١٤٣٤ غمي ٢٠١٣ م لا يجوز نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب في أي شكل من الأشكال أو بأية وسيلة من ا لوسائل سواء التصويرية أ و الالكترونية، بما في ذلك ا لنسخ الفوتوغرافي أ و سواه وحفظ ا لمعلومات واسترجاعها إلا بإذن خطي من ا لناشر .  لقد شرفت، وأنا من أهل ا لسنة، أن كلفتني وزارة الأوقاف والشؤون الدينية    أحكام القانون الدولي والعلاقات » في سلطنة عمان الشقيقة بتأليف كتاب ُ وقد سبق لي أن أصدرت موسوعتي الشهيرة: .« الدولية في الفقه الإباضي « كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة ا لإسلام »(١) والتي تقع في سبعة عشر جزءا (تضم بين دفتيها أكثر من ٦٥٠٠ صفحة) والتي ً استندت ُ في تأليفها أ ساسا على ما تناوله فقهاء المذهب الشافعي، والمذهب ً الحنفي، والمذهب الحنبلي، والمذهب المالكي، والظاهرية. وها أنا ذا أضيف في هذا الكتاب مذهبا آخر هو المذهب الإباضي. ً ولم أكن أعلم، قبل الشروع في تأليف هذا الكتاب، عن المذهب الإباضي إلا كونه أحد المذاهب الإسلامية. الأمر الذي اقتضى مني جهد ً ا كبيرا في ً قراءة ومعرفة وكتابة كل ما يتعلق بالجوانب الدولية عند ا لإباضية. ّ وقد ا تبعت في هذا الكتاب منهجا يستند إلى أمور أربعة: ًُ الأول الرجوع إلى أمهات كتب الفقه الإباضي، مع عدم إغفال غيرها. الثاني الربط بين ما استقر عليه القانون الدولي والعلاقات الدولية المعاصرة وما هو ثابت في الفقه الإباضي، مع المقارنة بينهما. (١) نشرتها دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثانية ١٤٢٨ ه ٢٠٠٧ م. الثالث ترك الفقه الإباضي ينطق بما يحويه بخصوص موضوعات هذا الكتاب. الرابع تنظير وتحليل وتأصيل وتقعيد النظريات الأساسية للقانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه ا لإباضي. القانون الدولي » وعلى قارئ هذا الكتاب أن يتذكر أن موضوعه لذا فقد قصرنا الكتابة فيه على ما ،« والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي يخص هذا الجانب، تاركين تفصيلات أخرى كثيرة موضوعها يدخل في تخصصات أخرى خارجة عن هذا ا لكتاب. د. أحمد أبو الوفا عني الإسلام بكافة جوانب الحياة، بما في ذلك تقرير قواعد للتعامل ُ في إطار القانون الدولي والعلاقات الدولية في مختلف جوانبها ومناحيها. ومن الثابت أن قواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية لم تنشأ بين عشية أو ضحاها. فقد عرف الإغريق قواعد القانون الدولي والعلاقات  الدولية، ولكنها كانت قواعد تحكم العلاقات بين المدن اليونانية، أما بالنسبة للآخرين (البربر) فهم مخلوقون فقط كما يقول أرسطو ليخدموا اليونانيين. كذلك طبق الرومانيون قواعد القانون الدولي بالنسبة للأجانب أما بالنسبة لباقي دول العالم فقد ساد التحكم ،« الحلفاء أو الأصدقاء »(والذي اختلف تبعا للأحوال والملابسات)، بدلا ً من ا لقانون. ً أما الإسلام فقد وضع، منذ بداية وجوده، قواعد قانونية يلتزم بها المسلمون في علاقاتهم مع غير ا لمسلمين. وقد تعددت الأسباب التي ذكرها الفقهاء المحد َ ث ُ ون لنشأة القانون الدولي في الفقه ا لإسلامي: فقد ذهب البعض إلى أن ذلك يرجع إلى وجود عدد كبير من غير المسلمين داخل الدولة ا لإسلامية(١) . (١) يقول صاحب هذا ا لرأي: = «L'existence, au sein même du domaine musulman, d'une masse considérable de noncroyants, ويذهب آخرون إلى أن ذلك يرجع إلى عالمية نداء الإسلام للبشرية universal appeal to mankind ، بما يحتم وجود قواعد تحكم علاقة المسلمين بالدول غير الإسلامية وبغير المسلمين المقيمين في دار ا لإسلام (١) . ويرى فريق ثالث أن ذلك يرجع إلى أن الإسلام دخل، منذ البداية، في منازعات مع أعداء كثيرين، بما يحتم وجود قواعد تحكم علاقاته معهم لمواجهة كافة المشاكل التي ثارت، مثل تلك الخاصة بالأعداء، والمحاربين والشعوب ا لخاضعة (٢) . ونحن نعتقد أن السبب الحاسم والرئيس لوجود قواعد القانون الدولي الإسلامي، يرجع إلى أمور ثلاثة لا ينازع فيها عاقل، وهي: أن الإسلام هو دين ودنيا، وبالتالي بات من الضروري وجود قواعد للتعامل الدولي والداخلي، إلى جانب الأحكام ا لدينية. أن الإسلام دين كامل، وبالتالي فهو يشمل كل ما قد يصادف المسلمين في حياتهم الدنيوية: الداخلية والدولية. وصدق الله تعالى حيث قال: ﴿ SRQPONMLK UT﴾ [ [المائدة: ٣ . ويقول أيض ً ا: ﴿ DCBA@?﴾ [ [النحل: ٨٩ . وإنما يخاطب الآخر: أفراد ،« غير منغلق على ذاته » أن الإسلام دين ً ا أو دولا ً أو جماعات ويقيم معه ما يلزم من ا لعلاقات. qui formèrent dans les premiers siécles la majorité des sujets, fit inclure dans la doctrine de = gihad, les fondements d'un droit des gens en terre musulmane» A. Morabia: La notion de Gihad dans l'Islam médieval, service de reproduction de thèse, Université Lille III, 1975, p 427. (١) انظر :(٢) راجع : M. Khadouri: The Islamic Law of Nations ـ Shaybani's Siyar, Baltimore, 1966, p 3. N. Armanazi: Les principes islamiques et les rapports internationaux, thèse, paris, p 41. ويشكل التساؤل عن دور الدين أحد المسائل المهمة عند تحليل السياسة الخارجية لدولة ما، خصوصا مدى الدور الذي يلعبه في تحديد تلك ً السياسة.   حري بالذكر أن القانون الدولي المعاصر لا يستند إلى الدين كأساس لقواعده ونظمه(١) . وهو أمر يختلف عن النظام الإسلامي والذي يجعل الشريعة الإسلامية في بؤرة اهتماماته حتى على الصعيد الدولي وفي إطار العلاقات مع الدول ا لأخرى.  وهو أمر يقره ،« دين ودولة » أو هو « دين ودنيا » وبالتالي، فالإسلام  الاتجاه الغالب في الفقه الإسلامي، بما في ذلك الفقه ا لإباضي(٢) . (١) د. أحمد أبو الوفا: نحو نظرية للعلاقات الدولية في الفقه الإسلامي، ندوة تطور العلوم الفقهية: النظرية الفقهية النظام الفقهي، سلطنة عمان، أبريل ٢٠١٢ ، ص ٧ -.٨ ُ   (٢) الإسلام دين » راجع، على سبيل المثال، الرد على قول د. محمد أحمد خلف الله: إنفي: « لا دولة عامر الراشدي: الدخيل في التفسير لدى أبرز المعاصرين والرد عليه، وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية، سلطنة عمان، ١٩٩٥ ، ص ٧٨ -.٨٣ ُ إن الظروف التاريخية التي نشأ الإباضية في ظلها أوجدت عندهم فقها » : ويقرر رأي آخر ًّ سياسيا عميق ً ا، بعضه يتعلق بالسياسة الداخلية، وبعضه الآخر بالسياسة الخارجية، أو بعبارة أدق ّ سياسة تتعلق بعلاقاتهم بعضهم ببعض داخل دولهم أفراد ً ا وجماعات، وأخرى د. محمد صالح ناصر: منهج « تتعلق بعلاقاتهم مع جيرانهم، أو خصومهم من مخالفيهم الدعوة عند الإباضية، جمعية التراث، القرارة الجزائر، ١٤٢٢ ه ٢٠٠١ م، معهد العلوم ّ . الشرعية، مسقط، ص ١٩٩ أما فيما يخص النظرية السياسية لأهل ا لسنة والجماعة فقد تميزت عن » : ويؤكد رأي آخر النظرية ا لإباضية في ميدان الحكم بشيئين: ّ أولا ً أفرد بعض علماء أهل ا لسنة مؤلفات خاصة بالحكم والسياسة كالفارابي والماوردي وأبي يعلى وابن أبي الربيع والمهدي ابن تومرت وابن خلدون. ثانيا منهم من تأثر بالكتابات اليونانية كالفارابي الذي أخذ مذهب المثالية في الحكم ً .« والسياسة من الأفلاطونية. فاتسم رأيه بالنزعة العقلية البعيدة عن الواقع ا لإنساني = أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٠ ونحن نعتقد أن الفارق الأساسي بين الإسلام والقانون الدولي المعاصر يكمن في أمرين: من الناحية المادية (أي بالنسبة للمضمون)، يختلف الإسلام، كما سنرى، عن القانون الدولي المعاصر في أمور عديدة (١) . من الناحية الأخلاقية: يشدد الإسلام على ضرورة مراعاة الأخلاق والتقوى والمعاملة الحسنة وحسن النية في العلاقات الدولية. تلك ميزة أساسية في الإسلام يعوزها بوضوح القانون الدولي ا لمعاصر. لان، في نظرنا، ذاتية الإسلام ومنهجه  هذان الأمران هما اللذان يشك وسبقه في إطار القانون الدولي والعلاقات الدولية ا لمعاصرة. وسيتضح من خلال هذه الدراسة أن الفقه الإباضي يتفق في غالبية أحكامه، مع المذاهب الإسلامية الأخرى(٢) ، وإن كان ثمة اختلافات في = بكير بن بلحاج: الإمامة عند الإباضي ﹼ ة بين النظرية والتطبيق مقارنة مع أهل الس ﱡ ن ﱠ ة والجماعة، رسالة ماجستير، المعهد الوطني العالمي لأصول الدين، الخروبة الجزائر، ١٤١٤ ه ١٩٩٣ م، . ص ٣٢٢ (١) يقول المستشار القانوني لوزارة الخارجية ا لسويدية: «Why all the repercussions in the field of International Law, where for instance the Islamic World was not allowed to benefit from the «Law of Nations», as it was put during the last century? … For the next millennium, for the future International Normative System, it is impossible to maintain all the ancient misunderstanding and grudges. The future world cannot afford such a state of affaires «Johnson»: Changes in the Norms Guiding the International Legal System, R . Egyptienne DI, 1980, p 13. (٢) عدم التزام المذهب » : وهذا يرجع، بين أمور أخرى، إلى أن من خصائص الفتوى العمانية ُ لذلك يقرر رأي: ،« الإباضي  هم تخلوا عن النزعة المذهبية، ولم يلتفتوا إليها، وإن كانت توجد بعض الفتاوى التي تحمل صبغة المذهب الإباضي، ويشار ُ إليها بقول: (أصحابنا)، إلا أنك في المقابل تجد مقارنة مع بقية المذاهب الإسلامية، حيث تجد كلمة (وهذا هو رأي الجمهور). ونبذ التعصب المذهبي هو السائد عند العلماء عندما نستقرئ كتب الفتاوى للعلماء العمانيين نجد أن » ُ = بعض المسائل والأمور(١) أن اختلاف الأمة » ، فهو يدخل في إطار قاعدة  « اختلاف المسلمين سعة ورحمة » وأن « رحمة(٢) . ووجود مثل هذا الاختلاف، وهو يتعلق أساسا بالاجتهاد في الفروع ً ولا يمس الأصول(٣) ، هو أمر طبيعي. ذلك أن الحقيقة هي وليدة اختلاف الرأي  = الع ُ مانيين، فلا تكاد تطالع كتاب ً ا من كتبهم إلا وتجد ا لاعتماد َ على كثير من كتب غير  صحيح البخاري ومسلم، والموطأ، وسنن » : الإباضية، ومن بين ما اعتمد عليه السابقون ّ  .« أبي داود، والنسائي، والترمذي راجع د. خلفان الشعيلي: مؤسسة الإفتاء والتحولات الحضارية في عمان، ندوة فقه النوازل ُ وتجديد الفتوى، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٢٨ ه . ٢٠٠٧ م، ص ٥٤١ ُ  (١) يقرر رأي: ويهمني أن أذكر أنه يوجد خلاف بين الإباضية وغيرهم من المذاهب في عدد من » ّ المسائل، كما يوجد خلاف بين الحنفية، وغيرهم والشافعية، وغيرهم والمالكية، وغيرهم،  .« وكما يوجد بين بقية المذاهب وبين علماء كل واحد من هذه المذاهب فيما بينهم انظر: علي يحيى معمر: الإباضية بين الفرق الإسلامية، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ُّ . ١٤٢٤ ه ٢٠٠٣ م، ص ١١(٢) راجع هاتين القاعدتين، في: د. محمود آل هرموش: معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ّ ١٠٦ . ويقرر نفس ا لمؤلف: ، سلطنة عمان، ج ١، ص ١٠١ ُ إن فقهاء الإباضية موافقون للأئمة في مصادر التشريع الأصلية والتبعية، وأن الخلاف » ّ بينهم وبين المذاهب الفقهية الأخرى لا يزيد على الخلاف الموجود بين أصحاب تلك المذاهب، بل هم موافقون لأحد المذاهب في الجملة، بل إنهم أقرب في فقههم من الظاهرية والزيدية والجعفرية إلى فقه الأئمة الأربعة، وطرائق أئمتهم في الاستنباط أشبه .( ذات المرجع، ص ٦٧ ) .« بطرائق الأئمة الأربعة(٣) يقول: فإني أجد أهل العلم قديما وحديث » : يقول الإمام الشافعي ً ا مختلفين في بعض ً أمورهم، فهل يسع ُ ه ُ م ْ ذلك؟ قال؛ فقلت ُ له: ا لاختلاف ُ من وجهين أحد ُ هما محرم ٌ ، ولا أقول ُ ذلك في الآخ َ ر. قال: فما الاختلاف المحرم؟ قلت ُ : كل ما أقام الله به الحجة في كتابه أو على لسان نبيه منصوصا بين ً ا، لم يحل الاختلاف فيه لمن علمه. وما كان من ذلك يحتمل ً التأويل ويدرك قياسا فذهب المتأول أو القايس إلى معنى يحتمله الخبر أو القياس، وإن ًَ ًُّ خالفه فيه غيره؛ لم أقل: إنه يضيق عليه ضيق الخلاف في المنصوص. قال: فهل في هذا = ُ  لا يجلوها إلا قرع الحجة بالحجة، والبرهان بالبرهان. يؤكد ذلك ما جاء في النتائج التي انتهى إليها مؤتمر أسبوع الفقه الإسلامي (جامعة باريس ١٩٥١ م):  ١ إن مبادئ الفقه الإسلامي لها قيمة حقوقية لا يجارى فيها. َُ ٢ إن اختلاف المذاهب الفقهية في هذه المجموعات الحقوقية الكبرى   ينطوي على ثورة من المفاهيم والمسلمات الخاصة بالأصول الحقوقية، وهذا مناط الإعجاب، وبها يستطيع الفقه الإسلامي أن يستجيب لجميع مطالب الحياة والتوفيق بين حاجياتها.  يقول الشيخ محمد أبو زهرة: إن ا لإباضية: ّ  « لهم فقه جيد، وفيهم علماء ممتازون »(١) .  ومن المعروف أن الفقه الإباضي وجد منذ زمن بعيد(٢) ، وقد حرص = حجة ٌ تبين فرقك بين الاختلافين؟ قلت ُ : قال الله في ذم التفرق: ﴿ ^]\ _` ّ fedcba ﴾[ [البينة: ٤ . وقال جل ثناؤه: ﴿ {zyxwv }| ~ ﮯ﴾ [ [آل عمران: ١٠٥ . فذم الاختلاف في ما جاءتهم به ا لبينات. فأم ّ ا ما كلفوا الإمام الشافعي: الرسالة، تحقيق ) «... فيه الاجتهاد فقد مثلته لك بالقبلة والشهادة وغيرها أحمد شاكر، القاهرة، ١٩٤٠ ، ص ٥٦٠ -.(٥٦١ (١) ، الشيخ محمد أبو زهرة: تاريخ المذاهب الإسلامية، دار الفكر العربي، القاهرة، ١٩٩٦ ليس هناك من شك في أن الدعوة الإباضية تركت تراث » : ص ٧٦ ، ويقرر رأي آخر ً ا ضخما ًّ فاروق عمر فوزي: دراسات .« فيما كتبه علماؤها من مؤلفات في العلوم الدينية الإسلامية . في تاريخ عمان، منشورات جامعة آل البيت، ١٤٢١ ه ٢٠٠٠ م، ص ١٠٨ ُ (٢) عمان قد أسلمت في عصره ژ ، وأجابت دعوته بغير حرب ولا عناء، » : فمن المعلوم أن ُ نور الدين « وأن أحكامه ژ قد نفذت فيها في حياته بواسطة عامله عمرو بن العاص ، السالمي: معارج الآمال على مدارج الكمال بنظم مختصر الخصال، سلطنة عمان، ٢٠١٠ ُ . تحقيق سليمان بابزيز وآخرين، ج ٥، ص ١١٣ ويرجع اتصال عمان بالإسلام إلى سنة ٨ من الهجرة، حينما أرسل رسول الله ژ إلى ُ أهلها يدعوهم إلى الإسلام، راجع البلاذري: فتوح البلدان، تحقيق عبد الله وعمر أنيس . الطباع، مؤسسة المعارف، بيروت، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ص ١٠٣ الأئمة والحكام الذين اعتنقوا المذهب الإباضي على مراعاة أحكامه في علاقاتهم الدولية سلما وحربا(١) . في القرن » وقد ظهر المذهب الإباضي ًً « الأول الهجري في البصرة، فهو من أقدم المذاهب ا لإسلامية(٢) .  (١) يقرر رأي آخر أن: العروبة والإسلام وترسيخ العادات والتقاليد والأعراف أبانت أسسا واضحة للسياسة » ً قيس بن سالم آل سعيد: السياسة الخارجية لسلطنة عمان دار الفكر « الخارجية العمانية ُُ والواقع، المدرسة الوطنية للإدارة العمومية، الرباط، ١٩٩٢ - . ١٩٩٣ ، رسالة ماجستير، ص ٧٧ (٢) الموسوعة الإسلامية العامة، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، . ١٤٢٤ ه ٢٠٠٣ م، إشراف د. محمود حمدي زقزوق، ص ٢٨ وعن نشأة الحركة ا لإباضي ّ ة، راجع أيض ً ا: . د. عوض محمد خليفات: نشأة الحركة ا لإباضية، عمان (الأردن)، ١٩٧٨ ، ص ٢٢٥ ّ :ÜÉàμdG á£N ندرس أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي في ثلاثة أجزاء: • الجزء ا لأول: ويتضمن ما يلي:  المقدمة. مصادر القانون الدولي في الفقه ا لإباضي. أشخاص القانون الدولي في الفقه ا لإباضي. حقوق الإنسان في الفقه ا لإباضي. • الجزء ا لثاني: ويحتوي على ا لآتي: المياه الدولية في الفقه ا لإباضي. العلاقات الدولية في الفقه ا لإباضي. العلاقات الدبلوماسية في الفقه ا لإباضي. العلاقات الاقتصادية الدولية في الفقه ا لإباضي. • الجزء ا لثالث: ويشمل ا لتالي: الإرهاب الدولي في الفقه ا لإباضي. المنازعات الدولية وطرق حلها سلمي ا في الفقه ا لإباضي. الجهاد (الحرب) في الفقه ا لإباضي. الضمان (المسؤولية الدولية) في الفقه ا لإباضي. • الخاتمة ا لعامة. äÉbÓ©dGh »dhódG ¿ƒfÉ≤dG QOÉ°üe »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«dhódG لكل قانون مصادره وموارده ومنابعه التي يستند إليها ويؤسس أحكامه عليها. وندرس هذه المصادر في إطار الفقه ا لإباضي من زاويتين: الفصل ا لأول: أهم مصادر أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه ا لإباضي. الفصل الثاني: المعاهدات الدولية في الفقه الإباضي. ترجع قواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي إلى مصادر كثيرة ومتعددة. إلا أنه قبل الشروع في دراسة مختلف هذه المصادر، من الأفضل أن نشير إلى القواعد التي تحكم تطبيقها. في مبحث مستقل.  وندرس هاتين المسألتين، كلا :∫hC’G åëѪdG »dhódG ¿ƒfÉ≤dG QOÉ°üªd áªcÉëdG óYGƒ≤dG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«dhódG äÉbÓ©dGh تتمثل أهم هذه القواعد فيما يلي: أ ( لا عذر َ جهل ما لا يسع جهله » للجاهل بالقواعد الإسلامية الدولية لأن ليس عذر ً :« ا ،« جهل ما لا يسع جهله ليس عذرا » : من القواعد الفقهية الإباضية ًّ لا عذر في ترك ما لا يسع الإنسان » َ لا عذر للجاهل في دار » ،« جهله َ « الإسلام (١) . (١) معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٢٣ ، ج ٢، ص ١٠٩٦ ّ - .١٠٩٩ أن ما يحتاجه المسلم في يومه وليلته لدينه فلا يعذر بجهله » ومعنى ذلك« لا سيما في دار ا لإسلام(١) . ونحن نعتقد أن ذلك ينطبق أ يض ً ا خارج دار الإسلام، وبالتالي فيسأل الجيش .« فالمسلم يلتزم أحكام الإسلام حيثما وأينما كان »  الإسلامي الذي يرتكب جرائم حرب خارج دار الإسلام، كما أن المسلم الذي يوجد في دولة غير إسلامية إذا ارتكب ما لا يبيحه الإسلام يتحمل إثم ذلك(٢) . وقد استثنى الفقه الإباضي مما تقدم أمورا ثلاثة: ً الأول الجهل في دار الحرب من مسلم لم يهاجر فهو عذر فلو شرب الخمرة جاهلا ً بحرمتها لم يعاقب. والثاني الجهل في دار الإسلام في مسائل لا يعرفها العامة عادة ً كجهل الشفيع بحقه في المشفوع وجهل الأمة إذا عتقت أن لها خيار العتق فهذا النوع  يكون عذرا فلذلك له حق الشفعة من حين يعلم ولها الخيار حين تعلم(٣) . ً  والثالث من لم تقم عليه حجة التحريم، فهو معذور لأنه لا تكليف إلا بعد قيام الحجة(٤) ، لقوله تعالى: ﴿ SRQPON (١) . ذات المرجع، ج ١، ص ٤٢٣ (٢) :( لذلك جاء في ذات المرجع السابق (ج ٢، ص ١٠٩٧ ٍٍ ٍ إن أحكام الشريعة من زكاة وصلاة وحج وجهاد وميراث ونكاح » ٍ وطلاق، ونفقة ونحو ذلك من أحكام لا يسع المرء تركها بسبب الجهل لأنها أمور لا يسع الإنسان جهلها بسبب أنها معلومة من الدين بالضرورة لا سيما في دار الإسلام فإنه لا عذر للجهل في .« دار ا لإسلام (٣) . ذات المرجع السابق، ج ٢، ص ١٠٩٩(٤) في ناشئ نشأ في جزيرة لا يسمع فيها كتابا ولا سنة » : وهذا متصور ً ولا يدري ما الكتاب َُ ًُ ولا الإيمان، فأما ناشئ بين ظهراني المسلمين مخالط لعامتهم وهو مدرك ٌ لعلمائهم لو ٌ طلبهم فليس له أن يعمل بجهله جميع ما حسن بباله ويعتذر في ذلك بجهله وتجاهله، جوابات « كلا والله، ولا نعمة عين، ولو كان ذلك لاختير الجهل على العلم. والله أعلم الإمام السالمي، ط الثانية، ١٤١٩ ه . ١٩٩٩ م، ج ١، ص ٧٧ ]\[ZYXWVUT ﴾ [ [النساء: ١٦٥ ، ولقوله تعالى:  ﴿ §¦ ¨ «ª© ¬¯® ° ³²± ´ ¹¸¶µ ¿¾½¼»º ﴾ [ [الإسراء: ١٥ ، كما أنه ژ كان يبعث رسله وممثليه إلى الدول والشعوب الأخرى ليبلغوا عنه أحكام ا لشريعة.  ونحن نعتقد أن هذه الاستثناءات الثلاثة أصبح، الآن، مجال تطبيقها محدود ً ا جدا لسببين: ١ التقدم العلمي الرهيب في وسائل الاتصال وتبادل ا لمعلومات. ٢ ما حدث من تقدم في نشر معلومات كثيرة عن الإسلام، خصوصا ً  باللغات الأجنبية، بل وصدور موسوعات في هذا ا لشأن. جهل ما لا يسع جهله ليس » : ومن الأمور التي تدخل في إطار قاعدة في إطار القانون الدولي والعلاقات الدولية يمكن أن نشير إلى ما « عذرا  ً  قرره الفقه الإباضي بخصوص الوفاء بالعهد، واحترام حدود الدول الأخرى، وعدم الغرر، وعدم الإكراه في الدين، واحترام الحق في الحياة والسلامة الجسدية، وعدم تتبع عورات ا لناس. ب ( النص مقدم على النظر أو الاجتهاد أو القياس (فكرة تدرج القواعد الدولية ا لإسلامية): ثبت ذلك بقوله تعالى: ﴿ ÍÌËÊÉÈÇ ﴾ [ [النساء: ٥٩ ، أعاد الأمر إعظام ً ا له ژ ، ودفع ً ا لتوهم أنه لا يتبع إلا ما جاء به من القرآن، وإيذان ً ا بأن له ا ستقلالا ً ليس لغيره(١) . وقد أضاف سبحانه بعد ذلك مباشرة ً قوله: ﴿ ÐÏÎ ﴾ ليبين أن طاعتهم تبع ً ا لما هو مقرر في القرآن والسنة، لا استقلالا ً عنهما. (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٢٥٢ .« لا حظ للنظر مع ا لنص » : لذلك من القواعد الفقهية ا لإباضية قاعدة ّ أنه لا اجتهاد في مورد النص، وأنه لا قياس أيض » ومعنى القاعدة ً ا أمام النص؛ لأن القياس نوع من الاجتهاد لكون النص هو الذي أثبت قداسة  « الإجماع وحجيته. وهو مستنده الذي يستند الإجماع إليه ويعول عليه(١) . ّ والحدود لله تعالى وليس لأحد من الأمة أن يضع » : كذلك يقرر رأي حدا يوجب بوضعه في الشريعة حكما إلا أن يتولى وضع ذلك كتاب ناطق، ً  أ و سنة ينقلها صادق عن صادق، أو يتفق على ذلك علماء الأمة. وليس ُ  « للعقول مجال عند ورود ا لشرع(٢) . ج ( علم » تطبيق مصادر القواعد الدولية الإسلامية يقتضي ً ا وتطبيق ً ا سليم ً « ا (فكرة قواعد ا لإسلام): لا شك أن تطبيق أية قاعدة قانونية يتطلب العلم بها أولا ً ، والعمل بما جاء فيها رغبة في عدم مخالفتها، أي تطبيقها بطريقة سليمة، لا تخرج على فحواها أو مبناها. (١) معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ٢، ص ١٠٥٨ - ١٠٥٩ . وكمثال على مسألة ذات طابع ّ دولي ما ذكره ابن بركة 5 من أن المسلم إذا ارتد عن الإسلام وكان تحته مسلمة فإن نكاحه ينفسخ، وكذلك المرأة إذا أسلم زوجها وبقيت على الشرك، أو العكس من ذلك فإن النكاح ينفسخ بينهما فإن رجع المرتد إلى الإسلام قبل أن تتزوج زوجته بغيره فإنه يرجع إليها بالنكاح الأول ما لم تتزوج ولو إلى سنين، فإن قال قائل: أليس الكفر قد قطع بينهما فكيف جاز رجوعهما بغير نكاح؟   قيل له: الاقتداء برسول الله أولى من القياس، وقد رد النبي ژ ابنته. ابن بركة: الجامع، . وزارة التراث القومي والثقافة، ج ٢، ص ٨٥ (٢) خلفان الحارثي: القواعد الفقهية عند الإمام ابن بركة، ندوة القواعد الفقهية بين التأصيل والتطبيق، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة ع ُ مان، ص ٢٦٨ . راجع أيض ً ا ابن بركة: . الجامع، ج ١، ص ٢٩٤  فقد .« قواعد الإسلام » وقد أشار الفقه الإباضي إلى ما قلناه تحت مسمى الأسس الثابتة التي يرتكز عليها » : جاء في معجم مصطلحات الإباضية أنها ّ الإسلام. ووظف عمرو بن جميع مصطلح قواعد الإسلام لغرض تسهيل ُ  « قواعد الإسلام أربعة: العلم، والعمل، والنية، والورع » : الاستيعاب، يقول وبيانها فيما يأتي: فالعلم يؤدي إلى معرفة حد المأمور بامتثاله.     والعمل هو الذي يستحق به العبد رضا خالقه، بفضل منه. والنية هي أساس الطاعات، وعماد ا لدين.  والورع اجتناب المحارم التي تحبط ا لأعمال.  وظهر هذا التصنيف مع بدايات القرن الخامس الهجري عند الجن اوني    وسماها: قواعد الدين، وفي مقدمة التوحيد لعمرو بن جميع في القرن ُ  « ه(١) السادس الهجري، وسماها: قواعد الدين وتبعه شراح . ُُ ونحن نرى أن تلك القواعد الأربع يمكن جمعها في أمرين: العلم والتطبيق السليم (فالعمل والنية والورع يعتبرون تطبيق ً ا سليما لأية قاعدة ً لا يراد مخالفتها). ُ د ( المسلمون وغير المسلمين يلتزمون بتطبيق القواعد الدولية (هل غير المسلمين مخاطبون بأحكام الشريعة الخاصة بالقانون الدولي والعلاقات الدولية؟)(٢) : (١) معجم مصطلحات الإباضي ّ ة، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة ع ُ مان، ١٤٢٩ ه ٢٠٠٨ م، ج ٢، ص ٨٦٩ -.٨٧٠ (٢) بحث الفقه الإباضي هذه المسألة. يقول ابن جعفر: =  تتميز قواعد القانون الدولي، كما هو حال غيرها من القواعد القانونية، وبالتالي فهي تطبق على جميع الأشخاص الدولية « عامة ومجردة » بأنها  (خصوصا الدول). وبالتالي، يخاطب بها المسلمون وغير المسلمين. وسنجد ً أن الفقه الإباضي، في مجمله، لا يخالف ما هو مقرر دوليا أو إسلاميا، ونتيجة لذلك فلا محل لبحث هذه المسألة في تفصيلاتها.    = اختلف أصحابنا في المشركين، فقال بعضهم: إنما خ » ُ وطبوا بالتوحيد ودعوا إلى الإقرار بالجملة، فإذا أقروا بذلك لزمهم ما لزم المسلمين من الخطاب بأحكام ا لشريعة. أو: حجة هؤلاء قول النبي ژ لمعاذ بن جبل حين بعثه والي ً ا على اليمن: إنك تأتي قوم » ً ا من أهل الكتاب فاد ْع ُه ُ م إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن ْ هم أجابوك فأع ْ لمهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وت ُ« رد على فقرائهم ، فلم يأمره أن يعلمهم ما في الشريعة وما يجب فيها إلا بعد الإقرار بالتوحيد، وقال بعضهم: خوطبوا بما خوطب به المسلمون من التوحيد والطهارة والصلاة والزكاة والحج والصيام ُِ إلا أنهم أمروا بتقديم التوحيد ليصح لهم فعل الطهارة والصلاة والزكاة وغير ذلك كما ِ ُ خوطب بالطهارة والصلاة المسلمون، ولكن أمروا بتقديم الطهارة، كذلك أمر المشركون بتقديم التوحيد وإن كانوا قد دخلوا في الخطاب مع المسلمين وحجة قول هؤلاء قول الله تعالى: ﴿ ^]\[ ﴾ [ [التوبة: ٢٩ ، فذمهم على تركهم الحق أن ينقادوا له وهو ما .« كان ا لنبي ژ يدعوهم إليه والله أعلم بأعدل القولين وبه ا لتوفيق . ابن جعفر: الجامع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٢، ص ٣٨٧ ُ :»fÉãdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«dhódG óYGƒ≤dG QOÉ°üe   أكد الفقه الإباضي على مصادر ثلاثة أساسية وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع أو رأي المسلمين(١) . وإلى جانب هذه المصادر الأساسية توجد أيضا مصادر أخرى تبعية أو فرعية. ونقسم هذه المصادر، لحسن البحث ً والدراسة، إلى: مصادر أصلية، ومصادر مشتقة. ونشير إلى كل ما تقدم على النحو ا لآتي: :á«∏°UC’G QOÉ°üªdG ( CG     هذه المصادر تشمل مصدرين: القرآن الكريم، والسنة ا لنبوية. ١ القرآن ا لكريم: القرآن الكريم هو المصدر الأول، بلا منازع، لأية قواعد دولية أو « مورد الموارد » كما أنه ،« مصدر المصادر » داخلية يتم الاستناد إليها. فهو للقواعد في الشريعة ا لإسلامية(٢) . (١) فما وجد » : أخذ بذلك كثير من الفقهاء منهم العوتبي والوارجلاني والمزاتي، يقول العوتبي أما سائر الأحكام » : أما المزاتي فيقول ،« في هذه الثلاثة فهو أصل وما لم يوجد فهو فرع ويضيف السالمي إلى هذه ،« العملية فتسعها هذه الأصول وغيرها من المصادر التبعية المصادر القياس، راجع معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٢ - ؛٣٣ ّ الوارجلاني: الدليل والبرهان، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ . ١٤١٧ ه ١٩٩٧ م، مج ٢، ج ٣، ص ١٢٤ إن الإباضية يبتغون العدل وينشرون العمل بالكتاب والسنة، والسير » : كذلك يقرر رأي ّ الشيخ علي يحيى معمر: الإباضية « على منهج السياسة التي سار عليها الخلفاء الراشدون ّ . بين الفرق الإسلامية، المرجع السابق، ص ٥١٣(٢) يقول المفتي العام لسلطنة ع ُ ولقد ظل القرآن الكريم طوال أربعة عشر قرن » : مان ً ا خلت = ِ مصد » : وأصل القرآن َ ر قرأ ا لشيء، إذا جمعه، ثم نقل إلى المجموع ُ ُْ َ ََُ المعين من كلام الله تعالى، ولما كان ا لقرآن ُ أكثر استعمالا ً في كلام ِ الله من  َُ َ الكتاب، وأشهر إطلاق ً ا، وأكثر تداولا ً ، عرفوا الكتاب به، فهو من التعريف ََ َ   ٍِ اللفظي، وعرفوه بما يميزه في خاصة نفسه بأمور ذكر منها المصنف أشياء َُ حيث قال: ِ   أما الكتاب فهو نظ ْ م ن َز َ لا على نبينا وعنه ُ ن ُقلا ُ َ ٌِِ ﹺﹺ (۱) توترا، وكان في إنزاله إع ﹾ جاز ﹸ من ناواه في أح ﹾ واله ً  وقد احتوى القرآن على كل الأمور الخاصة بالعلاقات بين الناس  والدول.  لذلك في معرض تفسيره لقوله تعالى: ﴿ BA@? HGFEDC ﴾ [ [النحل: ٨٩ يقول أطفيش:      = منارة شامخة تسطع على الدنيا لا يهزها تتابع أعاصير الأفكار المختلفة ولا يرجها طغيان فيضانات المعارف المتنوعة التي محت كل رسم من رسوم الفلسفات السابقة وآتت أثر من آثار الثقافات القديمة، بل كان ذلك كله مما يزيد برهانه وضوح ً ا وإعجازه سطوع ً ا، وأعجب من ذلك أن يواجه القرآن كل جيل من أجيال هذه القرون المتتابعة بما يحل مشاكله ويروي ظمأه ويشفي علله، فكأنما أنزل على كل جيل إنزالا ً جديد ً ا بقدر مقاييس عقله ومعايير فكره، وأطوار حياته ومطالب عصره حتى إنه ل َيخ َيل للناشئ في أي زمان ُ وفي أي مكان أنه لم ينزل إلا ليشفي أمراض المجتمع الذي هو فيه لأنه يراه كالثوب ُ الذي ف ُصل بقدر قامة مجتمعه؛ ذلك لأن الله جعله نبعا نورانيا يروي كل نفس ويتدفق ً بكل دهر، ول َعمري ما ألفاظ القرآن إلا كلمات نورانية تجلت من الغيب فتألقت في أفق َْ البيان كما تتألق النجوم في أفق الفضاء وإنما الفارق بين تلك وهذه أن تلك تهدي .« الأبصار وهذه تهدي البصائر، وأن تلك من شأنها الأفول، وهذه لا تغور ولا تزول الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: جواهر التفسير، مكتبة الاستقامة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٤ ه . ١٩٨٤ م، ج ١، ص ٥٢ ١) العلا ) ّ . مة السالمي: كتاب طلعة الشمس، ج ١، ص ٩٦  والقرآن فيه بيان كل شيء بتصريح أو فهم أو سنة أو قياس، وأما » ُ  « الإجماع فمأخوذ من ذلك(١) .    حري بالذكر أن القرآن، حيث نزل، كان إما مكيا أو مدنيا، ومن المعلوم  أن القرآن المدني نزلت أغلب أحكامه بخصوص الأحكام العملية، ومنها  فيما يخص هذه الدراسة أحكام السلم والحرب والعلاقة مع غير  المسلمين(٢) .  وقد ورد في القرآن الكريم(٣) الكثير من الآيات القرآنية المتضمنة لعديد (١) . أطفيش، تيسير التفسير، ج ٨، ص ٦٠  (٢) هناك خلاف في الفقه الإباضي بخصوص آية العفو والصفح في العلاقات الدولية، لخصه  السالمي، كما يلي: ِ قال القطب: وليس عندي من » َ المنسوخ آية ا لعفو ِ والصفح، ِ والأمر بالتولي عنهم، والأمر بتركهم، والإعراض عنهم. قال: وزعم غيري أنهن منسوخات بآية السيف، فكثر بها ع َ دد المنسوخ  مع أنهن ليست منه كما سأبينه في مواضعه.  أقول: وإن ّ ما عدها غيره من المنسوخات باعتبار أسباب نزولها، وباعتبار المراد منها، فإنه إذا أريد بالعف ْ و والإعراض والصفح عن المشركين ترك قتالهم، فإنه ژ قد أمر بعد ذلك بقتالهم، فالآيات بهذا الاعتبار منسوخة بآية السيف، وهذا المعنى هو الذي اعتبره القائلون بنسخها. وأما باعتبار المعنى الظاهر فإن الشرع قد أقر العفو والصف ْ ح واللين في مواضع َ موافقة للشرع، فإن حملت الآيات على هذا المعنى فليست بمنسوخة كما قال القطب ُ ٍ متعنا ا لله بحياته ولكل واحد من ا لجهتين اعتبار قوي، واعتبار القائلين بالنسخ أنسب ُْ السالمي: معارج الآمال، المقدمات، المرجع « للسير، وأوفق لأسباب النزول، والله أعلم السابق، ص ١٢٨ -.١٢٩ (٣)بين الإمام الباقلاني في عبارة عامة موجزة إعجاز القرآن الكريم، بقوله: ِ وأنت تتبين في كل ما تصرف فيه نوع من الأنواع أنه على سمت شريف ومرقب منيف، يبهر » َْ إذا أخذ في النوع الربي والأمر الشرعي، والكلام الإلهي الدال على أنه يصدر عن عزة الملكوت، وشرف الجبروت وما لا يبلغ الوهم مواقعه: من حكمة وأحكام واحتجاج وتقرير واستشهاد وتقريع، وإعذار وإنذار، وتبشير وتحذير، وتنبيه وتلويح، وإشباع وتصريح، وإشارة ودلالة، وتعليم أخبار ذكية، وأسباب رضية، وسياسات جامعة، ومواعظ نافعة، وأوامر صادعة، = أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٢٦ َ من القواعد التي تصلح لأن ْ تنطبق في إطار علاقات أشخاص القانون الدولي، منها قوله تعالى: ﴿ ^ kjihgfedcba`_ nml﴾ [ [البقرة: ١٩٤ . فقد أرست هذه الآية مبدأ المعاملة بالمثل مع ضرورة مراعاة التقوى حتى عند وقوع ا عتداء. ﴿ §¦ μ´❁ ²±°¯®¬«ª©¨ ÅÄÃÂ❁ À¿¾½¼»º¹¸¶ ÒÑ❁ ÏÎÍÌËÊÉÈÇÆ ❁ Ø×ÖÕÔÓ "! # (١) &%$ ' 5432❁ 0/.-,+*)( =<;:9876 >﴾ [النمل: ٣٢ - [٣٧ . وفي الآية خير دليل على إمكان تلقي وإرسال الرسل والمبعوثين ا لدبلوماسيين. ﴿ §¦¥ ¬«ª©¨ ®﴾ [ [الأنفال: ٣٩ ، = ﴿ ÍÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ Î﴾ [ [البقرة: ١٩٠ . وقد وضعت الآيتان أسس الحرب في ا لإسلام. وقصص مفيدة، وثناء على الله 8 بما هو أهله، وأوصاف كما يستحقه، وتحميد كما يستوجبه ٍ وأخبار عن كائنات في التأتي صدقت، وأحاديث عن المؤتنف تحققت، ونواه زاجرة عن « القبائح والفواحش وإباحة الطيبات وتحريم المضار والخبائث، وحث على الجميل والإحسان الباقلاني: إعجاز القرآن، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الخامسة، ص ٣٠١ - .٣٠٢ ١) قال الرواة: ما نعرف رسولا ) ً ألطف، ولا كتابا أوجز من هدهد سليمان وكتابه. وهو قوله 8 : ً ﴿ }|{zyxwv❁ے ¤£¢¡﴾ [٣١ ، [النمل: ٣٠ ، راجع ابن الفراء: كتاب رسل الملوك ومن يصلح للرسالة والسفارة، تحقيق د. صلاح الدين . المنجد، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، ١٣٦٦ ه ١٩٤٧ م، ص ٢١ ﴿ ÕÔÓÒÑÐÏÎ ﴾ [ [الأنفال: ٦١ . وقد وضعت هذه الآية مبدأ الحل السلمي للمنازعات الدولية في الشريعة ا لإسلامية. ﴿ ¯®¬«ª ° ±﴾ [ [الإسراء: ٣٤ وقد وضعت هذه الآية، وغيرها كما سنرى، مبدأ الوفاء بالعهد. ﴿ tsrqponmlkji﴾ [ [الأنفال: ٧٢ . وقد أرست هذه الآية مبدأ ً  هام وغيرهم، هو مبدأ تقديم حرمة العهد على واجب استنقاذ ا لمسلمين. ا في التعامل بين المسلمين ﴿ ! -,+*)('&%$#" ;:9876543210/. =< ?>﴾ [ [النساء: ٧٥ ، وقد أكدت هذه الآية مبدأ الاستنقاذ في الشريعة الإسلامية (وهو يعادل نظرية التدخل من أجل الإنسانية المعروفة في فقه القانون ا لدولي). ﴿ ]\[ZYXWVUTSR `_^ edcba﴾ [ [محمد: ٤ . وقد تعرضت هذه الآية للوضع القانوني لأسرى ا لحرب. ﴿ ÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½﴾ [ [إبراهيم: ٣٢ ، ﴿ « ´³²±°¯®¬ ¶µ ¸﴾ [ [النحل: ١٤ ، ﴿ ! &%$#" ' (﴾ [ [المائدة: ٩٦ ، وقد وضعت هذه الآيات أمور ً ا تتعلق بحرية الملاحة في البحار، وغيرها من استخدامات ا لبحر. ﴿ ÚÙØ×ÖÕÔÓÒÑ﴾ [ [البقرة: ٢٥٦ ، وقد نصت هذه الآية على مبدأ عدم إكراه غير المسلم على اعتناق ا لإسلام.    ﴿ ° ³²± ´ ﴾ [ [فاطر: ١٨، وقد تضمنت هذه الآية مبدأ المسؤولية الشخصية، حتى في إطار العلاقات ا لدولية. ٢ ا لسنة ا لنبوية:     السنة هي المصدر الثاني الذي أخذ به الفقه الإباضي(١) ، كما هو حال أي مسلم. وتم تعريف ا لسنة في الفقه الإباضي، كما يلي:   ِِ ِ السنة ُ القول ُ من َ الرسول والفعل ُ والتق ْ رير للمفعول ُْ يقول ا لسالمي:    اعلم أن السنة في اللغة: الطريقة » ُ والعادة وفي اصطلاح الفقهاء: هي   العبادات ُ ، وفي اصطلاح المحدثين والأصوليين: ما صدر عن النبي عليه   ٍ الصلاة والسلام غير  القرآن من قول، أو فعل، ٍ أو تقرير ٍ . والأول ُ مختص باسم ِ َ ُ الحديث، فإنه    إذا أطلق َ لا ي ُ فهم منه إلا ا لسنة القولية. والمراد بالتقرير: هو أن    يرى فعلا  ً ، أو قولا ً صدر َ من أمته، أو من بعضهم، فلم ي ُ نكره، وسك َ ت عليه مع ا لق ُ « درة على إنكاره. والله أعلم(٢) . (١) في الفقه الإباضي العديد من القواعد الفقهية الخاصة بالسنة، ومنها: إذا تعارض حديثان: حديث ٌ فيه شرع ٌ ، والآخر موافق للأصل الذي لا شرع َ فيه وجب أن ٌُ ْ يصار إلى الحكم المثبت للشرع. الاستخفاف بالسنة كفر. الأصل عدم الخصوصية (أي إنه إذا تردد الفعل الصادر عنه ژ بين أن يكون خاصا به وبين أن يكون عاما له ولأمته فالأرجح أن يكون عاما لأن الأصل عدم ا لخصوصية). الأصل في أحاديث رسول الله أن تحمل على المعاني الشرعية دون اللغوية (لأنه بعث لبيان الشرعيات دون ا للغويات). الاقتداء بآداب رسول الله أولى وأفضل وإن لم يكن ذلك واجبا. ً ا لسنة إذا أطلقت إنما يراد بها سنة النبي ژ . ُُ .٦١٦ ،٢٧٧ ،٢٤٢ ،٢١٧ ، معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٣٠ ّ (٢) . السالمي: كتاب طلعة الشمس، ج ٢، المرجع السابق، ص ٥ ويضيف رأي آخر أن السنة اختلفت فيها أنظار المحدثين والأصوليين   والفقهاء: ٍ فالسنة عند المحدثين هي كل ما رفع إلى النبي من قول، أو فعل، » ٍ أو  ِ ولم يعتبروا الصفات الخ ،« تقرير ُ ل ُ قية، والخلقة لأن الأصوليين يبحثون في ِ مصادر التشريع والصفات الخ ُ ل ُ قية والخلقية ُ من الشمائل وليست من مصادر التشريع فلا يهتم بها ا لأصوليون. أما الفقهاء فالسنة ُ عندهم ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها فهي عندهم ُُ « ة(١) ما يقابل الفرض فيقولون القراءة فرض ورفع اليدين سن .  ُ   يقول ا لشماخي:  كل شيء أقر عليه أمته وتركهم وفعلوه بين يديه، وكان ذلك عندهم »   واجبا أو ندبا أو مباحا فهو من سنته ژ « (٢) . ً ًً   ويهتم الإباضية بالسنة الفعلية التي داوم عليها النبي ژ ، ولكنهم ّ  لأن القول أدل في » يقدمون السنة القولية على الفعلية عند التعارض  (١) معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٦١٦ -.٦١٧ ّ ذكر ترتيب ما نزل من الأحكام في القرآن، فكان محتاج » : ويقول ابن بركة ً ا من الرسول 0 إلى بيان فهو غير منفك من ثلاثة أقسام: إما أن يكون لو ترك الناس مع ما يحتمله القرآن لم يصلوا إلى حكمه إلا ببيان، أو يكون مما لو تركوا مع ظاهر لفظه إلى توقيف على حكمه لوجب عليهم إنفاذ الحكم به على كل ما دخل تحت اسمه، إذا كان ممكن ً ا لهم باستعمال كل ما دخل في جملة ظاهره أو يكون مما لو دخلوا مع ظاهر لفظه لوجب عليهم أن يأتوا ٍ .« من حكمه بما إذا أتى آت بمثله كان مؤديا لفرضه، إذ قد فعل ما ندب في الظاهر إلى فعله ً ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق ج ١، ص ١٦١ -.١٦٢ والسنة مقرونة بالكتاب لأن في الكتاب فرائض الله، والسنة ما رسمه » : ويقول الرستاقي رسول الله ژ بقوله ژ : (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله وسنتي) .« ١٤٢٧ ه ، الإمام الرستاقي: منهج الطالبين وبلاغ الراغبين، مكتبة مسقط، عمان، ج ٢ ٢٠٠٦ م، ُ . ص ٢٠٥ (٢) . الشيخ عامر الشماخي: كتاب الإيضاح، مكتبة مسقط عمان، ج ١، ص ٤١ ُ   باب التشريع على الإلزام والاتباع من الفعل الذي ترد عليه  « الاحتمالات(١) .   فالسنة » : كذلك يقسم الإباضية السنة إلى سنة واجبة وسنة مستحبة  ُّ ُ الواجبة أوكد من المستحبة، ولا يجوز تركها، مثل التسمية وغسل اليدين   والمضمضة والاستنشاق في الوضوء، وقراءة التحيات في الصلاة؛ قال  لا تصح الصلاة بتركها ولو بلا عمد، وغيرها تصح الصلاة » : القطب أطفيش .« مع تركه بلا عمد     ويرى الإباضية مخالفة السنة المستحبة أمرا غير جائز، إذا صحبها قصد  ًّ المخالفة والإعراض عن التأسي برسول الله ژ « (٢) .  وتعتبر ا لسنة المصدر الثاني(٣) للتشريع في مجال القانون الدولي   والعلاقات الدولية في الشريعة الإسلامية بعد القرآن الكريم. فإذا لم يوجد  شيء في القرآن نفسه، أو لم يستدل صراحة على الحل المطلوب، فعلى الإنسان أن ييمم وجهه شطر السنة، فإنها شارحة للقرآن ومبينة له. يقول تعالى: ﴿ <;:98765432 = > ﴾ [ [النحل: ٤٤ . وقد أثر النبي ژ على تكوين قواعد القانون والعلاقات الدولية كعلم (١) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٠٨ ّ (٢) ذات المرجع، ذات الموضع. وهكذا: .« التأسي برسول الله ژ إلى أن يتبين ما يختص به » : فالقاعدة في الفقه الإباضي هي . الكندي: بيان الشرع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٦٨ ، ص ١٥٩ ُ (٣) القرآن مقطوع بتبليغه لنا جملة وتفصيلا » يرجع ذلك إلى أن ً بينما السنة مقطوع بصدورها عنه جملة لا تفصيلا ً ، وعلى هذا إذا تعارض الكتاب والسنة وفق بينهما إن أمكن وإلا قدم أستاذنا المرحوم د. محمد سلام مدكور: المدخل للفقه الإسلامي، دار النهضة « الكتاب العربية، القاهرة، ١٣٨٩ ه . ١٩٦٩ م، ص ٢٠٩ وكفن تأثيرا كبيرا، سيتضح أكثر من خلال هذه الدراسة، سواء فيما يتعلق ًً بمعاملة الرسل والسفراء، أو في إطار قانون الحرب، أو بالنسبة لقانون المعاهدات الدولية، أو بالنسبة للعلاقات الاقتصادية.. إلخ(١) . ومن أمثلة القواعد التي وردت في ا لسنة النبوية والتي يمكن تطبيقها في إطار القانون الدولي والعلاقات الدولية، ما يلي:    المسلمون عند شروطهم إلا شرط » ً ا أحل حرام ً ا أو حرم حلالا ً « ،وفاء » ٌ « بغدر خير من غدر بغدر . وهما حديثان يؤكدان مبدأ الوفاء بالعهد. « والله لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما » . إذ يمثل هذا الحديث أساس ا ً  مكين ً ا لحرمة وحصانة الرسل والسفراء في ا لإسلام(٢) . لسفنهم وسيارتهم في » : جاء في كتاب ا لنبي ژ إلى أهل إيلة أنه أمنة البر والبحر.. وأنه لا يحل أن يمنعوا ماء يريدونه ولا طريق ً ا يريدونه  ًُ يدل هذا الكتاب على حرية الملاحة في ا لبحار. .« من بر أو بحر َ    استوصوا بالأسارى خير »« ا . ولا شك أن هذا الحديث هو خير توجيه ً عام بخصوص كيفية معاملة أسرى ا لحرب. وسنذكر خلال كل أجزاء هذا الكتاب الكثير من الأحاديث والمعاهدات والرسائل المنسوبة إليه ژ ، والتي تتعلق بالقانون الدولي والعلاقات الدولية. (١) وأخذ الأحكام المتعلقة بالحرب والمصالح والسياسات من هديه » : يقول ابن قيم الجوزية راجع مختصر زاد المعاد للإمام ابن قيم الجوزية، تأليف الشيخ محمد بن « أولى من الآراء . عبد الوهاب، جامعة الملك محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ١٣٩٧ ، ص ٢١٦ (٢) ويقتل كل كافر لعموم قوله تعالى: » : قيل ﴿ }| ﴾ [ [التوبة: ٥ ، إلا الرسل لجريان راجع حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب ،« السنة بعدم قتلهم لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٦٠ ه . ١٩٤١ م، ص ٤٠٧ نة النبوية واجبة الاتباع، ا متثالا ً لقوله تعالى:  ومن المعلوم أن ا لس ﴿ wvutsrqp ﴾ ..[ [الحشر: ٧ . لذا، فهي واجبة الاتباع كالقرآن تماما؛ لأنها وحي مثله. فعن حسان بن ً  ة كما ينزل عليه   كان جبريل » : عطية قال 0 ينزل على رسول الله ژ بالسن .« بالقرآن، ويعلمه إياها كما يعلمه ا لقرآن يؤكد ما تقدم قوله تعالى: ﴿ ÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅ ÔÓÒÑ ﴾ [ [النساء: ١١٣ . وكذلك قوله تعالى: ﴿ ! " &%$#﴾ [ [النساء: ٨٠ . ﴿ ¬ ¸¶µ ´³²±°¯® À¿¾½¼»º¹﴾ [ [النساء: ٦٥ . ﴿ ´ ÁÀ¿¾½¼»º¹¸¶µ ÊÉÈÇÆÅÄàÍÌË﴾ [ [آل عمران: ١٦٤ . ﴿ ,+ 43210﴾ [الن ﴿ KJIHGFEDCBA@?> L﴾ [ [آل عمران: ٣١ . ﴿ ¹º»ÄÃÂÁÀ¿¾½¼ ÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅ﴾ [ [القصص: ٥٠ . ❁ .  جم: ٣ - [٤ .     ﴿ ! " &%$# ' ,+*)( -/.  9876543210 ﴾ [ [الأحزاب: ٣٦ . وفي إطار القواعد الدولية في ا لسنة في الفقه الإباضي، فقد تعرض لها  فقهاؤها من نواح ٍ عديدة:  فقد ذكر ابن بركة أن من أنواع السنة تلك المستقلة بتشريع جديد؛   من ذلك طهارة ماء البحر وحل  ميتته فقد استقلت به السنة؛ فقد  قال ژ عن البحر: « هو الطهور ماؤه ا لحل ميتته »(١) .  وبالتالي فقد أباحت السنة أكل ميتة البحر سواء كان خاضعا لسيادة ً   الدولة، أو كان خارج سيادة أية دولة (كالبحار العالية High Seas.(  وركز البسيوي على سلوكه ژ في التعامل دوليا؛ إذ يقول:  وقد كان ا لنبي ژ يقاتل من قاتله ويسالم من سالمه، ويكف عمن » « يكف عنه ويعاهد من عاهده(٢) . وهو ما ينال بالاجتهاد والتأمل « الوحي بالباطن » وبالنسبة لما يسمى ُ في حكم النص، من المعلوم أن بعض الفقهاء منعوه، بينما أجازه اتجاه آخر، وجوزه آخرون في الحروب دون أحكام الدين(٣) . وقد أخذ ا لعلامة السالمي بالرأي ا لآتي: (١) ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٥٧ (راجع الحديث أيض ً ا في كتاب الطهارة عند أبي داود). (٢) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٤، ص ١٥٩ ُ (٣) احتج المانعون من وقوعه في الأحكام دون الحروب بأنه لو وقع في » : يقول السالمي شيء من الأحكام، لجازت مراجعته فيه وترجيح غير رأيه كما كان يقع من أصحابه في ُ اجتهاده في الحروب، فإنه يرى الرأي ولا يرونه فيراجعونه، فيرجع؛ كحديث محطته في موضع يوم بدر عن رأيه فروجع فانتقل، وكذلك في صلح يوم الأحزاب حتى هم أن = ُ أقول: والمختار من هذه المذاهب كلها جواز » ُ تعبده ژ بالاجتهاد مطلق ً ا في الأحكام الدينية والآراء السياسية، ولكنه يقع منه ژ في الأحكام الدينية. وإنما وقع منه في الآراء السياسية في حروب الأعداء، بمعنى أنه لم ينقل ُ ُْ « إلينا وقوع ذلك إلا في ا لحروب(١) .  :á«YôØdG hCG á«©ÑàdG hCG á≤à°ûªdG QOÉ°üªdG (Ü وهي المصادر التي تشتق أو تتفرع عن المصدرين السابقين، ويأتي في مقدمتهما الإجماع، يتلوه مصادر متنوعة أخرى نعرض لها كما يلي: ١ ا لإجماع: الإجماع بداهة ً هو اتفاق المجتهدين من المسلمين بعد وفاة ا لنبي ژ في عصر من العصور على أمر من الأمور، أو على واقعة من ا لوقائع. والإجماع من المصادر التي يستند إليها ويعترف بها ا لإباضية(٢) كدليل ّ يمكن أن يطبق على حل أمر أو مشكلة أو واقعة ما(٣) . والإجماع يفترض = يصالحهم على ثلث ثمار المدينة، فروجع في ذلك فرجع، وقد راجعوه في صلح يوم َ ُ الحديبية حتى أخبرهم أنه وحي، ونحو ذلك. َْ ُ وأجيب: بأن اجتهاداته في الأحكام الشرعية تخالف اجتهاداته في الآراء والحروب؛ لأنها تأدية أحكام فلم تج ُ ز ْ مخالفت ُ ه فيها، ولأنه في تأدية الأحكام معصوم عن الخطأ وإلا لم السالمي: كتاب طلعة « نثق بشيء منها بخلاف الآراء والحروب، فليست بهذه المنزلة ْ . الشمس، المرجع السابق، ج ٢، ص ٩(١) . ذات المرجع، ص ١٠(٢) راجع الرد على من أنكر أن ا لإباضية لا يعترفون بالإجماع كدليل من أدلة الأحكام، في: ّ . د. مصطفى باجو: منهج الاجتهاد عند ا لإباضية، مطابع النهضة، مسقط، ١٩٨٨ ، ص ٢٩٧ ّ بدر اليحمدي: الأدلة المرضية في دحض ما نسب إلى الإباضية، مطابع النهضة، مسقط، ّ ١٩٨٨ ، ص ٥٩ -.٦١ (٣) من القواعد الفقهية، في هذا ا لخصوص: =  عدم وجود نص صريح ومباشر، في القرآن أو ا لسنة، يحكم الأمر أو المسألة قيد البحث والنظر؛ لأنه إذا وجد مثل هذا النص فإن مصدر الدليل سيكون ُ النص، لا الإجماع(١) .  ومما يؤيد الإجماع كدليل للأحكام قوله تعالى:   ﴿ JIHGFEDCBA@?> MLK ﴾ ..[ [النساء: ١١٥ والآية ح » : ، يقول أطفيش ُ جة في أن الإجماع = الإجماع أحد وجوه الحق يقطع العذر ويرفع ا لخلاف. إذا أجمع المسلمون على وجه في المسألة فليس لأحد بعدهم أن يجمع على وجه آخر. معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٧٦ -١١١ ،٧٧ -.١١٣ ّ ِ  ويع َ ْرف ُ الفقه ا لإباضي فكرة الإجماع السكوتي، والذي عرفه السالمي كما يلي: يقول بعضهم قولا » ً أو يعمل عملا ً ؛ ويسكت الباقون بعد انتشار ذلك القول أو العمل السالمي: طلعة الشمس، المرجع السابق، ) « فيهم، ومع المقدرة على إنكاره فلا ينكرونه . ج ٢، ص ١١١ وقد ذهب جمهور الإباضية إلى اعتبار الإجماع السكوتي حجة؛ لأن العالم يحرم عليه ّ تضييع الاجتهاد والسكوت بعد ا لتبصرة. ويشترط لقبوله انتشار القول أو الفعل، مع القدرة على الإنكار. أما إن تبين أن سكوت الساكت كان عن عذر، أو حياء، فيعتبر علة مقبولة تمنع من حصول ا لإجماع. ًُ قال القطب: واختلف في الإجماع السكوتي، ففيه خلاف، والصحيح أنه حجة لأن ».« سكوت باقيهم على ما حكم به بعضهم مع قدرتهم كالنطق بتصويبهم « دلالة الإجماع السكوتي دلالة ظنية، فهو مثل خبر الآحاد يوجب العمل دون العلم » و. معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٩٧ ّ (١) اعلم أن محل الإجماع قضية لم يرد فيها نص من كتاب أو سنة، » : لذلك يقول السالمي ُ السالمي: طلعة « ولم يوجد فيها خلاف لبعض من تقدم في شيء من الأزمنة السابقة الشمس، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٢٧ . كذلك قيل: الإجماع الذي نتحدث عنه ونناقشه هو الإجماع الذي يشرح كدليل خاص في أمر من » ٍ الأمور لم يثبت فيه نص، أما عندما يكون على حكم ثبت بالنص فإن الإجماع حينئذ علي يحيى معمر: « لا يكون عرضة لهذا النقاش لأنه اكتسب القطعية من دلالة النص . الإباضية بين الفرق الإسلامية، المرجع السابق، ص ٤٠٧ ّ حجة، روي أنه سئل الشافعي عن آية تدل على أن الإجماع حجة، فقرأ ُ القرآن ثلاثمائة مرة حتى وجد هذه الآية؛ لأن اتباع غير سبيل المؤمنين حرام، فوجب اتباع سبيلهم، والإنسان إما متبع له أو غير متبع، ولا خروج  عن طرفي النقيض، وقيل: ج َ ع َ ل َ يقرأه ثلاثة أيام بلياليهن، وقيل ثلاث مرات، واحتجاجه ،« قرأته ثلاث مرات في كل يوم وليلة حتى وجدت الآية » : وعنه  « بالآية حق صحيح (١) . ومن ا لسنة قوله ژ : « لا تجتمع أمتي على ضلالة »(٢) . وجزم بعضهم  بتواتره. وقوله ژ : « لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين »(٣) . وقوله ژ : من فارق الجماعة قي » ْد َ شبر ٍ فقد خلع رب ِ ْق َة َ الإسلام من   « عنقه(٤) .   وقوله ژ : « من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية »(٥) .  وقد استند الفقه الإباضي إلى الإجماع بخصوص المسائل ا لدولية: (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٣٤٥ -.٣٤٦ (٢) أخرجه الترمذي ( ٢١٦٧ ) من حديث ابن عمر، وفي إسناده سليمان بن سفيان المدني ٢٥٦٣ ) لابن حجر ولكنه يتقوى بما أخرجه الربيع في ) « التقريب » ضعيف، كما في ٣٩ ) من حديث جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي ژ قال: ) « المسند » ما كان الله » « ليجمع أمتي على ضلال . (٣) أخرجه البخاري ( ٧٣١١ )، ومسلم ( ١٩٢٠ ) من حديث ا لمغيرة بن شعبة. (٤) « المعجم الكبير » هو جزء من حديث طويل أخرجه الترمذي ( ٢٨٦٣ ) والطبراني في ٣٤٢٧ )، وصححه ابن خزيمة ( ١٨٩٥ )، وابن حبان ( ٦٢٣٣ ) من حديث الحارث )الأشعري. (٥) ١١٧ ) من حديث / ١٢٣ )، والحاكم في المستدرك ( ١ / أخرجه مسلم ( ١٨٤٨ )، والنسائي ( ٧ أبي هريرة. فقد جاء في ا لمصنف: والإجماع: أن المشركين إذا تابوا بعد القدرة عليهم، وحصل منهم »  « الأمان، أن دماءهم محرمة(١) . وأكد ابن بركة سقوط فرض الجهاد عن النساء والعبيد والزمن َ ى قال 5 : ْ أجمع الناس جميعا أن النساء والصبيان والعبيد والأصاغر والأكابر من » ً الزمن َ ى خارجون من فرض الجهاد وأنهم لم يخاطبوا بآية الجهاد ومن لم ْ « يأذن له أبواه أو أحدهما لم يلزمه الخروج مع ا لمجاهدين(٢) . كذلك في المذاهب الإسلامية الأخرى يؤخذ بالإجماع كمصدر في الأمور الخاصة بالعلاقات الدولية. فقد جاء في المجموع شرح ا لمهذب: جرت ا لسنة ألا ت ُ « وهو إجماع لا شك » قتل الرسل(٣) .   ٢ ا لقياس: القياس هو:  « حمل مجهول الحكم على معلوم الحكم بجامع بينهما »(٤) . (١) ١٤٠٤ ه ، النزوي: المصنف، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ١١ ١٩٨٤ م، ُ . ص ٢٧٨(٢) . ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٨٣(٣) ، المجموع شرح المهذب للنووي، تحقيق محمد حسين العقبي، مطبعة الإمام، ج ١٨ .٨٤ ، ص ٧٨(٤) السالمي: طلعة الشمس، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٤٠ ، كذلك قيل: الأصل في القياس ما عرف حكمه بنفسه، أو ما عرف به حكم غيره. ذهب الإباضية إلى » ّ أن الأصل في القياس يقصد به الصورة التي نزل فيها حكم الأصل، أي محل الحكم، خلاف ً ا لجمهور المتكلمين الذين يرون بأنه الدليل على الحكم ولبعض من قال بأنه . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٢ « الحكم نفسه ّ   يقول ابن بركة:   القياس لا يجوز إلا على علة، ولا يجوز أن يقاس إلا على معلول وهو » أن يرد حكم المسكوت عنه إلى حكم المنطوق به بعلة تجمع بينهما،  ولا يجب تسليم العلة لكل من ادعاها. ولا تسلم  إلا بدليل، ولو جاز  تسليمها بغير دليل لجاز لكل أحد أن يدعي ما يشاء ويعتل ّ « به(١) . والقياس دليل للأحكام في الفقه الإباضي. لذلك بخصوص قوله تعالى:   ﴿ UTSRQPONMLK ﴾ [ [المائدة: ٣ ، فالدين في نفسه كامل بنصوصه وما يستنبط منه بالاجتهاد » : يقول أطفيش  « والقياس فالآية دليل للاجتهاد والقياس لا إبطال لهما كما زعم من زعم(٢) . ٣ المصالح ا لمرسلة: وهي تلك المسائل التي لم يرد دليل من الشرع على اعتبارها ولا على عدم اعتبارها، فهي إذن مرسلة، أي لا يوجد دليل خاص يحكمها وإن كان يمكن حكمها بدليل عام تندرج تحته، كقوله تعالى: ﴿ onml ﴾ [ [الحج: ٧٧ ، وقوله تعالى: ﴿ LK VUTSRQPONM [ZYXW ﴾ [ [النحل: ٩٠ . (١) . ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ١، ص ١٤٠ (٢) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٤٦١ . كذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ ÕÔÓÒ ÙØ×Ö ﴾ [ [النساء: ٥٩ ، يقول: ومن الرد إلى كتاب الله وسنة رسول الله ژ القياس، فالآية مثبتة » ٌ للقياس لمن تأهل له، ُ لا نافية له كما زعم من قال: إنه يجب الوقوف على النصوص فيه وفي السنة، ويرده أيض ً ا ذات المرجع، ) « أنه لا توجد الأحكام كلها فيهما، فالأحكام من الكتاب والسنة والقياس .( ص ٢٥٢ المدرسة الإباضية تعتد بالمصلحة المرسلة متى » ومن المعروف أن ّ « كانت ملائمة لقصد الشارع شأنها شأن المدارس الفقهية ا لأخرى(١) . وإيجاد حكم للمصلحة المرسلة أمر مهم لمواجهة تجدد الوقائع والأحداث، ولكي تحكم قواعد الشريعة البيئة المحيطة بها. ومن أمثلة المصالح المرسلة الدولية في الفقه الإباضي، ما قرره ابن بركة من جواز بذل المال للعدو إذا كان بالمسلمين ضعف عن مقاومته، وكان في بذله مصلحة درئه؛ لأنه في هذه الحالة يختار أهون ا لشرين(٢) . ٤ ش َرع ُ م َن ْ ق َبل َن َ ا: ْْ ش َ رع ُ من ْ ق َبل َ نا من المصادر التي بنى عليها الفقه الإباضي أحكامه، َْ ْ ويقصد به ما ن ُ قل إلينا من الشرائع السابقة علينا، ولم يرد في شرعنا نسخ لها، أو لم تكن متعارضة مع أحكام شريعة ا لإسلام.  يقول ا لبطاشي: قال الله تعالى: » ﴿ |{ ﴾ [ [البقرة: ٢٧٣ ، فدل ّ على أن السيما حال تظهر على الشخص، وقال تعالى: ﴿ QPONM ﴾ [ [يوسف: ١٨ ، ولما أتو َ ا بقميصه إلى يعقوب ولم ير فيه أثر ناب ٍ ولا خرق ٍ َْ استدل بذلك على كذبهم وقال: متى كان الذيب حليما يأكل يوسف ً ولا يخرق قميصه؟! أرادوا أن يجعلوا الدم علامة فقرن الله هذه العلامة بعلامة تكذيبها وهي سلامة القميص من التمزيق. قال ا لقطب 5 : فإن ْ قيل: (١) د. مسعود مزهودي: المصلحة والتوقع بين المالكية والإباضية وفقه التوقع، ندوة تطور ّ وزارة الأوقاف ،« الأصول المقاصدية وفقه التوقع » العلوم الفقهية في سلطنة عمان ُ والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣١ ه . ٢٠١٠ م، ص ٢٣٤ ُ (٢) . ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٨٨ إن تلك الشريعة لا تلزمنا مع أنه أيض ً ا كلام غير الله حكاه الله، قلت ُ : إن كل ما أنزل الله علينا إنما ينزله لفائدة فيه ومنفعة لنا، والأصل الاقتداء به حتى « يصرفه دليل(١) . ومن أمثلة شرع من قبلنا الذي يصلح لنا: ما جاء في شرع يوسف 0 ، في قوله تعالى: ﴿ <; => BA@? ﴾ [ [يوسف: ٧٢ ، فهو دليل على صحة الضمان (الكفالة) دوليا (بمعنى أن دولة يمكن أن تضمن دولة أخرى في الوفاء بديونها مثلا ً .( ما جاء في شريعة صالح 0 في قوله تعالى: ﴿ !" $#  % ﴾ [ [القمر: ٢٨ ، فهو دليل على قسمة الماء بين الدول بخصوص الأنهار الدولية التي يقع على مجراها أكثر من دولة. وفي الفقه الإباضي، القاعدة هي أن: « الأصل في الشرائع مخالفة أهل ا لكتاب »(٢) . (١) الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه . ١٩٨٧ م، ج ٩، ص ٩١ ُ راجع أيض ً ، ا بخصوص شرع من قبلنا، معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ١ ّ ص ٥٣٨ . ويقول أطفيش: والمذهب أن شرع من قبلنا ليس شرع » ً ا لنا، والذي عندي أنه شرع لنا وأنه يقدم على الاجتهاد ما لم ينافه القرآن أو الحديث أو الإجماع بدليل راجح، ولا خلاف في أنه ليس شرع ً ا لنا إذا شرع في ذلك بخلاف، ولا يصح أن شيئ ً ا شرع لمن قبلنا إلا إن ذكر عنهم في أطفيش: تيسير .« القرآن أو الحديث أو الإجماع أو رواه ثقة أسلم منهم، كعبد الله بن سلام التفسير، ج ٢، ص ٢٧ (قاله في معرض تفسيره للآيات ٢١٦ - ٢١٨ من سورة ا لبقرة). (٢) ، راجع هذه القاعدة في معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١ ّ ص ٢٥٢ -.٢٥٥ وهذه القاعدة تتعلق بمسألة شرع من قبلنا: هل هو شرع لنا أم لا؟(١) .   ٥ ا لعرف: العرف من الأصول التي اعتمد عليها ا لإباضية في بيان فقههم(٢) . ويتمثل ّ (١) كما هو معلوم اختلف الأصوليون حول هذه المسألة إلى مذاهب ثلاثة، هي: المذهب الأول: شرع من قبلنا لا يكون شرع ً ا لنا مطلق ً ا. المذهب الثاني: يكون شرع ً ا لنا مطلق ً ا لأنه إذا لم ينسخ علمنا بقاءه. المذهب الثالث: أنه شرع لنا ما لم ينسخ بشرطين: الأول: أن يقصه الله علينا أو رسوله من غير إنكار. والثاني: أن يكون ذلك على جهة التشريع لنا كما في قوله: ﴿ 543 <;:9876 = @?> ﴾ [ [البقرة: ١٨٣ . وكقوله تعالى:  ﴿ ~ ﮯ ¦¥¤£¢¡ ﴾ [ [المائدة: ٤٥ . وكقوله تعالى: ﴿ W  ^ ` edcba ﴾ _ ]\[ZYX [ [هود: ٨٥ . فمثل هذه الآيات التي قصها الله تعالى علينا على جهة التشريع لنا فكان شرع ً ا لنا. . انظر السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، المرجع السابق، ص ٩٦ ومن القواعد التي يمكن أخذها من الآيات السابقة، والصالحة للتطبيق دوليا: قاعدة المعاملة بالمثل أو ا لقصاص. قاعدة استيفاء المكيال والميزان بالعدل (في ا لتجارة). قاعدة عدم بخس الناس أشياءهم (عدم هضم الحقوق المالية أو الاقتصادية لدولة أخرى). قاعدة عدم الفساد في الأرض (مثل منع التلوث، وعدم إثارة الشر ضد المسلمين وغير المسلمين). (٢) بل توجد عندهم العديد من القواعد الفقهية، ومنها: الإذن العرفي كالإذن ا للفظي. الثابت عادة كالثابت نصا. العادة تعتبر إذا ا طردت. العادة محكمة.  َُ العبرة للغالب (فالعرف النادر لا عبرة له). ما ليس له ضابط في الشرع ولا في اللغة فمرده إلى ا لعرف. المعروف عرف ً ا كالمشروط شرط ً ا. =   العرف في اطراد سلوك الناس أو الدول على نهج معين مع شعورهم  بإلزاميته. وحجية العرف في الفقه الإباضي أنه: دليل للإستئناس عند عدم ورود النص ضمن المصادر التبعية »  « الأخرى(١) . وقد ورد النص على العرف، كدليل للأحكام، في القرآن والسنة:  ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ §¨«ª© ¬﴾ [ [البقرة: ٢٣٣ ، وقوله: ﴿ lkjih ﴾ [ [البقرة: ٢٢٨ ، وقوله: ﴿ ³´ ﴾ [ [النساء: ١٩ ، وقوله: ﴿ ° ³²± ´ ¶µ ¸¹ ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، ومن ا لسنة قوله ژ لهند: خذي » « ما يكفيك وولدك بالمعروف(٢) ، وكذلك قوله ژ : ما رآه المسلمون » حسن ً « ا فهو عند الله حسن . يقرر رأي: وللإباضية إسهامهم في الاعتماد على العرف في كثير من فتاويهم، وإن » لم يتطرقوا إلى تقاسيم العرف وأنواعه؛ من عرف قولي وعرف فعلي، « وخاص وعام، وصحيح وفاسد(٣) . = ،٧٠٣ ،٤٠٧ ، انظر: معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٠٤ ّ ١٣٦٨ . وانظر بخصوص قاعدة العادة محكمة د. هلال ، ٧٣٢ ؛ ج ٢، ص ١٢٧٧ ،٧٠٤الراشدي: القواعد الفقهية عند ا لإباضية تنظيرا وتطبيق ً ، ا، مركز الغندور، القاهرة، ٢٠٠٩ ًّ ص ٢٣٥ - ٢٣٩ ؛ د. مصطفى باجو: القواعد الفقهية عند الإمام الكدمي، ندوة القواعد ، الفقهية بين التأصيل والتنظير، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ٢٠٠٥ ُ ص ٣٠٦ - ٣١٠ ؛ خلفان الحارثي: القواعد الفقهية عند الإمام ابن بركة، ذات المرجع، ص ٢٣٩ -.٢٤٣ (١) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٨٥ ّ (٢) .٢٠٥٢/٥ ، صحيح البخاري، كتاب الأحكام، رقم الحديث ٥٠٤٩(٣) . د. مصطفى باجو: منهج الاجتهاد عند ا لإباضية، المرجع السابق، ص ٧٤٧ ّ  ونضيف إلى ما تقدم أنهم لم يتطرقوا إلى تقسيمه إلى عرف محلي وعرف دولي، وإن كان الغالب عليهم العناية بالعرف المحلي (غير ا لدولي)(١) . ولا شك أن خير من وضع تعريف ً ا للعرف يشمل ركنيه المادي (إطراد السلوك على منهج معين)، والمعنوي (الشعور بإلزامية هذا السلوك)، وهما  الركنان المعروفان في فقه القانون الدولي المعاصر، هو الجرجاني. إذ يقول إن العرف هو: ما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول، وتلقته الطبائع بالقبول، وهو » حجة أيضا لكنه أسرع إلى الفهم؛ وكذا العادة وهي ما استمر الناس على ً .« حكم العقول وعادوا إليه مرة بعد أخرى ويتفق الاتجاه الغالب في الفقه الإسلامي على اعتبار العرف بصفة عامة دليلا ً يتم الرجوع إليه، إذا أعوزهم النص الشرعي من الكتاب أو السنة . العادة م » ،« الثابت بالعرف كالثابت بالنص » : لذلك قالوا ُح َ ،« كمة « ا(٢) المعروف عرف » ً ا كالمشروط شرط ً . ُ ْ  (١) من ذلك ما جاء في كتاب ا لتعارف: وسألته عن الزوال التي في القرى، هل يجوز أن يؤكل من ثمره بغير رأي أهله؟ »قال: يرجع في ذلك إلى تعارف أهل البلدان كانوا يعرفون بالمنع عنه فلا يجوز أكله، وإن كانوا يتعارفون بينهم إجازته فجائز أكله للناس على تعارفهم، وجائز ما يبيحونه بينهم .« وتسمح نفوسهم كذلك قيل: إن للعرف قسمان: فهو باعتبار متعلقه ينقسم إلى العرف القولي، والعرف العملي؛ وهو من حيث المنشأ ينقسم إلى قسمين: عام، وخاص، راجع د. محمود هرموش: العرف، بحث مقدم إلى ندوة تطور العلوم الفقهية: النظرية الفقهية النظام الفقهي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، أبريل ٢٠١٢ ، ص ٥ -.٦ ُ والواقع أن للعرف قسم ثالث، خاص بمجال تطبيقه، وهو قسمان: عرف دولي (يطبق في العلاقات بين أشخاص القانون الدولي كالدول والمنظمات الدولية)، وعرف وطني أو محلي أو داخلي (يطبق في العلاقات بين الأفراد العاديين داخل ذات ا لدولة). (٢) العرف يجري مجرى » وأن ،« الشرط العرفي كالشرط اللفظي » يقرر ابن قيم الجوزية أن = وقال ا لفقهاء: كل ما ورد به الشرع مطلق » ً « ا، ولا ضابط له في اللغة، يرجع فيه إلى العرف(١) . كل ذلك يدل دلالة قاطعة على أن العرف يعتبر من الأدلة المشتقة للأحكام الشرعية في الشريعة الإسلامية، ويسري ذلك حتى في إطار العلاقات الدولية. لذلك، مثلا ً جاء في المبسوط للإمام ا لسرخسي: الرسل لم تزل آمنة في الجاهلية والإسلام وهذا لأن أمر القتال والصلح »  « لا يتم إلا بالرسل فلا بد من أمان الرسول ليتوصل إلى ما هو ا لمقصود(٢) . ومعنى ما جاء في صدر العبارة السابقة أن السفراء يتمتعون في الإسلام بالأمان كما كان الحال في الجاهلية، لوجود عرف ثابت في هذا ا لخصوص. يؤيد ذلك ما قرره الإمام ا لشوكاني: والحاصل أنه لو قال قائل إن تأمين الرسل قد اتفقت عليه الشرائع لم » يكن ذلك بعيد ً ا، وقد كان أيضا معلوما ذلك عند المشركين أهل الجاهلية ًً عبدة الأوثان، ولهذا فإن ا لنبي ژ يقول: لولا أن الرسل لا تقتل » ُ لضربت َ « أعناقكما قاله لرسول مسيلمة... فقوله: « لولا أن الرسل لا تقتل » ُ فيه التصريح « بأن شأن الرسل أنهم لا يقتلون في الإسلام وقبله(٣) . وإذا كان العرف مصدرا للأحكام الدولية في الإسلام، فهو في رأينا ً مصدر مشتق(٤) ، لأن الشريعة تقضي بتحكيم ما يجري به وفق مبادئها. فإذا = في أكثر من مائة موضع، راجع ابن قيم الجوزية: إعلام الموقعين عن رب « النطق العالمين، ج ٢، ص ٣٩٣ -٣٩٤ ؛ ج ٣، ص ٣ -.٥ (١) الإمام السيوطي: الأشباه والنظائر، ط البابي الحلبي، القاهرة، ١٩٦٧ ، ص ٨٩ -.١٠١ (٢) السرخسي: المبسوط، دار المعرفة، بيروت، ج ١٠ ، ص ٩٢ -.٩٣ (٣) الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ج ٤، ص ٥٦٠ -.٥٦١ (٤) العرف جاز أن يكون » علة ذلك ترجع إلى أن ،« النص أقوى من العرف » لذلك قيل إن = ٤٥ كان العرف لا يناقض الشريعة، فإنه يمكن تطبيقه؛ إذ ليس من غرض الإسلام أن يقطع أية صلة بالماضي وإنما يبقي منه ما يتفق مع قواعده ومبادئه. يقول تعالى: ﴿ ¶¸ÂÁÀ¿¾½¼»º¹ ÅÄÃ﴾ [ [النساء: ٢٦ . ويقول أيض ً ا: ﴿ !"&%$#',+*)(-.﴾ [ [طه: ٩٩ . والقاعدة في الفقه الإسلامي أن اللجوء إلى العرف كدليل ليس أمرا ً جامد ً ا، وإنما يجب مراعاة البيئة المحيطة والوسط السائد فيه(١) . تلكم أهم مصادر أدلة الأحكام في الفقه ا لإباضي(٢) . = والنص بعد ثبوته لا يحتمل أن يكون على باطل؛ ولأن حجية العرف على ...« على باطل الذين تعارفوه والتزموه فقط والنص حجة على الكل، فهو أقوى ولأن العرف إنما صار حجة بالنص وهو قوله ژ : ما رآه المسلمون حسن » ً « ا فهو عند الله حسن ابن عابدين: حاشية رد المحتار، مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٦ ه . ١٩٦٦ م، ج ٥، ص ١٧٦ (١) فالظاهر اعتبار العرف في الموضع أو الزمان الذي ا شت » : يقول ابن عابدين ُ هر فيه دون وفي « كل إقليم » ابن عابدين: حاشية الدر المحتار ج ٤، ص ٣٦٤ . كما أنه يتبع في « غيره .( عرف أهله (نفس المرجع، ج ٥، ص ١٨٨ « كل عصر »راجع الإمام ابن خطيب الدهشة: ،« اعتبار العادة والرجوع إليها » ومن مهمات القواعد مختصر من قواعد العلائي وكلام الإسنوي، تحقيق د. مصطفى البنجويني، رسالة دكتوراه، . كلية الشريعة والقانون، القاهرة، ١٩٧٨ ، مطبعة الجمهور، الموصل ١٩٨٤ ، ج ١، ص ٢٥٢ (٢) هناك مصادر أخرى مثل الاستصحاب، الاستحسان، وقول الصحابي، راجعها في: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١، ص ٦٢ -٦٣ ، ص ٨٥١ - ٨٥٣ ؛ معجم مصطلحات ّ . الإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٥٨٨ ّ انظر أيض ً ا حول الإرادة المنفردة كمصدر للالتزامات الدولية في الفقه الإسلامي، د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة الإسلام، المرجع السابق، ج ١، ص ٨١ -.٨٨ :ó`«¡ªJ من بين مصادر القانون الدولي المعاصر، تحتل المعاهدات الدولية مكان ً ا هاما قد لا ينازعها فيه في الوقت الراهن أي من المصادر الأخرى، سواء العرف أو المبادئ العامة للقانون أو الفقه والقضاء أو غيرها. تعليل ذلك جد بسيط: ذلك أنها باعتبارها رضائية من حيث أطرافها ومضمونها وآثارها ومدة سريانها، تمثل المعاهدة الدولية أفضل أداة لإقامة علاقات بين  أشخاص القانون ا لدولي. وقد ع ُ ني فقهاء المسلمين، ومن بينهم فقهاء الفقه ا لإباضي(١) ، بالاتفاقات التي تبرم كوسيلة للعلاقات السلمية بين المسلمين وغير المسلمين. وهذه الاتفاقات على نوعين: الأول : الاتفاقات التي تبرم بين الأفراد ا لعاديين(٢) . (١) الفقه » راجع د. أحمد أبو الوفا: المعاهدات الدولية من خلال كتب الفقه الإباضي، ندوة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ،« الإسلامي في عالم متغير ُ ١٤٣٢ ه ٢٠١١ م، ص ٨٤٩ -.٨٦٨ (٢)المبرمة بين الأفراد العاديين (كعقود البيع والشراء)، « بالعقود » عني فقهاء الفقه الإباضي ُ راجع مثلا ً خميس بن سعيد الشقصي الرستاقي: « في مبايعة أهل الذمة والشراء منهم » ، منهج الطالبين وبلاغ الراغبين، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ج ١٤ = ُ والثاني : الاتفاقات (المعاهدات) الدولية التي تبرم بين الدولة الإسلامية والدول غير ا لإسلامية. ويجب ألا يغيب عن البال أن قانون المعاهدات الدولية، كغيره من فروع القانون الدولي، تأثر بمختلف التغيرات التي حدثت وتحدث في المجتمع الدولي، سواء كانت هذه التغيرات أفقية أو رأسية. ويرجع ذلك إلى قدم هذا الفرع ورسوخ جذوره منذ غابر الأزمان، إذ التعاهد يعد من المسائل التي تدخل في أخص اختصاصات أي شخص قانوني دولي، باعتبار أن ذلك هو أمر تحتمه طبيعة ا لأشياء.  ويحكم المعاهدات الدولية أساسا اتفاقية ڤيينا لعام ١٩٦٩ (المعروفة ً باتفاقية ڤيينا لقانون المعاهدات، أو اتفاقية الاتفاقيات) وذلك بالنسبة للمعاهدات المبرمة بين الدول. أما بالنسبة للمعاهدات التي تبرمها المنظمات الدولية، فتحكمها اتفاقية ڤيينا لعام ١٩٨٦ الخاصة بالمعاهدات المبرمة بين الدول والمنظمات الدولية أو بين المنظمات الدولية وبعضها ا لبعض. وتثير المعاهدات الدولية مسائل عديدة في العلاقات الدولية بين الدول، ومن أهمها: مفهوم المعاهدة ا لدولية. إبرام المعاهدات ا لدولية. تفسير المعاهدات ا لدولية. آثار المعاهدات ا لدولية. انقضاء المعاهدات ا لدولية. وندرس هذه الأمور، ك ُ لا في مبحث مستقل، كما يلي.  ١٤١٣ ه ٢٣٨ . انظر أيض ١٩٩٢ م، ص ٢٣٧ ً « مسائل ما بيننا وبين المشركين » ا باب -= العلامة أبو يعقوب الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، ج ٣، ص ٩٨ -.١٠١ :∫hC’G åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a É¡YGƒfCGh á«dhódG IógÉ©ªdG Ωƒ¡Øe :á«dhódG äGógÉ©ªdG Ωƒ¡Øe (CG  نشير أولا ً إلى تعريف المعاهدات الدولية، ثم نعرج إلى التمييز بينها وبين ما قد يختلط بها. ١ تعريف المعاهدة ا لدولية: يبرم بين دولتين أو أكثر تحكمه قواعد « اتفاق » لا جرم أن المعاهدة هي ََ القانون الدولي(١) ١ من اتفاقية ڤيينا لعام ١٩٦٩ الخاصة / (المادة ٢ بالمعاهدات ا لدولية). هذا تعريف لا ينازع فيه أحد، لذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ Z ^]\[ ﴾ [ [المائدة: ١ والعقد: العهد الموثق، » : ، يقول الكندي  ش ُ به َ بعقد الحبل ونحوه، وهي عقود الله التي عقدها على عباده، وألزمها (١) من حيث القانون واجب التطبيق، يجب أن يحكم الاتفاق القانون الدولي العام. والغرض من ذلك هو تمييز المعاهدة الدولية عن غيرها من الاتفاقات التي، وإن كانت مبرمة بين أشخاص القانون الدولي، إلا أنها تخضع لقواعد قانونية أخرى أو لنصوص القانون الداخلي لدولة أو أكثر حسبما يقرر أطراف الاتفاق. لذلك يمكننا أن نقرر أن تحديد القانون واجب التطبيق على اتفاق معين تحكمه قاعدتان: فمن ناحية، يكون لأطراف الاتفاق تحديد هذا القانون بالتطبيق لمبدأ سلطان ا لإرادة؛ ومن ناحية أخرى، في حالة عدم وجود اتفاق صريح حول تحديد القانون واجب التطبيق، وما لم يوجد اتفاق ضمني مخالف، تحكم قواعد القانون الدولي الاتفاق بطريقة تلقائية. راجع: د. أحمد أبو الوفا: الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة، . ٢٠١٠ ، ص ٧٦ إياهم، من مواجب التكليف، والعقود التي تتعاقدها الناس من المبايعة « والمناكحة وغيرها(١) . ٢ التمييز بين المعاهدة الدولية وما قد يختلط بها: تطرق فقهاء الفقه الإباضي إلى بيان الفروق بين الاتفاق وما قد يشبهه، خصوصا أمور أربعة: ً أولا ً :« العهد والوعد » الفارق بين يقول ا لنزوي: قيل في العهد والوعد إن بينهما فرق » ً ا، فالعهد فيما تعبد الله به من أمور الدين أو أخذه عليه إمام عهد، لعله عدل، أو ما يكون بين العباد مما يكون بخلفه إتلاف مال أو نفس أو إدخال ضرر كثير، وأما الوعد ففيما لا يتعلق ذلك به حق لمخلوق، وكان في خلفه كالساهي، أو ما لا يؤدي ذلك إلى كثير ضرر، فمن نقض عهده فذلك من كبائر الذنوب ويبلغ به الهلاك، ومن « أخلف وعده كان آثما ولا يبلغ فاعلوه إلى الكفر والهلاك، والله أعلم(٢) . ً ويفرق رأي آخر بينهما، كما يلي: قال أبو مالك » 3 ، بين العهد والوعد فرق مختلف حكمهما، فنقض (١) الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، الطبعة الأولى، ١٤١٨ ه . ١٩٩٨ م، ج ١، ص ٢٩٥ (٢) أبو بكر أحمد بن عبد الله بن موسى الكندي السمدي النزوي: المصنف، سلطنة عمان، ُ . وزارة التراث القومي والثقافة، ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ج ٢، ص ٢٠٠ ٍ إن العهد على معان، فمنه عهد عقد وبيعة في الدين، فذلك واجب » : ويقول البسيوي الوفاء به ومنه عهد ميثاق وهو عهد الله وميثاقه الذي واثقكم به في أمر الدين، ومنه عهد رواية كما يقول القائل: عهدت ُ فلان ً ا في موضع كذا وكذا، أي رأيته، ومنه عهد الكتب التي .« تكتب في العهود، ومنه عهد يقول عهدي به قريب ، البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٤ ُ ص ١٦٦ -.١٦٧ العهد من كبائر الذنوب، ومن أخلف وعده ونقضه بعد أن أعطاه من نفسه كان آثما، وصفة العهد أن ينقض عهد الله، ونهى الله تعالى فيما تعبد من أمر الدين، ً أو ينقض عهد ً ا أخذه عليه إمام عدل، وما يكون بينه وبين أحد من الناس فيما لا يكون في خ ُل ْف ِه ِ إتلاف ُ مال ٍ أو نف ْس ٍ أو إدخال ضرر كثير، فهذه صفة ا لعهد. وصفة الوعد؛ هو من (و َ ع َد َ وع ْ د ً ا) لا يتعلق عليه به حق المخلوق أو كان في خ ُ ل ْ فه كالساهي وما يؤدي إلى كثير ضرر على الإنسان، فهذا ونحوه مما يأثم الناس فيما بينهم ولا يبلغ فاعلوه إلى الكفر والهلاك، قال أبو محمد 3 ، من وعد رجلا ً وعد ً ا ثم أخلفه فإن أتلف بخلفه مالا ً أو « نفسا فهو ضامن(١) . ً بينما في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ ^] _`a ﴾ ...[ [النحل: ٩١ ، يقرر رأي: « العهد: كل ما يلتزم به الإنسان باختياره، ويدخل فيه الوعد »(٢) . معنى ذلك أن هذا الرأي يسوي بين العهد والوعد. « ولكن الوفاء من خصال المؤمن إن وعد وفى » : يقول الإمام السالمي(٣) . (١) الشيخ سالم النزوي: الأخبار والآثار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ج ١، ص ٧٨ . راجع أيض ً ا: سلمة العوتبي: الضياء، وزارة التراث .٤٦٠ ، القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤١١ ه ١٩٩١ م، ج ٤، ص ٤٥٧ ُ (٢) . الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٧، ص ٤٢٦ ٰ (٣) جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ٣٧٢ - فالعهد في أمر الدين » : ٣٧٣ . يقول البيسوي لا يجوز نقضه، ولا وفاء لعهد في معصية الله، كما أنه لا يجوز نذر في معصية الله، فأما ما ٌ كان من العهد في شيء من طاعة الله أو ما يدخل على أحد من المسلمين فيه ضرر في ِ دينه إن لم يف فيه من عاهده فذلك لا يجوز نقضه، وأما من وعد أحد ً ا وعد ً ا لا يدخل ٍ عليه في نقضه كبير ضرر فذلك أرجو في خ ُ لفه أن يأثم، ولا نقول: إنه يكفر بذلك، والله َُ البيسوي: جامع أبي الحسن البيسوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٦٩ « أعلم -.١٧٠ في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، منها: قوله « وعد » وقد وردت كلمة تعالى: ﴿ ÎÍÌ ﴾ [ [طه: ٨٧ ، وكذلك قوله تعالى: ﴿ Ç È ﴾ [ [طه: ٨٦ ، وقوله 8 : ﴿ |{zyx ﴾ [ [الذاريات: ٢٢ ، وقوله تعالى: ﴿ <;:987654321 ﴾ [ [مريم: ٥٤ ، وقوله تعالى: ﴿ &% ﴾ [ [البروج: ٢ . :« العهد والميثاق » ثانيا الفارق بين ً قد يبدو أنه ليس هناك ثمة فارق بين اللفظين، إلا أن فقهاء الفقه الإباضي فرقوا تفريق ً ا دقيق ً :« العهود والمواثيق » ا بين وبالمواثيق « مجرد الدخول في الصلح وعقده » فالمقصود بالعهود  « التأكيد فيه »(١) . لذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ YXWVUTS [Z ﴾ [ [يوسف: ٦٦ وإنما جعل الحلف بالله موثق » : ، يقول الكندي ً ا منه؛ « لأن الحلف به مما تؤكد به ا لعهود(٢) ، كما أن قوله تعالى: ﴿ cb fed ﴾ [ [النحل: ٩١ ، أي بعد توثيقها باسم ا لله(٣) . ثالث ً :« العقد والعهد » ا الفارق بين في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ ]\[Z ^ ﴾ [ [المائدة: ١ ، يقول ا لعلامة أطفيش: (١) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، مكتبة الإرشاد، جدة، الطبعة الثالثة، . ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ج ١٤ ، ص ٧١١(٢) ، الشيخ سعيد بن أحمد الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، المرجع السابق، ج ٢ . ص ١٠٢(٣) . ذات المرجع، ص ١٩٢ وأصل العقد الجمع بين منفصلين عسر الانفصال أم لم يعسر، » وقيل: أصله الربط ثم استعمل مجاز ً ا في العهد الموثق، وقيل: العقد فيه معنى الاستيثاق والشد ولا يكون إلا بين اثنين، والعهد قد ينفرد به واحد، ويرده قوله تعالى: ﴿ ¬® ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، فإن الحلف « لا يلزم أن يكون بين ا ثنين (١) . تصرف قانوني يصدر عن » وبعبارة أخرى، يمكن القول إن العقد هو تصرف قانوني قد يصدر عن جانب واحد: » أما العهد فهو ،« جانبين أو أكثر فالعقد من الأعمال القانونية الاتفاقية، أما العهد فهو، في بعض صوره، من  .« الأعمال القانونية ا لانفرادية وفي تفسير ذات الآية، قيل: والعقد: العهد الموثق شبه بعقد الحبل ونحوه، وهي عقود الله التي » عقدها على عباده، وألزمها إياهم، من مواجب التكليف والعقود، التي  « تتعاقدها الناس من المبايعة والمناكحة وغيرها(٢) . كذلك قيل بخصوص ذات الآية إنها تعني: « أوفوا بالعهود التي بينكم وبين ا لناس »(٣) . (١)العلامة أطفيش: تيسير التفسير للقرآن الكريم، ج ٣، ص ٤٤٣ -.٤٤٤ (٢) . الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، ج ١، ص ٢٩٥(٣) أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، . ١٤١١ ه ١٩٩١ م، ج ٢، ص ٣٧ المراد بالعقود في الآية التكاليف الواجبة على الإنسان سواء كانت فعلية » : كذلك قيل إن أو ت َ ركية من حقوق الله أو حقوق عباده وجاء التعبير بها في القرآن هنا بلفظ العقود كما سالم بن خلفان: المرجان في أحكام القرآن، « جاء في بعض الآيات بلفظ العهد . ١٤٣١ ه ٢٠١٠ م، ج ٣، ص ٤ وقال أيضا: ً والعقد: عقد اليمين، وهو أن يحلف يمين » ً ا لا لغو فيه ولا استثناء فيجب َ عليه الوفاء بها والكفارة، ومنه قوله تعالى: ﴿ ^] ﴾ [ [المائدة: ١ ، أي: « بالعهود(١) . رابع ً الإل » ا الفارق بين ّ :« والذمة وفي تفسيره لقوله .« العهد » يمكن أن تعني « الذمة » من المعلوم أن كلمة تعالى: ﴿ ^]\ _` fedcba ﴾ [ [التوبة: ١٠ ، يقول ابن سلام: واختلف المفسرون في قوله: » ﴿ ` ﴾ واتفقوا على تفسير ﴿ b ﴾ ؛ الإل ّ : الجوار والذمة العهد، وقال بعضهم: الإل ّ الحلف فوصفهم بنكث العهد، وقال بعضهم: ا لإل ّ « القرابة، والذمة ا لعهد(٢) . :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«dhódG äGógÉ©ªdG ´GƒfCG (Ü    تتعلق هذه المسألة بأمور شكلية أو زمنية خاصة بالمعاهدات ا لدولية. (١) سلمة العوتبي الصحاري: كتاب الإبانة في اللغة العربية، وزارة التراث القومي والثقافة، . سلطنة عمان، ج ٣، ص ٥٥٠ ُ يقال: عاقدته، وعاهدته، وتعاقدنا وتعاهدنا، وعهد » : ويضيف صاحب المنار قوله ُ الله: كل ما عهد إلى عباده حفظه والقيام به أو ا لتلبس به من اعتقاد وأمر ونهي، وما تعاقد الناس .« عليه من العهود هو أوثقها وآكدها، فالعقد أخص من ا لعهد محمد رشيد رضا: تفسير المنار، ج ٦، ص ١٢١ ؛ وذكره أيض ً ا الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٣، ص ٤٢١ -.٤٢٢ ٰ (٢) ابن سلام الإباضي: كتاب بدء الإسلام وشرائع الدين، دار النشر فرانز شتاينر بفيسبادن، . ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ص ٦٤ وبخصوص قوله تعالى: ﴿ ^]\ _` ba ﴾ [ [التوبة: ١٠ وفسر » : ، يقول أطفيش . راجع أطفيش: تيسير التفسير، ج ٤، ص ٤٤٥ « الإل بالميثاق   وقد عرف الفقه الإباضي الأنواع الآتية من المعاهدات ا لدولية:   ١ المعاهدات المكتوبة (إحالة): تعتبر الكتابة من مقتضيات إبرام أية معاهدة دولية. وسندرس هذه  المسألة لاحق ً ا.  ٢ المعاهدات ا لشفهية: نظرا لأن النظم القانونية المعاصرة على الأقل لا تعول على ً   الشكل كثيرا، إذ العبرة بالمقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني، وبالتالي ً فالجوهر هو أهم وأفضل، لذا فإنه يجوز أن تكون المعاهدة الدولية غير  مكتوبة، وإن كان في هذه الحالة سيكون إثباتها أمرا ضروريا يخضع ً  للقواعد العامة في ا لإثبات.   ويقرر  الفقه الإباضي إمكانية أن تكون المعاهدة الدولية شفوية.  فبخصوص    صلح الحديبية، يقول الشيخ بيوض:  من الدروس المستفادة من الحديبية أيض » ً ا الوفاء بالعهد، ولو كان العهد قولا ً الملفوظة من اللسان تصبح دين » : غير مكتوب، والمثل العربي يقول ً « ا فالنبي ژ أتم التفاوض مع سهيل بن عمرو على الشروط مشافهة واتفقا عليها، ولما تحضر بعد ُ دواة أو قرطاس أو قلم لتكتب، فجاء أبو جندل من مكة يرسف في أغلاله، قال سهيل: عليك أن ترده يا محمد، بناء على شرط من جاء من مكة من غير رضا أهله على محمد أن يرده! فقال له ا لرسول ژ : إننا لم نكتب بعد بنود المعاهدة ، فقال له: لقد اتفقنا عليها شفويا، فاحترم ِ النبي ژ عهده الذي تلفظ به ولم يكتبه بعد، ولم يوق ّ عه، ولم يشهد عليه، ُ ّ ولكن لما تم الاتفاق عليه شفويا صار ملزما يجب الوفاء به، فرد أبا جندل ً إلى أبيه، على شدة الموقف وصعوبته على ا لصحابة @ .«   ويضيف أيضا: ً إذن لا يجوز التمحل والاحتجاج بعدم الكتابة، وإنما الكتابة تكون بالتبع »  وثيقة محفوظة، وهذا ما فعله النبي ژ إذ كتب وثيقتين اثنتين، أبقى إحداهما ّ عنده، وسلم الأخرى إلى قريش، وأشهد عليهما سبعة من ا لصحابة @ ، واثنين َ من المشركين هما صاحبا سهيل بن عمرو، إذن لا يجدي التمحل أو الاحتجاج بعدم الكتابة، فإذا تم الاتفاق على الشروط مشافهة ً فلا يجوز نقضها بحال، ُ وهكذا ت ُحت َ رم العهود والمواثيق التي قال فيها الله تعالى: ﴿ \[Z ^] ﴾ [ [المائدة: ١ . ولم يشترط في العقود التي أمر بالوفاء بها أبد ً ا أن تكون مكتوبة، وإنما الكتابة والإشهاد والتوقيع أمور تحسينية، وعدم القيام بها لا ي ُ لغي أو ينق ُ ض ما أبرم ُ « مشافهة(١) .    ٣ المعاهدات ا لمستقبلية: نقصد بذلك أن تبرم المعاهدة لكي تنفذ مستقبلا ً ؛ إذ ليس من الضروري  أن تدخل حيز النفاذ فور إبرامها. ويتوقف ذلك بالطبع على نصوص  المعاهدة وإرادة أطرافها في إنتاجها لهذا ا لأثر. ولا يمانع الفقه الإباضي أن يكون للمعاهدة الدولية أثر مستقبلي، لذلك في تفسيره لقوله تعالى: » ﴿ ^] _`a﴾ [ [النحل: ٩١ ، يقول أطفيش: ﴿ ] ^_ ﴾ بالعهد الذي عاهدتم الله، ﴿ `a﴾ شامل للطاعة والمباح في الوعد والنذر بأي لفظ، وشمل بيعة الإمام اعتبارا بما بعد، فإن الآية ً مكية، وإنما البيعة بالمدينة، ولا يلزم من وجوب الوفاء بالشيء إذا كان أن a﴾ «(٢) يكون جائز الوقوع في الحال، ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿ ` . (١) الشيخ بيوض، في رحاب القرآن، ج ١٩ ، تفسير سورة الفتح، ص ١٨٦ -.١٨٧ (٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٨، ص ٦٥ :»fÉãdG åëѪdG á«dhódG äGógÉ©ªdG ΩGôHEG •hô°T لجأت الدول الإسلامية، ومنذ عهد ا لرسول ژ إلى إبرام المعاهدات الدولية، وكانت تلتزم كما سيأتي البيان بالوفاء بها واحترامها وتنفيذ كل بنودها بطريقة مثالية. ويلاحظ أن فقهاء المسلمين كانوا يتخذون من عقد البيع أساسا تدور حوله ً الشروط اللازمة لصحة العقود، سواء كانت عقود ً ا عادية أو معاهدات دولية. والعهد والعقد في الشريعة الإسلامية يدلان على ما يتم الارتباط به والاتفاق عليه، سواء على الصعيد الدولي أو على صعيد العلاقات بين الأفراد العاديين. لذلك في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ ]\[Z ^ ﴾ ، يقول ا لشوكاني: والعقود: العهود، وأصل العقد الربوط، واحدها عقد، كما يقال: عقدت » ُ الحبل والعهد، فهو يستعمل في الأجسام والمعاني كما هنا أفاد أنه شديد .« الإحكام قوي ا لتوثيق المستخدمة في الفقه الإسلامي للتعبير عن « العقد » ولا شك أن كلمة كل ما يربط أو يلزم، هي أفضل بكثير من كلمة العهد (المستخدمة حاليا ً بكثرة على الصعيد الدولي الوضعي)، وذلك على أساس أنها تنتظم كل ارتباط تلتزم به الدولة الإسلامية، سواء كان ذلك من جانب واحد أو من جانبين أو أكثر (الأعمال القانونية الاتفاقية)، فضلا ً عن أن ذلك يمكن أن يسري على الاتفاقات التي ت ُ برم مع كائنات ليست دولا ً (وإن كانت، في هذه الحالة، لن تعتبر معاهدة دولية بالمعنى الفني والدقيق للكلمة)(١) . (١) أن العهد أو المعاهدة في النظرية الإسلامية تتميز عن العقد من » بينما يرى البعض = لذلك قيل: من الحسي، العقد: الجمع بين أطراف الشيء، وفعله كضرب، والعقدة: » موضع الاجتماع بين أطراف الشيء، ثم يستعمل ذلك كله في المعنوي. « ومن العقدة المعنوية بمعنى ا لوثاقة(١) . ولا شك أن مسألة بحث صحة أو عدم صحة عمل قانوني ما تعتبر مسألة صعبة وغير محددة. على أية حال، يمكن أن تثور هذه المسألة بالنسبة لأي عمل قانوني مهما كان فاعله أو شكله أو طبيعته. ومن الملاحظ أن أشخاص القانون الدولي تحاول دائما، أو على الأقل ً في أغلب الأحوال، أن تراعي كافة الشرائط اللازمة لصحة الأعمال القانونية الصادرة عنها. فهذه الأشخاص عند إصدار أو إبرام عمل قانوني ما يجب أن تتخذ كافة الاحتياطات اللازمة لاحترام وعدم  مخالفة حرفية وروح القواعد التي تحكم نشاطها وغيرها من القواعد اللازمة لصحة العمل القانوني الذي تزمع اتخاذه، فالشرعية هي، أو  لأشخاص القانون « العلاقات التعاملية » يجب أن تكون، حجر الزاوية في الدولي والداخلي. = حيث أطرافها فهم أشخاص القانون الدولي ومن حيث موضوعها فهو علاقة من العلاقات الدولية ذات الأثر الجوهري على الجماعة الدولية، راجع د. محمد طلعت الغنيمي: أحكام المعاهدات الدولية في الشريعة الإسلامية، منشأة المعارف، الإسكندرية، ١٩٧٧ ، ص ٤٩ - غير أنه إذا كان القانون الدولي » : ٥٠ . ويرى آخرون العام لا يسمي الاتفاق الذي يتم بين الدولة والأفراد العاديين معاهدة فإن ذلك يتفق مع الفقه الإسلامي، فالفقه الإسلامي كذلك لا يعتبر ذلك معاهدة وإنما يعتبر ذلك د. محمد رأفت عثمان: الحقوق والواجبات والعلاقات الدولية في الإسلام، « عقد أمان . دار اقرأ، بيروت، ١٤٠٣ ه ١٩٨٢ م، ص ٢٣٢ (١) مجمع اللغة العربية: معجم ألفاظ القرآن الكريم، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، القاهرة، ١٣٩٠ ه ١٩٧٠ م، المجلد الثاني، ص ٢٣٢ -.٢٣٣ وقد تعرض فقهاء الفقه الإباضي للكثير من شروط صحة إبرام المعاهدات الدولية يمكن أن نقسمها إلى شروط شكلية، وأخرى موضوعية، ونسبق ذلك ببيان المبدأ ا لعام. :á«dhódG IógÉ©ªdG áë°U •hô°T ôaGƒJ IQhô°V :ΩÉ©dG CGóѪdG ( CG صحة أي تصرف قانوني، بما في ذلك المعاهدة الدولية، تعني تحقق المقصود منه. يقول ا لسالمي: فما كان موافق » ً ا لأوامر الشرع تارك ً ا لمناهيه، فهو الصحيح، وما عداه، « فهو الفاسد والباطل (١) . معنى ذلك أن الصحيح في المعاملات هو ما وافق أمر الشرع لأنه بذلك كما أن ما خالف أمر الشرع، أو وافق ،« يصح الانتفاع في أشياء المعاملات » نهيه تفوت المنافع الدنيوية وتحصل المفسدة التي في ا لنهي (٢) . حري بالذكر أن الباطل والفاسد مترادفان عند الإباضية والشافعية، أي أن ّ لهما ذات المعنى، بينما يفرق الحنفية بينهما: فالباطل عندهم ما لا يكون مشروع ً ا بأصله ولا وصفه، أما الفاسد فهو ما يكون مشروع ً ا بأصله دون وصفه (٣) . :á«dhódG IógÉ©ªdG áë°üd á«∏μ°ûdG •hô°ûdG (Ü نقصد بهذه الشروط تلك الشروط التي لا تتعلق بجوهر أو ماهية المعاهدة، وإنما بأمور خارجة عن ذلك. (١) . السالمي: طلعة الشمس، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣١٥ (٢)ذات المرجع، ص ٣١٥ - .٣١٦ (٣) . ذات المرجع، ص ٣١٦ وقد تعرض الفقه الإباضي خصوصا لشروط ثلاثة، هي: ً ١ إبرام المعاهدة بواسطة الإمام أو من يفوضه: علة ذلك أن الإمام هو ممثل الدولة الإسلامية على الصعيد الدولي، فهو إذن الذي يملك إبرام العلاقات التعاقدية مع الدول الأخرى، إلا إذا فوض هذا الاختصاص إلى شخص آخر. وفي حدود هذا التفويض يكون لهذا إبرام المعاهدة باسم الدولة ا لإسلامية. « صفة » الشخص فالقاعدة في القانون الدولي أن من يبرم المعاهدة الدولية يجب أن إبرامها. ويثبت ذلك للسلطة التنفيذية ممثلة كقاعدة عامة « صفة » تكون له في شخص رئيس الدولة أو من يفوضه كرئيس الحكومة أو الوزراء أو أي شخص آخر يحمل أوراق تفويض تنص على ذلك. وفي السلوك الإباضي ما يدل على ذلك. يكفي أن نذكر المعاهدة التي أبرمها الشيخ خميس بن سعيد الشقصي مع البرتغاليين في ٣١ أكتوبر ١٦٤٨ م والتي تضمنت شروط ً ا للصلح بين ا لطرفين(١) . فقد عرضت المعاهدة على الإمام ناصر فانتدب الشيخ سعيد بن خلفان للتوقيع عليها نيابة عن ا لإمام(٢) . يقول الإمام السالمي: إن من يبرم عقد الذمة هو: « الإمام أو من يقوم مقامه »(٣) . (١) انظر هذه المعاهدة لاحق ً .« أمثلة على اتفاقات الصلح في السلوك ا لإباضي » : ا(٢) وهو أيض ً ا ما طبقه المسلمون الأوائل. مثال ذلك أن عبد الرحمن بن غنم كتب لعمر بن ٰ وأن لا يشتروا » : الخطاب نص الصلح الذي أبرمه مع أهل الشام، فقرأه عمر وزاد عليه شيئ ً ا من سبايا المسلمين، ومن يضرب مسلما عمد ً راجع: ،« ا فقد خلع عهده ً أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المطبعة العربية، غرداية قسنطينة، ١٤٢٢ ه ٢٠٠١ م، ص ٤٢٠ -.٤٢١ (٣) . السالمي: كتاب طلعة الشمس، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٨٠ وإذا تم إبرام المعاهدة من غير الإمام، ودون تفويض منه، فإنها يمكن أن تكون صحيحة إذا توافرت الشروط الأخرى اللازمة لصحتها الإجازة اللاحقة » : إذا أجازها الإمام بالتطبيق للقاعدة القانونية المشهورة .« كالإذن ا لسابق وفي الفقه الإباضي قواعد مشابهة لهذه القاعدة، أهمها قاعدة: كل تصرف صدر من غير أهله فهو موقوف على إذن من له حق » َ « الإذن به (١) . وكذلك قاعدة:  « العقود موقوفة على إجازة من يملكها إذا وقعت بغير أمر مالكها »(٢) ُ ٢ كتابة المعاهدة ا لدولية: ثبتت كتابة الالتزامات بقوله تعالى: . ﴿ ! ,+*)('&%$#" :9876543210/.JIHGFEDCBA@?>=<; YXWVUTSRQPONMLK fedcba`_^]\[Z utsrqponmlkjihg }|{zyxwv~ے ¥¤£¢¡ ³²±°¯®¬«ª©¨§¦ (١) . راجع هذه القاعدة في: معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٨٩٦ ّ (٢) راجع هذه القاعدة في خلفان الحارثي: القواعد الفقهية عند الإمام ابن بركة، ندوة القواعد الفقهية بين التأصيل والتطبيق، المرجع السابق، ص ٢٦٢ - .٢٦٣ ÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹¸¶μ´ ÒÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅ .-,+*)('&%$#"!❁ Ó < ;: 9 8 76 5 4 3 2 1 0 / EDCBA@?> ﴾ [البقرة: ٢٨٢ والواضح أن »  = - [٢٨٣ . يقول أطفيش: الشهود قد ينسون وحال يدل  وقد ينس ُ ٍ    الآية أوجبت الكتابة أو أكدتها، لأن ون، وقد يصيرون إلى حال لا يؤدون الشهادة معها كجنون وخرف،  ه ما في ذمة من جسم المال فذلك مجاز عقلي لا تقبل كرد عليه من الألفاظ لأن   ِ ة، ولو كان الإشهاد يكفي، وكتب الدين عبارة عن كتب ما للدال ي ّ  « ة والمدلولية (١) .   ورأي الجمهور أن الأمر بالكتابة هو على الندب وليس على ا لوجوب(٢) كذلك فإن الكتابة، وفق ً ا للآية السابقة، ليست لازمة في حالتين: الأولى إذا كان الاتفاق يخص تجارة حاضرة يديرها أطراف ا لمعاهدة. الآخر، وفي هذه الحالة فليؤد اؤتمن أمانته وليت . والثانية إذا أمن طرف ٌ الطرف َ الذي ْ ق ِ  الله ربه. ولما كانت المعاهدات تبرم على الصعيد الدولي، فيمكن أن يشهد عليها غير المسلم، فهل ذلك جائز؟ من المعلوم أن الآية السابقة تقرر ﴿ Y (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٢، ص ٢٠٩(٢) ذات المرجع، ذات الموضع؛ انظر أيض ً ا يحيى بكوش: فقه الإمام جابر بن زيد، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٧ ه ١٩٨٦ م؛ الشيخ محمد كعباش: نفحات الرحمن في رياض ٰ القرآن، ج ٢، ص ١٩٤ - .١٩٩ fedcba `_ ^]\[Z g ﴾ إلا أن الشيخ محمد رشيد رضا يذهب إلى جواز شهادة غير  المسلم ا ستناد ً ا إلى رأي للعلامة ابن القيم؛ إذ يقول:  وقد حقق العلامة ابن القيم أن البينة في الشرع أعم من الشهادة، فكل » ّ ما يتبين به الحق بينة كالقرائن القطعية، ويمكن أن تدخل شهادة غير المسلم ّ في البينة بهذا المعنى الذي استدل عليه بالكتاب والسنة واللغة إذا تبين  « للحاكم بها ا لحق(١) . الامتناع عن توثيق ما فيه » تجدر الإشارة أن الفقه الإباضي يرى ضرورة  له أن يترك ما يريبه إلى ما لا يريبه، ومعاملات الناس » لأن الإنسان ،« ريبة  « ا(٢) اليوم في هذا ردية جد .  وتكمن علة  كتابة ما يتم الاتفاق عليه في رفع أي نزاع أو ريبة حول   مضمون الاتفاق. ذلك لأن توثيقه بالكتابة من شأنه صياغته في ورقة  مكتوبة، لا يرقى الشك إليها. لذلك قال تعالى إن كتابة الشيء الصغير أو الكبير ﴿ §¦¥¤£¢ ¨© ﴾ [ [البقرة: ٢٨٢ . ويقول الإمام ا لشيباني: ويضيف: ،« في كل وثيقة فيها مقصود فلا بد من بيان ذلك المقصود » فالحاصل أن الوثيقة إنما تكتب للاحتياط فينبغي أن يكتب على أحوط » الوجوه، وهي حكاية ما جرى فينبغي للكاتب أن يكتب ويبين ما جرى بين « الفريقين على أبلغ ا لوجوه(٣) . (١) محمد رشيد رضا: تفسير المنار، ج ٣، ص ١٢٢ -.١٢٣ (٢) . جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ٤٢٩ (٣) شرح كتاب السير الكبير للشيباني، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، القاهرة، ١٩٧١ ، ج ٥، ص ١٧٩٥ - ١٧٩٦ ؛ ط حيدر آباد، ج ٤، ص ٧٠ -.٧٢ = ويقتضي ذلك، بين أمور أخرى، كتابة المعاهدة بحيث لا يترك للطرف الآخر أية ثغرة يستطيع أن ينفذ منها(١) ، فيستغلها للحصول على معنى يريده أو لتأييد مدع َ اه على خلاف ما تم الاتفاق عليه. ولا شك أن مغبة مخالفة ذلك كبيرة، وآثارها لا يمكن تداركها.  لذلك، وفي عبارة بليغة، يقول ابن الصيرفي إن على الكاتب ألا: ينقص شرط » ً ا من الشروط الواجبة في التوقيع يقع بها اختلال، « وتضطرب لأجلها ا لحال(٢) . = إن ذلك أوثق وأرفع للنزاع » :« فاكتبوه » يقول الإمام أبو السعود بخصوص قوله تعالى راجع تفسير أبي السعود المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا « والجمهور على استحبابه فيه إشارة ظاهرة إلى أنه يكتبه » القرآن الكريم، ج ١، ص ٢٦٩ . ويقول القرطبي: إن ذلك ِ بجميع صفته المبينة له ا لمعربة عنه، للاختلاف ا لمتوهم بين المتعاملين المعرفة للحاكم َ  القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٣، ص ٣٨٢ « ما يحكم به عند ارتفاعهما إليه -.٣٨٣ إحداها: صيانة الأموال، وقد أمرنا بصيانتها ونهينا » ، كذلك قيل: إن للكتابة فوائد عديدة عن إضاعتها، والثانية: قطع المنازعة فإن الكتاب يصير حكما بين المتعاملين ويرجعان ً إليه عند المنازعة فيكون سببا لتسكين الفتنة، والثالثة: التحرز من العقود الفاسدة، والرابعة ً رفع الارتياب، فقد يشتبه على المتعاملين إذا تطاول الزمان مقدار البدل ومقدار الأجل، راجع الإمام السرخسي: المبسوط، دار « فإذا رجعنا إلى الكتاب لا يبقى لواحد منهما ريبة المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، ج ٣٠ ، ص ١٦٧ - ١٦٨ ؛ محمود علي قراعة: ملخص ، كتاب الأصول القضائية في المرافعات الشرعية، مكتبة مصر، القاهرة، ١٩٧٩ ص ٢٨٨ - ٢٩٠ . والتوثيق أيض ً شيخ الأزهر د. محمد « أدعى للاطمئنان وأصون للحقوق » ا . سيد طنطاوي: المعاملات في الإسلام، هدية مجلة الأزهر، ذو القعدة، ١٤١٧ ، ص ١٩(١) « الاستدراك » على أن تصحيح الأخطاء المادية (والذي يطلق عليه في الفقه الإسلامي لفظة بمعنى تلافي القصور في الإخبار والإنشاء) ممكن دائما، راجع الموسوعة الفقهية، وزارة ً الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، الطبعة الثانية، ج ٣، ص ٢٧٥ -.٢٧٧ (٢) ابن الصيرفي: القانون في ديوان الرسائل والإشارة إلى من نال الوزارة، تحقيق د. أيمن سيد، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ١٤١٠ ه إذا فرغ » : ١٩٩٠ م، ص ٣٩ . كذلك قيل الكاتب من كتابة الكتاب ينبغي له أن يتأمله من أوله إلى آخره ويتتبع ألفاظه ويتأمل = إذا تعينت الكتابة، فإن عبارات المعاهدة وألفاظها يجب أن تكون واضحة لا لبس فيها ولا غموض. ويرجع الأصل في كتابة المعاهدة من نسختين، بيد كل طرف نسخة إلى ما حدث حينما أبرم الرسول ژ صلح الحديبية مع أهل مكة على وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين، فأمر أن يكتب بذلك نسختين إحداهما تكون عنده ژ والأخرى عند أهل مكة(١) .  ٣ تأريخ المعاهدة ا لدولية: يعتبر ذلك من الأمور الشكلية واجبة المراعاة عند إبرام المعاهدات لتحديد المسائل التي تحكمها، وتلك التي تخرج عن نطاق » ، الدولية  « تطبيقها من الناحية ا لزمنية(٢) . = معانيه ويصلح منها ما لعله وهم فيه الفكر أو سبق إليه القلم: ليسلم من قدح القادح   . القلقشندي: صبح الأعشى، ج ٦، ص ٢٧٣ « وطعن الطاعن  (١) يرى البعض أن أمره ژ بكتابة نسختين من صلح الحديبية يعادل ما يعرف الآن بتبادل التصديقات في القانون الدولي الحديث، راجع د. محمد علي الحسن: العلاقات الدولية في القرآن والسنة، ص ٣٣٣ ؛ د. عبد الخالق النواوي: العلاقات الدولية والنظم القضائية في الشريعة الإسلامية، دار الكتاب العربي، ببيروت، ١٣٩٤ ه . ١٩٧٤ م، ص ٧٥ والواقع أننا نرى أن كتابة نسختين من المعاهدة يعتبر مرحلة سابقة على التصديق، وهي مرحلة كتابة المعاهدة. كذلك فإن التصديق يفترض أن يكون بيد كل طرف نسخة ليقوم بالتصديق عليها.. أما في صلح الحديبية، فالذي حدث هو تبادل وثائق الارتباط بالمعاهدة، ذلك أن الصلح المذكور أصبح ملزما ونافذ ً ا بمجرد التوقيع عليه، وبالتالي لم يتلوه ً التصديق. ومن المعلوم أن مجرد التوقيع يمكن أن يعتبر وسيلة للارتباط بالمعاهدة إذا اتفق أطرافها على ذلك. حري بالذكر أن الفقه الإسلامي قام، منذ نشوئه، مجرد ً ا من الشكليات. فقد كانت أحكامه قائمة على البساطة في التعامل وعلى روح العدالة الطبيعية بين الناس دون اشتراط صيغة معينة لتمام العقد أو شكلا ً خاصا به، راجع د. محمد وحيد الدين سوار: الشكل في الفقه الإسلامي، معهد الإدارة العامة، الرياض، ١٤٠٥ ه . ١٩٨٥ م، ص ٢٣ (٢) راجع د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة الإسلام، المرجع السابق، ج ١، ص ١٧١ -.١٧٤ ِ وقد ع ُني فقهاء الفقه الإباضي أيض ً « بتأريخ ا لكتب » ا(١) . َ والأصل في التأريخ ما روي أن عمر بن الخطاب ƒ كتب إلى عماله: إذا كتبتم إلي فاذكروا التاريخ في الكتاب، ثم جمع الصحابة رضوان الله عليهم وشاورهم في ابتداء مدة التاريخ، فقال بعضهم يجعل التاريخ من وقت مولد رسول الله ژ ، فكأنه كره ذلك لما فيه من التشبه بالنصارى. وقال بعضهم: يجعل من حين قبض الرسول ژ فكأنه كره ذلك لما فيه من معنى المصيبة للمسلمين، كما قال الرسول ژ : إنكم لن تصابوا بمثلي . فاتفقوا  على جعل التاريخ من وقت هجرة رسول الله ژ فإن ظهور أعلام الدين  كالجمع والأعياد وأمن المسلمين من أذى المشركين إنما كان من ذلك َُ الوقت فجعلوا التاريخ من وقت ا لهجرة(٢) . (١) واعلم أن التاريخ محمول على الليالي دون الأيام لأن أول الشهر ليلة فلو » : يقول النزوي حمل التاريخ على الأيام تسقط من أول الشهر ليلة فيؤنث التاريخ لما ذكرت لك ويقول كتبت لخمس خلون من الشهر ولست خلون من الشهر، فيقع التاريخ على الليالي دون الأيام لأن مع كل ليلة يوما وليس في العربية موضع يغلب المؤنث فيه على المذكر إلا  ً في التاريخ وما سوى هذا فإنه يغلب فيه على المؤنث فيقال: الهندات وزيد خرجوا، والفواطم وعمرو قدموا، فيغلب المذكر على المؤنث. فإذا أردت أن تكتب التاريخ في ُ  الكتب فإن كان قد أهل الهلال من الغد كتبت إليك: غرة شهر كذا وكذا فإذا مضى في الشهر ليلتان كتبت: الثاني لليلتين خلتا من شهر كذا، واليوم الثالث يكتب: لثلاث خلون ٍ من شهر كذا، ولأربع ولخمس ولست ولسبع ولثمان ولتسع ولعشر خلون. ٍ فإذا جاوزت عشر ليال كتبت: لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر كذا ولاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر كذا ولثلاث عشرة ليلة خلت من شهر كذا ولأربع عشرة ليلة خلت من شهر كذا فإذا مضى خمس عشرة كتبت للنصف من شهر كذا يوم ستة عشر يكتب لأربع عشرة ليلة بقيت من شهر كذا ويوم كذا ولإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر كذا. فإذا بلغ ثلاثون ليلة كتابي يوم كذا سلخ شهر كذا إلا الأشهر الحرم وهي ثلاثة أتباع أولها .« ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وبعد هي النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ٢٧ ، ص ٢٥٣ -.٢٥٤ (٢) شرح كتاب السير الكبير للشيباني، ط حيدر آباد، ج ٤، ص ٦٣ -.٦٤ وقد أشار ابن عبد ربه إلى أهمية كتابة التاريخ بالنسبة لأية وثيقة مكتوبة، بقوله: لا بد من تأريخ الكتاب، لأنه لا يدل على تحقيق الإخبار وقرب عهد » الكتاب وبعده إلا بالتاريخ، فإذا أردت أن تؤرخ كتابك فانظر إلى ما مضى من الشهر وما بقي منه، فإن كان ما بقي أكثر من نصف الشهر، كتبت: لكذا وكذا «( ليلة مضت من شهر كذا، وإن كان الباقي أقل جعلت مكان (مضت): (بقيت(١) . :á«dhódG äGógÉ©ªdG áë°üd á«Yƒ°VƒªdG •hô°ûdG (ê هذه الشروط تخص جوهر ومادية المعاهدة الدولية، وهي تتمثل خصوصا في ا لآتي: ً (١) ابن عبد ربه: العقد الفريد، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٤ ه . ١٩٨٣ م، ج ٤، ص ٢٤٢ التاريخ عمود اليقين، ونافي الشك، به ت » : كذلك قيل ُ الحصري: « عرف الحقوق، وتحفظ العهود . زهر الآداب وثمر الألباب، عيسى البابي الحلبي، القاهرة، ط الثانية، ج ٢، ص ٨٢٥ بل يقرر الإمام الشيباني ضرورة أن يكتب مدة وتاريخ المعاهدة في البداية والنهاية. وهكذا بخصوص عقد الموادعة يؤكد على أنه يجب أن يذكر في ا لبداية: توادعوا كذا وكذا سنة أولها شهر كذا من سنة كذا، وتنتهي شهر كذا من سنة كذا، وإنما »يبدأ بذكر التاريخ لأن موجب العقد الذي يجري حرمة القتال في مدة معلومة، فلا بد من .« أن يكون أول تلك المدة وآخرها موجب معلوم وذلك ببيان ا لتاريخ أما كتابة التاريخ مرة أخرى في نهاية المعاهدة فالغرض منه التأكيد. وهكذا جاء في السير الكبير: ٍ ثم ختم الكتاب بذكر التاريخ وقد بين التاريخ في أول الكتاب وذلك كاف إلا أنه أعاده »في آخر الكتاب للتأكيد، فليس المقصود إلا حرمة القتال في مدة معلومة وابتداؤها من وقت تمام الكتاب والإشهاد. فلو اكتفى بما ذكره في أول الكتاب ربما يدعي أحد الفريقين مضي مدة بين أول الكتاب وآخره، فلهذا ختم الكتاب بذكر التاريخ أيض ً .« ا شرح كتاب السير الكبير للشيباني، ط حيدر آباد، ج ٤، ص ٦٢ - ، ٦٤ ؛ ط القاهرة، ج ٥ ص ١٧٨٢ -.١٧٨٣ ١ التراضي على إبرام ا لمعاهدة: فالمعاهدة الدولية تستند باعتبارها ا تفاق ً ا إلى رضاء أطرافها. لذا يجب توافر هذا الأمر. علة ذلك أن: « الحلال أصله الرضا وطيبة النفس، مع موافقة الحق فيما دخل فيه »(١) . ويشترط الفقه الإباضي ضرورة توافر التراضي حتى ولو كان طرف لا يفهم لغة الطرف الآخر أو لا يعيها، لذلك قيل: وقد جاز الشراء والبيع من أعمى وأعجم في عروض إذا عرف منه » بإيماء وإشارة، وكان يعقل ويأبى من الغبن ويعرف الربح منه بالإيماء، وإن  لم يفهم كلامه. ويستحب في الأصول أن يكون ذلك برضى منه ومحضر ّ « وكيل له من حاكم أو وليه إن لم يكن له وكيل(٢) . كل شرط يخالف » لأن « التراضي لا يبيح الحرام » ويؤكد الفقه الإباضي أن « أصول الشريعة باطل(٣) .  ومن البديهي أن أي عقد أو معاهدة يرتكن أساسا إلى تراضي أطرافه، إذ ً الرضا أساس أي اتفاق(٤) . ولا تخرج الشريعة الإسلامية في هذا (١)العلامة أبو سعيد الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، وزارة التراث القومي . والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠ ه ١٩٨٥ م، ج ٥، ص ١٦٧ ُ (٢) الثميني: التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، المجلد الرابع الطبعة الأولى ١٤٢١ ه ٢٠٠٠ م. ُ راجع كذلك أبو محمد الأصم: البصيرة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ص ٢٥ -. ٢٦ ، ص ٢١٤ (٣) د. مصطفى باجو: القواعد الفقهية عند الإمام الكدمي، ندوة القواعد الفقهية بين التأصيل . والتطبيق، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ص ٢٩٢ ُ (٤) عند الحنفية العماد الأول لتكوين العقود هو الاختيار، أما الرضا فليس بلازم لانعقاد العقد، وإنما فقط لصحته، فهم إذن ينظرون إلى صور العقود ومظاهرها الحسية، فإذا =  الخصوص عن هذه القاعدة. إذ نظرية العقد وكذلك المعاهدات الدولية أساسها التراضي. ولا أد َ ل على ذلك من قوله تعالى: ﴿ <;:9 = CBA@?> QPONMLKJIHGFED ﴾ [ [النساء: ٢٩ . ﴿ }|{zyx ~ ﮯ ¢¡ ﴾ [ [النساء: ٤ . ﴿ ^]\[ZYXWVUT _ `a ﴾ [ [البقرة: ٢٣٢ .    ﴿ ÍÌËÊÉÈÇÆÅÄ ﴾ [ [البقرة: ٢٣٣ .  ﴿ ONMLKJIHGFEDCB P ﴾ [ [النساء: ٢٤ . كذلك في شرحه لقوله ژ : الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم » ً حلالا ً يقول ا لعلامة الصنعاني إن ا لصلح: ،« أو أحل حراما ً مشروط فيه المراضاة »(١) ، لقوله: جائز، أي أنه ليس بحكم لازم يقضي به وإن لم يرض به الخصم، وهو جائز أيض ً ا بين غير المسلمين من الكفار فتعتبر أحكام الصلح بينهم وإنما خ ُ ص المسلمون بالذكر لأنهم المعتبرون « في الخطاب المنقادون لأحكام ا لسنة والكتاب(٢) . = وجدت العبارات الحسية فقد وجد العقد، راجع الشيخ محمد أبو زهرة: الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية، ص ٢٢٤ -.٢٢٥ (١) بل من الثابت أن الفقه الإسلامي تقدم من الناحية الزمنية بالنسبة لرضائية العقود. إن هذه القاعدة على بساطتها وكونها من بديهيات القانون الحديث، لم » يقول السنهوري « يصل القانون الروماني على عراقته إلى تقريرها كقاعدة عامة حتى في آخر مراحل تطوره د. عبد الرزاق السنهوري: مصادر الحق في الفقه الإسلامي، الجزء الأول: مقدمة صيغة العقد، المجمع العلمي العربي الإسلامي، بيروت، ص ٤٠ -.٤١ (٢) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٣، ص ٦٤ وإذا كان التراضي ضروريا بخصوص التجارة أو التنازل عن حق معين   بين الأفراد، كما هو واضح في الآيات السابقة، فلأن يكون ضروريا بالنسبة للمعاهدات الدولية التي ترتبط بها الدولة الإسلامية أولى(١) . « بناؤها على قول أربابها » فالأصل في العقود(٢) . لذلك قيل إن التراضي في العقود هو: « الأصل الذي لا يغمض ما بقي في الشريعة أصل »(٣) .  تحقيق منفعة أو » ٢ إبرام المعاهدات الدولية مناطه التوصل إلى :« دفع ضرر وهكذا جاء في كتاب شرح النيل وشفاء ا لعليل: وحرم اهتمام بأمور ذوي الكفر إن لم يكن لاستجرار نفع واستدفاع ضر » « وإن لخاصة المسلمين أو لنفس المهتم ما لم يقصد تقويتهم على باطل(٤) . (١) قيل إن من شروط أية معاهدة دولية في ا لإسلام: أن تكون مبنية على التراضي من الجانبين، ومن هنا لا يرى الإسلام قيمة لمعاهدة تنشأ » على أساس القهر والغلبة وأزيز النفاثات، وهذا شرط تمليه طبيعة العقد. وإذا كان عقد التبادل في سلعة ما بيع ً ا أو شراء لا بد فيه من عنصر الرضا ﴿ EDCBA GF ﴾ [ [النساء: ٢٩ الشيخ محمود « ، فكيف بالمعاهدة وهي للأمة عقد حياة أو موت . شلتوت: الإسلام عقيدة وشريعة، ص ٤٥٧ (٢) راجع هذه القاعدة في د. تيسير فائق: تحقيق كتاب المنثور في القواعد للإمام الزركشي، رسالة دكتوراه، كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، القاهرة، ١٣٩٧ ه ١٩٧٧ م، . ص ١١٤ (٣) إمام الحرمين الجويني: غياث الأمم في ا ل ْ تياث ا لظل َ . م، دار الدعوة، الإسكندرية، ١٩٧٩ ، ص ٣٥٧ (٤) في شرح ذلك، قيل: وحرم اهتمام بأمور ذوي الكفر) من المشركين والمنافقين المخالفين أو الموافقين (إن )»لم يكن لاستجرار نفع واستدفاع ضر وإن لخاصة المسلمين أو لنفس المهتم) أو للمسلمين جملة أو لنفس الإسلام مثل أن تحب الصلاح لأحوال المخالفين أو المنافقين = معنى ذلك أنه لا يجوز إبرام معاهدة دولية تضيع حقوق المسلمين، من تهوين الإسلام تضييع حقوقه، وكذا من تهوين المسلمين » ذلك أن « تضييع حقوقهم(١) . لذلك قرر فقهاء الفقه الإباضي أن:  « إهانة الإسلام وأهله وتعظيم الكفر وذويه كفر »(٢) . = من الموافقين لئلا يختلفوا فيغلبهم المشركون، وليتفقوا على المشركين ليتعاونوا لأن في غلبة المشركين لهم الخوف على الإسلام عموما فتحب أن يصلح المخالفون أو غيرهم ً بأن لا يقبلوا الرشا ولا يستهويهم المال لئلا يدخلهم المشركون، وتدعو بأن يغلبوا المشركين وتحب ذلك وتتمناه لا حبا لبقاء خلافهم، ولا تصويبا له. ً وقوله: (ما لم يقصد تقويتهم على باطل) قيد لجواز الاهتمام بأمور غير المسلمين لجر النفع ودفع الضر ولكن لتبقى قراءة القرآن والعلم والتعليم والتعلم والدرس والأذان والمساجد والصوم والحج وشعار الإسلام هكذا إجمالا ً ، ولئلا يظهر الخنزير والصليب  والناقوس والخمر ونحو ذلك من المحظورات، ولأنهم إذا توصلوا إلى مدن المخالفين الحاجزة بيننا وبينهم خيف أن يتوصلوا إلينا ويدخلوا أحكامنا ويظهروا أحكامهم، وروي: إن من قتل أحد » ً فمن دعا على المشركين إذا تحركوا لقتال « ا بدعائه كمن قتله بسيفه الموحدين فماتوا أو أصابهم ذل فكأنه قتلهم بسيفه فهو من المجاهدين الذين ذكر الله في .« القرآن ونبيه في الأحاديث، ومنها لا يجتمع دخان جهنم وغبرة الجهاد في منخر عبد راجع أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٦ ، ص ١٨٢ -.١٨٣ (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٦ ، ص ٣٥٦ (٢) يقول أطفيش (ذات المرجع، ص ٣٥٤ -:(٣٥٥ إهانة الإسلام وأهله وتعظيم الكفر وذويه كفر كل واحد منهما كفر على حدة، فإهانة »الإسلام كفر، وإهانة أهله كفر، وتعظيم الكفر كفر، وتعظيم ذويه كفر، لكن كل واحد يتضمن الباقي، فمن أهان الإسلام فقد أهان أهله وعظم الكفر وأهله، وقد يهون المسلم من جهة الإسلام ويعظم من جهة أخرى كمال ونسب وكذا في الكافر، ومن أهان أهل الإسلام فقد أهان الإسلام وعظم الكفر وذويه، ومن عظم الكفر فقد عظم أهل الكفر وأهان الإسلام وأهله، إلا أنه قد يهين المسلم لغير إسلامه مما لا يجوز له إهانته فلا يكون إهانة للإسلام إلا من حيث أنه لم يعط المسلم حقه الذي له بالإسلام إذا أهانه، وكذا الكلام في تعظيم الكافر لا لكفره ما لا يجوز وذلك الكفر متفاوت، فمن أهان = ٣ عدم مخالفة قواعد الشريعة ا لإسلامية: ذلك أنه من المعلوم أنه: « ا(١) لا يجوز لأحد أن يشتري حرام » . ً ما يأثم به، ولا طاعة لمخلوق في معصية » ومن الثابت ضرورة ترك « الخالق، ولا يتقرب إلى الله بمعصية(٢) . كذلك بخصوص أمان الملوك لأهل الحرب، قيل: وإن ظهر أن في تأمين الجبابرة فساد » ً ا في الدين وفشلا ً في المسلمين « فلا تأمين لهم، كيف يكون التأمين فيما فيه هدم أركان ا لدين(٣) . وإن وقعت منهم شروط مذلة مثلما جرى » : وأيضا من المعلوم أنه ً « لرسول الله ژ لأهل مكة فإنا لا نجيبهم إلى شيء من ذلك(٤) . فكل ما أحدثوه في الإسلام مما لا تقره قواعد الأحكام من » : يؤيد ذلك  صلح أو حرب أو عهد أو ذمة فهو مجزوم الأمراس مهدوم الأساس إلا ما « أقرته القواعد الشرعية وأثبته حكم الله في ا لبرية(٥) . ة(٦) ، وفي مجال التراضي والشروط الأصل في الأشياء الإباحة عند الإباضي ّ = الإسلام الذي هو توحيد فكفره شرك، ومن أهان الإسلام الذي هو عبادة فكفره نفاق إلا .« إن أنكرها فشرك وتعظيم كفر الشرك شرك، وتعظيم كفر النفاق نفاق(١) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ٨، ص ٥٥٦(٢) . ذات المرجع، ج ١٣ ، ص ٦١(٣) جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ط الثانية، ١٤١٩ ه . ١٩٩٩ م، ص ٣٤ (٤). العلامة أبو يعقوب الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٠٠(٥) عين المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام المحتسب صالح بن علي الحارثي، مكتبة الضامري للنشر والتوزيع، سلطنة عمان، الطبعة الثانية، ١٤١٤ ه . ١٩٩٣ م، ص ٤٠٥ ُ (٦) وللإباضية اهتمام متميز بالشروط في باب العقود، وقد فتحوها واسعة » : لذلك قيل ً = مع تشديدهم على ضرورة الالتزام بأحكام الشرع واجبة المراعاة. لذلك وضعوا العديد من القواعد الفقهية الضابطة لمسألة الشروط التي يتم   الاتفاق عليها، ومنها: أن ترك الواجب حرام فكذلك ا شتراطه(١) .  المسلمون على شروطهم إلا شرط ً ا أحل حراما أو حرم حلالا ً . ً إذا لم يوجد الشرط لم يوجد ا لمشروط.  الشرط المنافي لمقتضى العقد يقتضي فساد ا لعقد. كل شرط ليس في كتاب الله فهو فاسد.  كل شرط يبطل به حق أو حد من قبل الله فإنه يبطل.  ليس للإنسان أن يلزم نفسه ما لم يلزمه. ما لا يلزم بالشرع لا يلزم بالعقد(٢) . وقد أكد الفقه الإباضي على تلك القواعد. يقول أطفيش: = للمتعاقدين ما لم تصادم نصا أو تهدم قاعدة ً ، من تحليل حرام، أو تحريم مباح .«ٍ يرى الإباضية الحكم بالإباحة هو الأصل، كونه حكما عقليا قبل ورود الشرع، » كذلك ً ولما جاء الشرع أثبته، فصار حكما شرعيا، ولا يند أمر عن حكم الشرع. بخلاف ًٌ المعتزلة الذين قالوا: إن الإباحة حكم عقلي لا شرعي، لأن معنى المباح رفع الحرج عن معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، « الفعل والترك، وذلك ثابت قبل السمع ّ ج ١، ص ١٣٢ ، ص ٥٣٦ -.٥٣٧ (١) أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ١٤١ ه ١٩٩٣ م، ج ٤، ص ٣٨٧ ُ (٢) ، راجع القواعد المذكورة أعلاه، في معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١ ّ ١٢٧٠ ،١١٩٣ ،٩١٠ ، ٦٣٠ ، ج ٢، ص ٩٠٨ ، ص ١٩١ - ١٣٣٦ ، وراجع القاعدة ،١٢٧١ الأخيرة كذلك، في د. هلال الراشدي: القواعد الفقهية عند الإباضية تنظيرا وتطبيق ً ا، مركز ًّ الغندور، القاهرة، ٢٠٠٩ ، ص ١٨٦ -.١٨٧    لا تصح مح » َ ال َل َة ٌ أو إب ْراء ٌ أو تقاض ٍ في مح َ رم «ٍ لأن ذلك: ُُ « ز (١)  حق لله فلا يصح فيه تجويز مجو » . ّ  ويقرر رأي آخر: ٌ وبعض الحلال المربوب أصفى من بعض، » ٍ وعلى كل حال فلا   يحكم بشيء من ذلك أنه حرام في معاني الأحكام إلا حتى يصح شيء ٌٌ بعينه، وقد جاء في الرواية مع أهل الدعوة عن ا لنبي ژ أنه قال: الحلال » ُ ب َين ٌ والحرام ُ ب َين ٌ ، وبين َ ذلك شبهات ٌ هلك فيها كثير من الناس، كالراعي حول َ الحمى يوشك أن يقع َ فيه، ألا وإن لكل شيء حمى وحمى الله « ه(٢) محارم . ُ  معنى ما تقدم أن أي اتفاق، ولو كان معاهدة دولية، يحتوي على شروط  تخالف شريعة الإسلام فهو باطل، لا يرتب أثرا، ولا يحقق الغاية من إبرامه. ً  يقول رسول الله ژ : من عمل عملا » ً « ليس عليه أمرنا فهو رد(٣) .     (١). العلامة أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ٨، ص ٥١٨(٢) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على ا لأولين والمتأخرين . الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ١٤ ، ص ٤٤٧ ُ وجاء في رسالة عبد الله بن أباض إلى عبد الله بن مروان أن رسول الله ژ كان لا يتعدى ولا يبدل فريضة ولا حكما ولا يستحل شيئ » حدا ً ا حرمه الله ولا يحرم شيئ ً ا أحله الله ً الشيخ سالم بن حمد الحارثي: العقود الفضية في « ولا يحكم بين الناس إلا بما أنزل الله . أصول ا لإباضية، المرجع السابق، ص ١٢٤ ّ وسئل جابر: هل يصلح صلح أهل الذمة على أن يباع بعضهم، أو ذراريهم؟ قال: أبو غانم « لا أرى أن يباعوا، وإن عجزوا عن الجزية، ولا أن يباع أولادهم ولا أحرارهم ». الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٢، ص ٤٤٨(٣) رواه البخاري في كتاب الصلح ( ٥) باب إذا اصطلحوا على صلح رقم ٢٥٥٠ . ورواه مسلم في كتاب الأقضية ( ٨) باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، رقم ١٧١٨ . من حديث عائشة. يقول السالمي إن:  هذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعد الدين وقال » .« بعضهم: هذا الحديث يصلح أن يسمى نصف أدلة ا لشرع ُ كما أن قوله ژ : « ليس عليه أمرنا » .« غير موافق لأمر ا لشرع » : أي وقوله ژ : فهو رد » « أي: مردود وهو الذي لا يقضي الشرع بصحته فالرد هنا بمعنى البطلان »  « والفساد(١) . ويرى الفقه الإباضي بالتالي عدم الارتباط بأي اتفاق دولي يخالف مقتضى شروط الشرع. يكفي أن نذكر هنا الأمثلة ا لآتية:  • لا يجوز الصلح الذي يخالف القواعد الإسلامية العليا. لذلك قيل: كل صلح بين متخاصمين جائز إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا » ً ، ًً « فإن اصطلحا على هذا فصلحهما باطل منتقض(٢) . (١) السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ١، ص ٨٦ . ويرى السالمي أن السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، « ما ليس بمسنون فلا يتم » الحديث يعني أن . ج ٦، ص ١٦٥ ويقرر رأي آخر بخصوص ذات الحديث أن فيه: إبطال جميع العقود المنهية وعدم وجود ثمراتها المترتبة عليها. وفيه رد المحدثات وأن »النهي يقتضي الفساد؛ لأن المنهيات كلها ليست من أمر الدين فيجب ردها. ويستفاد منه أن حكم الحاكم لا يغير ما في باطن الأمر لقوله: « ليس عليه أمرنا » والمراد به أمر الدين. وفيه َُ .« أن الصلح الفاسد منتقض والمأخوذ عليه مستحق الرد قلت: وهو كلام حسن والله أعلم حاشية الترتيب للعلا ّ مة ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، دار البعث، قسنطينة الجزائر، ج ١، ص ٥٤ -.٥٥ (٢) الشيخ سعيد الحارثي: نتائج الأقوال من معارج الآمال ونثر مدارج الكمال، مكتبة الجيل الواعد، ١٤٣١ ه . ٢٠١٠ م، ص ٦٩ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٧٦  • في مجال الصلح مع غير المسلمين، يقول ا لخراساني: وسألته: هل يصلح صلح أهل الذمة على أن يباع بعضهم أو ذراريهم؟ » قال: لا أرى أن يباعوا على أن عجزوا على الجزية، لا يباع أولادهم  « ولا أحرارهم(١) . • وبخصوص الهدنة، يقول ا لوارجلاني: وإن وقعت منهم شروط مذلة مثلما جرى لرسول الله ژ لأهل مكة، فإنا »لا نجيبهم إلى شيء من ذلك، وقد انتسخت شروط المهادنة في قول بعضهم.  وقال بعضهم: كل ما جاز لرسول الله ژ جاز لنا حتى تضع الحرب  « أوزارها(٢) . . • وبخصوص تصحيح اتفاق مع غير المسلمين، فللسالمي رأي مشهور (٣) (١) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٣٤٧(٢) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٩٥(٣) وبخصوص السؤال ،« تحذير القضاة من تقدير غرامات الحكام النصارى » : تحت عنوان إن النصارى جعلوا على الجزيرة وهم طائفة لعلهم من الزنج شيئ » : الآتي ً ا معلوما كانوا ً يأخذون على البيوت في كل سنة تدور، وزعموا أن هذا كان على الجزيرة من لدن سيف بن سلطان قيد الأرض وكذلك كان سعيد يأخذ منهم، وأرادوا من قضاة الجزيرة خاصة التسجيل بجواز ذلك في الشريعة، ومراد ُ هم بهذا ا لتستر في الظاهر على الجزيرة ٍ على أن هذا الجعل الذي جعلناه عليكم قضت به الشريعة المحمدية فلم يكن حينئذ هذا ُْ الجعل عليكم منا ظلما ولم يكن من هذا شيء في زمن ماجد وبرغش، بل القوم في ً سلامة منه كغيره من الرعية عليهم ما على الرعية العثور الذي قدره برغش في زمانه والبيوت والأرض التي عليها البيوت ملك للجزيرة، هل للقضاء سبيل جواز التصحيح في صحيفة النصارى؟ وهل يحل للمسلم جباية المذكور من القوم إن أجبره النصارى على الجباية؟ يقول ا لسالمي: لا سبيل للقضاة ولا أحد ممن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يكتب تصحيح ذلك في »صحيفة ا لنصارى. = .« إذا لم تكن محرمة » والعهود كما قال ابن تيمية يجب الوفاء بها تفصيل ذلك أن: المشترط ليس له أن يبيح ما حرمه الله، وكذلك ليس له أن يسقط ما » أوجبه الله وإنما المشترط له أن يوجب بالشرط ما لم يكن واجبا بدونه. ً فمقصود الشرط وجوب ما لم يكن واجبا ولا حراما. وعدم الإيجاب ليس ًً نفيا للإيجاب حتى يكون المشترط مناقضا للشرع، فكل شرط صحيح فلا ًً   « ا(١) بد أن يفيد وجوب ما لم يكن واجب . ً  لذلك قال ژ زمن صلح ا لحديبية:  والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون بها حرمات الله، إلا » أعطيت ُ « هم إياها(٢) . = أما أولا ً : فإن الحال الذي ادعوه لم ت ُ علم صحت ُ ه والشهادة على الغيب باطلة والقول بغير علم زور. وأما ثانيا: فإنه ليس لملوك النصارى ولا للجبابرة من المسلمين مثل ما كان للإمام العادل ً القائم بأمر الله وأمر رسول الله ژ على أن السبب الذي سوغ ذلك للإمام إن صح المدعي قد اختفى فلعله كان موجبا قد ارتفع الآن، فالآخذ منهم مع ارتفاع الموجب باطل. وعلى ً كل حال فنحن ننزه المحمدية ا لغراء من هذه المغارم الباطلة والله ا لمستعان. َ أما كفى النصارى أن يمصوا اللحم والدم حتى يمصوا الدين، ذلك بما كسبت أيديهم والله َ لا يظلم الناس شيئ ً جوابات الإمام السالمي، .« ا ولكن الناس أنفسهم يظلمون! والله أعلم ج ٣، ص ١٧٠ -.١٧١ (١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ج ٢٩ ، ص ١٥١ -.١٧٤ (٢) ابن الحنبلي: كتاب أقيسة النبي المصطفى محمد، دار الكتب الحديثة، القاهرة، ١٣٩٣ ه . ١٩٧٣ م، ص ١٠٤ لا يستدرك حسن الأفعال وقبحها بمسالك العقول، بل يتوقف دركها » : كذلك قال الغزالي على الشرع المنقول. فالحسن عندنا ما حسنه الشرع بالحث عليه. والقبيح ما قبحه بالزجر الغزالي: المنخول من تعليقات الأصول، دار الفكر، دمشق، « عنه والذم عليه ١٤٠٠ ه ١٩٨٠ م، ص ٤٨٤ -.٤٨٥  ويمكن أن نقرر مع جانب في الفقه أن القواعد الإسلامية العليا تتعلق  بالنظام العام الإسلامي(١) ، وبالتالي فهي واجبة الاحترام. وهو ما أكده فقهاء ُ وأئمة ا لمسلمين:  يقول الإمام ابن جماعة: لا تصح الهدنة بشرط ألا يست » َف َك ّ منهم أسرى المسلمين، ولا أن تكون ُْ ٍ الجزية أقل من دينار كل سنة، ولا على أن ندفع َ إليهم مالا ً ، ولا على أن ت ُرد َ إليهم ا لمرأة ُ إذا جاءت مسلمة ً ، ونحو ذلك من الشروط الفاسدة شرع ً ا، فإن « عقدت الهدنة بشيء من هذه الشروط لم تصح ا لهدنة(٢) .  (١) راجع: محمد طلعت الغنيمي: الأحكام العامة في قانون الأمم، منشأة المعارف، الإسكندرية، ١٩٧٠ ، ص ٥٣٨ - ٥٣٩ ؛ د. سليمان عبد المجيد: النظرية العامة للقواعد ، الآمرة في النظام القانوني الدولي، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة القاهرة، ١٩٧٩  ص ٩٢ - ٩٥ ؛ الشيخ محمد أبو زهرة: الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية، . ص ٢٧٢ بند ١٧٣ المعبر عنه حديث » تجدر الإشارة أن محكمة الجمالية قررت أن حق الله هو ً « ا بالنظام العام .(١٩٤٨/٢/ ٤٦ في ٢٨ /٢٧٢٥) (٢) ابن جماعة: تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، رسالة دكتوراه، كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، القاهرة، ص ٣٤٤ - ٣٤٥ ؛ البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، دار . الإصلاح للطبع والنشر والتوزيع، الدمام، ١٩٨٢ ، ج ٢، ص ٩٦١ المحقق الحلي: « ولو وقعت الهدنة على ما لا يحوز فعله، لم يجب الوفاء » : كذلك قيل . شرائع الإسلام في الفقه الإسلامي الجعفري، المجلد الأول، ص ١٥٩ ألا تمس قانونه الأساسي وشريعته » : كذلك قيل إن من شروط المعاهدة في الإسلام العامة التي بها قوام الشخصية الإسلامية، وقد جاء في ذلك قوله ژ : كل شرط ليس » « في كتاب الله فهو باطل ومعناه أن كتاب الله يرفضه ويأباه. ومن هذا الشرط لا يعترف الإسلام بشرعية معاهدة تستباح الشخصية الإسلامية بها، وتفتح للأعداء بابا يمكنهم ً من الإغارة على جهات إسلامية، أو يضعف من شأن المسلمين بتفريق صفوفهم الشيخ محمود شلتوت: الإسلام عقيدة وشريعة، المرجع السابق، « وتمزيق وحدتهم ص ٤٥٦ -.٤٥٧ بل ذهب الفقه الإباضي إلى أبعد من ذلك بكثير، وقرر عدم إمكانية إبرام المعاهدة الدولية إذا خالفت ما يقرره دين غير دين المسلمين. يقول الإمام السالمي إن أهل ا لذمة: لا يقرون على فعل ما لم يكن في شرعهم، كأكل الربا، فإنهم قد ن » ُ هوا ُ عنه، لقوله تعالى: ﴿ ± ³² ´µ ﴾ [ [النساء: ١٦١ ، ولا يعطون « الذمة، ولا عهد لهم، حتى يتركوا ا لربا(١) . ٤ الباعث على إبرام ا لمعاهدة: يشكل الباعث وهو الأمر الدافع لإبرام المعاهدة بين أطرافها أساس وجود المعاهدة ا بتداء والغاية النهائية التي يراد تحقيقها ا نتهاء . ًً ومن المعلوم أن الباعث غير المشروع يمكن أن يؤثر على صحة المعاهدة (أو العقد). هذا الأثر واضح إذا تم النص على ذلك الباعث صراحة  في المعاهدة (أو العقد). أما إذا لم يتم النص عليه صراحة ً ، فإنه يوجد في الفقه الإسلامي ا تجاهان: الاتجاه الأول: يأخذ بالنظرة الموضوعية الظاهرة، فلا يعتد بالباعث غير » المشروع إلا أن يذكر في صلب العقد، وهذا الاتجاه أخذ به المذهب ُ الشافعي والمذهب الحنفي والظاهري. (١) . السالمي: كتاب طلعة الشمس، ج ١، ص ٣٨٠ لذلك « مشركو العرب لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف » : ومن القواعد الفقهية ا لإباضية ُّ لا تبرم معهم معاهدات دولية. لذلك قيل إن: من فروع هذه القاعدة: إن مشركي العرب ليس لهم أن يعقدوا مع المسلمين عقد ذمة »ولا عقد معاهدة بل لا يقبل منهم إلا الإسلام أو ا لسيف. ومنها: إن دار مشركي أهل الكتاب تصبح دار عهد إذا عاهدوا، أما دار مشركي العرب معجم القواعد الفقهية « فهي دار حرب إذ لا يقبل منهم عهد ولا عقد ولا جزية، ولا فدية الإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٣٤٣ -.١٣٤٥ ّ الاتجاه الثاني: يأخذ بالنظرة الذاتية، فالباعث غير المشروع معتبر في العقود والتصرفات، فتسقط تلك العقود باطلة إذا علم به، أو ظهرت قرائن تدل على ُ « وجوده وأخذ بهذا الاتجاه كل من المذهب الإباضي والمالكي والحنبلي(١) . « الشرط أملك عليك أو لك » في النهاية، يمكن القول: إن(٢) . ويفترض ذلك أن يكون الشرط صحيحا، يتفق مع مبادئ الإسلام وقواعده الكلية. إذ ً في هذه الحالة، وفي أية معاهدة دولية ينطبق: والشرط ما الحكم عليه وقف َ ا وجوده وينتفي إذا انتفى (٣) :ådÉãdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«dhódG äGógÉ©ªdG ô«°ùØJ تطرق فقهاء المسلمين إلى أغلب، إن لم يكن كل قواعد التفسير ا(٤) المستخدمة حالي . ولعل خير من عبر عن هذه القواعد الإمام القرافي، ً حيث جمعها في عبارة وجيزة، بقوله: (١)د. خالد بابكر: نظرية المآلات (قاعدة الأمور بمقاصدها)، بحث مقدم إلى ندوة تطور العلوم الفقهية: النظرية الفقهية النظام الفقهي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة . عمان، أبريل ٢٠١٢ ، ص ٣٠ ُ وراجع أيض ً ا د. علي محيي الدين القرة داغي: نظرية العقود من حيث الكليات والمقاصد . والخصائص والآثار، بحث مقدم إلى ذات الندوة، ص ١٤٠(٢) قاله القاضي شريح قاضي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب 3 ، انظر أبو عبيد حميد بن عبيد السمائلي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة . عمان، ٢٠١١ ، ص ١٠٤ ُ (٣) السالمي: كتاب طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٤٢ . راجع كذلك الفرق بين العلة والسبب والشرط والملزوم، في ذات المرجع، ص ٣٤٣ ؛ وكذلك جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٢٤ -.٣٢٥ (٤) قال ابن فارس: معاني العبارات التي يعبر بها عن الأشياء ثلاثة: المعنى والتفسير والتأويل، = يحمل اللفظ على الحقيقة دون المجاز، والعموم دون التخصيص، والإفراد » ُ  دون الاشتراك، والاستقلال دون الإضمار. وعلى الإطلاق دون التقييد، وعلى التأصيل دون الزيادة، وعلى الترتيب دون التقديم والتأخير، وعلى التأسيس دون التوكيد، وعلى البقاء دون النسخ، وعلى الشرعي دون العقلي، وعلى العرفي دون اللغوي إلا أن يدل دليل على خلاف ذلك؛ لأن جميع ما ادعينا تقديمه « ن(١) ترجح عند العقل احتمال وقوعه على ما يقابله، والعمل بالراجح متعي . = وهي وإن اختلفت فالمقاصد بها متقاربة. فأما المعنى فهو القصد والمراد، يقال: ع َ نيت بهذا الكلام كذا، أي قصدت وعمدت. وأما التفسير فهو راجع إلى معنى الإظهار والكشف، فهو كشف المغلق من المراد بلفظه، وإطلاق للمحتبس عن الفهم به. وأما التأويل فأصله من الأول، ومعنى قولهم: ما تأويل هذا الكلام؟ أي: إلام تؤول العاقبة في َ المراد به، ويقال: آل َ الأمر إلى كذا، أي: صار إليه، راجع الإمام الزركشي: البرهان في علوم القرآن، ج ٢، ص ١٤٦ -.١٥٣ (١) هل » القرافي: الذخيرة، ج ١، ص ٧٢ . وهناك خلاف في الفقه الإسلامي بخصوص قاعدة . راجع السيوطي: الأشباه والنظائر، المرجع السابق، ص ١٦٦ « العبرة بصيغ العقود أو بمعانيها اعلم أن اللفظ إما أن يحتمل معنيين أو لا يحتمل إلا معن » : ويقول التلمساني ً ى واحد ً ا. فإن لم يكن راجحا في أحد المعنيين فهو المجمل وهو غير المتضح الدلالة، وإن كان راجحا ًً في أحد المعنيين، فإما أن يكون رجحانه من جهة اللفظ، أو من جهة دليل منفصل، فإن راجع « كان من جهة اللفظ فهو الظاهر، وإن كان من جهة دليل منفصل فهو المؤول الشريف التلمساني: مفتاح الوصول إلى علم الأصول، تحقيق الشيخ أبو بكر قمي، مكتبة . الكليات الأزهرية، القاهرة، ص ٥٤ وقد اختلفت الآراء بشأن العلاقة بين التفسير والتأويل: فيذهب اتجاه إلى القول بأنهما مترادفان، بينما يذهب اتجاه آخر إلى أن التفسير يتعلق بالرواية والتأويل بالدراية، ويذهب اتجاه ثالث إلى أن التفسير يستعمل في الألفاظ ومفرداتها والتأويل يستعمل في المعاني والجمل، ويذهب اتجاه أخير إلى أن التفسير هو بيان المعاني التي تستفاد من وضع العبارة، والتأويل هو بيان المعاني التي تستفاد بطريق الإشارة (راجع هذه الآراء في: د. عبد الله شحاته: علوم التفسير، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٨٥ ، ص ١٣ - ،١٦ د. محمد أبو شهبة: الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير، مجمع البحوث الإسلامية، القاهرة ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ص ٤٢ -.(٤٣ وأهل الحق يرون الأخذ بالظاهر في محله، والتعويل على » : ويقرر الإمام زاهد الكوثري = والتفسير هو إيضاح معنى نص غامض أو غير واضح(١) من نصوص المعاهدات الدولية. وللتفسير قواعده ومبادئه التي يعرفها المتخصصون. وقد نصت اتفاقية ڤيينا لقانون المعاهدات لعام ١٩٦٩ على أهم القواعد في هذا الخصوص(٢) . وفي الفقه الإباضي توجد قواعد يمكن على هداها تفسير نص غامض في معاهدة دولية، أهمها: :Égó°UÉ≤ªH QƒeC’G IóYÉb (CG وهذه قاعدة أكدها أيضا القضاء والتحكيم الدولي، إذ الغاية النهائية ً للتفسير هي الوصول إلى نية أو قصد الأطراف المتعاقدة من النص أو اللفظ  محل ا لتفسير(٣) . وهي في الفقه ا لإباضي:  = التأويل في موضعه، والتأويل هو بيان مآل ما يحتاج إلى التدبير من القول وتبيين ما يؤول إليه الكلام. وهذا هو معنى التأويل في أصل اللغة. وأما استعماله بمعنى صرف الكلام عن معناه الظاهر فاصطلاح محد َ ث. والخائفون في بحث التأويل طوائف على ُْ راجع الإمام زاهد الكوثري: قانون التأويل « أنحاء شتى من تفريط أو إفراط أو توسط َ . للإمام الغزالي، هدية مجلة الأزهر، ربيع الآخر ١٤٠٦ ه، ص ٣٧ راجع كذلك الأوجه الستة عشر في ترجيح المعاني، الإمام أبو إسحاق الشيرازي: كتاب المعونة في الجدل، تحقيق عبد المجيد تركي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٨ ه ١٩٨٨ م، ص ٢٨١ - ٢٨ ؛ الإمام الجويني: الكافية في الجدل، تحقيق د. فوقية حسين، ط عيسى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٩٩ ه ١٩٧٩ م، ص ٤٩٤ وما بعدها؛ الإمام الباجي: كتاب المنهاج في ترتيب الحجاج، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٩٨٧ ، ص ٢٣٤ -.٢٣٧ (١) قال الإمام السيوطي إن التفسير هو: أن يكون في الكلام ل » َالسيوطي: الإتقان في علوم « بس وخفاء، فيؤتى بما يزيله ويفسره ٌْ . القرآن، دار التراث، القاهرة، ج ٣، ص ٢١٥ (٢) راجع د. أحمد أبو الوفا: الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة، المرجع السابق، ص ١٠٢ -.١١١ (٣) انظر: Ahmed Abou-el-Wafa: Public International Law, Dar Al-Nahda Al-Arabia, Cairo, 2010, p. 114. قاعدة كلية كبرى أجمع فقهاء الأمة على جلالة قدرها وأنها داخلة في » « أكثر أبواب ا لشريعة(١) . n :ó«cƒàdG øe ≈dhr CG ¢ù«°SCÉàdG IóYÉb (Ü التأسيس هو: اللفظ الذي يفيد معنى لم يفده اللفظ السابق، ويقال له: إفادة. أما التأكيد: فهو اللفظ الذي يقصد به تقرير وتقوية لفظ سابق له، ويقال له: إعادة. إن اللفظ إذا دار بين التأسيس، والتوكيد فحمله على » : ومعنى القاعدة ٍ التأسيس أولى لأن في حمله على التأسيس إنشاء حكم ٍ جديد، وأما التوكيد َ فهو عبارة عن إعادة اللفظ السابق لتقريره في ذهن المخاطب ولا جرم أن ََ َ حمل َ الكلام على التأسيس أولى من حمله على التوكيد. وبعبارة أخرى: « فالإفادة خير من ا لإعادة(٢) . إعمال » ويقترب من هذه القاعدة في الفقه الإباضي أيضا قاعدة ً « الدليلين كل واحد من وجه أولى من إهمالها(٣) ، والتي هي مظهر من مظاهر « إعمال الكلام أولى من إهماله » قاعدة كلية أخرى هي قاعدة(٤) . (١) معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٠٤ -.٣٠٥ ّ  (٢) . ذات المرجع، ج ١، ص ٣٥٤(٣) أن الدليلين إذا تعارضا فعلى المجتهد أن يسلك الطرق ا لتالية: » : المعنى العام للقاعدة الجمع والتوفيق بحمل المطلق على المقيد، أو الخاص على العام ف َي ُم ْ ضي ا لخبرين ْ مع ً ا. أو يلجأ إلى الترجيح إن وجد في أحدهما مزية ً على ا لآخر. أو يلجأ إلى نسخ السابق بالمتأخر إن علم تأخر ورود أحدهما على ا لآخر. أو يلجأ إلى إسقاطهما معا إن لم يقطع بتأخر أحدهما على ا لآخر. ً والأولى في هذه الصور هو العمل بالدليلين المتعارضين كل واحد منهما من وجه . ذات المرجع، ج ١، ص ٢٧١ « لا يعارض الآخر(٤) السيوطي: الأشباه والنظائر، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة، ص ١٤٢ - ١٥٠ ؛ ابن نجيم: الأشباه والنظائر، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة، ص ١٦٨ وما بعدها. وتساوي هذه القاعدة ما يقرره مبدأ مستقر في تفسير المعاهدات الدولية في القانون الدولي المعاصر، وهو مبدأ الأثر النافع الذي يعبر عنه باللغة الفرنسية تحت اسم Principe de l'effet utile ، ومقابله في اللغة الإنجليزية مبدأ الفعالية Principle of Effectiveness ، وهو ما عبرت عنه أيض ً ا القاعدة اللاتينية . ut res magis valeat quam pereat بعبارة أخرى: مؤدى هذه القاعدة أن كل كلام مكتوب لا بد وأن يأتي ٍ بمعنى جديد. فالأصل في الكلام أن يكون للتعبير عن معان مختلفة، ولا يمكن حمله على توكيد عبارة سابقة، إلا إذا وجد دليل أكيد على ذلك، وبالتالي يمكن القول: إنه إذا احتمل الكلام أن يكون ذا معنى مختلف وجديد، أو أن يكون توكيد ً ا لكلام سبقه، كان حمله على المعنى الأول أولى « التأسيس أولى من ا لتوكيد » : ما لم يثبت العكس. لذلك قيل(١) . ْ ôjó≤J øe ó``H Óa ô``jó≤àdÉH ’EG º«≤à``°ùj ’ ΩÓμ``dG ¿Éc GPEG{ :Ió``YÉb (ê :zΩÓμdG ¬H º«≤à°ùj Ée ومن تطبيقات هذه القاعدة في العلاقات الدولية بطلان المعاهدة الدولية التي تبرم تحت إكراه. وهو ما أكده قوله ژ : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان » وما ا ست ُ « كرهوا عليه(٢) . والخطأ والنسيان والإكراه أمور واقعة في » : يقرر رأي الأمة فلا بد، من تقدير شيء في الكلام، فنقدر كلمة (إثم) فيكون المعنى: (١) راجع بخصوص هذه القاعدة الشيخ علي حسب الله: أصول التشريع الإسلامي، دار المعارف، القاهرة، ١٩٨٥ ، ص ٢٩٠ . كذلك قيل بخصوص ذات القاعدة: إذا دار اللفظ بين التأسيس والتوكيد تعين حمله على التأسيس، الإمام الإسنوي: التمهيد في تخريج . الفروع على الأصول، ص ١٦١ (٢) ٤٥٨ ، سنن أبي داود، /٢ ،( سنن البيهقي، باب الحجر على الصبي حتى يبلغ، ( ٩٥٢ ٦٥٨ ؛ سنن النسائي، /١ ،( ٢٤٤ ، سنن ابن ماجه، باب طلاق المعتوه، ( ٢٠٤١ /٤ ،(٤٤٠٤).١٥٦/٦ ،( باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، ( ٣٤٣٣ رفع عن أمتي إثم الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، وإلا تعرض كلام « الشارع للخلف(١) . حري بالذكر أن تطبيق القاعدة المذكورة أعلاه، في نطاق المعاهدات الدولية، يجب أن يكون في أضيق نطاق، لأن أية معاهدة يحكمها أساسا مبدأ ً التراضي، وبالتالي لا يجوز كقاعدة عامة إضافة أمور لم يتفق عليها أطرافها. :™HGôdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«dhódG äGógÉ©ªdG QÉKBG  تنتج المعاهدات الدولية في الشريعة الإسلامية بعض الآثار(٢) ، التي (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٨٦ ّ (٢) أثر الشيء: حصول ما يدل على » : يقصد بآثار المعاهدة: ما يترتب عليها، ولذلك قيل الراغب الأصفهاني: المفردات في غريب القرآن، « وجوده. يقال أثر وأثر. والجمع: الآثار ومن هذا يقال لكل ما يستدل به « ما يدل على وجوده » ص ٨. كذلك قيل: إن أثر الشيء على شيء: أثر وآثار (مجمع اللغة العربية: معجم ألفاظ القرآن الكريم، المجلد الأول، ص ١٣ ). وقيل أيض ً أثر الشيء بقيته، والجمع آثار، والأثر أيض » : ا ً ا ما بقي من رسم الشيء، والأثر أيض ً موسوعة جمال عبد الناصر « ا ما نتج عن شيء فدل على أن ذلك الشيء قد كان . في الفقه الإسلامي، ج ٢، ص ١٩١ ولا شك أنه يتضح من تلك التعريفات بجلاء: أن آثار المعاهدة مرتبطة بوجودها، وبالتالي كقاعدة عامة لا تترتب آثار على معاهدة زالت أو انقضت. وحتى إذا كان هناك آثار مترتبة على معاهدة زال موضوعها كتسليم إقليم فإن ذلك يدل على معاهدة كانت موجودة. أن هناك علاقة تبادلية بين المعاهدة وآثارها: فآثار المعاهدة تدل على بقائها، كما أن المعاهدة هي التي ترتب حتما هذه الآثار. ويذكرنا ذلك بقواعد كلية: كالعلاقة بين الأصل ً والفرع، والمتبوع والتابع. الإمام سراج « الأمر المترتب على ذلك الشيء » ويذهب رأي إلى أن موجب الشيء هو الدين البلقيني: رسالة الفتح الموهب في الحكم بالصحة والحكم بالموجب، مجلة ١٤١٢ ه ، البحوث الفقهية المعاصرة، عدد ١٣ . ١٩٩٢ م، ص ٨٩  تتمثل أساسا كما هو الحال في القانون الدولي المعاصر في خلق حقوق ً والتزامات بين أطرافها. هذه الحقوق والالتزامات يجب الوفاء بها في الإسلام، بالتطبيق لمبدأ أساسي وقاعدة أكدتها الشريعة مرارا وهي قاعدة ً الوفاء بالعهد. وقد أكد الفقه الإسلامي على أن المعاهدات الدولية ترتب آثارا معينة. ً ففي تفسيره لقوله تعالى: ﴿ !" &%$# ')( ﴾ [ [التوبة: ١ ، يقول الإمام أبو السعود: وأما المعاهدة فحيث كانت: عقد كسائر العقود الشرعية لا تتحصل في » نفسها ولا تترتب عليها أحكامها إلا بمباشرة المتعاقدين على وجوه مخصوصة اعتبرها الشرع لم يتصور صدورها عنه وإنما الصادر عنه في « شأنها هو الإذن فيها وإنما الذي يباشرها ويتولى أمرها ا لمسلمون(١) . ويقول ا لماوردي: إذا عقد الإمام الهدنة مع أهل الحرب، كان عقدها موجبا لأمرين: ً أحدهما: للموادعة، وهي الكف عن المحاربة جهرا، وعن الخيانة سرا. ً قال الله تعالى: ﴿ zyxwvutsrqponm { ﴾ [ [الأنفال: ٥٨ . والثاني: أن يشترك فيها الفريقان، فيلتزم كل واحد منهما حكمهما، ولا يختص بأحدهما، ليأمن كل واحد منهما صاحبه. قال الله تعالى: ﴿ ) 76543210/.-,+* 98 ﴾ [ [التوبة: ٧(٢) . (١) تفسير أبي السعود المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، المرجع السابق، . ج ٢، ص ٥١٤ (٢) الماوردي: الحاوي الكبير، دار الفكر، بيروت، ١٤١٤ ه . ١٩٩٤ م، ج ١٨ ، ص ٤٣٩ وقد أكد الفقه الإباضي على أن المعاهدة الدولية ترتب آثارا بين ً أطرافها، بل وبالنسبة لغير أطرافها. ويمكن من خلال كتب الفقه الإباضي أن نذكر أهم تلك الآثار فيما يلي:  :ó¡©dÉH AÉaƒdG ( CG ١ المبدأ ا لعام: يقول الإمام ا لنزوي: ومن العهد الحفاظ ورعاية الحرمة، وهذا معنى الحديث، أن عجوز » ً ا دخلت على النبي فسأل بها واحتفى، وقال 0 : إنها كانت تأتينا أيام » « خديجة وإن حسن العهد من ا لإيمان(١) . ويقول ا لبسيوي: وما كان من عهد ومواعدة ومعاقدة بين المسلمين وبين أحد من » ملل أهل الشرك وغيرهم فيجب عليهم التمام والوفاء بذلك، ومن ذلك قول الله تعالى: ﴿ ^]\[Z ﴾ [ [المائدة: ١ ، يعني أوفوا بالعهود التي بينكم وبين الناس، وقوله تعالى: ﴿ ®¬«ª ¯°± ﴾ [ [الإسراء: ٣٤ ، يسأل ا لله ُ ناقض َ العهد عن نقضه. وقال  تعالى: ﴿ ^] _` fedcba ﴾ [ [النحل: ٩١ ، يعني فيما بينكم وبين جميع الناس، من أهل الشرك وأهل الحرب وغيرهم؛ لأنها عامة، ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها، يعني تغليظها، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ً في أمر العهد، يعني شهيد ً ا، إن الله يعلم ما تفعلون في أمر ا لعهد... (١) الحفاظ ورعاية الحرمة » : النزوي: المصنف، ج ٢، ص ٢٠٠ . وجاء في الضياء أن من العهد سلمة العوتبي: الضياء، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، « والحق ُ ١٤١١ ه . ١٩٩١ م، ج ٤، ص ٤٥٤ فمن أعطى من المسلمين عهد الله وميثاقه أحد ً ا من أهل الحرب وغيرهم، ِ ِ ثم نقض العهد، فإنه ينصب له يوم القيامة لواء بحرابه عند ظهره يقال له: هذه َُْ ُ غدرة فلان. والله يسأل ناقض العهد عن العهود ونقضها، وقد ذم الله ناقضي العهود وتوعدهم، وقال: ﴿ }|{zyxw ~ ﮯ «ª©¨§¦¥¤£¢¡ ¬ ¯® ° ﴾ [ [الرعد: ٢٥ ، « ففي هذا ما يؤكد على الوفاء في العهد وشدد في نقضه(١) . « الإتيان به على وجه ا لتمام » : ومن المعلوم أن الوفاء بالشيء يعني(٢) . « القيام به على الوجه ا لأكمل » : كما أن الوفاء بالعهد هو(٣) . والوفاء بالعهود يعتبر من الثوابت والكليات في الشريعة الإسلامية التي يترتب على مراعاتها استقرار التعاملات ومنع المشاحنات والمنازعات. « ما لم تكن معصية أو مكروهة » لذلك فإن الوفاء بالعهود أمر لازم(٤) .  والوفاء بالعهد في الفقه الإباضي لا يقتصر على العهد المبرم بين المسلمين، وإنما يشمل أيضا ذلك المبرم مع غير المسلمين. لذلك في تفسير ً قوله تعالى: ﴿ ^] _`a ﴾ [ [النحل: ٩١ ، قيل إنه يعني: « فيما بينكم وبين الناس من أهل الشرك، في أهل الحرب وغيره »(٥) . (١) البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٦٧ -.١٦٨ (٢) . السالمي: طلعة الشمس شرح شمس الأصول، ج ٢، المرجع السابق، ص ٤٤٩(٣) الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٨، ص ٥٩ (قاله بخصوص ٰ الآية ٣٤ من سورة ا لإسراء). (٤) أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المطبعة العربية، غرداية قسنطينة، ١٤٢٢ ه ٢٠٠١ م، ص ٦١٢ . انظر أيض ً في معجم القواعد « العقد يجب الوفاء به ما لم يكن معصية » ا قاعدة الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ص ٧٤٧ -.٧٤٨ ّ (٥) أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، . المرجع السابق، ج ٢، ص ٧٤ والذمي إذا دخل في العهد، فليس لأحد أن » : كذلك يقول الرستاقي « يظلمه، ولا يعتدي عليه(١) .  ،« حسن العهد من الإيمان » : وهكذا فإن القاعدة في الفقه الإباضي أن الأمر الذي يضفي على الوفاء بالعهد إلزاما والتزاما دينيا يمنع من الخروج ًً على المعاهدة أو خرقها أو مخالفتها أو انتهاك أحكامها. يقول أطفيش بخصوص قوله تعالى: ﴿ qponm ﴾ [ [التوبة: ٤، أنه 4 « أمر بالوفاء لهم، ولا يجعل الوافي كالغادر »(٢) . كذلك بخصوص الآية ( ٧) من سورة التوبة، يقول ا لكندي: » ﴿ 210 ﴾ [ [التوبة: ٧ فما أقاموا على وفاء العهد، ﴿ 3 4 ﴾ على الوفاء ﴿ 9876 ﴾ يعني: أن التربص بهم من أعمال « المتقين(٣) .  فالقاعدة إذن أن الوفاء بالكلمة المعطاة، وعدم الخروج عليها أمر لازم فإذا وقع بينهم عهد أو صلح فعلى المسلمين الوفاء به كان إلى مدة » : لازب أو غير مدة وليس لأحد من المسلمين الزيادة عليهم فوق ما جرى عليه « صلحهم(٤) . وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحث على ضرورة الوفاء بالعهد، منها قوله تعالى: ﴿ {zyxwvu ﴾ [ [المائدة: ١٣ . (١) . الرستاقي: منهج الطالبين وبلاغ الراغبين، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ٣٥٢ (٢). العلامة أطفيش: تيسير التفسير للقرآن الكريم، المرجع السابق، ج ٤، ص ٤٥٣(٣) . الشيخ سعيد بن أحمد الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، المرجع السابق، ج ١، ص ٥١٠(٤) الكندي: بيان الشرع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٦٩ -. ٧٠ ، ص ٢٦٧ ُ ﴿ ;:9876543﴾ [ [الفتح: ١٠ . ﴿ ^]\[ZYXWVU b ❁ `_ on m ❁ kjihgf ed c {zyxwvutsrqp ﴾ [الأنفال: ٥٦ - [٥٨ . ﴿ ! '&%$#" )(﴾ [ [التوبة: ١ . ﴿ ` edcba hgf (١) ji vutsrqponmlk﴾ [ [التوبة: ٤ . ﴿ ! *)('&%$#" 876543210/.-,+ 9﴾ [ [التوبة: ٧ . ﴿ ] gfedcba`_^ uts❁ qponmlkjih ~}|{zyxwv ے ¡ ³²±°¯®¬«ª©¨§¦¥¤£¢ ´ ¶μ﴾ [النحل: ٩١ - [٩٢ . ة النبوية أحاديث كثيرة عن ضرورة الوفاء بالعهد،   كذلك ورد في السن منها قوله ژ : فالوفاء بالعهد من فرائض الإسلام، ما دام العهد معقود » : ١) بخصوص هذه الآية قيل ) ً ا، والعهد المؤقت لا يجوز نقضه إلا بإنتهاء وقته، ما دام العدو محافظ ً ا عليه بحذافيره، فإذا أخل  د الشيخ عبد الله غوشة: رعاية الإسلام للقيم « الألفاظ، وهو نكرة في سياق النفي، فتعم والمعاني الإنسانية في الدول الإسلامية، مجمع البحوث الإسلامية، المؤتمر السادس، . القاهرة، ١٣٩١ ه ١٩٧١ م، ٢، ص ٢٠٢ ناقض ً ا له، قال تعالى: ﴿ hgfe﴾ [ [التوبة: ٤ ولفظ (شيء) أعم بشيء منه، ع ُ أد الأمانة » َ « إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك . « لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له »(١) .  وروى البيهقي أن ا لنبي ژ قال: ثلاثة المسلم والكافر فيهن سواء: من » عاهدت َ ه فوف بعهده مسلما كان أو كافرا، فإنما العهد لله، ومن كانت ُ ًً ِ بينك وبينه رحم فصل ْ ها، مسلما كان أو كافرا، ومن ائتمنك على أمانة ًً « ا(٢) فأدها إليه، مسلما كان أو كافر . ًً « إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد »(٣) . وقد طبق ا لرسول ژ مبدأ الوفاء بالعهد في أحوال كثيرة، نكتفي بذكر ّ مثالين شهيرين: فقد قال حذيفة بن اليمان: ما منعني أن أشهد بدر ا إلا أنني خرجت أنا ً  وأبو الحسيل فأخذنا كفار قريش، فقالوا: إنكم تريدون محمد ً ا، قلنا: ما نريده وما نريد إلا المدينة. فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننطلق إلى  المدينة ولا نقاتل معه. فأتينا رسول الله فأخبرناه الخبر، فقال ژ : (١) وهكذا يكون الإسلام قد جعل الوفاء بالعهد من مستلزمات الإيمان، راجع أ يض ً ا أستاذنا د. محمد سلام مدكور: الدولة الإسلامية، مكتبة الفلاح، الكويت، ١٤٠٣ ه . ١٩٨٣ م، ص ٢١٣ (٢) راجع تفسير المراغي، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٩٠ ه ، ١٩٧٠ م، ج ١٠ ص ٢٢ ، يقول شوقي في الهمزية النبوية (يمدح فيها رسول الله ژ :( ِ وإذا أخذت َ العهد َ أو أعطيت َ ه فجميع عهدك َ ذمة ٌ ووفاء ُُ (٣)تعليق ً ا على هذا الحديث الذي قاله ژ لأبي رافع رسول قريش، قيل إن: فيه من الفقه أن العقد يرعى مع الكافر كما يرعى مع المسلم وأن الكافر إذا عقد لك أمان » ً ا فقد ُُ الإمام الخطابي: معالم السنن « وجب عليك أن تؤمنه وأن لا تغتاله في دم ولا مال ولا منفعة وهو شرح سنن أبي داود، المكتبة العلمية، بيروت، ١٤٠١ ه ١٩٨١ م، ج ٢، ص ٣١٦ -.٣١٧ الإمام ابن « وما لزم الوفاء به لأهل الكفر لا يستدل به في أحكام الدين » : على أنه قد قيل الطلاع: أقضية رسول الله، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ١٤٠٢ ه . ١٩٨٢ م، ص ٥٥٦ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٩٢ « انصرفا... نفي لهم ونستعين ا لله عليهم »(١) . َ وفي هذا دليل، في رأينا، على أن الوفاء بالعهد واجب دائما. ذلك أن ً الإسلام، كما سنرى، إذا كان يمنع النصرة للضعفاء عند الارتباط بمعاهدة دولية، فلأ َ ن َ يمنع من اشتراك جنديين أو أكثر في القتال يكون من باب أولى. ومن ذلك ما حدث أثناء صلح الحديبية لأبي جندل، فقد قال له الرسول ژ : اصبر واحتسب، فإن الله جاعل » ٌ لك ولمن معك من المستضعفين ف َرج ً ا ومخرج ً ا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلح ً ا َ « وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهد الله، وإنا لا نغدر بهم .  ويقول أبو بكر : ƒ ثلاث من كن فيه كن عليه: البغي والنك ْ ث والمكر، قال تعالى: ﴿ utsr ﴾ ..[ [يونس: ٢٣ ، وقال تعالى: ﴿ ,10/ ﴾ ..[ [الفتح: ١٠ ، وقال تعالى: ﴿ ´ ¸¹ ¶µ . º ﴾ ..[ [فاطر: ٤٣(٢) . ويقول الإمام علي بن أبي طالب : ƒ يا أيها الناس، إن الوفاء توأم الصدق، ولا أعلم جنة » ً « أوفى منه(٣) . (١) راجع ابن حمزة الحسيني الدمشقي الحنفي: البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث . الشريف، مكتبة مصر، القاهرة، ج ٣، ص ١٨١ يقول النووي بخصوص أمر النبي لهما بالوفاء إنه: ليس للإيجاب، فإنه لا يجب الوفاء بترك الجهاد مع الإمام ونائبه، ولكن أراد النبي أن لا يشيع »عن أصحابه نقض العهد وإن كان لا يلزمهم ذلك لأن المشيع عليهم لا يذكر تأويلا ً « راجع صحيح مسلم بشرح النووي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ١٣٩٢ ه ، ١٩٩٢ م، ج ١٢ ص ١٤٤ -.١٤٥ (٢) الإبشيهي: المستطرف في كل فن مستظرف، ط البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٧١ ه ١٩٥٢ م، . ج ١، ص ٢٠٨ (٣) نهج البلاغة وهو ما اختاره الشريف الرضي من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، . دار الشعب، القاهرة، ص ٦٥ ٢ نطاق تطبيق مبدأ الوفاء بالعهد: نشير إلى تطبيق مبدأ الوفاء بالعهد من الناحية المكانية والزمانية والشخصية. أولا ً من الناحية ا لمكانية: الوفاء بالعهد واجب سواء في بلاد غير الإسلام أو في بلاد ا لمسلمين: • في بلاد غير ا لمسلمين: قاعدة الوفاء بالعهد واجبة المراعاة من الدول الإسلامية ومن المسلمين حتى ولو كانوا خارج ديار ا لإسلام. وهكذا جاء في ا لمصنف: وقيل في قوم: من أهل العهد، ثقل عليهم الخراج أو غيره، فلحقوا » بأهل الحرب. ثم ظهر المسلمون على تلك البلاد، فلا يسبون، ولا تؤخذ ُْ َْ .« أموالهم، ما لم ينقضوا العهد بخلاف ا لمسلمين إذا دخل صاحب عهد بذريته دار الحرب، فلا سبا عليهم » : وفي موضع« ا(١) إلا من كان بالغ ً . ويقول ا لكندي: ولا ينبغي للمشرك إذا أسلم في المشركين أن يقطع شيئ » ً ا من أموالهم « بجناية ولا مكاثرة وهو في أمانهم حتى ينابذهم وينابذوه(٢) . (١) ، النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٤١ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٧٠ فإن كان في أرض العهد فلا يجوز » : ص ٢٥٥ . كذلك قرر الفقه الإباضي بخصوص الكنز أخذه. وهو مال لأهل العهد، إلا أن يعلم أنه جاهلي. وكذلك أهل الأمان. كل أرض يأمن . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٩، المرجع السابق، ص ٧٤٣ « فيها المسلم (٢) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ -. ٧٠ ، ص ٣٠٧ كذلك جاء في ا لمصنف: ولا ينبغي للمشرك إذا أسلم في المشركين، إلا أن يقتطع شيئ » ً ا من أموالهم بخيانة، ولا مكابرة، وهم في أمانهم، حتى ينابذهم وينابذوه... وإذا دخل المسلم أرض الحرب بأمان، فغزاهم آخرون. نقول: إن أرادوه، فليمنع نفسه، وإن لم يريدوه، فليتركهم. وقول: لا يعين عليهم، ولا على من له عندهم أمان. ولا بأس أن يعينهم، ولا بأس أن يعين على أهل حربهم وينصرهم؛ لقوله 8 : ﴿ ji tsrqponmlk ﴾ [ [الأنفال: ٧٢ ، وهو قول « الحسن(١) . • في بلاد ا لإسلام: الوفاء بالعهد واجب في دار ا لإسلام: وهكذا جاء في ا لمصنف: وكذلك إذا دخل الحربي بأمان دار الإسلام، فقتله مسلم، أو غصبه. » وفي نسخة: فقتل مسلما أو غصبه... ثم لحق بدار الشرك، ثم أسلم. ً نقول: إن قتله عمد ً ا، فعليه الق َود ُ . وعليه أن يرد ماله، وليس للإمام أن َ يأمنه على ما أصاب. قال: غيره إن كان الحربي قتل المسلم، ثم خرج إلى دار الحرب، ثم أسلم، فعليه القود، وعليه رد ا لمال. فإن كان المسلم قتل الحربي الداخل بأمان، وهو مسلم. ثم ارتد. ثم « أسلم بعد ذلك، فلا يقتل مسلم بمشرك. وعليه رد ا لمال(٢) . (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٤٢(٢) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٤٣  ثانيا من الناحية ا لزمنية: ً بحث فقهاء الفقه الإباضي الجانب الزمني لمبدأ الوفاء بالعهد من زاويتين: • الوفاء بالعهد في الفقه الإباضي ينطبق سواء تعلق الأمر بفعل حال أو مؤجل: ولا يلزم من وجوب الوفاء بالشيء إذا كان أن يكون » : يقول أطفيش « جائز الوقوع في ا لحال(١) . • إمكانية نفاذ المعاهدة المبرمة في ا لماضي: تعرض علماء الفقه الإباضي إلى أمر مهم: هو أن الدولة يمكن أن تظل ملتزمة بمعاهدة دولية لم تبرمها السلطات الحالية في الدولة، وإنما حاكم سابق عليها. يقول « ما يؤخذ من أهل الذمة من الجزية ونحو ذلك » وهكذا بخصوص ابن عبيدان:  فإذا ظفر الإمام بأرض المسلمين وفيها ذمة قد كان عقدها لهم جبار » تلك الأرض الذي كان قد استولى عليها قبل ا لإمام؟ لم يكن للإمام أن ينقض ذمة الجبار ويحل عليه ما عقده لهم، وكذلك إن كان الجبار قد أخذ منهم الجزية لأعوام قد انقضت في حال استيلائه على تلك ا لأرض. فإن قال قائل: فلم جعلتم فعل الجبار كفعل الإمام في العهد وأخذ َ الجزية عندكم أنه لا يستحق أخذها؟ قيل له: لقول ا لنبي ژ : « المسلمون يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم » . (١)١٤٠٧ ه ، العلامة أطفيش: تيسير التفسير للقرآن الكريم، المرجع السابق، ج ٧ ١٩٨٧ م، . ص ٧٦ فهذا الخبر يوجب إسقاط أخذ الجزية منهم بعد أن أخذها من هو أدنى « المسلمين(١) . كذلك يقول ا لنزوي: ولو كانت الجزية أوفر وأكثر. فإن هؤلاء إنما جرى الصلح بين آبائنا » وبين المسلمين منكم، وقد ماتوا جميعا منا ومنكم. ولم يكن بيننا وبينكم ً محاربة، ولا مصالحة، فاقبلوا منا الجزية: الصلح، فإنها ت ُ قبل منهم، إذا كانوا هم لم يكونوا صالحوا. وفي موضع عن أبي عبيد الله : لا يقبل ذلك منهم، وهم أتباع لمن كان صالح المسلمين منهم. ومن تخلف عن المسلمين، فليس لهم نقض هذا الصلح والعهد أيضا، ً ولهم مثل ما لمن سلف منهم. وليس لمن خلف من المسلمين نقض الصلح، والرجعة إلى قتاله؛ لأنه « قيل: إن المسلمين يسعى بذمتهم أدناهم، ما لم يجئ النقض منهم(٢) . وفي ذات المعنى يذهب الفقه الإباضي إلى ا لقول: وكل صلح بين هؤلاء الملوك وبين عدوهم، من الروم وغيرهم، فهم » .« على صلحهم، إلا أن يخافوا منهم خيانة، فلينبذ إليهم على سواء ِ إنه إذا بنى أهل الذمة الكنائس والبيع بأمر الملوك، » : ويضيف أيضا ًَ « وظهرنا عليهم، تركناهم وإياها(٣) . (١) ، ابن عبيدان: جواهر الآثار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ١٠ ُ ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ص ٣١٧ -.٣١٨ (٢)النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٥١ -.١٥٢ (٣) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٦٤ - ٦٥ . كذلك قيل في = يدل ذلك إذن على استمرارية المعاهدة التي أبرمت في الماضي على في ا لمستقبل. « ذات الأوضاع وبذات الشروط » ثالث ً ا من الناحية ا لشخصية: تتمثل الجوانب الشخصية لمبدأ الوفاء بالعهد في الفقه الإباضي خصوصا في الأمور الأربعة ا لآتية: ً • إمكانية امتداد آثار المعاهدة إلى من يصلون إلى قوم بينهم وبين المسلمين ميثاق: يعتبر ذلك دليلا ً على إمكانية امتداد آثار المعاهدة إلى غير أطرافها. وهكذا بخصوص قوله تعالى: ﴿ hgfedc mlkji ❁ vutsrqpo ﴾ [النساء: ٨٩ -[٩٠ يقول ا لكندي: « أي فاقتلوهم إلا من اتصل بقوم بينكم وبينهم ميثاق »(١) . • عدم إعانة أي طرف إذا كان هناك اتفاق نافذ مع دولتين أو أكثر: معنى ذلك أن التزام الحياد، وعدم الوقوف إلى جانب طرف ضد الطرف الآخر هو أمر يجب مراعاته، ما دام المسلمون مرتبطين باتفاق مع كل طرف من الأطراف المتحاربة. لذلك قيل: وقيل في ملكين من ملوك الشرك يقاتل أحدهما الآخر وهما جميعا » ً صلح للمسلمين يتجرون في بلادهم؟ قال: لا يصلح للمسلمين القتال لأحد = جواب محمد بن محبوب 5 في نصارى سقطرى: والصلح الذي هو عليهم وصنعه لهم هل لهم أن ينقضوا ذلك الصلح وللمسلمين أن ينقضوه؟ فقال: ليس للفريقين ذلك وهم .( على صلحهم الأول. (الكندي: بيان الشرع، ج ٦٨ ، ص ٢٨٥ (١) . الشيخ سعيد بن أحمد الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٥٩ الفريقين مع الآخر ولا يأمروا بعضهم بعضا بقتال بعض، ولا يصلح ً للمسلمين أن يشتروا من أحدهما ما أصاب من صاحبه من رقيق الفريقين « ا(١) جميع . ً  • قاعدة: المولود في حال » ذلك أن :« منع سبي المولود حال العهد » العهد إنما ولد على الذمة، فكأنه صار بذلك حر ا، وإذا صار إلى الحرية « ا(٢) لا يرجع إلى الرق أبد ً . بصحة أنه ولد في ذلك » وبالتالي، فمن جاء ُ « الزمان خلي عنه، وكذلك من علم حاله بالسن في ا لتاريخ(٣) . َ • بخصوص معاملة الكفار فيما غصبوه من مسلم، اختلفوا فيما سباه المشركون من فرقة منهم لها عهد، قيل: يشتري منهم وقيل لا. الفريق الذي « الذي أخذوه من ا لمسلمين » أخذ بالمنع استند إلى العهد(٤) . :á«dhódG äGógÉ©ªdG ò«ØæJ »a Qó¨dGh á©jóîdGh ôμªdG ºjôëJ (Ü يشكل ذلك الوجه السلبي لضرورة الالتزام بالعهد، بينما الوفاء به يمثل وجهها ا لإيجابي. وقد ورد في كتب الفقه الإباضي ما يدل عليها. وهكذا قيل: وذم المكر والخديعة ولا يوصف بهما أيض » ً ا ومعناهما إظهار حسن لمسيء على أن يساء إليه بلا مبيح. (١) العالم محمد بن إبراهيم الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ -. ٧٠ ، ص ٣٠٨ (٢) الإمام نور الدين عبد الله بن حميد السالمي: جوابات الإمام السالمي، ج ٥، المرجع . السابق، ص ١١(٣) الشيخ ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، وزارة التراث القومي . والثقافة، سلطنة عمان، ص ٢٧٩ ُ (٤) . السالمي: جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٥  وقد يكونان بلا مجازاة، وجازا في حرب مباحة ككذب بين أخوين « تشاجرا أو زوجين على صلح بينهما وبين أهل حرب مباحة(١) .  (١) وذم المكر والخديعة، ولا يوصف) المسلم وكذا الموقوف فيه (بهما )» : جاء في شرح ذلك أيض ً ا) إلا بقيد مثل أن يقول: مكر في الحرب أو خدع فيها أو مكر بقاطع الطريق أو خدعه أو نحو ذلك مما يتبين به أنه لا بأس عليه، وكذا في سائر الألفاظ التي لا تطلق  على المتولي يجوز وصفه بها بقيد مسوغ (ومعناهما) واحد وهو (إظهار حسن) سواء فعله أو لم يفعله (لمسيء على أن يساء إليه بلا سبب مبيح) لذلك المذكور من إظهار حسن  توصلا به إلى الإساءة إن فعلها فذلك مكر وخديعة وإلا فالحقد مع زيادة إظهار حسن على الحقد لكن إظهاره عمل بمقتضى الحقد، والذي عندي أنه مكر وخديعة ولو لم  يفعل تلك الإساءة يقال: خدعه فلم ينخدع ومكر به ولم تتم عليه حيلته، ولا دليل على أنه يشترط لكون ذلك مكرا وخديعة أن يفعل السوء، نعم هو كثير، وذلك مثل أن يدعوه ً لطعام فإذا جاء قتله أو ضربه أو سلبه، ومثل أن يدعو له بخير ويعظمه ليبيع له شيئ ً ا فلا يعطيه ثمنه ومثل أن يمدحه أو يظهر له اللين لئلا يقوم لنفسه في الأمور التي يتنازع الناس عليها في مراتبهم وأموالهم وآرائهم والإحسان في ذلك يكون بالحلال والحرام كالإحسان بالإعانة على الظلم أو بمعصية ما أو بإعطاء المال الحرام، وخرج بقوله: على أن يساء إليه ما إذا أحسن بلا قصد أن يسيء بعد فليس ذلك مكرا وخديعة ولو ظهر له ً بعد فأساء، وخرج بقوله: بلا مبيح ما إذا أباح الشرع له ذلك كما مر أن الحرب خدعة، وكما أن له أن يلين لعدوه لئلا يتشمر في كيده حتى تمكنه الفرصة ويكون المكر والخديعة مجزاة على شر متقدم. (وقد يكونان بلا مجازاة) بأن يفعلهما لمن فعل له خيرا أو لمن لم يفعل له خيرا ولا شرا، ًً (وجازا في حرب مباحة) بيننا وبين المشركين أو بيننا وبين المنافقين وكذا لا يؤاخذ بهما المنافق أو المشرك في حرب تحل له بأن ظلمه (ك) جواز (كذب بين أخوين) في الله أو النسب (تشاجرا) اختلفا في شيء فتصالحا عليه (أو زوجين على صلح بينهما) أي بين الأخ أو الزوج والأخ الآخر أو الزوج الآخر (وبين أهل حرب مباحة) بأن يمكر بما ينفع من أبيح له القتال أو تورية وبين الولد والوالد أو الوالدة وبين القرابة يقول في ذلك كله ُ إن المسلمين قد رجعوا فلا يأخذ الكفار أهبة الحرب، » : ما لم يكن مثل أن يقول للكفار أو: لا طاقة لكم عليهم لكثرتهم وشدتهم، فيهرب الكفار. ولقوله ژ : إن في المعاريض » « لمندوحة عن ا لكذب ، وعن عمر بن الخطاب 3 : إن في المعاريض لمندوحة أن يعف الرجل عن الكذب. وعنه ژ : « لم يكذب من قال خيرا أو أصلح بين ا ثنين » وأما تسميته = ً أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٠٠ والثابت في الإسلام أن: « الغدر حرام باتفاق في حق المسلم أو ا لذمي »(١) . يقول 4 : ﴿ «ª©¨§¦¥¤ ¬® ﴾ [ [الأعراف: ١٠٢ . ﴿ zyxw }|{ ~ ﮯ £¢¡ ¤¥ «ª©¨§¦ ¬ ¯® ° ﴾ [ [الرعد: ٢٥ . وقد ورد في السنة النبوية العديد من الأحاديث التي تحض على تجنب الغدر وعدم اللجوء إليه، منها قوله ژ : قال ا لله » 8 : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطي بي ثم غدر،  = كذبا في مثل قوله ژ : لا يصلح الكذب إلا في ثلاثة مواطن: الحرب فإنها خدعة، » ً « والرجل يصلح بين اثنين، والرجل يرضي ا مرأته أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٦ ، ص ٢٦٨ -.٢٧٠ (١) . الإمام ابن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، المرجع السابق، ج ٦، ص ٢١٤ والغدر حرام في كل عهد بين المسلم وغيره ولو كان المعاهد كافرا... وقد » : كذلك قيل ً أمر الله تعالى في كتابه بالوفاء بعهود المشركين إذا أقاموا على عهودهم ولن ينقضوا منها شيئ ً . ابن رجب الحنبلي: جامع العلوم والحكم، دار المعرفة، بيروت، ص ٤٠٥ « ا وليعلم الملك أن من قواعد دولته الوفاء بعهوده، فإن الغدر قبيح وهو » : كذلك قيل بالملوك أقبح، ومضر، وهو بالملوك أضر؛ لأن من لم يوثق منه بالوفاء على بذله، ولم يتحقق منه تصديق قوله بفعله، ووسم بنقض العقود ونكث العهود، قل الركون إليه، وكثر « النفور منه وعنه... وإذا عرف الأعداء الوفاء منه لانوا، وطال عليهم بالنصرة فهانوا الماوردي: كتاب تسهيل النظر وتعجيل الظفر في أخلاق الملك وسياسة الملك، دار . النهضة العربية، بيروت، ١٩٨١ ، ص ١١٦ بل يعد القتل أو غدر أو ظلم من له أمان أو ذمة أو عهد كبيرة من الكبائر في الإسلام، راجع ابن حجر الهيتمي: الزواجر عن اقتراف الكبائر، دار الشعب، القاهرة، ١٤٠٠ ه . ١٩٨٠ م، ص ٦١٣ ورجل باع حرا ثم أكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم ً « يعطه أجره(١) . وقد حذر الرسول الكريم من الغدر الذي يقع من السلطات العامة في الدولة (وهو ما ينطبق على المعاهدات الدولية أيض ً ا): فقد روى مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ژ : لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم من » « أمير عامة .  يقول ا لقرطبي: إنما كان الغدر في حق الإمام أعظم وأفحش منه في غيره، لما في ذلك » من المفسدة فإنهم إذا غدروا وعلم ذلك منهم، ولم ينبذوا بالعهد لم يأمنهم العدو على عهد  ولا صلح، فتشتد شوكته ويعظم ضرره، ويكون ذلك منفرا ً من الدخول في الدين، وموجبا لذم أئمة المسلمين. فأما إذا لم يكن للعدو ً عهد فينبغي أن يتحيل عليه بكل حيلة، وتدار عليه بكل خديعة، وعليه يحمل قوله ژ : (الحرب خدعة) «(٢) . ُ ويقول الشوكاني: إن هذا الحديث فيه دليل على: تحريم الغدر وغلظه لا سيما من صاحب الولاية العامة، لأن غدره » يتعدى ضرره إلى خلق كثير ولأنه غير مضطر إلى الغدر لقدرته على الوفاء. قال القاضي عياض: المشهور أن هذا الحديث ورد في ذم الإمام إذا غدر في عهود لرعيته أو للإمامة التي تقلدها والتزم القيام بها... وقيل المراد نهي (١) وقوله أعطي بي أي ح » : يقول الصنعاني َ لف باسمي وعاهد أو أعطى الأمان باسمي وبما شرعته من ديني. وتحريم الغدر والنك ْ الصنعاني: سبل السلام، المرجع « ث مجمع عليه . السابق، ج ٣، ص ١١١ (٢) . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، المرجع السابق، ج ٨، ص ٣٣ الرعية عن الغدر بالإمام... قال الحافظ: ولا أدري ما المانع من حمل الخبر « على أعم من ذلك(١) . أخيرا، من الثابت عن النبي ژ ، فيما رواه عمرو بن عنبسة، أنه قال: ً « وفاء بغدر خير من غدر بغدر »(٢) . والغدر محظور في الفقه الإباضي، لذلك جاء في ا لمصنف: يجوز للمسلمين صلح أهل الأوثان، السنة والسنتين، حتى يكثر »  « المسلمون ويقووا. وليس لهم أن يغدروا بهم، ولهم ما صالحوهم عليه(٣) . أيض ً وإن دخلنا في بلادهم (أي بلاد المشركين) بأمان فإنا لا نخون » : ا « ولا نغدر(٤) . (١) الشوكاني: نيل الأوطار، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٣ ه . ١٩٨٣ م، ج ٨، ص ٢٩ كذلك بخصوص قوله ژ : إذا جمع الله الأولين والآخرين، يرفع لكل غادر لواء، فيقال: » « هذه غدرة فلان بن فلان ، قيل:  فيه تعظيم الغدرة، وذلك في الحروب كل اغتيال ممنوع شرع » ً ا، إما لتقدم أمان، أو ما يشبهه، أو لوجوب تقدم الدعوة حيث تجب، أو يقال بوجوبها. وقد يراد بهذا الغدر ما هو أعم من أمر الحرب، وهو ظاهر اللفظ، وإن كان المشهور بين جماعة من المصنفين من وضعه في معنى الحرب. وقد عوقب الغادر بالفضيحة العظمى، وقد يكون ذلك من باب مقابلة الذنب بما يناسب ضده من العقوبة، فإن الغادر أخفى غدره ومكره، فعوقب بنقيضه، وهو شهرته راجع العدة حاشية ا لعلامة الصنعاني على إحكام الأحكام شرح عدة « على رؤوس الأشهاد . الأحكام لابن دقيق العيد، المطبعة السلفية، القاهرة، ١٣٧٩ ، ج ٤، ص ٥٢٤ وقال سعيد بن زيد (أحد قواد جيوش المسلمين أثناء فتوح ا لشام): ليس من أخلاق الأمراء ومن يقود الجيوش أن يغدر بعد الأمان ولسنا بحمد الله ممن ». راجع الواقدي: فتوح الشام، دار الجيل، بيروت، ج ١، ص ١٤٠ « ينقض عهده (٢) إذا » الشوكاني: نيل الأوطار، المرجع السابق، ج ٨، ص ٥٥ . ويذكر البخاري تحت باب حادثة الشاة المسمومة، راجع صحيح « غدر المشركون بالمسلمين هل يعفى عنهم . البخاري، ج ٤، ص ١٢١ (٣) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٤٩ (٤). العلامة أبو يعقوب الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، ج ٣، مج ٢، ص ٩٩ :á«dhódG äGógÉ©ªdG ò«ØæJ óæY zAGóàY’Gh º∏¶dGh »¨ÑdG{ ºjôëJ (ê في الفقه ا لإباضي:  « البغي والظلم والاعتداء حرام »(١) . ولا شك أن هذه القاعدة تنطبق على المعاهدات الدولية، ذلك أن البغي والظلم والعدوان في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، حرام أيضا. ً يقول الوارجلاني: ،« ما بيننا وبين المشركين » لذلك تحت باب ويجوز لنا منهم جميع ما يجوز للمسلمين الذين لم يتملكوهم، من »غدر وخيانة ودلالة، والخروج عليهم ما لم نجعل إلى أنفسنا سبيلا ً ، في   « عهد أو ميثاق أو أمانة(٢) . (١) المقصود بذلك هو ما يلي:  فالبغي الإسراف في الظلم بإعظام ا لمظلمة. »والظلم نقص حق الإنسان أو نفسه، فإنك إذا ضربت إنسان ً ا أو أكلت ماله أو اغتبته أو فعلت نحو ذلك فقد نقصت حقه، فإن حقه إبقاء حرمته وصونه عن ذلك.. وذكر الشيخ أحمد: أن الظلم زيادة عن حد الله في القول والعمل، وأصله وضع الشيء في ُْ غير موضعه، وقيل: الظلم وضع الشيء في غير موضعه هذا في اللغة، وأما في الشرع فالتصرف في ملك الغير بغير الحق مع مجاوزة الحد، وذلك محال عن الله لأنه لا حق عليه لأحد، وهو الذي حد الحدود َ ، وأما قوله تعالى: إني حرمت الظلم على نفسي » وجعلته محرم ً « ا بينكم فمعناه: منعت ُ الظلم. والاعتداء مجاوزة ما حد الله سواء كان فيها ظلم أحد أو لا، فالمعصية الواحدة ظلم من حيث إنها نقص حق واعتداء من حيث إنها إليها قال الله تعالى: ﴿ NMLK WVUTSRQPO ﴾ [ [النحل: ٩٠ ، ومن نسب البغي للمتولي كفر ولا يوصف بهن المؤمن، وأما قوله تعالى: ﴿ lkji m ﴾ الآية [ [الحجرات: ٩ ، فوصف الباغية بأنها مؤمنة باعتبار ما كانت عليه قبل البغي أطفيش: شرح كتاب النيل « لأن (إحداهما) معناه إحدى الطائفتين اللتين من المؤمنين وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٦ ، ص ٢٩٢ -.٢٩٣ (٢) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٩٤ = كذلك في الفقه الإباضي لا تجوز محاربة أهل القبلة بغير دعوة « ولا محاربة من كان له ذمة وعهد من ا لمشركين »(١) . كما أن العهد يجعل أموال الطرف الآخر محترمة ولا يجوز المساس بها. فقد جاء في بيان ا لشرع: وإنما تكون أموال المشركين لهم وهي حرام على المسلمين إذا كانوا » لهم عهد وذمة مع المسلمين فأموالهم حرام على المسلمين ما تمسكوا بذمتهم وعهدهم فإذا لم يكن لهم عهد ولا ذمة مع المسلمين فأموالهم حلال للمسلمين إذا قدروا عليها فإذا غزاهم المسلمون فقدروا على أموالهم بلا حرب من المشركين علم المشركون بهم أو لم يعلموا بهم فهي غنيمة « للمسلمين وفيها ا لخمس(٢) . = عصمة دماء المسلمين » :« كبيرتان إلى النار: الدم والمال » : كذلك قيل إن من فروع قاعدة ممن قال لا إله إلا الله محمد رسول الله لا نحل دمه بالشبهة وكذلك أهل الذمة، ومن ُ أعطي الأمان ومن دخل في عقد المسلمين وأموالهم ومن ارتكب هاتين الكبيرتين وجبت ُ . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ٨٧١ « له النار حتى يتوب منهما ّ وأما قولكم في أموال المشركين لهم حتى تغنم فهو كذلك هم » : ويقول أبو الحواري أملك بها ما دامت في أيديهم فليست بحرام على المسلمين إذا قدروا عليها إذا كانوا حربا للمسلمين وإنما تكون أموال المشركين لهم وهي حرام على المسلمين إذا كان ً لهم عهد وذمة مع المسلمين فأموالهم حرام على المسلمين ما تمسكوا بذمتهم وعهدهم. « فإذا لم يكن لهم عهد ولا ذمة مع المسلمين فأموالهم حلال للمسلمين إذا قدروا عليها جامع أبي الحواري، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ُ . ج ٣، ص ٨٢(١) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه ، ١٩٨٧ م، ج ١٤ ُ . ص ١٧٣(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٦٢ :ø«ª∏°ùªdG áë∏°üe ó°V ¿Éc ƒdh ó¡©dÉH AÉaƒdG IQhô°V (O المبدأ الثابت في الشريعة الإسلامية انطلاق ً ا من نزعتها الأساسية في احترام العهود ضرورة الوفاء بها، حتى لو اصطدم ذلك مع مصلحة واضحة للدولة ا لإسلامية. والشواهد على ذلك كثيرة، منها: فمن المعروف أنه بعد إبرام صلح الحديبية، والذي كان ينص على أنه: انفلت ،« من أتاكم منا رددتموه علينا، ومن أتانا منكم لم نرده عليكم »أبو جندل منهم إلى المسلمين، فرده المسلمون إليهم، وقال رسول الله ژ : يا أبا جندل قد لجت القضية بيننا وبينهم ولا يصلح لنا » الغدر، والله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرج ً ا ومخرج ً « ا . كذلك حينما جاء أبو رافع سفير قريش إلى المسلمين، ووقع في قلبه الإسلام، أشار عليه الرسول ژ بالرجوع إليهم، وقال: إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد ولكن ارجع إليهم فإن كان في قلبك الذي فيه الآن فارجع . من المعلوم، كما سنرى أنه لا يجوز نصرة المسلمين المتواجدين مع قوم بينهم وبين المسلمين ميثاق(١) . (١) فإذا افترضنا أن الدولة الإسلامية دخلت مع المجتمع الدولي أو مع دولة » : وهكذا قيل أخرى في معاهدة دولية أو ثنائية، أو وقعت بروتوكولا ً معين ً ا فهي في الواقع تضيف إلى تعهداتها الأصلية تعهدات قانونية، عليها الالتزام بها، على أي وجه كان، حتى أنه « يمكن القول بأن للمعاهدة نفسها موضوعيتها دون النظر إلى مقتضيات المصلحة العامة (الشيخ محمد علي التسخيري: أحكام الحرب والأسرى في الإسلام بين الرحمة والمصلحة، بحث مقدم إلى مجمع الفقه الإسلامي، منظمة المؤتمر الإسلامي، الدورة السابعة، ١٤١٢ ه .( ١٩٩٢ م، ص ٢٣ ومن ذلك الوفاء لأهل الصلح بما تم الاتفاق عليه. ولعل خير من عبر عن ذلك الخليفة العادل عمر بن الخطاب في وصية لأحد قواد جيشه: وأقم بمن معك في كل جمعة يوما وليلة، حتى تكون لهم راحة يحيون » ً فيها أنفسهم، ويرمون أسلحتهم وأمتعتهم، ونح منازلهم عن قرى أهل الصلح والذمة، فلا يدخلها من أصحابك إلا من تثق بدينه، ولا يرزأ أحد من أهلها شيئ ً ا، فإن لهم حرمة وذمة ابتليتم بالوفاء، كما ابتلوا بالصبر عليها، فما صبروا « لكم فتولوهم خيرا، ولا تستنصروا على أهل الحرب بظلم أهل ا لصلح(١) . ً ويدل على ذلك في الفقه الإباضي، ما يلي: • يقول ا لبسيوي: إذا عاهد أحد من المسلمين أحد ً ا ثبت ما أعطى من ذلك، ألا ترى أن رسول الله ژ لما صالح زمان الحديبية أهل مكة لم يغدر بهم، ووفاء لهم بشروطهم رد إليهم من خرج من عندهم كما شرطوا عليه، رد أبا جندل، َ وقال له: لا يصلح لنا ا لغ َ د ْ ر في ديننا، وقال لأبي النظير: ا رجع فإنه قد أعطينا ْ هؤلاء القوم عهد ً ا، فلا يصلح لنا الغدر، فلما قبل أبو النظير الرسول الذي مر (١) . راجع أحمد زكي صفوت: جمهرة خطب العرب، المكتبة العلمية، بيروت، ج ١، ص ٢٢٦ بل أفتى الإمام مالك بعدم جواز شراء أهل الصلح (أي قوما من دار الحرب) كانت بيننا ً وبينهم هدنة فأغار عليهم قوم من أهل الحرب فسبوهم فباعوهم من المسلمين، أيجوز للمسلمين أن يشتروهم؟ قال: لا يشتروهم. وذهب مالك بخصوص قوم من أهل الحرب صالحناهم على مائة رأس كل عام فأعطونا أولادهم أيجوز لنا أن نأخذهم أو نرى أولادهم في الصلح معهم؟ قال: هؤلاء إنما صالحوا صلح ً ا ثابت ً ا لهم ولأبنائهم فلا يجوز ذلك وهم مثلهم. كذلك سئل مالك عن القوم من العدو يأتوننا بأبنائهم: أنشتريهم منهم؟ فقال: أبينكم وبينهم هدنة أو قال: عهد؟ قالوا: لا، قال: لا بأس بذلك، راجع المدونة الكبرى للإمام مالك، دار صادر، بيروت، مطبعة السعادة بمصر، ١٣٢٣ ، المجلد الرابع، ص ٢٧٤ - ٢٧٦ . وقال مالك: كل كنز وجد من دفن الجاهلية في بلاد قوم صالحوا عليها لأهل تلك الدار، وليس هو لمن أصابه (ذات المرجع، ج ١، ص ٢٩٠ -.(٢٩١ معه، ورجع إلى رسول الله ژ ، فقال رسول الله ژ : ويحه مسعر حرب لو » َُ ُ  « كان معه رجال ، ولم يؤمنه حتى خرج من عنده، فالغ َ د ْ ر غير جائز(١) . • كذلك جاء في بيان ا لشرع: إنه إذا هزم بوارج الهند المسلمين وقال من قال: لا بد من الدعوة ما لم يبدءوا بالقتال فإذا بدءوا وأخذوا مراكبهم وأموالهم وقدر المسلمون على قتلهم غيلة؟ هل لهم ذلك؟ قال قد قال من قال من أصحابنا أنه إذا كان أموال المسلمين في أيديهم. فليس لهم دعوة وقتلهم جائز كيفما قدر عليهم بغيلة أو غيرها ما لم يكونوا عندي قد أعطوهم الأمان وتسالموا وأمن كل من صاحبه فإن كان هكذا فلا يعجبني إلا بعد ا لمباينة(٢) . • :« النصرة واجبة إلا على من معهم عهد » كذلك في الفقه الإباضي فبخصوص من بغى عليه وظلم من حقه هل له أن ينتصر بقوم بينهم وبين عدوهم عهد الله وميثاق إلى مدة معلومة. أيجوز لهذا المظلوم المبغي عليه أن ينتصر بهؤلاء القوم؟ يقول ا لسالمي: قال الله تعالى: » ﴿ qponmlkji tsr ﴾ [ [الأنفال: ٧٢ ، وقال: ﴿ xwvuts }|{zy ~ ﮯ﴾ [ [النحل: ٩٢ وقال: ﴿ Z ^]\[ ﴾ [ [المائدة: ١ وحسبك هذا جواب ً « ا. والله أعلم(٣) . • ومما يدل على ما قلناه من أن الوفاء بالعهد لازم ولو كان ضد مصلحة المسلمين، ما جاء في ا لمصنف: (١) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٦٨(٢) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٧١ -.٢٧٢ (٣) . جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٣٧٣  ِ وقيل: في دهقان، دخل مع المسلمين بأمان، فحاربه عبيده، وحاربوا » المسلمين وامتنعوا بأرض الحرب، ثم ظهر المسلمون عليهم، فسبوهم. َ قال: هم له، إن صح ذلك. وقيل في إمام، سبا أهل المدينة. ثم قال للمسلمين: إني كنت أمنت .« هؤلاء قبل ا لسبا «(١) يصدق إذا كان عدلا » : قال ً . :¬«∏Y ¥ÉØJ’G ºJ ɪe ôãcCG Ö∏W ΩóY ºàëj ó¡©dÉH AÉaƒdG (`g   علة ذلك أن القاعدة في الإسلام هي الوفاء بالعهد، لا أكثر ولا أقل. من ذلك قوله ژ : تقاتلون قوم » ً ا فتظهرون عليهم فيتقونكم بأموالهم، دون أنفسهم وأبدانهم، يصالحونكم على صلح فلا تأخذوا منهم فوق ذلك، فإنه لا يحل .« لكم ذلك وفي هذا الحديث أن ا لسنة في أرض الصلح أن لا تزال » : قال أبو عبيد على وظيفتها التي صولحوا عليها، وإن قووا على أكثر من ذلك لقوله ژ : .« فلا تأخذوا منهم فوق ذلك، فإنه لا يحل لكم » فجعله حتما ولم يستثن ِ ً « قوتهم على أكثر منه(٢) . (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٦٠ (٢) ابن سلام: كتاب الأموال، ص ١٤٣ . راجع أيض ً ا: حميد بن زنجويه: كتاب الأموال، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، تحقيق د. شاكر ذيب، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض، ١٤٠٦ ه ، ١٩٨٦ م، ج ١ ص ٣٦٥ - ، ٣٦٦ ؛ يحيى بن آدم القرشي: كتاب الخراج، المطبعة السلفية، القاهرة، ١٣٤٧ ص ٧٥ -.٧٦ ويقول الإمام الشوكاني إن ا لحديث: فيه دليل على أنه لا يجوز للمسلمين بعد وقوع الصلح بينهم وبين » الكفار على شيء أن يطلبوا منهم زيادة عليه فإن ذلك من ترك الوفاء بالعهد « ة(١) ونقض العهد وهما محرمان بنص القرآن والسن .  يؤخذ منهم ما صولحوا ويوف » : ويقول أبو يوسف ّ ى لهم ولا يزاد  « عليهم(٢) . معنى ما تقدم أن هذا أمر عليه مدار الوفاء بالعهود في الفقه الإباضي (والمذاهب الإسلامية ا لأخرى). يقول ابن محبوب بخصوص الصلح بين المسلمين وأهل ا لحرب. وإذا وقع بينهم عهد وصلح فعلى المسلمين الوفاء به، كان إلى مدة » أو غير مدة، فليس لأحد من المسلمين الزيادة عليهم فوق ما جرى عليه « صلحهم(٣) . كذلك أكد الفقه ا لإباضي: وليس في زراعة أهل الذمة ولا في ثمارهم صدقة، وإنما الصدقة على » أغنياء المسلمين، وأنهم يؤخذ منهم ما وقفوا عليه من العهد بينهم وبين « المسلمين(٤) . (١) الشوكاني: نيل الأوطار، المرجع السابق، ج ٨، ص ٥١ -.٥٢ (٢) أبو يوسف: الخراج، المطبعة السلفية، القاهرة، ص ٣٥ . ويقول الإمام مالك: إن أهل الإمام مالك: الموطأ، المرجع السابق، كتاب « إلا ما صولحوا عليه » الصلح ليس عليهم . الجهاد، حديث رقم ٢٠ ، ص ٢٩١ (٣) ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، كتاب المحاربة، ص ٣٦ -.٣٧ (٤) . ابن عبيدان: جواهر الآثار، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٣١٦ كذلك بخصوص أهل الكتاب، يقول ا لجيطالي: = :É¡aGôWCG ô«Z √ÉéJ á«dhódG äGógÉ©ªdG QÉKBG ( h القاعدة في القانون الدولي المعاصر أن الاتفاق الدولي لا يرتب آثارا ً تجاه غير أطرافه، إلا بموافقتهم. فالمعاهدة الدولية ذات أثر نسبي، وليس مطلق ً ا: بمعنى أنها تنتج آثارها بين أطرافها، وليس تجاه ا لكافة. وقد أكد الفقه الإباضي على هذه القاعدة أيض ً ا؛ وهكذا تحت عنوان قيل: ،« لا صلح لمن لا يحضر الصلح » ولا صلح لمن لم يحضر الصلح ولا لمن لا رأي له في ماله، إلا أن » يكون فيه المصلحة ظاهرة وعلى تركه يخشى من ذهابه أجمع فعسى أن يجوز في الواسع لمعنى النظر في الصلاح ممن له رأي في ماله أجيز خوف ً ا من تواه بالكلية فإن بعض الجزء خير من ذهاب الكل فيما يوجبه النظر « لمن جاز له من ذوي البصر في مثل هذا(١) . وقد ورد في السير الكبير ما يؤكد المبدأ ا لسابق: وعلى هذا لو كانت الموادعة بيننا وبين أهل الدارين من المشركين كل » دار لها ملك على حده ثم أغار بعضهم على بعض فجاءنا كل فريق بمائة رأس ممن أسروهم من الفريق الآخر فإنه نأخذ ذلك منهم لأنه لا موادعة = فإن خضعوا للإمام قبل القتل فكل ما صالحهم عليه فليؤدوه ولا يجاوزوا إليهم غير ».« ذلك الإمام الجيطالي: قواعد الإسلام، مكتبة الاستقامة، مسقط، ١٤٢٣ ه ٢٠٠٣ م، ج ١ -. ٢، ص ١١١ ذلك أن القاعدة في الفقه الإباضي أن: .« حكم من زاد على المشروع كحكم من نقص عنه ». معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٩٢ ّ (١) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين . الأخيار، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ٣٨٤ فيما بين الدارين وإنما الموادعة بيننا وبينهم وهم فيما بينهم على ما كانوا « عليه قبل ا لموادعة(١) . وأيض ً فإن قالوا للمسلمين أنا نأخذ العهد لأنفسنا دون نسائنا كان » : ا نساؤهم فيئ ً ويعلل ذلك الإمام السرخسي « ا إلا من دخل منهن في العهد بقوله: « لأن الدليل إنما يعتبر إذا لم يوجد التصريح بخلافه »(٢) . َُ وعلى ذلك يمكن القول إن القاعدة العامة في الشريعة الإسلامية هي أن المعاهدات الدولية لا تنتج أثرا تجاه غير أطرافها(٣) ويعد ذلك الوجه السلبي ً للقاعدة السابق الإشارة إليها والتي تقضي بأن المعاهدات الدولية في الإسلام يقتصر أثرها على أطرافها أو عاقديها. (١) شرح كتاب السير الكبير، المرجع السابق، ط حيدر آباد الدكن، ج ٤، ص ٣٣ . كذلك قيل: على الإمام منع من يقصد أهل الهدنة من المسلمين والذميين، وليس عليه منع الحربيين، ».« ولا منع بعضهم من بعض لأن الهدنة لمجرد الكف لا للحفظ بخلاف ا لذمة . الإمام النووي: روضة الطالبين، المكتب الإسلامي، ج ١٠ ، ص ٣٤٩ بل عرف فقهاء المسلمين المبدأ المذكور في حق الأفراد العاديين، ولذلك قيل: ولا يتعدى الأمان إلى ما خلفه الكافر في دار الحرب من أهل ومال إلا إذا شرط له »ذلك، الإمام ابن جماعة: تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، دار الثقافة، الدوحة، ١٤٠٨ ه . ١٩٨٨ م، ص ٢٣٦ (٢) . شرح كتاب السير الكبير، المرجع السابق، ص ١٦٧ (٣) أخذ الفقه الإسلامي بهذه القاعدة أيض ً ا في إطار العقود التي تبرم بين الأفراد العاديين، يقول ا لسنهوري: الأصل في الفقه الإسلامي، كما هو الأصل في الفقه الغربي، أن أثر العقد ينصرف إلى »العاقد نفسه، ولا يجاوزه إلى غيره ممن لم يكن طرف ً وقد أكد على ذلك « ا في العقد إنما تجرى أحكام العقود في حق » : ١) بقوله / صاحب مرشد الحيران (المادة ٣٠٦ راجع د. عبد الرازق السنهوري: مصادر الحق في الفقه ) « العاقدين، ولا يلتزم بها غيرهما .( الإسلامي، الجزء الخامس أثر العقد بالنسبة إلى الأشخاص، ص ٥٨ :á«dhódG äGógÉ©ªdÉH AÉaƒdG ΩóY QÉKBG (R لا شك أن عدم الوفاء بمعاهدة دولية ما، يؤدي إلى عدم استقرار العلاقات بين أطرافها، بل ينذر بوقوع آثار لا تحمد عقباها بينهم. وقد أكد على ذلك الفقه الإباضي في معرض تفسيره لقوله تعالى: ﴿ ! " /.-,+*)('&%$# 43210﴾ [ [النحل: ٩٤ ، والذي يعني أن الخيانة والخديعة توقع في مهالك ومحظورات ثلاثة: »أ ﴿ & ' )(﴾ : وزل ّ ة القدم تمثيل للانحراف عن نهج الهدى وطريق الحق، من بعد أن كانت ثابتة راسخة فيه، وفي ذلك انحطاط وتسف ّ ل وخذلان. ب ﴿ ,+* - 0/.﴾ : أي تعر ّ ضون بذلك أنفسهم لأنواع من العقوبات ا لدن ّ يوية كالقتل والأسر، وتستن ّ ون بذلك لغيركم س ُ ن  ة سيئة لصد ّ كم عن سبيل ا لله. ج ﴿ 432 ﴾ : أي ما ينتظركم من الجزاء الأخروي جزاء ّ « ارتدادكم إلى ا لكفر (١) . :É¡H •ÉÑJQ’G ºJh â∏ªàcG ób IógÉ©ªdG ¿CG ¢VôàØj ó¡©dÉH AÉaƒdG (ì هذا أمر بدهي وطبيعي. ذلك أنه قبل التعبير عن الرضا في الارتباط بمعاهدة ما، فإنها لا تلزم أطرافها. بعبارة أخرى، يجب أن تكون المعاهدة قد اكتملت، وأن تكون ملزمة لأطرافها. (١) الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٧، ص ٥٣٤ ٰ - .٥٣٥ ا(١) : وقد عرف الفقه الإباضي ذلك أيضا، بل وضعوا له شعر ً ً وناقض ُ العهد ِ بعد َ الصلح م ُ ج ْ ترح ٌ باغ ٍ إذا كان شرط الصلح قد كملا فالمعاهدة لكي تكون ملزمة يجب أن تكون قد اكتملت كل مراحل إبرامها. معنى ذلك أنه قبل المرحلة النهائية يجوز لأي طرف الرجوع فيها. وهذا ما حدث حينما هم الرسول ژ بعقد الصلح بينه وبين غطفان، وذلك ّ حتى كتبوا الكتاب » بإعطائها ثلث ثمار المدينة، فجرى بينه وبينهم الصلح فلما أراد .« ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح، إلا المراوضة في ذلك ََ الرسول أن يفعل بعث إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، فذكر ذلك لهما، واستشارهما فيه، فقالا له: يا رسول الله، أمرا نحبه فنصنعه أم شيئ ً ا أمرك الله ً  به لأن لنا من العمل به، أم شيئ ً ا تصفه لنا؟ قال: بل شيئ ً ا أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وك َ الب َ وك ُ م ُْ من كل جانب، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما ، فقال له (١) الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة . عمان، ص ٩٤ ُ وقال أبو داود إلى على : خرج عبدان إلى رسول الله ژ ؛ يعنى يوم الحديبية قبل الصلح، فكتب إليه مواليهم، والله يا محمد ما خرجوا إليك رغبة في دينك، وإنما خرجوا هروبا من الرق، فقال ناس: صدقوا يا رسول الله، ردهم إليهم، فغضب رسول الله ژ وقال: ً « ما أراكم تنتهون يا معشر قريش حتى يبعث عليكم من يضرب رقابكم على هذا » ، وأبى أن يردهم وقال: هم عتقاء ا لله » 8«. أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة . عمان، ج ٥، ص ١٧٥ ُ كذلك روي أنه قال ژ : « البيعان بالخيار ما لم يفترقا » والناس في تأويل هذا الحديث ّ مختلفون؛ وقول علمائنا إنه ما لم يفترقا بالقول وتجب الصفقة، فأما إذا وجبت الصفقة فلا خيار، لأن الافتراق قد يكون بالقول دون البدن، قال الله تعالى: ﴿ ^]\[ _`a ﴾ البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، « وليس الخيار بافتراق الأبدان » . المرجع السابق، ج ٤، ص ٨ سعد بن معاذ: يا رسول الله، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرى أو بيعا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه، ً نعطيهم أموالنا. والله ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم. قال رسول الله ژ : فأنت وذاك . فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب، ثم قال: ليجهدوا علينا(١) . في هذه الحادثة دليل على أنه طالما كانت المعاهدة في مراحلها التمهيدية، ولم يتم الارتباط بها (عن طريق التصديق أو غيره)، فإنه يمكن الرجوع عنها والتحلل منها. :¢ùeÉîdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«dhódG äGógÉ©ªdG AÉ°†≤fG    لا شك أن مسألة انقضاء المعاهدات الدولية تعد موضوع ً ا مهما في إطار النظرية العامة للمعاهدات. ومن المعلوم أن انقضاء المعاهدة أو وقف تطبيقها يؤدى إلى إنهاء سريان تطبيق المعاهدة سواء بصورة نهائية (حالة انقضاء المعاهدة)، أو مؤقتة (حالة وقف المعاهدة وعدم تطبيقها). على أنه يجب أن نقرر أنه على أطراف المعاهدة ألا يقرروا انقضاءها أو وقف تطبيقها بلا ترو أو تفكير، وإنما، بالعكس، عليهم الاحترام الكامل (١) . ابن هشام: السيرة النبوية، ط البابي الحلبي، القاهرة، ج ٢، ص ٢٢٣ تجدر الإشارة أن تلك الحادثة تتفق مع ما استقر عليه قضاء محكمة العدل الدولية، والتي ذهبت إلى عدم الاعتداد إلا بالاتفاقات الكاملة أو التامة التي استجمعت كافة مراحل وشرائط إبرامها. وبالتالي قررت المحكمة عدم الأخذ بآراء الأطراف خلال المفاوضات التي لم تؤد إلى معاهدة كاملة، راجع: ICJ, Rep, 1952, p200; 1974, p271 - 272. لنصوص المعاهدة، ويفسر ذلك بخطورة هذه العملية؛ لأن إنهاء المعاهدة دون سبب مشروع من شأنه أن يعرض للخطر استقرار العلاقات القانونية الدولية وبالتالي انعدام الأمن القانوني والثقة، وهما حجر الزاوية لأية علاقة ا تفاقية(١) . وقد تعرض فقهاء الفقه الإباضي لأسباب كثيرة تؤدي إلى انقضاء المعاهدات الدولية، نكتفي منها بالإشارة إلى الأسباب ا لآتية: :Ió`ªdG »`t °†e (CG po  من المعلوم أن المعاهدة الدولية قد تكون محددة المدة، وقد تكون غير محددة المدة. فإذا كانت المعاهدة لمدة معينة، فهي تنقضي بداهة بمضي هذه ا لمدة(٢) . وهكذا جاء في ا لمصنف: وأما أهل الحرب من المشركين، فله ذلك، إذا صالحهم على شيء يؤدونه » إليه، أو رأى أن ذلك أقوى لأمره، وأعز لعسكره، صالحهم على أن يقوى أمره، « ويكون الصلح إلى أجل، يجعله بينهم، فإذا مضى الأجل ذهب ا لصلح(٣) . ما أ » والقاعدة في الشريعة الإسلامية أن  ُ قت َ  من العهود لا يجوز نقضه إلا ودليل ذلك قوله تعالى: ،« لعذر شرعي ﴿ ,+*) 9876543210/. ﴾ [ [التوبة: ٧ ، وكذلك (١) د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة . الإسلام، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٩٩ (٢) والعهود المبرمة بين الرسول والمشركين كانت على صور مختلفة، فبعضها » : يقرر رأي الشيخ محمد كعباش: « مطلق لم يحدد بأجل، وبعضها حدد بأجل معين كصلح الحديبية ( نفحات الرحمن في رياض القرآن، ج ٥، ص ٤٠٤ (قاله في معرض تفسيره للآية رقم ( ١ ٰ من سورة ا لتوبة). (٣) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٤٨ قوله تعالى: ﴿ ` jihgfedcba vutsrqponmlk ﴾ [ [التوبة: ٤ وكذلك قوله تعالى: ﴿ utsrqponm ﴾ [ [الأنفال: ٥٨ . ويمكننا أن نقرر أن المعاهدات المؤقتة بمدة معينة يحكمها في الإسلام القواعد ا لآتية: أولا ً القاعدة العامة في الإسلام هي الوفاء بالمعاهدات الدولية حتى التي كرسها « وجوب الوفاء بالعهد » ولو كانت مؤقتة، وهذا يتمشى مع قاعدة الإسلام منذ زمن بعيد (١) ثانيا استثناء مما تقدم هناك أحوال يمكن فيها عدم الوفاء بالمعاهدات ً المؤقتة، مثل نقض الطرف الآخر للمعاهدة وذلك أخذ ً ا بمبدأ المعاملة بالمثل، وحالة خوف الخيانة ويكون ذلك عن طريق النبذ أولا ً . بل يقرر ابن سلام أن رسول الله ژ كان يخبر ويعلم الطرف الآخر في الصلح عند انقضائه وكان يزيدهم في الوقت وبذلك نزل الكتاب الكريم في سورة براءة » ﴿ ,+ -/. ﴾ . ويعلق ابن سلام على ما حدث في عهد معاوية بن أبي سفيان مع ناس من أهل الروم، فكان يسير في ِ بلادهم فأراد إذا انقضى العهد أن يغير عليهم، فسمع رجلا ً يقول: الله أكبر َ َْ وفاء بغدر خير من غدر بغدر. فقال: من هذا؟ قالوا: عمرو بن عنبسة. فقال عمرو: سمعت رسول الله ژ يقول: من كان بينه وبين قوم عهد (١) إذا صح عقد الهدنة إلى مدة وجب الكف عنهم إلى انقضاء تلك المدة أو » : لذلك قيل ينقض العهد، فإذا انقضت المدة أو صرحوا بنقض العهد أو فعلوا ما يوجب نقضه أو خالفوا شرط ً ا من الشروط انتقض عهدهم كما إذا قاتلوا المسلمين، أو كاتبوا أهل الحرب راجع، الإمام ابن جماعة: « فيهم، أو أطلعوهم على عورات المسلمين أو قتلوا مسلما ً . تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، المرجع السابق، ص ٢٣٣ فلا يحل عقده حتى ينبذ إليهم على سواء . يقول ابن سلام إن معاوية لم يرد ِ أن يغير عليهم قبل انقضاء المدة، وإنما أراد أن تنقضي وهو في بلادهم َ َْ فيغير عليهم وهم في غفلة، فأنكر عمرو بن عنبسة إلا أن يدخل بلادهم حتى يعلمهم ويخبرهم أنه يريد غزوهم(١) . دليل على أنه لا يجوز المسير إلى العدو » ويؤكد رأي أن في الحديث في آخر مدة الصلح بغتة بل الواجب الانتظار حتى تنقضي المدة أو ينبذ إليهم عهدهم على سواء، ومعلوم أن المسير إليهم كذلك لا يخالف ما اقتضاه لفظ العهد، ولكن نهى عنه لما فيه من الخداع بالمعاهدين، فدل ذلك على أن مخالفة ما يدل عليه العهد لفظ ً ا أو معنى خديعة وهي حرام، ثم أنه لا فارق في ذلك بين العهود وغيرها من بقية العقود فيجب الوفاء  بها لفظ ً ا ومعنى وهذا كله يهدم العقود التي يتوصل بها إلى المحرمات   وبالتالي فالعبرة في المعاهدات بالمعاني « وإن كانت في ظاهرها مشروعةلا بالألفاظ(٢) . (١) ابن سلام: كتاب الأموال، المرجع السابق، ص ٢٣٧ - ٢٤١ . ويقول الخطابي بخصوص ذات ا لحديث: وفيه دليل على أن العهد الذي يقع بين المسلمين وبين العدو ليس بعقد لازم لا يجوز »القتال قبل انقضاء مدته، ولكن لا يجوز أن يفعل ذلك إلا بعد الإعلام به والإنذار فيه، ويشبه أن يكون عمرو إنما كره مسير معاوية إلى ما يتاخم بلاد العدو والإقامة بقرب دارهم من أجل أنه إذا هادنهم إلى مدة وهو مقيم في وطنه. فقد صارت مدة مسيره بعد انقضاء المدة كالمشروط مع المدة المضروبة في أن لا يغزوهم فيها فيأمنونه على أنفسهم فإذا كان مسيره إليهم في أيام الهدنة حتى ينيخ بقرب دارهم كان إيقاعه بهم قبل الوقت الذي يتوقعونه فكان ذلك داخلا ً الإمام ) « عند عمرو في معنى الغدر الخطابي: معالم السنن وهو شرح سنن أبي داود، المكتبة العلمية، بيروت، ١٤٠١ ه ١٩٨١ م، ج ٢، ص ٣١٧ -.(٣١٨ (٢) الشيخ محمد عبد الوهاب بحيرى: الحيل في الشريعة الإسلامية أو كشف النقاب عن موقع الحيل من ا لسنة والكتاب، مطبعة السعادة، القاهرة، ١٣٩٤ ه ١٩٧٤ م، ص ١٣٣ -.١٣٤ وعلى ذلك فالقاعدة في الإسلام ضرورة الوفاء بالمعاهدة المحددة المدة، وأنه لا يجوز نقضها قبل فوات مدتها، ما لم توجد ظروف تبرر عكس ذلك (مثل نقض الطرف الآخر لالتزاماته).  :á«dhódG IógÉ©ªdG ¢†≤f (Ü لا شك أن نقض أو انتهاك المعاهدة هو أمر جد خطير، يحتاج إلى بيان القواعد واجبة التطبيق في هذا الخصوص. وقد ذكر فقهاء الفقه الإباضي أهم هذه القواعد، وهي: ١ نقض العهد يعني عدم تنفيذ أحكام المعاهدة ا لدولية: أصل النكث نقض » كما أن « حل الإبرام الذي يتم به العهد » النقض هو « الحبل، والمقصود به خيانة ا لعهد(١) . جاء في ا لمصنف: عن محمد بن محبوب: وإذا امتنع أهل الحرب بما صالحوا عليه » المسلمين، أو بشيء منه، فقد نقضوا عهدهم، وحلوا عقدهم. فعند ذلك يدعون إلى ا لإسلام. ُ فإذا دخلوا فيه، قبل منهم. وكانت لهم حرمة الإسلام، وهدم الإسلام عنهم، ما كان عليهم من ذلك الصلح الذي يؤدونه على شركهم. وإن كرهوا الدخول في الإسلام، د ُ ع ُ وا إلى أن يعطوا ما جرى عليه (١) . الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٧، ص ٤٣١ ؛ ج ٥، ص ٤١٤ ٰ « ناقص العهد » (تفسير الآية ٩١ من سورة النحل، والآية ١٢ من سورة التوبة). وفي تفسير يقول أبو الحواري بخصوص قوله تعالى: ﴿ !" %$# ﴾ [ [النحل: ٩٤ أبو الحواري: الدراية وكنز العناية « منكرا وخديعة ليدخل العلة فيستحل به نقص العهد » : يعني ً . ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٧٤  الصلح، فإن أعطوه وافيا لما مضى، وهم به ممتنعون، ق ُ بل ذلك منهم، ً وحقنوا به دماءهم. وكانوا على عهدهم. وكان حق ً ا على المسلمين الوفاء لهم، والقبول منهم. وإن كرهوا ذلك، كان حقا على المسلمين قتالهم، واستحلال دمائهم.  فإن أظفر الله بهم المسلمين، أحل الله لهم غنيمة أموالهم، وسبى ذراريهم الذين ولدوا بعد امتناعهم بالصلح، وسبي من قاتل من نسائهم، أو لم يقاتل. وأما ما ولد قبل ذلك، في حال دينونتهم بالصلح، وتأديتهم إياه، فلا سبي عليهم... وإن نقضوا ما كانوا صالحوا عليه، وأجابوا أن يعطوا الجزية، فلا يقبل « ذلك منهم(١) . كذلك جاء في ا لمصنف:  إذا أعان أهل العهد أهل الحرب، على محاربة المسلمين، فقد » « نقضوا ا لعهد(٢) . لذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ !"# ﴾ الناكثين ﴿ &%$ '( ﴾ [ [التوبة: ٧ والاستفهام » : ، يقول أطفيش إنكاري بمعنى النفي... والمعنى: لا يثبت لهم عهد عند الله ورسوله دون أن َ ينقضوه، بل لا بد من أن ينقضوه لوغر صدورهم، فالعهد فعل لهم أولا ً « لا يثبت الله لهم عهده وقد نقضوه(٣) . (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٥٠ -.١٥١ (٢) ذات المرجع، ص ١٥٥ . انظر أيض ً ا: خميس بن سعيد الشقصي الرستاقي: منهج الطالبين . وبلاغ الراغبين، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ٣٥٤ (٣). العلامة أطفيش: تيسير التفسير للقرآن الكريم، المرجع السابق، ج ٤، ص ٤٤٢ :« ظلم وطغيان وبغي » ٢ نقض العهد بعد إبرامه أكد الفقه الإباضي على ما يلي: وإن تعاهدوا على عامة الفريقين واصطلحوا على هدم الأموال والأنفس » فمن زحف بعد لمحاربه فباغ ٍ ولآخر دفاعه إذ هو محق، كانت محاربتهم  الأولى على ديانة أو على غيرها من مخالف أو موافق أو باغ فناقض العهد «(١) بعد إبرامه ظالم طاغ ٍ . ومن ا لمعلوم: ِ وناقض ُ العهد بعد َ الصلح مجترح ٌ باغ ٍ إذا كان َ شرط الصلح قد ْ كملا هدم الصلح حرام لا يصح » : بخصوص ذلك يقول الشيخ السالمي « ا(٢) ولا يحل، وهادمه بعد استقراره باغ ٍ قطع ً . ٣ نقض العهد يؤدي إلى التحلل من ا لمعاهدة: هذا أمر لا يحتاج إلى أدنى تعليق. وقد جاء في ا لمصنف: وإذا نقض أهل الكتاب العهد وحاربوا، حل سبي نسائهم وذراريهم، » ُْ (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ٧١٢ وإن تعاهدوا)، أي المنظور إليهم (على عامة الفريقين واصطلحوا على هدم )» : وفي ذلك قيل الأموال والأنفس، فمن زحف بعد)، أي بعد هذا الاصطلاح أو زحف إلى ماله (ف) هو (باغ، ٍ ولآخر) ولغيره ولمن أراد إعانته (دفاعه)، أي دفاع هذا الباغي (إذ هو)، أي الآخر المزحوف إليه بعد صلح (محق، كانت محاربتهم الأولى على ديانة أو على غيرها من مخالف أو موافق أو باغ، ٍ فناقض العهد بعد إبرامه ظالم طاغ (ٍ باغ ٍ يفعل به ما يفعل بالبغاة، يقاتله ُ صاحب الحق وغيره، وإن اصطلحوا على الأموال فقط أو الأنفس فقط فهم فيما لم يصطلحوا عليه أهل الفتنة، ومن نقض فيما وقع عليه الصلح فباغ «ٍ ذات المرجع، ذات ا لموضع. (٢) الشيخ محمد بن سالم بن زاهر بن بدوي بن جمعة الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم . الرشاد، المرجع السابق، ص ٩٤   الذين ولدوا معهم، بعد نقض عهدهم، وإن لم يحاربوا. بذلك جاءت السنة عن النبي ژ . وكذلك ت ُ غنم أموالهم وت ُ سبى نساؤهم وذراريهم، الذين ولدوا بعد نقض عهدهم، الذين كانوا في الموضع الذي فيه نقض العهد المحاربون للمسلمين. وفي ا لسنة: إن ا لنبي ژ حكم بذلك مجملا ً ، وأحله منهم.  وإن كان لهؤلاء المحاربين أرحام ونساء وذراري، في غير البلد الذي نقض العهد فيه، وحاربوا، لم يحل للمسلمين سباهم، إلا من هرب من النساء والذراري إلى البلد الذي وقعت فيه الحرب، من بعد أن وقعت بينهم وبين المسلمين فأولئك عليهم ا لسباء.   ومن هرب من قبل وقوع الحرب، إلى بلد آخر، فلا سباء عليهم. فإن ألقوا بأيديهم ورجعوا إلى عهدهم، ق ُ « بل منهم ما لم يقتلوا(١) . ويتحقق نقض المعاهدة في الفقه الإباضي بأسباب عديدة، منها: أولا ً شن الطرف الآخر الحرب ضد ا لمسلمين: هذا أمر طبيعي، ذلك أنه إذا كانت قد أبرمت معاهدة تنص على السلام بين الطرفين وعدم اللجوء إلى العمليات العسكرية، أو أبرمت معاهدة هدنة، فإنه إذا خالف أحد أطرافها ذلك، حق للطرف الآخر اعتبار المعاهدة منقضية لأن ما حدث يخالف موضوع وغرض ا لمعاهدة. وقد أكد الفقه الإباضي على هذا ا لمعنى: (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٥٦ -.١٥٧ فيقول ابن محبوب:  وإن عدا أهل الكفر في دار الإسلام بعدوان كان ذلك نقضا منهم » ً  « لعهدهم ورجعت به الحرب عليهم(١) . وجاء في قاموس ا لشريعة:  وأما ما كان من أهل الكتاب، أو من ثبتت عليه الجزية بسبب من »  الأسباب، وكان من أهل العهد، ثم حارب ونقض عهده الذي ثبت له، فإن ما له غنيمة إذا حارب على ذلك، وأما ذريته الصغار فمن ولد منهم في العهد الذي كان له، فلا غنيمة فيهم وهم على عهدهم، وأما من ولد منهم   « في حال نقض عهدهم فهم لحق بآبائهم، وفيهم ا لسباء(٢) .  تجدر الإشارة أن مخالفة أحد الأطراف للصلح وقيامه بأعمال عسكرية، كسبب يؤدي إلى نقض معاهدة الصلح السارية، حدث أيض ً ا منذ العهد الأول للدولة الإسلامية(٣) . فإذا قامت الحرب  (١) . ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، كتابة المحاربة، المرجع السابق، ص ٣٧(٢) . السعدي: قاموس الشريعة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٧، ص ٢٦٥ ُ انظر أيض ً . ا الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٦٩(٣) فقد كان سبب فتح مكة أن رسول الله ژ صالح قريش ً ا في الحديبية، على وضع الحرب عشر سنين، وقيل: عشرين، ومن شاء كان على عهده ژ ، ومن شاء كان معهم. فكان معه ژ خزاعة ُ ومعهم بنو ب َك ْ ر، ثم ّ قتل بن ُ و بكر رجلا ً من خزاعة على ماء لخزاعة ِ يسمى الوتير، أسفل مكة، وأعانهم قريش ببعض ا لرجال وبسلاح خف ْ ية ٌ ليلا ً حتى أد ْ خلوهم الحرم، وقاتلوا فيه. وأرسلوا إلى رسول الله ژ بديل بن ورقاء بذلك، وجاءته جماعة أيض ً ا فقال: ِ لا ن » ُ« صرت إن لم أنصركم، وإن هذه السحابة تشهد بنصركم . وقال ژ : كأن » ّ ي بأبي ُْ ُ « سفيان جاءكم يشد العقد . فجاء أبو سفيان فاستشفع بأبي بكر بعده ژ ، ثم بعمر، ثم بعلي أن يك َل ْموه ژ ، فلم = ّ ُُ نتيجة للنقض، فإن ذلك أثر طبيعي للفعل الذي ارتكبه ا لناقض(١) . ثانيا ا لغدر: ً  من الطبيعي أن يكون رد الفعل على الغدر الحادث رغم وجود  المعاهدة، هو إنهاؤها بسبب نقضها. يقول ا لبسيوي:   وقد قيل: إنه ژ وفاء لا غدرا فمن أعطى من المسلمين عهد الله وميثاقه » ً في بيعة وعهد، فليس له عذر في نقض ذلك إلا أن ينقض ممن خالف ٌ  الحق، ألا ترى أنه لما عاقد بين المهاجرين والأنصار، من دخل في عهدهم  من يهود لم ينقض عليهم حتى نقضوا هم وغدروا، وكذلك قريش لما صالحوه لم ينقض عليهم حتى غدروا، وأعانوا على قتل خزاعة، وكانت خزاعة في عهد ا لنبي ژ ، فلما نقضوا أعان رسول الله ژ ، وفتح الله على  « نبيه مكة(٢) . = يجبه ُ أحد ٌ ، ثم بفاطمة، ثم بابنها الحسن غلاما يدب، قال له علي : لا أجد لك إلا أن ْ ترجع ًُّّْ َ  .« أجرت بين ا لناس » : إلى مكة وتقول أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٦ ، ص ٤٠٨ - ٤٠٩ (قاله في معرض تفسيره لسورة ا لنصر). (١) وهو ما أكده الناظم بقوله: ٍِ وإن ي َك ُ ن ْ أهل َ كتاب ت ُق ْبل ُ جز ْي ُت ُ هم على صغار ت ُبذ َل ُ َُْ ِِِ ِِ َِِ ي ُد ْع َ ون َ للإسلام ِ أو للجز ْي َ ة أو للقت َ ال إن ْ أتو َ ْ ا بأن ْف َ ة ِ ِِِ إن بذ َل ُ وا الجزية كان ْ ت ل َهم بذ َاك َذمة ٌول َ و ل َم يسلموا َ ْ َُُ َُُْْ ُ وإن هم قد ن َق َضوا الذماما ما بيننا فالحرب فيهم ق َاما ُُ ُ ََ َََْ َُْ والك ُ ل ي ُ سب َو ْن َ إذا ما ح َ ار َب ُ وا وت ُغ ْن َ م ُ الأموال ُ فيمن ْ ناه َب ُ وا أبو عبد الله محمد السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ٣ -. ٤، ص ٢٢٦ (٢) البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٦٨ -.١٦٩ كذلك فقد حكم النبي ژ بإمضاء فعل أصحابه في قطع نخيل اليهود إذ حاصرهم، وفيهم نزل قوله تعالى: ﴿ ;:9876543210/ ﴾ [ [الحشر: ٥ ، وذلك أنه كان بين النبي ژ وبين اليهود عهد على أن لا يغدروا ولا يناصروا =   تجدر الإشارة أنه حينما حدث ذلك الغدر، قال عمرو بن سالم الخزاعي  على باب المسجد ورسول الله ژ مع الصحابة في ا لمسجد: يا رب إني ناشد ٌ محمد ً ا حلف َ أبين َ ا وأبيه الأتلد َ َ ا كنت َ لنا أبا وكنا ولد َ ا ت ُمت أسلمنا ولم ننزع ْ يد َ ا ًْ  ِِ فانصر هداك َ الله نصرا أبد َ ا وادع ُ  عباد ً ا لله يأتوا مد َ د َ ا ًُْ َ ِِ فيهم رسول ُ الله قد ْ تج َ ردا إن ْ سيم خ َ سف ً ا وجهه تربد َا ْ َ َُُ ِ إن قريش ً ا أخ ْ لفوك َ الموعد َ ا ونقض وا ميثاق َك َ المؤكد َ ا ُْ   وجعلوا لي في كداء رصد َ ا وزعموا أن ْ لست أدعو أحد َ ا ََ َُ وهم أذ َ ل وأقل عد َ د َ ا هم بيتونا بالحطيم هجد َ ا ْ َُْ   وقتلونا ركعا وسجد َ ا ًُ  فقال له رسول الله ژ : « نصرت يا عمرو بن سالم » وعرضت له سحابة    وقال:  إن هذه »  السحابة ل َ تستهل ْ « بنصر بني كعب وأمر أن يتجهزوا لفتح ِ مكة، وقال: لا ن » ُصرت ُ « إن لم أنصرك ، ففتح مكة في عامه عام ثمانية(١) . كذلك فالغدر محرم على المسلمين في الفقه الإباضي. يقول ا لعوتبي: = عليه، فتوجه إليهم ذات يوم ومعه عشرة رجال من أصحابه يطلب منهم إعانة لدية رجلين من َ أصحابه قد ق ُ تلا، فلما وصل إليهم تشاوروا عليه وكان قاعد ً ا على جدار، فأخذ عمرو بن جحاش صخرة عظيمة ليرميه بها من أعلى البيت، فنزل جبرائيل 0 فأمسك على يديه، وأخبره بغدرهم، وبما تشاوروا عليه، ثم أرسل إليهم محمد بن مسلمة فقال له: اذهب إلى » يهود بني النضير وقل لهم: إن العهد قد انتقض بما هممتم به من الغدر وبما ارتأيتم به من الرأي، فاخرجوا من بلادي هذه وقد أج ّ لتم عشرة أيام فمن ر ُ « ئي بعدها بها ضربت عنقه . وفي هذه القصة نزل قوله تعالى: ﴿ ,+*) -10/. 98765432 ﴾ [ [المائدة: ١١ إلى آخر الآية، والله أعلم. (الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، المرجع السابق، ص ١٨٤ -.(١٨٥ (١) راجع أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٨٥ -.٣٨٦ ِ من أعط » َ َ ى من المسلمين عهد ً ا لله وميثاقه من أهل الحرب كانوا هم أو َ غيرهم فينقض عهده، فإنه ينصب له يوم القيامة لواء يحزيه عند ظهره فيقال: َُ ٌُ  هذا لغد ْ « رة فلان(١) . ثالث ً ا تقديم المساعدة لمن يحارب ا لمسلمين: تنقضي المعاهدة الدولية كذلك إذا قدم أحد أطرافها مساعدة للعدو  الذي يحارب ا لمسلمين. يقول ا لنزوي: إذا أعان أهل العهد أهل الحرب، على محاربة المسلمين، فقد نقضوا » « العهد(٢) . رابع ً ا إهانة المسلمين والسخرية منهم: من ذلك ما حدث في عهد الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي، حيث قام البرتغاليون بإهانة لشخص الإمام وللعمانيين، بل وللمسلمين كافة ُ وذلك من خلال حادثة مفادها أن الإمام سلطان بعث كتابا إلى القائد ً (١) . سلمة العوتبي: الضياء، المرجع السابق، ج ٤، ص ٤٥٨ (٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٥٥ ؛ الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٥٦ . وجاء في بيان ا لشرع: وروي عن رجل من أهل المدينة أن رسول الله ژ صال » َح بني أبي ا لحق َ يق على أن لا يكتموا َُ كنز ً ا فكتموه، فاستحل بذلك دماءهم، وقيل: عاهد رسول الله ژ حيي بن أخ ْ ط َب على أن َُ ََ ِِ لا ي ُ ظاهر َ عليه أحد ً ا، وجعل الله َ عليه كفيلا ً ، فلما كان يوم َ قريظة أتي ُ به رسول ُ الله ژ وبابنه ِِ ُ ُ سلما فقال رسول الله ژ : أوفي ا لكيل . ثم أمر به فضربت عنقه وعنق ابنه . ً ُُُ قال أبو عبيدة: وإنما استحل رسول الله ژ دماء بني قريظة لمظاهرتهم الأحزاب عليه وكانوا في عهد منه فرأى ذلك نك ْ ث ً ا لعهدهم وإن كانوا لم يقتلوا من أصحابه أحد ً ا ونزل ، الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ) .« بذلك القرآن في سورة الأحزاب .( ص ٢٧٠ البرتغالي في مسقط يطلب منه أن يسمح لجنوده بشراء الحاجيات الضرورية من المدينة، فما كان من القائد البرتغالي إلا أن سلم مبعوث الإمام قطعة من إذا كان الإمام يريد » : لحم الخنزير ملفوفة في ورق قذر ومعها كتاب ورد فيه أن يتزود من هذا النوع من ا لم ُ ؤ َ .« ن فنسمح له بشرائها  اعتبر الإمام أن ذلك بمثابة نقض للمعاهدة وإعلان صريح للعداء، فشرع من فوره في إعداد القوة ا لعمانية المقدر لها الهجوم على مسقط وتحريرها ُ من يد الغزاة وإنهاء وجودهم من البلاد، وكانت هذه القوة تتألف من سائر القبائل العمانية التي لبت لداعي الجهاد واستجابت لنداء تخليص التراب ُ الوطني، وما إن تجمعت القبائل حتى وضع الإمام الخطط العسكرية لاقتحام  مسقط ومطرح، فنظم الجيش وزوده بما توفر من آليات الحرب، وانتصر في هذه الحرب على ا لبرتغاليين(١) . ٤ في بعض الأحوال يمكن الالتزام بالمعاهدة حتى ولو نقضها الطرف ا لآخر: يكون ذلك في حالتين أوضحهما الفقه ا لإباضي: أولا ً في حالة ا لأمان: جاء في ا لمصنف: وعن قوم من المسلمين، صالحهم قوم من أهل الشرك، ووضعوا » عندهم رهائن وأخذوا من المسلمين رهن ً ا، فقتل المشركون ما في أيديهم من رهائن. أيحل للمسلمين قتل الذين في أيديهم؟ (١) راجع القصة في د. إبراهيم بن يوسف الأغبري: البرتغاليون في البلاد الإسلامية (المغرب وعمان نموذجا)، رسالة دكتوراه، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، ٢٠١٠ - ،٢٠١١ ًُ ص ٢٣٠ -.٣٢١ قال: لا يحل ذلك لهم؛ لأنهم آمنون. « ا(١) فإن نقض أولئك وقتلوا المسلمين، فقد نقضوا عهدهم، وصاروا حرب . ً ثانيا في حالة عودة الناقض إلى الالتزام بعهده: ً جاء في ا لمصنف: من المعتبر: ويدعى أهل العهد إلى الإسلام، إذا نقضوا العهد بشيء » ُ يكونون فيه ناقضين، أو الرجوع إلى عهدهم، وإعطاء الجزية لا يقبل منهم غير ذلك، لثبوت عهد الإسلام لهم وعليهم. فإن حاربوا على ذلك، حوربوا وق ُ وتلوا. (١) النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٤٥ . انظر أيض ً ا د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد . القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة الإسلام، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٦٥ إلا أن هناك ا تجاه ً ا آخر في الفقه الإباضي بخصوص هذه المسألة. وقد تم بسط الرأيين، كما يلي: مسألة الشيخ سليمان بن سيف: وسألته عن أهل العهد والذمة من المشركين إذا حاربوا »عند أهل القبلة من الجبابرة المفسدين هل يكونون بذلك ناقضين لعهدهم الذي ثبت عليهم ولهم بذلك ويجوز قتلهم على هذا الحال أم لا. قال: معي أنه على حسب ما قيل إنه جائز قتلهم على ذلك إذا قاتلوا ولا أعلم في ذلك اختلاف ً ا، وأما نقض عهدهم بذلك فأحسب أنه يخرج في ذلك معنى الاختلاف، فمعنى أنه يخرج في بعض المذاهب لا يكونون بذلك ناقضين لعهدهم ما تمسكوا بأحد من أهل القبلة من الجبابرة وغيرهم من أهل البدع أو التحريم ما لم يصيروا إلى حد المنعة والتجبر بأنفسهم ومنعهم الحقوق التي تجب عليهم في أهل الإسلام حرم أو غيرها، ومعي أن يخرج في بعض القول أنهم يكونون بذلك ناقضين لعهدهم بمحاربتهم ولا يسعهم التمسك بذمة الجبابرة ولا ذمة لهم ولا حرمة ما داموا على بغيهم وجورهم وأي نقض أشد من محاربة المسلمين بغير الحق، ومعي أن القول الأول أشهر في حكم السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على « الآثار والقول الثاني عندي أنظر . الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٦٩  ُ فمن أخذ أسيرا، لم يقبل منه إلا الإسلام، أو رجوعه إلى العهد الذي ً كان له، وإعطاء الجزية إن كانت عليه. وأحسب قولا ً : يقتل مقاتلهم، إن ظفر بهم، ولم يرجعوا إلى العهد من بعد ما حاربوا. وقول: إذا حاربوا، وهم أهل شرك، فقد نقضوا عهدهم، وجاز فيهم ما يجوز في أهل الحرب، بثبوت الحرب فيهم، وزوال العهد عنهم. فمن رجع إلى عهده، أو أسلم، قبل أن يظفر به، كان له حق ما رجع إليه من الإسلام، أو ا لعهد. ومن ظفر بهم منهم، كان غنيمة للمسلمين، بمنزلة أهل الشرك وأهل الحرب. مسألة: وما أصابوا من دماء المسلمين، في حال نقضهم لعهدهم ومحاربتهم، فهو هدر عنهم، إذا فاءوا، ورجعوا إلى تمام الصلح، وتركوا ا لمحاربة. وفي موضع: قال في قوم من أهل العهد، قتلوا وحاربوا، وامتنعوا ثم رجعوا إلى العهد، إنهم يؤخذون بتلك الأحداث، فيقتلون بما ق َ تلوا. وإن ُ أسلموا فهو كذلك. قال أبو عبد الله: إذا نقضوا عهدهم وقتلوهم. وهم أهل دين، ثم رجعوا إلى العهد، قبل منهم، ولم يؤخذوا بما قتلوا، ولا يردون من الأموال إلا أموالا ً « توجد في أيديهم، فتؤخذ منهم(١) . (١) ١٥٤ ، النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ -.١٥٥ وجاء في بيان ا لشرع: ومن الكتاب: والذي عندنا أنه يجوز للمسلمين مصالحة من حاربوه غير العرب من أهل » = بل يمكن رفض دفع الجزية، وقبول الرجوع إلى ا لمعاهدة: وإن نقضوا ما كان صالحوا عليه، وأجابوا أن يعطوا الجزية، فلا يقبل » « ذلك منهم قيل: فإن كانت الجزية أوفر على المسلمين. أتقبل ويمسك عن قتالهم، أو لا يقبل؟ لا تقبل الجزية منهم، دون الدخول في الإسلام، أو الصلح » : قال « الذي جرى(١) . ِ وإن ألقوا بأيديهم ورجعوا إلى تمام عهدهم ق » : ويقول البسيوي ُبل منهم، وأهدر عنهم ما أصابوا، فيحال نقضهم من الدماء وغير ذلك من الأموال، في حال المحاربة وقبل المحاربة إذا فاءوا إلى الرجعة وهم في ذلك ليسوا مثل أهل البغي من أهل القبلة، لأن أولئك إنما يهدر عنهم ما أصابوا في بل ويذهب إلى حد ا لقول: .« حال المحاربة ِ وإن نقض المشركون العهد وقتلوا ثم رجعوا إلى تمام العهد، ق » ُبل منهم « ولم يؤخذوا لما قتلوا(٢) . وقد طبق أئمة ا لإباضية أيض ً ا رجوع من ينتهك العهد إليه رغم انتهاكهم له(٣) . ّ = الشرك والملل والوفاء لهم بعهدهم الذي تصالحوا عليه فإن نقضوا عهدهم رجع المسلمون إلى الدعاء لهم والحجة عليهم، فإن قبلوا وإلا حاربوهم على ما كانوا حاربوهم عليه من قبل ُ .« . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧١ ، ص ٣٥٥ (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٥١ . انظر أيض ً ا الرستاقي: منهج الطالبين، . ج ٥، ص ٢١٠(٢) .١٤٧ ، البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٤٢(٣) وهكذا جاء في عهد للإمام ا لصلت بن مالك الخروصي إلى ولاته ا لمجاهدين: = عدم انقضاء المعاهدة بعودة الناقض إلى الالتزام » ولا شك أن قاعدة يجب فهمها كما يلي: « بعهده أولا ً في الفقه الإباضي تهدف إلى استقرار « نزعة سلمية » أنها تدل على الأمن القانوني بين أطراف المعاهدة، وعدم رواج الفوضى في علاقاتهم المتبادلة إذا تقرر انقضاء ما تم الاتفاق عليه سلف ً ا. ثانيا أنها تطبق فقط عند عدم الإخلال الجسيم بالمعاهدة وبشرط ألا ً يترتب على استمرار المعاهدة التي تم نقضها ضرر كبير بالدولة الإسلامية؛ لأن القول بغير ذلك: يعطي لأي طرف إمكانية خرق المعاهدة مطمئن ً ا بأنها ستظل نافذة رغم خرقها. أثناء فترة الانتهاك) في العلاقات ) « وقتي » يمكن أن يؤدي إلى توتر بين أطراف ا لمعاهدة. يشجع على عدم الالتزام بالكلمة المعطاة حتى ولو ترتب على ذلك نتائج وآثار وخيمة. لذلك نعتقد أن أفضل رأي، في هذا الخصوص، هو ا لآتي: = وقد بغى هؤلاء النصارى ونقضوا عهدهم ونرجو أن يديل الله عليهم، وإلى الله نرغب »ونبتهل أن يهدم محاصنهم، ويخرب بالعدل مساكنهم، ويغنمكم أموالهم وطعامهم، إن ربنا سميع قريب، فإذا وصلتم إلى الذين نقضوا العهد فادعوهم عن لساني وألسنتكم إلى الدخول في الإسلام، فإن قبلوا فهي أفضل المنزلتين وقد قال الله تعالى: ﴿ }| ®¬«ª©¨ ~ ﮯ §¦¥¤£¢¡ ³²±°¯ ´μ ﴾ ، وإن كرهوا أن يقبلوا الإسلام فلتدعوهم في الدخول في العهد الأول الذي كان بينهم وبين المسلمين، على أن لهم وعليهم الحق بحكم القرآن الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، المرجع « وحكم أهل القرآن . السابق، ص ١١٥ ومعي؛ أنه قيل: إنهم إذا حاربوا، وهم أهل شرك فقد نقضوا عهدهم، » وجاز فيهم ما يجوز في أهل الحرب لثبوت الحرب فيهم، وزوال العهد عنهم، فمن رجع إلى عهده، أو أسلم قبل أن يظفر به، كان له حق ما رجع إليه من العهد والإسلام، ومن ظفر به منهم كان غنيمة للمسلمين بمنزلة أهل الشرك، وأهل الحرب؛ لأنهم قد صاروا أهل حرب، ولعل هذا القول أشبه بالأصول عندي، فانظر كيف يدعي كل واحد ممن وجبت عليه الدعوة إلى ما ثبت عليه الخروج منه، ولا يدعى إلى غير ذلك من أهل الإقرار، وأهل الإنكار من أهل العهد، وأهل الحرب من أهل الجزية، أو من غير أهل الجزية، وأنه كل من يثبت له شيء وعليه شيء، فهو يحارب عليه، ويدعي « إليه لا إلى غيره(١) . ثالث ً ا أن نقض العهد، وقبل الرجوع إلى العهد مرة أخرى، يحتم ترتيب آثار النقض: فإن حاربوا حاربناهم، وإن قاتلوا قاتلناهم(٢) . (١) . السعدي: قاموس الشريعة، المرجع السابق، ج ٧، ص ٢٦٧ (٢) يؤكد ذلك رأي في الفقه الإباضي، ولأهميته نذكره بحذافيره؛ إذ إجابة ً على سؤال: وإذا نقض أهل الذمة الذمة التي واثقوا الإمام عليها فتمكن منهم هل يقتلهم، وإن أسلموا لأن القتل حد لهم بخلاف الحربي إذا أسلم فإن إسلامه جب لما قبله، هكذا في زاد المعاد، والفرق بينهما مشكل؛ فإن ناقض الذمة ليس بأشد من المرتد عن الإسلام، والمرتد يقبل منه ولا يقتل إذا أسلم، فما الفرق بين الذمي والحربي في ذلك، وما القول في المذهب؟ يقول الشيخ عيسى بن صالح: قال القطب » : الجواب 5 عند قوله تعالى: ﴿ §¦¥¤£¢¡ ¨ ﴾ : تدل الآية على أن الذمي إذا طعن الإسلام فقد نقض عهده وصار في حكم المحاربين فيفعل فيه الإمام رأيه من قتل أو بيع أو نحو ذلك، إلا إن أسلم قبل أن يفعل به ذلك كذا نقول نحن، والشافعي قال: وإذا امتنعوا من أداء الجزية والتزام أحكام أهل الملة انتقض عهدهم، وإن زنى أحدهم بمسلمة أو أصابها بنكاح أو آوى عين ً ا للكفار أو دل ّ على عورة للمسلمين أو فتن مسلما عن دينه أو قتله أو قطع عليه الطريق فتنتقض ذمته، ا نتهى. ً وفي جامع ابن جعفر: في قوم من أهل العهد قتلوا وحاربوا وامتنعوا ثم رجعوا إلى العهد أنهم يؤخذون بتلك الأحداث فيقتلون بما قتلوا وإن أسلموا فهو كذلك. = أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٣٢ َ ٥ نقض العهد يسأل عنه فقط من ا رتكبه: ُْ يحكم هذه المسألة قاعدتان في الفقه الإباضي (وبعض المذاهب الإسلامية ا لأخرى): الأولى قاعدة : لا ينسب لساكت قول لكن السكوت في معرض البيان » فمثلا .(« السكوت علامة الرضا » أو في المثال العامي في مصر ) « إقرار ً إذا نقض أهل الذمة العهد وسكت الباقون يعتبر سكوتهم نقضا للعهد، لأن ً « المقام مقام إنكار، فإن لم ينكروا اعتبروا مقرين بالنقض(١) . الثانية قاعدة الحكم الثابت في المجموع لا يوجب ثبوته في كل » وبالتالي، إذا نقض أهل الذمة العهد انتقض العهد في جميعهم من .« فرد حيث المجموع ولو لم ينقض كل فرد العهد بمفرده لكن المجموع نقضوه فلم يعودوا آمنين على أموالهم ودمائهم بحكم ذلك العهد لأن الحكم هنا يثبت للمجموع(٢) . = وقال أبو عبد الله 5 : إذا نقضوا عهدهم وقتلوا وهم أهل دين ثم رجعوا إلى العهد قبل  منهم ولم يؤاخذوا بما قتلوا ولا يردون من الأموال إلا أموالا ً توجد في أيديهم فتؤخذ منهم. وعن أبي سعيد في معتبره: أنهم يدعون إلى الإسلام إذا نقضوا العهد والرجوع إلى عهدهم وإعطاء الجزية ولا يقبل منهم غير ذلك، فإن حاربوا على ذلك حوربوا وقتلوا، فمن أخذ منهم أسيرا لم يقبل منه إلا الإسلام أو رجوعه إلى العهد الذي كان له، وإعطاء ً الجزية من كانت عليه فإن امتنع عن ذلك قوتل عليه ولا يجبر على الإسلام، وأحسب قولا ً يقتل مقاتلهم لئن ظفر بهم ولم يرجعوا إلى العهد من بعد ما حوربوا، وقولا ً إذا حاربوا وهم أهل شرك وقد نقضوا عهدهم جاز منهم ما يجوز في أهل الحرب فمن رجع إلى عهده أو أسلم قبل أن يظفر به كان له حق ما رجع إليه من الإسلام والعهد وما ظفر .« به منهم كان غنيمة للمسلمين بمنزلة أهل الشرك وأهل ا لحرب الشيخ عيسى بن صالح الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٢٧ ه ٢٠٠٦ م، ج ٤، ص ١٣٦ -.١٣٨ ُ (١) معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٦١٤ -.٦١٦ ّ (٢)ذات المرجع، ص ٤٧٠ -.٤٧١ معنى ما تقدم إذن أن من ينقض العهد ينتهي العهد بالنسبة له، أما من يلتزم به فالعهد نافذ تجاهه. ويعد ذلك تطبيق ً ا لقاعدة عليا من قواعد الإسلام « ولا تزر وازرة وزر أخرى » لأنه « المسؤولية شخصية » أعني بها قاعدة أن(١) . ٦ يجب مراعاة التقوى حتى عند نقض الطرف الآخر للمعاهدة: لا شك أن نقض أحد الأطراف للمعاهدة قد يؤدي إلى رد فعل غاضب من الطرف الآخر. ومن ثم فإن مراعاة التقوى في مثل هذا الموقف من شأنها منع مثل ذلك. وقد أكد القرآن الكريم على مراعاة التقوى عند نقض العهد، من ذلك قوله تعالى: ﴿ !" &%$# ' )( * 876543210/.-,+ 9 ﴾ [ [التوبة: ٧ . يقول أطفيش: ومن الاتقاء الاستقامة لهم ما داموا مستقيمين، وقد استقام ژ » والمؤمنون لقريش حت ّ ى نقضوا العهد بإعانة بني بكر الذين في عهدهم على خزاعة الذين في عهده ژ « (٢) . (١) يؤيد ذلك ما جاء في بيان ا لشرع: وسألته عن مشرك له مال وذرية في أرض المسلمين فلحق بأرض الحرب ثم ظهر »المسلمون على أهل الحرب من المشركين فهزموهم هل ت ُسبى ذريته التي بأرض ْ المسلمين ويغنم ما له كله؟ قال: معي أنه من كان له من ذريته الصغار وقد ثبت له هو العهد والأمان فللذرية الأمان ما ّ .« كانوا في أرض المسلمين وأما المال فأحسب أنه غنيمة والله أعلم إذا كان من أهل ا لشرك . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٦٩(٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٩٩  ويقول 4 أيض ً ا: ﴿ ` kjihgfedcba vutsrqponml ﴾ [ [التوبة: ٤ . يقول أطفيش: وإتمام مدتهم من التقوى وهو واجب وعدمه فسق، ولذلك ناسب ذكر » « التقوى هنا(١) . ٧ الأحكام الخاصة بنقض العهد من اختصاص السلطات المختصة في الدولة الإسلامية (الإمام أو من يفوضه): لا شك أن نقض أو إنهاء أية معاهدة دولية هو من الأمور الخطيرة، بالنظر إلى الآثار الجسيمة التي تترتب على ذلك. الأمر الذي يحتم ألا يتم النقض لأية دوافع، وإنما أن تكون هناك دوافع جدية تدفع إليه وتحض  عليه. والأقدر في تقويم ذلك، بداهة، هو سلطات الدولة لما تملكه من أجهزة تحسن تقدير ا لأمور. وهذا ما أكده أيض ً ا الفقه الإباضي، فبخصوص قوله ژ : (١) . ذات المرجع، ص ٣٨٧ والنقض لصيق بالاتفاق أو العهد حينما لا يتم احترامه. لذلك في تفسير قوله تعالى: ﴿ ^]\[ZYXWVU _ ` ﴾ [ [الأنفال: ٥٦ . يقول أطفيش: » ﴿ ]\[ZYX ﴾ عاهدوا فيها أو حاربوا فيها، والأول أولى، لأن المعاهدة هي التي يقع فيها النقض أو الوفاء، لأن المحاربة رجوع إلى العهد بالإبطال ﴿ ^_` ﴾ الله في غدرهم بنقض العهد عليه، ولا تغليبه المؤمنين عليهم، أو « لا يتقون عيب الغدر ولا عاقبته أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٥٢ -.٣٥٣ المسلمون تتكافأ دماؤهم وأموالهم بينهم حرام، وهم يد على من » سواهم يسعى بذمتهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، ولا يقتل ذو عهد في « عهده، ولا يقتل مسلم بكافر، ولا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر ،  من رد العهد من » : قيل بخصوص قوله (ويرد عليهم أقصاهم): قال الربيع المسلمين كان رد ً ا، ومعناه أنه كما ثبت تأمين الواحد على جميع المسلمين، كذلك يثبت رده للأمان على جميعهم، فيكون سلمهم واحد ً ا وحربهم واحد ً ا، وقال جابر بن زيد 3 إلا باتفاق الإمام أو جماعة أهل الفضل في  الإسلام، والمعنى أن الرد لا يكون على الجميع إلا أن يتفق الإمام وأهل الفضل من جماعة المسلمين على رده، فإن اتفقوا ثبت ذلك على خاصة المسلمين وعامتهم وكان أمانهم واحد ً ا وحربهم واحد ً ا، وإن لم يتفقوا فليس للعامة رد أمانهم وذمتهم، وهذا وجه قوي لأن أمر الرد شديد والإمام وجماعة المسلمين أدرى بقوة المسلمين وضعفهم، فهم ينظرون لهم المصالح ويطالبون لهم الخير، وأمان العامة ثابت إن لم يتقدم عليهم الإمام بالمنع، فإن تقدم عليهم كان الواجب امتثال أمره، وليس لأحد خلافه، فمن  « أمن بعد الحجر فلا أمان له(١) . ٨ نقض العهد لا يؤثر على حقوق الأفراد ا لعاديين: لأن المعاهدة تبرم بين دولتين على الأقل، فإن أحكامها، في سريانها وفي انقضائها، تقتصر كقاعدة عامة على أطرافها. لذلك فإن الأفراد العاديين، ما داموا لم يرتكبوا أي فعل ينبئ بمخالفتهم للمعاهدة، يكونون بمنأى عن نقضها من جانب أطرافها، أي بعبارة أخرى أن ذلك أمر لا يعينهم، ما داموا لم يشاركوا في نقضها. (١) سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، مكتبة مسقط سلطنة عمان، ١٤١٤ ه . ١٩٩٤ م، ص ٤٣٤ ُ وقد أخذ الفقه الإباضي بما ذكرناه. فقد جاء في منهج ا لطالبين: وإن تصالح المشركون والمسلمون على صلح، ووضع المشركون منهم » رهائن عند المسلمين، ووضع المسلمون رهائن عند المشركين، فغدر المشركون بمن معهم من رهائن المسلمين، فقتلوهم، فلا يحل للمسلمين أن يقتلوا الرهائن الذين في أيديهم من المشركين؛ لأنهم أمنوهم. ولكن ينقض الصلح الذي بينهم، ويكونون حربا. ً والذي يعجبنا لأهل العدل: أن يعطوا أحد ً ا من المسلمين لمن لا يأمن  « ا(١) عليه، ومن أهل حربهم. ولكن يقاتلونهم إلى أن يحدث الله أمر . ً من ذلك يمكن أن نستنبط القواعد ا لآتية: أولا ً أن الوفاء بالعهد مقدم على أي أمر آخر بالنسبة للأفراد ا لعاديين. ثانيا أن الوفاء بالأمان لازم ولو كان ضد مصلحة ا لمسلمين. ً ثالث ً ا أن على المسلمين ألا يعطوا رهائن منهم إلى دولة سماتها الغدر وعدم احترام الكلمة ا لمعطاة. رابعا أن مراعاة الجوانب الأخلاقية وحسن النية في الوفاء بالالتزامات ً التي تفيد الأفراد العاديين أمر ثابت في الفقه ا لإباضي. خامسا أن نقض الطرف الآخر للعهد يتحمل هو وحده آثاره. ً تجدر الإشارة أنه إذا شن العدو حربا ضد المسلمين، فإن نقض العهد ً يرتب ما ترتبه الحرب من آثار في حق الأفراد العاديين من قتل المقاتلين وغنيمة الأموال وسبي ا لذرية(٢) . (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٠٨(٢) وهكذا جاء في بيان ا لشرع: = تلكم أهم القواعد التي تحكم نقض المعاهدات الدولية في الفقه الإباضي. ومن المعلوم أن ذلك النقض يتناقض(١) وماهية أية معاهدة، باعتبارها عملا ً قانونيا يجب الوفاء به، ذلك أن إزالة نقض الالتزام، المترتب ً على معاهدة دولية (أو وفق ً ا للقانون الدولي)، من جانب أحد أشخاص القانون الدولي، تكون بفعل ما ا لتزم. يقول ا لكندي: والله ذم أقواما وفسقهم إذا لم يجد لهم وفاء بعهده قال تعالى: » ً ® ﴾ (٢) ﴿ «ª©¨§¦¥¤ ¬ . حري بالذكر أن نقض أية معاهدة دولية قد يتم إما باللفظ (في صورة تصريحات تصدر عن المسؤولين في الدولة)، أو بالفعل (باتخاذ سلوك لا يترك أدنى شك في أن المعاهدة تم نقضها)(٣) . = قال غيره كل من نقض عهد المسلمين من أهل الذمة ولم يرجع إلى تمام عهدهم »وحاربهم فأولئك حلال دماؤهم وغنيمة أموالهم وسبي نسائهم وذراريهم الذين ولدوا بعد نقض عهدهم وإنما السباء في الذراري الذين ولدوا بعد نقض عهدهم وأما من هرب من النساء والذراري من ذلك الموضع الذين وقعت المحاربة فيه فإن هربوا من بعد أن وقعت الحرب بينهم وبين المسلمين فأولئك عليهم السباء حيث أدركوا وأما من هرب من قبل وقوع الحرب بينهم إلى بلد آخر فأولئك لا سباء عليهم وكذلك لو كان للمحاربين أرحام الكندي: « من النساء والذراري في غير الموضع الذي حاربوا فيه المسلمين ولا سباء فيهم بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٧٥ -.٢٧٦ (١) النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان، كالعدم والوجود، » الفرق بين المتضادين والنقيضين أن .« والضدين لا يجتمعان ولكن يرتفعان كالسواد والبياض . نور الدين السالمي: جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٩٣ (٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢١ (٣) يضرب الفقه مثالا ،« ما ينعقد بالقول لا ينفسخ إلا بالقول » : بخصوص قاعدة ً في إطار العلاقات ا لدولية لا يتفق وهذه القاعدة، خاص بعقد الأمان: إذ هو ينعقد بالقول وينفسخ بإعلان الذمي والمستأمن الحرب على المسلمين وهو فعل، راجع معجم القواعد الفقهية . الإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٢٨٥ ّ :IOôØæªdG IQGOE’ÉH IógÉ©ªdG AÉ¡fEG (ê  يقرر رأي في الفقه ا لإباضي: إن الرسول ژ قد اتخذ مسلك » ً ا شرعيا لإبطال العقود التي تفوت منفعة ً أو تجلب مضرة، فقال ژ : إذا حلف أحدكم على شيء فرأى غيره خيرا » ً « منه فليأت الذي هو خير منه، وليكفر عن يمينه(١) . ولا شك أن ذلك غير قابل للتطبيق على المعاهدات الدولية، للأسباب ا لآتية:  ﻥﺃ ﺀﺎﻄﻋﺇ ﺪﺣﺃ ﻑﺍﺮﻃﻷﺍ ﺔﻄﻠــﺳ ﺀﺎﻬﻧﺇ ﺓﺪﻫﺎﻌﻤﻟﺍ ﻦﻣ ﺐﻧﺎﺟ ﺪﺣﺍﻭ ﻦﻣ ﻪﻧﺄﺷ ﻩﺮﺛﺃﻭ ﺾﻳﻮﻘﺗ ﺭﺍﺮﻘﺘــﺳﺍ ﺕﺎﻗﻼﻌﻟﺍ ﺔﻴﻗﺎﻔﺗﻻﺍ ﻦﻴﺑ ﺹﺎﺨﺷﻷﺍ ؛ﺔﻴﻟﻭﺪﻟﺍ ﻥﻷ ١ ـ ﺮﻣﻷﺍ ﻊﻀﺨﻴﺳ ﺮﻳﺪﻘﺘﻠﻟ ﻲﺗﺍﺬﻟﺍ ﻑﺮﻄﻠﻟ ،ﻲﻨﻌﻤﻟﺍ ﻮﻫﻭ ﺮﻣﺃ ﺪﻗ ﻪﺒﺤﺼﻳ ﺓﺀﺎﺳﺇ .ﻪﻣﺍﺪﺨﺘﺳﻻ ﻥﺃ ﺚــﻳﺪﺤﻟﺍ ﺭﻮــﻛﺬﻤﻟﺍ ﻩﻼﻋﺃ ﺹﺎــﺧ ﻝﺎــﻤﻋﻷﺎﺑ ﺔــﻴﻧﻮﻧﺎﻘﻟﺍ ،ﺔﻳﺩﺍﺮﻔﻧﻻﺍ ٢ ـ ﻻﻭ ﻦﻜﻤﻳ ﻥﺃ ﻖﺒﻄﻳ ﻰﻠﻋ ﻝﺎﻤﻋﻷﺍ ﺔﻴﻧﻮﻧﺎﻘﻟﺍ ﺔﻴﻗﺎﻔﺗﻻﺍ ﺕﺍﺪﻫﺎﻌﻤﻟﺍ) (ﺔﻴﻟﻭﺪﻟﺍ ﻥﻷ ﺎﻬﻘﻴﺒﻄﺗ ﻰﻠﻋ ﻩﺬﻫ ﺕﺍﺪﻫﺎﻌﻤﻟﺍ ﺽﺭﺎﻌﺘﻴــﺳ ﻊﻣ ﺓﺪﻋﺎﻗ ﺀﺎﻓﻮﻟﺍ ،ﺪﻬﻌﻟﺎﺑ ﻲﻫﻭ ﺓﺪﻋﺎﻗﻻ ﺯﻮﺠﻳ ﺝﻭﺮﺨﻟﺍ ﺎﻬﻴﻠﻋ ﻲﻓ ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ .ﺔﻴﻣﻼﺳﻹﺍ ﻥﺃ ﺚﻳﺪﺤﻟﺍ ﺭﻮﻛﺬﻤﻟﺍ ﻩﻼﻋﺃ ،ﺮﺒﺘﻌﻳ ﻤﻜﺣ ،ﺎ ﻪﺼﺼﺧ ﺃﺪﺒﻣ ﺀﺎﻓﻮﻟﺍ.ﺪﻬﻌﻟﺎﺑ ﺎﻣﺎﻋًً ٣ ـ (O ﴿ zyxwvutsrqp onm{ ﴾ [ [الأنفال: ٥٨ : بخصوص هذه الآية الكريمة يجب التفرقة بين أمرين: الأول: وقوع الخيانة فعلا ً ، ويكون ذلك بقيام الطرف الآخر بالاعتداء (١) . الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٣، ص ٤٢٥ ٰ ١٣٩  على الدولة الإسلامية، ففي هذه الحالة على المسلمين الرد فورا دون نبذ، ً وبلا دعوة، ويعد ذلك تطبيق ً ا لحق الدفاع الشرعي الثابت لكل دولة. والثاني: أن يصدر من الطرف الآخر أمور أو سلوك يخشى منه وقوع الخيانة فعلا ً ، وإن لم تتجسد من الناحية الواقعية، ففي هذه الحالة يجب نبذ عهده إليه قبل الشروع في ردعه. ويأخذ الفقه الإباضي بما ذكرناه أعلاه. وهكذا قيل(١) : قال الله تعالى: » ﴿ utsrqponm ﴾ ومعنى قوله: ﴿ ut ﴾ أي على شيء واضح يستوي في معرفته الخاص والعام أو يستوي في معرفته الخصمان فهذا حكم من خيفت خيانته. وأما من وقعت خيانته فله حكم آخر ومذكور في قوله تعالى: ﴿ , -10/. ﴾ وقوله تعالى: ﴿ ^_` ba fedc ﴾ . ويقول ابن محبوب: إن قوله تعالى: ﴿ utsrqponm ﴾ إن اطلع » : ، يعني على غدر منهم، نبذ الحرب إليهم، وما كانوا على الوفاء أتم إليه عهدهم « إلى مدتهم(٢) . ويقول ابن ا لعربي: (١) أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، المرجع السابق، ص ٣٩٣ ، جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٨٩ -.٢٩٠ (٢) ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، المرجع السابق، كتاب المحاربة، ص ٣٣ . انظر أيض ً ا . النزوي: المصنف، ج ١١ ، المرجع السابق، ص ١٢٧  إن قيل: كيف يجوز نقض العهد مع خوف الخيانة، والخوف ظن »لا يقين معه، فكيف يسقط يقين العهد بظن الخيانة فعنه جوابان: أحدهما : أن الخوف ها هنا بمعنى اليقين، كما يأتي الرجاء بمعنى العلم، كقوله: ﴿ 5432 ﴾[ [نوح: ١٣ . الثاني : أنه إذا ظهرت آثار الخيانة وثبتت دلائلها وجب نبذ العهد، لئلا يوقع التمادي عليه في الهلكة، وجاز إسقاط اليقين ها هنا بالظن للضرورة، وإذا كان العهد قد وقع فهذا الشرط عادة وإن لم يصرح به لفظ ً ا، إذ لا يمكن ومعنى قوله تعالى: .« أكثر من هذا ﴿ utsr ﴾ ، أي على مهل قاله: الوليد بن مسلم. وقيل: على عدل، معناه بالتقدم إليهم والإنذار لهم، وهكذا يجب للإمام أن يفعل ِ « ا(١) اليوم في كلا وجهي العقد أولا ً ، والنبذ على السواء ثاني . ً وهكذا فإن قوله تعالى: ﴿ utsr ﴾ يعني أن تكون كل (١) ابن العربي: أحكام القرآن، المرجع السابق، ج ٢، ص ٨٦٠ - ٨٦١ . ولذلك يقول ا لأزهري: إذا كان بينك وبين قوم من المشركين مهادنة وعهد إلى مدة، فخفت خيانتهم أي »نقضهم العهد فلا تسبقهم أنت إلى مثل ما أرادوا من الغدر، ولكنك تنبذ إليهم عهدهم وتعلمهم أن لا عهد بينك وبينهم، فإذا استويتم في علم نقض العهد فحينئذ إن أردت ، أبو منصور الأزهري: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي، ص ٣٩٨ ) « الإيقاع بهم فعلته .( وكذلك الفراء: معاني القرآن، ج ١، ص ٤١٤ ويقول الزركشي إن ا لآية: هي من الآيات المعبرات عن المعنى بألفاظ قليلة وموجزة. ولذلك أنه إذا أراد المترجم »أن ينقلها إلى لغة أعجمية لم يستطع أن يأتي بهذه الألفاظ مؤدية عن المعنى الذي أودعته حتى يبسط مجموعها، ويصل مقطوعها، ويظهر مستورها، حتى يقول: إن كان بينك وبين قوم هدنة أو عهد فخفت منهم خيانة ونقض ً ا فأعلمهم أنك قد نقضت ما شرطته لهم، وآذانهم بالحرب؛ لتكون أنت وهم في العلم بالنقض على سواء (راجع الزركشي: البرهان في علوم القرآن)، ج ١، عيسى البابي الحلبي، القاهرة، الطبعة الثانية، ص ٤٦٥ -.«٤٦٦  أطراف المعاهدة على علم بان المعاهدة قد نبذت أو انتهت(١) ، أي لا يجوز مباغتة الطرف الآخر الذي خيفت خيانته قبل إعلامه بالنبذ.  وفي ا لسنة النبوية المطهرة ما يؤيد ما قلناه:  قال الترمذي إلى سالم بن عامر يقول: كان بين معاوية وبين الروم   عهد، وكان يسير في بلادهم، حتى إذا انقضى العهد أغار عليهم، فإذا رجل على دابة أو على فرس وهو يقول: الله أكبر، وفاء لا غدر، وإذا هو عمرو بن  عنبسة، فسأله معاوية عن ذلك فقال: سمعت رسول الله ژ يقول: من كان » بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عهد ً ا ولا يشد ّ نه حتى يمضي أمده أو ينبذ  « إليهم على سواء ، فرجع معاوية بالناس. قلت: وجه ذلك أن سيره في بلادهم في آخر مدة العهد توهم زيادة العهد(٢) .    (١) فقوله تعالى: ﴿ ut ﴾ أعلمهم قبل حربك إياهم، أنك قد فسخت العهد الذي » يعني بينك وبينهم؛ في العلم أنت وهم بنقض العهد سواء؛ فلا يتوهموا أنك نقضت العهد « بنصب ا لحرب ١٤٢٥ ه ، سعيد الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، ج ١ . ٢٠٠٤ م، ص ٤٩٩ ويقول أطفيش: ﴿ ut ﴾ حال من الضمير في ﴿ r ﴾ ، أو من الهاء في ﴿ s ﴾ ، أو منها مقدرة، أي ناوين أنت وهم الاستواء في العلم، قيل: أو الخوف بإبطال العهد السابق، فتقول: إني قد أبطلت العهد، ولا يلزم أن يقول لأنه بانت لي منكم أمارة ا لخيانة. وإن علم بالنقض منهم لم يلزمه أن يصرح لهم بإبطاله كما مضى ژ إلى مكة بلا إعلام مر » لأهلها حين نقضوا العهد، وقتلوا خزاعة الذين في ذمة رسول الله ژ ، حتى بلغ على أربعة فراسخ من مكة، ولا يلزم أن يعلمهم بالحرب إن خاف خيانة كما « الظهران أطفيش: تيسير « فله قتالهم بلا إعلام بالقتال بعد إعلام بالإبطال » ، قيل، بل بالإبطال التفسير، ج ٥، ص ٣٥٣ -.٣٥٤ (٢) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة . عمان، ج ٥، ص ١٦٨ ُ معنى ذلك، في رأينا أمران: ١ عدم القيام بأي عمل أو اتخاذ أي سلوك قد يستشف منه تجديد المعاهدة ُ ضمنيا. ً ٢ الاحتراز عن الغدر تحت أية صورة من ا لصور. بل أكد الفقه الإباضي على أنه لا يجوز مباغتة العدو قبل النبذ، وهكذا إجابة على سؤال: هل يجوز مباغتة المشركين إذا أظهروا الصداقة للمسلمين خداع ً ا؟ يقول أطفيش: إنه لا بد أن تنبذوا إليهم على سواء ولا تباغتوهم كما قال الله » 8 : ﴿ utsr ﴾ [ [الأنفال: ٥٨ فإن هم دخلوا في أرض الإسلام بالأمان فلا بد من النبذ إليهم ومن باغت منهم عوجل بلا نبذ إليه ومن أمنهم مع .« علمه بخداعهم لم يجز له ذلك ولو كنتم يد » ً ا واحدة قوية لاستحسنت لكم مراقبة المشركين بإبطال خدعهم بحيلكم ليهون كيدهم ويبطل ويسقط في أيديهم فتكونوا على استعداد حتى إذا ظهر لكم ما لا تطيقونه عاجلتموه بالهوينا ونسأل الله لكم « الظفر المبين والله مولاكم ولا مولى لهم(١) . معنى ما تقدم أن قوله تعالى: ﴿ srqponm ut ﴾ يمكن أن نفسره، كما يلي(٢) : ١ ﴿ nm ﴾ ، أي إذا خشيت أو خفت ا ستناد ً ا إلى دلائل أكيدة وجدية. (١) ، أطفيش: كشف الكرب، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٢ ُ ١٤٠٦ ه . ١٩٨٦ م، ص ٣٦٣ (٢) د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة . الإسلام، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٨٢ ١٤٣ ٢ ﴿ po ﴾ ؛ أي: من الطرف الآخر في ا لمعاهدة. ٣ ﴿ q ﴾ ؛ أي: احتمال نقض المعاهدة والخروج عليها، بما يؤدى إلى لوقوع اعتداء عليهم. « على غفلة منهم » أو « غيلة » تعرض المسلمين٤ ﴿ sr ﴾ ؛ أي: فقل لهم أنك بريء من المعاهدة المبرمة أو أنها أصبحت غير نافذة بينكما. ٥ ﴿ ut ﴾ ؛ أي: بأن تستويان في النبذ، وذلك بأن يعلم الطرف الآخر يقين ً ا أن المعاهدة أصبحت منبوذة من قبل ا لمسلمين. ٦ ﴿ {zyxw ﴾ : ولهذه العبارة معنيان أنها تبين في نفس الوقت علة النبذ، وتظهر البعد الأخلاقي في العلاقات الدولية للدولة الإسلامية التي لا تتشوق إلى الخيانة أبد ً ا، أي أن هذه العبارة، هي تطبيق لمبدأ في تنفيذ المعاهدات الدولية. وهو مبدأ أساسي في قانون « حسن النية »المعاهدات الدولية ا لحالية. ولعل إمكانية نبذ المعاهدة في الشريعة الإسلامية عند مخافة الخيانة يقترب من فكرة حديثة في القانون الدولي المعاصر، هي فكرة الدفاع الشرعي الوقائي: La légitime défense protective - protective legitimate defence أو فكرة التدخل الوقائي protective intervention - intervention protective . غير أن النظرية الإسلامية تختلف عن هذه النظرية، من نواحي عديدة: فقد أحاط الإسلام نظريته بسياج من القيود تمنع إساءة استخدامها، منها: ضرورة النبذ والإعلام حتى لا يتم مقاتلة الطرف الآخر وهو يثق بالمسلمين في العهد المبرم بينهم(١) . (١) بخصوص قوله تعالى: ﴿ {zyxwvutsrqponm ﴾ [ [الأنفال: ٥٨ نزلت في أهل هدنة... فإذا جاءت دلالة على أنه لم يوف أهل » : يقول الشافعي = عدم الخيانة أو ا لغدر. وجود أمارات حقيقة تدل على الخيانة وانتهاك الطرف الآخر للمعاهدة(١) . :IógÉ©ªdG ¿Ó£H hCG OÉ°ùa (`g  يعني البطلان عدم ترتيب الأثر المترتب على التصرف (المعاهدة) لمخالفته للشروط اللازمة لصحته(٢) . فصحة التصرف القانوني تعني ترتيبه للأثر المقصود منه، بعكس ا لبطلان. = الهدنة بجميع ما عاهدهم عليه، فله أن ينبذ إليهم. ومن قلت ينبذ إليه. فعليه: أن يلحقه الشافعي: أحكام القرآن، دار الكتب « بمأمنه، ثم له: أن يحاربه كما يحارب من لا هدنة له  العلمية، بيروت، ١٣٩٥ ه . ١٩٧٥ م، ج ٢، ص ٧٢ لازم من جهة » لأن الأمان « وليس للإمام نبذ الأمان إن لم يخف خيانة » : لذلك فقد قيل العلامة الكوهجي (عبد الله بن الشيخ حسن الحسن): زاد المحتاج بشرح .« المسلمين المنهاج، تحقيق عبد الله بن إبراهيم الأنصاري، الشؤون الدينية بدولة قطر، الطبعة الأولى، ١٤٠٢ ه ١٩٨٢ م، ج ٤، ص ٣٢٧ - المجاز والإيجاز » : ٣٢٨ . وقيل: إن الآية دليل على أن عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز، مكتبة الخانجي، ) « من الأركان في أمر الإعجاز .( القاهرة، ١٩٨٤ ، ص ٥٢١ (١) فإن » : فإذا لم تتوافر هذه الأمارات، فلا يجوز النبذ، في هذا المعنى يقول الإمام الشافعي قال الإمام أخاف خيانة قوم ولا دلالة له على خيانتهم من خبر ولا عيان فليس له والله تعالى أعلم نقض مدتهم إذا كانت صحيحة لأن معقولا ً أن الخوف من خيانتهم الذي .١٠٧ ، الأم للشافعي، ج ٤ « يجوز به النبذ إليهم لا يكون إلا بدلالة على الخوف (٢) الباطل ضد الحق، ويشمل الكذب والكفر والظلم والتعدي وما لا يكون » : وهكذا قيل مشروع ً .« ا، كما يطلق على ما حكم به الحاكم الذي عدل عن ا لحق أما ا صطلاحا: فهو ما وقع على غير ما أمر الشرع، أو ما نهى عنه. ً والفعل، بالنظر إلى حكمه، تعتريه أوصاف الصحة والبطلان؛ فالصحيح ما ا عتد به الشرع، وترتبت عليه الثمرة المقصودة منه، كحل ّ الانتفاع في البيع، والوطء في النكاح، والإجزاء في العبادات. والباطل هو الفعل الذي يخالف وقوعه الشرع، ولا تترتب عليه ا لآثار، = والبطلان والفساد مترادفان عند جمهور الفقهاء وكذلك الإباضية، خلاف ً ا ّ للفقه الحنفي الذي يميز بينهما. وفي الفقه الإباضي أيض ً يقول .« الإحباط » ا فكرة أقوى من البطلان، وهي والإحباط: عبارة عن أشد الإبطال، حيث لا يبقى للعمل معه بقية. » : السالمي يوضحه قوله تعالى: ﴿ JIHGFEDCB ﴾ [ [الفرقان: ٢٣(١) . تستخدم أيض « الإحباط » ويلاحظ أن فكرة ً ا في الفقه المعاصر التزام أطراف » بخصوص المعاهدات الدولية، إذ يستخدم الفقهاء عبارة « المعاهدة بعدم إحباط موضوعها(٢) . "The Obligation of the Contracting Parties not to Frustrate the Object of the Treaty". وبطلان المعاهدة الدولية في الفقه الإباضي يمكن أن يترتب خصوصا لسببين: ً = ولا يسقط القضاء في العبادات، وذلك لاختلال ركن من أركانه أو شرط من شرائط انعقاده أو وصف من أوصافه ا لمطلوبة. والبطلان والفساد مترادفان عند الإباضية والجمهور خلاف ً ا للأحناف. قال السالمي: ّ ، معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١ « والباطل مرادف للفاسد عندنا » ّ ص ١١٩ -١٢٠ ؛ ج ٢، ص ٨٠٠ - ٨٠١ . ويضيف أيض ً وما كان فاسد الأصل فلا تنبني » : ا .« عليه فروع، ولا يصح في ثاني ا لأمر أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، ص ٢٨٢ الشيخ « أصل الباطل الشيء الذاهب بالوجه الذي لم يحبه الله ولم يشرعه » : كذلك قيل ١٤٢٥ ه ، سعيد الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، ج ١ ٢٠٠٤ م، ص ١٠٨ ، قاله في معرض تفسيره لقوله تعالى: ﴿ onmlk﴾ . (١) . السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٨، ص ٣١٣(٢) راجع: Cairo,Dar Al-Nahda Al-Arabia, Law, International Public Ahmed Abou-el-Wafa: 2010, P. 126.  الأول عيوب ا لرضا: ويقصد بها تلك العيوب التي تشوب الرضا بالمعاهدة فتجعله غير سليم. ومن هذه العيوب الغلط والإكراه والتدليس والرشوة. ونشير هنا إلى العيبين الأولين، فإذا انتهينا من ذلك فحقيق بنا أن نشير إلى فكرة البطلان الجزئي في الفقه ا لإباضي. ١ ا لغلط: يمكن أن تبطل المعاهدة في الفقه الإباضي بسبب الغلط، بالتطبيق لقاعدة: .« لا عبرة بالظن ا لبين خطؤه » إذا فعل فعلا » : ومعنى القاعدة ً أو حكم بحكم بناء على ظن ثم تبين .« خطأ ذلك الظن، فيجب عدم اعتبار ذلك الفعل أو الحكم وإلغاؤه  وهذه القاعدة مهمة جد » ً ا وتجرى في أنواع مختلفة من الأحكام الاجتهادية كالعبادات والمعاملات الجارية بين الناس من عقود وإقرارات وإبراء وغيرها فالعبرة في جميع ذلك لما في نفس الأمر لا لخطأ الظن فكل « ما كان مبنيا على خطأ الظن لا يعتبر(١) . ً ٢ الإكراه: لا شك أن الإكراه ينفي التراضي(٢) ، الذي هو أساس أي (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٠٩١ ّ (٢) من العوارض المكتسبة: الجبر ويعبر عنه بالإكراه، وهو: حمل الغير على » : يقول السالمي أن يفعل ما لا يرضاه ولا يختار مباشرته لو خلي ونفسه، فيكون معدما للرضا، لا للاختيار، ًُ « إذ الفعل يصدر عنه باختياره، حيث آثر الجانب الأسهل على الجانب ا لأشق .( (السالمي: كتاب طلعة الشمس، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٩٥ الإكراه حمل الغير على فعل ما لا يرضاه، ولا يختار مباشرته لو خ » : كذلك قيل ُ ير فيه. وهو من عوارض الأهلية التي تنفي المسؤولية، أو تخفف عنها، وتقضي بسقوط بعض التكاليف وتخفيف بعضها. = اتفاق أو معاهدة دولية. لذلك تبطل المعاهدة التي شابها إكراه في إبرامها وقع على ممثل الدولة أو على الدولة ذاتها. وفي الفقه الإباضي قاعدة مشهورة تؤيد ما قلناه، وهي قاعدة: « ليس على مقهور عقد ولا عهد »(١) . ومعنى القاعدة، في نظرنا، أن الإكراه أو الجبر يترتب عليه بطلان العقد (المبرم بين الأفراد) والعهد (أي المعاهدة المبرمة بين الدول): علة ذلك أنه لا إرادة صحيحة للمكره(٢) . الثاني مخالفة قواعد الشريعة ا لإسلامية: سبق الإشارة إلى هذه المسألة عند دراسة الشروط الموضوعية لإبرام المعاهدات الدولية. وذكرنا هناك خصوصا قوله ژ: كل عمل ليس عليه » ً « أمرنا فهو رد . ٣ البطلان الجزئي للمعاهدات الدولية في الفقه ا لإباضي: تتوافر هذه المسألة إذا احتوت المعاهدة على شرط أو أكثر غير صحيح = « الإكراه على درجات؛ بعضه أشد من بعض، فمنه ما يشوب الإرادة ومنه ما يلغيها كاملة معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٩١٠ -.٩١١ ّ (١) وتفسير القاعدة، كما يلي: المقهور: هو المكره الذي سلبت إرادته واختياره. » ُ والعقد عند الفقهاء: هو ربط أجزاء التصرف شرع ً ا بالإيجاب والقبول، أو هو التزام .« المتعاقدين وتعمدهما أمرا فهو عبارة عن ارتباط الإيجاب والقبول وجمعه ا لعقود ً والعهد: حفظ الشيء ومراعاته حالا ً بعد حال ثم استعمل في الموثق الذي يلزم مراعاته أيض ً ا .« إذا دخل بالأمان ذو عهد » الوصية، والضمان، والمودة، والأمان، والذمة ومنه قيل للحربي .« إن المكره ليس له عقد معتبر ولا عهد يجب الالتزام به وذلك بسبب ا لإكراه » : ومعنى القاعدة معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١١٨٣ -.١١٨٤ ّ (٢) . راجع البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٧٧ بينما باقي نصوصها صحيحة: فهل يبطل الشرط أو الشروط فقط وتبقى المعاهدة، أم تبطل المعاهدة كلها؟ تعرض الفقه الإباضي لهذه المسألة بخصوص عقد البيع. وهكذا جاء في منهج ا لطالبين(١) : قيل في رجل باع لرجل أرضا أو نخلا » ً ، وشرط عليه أن يودي عنه ً الخراج كذا وكذا، فهذا شرط يختلف فيه، فبعض يبطل البيع والشرط، .« وبعض يبطل الشرط، ويثبت ا لبيع وكذلك الشروط الباطلة بعض يبطلها، ويثبت البيع، وبعض يبطلها ٌُ هي والبيع. وإن كان الشرط قبل البيع، ولم يكن عند العقدة، فإن الذي لا يرى الشروط ثابتة، إلا إذا كانت عند العقدة، لا يرى الأساس شيئ ً ا. فحجة من يثبت البيع والشرط: قول النبي ژ: المسلمون على شروطهم » « ا(٢) ما لم يكن حرام ً . وحجة من يثبت البيع ويبطل الشرط: قوله 0 : كل شرط ليس في » « كتاب الله فهو باطل، ولو شرط مائة مرة(٣) . ويبدو أن الاتجاهين السابقين قابلان للتطبيق أيض ً ا على المعاهدات الدولية. (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٧، ص ٢٤١(٢) أخرجه أبو داود والحاكم، عن أبي هريرة. (٣) أخرج معناه الربيع والبخاري ومسلم والنسائي، عن عائشة، في قصة بريرة. :IógÉ©ªdG ñÉ°ùØfG hCG ï°ùa (h تعرض الفقه الإباضي لماما لهذا السبب من أسباب انقضاء المعاهدات ً الدولية. فيقرر رأي بخصوص ا لانفساخ: وأما (الانفساخ) فهو صفة توجب عدم الإعتداد بالعقد بسبب الإخلال » ببعض شروطه مثل الجهل في الثمن أو المثمن أو الأجل وما أشبه ذلك، «(١) ويدخل فيه بيع ا لغ َرر . ََ (١) سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، مكتبة مسقط، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه . ١٩٩٤ م، ص ٢١ ُ راجع أيض ً ا في ذات المعنى: حاشية الترتيب للشيخ ابن أبي ستة على الجامع الصحيح . لمسند الربيع، دار البعث، قسنطينة الجزائر، ج ٣، ص ١٩١ من جهة أخرى: « المفاسخة » من جهة و « الفسخ » وقد فرق فقهاء المسلمين بين ١ أما الفسخ فهو ما وقع من أحد الجانبين فيه نقض عهد حصلت المواثقة عليه، وصورته أن يكتب فيه بعد ا لبسملة: هذا ما استخار الله تعالى فيه فلان، استخارة تبين له فيها غدر الغادر، وأظهر له بها سر »الباطن ما حققه الظاهر، فسخ فيها على فلان ما كان بينه وبينه من المهادنة التي كان آخر الوقت الفلاني آخر مدتها، وطهر السيوف الذكور فيها من الدماء إلى انقضاء عدتها، وذلك حين بدأ منه من موجبات النقض، وحل المعاقدة التي كان يشد بعضها ببعض (وهي كذا وكذا، وتذكر وتعد) مما يوجب كل ذلك إخفار الذمة، ونقض العهود المرعية الحرمة، وهدم قواعد الهدنة، وتخلية ما كان قد أمسك من الأعنة، كتب إنذارا، وقدم ً حذارا، وممن يشهد بوجوب هذا الفسخ ودخول ملة تلك الهدنة في حكم هذا النسخ، ً ما تشهد به الأيام، ويحكم به عليه النصر المكتتب للإسلام، وكتب هذا الفسخ عن فلان وقد نبذ إليه عهده، وأنجز وعده، وأنفذ إليه سهمه بعد أن صبر مليا على ممالأته، وأقام ً مدة يداري مرض وفائه ولا ينجح فيه شيء من مداواته، ولينصرن، ويحذر من يأمن مكره من يحذره، وأمر فلان بأن يقرأ هذا الكتاب على رؤوس الأشهاد، فينقل مضمونه إلى البلاد، أنفة من أمر لا يتأدي به الإعلان وينصب له لهذا الغادر لواء لا يقال إذا يقال: هذا اللواء لغدرة فلان بن فلان. = »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«dhódG äGógÉ©ªdG áªJÉN يتضح مما تقدم أن الوفاء بالمعاهدات الدولية هو حجر الأساس في الفقه الإباضي، كما هو الحال في الفقه الإسلامي بمختلف مذاهبه. علة ذلك   هو تحقيق استقرار العلاقات الاتفاقية الدولية باعتباره ا لتزاما دنيويا ودينيا. ً يوضح ذلك بصورة أكيدة ما ذكره ا لنزوي: ضرب » 8 مثلا ً للناقض العهد، فقال تعالى: ﴿ !" $# % ﴾ [ [النحل: ٩٤ ، يعني مكرا وخديعة، فيدخل فيستحل بها نقض العهد، ً ﴿ &' )( ﴾ يقول: ناقض العهد يزل في دينه كما تزل قدم الرجل = هذا ما اختاره فلان وفلان » ٢ وأما المفاسخة فتكون من الجهتين وصورة ما يكتب فيها من فسخ ما كان بينهما من المهادنة التي هي إلى آخر مدة كذا اختارا فسخ بنائها ونسخ أنبائها ونقض ما أبرم من عقودها وأكد من عهودها جربت بينهما على رضى من كل منهما بإيقاد نار الحرب التي كانت أطفئت وإثارة تلك الثوائر التي كانت كفيت نبذاه على سواء بينهما واعتقاد من كل منهما أن المصلحة في هذا لجهته وأسقط ما يحمله الآخر من ربقته ورضي به بقضاء السيوف ومضاء آمر القدر والقضاء في مساقاة الحتوف وقد أشهدا عليهما بذلك الله وخلقه ومن حضر ومن سمع ونظر وكان ذلك في تاريخ كذا والله الموفق .« والهادي إلى طريق ا لحق ومعنى ما تقدم أن الفسخ يتم بالإرادة المنفردة (وهذا هو الفسخ بمعناه الدقيق)، وأما المفاسخة فهي تساوي انقضاء المعاهدة بتراضي ا لطرفين. العمري: التعريف بالمصطلح الشريف، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٨ ه ١٩٨٨ م، ص ١٧٠ -.١٧٢ القلقشندي: صبح الأعشى، ج ١٤ ، ص ١٠٨ -.١٠٩ فالفسخ قلب كل واحد من العوضين لصاحبه » : ويفرق القرافي بين الفسخ والانفساخ بقوله والانفساخ انقلاب كل واحد من العوضين لصاحبه فالأول فعل المتعاقدين أو الحاكم إذا ظفروا بالعقود المحرمة والثاني صفة العوضين فالأول سبب شرعي والثاني حكم شرعي الفروق « فهذان فرعان فالأول من جهة الموصوفات والثاني من جهة الأسباب والمسببات . للقرافي، عالم الكتب، بيروت، ج ٣، الفرق ١٩٥ ، ص ٢٦٩ بعد الاستقامة، ﴿ +* ﴾ ، يعني العقوبة ﴿ ,-/. 0 ﴾ ، يعني عن طاعة الله ﴿ 432 ﴾ [ [النحل: ٩٤ «(١) . كذلك جاء في جامع ابن جعفر: وقيل في قوم من أهل العهد ثقل عليهم الخراج أو غيره فلحقوا بأرض » الحرب ثم ظهر المسلمون على تلك البلاد، فلا يسبون ولا تؤخذ أموالهم ما « لم ينقضوا ا لعهد(٢) . وهكذا فإنه حتى في إطار المعاهدات الدولية أكد الفقه الإباضي على أن قواعد الشريعة الإسلامية، في كلياتها وجزئياتها، واجبة ا لمراعاة (٣) . علة ذلك: « أن أهل الحق ينصفون من المظالم ويعطون منه ا لحق »(٤) . كما أن: « الغدر والنكث حرام في قول ا لمسلمين »(٥) . :« العهد ا ليوم » يقول البسيوي تحت عنوان (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٠٠ -.٢٠١ (٢) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ -. ٧٠ ، ص ٢٧٦ (٣) كذلك أثمرت هذه الدراسة عدم وجود فاصل » : في خاتمة رسالته للدكتوراه يقول د. كسبة بين ما يسمى بالسياسة والدين. وأن مجال السياسة مهما بعد فلا بد أن يكون في إطار من .« الشرعية ا لدينية د. محمد حسان كسبة: ا لإباضية وعقيدتهم، رسالة دكتوراه، كلية أصول الدين، جامعة الأزهر، ّ القاهرة، ١٣٩٩ ه . ١٩٧٩ م، ص ٢٩٣ (٤) عين المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام المحتسب صالح بن علي الحارثي، . المرجع السابق، ص ٣٧٩(٥) . ذات المرجع، ص ٣٨٦ وسأل فقال: من أعطى اليوم أحد » ً ا من المسلمين العهد أيجوز ذلك وإن لم يكن إمام؟ وقيل له: من أعطى من المؤمنين العهد على نفسه ثبت عليه، ومن أعطى منهم العهد فيما هو جائز جاز ذلك، إذا كان عدلا ً ، لأن المؤمنين تتكافأ دماؤهم كلها سواء في القصاص والدية، ولا يجوز إذا لم يكن ذلك العهد ّ عدلا ً عند ا لمسلمين.  والإيمان على وجهين: إيمان تصديق بلا عمل، وإيمان تصديق وعمل، وللتقوى حقيقة، وحقيقة ذلك العمل. ولقد كان إيمان المؤمنين بما أنزل على محمد مع العمل بطاعة الله وطاعة رسوله والوفاء بما عاهد عليه الله، فقال الله لهم: ﴿ , -. 876543210/ ;:9﴾ . فجعل لهم الأجر على الوفاء، وألزمهم على النكث « والغدر، أن ذلك راجع عليهم(١) . وفذلكة  الحساب وضابط هذا الباب هو ضرورة الالتزام بالمعاهدة الدولية بحذافيرها، وعدم الخروج عليها. وقد ا ت ّ بع حكام الدولة الإسلامية في معاملاتهم الدولية هذا المسلك. يكفي أن نذكر هنا مثالا ً واضحا يدل عليها. فقد حدث عند خروج الفرنج ً من القدس أن قيل للسلطان صلاح الدين الأيوبي (بخصوص أموال الكنائس والأديان): هذه أموال وافرة، وأحوال ظاهرة، بلغ مائتي ألف دينار، والأمان على » .« أموالهم لا أموال الكنائس والأديان. فلا تتركها في أيدي هؤلاء ا لفجار فأجاب صلاح ا لدين(٢) : (١) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٧٠(٢) انظر العماد الكاتب الأصفهاني: الفتح القسي في الفتح القدسي، تحقيق محمد محمود . صبح، الدار القومية للطباعة والنشر، سلسلة من الشرق الغرب، بدون تاريخ ص ١٣٥ إذا تأولنا عليهم نسبونا إلى الغدر، وهم جاهلون بسر هذا الأمر، ونحن » نجريهم على ظاهر الأمان، ولا نتركهم يرمون أهل الإيمان بنكث الإيمان، « بل يتحدثون بما أفضناه من ا لإحسان(١) .  ذلك أن أي انتهاك للمعاهدة قد يؤدي، في بعض الأحوال، إلى نتائج وخيمة(٢) . لذلك يجب أن يكون سبب انقضاء أية معاهدة دولية سببا ً ا(٣) مشروع ً . (١) .( بينما يصف الأصفهاني ما حدث من ملك الإنكثير، كما يلي: (المرجع السابق، ص ٥٦  وأما مراسلة الملك فلم تسفر عن المقصود، ولم يجر من تلونه إلا على المعهود، وكلما »أبرم عهد ً ا نقضه ونكثه، وكلما قوم أمرا عكسه وعلثه، وكلما قال قولا ً رجع عنه، وكلما ً .« استودع سرا لم يصنه، وكلما قلنا يفي خان، وإذا قلنا أنه يزين شان، وعن كل خزي أبان(٢) بخصوص قوله تعالى: ﴿ ` kjihgfedcba vutsrqponml ﴾ [ [التوبة: ٤ ، يقرر رأي في الفقه الإباضي أن   ذلك يفترض أن يراعوا أمرين ا ثنين: أ لا ينقض المعاهدون للمسلمين شيئ » ً ا ولو كان حقيرا مما التزموا به في تلك المعاهدة، ً لا أن يكتفي بالشروط الأساسية، ذلك لأن الإخلال ببعض الأمور الحقيرة في العهد قد يغري بالإخلال بالأمور العظيمة إذا غفل عنها ا لمسلمون. ب أن لا يناصر المعاهدون أحد ً ا على المسلمين ولو واحد ً ا ولا يعاونوه بأي موقف سرا ً أو جهرا، فهؤلاء هم الذين يوف َ ى المسلمون باحترام عهدهم حتى ينقضي أجله، وإن كان ً .« أكثر من أربعة أشهر الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٥، ص ٤٠٦ -.٤٠٧ ٰ (٣) وذلك إذا أبرمت ،« نسخ المعاهدة » في فقه قانون المعاهدات الدولية من أسباب نقضها معاهدة تالية تتعارض صراحة أو ضمن ً ا مع معاهدة سابقة، راجع: Ahmed Abou-el-Wafa: Public International Law, Dar Al-Nahda Al-Arabia, op. cit, P. 163. ابتداء » و ،« النسخ » وفي الفقه الإباضي بخصوص الأمور الدينية يتم التفرقة بين يقول ا لسالمي: .« الشرع إذا حكم العقل بثبوت شيء أو عدمه ثم نزل الشرع بخلافه فلا يسمى ذلك نسخ » ً ا بل ابتداء شرع، لأن النسخ إزالة حكم شرعي بحكم شرعي، وهذا إزالة حكم عقلي بحكم شرعي، جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٩٨ « فقد خالف حد النسخ -.٢٩٩ :ó«``¡ªJ أشخاص القانون الدولي أهمها الدولة والمنظمات الدولية. وحيث إن هذه الأخيرة ظاهرة حديثة نسبيا في العلاقات الدولية المعاصرة، فلم يتطرق ً إليها الفقه الإباضي. لذا نقصر دراستنا على الدولة كشخص قانوني دولي. وتعد الدولة تجمعا من الكائنات الحية الغرض منه المحافظة على ً النظام والسكينة في الداخل، والدفاع عن الاعتداءات التي قد تتعرض لها من الخارج، فضلا ً عن تصريف شؤون الدولة ورعاياها في الداخل والخارج. ولا يختلف هذا التعريف عن ذلك الواجب إعطاؤه للدولة الإسلامية: فقد كان غرضها دينيا ودنيوي ً ا أيض ً ا، بمعنى أنها إلى جانب شؤون العقيدة تهتم ً بالشؤون الدنيوية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها(١) . والأمر في ذلك رهن بالأحوال السائدة وبالبيئة المحيطة بالدولة الإسلامية ومدى تطور علاقاتها مع الدول ا لأخرى(٢) . (١) وإن كان البعض يذهب إلى أن الدولة الإسلامية لم تنشأ طبق ً ا للأساليب التي تنشأ بها الدول في عصرنا، لأن غرض الرسول الكريم لم يكن من أجل تأسيس دولة أو فتح ممالك أو بسط ملك، وإنما كان إبلاغ الدين ونشره. (أمين سعيد: نشأة الدولة الإسلامية، مطبعة الحلبي، القاهرة ١٣٥٣ ه ١٩٣٤ م، ص ٣٥١ -.(٣٥٤ ويقرر رأي أن غاية الدولة الإسلامية (إقامة الدين وتحقيق مصالح المحكومين) هي شرط ابتداء (أي شرط لقيام الحكومة وتوليها السلطة) وشرط بقاء (أي شرط لاستحقاق الحكومة وصف الشرعية). فإذا خرجت الحكومة من ذلك انقضت ولايتها ولم تجب على الناس لها حقوق الطاعة والنصرة والنصيحة (د. محمد سليم العوا: في النظام السياسي للدولة الإسلامية، المكتب المصري الحديث، القاهرة، ١٩٨٣ ، ص ١٥٣ -.(١٥٤ (٢) ولما كانت الدول في الماضي صغيرة في مساحتها وسكانها، فقد عبر عنها القرآن بلفظ القرية أو المدينة أو البلد أو البلدة، د. ماجد الحلو: الدولة في القرآن الكريم، مجلة ١٤٠٩ ه ، الشريعة والقانون، جامعة الإمارات، عدد ٣ . ١٩٨٩ م، ص ٢٢٢ بل قال البعض إنه في عهد الخلفاء الذين تلوا مباشرة ا لنبي ژ تحولت الجماعة الإسلامية = لا بد للأمة الإسلامية من إقامة دولة، ونصب » : والإباضية يرون أن ّ تسير » ويجب أن تكون هذه الدولة عادلة « حاكم، يتولى تصريف شؤونها على منهج الشرع الإسلامي، فتنفذ أحكام الله، وتقيم الحدود، وتصون الحقوق، وترد المظالم، وتحفظ الثغور، وتحمل دعوة الإسلام إلى بلاد « الكفر(١) . = من جماعة دينية في مكة، إلى جماعة سياسية بدائية في المدينة، إلى إمبراطورية عالمية un empire mondial ، راجع: Goldziher: Le dogme et la loi de l'Islam, Geuthner, Paris, 1973. p. 27. ويرى نفس الكاتب أن عمر بن الخطاب هو المؤسس الحقيقى للدولة الإسلامية .( (ص ٢٨ ومن المعلوم أن بعض المسلمين جادل في أن الإسلام يشكل دولة ونظاما سياسيا، وأن ًً الرسول أرسل فقط لدعوة دينية خالصة. وقد تمثل ذلك في كتاب الشيخ علي عبد الرازق: الإسلام وأصول الحكم، وكتاب خالد محمد خالد: من هنا نبدأ، راجع هذا الرأي والرد  عليه في د. محمد سلام مدكور: معالم الدولة الإسلامية، مكتبة الفلاح، الكويت، ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ٧١ -.٧٩ كذلك قيل: إن الأحكام في مسائل الدولة تتطور مع الزمان والمكان، فهي تابعة للتطور الاجتماعي الذي يهدينا إليه العلم. د. عبد الرازق السنهوري: الدين والدولة في الإسلام، مجلة اتحاد الجامعات العربية للدراسات والبحوث القانونية، العدد الفخري الأول، ١٤١٦ ه . ١٩٩٥ م، ص ١٠ وهذا كتاب من » : وقيل: إن وثيقة المدينة تشتمل على أركان الدولة، فقد جاء فيها محمد النبي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم... إنهم أمة ّ واحدة من دون الناس... وأن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس... وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله وإلى ولذلك فقد اشتملت على معالم الدولة: شعب يكون أمة واحدة .« محمد رسول الله ويتبعه من دخل في ذمته، وإقليم هو أرض يثرب وهواؤها، وسلطة حاكمة يرجع إليها وتقضي بما أنزل الله، راجع د. محمد سلام مدكور، معالم الدولة الإسلامية، . المرجع السابق، ص ٦٧(١) علي يحيى معمر: ا لإباضية بين الفرق الإسلامية، المرجع السابق، ص ٣١٣ -.٣١٤ ّ ومن المعلوم أن عناصر الدولة في القانون الدولي المعاصر ثلاثة(١) ، هي: الإقليم، وسكان هذا الإقليم، وسلطة حاكمة تدير الإقليم وتمثل الدولة على الصعيد الدولي. ونبحث هذه العناصر، كلا  في فصل مستقل. (١) يقرر رأي أن: المقومات الأساسية لقيام الدولة أو لقيام الإمامة في حالة الظهور يحددها الشيخ أطفيش »وعند النظر في هذه الشروط يتبين لنا « ما يكفي من سلاح، وكراع، وعلم، ومال » : بقوله أنها شروط موضوعية، إذ بدونها لا يمكن قيام دولة قوية متوفرة على وسائل القوة .« والتمكين د. محمد صالح ناصر: منهج الدعوة عند الإباضية، جمعية التراث، القرارة، الجزائر، ّ ١٤٢٢ ه ٢٠٠١ م، ص ٢١٠ - .٢١١ عدون جهلان: الفكر السياسي عند الإباضي ّ ة، مكتبة الضامري، سلطنة ع ُ مان، ١٤١١ ه . ١٩٩١ م، ص ١٤٥ عرفت الشريعة الإسلامية وجود إقليم تابع للدولة الإسلامية. يتضح ذلك من قوله تعالى: ﴿ ! +*)('&%$#" .-❁ 76543210/ ﴾ [الحج: ٣٩ - [٤٠ ؛ ﴿ ZYXWVUT ﴾ ...[ [الحج ٤١ . ﴿ £¢ §¦¥¤ ¨﴾ ...[ [الحشر: ٨ ﴿ ¸ ¼»º¹ ÁÀ¿¾½﴾ ...[ [الحشر: ٩ : ﴿ < A@?>= LKJIHGFEDCB PONM﴾ [ [النور: ٥٥ . ويحتل إقليم الدولة مكان ً  ا مهم العنصران الآخران من عناصر ا لدولة (١) ا باعتباره الوعاء أو الإطار الذي يتحدد به . (١) لعب فقهاء المسلمين دور ً ً ا بارز ا. راجع على سبيل المثال: الكرخي (أبو إسحاق الاصطخري): ا في إظهار أهمية الإقليم كعنصر في الدولة من حيث تبيان  حدوده ووصفه جغرافي المسالك والممالك، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، القاهرة، ١٣٨١ ه ١٩٦١ م، ٢١٤ صفحة: ابن خرداذبة: المسالك والممالك، مكتبة المثنى ببغداد، ١٨٣ صفحة، حيث يقول هذا كتاب فيه صفة الأرض وبنية الخلق عليها وقبلة أهل كل بلد والممالك » : ص ٤ وهناك كتب أخرى مثل كتاب الأقاليم لهشام الكلبي « والمسالك إلى نواحي الأرض  ى سنة ٢٠٦ ه، وكتاب صورة الإقليم للبلخي في القرن الرابع الهجري، وكتاب أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم للمقدسي، وكتاب المسالك والممالك لابن حوقل. المتوف ويمثل شغل وتقسيم مسطح الكرة الأرضية بين الدول أعضاء المجتمع الدولي إحدى الركائز الأساسية التي يقوم عليها القانون الدولي المعاصر إذ كل دولة تتواجد داخل مساحة معينة من الكرة الأرضية تحدها دائما حدود ً معلومة. ويلعب إقليم الدولة وهو المسطح الخاضع لسلطتها السياسية دورا مهما في حياتها، باعتبار أن أي مجتمع (إنساني أو تنظيمي) لا يمكن ً أن يكون غير مكترث بالمساحات التي تكون حدوده ومداها. ويعترف القانون الدولي بسيادة الدولة فوق إقليمها وباختصاصها المانع داخل ذلك الإقليم(١) ، وتبدو أهمية الإقليم في كونه عنصرا من عناصر ً الدولة، بدونه لا يمكن تواجدها، كما توجد به كل مواردها وثرواتها، وهو ضروري لأمنها وقدراتها العسكرية، باعتبار أن أمن الدولة يحتم سيطرتها على مساحة كافية لنشر قواتها في مواقع ذات ميزات ا ستراتيجية. ومن المعلوم أن إقليم(٢) الدولة يتضمن عنصرين أساسيين، هما الإقليم  (١) ٤) مثلا / لذلك نص ميثاق الأمم المتحدة (م ٢ ً على ضرورة احترام سلامة الأراضى والاستقلال السياسي لأية دولة، ومنع استخدام القوة أو التهديد باستعمالها. كذلك قالت .( محكمة العدل الدولية في قضية مضيق كورفو ( ١٩٤٩ ، ص ٣٥ «Entre Etats indépendents, le respect de la souverainteté territoriale est l'un des bases essentielles des rapports internationaux». (٢) الإقليم كلمة عربية وسمي إقليما لأنه مقلوم من الأرض التي تتاخمه، أي مقطوع، والقلم ً في أصل اللغة القطع، وكلما قطعت شيئ ً ا بعد شيء فقد قلمته (وهناك مسميات أخرى للإقليم فيرى البعض أنه الميل، ويقرر آخرون أنه الرستاق، أو المخاليف، أو النصيب)، وللأمم في هيئة الأقاليم وصفاتها اصطلاحات أربعة: (الاصطلاح الأول): وهو اصطلاح العامة ويجري على ألسنة الناس دائما وهو أن يسموا ً كل ناحية مشتملة على عدة مدن وقرى إقليما، نحو الصين، وخراسان، والعراق والشام، ً ومصر، وإفريقية وهكذا. (الاصطلاح الثاني): يطلق على كل قرية كبيرة جامعة إقليما، وهو اصطلاح أهل الأندلس ً فإذا قال أحدهم أنا من إقليم كذا، فإنما يعني بلدة أو رستاق ً بعينه. = الأرضي (أو اليابسة) وما يعلوه من طبقات (الإقليم الجوى). يضاف إلى ذلك عنصر ثالث قد يتوافر لدى بعض الدول ولا يتوافر لدى البعض الآخر، وهو العنصر البحري والذي يثبت لكل دولة تطل على امتدادات بحرية أولها سواحل على ا لبحار. وسنقوم هنا بدراسة العنصر الأرضي أو البري من إقليم الدولة، أما العنصر البحري فندرسه في إطار الجزء المخصص للمياه الدولية. وبخصوص العنصر الجوى فهو يتبع الإقليم البري والبحري من حيث وضعه ا لقانوني. ونشير في دراسة العنصر البري من إقليم الدولة في الفقه الإباضي إلى أمور ثلاثة تعرض لها فقهاؤه: الإقليم كعنصر من عناصر الدولة، فكرة الحدود الدولية، وأخيرا الدور في الفقه ا لإباضي. ً :∫hC’G åëѪdG ádhódG ô°UÉæY øe ô°üæ©c º«∏bEÓd »°VÉHE’G ¬≤ØdG áaô©e  عرف ا لإباضية عنصر الإقليم كأحد عناصر الدولة. يكفي أن نذكر ما يلي: ّ ١ فعن محمد بن محبوب قال: لا يجوز أن تزال أرض المسلمين إلى الكفار. وهذا لا ينتقض إن أتموه إلا أن ينقضه أحد كما وقد فعل رسول الله ژ مثله، لما فتح خيبر أعطى اليهود تلك الأموال، يعملونها (الاصطلاح الثالث): وهو خاص بالفرس قديما حيث قسموا الممالك إلى سبع كشورات = ً  وا حول كل مملكة دائرة وسموها كشورا. ً  وخط (الاصطلاح الرابع): وأخذ به علماء الرياضة والحكمة، وهو عندهم يمتد طولا ً من الشرق إلى الغرب (في شكل معين)، راجع لمزيد من التفاصيل ياقوت الحموي: معجم البلدان، ١٣٩٧ ه ، دار صادر بيروت، ج ١ ١٩٧٧ م، ص ٢٥ -.٢٧   بالنصف من ثمارها. واستفتح عمر المدائن، ثم ردها إلى المجوس يعملونها على أنواع بشيء منها (١) . ٢ وقرر الإباضية أن الأرض الموات إحياؤها (٢)لا يكون إلا للمسلمين، ّ يقول ا لناظم: (٣) ٍِ أم َ ا ال ْموات ف َهو أرض لم يق َ ع مل ْ ك لمخ ْل ُ وق عل َيها مخ ْترع ََُ ٌَْْ َْ ٌُ َ ََْ ََُْ  ِ والمسلمون َ ك ُ لهم فيها سوا ف َك ُ ل من أح َ ياه ف َضل َ ه حوى ُْ ُْ َََ ََُْْ َُْ ِِ و َل َ م ْ يك َ ُ الذمي فيم َ ا أح َ ْ ي من ْ ب َل َ د الإس ْ لام ِي ُع ْط َ ى ش َ يا ِِ ٍِ ي ُن ْ ز َ ع ُ من ْ ه ُ صاغرا فلا َ ي َد ُ لمش ْ رك في أرض من ْ ي َوحد ُ ًَُ ََ ومن المعلوم أن الإنسان عليه تعمير الأرض، لقوله تعالى ﴿ ÎÍ  ÒÑÐÏ ﴾ وقال الله 8 : ﴿ :987654  <; = BA@?> ﴾ ... وقال تعالى: ﴿ ÛÚÙØ×Ö æåäãâáàßÞÝÜ ﴾ عمارة » وتحت باب ،« الأرضين  يقول الوارجلاني(٤) : واختلف العلماء في عمارة الأرض. قال » بعضهم: لا يجوز لأحد من الناس أن يسبق إلى أرض فيعمرها إلا بإذن الإمام، ولو كانت فيافي وقفارا، حتى يكتب له الإمام في ذلك. ومنه قول عمر بن الخطاب 3 : لنا عادى ا لأرض. (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ١٣٨ (٢) يكون للأرض الميتة غير المملوكة، يسبق إليها أحد، فيأخذها ويعمرها ولو » إحياء الموات بقليل، فهي له يفعل فيها ما يفعل في ملكه من بيع وغيره. كل أرض ميتة عمرها من نسبت إليهم فهي لهم وارث ً ا بعد وارث على قسمتهم الأولى ما لم يعرف لأهله في الإسلام، ولا أثر فيه لمن لا يحل ماله. لا فرق بين الموات القريب من .« العمارة والبعيد . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣١٩ ّ (٣) أبو عبد الله محمد السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ٣ -. ٤، ص ١٠٣ (٤) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٨٦ -.٨٧ ويدل على ذلك قول رسول الله ژ للذي أقطعه ملح مأرب، فأقطعه إياه. فقال رجل: هو يا رسول الله كالماء العذب فقال 0 : فلا إذن فارتجعها . وبينها وبين رسول الله ژ مسيرة شهرين أو أكثر، وقيل أن يبلغ ملك رسول الله ژ إياها فإن أذن أحد من الملوك التي ذكرنا بعمارة الأرض، فهي لمن عمرها. وإن لم يكن في تلك الأرض أحد من الملوك فهى للملوك التي بالقرب منهم، وربما تقوم جماعة المسلمين مقام الملك، إذا كان لهم أمام ا لكتمان. والإسلام دعا إلى إحياء الموات بالزرع والغرس، فقد قال النبي ژ : ِِ ِِ  ما من م » ُس ْلم ٍي َغ ْرس ُ غ َر ْس ً ا أو ي َز ْر َع ُ ز َر ْع ً ا ف َي َ أك ُل ُ منه ط َي ْر ٌ أو إن ْسان ٌ أو ب َ هيم َة ٌ ِ إلا كان له به صد َ ق َة ٌ«(١) ، وأكد النبي ژ على غرس الأرض حتى عند قرب َ نهاية حياة الإنسان، بقوله ژ : إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن » « استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها(٢) . ولا يتم إحياء الموات إلا بأربع خصال، ذكرها ابن قيس: أحدها أن تكون الأرض مما لا يعرف لها مالك. الثاني أن تكون مما لا تجري عليها عمارة في ا لإسلام. الثالث أن يعمل فيها ما يدل على حياتها. الرابع أن يكون المحيي لها موحد ً ا، إن كانت في أرض ا لمسلمين(٣) . (١) ٨١٧ ، رقم / ٤٢٠ ، رقم ٢٧٤٠١ )، والبخاري ( ٢ / ١٤٧ ، رقم ١٢٥١٧ ) و( ٦ / أخرجه أحمد ( ٣ ،٦٦٦/ ١١٨٩ ، رقم ١٥٥٣ )، والترمذي ( ٣ / ١١٨٨ ، رقم ١٥٥٢ ) و( ٣ / ٢١٩٥ )، ومسلم ( ٣ رقم ١٣٨٢ ) وقال: حسن صحيح. (٢) ،( ١٦٨ ، رقم ٤٧٩ / ١٩١ ، رقم ١٣٠٠٤ )، والبخاري في الأدب المفرد ( ١ / أخرجه أحمد ( ٣ .(٦٣/ والبزار كما في مجمع الزوائد ٤(٣) الإمام إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، مكتبة مسقط، ١٤٣٢ ه ٢٠١١ م، ص ٣٠٠ -.٣٠١ من فكرة أخرى معروفة في إطار العلاقات « إحياء الموات » وتقترب فكرة « الأرض أو الإقليم الذي لا مالك له » الدولية والقانون الدولي وهي فكرة Terra Nullius وهي الفكرة التي كانت سائدة في القرون الماضية والتي استندت إليها الدول الكبرى للاستيلاء على الأقاليم الجديدة غير المعمورة. أما الآن فلا توجد أرض لا مالك لها لأن المعمورة مقسمة بين الدول أعضاء المجتمع الدولي، عن طريق حدود تفصل بين أقاليمها. اتخذ لنفسه وطن » ذلك أن من :« اتخاذ الوطن » ٣ تحدث ا لإباضية عن ً ا في ّ بلد ليس له فيها وطن ولم يكن بينه وبين وطنه ستة أميال فإنه يصلي « التقصير(١) . ولا شك أن ذلك يعني أن الإقليم عنصر أساسي في الفكر الإباضي، بما يشمله أيضا كما سنرى من وجود حدود تفصل بين الأقاليم ً « واجب » التابعة لكل بلد. واتخاذ الوطن عند ا لإباضية(٢) « فرض لازم » ، وهو(٣) . ّ :»fÉãdG åëѪdG ∫hódG ø«H OhóëdG Ωƒ¡Øªd »°VÉHE’G ¬≤ØdG áaô©e عرف فقهاء المسلمين فكرة الحدود بالمعنى المعروف حالي ا: وهو كونها ً الحد الفاصل بين إقليمين أو دولتين. وقد استخدموا لبيان ذلك ألفاظ ً ا كثيرة: منها لفظة الثغر، أو الأطراف، أو ا لحدود(٤) . (١) . الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ٢، ص ٥(٢) . السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٩٠(٣) . الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ١، ص ٦٤٣(٤) يقول ابن الأثير أن الثغر هو: الموضع الذي يكون حد » ً ا وفاصلا ً .« بين بلاد الإسلام والكفار الإمام ابن الأثير: جامع الأصول من أحاديث الرسول، تحقيق محمد حامد الفقي، مطبعة   السنة المحمدية، القاهرة، ١٣٦٩ ه . ١٩٥٠ م، الطبعة الأولى، ج ٣، ص ٣٥٧ = وتبدو أهمية الحدود في الفقه الإسلامي مما ذكره قدامة بن جعفر: ما ينبغي لمن يرشح نفسه من الكتابة للرئاسة العالية، أن لا يكون » جاهلا ً بأمر الأراضي ووضعها ونخيل أقطارها وعلم غامرها وما لا يبلغه  العمران منها ومعرفة ثغور الإسلام، وأحوال الجبال والأمم المطيفة بالمملكة  « التي يريد تدبيرها(١) . وقد استخدم الخليفة عمر بن الخطاب 3 كأمر فاصل « حدود » لفظ بين أرض المسلمين وغيرهم:  من ذلك لما استقر الأمر للمسلمين في الحيرة نظروا إلى الشمال فوجدوا البادية قد لطف مناخها واكتست في الربيع بالنبات والأزهار فتقدموا يفتحونها حتى بلغوا الفرات، فلما خرج خالد إلى الشام واتفق الفرس مؤقت ً ساقت على العرب جيشين فاضطر « بوران » ا على تمليك = كذلك فقد خصص الإمام البيهقي بابا بعنوان: ً راجع السنن الكبرى للبيهقي، مطبعة « باب ما يبدأ من سد أطراف المسلمين بالرجال »مجلس دائرة المعارف النعمانية، حيدر آباد الدكن، الهند، ١٣٥٦ ، ج ٩، ص ٣٨ -.٣٩ اقتحموا » وورد في رسالة ابن الخطيب إلى أمير المسلمين عبد الله محمد أن النصارى قد راجع ابن الخطيب: ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب، ج ٢، مكتبة ) « الحدود الغربية الخانجي، القاهرة، ١٩٨٢ ، ص ٣٣ ). ويقول الشيخ ا لمرصفي: وعلى الأمة أيض » ً ا أن تكون أرضهم بالنسبة إليهم كالدار بالنسبة للشخص، كما أن غيرته وحميته وحرصه على مادة حياته لا تستجيز أن يدخل أحد داره إلا على سبيل الخدمة أو الضيافة أو السكنى، حيث تفضل عنه داره وتدعوه لذلك حاجة الناس، والائتناس، كذلك الأمة يجب أن لا يدخل أحد أرضها إلا على تلك السبيل، ولكل من الخادم والضيف والساكن حدود معروفة غير مجهولة، منها أن أحد ً ا منهم لا ينصرف في الدار إلا عن إذن صاحبها ورضاه، تحصيلا ً لمنفعته واعتراف ً .« ا بمساعدته للدكتور « رؤية في تحديث الفكر المصري » الشيخ حسن المرصفي: رسالة الكلم الثمان أحمد زكريا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨٤ ، ص ٦٧ -.٦٨ (١). قدامة بن جعفر: الخراج وصناعة الكتابة، وزارة الثقافة، بغداد، ص ١٣١ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٦٨ المثنى بن حارثة الشيباني أن يخلي الحيرة. وقبل أن يفارق الحياة نصح لخلفه على جيش العراق وهو سعد بن مالك المشهور بسعد بن أبي وقاص ألا يقاتل الفرس إذا استجمع أمرهم في عقر دارهم بل يقاتلهم على حدود أرضهم، على أدنى حجر من أرض العرب، فإن انتصر لم يصعب عليه التقدم، وإن كانت الأخرى بقي على اتصال بجزيرة العرب، وكان أعلم بسبيل بلاده. أخرجوا من بين ظهري الأعاجم، » : ووافق هذا رأي عمر فكتب إلى جيوشه « وتفرقوا في المياه التي تلي الأعاجم على حدود أرضكم وأرضهم(١) . وتبدو فكرة الحدود واضحة جلية من اشتراط أبو حنيفة حتى تتحول دار الإسلام إلى دار حرب ثلاثة شروط(٢) . وينبغي للإمام أن تكون له مسالح على المواضع » : ويقول أبو يوسف التي تنفذ إلى بلاد أهل الشرك من الطرق فيفتشون من مر بهم من التجار فمن كان معه سلاح أخذ منه ورد، ومن كان معه رقيق رد، ومن كانت معه كتب قرئت كتبه، فما كان من خبر من أخبار المسلمين قد كتب به أخذ « الذي أصيب معه الكتاب وبعث به إلى الإمام ليرى فيه رأيه(٣) . ومن الثابت أن الحدود الدولية يجب أن تتمتع باستقرار وثبات كاملين بالتطبيق لمبدأ ثبات واستقرار ونهائية الحدود، وهو مبدأ جوهري في القانون الدولي المعاصر. وإن كانت الظروف الطبيعية قد تؤدي، في بعض (١) هذه القصة ذكرها أيض ً ا أحمد زكي صفوت: جمهرة رسائل العرب، المكتبة العلمية، بيروت، ج ١، ص ٢٠٦ ؛ محمد أحمد حسونة: أثر العوامل الجغرافية في الفتوح الإسلامية، . دار نهضة مصر للطبع والنشر، القاهرة، ص ٢٤(٢) انظر لاحق ً ا. (٣) . أبو يوسف: الخراج، المطبعة السلفية، القاهرة، ١٣٥٤ ه، ص ١٩٠ الأحوال، إلى عدم توافر الدقة المرجوة في هذا الشأن، وهو ما تتميز به حدود الكثير من الدول في العالم الثالث، حيث الحدود مفتوحة، بل ويسهل اختراقها، فضلا ً عن كونها غير خاضعة لنظام رقابة وإشراف صارم من جانب هذه ا لدول. ولا شك أن علاقات التجاور تتواجد في أي مجتمع باعتبارها تتواجد في طبيعة الأشياء ذاتها. فالتجاور هو حتمية جغرافية أو طبيعية مفروضة على الأشخاص القانونية الدولية في أغلب الأحوال. ويثير التجاور العديد من المشاكل، التي تتمثل أهمها في كونها مصدرا للمنازعات بين الدول ً المعنية (الجانب الضار للتجاور) أو وسيلة لزيادة التفاهم والتعاون بينها (الجانب المفيد للتجاور): فالتجاور قد يخلق أحسن الأصدقاء أو ألد الأعداء أو طوائف بين هؤلاء وأولئك. والحدود في القانون الدولي هي ما يفصل بين دولتين أو أكثر: فهي إذن ذات وظيفة مزدوجة، إذ عندها ينتهي الإقليم الخاضع لسيادة دولة، ليبدأ الإقليم الخاضع لسيادة دولة أخرى(١) . ويعرف ا لإباضي ّ ة الحدود بهذا المعنى أيض ً ا(٢) ، دليل ذلك ما يلي: (١) راجع: Ahmed Abou-el-Wafa: Les Différends Internationaux Concernant les Frontières Terrestres dans la Jurisprudence de la cour Internationale de Justice, RCADI, t. 343, 2009, pp. 29 - 30. (٢) لها معنى آخر، إذ تطلق على العقوبات المقدرة التي شرعت « حدود » من المعلوم أن كلمة معنى آخر عند ا لإباضية فقد استعملها « حد » زجرا عن ارتكاب جرائم معينة. كما أن لكلمة ًّ عمرو بن جميع للدلالة على ضبط استعمال جميع جهات الدين، ولتسهيل استيعابها حصرها في ثلاثة أمور هي: معرفة ما لا يسع الناس جهله طرفة عين، وهو ا لتوحيد. فعل ما لا يسع الناس تركه، وهو جميع ا لفرائض. ترك ما لا يسع الناس فعله، وهو جميع ا لمعاصي. . راجع معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٤٤ ّ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٧٠ ١ « تحفظ الثغور » فمن وظائف الدولة عند الإباضية أن(١) ، والثغور هي ّ تلك المناطق التي تتواجد عند الحدود مع الدول ا لأخرى. ٢ جاء في بيان الشرع: ،« المتهمين بالمحاربة وقطع السبيل » تحت باب ولكن يكون المسلمون بإزائهم ولا يتركوهم يفسدون في الأرض فإن »خرجوا من حدود حكم المسلمين تركوا وإن أحدثوا حدث ً ا في حكم وجاء أيض .« المسلمين أقيم عليهم حد ما أصابوا وجنوا على أنفسهم ً ا وكل ما باع بعمان صاحب هذا المال الذي يقدم به من » : في بيان الشرع ُ بلاد الشرك إذا كان قريبا فمنذ يدخل حدود عمان أخذ منه زكاة ما يبلغ ًُ « في السواحل إلى أن يصل إذا كان عنده ما يجب فيه ا لصدقة(٢) . ٣ الحدود في الأصل: جميع ما تبين به الشيء » جاء في كتاب الإيضاح أن من غيره، ويصل الواصف إلى صحة الشيء على ما هو فيه، وذلك يكون بالمنازل والأودية وقرون الجبال والطرق الجائزة والآبار والأجباب إذا لأنه في اللغة الحاجز بين » وهذا هو المعنى اللغوي للحد «... بنيت « الشيئين، ويلزم الحجز بين الشيئين، بين الشيء من غيره(٣) . ٤ وحرم اهتمام بأمور ذوي الكفر إن لم يكن » : جاء في شرح النيللاستجرار نفع واستدفاع ضر وإن لخاصة المسلمين أو لنفس المهتم ما « ما لم يقصد تقويتهم على باطل » وعبارة ،« لم يقصد تقويتهم على باطل إذا توصلوا إلى » هي قيد لجواز الاهتمام بأمور غير المسلمين لأنهم مدن المخالفين الحاجزة بيننا وبينهم خيف أن يتوصلوا إلينا ويدخلوا « أحكامنا ويظهروا أحكامهم(٤) . (١) . علي يحيى معمر: ا لإباضية بين الفرق الإسلامية، المرجع السابق، ص ٣١٤ ّ (٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٨٩ ؛ ج ١٩ ، ص ٣١٢ (٣) . الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٠٠ (٤) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٦ ، ص ١٨٢ -.١٨٣ ٥ الأرض » : أشار الوارجلاني إلى الأقاليم السبعة وخط الاستواء، وقال إن واسعة وفي الأقاليم سعة. والأقاليم السبعة معمورة ببني آدم. ومن وراء الأقاليم خط الاستواء أيض ً « ا معمور(١) . ٦ من المعلوم أن اتخاذ الوطن هو أمر واجب وفرض لازم عند الإباضية، ّ ويفترض ذلك بداهة وجود حدود بين الأقاليم والأراضي(٢) . لذلك فإن من يلغي الحدود يعتبر كمن لم يتخذ وطن ً ا. جاء في كتاب الإيضاح أن ا لإنسان: إن و » َ ط َن َ « الدنيا كلها فإنه لا يجوز له، لأنه كمن لا وطن له(٣) . وبعبارة أخرى: « لا وطن لمن وطن ا لدنيا »(٤) . ٧ وهي: ،« المصر » كذلك عرف الفقه الإباضي فكرة الحدود عند تعريفه لكلمة اسم لكل بلد ممصور، أي محدود، يقال: مصرت مصرا أي بنيته، والمصر: » ً « الحد... قال البيضاوي: المصر البلد العظيم، وأصله الحد بين ا لشيئين(٥) . (١) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٢٨٢ . ويرى الوارجلاني أن . ذات المرجع، ص ٨٣ « تقاتل عليها من أراد ظلمها، وتدفع عنها » : للأرض على الإنسان حقين(٢) تعدد الأوطان ووجود بلدان متغايرة. ومن » يعني « واجب » ذلك أن القول بأن اتخاذ الأوطان د. أحمد « نتائج ذلك حتمية إبرام معاهدات أو اتفاقات بينها لتصريف علاقاتها المتبادلة . أبو الوفا: المعاهدات الدولية من خلال كتب الفقه الإباضي، المرجع السابق، ص ٨٥٢(٣) . الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ١، ص ٦٤٨(٤) كلها، فإن وطنها إلا بعض » : ومعنى هذه العبارة ً ا منها جاز له إن كان له تردد في تلك الأقاليم، فلو وطن أحد من مكانه في الغرب إلى مكة أو تونس أو نحو ذلك جاز إذا كان أطفيش: شرح « له تردد في ذلك لا بد منه في نيته، ولا يضره فصل دار شرك في ذلك . كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٧١ (٥)العلامة أبو مسلم البهلاني: نثار الجوهر في علم الشرع الأزهر، مكتبة مسقط، ١٤٣٠ ه ٢٠٠٩ م، ج ٤، ص ٧٣ -.٧٤ :ådÉãdG åëѪdG (1)»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a QhódG أخذ فقهاء المسلمين منذ أمد بعيد بتقسيم للإقليم أصبح شائعا، ً وهو تقسيم العالم إلى دارين: دار الإسلام ودار الحرب(٢) ، وأضاف آخرون دور ً دة... إلخ. ا أخرى: كدار العهد، ودار ا لر ونحن نعتقد أن فكرة التقسيم الأساسية التي أخذ بها فقهاء المسلمين  (١) كل موضع حله قوم فهو دار، وإن لم يكن فيه أبنية، وسميت دار لدورها » : قال الخليل على سكانها، كما سمى الحائط حائط ً راجع أسامة بن منقذ: « ا، لإحاطته على ما يحويه المنازل والديار، تحقيق مصطفى حجازي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٥ ه . ١٩٩٤ م، ص ٥٥ من يكون ساكن » : كذلك قيل ً شرح كتاب ،« ا في بلدة مقيما بها يعد في الناس من أهلها ً ، السير الكبير للشيباني، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، المرجع السابق، ج ١ ص ١٧٠ - .١٧١ ويقترب من ذلك قوله ژ : إن الله جعل الإسلام دار » ً « ا من » : فقد شبه ژ الإسلام بالدار راجع: ،« حيث كان جامعا لأهليه، حاميا لمن فيه ًً الشريف الرضي: المجازات النبوية، تحقيق د. طه الزيني، مؤسسة البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٧ ه . ١٩٦٧ م، ص ١٨٣ (٢) يذهب رأي إلى أن ذلك التقسيم بدأ الأخذ به منذ العهد الأموي، بقوله: «C'est sous les Omayyades, première dynastie "impériale" de l'Islam que les Juristes Musulmans Commencérent à Diviser le Monde en deux dars (Territoires ou Domaines): le Dar ul ـ Islam ou Domaine de l'Islam er le Dar ul ـ Harb ou Domaine de la Guerre›› (Economidis: Guerre et paix en Islam, Publications de l'Institut de droit International Public et des Relations Internationales, Théssalonique, Gréce. 1980. p. 145). ويذهب الشيخ أبو زهرة إلى القول أن فقهاء المسلمين يسمون ديار غير المسلمين دار حرب، إذ أن الحروب في عهد الاستنباط الفقهي كانت مستمرة قائمة على قدم وساق يرصدون للمسلمين كل مرصد، ويهاجمونهم إن لم يهاجموا، ولذلك اتخذ المسلمون الهجوم سبيلا ً الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، ) « للدفاع، لأنهم سيؤكلون إن لم يحاربوا .( دار الفكر العربي، القاهرة، ص ٣٦٩ من تقسيم العالم إلى دارين أساسيين: دار الإسلام ودار الحرب هو تقسيم بين ما « الحدود الفاصلة » واقعي، يتمثل الغرض الأساسي منه فقط في بيان هو إسلامي وما هو غير إسلامي. وبالتالي فإن ذلك ليس له علاقة، في نظرنا، بأفكار أخرى كحتمية الجهاد لإجبار دار الحرب على التحول إلى دار إسلام، أو إجبار العالم كله على اعتناق العقيدة الإسلامية... إلخ. فهذه كلها تعد أثرا يترتب عليها، ولا تعد من أصول أو جذور تقسيم ً العالم إلى دار الإسلام ودار ا لحرب(١) .  (١) يذهب رأي إلى ا لقول: وقد عمد كثير من المفكرين في هذا العصر إلى إنكار التفرقة بين دار الحرب ودار »الإسلام والقول بأنها ليست حكما أصيلا ً في الإسلام، وأنها من ابتداع ا لفقه. ً وأقاموا رأيهم هذا على أن الإسلام دين سلام وأن الحرب هي حالة استثنائية بمقدارها ولا يترتب عليها حكما دائما بإنشاء حالة حرب دائمة بين الفريقين. واستشهدوا في ذلك ًً بآيات كقوله تعالى: ﴿ ÒÑÐÏÎ ﴾ [ [الأنفال: ٦١ ، وقوله أيض ً ا: ﴿ }~ ﮯ ¥¤£¢¡ ﴾ [ [النساء: ٩٤ وغير ذلك من الآيات الدالة على المسالمة .« بين المسلمين وغيرهم والواضح لنا أن التفرقة بين دار الحرب ودار الإسلام هي تفرقة أصيلة. وإنه وإن لم يجر »بها الاصطلاح في عهده ژ إلا أن مدلول هذه الأحكام كان مطبق ً ا بلا شك في أيامه وأن الأحكام التشريعية المختصة بكل من الدارين والتي قننها الفقه مستمدة من أصول الإسلام وليست ا بتداع ً لم تستعملا « دار حرب » و « دار إسلام » ا. ولا يغير من ذلك أن كلمتي كمصطلح، فالعبرة بالجوهر والمعاني وليس بالألفاظ والمباني. فما دامت مجموعة الأحكام التي طبقها الفقه بعد ذلك على الوحدة التي سماها باسم دار الإسلام، والأخرى التي سماها باسم دار الحرب كانت موجودة فعلا ً في عهده ژ ، واستمد الفقه منها تقنينه لما أطلق عليه كل من الإسمين، فلا دلالة إذن للقول بأن هذه التسمية طارئة مستحدثة، ولا سند للقول بعدم شرعية تقسيم العالم إلى دار إسلام ودار حرب. وأما القول بأن هذا التقسيم يتنافى مع ما تقوم عليه أحكام الإسلام من السلام، فإن الواقع هو أن هذا الحكم لازم لإقرار السلام على أسسه الحقيقية التي لا تتأت ّ ى إلا بالسيادة الشاملة للإسلام في العالم. إذ ما دام هناك اختلاف الأهداف والمطامع فالسلام الذي يقتضيه الإسلام هو السلام في ظل = أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٧٤ وقد بحث الفقه الإباضي هذه المسألة من نواحي عديدة، وهي: كيفية معرفة الدار، وأنواع الدور، وتحول الدار، وتعدد دور ا لإسلام. :(É¡àaô©e á«Ø«c) »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a QGódG ∞««μJ ( CG  لا شك أن تكييف الدار، وهل هي دار عدل أو دار جور أو غيرها له  أهميته بخصوص الوضع القانوني للإقليم ومن وما عليه. ويبدو ذلك خصوصا بالنسبة للقواعد القانونية واجبة التطبيق. وهو ما أكده الفقه ً الإباضي. يقول ا لكدمي: « ولا تستوي دار أهل العدل ودار أهل ا لجور »(١) . بالعموم بها » ويأخذ الفقه الإباضي في تكييف الدار بأن العبرة هي« لأهلها في الخبر عنها(٢) . في هذا الخصوص، جاء في شرح ا لنيل: = الإسلام ولاحق ً ا على تصفية العناد والعدوان على الله والدين. ولا يعقل أن يقعد المسلمون د. مصطفى كمال وصفي: ) « على سلام وأعداؤهم يسبون الله عدوا ويعتدون على الإسلام ً مصنفة النظم الإسلامية، مكتبة وهبة، القاهرة، ١٣٩٧ ه ١٩٧٧ م، ص ٢٨٨ -.(٢٨٩ (١) الكدمي: الاستقامة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ُ . ج ٢، ص ٤٠(٢) يقول ابن محبوب: ،« القول في أسماء الدار وأحكامها » تحت باب إن الأسماء التي يثبت بها لها وينتقل بها لها ما يجري من الأحكام على أهلها بلزومها »إياها فإنها أسماء عامة لذمة بين من فيها ولنحلتهم المدان بها التي لا يجوز معها إلا إظهار التصويب لها والرضا بها من الساكن فيها والداخل إليها دون أن يكون معتصما ً فيها أو بأمان من أهلها، فبذلك وجوبها ولزومها. « من » بذمة َ وهذه الأسماء إنما تجب لعظيم المعاصي من فاعليها، ولا يجب أن تكون الدار دار كفر وفسق وظلم وضلال لكفر إمامها وضلاله، ولا يلزم أهلها الفسق بفسقه ولا الظلم بظلمه ولا الجور بجوره أو تعطيله الحدود عمن وجبت عليه. ولهذا لا يجب كفر الدار لكفره، لأن من أهل الدار من لا يكفر لترك التكبر عليه لعجزه عن ذلك وقهر الإمام له مثل الزمني منهم .« والأضراء والسناء ونحو ذلك. ولا تجب أسماء الدار إلا بالعموم بها لأهلها في الخبر عنها = يحكم على الدار وهي موضع أو بلد أو حوزة ظهر فيها حكم وسيرة » إما من ذوي عدل أو جور بالحكم الظاهر فيها من سلطان قهرهم عليه وعلى « ا(١) سيرته أو من جماعة أو عامة إن ساروا فيها سيرة وأجروا أحكام . ً ويمكن القول منذ البداية إن المعيار الأساسي في التفرقة بين دار الإسلام (العدل) ودار الكفر (الجور) يكمن في أمرين(٢) : = ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، المرجع السابق، ص ٢٦ ، الكندي: بيان الشرع، المرجع . السابق، ج ٣، ص ١٢٩ (١) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٠٢ ، كذلك جاء في كتاب ا لاستقامة: وقد اختلف أهل العلم في أحكام الدور في ا لولاية: »فقال من قال: إن الدار دار المالك لها، المستولى عليها من سلطانها، فإن كان المالك للدار محق ً ا عادلا ً ، كانت الدار دار عدل واستقامة، وكان القول في أهلها؛ ما وصفنا في دار أهل العدل، ووجبت الولاية في أهل الدار بغير محنة، وإن كان المالك للدار جائرا فالدار  ً دار جور، ولا تثبت فيها الولاية لأهلها إلا بالمحنة، أو ظهور أهل الاستقامة لهم أو لأحد منهم، فهنالك يكون القول فيها ما قد وصفناه. وقال من قال: إن الدار تبع للأحكام فيها، فإن كانت الدار جارية أحكامها على أحكام أهل الاستقامة من المسلمين، كانت الدار دار أهل الاستقامة، ولا ينظر في مالك الجور ولا سلطان الجور، وإنما الدار بالأحكام، فإن كانت الأحكام أحكام أهل العدل؛ كانت دار عدل، ولم يكن على أهلها محنة على ما وصفنا، وإن كانت الأحكام جارية بأحكام أهل الجور وأحكام أهل الخلاف، فهي دار جور ودار خلاف، ولا تصح فيها الموافقة لأهلها إلا بالخبر والموافقة بالشهرة لأحد منهم بعينه. فصل: وقال من قال: إن الدار دار أهل النحلة والتدين، وإذا كانت الدار أهلها أهل نحلة الحق، والاستقامة على طرق الحق، ولا تتظاهر فيها الأديان بالضلال، ولا يغلب عليها دين ضلال، ولا يضاهى فيها دين ضلال دين أهل الاستقامة، ولا يتهمون بذلك في .« الديانة، فالدار دار عدل واستقامة الكدمي: الاستقامة، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣١ -.٣٢ (٢) وزعموا أن الدار يعني دار مخالفيهم دار » انظر الرد على قول أبي الحسن الأشعري وقالوا إن دار مخالفيهم من » : وقول الشهرستاني ،« توحيد إلا معسكر السلطان فإنه دار كفر = معيار مادي: السيطرة على ا لإقليم. معيار كيفي: سريان أحكام الإسلام على ذلك الإقليم (فتكون الدار دار إسلام) أو عدم سريانها عليه (فتكون الدار دار كفر أو جور)(١) . :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a QhódG ´GƒfCG ( Ü يقسم الفقه الإباضي الدار إلى أنواع ثلاثة، هي: ١ دار العدل (دار ا لإسلام): أطلق فقهاء المسلمين اصطلاح دار الإسلام ليشمل الأقاليم التي تسري عليها أحكام الإسلام، أي هي تلك التي تطبق فيها شريعته ويأمن من يقطنها من مسلمين وذميين بأمان الإسلام. ومعنى ذلك، في رأينا، أن دار الإسلام تتميز بأربعة عناصر: عنصر مكاني: وجود قطعة من الأرض أو إقليم معين. عنصر تنفيذي: وجود حكام ينفذون قواعد شريعة ا لإسلام. عنصر قاعدي: سريان الأحكام الإسلامية في الإقليم ا لمذكور. = في علي يحيى معمر: الإباضية « أهل الإسلام دار توحيد إلا معسكر السلطان فإنه دار بغي ّ بين الفرق الإسلامية، المرجع السابق، ص ٣٢٠ - ٣٢٨ ؛ بدر اليحمدي: الأدلة المرضية في دحض ما ن ُ سب إلى ا لإباضية، المرجع السابق، ص ٤٧ -.٥١ ّ وتعليق ً ويهمني أن أوضح » : ا على الأقوال المذكورة أعلاه، يقول الشيخ علي يحيى معمر للقارئ الكريم في بداية هذا الفصل أن كتاب المقالات يربطون بين كلمة المخالفين ومعسكر السلطان وبين الكفر والبغي كأنهما شيئان متلازمان، بينما يرى الإباضية إنه ّ ليس هناك ارتباط بين موضوع دار السلطان وما يتصف به من عدل أو بغي وبين مذهبه علي يحيى معمر: الإباضية بين الفرق الإسلامية، « أو مذهب من يكون تحت حكمه ّ . المرجع السابق، ص ٣٢٠(١) . د. أحمد أبو الوفا: المعاهدات الدولية في كتب الفقه الإباضي، المرجع السابق، ص ٨٥٣ عنصر بشري: أن يكون سكانه من المسلمين أو الذين يقيمون معهم بأمان مؤقت أو دائم. وقد اشترط أبو حنيفة في الدار لكي تكون دار إسلام ثلاثة شروط: ١ ظهور الأحكام الإسلامية فيها، بأن يكون القانون المطبق هو الشريعة ا لإسلامية. ٢ أن تكون متاخمة لديار المسلمين، فإذا كانت متاخمة لديار غير المسلمين فهي دار حرب لأنها بهذا الاتصال الجغرافي تكون ممنوعة على ا لمسلمين.  ٣ أن يأمن سكانها من مسلمين وذميين بأمان ا لمسلمين. هذه هي شروط دار الإسلام عند ا لحنفية(١) . ولعل أفضل تعريف، من حيث شموله واختصاره، لهذا النوع من الدور في الفقه الإباضي هو الذي جاء في ا لمصنف: « الدار إذا كان أهلها أئمة عدل وأتباعها، فهي دار العدل: دار ا لإسلام »(٢) . (١) فكل دار غلب عليها أحكام المسلمين فدار الإسلام وإن » : أما في الفقه الحنبلي فقد قيل ابن مفلح الحنبلي: الآداب ) « غلب عليها أحكام الكفار فدار الكفر ولا دار لغيرهما الشرعية والمنح المرعية، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ١٣٩١ ه ، ١٩٧١ م، ج ١ .( ص ٢١٣ الدار إنما تنسب للغالب عليها والحاكم فيها والمالك لها، ولو أن » : ويقول ابن حزم إن كافرا مجاهد ً ا غلب على دار من دور الإسلام وأقر المسلمين بها على حالهم إلا أنه هو ً المالك لها المنفرد بنفسه في ضبطها وهو معلن بدين غير الإسلام لكفر بالبقاء معه كل ابن حزم: المحلى، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ) « من عاونه وأقام معه وإن ا دعى أنه مسلم ج ١١ ، مسألة ٢١٩٨ ، ص ٢٠٠ -.(٢٠١ (٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٤٩ ، وهناك تعريفات أخرى نكتفي منها بذكر ا ثنين: =    ويستخدم ا لإباضي ّ ة أيض ً « ولاية ا لبيضة » ا تسمية أخرى هي(١) .  = دار الإسلام، وتسمى دار التوحيد، يكون الحاكم فيها مسلما، ويسكنها المسلمون، » : الأول ً  وتظهر فيها أحكام الشريعة ورسومها، كالمساجد ومقابر المسلمين، وسك العملات؛ وهي نوعان: أ دار العدل والحق، وتسمى دار دعوة ا لحق أيض ً ا، ويسودها العدل والالتزام بالكتاب  والسنة، ومحاربة البدع، وإن ظهر فيها من ينتهك حرمات الله، لكن لا يحرم فيها ما أحل   الله، ولا ي ُح َل ما ح ُرم بدين ي ُت َولى حاكمها ورعي ت ُ ه، إلا من ع ُ لم منه مخالفة ا لحق . ُ ب دار الجور والظلم: يغلب عليها الجبابرة والجورة. وفيها الموافقون للحق يتبرأ من ُ حاكمها، وممن دان بطاعته وأعانه على ظلمه، إلا من علم منه موافقة المسلمين، ويجب ُ فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والطاعة فيما يوافق ا لحق، ويجوز فيها الخروج   معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٣٩٠ . ويأخذ « على الحكام إذا توفرت شروط ذلك ّ المصر الذي يتبع أهله المذهب الإباضي حتى ولو كان » : وهي « دار العدل » الإباضية باسم ّ   « حاكمه من غيرهم  ذات المرجع، ج ٢، ص ٦٧٢ ، ويأخذون أيض ً ا باسم دار التوحيد،  أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، « كل أرض ظهر فيها أحكام الشريعة » : وهى . المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٦٦   دار الإسلام: وهي التي فتحها الإسلام وبسط سلطانه عليها وهي بنفسها تنقسم » : والثاني إلى خمسة أقسام: ١ دار العدل: وهي التي تقيم الإسلام وتحمي ا لسنة مع وجود خليفة مسلم. ٢ دار البغي: وهي التي سيطر عليها ا لبغاة. ٣ دار البدعة: وهي التي سيطر عليها المبتدعون وأجروا أحكام بدعتهم بحد ا لسيف. َْْ ٤ دار الردة: وهي التي ارتد أهلها وسيطروا. ٥ الدار المسلوبة: وهي التي أغار عليها عدو خارجي فسلبها، مثل فلسطين، والأندلس معجم القواعد الفقهية « وبلاد ما وراء النهرين التي سيطر عليها الشيوعيون والملحدون . الإباضية، ج ١، ص ٩١ ّ (١) وقد عرفها الجيطالي بأنها: ولاية الإمام العادل إمام المسلمين ومن اتبعه على طاعة الله تعالى إلا أن ظهر من أحد ما »يبرأ به منه، وذلك أن كل دار يكون أهلها الغالبون عليها، القاهرون لأهلها، هم العاملين بما جاء به التنزيل، المتعبدين بما شرعه الرسول، الناهين بما نهى عنه الشرع والعقول، الداعين إلى السنة والعمل بها الرادين البدعة على من جاء بها غير متجانفين للأقارب، ولا متعصبين على الأجانب يتولاهم الإنسان ويسميهم أهل العدل والإحسان وينسب الدار =  ٢ دار الجور (دار الحرب أو دار ا لكفر): « دار الكفر إنما هي دار الحرب » في الفقه الإباضي(١) . وقد عرفها ّ النزوي، بقوله: وأرض الحرب عندنا هي كل ما كان من بلدان الشرك، الذين هم في » غير طاعة أهل الإسلام وعهدهم، مثل بلاد الهند والزنج ونحوهما، من « بلدان أهل ا لشرك(٢) . = إليهم فيسميها دار العدل والحق فكل من رآه منهم في زي أهلها فليحكم عليه بحكمهم إلا .« أن ظهر منه خلافهم الجيطالي: قواعد الإسلام ١ - ٢، مكتبة الاستقامة، ١٤٢٣ ه . ٢٠٠٣ م، ص ٥٠ ويأخذ أطفيش بتعريف آخر، فيقول: وتسمى الأولى) وهي ولاية من أظهر طاعة الإمام العدل (ولاية البيضة) وهي بيضة القتال، )»أضيفت الولاية إليها لأن المتولي يذعن إلى ما يأمره الإمام من القتال، والإضافة تصح لأدنى ملابسة، وأولى من ذلك أن بيضة القوم كبيرهم، والإمام العدل أكبر، فأضيفت إليه، ووجه . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥١٠ « التسمية لا يوجبها إن انفرد بدار مرتدون فدار شرك أيض » : ويقول أطفيش إنه ً . ذات المرجع، ص ٥٥٨ « ا (١) . الكدمي: الاستقامة، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٦ (٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٤٣ . ويضيف ا لنزوي: وإذا كان الغالب عليها، والمالك لها أئمة الجور وأتباعها، فهي دار جور. »ذات المرجع، ج ١٠ ، ص ٤٩ . راجع أيض « والجور كفر، وهي دار كفر ً ا الكندي: بيان . الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٧٠ ويوجد تعريفات أخرى في الفقه الإباضي لدار الكفر أو دار الجور أو دار الحرب، نكتفي بذكر أربعة منها: الأول: أما دار الحرب: فهي التي لم تخضع يوما لسلطان المسلمين ولم يدخلها الإسلام » ً ولم يبسط سلطانه عليها. وتنقسم إلى قسمين: دار العهد: وهي التي بيننا وبينهم عهد. .« والدار المستقلة: وهي التي ليس بيننا وبينهم عهد . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٩٢ = ّ ويحكم دار الحرب عدة أحكام في الفقه الإباضي، منها: ١ قواعد تتعلق بالحق في ا للجوء(١) .  ٢ قواعد تخص القانون واجب التطبيق على المسلم الموجود في دار الحرب(٢) . ٣ قواعد خاصة بالولاية والبراءة(٣) .  ٤ قواعد خاصة بأموال ودماء أهل الحرب عند قتالهم(٤) . ٣ دار ا لاختلاط(٥) : وهي من اسمها تجمع بين النوعين السابقين. وهكذا جاء في بيان الشرع: = والثاني: دار الشرك، وتسم » ّ ى أيض ً ا: دار الكفر، يغلب عليها سلطان المشركين، ويسكنونها، ويسكن معهم المسلمون ولو كانوا يظهرون شعائرهم، وحكمها: ألا ينتقل للتوطين فيها، ُ ويجوز لمن دخل عليه الشرك فيها البقاء ما دام يتوصل إلى إظهار شعائر الإسلام، وتحرم .« طاعة حاكمه، ويجب السعي إلى تغييره . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٩٠ ّ والثالث: الدار دار كفر ومعسكر السلطان معسكر كفر وذلك عندما يكون الوطن » .« للمشركين تسكنه أمة مشركة وتتولى الحكم فيه دولة مشركة د. وليد مساعد السيد الطبطبائي: منهج الإباضية في تفسير القرآن الكريم، رسالة لنيل درجة ّ العالمية (الدكتوراه)، كلية أصول الدين، جامعة الأزهر، القاهرة ١٤١٣ ه . ١٩٩٢ م، ص ٣٥ والرابع: وأجمعت الأمة على أن أهل هذه الملل (أي الملل المخالفة لملة الإسلام) إذا » أبو عمار عبد الكفافي الإباضي: الموجز، « هم حاربوا، وبانوا بدارهم، أن دارهم دار شرك دار الجيل، بيروت، ١٤١٠ ه . ١٩٩٠ م، ص ١٣٩ (١) راجع ما قلناه عند دراستنا للحق في ا للجوء. (٢) .« مبدأ إقليمية ا لاختصاص » راجع ما قلناه بخصوص (٣) .« الولاية والبراءة في العلاقات ا لدولية » راجع ما قلناه بخصوص مبدأ (٤) راجع ما ذكرناه في إطار الجهاد أو الحرب في الفقه ا لإباضي. (٥) ويسميها الإباضي ّ ة أيض ً معجم القواعد الفقهية ا لإباضي « الدار المختلطة » ا ّ ة، المرجع السابق، .٤٧٥ ، ج ١، ص ٩٢ وإذا كانت الدار فيها من يدين بالضلال وفيها من يدين بالحق وتظاهر » « فيها دين أهل الحق ودين أهل الضلال، فهي دار ا ختلاط(١) . ويقول أطفيش: وينظر في دار اختلط فيها الموحدون والمشركون لوالي أمرهم، فإن » كان للمشركين، وهم الغالبون، فالحكم لهم، ولكن يؤخر قتالهم ومخالطتهم   حتى يتميز الموحدون منهم، وإن كان لهم وهم الغالبون فلا يحاذر من معاملتهم وأكل ذبائحهم والتسليم عليهم إلا من استريب بشرك أو ظهر منه، وإن لم يكن غلب ولا ظهور لواحد كف عن أمرهم وأحكامهم حتى يظهر « هذا من ذا، كذا إن اختلطوا، ولا يفرز كل مع ظهور وغلبة(٢) . ٤ تعقيب:  ودار غير » ،« دار الإسلام » نعتقد أن الوقت قد حان الآن للحديث عن  بدلا « المسلمين ً من تسمية هذه الأخيرة دار الكفر، أو دار الجور، أو دار الحرب أو غيرها من ا لتسميات. (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٤١ (٢) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٥٩ . ويقول الكدمي: وقال من قال: إن الدار دار عدل، إذا كان أهلها أهل عدل حتى يغلب عليها المتدينون »بالضلال، ولا يقدرون أن يظهروا دينهم، فإذا لم يقدروا أن يظهروا دينهم، وكان دينهم دين ً ا ٍ مكتوما، كانت الدار حينئذ دار اختلاط، لأنه معروف فيها أهل العدل مكتتمون، وفيها أهل ً الباطل ظاهرون، ولا يحكم على أهل الدار بالكفر، ما كان المسلم يسعه أن يقعد على دينه، ويؤمر أن يقعد على كتمان دينه، فإذا كانت الدار لا يقدر المسلم أن يكتم تدينه، ولم ُ يقدر إلا أن يظهر دين الضلال، والسمع والطاعة لدين أهل الضلال، ولأهل الضلال، ولا يمكنه إلا أن يظهر دين الضلال، ولا يمكنه إلا إظهار طاعة أهل الضلال، أو موافقة ٍ .« أهل الضلال على ضلالهم، فإذا صاروا بهذه المنزلة، كانت الدار حينئذ دار كفر . الكدمي: الاستقامة، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٤ علة ذلك، في رأينا، ما يلي: ١ أن ما نقترحه هو المقصود من تسميات دار الكفر، أو دار الجور، أو دار الحرب، فكلها الغرض منها الإشارة إلى دار غير المسلمين الذين لا تطبق فيها أحكام الإسلام، ولا يحكمها حكام مسلمون. ٢ أن ما نقترحه يشمل كل الدور الموجودة في الفقه الإباضي (والفقه الإسلامي بصفة عامة)، فهو يشمل: دار العهد، ودار الردة، ودار الحرب، ودار الكفر، ودار الجور... إلخ. ٣ أن تقسيم العالم إلى دارين: دار الإسلام ودار الحرب هو اجتهاد فقهي حتمته بعض الأحوال السائدة وقت تقريره. ٤ رت عما كانت عليه وقت  أن العلاقات الدولية المعاصرة قد تغي ظهور التقسيم آنف الذكر، وبالتالي يجب تغير المسميات بتغير الأحوال. :QGó`dG ∫ƒ`ëJ ( ê يمكن أن تتحول الدار إلى دار إسلام أو دار حرب أو دار اختلاط أو غيرها، أو تبقى على سيرتها الأولى لكن مع تغير من يسيطرون عليها ومن يحكمونها. ويشترط لتحول الدار عند ا لإباضية توافر شرطين: ّ ١ حدوث تغيير أو تحول في إطار الدار ا لمعنية: وهكذا جاء في شرح ا لنيل: وإن ظهر أحكام أهل الشرك بدار ثم تحولوا عنها وسكنها بعدهم » مثلهم ولو معاهدين أو من لم يحارب المسلمين أو المخالفون والموافقون ٍ « فحكم الدار باق وإن لم تعمر بعدهم زال(١) . ٢ استقرار هذا التحول أو ا لتغيير: علة ذلك أنه إذا كانت الحرب ما زالت قائمة مثلا ً ، ولم يستطع أي طرف أن يحسمها بطريقة نهائية، لكون الطرف الآخر يقاوم ويهاجم، فإن التحول لا يتم. ويصدق ذلك على المسلمين وغير المسلمين، وهو ما أكده ا لنزوي: (١) وإن ظهر أحكام أهل الشرك بدار ثم تحولوا عنها وسكنها بعدهم مثلهم؛ أي » : تفسير ذلك من هم مشركون مثلا ً ولو خالفوا كنصارى وعقبهم اليهود (ولو معاهدين) أو ذميين (أو ّ من لم يحارب المسلمين) ممن لا يعلم حاله أو لم تصلهم الدعوة إن كان الموحدون فيها يجري عليهم حكم الشرك، وإن لم نعلمهم، أو حفظوها للمشركين، ونقاتل من حرزها ٍ لهم ولو موحد ً ا، ولا نسبي له مالا ً أو ذرية (أو المخالفون والموافقون فحكم ا لد ّ ار باق)، وأيض ً ا إن عهدت دار شرك وتحولوا عنها جاز قتال من فيها ممن خلفهم فيها، وعذروا في ّ .« قتالهم ما لم يعلموا أنه لا يحل قتالهم ويضيف أطفيش: فيجوز حمل الكلام على هذا فنأخذ أصول من خرجوا منها وما تبين أنه لهم، فإن تحول » ّّ منها مشركون محاربون وسكنها بعدهم مشركون محاربون فدار شرك ومحاربة، وإن تحول ّ عنها مشركون معاهدون وسكنها مشركون معاهدون فدار شرك وعهد، أو تحول ذميون ُ ّّ فنزلها ذميون فدار ذمة، أو تحول عنها مخالفون مسالمون فسكنها مخالفون مسالمون فدار ُّ ِ خلاف وسلم، أو تحول عنها مخالفون محاربون وسكنها مخالفون محاربون فدار خلاف ّ وحرب، أو تحول عنها موافقون مسالمون فدار وفاق وسلم، أو تحول موافقون محاربون ّّ وسكنها موافقون محاربون فدار وفاق وحرب، وذلك بأن يظهر الشرك والحرب، أو الشرك والسلم، أو الشرك والعهد، أو الشرك والذمة، أو الخلاف والحرب، أو الخلاف والسلم، أو الوفاق والسلم، أو الوفاق والحرب، بلا تجديد دعوة لهم من الإمام، فيحكم عليهم .« ولهم بحكم من ماثلهم فيها قبلهم أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٥٤ -.٥٥٥ وأما إذا كان المالك للدار أهل الكفر، وهي دار كفر، فإذا خرج المسلمون » وحاربوهم، فما لم يظهروا على أهل الكفر، فالله أعلم، وإن غلب عليه أهل الكفر، فهي دارهم، حتى يغلب عليه المسلمون وإذا كان المسلمون المالكين الدار، والحاكمين عليها وعلى أهلها، فخرج عليهم أهل الجور، فالدار دارهم: دار الإسلام، وما بقوا يحاربون عنها، ويدافعون عنها، حتى يزول أمرهم، « ويظهر أهل الجور عليهم، ثم قد زالت عنهم، فصارت دار كفر(١) . تجدر الإشارة أن هذين الشرطين يجب أن يجتمعا لكي يمكن القول بحدوث تحول للدار، بمعنى أن توافر أحدهما لا يغني عن ا لآخر(٢) . تجدر الإشارة، أن في الفقه الإسلامي يوجد أيض ً « دار الاسترداد » ا مصطلح والذي يطلق على ما يفقده المسلمون من بلادهم باستيلاء الكفار عليها، وليشعرهم بالواجب تجاهها (كما هو الحال في الأندلس، وفلسطين وغيرها)(٣) . (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٤٩ - ٥٠ . كذلك جاء في بيان ا لشرع: وإذا كانت الدار دار اختلاط أو دار جور وفساد فاستولى عليها حاكم العدل حتى ظهرت »أحكامه وعلت يده وأظهر الحق وأخمد ظهور الباطل فإن الدار تتحول إليه ويرجع الناس إلى .« الحق والعدل، وتكون الدار دار عدل بظهور العدل على أهلها وخمود الباطل من أهلها . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٤٣ (٢) عند الحنفية تصبح دار الإسلام دار حرب بشروط ثلاثة: ظهور الأحكام غير الإسلامية فيها. أن تكون متاخمة لديار غير ا لمسلمين. ألا يبقى فيها مسلم أو ذمي آمنا بأمان ا لمسلمين. انظر د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة . الإسلام، المرجع السابق، ج ٢، ص ٧٦ (٣) يقول ابن تيمية: « ماردين » بخصوص بلدة وأما كونها دار حرب أو سلم فهي مركبة: فيها المعنيان: ليست بمنزلة دار السلم التي »تجري فيها أحكام الإسلام؛ لكون جندها مسلمين؛ ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار؛ بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه، ويقاتل الخارج عن شريعة = :(áªFC’G Oó©J hCG ∫hódG Oó©J) ΩÓ°SE’G QhO Oó©J ( O قد يتعدد الأئمة في ديار الإسلام، بحيث يكون لكل إقليم حاكما مستقلا ً ً عن الآخر، ولا يكون هناك إمام واحد لكل ا لمسلمين. وقد لخص رأي مختلف المذاهب، في هذا الخصوص، بقوله: ٌ وبالتالي وحدة الدولة الإسلامية « وحدة الخليفة » رأى الجمهور هو وذلك لما في التعدد من انتشار الخلاف والفتن والمنازعات وذلك لقوله ژ : « إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما »وأيض ً ا قوله: ومن بايع » إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه ً « فاضربوا عنق الآخر . كذلك مما يدل على منع الاختلاف قوله تعالى: ﴿ zyxwv ﴾ ، وقوله: ﴿ ! " %$# &'( ﴾ وقوله: ﴿ DCBA ﴾ .   بينما ذهب فريق من العلماء (الكرامية) إلى القول بجواز التعدد مستدلين بأن عليا ومعاوية كانا إمامين، ولأنه جاز بعثة نبيين في عصر واحد ولم يؤد ً ذلك إلى إبطال النبوة وبالتالي كانت الإمامة أولى ولا يؤدي ذلك إلى إبطالها. وذهب رأي وسط إلى القول بأنه لا يجوز تعدد الخليفة إذا كان في جهة ضيقة بحيث يسع الإمام تدبير شؤون أهلها والوقوف على أخبارها أما إذا كانت البلاد الإسلامية بعيدة الأطراف واسعة الأرجاء فيجوز التعدد للضرورة لأن المسلمين في هذه البلاد لا يستطيعون إتباع الإمام لبعد الشقة وتعذر الاتصال والمواصلات (قاعدة الضرورات تبيح ا لمحظورات)(١) . = مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، مطابع الحكومة، الرياض، ) .« الإسلام بما يستحقه .( ١٣٨١ ه، ج ٢٨ ، ص ٢٤١(١) راجع هذه المذاهب في: محمد فؤاد عبد العزيز خلف: رسالة في الخلافة، رسالة كلية الشريعة والقانون، = وقد تعرض الفقه الإباضي لمسألة وجود أكثر من إمام، ونذكر أولا ً أهم الآراء في هذا الخصوص، ثم نتلوها ببيان القواعد التي تحكم ا لمسألة. أولا ً أهم الآراء في هذا ا لخصوص: يقول الشيخ ا لبطاشي: والإمامة الكبرى لا يكون لها إلا إمام واحد في العصر الواحد في » جميع الأقاليم التي يجري فيها حكم المسلمين فيجعل الإمام العمال في كل بلد ويأمرهم بأمره فمن سبقت إمامته على الإطلاق أو على الكل فهو إمام الدنيا ومن تأخرت إمامته بطلت فيجعله عاملا ً إن تأهل ومن عقدت له الإمامة على بلد مخصوص أو إقليم فقط لا على الإطلاق ولا على الكل ثم ول ّ ى أهل بلد إماما على المسلمين كلهم والدنيا فالأول عامل له وقيل إن ً الأول هو الإمام على الكل قال ا لقطب 5 والدليل على أنه لا يجتمع إمامان في عصر واحد كونه ژ في عصره هو الإمام وحده وغيره عمال وكذا في عصر أبي بكر وعمر ومن بعدهما فإن استعملا في وقت واحد بطلت إمامتهما وقيل يجوز إمام لكل مصر وإنما الممنوع إمامان لمصر واحد أو ثلاثة أئمة أو أكثر قال أبو الحسن لا يجوز أن يكون إمامان في مصر واحد وعلى الأول صاحب الضياء إلا أنه أجاز إمامين فصل بينهما جبار لم يطيقاه وقال إن زال الجبار واتصل ملكهما انفسخت إمامتهما « واختار المسلمون إماما يقيمونه لأنفسهم(١) . ً = ١٣٥٦ ه ١٩٣٧ م، ص ١٢٠ - ١٣٠ . ويقول الجويني: إنه إذا تعدد حكام كل إقليم، فإننا لأن جمع مستقلين بالزعامة الكبرى محال، وإنما يكون « خال عن الإمام » نكون في زمان إمام الحرمين الجويني: غياث الأمم في التياث الظلم، دار « أميرا لكل إقليم » كل منهم ً الدعوة، الإسكندرية، ١٩٧٩ ، ص ١٣٠ -.١٣١ (١) ، الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٩ ص ٣٦ - ٣٧ . انظر أيض ً . ا الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٣٦ ويؤكد رأي آخر: ولا يجوز إمامان في مصر واحد، إلا أن يكون بينهما سلطان جائر، وإن »  ذهب السلطان الجائر واتصل سلطان الإمامين، بطلت إمامتهما، واختار  « المسلمون إماما منهما لأنفسهم(١) . ً إلا في خصلة واحدة وهو » كذلك لا يجوز أن يكون إمامان للمسلمين أن يكون بينهما بحر فإن لم يكن بينهما بحر وعقد لهما في صفقة واحدة  وكذلك إن عقدت في صفقتين في وقت واحد أو لواحد « بطلت إمامتهما بعد واحد ولم يعلم أيهما من قبل(٢) .  ثانيا القواعد التي تحكم ا لمسألة: ً مما تقدم يمكن القول إن المسألة قيد البحث يحكمها القواعد ا لآتية: أولا ً الأصل أنه لا يجوز اختيار أكثر من إمام(٣) .  (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ١١٨ ؛ الشيخ عبد الله النزوي: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، مسقط، ١٤١٥ ه ١٩٩٥ م، ج ٣، ص ٢٧٧ ، بكير بن بلحاج: الإمامة عند الإباضية بين النظرية والتطبيق مقارنة مع أهل السنة والجماعة، المرجع ّ السابق، ص ٨٠ -.٨١ (٢) أبو إسحاق بن قيس: مختصر الخصال، المرجع السابق، ص ١٩٤ -.١٩٥ (٣) فمن الثابت: أن عمر قال يوم خلافة أبي بكر: إن الله واحد، والإسلام واحد، ولا يستقيم سيفان في غمد »واحد، ولا تجوز الأمور إلا على واحد، وأن رسول الله ژ قال: إذا رأيتم أميرين فاضربوا عنق أحدهما كيف ذلك وهل يقال لهما إمام جميع ً ا، كأن كل واحد إمام على رعيته، أحدهما رضي بإمامة الآخر، فأما الحديث عن النبي ژ ، فذلك على معنى: إذا رأيتم إمامين متضادين، مهتد وضال، وعادل وجائر، وأولى به ژ أن يكون إنما أمر بضرب عنق المبطل. ولا يجوز أن يكون يأمر بضرب عنق إمام محق، يتبع كتاب الله وسنة نبيه ژ . ُ وأما قول عمر: إن الله واحد، والإسلام واحد، ولا يستقيم سيفان في غمد واحد، لعله يعني: إمامين. = ثانيا استثناء يمكن تعدد الأئمة، وذلك بأن يكون كل منهم إماما على ًً  مصر (بلد) واحد في الحالات ا لآتية(١) : ١ إذا فصل بينهم بحر. ٢ إذا وجد بينهم جبار (أي حاكم ظالم). ٣ إذا حتم ذلك أحوال العصر، كما هو في الوقت الحالي، إذ ذاك هو المطبق في الدولة ا لإسلامية. ٤ يجوز ا لإباضية » إذا حتم ذلك اتساع نطاق إقليم الدولة الإسلامية، إذ ّ « تعدد الإمامات إذا تباعدت الجوزات وانقطعت عن بعضها(٢) . ثالث ً ا إذا حدث وتم اختيار أكثر من إمام واحد، فيجب المفاضلة بينهم لاختيار أحسنهم لهذا ا لمنصب(٣) . = وكذلك قال المسلمون: لا يجتمع إمامان في مصر واحد ولا يكون للمسلمين إلا إمام . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ١١٧ « واحد(١) وهكذا بخصوص مسألة: وعلى قول من جعل ع ُ مان والبحرين مصر ً ا واحد ً ا وجعل المصر كالبلد في حال الدفاع أيجوز على هذا جبر أهل عمان على قتال الدفاع عن البحرين وأهل ُ البحرين عن عمان أم لا؟ قيل: ُ جائز له جبرهم وذلك على قول إن عمان والبحرين كلتيهما مصر واحد وقال من قال: » ُ إنه لا يجوز له جبرهم وذلك على قول من قال: إن عمان هي مصر وحدها والبحرين ُ .« هي مصر وحدها السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع . السابق، ج ١٤ ، ص ٢٤٤(٢) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٦١ ّ « ولا يرى إمامان لعسكر واحد وجاز لعساكر ولبلاد متفرقة » : فقد قال الإمام الثميني الواجب إمام واحد » : الثميني: كتاب النيل وشفاء العليل، ج ٣، ص ٨٨٦ ، وقال أطفيش أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، « ولكن لو فصلت أقوام لا تطاق فإنه يصح إمامان أو أكثر ص ٤٢٨ ، ومشار إليهما أيضا في عدون جهلان: الفكر السياسي عند ا لإباضية، مكتبة ًّ الضامري، سلطنة عمان، ١٤١١ ه ١٩٩١ م، ص ١٤٢ -.١٤٣ ُ (٣) عند الإباضية عدة معايير لإجراء هذه المفاضلة، فقد جاء في جامع ابن جعفر: = ّ رابعا أن وحدة الأمة الإسلامية، تحت أية صورة من الصور، هو أمل ً تتوافر فيها أسسه وقواعده(١) . لذلك يرى ا لإباضية: ّ = وفي جواب من محمد بن محبوب رحمهما الله سألت عن المسلمين إذا اختلفوا فعقد كل »فريق منهم لإمام فقال: إن اختلفوا في بلدين فالذين عقدوا من علماء المسلمين لمن رأوه موضعا في مواضع الأئمة فهو أولى بالإمامة، فإن كان اختلافهم في البلد الذي تكون فيه ً الإمامة فالذي قدمه أهل الدين والفقه والورع أولى بالإمامة، فإن استوى المقدمون في الفقه والدين والورع كان أفضل المؤمنين فقها ودين ً ا وورع ً ا وأرجى بهم للقوة في عز ً الدولة، وفي نسخة الدعوة وهيبة العدو وأحق بالإمامة فإن استوى المؤمنون في الفقه والدين والورع فأرجأهم للقوة في عز الدولة وفي نسخة الدعوة وأهلها ومناصبة العدو،   .« فإن استووا في جميع ذلك فالذي عقد له الإمامة قبل صاحبه هو أولى من ا لمؤخر ابن جعفر: الجامع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣١ ه ٢٠١٠ م، ُ ج ٨، ص ٥٨ -.٥٩ (١) يقول سماحة المفتي العام لسلطنة عمان: ُ لا شك أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة يضمان أكبر مجموعة من ركائز الوحدة »الإسلامية المرجوة، يقول تعالى: ﴿ ¬ ¯® ﴾ [ [الحجرات: ١٠ ، وهذه الإخوة الإيمانية هي ركيزة الوحدة الإسلامية، التي تؤكد الروابط الاجتماعية والإنسانية بين المسلمين، فيتلاشى الظلم ويعيش المسلمون في مجتمعاتهم إخوة متضامنين، لا شحناء ولا بغضاء بينهم، وهذا ما عناه الرسول ژ في قوله: لا تحاسدوا ولا تباغضوا » ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض؛ وكونوا عباد الله إخوان ً ا، المسلم أخو « المسلم لا يظلمه ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه (رواه مسلم وأحمد)، فهذه الأخوة الإسلامية تعم جميع المجتمعات الإسلامية، ويراد بها الأخوة العقائدية، وأخوة العمل، وأخوة الإقامة، يقول تعالى: ﴿ KJIHGFE ZYXWVUTSRQPONML ﴾ [ [الحجرات: ١٣ ، وهنا .« يتأصل المعنى العام للأخوة ويضيف أيضا: ً فإذا قامت الوحدة الإسلامية فلن تستطيع أمة من الأمم أن تلحق الأذى بالمسلمين؛ لأننا بهذه »الوحدة ننصر دين الله فينصرنا في جميع قضايانا، يقول الله تعالى: ﴿ RQPONML ^]\[ZYXWVUTS _ ﴾ [ [آل عمران: ١٦٠ . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفكر والدعوة، المجلد الأول، ص ٣٢٢ -.٣٢٣ ولو كان بعمان إمام وإمام بالبحرين وإمام بحضرموت ثم اتصل » ُ  سلطانهم سقطت إمامتهم وكانت مملكة واحدة واختار المسلمون إماما ً « يقيمونه للجميع(١) .  ومما يدل على وحدة دار الإسلام دوليا عند الإباضية، ما جاء في جامع ًّ البسيوي:  فأما الذمي إذا كان له مال وعيال بعمان ثم غاب سنين إلى بلد الشرك » ُ ثم قدم؛ فقيل: تؤخذ منه الجزية، فأما إذا كان غائبا إلى بلاد الإسلام لا يؤخذ ً منه، لأن الذمة واحدة بين أهل الإسلام، فأما من قدم من أهل الذمة إلى « ا(٢) عمان، فأقام بها ثلاثة أشهر، أخذت منه الجزية وقال قوم شهر . ًُ بينما يقول الإمام ا لسالمي: ِ ويؤخذ من جميع ما يق » َدم به الحربي من طعام، وعبيد، ومتاع حتى ظرف السفينة يقوم ويؤخذ مثل ما يأخذون، وإن قدم مال الحربي إلى أرض ّّ من أرض الإسلام مثل عدن أو غيرها فأخذوا منهم ث ُم قدم بذلك المال إلى  عمان فينظر: فإن كان إذا قدم مال المسلمين إلى أرض الحرب أخذ منهم ُ كل ملك مروا عليه فأحب أن يؤخذ منهم كذلك، وإن كانوا يأخذون منه مرة ّّ « واحدة لا يؤخذ منهم إلا كذلك(٣) . وليس هناك تناقض بين ما قاله البسيوي وما أكد عليه السالمي، ذلك أن هناك فروق ً ا بينهما: ١ « الحربي » بينما ذكر السالمي حالة ،« الذمي » فالبسيوي عالج حالة (من غير أهل ا لذمة). (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢١١(٢) البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢١٥ -.٢١٧ (٣) . السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٦٦٤ ٢ إلى بلاد الإسلام، بينما « غياب الذمي » كما أن البسيوي عالج حالة الحربي إلى ديار ا لمسلمين. « قدوم » السالمي تعرض لحالة ٣ بينما ركز السالمي ،« المعاملة بالمثل » أخيرا أن البسيوي لم يذكر ً على معاملة الحربي بذات المعاملة التي يعاملون بها مال المسلمين (معاملة له بالمثل). في الفقه « الإقليم » أو « الدار » تلكم أهم المسائل التي تثيرها فكرة الإباضي(١) .    (١) يلخص رأي في الفقه الإباضي أحكام الدور، كما يلي: ١ الدار دار إسلام ومعسكر السلطان معسكر إسلام وذلك عندما يكون الوطن مسلما » ً والأمة مسلمة والدولة مسلمة تعمل بحكم ا لله. ٢ الدار دار إسلام ومعسكر السلطان معسكر إسلام إلا أنه معسكر بغي وظلم وذلك: عندما يكون الوطن مسلما والأمة مسلمة والدولة مسلمة لكنها لا تلتزم المنهج. ً ٣ الدار دار إسلام ومعسكر السلطان معسكر كفر وذلك عندما يكون الوطن مسلما ً والأمة مسلمة والدولة الحاكمة دولة مستعمرة مشركة كتابية أو غير كتابية. ٤ الدار دار كفر ومعسكر السلطان معسكر كفر وذلك عندما يكون الوطن للمشركين .« تسكنه أمة مشركة وتتولى حكمه دولة مشركة الشيخ علي يحيى معمر: ا لإباضية بين الفرق الإسلامية، المرجع السابق، ص ٣٢٩ - ،٣٣٠ ّ انظر أيض ً ا: بكير بن بلحاج: الإمامة عند الإباضية بين النظرية والتطبيق مقارنة مع أهل السنة ّ والجماعة، رسالة ماجستير، المعهد الوطني العالمي لأصول الدين، ١٤١٤ ه ١٩٩٣ م، ص ١٥٨ -.١٥٩ يشكل شعب(١) أية دولة أو سكانها عنصرا لا غنى عنه من عناصر ً تكوينها، وهو عنصر له أهمية في إطار القانون الدولي والعلاقات الدولية المعاصرة. ويكفي أن نذكر هنا قول ا لعامري: « على حسب كثرة الرعية يعلو شأن ا لملك »(٢) . « الأمة » وقد ركزت الشريعة الإسلامية خصوصا على فكرة(٣) الإسلامية ً (١) جمع شعب للعجم مثل القبائل للعرب من قوله تعالى: » : الشعوب ﴿ NML O ﴾ ومنه قيل للذي يتعصب للعجم: شعوبي، وقيل: بل هي للعرب والعجم فبنو .« قحطان شعب وبنو عدنان شعب . الخوارزمي: كتاب مفاتيح العلوم، ١٩٦٨ ، ص ١٢٢ (٢) العامري: كتاب الإعلام بمناقب الإسلام، تحقيق د. أحمد غراب، دار الكاتب العربي، . القاهرة، ١٩٦٧ ، ص ١٦٣ (٣) يذهب يحيى بن سلام إلى تفسير كلمة أمة على تسعة وجوه: ١ أمة بمعنى العصبة. كقوله تعالى: ﴿ ZYXWVUT ﴾ ] [ الأعراف: ١٨١ . ٢ أمة بمعنى الملة. كقوله تعالى: ﴿ ~ ﮯ £¢¡ ﴾ [ [المؤمنون: ٥٢ ﴿ qp utsr ﴾ [ [المائدة: ٤٨ . ٣ أمة بمعنى سنين. كقوله تعالى: ﴿ [ZYXWVU ﴾ [ [هود: ٨ . ٤ أمة بمعنى القوم، كقوله تعالى: ﴿ onmlkjihgf p ﴾ [ [آل عمران: ١٠٤ . ٥ أمة بمعنى إمام ً ا، كقوله تعالى: ﴿ 8765 ﴾ [ [النحل: ١٢٠ . = باعتبارها العنصر الأساسي في تكوين سكان دار الإسلام على اختلاف الأقطار والأمصار، وإلى جانب ذلك العنصر الأساسي تسمح الشريعة  الإسلامية بوجود غير المسلمين في ديار الإسلام (كأهل ا لذمة والمستأمنين)، « في المعاملة والتشريع » ويتمتع هؤلاء بمنزلة خاصة(١) . ولا يخفى على كل ذي لب أن عنصر الشعب هو من أهم العناصر المكونة للدولة إذ بدونه ينهار في رأينا العنصران ا لآخران(٢) . ونشير إلى سكان الدولة الإسلامية في الفقه الإباضي، بدراسة المسلمين وغير ا لمسلمين. = ٦ أمة بمعنى الأمم الخالية وغيرهم من الكفار. كقوله تعالى: ﴿ SRQPON T ﴾ [ [فاطر: ٢٤ . ٧ أمة بمعنى أمة محمد خاصة، كقوله تعالى: ﴿ 210/. ﴾ [ [آل عمران: ١١٠ . ٨ أمة تعني أمة محمد، الكفار منهم خاصة، كقوله تعالى: ﴿ ,+* -. 210/ ﴾[ [الرعد: ٣٠ . ٩ أمة بمعنى خلق ً ا. كقوله تعالى: ﴿ MLKJIHGFEDC N ﴾[ [الأنعام: ٣٨ . ، (يحيى بن سلام: التصاريف، تحقيق هند شلبي، الدار التونسية للتوزيع، ١٩٧٩ ص ١٥٠ - ١٥٣ )؛ وانظر أيض ً ا الإمام ابن الجوزي: منتخب قرة العيون النواظر في الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، تحقيق محمد السيد الصفطاوي، منشأة المعارف، الإسكندرية، ١٩٧٧ ، ص ٥٦ ، (حيث يرى أنها وردت على خمسة أوجه)؛ وكذلك كتاب الأمالي لأبي علي القالي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٧٦ ، ج ٢، ص ٣٣٤ ، (حيث يقرر أن من بين المعاني الكثيرة للفظه أمة: الجماعة من الناس أو القرن من الناس بعد ا لقرن). (١)د. يوسف القرضاوي: غير المسلمين في المجتمع الإسلامي، مكتبة وهبة، القاهرة، ١٣٩٧ ه . ١٩٧٧ م، ص ٦ (٢) يقول ابن خلدون إن الملك والسلطان هما من الأمور الإضافية وهي نسبة بين منتسبين باعتبار أن حقيقة السلطان هو كونه المالك للرعية القائم على أمورهم. فالسلطان هو من .( له رعية، والرعية من لها سلطان (ابن خلدون: المقدمة، دار الشعب، القاهرة، ص ١٦٨ :∫hC’G åëѪdG ¿ƒ`ª∏`°ùªdG اهتمت الشريعة الإسلامية بالفرد المسلم وجعلته موضع اهتمام العديد من الأعمال والتصرفات الدولية، بما في ذلك المعاهدات الدولية(١) . ولا شك أن المسلمين باعتبارهم نواة الدولة الإسلامية يتمتعون كما هو الحال في أي نظام قانوني ببعض الحقوق وعليهم بعض الواجبات التي قد لا يتمتع بها أو يلتزم بها غيرهم (كما هو الحال في منح الأمان، ودفع الزكاة، والالتزام بالذب عن أراضي دار الإسلام... إلخ). وهذا أمر طبيعي تحتمه طبيعة الأشياء،   كما أن الإسلام في ذلك لا يخرج عما تقرره الأنظمة القانونية الأخرى والتي تفرق، عادة، بين حقوق وواجبات المواطنين والأجانب. والمسلم هو من يدين بدين الإسلام، واستجمع الشروط اللازمة لاعتباره كذلك وفق ً ا لما قررته الشريعة ا لإسلامية. والمسلم هو أساس الدولة الإسلامية وذروة سنامها، بل هو عمود ارتكازها والذي يهم القانون الدولة بالنسبة لمواطني الدولة (وغيرهم) مسألتان: (١) راجع د. أحمد أبو الوفا: المعاهدات الدولية في الشريعة الإسلامية، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٤١٠ ه ١٩٩٠ م، ص ١٩١ وما بعدها. ويقرر آخرون: إن النظام الدولي في الإسلام، يعتبر الإنسان بوصفه إنسان » ً ا شخصا قانونيا دوليا. ً ًً يخاطبه مباشرة وبلا واسطة، ويمنحه الحقوق، ويرتب عليه الواجبات، مثلما يخاطب التجمعات الإنسانية على اختلاف أشكالها، دولا ً أو هيئات، أو غيرها، ويجعل الجميع محلا ً للتكليف، وأهلا ً .« للإلزام (د. محمود أحمد أبو ليل: أسس العلاقات الدولية في الإسلام، رسالة دكتوراه، كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، ١٣٩٨ ه .( ١٩٧٨ م، ص ٧١١ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٩٦  الأولى ضرورة حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية؛ وقد درسنا هذه المسألة في موضع آخر(١) . والثانية العلاقة بين الفرد والدولة. وهو ما نذكره ا لآن. ويفرق الفقه الإباضي بخصوص هذه المسألة بين فرضين:  أ إذا كانت الدولة ملتزمة بالمذهب ا لإباضي(٢) . (١) انظر لاحق ً ا: حقوق الإنسان في الفقه ا لإباضي. (٢) إذا كانت الدولة ملتزمة بالمذهب الإباضي فإن معاملتها لمن يكون تحت سلطانها من مخالفيها تجري على النحو ا لتالي: ١ تدعوهم بالحسنى إلى ترك ما خالفوا فيه (ما به ضلوا) فإن استجابوا صاروا منها »وصارت منهم، وان امتنعوا دعتهم إلى أن تجري عليهم حكم الله تعالى من دفع الحقوق، والخضوع لواجب الأحكام، فإن استجابوا تركوا على ما هم عليه، ووجب لهم من الحقوق والأحكام ما يجب لبقية المواطنين من أهل مذهبها. ١ يسعهم جميعا العدل كما يسع غيرهم. ً ٢ لهم حقوقهم من الفيء والغنائم والصدقات على وجوهها. ٣ لهم على الدولة دفع الظلم عنهم كما يجب لسائر ا لمسلمين. ٤ لهم عليها حق الحماية في النفس والمال والأهل. ٥ إذا اشتركوا معها في الغزو فلهم سهامهم كما لغيرهم. ٦ لهم أن يتولوا جميع المناصب والأعمال في الدولة حسب كفاءاتهم ومؤهلاتهم مثل غيرهم. ُ ٧ من امتنع منهم مما وجب عليه من الحقوق أدب بما يردعه ويرده إلى سواء السبيل. ٨ من أظهر الفتنة ودعا إليها وتجاوز ذلك إلى العمل جاز قتاله وحل سفك دمه. ٩ إذا اعترفوا بسلطان الدولة ثم انفردوا ببلادهم وأجروا فيها أحكامها، تركوا على ذلك (ما دام يجري على أسلوب القضاة كلهم) ما لم يكن رد لآية محكمة أو سنة ُ قائمة. ١٠ يختار منهم من يقضي بينهم، ويقوم بواجب الحقوق عليهم ولهم ويسمع قوله في ذلك ما دام يجري على أسلوب القضاة كلهم. = ب إذا كانت الدولة غير ملتزمة بالمذهب ا لإباضي(١) . ﺬﺧﺆﻳ ﻢﻬﻨﻣ ﻞﻛ ﺎﻣ ﺐﺠﻳ ﻦﻣ ﻕﻮﻘﺤﻟﺍ ﺩﺮﻳﻭ ﻲﻓ ﻢﻬﺋﺍﺮﻘﻓ ﻱﻭﺫﻭ ﺔﺟﺎﺤﻟﺍ .ﻢﻬﻨﻣ ١١ ـ = ﻥﺃ ﻢﻬﺘﻤﻬﺗﺍ ﺔﻟﻭﺪﻟﺍ ﺔﻛﺮﺤﺑ ﻥﺎﻴﺼﻋ ﺕﺭﺬﻋﺃ .ﻢﻬﻴﻟﺇ ١٢ ـ ﺍ ﻦﻴﺑ ﺱﺎﻨﻟﺍ ﺍﺫﺇ ﻥﺎﻛ ﻚﻟﺫﺮﻜﻨﻣ ﻻ ﻢﻬﻛﺮﺘﺗ ﻥﻭﺮﻬﻈﻳﺮﻜﻨﻣًًً.«ﺎ ﺍ ﻢﻫﺪﻨﻋﻀﻳﺃ ١٣ ـ الشيخ علي يحيى معمر: ا لإباضية مذهب إسلامي معتدل، تقديم أحمد السيابي، ط الثانية، ّ ص ٣٤ -.٣٥ (١) إذا كانت الدولة ملتزمة بغير المذهب الإباضي فإن الإباضية الذين يكونون تحت سلطانها ّ يجرى تعاملهم معها على النحو ا لتالي: ١ يشتركون معها في الغزو والجهاد والقتال لجميع المشركين هجوم ً ا ودفاع ً ا. ٢ يقومون معها بالدفاع عن الوطن ولو كان المهاجمون دولا ً إسلامية، ما لم تكن الإمامة الشرعية ا لعادلة. ٣ لهم أن يتولوا جميع الأعمال ما لم تكن فيها مساعدة على إبطال حق أو إظهار معصية. ٤ يجوز لمن يأنس منهم في نفسه قوة، ولا يخشى أن يستغل أن يتولى أعمال القضاء والإدارة أو أي عمل آخر بشرط أن لا ينجر إلى ارتكاب محظور. ٥ لهم أن يتولوا جميع الأعمال التي لا تتعلق بها حقوق كأمور المساجد والمدارس والصحة وما شابهها. ٦ إذا كلف أحدهم بأي عمل فيه إقامة حد من حدود الله، فعليه أن يقوم به إذا تأكد أن ذلك حق. ٧ لا تجوز طاعة الحاكم في معصية، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية ا لخالق. ٨ تسري عليهم جميع الأحكام، وتترتب لهم وعليهم جميع الحقوق الصادرة بمقتضى أقوال فقهية معمول بها في مذهب الدولة ولو كانت مخالفة لمذهبهم. ٩ ما ترتب من حقوق على أحكام صدرت وفق مذهب الدولة لا يسقط ولو تغيرت الدولة. ١٠ النظر في التعاون مع الدولة إلى العدالة والتزام أحكام الإسلام لا إلى المذهب. أكثر الشروط والاحترازات السابقة واردة عندما تكون الدولة جائرة، أما إذا كانت عادلة متمسكة بأي مذهب فعلى المواطنين وإن اختلفوا معها في المذهب أن يتعاملوا معها في جميع المرافق دون تحرز. ذات المرجع، ص ٣٦ -.٣٧ :»fÉãdG åëѪdG ø«ª∏`°ùªdG ô«Z غير المسلمين في الدولة الإسلامية يشملون: أ ( غير المسلمين الموجودين أساسا في إقليم الدولة ا لإسلامية. ً ب ( غير المسلمين الذين يصبحون من رعايا الدولة الإسلامية بالتطبيق لمعاهدة دولية. ج ( غير المسلمين الذين يدخلون تحت ولاية الدولة الإسلامية على إثر الحرب.  د ( غير المسلمين الذين يتواجدون فوق إقليم الدولة الإسلامية لأي سبب آخر (كالرسل والسفراء، والمستأمنين، والتجار).  وسنشير إلى أهل الذمة والمستأمنين، باعتبارهما الفئتين الغالبتين في دار ا لإسلام(١) . (١) إما أن يكون مستأمن » قيل: الأجنبي عن دار الإسلام ً ا دخل دار الإسلام بعقد أمان. وإما أن يكون حربيا وإما أن يكون معاهد ً موسوعة جمال عبد الناصر في الفقه الإسلامي، ) « ا .( المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٩٧٣ ، ج ٣، ص ١٢١ وعرف فقهاء المسلمين فكرة الوطن الأصلي، ووطن الإقامة، ووطن السكنى، والوطن المستعار (راجع حاشية رد المحتار لابن عابدين، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٦ ه ١٩٦٦ م، ج ٢، ص ١٣١ -.(١٣٣ ٍ وللفظة أجنبي في الإسلام معان عديدة، منها: الأجنبي الذي هو خلاف القريب، والأجنبي في التصرفات والعقود، والأجنبي بمعنى من لم يكن من أهل الوطن، والأجنبي عن المرأة، راجع الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، الطبعة الثانية، ج ٢، ص ٥٢ -.٥٤ وقد فرق الماوردي بين أهل الذمة وأهل العهد بالنظر إلى طبيعة إقامة كل منهما في دار الإسلام، وهل هي دائمة أم مؤقتة، فيقول: = ففي الدولة الإسلامية يمكن أن يتواجد غير المسلمين، وهذا أمر ثابت منذ بدايات الدعوة الإسلامية، حيث وجد، إلى جانب المسلمين، اليهود وغيرهم وقد أشار الفقه الإباضي إلى طائفتين أساسيتين من غير المسلمين، هما: المستأمنون وأهل ا لذمة.  :(1)¿ƒæeCÉà°ùªdG ( CG وهم الذين يدخلون دار الإسلام بأمان. فمن المعلوم أن العصمة في الإسلام تكون إما بالإيمان (الإسلام) أو بالأمان. = فأما أهل الذمة، فهو المستوطن، ولا يجوز استيطانهم إلا بجزية إذا كانوا أهل كتاب، أو »شبهة كتاب. وأما أهل العهد، فهو الداخل إلى بلاد الإسلام بغير استيطان، فيكون مقامهم مقصورا على ً مدة لا يتجاوزونها. وهي أربعة أشهر لقول الله تعالى: ﴿ ,+ -/. ﴾ . فأما مدة سنة، فلا يجوز أن يقيموها إلا بجزية، وفي جواز إقامتهم بغير جزية فيما بين أربعة أشهر وبين سنة قولان: أحدهما: يجوز، لأنها دون السنة كالأربعة. .« والقول الثاني: لا يجوز، لأنه فوق الأربعة كالسنة. وسواء كانوا من أهل الكتاب، أو لم يكونوا راجع، الماوردي: الحاوي الكبير، دار الفكر، بيروت، ١٤١٤ ه . ١٩٩٤ م، ج ١٨ ، ص ٣٩٢ (١) من الثابت أن المستأمن هو من يطلب الأمان أو هو من يدخل دار غيره بأمان مسلما كان أو ً حربيا، راجع محمد علاء الدين الحصكفي: شرح الدر المختار، ج ٢، مطبعة الواعظ، مصر، ً فأما المستأمن » ص ٩٨ . والمستأمن أجنبي عن دار الإسلام، إذ كما جاء في شرح السير الكبير راجع د. عبد الكريم زيدان: أحكام الذميين والمستأمنين في دار ،« فلم يصر من أهل دارنا الإسلام، مكتبة القدس بغداد، مؤسسة الرسالة بيروت، ١٤٠٢ ه ١٩٨٢ م، ص ٦٦ -.٦٧ « جواز الأمان » ويلاحظ أن نظام الأمان في الشريعة الإسلامية يختلف في جوهره عن نظام Sauf - Conduite Conduct Safe ، الموجود في إطار العلاقات الدولية الحالية. والنظام الأخير عبارة عن وثيقة خاصة تصدر عن السلطات العليا في الدولة (بالطرق السياسية) تخول صاحبها أو حاملها حق اجتياز أراضي الدولة المانحة وعبور خطوطها العسكرية برا ً وبحرا، وكذلك قد يمنح جواز الأمان قائد بري أو بحري بخصوص أماكن خاضعة ً لاختصاصه أو سيطرته. =  والأمان هو أن يؤمن َ الإنسان شخصا آخر على نفسه وماله من أي خطر ً َِِ يصيبه، قال في لسان العرب أمن: وقد أمن ْت ُ فأنا آمن ٌ ، وآمن ْت ُ غيري من الأمن والأمان. والأمن: ضد الخوف. فالأمان يترتب عليه أن يجد الشخص ملاذ ً ا آمن ً ا على نفسه وماله في إقليم الدولة الإسلامية. يقول ا لبسيوي: وكل من أمنه أحد من المسلمين من الأحرار البالغين والنساء، أو طمأنه » ِ بكلمة مثل قوله: لا بأس عليك، فأمانه أمان ولا يقتل، لأن ذمة المسلمين ُ واحدة لأن رسول الله ژ أجاز أمان زينب لابن أبي العاص. وقال: « المسلمون يد على من سواهم، يسعى بذمتهم أدناهم » . فمن أعطى العهد «(١) والأمان منهم فأمانه أمان إذا كان عدلا ً .    الأمان إلا » ويؤكد الفقه الإباضي على هذا الشرط الأخير، إذ لا يجوز « أن يكون أمان عدل(٢) .  = ويقرر ابن جزي أن هناك فارق ً ا بين الأمان وكون الحرب خدعة، بقوله: والفرق بين الأمان اللازم وبين الخديعة المباحة في الحرب: أن الأمان تطمئن إليه نفس الكافر، والخديعة هي تدبير غوامض الحرب بما يوهم العدو الإعراض عنه أو النكول حتى توجد فيه الفرصة فيدخل في ذلك التورية والتبييت والتشتيت بينهم ونصب الكمين والاستطراد حال القتال، وليس منها أن يظهر لهم أنه منهم أو على دينهم أو جاء لنصيحتهم حتى إذا وجد غفلة نال منهم فهذه خيانة لا تجوز (ابن جزي: قوانين الأحكام .( الشرعية ومسائل الفروع الفقهية، دار الفكر، القاهرة، ص ١٦٣ ويكمن الفرق بين المعاهد والمستأمن والذمي في أن المعاهد هو من أخذ عليه العهد من المسلمين، والمستأمن: هو من دخل دارنا منهم بأمان، والذمي من استوطن دار الإسلام بتسليم الجزية. وبالجملة المعاهد والمستأمن لا يستوطنا دار الإسلام، والذمي من استوطن دارنا بالجزية (راجع البهوتي: الروض المريع شرح زاد المستنقع وحاشية الروض المريع للعنقري، مكتبة السنة المحمدية، القاهرة، ج ٢، ص ١٥ )، وأيض ً ا كتاب إرشاد المسترشد إلى المقدم في مذهب أحمد للشيخ عبد الله بن محمد الخليفي، راجعه محمد زهري النجار، ج ١، الرياض، ١٤٠١ ه . ١٩٨١ م، ص ١٥٠ (١) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٤٤(٢) أبو إسحاق إبراهيم الحضرمي: الدلائل والحجج، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣٣ ه ٢٠١٢ م، ج ١ -. ٢، ص ٦١١ ُ ويحكم الأمان في الفقه الإباضي القواعد ا لآتية: ١ أساس إعطاء ا لأمان: روى أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي ژ أنه قال: المسلمون تتكافؤ دماؤهم، وأموالهم بينهم حرام وهم يد على من سواهم، »« يسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم(١) تتكافؤ » : ، قال ا لربيع بن حبيب دماؤهم أي هم في الدية والقتل سواء وهم يد على من سواهم؛ أي: هم أقوى وأفضل من غيرهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، أي: إذا أعطى أدنى رجل من المسلمين أحد ً ا أمان ً « ا لزم المسلمين ذلك وكذا رده العهد عليهم(٢) . كذلك حينما أجارت أم هانئ رجلا ً من المشركين من أهل مكة، قال رسول الله ژ : « قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ »(٣) . كذلك قال رسول الله ژ : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل »« المسجد فهو آمن(٤) . (١) ، مسند الربيع، رقم الحديث ٦٦٤ ، ص ٢٦٠ ، سنن أبي داود، رقم الحديث ٢٧٥١ ، ج ٣ ص ٨٠ . سنن ابن ماجه، رقم الحديث ٢٦٨٣ ، ج ٢، ص ٨٩٥ . سنن البيهقي الكبرى، رقم . الحديث ١٥٦٨٨ ، ج ٨، ص ٢٩ (٢) . مسند الربيع، ذات المرجع، ص ٢٦٠ (٣) ، صحيح البخاري، رقم الحديث ٣٥٠ ، ج ١، ص ١٤١ ، صحيح مسلم، رقم الحديث ٣٣٦ ج ١، ص ٤٩٨ ، سنن أبي داود، رقم الحديث ٢٧٦٣ ، ج ٣، ص ٨٤ ، سنن البيهقي الكبرى، . رقم الحديث ١٧٩٥٢ ، ج ٩، ص ٩٤ (٤) يقول أطفيش: إنه حينما قال رسول الله ژ ذلك، قالت الأنصار: أما الرجل فأدركته الرحمة في قريته بقومه وعشيرته، قال أبو هريرة وجاء الوحي وكان إذا جاء لا يخفى علينا ولا يرفع أحد طرفه إلى رسول الله ژ حتى ينقضي الوحي ولما قضى الوحي قال رسول الله ژ : » « يا معشر ا لأنصار قالوا: لبيك يا رسول الله قال: » قلتم أما الرجل فأدركته رحمة في قريته بعشيرته « قالوا قد كان ذلك؟ قال: » كلا، إني عبد الله ورسوله إني هاجرت إلى الله وإليكم والمحيا محياكم والممات مماتكم « فأقبلوا إليه يبكون ويقولون = ﻝﻮﻘﻳ:ﻢﻇﺎﻨﻟﺍ ﻪﻴﻠﻋ ﺯﺎﺟ ﺾﻘﻧﻭ ﺢﻠﺼﻟﺍ ﺪﻗﻼﻈﺣ ﺎﻣﺃ ﻥﺎﻣﻷﺍ ﺢﻠﺻﻭ ﺭﺍﺪﻟﺍ ﺎﻣﺍﻮﺤﻠﻄﺻﺍ ﻍﺎﺑ ﺍﺫﺇ ﻥﺎﻛ ﻁﺮﺷ ﺢﻠﺼﻟﺍ ﺪﻗﻼﻤﻛ ﺾﻗﺎﻧﻭ ﺪﻬﻌﻟﺍ ﺪﻌﺑ ﺢﻠﺼﻟﺍﺡﺮﺘﺠﻣ ﻪﺑ ﺓﺭﺎﻔﺨﻟﺍ ﻥﺃ ﺍﻮﺿﺮﻳ ﺎﻬﺑﻼﻤﻛ ﺍﺬﻛ ﺓﺭﺎﻔﺨﻟﺍ ﻁﺮﺸﻟﺍﻭ ﻱﺬﻟﺍﺖﺒﺟﻭ لا يجوز نقض الأمان والصلح وكذا الخفارة لا يجوز » معنى الأبيات « نقضها لأنها نوع من ا لأمان(١) . كذلك روى أنه ژ أجاز أمان العباس لأبي سفيان(٢) إذ أراد عمر قتله. ٢ من يعطي ا لأمان: الأصل أن إعطاء الأمان يكون للإمام. لذلك قال موسى بن علي وهو يتكلم في العسكر : لا يجهز جيش، ولا تمتد راية، ولا يؤمن خائف، ولا يقام حد، ولا يحكم حاكم في غير مجتمع عليه إلا بإمام. قال غيره: وهذا في الحكم في الأمصار التي تملكها الأئمة، ويجري عليهم حكمها. وأما إذا لم يكن كذلك، فقد قيل: إن ذلك جائز كله، ممن ملك ذلك وقدر عليه(٣) . = والله ما قلنا ذلك إلا للظن بالله ورسوله، فقال رسول الله ژ : إن الله ورسوله يصدقانكم » « ويعذرانكم . أطفيش: السيرة الجامعة من المعجزات اللامعة، ص ١٩٢ -.١٩٣ (١) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٩٤ (٢) ١٤٠٥ ، عن أبي هريرة /٣ ، رواه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب فتح مكة، رقم: ١٧٨٠ ١٧٧ ، عن ابن عباس، انظر أيض /٢ ، وأبو داود، كتاب الخراج والفيء والإمارة رقم: ٣٠٢١ ً ا: أبو إسحاق إبراهيم الحضرمي: الدلائل والحجج، المرجع السابق، ج ١ -. ٢، ص ٦١٠ (٣) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٤؛ الجامع لابن جعفر، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣١ ه . ٢٠١٠ م، ج ٨، ص ٥٥ ُ كذلك يجوز أن يصدر الأمان من غير الإمام. فقد جاء في بيان ا لشرع:  وقيل كل من أمنه أحد ممن غزى من المسلمين البالغين الأحرار له » ولاية أو من لا ولاية له أو الصراري في البحر (أي الملاحون) والحمالة في  البر فهو آمن وهو غنيمة ويعرض عليه الإسلام. فإن أسلم قبل منه وكان من المسلمين وهو غنيمة وإن كره أن يسلم فقد مضى أمانه ويقر على شركه وهو غنيمة لأنه قيل إن المسلمين يسعى بذمتهم أدناهم... وأما المرأة المسلمة فأمانها أمان. وبلغنا أن زينب ابنة رسول الله ژ « أمنت زوجها أبا العاص ا لربيع بن عبد شمس فأجاز ا لنبي ژ أمانها(١) . قال أبو الحسن: المماليك لا أمان لهم وبه يقول أبو حنيفة، إلا أن يكون في ا لمقاتلة. وعند الشافعي: جائز. وبين قومنا: فيه اختلاف، أجازه ا لشافعي. وقال أبو حنيفة: إن كان يقاتل، جاز أمانه. وإن كان يخدم مولاه، فلا  أمان له. ويوجد عن عمر أنه أجاز أمان المماليك. وقال: المملوك رجل من المسلمين أمانه أمانهم. كذلك أجمعوا أن أمان الصبي غير جائز، وأمان ا لذ ّ مي لا يجوز(٢) . (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٩٥ ، وإن كان قد جاء في ا لمصنف: قال غيره: اختلف في أمان المرأة والعبد والذمي. نقول: أمانهم أمان. وقول: لا يثبت أمانهم، إلا برأي الإمام، راجع النزوي: المصنف، المرجع السابق، . ج ١١ ، ص ٢٥٩ (٢) .٢٦١ ، النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٥٩ ولا شك أن من يجوزون إعطاء الأمان من غير الإمام يستندون خصوصا إلى التطبيقات العملية التي حدثت في عهد النبوة، وكذلك إلى ً السابق «... المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم » حديث الإشارة إليه(١) . يقول الإمام ا لسالمي: وإن ظهر أن في تأمين الجبابرة فساد » ً ا في الدين وفشلا ً في المسلمين فلا تأمين لهم، كيف يكون التأمين فيما فيه هدم أركان الدين وقد اختلف  المسلمون في تأمين الرعايا إذا لم يأذن لهم الإمام في التأمين ولم يحجر عليهم فإن حجر فلا أمان لهم، ولهذا قال ژ: « أجرنا من أجرت » فإنه إجارة منه ژ لها في ذلك(٢) .« ويمكن أن يصدر الأمان من قائد الجيش أو جنوده: فعن محبوب أنه قال: إذا بعث الإمام قائد » ً ا، فإن أمن أحد من أصحابه خائف ً « ا فإن أمانه أمان(٣) . (١) والمسلمون يد على من سواهم إذا » : للإمام السالمي تعليق جيد على هذا الحديث، إذ يقول كانت الكلمة واحدة ولم تتفرق بهم الأهواء وتتشعب بهم الآراء والأغراض، فأما إن تفرقوا ُُ وصار بعضهم يقتل بعض ً ا على الدنيا فما هذه اليد التي تكون لهم على من سواهم. لقد قطعها التفرق والتشتت وذهب الوفاء . ذهب الدين، ذهبت المروءة، ذهبت الغيرة، ذهبت ُ .« الحمية طمع فينا الخصم طلبنا بالمكائد، ونصب لنا الحبائل، فإنا لله وإنا إليه راجعون أبو عبد الله السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، ج ٤، ص ٣٧٦(٢) . جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٢٥(٣) من جامع أبي صفرة وفقهه بتعليقات أبي عبد الله وأبي سعيد، مكتبة مسقط، ١٤٣٣ ه ٢٠١٢ م، ص ١٦٢ -.١٦٣ ويلاحظ أن الأمان في الإسلام ملزم حتى ولو لم يرض الأمير. فقد أخرج ابن جرير وابن عساكر عن ابن عباس ^ قال: بعث رسول الله ژ خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي =  ٣ بم يتم ا لأمان: َ نستطيع أن نقرر قاعدة في الفقه الإباضي مضمونها أن: .« كل ما يدل على الأمان أمان » ُ معنى ذلك أنه إذا فهم المستأمن أنه قد أمن فهو آمن، ولا يجوز الرجوع في الأمان، بالقول مثلا ً ، عدم قصد منح إعطائه، إلا بإعادة المستأمن إلى مأمنه.  لذلك قيل: يثبت الأمان بالإشارة، والأمان، والصفقة، والبيعة، والعهد، والخفارة، والإجارة، والإصر والذمام، والشرط، والعصمة. كله بمعنى ا لأمان(١) . فكل من أمنه أحد من المسلمين، أو قال له: لا بأس » : يقول النزوي = على سرية ومعه في السرية عمار بن ياسر ^ . قال: فخرجوا حتى أتوا قريبا من القوم ً الذين يريدون أن يصبحوهم نزلوا في بعض الليل. قال: وجاء القوم كنذير فهربوا حيث بلغوا فأقام رجل منهم كان قد أسلم هو وأهل بيته، فأمر أهله فيحملوا، وقال: قفوا حتى آتيكم، ثم جاء حتى دخل على عمار 3 فقال: يا أبا اليقظان إني قد أسلمت وأهل بيتي، فهل ذلك ناقص أن أقمت فإن قومي قد هربوا حيث سمعوا بكم؟ قال: فقال له فأقم أنت آمن: فانصرف الرجل هو وأهله. قال فصبح خالد القوم فوجدهم قد ذهبوا فأخذ الرجل هو وأهله فقال له عمار إنه لا سبيل لك على الرجل قد أسلم. قال وما أنت وذاك؟ أتجير علي وأنا الأمير، قال نعم، أجير عليك وأنت الأمير، أن الرجل قد أمن ولو شاء لذهب كما ذهب أصحابه عند رسول الله ژ فذكر عمار الرجل وما صنع، فأجاز رسول الله ژ أمان ٍ عمار ونهى يومئذ أن يجير أحد على الأمير فتشاتما عند رسول الله ژ ، فقال خالد: يا رسول الله: أيشتمني هذا العبد عندك؟ أما والله؟ لولاك ما شتمني، فقال نبي ا لله ژ: » كف يا خالد عن عمار؟ فإنه من يبغض عمار يبغضه ا لله 8 ومن يلعن عمار يلعنه ا لله 8 .« ثم قام فولى واتبعه خالد بن الوليد حتى أخذ بثوبه فلم يزل يترضاه حتى 3 وفي رواية أخرى رضي عنه، الكندهلوي: حياة الصحابة، ج ٢، ص ٥٤ -.٥٥ (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٠٠ عليك، أو كلمه، كلام يطمعه فيه بالأمان، فجاء المشرك بحال ذلك، « فلا يقتل(١) . وقد ذكر الفقه الإباضي مظاهر كثيرة لإعطاء ا لأمان: إذ يتم ذلك باللفظ الصريح، كما سبق ذكره، كقوله أمنتك، أو أنت تحت حمايتي(٢) . وفي قول أصحابنا إن الإشارة » : وقد يكون ذلك بالإشارة. يقول النزوي « بالأمان أمان(٣) . وقد يحدث ذلك بما يستفاد منه الأمان. وأمثلة ذلك كثيرة في الفقه الإباضي: فقد جاء في بيان ا لشرع: وعن رجل قلت له لا بأس عليك ضع سلاحك فوضعه فأخذته هل لك » « قتله؟ فذلك الأمان ليس لك قتله وكل شيء كان على هذا النحو فكف عنه(٤) . (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٥٨ ، وجاء في بيان الشرع بخصوص وأما دخولهم بأمان إلى المسلمين ودخول المسلمين إليهم فهو عندنا » أهل الشرك بالجواز بلا محاربة فمن أجازه من المسلمين فدخل بلادهم وصار آمن ً ا عندهم فهو أمان وكذلك من أجازه المسلمون منهم وصار آمنا عندهم فهو أمان وإن أمنه أحد من المسلمين الذين معه في السفينة أو من أهل البلاد الذين قدم إليهم من المسلمين .« فذلك أصح وليكتفي بذلك ا لأمان . الكندي: بيان الشرع، ج ٧٠ ، ص ٣٠٩ (٢) ويتحقق الأمان بأية لغة تدل عليه، فقد كتب عمر فقال: إذا ألقى الرجل الرجل. فقال: مؤنس فقد أمنه. فهي كلمة فارسية معناها: لا تخف وإذا قال: لا تخف، فقد أمنه، أو لا تذهل فقد أمنه، لأن الله تعالى، يعلم الألسنة (راجع النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٦٠ -.(٢٦١ (٣) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٦١ (٤) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٩٥ ويوافق صاحب المصنف على ذلك، إذ يقول: = ٢٠٧ ولا يتصور صحبة الحربي » : وقد يستفاد الأمان من صحبة الحربي، يقول أطفيش « وإلا فقد أمن(١) . كذلك قيل:  ولا يقتل ولا يعجل على من قال: أنا مسلم، وكذلك من قال: أشهد أن » ْ ُُ محمد ً ا رسول الله ژ لا يعجل عليه. وإن كان أعجميا فتكلم بكلام يوهم الإسلام فلا ي ُ عجل عليه؛ لقول الله تعالى: ﴿ }~ ﮯ ¢¡ ¥¤£ ﴾ [ [النساء: ٩٤ «(٢) . وقد يستفاد الأمان من ا لسلام: قولهم: إنه لا يسلم على الباغي وفي الصبي قولان » وهكذا بخصوص يقول ا لسالمي: ،؟« وفي الرد كذلك ما وجهه أما الباغي فلا يسلم عليه، لأن السلام أمان فإذا سلم عليه المسلم » فكأنه أمنه وهو مأمور بقتاله، وهذا يقتضي أن منعه التسليم عليه حال المحاربة  لا حال الصلح والتأمين، فإن السلام حق لأهل التوحيد من « بعضهم لبعض(٣) . وقد يستفاد الأمان من اصطحاب الزوجة غير ا لمسلمة: = عن قومنا وقال الأوزاعي: إذا قال له: قم، وألق سلاحك. فوقف، فلا قتل عليه. ولا يباع » إلا أن يدعى أمان ً .« ا. ويقول: إنما رجعت، أو وقفت، فهو آمن لكنه يضيف: وأما قوله: اطرح سلاحك، ونحو هذا. فهذا يتصرف على معان. وهو على معنى المريد » .٢٦٢ ، النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٦٠ « لا المراد، وينظر فيه (١) . أطفيش: الذهب الخالص المنوه بالعلم القالص، المرجع السابق، ص ٣١٨ (٢)أبو إسحاق إبراهيم الحضرمي: الدلائل والحجج، المرجع السابق، ج ١ -. ٢، ص ٦١١ (٣) جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٨٥ . انظر أيض ً ا: . الشيخ ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، المرجع السابق، ص ٢٩٥   وإن تزوج أسير من المسلمين نصرانية من أهل الحرب، وأقام معها في » دار الحرب، ثم وجد سبيلا ً فهرب، فإنها لا تحل له أبد ً ا، وإن أسلمت؛ لأنه تزوجها وهي حربية. وإن أبت أن تسلم، وأرادت الرجوع إلى بلادها، فليس للمسلمين أن « يمنعوها، من ذلك، لأن زوجها قد أمنها(١) . وبخصوص ذات المسألة يقول أطفيش: إن الزوجة لا تمنع من الرجوع:  « لأنها دخلت بأمانه »(٢) . ٤ الأحوال التي لا يجوز فيها ا لأمان: في الفقه الإباضي أحوال لا يجوز فيها الأمان، أهمها: أولا ً نهى الإمام أو المسؤولين في الدولة عن إعطاء ا لأمان: علة ذلك أن سلطات الدولة بما لديها من معلومات توفرها لها أجهزتها المختصة قد ترى أن من الخطورة ترك الأمان للأفراد ا لعاديين. في هذا المعنى جاء في ا لمصنف: فإن تقدم القائد، أو الإمام، على أهل السرية، أن لا يؤمنوا أحد » ً ا إلا برأيه، فلا يجوز أمان أحد منهم، وإن لم يقدم عليهم جاز أمانهم. وفي موضع: فإن قال القائد للناس: يا معشر الناس، لا تأمنوا أحد ً ا إلا « بإذني فإن أمن رجل من العسكر، فلا أمان له(٣) . (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٧، ص ٦٨٨(٢) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ٦، ص ٣٠٢ ؛ البسيوي: جامع أبي الحسن . البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٤٨(٣) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٥٩ . انظر أيض ً ا الكندي: بيان الشرع، . المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٩٥ ثانيا عدم منح الأمان للبغاة ما داموا على بغيهم: ً سبب ذلك جد واضح: عدم إعطاء ملاذ آمن لمن يحارب المسلمين ويخرج عليهم.  يقول ا لبطاشي: ولا يحرم دماء هؤلاء (أي البغاة) إعطاء أمان لهم ما لم يتوبوا بل يحل » قتالهم ولو لمن أعطاهم الأمان؛ لأن ذلك الأمان باطل ولا يجوز إعطاء الأمان لهم خداع ً ا ولو كانوا لا يصلون إلى ذلك، إلا أنه وإن أعطوهم أمان ً ا « لانخداع فلهم قتالهم ولو بلا إخبار بنقض ا لأمان(١) . ثالث ً ا عدم إعطاء الأمان للمجرمين: يرجع ذلك، بداهة، إلى أن منح الأمان لمن ارتكب أعمالا ً تشكل جرائم يعني عدم إمكانية ملاحقته بواسطة السلطات المختصة في الدولة: إذ لن يمكن محاكمته وتوقيع العقاب عليه. وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك(٢) . (١) . الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٩، ص ٩٩ فأي رجل من المسلمين أمن رجلا » : يقول النزوي ً ، قد لزمه شيء في حكم المسلمين، لم يجز ذلك الأمان؛ لأنه ليس لأحد أن يحكم بخلاف حكم الله، ولا يؤمن أحد على حدود . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٦٠ « الله الواجبة (٢) وهكذا قيل: لا أمان لمرتد أو مانع حق أو قاطع طريق أو طاعن في الدين، وفي النيل ما نصه: ويقتل »كقاطع ومانع ومرتد وطاعن حيث وجدوا ولا يحرم دماءهم إعطاء أمان لهم ما لم يتوبوا أولا ً ما حل منهم من قتل وحبس وصلب حيث يستحق عند الإمام ا نتهى. وقال العيلم بن يوسف المغربي في شرحه: سواء أعطاهم الأمان الإمام أو المظلوم أو غيره، علم من أعطاهم الأمان بقطعهم ومنعهم وارتدادهم وطعنهم أو لم يعلم، أعطاهم الأمان لأمر ديني أو دنيوي مباح أو حرام، وخص الإمام لأنه أحق بإنفاذ الحقوق، ولما كان ذلك حق ً ا لله لم يبطله إعطاء الأمان لهم انتهى بحروفه. وهكذا عرفنا من أهل عمان أن ُ تأمين من عليه حد لا يصح، وعن أبي مودود ما دل على ذلك، ولا عفو ولا أمان لمن = رابعا عدم منح الأمان لمن يحتلون أو يستولون على إقليم الدولة  ً الإسلامية: علة ذلك مزدوجة: فمن ناحية، يؤدي إعطاؤهم الأمان إلى زيادة قوتهم، وعدم التعرض لهم   أو مقاومتهم. بعبارة أخرى، بقاؤهم في بلاد المسلمين ينعمون بخيراتها ويذلون أهلها. ومن ناحية أخرى، يترتب على هذا الأمان ضعف المسلمين زيادة على ضعفهم، وازدياد شعورهم بالسكينة والذل، وهم يرون الأجنبي يسيطر على بلادهم، ولا يستطيعون بسبب بالأمان التعرض له. ولعل خير من أكد ذلك هو الإمام السالمي، إذ يقول: لا يحل لأحد من المسلمين تأمين أحد من النصارى في دخول بلاد » المسلمين في هذا الوقت. ولا يحل لأحد أن يكون لهم خفيرا في هذا الحال  ً المشاهد، لأنهم إنما يسعون في هدم الإسلام ويدخلون البلاد للتجسس عن عوراتها، فالداخل منهم جاسوس دولته، وجاسوس الكفار يقتل شرع ً ا، ومن سار به فهو معين له على سعيه الفاسد، ولا حجة له في قوله ژ : يسعى بذمتهم » « أدناهم ؛ لأن هذا في خائف أراد أن يبلغ مأمنه فإذا أعطاه أحد من المسلمين ذمة فليس لباقيهم أن يخفر ذمته، وليس الحديث في جاسوس ا لأعداء: أتكون ذمتكم لمن بالخدع أيانا حرب = قتل المسلمين على دينهم، ولا لمن قتل بعد أخذ ا لدية أو العفو في قول بعضهم هكذا ِ عرفنا. وأقول مجملا ً أن من عليه حد لله أو حق لمخلوق كقصاص أو ق َود أو دية فلا أمان َ .« له إلا من صاحب الحق وحده من ا لمخلوقين عين المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام المحتسب صالح بن علي الحارثي، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه ١٩٩٣ م، ص ٣٨٦ -.٣٩١ ُ  ولو انسد ّ على النصارى باب الدخول في بلاد الإسلام لتعذر عليهم معرفة ما فيها من صلاح وفساد. وحين فتح الباب نظر الأعداء إلى العورات ووضعوا أقدامهم مواضع كانوا لا يعرفونها، ومدوا أيديهم إلى أشياء كانوا َ لا يطمعون فيها فالله المستعان، وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبما كسبت « أيديكم، والله أعلم(١) . خامسا قوله ژ : لا يعني إعطاء الأمان من أي « يسعى بذمتهم أدناهم » ً إنسان لأي إنسان، إنما الأمان للإمام: يستند منع إعطاء الأمان هنا إلى تلافي المفاسد التي تترتب على إعطائه، في وقت لا يجوز فيه ذلك. ولما كان الإمام هو الناظر للمسلمين، فإنه وحده الأقدر من غيره على تقدير متى وكيف ولمن يتم إعطاء الأمان لمن يطلبه(٢) . (١) أبو عبد الله السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، المرجع السابق، ج ٤، ص ٣٧٧ (٢)عبر عن هذا المعنى الإمام السالمي، إذ بخصوص قول البعض لا أمان إلا بإذن الإمام، ّ ما بيان ذلك؟، يقول: ،« يسعى بذمتهم أدناهم » وظاهر الخبر قيل لا أمان إلا بإذن الإمام؛ لأن الناظر في مصالح الإسلام، وقيل بل لكل مسلم أن يؤمن »خائف ً ا على نفسه حي يبلغ مأمنه، وهؤلاء أخذوا بظاهر الحديث، والأولون خصصوه بالقياس، إذ لو جاز لكل أحد ممن لا نظر له في الإسلام أن يؤمن من جاز قتله ظهرت بذلك مفسدة ِ عظيمة، وذلك أن من جاز قتله في حكم المسلمين يفعل الفعل يجيء إلى عامي من المسلمين فيأخذ منه الأمان على الإمام، فتظهر بذلك مفسدة عظيمة، وتتلاشى الأمور والشارع لم يقصد هذا المعنى، وقد قال ژ: (أجرنا من أجرت يا أم هانئ) فها هو ژ لم يكتف بجوار أم هانئ حتى قال لها أجرنا من أجرت، فهو تتميم لجوارها، فتفطن له فإنه معنى دقيق، ولله در الجلندي ما أصلبه في دين الله وما أوسع علمه حين قال لأبي الوضاح: لا أمان إلا للإمام، وهذا الخلاف في تأمين الخائف على نفسه الجائز قتله لا في تأمين مثل هؤلاء الجواسيس، فإن في تأمينهم السعي في هدم الإسلام، وهو سبب القاضية على بلاد الإسلام، فما أخذ ُ .« منهم على هذا المعنى فهو أشد في الحرمة من مهر البغي، وحلوان الكاهن، وأجرة ا لديوث = سادسا عدم منح الأمان لمن يخشى من دخوله الضرر على الدولة ً الإسلامية: يعد ذلك تطبيق ً :« الوقاية خير من ا لعلاج » ا لقاعدة Prevention is Better than Cure ـ Il Vaut Mieux Prévenir que Guérir وهو ما أكده الفقه ا لإباضي: قال الشيخ خميس في منهجه لا يستحل قتال قوم دخلوا البلاد حتى » يكون منهم الحرب الذي لا يجوز وتقوم عليهم الحجة بذلك قلت في الأثر ما معناه إذا كان القوم غير مأمونين إذا تمكنوا من البلاد فلأهل البلد أن منعوهم عن دخولها فإن أبوا عن ذلك جاز لهم دفاعهم وقتالهم قبل تمكنهم « في ا لبلاد(١) . ٥ آثار ا لأمان: إذا تم منح الأمان بطريقة صحيحة، فإنه يترتب على ذلك حتما بعض ً الآثار في حق من تم تأمينه، ومن أعطى الأمان، وبالنسبة لجميع ا لمسلمين. ونوجز هذه الآثار وفق ً ا للفقه الإباضي، فيما يلي: أولا ً التزام المسلمين كلهم بالأمان: هذا أثر حتمي يترتب على الأمان، بل هو جوهره وأساس بنيانه. يقول ابن محبوب: « ومن أمنه أحد من المسلمين تم ذلك على جميعهم »(٢) . = أبو عبد الله السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، المرجع السابق، ج ٤، ص ٣٧٨ -.٣٧٩ (١) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ١٦(٢) ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، المرجع السابق، كتاب المحاربة، ص ٥٧ . الكندي: . بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ؛ ص ٢٠٨ وجاء في ا لمصنف: أبو مودود: ولا يحل قتل رجل، أمنه رجل من المسلمين، لأن ذمة » «(١) المسلمين واحدة، تجري ما أعطى أولهم على آخرهم، من كان عدلا ً . وإذا كان الأمان يسري على المسلمين مجتمعين، فإنه يسري عليهم، من باب أولى منفردين. سر على بركة الله. » : فقد قال أبو بكر لعكرمة حين وجهه إلى عمان ُ  « ولا تنزلن على مستأمن، ولا تجورن على حق مسلم(٢) . ومن كتاب الإمام سعيد بن عبد الله إلى يوسف بن وجيه: ولا نقتل مستأمن » ً « ا إلينا(٣) . ويقول الإمام نور ا لدين:  (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٦٠ (٢) المرجع السابق، ص ١١٢ . وجاء في المصنف أيض ً ا: وفي موضع: فإن أشار رجل من المسلمين، إلى رجل من المشركين، وهو في الحرب، »وأومأ إليه، إنما يوهمه أنه أمان. فقد حرم دمه عليهم ولكن يؤسر، حتى يوصل إلى ذات المرجع، ص ٢٦٠ « الأمان إن شاء الله -.٢٦١ (٣) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٦١ أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، المرجع السابق، ج ٤، ص ٣٩٢ فإن نزلوا عليه ضيف » : كذلك بخصوص سؤال ً ا في بيته أو اصطحبهم في الطريق فخفرهم يعجبني أن لا يعرض لهم » : قيل «؟ عن المبغى عليهم في حاله ذلك كيف القول في هذا في تلك الحال لأنهم آمنون بالخفارة ها هنا والخفارة مثلثة التأمين والإجارة والمنع وأهل عمان متفقون على استعمالها فيما بينهم ولا ينكرونها وكأنها عن رضى منهم بها، وفي ُ .« نظري أنها ثابتة عليهم ما لم يتقدم بعضهم على بعض في أن لا يجير عليه عين المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام المحتسب صالح بن علي الحارثي، المرجع . السابق، ص ٣٨٩ لا تجوز الخيانة، ولا يحل القتل في الأمان، فمن فعل ذلك فقد باء » .« بغضب من الله. ومن قتل في الأمان فلا أمان له ثانيا التزام المستأمن بأحكام ا لأمان: ً ذلك أنه قد اكتسب وضع ً ا قانونيا معين ً ا يتمثل في حقوق له وواجبات ً عليه مما يحتم عدم خرقه لمقتضيات الأمان. وهكذا: قيل: « في أحكام الأمان والمعاهدة » : تحت عنوان ولا يستحل قتال قوم دخلوا البلاد حتى يكون منهم الحرب الذي » يستحقون به ذلك ولا نرى إخراج الناس من منازلهم ولا من البلاد ومن أحدث حدث ً « ا أقيم عليه الحد في حدثه، ونحو ذلك(١) . وجاء في بيان ا لشرع: ومن الكتاب ولا ينبغي للمشرك إذا أسلم في المشركين أن يقطع شيئ » ً ا من أموالهم بجناية ولا مكاثرة وهو في أمانهم حتى ينابذهم وينابذوه... ومن الكتاب وقيل في أسير من المسلمين مع المشركين هل يحل له قتلهم قال لا يحل له قتلهم فإنهم قد أمنوه وآمنهم ولكن إن قدر أن يهرب فليفعل. قال أبو عبد الله 5 ولكن ما دام معهم في طريقهم ولم يصر معهم في « بلادهم فله أن يجاهدهم عن نفسه (٢) . ثالث ً ا احترام أموال المستأمن حتى بعد وفاته: إذا كان من المحتم عدم المساس بأموال المستأمن أثناء حياته فإن الفقه الإباضي يؤكد أيضا أن ذلك يسري حتى بعد مماته. ً (١) . ابن جعفر: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ٨، ص ١٦٨(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٠٧ يقول ا لنزوي: وقيل: إذا مات الحربي الداخل بأمان، رد ماله على ورثته، من أهل » « الحرب، إلا السلاح، فإنه لا يرد إليهم، ويباع ويرد عليهم ثمنه(١) . رابع ً ا الدفاع عن المستأمن ضد أي ا عتداء: هذه من مقتضيات الأمان، والتي تتمثل في جوهرها في منح ملاذ آمن لمن تم تأمينه.  وقد أكد على ذلك الفقه ا لإباضي: قيل: ولمن جاور أو أمن أو صحب مخفرا ومضيف » ً ا لنازله أن يقاتل ً عنهم إن قصدهم قاصد ً «؟ ا ليقتلهم معه أم كيف يفعل قلت: أعاذنا الله والمسلمين من البلاء وكفانا بفضله كل أذى وعندي أن له أن يقاتل عليهم لأنه أمنهم بذاك متمسك ً ا بقوله ژ: المسلمون يد على » من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم وهذه ذمة أحدهم فلا يخفروها، أي: « لا يضيعوها والخفارة أمان(٢) . :« حرام » خامسا خرق الأمان ً وإذا » : قيل ،« في تأمين المسلمين وتحريم نبذه » : وهكذا تحت عنوان أمن مسلم أحد ً « ا من أهل الحرب حرم للمسلمين نبذه(٣) . ُ فدماء » : يقول البسيوي ،« في دماء أهل القبلة » وبخصوص مسألة (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٦٠(٢) عين المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام المحتسب صالح بن علي الحارثي، . المرجع السابق، ص ٣٩٠(٣) الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٥٠ -.٢٥١ المسلمين والمعاهدين وأهل ا لذمة ومن دخل بأمان حرام، إلا من أحدث  حدث ً « ا أخذ به، وحكم عليه بحكمه(١) . تلكم أهل المسائل التي تعرض لها الفقه الإباضي بخصوص الأمان من حيث ماهيته، وشروط إبرامه، وآثاره(٢) . (١) . جامع أبي الحسن البسيوي، المجلد الأول، ص ٦٩٧ كذلك يقول ا لسالمي: هدم الصلح حرام لا يصح ولا يحل وهادمه بعد استقراره باغ قطعا وإذا حرم كسر الأمان » ً .« فما ظنك بهدم ا لصلح . ذكره الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٩٤(٢) لم يغفل الفقه الإباضي أيض ً ا الحديث عن الآثار العملية المترتبة على خرق الأمان. يكفي أن نذكر ما جاء في ا لمصنف: وقيل في مسلم دخل أرض الحرب بأمان، فقتلوه عمد » ً ا أو خطأ ثم أسلموا فلا شيء عليهم، فيما أصابوا من ذلك الدم، بخطأ أو عمد. وفي موضع: وكذلك إن كان المسلمون ثم أمنوه، فلا شيء عليهم، فيما أصابوا. وقال الربيع: يرد على المسلم ماله ورقيقه وليس عليه ق َود ٌ . وأما ما أخذوا من ماله، فعليهم َ رده، إذا وجد في أيديهم. وقول: عليهم رد القرض والوديعة. وكذلك إذا أسلموا. وقد قتل بعضهم بعض ً ا، فلا شيء عليهم وقول: عليهم ما كانوا يدينون بتحريمه ورده. وكذلك إذا دخل الحربي بأمان دار الإسلام، فقتله مسلم، أو غصبه، وفي نسخة: فقتل مسلما أو غصبه، ثم لحق بدار الشرك، ثم أسلم. ً فقول: إن قتله عمد ً ا، فعليه ا لق َ ود. وعليه أن يرد ماله، وليس للإمام أن يأمنه على ما أصاب. َ قال غيره: إن كان الحربي قتل المسلم، ثم خرج إلى دار الحرب، ثم أسلم، فعليه الق َ ود، َ وعليه رد ا لمال. فإن كان المسلم قتل الحربي الداخل بأمان، وهو مسلم ثم ارتد، ثم أسلم بعد ذلك، فلا .« يقتل مسلم بمشرك وعليه رد ا لمال النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٤٢ -.١٤٣ راجع أيض ً . ا الكندي: بيان الشرع، ج ٧٠ ، ص ٣٠٩ ٦ أثر دخول دار الإسلام بغير أمان: لا شك أن دخول غير المسلمين بدون أمان يشكل انتهاك ً ا لسيادة الدولة الإسلامية، وخروجا على ما جرت عليه الأعراف بين الدول. الأمر الذي ً  يعطي الدولة الإسلامية حق التصدي لهم، وأخذهم حسب طبيعة الحالة سبيا أو أسرى، بل ويمكن مفاداتهم بأسرى ا لمسلمين. ً وهكذا بخصوص دخول المشرك أرض الإسلام بدون أمان، جاء في شرح ا لنيل: وإن دخلها بلا أمن فعل معه الإمام ما بان له من سبي وغنم، وجوز » لغيره وله وللمسلمين بعد إثخان بقتل محاربيهم وتوهين شوكتهم أسرهم لفداء، ولا يقتلون بعد أخذه منهم، ولا يستخدمون، وإن خرجوا ممن لا يؤخذ منهم مال أو لا يجوز فداؤهم رد لهم ما أخذ منهم ورخص في فداء أسرى المسلمين بهم ولو لغير قومهم من المشركين « لا في فدائهم بمال منهم(١) . (١) والمقصود بهذه العبارة الأخيرة هو ما يلي: ورخص في فداء أسرى المسلمين بهم، ولو لغير قومهم من المشركين بأن يكون أسرى »المسلمين في يد قومهم، أو في يد مشركين آخرين غير قومهم فيفادونهم بهم، وإما أن يعطوهم لمشركين غير قومهم بمال فذلك مكروه لأنه كالبيع، والعبد لا يباع لمشرك، وإلى هذا أشار بقوله: (لا في فدائهم بمال منهم)، أي من غير قومهم من المشركين، أي ٍ لا يقبلون من المشركين غير قومهم فداء بمال لأن ذلك كبيعهم العبيد للمشركين، وسواء في ذلك كله الرجال والنساء والأطفال والبل ّ غ، ولهم أن يقبلوا المال عن غير قومهم ويطلقوهم ولا يمكنوهم منهم، وكيفية الفداء أن يعطى الأسير أو غيره شيئ ً ا معلوما بمرة حاضرا أو عاجلا أو آجلا ً ، أو يفرق عليه نجوما سنين أو شهورا أو أياما ًًً ًًً حتى يتم ذلك المعلوم، وأما أن يضرب عليه بشيء في كل سنة أو شهر أو مدة مستمرا ً .« لا ينقطع كالجزية فلا يجوز . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٧ ، ص ٥٨٠ كذلك يذهب الفقه الإباضي إلى جواز أخذ مال غير المستأمن في دار الإسلام(١) . :áeòdG πgCG ( Ü  بحث الفقه الإباضي مسألة أهل الذمة من نواح ٍ عديدة، هي: ١ تعريف أهل ا لذمة: الذمة لغة: العهد، سميت بذلك لأن نقضه يوجب الذم. واصطلاحا: نفس ً ورقبة لها ذمة وعهد يجب الوفاء به وعدم مخالفته. فالذمي هو من أبرم معه عقد (عقد الذمة) يأمن بمقتضاه على ماله ودمه، فهو إذن له ذمة الله ورسوله    ما دام ملتزما بالعقد، ما لم يرتكب ما ينقضه. بعبارة أخرى، أهل ا لذ ً مة هم:  الذين أعطاهم الإمام أو من يقوم مقامه ذمة لأدائهم الجزية، أو لصلح » « فيما بينهم والمسلمين(٢) . (١) وهكذا إجابة على سؤال: أهل الشرك إذا دخلوا بغير أمان في المصر هل يجوز أن يؤخذ من أموالهم بالاحتيال من غير أن يقاتلوا على ا لإسلام؟ يقول ا لسالمي: إذا كان أهل الشرك حربا للمسلمين وجب أن يؤخذوا من كل جهة وأن يقعدوا لهم كل » ً مرصد وحل أخذ أموالهم بالسلب والاحتيال لكل قادر عليه من المسلمين ويكون ما أخذه غنيمة، وقد أجاد الشيخ محمد بن خميس البوسعيدي 5 في تخريج هذه المسألة وهو ممن كان في عصر الشيخ ناصر بن أبي نبهان فإنه قال: إذا بلغ أحد من المسلمين دعوة الإسلام عظماء أهل بلد من المشركين فلم يجيبوه أن أموال أهل الشرك من تلك البلد جائز أخذها وحلال أكلها لجميع المسلمين ولو لم تقع بينهم منابذة حرب، ومن قدر على أخذ تلك الأموال جهرا أو اختلاسا فهي له حلال حيث ما وجدت أخذت، وكذلك أخذ أطفالهم ًً ونسائهم إذا كانوا من مشركي العجم فجائز سباؤهم ولو بسرقة واختلاس وليخرج منها جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٢٦ « الخمس للفقراء والمساكين -.٤٢٧ (٢) . الإمام السالمي: كتاب طلعة الشمس، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٨٠ والقاعدة في الفقه الإباضي أن: « أهل الذمة غير أهل ا لحرب »(١) . وقد يجمع أهل » : لذلك جاء في جواب أبي الحواري إلى أهل حضرموت  الشرك وأهل القبلة في أحكام ويفرق بينهم في أخرى. فأما الأحكام التي يجتمعون فيها مثل السرقة والزنا. وأما الأحكام التي يفترقون فيها مثل القذف وشرب الخمر، الحد على أهل القبلة ولا حد على أهل الشرك. وكذلك تقطع « المادة في الحرب على أهل الشرك وعن أهل البغي من أهل ا لقبلة(٢) . ٢ عقد ا لذمة: وهو العقد الذي يبرم بين من يدخل في الذمة والمسلمين. ويحكم هذا العقد، القواعد ا لآتية: أولا ً أنه يجب أن يصدر عن المسلمين، وليس عمن يستولى على أرضهم أو إقليمهم. في هذا المعنى يقول الإمام ا لسالمي: أهل الذمة غير أهل الحرب، ولا ذمة اليوم لهم عندنا لأنهم إنما سكنوا » « بلادنا بذمة أعدائنا، بل بعض المسلمين قد دخل في ذمتهم فالله ا لمستعان(٣) . ثانيا أن عقد الذمة يرتب ضرورة دفع غير المسلم للجزية . لذلك قيل: ً أجمعت الأمة ولا نعلم لهم خلاف » ً ا، على أن الملة المخالفة لملة الإسلام مشركون، يحكم عليهم بأحكام المشركين من القتل، وسبي الذرية، « وغنيمة المال، وأخذ الجزية من أهل العهد منهم(٤) . (١) . جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٤٢٨(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧١ ، ص ٣٦(٣) . جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٤٢٨(٤) عمار عبد الكافي الإباضي: الموجز، دار الجيل، بيروت، ١٤١٠ ه . ١٩٩٠ م، ص ١٣٨ وقال الله تعالى في كتابه: ﴿ TSRQPONM ba` _^]\[ZYXWVU ihgfedc ﴾ [ [التوبة: ٢٩ .  ضريبة تفرض على أهل الكتاب ممن يسكن أرض الإسلام، » والجزية لقاء تأمين المسلمين له وعدم مشاركته في الجهاد معهم، وإعلان ً ا للولاء « والخضوع لدولة ا لمسلمين(١) . ثالث ً ا الجزية تكون على الرجال القادرين، لذلك جاء في كتاب موسى بن أبي جابر إلى أهل نزوي: إنه ليس على اليهود والنصارى والمجوس زكاة في أموالهم، وإنما »  « عليهم الجزية على ا لرجال(٢) . (١) معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٨٣ . كذلك قيل: ّ والجزية معناها في كلامهم الخراج المجعول عليهم، وسميت جزية لأنها قضاء منهم لما ».« عليهم. أخذ من قولهم قد جزى يجزى: إذا قضى ، سلمة العوتبي الصحاري: كتاب الإبانة في اللغة العربية، المرجع السابق، ج ٢ ص ٣٧٠ -.٣٧١ (٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ٦، ص ٩٣ - ٩٤ . وقد ورد في ذات المرجع تفصيل أكثر بالنسبة لتطبيق الجزية أو عدم تطبيقها على أهل ا لذمة: من كتاب أبي جابر: فليس على النساء والصبيان والمماليك جزية. وكذلك ا لزمنى » ْ والشيخ الفاني، ومن حبس نفسه من النصارى في الصوامع، وهم الرهبانية عباد ا لنصارى. ّ والشماسون عليهم الجزية، وهم القوامون على بيعهم وكتابهم وبيت نارهم. ومن كان منهم مسكين ً ا، قد ظهر عدم ُ ه ُ وفقره، لا يقدر على الجزية، فلا جزية عليه أيض ً ا. ومن كان من هؤلاء، فإنه يؤخذ منه كل شهر درهم. ومن ظهرت يسرته منهم، فإنه يؤخذ منه في كل شهر درهمان، حتى يكون دهقان ً ا مكثرا، ً فإنه يؤخذ عنه في كل شهر أربعة دراهم، ولا يؤخذ منهم أكثر من أربعة. ولا يؤخذ منه أقل من درهم. َ وإنما يؤخذ منه إذا أهل بعمان هلال الشهر ا لماضي. = ُ وجاء في صراط ا لهداية: » مسألة: وعنه 5 ، وفي المشرك الذمي تؤخذ منه الجزية وله مال ّ عظيم، وصار هذا المشرك زمن ً ا بحد من تسقط عنه الجزية، من أجل الزمانة والمال بحاله كذلك عظيم مثل أول أو أكثر، أعنى مال هذا المشرك ّ المذكور، هل تسقط الجزية عن هذا المشرك، أم هي باقية عليه من أجل ماله، وتؤخذ منه؟ الجواب: وبالله التوفيق، ليست الجزية على المال، بل الجزية على ٍ الإنسان، وإذا وجبت عليه أو سقطت عنه بوجه من وجوه الحق، فلا جزية « عليه(١) . وليس للجزية دائما مقدار معين لا يجوز الخروج عليه، وإنما يقدرها ً الإمام حسب المصلحة والأحوال ا لسائدة(٢) . = وإذا ملك الذمي أربعين ألف درهم أو قيمتها من الأصل، فهو دهقان. وقال من قال: أقل من ذلك، ولا جزية على يهود خيبر إذا استبان ذلك. وقد قيل: إذا كان للذمي مال أو عيال، وكانت غيبته إلى بلاد الشرك ثم قدم، أخذت منه الجزية، لما مضى من السنين التي غاب فيها، إذا لم يكن أعطى ا لجزية. وإن لم يكن له بعمان مال ولا عيال، لم تؤخذ منه الجزية لما مضى. ُ .« وإن كانت غيبته إلى أرض الإسلام لم تؤخذ منه إذا رجع إلى عمان ُ ذات المرجع، ص ٩٤ - ٩٥ ، انظر أيض ً ، ا الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٣ . ص ٧٠٥(١) الشيخ مبارك الغافري: صراط الهداية، مكتبة مسقط، ١٤٣٣ ه . ٢٠١٢ م، ج ١، ص ٢٨٠ (٢) يقول أطفيش: والصحيح أن الجزية على قدر ما يرى الإمام من الإكثار على من اشتدت عداوته، »والتوسط على المتوسط، والتقليل على غيره، ومن الإكثار إذا احتاج إليه الإسلام وغير .« ذلك من المصالح، ولو ظهرت له مصلحة في التقليل عن غنى أو شديد العداوة لجاز أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٧ ، ص ٥٦٨ -.٥٦٩ ويقول ا لسالمي: =  رابعا دفع الجزية مناطه الأساسي حماية أهل الذمة، فإذا لم يحقق ً ذلك، فلا جزية. لا تؤخذ الجزية من أهل الذمة إلا » : لذلك قال أبو الحواري « أن يكون عليهم حكام يمنعونهم من ا لظلم(١) .  ولذلك لا تؤخذ الجزية في حالتين: الأولى: اشتراك أهل الذمة في الدفاع عن المسلمين أو مساعدتهم أو قيامهم بالدفاع عن أنفسهم وأموالهم. مثال ذلك ما جاء في معاهدة الصلح بين سوير بن مقرن (أحد قادة عمر بن الخطاب) وأهل جورجان بعد فتحها: = ليس للجزية حد معلوم وإنما هي على ما يرى الإمام من قوة المشرك وضعفه وكثرة »« المال وقلته وشدة الإسلام وعدمها وغير ذلك حتى لو رأى الصلاح في تسويتهم لفعل . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤٢٩ انظر أيض ً ا ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، ص ٢٨٢ ؛ الشيخ . أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، ص ٢٣٢ (١) . ابن جعفر: الجامع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٣، ص ١٤٦ ُ فالقاعدة في الفقه الإباضي أنه: ليس للإمام أن يجبى صدقة قوم حتى يحميهم ويمنعهم أن يجار عليهم، فإن فعل فقد ».« جار عليهم ولا فرق بينه وبين من جار عليهم السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، ج ٢، تحقيق د. سيدة إسماعيل كاشف، وزارة ُ التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه . ١٩٨٦ م، ج ٢، ص ١٩٥ ُ ، وانظر تفصيلات أكثر بخصوص الجزية في أطفيش: تيسير التفسير، المرجع السابق، ج ٥ ص ٤٣٦ - ٤٤١ (تفسير الآية ٢٩ من سورة التوبة)؛ البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢١٥ - ٢١٧ ؛ أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المرجع السابق، ص ٤٠٩ -.٤١٤ أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، ، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٤٢ ؛ ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٣ ص ١٤٢ - ١٤٥ ؛ أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، المرجع السابق، ص ٣٧١ -.٣٧٢ أن لكم الذمة وعلينا المنعة... ومن استعنا به منكم فله جزاؤه في » « معونته عوضا من جزائه(١) . ً كذلك ورد في الصلح الذي تم بين حبيب بن مسلمة الفهري (حاكم أنطاكية من قبل أبي عبيدة) وبين الجراجمة أنهم صولحوا على أن يكونوا ِ ردءا للمسلمين وعون ً ا لهم على أعدائهم ومسالح في جبل اللكام مقابل ًْ إعفائهم من ا لجزية(٢) . والثانية: إذا عجز المسلمون عن توفير الحماية لهم: مثال ذلك ما حدث من أبي عبيدة بن الجراح تجاه أهل الشام بعد أن أخذ منهم الجزية بناء على الصلح ثم شعر أنه لن يستطيع حمايتهم بسبب هجوم الروم، فقد قال لهم: قد رددنا عليكم ما أخذنا، ونحن لكم على الشروط وما كتبنا بيننا وبينكم »« إن نصرنا الله تعالى(٣) . ويتضح ذلك أيضا من معاهدة خالد بن الوليد لأهل الحيرة والتي جاء ً فيها أنه: عاهدهم على تسعين ومائة ألف درهم، تقبل في كل سنة... وعلى » المنعة. فإن لم يمنعهم فلا شيء عليهم حتى يمنعهم. وإن عذروا بفعل أو إني » : وفي كتاب خالد أيضا إلى أهل بانقيا وبسما .« قول فالذمة منهم بريئة ً عاهدتكم على الجزية والمنعة... وقد قبلت ومن معي من المسلمين، ورضيت ورضي قومك. فلك الذمة والمنعة. فإن منعناكم فلنا الجزية، وإلا « فلا حتى نمنعكم(٤) . (١) . الطبري: تاريخ الرسل والملوك، دار المعارف، القاهرة، ج ٤، ص ٢٥٤(٢) . البلاذري: فتوح البلدان، المرجع السابق، ص ١٦٤(٣) . أبو يوسف: كتاب الخراج، المطبعة السلفية، القاهرة، ١٣٥٤ ه، ص ١٣٩(٤) محمد حميد الله: مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، دار النفائس، بيروت، ١٤٠٣ ه .٣٨٣ ، ١٩٨٣ م، ص ٣٧٩   يقول الإمام ا لسالمي: وأما المرأة والطفل والراهب والشيخ فلا جزية عليهم للنهي عن قتلهم » ومن نهينا عن قتله فلا تؤخذ منه الجزية لأن الجزية دفع عن النفس « ولا معنى للدفع عنها مع النهي عن قتلها(١) . ومناط دفع الجزية هو القدرة على الدفع، فإذا انعدمت هذه المقدرة، فيمكن الإعفاء من دفعها: فقد مر عمر ƒ في مسيره إلى الشام لفتح بيت المقدس بقوم قد أقاموا في الشمس يعذبون، فقال لهم عمر: ما بال هؤلاء؟ فقيل: يعذبون ُُ فقال ،« ما نجد ما نؤدي » : في الخراج، فقال: ما يقولون؟ فقيل: يقولون  عمر: دعوهم ولا تكل ّ فوهم ما لا يطيقون، فإني سمعت رسول الله ژ يقول: لا تعذبوا الناس في الدنيا يعذ » ّ « بكم الله يوم القيامةفخلى  سبيلهم(٢) . وعن عمر بن الخطاب ƒ ، أنه مر على ذمي مريض، مطروح في (١) جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٣١ . لكن لابن بركة رأي آخر، وهكذا قال: والجزية ساقطة عن النساء والصبيان والعبيد بإجماع الأمة، قال أصحابنا: ولا تجب على »الزمنى والرهبان، ولا على الشيخ الفاني، وقد وافقهم بعض مخالفيهم على ذلك، والنظر يوجب أخذ الجزية منهم إلا من خرج بالإجماع، قال الله تعالى في كتابه: ﴿ NM _^]\[ZYXWVUTSRQPO ` ihgfedcba ﴾ [ [التوبة: ٢٩ . .« فظاهر الآية يوجب أخذ الجزية من الرهبان والشيوخ وغيرهم إلا من خصه بالإجماع ّ . ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ١، ص ٦٣٢ . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٨٣ ّ (٢) أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المرجع السابق، ص ٤٠٩ -.٤١٠ طريق، فلما رآه قال: أخذنا منه الجزية صحيحا، ونضيعه مريضا!! كأنه يرى ًً أن ينفق عليه من بيت ا لمال(١) . خامسا الذمة التي يعقدها أحد حكام المسلمين تكون نافذة حتى عند ً حدوث تغيير للحاكم الذي أبرمها: يعد ذلك تطبيق ً وهو أحد المبادئ التي تقوم ،« استمرارية الدولة » ا لمبدأ  عليها العلاقات الدولية ا لمعاصرة(٢) . لذلك جاء في ا لمصنف: فإذا ظفر الإمام بأرض المسلمين، وفيها ذمة. وقد كان ع » َق َد َه َ ا لهم ج َب ّ ار ُ تلك الأرض، التي قد استولى عليها قبل الإمام، لم يكن للإمام أن ينقض ذمة الجبار، ويحل عليه ما عقده لهم. وكذلك إن كان الجبار قد أخذ منهم الجزية لأعوام قد انقضت، في حال استيلائه على تلك ا لأرض. فإن قال قائل: لم جعلتم فعل ا لجبار كفعل الإمام في العهد وأخذ الجزية، عندكم أنه لا يستحق أخذها؟ قيل له: لقول النبي ژ : المسلمون يد على من سواهم يسعى بذمتهم » (١) . ابن جعفر: الجامع، ج ٣، ص ١٤٢ (٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ٦، ص ٩٢ . انظر أيض ً ا الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٣، ص ٧٠٤ . واستمرار الصلح على مال معين قد يترتب عليه تكييفه بطريقة مغايرة، يقول ا لنزوي: وإذا صالح المسلمون المشركين على صلح قبلوه منهم، على مسالمتهم على »الحرب. فإذا كان لما يستأنفون يؤدونه، فهذا ليس بغنيمة. وهذا جزية مثل ما جرى بين أهل سقطرى. . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٦٧ « وأما ما كان لما مضى. فما أحراه أن يكون غنيمة « أدناهم فهذا الخبر يوجب إسقاط أخذ الجزية منهم بعد أن أخذها من هو « أدنى المسلمين بتأويل(١) . حري بالذكر أن اتجاه ً ا في الفقه الإباضي يرى أن دفع الجزية إلى الجبابرة يعني وفاء صحيح ً ا إليهم يسرى تجاه ا لإمام(٢) . سادسا ينتقض عهد الذمة إذا ارتكب الذمي أفعالا ً تتعارض والغرض من ً إبرامه، ومنها الجرائم خصوصا: كالقتل، وقطع الطريق، والزنا، أو التجسس ً لصالح غير المسلمين أو إن دلهم على عورة من عورات المسلمين... إلخ(٣) .  سابع ً ا على المسلمين الوفاء بالذمة وعدم الخروج على ما توجبه . لذلك قيل:  (١) . ذات المرجع، ص ١٦٨(٢) يقول الصبحي:   وليس على الجبابرة الجزية إذا تابوا على من أخذت منه على قول من قال: أن الخطاب »في محاربة أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عام لأهل القبلة وإن صالح أهل الذمة وأخذها منهم فلا تحرم عليه لأنها من الفيء على المسلمين للغني والفقير والبار والفاجر. وهذا على قول من يجيز محاربة أهل الذمة والشرك للمسلمين مع ا لجبابرة. وأما في الأثر عن بعض المسلمين أنه لا يجوز للمسلمين أن يحاربوا مع الجبابرة أهل الشرك لأنهم يوصلون بها إلى أخذ الفيء والغنيمة والإمام أولى بذلك وهذا القول يجب عندي عليهم الضمان لأنه متعد ضامن. .« والأول أحب إلى أن لا ضمان عليهم الصبحي: كتاب الجامع الكبير، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٧ ه ١٩٨٦ م، ج ٣، ص ٢١٠ -.٢١١ (٣) معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٥٨ . مثال ما تقدم: ّ إن يهوديا أو نصرانيا، أذعر دابة عليها امرأة فصرعها، وكشف عورتها. فأمر عمر بن الخطاب 3 بقتله. وقال: ما على هذا صالحناهم، أو ليس على هذا عاهدناهم. ويروى: أنه قطع يده. . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ١٠ ، ص ٤٣ وإن انتصر الذمي من المسلم، حين أراد قتله، أو غصب ماله ظلما » ً لأن الله تعالى يقول: ؛« واعتداء، فلا سبيل على الذمي ﴿ ¯°± ³² ´¶µ ¸ ﴾ . علة ذلك أن: « الذمي إذا دخل في العهد، فليس لأحد أن يظلمه، ولا يعتدي عليه »(١) . يقول القرافي بخصوص أهل ا لذمة: فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة في عرض أحدهم أو نوع » من أنواع الأذية أو أعان على ذلك فقد ضيع ذمة الله تعالى وذمة رسوله ژ « وذمة دين ا لإسلام(٢) . ثامن ً ا يوجب عقد الذمة الدفاع عنهم ومنع أي اعتداء على حقوقهم: هذا أمر تحتمه الذمة، فأهل الذمة يقيمون في الدولة الإسلامية، مما يحتم عدم منعهم الحقوق الواجبة لهم، بل وصد أي اعتداء عليها كما هو الحال بالنسبة للمسلمين وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك، يقول الرقيشي: المشرك إما أن يكون ذميا أو حربيا فالحربي لا تلزم حقوقه وأما الذمي » ًً فتلزم حقوقه من دفع الظلم عنه ومن إغاثته إلى غير ذلك من تأصيل الحقوق(٣) . تاسعا احترام المعتقدات الدينية لأهل ا لذمة: ً يعد ذلك تطبيق ً ا للمبدأ الإسلامي: ﴿ ÔÓÒÑ ﴾(٤) . وإذا كان عدم (١) . ذات المرجع، ص ٤٢(٢) . القرافي: الفروق، عالم الكتب، بيروت، ج ٣، الفرق ١١٩ ، ص ١٤(٣) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٥٩(٤) انظر ما قلناه عند دراستنا لهذه المسألة في الموضع الخاص بحقوق الإنسان في الفقه ا لإباضي. إكراه أهل الذمة على اعتناق الإسلام يشكل القاعدة العامة، فإن ذلك يحتم أيض ً ا احترام ما يتفرع عن ذلك من أمور. يكفي أن نذكر هنا قول ا لرستاقي:   « ومن تزوج يهودية أو نصرانية، فلا يطؤها في صومها ا لفريضة »(١) .   ومن أفضل من عبر عن هذه المسألة في الفقه الإباضي الإمام السالمي(٢) . عاشرا بخصوص بناء أهل الذمة في أرض مملوكة لهم ، يوجد رأيان ً في الفقه الإباضي عرضهما النزوي، كما يلي:  وعن أبي علي في أهل الذمة إذا بنوا وعلوا دورهم على أهل الصلاة » فما عندنا في ذلك أثر وما نحب أن يحال بين أهل الذمة وبين مرافقهم في رفع البناء إذا ه ُ م ستروا على أنفسهم وأحصنوا بناءهم حتى لا يخاف من   (١) . الإمام الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٧، ص ٦٨٧(٢) إذ يقول إن أحكام أهل الذمة، هي: أنهم يق » َرون على ديانتهم التي دانوا بها، ولا يصح لنا ا لتعرض عليهم في شيء من ُُ ذلك وإن أكلوا لحم الخنزير وشربوا الخمور وتزوجوا ذوات المحارم، إذا كان في َُ ِ أصل الشرع الذي تدين ُ وا به أن َ ذلك حلال ٌ ، وي ُ جع َل ُ لهم من َ الأحكام ِ جميع ُ ما ث َبت َ َ في شريعتهم فيثبت ُ لهم النسب بذلك النكاح، وتج َ ْ ري عليهم بسببه ا لنفقات ُ ُ َُُ وغير ُ ذلك َ ، ما لم ي َطل ُب ُوا ح ُ كم َ المسلمين، فإذا طل َ بوا ذلك َ من َ الإمام أو نائبه، أج َْر َ ى عليهم حكم العدل. وكذلك َ تثبت لهم المعاملة ُ فيما بينهم، بنحو: الخمر ِ ولحم ِ َُ ُُُُ ِِ الخنزير وغيرهما مما هو حلال في دينهم، حتى إنه يضمن من أراق خمرهم، ومن ٌََُ ََََُ َْ أضاع َ لحم َ خنزيرهم، ونحو َ ذلك، لكن ي ُؤم َ رون َ بست ْر ِ ما ي ُ خالف ُ شرع َ المسلمين، َ ِِ ولا ي ُق َرون َ على فعل ِ ما لم يكن في شرعهم، كأكل الربا، فإنهم قد ن ُ هوا عنه، لقوله تعالى: ﴿ ± ³² ´µ ﴾ [ [النساء: ١٦١ولا يعط َ ون َ الذمة، ولا عهد َ لهم، ُ .« حتى يتركوا ا لربا . السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٨٠ قبلهم خيانة بأبصارهم وقال غيره من الفقهاء ليس لهم أن يشرفوا على أهل « الصلاة بالغرف إلا أن يكون بناء قد سبق لهم(١) . أن يحال بين » معنى ذلك أن لأهل الذمة أن يرتفعوا بالبناء، إذ لا يجوز إلا أن ذلك مشروط بعدم الإضرار .« أهل الذمة وبين مرافقهم في رفع البناء بالمسلمين وبعدم إساءة استعمال الحق: فلا يجوز تعلية البناء إذا كان ينتهك الحق في الخصوصية (بأن يشرفوا على ما بداخل مسكن المسلم)، فإن انتفى ذلك كان لهم هذا الحق. وواضح أن هذا الآن مع تقدم أساليب البناء أصبح غير متوافر في الغالبية العظمى من ا لحالات. ولعل ذلك يذكرنا بما حدث مؤخرا في سويسرا من صدور قانون يمنع ً بناء المآذن على مساجد المسلمين هناك، الأمر الذي يبين مدى تسامح الفقه الإباضي والفقه الإسلامي في هذا ا لخصوص. ٣ الحكم بين أهل ا لذمة: في الفقه الإباضي إذا ترافع أهل الذمة إلى الحاكم المسلم، فله أن يحكم بينهم ولا يرفض ذلك. يقول ا لنزوي: وقد غلط بعض مخالفينا فقال: للإمام أن يحكم بين أهل الذمة، إذا اختلفوا إليه. وله أن يعرض عنهم؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿ &'( *) ,+ ﴾ . قالوا: فهذا تخيير وهذه عند العلماء منسوخة بقوله: ﴿ «ª ¬¯® ° ³²± ﴾ . وقد وضع ا لإباضية عدة قواعد تحكم ا لمسألة: ّ (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٢١٢ . وراجع ما قاله الكندي بخصوص النصراني الذي أوصى أن يبنى في أرضه بيعة وأرضه في مصر، هل يجوز ذلك؟، في ُ الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٢٩ ، ص ١٠٨ -.١٠٩ أولا ً أن الحكم في النزاع يستوي فيه أن يكون أطرافه كلهم غير مسلمين أو أن يكون بين أهل الذمة ومسلمين. ثانيا أن الفصل في نزاع بين أهل الذمة بواسطة الحاكم المسلم يفترض ً تراضيهم على ذلك، أو على الأقل موافقة طرف واحد من أطراف ا لنزاع. ثالث ً ا أنه بخصوص إمكانية إصدار حكم غيابي على طرف في نزاع  بين أهل الذمة (وهو يكون كذلك إذا مثل أمام القاضي المسلم طرف واحد، وغاب الطرف الآخر عن مجلس القضاء) هناك رأيان في الفقه ا لإباضي: الأول يجيز الفصل في النزاع رغم غياب الطرف ا لآخر. والثاني لا يجيز ذلك، لأن الآية الكريمة تقول: ﴿ &' ﴾ ، ولم  « فإن جاءك أحدهم » : تقل(١) . (١) استنبطنا القواعد المذكورة أعلاه مما جاء في ا لمصنف: وإذا أصاب أهل الذمة حدود، أقامها عليهم بظاهر الأدلة. قال أصحابنا: يحكم عليهم »الإمام فيها، بما عنده، من حكم الله، مما هم يحرمونه، في دينهم. وإن كانت بينهم وبين المسلمين منازعة، في الأموال، كانت الخصومة بينهم وبينهم. والحكم في ذلك كالخصومة، والحكم بين ا لملتين.... وإذا تحاكم قوى نصارى، إلى حاكم، من حكام المسلمين. فقال أحدهما: لي بينة نصارى، فأنا أتقدم إلى صاحب ا لنصارى. قال الآخر: لا أرضى إلا بالمسلمين، فإنه يحكم المسلم بينهما، وتقبل شهادة النصارى على النصارى. ولا يرفعهما إلى حاكم النصارى، إلا أن يرضيا جميعا بحكم ا لنصارى. ً قال أبو عبد الله: ولو رضيا جميعا بحكام النصارى، لم يردهم المسلمون إلى حكام ً النصارى. ولكن يحكم بينهم بالحق. وأظن عن قومنا واختلفوا في الذمي، إذا جاء دون خصمه، ليدعو له خصمه، فينظر بينهم. ِ يقول: لا ينظر بينهم، حتى يأتي الخصمان جميعا. وبه قال مالك ولعل من حجته قول الله: ً ﴿ &' ﴾ ولم يقل: جاءك أحدهم. .« قال غيره: يحكم على الغائب، إذا جاء أحدهما النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ١٤٥ -.١٤٦ وإذا كان الفقه الإباضي يوافق على أن يتحاكم أهل الذمة إلى المسلمين، فإنهم لا يجيزون الفرض العكسي: فلا يوافقون على تحاكم المسلمين إلى أهل ا لكتاب (١) . ٤ جواز أكل طعام أهل الذمة (وأهل الكتاب بصفة عامة)، وكذلك الزواج من نسائهم: يحكم هذه المسألة في الفقه الإباضي القواعد ا لآتية: أولا ً أن أكل طعام أهل الكتاب يكون جائز ً ا إذا لم يكونوا في حرب مع المسلمين: يقول السالمي بخصوص النصارى واليهود ا لمحاربين: فذبائحهم إذا كانوا حربا للمسلمين حرام ورطوباتهم نجسة، وطعام » ً « ا(٢) الذين أوتوا الكتاب يحل لنا إن كانوا صلحا لا حرب ًً . ثانيا أن طعام أهل الكتاب حلال للمسلمين قال الله تعالى: ﴿ « ً ¬ ½¼»º¹¸¶µ´³²±°¯® ÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾ ÍÌË﴾ [ [المائدة: ٥ . (١) يقول الإمام أطفيش: ولا يحل للمسلمين أن يتحاكموا إلى أهل الكتاب والمشركين أو لم يكفهم زجرا ما » ً في كتاب الله تعالى من قصة المتحاكمين إلى بردة الكاهن الأشرفي وكعب بن الأشرف رأس المنافقين فأنزل فيهم ﴿ 876543210/ =<;:9 >﴾ إلى قوله: ﴿ po﴾ فهذه بعينها وكفى لها . أطفيش: كشف الكرب، المرجع السابق، ج ١، ص ١٧٣ « لمن عقل (٢) جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ١، ص ١٩٢ . ويقول أطفيش: ومن أقوال المذهب أن المشرك مطلق » ً ا أن عمل طعاما بحضرتك ولم يغب به أو جاء ً أطفيش: كشف الكرب، وزارة التراث القومي « بثوب غير منشور فاحكم بطهارة ذلك والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه . ١٩٨٥ م، ج ١، ص ١٤٦ ُ   يقول الشيخ بيوض: أما عن ذبائح أهل الكتاب التي هي المراد بالطعام في قوله تعالى: » ﴿ ° ³²± ´µ ﴾ فإن الشرط في حلها لنا أن تكون طعام ً ا لهم، أعني أنها حلال لهم في دينهم بفتوى علمائهم كيفما كانت طريقة ذبحهم لا تشترط فيها طريقة معينة من الذبح أو النحر مثلا ً ، هذا في أهل الكتاب الذين هم اليهود والنصارى أصحاب التوراة والإنجيل، وأما غيرهم « ا(١) من سائر المشركين فلا يحل لنا من ذبائحهم شيء مطلق ً . ويعلل الشيخ بيوض الحكمة من تحليل طعام أهل الكتاب وتحليل المحصنات من نسائهم تعليلا ً رائع ً ا، بقوله إن ذلك يكمن في أن: يقتربوا من دين الإسلام ويجعل بينهم وبين المسلمين صلة، ليألفوا » ُ ُ دين الإسلام، وليظهر لهم يسره وسماحته، وليعلم الناس أنه دين ألفة لا دين فرقة، ولأن لأهل الكتاب مزية على الوثنيين وهي إيمانهم بوحدانية الله والأنبياء والرسل والكتاب والموت والبعث والحساب والجنة والنار. فيجب « أن تراعى هذه القرابة بينهم وبين ا لمسلمين(٢) . (١) فتاوى الإمام الشيخ بيوض، مكتبة أبي الشعثاء، سلطنة عمان، ١٤١١ ه ١٩٩٠ م، ُ . ص ٥٧٥(٢) ذات المرجع السابق، ص ٥٧٤ . ويرد الشيخ بيوض على شرط بعض الفقهاء أن يكونوا باطل » : تحت الذمة أو معاهدين، أو تكون ذبيحتهم تحت رقابة المسلمين، بقوله إن ذلك لم يشترطه الله ولا رسوله، بل فعل النبي ژ والصحابة يدل على خلاف هذا، فقد روي (أن ا لنبي ژ أهدت له اليهودية كتف شاة مسمومة وهي محاربة في غير خيبر فأكلها هو وأصحابه) ولكن لم يضره هذا السم لأن الله تعالى أخبره بذلك، وقد غنم الصحابة من خيبر شيئ ً ا كثيرا من الشحم واللحم فلم ينكر عليهم الرسول، مع أن هذه الآية كما قلنا من ً آخر ما نزل. فهي تثبت الحلية فإذا حلت الذبائح فالمطعومات من باب أولى، وأما نكاح ذات « المحصنات من نسائهم فكذلك لم يرد فيه قيد ولا شرط في الكتاب ولا في السنة . المرجع، ص ٥٧٣ وهكذا لا يمانع الإباضية في أكل طعام أهل الكتاب، وفي الزواج من ّ نسائهم(١) . ويدل ذلك على تسامح الفقه الإباضي بخصوص جواز أكل طعام كيفما كانت طريقة ذبحهم لا نشترط » : أهل الكتاب، كما قال الشيخ بيوض فيها طريقة معينة من الذبح أو النحر مثلا ً .« وهذا أمر لا يأخذ به غير المسلمين حتى ا ليوم (٢) .  (١)رد ة عندهم في الأندلس يحر يقول الشيخ علي يحيى معمر: علماء الأمة جميعا ومنهم علماء الإباضية لا يختلفون في أن طعام أهل الكتاب حلال » ًّ للمسلمين عندما يكون أهل الكتاب تحت الذمة، أي تحت الحكم الإسلامي، خاضعين لرقابته، ولا يختلف الإباضية عن غيرهم من المسلمين في هذا الحكم للنص القرآني ا لكريم: ّ  ا على قول ابن حزم إنه شاهد ا لإباضي ّ مون طعام أهل الكتاب، ﴿ «ª ¼»º¹¸¶µ´³²±°¯®¬ ÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½ ÙØ×ÖÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌË﴾ [ [المائدة: ٥ . ولا يوجد أحد من علماء الإباضية يخالف النص، ويقوم بتحريم طعام أهل الكتاب هكذا ّ على الإطلاق كما ادعى ابن حزم ولكن منهم من يشترط لحلية ذبائح أهل الكتاب أن يكونوا تحت الذمة، أي تحت إشراف حكم الدولة المسلمة ورقابتها، فإذا كانوا كذلك حل طعامهم ونكاح الحرائر من نسائهم أما إذا خرجوا عن الذمة، بأن لم يكن بينهم وبين المسلمين صلة ولا علاقة أو كانوا محاربين لله ورسوله، أو كانوا مؤيدين لمن يحارب الله ورسوله، مساعدين له، فإنه لا يحل طعامهم، أي ذبائحهم، ولا نكاح الحرائر من نسائهم كما هو الحال في وقتنا الحاضر لمن لم يكن تحت الحكم الإسلامي، ومن علماء علي يحيى معمر: « الإباضية من يعمل بعموم الآية فيجيز ذلك على جميع الأحوال ّ الإباضية بين الفرق الإسلامية، المرجع السابق، ص ٣٥١ ّ - .٣٥٢ (٢) فقد جاء في جريدة لوموند يوم ٢٧ فبراير ٢٠١٢ أن نيابة حي نانتير في فرنسا فتحت تحقيق ً أي ذلك المذبوح وفق ) « اللحم الحلال » ا بخصوص ً ا للطريقة الإسلامية) حيث قدمت إليها شكاوى لاعتراض الناس على أكلها. ولأهمية هذا الأمر نذكره لك بحذافيره، حيث جاء كما يلي: «Le parquet de Nanterre a décidé d'ouvrir, Vendredi 24 février, une enquête préliminaire, après le dépôt d'une plainte contre X par le Front national, jeudi 23 février, pour «tromperie» sur les conditions de vente de la viande halal en France. = Cette plainte, qui vise aussi des «actes de cruauté›› envers les animaux domestiques, a été ٢٣٤ ٥ تفنيد بعض الآراء بخصوص أهل ا لذمة: أولا ً كيفية التعامل اليومي مع أهل الذمة (رأي جريء للإمام ابن بركة): يقول ابن بركة: أجمع علماء أصحابنا فيما علمت على المنع من مصافحة أهل الذمة، وأن يعادوا إذا مرضوا، وأن يكن ّ وا إذا خوطبوا، وأن يبدءوا بالسلام إذا لقوا. والنظر لا يوجب عندي ذلك إلا من قصد إلى » : يقول ابن بركة تعظيمهم والإجلال لهم بذلك. ألا ترى إلى قول الله جل ذكره: ﴿ JI \[ZYXWVUTSRQPONMLK ^]﴾ [ [الممتحنة: ٨ . ثم قال: ﴿ ` gfedcba utsrqponmlkjih﴾ [ [الممتحنة: ٩ (١) . ¸ ونحن نوافق على هذا الرأي للإمام ابن بركة لأنه يتفق أيض ً ا مع قوله تعالى: ﴿ º¹﴾ فلم يخص قولا ً دون قول، ولم يخص أناسا ً وإنما يشمل أي ،«( دون أناس آخرين، (فلم يقل سبحانه: وقولوا للمسلمين قول، ويخص أي إنسان بشرط وحيد أن يكون القول حسن ً ا لا تجريح فيه، ولا سب ولا قذف. = Just: déposée à la demande de deux associations, selon l'avocat du FN, M Wallerand de Sait la Coordinations francilienne de protection des consommateurs et l'Association francilienne de protection et de défense des animaux. Toutes lis deux ont pour répresentant légal un François Jalkh. conseiller régional FN de Lorraine, Jean La candidate à l'élection présidentielle du FN, Marine Le Pen avait lancé une polémique, le 18 février, en déclarant que «l'ensemble de la viande qui est distribuée en lle ـ de ـ France (…) est exclusivement (…) halal». Une distribuyion qui se fait «à l'insu duconsommateur» a ـ t ـ elle assuré» Le Mond, 27 Fevrier 2012, P. 12. (١) ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٢٦ ؛ انظر أيض ً ا الكندي: بيان الشرع، . المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٧٩ ِ ثانيا لبس وزي غير ا لمسلمين: ً ُْ الرأي في الفقه الإباضي أن اليهود والنصارى والمجوس والصابئ إذا كانوا في بلاد ا لمسلمين: أنهم يؤمرون أن لا يتزيوا بزي المسلمين ليعرفوا فيما يجب لهم » وعليهم من الأحكام الخارجة من أحكام المسلمين، فيؤمرون بشد  الكسابيح وهي الزنانير في أوساطهم، وهي الخيط وغيره، وأن يغيروا  لباسهم فتكون أرديتهم مغيرة بما يعرفون به عن زي المسلمين، وأن يقلبوا أشراك نعالهم عن زي ما يعرف به المسلمون، وأن لا يلووا أكوار عمائمهم في حلوقهم، لأن ذلك من زي المسلمين، وأن لا يطيلوا  شعورهم لئلا يتزيوا  بزي المسلمين، ويقصروا من مقدم شعورهم،  ّ ويطيلوا مؤخرها أن أرادوا ذلك أن يطيلوا شعورهم.  ولا يحلقوا رؤوسهم كلها فيتزيوا بزي المسلمين، ولا يركبوا على السروج ويركبوا على الأكف إن أرادوا ذلك وإلا فلا يركبوا، وأن لا يحلوا الزنار من أوساطهم، ولا يمشون في قارعة الطريق، ولكن يلجون في جوانبها، ولا يلبسون الأخفاف إلا مقطوعة من الكعبين أو إلى ما دون ا لكعبين. ويعجبني أن لا يتزيوا من الختم بما يتزيا به المسلمون، فيجعلونها في « يسارهم، ولكن إن أرادوا ذلك فيجعلونها في أيمانهم(١) . ويبدو أن العلة من ذلك هي: (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٢ ، ص ٤٨ - ٥٠ ؛ الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٢، ص ١٠٠ - ١٠١ .؛ الرستاقي: ُ . منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٠٧ ليعرفوا فيما يجب لهم وعليهم من الأحكام الخارجية من أحكام » « المسلمين(١) . ولما كان الحكم يدور مع علته وجود ً ا وعدما. فإننا نرى أنه في العصر ً الحالي يمكن عدم تطبيق ما سبق ذكره بخصوص لباس أهل الذمة وزيهم، إذ الآن الإنسان يعرف من جواز سفره أو من بطاقته الشخصية أو بطاقة ا لهوية. ثالث ً ا بخصوص دفع أهل الذمة للجزية: من المعلوم أن عمر بن الخطاب فرض على بني تغلب العشر، ولم يفرض عليهم ا لجزية. فمن كتاب الأموال تأليف أبي عبيدة ا لقاسم بن سلام. قال أبو عبيدة: روى أن عمر بن الخطاب 5 أراد أن يأخذ من نصارى بني تغلب الجزية فأنفوا منها وأرادوا أن يلحقوا بالروم، فقال النعمان بن زرعة: يا أمير ِ المؤمنين إن بني تغلب قوم عرب يأنفون من الجزية، فلا ت ُعن ْ عدوك عليك بهم، فصالحهم عمر على أن أضعف عليهم الصدقة، وإنما استجازها فيما يروى وترك الجزية، لما رأى من نفارهم وأنفهم منها، وعلم أنه لا ضرر على المسلمين من إسقاط ذلك الاسم عنهم، واستوفاها منهم حين ضاعف عليهم الصدقة، فكان في ذلك رتق ما خاف من منعهم، مع استيفاء حقوق المسلمين من رقابهم(٢) . الأمر الذي يعني: أولا ً أنه إذا كان دفع الجزية وهى ليست في النهاية سوى نوع من .« الضريبة » الضرائب يثير حساسيات لغير المسلمين، فيمكن استبدالها بفكرة (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧١ ، ص ٢٩(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٣، ص ٧١٠ ثانيا وإنما إلباسها في ،« إلغاء الجزية » أن الغرض من ذلك ليس هو ً لبوس يتفق والأحوال السائدة، لمنع حدوث ضرر شديد بالمسلمين (توتر العلاقات الدولية مع الدول الأخرى، أو تدخلهم في شؤون المسلمين، أو قيامهم بالاعتداء عليهم)، مثلما فعل عمر بن الخطاب مع بني تغلب. رابعا بخصوص كيفية دفع ا لجزية: ً نرى أن المقصود من قوله تعالى: ﴿ hgfedc i﴾ [ [التوبة: ٢٩ هو دفعهم ا لجزية (١) بسبب: خضوعهم لسلطان الدولة ا لإسلامية. وحمايتهم بواسطة ا لمسلمين. وخضوعهم لأحكام الإسلام، عدا تلك التي تسري فيها أحكام دينهم. (١) وبالتالي يمكن عدم الأخذ بالكثير من الآراء الآتية في تفسير ا لصغار: ٍ قال ابن عباس: يعطونها بأيديهم ولا يرسلون بها غيرهم، وقيل: عن يد، أي عن نقد » ٍ لا نسيئه، وقيل: عن يد، أي إقرار لمن له يد من المسلمين عليهم بقبول الجزية منهم، وهم صاغرون: أذلاء مقهورون، وقيل: يكون الذي يعطي الجزية قائما، والقابض لها منه ً قاعد ً ا، وقال ابن عباس 5 : تؤخذ منه وتوجأ عنقه. وقول: يصفع في قفاه، وقول: يجر الرستاقي: « إلى موضع الإعطاء بعنف، وقول: إن الصغار هو جريان أحكام الإسلام عليهم . منهج الطالبين، ج ٣، ص ٧٠٣ إن معناها: « عقد الجزية يقصد به الصغار » : كذلك قيل بخصوص قاعدة إن الجزية لما كانت أثرا من آثار الكفر كان من مقاصدها حصول الصغار، والمهانة فيمن » ً استنكف عن أن يكون عبد ً ، معجم القواعد الفقهية الإباضية، ج ١ « ا طائعا لله تعالى ًّ . ص ٧٤٦ كل هذه الآراء لا فائدة منها الآن، لأنها تؤدي إلى تخويف الناس من الإسلام، وتخلق توترا في العلاقات مع الدول غير ا لإسلامية. ً   أشار القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة إلى عنصر السلطة التنفيذية في الدولة الإسلامية في مواطن كثيرة:   فيقول 4 : ﴿ ÐÏÎÍÌËÊÉÈÇ ﴾[ [النساء: ٥٩ .  ﴿ |{zy ❁ ~ ﮯ ¤£¢¡ ﴾ [الشعراء: ١٥١ -[١٥٢ .   ﴿ ÙØ×ÖÕÔÓÒ ﴾ [ [النساء: ٥٩ . ومن ا لسنة النبوية يمكن أن نذكر الأحاديث الخاصة بوجوب طاعة الأمراء، وعدم الاختلاف، وأن الطاعة لا تكون إلا في المعروف وبالتالي لا تجوز إذا أمر بمعصية. وقد عبر الإمام الطرطوشي عن العنصر الذي نبحثه خير تعبير حينما ذهب في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ ¦¥¤£¢¡ §¨ ﴾ لولا أن الله أقام السلطان في الأرض يدفع » : يعني القوي عن الضعيف، وي ُ نصف المظلوم من الظالم لأه َ ْل َ ك القوي الضعيف وتواثب الخلق بعضهم على بعض فلا ينتظم لهم حال ولا يقر لهم قرار فتفسد الأرض ومن عليها. ثم ا متن الله على الخلق بإقامة السلطان فقال تعالى: ﴿ «ª© ¬¯®﴾ يعني في السلطان وهذا يتضح من قوله ژ : ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى »  « يفطر، ودعوة ا لمظلوم(١) . فلا بد، إذن، من وجود سلطة تصرف أمور الدولة، على الصعيدين الداخلي والدولي.  يقول النزوي إن أفضل ما أنعم الله على العباد نعمتان: إحداهما: الرسول الهادي الذي لا يصاب علم الدين إلا من قبله، » « والأخرى: الوالي العادل الذي لا تصلح الدنيا إلا على يده(٢) . وعلى ذلك فإن لأولى الأمر(٣) دور لا يمكن إنكاره في إطار العلاقات الخارجية للدولة. وتعد السلطة الحاكمة العنصر الثالث في عناصر أية دولة. فهي التي تسيطر على العنصرين السابقين: الإقليم، والسكان. وندرس هذا العنصر في الفقه الإباضي بالإشارة إلى القواعد العامة التي تحكمه، وإلى ممثلي الدولة على الصعيد ا لدولي. (١) الطرطوشي: سراج الملوك، المكتبة المحمودية التجارية، القاهرة، ١٣٥٤ ه . ١٩٣٥ م، ص ٨٠ ويضيف أيض ً اعلموا أرشدكم الله أن في وجود السلطان في الأرض حكمة لله تعالى » : ا عظيمة... لأن ا لله 4 خلق الخلق على حب الانتصاف وعدم الإنصاف، ومثلهم بلا سلطان مثل الحيتان في البحر يزدرد الكبير الصغير فمتى لم يكن لهم سلطان قاهر لم ينتظم لهم ص ٨٧ « أمر ولم يستقم لهم معاش -.٨٨ (٢) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٣(٣) هم: « أولو الأمر » عند الإباضية ّ أئمة العلم في الدين، وأئمة الحكم؛ فأولو الأمر يشمل العلماء والحكام، ولا يخصص »به أحدهما دون الآخر، قال تعالى: ﴿ ÏÎÍÌËÊÉÈÇ Ð ﴾ « [ [النساء: ٥٩ . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٨ -.٤٩ ّ :∫hC’G åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ádhódG »∏ãªe ºμëJ »àdG áeÉ©dG óYGƒ≤dG توجد بعض القواعد العامة التي تتعلق بممثلي الدولة ذكرها الفقه الإباضي، وهي: :ádhódG π«ãªàd √QÉ«àNG ºàj øª«a IAÉØμdG IÉYGôe ( CG  يقول ابن جعفر(١) : وجدت أن أبا حفص عمر بن الخطاب » 3 كان لا يولي إلا الثقات الأمناء، وكان يجعل عليهم العيون وعلى العيون العيون. ووجدت أيضا قد ً كان الأئمة الماضون رحمة الله عليهم منهم أبو بكر الصديق وعمر الفاروق يولون أصحاب ا لنبي ژ الثقات المأمونين عندهم، وعند المسلمين على .« البلدان والأمصار والثغور ويقول ابن محبوب: فإن ا لأ » ُمة مجمعة على أن رسول الله ژ لم يول ّ واليا ولا أمر أميرا على ّ ًًّ سرية أو جيش ولا مصر منذ بعثه الله إلى أن توفاه ژ إلا مسلما عدلا ً مرضيا ًً وقال للناس: « وأنه كان أعلمهم أنه.. لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق لا تطيعوا من أم » َ « ركم بمعصية ربكم(٢) . ََ ويقول ا لجيطالي: وقد روي أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عماله: أن لا تولوا على » (١) ابن جعفر: كتاب الجامع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣١ ه ٢٠١٠ م، ُ ج ٨، ص ١٤٦ -.١٤٧ (٢) . ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، رسالة الرصف، المرجع السابق، ص ٢٥ أعمالنا إلا أهل القرآن، فكتبوا إليه: إنا نجد فيهم خونة، فكتب إليهم: إن لم « يكن في القرآن خير فأجدر ألا يكون في غيرهم خير(١) . يتضح مما تقدم إذن أن من يتم اختياره لوظيفة عامة يجب أن يكون من أهل الكفاءة والصلاح والورع(٢) . :º¡JÉÑJôe ádhódG »∏ãªe »°VÉ≤J (Ü   هذا أمر طبيعي. وينبغي أن تكون هذه المرتبات تكفيهم وزيادة بالنظر إلى احتكاكهم مع دولة أخرى، وحتى لا يسهل التأثير عليهم عن طريق إغرائهم بالمال(٣) .   ً بحاشية الشيخ ابن أبي ستة، تحقيق بشير بن موسى، (١) الجيطالي: قواعد الإسلام مذيلا . ج ١، ص ٢٨٦ (٢) وجاء في المدونة ا لكبرى: سألت أبا ا لمؤرج فقلت: أرأيت إن أراد الإمام أن يستعمل على عمله؛ أي صنف من »الناس يستعمل؟ قال: يستعمل أهل الرأي في ا لدين. قلت: أي الرجلين أحب إليك أن يستعمل؛ الرجل الصالح الذي لا قوة له بالعمل، أو ّّ الرجل الذي هو دونه في الصلاح؛ وهو أقواهما على العمل وأعرفهما به؟ قال: القوي ّ العالم بالعمل أحب إلي أن يستعمل. قلت: أرأيت الرجل إن كان قليل الورع وعرف ذلك منه، أيصلح للإمام أن يستعمله إذا ُ كان عالما بالعمل مجربا به؟ قال: إذا أ ُل ْ جئ إليه فل ْ يستعمل ْ ه، ول ْيخوفه، ول ْ يجعل معه رجلا ً ً ًّ َُْْْ من أهل الصلاح رقيبا يحفظه عليه، وإن وجد من أهل الصلاح من يقوى على مثل ما ً يقوى عليه من العمل فل ْ يستعمل ْ .« ه، ولا يستعمل من لا ورع له . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٦٠(٣) فقد جاء في منهج ا لطالبين: وقيل في الإمام والوالي: إذا استخدموا في البلاد من يقوم بالحق، وينفذ الأحكام، »ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، قطعوا لهم دواوينهم، وبنوا لهم فرائضهم فاستخدموهم فيما أمروهم به، فخدموهم زمان ً ا ثم عزلوا من رأوا عزله، أو اعتزل برأيه. فعليهم أن يوفوهم غناهم من بيت مال المسلمين، إذا كان في أيديهم شيء من = :¬dõY hCG ΩÉeE’G IÉah óæY ádhódG »∏㪪d »fƒfÉ≤dG ™°VƒdG (ê   ما يجري عليه العمل الدولي هو أن ممثلي الدولة يستمرون بعد وفاة رئيس الدولة أو عزله أو استقالته في تصريف ما كلفوا به إلى أن يتم تعيين رئيس جديد للدولة. ولهذا الأخير إما تغييرهم أو تأكيد بقائهم في مناصبهم. عمال الإمام بعد » : وقد بحث الفقه الإباضي هذه المسألة تحت عنوان ُ « موت ا لإمام(١) . يقول أبو الحواري: = ذلك. فإن لم يكن في أيديهم شيء من بيت مال المسلمين، كانت أجرتهم موقوفة إلى حصول شيء من مال ا لمسلمين. وإن فرضوا لهم دواوينهم، ولم يبينوا لهم أن فرائضهم في بيت مال المسلمين. فإن صح للمسلمين بيت مال، وإلا كان على من استخدمهم غناءهم في ماله. الذي يكتفي به من الشرط: أن يقال لهم: إن ّ ا نستخدمكم على فرائض، نفرضها لكم في بيت مال المسلمين. فإن وفق الله في أيدينا شيئ ً ا من بيت مال المسلمين، سلمنا إليكم منه فرائضكم، وإن لم يتفق في أيدينا شيء من ذلك، لم يكن لكم علينا ضمان ولا أجرة في .« مال ولا في نفس . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٢٥ ويقول ا لنزوي: في المستخدمين بالديوان، إذا فرضت فرائضهم، فخدموا زمان » ً ا، ثم عزلوا، أو اعتزلوا برأيهم. هل يوفون من مال ا لمسلمين؟ قال: إذا استخدمهم المسلمون، على صفتك. وفرضوا لهم فيه، فعليهم أن يوفوهم... من مال المسلمين، إذا كان في أيديهم شيء منه. وإن لم يكن في أيديهم من مال المسلمين شيء، كانت أجورهم موقوفة، إلى حصول شيء، من مال ا لمسلمين. فأما إذا لم يفرضوا لهم، من مال المسلمين، فإن خرج من مال المسلمين، وإلا كان على النزوي: المصنف، المرجع السابق، « من استخدمهم، عناؤهم في ماله ونفسه. والله أعلم . ج ١٣ ، ص ١٤٣ (١) الشيخ البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ص ٢٠ -.٢١ وإذا مات الإمام والعمال في النواحي والقاضي والعدل وكل من كان » ٍ على عمل من الأحكام وغيرها فهو على عمله إلى أن يقوم إمام ثان فيحدث  « ا(١) فيهم أمر . ً تجدر الإشارة أن السبب الموجب لزوال إمامة الإمام عند الإباضية على ّ قسم في الحوادث المتولدة من الإمام الذي ينقض بها أحد » : ثلاثة أقسام شروط الإمامة. وقسم في الحوادث المتولدة في الإمامة التي تتغير بها إحدى صفات الأئمة، وحد هذين القسمين كل حدث صار به الإمام إلى  حال لو وجد فيه قبل تقديمه لمنع منه. والقسم الثالث في إجماع مقدميه على عزله وتقديم غيره من غير حدث منه ولا حدث فيه نظرا للأصلح ً وقصد ً « ا إليه(٢) . (١) جامع أبي الحواري، المرجع السابق، ج ١، ص ٨٤ . ويقول ا لنزوي:  فيمن وك » ّ له السلطان يوكله ثم ذهب ذلك الإمام وولاته أو عزل ا نتقض.   فإن كان وكله بأمور المسلمين، فإذا مات الإمام على استقامة، فعلى الوكيل الحفظ لما في  يديه والكف عن إنفاذه، حتى يجتمع رأي المسلمين على رجل منهم، فيدفع ذلك إليه أو يصير الأمر إلى غير ذلك في الاختلاف. أو ما لا يصلح من الملك، فيعمل الوكيل في ذلك بما يوافق العدل، مع مشاورة أهل الصلاح، ويفعل فيه مثل ما يفعل الإمام بالعدل في الفقراء. وكذلك إن عزل الإمام من غير ذلك، فليس له شيء من ذلك، والوكيل يحفظ . راجع النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ١٢٤ ،« ذلك، حتى يصير الأمر إلى رجل يقوم بالعدل(٢) الشيخ أبو بكر النزواني: كتاب الاهتداء والمنتخب من سير الرسول عليه الصلاة والسلام وأئمة وعلماء عمان، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه ١٩٨٥ م، ُُ ص ٦٩ -.٧٥ بعبارة أخرى، يكون عزل الإمام والذي يتم بواسطة أهل الحل والعقد في إحدى الحالات ا لآتية: إذا حلت بالإمام عاهة تمنعه من أداء مهامه، كزوال عقل، أو إحدى حواسه. إذا أحدث ما ينق ُ ص ما اشترطه عليه المسلمون في العقد من السير وفق الشرع، واتباع ُ السنة والعدل. إذا أحدث معصية توجب إقامة الحد عليه. = تجدر الإشارة أن المسألة قيد البحث ثارت في فقه القانون الدولي بخصوص مصير رئيس البعثة الدبلوماسية بعد انتهاء وظيفة رئيس الدولة بالوفاة أو العزل أو ا لاستقالة(١) . ونحن نعتقد أنه لا يمكن وضع قاعدة عامة وموحدة في هذا الخصوص. وإنما الأمر رهن برد فعل الدولتين المعتمدة والمعتمد لديها. وما يجرى عليه العمل في كل منهما. فإذا طالبت أي منهما بتقديم أوراق اعتماد جديدة. ٍ فحينئذ لا مناص من تقديمها. وإلا فإن الدبلوماسي يستمر في مهامه دون حاجة إلى تقديم مثل تلك الأوراق. على أساس أننا نكون في هذه ا لحالة = ولا يعزل إلا بعد استتابته وإصراره واستكباره معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٦٤ -.٦٥ ّ راجع أيض ً ا بخصوص عزل الإمام وإنهاء إمامته، في: ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، سيرة، تحقيق عبد الرحمن السالمي ويلفرد مادلنغ، ٰ ، المرجع السابق، ص ٦٧ ؛ الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٢٨٨ ٣٤٣ - ٣٤٨ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٦٤ ؛ جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٧٥ -.٥٧٦ (١) تقديم أوراق اعتماد جديدة إذا رؤي » : فيذهب رأي إلى أن على رئيس البعثة الدبلوماسية استمراره في منصبه. ويراعى ذلك عادة في حالة ما إذا كان رئيس الدولة متوجا. أي ملك ً ا ً أو إمبراطورا أو ما أشبه. أما إذا كان رئيس الدولة منتخبا كما هو الحال في الدول ًً .« الجمهورية. فالغالب أنه لا ضرورة لتقديم أوراق اعتماد جديدة في حلول غيره محله ويذهب اتجاه آخر إلى القول أنه في هذه الحالة: ..» يحتاج المبعوثون الدبلوماسيون الذين يرأسون بعثاتهم إلى أوراق اعتماد جديدة. ولكنهم يظلون محتفظين بأقدميتهم وامتيازاتهم ويسري ذلك سواء كنا بصدد نظام « كما لو كانت مهمتهم قائمة لم يحدث في شأنها تغيير ملكي أو جمهوري. أما إن كانت رياسة الدولة مجلسا. كما هو الحال في سويسرا. فإن ً التغيير أو التبديل في عضوية هذا المجلس لا تنهي مهمة المبعوث الدبلوماسي. راجع من ، الاتجاه الأول. علي صادق أبو هيف: القانون الدبلوماسي، المرجع السابق، ص ٢٠٩ ومن الاتجاه الثاني د. حامد سلطان وآخرون: القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، . القاهرة، ١٩٧٨ ، ص ١٩٦  بصدد موافقة ضمنية من كل من الدولتين على استمراره كذلك، ولأن أيا منهما لم تطالب بتقديم مثل تلك ا لأوراق. :»fÉãdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a »dhódG ó«©°üdG ≈∏Y ádhódG ƒ∏ãªe الممثل الأعلى للدولة على الصعيد الدولي في الفقه الإباضي هو الإمام. وبالإضافة إلى الإمام بحث الفقه الإباضي الوضع القانوني لأشخاص آخرين مثل نائب الإمام، والوزير، وأشخاص آخرين، والجيش. :ΩÉ````eE’G ( CG يرى ابن خلدون أن الخلافة هي نيابة عن صاحب الشرع في حفظ الدين أما في الدين فبمقتضى » : وسياسة الدنيا، وأن الخليفة متصرف في الأمرين التكاليف الشرعية، الذي هو مأمور بتبليغها وحمل الناس عليها، وأما سياسة « الدنيا فبمتقضى رعايته لمصالحهم في العمران ا لبشري (١) . ويقرر أبو الحسن الماوردي أن الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع. واختلف في وجوبها هل وجبت بالعقل أو بالشرع؟ فقالت طائفة وجبت بالعقل لما في طباع العقلاء من التسليم لزعيم يمنعهم من التظالم ويفصل بينهم في التنازع والتخاصم. وقالت طائفة أخرى: بل وجبت بالشرع دون العقل، لأن الإمام يقوم بأمور شرعية قد كان مجوز ً ا في العقل أن لا يرد التعبير بها، فلم يكن العقل موجبا لها، وإنما أوجب العقل أن يمنع كل ً واحد نفسه من العقلاء عن التظالم والتقاطع. يأخذ بمقتضى العدل التناصف (١) . ابن خلدون: المقدمة، المرجع السابق، ص ٩  والتواصل فيتدبر بعقله لا بعقل غيره، ولكن جاء الشرع بتفويض الأمور إلى  وليه في الدين، قال تعالى: ﴿ ÏÎÍÌËÊÉÈÇ   ولي الأمر فينا وهم الأئمة ا لمتأمرون علينا(١) . Ð ﴾ ، ففرض علينا طاعة أ ُ ويلعب الخليفة أو الإمام أو حاكم الدولة الإسلامية (٢)دورا مهما في ً (١) . الماوردي: الأحكام السلطانية، المكتبة التوفيقية، القاهرة، ص ٥(٢) قيل إن الخليفة لغويا هو فعيل بمعنى مفعول كجريح بمعنى مجروح، وقتيل بمعنى ً مقتول، ويكون المعنى أنه يخلفه من بعده، كقوله تعالى: ﴿ &% ' )( ﴾ . وقيل: إنه فعيل بمعنى فاعل، كعليم بمعنى عالم، وقدير بمعنى قادر ويكون المعنى فيه أنه يخلف من قبله ولذلك سمي أبو بكر بخليفة رسول الله. وقد أدخلت الهاء فيه للمبالغة. كما أدخلت في رجل داهية للكثير الدهاء، ورواية للكثير الرواية، وعلامة للكثير العلم. وقيل إن الهاء فيه لتأنيث ا لصيغة. (راجع القلقشندي: مآثر الإنافة في معالم الخلافة، الكويت، ١٩٦٤ ، ص ١٠ -.(١٢ ويلاحظ أن الإمام السيوطي أورد الفرق بين الخلافة والملك والسلطنة. فالفارق بين الخليفة والملك ثبت مما قاله عمر بن الخطاب: والله ما أدري أخليفة أنا أم ملك؟ فإن كنت ملك ً ا فهذا أمر عظيم، فقال قائل: يا أمير المؤمنين إن بينهما فرق ً ا، قال: ما هو؟ قال: الخليفة لا يأخذ إلا حق ً ا ولا يضعه إلا في حق، وأنت بحمد الله كذلك، والملك يعسف، فيأخذ من هذا، ولا يعطي هذا. أما السلطنة فالاصطلاح ألا تطلق هذه التسمية إلا على من يكون في ولايته ملوك، فيكون ملك الملوك فيملك (راجع: السيوطي: حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٧٨ ه ١٩٦٨ م، ج ٢، ص ١٢٥ ). أما كلمة إمام فلم تأت في القرآن بالمعنى الذي ندرسه هنا. ذلك أنها فسرت في القرآن على خمسة وجوه: الأول: بمعنى قائد في الخير كقوله تعالى: ﴿ }~ ﮯ﴾ [ [الفرقان: ٧٤ ، ﴿ } ~ے ¡ ﴾[ [البقرة: ١٢٤ . والثاني: بمعنى أعمال بني آدم كقوله تعالى: ﴿ utsrq ﴾ [ [الإسراء: ٧١ . والثالث: بمعنى اللوح المحفوظ كقوله تعالى: ﴿ ¾½¼»º¹ ﴾ [ [يس: ١٢ . والرابع: بمعنى التوراة كقوله تعالى: ﴿ vutsrq ﴾ [ [هود: ١٧ . والخامس: بمعنى الطرق الواضح كقوله تعالى: ﴿ UTS ﴾ [ [الحجر: ٧٩ . (يحيى بن سلام: التصاريف تفسير القرآن مما اشتبهت أسماؤه وتصرفت معانيه، تحقيق هند شلبي، الدار التونسية للتوزيع، ١٩٧٩ ، ص ١٤٨ -.(١٤٩ تصريف أمورها. سواء في أمور الدين أو شؤون الدنيا. ومن الثابت أن عثمان بن عفان 3 إن الله ليزع (أي يكف) بالسلطان ما لا يزع » : أنه قال .« بالقرآن ولذلك يقول ا لقلقشندي: الخلافة هي حظيرة الإسلام ومحيط دائرته، ومربع رعاياه، ومرتع » سائمته، بها يحفظ الدين ويحمى، وت ُ صان بيضة الإسلام وتسكن الدهماء، ُْ وتقام الحدود فتمنع المحارم عن الانتهاء، وتحفظ الفروج فتصان الأنساب  عن الاختلاط والاشتباه، وتحصن الثغور فلا تطرق، ويزاد عن الحرم فلا « تقرع جنة جماها (أي ظهر كل شيء وشخصه) ولا ترشق(١) . كذلك قيل: نظام أمر الدين والدنيا مقصود، ولا يحصل ذلك إلا بإمام موجود » َ لو لم نقل بوجوب الإمامة لأدى ذلك إلى دوام الاختلاف والهرج إلى يوم القيامة. لو لم يكن للناس إمام مطاع لانثلم شرف الإسلام وضاع. لو لم يكن للأمة إمام قاهر لتعطلت المحاريب والمنابر وانقطعت السبل للوارد والصادر، لو خلا عصر من إمام لتعطلت فيه الأحكام وضاعت الأيتام، ولم يحج البيت الحرام. لولا الأئمة والقضاة والسلاطين والولاة ِِ لما ن ُكح َ ت الأيامى ولا ك ُفل َ ت اليتامى. لولا السلطان لكان الناس فوضى « ا(٢) ولأكل بعضهم بعض ً . وقد تعرض الفقه الإباضي للإمامة من نواحي عديدة، أهمها: (١) . القلقشندي: مآثر الإنافة في معالم الخلافة، المرجع السابق، ج ١، ص ٢(٢) الإمام أبو عبد الله القلعي: تهذيب الرياسة وترتيب السياسة، تحقيق إبراهيم عجو، مكتبة المنار، الأردن الزرقاء، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ص ٩٤ -.٩٥ ١ خصائص ا لإمامة:  أولا ً « ظل الله في أرضه » السلطان(١) : وقد عرف أطفيش الإمامة بأنها:  خلافة الرسول في إقامة الدين وحفظ حوزة الملة بحيث يجب اتباعه »  إلخ من ينصبه الإمام في « بحيث يجب » : على الأمة كافة؛ وخرج بقولك   ناحية كالقاضي؛ وخرج المجتهد إذ لا يجب على الأمة اتباعه، بل يجب « على من قلده؛ ويخرج الآمر بالمعروف والناهي عن ا لمنكر(٢) .   ثانيا الإمامة فرض عند ا لإباضية(٣) ، إذ بدونها لا يمكن تصريف أمور ً ّ (١) جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٥٣ . وانظر أيض ً ا نظم ً ا بخصوص الإمام، في: أبو عبد الله محمد السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ٣ -٤، ص ١٨٠ -.١٩١ (٢) أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المطبعة العربية، غرداية قسنطينة، ١٤٢٢ ه . ٢٠٠١ م، ص ٥٨٩  ويقرر رأي  الإمامة » يطلق عليها في مصادرهم « السياسة الشرعية العامة عند ا لإباضية » أن  ّ د. محمد صالح ناصر: منهج الدعوة عند ا لإباضية، جمعية التراث، القرارة « وشروطها ّ الجزائر، ١٤٢٢ ه . ٢٠٠١ م، ص ١٩٩ لم يتمسك أحد من الفرق الإسلامية بسنة الخلافة، كما تمسك بها » : ويقرر آخرون ُ الإباضية منذ صدر الإسلام، إذ لم تولد أئمة المذاهب بعد، وإنما تكونت هذه المذاهب ّ بعد ما صار للإباضية دول وسلطة في عمان والمغرب واليمن وحضرموت، فقد قامت ُ الإمامة في السنة الثامنة والعشرين بعد المائة واستمرت معهم خصوص ً ا في ع ُ .« مان صالح بن داود بافولولو: من لا يعرف الإباضية، مطبعة الواحات، غرداية، ّ ١٤٣٠ ه . ٢٠٠٩ م، ص ١٢٨ (٣) يكفي أن نذكر ما قاله ا لنزوي: الإمامة فرض بالدليل من الكتاب والسنة والإجماع. فالدليل من الكتاب قوله: » ﴿ ËÊ ÏÎÍÌ ﴾ وهم الأئمة وقال تعالى: ﴿ ÃÂÁÀ¿¾½ ﴾ ِ .« وهو الإمام الذي يقم الحد ُْ ومن ا لسنة أن رسول الله ژ كان إذا افتتح بلد ً ا أمر عليه أميرا مرضيا وكذلك كان يفعل ًً بالمدينة، إذا خرج عنها حاجا أو غازيا وكان أمراؤه في البلاد مشهورين بتأميره إياهم، ًً وعقد ا لأل ْ وية لهم. فإذا كان هذا مع وجوده 0 ، فمع عدمه أحرى أن يجب. = َ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٢٥٠ الدولة داخليا ودوليا، فالإمام هو الذي يتولى الحكم في المجتمع المسلم ًً مسؤول عن تطبيق الشرع الحنيف، وجعله ا لحك » باعتباره َ م في كل مصالح َ « الدولة(١) . « الأمر والنهي لا يستقيمان إلا بإمام » ذلك أن (٢) .  ثالث ًا مظاهر أربعة يسميها الإباضية مسالك الدين » اتخذت الإمامة(٣) ، هي: إمامة الظهور، وإمامة الدفاع، وإمامة الشراء، وإمامة ا لكتمان(٤) .«  = ور ُ وي عنه 0 : أطيعوا ولاة أموركم . وقال لمعاذ: ولا تعص إمام ً ا عادلا ً . وقال: السمع  والطاعة ولو كان حبشيا مجد ّ ع ً ا فبي ن ژ أن لا بد للأمة من قائم تجري على يديه ً أحكامهم وآراؤهم، بما فعل من توليته العدل الثقة منهم، أن يفعلوا كفعله، ومضوا على سننه فاحتذى المسلمون مثاله. وأما إجماع الأمة على وجوبها، ففعل المهاجرين والأنصار فيها وقولهم على الاجتماع ».« لها وإن اختلفوا فيمن يقوم بها، فلم يختلفوا أنها واجبة أو غير واجبة النزوي: المصنف، ج ١٠ ، المرجع السابق، ص ٢٣ . انظر أيض ً ا الرستاقي: منهج  الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٢٧ - ١٢٩ ؛ جامع أبي الحواري، المرجع . السابق، ج ١، ص ٧٣ والإمامة من فروض الكفاية التي إن قام بها البعض سقطت عن الباقين، راجع الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٩٦ -.٩٧ (١) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٦ ّ (٢) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٢٧١(٣) أي الطرق التي يتوصل بها إلى إنفاذ الأحكام الشرعية، راجع أطفيش: شرح عقيدة . التوحيد، المرجع السابق، ص ١٩٥(٤) وهي الحالات الأربع التي يمكن أن تكون عليها الأمة، وهي الغلبة والانتصار (الظهور)، والاستهداف للعدو الخارجي والداخلي (الدفاع)، وفي حالة العمليات الفدائية واللجوء إلى الخروج ضد الجورة وهي (الشراء)، وفي حالة الهزيمة والضعف وهي (الكتمان). د. محمد صالح ناصر: منهج الدعوة عند الإباضية، جمعية التراث، القرارة الجزائر، ّ ١٤٢٢ ه ٢٠٠١ م، ص ٢١٨ - ٢١٩ . راجع أيض ً ا د. مسلم الوهيبي: الفكر العقدي عند الإباضية حتى نهاية القرن الثاني الهجري، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ١٤٢٧ ه ٢٠٠٦ م، ُّ ص ٤٠٨ -.٤١٢ والملاحظ أن الفكر السياسي عند ا لإباضية لم يقتصر على هذه  تكيف » المسالك، بل عرف ً « ا حسب الوقائع وأنماط الحكم التي عايشوها(١) .  رابع ً ا غلب في مصادر ا لإباضية استعمال مصطلح الإمام بدلا ً من الخليفة والملك والسلطان والأمير.  وفرق القطب أطفيش بين هذه الأسماء، إذ رأى أن أحقها بالعدل  مصطلح الإمام والخليفة دون غيرهما؛ لأن الخليفة والإمام يأخذان بحق  ويعطيان في حق، أما غيرهما فلا يحقق فيه هذا ا لوصف(٢) . خامسا « الإمامة الإجبارية » في الفقه الإباضي يوجد ما يمكن أن نسميه ً  ا. أي الإمامة التي يجبر الشخص على قبولها رغم اعتراضه على تنصيبه إمام ً ويكون ذلك في حالة واحدة: إذا لم يوجد غيره يصلح للقيام بالأمر.  (١) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٦١ ّ  (٢)ذات المرجع، ج ١، ص ٥٦ - ٥٧ ؛ أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المرجع السابق، . ص ٣٧٤ واستخدم ا لإباضية أيض ً وهو: ،« أمير المؤمنين » ا مصطلح ّ لقب يطلق على الخليفة أو الإمام العادل، عرف به لأول مرة الخليفة عمر بن » ُُ الخطاب 3 ، ويستخدمه الإباضية لسائر الخلفاء الراشدين (عثمان وعلي) وكذا الخليفة ّ عمر بن عبد العزيز، ويرفضون إطلاقه على أئمة ا لجور. واتخذته الإباضية في المغرب لقبا للإمامين عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم وابنه ًٰ أفلح (حكما ١٧٧ -٢٥٨ ه/ ٧٩٣ - ٨٧١ م) دون سواهما من الأئمة الرستميين رغم . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٨ « عدلهم ّ أمير المؤمنين إلا من كانت إمارته على أهل القبلة كلهم » ويرى البطاشي أنه لا يسمى انظر: الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم ،« ويملك جميع بلاد الإسلام الفروع والأصول، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ُ ج ٩، ص ٣٦ -.٣٧ .« ولا يسمى أمير المؤمنين، إلا أن يملك جميع أرض ا لإسلام » : ويقول النزوي . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ١١٩ يقول ا لكندي: وإذا أراد المسلمون أن يعقدوا إماما فامتنع عن قبول ذلك، فإن لهم أن » ً يجبروه ويلزموه إذا كانوا في حال لا يجدون غيره يصلح للقيام بالأمر، وإذا كانوا في حال يجدون غيره لم يكن لهم إكراهه وليس عليه إن أبى « التقديم(١) . سادسا يجب أن يتوافر في الإمام شروط تتلخص في أن أولى الناس ً بالإمامة: « أقواهم عليها وأتقاهم لله فيها »(٢) . ويرى ا لإباضية أن الإمام لا يتولى هذه المسؤولية إلا باختيار أهل ّ الحل والعقد له، استناد ً ا إلى فعل الصحابة @ في تولية الخلفاء (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٢٧٦ لذلك إجابة عن سؤال: يجبر الممتنع عن قبول الإمامة إن لم يوجد غيره يصلح لها ما وجهه؟ يقول ا لإباضية: ّ امتناع الصالح لها مع عدم غيره يفضي إلى هدم الأحكام من أصلها؛ لأن أمر »الأحكام إنما يصدر عن الإمام، وقد أمر عمر بن الخطاب 3 بضرب أعناق رجال الشورى إن لم يتفقوا إلى ثلاث، وأشار أبو عبيدة 3 لأهل المغرب بالإمامة إلى أبي الخطاب المعافري، ثم قال فإن أبى فاقتلوه، وذلك لتشجعهم بالعلم الذي أمدهم الله به من نوره التام، ومن تشجع بعلم فكمن تورع بعلم، ومن كان سببا لحصول الضرر ً في الأموال والأنفس، ومن تكرر منه ذلك جاز قتله، فما ظنك بمن كان امتناعه يهدم الدين من أصله، فهو لعمري الضرر الذي لا مثله ضر، والمفسدة التي لا مثلها مفسدة، .« فعلى العاقل أن يسعى في دفعها ما أمكنه أبو عبد الله السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، ج ٤، المرجع السابق، ص ٢٨٧ راجع أيض ً ا الشيخ ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، المرجع . السابق، ص ٣٠٦(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ١٩٨  الراشدين، ويشترطون لهذا شروط ً ا تتعلق بالجانب العلمي والخ َ لقي والخ ُ لقي(١) .   (١) معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٦ . والشروط التي وضعها ّ أن يكون: ذكرا، مسلما، حرا، بالغ » الإباضية ً ا، عاقلا ً ، صحيح البدن، سليما، قوي ًًّ ً الشخصية، ذكيا، ورعا، ذا خلق حسن، صالح  ا بعدالته وعفته وصدقه، عالما ا مشهور ًًً ً مجتهد ً ا يتمكن من إقامة الحجة وإزالة الشبهة، ذا نسب وحسب في قومه، وأقدمية في ّ الإسلام، ولا يشترط أن يكون قرشيا.  ويمكن أن يتنازل عن شرط الاجتهاد عند الضرورة، على أن يستعين الإمام في ذلك ُ  بمن يرشده وينصحه في اختصاصه، ويمكن إسقاط عقد البيعة متى كان التراضي بين . ذات المرجع، ص ٥٥ « الناس عليه وانظر أيض ً ، ا، بخصوص شروط الإمامة، النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١ ص ٥٧ ؛ الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ١٥٣ - ١٥٤ ؛ الشيخ ابن  رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، المرجع السابق، ص ٣٠٠ - ؛٣٠١ أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، المرجع السابق، ج ٤، ص ٢٦٨ - ٢٨٣ ؛ الشيخ عبد الله النزوي: فواكه ،٢٦٩ العلوم في طاعة الحي القيوم، مسقط، ١٤١٥ ه ١٩٩٤ م، ج ٣، ص ٣٢٩ ؛ معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٨٥ - ٢٨٧ ؛ بكير بن بلحاج: ّ الإمامة عند الإباضية بين النظرية والتطبيق مقارنة مع أهل السنة والجماعة، رسالة ّ ماجستير المعهد الوطني العلمي لأصول الدين، الخروبة الجزائر، ١٤١٤ ه ١٩٩٣ م، ص ٦٢ -.٦٣ وبالنسبة لشرط النسب القرشي والذي اشترطته بعض المذاهب الإسلامية فإن لا تصلح إلا في الأفضل من المسلمين من » الإباضية لا يأخذون به حتما، فالإمامة ًّ ، البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٦١ « قريش وغيرهم من الحكمة الإلهية أن تخص الإمامة بطائفة جاروا أو عدلوا أصلحوا أو » كما أنه ليس الإمام السالمي: « أفسدوا لأن ذلك مناف للمعنى الذي لأجله شرعت الإمامة في الناس مرجح إن » شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ١، ص ٧٧ ، فهذا الشرط إذن تساوت الكفاءات الأخرى. فحق الترشح حق مشاع بين جميع من تتوفر فيه الكفاءة من معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٨٤٧ . راجع « المسلمين بعامة ّ أيض ً ا الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٧٣ -.١٧٤ سابعا لا يجوز أن تكون ا لبيعة(١) على ما يخالف أصول ا لإباضية في ً ّ العلاقات الدولية أو ا لداخلية.   فالبيعة إذا وقعت على شريطة الباطل كانت الإمامة باطلة، مثل أن يبايع » الإمام على انتحال الهجرة وغنيمة أموال أهل القبلة أو سبي ذراريهم أو استعراضهم بالقتل أو تسمية أهل القبلة بالشرك أو على شيء من الباطل « مما لا تجوز في الدين زكاة أو ترك شيء من ا لحق(٢) . ما تقدم يبين إذن أن للإمام منزلة كبرى في الفقه ا لإباضي(٣) . ٢ الإمام هو المسؤول الأول عن تصريف العلاقات ا لدولية: « الأحكام لا تقوم إلا بالإمام » القاعدة في الفقه الإباضي أن(٤) ، وهذا صحيح بالنسبة للمسائل الداخلية والدولية(٥) . فللإمام: (١) لعقد البيعة صيغ مختلفة، ذكر بعضها ا لقطب في شرح النيل، منها: ُ قدمناك على أنفسنا والمسلمين، على أن تحكم بكتاب الله، وسنة نبيه ژ ، على أن تأمر » ُ بالمعروف، وتنهى عن المنكر ما وجدت إلى ذلك سبيلا ً .« . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٤٤ ّ (٢) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٢٦٨ - ٢٦٩ . انظر أيض ً ا الرقيشي: كتاب . النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٩٨(٣) إن لم يكن ملك » لدرجة أنه قيل إنه من الجفاء أن يأكل رب البيت مع الضيف ً ا أو رئيسا ً أو فاضلا ً « أطفيش: شرح النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٩٨ - ؛١٩٩ الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦١٧ ؛ البطاشي: كتاب غاية المأمول . في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٣، ص ٣٤٠ .« الإمامة واجبة ولا تكون إلا عن تراض » : كذلك قيل أبو إسحاق إبراهيم الحضرمي: كتاب الدلائل والحجج، المرجع السابق، ج ١ -. ٢، ص ٥٩٥ (٤) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٠١ ّ (٥) لا تعقد راية ولا يقام حد ولا يجيش جيش ولا يؤمن خائف ولا يحكم بحكم » ذلك أنه مجتمع عليه إلا بإمام. والوجه في ذلك عندنا أنه ليس لأحد أن يفعل شيئ ً ا من ذلك دون = منزلة ليست لغيره من المسلمين في تصديق أقواله في الأحكام » وإمضائها لأن المسلمين ائتمنوه على ذلك، ولو أن غيره أراد ذلك لم يطعه « لما جعل الله من المنزلة للإمام لما قلده المسلمون من إمامتهم(١) . « له النظر في المصالح ا لعمومية » كما أن الإمام هو الذي(٢) . إذا » : وأهمية دور الإمام في العلاقات الدولية تكمن فيما قاله أبو عبيدة « اختلف الناس في الرأي رجعوا إلى ا لإمام(٣) . لأن القاعدة أن:   « نظر الإمام الكبير أوسع من نظر الإمام ا لصغير »(٤) . كذلك فإن: حكم الإمام في المختلف فيه يكون كالمجتمع عليه فلا يجوز » « خلافه(٥) . = .« الإمام إذا... مات الإمام فلا يفعل ذلك حتى يقام إمام وأشباه ذلك الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٢٠٩ - . ٢٣٢ ؛ ج ٦٩ ، ص ١٦٤ ،٢١٠ كذلك فيما يجب على الإمام لرعيته يجب عليه القيام بأمورهم والنظر في مصالحهم، والحياطة لهم والحماية لهم والذب عنهم، والتدبير والسياسة لأمور دينهم ومراشيدهم ودنياهم، والمساواة بينهم في الأحكام والإنصاف، والتفقد لأمورهم الظاهرة والباطنة، وبث الولاة، واختيار القضاة وتحصين الثغور بالرجال والآلات، وتأمين الطرق.. إلى غير ذلك من الواجبات والمندوبات التي لا يقيم العدل إلا بها، والشيخ الرقيشي: كتاب النور . الوقاد على علم الرشاد، ص ١٠٠ (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٤١٨ ؛ السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، المرجع السابق، ج ١، ص ٢١٣ -.٢١٤ ُ (٢) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ١١٥(٣) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٣٩٧(٤) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٤٣١ ّ (٥) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ١٩٣  وقد أكد الفقه الإباضي على هذا الدور للإمام في العلاقات ا لدولية: من ذلك، أنه: « ولا يحمل الرجل على الجيش، ولا يبارز، إلا بأمر ا لإمام »(١) .  وقد أكد على ذلك الناظم، بقوله(٢) : لا يحمل المرء على الجيش ولا يبارز القرن إذا خلا به إلا بإذن ذلك الإمام لأنه الناظر في الإسلام كذلك بخصوص أسرى الحرب، يقول ا لنزوي: « وليس لأمير السرية أن يمن على الأسير، فيرسله، إلا برأي ا لإمام »(٣) . (١) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٣٩ لكن يمكن الرد على العدو إذا كان العدوان مفاجئ ً ا أو وشيك ً ا أو كان العدو قريبا جد ً ا من ً دار الإسلام. وهكذا جاء في بيان ا لشرع: وسألته عن الرجل هل يجوز له أن يحمل في الحرب وهو مع الإمام على العدو بغير »رأي الإمام أم حتى يستأذنه؟ قال: معي أنه إذا كان الإمام حاضرا ولم يكن العدو قريبا منه ًً ولا وقع بينهم مدافعة وإنما يريد هذا أن يحمل يقاتل وحده لم يكن له ذلك عندي إلا برأي ا لإمام. وأما إن كان الزحف قد قرب، وقد خاف المسلمون على أنفسهم ووقع بينهم سبب يخاف منه على الأنفس أو الحريم ولم تمكنه مشاورة الإمام، كان له عندي أن يقاتل ويحمل ولو لم يكن برأي الإمام، وأما إن أمكنه مشورة الإمام ولم يخف الفوت ووقع الضرر قبل مشورته للإمام .« لزمه عندي مشاورته، إلا أن يكون الإمام قد أمر بالدفع أو الحرب في ذلك الوقت أو قبله . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٨٤(٢) الأغبري: فتح الأكمام عن الورد البسام في رياض الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠١ ه . ١٩٨١ م، ص ١٩٧ ُ (٣) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٥٥ . وبخصوص مسألة: وهل لأمير السرية أن يمن على الأسير ويتركه بغير رأي الإمام أم لا؟ قيل: لا والإمام مخير فيه ما لم تضع الحرب أوزارها إن شاء من عليهم وإن شاء فادهم وإن » .« شاء استبعدهم وإن شاء قتلهم إلا أن يدخلوا في ا لإسلام = والإمام هو الذي يتلقى المراسلات القادمة من الدول الأخرى. يقول إن الإمام يقبل كتاب الإمام، إذا كان إماما، كل إمام في مصر، مثل » : النزوي ً إمام حضرموت إلى إمام ع ُ « مان(١) . ويبدو الوضع الدولي للإمام في أن أي إخطار يوجه إليه من الدول الأخرى يعتبر نافذ ً ا تجاه كل رعيته. وقد أكد الفقه الإباضي على هذه القاعدة. وهكذا إجابة على سؤال: قيل: ،«؟ وعلى من تقام الحجة لتحل المحاربة » إذا دعا المسلمون أمير البغاة واحتجوا عليه فردوا الدعوة حل من جنده » ما حل منه من المحاربة والقتل لأن الدعوة تجزى في الإمام للإمام ولو لم يسمع ذلك من الجميع لأنه قائد لأصحابه ويستحلون ما يستحل ويحرمون « ما يحرم؛ ولأنهم مجامعون له ومظاهرون على من خالفه(٢) . وإذا كان ذلك قيل بخصوص إمام أهل البغي، فلئن يسري أيض ً ا على رؤساء الدول غير الإسلامية، يكون من باب أولى. وهكذا بخصوص المشركين الذين هم في غير بلادهم هل يحتاجون إلى دعوة أم لا؟ قولان: أما القائل بوجوب الدعوة لهم فلعموم الأدلة القاضية بثبوت الدعوة » مطلق ً ا ولم تفضل بين من كان في بلده ومن كان خارجا، مع احتمال أن ً يكونوا قد خرجوا يريدون ا لإسلام. = السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين . الأخيار، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ١٨١ راجع أيض ً . ا الكندي: بيان الشرع، ج ٧٠ ، ص ٢٩٠ (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ١١٣(٢) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين . الأخيار، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ١٧٤ وأما القول بأنه لا دعوة لهم فذلك لأن الدعوة إنما توجه إلى أكابرهم « وهؤلاء قد خرجوا لا يعرف لهم كبير(١) . وقد ساعد على هذا الدور الذي يلعبه الإمام في إطار العلاقات الدولية أن كثيرا من أئمة الإباضية كرجال سياسة كانوا هم في نفس الوقت علماء ًّ في ا لدين(٢) . تجدر الإشارة أن عدم قيام الإمام بوظائفه الدولية، يمكن أن يؤدي إلى عزله. فقد جاء في بيان ا لشرع: فإن عجز الإمام عن سياسة أهل الدار وقصر بصره عن إمضاء أحكامهم » أو ضعف عن نكاية عدوهم فإذا كان بهذه المنزلة أمروه أن يعتزلهم ويجعلوا « مكانه غيره برضا من عامة ا لمسلمين(٣) . :ΩÉeE’G ±ÓîH ádhódG ƒ∏ãªe (Ü أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور، وتصفح » من الثابت أن على الإمام « الأحوال، لينهض بسياسة الأمة، وحراسة ا لملة(٤) . إلا أنه قد لا يستطيع القيام بكل الشؤون الخارجية للدولة الإسلامية. (١) . جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٠٧ (٢) ومن الأمثلة التي يمكن أن نذكرها: أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي، طالب الحق عبد الله بن يحيى الكندي، الإمام الجلندي بن مسعود، الوارث بن كعب الخروصي، الصلت بن مالك الخروصي، أئمة اليعاربة، محمد بن عبد الله الخليلي. مثل هؤلاء الأئمة .« الجمع بين السلطة الدينية والسياسية » تحقق فيهم راجع د. إسماعيل الأغبري: مظاهر الاجتهاد الجماعي، ندوة الفقه الإسلامي في عالم متغير، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٢ ه . ٢٠١١ م، ص ٥٦٨ ُ (٣) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٣٢٦(٤) ابن رضوان المالقي: الشهب اللامعة في السياسة النافعة، المرجع السابق، ص ٧٤ -.٧٥ ومن هنا بات من الضروري أن يفوض ذلك إلى أشخاص آخرين. ويتضح ذلك من الحادثة ا لآتية: قال ابن هشام: بلغني أن رسول الله ژ خرج على أصحابه ذات يوم بعد عمرته التي صد عنها يوم الحديبية، فقال: أيها الناس، إن الله قد بعثني »  رحمة وكافة، فلا تختلفوا علي كما اختلف الحواريون على عيسى ابن مريم، فقال أصحابه: وكيف اختلف الحواريون يا رسول الله؟ قال: دعاهم إلى الذي دعوتكم إليه، فأما من بعثه مبعث ً ا قريبا فرضي وسلم، وأما من بعثه مبعث ً ا ًَ بعيد ً ا فكره وجهه وتثاقل، فشكا ذلك عيسى إلى الله، فأصبح المتثاقلون وكل  واحد منهم يتكلم بلغة الأمة التي بعث إليها(١) «. ولا شك أن تعيين مندوبين أو ممثلين للدولة بخلاف رئيسها، لكي يقوم بإبرام المعاهدات الدولية يندرج تحت ما يسمى بنظرية الاستنابة أو تفويض الاختصاص التي وضع أسسها وجذورها فقهاء المسلمين. وهي نظرية تشترط كأول شرط لها التزام المفوض إليه بالحدود الموضوعة على ا ختصاصاته(٢) . ويقول الإمام ا لجويني: فالذي ينصبه الإمام ينقسم إلى: من يحل محل الإمام في جميع » (١) السيرة النبوية لابن هشام، ط الحلبي، القاهرة، ج ٢، ص ٦٠٦ -.٦٠٧ (٢) علة ذلك كما قال الشافعي أن: راجع الإمام « المأذون في فرد لا يملك ما عداه، والمأذون في جنس لا يملك جنسا سواه » ً . شهاب الدين الزنجابي: تخريج الفروع على الأصول، مؤسسة الرسالة، بيروت، ص ٢٣٩ والأمر المطلق الكلي » : وتحت باب الوكالة يقرر الإمام الزنجابي نفس المرجع، ص ٢٠٨لا يقتضي الأمر بشيء من جزئياته عندنا إذ لا اختصاص للجنس بنوع من أنواعه ولا فرد من أفراده. وذهب أصحاب أبي حنيفة 5 إلى أنه يقتضي ذلك: ولاشتمال الكلي على الجزئي .« ضرورة الأمور استيعابا. وإلى من لا ينزل منزلته في جميع الأحكام. بل يختص ً بتولي بعضها. فأما من يستقل بجملة الأحكام المرتبطة بالأئمة فينقسم إلى من يوليه الإمام عهد الإمامة بعد وفاته وإلى من يقيمه مقام نفسه في حياته. وأما الذين يستنيبهم في بعض الأمصار والأقطار، أو في بعض الأفعال.. فأقول أولا ً الاستنابة لا بد منها. ولا غنى عنها. فإن الإمام لا يتمكن من جميع الأمور وتعاطيها. ولا يفيء نظره بمهمات الخطة ولا يحويها. وهذه « القضية بينة في ضرورات العقول لا يستريب اللبيب فيها(١) . ويقول ابن جماعة: إذا فوض الخليفة إلى رجل ولاية أو إقليم أو بلد أو عمل فإن كان » تفويض ً ا خاصا بعمل خاص لم يكن له الولاية في غيره.  وإن كان تفويض ً ا عاما كعرف الملوك والسلاطين في زماننا جاز له تقليد ً القضاة والولاة، وتدبير الجيوش واستيفاء الأموال من جميع جهاتها، « وصرفها في مصارفها وقتال المشركين والمحاربين(٢) . ويؤكد البعض أن من العناصر التي يحتاج إليها ا لملك: الأعوان الصادقون، وحصول ذلك بالتلطف بهم، ودوام الالتفات » « والإكرام، وبهم يشتد عضد الملك ويقوى قلبه(٣) . (١) غياث الأمم في التياث الظلم لعبد الله الجويني، تحقيق: محمد خليل الطويل، رسالة دكتوراه كلية الشريعة والقانون، القاهرة، ١٣٩٩ ه ١٩٧٩ م، ص ٦٨ -.٧٦ (٢) ابن جماعة: تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، تحقيق د. عبد المجيد معاذ، رسالة دكتوراه كلية الشريعة والقانون، القاهرة، ١٣٩٥ ه . ١٩٧٥ م، ص ١٨١ (٣) ابن أبي الربيع: سلوك المالك في تدبير المسالك، النص حققه د. ناجي التكريتي: الفلسفة . السياسية عند ابن أبي الربيع، وزارة الثقافة والإعلام بغداد ١٩٨٧ ، ص ١٧٧ =  يتضح مما تقدم أن إمكانية تمثيل الدولة الإسلامية بواسطة مندوبين غير الإمام يبررها أمران: الأول: عدم إمكانية قيام رئيس الدولة الإسلامية بتصريف كل شؤون الدولة بنفسه. والثاني: إمكانية تفويض(١) الاختصاص أو الاستنابة في الشريعة الإسلامية، حتى في إطار العلاقات ا لدولية. وقد بحث الفقه الإباضي وجود ممثلين للدولة غير الإمام، ومنهم: ١ نائب الإمام: (أو خليفة ا لإمام): أو من يحل محله إذا تعذر عليه « نائب الإمام » عرف الفقه الإباضي ممارسة عمله: بسبب سفره خارج البلاد (للحج أو لزيارة دولة أجنبية مثلا ً ( أو لمرضه... إلخ. في هذه الحالات يمكن للإمام أن يعهد بإدارة البلاد  بصفة مؤقتة إلى شخص آخر. وهكذا جاء في بيان ا لشرع(٢) : وسألته عن الإمام إذا وجب عليه الحج هل يحج؟ قال: نعم إذا أمن » على أمانته الحاضرة. قلت: فيخلف عليها والي أو إمام مثله؟ قال: خليفة = ويقول المرادي: واختر رسولك في الحرب والمسالمة، فإن الرسول يلين القلب ويخشنه... ِِ ويصلح الود ويفسده، وبه يستدل على عقل مرسله ومنه يسترق ما خفي من غيره ُ (المرادي: كتاب السياسة أو الإشارة في تدبير الإمارة، دار الثقافة، تحقيق د. النشار، الدار البيضاء، ١٤٠٥ ه .( ١٩٨٥ م، ص ١٥١ (١) يستخدم فقهاء المسلمين لفظة استنابة أو إنابة بمعنى قيام شخص غيره مقامه (موسوعة جمال عبد الناصر في الفقه الإسلامي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، .( ١٩٧٢ ، ج ٨، ص ٩٢(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٢٠٩ لا إمام، قلت له ويجوز لهذا أن يفعل جميع ما يفعل الإمام؟ قال إذا جعل له معنى ذلك، ما يلي: .« ذلك مما يجوز له أن يجعله له أولا ً أن الفقه الإباضي عرف فكرة نائب الرئيس Vice-president (أي من ينوب عنه عند غيابه)، أو القائم بأعمال رئيس الدولة Acting Head of State  أو رئيس الدولة بالنيابة Head of State and Interim .  ثانيا أن هناك فارق ً فالأول هو الرئيس :« والخليفة » ،« الإمام » ا بين ً الأصلي للدولة، أما الثاني فهو يمارس أعمال رئاسة الدولة بصفة مؤقتة  إلى أن يزول الظرف الذي دعا إلى ذلك (فهو إذن خليفة للإمام، الأمر الذي يفترض أنه بعودة هذا الأخير إلى ممارسة أعمال الإمامة، تنتهي وظيفة خليفته). معنى ذلك أن من يعينه الإمام في هذه الحالة يكون « واليا من تحته » (١) . ً ثالث ً ا أن من يخلف الإمام بالمعنى المذكور أعلاه له ممارسة وظائف الإمام (بما في ذلك وظائفه على الصعيد الدولي كإبرام معاهدات دولية مع الدول الأجنبية أو استقبال السفراء الأجانب أو إرسال سفراء الدولة الإسلامية إلى الدول الأجنبية، أو إرسال وفود لحضور مؤتمرات دولية) وذلك بالقدر وفي الحدود التي يعينها له ا لإمام. رابعا إذا أمن على أمانته » أن سفر الإمام إلى خارج البلاد يكون ً وهذه العبارة تعني في رأينا أن يتخذ، قبل سفره، كل .« الحاضرة الإجراءات اللازمة والاحتياطات الواجبة التي تؤمن البلاد وتمنع من حدوث قلاقل أو منازعات فيها (كأن يقرر الإجراءات الضرورية لمواجهة من قد تسول له نفسه القيام بأعمال تمرد أو بغي أو انقلاب أو غيرها). وبالتالي (١) . ذات المرجع، ص ٢١٢    ليس له أن يسافر إلا بعد اتخاذ تلك الإجراءات، وإلا فعليه البقاء في إقليم الدولة ا لإسلامية(١) . بالمعنى السابق يختلف عن الاستخلاف « خليفة الإمام » تجدر الإشارة أن  (وهو الذي يتم فيه ترشيح الإمام لشخص يولى الإمامة من بعده)(٢) .  ٢ ا لوزير: لعل من خير ما قيل بخصوص بيان قدر رتبة الوزارة وأهميتها ما ذكره ابن الخطيب في رسالته عن ا لوزارة: اعلم يا ولدي أن هذه الرتبة لمن فهم وعقل مشتقة من الوزر وهو » الثقل لأنها تحمل عبء الملك وثقله ما تعجز الجبال عن حمله، وهي الآلة التي بها يعمل، وبحسب تبيانها يتباين منها الأنقص والأكمل، وعصاه التي بها يهش ويحتطب ويحش ويلتقم ويمش ويجمع ويفش، ومخلبه الذي به يزق الفرخ ويحرس العش، ومنجله الذي يعرف به من يناصح ومن يغش، ومرآته التي يرى بها محاسن وجهه وعيوبه، وسمعه الذي يتوصل بحاسته لمعرفة الأشخاص المحجوبة. وإذا فسد الملك وصلح الوزير ربما نفعت (١) انظر أيض ً . ا النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ١٤١(٢) وقد تناول ا لإباضية مسألة الاستخلاف وولاية العهد. وربطوا بين » : يقول بلحاج ّ الاستخلاف والعقد بعاقد واحد للإمام المراد بيعته. يقول الشيخ قاسم الشماخي: ولا تنعقد الإمامة برجل واحد إلا في خطة واحدة. وهو أن يكون إمام يستخلف أحد » ً ا من بعده. بدليل صحة إمامة عمر بن الخطاب بتولية أبي بكر. فرض المسلمون بما رضي لهم وما يستنتج من هذه المقولة قاعدتان؛ .« إماماأولاهما : استشارة أهل الرأي قبل العهد إلى ً الإمام الجديد. وهذا ما يستنتج من الرضا الذي حصل فالرضا نتيجة مباشرة للاستشارة. ثانيتهما : .« حصول الرضا من طرف ا لمسلمين بكير بن بلحاج: الإمامة عند الإباضية بين النظرية والتطبيق مقارنة مع أهل السنة ّ والجماعة، رسالة ماجستير، المعهد الوطني العالمي لأصول الدين، الخروبة الجزائر، ١٤١٤ ه . ١٩٩٣ م، ص ١٠١  السياسة واستقام التدبير، وصلاح الأمر بعكس هذه الحال محسوب من المحال، لأنه الواسطة القريبة ونكتة السياسة الغريبة، وموقعه من الملك موقع اليدين من الجسد اللتين في القبض والبسط عليهما يعتمد، وقالوا: الملك طبيب والرعية مرضى (والوزير تعرض عليه شكاياتهم عرضا) ً « والنجاح مرتبط بسداد عقله وصحة نقله، فإن اختل السفير بطل ا لتدبير(١) . ولا يستطيع الإمام بداهة أن يقوم بكل شيء أو يفكر بمفرده في كل أمر بخصوص تصريف شؤون الدولة الداخلية والدولية. لذلك بات من اللازم اختياره للوزراء لمساعدته في كل ذلك. هو المستشار للإمام ومساعده وناصحه » والوزير في الدولة الإباضية ّ ونائبه وهو الإنسان المقرب للإمام يلازمه فيتدارس معه المسائل السياسية « وكل ما يتعلق بتدبير شؤون ا لرعية(٢) . (١) . ابن الخطيب: ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب، مكتبة الخانجي، القاهرة، ج ٢، ص ٣٤٠ فإني احتجت لبعض أموري » : وكتب الحسن بن سهل إلى محمد بن سماعه القاضي لرجل جامع لخصال الخير ذي عفة ونزاهة طعمة قد هذبته الآداب، وأحكمته التجارب، ليس بظنين في رأيه، ولا بمطعون في حبه، إن اؤتمن على الأسرار قام بها، وإن قلد مهما ً من الأمور أجزأ فيه، له سن مع أدب ولسان، تقعده الرزانة ويسكنه الحلم. قد فر عن ذكاء وفطنة وعض على قارحة من الكمال، تكفيه اللحظة وترشده السكتة، قد أبصر خدمة الملوك وأحكمها، وقام في أمورهم فحمد فيها له أناة الوزراء وصولة الأمراء، وتواضع العلماء، وفهم الفقهاء، وجواب الحكماء لا يبيع نصيب يومه بحرمان غده، يكاد يسترق قلوب الرجال بحلاوة لسانه وحسن بيانه، دلائل الفضل عليه لائحة، وإمارات العلم له شاهدة، مضطلعا بما استنهض، مستقلا ً بما حمل وقد أثرتك بطلبه، وحبوتك بارتياده، ثقة ً بفضل اختيارك ومعرفة بحسن تأنيك فكتب إليه: إني عازم أرغب إلى الله جل وعز حولا ً كاملا ً في ارتياد مثل هذه الصفة، وأفرق الرسل الثقات في الآفاق لالتماسه، وأرجو أن أبو علي القالي: كتاب الأمالي، « يمن الله بالإجابة فأفوز لديك بقضاء حاجتك والسلام ّ الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٧٥ ، ج ١، ص ٢٩٧ -.٢٩٨ (٢) عدون جهلان: الفكر السياسي عند ا لإباضية، المرجع السابق، ص ٢١٨ . ويضيف أيض ً ا: = ّ ونظرا لهذا الدور الذي يقوم به الوزير يرى أطفيش ضرورة حسن ً اختياره، ويستشهد بقول رسول الله ژ : إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له ً وزير صدق إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه، وإذا أراد به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنه «(١) . فإذا لم يقم الوزير بواجباته يتم التبرؤ منه(٢) . ٣ الأشخاص الآخرون الذين يصرفون العلاقات الخارجية للدولة (كالولاة، والسفراء، ومبعوثي الإمام إلى الدول ا لأخرى): يمكن للإمام أن يفوض بعض سلطاته إلى أشخاص آخرين. ونظرية   تفويض السلطات Delegation of Powers Délégation des Pouvoirs نظرية ثابتة في القوانين الداخلية خصوصا، وكذلك في العلاقات الدولية. وقد أخذ بها ً الفقه الإباضي. فقد جاء في منهج ا لطالبين: = ويبدو أنه لا خلاف بين الإباضية والعباسيين في ضرورة اتخاذ الوزير لما له من دور كبير » ّ في الحكم لكن الفرق يظهر جليا في أن الوزير العباسي يأخذ منصب رئيس الحكومة ً بمعنى أنه يملك صلاحيات غير محدودة للتصرف في شؤون المملكة. وقد لا يكون وجود الملك إلا شكليا. بينما الوزير لدى ا لإباضية مختلف عن ذلك. فصلاحياته محدودة في ًّ الاستشارة وإبداء الرأي والنصح والتحذير أما أن يصدر القرار وينفذ باسم الملك فلا أعتقد أنه يجوز له ذلك. ثم إن الوزير الإباضي مراقب من طرف مجلس الشورى وهو معرض في أي وقت لتغييره إذا أحدث ما يوجب ذلك بينما الوزير العباسي لا مراقب له. بل يتمتع . ذات المرجع، ص ٢١٩ ،« بتفويض من الملك يتصرف بموجبه كما يشاء في شؤون الدولة(١) أطفيش: جامع الشمل في حديث خاتم الرسل، ص ٢٩٧ ، وقال: رواه أبو داود والبيهقي. (٢) يقول أطفيش: (وبراءة السلطان الجائر) ومن دون السلطان من كل من له استعلاء على غيره، (وكاتبه) أي الذي يكتب له ما يحتاج إليه، تبرأ منه ولو قبل أن يؤمر بالكتب له أو بعد الأمر له به وقبل الكتب له؛ لأنه نصب نفسه لذلك، (ووزيره وخازنه)؛ أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المطبعة العربية، غرداية قسنطينة، ١٤٢٢ ه . ٢٠٠١ م، ص ٣٩٢   وإذا قال الإمام للوالي: قد أجزت لك جميع ما يجوز لي، أن أجيزه » لك فقد جاز له ما فعل بالحق، وما أجاز له من بعد الفعل، فهو جائز إذا « كان مما يجوز(١) . وقد سبق أن ذكرنا أن للإمام إذا سافر إلى خارج البلاد أن يفوض في القيام بسلطاته « خليفة الإمام »(٢) .  ويلتزم من يفوضه الإمام بالتعليمات الصادرة إليه من الإمام، وإلا حق لهذا الأخير عزله(٣) . ٤ الجيش وقواده: ّ للجيش دوره في إطار العلاقات الدولية العسكرية لأية دولة: فهو الذي يدافع عنها ضد أي عدوان خارجي، كما أن ارتكاب جرائم حرب بواسطة أفراد الجيش يؤدي إلى تقرير المسؤولية الجنائية والمدنية لمرتكبيها وللدولة ذاتها. (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٢٣(٢) .« نائب ا لإمام » راجع ما سبق ذكره بخصوص(٣) وهكذا جاء في سؤالات المؤلف للإمام محمد وسعيد بن ناصر ا لكندي: قلت له: في والي الإمام إذا قيل له ارجع بأمورك المشكلة عليك إلى الإمام، قال لا أرجع » ٍ إليه بل أرجع إلى فلان وال آخر، فهل يحل له ذلك؟ وهل يصح السكوت عنه على هذا؟، قال: لا يصح السكوت عندي عن هذا الوالي، لما ظهر منه من مخالفة أمر إمامه، وقد ألزمه الله طاعته، وعليه أن يرجع إلى أمر الإمام، ويلتزم طاعته في جميع أموره دين ً ا .« ودنيا، لا بد له من ذلك، وإلا فليعتزل أمر ا لمسلمين . الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٥٩ ٍ وقد قيل: إن الوالي ليس له أن ينفذ حكم وال، في شيء من الأمور. » : وجاء في المصنف ٍٍ ولا يقبل له كتابا؛ لأنه لا سلطان له عليه ولا سبيل إلا أن يكون وال من تحت وال؛ فإنه ً يجوز له ذلك. ويكون له ذلك. وإنما يقبل الوالي من الإمام والقاضي؛ لأن الإمام « والقاضي على جميع الأحكام في المصر، لهما ذلك، وعلى الولاة الانقياد لهما في ذلك . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ١٣٣ كذلك فالجيش هو أحد أجهزة الدولة تنسب أفعاله إليها، وهي مسؤولة  عنهم. يقول ا لنزوي: والذي حفظنا من آثار المسلمين، إذا ق » ُ تل والي المسلمين في ولايته، أ و ق ُ تل قائد المسلمين في مسيرة، أو ق ُ تلت سريته للمسلمين، أن دماءهم للمسلمين، دون أوليائهم وللمسلمين أن يقتلوا من قتلهم، كيفما قدروا « عليهم في غيلة، أو غير غيلة(١) . كجهاز في « جيش نظامي دائم » وفي السلوك الإباضي التقليدي لا يوجد الدولة(٢) . يدافعون عنها ضد أي « مقاتلون » لكن ليس معنى ذلك أنه لا يوجد عدوان خارجي(٣) . فعلى مر العصور وفي التاريخ الإباضي القديم والحديث (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٢ ، ص ٤٥ (٢) التصور الإباضي لدور الجيش في نظام الإمامة جدير بالذكر. فقد رفض » : وهكذا قيل الإباضيون، على الدوام، وجود جيش محترف خشية أن تتجاوز الإمامة مهمتها التقليدية، وأن يتحول الإمام المنتخب إلى حاكم مستبد. وعلى الرغم من أن عمان كانت موضع ُ اعتداءات متكررة خلال تاريخها، فإن الإباضيين حاولوا دائما المحافظة على الطابع السلمي ً للإمامة. ومن هنا أهمية مبدأ الاعتدال الذي ت ُ غذيه الشورى في نظامهم. وهنا يظهر وجه هام آخر من وجوه مبدأ الشورى الأساسي، يساهم في ضمان القيم الديمقراطية للنظام ا لإباضي. وللإمام أن يطلب من القبائل ا لعمانية، إذا لم يمكن تجنب الحرب، الإسهام في الدفاع عن ُ الإمامة، سواء تعلق الأمر بخطر داخلي أم بعدوان خارجي. وهكذا يعبأ جيش من ُ المتطوعين والمجندين من بين أبناء القبائل. وتلبية نداءات الإمام كقائد للجيش واجب وطني وفرض ديني في الوقت نفسه. وينص الدستور الإباضي على أنه: إذا ثبتت الإمامة للإمام وقام بالحق، فعليهم (أي رعاياه) إجابته إذا دعاهم، ونصرته إذا ».« استنصرهم ، د. حسين عبيد غانم غباشي: عمان.. الديمقراطية الإسلامية، دار الجديد، بيروت، ١٩٩٧ ُ ص ٨٢ -.٨٣ (٣) بل إن هذا الدفاع واجب حتى عند عدم وجود إمام. فقد جاء في بيان ا لشرع: وإن عدموا الإمام ولم يتهيأ لهم إمامته وتهيأ لهم من العدد والآلات ما قد يجوز أن »يكون لهم به الدائرة على عدوهم في منعهم إياهم والتغلب عليهم والظلم لهم ولو كانوا =  من أتباع المذهب الإباضي حروبا عديدة. لكن الجيش « المقاتلون » خاض ً التي تلبي نداء الجهاد، فإذا انتهت « تتوزع أفراده بين القبائل » كان جيش الحرب رجع كل فريق إلى القبيلة التي ينتمي إليها(١) . = أقل عدد ً ا وآلة منهم لأن الله قد أوجب عليهم محاربة مثلهم لقوله 8 : ﴿ vu {zyxw ﴾ [ [الأنفال: ٦٦ .« فهذا إذا اتفق اجتماعهم وإذا لم يتفق ذلك لهم ولم يطمعوا مع تفرقهم بمنع البغاة عن ظلمهم وبغيهم لم يجب عليهم أن يحاربوهم إذا لم يكن في ذلك إلا قتل أنفسهم وإباحة الباغين ذلك منهم وعدموا الآلة التي بها يقاتلونهم فليس يجب عليهم ما ليس فيه وبه إلا ويضيف أيض .« إتلاف أنفسهم دون منع الظالمين عن ظلمهم ً ا: ولا يجب عليهم الاجتماع مع عجزهم عنه ولجهل بعضهم ببعض في تقارب ديارهم »وتباعد نواحيهم وأما إذا تقاربت ديارهم وعرف بعضهم بعض ً ا تراسلوا وتواعدوا الاجتماع في موضع واحد للقيام بأمر الله لهم بما قد ألزمهم ما لم يخافوا معاجلة عدوهم قبل .« الاجتماع منهم بإتلاف أنفسهم دون ما يرجون به إزالة بغيهم عنهم الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٩٩ -.٢٠٠ (١) يقرر رأي: فالمصادر الإباضية تشير إلى أن الجيش في الدولة الإباضية ليس حكوميا بمعنى أن » ّ ًّ الدولة لم تجهز قوة عسكرية موحدة وإنما الجيش فيها يتكون من مجموعة جيوش كل وكانت كل قبيلة تسل » واحد ينتمي إلى قبيلته ّ ح نفسها وتستعد للحرب لتجيب داعي وإذا انتهت الحرب ووضعت أوزارها تفرق « الإمام إذا استنفرها ودعاها لحروبها المشروعة .« الجنود ورجع كل جيش إلى قبيلته ويضيف أن ذلك ترتب عليه نتيجتان، هما: ١ نجاح المبدأ في تحقيق الهدف المرجو منه والمتعلق بتطبيق ديموقراطية السلطة، وإقامة العدل بين الناس، وهذا ما نجده في تاريخ الدولة الرستمية، وغيرها من الدول ا لإباضية. ّ ٢ عدم صلاحية هذا المبدأ من حيث افتقار الدولة إلى قوة عسكرية منظمة تنظيم ً ا حسن ً ا مستعدة للدفاع عن أمن الدولة في أي لحظة، وهذا ما كانت عليه الدولة الرستمية. ونتج عن سقوطها في يد العبيديين (الفاطميين) بسبب العجز عن الدفاع عن نفسها لعدم وجود جيش . عدون جهلان: الفكر السياسي عند ا لإباضية، المرجع السابق، ص ٢٢٨ « نظامي دائم ّ ولعل كل هذا التأكيد على ضرورة نصرة الرعية للإمام الإباضي أثناء » : ويقرر آخرون الأزمات الداخلية أو قتال الأعداء في الخارج، مرده إلى عدم وجود جيش نظامي ثابت = كان في « جيش نظامي حكومي دائم » وواضح أن مبدأ عدم وجود السلوك الإباضي القديم. أما اليوم فإن وجود مثل هذا الجيش أصبح حتميا. ً يؤيد ذلك: ١ قاعدة تغير الأحكام بتغير الزمان، والتي تسري أيضا على أجهزة ً الدولة: بحيث يتم إنشاء الأجهزة اللازمة لحفظ الدولة وصونها إذا حتمت الأحوال السائدة ذلك. ٢ تطور الأسلحة وتقنيات الحرب الحديثة، وهو ما يحتم وجود جيش دائم ومدرب يصون البلاد ويحمي العباد، فلم تعد الحرب الآن بالخيول والسيوف، وإنما بالطائرات المقاتلة، والحرب الإلكترونية، والصواريخ العابرة للقارات. ٣ تلافي وقوع حروب أهلية بين القبائل التي ينتمي إليها المقاتلون إذا  نشب خلاف بينهم(١) . = لدى الدولة الإباضية في ع ُ مان. فلما كان واجب كل الاتباع الإباضية مساعدة الإمام ّّ ونجدته ضد العدو، فليس هناك من حاجة إلى جيش نظامي قائم بل إن وجود مثل هذا الجيش، في رأي ا لإباضية، خطر على المجتمع لأنه سيؤدي بالتالي إلى فرض سلطة ّ دكتاتورية جائرة يمارسها الإمام معتمد ً ا على الجيش، وهذا هو سلطان الجور وليس .« سلطان ا لعدل لقد أدرك الفقهاء ا لإباضية خطر تحول الإمام إلى سلطان جائر يستمد سلطته من جيش ّ ثابت، ولذلك فقد أصروا المرة تلو الأخرى بضرورة حل الجيش وتفرق الإباضية ّّ وعودتهم إلى مناطقهم بعد كل موقعة أو معركة ولذلك فقد أصر الفقيه موسى بن أبي جابر على أن يتفرق الشراة بعد موقعة المجازة سنة ١٧٧ ه/ سنة ٧٩٣ م قبل انتخاب إمام جديد وحين أراد الإمام ا لمهنا بن جيفر اليحمدي إنشاء جيش نظامي مركزي عارضه الفقهاء، وأدى الأمر إلى أزمة داخلية حتى أن بعض الفقهاء وقف عن تأييده. فاروق عمر: دراسات في تاريخ عمان، منشورات جامعة آل البيت، ١٤٢١ ه . ٢٠٠٠ م، ص ١٢٨ ُ (١) في هذا المعنى، قيل بخصوص سياسة عدم وجود جيش نظامي: وبالرغم من وجاهة هذه السياسة في إدارة الدفاع، إلا أن الجيش في هذا النوع من » =   ويلعب أمير الجيش (أو ما يعادل الآن القائد العام وقت ا لحرب) (١)دورا ً = التنظيم سيبقي القنبلة الزمنية، وخاصة عندما تحتد الأمور وتصعب الظروف فتكون الحرب الأهلية عندئذ وشيكة الوقوع، بسبب وجود الجيوش التابعة للقبائل، وهذا مما يسهل على من سولت له نفسه حب الرئاسة أن ينفصل عن الدولة الأم. وإذا كان التاريخ لم يسجل أحداث ً ا من هذا النوع إلا القليل، ولكن ما هو مؤكد أن كثيرا من المؤرخين ً .« يرجعون أسباب سقوط الإمامة في تاهرت إلى عدم وجود جيش نظامي ُ بكير بن بلحاج: الإمامة عند الإباضية بين النظرية والتطبيق مقارنة مع أهل السنة ّ . والجماعة، المرجع السابق، ص ٢٦١  تجدر الإشارة أن الفقه الإباضي عرف أيض ً ا أسماء الوحدات المكونة للجيش، يقول أطفيش: والسرية من خمسة إلى أربعمائة، أو من مائة إلى ثلاثمائة أو أربعمائة، أو من مائة إلى »خمسمائة، والجيش العظيم خمسين، وما افترق من السرية بعث، وقد تطلق السرية على  مطلق الجماعة، وخصها بعضهم بالليل، والمنسر بكسر الميم وفتح السين أو بفتحها وكسر السين من أربعمائة إلى ثمانمائة، والجيش من ثمانمائة إلى أربعة آلاف؛ والجحفل .« ما زاد على ذلك ١٤٢٥ ه ، أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣ . ٢٠٠٤ م، ص ٢٦٦ انظر أيض ً . ا ذات المرجع، ج ٦، ص ١٧١ (١) مقصور » لأنه « ولايته خاصة في الأعمال العامة » ويعتبر « نقيب الجيوش » يسميه الماوردي المسندة إليه، راجع الماوردي: الأحكام السلطانية، « على نظر خاص في جميع الأعمال . المرجع السابق، ص ٦٠ ويقول الباجي: العرفاء: رؤساء الأجناد وقوادهم، ولعلهم سموا بذلك لأنهم بهم يتعرف أحوال الجيش، والعريف: النقيب دون الرئيس، والجمع عرفاء.. راجع: الخزاعي التلمساني: كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٥ ه - ١٩٩٥ م، ص ٢٥٠ . كذلك قيل: والإمارة على الجهاد، مختصة بقتال المشركين، وهي أن تكون مقصورة على سياسة ».« الجيش وتدبير ا لحروب محمد بن منكلي: الأدلة الرسمية في التعابير الحربية، تحقيق محمود شيت خطاب، مطبعة المجمع العلمي العراقي، ١٤٠٩ ه . ١٩٨٨ م، ص ١٦٣   مهما وقت الحرب، إذ هو يمثل الدولة في تصرفاتها الدولية الخاصة بسير العمليات الحربية، ويتمثل دوره أساسا في أمرين: ً ها(١) الأول: منح الأمان للعدو أو للجهة المتواجد إزاء . َ الثاني: إبرام المعاهدات الدولية التي تبرم وقت ا لحرب(٢) . تلكم أهم الأجهزة التي تلعب دورا في إطار العلاقات الدولية في الفقه ً الإباضي(٣) . (١) وأما الجيش الكثير فالعقد في تأمينه للأمير على وجه المصلحة ولا يجوز » : يقول القرافي ، الإمام القرافي: الفروق، عالم الكتب، ج ٣، الفرق ١٢٣ « إلا لضرورة تقتضي ذلك ص ٢٤ . كذلك قيل: ويصح أمان الإمام لجميع الكفار وآحادهم لأن ولايته عامة على المسلمين ويصح أمان »الأمير لمن أقيم بإزائه من المشركين فأما في حق غيرهم فهو كآحاد المسلمين لأن ولايته ابن قدامة: المغني ويليه الشرح الكبير، دار الكتاب العربي، « على قتال أولئك دون غيرهم بيروت، ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ج ١٠ ، ص ٤٣٤ -.٥٥٧  (٢) وهي معاهدات يجب الوفاء بها. لذلك قيل إن من صفات مقدم الجيش (وهو ما يعادل محمد « إذا عاقد على صلح أمضاه والتزمه » : الآن وظيفة القائد العام للقوات المسلحة) أنه محمد الرشيدي: تفريج الكروب في تدبير الحروب، تحقيق عارف أحمد، دار كنان، . دمشق، ١٩٩٥ ، ص ٥٨ (٣) ومن تلك الأجهزة أيض ً وهو أعلى هيئة سياسية في البلاد، كما أنه ،« مجلس الشورى » ا بمثابة ممثل الشعب لدى الحكومة ويتكون من خيرة العلماء والفقهاء والمجتهدين. ومن صلاحياته على الصعيد ا لدولي: الاهتمام بالمسائل السياسية والعلاقات الدولية ومساعدة الإمام في معالجة ا لمشاكل. إصدار القرارات الهامة، كإعلان الحرب، أو الهدنة في السياسة الحربية. وفي الغالب تصدر هذه القرارات عن الإمام بعد استشارة ا لمجلس. عدون جهلان: الفكر السياسي عند ا لإباضية، المرجع السابق، ص ٢١٦ -.٢١٧ ّ راجع أيض ً ا: بكير بن بلحاج: الإمامة عند الإباضية بين النظرية والتطبيق مقارنة مع أهل السنة ّ . والجماعة، المرجع السابق، ص ٢٥٩ لكلمة الحق معاني كثيرة تدور كلها حول فكرة الثبوت أو الوجوب أو الاستحقاق. من ذلك قوله تعالى: ﴿ \[ZYXWVU ﴾ ؛ أي ثبت ووجب عليهم، وكذلك قوله تعالى: ﴿ ° ³²± ﴾ ، أي يثبت الحق ويظهره(١) . (١) في اللغة: هو الثابت الذي لا يسوغ إنكاره. وفي اصطلاح أهل » يقول الجرجاني إن الحق المعاني: هو الحكم المطابق للواقع... وأما الصدق فقد شاع في الأقوال خاصة. ويقابله الكذب. وقد يفرق بينهما بأن المطابقة تعتبر في الحق من جانب الواقع وفي الصدق من « جانب الحكم، فمعنى صدق الحكم مطابقته للواقع، ومعنى حقيقته مطابقة الواقع إياه (الجرجاني: التعريفات، وزارة الثقافة والإعلام، العراق، ص ٥٤ ). ويقول ا لأصبهاني: أصل الحق المطابقة والموافقة... والحق يقال على أوجه: الأول: يقال لموجد الشيء بسبب ما تقتضيه ا لحكمة. والثاني: يقال للموجد بحسب مقتضى ا لحكمة. والثالث: في الاعتقاد للشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه. .« والرابع: للفعل والقول الواقع بحسب ما يجب وبقدر ما يجب وفي الوقت الذي يجب ويضيف: ويقال أحققت كذا؛ أي أثبته أو حكمت بكونه حق » ً ا، وقوله تعالى: ﴿ °± ﴾ ، فإحقاق الحق على ضربين: أحدهما: بإظهار الأدلة والآيات. .« والثاني: بإكمال الشريعة وبثها في ا لكافة (الراغب الأصفهاني: المفردات في غريب القرآن، ط البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨١ ه .( ١٩٦١ م، ص ١٢٥ وجاء في معجم ألفاظ القرآن ا لكريم: وقد جاءت كلمة حق ،« لا يخلو من معنى الثبوت والمطابقة للواقع » والحق في معناه العام في القرآن الكريم في معاني كثيرة، منها: ما وجب للغير وكان حق ً ا له. بمعنى ثابت صحيح. من حق الشيء وجب. « واجبا » بمعنى ً بمعنى ناجز صادق. بمعنى العدل والوزن والصدق. = وقد قامت شريعة الإسلام في نظرنا أساسا من أجل حماية حقوق ً الأفراد. ورغم أن القرآن الكريم جاء فيه: = بمعنى الحكمة والمصلحة. في القرآن مائة وأربع وتسعين مرة، راجع تفصيلات أكثر في: « الحق » وقد وردت كلمة ١٤٠٩ ه ، معجم ألفاظ القرآن الكريم، مجمع اللغة العربية، القاهرة، ج ١ ١٩٨٩ م، ص ٣٠٦ -.٣١٠ ويقرر الإمام ابن ا لجوزي: الحق: الصواب الصحيح وضده الباطل والحقيقة: ما يصير إليه حق الأمر، وحق الشيء: »إذا وجب، وحاق فلان فلان ً ا إذا خاصمه، واد ّ عى كل واحد منهما الحق فإذا غلبه قيل حقه منتخب قرة العيون النواظر في الوجوه والنظائر في القرآن الكريم للإمام ابن ) .« وأحقه .( الجوزي، ص ١٠٠ ووردت كلمة الحق في القرآن الكريم على أحد عشر وجها، هي: الله، والقرآن، والإسلام، ً والعدل، والتوحيد، والصدق، وبمعنى وجب، والحق بعينه الذي ليس بباطل، والمال، والحظ، راجع مقاتل بن سليمان البلخي: الأشباه والنظائر، ص ١٧٥ -.١٧٨ كذلك قيل: الحق خلاف الباطل وهو مصدر الشيء من باب ضرب وقتل إذا وجب وثبت ولهذا يقال ».( انظر المصباح المنير، دار المعارف، القاهرة، ص ١٤٣ ) « لمرافق الدار حقوقها كذلك قيل: والقرآن الكريم يستعمل كلمة الحق فيما يجب أن يقع ويؤدي ويتحقق، ولأنه يجب أن »فالحق ميزان العدالة ودعامة » وبالتالي ،« يقع، ويؤدي فهو حق تترتب على تحققه مصلحة المساواة، وأساس المعاملة بين أفراد الأمة، وعلى هديه توزن أعمال الناس، يقول سبحانه: ﴿ jih ﴾ راجع د. شمس مرغني علي: القانون الدستوري، عالم الكتب، ) ،« القاهرة، ١٩٧٨ ، ص ٦٩٩ -.(٧٠١ وهي تتوافر عندما يكون للشخص نوع « شبهة الحق » وفي الشريعة الإسلامية شيء يسمى من الحقوق فيما أقدم عليه، ومتى توافرت الشبهة فإن الشخص لا يعاقب بعقوبة الحد. مثال ذلك سرقة الأب من ابنه لقوله ژ : « أنت ومالك لأبيك » . أما سرقة الابن من أبيه وإن علا فرأيان أحدهما يقرر إعمال الشبهة هنا وعدم القطع، والثاني لا يلتفت إليها. (انظر أمثلة أخرى في د. أنور دبور: الشبهات وأثرها في إسقاط الحدود، المكتبة التوفيقية، القاهرة، ١٩٧٨ ، ص ٣٧ -.(٣٩ = ﴿ ,+ -./ ﴾ [ [الكهف: ٥٤ . ﴿ TSRQP ﴾ [ [البلد: ٤ . ﴿ gfed ❁ kji ﴾ [٧ ، [العلق: ٦ . إلا أن الثابت أن الإنسان في الشريعة الإسلامية هو موضع تكريمها الأول(١) ، يقول تعالى:  ﴿ _ ` ihgfedcba  onmlkj ﴾ [ [الإسراء: ٧٠ . ﴿ KJIHGF ﴾ [ [التغابن: ٣ . ﴿ ,+ -0/. ﴾ [ [التين: ٤ . مما .« خليفة في الأرض » وقد وصل هذا التكريم إلى حد جعل الإنسان هي إحدى الركائز الأساسية للنظرية « الخلافة الإنسانية » يدل على أن  الإسلامية في حقوق الإنسان. يقول تعالى: ﴿ ! &%$#" ' )( ﴾ [ [البقرة: ٣٠ . ﴿ ! " &%$# ﴾ [ [فاطر: ٣٩ . = وفي معرض حديثه عن الفرق بين الحقيقة والحق، يقول ا لعسكري: إن الحقيقة ما وضع من القول موضعه في أصل اللغة حسنا كان أو قبيحا والحق ما » ًً وضع موضعه من الحكمة فلا يكون إلا حسن ً ا وإنما شملهما اسم التحقيق لاشتراكهما في وضع الشيء منهما موضعه من اللغة والحكمة (أبو هلال العسكري: الفروق في اللغة، دار .( الآفاق الجديدة، بيروت، ١٩٧٧ ، ص ٢٥(١) الإنسان وإن كان هو بكونه إنسان » : يقول الأصفهاني ً ا أفضل موجود فذلك بشرط أن يراعي ما به صار إنسان ً .« ا وهو العلم الحق والعمل ا لمحكم (الراغب الأصفهاني: كتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة: تحقيق طه عبد الرؤوف، مكتبة الكليات الأزهرية، ١٣٩٣ ه .( ١٩٧٣ م، ص ٢٣ ﴿ ÌËÊÉ ﴾ [ [ص: ٢٦ . ﴿ hgfed ﴾ [ [الحديد: ٧ . ولا شك أن الإسلام بخصوص حقوق الإنسان قرر المدلول والأداء أو الماهية والكيفية، وهو حقق بما قرره للإنسان مدينته الفضلى لا الفاضلة، ووضعه الأفضل لا الفاضل فحسب(١) . وتتجلى فلسفة حماية حقوق الإنسان في الإسلام في هذه العبارة الوجيزة الجامعة المانعة لعمر بن الخطاب ƒ والتي وجهها لعماله: لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تحرموهم فتظلموهم، وأدروا اللقحة » « (العطايا) للمسلمين(٢) . ذلك إن الغاية الأولى والأخيرة للإسلام هي حماية الإنسان والمحافظة عليه تحت كل حال، وفي كل عصر وآن(٣) . ولذلك فهو يكره الضعف، كما  يكره القوة الغاشمة التي تعتدي على الضعفاء، يقول تعالى: (١) الدكتور الأنبا « قيمة الإنسان عند ا لرسول ژ قيمة مطلقة » بل قال أحد المسيحيين إن يوحنا قلته: موقف الإسلام من غير المسلمين في المجتمعات الإسلامية المساواة في الحقوق والواجبات، في الإسلام والغرب، أبحاث ووقائع المؤتمر العام التاسع للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٨ ه . ١٩٩٧ م، ص ٤٠٦ (٢) . مذكورة في أبي يعلي: الأحكام السلطانية، البابي الحلبي، القاهرة، ط ١٣٥٦ ه، ص ١٧١ (٣) لذلك جاء في قرارات وتوصيات المؤتمر السادس لمجمع البحوث الإسلامية (الفقرة ا لثانية): راجع مجمع ) « ١ يقرر المؤتمر أن الإسلام يعلن كرامة الإنسان ويحافظ على حقوقه »البحوث الإسلامية، حقوق الإنسان في الإسلام ورعايته للقيم والمعاني الإنسانية، المؤتمر السادس، القاهرة، ١٣٩١ ه .( ١٩٧١ م، ص ٤٦٩ ويقرر آخرون: «In fact, in an Islamic State, Assurance of the Fundamental Rights is the Objective Towards which all Social Energies at all Levels are to be Directed (K. Ishaque: Human Rights in Islamic Law, the Review of the International Commission of Jurists, June 1974, p. 32). ٢٧٩ ﴿ ¶µ ¸ À¿¾½¼»º¹ Á ﴾ [ [القصص: ٥ . ويقول أيض ً ا: إن بعث ا لرسول ژ إليهم كان من أجل أن: ﴿ ^]\[ _`a ﴾ [ [الأعراف: ١٥٧ . بل إن أول خليفة في الإسلام (أبو بكر الصديق) أوصى عند موته: هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبي قحافة عند آخر عهده من الدنيا، وأول »  عهده بالآخرة، أنه قال استخلف عليكم عمر بن الخطاب، فإن بر وعدل  فذاك ظني ورجائي فيه، وإن غير وبدل فلا علم لي بالغيب والخير أردت، « ولكل امرئ ما اكتسب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون(١) . ولا جرم أن انتهاك حقوق الناس هو نوع من الظلم، وتبدو خطورة الظلم واضحة جلية في أنه كفيل بزوال المجتمع كله، يقول تعالى: ﴿ 21 ;:9876543 ﴾ [ [الحج: ٤٨ ، وأيض ً ا: ﴿ ÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ ﴾ [ [الإسراء: ١٦ ، وأيض ً ا: ﴿ Ø×ÖÕÔÓÒÑ ﴾ [ [هود: ١١٧ ، وأيض ً ا: ﴿ }|{zy ﴾ [ [النمل: ٥٢ ، ﴿ ! &%$# )( * ﴾ [ [الأنعام: ٤٥ ، ﴿ ÅÄà '" ÊÉÈÇÆ ﴾ [ [الأنفال: ٢٥ . حاصل ما تقدم أن احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية هي من المسائل التي يؤدي احترامها إلى وجود مجتمع ينعم بالاستقرار والسلام، بينما انتهاكها يمكن أن يترتب عليه زواله، يقول أبو يوسف: (١) تحقيق د. سعيد ،« الجوهر الثمين في سير الخلفاء والملوك والسلاطين » راجع ابن دقماق عاشور، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ص ٣٠ -.٣١ وإنما هلك من هلك من الأمم بحبسهم الحق حتى يشترى منهم، » ُ « وإظهارهم الظلم حتى يفتدى منهم(١) . ُ ويقول ابن جماعة إن من حقوق الرعية على ا لسلطان: إقامة الحدود الشرعية على الشروط المرعية، صيانة لمحارم الله عن » « التجرؤ عليها، ولحقوق العباد عن التخطي إليها(٢) . ونقسم دراستنا لحقوق الإنسان في الفقه الإباضي حول محورين أساسيين: الأول النظرية العامة لحقوق الإنسان في الفقه ا لإباضي. والثاني دراسة تحليلية لبعض حقوق الإنسان في الفقه ا لإباضي. وندرس هذين المحورين، كل في فصل مستقل، كما يلي:  (١) . أبو يوسف: الخراج، المرجع السابق، ص ١٠٦ (٢) ابن جماعة: تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، دار الثقافة، الدوحة، ١٤٠٨ ه . ١٩٨٨ م، ص ٦٧ ورحم الله أبا يوسف، حيث قال مخاطبا هارون ا لرشيد: ً فاحذر أن تضيع رعيتك فيستوفي ربها حقها منك ويضيعك بما أضعت أجرك، وإنما ».( أبو يوسف: الخراج، المرجع السابق، ص ٥ ) « يدعم البنيان قبل أن ينهدم لذلك قال قدامة بن جعفر إن الظلم من مساوئه أن: قدامة بن جعفر: ) « تضطرب مجاري السنن الحميدة وتنقص مذاهب السير السديدة ».( الخراج وصناعة الكتابة، وزارة الثقافة والإعلام، بغداد، ١٩٨١ ، ص ٤٦٧ وإن جاروا وعسفوا فهو حولة توثب، ودولة تغلب، يبيدها الظلم، » : ويقول الماوردي الماوردي: كتاب تسهيل « ويزيلها البغي، بعد أن تهلك بهم الرعايا، وتخرب بهم البلاد النظر وتعجيل الظفر في أخلاق الملك وسياسة الملك، دار النهضة العربية، بيروت، ١٩٨١ ، ص ١٥٥ - ١٥٦ . ذلك أن الحاكم من الرعية بمنزلة ولي اليتيم المندوب لكفالته، بصلاح أحوالهم عائد عليه، والضرر بفسادها متعد إليه، » والقيم بمصالحه، كما أن النفع .( نفس المرجع، ص ١٦٧ ) « فلن توجد استقامة ملك فسدت فيه أحوال الرعايا يمكن إسناد النظرية العامة لحقوق الإنسان في الفقه الإباضي إلى خمسة محاور أساسية، هي: الأقوال المأثورة للفقه الإباضي بخصوص حقوق ا لإنسان. أنواع حقوق الإنسان في الفقه ا لإباضي. القواعد الخاصة بحقوق الإنسان في الفقه ا لإباضي. ضرورة أداء الحقوق لأصحابها في الفقه ا لإباضي. ضرورة إزالة الانتهاكات الواقعة على حقوق الإنسان في الفقه الإباضي. وندرس هذه المحاور الخمسة، كل في مبحث مستقل، على النحو الآتي بيانه: :∫hC’G åëѪdG ¿É°ùfE’G ¥ƒ≤M ¢Uƒ°üîH »°VÉHE’G ¬≤Ø∏d IQƒKCÉe ∫GƒbCG سنرى خلال هذه الدراسة أن الأساس الأول والأخير بخصوص حقوق الإنسان هو كفالة الكرامة الإنسانية التي أكدها قول رب البرية في ihgfedcba`_ قوله تعالى: ﴿  onmlkj ﴾ [ [الإسراء: ٧٠ ، وقوله سبحانه: ﴿ + , -0/. ﴾ [ [التين: ٤ . ولفقهاء الفقه الإباضي أقوال مأثورة بخصوص الحقوق بصفة عامة تدل على احترامهم لها، وحضهم على الالتزام بها، وعدم الاعتداء عليها: وليس لأحد إلا متابعة الحق في كل حال وعلى كل حال من » : منها « الأحوال(١) .  ولا ينبغي للمسلم إلا أن يكون مع الحق قريبا كان أو بعيد » : ومنها ً ا، ً  « ا(٢) حبيب ً ا كان أو بغيض ً ا، رفيع ً ا كان أو وضيع ً .  « الحق بنفسه حجة فلا ينظر إلى من أداه » : كذلك من القواعد ا لإباضية(٣) . ُّ ومنها، (من سير الإمام راشد بن سعيد قوله): وتحقق أن الحق لا حياء فيه ولا محاباة لديه ولا مجاملة عليه يؤخذ » منك ويجري عليك وعلى والدك وابن عمك وخادمك وغلامك فإنهم فيه « سواء فلا تظن غير هذا(٤) . « وفي الحق حياة يا أولي الألباب لعلكم تذكرون » : ومنها(٥) ، كما أنه: « ليس لأحد أن يكره ا لحق »(٦) . (١) البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع السابق، . ج ٨، ص ١٣٩(٢) أبو الربيع سليمان الميزاتي: كتاب السير، تحقيق حاج سعيد مسعود، ١٤١١ ه . ١٩٩١ م، ص ٤٩ (٣) . راجع معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٥٧ ّ (٤) الجامع لابن جعفر، المرجع السابق، ج ٨، ص ٨٢ ؛ محمد بن عبيدان: جواهر الآثار، المرجع السابق، ج ١٦ ، ص ٥٣ -.٥٤ (٥) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٨ ، ص ١٥٥(٦) . ذات المرجع، ص ١٧٢ كذلك يقول سماحة المفتي العام لسلطنة عمان: ُ ٍ إن الإسلام الحنيف أعطى كل ذي حق حقه، فهو يرعى الحقوق » الشرعية التي جعلها الله معقد الارتباط بين الناس، لذلك ينوء بها الإنسان وقد حملها على كاهله، وهذه الحقوق متنوعة ومتفاوتة بتفاوت ما لأهلها « من شأن (١) . « طرق الحق واضحة ومناراتها لائحة » : وأكد الفقه الإباضي أن(٢) . وترجع علة هذه العناية للفقه الإباضي بحقوق الإنسان إلى أن هذا هو كائن اصطفاه الله لأن يكون خليفة في الأرض، وجعله مع ذلك » : الأخير « قطبا في الكون يدور عليه نظامه(٣) . ً ولا يخفى على أحد أن احترام حقوق الإنسان له أثره الإيجابي، الذي قدمت منهزمة الروم على هرقل بأنطاكية، فدعا » : يتضح مما يلي: فقد قيل رجلا ً من عظمائهم وأشدائهم، فقال: أخبروني عن هؤلاء القوم الذين تقاتلونهم، أليسوا بشرا مثلكم؟ قالوا: بلى، قال: أفأنتم أكثر أم هم؟ قالوا: بل ً نحن أكثر منهم أضعاف في كل موطن. قال: فما بالكم تنهزمون؟ فسكتوا، فقام شيخ منهم فقال: أنا أخبرك أيها الملك: إذا حملنا عليهم صبروا، وإذا حملوا علينا لم يكذبوا، ونحمل عليهم فنكذب، ويحملون علينا فلا نصبر، قال: ويلكم فما بالكم كما تصفون؟ قال الشيخ: من أجل أن القوم يقومون الليل، ويصومون النهار، ويوفون (١) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الدين الحياة، الكتاب الأول، إعداد خميس العدوي، ص ٣٣٥ (٢)الشيخ عبد الله النزوي: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، مسقط، ١٤١٥ ه ١٩٩٤ م، . ج ٣، ص ٣٣٨(٣) سماحة المفتي العام لسلطنة عمان، الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الدين الحياة، الكتاب ُ . الأول، المرجع السابق، ص ٣٣٨  بالعهد، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ولا يظلمون أحد ً ا، ويتناصفون فيما بينهم، ومن أجل أنا نشرب الخمر، ونزني، ونركب الحرام، وننقض العهد، ونغضب، ونظلم، ونأمر بما يسخط الله، وننهي عن ما يرضي « الله، ونفسد في ا لأرض(١) .  حري بالذكر أن الفقه الإباضي يتفق في مجموعه مع باقي المذاهب الإسلامية الأخرى بخصوص مسائل حقوق الإنسان في الإسلام، لذلك فقد قيل:  وليس في باب الحقوق خصوصية للإباضية إلا من حيث تعلق الجزاء » الأخروي بأداء حقوق العباد وعدم التفريط فيها مهما هانت، ومن ذلك ٍِ ِِ ِ قوله ژ في حديث أنس بن مالك : من اقتطع حق مسلم » ِبيمينه حرم الله  َ َُْ ََُ ِ«(٢) ع َل َ يه الجنة َو َأو َْج َب َ له ُ النار َ .  :»fÉãdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ¥ƒ≤ëdG ´GƒfCG يأخذ الفقه الإباضي بالتقسيم الثلاثي للحقوق المعروف لدى المذاهب الإسلامية الأخرى، وهي(٣) : أ حقوق الله (أو الحقوق العامة أو حقوق النفع ا لعام): كالزكاة والكفارات والحدود والعبادات والأموال الموقوفة للمصلحة العامة أو للنفع العام. وقد « لعظم خطرها وعموم (أو شمول) نفعها » أضيفت هذه الحقوق إلى الله(٤) . (١)النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٩ -.٢٠ (٢) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٢٨٤ ّ (٣) ، راجع معجم مصطلحات الإباضية، ج ١، ص ٢٨٤ ؛ السالمي: كتاب طلعة الشمس، ج ٢ ّ . ص ٣٥٣ ، معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٤٥٥ ّ (٤) . السالمي: كتاب طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٥٣ ؛ معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٢٨٤ ّ  ويحكم حق الله في الفقه الإباضي عدة قواعد منها(١) : حق الله يسقط بالشبهة، أما حقوق العباد فلا تسقط بالشبهة. حق العبد لا يرفع حق ا لرب. دين الله أولى بالقضاء من دين ا لعبد. (١) ، راجع هذه القواعد في معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١ ّ ص ٤٥٣ - . ٥٥٠ ؛ ج ٢، ص ١١١٨ ،٤٥٤ ويمكن أن نقول مع القرافي إن: .« حق الله تعالى أمره ونهيه، وحق العبد مصالحه »القرافي: الذخيرة، كلية الشريعة، جامعة الأزهر، ج ١، القاهرة، ١٣٨١ ه . ١٩٦١ م، ص ٦ وفي حديثه عن الفرق بين قاعدة حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين يقرر ا لقرافي: فحق الله أمره ونهيه وحق العبد مصالحه والتكاليف على ثلاثة أقسام: حق الله تعالى فقط »  كالإيمان وتحريم الكفر وحق العباد فقط كالديون والأثمان، وقسم اختلف فيه هل يغلب فيه حق الله أو حق العبد كحد القذف ونعني بحق العبد المحض أنه لو أسقط لسقط وإلا فما من حق للعبد إلا وفيه حق لله تعالى وإنما يعرف ذلك بصحة الإسقاط فكل ما للعبد إسقاطه فهو الذي نعني به حق العبد وكل ما ليس له إسقاطه فهو الذي نعني أنه حق الله راجع الفروق للقرافي، ج ١، الفرق الثاني والعشرون، ص ١٧٩ ) « تعالى -.(١٨٠ وقالوا إن حقوق الرب وحقوق عباده أقسام: أحدها متساوي، والثاني متفاوت، والثالث متفاوت في تساويه وتفاوته (عز الدين بن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، تحقيق طه عبد الرؤوف، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة ١٣٨٨ ه ١٩٦٨ م، ج ١، ص ١٦٨ وما بعدها). واعلم أن حقوق الله تعالى مبنية على المسامحة لأنه غني عن » : ويقول النيسابوري الإمام النيسابوري: غرائب القرآن ) « العالمين، وأما حقوق العباد فهو أولى بالاحتراز عنها ورغائب الفرقان، تحقيق إبراهيم عطوة، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨١ ه ١٩٦٢ م، ج ١، ص ٩٩ ). كذلك قيل: وحقوق الله تعالى تجري فيها المساهلة ولا تحمل على الاستقصاء وكمال الاستيفاء »الإمام الخطابي: معالم السنن وهو شرح سنن أبي داود، المكتبة ) « كحقوق الآدميين العلمية، بيروت، ١٤٠١ ه .( ١٩٨١ م، ج ٣، ص ١٧٨ حق الله يستغنى عنه، وحق الآدمي يفتقر إليه؛ ألا ترى أن حقوق الله » ويقول ابن العربي إنابن العربي: أحكام القرآن، عيسى البابي ) « لا تجب على الصبي، وتلزمه حقوق الآدميين الحلبي، القاهرة، ١٣٧٦ ه .( ١٩٥٧ م، ج ٢، ص ٨٤٣ لا يجب حق الله في حق ا لله. ب حقوق العباد (أو الحقوق الخاصة): وهي قد تكون حقوق ً ا للفرد ذاته يستأثر بها دون غيره كحق الملكية، أو يشترك فيها مع غيره كالحق في بيئة سليمة ونظيفة. ج الحقوق المشتركة أو المختلطة أو ذات الأثر المزدوج: مثل حد القذف، وحد القصاص؛ إذ كل منهما حق لله (لأنهما يزجران عن الفواحش)، وحد القذف حق للعبد (لأنه دافع للعار عن المقذوف) وكذلك حد القصاص (لأنه حافظ لبنية الإنسان وحياته وسلامته ا لجسدية). :ådÉãdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ¿É°ùfE’G ¥ƒ≤ëd á£HÉ°†dG óYGƒ≤dG في الفقه الإباضي العديد من القواعد الضابطة للحقوق(١) ، منها: أ :« الباطل لا يزيل الحق » فالمسلم عليه أداء الحق الواجب عليه، وليس له أن يتركه لوجود أمر باطل عرض في طريقه، مثال ذلك قوله تعالى: ﴿ ihgf ﴾ [ [لقمان: ١٥ ، إذ يجب على الابن معاملة أمه بالمعروف ولو كانت كافرة. ب :« الحق لا يسقط بظلما ل ظالم » فالحق يجب أداؤه دائما، يؤيد ذلك ً قوله ژ : « مطل الغني ظلم يحل عرضهو عقوبته »(٢) . (١) انظر أيض ً ا قواعد أخرى في المذاهب الإسلامية الأخرى، د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام : بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة الإسلام، المرجع السابق، ج ٦ حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية، ص ٦٦ -.٨٥ (٢) ٣٧٤ ، سنن النسائي، باب مطل الغني /٧ ،( سنن ابن ماجه، باب الحبس في الدين، ( ٢٥٢١ . ٣٩٨ ، مسند أحمد رقم ١٨٤٣١ /١٤ ،(٤٧٠٧)  ج :« حيازة الشيء دليل ملكه » وتساويها في القوانين المعاصرة قاعدة اكتساب ملكية العقارات » وقاعدة ،« الحيازة في المنقول سند الملكية ».« بالحيازة الهادئة لمدة معينة يحددها ا لقانون د :« القديم يترك على قدمه » أي أن الأمر يجب أن يترك على حاله ما لم يثبت دليل يقرر خلاف ذلك، وهذا من استصحاب الحال، لأن استمراره هكذا يدل على استناده إلى حق مشروع. ه :« الكفر لا يبطل ا لحقوق » ولم يجمع فقهاء ا لإباضية على هذه ا لقاعدة. ّ يقرر رأي:  والظاهر أن فقهاء الإباضية مختلفون في هذه القاعدة والذي يبدو أن » ّ من الحقوق حقوق ً ا تسقط بالردة وهي ما تكون سببا في حصول المودة بين ً المؤمنين والكافرين كالميراث، والوصية ونحو ذلك من الحقوق التي تنشئ علاقة ومودة، وموالاة بين المؤمن والكافر فهي تسقط لأن الله نهى عن ذلك. قال تعالى: ﴿ ¬¯® ° ³²± ´ ﴾ [ [آل عمران: ٢٨ ، وقال: ﴿ &%$ '( ﴾ [ [الممتحنة: ١ ، والتوارث مظ ِنة ُ ذلك َ فهذا يسقط باختلاف ا لدين. وأما الديون الحالة أو المؤجلة فهذه لا تسقط باختلاف الدين ولا باختلاف الدار. يا رسول الله، إن » : وقد ثبت أن ا لنبي ژ لما أجلى يهود بني قريظة قالوا لنا على الناس ديون ً ا مؤجلة، فقال ا لنبي ژ : ضعوا وتعجلوا .« « ولم تسقط حقوقهم باختلاف الدار وكذلك ا لمرتد(١) . (١) معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٨٨٧ -.٨٨٨ ّ و ما لزم النفس من الحقوق لا تصح النيابة فيه وما لزم المال أو البدن » « صحت النيابة فيه(١) . ز :« جهالة الحقوق لا تؤدي إلى توزيعها على ا لفقراء » عدم جواز » وقاعدة « كتمان الحق بعد علمه عند المطالبة به(٢) . ح من استعجل شيئ » ً « ا قبل أوانه عوقب بحرمانه(٣) : ومثاله حرمان الوارث من الميراث إذا قتل مورثه، لأنه تعجل الحصول على حقه قبل تحقق الوفاة ا لطبيعية. ط :« جواز تقييد الحقوق عند ا لضرورة » فقد تحدث أحوال، كوقوع حرب أو زلزال أو كارثة طبيعية أو أعمال إرهابية، تحتم تقييد ممارسة الحقوق أو التصرف فيها، وتسمح النظم القانونية الوضعية حاليا بتقييد ً الحقوق بالقدر اللازم لمواجهة مثل هذه الأحوال بالتطبيق لقاعدة وقد ،« الضرورة تقدر بقدرها » وقاعدة « الضرورات تبيح المحظورات » ا(٤) أخذ الفقه الإباضي بذلك أيض . ً (١) ، راجع هذه القاعدة والقواعد السابقة عليها، في ذات المرجع السابق، ج ١، ص ٣٢٥ ٨٨٧ ، ٨٢١ ؛ ج ٢ ،٤٩٩ ،٤٦٠ -١٢٧٤ ،٨٨٨ -.١٢٧٥ (٢) راجع هاتين القاعدتين في البوسعيدي: كتاب الباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ج ٨، ص ١٣٨ -.١٣٩ ُ (٣) خلفان الحارثي: القواعد الفقهية عند الإمام ابن بركة بين التأصيل والتطبيق، المرجع السابق، ص ٢٥٣ -.٢٥٦ (٤) يكفي أن نذكر هنا ما يلي: قلت له: هل لوالي الإمام أن يحجر على أهل بلده أن يخرجوا من بعد ضرب النوبة؟، ذلك »لأنه كثرت المفاسد بالليل كالسرقة والملاعب والملاهي، فأراد الوالي إرسال عسكر الإمام لحرس البلد وقهر كل من رأوه بعد ذلك الوقت، ممن كان تلحقه التهمة، فيعاقب على تهمته، ومن رأوا لا تلحقه التهمة أطلقوه، قال: إن على هذا الوالي أن يجتهد في أمر صلاح البلد، وحفظ الرعية من جميع المضار، ولا يألو جهد ً ا فإن أعجزه رفع الفساد إلا باستعمال الوجه = ّ ي عدم جواز التعسف في استعمال الحق: وينطبق ذلك إذا ترتب على استعمال الإنسان لحقوقه أضرار جسيمة بغيره لا تتناسب البتة مع ما يحققه من نفع(١) . وقد قررت الشريعة الإسلامية عدم جواز التعسف في استعمال الحق في مواضع كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿ !" &%$# +*)(' ,-0/. ﴾ [ [البقرة: ٢٣١ . ﴿ {zyxwvuts﴾ ... الآية. [ [النساء: ١٢ . ولعل خير حديث يدل على نبذ التعسف في استعمال الحقوق، ما روي عنه ژ : مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على » سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرق ً ا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميع ً ا، وإن أخذوا على « أيديهم نجوا ونجوا جميعا . ً وكذلك قوله ژ : لا ضرر ولا ضرار » .« والتعسف في استعمال الحق تحكمه ثلاثة ضوابط: (الأول): هو = الذي ذكرته أنت من منع الناس من الخروج ليلا ً ساغ له ذلك عندي، وكان هذا الوجه من باب دفع الضررين بأخفهما ضررا، إلى أن يرتفع الفساد ويأمن العباد فيرفع ذلك عن أهل ً . الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٥٩ ،« البلد(١) انظر تطبيقات نظرية التعسف في استعمال الحق على صعيد العلاقات بين الأفراد في الفقه الإباضي، في: د. سعيد العبري: نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه الإسلامي، ندوة تطور العلوم الفقهية، النظرية الفقهية النظام الفقهي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ابريل ٢٠١٢ ، ص ٢٥ -.٢٦ ُ قصد الإضرار بالغير، (والثاني): هو تحقيق مصالح لا تتناسب مع ضرر الغير، (والثالث): هو أن تكون هذه المصالح التي يستهدف تحقيقها غير مشروعة(١) . ك قواعد إثبات ا لحقوق: من المعلوم أن الحقوق خصوصا بين العباد لا بد من إثباتها وبيان ً ما تستند إليه من أدلة تدعمها. ومن أهم القواعد التي بحثها الفقه ا لإباضي:  البينة على من ا د » ١ قاعدة ّ « عى واليمين على من أنكر(٢) : يؤيد هذه القاعدة ما رواه ابن عباس ^ أن رسول الله ژ قال: لو » (١) انظر، تفصيلات هذه الشروط في د. محمد رأفت عثمان: التعسف في استعمال الحق في الشريعة الإسلامية والقانون، مجلة كلية الشريعة والقانون، القاهرة، ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ١٢ -.٤١ ويؤكد الشيخ سلام مدكور أن تقرير عدم التعسف وعدم الإضرار بحقوق الغير يدل »على أن نظرة التشريع الإسلامي جماعية منذ البداية، بينما القوانين الوضعية على اختلافها لم تفطن إلى هذا إلا من عهد قريب إذ كانت تعتبر حقوق الأفراد طبيعية د. محمد ) « خالدة، للفرد مطلق الحرية في استعمالها دون مراعاة للغير أو المجتمع سلام مدكور: المدخل للفقه الإسلامي، دار النهضة العربية، القاهرة ١٣٨٩ ه ١٩٦٩ م، ص ٢٨ - ٣٩ ). وانظر أيض ،٢٩ ً ا: د. عبد المنعم الصدة: دراسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي في المعاملات المالية، ج ١، نظرية القاعدة القانونية والقاعدة الشرعية، ص ٧٤ -.٧٥ (٢) اختلف الفقهاء في تعريف المدعي والمدعي عليه والمشهور فيه تعريفان: الأول المدعي من يخالف قوله الظاهر والمدعي عليه بخلافه. والثاني: من إذا سكت ترك وسك َ وت َ ه، والمدعي عليه من لا يخلي إذا سكت، والأول أشهر ُ والثاني أسلم. حاشية الترتيب للشيخ ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، ج ٣، ص ٢١٨ - ،٢٢٠ . حديث رقم ٥٩٢ يعطى الناس بدعواهم لاد ّ عى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة على « المدعي واليمين على من أنكر وأصل هذا الحديث في ا لصحيحين(١) .  وهكذا فإثبات الحقوق أمام القضاء خصوصا أمر مهم للفصل في ا لنزاع(٢) . ً جانب المدعي ضعيف لأنه » والحكمة من هذا الحديث تكمن في أن يقول بخلاف الظاهر، فك ُ ل ّ ف الحجة القوية، وهي البينة لأنها لا تجلب لنفسها نفعا ولا تدفع عنها ضررا فيقوى بها ضعف المدعي، وأما جانب ًً  المدعي عليه فهو قوي لأن الأصل فراغ ذمته فاكتفى فيه باليمين، وهو حجة   ضعيفة لأن الحالف يجلب لنفسه النفع ويدفع عنه الضرر، فكان ذلك في غاية الحكمة، ولا مانع من اجتماع حكمتين أو أكثر في معنى واحد، على أن الحكمة التي أشار إليها الحديث متعلقة بالمصالح العامة المترتبة على نفس القضاء، والحكمة التي استنبطها العلماء إنما هي مجرد مناسبة لأنها ِ تبين الوجه الذي لأجله اختص ا لمد ّ عي بالبينة والمن ْ« كر باليمين(٣) . ُّ البينة في الخصومات والشهرة في الأخبار وفيما سواهما » ٢ قاعدة « الدلائل(٤) : وتبين هذه القاعدة طرق ً ا للإثبات تتفق والموضوع المراد إثباته: فالبينة (١) . رواه البخاري ومسلم، وانظر شرح ا لسنة للإمام البغوي، حديث رقم ٢٥٠١ (٢)تطبيق ً راجع القاعدة في معجم القواعد الفقهية ،« لا حكم إلا بإقرار أو بينة » ا لقاعدة . الإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٠٦٢ ّ (٣) سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، . المرجع السابق، ص ٢٥٣(٤) انظر القاعدة في معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٤١ - ،٣٤٣ ّ وللقاعدة فروع خاصة بالعلاقات الدولية، منها: إذا وجدنا مالا ً مدفون ً ا ولا بينة على كونه ركاز ً ا أو كنز ً ا أو على كونه مالا ً للحربيين أو للمسلمين ولا شهرة في ذلك، نظرت العلامات وهي السكة فإن ختم على المال بخاتم يدل على التوحيد وعلى أنه للمسلمين كان حكمه أنه مال = (الشهود) للخصومات، والشهرة (أي كون الأمر من الأشياء المعلومة لاستفاضة وعلم الناس به) في الأخبار، والدلائل (أي ما يتوافر من أدلة لدى المدعي أو المدعي عليه بالنسبة لما لا يتم إثباته بالبينة أو ا لشهرة). ٣ القواعد المتعلقة بالإقرار كوسيلة لإثبات ا لحقوق: الإقرار (أو الاعتراف) هو من أفضل وأقوى أدلة الإثبات، لأن به يسلم الشخص تسليما بالحق أو الواقعة موضوع ا لنزاع. ً وقد تعرض الفقه الإباضي خصوصا لقاعدتين بخصوص ا لإقرار: ً من أقر على نفسه بحق ألزم » الأولى ُ « به(١) : وهذه القاعدة منطقية ذلك أنه إذا اقتصر الإقرار على نفس المقر، ولم يتعداه إلى غيره، فهذا دليل أكيد على ثبوت الحق (بشرط أن يكون الإقرار صادرا عن إرادة واعية لا يعيبها ً أي عيب من عيوب الرضا كالغط أو التدليس أو الإكراه). يقول ابن بركة: « واتفق الجميع على أن كل بالغ حر عاقل أقر على نفسه بحق أخذ به »(٢) . الإقرار متى تضمن حكما على » أو « الإقرار حجة قاصرة » والثانية ً « الغير لم يقبل(٣) . = للمسلمين، وإن وجدت عليه صور الأصنام اعتبر مالا ً للمشركين لأنه إن كان ركاز ً ا ففيه .( الخمس وإن كان للحربيين فهو لمن وجده وليس فيه الخمس (ذات المرجع، ص ٣٤٣(١) أن من أقر بحق من حقوق العباد المالية أو المعنوية، أو ألزم » ومعنى القاعدة ظاهر وهو ّ نفسه بحق من الحقوق فإنه يلزم بما التزم به أمام القضاء لا سيما في حقوق العباد وقد .« سبق أن بينا أن حقوقهم مبنية على المشاحة وأنه لا يجوز الرجوع عنها بعد ا لإقرار ّ . القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٣٩٤ ّ (٢) . ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٦٠(٣) ؛ راجع خلفان الحارثي: القواعد الفقهية عند الإمام ابن بركة، المرجع السابق، ص ٢٥٨ . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٨٠ ّ بمعنى أنه يقتصر من حيث أثره على « نسبية أثر الإقرار » معنى ذلك التزام الإنسان بما أقر به على نفسه، ولا يمتد أثر الإقرار إلى الغير. فالقاعدة كما سبق القول، أن الإنسان مؤاخذ بإقراره على نفسه فقط، وإقراره بخصوص غيره هو من قبيل الشهادة التي يقيم القاضي مدى صدقها وإنتاجها في ا لدعوى(١) ، وعدم امتداد آثار الإقرار إلى غير المقر يساوي القاعدة القانونية المعروفة: »Res inter alios acta.« لا يصطنع الشخص دليلا » ٤ قاعدة ً لنفسه أو لغيره إذا كان هو الذي هذه القاعدة واضحة، وقد أخذ بها الشيخ الرقيشي كما يلي: ،« انتهك الحق « والحق لا يلي إخراجه المتصف بالباطل لأنه متهم ولأنه لا يذعن له »(٢) . « شهادة العدو على عدوه جائزة إذا أيدت ا لحق » ٥ (٣) .  (١) إذ يجب :« الأخذ بالاحتياط فيما لا يتعلق به حق غيره » كذلك يأخذ الفقه الإباضي بقاعدة على الحاكم أو المفتي أن يتحرى الأعدل والأصح من الأقوال إذا تعلق الأمر بحق للمتخاصمين، ولا يأخذ بقاعدة الأحوط، لتضرر الطرف الآخر بذهاب حقه. د. هلال بن محمد الراشدي: القواعد الفقهية عند الإباضية تنظيرا وتطبيق ً ا، مركز الغندور، ًّ . القاهرة، ٢٠٠٩ ، ص ١٢٦(٢) الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه . ١٩٨٤ م، ص ٢٦ ُ (٣) واختلفوا هل تقبل شهادة العدو على » : ما يوجد في الأثر ما نصه » : وهكذا بخصوص سؤال عدوه؟ فقال بعضهم تقبل إذا لم تكن تخرج إلى الفسق وقال أكثرهم: لا تقبل أصلا ً . قال الصبحي إن كانت هذه العداوة باطلة فإنها حرام ولا تجوز شهادة أهل الحرام كائن ً ا ما كان الشاهد وكائن ً ا ما كان المشهود عليه، ولا أعلم في هذا الفصل ا ختلاف ً ا وإن كانت هذه العداوة حقا قد تستحقها المشهود عليه بإتيانه الكفر فهذا مما لا تبطل شهادته عليه لأن فما ،« هذا جائز ولازم، ولينظر في هذا الفصل لأنه حكم أفعال العباد إما عدل وإما باطل وجه الجمع بين كلامي الأثر في حكاية الخلاف في شهادة العدو على عدوه وبين تفصيل الشيخ الصبحي أم لا جامع بينهما؟ فضلا ً منك ببيان ذلك. الظاهر أن كلامي ا لعلا ّ مة الصبحي رحمة الله عليه مباين للقولين السابقين وأنه سالك = َ :™HGôdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a É¡HÉë°UC’ ¥ƒ≤ëdG AGOCG IQhô°V الظاهرة التي تلفت الانتباه في الفقه الإباضي هي تشديده على ضرورة أداء الحقوق لأصحابها، بل وانتزاعها من أيدي غصابها. يتضح ذلك مما يلي: :z≥ëdG ™fÉe{ ≈∏Y äƒμ°ùdG ΩóY ( CG ة(١) : يقول ا لإباضي « مانع الحق » بخصوص ّ = مسلك ً مة الصبحي لم يعتبر نفس العداوة مؤثرا في ً  ا غير مسلكهما. وبيان ذلك أن العلا قبول الشهادة وفي ردها وإنما اعتبر نفس البطلان الذي لا خلاف فيه أنه مسقط للعدالة يقول ا لسالمي: « وكلامي الأثر السابق معتبر لنفس العداوة وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا حصلت مشاحنة وتخاصم وتنازع من طائفتين كل واحدة »تد ّ عي أن بيدها فصل الخطاب وأنها على نهج الصواب ولم تقم صحة ببطلان إحدى الطائفتين ولا ببطلان جميعهما، ففي مثل هذا المقام يجري الخلاف المذكور في قبول شهادة جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٥ ،« العدو لهؤلاء فتفطن له - .٢٦ (١) الأغبري: فتح الأكمام عن الورد البسام في رياض الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠١ ه ١٩٨١ م، ص ٢٦ ُ - .٢٧ :« مانع ا لحق » كذلك يقول الثميني بخصوص وقد روى، أنه يقتل، ومن قال لداعيه إلى الحق لا أعطيكه، أو لا أسير معك إليه، أو ».« منعته لك. أو لا أجيبك إليه، أو نحو ذلك، فإنه يجبر إليه وإن امتنع بسلاح، وقاتل، حل قتله، ولا يغرم فاسد في سلاحه، أو متاعه، وقت امتناعه. وإن امتنع في بيت هدم، وإن لغيره. ويغرم فاسد فيه، إن كان لغيره، ولم يبن للمنع. ولا تقطع شجرة، إن امتنع عليها مطلق ً ا، ويجوز إن كانت له، ويجعل اليد في امرأة، إن .« امتنعت وتجبر الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ١٩٣ وما بعدها. راجع أيض ً ا: الشيخ عيسى الحارثي: خلاصة الوسائل بترتيب المسائل، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٢٧ ه ٢٠٠٦ م، ج ٤، ص ١٣٨ ُ - .١٣٩ الباب الثالث: حقوق ا لإنسان في الفقه الإباضي ٢٩٥ ومن د ُ عي للحق ثم امتنعا يجبر أن يجيبه ويخضعا وإن أبى إلا قتالا ً قتلا فقتله فيه حديث نقلا وليس في التالف من متاعه عزم له ما دام في امتناعه وإن ْ يكن في بيت غيره ا متنع يهدم لكن مع ضمان ما انقشع ْْ إلا إذا بنى للامتناع ِ أو كان ربه إليه داعيلأنه آواه إذ دعاه ومانع الحق كمن آواه وإن يكن بشجر له امتنع يجوز قطعه وقيل لا يسع وإن يكن لغيره ذاك الشجر فقطعه قد قيل فيه محتجر ومانع للحق من أقام في مكانه تماديا ولا يفي ً  ومنع الحق يعني في عبارة موجزة(١) اتخاذ أي أمر يؤدي إلى عدم  (١) تم تفصيل منع الحق، كما يلي: يجب إخراج الحق ممن وجب فيه ولو طفلا » ً أو مجنون ً ا بأدب فيهما فقط، لا كبالغ  عاقل،..... ومنعه للحق، إما لإمام أو قاضيه أو جماعة أو قاضيها أو من ينتهي إليه أمر الحق وإخراجه، وأما لداعيه إليه إن صحت دعواه، وأبى من السير معه إليه أو إلى مخرجه ممن ذكر، ولا يكون مانعا إن دعاه إلى من لا يجوز له أن يدعوه إليه فأبى، ولا يجبر إليه أو ً اد ّ عى عليه ما لم يصح عند ا لعلماء. وي ُن ْ هى الداعي عن ذلك إن ظهر منه ويخرج منه الحق إن لم ينته، أو طالبه بما له عليه من حق لازم بلا دعوة للحق، أو إلى مخرجه، والمنع يكون بالنطق بمنعت الحق أو بلا أسير إليه، وبلا حق لك علي فيما تدعيه، حيث كان عليه في الواقع وبالجوارح كمقاتلة الداعي والقعود وعدم الاكتراث به والإعراض عنه بصد وبالسكوت عن إجابة وبإباء من المسير كقاض أو من دخول في حبسه أو من يمين حيث يجبر عليها... ٍ وإن منع حق ً ا لعامة كفساد في مال مسجد أو أجر أو مقبرة أو في مجاز طرق أو أسواق أو قصور لعامة ونحو ذلك مما ينسب لها، جاز استمساك واحد منها به وشهادة عليه وإجباره .« له وحكمه عليه  العلامة أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٧ ، ص ٦٤٦ -.٦٥٤ من » : الوفاء به أو أدائه لأصحابه ومانع الحق يجبر على أدائه، ذلك أنه « وجب عليه الحق، عند الحاكم، بإقراره أو ببيان، فليجبره إن ا متنع(١) . على أن ما تقدم يرد عليه قيدان: الأول أن ماهية وطبيعة الحق قد تحتم التصرف بطريقة معينة أو بعبارة أخرى، يجب في تطبيق ما تقدم التفرقة .« مانع الحق » مختلفة مع بين الحقوق وعدم تطبيق حل تلقائي أو أتوماتيكي يطبق على جميع الأحوال(٢) . والثاني إذا كان في وضع « نظرة ميسرة » يمكن إعطاؤه « مانع الحق » أنلا يسمح له بدفع ما عليه (حالة ا لإعسار). وهكذا بخصوص قوله ژ : « مطل الغني ظلم وإلزام المعسر ظلم » ، يقول المحقق ا لخليلي: (١) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ١٩٤(٢) وهكذا بخصوص سؤال هل كل من امتنع عن حق عليه سواء كان لله أو للعباد بعد أن ُ طولب به يصير باغيا، أو في حقوق مخصوصة دون غيرها؟ يقول ا لسالمي: ً الامتناع على مراتب، وكلها حرام، لكن منه ما يبيح القتل والمقاتلة، ومنه ما دون ذلك، » َ ولا يحل لسائر الناس القتل بكل امتناع، وإنما يقاتل إذا منع حق ً ا قائم العين، أو أحال هو َ بينه وبين مالكه. وكذلك يقاتل إذا شغب وشمخ بأنفه عن الحق بعد ثبوت الحكم عليه وتمادى في طغيانه، وكذلك يقاتل إذا انتشر فساده ولم يقدر على دفعه إلا بذلك، وأما َ الإمام فإنه يقاتل كل من أبى عن الدخول في طاعته، وأما حقوق الله كالصلاة والصوم فإن الإمام يعاقب عليها العقوبة البليغة ولو أفضت إلى الموت حتى تقام، وأما الزكاة فإن الإمام يأخذها من الرعية. فإن امتنعوا عن أدائها قاتلهم عليها، كما فعل أبو بكر رضي الله تعالى عنه، هذا ما حضرني من وجوه الامتناع، ولا أقول يحصرها في هذا. بل يمكن أنه .« لم يحضرني شيء منها أبو محمد السالمي: العقد الثمين، نماذج من فتاوي نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، ج ٤، المرجع السابق، ص ٣٩٥ ٢٩٧ فالغني القادر على القضاء لا يحل له تأخير القضاء إلا لعذر فإن أخره مع » القدرة عليه فهو مطل والمطل ظلم يوجب الإثم وكذا إلزام المعسر ظلم مع العلم بعدم قدرته على الوفاء لا يجوز وهو ظلم يوجب الإثم وعليه أن ينتظره كما قال الله تعالى: ﴿ ¿¾½¼»º¹ ﴾ « والله أعلم(١) . :(2)É¡HÉë°UCG ≈dEG ¥ƒ≤ëdG ´ÉLQEG (Ü بحث الفقه الإباضي إرجاع الحقوق لأصحابها على مستويين: رد من عليه الحق لما يجب عليه. أخذ صاحب الحق لحقه. (١) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، المرجع السابق، ج ٦، ص ٢٧٥ -.٢٧٦ ﻦﻣ ﺮﻴﻏ ﻞﻄﻣ ﻞﺑ ﺺﻟﺎﺨﺑﺎﺿﺮﻟﺍ (٢) ﻢﺗ ﺺﻴﺨﻠﺗ ﻩﺬﻫ ﺔﻟﺄﺴﻤﻟﺍ ﺎﻤﻛ:ﻲﻠﻳ ﻊﻣﻭ ﺏﻮﺟﻭ ﻦﻳﺪﻟﺍ ﻡﺰﻠﻳﺎﻀﻘﻟﺍ ﻦــﻴﻌﺘﻴﻓ ﺎــﻀـﻘﻟﺍ ﺫﺇ ﻪــﺒﻟﺎــﻃ ﺮــﻬﻈﻳﻭ ﺏﻮــﺟﻮﻟﺍﺔــﺒﻟﺎﻄﻤﻟﺎﺑ ـﻛـﻟﺬـ ﻚـ ﻥﺇـﺷ ﻂــﺑ ﻪـﻖﻳﺮﻄﻟﺍ ـﻣﻭ ﻊـــﺳـﻜــﺗﻮـ ﻪــﻓ ﻼــ ﻖﻴﻀﻳ ـﻧﻷ ﻪـــﻗ ﺪـــﻛ ﻥﺎـــﻋ ﻦـــﺿﺭ ﺀﺎــ ﻻـﻳـﻠـ ﻡﺰــﻟﺍـﺨــ ﺝﻭﺮـــﻟ ﺀﺍﺩﻸــ ـﻓـﻧﺈــ ﻪـــﻳـﻠــﻣﺰـ ﻪـ ﻥﺃـﻳـﺣﺮـ ﻼـ ﻻﺇ ﺍﺫﺇـﻃـﻟﺎــﺒـ ﻪــﻣﻭـﻄـﻼـ ـﻳﻭـﻠـ ﻡﺰــﻟﺍـﺨـ ﺝﻭﺮـﻢﻟﺎﻈﻤﻠﻟ ـﻧﻷ ﻪـــﻳـﻜـ ﻥﻮــﻣـﺜـ ﻞــﻟﺍـﻈــﻟﺎـ ﻢـ ﺐــﻠﻄﻳﻭ ﺓﺎــﺠﻨﻟﺍ ﻦــﻣﺎــﻬﺑﺍﻮﺑﺃ ﻰﺘﺣـﻳـﻳﺩﺆــﻬـ ﺎــﻟﺇ ﻰـﺎﻬﺑﺎﺑﺭﺃ ﻻ ﻡﺰﻠﻳـﻟﺍـﺨـ ﺝﻭﺮـ ﻦﻴﺣﺎﺒﻫﺫ ﻞﻴﻗﻭ ﻦﻳﺪﻟﺎﻛ ﺹﻼﺨﻟﺍ ﻲﻓ ﺎﺑﺮﻟﺍ ـﻳـﻠــﻣﺰـ ﻪــﻟﺍـﺨــ ﺝﻭﺮــﻞﺼﻨﺘﻠﻟ ﻞﻴﻗﻭ ﻲﻓ ﻦﻳﺪﻟﺍ ﻮﻟﻭ ﻢﻟ ﻞﻄﻤﻳ ـﻳﺩـﻧﻮـ ﻪــﻣ ﻦــﻛ ﻞــﻣ ﺎـ ﻥﻮﻜﻳ ﻥﺇﻭ ﻦــﻜﻳ ﺪــﻗ ﻲــﺴﻧ ﻥﻮﻳﺪﻤﻟﺍ ـﻓ ﻙﺍﺬــــﻣـﻌــ ﺭﻭﺬــ ﻻﻭـﺗﺀﺍﻮــ ـﻛﻭ ﻥﺎــــﻓ ﻲـــﻧـﻴــﺘــــ ﻪـ ﺀﺍﺩﻷﺍ ﺏﺭ ﻼﻌﻟﺍ ﻻ ﻖﺣ ﺍﺫﻕﻮﻠﺨﻤﻟﺍ ﻝﺎﻗﻭ ﺾــﻌﺑ ﻙﺍﺫ ﻲـﻓﻕﻮﻘـﺣ ﺔــﻴـﻗﺎـﺑ ﻻﺇ ﺍﺫﺇﺎـــﻬﻴـﻀـﻘــﻳ ﺎــﻣﺃ ﻕﻮـــﻘﺣ ﺪﺒﻌﻟﺍ ﻮﻟ ﺎﻬﻴــﺴﻧ ﻲــﻓ ﺭﺎــﺼــﺘﻧﻻﺍ ﻥﺃ ﺎﻨــﺴـﻳﺆـﻳ ـﻟﺫﻭ ﻚـــﻟﺍـﺨـ ﻑﻼـﺎﻧﺮــﻬﻈﻳ = ﻲــﻓ ﺭﺎﺼﺘﻧﻻﺍ ﻢــﻫﺪﻨﻋ ﺭﻮﺠﺤﻣ ـﻓـﻤـ ﻦــﻳـﻘـ ﻞــﺑـﻧﺄـ ﻪــﻣـﻌـﺭﻭﺬـ ١ رد من عليه الحق لما يجب عليه: من المعلوم أن: الأداء في الحقوق تسليم العين الثابتة بذمة الإنسان بسبب شرعي، » « كالنفقة والمبيع والدين ونحو ذلك(١) . وقد أشار الفقه الإباضي إلى أمور عديدة بخصوص أداء من عليه الحق لما يجب عليه، نوجزها فيما يلي: أولا ً الأصل براءة ا لذمة:   عرف بعضهم ا لذ » : يقول الإمام السالمي ّ مة بأنها وصف يصير الشخص به أهلا ً لإيجاب له وعليه، وعرفها آخرون بأنها نفس لها عهد، فإن الإنسان ولد وله ذمة صالحة للوجوب له وعليه عند جميع الفقهاء، بخلاف سائر ا ه « الحيوانات . فعلى التعريف الأول تكون ا لذ ّ مة من أعراض الذات لأنها وصف من أوصافها، وعلى التعريف الثاني تكون ا لذ ّ مة هي الذات الموصوفة بالعهد الذي أخذه الله عليها والمعنى متقارب. = ومن يقل بأن ذاك باقي يلزمه ا لتجويز بالإطلاق وباتفاق لا يعذبنا لأنه ا لناسي فيعذرنا وإنما النسيان يرفعنا للإثم والأموال ت ُ غرمنا ومن له حق على إنسان به مقر ليس ذا نكران ليس له أن يأخذ المقدارا من ماله يريده ا نتصارا لأنما ذلك بعد الظلم وما المقر ظالما في الحكم ً ٍ إلا إذا كان مقرا غاصبا وكان ذا تمرد مغالبا ًً ً ، أبو محمد عبد الله السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ط ١١ ١٤١٠ ه ١٩٨٩ م، ج ١ -٢، ص ٤٥٨ -.٤٥٩ (١) معجم المصطلحات ا لإباضي ّ ة، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة ع ُ ، مان، ج ١ . ١٤٢٩ ه ٢٠٠٨ م، ص ٢٤  ومعنى اشتغال الذمة بالحقوق هو كون النفس ملزمة لذلك ا لحق(١) . إلا إذا تم شغلها بحق من ،« خالية » وعلى ذلك فالقاعدة أن ذمة الإنسان حقوق الله أو حقوق العباد، فإذا شغلت فيجب الوفاء بالحق وأداؤه وإلا ظلت الذمة مشغولة به، فالقاعدة في الفقه ا لإباضي: إذا أعمرت » ُ « الذمة بيقين فلا تبرأ إلا بيقين(٢) . وهذه القاعدة مظهر من مظاهر الاحتياط في التقعيد ا لفقهي(٣) . يقول سماحة المفتي العام لسلطنة عمان: ُ التزام أداء هذه الحقوق مرهون بالعقيدة الصحيحة والعبادة الخالصة لله » تعالى، كما يقول سبحانه: ﴿ onmlkjihg yxwvutsrqp z }|{ ~ ے¡ £¢ ¤ §¦¥ ¨ © ﴾ [ [النساء: ٣٦ ، ومعنى ذلك أن حقوق العباد المشروعة بين البشر أنفسهم « مقرونة بحقوق الله الواجبة له على عباده(٤) . (١) أبو محمد السالمي: العقد الثمين، نماذج من فتاوي نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٧٠(٢) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٢٠ ّ انظر في ذات المرجع أيض ً .« الأصل براءة ا لذمة » ا (ص ٢٣٩ ) قاعدة (٣)عبد الله السليمي: مدخل إلى نظرية الاحتياط عند ا لإباضية، ندوة تطور العلوم الفقهية: ّ النظرية الفقهية، النظام الفقهي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ابريل ُ . ٢٠١٢ ، ص ٥٠(٤) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الدين الحياة، الكتاب الأول، إعداد خميس العدوي، . ص ٣٤٦ « خير الناس أحسنهم قضاء » ثانيا (١) : ً يقول ا لبسيوي: وقد أمر الله الذي عليه الحق أن يؤدي » ِ بإحسان، فقال تعالى: ﴿ q sr ﴾ ، في غير مشقة ولا مطل، فأما المعدوم فإذا كان ينوي قضاءه « وكان دينه في قصد من غير إسراف، فإنه أجر وحسنات(٢) . ثالث ً ا وجوب مسارعة من عليه الحق إلى أدائه(٣) : دليل ذلك ما رواه أبو عبيدة عن جابر عن ابن عباس أن ا لنبي ژ قال:  م» َط ْل ُ ال ْغ َني ِّ ظ ُل ْم ّ«(٤) . ومعنى المطل: المد أو التأخير، أي أن من قدر على الوفاء والرد فأخ ّ ره فإنه بذلك يكون ظالما. ً (١) هذه قاعدة من القواعد الفقهية الإباضية، ومن فروعها إنظار المعسر، وإعطاء الدائن أفضل ّ من حقه، ووضع شطر من الدين، والتعجيل بالوفاء، راجع، معجم القواعد الفقهية . الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٣٣ ّ (٢) البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ . ج ٤، ص ٣٠(٣) أن على الظالم أن » لذلك قيل بوجوب مسارعة الظالم إلى رد ما بيده من المظالم، ذلك يسارع في ردها على أهلها على ما جاز له في ا لإجماع. أو على رأي من يوجبه في موضع الرأي، لا على رأي من لا يجيزه له، ما لم يحكم به عليه من لا له أن يخالف إلى غير ما به يقضي في مثل هذا عليه حكما، فيرجع إلى ما ً لا يحل له أن يجاوزه جزما إلا بالرضى في تأخيره ممن له في حالة الرضى في ماله، وإلا ً .« فهو كذلك البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة مع الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة التراث ١٤٠٥ ه ، القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٨ . ١٩٨٥ م، ص ٦٥ ُ (٤) رواه البخاري، وكذلك مسلم (باب تحريم مطل الغني) وأضاف في روايته أنه ژ قال: « وإذا أتبع أحدكم على ملئ فليتبع » .  لذلك قيل إن الحديث فيه: الزجر عن المطل، ولفظ المطل يشعر بتقديم الطلب منه أن الغني لو » ُ أخر الدفع مع عدم طلب صاحب الحق له لم يكن ظالما، وهو المشهور، ً وقضية كونه ظلما أنه كبيرة، لأن منع الحق بعد طلبه وانتفاء العذر عن أدائه ً كالغ َ « صب، والغصب كبيرة والله أعلم(١) . ْ كذلك فإن قوله ژ : (مطل الغني) هو من إضافة المصدر للفاعل عند » الجمهور، والمعنى أنه يحرم على الغني القادر أن يمطل بالدين بعد استحقاقه بخلاف العاجز. وقيل: من إضافة المصدر للمفعول والمعنى أنه يجب وفاء الدين ولو كان مستحقه غنيا ولو كان غناه سببا لتأخير حقه عنه. وإذا كان ًً « كذلك في حق الغني فهو في حق الفقير أولى، ولا يخفى بعد هذا ا لتأويل(٢) .  ومما يؤيد تعجيل الوفاء ما رواه أبو عبيدة عن جابر بن زيد قال: حدثني َ عبد الله بن عمر قال: جاء رجل ٌ إلى رسول الله ژ فقال: يا رسول الله إن ق ُ تلت في سبيل الله صابرا محتسبا مقبلا ً غير مدبر أيكف ّ ر الله عني خطاياي؟ قال: ًً ُ  « نعم » ، فلما أدبر الرجل ناداه رسول الله ژ فنودي له فقال: كيف قلت؟ فأعاد قوله فقال: نعم إلا ا لدين، كذلك قال لي جبريل » 0 «(٣) . ْ « قضاء الحقوق على الفور » لذلك يأخذ الإباضية بقاعدة(٤) . وقد طبقوا ّ هذه القاعدة في أحوال كثيرة(٥) . (١) سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، مكتبة مسقط، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه . ١٩٩٤ م، ص ٢٦٨ ُ (٢) . حاشية الترتيب للشيخ ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، ج ٣، ص ٢٣٣(٣) حاشية الترتيب...، ذات المرجع، ج ٢، ص ٣١٢ - . ٣١٩ ؛ صحيح مسلم، ج ٤، ص ٣٨ (٤) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٨٤٥ ّ (٥) يقول المحقق ا لخليلي: أما ما قيل: إن البرآن يجزي فيه ممن تجوز براءته مما عليه من الضمان اللازم أداؤه، فإن » =  وهكذا بخصوص سؤال: كيف يتنصل من المال الحرام؟ يقول الشيخ بيوض: حكم الشريعة الإسلامية في المال الحرام الذي دخل يد إنسان من غير » طريق شرعي كغصب وسرقة وخيانة وربا إذا تاب من ذنبه أن يتنصل منه برده إلى صاحبه إن كان يعرفه وأمكنه التوصل إليه أو إلى ورثته، وإلا تصدق به على الفقراء والمساكين، ويقول الفقهاء في ذلك (المال الحرام «( سبيله ا لفقراء(١) . ،« تعجيل رد المستحقات ولو مع قلة المال » كذلك يرى السالمي فبخصوص سؤال: الذي عليه ضمان للناس والذي عنده من المال لا يفي بما عليه، والضمان لم تعرفه أهله ليطالبوه فيه، وعنده أصول من مال ونخيل وبيوت ودواب، وعنده عول أولاد وأهل ولم يكفهم غلة ما عنده من الأصول لسنة، ما يكون خلاص هذا الرجل إلى أهل الضمان والمال الذي عنده قليل مشتريه إلا بخسه قيمته َ ؟ عرفنا وجه خلاصه، يقول: كتمان هذا الحق على أهله نوع من الظلم لأنه حبسه عنهم من غير طيب »نفس فهو بمنزلة القائم على الغصب ولا يحل له ذلك ولا يسوغه له فقره وقلة ماله فإن الرزق بيد الله تعالى وللشيطان في هذا ونحوه وساوس يتوصل بها إلى هلاك بني آدم: ﴿ §¦¥¤ = شاء تسليمه لربه فليس هو من إ َ ضاعة المال بل هو من الواجب عليه حتى يؤديه إلى من هو له أو يستبرئه إن شاء ذلك وليس بلازم عليه أن يستبرئه لسلامة ماله بل إن سلم له حقه فهو أحسن وأبعد من الشبهة وإن اجتزئ بالاستحلال فأحله من الحق عن طيبة نفس منه فذلك خلاص له أيض ً ا لمن أراده. وإذا لم يحله من عليه الحق أو كان من لا تجوز براءته فلا بد من أداء الحق لربه ومن الأولى به والأحوط له أن لا يدع على نفسه حق ً .« ا لأحد . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، ج ٩، ص ٥٧ (١) فتاوي الإمام الشيخ بيوض، مكتبة أبي الشعثاء، سلطنة عمان، ١٤١١ ه . ١٩٩٠ م، ص ٦٤٥ ُ «ª©¨ ¬ ¯® ﴾ ومما وعدنا الله به في كتابه العزيز أن يجعل لنا الفرج عند التقوى فقال: ﴿ onmlkj ❁ |{zyxwvutsrq ﴾ ، فقدموا أوامر الله وثقوا بوعد الله وأوفوا بعهد الله يوف بعهدكم وقد أمركم أن تعطوا كل ذي « حق حقه(١) . وعدم أداء الحق قد يؤدي في بعض الأحوال إلى نتائج وخيمة(٢) . رابع ً ا أداء الحق لازم ولا تجزئه التوبة: يقول أبو عبيدة: سمعت ناسا من الصحابة يروون عن النبي ژ قال: ً الذنوب على وجهين: ذنب بين العبد وربه وذنب بين العبد وصاحبه، » (١) جوابات الإمام السالمي، ج ٣، ص ١١٧ - ١١٨ . انظر أيض ً ا في ذات المعنى ما قاله السالمي إنفاذ رد المظالم أوجب من » ،« كيفية الخلاص من حقوق تعذر وجود أصحابها » بخصوص ، في ذات المرجع، ج ٣ « المخالصة من حقوق يتامى وبالغين » ،« الإيصاء بذلك ص ١٢٦ - . ٤٠٥ ؛ ج ٥، ص ٢٤٩ ،١٢٧ (٢) لذلك بخصوص سؤال: هل كل من امتنع عن حق عليه سواء كان لله أو للعباد بعد أن طولب به يصير باغيا أو في حقوق مخصوصة دون غيرها؟ يقول ا لسالمي: ً الامتناع على مراتب وكلها حرام لكن منه ما يبيح القتل والمقاتلة، ومنه ما دون ذلك. »ولا يحل لسائر الناس القتل بكل امتناع وإنما يقاتل إذا منع حق ً ا قائم العين وأحال هو بينه وبين مالكه وكذلك يقاتل إذا شغب وشمخ بأنفه عن الحق بعد ثبوت الحكم عليه وتمادى في طغيانه، وكذلك يقاتل إذا انتشر فساده ولم يقدر على دفعه إلا بذلك وأما الإمام فإنه يقاتل كل من أبى الدخول في طاعته. وأما حقوق الله كالصلاة والصوم فإن الإمام يعاقب عليها العقوبة البليغة ولو أفضت إلى الموت حتى تقام. وأما الزكاة فإن الإمام يأخذها من الرعية فإن امتنعوا عن أدائها قاتلهم عليها كما فعل أبو بكر رضي الله تعالى عنه هذا ما حضرني من وجوه الامتناع ولا أقول بحصرها في هذا .« بل يمكن أنه لم يحضرني شيء منها . جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ٢٩٣ فالذنب الذي بين العبد وربه إذا تاب منه كان كمن لا ذنب له، وأما ذنب « بينه وبين صاحبه فلا توبة له حتى يرد المظالم إلى أهلها(١) . :« حقوق العباد لا تنحط بالتوبة وحدها » ويأخذ المحقق الخليل بقاعدة إنما كان من حقوق العباد فلا ينحط عنه بالتوبة وما كان من حقوق الله » « فقد قيل: إن التوبة تكفي منه وعسى أن يسلم منها بذلك(٢) . (١) معنى قوله: (فلا توبة له حتى يرد المظالم إلى أهلها) يعني إن علمهم وعلم تلك المظالم » وأما إن جهلهم فإنه يدفعها للفقراء والمساكين لأن كل مال مجهول سبيله سبيل الفقراء والمساكين على الراجح كما تقدم أيض ً ا، وأما إن جهلها فإنها تخرج من حسناته إن كانت .« وإلا فالأداء على مولاه حاشية الترتيب للعلا ّ ، مة ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، ج ٤، ص ٨٤ ٨٦ -.٨٧ فيه اشتراط رد المظالم لصحة التوبة فلا تقبل توبة ظالم » : كذلك بخصوص ذات القول، قيل إلا برد المظالم، هذا قولنا وعليه المعتزلة خلاف ً ا لمن زعم أن رد المظالم ليس بشرط في صحة التوبة، قالوا هو واجب آخر لا مدخل له في صحة التوبة والحديث يرد عليهم. ُ سلمنا أنه واجب آخر لكنا لا نسلم أنه لا مدخل له في صحة التوبة، فإن التوبة الصحيحة منافية للإصرار، وترك رد المظالم مع القدرة على ردها ترك للواجب وتارك الواجب عمد ً ا عاص ٍ يكون عاصيا تائبا، وأيض ً ا فالغسل من الجنابة واجب ٌ في نفسه وشرط في صحة ًً الصلاة فكذلك رد المظالم واجب في نفسه وشرط في صحة التوبة، فلا منافاة بين ٌ .« الشرطين والوجوب والله أعلم سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، المرجع السابق، ص ٤٩٦ -.٤٩٨ يجب ردها إن كانت من » بل ،« حقوق العباد لا تكفرها التوبة » فالقاعدة عند الإباضية أن ّ راجع معجم ،« الحقوق العينية، والاستحلال من صاحبها إن كانت من الحقوق المعنوية القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٦١ -.٤٦٢ ّ ذات المرجع، ،« حقوق الله مبنية على المسامحة وحقوق العباد مبنية على المشاحة » كذلك . ص ٤٦٣ (٢) ، المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، ج ٩ . ص ٢٢٩  كذلك يقول ا لجيطالي: اعلم أن مظالم العباد التي قدمناها من الحقوق والأموال والفروج »لا تجوز توبة من هي في يده أو في ذمته إلا بالتنصل منها إلى أربابها  والخروج منها بالأداء أو المحاللة منهم له بطيبة نفس ولا أعلم بين الأمة في هذا خلاف ً ا. واختلفوا إذا لم يجد أربابها بعد ما تاب: فقيل عن ابن عباس إنه قال: هو قفل ضاع مفتاحه. وقيل يتصدق بها على الفقراء، وأظنه قول ابن مسعود 5 ، وأحسب أنه قول جمهور العلماء، وأما إن تاب توبة نصوح ً ا وأدى ما كان عليه من التبعات ونسي بعضها فلم يؤدها ولم يتذكر حتى مات فإن هذه التبعات تخرج من حسناته يوم القيامة إن كانت له وإلا فالمؤدات على مولاه ويدخله الجنة بفضل رحمته، وفي رواية ضمام بن السائب عن رسول الله ژ وهو قول أصحاب الحديث: وقد زعموا إنه إذا لم تكن له حسنات فإنه يتحمل مقدار تلك التبعات من سيئات صاحبها ولم « يصح عندنا هذا. والله أعلم(١) .  تجوز في بعض الأحوال ولا تجوز في « المحاللة » تجدر الإشارة أن أحوال أخرى، وهكذا جاء في معجم مصطلحات ا لإباضية: ّ المحاللة هي طلب الخروج من المظالم والتنصل من تبعاتها. » تجب المحاللة على العبد الذي شغلت ذمته بحقوق الناس، وهي شرط لصحة توبته من هذه الحقوق، ولا تجزئ فيه التوبة بينه وبين الله حتى يؤدي ويحالل من له عليه، سواء في مال أم بدن أم عرض. ولا تكون المحاللة إلا من حقوق العباد، أما ما كان حق ً ا لله فلا تصح فيه، كأن يحالل الإنسان جاره أو رحمه في أن يقطع به صلته مستقبلا ً ، لأن (١) الجيطالي: قواعد الإسلام، ١ -١٤٢٣ ،٢ ه . ٢٠٠٣ م، ص ٦٢٨ بر الجار وصلة الرحم من حقوق الله، ولا تسقط بالمحاللة. ومن ذلك ٍ لا يجزي من أفسد شيئ ً ا من مسجد أن يحالل أهله لأن المساجد لله. « ولا تجوز المحاللة في محرم كالربا والبيوع ا لمحرمة(١) . خامسا أداء الحق واجب ولو لغير ا لمسلم: ً ميزان العدل في الإسلام واحد، لذا يجب على من عليه حق (كأمانة أو دين) أن يؤديها، حتى ولو كان صاحبها من غير ا لمسلمين. وقد أخذ الفقه الإباضي أيض ً ا بذلك(٢) . (١) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٠١ ّ (٢) فبخصوص: فيمن عليه حق للمشركين، ما يفعل؟ سئل أطفيش بما نصه فيما ابتلى بحق وضمان لأحد من أصناف أهل الشرك ولم يكن ممن يؤدي الجزية في المشهور إلى أحد من المسلمين فهل يكون في صنعته على هذا من أهل الحرب ويخرج خمس ماله من الحق والضمان في الفقراء والباقي يحل له وإن لم يكن للمسلمين إمام ولا جماعة ممن تقوم بهم الحجة في إنفاذ الأحكام، فهل على من يكون من أهل الشرك أن يأتي ما شاء الله من عوام المسلمين فيؤدي إليه الجزية ابتداء وإلا فهو مع المسلمين في أحكام أهل الحرب أمر على من يكون من عامة المسلمين يدعوه إلى أخذ الجزية قبل فإن امتنع فهو من أهل الحرب إن كان المشرك يتجر في بلاد الإسلام ويتعلق بذمة أهل الحرب فهل إن من كان عليه دين لمشرك كتابي أو » : على هذا يحل ماله وقتاله سرا أو جهرا، فأجاب ًً غير كتابي أو عنده له أمانة فعليه أن يؤدي ذلك إليه ولا يحل له أن ينكر ولا أن يخفي نفسه ولا أن يهرب عنه ولا أن يفجر عليه إعلان ً ا ولا سرا وهكذا فعل الصحابة والتابعين ً وأمر به متابعة لفعل النبي ژ وقوله: (أد ّ الأمانة إلى أهلها ولو كان من غير نحلتك واقض الدين صاحبه ولا تماطله ولو جاحد الله ورسوله) وأحاديث ذلك وفعله نصا وفهما ًً لا تحصى وأما أن تقتله لأنه غير ذمي أو إنه لا يعطي الجزية أو تأخذ ماله فلا أيض ً ا، لأنه دخل في أرض الإسلام بأمان وقد قال ژ : (إن المسلمين يجير عليهم أدناهم) وأما أن تتغلب على كافر وتقول له أسلم أو أقتلك فيأبى فتقتله وتأخذ ماله فلا أيضا لأن ذلك ً بالإمام العدل وعلى ترخيص إنه يجوز في الكتمان ما يجوز في الظهور أيض ً ا لأنك تقتله لغرض دنيوي وتأمره بالإسلام لغرض دنيوي هو قصد إبائه وأخذ ماله مع إن ذلك الترخيص ليس في هذا الشأن لأدائه إلى سوء عظيم وإنما يجوز لك قتل حربي وأخذ ماله = سادسا أداء الحق واجب ولو وقت ا لحرب(١) : ً حتمية الجهاد لا تمنع من إرجاع الحقوق إلى أصحابها، وردها إلى نصابها وقد بحث فقهاء ا لإباضية هذه المسألة من زاويتين: ّ الأولى إنه إذا حتم الجهاد أخذ أموال الناس وأسلحتهم، فيجب ردها إن كانت موجودة أو دفع ثمنها إن كانت قد تلفت. وهكذا جاء في بيان ا لشرع: »مسألة : وللمسلمين إذا أرادوا الخروج إلى عدوهم أن يسخروا دواب الناس والسلاح وما تلف في أيديهم فإن كان لهم إمام كان ما تلف منه في بيت مال المسلمين وإن لم يكن لهم إمام كان ثمنه في صلب أموالهم. مسألة : ومن سيرة محمد بن محبوب 5 وأجازوا أيض ً ا أخذ السلاح ّ والخيل والكراع ما دامت الحرب قائمة فإذا وضعت الحرب أوزارها = لو عقدت الحرب معه لإبائه عن الإسلام ومن الجزية إن كان من أهلها فيدخل أرض الإسلام بلا إذن من أحد وقد قتل علي قوما وسباهم وغنمهم فقالوا: يا رسول الله لم يدعنا ًّ إلى الإسلام بل عاجلنا فأمره أن يرده فرده إليهم وودي من قتل علي منهم وكذا غير علي ّ ولهذا ونحوه علمنا أن قوله ژ : » دعوتي لا تنقطع معناه لا تحل لقائم الإمام أن يقاتل بلا دعاء إلى الإسلام ثم إلى الجزية فيمن هو من أهلها .« أطفيش: كشف الكرب، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ُ ج ١، ص ١٦٠ -.١٦١ (١) تم تطبيق ذلك منذ عهد ا لنبي ژ ، قال ابن إسحاق: كان من حديث الأسود الراعي واسمه أسلم أنه أتى النبي ژ وهو محاصر لبعض حصون خيبر ومعه غنم كان فيها أجيرا لرجل ً من اليهود فقال: يا رسول الله اعرض علي الإسلام فعرضه عليه فأسلم، فلما أسلم قال: يا رسول الله إني كنت أجيرا لصاحب هذه الغنم وهي أمانة عندي فكيف اصنع بها قال: ً « اضرب وجوهها وقل: ارجعي إلى صاحبك فوالله لا أصحبك » وخرجت فتجمعت كأن سائق ً ا يسوقها حتى دخلت الحصن، راجع أطفيش: السيرة الجامعة من المعجزات اللامعة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه . ١٩٨٥ م، ص ١٩٠ ُ ردوه إلى أهله فما تلف منه غرموه وإذا سلم ردوه إلى أهله من غير « الكتاب(١) . والثانية يجب على من عليه الحق اتخاذ كل ما هو لازم لقضائه قبل الخروج للجهاد: لا شك أن ذلك يشكل تمسك ً ا شديد ً ا بعدم العصف بحقوق الناس  تحت وطأة ا لجهاد(٢) ، فالثابت في ا لسنة النبوية أن الجهاد لا يلزم من    (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٩٨ (٢) هناك عدة آراء في الفقه الإباضي بخصوص هذه ا لمسألة: إن له أن يخرج في دفع العدو ولو لم يمكنه الخلاص في ذلك الحين » : فمنهم من قال الذي دهمت الداهمة من العدو وخيف استفتاحه لمصر ولو خرج إلى الثغر الذي يكون منه استفتاح المصر وهو على حال الاعتقاد لأداء الحقوق اللازمة له ويوصي إن أمكنه في الوقت وصية ولم يخف في تخلفه للوصية دهوم الأمور ووقوع الصفقة التي بها يفتتح  المصر أو بها يسلم المصر، فيكون في حال الخلاص بالاجتهاد لحال الطاقة في كل منزل .« ينزله إلى أن يصل إلى حال ا لدفع ليس له ولا عليه أن يعرض لتلف نفسه إلا بعد أداء اللازم والتخلص من » : ومنهم من قال المظالم والمحارم بوجود مال فيتخلص منه له أو مال يخلفه يوصي فيه بما عليه من الحقوق، ويجد من يقوم له بوصيته من الثقاة ومن يشهده من الثقاة الذين يتخلفون عن العدو ويكون بوصيته على حال رجية من خلاصه بما يتعرف من المعقول إنه يرجى له .« الخلاص إلا ما أتى الله به من أمره من ذهاب ماله أو موت وصية فذلك من أمر ا لله ليس له ولا عليه أن يخرج من موضعه أو وطنه وسكنه يعرض نفسه » : ومنهم من قال للتلف ولو وجد الوصي والقوة في المال حتى يؤدي الحقوق التي عليه بنفسه. لأن الوصي غير مخاطب بها وإن كان ثقة إلا في ماله بعد موته وقد يمكن تلف ماله قبل موته ويمكن موت وصيه قبل موته ويمكن موت الشهود قبل موته ويزول عنهم كلفة ما حملوه .« ولا يكون هو على حال الخلاص للحقيقة إلا أن يفعل ذلك بنفسه الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٩٢ - ٩٣ . انظر أيض ً ا: النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٨٥ -.٨٨ ورغم تعدد الآراء السابقة، إلا أنها تتفق على ضرورة أداء الحق على نحو أو آخر إلى صاحبه. كان عاجز ً ا: والعجز إما لعلة بدنية (كالمرض) وإما لعوارض مالية (مثل الدين)(١) .  وحينما سئل الشيخ الخليلي عن سبب سقوط الجهاد بالدين، قال: الله أعلم هكذا قال الفقهاء وأطبقت كلمتهم عليه ولا أجد التصريح به » كذلك من الكتاب ولا من السنة ولكن قول مقبول وأثر متبع وكان أكثر    اعتمادهم فيه على أن الجهاد من حقوق الله تعالى والدين حق للعباد فهو ْ مقدم عليها في الأصح لما ثبت في الحديث المشهور: (إن التوبة تجزي إلا من حقوق العباد) فكان ارتهان الذمة بها عذر ً ا مانع ً « ا من وجوب ا لجهاد(٢) . سابع ً « سهم الغارمين » ا جواز مساعدة من يجب عليه الحق عن طريق :« نظام ا لعاقلة » أو يقصد بالغارم من عليه حق واجب الأداء، فهو إذن كالمدين سواء، إذا كانت أمواله لا تكفي للوفاء بديونه أو ليس عنده مال (٣) . (١) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ١٨٥ (٢) ذات المرجع، ص ١٨٧ . انظر أيض ً ا الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٤٣ . ويقول أطفيش: وقد أجمع علماؤنا على أنه ليس للرجل أن يخرج في طلب الجهاد حتى يقضي ديونه، »واختلفوا إن فجأه القتال، فقيل: ليس له أن يعرض نفسه له فتذهب حقوق الناس، وقيل: يقاتل عن نفسه إذا دهمه، وإن قتل رجونا أن يتحملها الله عنه بفضله، وقيل: إذا كان مال غريمه بقدر ما عنده أوصى إلى من يقضيه عنه ويخرج مجاهد ً ا، وقيل: من عليه ديون أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء ،« ولا مال له فعليه أن يجاهد والله أولى بقضائها عنه . العليل، ج ١٤ ، ص ٣١١ (٣) ج» : الغارمين َ مع غارم، وهو: من لزمه حق ّ لغيره، وأصل الغرم في اللغة: لزوم ما يشق ّ ، والغرام: العذاب اللازم، وسمي العشق غراما لكونه أمرا شاق ً ا ولازما. وسمي ا لد ّ ين غرما ُ ًًًُ ً لكونه شاق ً الإمام السالمي، معارج ،« ا على الإنسان ولازما له، فالمراد بالغارمين المديونين ً . الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٥٦٧ يقول السالمي إن الغارمين لهم في الزكاة حق بشرطين: ّ َ ِ أح َد ُه َ ما : ألا ي َ حصل ذلك بمعصية، كفساد في الأرض، وقتل بالباطل، وشرب خ َ مر، ون َ حو ذلك؛ لأن ّ المقصود من صرف المال المذكور في الآية الإعانة، والمعصية لا تستوجب الإعانة.  ومنع أصحابنا دفعها في مطلق الد ّ يات، وأجاز بعضهم دفعها في دية الخطأ؛ لأن ّ ه غير مفسد ولا آثم. ِ الشرط الثاني : ألا يؤد ّ يه من ماله، فأما إذا أدا ه من ماله فلا يعطى من َّ َ سهم الغارمين؛ لأنه ل َ م يبق غارما، وكذا لو بذل ماله ابتداء ل َ م يعط؛ لأن ّ ه ً ا(١) ليس غارم . ً ويضيف ا لسالمي: وقد اختلف الناس في أمور: منها: صفة الغارم، ما هو؟ قال » ِ مجاهد: إذا ذهب بمال الرجل السيل، أو أدان على عياله، أو احترق ماله ُ ّّ هو من الغارمين. وقال قتادة: إذا غرقه الدين في غير إملاق ولا تبذير ّْ ولا فساد. وقال الشافعي: الغارمون صنفان: صنف أدانوا في مصالحهم، أو بمعروف من غير معصية ث ُم عجزوا عن ذلك في الفرض والنفقة فيعطون في ّ غرمهم، وصنف أدانوا في حمالات ذات بين ٍ ومعروف ول َ هم عروض أن َ َْ ِ يعتاضوا بها، فهؤلاء يعطون منها وتوفر عروضهم، وذلك إذا كان دينهم في « غير فسق ولا تبذير ولا معصية(٢) . كذلك يجيز الفقه الإباضي مساعدة من يجب عليه الحق عن طريق نظام (١)ذات المرجع، ص ٥٦٧ -.٥٦٨ (٢) . ذات المرجع، ص ٥٦٨ العاقلة (إذا توافرت شروطه)(١) ، كما أنه يمكن أن يحل شخص محل آخر في بعض الأحوال للوفاء بالتزام ما(٢) . ثامن ً ا أداء الحق واجب ولو عن طريق تدخل السلطات العامة في ا لدولة: يعتبر ذلك أداء للحق لمن يستحقه وذلك جبرا عن من يجب عليه أداؤه. ً ا(٣) وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك أيض . ً (١) وهكذا إجابة على سؤال: ما قولكم في نظام العاقلة، وهل يمكن إجراؤه في هذا الوقت؟ وهل هناك بدائل مماثلة له؟ يقول مفتي سلطنة عمان: ُ نظام العاقلة غير مقيد بزمن دون آخر فهو صالح لكل زمان ويمكن أن تحل محله ».« صناديق التعاون والله أعلم الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوي، الكتاب السادس، الأجيال، مسقط، ١٤٣١ ه . ٢٠١٠ م، ص ٢٨٤ (٢) جاء في بيان ا لشرع: وسألت أبا سعيد محمد بن سعيد » 5 عن الرجل إذا أخذ بخراج أو على وجه الرهينة فأراد أن يجعل بدله ولد ً ا أو زوجة لوجه من الوجوه التي يدخل عليه في النفع أو عليهما جميعا هل للجاعل والمجعول لذلك إذا لم يكن أحدهما يتقي الآخر إلا أنه يدخل فيه ً على المبتلي بذلك الضرر من أمر الدين والدنيا والنفس. قال أما المجعول فمعي أنه إذا بذل نفسه لذلك ابتغاء وجه الله والمعونة لأخيه. فذلك له فيه الثواب عندي إذا لم يقصد إلى إعانة الظلم على نفسه ولو مسته الضرورات في نفسه ودينه ولو كان أغلب الأحوال على ذلك. وأما الجاعل فإذا كان ذلك برأي المجعول ورضاه فمعي أنه يجوز له ذلك. قلت فهل له أن يطلب ذلك إلى ولده أو زوجته وهو يعلم أو يخاف أن ذلك يشق عليهم إلا أنهم يستحون منه أو يخافون عتبه؟ قال معي أنه يجوز له ذلك ما لم يكونوا يتقوا منه تقية والتقية عندي أن يخافوا ظلمه وأما العتب بغير ظلم فلا أعلم أنه من التقية التي لا تجوز وقد يعتب الناس على أهلهم وبعضهم بعض ً .« ا عند الحاجة والشدة . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٩٧(٣) يقول ا لوارجلاني: ،« ما ينبغي لأمير المؤمنين أن يفعله في أهل الخلاف » فتحت باب = ٢ أخذ صاحب الحق لحقه: يمكن أن يأخذ صاحب الحق حقه بإحدى طرق ثلاث، هي: أولا ً أخذ صاحب الحق لحقه عند أدائه إليه: من الطبيعي أنه عند أداء من عليه الحق لما يجب عليه، أن يأخذه صاحب الحق، وبالتالي تبرأ ذمة الأول، إلا أن يشاء صاحب الحق أن يبرئه من حقه بغير شيء يأخذه منه فيبرأ بإبرائه إياه(١) . ثاني ً ا الانتصار (الظفر): ويعني أن يأخذ صاحب الحق حقه بنفسه(٢) ، أي أنه ينتصف لنفسه « الظفر » بنفسه، وتعرف هذه المسألة في المذاهب الأخرى بمسألة(٣) ، ويعتبر = وما كان في أيديهم، من مال بيت المال للمسلمين، فأنا نأخذه ولا نرد إليهم ونصرفه »في وجوهه. وإن كان مظلمة رددناها إلى أهلها، ولا نستعمل معهم في ذلك طريقة الزهاد، مثل ما فعل أبو منصور في ولد أحمد بن طولون، حين هرب لأبيه من مصر بستين جملا ً محملة ذهبا ً من بيت مال مصر، فنزل إليه أبو منصور من الجبل بعسكره، والتقى معه دون برقة، فاقتتلوا قتالا ً شديد ً ا، ففتح الله لأبي منصور إليه، فولوا منهزمين، فقتلهم المسلمون شر قتلة، وحازوا الأموال، فتوزعوا عنها وسيبوها لأهل مدينة طرابلس، فتوزعوها وانتهبوها، مصيبة يا لها من . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٦٨ .« مصيبة(١) . الأم للشافعي: تراثنا، ط مصورة عن ط بولاق، ١٣٢١ ه، ج ٣، ص ١٢١(٢) الانتصار هو أن يأخذ الدائن من مال المدين، الذي امتنع من تسديد ما عليه » : وهكذا قيل .« مماطلة وظلما، قدر دينه، خفية من غير علمه ً ويسمى أيض ً هذه المسألة مشهورة عند الفقهاء بمسألة الظفر، » : ا بالظفر، قال بكلي وذلك أن يسلبك ظالم حق ً ا فتظفر بماله، فلك أن تأخذ منه مثل ما أخذه منك الظالم، معجم مصطلحات ،« فإن طالبك أنكرت، وإن استحلفك حلفت وأنت مأجور الإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٠٠١ -.١٠٠٢ ّ (٣) .« لصاحب الحق أخذ حقه متى ظفر به » وإن كان بعض فقهاء الفقه الإباضي يقولون إن = ذلك خروجا على قاعدة أنه لا يجوز للشخص أن يكون قاضيا في قضيته، أو ًً أن يكون خصما وحكما في ذات ا لوقت. ًً إذا جحدك رجل مالا » : وكان جابر بن زيد ومسلم يقولان ً ثم قدرت « على أخذ مالك، فخذه حيث قدرت عليه(١) .  ومن خير من عبر عن هذه المسألة المفتي العام لسلطنة عمان، بقوله: ُ هذه المسألة ترتبط بالمسألة المعروفة عند أصحابنا بمسألة الانتصار، » وعند غيرهم بمسألة الظفر، وهي مقاصة المماطل من ماله من غير علمه. وفي ذلك خلاف بين أهل العلم، فمذهب أصحابنا وطائفة من أصحاب المذاهب الأخرى جواز ذلك، وذهبت طائفة إلى المنع، وقد احتج المجيزون بأدلة، منها قوله تعالى: ﴿ ^]\[ZYXW _ ` fedcba ﴾ [ [البقرة: ١٩٤ ، وقوله تعالى: ﴿ ¯ ° ³²± ´ ¶µ ¸ ﴾ [ [الشورى: ٤١ ، وحديث هند بنت عتبة زوج أبي سفيان، الذي أخرجه الإمام الربيع والشيخان من طريق ابن عباس ^ وجاء َ فيه أنها قالت لرسول الله ژ : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني ما يكفيني وولدي، أفآخذ من ماله بدون علمه؟ َ فقال لها رسول الله ژ « خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف »(٢) . احتج المانعون بأدلة لا تقوى على معارضة أدلة المبيحين، أقواها ُ حديث أخرجه أبو داود أن ا لنبي ژ قال: أد » َّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن = السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ٣٤١ -.٣٤٢ (١) أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٦٠ -.٤٦١ (٢) ، رواه البخاري، ج ٢، ص ٧٦٩ ، وج ٦، ص ٢٦٢٦ ، رقم ٦٧٥٨ ومسلم، ج ٣، ص ١٣٢٨ . رقم ١٧١٤ « من خانك(١) ، وهو حديث ضعيف الإسناد وفيه انقطاع، على أنه لو سلم أنه صالح للاستدلال به فإن دلالته على ما ذهبوا إليه غير صحيحة، إذ المنتصر أخذ ٌ « لحقه وليس بخائن(٢) . ولصحة الانتصار يتطلب الفقه الإباضي توافر شروط معينة، هي(٣) : الأول منها: عدم المنصف القادر على تخريج الحق من الظالم؛ الثاني : إن وجد المنصف ولم يجد البينة المقبولة فله الانتصار؛ الشرط الثالث : إن كان الظالم يتقيه المظلوم ويحذر المضرة على نفسه وماله(٤) ؛  الشرط الرابع: أن يأخذ من جنس ماله من الحق لا يزيد ولا ينقص عليه ا(٥) مماثلة وجنس . ً ولا شك أن الانتصار للحق يفترض أيض ً ا ألا يأخذ الشخص أكثر من وأما الانتصار لغير الحق فهو » : حقه، وإلا كان ذلك ظلما. يقول الرقيشي ً (١) . رواه أبو داود، ج ٣، ص ٢٩٠ ، رقم ٣٥٣٤ ورقم ٣٥٣٥ ورواه الترمذي، ج ٣، رقم ١٢٦٤(٢) الشيخ أحمد الخليلي: فتاوي المعاملات، الأجيال للتسويق، سلطنة عمان، ص ١٨٥ -.١٨٦ ُ (٣) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٣٣ أن ينتصر من أمانته عند الظلم، كما له أن ينتصر من » وجاء في منهج الطالبين أن للإنسان الرستاقي: منهج « مال من ظلمه، من غير أمانته وليس الانتصار بالعدل من الخيانة . الطالبين، ج ٦، ص ١٢٦ (٤)عبر ّ إذا كان الذي عليه حق جبار » : رأي في الفقه الإباضي عن هذا الشرط بعبارة أخرى ً ا سالم بن خلفان: المرجان في أحكام القرآن، ١٤٣١ ه « يخاف منه البطش ٢٠١٠ م، ص ٢٠٦ . (قاله بخصوص قوله تعالى: ﴿ \[ ﴾ [ [البقرة: ١٩٤ .( (٥) ويضيف أطفيش شرط ً ا آخر، هو: .« لا يجوز له أن يأخذ حقه بنفسه إلا فيما اتفقت فيه الأمة أنه له أو اجتمعت عليه »أطفيش: كشف الكرب، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٧١ . ويضيف أيض ً ا: وأما مسألة أخذ الإنسان حقه بنفسه فقد ذكرت لك فيها آثارا وحققت لك فيها إنه » ً لا يجوز له أن يأخذ حقه بنفسه إلا إن كان مما أجمع عليه أو جعل غيره محجورا عليه ً . ذات المرجع، ص ٢٧٥ « ولا يجد من يحكم له « ظلم محض بل هو من أقبح ا لظلم(١) . لذلك في تفسير قوله ژ لهند: خذي » « ما يكفيك وولدك بالمعروف والمراد بالمعروف القدر الذي عرف » : قيل « بالعادة أنه ا لكفاية(٢) . حري بالذكر أن انتصار الإنسان لحقه يشكل الاستثناء في الفقه الإباضي (إذا توافرت شروطه)، ذلك أن القاعدة العامة هي عدم انتصار الإنسان لحقه، حتى لا يكون خصما وحكما في ذات الوقت، ولمنع أي تجاوزات في أخذ ًً الحقوق، ولتلافي التحكم والفوضى في العلاقات بين الأفراد والدول، وللحفاظ على هيبة ا لدولة. لذلك جاء في شرح ا لنيل: لا يأخذ المرء حقه بنفسه ولو إماما أو قاضيا أو لمن ولى عليه وإن » ًً « بحبس أو يمين(٣) . لا يحق أخذ الحق لأحد لنفسه من غيره ولو كان » : ويقول الرقيشي « صاحب الحق ممن له أن يأخذ الحق من ا لناس(٤) . ثالث ً ا أخذ صاحب الحق لحقه عن طريق ا لرشوة: لا شك أن الرشوة محرمة في الإسلام لقوله تعالى: ﴿ $# ﴾ [ [المائدة: ٤٢ ، فقد فسره بعض العلماء (كسعيد بن جبير وابن سيرين) بأنه: الرشوة، ولقوله ژ : « لعن الله الراشي والمرتشي »(٥) . (١) . الشيخ الرقيشي: النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٥(٢) سعود الوهيبي: الجامع الصحيح، مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، . المرجع السابق، ص ٢٧١(٣) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٦ ، ص ٥٠٣(٤) . الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٢٠(٥) .( رواه أبو هريرة، انظر ابن حبان ( ٥٠٧٦ )، والحاكم في المستدرك ( ٧٠٦٦ )، والترمذي ( ١٣٣٦ ولا شك أن الرشوة حرام على الآخذ، أما بالنسبة للمعطي فقد ذهب اتجاه في الفقه الإباضي (وكذلك في بعض المذاهب الإسلامية الأخرى) إلى جواز دفع الرشوة للحصول على ا لحق(١) . وجواز إعطاء الرشوة للحصول على الحق تشكل خروجا على ً ما حرم أخذه حرم إعطاؤه، كما أن هذا الحكم يختلف عن » قاعدة « أخذ الحق بشهادة ا لزور(٢) . (١) .« لأجل التوصل إلى الظلم حرام، وصاحبها ملعون مطرود من رحمة ا لله » فالرشوة للحاكم . مسلم بن خلفان: المرجان في أحكام القرآن، المرجع السابق، ص ٢٠٠ وقد لخص رأي مسألة الرشوة للحصول على الحق، كما يلي: اتفق العلماء أن تعاطي الرشوة في الحكم حرام على الآخذ بلا خلاف لقوله تعالى: » ﴿ $# ﴾ [ [المائدة: ٤٢ ، فقد فسره الحسن وسعيد بن جبير وابن سيرين فقالوا: إنه الرشوة، وقالوا: إذا قبل القاضي الرشوة بلغت به ا لكفر. ولقوله ژ : « لعن الله الراشي و المرتشي » رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح وأخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه. أما إذا أعطى المعطي ليتوصل به إلى حق ضاع له أو يدفع عن نفسه ظلما فلا بأس بذلك ً عند جابر بن زيد، نقله البغوي وابن قدامة. وقال بذلك عطاء والحسن. وروي عن جابر أنه قال: ما رأينا في زمن زياد أنفع لنا من ا لرشأ. وقد ورد هذا المعنى في كتاب شرح بلوغ المرام. ورد عليه الشوكاني بقوله: إن هذا كلام .« في غاية ا لسقوط يحيى بكوش: فقه الإمام جابر بن زيد، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٧ ه ١٩٨٦ م، ص ٥٢٤ . (٢) وجه جواز إخراج الحق عن طريق الرشوة، وعدم جواز إخراجه » : يقول د. هلال الراشدي عن طريق شهادة الزور واضح، لأن شهادة الزور محرمة لما فيها من الكذب، والذي يرتكب الكذب هو صاحب الحق، أما دفع المال ليس حراما لذاته، وإنما الحرمة على ً الآخذ، وحيث إن صاحب الحق لم يجد وسيلة لإخراج حقه إلا بالرشوة، استثنيت من .« قاعدة: (ما حرم أخذه حرم إعطاؤه)، واعتبرها الفقهاء من باب فداء المال بالمال د. هلال الراشدي: القواعد الفقهية عند ا لإباضية، تنظيرا وتطبيق ً ا، مركز الغندور، القاهرة، ًّ ٢٠٠٩ ، ص ١٥٨ -.١٥٩ :¢ùeÉîdG åëѪdG ¿É°ùfE’G ¥ƒ≤M ≈∏Y á©bGƒdG äÉcÉ¡àf’G ádGREG IQhô°V من البديهي إنه إذا وقع انتهاك لحقوق الإنسان، فيجب المسارعة إلى إزالته وإنهائه، والسعي نحو عدم بقائه، وهو ما أكد عليه الفقه الإباضي، كما يخلص من الأمور ا لآتية: :¿É°ùfE’G ¥ƒ≤M äÉcÉ¡àfG »aÓJ IQhô°V ≈∏Y ócDƒj »°VÉHE’G ¬≤ØdG ( CG من ردها وتاب... فإي  اك والمظالم وأن تكون عون ً ا للظالم، فالعون يتضح ذلك من المبدأ العام واجب التطبيق، ومن التشديد على عدم معاونة الظلمة (الجبابرة). ١ المبدأ العام: تحريم انتهاك حقوق الإنسان لأنه ظلم(١) : لا شك أن الظلم يتعارض والفطرة السليمة والسليقة الحسنة، بالنظر إلى ما يسببه من آلام، وما يترتب عليه من أمور عظام. لذلك قيل:  واعلم أن مظالم العباد سيوف تقطع يمين الظالم عن تناول الكتاب في » المآب إلا « على كل خبيث شريك (٢) . (١) البغي والظلم والاعتداء في مجال حقوق الإنسان حرام، وقد فرق أطفيش بين هذه ّ الألفاظ الثلاثة بقوله: البغي: الإسراف في الظلم بإعظام ا لمظلمة. »والظلم: نقص حق الإنسان أو نفسه فإنك إذا ضربت إنسان ً ا أو أكلت ماله أو اغتبته أو فعلت نحو ذلك فقد نقصت حقه، فإن حقه إبقاء حرمته وصونه عن ذلك، وكذا قد تعرضت لنقص حقك بذلك، وكذا إن فعلت حراما لم تضر فيه غيرك لأنك قد خسرت ً حسناتك وذهب ثوابك وتعرضت للذم والهلاك إلا أن تتوب. .« والاعتداء: مجاوزة ما حد الله سواء كان فيها ظلم أحد أو لا أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٦ ، ص ٢٩٢ - .٢٩٣ (٢) الشيخ سالم النزوي: الأخبار والآثار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ مان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ج ١، ص ١٩٤ - .١٩٥ « فإن طرق الظلم كثيرة وأبواب الجور واسعة » : كذلك يقول الخليلي (١) . لذلك حذر الله 4 من الظلم وعاقب عليه أشد العقاب في آيات كثيرة، منها قوله جل شأنه: ﴿ ÐÏÎÍÌËÊÉÈ ÕÔÓÒÑ﴾ [ [إبراهيم: ٤٢ ، وقال تعالى : ﴿ DCB UTSRQPONMLKJIHGFE V ﴾ [الز  [ مر: ١٥ . وقال سبحانه : ﴿ ~}|{zyے £¢¡ ¥¤﴾ [ [النمل: ٥٢ ، وقال تعالى : ﴿ À¿¾½¼» ÒÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ ❁ ÔÓ '&%$#"! ﴾ +*)(َ hgfedcba`_ [٤٨ ، مر: ٤٧ ، وقال: ﴿ ^] [الز i ﴾ [ [هود: ١٠٢ .  وخطب ا لنبي ژ يوم الفتح بمكة خطبته التي جاء فيها: ألا إن كل مأثرة في الجاهلية تذكر وتدعى، من دم أو مال تحت قدمي، » « إلا ما كان من سقاية الحاج، وسدانة ا لبيت (٢) . ومن الأقوال المأثورة في الفقه الإباضي إنه: « لا يحل لأحد أن يحيي نفسه بظلم غيره » (٣) . (١) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، المرجع . السابق، ج ١٣ ، ص ٤٦٠(٢) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ج ٥، ص ٨٥ ُ - .٨٦ (٣) . البسيوي: جامع أبي الحسن البيسوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٩٨ كما أن من ينتهك الحقوق أو يمتنع عن أدائها يعتبر باغيا، يقول النزوي: ً الباغي جميع من امتنع عن الرجوع إلى شيء من الحق، من حقوق الله، أو »« حقوق العباد، مما يلزمه في دين ا لله(١) . وينتقد الكندي الأئمة والحكام ا لذين: لا يعرفون حق » ً ا فيتبعونه ولا باطلا ً « فيجتنبونه(٢) . ٢ عدم جواز معاونة الحكام الذين ينتهكون حقوق ا لإنسان: هذا أمر أكد عليه الفقه الإباضي، ذلك أن السلاطين الجورة هم: الذين تغلبوا على الناس لا يراعون شرع » ً ا ولا يدعون إليه، « ولا يعملون به(٣) . في دين المسلمين إعانة الجبابرة » والقاعدة في الفقه الإباضي أنه ليس « ولا مظاهرتهم على ظلمهم(٤) . (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١١٨(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ١٨٧(٣) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٥٨ إن الوالي والسلطان كالسوق ما نفق منه حمل إليه، فإن نفق عنده الحق وقبله » : وقيل عرف به، جاء أهل الحق وحملوه إليه من كل ناحية، وجالسه وصحبه أهل الدين، من العلماء والعباد المتقين، وإن نفق عنده الباطل وقبله، وعرف به، جاءه أهل الباطل الضالين والجهلة الفاسقين، وكان معهم من إخوان الشياطين، فينبغي للمرء أن يتفقد حاله هاهنا، .« وينظر علامته بما ذكرنا الشيخ عبد الله النزوي: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، مسقط، ١٤١٥ ه ١٩٩٤ م، . ج ٣، ص ٣٣٧ (٤) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٠٦ ويقول ابن جعفر: قال لنا محمد بن محبوب رحمهما الله: وقلت من سار مع هؤلاء »الظلمة وكثرهم بنفسه ولم يبق الظلم بيده ولا بلسانه فقتلوا أو ظلموا وهو معهم فنقول = علة ذلك أن: من أعان الظلمة على ظلمهم وقواهم على جورهم، فقد أعان على » ّ « غير ا لحق(١) . ومن خير من عبر عن هذه المسألة في الفقه الإباضي، الإمام السالمي بقوله: ّ ومن المعلوم أن معاونة الجبابرة لا تجوز وتكثير سوادهم والحرس في » حصونهم والانضمام إليهم من أكبر المعاونة ولو أنصف الناس من أنفسهم ما وجد الجبار واحد ً ا فلما تركوا الإنصاف صاروا معاونين معينين له فهذا ّ يعتل إنه من جماعته ولا بد له منه وهذا يعتل بأنه في داره ولا بد له منه وهذا يعتل بأنه يحتاج إلى معاملته وهذا يعتل بأنه يحتاج إلى ما في يده ولو  تركوا هذه التعللات لكان ا لجبار كواحد منهم فلا ينتظم له أمر ولا يجتمع ّ له شمل فليتقوا الله ربهم فإنهم شركاؤه فيما يأتي وما يقدر ومن ها هنا « وجبت البراءة من ا لجبار وعماله وأعوانه(٢) . ّ = .« والله أعلم: إنه شريك لهم لأنه قيل من نظر المقتول سواء رأسه فقد شرك في دمه . ابن جعفر: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ٨، ص ٦٢(١) السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، تحقيق د. سيدة إسماعيل، وزارة التراث القومي ُ والثقافة، سلطنة عمان، ١٤١٠ ه . ١٩٨٩ م، ج ٢، ص ٢٤٦ ُ (٢) جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٣٦٤ ؛ انظر أيض ً ا الشيخ الرقيشي: كتاب . النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٥٦ كذلك جاء في الجامع لابن جعفر: والذي يجب عليك إن غفل عنك هذا السلطان الجائر إن كنت بعيد » ً ا منه لا تقربه ولا تصانعه ولا توسل إليه... وقال الله تعالى: ﴿ nmlkjihg wvutsrqpo ﴾ [ [هود: ١١٣ ، وأعظم من ذلك أن تعينه على بعض أمره فيشركه في معصية الله فأسلم الأمور لك وأولها بك البعد من هذا إن قدرت .« على ذلك لكن إذا قام هؤلاء الجبابرة برد الحقوق إلى نصابها، فجائز التعاون معهم، وهكذا جاء في جامع ابن جعفر: = وتلعب النية في بعض الأحوال دورا كبيرا لمعرفة ما إذا كانت ًً معاونة من ينتهكون حقوق الإنسان هي أمر جائز أم لا(١) . بل يمكن في الفقه الإباضي معاونة الحاكم الأقل ظلما على إزالة ً انتهاكات حقوق الإنسان يرتكبها حاكم أكثر ظلما منه، وهكذا جاء في بيان ً الشرع: وقد قيل إذا صح تواتر الخبر في مملكة أحد الباغين من ظلمه للرعية » وسفك دمائها واغتصاب أموالها أكثر مما في الناحية الأخرى كان لرعية الأقل ظلما منهما السير معه إلى الأكثر ظلما لإزالة زيادة ظلمه عن رعيته ما لم ًً « يخافوا في فوره ودخوله المصر أكثر مما هو فيه من الجور في المسير معه(٢) . = فإن ظ » ُ لم مظلوم فطلب الإنصاف إلى هذا الجبار ممن ظلمه فأوصله إلى حقه فأرجو أن .« لا بأس عليه ويحكم ذلك قاعدة عامة في الفقه الإباضي تتعلق بأحكام الجبابرة، هي: أن كل حكم كان من أحكامهم مخالف » ً ا للحق لا تجوز وأما ما كان موافق ً ا للحق فلا يدخل .« في نقضه من جاء من بعده .١٢٢ ،١١٨ ، الجامع لابن جعفر، المرجع السابق، ج ٨، ص ١١٥ . انظر كذلك النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٢٧٧ (١) فقد جاء في ا لمصنف: قال أبو محمد: أجمع أصحابنا على جواز الإقامة للمسلم في بلد قد غلب عليه الجبابرة، »وأن يعمر فيه الأموال، ويزرع فيه الزروع ويغرس فيه الأشجار، مع علمه بأنهم يأخذون منه سبيل الخراج من غير حق، وأنهم يستعينون به على ظلمهم وبغيهم. قال: وهذا جائز، إنما كانوا إنما يعمرون ويزرعون لنفع أنفسهم وستر عيالهم، وإصلاح أحوالهم للمسلمين أيض ً ا. وأما إذا كانوا يزرعون ويعمرون، ينوون بذلك تقوية لهم ومعونة، فهم عصاة الله في النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٢٧٣ . راجع أيضا: ،« فعلهم ً ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٠٢ ، السعدي: قاموس الشريعة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ج ١٣ ، ص ٢٧٩ -.٢٨٠ ُ (٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٠٦ وانظر أيض ً . ا ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، رسالة المحاربة، المرجع السابق، ص ٥٣ :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ¿É°ùfE’G ¥ƒ≤M äÉcÉ¡àfEG ádGREG ¥ôW (Ü لإزالة انتهاكات حقوق الإنسان طرق عديدة بحثها الفقه الإباضي، أهمها ما يلي: ١ التناصر في ا لحق(١) : ويعني ذلك أنه إذا كان بإمكان الإنسان أن يدفع عمن تنتهك حقوقه، أن يسعى إلى تحقيق ذلك. فمن الأسئلة التي ذكرها الله تعالى للكافرين: ﴿ !" $# ﴾ [ [الصافات: ٢٥ لا تتناصرون بحذف إحدى التاءين، يعني: ما لكم » ، بمعنى  لا ينصر بعضكم بعض ً «؟ ا(٢) . وجاء في ا لمصنف: قال الشيخ أبو الحسن: وواجب إغاثة المستغيثين من الظالمين، لمن يريد » ظلمهم والمعونة للمسلمين، على من يريد ظلمهم، ممن استغاث بك فعليك إغاثته، وإن كان المستغيث بالمسلمين، جوف بيتهم، هجم عليهم، بلا إذن، بعد أن يقال لهم: افتحوا الباب إن لم يفتحوه، هجم عليهم، حتى ينصف ممن .« ظلمه. وذلك عند القدرة. وحكم ذلك واجب على القوام بالحق ويضيف صاحب ا لمصنف: ومن أراد استباحة حرمة إنسان، أو الفتك به، ويقربه من يقدر أن يمنعه » وينقذه، فعليه أن ينقذه، ممن يريد ظلمه. (١) مبدأ التناصر في وجه » يقول الشيخ الغزالي إن من أقوى الدعائم التي أكد عليها الإسلام راجع الشيخ محمد الغزالي: الإسلام والاستبداد السياسي، دار الكتب الإسلامية، ،« الظالم القاهرة، ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ص ١٥٨ -.١٦٠ (٢) . الشيخ بيوض إبراهيم: في رحاب القرآن، جمعية التراث، غرداية، الجزائر، ج ١٤ ، ص ٣٤١  وعن صائح يصيح بالله، أو بالمسلمين، وعسى أن يضرب، فقد قيل: إن  « المستغيث بالله وبالمسلمين، إنه يغاث، ويكون بمنزلة المنكر، على من قدر(١) . ٢ ا لحسبة: ضرورة الأمر بالمعروف » وهي تطبيق للقاعدة الإسلامية العامة التي تقرر « والنهي عن ا لمنكر(٢) . قال الله تبارك وتعالى: ﴿ 43210/. 98765 ﴾ [ [آل عمران: ١١٠ ، وقال: ﴿ UT `_^]\[ZYXWV edcba ﴾ [ [الحج: ٤١ . والحسبة تهدف خصوصا إلى الدفاع عن حق يتم انتهاكه حتى ولو ً لم يتأثر الإنسان شخصيا بالفعل المرتكب، ويقترب منها في الفقه غير ً « الدعوى الشعبية » الإسلامي فكرة Actio Popularis.  ويشترط لممارسة الحسبة وفق ً ا للمحقق ا لخليلي توافر ثلاثة شروط: أولها: أن يكون منكر ً ا صريح ً ا لا محتمل فيه فإن تطرق الاحتمال إليه لم يجب بل قد يكون مندوبا إليه نعم قد يتأكد الندب في مواضع. ً وثانيها: أن يكون ظاهرا فإن التجسس لا يجوز في المستور إلا إذا أدى ً (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٢ ، ص ٤٠ (٢) يقول ابن محبوب من أقسام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قسم يجب على الكافة، وهو إغاثة المستغيثين من الظالمين لهم في أنفسهم وحرهم وولدانهم واغتصاب أموالهم وإخافة سبلهم حتى يحولوا بينهم وبين ظالميهم، فذلك ما لم يكن على سبيل ما يتحاكم الناس فيه إلى سلطانهم، ويتداعون فيه إلى قضاتهم بالدعوى له منهم. . ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، رسالة المحاربة، المرجع السابق، ص ٤٢ إلى فساد العالم وتعذر قطعه بدون ذلك كالسرقات وسفك الدماء غيلة في السر فلا بد من العناية بكف الأذى ودفع المظالم سرها وجهرها ما أمكن. وأما ما لا يتعدى شره عن الفاعل فإذا استتر به في بيته ولم يصح عليه ذلك بعلم يقين من شهرة أو شهادة أو سماع أو نظر أو نحوه من مؤديات العلم فلا يخترق ستره ولا يتولج عليه في بيوتاته فإن اقتحام بيوت الناس لغير موجب معصية محضة. وثالثها: حضور المنكر في الحال لا قبله لأن الوقوع غير معلوم بالقطع ولا بعده فإن المنكر قد زال نعم لو اجتمعوا لشرب الخمر أو ضرب المزامير وعرف منهم ذلك بالعادة جاز تفريقهم قبل الوقوع لأن نفس الاجتماع على ذلك معصية ولو أدركوا بعد الفراغ من المنكر فقد زال الاحتساب وبقي وجوب الأدب وذلك إلى السلطان خاصة أو من يمكنه هو فيه أو من يقوم مقام السلطان في موضعه بوجود القدرة على ذلك وظهور تجرده لمثل ذلك(١) . (١) ، المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، ج ١٣ ص ٦٣ - ٦٥ . وما يفعله المحتسب يكون على ثلاث مراتب: إحداها: التعليم والنصيحة والتلطف والعظة والقول بالتي هي أحسن. وثانيتها: إظهار الفظاظة والغلظة والزجر والتهديد والوعيد بما جاز فلا يهدده بما لا يجوز شرع ً ا كنهب أمواله وسبي ذراريه ويجوز له أن يشتمه بما هو أهله من أسماء الكفر والنفاق والفسوق والظلم والنذالة والرذالة والسفالة وجائز له التهديد بما لا يفعله كما يحكي عن الخليفة الثاني رضوان الله عليه أنه دعا بسكين ليقطع لسان شاعر فلم يفعل ووجد آخر في عمل دنياوي يفعله في المسجد فعلاه بالدرة، ولم يضربه وجواز مثل هذا لا خلاف فيه. وثالثتها: الدفع عن المعصية بما قدر عليه من دفع أو دفر أو ضرب باليد أو السوط أو .( الحجر أو السهم أو الرمح أو السيف إن لم ينته إلا بذلك (ذات المرجع، ص ٦٨ ويلاحظ أن تطبيق هذه الأمور الثلاثة لا يتم بطريقة آلية أو أوتوماتيكية، وإنما يجب مراعاة ما يتطلبه الموقف، لذلك يقول ا لخليلي: = ٣ إزالة انتهاكات حقوق الإنسان بواسطة الأئمة والحكام: إن بيان فصل المقال فيما بين الحاكم وحقوق الإنسان من اتصال هو أمر لا يخفى على كل ذي بال. ونشير أولا ً إلى أهمية الحكام في هذا المجال، ثم إلى عزل من ينتهك تلك الحقوق، وأخيرا نذكر أمثلة عملية في هذا ا لمعنى. ً أولا ً أهمية الحكام في مجال حقوق ا لإنسان: لا شك أن هذه الأهمية لا تخفى على أحد، فإذا صلح الرأس فليس على الرعية بأس، وقد أكد الفقه الإباضي على هذه ا لمسألة: يقول ا لنزوي: وإذا رفع إليه (أي إلى الإمام) المسلمون مظلمة من عامل، قبل منهم، » وأنفذ ما رفعوه إليه، ورد عماله ورعيته إلى الحق، وقبل نصيحة أوليائه « وإخوانه(١) . = ولا تغفل عن مراعاة الشروط السابقة في تقديم الأخف على الترتيب فمن كفاه الدفع لم »يضرب ومن كفاه الضرب باليد أو العصا لم يقذف بالحجارة ومن ردعه الحجر لم يتعمد بالسلاح القاتل وعلى كل حالة فلا يقصد بذلك قتله ولا إضراره ولكن ردعه عن انتهاك محارم الله سبحانه ولذلك فإن أمكن ضربه في غير مقتل وكان في ذلك دفعه وكف منكره .( ذات المرجع، ص ٦٩ ) « فلا يقصد إلى إصابة مقتله انظر أيض ً ،« كتاب إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر » ا لسعيد بن خلفان الخليلي، رسالة ماجستير من إعداد صالح الربخي، كلية الدراسات القانونية والفقهية، جامعة آل البيت، ١٩٩٨ ، ص ١٧١ -.١٧٦ اعتمد عليها الأئمة ا لإباضية في تسيير شؤون الدولة » ويقرر رأي أن الحسبة والشرطة ّ ومراقبة الرعية وقد نشط هذا التنظيم بشكل أوسع في عهد الإمام أبي اليقظان وهو تنظيم عدون « إسلامي تطور عبر مراحل التاريخ الإسلامي، ولا يختلف كثيرا بين دولة وأخرى ً . جهلان: الفكر السياسي عند ا لإباضية، المرجع السابق، ص ٢٢٧ ّ (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ١٧٦ منع الظلم عنها وحمايتها عن تعدي الظلمة » ذلك أن حماية الرعية هو والجبابرة عليها ومنع ظلمهم لبعضهم بعض بردهم إلى أحكام الشرع في « ظاهر ا لأمر(١) . العدل في الرعايا: هو أن تعرف قدر الولاية وتتيقن خطر » كذلك فإن « الرعاية(٢) . فالقاعدة في الفقه الإباضي أن: « على الإمام أن يتعاهد رعيته ولا يغفل عنهم »(٣) . كما ،« يلزم الإمام النصح لرعيته والنظر لهم والسياسة في حربهم » إذ « أن يحوط أمته ويحفظ رعيته » يجب عليه(٤) . (١) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، المرجع . السابق، ج ١٢ ، ص ٢٢٠ ويقول ابن رزيق بخصوص السيد سالم بن سلمان: وكان شديد الغيرة على السلطنة، آخذ » ً ا بالحزم والعزم، منصف ً ا من الظالم للمظلوم، سواء عنده القوي والضعيف مع الأحكام، حتى قال غير واحد من الناس الذين ليس بهاؤهم بهيما، ما هذا بشرا، إن هذا إلا ملك كريم. ًً لقد قطع أسباب الجور بعدله، وأزال فساد أهل الفساد بإصلاحه، فهو إذا أظلم الليل خرج يعس في البلد إلى الثلث الثاني، هذا على الأغلب، ومعه جملة من عبيده وخاصته، فإذا رأى مفسد ً ا على فساد أد ّ به على ما يستحقه من الأدب الشرعي، فأحبه على ذلك أهل .« الصلاح، ومقته على ذلك أهل الفساد، وثقلت وطأته على ا لحساد ابن رزيق: الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٣٩٧ ه . ١٩٧٧ م، ص ٤٤٤ ُ (٢) الشيخ سالم النزوي: الأخبار والآثار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٥ ه . ١٩٨٥ م، ج ١، ص ١٦٤ (٣) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ١٦٧(٤) الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ج ٩، ص ٣٠ -.٣٤ = ُ ومن حفظه لرعيته ألا يعجل في أي أمر يترتب عليه المساس بحقوقهم، وإنما عليه أن يتحلى بالصبر وضبط ا لنفس(١) . علة ذلك جد واضحة، لأنه: = ومن كتاب الإمام راشد بن سعيد إلى بعض أهل ا لسير: فإن كان أحد من أهل هذه السيرة، قد ركب جورا، وفعل منكرا، فأنا برئ منه ومن فعله » ًً معاقب له بعد الصحة على جهله، منصف بما يجب في الحق عليه، غير راض بجهله وتعديه، وما بعثت هذه السرية حتى نهيتهم عن ظلم العباد، وأمرتهم بطاعة رجل من أهل الصلاح والرشاد. فإن كانوا تجاوزوا في ذلك إلى ما لا يجوز لهم، فعليهم وزر ما فعلوه وضمان ما أتلفوه على الناس وأحدثوه، ولست بداخل ٍ معهم في عصيان، ولا مشارك لهم في ضمان. فإن يكن أحد يدعي على أحد من أصحاب السرية حق ً ا، فليصل إلي حتى أوصله إلى ما يجب ّ .« في الحق له، وليس على علم ما غاب عني، ولا إنصاف من لم يطلب الإنصاف مني . النزوي: المصنف، ج ١٠ ، المرجع السابق، ص ١٥٢ كذلك أكد الفقه ا لإباضي: ولا يجوز لسلطان المسلمين أن يدع حدث » ً ا في الإسلام رفع إليه أو لم يرفع، وعليه الاجتهاد في رعاية الإسلام وأهله، وقد جاء في الحديث: من أحدث حدث » ً ا أو آوى محدث ً ا « فعليه لعنة ا لله .« ، كما أن الحق لا يبطله عدد ا لسنين من علماء القرن الثالث الهجري، ،« جناو بن فتى وعبد القهار بن خلف » أجوبة علماء فزان ، المجموعة الأولى، تحقيق د. عمرو النامي، إبراهيم طلاي، دار البعث قسنطينة، ١٩٩١ .٨١ ، ص ٧٩ (١) وفي التاريخ الإباضي ما يدل على ذلك، فقد اختصم إلى الإمام عبد الوهاب رجلان بجبل نفوسة، فاستردد المدعي عليه، فامتنع وأبى من رد الجواب، فقال النفوسي، ماذا يقول هذا الحضري، يريد ا لإمام 3 فقال الإمام لجلسائه، هل ها هنا ابن مغطير؟ فقالوا لا. فقال الإمام للخصمين الأجل غد ً ا. فلما كان بالغد، استمسك المدعي بالمد ّ ع َ ى عليه، فامتنع أيض ً ا من رد الجواب، كما فعل أول مرة. فقال الإمام لجلسائه، هل هاهنا ابن مغطير؟ قالوا لا. فقال، الأجل غد ً ا. فلما كان اليوم الثالث، كذلك، قال لهم الأجل غد ً ا. فلما كان اليوم الرابع حضر الخصمان، واستمسك المد ّ عي بالمد ّ ع َ ى عليه، فاسترده الإمام الجواب، فامتنع، وقال، ماذا يقول هذا الحضري، فقال الإمام لجلسائه، هل ها هنا ابن =   ينبغي للإمام أن يحوط إمامته، ويحفظ رعيته، ويؤدي فيها أمانته، فإنه »  أن يحل » كما أنه لا يجوز له ،« راع ومسؤول عن جميع ما التزم رعايته  « الرعية مما فيه للمسلمين حق، فإن أباحهم لم يجز قبول ذلك لهم(١) . وتبدو العلاقة بين الحاكم وحقوق الإنسان من أن عقد البيعة يدور كله  من قريب أو بعيد حول ضرورة احترامه الحقوق الخاصة والعامة(٢) . = مغطير؟ وكان ابن مغطير قاعد ً ا في طرف الناس مستغشيا بثيابه، فلم يتم الإمام قوله إلا ً وثب ابن مغطير على الرجل، فوطئه بركبته، والرجل يصيح ويقول: أدركني يا أمير  المؤمنين! فأمر الإمام 3 بتركه، فاسترد ّ الجواب، فرد ّ ه وحكم بينهم، ولم يضجر بطول سخافة ا لرجل. أبو زكرياء: كتاب سير الأئمة وأخبارهم المعروف بتاريخ أبي زكرياء، دار الغرب . الإسلامي، بيروت، ص ١١٧   (١) .١٤٩ ، الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٤٣(٢) وهكذا لفظ عقد الإمامة عند ا لإباضية، كما يلي: ّ قد بايعناك على طاعة الله ورسوله وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصبناك »إماما علينا وعلى الناس على سبيل الدفاع وعلى شرط أن لا تعقد راية ولا تنفذ حكما ًً ولا تقضي أمرا إلا برأي المسلمين ومشورتهم. ً وقد بايعناك على إنفاذ أحكام الله تعالى وإقامة حدوده وقبض الجبايات وإقامة الجمعات ونصرة المظلوم وإغاثة الملهوف وأن لا تأخذك في الله لومة لائم وأن تجعل القوي ضعيف ً ا حتى تأخذ منه حق الله والعزيز ذليلا ً حتى ينفذ فيه حكم الله وأن تمضي على سبيل الحق .« أو تفني روحك فيه وأن تعطينا على ذلك عهد الله وميثاقه لنا ولجميع ا لمسلمين . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، ج ١٢ ، ص ٢٥٣ ويتضح ما قلناه أيض ً وهو الذي يفتقد إلى كفاءة إدارة شؤون ) « الإمام الضعيف » ا من بيعة لقد بايعناك على شرط ألا تعقد راية، » : الدولة) حيث البيعة تكون على النحو الآتي ولا تنف َّ ذ حكما، ولا تقضي أمرا إلا برأي المسلمين ومشورتهم. وقد بايعناك على إنفاذ ًً أحكام الله، وإقامة حدوده، وقبض الجبايات، وإقامة الجمعات، ون ُ صرة المظلوم، وإغاثة الملهوف، ولا تأخذك في الله لومة لائم، ولا تجعل القوي ضعيف ً ا حتى تأخذ منه حق الله، والعزيز ذليلا ً .« حتى تنفذ فيه أحكام الله، وأن تمضي على سبيل ا لحق أو تفني روحك فيه َّ معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٥٨ -.٥٩ = ّ وإزالة الحاكم لانتهاكات حقوق الإنسان ثابتة منذ العصر الأول للدولة الإسلامية فمن المعروف أن أبا بكر ا لصديق ƒ لما ول ّ ى أمر قال: أيها الناس إني قد وليتكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن » أسأت فقوموني وأطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإن عصيتهما فلا طاعة لي عليكم. الصدق أمانة والكذب خيانة. والقوي فيكم هو الضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله والضعيف فيكم هو القوي عندي حتى آخذ له « الحق إن شاء ا لله(١) . = وفي التاريخ الإباضي ما يدل على أن الحاكم يعي مسؤوليته الكبرى بخصوص حقوق الإنسان يكفي أن نذكر ما قاله ا لشماخي: وأما أبو زكريا بن أبي عبد الله، فاستصلح الفاسد، ورد » ّ الشارد وقمع المعاند، وجبر ّّ الكسير، وأعان الفقير، وسد ّ الثغور، وأبرم الأمور، وفي ا لسير تول ّ ى أمور نف ّ وسة ست ّ ين، ّ وقيل سبعين سنة. ولا ينام كل ليلة حتى يميز نف ّ وسة كل ّ ها: من يستحق الأدب أو المواساة ّّ ومن له الحق أو عليه، خوف ا لت ّ قصير وخشية العياء في الجواب يوم الحساب، إذ (كل راع مسؤول عن رعيته). ولم تر معه نف ّ .« وسة نكبة . الشماخي: كتاب السير، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٨٦(١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٧ اعلم أن التعسف وسوء الملكة لمن خولك الله أمره من رقيق أو » : ويقول الإمام ابن حزم رعية يدلان على خساسة النفس ودناءة الهمة وضعف العقل، لأن العاقل الرفيع النفس، العالي الهمة، إنما يغالب أكفاءه في القوة ونظراءه في المنعة. وأما الاستطالة على من لا يمكنه المعارضة، فسقوط في الطبع ورذالة النفس والخلق وعجز ومهانة، ومن فعل ذلك فهو بمنزلة من يتبجح بقتل جرذ أو بعقر برغوث أو بفرك قملة وحسبك بهذا ضعة ابن حزم: كتاب الأخلاق والسيرة، اللجنة الدولية لترجمة الروائع، بيروت، .« وخساسة . لبنان، ١٩٦١ ، ص ٧٢ ويقول الإمام ا لسبكي: ...» فإن الله تعالى لم يوله على المسلمين ليكون رئيس ً ا آكلا ً شارب ً ا مستريح ً ا، بل لينصر الدين ويعلي الكلمة... فإذا رأينا ملك ً ا تقاعد عن هذا الأمر، وأخذ يظلم المسلمين، ويأكل أموالهم بغير حق، ثم سلبه الله نعمته وجاء بعتب الزمان، ويشكو الدهر، أفليس هو الظالم، وقد كان يمكنه بدل أخذ أموال المسلمين وظلمهم أن يقيم جماعة في البحر يتلصصون = ثانيا عزل المسؤولين عن انتهاكات حقوق ا لإنسان: ً لا غرو أن عزل القتلة ومن يرتكبون تعذيب الناس ويمتهنون حقوقهم وكرامتهم، بل وآدميتهم، هو أمر لازم لاستقرار الأوضاع، ولعدم بقاء النار  تحت ا لرماد. رفعوا أمر ذلك الظالم المتعدي إلى » لذلك، إذا ظلم الأمير أو المباشر ديوان السلطان، فنظروا في ذلك... فإن أجمعوا على ترجيع ذلك الظالم وتعنيفه أو تأديبه بالعدل والإنصاف، فعلوا ذلك، وإلا رفعوا أمره للسلطان « باستحقاق العزل، فيعزل بعد العقوبة والهوان (١) . وليعلم الملك.. أنه لا عدو أعدى له وأقوى عليه وأشد » : كذلك قيل تمكن ً ا من مقاتله، من عامله إن كان جائر ً ا غاشم ً ا، وخليفته إن كان متعدي ً ا عزله، واستبدل به بعد تبين الحق من أمره » فإذا وجد عامله كذلك ،« ظالما ً من غير عجلة أو غلظة، وعاقبه عقوبة تحتملها صورة حاله، ومبلغ جنايته، واسترد منه ما أخذ من ظلم ورده على صاحبه، فإن مضض العدل على « الظالم أبلغ وأشد من مضض الجور على ا لمظلوم(٢) . ويفجع المستقرئ لانتهاكات حقوق الإنسان أن مرتكبيها أحرار لا يمسهم سوء، بل هم يرتعون ويلعبون، لا يخشون أية محاسبة، أو أدنى = أهل الحرب؛ فإن كان هذا الملك شجاع ً ا ناهض ً ا فليرنا همته في أعداء الله الكفار، السبكي: معيد النعم ومبيد النقم، .« ويجاهدهم ويتلصصهم...، ويدع عنه أذية المسلمين مكتبة الخانجي، القاهرة، ١٣٦٧ ه ١٩٤٨ م، ص ١٦ -.١٧ (١)محمد بن خليل الأسدي: التيسير والاعتبار والتحرير والاختبار فيما يجب من حسن التدبير والتصرف والاختيار، تحقيق د. عبد القادر طليمات، دار الفكر العربي، القاهرة: . ١٩٦٨ ، ص ٧٤(٢) ، نصيحة الملوك المنسوب للماوردي، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، ١٩٨٨ ص ٢٤٣ -.٢٤٤ مطاولة. بل قد يشار إليهم بالبنان على أنهم أبطال في هذا المجال، لمجرد أنهم أكثروا في القتل أو الانتهاك. والحاكم العادل لا يرضى أبد ً ا بالاعتداء على رعاياه، ويرى في المسؤولين الذين يعينهم أمناء عليهم. فإذا خانوا تلك الأمانة زال سبب وجودهم، ووجب عزلهم عن مناصبهم. بل إذا حدث اعتداء من الولاة على حقوق الرعية واشتكتهم لذلك، فإن عزلهم يمكن أن يكون بدون بينة تقدمها الرعية، يقول ا لكندي: وعلى الإمام أن يعزل الوالي إذا شكته الرعية ولا يكلفهم عليه البينة أنه » قد أحدث حدث ً ا يستحق به العزل، ولكن يعزله ويولي غيره من أهل الفضل .« والأمانة وعلى الإمام أن يتفقد ولاته ويبحث عنهم وينظر أمورهم حتى يكون » من أمره على معرفة ولا يهمل الأشياء فيمن كانت أثرة غير حميدة لم يرجع يوليه شيئ ً ا من أمور ا لمسلمين. فإن اط ّ لع من ولاته على خيانة عزلهم فإن استضعف أحد ً ا من رعيته عليهم في حكم حكم عليهم، ويجب عليه أن يتخذ الأمناء في رعيته وعماله فإن رفع إليه مظلمة من عامل عزله وإن لم يعزله بعد أن يصح ظلمه واستعمله بعد ظلمه استحق الخلع وللإمام أن يعزل القضاة لأنهم من ولاته وله أن يولي ويستبدل بحدث وغير حدث ولا يضيق ذلك عليه وعليه « الاجتهاد فيما يولي ويعزل(١) . (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٨ ، المرجع السابق، ص ٣٨٢ الإمام إذا كان فيه قسوة وجفاء وخشونة على المسلمين وهو قليل المبالاة بهم، » : ويضيف وهو لا يقبل منهم إلا ما يريد، وهو قليل العلم والبصيرة وجسور على الأمور بغير علم؟ قال: الذي يوجد في الأثر أن موسى ابن أبي جابر ما عزل محمد بن أبي عفان إلا بهذه الخصال التي شرحتها، وهو أيض ً ا مخالف للكتاب لقوله تعالى: » ﴿ }| = وهناك أمثلة أخرى في السلوك الإباضي لعزل الحكام غير الأمناء على الناس أو ا لأموال(١) . = ~ ﮯ §¦¥¤£¢¡ ¨ ª© ﴾ [ [التوبة: ١٢٨ . وقوله عز من قائل: ﴿ !" &%$# ' ,+*)( ?>=<;:9876543 2 1 0/.NMLKJIHGFEDCBA@ \[ZYXWVUTSRQPO ﴾ [ [الفتح: ٢٩ ، فإذا كان على غير هذه الصفة كان مخالف ً .( ذات المرجع، ص ١٦٩ ) « ا لكتاب الله، والله أعلم (١) يزور قبر الإمام الوارث بشاطئ الوادي من سعال على » من ذلك عن الإمام غسان أنه كان كل جمعة فمر ذات يوم مع مسيره إلى زيارة قبر الإمام على الغيل الذي في الوادي، ورأى بجانب مائه بعض الطحلب فيكون ذلك مع نقصان الماء فقال: هذا وقع تغيير في البلد، وتوهم أنه لا يخلو أن يكون هذا التغيير واقعا من أصحاب الأموال أو من التجار أو من ً أرباب الدولة والوزراء؛ فسأل أهل الأموال على كيفية الكشف لمعرفة هذا التغيير فقال لهم: إني قصدت أن أحرب أرض الهند وخزنة بيت المال لا تكفي لتقويم الجيوش والعساكر وأناظركم أريد أن أجعل قرضة لهذه الحرب فآخذ ذلك من التجارة على بيت المال قرضة وهم أكثر دراهم عنكم فقال أصحاب الأموال: نحن نسل َّ م ما تريد من القرضة لأنا أصحاب الأصول والتجار يسعون للفائدة فإن ضاعت ما في أيديهم من الدراهم ضاعت معاملة أهل الأصول معهم، فقال الإمام: لا صح الغير من أهل الأموال ثم سأل التجار فقال لهم: أريد أن أدخل الهند وخزنة بيت المال لا تكفي لحرب الهند وأناظركم أريد أن أقترض من عند أهل الأموال أما ترون في ذلك؟ فقال التجار: أهل الأموال أصحاب حرث وأكثر الحروث لا تقاوم ما أنفق عليها من المال فنحن نسلم القرض الذي تريده عليهم، فقال الإمام في نفسه: الغير من غير هذه الطائفتين يكون، ثم شاور الوزراء وأرباب الدولة فقال لهم: أريد أن أقدم إلى الهند لحربها وتملكها وخزنة بيت المال كما تعلمون لا تكفي لمقاومة هذه الحرب، وأريد أن أجعل قرضه على أهل الأموال والتجار إعانة لبيت المال، فقال الوزراء: نحن هذا في قلوبنا من قبل أن تكلمنا، وفضلة أموالهم وتجارتهم أحسن أن يقام بها الدولة، فقال الإمام في نفسه: التغيير وقع من أرباب الدولة فعزل الوزراء الذين في دولته من قبل، وأقام غيرهم فلما مر على الماء الذي في الوادي يوم الجمعة الثانية لزيارة قبر الإمام وجد الطحلب الذي يعهده بالجمعة الأولى لا شيء .« منه والماء زايد على ما كان راجع محمد بن خميس العقري النزوي: النصوص في أئمة بني خروص، ص ٣١ -.٣٢ بل قرر الفقه الإباضي إمكانية عزل الإمام إن لم يستجب لطلب الرعية رفع الظلم الواقع عليهم(١) « الجبابرة » ، وإن كان هو الذي يظلمهم فهو من(٢) ، ينطبق عليه أيض ً إنه إذا كان يظلم الناس، فجائز لمن اعتدى » : ا القول الآتي « وظلمه أن يقاصصه بما عليه له بقدر ما ظلمه(٣) ، كذلك قيل: فإن أصاب الإمام حدا عزل وأقيم إماما عن مشورة من المسلمين وأقيم » ًُ الحد ّ على الإمام الأول وبطلت إمامته، وإن عجز عن أخذ الحقوق وإقامة الحدود ونكاية العدو وصار عجزه دعاية لتبطيل الحدود وبطلان الأحكام (١) يقول الكندي:  والواجب على الإمام أن يتخذ الأمناء عون » ً ا له في رعيته وعلى عماله، وإذا رفع إليه ٍ المسلمون مظلمة من عامل أو وال أو غيره قبل ذلك منهم، وأنفذ ما رفعوه إليه ورد عماله ورعيته إلى الحق وق َ بل نصيحة أوليائه وإخوانه وإن رد النصائح وأغرى بأهلها ومنعهم أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، فإنهم يستتيبونه في ذلك فإن كان في عامل عزله فإن ،« لم يعزله بعد أن صح ذلك فاستعمله بعد ظلمه وجوره استتيب، فإن أصر استحق الخلع .« الإمام الإنصاف من نفسه وعماله ورعيته » ويضع الكندي قاعدة مهمة هي أن على الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ١٧٦ -.١٧٧ (٢) يقول المحقق ا لخليلي: إن كل جبار في عمان إذا أصر على ظلمه وامتنع عن الانقياد للحق وحكمه فقتاله دفاع » ُ يجب على أهل المصر جميعا لأنه لدفع ظلمه وفساده وإزالة جوره وعناده فدفع ظلمه ً الواقع بالحق كدفع الخصم الخارج المخوف منه وقوع الظلم بل هو أشد لأن هذا ظلمه .« واقع وذاك مخوف أن يقع والبلية بدفع الواقع أشد . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٢٠٣ والجبابرة جمع جبار ويقال للملك: جبار، إذا تكبر على الناس واحتجب، فلم يوصل إليه في ظ ُ لامة، ولم يكلم هيبة، فلا يقدر على الانتصاف منه، قال الله تعالى: ﴿ ¯® ° ± ﴾[ [المائدة: ٢٢ ، والجبار من الملوك: العالي على ربه، القاتل لرعيته. . النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ٢٤٩(٣) الشيخ صالح السليفي: منهاج الطالبين، وتحفة المتعلم وبشارة المتكلم، مكتبة مسقط، ١٤٣٢ ه . ٢٠١١ م، ص ١١٦ وظهور العدل ووضح ذلك مع المسلمين، فقد صار معطلا ً لحدود الله، يعزل « ويقام غيره ممن يقوم بذلك ويبلغ فيه ا لحق(١) . ويجوز في الفقه الإباضي طلب إزالة الانتهاكات الواقعة على ا(٢) الحقوق ولو كان السلطان جائرا أو ظالم . ًً ثالث ً ا أمثلة عملية لإزالة حكام ا لإباضية لانتهاكات الحقوق ا لإنسانية: ّ الحاكم والمحكوم في نظر الإسلام سواء، يسأل كل منهم إذا انتهك حقوق الإنسان بمعيار واحد وميزان وحيد. فمن الثابت أن النبي ژ كان يقص حتى من نفسه، فقد روى أبو سعيد الخدري أنه بينما رسول الله ژ يقسم قسما، أقبل رجل فأكب عليه، فطعنه ً رسول الله ژ بعرجون كان معه، فجرح بوجهه، فقال له رسول الله ژ : تعال َ فاستقد ، قال: بل عفوت يا رسول الله(٣) . (١) . السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، ج ٢، ص ٢٩٩ ُ (٢) فقد جاء في صراط ا لهداية: ومن جواب القاضي محم د بن عبد الله بن جمعة بن عبيدان » 5 ، وفيمن لقيه الل ّ صوص ّ في الطريق فأرادوا سلبه وضربه، هل يجوز له أن يرفع أمرهم إلى السلطان الجائر؛ ّ يستغيث به من ظلمهم إذا كان ا لسلطان مشهورا بالجور، والتعد ّ ي؟ ًّ الجواب : وبالله التوفيق، في ذلك اختلاف بين المسلمين، فقال من قال من المسلمين: إن ّ ه لا يجوز أن يرفع أمرهم إلى سلطان جائر، إذا كان السلطان معروف ً ا بالجور، ويخاف منه ّ الجور على المرفوع عليه، وقال من قال من المسلمين: إن ّ ه يجوز أن يرفع أمرهم إلى السلطان الجائر، ما لم يزد الرافع عليهم في القول بما لم يفعلوه، وإن جار السلطان فعلى ّّ .«؟ نفسه، وكل قول المسلمين صواب معمول به، والله أعلم الشيخ مبارك الغافري: صراط الهداية، مكتبة مسقط، ١٤٣٣ ه . ٢٠١٢ م، ج ٢، ص ٣٨٦ (٣) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ١٤٠٦ ه ، عمان، ج ٥ . ١٩٨٦ م، ص ٨٤ ُ وكان عمر 3 « يشدد على عماله، ويأخذ للناس حقوقهم منهم »(١) ، إني لم أبعث عمالي ليضربوا » : لذلك فمن الثابت عن عمر بن الخطاب قوله  أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، فمن ف ُ « عل به ذلك فليرفعه إلي أقصه منه(٢) . وفي التاريخ الإسلامي أمثلة كثيرة لتدخل الحاكم لإزالة الانتهاكات الواقعة على حقوق ا لإنسان: من ذلك حينما جاءت امرأة إلى المأمون وقالت له: يا خير منتصف يهدي له ا لرشد ويا إماما به قد أشرق البلد ً تشكو إليه حفيد الملك أرملة عدا عليها فما تقوى به أسد فابتز منها ضياع ً ا بعد منعتها لما تفرق عنها الأهل والولد فأطرق المأمون مليا، ثم قال لها: ً من دون ما قلت يميل الصبر والجلد وأقرح القلب هذا الحزن والكمد ُ هذا أوان صلاة الظهر فانصرفي وأحضري الخ َصم في اليوم الذي َْ المجلس السبت إن يقضي الجلوس لنا أعد ُ أنصفكي منه أو فالمجلس الأحد ُ فانصرفت وحضرت يوم الأحد، فقال لها المأمون: من خصمك؟ فقالت: القائم على رأسك ا لعباس بن أمير المؤمنين، فقال المأمون لقاضيه يحيى بن أكثم: أجلسها معه، وانظر بينهما، فأجلست معه والمأمون ينظر إليها فجعل كلامها يعلو، فزجرها بعض الحجاب، فقال المأمون: دعها فإن الحق أنطقها ُ وأخرسه، وأمر برد ضياعها إليها(٣) . (١) ذات المرجع، ذات ا لموضع. (٢) ذات المرجع، ذات ا لموضع. (٣) ذكرها ابن الأعرج: تحرير السلوك في تدبير الملوك، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، ١٩٨٢ ، ص ٤٧ -.٤٨ ومن ذلك حينما رفعت امرأة إلى إدريس بن يعقوب بن عبد المؤمن رقعتها بأحد من الأجناد ممن نزل دارها، فوقع على رقعتها: « يخرج هذا النازل، ولا يعوض بشيء من ا لمنازل »(١) . ُ َُ وتوجد أمثلة عملية كثيرة لإزالة الحكام الإباضيين لانتهاكات حقوق الإنسان(٢) ، نكتفي منها بذكر الأمثلة ا لآتية: (١) ابن الخطيب: الإحاطة في أخبار غرناطة، تحقيق محمد عبد الله عنان، مكتبة الخانجي،  القاهرة، ١٣٩٣ ه . ١٩٧٣ م، ج ١، ص ٤١٦ (٢) وقد حدث في عهد عمر بن الخطاب، مثال يجدر ذكره، ذلك أن رجلا ً من المدائن، خاف مظلمة من عامل لعمر، فقال: والله لئن قضيت علي، لأتظلمن إلى أمير المؤمنين نفسه، ثم ّ خرج حتى قدم إلى عمر فكلمه. فقال له عمر: ما منعك من سعد؟ وسعد إذ ذاك على ا لكوفة.  قال: أوجبت على نفسي ألا أتظلم إلا إليك، ولم يظلمني سعد، ولم آته فقطع يرفأ لعمر  أذن جراب، فجاء به، فكتب إلى سعد، فطوى الكتاب فخاطه مختلط ً ا على قدر أذن الجواب وختمه، وقال: عمر على بركة ا لله. قال: فانصرفت إلى منزلي، وأنا أحتسب سفري، رجل ليس له يسر، ولا يجد قرطاسا، ً وقام هو بنفسه معه وكتب لي بيده، لقد كان سفري ضياع ً ا، إلا أني صليت في مسجد رسول الله ژ ورأيت أصحابه فلما دخلت الكوفة جئت باب سعد، فإذا عليه الناس، فدخلت مع الناس، وقلت: معي كتاب أمير ا لمؤمنين. فقال: مرحبا بأمير المؤمنين وبكتابه، قدمه فناولته وإني لمستح ٍ من اختلافه فلما قرأه ً كشف وجهه وتغير لونه وقال لي: ويحك ما أتقيت الله، تظلمت مني ولم أظلمك؟! فقلت: قد أخبرت أمير المؤمنين قصتي فلما قرأ صفر لونه، فبينما هو بين ظهراني الكتاب يقرأ، إذ قام قائما، قال: أين حقك ومظلمتك؟ ً قلت: بالمدائن. قال: انطلق بنا حتى انطلق في حقك. قال: فانطلقت، فلما أبعد من داره قال: انصرفوا راشدين، فإن أمير المؤمنين عزم علي في ّ كتابه: أن لا أجلس جالس ً ا مستريح ً ا، وله على وجه الأرض حق إلا وفيته، وعاقبت عامله، إن كان تعدى عليه، فإذا فرغت فارجع إلى عملك، حتى لا يكون بعده أحد من أهل عملك متظلما إلي إنما جعلتك لتجزيني من يليك، وتعطي كلا ً سهمه من ا لحق. = ً • من ذلك أن سبب غرق الإمام الوارث في سيل وادي كلبوه من نزوي، وغرق معه سبعون رجلا ً من أصحابه، وذلك أنه كان سجن المسلمين بنزوي عند سوقم مائل وكان في السجن أناس محبوسون بأمر الإمام الوارث، فأمر بإطلاقهم، فلم يستطع أحد أن يمضي إليهم خوف ً ا من الوادي، لكثرة السيل، فقال الإمام: أنا أمضي إليهم، إذ هم أمانتي، وأنا المسؤول عنهم يوم ا لقيامة. فمضى إليهم، وتبعه ناس من أصحابه. فمر عليهم الوادي، فحملهم مع ّ المحبوسين، فمات الإمام الوارث، وقبر بعد ما جف الوادي بين العقر وسمال من نزوي (١) .  = قال الرجل: فوالله ما رأيت كان أضعف أولا ً ، ولا أعز آخرا، من أمر صاحب الطاق (يعني ً عمر) والله إن كان أمره إلا كأنه نار التهبت قوة وشدة، حتى ما بقي لي على وجه الأرض حق، حين أزاحه علي، وأد ّ ب ا لعامل. ّ قال سعد: انظر سبب المشي على قدمي، راجع: النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ١٨٠ -.١٨١ (١) ابن رزيق: الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة ع ُ مان، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ص ٣٣ -.٣٤ ُ ويروي ابن رزيق مثالا ً على عدل وإنصاف الإمام أحمد بن سعيد. أنه ترك أيام دولته على حصن الرستاق رجلا ً من بني سعيد أميرا على عساكر الحصن، ً فغضب ذلك الأمير ذات يوم على رجل قصاب من أهل الرستاق، فسحب اللحم الذي أودعه الوضم على التراب، ثم مرغه في رماد هراس، وكان السبب لذلك، أنه كان ذلك الأمير يصبر ذلك القصاب في أداء ثمن اللحم الذي يأخذه منه إلى يومين، ثم يسلم له ثمن ما أخذه من اللحم، فأخلف ذلك الأمير العادة، وجعل يماطل بدفع الدراهم حتى صارت عليه لذلك القصاب، وقد أخذ لحما كثيرا، حتى بلغ ثمنه خمسمائة محمدية، فلما ًً كان منه ذلك جعل القصاب يرد رسله الذين يبعثهم إليه لأخذ اللحم منه، فغضب عليه، وصنع بلحمه كما ذكرنا. فلما صنع به ذلك مضى القصاب إلى مولاه الشيخ سليمان بن ناصر الشقصي، وكان هو ٍ الكبير يومئذ على أهل الرستاق كافة، يغضبون إذا غضب، ويرضون إذا رضى، فشكا إليه ما جرى عليه، فقال، كم صارت لك عليه من الدراهم؟ فقال: خمسمائة محمدية. فأنقدها إليه، وقال له، امض إلى بيتك، واصنع ما كنت تصنع من القصابة، فإذا أتتك رسله = ِ = لا تردهم، واطو الخبر عن الخاصة والعامة، فمضى عنه، وفعل كما أمره به مولاه الشيخ سليمان بن ناصر. وكان الشيخ سليمان بن ناصر إذا مضى يوم الجمعة إلى صلاة الجمعة مشى أهل الرستاق خلفه إلى مسجد البياضة الذي هو في كبد حصن الرستاق، وفيه يجتمع الناس لصلاة الجمعة. فلما كان يوم الجمعة تماسك الشيخ عن المسير للصلاة وتماسك أهل الرستاق بتماسكه، فلما حان وقت الصلاة هبط الإمام أحمد بن سعيد من الحصن إلى المسجد، فلم ير أحد ً ا إلا عسكره من أهل الرستاق، فسألهم عن الشيخ سليمان بن ناصر وسائر أهل الرستاق، فقالوا، ما وصل منهم اليوم أحد إلى المسجد، فلما صلى الإمام بمن معه من العسكر وأهل السوق أمر بالشد على الركاب والخيل، فشدت وسار بهم حتى وصل إلى الشيخ ناصر بن سليمان، فلما تصافحا باليدين أخذ الإمام بيد الشيخ، وجلسا ناحية عن القوم، فقال له الإمام، لقد أوحشت الناس أيها الشيخ بتخلفك عن الصلاة مع وجود صحتك، فما عندك من الشأن، أخبرني. فأخبره عن صنيع أمير عسكر حصنه بالقصاب، فقال له، وهل عندك شيء غير هذا؟ فقال، لا. وإن هذا لشأن عظيم، فما عذرك بهذا الإهمال عن رعيتك، وهل يسعنا أن نصلي خلف إمام أهمل حق رعيته، فصاروا يظلمون ويهضمون، ومن يظلمهم ويهضمهم هو أمير على عسكر حصنه. فقال له الإمام، ما علمت بهذا الشأن إلا ا لآن. فقال له، لو كنت متفقد ً ا لأمور رعيتك لما جرى عليهم مثل هذا. فقال له الإمام، طب نفسا وقر عين ً ا، ففي غد إن شاء الله، ليأتيك الخبر عما تقر به عينك ً وتطيب به نفسك. ثم مضى الإمام عنه بمن معه إلى الحصن، وانصرف الشيخ إلى بيته. فلما كان اليوم الثاني بعث الإمام إلى أمير عسكر الحصن، فلما أتاه أظهر عليه الغضب، وقطب عليه الحاجب، وقال له، يا خبيث، ما الذي فعلت بالرجل القصاب؟ فتلجلج لسانه، وكاد أن يموت من الفزع، فأمر عليه بالقيد والخشبة، فقيد وخش ّ ب، وألزمه بتسليم ّ ما عليه من الحق للقصاب، فبعث إلى أهله بتسليمه. فلما حضرت الدراهم بين يدي الإمام بعث إلى القصاب، فلما أتاه، قال له: كم لك مع الذي صنع بلحمك ما صنع؟ فقال خمسمائة محمدية. فقال له الإمام. ها هي ذي، فلما أخذها أثنى على الإمام، ومضى من ساعته إلى مولاه الشيخ سليمان بن ناصر فأخبره = • ومن ذلك قصة التاجر اليمني في ا لرستاق(١) . = الخبر كله، ودفع الدراهم إلى مولاه إذ كان أقرضه إياه، لما أتاه شاكيا من أمير عسكر ً الحصن. فلما كان يوم الجمعة الثانية مضى الشيخ إلى الإمام لصلاة الجمعة، ومضى أهل الرستاق معه، فلما قضيت الصلاة قال الشيخ للإمام، الآن قد طابت نفسي على أمير عسكر الحصن، فحسبه ما أتاه، فتفضل بإطلاقه من القيد والحبس. فقال له الإمام، هيهات أن أطلقه حتى تمضي عليه سنة من يومنا هذا، فمكث في القيد والحبس سنة، ثم أطلقه الإمام، وعزله عن الإمارة والتقدمة على العسكر، فبقي في الرستاق كحال الذين لا يكترث بهم. ابن رزيق: السيرة الجلية سعد السعود البوسعيدية، تحقيق عبد الرحمن السالمي، ٰ ١٤٢٨ ه ٢٠٠٧ م، ص ١٤٢ - ١٤٦ ؛ ابن رزيق: الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٣٩٧ ه ١٩٧٧ م، ص ٣٥٣ -.٣٥٥ ُ (١) يروي ابن رزيق هذه القصة، كما يلي:  وكان رجل من أهل اليمن تاجرا يأتي من اليمن إلى عمان، دور كل سنة، فيحمل إليها ًُ الورس (السمسم) والزباد (الطيب الذي يؤخذ من العنبر)، فإذا وصل إلى مسقط ارتفع إلى الرستاق فيبيعها. فإذا فرغ من بيعها وقبض الثمن رجع بالموسم إلى ا ليمن. فأتى ذات مرة كعادته الأول، فلما باع ما حمل من البضائع، واستوفى الثمن رجع راجلا ً ، فبات في شعاب المرخ على قارعة ا لطريق. فمر عليه أعرابي، وهو نائم، فأخذ الكيس الذي وضع فيه الدراهم من تحت رأسه، وهو لم يشعر به. ومضى ذلك الأعرابي إلى عرعر، فأيقظ من يقص الأثر، وشاطره الدراهم، وقال له: إن قيل لك: قص أثر الفاعل، موه الكلام، وقل لهم بعد ما تقص: تداوست الأقدام ّ على بعضها بعض ً ا، ووقعت خفاف الحيوان وحوافرها على بعضها بعض ً ا، فما وجدت للفاعل أثرا. ً فأجابه بعد ساعة طويلة على ذلك. فلما أصبح الصباح التمس الرجل اليمنى الكيس الذي وضع فيه الدراهم، فلم يره. فجعل يلطم وجهه، ويضرب صدره بيده، ويصيح. فلما رجع إلى الرستاق أخبر الإمام بما جرى عليه. فقال الإمام: علي بالقاص. = • ومن ذلك ما حدث بين أبي عبيدة وأبي اليقظان: إذ بينما الناس ذات = فلما أتى به إليه قال له: قص الأثر، وائتني بالفاعل. فمضى. ثم رجع إلى الإمام في اليوم الثاني، فقال له: رأيت أقداما متداوسة على بعضها بعض ً ا، وأخفاف ً ا وحوافر وقع بعضها على بعض، فاشتبه ً علي الأمر، وما وجدت للفاعل أثرا من كثرة ا لتداوس. ًّ فأمر الإمام بحبسه حيثما سرق الرجل اليمني، وألا يعطى ماء ولا زاد ً ا. ففعل به كما أمر ا لإمام. فمر عليه رجل من أصحاب الإمام، ورآه في حال مشرف على ا لهلاك. ّ فأسرع السير إلى الإمام، وأخبره عن حال قصاص الأثر، وتشفع فيه. فأمره الإمام أن يأتي به إليه. فلما أتى به قال ا لإمام:لا فكاك لك مني قبل أن تأتني بالفاعل. فأخذ مهلة منه شهرا، فأعطاه الإمام ما طلبه من ا لمدة. ً فمضى القاص يتتبع أثر صاحبه حتى انتهى إلى بلدة ودام، فبحث عنه. فقال له بعض أهل ودام: لقد أقبل إلينا رجل أعرابي، من أهل الظاهرة من أيام يسيرة، وبيده كيس لا أعلم ما فيه، ثم باع ناقته على بعض أصحابنا، واستكرى سفينة صغيرة إلى مكران. فاستكرى القاص سفينة إليها. فلما وصل إلى البر تتبع أثره فوجده قريبا من ناحية السند، نائما وقت القيلولة في ظل ًً شجرة مورقة. فأيقظه، وأخذ منه الكيس، فعد منه الدراهم فوجدها كما هي، ورجع عنه. فلما وصل إلى ودام أخبر أهل ودام الخبر كله عن صاحبه، ولم يخبرهم بالمشاطرة، وبما توافقا عليه. فمضى أكابرهم معه إلى الإمام، ومعهم الناقة التي اشتراها صاحبهم من الأعرابي ا لمذكور. فلما وصلوا إلى عرعر انفصل عنهم القاص إلى بيته، فوضع الدراهم التي شاطر بها الأعرابي في الكيس الذي فيه الدراهم التي قبضها من صاحبه. فلما رجع إليهم مضوا إلى ا لرستاق. فأخبروا الإمام عن الفاعل، ورجوع الدراهم منه، وسلموا له ا لناقة. = يوم جلوس إذ أقبل أبو عبيدة راكبا على دابة، فقال الناس هذا أبو عبيدة قد ً    أقبل متفقد ً ا الأمير مسلما عليه، قال فأعلموا بقدومه أبا اليقظان فلما دخل ً عليه أدناه إلى نفسه فقال ما جاء بأبي عبيدة إلينا متفقد ً ا أم مسلما أم ماذا؟  فقال، أصلح الله الأمير، ما جئت مسلما ولا متفقد ً ا غير أن جارة لي خرج ً  ولدها البارحة في طلب معاش له ولها، فأخذه المحروق صاحب حرسك وحبسه فأتتني الغداة باكية شاكية تسألني أن أسألك في إطلاق ولدها، فأمر  لأبي عبيدة، ثم سلم وانصرف، بأن يطلق كل من حبس تلك الليلة إجلالا ً فعجب الناس من صدقه وتركه التصنع وإظهاره على لسانه ما أسر في قلبه(١) . • ومن ذلك إزالة الانتهاكات التي ارتكبها الحاكم الذي زالت إمامته، كما فعل الإمام عمر بن الخطاب بأموال بني نبهان(٢) . = فقال ا لإمام: أما الناقة فلا سبيل إلي فيها، وأما الدراهم فليأخذها صاحبها ا ليمني. ّ فلما أحضر ألقى الإمام الكيس، وقال: أعدد دراهمك. فلما عد ّ ها وجدها كما هي. فقال له ا لإمام: إن أردت أن تقيم معنا فأنت في أمان واطمئنان، وإن أردت أن ترجع إلى بلدك فارجع بسلام. فلما اختار الرجوع أمر بناقة له يركبها إلى مسقط، وأن يشيع بأهل إبل وخيل من إبله وخيله. فرجع اليمني وهو يثني على ا لإمام. وأما القاص فحبسه الإمام في حصن الرستاق، فلبث في الحبس سنة، ثم فسح له وأخرجه من القصاصة، وترك مكانه غيره. ابن رزيق: الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة عمان، المرجع السابق، ص ٢٧٤ -.٢٧٧ ُ (١) ابن الصغير: أخبار الأئمة الرستميين، دار الغرب الإسلامي، ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ص ٩٥ -.٩٦ (٢) يذكر الخليلي ذلك نقلا ً عن كتاب كشف الغمة، كما يلي: قال: ثم عقدوا للإمام عمر بن الخطاب بن محمد بن أحمد بن شاذان بن الصلت سنة » خمس وثمانين وثمانمائة سنة وهو الذي حاز أموال بني نبهان وأطلقها لمن عنده من = • وهو عين ما طبقه أيض ً الإمام عبد الله بن يحيى (طالب الحق) على » : ا أهل صنعاء عندما دخلها منتصرا على واليها الأموي، فإنه أمر أن يؤتى َْ ً فأتوا به من الخزانة إلى » بالمال الذي اغتصبه هذا الوالي من أهل صنعاء المسجد فقسمه عبد الله على فقراء صنعاء، ولم يأخذ منه شيئ ً ا، ولم يستحل « ا(١) منه لأصحابه متاع ً . = الشراة وكان ذا يد فيها وأمر فيها بأوامره وذلك باجتماع من المسلمين وذلك أن المسلمين (اجتمعوا) فنظروا في الدماء التي سفكها آل نبهان والأموال التي أخذوها واغتصبوها بغير ٍ حق فوجدوها أكثر من قيمة أموالهم وكان يومئذ القاضي أبو عبد الله محمد بن سليمان بن أحمد بن مفرج والإمام عمر بن الخطاب فأقام القاضي محمد بن عمر بن أحمد بن مفرج وكيلا ً لمن ظلمه آل نبهان من المسلمين من أهل عمان، وأقام أحمد بن عمر بن أحمد بن ُ مفرج وكيلا ً للملوك آل نبهان فقضى أحمد بن صالح بن محمد بن عمر أن جميع ما لآل نبهان من أموال وأروض ونخيل وبيوت وأسلحة وآنية وغلل وتمر وثمر وسكر وجميع ما لهم كائن ً ا ما كان من ماء وبيوت ودور وأطوى وأثاث وأمتعة قضاء ثابت ً ا للمظلومين. وقبل محمد بن عمر هذا القضاء للمظلومين من أهل عمان من غاب منهم أو حضر أو كبر ُ منهم أو صغر الذكور منهم والإناث فصارت هذه الأموال بالقضاء الثابت الصحيح للمظلومين وقد جهلوا معرفتهم ومعرفة حقوقهم ولم يحيطوا به علما ولم يدركوا له قسما ًً فصار كل مال لا يعرف قسمه مجهولون أربابه راجعا إلى الفقراء وكل مال راجع للفقراء ً فالإمام العدل عند وجوده أولى بقبضه ويصرفه في إعزاز دولة المسلمين والقيام وكل من .« أصح حقه وأثبته فهو له من أموالهم المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٤٧١ -.٤٧٤ (١) الشماخي: كتاب السير، ج ١، ص ٩١ - ٩٢ . انظر أيض ً ا الكندي: بيان الشرع، المرجع . السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٤٠ « الأموال المشتبهة » وقد ذكر هذه الحادثة الإمام السالمي في كتابه (جوهر النظام) في باب حيث قال: وطالب الحق بصنعا حكما بجعله في أهلها واحتشما لم يأخذن عند مضيق يومه شيئ ً ا لنفسه ولا لقومه أكرم تعفف ً ا منهم ومن كمثلهم أكرم بهم من عصبة أكرم بهم كانوا يموتون على ما أبصروا من الهدى ما بدلوا وغيروا = • ومن ذلك ما قاله أبو العباس: ودخلوا في وجهتهم هذه مدينة من المدن، فمرت بهم امرأة في أيدي الشرطة يقتلونها، وهي تصيح: أغيثوني ّ معاشر المسلمين! فأغاثها أبو المنيب محمد بن يانس وسل سيفه، فدافعهم وخلصها، ثم حملوه إلى السلطان، فقال: ما حملك على ما فعلت؟ قال: لما ّ سمعتها تستغيث بالله وبالمسلمين لم أتمالك ولم أوف بديني، إن سلمتها، فأمعن فيه النظر، وقال: تركناها لله، وإيجابا لحق ّ ه، ثم رجع، فوجد أصحابه ً مست َ خفين، خوف سوء العاقبة. فقال: قيامي لله، وهو أعلم بحالي!(١) . ُ بل إن الدفاع عن حقوق الرعية وإزالة الانتهاكات الواقعة عليها قد يؤدي إلى نشوب حرب دولية(٢) . = . السالمي: جوهر النظام، ج ٣، ص ٣٥٣ حري بالذكر أن هناك رأيين آخريين في الفقه الإباضي بخصوص ما يؤخذ من خزائن السلاطين المتغلبين: (الأول) يرى صرفه لصلاح الدولة إذا لم يعرف أربابه، (والثاني) يرى أن الجبابرة أولى به، وورثتهم من بعدهم أولى به، راجع الرستاقي: منهج الطالبين، . المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٢٠ (١) . الشماخي: كتاب السير، دار المدار الإسلامي، بيروت، ٢٠٠٩ ، ج ٢، ص ٢٩٦ (٢) من ذلك ما ذكره ابن رزيق: وانكسرت سفينة من سفائن رعيته على ساحل بحر عدن، فانتهب ما فيها من المال سكان عدن. فكتب الإمام كتابا جميلا ً إلى إمام صنعاء برجوع ما أخذته رعيته، أهل عدن، من ا لسفينة. ً فجاوب إمام صنعاء الإمام سيف بن سلطان بكلام يفضي إلى سب وتهديد، ومحصول كلامه، اصنع ما أنت صانعه، فلسنا نرد عليك شيئ ً ا. وهذا الكتاب المذكور من إمام صنعاء لقد وقفت عليه وقرأته، وما أحببت أن أسطر ما فيه في هذا الكتاب وغيره، على ما فيه من الكلام الشنيع القبيح الذي لا يصدر من مليح. فبعث الإمام سيف بن سلطان جيش ً ا كثير العدد، وأمر أمير الجيش بحصر المخا، برا وبحرا. ًّ فأحاطت بها عساكره، وحاصروها حصارا شديد ً ا، حتى بلغ معسكرهم إلى باب ا لشاذلي. ً وأقامت عبيده في معسكر غير معسكر الأحرار، فبقي نخل نوى التمر الذي أكلوه إلى هذه الغابة يسمى نخل ا لعبيد. = رابع ً ا الإمام العاجز عن إزالة انتهاكات حقوق الإنسان عليه أن يعتزل ا لإمامة: من المعلوم أن الإمام الذي يعجز عن إزالة الانتهاكات الواقعة على إنصاف » حقوق الإنسان، يكون قد خالف وظيفة من أهم وظائفه، وهي وذلك بإرجاع الحقوق إلى نصابها وردها ،« الناس بعضهم من بعضلأصحابها بل وانتزاعها من أيدي غصابها. وقد ذهب الفقه الإباضي إلى حد القول إن الإمام الذي لا يستطيع أخذ الحقوق من مغتصبيها، وردها لأصحابها ليس بإمام، وعليه ترك وظيفته، ا(١) وللمسلمين ألا يعتبروه إمام . ً = فأذعن إمام صنعاء له بالطاعة، ورد ما أخذته رعيته إلى الإمام كافة، وأغرم له ما أتلفته رعيته. وجعل يكاتبه ليعفو عنه على تسليم ما يريده منه من ا لمال. والإمام لم يرد عليه جوابا، انظر ابن رزيق: الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة عمان، ًُ المرجع السابق، ص ٢٧٩ -.٢٨٠ (١) فقد جاء في المدونة الكبرى أن على الإمام إذا حدث اعتداء على حقوق الناس أن يلي ذلك بنفسه، وبمن معه قلوا أو كثروا: حتى ينفذ أحكام الله ويقتصها ممن هي ق » َ بله، أو يعتزل أمور المسلمين؛ إذا لم يقو على ّ إنصاف بعضهم من بعض، والأخذ بالحقوق التي امتنع بها منه، لا يسعه غير ذلك، ولا يسع المسلمين الذين بحضرته متابعته على هذا والكون معه، وهو لا ينفذ أحكامه ولا يمضي أموره، لأن هذا ليس بإمام، وإنما الإمام الذي يقهر الناس ويحملهم على أحكام الله بالرضا منهم أو بالإكراه، وأما أن يعقد الإمام لنفسه الإمامة؛ فيقول أطيعوني فطاعتي لازمة لكم، وبيعتي واجبة عليكم، ويترك الناس هملا ً يتنازعون فيما بينهم الحقوق ولا يتعاطونها، ولا ينصفهم، فإن طلب بعضهم إلى بعض حقه لم يعطه، ونصب بعضهم لبعض الحرب وأغار بعضهم على بعض، وانتهكت المحارم، وق ُ تلت الأنفس، وهم جميعا في طاعته، فلم يفرق بينهم، ولم ينصف بعضهم من بعض، حتى وقعت ً الدماء، واستحلت محارم الله، وانتهكت معاصيه وأفسد في أرضه وهو إمام، وقد ظهرت ُ أحكامه ودان الناس بطاعته، فتركهم يتهارجون الدماء، ويستحلون ما حرم الله عليهم، فلا، = ٤ إزالة انتهاكات حقوق الإنسان بواسطة القضاء ا لإباضي: القضاء فريضة محكمة، وهو الركن الركين والحصن الحصين لحماية حقوق ا لآدميين.  وبخصوص علاقة القضاء بمسائل حقوق الإنسان، فقد تعرض لها الفقه الإباضي خصوصا من نواحي ثلاثة: ً أولا ً أن القاضي يحكم وفق ً ا للظاهر من الحجج التي تدفع أمامه، إذ هو لا يستطيع أن ينفذ إلى مكنونات سر أطراف النزاع، فالله وحده يتولى السرائر. يؤيد ذلك ما رواه أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي ژ قال: إنما أنا بشر مثلكم تختصمون إلي فأحكم بينكم، ولعل » بعضكم ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ منه شيئ ً ا، فإنما أقطع له قطعة من ٍ نار « قال الربيع: ألحن: أقطع وأبلغ وأحق(١) . فقد كان « إنما يحكم بالظاهر » إذ يدل هذا الحديث على أن ا لنبي ژ يحكم بما ظهر إليه من أمرهم، لأنه ما كلف حقيقة أمرهم، ويفضي على »« سرهم(٢) . = ولا ن َعم َ ت ع َي ْن ٌ له، ولا يكون هذا إمام ً ا، وليست هذه من صفة إمام العدل، وإنما الحق عليه إذا لم يقو على تغيير هذا، ويحمل الناس على القصاص أن يخل ّ ويبرأ منها، ولا يغر ّ .« الناس بإمامته، ولا يحمل عليهم بيعته، ويعافيهم من نفسه، فينظر المسلمون لأنفسهم أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٣١٧ -.٣١٨ (١) رواه الربيع، كتاب الجامع، رقم ٥٨٨ ؛ ورواه البيهقي في آداب القاضي ( ٦١ )، ورواه . الطبراني رقم ٨٠٣(٢) ابن بركة: كتاب التعارف، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٩٨٤ ، تراثنا، ُ ص ٩ -.١٠ = ثانيا أن حكم الحاكم وإن كان نافذ ً ا في الظاهر إلا أنه لا يؤثر على ً ماهية الحق الذي تم الفصل فيه: نعني بذلك أنه لا يجعل الحرام حلالا ً ، ولا الحلال حراما، يقول أطفيش ً (بخصوص الحديث النبوي ا لسابق): «(١) ففي الحديث أن حكم الحاكم لا يحل حراما ولا يحرم حلالا » ً . ً = راجع معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، « الحكم على الظاهر » لذلك من قواعد ا لإباضية ّّ هو أمر قرره ا لنبي ژ والتزمه في » المرجع السابق، ج ١، ص ٤٨٧ ، فالعلم بحسب الظاهر د. مصطفى باجو: منهج الاجتهاد عند ا لإباضية، مكتبة الجيل الواعد، « القضاء ّ ١٤٢٦ ه ٢٠٠٥ م، ص ١٢٧ . كذلك جاء في جواهر ا لآثار. وما ادعى إلى الحاكم إلا قلة الإنصاف، وكثرة الظلم والتعدي، وإلا » ّ فالكل عارف بحقه، ابن عبيدان: جواهر الآثار، وزارة « لكن الحاكم يحكم بالظاهر، والله المطلع على السرائر  التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه . ١٩٨٦ م، ج ١٦ ، ص ٥٢ ُ (١) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٥١ . لذلك حكم الحاكم لا يحل حراما وإن كان نافذ » : من قواعد الإباضية ً معجم ،« ا في الظاهر ًّ . القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٧٢ ّ من احتال لأمر باطل بوجه من وجوه الحيل حتى يصير حق » : وهو ما يعني أن ً ا في الظاهر .« ويحكم له به فإنه لا يحل له تناوله في الباطن ولا يرتفع عنه الإثم بالحكم حاشية الترتيب للشيخ ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، دار البعث، قسنطينة، الجزائر، ج ٣، ص ٢١١ -.٢١٥ قوله (فلا يأخذ منه شيئ » بعبارة أخرى ً ا): نهى فيه أن يأخذ المحكوم له شيئ ً ا من حق صاحبه بنفس الحكم، فالحكم تمليك مال أو إزالة ملك أو إثبات نكاح أو فرقة أو نحو ذلك إن كان في الباطن كما هو في الظاهر نفذ على ما حكم به، وإن كان في الباطن على خلاف ما استند إليه الحاكم من الشهادة وغيرها لم يكن الحكم موجبا للتمليك ولا الإزالة ً ولا النكاح ولا الطلاق ولا غيرها، وهو قولنا وقول الجمهور من قومنا وأبي يوسف من الحنفية، وفصل آخرون من قومنا فقالوا: إن كان الحكم في مال وكان الأمر في الباطن بخلاف ما استند إليه الحاكم من الظاهر لم يكن ذلك موجبا لحله للمحكوم له، وإن كان ً في نكاح أو طلاق فإنه ينفذ ظاهرا وباطن ً ا، وحملوا حديث الباب على ما ورد فيه وهو = ً فلا يأخذ منه شيئ » : يؤيد ذلك قوله ژ في الحديث آنف الذكر ً .« ا كذلك فإن قوله تعالى: ﴿ rqponmlk {zyxwvuts ﴾ [ [البقرة: ١٨٨ ، يبين أن:  «(١) حكم الحاكم لا يحل باطلا » ً . ُ = المال، واحتجوا بما عداه بقصة المتلاعنين، فإنه ژ فرق بين المتلاعنين مع احتمال أن يكون الرجل قد كذب فيما رماها به، قالوا: فيؤخذ من هذا أن كل قضاء ليس فيه تمليك  مال أنه على الظاهر وإن كان الباطن بخلافه، وإن حكم الحاكم يحدث في ذلك التحريم والتحليل بخلاف ا لأموال. وتعقب بأن الفرقة في اللعان إنما وقعت عقوبة للعلم بأن أحدهما كاذب، وهو أصل .« برأسه، فلا يقاس عليه سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، مكتبة مسقط، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه ١٩٩٤ م، ص ٢٤٥ -.٢٤٦ ُ (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١، ص ٤٠٧ يقول ا لسالمي: ليس للمجتهد أن يطلب حق » ً ا في رأيه أنه ليس له، فإن طلب ذلك فقد اد ّ عى ما ليس له ِ بحق، وليس للآخر أن ينكر حقا يرى أنه عليه لازم فإن أنكره كان منكرا لحق عليه. ً ًّ فإن صورنا أن المجتهدين اختفى عليهما الحق لمن يكون حتى ترافعا وحكم الحاكم، ٍ فحينئذ رأى من عليه الحق أن الحق لصاحبه لو لم يحكم الحاكم ورأى الآخر مثل ذلك فها هنا يتصور سؤالك. ٍ وجوابه حينئذ أن الحق للمحكوم له في حكم الظاهر وأنه ليس للمحكوم عليه أخذه، وكذلك المحكوم له فيما بينه وبين الله ليس له أن يأخذه لكن يرده إلى الأول عن طيب نفس وت َح َ ال ًّ ، فإن فعل ذلك جاز لصاحبه أخذه من هذا الباب، وإن تمسك بحكم الظاهر وأخذه وهو يرى أنه ليس له فهو متستر في الظاهر خائن في الباطن، ٌُ وإن لم يقبله لا هذا ولا هذا فإن جعل في بيت مال المسلمين جاز، وإن أنفق في .« الفقراء جاز جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٤٣ -.٢٤٤ ثالث ً ا أن رجوع الحاكم إلى الحق خير من التمادي في ا لباطل(١) : علة ذلك أمران: ١ التطبيق السليم لأوامر الشرع، إذا اتضح أن الحكم السابق قد خالفه. ٢ المحافظة على حقوق الناس التي تضررت من الحكم ا لسابق. وقد ثبت ذلك عن أئمة المسلمين، إذ لما أراد عمر بن الخطاب أن يحد َّ د المهور وقف وقال: كل من زاد مهرها على مهر بنات رسول الله ژ وضع في بيت المال. فقامت امرأة وقالت: الله يعطينا وأنت تحرمنا؟ فقال: كيف ذلك؟ قالت: يقول الله: ﴿ ! ❁ 210/.-,+*) ('&%$#" 54 =<;:9876 >﴾ [النساء: ٢٠ - [٢١ ، فقال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر ثم رجع إلى ا لحق (٢) . من ذلك ما حدث في عهد الإمام أفلح ثالث الأئمة ا لرستميين(٣) ،(١) معجم القواعد الفقهية الإباضية، « الرجوع عن الخطأ واجب » : لذلك من قواعد الإباضية ّّ المرجع السابق، ج ١، ص ٥٦٤ . في هذا المعنى قال ا لناظم: راجعت َ لا يمنعك قضاء قد قضيت َ به فيه أصولا ً في الصور  كن أو في الحديث وأقوال الهداة وقد أدركت في الحكم رشد الحاذق الذمر ه ُ ديت َ للرشد فيه بعد حكمك فاح كم بالذي صح من رشد لذي بصر ارجع إلى الحق إن الحق عندهم طبعا قديم على التحقيق فاقتصر ً إن الرجوع إليه واجب أبد ً ا حيث التمادي يبطل عنصر الضررلا خير في باطل في الدين نعرفه لكنه الشر عند السادة الطهر (٢) الشيخ سالم السمائلي: هدى الفاروق، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ٧٨ - .٧٩ (٣) فقد تنازع أبو العباس أخو أفلح المشير له والمرغب فيه وصهر الإمام أفلح في أرض فارتفعا إلى أفلح أبو العباس أخوه والآخر صهره فقال لهما أفلح: كلاكما يعز علي = ومن ذلك أيض ً ا قصة محمد عبد الله القاضي مع أبي ا ليقظان(١) .   = ولكن ارتفعا إلى محكم، وكان أبو العباس يحب ذلك لتقديمه للحكم وإيثاره إياه وكان الآخر يكره ذلك ويحب أن لو كان أمرهما عند أفلح، فاغتنم أبو العباس كلام أفلح وبادر إلى بغلة له شهباء هملاجة فركبها وكان صاحبه على رمكة بطيئة المشي فأتى أبو العباس محكما فوجده خاليا في سقيفة داره ولم ير َ مع أبي العباس أحد ً ا، فأجلسه ًً َ محكم إلى جنبه وأقبل عليه يحدثه، وخصمه تخلف على دابته فبينما هما كذلك إذ أقبل خصمه حتى نزل على باب دار محكم فلما رأى أبو العباس خصمه قد نزل نادى باسم جارية محكم فاستسقاها ماء ليرى خصمه دلالته على القاضي ليودعه بذلك، فلما صار القدح إلى الجارية قال الخصم في نفسه: إلى من أحاكم؟ خصمي جالس إلى جنب القاضي ويستسقي الماء من داره وأنا ملقى على باب الدار لا يلتفت إلي ولا ينظر نحوي، قال: ثم حانت منه التفاتة فإذا بالرجل جالس، فقال: ما بالك يا هذا وما قصدك؟ فقال له: جئت خصما لأبي العباس فوجدته جالسا إلى جانبك فجلست ًً موضعي هذا، قال: فغضب محكم على أبي العباس فقال: يا أبا العباس تأتي مع خصمك فتجلس إلى جنبي دونه وتستقي الماء من داري على يد جاريتي، يا غلام خذ بيد أبي العباس وأقعده مقعد خصمه ولا يبرح، وخذ بيد خصمه وأقعده إلي، ومر الجارية فلتسقه ماء، ففعل الغلام ما أمره به، فخرج أبو العباس مغضبا حتى دخل على ً أخيه أفلح فلما رآه، قال له: ما لك وما عراك؟ قال: نزل بي من هذا الهواري الشرس الجافي ما لم ينزل بأحد، فقال: وما ذلك؟ فدل عليه القصة من أولها إلى آخرها، فلما فرغ من كلامه، قال له: يا أبا العباس قد كنت أعلمتك بهذا من قبل، والصواب ما فعل والحق أولى أن يؤثر، ولو فعل غير هذا لكان مداهن ً ا، فاتصل ذلك من كلامه بوجوه الإباضية فأعجبهم وسروا به. ّ ابن الصغير: أخبار الأئمة الرستميين، دار الغرب الإسلامي، ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ص ٥٩ -.٦١ (١) فقد قيل لسليمان مولى محمد بن عبد الله القاضي: ما السبب الذي كره منه محمد بن عبد الله القضاء حتى ألقى الخاتم والقمطر وشافه أبا اليقظان بما شافه به؟ فقال: نعم، آجرك الله يا ابني، إنما نحن ذات ليلة جلوس بعد العشاء الأخيرة وكان كثيرا ما يؤثر بي ً لحوائجه على غيري، فبينما نحن كذلك إذ دق علينا الباب دق ً ا عنيف ً ا، فقال لي: يا سليمان قم فإني خشيت أن يكون حادث من قبل السلطان، قال: ففتحت الباب فإذا أنا بجارية منبهرة ومعها صقلبي معه سراج، قال: فقلت: ما بالك أيتها المرأة؟ فقالت: القاضي أريد، فرجعت إليه وأعلمته، فقال: أدخلها، فأدخلتها، فلما مثلت بين يديه، قال لها: ما بالك  أيتها المرأة وما جاء بك هذه الساعة؟ فقالت: نعم دخلت علي الساعة خدام من قبل =  وفي التاريخ الإسلامي أيضا أمثلة أخرى كثيرة يتشدد فيها القاضي ً ولا يتزحزح عن الحق قيد أنملة ولو تدخل ا لخليفة(١) . = زكرياء بن الأمير وأخذوا ابنتي من بين يدي، فقلت لابني: قم فات ّ بعهم، فقال: أخاف إن أردت ذلك أن يقتلوني وإن لم يقتلوني خفت أن يدسوا علي عاملا ً من عمالهم أو لصا ً من لصوصهم فيقتلوني، قال: فسقط القاضي كالمغشي عليه، ثم أفاق، فقال لي: يا سليمان قم؟ ثم قام، فقال لي: خذ سراجك ولا يشعر بك أحد وتقلد سيف ً ا وأعطني عصاي، ففعلت، ثم قال: اخرجي أيتها المرأة فخرجنا، ثم قال: إلى أين تظنين يقصد بابنتك؟ فقالت: إلى دار الزكاة، قال: فسار وسرت معه والجارية معنا حتى أتينا قرب الدار، فقال  لي: يا سليمان غيب السراج لئلا ّ يشعر بنا أحد، قال: فسترته، فقال لي: دق الباب دق ً ا لطيف ً ا، فإذا فتح الباب فأظهر السراج، فلما رأى صاحب الدار وأهل الدار القاضي ارتاعوا ارتياع ً ا شديد ً ا، وقالوا: فما بال القاضي، أعزه الله، وما جاء به؟ فقال لي: يا سليمان اصعد إلى أعلى الدار واحذر أن ينزل أحد من جوانب الدار، ففعلت، قال: ثم أقبل يتخلل بيوت الدار بيت ً ا بيت ً ا وموضع ً ا موضع ً ا فلم ير شيئ ً ا، ثم صعد أعلى الدار والمرأة معه فلم يجد شيئ ً ا، قال: ثم عطف على صاحب الدار، فقال له: هل رأيت زكرياء ابن الأمير أو كان معك اليوم؟ فقال: نعم، كان اليوم عندي فلما كان الليل أتى بفرس فركبه، قال: هل تعرف له موضعا؟ قال: لا والله أصلح الله القاضي، فسقط في يده ثم لم يصبر إلا أن ً وصلها إلى دارها، ثم انصرفنا إلى دارنا، فما نام تلك الليلة حتى طلع الفجر، فغدا ّ بخاتمه وقمطره وألقاه إلى صاحبه. راجع ابن الصغير، ذات المرجع السابق، ص ٩٠ -.٩١ (١) نكتفي هنا بذكر مثالين: • فقد كتب مروان إلى أسيد بن حضير الأنصاري وكان عاملا ً على اليمامة بأن معاوية كتب إليه أن الرجل الذي تسرق منه سرقة فهو أحق بها حيث وجدها فكتب أسيد إلى مروان: إن النبي ژ قضى بأنه إذا كان الذي ابتاعها من الذي سرقها غير متهم يخير سيدها فإن شاء أخذ الذي سرق منه بثمنه وإن شاء اتبع سارقه ثم قضى بذلك أبو بكر وعمر وعثمان. فبعث مروان بكتاب أسيد إلى معاوية، فكتب معاوية إلى مروان: إنك لست أنت ولا أسيد تقضيان علي ولكني أقضي فيما وليت عليكما فأنفذ ما أمرتك به. فبعث مروان بكتاب معاوية إلى أسيد فقال: لا أقضي ما وليت بما قال معاوية. (رواه ومن تأمل هذه القصة يعلم مبدأ » : النسائي في البيوع). ويعلق رأي على ذلك بقوله الاستبداد في أمر الأمة وتغير ما كانت عليه الحال من أمر الشورى وإن كانت جلالة أسيد = ٥ إزالة انتهاكات حقوق الإنسان عن طريق التعويض ا لمالي: إذا تعذر إعادة الحال إلى ما كان عليه (كحبس أو سجن إنسان أو توقيع القصاص عليه، ثم اتضح أنه بريء)، يتم اللجوء إلى التعويض المالي، من ٍ مال الشخص المسؤول إن تعمد ذلك، أو كان بخطئه ودون قصد (وحينئذ يتم الدفع من بيت ا لمال). وقد أخذ الفقه الإباضي بما قلناه(١) . = وسابقتيه، وبالأخص عصبيته الأنصارية وقفت دون الاستبداد وفتحت له طريق التصلب  ابن الحسن الثعالبي الفاسي: الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، المكتبة .« في الحق . العلمية، المدينة المنورة، ١٣٩٦ ، ج ١، ص ٢٧٠ • ومن ذلك حينما تقدم الفضل بن سهل مستعديا على عبد الله بن مالك فقال القاضي ً للفضل: ما تدعي؟ قال شتم أمي، قال: وأمك باقية؟ قال: نعم، قال: فالحق لها إن كنت صادق ً ا، فلتحضر وتطالب بحقها، أو توكلك، ويشهد عندي شاهدان أعرفهما بتوكيلهما إياك بطلب حقها، فنهض الفضل عن مجلسه، ثم عاد بهارون بن نعيم والرستمي، فشهدا عنده أن أمه قد وكلته بطلب حقها. فقال القاضي لعبد الله بن مالك: ما تقول؟ فأنكر ما أد ّ عاه الفضل عليه، فقال للفضل: ألك بينة؟ قال: نعم، ونهض من مجلسه ثم عاد ومعه هارون والرستمي، فشهدا له بما أدعى على عبد الله، فقال له الفضل: خذ لي بحقي، فقال له القاضي: ليس بمثل شهادة هذين تباح ظهور المسلمين، فاغتاظ الفضل من قوله، وصاح المأمون من وراء الستر: احكم له بشهادتهما. فقال: أما أنا فما أبيح ظهور رجل مسلم بشهادة هذين، ولا أحكم بقولهما، وأنت الإمام إن رأيت أن تحكم له فافعل فأمر المأمون بالقاضي فسحب حتى خرج من الدار ثم أمر بعبد الله بن مالك فحمل على ظهر رجل وأمر بضربه، وصار القاضي إلى منزله ولم يعاود القضاء، وامتنع، فولى المأمون غيره. الجهشياري: كتاب الوزراء والكتاب، ط البابي الحلبي، القاهرة، ص ٣١٥ -.٣١٦ (١) فقد جاء في كشف ا لكرب: ِ وسئل بما نصه إن رئيسا ذا شوكة سجن أحد » ً ا على الحق فع َ َمي أو ع َور ِ لتشديد ا لسجن؟ ً الجواب: إن سجنه على الحق ولا شيء في قلبه على الانتقام لنفسه أو من يليه واستحق التشديد فلا ضمان عليه وإن كان في قلبه أقل قليل من الانتقام أو تعدي في التشديد أو به فعليه دية العينين أو العين وما كان من ضمان مال أو دية بلا سبب من فعله أو حكمه فضمانه في بيت المال مثل أن يحكم بشهادة ما يرضاه ثم تبين خلافه بتحقيق. = أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٣٥٢ = وقال أيض ً ا: ومن سجن على الحق فعمي في السجن أو تضرر بضرر ما؟ ّ الجواب: إنه لا بأس على ساجنه إن لم يزد على ما يستحق ولم يكن هوى في سجنه أو .« كان ودفعه ثم سجنه بعد . أطفيش: كشف الكرب، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٤٥ من المعلوم أن حقوق الإنسان كثيرة ومتنوعة، فمنها الحقوق السياسية والمدنية (الحق في المساواة، وحرية الرأي والتعبير، والحق في الحياة... إلخ)، ومنها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (كالحق في التعليم، والحق في الضمان الاجتماعي... إلخ)، ومنها الحقوق الجماعية (كالحق في بيئة سليمة ونظيفة، والحق في السلام، والحق في التنمية... إلخ) (١) . ولا نستطيع خلال هذه الدراسة أن نحيط خبرا بكل حقوق ً الإنسان في الفقه الإباضي، لذا سنختار دراسة بعضها، تاركين لفقهاء آخرين دراسة غيرها. وقد اخترنا ستة حقوق، والتي تشكل في الفقه الإسلامي وفي الفقه الدولي المعاصر أهم الحقوق التي يجب مراعاتها وعدم الخروج عليها، وهي: الحق في ا لمساواة. الحق في ا للجوء. الحق في حرمة ا لأموال. عدم الإكراه في ا لدين. (١) راجع د. أحمد أبو الوفا: الحماية الدولية لحقوق الإنسان، دار النهضة العربية، القاهرة، . ٢٠٠٩ ، ص ٥٤ الحق في الحياة والسلامة ا لجسدية. الحق في حرمة الحياة الخاصة (عدم تتبع عورات ا لناس). ∫hC’G åëѪdG IGhÉ`°ùªdG »a ≥`ëdG الإسلام ينظر إلى الناس نظرة متساوية، لأن معياره واحد وميزانه وحيد، فلا تفاضل بين الناس بسبب المركز الاجتماعي أو اللون أو المركز الاجتماعي أو الفقر أو الغنى أو الصحة أو ا لمرض. يكفي أن نذكر أن قرآن ً ا نزل عاتب فيه الله 4 النبي ژ لأنه لم يراع وذلك في قوله تعالى: ،« أعمى » ﴿ ! *)(❁ &%$❁ " <;:❁ 876❁ 432❁ 0/.-❁ + PO❁ MLK❁ IHG ❁ ED❁ BA@?❁ = Q﴾ [عبس ١ - [١٢ (١) . فقد عاتب القرآن النبي ژ عتابا شديد ً لمخالفة ،« أعمى » ا لإعراضه عن ً « لمبدأ أساسي من مبادئ الإسلام وهو مبدأ ا لمساواة » ذلك (٢) .     (١) روي أنه كان عند رسول الله ژ أكابر قريش: عتبة، وشيبة » سبب نزول هذه الآيات ما ابنا ربيعة، وأبو جهل، والعب ب، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة، ام اس بن عبد المطل يدعوهم إلى الإسلام، ويرجو أن تسلم الع َ ة بإسلامهم، فجاء ابن أم مكتوم وقال: يا َّ ِ ّ َ ّ َ ر ذلك، ولم يعلم تشاغله بهؤلاء،   رسول الله، اقرأ لي وعلمني مما علمك الله تعالى، وكر فكره رسول الله ژ قط ْ عه لكلامه مع هؤلاء وعبس وأعرض، فنزل: ﴿ !" ﴾ « ََ ، أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٦ ، ص ٥٦ ؛ الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٩ . ص ٢١٧(٢) د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة . الإسلام، دار النهضة العربية، القاهرة، المرجع السابق، ج ١، ص ٣١ بالتقوى. ٣٥٥ ويعتبر حق المساواة بين الناس من أهم الأسس التي قامت عليها شريعة الإسلام: إذ لا تفاضل بين الناس مهما اختلفت مراتبهم ومشاربهم ومآربهم إلا  وقد أكد القرآن الكريم على المساواة في مواضع كثيرة منها قوله تعالى: ﴿ RQPONMLKJIHGFE ZYXWVUTS﴾ [ [الحجرات: ١٣ . ﴿ _ jihgfedcba` onmlk﴾ [ [الإسراء: ٧٠ . ﴿ ! /.-,+*)('&%$#" 10﴾ [ [آل عمران: ١٩٥ . ﴿ ! /.-,+*)('&%$#" =<;:9876543210 >﴾ [ [النساء: ١ . ﴿ ! '&%$#" [ مر: ٦ .  ﴿ KJIHGFEDCBA ﴾ [ [الأعراف: ١٨٩ . ( ﴾ [الز ة النبوية على المساواة أيض ً ا، فيقول ژ :   وقد أكدت ا لسن ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس » « منا من مات على عصبية (أخرجه أبو داود). ر رجلا ً بقوله: يا ابن السوداء(١) :  ومن ذلك قوله ژ لأبي ذر لما عي « رته بأمه؟! إنك امرؤ فيك جاهلية . (رواه البخاري ومسلم).  أعي » (١) لعل هذا الحديث هو ما استند إليه الرأي ا لآتي: = «Shari'a Contains Many Prohibitions Against Racisim, Labeling it Jahiliyah («Injustice») ة النبوية على مبدأ المساواة، يقول ژ : المسلمون » كذلك أكدت ا لسن تتكافأ دماؤهم... « الاستواء » والتكافؤ يعني ،« (١)   . ومما يؤكد مبدأ المساواة ما حدث حينما سرقت امرأة مخزومية في عهد رسول الله ژ فحكم ا لنبي ژ بقطع يدها وقد كبر ذلك على قومها فاستشفعوا ِ إلى رسول الله بأسامة بن زيد وكان حب  بشفاعته إليه حتى غضب النبي ژ وقال: أتشفع في حد من حدود الله يا » أسامة؟ إنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم القوي تركوه وإذا سرق « فيهم الضعيف أقاموا عليه ا لحد ثم قال عليه أفضل الصلاة والسلام: والذي » رسول الله ژ فلم يكد يدلي « نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها (٢) ّ . ومن أفضل ما كتب عن المساواة في الفقه الإباضي ما ذكره ا لخليلي: وفي قولهم: إن كل شيء من الحق أو غيره فلا يجوز إطلاق القول » (Human Rights Practices in the Arab States, the Modern Impact of Shari'a Values, The = Georgia Journal of International and Comparative Law, vol. 12, 1982, p. 62 - 63). (١) حاشية الترتيب للعلا ّ . مة ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، ج ٤، ص ٢٣(٢) بخصوص هذه الواقعة، يقول المفتي العام لسلطنة عمان: ُ وفي هذا ما يؤكد العدالة الجزائية في الإسلام فلا تفرقة ولا محاباة ولكن عدالة ومساواة » وفقر ولا إلى محبة  لا يلتفت معهما إلى قرب وبعد ولا إلى قوة وضعف ولا إلى غني وبغضاء ولا إلى جنس وآخر بل يلتقي الجميع في ظل العدالة السماوية التي يرفع شعارها قول الله تعالى: ﴿ }|{zyx ~ ے¡ ¤£¢ ¶μ´³²±°¯®¬«ª©¨§¦¥ ¸﴾ [ [المائدة: ٨ ، وقوله سبحانه: ﴿ " =<;:9876543210/ .-,+*)('&%$# EDCBA@?> IHGF﴾ [ [النساء: ١٣٥ ، وليست هذه العدالة في الإسلام شعارا يردد أو شارة ً .« ترفع، وإنما حقيقة يجدها كل من يتلمسها ، الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: جواهر التفسير، مكتبة الاستقامة، سلطنة عمان، ج ١ ُ ١٤٠٤ ه . ١٩٨٤ م، ص ٩٦ بمنعه عن أحد من البشر من سلطان أو غيره فكلهم سواء في حكم الحق وإعانة المحق منهم على الحق أو المبطل فيما قام به من الحق جائزة لمن أراد بها وجه الملك الحق وربما وجبت في موضع لزومها فكيف يمنع منها في موضع الإجازة كاتب أو حامل أو قارئ أو قائل أو معين أو راض أو مستعين، فكل ذلك ما لا سبيل عليه لأن الحق لا يختلف باختلاف الرجال ولا يتبدل بتغير الأحوال ولا يحكم عليه بالبطل على حال وهو على هذا لا يلتبس به الباطل امتزاجا فيخالطه ً أمشاجا فيرد استقامته اعوجاجا ويجعل حلوه في الذوق السليم أجاجا ًً ً « فتختلف أحكامه وتتنوع أقسامه(١) . ومن كتاب الإمام راشد بن سعيد لأبي المعالي قحطان بن محمد: ولا تذهب بك حمية أو تمنعك تقية، أن تساوي بالحق بين وضيع الناس »  « وشريفهم، وقويهم ووضيعهم، وبغيضهم وحبيبهم، وبعيدهم وقريبهم(٢) . وقال ا لناظم: وآس ِ بين خصوم ت ُ بتلى بهم في مجلس ٍ وكلام ٍ ثم في النظر ْ لا يطمعن شريف أن تحيف له ولا يخاف ضعيف سلطة البطر ٌَ ٌ ْ وتعليق ً ا على ذلك قيل: فإن الله جعل الخلق في العدل سواسية، ولن يرضى الله أن يغير أحد » ّ « حكمه، أو يبدل أمره، أو يشرع غير ما شرعه ا لله(٣) . (١) ، المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتحقيق شوارد مسائل الأحكام والأديان، ج ١٢ . ص ٢٣٥(٢) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٢١٢(٣) الشيخ سالم السمائلي: هدى الفاروق، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ٥٨ -.٦٠ وقد طبق الفقه الإباضي مبدأ المساواة في مجالات عديدة، نذكر منها: ١ المساواة في الإمامة: فبخصوص سؤال: في اللقيط هل تجوز إمامته؟ « نعم » : واليهودي والنصراني إذا تابا؟ يقول النزوي(١) . ٢ المساواة بين الحاكم والمحكوم: يقول ا لكندي: كذلك كل من أصاب دما أو ملأ باستحلال في حال المحاربة من دم » ً المسلمين في حال المحاربة، وليس الإمام يكون حكمه في ظلم العباد خلاف غيره، ولا ينحط عنه حكم ما وجب عليه بعد قيام الحجة عليه بتعديه « على ا لناس(٢) . ٣ المساواة بين معتنقي المذهب الإباضي ومعتنقي المذاهب الإسلامية الأخرى، يقول علي يحيى معمر: عندما تكون الدولة ملتزمة لأحكام المذهب الإباضي فإن موقفها » مع مواطنيها من المذاهب الأخرى أن تبين لهم نقط الخلاف وأن تدعوهم إلى ما تعتقده هي حق ً ا وصوابا، وسواء استجابوا لها أو لم ً يستجيبوا فإن موقفها معهم لا يتعدى هذه الحال، ويجب أن تعاملهم في الحقوق والواجبات كما تعامل المواطنين الموافقين لها في المذهب، لا فرق ولا خلاف، أما من دعا إلى فتنة سواء كان من موافقيها أو من مخالفيها فإنها تعذر إليهم فإن رجعوا فذلك المطلوب، وإن أصروا على ّ « موقفهم استحلت قتالهم حتى يفيئوا(٣) . (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٥٨(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٤٢٨(٣) علي يحيى معمر: الإباضية بين الفرق الإسلامية، ص ٣٣١ (قاله بخصوص التعامل بين ّ المتخالفين). ٤ المساواة بين الرعية: فقد جاء في رسالة من الإمام ا لصلت بن مالك إلى واليه غسان بن خليد: أوصيك بتقوى الله في سرك وجهرك، وتعمل بالعدل في الرعية، وأن » « تقسم بينهم بالسوية(١) . كذلك في شرحه لقوله ژ يوم فتح مكة: « كلكم لآدم وآدم من تراب » ، يقول الإمام ا لسالمي: أي كلكم أبناء لآدم وآدم خلق من تراب ففيما التفاخر والتعاظم » « والأصل واحد والمرجع إلى تراب (٢) . »fÉãdG åëѪdG Aƒ`é∏dG »a ≥`ëdG   يتمثل اللجوء كقاعدة في انتقال الشخص من مكان إلى مكان آخر  يأمن فيه، وذلك فرارا من الاضطهاد أو التعذيب أو اعتناق دين معين أو ً غيره من الأسباب التي تدفعه إلى ذلك. والهجرة طبقات: هجرة إلى المدينة وأهلها المهاجرون » : يقول أطفيش الأولون، وهجرة إلى الحبشة ثم منها إلى المدينة وأهلها أصحاب الهجرتين، « وهجرة بعد صلح ا لحديبية وقبل ا لفتح(٣) . معنى ذلك أن الإمام أطفيش قد أشار، بلغة العصر الحديث، إلى طائفتين: (١) راجع نص الرسالة، منشورة في: الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، المرجع السابق، ص ١١٧ -.١١٩ (٢) . الإمام السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، المرجع السابق، ج ٨، ص ٢٢١(٣) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٧٦ ١ الأشخاص المهاجرون داخليا Internally Displaced Persons (الهجرة ً إلى ا لمدينة). ٢ وطالبوا اللجوء Asylum ـ Seekers في دولة أجنبية (الهجرة إلى ا لحبشة). وبخصوص قوله تعالى: ﴿ ³´¶µ ¸ ¼»º¹ ¿¾½ ﴾ [ [الأنفال: ٧٤ ، يقول أطفيش: ﴿ ³´ ¶µ ¸ º¹ ﴾ ، أي إيمان ً ا كاملا ً إلا أنه لم يقل بأموالهم وأنفسهم اكتفاء بذكره  أولا ً ﴿ ½¼ ﴾ عظيمة لذنوبهم ﴿ ¾ ﴾ عظيم في الجنة ﴿ ¿ ﴾  لا نقص فيه ولا زوال ولا تكد  ر ً ا بشيء، وإن أريد بهذه الآية المهاجرون الأولون فالمهاجرون الآخرون في قوله 8 (١) . ّ وقد بحث الفقه الإباضي مسألة اللجوء من نواحي عديدة، نوجزها فيما يلي:  :Aƒé∏dG »a ≥ë∏d áªcÉëdG óYGƒ≤dG ( CG القاعدة عند ا لإباضية أنه: ّ قد تجوز للمسلمين الإقامة في أملاكهم في المواضع التي لم يأت في » سكنها حظر من قبل ا لله 8 «(٢) . وإذا كان ذلك كذلك، فقد تحدث ظروف وأحوال تدفع الشخص دفعا ً إلى الانتقال من بلده أو موطنه إلى بلد أو موطن آخر. فمن قواعد ا لإباضية: ّ .« نجير من استجارنا من قومنا وغيرهم » (١) ذات المرجع، ذات ا لموضع. (٢) . ابن بركة: كتاب الجامع، ج ١، ص ٢٠١ وكذلك من قواعدهم: « لا نرى انتحال الهجرة من دار قومنا »(١) . وذلك بأن: ،« واجب » كذلك فإن الإباضية يرون أن حكم اتخاذ الأوطان ّ يقصد إلى بلدة بعينها فينوي أنها موضع إقامته، وينبغي له أن يوطن البلدة التي »« لا يخرجه منها إلا الجوع أو القحط أو العدو أو وجه من وجوه ا لإضرار(٢) . ولا شك أن ما تقدم ذكره يدل على أن الإنسان في أحوال معينة قد يضطر إلى ترك وطنه، لكن مع ذلك يجب أن يقر له قرار وأن يتخذ مكان ً ا ا له(٣) يجعله وطن ً . واللاجئ يختلف عن المسافر(٤) : فكل لاجئ مسافر، لكن ليس كل ا(٥) مسافر يعتبر لاجئ ً .  (١) علي يحيى معمر: ا لإباضية بين الفرق الإسلامية، المرجع السابق، ص ٤٠٢ -.٤٠٣ ّ (٢) السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٩١ - ١٩٢ ؛ راجع أيض ً ا أطفيش: شرح  كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٧٠ ، سيف بن ناصر الخروصي: جامع أركان الإسلام، الطبعة الأولى، ١٤٠٧ ه . ١٩٨٧ م، ص ٤٥ (٣) جاء في معارج ا لآمال: ،« فيمن قطع الأوطان عن نفسه » : تحت عنوان كسائح في عبادة ل » َم ينو الرجوع إلى وطنه، أو خارج في تجارة، أو متردد في البلدان ْ ِ لا قرار له ولا مستقر، وما أشبه ذ َلك َ ، فإن ه َؤ ُلا َ ء، كل ّ هم ليس ل َهم أن يقطعوا الأوطان عن ُّ ِِ ِ أنفسهم؛ لما تقد َ م من أن ذ َلك َ ذات « يهدم بعض أحكام الشرع المتعلقة بالحاضر والمسافر َُ . المرجع، ص ١٩٧(٤) يؤكد رأي: .« والمسافر ما كان في بلد غير بلده ولا ينوي المقام فيه »العلامة جمعة الصائغي: جامع الجواهر، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٦ ه . ١٩٨٦ م، ج ٦، ص ١٠٤ (٥) راجع أيض ً ا: د. أحمد أبو الوفا: حق اللجوء بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي للاجئين، دراسة مقارنة، جامعة نايف للعلوم الأمنية، مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، جنيف، ١٤٣٠ ه . ٢٠٠٩ م، ص ٢٧٤   وقد تعرض الفقه الإباضي للحق في اللجوء أو طلب ا لجوار(١) من نواحي  كثيرة، هي:  (١) يعتبر الشيخ بيوض خير من كتب عن هذه المسألة في الفقه الإباضي، إذ تعليق ً ا على ما  حدث حينما أرسل النبي ژ عثمان بن عفان 3 إلى قريش أثناء مفاوضات صلح  الحديبية، وحينما وصل إليهم حاول البعض منهم الفتك به، ولكن أبان بن سعيد بن  العاص بن أمية أجاره، وقال: يا معشر قريش: لقد أجرت عثمان فكفوا عنه، يقول: الجوار   قانون معروف ويمضى عليها، وإنما تحفظ في الأذهان، ينقلها الخلف عن ا لسلف، فترعاها ُ الأمة ولا تخالفها.   فهذه الأعراف لا يعتمد فيها على الكتابة، وإنما هي قوانين متوارثة محفوظة عمليا »  يتلقاها الخلف عن السلف،  ولها قوة القانون عند الدول المتحضرة، كذلك كان الجوار عند العرب، فلأي شخص عندهم أن يقول: قد أجرت فلان ً ا، يعني دخل في جواري  وحمايتي، فلا يجرؤ أحد أن يمسه بسوء. وقد استعمل القرآن الكريم كلمة الجوار في  آيات منها قوله تعالى: ﴿ ÎÍÌËÊ ﴾ ...[ [المؤمنون: ٨٨ ، فالله تعالى يجير، أي يحفظ ويمنع من يشاء، ولا يجار عليه، أي إذا أراد أحد ً ا بسوء، فلن يستطيع الخلق  .« كلهم منفردين أو مجتمعين أن ينقذوه من بين يديه   ا: ويضيف أيض ً قد يراد بالجوار المعنى المتعارف والمعهود به عند الناس جميعا، أي الساكن بجانب » ً أحد، قال النبي ژ : « والجار أحق بصقبه » ( (البخاري، حديث رقم ٦٥٧٦ ، وقال: » أربعون دار ً ا جار عن اليمين والشمال .« وهذا جوار السكنى وله حقوق في الشريعة الإسلامية معلومة. كما قد يراد بالجوار الحماية، فقد يأتي إنسان أجنبي إلى قبيلة من القبائل، فيجيره أحد أفرادها، فيبقى مجار ً ا ممنوع ً ا، لا يستطيع أحد أن يمسه بسوء، وهذا ما فعله ا لنبي ژ نفسه لما ق َ بل َ جوار ابنته زينب لزوجها أبي العاصي بن الربيع، وهو مشرك، وذلك عندما عاد بقافلته من الشام فاعترضه الصحابة @ ، فأخذوا قافلته وحاولوا أسره، ولكنه نجا منهم، وذهب إلى زوجته بالمدينة ليلا ً ، ولما أصبح، نادت زينب في صلاة الصبح من فقال النبي ژ للصحابة: ،« لقد أجرت أبا العاصي » : صفة النساء أسمعتم ما سمعت؟ قالوا: سمعنا، فقال: لا علم لي بشيء ، فأقر جوار زينب، إلا أنه قال لها: لا يقربك لأنه مشرك ، ثم بعد ذلك أسلم ورد إليه ا لنبي ژ زوجته، قيل: بالنكاح ا لأول، وقيل: بنكاح جديد. فالجوار إذن مقدس عند العرب؛ ولذلك لما نادى أبان بن سعيد بن العاص: يا معشر قريش قد أجرت عثمان بن عفان كفوا عنه، فصار آمن ً ا لا يخاف على نفسه شيئ ً ا، إذ أصبح = :Aƒé∏dG »a ≥ëdG øe »°VÉHE’G ¬≤ØdG ∞bƒe (Ü بخصوص موقف الفقه الإباضي من الحق في اللجوء، يمكن أن نميز بين اتجاهات ثلاثة، هي:  ١ الاتجاه الغالب: لا يجوز المقام في أرض غير المسلمين(١) ، وهكذا جاء في شرح ا لنيل: يحكم على من بدار شرك بأحكام المشركين) من براءة وقتل أو جزية )» أو غنيمة وتحريم المناكحة والذبيحة والبلل على ما مر في محال ذلك من التفصيل، (ومن ثم نهي عن السفر إليها والسكون وتوطينها بلا عذر أو حاجة مباحة) لئلا يوجب على نفسه تلك الأحكام ممن يعلمه، أما توطينها ّ فلا عذر فيه إلا   من كانت له وطن ً ا قبل كونها دار شرك دخلوها وهو فيها، أو في غيرها، فله البقاء على استيطانها، فإن كونها وطن ً ا له قبل ذلك عذر له، لكن إن كان في غيرها حال دخولهم فلا يحل ّ له البقاء على توطينها عندي = الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٩ ، تفسير سورة الفتح، ص ٧٠ « في جوار أبان -.٧٢ كذلك يقول كعباش إن الاحتكاك بالمجتمع المسلم من قبل غير المسلمين يكون عن الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض « طلب الجوار على عادة العرب » طريق ٰ القرآن، ج ٥، ص ٤١١ (قاله في معرض تفسيره للآية ٦ من سورة ا لتوبة). (١) ضياع الأرض يؤدي إلى ضياع » لأن « التشبث بالأرض » فقد حرص ا لإباضية على ّ لذلك فإذا اضطر الإباضي إلى الاغتراب لضرورة اقتصادية (للعمل مثلا ،« المذهب ً ( لا يسمح له باصطحاب أسرته معه، لأن هجرة الأسرة مع رب العائلة يؤدي إلى: »١ هجرة الأرض نهائيا والإقامة في مكان العمل، وبذلك تضمحل التجمعات الإباضية ًّ من جديد. ٢ ينفقون أموالهم في أماكن غير إباضية، بينما مناطقهم بحاجة إلى هذه الأموال، .« ويحرمون بلدهم وشعبهم من خيرهم د. عبد الرحمن عثمان حجازي: تطور الفكر التربوي الإباضي في الشمال الإفريقي، ٰ المكتبة العصرية، بيروت، ١٤٢١ ه ٢٠٠٠ م، ص ٨٩ -.٩٢ إلا إن كان له فيها دار، وأطلق غيري جواز البقاء، وأما السكون فيها فيباح لذلك ولاضطرار إلى كسب ما احتاج إليه ولا بد ّ ، ولا يجد كسبه في غيرها ويباح السفر إليها لذلك ولنقل ِ ماله أو مال غيره منها كان فيه ذلك المال  قديما أو حادث ً ا بعطية أو وارث أو غير ذلك ولف َك ّ الأسرى منها ولدعائهم ً « إلى الإسلام ولقتالهم أو عبور سبيل إلى علم أو حج أو غير ذلك(١) . كذلك يقول ا لوارجلاني: اعلم إنه لا يجوز لأحد أن يتخذ دار الشرك وطن ً ا لقول رسول الله ژ : » ثلاثة من الكبائر: خروجك من أمتك وتبديلك سنتك، وقتالك أهل ُّ « صفقتك .  ومعنى خروجك من أمتك: أراد بذلك 0 اتخاذك دار الشرك وطن ً ا، وقوله: تبديلك سنتك: رجوعك إلى البادية بعد القرار، وقوله: قتالك ُ صفقتك: قتالك من بايعته بلا حدث. وقال ژ في المسلمين والمشركين: لا تنزل آثارهم دليل على أنه »  « لا يجوز مساكنتهم(٢) . ويستثنى الوارجلاني من ذلك استثناءات ثلاثة يجوز فيها للمسلم الدخول إلى أرض غير المسلمين، وهي(٣) : (١) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٥١ -.٥٥٢ (٢) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٩٣ انظر أيض ً ، ا: سيف بن ناصر الخروصي: الإرشاد في شرح مهمات الاعتقاد، ج ٢ ١٤٢٠ ه ١٩٩٩ م، ص ١٦٣ ؛ الشيخ سعيد الحارثي: نتائج الأقوال من معارج الآمال ونثر مدارج الكمال، مكتبة الجيل الواعد، ١٤٣١ ه ٢٠١٠ م، ج ١، ص ١٨٩ ؛ الشماخي: كتاب . الإيضاح، المرجع السابق، ج ١، ص ٦٤٥ (٣) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٩٣ أولا ً إذا أعطوه أمان ً ا: َِ يجوز لنا السفر إلى بلادهم، إن أمنا أن لا يغدروا بنا » : يقول الوارجلاني ِ  ولا يجرون علينا أحكامهم ولا يك ْ.« رهونا على معصية ُ ثاني ً ا إذا كان ذلك لازم ً ا لتحقيق مصلحة للدولة ا لإسلامية: يجوز دخولنا عليهم عيون » إذ ً ا وجواسيس ورسلا ً ، ودعاة إلى الإسلام وإلى الصلح، أو نقض الصلح، أو لأمر يحدث مما للمسلمين فيه فر َ ج َ .« ومخرج ثالث ً ا إذا كان وطنه قد احتله غير ا لمسلمين:  وإن افتتح المشركون بلاد المسلمين، لأن أهل البلاد جائز لهم السكون » معهم وتحتهم، وتجري عليهم أحكامهم، ولا يجوز أحد أن ينزلها وأن يتخذها وطن ً ا من سائر ا لناس.  وإن خرج أحد من المسلمين من بلاده من خوفهم، فهو مثل من لم  .« يسكنها قط ويؤيد هذا الاستثناء الثالث، ما قاله أطفيش: وأما أهل الشرك فلا يجوز السكون تحتهم بل يجب الخروج عنهم » وعدم الذهاب إليهم، إلا ّ إن تملكوا بلد ً ا هو فيه، فيجوز المقام معهم ما دام « ا(١) يتوصل إلى دينه ولو سر . (١) أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المطبعة العربية، غرداية قسنطينة، ١٤٢٢ ه ٢٠٠١ م، من وطنه بعمان هل يجوز له أن ينقله إلى زنجبار أو » : ص ٣٩٣ ، كذلك بخصوص سؤال ُ يتخذها وطن ً أجاب ا لسالمي: ؟« ا ثانيا لما علمت من استيلاء أهل الشرك عليها ً ذكر أبو إسحاق رحمة الله عليه أنه لا يجوز استيطان الأرض التي استولى عليها »المشركون إلا إذا كان له وطن من سابق قبل الاستيلاء فله أن يدوم عليه، وهو بخلاف . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٨٩ « الوطن الحادث، والله أعلم رابعا ويضيف الفقه الإباضي استثناء رابعا هو حالة الاضطرار إلى ًً المقام في أرض غير المسلمين، وهكذا جاء في قاموس ا لشريعة: قلت له: هل يجوز للمسلم أن يأمن مع المشركين ويقر في بلادهم إذا » أعطوه الأمان ولو كانوا حربا للمسلمين في حالهم ذلك، أم لا يجوز له ً ذلك؟ قال: إذا كان مضطرا إلى ذلك ومحتاجا إليه فلا يضيق عليه ذلك، ًً « وإلا فلا يبين لي أن يتخذ دار المشركين دارا على سبيل ا لاختيار(١) . ً أمر غير » : كذلك يقول الإمام السالمي إن إقامة المسلم في دار الحرب مشروع؛ بل لا يجوز له أن يتخذها وطن ً ا لما في ذلك من المخاطرة على « نفسه ودينه(٢) . ولعل هذا الاتجاه الذي يرى عدم المقام في إقليم غير المسلمين يستند أيض ً ا إلى ما قاله رسول الله ژ : « أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين » ، قالوا: يا رسول الله لمه؟ قال: « لا تراءى نارهم » ، أي إلا على حرب؛ كما في رواية(٣) . وإذا كان هذا الاتجاه يحظر طلب الملجأ أو المقام لدى غير المسلمين، (١) السعدي: قاموس الشريعة، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٢٨٥ . ويضيف أيض ً ا: وأما من أسلم من أهل الشرك وهو مستطيع في بلاده فلا ينبغي له المقام فيها إن استطاع »السبيل إلى ذلك، وأما من لم يستطع سبيلا ً فلا عليه، وواسع له حتى يصيب السبيل، ذات المرجع، ذات ا لمكان). ) « فليصل أمامه ويصوم رمضان (٢) . السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٦١٢(٣) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه .٢٠٤ ، ١٩٨٦ م، ج ٥، ص ٩٦ ُ وقوله ژ : « لا تراءى نارهما » هو من المجاز اللغوي، راجع سلمة العوتبي الصحاري: ، كتاب الإبانة في اللغة العربية، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ١ ُ . ص ١٣٥ فمن الطبيعي أنه يبيح ذلك بخصوص الإقليم الإسلامي الذي يخالف مذهبه مذهب ا لإباضية. جاء في قاموس ا لشريعة: ّ وأما المقام تحت أيدي المخالفين من المحمدية وتحت حكمهم حيث » ّ  تجري عليه أحكامهم فواسع له المقام ولو إنه يخشى جورهم ما لم يخف « أن يفتنوه عن دينه، فإن أطاع ولم يفتن عن دينه فلا بأس(١) . ٢ الاتجاه القائل بإمكانية المقام في إقليم غير ا لمسلمين: ومن جامع » : من أنصار هذا الاتجاه الشيخ ناصر بن أبي نبهان ] ابن جعفر ]؛ ويكره أن ينقل الرجل أهله إلى أرض الحرب، وقال بعض: وكذلك  إلى الأعراب، قال غيره: عندي؛ أن أرض الحرب هي أرض المشركين مثل بلاد الهند وبلاد الزنج والصين، وما أشبه ذلك من بلدان الشرك الذين ليس ِ بينهم وبين المسلمين ذمة. ومن غيره؛ ويروي عن ا لنبي ژ إنه قال: برئت الذمة ممن أقام مع » « المشركين في ديارهم ، قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان: المراد في ذلك الوقت من زمانه ژ ، وأما في غير زمن الصحابة فمن سكن مع المشركين واتقى الله تعالى فلا يهلك، ولا نعلم في ذلك اختلاف ً ا لقوله تعالى: ﴿ HGFEDC ﴾ [ [غافر: ٢٨ ، هو ساكن مع فرعون يد ّ عي .« الربوبية، وآسية امرأة فرعون ويضيف أيض ً ا: وقال النبي ژ » : البلاد بلاد الله والعباد عباد الله فحيثما أصبت خيرا » ً « فأقم ، قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان: في الحديث عموم ويريد العموم ولم يخص دار كفر ولا دار إسلام، وفي الأول ما فيه نهي عن السكون مع (١) . السعدي: قاموس الشريعة، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٢٨٥ المشركين، وفي هذا إباحة، فصح أن النهي استحباب، وقال 0 : من أقام » « مع المشركين فقد برئت منه ا لذمة ، قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان: يعني إذا حارب المسلمين وحاربهم المسلمون جاز قتله معهم من غير أن يتعمد ُ « لقتله، وما لم يحاربوا فلا إثم عليه(١) . وإذا أقام المسلم في أرض غير المسلمين فعليه مراعاة تعاليم الإسلام وإنفاذها وإقامة شعائره فيها(٢) . وجاء في جامع ا لبسيوي: وأهل الحرب: كل بلدان الشرك الذين هم ليسوا في طاعة أهل الإسلام؛ » نحو بلاد الهند والزنج ونحوهما، فأما دخولهم إلى المسلمين ودخول المسلمين فبجوار بلا محاربة فيمن أجاره المسلمون فدخل بلادهم وصار آمن ً ا عندهم، وكذلك من أجاره المسلمون منهم، ومن أهل السفينة والبلاد « الذين قدم إليهم فذلك صلح ويكتفى بأمانه(٣) . ٣ الاتجاه القائل بكراهية اللجوء إلى ديار غير المسلمين إلا ا ضطرار ً ا: فقد جاء في منهج الطالبين نقلا ً عن جامع ابن جعفر: (١) السعدي: قاموس الشريعة، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٢٨١ -.٢٨٢ (٢) هل يصح استخدام المساجد بأراض » : وهكذا إجابة على سؤال ٍ يملكها المشركون وفيها حيث ما حل المسلمون لزمهم إظهار » : مسلمون أو يجب ذلك أو يندب؟ يقول السالمي شعائرهم إن أمنوا على أنفسهم ودينهم ومالهم وبناء المساجد من جملة الشعار بل هو من أعظمه، وكذلك الاجتماع والجماعة والأذان ومجالس الذكر ودروس العلوم وتلاوة القرآن، وإن قدروا على أن تكون البلاد كلها على هذا الحال لزمهم ذلك، ولو وجدوا قوة فوقها على إقامة الحدود وإنفاذ الأحكام كان عليهم ذلك، والإسلام يعلو ولا يعلى عليه ومن قال غير .« هذا فقد قصر نظره عن مقاصد الشرع الشريف وانحطت همته عن المنصب ا لمنيف . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ١٤٥ (٣) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٥٢ ويكره للرجل أن ينقل أهله إلى أرض الحرب أو الأعراب، والأعراب » وأرض الحرب هي أرض المشركين الذين ليس بينهم وبين المسلمين ذمة مثل بلاد الهند والزنج والصين وغيرها من بلدان أهل الشرك. وأما من اضطر إلى بلادهم واحتاج إليها، فلا يضيق عليه الوقوف فيها ولو كانوا َِ حربا للمسلمين، وأعطوه هو الأمان وأمن َهم على نفسه وماله، ولم يتخذ ًُ « بلادهم دار قرار على سبيل ا لاختيار(١) . وهذا الاتجاه يتفق مع قاعدتين وضعتهما اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين لعام ١٩٥١ ، وهما: ١ أن اللاجئ هو من ينتقل من إقليم دولة إلى إقليم دولة أخرى، أو هو من وجد خارج البلاد التي يحمل جنسيتها ولا يستطيع أو لا يرغب في حماية ذلك ا لبلد. ٢ أن انتقال اللاجئ إلى بلد آخر يكون بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية(٢) . ولا شك أن ما قاله يشمل « ولم يتخذ بلادهم دار قرار على سبيل الاختيار » ابن جعفر كل هذه ا لأمور. :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a QGƒédG hCG CÉé∏ªdG íæe ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG (ê ذكر الفقه الإباضي قواعد أساسية يجب مراعاتها بخصوص منح الجوار أو الملجأ لمن يطلبه (في الأحوال التي يجوز فيها ذلك)، وهي: (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٥٩(٢) د. أحمد أبو الوفا: حق اللجوء بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي للاجئين، دراسة . مقارنة، المرجع السابق، ص ٢٩ ١ قاعدة عدم جواز منح الملجأ (الجوار) للمجرمين: هذه القاعدة منطقية، ذلك أن طلب الملجأ أو الجوار يفترض أن الشخص هو الذي سيتعرض لأن يكون مجنيا عليه، لا أن يكون هو الجاني، ً غطاء آمن » والقول بغير ذلك يعني أن منح الجوار سيكون ً لمرتكبي « ا ً الجرائم، وهو ما لا يجوز. لذلك أكد الفقه ا لإباضي: قد قدمنا ذكر ما ورد في النيل من هذا بأن المرتد والقاطع والمانع » والطاعن لا يدخلون تحت الأمان وكذا من عليه حق لا يجوز إهداره، وكذا عند أهل عمان وجدناه مجملا ً ، ولعل تفسيره في الحدود كالمرتد ُ فإنه لا أمان له إلا بالتوبة لقوله ژ : « من بدل دينه فاقتلوه وأمانه باطل » خارج من القواعد، وكذا من صح عليه الزنا وقذف المحصنات بعد   الرفيعة عليه عند الحاكم أو شرب الخمر أو السرقة التي يستحق لها القطع  أو القطع للطريق الذي يستحق به القطع أو القتل أو صح عليه الطعن في الدين أو في المسلمين الذي يستحق به القتل أو قتل المسلمين على دينهم فتك ً ا اعتداء من غير حرب سابق، وكذا من عفا عن قتل من قتل وليه أو أخذ ا لدية ثم قتل بعد ذلك فكل هؤلاء لا أمان لهم ولا عفو عنهم ّ للإمام ولا لغيره لأنها حقوق الله والعفو عنها باطل، وبعض أجاز العفو « عمن قتل بعد عفو أو أخذ دية(١) . ّ كذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ PONMLK (١) عين المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام المحتسب صالح بن علي الحارث، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه . ١٩٩٣ م، ص ٤٠٩ ُ ويضيف أيض ً لا أمان لمن لزمه حق يجب عليه فيه قصاص أو ق » :( ا (ص ٣٩٠ َود، وكذا َ الأمان لا يكون إلا لمن لا حق عليه محكوم به عليه شرع ً ا من كل أحد في كل أحد أي .« من أي مجير في أي مجار انظر أيض ً ا الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٩٤ -.٩٥ \[ZYXWVUTSRQ _^] `ba ﴾ [ [المائدة: ٣٣ ، يقول أطفيش: وأما النفي الذي ذكره الله فهو أن يطالبهم الإمام والمسلمون بإقامة ما » حكم الله بينهم وعليهم من القتل والقطع والصلب فيهربون ولا يؤمنون في شيئ من بلاد المسلمين، وليس ذلك على معنى من يقول إن الإمام فيهم مخير إن شاء قتلهم وإن شاء صلبهم، وإن شاء قطعهم، وإن شاء نفاهم، ولا يحل ّ ما يقال بزعمهم إن النفي هو الحبس، أي كما قال أبو حنيفة، ولكن كما فسره العلماء النفي بما حكم الله فيهم فيهربون فلا يؤمنون في شيء من ّّ بلدان المسلمين، فالمحارب إذن يطلب فيهرب وبالتالي فهو يبعد من الأرض « التي تهيأ فيها للبغي، وكذا كل أرض نزلها حتى لا يأمن في بلاد ا لإسلام(١) . ويقول ا لبسيوي: والخائف المطلوب في قتل أو جراحة، لا تؤويه ولا تطعمه لقول » الرسول  ژ : من أحدث في الإسلام حدث » ً ا أو آوى محدث ً « ا فعليه لعنة ا لله «(٢) . وفي الفقه الإسلامي أقوال كثيرة في ذات ا لمعنى(٣) . (١) .٦١٧ ، أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٦١٣(٢) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٧٧(٣) يقرب من أتاه هاربا من عند ملك نظيره » : نذكر هنا قول ابن شاهين: إن على الملك ألا ً ولا يفشي له سره بل يكرمه ويبعده عنه فإن كان هاربا ممن بينه وبين الملك عداوة فلا ً يشك إما أن يكون قليل الخير ما حفظ خير مخدومه أو لمكر ما ليطلع على أحوال الملك فيراسل من هو هارب منه وربما ينفر خواطر الجند بكلامه وإن كان هاربا من ً صاحب الملك فيكون عدم تقربه له إمساك ً ا لخاطر صاحبه فإن كان وجب على الهارب القتل من المهروب منه واستجار بالملك المهروب إليه فقد تقدم الكلام عن ذلك في قول أمير المؤمنين إياك وتعطيل حدود الله، وإن كان قد أذنب واستغفر منه فينبغي التشفع فيه .« وإعادته إلى مخدومه = ٢ عدم جواز منح الملجأ (الجوار) للمقاتلين: الغرض من ذلك أنه ما دام طالب الجوار يحمل السلاح ويقاتل، فلا يجوز إعطاؤه الأمان، وإلا كان معنى ذلك أنه سيظل بمنأى عن أي ملاحقة، وفي نفس الوقت سيستمر في قتاله وإحداث خسائر في الأرواح والممتلكات. يقول ا لرقيشي: في غنيمة أموال الموحدين البغاة فإن أموال أهل القبلة وإن كانوا بغاة » لا تحل غنيمتها والأصل في ذلك قول النبي ژ لابن أم عبد: هل تدري كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة قال الله ورسوله أعلم قال: لا يجهز على جريحها ولا يقتل أسيرها ولا يطلب هاربها ولا يقسم فيئها وقال بعض أصحابنا: إلا إن كان لهم مأوى يلجئون إليه فإنه يقتل المدبر ويجهز على  الجريح ويتبع الهارب وهذا منهم تخصيص للخبر بالقياس وذلك إنهم نظروا في الغرض المقصود من قتال البغاة فرأوا الغرض أن القصد بقتالهم = غرس الدين بن شاهين الظاهري: كتاب زبدة كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك، صححه بولس راويس، دار العرب للبستاني، القاهرة، ١٩٨٨ م ١٩٨٩ م، ص ٦٠ -.٦١ معنى ذلك أن ابن شاهين يضع قواعد ثلاث بخصوص ا للاجئين: ١ ضرورة الحذر التام، لأن من يأتي هاربا إلى الدولة الإسلامية قد يتم إرساله لغرض ً آخر (جمع المعلومات)، وبذلك يكون ابن شاهين قد تنبه إلى ما تلجأ إليه أجهزة المخابرات الحديثة من زرع أشخاص داخل الدول الأخرى تحت ستار كونهم من اللاجئين السياسيين، أو المناوئين لنظام الحكم، أو الفارين من العدالة، أو المطلوب محاكمتهم عن جرائم ا قترفوها. ٢ أنه إذا كان الهارب قد ارتكب جرما يستوجب حد ّ ، فإن على الملك إعادته لأنه ً مطالب بعدم تعطيل حدود الله (يبدو أن ابن شاهين يقصر ذلك على العلاقات بين الدول الإسلامية، لأنها هي التي تطبق فيها فكرة ا لحدود). ٣ إذا تاب المذنب ورجع عن أفعاله التي ارتكبها (بأن امتنع مثلا ً عن مهاجمة نظام الحكم في بلده، أو امتنع عن الدعوة إلى الإطاحة بالحكومة)، فإنه يمكن تدخل الدولة الإسلامية للمطالبة بالعفو عنه، وإعادته إلى دولته مع اشتراط عدم معاقبته في هذه ا لحالة. دفع صولتهم وكسر شوكتهم فإن كان لهم مأوى يلجئون إليه لم يحصل  « المقصود بقتالهم فما دامت رايتهم قائمة فهم بغاة(١) .  ويقول ا لثميني:  فإذا بلغ المحاربين دعوتنا، فلنا قتالهم، والهجوم عليهم حال نومهم »   ِ واشتغالهم وأمنهم، وإتباع مد ْ « برهم، ما كان لهم موئل يرجعون إليه(٢) . ُ  ويقول أطفيش:  جريح المشركين وهاربهم يتبع فيقتل ولو لم يكن له ملجأ ولا من » يستعينون به، وأن جريح الموحدين الذين حل قتالهم لا يقتل، وهاربهم َّ  « لا يتبع إن لم يكن له ملجأ(٣) .  وهكذا لا يجوز منح الملجأ للمقاتلين ما داموا لم يلقوا سلاحهم ولم يمتنعوا عن القتال سواء كانوا من المسلمين البغاة أو من غير ا لمسلمين(٤) . (١) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٣٧ وإذا بلغ المحاربين دعوة المسلمين جاز قتالهم والهجوم عليهم في حال تشاغلهم »« وتولهم بالهجوم عليهم وأتباع مدبرهم ما دام لهم قائم يرجعون إليه وملجأ يعوذون به . ابن جعفر: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٨٤ (٢) الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٣٩ ؛ كذلك يقول ابن وإذا بلغ المحاربين دعوة المسلمين جاز قتالهم والهجوم عليهم في حال تشاغلهم » : جعفر « وتولهم بالهجوم عليهم وأتباع مدبرهم ما دام لهم قائم يرجعون إليه وملجأ يعوذون به . ابن جعفر: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٨٤ (٣) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٢٧٧ (تفسير الآية ٤ من سورة محمد). (٤) يقول أطفيش: فإن غلبت) أي استعلت (عليهم فئة المسلمين ولهم مأوى) مرجع (يأوون) يرجعون (إليه )»ويلجؤون لديه) يقيمون عنده ا عتصاما عما يضرهم (قتل جريحهم واتبع ا لفار منهم) ليقتل. ً (وإن لم يكن لهم مأوى يأوون إليه ويلجؤون لديه) ضمنه معنى يمكث ولكن يضعف أن يقال لمن هو في موضع إنه عنده، (لم يقتل جريحهم ولم يتبع ا لفار منهم) جاء الحديث = وقد ذكر الإمام السالمي العلة من عدم منح الملجأ للمحاربين من البغاة، لأنه لم يتم استئصال شأفتهم والقضاء عليهم، ما داموا مستمرين في القتال(١) . « المدني والإنساني » وهكذا يتميز حق اللجوء أساسا بطابعه(٢) ، لذلك ً « يجب ألا يعتبر المقاتلون ملتمسو لجوء »(٣) ، حتى تطمئن السلطات خلال  إطار زمني معقول أنهم نبذوا الأنشطة العسكرية بحق وعلى الدوام  وبمجرد التأكد من ذلك، يجب اتخاذ تدابير خاصة لتحديد وضع اللاجئين فرد ً ا فرد ً ا، بغية التأكد من استيفاء من يلتمسون اللجوء المعايير اللازمة  للاعتراف بوضعهم كلاجئين.  = بذلك؛ وأما المشركون فيقتل جريحهم ويتبع ا لفار منهم ليقتل لم يكن لهم مأوى يأوون .« إليه ويلجؤون لديه أو كان لهم ذلك  أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المطبعة العربية، غرداية قسنطينية، ١٤٢٢ ه ٢٠٠١ م، ص ٤٠٢ -.٤٠٣ (١) يقول السالمي: وعن النبي ژ أنه قال: يا ابن أم عبد هل تدري كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة؟ قال الله ورسوله أعلم، قال: لا يجهز على جريحها ولا يقتل أسيرها ولا يطلب هاربها ولا يقسم فيئها . قال بعض أصحابنا: إلا إن كان لهم مأوى يلجأون إليه فإنه يقتل المدبر ويجهز على الجريح »ويتتبع الهارب وهذا منهم تخصيص للخبر بالقياس وذلك أنهم نظروا في الغرض المقصود من قتال البغاة فرأوا الغرض من ذلك دفع صولتهم وكسر شوكتهم فإن كان لهم مأوى يلجأون إليه لم تنكسر شوكتهم إلا بذهاب مأواهم واستئصال شأفتهم فما دامت رايتهم قائمة جوابات الإمام السالمي، ج ٥، ص ٢٧٧ ،« فهم بغاة مقبلين أو مدبرين - ٢٧٨ ؛ انظر أيض ً ا: ُ . الشيخ ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، المرجع السابق، ص ٢٨٧(٢) انظر الإعلان الخاص باللجوء الإقليمي لعام ١٩٦٧ الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ ، راجع كذلك مدخل إلى الحماية الدولية للاجئين، آب ٢٠٠٥ UNHCR . ، جنيڤ، ص ٧١(٣) راجع التوصيات بشأن الحماية الدولية للاجئين التي اعتمدتها اللجنة التنفيذية لبرامج المفوضية .(٥٣) السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، القاهرة، ٢٠٠٤ ، ص ٢٦٥ ، الاستنتاج رقم ٩٤ فاللاجئ هو شخص مدني، لذلك فإن من يشترك في العمليات  العسكرية لا يمكن له أن يطلب أو يمنح الملجأ، كذلك فإن الشخص الذي ُ يمارس أعمالا ً عسكرية ضد بلده الأصلي انطلاق ً ا من بلد آخر لا يمكن أن ُُ  يكتسب وصف ا للاجئ. ويتفق الإسلام مع ما ذكرناه أعلاه، فطالما أن الشخص يمارس أعمالا ً التي هي لب وأساس « الأمن » قتالية، فإنه يعارض بفعله هذا جوهر فكرة الاستجارة والإجارة في شريعة ا لإسلام. ٣ من يعطي الملجأ (الجوار) للمجرمين يعتبر مثلهم: علة ذلك جد واضحة: أن من يفعل ذلك يعتبر شريك ً ا لهم بالمساعدة أو بالاتفاق أو بالتحريض، والاشتراك في الجريمة لا يقل خطورة عن ا رتكابها.  وقد أكد الفقه الإباضي على هذه ا لقاعدة: فقد  جاء في فتح ا لأكمام(١) : وإن يكن في بيت غيره امتنع يهدم لكن مع ضمان ما انقشع ْ ْْ إلا إذا بنى للامتناع ِ أو كان ربه إليه داعي لأنه آواه إذ دعاه ومانع الحق كمن آواه ُُ وجاء في الورد ا لبسام: ومن آوى المانع (أي مانع الحق) فهو مثله، إن منعه وإن سكت المدعو » إلى الحق، أو أقام مكانه، أو رقد، أو تمادى في شغله، أو ولى ظهره، أو « رأسه، فذهب ولم يبال، فهو مانع(٢) . (١) الأغبري: فتح الأكمام عن الورد البسام في رياض الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠١ ه ١٩٨١ م، ص ٢٦ -.٢٧ ُ (٢) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ص ٢٩ ُ ويقول ا لرقيشي: في المناصر للباغي والمؤيد له فإنهم بغاة مثله وأشد، لقوله ژ » : لعن » ُ الله من أحدث في الإسلام حدث ً ا أو آوى محدث ً « ا ويجوز فيه ما يجوز في الباغي، لقوله ژ : « لعن الله الظلمة وأعوانهم ولو بمدة قلم » ولقوله تعالى: ﴿ ÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿ ﴾ [ [المائدة: ٢ ؛ ولأن الرضا بالمعصية معصية لقوله ژ: تكون الفتنة بالمشرق ويكون أحدكم بالمغرب » وسيفه يقطر دم ً ا منها وما ذلك إلا بالرضا بها فما ظنك بالناصر والمؤيد فلا « تأخذك فيهم لومة لائم(١) . ٤ عدم جواز رد اللاجئ أو طالب الجوار إلى مكان يخشى عليه فيه القتل أو التعذيب أو ا لاضطهاد: هذه قاعدة استقر عليها القانون الدولي المعاصر، وهي تعد من القواعد الآمرة Imperative or Mandatory Norms Jus cogens واجبة المراعاة، والقاعدة معروفة تحت اسم Principe de Non-Refoulement (باللغة الفرنسية)، وقد أكد الفقه الإباضي على هذه القاعدة، فقد جاء في المدونة ا لكبرى: وأيما عبد لحق بالمسلمين وخاف المسلمون عليه إن هم رد » ّ وه القتل ّ فلا يرد ّ ولا ينعم عين ً ا، ويتبين لصاحبه أنه عبده، وإن رأى المسلمون أن .« يبعثوا إليه بثمنه فعلوا وجاز لهم ذلك وليس للنساء أن يفعلن ذلك في فرار من أزواجهن إلا أن يخفن القتل، » « فإن خفن القتل لم يسلمهن المسلمون للقتل(٢) . (١) الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه . ١٩٨٤ م، ص ١٩ ُ (٢) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٣٥٢ ٥ ضرورة التأكد من أن الشخص تنطبق عليه أوصاف ا للاجئ: الغرض من ذلك على ما يبدو منع دخول الجواسيس أو المجرمين ا للجوء. « غطاء » إلى إقليم الدولة الإسلامية تحت لذلك يجب التأكد فعلا ً أن الشخص المعني تتوافر فيه الشروط اللازمة لمنحة الملجأ، وهذه المسألة تعد من أعقد المسائل التي تواجهها الآن الدول والهيئات الدولية المختصة (مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون ا للاجئين). ويمكن تأييد ما قلناه، مما ذكره الإمام ا لنزوي: رجل لقى في الحرس، فيقول: أنا غريب ضعيف، ولم يعرفه، ولم يجده » في السوقي، أيؤخذ؟ فإن لقي في طريق جائز، ماض في حاجته، فيقدم عليه، وينزل. فإن وجد « فيما يرتاب فيه، أوصل به إلى الوالي، وأعلم أمره (١) . :ÅLÓd »fƒfÉ≤dG ™°VƒdG (O إذا تم إعطاء الجوار أو حق اللجوء لشخص، فإنه يتمتع في الإقليم الذي يوجد فيه بوضع قانوني معين يتمثل في بعض الحقوق والواجبات. ن الفقه الإباضي هذه المسألة، كما يلي:  وقد بي ١ احترام أمان اللاجئ وعدم خرقه: يقول ا لناظم(٢) : (١) . النزوي: المصنف، ج ١٢ ، ص ٣٨(٢) في الخفارة وهي نوع من الأمان للحديث في ذلك المسلمون » : بخصوص ذلك يقول الرقيشي يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم ولحديث أم هاني المتقدم ذكره قال الشيخ صالح بن = وناقص العهد بعد الصلح مجترح باغ إذا كان شرط الصلح قد كملا كذا الخفارة والشرط الذي وجبت به الخفارة أن يرضوا بها كملا معنى ذلك: أولا ً أن من يتم منحه الجوار لا يجوز الاعتداء عليه، وإنما يجب أن  يكون آمن ً ا حيثما كان(١) .   = علي الخفارة مثلثة الخاء التأمين والإجارة والمنع وأهل عمان متفقون على استعمالها فيما ُ بينهم وكأنها عن رضى منهم بها وفي نظري إنها ثابتة ما لم يتقدم بعض على بعض هذا قاله الشيخ نظري ثابتة وتقدم بعض على بعض إلا أن تقدم الإمام على رعيته أو قائد الجيش  على السرية لأن ا لسنة المطهرة تدل على ذلك فلينظر فيه والله أعلم أما إذا كان المخفور عنه ممن لا أمان له كما تقدم في الطاعن أو القاطع أو قاتل المسلمين على دينهم أو وجب عليه   حد قال الشيخ صالح وبالجملة أن الأمان لا يكون إلا لمن لم يكن عليه حق أو حد محكوم عليه به شرع ً ا من كل أحد في كل أحد من أي مجير في أي مجار وللمجاور والمخفر والمضيف والصاحب أن يقاتل عن جاره أو من خفر له أو صاحبه أو نزل عليه ضيف ً ا وهذه ذمة فلا يجوز تضييعها والخفارة أمان والإشارة بالأمان أمان ولو بأصبعه أشار لكان أمان ً ا قال فإن كان هذا المجاور ممن بغي وبغي عليه إلا أنه لا حق عليه بعينه كما ذكرت أكله سواء قلت لا سواء هذا أقرب إلى جواز منعه والقتال عليه ومعه ممن جاءه من خصمائه وإذا كان الفئتان بغاة على بعضهم البعض فلا يحل لك أن تقاتل إلا على نية إزالة البغي ليرجع الباغي إلى الحق وينقاد إلى الشرع ولو مع بغاة آخرين على غير قصد نصرتهم قيل للشيخ هؤلاء المجاورون بالضيافة أو الصحبة أو المساكنة إذا كان في أيديهم مال قايم بعينه أخذوه سرقة أو غصبا أو كان عليهم في الذمة حق امتنعوا عن تأديته قلت: لا أمان لهؤلاء ولا ذمام ً .« ولا احترام لمؤمنهم ومؤيدهم والحالة هذه وهو باغ مثلهم دعهم فإنهم لا خير فيهم الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٩٤ -.٩٦ ويضيف أيض ً :( ا (ص ٦٧ والخفارة مثل التأمين والإجارة والمنع وأهل عمان متفقون على استعمالها فيما بينهم » ُ ولا ينكرونها وكأنها عن رضى منهم بها وفي نظري إنها ثابتة عليهم ما لم يتقدم بعضهم .« على بعض في أن لا يجير عليه وكانت في الأصل جارية على قواعدهم ا لمعروفة(١) من ذلك ما حدث حينما هرب قوم قصدهم خالد 3 إلا رجلا ً أتى عمارا فأسلم، فلما ً خل عنه فإن » : أصبح خالد أغار فلم يجد إلا الرجل وأهله وماله، فقال عمار ّ ه مسلم، فاستبا = ثانيا يفقد الشخص الجوار أو الأمان إذا ارتكب جريمة من الجرائم، ً ولا يستحل قتال قوم دخلوا البلاد حتى » : فقد جاء في جامع أبي الحواري يكون منه الحدث الذي لا يجوز وتقوم عليهم الحجة بذلك وهذا قول أبي « المؤثر(١) .   وهو ما أكده الإمام ا لنزوي: وأرض الحرب عندنا هي كل ما كان من بلدان الشرك، الذين هم في » غير طاعة أهل الإسلام وعهدهم، مثل بلاد الهند والزنج ونحوهما، من بلدان أهل الشرك وما أدخلوهم بأمان إلى المسلمين، ودخول المسلمين إليهم، فهو عندنا بالجواز بلا محاربة، فمن أجاره من المسلمين، فدخل بلادهم، فصار آمن ً « ا عندهم، فهو أمان(٢) . ويسري ذلك أ يضا على من يرتكب جريمة ثم يفر ويلحق بغير المسلمين ً ا(٣) ويقيم معهم، إذ عليه الجزاء في الدنيا والآخرة، بل نزل في ذلك قرآن ً . ٍ = حينئذ، وحين وصلا إليه ژ فقال: أتترك مثل هذا يجير علي؟ فقال ژ : من شتم عمار » ً ا « فقد شتم الله سبحانه ، وأجار الرجل وماله وأهله، فقال لعمار: لا تجز بعد هذا أحد » ً ا على « أميرك .« ، وتبعه خالد واسترضاه فرضى عنه ١٤٢٥ ه ، أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣ . ٢٠٠٤ م، ص ٢٥٣ (١) جامع أبي الحواري، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ١، ص ٩٢ . لكن هل ُ يجوز للمسلم الذي حصل على الأمان من غير المسلمين أن يقاتلهم؟ يقول السعدي: قلت له: فإذا أمن معهم بوجه لا يضيق عليه الأمان، هل يجوز له أن يعين المسلمين »عليهم وهو في أمانهم أم لا تجوز إعانة المسلمين عليهم؟ قال: إذا حاربهم المسلمون . السعدي: قاموس الشريعة، ج ١٣ ، ص ٢٨٥ « بحق جاز أن يحاربهم معهم(٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٤٣ -.١٤٤ (٣) تفسير من أسلم فقتل مؤمن » : وهكذا تحت عنوان ً ا متعمد ً ا في إقراره ثم أشرك ولحق يذكر أبو الحواري قوله تعالى: ،« بالمشركين فأقام معهم ﴿ fedc mlkjihg ﴾ [ [النساء: ٩٣ ، قال: نزلت في مقيس بن ضبابة الكناني. وذلك أن مقيسا كان أسلم هو وأخوه هشام بن ضبابة، فوجد مقيس ذات = ً ثالث ً ا يجب الدفاع عن اللاجئ وحمايته، إلا إذا كان قد سبق له ارتكاب جريمة لم تكن معلومة لمن منحه الأمان أو ا لجوار(١) . = يوم أخاه قتيلا ً في الأنصار في بني عدي، فجاء إلى ا لنبي ژ فأخبره فقال ا لنبي ژ : هل تعلم له قاتلا ً ؟ ، قال: لا فبعث النبي ژ رجلا ً من قريش من بني فهر مع مقيس إلى بني ٍ عدي، ومنازلهم يومئذ بقباء أن ادفعوا إلى مقيس قاتل  أخيه إن علمتم ذلك، وإلا ّ فادفعوا إليه ديته، فلما جاءهم الرسول قالوا: السمع والطاعة لله ولرسوله، والله ما نعلم له قاتلا ً ، ولكن نؤدي ديته، فدفعوا إلى مقيس دية أخيه مائة من الإبل، فلما انصرف مقيس والفهري ِ من قباء إلى المدينة وبينهما ساعة عمد مقيس إلى الفهري رسول رسول الله ژ فقتله وارتد ّ عن الإسلام بعد قتله. ويذكر أيض ً ا قوله تعالى: ﴿ <= DCBA@?> ﴾ [ [الحج: ٢٥ ، قال: نزلت في عبد الله بن أنيس بن حنظل القرشي، وذلك أن ا لنبي ژ بعثه مع رجلين أحدهما مهاجر، والآخر من الأنصار فافتخروا في الأنساب فغضب عبد الله بن أنيس، فقتل الأنصاري، ثم ارتد ّ عن الإسلام، وهرب إلى مكة كافرا فنزلت فيه ﴿ <=> ً ? ﴾ يعني: من لجأ إلى الحرام بإلحاد يعني: يميل عن الإسلام ﴿ @ ﴾ حتى يدخل الحرم بالشرك بعد الإسلام ﴿ DCBA ﴾ يعني: وجيع ً ا وهو القتل بالسيف فأمر النبي ژ يوم فتح مكة بقتل عبد الله بن أنيس القرشي ومقيس بن صبابة الكنائي، فقتلا جميعا على ا لشرك. ً ويعلق على كل ما تقدم، بقوله: فهذا أمر من يسلم، ثم يقتل، ثم يشرك بعد قتله فيقيم مع المشركين حتى يدركه الموت، ».« فإنه يقتل في الدنيا وله في الآخرة ا لنار ُ أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، ١٤١١ ه ١٩٩١ م، ج ١، ص ١٢٨ -.١٣٠ (١) بسط هذه المسألة الرقيشي: بقوله: َ قيل ولمن جاور أو صحب مخفرا أو ضيف » ً ا لنازله أل َ ه أن يقاتل عنهم أن قصدهم قاصد ً ليقتلهم معه أم كيف يفعل، قلت أعاذنا الله والمسلمين من البلا وكفانا بفضله كل أذى وعندي أن له أن يقاتل عليهم لأنه أمنهم بذلك مستمسك ً ا بقوله ژ : المسلمون يد على من » سواهم يسعى بذمتهم أدناهم وهذه ذمة أحدهم فلا يخفروها أي لا يضيعوها والخفارة أمان هكذا فهمنا والإشارة بالأمان أمان ولو بإصبعه أشار لكان أمان ً ا، قيل فإن كان هذا المجاور ممن بغى وبغي عليه إلا إنه لا حق عليه بعينه كما ذكرت أك َ ُ له سواء قلت لا سواء هذا = ٢ أموال اللاجئ مصونة: هذا أمر طبيعي ذلك أنه إذا كان اللاجئ يتمتع بالأمان كما سبق القول في شخصه، فإن ذلك يسري على أمواله من باب أولى. وهذا صحيح، بداهة، وقت حياته، بل وأيضا بعد مماته: ً يقول ا لعلامة أطفيش: ومال المستأمن والمستأجر لورثته عندنا إن كان له وارث، وقال غيرنا: » « لبيت المال منه ما بقي عن ورثته(١) . = « أقرب إلى جواز منعه والقتال عليه ومعه لمن جاءه من خصمائه قيل: وإذا كانت الفئتان بغاة  على بعضهم بعض قلت: لا يحل ذلك في دين المسلمين لكن لك أن تقاتل الباغي مطلق ً ا ليرجع إلى الحق وينقاد إلى الشرع ولو مع بغاة آخرين على غير قصد نصرتهم هكذا جاء الأثر قلت: وهؤلاء المجاورون بالضيافة أو الصحبة أو المساكنة إذا كان بأيديهم مال قائم  العين أخذوه سرقة أو غصبا أو كان عليهم في الذمة حتى امتنعوا عن تأديته قلت: لا أمان ً لهؤلاء ولا ذمام ولا حرمة ولا احترام لمؤمنهم ومؤمنهم هو باغ مثلهم فإنهم لا خير فيهم  انتهى كلام الشيخ. قلت: ينبغي لمن طلب هؤلاء بحق في أيديهم أو ذمتهم أو يد ّ عي عليهم بدعوى مسموعة شرع ً ا فعلى من هم عنده بضيافة أو جوار أو صحبة أن يقول لهم أدوا ما يلزمكم شرع ً ا لهؤلاء المدعين عليكم فإن انقادوا لما عليهم وأذعنوا للحق وأهله فلا عليهم إلا ذلك كما يحكم به حاكم المسلمين وإن أبوا عن الانقياد إلى الشرع فهناك ينقطع عنهم الذمام والاحترام فليخل بين الطالب والمطلوبين وإن قدر على نصرة المظلومين نصرهم بأي شيء قدر عليه لقوله تعالى: ﴿ ÂÁÀ¿ ﴾ الشيخ الرقيشي: .« ، والله أعلم كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٦٦ -.٦٧ ويضيف أيض ً ويجب على أهل المصر الدفاع عنه من بغى عليه منه أو من غيره ويجب » : ا ذات المرجع، ص ٦٠ « الدفاع عن الصاحب والضيف النازل والمسافر -.٦١ (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٤ ، ص ٤٣٩ (قاله في معرض تفسيره للآيات ٦ - ١٠ من سورة الحشر). وأهل البلد إذا » : واللاجئ لكونه غريبا لا يساهم ماليا في الدفاع عن البلد، فقد قيل ًً أرادوا دفاع البغاة عنهم خوف ً ا أن تذهب الأموال والأنفس. الجواب: الدفاع والتسليم على أهل الأموال من الأصول دون الفقراء والله أعلم. =  لا ميراث لمسلم من غير » والحكمة من ذلك هي أنه في الإسلام « اختلاف الدين مانع من الإرث » ولأن « مسلم(١) ، ولأن السنة جرت بأن أهل  كل ملة يرثون من هو منهم إذا لم يكن له وارث من ذي رحمه(٢) .  ٣ الترحيب باللاجئ وإيثاره ولو كان بالمسلم خصاصة:  لا شك أن في ذلك أثر إيجابي لا يخفى على كل ذي لب، وهكذا  بخصوص قوله تعالى: ﴿ ¸ À¿¾½¼»º¹ ÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ ×ÖÕÔÓÒÑÐÏ﴾ [ [الحشر: ٩ ، يقول أطفيش: » ﴿ ÁÀ¿¾ ﴾ أو مدح ،« الذين » ، الجملة حال من مستأنف بأنهم رسخ الإيمان فيهم، فهم يحبون من هاجر إليهم لإسلامه، وقيل: كناية عن إكرامهم للمهاجرين بأموالهم ومساكنهم، وكل َّ ما أمكن،  حتى إن  الرجل منهم ينزل عن زوجة من زوجتيه أو أزواجه لمهاجر  يتزو  جها، ولا يصيبهم ملل ّ . أو تعبير بالسبب وهو الحب عن المسبب وهو ّ الإكرام، والأول أولى. وعد َّ لتضمن معنى ا لانتقال. « إلى » ي ب ﴿ ÆÅÄà﴾ لا يلقونها ويصادفونها لعدم وجودها في صدورهم، أو لا يعلمونها في صدورهم لعدم وجودها، والحاجة ما يحتاج إليه، ٍ على حذف مضاف، أي: لا يجدون في أنفسهم طلب حاجة، أو معناه: ا لاحتياج... = وأما الغريب الذي له الأمانة ليس عليه شيء وأما اليتيم والغائب إذا كان لهم أموال من .« الأصول يلزمهم ا لقسط . جامع أبي الحواري، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٦٩ (١) الفتاوي الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، .٦٠٧٠ ، ١٤٠٩ ه ١٩٨٩ م، ج ١٦ ، ص ٦٠٦٤(٢) أحمد أمين: ظهر الإسلام، مكتبة النهضة العربية، القاهرة، ١٩٦٢ م، ص ٨١ -.٨٢  ﴿ ÈÇ ﴾ أي: أوتي المهاجرون من الفيء دونهم، قسم ژ مال بني  ِ النضير بين المهاجرين ولم يعط الأنصار إلا ثلاثة ٌ من » ، مر ذكرهم. و « ْ  للتبعيض أو للبيان أو للتعليل، ويتعين التعليل إذا فسرت الحاجة بالاحتياج. وإيضاح المعنى: أنهم لا يطلبون شيئ ً ا مما يعطى المهاجرون ويحتاج ُ  إليه، وليس في قلوبهم احتياج إليه، فضلا ً عن أن ينازعوهم فيه أو يحسدونهم، ولا تتبع أنفسهم ما يعطى ا لمهاجرون.  ُ أوت » (نحو) وواو ُ نائب الفاعل هو المفعول الثاني، والأول منصوب « وا  ِ محذوف فاعل ٌ في المعنى، أي: مما أوتيه المهاجرون، أي: جعل آتيا إي ّ اه ُ م. ً ﴿ É ﴾ يختارون المهاجرين وغيرهم في كل نفع، أو لا يقدر معمول، أي: من شأنهم الإيثار ﴿ ÎÍÌËÊ ﴾[ [الحشر: ٩ ، أي: فيهم ﴿ Ï ﴾ « فقر(١) . ٤ خضوع اللاجئ لقوانين الدولة التي يقيم فوق أراضيها: يعد ذلك تطبيق ً ا لمبدأ إقليمية الاختصاص، الذي أخذ به الفقه ا لإباضي(٢) . يؤكد ذلك أيضا ما جاء في شرح ا لنيل: ً من لم يكن له قرار يقصد فيه كباد ومنتقل من بلد لأخرى، فالحكم » فيهم والسيرة على ما حكموا على أنفسهم بإقرارهم، أو ما شهد به عليهم الأمناء إن أقروا أو كما شهد عليهم (حيث كانوا أو توجهوا إلا إن دخلوا موضعا غلب فيهم عليهم حكم غيرهم)، ولو لم يعلم حكمهم بأن لم يقروا ً ّ ولم يشهد عليهم، (ولا يصلون إلى إظهار دينهم وحكمهم) أو يصلون ولم (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٤ ، ص ٤٤٦ -.٤٤٧ (٢) في إطار دراستنا للمبادئ التي تحكم ،« مبدأ إقليمية الاختصاص » انظر ما قلناه بخصوص العلاقات الدولية في الفقه ا لإباضي. يظهروه، ولا يوجد من يعرف لغتهم (فالحكم فيهم للظاهر عليهم) وقد يدخلون بلد ً ا ظهر فيه الإسلام فيحكم عليهم بحكمه إذ لم يعلم حالهم، ولم يكن إقرار أو شهادة تناقضه ثم يدخلون بلد ً ا ظهر فيه الشرك فيحكم عليهم بحكمه إذ لم يعلم حالهم ولا إقرار ولا شهادة، ثم يدخلون بلد ً ا ظهر فيه الإسلام فيحكم عليهم بحكمه كذلك، وهكذا، ولو كان الحاكم في ذلك كله « ا(١) واحد ً . ٥ واجبات ا للاجئ: إذا كان للاجئ حقوق، فإن عليه أيض ً ا واجبات (فمن الثابت كقاعدة أن كل حق يقابله ا لتزام): أولا ً فقد سبق القول أن على اللاجئ ألا يرتكب جرائم ضد الأفراد، وأنه إذا فعل ذلك فإنه يفقد الملاذ الآمن الممنوح له باللجوء. ثاني ً ا وعلى اللاجئ أيض ً ا ألا يرتكب ما قد يضر بالدولة الإسلامية (كالتجسس، وتدبير المؤامرات... إلخ)(٢) . (١) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٦١ -.٥٦٢ (٢) لذلك في تفسير قوله تعالى: » ﴿ ¸ ½¼»º¹ ﴾ « [ [ التوبة: ٦ ، يقول كعباش: » ﴿ ¸ »º¹ ﴾ ، أمر الله رسوله أن يقبل تلك الاستجارة، وهي تطلب عادة لمختلف الأسباب التي تقتضيها العلاقات بين الأفراد أو بين الجماعات، وأيا ًُ كان الدافع للاستجارة فقد جعل الله الغاية من تلك الإقامة إلى جوار المسلمين هو سماع المشرك المستجير لكلام الله وإبلاغه الد ّ عوة الإسلامية، ويكون معصوم الذمة تجب على المسلمين حمايته في نفسه وماله ما دام في جوارهم، ولم يحدد النص مدة لتلك الإقامة بل ترك ذلك لتقدير الإمام، وفي كل حالة يجب أن يراعي ما فيه اليسر والمهلة الكافية للمستجير، كما يراعي ما فيه مصلحة الجماعة في ضمان أمنها وسلامتها بانتفاء أي ضرر الشيخ محمد كعباش: نفحات الرحمن « يمكن للمستجير أن يلحقه بها كالتجسس وغيره ٰ . في رياض القرآن، ج ٥، ص ٤١١ :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a Aƒé∏dG ´GƒfCG (`g اللجوء في القانون الدولي على أنواع ثلاثة: لجوء ديني، ولجوء إقليمي، ولجوء دبلوماسي: ١ اللجوء ا لديني: ويكون باللجوء إلى مكان ديني مقدس، أو لأغراض دينية، وقد تعرض الفقه الإباضي لهذين ا لنوعين: أولا ً اللجوء إلى ا لحرم(١) أو ا لمساجد: « لو وجدت قاتل عمر في الحرم ما هجته » : قال ابن عمر(٢) . فقد أراد الله 4 تعظيما للحرم وتقديسا له أن يعتبر من لجأ إلى ًً الحرم آمن ً ا، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿ mlkjihgf (١) ،« مكة حرام حرمها الله تعالى إلى يوم القيامة » : في شرحه لقوله ژ في خطبته يوم فتح مكة يقول ا لسالمي: فالحديث يدل على تحريم دخول مكة بحرب وإن قصد العدل لأنه ژ ذكر حرمتها على »من بعده وإن حربها خصوصية وإنما يجوز دخولها على قصد إظهار الحق دون الحرب لمن وجد القوة على ذلك فيأمر وينهي ويظهر الحق وينشر الأحكام فإن قوتل على ذلك قاتل قال الله تعالى: ﴿ ;:9876543210/. <= ﴾ [ [البقرة: ١٩١ والآية محكمة عند ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ومجاهد فلا يجوز عندهم قتال أحد عند المسجد إلا بعد أن يقاتل (واستثنى) القطب المشرك فإنه إن دخل الحرم أو المسجد الحرام وأمر بالخروج فأبى قوتل ولو لم يقاتل والنهي عند جمهور قومنا وقتادة منسوخ بقوله: ﴿ }| ~ ﮯ﴾ (وقيل) منسوخ بقوله: ﴿ §¦¥ ¨© ﴾ ونسب لقتادة والله أعلم وحديث الباب يؤيد « القول الأول وهو أن الآية محكمة لأنه كان يوم الفتح والأمر بالقتال كان قبل ذلك . السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، المرجع السابق، ج ٨، ص ٢٢٣ (٢) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه . ١٩٨٦ م، ج ٥، ص ٦٤ ُ on ﴾ [ [آل عمران: ٩٦ ، وقوله: ﴿ RQPONML [ZYXWVUTS ﴾ [ [العنكبوت: ٦٧ ، وقوله أ يض ً ا: ﴿ )* ,+❁. 43210/ ﴾ [قريش: ٣ -[٤ ، وكذلك قوله: ﴿ ¯® ° ³²± ﴾ ...[ [البقرة: ١٢٥ . ويقول الرسول ژ : من دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن دخل بيت » « أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن(١) . ويرى الكاساني أن الأسباب المحرمة للقتال ثلاثة: الإيمان والأمان والالتجاء إلى ا لحرم. وبخصوص الالتجاء إلى الحرم يقرر ما يلي: وأما الالتجاء إلى الحرم فإن الحربي إذا التجأ إلى الحرم لا يباح قتله » في الحرم ولكن لا يطعم ولا يسقى ولا يؤوى ولا يبايع حتى يخرج من الحرم. وعند الشافعي 5 يقتل في الحرم واختلف أصحابنا فيما بينهم، قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله: لا يقتل في الحرم ولا يخرج منه أيض ً ا، وقال أبو يوسف 5 : « لا يباح قتله في الحرم ولكن يباح إخراجه من ا لحرم(٢) . وإذا كان العلماء قد اتفقوا على أن من اقترف ما يوجب القصاص في الأطراف، ثم لجأ إلى الحرم فإنه يقتص منه، وعلى أن من جنى جناية على ُ النفس أو ما دونها في الحرم، فاستوجب ذلك حد ً ا فإنه يقتص منه في ُّ الحرم، فإنهم اختلفوا بالنسبة للجاني خارج الحرم الذي يلجأ إلى الحرم، هل يقتص منه؟ ُ (١) ١٤٠٨ رقم / أخرجه مسلم، باب فتح مكة، من كتاب الجهاد والسير، صحيح مسلم، ٣ .٣١٩ ، ١٧٨٠ ، وابن أبي شيبة، كتاب المغازي، ٣١٨(٢) الكاساني: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتاب العربي، بيروت، ١٤٠٢ ه ١٩٨٢ م، . ج ٧، ص ١١٤ وقد ذهب الحنفية إلى أنه لا يقتص من داخل الحرم، ولكن يلجأ إلى ُ الخروج بعدم إطعامه وسقياه ومعاملته، حتى إذا خرج اق ُ تص منه، وذلك ّ لعموم قوله تعالى: ﴿ zyxw ﴾ ...[ [آل عمران: ٩٧ ، بينما ذهب الجمهور ومنهم الشافعي ومالك إلى أن من وجب عليه حد في النفس، ثم لجأ إلى الحرم فإنه يقتص منه، وقاسوه على من جنى في داخل الحرم(١) ؛ ُ لأنه لو قتل أو أتى حد ً ا في الحرم أقيم عليه فيه(٢) . وثار خلاف حول معرفة ما إذا كان دخول الحربي الحرم لا يمنع من إعطاء المسلم له الأمان؟ فذهب أبو حنيفة إلى أنه لو أمنه رجل من المسلمين في الحرم أو بعد ما خرج من الحرم قبل أن يؤخذ منه لم يصح، بينما يذهب أبو يوسف ومحمد إلى أنه يصح ويرد إلى مأمنه(٣) . ونرى أنه إذا كان اللاجئ يحضر أساسا فرارا من الاضطهاد الواقع عليه، ًً فإنه يستفيد من الأمن الذي يضفيه عليه حرم الله ا لآمن(٤) . (١) تفسير القرطبي، ج ٤، ص ١٤٠ ، تفسير الطبري، ج ٧، ص ٢٩ - ٣٤ ؛ وأيض ً ا مصطفى الخن: أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء، رسالة دكتوراه، كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، القاهرة، ص ١٦٥ - ١٦٦ . ويقول القرطبي: إن أبا حنيفة بقوله يضيق عليه حتى يخرج أو يموت، معناه أننا نقتله بالسيف، وهو يقتله بالجوع، فأي قتل .( أشد من هذا (القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٢، ص ١١١ (٢) ابن قدامة، المغني، ج ١٠ ، ص ٢٣٦ - ٢٣٨ ؛ الأم للشافعي، ج ٤، ص ٢٠١ -.٢٠٢ (٣) . الكاساني، بدائع الصنائع، المرجع السابق، ج ٧، ص ١١٧(٤) يؤيد ذلك ما رواه القاضي ابن العربي، بقوله: حضرت في بيت المقدس طهره الله بمدرسة أبي عقبة الحنفي والقاضي الريحاني يلقي علينا الدرس في يوم جمعة، فبينما نحن كذلك ُ إذ دخل علينا رجل بهي المنظر على ظهره أطمار، فسلم سلام العلماء، وتصدر في صدر المجلس بمدارع الرعاء، فقال له الريحاني: من السيد؟ فقال له: رجل سلبه الشطار أمس، وكان مقصدي هذا الحرم المقدس، وأنا رجل من أهل صاغان من طلبة العلم. فقال القاضي مبادرا: سلوه، على العادة في إكرام العلماء بمبادرة سؤالهم. ووقعت القرعة على ً مسألة الكافر إذا التجأ إلى الحرم، هل يقتل فيه أم لا؟ فأفتى بأنه لا يقتل، فسئل عن =  وقد أخذ الفقه الإباضي بذلك أيضا: ً ويقاتل من تقدم منه حرب وبغي وأصر على ذلك » : يقول البطاشي  حيث وجد إلا في الحرم فلا يقاتل فيه إلا من قاتل فيه قال ا لقطب 5 : ويضيف أيض .« وكذا المساجد ويحاصر فيها حتى يخرج بدون إشهار سلاح ً ا:  ويقتل كقاتل ومانع للحق ومرتد وطاعن حيث وجدوا إلا في المسجد »  الحرام أو في الحرم أو في غيره من المساجد إلا أن قاتل فإنهم يقتلون ولو « في المسجد الحرام إن لم يمكن إخراجهم(١) .  -,+*)('&%$#" = الدليل. فقال: قوله تعالى: ﴿ ! 543210/. ﴾ [ [البقرة: ١٩١ ، قرئ ولا تقتلوهم ولا تقاتلوهم، فإن قرئ ولا تقتلوهم فالمسألة نص، وإن قرئ ولا تقاتلوهم فهو تنبيه لأنه إذا نهى عن القتال الذي هو سبب القتل كان دليلا ً بين ً ا ظاهرا على النهي عن القتل فاعترض عليه ً  القاضي الريحاني منتصرا للشافعي ومالك وإن لم ير مذهبهما على العادة، فقال: هذه الآية ً منسوخة بقوله تعالى: ﴿ }| ~ ﮯ﴾ [ [التوبة: ٥ ، فقال له الصاغاني: هذا لا يليق بمنصب القاضي وعلمه، فإن هذه الآية التي اعترضت بها علي عامة في الأماكن، والآية التي احتجت بها خاصة، ولا يجوز لأحد أن يقول إن العام ينسخ الخاص، فأبهت القاضي الريحاني، وهذا من بديع ا لكلام. ابن العربي: أحكام القرآن، ج ١، ص ١٠٦ -.١٠٧ (١) .٩٩ ، الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ٨٣ ويوافق الشيخ بيوض على ذلك، إذ يقول: ولذلك كانت المنطقة المسماة بالحرم لا تراق فيها الدماء، ولا يقطع شجرها، ولا يصاد »صيدها، ومن لقي فيها قاتل أبيه، فإنه لا يجوز له أن يقتله حتى يخرج من الحرم، مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ }|{zyxwvutsrqpon ~ ﮯ §¦¥¤£¢¡ ¨ ﴾ [ [القصص: ٥٧ .« الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٩ ، ص ٢١ (تفسير سورة ا لفتح). وهو ما أكده رأي آخر، بقوله: المسألة الثالثة: إذا التجأ الكافر إلى الحرم الشريف هل يقتل أم لا؟ فقيل: لا يقتل لظاهر الآية ﴿ 543210/. ﴾ [ [البقرة: ١٩١ وقيل: يقتل لعموم قوله = إلا أن اتجاه ً ا في الفقه الإباضي يمنع احتماء اللاجئ غير المسلم بأي مسجد من المساجد، ومن باب أولى المسجد ا لحرام(١) . = تعالى: ﴿ !"# ﴾ وأن رسول الله ژ قتل ابن خطل يوم فتح مكة وهو متعلق بأستار ا لكعبة.  ولكن الذي يظهر لي أن ابن خطل قتل لأجل العظائم التي ارتكبها حيث قتل مسلما بعد ً  أن أسلم ثم ارتد ّ عن الإسلام، واتخذ مغنيات ضد الإسلام وغير ذلك، وأما قوله تعالى: ﴿ 543210/. ﴾ فهي خاصة لذلك المكان تخصص الأدلة العامة التي تبيح قتل الكافر في أي مكان وعلى أي حال. سالم بن خلفان: المرجان في أحكام القرآن، ١٤٣١ ه ٢٠١٠ م، ص ٢٠٥ -.٢٠٦ (١) بسط الإمام السالمي موقف الفقه الإباضي والحجج التي يستند إليها من مسألة دخول غير المسلم المساجد، بقوله: وقد اختلف الناس في ذلك: » فعند أصحابنا ومالك يمنعون من كل ا لمساجد. وقال الشافعي: يمنعون من المسجد الحرام خاصة.  وعن أبي حنيفة لا يمنعون من المسجد الحرام، ولا من سائر ا لمساجد. وفي رواية عن أبي حنيفة: أن المنع خاص في عبدة الأوثان وفي المسجد الحرام؛ فأباح دخول المشرك غير الوثني في المسجد الحرام، ودخول الوثني في سائر ا لمساجد. لا يقرب المسجد الحرام مشرك إلا أن يكون صاحب جزية » : وعن جابر بن عبد الله أنه قال أو عبد ً .« ا لمسلم قال القطب: المذهب عندنا أنه لا يدخل المشرك غير الكتابي ولا المشرك الكتابي المسجد الحرام، ولا غيره من المساجد، ولا مواضع الصلاة، والمجالس ينهي عن ذلك، ُ وإن لم ينته ضرب. وقال في موضع آخر: ويمنع المشرك من دخول المسجد فإن دخله بغير إذن الموحد عزر. ُ وقيل: إن ْ دخله واستقبل القبلة أمسك حتى يسلم وهو ضعيف؛ لأنه إكراه على ا لدين. قال: ويجوز للإمام، ومن قام مقامه في الإسلام أن يدخل المشرك مسجد ً ا غير المسجد ُ شد ژ ث » الحرام لأمر مهم، والأولى صونه عن المشرك، وقد ُ مامة بن أثال وهو كافر إلى .« سارية في ا لمسجد والح ُ جة لنا: على المنع من ذلك قوله تعالى: ﴿ [ZYXWVU ﴾ [ [التوبة: ١٧ ، إذ قيل: إن المراد بعمارتها دخولها والقعود فيها والتعبد فيها، وقوله تعالى: = ثانيا اللجوء لسماع كلام ا لله: ً وذلك مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ ¸ ½¼»º¹  ÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾ ﴾ [ [التوبة: ٦ . أقم عليه الحجة وأفهمه إياها، فإن لم يفهم فخل سبيله إلى بلوغ » : أي « مأمنه، فإن ظفرت بعد ذلك به حل لك دمه(١) . وقد فسر أطفيش الآية بطريقة واسعة بحيث تشمل منح الجوار لطالب أي حاجة، إذ يقول: » ﴿ ¼ ﴾ ، طلب أن يكون لك جارا، أي مجاورا، ًً  أو طلب منك أن تجيره من القتل ونحوه ليقضي حاجة، أو ليسمع كلام الله ﴿ ½ ﴾ اجعله جار ً ا، أي مجاور ً ا، أو امنعه من القتل ﴿ ÁÀ¿¾ ﴾ القرآن فيعرف أنه من الله، أي: استجارك حتى يسمع كلام الله ﴿ ¾½ ÁÀ¿﴾ ... بل لا يقدر للأول لأن المراد: استجارك مطلق ً ا لا بقيد السماع، وليست للغاية، ولا ي ُ نافيها كما قال بعض، قوله تعالى: ﴿ ÃÂ Ä ﴾ موضع أمنه وهو دار قومه، أو دار شرك ولو غير دار قومه، وإن أسلم .« فهو منكم لا يرجع لدار شرك إلا لضرورة، ثم يرجع إليكم = ﴿ ;:9876543210/ ﴾ ...[ [التوبة: ٢٨ . قال القطب: وإنما ن ُ هي عن الاقتراب للمسجد الحرام مع أن المراد النهي عن دخوله مبالغة. ق ُ لت ُ : وفي حكم المسجد الحرام في التنزيه عن المشركين سائر المساجد؛ لأن الجميع بيوت الله، وقد أذن الله أن ترفع ويذكر فيها ا سمه. وأيض ً .« ا: فإن المسجد موضع العبادة فيجب أن يكون معظما، والكافر يهينه ولا يعظمه ً الإمام السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ١، ص ١٨٥ -.١٨٦ (١) ، ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، المرجع السابق، ص ٣٥ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٧٠ ص ٢٦٦ -.٢٦٧ والآية بينت أنه لم ينحصر الشرع بعد انسلاخ الأشهر » : ويضيف أيضا ً في القتل وما بعده، بل لهم توسعة أن يجيئوا للسماع مطلق ً ا، أو لحاجة بشرط الإذن، أو بإخبار مريده بذلك، وإذا استأمن للتاجر أعطوه الأمن عند الفجر، والصحيح أنه لا يعطاه...، والاستجارة غير منسوخة بقوله تعالى: ُْ ﴿ ³² ¶µ´ ¸ ﴾ [ [التوبة: ٣٦ ، خلاف ً ا « لسعيد بن أبي عروبة والسدي والضحاك في أنها منسوخة بذلك(١) . ونحن نرى أن قوله تعالى: ﴿ ¸ ½¼»º¹ ÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾ ﴾ [ [التوبة: ٦ ، فالآية السابقة(٢) ، وهذا واضح من ألفاظها وسياقها خاصة فقط : أ بمن يأتي من المشركين (الشرط الشخصي لتطبيق ا لآية).  ب ليسمع كلام الله (الشرط إلغائي لتطبيق ا لآية). ج وبشرط أن يطلب الإجارة (موضوع تطبيق ا لآية). ٍ د فحينئذ يجب إجارته (الأثر المترتب على ا لآية). ه وأخيرا إبلاغه مأمنه (لتحقيق الغرض من تطبيق ا لآية). ً ٢ اللجوء ا لإقليمي: يعني اللجوء الإقليمي انتقال الشخص من مكان إلى مكان آخر يجد فيه ملاذ ً ا آمن ً ا. (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٩٥ -.٣٩٦ (٢) الإمام الزركشي: ) « يستفاد منها عموم النكرة في سياق الشرط » يقول الزركشي: إن الآية البرهان في علوم القرآن، عيسى البابي الحلبي، القاهرة، الطبعة الثانية، ج ٢، ص ٦). ذلك راجع الإمام السيوطي: الإتقان في علوم ،« العام يستغرق الصالح له من غير حصر » أن القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث، القاهرة، ج ٣، ص ٢٣ -.٢٤ ومن أهم أنواع اللجوء الإقليمي التي أشار إليها الفقه الإباضي، ما يلي: أولا ً ا لهجرة: في التاريخ الإسلامي ما يدل على أن الاضطهاد والتضييق الشديد في ممارسة الشعائر الدينية قد تدفع إلى الهجرة من إقليم إلى إقليم آخر، وهذا ما حدث حتى في عهد ا لنبي ژ (١) . لذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ « ´³²±°¯®¬ ÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹¸¶μ ÍÌËÊÉÈ ﴾[ [النساء: ١٠٠ الآية عامة تشمل كل من » : ، يقول كعباش قام بهذه المبرة قديما وحديث ً ا، إذ أن المعركة بين الحق والباطل لا يهدأ ًّ أوارها، يقول تعالى: ﴿ JIHGFEDCBA@?> YXWVUTSRQPONMLK hgfedcba`_^]\[Z tsrqponmlkji  }|{zyxwvu ﴾ [ [البقرة: ٢١٧ ، وما ظاهرة اللاجئين المعروفة في عصرنا إلا فرار وخروج من الد ّ يار هروبا من الفتن ً والحروب الأهلية حين لا يأمن الن ّ اس على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم وإن (١) يقول المفتي العام لسلطنة عمان: ُ واشتد المشركون في الإيذاء والعدوان، بعد أن صمت آذانهم وقلوبهم عن إدراك آيات الله »البينات، فأذن ا لنبي ژ إلى أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرتين.. فرارا من إيذاء المشركين ً وعتوهم المرير وطغيانهم الظالم، وطفق بعض المسلمين يتسلل سرا إلى المدينة للابتعاد ًّ الشيخ أحمد بن « عن الأليم الشديد من إيذاء الذين طبع الله على قلوبهم، فهم لا يعقلون حمد الخليلي: السيرة النبوية الشريفة، إعداد التوجيه المعنوي والعلاقات العامة، رئاسة أركان قوات السلطان المسلحة، سلطنة عمان، ١٤٢٣ ه ٢٠٠٢ م، ص ٦ ُ - .٧ في بلد مسلم ولكنه لا يطبق حكم الله ولا يتقيد بحدوده. وكم عانت بلادنا « الجزائر من هذه الظاهرة ولا تزال(١) . وقد ترتب على ممارسة حق الملجأ إلى الحبشة في زمان ا لنبي ژ قواعد ثلاثة هي المستقرة الآن في القانون الدولي للملجأ: ١ الغرض من الملجأ: تحقيق الأمان للاجئين، فقد قالت أم سلمة  « أمنا على ديننا » : (وكانت من المهاجرين) إننا في الحبشة(٢) . ﺐﺒــﺳ :ﺄﺠﻠﻤﻟﺍ ﻉﻮﻗﻭ ﺩﺎﻬﻄﺿﺍ ﻰﻠﻋ ﻦﻴﺌﺟﻼﻟﺍ ﻢــﻬﻌﻓﺪﻳ ﻰﻟﺇ ،ﺓﺮﺠﻬﻟﺍ ﺍﺬﻫﻭ ﻮﻫ ﻱﺬﻟﺍ ﻖﻘﺤﺗ ﺐﺒــﺴﺑ ﺔﻳﺫﺃ ﺶﻳﺮﻗ ﻦﻴﻤﻠــﺴﻤﻠﻟ ﺭﺎﺷﺄﻓ ﻢﻬﻴﻠﻋﻲﺒﻨﻟﺍ ﮊ .ﺓﺮﺠﻬﻟﺎﺑ ٢ ـ ﻡﺪﻋ ﺯﺍﻮﺟ ﻢﻴﻠــﺴﺗ ﺊﺟﻼﻟﺍ ﺍﺫﺇ ﻥﺎﻛ ﻚﻟﺫ ﻪﺿﺮﻌﻳ ﺩﺎﻬﻄﺿﻼﻟ ﻲﻓ ﺪﻠﺒﻟﺍً ﺎ ﻰﻟﺇ ﻲﺷﺎﺠﻨﻟﺍ ﻱﺬﻟﺍ ﺐﻠﻄﻳ :ﻪﻤﻴﻠﺴﺗ ﺪﻘﻓ ﺖﻠــﺳﺭﺃ ﺶﻳﺮﻗ ﺎﻳﺍﺪﻫﻔﺤﺗﻭ ﻊــﻣ ﺪﺒﻋﷲﺍ ﻦﺑ ﻲــﺑﺃ ﺔﻌﻴﺑﺭﻭﺮﻤﻋﻭ ﻦــﺑ ﺹﺎﻌﻟﺍ ﺎﺒﻠﻄﻴﻟ ﻪﻨﻣ ﻢﻴﻠــﺴﺗ ٣ ـ المسلمين إليهما، فقال ا لنجاشي: (١) الشيخ محمد كعباش: نفحات الرحمن في رياض القرآن، جمعية النهضة، العطف ٰ الجزائر، ١٤٢٧ ه ٢٠٠٦ م، ج ٣، ص ٢٩٦ -.٢٩٧ وبخصوص قوله تعالى: ﴿ !" &%$# ' *)( ,+ -3210/. ﴾ [ [الأنفال: ٢٦ ، يقول: فما أروع هذا التذكير في أسلوب التربية الحكيمة، وما أحوج الإنسان إليه عندما تنتابه »العوارض الملهية، أو تبطره النعم المنسية، وإن كان الخطاب في هذه الآية الكريمة موجها ً إلى الجماعة المسلمة بعنصريها الأساسيين من المهاجرين والأنصار، فإن ا لت ّ وجيه فيها عام للمؤمنين لا يختص بقوم دون قوم ولا بزمان أو مكان... والإيواء هو ما وجده المهاجرون من الأمن والاستقرار في كنف إخوانهم الأنصار بالمدينة المنورة، كما مدحهم الله في آخر ذات المرجع، ج ٥، ص ٣١٨ ) « هذه السورة بأنهم آووا ونصروا -.(٣١٩ (٢) . سيرة ابن هشام، ج ١، ص ٣٥٨ ؛ ابن عبد البر: الدرر في اختصار المغازي والسير، ص ١٣٤ لا والله لا أسلمهم إليهما، ولا يكاد قوم جاوروني ونزلوا بلادي » ُ واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذا في أمرهم، فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما، ورددتهم إلى قومهم، وإن كانوا غير « ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني (١) . وبعد أن استمع النجاشي من المسلمين وعرف صدق دعواهم رفض مطلب مبعوثي قريش. وقد قال النجاشي لمبعوثي قريش: لو أعطيتموني... جبلا » ً من ذهب ما أسلمتهم إليكما ثم أمر فرد ّ ت ُ « عليهم هداياهما ورجعا مقبوضين(٢) . وبخصوص قوله تعالى: ﴿ YXWVUTSRQP jihgfedcba`_^]\[Z wvutsrqp❁ nmlk ~}❁ {zyx ے §¦¥¤£¢¡¨﴾ [النساء: ٩٧ - [٩٩ وتارك الهجرة مشرك ولو أسلم على الصحيح، » : ، يقول أطفيش وقيل: فاسق، والآية دليل على وجوب الهجرة من موضع لا يصل فيه الإنسان ِ  إلى إقامة دينه، وهذا مم « وجوب الهجرة، وتجب الهجرة قيل من أرض ا لوباء (٣) ا لا ينسخ، ويندب أن يهاجر ولو أقام دينه بعد نسخ . (١) . سيرة ابن هشام، ج ١، ص ٣٥٩ ؛ وابن عبد البر، مرجع سابق، ص ١٣٧ (٢) سيرة ابن هشام، ج ١، ص ٣٦٢ ؛ ابن قيم الجوزية: زاد المعاد في هدي خير العباد، دار . الكتاب العربي، بيروت، ج ٢، ص ٦٤ (٣) وانظر في قوله تعالى: » : أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٣١٥ ، كذلك يقول السالمي ﴿ P XWVUTSRQ﴾ ... إلى آخر الآية فإن الله تعالى لم يجعل لهم عذر ً ا فيما اعتذروا به بل قالت لهم الملائكة: ﴿ gfedcba﴾ لا يقال إن هذه الآية نزلت في الهجرة وإنها كانت فريضة ثم نسخت لأنا نقول إن حكمها باق = تجدر الإشارة في النهاية إلى الأمور ا لآتية: ١ إن الانتقال من إقليم إلى إقليم قد لا يكون بمعنى الهجرة المساوية للجوء، وإنما لتحقيق أغراض أخرى: كالدعوة إلى دين الله، أو التجارة أو « غيرها (١) . ٢ إن الاضطرار إلى الهجرة أو حتميتها يتوقف على الأحوال السائدة في الإقليم المراد مغادرته، فقد يختار الشخص رغم تعرضه للمضايقات إلى البقاء في الإقليم الذي يسكنه ولا يغادره إلى إقليم آخر إن كان ذلك لا يؤثر بطريقة جوهرية على ممارسته لحقوقه، أو لوجود أسباب تمنعه من المغادرة (لضعف أو مرض مثلا ً ( دليل ذلك أنه في عهد النبي ژ كان لا يزال في مكة مستضعفون من الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿ ! #" /.-,+*)('&%$ >=<;:9876543210 ?﴾ [ [النساء: ٧٥ ، وقال: ﴿ YXWVUTSRQP jihgfedcba`_^]\[Z = جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، .« فيما كان وجوبه باقيا كالهجرة في أول الأمر ً ج ٥، ص ٣٦٣ - .٣٦٤ (١) لذلك تعليق ً ا على ما رواه أبو عبيدة عن جابر بن زيد قال سمعت جابر بن عبد الله يقول: بايع أعرابي رسول الله ژ وأصاب الأعرابي وعك بالمدينة فقال يا رسول الله أقلني بيعتي، فأبى له رسول الله ژ ، ثم جاءه ثانية وثالثة، فأبى له، فخرج الأعرابي فقال رسول الله ژ : « إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وتمسك طيبها » ظاهر الحديث ذم من » : ، قال ابن المنير خرج من المدينة، وهو مشكل فقد خرج جمع كثير من الصحابة وسكنوا غيرها من البلاد وكذا من بعدهم من الفضلاء! والجواب أن المذموم من خرج عنها كراهة فيها، أو رغبة عنها كما فعل الأعرابي المذكور، وأما المشار إليهم فإنما خرجوا لمقاصد صحيحة، كنشر العلم وفتح بلاد الشرك والمرابطة في الثغور وجهاد الأعداء، وهم مع ذلك مع اعتقاد حاشية الترتيب للشيخ ابن أبي ستة على ،« فضل المدينة وفضل سكناها... إلخ، والله أعلم .٣٠٣ ، الجامع الصحيح لمسند الربيع، ج ٢، المرجع السابق، ص ٢٩٩ wvutsrqp❁ nmlk ~}❁ {zyx ے §¦¥¤£¢¡¨﴾ [النساء: ٩٧ - [٩٩ ، فقد كان في مكة عدد كبير من المستضعفين من المسلمين لا يملكون حيلة يستطيعون بها الخروج من مكة ولا يهتدون سبيلا ً ، وقد وصفهم الله تعالى كذلك في قوله: ﴿ ;:9876 JIHGFEDCBA@?>=< ZYXWVUTSRQPONMLK _^]\[ `﴾ [ [الفتح: ٢٥ ، ويمكن أن يبقى المسلمون في أرضهم ولا يغادروها خصوصا في حالة احتلال دولتهم (١) ً . (١) وإذ » : يقول مصطفى شريفي ،« حكم الإقامة في دار استولى عليها الاحتلال » : تحت عنوان يدعو السالمي الناس إلى الصبر والتجلد أمام العدو، نجده من جهة أخرى يدعو إلى الهجرة من البلاد التي احتلها الكفار إذا فتنوا المسلمين، فقال: ولا يقال إن الهجرة منسوخة بعد الفتح، لأنا نقول: إنما نسخت لما قوي المسلمون، وأمنوا من الفتنة من إذا نزلت على بعض المسلمين حالة مثل حالة من » ا ة للمواجهة،   دينهم، واستطاعوا إظهار الإسلام، أم كان قبل الفتح من المسلمين وجب أن يعطوا حكم ذلك، لأن الفرار بالدين واجب في وبغض النظر عن الأدلة التي ساقها والتي تحتاج إلى مناقشة لا يسعها هذا ،«... كل زمان البحث فإن الدعوة إلى المقاومة والصبر والجهاد تبدو متناقضة مع الدعوة إلى الهجرة. أفكلما احتل الكفار أرضا للمسلمين وتغلبوا على أهلها هاجر منها المسلمون وتركوها ً للغاصبين؟ ماذا لو طبقت هذه الفتوى كل البلاد الإسلامية التي كانت محتلة؟ فكم ستبقى من أرض المسلمين؟ أليست هذه الهجرة نوع ً ا من الفرار من الزحف؟ أليس في هذا الفرار ذلة ومهانة واستكانة، مما ينعاه السالمي على المسلمين؟. الل ّ هم إلا أن يلتجئ ّ الفارون إلى من ينصرهم، لاستجماع القوى، وتكاتف الجهود، وإعداد العد .« للانقضاض على العدو بالضربة ا لقاصمة مصطفى بن محمد شريفي: الشيخ نور الدين السالمي، المطبعة العربية، ص ٣٤٤ والواقع أننا نرى أن رأي الإمام السالمي يتلخص في أمرين: - .٣٤٥ ١ إذا توافرت أحوال مشابهة لما كان قبل فتح مكة، حيث كان عدد المسلمين في كل ِ العالم قليلا ً جد ً ا، فالهجرة واجبة إذا وقع عليهم اضطهاد شديد يلجئهم إلى الخروج ُ = ٣ أن المسلم الذي يهاجر إلى بلد غير إسلامية يمكنه التجنس بجنسيتها بشروط حددها الفقه الإباضي(١) ، ومن المعلوم أن النبي ژ قال:  « لا هجرة بعد الفتح » :« أوجبها بعده كفر » ، لذلك يرى الفقه الإباضي أن من « كفر شرك لأن التواتر يفيد العلم، وقيل: كفر نفاق »(٢) . ثاني ً ا منح اللجوء الإقليمي بواسطة الأفراد (ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم):    الأصل أن منح الملجأ يكون لسلطات الدولة، إلا أن الإسلام قرر نظاما ً فريد ً ا هو السماح للأفراد العاديين بإعطاء الجوار أو اللجوء، يقول الرسول ژ : المسلمون تتكافأ دماؤهم، وأموالهم بينهم حرام، وهم يد على من » سواهم يسعى بذمتهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، ولا يقتل ذو عهد في عهده، ولا يقتل مسلم بكافر، ٍ « ولا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر(٣) . = من الإقليم المحتل، فهنا تكون الهجرة واجبة، ولا شك أن ذلك سيكون لاستجماع القوى لطرد القائمين بالاحتلال. ٢ إذا لم تتوافر أحوال مشابهة لما كان قبل فتح مكة، كما هو حال المسلمين الآن، والذين يتعدون المليار نسمة، فالهجرة لا تكون فرارا بالدين، وإلا أدى هذا إلى إفراغ ً الأقاليم الإسلامية إقليما تلو إقليم. ً (١) مناط الحكم في التجنيس، كما ورد عند الإباضية، هو العدل والجور؛ فمتى » : وهكذا قيل ّ كان العدل وأمن المرء دينه، كان جواز اتخاذ الجنسية، ومتى كان الجور، ولم يأمن المرء .« دينه، فالحكم هو ا لحرمة د. محمد موسى بابا عمي: التجنيس والهجرة بين التراث الإسلامي والواقع العلمي، ندوة الفقه الإسلامي في عالم متغير، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ُ ١٤٣٢ ه . ٢٠١١ م، ص ٧١٥ (٢) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٠٨ -.٥٠٩ (٣) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب ا لديات، وكذلك أحمد في مسنده. قال الربيع: تتكافأ دماؤهم: أي هم سواء في الدية والقتل، وهم يد على  من سواهم: أي هم أقوى وأفضل من غيرهم، يسعى بذمتهم أدناهم: أي إذا أعطى أدنى رجل من المسلمين العهد لزمهم، ويرد ّ عليهم أقصاهم، أي من رد العهد من المسلمين كان رادا. وقال جابر: إلا باتفاق الأمام أو جماعة أهل الفضل في ا لإسلام(١) .  وهكذا يمكن للفرد، ولو كان من أدنى المسلمين، أن يمنح الجوار أو اللجوء الذي يعني الأمان لمن يطلبه منه (مع مراعاة الشروط اللازمة  لذلك)(٢) ، ومن هذه الشروط التي  ،« عدلا » أكد عليها ا لإباضية أن يكون العهد ًّ (١) سعود الوهيبي: الجامع الصحيح، مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، مكتبة مسقط، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه . ١٩٩٤ م، ص ٤٣١ ُ وبخصوص ذات الحديث، قيل إن الكلام يكون على وجوه، منها السجع. ومنه قوله ژ : « المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم » . سلمة العوتبي الصحاري: كتاب الإبانة في اللغة العربية، وزارة التراث القومي والثقافة، ١٤٢٠ ه ، سلطنة عمان، ج ١ . ١٩٩٩ م، ص ٤٨ ُ (٢) بخصوص قوله: « يسعى بذمتهم أدناهم » : قال الربيع: أي إذا أعطى أدنى رجل من المسلمين العهد لزمهم، وقيل معناه أن أمانهم واحد، فإذا أمن الكافة واحد منهم حرم على غيره التعرض له، والمعنيان متقاربان، والذمة العهد لأنه يذم متعاطيها على إضاعتها، ومعنى يسعى بها أي يتولاها ويذهب بها ويجيء، والمعنى أن ذمة المسلمين سواء صدرت من ٌ واحد أو أكثر، شريف أو وضيع، فإذا أمن واحد من المسلمين كافر أو أعطاه ذمته لم يكن لأحد نقضه، فيستوي في ذلك الرجل والمرأة والحر والعبد، لأن المسلمين كنفس واحدة، وقيل لا أمان للعبد إلا إن قاتل، وقيل إذا أذن له سيده في القتال صح أمانه وإلا فلا. وأما الصبي والمجنون فلا أمان لهما بلا خلاف، وقيل بالفرق بين الصبي المميز وغيره ّ والمراهق وغيره، فجعلوا محل الإجماع في غير المميز، لأن مدار هذا الأمر على العقد إن غزا الذمي مع المسلمين » : والإسلام، وليس للكافر على المؤمنين ذمة، وقال الأوزاعي فأمن أحد ً ا فإن شاء الإمام أمضاه وإلا فليرده إلى مأمنه، وقيل يستثنى من الرجال الأسير ُّ .« في أرض الحرب فإنه لا ينفذ أمانه لأنه مقهور في يد ا لعدو إلا أن ا تجاه ً ا آخر يرى أن: = العهد أدنى رجل من المسلمين فهو جائز » يقول أبو الحواري: إنه إذا أعطى إذا كان العهد عدلا ً « ، يعقد عليهم ولهم(١) . ويقول ابن جعفر: ولا يحل قتل رجل قد أمنه رجل من المسلمين، لأن ذمتهم يجزى على »  ما أعطى أولهم عن آخرهم إذا كان عدلا ً ، فإن أمن رجل من المسلمين رجلا ً  قد لزمه شيء من الحكم لم يجز ذلك الأمان له، لأنه ليس لأحد أن يحكم « بخلاف حكم الله ولا يؤمن أحد على ترك حدود الله ا لواجبة(٢) .  وفي التاريخ الإسلامي أمثلة على إعطاء الجوار والأمان من الأفراد(٣) ، = أمر الأمان مطلق » ً ا إلى الإمام، فإن أجازه جاز وإن رده رد، وتأولوا ما ورد مما يخالف ُ ذلك على قضاياها خاصة وهو معنى قول جابر: إلا باتفاق الإمام أو جماعة أهل الفضل سعود الوهيبي: الجامع الصحيح، مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ ،« في الإسلام الوارجلاني، المرجع السابق، ص ٤٣٤ . راجع أيض ً ا حاشية الترتيب للعلا ّ مة ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، ج ٤، ص ٢٦ -.٢٧ (١) أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، . ج ٢، ص ٧٥(٢) ١٤٣١ ه ، ابن جعفر: الجامع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٨ ٢٠١٠ م، ُ ص ٢٦ ؛ راجع أيض ً . ا الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٦٧(٣) فمن أعطى من المسلمين العهد، فهو جائز إذا كان العهد عدلا، » : يقول البسيوي ً ولا يجوز إذا لم يكن العهد عدلا ً ، وإن المسلمين يد على من سواهم، تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم، ألا ترى أن ا لنبي ژ لما أمنت زينب زوجها ا لربيع بن أبي العاص، أجاز ا لنبي ژ أمانها منها له، وكذلك لما أجاز العباس أبا سفيان؛ أجاز ذلك له ا لنبي ژ .« . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٦٨ لهذا فإن قوله ژ : ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم كل من أعطى منهم » : ، يعني أن أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ،« الأمان لحربي مضى عليهم كلهم . المرجع السابق، ج ٥، ص ١٦٨ انظر أيضا أمثلة أخرى كثيرة لمنح الجوار من الأفراد، د. أحمد أبو الوفا: حق اللجوء بين ً الشريعة الإسلامية والقانون الدولي، المرجع السابق، ص ٨٧ -.٩٤ وهو أمر يجب احترامه تطبيق ً ا لمبدأ الوفاء بالعهد، ومحافظة على الأمن القانوني، ولأنه: « وإذا حقرت الذمة أديل الكفار أي ردت إليهم ا لدولة »(١) . ثالث ً ا ابن ا لسبيل: في بعض الأحوال قد يغادر الشخص إقليما متجها إلى إقليم آخر، ًً ابن ا لسبيل » وتتقطع به السبل فيحتاج إلى أن يضفي عليه وضع .« اللاجئ كل مسلم منقطع عن أهله، ولم » وابن السبيل الذي يستحق الصدقة هو يكن معه مال يكفيه مؤونته إلى أهله، ولم يجد قرض ً ا، ولا تدين ً ا لماله، فيأخذ الزكاة ولو كان ذا مال في أهله، شرط أن يكون وصوله إلى ماله متعذرا، ويشترط الإباضية أن يكون سفره في غير معصية، وهو ما ذهب إليه ًّ « جمهور المالكية والشافعية والحنابلة(٢) . وعلى ذلك يحكم ابن السبيل القواعد الآتية في الفقه ا لإباضي: ١ أنه شخص لا يستطيع الاتصال بأهله أو الوصول إلى ماله لسفره في حج أو عمرة أو طلب علم أو غير ذلك من أنواع الطاعات، أو المباح، »قيل: أو في المعصية إن تاب نصوح ً « ا(٣) ، ولا شك أن هذا الشرط ينطبق على اللاجئ الذي يفر من بلده إلى بلد آخر خشية الاضطهاد أو القتل أو التعذيب، تارك ً ا وراءه كل ما يملك وكذلك أهله. (١) . البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٩، ص ٣١(٢) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٦٢ ّ (٣) ؛ أطفيش: تيسير التفسير، ج ٦، ص ٥٩ . الإمام السالمي: معارج الآمال، ج ٧، ص ٥٨٠ . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ١٠ ، ص ٣٥٢ ٢ أنه لا يشترط فيه أن يكون فقيرا، فهو يستحق نصيب ابن السبيل ً يستوي في تسمية ابن السبيل الغني » إذ ،« ولو كان غنيا في داره » حتى ً « والفقير، والحاضر والبادي(١) . يأكل مما هو لابن » كما يجوز للمسافر أن « السبيل، إن احتاج إليه ولو كان غنيا في بلده(٢) . ٣ أنه يجب ألا يكون انتقاله من بلد إلى آخر لغرض ارتكاب فعل غير مشروع، يقول ا لشماخي: ويجب حق ابن السبيل كائن » ً ا ما كان من الناس إلا من يسعى في معصية الله، مثل قطاع الطريق، وأهل الفتنة، ومن هجره المسلمون، والمرأة العاصية لزوجها، والعبد الآبق، وأشباههم، فلا يجب حق هؤلاء، ولا يطعمون،  ُ « ولا يسقون(٣) . ُ ويجب حق ابن السبيل على من جاز عليه كما يجب » : ويقول الجيطالي حق الضيف. وهذا إذا خرج من الأميال وانقطع عن أهله وماله ولم يجد من يسلفه، ولا من يبيع له، وأما من تردد في البلاد تردد البهائم في الصحاري والقفار متفرجا من كرب البطالة في البلاد المختلفة وليست له حاجة هو ً « قاصد إليها، فلا حق لهؤلاء في الضيافة ولا في أموال المساجد والأوقاف(٤) . علة ذلك أن المسافر في معصية لا يجوز أن تتم إعانته على ارتكابها(٥) ، وقد سبق القول أنه لا يجوز منح اللجوء للمجرمين. (١) . الإمام السالمي: معارج الآمال، ج ٧، ص ٥٨٠ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ١٠ ، ص ٣٥٢(٢) . الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦١٦(٣) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٤٢٥(٤) الجيطالي: قواعد الإسلام، ١ - ٢، مكتبة الاستقامة، ١٤٢٣ ه . ٢٠٠٣ م، ص ٥٩٢ (٥) الإمام السالمي: « في مال الله حق إذ لا يعان بها عاصي » فالمسافر في معصية الله ليس له . معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٥٨٠ ٤ من الفقهاء من يميز بين ابن السبيل والضيف، ومنهم من يعتبره ضيف ً هذا » ( ا، وقد أشار إلى ذلك القطب فقد قال (بخصوص ابن السبيل بخلاف الضيف فإن الضيف قد يكون في الأميال، وقد يكون معه مال، وقيل إن الضيف من خرج الأميال. فيلزم حقه من جاز عليه إن لم يكن كباغ، وقيل « ابن السبيل الضيف إن نزل فيجب الإحسان إليه ثلاثة أيام وفوقها صدقة(١) . ٥ وأما ابن » : أنه يمكن أن يعطي من الزكاة، لذلك جاء في بيان الشرع السبيل من قومنا إذا كان منقطعا فيعطي من الزكاة، لأن سبيل ابن السبيل ً « غير سبيل أهل ا لوطن(٢) . يقول الله تعالى: ﴿ vutsrq zyxw }|{ ~ ﮯ £¢¡ §¦¥¤ ¨© ﴾ [ [التوبة: ٦٠(٣) . (١) الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ مان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ج ٣، ص ٣٣٩ ؛ انظر أيض ً ا: أطفيش: الذهب . الخالص المنوه بالعلم القالص، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ص ٣١٧ ُ .« الضيف ينزل عليك أن تحسن إليه وتعرف حقه » : كذلك قيل أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، ج ١٤١١ ،١ ه في الآية ٤١ من « ابن السبيل » ١٩٩١ م، ص ٨٢ . وفي تفسيره لكلمة . ذات المرجع، ج ٢، ص ١٣٩ « الضيف النازل عليكم » سورة الأنفال يقول إنها تعني(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ١٩ ، ص ١٣٧(٣) يقول أطفيش: بخصوص هذه ا لآية: لأن الأولين استحقوها لذواتهم « في » وكانت الأربعة الأولى باللام والأخرى ب »الموصوفة، والآخرين استحقوها لجهة حاجتهم، فالرقبة لتقضي دين الكتابة أو لتحصل عقد الكتاب، والغارم ليقضي ما عليه، وابن السبيل ليصل بها لأهله، أو للإعلام بأنهم .« أحق فهي راسخة فيهم . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٦، ص ٥٨ ويقول أبو إسحاق: = رابع ً أو ا لإجباري: « غير الإرادي » ا اللجوء الاضطراري أو الأصل أنه لا يجوز إجبار إنسان على أن يغادر إقليم ما، إذا لم توجد  أسباب تقضي بعكس ذلك(١) . لكن قد تحدث أحوال يدخل فيها الشخص إلى إقليم دولة أخرى رغما ً عنه، ودون ما إرادة منه، كحدوث هيجان في البحر، أو زلازل أو فيضانات.  وقد بحث الفقه الإباضي هذه المسألة أيض ً ا، فقد جاء في بيان ا لشرع: وقلت: إن انحدروا إلى الأرض في موضع لا يعرف أحد » ً ا من الهند يسكن في ذلك مثل أطراف عمان هل يقتلون؟ فإنه لا يقتل إلا من عرف أنه ُ كان من أهل الحرب لأنه قد يمكن أن يكون أولئك من الذين يأمنون مع المسلمين كسروا أو تخلفوا أو ذهب مركبهم ومثل هذا. وقلت: فإن قال الهند الذين وجدوهم في ذلك الموضع إنهم ليسوا من البوارج. وأنهم قوم من المعاهدين فإن القول قولهم كان المسلمون قد علموا أنه قد كسر في ذلك الموضع سفينة أو لم يعلموا ذلك لأنه قد تكسر السفن = ويستحق ابن السبيل الصدقة بثلاث خصال: »أحدها أن يكون حرا. ً الثاني أن يكون مسلما. ً .« الثالث أن يكون منقطعا عن أهله من غير معصية، بلا مال بكيفية مؤونته إلى أهله ً الإمام إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، مكتبة مسقط، ١٤٣٢ ه . ٢٠١١ م، ص ٢٤٥ (١) بخصوص سؤال: هل يجوز للرجل أن يسعى مع الجبار أو أعوانه بطرد مؤمن من أوطانه؟ ومن فعل ذلك ما يلزمه وهل تقبل شهادته وهل تثبت ولايته إذا تعود شيئ ً ا من الكذب وغيبة ا لمؤمنين؟ يقول ا لسالمي: جميع ما ذكرته حرام لا تصح عليه الموالاة ولا تقبل معه الشهادة، لأنه إما فسق محض ».« وإما معصية تخل بالمروءة، وعلى فاعل شيء من ذلك ا لتوبة . جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٣٩٦ ولا يعلمون هم ذلك ويعرض عليهم أن يصلوا إلى إمام المسلمين ويدخلوا قراهم فإن لم يفعلوا ذلك لم يعرض لهم إلا أن ين َ ْق ُ ضوا العهد الذي اد ّ عوه بمحاربة أو قطع طريق. وقلت: إن لم يعلم أحد من المسلمين أن أحد ً ا من البوارج انحدر إلى ذلك الموضع ووجدوا هؤلاء السند، فإنه لا يكون من هؤلاء الهند محاربين إلا أن يعلم ذلك المسلمون فأما على الظن والتهمة فلا. وقلت: إن كانوا قد انحدروا وقد يجوز أن يكونوا ليس من القوم. فإن كانوا انحدروا من بوارج العدو وعرف ذلك المسلمون فالحكم فيهم واحد « في البر والبحر إن ا نحدروا(١) . معنى ما تقدم أن المسألة قيد البحث يحكمها: قاعدة: مؤداها أن من يدخل اضطراريا إلى سواحل الدولة الإسلامية ً بسبب راجع إلى هيجان البحر أو تكسر المركب، لا يجوز التعرض له.  استثناء: وفق ً ا له أن تلك القاعدة لا تطبق إذا كان الشخص من المحاربين التابعين لدولة في حرب مع المسلمين، أو كان من المعاهدين لكنه نقض العهد، أي أن حالة الحرب ونقض العهد مانعان من منح اللجوء ولو كانا ا(٢) اضطرار . ً (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٩١ -.١٩٢ (٢) بحث الفقه الإباضي كذلك مصير الأموال المملوكة لغير المسلمين والتي تأتي إلى ساحل البحر من مراكب تحطمت فيه، وقرر أنها في هذه الحالة تكون فيئ ً ا يكون لبيت مال المسلمين ما دام لم يؤخذ بقتال (فهو إذن لا يعتبر غنيمة) مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ = ?> IHGFEDCBA@ ﴾ [ [الحشر: ٦ ، يتضح ما قلناه من الرأي ا لآتي: مسألة: من جواب الشيخ الفقيه سليمان بن محمد بن مداد ا لنزوي » 5 : في الحربي المشرك، إذا انكسر وتفرق متاعه على ساحل البحر، أيكون حكم ماله غنيمة ويكون للذي = ُُ  ختاما، يمكن القول إنه بخصوص الحق في اللجوء للفقه الإباضي ً « معروف ومحترم » إسهاماته، فالجوار(١) . ٣ اللجوء ا لدبلوماسي: لم يتعرض الفقه الإباضي لهذا النوع من اللجوء، وهو الذي يتم في أماكن تتمتع بالحصانة: كدور البعثات الدبلوماسية أو القنصلية، ومقار المنظمات الدولية، والسفن الحربية ا لأجنبية.   = لفظ منه شيئ ً ا أن يخرج خ ُ مسه للإمام، والباقي له، أم هذا له حكم غير الغنيمة إذا انكسر ُ ٌُ في حمى الإمام أو غيره؟  الجواب: وإن كان هذا الحربي انكسر ماله بعد أن أقيمت عليه الحجة من المسلمين وصح أنه ماله، فهو عندي غنيمة، وإن كان هذا الحربي لم تقم عليه حجة من المسلمين ووجد ماله منكسرا في البحر، ولم يكن هو حاضر لتقام عليه الحجة، ً ٍ فليس هو بغنيمة عندي حتى تقام عليه الحجة من المسلمين، وبردها حينئذ يكون ماله غنيمة للمسلمين لأنه قد جاء في الأثر عن أهل العلم إذا لقي المسلمون أهل حربهم في بر أو بحر فليس لهم أن يقاتلوهم ويغنموا مالهم إلا أن يقيموا عليه الحجة ثانية، وكذلك أن غزوهم في بلادهم، وخرجوا منها منهزمين قبل إقامة الحجة ووقوع الجزية بينهم، فليس للمسلمين أخذ مالهم من بلادهم ولا تكون الغنيمة إلا بعد إقامة .« الحجة، ووقوع ا لحرب الشيخ سالم المحياوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة الرحمن، وزارة التراث ٰ القومي والثقافة، سلطنة ع ُ مان، ١٤٠٨ ه ١٩٨٨ م، ج ١، ص ٣٣٧ ؛ انظر أيض ً ا: السيد ، مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤ ص ٢٣٦ -.٢٣٧ (١) الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٨ ، ص ٤٣٧ (قاله في تفسير الآية ٤ من سورة محمد). ådÉãdG åëѪdG ∫GƒeC’G áeôM »a ≥ëdG في الفقه الإباضي لا يجوز أخذ المال (١)إلا من حلال، ذلك أن الأصل الحرمة ولا يحله طول المدة ولو كثرت ولا تداول الأيدي ولو » : في المال  « تعددت (٢) . وقد أكد القرآن الكريم على حماية شديدة للأموال، يقول تعالى: ﴿ <;:9 = BA@?> GFEDC ﴾ [ [النساء: ٢٩ . ﴿ §¦¥¤ ¨ «ª© ¬ ﴾ [ [النساء: ٥ . ﴿ _^]\[ZYXWVUT `a ﴾ [ [النساء: ١٠ . ﴿ utsrqponmlk {zyxwv ﴾ [ [البقرة: ١٨٨ . ﴿ } ~ ﮯ ¥¤£¢¡ ﴾ [ [الإسراء: ٣٤ . كذلك من الثابت أنه ژ خطب الناس يوم النحر، فقال: يا أيها ا لناس » (١) التناول للشيء وهو إما حرام كأخذ الأموال غصبا من غير حلها أو واجب » الأخذ هو ً كأخذها من حلها بالكسب الحلال أو لتنجية نفسه أو صاحبه أو دابته أو أخذها لتنجيتها لصاحبها من مهلكها أو متلفها أو غاصبها وإما مندوب كأخذها من المباحات كالمعادن .« والأشجار والقفار وما يتعارف به الناس فيما بينهم الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه . ١٩٨٤ م، ص ٥ ُ (٢) . ذات المرجع، ص ٨٨  أي يوم هذا، إلى أن قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ، إلى أن قال: لا ترجعوا بعدي كفار ً « ا يضرب بعضكم رقاب بعض(١) . ومن القواعد الفقهية ا لإباضية قاعدتان مهمتان(٢) : ّ .« الأصل في المال ا لتحريم » الأولى « كبيرتان إلى النار: الدم والمال » والثانية (٣) . يضاف إلى ما تقدم قاعدة ثالثة أكد عليها الفقه الإباضي، وهي قاعدة: « لا يضيع مال في ا لإسلام »(٤) . (١) . رواه مسلم برقم ١٢١٨(٢) ، انظر القاعدتين في معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٦١ ؛ ج ٢ ّ . ص ٨٦٩ فقالت طائفة » ، ومن المعروف وجود خلاف في الأموال هل الأصل فيها الحظر أو الإباحة من أهل الخلاف إن الأموال لا مباحة ولا محظورة. واختلف أصحاب هذا الرأي على قولين: قول لا يجوز تناول شيء منها حتى يقوم لنا دليل الإباحة، وقول يجوز لنا أن نتناول منها الشيء اليسير لنحيي به أرواحنا ونقيم به أجسادنا وندع باقيها. وقالت الفرقة الثانية: الأصل في الأموال الإباحة، وأن الله خلق لنا ما في الأرض جميعا إلا ً ما حرمه الله في كتابه. وقال الإباضية ووافقهم الكثير من المخالفين لهم: إن الأموال محظورة غير مباحة، وذلك ّ أنها مملوكة لمالك فليس أن نتعدى ذلك لغير إباحة وإطلاق. ومنها: قول البعض الأصل في الأشياء كلها الإباحة وأن الراكب لما لم يعلم سالم ولو .« ركب ما حرم الله بجهل فقد أباح ما حرم الله بالجهل ّّ . ذات المرجع، ج ٢، ص ٨٦٩ ؛ النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ٨(٣) يقول البسيوي إن الله 4 الظلم كله والأموال كلها، إلا من وجه ما اتفق عليه أنه » حرم ،« حرم الله ورسوله أكل جميع الأموال، قليل ذلك وكثيره بغير حق » كذلك فقد ،« حلال ، البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٤ ُ ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ص ٦٠ -.٦١ (٤) إذا خالف الحاكم الحق المجمع عليه فهو ضامن، وللمحكوم » : يقول د. مصطفى باجو .« عليه الرجوع على الحاكم أو المحكوم له لاقتضاء حقه وماله =  يقول ،« المقاصة في الأموال أو الحقوق » ولا يمانع الفقه الإباضي  السالمي:  أما صحة المقاصة فمبنية على التراضي في الأمور حيث لم يمنع » الشرع التراضي فيها وهو مأخوذ من قوله تعالى: ﴿ <;:9 = GFEDCBA@?> ﴾ [ [النساء: ٢٩ ، ففي الآية إيماء إلى صحة التراضي في الأموال إلا إن كان باطلا ً . وأيض ً ا فإن المقاصة إنما هي حط ّ شيء عن ذمة الغير لأجل حطه شيئ ً ا عن ذمته والحط من الجانبين جائز، ومن منع المقاصة رآها من بيع ا لدين بالدين ْْ وهو ممنوع شرع ً ا، قلنا ليس منه وإنما ذلك في د َين لك على زيد فتبيعه إلى ْ « عمرو(١) . رد الحكام المال » ومن القواعد الخاصة بالأموال عند الإباضية قاعدة ّ الذي تم أخذه  ظلما وعدوان ً .«؟ من أين لك هذا » : أو قاعدة « ا ً وتسري هذه القاعدة سواء بالنسبة للأموال الخاصة أو الأموال ا لعامة = ولكن إذا كان خطأ الحاكم مرفوع ً ا، بأن حكم حسب علمه، ولم يفرط، وأتلف بذلك مالا ً ، فإنه لا يضمنه، ولكن لا يضيع المال في أحكام الإسلام، ويكون خطأ ذلك الحاكم في بيت مال الله، وعلى الإمام إن صدقه في ذلك وائتمنه على ذلك أن يؤدي عنه من بيت مال الله، فإن لم يكن بيت المال، كان بمنزلة قتل الخطأ ولكن لا تتحمله العاقلة، بل له أن يأخذ من الزكاة في ذلك ويغرم ولو كان غنيا. ً وهذا نظر سديد في رعاية حقوق الناس والحفاظ على أموالهم أن تهدر، ولو كان ذلك بمسوغ شرعي، فإن المال مصون لا يبيحه إلا رضا صاحبه كما نص عليه القرآن ﴿ 9 JI HG F E D C BA@ ? > =< ;: QPONMLK ﴾ [ [النساء: ٢٩ . د. مصطفى باجو: القواعد الفقهية عند الإمام الكدمي، ندوة القواعد الفقهية بين التأصيل والتطبيق، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ص ٣٠٥ -.٣٠٦ ُ (١) . جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٢٣ (أموال بيت ا لمال): ١ فبالنسبة للأموال الخاصة، أي المملوكة للأفراد، فإنه إذا ثبت أنها أخذت بظلم، فيجب ردها إليهم(١) . ٢ وبالنسبة لما يأخذونه من مال بيت المال بغير وجه حق فيجب رده لبيت المال(٢) ، كذلك يجب المحافظة على المال العام وأن يكون في يد أمينة(٣) . (١) سألت أبا المؤرج عن ملك غدا على رجل من المسلمين؛ أو من » : جاء في المدونة الكبرى أهل الذمة؛ فأخذ منه مالا ً ظلما، ثم أديل على ذلك الملك، كيف يصنع فيه؟ قال: ينظر أين ً وضع ذلك المال، فإن كان دخل بيت المال أو قامت على ذلك بينة، رد ّ على المظلوم ما ظلم ُّ له من بيت مال المسلمين، وإن لم تقم البينة أنه دخل بيت مال المسلمين جعل ذلك في مال المطلوب بالغ ً ا ما بلغ، فإن ا دعى أنه دخل بيت المال لم يصدق، ولم يؤخذ من بيت المال ُّ أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٩٦ .« شيء إلا ببينة -.٢٩٧ (٢) جاء ،« ما أحدث العمال وما نحل الملوك أو أولادهم وما أصابوا وهم خلفاء » تحت باب في المدونة ا لكبرى: قلت: فالرجل يستعمل وليس له شيء ثم نزع فظهر له مال كثير، ما يصنع في ذلك المال، »أيقر في يده، أم يؤخذ منه؟ قال أبو المؤرج: الجواب في هذه المسألة مثل الجواب في الأولى. ّ قال: وكذلك قال ابن عبد العزيز، إن عرف أنه من مال المسلمين أخذ منه، وإن يعرف من أين هو ترك في يده، فإن أصابه بحلال فهو أولى به، وإن أصابه بحرام فهو أشقى به، ولا ينبغي لأحد أن يأخذ منه إلا إن عرف أنه من مال المسلمين أخذ منه وطرح في بيت ا لمال. سألت أبا المؤرج عن العامل يعمل ولا يعلم له مال، ثم نزع فظهر له مال، ما القول فيما ظهر في يده؟ قال: فقال لي: القول في هذه المسألة يكفيك الجواب فيما كان قبلها. قال: وقال عبد الله بن عبد العزيز: إن عرف ّ شيء مما في يده أنه من مال الله أخذ منه، وإن عرف أنه لأحد من المسلمين، أو لأهل ذمتهم أخذه منهم، أخذ منه صاغرا، فسيرد إلى من ً هو له، وإن أقام عليه رجل من المسلمين البينة أو من أهل ذمتهم أنه له أخذه منه ظلما ً ُ ظلمه إياه، أخذ منه ذلك أو قيمته فيعطى للمظلوم، وإن كان ذلك الذي في يده لا يعرف ُ َُ من أين هو، ت ُ ذات المرجع، ص ٢٩٤ « رك في يده حتى يحاسبه الله به ويسأله عنه -.٢٩٥ انظر أيض ً ا الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٤٤ - ٣٤٥ ؛ وبخصوص أموال الجبابرة راجع النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٣٠٧ -.٣١٠ (٣) فقد جاء أيض ً إن الوالي إذا كان » : ا ضمن سيرة محمد بن محبوب إلى أهل حضر موت =  معنى ما تقدم أن الأموال التي اكتسبها الحاكم بطريقة مشروعة تظل له ولورثته من بعده (١) . = ليس له ضبط على الجباية لمال المسلمين، من الصدقة وغيرها ولا يخصف لها، ولا الرعاية لحفظها ولا التسعير لها، ولا الشفقة على نفسه من إضاعتها، ولم يتورع منها، ولم يتنزه عنها، وله اجتراء على إنفاقها دون رأي المسلمين وإمامهم، لم يجز أن يولي أمرها والتمكين منها، ولو كان قد تقدم له ولاية عدالة، لأن مال المسلمين لا يولي عليه إلا من يحفظه ويصونه، ويجتهد على التوفير، وقد كان النبي ژ لا يولي على مثل هذا النزوي: « الكل من أصحابه، وقد كان فيهم الأفاضل ويولي من هو دونهم لهذا المعنى . المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ١٧٤ ولما حضر عمر بن عبد العزيز الوفاة دخل عليه مسلمة بن عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين إنك قد فغرت أفواه ولدك من المال، فلو أوصيت بهم إلي وإلى نظرائي من ّ قومك فكفوك مؤونتهم. فلما سمع مقالته، قال: أجلسوني، فأجلسوه فقال: قد سمعت مقالتك يا مسلمة، أما قولك أني أفرغت أفواه ولدي من هذا المال فوالله ما ظلمتهم حق ً ا هو لهم، ولم أكن لأعطيهم شيئ ً ا هو لغيرهم. وأما ما قلت في الوصية فإن وصيي فيهم ﴿ *)('&%$# ﴾ [ [الأعراف: ١٩٦ ، وإنما ولد عمر بين أحد رجلين: إما رجل صالح فسيغنيه الله، وإما غير ذلك فلن أكون أول من أعانه بالمال على معصية الله، ادع لي بني: فأتوه فلما رآهم ترقرقت عيناه، وقال: بنفسي فتية تركتهم عالة لا شيء لهم وبكى. يا بني إني قد تركت لكم خيرا كثيرا، لا تمرون بأحد من المسلمين ًً وأهل ذمتهم إلا رأوا لكم حق ً ا. يا بني إني قد مثلت بين الأمرين، إما أن تستغنوا وأدخل النار، أو تفتقروا وأدخل الجنة، فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحب إلي، قوموا عصمكم الله، قوموا رزقكم الله. راجع ابن عبد الحكم: سيرة عمر بن عبد العزيز، مكتبة وهبة، القاهرة، ص ٩٧ -.٩٨ (١) وهكذا بخصوص الأموال التي وجدت في أيدي السلطان الجائر أيجوز للإمام العادل حوزها لبيت المال أم لا؟ يقول ا لصبحي: أما الأموال من الأصول التي توجد في أيدي الجائر من أهل القبلة ولم يصح غصبها » فحكمها لهم ولورثتهم من بعدهم. وأما ما صح غصبه منها وجهل ربه فجائز لإمام المسلمين 5 ورضيه قبضه وحوزه لعز .« دولة ا لمسلمين الصبحي: كتاب الجامع الكبير، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٧ ه ١٩٨٦ م، ج ٣، ص ١٧٢ -.١٧٣ ويجيز الفقه الإباضي أخذ أموال الناس دون رضاهم إذا حتمت الضرورة ذلك، كما إذا كان ذلك لازما لدفع ا لعدو (١) ً . ™HGôdG åëѪdG (Ió«≤©dG ájôM »a ≥ëdG) øjódG »a √GôcE’G ΩóY اعتناق أي دين يقوم أساسا على الاعتناق الحر الخالي من أي إكراه، ً وقد أكد ذلك قوله تعالى: ﴿ ÜÛÚÙØ×ÖÕÔÓÒÑ éèçæåäãâáàßÞÝ ëê﴾ [ [البقرة: ٢٥٦ . ونفي الإكراه في الآية يعني النهي عن كل صوره، قليلة أو كثيرة، يقول أطفيش: » ﴿ ÔÓÒÑ﴾ لا ت ُ كرهوا في الدين، فإن  ه خبر، بمعنى النهي، أو ليس من دين الله أن تكرهوا على الدخول فيه كالحبس والضرب أو ِ الإيجاع أو الإعراء حتى يسلم، أو لا يكره الله أحد ً ا على الدين، بل جعل ُْ  « الأمر ا ختياريا من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر (٢) . لذلك أكد سبحانه أنه ليس على رسوله ژ إلا البلاغ والتذكير: ﴿ ° ± ¶µ❁ ³² ¸﴾ [الغاشية: ٢١ - [٢٢ ، وأنه ليس له أن يلح ّ على (١) فقد جاء في كتاب لباب ا لآثار: وإذا خاف المسلمون من أمر عناهم واحتاجوا للسفن ليركبوا فيها وكسر أهلها أيجوز »أخذها من عند أهلها بالقهر وإن لم يستطيعوا وسلم إليهم كراء المثل وكذلك البحارة أيجوز جبرهم على ركوب البحر ويقطعوا المثل لأن السفن لا تقيم إلا بالتجارة. .« قال: جائز ذلك كله إذا احتجتم إلى ذلك ولم يستطيعوا دفع العدو إلا بذلك السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ١٦٨ - .١٦٩ (٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٢، ص ١٤٥   الناس بالإيمان به: ﴿ ,+*)( -﴾ [ [الشعراء: ٣ ، ﴿ 987 <;: FEDCBA@?>= ﴾ [ [يونس: ٩٩ . وقد أكد الفقه الإباضي على مبدأ عدم إجبار غير المسلمين على الدخول في ا لإسلام.  وأما العجم، من جميع أهل الشرك فإنهم لا يجبرون على » : يقول النزوي « الإسلام، ولكن من أسلم منهم قبل الظفر به، فهو مسلم حر(١) . ويقول بكير بن بلحاج: اتبع الإباضية في مسألة حرية الفكر والعقيدة سياسة مبدأ أهل القبلة » ّ أمة واحدة وإن اختلفت آراؤهم، إلا من حلل حراما أو حرم حلالا ً ، ولقد ًّ بقيت هذه السياسة متبعة مدة الحكم الإباضي سواء في الشرق أو ا لغرب. إن النظام الرستمي قد أتاح لأبنائه حريات ثلاثة كانت دعائم متينة للدولة وسبيلا ً لمساعدة جميع من سكنها وهي: حرية الفكر والمعتقد الإسلامي، حرية الاقتصاد، وحرية التقنين والتشريع السياسي والاجتماعي. في ضوء وحدة إسلامية متكاملة مطبقة لأحكام الله وما جاء في أحكام السياسة ا لشرعية. ومسايرة لهذه الدعائم الثلاثة فقد قصد هذا المجتمع عدة أجناس مختلفة وضمت عدة قوميات من بربر وعرب وفرس، وديانات أخرى سماوية كالنصرانية واليهودية، إلى جانب الاختلاف المذهبي بالنسبة « للمسلمين(٢) . (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٣٥ (٢)بكير بن بلحاج: الإمامة عند ا لإباضية بين النظرية والتطبيق، مقارنة مع أهل ا لسنة ّ والجماعة، المرجع السابق، ص ٢٦٥ -.٢٦٦ = الباب الثالث: حقوق ا لإنسان في الفقه الإباضي ٤١٣ وهناك أمثلة عملية كثيرة على رفض الإباضية الإكراه في الدين، ورد ّ كثير منها في بيان ا لشرع: من ذلك ما ذكره صاحب بيان ا لشرع: مسألة: أحسب عن أبي عبد الله وسألته عن أمير من الجبابرة عرض » على قوم من أهل الذمة الإسلام فأبوا أن يسلموا فقتلهم، ثم عرض على قوم من أهل الذمة آخرين فأسلموا، مخافة القتل فلما ظهر العدل قالوا: إنما كان  الجبار جبرنا على الإسلام فأسلمنا ونحن نرجع إلى ديننا ونعطي ا لجزية؟ قال: إذا أقاموا بينة أنهم عرض على غيرهم فلم يسلموا فقتلوا أو هؤلاء يرون ذلك فإن لهم أن يرجعوا إلى دينهم. « قلت: وإن كان ولد لهم أولاد على ذلك الجبر؟ قال: الله أعلم(١) . ومن ذلك عن نصراني دخل في دين اليهودية أو أشرك؟ فقال أبو الوليد: أي الملتين دخلت في دين صاحبتها لم يعرض لهم  = ويضيف أيض ً ا: أما سياسة ا لإباضية مع أهل الذمة فقد اتسمت بالطابع الشرعي، لهم ما للإباضية وعليهم » ّ ما عليهم، وهذا ما يستنتج من عهد الإمام ا لصلت بن مالك لغسان بن جليد حين بعثه وليس على الصبيان والشيخ » ، واليا على (رستاق عجار) منطقة في عمان وما جاء فيه ًُ .« الفاني وعلى الفقراء وعلى الزمناء وعلى النساء وعلى العبيد ولا على الإماء شيء وقد تمتع غير المسلمين بحرياتهم الأساسية، ويذكر الأستاذ عيسى الحريري والشيخ محمد علي ديوز أنه قد ساكن ا لإباضية أقوام من البيزنطيين والقرطاجيين والرومان ثم ّ المسيحيون واليهود والسودانيون، وكان منهم القيم ومنهم المتعلم أو المتعامل اقتصاديا ً كاليهود والنصارى، وقد دخل هؤلاء الغرب مع الجيوش الإسلامية لإخماد ثورات البربر فاستقروا هناك، ولم يمنعوا من التعامل إلا في ما حرم الله من جلب البضائع المحرمة كالخمر والخنزير، ونتيجة لسياسة التسامح، فقد وجد بعض المسيحيين مكانة خاصة لهم ذات المرجع، ص ٢٦٩ « لدى بعض الأئمة الرستميين كأبي بكر بن أفلح -.٢٧٠ (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٢٩ ، ص ١٠٥ -.١٠٦ المسلمون، وأما الذي خرج من دين أهل الكتاب إلى دين أهل الأصنام فلم نحفظ شيئ ً ا ولكنا رأينا أن لا يترك ولا كرامة له(١) . ومن ذلك عن أبي عبد الله عن اليهودية التي قالت أنا بريئة من ديني داخلة في الإسلام فقلنا لها دخلت في الإسلام؟ قالت: نعم. قلت ويلزمها الإسلام؟ قال: نعم. قال أبو مروان: لا أرى يلزمها القتل بهذا القول إن رجعت عنه حتى تقر بجملة الوظائف، والوظائف شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد ً ا رسول الله وأن ما جاء به محمد حق من عند ا لله(٢) . ّ ويقول السالمي إن الفقه الإباضي يذهب إلى أن النصرانية التي تكون ّ تحت المسلم تجبر على الاغتسال من الحيض إذا طلب منها زوجها ذلك، لأنها قد: (١) . ذات المرجع، ص ١٠٦ (٢) . ذات المرجع، ص ١١٠ كذلك قيل عن الإمام الصلت بن مالك قال: وصل كتاب من والي صحار إلى الإمام عبد الملك بن حميد يذكر فيه أن يهوديين اقتتلا بالساحل فقال واحد منهم: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد ً ا رسول الله فقال: أعينوا أخاكم المسلم، ثم أخذ القائل بهذا وأنكر المقالة ولم يقر بالإسلام فجمع الإمام عبد الملك بن حميد الأشياخ فأرادوا أن يجيبوا فيه جوابا كأنهم يرون أن ذلك يلزمه ثم كتبوا إلى موسى بن علي 5 يستشيرونه في أمر ً ِ اليهودي، فكتب إليهم موسى بن علي أن يشد على اليهودي ويهدد بالقتل فإن أسلم ق ُبل منه وإلا فلا قتل عليه. وقال أبو عبد الله 5 إنما لم يلزمه القتل لأنه لم يقر بجملة الإسلام لأن القول الذي يلزمه به الإسلام ويجب عليه القتل في تركه إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد ً ا رسول الله وأن جميع ما جاء به محمد حق ً ا من عند الله، فهذا الذي يدخل به في ّ الإسلام ويخرج به من الشرك، وكذلك عندنا الذي يريد أن يدخل في الإسلام من المشركين عند أحد من المسلمين يغتسل ويتطهر ويقول هذه المقالة وقد دخل في الإسلام ثم يؤمر بالختان وتعلم الفرائض (ذات المرجع، ص ١٠٩ -.(١١٠ امتنعت عن أداء حقه، فالجبر إنما من جهة ا لحكم لا من جهة التعبد؛ » ُ لأنها تقر على دينها، ولا تجبر على دين المسلمين؛ لقوله تعالى: ﴿ ÒÑ ÚÙØ×ÖÕÔÓ﴾ [ [البقرة: ٢٥٦ (١) . ¢ùeÉîdG åëѪdG ájó°ùédG áeÓ°ùdGh IÉ«ëdG »a ≥ëdG هذا الحق من أعظم وأهم حقوق الإنسان في الإسلام، فهو القطب الذي تدور حوله معظم حقوقه، بل هو عمود هذه الحقوق وذروة سنامها. وقد أكد الفقه الإباضي على هذا الحق كمبدأ عام، وبين القواعد التي ّ تحكمه. :ΩÉ©dG CGóѪdG ( CG أكد القرآن الكريم في مواضع كثيرة على عدم الاعتداء غير المشروع على حياة الإنسان أو سلامته الجسدية، من ذلك قوله تعالى: ﴿ ³ ¶µ´ ¸﴾ [ [الأنعام: ١٥١ . ﴿ KJI (٢) QPONM❁ VUTS ^ ] \ [Z Y X W _ ` ﴾ [النساء: ٢٩ - [٣٠ . (١) الإمام السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٥٠(٢) يقول أطفيش: » ﴿ KJI ﴾ [ [النساء: ٢٩لا تردوا أنفسكم بقتل وما دونه، - .٤٥١ وبالمضرة الأخروية، كالإشراك، فالآية من عموم المجاز للخروج عن الجمع بين الحقيقة والمجاز، وأيض ً ا لا يقتل الإنسان نفسه ولا نفس غيره من النفس المحرمة بذلك المعنى . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٢٠٢ ،« العام، فشملت الآية من قتل نفسه ويفترض المساس بالسلامة الجسدية إحداث ألم بالإنسان، لذلك فإن قال لها أنت طالق = ﴿ !" &%$# '( ﴾ [ [النساء: ٩٢ . ﴿ ÎÍÌËÊÉÈÇ ﴾ [ [الأنعام: ١٥١ . ﴿ !" &%$# ' ,+*)( 543210/. ﴾ [ [المائدة: ٣٢ . ﴿ kjihgfedc rqponml ﴾ [ [النساء: ٩٣ . وأكدت السنة النبوية كذلك على ضرورة احترام الحق في الحياة   والسلامة الجسدية، من ذلك قوله ژ : « أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في ا لدماء »(١) . « كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه »(٢) . = إن لم أضرب فلان ً ا فضربه وهو ميت ففي الأثر عن أصحابنا أنه لا يحنث، والنظر يوجب أن ضرب الأموات من بني آدم وغيرهم ليس بضرب وأن حكم البشرية قد زال عنه عند الموت لأن أيمان الناس على عرفهم وعاداتهم وما يقصدوه به في أيمانهم أن الضرب .« لإدخال المكروه على المضروب والألم الذي يوجد مع الضرب والله أعلم الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٢٦ ، ص ١١٤ ؛ ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع . السابق، ج ٢، ص ١٦٩ (١) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٩٢ (٢) أخرجه من طريق أبي هريرة: مسلم في صحيحه، كتاب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره، حديث رقم ٢٥٦٤ ، ج ٤، ص ١٩٨٦ ؛ وأبو داود في سننه، باب في الغيبة، حديث رقم ٤٨٨٢ ، ج ٤، ص ٢٧٠ ؛ وابن ماجه في سننه، كتاب الفتن، باب حرمة دم المؤمن وماله، حديث رقم ٣٩٣٣ ، ج ٢، ص ١٢٩٨ ، ط: دار الفكر، بيروت، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي؛ والترمذي في سننه، كتاب ما جاء في صلة الرحم، باب ما جاء في شفقة المسلم على المسلم، حديث رقم ١٩٢٧ ، ج ٤، ص ٣٢٥ ؛ وأحمد في مسنده، . حديث رقم ٧٧١٣ ، ج ٢، ص ٢٧٧ ، وحديث رقم ٨٧٠٧ ، ج ٢ من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم، يتردى فيها خالد » ً ا مخلد ً ا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسم  اه في نار ً ه في يده يتحس ّّ جهنم خالد ً ا فيها أبد ً ا، ومن قتل نفسه بحديدة فهو يتوجأ بها في بطنه في « ا(١) نار جهنم خالد ً ا فيها أبد ً . إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم » « هذا، في بلدكم هذا(٢) . لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس »  « بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة (٣) .  ومن الأقوال المأثورة للفقه الإباضي بخصوص احترام الحق في الحياة والسلامة الجسدية، نذكر ما يلي: فقد جاء في المدونة ا لكبرى:  ولا ت » ُ .« ضرب ظهور المسلمين إلا على أمر بين واضح َّ وجاء فيها أيضا: ً وإياكم والدماء على الشبهات، فإن ترك الدماء على الشبهات خير من » سفكها على شبهة، ولم تستبن، وما فات المسلمين من ذلك، فالله أشد بأسا، ً «(٤) وأشد تنكيلا ً . وجاء في جامع ا لبسيوي: وقد حرم الله قتل النفس التي حرمها إلا بالحق، فدماء المسلمين » ّ (١) سبق تخريجه. (٢) . رواه مسلم، باب ما يباح به دم، رقم ٤٣٣١(٣) متفق عليه. (٤) .٣٤٩ ، أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٩٠ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٤١٨ والمعاهدين وأهل الذمة ومن دخل بأمان حرام، إلا من أحدث حدث ً ا أخذ به « وحكم عليه بحكمه(١) . ُ حرمة الناس مقدمة على حرمة الأزمنة » : ويقول الشيخ كعباش إن « والأمكنة(٢) . ومن العبارات المعروفة عن ا لإباضية: ّ « أن النفس تأبى ا لعطب »(٣) . (١) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٥٣ ويؤكد رأي آخر عند ا لإباضية: ّ ولإهراق الدماء بغير حق عواقبه الوخيمة في زرع الإحن والبغضاء بين الأفراد »والجماعات قد لا يعفي عليها الزمان، ولا ينسيها الصلح وأداء ا لد ّ يات؛ ولذا تكرر النهي ّ   عن القتل في القرآن الكريم وفي ا لسنة ا لمطهرة؛ لأن الإقدام على إتلاف نفس بشرية هو ّ .« إفساد لما أراده الله من صون النفوس البشرية، وقد خلقها لعمارة الأرض وإصلاحها محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٨، ص ٥٧ (قاله في معرض تفسيره ٰ للآية ٣٣ من سورة ا لإسراء). كذلك من جميل أقوال ا لإباضية قول عبد الله بن عبد العزيز: ّ فاتقوا الله في الدماء، ثم اتقوا الله في الدماء، لا تقربوها إلا بحلها، فإنكم إن توقعوا دما » ً حراما يحبط عملكم، ويبطل كدحكم، فالتثبت التثبت، وإياي والعجلة إلى الدماء، ً .« والسرعة إلى الإقدام عليها، إلا بأمر بين واضح ّ . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٣٢٢(٢) الشيخ محمد كعباس: نفحات الرحمن في رياض القرآن، ج ١، ص ٤١٤ (قاله في معرض ٰ تفسيره للآية ١٩٤ من سورة ا لبقرة). (٣) قيلت هذه العبارة حينما أراد الإمام سيف بن سلطان إيذاء واليه أحمد بن سعيد، فهرب منه ولم يستجب لدعواته إليه بالقدوم إليه، راجع ابن رزيق: الفتح المبين سيرة السادة البوسعيديين، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٣٩٧ ه . ١٩٧٧ م، ص ٣٣٤ ُ وقال أبو إسحاق إن القتل على ثلاثة أقسام:   أحدها ما لا يجب فيه إلا ا لدية، وذلك قتل ا لخطأ. الثاني ما يجب فيه القصاص حتما إن كان إماما، وإلا الدية: وذلك قتل ا لعمد. = ًً « كبيرتان إلى النار: الدم والمال » : وكان جابر بن زيد يقول(١) . :ájó°ùédG áeÓ°ùdGh IÉ«ëdG »a ≥ë∏d áªcÉëdG óYGƒ≤dG (Ü أكد الفقه الإباضي على قواعد احترام الحق في الحياة والسلامة الجسدية، يتضح ذلك مما يلي: ١ القواعد الفقهية الإباضية تؤكد على حماية الحق في الحياة ّ والسلامة الجسدية: ومن هذه ا لقواعد(٢) : .« دماء المسلمين وأموالهم محرمة لم يرخص فيهما إلا بخطأ ».« لا تستباح الدماء بما دون ا لكبائر ».« لا كفالة في حد ولا قصاص ».« من قدر على إحياء مضطر فلم يجبه حتى هلك فهو قاتل له » ٢ ضرورة احترام العهد الذي ينص على حماية الحق في الحياة والسلامة ا لجسدية: وعلى الإمام الوفاء بعهد الله وإمضاء الأحكام » فقد أكد الإباضية ّ  = الثالث ما الأولياء فيه بالخيار بين القتل والدية، وذلك شبه ا لعمد. وقال أبو إسحاق إن الجنايات فيما دون النفس على قسمين: أحدهما ما لا يجب فيه إلا الأرش (الدية)، وذلك جناية ا لخطأ. الثاني ما يجب فيه القصاص والأرش، وذلك جناية العمد وشبه العمد. الإمام إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، المرجع السابق، ص ٢٣٣ -.٢٣٤ (١) إبراهيم بو لرواح: موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، مكتبة مسقط، ١٤٢٧ ه ٢٠٠٦ م، ٣٣٨ . انظر أيض ، ج ١، ص ٢٢٩ ً ا حرمة دماء المسلمين، والرد على مستحلي دماء المسلمين المخالفين لهم، ذات المرجع، ص ٣٥٤ - ٣٥٥ . كذلك عن جابر عن ا لنبي ژ قال: من قتل » معاهد ً « ا لم يجد ريح الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة خمسمائة عام . ، ص ٣٧٩ (٢) ؛ راجع هذه القواعد في معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٤٦ ّ .١٤٠٦ ،١١٠٧ ، ج ٢، ص ١٠٤٤ على من قتل متعمد ً ا أو من له حرمة عنده من معاهد ومسلم وأهل  « جزية(١) . وجاء في جامع ابن جعفر ضرورة:  بذل المجهود في إحياء النفس المخوف عليها الهلاك المحرم قتلها من » جميع البشر من أهل الولاية أو من أهل الإقرار أو من العهد والذمة من أهل الشرك وجميع من يثبت له أمان من أهل الشرك فكل هؤلاء سواء ولا يجوز قتل شيء من هذه النفوس المحرمة عند هذه الحال اللازمة فإن لم يفعل ذلك بغير عذر يكون في الإسلام في جميع هذه الأنفس من البشر، ممن آمن منهم أو كفر، ما لم يكن في حال الحرب من أهل البغي من القبلة أو « أهل الحرب من ا لمشركين(٢) . (١) السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، تحقيق د. سيدة إسماعيل كاشف، وزارة التراث ُ والثقافة،  ج ١، سلطنة عمان، ١٤١٠ ه . ١٩٨٩ م، ج ١، ص ١٩٧ ُ والقول المذكور أعلاه هو تأكيد لقوله ژ : « ولا يقتل ذو عهد في عهده » : المراد بذي العهد من أعطاه المسلمون عهدا وذمة، فإنه لا يقتل في ذلك الحال حتى تنقضي مدة ًُ عهده أو ينقض ذلك بنفسه، فمن قتله في عهده لا يرح رائحة الجنة، والتقييد بقوله (في عهده) يخرج من كان له فانقضى وقته أو نكثه بنفسه فإنه يقتل في غير عهده. سعد الوهيبي: الجامع الصحيح لمسند الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، المرجع السابق، ص ٤٣٤ -.٤٣٥ (٢) الجامع لابن جعفر، المرجع السابق، ج ٥، ص ٣١٧ - ٣١٨ ، ويقول الشيخ علي يحيى معمر: إن الإباضية كغيرهم من المسلمين لا يستبيحون الدماء البشرية مطلق » ً ا، إلا إذا كان ذلك ّ بناء على حكم الله تبارك وتعالى، وعلى أمره لهم بذلك؛ إما لإقامة حد من حدوده، أو ّ لتأمين دعوة الناس إلى الإسلام وتعميم حكمه عليهم، وذلك في الجهاد في سبيل الله، أو في درء العدوان الواقع على المسلمين للقهر والتسلط، أو للسلب والنهب، أو كان ذلك علي يحيى « قياما لإسقاط حكم ظالم غاشم فاسد، وإقامة حكم إسلامي عادل مكانه ً . معمر: ا لإباضية بين الفرق الإسلامية، ص ٤٣٥ ّ ٣ عدم جواز الاعتداء على حياة ا لجنين: تعرض الفقه الإباضي لأمرين يتعلقان بهذه ا لمسألة: الأول المحافظة على حياة الجنين في حالة استحقاق أمر ا لقتل: هذا أمر أكد عليه الفقه الإباضي، يقول ا لبطاشي: وإن بغت حامل أو قطعت أو ارتدت أو منعت أو طعنت فلا تقتل حتى » « تضع جميع ما في بطنها(١) . والثاني تحريم الإجهاض دون داع: فمن جواب أبي الحواري وعن امرأة شربت دواء لتقطع الولد عن نفسها هل عليها بأس: فعلى ما وصفت فلا بأس عليها في ذلك كله إذا لم يكن هنالك حمل » « قد ظهر فإن شربته فطرحت نطفة أو علقة أو مضغة فعليها أرش ذلك كله(٢) . ْ ٤ تحريم القتل أو الاعتداء على السلامة الجسدية بالامتناع: إذا كان الأصل أن يكون الاعتداء على حياة الإنسان أو سلامته الجسدية بفعل إيجابي، فإن من المتصور أن يكون أيضا بفعل سلبي، ً وذلك إذا امتنع إنسان عن إغاثة إنسان على شفا الموت أو به جروح أو إصابات شديدة، مع قدرته على مساعدته (كأن وجده في الصحراء وقد نفذ ماؤه وطعامه، أو حبسه في مكان حتى مات، أو رآه يغرق في الماء فلم يحرك ساكن ً ا، أو امتنع الطبيب عن علاج مريض يجب علاجه فمات أو تضاعفت إصابته وجروحه). (١) . الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٩، ص ٩٩(٢) جامع أبو الحواري، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ُ . ج ١، ص ٣٤ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٤٢٢ والقاعدة في الفقه الإباضي أن: « من قدر على إحياء مضطر فلم يجبه حتى هلك فهو قاتل له »(١) . ولا شك أن ما قرره الفقه الإباضي بخصوص هذه المسألة يبرره مبدأ التضامن بين البشر بخصوص مصائب ا لدنيا(٢) .  ٥ تحريم القتل الرحيم أو قتل ا لشفقة: تجيز بعض القوانين والتشريعات في الدول غير الإسلامية قتل الرحمة أو قتل الشفقة Euthanasia ، وذلك إذا كان المريض ميؤوسا من شفائه، ويعاني ً آلاما شديدة لا يستطيع أن يتحملها، فيطلب إنهاء حياته شفقة ورحمة به. ً ولا يوافق الفقه الإباضي على ذلك، فالقاعدة فيه أن: « الإنسان لا يملك بدنه »(٣) . (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٤٠٦ ّ (٢) لذلك بخصوص قولهم إنه يلزم أهل الدار إن وجدوا مولود ً ا مطروح ً ا أن يربوه، فإن مات ُ بتضييع فعليهم الدية ما وجهه؟ وجهه أن دفع الضرر عن المسلم واجب على من قدر، وإن لهذا المولود حرمة الإسلام، ولو لم تكن فحرمة الآدمي ولا شك أن لبني آدم بل لسائر الحيوانات حرمة ً في دفع ِ الضرر عنهم حسب الإمكان ولكل في ذلك منزلته إلا من حرم منهم هذه الحرمة، ُُ ٍ كالمشرك والباغي والذئب والكلب العقور والحية والعقرب وكل مؤذ ومن أمر الشارع بقتله كالخنزير فإن هذه الأشياء لا حرمة لها. فإن ْ ترك الحيوان الذي له احترام حتى هلك ضيعة مع قدرته على نجاته أثم وضمن، لأنه مكلف بالنجاة فإذا لم يفعل وتركه للضياع شارك في قتله. وأهل الدار الملتقطون للوليد هم الذين لزمهم الخطاب في القيام بأمره فإن مات بتضييعهم فقد قتلوه، أي تسببوا لقتله و ﴿ ,+*) -3210/. A@?>=<;:987654 IHGFEDCB ﴾ [ [المائدة: ٣٢ ، راجع جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٢٤ -.٢٢٥ (٣) راجع القاعدة في معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣١٢ -.٣١٤ ّ وهو ما أكد عليه الإمام أطفيش في مباحث الدين بقوله إنه لو قال إنسان لآخر اقتلني وليس قتله حق ً ا له، أو اجرحني أو اقطع عضوي أو أفسد شيئ ً ا ٍ من جسدي وليس ذلك نفع ً ا له كطب ففعلت ْ ل َهل َك ْ ت ْ إجماع ً ا ولزمك َ الضمان على الصحيح إذ لا يملك الإنسان نفسه في مثل ذلك(١) . كذلك يقول ا لرستاقي: فإجماع الأمة: أن دم الغير غير مباح لغيره، ولو كان يحرم على المرء دم نفسه، دون دم غيره، ومباحا له دم غيره دون نفسه، لكان يحرم عليه ماله، ً ويباح له مال غيره، ولكن الله يخاطب العباد بما يعقلون. وأجمعت الأمة، وأطبق جل العلماء على تحريم دم الغير وماله. فأما الدم فلا يجوز لأحد أن يبيح أحد ً ا في دمه ونفسه، وتجوز إباحته له في ماله؛ لأن للرجل أن يزيد وينقص في ماله، ويتصرف فيه على ما يشاء، ويزيد من أبواب ا لطاعات. وأما دمه، فلا يحل له منه شيء. فكذلك لا تجوز إباحته فيه لغيره(٢) . ويمكن القول إنه في الإسلام لا رخصة للإنسان في قتل نفسه فقد قال تعالى: ﴿ KJI ﴾ فيكون ممنوع ً ا من باب أولى أن يسمح للغير بالإجهاز عليه(٣) . (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل، المرجع السابق، ج ٩، ص ١٣٠(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٦، ص ٦٤٤(٣) هناك خلاف في الفقه الإسلامي بخصوص ما إذا كان رضاء المجني عليه بالقتل أو إذنه به يؤدي إلى إباحة الفعل أم العكس، وهل يترتب على ذلك إسقاط العقوبة أم لا. ويرجع ذلك أساسًا إلى النظر إلى الرضاء أو الإذن باعتباره شبهة تدخل في عموم قوله ژ : « ادرؤوا الحدود بالشبهات » ، كذلك من المعلوم أن للمجني عليه وأوليائه حق العفو عن العقوبة الأصلية في الجناية على النفس وما دون النفس، فلهم أن يعفوا عن القصاص = كذلك أفتى سماحة المفتي العام لسلطنة ع ُ مان بحرمة القتل ا لرحيم(١) .  (٢) : ٦ حرمة دم المسلم ولو أسلم متعوذ ً ا = إلى ا لدية، أو يعفو عن القصاص والدية معا، راجع هذا الخلاف في عبد القادر عودة: ً التشريع الجنائي الإسلامي، ج ١، ط ١٩٨٤ ، ص ٤٤٠ - ٤٤٦ . وهناك اتجاه آخر يوجب القصاص لأن عصمة النفس مما لا يحتمل الإباحة بحال من الأحوال، وبه قال مالك وزفر وأحد القولين عن الشافعي (انظر الشيخ محمد أبو زهرة: الجريمة، دار الفكر العربي، القاهرة، ص ٥٥٥ -.(٥٥٨ (١) وهكذا بخصوص السؤال ا لآتي: ما حكم الشرع في ما يسمى بالموت الرحيم أن يوقع المريض على الرغبة في إنهاء »أجاب بما يلي: «؟ حياته الإنسان لا يملك حياته ولا حياة غيره من البشر حتى يتصرف بها، وإنما الحياة هي ملك »لله، وللعبد بلا شك حق في هذه الحياة أن يتنعم فيما هيأ الله تعالى له من الخيرات، ولكن لله تعالى حق أكبر، لأنه ملك الحياة، وحقه 4 أن ي ُ طاع، لذلك ما كان لأحد أن   يختار لنفسه الموت فينتحر، فالله تعالى يقول: ﴿ QPONMLKJI ❁ ^]\[ZYXWVUTS _ ` ﴾ ، وقتل الغير كذلك مما شدد فيه ﴿ ,+*) -3210/. 54 ﴾ ، ﴿ ÎÍÌËÊÉÈÇ ﴾ ، ﴿ edc rqponmlkjihgf ﴾ ، إلى آخر الأدلة الكثيرة المتضافرة على حرمة أن يقتل الإنسان نفسه أو غيره، إلا إن كان قتل .« الغير لحق مشروع من الله سبحانه ويضيف أيض ً ولا ينبغي للإنسان أن يتأفف مما ابتلاه الله به حتى يؤدي به هذا التأفف » : ا إلى أن يقضي على حياته، وكذلك بالنسبة للآخرين، وليس هناك قتل رحيم، فإن القتل هو قتل مهما كان، وإنما هنالك وسائل لتخفيف شدة المرض، ومن جملة الوسائل ما يمارسه الأطباء من إعطاء الحقن المهدئة، أو حتى المخدرة، وفي هذا ما يغني عن ما يسمى بالقتل الرحيم، ولا يمكن أن يفتح هذا الباب، أو أن يقال بإجازة القتل بسبب أنه .« رحمة كما يتصوره هؤلاء الذين يسمونه بالقتل ا لرحيم سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوي الطبية، إعداد رقية الجشمية، ص ٢٢ -.٢٣ (٢) أكد الفقه الإباضي على ذلك أيض ً ا، وهكذا جاء في بيان ا لشرع: = ٧ ضرورة إجراء سلطات الدولة التحقيق في كل ما يتعلق بالاعتداء على الحياة أو السلامة ا لجسدية: الغرض من ذلك هو ألا يترك دم الإنسان هدرا، وأن تعمل سلطات ً الدولة على اتخاذ كل ما يلزم الكشف عن ملابسات الاعتداء على حياة الإنسان أو سلامته الجسدية باعتبار ذلك من أولى وظائفها وواجباتها. ومما يروى في هذا الخصوص ما قاله رافع بن خديج: أصبح رجل من الأنصار بخيبر مقتولا ً ، فانطلق أولياؤه إلى النبي ژ فذكروا له ذلك، فقال: ألكم شاهدان على قتل صاحبكم؟ فقالوا: يا رسول الله؛ لم يكن ثم أحد من المسلمين، وإنما هم يهود يجترئون على أعظم من هذا. فقال: أتحلفون خمسين يمين ً ا قسامة؟ قالوا: يا رسول الله؛ كيف نحلف على ما لم نعلم؟ فقال رسول الله ژ : استحلفوا من اليهود خمسين قسامة . فاختاروا منهم خمسين فاستحلفوهم، فقال = ومن جامع ابن جعفر وقيل إن رجلا » ً في سرية وأنه انتهى إلى رجل من المشركين فلما ذهب ليطعنه برمحه قال إني مسلم إنني مسلم فطعنه فقتله وإنما رغب في متيع كان معه. فبلغنا أن ذلك بلغ ا لنبي ژ فدعا به فقال أقتلته بعد ما زعم أنه مسلم؟ قال والذي بعثك بالحق يا رسول الله ما قالها إلا متعوذ ً ا حين وجد حر السنان فأعاد ا لنبي ژ ثلاث مرات ويرد عليه الرجل مقالته الأولى فقال رسول الله ژ في الرابعة: فهلا شققت عن » « قلبه فنظرت إلى قلبه . قال: أو كنت أعلمه يا رسول الله قال: ويلك إنك لم تكن تعلمه إنما يبين عن قلبه لسانه. فبلغنا أن ذلك الرجل لم يلبث إلا يسيرا حتى مات فدفنوه فأصبح منبوذ ً ا ثم أعادوه ً فأصبح منبوذ ً ا فأمرهم النبي ژ أن ينطلقوا به بين جبلين من تلك الجبال، وبلغنا أن هؤلاء الآيات نزلت فيه ﴿ }|{zyxwvut ~ے ¡ °¯®¬«ª©¨§¦¥¤£¢ ³²± ´¶μ ﴾ [ [النساء: ٩٤ ، يعني كنتم مشركين، وأنزل الله ﴿ c qponmlkjihgfed r ﴾ [ [النساء: ٩٣ ، وقال ا لنبي ژ : أراد الله أن يجعل ذلك عبرة وموعظة يعلم بها حرمة » « دماء ا لمسلمين الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٩٣ -.٢٩٤ جماعة: كيف نأخذ أيمان قوم كفار. فو َ د َ اه النبي ژ من عنده عن اليهود بمائة من َُ  إبل الصدقة، لأنه وجد بين أظهرهم، وكره أن يهدر دمه(١) . ُ وقد أكد الفقه الإباضي أيض ً ا على ذلك، كما يلي: وإذا وجد قتيل في طريق المسلمين في فلاة من الأرض وهو غريب » من الغريب ولم يصح من قتله فإن للإمام البحث عن ذلك والسؤال ولا يهمل الأمر إهمالا ً فإن شهر معه على أحد شهرة لا يرتاب فيها من الثلاثة فصاعد ً ا أخذ المتهم وحبسه على قدر كان عنده إذا كان له بصر بذلك فإذا استعصى حبسه أطلقه، فإن أقر المتهم وهو في الحبس بقتل الرجل  فليس عليه ق َ ود ولكن عليه ا لدية إن ثبت على قوله وإن رجع فليس عليه َ شيء... فالإمام لا يلزمه إلا الجهدة والمبالغة للرعاية في الرعايا بلغ طوله بالحق ولا عليه أكثر من ذلك، وحساب القاتل على الله وعليه هو الحكم « بالظاهر ولله حكم الظاهر والسراير(٢) . إذا وجد قتيل بين ،« لا يطل (لا يهدر) دم في الإسلام » وبالتطبيق لقاعدة ا(٣) قوم، فالقسامة فيه عليهم جميع . ً (١) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٧٣(٢) السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه . ١٩٨٧ م، ص ١٨٢ ُ (٣) في هذا الخصوص، يؤكد الفقه ا لإباضي: وإذا وجد القتيل بين قوم ولا وارث له فإن الإمام يأخذ منهم القسامة ويقبض ديته »ويعطيها الفقراء أهل الولاية وهكذا دية المجهول وجاز أن لإعزاز دين الإسلام ومنافعه. وإن كانت قرية يسكنها مسلمون ومشركون فوجد قتيل فيها فقيل إن القسامة فيه على جميع السكان من مسلمين ومشركين سواء كان القتيل مسلما أو مشرك ً ا، وقيل إن كان مسلما فعلى ًً المسلمين أو مشرك ً .« ا فعلى ا لمشركين خلفان السمائلي: جلاء العمى، شرح ميمية الدماء، معهد القضاء الشرعي والوعظ والإرشاد، ١٤١١ ه . ١٩٩١ م، ص ٢٤٠ = ٨ عدم تنفيذ الأوامر الخاصة بالاعتداء على الحياة أو السلامة الجسدية إلا بحقها: علة ذلك جد واضحة: أن الاعتداء على الحياة خصوصا (وفي ً بعض الأحوال السلامة الجسدية للإنسان) لا يمكن الرجوع فيها أو إعادتها(١) . = ومعنى ط ُ سلمة العوتبي: الضياء، المرجع السابق، « إذا بطل فلا يثأر به » ل دم فلان . ج ١٥ ، ص ١٣٤ (١) وسألت أبا سعيد: عن الإمام العدل إذا أمر بقتل رجل، هل » : وهكذا جاء في بيان الشرع للمأمور أن يقتله بغير أن يسأله بما استحق من القتل من الإمام؟ أم عليه أن يسأله عن ذلك ولا يجوز له الإقدام على قتله إلا بعد ا لسؤال؟ قال: معي أنه إذا كان على وجه الحكم فقد قيل أنه مصدق، ما لم يصح كذبه. وقيل إن سأل المقتول النظر في أمره، لم يعجل عليه حتى يتبين من أمره ما لا شبهة فيه. وإن لم يكن ينكر ذلك، وكان على وجه الحكم قتل بأمر الإمام العادل على وجه الأحكام. فيرجى له أن قتله إن شاء الله السلامة، ما لم يصح ا لباطل. قلت له: فإذا سأل المأمور الذي قد حكم الإمام بقتله، فقال: لا ذنب لي، وطلب أن يصح الإمام البينة عليه بماذا استوجب القتل. هل له ذلك على الإمام فإن أعدم الإمام البينة زال .« عنه ا لقتل قال: معي إنه على قول من يجعل له ذلك إذا رفع ذلك إلى أعلام المسلمين، وإلى قوامهم وصار هو والإمام خصمين بمعنى ذلك. لم يكن بد من أن يصح عليه ما يد ّ عي عليه مما تذهب فيه نفسه، ما لم يقع الحكم عليه. وعلى قول من يجعله مصدق ً ا، ويجعل القول قول ا لإمام. فلا يعجبني أن يعجل عليه إذا صار بهذه المنزلة على حال، لأنها نفوس ولا ينبغي الإقدام عليها إلا بالصحة، وليس الإمام معصوما في السر والعلانية... ً إلا أنه في الأموال لا يعجبني أن يعارض ويوقف حكمه لأنه يدرك فيه الحجة بعد صحة »البينة، أنه حكم بالباطل أو بغير الحق. وينزع المال وينتقض الحكم. ويضمن ما تلف بسبب حكمه ولا تفوت فيه الأنفس، وإذا أتلفت الأنفس فليس فيها عوض فمن هاهنا .« افترق عندي المعنيان لما كان فيه الحكم في الأنفس والأموال الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٤٢١ -.٤٢٢ معنى ذلك أنه بخصوص الحق في الحياة والسلامة الجسدية يجب التحري والتبين والتأكد قبل الإقدام على ما يمس سلامة ا لإنسان(١) .  لذلك قال ابن عبد العزيز: فات » ّ قوا الله في الدماء، وعظموا أمرها، وتمكثوا، ولا تسرعوا إلى  إصابتها، فإن أمرها عند الله عظيم، فإنكم أن تتركوا دما قد أحله الله لكم خير ً من أن تهجموا على ما تشكون فيه، والإقدام على الدماء، بالشبهات حوب ٌُ عظيم، وبعد ٌ « من الله سحيق لمن انتهك ذلك واجترأ عليه(٢) . ُ   (١) في التاريخ الإسلامي تطبيقات عملية كثيرة، نكتفي منها بذكر ما يلي: فقد أراد الحجاج أن يمتحن عبد الله بن عمر بن الخطاب 3 ، في ولده سالم. وذلك أن الحجاج أتى برجل، فأمر سالم بن عبد الله ليضرب عنق الرجل، قال: فقام سالم فأخذ السيف، فأتى الرجل فقال له: هل صليت الغد الصبح؟ قال الرجل: نعم، فرجع سالم إلى الحجاج فقال له: سمعت من أبي هذا: أن رسول الله ژ قال: إذا صلى العبد المسلم صلاة الصبح فهو في ذمة الله وذمة رسوله، فلا ينبغي لأحد أن يحقر ذمة الله وذمة رسوله ، فقال له الحجاج: ضع السيف، فأمر بالرجل فضربت عنقه، فقال الحجاج لسالم: خذ برجل أو رجل وأخرجه على، فأخذ سالم برجل الرجل ثم قال: لأن آخذ برجلك يا أخي، أحب إلي من أن أضرب عنقك، فقام إليه أبوه عبد الله فقبل بين عينيه فقال له: ما سميتك ّ سالما إلا لتسلم. ً . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، ج ٢، ج ٣، ص ٨٢ ويروى أن رجلا ً في مصر في القرن الثامن الهجري تكلم بكلام ظاهره كفر فرفعوا أمره للقاضي المالكي وكان المالكية سراع ً ا إلى التكفير لأنهم لا يقبلون توبة الزنديق فحكم بقتله ولما حضر السلطان قال: هل بقي أحد من العلماء لم يحضر فقيل له جلال الدين المحلي، فلما حضر جلال الدين قال: ما شأن هذا الرجل، قالوا: تكلم بكلام ٍ موهم للكفر، فقال: من حكم بكفره فقام أحد العلماء فقال: كان والدي الشيخ البلقيني يفتي بكفر من تكلم بهذا الكلام، فقال الشيخ جلال الدين المحلي: تريد قتل مسلم يحب الله ورسوله بفتوى أبيك؟! ثم أمر بأن يخلوا سبيله ويفكوا قيوده فما استطاع أحد أن ينكر عليه 5 ! معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، المرجع السابق، ص ٢٦٤ -.٢٦٥ ّ (٢) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٣٢٣ = ٩ عزل الإمام الذي يعتدي على الحياة (أو الأموال) دون مسوغ شرعي: ذلك أن الحاكم وظيفته الأساسية حماية أرواح الناس وممتلكاتهم، فلا يجوز له أن يكون أول من ينتهكها ويعتدي عليها. لذلك قيل: قلت: فإن قتل رجلا » ً في مجلس الحكم فسئل عن ذلك فقال إنه قتله ُ بحق؟ قال: هو مصدق مطوق الفعل ما لم يخرج بفعله من تعارف العادة من الأئمة والحكام.  = في هذا الخصوص، توجد ،« دماء المسلمين لا تسفك بالأحلام » والقاعدة في الإسلام أن ما جرمي » : قصة معروفة: فقد هم المهدي بقتل شريك بن عبد الله، فقال له هذا الأخير الذي استحق به سفك الدم؟ فقال المهدي: يا ابن الفاعلة إني رأيت فيما يرى النائم كأنك تكلمني من قفاك، وتأويل هذه الرؤيا أنك تنظرني على خلاف، وتضمر ضد ما تظهر. فقال شريك: يا أمير المؤمنين إن رؤياك هذه ليست برؤيا يوسف الصديق ولا رؤيا الخليل إبراهيم 6 فأطرق المهدي ساعة، ثم قال: ،« ، وإن دماء المسلمين لا تسفك بالأحلام أغرب إلى لعنة الله، فخرج شريك ولحقه سعيد بن مسلم، فقال له: أحسنت، والله أنت، فما بقى على ظهرها مثلك. ، راجع الثعالبي: الاقتباس من القرآن الكريم، دار الوفاء، المنصورة، ج ٢ ١٤١٢ ه . ١٩٩٢ م، ص ٦٣ ومن الأقوال المشهورة أيض ً ا ما حدث في عهد المأمون، فقد طلب ا لفضل بن سهل من القاضي، بل وأمره المأمون أن يحكم للفضل على خصم شتم أم الفضل وأحضر شاهدين، ليس بمثل شهادة هذين تباح ظهور » : فلم يقبل القاضي شهادتيهما، وقال قولة مشهورة راجع الجهشياري: كتاب الوزراء والكتاب، المرجع السابق، ص ٣١٥ ) ،« المسلمين -.(٣١٦ ولا شك أن ذلك قابل للتطبيق على حالات أخرى كثيرة، إذ لا يجوز للحاكم إزهاق الأرواح لمجرد مخالفة شخص له في آرائه، أو لوجود تهمة غير ثابتة ضده، أو غير ذلك من ا لأمور. قلت: مثل ماذا؟ قال: أن يثب على أهل قرية بقتلهم أو يخرب ديارهم، وهم أبرياء في الظاهر لا يعلم منهم حدث ً ا يستحقون به، فهنالك لا يقبل منه « ويستتاب وإلا عزل وحورب (١) . ¢SOÉ°ùdG åëѪdG (¢SÉædG äGQƒY ™ÑàJ ΩóY) á°UÉîdG IÉ«ëdG áeôM »a ≥ëdG للإنسان الحق في احترام حياته الخاصة Right to Privacy: إذ لكل إنسان خصوصياته التي لا يرغب في إطلاع الغير عليها، وينطبق ذلك بالتأكيد على حياته الخاصة والتي تتعلق بأخص شؤون حياته. لذلك لم يغفل الإسلام النص على حمايتها، والأمثلة على ذلك كثيرة في القرآن الكريم، منها قوله تعالى: ﴿ [ZYXWVUTSRQPON ^]\﴾ [ [النور: ٣٠ . ﴿ ËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ '&%$#"!❁ ÓÒÑÐÏÎÍÌ 9876543210/.-,+*)( JIHGFEDCBA@?>=<;❁ LK ﴾[النور: ٢٧ - [٢٩ . ﴿ rqponmlkjihgfe }|{zyxwvuts~ے ¡ (١) السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، تحقيق د. سيدة إسماعيل كاشف، وزارة التراث ُ القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه . ١٩٨٦ م، ج ٢، ص ١٧٩ ُ ±°¯®¬«ª©¨§¦¥¤£¢ ÁÀ¿¾½¼»º¹¸¶μ´³² ÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂ Ò ﴾[ [الأحزاب: ٥٣ . ﴿ ! 0/.-,+*)('&%$#" A@?>=<;:987654321 CB﴾ [ [الحجرات: ١٢ . كذلك فقد قال النبي ژ لمعاوية: إنك إن تتبعت عورات الناس » « أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم (١) . يؤيد ذلك أيضا ما رواه عبد الرحمن بن عوف(٢) خرجت مع » : ، قال ًٰ عمر ƒ ليلة في المدينة فبينما نحن نمشي إذ ظهر لنا سراج فانطلقنا نؤمه فلما دنونا منه إذا باب مغلق على قوم لهم أصوات ولغط، فأخذ عمر بيدي وقال: أتدري بيت من هذا؟ قلت: لا. فقال: هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب فما ترى؟ قال أرى أنا قد أتينا ما نهانا الله عنه، قال الله تعالى: ﴿ . ﴾ « فرجع عمر وتركهم(٣) . (١)قال ژ : « إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم » ، يقول الطحاوي: فكأن الأمير إذا تتبع ما قد أمر الله بترك تتبعه امتثل الناس ذلك منه وكان في ذلك إفسادهم، (الطحاوي: .( مشكل الآثار، مجلس دائرة المعارف النظامية، حيدر آباد الركن، ١٣٣٣ ، ج ١، ص ٣١ (٢) ويقول السنامي إن ابن عوف قال: أرى أننا قد أتينا ما نهانا الله عنه لأنا تجسسنا واطل ّ عنا ّ على عورة قوم ستروا دوننا وما كان لنا أن نكشف ستر الله، فقال عمر: ما أراك إلا قد صدقت فانصرفا، راجع السنامي: نصاب الاحتساب، دار الوطن، الرياض، ١٤١٤ ه ١٩٩٣ م، ص ٣٣٩ : الخزاعي التلمساني: كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٤ ه ١٩٩٤ م، ص ٣٠٤ - .٣٠٥ (٣) إلى ما تقدم يمكن أن نضيف تلك القصة المشهورة عن عمر بن الخطاب 3: = وقد شدد الفقه الإباضي على عدم تتبع عورات الناس، أي تحريم « أدهى وأمر، وأقبح وأشر » التجسس عليهم، ذلك أن التجسس(١) ، كما أن: التجسس محجور مطلق » ً « ا في جميع الناس، البار منهم والفاجر(٢) . لذلك نهى القرآن الكريم عن التجسس على الناس، في قوله تعالى: = فقد أخرج أبو الشيخ عن السدي قال: خرج عمر بن الخطاب » 3 فإذا هو بضوء نار ومعه   عبد الله بن مسعود 3 فاتبع الضوء حتى دخل دارا فإذا بسراج في بيت، فدخل وذلك في ً جوف الليل فإذا شيخ جالس وبين يديه شراب وقنية تغنيه فلم يشعر حتى هجم عليه عمر، فقال عمر: ما رأيت كالليلة منظرا أقبح من شيخ ينتظر أجله فرفع رأسه إليه. فقال: ً بلى، يا أمير المؤمنين، ما صنعت أنت أقبح، تجسست وقد نهى عن التجسس، ودخلت بغير إذن؟ فقال عمر: صدقت ثم خرج عاضا على ثوبه يبكي وقال: ثكلت عمر أمه إن لم يغفر له ربه! يجد هذا كان يستخفي به من أهله، فيقول الآن رآني عمر فيتتابع فيه وهجر الشيخ مجلس عمر حين ً ا فبينا عمر بعد ذلك جالس إذا به قد جاء شبه المستخفي حتى جلس في أخريات الناس فرآه عمر فقال: علي بهذا الشيخ، فأتى فقيل له: أجب! فقام وهو يرى أن عمر سيسوؤه بما رأى منه، فقال عمر: ادن مني فما زال يدنيه حتى أجلسه بجنبه فالتقم أذنه فقال: أما والذي بعث محمد .«! فقال: أدن مني أذنك ً ا بالحق رسولا ً ما أخبرت ِ أحد ً ا من الناس، فقال: يا أمير المؤمنين! أدن مني أذنك! فالتقم أذنه فقال: ولا أنا والذي بعث محمد ً ا بالحق رسولا ً ! ما عدت إليه حتى جلست مجلسي هذا، فرفع عمر صوته يكبر فما يدري الناس من أي شيء يكبر. ويقول السنامي إن الرجل قال لعمر: إن كنت عصيت الله في واحدة، فقد عصيته أنت في ثلاث: تجسست وقد نهاك الله عن التجسس حيث قال: ﴿ -. ﴾ ، وتسورت وقد قال ّ الله: ﴿ «ª© ¬ ¯® ° ﴾ [ [البقرة: ١٨٩ إلى قوله: ﴿ ¶¸ º¹ ﴾ [ [البقرة: ١٨٩ ، ودخلت بغير إذن وسلام وقد قال الله تعالى: ﴿ ÆÅÄ ÍÌËÊÉÈÇ ﴾ [ [النور: ٢٧ . الإمام السنامي: نصاب الاحتساب، المرجع السابق، ص ٣٣٩ - ٣٤٠ ؛ الكاندهلوي: حياة الصحابة، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٠٥ -.٤٠٦ (١) الشيخ أبو سعيد الكدمي: الاستقامة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٥ ه . ١٩٨٥ م، ج ٢، ص ١٥١ (٢) . السعدي: قاموس الشريعة، المرجع السابق، ج ١٢ ، ص ٤٧ ﴿ -. ﴾ ] [ الحجرات: ١٢ لا تبحثوا عن عورات » : ، يقول أطفيش، أي  الناس، وتطلبوا أن تحسوها (بالحاء المهملة) أي: تدركوها بحاسة كالأذن، كما قرأ الحسن وغيره بها، وهما بمعنى، قيل: بالجيم تتبع الظواهر، وبالحاء تتبع البواطن، وقيل: بالجيم أن تبحث بغيرك، وبالمهملة بنفسك، وكل ذلك جائز هنا لغويا، والصحيح ما مر .« ً ولا يصح هنا ما قيل: بالجيم في الشر وبالمهملة في الخير، والظاهر جوازه(١) .  وفي البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن رسول الله ژ : إياكم والظن » فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تناجشوا  « ا(٢) ولا تحاسدوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوان ً . (١) التجسس والتحسس لفظتان معناهما » : أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٣ ، ص ٤٣٦ . وقد قيل واحد وهو البحث والتطلب لمعائب الناس ومساريهم إذا غابت واستترت لم يحل أن يسأل عنها ولا يكشف عن خبرها وذكر الثاني تأكيد ً ا من باب قولهم بعد ً ا وسحق ً .« ا أطفيش: الذهب الخالص المنوه بالعلم القالص، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ُ ص ٣٢٠ - . ٣٢١ ، ه ١ وقيل ولا تجسسوا معناه لا تبحثوا عن عيوب الناس ولا تتبعوا أخبارهم، والتحسس بالحاء طلب الخير ومنه قوله سبحانه: ﴿ !" &%$# ﴾ [ [يوسف: ٨٧ ، ويقال تجسست الخبر وتحسست بمعنى واحد (الإمام الخطابي: معالم .( السنن، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٢٣ وقيل هما بمعنى متقارب وهو البحث عن بواطن الأمور، وقيل: الأولى التي بالجيم: إذا تجسس بالخبر والقول والسؤال عن عورات الناس وأسرارهم أو ما يعتقدونه أو يقولونه فيه أو في غيره، والثانية التي بالحاء إذا تولى ذلك بنفسه وتسمعه بأذنه، وقيل الأولى بالجيم إذا طلبه لغيره، والثانية بالحاء إذا طلبه لنفسه، وقيل التجسس بالجيم في الشر، والتحسس بالحاء في الخير (الخزاعي التلمساني: كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان على عهد .( رسول الله ژ من الحرف والعمالات والصنائع الشرعية، المرجع السابق، ص ٤٦٥(٢) رواه البخاري في كتاب الأدب ( ٥٨ ) باب ﴿ !" &%$# ' ﴾ رقم = وقال ژ : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ها » « هنا، التقوى ها هنا يشير إلى صدره بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه »  المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وعرضه وماله، إن الله لا ينظر إلى « أجسادكم، ولا إلى صوركم وأعمالكم، لكن ينظر إلى قلوبكم(١) .  كذلك قال رسول الله ژ في خطبة: يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل » الإيمان قلبه، لا تتبعوا عورات المسلمين، فإن من تتبع عوراتهم فضحه الله « تعالى في قعر بيته(٢) . وقد أكد الفقه الإباضي على قاعدة مهمة، هي أن: .« التجسس أو تتبع عورات الناس محظور بالنسبة للمسلم ولغير ا لمسلم »« ولا نتجسس العورة » : ومن كلام ا لمختار بن عوف(٣) . وجاء في قاموس ا لشريعة:  التجسس محجور مطلق » ً « ا في جميع الناس، البار منهم والفاجر(٤) . أن يكون المنكر ظاهرا » : ويرى الفقه الإباضي أن من أركان الاحتساب ً من غير تجسس، لأن كل من ستر معصية في داره وأغلق بابه فلا يجوز أن يتجسس عليه، قال ا لله 4 : ﴿ -. ﴾ [ [الحجرات: ١٢ «(٥) . = ٦٠٦٦ ، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب ( ٩) باب تحريم الظن والتجسس... رقم ٢٥٦٣ . من حديث أبي هريرة. (١) ، رواه مسلم في كتاب البر والصلة ( ١٠ ) باب تحريم ظلم المسلم وخذله، رقم ٢٥٦٤ والترمذي في كتاب البر والصلة ( ١٨ ) باب ما جاء «... لا تحاسدوا » : وأول الحديث عنده في شفقة المسلم على المسلم، رقم ١٩٢٧ ، من حديث أبي هريرة. (٢) رواه البيهقي في كتاب الشهادات ( ٨٠ ) رقم ٢١١٦٤ من حديث أبي برزة. (٣) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٧٥(٤) . السعدي: قاموس الشريعة، المرجع السابق، ج ١٢ ، ص ٤٧(٥) . الجيطالي: قناطر الخيرات، دار الكتب العلمية، بيروت، ج ٢، ص ١٣٨ =    ومن خير من كتب بخصوص هذه المسألة في الفقه الإباضي الشيخ  الكدمي(١) . إن قوله تعالى: » بل يقول الجيطالي ﴿ °¯ ³²± ¶µ ¸ ﴾ ´ = ] [ الشورى: ٤١ يقيده ما ورد في الشرع من أشياء لا يجوز فيها مقابلة القذف بالقذف، . ذات المرجع، ج ٣، ص ٥٩ ،« ولا الشرك بالشرك، ولا السب بالسب (١) لأهمية رأيه نذكره، كما يلي: وقد أجمعنا بأنه ليس عورة بأشد من عورة الكفر، ولا عيب أشد منه، وعلى ذلك »أجمع المسلمون، فكما لا يجوز التجسس لعورات المسلمين، كذلك لا يجوز التجسس لعورات ا لظالمين. ويقال له: أرأيت عورات المسلمين والكافرين، وما الفرق فيها إلا بما قد صح منها، فإذا صح فقد قامت الحجة، وقد أبيح ذلك بالعلم، ولم يكن هنالك تجسس وزال التجسس ووقع الحكم بالعلم، ولا نعلم فرق ً ا بين عورات المسلمين، وبين عورات من لا يعلم منه ُ إيمان ولا كفر وعورات من علم كفره، فيتجسس منه عورة حجرها الله، فإن ا د ّ عى مدع فرق ً ا فليأت به، ولن يقدر على ذلك إن شاء الله إلا بالمكابرة وليست المكابرة من أمور الدين في شيء ولا من أمر المحتجين، وإنما الحجة بإقامة الحجة من الكتاب والسنة والآثار المجمع عليها أو الرأي الصحيح أو حجة العقل، وقد أقمنا الحجة أن التجسس محجور ويقال له: أرأيت بيت يهودي وبيت مسلم مفتوحين جميعا » : ويضيف أيضا ،« عن الجميع ًً وأنت متطهر، وكلاهما قد فتح بابه، أيجوز لك أن تنظر في جوف بيت اليهودي، ولا يجوز لك أن تنظر في جوف بيت المسلم، أو كلاهما سواء؟ فإن قال: كلاهما سواء، قيل له: فيم كانت العورة محجورة؟ بالبيت أو بالساكن؟، فإن قال: بالبيت والبقعة أتى بما لا يعقله الناس، وبما يخالف كتاب الله تعالى إذ يقول: ﴿ <; = @?> LKJIHGFEDCBA ﴾ [ [النور: ٢٩ . ويقال له: نفس النظر في جوف المنزل محجور أو مباح، إذا كان مسكون ً ا؟ فإن قال: مباح؛ خالف بذلك القول عن ا لنبي ژ إذ صح عنه أن رجلا ً نظر من ك ُ وة رجل فرماه بسهم فعور عينه، فأهدر النبي ژ عينه ولو كان مباحا ما أهدر النبي ژ عينه، وهذا ً ضلال. ويقال له: أرأيت إن كان المنزل لمسلم والساكن يهودي، أو الساكن مسلم والبيت ليهودي، فلا يجد على ذلك فرق ً ا، ويقال له: أرأيت من سرق من حصن اليهودي أربعة دراهم، أيقطع أم لا يقطع؟، فإن قال: يقطع؛ فهو الحق، وإن قال: لا يقطع؛ فهو قد خالف ا لسنة، = وأما ما لا يتعدى شره عن الفاعل فإذا استتر به في » : ويقول الخليلي بيته ولم يصح عليه ذلك بعلم أو شهرة أو شهادة أو سماع أو نظر أو نحوه من مؤديات العلم فلا يخترق ستره ولا يتولج عليه في بيوتاته فإن اقتحام « بيوت الناس لغير موجب معصية محضة(١) . »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ¿É°ùfE’G ¥ƒ≤M `` áªJÉN تلكم هي أهم المسائل الخاصة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية في   الفقه ا لإباضي(٢) ، ذلك أن احترام هذه الحقوق وصونها يترتب عليه أن يكون = وإن قال: يقطع قيل له: فيم إذ ً ا يقطع، أليس لحرمة الحصن مع الملك المحجور، ولن يجد صاحب هذا القول فرق ً ا ولا مخرجا، دون أن يبطل حجة التجسس، أو يرجع إلى ً .« الحق، أو يداوم على هذيانه ومكابرته، فلا يلتفت إلى المكابرة والهذيان ١٨٣ ، الشيخ أبو سعيد الكدمي: الاستقامة، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٥٤ -.١٨٤ (١) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٦٣ -.٦٥ (٢) قيل: إن المواطن في الدولة الإباضي ّ ة كان يتمتع بحرية مقيدة نسبي ً ا، تتمثل أهم مظاهرها فيما يلي: ١ تواجد مختلف القوميات من بربر وعرب وفرس والديانات السماوية بمختلف مذاهبها، نتيجة للانفتاح على العالم الخارجي وهذا لا يتحقق إلا بانتهاج سياسة حرية التعايش مع الآخرين. ٢ عقد حلقات البحث والمناقشة بين مختلف الفئات، خاصة بين ا لإباضية والواصلة ّ والمعتزلة وسائر الفرق بالمغرب. ٣ تكريم الإباضية للأئمة ا لسنيين وغيرهم ممن كانوا يدعون للمناظرة والمناقشة في جو ّ تسوده الحرية ا لفكرية. ٤ ازدهار الحياة الفكرية جنبا إلى جنب مع الحياة الاقتصادية مع التحكم في الحركة ً التجارية ومراقبة الأسواق، مما يدل على أن الحرية الاقتصادية موجهة لضمان نجاح الخطة الاقتصادية للأمة. . راجع عدون جهلان: الفكر السياسي عند الإباضية، المرجع السابق، ص ٢٣٢ اطمئنان الذات مستمرا، والأمان به مستقرا. تلك إحدى غايات الدين التي ًً  لا يجوز الخروج عليها(١) .  (١) تأخير الحقوق بعد ظهورها، إماتة لها » وفي الإسلام يجب إنفاذ الحق دون تأخير، لأنه ، قدامة بن جعفر: الخراج وصناعة الكتابة، وزارة الثقافة والإعلام، بغداد: ١٩٨١ ) « وتغرير بها الخطأ في حق العباد غير موضوع (الإمام عمر السنامي: » ص ٤١ ). بل قرر فقهاء المسلمين أن ،« من رقة القلب » ذلك أن الرحمة بالمسلمين .«( نصاب الاحتساب، المرجع السابق، ص ٢٣٤ شيخ الإسلام عبد الله بن علوي الحسيني: النصائح الدينية ) ،« أمر واجب وحق لازم » وهي ، والوصايا الإيمانية، تحقيق السيد علي، دار النصر للطباعة الإسلامية، القاهرة، ١٩٩٧  ص ٥٩ )، لذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ ° ³²± ´¶µ ¸  ÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹ ﴾ [ [الأحزاب: ٧٢ إنه كان ظلوما » : ، قيل ً لنفسه، جهولا ً .( ابن قتيبة: تأويل مشكل القرآن، ص ٣٣٨ ) « بعاقبة ما تقلد لربه ظهر المؤمن حمى (أي محمي معصوم من الإيذاء) إلا في حد أو في » كذلك في الإسلام ابن حجر العسقلاني: ) « حق، أي لا يضرب ولا يذل إلا على سبيل الحد والتعزير تأديبا فتح الباري، شرح صحيح البخاري، دار المنار، القاهرة، ١٤١٩ ه ، ١٩٩٩ م، ج ١٢ ص ٩٧ )، ولا جرم أنه إذا لم يوجد من يحمي حقوق الناس على ظهر الأرض، فليس الأمر في فساد » هناك إلا رعاية الله تعالى، من ذلك ما حدث سنة ٤٥٧ ه، فقد تزايد الأحوال وقلة الحرمة جد ً ا، حتى إن ولاة الأعمال استبد كل أحد بما في يده، ولا عاد يرجع بما يؤمر به من قبل الخلافة، وانحل ّ نظام الملك إلى الغاية القصوى، والرعاية تحت لطف الله 8 « (ابن أيبك الداوداري: الدرة المضية في الدولة الفاطمية، ج ٦، من تحقيق د. صلاح الدين المنجد، المعهد الألماني للآثار ،« كنز الدرر وجامع الغرر »بالقاهرة، ١٣٨٠ ه ١٩٦١ م، ص ٣٨١ )، وعكس ذلك ما حدث عندما بنى نور الدين ليبحث شكاوي الناس من شيركوه، فلما علم شيركوه ببنائها طلب من أنصاره « دار العدل »أن يردوا مظالمهم إلى الناس. فقالوا له: إن الناس إذا علموا هذا اشتطوا في الطلب، فقال: خروج أملاكي عن يدي أسهل علي من أن يراني نور الدين بعين أبي ظالم أو يساوي »ولما جلس نور الدين في دار العدل لم يحضر إليه ،« بيني وبين أحد العامة في الحكومة أحد فعرف ما فعله شيركوه، وتعليق ً فانظر إلى هذه المعاملة » : ا على ذلك يقول ابن الأثير طوغان شيخ ) « ما أحسنها وإلى هذه الهيبة ما أعظمها وإلى هذه السياسة ما أسدها المحمدي الحنفي الأشرفي: المقدمة السلطانية في السياسة الشرعية، تحقيق د. عبد الله محمد، مكتبة الزهراء، القاهرة، ١٩٩٧ ، ص ١٧ -.(١٨ ّ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٤٣٨ وتتلخص فلسفة حقوق الإنسان في الفقه الإباضي فيما ذكره أطفيش: فإن الحق غير محتاج إلى شرط ولا اتفاق، فعلى الإمام أن يقضي » « بالحق جامعه عليه مجامع أو خالفه مخالف(١) . وكذلك ما أكد عليه ا لبسيوي: « ونمنع ما حيينا من الظلم والعدوان »(٢) . (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٢٨١(٢) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٧٢ توطئة ........................................................................................................................................................................................... ٥ مقدمة عامة ................................................................................................................................................................................. ٧ خطة ا لكتاب .............................................................................................................................................................................. ١٤ :∫hC’G ÜÉÑdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«dhódG äÉbÓ©dGh »dhódG ¿ƒfÉ≤dG QOÉ°üe الفصل الأول: أهم مصادر القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه ا لإباضي ........ ١٧ المبحث الأول: القواعد الحاكمة لمصادر القانون الدولي والعلاقات ا لدولية في الفقه ا لإباضي ................................................................................................................................................................................ ١٧ المبحث الثاني: مصادر القواعد الدولية في الفقه ا لإباضي ............................................................................ ٢٣ أ ( المصادر ا لأصلية ١ القرآن ا لكريم .................................................................................................................................................................... ................................................................................................................................................................. ٢٣ ٢٣ ة ا لنبوية ..................................................................................................................................................................... ٢٨   ٢ السن ب) المصادر المشتقة أو التبعية أو ا لفرعية ................................................................................................................. ٣٤ ١ ا لإجماع ............................................................................................................................................................................... ٣٤ ٢ ا لقياس ٣٧ ............................................................................................................................................................................... ٣ المصالح ا لمرسلة ........................................................................................................................................................ ٣٨ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٤٤٠ ٤ ش َ رع ُ من ْ ق َبل َن َا .................................................................................................................................................................. ٣٩ َْ ْ ٥ ا لعرف ................................................................................................................................................................................... ٤١ الفصل الثاني: المعاهدات الدولية في الفقه ا لإباضي .................................................................... ٤٧ تمهيد ............................................................................................................................................................................................... ٤٧ المبحث الأول: مفهوم المعاهدة الدولية وأنواعها في الفقه ا لإباضي ........................................ ٤٩ أ ( مفهوم المعاهدات ا لدولية .................................................................................................................................... ٤٩ ١ تعريف المعاهدة ا لدولية ............................................................................................................................. ٤٩ ٢ التمييز بين المعاهدة الدولية وما قد يختلط بها ..................................................................... ٥٠ أولا ً « العهد والوعد » الفارق بين ...................................................................................................... ٥٠ « العهد والميثاق » ثانيا الفارق بين .................................................................................................. ٥٢ ً ثالث ً « العقد والعهد » ا الفارق بين ....................................................................................................... ٥٢ رابع ً الإل » ا الفارق بين ّ « والذمة ........................................................................................................ ٥٤ ب) أنواع المعاهدات الدولية في الفقه ا لإباضي ......................................................................................... ٥٤ ١ المعاهدات المكتوبة (إحالة) .................................................................................................................. ٥٥ ٢ المعاهدات ا لشفهية ......................................................................................................................................... ٥٥ ٣ المعاهدات ا لمستقبلية .................................................................................................................................. ٥٦ المبحث الثاني: شروط إبرام المعاهدات ا لدولية ......................................................................................... ٥٧ أ ( المبدأ العام: ضرورة توافر شروط صحة المعاهدة ا لدولية ........................................................ ٥٩ ب) الشروط الشكلية لصحة المعاهدة ا لدولية .............................................................................................. ٥٩ ١ إبرام المعاهدة بواسطة الإمام أو من يفوضه .............................................................................. ٦٠ ٢ كتابة المعاهدة ا لدولية .................................................................................................................................. ٦١ ٣ تأريخ المعاهدة ا لدولية ................................................................................................................................ ٦٥ ج ( الشروط الموضوعية لصحة المعاهدات ا لدولية ................................................................................ ٦٧ ١ التراضي على إبرام ا لمعاهدة .................................................................................................................. ٦٨ فهرس الجزء الأول ٤٤١ « تحقيق منفعة أو دفع ضرر » ٢ إبرام المعاهدات الدولية مناطه التوصل إلى ....... ٧٠ ٣ عدم مخالفة قواعد الشريعة ا لإسلامية ............................................................................................. ٧٢ ٤ الباعث على إبرام ا لمعاهدة ..................................................................................................................... ٧٩ المبحث الثالث: تفسير المعاهدات الدولية في الفقه ا لإباضي ........................................................ ٨٠ أ ( قاعدة الأمور بمقاصدها ........................................................................................................................................ ٨٢ َ ب) قاعدة التأسيس أولى من ا لتوكيد ................................................................................................................... ٨٣ ْ ج ( إذا كان الكلام لا يستقيم إلا بالتقدير فلا بد من تقدير ما يستقيم » : قاعدة « به ا لكلام ......................................................................................................................................................................... ٨٤ المبحث الرابع: آثار المعاهدات الدولية في الفقه ا لإباضي ............................................................... ٨٥ أ ( الوفاء بالعهد ................................................................................................................................................................... ٨٧ ١ المبدأ ا لعام ............................................................................................................................................................ ٨٧ ٢ نطاق تطبيق مبدأ الوفاء بالعهد ............................................................................................................. ٩٢  أولا ً من الناحية ا لمكانية ....................................................................................................................... ٩٣ ثانيا من الناحية ا لزمنية ........................................................................................................................... ٩٤ ً ثالث ً ا من الناحية ا لشخصية .................................................................................................................... ٩٧ ب) تحريم المكر والخديعة والغدر في تنفيذ المعاهدات ا لدولية ................................................ ٩٨ ج ( عند تنفيذ المعاهدات ا لدولية « البغي والظلم والاعتداء » تحريم ...................................... ١٠٣ د ( ضرورة الوفاء بالعهد ولو كان ضد مصلحة ا لمسلمين ............................................................. ١٠٥ ه) الوفاء بالعهد يحتم عدم طلب أكثر مما تم الاتفاق عليه ....................................................... ١٠٨ و ( آثار المعاهدات الدولية تجاه غير أطرافها ........................................................................................ ١١٠ ز ( آثار عدم الوفاء بالمعاهدات ا لدولية ........................................................................................................ ١١٢ ح) الوفاء بالعهد يفترض أن المعاهدة قد اكتملت وتم الارتباط بها ..................................... ١١٢ المبحث الخامس: انقضاء المعاهدات الدولية في الفقه ا لإباضي ............................................. ١١٤ ِ أ ) مضي المدة ............................................................................................................................................................. ١١٥ ُ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٤٤٢ ١١٨ ١١٨ ﺾﻘﻧ ﺓﺪﻫﺎﻌﻤﻟﺍﺔﻴﻟﻭﺪﻟﺍ ....................................................................................................................................... ١ ـ ﺾﻘﻧ ﺪﻬﻌﻟﺍ ﻲﻨﻌﻳ ﻡﺪﻋ ﺬﻴﻔﻨﺗ ﻡﺎﻜﺣﺃ ﺓﺪﻫﺎﻌﻤﻟﺍﺔﻴﻟﻭﺪﻟﺍ .................................................... (ﺏ ١٢٠ ٢ ـ ﺾﻘﻧ ﺪﻬﻌﻟﺍ ﺪﻌﺑ ﻪﻣﺍﺮﺑﺇ ﻢﻠﻇ» ﻥﺎﻴﻐﻃﻭ «ﻲﻐﺑﻭ ........................................................................ ١٢٠ ٣ ـ ﺾﻘﻧ ﺪﻬﻌﻟﺍ ﻱﺩﺆﻳ ﻰﻟﺇ ﻞﻠﺤﺘﻟﺍ ﻦﻣﺓﺪﻫﺎﻌﻤﻟﺍ .......................................................................... ١٢١ ً ﻻﻭﺃ ـ ﻦﺷ ﻑﺮﻄﻟﺍ ﺮﺧﻵﺍ ﺏﺮﺤﻟﺍ ﺪﺿﻦﻴﻤﻠﺴﻤﻟﺍ ............................................................... ثانيا ا لغدر ...................................................................................................................................................... ١٢٣ ً ١٢٥ ................................................................... ً ﺎ ـ ﻢﻳﺪﻘﺗ ﺓﺪﻋﺎﺴﻤﻟﺍ ﻦﻤﻟ ﺏﺭﺎﺤﻳﻦﻴﻤﻠﺴﻤﻟﺍ ﺜﻟﺎﺛ ١٢٥ ﺎ ـ ﺔﻧﺎﻫﺇ ﻦﻴﻤﻠﺴﻤﻟﺍ ﺔﻳﺮﺨﺴﻟﺍﻭﻢﻬﻨﻣ .....................................................................................ﻌﺑﺍﺭً ٤ ـ ﻲﻓ ﺾﻌﺑ ﻝﺍﻮﺣﻷﺍ ﻦﻜﻤﻳ ﻡﺍﺰﺘﻟﻻﺍ ﺓﺪﻫﺎﻌﻤﻟﺎﺑ ﻰﺘﺣ ﻮﻟﻭ ﺎﻬﻀﻘﻧ ﻑﺮﻄﻟﺍ ١٢٦ ﺮﺧﻵﺍ ...................................................................................................................................................................... ١٢٦ ـ ﻲﻓ ﺔﻟﺎﺣﻥﺎﻣﻷﺍ .............................................................................................................................. ً ﻻﻭﺃ ١٢٧ .............................................................. ﺎ ـ ﻲﻓ ﺔﻟﺎﺣ ﺓﺩﻮﻋ ﺾﻗﺎﻨﻟﺍ ﻰﻟﺇ ﻡﺍﺰﺘﻟﻻﺍﻩﺪﻬﻌﺑ ﻴﻧﺎﺛً ١٣٢ ٥ ـ ﺾﻘﻧ ﺪﻬﻌﻟﺍ ﻝﺄﺴﻳ ﻪﻨﻋ ﻂﻘﻓ ﻦﻣﻪﺒﻜﺗﺭﺍ ........................................................................................ ١٣٣ ٦ ـ ﺐﺠﻳ ﺓﺎﻋﺍﺮﻣ ﻯﻮﻘﺘﻟﺍ ﻰﺘﺣ ﺪﻨﻋ ﺾﻘﻧ ﻑﺮﻄﻟﺍ ﺮﺧﻵﺍﺓﺪﻫﺎﻌﻤﻠﻟ ................................. ٧ ـ ﻡﺎﻜﺣﻷﺍ ﺔﺻﺎﺨﻟﺍ ﺾﻘﻨﺑ ﺪﻬﻌﻟﺍ ﻦﻣ ﺹﺎﺼﺘﺧﺍ ﺕﺎﻄﻠﺴﻟﺍ ﺔﺼﺘﺨﻤﻟﺍ ١٣٤ ﻲﻓ ﺔﻟﻭﺪﻟﺍ ﺔﻴﻣﻼﺳﻹﺍ ﻡﺎﻣﻹﺍ) ﻭﺃ ﻦﻣ(ﻪﺿﻮﻔﻳ ........................................................................... ١٣٥ ............................................................... ٨ ـ ﺾﻘﻧ ﺪﻬﻌﻟﺍﻻ ﺮﺛﺆﻳ ﻰﻠﻋ ﻕﻮﻘﺣ ﺩﺍﺮﻓﻷﺍ ﻦﻴﻳﺩﺎﻌﻟﺍ ١٣٨ ﺀﺎﻬﻧﺇ ﺓﺪﻫﺎﻌﻤﻟﺍ ﺓﺭﺍﺩﻹﺎﺑﺓﺩﺮﻔﻨﻤﻟﺍ .................................................................................................................. ﺝ( ١٣٨ ﴿m n o q p r s t vu w x y z { ﴾ .......... ﺩ ( ه) فساد أو بطلان ا لمعاهدة ........................................................................................................................ ١٤٤ الأول عيوب ا لرضا ........................................................................................................................................... ١٤٦ الثاني مخالفة قواعد الشريعة ا لإسلامية ........................................................................................... ١٤٧ و ( فسخ أو انفساخ ا لمعاهدة ................................................................................................................................. ١٤٩ خاتمة المعاهدات الدولية في الفقه ا لإباضي .............................................................................................. ١٥٠ فهرس الجزء الأول ٤٤٣ :»fÉãdG ÜÉÑdG (ádhódG) »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a »dhódG ¿ƒfÉ≤dG ¢UÉî°TCG تمهيد ........................................................................................................................................................................................... ١٥٧ الفصل الأول: إقليم ا لدولة ............................................................................................................................ ١٦١ المبحث الأول: معرفة الفقه الإباضي للإقليم كعنصر من عناصر ا لدولة ........................... ١٦٣ المبحث الثاني: معرفة الفقه الإباضي لمفهوم الحدود بين ا لدول ............................................ ١٦٦ المبحث الثالث: الدور في الفقه ا لإباضي ...................................................................................................... ١٧٢ أ ( تكييف الدار في الفقه الإباضي (كيفية معرفتها) ........................................................................... ١٧٤ ب) أنواع الدور في الفقه ا لإباضي ..................................................................................................................... ١٧٦ ١ دار العدل (دار ا لإسلام) ......................................................................................................................... ١٧٦ ٢ دار الجور (دار الحرب أو دار ا لكفر) .......................................................................................... ١٧٩ ٣ دار ا لاختلاط ................................................................................................................................................... ١٨٠ ٤ تعقيب ................................................................................................................................................................... ١٨١ ج ( تحول ا لدار .............................................................................................................................................................. ١٨٢ ١ حدوث تغيير أو تحول في إطار الدار ا لمعنية ...................................................................... ١٨٢ ٢ استقرار هذا التحول أو ا لتغيير .......................................................................................................... ١٨٣ د ( تعدد دور الإسلام (تعدد الدول أو تعدد ا لأئمة) ............................................................................ ١٨٥ أولا ً أهم الآراء في هذا ا لخصوص ...................................................................................................... ١٨٦ ثانيا القواعد التي تحكم ا لمسألة ........................................................................................................... ١٨٧ ً الفصل الثاني: شعب الدولة (السكان) ..................................................................................................... ١٩٣ المبحث الأول: ا لمسلمون ....................................................................................................................................... ١٩٥ المبحث الثاني: غير ا لمسلمين .............................................................................................................................. ١٩٨ أ ( المستأمنون ................................................................................................................................................................... ١٩٩ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٤٤٤ ١ أساس إعطاء ا لأمان .................................................................................................................................... ٢٠١ ٢ من يعطى ا لأمان ........................................................................................................................................... ٢٠٢ ٣ بم يتم ا لأمان ................................................................................................................................................... ٢٠٥ َ ٤ الأحوال التي لا يجوز فيها ا لأمان .................................................................................................. ٢٠٨ ٥ آثار ا لأمان .......................................................................................................................................................... ٢١٢ ٦ أثر دخول دار الإسلام بغير أمان ..................................................................................................... ٢١٧ ب) أهل ا لذمة ...................................................................................................................................................................... ٢١٨ ١ تعريف أهل ا لذمة ........................................................................................................................................ ٢١٨ ٢ عقد ا لذمة ........................................................................................................................................................... ٢١٩ ٣ الحكم بين أهل ا لذمة .............................................................................................................................. ٢٢٩ ٤ جواز أكل طعام أهل الذمة (وأهل الكتاب بصفة عامة)، وكذلك ا لزواج من نسائهم ......................................................................................................................................................... ٢٣١ ٥ تفنيد بعض الآراء بخصوص أهل ا لذمة .................................................................................... ٢٣٤ الفصل الثالث: السلطة ا لحاكمة ................................................................................................................. ٢٣٩ المبحث الأول: القواعد العامة التي تحكم ممثلي الدولة في الفقه ا لإباضي ................. ٢٤١ أ ( مراعاة الكفاءة فيمن يتم اختياره لتمثيل ا لدولة ............................................................................. ٢٤١ ب) تقاضي ممثلي الدولة مرتباتهم .................................................................................................................... ٢٤٢ ج ( الوضع القانوني لممثلي الدولة عند وفاة الإمام أو عزله ....................................................... ٢٤٣ المبحث الثاني: ممثلو الدولة على الصعيد الدولي في الفقه ا لإباضي ................................ ٢٤٦ أ ( الإمام ............................................................................................................................................................................ ٢٤٦ ١ خصائص ا لإمامة ........................................................................................................................................... ٢٤٩ ٢ الإمام هو المسؤول الأول عن تصريف العلاقات ا لدولية .......................................... ٢٥٤ ب) ممثلو الدولة بخلاف ا لإمام ........................................................................................................................... ٢٥٨ ١ نائب الإمام: (أو خليفة ا لإمام) .......................................................................................................... ٢٦١ فهرس الجزء الأول ٤٤٥ ٢ ا لوزير ..................................................................................................................................................................... ٢٦٣ ٣ الأشخاص الآخرون الذين يصرفون العلاقات الخارجية للدولة (كالولاة، والسفراء، ومبعوثي الإمام إلى الدول ا لأخرى) ........................................... ٢٦٥ ٤ الجيش وقواده ................................................................................................................................................. ٢٦٦ :ådÉãdG ÜÉÑdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ¿É°ùfE’G ¥ƒ≤M الفصل الأول: النظرية العامة لحقوق الإنسان في الفقه ا لإباضي ................................... ٢٨١ المبحث الأول: أقوال مأثورة للفقه الإباضي بخصوص حقوق ا لإنسان ............................ ٢٨١ المبحث الثاني: أنواع الحقوق في الفقه ا لإباضي .................................................................................. ٢٨٤ المبحث الثالث: القواعد الضابطة لحقوق الإنسان في الفقه ا لإباضي ................................. ٢٨٦ المبحث الرابع: ضرورة أداء الحقوق لأصحابها في الفقه ا لإباضي ...................................... ٢٩٤ أ ( « مانع ا لحق » عدم السكوت على ............................................................................................................... ٢٩٤ ب) إرجاع الحقوق إلى أصحابها ........................................................................................................................ ٢٩٧ ١ رد من عليه الحق لما يجب عليه .................................................................................................... ٢٩٨ أولا ً الأصل براءة ا لذمة ....................................................................................................................... ٢٩٨ « خير الناس أحسنهم قضاء » ثانيا ................................................................................................ ٣٠٠ ً ثالث ً ا وجوب مسارعة من عليه الحق إلى أدائه ................................................................. ٣٠٠ رابعا أداء الحق لازم ولا تجزئه التوبة ................................................................................... ٣٠٣ ً خامسا أداء الحق واجب ولو لغير ا لمسلم .......................................................................... ٣٠٦ ً سادسا أداء الحق واجب ولو وقت ا لحرب ........................................................................ ٣٠٧ ً « سهم ا لغارمين » سابعا جواز مساعدة من يجب عليه الحق عن طريق ً « نظام ا لعاقلة » أو ........................................................................................................................................... ٣٠٩ ثامن ً ا أداء الحق واجب ولو عن طريق تدخل السلطات العامة في ا لدولة ............ ٣١١ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٤٤٦ ٢ أخذ صاحب الحق لحقه ........................................................................................................................ ٣١٢ أولا ً أخذ صاحب الحق لحقه عند أدائه إليه ...................................................................... ٣١٢ ثانيا الانتصار (الظفر) ........................................................................................................................... ٣١٢ ً ثالث ً ا أخذ صاحب الحق لحقه عن طريق ا لرشوة ............................................................ ٣١٥ المبحث الخامس: ضرورة إزالة الانتهاكات الواقعة على حقوق ا لإنسان .......................... ٣١٧ أ ( الفقه الإباضي يؤكد على ضرورة تلافي انتهاكات حقوق ا لإنسان ................................. ٣١٧ ١ المبدأ العام: تحريم انتهاك حقوق الإنسان لأنه ظلم ....................................................... ٣١٧ ٢ عدم جواز معاونة الحكام الذين ينتهكون حقوق ا لإنسان .......................................... ٣١٩ ب) طرق إزالة إنتهاكات حقوق الإنسان في الفقه ا لإباضي ........................................................... ٣٢٢ ١ التناصر في ا لحق .......................................................................................................................................... ٣٢٢ ٢ ا لحسبة .................................................................................................................................................................. ٣٢٣ ٣ إزالة انتهاكات حقوق الإنسان بواسطة الأئمة والحكام ................................................. ٣٢٥ أولا ً أهمية الحكام في مجال حقوق ا لإنسان .................................................................... ٣٢٥ ثانيا عزل المسؤولين عن انتهاكات حقوق ا لإنسان ..................................................... ٣٣٠ ً ثالث ً ا أمثلة عملية لإزالة حكام ا لإباضية لانتهاكات الحقوق ا لإنسانية ........... ٣٣٤ ّ رابعا الإمام العاجز عن إزالة انتهاكات حقوق الإنسان عليه أن يعتزل ا لإمامة ..... ٣٤٤ ً ٤ إزالة انتهاكات حقوق الإنسان بواسطة القضاء ا لإباضي .............................................................. ٣٤٥ ٥ إزالة انتهاكات حقوق الإنسان عن طريق التعويض ا لمالي ........................................................ ٣٥١ الفصل الثاني: دراسة تحليلية لبعض حقوق الإنسان في الفقه ا لإباضي ................................ ٣٥٣ المبحث الأول: الحق في ا لمساواة ................................................................................................................................... ٣٥٤ المبحث الثاني: الحق في ا للجوء ...................................................................................................................................... ٣٥٩ أ ( القواعد الحاكمة للحق في ا للجوء ........................................................................................................................... ٣٦٠ ب) موقف الفقه الإباضي من الحق في ا للجوء ...................................................................................................... ٣٦٣ ١ الاتجاه الغالب: لا يجوز المقام في أرض غير ا لمسلمين ........................................................... ٣٦٣ فهرس الجزء الأول ٤٤٧ ٢ الاتجاه القائل بإمكانية المقام في إقليم غير ا لمسلمين ................................................................ ٣٦٧ ٣ الاتجاه القائل بكراهية اللجوء إلى ديار غير المسلمين إلا ا ضطرارا ................................. ٣٦٨ ً ج ( القواعد التي تحكم منح الملجأ أو الجوار في الفقه ا لإباضي .......................................................... ٣٦٩ ١ قاعدة عدم جواز منح الملجأ (الجوار) للمجرمين ........................................................................... ٣٧٠ ٢ عدم جواز منح الملجأ (الجوار) للمقاتلين ............................................................................................. ٣٧٢ ٣ من يعطي الملجأ (الجوار) للمجرمين يعتبر مثلهم .......................................................................... ٣٧٥ ٤ عدم جواز رد اللاجئ أو طالب الجوار إلى مكان يخشى عليه فيه ا لقتل أو التعذيب أو ا لاضطهاد ....................................................................................................................................... ٣٧٦ ٥ ضرورة التأكد من أن الشخص تنطبق عليه أوصاف ا للاجئ .................................................... ٣٧٧ د ( الوضع القانوني للاجئ ..................................................................................................................................................... ٣٧٧ ١ احترام أمان اللاجئ وعدم خرقه ..................................................................................................................... ٣٧٧ ٢ أموال اللاجئ مصونة ............................................................................................................................................... ٣٨١ ٣ الترحيب باللاجئ وإيثاره ولو كان بالمسلم خصاصة ................................................................... ٣٨٢ ٤ خضوع اللاجئ لقوانين الدولة التي يقيم فوق أراضيها ............................................................... ٣٨٣ ٥ واجبات ا للاجئ ............................................................................................................................................................ ٣٨٤ ه) أنواع اللجوء في الفقه ا لإباضي .................................................................................................................................. ٣٨٥ ١ اللجوء ا لديني ................................................................................................................................................................. ٣٨٥ أولا ً اللجوء إلى الحرم أو ا لمساجد ........................................................................................................ ٣٨٥ ثانيا اللجوء لسماع كلام ا لله ........................................................................................................................... ٣٩٠ ً ٢ اللجوء ا لإقليمي .......................................................................................................................................................... ٣٩١ أولا ً ا لهجرة .................................................................................................................................................................. ٣٩٢ ثانيا منح اللجوء الإقليمي بواسطة الأفراد (ذمة المسلمين واحدة يسعى ً بها أدناهم) ....................................................................................................................................................................... ٣٩٧ ثالث ً ا ابن ا لسبيل ........................................................................................................................................................ ٤٠٠ أو ا لإجباري « غير الإرادي » رابعا اللجوء الاضطراري أو ...................................................... ٤٠٣ ً أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٤٤٨ ٣ اللجوء ا لدبلوماسي .................................................................................................................................................... ٤٠٥ المبحث الثالث: الحق في حرمة ا لأموال ......................................................................................................................... ٤٠٦ المبحث الرابع: عدم الإكراه في الدين (الحق في حرية ا لعقيدة) ............................................................. ٤١١ المبحث الخامس: الحق في الحياة والسلامة ا لجسدية ....................................................................................... ٤١٥ أ ( المبدأ ا لعام .................................................................................................................................................................................. ٤١٥ ب) القواعد الحاكمة للحق في الحياة والسلامة ا لجسدية ............................................................................... ٤١٩ ١ القواعد الفقهية ا لإباضية تؤكد على حماية الحق في الحياة والسلامة ا لجسدية ...... ٤١٩ ّ ٢ ضرورة احترام العهد الذي ينص على حماية الحق في الحياة والسلامة الجسدية ............................................................................................................................................................... ٤١٩ ٣ عدم جواز الاعتداء على حياة ا لجنين ......................................................................................... ٤٢١ ٤ تحريم القتل أو الاعتداء على السلامة الجسدية بالامتناع .......................................... ٤٢١ ٥ تحريم القتل الرحيم أو قتل ا لشفقة ............................................................................................... ٤٢٢ ٦ حرمة دم المسلم ولو أسلم متعوذ ً ا ................................................................................................ ٤٢٤ ٧ ضرورة إجراء سلطات الدولة التحقيق في كل ما يتعلق بالاعتداء على الحياة أو السلامة ا لجسدية ...................................................................................................... ٤٢٥ ٨ عدم تنفيذ الأوامر الخاصة بالاعتداء على الحياة أو السلامة ا لجسدية إلا بحقها ............................................................................................................................................................. ٤٢٧ ٩ عزل الإمام الذي يعتدي على الحياة (أو الأموال) دون مسوغ شرعي ............. ٤٢٩ المبحث السادس: الحق في حرمة الحياة الخاصة (عدم تتبع عورات ا لناس) ............... ٤٣٠ خاتمة حقوق الإنسان في الفقه ا لإباضي ........................................................................................... ٤٣٦ فهرس الجزء ا لأول ........................................................................................................................................................ ٤٣٩