبيحته، ولو ارتد إلى اليهودية أو النصرانية. وهكذا ً عمن ارتد عن مذهب المسلمين وهو دين الحق إلى دين » : بخصوص السؤال اليهودية أو النصرانية هل ت ُؤ ْ كل ذبيحته أم لا وما وجه المنع وهل قيل بعدم لا تؤكل ذبيحة المرتد وإن اختار اليهودية أو النصرانية » : المنع؟. يقول السالميلأنه ليس من أهل الكتاب الذين أحل الله للمسلمين ذبائحهم وإنما هو رجل اختار الكفر على الإسلام ووجب جبره على الإسلام وقتله على الكفر فكيف يعامل مع هذا بمعاملة أهل الكتاب ولا أعلم أن أحد ً « ا رخص في ذبيحته(١) . ثالث ً ا: بخصوص: عن قول بعضهم: إن المرتد عن الإسلام إلى الكفر مكلف بالفروع لاستمرار التكليف بالإسلام لم خص المرتد بذلك من بين سائر الكفرة؟ وهل عنده إنه لما ارتد انقطع عنه التكليف فإن كان لا فلم لم يأمره بإتيانها؟ يقول ا لسالمي: عنده أنه لما دخل نفسه في الإسلام اختيارا جبر على الاستمرار على » ً الإسلام وأخذ بجميع أحكامه والفروع من جملة أحكام الإسلام فيعاقب على تركها فوق عقاب الارتداد ولم يأمره هذا القاتل بفعلها حال الارتداد لأنها لا تصح في حال الشرك وإنما يأمرونه بالرجوع إلى الإيمان ثم أداء سائر الواجبات، مثال ذلك تارك الوضوء لا يجبر على الصلاة بغير وضوء بل يؤخذ أولا ً « بالوضوء ثم بالصلاة لأنها لا تتم بدون وضوء(٢) . (١) أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، مكتبة الضامري، مسقط، ١٤١٣ - ١٩٩ ، ج ١، ص ٢٦٣ . انظر أيض ً ا النزوي: . المصنف، ج ١١ ، ص ٢٠١(٢) أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٦٤ -.٢٦٥  تجدر الإشارة أن تكليف المرتد فيه خلاف في الفقه ا لإسلامي(١) . رابع ً ا: المرتد غير المسلم لا يرتكب بارتداده جريمة، بينما المرتد المسلم يشكل فعل الردة بالنسبة له جريمة توقع عليها عقوبة ا لقتل(٢) : وقد لخص الرقيشي موقف الإباضية من هذه المسألة بقوله: المرتد عن دينه والعياذ بالله حكمه القتل لقوله ژ: » من بدل دينه » « فاقتلوه وذلك إذا بدل دين الإسلام بدين الكفر من أي ملة كانت من اليهود والنصارى والصابئين والمجوس وعبدة الأصنام، فالمبدل بدينه دين ً ا من هذه الملل حكمه القتل إجماع ً ا واختلف هل ذلك عام في الرجال والنساء أو (١) وهو خلاف لخصه رأي على النحو ا لتالي: المسألة ا لأولى: المرتد إذا أسلم هل يلزمه قضاء ما ترك من العبادات زمن ردته أولا ً ؟ على قولين: القول ا لأول: أنه يلزمه قضاء ما ترك من العبادات، وذلك لأن الكفار مخاطبون بالفروع. القول ا لثاني: أنه لا يلزمه قضاء ما فات، لأن الكافر لا يخاطب بالفروع لا سيما المأمورات وقد ألحق أصحاب هذا القول المرتد بالكافر الأصلي. وعدم لزوم القضاء هو المذهب عند ا لحنابلة. والحق: أن القولين هما في المرتد، وأما الكافر الأصلي فقد سبق أن قلنا: إنه لا يلزمه القضاء بالإجماع. د. عبد الكريم النملة: الإلمام في مسألة تكليف الكفار بفروع الإسلام، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ١٤١٣ - ١٩٩٣ ، عدد ٨، ص ١٧٠ -.١٧٢ (٢) لذلك قيل: وتعتبر الردة في شريعة الإسلام من أخطر الجرائم؛ لما فيها من العدوان على الجماعة »المسلمة ودينها وعقيدتها، ولو تركت بغير عقاب لفتح باب من الفتنة يلجه أعداء الإسلام، ويستعملونه للصد عن سبيل الله، وزعزعة عقائد المسلمين، بالتظاهر بالإسلام، ثم بالرجوع .« عنه، والتأثير بذلك على جهلة الناس ومن في قلوبهم مرض د. محمد نعيم وآخران: فقه النظم، معهد القضاء الشرعي والوعظ والإرشاد، مسقط، . ١٤٢٨ ، ص ٢٣٨ يقتل الرجال دون النساء وهل يقتل حالا ً لظاهر الحديث قيل: يستتاب ثلاثة أيام، وقيل: يستتاب ثلاث مرات فإن لم يتب قتل. وقال الشافعي: يستتاب في الحال فإن تاب وإلا قتل. وقال علي: يستتاب شهرا فإن تاب وإلا قتل، ً  وقيل: لا يستتاب أبد ً ا. والمرأة كالرجل، وقال علي: تسترق، وقال أبو حنيفة: تحبس ويجبر الأمة َ سيد ُ ها على الإسلام. ولعلهم نظروا إلى نفس الخطاب هل عام أم مخصص بالعرف لأن المرأة لا قتل عليها إلا أن قاتلت، والردة فرع والشرك الأصلي أعظم والفرع يرد على الأصل في حكمه قال العزيزي من قومنا في شرحه على الجامع الصغير: إن المرتد حكمه القتل ولو تاب ووجه قوله أن قتله حد من حدود الله والتوبة لا تسقط الحد بل الإثم فقط لكن لم أظفر بهذا القول عن غيره وهو غير خارج عن دائرة الرأي والأول « هو المعتمد عليه وعليه جل الأصحاب والقوم(١) . وجريمة الردة تقع كما سبق القول من المسلم، وسواء ولد على « كلا الفريقين في حكم الردة سواء » إذ « عن كفر » فطرة الإسلام أو أسلم لم يجز أن يقر » وسواء انتقل إلى اليهودية أو النصرانية أو الوثنية أو غيرها « من ارتد إليه؛ لأن الإقرار بالحق يوجب التزام أحكامه(٢) . ومما يدل على قتل المرتد، قوله ژ : « من بدل دينه فاقتلوه »(٣) . وقوله ژ : لا يحل دم رجل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله » (١) الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٨٧ . أنظر أيض ً ا: السعدي: قاموس الشريعة، ج ٧، ص ٢٥٣ - ، ٢٥٤ ، ابن جعفر: الجامع، ج ٢ ص ٥٠١ - ، ٥٠٢ : جامع أبي الحواري، ج ٥، ص ١٥٤ ، الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥ ص ٢٠٣ ؛ الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ - ، ٢، ص ٥٧٦ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ص ٩؛ جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٤، ص ١١٩ -.١٢٥ (٢) . الماوردي: الأحكام السلطانية، ص ١١٣(٣) رواه البخاري عن ابن عباس بلفظه، كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، ر .٥٩/٤ ، ١٠٩٨ . والترمذي مثله، كتاب الحدود، باب ما جاء في المرتد، ر ١٤٥٨ /٣ ،٢٨٥٤  إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق « للجماعة(١) . ويفرق ابن محبوب بين المرتد في دار الحرب وفي دار ا لإسلام: وأما المرتدون في دار الحرب فحكمهم [حكم أهل الحرب في » أنفسهم] وما فيها من أموالهم وذراريهم الذين ولدوا في حال ردتهم، وكذلك إذا قامت لهم دار منعوا فيها الرجعة إلى دار الإسلام، أو كانوا مع أهل حرب المسلمين من المشركين، وقال رسول الله ژ : من بدل دينه » « فاقتلوه ، وأجمع المسلمون في تأويل ذلك على أنهم أهل الردة إلى الشرك  بعد إيمانهم، وجرت ا لسنة ألا يقتلوا إلا بعد الاستتابة لهم، ولا حرب إلا  بعد حجة يدعى بها المحاربون إلى ترك ما يحاربون عليه ما لم تكن البدأة  بالقتال منهم. واختلف في حكم المرتد في دار الإسلام ما لم ينصب حربا ً عليهم، فقال بعضهم: قتله من الحدود، ولا يقوم به إلا الأئمة العدل  « فيهم(٢) . حري بالذكر أنه بخصوص قتل المرأة المرتدة، جاء في بيان ا لشرع: والمرأة تقتل بالارتداد ولا فرق بينها وبين الرجل في ذلك لقول » النبي ژ : « من بدل دينه فاقتلوه » ومن يدخل فيها الذكر والأنثى، والواحد والجماعة، ومن لم يوجب القتل على المرأة بالارتداد محتاج إلى دليل. ويقول الشافعي: وكذلك العبد أيض ً ا إذا ارتد يقتل بظاهر الخبر، لأنه أمر عام والمخصص عليه إقامة الدليل. وقال أصحابنا إذا ارتد العبيد بيعوا في (١) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ٣٦(٢) ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، رسالة المحاربة، ص ٣٨ ؛ انظر أيض ً ا الكندي: بيان الشرع، ج ٧٠ ، ص ٢٦٨ ؛ الشيزري: المنهج المسلوك في سياسة الملوك، مكتبة المنار، الزرقاء الأردن، ١٤٠٧ -١٩٨٧ ، ص ٦٤٧ -.٦٥٦ الأعراب ولم يقتلوا، وليس في الخبر ما يوجب التخصيص. فإن رجع المرتد « قبل أن يقتل فإن توبته تقبل بالإجماع(١) . بينما يقول الإمام ا لسالمي: أما المرأة إذا ارتدت عن الإسلام فإنها ت » ُ ستتاب فإن لم تتب قتلت وهو أكثر قول أصحابنا وقال بعضهم: تسبى ولا تقتل، قال الربيع: تقتل بعد ما « تستتاب ثلاث مرات، قال: وليس ذلك في يوم واحد ولكن في ثلاثة أيام(٢) . (١) الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ١٠ ؛ سلمة العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ١٠٤ - ،١٠٥ . جامع أبي الحواري، ج ٥، ص ١٥٤  (٢) أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٦١ وقد بين الكاساني حجج الحنفية بخصوص عدم قتل المرأة المرتدة، كما يلي: وأما المرأة فلا يباح دمها إذا ارتدت ولا تقتل عندنا ولكنها تجبر على الإسلام وإجبارها »على الإسلام أن تحبس وتخرج في كل يوم فتستتاب ويعرض عليها الإسلام فإن أسلمت وإلا حبست ثانيا هكذا إلى أن تسلم أو تموت وذكر ا لكرخي 5 وزاد عليه تضرب ً أسواط ً ا في كل مرة تعزيرا لها على ما فعلت وعند ا لشافعي 5 تقتل لعموم قوله عليه ً الصلاة والسلام: « من بدل دينه فاقتلوه » ولأن علة إباحة الدم هو الكفر بعد الإيمان ولهذا قتل الرجل وقد وجد منها ذلك بخلاف الحربية وهذا لأن الكفر بعد الإيمان أغلظ من التمكن من الوقوف دون حقيقة الوقوف فلا يستقيم الاستدلال (ولنا) ما روي عن رسول الله ژ أنه قال لا تقتلوا امرأة ولا وليد ً ا ولأن القتل إنما شرع وسيلة إلى الإسلام بالدعوة إليه بأعلى الطريقين عند وقوع اليأس عن إجابتها بأدناهما وهو دعوة اللسان بالاستتابة بإظهار محاسن الإسلام والنساء إتباع الرجال في إجابة هذه الدعوة في العادة فإنهن في العادات الجارية يسلمن بإسلام أزواجهن على ما روي أن رجلا ً أسلم وكانت تحته خمس نسوة فأسلمن معه وإذا كان كذاك فلا يقع شرع القتل في حقها وسيلة إلى الإسلام فلا يفيد ولهذا لم تقتل الحربية بخلاف الرجل فإن الرجل لا يتبع رأي غيره خصوصا في أمر الدين بل يتبع رأي نفسه فكان رجاء الإسلام منه ثابت ً ا فكان شرع القتل ً مفيد ً ا فهو الفرق والحديث محمول على الذكور عملا ً « بالدلائل صيانة لها عن التناقض . الكاساني: بدائع الصنائع، ج ٧، ص ١٣٥ = أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٢٩٤ خامسا: المرتد لا يحكم عليه بحكم أهل الكتاب، بل يسلم أو يقتل، ً ولا يقبل منه عهد ولا يؤمن، وكذا أن ارتد إلى غير أهل الكتاب، لا يقبل ّ منه عهد بل يسلم أو يقتل(١) . ٤ بخصوص أثر الردة على الزواج (انظر لاحق ً ا: زواج ا لمرتدين). ٥ بخصوص الأمور المالية للمرتد والميراث منه: أولا ً بالنسبة للأموال حال حياته: يقول ابن جعفر: وإذا ارتد ولحق بدار الحرب كان ماله مرفوع » ً ا عليه، فإن رجع، رجع إليه ماله وما كان له حق فهو ثابت فلا يزول بالكفر وهو قول أبي معاوية عزان بن الصقر وأما أبو المؤثر فإنه قال: فإن الحقوق تنتقل بالكفر وما ثبت له من حق قبل ارتداده يبطل بالردة. قال فإن رجع إلى الإسلام رجع إليه « ماله، وقول أبي معاوية أنظر(٢) . = النهي إنما هو عن قتل الكافرة الأصلية كما وقع في سياق قصة » وأجاب الجمهور بأن النهي فيكون النهي مخصوصا بما فهم من العلة وهو لما كانت لا تقاتل فالنهي عن قتلها ً إنما هو لتركها المقاتلة فكان ذلك في دين الكفار الأصليين المتحزبين للقتال وبقي عموم . الصنعاني: سبيل السلام، ج ٣، ص ٥١٥ « قوله من بدل دينه سالما عن المعارض ً راجع أيض ً . ا القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٣، ص ٤٨(١) . أطفيش شرح كتاب النيل، ج ٦، ص ٣١٢(٢) ابن جعفر: الجامع، ج ٢، ص ٥٠٣ ؛ النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٠٥ ؛ السيد مهنا بن ، خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ص ٢٩٥ - . ٢٩٧ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ٥ الإمام ابن « لا يزول ملكه من ماله » يقول ابن المنذر إن الإجماع على أن المرتد بارتداده . المنذر، الإجماع، ص ١٢٢ ، رقم ٧٢١ أما دار الإفتاء المصرية فقد أخذت بالرأي ا لآتي: المسلم الذي ارتد عن دينه وانتقل منه إلى دين آخر زال ملكه عن ماله زوالا » ً موقوف ً ا، فإن = معنى ذلك أنه بخصوص لحوق المرتد بدار الحرب يوجد اتجاهان في الفقه ا لإباضي: الأول يرى أن مال المرتد يظل موقوف ً ا عليه، فإن رجع، رجع إليه ماله. والثاني يذهب إلى أن الردة تبطل ما له من حقوق لأن الحقوق تنتقل بالكفر. أما إذا بقي المرتد في دار الإسلام، فإن مصير أمواله يكون كما يلي: ومن ارتد، ولم يلحق بدار الكفر وهو مقيم في دار الإسلام، لم يقسم » ماله. وطالبه الإمام بالرجوع إلى الإسلام. ولولا الاتفاق في هذا لكان يقتضي حكم من ارتد في الإسلام، ولحق بدار الحرب، أو لم يلحق. وأما ما كان يذهب إلى توقيف مال المرتد. فما كان حكمه حكم الحياة، « وإن لحق بدار الحرب. وقال: لا يقسم مال امرئ حي(١) . ثانيا وبخصوص تصرفاته ا لمالية: ً يقول ا لرستاقي: وإن أقر المرتد على نفسه بديون في حال ارتداده، ثم رجع إلى » الإسلام، فلا يجوز ذلك الإقرار، لأنه على حد المفلس، وكذلك عتقه ووصاياه وإقراره في ماله بودائع أو غيرها. = عاد إلى الإسلام عاد إليه ملكه، وإن مات على ردته ورث ماله الذي كسبه في حال إسلامه وارثه المسلم بعد قضاء ما استدانه في إسلامه أما ما كسبه في حال ردته فهو فيء بعد قضاء دين ردته ويقضي أيض ً ا بأن المرتد لا يرث من أحد. لا من مسلم ولا من مرتد ولا من كافر أصلا ً « ، الفتاوى الإسلامية الصادرة من دار الإفتاء المصرية، ج ٢ . ص ٦٤٢ (١) . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٠٥ وإن رجع إلى الإسلام، حاز جميع ذلك. وإن مات في حال الكفر، « فلعله فيه ا ختلاف(١) . ويبدو أن هناك رأيا آخر في الفقه الإباضي، فقد قال ابن محبوب: ً كل فعل هذا المرتد جائز عليه في عتق أو دين أو طلاق أو تدبير أو » حق كان أقر به في حال ردته، ولو رجع إلى الإسلام ورجع عن ذلك الإقرار « لم يقبل منه (٢) . ثالث ً ا: بخصوص الأموال غير المنقولة المملوكة للمرتد (مثل البناء والنخل والأرض)، فهو صافيه (أي من ا لصوافي)(٣) . رابع ً ا: أما أموال المرتد بعد وفاته (مسألة ميراث مال ا لمرتد): فالمسألة بها عدة اتجاهات في الفقه الإباضي(٤) ، كما أن الحجج التي (١) ، الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٠٥ ، سلمة العوتبي: كتاب الضياء، ج ٢ ص ١٠٩ -. ١١٠ ، ج ١١ ؛ ص ٣٢٥ (٢) سلمة العوتبي: كتاب الضياء ج ١١ ؛ ص ٣٢٥ . ويقول ا لبسيوي: وما على المرتد في حال السلامة قبل أن يرتد من حق أو حد أو بيع أو عتق أو دين أو مال أو نفس، فإنه مأخوذ بجميع ذلك، ولا يهدر الشرك عنه شيئ ً ا من ذلك، فأما من . جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٤، ص ١٢٤ « أصاب من ذلك بعد ارتداده فإنه لا يؤخذ به (٣) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٠٦ (٤) وهكذا جاء في ا لمصنف: ومن ارتد ولحق بدار الحرب، كان ماله موقوف » ً ا عليه. فإن رجع إليه ماله؛ وإن مات على ردته، كان ماله لورثته من ا لكفار. أبو المؤثر: قول: لأهل دينهم من أهل ا لعهد. وقول: لفقراء ا لبلد. وقول: ميراثهم لأولادهم ا لصغار. فإن كانوا كبارا، فلأهل دينهم. ً أبو الحسن: للذين ولدوا في ا رتداده. = يتم الاستناد إليها عديدة(١) . ومن الآراء الوجيهة في الفقه الإباضي ما أخذ به العوتبي، بقوله: = وقول: يلقي في بيت ا لمال. قال: وأنا أقول: ميراثهم لأولادهم الصغار. فإن لم يكن لهم أولاد صغار، فلفقراء بلدهم. هذا إذا لم يحاربوا. فإن حاربوا، كانت أموالهم غنيمة بين المسلمين، إذا قتلوا، أو ماتوا في محاربتهم، ً فأموالهم من ذهب أو فضة. والطعام والأمتعة والحيوان والرقيق إلا من فر من رقيقهم من دينهم. ودخل في دين المسلمين. فقول: هو بمنزلة الأحرار. وما سوى ذلك، فهو غنيمة. وإن كان المرتدون تفرقوا، من بعد ما حاربوا، فدماؤهم تهرج أينما لقيهم أحد، قتلهم أحد قبلهم. وغنم ما كان في أيديهم، يخرج منه الخمس، يتصدق به على ا لفقراء. وأما أصول أموالهم، مثل البناء والنخل والأرضيين والماء، فهو صافية، أخذنا هذا من أصل لا من فرع. وقال بعض مخالفينا: إن ماله يقسم بين المسلمين، دون ورثته، واحتج يقول ا لنبي ژ : لا » « يرث المسلم ا لكافر . وفي موضع: والذي عندنا: أن مال المرتد له. فإذا مات أو قتل، فهو لأهل دينه، من أهل النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٠٥ « عهد المسلمين -.٢٠٦ انظر أيض ً ا جامع أبي الحواري، ج ٥، ص ١٥٤ - ١٥٥ ؛ الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٨٧ - ، ٨٨ ؛ جامع أبي الحسين البسيوي، ج ٣، ص ١٩٦٤ ١٩٧١ - ١٩٧٢ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ٥؛ أبو إسحاق الحضرمي: كتاب الدلائل والحجج، ج ١ -٢، ص ٦٦٩ - . ٦٧٠ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٠٦ (١) لفقراء أهل دينه من المشركين، لأن » وهكذا يذهب اتجاه إلى أن ميراث المرتد لا يكون الشيخ عيسى بن صالح الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، « ذلك عنده ليس بدينه ميراثهم لفقراء بلدهم هذا إذا لم يحاربوا، فإذا » ج ٤، ص ١٤١ ؛ ويذهب اتجاه آخر إلى أن .١٥ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٧١ ، ص ٥ « حاربوا كانت أموالهم غنيمة بين المسلمين ويذهب اتجاه ثالث إلى أن الفيصل في ميراث المرتد هل هو لبيت المال، أم لورثته المسلمين هو قوله ژ : « لا يتوارث أهل ملتين » سالم الراشدي: المرجان في أحكام القرآن، ١٤٣١ -. ٢٠١٠ ، ص ٢٢٥ وبخصوص المذاهب الإسلامية الأخرى، يقول القرطبي إن ثمة اختلاف بين العلماء في فقال علي بن أبي طالب والحسن والشعبي والحكم والليث وأبو حنيفة » ميراث المرتد = ومن ارتد ولحق بدار الحرب قسم ماله بين ورثته من المسلمين، وقد » اختلف أصحابنا في هذه المسألة والحكم في مال المرتد والنظر يوجب عندي ما ذكرناه والله أعلم. وقد قال بعض مخالفينا أن ماله يقسم بين المسلمين دون ورثته، واحتج بقول النبي ژ: « لا يرث المسلم الكافر » ، وأظنه قول مالك والشافعي، ونحن فلم نجعله ميراث ً ا ولكن نقسمه بين ورثته من المسلمين خاصة لأنهم يجمعون قرابة وإسلاما ألا ترى أن من يدلي إلى ًُ « الميت بنسبين أولى ممن يدلي بنسب واحد(١) . خامسا: يؤخذ المرتد بما جناه قبل ارتداده إذا رجع إلى الإسلام مرة ً أخرى. يقول ا لرستاقي: وكل ما جنى المرتد في إسلامه، ثم ارتد، ثم أسلم، فالذي جناه في » « إسلامه يؤخذ به. وما جناه في ارتداده، فلعله لا يؤخذ به (٢) . ويقول ا لعوتبي: ومن أصاب في حال إسلامه قتلا » ً أو قذف ً ا أو سرقة أو زنا أو حد ً ا ثم رجع إلى الشرك أو أصاب ذلك في حال ارتداده ثم أسلم فإنه يؤخذ به إذا = وإسحاق بن راهويه: ميراث المرتد لورثته من المسلمين. وقال مالك وربيعة وأبن أبي ليلى والشافعي وأبو ثور: ميراثه في بيت المال. وقال ابن شبرمة وأبو يوسف ومحمد والأوزاعي في إحدى الروايتين: ما اكتسبه المرتد بعد الردة فهو لورثته المسلمين. وقال أبو حنيفة: ما أكتسبه المرتد في حال الردة فهو فيء، وما كان مكتسبا في حالة الإسلام ثم ارتد يرثه ورثته المسلمون؛ وأما ابن شبرمة وأبو يوسف ومحمد فلا يفصلون بين الأمرين؛ ومطلق قوله : ‰ « لا وراثة بين أهل ملتين » يدل على بطلان قولهم. وأجمعوا على أن .« ورثته من الكفار لا يرثونه، سوى عمر بن عبد العزيز فإنه قال: يرثونه . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٣، ص ٤٩ (١) . سلمة العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ١١٠(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٠٦ رجع إلى الإسلام إلا ما أصاب في ارتداده مما هو في دينه حلال عنده فلا يؤخذ منه إلا ما وجد في يده من غنيمة مالا ً وسبأ فإنه يرد وأما ما كان يدين بتحريمه في ارتداده فهو مأخوذ به فأما إن جرحه أحد وهو مرتد فلا قصاص له ولا دية وهو مرتد ولا حد على من قتله ومن جرحه وهو مسلم ثم ارتد ثم أسلم فله الخيار إن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية؛ فقال قوم: له الدية ولا قصاص له، وقال قوم: له القصاص إذا أسلم وإن لم يسلم فلا قصاص له، وقال قوم: له دية مشرك إذا لم يسلم ويقتل هذا في أهل الديات ممن له « أهل الذمة فأما العرب فلا(١) . • وهكذا مما تقدم يمكن استنباط القواعد ا لآتية: ١ أن المرتد يسأل عما اقترفه من جرائم قبل ارتداده أن رجع إلى الإسلام. علة ذلك أنه وقت ارتكاب الجريمة كان مسؤولا ً عن ارتكابها مسؤولية جنائية، فضلا ً عن توافر كل الأركان اللازمة لارتكابها. ٢ الجرائم التي يرتكبها المرتد أثناء ردته مما هو حلال في دينه لا يسأل عنها، تطبيق ً .« أمرنا أن نتركهم وما يدينون » ا لقاعدة ٣ انطلاق ً فإن ما يقع على المرتد من « لا حرمة لمرتد » ا من قاعدة جرائم (كالقذف أو الجرح أو الشتم) يعتبر أمر ً ا مباح ً ا لا يسأل فاعله عنه. سادسا: شهادة المرتد بخصوص وقائع معينة وقعت وهو مسلم لا يحكم ً بها إذا ارتد وكانت القضية ما زالت منظورة أمام ا لمحكمة(٢) . (١) . سلمة العوتبي: كتاب الضياء، ج ٣، ص ١١٠ ، جامع أبي الحسن البسيوي، ص ١٩٦٩ (٢) يفصل أطفيش رأي الإباضية من هذه المسألة، بقوله: إن شهدا) أي: أديا الشهادة عند الحاكم (على شيء فارتدا أو نافقا قبل الحكم لم يحكم )»بها على المختار ولو في المرتد)؛ أي: والحال أن المختار في المرتد منع الحكم، وأما الذي نافق فلا يجوز الحكم بشهادته تلك قولا ً واحد ً ا عند من يمنع شهادة ذي الكبيرة = سابعا: المرتد إن تاب ورجع إلى الإسلام تقبل توبته، بما يعني عدم ً توقيع عقوبة الردة عليه. يقول ابن جعفر:  ومن ارتد ولحق بدار الحرب ثم رجع ثانيا ق » ُ بلت توبته، وقد ارتد ً  عبد الله ابن أبي سرح ولحق بمكة فأمر رسول الله ژ بقتله فجاء إلى عثمان بن عفان مسلما بعد ارتداده قبل أن يأتي النبي ژ فجاء به إلى ً النبي ژ وقبل توبته ولم يقتله، وكذلك فعل أبو بكر ƒ حين ارتدت « العرب ثم رجعوا إلى أداء الزكاة فأزال القتل عنهم(١) . يتضح مما تقدم أن الردة لها آثار خطيرة بينها الفقه الإباضي، لعظم أمر الارتداد فإنه أعظم من الشرك الذي لم يسبقه » : ويرجع ذلك « إسلام(٢) . = مطلق ً ا، والفرق أن المرتد لم يبق له من أحكام الإسلام شيء، فكان كالميت، فجازت َ شهادته التي أداها قبل الارتداد على غير القول المختار، وما ذكرته هو فائدة ذكر المرتد مع الاستغناء عنه بقوله: ارتد، أو المراد بالمرتد: الجنس الصادق بالمرتدين؛ لأن الكلام فيهما، أو أراد الواحد، وذلك أنه إن ارتد أحدهما فقط فأولى بالخلاف، لكن المبالغة .« بارتداد الواحد فقط . أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٣ ، ص ١٨٤(١) ابن جعفر: الجامع، ج ٢، ص ٥٠٣ . يقول ا لبوسعيدي: ومن ارتد ثم رجع إلى الإسلام فحكمه كالمبتدئ وهو أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله »وأشهد أن محمد ً ا رسول الله، وأن ما جاء به محمد من عند الله هو الحق المبين وإن لم يدن بما جاء به محمد ‰ هو الحق من جميع ما أتى به لم يكن مؤمن ً ا حتى يقول ذلك، ويعجبنا أن يقول بعد ذلك وأنه بريء من كل دين يخالف دين الإسلام الذي جاء به .« محمد بن عبد الله السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولية والمتأخرين الأخيار، ابن عمر: « كالمشرك الأصلي » ج ١٤ ، ص ٢٩٦ . بل قيل إن كيفية توبة المرتد تدل على أنه . حاشية الترتيب للعلامة الوارجلاني، ج ١، ص ٩٤(٢) . البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٤، ص ٩٩  الفرع ا لثالث نقض عقد ا لذمة  يفقد الذمي جنسية الدولة الإسلامية إذا نقض عقد ا لذمة. يقول الإمام ابن جماعة إن الذمي ينتقض عهده بأحد أمور ثلاثة، وذلك « من أداء الجزية، والتزام أحكام الملة، أو قاتلنا » : إذا امتنع(١) . وقد أفرد فقهاء المسلمين أسبابا عديدة لانقضاء عقد الذمة(٢) ، منها: قتال ً (١) . ابن جماعة: تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، المرجع السابق، ص ٢٦١ (٢) لخص أبو عبد الله الدمشقي مواقف أئمة الفقه الإسلامي من هذه المسألة، كما يلي: (فصل) إذا فعل أحد من أهل الذمة ما يجب عليه تركه والكف عنه مما فيه ضرر على المسلمين أو آحادهم في نفس أو مال وذلك ثمانية أشياء: على الاجتماع على قتال المسلمين، أو أن يزني بمسلمة، أو يصيبها باسم نكاح أو لفتن مسلما عن دينه، أو بقطع عليه الطريق، أو يؤدي للمشركين جاسوسا أو يعين على المسلمين بدلالة فيكاتب ً المشركين بأخبار المسلمين، أو يقتل مسلما أو مسلمة عمد ً ا، فهل ينتقض عهد الذمي ً بهذه الأشياء الثمانية أم لا؟ قال أبو حنيفة: لا ينتقض بهذه الثمانية وبالأمرين المذكورين قبل إلا أن يكون لهم منعة فيتغلبون على موضع ويحاربوننا أو يلحقوا بدار الحرب، وقال الشافعي متى قاتل الذمي المسلمين انتقض عهده سواء شرط عليه تركه في عقد الذمة أو لم يشرط، فإن فعل ما سوى ذلك من السبعة الباقية، فإن لم يشرط عليه الكف عن ذلك في العقد لم ينتقض، وإن شرط ففي ذلك لأصحابه وجهان: أحدهما ينتقض وهو الراجح والثاني لا ينقض، وقال مالك لا ينتقض عهده بالزنا بالمسلمة ولا بالأصلية بالنكاح وينتقض بما سوى ذلك إلا قطع الطريق، وقال ابن القاسم من أصحابه ينتقض عهده به، وعن أحمد روايتان أظهرهما أن عهده ينتقض بالأشياء المذكورة الثمانية سواء شرطت عليهم أو لم تشترط: والثانية لا ينتقض إلا بامتناع من بذل الجزية وإجراء أحكامنا عليه أو بأحدهما، أبو عبد الله الدمشقي العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، . ص ٣٠٧ وفي كتاب النسائي وأبي داود عن ابن عباس أن رجلا ً أعمى سمع أم ولد له تسب أن من سب النبي ژ » النبي ژ فقتلها فأهدر ا لنبي ژ دمها. وفي هذا الحديث من الفقه قتل، ولم يستتب بخلاف المرتد، وذكر ابن المنذر في الإشراف أن عوام العلماء أجمعوا = أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٣٠٢ المسلمين بلا شبهة، ومنع الجزية، ومنع إجراء حكمنا عليهم؛ وكذا الزنا بمسلمة أو إصابتها باسم نكاح، والإطلاع على عورات المسلمين وإنهاؤها لأهل الحرب، وإيواء جاسوس لهم، وقطع الطريق، والقتل الموجب للقصاص، وقذف مسلم، وسب النبي جهرا، والطعن في الإسلام أو القرآن، ً وغير ذلك من الشروط والأحوال التي تعرض لها فقهاء وأئمة المسلمين في كتبهم(١) . وفي الفقه الإباضي يحكم نقض أهل الذمة للعهد القواعد ا لآتية: أ ( نقض العهد يرتب ما ترتبه الحرب من آثار في حق الأفراد العاديين من قتل المقاتلين وغنيمة الأموال وسبي ا لذرية(٢) . = على ذلك إلا ما روي عن أبي حنيفة ƒ أن من سب ا لنبي ژ من أهل الذمة لم يقتل = ابن الطلاع: أقضية رسول الله ژ ، دار الوعي، حلب، « لأن ما هو عليه من الشرك أعظم ١٤٠٢ - ١٩٨٢ ، ص ٣١ . ويأخذ الفقه الإباضي بقول الجمهور، راجع أطفيش: تيسير ، التفسير، ج ٥، ص ٤٠٦ (التوبة: ١٢ )، معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١ ص ٥٥٧ -.٥٥٩ (١) ليس هناك اتفاق بين فقهاء المسلمين كما ذكرنا حول كل الأسباب السابقة: فمنهم من يأخذ بها كلها، ومنهم من يقرر أن بعضها ينقص العقد والبعض الآخر لا ينقض (راجع َ صبح الأعشى للقلقشندي، ج ١٣ ، ص ٣٦٧ : حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب الأنصاري، ج ٢، ص ٤١٢ - ٤١٤ : كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي، ج ٣، ص ١٤٢ - ١٤٥ ، الغزالي: الوجيز، ج ٢، ص ٢٠٣ ، ابن الأزرق: بدائع السلك في طبائع الملك، ص ٦٨٤ وما بعدها. (٢) وهكذا جاء في بيان ا لشرع: قال غيره كل من نقض عهد المسلمين من أهل الذمة ولم يرجع إلى تمام عهدهم » وحاربهم فأولئك حلال دماؤهم وغنيمة أموالهم وسبي نسائهم وذراريهم الذين ولدوا بعد نقض عهدهم وإنما السباء في الذراري الذي ولدوا بعد نقض عهدهم وأما من هرب من النساء والذراري من ذلك الموضع الذين وقعت المحاربة فيه فإن هربوا من بعد أن وقعت الحرب بينهم وبين المسلمين فأولئك عليهم السباء حيث أدركوا وأما من هرب من قبل وقوع الحرب بينهم إلى بلد آخر فأولئك لا سباء عليهم وكذلك لو كان للمحاربين أرحام = ب ( نقض العهد يسأل عنه فقط من ا رتكبه: = الكندي: « من النساء والذراري في غير الموضع الذي حاربوا فيه المسلمين ولا سباء فيهم بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٧٥ -.٢٧٦ ويؤكد ذلك رأي آخر في الفقه الإباضي، ولأهميته نذكره بحذافيره؛ إذ إجابة على سؤال: وإذا نقض أهل الذمة التي واثقوا الإمام عليها فتمكن منهم هل يقتلهم، وإن أسلموا لأن القتل حد لهم بخلاف الحربي إذا أسلم فإن إسلامه جب لما قبله، هكذا في زاد المعاد، والفرق بينهما مشكل؛ فإن ناقض الذمة ليس بأشد من المرتد عن الإسلام، والمرتد يقبل منه ولا يقتل إذا أسلم، فما الفرق بين الذمي والحربي في ذلك، وما القول في المذهب؟ يقول الشيخ عيسى بن صالح: قال القطب » : الجواب 5 : عند قوله تعالى: ﴿ §¦¥¤£¢¡ ¨ ﴾[ [التوبة: ١٢ ؛ تدل الآية على أن الذمي إذا طعن الإسلام فقد نقض عهده وصار في حكم المحاربين فيفعل فيه الإمام رأيه من قتل أو بيع أو نحو ذلك، إلا إن أسلم قبل أن يفعل به ذلك كذا نقول نحن، والشافعي قال: وإذا امتنعوا من أداء الجزية والتزام أحكام أهل الملة انتقض عهدهم، وإن زنى أحدهم بمسلمة أو أصابها بنكاح أو آوى عين ً ا للكفار أو دل على عورة للمسلمين أو فتن مسلما عن دينه أو قتله أو قطع عليه الطريق فتنتقض ً ذمته، ا نتهى. وفي جامع ابن جعفر: في قوم من أهل العهد قتلوا وحاربوا وامتنعوا ثم رجعوا إلى العهد أنهم يؤخذون بتلك الأحداث فيقتلون بما قتلوا وإن أسلموا فهو كذلك. وقال أبو عبد الله 5 : إذا نقضوا عهدهم وقتلوا وهم أهل دين ثم رجعوا إلى العهد قبل منهم ولم يؤاخذوا بما قتلوا ولا يردون من الأموال إلا أموالا ً توجد في أيديهم فتؤخذ منهم. وعن أبي سعيد في معتبره: أنهم يدعون إلى الإسلام إذا نقضوا العهد والرجوع إلى عهدهم وإعطاء الجزية ولا يقبل منهم غير ذلك، فإن حاربوا وقتلوا، فمن أخذ منهم أسيرا ً لم يقبل منه إلا الإسلام أو رجوعه إلى العهد الذي كان له، وإعطاء الجزية من كانت عليه فإن امتنع عن ذلك قوتل عليه ولا يجبر على الإسلام، وأحسب قولا ً يقتل مقاتلهم لئن ظفر بهم ولم يرجعوا إلى العهد من بعد ما حوربوا، وقولا ً إذا حاربوا وهم أهل شرك وقد نقضوا عهدهم جاز منهم ما يجوز في أهل الحرب فمن رجع إلى عهده أو أسلم قبل أن يظفر به كان له حق ما رجع إليه من الإسلام والعهد وما ظفر به منهم كان غنيمة .« للمسلمين بمنزلة أهل الشرك وأهل ا لحرب الشيخ عيسى بن صالح الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٢٧ ه ٢٠٠٦ م، ج ٤، ص ١٣٦ -.١٣٨ ُ يحكم هذه المسألة قاعدتان في الفقه الإباضي (وبعض المذاهب الإسلامية ا لأخرى): الأولى لا ينسب لساكت قول لكن السكوت في معرض البيان » : قاعدة فمثلا (« السكوت علامة الرضا » أو في المثال العامي في مصر ) « إقرار ً إذا نقض أهل الذمة العهد وسكت الباقون يعتبر سكوتهم نقض ً ا للعهد، لأن المقام مقام إنكار، فإن لم ينكروا اعتبروا مقرين بالنقض(١) . الثانية الحكم الثابت في المجموع لا يوجب ثبوته في كل فرد. » قاعدة وبالتالي، إذا نقض أهل الذمة العهد انتقض العهد في جميعهم من حيث المجموع ولو لم ينقض كل فرد العهد بمفرده لكن المجموع نقضوه فلم يعودوا آمنين على أموالهم ودمائهم بحكم ذلك العهد لأن الحكم هنا يثبت « للمجموع(٢) . معنى ما تقدم إذن أن من ينقض العهد ينتهي العهد بالنسبة له، أما من يلتزم به فالعهد نافذ تجاهه. ويعد ذلك تطبيق ً ا لقاعدة عليا من قواعد الإسلام « ولا تزر وازرة وزر أخرى » لأنه « المسؤولية شخصية » أعني بها قاعدة أن(٣) . (١) معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٦١٤ -.٦١٦ (٢) ذات المرجع، ص ٤٧٠ -.٤٧١ (٣) يؤيد ذلك ما جاء في بيان ا لشرع: وسألته عن مشرك له مال وذرية في أرض المسلمين فلحق بأرض الحرب ثم ظهر »المسلمون على أهل الحرب من المشركين فهزموهم هل تسبى ذريته التي بأرض المسلمين ويغنم ماله كله؟ قال: معي أنه من كان له من ذريته الصغار وقد ثبت له هو العهد والأمان فللذرية الأمان ما كانوا في أرض المسلمين وأما المال فأحسب أنه غنيمة والله أعلم إذا كان من أهل .« الشرك . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٦٩ :« لا نية للصبي » : ومن تطبيقات قاعدة = لذلك يقول ا لنزوي: وعن امرأة، لا ولي لها، ولا رحم من الرجال أيحل سباها بأحداث » «؟ قومها وأهل بلدها ودينها فأما من كان من تلك الفصيلة التي نقضت عهد المسلمين، وحاربوا، ولم يرجعوا إلى تمام عهدهم. فأولئك حلال دماؤهم، وغنيمة أموالهم، ممن كان في الموضع، الذين فيه الناقضون لعهدهم، والمحاربون للمسلمين. وليس نقول: إنه على اللاتي لهن رجال دون غيرهم، من أهل المحاربة ولو كان الوجه كذلك، لم يكن على نساء المشركين وذراريهم ونسائهم الذين لم يحاربوا ولا أحدثوا حدثا في الصلح، ولم تجر عليهم الأحكام. ولكن رسول الله ژ  ، حكم بذلك عليهم مجملا ً « ، وأحله منهم(١) . = إذا نقض الصبيان عهدهم ولم يتابعهم أهلهم من أهل الذمة فإن العهد لا ينقض لأن »الصبي لا يعتبر تصرفه لعدم قصده وتكليفه. أما إذا تابعهم أهلوهم ونابذوا المسلمين فإن .« العهد ينقض راجع أيضا أطفيش: التحفة والتوأم، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ - ،١٩٨٥ ًُ ص ١٦٢ - ١٦٣ ؛ القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٨، ص ٨٢ - ٨٣ ؛ الوارجلاني: . الدليل والبرهان، المجلد الثاني، ج ٣، ص ٢٠١ (١) النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٥٣ -.١٥٤ يتمتع الأجانب(١) بوضع قانوني معين في إقليم الدولة التي يتواجدون ،« الغرباء » فيها. وسنرى أن فقهاء المذهب الإباضي استخدموا كثيرا كلمة ً خصوصا الإمام ابن بركة. ً  وقد عني فقهاء المسلمين، ومن بينهم الإباضية، بالأجانب الوافدين إلى دار الإسلام والمقيمين فيها، وذلك على عكس نظم قانونية أخرى كثيرة لم (١) إما أن يكون مستأمن » قيل: الأجنبي عن دار الإسلام ً ا دخل دار الإسلام بعقد أمان. وإما أن يكون حربيا وإما أن يكون معاهد ً موسوعة جمال عبد الناصر في الفقه ) « ا .( الإسلامي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٩٧٣ ، ج ٣، ص ١٢١ غير المسلم الذي يدخل بلاد الإسلام ليقيم فيها إقامة مؤقتة » والأجنبي هو د. عبد العزيز سمك: حقوق الأجنبي « ويطلق عليه المستأمن ،« عقد الأمان » بمقتضى ،٢٠٠٤ ،٤٧٦/ والتزاماته في الفقه الإسلامي، مجلة مصر المعاصرة، عدد ٤٧٥ . ص ٢٢٩ وعرف فقهاء المسلمون فكرة الوطن الأصلي، ووطن الإقامة، ووطن السكنى، والوطن المستعار (راجع حاشية رد المحتار لابن عابدين، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٦ ه ١٩٦٦ م، ج ٢، ص ١٣١ -.(١٣٣ في الإسلام معان عديدة، منها: الأجنبي الذي هو خلاف القريب، « أجنبي » وللفظة والأجنبي في التصرفات والعقود، والأجنبي بمعنى من لم يكن من أهل الوطن، والأجنبي عن المرأة، راجع الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، الطبعة الثانية، ج ٢، ص ٥٢ -.٥٤ تولي هذا الموضوع اهتماما كبيرا، بل كانت تنظر إلى الأجانب على أنهم ًً  أعداء(١) . يقول الإمام الجيطالي إن أهل دار ا لعدل: « غير متجانفين للأقارب، ولا متعصبين على ا لأجانب »(٢) . ودراسة الأجانب ومركزهم القانوني تبدو أهميتها من نواحي عديدة، منها: أولا ً: أن وجود الأجنبي فوق إقليم دولة ما هو مظهر من مظاهر انتقال الأفراد من بلد إلى آخر أو هجرتهم إليه (للسياحة، أو للتجارة، أو للدراسة، أو لغيرها). (١) لذلك قيل: إن القانون الروماني Jus civile كان ينظر إلى الأجانب باعتبارهم خارجين على القانون hors ـ laـ loi أو أعداء hostis راجع: «Dispositions internationales pour la protection des droits de l'homme des nonـ ressortissants» , E/CN. 4/ Sub.2/392/Rev.1, NU New York, 1980 p.4. وقيل: إن الامتيازات les capitulations الأجنبية (والتي بمقتضاها تمنح دول بعض الامتيازات، لرعايا دولة أخرى، يقيمون فوق إقليمها) كانت أولى تطبيقاتها تلك التي . منحها الخليفة هارون الرشيد لرعايا شارلمان. راجع: نفس المرجع، ص ٤ كذلك قيل: حينما كانت الدول في العصور القديمة والوسطى تعتبر الأجنبي عنها عدوا لا صلة بينها »وبينه سوى الحرب، فإن دخل حدودها فهو غنيمة. وإذ برسول الإسلام ينادي بالأخوة الإنسانية للجميع فيقول: « كلكم لآدم وآدم من تراب » ، وينزل عليه الوحي من السماء من الله 4 مخاطبا للناس كافة، مسلمين وأصحاب أديان سماوية أخرى ومشركين ووثنيين: ً ﴿ ONMLKJIHGFE ﴾[ [الحجرات: ١٣ . فكان الإسلام أول من أكرم الأجانب وساواهم بالوطنيين في المعاملة وفي معظم الحقوق، ما « داموا ملتزمين الحدود المشروعة لهم لا يحاربون المسلمين ولا يعادون ا لدعوة المستشار علي منصور: الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام، المجلس الأعلى . للشؤون الإسلامية، القاهرة، ص ٩٠(٢) الجيطالي: قواعد الإسلام، ج ١ -. ٢، ص ٥٠ وسيدنا إبراهيم ‰ كان أول من هاجر من بلده إلى حيث يتمكن من عبادة ربه. يقول تعالى: ﴿ ¿¾½¼»º ﴾ [ [الصافات: ٩٩ فهذه ا لآية: أصل في الهجرة والعزلة. وأول من فعل ذلك إبراهيم »  « ‰ (١) . ثانيا : أن وجود الأجنبي في إقليم دولة ما يحتم مراعاة حقوقه وعدم ً الاعتداء عليها، بل بالعكس، السعي نحو الدفاع عنها والوقوف إلى جانبه للحصول على حقوقه(٢) .  (١) . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ١٥ ، ص ٩٧   (٢) هذا منهج أصيل من مناهج السنة النبوية يدل على تمسك النبي ژ بضرورة إرجاع الحق إلى أصحابة ورده إلى نصابه بل وأخذه من أيدي غصابه. وهو منهج ندر وجوده في هذا الزمان، الذي ترى الحقوق فيه منتهكة في ظل صمت رهيب، وسلبية من ا لآخرين. .« قصة ا لإراشي » : ولعل القصة الشهيرة في هذا الخصوص هي فابتاعها منه أبو جهل بن هشام فمطله ،« مكة » بإبل له إلى « إراش » فقد قدم رجل من »بأثمانها، فأقبل الإراشي حتى وقف على نادي قريش، ورسول الله ژ جالس في ناحية فإني غريب وابن ،« المسجد، فقال: يا معشر قريش من رجل يعدني على الحكم بن هشام سبيل، وقد غلبني على حقي. فقال أهل المجلس: ترى ذلك إلى رسول الله يهزأون به ژ ، لما يعلمون ما بينه وبين من العداوة اذهب إليه فهو يؤديك عليه. « أبي جهل »فأقبل الإراشي حتى وقف على رسول الله ژ فذكر ذلك له، فقام معه فلما رأوه قام معه قالوا لرجل ممن معهم: اتبعه فانظر ما يصنع. فاخرج، « محمد » : فخرج رسول الله ژ حتى جاءه فضرب عليه بابه. فقال: من هذا؟ قال فخرج إليه وما في وجهه قطرة دم، وقد انتقع لونه. فقال: أعط هذا الرجل حقه. قال: لا تبرح حتى أعطيه الذي له. قال: فدخل فخرج إليه بحقه فدفعه إليه، ثم انصرف رسول الله ژ وقال للإراشي: الحق لشأنك، فأقبل الإراشي حتى وقف على ذلك المجلس فقال: جزاك الله خيرا، فقد أخذت الذي لي. ً وجاء الرجل الذي بعثوا معه فقالوا: ويحك ماذا رأيت؟ قال: عجبا من العجب! والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه فخرج وما معه روحه، فقال: أعط هذا الرجل حقه، فقال: نعم لا تبرح حتى أخرج إليه حقه. فدخل فأخرج إليه حقه فأعطاه. =   ثالث ً ا: أن وجود أجانب في إقليم الدولة لا يؤثر على وضعها القانوني ما دامت أجهزتها الحاكمة هي المسيطرة على ذلك الإقليم وتطبق القواعد رغم وجود أجانب فيها. « الدار » القانونية الخاصة بها. فالدار هي « بيضة الإسلام تسمى مؤمنة وإن خالطها ا لغير » : يقول الوارجلاني(١) . وهو ما أكده الشوكاني، بقوله: الاعتبار بظهور الكلمة، فإن كانت الأوامر والنواهي في الدار لأهل »  = فقالوا له: ويلك ما لك! فوالله ما رأينا مثل ما صنعت. « أبو جهل » ثم لم يلبث أن جاء فقال: ويحكم: والله ما هو إلا أن ضرب على بابي فسمعت صوته فملئت رعبا، ثم خرجت ً إليه وإن فوق رأسه لفحلا ً من الإبل ما رأيت مثل هامته، ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط، فوالله لو أبيت لأكلني. راجع: ابن كثير: صفوة السيرة ا لنبوية: ج ١: ص ١٩١ - ١٩٢ ؛ ابن هشام: السيرة ا لنبوية، ج ١، ص ٣٨٩ - ٣٩٠ . انظر أيض ً ا د. أحمد أبو الوفا: حقوق الإنسان في السنة ا لنبوية، دار النهضة العربية، القاهرة، ص ٨٩ -.٩٠ (١) الوارجلاني: الدليل والبرهان، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٣ - ،١٩٨٣ ُ . المجلد الثاني، ج ٣، ص ١٣٣ ويقول أطفيش: من لم يكن له قرار يقصد فيه كباد ومنتقل من بلد لأخرى، فالحكم فيهم والسيرة على )»ما حكموا على أنفسهم) بإقرارهم، أو ما شهد به عليهم الأمناء إن أقروا أو كما شهد عليهم، (ولا يصلون إلى إظهار دينهم وحكمهم) أو يصلون ولم يظهروه، ولا يوجد من يعرف لغتهم (فالحكم فيهم للظاهر عليهم) وقد يدخلون بلد ظهر فيه الإسلام فيحكم عليهم بحكمه إذ لم يعلم حالهم، ولم يكن إقرار أو شهادة تناقضه ثم يدخلون بلد ً ا ظهر فيه الإسلام فيحكم عليهم بحكمه كذلك، وهكذا، ولو كان الحاكم في ذلك كله واحد ً ا. والذي يظهر لي أنه إذا حكم عليهم بحكم التوحيد فلا يحكم عليهم بعد ذاك لحكم الشرك، ولو وجدوا في دار الشرك، ولو لم يقروا أولا ً بالتوحيد إلا أنه حكم عليهم به لكونهم في بلده حتى يقروا، أو يشهد عليهم بأنهم من أول ليسوا بموحدين، أو بأنهم .« ارتدوا أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٧ ، ص ٥٦١ -.٥٦٢ الإسلام؛ بحيث لا يستطيع من فيها من الكفار أن يتظاهر بكفره إلا لكونه مأذون ً ا له بذلك من أهل الإسلام فهذه دار إسلام، ولا يضر ظهور الخصال الكفرية بها لأنها لم تظهر بقوة الكفار، ولا بصولتهم كما هو مشاهد في أهل اللغة من اليهود والنصارى والمعاهدين الساكنين في المدائن الإسلامية، « وإذا كان الأمر بالعكس فالدار بالعكس(١) . ويؤكد آخرون: وليس معنى دار الإسلام أنها دار خاصة للمسلمين فقط، وإنما هي دار » أو دولة قد يكون رعاياها من المسلمين ومن غير المسلمين، ممن آثروا « البقاء على دينهم فيها(٢) . (١) . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٥٤٦(٢) د. حميد لحمر: مفهوم الخلاف الديني من مفهوم فقهي، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٤ -. ٢٠١٣ ، ص ٦ ُ كذلك جاء في بيان ا لشرع: ومما يوجد أنه عن أبي سعيد سئل عن رجل كان غائب » ً ا من ع ُ مان إلى بعض الأمصار، فرجع إلى عمان وفيها رجل يشهر أنه أمام، وطلب أن يبايعه على الأمر بالمعروف والنهي ُ عن المنكر، والجهاد في سبيل الله، هل عليه ذلك؟ وهل عليه أن يبايعه على ذلك من غير أن يعلم من عقد له من ا لمسلمين؟ قال: إذا كان في دار الغالب عليها أهل الاستقامة من المسلمين، ولم يكن في دارهم من يضادهم، ولا يظاهرهم من أهل الخلاف ممن ينتحل الإمامة، فإذا ظهرت إمامة الإمام في الدار على هذه الصفة، وثبتت إمامته، ولزمت نصرته، وثبتت بيعته، بايعه أو لم يبايعه. وإذا كان في دار غالب عليها أهل الباطل ممن يتدين بالباطل، ممن ينتحل الإمامة بالباطل، من كل الملل، أو ظهرت في دار يحكم عليها وعلى أهلها بالباطل فهو مبطل. ومن ظهرت إمامته في دار اختلاط من المتدينين ممن ينتحل الحق والباطل، فأشكل أمره ولم يعلم منه على ما أخذت بيعته من الحق، أو من أهل الباطل، فهو مشكل، والمشكل موقوف حتى يصح أمره، وممن أخذت بيعته أو تصح سيرته، وتظهر دعوته بأحد المفتين . الكندي: بيان الشرع، ج ٤، ص ٢٠٤ « بالحق فيوالي، أو بباطل فيعاطى ذي أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٣١٤ في إقليم ما من شأنه أن « الغرباء » تجدر الإشارة أن وجود الأجانب أو يثير بعض المشاكل خصوصا بالنسبة للمسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية ً كالميراث والزواج والطلاق(١) وقبل أن ندرس الأجانب في الفقه الإباضي، يحسن أن نشير في عجالة سريعة إليهم في القانون الدولي ا لمعاصر. وندرس هاتين المسألتين، على أن نخصص لكل منهما فصلا ً . (١) وهكذا بخصوص مسألة: ما تقول إذا كان ساكن ً ا معنا رجل غريب، ثم تزوج امرأة وجاء منها بابنة، وجاء بعد ذلك رجل آخر وسكن معه، وتقاررا أنه من عصابة ابن عمه أو أخوه، ولبثا على ذلك قدر سنتين أو أكثر يأوي إليه، ويحتمي فيه، ثم مات، وقالت الابنة: لا أعرف أن هذا من عصبات أبي، ما الحكم بينهما ولمن ميراثه؟ كان ا لجواب: تقاررهما على ما وصفت لا عمل عليه في الميراث، وليس هو مثل إقرار المرء بولد أنه ».« ابنه في موضع يصح أن يصدق فيه ميراثه لمن صح نسبه ممن يرثه بذلك . العالم موسى البشري: مكنون الخزائن وعيون المسائل، ج ١٢ ، ص ٥٧ ي ُ عد أجنبي جنسيتها. ويخضع الأجنبي المقيم فوق إقليم الدولة سواء كانت الإقامة دائمة أو مؤقتة لاختصاص هذه الدولة وسلطانها.(١) وسنتحدث عن الأجانب من حيث قبول الأجنبي فوق إقليم الدولة  وخروجه منه، والوضع القانوني الذي يتمتع به ا لأجانب. ا كل من يقيم فوق إقليم الدولة دون أن يكون حاصلا على ∫hC’G åëѪdG ¬æe ¬LhôNh ádhódG º«∏bEG »a »ÑæLC’G ∫ƒÑb سنشير أولا ً إلى قبول الأجنبي فوق إقليم الدولة، لنعرج بعد ذلك إلى الحديث عن خروجه منه. :ádhódG º«∏bEG ¥ƒa »ÑæLC’G ∫ƒÑb (CG للدولة مطلق الحرية في قبول أو عدم قبول أجانب فوق أراضيها، ما لم يوجد قيد اتفاقي أو عرفي يقضي بخلاف ذلك. علة ذلك أن هذه المسألة (١) راجع د. أحمد أبو الوفا: الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١٣ ، ص ٢٩١ - .٢٩٩ تعد من المسائل التي تدخل في صميم السلطان الداخلي لكل دولة، لا يشاركها فيها أحد، معنى ذلك أنه لا يوجد على عاتق الدولة التزام قانوني بقبول الأجانب فوق أراضيها. وللدولة الحق في وضع مختلف القوانين واللوائح التي تتعلق بقبول الأجانب. وتميز تشريعات الدول، في هذا الخصوص، بين قبول الأجنبي للإقامة لفترة محددة (حيث تكون الشروط أقل شدة)، وبين قبوله للإقامة لفترة طويلة نسبيا أو بصفة دائمة (في هذه الحالة تكون الشروط أكثر ً شدة وقد تصل إلى حد المنع، حماية مثلا ً للعمالة الوطنية من المنافسة، أو للمحافظة على ثروات الدولة واقتصادها). وتجري عادة الدول، حاليا، على اشتراط حصول الأجنبي على تأشيرة دخول من ً إحدى قنصلياتها في الخارج، فضلا ً عن اشتراط كونه حاملا ً لجواز سفر ساري وصحيح. وإذا رفضت الدولة قبول الأجنبي فوق أراضيها، فليس معنى ذلك أنها تنكر جنسيته أو وضعه كرعية من رعايا دولة أجنبية، وإنما تهدف من وراء ذلك منع خلق علاقات قانونية، بخصوص هذا الأجنبي، ترتب حقوق ً ا والتزامات في حق الدولتين وبالنسبة للأجنبي ذاته. وبالعكس إذا قبلته الدولة، فإنها تنشئ بمحض إرادتها مجموعة من العلاقات القانونية مع شخص الأجنبي والدولة التي يتبعها. :ádhódG º«∏bEG ¥ƒa »ÑæLC’G áeÉbEG AÉ¡àfG (Ü تنتهي إقامة الأجنبي فوق إقليم الدولة لأسباب عديدة، منها ما يرجع إلى إرادة الأجنبي ذاته، ومنها ما يعد تطبيق ً ا لفكرة سيادة الدولة فوق إقليمها وبالتالي يمكنها إنهاء إقامته في أي وقت. ١ الأسباب ا لإرادية: للأجنبي حق مغادرة إقليم الدولة في أي وقت، ودون حاجة إلى إبداء الأسباب التي دفعته إلى ذلك، ولا يجوز في هذه الحالة لسلطات الدولة التي يقيم فوق إقليمها أن تجبره على البقاء أو أن تحتجزه، إلا لأسباب مشروعة: محاكمته مثلا ً عن جريمة ارتكبها خلال إقامته، أو لمطالبته بدفع حقوق مالية مستحقة عليه للدولة (كالضرائب والرسوم) أو للأفراد (طبيعيين أو معنويين): كدين عليه أو قرض لبنك أو فرد عادي. ٢ الأسباب غير ا لإرادية: هناك أحوال تنتهي فيها إقامة الأجنبي رغما عنه، أهمها: الطرد أو ً الإبعاد، والاقتياد إلى الحدود، وتسليم ا لمجرمين. أولا ً الطرد أو ا لإبعاد: يجوز لسلطات الدولة التي يقيم الأجنبي فوق إقليمها أن تقرر طرده في أي وقت ودون حاجة لإبداء الأسباب الدافعة إلى ذلك. ويتوقف ذلك على القواعد القانونية السارية، والتي عادة تترك في هذا المقام سلطة تقديرية واسعة للسلطات المختصة في الدولة. وإن كان يتم اللجوء إلى الطرد أو الإبعاد في الأحوال التي يكون فيها الشخص المعني يشكل خطرا يهدد ً الأمن والنظام العام أو يعكر صفو السكينة العامة أو يضر بالنظام الاقتصادي للدولة. وإذا لجأت الدولة إلى أسلوب الطرد أو الإبعاد، في وقت السلم أو في زمن الحرب، فعليها ألا تتعسف في استعماله، وعليها أ يض ً ا أن توفر للشخص المعني أو الأشخاص المعنية أدنى الضمانات التي تحتمها طبيعتهم الإنسانية. أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٣١٨ ثانيا الاقتياد إلى ا لحدود: ً يمثل الاقتياد إلى الحدود أو الإرجاع الفوري le refoulement صورة أشد من صور الطرد، حيث يتم اقتياد شخص أو مجموعة من الأشخاص مباشرة إلى حدود الدولة (إذا كانوا قد دخلوا إقليم الدولة عبر حدودها البرية أو البحرية مثلا ً ( أو إرجاعهم على ذات وسيلة المواصلات التي حضروا عليها (الطائرة أو الباخرة مثلا ً .( ويطبق هذا الإجراء عادة في الأحوال التي يكون فيها الأجنبي قد دخل إقليم الدولة بالمخالفة للتشريعات والنظم السارية. أو إذا كان مدرجا في قوائم الممنوعين من دخول ا لبلاد. ً ثالث ً ا تسليم ا لمجرمين: يرمي تسليم المجرمين إلى تسليم شخص إلى سلطات دولة أجنبية لمحاكمته أو لتوقيع عقوبة حكم بها عليه. ويحكم تسليم المجرمين على الصعيد الدولي القواعد ا لآتية: • للدولة مطلق الحرية في الاستجابة لطلب التسليم أو رفضه، ما لم يوجد ما يقيد سلطتها في هذا المجال (كوجود قاعدة تشريعية داخلية، أو لارتباطها بمعاهدة دولية). فإذا لم يوجد التزام يقيد الدولة بالتسليم، فهي حرة في التسليم أو عدم التسليم. ولا شك أن العوامل السياسية تلعب في هذا المجال دورا، لا يمكن إنكاره، ذلك أن مدى الأهمية ً التي تعلقها الحكومات على عودة ومحاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جريمة أو جرائم معينة، لها أثر قوي على مواقفهم في هذا ا لمجال. • تذهب غالبية الدول إلى رفض طلب التسليم إذا كان الشخص المطلوب هو أحد رعاياها (ما لم توجد معاهدة دولية تلزمها بالتسليم). لذلك يمثل تسليم الأجانب (سواء كانوا من رعايا الدولة طالبة التسليم أو من رعايا دولة ثالثة) السواد الأعظم من حالات تسليم المجرمين على الصعيد ا لدولي. • • • يجب أن يكون سبب التسليم جريمة وفق ً ا لقانوني الدولة الطالبة والدولة « ازدواج التجريم » المطلوب منها التسليم، ويسمى هذا Double criminality. وأخيرا، لا يجوز تسليم المجرمين السياسيين. ذلك أنه وفق ً ا لمبدأ تواتر ً العرف عليه لا يجوز تسليم مرتكبي الجرائم السياسية، بالنظر إلى المخاطر المترتبة على ذلك إذا تم تسليمهم إلى خصومهم السياسيين، بخلاف الجرائم العادية التي يمكن التسليم بشأنها. وإذا كان تعريف الجريمة السياسية وعناصرها لم يتم الاستقرار عليه حتى الآن، فإنه يمكن مع ذلك القول إن الجريمة تكون سياسية إذا كانت تهدف إلى قلب نظام الحكم أو تغيير الوضع الداخلي في بلد ما (القيام بتمرد عسكري مثلا ً .( إلا أن ما يجري عليه عمل الدول الآن يقضي برفض اعتبار جرائم الإرهاب من قبيل الجرائم السياسية. وبالتالي يجوز التسليم فيها، حتى ولو كان قد تم ارتكابها لدوافع سياسية. ويعد ذلك استثناء على الاستثناء Exception to the exception. »fÉãdG åëѪdG ádhódG º«∏bEG »a ø«ª«≤ªdG ÖfÉLCÓd »fƒfÉ≤dG ™°VƒdG هناك نظريتان تتنازعان الوضع القانوني للأجانب فوق إقليم ا لدولة: الأولى يمكن أن نطلق عليها نظرية المساواة، وتعطي للأجنبي نفس الحقوق التي يتمتع بها الوطني، لا أكثر ولا أقل. وهذه النظرية ليست مطبقة على نطاق واسع حاليا. ً والثانية وهي السائدة حاليا، يمكن أن نسميها نظرية الحد الأدنى، ً ومقتضاها أن هناك حد ً ا أدنى من الحقوق التي يجب على كل دولة منحها للأجانب المقيمين فوق إقليمها، بحيث لا يمكن النزول عنه أو مخالفته، وإلا أصبحت الدولة مسؤولة على الصعيد ا لدولي. ويراعى أن الدولة التي يقيم الأجانب فوق إقليمها ليست ملزمة بتحقيق المساواة بينهم وبين مواطنيها فيما يتعلق بالحقوق والالتزامات، إذ يمكن أن تحظر عليهم بعض الحقوق وتقصرها على مواطنيها وحدهم (خصوصا ً الحقوق السياسية وتملك ا لعقارات). وإذا كانت سلطة الدولة في هذا المجال سلطة تقديرية، فإنها ليست مطلقة من كل قيد، إذ يرد عليها بعض القيود، منها: ضرورة إعطاء الأجنبي والذي يمكن أن نسميه « مقتضيات الحد الأدنى » ما اصطلح على تسميته القيد العرفي، وإعطاء بعض الأجانب معاملة متميزة تفوق مقتضيات الحد الأدنى (وهو ما نسميه القيد الاتفاقي والقيد ا لتشريعي). ` »aô©dG ó«≤dG (CG :≈fOC’G óëdG äÉ«°†à≤e »ÑæLC’G íæe استقر القانون الدولي العرفي على منح الأجانب المقيمين فوق إقليم دولة ما بعض الحقوق التي تمثل حد ً ا أدنى لا غنى عنه لكل إنسان standard .minimum de civilization ويتضمن هذا الحد الأدنى العديد من الحقوق أهمها: ضرورة الاعتراف للأجنبي بالشخصية القانونية، خصوصا أهليته في ً القيام بكافة التصرفات القانونية. وإن كانت بعض الدول تضع قيود ً ا متعددة على تملك الأجانب للأموال الثابتة، أو ممارستهم لبعض المهن كالمحاماة أو الطب مثلا ً رغبة في حماية سوق العمل ا لوطني. الباب الثاني: المركز القانوني للأجانب في الفقه الإباضي ٣٢١ حرية العقيدة وممارسة الشعائر ا لدينية. حرمة المسكن وحرمة ذات الأجنبي؛ إذ لا يجوز القبض عليه إلا في الأحوال المنصوص عليها قانون ً ا، ما لم يكن من المتمتعين بنوع ما من الحصانة (كالدبلوماسيين). لذلك يجب عدم سجن الأجنبي أو حبسه إلا بمقتضى حكم قضائي أو بالتطبيق للقوانين السارية، مع السماح له بالاستعانة بمحام. إذا وقع ضرر على الأجنبي أو خولفت القواعد القانونية واجبة التطبيق عليه، فيجب تمكينه من رفع الأمر إلى السلطات المختصة (المحاكم خصوصا). ً ذلك أن استنفاد طرق الطعن الداخلية يعد شرط ً ا لا غنى عنه لممارسة الدولة التي يتبعها الأجنبي للحماية ا لدبلوماسية. أخيرا، نتيجة أن الدولة تمارس اختصاصها الشخصي تجاه كل ً المقيمين فوق إقليمها، فإنه يجب عليها أن تحمي خصوصا ً الأجانب المقيمين فوق أراضيها، وأن توقع العقاب على من يعتدي عليهم. :Iõ«ªàe á∏eÉ©e »ÑæLC’G AÉ£YEG :»bÉØJ’G ó«≤dG (Ü إذا كان ما تقدم يشكل الحد الأدنى للحقوق التي يجب منحها للأجانب المقيمين فوق إقليم الدول، فإن الدول يمكنها أن تتفق فيما بينها على تنظيم هذه الحقوق، خصوصا منح رعاياها حقوق ً ا أكثر عند تواجدهم فوق إقليم ً دولة أخرى. ومن استقراء الاتفاقات الدولية المبرمة في هذا الشأن، يمكن القول إن الدولة تتبع أحد الأنظمة الآتية (أو تجمع بينها): أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٣٢٢ شرط المعاملة الوطنية: وبمقتضاه يمنح الأجنبي كافة الحقوق ويلتزم بكافة الالتزامات التي تسري على مواطني الدولة أنفسهم؛ أي: أنه يتم تشبيهه من هذه الزاوية بهم. على أن هذا الشرط ليس ذائعا ً بكثرة في العلاقات بين الدول، إذ قلما تلجأ إليه بالنظر إلى الآثار الخطيرة التي قد تترتب عليه. ذلك أن إعماله على إطلاقه قد يؤدي مثلا ً إلى أن يتولى الأجانب يوما ما مسؤولية الحكم في الدولة أو ً يحصلون على المناصب التنفيذية ذات الطبيعة ا لحساسة. شرط الدولة الأكثر رعاية: وفق ً ا لهذا الشرط يتم النص على منح الأجنبي معاملة مساوية لتلك التي تمنح للأجانب المستفيدين بأفضل معاملة. شرط التبادل أو المعاملة بالمثل: مؤدى هذا الشرط الاتفاق على تمتع الأجنبي بمعاملة تعادل تلك التي تمنحها دولته لمواطني الدولة الأخرى، سواء تم ذلك استناد ً ا إلى القوانين واللوائح المطبقة أو بالنظر إلى المعاملة من حيث ا لواقع. k ø«fGƒ≤dG É``gQô≤J á«aÉ``°VEG Ébƒ≤M »ÑæLC’G AÉ£YEG :»©jô``°ûàdG ó``«≤dG (ê :á«æWƒdG قلنا: إن القاعدة المطبقة في العديد من الدول تقضي بعدم تمتع الأجانب بالحقوق السياسية في الدولة الموجودين فوق إقليمها. إلا أن بعض الدول (كالنرويج والسويد والدانمارك) نصت تشريعاتها الداخلية على منح الأجانب حق التصويت في الانتخابات مع اشتراط مضي مدة معينة على إقامتهم فيها. بل تسمح هذه الدول لهم، في بعض الأحوال، الاشتراك ليس فقط كناخبين وإنما أيضا كمرشحين، خصوصا في الانتخابات ا لمحلية. ًً ض فقهاء المذهب الإباضي للوضع القانوني للأجنبي المقيم فوق تعر إقليم دولة ما، وذلك من زاويتين: الأولى الوضع القانوني للمسلم المقيم في ديار غير المسلمين (فهو يعتبر أجنبيا هناك، إن لم يكن قد اكتسب جنسية دولة محل ا لإقامة). ً والثانية الوضع القانوني للأجانب في دار ا لإسلام. وندرس هاتين المسألتين، على أن نخصص لكل منهما مبحث ً ا.  ∫hC’G åëѪdG ø«ª∏°ùªdG ô«Z QÉjO »a º«≤ªdG º∏°ùª∏d »fƒfÉ≤dG ™°VƒdG في أماكن كثيرة وأوقات مختلفة تواجد مسلمون في ديار غير المسلمين لأسباب عديدة، منها التجارة أو السياحة أو الزواج بكتابية والإقامة معها في بلدها، أو اعتناق الإسلام من أهل البلد الأصليين أو غير ذلك من ا لأسباب. والهجرة طبقات: هجرة إلى المدينة وأهلها المهاجرون » : يقول أطفيش الأولون، وهجرة إلى الحبشة ثم منها إلى المدينة وأهلها أصحاب الهجرتين، « وهجرة بعد صلح الحديبية وقبل ا لفتح (١) . (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٧٦ معنى ذلك أن الإمام أطفيش قد أشار، بلغة العصر الحديث إلى طائفتين: ١ الأشخاص المهاجرون داخليا Internally displaced persons (الهجرة إلى المدينة). ِ ٢ وطالبو اللجوء Asylumـseekers في دولة أجنبية (الهجرة إلى ا لحبشة). وبخصوص قوله تعالى: ﴿ ³´¶µ ¸ ¼»º¹  ¿¾½ ﴾ [ [الأنفال: ٧٤ ، يقول أطفيش: ﴿ ³´ ¶µ ¸  »º¹ ﴾ ؛ أي: إيمان ً ا كاملا ً  إلا أنه لم يقل بأموالهم وأنفسهم اكتفاء  بذكره أولا ً ﴿ ½¼ ﴾ عظيمة لذنوبهم ﴿ ¾ ﴾ عظيم في الجنة ﴿ ¿ ﴾ لا نقص فيه ولا زوال ولا تكدرا بشيء، وإن أريد بهذه الآية المهاجرون ً الأولون فالمهاجرون الآخرون في قوله 8 (١) . ّ وقد بحث الفقه الإباضي مسألة اللجوء من نواحي عديدة، نوجزها فيما يلي:  :ø«ª∏°ùªdG ô«Z OÓH »a áeÉbEÓd áªcÉëdG óYGƒ≤dG (CG ١ القاعدة عند ا لإباضية: يقرر الفقه ا لإباضي: قد تجوز للمسلمين الإقامة في أملاكهم في المواضع التي لم يأت في » سكنها حظر من قبل ا لله 8 « (٢) . وإذا كان ذلك كذلك، فقد تحدث ظروف وأحوال تدفع الشخص دفعا ً إلى الانتقال من بلده أو موطنه إلى بلد أو موطن آخر. (١) ذات المرجع، ذات ا لموضع. (٢) . ابن بركة: كتاب الجامع، ج ١، ص ٢٠١ فمن قواعد ا لإباضية: .« نجير من استجارنا من قومنا وغيرهم »وكذلك من قواعدهم: « لا نرى انتحال الهجرة من دار قومنا »(١) . وذلك بأن: ،« واجب » كذلك فإن الإباضية يرون أن حكم اتخاذ الأوطان يقصد إلى بلدة بعينها فينوي أنها موضع إقامته، وينبغي له أن يوطن البلدة التي »« لا يخرجه منها إلا الجوع أو القحط أو العدو أو وجه من وجوه ا لإضرار(٢) . ولا شك أن ما تقدم ذكره يدل على أن الإنسان في أحوال معينة قد يضطر إلى ترك وطنه، لكن مع ذلك يجب أن يقر له قرار وأن يتخذ مكان ً ا ا له(٣) يجعله وطن ً .  واللاجئ يختلف عن المسافر(٤) : فكل لاجئ مسافر، لكن ليس كل ا(٥) مسافر يعتبر لاجئ ً . (١) علي يحيى معمر: الإباضية بين الفرق الإسلامية، المرجع السابق، ص ٤٠٢ -.٤٠٣ (٢) السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٩١ - ١٩٢ ؛ راجع أيض ً ا أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٧٠ ، سيف بن ناصر الخروصي: جامع أركان الإسلام، الطبعة الأولى، ١٤٠٧ -. ١٩٨٧ ، ص ٤٥ (٣) جاء في معارج ا لآمال: ،« فيمن قطع الأوطان عن نفسه » : تحت عنوان كسائح في عبادة ل » َم ينو الرجوع إلى وطنه، أو خارج في تجارة، أو متردد في البلدان لا ْ ِ قرار له ولا مستقر، وما أشبه ذ َلك َ ، فإن ه َؤ ُلا َ ء، كل ّ هم ليس ل َهم أن يقطعوا الأوطان عن ُّ ِِ ِ أنفسهم؛ لما تقد َ م من أن ذ َلك َ « يهدم بعض أحكام الشرع المتعلقة بالحاضر والمسافر َُ . السالمي: معارج الآمال، ج ٥، ذات المرجع، ص ١٩٧(٤) يؤكد رأي: .« والمسافر ما كان في بلد غير بلده ولا ينوي المقام فيه »العلامة جمعة الصائغي: جامع الجواهر، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٦ -. ١٩٨٦ ، ج ٦، ص ١٠٤ (٥) راجع أيض ً ا: د. أحمد أبو الوفا: حق اللجوء بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي = ٢ المسلم في دار غير المسلمين يعتبر كأي مسلم، وإن كان خاضع ً ا لسلطان تلك ا لديار: ولذلك ما دام مسلما تكون حرمة دمه وماله ثابتة(١) . يقول الشوكاني: ً :(« ودار الحرب دار إباحة يملك كل فيها ما ثبتت يده عليه » (بخصوص عبارة = للاجئين، دراسة مقارنة، جامعة نايف للعلوم الأمنية، مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، جنيف، ١٤٣٠ -. ٢٠٠٩ ، ص ٢٧٤ (١) وإن كان هناك خلاف بين المذاهب الإسلامية بخصوص هذه المسألة يقول عبد القادر عودة: أما المسلم الذي يسكن دار الحرب ولم يهاجر إلى دار الإسلام أصلا » ً فهو عند مالك والشافعي وأحمد كأي مسلم من أهل دار الإسلام يعصم بإسلامه دمه وماله، ولو أنه مقيم في دار الحرب ومهما طالت إقامته، وإذا أراد دخول دار الإسلام لا يمنع منها، بينما يرى أبو حنيفة أن المسلم المقيم في دار الحرب ولم يهاجر إلى دار الإسلام غير معصوم بمجرد إسلامه؛ لأن العصمة عند أبي حنيفة ليست بالإسلام وحده، وإنما يعصم المسلم عنده بعصمة الدار ومنعة الإسلام المستمدة من قوة المسلمين وجماعتهم، والمسلم في دار الحرب لا منعة له ولا قوة فلا عصمة له، ولكن له أن يدخل دار الإسلام في أي وقت فإذا دخلها استفاد ا لعصمة. وكما يعتبر الحربي مباح الدم إذا دخل دار الإسلام دون إذن، فكذلك يعتبر المسلم والذمي مباحي الدم للحربيين إذا دخلا دار الحرب دون إذن أو أمان، فإذا دخلا بإذن أو ِ أمان سمي كلاهما مستأمنا، على أن تكون إقامته مؤقتة، وله أن يرجع إلى دار الإسلام في أي وقت شاء، فإذا رأي المسلم أن يبقى بصفة دائمة في دار الحرب فذلك لا يغير من أمره شيئ ً ا ما دام باقيا على إسلامه، فإن خرج عن إسلامه صار حربيا، وإذا أراد الذمي أن ًً يقيم إقامة دائمة في دار الحرب انقلب حربيا. ً وإذا تزوج المسلم أو الذمي حربية أو مستأمنة فإنها تصبح بالزواج ذمية. أما إذا تزوج الحربي المستأمن من ذمية فإنها لا تصبح بزواجه حربية، كما أنه لا يصبح ذميا بزواجها ً .« على الرأي الراجح، وإذا تزوج المستأمن مستأمنة ثم أصبح ذميا أصبحت مثله ذمية ً . عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٢٧٨ د. حسن الشاذلي: الجريمة دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ومقابلة بالنظم الوضعية، دار . الكتاب الجامعي، القاهرة، ص ٢٣٧ وجه هذا أن الله سبحانه أمرنا بقتال أهل الشرك، وأباح لنا دماءهم، » وأموالهم، ونساءهم، فكانوا من هذه الحيثية على أصل الإباحة سواء وجدناهم في دارهم أو في غير دارهم، وينبغي تقييد هذا الإطلاق بأن المسلم وماله إذا كان فيهما فعصمة دمه وماله باقية لا يجوز لأحد من المسلمين أن يخالف تلك العصمة؛ لأن كون دار الحرب دار إباحة هي من « ا(١) تلك الحيثية التي ذكرناها لا مطلق ً . ٣ إقامة المسلم في ديار غير المسلمين يرتب العديد من الآثار واجبة ا لمراعاة: أولا ً في تلك ا لديار « العيش » فهناك قواعد واجبة المراعاة في(٢) . (١) . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٥٢٢(٢) أهم هذه القواعد، ما يلي: القاعدة الأولى: التزام المسلم بأحكام الشريعة الإسلامية أيا كان موطنه. ً القاعدة الثانية: التعايش المسؤول في ظل المجتمعات غير ا لإسلامية. القاعدة الثالثة: لا محل للاجتهاد في المسائل ا لقطعية. القاعدة الرابعة: إيجاد البدائل الشرعية للأوضاع ا لمحرمة. القاعدة الخامسة: تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والحال والعرف. القاعدة السادسة: الأعراف الشائعة في البلاد غير الإسلامية توزن بميزان ا لشرع. القاعدة السابعة: مراعاة حاجة الجاليات الإسلامية إلى التيسير ورفع ا لحرج. القاعدة الثامنة: رعاية الضرورات في أحوال الجاليات ا لإسلامية. القاعدة التاسعة: الاستفادة من كل الثروة الفقهية المذهبية عند استقاء الحكم الشرعي والفتوى. القاعدة العاشرة: الموازنة بين المصالح والمفاسد عند ا لتعارض. القاعدة الحادية عشر: الأصل في المعاملات والعادات ا لإباحة. راجع د. شريفة بنت سالم آل سعيد: فقه الجاليات الإسلامية في المعاملات المالية ، والعادات الاجتماعية، رسالة دكتوراه، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، ٢٠٠١ ص ٤٩ -.٧٦ ثانيا في تلك ا لديار. « التصرف » وهناك قواعد واجبة التطبيق عند ً إذ من المقرر عند الإباضية عدم جواز غدر المسلم. يقول ا لعوتبي: من أعطى من المسلمين عهد الله وميثاقه من أهل الحرب كانوا هم أو » غيرهم فينقض عهده، فإنه ينصب له يوم القيامة لواء يجزيه عند ظهره فيقال: « هذا لغدرة فلان(١) . ولا ينبغي للمشرك إذا أسلم في المشركين، إلا أن » : وجاء في المصنف يقتطع شيئ ً ا من أموالهم بخيانة، ولا مكابرة. وهم في أمانهم، حتى ينابذهم « وينابذوه(٢) . وفي حديث ا لمغيرة ƒ حينما صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ ً أموالهم ثم جاء فأسلم وطلب من رسول الله ژ أن يخمس ماله، فقال له ژ: « أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء »(٣) . وفي رواية: أما » « الإسلام فقد قبلنا وأما المال فإنه مال غدر لا حاجة لنا فيه(٤) . جاء في فتح ا لباري: يستفاد منه أنه لا يحل أخذ أموال الكفار في حال الأمن غدرا؛ لأن » ً الرفقة يصطحبون على الأمانة، والأمانة ت ُ ؤدى إلى أهلها مسلما كان أو ً « ا(٥) كافر . ً (١) . العوتبي: كتاب الضياء، ج ٤، ص ٤٥٨(٢) . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٤٢(٣) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الشروط ، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع .٢٥٢/ أهل الحرب وكتابة الشروط ٣(٤) .(٢٧٦٥) ٨٥/ أخرجه أبو داود في سننه كتاب الجهاد باب في صلح العدو ٣(٥) .٣٤١/ ابن حجر: فتح الباري ٥ يقول ا لوارجلاني: ،« ما بيننا وبين المشركين » كذلك تحت باب وإن دخلنا عليهم في بلادهم بأمان أو رسلا » ً أو لافتكاك أسارانا، فإن ّ ا لا « نخون ولا نغدر(١) . ومعنى ذلك أن المسلم لا يجوز له أن يرتكب أي عمل من أعمال الغدر أو الخيانة. فلا يجوز له ارتكاب أي من الأعمال ا لآتية: سرقة أو اختلاس أموال الدولة المرسل إليها أو تلك الخاصة برعاياها. التجسس وجمع المعلومات بطريقة غير مشروعة. تدبير انقلاب عسكري أو الدعوة إلى عصيان مدني أو التمرد في الدولة المرسل إليها. ازدراء واحتقار تقاليد وأعراف الدولة المرسل إليها. التدخل في الشؤون الداخلية للدولة المعتمد لديها. وقد أكد فقهاء المذاهب الأخرى على ذلك أيضا: ً يقول ابن قدامة ا لمقدسي: ومن دخل دار الحرب رسولا » ً أو تاجرا بأمانهم فخيانتهم محرمة عليه ً لأنهم إنما أعطوه الأمان مشروط ً ا بترك خيانتهم وأمنه إياهم من نفسه وإن لم يكن ذلك مذكورا في اللفظ فهو معلوم في المعنى.. ولأن خيانتهم غدر ولا ً يصلح في ديننا الغدر فإن خانهم أو سرق منهم أو اقترض شيئ ً ا وجب عليه رد ما أخذ إلى أربابه فإن جاء أربابه إلى دار الإسلام بأمان أو إيمان رده إليهم وإلا بعث به إليهم لأنه أخذه على وجه يحرم عليه أخذه فلزمه رده « كما لو أخذه من مال مسلم(٢) . (١) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٩٤(٢) . المغني والشرح الكبير، ج ١٠ ، ص ٥٦٥ وقد أكد على ذلك أيضا العلامة الدمشقي حيث يقرر: ً وإن دخل مسلم دار الحرب رسولا » ً أو تاجرا، وقد جرت العادة بذلك، ً صار في أمانهم، وصاروا في أمان منه، وإن كان معه سلاح لم يقبل منه، « نص عليه(١) . بل يرى المرداوي أن ذلك يعتبر حراما عليه فعله. وهكذا يقرر: ً لو دخل أحد من المسلمين دار الحرب بأمان بتجارة أو رسالة، لم » « يخنهم في شيء. ويحرم عليه ذلك(٢) . ٤ الأسير المسلم في دار غير ا لمسلمين: تثير هذه المسألة أمورا كثيرة، بحث منها الفقه الإباضي ما يلي: ً أولا ً تخليص الأسير لنفسه بنفسه: يدخل ذلك في باب أن يحاول الإنسان استرجاع حريته وفكاك أسره اعتماد ً ا على نفسه. يقول ا لوارجلاني: وان دخلنا أسارى، فإن قدرنا على الهروب هربنا، ونسوق معنا من » أموالهم ما قدرنا عليه، ومن الحريم والذرية. وليس علينا منهم شيء، وليس « لهم فينا عهد ولا ميثاق(٣) . (١) العلامة عبد الرحمن بن عبيدان الحنبلي الدمشقي، زوائد الكافي والمحرر على المقنع، . الطبعة الثانية، منشورات المؤسسة السعيدية بالرياض، ص ١٨٧(٢) المرداوي: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن . حنبل، ج ٤، ص ٢٠٧(٣) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٩٤ وجاء في ا لمصنف: وقيل في أسير من المسلمين مع المشركين: هل له قتلهم؟ »قال: لا يحل له قتلهم في السر؛ لأنهم قد أمنوه. ولكن إن قدر أن يهرب منهم. فليفعل.  قال أبو عبد الله: ولكن ما دام معهم في طريقهم، ولم يصر معهم في بلادهم، فله أن يجاهدهم عن نفسه. وفي الضياء: ومن سباه المشركون، فله قتلهم وسرقهم. فإن وقع في بلادهم بلا سبي، فله ذلك. وقيل: لا يحل لمسلم كان في يد العدو، ثم قدر على الهرب أن يقيم معهم. فإن خرج بعهد الله، أخذوه عليه، أن يرجع إليهم، فلا يرجع. وإن خرج بأمان، على أن يأتيهم بفداء فقول: يفيء لهم، ويبعث بفداء. وقول: لا يفيء لهم بذلك. وهو أحب إلي . وفي الضياء: وإذا أسر العدو رجلا ً ، فأخذوا منه عهد الله وميثاقه: ألا يهرب، فله أن يهرب. ولا يحل له الوفاء لهم، إن وجد سبيلا ً . وهو قول « الحسن(١) . (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٥٦ - ٢٥٧ ؛ الكندي: بيان الشرع، المرجع ؛ السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٥٤ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٠٧ وللأسير أن يهرب عنهم ولو أعطاهم » : سلمة العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ٤٥٢ . كذلك قيل العهد على عدم هروبه من أنه لا عهد ولا عقد على مكره وما دام في الطريق فله أن يجاهدهم إذا رجى أن تسلم له نفسه ويظفر بهم وله أن يغتالهم ولا أن يقتلهم وليس له الشيخ الرقيشي: كتاب « القيام في دار الحرب لكن له الهروب ويحتال لفداء نفسه منهم . النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٦٨ في ضوء ما تقدم، تحكم القواعد الآتية المسألة قيد ا لبحث(١) : أولا ً أن للأسير الهرب حتى ولو كان قد أعطى آسريه العهد بعدم الهروب، لأن عهده في هذه الحالة عهد مكره، والإكراه ينفي التراضي أو حرية الإرادة. وله عند هروبه أن يأخذ ما يجده من أمواله وأموال المسلمين. ثانيا أن للأسير مقاومة آسريه ما دام في الطريق ولم يدخل بلادهم ً ابتداء أو بعد أسره ثانية، وبالتالي يدافع عن نفسه بكل الطرق. فإذا وصل إلى بلادهم وتم الأسر كاملا ً فلا يجوز له قتلهم لأنهم قد أمنوه. كذلك تعرض الفقه الإسلامي في المذاهب الأخرى لمثل هذه المسألة، .« مسألة خروج الأسير المسلم وهو في أمان من جهة من أسره » حينما بحثوا فقد قالوا إنه يجب عليه احترام ذلك منعا للغدر الذي لا يحبذه الإسلام، ً وإذا دخل مسلم دار الحرب بأمان أو كان مأسورا » : وهكذا يقرر الماوردي ً معهم فأطلقوه وأمنوه لم يجز أن يغتالهم في نفس ولا مال وعليه أن يؤمنهم. وقال داود له أن يغتالهم في أنفسهم وأموالهم إلا أن يستأمنوه كما أمنوه « فيلزمه الموادعة ويحرم عليه ا لاغتيال(٢) . وجاء في المجموع شرح ا لمهذب: (١) وقيل في أسير في يد العدو أمنوه وتركوه في أيديهم على أنه لا » : جاء في بيان الشرع يهرب ولا يخونهم إنه لا يجوز له أن يخونهم في أموالهم ولا يأخذ شيئ ً ا من أموالهم وأما الخروج من أيديهم فذلك له جائز فإن خرج يريد الخروج من أيديهم فذلك له جائز فإن خرج يريد الخروج من أرض الحرب فلحقوه ليردوه إلى أرض الحرب فله حينئذ أن يجاهدهم ويغنم أموالهم إن قدر على ذلك لأن هذا طلب ثان. وأما ما دام في أمانهم . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٠١ « فليس له ذلك أن يغنم أموالهم (٢) . الماوردي: الأحكام السلطانية، المرجع السابق، ص ١٦٠ ٣٣٣ وإن أسر الكفار مسلما وأطلقوه من غير شرط فله أن يغتالهم في النفس » ً والمال لأنهم كفار لا أمان لهم، وإن أطلقوه على أنه في أمان ولم يستأمنوه ففيه وجهان: أحدهما: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه لا أمان لهم لأنهم لم يستأمنوه. والثاني: وهو ظاهر المذهب أنهم في أمانه، لأنهم جعلوه في أمان « فوجب أن يكونوا منه في أمان(١) . وقد تعرضت اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بأسرى الحرب لعام ١٩٤٩ (م ٢١ ) لهذه المسألة. فقررت أنه يجوز إطلاق حرية أسرى الحرب بصورة كلية أو جزئية بناء على الكلمة المعطاة أو وعد منهم on parole or promise بقدر ما تسمح بذلك قوانين الدولة التي يتبعونها. ويتخذ هذا الإجراء بصفة خاصة في الأحوال التي يمكن أن يسهم فيها ذلك في تحسين صحة الأسرى. ولا يرغم أي أسير على قبول إطلاق سراحه مقابل الكلمة المعطاة أو ا لوعد. ويحكم ذلك قاعدتان أساسيتان: الأولى أن على كل طرف في النزاع أن يخطر الطرف الآخر، عند نشوب الأعمال العدائية، بالقوانين واللوائح التي تسمح لرعاياه أو تمنعهم من قبول إطلاق سراحهم مقابل الكلمة المعطاة أو ا لوعد. الثانية أن على أسرى الحرب الذين أطلق سراحهم بناء على الكلمة المعطاة أو الوعد واجب أساسي: الالتزام بتنفيذ الكلمة المعطاة أو الوعد بكل دقة، سواء في مواجهة الدولة التي يتبعونها، أو إزاء الدولة التي (١) . المجموع شرح المهذب، ج ١٨ ، المرجع السابق، ص ١٢٩ أسرتهم. وتلتزم الدولة التي يتبعها الأسرى بأن لا تطلب أو تقبل منهم القيام بأية خدمة لا تتفق مع الكلمة المعطاة أو الوعد الذي أعطوه(١) . ثانيا التقية تكون بالأقوال لا الأفعال حتى بالنسبة للأسير ا لمسلم: ً حتى في حالة الأسر، بما فيها من ضغوط على إرادة الشخص، والتي قد تصل إلى حد تعذيبه أو تهديده بالقتل، فإن الأسير له فقط كأي فرد آخر عند فقهاء الإباضية التقية بالأقوال وليس بالأفعال. فقد جاء في منهج ا لطالبين: وقيل في أسير في أيدي أهل الشرك د » ُ عي إلى النصرانية، وقالوا له: إن َ لم تتنصر قتلناك، ففعل، فأكل لحم الخنزير وشرب الخمر، فإن ذلك لا يحل له لأن التقية تجوز في القول، ولا تجوز في الفعل والعمل. قال الله تعالى: ﴿ XWVUTS ﴾ [ [النحل: ١٠٦ . وقيل: نزلت في عمار بن ياسر لما عذبه المشركون حتى قال: إنه ثالث ثلاثة أعطاهم الكفر بلسانه، وقلبه مطمئن بالإيمان، فأنزل الله عذره. وقيل: إن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من أصحاب رسول الله ژ ، فقال لأحدهما: أتشهد أن محمد ً ا رسول الله ژ . قال الرجل: نعم فخلى سبيله. وقال للآخر: أتشهد أن محمد ً ا رسول الله. قال: نعم نعم ژ . فقال له: أتشهد أني رسول الله. قال: إني أصم، فضرب عنقه، فبلغ ذلك رسول الله ژ . فقال: أما المقتول فمضى على صدقه ويقينه وأخذ بفضيلة فهنيئ ً ا له. وأما الآخر « فقبل رخصة الله فلا تبعة عليه(٢) . (١) . د. أحمد أبو الوفا: النظرية العامة للقانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص ٤١(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٤٩ ثالث ً ا صوم شهر رمضان إذا التبست الشهور على ا لأسير: قد يحجب الأسير عن أخبار العالم، فلا يعرف دقائق الزمان. فما الحل بالنسبة لفريضة صيام شهر رمضان، وهي إحدى أركان الإسلام ا لخمسة؟ من المعلوم أن هناك عدة أقوال في الفقه الإسلامي(١) . وفي الفقه  التحري لشهر رمضان وصومه على » الإباضي قال أبو سعيد: إن على الأسير  معنى التحري له، وليس له إهماله، فان تحرى وصام شهرا على أنه شهر  ً رمضان في التحري ثم صح معه أنه شهر رمضان فلا أعلم في ذلك اختلاف ً ا إلا أنه قد تم صومه. وإن صح معه أنه فاته شهر رمضان وإنما صام بعده على أنه هو. (١) جاء في بيان ا لشرع: قال أبو بكر: واختلفوا في صوم الأسير فكان مالك والشافعي وأبو ثور يقولون: اذا أصاب »شهر رمضان أو شهرا بعده يجزيه ولا يجزئه إن صام قبله، وكذلك قال أصحاب الرأي إذا ً قصد به صيام شهر رمضان. وقد حكى الشافعي وأبو ثور قولا ً ثانيا وهو إن ذلك الصوم يجزيه وإن صام قبله، وشبه ً ذلك الشافعي، بخطأ عرفة وخطأ القبلة، ولا يجزيه ذلك عند أصحاب الرأي إذا صام شهرا ً قبله. وفيه قول ثالث: وهو أن ذلك لا يجزيه بحال حتى يعلم، وعليه القضاء، هذا قول . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٢٠ ، ص ٤١ « الحسن بن صالح وأما » : وبخصوص خطأ عرفة وخطأ القبلة اللذان أشار اليهما الشافعي، يقول أبو سعيد خطأ عرفة فلا أعرف ما عنى بذلك، وأما خطأ القبلة وقد تحرى بخطأ القبلة فأخطأها، فذلك موضع فرضه الذي أوجب الله عليه التأدية له عند حضور الصلاة، وهذا غير اليوم الذي خاطبه الله به وقد أثبت الله عليه عند عدم الصوم له من مرض أو سفر عدة من أيام أخر ليس كذلك في الصلاة في الكتاب والسنة لأن من أعدم أداها بوجه كانت عليه، وأما عرفة فلو أخطأها مخطئ فوقف في غير عرفة لكان يخرج عندي في قول أصحابنا لأنه لا ذات المرجع « حج له، ولو أراد عرفة في قصده لم ينفعه ذلك في معاني قول أصحابنا السابق، ص ٤٢ -.٤٣ ففي بعض القول: إنه يجزيه لأنه قد صام ما يلزمه من البدل ولا يقدر عليه أن يصومه بعينه على حال. وقال من قال: عليه البدل لأنه لم يعتقده هو بعينه ولم يصمه على وجهه فعليه البدل. في معنى الاعتقاد لصحة ذلك اذا عمله ولا يشبه عندي في قولهم أنه يجزيه إذا وافق ذلك قبل رمضان، ولا يشبه في قولهم أنه يجزيه « معنى ا لقبلة(١) . من كان في بلاد الشرك فالتبست عليه الشهور فلم يعرف » : كذلك قيل شهر رمضان فتحرى شهرا يصومه لشهر رمضان أنه إن وافق شهر رمضان ً فصامه أو صام شوال أو صام شهرا غيره من بعده (وفي نسخة من بعد شهر ً رمضان) فقد أجزى عنه لأنه قد صامه أو صام من بعده فقد قضاه وإن كان إنما صام شهرا من قبله مثل شعبان أو غيره فلا يغني عنه، وعليه بدل شهر ً « رمضان(٢) . معنى ذلك أن هناك خلاف ً ا في الفقه الإباضي بخصوص صوم الأسير الذي التبست عليه الشهور، يستند إلى عاملين: الأول عامل زمني: هل صام الأسير شهرا قبل رمضان أو ً بعده؟ والثاني عامل إرادي: هل صادفت نية الأسير شهر رمضان أم قصد صيام رمضان، لكن تصادف صيامه لغيره. (١) . ذات المرجع السابق، ص ٤٢(٢) ذات المرجع، ص ٤٣ . انظر أيض ً ا زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب الإشراف لابن المنذر النيسابوري، ج ٢، ص ٤٩٦ -.٤٩٨   رابع ً ا توكيل الأسيرة من يزوجها لمريدها إن خافت ا لفساد:   وهكذا بخصوص السؤال ا لآتي:  ُِ فيما أحسب أن أخت عمروس لما أخذت أسيرة في عدة نساء فخافت ّ  عليهن الفساد، قامت فأمرت صويحباتها أن توكل كل واحدة من يزوجها  لمن أرادها بسوء، أخذت المعنى، هل هذا عام لمن عندها زوج في دارها أم  هو خاص بالأيم؟ يقول ا لسالمي: لا يمكن ذلك في ذوات الأزواج، ولعلهن كن نساء قلائل واتفق أنهن »  أيامى وع ُ « د ذلك من حسن نظر ا لمرأة(١) .  وقد تعرض الفقه الإباضي للحق في الحماية أو طلب الجوار عند غير  المسلمين(٢) .    (١) . جوابات الإمام السالمي، ج ٤، ص ٤٧٠ (٢) يعتبر الشيخ بيوض خير من كتب عن هذه المسألة في الفقه الإباضي، إذ تعليق ً ا على ما حدث حينما أرسل النبي ژ عثمان بن عفان ƒ إلى قريش أثناء مفاوضات صلح الحديبية، وحينما وصل إليهم حاول البعض منهم الفتك به، ولكن أبان بن سعيد بن العاص بن أمية أجاره، وقال: يا معشر قريش: لقد أجرت عثمان فكفوا عنه، يقول: الجوار قانون معروف ويمضى عليها، وإنما تحفظ في الأذهان، ينقلها الخلف عن ا لسلف، فترعاها ُ الأمة ولا تخالفها. فهذه الأعراف لا يعتمد فيها على الكتابة، وإنما هي قوانين متوارثة محفوظة عمليا يتلقاها الخلف عن السلف، ولها قوة القانون عند الدول المتحضرة، كذلك كان الجوار عند العرب، فلأي شخص عندهم أن يقول: قد أجرت فلان ً ا، يعني دخل في جواري وحمايتي، فلا يجرؤ أحد أن يمسه بسوء. وقد استعمل القرآن الكريم كلمة الجوار في آيات منها قوله تعالى: ... ﴿ ÎÍÌËÊ ﴾ ...[ [المؤمنون: ٨٨ ، فالله تعالى يجير؛ أي: يحفظ ويمنع من يشاء، ولا يجار عليه؛ أي: إذا أراد أحد ً ا بسوء، فلن يستطيع الخلق كلهم منفردين أو مجتمعين أن ينقذوه من بين يديه. ويضيف أيض ً ا: = :ø«ª∏°ùªdG ô«Z OÓH »a áeÉbE’G øe »°VÉHE’G ¬≤ØdG ∞bƒe (Ü  القاعدة في الفقه الإباضي أنه: قد تجوز للمسلمين الإقامة في أملاكهم في المواضع التي لم يأت في »  سكنها حظر من قبل ا لله 8 « (١) .    وبخصوص موقف الفقه الإباضي من الإقامة في بلاد غير المسلمين،   يمكن أن نميز بين اتجاهات أربعة، هي:     = قد يراد بالجوار المعنى المتعارف والمعهود به عند الناس جميعا؛ أي: الساكن بجانب » ً أحد، قال النبي ژ : والجار أحق بصقبه » « أربعون » : (البخاري، حديث رقم ٦٥٧٦ )، وقال  وهذا جوار السكنى وله حقوق في الشريعة الإسلامية .« دارا جار عن اليمين والشمال ً معلومة. كما قد يراد بالجوار الحماية، فقد يأتي إنسان أجنبي إلى قبيلة من القبائل، فيجيره أحد  أفرادها، فيبقى مجارا ممنوع ً ا، لا يستطيع أحد أن يمسه بسوء، وهذا ما فعله النبي ژ ً نفسه لما ق َبل َ جوار ابنته زينب لزوجها أبي العاص بن الربيع، وهو مشرك، وذلك عندما عاد بقافلته من الشام فاعترضه ا لصحابة @ ، فأخذوا قافلته وحاولوا أسره، ولكنه نجا منهم، وذهب إلى زوجته بالمدينة ليلا ً ، ولما أصبح، نادت زينب في صلاة الصبح من فقال ا لنبي ژ للصحابة: أسمعتم ما سمعت؟ قالوا: ،« لقد أجرت أبا العاص » : صفة النساء سمعنا، فقال: لا علم لي بشيء، فأقر جوار زينب، إلا أنه قال لها: لا يقربك لأنه مشرك، ثم بعد ذلك أسلم ورد إليه ا لنبي ژ زوجته، قيل: بالنكاح ا لأول، وقيل: بنكاح جديد. فالجوار إذن مقدس عند العرب؛ ولذلك لما نادى أبان بن سعيد بن العاص: يا معشر قريش قد أجرت عثمان ابن عفان كفوا عنه، فصار آمن ً ا لا يخاف على نفسه شيئ ً ا، إذ الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٩ ، تفسير سورة الفتح، « أصبح في جوار أبان ص ٧٠ -.٧٢ كذلك يقول كعباش إن الاحتكاك بالمجتمع المسلم من قبل غير المسلمين يكون عن الشيخ محمد كعباش: نفحات الرحمن في رياض « طلب الجوار على عادة العرب » طريق القرآن، ج ٥، ص ٤١١ (قاله في معرض تفسيره للآية ٦ من سورة ا لتوبة). (١) . ابن بركة الجامع، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ج ١، ص ٢٠١ ُ ١ الاتجاه الغالب: لا يجوز المقام في أرض غير ا لمسلمين(١) : وهكذا جاء في شرح ا لنيل:  يحكم على من بدار شرك بأحكام المشركين) من براءة وقتل أو جزية )» أو غنيمة وتحريم المناكحة والذبيحة والبلل على ما مر في محال ذلك من التفصيل، (ومن ثم نهي عن السفر إليها والسكون وتوطينها بلا عذر أو حاجة مباحة) لئلا يوجب على نفسه تلك الأحكام ممن يعلمه، أما توطينها ّ فلا عذر فيه إلا من كانت له وطن ً ا قبل كونها دار شرك دخلوها وهو فيها، أو في غيرها، فله البقاء على استيطانها، فإن كونها وطن ً ا له قبل ذلك عذر له، لكن إن كان في غيرها حال دخولهم فلا يحل ّ له البقاء على توطينها عندي إلا إن كان له فيها دار، وأطلق غيري جواز البقاء، وأما السكون فيها فيباح لذلك ولاضطرار إلى كسب ما احتاج إليه ولا بد ّ ، ولا يجد كسبه في غيرها ويباح السفر إليها لذلك ولنقل ِ ماله أو مال غيره منها كان فيه ذلك المال قديما أو حادث ً ا بعطية أو وارث أو غير ذلك ولف َك ّ الأسرى منها ولدعائهم ً « إلى الإسلام ولقتالهم أو عبور سبيل إلى علم أو حج أو غير ذلك(٢) . (١) ضياع الأرض يؤدي إلى ضياع » لأن « التشبث بالأرض » فقد حرص الإباضية على المذهب، لذلك فإذا اضطر الإباضي إلى الاغتراب لضرورة اقتصادية (للعمل مثلا ً ( لا » يسمح له باصطحاب أسرته معه؛ لأن هجرة الأسرة مع رب العائلة يؤدي إلى: ١ هجرة الأرض نهائيا والإقامة في مكان العمل، وبذلك تضمحل التجمعات الإباضية ً من جديد. ٢ ينفقون أموالهم في أماكن غير إباضية، بينما مناطقهم بحاجة إلى هذه الأموال، .« ويحرمون بلدهم وشعبهم من خيرهم د. عبد الرحمن عثمان حجازي: تطور الفكر التربوي الإباضي في الشمال الإفريقي، المكتبة العصرية، بيروت، ١٤٢١ -٢٠٠٠ ، ص ٨٩ -.٩٢ (٢) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٥١ -.٥٥٢ كذلك يقول ا لوارجلاني: اعلم إنه لا يجوز لأحد أن يتخذ دار الشرك وطن » ً ا لقول رسول الله ژ: » ثلاثة من الكبائر خروجك من أمتك، وتبديلك سنتك، وقتالك أهل « صفقتك . ومعنى خروجك من أمتك: أراد بذلك ‰ اتخاذك دار الشرك وطن ً ا، وقوله تبديلك سنتك: رجوعك إلى البادية بعد القرار، وقوله: قتالك صفقتك: قتالك من بايعته بلا حدث. لا » وقال ژ في المسلمين والمشركين: لا تنزل آثارهم دليل على أنه « يجوز مساكنتهم(١) . ويستثني الوارجلاني من ذلك استثناءات ثلاثة يجوز فيها للمسلم الدخول إلى أرض غير المسلمين، وهي(٢) : أولا ً إذا أعطوه أمان ً ا: يجوز لنا السفر إلى بلادهم، إن أمنا أن لا يغدروا بنا » : يقول الوارجلاني .« ولا يجرون علينا أحكامهم ولا يكرهونا على معصية (١) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٩٣ انظر أيض ً ، ا: سيف بن ناصر الخروصي: الإرشاد في شرح مهمات الاعتقاد، ج ٢ ١٤٢٠ - ١٩٩٩ ، ص ١٦٣ ؛ الشيخ سعيد الحارثي: نتائج الأقوال من معارج الآمال ونثر مدارج الكمال، مكتبة الجيل الواعد، ١٤٣١ - ٢٠١٠ ، ج ١، ص ١٨٩ ؛ الشماخي: كتاب . الإيضاح، المرجع السابق، ج ١، ص ٦٤٥ ؛ السعدي: قاموس الشريعة، ج ٣، ص ٢٨٥ وهو اتخاذ دار الشرك وطن » :« خروجك من أمتك » وجاء في شرح النيل بخصوص ً ا لما يجري عليه من الأحكام كسبي، وغ ُن ْ م، وإباحة دم، واسترقاق، وتغيير نسل، وإكراه على . أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ٢، ص ٣٦٤ « مفارقة الدين، وغير ذلك (٢) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٩٣  ثانيا إذا كان ذلك لازم ً ا لتحقيق مصلحة للدولة ا لإسلامية: ً يجوز دخولنا عليهم عيون » إذ ً ا وجواسيس ورسلا ً ، ودعاة إلى الإسلام وإلى الصلح، أو نقض الصلح، أو لأمر يحدث مما للمسلمين فيه فرج .« ومخرج ثالث ً ا إذا كان وطنه قد احتله غير ا لمسلمين: وإن افتتح المشركون بلاد المسلمين، لأن أهل البلاد جائز لهم السكون » معهم وتحتهم، وتجري عليهم أحكامهم، ولا يجوز أحد أن ينزلها وأن يتخذها وطن ً ا من سائر ا لناس. وإن خرج أحد من المسلمين من بلاده من خوفهم، فهو مثل من لم  .« يسكنها قط  ويؤيد  هذا الاستثناء الثالث، ما قاله أطفيش: وأما أهل الشرك فلا يجوز الكون تحتهم بل يجب الخروج عنهم وعدم » الذهاب إليهم، إلا ّ إن تملكوا بلد ً ا هو فيه، فيجوز المقام معهم ما دام يتوصل « ا(١) إلى دينه ولو سر . وقد أكد على ذلك الوارجلاني، بقوله: (١) أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المطبعة العربية، غرداية قسنطينة، ١٤٢٢ - ،٢٠٠١ من وطنه بعمان هل يجوز له أن ينقله إلى » : ص ٣٩٣ ، كذلك بخصوص سؤال ُ زنجبار أو يتخذها وطن ً أجاب ؟« ا ثانيا لما علمت من استيلاء أهل الشرك عليها ً السالمي: ذكر أبو إسحاق رحمة الله عليه أنه لا يجوز استيطان الأرض التي استولى عليها »المشركون إلا إذا كان له وطن من سابق قبل الاستيلاء فله أن يدوم عليه، وهو بخلاف . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٨٩ « الوطن الحادث، والله أعلم  وإن فتح المشركون بلاد » َ المسلمين، فأهل البلاد جائز ٌ لهم الكون ُ معهم وتحتهم، وتجري عليهم أحكامهم، ولا يجوز لأحد أن ينزلها وأن يتخذها وطن ً ا من سائر الناس، وإن خرج أحد ٌ من المسلمين من بلاده من خوفهم فهو مثل من لم يسكنها قط، وإن كان المشركون أهل َ الكتاب كاليهود والنصارى فللمسلمين مخالطتهم ومبايعتهم ومؤاكلتهم، ويأكلون ذبائحهم ُُ « وسمونهم وإقطهم وجبنهم ما لم يظهروا على حرام(١) . ُ ولا جرم أن هذا الاستثناء يرمي إلى: أولا ً المحافظة على الإقليم الإسلامي الذي تم ا حتلاله.  ثانيا بقاء المسلم في ذلك الإقليم، بما يمكنه من مقاومة الاحتلال ً وإعادة الإقليم المحتل إلى دار الإسلام كما كان ذي قبل. (١) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، ج ٣، ص ٧٤ وأخذ بذلك أيض ً ا أطفيش، إذ يقول: وأما إن تغلب المشركون على دار التوحيد وهو فيها، فليس عليه الخروج إلا إن نزع »، أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ٢ « وطنه منها فلا يوطنها بعد، إلا إن رجعت دار توحيد . ص ٣٦٤ كذلك يقول الشيخ بيوض: المعت » َ مد في المذهب والذي عليه الجمهور هو أن البلاد التي غلب عليها سلطان َ المشركين دار شرك، لا دار إسلام، وإن كان مسلموها يظهرون فيها شعائر دينهم، وعليه َُ ُ فلا يجوز توطينها لغير أهلها الذين سبقوا الشرك فيها، وأما أهلها الذين دخل عليهم الشرك فيجوز لهم البقاء فيها واستمرار توطينها ما وجدوا لإظهار دينهم سبيلا ً . ولا تجب عليهم الهجرة منها لأن الهجرة منسوخة بعد فتح مكة أعزها الله، فبلاد الجزائر اليوم بما فيها ميزاب وغيره ككل المستعمرات التي تحكمها الدول المشركة أوروبية وغيرها دار شرك من حيث إنه لا يجوز لمن كان في دار إسلام كعمان أو الحجاز أن يوطنها. أما أن ُ فتاوى الإمام الشيخ بيوض، مكتبة أبي « ينزلها لطلب العلم أو قضاء حاجة فقط فجائز الشعثاء، السيب، ١٤١١ -. ١٩٩٠ ، ص ٨٩ ثالث ً ا تذكير سلطة الاحتلال بأصل الإقليم الذي احتلته، وأنه غريب عليها ومن حق أهله الأصليين، الأمر الذي يجعلها دائما في حالة قلق. ً رابع ً ا إرسال رسالة إلى الشعوب والدول الأخرى مسلمين أو غير مسلمين بمساعدة الواقعين تحت الاحتلال على التخلص منه. خامسا تسليم سلطة الاحتلال بما تواجهه في الإقليم المحتل من ً مقاومة أو ثقافة أو غيرها مما يقودها إلى ترك ذلك ا لإقليم. رابعا ويضيف الفقه الإباضي استثناء رابعا هو حالة الاضطرار إلى ًً المقام في أرض غير المسلمين، وهكذا جاء في قاموس ا لشريعة: قلت له: هل يجوز للمسلم أن يأمن مع المشركين ويقر في بلادهم إذا » أعطوه الأمان ولو كانوا حربا للمسلمين في حالهم ذلك، أم لا يجوز له ً ذلك؟ قال: إذا كان مضطرا إلى ذلك ومحتاجا إليه فلا يضيق عليه ذلك، ً ً « وإلا فلا يبين لي أن يتخذ دار المشركين دارا على سبيل ا لاختيار(١) . ً أمر غير » : كذلك يقول الإمام السالمي إن إقامة المسلم في دار الحرب مشروع؛ بل لا يجوز له أن يتخذها وطن ً ا لما في ذلك من المخاطرة على « نفسه ودينه(٢) . ولعل هذا الاتجاه الذي يرى عدم المقام في إقليم غير المسلمين يستند أيضا إلى ما قاله رسول الله ژ : ً (١) السعدي: قاموس الشريعة، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٢٨٥ . ويضيف أيض ً ا: وأما من أسلم من أهل الشرك وهو مستطيع في بلاده فلا ينبغي له المقام فيها إن استطاع »السبيل إلى ذلك، وأما من لم يستطع سبيلا ً فلا عليه، وواسع له حتى يصيب السبيل، ذات المرجع، ذات ا لمكان). ) « فليصل أمامه ويصوم رمضان (٢) . السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٦١٢ « أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين » ، قالوا: يا رسول الله لما؟ قال: « لا تراءى نارهم » ؛ أي: إلا على حرب؛ كما في رواية(١) . وإذا كان هذا الاتجاه يحظر طلب الملجأ أو المقام لدى غير المسلمين، فمن الطبيعي أنه يبيح ذلك بخصوص الإقليم الإسلامي الذي يخالف مذهبه مذهب الإباضية. جاء في قاموس ا لشريعة: وأما المقام تحت أيدي المخالفين من المحمدية وتحت حكمهم حيث » تجري عليه أحكامهم فواسع له المقام ولو إنه يخشى جورهم ما لم يخف « أن يفتنوه عن دينه، فإن أطاع ولم يفتن عن دينه فلا بأس(٢) .  ٢ الاتجاه القائل بإمكانية المقام في إقليم غير ا لمسلمين: ومن جامع [ابن » : من أنصار هذا الاتجاه الشيخ ناصر بن أبي نبهان جعفر]؛ ويكره أن ينقل الرجل أهله إلى أرض الحرب، وقال بعض: وكذلك إلى الأعراب، قال غيره: عندي؛ أن أرض الحرب هي أرض المشركين مثل بلاد الهند وبلاد الزنج والصين، وما أشبه ذلك من بلدان الشرك الذين ليس بينهم وبين المسلمين ذمة. (١) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٦ - .٢٠٤ ، ١٩٨٦ ، ج ٥، ص ٩٦ وقوله ژ : « لا تراءى نارهما » هو من المجاز اللغوي، راجع سلمة العوتبي الصحاري: كتاب الإبانة في اللغة العربية، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ج ١، ص ١٣٥ ؛ يقول ُ وهذه استعارة، وقد قيل في ترائي النارين قولان: » : الشريف الرضي أحدهما: أن يكون المراد أن المسلم لا ينبغي له أن يساكن المشرك في بلاد فيكون منه بحيث إذا أوقد كل واحد نارا رآه الآخر، فجعل الترائي للنارين وهو في الحقيقة للموقد َ ين. ًُ ْ والأصل في ذلك المداناة والمقابلة. « والوجه الآخر: أن يكون المراد بالنار هنا نار الحرب؛ لأنهم يكنون عن الحرب بالنار الشريف الرضي: المجازات ا لنبوية، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة، ص ٢٦٥ -.٢٦٨ (٢) . السعدي: قاموس الشريعة، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٢٨٥ ومن غيره؛ ويروي عن ا لنبي ژ إنه قال: برئت الذمة ممن أقام مع » « المشركين في ديارهم ، قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان: المراد في ذلك الوقت من زمانه ژ ، وأما في غير زمن الصحابة فمن سكن مع المشركين واتقى الله تعالى فلا يهلك، ولا نعلم في ذلك اختلاف ً ا لقوله تعالى: ﴿ HGFEDC ﴾ [ [غافر: ٢٨ ، هو ساكن مع فرعون يدعي .« الربوبية، وآسية امرأة فرعون ويضيف أيض ً ا: وقال النبي ژ » : البلاد بلاد الله والعباد عباد الله فحيثما أصبت خيرا » ً « فأقم ، قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان: في الحديث عموم ويريد العموم ولم يخص دار كفر ولا دار إسلام، وفي الأول ما فيه نهي عن السكون مع المشركين، وفي هذا إباحة، فصح أن النهي استحباب، وقال :‰ من أقام » « مع المشركين فقد برئت منه ا لذمة ، قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان: يعني إذا حارب المسلمين وحاربهم المسلمون جاز قتله معهم من غير أن يتعمد ُ « لقتله، وما لم يحاربوا فلا إثم عليه(١) . وإذا أقام المسلم في أرض غير المسلمين فعليه مراعاة تعاليم الإسلام وإنفاذها وإقامة شعائره فيها(٢) . (١) السعدي: قاموس الشريعة، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٢٨١ -.٢٨٢ (٢) هل يصح استخدام المساجد بأراض » : وهكذا إجابة على سؤال ٍ يملكها المشركون وفيها حيث ما حل المسلمون لزمهم إظهار » : مسلمون أو يجب ذلك أو يندب؟ يقول السالمي شعائرهم إن أمنوا على أنفسهم ودينهم ومالهم وبناء المساجد من جملة الشعار بل هو من أعظمه، وكذلك الاجتماع والجماعة والأذان ومجالس الذكر ودروس العلوم وتلاوة القرآن، وإن قدروا على أن تكون البلاد كلها على هذا الحال لزمهم ذلك، ولو وجدوا قوة فوقها على إقامة الحدود وإنفاذ الأحكام كان عليهم ذلك، والإسلام يعلو ولا يعلى عليه ومن قال .« غير هذا فقد قصر نظره عن مقاصد الشرع الشريف وانحطت همته عن المنصب ا لمنيف . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ١٤٥ وجاء في جامع ا لبسيوي: وأهل الحرب: كل بلدان الشرك الذين هم ليسوا في طاعة أهل الإسلام؛ » نحو بلاد الهند والزنج ونحوهما، فأما دخولهم إلى المسلمين ودخول المسلمين فبجوار بلا محاربة فيمن أجاره المسلمون فدخل بلادهم وصار آمن ً ا عندهم، وكذلك من أجاره المسلمون منهم، ومن أهل السفينة والبلاد « الذين قدم إليهم فذلك صلح ويكتفى بأمانه(١) . ٣ الاتجاه القائل بكراهية اللجوء إلى ديار غير المسلمين إلا اضطرار ً ا: فقد جاء في منهج الطالبين نقلا ً عن جامع ابن جعفر: ويكره للرجل أن ينقل أهله إلى أرض الحرب أو الأعراب، والأعراب » وأرض الحرب هي أرض المشركين الذين ليس بينهم وبين المسلمين ذمة مثل بلاد الهند والزنج والصين وغيرها من بلدان أهل الشرك. وأما من اضطر إلى بلادهم واحتاج إليها، فلا يضيق عليه الوقوف فيها ولو كانوا حربا للمسلمين، وأعطوه هو الأمان وأمنهم على نفسه وماله، ولم يتخذ ً « بلادهم دار قرار على سبيل ا لاختيار(٢) . قلت له: فهل يكره له (أي للمسلم أن يتجر » : وجاء في قاموس الشريعة في بلادهم ويشتري منهم أو يبيع عليهم من غير اضطرار؟ قال: إذا كان َ « ا(٣) اختيارا منه فأك ْره له ذلك الإقامة في دارهم قليلا ً أو كثير . ًَُ ً (١) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٥٢(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٥٩(٣) السعدي: قاموس الشريعة، ج ٣، ص ٢٨٤ . ويسري ما تقدم على: من أسلم من أهل الشرك وهو مستطيع في بلاده فلا ينبغي له المقام فيها إن استطاع » السبيل إلى ذلك، وأما من لم يستطع سبيلا ً فلا عليه، وواسع له حتى يصيب السبيل، = ٣٤٧ وهذا الاتجاه يتفق مع قاعدتين وضعتهما اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين لعام ١٩٥١ ، وهما: ١ أن اللاجئ هو من ينتقل من إقليم دولة إلى إقليم دولة أخرى، أو هو من وجد خارج البلاد التي يحمل جنسيتها ولا يستطيع أو لا يرغب في حماية ذلك ا لبلد. ٢ أن انتقال اللاجئ إلى بلد آخر يكون بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه ا لسياسية(١) . ولا شك أن ما قاله ابن جعفر يشمل كل هذه ا لأمور. « ولم يتخذ بلادهم دار قرار على سبيل الاختيار » ٤ الاتجاه القائل بجواز الإقامة في دار غير المسلمين ما دام المسلم يأمن على دينه: يقول ا لسالمي: الفرار بالدين واجب في كل زمان، فالطمأنينة في أمكنة الكفار، إنما » تجوز عند سلامة الدين، ولا تجوز عند فساده، ومن اطمأن فيها مع فساد « دينه كان قد آثر الدنيا على ا لدين(٢) . كذلك يقول أطفيش: وتارك الهجرة مشرك ولو أسلم على الصحيح، وقيل: فاسق، والآية » دليل على وجوب الهجرة من موضع لا يصل فيه الإنسان إلى إقامة دينه، = ذات المرجع، ص ٢٨٥ ). انظر أيض ) « فليصل أمامه ويصوم رمضان ً ا الوارجلاني: العدل . والإنصاف، ج ٢، ص ٨٨(١) د. أحمد أبو الوفا: حق اللجوء بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي للاجئين، دراسة . مقارنة، المرجع السابق، ص ٢٩(٢) . السالمي: بذل المجهود في مخالفة النصارى واليهود، الطبعة الأولى، ١٩٩٥ ، ص ٢٥ وهذا مما لا ينسخ، ويندب أن يهاجر ولو أقام دينه بعد نسخ وجوب الهجرة، « وتجب الهجرة قيل من أرض ا لوباء(١) .  ويضيف أيض ً ا: وبعد فتح مكة يجوز لمن أسلم في بلده وهو بلد شرك أن يقيم فيه إن » توصل إلى دينه ولو سرا، وقيل: إن جهرا، وزعم قوم أنه لا بد من الهجرة ًً ولو توصل إليه جهرا، إلا أن قوي المسلمون فيه بحيث يسمى بلد ً « الإسلام(٢) . فإن لم يستطع الإنسان إقامة دينه في ديار غير المسلمين، وجبت الهجرة. لذلك قيل: وإن لم يجد من يعلمه دين الإسلام أو يفتنوه ولو سره ذلك وجبت عليه » الهجرة ﴿ edcba ﴾ [ [النساء: ٩٧ ، ﴿ IHG ﴾ (٣)[ [العنكبوت: ٥٦ . (١) .( أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٣١٥ (النساء: ٩٧(٢) وفي ذات المعنى انظر تفسيره لقوله ،.« العنكبوت: ٥٦ » ذات المرجع، ج ١١ ، ص ٨٥ تعالى: ﴿ ãâá ﴾ [ [الزمر: ١٠ . ، ص ٢٤٧ (٣) وبخصوص سؤال: ما الحكم فيمن نشأ في بيئة ..« الزمر: ١٠ » ٨٥ ذات المرجع، ص ٢٤٧ شرك بعيد ً ا عن العالم الإسلامي: هل يجب عليه رغم ذلك الدخول في الإسلام وهو لم يبلغه؟ أم يسوغ له البقاء على دين آبائه وهو لم يبلغه سواه؟، يقول ا لبكري: لا يستطيع أحد أن يدعي وإن تغلغل في الشرك أو توغل في الجهالة أن الإسلام لم تقم »حجته على جميع الخلائق بعد أن نزل قوله تعالى: ﴿ PONMLK UTSRQ ﴾ [ [المائدة: ٣ .، وبعد قوله تعالى: ﴿ ;:987 ❁ = A@?> ﴾ [٥٥ ، [الذاريات: ٥٤ . وبعد قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ EDCBA ❁ MLKJIHG ❁ O VUTSRQP ﴾[٣ ، [النصر: ١ ، فلن تنفك دعاته عبر القرون ينشرون « دعوته وتعاليمه باللسان والقلم، وتأليف الكتب فيه على اختلاف لغات العالم ولهجاته فتاوى البكري، القسم الأول، تحقيق: داود بورقيبة، مكتبة البكري، غرداية، ص ٥٥ -.٥٧ وهكذا يمكن القول: إن الهجرة من وإلى دار الإسلام مناطها الأساسي أمن الشخص على ممارسة دينه في الدار التي يقيم فيها: فإن أمن فلا التزام بالهجرة، وإن لم يأمن كان له خيار اللجوء إلى ا لهجرة(١) .    (١) يقول ا لشوكاني: واعلم أن التعرض لذكر دار الإسلام ودار الكفر قليل الفائدة جد » ً ا وأن الكافر الحربي مباح الدم والمال على كل حال ما لم يؤمن من المسلمين، وأن مال المسلم ودمه معصومان بعصمة الإسلام في دار الحرب وغيرها، وإن كانت الفائدة هي ما تقدم من كونهم يملكون علينا ما دخل دارهم قهرا، فقد أوضحنا لك هنالك أنهم لا يملكون علينا ً شيئ ً ا، وإن كانت الفائدة وجوب الهجرة عن دار الكفر فليس هذا الوجوب مختصا بدار ً الكفر بل هو شريعة قائمة، وسنة ثابتة: عند استعلان المنكر، وعدم الاستطاعة للقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم وجود من يأخذ على أيدي المنتهكين لمحارم الله، فحق على العبد المؤمن أن ينجو بنفسه ويفر بدينه إن تمكن من ذلك، ووجد أرضا خالية عن التظاهر لمعاصي الله، وعدم التناكر على فاعلها، فإن لم يجد فليس في ً ، الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤ « الإمكان أحسن مما كان . ص ٥٤٧ لا تجب الهجرة من بلد قد فتحه المسلمون، أما » : وجاء في فتح الباري ما يدل على ذلك قبل فتح البلد فمن به من المسلمين أحد ثلاثة: الأول: قادر على الهجرة منها لا يمكنه إظهار دينه ولا أداء واجباته فالهجرة منه واجبة، الثاني: قادر لكنه يمكنه إظهار دينه وأداء واجباته نستحبه لتكثير المسلمين بها ومعرفتهم وجهاد الكفار والأمن من غدرهم والراحة من رؤية المنكر بينهم، الثالث: عاجز بعذر من أسر أو مرض أو غيره فتجوز له الإقامة فإن حمل على نفسه وتكلف الخروج منها أجر، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري شرح . صحيح البخاري، المرجع السابق، ج ٦، ص ٢٠٢ ورد ً ا على اتجاه في الفقه الإسلامي يقضي بوجوب الهجرة عن دار الفسق قياسا على دار ً الكفر، يقول الشوكاني إن هذا قياس مع الفارق والحق عدم وجوبها من دار الفسق لأنها دار الإسلام وإلحاق دار الإسلام بدار الكفر بمجرد وقوع المعاصي فيها على وجه الظهور الشوكاني: نيل الأوطار، المرجع السابق، « ليس بمناسب لعلم الرواية ولا لعلم الدراية ج ٨، ص ٢٧ . راجع أيض ً ا د. أحمد أبو الوفا: العلاقات الدولية في السنة النبوية، دار النهضة العربية، القاهرة، ص ١٣٢ -.١٣٣ أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٣٥٠ يتضح مما تقدم أنه وفق ً ا لاتجاه في الفقه الإباضي يمكن للمسلم أن يقيم في ديار غير المسلمين ما دام آمن ً ا على نفسه وماله ودينه. يقول الرحيلي: وإذا كانت هذه الدار على ما وصفنا من شأنها دار كفر، ودار فسق، » وضلال لم يجز لأحد دخولها، ولا المقام بها مع وجود السبيل إلى دار ليس هذا الاسم لها، ولا الحكم على أهلها ما لم يكن معتصما بذمة أو ً أمان ممن بها بغير الإظهار لتصويبها؛ لأنه حينئذ يكون مدخلا ً لنفسه بذلك فيما يجب من الاسم، والحكم على أهلها، وفيما يكون به عاصيا لربه من ً تصويب ما دانوا من الكفر، والفسق به، وإن كان مكره ً ا على ذلك؛ لأنه « يجد السبيل إلى الخروج عنها إلى بلد غير محمول ذلك عليه فيه(١) . (١) . الرحيلي: أسماء الدار وأحكامها، دار البصائر، القاهرة، ص ٥٥ كذلك يقول ا لناظم: ولا يجوز سفر لدار شرك وكان دون ما ا ضطرار وإن يكن يضطر للسكون فيها فمعذور بغير مين كما إذا سبوه أو قد أجبرا على سكونها بوجه قدرا جاز له سكونها خوف ً ا على هلاكه وما هناك حصلا وجاز أن ألجاه الاضطرار لمكسب سببه اتجار لكنه لا ينكحن بها.... ولا يوطن فيها فالتسري حظلالأن ذاك من دواعي الوطن لذاك نمنعه من ذا السكن قد أتى للحسن البصري قول وليس ذاك بالمرضي يقول دار الشرك جاز توطن ما تركوه وله لم يفتنوا ولا أحب ذاك إذ قد يلزم عليه أمر عندنا محرم من ذاك تنشيط لسوق الكفر ودعوة للغير قطع ً ا فادر وإنه في سياق الوعيد يدخل في الكفر بلا تفنيد وحق دار المشركين تهجر ومن جوارها أخي ننفر الشيخ سالم السيابي: كتاب إرشاد الأنام في الأديان والأحكام، ص ٢٨٤ -.٢٨٥ وأما الهجرة من دار الكفر فنجد أن من الزيدية من أوجبها وهم » : وفي الفقه الزيدي قيل = وإن كان ثمة اتجاه قوي أيضا في الفقه الإباضي ينادي بعدم الإقامة في ً ديار غير ا لمسلمين(١) . = جمهور الأئمة، كالإمام الهادي، والإمام القاسم، والإمام الناصر الأطروش يوجبونها إلا لمصلحة دينية يرجها، إما لإرشاد بعض أهلها وإنقاذهم من الباطل، فإذا غلب في ظنه أن في إقامته حصول الهدى لكلهم أو بعضهم ولو واحد  ً :« شرح الأزهار » ا جاز له، بل ذكر في أو كان في إقامته مصلحة يعود نفعها للمسلمين، أو كان مهاجرا لعذر « بل لا يبعد وجوبه » ً كالمرض أو الحبس أو خوف السبيل، بل أضاف الفقيه النجري في تخريجه للمذهب: أو كان معذورا لكبر أو عاهة أو تكسب أو تستوي الدور كلها في ذلك الوقت، أو لا يمكنه ً .« الانفراد عن الناس وسكون ا لجبال وأما الإمام المؤيد بالله فإنه لم يوجب الهجرة طالما استطاع المهاجر إظهار الشهادتين وإقامة الصلاة ولم يمنع من أي فريضة، ولم يحمل على أي معصية. الشيخ عبد الله العزي: فقه العيش في المذهب الزيدي، ندوة رؤية العالم والعيش فيه، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطة عمان، ١٤٣٤ -. ٢٠١٣ ، ص ٩٨ ُ (١) يعد الونشريسي أيض ً ا من أشد من يناصرون مثل هذا الاتجاه. وهكذا بخصوص من هاجر من الأندلس إلى المغرب ثم أراد الرجوع إلى الأندلس مرة أخرى، يقول: وإذا تقرر هذا فلا رخصة لأحد ممن ذكرت في الرجوع ولا في عدم الهجرة بوجه ولا »حال وإنه لا يعذر مهما توصل إلى ذلك بمشقة فادحة أو حيلة دقيقة بل مهما وجد السبيل إلى التخلص من ربقة الكفر وهو لا يجد عشيرة تذب عنه وحماة يحنون عليه ورضي بالمقام بمكان فيه الضيم على الدين وما ذكرت عن هؤلاء المهاجرين من قبيح الكلام وسب دار الإسلام وتمنى الرجوع إلى دار الشرك والأصنام وغير ذلك من الفواحش المنكرة التي لا تصدر إلا من اللئام يوجب لهم خزي الدنيا والآخرة وينزلهم أسوأ المنازل فالواجب على من مكنه الله تعالى في الأرض ويسره لليسرى أن يقبض على هؤلاء ويرهقهم العقوبة الشديدة والتنكيل المبرح ضرب ً ا وسجن ً ا متى لا يتعدوا حدود الله تعالى لأن فتنة هؤلاء في الأمة أشد ضررا من فتنة الجوع والخوف ونهب الأنفس والأموال ً « وذلك أن من هلك هنالك وإلى رحمة الله تعالى وكريم عفوه ومن هلك دينه فإلى لعنة الله وعظيم سخطه فإن محبة الموالاة الشركية والمساكنة النصرانية والعزم على رفض الهجرة والركون إلى الكفار والرضا بدفع الجزية ونبذ العزة الإسلامية والطاعة الإلهية والبيعة السلطانية وظهور السلطان النصراني عليها وإذلاله إياها بفواحش عظيمة مهلكة قاصمة الظهور يكاد أن = »fÉãdG åëѪdG ΩÓ°SE’G QGO »a ÖfÉLCÓd »fƒfÉ≤dG ™°VƒdG نشير إلى إقامة الأجنبي في دار الإسلام وطرده منها، ثم نعرج إلى دراسة تفصيلية لبعض طوائف ا لأجانب. ونخصص لكل مسألة من هذه المسائل الثلاث مطلبا. ً ∫hC’G Ö∏£ªdG ΩÓ°SE’G QGO »a »ÑæLC’G áeÉbEG نشير إلى هذه المسألة في الإسلام بصفة عامة، ثم نبحثها في الفقه الإباضي. :ÖfÉLC’G øe ΩÓ°SE’G ∞bƒe (CG يقبل الإسلام وجود غير مسلمين فوق أراضيه، سواء كانوا مستأمنين أو من أهل ا لعهد(١) . ونشير إلى المبدأ العام، ثم إلى مرسوم للسلطان قلاوون. = ذكره الشيخ محمد الشاذلي النيفر: التجنس بجنسية غير « يكون كفرا والعياذ بالله تعالى ً ١٤١٠ ، إسلامية، مجلة المجتمع الفقهي الإسلامي، عدد ٤ - ١٩٨٩ ، ص ٢٠٨ - .٢٠٩ (١) فرق الماوردي بين أهل الذمة وأهل العهد بالنظر إلى طبيعة إقامة كل منهما في دار الإسلام، وهل هي دائمة أم مؤقتة، فيقول: فأما أهل الذمة، فهو المستوطن، ولا يجوز استيطانهم إلا بجزية إذا كانوا أهل كتاب، أو »شبهة كتاب. وأما أهل العهد، فهو الداخل إلى بلاد الإسلام بغير استيطان، فيكون مقامهم مقصورا على ً مدة لا يتجاوزنها، وهي أربعة أشهر لقول الله تعالى: ﴿ ,+ - /.﴾ [ [التوبة: ٢ . فأما مدة سنة، فلا يجوز أن يقيموها إلا بجزية، وفي جواز إقامتهم بغير جزية فيما بين أربعة أشهر وبين سنة قولان: = ١ المبدأ ا لعام: لم يخل المجتمع الإسلامي والدول الإسلامية من غير المسلمين في أي عصر من العصور، ولا شك أن ذلك دليل على أن الإسلام لا يكره الناس على إتباعه، ولا يمنع بالتالي المسلمين من المعيشة المشتركة فوق إقليم واحد مع مخالفيهم في العقيدة والدين. ذلك أن دار الإسلام لم تضق بغير المسلمين بل وسعتهم وفتحت أبوابها على مصراعيها لهم، كما أباحت لهم كما سنرى وضعا قانونيا فريد ً ا. وقد أدى ذلك إلى وجود قواعد ًً قانونية ذات طبيعة خاصة بهم في كتابات فقهاء ا لمسلمين (١) . والقاعدة أن الدولة الإسلامية تملك سلطة تقديرية في قبول من يريد بمعنى « مقيدة » الدخول إلى إقليمها إلا في حالة واحدة تصبح هذه السلطة أنه يجب إجابته إلى طلبه دخول دار الإسلام، وهي تلك التي قررها قوله تعالى: = أحدهما: يجوز، لأنها دون السنة كالأربعة. والقول الثاني: لا يجوز، لأنه فوق الأربعة كالسنة وسواء كانوا من أهل الكتاب، أو لم راجع المارودي: الحاوي الكبير، دار الفكر، بيروت، ١٤١٤ « يكونوا . ص ٣٩٢ - ، ١٩٩٤ ، ج ١٨ (١) بل يذهب البعض إلى القول إن ذلك أدى إلى بزوغ القانون الدولي العام حتى قبل أن بصدد أهل » يفكر في ذلك جروسيوس بزمن بعيد، وهكذا يقول البروفيسور ماسيجنون :« الذمة «C’est l’existence de cette… categorie d’hommes libres qui a provoqué, en Islam, la naissance d’un embryon de Droit international public chez ses canonistes fondamentalistes, bien avant que Grotius y songe en chretienté». L. Massignon: Le respect de la persone humaine en Islam, Rev. inter. de la croix rouge, 1952, p. 45. ويقرر آخرون أن قانون السلام في الإسلام يشمل جزءين: non «Le traitement des sujets musulmans et les relations avec les Etats étrangers» (Economidis: Guerre et paix en Islam, op. cit, p. 149). ﴿ ¸¹º ÃÂÁÀ¿¾½¼» Ä ﴾ [ [التوبة: ٦ . فإذا ما تم قبول الأجنبي من جانب الدولة الإسلامية، لأي سبب، فإنه يتمتع بالوضع القانوني الذي قررته الشريعة نفسها: احترام نفسه، وماله، وأهله، وعرضه... إلخ(١) . ويلاحظ أنه حتى في عهد النبي ژ كان المسلمون يتعرضون لمنع الدخول في أماكن معينة وفي أزمنة محددة(٢) . تجدر الإشارة أن فقهاء المسلمين تعرضوا باستفاضة إلى مسألة قبول غير المسلم فوق إقليم الدولة الإسلامية، وهل يشترط لذلك الحصول على إذن أم لا؟ وقد وضعوا لذلك قواعد معينة، منها عدم جواز دخولهم إلا بإذن (١) يقرر رأي: كان الأجنبي قبل الإسلام غريبا عن القبيلة لا يقبل فيها، إلا أنه كان يتمتع بحق الضيافة » ً الذي كان وما زال من شيم العرب... ثم جاء الإسلام وقضى على هذا المفهوم البدائي د. فؤاد « وأزال العصبية الجاهلية واضعا في آيات بينات قواعد دينية وحقوقية في آن واحد ً شباط: المركز القانوني للأجانب في سورية. مطبعة جامعة دمشق ١٣٨٤ - ، ١٩٦٥ ، ص ٨ ويؤكد آخرون: ويبين مما سبق أن رعايا الدول غير الإسلامية يجوز لهم القدوم للدولة الإسلامية متى »حصلوا على الأمان سواء تم ذلك في ميدان الحرب أم في وقت السلم، وأما الموادعون .« فحقهم في ذلك ناشئ من المعاهدة ذاتها (بدر الدين شوقي: مركز الأجانب بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي الخاص المصري، رسالة دكتوراه، كلية الشريعة والقانون، ١٩٧١ ، ص ٧٢ ) وانظر بخصوص أهل الذمة وحقهم في التنقل في كل بلاد الإسلام إلا ما منعوا منه، أو لم يأذن لهم الإمام، في د. محمد سيد عامر: عقد الذمة، أحكامه وآثاره في الفقه الإسلامي، رسالة دكتوراه كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، القاهرة ١٣٩٩ -. ١٩٧٩ ، ص ١٧٥ (٢) من ذلك ما ذكره وفد عبد القيس حينما وفدوا على النبي ژ فقالوا له: إنا هذا الحي من »ربيعة قد حالت بيننا وبينك كفار مضر ولسنا نخلص إليك إلا في الشهر الحرام صحيح . البخاري: دار الشعب، القاهرة، ج ٢ واستثنوا من ذلك في بعض الأحوال الرسول والتاجر الذي يحمل ميرة للمسلمين إليها حاجة(١) . حري بالذكر أن غير المسلمين يخضعون في حدود معينة لنظام الدولة الإسلامية ويجري عليهم أحكامها بالقدر الذي تقرره قواعد الشريعة(٢) . :« مرسوم السلطان قلاوون » ٢ حقوق الأجانب في دار الإسلام جاء في نص المرسوم الذي أصدره الملك المنصور قلاوون سنة ٦٨٤ ه بتقليد ابن المهذب رئاسة ا ليهود: فنحن بحمد الله معتنون بمصالح الرعية وإن اختلفت مللهم وآراؤهم، » وتفرقت مذاهبهم وأهواؤهم... نحمل كل أمة على شرعها، ونسلك بها سبل (١) راجع د. أحمد ابو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في .« مبدأ ا لتراضي » شريعة الإسلام، الجزء الخاص بالقانون الدبلوماسي الإسلامي (٢) من المعلوم أن هناك نزاع ً ا مشهور ً ا بين العلماء بخصوص وجوب الحكم بين المعاهدين من أهل الحرب: كالمستأمن، والمهادن، الذمي، فقد قيل: ليس بواجب، للتخيير، وقيل: بل هو واجب والتخيير منسوخ بقوله: ﴿ «ª ¬¯® ° ﴾ [ [المائدة: ٤٩ في هذا الصدد يدلي ابن تيمية بدلوه أيض ً ا فيقول: حقيقة الآية: إن كان مستجيبا لقوم آخرون لم يأتوه، لم يجب عليه الحكم بينهم، » ً كالمعاهد: من المستأمن وغيره، الذي يرجع إلى امرأته وعلمائه في دارهم. وكالذمي الذي إن حكم له بما يوافق غرضه وإلا رجع إلى أكابرهم وعلمائهم، فيكون متخيرا بين الطاعة ً لحكم الله ورسوله، وبين الإعراض عنه، وأما من لم يكن إلا مطيعا لحكم الله ورسوله، ً ليس عنه مندوحة، كالمظلوم الذي يطلب نصره من ظالمه، وليس له من ينصره من أهل دينه، فهذا: ليس في الآية تخيير، وإذا كان عقد الذمة قد أوجب نصره من أهل الحرب انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام .« فنصره ممن يظلمه أهل الذمة أولى أن يوجب ذلك ابن تيمية، مطابع الحكومة، الرياض، ج ٢٨ . ص ١٩٧ - انظر أيض .«١٩٨ ً ا تفصيلات أكثر حول هذه المسألة (لاحق ً ا). أصلها وفروعها، ونعتمد حفظ زمامها وإبقاء ناموسها، والمحاماة عن رئيسها ومرؤوسها، ونساوي في المعادلة بين قويهم وضعيفهم، ونساهم في الحق « بين شريفهم ومشروفهم(١) . ولا شك أن المرسوم السابق يبين بجلاء مبدأ استقر عليه القانون الدولي المعاصر من ضرورة التسوية في الحقوق الأساسية بين المواطنين والأجانب. :á«°VÉHE’G óæY ÖfÉLC’G ∫ƒÑb (Ü نشير إلى المبدأ العام، وقول للإمام ابن بركة، وما هو مطبق فى سلطنة عمان. ُ ١ المبدأ ا لعام: عرف الإباضية وجود غير مسلمين بين ظهرانيهم، يدل على ذلك تعرضهم فى معاملاتهم وكتابات فقهائهم للوضع القانوني لمن لا يدين بالإسلام(٢) . (١) النص في د. محمد ماهر حمادة: الوثائق السياسية والإدارية للعصر المملوكي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٣ -. ١٩٨٣ ص ٣٥٧ (٢) من خير من عبر عن دخول الأجنبي إلى دار الإسلام، الإمام أبو يوسف، حيث يقول: وسألت يا أمير المؤمنين عن رجل من أهل الحرب يخرج من بلاده يريد الدخول إلى دار »الإسلام فيمر بمسلحة من مسالح المسلمين على طريق أو غير طريق فيؤخذ فيقول خرجت وأنا أريد أن أصير إلى بلاد الإسلام أطلب أمان ً ا على نفسي وأهلي وولدي، أو يقول إني رسول يصدق أو لا يصدق؟ وما الذي ينبغي أن يعمل به في أمره؟ قال أبو يوسف: فإن كان هذا الرجل الحربي إذا مر بمسلحة مر ممتنعا منهم لم يصدق ً ولم يقبل قوله، وإن لم يكن ممتنعا منهم صدق وقبل قوله. فإن قال أنا رسول الملك ً بعثني إلى ملك العرب، وهذا كتابه معي، وما معي من الدواب والمتاع والرقيق فهدية إليه = وللأجنبي فوق إقليم دار الإسلام حقوق كثيرة تتمثل فى احترامه في جسده وماله وأسرته المصاحبة له(١) ، بشرط أن يكون قد دخل دار الإسلام بطريقة مشروعة. فإذا دخل الأجنبي بطريقة غير مشروعة، خصوصا من غير أمان، أو ً بدون موافقة سلطات الدولة الإسلامية، ففي هذه الحالة يتم التعامل معه بطريق أخرى، وليس لهم حرمة إذا كانوا حربيين، وبالتالي لن يكون لهم ولا لأموالهم ا حترام. لا يجوز على غير الرضى الواسع أخذ » : قال الشيخ جاعد بن خميس أموال الإفرنج من المشركين حتى يكونوا حربا للمسلمين ومع ذلك فيحل ً نزعها جبرا ولا يجوز أخذها قسرا، ويكون الخمس فيما أصيب منها بالحق ًً « غنيمة في سرية إمام عادل أو جاء في ا لأصل(٢) . كذلك بخصوص سؤال عن أهل الشرك إذا دخلوا بغير أمان في المصر، هل يجوز أن يؤخذ من أموالهم بالاحتيال من غير أن يقاتلوا على الإسلام؟ وهل فرق إذا احتال لأخذ أموالهم أحد في دارهم؟ وما معنى ما يوجد في = فإنه يصدق ويقبل قوله إذا كان أمرا معروف ً ا، فإن مثل ما معه لا يكون إلا على مثل ما ذكر ً من قوله إنها هدية من الملك إلى ملك العرب ولا سبيل عليه ولا يتعرض له ولا لما معه من المتاع والسلاح والرقيق والمال، إلا أن يكون معه له خاصة حمله للتجارة فإنه إذا مر به على العاشر عشر، ولا يؤخذ من الرسول الذي بعث به ملك الروم ولا من الذي قد أعطى أمان ً ا عشر إلا ما كان معه من متاع التجارة فأما غير ذلك من متاعهم فلا عشر .« عليهم فيه أبو يوسف: كتاب الخراج، المطبعة السلفية، القاهرة، ص ٢٠٣ -.٢٠٤ (١) انظر لاحق ً ا. (٢) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، . ج ١٤ ، ص ٢٥٢ السير أن أحد ً ا من المبايعين للنبي ژ يوم العقبة أخذ نعلا ً للمشركين وعد َ ذلك من غنيمة أموالهم، يقول ا لسالمي: إذا كان أهل الشرك حربا للمسلمين وجب أن يؤخذوا من كل جهة، » ً وأن يقعد لهم كل مرصد وحل أخذ أموالهم بالسلب والاحتيال لكل قادر عليهم من المسلمين، فيكون ما أخذه غنيمة، وقد أجاد الشيخ محمد بن خميس البوسعيدي 5 في تخريج هذه المسألة، وهو ممن كان في عصر الشيخ ناصر بن أبي نبهان فإنه قال: إذا بلغ أحد من المسلمين دعوة الإسلام عظماء أهل بلد من المشركين فلم يجيبوه إن أموال أهل الشرك من تلك البلد جائز أخذها، وحلال أكلها لجميع المسلمين، ولو لم تقع بينهم منابذة حرب، ومن قدر على أخذ تلك الأموال جهرا أو ا ختلاسا فهي له حلال، ًً فحينما وجدت أخذت، وكذلك أخذت أطفالهم، ونساؤهم إن كانوا من مشركي العجم فجائز سباؤهم ولو بسرقة واختلاس، وليخرج منها الخمس « للفقراء والمساكين(١) .  ٢ الأجانب عند الإمام ابن بركة: (تأكيده على مبدأ خضوع الأجانب لإمام دار ا لإسلام). (١) وقد يخرج عندي فيه قول آخر أنها له رغد » : ويضيف الإمام السالمي ً ا لأن المسلمين قالوا إنما الغنيمة بعد الهزيمة، قال والذي حفظناه عن أبي الحوار أن أموال المشركين جائز أخذها وحلال أكلها لمن قدر عليها بأي وجه أخذها بعلم من المشركين أو بغير علم منهم، ولو لم يكن بينهم وبين المسلمين منابذة حرب إلى أن قال: أو ما ترى أن المسلمين قالوا في كنوز الجاهلية هي لمن وجدها، ويخرج منها الخمس، لأنها من أشياء المشركين، ولم يفرق في ذلك بين غني وفقير، هذا حاصل كلامه وهو الحق، وإن خالفه .« الشيخ ناصر بن أبي نبهان ، السالمي: نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤ ص ٣٧٣ -.٣٧٤ يعد هذا المبدأ أهم المبادئ الخاصة بالمركز القانوني للأجانب فوق إقليم دولة ما. يقول ابن بركة: وكذلك وجوب طاعة الإمام على الغرباء الذين يقدمون عليه من غير » مصره ولا يحتاجون إلى معرفته بالبينة العادلة، بل يعلمون أنه إمام بالقلنسوة بين الناس، وإنفاذ الأمر واجتماع الناس عليه، والعلم يقع له بذلك، وتجب معرفته عندهم بالدليل من قلوبهم، فهذا دليل على أن العلم يقع على « الإنسان بما يدل عليه قلبه، وتسكن إليه نفسه(١) . ولنا على هذا القول الفصل لابن بركة الملاحظات ا لآتية: أولا ً: أنه أرسى قاعدة مستقرة في القانون الدولي المعاصر، مقتضاها أن من يقيم فوق إقليم دولة ما يكون خاضعا لاختصاصها، ويمثل ذلك تطبيق ً ا ً « الولاية الشخصية » مخلصا لشمول Ratione personae jurisdiction للدولة كل ً الأشخاص المقيمين فوق أراضيها، سواء كانوا مواطنين أو أجانب. ثانيا: أنه أكد على الطبيعة العرفية لتلك القاعدة، الأمر الذي يعني أن ً سريانها وتطبيقها يتم دون حاجة إلى وجود نص مكتوب ترتبط به الدولة أو الأجنبي الداخل لأراضيها. ومن الأمور المعلومة بالضرورة أن العرف مصدر للتشريع دوليا وداخليا وفق ً المعروف عرف » : ا للقواعد الأصولية ً ا ًً كالمشروط شرط ً أي: ؛« العادة محكمة » ،« الثابت بالعرف كالثابت بالنص » ، ا .« يحتكم إليها ويرتكن عليها في بيان الحكم واجب ا لاتباع (١) ابن بركة: كتاب التعارف، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٩٨٤ ، ص ١٨ . وجاء في ُ بيان الشرع أن من الأمور المعروفة من أبواب الشرع بسكون القلب والتعارف وغلبة الظن: وجوب طاعة الإمام على الغرباء الذين يقدمون من غير موضعه، راجع الكندي: بيان ُ الشرع، ج ٦٥ -. ٦٦ ، ص ٨٦ وقد أفاض ابن بركة في بيان تلك الطبيعة العرفية، يكفي أن نذكر هنا: • أنه لما كان العرف يفترض اطراد وتواتر السلوك، فإن معنى ذلك أن أوجه التصرفات التي لا يتوافر فيها ذلك لا تعد عرف ً ا، بل هي من الأمور النادرة التي ينطبق عليها قول ابن بركة إن: « النادر لا يعتمد عليها، ولا يحتج به »(١) • أن ما تجري به العادة يجب اتباعه، والعكس صحيح. يقول ابن بركة:  فلما كان لم يجز لغيرنا أن نجوز ما لم تجر به العادة جاز لنا استعمال »  « ما جرت به ا لعادة(٢) . بل يقول ابن بركة أن إتباع ذلك هو مما تعبد به الله تعالى عباده، وهكذا ّ يقول: فالإصابة عندي على هذا الوجه من الاجتهاد دون الطلب، لأن من » اجتهد بغير علم فقد أصاب، فهذا باب يتعلق بغير ما قصدنا إليه من هذا الكتاب، غير أن العلم يتعلق بعضه ببعض، ويدل أيض ً ا أن الله تعالى تعبد عبادة بما يتعارف فيما بينهم، ويتجاوزنه فيما جرت به عاداتهم ما لم يقم على تحريمه دليل من كتاب أو سنة أو إجماع من الأمة، لأن جواز ذلك ُ « حسن في ا لفعل(٣) . ويضيف أيض ً ا: وهذه أشياء تعرف بالدليل فى القلب، وسكون النفس بها يجري بها » « في العادة بين الناس ونحو هذا ما يعرفه الناس من جوازه(٤) . (١) . المرجع السابق، ص ١٥(٢) . ذات المرجع، ص ٥٤(٣) . ذات المرجع، ص ١٤(٤) . ذات المرجع، ص ٢٤ ثالث ً ا: غير » وهي في نظرنا أفضل من لفظة « الغرباء » أنه استخدم لفظة فهي لفظة محايدة يمكن أن تنطبق على طوائف من الأشخاص :« المسلمين كثيرين، منهم: الأشخاص الذين يدينون بدين الإسلام؛ أي: المسلمون الذين ويمكن أن نطلق على » يأتون من بلاد إسلامية أخرى غير البلد الذي يدخلونه وأيض .« هؤلاء، غرباء المكان مع كونهم يدينون بشريعة الإسلام ً ا غير المسلمين، كالمستأمن أو الذمي، الذي يحضر إلى دار الإسلام لتجارة أو رسالة أو لطلب .« ونطلق على هؤلاء غرباء المكان والدين » أمان أو لعقد ذمة أو غيرها رابعا: كمبدأ ضابط لتصرفات الأفراد « إقليمية القانون » أنه أكد مبدأ ً مواطنين وأجانب الذين يقيمون فوق إقليم دولة ما، ولا جرم أن هذا المبدأ هو أيضا من المبادئ المستقرة في النظم القانونية ا لمعاصرة. ً مما تقدم يمكن القول إن على الأجنبي في مقامه في دار الإسلام أن يراعي ما تعارف(١) عليه الناس وما هو معلوم بالضرورة من القواعد المرعية بخصوص ا لأجانب. يقول ا لنزوي: الناس على تعارفهم جائز في كل ما يبيحونه بينهم ويبيحون به أنفسهم » للمسلم أن » علة ذلك أن ،« وذلك سكون القلب فيعمل به كما يعمل باليقين « يعمل بما تسكن إليه نفسه (٢) . (١) قيل إنه يوجد فرق بين العرف والاستدلال: وأما ما ذكرت من السؤال عن الفرق بين التعارف والاستدلال فعندي أن الاستدلال يقع »معلوم من الأشياء التي تباح بين « هو » على خاص من الناس والتعارف أعم منه كما الناس وهما من واد واحد يسقيان بماء واحد في المعنى والحكم وإن افترقا في الخصوص .« والعموم والإثم وكلاهما مأخوذ من طمأنينة النفس وسكونها في ذلك على رضا ا لمالك . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ٩، ص ٢٨٢ (٢) النزوي المصنف، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٣ - ، ١٩٨٣ ، ج ١٨ = ُ ولعل ذلك يعد ا نعكاسا أيضا لقاعدة معروفة في الفقه الإباضي، وهي: ًً وكذلك .« ما ليس له ضابط في الشرع ولا في اللغة فمرده إلى العرف » « ا(١) المعروف عرف » : قاعدة ً ا كالمشروط شرط ً . كذلك قالت المحكمة العليا في سلطنة عمان: ُ « العادة محكمة والعبرة بالعرف ما لم يتعارض مع الشرع والقانون »(٢) .  يقول ا لناظم: ٍ (٣) وكل شيء فله حد ع ُ رف ْ قرره ا لشرع ُ كما روى ا لسل َف ْ  ٣ إقامة الأجنبي وفق ً ا لقانون إقامة الأجانب في سلطنة ع ُمان: يعتبر » : على أن « مادة ٢ » ينص قانون إقامة الأجانب في سلطنة عمان ُ .« أجنبيا في تطبيق أحكام هذا القانون كل شخص لا يحمل الجنسية ا لعمانية ًُ  ويتضمن القانون العديد من القواعد بخصوص الأجانب، منها: = ص ٣٦ - ٣٧ . راجع أيض ً ا بخصوص التزامات الأجنبي في الفقه الإسلامي، د. عبد العزيز سمك: حقوق الأجنبي والتزاماته في الفقه الإسلامي، المرجع السابق، ص ٢٤٤ -.٢٦١ (١) بل توجد عندهم العديد من القواعد الفقهية، ومنها: الإذن العرفي كالإذن ا للفظي. الثابت عادة كالثابت نصا. ً العادة تعتبر إذا ا طردت. العادة محكمة. العبرة للغالب (فالعرف النادر لا عبرة له). ٧٠٣ ،٢٠٧ ، معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٢٠٤ - ، ٧٣٢ ، ج ٢ ،٧٠٤ .١٣٦٨ ، ص ١٢٧٧(٢) ٢٠٠٣ ، سلطنة عمان، /١٢/ مجموعة الأحكام الصادرة عن دوائر المحكمة العليا، لغاية ٣١ ُ . المحكمة العليا، المكتب الفني، مسقط ٢٠٠٤ ، ص ٣٢٦(٣) الشيخ سالم السيابي: كتاب إرشاد الأنام فى الأديان والأحكام، ص ٢٨٦ -.٢٨٧ أولا ً النص على سريانه على الأجانب الموجودين في السلطنة بخصوص دخولهم وخروجهم منها وإقامتهم فيها. ثانيا مثل » استثناء بعض الطوائف من كل أو بعض أحكام القانون ً رؤساء الدول الأجنبية، والدبلوماسيين والقناصل المعتمدين لدى السلطنة، .« ومواطنو دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.. إلخ ثالث ً ا النص على الغرامات تقع على عاتق الأجانب فيما يتعلق بالدخول إلى أو الخروج من ا لسلطنة(١) . (١) .«٩٥/ رقم ١٦ » نذكر ما يلي أهم نصوص قانون إقامة الأجانب في سلطنة عمان ُ مادة ( ٣): مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقات الدولية التي تكون السلطنة طرف ً ا فيها يخضع الأجانب لأحكام هذا القانون بشأن دخولهم السلطنة وإقامتهم فيها وخروجهم منها. مادة ( ٤): يستثنى من كل أو بعض أحكام هذا القانون الفئات ا لآتية: ١ رؤساء الدول الأجنبية وأعضاء أسرهم وحاشيتهم. ٢ رؤساء وأعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية الأجنبية والهيئات الدولية المعتمدون لدى السلطنة والملحقون والإداريون والفنيون وعائلاتهم والأشخاص التابعون لهم، وكذلك الوفود الرسمية إذا كانوا يحملون جوازات سفر دبلوماسية أو لمهمة. أما رؤساء وأعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية غير المعتمدين لدى السلطنة فيتبع بشأنهم مبدأ المعاملة بالمثل. ٣ مواطنو دول مجلس التعاون لدول الخليج ا لعربية. ٤ ربابنة وأفراد أطقم السفن والطائرات العسكرية القادمة إلى السلطنة فيتم التنسيق بشأنهم بين كل من الجهات المعنية والسلطة ا لمختصة. ٥ ركاب السفن والطائرات التي ترسو في موانئ السلطنة في الحالات الاضطرارية أو القهرية الذين تسمح لهم السلطات بالنزول أو البقاء مؤقت ً ا مدة بقاء السفينة أو الطائرة بالميناء. وعلى ربابنة السفن والطائرات قبل المغادرة إبلاغ الضابط المختص عن تخلف أي راكب غادر السفينة أو الطائرة وتسليم جواز سفره وإذا لم يكتشف أمره إلا بعد المغادرة وجب عليهم أن يبلغوا السلطة المختصة عن هويته، وأن يرسلوا وثائق سفره من أول ميناء يصلون إليه. = وقد تعرض القضاء العماني لمسائل كثيرة بخصوص الأجانب وإقامتهم ُ في ا لسلطنة(١) . = ٦ السائحون والطلاب والرياضيون لدى قدومهم أو سفرهم ضمن وفود أو فرق منظمة. ٧ من يقرر المفتش العام إعفاءه من كل أو بعض أحكام هذا القانون لأحد الأسباب الآتية: أ لاعتبارات إنسانية. بمبدأ المعاملة بالمثل أو لاعتبارات المجاملات الدولية على أن يتم التنسيق في هذا الشأن مع وزارة ا لخارجية. ٨ ينظم وزير الدولة للشؤون الخارجية كيفية وشروط منح تأشيرات الدخول وسمات الإقامة وأحوال الإعفاء منها بالنسبة إلى الفئات المبينة في البندين ( ١,٢ ) من هذه ا لمادة. وتنظم إجراءات دخول وخروج وإقامة الفئات الأخرى بقرار من المفتش ا لعام. مادة ( ٥) لا يجوز للأجنبي دخول أراضي السلطنة أو الخروج منها إلا إذا كان يحمل جواز أو وثيقة سفر تقوم مقامه سارية المفعول صادرة من السلطات المختصة ببلده أو أية سلطة أخرى معترف بها ويشترط في الوثيقة أن تخول حاملها العودة إلى البلد الصادرة من سلطاته. يجب أن يكون حامل الجواز أو الوثيقة حاصلا ً على تأشيرة دخول من السلطة المختصة أو من السفارات أو القنصليات العمانية أو من المرجع المكلف برعاية مصالح ُ العمانيين بالخارج. ُ مادة ( ٦) لا يجوز دخول أراضي السلطنة أو الخروج منها إلا من المنافذ التي يحددها قرار يصدر من المفتش العام وبإذن من الضابط المختص وذلك بالتأشير على جواز وثيقة السفر التي تقوم مقامه. مادة ( ٧) على ربابنة السفن والطائرات وقائدي المركبات فور وصولهم إلى أحد منافذ السلطنة أن يقدموا إلى الضابط المختص قائمة بأسماء طاقم سفنهم أو طائراتهم أو مركباتهم، كما أن عليهم أن يبلغوا عن أسماء الركاب الذين لا يحملون جواز سفر أو تأشيرات دخول. وكذلك عن أسماء الركاب الذين يشك في أن جوازات سفرهم غير نافذة وعليهم أن يمنعوا أولئك الركاب من مغادرة السفينة أو الطائرة أو المركبة إلى أن تقرر السلطة المختصة ما يتبع بشأنهم. (١) تقول المحكمة ا لعليا: يجوز للسلطات المسؤولة عن الجوازات أن تطلب من الأجانب تقديم جوازات سفرهم »للسلطة للتأكد من سريان الإقامة وتلزم كافة المقيمين بتجديد تلك الإقامة عند الانتهاء = = وقبل أن ينتهي بمدة محددة وتكون الشرطة مسنودة في ذلك الإجراء بالقانون ولا يكون هنالك إساءة لاستعمال السلطة إلا إذا استطاع الشخص الطاعن أن يؤكد بأنه مستهدف لأسباب معينة ولكن كل الأعمال القانونية التي تؤديها الدولة لمصلحة أمن وسلامة المواطنين مشروعة وقانونية ولا يجوز أن تكون سببا للتقاضي إلا بموجب مخالفة ً للقانون. لا يجوز لأي جهة أن تطالب بجبر أي ضرر لحق بها من جراء الأعمال القانونية التي تؤديها الدولة عبر المؤسسات والوزارات والمصالح طالما كان ذلك العمل وفق ً ا للقانون ولم يكن عملا َ كيديا أو عملا ً قصد منه الضرر ولا يستحق الطاعن جبر الضرر ً .« الذي يدعيه لأنه لم يثبت بأن ذلك الضرر قد خالف القوانين السارية في ا لدولة وتضيف ذات ا لمحكمة: إن الطاعن لم يسع بصورة جادة إلى تسوية وضعه القانوني فيما يتعلق بتجديد إقامته أو » َ احتكامه إلى الجهات المختصة لمعالجة الأمر بطريقة قاطعة، وقد أورد الحكم المطعون أما عن عدم تجديد الإقامة فالثابت أن » : فيه في مدوناته هذا الجانب بإسهاب حيث قال ٢٠٠٥ م، ولم يبد المستأنف /٤/ الإقامة منتهية قبل ارتكاب الحادث الذي وقع في ١٨ حسن نيته فى تسوية أوضاعه القانونية وإنما دفع بأن الكفيل هو الذي كان سببا في عدم ً تجديد الإقامة، وكان عليه أن يتقدم للجهات المختصة ضد الكفيل إذا كان هو المتسبب .« في عدم تجديد ا لإقامة مجموعة المبادئ والقواعد القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ وحتى ٢٠١٠ الدائرة المدنية، سلطنة عمان المحكمة العليا ص ١٨٢ - ١٨٣ ، الدائرة ُ . الجزائية، ص ٣٩١ كذلك قررت محكمة القضاء ا لإداري: يترتب على منح الإقامة لأحد الزوجين منحها للآخر وأولاده المقيمين معه دون سن »«١٤» الحادي والعشرين ما لم يمنح أحد من هؤلاء إقامة خاصة بهم. أساس ذلك. المادة من قانون إقامة الأجانب ويترتب على نقل إقامة الأجنبي إلى كفيل آخر نقل إقامة أفراد أسرته المرافقين له مباشرة إلى هذا الكفيل طبق ً من ذات القانون. مفاد «٢٠» ا لنص المادة ذلك، عدم جواز امتناع جهة الإدارة عن نقل كفالة الطاعن ونجله مع تجديد إقامتهما إلى .« جانب كفالتها لزوجته وتضيف ا لمحكمة: للسلطة المختصة رفض منح «٩٥/١٦» من قانون إقامة الأجانب رقم «١٤» تجيز المادة »الإقامة أو تجديدها دون إبداء الأسباب مؤدى ذلك أن تجديد الإقامة أو رفض = »fÉãdG Ö∏£ªdG »ÑæLC’G OôW hCG »Øf أشار فقهاء المذهب الإباضي إلى إمكانية نفي أو طرد شخص في أحوال كثيرة(١) ، يمكن أن نوجزها فيما يلي: = تجديدها أمر يدخل في السلطة التقديرية المطلقة لجهة الإدارة المختصة وتبع ً ا لذلك فإن قرار رفض تجديدها لا يخضع سوى للرقابة الدنيا للقاضي الإداري التي تستبعد فيها رقابة تقدير جهة الإدارة للوقائع التي أسست عليها قرارها ما لم تكن قد ارتكبت خطأ فادحا في التقدير رفض تجديد إقامة المدعي بعد أن ثبت أنه أدين وعوقب جزائيا ًً ونهائي ً ا بسبب إصداره شيك ً ا بدون رصيد يكون معه قرار الإدارة قائم ً ا على ما يبرره واقع ً ا وقانون ً مجموعة المبادئ القانونية التي « ا ويستوجب رفض الدعوى على هذا الأساس قررتها محكمة القضاء الإداري في العامين الثالث والرابع ١٤٢٤ - ،١٤٢٥ ٢٠٠٣ - ٢٠٠٤ ، سلطنة عمان، محكمة القضاء الإداري، ص ٩٢ - .«٤٩٨ ،٩٣ ُ  (١) وهو من أعراف وادي ميزاب، وهو: « النفي » فيما جرى عليه العمل عند الإباضية حكم تصدره إحدى الهيئات الاجتماعية بميزاب كالعشيرة والعزابة ومجلس عمى سعيد »ومجلس عبد الرحمن الكرثي، يقضي بطرد فرد أو جماعة تخالف إحدى قراراتها من ميزاب نحو التل لمدة محددة حسب نوعية المخالفة، ويتعرض للحكم نفسه كل من يدافع عن هذا الفرد، وكان من موجبات هذا الحكم السرقة وتغيير مجاري المياه والتعدي على الغير ومخالفة العشيرة.. كما ورد فى اتفاقية المجالس العامة لميزاب. ولم تعد هذه العقوبة سائرة المفعول بميزاب اليوم لقيام المحاكم الرسمية. ويأخذ ، معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢ .« المصطلح تسميات أخرى كالنفيان والتهجيز والطرد . ص ١٠٢١ كذلك فإن الإبعاد من مصطلح السير في نظام العزابة، وهو مرادف للخطة والهجرة والطرد. ومعناه: أنه متى أجرم واحد من أهل الحق، أو ظهرت عليه خزية، أو ضيع واجبا، ً أو أتى بنقيضه في قول أو عمل يهجره الصالحون، فلا يكلم ولا يحضر جماعتهم، ولا يؤكل ولا يجالس وكان الإبعاد حائلا ً بينه وبين أهل الخير، فإن تاب واستغفر قبل منه، ورجع إلى ا لجماعة. والإبعاد وسيلة وأسلوب من أساليب التربية لتأديب الطلبة في نظام العزابة، ثم عمم إلى ذات المرجع، ج ١، ص ١٢٢ « تطبيقات (التبريت) الاجتماعية -.١٢٣ :áHGôëdG óëd IQô≤ªdG äÉHƒ≤©dG ióMEÉc »ØædG hCG Oô£dG (CG يقول تعالى: ﴿ SRQPONMLK ]\[ZYXWVUT ^﴾ [ [المائدة: ٣٣ . بخصوص قوله تعالى: ﴿ `_ ba﴾ (١) : أي يدومون في طلبه والبحث عنه » ،( يقول أطفيش: (ونفوه من الأرض والإرسال على من نزل عنده أو في حريمه بإرسال أو بإخراج الحق منه فيفعل فذلك المطلوب، أو يسمع أو يطلب فيهرب وهكذا كل ما نزل (حتى لا يأمن في بلاد الإسلام) شبه مطالبته والبحث وراءه بنفيه من الأرض (١) بخصوص هذه الآية يلخص رأي مختلف الاتجاهات في تفسيرها، بقوله: النفي من الأرض هو إبعاد المجرم من المكان الذي هو وطنه إلى مكان بعيد واختلف »الفقهاء في المقصود من نفي المحارب في هذه ا لآية. فقال أبو الشعثاء: إن النفي هو أن ينقل من جند إلى جند؛ أي: من بلد إلى بلد سنين، ولا يخرج من دار الإسلام. نقل ذلك ابن كثير. وهو قول سعيد بن جبير والحسن والزهري والشافعي وغيرهم. وقال عمر بن عبد العزيز: ينفى من بلد إلى غيره مما هو قاص بعيد، وقال أبو الزناد: كان النفي قديما إلى دهلك ً وباضع، وهما من أقاصي البلاد من اليمن والحبشة. القول الثاني: هو أن ينفى المحارب إلى دار الحرب، وذلك بأن يطلب حتى يقدر عليه فيقام عليه الحد، أو يهرب من دار الإسلام. روى هذا عن ابن عباس وأنس بن مالك والربيع بن أنس. وقال فريق ثالث: إنه يسجن، فينفى من سعة الدنيا إلى ضيقها، ويحبس حيث يرى الإمام، وقال بهذا أبو حنيفة وإبراهيم ا لنخعي. وقال الإمام مالك: ينفى إلى بلد آخر غير البلد الذي يستحق فيه العقوبة فيحبس هناك، « ولا يضطر إلى الخروج من دار ا لإسلام يحيى بكوش: فقه الإمام جابر بن زيد، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٧ . ص ١١٤ - ،١٩٨٦  لجامع أن في الكل تبعيده من الأرض، وهي الأرض التي شرع في التهيؤ « فيها للبغي، وكذا كل أرض نزلها(١) . وهناك اتجاه آخر قال به أبو حنيفة يرى أن النفي: أن يسجنوا حتى يؤمن فسادهم، كما قال محبوس في مكان ضيق طال فيه حبسه(٢) : خرجنا عن الدنيا وعن وصل أهلها فلسنا من الأحياء ولسنا من الموتى إذا جاءنا ا لسجان يوم ﹰ ا لحاجة عجبنا وقلنا: جاء هذا من ا لدنيا ويرى الفقهاء المحدثون أن للإبعاد تطبيقات أخرى بالنسبة للمسلم، وهي نفيه تعزيرا (التغريب أو الإبعاد) بالتطبيق لآية الحرابة (وإن كانت ًُ عمومية الآية ٣٣ من سورة المائدة تجعلها في نظرنا قابلة للتطبيق على الأجانب؛ أي: غير المسلمين)، وما جرى عليه عمل المسلمين منذ عهد النبي ژ : فقد نفى ژ المخنثين إلى المدينة، ونفى عمر بن الخطاب ُ نصر بن حجاج لافتنان النساء به(٣) . َ ونرى أن قوله تعالى: ﴿ _` ba ﴾ ..[ [المائدة: ٣٣ جاء عاما (١) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٦١٧ . وجاء في معجم مصطلحات اختلفوا في النفي فقال بعضهم: النفي أن يطلبوا حتى لا يأمنوا على » : الفقه الإباضي أنفسهم في شيء من بلدان المسلمين. وقال آخرون: أن يسجنوا أو ينفوا من على وجه الأرض حتى يؤمن فسادهم. وقال الإمام جابر بن زيد: ويكون النفي بأن ينقل من بلد إلى ، معجم مصطلحات الفقه الإباضي، المرجع السابق، ج ١ « بلد، ولا يخرج من دار الإسلام ص ٢٤٥ -.٢٤٦ (٢) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٧٩٠ ؛ تيسير التفسير، تفسير سورة المائدة، الآية ٣٣ -٣٤ ، ص ٢١ - ٢٢ ؛ الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، . مج ٢، ج ٣، ص ٧٢ (٣) الشيخ محمد أبو زهرة: فلسفة العقوبة في الفقه الإسلامي، معهد الدراسات العربية العالمية، القاهرة، ١٩٦٣ ، ص ١٧٥ - ١٧٦ . راجع أيض ً ا د. عبد العزيز عامر: التعزير في الشريعة الإسلامية، دار الفكر العربي، القاهرة، ١٩٦٩ ، ص ٣٨٥ -.٣٩٤ ليشمل المسلم وغير المسلم. لكن إذا كان ثمة خلاف في الفقه الإسلامي بين مؤيد ومعارض لنفي المسلم خارج دار الإسلام، خشية أن يفتن في دينه، فإننا نعتقد اعتقاد ً ا جازما أن الأجنبي الذي يرتكب جريمة الحرابة أو ً يشارك فيها ي ُطبق عليه الإبعاد من دار الإسلام قولا ً واحد ً ا، وأن الخلاف السابق ذكره لا محل لوجوده لانتفاء علته.   :᪫°ùédG ºFGôédG ióMEG ¢üî°ûdG ÖμJQG GPEG »ØædG hCG Oô£dG (Ü يرى المحقق الخليلي أن العقوبات ما دون الحدود والقتل تنحصر في خمسة أنواع، وهي: الحبس والقيد والضرب والتصليب والطرد. وبخصوص الطرد يقول: وأما طرد المحدث من ديار الإسلام فمختلف في جوازه بشرط أن » يكون الحدث مما يتعدى شره ويخاف منه إفساد العالم في الدين والدنيا كاللصوص وقطاع الطرق والذين يجمعون الرجال إلى النساء أو يخذلون الرعية عن الجهاد أو يعظمون شأن العدو ويلقون الرعب في قلوب الضعفاء أو من كان من المبتدعين يغوي الأنام ويزين لهم البدع وما يشبه ذلك. والقول بإجازة إجلاء أمثال هؤلاء وطردهم في البلاد وتشريدهم عن العباد كأنه الأصح والأرجح فيما عندي بدلالة ما في كتاب الله تعالى كقوله جل وعز: ﴿ §¨ «ª© ¬ ¯® °± ³² ´ »º¹¸¶µ ﴾ [ [الأحزاب: ٦٠ ، ففي هذه ما دل على جواز الطرد والتشريد على من كان بتلك المنزلة وإن رسول الله ژ قد طرد مروان بن الحكم وقيل: الحكم بن العاص ولم يزل طريد ً ا إلى زمن عثمان وخبره شاهر بلا كتمان، وإذا جاز أن يودع الحبس بقية العمر منه فذلك نوع من النفي إلى محل مخصوص وباطراد العلة في إجرائها يستدل على جواز العموم أيضا ولا مانع، فليجتهد الحاكم في ً « ذلك(١) . يتضح من ذلك أن توقيع عقوبة الطرد يحكمها شروط ثلاثة: الأول ارتكاب الجاني لجريمة جسيمة تلقي الرعب في قلوب الضعفاء ويتعدى شرها ما يخاف منه إفساد العالم في الدين والدنيا. والثاني توقيع الحاكم لهذه العقوبة، على أساس أن العقوبات منوط تطبيقها من الإمام باعتبارها مظهرا من مظاهر بسط سلطان الدولة فوق ً إقليمها وعلى الأشخاص المقيمين فيه(٢) . والثالث ارتكاب الجريمة فعلا ً وواقع ً ا ونسبتها إلى الجاني، وليس مجرد الشك أو الظن في وقوعها. علة ذلك عدم جواز إساءة استخدام الحاكم لحقه في الطرد، وكذلك المحافظة على حقوق الأفراد وحرياتهم ضد تعسف السلطة الحاكمة، ولأن الأحكام لا يجوز أن ت ُ بنى على ا لظنون(٣) . (١) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ١٣٤ -.١٣٥ (٢) وما تقول في الذي لم يكن له أصل ولا بيت في » في هذا الخصوص وبالنسبة لمسألة البلد، وعند أبيه أو أمه أصول في البلد وهو من أهل البلد، ولكنه يشكي من الفساد في البلد ويحتال الناس بالبيع والشراء وهو مفلس، ويغتر بالذي لم يعرفه من الغرباء وغيرهم أيجوز أن يرفق عليه البلد، أرأيت إذا كان مفلسا أيجوز أن ينادي عليه بأمر القائم أنه لا ً ؟« أحد يبايعه ولا يشتري منه، وكل من يبايعه تراه فقد ماله أم لا أما نفيه من البلد فيعجبني أن تشاور الإمام في ذلك وأما إذا كان » : الجواب وبالله التوفيق الشيخ سالم .« مفلسا ويحتال على أموال الناس فجائز أن تأمر أن لا أحد يبايعه والله أعلم ً . العبري: فواكه البستان، ص ٦٣(٣) وهكذا بخصوص مسألة: وما تقول في المجوس إذا كان دأبهم يخالطون الناس في الأسواق في زمان الحر والعرق »والأمطار ولم يتنزهوا عن مس المسلمين وبضائعهم وكذلك المسلمون مثل العامرية والمردة في فساق المسلمين وعامة الناس الذين لم يتقوا النجاسة ولم يبالوا بما قالوا وما فعلوا = :á«dhO IógÉ©ªd ≥«Ñ£àdÉH »ØædG hCG Oô£dG (ê ولعل خير مثال على ذلك ما حدث أثناء صلح الحديبية. فقد أخرج « أن من جاءنا منكم لم نرده عليكم ومن جاءكم منا رددتموه علينا » : مسلم فقالوا: أتكتب هذا يا رسول الله؟ قال: نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده » الله، ومن جاءنا منهم فسيجعل الله له فرج ً ا ومخرج ً « ا . وفيه أنه ژ رد إليهم أبا جندل بن سهيل وقد جاء » : يقول الصنعاني مسلم ً ا قبل تمام كتاب الصلح، وأنه بعد رده إليهم جعل الله له فرج ً ا ومخرجا، ففر من المشركين ثم أقام بمحل على طريقهم يقطعها عليهم ً  وانضاف إليه جماعة من المسلمين حتى ضيق على أهل مكة مسالكهم. والقصة مبسوطة في كتب ا لسير. َ وقد ثبت أنه ژ لم يرد النساء الخارجات إليه، فقيل لأن الصلح وقع » في حق الرجال دون النساء، وأرادت قريش تعميم ذلك في الفريقين، فإنها لما خرجت أم كلثوم بنت أبي معيط مهاجرة طلب المشركون رجوعها فمنع رسول الله ژ عن ذلك، وأنزل الله تعالى الآية وفيها ﴿ ¨ «ª© ﴾ [ [الممتحنة: ١٠ . ويضيف أيضا: ً والحديث دليل على جواز الصلح على رد من وصل إلينا من العدو » « كما فعله ژ أن لا يردوا من وصل منا إليهم(١) . = وهؤلاء المجوس يطمئن القلب أنهم لم يتقوا فعل المناكر وبيع الربا أو بيع المحرمات كان ا لجواب: ؟« وشراء السرقات في البلد؛ أيجوز للقائمين بالأمر أن ينفيهم من البلد أم لا إذا بان منهم ما ذكرت فجائز نفيهم وأما على الظن فلا ينفون من بلاد إمام المسلمين ».« والله أعلم . الشيخ سالم العبري: فواكه البستان، ص ٨١ (١) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٤، ص ١٤٣ :ádhódG ¿ƒfÉb ¢Uƒ°üæd ≥«Ñ£àdÉH »ØædG hCG Oô£dG (O تنص قوانين الدول على أحوال وشروط طرد الأجانب. مثال ذلك قانون إقامة الأجانب في سلطنة عمان(١) . ويتضح من هذا ا لقانون: ُ (١) تفرق المادة ١١ من ذلك القانون بين الإخراج والإبعاد، بقولها. الإخراج: إعادة الأجنبي الذي دخل أراضي السلطنة بصورة غير مشروعة إلى خارج الحدود. الإبعاد: إبعاد الأجنبي المقيم في السلطنة بصورة مشروعة. وقامت في حقه من الأسباب التي نص عليها القانون ما يدعو لإبعاده. وتضمن القانون النصوص الآتية بخصوص هذه ا لمسألة: مادة ( ٢٨ ) يجب على كل أجنبي مغادرة السلطنة مع مرافقيه عند انتهاء إقامته. ما لم يكن قد حصل قبل ذلك على تجديد لهذه الإقامة ومع ذلك يمنع الأجنبي من مغادرة السلطنة إذا كان قد صدر ضده حكم واجب النفاذ. أو أمر بالضبط والإحضار أو التوقيف أو صدر من الجهة القضائية المختصة أمر بمنعه من السفر وذلك حتى يتم تنفيذ الحكم أو الإفراج عنه أو إلغاء أمر منعه من ا لسفر. ويجوز بقرار من المفتش العام منع الأجنبي من مغادرة السلطنة إذا كانت عليه التزامات مدنية ثابتة بحكم وطلب المحكوم له منعه من المغادرة وذلك حتى الوفاء بتلك الالتزامات أو تقديم كفيل يتولى الوفاء بها. مادة ( ٢٩ ): يتم إخراج الأجنبي الذي دخل السلطنة بصورة غير مشروعة. بأمر من المفتش العام. ويكون ذلك على نفقة الأجنبي أو نفقة من قام بإدخاله أو بتشغيله. ومع عدم الإخلال بأحكام المادة ( ١١ ) من هذا القانون. يجوز للأجنبي الذي تم إخراجه طبق ً ا لأحكام الفقرة السابقة. أن يدخل السلطنة إذا توافرت في حقه أحكام المادة ا لخامسة. مادة ( ٣٠ ): يبعد الأجنبي إذا حكم عليه حكم بات في جناية. أو تضمن الحكم الصادر ضده في جنحة الأمر بإبعاده من السلطنة. وفي جميع الأحوال ينفذ الإبعاد بعد تنفيذ العقوبة المحكوم بها. مادة ( ٣١ ): يجوز للمفتش العام أن يلغي إقامة الأجنبي. ويأمر بإبعاده من السلطنة في الأحوال ا لآتية: ١. إذا قام بأي نشاط أو عمل من شأنه الإضرار بأمن السلطنة أو سلامتها أو تعريض كيانها السياسي أو الاقتصادي أو المالي للخطر. أو كان يخالف النظام العام أو ا لآداب. ٢. إذا قام بأي نشاط من شأنه إلحاق الضرر بمصالح السلطنة مع الدول ا لأخرى. = أولا ً: أن إبعاد الأجنبي يكون وجوبيا في بعض الأحوال (إذا دخل إلى ً السلطنة بطريقة غير مشروعة، أو صدر ضده حكم بات في جناية، أو في جنحة نص الحكم فيها على إبعاده... إلخ).ثانيا: أن هناك أحوالا ً بقرار من المفتش العام » للإبعاد الجوازي للأجنبي ً .« أو من ا لمحكمة وقد أكد القضاء في سلطنة عمان على العديد من المبادئ بخصوص ُ إبعاد ا لأجانب: = ٣. إذا كان منتميا أو مشايع ً ا لأي حزب غير مرغوب فيه. ً ٤. إذا كان ممن حملوا السلاح في الداخل أو الخارج ضد القوات النظامية للسلطنة. أو ممن عملوا في صفوف أعدائها. ٥. إذا لم تكن له وسيلة عيش ظاهرة ومشروعة. ويشمل قرار الإبعاد زوج الأجنبي وأولاده الأجانب المرافقين المكلف بإعالتهم. مادة ( ٣٢ ): يتم تنفيذ قرار الإبعاد بإبلاغ الأجنبي بوجوب مغادرة السلطنة بوسائله الخاصة في المهلة المحددة في قرار إبعاده. فإذا انقضت تلك المهلة دون تنفيذ قرار الإبعاد. تم إبعاده بالقوة ا لجبرية. ُ مادة ( ٣٣ ): إذا كان للأجنبي الذي تقرر إبعاده مصالح في السلطنة تقتضي التصفية أعطي مهلة لتصفيتها بعد أن يقدم كفالة شخصية وتكون مدة المهلة المشار إليها شهرا واحد ً ا. ً قابلة للتجديد لمرة واحدة أو أكثر إذا دعت الظروف لذلك. فإذا تعذر عليه إنهاء إجراءات التصفية خلال المهلة المحددة. كان له أن يوكل غيره في هذا ا لشأن. مادة ( ٣٤ ): لا يجوز منح تأشيرة دخول للأجنبي الذي سبق إبعاده إلا بعد مضي سنتين من إبعاده وبإذن خاص من المفتش ا لعام. مادة ( ٣٥ ): يدرج بقائمة الأشخاص غير المرغوب في دخولهم السلطنة اسم أي أجنبي تم إخراجه أو إبعاده منها. مادة ( ٤٦ ) يجوز للمحكمة في جميع الأحوال أن تحكم بإبعاد الأجنبي إذا ارتكب أية جريمة بالمخالفة لأحكام هذا ا لقانون. .٩٥/ راجع قانون إقامة الأجانب الصادر بالمرسوم السلطاني ١٦ أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٣٧٤ ١ فقد قررت محكمة القضاء الإداري أن السلطة التقديرية للمفتش العام في إبعاد الأجنبي يحكمها ويضبطها ضرورية ذلك للصالح ا لعام(١) . ٢ كذلك أكدت المحكمة العليا أنه إذا كان جرم الأجنبي مخلا ً بالأخلاق العامة فيجوز طرده(٢) . (١) تقول ا لمحكمة: قضاء هذه المحكمة استقر على أن إبعاد الأجنبي المبني على سلطة تقديرية للمفتش »العام للشرطة والجمارك المرخص له فيها طبق ً ا لأحكام المادة ( ٣٦ ) من قانون إقامة ٩٥ ، من المسائل التي تترخص الإدارة في / الأجانب الصادر بالمرسوم السلطاني ١٦ تقديرها في حدود ما تراه متفق ً ا مع الصالح العام باعتبار أن إقامة الأجانب في البلاد تقوم على مجرد التسامح الودي من جانب الدولة المتروك تقديره لسلطتها استناد ً ا إلى سيادتها على إقليمها وحقها في اتخاذ ما تراه لازما من الوسائل للمحافظة على كيانها ومصالح ً رعاياها وصيانة النظام العام والآداب فيها إذ ارتبط الأجنبي صاحب الإقامة بروابط وثيقة بالبلاد، فطاب مقامه فيها وتزوج من أهلها، فإن هذا الزواج وإن لم يعصمه من أن يجري عليه حق الدولة في عدم تجديد إقامته وإبعاده، إلا أن ذلك يقتضي توفر مبرر كاف .« يستند إلى قيام من تقرر إبعاده بعمل يهدد النظام ا لعام مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها محكمة القضاء الإداري، سلطنة عمان، المكتب ُ الفني العامين القضائيين ٥ - ٦، ص ٧٦٩ . انظر أيض ً ا ذات المرجع، ص ٧٨٦ -.٧٨٧ (٢) تقول المحكمة ا لعليا: كل أجنبي يحكم عليه بعقوبة إرهابية من » تنص المادة ( ٤٨ ) من قانون الجزاء على أن »أجل جناية، يحكم بطرده..... وإذا حكم عليه بعقوبة تأديبية من أجل جناية أو جنحة فيمكن الحكم بطرده إذا كان جرمه شائن ً ا أو مخلا ً بأمن البلاد أو بالأخلاق العامة أو إذا ثبت اعتياده على الإجرام... وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة الطاعن بتهمة انتهاك حرمة مسكن المجني عليه بتسلله إلى مطبخ المسكن والتقائه مع الخادمة وطلبه أن يصادقها ومن ثم فقد اعتبر هذا الذي أتاه الطاعن مخلا ً بالأخلاق العامة وقضى بطرده مؤبد ً ا من البلاد، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص .« غير سديد مجموعة المبادئ والقواعد القانونية التي قررتها المحكمة العليا في الفترة من ٢٠٠١ .٣٩٧ ، وحتى ٢٠١٠ ، الدائرة الجزائية، سلطنة عمان المحكمة العليا، ص ٣٨٨ ُ ٣ كذلك أكد القضاء العماني أن الطرد يجب أن يتفق وصحيح القانون، ُ وإلا كان معيبا بما يوجب نقضه(١) . ً ٤ في بعض الأحوال الطرد غير لازم لأن الدولة لها توقيع العقاب على من يرتكب أفعالا ً جسيمة: هذا أمر بدهي: ذلك أن ارتكاب الشخص لجريمة ما يحتم توقيع العقاب عليه. يقول ابن جعفر: وقلت: هل لأهل البلدان أن يخرجوا من خافوه من السكان عندهم ولا » نبصر البغي ولا نرى إخراج الناس من منازلهم ولا من البلاد ومن أحدث حدث ً « ا أقيم عليه الحد في حدثه(٢) . (١) ٥) من قانون مكافحة المخدرات / اشترطت المادة ( ٦٦ » : تقول هيئة توحيد المبادئ والمؤثرات العقلية لإبعاد الأجنبي أن يكون قد سبق الحكم عليه لأكثر من مرة، وكانت هذه المادة هي الواجبة التطبيق باعتبار القانون الأخير هو القانون الخاص الواجب تطبيقه ٥) على الطاعنين لتخلف شروطها أيض / ولا محل لانطباق المادة ( ٦٦ ً ا فإن الحكم .« المطعون فيه يكون معيبا في هذا الخصوص ويتعين نقضه ً مجموعة الأحكام الصادرة عن هيئة توحيد المبادئ والدائرة الجزائية مع المبادئ . المستخلصة منها لسنة ٢٠٠٤ ، سلطنة عمان المحكمة العليا، ص ٦٥٢ ُ (٢) ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ١٦٢ . وهو ما أكده أيض ً ا الإمام ا لشيباني: وإن وجد الإمام مع مسلم أو ذمي أو مستأمن كتابا فيه خطه، وهو معروف، إلى ملك » ً أهل الحرب يخبر فيه بعورات المسلمين، فإن الإمام يحبسه ولا يضربه بهذا ا لقدر.لأن الكتاب محتمل فلعله، والخط، يشبه الخط، فلا يكون له أن يضربه بمثل هذا ا لمحتمل. ولكن يحبسه نظرا للمسلمين حتى يتبين له أمره، فإن لم يتبين خلى سبيله ورد المستأمن ً إلى دار الحرب، ولم يدعه ليقيم بعد هذا في دار الإسلام يوما واحد ً ا. ً لأن الريبة في أمره قد تمكنت، وتطهير دار الإسلام عن مثله من باب إماطة الأذى فهو .« أولى. والله أعلم . شرح كتاب السير الكبير، للشيباني، ج ٥، ص ٢٠٤٤ يتضح مما تقدم أن إبعاد الشخص تحكمه في المذهب الإباضي العديد من القواعد كما تنتظمه الكثير من ا لحالات(١) . ådÉãdG Ö∏£ªdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ÖfÉLC’G ∞FGƒW ¢†©Ñd á°SGQO نشير إلى طوائف أربعة أولاها الفقه الإباضي عناية خاصة عند دراسته للأجانب، وهم: المستأمنون. (١) يفرق عبد القادر عودة بين المسلم والذمي من جهة، وغير المسلم الحربي من جهة أخرى: فبخصوص المسلم يقول: فقواعد الشريعة الإسلامية إذن لا تسمح بمنع المسلم أو الذمي من دخول أي بلد »إسلامي، ولا تبيح إبعاد المسلم أو الذمي من أي بلد إسلامي دخله، لأن المسلم أو الذمي لا يعتبر بأي حال أجنبيا عن دار الإسلام ويجوز للدولة الإسلامية عند الضرورة أن ً تبعد أي مسلم أو ذمي عن أرضها، إذا لم يكن هناك وسيلة لدفع الضرورة إلا الإبعاد، ويجوز أن يكون الإبعاد لبلد المبعد الأصلية، أو لأي بلد إسلامي آخر، ولكن لا يجوز بأي حال أن يكون الإبعاد إلى دار الحرب، ولو كان بين دار الإسلام وبين المكان الذي .« أبعد إليه من دار الحرب موادعة أما بالنسبة للحربي، فيؤكد ما يلي: وإذا انتهت مدة إقامة الحربي كان من حق الدولة الإسلامية أن تبعده من أرضها، ولها أن »تبعده ولو لم تنته مدة إقامته إذا أتى ما يخل بالأمن، أو خشي منه الإخلال بالأمن، تطبيق ً ا لقوله تعالى: ﴿ utsrqponm ﴾ [ [الأنفال: ٥٨ ولقوله تعالى: ﴿ 9876543210 ﴾ [ [التوبة: ٧ على أنه يشترط عند الإبعاد أن يبعد الحربي إلى مكان يأمن فيه على نفسه، أو أن يرد إلى مأمنه، لأنه دخل دار الإسلام على أمان، فوجب أن لا يعرض للهلكة، وأن يرد إلى المكان الذي يأمن فيه، وذلك قوله تعالى: ﴿ Äà﴾ [ [التوبة: ٦ .« عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ص ٣٠٤ -.٣٠٦ اللاجئون. الدبلوماسيون. التجار. ونخصص لكل مسألة من المسائل سالفة الذكر فرع ًا. الفرع ا لأول المستأمنون(١) نشير إلى ماهية نظام المستأمن، والقواعد التي تحكم نظام ا لأمان. :øeCÉà°ùªdG Ωɶf á«gÉe (1 من مزايا الإسلام ونظمه الأساسية أمان غير المسلم في دار الإسلام،  وفق ً ا لما سنذكره من القواعد والشروط. ومشكلة الأمان تعتبر من أدق « التي يتم بحثها في إطار المغازي والسير » المسائل(٢) . ويقول البيضاوي إن ا لأمان: « رخص فيه للمصلحة وتوقع ا لإسلام »(٣) . ُ (١) إذا » : تجدر الإشارة أن كلمة المستأمن لها معنى آخر غير الذي نبحثه هنا. يقول الحارثي اشترى الأمين بقروش المستأمن له مالا ً ولم يرض بالنخل الذي اشتراه له أمينه فالغلة .« للأمين وليس لصاحب القروش والبائع شيء منها الشيخ عيسى بن صالح الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، ترتيب الشيخ حمد السالمي، ١٤٢٧ -. ٢٠٠٦ ، ج ٣، ص ٢٥٨ (٢) السرخسي: شرح كتاب السير الكبير للشيباني، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، . القاهرة، ١٩٧١ ، ج ١، ص ٢٥٢(٣) . قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ج ٢، ص ٩٥٣ = والمستأمنون هم الذين يدخلون دار الإسلام بأمان. فمن المعلوم أن أو بالأمان. « الإسلام » العصمة في الإسلام تكون إما بالإيمان ففي الدولة الإسلامية يمكن أن يتواجد غير المسلمين، وهذا أمر ثابت منذ بدايات الدعوة الإسلامية، حيث وجد، إلى جانب المسلمين، اليهود وغيرهم. وقد أشار الفقه الإباضي إلى طائفتين أساسيتين من غير المسلمين، هما: المستأمنون وأهل ا لذمة. يقول ا لنزوي: الأمان، والعهد، والبيعة، والصفقة، والخفارة، والجوار، والأجل، » والإصر، والذمام، والشروط، والعصمة. فكل من أمنه أحد من المسلمين، أو قال له: لا بأس عليك، أو كلمه كلاما يطمعه فيه بالأمان، فجاء المشرك ً « بحال ذلك، فلا يقتل. ويكون غنيمة(١) . والأمان هو أن يؤمن الإنسان شخصا آخر على نفسه وماله من أي خطر يصيبه، قال في لسان العربي أمن: وقد أمنت فأنا آمن، وأمنت غيري من الأمن والأمان. والأمن: ضد الخوف. فالأمان يترتب عليه أن يجد الشخص ملاذ ً ا آمن ً ا على نفسه وماله في إقليم الدولة ا لإسلامية(٢) . يقول ا لبسيوي: = كذلك قيل: إن عقد الأمان ويطلق أيض ً هو ترك القتال إجابة لسؤال الكفار » ا عليه الذمام ويضيف أيض ،« بالإمهال، وهو جائز مع اعتبار المصلحة ً ،« الظاهر لحوق شبهة الأمان به » : ا راجع: الشيخ هلال اللواتيا: فقه العيش مع الآخر من منظور فقه المذهب الجعفري، ندوة فقه رؤية العالم والعيش فيه، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ُ ١٤٣٤ -٢٠١٣ ، ص ١٣٢ -.١٣٣ (١) . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٥٨(٢) من الثابت أن المستأمن هو من يطلب الأمان أو هو من يدخل دار غيره بأمان مسلما كان ً أو حربيا، راجع محمد علاء الدين الحصكفي: شرح الدار المختار، ج ٢، مطبعة الواعظ، ً فأما » مصر، ص ٩٨ . والمستأمن أجنبي عن دار الإسلام، إذ كما جاء في شرح السير الكبير = وكل من أمنه أحد من المسلمين من الأحرار البالغين والنساء، أو طمأنه » بكلمة مثل قول: لا بأس عليك، فأمانه أمان ولا يقتل، لأن ذمة المسلمين = راجع د. عبد الكريم زيدان: أحكام الذميين والمستأمنين ،« المستأمن فلم يصر من أهل دارنا في دار الإسلام، مكتبة القدس بغداد، مؤسسة الرسالة بيروت، ١٤٠٢ ه ١٩٨٢ م، ص ٦٦ - المستأمن من أهل دار الحرب وإن دخل دار » : ٦٧ . كذلك يقول الكاساني الكاساني: بدائع الصنائع، « الإسلام لا بقصد الإقامة بل لعارض حاجة ثم يعود إلى وطنه . ج ٧، ص ٣٢٦ « جواز الأمان » ويلاحظ أن نظام الأمان في الشريعة الإسلامية يختلف في جوهره عن نظام safe conduct saufـconduite ، الموجود في إطار العلاقات الدولية الحالية. والنظام الأخير  عبارة عن وثيقة خاصة تصدر عن السلطات العليا في الدولة (بالطرق السياسية) تخول  صاحبها أو حاملها حق اجتياز أراضي الدولة المانحة وعبور خطوطها العسكرية برا ً وبحرا، وكذلك قد يمنح جواز الأمان قائد بري أو بحري بخصوص أماكن خاضعة ً لاختصاصه أو سيطرته. ويقرر ابن جزي أن هناك فارق ً ا بين الأمان وكون الحرب خدعة، بقوله: والفرق بين الأمان اللازم وبين الخديعة المباحة في الحرب: أن الأمان تطمئن إليه نفس »الكافر، والخديعة هي تدبير غوامض الحرب بما يوهم العدو الإعراض عنه أو النكول حتى توجد فيه الفرصة فيدخل في ذلك التورية والتبييت والتشتيت بينهم ونصب الكمين والاستطراد حال القتال، وليس منها أن يظهر لهم أنه منهم أو على دينهم أو جاء ابن جزي: قوانين الأحكام ) « لنصيحتهم حتى إذا وجد غفلة نال منهم فهذه خيانة لا تجوز .( الشرعية ومسائل الفروع الفقهية، دار الفكر، القاهرة، ص ١٦٣ ويكمن الفرق بين المعاهد والمستأمن والذمي في أن المعاهد هو من أخذ عليه العهد من المسلمين، والمستأمن: هو من دخل دارنا منهم بأمان، والذمي من استوطن دار الإسلام بتسليم الجزية. وبالجملة المعاهد والمستأمن لا يستوطنا دار الإسلام، والذمي من استوطن دارنا بالجزية (راجع البهوتي: الروض المربع شرح زاد المستنقع وحاشية الروض المربع للعنقري، مكتبة السنة المحمدية، القاهرة، ج ٢، ص ١٥ )، وأيض ً ا كتاب إرشاد المرشد إلى المقدم في مذهب أحمد للشيخ عبد الله بن محمد الخليفي، راجعه محمد زهري النجار، ج ١، الرياض، ١٤٠١ ه ١٩٨١ م، ص ١٥٠ . ويوجد فرق بين المستأمن ابن « يحرم قتله وتضمن نفسه ويقطع بسرقة ماله، والحربي بخلافه » والحربي: فالمستأمن . قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، ج ١، ص ٢٧٢ واحدة لأن رسول الله ژ أجاز أمان زينب لابن أبي العاص. وقال: « المسلمون يد على من سواهم، يسعى بذمتهم أدناهم » . فمن أعطى العهد «(١) والأمان منهم فأمانه أمان إذا كان عدلا ً . الأمان إلا » ويؤكد الفقه الإباضي على هذا الشرط الأخير، إذ لا يجوز « أن يكون أمان عدل(٢) . :¿ÉeC’G Ωɶf ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG (Ü يحكم الأمان في الفقه الإباضي القواعد ا لآتية: ١ أساس إعطاء ا لأمان: روى أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي ژ أنه قال: المسلمون تتكافؤ دماؤهم، وأموالهم بينهم حرام وهم يد على من سواهم، »« يسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم(٣) تتكافؤ » : ، قال ا لربيع بن حبيب (١) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٤٤(٢) أبو إسحاق إبراهيم الحضرمي: الدلائل والحجج، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٣٣ ه ٢٠١٢ م، ج ١ -. ٢، ص ٦١١ وهل يوجد في العلاقات الدولية المعاصرة ما يعادل ما ذكره ا لشيباني: ولو دخل قوم من دار الحرب بغير أمان قرية من قرى أهل الذمة فأتاهم المسلمون ».« ليأخذوا أهل الحرب فادعى كل واحد في القرية أنه من أهل الذمة، فهم آمنون كلهم يعلق السرخسي على ذلك، بقوله: لأنهم في موضع الأمن والعصمة، فلا يحل التعرض لأحد منهم ما لم يعلم أنه من أهل »راجع د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات ،« الحرب الدولية في شريعة الإسلام، ج ١٤ ، ص ١٤ -.١٥ (٣) ، مسند الربيع، رقم الحديث ٦٦٤ ، ص ٢٦٠ ، سنن أبي داود، رقم الحديث ٢٧٥١ ، ج ٣ ص ٨٠ . سنن ابن ماجه، رقم الحديث ٢٦٨٣ ، ج ٢، ص ٨٩٥ . سنن البيهقي الكبرى، رقم . الحديث ١٥٦٨٨ ، ج ٨، ص ٢٩ دماؤهم؛ أي: هم في الدية والقتل سواء وهم يد على من سواهم؛ هم أقوى وأفضل من غيرهم، ويسعى بذمتهم أدناهم؛ أي: إذا أعطى أدنى رجل من المسلمين أحد ً ا أمان ً « ا لزم المسلمين ذلك وكذا رده العهد عليهم(١) . أي: من رد عهد ؛« ويرد عليهم أقصاهم » ومعنى ً ا من المسلمين كان رد ً ا. « قال جابر: إلا باتفاق الإمام وجماعة أهل الفضل في ا لإسلام(٢) . كذلك حينما أجارت أم هانئ رجلا ً من المشركين من أهل مكة، قال رسول الله ژ : « قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ »(٣) . كذلك قال رسول الله ژ : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل »« المسجد فهو آمن(٤) . (١) . مسند الربيع، ذات المرجع، ص ٢٦٠ (٢) زاهر البراشدي: أثر القواعد الفقهية في التطبيق، مسقط، ١٤٢٩ -. ٢٠٠٨ ، ص ٢٩٤ والمعنى أن الرد لا يكون على الجميع إلا أن يتفق الإمام وأهل الفضل من جماعة »المسلمين على رده، فإن اتفقوا ثبت ذلك على خاصة المسلمين وعامتهم كان أمانهم واحد ً ا وحربهم واحد ً ا، وإن لم يتفقوا فليس للعامة رد أمانهم وذمتهم، وهذا وجه قوي لأن أمر الرد شديد، والإمام وجماعة المسلمين أدرى بقوة المسلمين وضعفهم، فهم ينظرون لهم المصالح ويطلبون لهم الخير، وأمان العامة ثابت إن لم يتقدم عليهم الإمام بالمنع، فإن تقدم عليهم كان الواجب امتثال أمره، وليس لأحد خلافه، فمن أمن بعد الحجر فلا .« أمان له الإمام السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٣، ص ٤١٣ - ٤١٥ ؛ ابن ، عمر: حاشية الترتيب على الجامع الصحيح للوارجلاني، تحقيق: إبراهيم طلاي، ج ٤ ص ٢٢ -٢٧ (٣) ، صحيح البخاري، رقم الحديث ٣٥٠ ، ج ١، ص ١٤١ ، صحيح مسلم، رقم الحديث ٣٣٦ ج ١، ص ٤٩٨ ، سنن أبي داود، رقم الحديث ٢٧٦٣ ، ج ٣، ص ٨٤ ، سنن البيهقي الكبرى، . رقم الحديث ١٧٩٥٢ ، ج ٩، ص ٩٤ (٤) يقول أطفيش: إنه حينما قال رسول الله ژ ذلك، قالت الأنصار: أما الرجل فأدركته الرحمة في قربته بقومه وعشيرته، قال أبو هريرة: وجاء الوحي وكان إذا جاء لا يخفى علينا ولا يرفع أحد طرفه إلى رسول الله ژ حتى ينقضي الوحي ولما قضى الوحي قال = ﻝﻮﻘﻳ:ﻢﻇﺎﻨﻟﺍ ﻪﻴﻠﻋ ﺯﺎﺟ ﺾﻘﻧﻭ ﺢﻠﺼﻟﺍ ﺪﻗﻼﻈﺣ ﺎﻣﺃ ﻥﺎﻣﻷﺍ ﺢﻠﺻﻭ ﺭﺍﺪﻟﺍ ﺎﻣﺍﻮﺤﻠﻄﺻﺍ ﻍﺎﺑ ﺍﺫﺇ ﻥﺎﻛ ﻁﺮﺷ ﺢﻠﺼﻟﺍ ﺪﻗﻼﻤﻛ ﺾﻗﺎﻧﻭ ﺪﻬﻌﻟﺍ ﺪﻌﺑ ﺢﻠﺼﻟﺍﺡﺮﺘﺠﻣ ﻪﺑ ﺓﺭﺎﻔﺨﻟﺍ ﻥﺃ ﺍﻮﺿﺮﻳ ﺎﻬﺑﻼﻤﻛ ﺍﺬﻛ ﺓﺭﺎﻔﺨﻟﺍ ﻁﺮﺸﻟﺍﻭ ﻱﺬﻟﺍﺖﺒﺟﻭ  لا يجوز نقض الأمان والصلح وكذا الخفارة لا يجوز » معنى الأبيات « نقضها لأنها نوع من ا لأمان(١) . كذلك روى أنه ژ أجاز أمان العباس لأبي سفيان(٢) إذ أراد عمر قتله. ٢ من يعطي ا لأمان؟: الأصل أن إعطاء الأمان يكون للإمام. لذلك قال موسى بن علي وهو يتكلم في العسكر : لا يجهز جيش، ولا تمتد راية، ولا يؤمن خائف، ولا يقام حد، ولا يحكم حاكم في غير مجتمع عليه إلا بإمام. = رسول الله ژ : قلتم أما الرجل فأدركته » : قالوا: لبيك يا رسول الله قال « يا معشر الأنصار » كلا، إني عبد الله ورسوله إني هاجرت » : قالوا قد كان ذلك؟ قال « رحمة في قربته بعشيرته فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله ما « إلى الله وإليكم والمحيا محياكم والممات مماتكم قلنا ذلك إلا للظن بالله ورسوله، فقال رسول الله ژ : إن الله ورسوله يصدقانكم » « ويعذرانكم أطفيش: السيرة الجامعة من المعجزات اللامعة، ص ١٩٢ -.١٩٣ (١) الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٩٤ . لكن قيل: ولو دخل داخل بأمان أو أسير بلاد الحرب فوجد فيها زوجة له أو مالا » ً له أو مالا ً لأحد من المسلمين أو مالا ً لأحد من أهل العهد أو زوجة لأحد من المسلمين أو لأحد من أهل ذمة المسلمين أو عهد في يد أهل الحرب، أن له أن يأخذ ذلك كله من أيدي أهل الحرب الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ « إن قدر على ذلك وذلك جائز له -. ٧٠ ، ص ٣٠٢ (٢) ١٤٠٥ ، عن أبي هريرة /٣ ، رواه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب فتح مكة، رقم: ١٧٨٠ ١٧٧ ، عن ابن عباس، انظر /٢ ، وأبو داود، كتاب الخراج والفيء والإمارة رقم: ٣٠٢١ أيض ً ا: أبو إسحاق إبراهيم الحضرمي: الدلائل والحجج، المرجع السابق، ج ١ - ،٢ . ص ٦١٠ قال غيره: وهذا في الحكم في الأمصار التي تملكها الأئمة، ويجري عليهم حكمها. وأما إذا لم يكن كذلك، فقد قيل: إن ذلك جائز كله، ممن ملك ذلك وقدر عليه (١) . لأنه مقدم للنظر والمصلحة، نائب عن » : وعلة أن أمان السلطان جائز «(٢) الجميع في جلب المنافع ودفع ا لمضار . ّ « لا أمان إلا للإمام، ولا أمان دون ا لإمام » : لذلك قيل(٣) . كذلك يجوز أن يصدر الأمان من غير الإمام. فقد جاء في بيان ا لشرع: وقيل كل من أمنه أحد ممن غزى من المسلمين البالغين الأحرار له » ولاية أو من لا ولاية له أو الصراري في البحر (أي الملاحون) والحمالة في البر فهو آمن وهو غنيمة ويعرض عليه الإسلام. فإن أسلم قبل منه وكان من المسلمين وهو غنيمة وإن كره أن يسلم فقد مضى أمانه ويقر على شركه وهو  غنيمة لأنه قيل إن المسلمين يسعى بذمتهم أدناهم... وأما المرأة المسلمة فأمانها أمان. وبلغنا أن زينب ابنة رسول الله ژ « أمنت زوجها أبا العاص ا لربيع بن عبد شمس فأجاز ا لنبي ژ أمانها(٤) . (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٤؛ الجامع لابن جعفر، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣١ -. ٢٠١٠ ، ج ٨، ص ٥٥ ُ (٢) . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٨، ص ٧٦(٣) . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٥٨(٤) ، الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٩٥ ، الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥ ص ١٩٩ . وإن كان قد جاء في ا لمصنف: قال غيره: اختلف في أمان المرأة والعبد والذمي. فقول: أمانهم أمان. = قال أبو الحسن: المماليك لا أمان لهم وبه يقول أبو حنيفة، إلا أن يكون في ا لمقاتلة. وعند الشافعي: جائز. وبين قومنا: فيه اختلاف، أجازه ا لشافعي. وقال أبو حنيفة: إن كان يقاتل، جاز أمانه. وإن كان يخدم مولاه، فلا أمان له. ويوجد عن عمر أنه أجاز أمان المماليك. وقال: المملوك رجل من المسلمين أمانه أمانهم. كذلك أجمعوا أن أمان الصبي غير جائز، وأمان الذمي لا يجوز(١) ، وكذلك أمان الأسير لا يجوز(٢) . = ، وقول: لا يثبت أمانهم، إلا برأي الإمام، راجع النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ . ص ٢٥٩ (١) وأجمعوا » : ٢٦١ . يقول ابن المنذر ، النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٥٩ الإمام ابن المنذر: الإجماع، دار الثقافة، الدوحة، تحقيق: « على أن أمان الذمي لا يجوز د. فؤاد عبد المنعم، ١٤٠٨ -. ١٩٨٧ ، ص ٦ (٢) فقد حكى ابن المنذر عن الثوري أنه استثنى من الرجال الأحرار الأسير في أرض الحرب .( فقال: لا ينفذ أمانه (ابن عمر: حاشية الترتيب للعلامة الوارجلاني: ج ٦، ص ٣١ وإن كان يقاتل مع المسلمين » وبخصوص الذمي، يرى الشيباني أن أمان الذمي باطل علة ذلك في رأي السرخسي أنه: « بأمرهم .« مائل إليهم للموافقة في الاعتقاد، فالظاهر أنه لا يقصد بالأمان النظر للمسلمين »إن أمر أمير العسكر رجلا » : إلا أن الشيباني يستثني من ذلك ً من أهل الذمة أن يؤمنهم، أو ، شرح كتاب السير الكبير للشيباني، ج ١ « أمره بذلك رجل من المسلمين فأمنهم فهو جائز ِ ص ٢٥٧ - ٢٥٨ ، راجع أيض ً ا الإمام الخلال: أحكام أهل ا لملل: ص ٢٣٥ -.٢٣٧ وقد صاغ الإمام الشوكاني علة عدم جواز أمان أهل الذمة والأسير، بقوله: وأما اشتراط الإسلام فلكون الأدلة إنما دلت على الأمان الصادر من المسلمين أو » = ولا شك أن من يجوزون إعطاء الأمان من غير ا لإمام(١) يستندون  خصوصا إلى التطبيقات العملية التي حدثت في عهد النبوة، وكذلك إلى ً حديث «... المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم » السابق الإشارة إليه(٢) . = أحدهم، وهكذا اشتراط أن يكون ممتنع منهم لأنه لو كان تحت حكمهم لم يجز أمانه الشوكاني: السيل الجرار « لأنه في حكم المكره، ولا بد في صحة الأمان من الاختيار . المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٥٣٣ (١) بخصوص سؤال يتعلق بما إذا كان للقاضي أن يعطي الأمان بما يضر بالدولة الإسلامية، يقول ا لسالمي: قيل لا أمان إلا بإذن الإمام، لأنه الناظر في مصالح الإسلام، وقيل بل لكل مسلم أن »يؤمن خائف ً ا على نفسه حتى يبلغ مأمنه، وهؤلاء أخذوا بظاهر الحديث، والأولون خصصوه بالقياس، إذ لو جاز لكل أحد ممن لا نظر له في الإسلام أن يؤمن من جاز قتله ظهرت بذلك مفسدة عظيمة، وذلك أن من جاز قتله في حكم المسلمين يفعل الفعل ثم يجئ إلى عامي من المسلمين فيأخذ منه الأمان على الإمام، فتظهر بذلك مفسدة عظيمة، وتتلاشى الأمور والشارع لم يقصد هذا المعنى، وقد قال ژ لم يكتف بجوار أم هانئ حتى قال لها أجرنا من أجرت، فهو تتميم لجوارها، فتفطن له فإنه معنى دقيق، ولله در الجلندي ما أصلبه في دين الله وما أوسع علمه حين قال لأبي الوضاح لا أمان إلا للإمام، وهذا الخلاف في تأمين الخائف على نفسه الجائز قتله لا في تأمين مثل هؤلاء الجواسيس، فإن في تأمينهم السعي في هدم الإسلام، وهو سبب القاضية على بلاد الإسلام، فما أخذ منهم « على هذا المعنى فهو أشد في الحرمة من مهر البغي، وحلوان الكاهن، وأجرة الديوث السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، ص ٣٧٨ -.٣٧٩ (٢) والمسلمون يد على من سواهم » : للإمام السالمي تعليق جيد على هذا الحديث، إذ يقول إذا كانت الكلمة واحدة ولم تتفرق بهم الأهواء وتتشعب بهم الآراء والأغراض، فأما إن ُُ تفرقوا وصار بعضهم يقتل بعض ً ا على الدنيا فما هذه اليد التي تكون لهم على من سواهم. لقد قطعها التفرق والتشتت وذهب الوفاء . ذهب الدين، ذهبت المروءة، ذهبت الغيرة، ُ ذهبت الحمية طمع فينا الخصم طلبنا بالمكائد، ونصب لنا الحبائل، فإنا لله وإنا إليه .« راجعون . انظر ذات المرجع، ص ٣٧٦  يقول الإمام ا لسالمي: وإن ظهر أن في تأمين الجبابرة فساد » ً ا في الدين وفشلا ً في المسلمين فلا تأمين لهم، كيف يكون التأمين فيما فيه هدم أركان الدين وقد اختلف المسلمون في تأمين الرعايا إذا لم يأذن لهم الإمام في التأمين ولم يحجر عليهم فإن حجر فلا أمان لهم، ولهذا قال ژ أجرنا من أجرت فإنه إجارة « منه ژ لها في ذلك(١) . ويمكن أن يصدر الأمان من قائد الجيش أو جنوده:  فعن محبوب أنه قال: إذا بعث الإمام قائد » ً ا، فإن أمن أحد من أصحابه خائف ً « ا فإن أمانه أمان(٢) . إن تقدم قائد الجيش والإمام على أهل السرية أن لا يؤمنوا » كذلك فإنه أحد ً « ا إلا برأيه، فلا يجوز أمان أحد منهم. فإن لم يتقدم جاز أمانهم(٣) . (١) . جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٢٥(٢) من جامع أبي صفرة وفقهه بتعليقات أبي عبد الله وأبي سعيد، مكتبة مسقط، ١٤٣٣ -٢٠١٢ ، ص ١٦٢ -.١٦٣ (٣) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٠٠ ؛ النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٥٩ ويلاحظ أن الأمان في الإسلام ملزم حتى ولو لم يرض الأمير. فقد أخرج ابن جرير وابن عساكر عن ابن عباس ^ قال: بعث رسول الله ژ خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي على سرية ومعه في السرية عمار بن ياسر ^ . قال: فخرجوا حتى أتوا قريبا من القوم ً الذين يريدون أن يصبحوهم نزلوا في بعض الليل. قال: وجاء القوم كنذير فهربوا حيث بلغوا فأقام رجل منهم كان قد أسلم هو وأهل بيته، فأمر أهله فيحملوا، وقال: قفوا حتى أتيكم، ثم جاء حتى دخل على عمار ƒ فقال: يا أبا اليقظان إني قد أسلمت وأهل بيتي، فهل ذلك ناقص أن أقمت فإن قومي قد هربوا حيث سمعوا بكم؟ قال: فقال له فأقم أنت آمن: فانصرف الرجل هو وأهله. قال فصبح خالد القوم فوجدهم قد ذهبوا فأخذ الرجل هو وأهله فقال له عمار إنه لا سبيل لك على الرجل قد أسلم. قال وما أنت وذاك؟ أتجير علي وأنا الأمير، قال نعم، أجير عليك وأنت الأمير، أن الرجل قد أمن ولو شاء لذهب كما = كل من » : ويلخص اتجاه في الفقه الإباضي من له إعطاء الأمان، بقوله « أمنه أحد من المسلمين الأحرار من الرجال والنساء جاز أمانه(١) . ٣ بم يتم ا لأمان؟ َ نستطيع أن نقرر قاعدة في الفقه الإباضي مضمونها أن: .« كل ما يدل على الأمان أمان » ُ معنى ذلك أنه إذا فهم المستأمن أنه قد أمن فهو آمن، ولا يجوز الرجوع في الأمان، بالقول مثلا ً ، عدم قصد منح إعطائه، إلا بإعادة المستأمن إلى مأمنه. لذلك قيل: يثبت الأمان بالإشارة، والأمان، والصفقة، والبيعة، والعهد، والخفارة، والإجارة، والإصر والذمام، والشرط، والعصمة. كله بمعنى الأمان(٢) . فكل من أمنه أحد من المسلمين، أو قال له: لا بأس » : يقول النزوي عليك، أو كلمه، كلام يطمعه فيه بالأمان، فجاء المشرك بحال ذلك، فلا « يقتل(٣) . = ذهب أصحابه عند رسول الله ژ فذكر عمار الرجل وما صنع، فأجاز رسول الله ژ أمان عمار ونهى يومئذ أن يجير أحد على الأمير فتشاتما عند رسول الله ژ ، فقال خالد: يا رسول الله: أيشتمني هذا العبد عندك؟ أما والله؟ لولاك ما شتمني، فقال نبي الله ژ كف يا خالد عن عمار؟ فإنه من يبغض عمار يبغضه ا لله 8 ومن يلعن عمار يلعنه ا لله 8 . ثم قام فولى واتبعه خالد بن الوليد حتى أخذ بثوبه فلم يزل يترضاه حتى رضي عنه وفي رواية أخرى رضي عنه، الكندهلوي: حياة الصحابة، ج ٢، ص ٥٤ -.٥٥ (١) أبو إسحاق الحضرمي: كتاب الدلائل والحجج، ج ١ -٢، ص ٦١٠ -.٦١١ (٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٠٠(٣) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٥٨ ، وجاء في بيان الشرع بخصوص أهل = وقد ذكر الفقه الإباضي مظاهر كثيرة لإعطاء ا لأمان: إذ يتم ذلك باللفظ الصريح، كما سبق ذكره، كقوله أمنتك، أو أنت  تحت حمايتي(١) . وفي قول أصحابنا إن » : وقد يكون ذلك بالإشارة. يقول النزوي « الإشارة بالأمان أمان(٢) . وإن ادعى أحد تأمين » : إن الشك يفسر لصالح المستأمن، لذلك قيل ُ مسلم فلا بيان عليه، وهو اختيار القطب 5 ادرؤوا » ، ويناسبه الحدود بالشبهات، ولأن تخطئوا في العفو خير من أن تخطئوا في « الحد(٣) . وقد يحدث ذلك بما يستفاد منه الأمان. وأمثلة ذلك كثيرة في الفقه الإباضي: = وأما دخولهم بأمان إلى المسلمين ودخول المسلمين إليهم فهو عندنا بالجواز بلا » الشرك محاربة فمن أجازه من المسلمين فدخل بلادهم وصار آمن ً ا عندهم فهو أمان وكذلك من أجازه المسلمون منهم وصار آمن ً ا عندهم فهو أمان وإن أمنه أحد من المسلمين الذين معه في السفينة أو من أهل البلاد الذين قدم إليهم من المسلمين فذلك أصح وليكتفي بذلك .« الأمان . الكندي: بيان الشرع، ج ٧٠ ، ص ٣٠٩ (١) ويتحقق الأمان بأية لغة تدل عليه، فقد كتب عمر فقال: إذا لقى الرجل الرجل. فقال: مؤنس فقد أمنه. فهي كلمة فارسية معناها: لا تخف وإذا قال: لا تخف، فقد أمنه، أو لا ، تذهل فقد أمنه، لأن الله تعالى، يعلم الألسنة (راجع النزوي: المصنف، ج ١١ ص ٢٦٠ -.(٢٦١ (٢) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٦١ (٣) الشيخ أبو عبيد السمائلي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، ص ٥٢١ . وجاء في المصنف: فإن أشار رجل من المسلمين إلى رجل من المشركين، وهو في الحرب، وأومأ إليه، »النزوي: « وإنما يوهمه أنه أمان. فقد حرم دمه عليهم، ولكن يؤسر، حتى يوصل إلى الأمان . المصنف، ج ١١ ، ص ٢٦١  فقد جاء في بيان ا لشرع: وعن رجل قلت له لا بأس عليك ضع سلاحك فوضعه فأخذته هل لك » قتله؟ فذلك الأمان ليس لك قتله وكل شيء كان على هذا النحو فكف  « عنه(١) . ولا يتصور » : وقد يستفاد الأمان من صحبة الحربي، يقول أطفيش « صحبة الحربي وإلا فقد أمن(٢) . كذلك قيل: ولا يقتل ولا يعجل على من قال: أنا مسلم، وكذلك من قال: أشهد أن » ُُ محمد ً ا رسول الله ژ لا يعجل عليه. وإن كان أعجميا فتكلم بكلام يوهم الإسلام فلا ي ُ عجل عليه؛ لقول الله تعالى: ﴿ }~ ﮯ ¢¡ ¥¤£ ﴾[ [النساء: ٩٤ «(٣) . وقد يستفاد الأمان من ا لسلام: وهكذا بخصوص قولهم: إنه لا يسلم على الباغي وفي الصبي قولان وفي الرد كذلك ما وجهه؟، يقول ا لسالمي: أما الباغي فلا يسلم عليه، لأن السلام أمان فإذا سلم عليه المسلم » فكأنه أمنه وهو مأمور بقتاله، وهذا يقتضي أن منعه التسليم عليه حال (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٩٥ ويوافق صاحب المصنف على ذلك، إذ يقول: عن قومنا وقال الأوزاعي : إذا قال له: قم، وألق سلاحك. فوقف، فلا قتل عليه. ولا »يباع إلا أن يدعى أمان ً .« ا. ويقول: إنما رجعت، أو وقفت، فهو آمن لكنه يضيف: وأما قوله: اطرح سلاحك، ونحو هذا. فهذا يتصرف على معان. وهو على معنى المريد لا ».٢٦٢ ، النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٦٠ « المراد، وينظر فيه (٢) . أطفيش: الذهب الخالص المنوه بالعلم القالص، المرجع السابق، ص ٣١٨(٣) أبو إسحاق إبراهيم الحضرمي: الدلائل والحجج، المرجع السابق، ج ١ -. ٢، ص ٦١١ المحاربة لا حال الصلح والتأمين، فإن السلام حق لأهل التوحيد من « بعضهم لبعض(١) . وقد يستفاد الأمان من اصطحاب الزوجة غير ا لمسلمة: وإن تزوج أسير من المسلمين نصرانية من أهل الحرب، وأقام معها في » دار الحرب، ثم وجد سبيلا ً فهرب، فإنها لا تحل له أبد ً ا، وإن أسلمت؛ لأنه تزوجها وهي حربية.  وإن أبت أن تسلم، وأرادت الرجوع إلى بلادها، فليس للمسلمين أن « يمنعوها من ذلك، لأن زوجها قد أمنها(٢) . وبخصوص ذات المسألة يقول أطفيش: إن الزوجة لا تمنع من الرجوع: « لأنها دخلت بأمانه »(٣) . ٤ الأحوال التي لا يجوز فيها ا لأمان: في الفقه الإباضي أحوال لا يجوز فيها الأمان، أهمها: أولا ً نهى الإمام أو المسؤولين في الدولة عن إعطاء ا لأمان: علة ذلك أن سلطات الدولة بما لديها من معلومات توفرها لها أجهزتها المختصة قد ترى أن من الخطورة ترك الأمان للأفراد ا لعاديين. في هذا المعنى جاء في ا لمصنف: (١) جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٨٥ . انظر أيض ً ا: . الشيخ ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، المرجع السابق، ص ٢٩٥(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٧، ص ٦٨٨(٣) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ٦، ص ٣٠٢ ؛ البسيوي: جامع أبي الحسن . البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٤٨ فإن تقدم القائد، أو الإمام، على أهل السرية، أن لا يؤمنوا أحد » ً ا إلا برأيه، فلا يجوز أمان أحد منهم، وإن لم يقدم عليهم جاز أمانهم. وفي موضع: فإن قال القائد للناس: يا معشر الناس، لا تأمنوا أحد ً ا إلا « بإذني فإن أمن رجل من العسكر، فلا أمان له(١) . ثانيا عدم منح الأمان للبغاة ما داموا على بغيهم: ً سبب ذلك جد واضح: عدم إعطاء ملاذ آمن لمن يحارب المسلمين ويخرج عليهم. يقول ا لبطاشي: ولا يحرم دماء هؤلاء (أي البغاة) إعطاء أمان لهم ما لم يتوبوا بل يحل » قتالهم ولو لمن أعطاهم الأمان؛ لأن ذلك الأمان باطل ولا يجوز إعطاء الأمان لهم خداع ً ا ولو كانوا لا يصلون إلى ذلك، إلا أنه وإن أعطوهم أمان ً ا « لانخداع فلهم قتالهم ولو بلا إخبار بنقض ا لأمان(٢) . ثالث ً ا عدم إعطاء الأمان للمجرمين: يرجع ذلك، بداهة، إلى أن منح الأمان لمن ارتكب أعمالا ً تشكل جرائم يعني عدم إمكانية ملاحقته بواسطة السلطات المختصة في الدولة: إذ (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٥٩ . انظر أيض ً ا الكندي: بيان الشرع، . المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٩٥ (٢) ، الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٩ . ص ٩٩ فأي رجل من المسلمين أمن رجلا » : يقول النزوي ً ، قد لزمه شيء في حكم المسلمين، لم يجز ذلك الأمان؛ لأنه ليس لأحد أن يحكم بخلاف حكم الله، ولا يؤمن أحد على حدود . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٦٠ « الله الواجبة أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٣٩٢ لن يمكن محاكمته وتوقيع العقاب عليه. وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك(١) . رابع ً ا عدم منح الأمان لمن يحتلون أو يستولون على إقليم الدولة الإسلامية: علة ذلك مزدوجة: • فمن ناحية، يؤدي إعطاؤهم الأمان إلى زيادة قوتهم، وعدم التعرض لهم أو مقاومتهم. بعبارة أخرى، بقاؤهم في بلاد المسلمين ينعمون بخيراتها ويذلون أهلها. • ومن ناحية أخرى، يترتب على هذا الأمان ضعف المسلمين زيادة على ضعفهم، وازدياد شعورهم بالسكينة والذل، وهم يرون الأجنبي يسيطر  على بلادهم، ولا يستطيعون بسبب بالأمان التعرض له. (١) وهكذا قيل: لا أمان لمرتد أو مانع حق أو قاطع طريق أو طاعن في الدين، وفي النيل ما نصه: ويقتل »كقاطع ومانع ومرتد وطاعن حيث وجدوا ولا يحرم دماءهم إعطاء أمان لهم ما لم يتوبوا أولا ً ما حل منهم من قتل وحبس وصلب حيث يستحق عند الإمام ا نتهى. وقال العيلم بن يوسف المغربي في شرحه: سواء أعطاهم الأمان الإمام أو المظلوم أو غيره، علم من أعطاهم الأمان بقطعهم ومنعهم وارتدادهم وطعنهم أو لم يعلم، أعطاهم الأمان لأمر ديني أو دنيوي مباح أو حرام، وخص الإمام لأنه أحق بإنفاذ الحقوق، ولما كان ذلك حقا لله لم يبطله إعطاء الأمان لهم انتهى بحروفه. وهكذا عرفنا من أهل عمان أن ُ تأمين من عليه حد لا يصح، وعن أبي مودود ما دل على ذلك، ولا عفو ولا أمان لمن قتل المسلمين على دينهم، ولا لمن قتل بعد أخذ الدية أو العفو في قول بعضهم هكذا عرفنا. وأقول مجملا ً أن من عليه حد لله أو حق لمخلوق كقصاص أو قود أو دية فلا أمان .« له إلا من صاحب الحق وحده من ا لمخلوقين عين المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام المحتسب صالح بن علي الحارثي، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ١٤١٤ -١٩٩٣ ، ص ٣٨٦ -.٣٩١ ُ ٣٩٣ ولعل خير من أكد ذلك هو الإمام السالمي، إذ يقول: لا يحل لأحد من المسلمين تأمين أحد من النصارى في دخول بلاد » المسلمين في هذا الوقت. ولا يحل لأحد أن يكون لهم خفيرا في هذا الحال ً المشاهد، لأنهم إنما يسعون في هدم الإسلام ويدخلون البلاد للتجسس عن عوراتها، فالداخل منهم جاسوس دولته، وجاسوس الكفار يقتل شرع ً ا، ومن سار به فهو معين له على سعيه الفاسد، ولا حجة له في قوله ژ : يسعى » « بذمتهم أدناهم ؛ لأن هذا في خائف أراد أن يبلغ مأمنه فإذا أعطاه أحد من المسلمين ذمة فليس لباقيهم أن يخفر ذمته، وليس الحديث في جاسوس الأعداء: أتكون ذمتكم لمن بالخدع أيانا حرب ولو انسد على النصارى باب الدخول في بلاد الإسلام لتعذر عليهم معرفة ما فيها من صلاح وفساد. وحين فتح الباب نظر الأعداء إلى العورات ووضعوا أقدامهم مواضع كانوا لا يعرفونها، ومدوا أيديهم إلى أشياء كانوا لا َ يطمعون فيها فالله المستعان، وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبما كسبت « أيديكم، والله أعلم(١) . خامسا قوله ژ : لا يعني إعطاء الأمان من أي « يسعى بذمتهم أدناهم » ً إنسان لأي إنسان، إنما الأمان للإمام: يستند منع إعطاء الأمان هنا إلى تلافي المفاسد التي تترتب على إعطائه، في وقت لا يجوز فيه ذلك. ولما كان الإمام هو الناظر للمسلمين، (١) أبو عبد الله السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، المرجع السابق، ج ٤، ص ٣٧٧ فإنه وحده الأقدر من غيره على تقدير متى وكيف ولمن يتم إعطاء الأمان لمن يطلبه(١) . سادسا عدم منح الأمان لمن يخشى من دخوله الضرر على الدولة ً الإسلامية: يعد ذلك تطبيق ً :« الوقاية خير من ا لعلاج » ا لقاعدة Prevention is better than cureـ Il vaut mieux prévenir que guérir وهو ما أكده الفقه ا لإباضي: قال الشيخ خميس في منهجه لا يستحل قتال قوم دخلوا البلاد حتى » يكون منهم الحرب الذي لا يجوز وتقوم عليهم الحجة بذلك قلت في الأثر (١) عبر عن هذا المعنى الإمام السالمي، إذ بخصوص قول البعض لا أمان إلا بإذن الإمام،  ما بيان ذلك؟، يقول: ،« يسعى بذمتهم أدناهم » وظاهر الخبر قيل لا أمان إلا بإذن الإمام؛ لأن الناظر في مصالح الإسلام، وقيل بل لكل مسلم أن »يؤمن خائف ً ا على نفسه حي يبلغ مأمنه، وهؤلاء أخذوا بظاهر الحديث، والأولون خصصوه بالقياس، إذ لو جاز لكل أحد ممن لا نظر له في الإسلام أن يؤمن من جاز قتله ظهرت بذلك مفسدة عظيمة، وذلك أن من جاز قتله في حكم المسلمين يفعل الفعل يجيء إلى عامي من المسلمين فيأخذ منه الأمان على الإمام، فتظهر بذلك مفسدة عظيمة، وتتلاشى الأمور والشارع لم يقصد هذا المعنى، وقد قال ژ: « أجرنا من أجرت يا أم هانئ » فها هو ژ لم يكتف بجوار أم هانئ حتى قال لها أجرنا من أجرت، فهو تتميم لجوارها، فتفطن له فإنه معنى دقيق، ولله در الجلندي ما أصلبه في دين الله وما أوسع علمه حين قال لأبي الوضاح لا أمان إلا للإمام، وهذا الخلاف في تأمين الخائف على نفسه الجائز قتله لا في تأمين مثل هؤلاء الجواسيس، فإن في تأمينهم السعي في هدم الإسلام، وهو سبب القاضية على بلاد الإسلام، فما أخذ منهم على هذا المعنى فهو أشد في الحرمة من مهر ِ ُ .« البغي، وحلوان الكاهن، وأجرة ا لديوث َ أبو عبد الله السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، المرجع السابق، ج ٤، ص ٣٧٨ -.٣٧٩ ما معناه إذا كان القوم غير مأمونين إذا تمكنوا من البلاد فلأهل البلد أن منعوهم عن دخولها فإن أبوا عن ذلك جاز لهم دفاعهم وقتالهم قبل تمكنهم « في ا لبلاد(١) . ٥ آثار ا لأمان: إذا تم منح الأمان بطريقة صحيحة، فإنه يترتب على ذلك حتما ً بعض الآثار في حق من تم تأمينه، ومن أعطى الأمان، وبالنسبة لجميع المسلمين(٢) . ونوجز هذه الآثار وفق ً ا للفقه الإباضي، فيما يلي:  أولا ً التزام المسلمين كلهم بالأمان: هذا أثر حتمي يترتب على الأمان، بل هو جوهره وأساس بنيانه. يقول ابن محبوب: « ومن أمنه أحد من المسلمين تم ذلك على جميعهم »(٣) . وجاء في ا لمصنف: أبو مودود: ولا يحل قتل رجل، أمنه رجل من المسلمين، لأن ذمة » «(٤) المسلمين واحدة، تجري ما أعطى أولهم على آخرهم، من كان عدلا ً . (١) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ١٦ (٢) لخص ابن جماعة ذلك بقوله إن الحربي الذي يعطى الأمان حكمه خلال مدة إقامته « حكم أهل الذمة في ا لذب عنه وعن ماله وما يتعلق به، وفي جريان أحكام الإسلام عليه ». الإمام ابن جماعة: تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، ص ٢٣٨ (٣) ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، المرجع السابق، كتاب المحاربة، ص ٥٧ . الكندي: . بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ؛ ص ٢٠٨(٤) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٦٠ وإذا كان الأمان يسري على المسلمين مجتمعين، فإنه يسري عليهم، من باب أولى منفردين. سر على بركة الله. » : فقد قال أبو بكر لعكرمة حين وجهه إلى عمان ُ « ولا تنزلن على مستأمن، ولا تجورن على حق مسلم(١) . ومن كتاب الإمام سعيد بن عبد الله إلى يوسف بن وجيه: ولا نقتل مستأمن » ً « ا إلينا(٢) .  وبخصوص قوله تعالى: ﴿ Äà﴾ [ [التوبة: ٦ أي لا تحركه » : ، وقيل « حتى يبلغ مأمنه(٣) . ويقول الإمام نور ا لدين:  (١) المرجع السابق، ص ١١٢ . وجاء في المصنف أيض ً ا: وفي موضع: فإن أشار رجل من المسلمين، إلى رجل من المشركين، وهو في الحرب، »وأومأ إليه، إنما يوهمه أنه أمان. فقد حرم دمه عليهم ولكن يؤسر، حتى يوصل إلى الأمان ذات المرجع، ص ٢٦٠ « إن شاء الله -.٢٦١ (٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٦١ أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، المرجع السابق، ج ٤، ص ٣٩٢ فإن نزلوا عليه ضيف » : كذلك بخصوص سؤال ً ا في بيته أو اصطحبهم في الطريق فخفرهم يعجبني أن لا يعرض لهم » : قيل «؟ عن المبغى عليهم في حاله ذلك كيف القول في هذا في تلك الحال لأنهم آمنون بالخفارة ها هنا والخفارة مثلثة التأمين والإجارة والمنع وأهل عمان متفقون على استعمالها فيما بينهم ولا ينكرونها وكأنها عن رضى منهم بها، وفي ُ .« نظري أنها ثابتة عليهم ما لم يتقدم بعضهم على بعض في أن لا يجير عليه عين المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام المحتسب صالح بن علي الحارثي، . المرجع السابق، ص ٣٨٩(٣) . الشيخ هود الهواري: تفسير كتاب الله العزيز، دار الغرب الإسلامي، ج ٢، ص ١٥ لا تجوز الخيانة، ولا يحل القتل في الأمان، فمن فعل ذلك فقد باء » .« بغضب من الله. ومن قتل في الأمان فلا أمان له ثانيا التزام المستأمن بأحكام ا لأمان: ً ذلك أنه قد اكتسب وضعا قانونيا معين ً ا يتمثل في حقوق له وواجبات ًً عليه مما يحتم عدم خرقه لمقتضيات الأمان. وهكذا: قيل: « في أحكام الأمان والمعاهدة » : تحت عنوان ولا يستحل قتال قوم دخلوا البلاد حتى يكون منهم الحرب الذي » يستحقون به ذلك ولا نرى إخراج الناس من منازلهم ولا من البلاد ومن أحدث حدث ً « ا أقيم عليه الحد في حدثه، ونحو ذلك(١) . وجاء في بيان ا لشرع: ومن الكتاب ولا ينبغي للمشرك إذا أسلم في المشركين أن يقطع شيئ » ً ا من أموالهم بجناية ولا مكاثرة وهو في أمانهم حتى ينابذهم وينابذوه... ومن الكتاب وقيل في أسير من المسلمين مع المشركين هل يحل له قتلهم قال لا يحل له قتلهم فإنهم قد أمنوه وآمنهم ولكن إن قدر أن يهرب فليفعل. قال أبو عبد الله 5 ولكن ما دام معهم في طريقهم ولم يصر معهم في « بلادهم فله أن يجاهدهم عن نفسه(٢) . ثالث ً ا احترام أموال المستأمن حتى بعد وفاته: إذا كان من المحتم عدم المساس بأموال المستأمن أثناء حياته فإن الفقه الإباضي يؤكد أيض ً ا أن ذلك يسري حتى بعد مماته. (١) . ابن جعفر: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ٨، ص ١٦٨(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٠٧ يقول ا لنزوي: وقيل: إذا مات الحربي الداخل بأمان، رد ماله على ورثته، من أهل » « الحرب، إلا السلاح، فإنه لا يرد إليهم، ويباع ويرد عليهم ثمنه(١) . رابعا الدفاع عن المستأمن ضد أي ا عتداء: ً هذه من مقتضيات الأمان، والتي تتمثل في جوهرها في منح ملاذ آمن لمن تم تأمينه.  وقد أكد على ذلك الفقه ا لإباضي: قيل: ولمن جاور أو أمن أو صحب مخفرا ومضيف » ً ا لنازله أن يقاتل ً عنهم إن قصدهم قاصد ً ا ليقتلهم معه أم كيف يفعل؟ قلت: أعاذنا الله والمسلمين من البلاء وكفانا بفضله كل أذى وعندي أن له أن يقاتل عليهم لأنه أمنهم بذاك متمسك ً ا بقوله ژ: المسلمون يد على » « من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم وهذه ذمة أحدهم فلا يخفروها؛ أي: لا « يضيعوها والخفارة أمان(٢) . :« حرام » خامسا خرق الأمان ً وإذا » : قيل ،« في تأمين المسلمين وتحريم نبذه » : وهكذا تحت عنوان أمن مسلم أحد ً ا من أهل الحرب ح ُ « رم للمسلمين نبذه(٣) . (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٦٠(٢) عين المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام المحتسب صالح بن علي الحارثي، . المرجع السابق، ص ٣٩٠(٣) الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٥٠ -.٢٥١ وبخصوص [أبو تميم يعطي الأمان للإباضية]، قيل: = فدماء » : يقول البسيوي ،« في دماء أهل القبلة » وبخصوص مسألة المسلمين والمعاهدين وأهل الذمة ومن دخل بأمان حرام، إلا من أحدث حدث ً « ا أخذ به، وحكم عليه بحكمه(١) . ولا ينبغي للمشرك إذا أسلم في المشركين أن يقطع » : ويقول النزوي شيئ ً ا من أموالهم بخيانة، ولا مكابرة، وهم في أمانهم، حتى ينابذهم « وينابذوه(٢) . ويأخذ الفقه الإباضي بقاعدة إنسانية عظيمة في حالة خرق الطرف الآخر للأمان بخصوص رهائن المسلمين لديه وأثر ذلك على الرهائن غير المسلمين عند ا لمسلمين. يقول ا لنزوي: وعن قوم من المسلمين، صالحهم قوم من أهل الشرك، ووضعوا » عهدهم رهائن وأخذوا من المسلمين رهن ً ا، فقتل المشركون ما في أيديهم من رهائن. أيحل للمسلمين قتل الذين في أيديهم؟ = فبعث بالأمان في بلاد الوهبية كلها وأمر أن لا يهاج منهم أحد؟ فذكر المشائخ أن أهل »الدعوة في أمانه إلى يومنا هذا، قلت: وذلك لأنهم من ذلك سالموا فسولموا، هذا الذي ُ .« عناه ا لمشائخ ، الشيخ الدرجيني: كتاب طبقات المشايخ بالمغرب، تحقيق: إبراهيم طلاي، ج ١، ط ٢ . ص ١٣٧ (١) . جامع أبي الحسن البسيوي، المجلد الأول، ص ٦٩٧ كذلك يقول ا لسالمي: هدم الصلح حرام لا يصح ولا يحل وهادمه بعد استقراره باغ قطعا وإذا حرم كسر الأمان » ً .« فما ظنك بهدم ا لصلح . ذكره الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٩٤(٢) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٤٢ قال: لا يحل ذلك لهم؛ لأنهم آمنون. فإن نقض أولئك، وقتلوا المسلمين، فقد نقضوا عهدهم، وصاروا « ا(١) حرب . ً ولا شك أن هذه نظرة تهدف إلى الوفاء بما يوجبه الأمان، وعدم الغدر .« بمن تم تأمينهم سادسا ضابط حقوق وواجبات ا لمستأمن: ً رغم أن المستأمن يعتبر على عكس الذمي أجنبي عن دار الإسلام، إلا أنه يتمتع بوضع يقارب ذلك المقرر لأهل الذمة. ولبيان ذلك نقول إنه بالنسبة للحقوق والواجبات فقد وصلت سماحة الفقه الإسلامي إلى حد أن (١) النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٤٥ -.١٤٦ هذا هو أيض ً ا ما يمكن استنباطه من السير الكبير. يقول ا لشيباني: ولو حصل المستأمنون في عسكر المسلمين غير ممتنعين منهم فبدا للأمير أن ينبذ إليهم »فعليه أن يلحقهم بمأمنهم... ويؤجلهم إلى وقت يتيسر عليهم اللحوق بمأمنهم في ذلك .« الوقت، ولا يرهقهم في الأجل كيلا يؤدي إلى الإضرار بهم كذلك ورد في السير الكبير ما يدل على ذلك أيض ً ا، يقول ا لشيباني: وإذا أطال المستأمن المقام في دارنا يتقدم إليه الإمام في الخروج، ويوقت له في ذلك »وقت ً .« ا، ولا يرهقه على وجه يؤدي إلى الإضرار به ويعلق على ذلك السرخسي بقوله: لأنه ناظر من الجانبين، فكما يمنعه من إطالة المقام بغير خراج نظرا منه للمسلمين، لم » ً .« يرهقه في التوقيت نظرا منه للمستأمن ً ولا شك أن ذلك يدل على نفس تواقة إلى احترام آدمية الإنسان، ولو كان من ا لأعداء. ، شرح كتاب السير الكبير للشيباني: المرجع السابق: ط القاهرة: ج ١، ص ٢٨٧ ، ج ٥ . ص ١٨٦٨ انظر أيض ً ا، د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في . شريعة الإسلام، أصول القانون الدولي عند الإمام الشيباني، ج ١٤ ، ص ١٢٤ أهل الذمة لهم ما لنا وعليهم ما علينا (إلا في استثناءات قليلة). وبالنسبة « بمنزلة أهل الذمة في دارنا » للمستأمن فهو(١) . (إلا استثناءات قليلة: فالذمي   يدفع الجزية، والمستأمن لا يدفعها)، كما أن المستأمن يكون أجنبيا لا ً يتمتع بالحقوق ا لسياسية. ومعنى ما تقدم أن هناك فارق ً ا بين القانون الدولي المعاصر والفقه الإسلامي: ١ ففي القانون الدولي المعاصر، وهو ما تطبقه الدول: القاعدة أن الأجنبي ليس كالوطني، إلا ما ا ستثنى. ٢ أما في الفقه الإسلامي، فالقاعدة أن الأجنبي المستأمن كالوطني، إلا ما استثنى. فالمستأمن في دارنا كالذمي (إلا ما استثنى)، وبالتالي تكون المعادلة، كما يلي في الحقوق والواجبات: المستأمن = الذمي = المسلم. ٦ مدة ا لأمان: ذهبت غالبية الفقه الإسلامي إلى التأكيد على أن أقصى مدة يمكن للأجنبي أن يعيش خلالها في دار الإسلام هي مدة سنة، فإذا زادت عن ذلك اكتسب وضع الذمي بما يترتب على ذلك من آثار(٢) . (١) . شرح كتاب السير الكبير للشيباني، ج ٢، ص ٢٢٦ (٢) يقول اتجاه قوي في الفقه الإسلامي إن مدى الأمان لا ينبغي أن تزيد على السنة، إذ لو طلب الحربي مدة أطول لوجب عليه دفع الجزية وعندها يصبح ذميا، والمستأمنون يشكلون فئة الأجانب الذين يقيمون إقامة مؤقتة في دار الإسلام. معنى ذلك أن عقد الأمان هو عقد مؤقت إذ لو كان مؤبد ً لصار بمقتضاه غير المسلم ذميا لا مستأمن » ا ً .« ا د. عارف خليل أبو عبيد: العلاقات الخارجية في دولة الخلافة، دار الأرقم، الكويت، ١٤٠٤ - ١٩٨٣ ، ص ٤٣ ؛ د. أحمد عبد الكريم سلامة: نحو نظرية عامة للقانون الدولي = وقد ورد في السير الكبير ما يؤكد ذلك: وإذا أطال المستأمن المقام في دارنا يتقدم إليه الإمام في الخروج » ويوقت له في ذلك وقت ً ا ولا يرهقه على وجه يؤدي إلى الإضرار به. لأنه ناظر من الجانبين فكما يمنعه من إطالة المقام بغير خراج نظرا منه ً « للمسلمين لم يرهقه في التوقيت نظرا منه للمستأمن(١) . وتعليق ً ا على ذلك ً يمكننا أن نقرر أنه كما أن فقهاء المسلمين راعوا جانب الدولة الإسلامية فقد راعوا أيضا وضع الأجنبي الذي يطلب منه مغادرة البلاد وذلك بعدم ً إرهاقه واستعجاله في وقت بسيط جد ً ٤٨ ساعة مثلا ، ا ( ٢٤ ( كما تفعل ً الدول حاليا، وإنما لا بد من توقيت زمن لا يرهقه ولا يضر به. ً لا تجوز أن تزيد مدة » بل ويذهب اتجاه في الفقه الإسلامي إلى أنه « الأمان على أربعة أشهر(٢) . ونحن نرى أنه ليس ثمة دليل على تأقيت الأمان بما دون السنة، وبالتالي فالأمر مرجعه إلى الإمام وإلى سلطات الدولة الإسلامية وفقا لما تمليه مصالح البلاد. ونرى أنه حتى لو طالت مدة إذ الفارق بينهما واضح: « ذميا » المستأمن بدرجة كبيرة فإن ذلك لن يجعله فالذمي من رعايا الدولة الإسلامية، أما المستأمن مهما طالت مدة إقامته فليس من رعاياها، بل يظل أجنبيا عنها. يؤيد ما قلناه أنه، في رده على من قال إن الأمان لما هو دون سنة، يقول ا لشوكاني: لا دليل على هذا التوقيت، بل المتعين الرجوع إلى ما في الأدلة من » الإطلاق، وقد جاءت بتصحيح الأمان، ولم يقيد بوقت، لكن يجوز = دار ،« مدونة أبحاث في القانون الدولي الخاص » : الخاص الإسلامي، منشورا في كتابه ً . النهضة العربية، القاهرة، ط الأولى، ص ٧٤(١) . السرخسي: شرح كتاب السير الكبير للشيباني، ج ٢، ص ٤١٣(٢) . ابن جماعة: تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، ص ٢٣٦ للمسلمين إذا كان الأمان الواقع من أحدهم مطلق ً ا أن يؤقتوه، وإن كان لمدة طويلة أن يجعلوه للمدة التي تقتضيها المصلحة، فإن رضي من وقع له « التأمين بذلك وإلا رد إلى مأمنه(١) . وهو عين ما يأخذ به الفقه الإباضي، يقول أطفيش: ومدة اللبث أربعة أشهر، وصححه بعض الشافعية، والصحيح أنها إلى » رأي الإمام، وسواء في ذلك كله أنه جاء لسماعه أو لحاجة، فإذا خالط « المسلمين لم يخطئه ا لسماع(٢) .  ٧ أثر دخول دار الإسلام بغير أمان: لا شك أن دخول غير المسلمين بدون أمان يشكل انتهاك ً ا لسيادة الدولة الإسلامية، وخروجا على ما جرت عليه الأعراف بين الدول. الأمر الذي ً يعطي الدولة الإسلامية حق التصدي لهم، وأخذهم حسب طبيعة الحالة سبيا أو أسرى، بل ويمكن مفاداتهم بأسرى ا لمسلمين. ً وهكذا بخصوص دخول المشرك أرض الإسلام بدون أمان، جاء في شرح ا لنيل: وإن دخلها بلا أمن فعل معه الإمام ما بان له من سبس وغنم، وجوز » لغيره وله وللمسلمين بعد إثخان بقتل محاربيهم وتوهين شوكتهم أسرهم لفداء، ولا يقتلون بعد أخذه منهم، ولا يستخدمون، وإن خرجوا ممن لا يؤخذ منهم مال أو لا يجوز فداؤهم رد لهم ما أخذ منهم ورخص في فداء أسرى « المسلمين بهم ولو لغير قومهم من المشركين لا في فدائهم بمال منهم(٣) . (١) . الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، ج ٤، ص ٥٣٣(٢) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٩٥ (التوبة: ٥ -.(٦ (٣) والمقصود بهذه العبارة الأخيرة هو ما يلي: ورخص في فداء أسرى المسلمين بهم، ولو لغير قومهم من المشركين بأن يكون أسرى » = أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٤٠٤ حاصل ما تقدم أن نظام الأمان في الفقه الأباضي، وكذلك في المذاهب الإسلامية الأخرى، هو نظام يرمي إلى بعث الطمأنينة في نفوس المستأمن حثا له على المقام في دار الإسلام واحتراما لآدميته وإنسانيته(١) . ً وهو نظام وضع نظرية متكاملة لوضع المستأمن في ديار المسلمين تضمن حمايته وعدم الاعتداء على حقوقه(٢) . = المسلمين في يد قومهم، أو في يد مشركين آخرين غير قومهم فيفادونهم بهم، وإما أن يعطوهم لمشركين غير قومهم بمال فذلك مكروه لأنه كالبيع، والعبد لا يباع لمشرك، وإلى هذا أشار بقوله: (لا في فدائهم بمال منهم)؛ أي: من غير قومهم من المشركين؛ أي: ٍ لا يقبلون من المشركين غير قومهم فداء بمال لأن ذلك كبيعهم العبيد للمشركين، وسواء في ذلك كله الرجال والنساء والأطفال والبل ّ غ، ولهم أن يقبلوا المال عن غير قومهم  ويطلقوهم ولا يمكنوهم منهم، وكيفية الفداء أن يعطى الأسير أو غيره شيئ ً ا معلوما بمرة ً حاضرا أو عاجلا أو آجلا ً ، أو يفرق عليه نجوما سنين أو شهورا أو أياما حتى يتم ذلك ًً ًًً المعلوم، وأما أن يضرب عليه بشيء في كل سنة أو شهر أو مدة مستمرا لا ينقطع كالجزية ً .« فلا يجوز  . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٧ ، ص ٥٨٠ (١) بين العامري أساس نظام الأمان، بقوله: فمن الواجب إذن أن نعلم أن من أعم أسباب الرحمة بهذا الدين أنه ليس بقار الملحد والمشرك »في مملكته نفسه إلا بعقد الأمان. ولو تركهما فيها من غير عهد ولا ميثاق حسب ما يترك الكتابي لنفضا شغلهما على استزلال العوام، ولأسرع الأكثرون منهم إلى إجابتهم، لقوة سلطان التقليد الحسي عليهم، ولما وجدت السياسة الفاضلة مستوفية حقها من حسم مواد ا لفساد. أما الكتابي، فلأن القرآن مصدق لكتابهم، ومهيمن على ما في أيديهم، اقتصر منهم على الجزية التي هي شرائط الملك، دون شرائط ا لدين. وأمر الولاة والذادة بحمايتهم، ليتوصلوا على طول بمخالطة أهل الإسلام إلى ما (تضمنه) القرآن من الشرائع والأحكام، ويتنبهوا على موقع مزيته على ما اعتقدوه من دينهم، ويسلموا أيض ً ا بشرف هذا الدين، مما كانوا ممن ُ.« وين به أيام الأكاسرة من تكلف المهن الخسيسة: كنقل الجيف، وكنس ا لطرق العامري: كتاب الإعلام بمناقب الإسلام، دار الكتاب العربي، القاهرة، ١٣٨٧ -. ١٩٦٧ ، ص ١٦٨ (٢) أهل الذمة في وجوب القيام بنصرتهم كالمسلمين بخلاف » في الفقه الحنفي القاعدة أن وهكذا جاء في السير ا لكبير: .« المستأمنين = ويفترض ذلك مراعاة المستأمن لالتزاماته في دار الإسلام. لذلك بخصوص هل يجوز مباغتة المشركين إذا أظهروا الصداقة للمسلمين خداع ً ا؟ يقول أطفيش: إنه لا بد أن تنبذوا إليهم على سواء ولا تباغتوهم كما قال الله » 8 : ﴿ utsr ﴾ [ [الأنفال: ٥٨ ، فإن هم دخلوا في أرض الإسلام بالأمان فلا بد من النبذ إليهم، ومن باغت منهم عوجل بلا نبذ إليه، ومن أمنهم مع ُ علمه بخداعهم، لم يجز له ذلك. ولو كنتم يد ً ا واحدة قوية لاستحسنت لكم مراقبة المشركين بإبطال خدعهم بحيلكم ليهون كيدهم ويبطل ويسقط في أيديهم فتكونوا على « استعداد حتى إذا ظهر لكم ما لا تطيقونه عاجلتموه بالهوينا(١) . = ولو كانوا أهل منعة دخلوا إلينا بأمان ليجتازوا إلى أرض أخرى فيقاتلوا أهلها، ثم أغار »عليهم في دار الإسلام أهل حرب آخرين فأسروهم فليس علينا نصرتهم، وإن قدرنا على ذلك بخلاف أهل ا لذمة.لأن أهل الذمة صاروا منا دارا، وقد التزموا حكم الإسلام فيما يرجع إلى ا لمعاملات. ً فيجب على الإمام نصرتهم، كما يجب عليه نصرة المسلمين. فأما المستأمنون فهم من أهل دار الحرب، إلا أنهم للحال في دارنا بأمان، وإنما يجب علينا نصرتهم ودفع ظلم من أهل دارنا عنهم. والذين ظلموا هناك ليسوا من أهل دارنا ولا تحت ولايتنا. فلا يجب علينا دفع ظلمهم عنهم. وهذا لأن لدار الإسلام دارا معادية وهي دار الحرب، فمن هو من أهل دار الإسلام إنما ً يتمكن من المقام فيها بدفع ظلم أهل الدار المعادية عنه، فأما من ليس من أهل دارنا فهو إنما دخل دارنا مجتاز ً ا أو ليقضي حاجته، ثم ليعود إلى داره، ففي تحصيل هذا المقصود لا حاجة إلى دفع ظلم أهل دار المعادية عنه، وإنما تتحقق الحاجة إلى دفع ظلم من في .« دارنا عنه، وما يثبت من الحكم باعتبار الحاجة، فثبوته حسب ا لحاجة شرح كتاب السير الكبير للشيباني، ج ٥، ص ١٨٥٤ -.١٨٥٥ (١) . أطفيش: كشف الكرب، ج ٢، ص ٣٦٣ الفرع ا لثاني اللاجئون نشير أولا ً إلى ماهية الحق في اللجوء، وبعد ذلك ندرس القواعد التي تحكمه، وأنواعه، واللجوء وفق ً ا لقانون إقامة الأجانب في سلطنة عمان. ُ :Aƒé∏dG »a ≥ëdG á«gÉe (CG يتمثل اللجوء كقاعدة في انتقال الشخص من مكان إلى آخر يأمن فيه، وذلك فرارا من الاضطهاد والتعذيب أو اعتناق دين معين أو غيره من ً الأسباب التي تدفعه إلى ذلك. وقد أجاز القرآن الكريم حق الملجأ في قوله تعالى: ﴿ º¹¸ ة ا لنبوي ً    ÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼» Ê ﴾ [ [التوبة: ٦ . كذلك أباحت ا لسن ة هجرة المسلم فرارا بدينه إذا تعرض لانتهاك جسيم لحقوقه ا لإنسانية. ذلك أنه حينما ظهر الإسلام وتحدث به المؤمنون أقبلت قريش عليهم يريدون بذلك فتنتهم عن دينهم. فقال لهم .« يعذبونهم ويؤذونهم »رسول الله ژ : « تفرقوا في ا لأرض » ، فقالوا: أين نذهب؟ فقال: هاهنا: وأشار بيده نحو أرض الحبشة. فهاجر إليها ناس ذوو عدد، منهم من هاجر بنفسه، ومنهم من هاجر بأهله. يقول ابن عبد البر: ولما نزل هؤلاء بأرض الحبشة آمنوا على دينهم وأقاموا بخير دار عند » « خير جار (١) . (١) ابن عبد البر: الدرر في اختصاص المغازي والسير، تحقيق: د. شوقي ضيف، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الثالثة، ص ٣٦ - .٥٢ ،٣٧ = وبعد أن استمع النجاشي من المسلمين وعرف قصد دعواهم رفض مطلب مبعوثي قريش. وقد قال النجاشي لمبعوثي قريش: لو أعطيتموني.... جبلا » ً من ذهب ما أسلمتهم إليكما ثم أمر فردت  « عليهما هداياهما ورجعا مقبوضين(١) .   ومن المعروف أنه لما قدم هؤلاء المهاجرون، فاشتد البلاء من قريش عليهم وغيرهم وسطت بهم عشائرهم ولقي منهم عذابا شديد ً ا، فأذن لهم ً رسول الله ژ في الخروج إلى الحبشة مرة ثانية(٢) . ولنا على حق الملجأ أو الجوار ملاحظتان: أن الإسلام أعطي لكل فرد حق منح الأمان ا ستناد ً ا إلى قوله ژ : « المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم » ،  وبالتالي استناد ً ا إلى هذا الحديث الشريف يمكن لكل فرد أن يؤمن فرد ً ا آخر؛ أي: يعطيه حق ا لملجأ. = كذلك من المعروف أن رسول الله ژ أمر من كان معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة أرسالا ً ، ثم هاجر ا لرسول ژ وأبو بكر إلى المدينة، نفس المرجع ( ٧٥ -.(٨٥ حري بالذكر أن الهجرة إلى الحبشة كانت أول هجرة في الإسلام (راجع ابن هشام: السيرة النبوية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٢١ -.(٣٢٢ انظر أيض ً ا: د. أحمد أبو الوفا: حق اللجوء بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي للاجئين، مفوضية . الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، ٢٠٠٩ د. أحمد أبو الوفا: حقوق الإنسان في السنة النبوية، دار النهضة العربية، القاهرة، ص ٨٢ -.٨٥ (١) . ابن قيم الجوزية: زاد المعاد في هدي خير العباد، المرجع السابق، ج ٣، ص ٤٦ (٢) نفس المرجع، ص ٤٤ -.٤٦ أن نظام الاستجارة أو الإجارة أو الجوار تمت ممارسته من الناحية العملية في إطار الدولة الإسلامية منذ عهد ا لرسول ژ والأزمنة ا لتالية. من ذلك أنه حينما توفي أبو طالب في السنة العاشرة من الهجرة وكان حامي الرسول وناصره، ازداد جفاء قريش له وأذاهم فقصد لذلك الطائف لاجئ ً ا إلى ثقيف يبحث عمن يصد عنه الأذى، وعاد من الطائف بعد عشرة أيام ولم تقض حاجته ثم دخل مكة في حمى المطعم بن عدي الذي أجار النبي ژ . ومن المعلوم أن ا لنبي ژ ، قبل أن يدخل في جوار ا لمطعم بن عدي أنا » : كان قد صار إلى حراء، وبعث إلى الأحنف بن شريق ليجيره فقال .« حليف والحليف لا يجير وحينئذ أرسل ا لنبي ژ ، إلى ا لمطعم بن عدي الذي أجاره. وتعليق ً ا على قوله ژ ، لأم هانئ: « قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ » يقول الجوار المجاورة والمراد هنا الإجارة تقول » : الإمام ابن حجر العسقلاني .« جاورته أجاوره مجاورة وجوارا وأجرته أجيره إجارة وجوارا ًً ومن ذلك أيض ً ا دخول أبي بكر في جوار ابن الدغن ّ ة حينما هم بالهجرة إلى الحبشة، فخرج بها على أشراف قريش وقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا ي » ُخ ْ رج، أت ُخ ْر ِ جون رجلا ً ي ُك ْ سب المعدوم، .« ويصل الرحم، ويحمل الكل، ويقري الضيف، ويعين على نوائب ا لحق فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة، وآمنوا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره ولا يستعلن. ثم إن أبا بكر أنشأ مسجد ً ا في بيته فخشيت قريش أن يفتن أبناءها ونساءها فطلبت من ابن الدغنة أن يمنع أبا بكر من ذلك، فقال له:  قد علمت الذي عقدت عليه فإما أن تقتصر على ذلك، وإما أن ترد إلي » قال » : ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له « أبو بكر: أرد إليه جوارك وأرضى بجوار ا لله(١) . :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a Aƒé∏dG »a ≥ëdG ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG (Ü وضع فقهاء المذهب الإباضي قواعد كثيرة للحق في الملجأ، أهمها ما يلي:  ١ قاعدة عدم جواز منح الملجأ (الجوار) للمجرمين: هذه القاعدة منطقية، ذلك أن طلب الملجأ أو الجوار يفترض أن الشخص هو الذي سيتعرض لأن يكون مجنيا عليه، لا أن يكون هو الجاني، ً غطاء آمن » والقول بغير ذلك يعني أن منح الجوار سيكون ً لمرتكبي « ا ً الجرائم، وهو ما لا يجوز. لذلك أكد الفقه ا لإباضي: قد قدمنا ذكر ما ورد في النيل من هذا بأن المرتد والقاطع والمانع » والطاعن لا يدخلون تحت الأمان وكذا من عليه حق لا يجوز إهداره، وكذا عند أهل ع ُ مان وجدناه مجملا ً ، ولعل تفسيره في الحدود كالمرتد فإنه لا أمان له إلا بالتوبة لقوله ژ : « من بدل دينه فاقتلوه » وأمانه باطل خارج من القواعد، وكذا من صح عليه الزنا وقذف المحصنات بعد الرفيعة عليه عند الحاكم أو شرب الخمر أو السرقة التي يستحق لها القطع أو القطع للطريق الذي يستحق به القطع أو القتل أو صح عليه الطعن في الدين أو في (١) د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة الإسلام، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٤٢١ - ٢٠٠١ ، ج ٦: حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية، ص ٤٣٦ -.٤٣٧ المسلمين الذي يستحق به القتل أو قتل المسلمين على دينهم فتك ً ا اعتداء من غير حرب سابق، وكذا من عفا عن قتل من قتل وليه أو أخذ الدية ثم قتل بعد ذلك فكل هؤلاء لا أمان لهم ولا عفو عنهم للإمام ولا لغيره لأنها حقوق الله والعفو عنها باطل، وبعض أجاز العفو عمن قتل بعد عفو أو أخذ ّ « دية(١) . كذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ PONMLK \[ZYXWVUTSRQ ^] _`ba ﴾ [ [المائدة: ٣٣ ، يقول أطفيش: وأما النفي الذي ذكره الله فهو أن يطالبهم الإمام والمسلمون بإقامة ما » حكم الله بينهم وعليهم من القتل والقطع والصلب فيهربون ولا يؤمنون في شيء من بلاد المسلمين، وليس ذلك على معنى من يقول إن الإمام فيهم مخير إن شاء قتلهم وإن شاء صلبهم، وإن شاء قطعهم، وإن شاء نفاهم، ولا يحل ّ ما يقال بزعمهم إن النفي هو الحبس؛ أي: كما قال أبو حنيفة، ولكن  كما فسره العلماء النفي بما حكم الله فيهم فيهربون فلا يؤمنون في شيء من ّّ بلدان المسلمين، فالمحارب إذن يطلب فيهرب وبالتالي فهو يبعد من الأرض التي تهيأ فيها للبغي، وكذا كل أرض نزلها حتى لا يأمن في بلاد « الإسلام (٢) . (١) عين المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام المحتسب صالح بن علي الحارث، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ١٤١٤ -. ١٩٩٣ ، ص ٤٠٩ ُ ويضيف أيض ً لا أمان لمن لزمه حق يجب عليه فيه قصاص أو ق » :( ا (ص ٣٩٠ َود، وكذا َ الأمان لا يكون إلا لمن لا حق عليه محكوم به عليه شرع ً ا من كل أحد في كل أحد؛ أي: .« من أي مجير في أي مجار انظر أيض ً ا الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٩٤ -.٩٥ (٢) .٦١٧ ، أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٦١٣ ويقول ا لبسيوي: والخائف المطلوب في قتل أو جراحة، لا تؤويه ولا تطعمه لقول » الرسول ژ : من أحدث في الإسلام حدث » ً ا أو آو محدث ً «« ا فعليه لعنة ا لله(١) .  وفي الفقه الإسلامي أقوال كثيرة في ذات ا لمعنى(٢) . (١) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٧٧(٢) يقرب من أتاه هاربا من عند ملك نظيره » : نذكر هنا قول ابن شاهين: إن على الملك ألا ً ولا يفشي له سره بل يكرمه ويبعده عنه فإن كان هاربا ممن بينه وبين الملك عداوة فلا ً يشك إما أن يكون قليل الخير ما حفظ خير مخدومه أو لمكر ما ليطلع على أحوال الملك فيراسل من هو هارب منه وربما ينفر خواطر الجند بكلامه وإن كان هاربا من ً صاحب الملك فيكون عدم تقربه له إمساك ً ا لخاطر صاحبه فإن كان وجب على الهارب القتل من المهروب منه واستجار بالملك المهروب إليه فقد تقدم الكلام عن ذلك في قول أمير المؤمنين إياك وتعطيل حدود الله، وإن كان قد أذنب واستغفر منه فينبغي التشفع فيه .« وإعادته إلى مخدومه غرس الدين بن شاهين الظاهري: كتاب زبدة كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك، صححه بولس راويس، دار العرب للبستاني، القاهرة، ١٩٨٨ م ١٩٨٩ م، ص ٦٠ -.٦١ معنى ذلك أن ابن شاهين يضع قواعد ثلاث بخصوص ا للاجئين: ١ ضرورة الحذر التام، لأن من يأتي هاربا إلى الدولة الإسلامية قد يتم إرساله لغرض ً آخر (جمع المعلومات)، وبذلك يكون ابن شاهين قد تنبه إلى ما تلجأ إليه أجهزة المخابرات الحديثة من زرع أشخاص داخل الدول الأخرى تحت ستار كونهم من اللاجئين السياسيين، أو المناوئين لنظام الحكم، أو الفارين من العدالة، أو المطلوب محاكمتهم عن جرائم ا قترفوها. ٢ أنه إذا كان الهارب قد ارتكب جرما يستوجب حدا، فإن على الملك إعادته لأنه ً مطالب بعدم تعطيل حدود الله (يبدو أن ابن شاهين يقصر ذلك على العلاقات بين الدول الإسلامية، لأنها هي التي تطبق فيها فكرة ا لحدود). ٣ إذا تاب المذنب ورجع عن أفعاله التي ارتكبها (بأن امتنع مثلا ً عن مهاجمة نظام الحكم في بلده، أو امتنع عن الدعوة إلى الإطاحة بالحكومة)، فإنه يمكن تدخل الدولة الإسلامية للمطالبة بالعفو عنه، وإعادته إلى دولته مع اشتراط عدم معاقبته في هذه ا لحالة. أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٤١٢ ٢ عدم جواز منح الملجأ (الجوار) للمقاتلين: الغرض من ذلك أنه ما دام طالب الجوار يحمل السلاح ويقاتل، فلا يجوز إعطاؤه الأمان، وإلا كان معنى ذلك أنه سيظل بمنأى عن أي ملاحقة، وفي نفس الوقت سيستمر في قتاله وإحداث خسائر في الأرواح والممتلكات. يقول ا لرقيشي: في غنيمة أموال الموحدين البغاة فإن أموال أهل القبلة وإن كانوا بغاة »لا تحل غنيمتها والأصل في ذلك قول النبي ژ لابن أم عبد: هل تدري » «؟ كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة قال: الله ورسوله أعلم، قال: لا » يجهز على جريحها ولا يقتل أسيرها ولا يطلب هاربها ولا يقسم فيئها « وقال بعض أصحابنا إلا إن كان لهم مأوى يلجئون إليه فإنه يقتل المدبر ويجهز على الجريح ويتبع الهارب وهذا منهم تخصيص للخبر بالقياس وذلك إنهم نظروا في الغرض المقصود من قتال البغاة فرأوا الغرض أن القصد بقتالهم دفع صولتهم وكسر شوكتهم فإن كان لهم مأوى يلجئون إليه « لم يحصل المقصود بقتالهم فما دامت رايتهم قائمة فهم بغاة(١) . ويقول ا لثميني: فإذا بلغ المحاربين دعوتنا، فلنا قتالهم، والهجوم عليهم حال نومهم » « واشتغالهم وأمنهم، وإتباع مدبرهم، ما كان لهم موئل يرجعون إليه(٢) . (١) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٣٧ (٢) الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٣٩ ؛ كذلك يقول ابن وإذا بلغ المحاربين دعوة » : جعفر ُ المسلمين جاز قتالهم والهجوم عليهم في حال تشاغلهم « وتولهم بالهجوم عليهم واتباع مدبرهم ما دام لهم قائم يرجعون إليه وملجأ يعوذون به . ابن جعفر: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٨٤ ويقول أطفيش:  جريح المشركين وهاربهم يتبع فيقتل ولو لم يكن له ملجأ ولا من »   يستعينون به، وأن جريح ا لموحدين الذين حل قتالهم لا يقتل، وهاربهم لا  « يتبع إن لم يكن له ملجأ(١) .   وهكذا لا يجوز منح الملجأ للمقاتلين ما داموا لم يلقوا سلاحهم ولم   يمتنعوا عن القتال سواء كانوا من المسلمين البغاة أو من غير ا لمسلمين(٢) .   وقد ذكر الإمام السالمي العلة من عدم منح الملجأ للمحاربين من البغاة،  لأنه لم يتم استئصال شأفتهم والقضاء عليهم، ما داموا مستمرين في ا لقتال(٣) .   (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٢٧٧ (تفسير الآية ٤ من سورة محمد). (٢) يقول أطفيش:  فإن غلبت)؛ أي: استعلت (عليهم فئة المسلمين ولهم مأوى) مرجع (يأوون) يرجعون (إليه )»ويلجؤون لديه) يقيمون عنده ا عتصاما عما يضرهم (قتل جريحهم واتبع ا لفار منهم) ليقتل. ً (وإن لم يكن لهم مأوى يأوون إليه ويلجؤون لديه) ضمنه معنى يمكث ولكن يضعف أن يقال لمن هو في موضع إنه عنده، (لم يقتل جريحهم ولم يتبع ا لفار منهم) جاء الحديث بذلك؛ وأما المشركون فيقتل جريحهم ويتبع ا لفار منهم ليقتل لم يكن لهم مأوى يأوون .« إليه ويلجؤون لديه أو كان لهم ذلك أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المطبعة العربية، غرداية قسنطينية، ١٤٢٢ - ،٢٠٠١ ص ٤٠٢ -.٤٠٣ (٣) يقول ا لسالمي: وعن النبي ژ أنه قال: » يا ابن أم عبد هل تدري كيف حكم الله فيمن بغى من هذه » «؟ الأمة قال الله ورسوله أعلم، قال: » لا يجهز على جريحها ولا يقتل أسيرها ولا يطلب « هاربها ولا يقسم فيئها . قال بعض أصحابنا: إلا إن كان لهم مأوى يلجأون إليه فإنه يقتل المدبر ويجهز على الجريح ويتتبع الهارب وهذا منهم تخصيص للخبر بالقياس وذلك أنهم نظروا في الغرض المقصود من قتال البغاة فرأوا الغرض من ذلك دفع صولتهم وكسر شوكتهم فإن كان لهم مأوى يلجأون إليه لم تنكسر شوكتهم إلا بذهاب مأواهم واستئصال شأفتهم فما دامت رايتهم قائمة = « المدني والإنساني » وهكذا يتميز حق اللجوء أساسا بطابعه(١) ، لذلك ً « يجب ألا يعتبر المقاتلون ملتمسو لجوء »(٢) ، حتى تطمئن السلطات خلال إطار زمني معقول أنهم نبذوا الأنشطة العسكرية بحق وعلى الدوام وبمجرد التأكد من ذلك، يجب اتخاذ تدابير خاصة لتحديد وضع اللاجئين فرد ً ا فرد ً ا، بغية التأكد من استيفاء من يلتمسون اللجوء المعايير اللازمة للاعتراف بوضعهم كلاجئين. فاللاجئ هو شخص مدني، لذلك فإن من يشترك في العمليات العسكرية لا يمكن له أن يطلب أو يمنح الملجأ، كذلك فإن الشخص الذي ُ يمارس أعمالا ً عسكرية ضد بلده الأصلي انطلاق ً ا من بلد آخر لا يمكن أن ُُ يكتسب وصف ا للاجئ.  ويتفق الإسلام مع ما ذكرناه أعلاه، فطالما أن الشخص يمارس أعمالا ً التي هي لب وأساس « الأمن » قتالية، فإنه يعارض بفعله هذا جوهر فكرة الاستجارة والإجارة في شريعة ا لإسلام. ٣ من يعطي الملجأ (الجوار) للمجرمين يعتبر مثلهم: علة ذلك جد واضحة: أن من يفعل ذلك يعتبر شريك ً ا لهم بالمساعدة أو بالاتفاق أو بالتحريض، والاشتراك في الجريمة لا يقل خطورة عن ا رتكابها. = جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ٢٧٧ ،« فهم بغاة مقبلين أو مدبرين - ٢٧٨ ؛ انظر أيض ً ا: ُ الشيخ ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، المرجع السابق، ص ٢٨٧ . (١) انظر الإعلان الخاص باللجوء الإقليمي لعام ١٩٦٧ الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ ، راجع كذلك مدخل إلى الحماية الدولية للاجئين، آب ٢٠٠٥ UNHCR . ، جنيف، ص ٧١(٢) راجع التوصيات بشأن الحماية الدولية للاجئين التي اعتمدتها اللجنة التنفيذية لبرامج المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، القاهرة، ٢٠٠٤ ، ص ٢٦٥ ، الاستنتاج .(٥٣) رقم ٩٤ وقد أكد الفقه الإباضي على هذه ا لقاعدة: فقد جاء في فتح ا لأكمام(١) : وإن يكن في بيت غيره ا متنع يهدم لكن مع ضمان ما انقشع ْ ْْ  إلا إذا بنى للامتناع ِ أو كان ربه إليه داعي لأنه آواه إذ دعاه ومانع الحق كمن آواه ُُ وجاء في الورد ا لبسام: ومن آوى المانع (أي مانع الحق) فهو مثله، إن منعه وإن سكت المدعو » إلى الحق، أو أقام مكانه، أو رقد، أو تمادى في شغله، أو ولى ظهره، أو « رأسه، فذهب ولم يبال، فهو مانع(٢) . ويقول ا لرقيشي: في المناصر للباغي والمؤيد له فإنهم بغاة مثله وأشد، لقوله ژ » : لعن » ُ الله من أحدث في الإسلام حدث ً ا أو آوى محدث ً « ا ويجوز فيه ما يجوز في الباغي، لقوله ژ : « لعن الله الظلمة وأعوانهم ولو بمدة قلم » ولقوله تعالى: ﴿ ÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿ ﴾ [ [المائدة: ٢ ؛ ولأن الرضا بالمعصية معصية لقوله ژ: تكون الفتنة بالمشرق ويكون أحدكم » بالمغرب وسيفه يقطر دم ً ا منها وما ذلك إلا بالرضا بها فما ظنك بالناصر « والمؤيد فلا تأخذك فيهم لومة لائم(٣) . (١) الأغبري: فتح الأكمام عن الورد البسام في رياض الأحكام، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠١ -١٩٨١ ، ص ٢٦ -.٢٧ ُ (٢) الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ُ . ص ٢٩(٣) الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٤ -. ١٩٨٤ ، ص ١٩ أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٤١٦ ٤ عدم جواز رد اللاجئ أو طالب الجوار إلى مكان يخشى عليه فيه القتل أو التعذيب أو ا لاضطهاد: هذه قاعدة استقر عليها القانون الدولي المعاصر، وهي تعد من القواعد الآمرة Jus cogens ـ Imperative or mandatory norms واجبة المراعاة، والقاعدة معروفة تحت اسم Principe de non refoulement (باللغة الفرنسية)، وقد أكد الفقه الإباضي على هذه القاعدة، فقد جاء في المدونة ا لكبرى: وأيما عبد لحق بالمسلمين وخاف المسلمون عليه إن هم رد » ّ وه القتل فلا يرد ّ ولا ينعم عين ً ا، ويتبين لصاحبه أنه عبده، وإن رأى المسلمون أن يبعثوا إليه بثمنه فعلوا وجاز لهم ذلك. وليس للنساء أن يفعلن ذلك في فرار من أزواجهن إلا أن يخفن القتل، « فإن خفن القتل لم يسلمهن المسلمون للقتل(١) . ٥ ضرورة التأكد من أن الشخص تنطبق عليه أوصاف ا للاجئ: الغرض من ذلك على ما يبدو منع دخول الجواسيس أو المجرمين ا للجوء. « غطاء » إلى إقليم الدولة الإسلامية تحت لذلك يجب التأكد فعلا ً أن الشخص المعني تتوافر فيه الشروط اللازمة لمنحه الملجأ، وهذه المسألة تعد من أعقد المسائل التي تواجهها الآن الدول والهيئات الدولية المختصة (مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون ا للاجئين). ويمكن تأييد ما قلناه، مما ذكره الإمام ا لنزوي: (١) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٣٥٢ رجل لقس في الحرس، فيقول: أنا غريب ضعيف، ولم يعرفه، ولم » يجده في السوقي؛ أيؤخذ؟ فإن لقي في طريق جائز، ماض في حاجته، فيقدم عليه، وينزل. فإن وجد « فيما يرتاب فيه، أوصل به إلى الوالي، وأعلم أمره(١) . عند التعامل مع اللاجئ. « الأخذ بالظاهر » ويدخل فيما تقدم أيضا قاعدة ً فقد جاء في بيان ا لشرع: العلم على ضربين فعلم لا يجوز عليه الانقلاب وعلم يكون معه ضرب » من الشك، قلت: كيف الوصف لهذين العلمين؟ قال: أما الذي لا يجوز عليه الانقلاب ولا يكون المعلوم به بخلاف ما علم نحو أخبار المدن وتقضي الأمم والعلم بالنفس وما يشاهد بالأبصار ونحو هذا، والعلم الآخر ما يعلم بشهادة الشاهدين مع التجويز عليهما بغير ما أظهراه وكنحو ما سماه الله تبارك وتعالى علم ً ا، كقوله تعالى: ﴿ |{zyxw } ﮯ~ §¦¥¤£¢¡ ¨©ª« ﴾ ... [ [الممتحنة: ١٠ فأخبر أن الذي نرجوه منهن يغلب ظنوننا وتسكن إليه نفوسنا منهن إذا أظهرن بألسنتهن الإيمان وقد سماه الله تبارك وتعالى ذلك علما لنا، ً وإن كان هو يعلم حقيقة ذلك وحقيقته منهن بقوله الله أعلم بإيمانهن بقول « احكموا بظاهر علمكم، وأنا أعلم بصحة ذلك منهن(٢) . :ÅLÓd »fƒfÉ≤dG ™°VƒdG (ê إذا تم إعطاء الجوار أو حق اللجوء لشخص ما، فإنه يتمتع في الإقليم الذي يوجد فيه بوضع قانوني معين يتمثل في بعض الحقوق والواجبات. (١) . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٣٨(٢) الكندي: بيان الشرع، ج ٦٥ -٦٦ ، ص ٨٢ -.٨٣ وقد بين الفقه الإباضي هذه المسألة، كما يلي: ١ احترام أمان اللاجئ وعدم خرقه: يقول ا لناظم(١) : وناقص العهد بعد الصلح مجترح باغ إذا كان شرط الصلح قد كملا كذا الخفارة والشرط الذي وجبت به الخفارة أن يرضوا بها كملا (١) في الخفارة وهي نوع من الأمان للحديث في ذلك المسلمون » : بخصوص ذلك يقول الرقيشي يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم ولحديث أم هاني المتقدم ذكره قال الشيخ صالح بن علي الخفارة مثلثة الخاء التأمين والإجارة والمنع وأهل عمان متفقون على استعمالها فيما ُ بينهم وكأنها عن رضى منهم بها وفي نظري إنها ثابتة ما لم يتقدم بعض على بعض هذا قاله الشيخ نظري ثابتة وتقدم بعض على بعض إلا أن تقدم الإمام على رعيته أو قائد الجيش   على السرية لأن ا لسنة المطهرة تدل على ذلك فلينظر فيه والله أعلم أما إذا كان المخفور عنه ممن لا أمان له كما تقدم في الطاعن أو القاطع أو قاتل المسلمين على دينهم أو وجب عليه حد قال الشيخ صالح وبالجملة أن الأمان لا يكون إلا لمن لم يكن عليه حق أو حد محكوم عليه به شرع ً ا من كل أحد في كل أحد من أي مجير في أي مجار وللمجاور والمخفر والمضيف والصاحب أن يقاتل عن جاره أو من خفر له أو صاحبه أو نزل عليه ضيف ً ا وهذه ذمة فلا يجوز تضييعها والخفارة أمان والإشارة بالأمان أمان ولو بأصبعه أشار لكان أمان ً ا قال فإن كان هذا المجاور ممن بغى وبغي عليه إلا أنه لا حق عليه بعينه كما ذكرت أكله سواء قلت لا سواء هذا أقرب إلى جواز منعه والقتال عليه ومعه ممن جاءه من خصمائه وإذا كان الفئتان بغاة على بعضهم البعض فلا يحل لك أن تقاتل إلا على نية إزالة البغي ليرجع الباغي إلى الحق وينقاد إلى الشرع ولو مع بغاة آخرين على غير قصد نصرتهم قيل للشيخ هؤلاء المجاورون بالضيافة أو الصحبة أو المساكنة إذا كان في أيديهم مال قايم بعينه أخذوه سرقة أو غصبا أو كان عليهم في الذمة حق امتنعوا عن تأديته قلت: لا أمان لهؤلاء ولا ذمام ولا ً .« احترام لمؤمنهم ومؤيدهم والحالة هذه وهو باغ مثلهم دعهم فإنهم لا خير فيهم الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٩٤ -.٩٦ ويضيف أيض ً :( ا (ص ٦٧ والخفارة مثل التأمين والإجارة والمنع وأهل عمان متفقون على استعمالها فيما بينهم ولا » ُ ينكرونها وكأنها عن رضى منهم بها وفي نظري إنها ثابتة عليهم ما لم يتقدم بعضهم على .« بعض في أن لا يجير عليه وكانت في الأصل جارية على قواعدهم ا لمعروفة  معنى ذلك: أولا ً أن من يتم منحه الجوار لا يجوز الاعتداء عليه، وإنما يجب أن يكون آمن ً ا حيثما كان(١) .   ثانيا يفقد الشخص الجوار أو الأمان إذا ارتكب جريمة من الجرائم، ً ولا يستحل قتال قوم دخلوا البلاد حتى » : فقد جاء في جامع أبي الحواري يكون منه الحدث الذي لا يجوز وتقوم عليهم الحجة بذلك وهذا قول أبي « المؤثر(٢) . وهو ما أكده الإمام ا لنزوي: وأرض الحرب عندنا هي كل ما كان من بلدان الشرك، الذين هم في » غير طاعة أهل الإسلام وعهدهم، مثل بلاد الهند والزنج ونحوهما، من بلدان أهل الشرك وما أدخلوهم بأمان إلى المسلمين، ودخول المسلمين إليهم، فهو عندنا بالجواز بلا محاربة، فمن أجاره من المسلمين، فدخل بلادهم، فصار آمن ً « ا عندهم، فهو أمان(٣) . (١) من ذلك ما حدث حينما هرب قوم قصدهم خالد ƒ إلا رجلا ً أتى عمارا فأسلم، فلما ً خل عنه فإن » : أصبح خالد أغار فلم يجد إلا الرجل وأهله وماله، فقال عمار ّ ه مسلم، فاستبا ٍ حينئذ، وحين وصلا إليه ژ فقال: أتترك مثل هذا يجير علي؟ فقال ژ : » من شتم عمار ً ا « فقد شتم الله سبحانه لا ت » : ، وأجار الرجل وماله وأهله، فقال لعمار ُ جر بعد هذا أحد ً ا على .« وتبعه خالد واسترضاه فرضى عنه ،« أميرك ١٤٢٥ ، أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣ -. ٢٠٠٤ ، ص ٢٥٣ (٢) جامع أبي الحواري، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ج ١، ص ٩٢ . لكن هل يجوز ُ قلت له: » : للمسلم الذي حصل على الأمان من غير المسلمين أن يقاتلهم؟ يقول السعدي فإذا أمن معهم بوجه لا يضيق عليه الأمان، هل يجوز له أن يعين المسلمين عليهم وهو في أمانهم أم لا تجوز إعانة المسلمين عليهم؟ قال: إذا حاربهم المسلمون بحق جاز أن . السعدي: قاموس الشريعة، ج ١٣ ، ص ٢٨٥ « يحاربهم معهم(٣) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٤٣ -.١٤٤ ويسري ذلك أ يضا على من يرتكب جريمة ثم يفر ويلحق بغير المسلمين ً ا(١) ويقيم معهم، إذ عليه الجزاء في الدنيا والآخرة، بل نزل في ذلك قرآن ً . ثالث ً ا يجب الدفاع عن اللاجئ وحمايته، إلا إذا كان قد سبق له ارتكاب جريمة لم تكن معلومة لمن منحه الأمان أو ا لجوار(٢) . (١) تفسير من أسلم فقتل مؤمن » : وهكذا تحت عنوان ً ا متعمد ً ا في إقراره ثم أشرك ولحق يذكر أبو الحواري قوله تعالى: ،« بالمشركين فأقام معهم ﴿ fedc mlkjihg ﴾[ [النساء: ٩٣ ، قال: نزلت في مقيس بن ضبابة الكناني. وذلك أن مقيسا كان أسلم هو وأخوه هشام بن ضبابة، فوجد مقيس ذات ً يوم أخاه قتيلا ً في الأنصار في بني عدي، فجاء إلى ا لنبي ژ فأخبره فقال ا لنبي ژ : هل تعلم له قاتلا ً ؟، قال: لا فبعث النبي ژ رجلا ً من قريش من بني فهر مع مقيس إلى بني ٍ عدي، ومنازلهم يومئذ بقباء أن ادفعوا إلى مقيس قاتل أخيه إن علمتم ذلك، وإلا ّ فادفعوا إليه ديته، فلما جاءهم الرسول قالوا: السمع والطاعة لله ولرسوله، والله ما نعلم له قاتلا ً ، ولكن نؤدي ديته، فدفعوا إلى مقيس دية أخيه مائة من الإبل، فلما انصرف مقيس والفهري ِ من قباء إلى المدينة وبينهما ساعة عمد مقيس إلى الفهري رسول رسول الله ژ فقتله وارتد عن الإسلام بعد قتله. ويذكر أيض ً ا قوله تعالى: ﴿ <= DCBA@?> ﴾ [ [الحج: ٢٥ ، قال: نزلت في عبد الله بن أنيس بن حنظل القرشي، وذلك أن ا لنبي ژ بعثه مع رجلين أحدهما مهاجر، والآخر من الأنصار فافتخروا في الأنساب فغضب عبد الله بن أنيس، فقتل الأنصاري، ثم ارتد عن الإسلام، وهرب إلى مكة كافرا فنزلت فيه (ومن يرد فيه بإلحاد) يعني: من لجأ ً إلى الحرام بإلحاد يعني: يميل عن الإسلام (بظلم) حتى يدخل الحرم بالشرك بعد الإسلام (نذقه من عذاب أليم) يعني: وجيع ً ا وهو القتل بالسيف فأمر ا لنبي ژ يوم فتح مكة بقتل عبد الله بن أنيس القرشي ومقيس بن صبابة الكنائي، فقتلا جميعا على ا لشرك. ً ويعلق على كل ما تقدم، بقوله: فهذا أمر من يسلم، ثم يقتل، ثم يشرك بعد قتله فيقيم مع المشركين حتى يدركه الموت، ».« فإنه يقتل في الدنيا وله في الآخرة ا لنار ُ أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، ١٤١١ -١٩٩١ ، ج ١، ص ١٢٨ -.١٣٠ (٢) بسط هذه المسألة الرقيشي: بقوله: = ٢ أموال اللاجئ مصونة: هذا أمر طبيعي ذلك أنه إذا كان اللاجئ يتمتع بالأمان كما سبق القول في شخصه، فإن ذلك يسري على أمواله من باب أولى. وهذا صحيح، بداهة، وقت حياته، بل وأيض ً ا بعد مماته. يقول العلامة أطفيش: = قيل ولمن جاور أو صحب مخفرا أو ضيف » ً ا لنازله أله أن يقاتل عنهم أن قصدهم قاصد ً ليقتلهم معه أم كيف يفعل، قلت: أعاذنا الله والمسلمين من البلا وكفانا بفضله كل أذى وعندي أن له أن يقاتل عليهم لأنه أمنهم بذلك مستمسك ً ا بقوله ژ : المسلمون يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم وهذه ذمة أحدهم فلا يخفروها؛ أي: لا يضيعوها والخفارة أمان هكذا فهمنا والإشارة بالأمان أمان ولو بإصبعه أشار لكان أمان ً ا، قيل فإن  كان هذا المجاور ممن بغى وبغي عليه إلا إنه لاحق عليه بعينه كما ذكرت، أكله سواء قلت لا سواء هذا أقرب إلى جواز منعه والقتال عليه ومعه لمن جاءه من خصمائه قيل: وإذا كانت الفئتان بغاة على بعضهم بعض قلت لا يحل ذلك في دين المسلمين لكن لك أن تقاتل الباغي مطلق ً ا ليرجع إلى الحق وينقاد إلى الشرع ولو مع بغاة آخرين على غير قصد نصرتهم هكذا جاء الأثر قلت وهؤلاء المجاورون بالضيافة أو الصحبة أو المساكنة إذا كان بأيديهم مال قائم العين أخذوه سرقة أو غصبا أو كان عليهم في الذمة حتى امتنعوا ً عن تأديته قلت لا أمان لهؤلاء ولا ذمام ولا حرمة ولا احترام لمؤمنهم ومؤمنهم هو باغ مثلهم فإنهم لا خير فيهم انتهى كلام الشيخ. قلت ينبغي لمن طلب هؤلاء بحق في أيديهم أو ذمتهم أو يدعي عليهم بدعوى مسموعة شرع ً ا فعلى من هم عنده بضيافة أو جوار أو صحبة أن يقول لهم أدوا ما يلزمكم شرع ً ا لهؤلاء المدعين عليكم فإن انقادوا لما عليهم وأذعنوا للحق وأهله فلا عليهم إلا ذلك كما يحكم به حاكم المسلمين وإن أبوا عن الانقياد إلى الشرع فهناك ينقطع عنهم الذمام والاحترام فليخل بين الطالب والمطلوبين وإن قدر على نصرة المظلومين نصرهم بأي شيء قدر عليه لقوله تعالى وتعاونوا على البر الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع .« والتقوى، والله أعلم السابق، ص ٦٦ -.٦٧ ويضيف أيض ً ويجب على أهل المصر الدفاع عنه من بغى عليه منه أو من غيره ويجب » : ا ذات المرجع، ص ٦٠ « الدفاع عن الصاحب والضيف النازل والمسافر -.٦١ ومال المستأمن والمستأجر لورثته عندنا إن كان له وارث، وقال غيرنا: » « لبيت المال منه ما بقي عن ورثته(١) .   لا ميراث لمسلم من غير » والحكمة من ذلك هي أنه في الإسلام  « اختلاف الدين مانع من الإرث » ولأن « مسلم(٢) ، ولأن السنة جرت بأن أهل كل ملة يرثون من هو منهم إذا لم يكن له وارث من ذي رحمه(٣) . ٣ الترحيب باللاجئ وإيثاره ولو كان بالمسلم خصاصة:   لا شك أن في ذلك أثر إيجابي لا يخفى على كل ذي لب، وهكذا بخصوص قوله تعالى: ﴿ ÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹  Ó Ñ ÐÏ Î Í Ì Ë Ê É È Ç Æ Å ×ÖÕÔ  ﴾ [ [الحشر: ٩ ، يقول أطفيش: » ﴿ À¿¾  Á ﴾ أو مدح مستأنف بأنهم رسخ الإيمان فيهم، فهم ،« الذين » ، الجملة حال من يحبون من هاجر إليهم لإسلامه، وقيل: كناية عن إكرامهم للمهاجرين بأموالهم  ما أمكن، حتى إن الرجل منهم ينزل عن زوجة من زوجتيه أو ومساكنهم، وكل  أزواجه لمهاجر يتزوجها، ولا يصيبهم ملل. أو تعبير بالسبب وهو الحب عن ّ لتضمن معنى ا لانتقال. « إلى » المسبب وهو الإكرام، والأول أولى. وعدي ب (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٤ ، ص ٤٣٩ (قاله في معرض تفسيره للآيات ٦ - ١٠ من سورة ا لحشر). وأهل البلد إذا » : واللاجئ لكونه غريبا لا يساهم ماليا في الدفاع عن البلد، فقد قيل ًً أرادوا دفاع البغاة عنهم خوف ً ا أن تذهب الأموال والأنفس. الجواب: الدفاع والتسليم على أهل الأموال من الأصول دون الفقراء والله أعلم. وأما الغريب الذي له الأمانة ليس عليه شيء وأما اليتيم والغائب إذا كان لهم أموال من .« الأصول يلزمهم ا لقسط . جامع أبي الحواري، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٦٩(٢) الفتاوي الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، .٦٠٧٠ ، ١٤٠٩ ه/ ١٩٨٩ م، ج ١٦ ، ص ٦٠٦٤(٣) أحمد أمين: ظهر الإسلام، مكتبة النهضة العربية، القاهرة، ١٩٦٢ م، ص ٨١ -.٨٢  ﴿ ÆÅÄà﴾ لا يلقونها ويصادفونها لعدم وجودها  في صدورهم، أو لا يعلمونها في صدورهم لعدم وجودها، والحاجة ما  ٍ يحتاج إليه، على حذف مضاف؛ أي: لا يجدون في أنفسهم طلب حاجة، أو معناه: ا لاحتياج...   ﴿ ÈÇ ﴾ أي: أوتي المهاجرون من الفيء دونهم، قسم ژ مال بني ِ النضير بين المهاجرين ولم يعط الأنصار إلا ثلاثة ٌ من » ، مر ذكرهم. و « ْ للتبعيض أو للبيان أو للتعليل، ويتعي  ن التعليل إذا فسرت الحاجة بالاحتياج.  وإيضاح المعنى: أنهم لا يطلبون شيئا مما يعطى المهاجرون ويحتاج ًُ إليه، وليس في قلوبهم احتياج إليه، فضلا ً عن أن ينازعوهم فيه أو يحسدونهم، ولا تتبع أنفسهم ما يعطى ا لمهاجرون. ُ أوت » (نحو) وواو ُ نائب الفاعل هو المفعول الثاني، والأول منصوب « وا ِ محذوف فاعل ٌ في المعنى؛ أي: مما أوتيه المهاجرون؛ أي: جعل آتي ً ا إياه ُ م. ﴿ É ﴾ يختارون المهاجرين وغيرهم في كل نفع، أو لا يقدر معمول؛ أي: من شأنهم الإيثار ﴿ ÎÍÌËÊ ﴾ [ [الحشر: ٩ أي: فيهم ﴿ Ï ﴾ « فقر(١) . ٤ خضوع اللاجئ لقوانين الدولة التي يقيم فوق أراضيها: يعد ذلك تطبيق ً ا لمبدأ إقليمية الاختصاص، الذي أخذ به الفقه ا لإباضي(٢) . يؤكد ذلك أيضا ما جاء في شرح ا لنيل: ً (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٤ ، ص ٤٤٦ -.٤٤٧ (٢) في إطار دراستنا للمبادئ التي تحكم ،« مبدأ إقليمية الاختصاص » انظر ما قلناه بخصوص القانون واجب التطبيق في الفقه ا لإباضي. من لم يكن له قرار يقصد فيه كباد ومنتقل من بلد لأخرى، فالحكم فيهم » والسيرة على ما حكموا على أنفسهم بإقرارهم، أو ما شهد به عليهم الأمناء إن أقروا أو كما شهد عليهم (حيث كانوا أو توجهوا إلا إن دخلوا موضعا غلب ً فيهم عليهم حكم غيرهم)، ولو لم يعلم حكمهم بأن لم يقروا ولم يشهد ّ عليهم، (ولا يصلون إلى إظهار دينهم وحكمهم) أو يصلون ولم يظهروه، ولا يوجد من يعرف لغتهم (فالحكم فيهم للظاهر عليهم) وقد يدخلون بلد ً ا ظهر فيه الإسلام فيحكم عليهم بحكمه إذ لم يعلم حالهم، ولم يكن إقرار أو شهادة تناقضه ثم يدخلون بلد ً ا ظهر فيه الشرك فيحكم عليهم بحكمه إذ لم يعلم حالهم ولا إقرار ولا شهادة، ثم يدخلون بلد ً ا ظهر فيه الإسلام فيحكم عليهم « ا(١) بحكمه كذلك، وهكذا، ولو كان الحاكم في ذلك كله واحد ً . ٥ واجبات ا للاجئ: إذا كان للاجئ حقوق، فإن عليه أيض ً ا واجبات (فمن الثابت كقاعدة أن كل حق يقابله ا لتزام): أولا ً فقد سبق القول إن على اللاجئ ألا يرتكب جرائم ضد الأفراد، وأنه إذا فعل ذلك فإنه يفقد الملاذ الآمن الممنوح له باللجوء. ثانيا وعلى اللاجئ أيض ً ا ألا يرتكب ما قد يضر بالدولة الإسلامية ً (كالتجسس، وتدبير ا لمؤامرات... إلخ) (٢) . (١) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٦١ -.٥٦٢ (٢) لذلك في تفسير قوله تعالى: » ﴿ ½¼»º¹¸ ﴾ « ،[ [التوبة: ٦ يقول كعباش: » ﴿ »º¹¸ ﴾ ، أمر الله رسوله أن يقبل تلك الاستجارة، وهي تطلب عادة لمختلف الأسباب التي تقتضيها العلاقات بين الأفراد أو بين الجماعات، وأيا ًُ كان الدافع للاستجارة فقد جعل الله الغاية من تلك الإقامة إلى جوار المسلمين هو سماع المشرك المستجير لكلام الله وإبلاغه الد ّ عوة الإسلامية، ويكون معصوم الذمة تجب على = :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a Aƒé∏dG ´GƒfCG (O اللجوء في القانون الدولي على أنواع ثلاثة: لجوء ديني، ولجوء إقليمي، ولجوء دبلوماسي: ١ اللجوء ا لديني: ويكون باللجوء إلى مكان ديني مقدس، أو لأغراض دينية، وقد تعرض الفقه الإباضي لهذين ا لنوعين: أولا ً اللجوء إلى ا لحرم(١) أو ا لمساجد: = المسلمين حمايته في نفسه وماله ما دام في جوارهم، ولم يحدد النص مدة لتلك الإقامة بل ترك ذلك لتقدير الإمام، وفي كل حالة يجب أن يراعي ما فيه اليسر والمهلة الكافية للمستجير، كما يراعي ما فيه مصلحة الجماعة في ضمان أمنها وسلامتها بانتفاء أي ضرر الشيخ محمد كعباش: نفحات الرحمن « يمكن للمستجير أن يلحقه بها كالتجسس وغيره . في رياض القرآن، ج ٥، ص ٤١١ (١) مكة حرام حرمها الله تعالى إلى يوم » : في شرحه لقوله ژ في خطبته يوم فتح مكة يقول ا لسالمي: ،« القيامة فالحديث يدل على تحريم دخول مكة بحرب وإن قصد العدل لأنه ژ ذكر حرمتها على »من بعده وإن حربها خصوصية وإنما يجوز دخولها على قصد إظهار الحق دون الحرب لمن وجد القوة على ذلك فيأمر وينهى ويظهر الحق وينشر الأحكام فإن قوتل على ذلك قاتل قال الله تعالى: ﴿ <;:9876543210/. =﴾ [ [البقرة: ١٩١ والآية محكمة عند ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ومجاهد فلا يجوز عندهم قتال أحد عند المسجد إلا بعد أن يقاتل (واستثنى) القطب المشرك فإنه إن دخل الحرم أو المسجد الحرام وأمر بالخروج فأبى قوتل ولو لم يقاتل والنهي عند جمهور قومنا وقتادة منسوخ بقوله: (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (وقيل) منسوخ بقوله قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ونسب لقتادة والله أعلم وحديث الباب يؤيد القول الأول السالمي: شرح « وهو أن الآية محكمة لأنه كان يوم الفتح والأمر بالقتال كان قبل ذلك . الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، المرجع السابق، ج ٨، ص ٢٢٣ « لو وجدت قاتل عمر في الحرم ما هجته » : قال ابن عمر(١) . فقد أراد الله 4 تعظيما للحرم وتقديسا له أن يعتبر من لجأ إلى ًً الحرم آمن ً ا، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿ lkjihgf onm ❁ zyxwvutsrq ﴾ [٩٧ ، [آل عمران: ٩٦ ، وقوله: ﴿ TSRQPONML [ZYXWVU ﴾ [ [العنكبوت: ٦٧ ، وقوله أيض ً ا: ﴿ ,+*) ❁ . 43210/ ﴾ [٤ ، [قريش: ٣ ، وكذلك قوله: ﴿ ®¯°± ³² ﴾ ...[ [البقرة: ١٢٥ . ويقول ا لرسول ژ : من دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن دخل بيت » أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو « آمن(٢) . ويرى الكاساني أن الأسباب المحرمة للقتال ثلاثة: الإيمان والأمان والالتجاء إلى ا لحرم. وبخصوص الالتجاء إلى الحرم يقرر ما يلي: وأما الالتجاء إلى الحرم فإن الحربي إذا التجأ إلى الحرم لا يباح قتله » في الحرم ولكن لا يطعم ولا يسقى ولا يؤوي ولا يبايع حتى يخرج من الحرم. وعند ا لشافعي 5 يقتل في الحرم واختلف أصحابنا فيما بينهم، قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله: لا يقتل في الحرم ولا يخرج منه أيضا، ً (١) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٦ -. ١٩٨٦ ، ج ٥، ص ٦٤ (٢) ١٤٠٨ رقم / أخرجه مسلم، باب فتح مكة، من كتاب الجهاد والسير، صحيح مسلم، ٣ .٣١٩ ، ١٧٨٠ ، وابن أبي شيبة، كتاب المغازي، ٣١٨ وقال أبو يوسف 5 : لا يباح قتله في الحرم ولكن يباح إخراجه من « الحرم(٣) . وإذا كان العلماء قد اتفقوا على أن من اقترف ما يوجب القصاص في الأطراف، ثم لجأ إلى الحرم فإنه يقتص منه، وعلى أن من جنى جناية على ُ النفس أو ما دونها في الحرم، فاستوجب ذلك حد ً ا فإنه يقتص منه في ُ الحرم، فإنهم اختلفوا بالنسبة للجاني خارج الحرم الذي يلجأ إلى الحرم، هل يقتص منه؟ ُ وقد ذهب الحنفية إلى أنه لا يقتص من داخل الحرم، ولكن يلجأ ُ إلى الخروج بعدم إطعامه وسقياه ومعاملته، حتى إذا خرج اقتص منه، وذلك لعموم قوله تعالى: ... ﴿ zyxw ﴾ ...[ [آل عمران: ٩٧ ، بينما ذهب الجمهور ومنهم الشافعي ومالك إلى أن من وجب عليه حد في النفس، ثم لجأ إلى الحرم فإنه يقتص منه، وقاسوه على من ُ جنى في داخل الحرم(٤) ؛ لأنه لو قتل أو أتى حد ً ا في الحرم أقيم عليه فيه(٥) . وثار خلاف حول معرفة ما إذا كان دخول الحربي الحرم لا يمنع من إعطاء المسلم له الأمان؟ فذهب أبو حنيفة إلى أنه لو أمنه رجل من (٣) الكاساني: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتاب العربي، بيروت، . ١٤٠٢ ه/ ١٩٨٢ م، ج ٧، ص ١١٤ (٤) تفسير القرطبي، ج ٤، ص ١٤٠ ، تفسير الطبري، ج ٧، ص ٢٩ - ٣٤ ؛ وأيض ً ا مصطفى الخن: أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء، رسالة دكتوراه، كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، القاهرة، ص ١٦٥ - ١٦٦ . ويقول القرطبي: إن أبا حنيفة بقوله يضيق عليه حتى يخرج أو يموت، معناه أننا نقتله بالسيف، وهو يقتله بالجوع، فأي قتل .( أشد من هذا (القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٢، ص ١١١ (٥) ابن قدامة، المغني، ج ١٠ ، ص ٢٣٦ - ٢٣٨ ؛ الأم للشافعي، ج ٤، ص ٢٠١ -.٢٠٢  المسلمين في الحرم أو بعد ما خرج من الحرم قبل أن يؤخذ منه لم يصح، بينما يذهب أبو يوسف ومحمد إلى أنه يصح ويرد إلى مأمنه(١) . ونرى أنه إذا كان اللاجئ يحضر أساسا فرارا من الاضطهاد الواقع عليه، ًً فإنه يستفيد من الأمن الذي يضفيه عليه حرم الله ا لآمن(٢) . وقد أخذ الفقه الإباضي بذلك أيضا: ً ويقاتل من تقدم منه حرب وبغي وأصر على ذلك » : يقول البطاشي حيث وجد إلا في الحرم فلا يقاتل فيه إلا من قاتل فيه قال ا لقطب 5 : ويضيف أيضا: .« وكذا المساجد ويحاصر فيها حتى يخرج بدون إشهار سلاح ً (١) . الكاساني، بدائع الصنائع، المرجع السابق، ج ٧، ص ١١٧ (٢) يؤيد ذلك ما رواه القاضي ابن العربي، بقوله: حضرت في بيت المقدس طهره الله بمدرسة أبي عقبة الحنفي والقاضي الريحاني يلقي علينا الدرس في يوم جمعة، فبينما نحن كذلك ُ إذ دخل علينا رجل بهي المنظر على ظهره أطمار، فسلم سلام العلماء، وتصدر في صدر المجلس بمدارع الرعاء، فقال له الريحاني: من السيد؟ فقال له: رجل سلبه الشطار أمس، وكان مقصدي هذا الحرم المقدس، وأنا رجل من أهل صاغان من طلبة العلم. فقال القاضي مبادرا: سلوه، على العادة في إكرام العلماء بمبادرة سؤالهم. ووقعت القرعة على ً مسألة الكافر إذا التجأ إلى الحرم، هل يقتل فيه أم لا؟ فأفتى بأنه لا يقتل، فسئل عن الدليل. فقال: قوله تعالى: ﴿ ! -,+*)('&%$#" 543210/. ﴾ [ [البقرة: ١٩١ ، قرئ ولا تقتلوهم ولا تقاتلوهم، فإن قرئ ولا تقتلوهم فالمسألة نص، وإن قرئ ولا تقاتلوهم فهو تنبيه لأنه إذا نهى عن القتال الذي هو سبب القتل كان دليلا ً بين ً ا ظاهرا على النهي عن القتل فاعترض عليه ً القاضي الريحاني منتصرا للشافعي ومالك وإن لم ير مذهبهما على العادة، فقال: هذه الآية ً منسوخة بقوله تعالى: ﴿ }| ~ ے ﴾ [ [التوبة: ٥ ، فقال له الصاغاني: هذا لا يليق بمنصب القاضي وعلمه، فإن هذه الآية التي اعترضت بها علي عامة في الأماكن، والآية التي احتجت بها خاصة، ولا يجوز لأحد أن يقول إن العام ينسخ الخاص، فأبهت القاضي الريحاني، وهذا من بديع ا لكلام. ابن العربي: أحكام القرآن، ج ١، ص ١٠٦ -.١٠٧ ويقتل كقاتل ومانع للحق ومرتد وطاعن حيث وجدوا إلا في المسجد » الحرام أو في الحرم أو في غيره من المساجد إلا أن قاتل فإنهم يقتلون ولو « في المسجد الحرام إن لم يمكن إخراجهم(١) . إلا أن اتجاه ً ا في الفقه الإباضي يمنع احتماء اللاجئ غير المسلم بأي مسجد من المساجد، ومن باب أولى المسجد ا لحرام(٢) .  (١) .٩٩ ، الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ٨٣ ويوافق الشيخ بيوض على ذلك، إذ يقول:  ولذلك كانت المنطقة المسماة بالحرم لا تراق فيها الدماء، ولا يقطع شجرها، ولا يصاد »صيدها، ومن لقي فيها قاتل أبيه، فإنه لا يجوز له أن يقتله حتى يخرج من الحرم، مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ |{zyxwvutsrqpon }~ ﮯ ¨§¦¥¤£¢¡ ﴾ [ [القصص: ٥٧ .« الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٩ ، ص ٢١ (تفسير سورة ا لفتح). وهو ما أكده رأي آخر، بقوله: المسألة الثالثة: إذا التجأ الكافر إلى الحرم الشريف هل يقتل أم لا؟ فقيل: لا يقتل لظاهر الآية: ﴿ . 543210/ ﴾[ [البقرة: ١٩١ وقيل: يقتل لعموم قوله تعالى: ﴿ !"# ﴾ وأن رسول الله ژ قتل ابن خطل يوم فتح مكة وهو متعلق بأستار ا لكعبة. ولكن الذي يظهر لي أن ابن خطل قتل لأجل العظائم التي ارتكبها حيث قتل مسلما بعد ً أن أسلم ثم ارتد عن الإسلام، واتخذ مغنيات ضد الإسلام وغير ذلك، وأما قوله تعالى: ﴿ 543210/. ﴾ فهي خاصة لذلك المكان تخصص الأدلة العامة التي تبيح قتل الكافر في أي مكان وعلى أي حال. سالم بن خلفان: المرجان في أحكام القرآن، ١٤٣١ -٢٠١٠ ، ص ٢٠٥ -.٢٠٦ (٢) بسط الإمام السالمي موقف الفقه الإباضي والحجج التي يستند إليها من مسألة دخول غير المسلم المساجد، بقوله: وقد اختلف الناس في ذلك: » فعند أصحابنا ومالك يمنعون من كل ا لمساجد. وقال الشافعي: يمنعون من المسجد الحرام خاصة. وعن أبي حنيفة لا يمنعون من المسجد الحرام، ولا من سائر ا لمساجد. = ثانيا اللجوء لسماع كلام ا لله: ً وذلك مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ ½¼»º¹¸ ÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾ ﴾ [ [التوبة: ٦ . أقم عليه الحجة وأفهمه إياها، فإن لم يفهم فخل سبيله إلى بلوغ » : أي  « مأمنه، فإن ظفرت بعد ذلك به حل لك دمه(١) . = وفي رواية عن أبي حنيفة: أن المنع خاص في عبدة الأوثان وفي المسجد الحرام؛ فأباح دخول المشرك غير الوثني في المسجد الحرام، ودخول الوثني في سائر ا لمساجد. لا يقرب المسجد الحرام مشرك إلا أن يكون صاحب جزية » : وعن جابر بن عبد الله أنه قال أو عبد ً .« ا لمسلم قال القطب: المذهب عندنا أنه لا يدخل المشرك غير الكتابي ولا المشرك الكتابي المسجد الحرام، ولا غيره من المساجد، ولا مواضع الصلاة، والمجالس ينهى عن ذلك، وإن لم ينته ضرب. وقال في موضع آخر: ويمنع المشرك من دخول المسجد فإن دخله بغير إذن الموحد عزر. ُ  وقيل: إن دخله واستقبل القبلة أمسك حتى يسلم وهو ضعيف؛ لأنه إكراه على ا لدين. قال: ويجوز للإمام، ومن قام مقامه في الإسلام أن يدخل المشرك مسجد ً ا غير المسجد ُ شد ژ ث » الحرام لأمر مهم، والأولى صونه عن المشرك، وقد ُ مامة بن أثال وهو كافر إلى .« سارية في ا لمسجد والح ُ جة لنا: على المنع من ذلك قوله تعالى: ﴿ [ZYXWVU ﴾ [ [التوبة: ١٧ ، إذ قيل: إن المراد بعمارتها دخولها والقعود فيها والتعبد فيها، وقوله تعالى: ﴿ 9876543210/ : ; ﴾ ...[ [التوبة: ٢٨ . قال القطب: وإنما ن ُ هي عن الاقتراب للمسجد الحرام مع أن المراد النهي عن دخوله مبالغة. ق ُ لت ُ : وفي حكم المسجد الحرام في التنزيه عن المشركين سائر المساجد؛ لأن الجميع بيوت الله، وقد أذن الله أن ترفع ويذكر فيها ا سمه. وأيض ً .« ا: فإن المسجد موضع العبادة فيجب أن يكون معظما، والكافر يهينه ولا يعظمه ً الإمام السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ١، ص ١٨٥ -.١٨٦ (١) ، ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، المرجع السابق، ص ٣٥ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٧٠ ص ٢٦٦ -.٢٦٧ وقد فسر أطفيش الآية بطريقة واسعة بحيث تشمل منح الجوار لطالب أي حاجة، إذ يقول: » ﴿ ¼ ﴾ ، طلب أن يكون لك جارا؛ أي: ً مجاورا، أو طلب منك أن تجيره من القتل ونحوه ليقضي حاجة، أو ً ليسمع كلام ا لله ﴿ ½ ﴾ اجعله جارا؛ أي: مجاورا، أو امنعه من القتل ًً ﴿ ÁÀ¿¾ ﴾ القرآن فيعرف أنه من الله؛ أي: استجارك حتى يسمع كلام الله ﴿ ÁÀ¿¾½﴾ ... بل لا يقدر للأول لأن المراد: استجارك مطلق ً ا لا بقيد السماع، وليست للغاية، ولا ينافيها كما قال ُ بعض، قوله تعالى: ﴿ Äà﴾ موضع أمنه وهو دار قومه، أو دار شرك ولو غير دار قومه، وإن أسلم فهو منكم لا يرجع لدار شرك إلا .« لضرورة، ثم يرجع إليكم  والآية بينت أنه لم ينحصر الشرع بعد انسلاخ الأشهر » : ويضيف أيضا ً في القتل وما بعده، بل لهم توسعة أن يجيئوا للسماع مطلق ً ا، أو لحاجة بشرط الإذن، أو بإخبار مريده بذلك، وإذا استأمن للتاجر أعطوه الأمن عند الفجر، والصحيح أنه لا يعطاه...، والاستجارة غير منسوخة بقوله تعالى: ﴿ ³² ´¶µ ¸ ﴾ [ [التوبة: ٣٦ ، خلاف ً ا « لسعيد بن أبي عروبة والسدي والضحاك في أنها منسوخة بذلك(١) . ونحن نرى أن قوله تعالى: ﴿ ½¼»º¹¸ ÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾ ﴾ [ [التوبة: ٦ ، فالآية السابقة(٢) ، وهذا واضح من ألفاظها وسياقها خاصة فقط: (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٩٥ -.٣٩٦ (٢) الإمام الزركشي: ) « يستفاد منها عموم النكرة في سياق الشرط » يقول الزركشي: إن الآية البرهان في علوم القرآن، عيسى البابي الحلبي، القاهرة، الطبعة الثانية، ج ٢، ص ٦). ذلك راجع الإمام السيوطي: الإتقان في علوم ،« العام يستغرق الصالح له من غير حصر » أن القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث، القاهرة، ج ٣، ص ٢٣ -.٢٤ أحكام القانون الدولي ا لخاص في الفقه الإباضي ٤٣٢ أ ( بمن يأتي من المشركين (الشرط الشخصي لتطبيق ا لآية). ب ( ليسمع كلام الله (الشرط الغائي لتطبيق ا لآية). ج ( وبشرط أن يطلب الإجارة (موضوع تطبيق ا لآية). د ( فحينئذ يجب إجارته (الأثر المترتب على ا لآية). ه ( وأخيرا إبلاغه مأمنه (لتحقيق الغرض من تطبيق ا لآية). ً ٢ اللجوء ا لإقليمي: يعني اللجوء الإقليمي انتقال الشخص من مكان إلى مكان آخر يجد فيه  ملاذ ً ا آمن ًا. ومن أهم أنواع اللجوء الإقليمي التي أشار إليها الفقه الإباضي، ما يلي: أولا ً ا لهجرة: في التاريخ الإسلامي ما يدل على أن الاضطهاد والتضييق الشديد في ممارسة الشعائر الدينية قد تدفع إلى الهجرة من إقليم إلى إقليم آخر، وهذا ما حدث حتى في عهد ا لنبي ژ(١) . لذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ «¬¯® ° ³²± ÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹¸¶μ´ (١) يقول المفتي العام لسلطنة عمان: ُ واشتد المشركون في الإيذاء والعدوان، بعد أن صمت آذانهم وقلوبهم عن إدراك آيات الله »البينات، فأذن ا لنبي ژ إلى أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرتين.. فرارا من إيذاء المشركين ً وعتوهم المرير وطغيانهم الظالم، وطفق بعض المسلمين يتسلل سرا إلى المدينة للابتعاد ً الشيخ أحمد بن « عن الأليم الشديد من إيذاء الذين طبع الله على قلوبهم، فهم لا يعقلون حمد الخليلي: السيرة ا لنبوية الشريفة، إعداد التوجيه المعنوي والعلاقات العامة، رئاسة أركان قوات السلطان المسلحة، سلطنة عمان، ١٤٢٣ -٢٠٠٢ ، ص ٦ -.٧ ُ ÍÌËÊÉÈÇÆ﴾ [ [النساء: ١٠٠ الآية عامة » : ، يقول كعباش تشمل كل من قام بهذه المبرة قديما وحديث ً ا، إذ أن المعركة بين الحق ًّ والباطل لا يهدأ أوارها، يقول تعالى: ﴿ EDCBA@?> SRQPONMLKJIHGF cba`_^]\[ZYXWVUT onmlkjihgfed |{zyxwvutsrqp }﴾ [ [البقرة: ٢١٧ ، وما ظاهرة اللاجئين المعروفة في عصرنا إلا فرار وخروج من الد ّ يار هروب ً ا من الفتن والحروب الأهلية حين لا يأمن الن ّ اس على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم وإن في بلد مسلم ولكنه لا يطبق حكم الله ولا يتقيد بحدوده. وكم عانت بلادنا الجزائر من هذه الظاهرة « ولا تزال (١) . وقد ترتب على ممارسة حق الملجأ إلى الحبشة في زمان ا لنبي ژ قواعد ثلاثة هي المستقرة الآن في القانون الدولي للملجأ: (١) الشيخ محمد كعباش: نفحات الرحمن في رياض القرآن، جمعية النهضة، العطف الجزائر، ١٤٢٧ - ٢٠٠٦ ، ج ٣، ص ٢٩٦ - .٢٩٧ وبخصوص قوله تعالى: ﴿ ! *)('&%$#" -,+ 3210/.﴾ [ [الأنفال: ٢٦ ، يقول: فما أروع هذا التذكير في أسلوب التربية الحكيمة، وما أحوج الإنسان إليه عندما تنتابه »العوارض الملهية، أو تبطره النعم المنسية، وإن كان الخطاب في هذه الآية الكريمة موجها إلى الجماعة المسلمة بعنصريها الأساسيين من المهاجرين والأنصار، فإن الت ّ وجيه ً فيها عام للمؤمنين لا يختص بقوم دون قوم ولا بزمان أو مكان... والإيواء هو ما وجده المهاجرون من الأمن والاستقرار في كنف إخوانهم الأنصار بالمدينة المنورة، كما ، ذات المرجع، ج ٥ ) « مدحهم الله في آخر هذه السورة بأنهم آووا ونصروا ص ٣١٨ - .(٣١٩ ١ الغرض من الملجأ: تحقيق الأمان للاجئين، فقد قالت أم سلمة « أمنا على ديننا » : (وكانت من المهاجرين) إننا في الحبشة(١) .  ٢ سبب الملجأ: وقوع اضطهاد على اللاجئين يدفعهم إلى الهجرة، وهذا هو الذي تحقق بسبب أذية قريش للمسلمين فأشار عليهم ا لنبي ژ بالهجرة. ٣ عدم جواز تسليم اللاجئ إذا كان ذلك يعرضه للاضطهاد في البلد الذي يطلب تسليمه: فقد أرسلت قريش هدايا وتحفا إلى النجاشي مع عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص ليطلبا منه تسليم المسلمين إليهما، فقال ا لنجاشي: لا والله لا أسلمهم إليهما، ولا يكاد قوم جاوروني ونزلوا بلادي » ُ واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذا في أمرهم، فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما، ورددتهم إلى قومهم، وإن كانوا غير « ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني(٢) . وبعد أن استمع النجاشي من المسلمين وعرف صدق دعواهم رفض مطلب مبعوثي قريش. وقد قال النجاشي لمبعوثي قريش: لو أعطيتموني... جبلا » ً من ذهب ما أسلمتهم إليكما ثم أمر فردت « عليهم هداياهما ورجعا مقبوضين(٣) . (١) . سيرة ابن هشام، ج ١، ص ٣٥٨ ؛ ابن عبد البر: الدرر في اختصار المغازي والسير، ص ١٣٤(٢) . سيرة ابن هشام، ج ١، ص ٣٥٩ ؛ وابن عبد البر، مرجع سابق، ص ١٣٧(٣) سيرة ابن هشام، ج ١، ص ٣٦٢ ؛ ابن قيم الجوزية: زاد المعاد في هدي خير العباد، دار . الكتاب العربي، بيروت، ج ٢، ص ٦٤ وبخصوص قوله تعالى: ﴿ WVUTSRQP ihgfedcba`_^]\[ZYX vutsrqp❁ nmlkj ~}❁ {zyxw ے §¦¥¤£¢¡ ¨﴾ [النساء: ٩٧ - [٩٩ وتارك الهجرة مشرك ولو أسلم على » : ، يقول أطفيش الصحيح، وقيل: فاسق، والآية دليل على وجوب الهجرة من موضع لا يصل ِ فيه الإنسان إلى إقامة دينه، وهذا مم  « دينه بعد نسخ وجوب الهجرة، وتجب الهجرة قيل من أرض ا لوباء(١) تجدر الإشارة في النهاية إلى الأمور ا لآتية: ا لا ينسخ، ويندب أن يهاجر ولو أقام . ١ إن الانتقال من إقليم إلى إقليم قد لا يكون بمعنى الهجرة المساوية للجوء، وإنما لتحقيق أغراض أخرى: كالدعوة إلى دين الله، أو التجارة أو غيرها (٢) . (١) وانظر في قوله تعالى: » : أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٣١٥ ، كذلك يقول السالمي ﴿ XWVUTSRQP﴾... إلى آخر الآية فإن الله تعالى لم يجعل لهم عذر ً ا فيما اعتذروا به بل قالت لهم الملائكة: ﴿ gfedcba﴾ لا يقال إن هذه الآية نزلت في الهجرة وإنها كانت فريضة ثم نسخت لأنا نقول إن حكمها جوابات الإمام السالمي، المرجع .« باق فيما كان وجوبه باقيا كالهجرة في أول الأمر ً السابق، ج ٥، ص ٣٦٣ - .٣٦٤ (٢) لذلك تعليق ً ا على ما رواه أبو عبيدة عن جابر بن زيد قال سمعت جابر بن عبد الله يقول: بايع أعرابي رسول الله ژ وأصاب الأعرابي وعك بالمدينة فقال يا رسول الله أقلني بيعتي، فأبى له رسول الله ژ ، ثم جاءه ثانية وثالثة، فأبى له، فخرج الأعرابي فقال رسول الله ژ : « إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وتمسك طيبها » ظاهر الحديث ذم من » : ، قال ابن المنير خرج من المدينة، وهو مشكل فقد خرج جمع كثير من الصحابة وسكنوا غيرها من البلاد وكذا من بعدهم من الفضلاء! والجواب أن المذموم من خرج عنها كراهة فيها، أو رغبة عنها كما فعل الأعرابي المذكور، وأما المشار إليهم فإنما خرجوا لمقاصد صحيحة، كنشر العلم وفتح بلاد الشرك والمرابطة في الثغور وجهاد الأعداء، وهم مع ذلك مع اعتقاد = ٢ إن الاضطرار إلى الهجرة أو حتميتها يتوقف على الأحوال السائدة في الإقليم المراد مغادرته، فقد يختار الشخص رغم تعرضه للمضايقات إلى البقاء في الإقليم الذي يسكنه ولا يغادره إلى إقليم آخر إن كان ذلك لا يؤثر بطريقة جوهرية على ممارسته لحقوقه، أو لوجود أسباب تمنعه من المغادرة (لضعف أو مرض مثلا ً .( دليل ذلك أنه في عهد النبي ژ كان لا $#" يزال في مكة مستضعفون من الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿ ! 10/.-,+*)('&% ?﴾ >=<;:98765432 [ [النساء: ٧٥ ، وقال: ﴿ [ZYXWVUTSRQP lkjihgfedcba`_^]\ yxwvutsrqp❁ nm ¨﴾ § ¦ ¥ ¤£ ¢ ے ¡ ~ } ❁ { z [٩٩ ، فقد كان في مكة عدد كبير من المستضعفين من المسلمين لا - [النساء: ٩٧ يملكون حيلة يستطيعون بها الخروج من مكة ولا يهتدون سبيلا ً ، وقد وصفهم الله تعالى كذلك في قوله: ﴿ ;:9876 JIHGFEDCBA@?>=< ZYXWVUTSRQPONMLK ` ﴾[ [الفتح: ٢٥ ، ويمكن أن يبقى المسلمون _^]\[ . في أرضهم ولا يغادروها خصوصا في حالة احتلال دولتهم (١) ً حاشية الترتيب للشيخ ابن أبي ستة على ،« فضل المدينة وفضل سكناها إلخ، والله أعلم .٣٠٣ ، الجامع الصحيح لمسند الربيع، ج ٢، المرجع السابق، ص ٢٩٩ = (١) وإذ » : يقول مصطفى شريفي ،« حكم الإقامة في دار استولى عليها الاحتلال » : تحت عنوان يدعو السالمي الناس إلى الصبر والتجلد أمام العدو، نجده من جهة أخرى يدعو إلى الهجرة من البلاد التي احتلها الكفار إذا فتنوا المسلمين، فقال: ولا يقال إن الهجرة منسوخة بعد الفتح، لأنا نقول: إنما نسخت لما قوي المسلمون، وأمنوا من الفتنة من دينهم، واستطاعوا = ٣ أن المسلم الذي يهاجر إلى بلد غير إسلامية يمكنه التجنس بجنسيتها بشروط حددها الفقه الإباضي(١) ، ومن المعلوم أن النبي ژ قال: « لا هجرة بعد الفتح » :« أوجبها بعده كفر » ، لذلك يرى الفقه الإباضي أن من « كفر شرك لأن التواتر يفيد العلم، وقيل: كفر نفاق »(٢) . = إذا نزلت على بعض المسلمين حالة مثل حالة من كان قبل الفتح من » إظهار الإسلام، أما وبغض ،«... المسلمين وجب أن يعطوا حكم ذلك، لأن الفرار بالدين واجب في كل زمان النظر عن الأدلة التي ساقها والتي تحتاج إلى مناقشة لا يسعها هذا البحث فإن الدعوة إلى المقاومة والصبر والجهاد تبدو متناقضة مع الدعوة إلى الهجرة. أفكلما احتل الكفار  أرضا للمسلمين وتغلبوا على أهلها هاجر منها المسلمون وتركوها للغاصبين؟ ماذا لو طبقت ً هذه الفتوى كل البلاد الإسلامية التي كانت محتلة؟ فكم ستبقى من أرض المسلمين؟ أليست هذه الهجرة نوع ً ا من الفرار من الزحف؟ أليس في هذا الفرار ذلة ومهانة واستكانة، ّ مما ينعاه السالمي على المسلمين؟. اللهم إلا أن يلتجئ الفارون إلى من ينصرهم، لاستجماع .« القوى، وتكاتف الجهود، وإعداد ا لعدة للمواجهة، للانقضاض على العدو بالضربة ا لقاصمة مصطفى بن محمد شريفي: الشيخ نور الدين السالمي، المطبعة العربية، ص ٣٤٤ -.٣٤٥ والواقع أننا نرى أن رأي الإمام السالمي يتلخص في أمرين: ١ إذا توافرت أحوال مشابهة لما كان قبل فتح مكة، حيث كان عدد المسلمين في كل ِ  العالم قليلا ً جد ً ا، فالهجرة واجبة إذا وقع عليهم اضطهاد شديد يلجئهم إلى الخروج من ُ الإقليم المحتل، فهنا تكون الهجرة واجبة، ولا شك أن ذلك سيكون لاستجماع القوى لطرد القائمين بالاحتلال. ٢ إذا لم تتوافر أحوال مشابهة لما كان قبل فتح مكة، كما هو حال المسلمين الآن، والذين يتعدون المليار نسمة، فالهجرة لا تكون فرارا بالدين، وإلا أدى هذا إلى إفراغ ً الأقاليم الإسلامية إقليما تلو إقليم. ً (١) مناط الحكم في التجنيس، كما ورد عند الإباضية، هو العدل والجور؛ فمتى » : وهكذا قيل كان العدل وأمن المرء دينه، كان جواز اتخاذ الجنسية، ومتى كان الجور، ولم يأمن المرء .« دينه، فالحكم هو ا لحرمة د. محمد موسى بابا عمي: التجنيس والهجرة بين التراث الإسلامي والواقع العلمي، ندوة الفقه الإسلامي في عالم متغير، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ُ ١٤٣٢ -. ٢٠١١ ، ص ٧١٥ (٢) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٠٨ -.٥٠٩ ثاني ً ا منح اللجوء الإقليمي بواسطة الأفراد (ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم): الأصل أن منح الملجأ يكون لسلطات الدولة، إلا أن الإسلام قرر نظاما ً فريد ً ا هو السماح للأفراد العاديين بإعطاء الجوار أو اللجوء، يقول الرسول ژ : المسلمون تتكافأ دماؤهم، وأموالهم بينهم حرام، وهم يد على من »  سواهم يسعى بذمتهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، ولا يقتل ذو عهد في عهده، ولا يقتل مسلم بكافر، ٍ « ولا يرث الكافر المسلم ولا المسلم ا لكافر(١) .  قال الربيع: تتكافأ دماؤهم؛ أي: هم سواء في الدية والقتل، وهم يد على من سواهم؛ أي: هم أقوى وأفضل من غيرهم، يسعى بذمتهم أدناهم؛ أي: إذا أعطى أدنى رجل من المسلمين العهد لزمهم، ويرد ّ عليهم أقصاهم؛ أي: من رد العهد من المسلمين كان رادا. وقال جابر: إلا باتفاق الإمام أو جماعة أهل الفضل في ا لإسلام(٢) . وهكذا يمكن للفرد، ولو كان من أدنى المسلمين، أن يمنح الجوار أو اللجوء الذي يعني الأمان لمن يطلبه منه (مع مراعاة الشروط اللازمة لذلك)(٣) ، ومن هذه الشروط التي أكد عليها الإباضية أن يكون العهد (١) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب الديات، وكذلك أحمد في مسنده.. (٢) سعود الوهيبي: الجامع الصحيح، مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، مكتبة مسقط، سلطنة عمان، ١٤١٥ -. ١٩٩٤ ، ص ٤٣١ ُ وبخصوص ذات الحديث، قيل إن الكلام يكون على وجوه، منها السجع. ومنه قوله ژ : « المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم » . سلمة العوتبي الصحاري: كتاب الإبانة في اللغة العربية، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ج ١٤٢٠ ،١ -. ١٩٩٩ ، ص ٤٨ ُ (٣) بخصوص قوله (يسعى بذمتهم أدناهم): قال الربيع: أي: إذا أعطى أدنى رجل من المسلمين = عدلا » ً العهد أدنى رجل من المسلمين » يقول أبو الحواري: إنه إذا أعطى ،« فهو جائز إذا كان العهد عدلا ً « ، يعقد عليهم ولهم(١) . ويقول ابن جعفر: ولا يحل قتل رجل قد أمنه رجل من المسلمين، لأن ذمتهم يجزى على »  ما أعطى أولهم عن آخرهم إذا كان عدلا ً ، فإن أمن رجل من المسلمين رجلا ً  قد لزمه شيء من الحكم لم يجز ذلك الأمان له، لأنه ليس لأحد أن يحكم « بخلاف حكم الله ولا يؤمن أحد على ترك حدود الله ا لواجبة(٢) . = العهد لزمهم، وقيل معناه أن أمانهم واحد، فإذا أمن الكافة واحد منهم حرم على غيره التعرض له، والمعنيان متقاربان، والذمة العهد لأنه يذم متعاطيها على إضاعتها، ومعنى يسعى بها؛ أي: يتولاها ويذهب بها ويجيء، والمعنى أن ذمة المسلمين سواء صدرت من ٌ واحد أو أكثر، شريف أو وضيع، فإذا أمن واحد من المسلمين كافر أو أعطاه ذمته لم يكن لأحد نقضه، فيستوي في ذلك الرجل والمرأة والحر والعبد، لأن المسلمين كنفس واحدة، وقيل لا أمان للعبد إلا إن قاتل، وقيل إذا أذن له سيده في القتال صح أمانه وإلا فلا. وأما الصبي والمجنون فلا أمان لهما بلا خلاف، وقيل بالفرق بين الصبي المميز وغيره ّ والمراهق وغيره، فجعلوا محل الإجماع في غير المميز، لأن مدار هذا الأمر على العقد والإسلام، وليس للكافر على المؤمنين ذمة، وقال الأوزاعي: إن غزا الذي مع المسلمين فأمن أحد ً ا فإن شاء الإمام أمضاه وإلا فليرده إلى مأمنه، وقيل يستثنى من الرجال الأسير ّ .« في أرض الحرب فإنه لا ينفذ أمانه لأنه مقهور في يد ا لعدو إلا أن ا تجاه ً ا آخر يرى أن: أمر الأمان مطلق » ً ا إلى الإمام، فإن أجازه جاز وإن رده رد، وتأولوا ما ورد مما يخالف ُ ذلك على قضاياها خاصة وهو معنى قول جابر: إلا باتفاق الإمام أو جماعة أهل الفضل سعود الوهيبي: الجامع الصحيح، مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ ،« في الإسلام الوارجلاني، المرجع السابق، ص ٤٣٤ . راجع أيض ً ا حاشية الترتيب للعلامة ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، ج ٤، ص ٢٦ -.٢٧ (١) أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، . ج ٢، ص ٧٥(٢) ابن جعفر: الجامع، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ج ١٤٣١ ،٨ - ؛ ٢٠١٠ ، ص ٢٦ ُ راجع أيض ً . ا الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٦٧ وفي التاريخ الإسلامي أمثلة على إعطاء الجوار والأمان من الأفراد(١) ، وهو أمر يجب احترامه تطبيق ً ا لمبدأ الوفاء بالعهد، ومحافظة على الأمن القانوني، ولأنه: « وإذا حقرت الذمة أديل الكفار؛ أي: ردت إليهم ا لدولة »(٢) . ثالث ً ا ابن ا لسبيل: في بعض الأحوال قد يغادر الشخص إقليما متجها إلى إقليم آخر، ًً ابن السبيل » وتتقطع به السبل فيحتاج إلى أن يضفي عليه وضع  .« اللاجئ كل مسلم منقطع عن أهله، ولم » وابن السبيل الذي يستحق الصدقة هو يكن معه مال يكفيه مؤونته إلى أهله، ولم يجد قرض ً ا، ولا تدين ً ا لماله، فيأخذ الزكاة ولو كان ذا مال في أهله، شرط أن يكون وصوله إلى ماله متعذرا، ويشترط الإباضية أن يكون سفره في غير معصية، وهو ما ذهب إليه ً « جمهور المالكية والشافعية والحنابلة (٣) . (١) فمن أعطى من المسلمين العهد، فهو جائز إذا كان العهد عدلا، » : يقول البسيوي ً ولا يجوز إذا لم يكن العهد عدلا ً ، وإن المسلمين يد على من سواهم، تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم، ألا ترى أن ا لنبي ژ لما أمنت زينب زوجها ا لربيع بن أبي العاص، أجاز ا لنبي ژ أمانها منها له، وكذلك لما أجار العباس أبا سفيان؛ أجاز ذلك له ا لنبي ژ .« . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٦٨ لهذا فإن قوله ژ : كل من أعطى منهم » : ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، يعني أن أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ،« الأمان لحربي مضى عليهم كلهم . المرجع السابق، ج ٥، ص ١٦٨ انظر أيض ً ا أمثلة أخرى كثيرة لمنح الجوار من الأفراد، د. أحمد أبو الوفا: حق اللجوء بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي، المرجع السابق، ص ٨٧ -.٩٤ (٢) . البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٩، ص ٣١(٣) . معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٦٢ وعلى ذلك يحكم ابن السبيل القواعد الآتية في الفقه ا لإباضي: ١ أنه شخص لا يستطيع الاتصال بأهله أو الوصول إلى ماله لسفره في حج أو عمرة أو طلب علم أو غير ذلك من أنواع الطاعات، أو المباح، »قيل: أو في المعصية إن تاب نصوح ً « ا(١) ، ولا شك أن هذا الشرط ينطبق على اللاجئ الذي يفر من بلده إلى بلد آخر خشية الاضطهاد أو القتل أو التعذيب، تارك ً ا وراءه كل ما يملك وكذلك أهله. ٢ أنه لا يشترط فيه أن يكون فقيرا، فهو يستحق نصيب ابن السبيل ً ولو كان غني » حتى يستوي في تسمية ابن السبيل الغني » إذ ،« ا في داره ً « والفقير، والحاضر والبادي(٢) . يأكل مما هو لابن » كما يجوز للمسافر أن « السبيل، إن احتاج إليه ولو كان غنيا في بلده(٣) . ٣ أنه يجب ألا يكون انتقاله من بلد إلى آخر لغرض ارتكاب فعل غير مشروع، يقول ا لشماخي: ويجب حق ابن السبيل كائن » ً ا ما كان من الناس إلا من يسعى في معصية الله، مثل قطاع الطريق، وأهل الفتنة، ومن هجره المسلمون، والمرأة العاصية لزوجها، والعبد الآبق، وأشباههم، فلا يجب حق هؤلاء، ولا يطعمون، ولا ُ « يسقون(٤) . ُ ويجب حق ابن السبيل على من جاز عليه كما يجب » : ويقول الجيطالي حق الضيف. وهذا إذا خرج من الأميال وانقطع عن أهله وماله ولم يجد من (١) ؛ أطفيش: تيسير التفسير، ج ٦، ص ٥٩ ؛ الإمام السالمي: معارج الآمال، ج ٧، ص ٥٨٠ . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ١٠ ، ص ٣٥٢(٢) . الإمام السالمي: معارج الآمال، ج ٧، ص ٥٨٠ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ١٠ ، ص ٣٥٢(٣) . الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦١٦(٤) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٤٢٥ يسلفه، ولا من يبيع له، وأما من تردد في البلاد تردد البهائم في الصحاري والقفار متفرجا من كرب البطالة في البلاد المختلفة وليست له حاجة هو ً « قاصد إليها، فلا حق لهؤلاء في الضيافة ولا في أموال المساجد والأوقاف(١) . علة ذلك أن المسافر في معصية لا يجوز أن تتم إعانته على ارتكابها(٢) ، وقد سبق القول أنه لا يجوز منح اللجوء للمجرمين. ٤ من الفقهاء من يميز بين ابن السبيل والضيف، ومنهم من يعتبره ضيف ً هذا » :( ا، وقد أشار إلى ذلك القطب فقد قال (بخصوص ابن السبيل بخلاف الضيف فإن الضيف قد يكون في الأميال، وقد يكون معه مال، وقيل إن الضيف من خرج الأميال. فيلزم حقه من جاز عليه إن لم يكن كباغ، وقيل ابن السبيل الضيف إن نزل فيجب الإحسان إليه ثلاثة أيام وفوقها « صدقة(٣) . ٥ وأما ابن » : أنه يمكن أن يعطي من الزكاة، لذلك جاء في بيان الشرع السبيل من قومنا إذا كان منقطعا فيعطى من الزكاة، لأن سبيل ابن السبيل ً « غير سبيل أهل ا لوطن(٤) . (١) الجيطالي: قواعد الإسلام، ١ - ٢، مكتبة الاستقامة، ١٤٢٣ -. ٢٠٠٣ ، ص ٥٩٢ (٢) الإمام السالمي: « في مال الله حق إذ لا يعان بها عاصي » فالمسافر في معصية الله ليس له . معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٥٨٠ (٣) الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، وزارة التراث والثقافة، سلطنة ع ُ مان، ١٤٠٥ - ١٩٨٥ ، ج ٣، ص ٣٣٩ ؛ انظر أيض ً ا: أطفيش: الذهب الخالص المنوه . بالعلم القالص، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ص ٣١٧ ُ .« الضيف ينزل عليك أن تحسن إليه وتعرف حقه » : كذلك قيل أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، ج ١٤١١ ،١ - في الآية ٤١ من سورة « ابن السبيل » ١٩٩١ ، ص ٨٢ . وفي تفسيره لكلمة . ذات المرجع، ج ٢، ص ١٣٩ « الضيف النازل عليكم » الأنفال يقول إنها تعني(٤) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ١٩ ، ص ١٣٧ يقول الله تعالى: ﴿ vutsrq zyxw }|{ ~ ﮯ £¢¡ §¦¥¤ ¨© ﴾ [ [التوبة: ٦٠(١) . أو ا لإجباري: « غير الإرادي » رابعا اللجوء الاضطراري أو ً الأصل أنه لا يجوز إجبار إنسان على أن يغادر إقليم ما، إذا لم توجد أسباب تقضي بعكس ذلك(٢) . لكن قد تحدث أحوال يدخل فيها الشخص إلى إقليم دولة أخرى رغما ً عنه، ودون ما إرادة منه، كحدوث هيجان في البحر، أو زلازل أو فيضانات. (١) يقول أطفيش: بخصوص هذه ا لآية: لأن الأولين استحقوها لذواتهم الموصوفة، « في » وكانت الأربعة الأولى باللام والأخرى ب »والآخرين استحقوها لجهة حاجتهم، فالرقبة لتقضي دين الكتابة أو لتحصل عقد الكتاب، والغارم .« ليقضي ما عليه، وابن السبيل ليصل بها لأهله، أو للإعلام بأنهم أحق فهي راسخة فيهم . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٦، ص ٥٨ ويقول أبو إسحاق: ويستحق ابن السبيل الصدقة بثلاث خصال: »أحدها أن يكون حرا. ً الثاني أن يكون مسلما. ً .« الثالث أن يكون منقطعا عن أهله من غير معصية، بلا مال يكفيه مؤونته إلى أهله ً الإمام إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، مكتبة مسقط، ١٤٣٢ -. ٢٠١١ ، ص ٢٤٥ (٢) بخصوص سؤال: هل يجوز للرجل أن يسعى مع الجبار أو أعوانه بطرد مؤمن من أوطانه؟ ومن فعل ذلك ما يلزمه وهل تقبل شهادته وهل تثبت ولايته إذا تعود شيئ ً ا من الكذب وغيبة ا لمؤمنين؟ يقول ا لسالمي: جميع ما ذكرته حرام لا تصح عليه الموالاة ولا تقبل معه الشهادة، لأنه إما فسق محض ».« وإما معصية تخل بالمروءة، وعلى فاعل شيء من ذلك ا لتوبة . جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٣٩٦ وقد بحث الفقه الإباضي هذه المسألة أيضا، فقد جاء في بيان ا لشرع: ً وقلت: إن انحدروا إلى الأرض في موضع لا يعرف أحد » ً ا من الهند يسكن في ذلك مثل أطراف عمان هل يقتلون؟ فإنه لا يقتل إلا من عرف أنه ُ كان من أهل الحرب لأنه قد يمكن أن يكون أولئك من الذين يأمنون مع المسلمين كسروا أو تخلفوا أو ذهب مركبهم ومثل هذا. وقلت: فإن قال الهند الذين وجدوهم في ذلك الموضع إنهم ليسوا من البوارج. وأنهم قوم من المعاهدين فإن القول قولهم كان المسلمون قد علموا أنه قد كسر في ذلك الموضع سفينة أو لم يعلموا ذلك لأنه قد تكسر السفن ولا يعلمون هم ذلك ويعرض عليهم أن يصلوا إلى إمام المسلمين ويدخلوا قراهم فإن لم يفعلوا ذلك لم يعرض لهم إلا أن ينقضوا العهد الذي ادعوه بمحاربة أو قطع طريق. وقلت: إن لم يعلم أحد من المسلمين أن أحد ً ا من البوارج انحدر إلى ذلك الموضع ووجدوا هؤلاء السند، فإنه لا يكون من هؤلاء الهند محاربين إلا أن يعلم ذلك المسلمون فأما على الظن والتهمة فلا. وقلت: إن كانوا قد انحدروا وقد يجوز أن يكونوا ليس من القوم. فإن كانوا انحدروا من بوارج العدو وعرف ذلك المسلمون فالحكم فيهم واحد « في البر والبحر إن ا نحدروا(١) . معنى ما تقدم أن المسألة قيد البحث يحكمها: قاعدة: مؤداها أن من يدخل اضطراريا إلى سواحل الدولة الإسلامية ً بسبب راجع إلى هيجان البحر أو تكسر المركب، لا يجوز التعرض له. (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٩١ -.١٩٢ استثناء: وفق ً ا له أن تلك القاعدة لا تطبق إذا كان الشخص من المحاربين التابعين لدولة في حرب مع المسلمين، أو كان من المعاهدين لكنه نقض العهد؛ أي: أن حالة الحرب ونقض العهد مانعان من منح اللجوء ولو كانا ا(١) اضطرار . ً ختاما، يمكن القول: إنه بخصوص الحق في اللجوء للفقه الإباضي ً « معروف ومحترم » إسهاماته، فالجوار(٢) . (١) بحث الفقه الإباضي كذلك مصير الأموال المملوكة لغير المسلمين والتي تأتي إلى ساحل البحر من مراكب تحطمت فيه، وقرر أنها في هذه الحالة تكون فيئ ً ا يكون لبيت مال المسلمين ما دام لم يؤخذ بقتال (فهو إذن لا يعتبر غنيمة) مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ => IHGFEDCBA@? ﴾ [ [الحشر: ٦ ، يتضح ما قلناه من الرأي الآتي: مسألة: من جواب الشيخ الفقيه سليمان بن محمد بن مداد ا لنزوي » 5 : في الحربي المشرك، إذا انكسر وتفرق متاعه على ساحل البحر؛ أيكون حكم ماله غنيمة ويكون للذي ُُ لفظ منه شيئ ً ا أن يخرج خ ُ مسه للإمام، والباقي له، أم هذا له حكم غير الغنيمة إذا انكسر ُ ٌُ في حمى الإمام أو غيره؟ الجواب: وإن كان هذا الحربي انكسر ماله بعد أن أقيمت عليه الحجة من المسلمين وصح أنه ماله، فهو عندي غنيمة، وإن كان هذا الحربي لم تقم عليه حجة من المسلمين ووجد ماله منكسرا في البحر، ولم يكن هو حاضر لتقام عليه الحجة، فليس هو بغنيمة ً عندي حتى تقام عليه الحجة من المسلمين، وبردها حينئذ يكون ماله غنيمة للمسلمين لأنه قد جاء في الأثر عن أهل العلم إذا لقي المسلمون أهل حربهم في بر أو بحر فليس لهم أن يقاتلوهم ويغنموا مالهم إلا أن يقيموا عليه الحجة ثانية، وكذلك إن غزوهم في بلادهم، وخرجوا منها منهزمين قبل إقامة الحجة ووقوع الجزية بينهم، فليس للمسلمين .« أخذ مالهم من بلادهم ولا تكون الغنيمة إلا بعد إقامة الحجة، ووقوع ا لحرب الشيخ سالم المحياوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، وزارة التراث والثقافة، سلطنة ع ُ مان، ١٤٠٨ - ١٩٨٨ ، ج ١، ص ٣٣٧ ؛ انظر أيض ً ا: السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ، ص ٢٣٦ -.٢٣٧ (٢) الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٨ ، ص ٤٣٧ (قاله في تفسير الآية ٤ من سورة محمد).  ٣ اللجوء ا لدبلوماسي: لم يتعرض الفقه الإباضي لهذا النوع من اللجوء، وهو الذي يتم في أماكن تتمتع بالحصانة: كدور البعثات الدبلوماسية أو القنصلية، ومقار المنظمات الدولية، والسفن الحربية الأجنبية. ولعل ذلك يرجع إلى أن هذه المسألة من الأمور الحديثة نسبيا في إطار العلاقات الدولية المعاصرة، والتي لم تثر منذ القدم حيث كان التمثيل الدبلوماسي مؤقت ً ا وليس دائما. ً  :¿ÉªY áæ£∏°ùH ÖfÉLC’G áeÉbEG ¿ƒfÉb »a Aƒé∏dG (`g o نظم قانون إقامة الأجانب الصادر في سلطنة عمان قواعد منح اللجوء ُ وحقوق وواجبات اللجوء، كما يلي: ١ يجوز للسلطة المختصة أن تمنح الأجنبي الذي لا يحمل جواز أو وثيقة سفر إجازة مرور للسفر للخارج إذا كان هذا الأجنبي لاجئ ً ا أو مجهول .( الجنسية (مادة ١٢٢ وبخصوص اللجوء السياسي تطبق القواعد ا لآتية: أ ( يجوز للأجنبي، إذا كان موضوع ملاحقة من سلطة غير عمانية، لأسباب ُ سياسية أن يطلب منحه حق اللجوء السياسي والإقامة في السلطنة متى كانت هذه الملاحقة تهدد حياته أو حريته. وكانت تلك الأسباب لا تتعارض مع السياسة العامة للسلطنة، ولا تخل بالمعتقدات الإسلامية. وذلك إلى حين زوال ما يتعرض له من أخطار. وينظم وزير الدولة للشؤون الخارجية: بالتنسيق مع السلطات المختصة، .( الأمور المتعلقة باللاجئين والمقيمين السياسيين (مادة ٢٤ب ( يكون منح حق اللجوء السياسي أو الإقامة لأسباب سياسية بأمر سلطاني. ٤٤٧ ج ( ويعطى الأجنبي في هذه الحالة بطاقة خاصة يدون فيها جميع التفاصيل .( المتعلقة بهويته. وما قد يفرض عليه من التزامات (مادة ٢٥د ( لا يجوز لمن منح حق اللجوء السياسي أن يقوم بأي نشاط سياسي طيلة .( إقامته في سلطنة عمان. (مادة ٢٦ ُ ه ( يجوز العدول عن منح الأجنبي حق اللجوء السياسي وإبعاده من السلطنة كما يجوز في أي وقت تقييد حق اللجوء السياسي بشروط جديدة متى اقتضت الظروف ذلك. وإذا تقرر إبعاد اللاجئ السياسي فلا .( يجوز ترحيله إلى دولة يخشى فيها على حياته أو حريته (مادة ٢٧ الفرع ا لثالث الدبلوماسيون من الأمور المعلومة منذ غابر الزمان أن الرسول أو السفير، باعتباره ممثلا ً للدولة المرسلة ولتمكينه من القيام بالمهمة الموفد من أجلها، يتمتع بالحصانة بخصوص ما يصدر عنه من أعمال لازمة لإنجاز تلك ا لمهمة. وقد وضع الفقه الإباضي كثيرا من القواعد بخصوص حصانة ً الدبلوماسيين، نوجزها فيما يلي: :áfÉ°üëdÉH ∫ƒ°SôdG ™àªJ π°UC’G ( CG يشكل ذلك القاعدة العامة عند الإباضية. يقول ا لكندي: رسل أهل الحرب » : ويقول ابن محبوب: نهى رسول الله ژ عن قتل ومن دخل إلى المسلمين منهم بأمان ما لم ينقض الرسول منهم والآمن من « عندهم عهد الأمان له بعدوان(١) . (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٦٧  رسل أهل الحرب... ما لم » وهكذا فقد نهى رسول الله ژ عن قتل  « ينقض الرسول منهم... عهد الأمان له بعدوان(١) .   فقد روي أنه أرسل مسيلمة إليه ژ رسولين بكتاب فلما قرأه قال لهما: ُ «؟ فما تقولان » فقالا: نقول بما قال، فقال ژ : لولا أن الرسل لا تقتل »   « لقتلتكما(٢) . وهكذا فقد جرت ا لسنة بعدم قتل رسل ومبعوثي الدول الأجنبية حتى ولو استخدموا ألفاظ ً ا جارحة يعاقب عليها الشخص العادي؛ يقول ابن قيم ا لجوزية: وكانت تق » ْ دم عليه رسل أعدائه وهم على عداوته فلا يهيجهم ولا ُ  ذلك أنه جرت سنته « يقتلهم  « ألا يقتل رسول »(٣) .  يقول الإمام الخطابي تعليق ً ا على ذلك: وأما قوله: لولا أنك رسول لضربت » ُ عنقك فالمعنى في الكف عن دمه أن الله سبحانه قال: ﴿ À¿¾½¼»º¹¸ ÄÃÂÁ ﴾ ، فحقن له دمه حتى يبلغ مأمنه ويعود بجواب ما أرسل « به فتقوم به الحجة على مرسله(٤) . (١) . ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، كتاب المحاربة، ص ٣٦ (٢) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٢٢ وقد حدث ذلك سنة عشرة حينما ارتد بنو حنيفة وهم قوم مسيلمة الكذاب. تنبأ وكتب إلى رسول الله ژ : من مسيلمة رسول الله، إلى محمد رسول الله، أما بعد فإن الأرض » ُ نصفها لي ونصفها لك، وإني قد أشركت في الأمر ولكن قريش ً فكتب إليه ،« ا تعتدي رسول الله ژ : بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، » السلام على من اتبع الهدى، أما بعد، ف ﴿ ﮯ £¢¡ ¤ ¨§¦¥ ©ª ﴾[ [الأعراف: ١٢٨ ، راجع أطفيش: تيسير التفسير، ج ٤، ص ٦٦ - ٦٧ (ذكره في تفسيره للآية ٤ من سورة ا لمائدة). (٣) . ابن القيم الجوزية: زاد المعاد في هدي خير العباد، ج ٢، ص ٧٥(٤) . الخطابي: معالم السنن، ج ٢، ص ٣١٩ = ثم كتب إلى مسيلمة:  بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب: » السلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من « عباده، والعاقبة للمتقين(١) .  ومن ذلك ما حدث أثناء صلح الحديبية فقد تطاول عدد من رسل   قريش على مجلس رسول الله مثل عروة بن مسعود الثقفي فحاول أبو بكر الصديق ƒ أن يرده إلى صوابه، لكن الرسول ژ منع رفقاءه من أن يمسوا عروة بسوء مع العلم أن قريش ً ا عقرت مطية سفيره الذي راح عليها وهمت بقتله(٢) . ومن ذلك أيضا ما حدث بين ا لنبي ژ ورسول هرقل فقد سأله ً  الرسول عن هديته وسأله إضافة لذلك: هل لك إلى الإسلام والحنيفية ملة  أبيك إبراهيم، فأجابه السفير بصراحة: إني رسول قوم وعلى دين قوم ولا  أرجع عنه حتى أرجع إليه، فضحك الرسول ژ قائلا ً : إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء. ثم يقول له ژ معتذرا لما وجده عليه من ً إن لك حقا وإنك لرسول، فلو وجدت عندنا جائزة لجوزناك بها، » : ضيق = ويروى أن النبي ژ قال له: لو كنت قاتلا » ً رسولا ً « لقتلتك ولضربت عنقك راجع الحافظ الهيثمي: كشف الأسرار عن زوائد البزار على الكتب الستة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٣٩٩ -. ١٩٧٩ ، ج ٢، ص ٢٧١ (١) . السيرة ا لنبوية لابن هشام، المرجع السابق، ج ٢ وقد قيل إن هذه الرسالة تعتبر من الرسائل القصيرة الآتية على المعاني الكثيرة، قدامة بن جعفر: كتاب نقد النثر، المكتبة العلمية، بيروت، ١٤٠٠ -. ١٩٨٠ ، ص ١٠٠ (٢) انظر هذه القصة أيض ً ا في: د. عبد الهادي التازي: الحصانة الدبلوماسية في مفهوم السيرة ، النبوية، المؤتمر العالمي الثالث للسيرة والسنة النبوية، الدوحة، ١٤٠٠ ه، ج ٦ ص ٦٥٣ -.٦٥٤ ولكن جئتنا ونحن مرملون (أي في ضيق)، فتطوع عثمان بن عفان بإعطائه جائزة. ثم قال الرسول: أيكم ينزل هذا الرجل، فقال رجل من الأنصار: وأنا « على ضيافته(١) . وقد أثبت القرآن الكريم حصانة الرسول، بقوله: ﴿ ` cba d ﴾ [ [المائدة: ٩٩ . وقد أصبح ذلك جاري ً ا مجرى ا لمثل(٢) . الأمر الذي يعني أمرين: الأول أن وظيفة الرسول هي مجرد إبلاغ ا لرسالة. والثاني أن الرسول غير ملوم، إذ وظيفته إبلاغ الرسالة ولو كان فيها تهديد ووعيد، بل ولو خرج الرسول عن الحدود المألوفة للرسالة. ويقرر الإمام السرخسي أن: الرسل لم تزل آمنة في الجاهلية والإسلام وهذا لأن أمر القتال والصلح »« لا يتم إلا بالرسل فلا بد من أمان الرسل ليتوصل إلى ما هو ا لمقصود(٣) . وقد عبر الإمام الشوكاني عن دور العرف في هذا الخصوص تعبيرا بليغ ً ا ً بقوله: (١) راجع الإمام حميد بن زنجويه: كتاب الأموال، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض، ١٤٠٦ -١٩٨٦ ، ج ١، ص ١٢٣ -.١٢٤ (٢) راجع جعفر بن شمس الخلافة: كتاب الآداب، تحقيق: محمد أمين الخانجي، مكتبة الخانجي، القاهرة ١٤١٤ - ١٩٩٣ ، ص ٦٢ ؛ الإمام السيوطي: الإتقان في علوم القرآن، . تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث، القاهرة، ج ٤، ص ٤٤ (٣) السرخسي: المبسوط، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، ج ١٠ ، ص ٩٢ - ٩٣ . وانظر أيض ً أصول القانون الدولي والعلاقات الدولية عند الإمام الشيباني وفق » : ا مقالتنا ً ا لكتاب ١٩٨٧ ، مطبعة ، مجلة القانون والاقتصاد، عدد ٥٧ « السير الكبير بشرح الإمام السرخسي . جامعة القاهرة، ١٩٩٠ ، ص ٣٨٤ إن تأمين الرسل ثابت في الشريعة الإسلامية ثبوت » ً ا معلوما فقد كان ً رسول الله ژ يصل إليه الرسل من الكفار، فلا يتعرض لهم أحد من أصحابه وكان ذلك طريقة مستمرة وسنة ظاهرة، وهكذا كان الأمر عند غير أهل ُ الإسلام من ملوك الكفر، فإن ا لنبي ژ كان يراسلهم من غير تقدم أمان منهم لرسله، فلا يتعرض لهم متعرض. والحاصل أنه لو قال قائل إن تأمين الرسل قد اتفقت عليه الشرائع لم يكن ذلك بعيد ً ا وقد كان أيض ً ا معلوما ذلك عند المشركين أهل الجاهلية ً   عبدة الأوثان، ولهذا فإن ا لنبي ژ يقول: لولا أن الرسل لا تقتل لضربت » « أعناقكما قاله لرسول َفيه « لولا أن الرسل لا تقتل » : ي مسيلمة،... فقوله ْ « التصريح بأن شأن الرسل أنهم لا يقتلون في الإسلام وقبله(١) . ُ ويمكن القول: إن من الأخلاق التي يستند إليها الإباضية أن: « للوافد إليهم حسن ا لرعاية »(٢) . وهو ما يؤكده كتاب الإمام سعيد بن عبد الله إلى يوسف بن وجيه: ومن قولك: إن بعثت رسلك هؤلاء استظهارا منك بالحجة علينا فنحن » ً ِِ أحق بهذه الصفة منك ولو أنا أمنا على رسلنا إليك كما أمن ْت َ على رسلك إلينا لجاءك وخاطبك شفاه ً « ا إن أنت أنصفت في مخاطبتك(٣) . (١) الشوكاني: كتاب السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٥ - ، ١٩٨٥ ، الطبعة الأولى، ج ٤ ص ٥٦٠ -.٥٦١ (٢) الشيخ سالم بن حمود السيابي: طلقات المعهد الرياضي في حلقات المذهب الإباضي، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٠ - ١٩٨٠ ، مطابع سجل العرب القاهرة، ُ . ص ١٢٩(٣) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٦١ بعثتني قريش إلى رسول الله ژ فلما رأيت » : وعن أبي رافع قال رسول الله ژ ألقى في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله، والله إني لا أرجع إليهم أبد ً ا، فقال رسول الله ژ : إني لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البرد، ولكن ارجع إليهم فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن فارجع، فذهبت .« ثم أتيت ا لنبي ژ فأسلمت يقول العلامة أطفيش: وكان أبو رافع قبطيا، وهذا في ذلك الزمان، وأما الآن فلا يصلح؛ أي: »« لا يرد من آمن(١) . ونحن نرى أن ذلك لا يصلح الآن، لعلة أخرى: تقدم وسائل الاتصالات  الآن، وبحيث يمكن إبلاغ الرد على الرسالة التي جاء الرسول من أجلها في حينها وفورا بواسطة التليفون أو الفاكس أو البريد الإلكتروني eـmail. ً :á«°†b áfÉ°üë∏d ó°ùØj ’ ∫ƒ°SôdG ™e ±ÓîdG ` Ü إذا حدث خلاف بين الرسول وسلطات الدولة المرسل إليها بخصوص (١) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٦ -١٩٨٦ ، ج ٥، ص ٢٢١ - ٢٢٢ ، وانظر ذات المرجع، ص ١٧٥ حيث يذكر أنه ژ .« ولا أحبس ا لرسل » : قال :« إني لا أحبس ا لبرد » وإن كان الإمام أبي داود يقرر بخصوص قول ا لنبي ژ لأبي رافع « هذا كان في ذلك الزمان، فأما اليوم فلا يصلح »بينما يقول الإمام الصنعاني إن في ا لحديث: دليل على حفظ العهد والوفاء به ولو لكافر، وعلى أنه في الحديث دليل على أنه: »راجع: .« لا يحبس الرسول بل يرد جوابه، فلا يجوز أن يحبس بل يرد » الإمام السجستاني: سنن أبي داود، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية، القاهرة، ١٣٦٩ -. ١٩٥٠ ، ج ٣، ص ١١٠ . سبل السلام للصنعاني، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٣٣ مضمون المهمة الموكلة إليه أو استخدام الرسول لألفاظ نابية، فإن ذلك لا يضير بالحصانة التي يجب أن يتمتع بها: فلا يجوز إهانته أو الاعتداء عليه. وقد سبق أن ذكرنا أن أول من طبق ذلك هو النبي ژ حينما اختلف .« لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما » : معه رسولا مسيلمة ومع ذلك قال لهما وقد طبق الرسول احترام هذه الحصانة للمبعوث الدبلوماسي في مناسبات أخرى عديدة. من ذلك حينما أرسل ا لنبي ژ كتاب ا إلى كسرى. وكان كتابه: بسم الله ً الرحمن الرحيم، من محم  د رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد ً ا عبده ورسوله، وإني أدعوك بدعاء الله، وإني رسول الله إلى الناس لأنذر ﴿ ÒÑÐÏÎÍÌ ﴾ [ [يس: ٧٠ ، فأسلم تسلم، وإن توليت فإن إثم المجوس عليك. فلما قرأه شقه، قال: يكتب إلي بهذا وهو عبدي! ثم كتب إلى باذان، وهو باليمن: أن ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتياني به. وكتب معهما يأمره بالسير معهما إلى كسرى. فبعث باذان الرجلين، فخرجا حتى قدما على رسول الله ژ فأعلماه بما قدما له وقالا: إن فعلت كتب باذان فيك إلى كسرى، وإن أبيت فهو يهلكك ويهلك قومك، فقال لهما رسول الله ژ : ارجعا حتى تأتيانني غد ً ا، وأتى رسول الله ژ الخبر من السماء أن الله قد سلط على كسرى ابنه شيرويه فقتله(١) . وقد أخذ الفقه الإباضي بذلك أيض ً ا في مناسبات عديدة، نذكر منها مثالين: (١) ابن الأثير: الكامل في التاريخ، ج ٢، ص ٢١٣ -.٢١٤ ١ فقد هاجمت أساطيل القرصنة الإفرنجية متعاونة موانئ المغرب الإسلامي، فاحتلتها ميناء بعد ميناء. بدأوها من المغرب الأقصى، وساروا  معها حتى احتلوا طرابلس سنة ٩١٦ ولم يبق من موانئ المغرب الإسلامي بعد احتلال طرابلس، إلا جزيرة جربة، وقد انفلت القرصان الكبير (بدرو نافارو) بأسطول يتكون من اثني عشرة سفينة إلى جزيرة جربة. وفي اليوم التاسع والعشرين من ربيع الأول سنة ٩١٦ من الهجرة النبوية وقف أسطول عتيد على مداخل جربة، ونزل منه زورق صغير يحمل رسالة إلى شيخ الجزيرة أبي زكرياء يحيى السمومني. يقول علي يحيى معمر: وقف الرسول أمام الشيخ في اعتداد السارق الوقح، وطلب من الشيخ » باسم قائد الأسطول أحد أمرين: إما تسليم الجزيرة، وإما القتال، فأجاب الشيخ بأن الجزيرة لن تسلم نفسها، وإن عليه أن يخبر قائده بأن الجزيرة مستعدة للدفاع عن دينها، وكرامتها وأرضها، وأنهم لن يسمحوا لقدم أن تطأ ترابهم إلا إذا أصبحوا جثث ً ا هامدة. وعرف الرسول التصميم في عزيمة الشيخ ورأى الإصرار والتحدي على ينقل إليه ما سمع وما رأى. وفكر « بدرو نافارو » الحاضرين فرجع إلى القرصان الكبير طويلا ً في الموضوع؛ أيقدم على الحرب، أم يعود أدراجه ليزيد في قوته ما يضمن له النصر؟ وكان الغيظ والحنق يأكلان قلبه، ويحملانه على الإقدام، ولكن صوت العقل والحكمة قد تغلب عليه فيما زعم وعزم. فجر أسطوله دون أن يعرضه لهذه التجربة، ورجع إلى طرابلس يجر أذيال الخيبة وصمم أن يضم إليه من القوة ما يكفل له تحطيم هذه الجزيرة العتيدة تحطيما لا تقوم لها من بعده قائمة «(١) . ً (١) الشيخ علي يحيى معمر: الإباضية في موكب التاريخ الإباضية في تونس، مكتبة الضامري، مسقط، ١٩٩٣ ، ص ٢٤٦ -.٢٤٧ ٢ كذلك فإن خلف ً ا أرسل إلى أبي عبيدة رسولين بخلع ولاية أفلح وإثبات ولايته هو. فلما قدم الرسولان على أبي عبيدة يدعوانه إلى طاعة خلف، وخلع طاعة أفلح ƒ حاججهما أبو عبيدة في أمر الأئمة وقال لهما: فهل أحدث الإمام » ƒ ، أو ابنه أفلح ^ حدث ً ا، أو أمرا يحل لكما به خلع ً ولايتهما؟. واحتج عليهما بطاعة السمح لعبد الوهاب ƒ حتى مات، فاعتلا ّ بالحوزات وانقطاعها. وقال لهما أبو عبيدة إن السمح قد أق ّ ر بطاعته على افتراق ا لحوزات. إننا نخاف إن لم تجب إلى طاعة هذا الرجل، » : فقال أحد الرسولين .« إراقة ا لدماء .«؟ أيهما أعظم، إراقة الدماء، أو ترك القيام بدين الله » : فقال له أبو عبيدة لو كان الأمر كما » : فقال أبو عبيدة .« إراقة الدماء أعظم » : فقال له الرجل ذكرتم، ما افترق أصحاب النهر وغيرهم ولأذعنوا لطاعة الظلمة المسودة وأصحاب النخيلة وأبو بلال وأصحابه، وعبد الله بن يحيى وأبو حمزة وأصحابهما، وأبو الخطاب ومن تبعه من المسلمين، وأبو حاتم ومن تبعه @ أجمعين، حتى لا يجتمع منهم اثنان حتى أعد له من أسلاف المسلمين عدد ً ا كثيرا، وإنما أهرقت دماؤهم على القيام بحق الله، ولم يتركوا القيام بحق الله ً مخافة إراقة الدماء ولكنهم رغبوا في الجهاد والقتل في سبيل الله، فبذلوا مهجهم لأسنة السيوف، حتى أدركوا رضوان الله. فنحن على آثارهم، إن شاء الله، لا نبتغي به بدلا ً ولا عنهم حولا ً . فمن أراد غير الله، فالله يحكم بيننا وبينه بعدله وفضله وهو خير ا لحاكمين. ثم إن أبا عبيدة قال للرسولين، إذا كان عندكم إراقة الدماء أعظم من القيام بدين الله، فعلام يقتل الناس؟ ارجعوا إلى صاحبكم، فقولوا له إن هذا يوم الخميس، دعونا [منه]، فإذا كان يوم الغد، يوم الجمعة، إن شاء الله، نصوم لله تعالى، وأطلع، وأطلع أنا وخلف بن السمح وأبو المنيب إسماعيل بن درار الغدامسي على شرف، فنبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين، وأن يفتح بيننا وبينكم وهو خير ا لفاتحين. فرجع الرسولان إلى خلف، فأخبراه بما جرى بينهم (وبين أبي عبيدة) من الكلام، فأمر عساكره بالتهيؤ لملاقاة أبي عبيدة(١) . ÜôëdG ¿ÓYEG ≈dE G …ODƒj ¿CG øμªj πà≤dÉH ∫ƒ°SôdG áfÉ°üM ≈∏Y AGóàY’G ` ê :ájó੪dG ádhódG ≈∏Y لا جرم أنه إذا استهانت دولة برسول دولة أخرى وقامت بقتله، فإن ذلك يشكل خرق ً ا خطيرا لقاعدة من القواعد المستقرة في العلاقات الدولية منذ ً زمن بعيد. لذلك يمكن أن تقوم دولة الرسول المجني عليه باتخاذ الإجراءات التي ترد على هذا الانتهاك، بما في ذلك تعبئة ا لجيوش. وقد حدث ذلك أثناء صلح الحديبية، فحينما نزل رسول الله ژ في الحديبية بعث خراش بن أمية الخزاعي على جمل له ژ يقول عنه ژ : إنه » فعقروا جمله وأرادوا قتله فمنعه الأحابيش؛ فدعا ژ ،« جاء للعمرة لا للقتال عمر بن الخطاب إليهم. لكن عمر ƒ اعتذر للنبي ژ عن الوساطة بعذر معقول قبله منه، وهو شدة العداوة التي بينه وبين المشركين. فقال: يا رسول الله: إني أخاف على نفسي مكر قريش، وليس لي من عشيرتي بني عدي بن كعب من يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها، ثم أشار عليه أن يبعث رجلا ً (١) أبو زكرياء: كتاب سير الأئمة وأخبارهم المعروف بتاريخ أبي زكرياء، ص ١٣٠ -.١٣٣ انظر أيض ً . ا الشماخي: كتاب السير، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣١٦ ذا عصبية ومنعة في قومه بمكة ليكون في قومه بمكة ليكون في مأمن من القتل. واقترح عمر على ا لنبي ژ أن يرسل عثمان بن عفان، وفعلا ً ذهب  عثمان إليهم. لكن انتشرت إشاعة أن عثمان قتل، فقال ژ : لا نبرح حتى » « نناجز ا لقوم ، وأمر مناديه أن ينادي في الناس: « البيعة ا لبيعة » ، فبايعوه كلهم دون تردد. ثم أتى الخبر أن عثمان حي ولم يقتل(١) . ِ وقد كان لهذا الاستعداد للقتال ا نتقاما لإشاعة مقتل عثمان رسول ً ِ رسول الله ژ أثر مهم على ا لإسلام(٢) . ومن المعلوم أن من أسباب الحرب في الإسلام منع حدوث الفتنة، مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ MLKJIHGF ﴾ [ [البقرة: ١٩٣ ،  (١) راجع تفصيلات أكثر في أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٦٠ ؛ الشيخ بيوض: في  رحاب القرآن، تفسير سورة الفتح، ج ١٩ ، ص ٦٦ وما بعدها. (٢) لقد كانت البيعة لحظة من اللحظات الحاسمة في ذلك التاريخ، » : يقول الشيخ بيوض قلبت كل الموازين، ترى كيف ذلك؟ إنه من غرائب ا لصدف أن يحضر عملية البيعة بعض وجوه قريش، ومنهم سهيل بن عمرو »الذي بعثته قريش على رأس وفد لمفاوضة ا لنبي ژ ، والذي سيعقد الصلح معه فعلا ً فيما بعد، ولم يصل سهيل معسكر المسلمين حتى كانت الإشاعة قد سرت في القوم، وكان النبي ژ قد أمر بالبيعة، وأعلن النفير العام والتجهيز للحرب، فرأى وفد قريش بأم أعينهم ازدحام الصحابة @ على مبايعة النبي ژ على الموت، وعلى عدم الفرار، فرجعوا إلى قريش وقدموا إليهم تقريرا مفصلا ً عن الحالة التي شاهدوها.... من هذه اللحظة صارت ً قريش هي التي تطلب عقد الصلح، وقد كان النبي ژ طول المدة التي مضت هو الذي يطالب به. اجتمع كبراء قريش، وأجمعوا على أن يبعثوا من عندهم رسولا ً وسيط ً ا إلى النبي ژ يطلب الصلح الذي يحفظ لهم ماء وجوههم، على أن يخلوا بينه وبين العرب، ولكن على شرط واحد وهو ألا يدخل مكة هذا العام، وأنه سيدخلها في العام القابل، .« بمن شاء من أصحابه، يطوفون ويسعون وينحرون آمنين وهو فعلا ً ما تم الاتفاق عليه في صلح الحديبية (راجع الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، المرجع السابق، ج ١٩ ، ص ٨٠ -.(٨١ وقوله: ﴿ §¦¥ ¨©ª«¬® ﴾ [ [الأنفال: ٣٩ ؛ يقول الشيخ بيوض: وفتن الناس عن دينهم هو حمل » ُ هم ومنعهم من الدخول في الدين الذي ُ يرتضونه لأنفسهم، والحيلولة بينهم وبين الدعاة، إما النبي نفسه، أو رسله، « أو كتبه التي يبعثها إلى ا لآفاق(١) . وقد كان الاعتداء على رسول رسول الله ژ إلى أمير بصرى سبب غزوة مؤتة أ يضا: يروي ابن عساكر ما ذكره عمر بن الحكم قال: بعث رسول الله ژ ً الحارث بن عمر الأزدي إلى ملك بصرى بكتاب. فلما نزل مؤتة عرض له شرحبيل بن عمر الغساني. وقال: أين تريد؟ قال: الشام. قال: لعلك من رسل محمد؟ قال: نعم أنا رسول رسول الله. فأمر فأوثق رباط ً ا، ثم قدمه فضرب ا(٢) عنقه صبر . ً ولا شك أن مثل هذا الفعل يثير الوجد ويبعث على الحزن، ولذلك يقول صاحب السيرة ا لحلبية: « فلما بلغ رسول الله ژ ذلك اشتد الأمر عليه »(٣) . فاشتد عليه وندب » ويقول الواقدي: إنه حينما بلغ الخبر لرسول الله ژ الناس وأخبرهم بمقتل الحارث ومن قتله، فأسرع الناس وخرجوا فعسكروا « بالجرف، ولم يبين رسول الله ژ الأمر(٤) . (١) الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ٤، ص ٤٨٢ (قاله في معرض تفسيره للآية ٤٠ من سورة ا لحج). (٢) ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق، تحقيق: د. صلاح الدين المنجد، المجلد الأول، مطبوعات . المجمع العلمي، دمشق، ص ٣٨٩(٣) انظر علي بن برهان الدين الحلبي: إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون الشهير بالسيرة . الحلبية، ج ٢، ص ٧٨٦(٤) . الواقدي: كتاب المغازي، تحقيق: د. مارسدن جونسن، عالم الكتب، بيروت، ج ٢، ص ٧٥٦ وأمام هذه الحادثة فإن المرء يكون بين خيارين: إما السكوت وما قد يترتب عليه من تكرار الاعتداء على العرف القاضي باحترام الرسل والسفراء، وإما القيام بعمل إيجابي تأديبي يمنع مثل ذلك ويظهر هيبة الدولة، فكان الخيار الأخير هو الذي تم اللجوء إليه بالنظر إلى آثاره الإيجابية التي تفوق الخيار ا لأول. :∫Éà≤dG πÑb IƒYódG ÖéJ Óa ,∫ƒ°SôdG áfÉ°üM ≈∏Y AGóàY’G ºJ GPEG ` O من قواعد الجهاد أو الحرب في الفقه الإباضي أنه يجب قبل الشروع في قتال العدو دعوته إلى الإسلام أو الجزية. ومن الطبيعي أنه إذا قتل العدو الرسول المرسل إليه من المسلمين، فإن ذلك يشكل بداية للاعتداء، الأمر الذي يعطي المسلمين حق شن الحرب دون دعوة مسبقة. وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك. فعن أبي الحواري فيمن قصد إلى قائد هؤلاء البغاة وغيره فقال لهم: يا هؤلاء اتقوا الله. ولا تظلموا الناس. فأخذوه وضربوه، أو قتلوه. فهذه حجة المسلمين عليهم. لهم أن يبيتوهم في عسكرهم، إذا كانوا غزاة. وإنما قتلوا هذا الرجل، وهم سائرون في عسكرهم، فلهم أن يبيتوهم بلا حجة ولا دعوة (١) . (١) . النزوي: المصنف، ج ١١ ، المرجع السابق، ص ٢١٩ وإن لم تقدروا على رجلين، ولا رجل ممن تقوون به في » : كذلك عن الصلت بن مالك إبلاغ الحجة عليهم، فلا تسبوهم، ولا تغلوهم بالقتل. ولا تغنموا لهم مالا ً ، حتى تسيروا إليهم بأنفسكم. فإن كانوا متفرقين، فرأيتم أن توجهوا منكم طائفة، وتقيم منكم طائفة في عسكركم، إن لم تخافوا مكايد الفسقة على الطائفة الخارجة إليهم، وإكمانهم لهم، فأخرجوا إليهم من رأيتم من الرجال، من أهل النجدة والرحلة والخفة، حتى يأتوا إلى من يرجو أن تدركوهم، في توحدهم، وانفرادهم من جماعتهم. = k :º¡«dEG π°SôªdG ∫ƒ°SôdG πàb ≈∏Y GóHCG ¿ƒ≤aGƒj ’ á«°VÉHE’G ` `g يشكل ذلك التزاما يتفق مع ما استقرت عليه العلاقات بين الدول. ً ولبيان ذلك نذكر الادعاء بقتل أهل جربة لثلاثة رسل إسبان. ولأهمية هذه الحادثة نذكرها بحذافيرها كما عرضها الشيخ علي يحيى معمر، كما يلي: الإسبان وفرسان » يقول الأستاذ الباروني في صفحة ٤٩ من كتابه » ورسا الأسطول الإسباني في قناة القنطرة في جربة وأنزل » :« القديس يوحنا القائد ثلاثة رجال يتكلمون اللغة العربية، ويحملون أعلاما بيضاء، إشعارا ًً بمجيئهم للتفاوض ولعرض رسالة من القائد، إلا أن سكان جربة كانوا على ولم يتقدم حاملو » : وبعد كلام يقول « استعداد للدفاع والمقاومة والقتال الأعلام البيضاء كثيرا في أرض الجزيرة حتى تقدم منهم الحراس المكلفون ً بخفر السواحل، ولم يلتفتوا إلى ما كانوا يقولون وما كانوا يعرضون ولم يقول .« يمهلوهم، بل عاجلوهم وقتلوهم، إشعارا بعدم قبول أي: تفاوض ً ويبدو أن الأستاذ الباروني قد اقتنع بصحة هذا » : الشيخ علي يحيى معمر الخبر الذي قص علينا مسلك أهل جربة تجاه رسل جاؤوهم يحملون علامة السلام ولذلك فقد عمد إلى تبرير موقف أهل جربة في قتل الرسل بأسلوبه الشيق البليغ. وأنا أشك في صحة هذه الصورة وأعتقد أنها صورة وضعها كتاب الإفرنج حتى يوهموا القراء الكرام حتى في هذه الظروف العصيبة أن الإفرنج يلتزمون الأساليب المتبعة بين المتحاربين وأنهم قد سلكوا المسلك = فإذا وصلوا إليهم، ودعوهم إلى الوفاء بالعهد، والرجعة عن النكث، إلى حكم القرآن، وحكم أهله من المسلمين بعمان. ُ   فإن قبلوا قبلوا منهم. وإن كرهوا هللوا لله، وكبروه، وحكموه وقاتلوهم. وإن خفتم مكيدتهم على الطائفة، إن وجهتموها، فسيروا بأجمعكم. وإن خفتم على عسكركم، ومن تخلفون عليه من طعامكم، فرأيتم أن تكون السفن إلى البحر، وترددوا فيها الأطعمة، وتجعلوا فيها رجالا ً ذات المرجع ص ٢١٩ « فافعلوا -.٢٢٠ الإنساني حين أنذروا أهل جربة وطلبوهم للمفاوضة ولكن أهل جربة قد ارتكبوا حماقة بقتلهم الرسل مما يدل على أنهم أمة لا تعرف أساليب التعامل مع الأصدقاء أو الأعداء وأنها تجهل أصول السلوك فهي لا تحترم حتى الرسول الذي لا ذنب له في الموقف والذي تجمع آداب الحروب .« على احترامه وعدم التعرض له بالأذى وعلى كل حال فبينما ينساق الأستاذ الباروني » : ويضيف نفس الكاتب مع هذه الرواية ويقتنع بها ويحاول أن يبرر منها بعض المواقف نجد غيره من المؤرخين المسلمين يقصون علينا هذه القصة كما يلي: « مونس الأحبة » يقول أبو عبد الله محمد أبو رأس الجربي في كتابه : صفحة ١٠٦ فنزلت فلوكة وفيها رجل من طرف رئيس الإفرنج ومعه كتاب للشيخ » يخاطبه فيه على أن يسلم له الجزيرة أو القتال، وأغلظ له في الخطاب، فلما بلغ الجواب استعد لنزول البحر فتحول المسلمون إلى قربهم عند قصر مسعود، فنظر أعداء الله إلى كثرة المسلمين وعلموا أن لا طاقة لهم بقتالهم .« فانصرفوا راجعين إلى طرابلس وجاء في الوثيقة التي نشرها المرزوقي في ملاحق مؤنس الأحبة فلما اتصل خبرها بالشيخ أبي زكرياء شيخ » : صفحة ( ١٣٧ ): ما يلي الجزيرة، وعاملها حفظه الله وهو إذ ذاك بالقشتيل مشى إليها وكثير من الناس معه فلما قاربها وقع بينه وبين النصارى تراسل وكلام، يئول معناه إلى أنهم طلبوا من الشيخ أعزه الله شروط ً ا يأبى طبعه من إعطائها أن يفعلها وإلا فليتهيأ للحرب والقتال، وأنه حفظه الله أراهم من نفسه القوة وأنه لا يكترث ولا يعبأ بهم ولو أتوا بأضعاف ما .« وراءهم، فغضبوا لذلك ولما وصل الإفرنج » : وجاء في رسالة عن سلامة الجناوني ما يلي إلى الجزيرة أنزلوا قاربا يحمل رسولا ً إلى شيخ الحكم في ً الجزيرة الشيخ أبي زكرياء السمومني وكان في مجلسه حينئذ شيخ مشائخنا أبو النجاة التعاريتي فلما وصل رسول الإفرنج قال للشيخ أبي زكرياء إن سيدي القبطان يطلب منك أن تسلم له الجزيرة أو أن تستعد للحرب فالتفت أبو زكرياء إلى شيخنا أبي النجاة يستشيره ثم إلى غيره من الحاضرين ثم نظر إلى رسول الإفرنج وقال له، قل لسيدك الذي أرسلك إنه ليس لدينا .« إلا ا لسيف ويختتم الشيخ علي يحيى معمر رأيه بالقول: هؤلاء ثلاثة من المؤرخين المسلمين فيهم معاصر للأحداث يتفقون » على أن المخاطبة وقعت بين رسول الإفرنج والمسلمين وأن شيخ الجزيرة بلغه رأي سكان الجزيرة ولم يشر أي واحد منهم إلى قتل الرسول وإن أشار بعضهم إلى أن شيخ الجزيرة أغلظ له في القول ولا شك أن هذا أصح مما يقوله مؤرخو الإفرنج ا لمتعصبون. هذه نقطة من النقط التي اعتقد أن الأستاذ الباروني اعتمد فيها على المصادر الإفرنجية وأن أولئك المؤرخين الإفرنج لم يتحروا الحقيقة وبناء على ذلك فإن القول بأن سكان جربة قتلوا الرسل الذين جاءوهم للمفاوضة قول باطل اختلقه مؤرخون مغرضون محنقون من كت ّ اب « الإفرنج(١) . (١) الشيخ علي يحيى معمر: الإباضية في موكب التاريخ الإباضية في تونس، مكتبة الضامري، سلطنة عمان مسقط، ١٩٩٣ ، ص ٢٥٨ -.٢٦١ ُ ` h ø««``°SÉeƒ∏HódG áfÉ``°üM øe ¿ÉªY áæ£∏``°S »a É«∏©dG á``ªμëªdG ∞``bƒe o :ÖfÉLC’G في قضية طرحت على المحكمة ا لعليا(١) . بسلطنة ع ُ مان، قررت المحكمة ما يلي: محاكم السلطنة غير مختصة بنظر الدعاوي الجنائية والمدنية والإدارية » المرفوعة على أعضاء السلك الدبلوماسي وإن كانت لهم إقامة على أراضيها. ورغم أن نص المادة ( ٢٩ ) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية أعطى المحاكم ا لعمانية اختصاص نظر الدعاوي التي ترفع على غير ا لعماني ُُ الذي له محل إقامة بالسلطنة، إن هذا النص نص عام قيده نص خاص ولما كان القانون الخاص يقيد ا لعام. حيث إن سلطنة عمان قد صادقت على اتفاقية ڤيينا للعلاقات ُ الدبلوماسية ١٩٦١ ومن الدول التي صادقت عليها أيض ً ا جمهورية الصين يتمتع المبعوث » : الشعبية، وقد نصت المادة ٣١ من الاتفاقية على أنه الدبلوماسي بالحصانة القضائية فيما يتعلق بالقضاء الجنائي للدولة المعتمد لديها، وكذلك فيما يتعلق بقضائها المدني والإداري إلا في الحالات .« المستثناة وتضيف ا لمحكمة: إن السفارة هي الممثل الدبلوماسي لبلدها في البلد المضيف وهي » امتداد لبلدها ويقوم على تصريف أعمال السفارة البعثة الدبلوماسية وعلى (١) ٢٠٠٩ مدني عليا. / الطعن رقم ١٣٤ رأسها السفير فإذا كان المنزل موضوع الدعوى تمت إيجارته ليشغله سفير جمهورية الصين فإن النص المشار إليه يحقق له ا لحصانة.. ذلك لأن العلاقات بين الدول تحقق أهداف » ً ا قدرتها الدول وارتضت « استثناء تطبيق قوانينها على البعثات ا لدبلوماسية إن ظهور ممثل السفارة أمام محكمة أول درجة وتقديم رده لا يعني قبول » الاختصاص لنظر الدعوى بل إن مثول ممثلها كان من أجل تمسكها بحق الحصانة الدبلوماسية المقرر في الاتفاقية آنفة الذكر والقول بغير ذلك يقود إلى أمور قد تؤثر في العلاقات الدبلوماسية بين الدول فالسير في إجراءاته قد يؤدي إلى رفضها أو الحكم بكل أو ببعض الطلبات المقدمة ويستتبع هذا تنفيذ .« الحكم وما يؤدي إليه من تعرض سفير الدولة لإجراءات التنفيذ ا لمعلومة وتنتهي المحكمة بالقول: « وهذا ما قصدت اتفاقية ڤيينا للعلاقات الدبلوماسية تفاديه »(١) . معنى ذلك أن المحكمة قررت المبادئ ا لآتية: ١ تغليب النص الخاص على النص العام تطبيق ً ا لقاعدة أن الخاص يقيد العام Lex Specialis derogat generalis. ٢ تأكيد التزام سلطنة ع ُ مان باتفاقية ڤيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام ١٩٦١ ، والتي تنص على أن محاكم الدول الأطراف في الاتفاقية غير مختصة بالدعاوي الجنائية والمدنية والإدارية المرفوعة على أعضاء السلك وبالتالي يتمتع أولئك ،« إن كانت لهم إقامة على أراضيها » الدبلوماسي (١) مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها في الفترة من ١ - ٢٠١٠ ، س. ق. ( ١٠ )، المكتب الفني /٦/ ٢٠٠٩ وحتى ٣٠ /١٠ بالمحكمة العليا لسلطنة عمان، ص ٣٣٣ -.٣٣٩ ُ الأشخاص بالحصانة ضد التقاضي Immunity from jurisdiction في الحدود وبالشروط التي نصت عليها تلك ا لاتفاقية. كان من الأوفق « إن كانت لهم إقامة في أراضيها » إلا أننا نرى أن عبارة أن يتم بدلا ً فهذا هو ،« المعتمدين لدى سلطنة عمان » منها استخدام عبارة ُ الذي نصت عليه اتفاقية فيينا(١) . أما العبارة التي استخدمتها المحكمة فيمكن أن تشمل نوعين من ا لدبلوماسيين: الأول أولئك المعتمدون لدى ا لسلطنة. والثاني أولئك الذين لهم إقامة في أراضي السلطنة دون أن يكونوا معتمدين لديها (لكونهم جاؤوا للسياحة مثلا ً .( ٣ السفارة هي الممثل الدبلوماسي لبلدها في » تأكيد المحكمة أن وهي امتداد » وهذه العبارة الأخيرة ،« البلد المضيف وهي امتداد لبلدها هي انعكاس لنظرية قديمة هجرها الفقه والقضاء حاليا وهي نظرية « لبلدها ً الامتداد الإقليمي theory of extraterritoriality . فالحصانات والامتيازات الدبلوماسية تمنح حاليا وهو ما أكدته اتفاقية ڤيينا لعام ١٩٦١ لتمكين ً البعثة الدبلوماسية من انجاز وظائفها (نظرية مقتضيات الوظيفة) باعتبارها تمثل دولة أجنبية (نظرية الصفة ا لتمثيلية). ٤ مثول ممثل للسفارة أمام المحكمة لا يعني قبوله اختصاص أي من » المحكمة لنظر الدعوى، لأنه بالعكس جاء ليدفع بعكس ذلك .« أجل التمسك بالحصانة ا لدبلوماسية (١) راجع د. أحمد أبو الوفا: قانون العلاقات الدبلوماسية والقنصلية علما وعملا، ً دار النهضة ً العربية، القاهرة، ١٤٣٢ -٢٠١٢ ، ص ١٦٦ - ١٧٨ . انظر أيض ً ا نص اتفاقية ڤيينا لعام ١٩٦١ للعلاقات ا لدبلوماسية. الفرع ا لرابع التجار من طوائف الأجانب الذين يدخلون دار الإسلام: التجار، والغرض من التجارة هو تبادل السلع والخدمات. والتجارة على نوعين: أولا ً: التجارة الداخلية، وتكون داخل ذات ا لبلد. ثانيا : التجارة الدولية، وتكون بنقل السلع أو الخدمات من بلد إلى بلد ً آخر وصولا ً إلى تحقيق ا لربح(١) . وقد تعرض الفقه الإباضي للتجار غير المسلمين، وفرق بخصوص وضعهم القانوني بين طائفتين منهم: الأولى أولئك الذين يدخلون بأمان، وهم يجب احترامهم واحترام أموالهم وتجارتهم. والثانية أولئك الذين لا يدخلون بأمان، وهؤلاء يسري عليهم ما يسري على الحربيين من إباحة أخذ أموالهم وتجارتهم وسبيهم وقتلهم(٢) . (١) تقلب في الحضر من غير نقله ولا سفر، وهذا تربص » : يقول القرطبي إن التجارة نوعان واحتكار قد رغب عنه أولو الأقدار، وزهد فيه ذوو الأخطار. والثاني: تقلب المال بالأسعار ونقله إلى الأمصار، فهذا أليق بأهل المروءة، وأعم جدوى ومنفعة، غير أنه أكثر خطرا ً القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٥، ص ١٥١ ؛ المارودي: أدب الدنيا « وأعظم غررا ً . والدين، دار الشعب، القاهرة، ١٩٨٠ ، ج ٤، ص ٣٩٥(٢) وهكذا جاء في شرح كتاب ا لنيل: وإن دخل مشرك بتجر أرض الإسلام بأمان ترك وأخذ منه ما يؤخذ من تجار المسلمين »إن بان لهم ذلك، قيل: وإن بلا إمام أو لم يأخذوا من المسلمين أو كان أهل الإسلام لا يدخلون أرض الشرك وإن ببعد،... وإن دخلها بلا أمن فعل معه الإمام ما بان له من سبي وغ ُن ْ م، وجوز لغيره وله وللمسلمين َ بعد إثخان بقتل محاربيهم وتوهين شوكتهم أسرهم لفداء، ولا يقتلون بعد أخذه منهم، = َْ الباب الثاني: المركز القانوني للأجانب في الفقه الإباضي ٤٦٧ وجاء في المدونة ا لكبرى: سألتهما عن قوم هادنهم المسلمون على أن يؤدوا إلى المسلمين كل » سنة شيئ ً ا معلوما، أو يؤدي إليهم المسلمون شيئ ً ا معلوما، ويأمنون عند ًً المسلمين، ويأمن المسلمون في أرضهم، وليس على المسلمين أن يقاتلوا عندهم عدوهم، فيكون لهم عدو من غيرهم فيسبون من الذين هادن َْ ُ ِ المسلمون، فيقدمون بهم على المسلمين، هل يجوز شراؤهم؟ قال: لا يحل َ « شراؤهم(١) .  معنى ذلك، في رأينا، أمران: ١ أن الوفاء بالعهد مقدم على أي مكسب مالي أو تجاري أو غيره. ٢ أن كفالة الأمن واحترام الهدنة مقدم على أي أمر آخر. علة ذلك جد واضحة: أن عدم احترام الهدنة نتائجه وخيمة: اندلاع ا لحرب. وهكذا فالعهد مقدم على أي مكسب مادي يترتب على المبادلات التجارية ا لدولية(٢) . = ولا يستخدمون، وإن خرجوا ممن لا يؤخذ منهم مال أو لا يجوز فداؤهم رد ََ لهم ما أخذ أطفيش: شرح كتاب النيل، ج ١٧ ، ص ٥٧٨ « منهم -.٥٧٩ (١) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٣٤٣ (٢) يؤكد ما قلناه أيض ً ا ما جاء رد ً ا على سؤال بخصوص ما أخذه أهل الكتاب على رعاياهم المشركين على وجه الغصب أو في حروبهم من الكسب والنهب هل يصح شراء ذلك من أهل الكتاب أم لا؟ يقول نور ا لدين: وأما ما اغتصبه المشركون من رعاياهم أو غيرها فإن كان ذلك الاغتصاب منهم على »جهة الاستحلال فقد صرح بعض أصحابنا ومنهم أبو يعقوب صاحب الدليل بجواز معاملتهم في ذلك فيصح على مذهبهم شراؤه منهم وقبوله من أيديهم، وإن كان اغتصابهم لا على جهة الاستحلال بل على نفس الانتهاك؛ أي: لا يدينون بجواز ذلك بل يدينون بتحريمه ويفعلونه فلا أحفظ فيه شيئ ً ا والذي يظهر لي ذلك أنه لا تصح معاملتهم فيه وأن = حري بالذكر أن اتجاها في الفقه الإسلامي يقرر أمان التجار بناء على ًً  العرف والعادة: نص المالكية والشافعية والحنابلة على تأمين التجار بناء على » فقد ً جئت » : العرف والعادة. فإذا دخل حربي دار الإسلام من غير تقدم أمان وقال ُ « ا(١) وكان معه متاع يبيعه قبل قوله كان آمن « تاجرا ً . ً  = أبو محمد السالمي: العقد « ذلك كالحرام الذي في يد المسلم الدائن بحرمته والله أعلم ، الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ١ ص ٢٦٩ -.٢٧١ كذلك بخصوص اختلافهم فيما سباه المشركون من فرقة منهم لها عهد قيل يشتري منهم وقيل لا. ما وجههما؟ يقول: أما المنع فللعهد الذي أخذوه من المسلمين وأما الجواز فالنظر إلى معاملة المحاربين، »فإنهم يعاملون على قول في جميع ما وجد في أيديهم ولو كانوا قد اغتصبوه من . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤١٠ « المسلمين   ِ (١) د. عبد الكريم زيدان: أحكام الذميين والم ُ س ْ ت َ أم َنين في دار الإسلام، رسالة دكتوراه، كلية . الحقوق جامعة القاهرة، ص ٥٣ تقديم معالي الوزير عبد الله بن محمد بن عبد الله السالمي .......................................................... ٥ توطئة ..................................................................................................................................................................... ٧ مقدمة عامة .......................................................................................................................................................... ١١ أ) لمحة إجمالية ...................................................................................................................................................................١١ ب) خطة ا لكتاب ................................................................................................................................................................. ١٥ ...... »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ¢UÉîdG »dhódG ¿ƒfÉ≤dG á°SGQO äÉeó≤e :…󫡪J π°üa ٢١ المبحث الأول: مسائل القانون الدولي الخاص في الفقه ا لإباضي ....................................... ٢٣ أ ( معرفة فقهاء المذهب الإباضي لأحكام القانون الدولي الخاص ولكن تحت مسميات أخر ........................................................................................................................................................... ٢٤ « في أحكام ملل أهل الشرك والأصنام » ١ استخدام عبارة ................................................. ٢٤ « مسائل ما بيننا وبين ا لمشركين » ٢ استخدام عبارة ............................................................... ٢٦ بتغاير مكان إقامة بلد ذات ا لشخص « واجب التطبيق » ٢ تغاير القانون .................... ٢٨ ٤ الإمام السالمي ومسائل القانون الدولي ا لخاص ................................................................ ٢٩ ب) الدين عنصر مهم لحل مشاكل القانون الدولي الخاص في الفقه ا لإسلامي وفي المذهب ا لإباضي ....................................................................................................................................... ٣٠ ٤٧٠ ج) عوامل وجود قواعد القانون الدولي الخاص في الفقه ا لإباضي .................................................... ٣٤ « الآخر » ١ بحث فقهاء المذهب الإباضي إمكانية إقامة علاقات مع (غير ا لمسلمين) ......................................................................................................................................... ٣٥ ٢ معرفة الإباضية لفكرة الحدود ا لدولية ...................................................................................... ٤٢ ٣ تأكيد الإسلام على وجود أديان إلى جانبه ............................................................................. ٤٥ ٤ انتقال الأفراد من الأمصار وتفرقهم في ا لبلدان: ................................................................. ٤٧ أ ) الانتقال الإجباري أو ا لاضطراري ...................................................................................... ٤٧ ب ) الانتقال الإرادي أو ا لاختياري ............................................................................................. ٤٨ ٥ التجارة ا لدولية ........................................................................................................................................... ٥٠ ٦ الزواج بأجنبيات أو وجود أزواج أجانب فوق أرض ا لإسلام ..................................... ٥٤ المبحث الثاني: ا لدور (دار الإسلام ودار غير ا لمسلمين)  ٥٥ في الفقه ا لإباضي ..................................................................................................................................... أ ( تكييف الدار في الفقه الإباضي (كيفية معرفتها) ................................................................................... ٥٨ ب) أنواع الدور في الفقه ا لإباضي ..................................................................................................................... ٦٢ ١ دار العدل (دار ا لإسلام) ..................................................................................................................... ٦٢ ٢ دار الجور (دار الحرب أو دار ا لكفر) ........................................................................................ ٦٥ ٣ دار ا لاختلاط .............................................................................................................................................. ٦٧ ٤ تعقيب ............................................................................................................................................................. ٦٨ ج) تحول ا لدار ................................................................................................................................................................ ٦٩ ١ حدوث تغيير أو تحول في إطار الدار ا لمعنية ...................................................................... ٦٩ ٢ استقرار هذا التحول أو ا لتغيير ....................................................................................................... ٧٠ د) تعدد دور الإسلام (تعدد الدول أو تعدد ا لأئمة) ...................................................................................... ٧٢ لأحكام القانون الدولي ا لخاص « الدار » ه) أهمية ........................................................................................ ٧٩ و) اتخاذ ا لوطن .............................................................................................................................................. ٨١ فهرس الجزء الأول ٤٧١ المبحث الثالث: مستويات العلاقات القانونية الخاصة في الفقه ا لإباضي .................... ٨٥ أ ( العلاقات بين أتباع المذهب ا لإباضي ......................................................................................................... ٨٥ ب) العلاقات بين المذهب الإباضي وأتباع المذاهب الإسلامية ا لأخرى ........................................ ٨٦ ١ القواعد العامة للتعامل بين المذاهب ا لإسلامية ....................................................................... ٨٨ ٢ القواعد الحاكمة للعلاقات مع المذاهب الأخرى وفق ً ا للفقه ا لإباضي ........................ ٩٠ أولا ً أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى هم كالإباضية مسلمون .................................... ٩١ ثانيا احترام المذاهب الإسلامية ا لأخرى ................................................................................... ٩٢ ً ثالث ً ا المساواة في الحقوق والواجبات بين الإباضية وأتباع المذاهب ا لأخرى ........ ٩٤ رابعا فرز الدين الإسلامي يكون بالنسبة للأديان الأخرى وليس المذاهب ا لإسلامية ............ ٩٦ ً « لهم ما لنا وعليهم ما علينا » خامسا تنطبق على أهل الخلاف قاعدة ........................................ ٩٧ ً ٣ تطبيقات عملية للعلاقات الخاصة بين أتباع المذهب ا لإباضي وأتباع المذاهب الإسلامية ا لأخرى ................................................................................................... ٩٩ أولا ً ا لزواج ............................................................................................................................................ ١٠٠ ثانيا ا لشهادة .......................................................................................................................................... ١٠٥ ً ثالث ً ا بعض المسائل الخاصة بأمور دينية ....................................................................... ١٠٨ رابعا بعض المسائل الخاصة بالمعاملات ..................................................................... ١١٠ ً ٤ فقهاء المذهب الإباضي يقبلون الأحكام التي تصدر عن قضاة من غير المذهب ا لإباضي .......................................................................................................................... ١١١ ٥ أهمية بحث العلاقة بين الإباضية وأتباع المذاهب الإسلامية ا لأخرى بالنسبة لموضوع هذا ا لكتاب ........................................................................................................... ١١٢ ج) العلاقات بين أتباع المذهب الإباضي وأتباع الأديان ا لأخرى ....................................................... ١١٨ ١ القواعد العامة ......................................................................................................................................... ١١٨ ٢ تطبيقات عملية للعلاقات الخاصة بين الإباضية وغير المسلمين أو بين غير المسلمين تحت الحكم ا لإباضي .......................................................................................... ١٢٥ أولا ً مراعاة ما تحتمه العدالة في التعامل مع غير المسلمين ا لمقيمين في الإقليم ا لإباضي ................................................................................................................ ١٢٥ ٤٧٢ ثانيا عهد الإمام الصلت بخصوص التعامل مع ا لمسيحيين: ً ...................................... ١٢٦ سبب صدور ا لعهد ............................................................................................................... ١٢٦ نصوص ا لعهد ........................................................................................................................ ١٢٨ مسائل القانون الدولي الخاص في ا لعهد ................................................................ ١٣٣ ثالث ً ا السماح بالزواج بين غير المسلمين مختلفي الملة أو ا لديانة .......................... ١٣٤ ∫hC’G º°ù≤dG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ÖfÉLC’G õcôeh á«°ùæédG تمهيد ...................................................................................................................................................................... ١٣٩ »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«°ùæédG :∫hC’G ÜÉÑdG ........................................................................................... ١٤١ ¢UÉîdG »dhódG ¿ƒfÉ≤dG »a á«°ùæédG Iôμa :∫hC’G π°üØdG ......................................................................................................... (É¡æe ΩÓ°SE’G ∞bƒe ¿É«H ™e) ١٤٣ أ ( أهمية ا لجنسية ....................................................................................................................................................... ١٤٤ ب) تعريف الجنسية .................................................................................................................................................. ١٤٦ ج) أساس منح الجنسية ........................................................................................................................................... ١٤٧ ١ في القانون الدولي ا لخاص .......................................................................................................... ١٤٧ ٢ في ا لإسلام ............................................................................................................................................. ١٤٧ د) المبادئ التي تحكم ا لجنسية ........................................................................................................................... ١٤٨ ١ في القانون الدولي ا لخاص .......................................................................................................... ١٤٨ ٢ في ا لإسلام ............................................................................................................................................. ١٤٩ ه) أسباب الحصول على ا لجنسية ...................................................................................................................... ١٥١ ١ في القانون الدولي ا لخاص .......................................................................................................... ١٥١ ٢ في ا لإسلام ............................................................................................................................................. ١٥٢ ٤٧٣ و) فقد ا لجنسية ............................................................................................................................................................ ١٥٣ ١ في القانون الدولي ا لخاص .......................................................................................................... ١٥٣ ٢ في ا لإسلام ............................................................................................................................................. ١٥٤ ز) استرداد ا لجنسية ...................................................................................................................................................... ١٥٦ ١ في القانون الدولي ا لخاص .......................................................................................................... ١٥٦ ٢ في ا لإسلام ............................................................................................................................................. ١٥٦ »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«°ùæédG :»fÉãdG π°üØdG ............................................................................ ١٥٩ المبحث الأول: القواعد الحاكمة للجنسية في الفقه ا لإباضي ............................................ ١٦٠ أ ( أهمية الجنسية ........................................................................................................................................................ ١٦٠ ب) ماهية الجنسية في الإسلام وفي الفقه ا لإباضي ..................................................................................... ١٦٢ ج) الجنسية والمواطنة ............................................................................................................................................... ١٦٧ « الدين الإسلامي » د) أساس الجنسية بالنسبة للمسلم .............................................................................. ١٧١ ه) النتائج المترتبة على الجنسية الإسلامية .................................................................................................. ١٧٦ و) حكم تجنيس المسلم بجنسية دولة غير إسلامية .................................................................................. ١٨٣ ز) الجنسية في سلطنة ع ُ مان ................................................................................................................................... ١٨٧ ١ قانون الجنسية ا لعمانية .................................................................................................................... ١٨٨ ُ ٢ ملاحظات على قانون الجنسية ا لعمانية ................................................................................ ١٨٩ ُ ٣ مسائل الجنسية في أحكام القضاء ا لعماني ........................................................................ ١٩٢ ُ المبحث الثاني: اكتساب وفقد الجنسية في الفقه ا لإباضي .................................................... ١٩٤ الفرع الأول: الذمة كسبب لاكتساب الجنسية ا لإسلامية ........................................................ ١٩٥ أ ( وضع أهل الذمة في الدولة ا لإسلامية ......................................................................................................... ١٩٦ ب) القواعد الحاكمة لأهل الذمة في الفقه ا لإباضي ................................................................................. ١٩٩ ١ تعريف أهل ا لذمة ............................................................................................................................... ١٩٩ ٢ عقد ا لذمة ................................................................................................................................................ ٢٠٢ ٤٧٤ ٣ الحكم بين أهل ا لذمة ..................................................................................................................... ٢١٩ ٤ جواز أكل طعام أهل الذمة (وأهل الكتاب بصفة عامة) وكذلك الزواج من نسائهم .............................................................................................................. ٢٢١ ٥ تفنيد بعض الآراء بخصوص أهل ا لذمة .............................................................................. ٢٢٤ ٦ آثار عقد ا لذمة ...................................................................................................................................... ٢٢٩ « القانون الدولي ا لخاص » ٧ مسألة أهل الذمة لها وشائج وعلائق مع ................... ٢٣١ الفرع الثاني: تبعية الأطفال (الأولاد) ................................................................................................ ٢٣٦ أ) جنسية الأولاد في القانون الدولي ا لخاص ........................................................................................... ٢٣٦ ب) جنسية الأطفال في الفقه ا لإباضي ........................................................................................................... ٢٣٧ ١ القواعد العامة التي تحكم تبعية الأطفال في الفقه ا لإباضي .................................. ٢٣٧ أولا ً الطفل يحمل جنسية أفضل ا لأبوين ...................................................................... ٢٣٧ ثانيا الطفل يحمل جنسية الأبوين إن اتحدا في ا لدين .......................................... ٢٤٠ ً ثالث ً « اتفاق أحكام المولودين في معاني ا لأحكام » ا العلامة الكدمي ومسألة ....... ٢٤١ ٢ أشكال تبعية ا لأطفال: ........................................................................................................................ ٢٤٢ أولا ً تبعية الأطفال من زواج شرعي: .................................................................................. ٢٤٣ ١ تبعية المولود من أبوين مسلمين .......................................................................... ٢٤٣ ٢ تبعية المولود من أبوين غير مسلمين ................................................................ ٢٤٥ ثانيا يمكن الإجبار على الإسلام في أحوال خمسة ..................................................... ٢٤٦ ً ثالث ً ا الانتقال إلى دار الإسلام يمكن أن يؤثر على الجنسية أو الآثار المترتبة عليها ... ٢٤٩ رابعا مصير أولاد ا لمشركين ........................................................................................................... ٢٥٠ ً خامسا حالة الظفر بالبالغين من الرجال والنساء في دار أهل ا لحرب ً وأثر ذلك على أطفالهم ا لصغار ..................................................................................... ٢٥٢ ٣ تبعية المنبوذ (اللقط) .......................................................................................................................... ٢٥٤ ٤ تبعية الطفل ا لمرتد ............................................................................................................................ ٢٦٤ ٥ تبعية الطفل عند عدم معرفة إلى من ينتمي رغم وجود ا لأم .................................. ٢٦٨ ٤٧٥ ٦ تبني ا لأطفال ......................................................................................................................................... ٢٦٩ الفرع الثالث: تبعية ا لزوجة ........................................................................................................................ ٢٧٢ المطلب الثاني: فقد الجنسية في الفقه ا لإباضي ............................................................................ ٢٧٣ الفرع الأول: ارتكاب الشخص لجرائم ضد أمن الدولة أو جريمة خيانة عظمى ...... ٢٧٣ ١ ارتكاب حامل الجنسية الإسلامية للتجسس ضد دولته ......................................... ٢٧٤ ٢ محاربة المسلم للمسلم مع غير ا لمسلم ........................................................................ ٢٧٨ الفرع الثاني: ا لردة ........................................................................................................................................... ٢٧٩ أ ( ماهية الردة والقواعد التي تحكمها .............................................................................................................. ٢٧٩ ب ( الآثار المترتبة على فقد الجنسية الإسلامية نتيجة للردة ............................................................... ٢٨٧ الفرع الثالث: نقض عقد ا لذمة ............................................................................................................ ٣٠١ أ ( نقض العهد يرتب ما ترتبه الحرب من آثار في حق الأفراد ا لعاديين من قتل المقاتلين وغنيمة الأموال وسبي ا لذرية .................................................................................. ٣٠٢ ب ( نقض العهد يسأل عنه فقط من ا رتكبه .................................................................................................. ٣٠٣ »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ÖfÉLCÓd »fƒfÉ≤dG õcôªdG :»fÉãdG ÜÉÑdG ......................... ٣٠٧ تمهيد ...................................................................................................................................................................... ٣٠٩ ô°UÉ©ªdG »dhódG ¿ƒfÉ≤dG »a ÖfÉLC’G :∫hC’G π°üØdG ...................................................... ٣١٥ المبحث الأول: قبول الأجنبي في إقليم الدولة وخروجه منه ............................................... ٣١٥ أ ( قبول الأجنبي فوق إقليم ا لدولة ................................................................................................................... ٣١٥ ب) انتهاء إقامة الأجنبي فوق إقليم ا لدولة ................................................................ ٣١٦ ١ الأسباب ا لإرادية ................................................................................................................................. ٣١٧ ٢ الأسباب غير ا لإرادية: ...................................................................................................................... ٣١٧ أولا ً الطرد أو ا لإبعاد .............................................................................................................. ٣١٧ ثانيا الاقتياد إلى ا لحدود ...................................................................................................... ٣١٨ ً ثالث ً ا تسليم ا لمجرمين ............................................................................................................. ٣١٨ المبحث الثاني: الوضع القانوني للأجانب المقيمين في إقليم الدولة ........................... ٣١٩أ) القيد العرفي: منح الأجنبي مقتضيات الحد ا لأدنى ............................................................. ٣٢٠ ب) القيد الاتفاقي: إعطاء الأجنبي معاملة متميزة ......................................................................... ٣٢١ ج) القيد التشريعي: إعطاء الأجنبي حقوق ً ا إضافية تقررها القوانين ا لوطنية .................... ٣٢٢ »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ÖfÉLCÓd »fƒfÉ≤dG õcôªdG :»fÉãdG π°üØdG .................................. ٣٢٣ المبحث الأول: الوضع القانوني للمسلم المقيم في ديار غير ا لمسلمين ................... ٣٢٣ أ ( القواعد الحاكمة للإقامة في بلاد غير ا لمسلمين .................................................................................. ٣٢٤ ١ القاعدة العامة عند ا لإباضية ......................................................................................................... ٣٢٤ ٢ المسلم في دار غير المسلمين، يعتبر كأي مسلم، وإن كان خاضعا ً لسلطان تلك ا لديار .............................................................................................................................. ٣٢٦ ٣ إقامة المسلم في ديار غير المسلمين يرتب العديد من الآثار واجبة ا لمراعاة ... ٣٢٧ ٤ الأسير المسلم في دار غير ا لمسلمين: .................................................................................. ٣٣٠ أولا ً تخليص الأسير لنفسه بنفسه .................................................................................... ٣٣٠ ثانيا التقية تكون بالأقوال لا الأفعال حتى بالنسبة للأسير ا لمسلم ................ ٣٣٤ ً ثالث ً ا صوم شهر رمضان إذا التبست الشهور على ا لأسير ..................................... ٣٣٥ رابعا توكيل الأسيرة من يزوجها لمريدها إن خافت ا لفساد ............................... ٣٣٧ ً ب) موقف الفقه الإباضي من الإقامة في بلاد غير ا لمسلمين ................................................................ ٣٣٨ ١ الاتجاه الغالب: لا يجوز المقام في أرض غير ا لمسلمين ......................................... ٣٣٩ ٢ الاتجاه القائل بإمكانية المقام في إقليم غير ا لمسلمين .............................................. ٣٤٤ ٣ الاتجاه القائل بكراهية اللجوء إلى ديار غير المسلمين إلا ا ضطرارا ............... ٣٤٦ ً ٤ الاتجاه القائل بجواز الإقامة في دار غير المسلمين ما دام المسلم يأمن على دينه ... ٣٤٧ ٤٧٧ المبحث الثاني: الوضع القانوني للأجانب في دار ا لإسلام ................................................ ٣٥٢ المطلب الأول: إقامة الأجنبي في دار ا لإسلام ................................................................................ ٣٥٢ أ ( موقف الإسلام من ا لأجانب .............................................................................................................................. ٢٥٢ ١ المبدأ ا لعام .............................................................................................................................................. ٣٥٣ « مرسوم السلطان قلاوون » ٢ حقوق الأجانب في دار الإسلام ................................... ٣٥٥ ب) قبول الأجانب عند الإباضية ........................................................................................................................ ٣٥٦ ١ المبدأ ا لعام .............................................................................................................................................. ٣٥٦ ٢ الأجانب عند الإمام ابن بركة: .................................................................................................... ٣٥٨ ٣ إقامة الأجنبي وفق ً ا لقانون إقامة الأجانب في سلطنة عمان ..................................... ٣٦٢ ُ المطلب الثاني: نفي أو طرد ا لأجنبي .............................................................................................. ٣٦٦ أ ( الطرد أو النفي كإحدى العقوبات المقررة لحد الحرابة ................................................................... ٣٦٧ ب) الطرد أو النفي إذا ارتكب الشخص إحدى الجرائم ا لجسيمة ................................................... ٣٦٩ ج) الطرد أو النفي بالتطبيق لمعاهدة دولية .................................................................................................... ٣٧١ د) الطرد أو النفي بالتطبيق لنصوص قانون ا لدولة ...................................................................................... ٣٧٢ المطلب الثالث: دراسة لبعض طوائف الأجانب في الفقه ا لإباضي .................................... ٣٧٦ الفرع الأول: ا لمستأمنون ............................................................................................................................ ٣٧٧ أ ( ماهية نظام ا لمستأمن ............................................................................................................................................. ٣٧٧ ب) القواعد التي تحكم نظام ا لأمان ................................................................................................................. ٣٨٠ ١ أساس إعطاء ا لأمان ............................................................................................................................ ٣٨٠ ٢ من يعطي ا لأمان؟ ................................................................................................................................ ٣٨٢ ٣ بم يتم ا لأمان .......................................................................................................................................... ٣٨٧ َ ٤ الأحوال التي لا يجوز فيها ا لأمان ............................................................................................. ٣٩٠ أولا ً نهى الإمام أو المسؤولين في الدولة عن إعطاء ا لأمان .............................. ٣٩٠ ثانيا عدم منح الأمان للبغاة ما داموا على بغيهم ..................................................... ٣٩١ ً ٤٧٨ ثالث ً ا عدم إعطاء الأمان للمجرمين ................................................................................... ٣٩١ رابعا عدم منح الأمان لمن يحتلون أو يستولون على إقليم الدولة ا لإسلامية ...... ٣٩٢ ً خامسا قوله ژ : لا يعني إعطاء ا لأمان « يسعى بذمتهم أدناهم » ً من أي إنسان لأي إنسان، إنما الأمان للإمام ...................................................... ٣٩٣ ٥ آثار ا لأمان: ............................................................................................................................................... ٣٩٥ أولا ً التزام المسلمين كلهم بالأمان ................................................................................. ٣٩٥ ثانيا التزام المستأمن بأحكام ا لأمان ............................................................................. ٣٩٧ ً ثالث ً ا احترام أموال المستأمن حتى بعد وفاته .............................................................. ٣٩٧ رابعا الدفاع عن المستأمن ضد أي ا عتداء ................................................................... ٣٩٨ ً « حرام » خامسا خرق الأمان ................................................................................................. ٣٩٨ ً سادسا ضابط حقوق وواجبات ا لمستأمن .................................................................... ٤٠٠ ً ٦ مدة الأمان ............................................................................................................................................... ٤٠١ ٧ أثر دخول دار الإسلام بغير أمان .............................................................................................. ٤٠٣ الفرع الثاني: ا للاجئون .................................................................................................................................. ٤٠٦ أ ( ماهية الحق في ا للجوء ........................................................................................................................................ ٤٠٦ ب) القواعد التي تحكم الحق في اللجوء في الفقه الإباضي .............................................................. ٤٠٩ ١ عدم جواز منح الملجأ (الجوار) للمجرمين ...................................................................... ٤٠٩ ٢ عدم جواز منح الملجأ (الجوار) للمقاتلين ...................................................................... ٤١٢ ٣ من يعطي الملجأ (الجوار) للمجرمين يعتبر مثلهم ....................................................... ٤١٤ ٤ عدم جواز رد اللاجئ أو طالب الجوار إلى مكان يخشى عليه فيه ا لقتل أو التعذيب أو الاضطهاد ............................................................................................................ ٤١٦ ٥ ضرورة التأكد من أن الشخص تنطبق عليه أوصاف اللاجئ .................................. ٤١٦ ج) الوضع القانوني للاجئ ............................................................................................................................... ٤١٧ ١ احترام أمان اللاجئ وعدم خرقه .............................................................................................. ٤١٨ ٢ أموال اللاجئ مصونة .................................................................................................................... ٤٢١ 3 ـ بالترحي ئباللاج هوإيثار وول نكا مبالمسل ةخصاص ������������������������������������������������422 4 ـ عخضو ئاللاج نلقواني ةالدول يالت ميقي قفو اأراضيه ���������������������������������������������423 5 ـ تواجبا ئاللاج ����������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������424 )د عأنوا ءاللجو يف هالفق الإباضي ����������������������������������������������������������������������������������������������������������������425 1 ـ ءاللجو الديني �����������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������425 أول ًا ـ ءاللجو ىإل مالحر وأ دالمساج �������������������������������������������������������������������������������425 ثاني ا ـ ءاللجو علسما مكلا للها ������������������������������������������������������������������������������������������������430 ًا 2 ـ ءاللجو الإقليمي ��������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������432 أول ًا ـ ةالهجر ����������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������432 ثاني ا ـ حمن ءاللجو يالإقليم ةبواسط دالأفرا ة)ذم نالمسلمي ةواحد ًا ىيسع ابه )أدناهم �������������������������������������������������������������������������������������������������������������438 ثالث ًا ا ـ ناب لالسبي �������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������440 رابع ًا ا ـ ءاللجو ال يضطرار وأ رغي « »الإرادي وأ يالإجبار ������������������������������������443 3 ـ ءاللجو يالدبلوماس ���������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������446 ه( اللجوء في قانون إقامة الأجانب بسلطنة ع ُ مان ������������������������������������������������������������������������������������446 الفرع الثالث: نالدبلوماسيو ��������������������������������������������������������������������������������������������������������������������447 أ( الأصل تمتع الرسول ةبالحصان �����������������������������������������������������������������������������������������������������������������������447 ب( الخلاف مع الرسول لا يفسد للحصانة ةقضي ���������������������������������������������������������������������������������������452 ج( الاعتداء على حصانة الرسول بالقتل يمكن أن يؤدي إلى إعلان الحرب على الدولة ةالمعتدي �������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������456 د( إذا تم الاعتداء على حصانة الرسول، فلا تجب الدعوة قبل لالقتا ����������������������������������������������459 ه( الإباضية لا يوافقون أبد ً ا على قتل الرسول المرسل مإليه ������������������������������������������������������������460 و( موقف المحكمة العليا في سلطنة ع ُ مان من حصانة الدبلوماسيين الأجانب ����������������������������463 الفرع الرابع: رالتجا ����������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������������466