١٤٣٤ غمي ٢٠١٣ م لا يجوز نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب في أي شكل من الأشكال أو بأية وسيلة من ا لوسائل سواء التصويرية أ و الالكترونية، بما في ذلك ا لنسخ الفوتوغرافي أ و سواه وحفظ ا لمعلومات واسترجاعها إلا بإذن خطي من ا لناشر . :ó`«¡ªJ تعتبر البحار والأنهار مصدرا للحياة، وأهميتها الحيوية لوجود الدول ً والأفراد والجماعات بالنظر إلى مختلف استخداماتها ليست في حاجة إلى تدليل أو إثبات. فالماء هو مصدر الحياة لمختلف الكائنات، قال تعالى: ﴿ srqpon ﴾ [ [الأنبياء: ٣٠ ، ويقول أيض ً ا: ﴿ -. 0/ 21 ﴾ [ [النور: ٤٥ . الماء أصل كل مشروب وهو » : لذلك يقول الإمام البخاري « أهون موجود وأعز مفقود(١) . إنما يعرف قدر الماء من بلي بالعطش في البادية، » : كذلك فقد قيل ُ الماء ملك أمر؛ أي: » : ويقول المثل .« لا من كان على شاطئ الأنهار الجارية « أن الماء ملاك ا لأشياء(٢) . ويقول ابن القيم ا لجوزية: الماء خلقه الله في الأصل مشترك » ً ا بين العباد والبهائم وجعله سقيا لهم ً « فلا يكون أحد أخص به من أحد ولو أقام عليه وبنى عليه(٣) . وقد اهتم المسلمون بالقواعد التي تنظم استخدام المياه، سواء كانت بحارا مالحة أو أنهارا عذبة. فقد عرفوا خصوصا الجغرافيين منهم وضع ًً ً البحار من الأرض المعمورة ومساحاتها والجزر المحيطة بها(٤) . يقول تنازع من سلف وخلف في البحار وأعدادها ومسافاتها وأطوالها » : المسعودي (١) . البخاري: محاسن الإسلام، مكتبة القدسي، القاهرة، ١٣٥٧ ، ص ١٠٦(٢) ابن سلام: كتاب الأمثال، جامعة الملك عبد العزيز، جدة، ١٤٠٠ه . ١٩٨٠ م، ص ٣٩٥ (٣) ، ابن القيم الجوزية: زاد المعاد في هدي خير العباد، ط البابي الحلبي، القاهرة، ج ٤ ص ٢٥٨ -.٢٥٩ (٤) راجع على سبيل المثال، كتاب الخراج وصناعة الكتابة لقدامة بن جعفر، وزارة الثقافة والإعلام، العراق، ١٩٨١ ، ص ١٤٥ -.١٤٨ « وعروضها واتصالها وانفصالها وجزرها ومدها وغير ذلك من أحوالها(١) . وقالوا ينبغي فيمن يصاحب الملوك أن: « ا(٢) يطالع أمور المملكة برا وبحر » . ً  كذلك عرف المسلمون علم أنباط المياه (كيفية استخراج المياه الكامنة أي: علم استنباط المياه) وهو معرفة الماء من ) ؛« الريافة » في الأرض) أو علم الأرض بواسطة الأمارات الدالة على وجوده، وكذلك أماكن تواجده، بل عرفوا عجائب البر والبحر(٣) . لفظة عامة تنطبق إذا لم يوجد ما يخصصها على أي نوع « ماء » ولفظة من أنواع المياه، لذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية بخصوص قوله تعالى: ﴿ ¾½¼»º¹ ﴾ [ [النساء: ٤٣ إنه: يعم كل ما يسمى صعيد » ً « ا، ويعم كل ماء(٤) . ّ  (١) المسعودي: التنبيه والإشراف، المكتبة العصرية، بغداد، ١٣٥٧ه . ١٩٣٨ م، ص ٤٥ (٢) ابن شاهين الظاهري: كتاب زبدة كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك، دار العرب للبستاني، القاهرة، ١٩٨٨ -. ١٩٨٩ ، ص ٤ (٣) ؛ طاش كبرى زاده: مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم، ج ١، ص ٣٥٥ حاجي خليفة: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، مكتبة المثنى، بيروت بغداد، . ج ١، ص ١٧٢ ، ص ٩٣٩ . الزمخشري: كتاب الأمكنة والجبال والمياه، ط ليدن، ١٨٥٥ ، ص ٢٠٠ . الدمشقي (أبو عبد الله محمد الأنصاري): نخبة الدهر في عجائب البر والبحر، ليبزج، ١٩٢٣ المسعودي: أخبار الزمان ومن أباده الحدثان، وعجائب البلدان والغامر بالماء والعمران، دار الأندلس، بيروت، ١٤١٦ ه . ١٩٩٦ م، ص ٢٨٠ (٤)راجع: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع وترتيب عبد الرحمن بن قاسم، مطبعة ٰ والمياه جمع ماء، » : الحكومة، السعودية، ١٣٨٦ ه، ج ٣٤ ، ص ٢٠٨ ، ويقول الصنعاني وأصله: موه ولذا ظهرت الهاء في جمعه، وهو جنس يقع على القليل والكثير، إلا أنه جمع لاختلاف أنواعه باعتبار حكم الشرع، فإنه فيه ما ينهى عنه وفيه ما يكره، وباعتبار = وتبدو العلاقة بين الإسلام والمياه الدولية واضحة في أن استكشاف واستخدام وغزو تلك المياه بدأ في وقت ظهور الإسلام أو قبله بقليل(١) . كما أن هناك العديد من الكلمات الإفرنجية تجد لها أصلا ً في اللغة العربية (٢) . = الخلاف أيض ً الصنعاني: سبل السلام، ج ١، جامعة الإمام ) « ا في بعض المياه كماء البحر .( محمد بن سعود الإسلامية، ١٤٠٨ ه، ص ٢٢ كذلك يقرر ابن ا لجوزي: الماء جوهر سيال به قوام الحيوان، ومعه يتحصل ريه، وحده بعضهم فقال: الماء جوهر »لطيف متخلخل سيال يطلب بطبعه القرار، يروي العطشان، وأصل الماء: موه، وتصغيره: انظر: (الإمام ابن الجوزي: .« مويه. وجمعه: مياه وأمواه. ويقال في النسبة إليه مائي وماوي نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر، تحقيق محمد عبد الكريم كاظم، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٤ه .( ١٩٨٤ م، ص ٥٤٩ ونعوت الماء في اللغة العربية كثيرة، منها ما يتعلق بقلته وكثرته، وطعمه، ونمائه، وبرده وحره، ّ وطرائه، وصفائه، وكدرته، وتغيره واندفانه، وطرقه (ابن سيده: المخصص، المكتب التجاري للطباعة والتوزيع والنشر، بيروت، السفر التاسع، ص ١٣٠ - ١٤٤ )، وهكذا قال ا لعرب: ماء نقاخ للماء العذب؛ وماء فرات، وهو أعذب العذب؛ وماء قعاع وهو شديد الملوحة؛ »وماء حراق وهو الذي يحرق من ملوحته؛ وماء شروب وهو دون العذب قليلا ً ؛ وماء راجع ابن عبد ربه: العقد الفريد، ) « مسوس، وهو دون الشروب؛ وماء شريب وهو العذب دار الكتاب العربي، بيروت، ١٤٠٣ه .( ١٩٨٣ م، ج ٢، ص ٤٨٣ (١) يقول حميد ا لله: «By the time Islam made its appearance, man had already conquered water as well as the subterranean treasures of nature such as minerals» (Hamidullah: Muslim conduct of State, being a treatise of muslim public International Law, Ashraf, Lahore, 1945, p. 80). (٢) مثل كلمة الحبل cable ، وكلمة الترسانة (دار الصناعة) arsenal ، وكلمة أمير البحر admiral ، وكلمة المخزن magazin ، وكلمة الرصيف recif ، وكلمة صندل Sandal ، وكلمة تعريفة tariff ، راجع: Devic: Dictionnaire Etymologique des mots d’ Origine Orientale. وأيض ً ا د. حسن إبراهيم حسن: تاريخ الدولة الفاطمية، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ١٩٦٤ ، ص ٣٠٥ . وقال باركر: إن الغرب ما زال يستخدم مصطلحات بحرية ملاحية عربية، راجع د. عماد الدين خليل: قالوا عن الإسلام، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الرياض، ١٤١٢ ه . ١٩٩٢ م، ص ٣٣٥ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٠ كذلك فإن للبحار والأنهار الدولية أحكاما في الشريعة الإسلامية تتعلق ً باستخدامها وحدود ذلك الاستخدام، وكيفيته.   غني عن البيان أن للبحار والأنهار الدولية أهمية مزدوجة، دوليا وداخليا:  ﻲﻓ ﺕﺎــﻗﻼﻌﻟﺍ ﺔﻴﻟﻭﺪﻟﺍ ﺭﺍﺪﻟ ﻡﻼــﺳﻹﺍ ﺎــﻤﻟ ﻩﺮﻴﺜﻳ ﻚﻟﺫ ﻦﻣ ﺭﻮــﻣﺃ ﻖﻠﻌﺘﺗ. ﺎﻬﻣﺍﺪﺨﺘﺳﺎﺑ ﻲﻓ ﺔﺣﻼﻤﻟﺍ ﺪﻴﺼﻟﺍﻭ ﺮﻴﻏﻭ ﻚﻟﺫ ﻦﻣﺕﺎﻣﺍﺪﺨﺘﺳﻻﺍ (١) ١ ـ ﻲﻓ ﺪﻳﺪﻌﻟﺍ ﻦﻣ ﻡﺎﻜﺣﻷﺍ ﺔﺻﺎﺨﻟﺍ ﺭﻮﻣﻷﺎﺑ ﺔﻴﻠﺧﺍﺪﻟﺍ ﺔﻟﻭﺪﻠﻟ :ﺔﻴﻣﻼﺳﻹﺍ ٢ ـ ً ﺎ ـ ﻯﺪﻟ ﺀﺎﻬﻘﻔﻟﺍ ﺪﻘﻓ ﺖﻧﺎﻛ ﺭﺎﺤﺒﻟﺍ ﺔﺠﺤﻟﺍ ﺔﻴــﺴﻴﺋﺮﻟﺍ ـ ﺎﻤﻛ ﺎﻧﺮﻛﺫﻔﻠــﺳّ ﺩ ﻝﻭﺪﻟﺍ ؛ﺔﻴﻣﻼــﺳﻹﺍ ﺫﺇ ﻝﺎﻗ ﺀﻻﺆﻫ ﻥﺃ ﻡﺎــﺴﻘﻧﺍ ﺭﺍﺩ ﻦﻳﺬﻟﺍ ﺍﻭﺯﺎﺟﺃﺪﻌﺗ ﻡﻼــﺳﻹﺍ ﻰﻟﺇ ﺀﺍﺰﺟﺃ ﻞــﺼﻔﻳ ﺮﺤﺒﻟﺍ ﺎــﻤﻬﻨﻴﺑ ـ ﺮــﺤﺒﻟﺍﻭ ﺰﺟﺎﺣ ﻲﻌﻴﺒﻃ ﺔﺟﺭﺪﻟﺎﺑ ﻰﻟﻭﻷﺍ ـ ﻲﻨﻌﻳ ﻡﺎﺴﻘﻧﺍ ﺔﻣﻷﺍ ﻰﻟﺇ ﺓﺪﻋ ﺀﺍﺰﺟﺃ ﻥﻮﻜﻳ ﻞﻜﻟ ﺎﻬﻨﻣ ﺔﻔﻴﻠﺧ ﻞﻘﺘﺴﻣ ﻑﺮﺼﻳ ﺭﻮﻣﻷﺍ ﺐﺴﺤﺑ ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ﻲﻓ .ﻪﻤﻴﻠﻗﺇ ـ (١) وهناك شأن آخر » : أشار العقاد إلى العلاقة بين الإسلام والبحار والسياسة الدولية، بقولهلا بد من الالتفاف إليه في كل كلام يتعلق بالجغرافية الإسلامية، فلا يخفى أن البلاد الإسلامية تبتعد عن شواطئ البحار بتدبير أو بغير تدبير، وذلك مصدر ضعف لها في بعض المواقع ومصدر قوة لها في المواقع الأخرى. فالمسلمون في وسط آسيا قوة لأنهم هناك ميزان القارة الداخلية لا يتم أمر من الأمور في سياسة العالم التي ترتبط بتلك المواقع إن لم يحسب فيه حسابهم قبل كل حساب، ولكنهم في الجزر الهندية الشرقية يملكون الشواطئ فلا يهمل شأنهم في كل سياسة عالمية لها علاقة بحرية، وهم في الباكستان شرق ً ا وغربا يتوسطون البر والبحر، فلا تنفصل سياسة القارة الآسيوية بعد النظر ً عباس محمود العقاد: الإسلام في القرن ) « إلى هذه الاعتبارات كافة عن سياسة الإسلام .( العشرين، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٩٣ ، ص ٧٥ بل إن عبد الله الترجمان الأندلسي بعد إسلامه (وكان كبير النصارى في الأندلس) تم تعيينه لكي يتعلم اللغة العربية لتكرر عمل الترجمان هناك بين النصارى « قيادة البحر » في والمسلمين، فتعلم اللغة في سنة واحدة (راجع الشيخ عبد القيوم البسطوي: عبد الله الترجمان الأندلسي حياته وأعماله، مجلة البحوث الإسلامية، الرئاسة العامة لإدارات .( ١٤٠٩ ه، ص ٣٧٧ ، البحوث العلمية والإفتاء، الرياض، عدد ٢٣ منع المسلمين عن » : وقيل: إن الحسبة تشمل أمورا كثيرة، منها ً الترسم برسوم الكفار في ولادتهم وصحبتهم وصحبة صبيانهم « وعماراتهم وزراعاتهم وركوبهم في ا لبحر(١) . كذلك جوز فقهاء المسلمين التعاقد على ظهر السفينة، وعل ّ ل ابن ّ الهمام عدم تبدل مجلس العقد بجريان السفينة بقوله: السفينة كالبيت فلو عقدا وهي تجري فأجاب الآخر لا ينقطع المجلس بجريانها لأنهما لا يملكان إيقافها(٢) . ِ وقد ع ُني الفقه الإباضي أيض ً ا بقانون المياه الدولية(٣) من نواح عديدة، َ كما سنرى. وندرس قانون المياه الدولية في الفقه الإباضي، على النحو الآتي بيانه: مقدمات دراسة قانون المياه ا لدولية. البحار ا لدولية. الأنهار ا لدولية. ونخصص لكل مسألة من هذه المسائل فصلا ً . (١)عمر بن محمد السنامي: نصاب الاحتساب، دار الوطن، الرياض، ١٤١٤ ه ١٩٩٣ م، . تحقيق: د. مريزن عسيري، ص ٩٠(٢) . الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، الطبعة الثانية، ج ٢٥ ، ص ٧٧(٣) من المعلوم أن البحار والأنهار يمكن أن يكون لها صلة ببعض الأحكام الدينية: يقول الإمام ابن وكذلك من حمله السبع والملقى في جزيرة البحر، ثم لم يعلم له نجاة إلى مدة أربع » : بركة . الإمام ابن بركة: كتاب التعارف، المرجع السابق، ص ٣٧ « سنين، حكم له بالموت واليقين خلافه وقال ابن بركة وقد سئل عن صاحب الجزيرة الذي لم يسمع بشرع، ولم تبلغه الحجة قال: كلفه الله في حال التكليف أن يعلم أن له خالق » ً ا، ثم قال: وعلم ذلك يقع له من طريق العقل: ما يراه من خلق نفسه والأرض، واختلاف الليل والنهار. ثم قال: ويجب عليه الكف عما قبح في عقله، كقتل الحيوان وأكل لحومها، وعليه الإنكار على من فعل ذلك. ثم قال: لولا أن ذلك أجازته الشريعة لما كان حسن ً . السالمي: طلعة الشمس، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٥١ .« ا :ø«àdCÉ°ùe ≈dEG ô«°ûf قسمة ا لمياه. أنواع ا لمياه. ∫hC’G åëѪdG √É`«ªdG áª`°ùb القسمة لما يتعلق به ملك أو حق ثابتة؛ لأن ذلك » : يقول الشوكاني  يحصولم تغفل الشريعة الإسلامية إمكانية تقسيم مواضع المياه. ولعل ّ ما يدل . « ل العدل بين الشركاء ويصل كل ذي حق بحقه من غير تظالم (١) ¼»º¹¸ على ذلك في القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿ ¶ +*)('&%$#"!❁ ¾½ 9876543210/.-, =<;:﴾ [١٦٠ ، [الأعراف: ١٥٩ . (١) الإمام الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٥ ه . ١٩٩٤ م، ج ٣م، ص ٢٥٧ التعريفات « لغة من الاقتسام، وفي الشريعة: تمييز الحقوق وإفراز الأنصباء » : والقسمة . للجرجاني، وزارة الثقافة والإعلام، بغداد، ص ٩٩ ومعنى الآية الكريمة أن الاثنتي عشرة عين ً ا موزعة على الاثني عشر سبط ً ا لكل سبط عينهم الخاصة بهم: ﴿ <;:98 ﴾ ، ويقول تعالى أيض ً ا: ﴿ QPONMLK ]\[ZYXWVUTSR ^ ﴾ [ [البقرة: ٦٠(١) . كذلك يقول تعالى: ﴿ !" &%$# ')( ﴾ [ [القمر: ٢٨ ؛ يقول الإمام أبو السعود في تفسيره لهذه الآية: ﴿ ! " %$# ﴾ ؛ مقسوم لها يوم ولهم يوم وبينهم لتغليب العقلاء، وقوله تعالى: » : أي ﴿ ' )( ﴾ « ؛ أي: يحضره صاحبه في نوبته(٢) . وبخصوص ذات الآية: ﴿ !" &%$# ')( ﴾ يقرر الله » البعض أن هذا النص القرآني يدل على جواز القسمة ومشروعيتها؛ لأن « تعالى سمى المهايأة على الماء وهي قسمة المنافع: قسمة(٣) .  ويجب أن تكون قسمة الماء عادلة لا جائرة، وإلا كانت ﴿ ¯® ﴾  [ [النجم: ٢٢ ؛ أي: قسمة جائرة، جائرة عن العدل، وخارجة عن ا لصواب. ويمكن الاستدلال أيض ً ا على معرفة الشريعة الإسلامية لتقسيم مواضع المياه، من قوله تعالى: ﴿ Ø×ÖÕÔÓÒÑÐÏÎ Ù ﴾[ [الزمر: ٢١ ، دليل على تقسيم مواضع المياه أيض ً ا؛ ذلك أن كلمة (١) يقول القرطبي: إن معنى الآية أن لكل سبط منهم عين ً ا قد عرفها لا يشرب من غيرها .( (القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ج ١، ص ٤٢١(٢) . تفسير أبي السعود، ج ٨، ص ١٧٢(٣) يقول الإمام الكيا الهراس: إن الآية تدل ّ والمهايأة هي « على جواز المهايأة على الماء » الأمر المتوافق عليه وهو قسمة المنافع (راجع الإمام الكيا الهراس: أحكام القرآن، دار .( الكتب الحديثة، القاهرة، ج ٤، ص ٤٣٥ ﴿ Ö ﴾ ؛ أي: فأجراه في الأرض وعبارة ﴿ ÙØ× ﴾ جمع ينبوع وهي تدل على تعدد الينابيع وتعد ّ د الأماكن التي تسلكها فيكون فقط لمن يقطن الأرض التي يسلكها كل ينبوع الاستفادة به(١) . ويقول ا لبخاري: ومن محاسن الشريعة: قسمة الماء بين عباد الله تعالى، قال الله تعالى: » ﴿ !" &%$# ')( ﴾ ، الله تعالى قائم بالقسط أحب الإقساط، قال الله تعالى: ﴿ ^]\[ ﴾ [ [الممتحنة: ٨ ، فالماء في الأصل مباح لكن لو ترك على أصل الإباحة ولم يقسم أفضى إلى النزاع والفساد فجعل لكل أحد حظ من الشرب لينتفع بالماء ولا ينازع فيه قال تعالى: ﴿ !" &%$# ')(  +* ﴾ [ [الحديد: ٢٥ ، فالشرب ميزان الماء فإن كان الماء كثيرا أمكن ً القسمة بالمكان ولا يقسم بالزمان مهما أمكن قسمته بالأنهار فهو أولى ليستوي كل ذي حظ من الانتفاع بحظه ولا يتأخر نصيب أحدهم فإن لم يكن فحينئذ يقسم بالزمن وهو الليل والنهار. فإن اصطلح أصحاب الحقوق على شيء يقسم على ما اصطلحوا وإن لم يصطلحوا يقسم على قدر الأراضي، فمن كانت أراضيه أكثر فهو إلى الماء أحوج فيوسع حظه من الزمان ليكون عدلا ً بقدر الإمكان. وإن كان نهرا عظيما أمكن إيفاء أصحاب الحقوق جملة، يشق لكل فريق بمقدار ًً أراضيهم فإن أمكن مساحة الأراضي تمسح وتقد ّ ر سعة فوهة النهر وعمقه عن الماء ليأخذ الماء بقدر ما هو حق له ولا يتركه لصاحب الأعلى أن يزيد (١) ورد في القرآن الكريم كذلك قسمة الماء في قوله تعالى: ﴿ À¿¾½¼»º ÂÁ ﴾[ [الشعراء: ١٥٥ راجع القرطبي: الجامع ،« لكم شرب يوم ولها شرب يوم » : ؛ أي . لأحكام القرآن، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ١٣١ على حقه ويوسع فوهة نهر صاحب الأسفل فإن الماء مهما قل في النهر  الكبير قل أخذ فوهة النهر حظه من الماء. ثم أصحاب الأسفل يقدم حقهم على صاحب الأعلى فإن أخذ ترك الماء على من فوقه ثم هكذا إلى فوهة النهر الأعظم وكل ذلك لتحقيق معنى العدل وحسنه لا يخفى على أحد قال ژ : « بالعدل قامت السماوات والأرضون »(١) .  وإذا كان الإمام البخاري فسر الآية المذكورة بخصوص الأنهار، فإننا نعتقد أيضا أن هذه الآية من العمومية بحيث يمكن انطباقها على البحار ً أيض ً ا، ذلك أن تعبير ﴿ ! " %$# ﴾ يتضمن ذلك، فلفظة الماء تنتظم كل من ماء البحار والأنهار.  ولا شك أن تقسيم المناطق والامتدادات المائية يهدف إلى منع وقوع المنازعات بين الدول بعضها مع البعض، الأمر الذي من شأنه سيادة التوافق والعلاقات السلمية. لذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ WVUT ^]\[ZYX ﴾ قيل: إن معنى ذلك؛ أي: موردهم. وفيه دلالة قطع التنازع، ورفع الاختلاف من بينهم، لما » ّ بين لكل فريق منهم مورد ً ا على حدة. ولو كان مشترك ً ا لخيف وقوع التنازع ّ « والاختلاف بينهم(٢) . (١) أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن البخاري: محاسن الإسلام، مكتبة القدسي، القاهرة، ٰ . ١٣٥٧ ه، ص ١٠٩   (٢) الشيخ أبو منصور الماتريدي الحنفي: تأويلات أهل ا لسنة، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، بغداد ١٤٠٤ ه . ١٩٨٣ م، ص ١٥٤ ويقول الإمام القشيري: إن الله 4 أفرد لكل سبطة علامة يعرفون بها مشربهم، فهؤلاء لا يردون مشرب الآخرين، والآخرون لا يردون مشرب الأولين (لطائف الإشارات للإمام .( القشيري، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨١ ، ج ١، ص ٩٤ وتبدو أهمية هذا الموضوع في أمور ثلاثة: الأول أن قسمة المياه أمر ضروري لبيان نصيب كل دولة من مياه البحر أو النهر، وبالتالي مدى حقها في استغلال كل ذلك في أوجه الاستغلال ا لمختلفة. والثاني أن قسمة المياه أمر بدهي لبيان الحدود المائية البحرية والنهرية للدولة، ومن ثم معرفة تلك المناطق الخاضعة لسيادتها أو التي تمارس عليها ا ختصاصا معين ً ا في حدود القواعد القانونية الدولية ا لسارية. ً  والثالث أن ذلك لازم لمنع حدوث خلافات أو منازعات بين الدول والأفراد عند استخدام ا لبحار. وقد تعرض الفقه الإباضي، خصوصا الشيخ النفوي، لموضوع قسمة ً المياه، إذ يضع قاعدة عامة هي أن:  « القسمة جائزة في جميع ا لمياه »(١) . ويضيف أيض ً ا: وإذا كان الماء المشترك بين قوم وأرادوا قسمته، فإن كانت لهم قسمة » وعادة قبل ذلك مضوا عليها قلت أو كثرت، وكذلك من دخل إليهم في ذلك الماء بالبيع أو غيره من العقود، ولا يصيبون غير ما سبق من قسمتهم وإن لم تكن لهم قسمة وأرادوا ابتداء القسمة، فإن اتفقوا على معنى معلوم من الدور واقتسموا عليه مضوا على قسمتهم ولا يجدون نقضها بعد ذلك وإن تشاححوا على القسمة ولم يتفقوا جعل لهم القاضي أو جماعة المسلمين أو من ينتهون إليه بأمورهم قدرا يقتسمون عليه على قدر ما رأوا ً أنه أصلح للخاص والعام، ويجبرون عليه، ولا يجددون نقض نظرهم في (١) . الشيخ أبو العباس النفوي: القسمة وأصول الأراضين، ص ٨٩ ذلك، وكذلك قسمة الماء الراكد من العيون والآبار والغدران إن أرادوا أن يقسموه على ما بينا من قسمة الجاري نسق ً « ا بنسق(١) . ّ وبخصوص ماء المشاع، يقول: وماء المشاع مثل أرض المشاع، وإنما يقسمون ماء المشاع على » قسمتهم للأرض إذا تشاححوا عليه، وإن لم يتشاححوا عليه واتفقوا فلينتفعوا على اتفاقهم، وكذلك الإذن لغير أهل المشاع، كالإذن في الأرض نسق ً ا بنسق، سواء الانتفاع بماء المشاع في أرض المشاع أو غير أرض المشاع، ويكون الماء مشاع ً ا دون الأرض، وتكون الأرض مشاع ً ا دون الماء، ويكونان مشاع ً ا جميع ً ا، وجميع ما حدث في الأرض بعدما كانت مشاع ً ا من العيون والآبار والأشجار لا يكون إلا مشاع ً ا، وماء المشاع إن أدركوه تسقى به « أرض المشاع للأشجار والحرث، فإنهم لا يمنعونه من تلك ا لأشجار(٢) . مما تقدم يمكن استنباط القواعد الآتية والتي تحكم قسمة المياه في الفقه ا لإباضي: ١ أن القسمة جائزة في جميع المياه، وسواء كانت مياه بحار أو أنهار، وسواء كانت مياه ً ا دولية أو داخلية. ٢ أنه إذا كانت توجد عادة أو عرف في تقسيم المياه بين الأطراف المعنية، فإن ذلك يجب احترامه ونفاذه على الأطراف ا لمعنية. ٣ إذا لم يكن هناك تقسيم سابق للمياه، فإن تقسيمها يحكمه أمران: الأول أن اتفاق الأطراف المعنية على تقسيم معين هو الذي يجب الأخذ به، فإذا تم الاتفاق فلا يجوز نقضه إلا باتفاق جديد. (١) . ذات المرجع، ص ٩١(٢) . ذات المرجع، ص ٥٠١ والثاني إذا لم يتوصل الأطراف المعنية إلى اتفاق بخصوص تقسيم المياه، يتم ذلك بواسطة القاضي أو جماعة المسلمين أو أي طرف آخر يوافق عليه الأطراف المعنية (نعتقد أن النفوي يقصد بذلك تدخل طرف آخر لحل النزاع كوسيط أو كمحكم مثلا ً .(  »fÉãdG åëѪdG √É`«ªdG ´Gƒ`fCG تعرض الفقه الإباضي إلى ثلاثة أنواع من المياه، هي: الأول الماء الجاري والماء ا لراكد: والماء الجاري هو: ما استبانت حركته، وعلم انتقاله من مكان إلى مكان ا نتقالا » ً متصلا ً «(١) .  أما الماء الراكد، فهو(٢) : الماء القائم الذي لا حركة له، مع قطع النظر عن كونه قليلا » ً أو كثيرا، ً وسواء كان ذلك الماء ماء غدير أو بركة أو حوض أو نحو ذلك، فإن المحل غير مؤثر فيه حكما زائد ً .« ا على حكمه الذي جعله الله له ً (١) الإمام السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٢٧ . كذلك قسم أبو محمد الماء ١ الضرب الأول: فيه نجاسة متجسدة لا ينجس بها منه إلا ما خالطها » : الجاري على ضربين ولقيها من أجزائه دون سائره، ثم إذا انتقلت دفعت مادة الماء مكانه فطهرته. ٢ والضرب الثاني: أن تكون النجاسة لما حلته تفرقت أجزاؤها، وصارت أجزاء النجاسة مجاورة لأجزاء الماء بسبب تفرقها فيه واختلاطها. وحكم هذا أنه نجس، إلا أن يغلب الماء النجاسة فيدفع مادة النجاسة، فيكون حكمه كحكم الضرب الأول، أو يكثر الماء حتى تصير أجزاء النجاسة فيه ذات المرجع، ص ٥٣١ .« مستهلكة لا حكم لها؛ فيرجع الحكم إلى الماء فيكون طاهرا -.٥٣٢ ً (٢) . ذات المرجع، ص ٥٣٤ أن النبي ژ نهى الجنب أن يغتسل » : ومن أحكامه الخاصة به ما روي « من الماء ا لدائم (١) . ومن كتاب قواعد ا لإسلام: الماء المستعمل للوضوء والاغتسال قد تنازع العلماء فيه مع اتفاقهم على طهارته. وقال من قال: في القلة إذا كانت تسع قدر خمس مكاكيك. وقال من قال: أجزى. وقال من قال: خمس مكاكيك. وقيل: غير ذلك. قال أبو سعيد: إذا كان الماء قدر أربعين قل ّ ة لم يفسده شيء. قلت له: فما حد ا لجرارة. قال: أوسط ا لجرار. والثاني: الماء المطلق والماء ا لمضاف. والماء على ضربين: فماء مطلق. وماء مضاف. » : يقول الصائغي فالمطلق الذي ذكره الله في كتابه بقوله: ﴿ `_ cba﴾  [ [الفرقان: ٤٨ . وفي موضع: ﴿ ML ﴾ [ [الأنفال: ١١ ، وفي موضع: ﴿ Ö ÙØ× ﴾ [الز [ مر: ٢١ . فالماء النازل من السماء وماء العيون الذي أسلكه لنا من السماء هو الماء المطلق الذي سماه الله تعالى. (١) ٦٨ ، وكذلك /١ ، رواه الربيع، كتاب الطهارة، باب ٢٢ ، كتاب الغسل من الجنابة، رقم ١٤٤ . ١٢٤ ، وابن ماجه، رقم ٦٠٥ ، ص ٨٥ /١ ، النسائي، كتاب الطهارة، رقم ٢٢٠ والمضاف هو الذي لا يعرف إلا بماء أضيف إليه وإلى الواقع فيه نحو ماء الباقلاء والحمص والورد ومثله. فهذا المضاف الذي قلناه. « والمطلق الذي لا يعرف إلا بصفة تنزيله(١) ويقول ا لشماخي: . والمياه ثلاثة: ماء مضاف إلى مكان قائم فيه، وماء مضاف إلى شيء » واقع فيه، وماء مضاف إلى شيء خارج منه. فالمضاف إلى مكان قائم فيه مثل ماء الأمطار، وماء العيون والآبار، « وماء ا لبحار (٢) . والماء ا لمضاف: « هو المضاف إلى مكان قائم فيه كماء ا لبحر » (٣) . والثالث مياه البحار والأنهار، وهو ما نعرض له ا لآن. مة الصائغي: جامع الجواهر، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ  (١)العلا ١٤٠٦ ه . ١٩٨٦ م، ج ٢، ص ١٧٩ (٢) . الشيخ عامر الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ١، ص ١٠١(٣) . ذات المرجع ص ٤٣ أما الماء المضاف إلى الواقع فيه، هو: ماء الزعفران، وماء الباقلاء، وماء الحمص. والماء المضاف إلى الخارج منه، هو: ماء الورد وماء القرع وما كان مثله، راجع الصائغي: جامع . الجواهر، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٨٠ تشغل البحار والمحيطات الجزء الأكبر من الكرة الأرضية، فهي تحيط بها من كل جانب، يقول أبو الفداء: والقدر المكشوف من الأرض هو بالتقريب ربعها، وأما ثلاثة أرباع » « الأرض الباقية بالتقريب فمغمور بالبحار(١) . والبحر اسم للماء الغزير ا لواسع(٢) . (١) ، أبو الفداء: تقويم البلدان، دار صادر، بيروت، دار الطباعة السلطانية، باريس، ١٨٣٠ ص ١٨ -.١٩ (٢) لذلك يقول الشريف ا لرضى: الشريف ) « ماء البحر كثير لا ينضب » كذلك فإن « والبحر في كلام العرب الشيء الواسع »الرضي: المجازات النبوية، ط الحلبي، القاهرة، ١٣٨٧ه .( ١٩٦٧ م، ص ١٨٦ فالعرب تطلق على ما اتسع بحرا، ومنه قوله ژ للفرس الذي ركبه لأبي طلحة: وجدناه » ً بحر ً« ا ، أي واسع الخطو (الإمام الجصاص: أحكام القرآن، دار المصحف، القاهرة، الطبعة .( الثانية، ج ٤، ص ١٤٤ معروف والجمع بحور وأبحر » ويقرر العرب أن البحر ليس في حاجة إلى تعريف فهو خلاف » :« البر » بعكس البحر فقالوا إن « البر » وقد عرفوا .« وبحار سمي بذلك لاتساعه المقري الفيومي: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، دار المعارف، ) « البحر القاهرة، ١٩٧٧ ، ص ٣٦ -.(٤٣ انظر ابن ماجد الملاح: كتاب ) « البحر أكثر من البر » كذلك قال ابن ماجد الملاح: إن الفوائد في أصول البحر والقواعد، تحقيق: فيران، باريس ١٩٢١ - ١٩٢٣ ، المكتبة .( الشرقية، بول جوتنير، ص ١ = = وابن ماجد الملاح هو شيخ ربابنة المحيط الهندي والبحر الأحمر وخليج عمان والخليج ُ العربي وبحر الزنج وبحر جارة وبحر الصين في القرن الخامس عشر الميلادي (التاسع الهجري). له مؤلفات قيمة في هذا العلم. وقد ذكر قطب الدين النهروالي في كتاب البرق اليماني أن فاسكو دي جاما لم يتمكن من الوصول إلى الهند إلا بفضل أحمد بن ماجد الملاح الذي أرشده إلى الطريق ا لصحيح. (انظر أنور عبد العليم: الفوائد في أصول علم البحر والقواعد لابن ماجد الملاح، مجلة تراث الإنسانية، المجلد الخامس، عدد ٤، ص ٢٧٤ وما بعدها). وكذلك أيض ً .( ا لنفس الكاتب: ابن ماجد الملاح (أعلام العرب عدد ٦٣ وقد قال حمزة الأصفهاني: الأرض مستديرة الشكل، المسكون منها دون الربع، وهذا ، الربع ينقسم قسمين: برا وبحرا (راجع ياقوت الحموي: معجم البلدان، ج ١ ًً ص ٢٥ -.(٢٦  هو من البحارة وهما الذين يتبحرون في البحر (راجع « بحر » ويقول الزمخشري: إن .( الزمخشري: أساس البلاغة، مطبعة دار الكتب، القاهرة، ١٩٧٢ ، ج ١، ص ٣٢ وبخصوص مادة بحر يقول صاحب مختار ا لصحاح: البحر ضد البر قيل سمي به لعمقه واتساعه والجمع أبحر وبحار وبحور وكل نهر عظيم » ُ راجع مختار ) « بحر... وماء بحر؛ أي: ملح وأبحر الماء ملح وأبحر الرجل ركب البحر الصحاح للرازي، دار المعارف، القاهرة، ١٩٨٣ ، ص ٤١ ؛ ياقوت الحموي: معجم البلدان، .( المرجع السابق، ج ١، ص ٣٤١ وبخصوص ملوحة ماء البحر، قرر مجمع اللغة العربية أن: الماء الكثير ملحا كان أو عذبا، وقد غلب على الملح حتى قل في العذب وجمعه » : البحر ًً .« بحار وأبحر وبحور (مجمع اللغة العربية: معجم ألفاظ القرآن الكريم، المجلد الأول، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٣٩٠ ه -.( ١٩٧٠ م، ص ٨٢ ويقول الأصبهاني: إن أصل البحر كل مكان جامع للماء الكثير واعتبر من البحر تارة ملوحته، فقيل ماء بحراني، أي ملح، وقد أبحر الماء، وقال بعضهم: البحر يقال في الأصل للماء المالح دون العذب. وقوله تعالى: ﴿ ¬ ¯® ° ³²± ´¶µ ﴾[ [الفرقان: ٥٣ ، إنما سمي العذب بحرا لكونه مع الملح، كما يقال للشمس والقمر قمران ًُ (الراغب الأصبهاني: المفردات في غريب القرآن، تحقيق: د. محمد أحمد خلف الله، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ١٩٧٠ ، ص ٤٨ -.(٤٩ = وسمي بحرا لاتساعه، وقد ورد في القرآن ا لكريم(١) على أربع وجوه:  ُّ ً أحدها: البحر المعروف في الأرض، ومنه: ﴿ ÅÄà  Æ ﴾ [ [الكهف: ٦٠ . والثاني: الماء العذب والماء المالح ومنه: ﴿ ¯° ﴾ [ [الفرقان: ٥٣ . والثالث: بحر تحت العرش، ومنه: ﴿ }~ ﴾ [ [الطور: ٦ . والرابع: العامر من البلاد، ومنه: ﴿ ÔÓÒÑÐ ﴾ [ [الروم: ٤١(٢) . = وجاء في معجم ا لبلدان: واختلفوا في سبب ملوحة ماء البحر، فزعم قوم أنه لما طال مكثه وألحت الشمس عليه »بالإحراق، سار مرا ملحا واجتذب الهواء ما لطف من أجزائه فهو بقية ما صفته الأرض ً  من الرطوبة فغلظ، وزعم آخرون أن في البحر عروق ً ا تغير ماء البحر، فلذلك صار مرا ً زعاق ً .« ا، وزعم بعضهم أن الماء من الاستحالات، فطعم كل ماء على طعم تربته (ياقوت الحموي: معجم البلدان، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٢ - ٢٣ )، ويقرر ا لرازي: إنما يقال: ماء ملح، على أن من أهل العلم ،« والمالح في صفة الماء لفظة ليست بالجيدة »من قد أجاز ذلك، احتج بقول القائل وهو شعر قديم: ولو تفلت في البحر والبحر مالح لأصبح ماء البحر من ريقها عذبا َ (راجع أبو الحسين أحمد بن فارس الرازي: حلية الفقهاء، تحقيق: د. عبد الله التركي، الشركة المتحدة للتوزيع، بيروت، ١٤٠٣ ه -١٩٨٣ م، ص ٣٤ -.(٣٥ وأسماء البحر في اللغة العربية كثيرة، منها: اليم، والبضيع، والحنبل والحنبالة، والمهرقان، والخضم، كما أن نعوته متعددة، منها: الهموم، وبحر غطم وغطمطم وغطمطيط وغطيم (كثير الماء)، وبحر لهم (واسع)، وبحر هقم وهقيم (واسع بعيد القعر)، راجع ابن سيده: المخصص، السفر العاشر، ص ١٥ -.٢٣ (١) جاءت كلمة بحر في القرآن الكريم (مفردة ومثناة وجمع ً ا) في حوالي إحدى وأربعين مرة (انظر محمد فؤاد عبد الباقي، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، ص ١١٤ وما بعدها). (٢) انظر منتخب قرة العيون النواظر في الوجوه والنظائر للإمام ابن الجوزي، ص ٧٣ - ،٧٤ وأيض ً . ا الدامغاني: إصلاح الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، ص ٦٣ كذلك قيل: (إن البحر ورد في القرآن على عدة أنحاء: بمعنى ضد البر: ﴿ HGF ﴾ = وقد تطورت قواعد قانون البحار منذ القدم حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، فهي ليست بنت اليوم فقط، وإنما خضعت لتطورات عديدة تجسدت في النهاية في اتفاقات أربعة أبرمت في جنيف عام ١٩٥٨ ، وأخيرا ً . في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام ١٩٨٢ ِ وقد عني الفقه الإباضي بالبحار؛ بل ورد في ذلك حديث عن ُ َ النبي ژ بخصوص أهل عمان؛ إذ يروى أن مازن الطائي سأل ُُ يا رسول الله ژ ، ادع الله » : الرسول ژ الدعاء لأهل عمان. فقال مازن ُ .« تعالى لأهل عمان ُ  قال: «!! اللهم اهدهم » . ُ فقلت: زدني يا رسول الله!!.     فقال: «!! اللهم زدهم العفاف والكفاف والرضا بما قدرت لهم » . ُ = [الد ُ [ خان: ٢٤ . ﴿ !" $# ﴾ [ [الأعراف: ١٣٨ ، وبمعنى بحر فارس والروم ﴿ ! +*)('&%$#" ﴾ [ [فاطر: ١٢ ... وبمعنى الأرياف والقرى: ﴿ ÔÓÒÑÐ ﴾ [ [الروم: ٤١ ؛ أي: في البوادي والحواضر). وأصل البحر: كل مكان واسع جامع للماء الكثير، ثم اعتبر تارة سعته المكانية، فيقال ماء » : بحرت كذا: أو سعته سعة البحر، تشبيها به... واعتبر من البحر تارة ملوحته، فقيل ً الفيروزآبادي: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب ) « بحر؛ أي: ملح، وقد أبحر الماء ، العزيز، تحقيق: محمد علي النجار، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٣٨٥ ج ٢، ص ٢٢٥ -.(٢٢٦ ويقول ا لزركشي: وما في القرآن من ذكر البر والبحر فإنه يراد بالبحر الماء وبالبر التراب اليابس، غير واحد »في سورة الروم ﴿ ÔÓÒÑÐ ﴾ الإمام الزركشي: ) « فإنه بمعنى البرية والعمران البرهان في علوم القرآن، ج ١، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، عيسى البابي الحلبي، .( القاهرة، الطبعة الثانية، ص ١٠٥  قلت: يا رسول الله، إن البحر ينضح بجانبنا، فادع الله في ميرتنا وخفنا ِ وظ َلفن َ ا!!. قال: الله » ُ م وسع ْ لهم وعليهم في ميرتهم، وك َثر خيره ُ « م من بحرهم . َْ قلت: زد ْ.  قال: لا تسلط » ْ عليهم عدوا من غيرهم!!، قل يا مازن: آمين!!، فإن آمين؛ «!! يستجاب لها عند ا لدعاء . قلت: آمين!!(١) .  هو المنفذ بل والرئة التي تتنفس به عمان نحو العالم » : والبحر ُ « الخارجي(٢) « العمانيون أمة بحرية » ، ذلك أن(٣) .  ُّ   كذلك عقد مؤتمر دولي عن الإباضية في ألمانيا عام ٢٠١١ ، كان من إمبراطورية ع » بين محاوره ُ « مان ا لبحرية(٤) . وتثير البحار في العلاقات الدولية المعاصرة مسألتين مهمتين: استخداماتها، ومناطقها. (١)، وزارة الإعلام سلطنة عمان، دار إميل للنشر، لندن، ١٩٩٥ « عمان في التاريخ » ُُ . ص ١١٣ (٢)عبد الله الحارثي: بنو نبهان في عمان والأوضاع الاقتصادية في عصرهم، رسالة ماجستير، ُ . كلية الآداب جامعة القاهرة، ١٩٩٠ ، ص ٢٣٥(٣) د. عبد النبي علي: الصراع العماني البرتغالي في شرق إفريقيا ( ١٦٥٠ - ١٧٣٠ )، رسالة ُ ، دكتوراه، معهد البحوث والدراسات الإفريقية، قسم التاريخ، جامعة القاهرة، ١٩٩٤ . ص ١٤٦(٤) وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، العدد ٣٣ ، صيف ١٤٣٢ ه ٢٠١١ م، ،« التفاهم » ُ . ص ٣٧٧ ∫hC’G åëѪdG QÉëÑdG äÉeGóîà°SG لم يغفل الإسلام مختلف الاستخدامات المتصورة للبحار، فقد انتظمتها، في رأينا، الآية رقم ( ١٤ ) من سورة النحل حيث يقول جل شأنه: ﴿ « ¶µ´³²±°¯®¬ À¿¾½¼»º¹¸ Á﴾ [ [النحل: ١٤ . ولا شك أن هذه الآية قد نصت على مختلف الاستخدامات المتصورة للبحار، وهي: الصيد: والمتمثل أساس ا في ا لسمك. ً استخراج الجواهر النفيسة التي يلبسها الإنسان من اللآلئ والجواهر. الملاحة: بواسطة السفن والفلك التي تمخر البحر؛ أي: تشقه. كافة الاستخدامات الأخرى والتي تدخل تحت عموم قوله تعالى: ﴿ ÁÀ¿¾½﴾ (١) . (١) وإن كان ابن العربي يفسر قوله تعالى: ﴿ ÉÈÇÆÅÄÃÂÁ Ê﴾ [ [الإسراء: ٦٦ يعني التجارة، كما قال تعالى: » : بأنه ﴿ FEDC JIHG﴾ [ [البقرة: ١٩٨ . وقال: ﴿ <;:98 >= A@?﴾ [ [الجمعة: ١٠ . ولا خلاف أن ذلك في هاتين الآيتين للتجارة. فكذلك هذه ابن العربي: أحكام القرآن، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٢٠٦ ). كذلك فإن الإمام ) « الآية أبو السعود في تفسيره للآية ١٤ من سورة ا لنحل: يقرر أنها تعداد للنعم المتعلقة بالبحر عن طريق الانتفاع به بالركوب والغوص والاصطياد، إلا أنه يفسر قوله تعالى: ﴿ ¿¾½﴾ [ [النحل: ١٤ من سعة رزقه » : ، بأنه يعني .( راجع تفسير أبي السعود، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٠٣ ) « بركوبها للتجارة لا بأس بالتجارة في البحر، وما ذكره ا لله » ويأخذ بذات التفسير آخرون بقولهم: إنه 8 = بل لعل إباحة البحار بكافة استخداماتها: (من ملاحة، أو صيد، أو وضع كابلات، أو تحليق... إلخ) يجد سند ً ا أساسيا له في القاعدة التي أخذ بها الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص من الشارع » : جمهور الفقهاء من أن عملا ،« بالتحريم ً بقوله تعالى: ﴿ ÅÄÃÂÁÀ¿¾ ﴾ ] [ البقرة: ٢٩ .  وقوله تعالى: ﴿ ,+* -3210/. ﴾ [ [الأنعام: ١١٩ . وعلى ذلك فالأصل الإباحة، والتحريم هو الاستثناء، تطبيق ً ا للقاعدة المذكورة. ولعل فكرة المشاركة هذه في استخدامات البحار والأنهار الدولية تدل  على أمرين:   أولا ً: حق كل فرد أو جماعة أو دولة في استغلال واستخدام تلك الموارد الطبيعية. ثاني ا: إمكانية وضع قيود فيما يتعلق بماهية هذا الاستغلال أو مداه ً مراعاة لحقوق الآخرين (أفراد ً ا أو دولا ً أو جماعات). = في القرآن إلا بحق، لقوله تعالى: ﴿ ¿¾½¼»º¹ ﴾ [ [النحل: ١٤ ، الإمام ابن الأثير: جامع الأصول من أحاديث الرسول، تحقيق: محمد حامد الفقي، مطبعة ا لسنة المحمدية، القاهرة، ١٣٧٠ ه ١٩٥١ م، ج ٦، ص ٢٢ ؛ وانظر أيض ً ا ، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، المرجع السابق، ج ٤ ص ٢٣٩ . وقد أخذ الإمام القرطبي بنظرة أوسع عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿ ¬® ¯ ﴾ [ [النحل: ١٤ تسخير البحر هو تمكين البشر من التصرف فيه وتذليله » : ، بقوله القرطبي: الجامع لأحكام ) « بالركوب والإرفاء وغيره، وهذه نعمة من نعم الله علينا .( القرآن، ج ١٠ ، ص ٨٥ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٣٠ وقد تعرض الفقه الإباضي للاستخدامات المختلفة للبحار الدولية، على النحو الآتي بيانه:  :áMÓªdG »a QÉëÑdG ΩGóîà°SG `` CG ١ أهمية البحار كطريق ملاحي: وردت في القرآن الكريم العديد من الآيات التي يمكن أن يستنبط منها اعتماد الإسلام لمبدأ حرية الملاحة في البحار والمحيطات، يكفي أن نذكر هنا قوله تعالى: ﴿ 8765 ﴾ [ [البقرة: ٥٠ . ﴿ ONMLKJIHGFE ﴾ [ [الأنعام: ٩٧ . ﴿ ÂÁÀ¿¾½ ﴾ [ [النمل: ٦٣ . ﴿ TSRQPONML ﴾ [ [لقمان: ٣١ . ﴿ ÏÎÍÌËÊÉÈÇ ﴾ [ [الجاثية: ١٢ . ﴿ ,+*) -. 0/ ﴾ [ [البقرة: ١٦٤ . ﴿ <;: =?> ﴾ [ [يونس: ٢٢ . ﴿ . 10/ ﴾ [ [يونس: ٩٠ . ﴿ ÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½ ﴾ [ [إبراهيم: ٣٢ . ﴿ _` fedcba ﴾ [ [الإسراء: ٧٠ . ﴿ &% ' ,+*)( -. ﴾ [ [الحج: ٦٥ . الباب الرابع: قانون المياه الدولية (البحار والأنهار الدولية) ٣١ ﴿ 9876543 ﴾ [ [الزخرف: ١٢ . ﴿ \[ZY ﴾ [ [المؤمنون: ٢٢ . ﴿ !" &%$# '( ﴾ [يس ۤ [٤١ : . ﴿ 9876 ﴾ [ [فاطر: ١٢ .    ﴿ ¼»º¹ ﴾ [ [النحل: ١٤ . ﴿ ÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ ﴾ [ [الإسراء: ٦٦ . ﴿ ,+*)( -﴾ [ [طه: ٧٧ . ﴿ ¹¸¶µ´³² ﴾ [ [الكهف: ٧١ . ﴿ ihgfedc ﴾ [ [الكهف: ٧٩ . ﴿ srqponm ﴾ [ [الكهف: ٧٩ . ﴿ !" &%$# ﴾ [ [العنكبوت: ١٥ . ولا جدال أن كل الآيات السابقة تنهض دليلا ً أكيد ً ا على أن الأصل هو حرية الملاحة، ذلك أن تسخير السفن لكي تمخر في البحر، أي: تشقه لا يتصور إذا كان هناك حظر للانتقال من مكان إلى مكان في البحار والمحيطات؛ لأنه إذا حدث ذلك لن تسير ولكن ستقف أو تتوقف. وهكذا بخصوص قوله تعالى: ﴿ ,+*) -./ 0 ﴾ [ [البقرة: ١٦٤ ، يقول الإمام ا لقرطبي: وهذه الآية وما كان مثلها دليل على جواز ركوب البحر مطلق » ً ا لتجارة كان أو عبادة، كالحج والجهاد... وروي عن عمر بن الخطاب وعمر بن ُ عبد العزيز ^ المنع من ركوبه. والقرآن والسنة يرد هذا القول، ولو كان ركوبه يكره أو لا يجوز لنهى ا لنبي ژ الذين قالوا له: إنا نركب البحر، وهذه الآية وما   كان مثلها نص في الغرض وإليها المفزع... ومما يدل على جواز ركوبه من جهة المعنى أن الله تعالى ضرب البحر وسط الأرض وجعل ا لخل ْ ق َ في ا لع َد ْ و َ تي َ ْ ن،   وقسم المنافع بين الجهتين، فلا يوصل إلى جلبها إلا بش َ ق البحر لها، فسهل ا لله ُ  سبيله بالفلك؛ قاله ابن العربي... فدل الكتاب والسنة والمعنى على إباحة  ركوبه للمعنيين جميع ً « ا: العبادة والتجارة، فهي الحجة وفيها ا لأسوة(١) . ومن الطبيعي أن تأتي ممارسات ا لرسول ژ مطابقة ومؤيدة للقرآن  الكريم، سواء كانت قولا ً أو فعلا ً أو تقريرا. وقد ورد في ا لسنة ما يؤيد حرية ً الملاحة البحرية وعدم اعتراض السفن أو إعاقتها. وهكذا جاء في كتاب رسول الله ژ إلى يحنة بن رؤبة ملك أيلة(٢) : بسم الله الرحمن الرحيم. هذا أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله » ٰ ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة لسفنهم وسيارتهم في البر والبحر لهم ذمة الله وذمة محمد رسول الله ژ ولمن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر، ومن أحدث حدث ً ا فإنه لا يحول ماله دون نفسه وإنه طيبة لمن أخذه  من الناس وأنه لا يحل أن يمنعوا ماء يريدونه ولا طريق ً ا من بر وبحر، هذا كتاب جهم بن الصلت وشرحبيل بن حسنة بإذن رسول الله ژ « (٣) . (١) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٩٤ -.١٩٦ (٢) ومن ذلك أيض ً ا ما جاء في كتاب ا لنبي ژ إلى ا لأكبر بن عبد القيس: إنهم آمنون بأمان الله وأمان رسوله... وعليهم الوفاء بما عاهدوا، ولهم أن لا يحبسوا عن »طريق الميرة، ولا يمنعون صوب القطر... والعلاء بن الحضرمي أمين رسول الله على برها، وبحرها، وحاضرها، وسراياها، وما خرج منها، وأهل البحرين خفراؤه من الضيم، وأعوانه ٢، ص ٣٣ ، محمد : راجع طبقات ابن سعد ١ ) «... على الظالم، وأنصاره في الملاحم .( حميد الله: الوثائق السياسية، رقم ٧٢ (٣) الطبقات الكبرى لابن سعد، ج ١، دار صادر، بيروت، ١٣٨٠ ه ؛ ١٩٦٠ م، ص ٢٨٩ السيرة النبوية لابن هشام، ط الحلبي، القاهرة، ج ٢، ص ٥٢٥ - ٥٢٦ وإيلة هي مدينة على = يمكن أيضا أن نؤيد حرية الملاحة الدولية بما جاء في أقوال فقهاء ً المسلمين أو حكامهم. وهكذا قال مسروق: لا أدري ما هذا الحبل الذي لم يسنه رسول الله ژ ، ولا أبو بكر، » ولا عمر، وكان حبلا ً يعترض به النهر يمنع السفن من المضي حتى تؤخذ « منهم الصدقة، فأنكر مسروق أن تؤخذ منهم على ا ستكراه(١) كذلك قال عمر بن عبد العزيز: . وأما البحر فإنا نرى سبيله سبيل البر، قال: » ﴿ ÌËÊÉÈÇ ÒÑÐÏÎÍ﴾ [ [الجاثية: ١٢ ، فأذن فيه أن يتجر فيه من شاء، وأرى أن لا نحول بين أحد من الناس وبينه، فإن البر والبحر لله جميعا ً سخرهما لعباده يبتغون فيهما من فضله، فكيف نحول بين عباد الله وبين « معايشهم (٢) . الخليفة العادل بقوله تعالى: ﴿ «  وهكذا فقد استدل ¸¶µ´³²±°¯ ®¬ ¹ ÁÀ¿¾½¼»º﴾ [ [النحل: ١٤ . وقوله تعالى: ﴿ ! *)('&%$#" 876543210/.-,+ =<;:9 >﴾ [ [فاطر: ١٢ . = طرف اللسان الشرقي لخليج العقبة، ومعنى إعطائهم حق استخدام ما يريدونه من الطرق البحرية هو المرور في البحر الأحمر الذي يقع عليه خليج العقبة والذي كان واقعا كله ً تحت سيطرة ا لمسلمين. (١) راجع كتاب الأموال لابن سلام، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ص ٧٠٤(٢) . ابن عبد الحكم: سيرة عمر بن عبد العزيز، مكتبة وهبة، القاهرة، ص ٨٢ - .٧٠٨  كذلك عرف العرب والمسلمون إرشادات الطرق في البحار (وكانوا يطلقون عليها اسم الرحماني أو الرهماني يعتقد أنها تصحيف للكلمة الفارسية راه (طريق) ونامة (كتاب)؛ أي: (كتاب الطريق) ومن أشهر الكتب في هذا الخصوص كتاب الفوائد في أصول علم البحر والقواعد لابن ماجد، وكتاب العمدة المهرية في ضبط العلوم البحرية لسليمان المهري، ودليل  المحتار في علم البحار لعيسى ا لقطامي) (١) . وفي السلوك الإباضي تم استخدام البحار كطريق للمواصلات. تغزو البحار، وتسهم في التجارة الدولية » فمن المعلوم أن عمان كانت ُ شرق ً « ا نحو الهند وسواحل آسيا، وغربا نحو سواحل شرقي إفريقيا(٢) . ً غير أن اتجاها في الفقه الإباضي يكره سلوك طريق البحر إلا استثناء، ًً وإذا حتمت الأحوال ذلك. وهكذا جاء في منهج ا لطالبين: والفقهاء يكرهون ركوب البحر، إلا لحج، أو لغزو، أو جهاد عدو » . وأما لطلب المعيشة فلا. ومن ركب البحر فقد صحب الهم والخوف. وأما أهل ّ الضمير واليقين، فمعهم الخوف في البر والبحر سواء، إلا من ضعف يقينه. « وإنما خافوه لما جربوه(٣) . لذلك يقول ا لنزوي: « ولا بد من طلب المعيشة في غير ا لبحر »(٤) . (١) راجع حسن صالح شهاب: الدليل البحري عند العرب، الجمعية الجغرافية الكويتية، الكويت، ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ٨٩ ، وأيض ً ا حسن صالح شهاب: الملاحة عند العرب، . مركز الدراسات والبحوث اليمني، دار العودة بيروت، ١٩٨٢ ، ص ٥٠٤ (٢) . معجم المصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٧٤٨ ّ (٣) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٦، ص ٧٠٢(٤) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ٥٢ ولا شك أنه في العصر الحالي تلاشى هذا التخوف أو يكاد؛ فقد أد ّ لا تطيح بها « راسيات » ى تطور العلم والتكنولوجيا إلى ظهور سفن الأمواج إلا لماما، كذلك فقد أباح البحر عن كثير من ثرواته الحية وغير الحية. الأمر الذي يدفعنا إلى القول ا ستناد ً تغير الأحكام بتغير » : ا إلى قاعدة ّ إن اتخاذ البحر طريق « الزمان ً ا للملاحة الدولية أصبح الآن لا يختلف عن اتخاذ البر أو الجو في انتقال الأفراد والبضائع والأموال. وبخصوص اتخاذ البحر طريق ً ا للمواصلات، فقد بحثه الفقه الإباضي من نواحي عديدة، أهمها: ٢ أداة الملاحة البحرية ا لسفينة: « بيت من الخشب يبنى على ا لماء » : السفينة هي(١) . وقد اشتهر أهل عمان ببناء السفن، بل في بعض العصور كان الأسطول ُ العماني ثاني أكبر أسطول في ا لعالم(٢) . ُ (١) أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، تحقيق: قطب الأئمة أطفيش، تحقيق: د. مصطفى باجو، ١٤٢٨ ه -. ٢٠٠٧ م، ج ١، ص ٤٨٥ (٢) يكفي أن نذكر ما يلي: وكان الأسطول ا لعماني الحربي والتجاري في الخليج العربي والمحيط الهندي خلال » ُ النصف الأول من القرن التاسع عشر ثاني أكبر أسطول على الإطلاق ويأتي في المرتبة الثانية بعد الأسطول البريطاني. وكان لهذا الأسطول الضخم قواعد رئيسية على الساحل الشرقي للخليج العربي في مواني بندر عباس وجاسك وشامل وسياب ولنجة وجزر قشم وهرمز ولاراك، وكانت قواعده على الساحل ا لعماني موانئ مسقط ومطرح وجزيرة ُ مصيرة. أما على الساحل الإفريقي فكان لعمان قواعد بحرية في ممباسة ولامو وكلوة ُ ومركة ومقديشو وزنجبار. وكان السيد سعيد بن سلطان سلطان عمان الذي حكم أكثر ُ من نصف قرن دولة واسعة في الخليج العربي والمحيط الهندي ينتقل بين ممتلكاته في عمان والساحل الإفريقي، وكان يقضي فترة طويلة على ظهر السفن يتفقد بلدان هذه ُ الدولة الشاسعة الأطراف، وفي السنوات الأخيرة من حكمه كان يفضل قضاء أطول مدة = وقد تطرقت الشريعة الإسلامية إلى طرق المواصلات البحرية وكفالة ّ حرية الملاحة من خلال البحار، بل ورد في القرآن ذكر السفن(١) ومرادفاتها سبعا وعشرين مرة. وقد جاء في السيرة ذكر عدة سفن استعملها الصحابة في ً عهد ا لرسول ژ ، منها: سفينة جعفر بن أبي طالب حينما ذهب إلى النجاشي ملك الحبشة، وسفينة الأشعريين (وهاتان السفينتان مغتنمتان). وأما السفن غير المغتنمة فقد كان منها أيض ً ا ما يستعمل في عهده 0 والدليل على = ممكنة في زنجبار يشرف على الممتلكات ا لعمانية علي ساحل إفريقيا، وكانت له علاقات ُ واسعة جد ً ا مع زعماء القبائل الإفريقية وملوك المقاطعات والجزر العديدة مثل مدغشقر  . المرجع السابق، ص ٣٣٥ ،« عمان في التاريخ » : راجع « وساعد على ذلك قوة أسطوله ُ سفن تجارية كبيرة كانت » : وهي ،« السفن الصينية » : ومن السفن المعروفة عن أهل عمان ُ تصنع في عمان (ق ٤ ه/ ١٠ م)، وتستخدم في التجارة مع الصين ومنها جاءت ا لتسمية. ُ وت ُ« بين الوثائق أن أهل كانتون (شنغهاي حاليا) كانوا يتعجبون من ضخامة تلك السفن ً . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٢٠ ّ  (١)لعل  تخوض أحشاء » خير من وصف السفينة هو لسان ا لدين بن الخطيب حيث يقول: إن السفن ابن الخطيب: ) « البحار، وتجلب مرافق الأمصار والأقطار، وتتحف على النأي بطرق الأخبار ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب، ج ٢، مؤسسة الخانجي، القاهرة، ١٩٨٢ ، تحقيق: محمد عبد الله مجمع اللغة العربية، ) « مركب البحر » عنان، ص ٢٩ ). وعرف مجمع اللغة العربية السفينة بأنها معجم ألفاظ القرآن الكريم، المرجع السابق، ص ٥٩٤ ). كذلك انتهى المجمع إلى صحة عبارة باعتبارها تعبر عن حقيقة معينة (راجع كتاب الألفاظ والأساليب، الهيئة « سار عبر البحار »المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٧٧ ، ص ٢٠٤ وما بعدها)، ويعبر عن السفينة بالفلك وهي .( واحد وجمع ومؤنث ومذكر (راجع ابن سيده: المخصص، المرجع السابق، ص ٢٣ معروفة والجمع سفين بحذف الهاء، » : وجاء في المصباح المنير بخصوص السفينة أنها وسفائن وبجمع السفين على سف ُ ن بضمتين، وجمع السفينة على سفين شاذ لأن الجمع ُ الذي بينه وبين واحدة الهاء بابه المخلوقات مثل تمرة وتمر ونخلة ونخل وأما في المصنوعات مثل سفينة وسفين فمسموع في ألفاظ قليلة، ومنهم من يقول: السفين لغة في راجع ) « وصاحبها سفان » الواحدة وهي فعلية بمعنى فاعلة لأنها تسفن الماء؛ أي: تقشر المقري الفيومي: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، المرجع السابق، .( ص ٢٧٩ ، مختار الصحاح للرازي، ص ٣٠٢  ذلك ما رواه أبو هريرة أن رجلا ً جاء إلى النبي ژ فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أنتوضأ من ماء البحر فقال رسول الله ژ : هو الطهور ماؤه ا لحل » ّ « ميتته . كذلك ما رواه البخاري عن ا لنبي ژ وهو عند أم حرام بنت ملحان، قال: إن أناسا من أمتي يركبون البحر غزاة في سبيل الله ملوك » ً « ا على ا لأسرة ، ً فقالت: ادع ُ الله أن يجعلني منهم، فقال: « أنت من الأولين » ، فركبت البحر زمن معاوية بن أبي سفيان ونزلت جزيرة قبرص ودفنت هناك. وتتابع بعد ذلك بناء السفن من جانب المسلمين على مر العصور والأزمان. وللسفينة أحكام في الفقه الإباضي، منها ما يلي: ٭ بخصوص الأحكام ا لدينية: تعرض الفقه الإباضي لأمور كثيرة ترتبط بالسفينة، منها: علاقة التواجد  في السفينة على الوصية، والصلاة، والفقد والغيبة وأثره على ا لميراث (١) . (١) فبخصوص الوصية للشذاء، جاء في منهج ا لطالبين: وعن أبي الحسن » 5 في من أوصى بوصية، لشذاء المسلمين. وقال: لشذاء المسلمين، كذا وكذا درهما. فإن لم يكن شذاء للمسلمين، جعلت في سبيلهم. ً فإن كان عنى بقوله جعلت في سبيلهم، يعني في سبيل الجهاد وفرقت على فقراء ا لمسلمين. وإن عني بها السبيل الجهاد تركت. فمتى خرجت طائفة، من المسلمين، في جهاد عدوهم، الرستاقي: « من بر، أو بحر، جعلت في سبيلهم. والشذاء: هي المراكب والسفن للبحر . منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٣٥٣ وبخصوص الصلاة، قيل: من ركب البحر يريد سفرا يتعدى فيه الفرسخين قصر من حين ما يركب ولو لم يجاوز » ً المكلا أو القرية التي يتم فيها الصلاة، وقال أ بو عبد الله 5 : من قدر أن يصلي في السفينة قائما صلى قائما ويسجد على نبات الأرض، ومن لم يقدر صلى قاعد ً ا وأومأ إلا أن يجد ًً خشبة قائمة من خشب السفينة التي بها فإنه يسجد عليها وهو قاعد، وإن لم يجد إذا قام شيئ ً . ذات المرجع، ج ٣، ص ٢٤٨ « ا من نبات الأرض يسجد عليه قائما فإنه يقعد = ً ٭ بخصوص اتخاذ البحر وسيلة لنقل الأشخاص والبضائع: القاعدة التي يمكن استنباطها من الفقه الإباضي هي: أن وصول السفينة إلى الجهة المقصودة من رحلتها يجب أن يتحقق، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك. ويسري ذلك على النقل الداخلي والدولي(١) . ٣ الضرائب والجمارك التي تفرض على التجارة الدولية في ا لبحر: يفرق الفقه الإباضي في خصوص هذه المسألة بين فروض ثلاثة: ٭ إذا كانت التجارة للمسلمين القادمين من خارج ا لبلاد: في هذه الحالة تفرض الزكاة وفق ً ا للقواعد التي قررتها الشريعة الإسلامية، كما هو الحال في الزكاة في البر تماما. ً = ووطن أهل السفن سفنهم فيلزمهم الإتمام إذا رست. وإذا ساروا فهل حتى » : كذلك قيل يجاوزوا  .« الفرسخين أو من حين ما ساروا إن نووا قطعهما قولان  العلامة سيف بن ناصر الخروصي: جامع أركان الإسلام، الطبعة الأولى، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ص ٤٥ -.٤٦ وبخصوص الفقد والغيبة، فقد تعرض لها المحقق الخليلي، بخصوص سؤال: وفيمن ركب البحر في سفينة قاصد ً ا ناحية من الهند أو غيرها فلم تصل السفينة التي هو بها ولم يدر كيف حالها، ما حكم هذا الراكب يصير مفقود ً ا أم غائبا؟. ً وما حد ّ أجله الذي يرث فيه إذا مات له حميم؟ وما حكم فقده أو غيبته إلى كم سنة تنقضي؟ المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد الأحكام والأديان، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٧٧ -.١٨٠ (١) يكفي أن نذكر هنا ما يلي: وقيل في رجل قاطع رجلا » ً ، على أن يحمله في سفينته، من عمان إلى عدن. فلما كان في ُ بعض الطريق، انكسرت سفينته، فرجع فأصلحها فعليه أن يحمله ويوصله إلى عدن. إلا أن يكون إكراؤه لسفينة بعينها. فلا يحكم عليه بحملانه في غيرها، وعليه أن يرد عليه من ، الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٦ « كرائه، بقدر ما بقي من الطريق إلى عدن ص ٤٦٥ -.٤٦٦ وهكذا جاء في بيان ا لشرع: واعلم أن الزكاة في أموال المسلمين التي تقدم من البحر مثل الزكاة » في أموالهم التي هي مقيمة في البر، ولم يحدث البحر لها وجها يحول فيه ً « عن أوقاتها فلا تزيد فيه ولا تنقص كما فرض الله فيها(١) . ويقول ا لبسيوي: قيل له: زكاة المسلمين من البحر كزكاة البر، فكل من وجب عليه زكاة في » ماله بعد الحول في بحر أم بر أخذت منه الزكاة إن كان من المسلمين، وإن كانت سلع ً « ا قومت بسعر يومها وأخذت زكاتها، ولا ينقص عما فرض الله فيها(٢) . وفي الفقه الإباضي قولان بخصوص الزكاة على الأموال التي يصل بها المسلمون إلى الساحل من بلاد غير ا لمسلمين(٣) . (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ١٩ ، ص ٣٠٣ . انظر أيض ً ا الإمام السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٦٦١ (وهو قول أبي جابر). (٢) البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٨٩ . ومعنى ذلك أنه يشترط في أخذ الزكاة توافر شرطين: النصاب والحول، راجع الإمام السالمي: معارج . الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٦٥٨ (٣) جاء في بيان ا لشرع: وأما أموال أهل الصلاة الذين يصلون بها من بلاد الشرك إلى عمان ففيها قولان: » ُ قول أن لا زكاة فيها حتى يحول عليها حول بعمان. ثم يؤخذ منها ا لزكاة. ُ وقول: أنهم إذا وصلوا بها إلى عمان ونجلوا متاعهم وباعوا فيها واشتروا وقلبوها في نوع آخر ُ غير الذي وصلوا به من أرض الشرك أخذت منهم الزكاة. وأما الدنانير والدراهم فلا زكاة فيها حتى يحول الحول، وأما الذهب والفضة التي غير مضروبة فسبيلها سبيل المتاع وتجري مجراه. الكندي: « فإذا باعوا متاعهم بثمن حمل ذلك على ثمن المتاع وأخذت منه الزكاة على قول . بيان الشرع، المرجع السابق، ج ١٩ ، ص ٣٠٤ ويقول المحقق ا لخليلي: والحق الذي لا ريب فيه أنها لا تخلو من حالين: إما أن ينتظر بها الحول فلا زكاة فيها »قبل أن يحول عليها الحول بعمان في حماية الإمام وقد قيل بذلك فيها مطلق ً ا وإن خالف ُ عمل الأئمة ا لسابقين. = ٭ إذا كانت التجارة لغير المسلمين القادمين من خارج ا لبلاد: بخصوص هذه المسألة يمكن استنباط قاعدتين: الأولى أنه لا زكاة على غير المسلمين، وإنما يتم تعشيرهم. والثانية أن مقدار ما يؤخذ منهم يكون وفق ً ا لما يأخذه حكامهم من المسلمين إذا ذهبوا بالتجارة إليهم؛ (أي: تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل)(١) . = وإما أن تجب الزكاة فيها بدخولها تحت الحماية إن كان صاحبها لم يزكها فلا ينظر بها بيع ولا غيره فتؤخذ مما بلغ النصاب (مطلق ً ا) من الذهب والفضة والدراهم والدنانير المحقق الخليلي: تمهيد « وغيرها من التجارة إلا أن يحتج صاحب المال بحجة فتسمع . قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٤٤٧ وبخصوص المسألة الآتية: إذا كان أهل الخشب يدخلون خور صور وعندهم بضاعة صيد وغيرها، هل يصح لنا أن نترك دلالا ً معلوما لبيع ما عندهم لخوفنا بهم أن يبيعوا بأنفسهم ً ولم ندر ببيعهم لأجل العشور، أعني قعد الساحل وإن وقع البيع من الخشب وهم في الخور هل يصح لنا أن نأخذ قعد ً ا على موجب ما ينزل إلى البر؟ يقول المحقق ا لخليلي: لا يضيق ذلك أن يجعل لهم دلالا » ً للبيع وما بيع من بحر إلى بحر فالأولى تركه إلا إذا .« كان ينزل إلى البر من تلك الأماكن. والله أعلم ، المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، ج ٦ ص ٤١ -.٤٢ (١) في أموال المشركين إن كان الأخذ من الساحل على معنى القعد فالمسلم » لذلك قيل والمشرك والذمي والحربي سواء وإن كان من وجه الزكاة فأهل الذمة لا زكاة عليهم ولا يؤخذ من أموالهم شيء غير الجزية، وكل من لم تجر عليه أحكام المسلمين ولم يؤد الجزية فليس بذمي وهو من أهل الحرب وحكمهم تبع لسلاطينهم، والحربي يؤخذ العشر من ماله مطلق ً ا إذا قدم إلى مصر المسلمين كذلك في الأثر وقيل: يؤخذ منهم كما يأخذ سلاطينهم من المسلمين فيما ينزل من أموالهم البر وينزل من بحر إلى بحر. وعندي أنه ولو ثبت أن رعية الإمام لا تسافر إلى دار هذا الحربي نفسه فإنه يؤخذ منه كما يأخذ سلطانه من المسلمين عقوبة لهم لأن الإسلام كله يد واحدة وأهل الشرك كلهم كحكم . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٤٤٩ « طائفة واحدة كذلك جاء في بيان ا لشرع: = ٭ إذا كانت التجارة لأهل ا لذمة: يرى الفقه الإباضي أن أهل الذمة لا يؤخذ منهم شيء إلا الجزية وغيرها التي تم الاتفاق عليها معهم، وبالتالي فهم لا يدفعون رسوما جمركية عن ً تجاراتهم. يقول الإمام ا لسالمي:  وأما المشرك فإن كان ذميا فله الذمة ما قام بحقها، وأدى الواجب عليه » من الجزية وغيرها، ولا يؤخذ منه بعد ذلك شيء من ماله البري  ولا البحري؛ إذ لا زكاة عليه، فيعامل معاملة أهل الزكاة، وليس بحربي حتى يعامل معاملة أهل الحرب، وإن كان حربيا فإنه يؤخذ منه كما يأخذ ملكهم من المسلمين إذا قدموا عليه؛ لقوله تعالى: ﴿ ³² ´¶µ ¹¸ ﴾ « [ [النحل: ١٢٦(١) . = وإن قدم مال الحربي إلى أرض من أرض الإسلام مثل عدن أو غيرها فأخذوا منهم، ثم »قدم بذلك المال إلى عمان فينظر فإن كان إذا قدم مال المسلمين إلى أرض الحرب أخذ ُ منهم كل ملك مضى به، فأحب أن يؤخذ منهم كذلك. وإن كانوا إنما يأخذون مرة واحدة يتولى الآخر فيها قائم منهم معروف لم يؤخذ منهم إلا كذلك. وكذلك إن غصب لهم مال فصار بعمان أو نفرت لهم دواب فإن كانوا كل مال قدروا عليه ُ لأهل الإسلام رأوا الأخذ منه أخذ منهم كمثل ما أخذوا وإنما جاء الأثر فيهم أن يأخذ المسلمون من أموالهم إذا قدمت إليهم كمثل ما يأخذون هم من أموال ا لمسلمين. والمعنى في ذلك إلى ما يأخذ ملوكهم وسلطانهم، لا ما يأخذ أهل السرق والغصب من . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ١٩ ، ص ٣٠٨ « عوامهم(١) السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٦٦٣ . وجاء في بيان ا لشرع: وسئل عن المشركين يجيئون بأموالهم من البحر وهم من أهل الحرب فيدخلون إلى »أرض المسلمين ما يؤخذ من أموالهم؟ قال: العشر، فأما أهل عهد المسلمين فإنه لا يؤخذ الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، « من أموالهم صدقة ولا عشر وإنما عليهم الجزية . ج ١٩ ، ص ٣١٦  ٤ استخدام البحار كطريق ملاحي حربي:  استخدام البحار في الحرب أو الحرب البحرية جائز في ا لإسلام. فقد قال ابن ماجه إلى أم الدرداء عن أبي الدرداء أن رسول الله ژ غزوة في البحر مثل عشر غزوات في البر، والذي يسدر في البحر » : قال « كالمتشخط في دمه في سبيل الله سبحانه(١) . وقال ابن ماجه إلى أبي أمامة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله يقول: شهيد البحر مثل شهيدي البر، والمائد في البحر كالمتشخط في » دمه في البر، وما بين الموجتين كقاطع الدنيا في طاعة الله، وإن ا لله 8 وكل ملك الموت بقبض الأرواح إلا شهيد البحر، فإنه يتولى قبض أرواحهم، « ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها، إلا الدين، ولشهيد البحر الذنوب والدين ؛  أي: يقضي الله لصاحبه من الجنة، إن كان سعيد ً ا. وقد مر حديث أم حرام خالة أنس رواه ابن ماجه إلى أنس أنها قالت: نام رسول الله ژ يوما ً قريبا مني، ثم استيقظ يبتسم، فقلت: يا رسول الله؛ ما أضحكك؟ قال: ناس » ً ٌ َِ من أمتي ع ُ « رضوا علي يركبون ظهر هذا البحر، كالملوك على ا لأسرة . قالت: فادع الله أن يجعلني منهم. قال: فدعا لها. ثم نام الثانية ففعل مثلها، ثم قالت مثل قولها، وأجابها كالأول. قالت: فادع الله أن يجعلني منهم، قال: أنت من » « الأولين . قال: فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازية، أول ما ركب المسلمون البحر، مع معاوية بن أبي سفيان، فلما انصرفوا من غزاتهم قافلين، .« فنزلوا الشام، قربت إليها دابة لتركب فصرعتها فماتت يقول أطفيش: « أفاد الحديث أن الراجع من الغزو إذا مات في مرجعه كالميت في ا لغزو »(٢) . (١) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٠٨ (٢)ذات المرجع، ص ١٠٨ -.١٠٩ الأجر على » : ويجيز الفقه الإباضي الحرب البحرية، بل من قواعدهم .« قدر ا لمشقة ومن فروع هذه ا لقاعدة: أن الجهاد في البحر أعظم أجرا من الجهاد في البر؛ لأنه أشد وطئ » ً ا ً «(١) وأعظم هولا ً . َْ وجاء في بيان ا لشرع: يجوز للوالي أن يجبر الشراة على الغزو والخروج مع الإمام في قتال » « العدو في المصر وغير المصر وفي البر وفي ا لبحر(٢) . ومن القواعد التي تحكم الحرب البحرية عند ا لإباضبة: أولا ً دعوة غير المسلمين قبل قتالهم في ا لبحر: من المعلوم أن من قواعد الحرب في الإسلام ضرورة دعوة غير المسلمين قبل قتالهم، فهل ذلك ينطبق على الحرب البحرية؟ جاء في :« في محاربة بوارج ا لهند » : المصنف تحت باب اختلف في أهل البوارج. هل لهم دعوة؟ نقول: إذا لقوا في البحر، فلا دعوة لهم. ويقاتلون من غير دعوة. لا يقاتلون حتى يدعوا. وليس بينهم اختلاف، أنه لا بد من » : وقول « الدعوة إذا غزاهم المسلمون في بلادهم(٣) . (١) معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٧٤ . وجاء في ا لمصنف: ّ .« ثم إن أخوف الرباطات والثغور، أعظمها أجرا. ومن جملتها سواحل ا لبحور » ً . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٣٢(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٠٢(٣) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٥٨ ؛ انظر أيض ً ا الرستاقي: منهج الطالبين، . المرجع السابق، ج ٥، ص ٢١٢ ثانيا الاستيلاء على سفن ا لعدو: ً هذا أمر طبيعي وهو من مقتضيات الحرب وآثارها ا للازمة(١) . لذلك جاء في ا لمصنف: وقلت: هل تحل للمسلمين إذا وافقوا البوارج في ساحل معلاة أن » يأخذوها ويحرقوها وليس معها أحد أو معها حافظ لها؟ قال: نعم، ولو لم .« يصح أنها لأهل الحرب لأنها من حمولتهم ثالث ً ا الغنيمة في الحرب ا لبحرية: وتثير الحرب البحرية أيض ً ا مسألة الغنيمة. وهو أمر تعرض له الفقه الإباضي. يقول ا لنزوي: وإذا أمر القائد بعض أهل السواحل: أن يكونوا في سواحلهم فإن خلف » العدو قاتلوهم. فغنم القائد، فلا سهم لأولئك عنده، إلا أن يكونوا قد جعلهم من أصحابه، وجعلهم هنالك. وكذلك لا سهم للسرية عندهم، إن ظفروا أو غنموا. (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٥٩ ؛ الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٩٥ . وفي التاريخ ا لع ُ ماني ما يدل أيض ً ا على الاستيلاء على سفن ا لأعداء. ففي تموز من عام ١٧٧٥ ، وقبل أن ينطلق الأسطول ا لعماني لنجدة البصرة أوقف الإمام ُ أحمد اثنتين من السفن البحرية في مسقط، بعد أن تحرى رجال البحرية ا لعمانية عن ُ هويتهما والغاية من إبحارهما في الخليج العربي، فظهر أنهما مع سفينة ثالثة قد بعث بها حيدر على (أمير إحدى المقاطعات في الهند) لمساعدة الفرس في غزوهم للبصرة، وقد كان على متن هذه السفن هدايا كثيرة وثمينة مع الرسول الذي بعثه كريم خان إلى حيدر علي ليعقد معه ا تفاق ً ا يتضمن مساندته البحرية مقابل زواجه من إحدى بنات كريم خان الزند، إن هذا الإجراء من قبل الإمام يعبر عن حسه القومي فضلا ً عن قدراته البحرية ا لفائقة. فاضل محمد عبد الحسين: عمان في عهد الإمام أحمد بن سعيد، وزارة الإعلام، سلطنة ُ عمان، ١٤١٥ ه ١٩٩٤ م، ص ١٠٤ -.١٠٥ ُ فإن التقى المسلمون بالبوارج، فأفلت مركب رجل منهم، أو دخل، فصار في الساحل، أو في البحر، فغنمه أهل السرية، من أصحاب السواحل « والسفن، فهو لمن غنمه وفيه ا لخمس(١) . وفي التاريخ العماني ما يدل على استخدام البحار في الحروب، وذلك ُ منذ عهد عمر بن الخطاب 3 (٢) . ويكفي أن نذكر هنا ما جاء في رسالة (١) النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٨٠ . وانظر تفصيلات أكثر وأحوال وفروض أخرى في ذات المرجع ص ١٨٠ -.١٨٥ كذلك فقد جاء في جامع أبي ا لحواري: وأحسب أنه ذكر في المسلمين إذا غنموا بوارج المشركين في الهند في البحر فوجدوا في »أيديهم مراكب صينية وكلهية؟ قال: ما وجد في أيديهم من المراكب فهي غنيمة للمسلمين إلا من صح على مركبه بالبينة سلم إليه. وقال من قال: ولو صح فقد صار ذلك غنيمة للمسلمين والله أعلم، وينظر في التقييد: فإن .« كان فيه فهو مني وأنا أستغفر الله منه، وإنما قيدت القول على المعنى فيه . جامع أبي الحواري، ج ١، المرجع السابق، ص ٩٥ (٢) فقد استعمل عمر بن الخطاب على ع ُ مان عثمان بن أبي العاص الثقفي سنة خمس عشرة أن يقطع البحر إلى كسرى بفارس فندب عثمان العمانيين وانتدب إليه ثلاثة » : فكتب إليه ُ آلاف من راسب وناجية وعبد القيس وأكثر أزد شنوءة فعبر بهم عثمان من جلفار (رأس الخيمة) إلى جزيرة كلوان (القسم) وكان فيها قائد الفرس فسالم عثمان وكتب يزدجرد إلى أمير كرمان أن اقطع البحر إلى جزيرة كلوان فحل بين العرب الذين بها وبين إخوانهم ففعل وسار من هرمز إلى القسم فلقيه عثمان بها فقاتله فانتصر العمانيون عليه وهزم ُ الفرس وقتل قايدهم وكان يدعى شهرك وفي ذلك يقول شاعرهم: باب ابن ذي الحرة أردى شهركا والخيل تجتاب العباب الأرمكا ثم ساروا بعد الظفر بشهرك حتى قدموا العراق فنزلوا توج فشاركوا في تمصير مدينة البصرة وأمرهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن يبنوا بها منازلهم كما أمر غيرهم من العرب ووفد إليه من الغزاة كعب بن سور فاستقضاه عمر على البصرة، وفي هذا ما يدل ّ .« أن عمر أول خليفة قطع البحر غازيا ولعله بدا له بعد ذلك ا لمنع ً الشيخ سالم بن حمد الحارثي: العقود الفضية في أصول الإباضية، الناشر أبناء المؤلف، ّ . ٢٠٠٩ ، ص ١٨ = الإمام سلطان بن سيف اليعربي إلى ملك صنعاء اليمن الذي كان قد أرسل إليه رسولا ً شافهه بما وقع من الاستيلاء على سفن ا لمشركين(١) . تلكم أهم المسائل التي تثيرها الحرب البحرية في الفقه ا لإباضي(٢) . = ليغزو الهند، يحدثنا علي بن محمد بن « عثمان بن أبي العاص » كذلك من عمان انطلق ُ أبي سيف بأن عثمان كلف جيش ً على الساحل ،« تانه » ا من قبله بالقيام بحملة بحرية إلى الغربي من الهند. وبعدما عاد الجيش غانما منتصرا كتب عثمان يبشر عمر بذلك، فما كان ًً من الخليفة عمر إلا أنه عنفه على ذلك قائلا ً : يا أخا ثقيف حملت دود » ً ا على عود وإني أحلف أن لو أصيبوا لأخذت من قومك مثلهم. ُ ويبدو أنه في ذات الحال كان عثمان قد بعث حملتين بحريتين أخريين، إحداهما بقيادة َْ أخيه الحكم و َ و ُ ج ْ هت ُ ها بروص أو بروج. وكانت الحملة الثانية، بقيادة أخيه المغيرة، الذي  وصل إلى ثغر الديبل حيث حاربهم السنديون، ولكن المسلمين انتصروا عليهم. ويحتمل أن يكون النصيب الأوفر في المشاركة في هذه الحملات لعرب عمان والبحرين. وذلك ُ .« أننا نقدر أنهم كانوا أكثر عرب الجزيرة معرفة بركوب ا لبحر . وزارة الإعلام سلطنة عمان، دار إميل للنشر، لندن، ١٩٩٥ ، ص ١٤٧ « عمان في التاريخ » ُُ (١) إنه اتضح من كلام الرسول: أنكم علينا عاتبون ومنا واجدون لأجل » : يقول الإمام سلطان قطع خدامنا في العام الماضي مراكب رقاب المشركين على بابكم وأخذهم لسفنهم الواردة لجنابكم، ولعمري إنا لندري أن العتاب بين الأخلاء عنوان المودة الخالصة والصفاء وزائد محض المودة الصادقة والوفاء، غير أنه يجب عند اقتراف الجرائم وانتهاك المحارم، فإنا نحن لم نقصد إلى انتهاك ذلك دليلا ً ، إذ كنا لم نجهز مراكبنا ونتخذ مخالبنا ليسارة رعيتك ولا استباحة دم أهل حكمك وقضيتك ولكن جهزنا الجيوش والعساكر، وأعددنا اللهاذم والبواتر لتدمير عبدة الأوثان، وأعداء الملك الديان، تعرضا منا لرضاء رب العالمين، وإحياء ً لسن ّ ة نبيه الأمين، ورغبة في إدراك أجر الصابرين المجاهدين، وحاشا لمثلك أن يغضب ُ لقتال عبدة الأصنام وأعداء الله والإسلام، ألست من سلالة علي بن أبي طالب الساقي للمشركين وبي المشارب، أنت تدري بما جرى بيننا وإياهم من قبل في سواحل عمان وفي ُ سائر الأماكن والبلدان من سفك الدماء وكثرة الصيال وتناهب الأملاك والأموال وإنا لنأخذهم في كل موضع تحل ّ به مراكبهم وتغشاه حتى من كنج وجيرون بندرى الشاه ولم .« يظهر لنا من أجل ذلك عتابا ولا نكيرا وإن كنت في شك من ذلك فاسأل به خبيرا ًً ً السالمي: تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، ج ٢، ص ٦٢ -.٦٦ ُ (٢) ومن ذلك أيض ً ا: عدم استخدام سلاح مملوك لآخرين إلا بموافقتهم: = :(√ô«Zh ó«°üdG) QÉëÑdG äGhôK ∫Ó¨à°SG `` Ü نشير إلى القواعد العامة ثم إلى التجارة الدولية الخاصة بثروات ا لبحار. ١ القواعد ا لعامة: تختزن البحار ثروات هائلة حية وغير حية لا غنى عنها للبشرية. وهي مورد رزق متجدد. ولم يغفل الإسلام إمكانية استغلال ثروات البحار عن طريق صيدها أو استخراجها. يقول تعالى: ﴿ ÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾ ﴾ [ [الأنعام: ٥٩(١) . ﴿ «¬®¯°± ³² ´µ ¸¶ ﴾ [ [النحل: ١٤(٢) .  = أكد على هذه القاعدة ما جاء في ا لمصنف: قال: وإذا عزم أصحاب السفينة على القتال وألبسوا السفينة وأبرزوا السلاح على دفاعها »وجعلوا الحجارة وليست في يد أحد هل يقاتل به؟ قال: إذا أباحوه وإنما برزوه للقتال أو من أجله قاتل به وإن ارتاب بذلك لم يقاتل به إلا بإذن أهله وكذلك مما يصح عنده في وقت المحاربة لما أبرزوه بالشاهد من ذلك قلت فالسلاح يرمي به العدو مثل الحراب وأشباهه هل له أن يقاتلهم بذلك؟ أن يقاتلهم بسلاحهم ويستعين به عليهم ولا ضمان عليه فما تلف في حين المحاربة والذي نختاره لمن بلي بذلك عند المخالفين لدينه لا يقاتل بسلاحهم حتى يستأمر من علم أن السلاح له أو كان في يده ولو لم يعلم أنه لغيره أو .« يأمروه خاصة مع من يأمرون أن يقاتل بسلاحهم وهذا اختيار منا لأهل الورع في مخالفتهم النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ٥٥ -.٥٦ (١) معناها: يعلم ما في البر من النبات والحب والنوى، وما في البحر من الدواب ورزق ما .( فيها (القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، المرجع السابق، ج ٧، ص ٤ (٢) فسر البعض هذه الآية بقوله: = أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٤٨  ﴿ !" &%$# ' )( *,+-. 43210/ ﴾[ [فاطر: ١٢ . ﴿ !" &%$# ' )(*,+ -.  6543210/ ﴾ [ [المائدة: ٩٦(١) . وصيد البحر أكله جائز حتى ولو رماه البحر ميت ً ا على الساحل؛ ذلك أن قوله تعالى: ﴿ !"# ﴾ [ [المائدة: ٣ ، خصص عمومه الحديث الذي بعث رسول الله ژ بعث » : رواه جابر بن عبد الله قال ً ا وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح وهم في ثلاثمائة وأنا فيهم، فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق قل الزاد، فأمر أبو عبيدة بأزواد ذلك الجمع فجمعت، وكان مزودي تمر، وكان يقوتنا كل يوم قليلا ً ، ثم فني ولم يصبنا إلا تمرة تمرة، قال: ولقد وجدنا فقدها حين فنيت، ثم انتهينا إلى البحر، فإذا بحوت(٢) مثل الظرب، فأكل منه ذلك الجمع ثماني عشرة ليلة، فأمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا ثم = ونعمة البحر وأحيائه تلبي كذلك ضرورات الإنسان وأشواقه. فمنه اللحم الطري من »السمك وغيره للطعام، وإلى جواره الحلية من اللؤلؤ والمرجان، وغيرها من الأصداف انظر سيد قطب: في ظلال القرآن، ) « والقواقع التي يتحلى بها أقوام ما يزالون حتى الآن .( دار الشروق، ج ٤، ص ٢١٦٣ (١) يقول الشيخ كعباش: وقد عطف الله تعالى على صيد البحر قوله: » ﴿ % ﴾ مما يدل على المغايرة بين المعطوفين، وذكر المفسرون وجوه ً ا لتفسير ذلك. وثبتت في التفسير المنقول روايات تقول: إن الصيد ما صيد بالحلية حال حياته، والطعام ما يوجد مما لفظه البحر أو انحسر عنه الماء؛ أي: أنه يوجد ميت ً ا؛ لأن ا لرسول ژ يقول في ا لبحر: هو الطهور ماؤه » « الحل ميتته ، الشيخ محمد كعباش: نفحات الرحمن في رياض القرآن، ج ٤ ٰ ص ١٢٨ -.١٢٩ (٢) الإمام السالمي: شرح « اسم جنس لجميع السمك وقيل مخصوص بما عظم منه » : الحوت . الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٢، ص ١٢٧ « أمر براحلته فرحلت، ثم مر تحتهما ولم يصبهما(١) . يقول الرسول ژ بخصوص البحر: « هو الطهور ماؤه الحل ميتته » . وقد عرض الشماخي موقف الفقه الإباضي من هذا الحديث في علاقته ا(٢) مع الآية المذكورة أعلاه عرضا رائع . ًً كذلك يوجد خلاف في الفقه الإباضي بخصوص خنزير البحر (أو الدولفين). فقد جاء في بيان ا لشرع: قال أبو سعيد: معي، أنه يقال والله أعلم أنه ليس في البر دابة إلا في » البحر مثلها. (١) أخرجه الستة. (٢) وهكذا يقول: ومن تعلق بعموم الآية قال بنجاسة الميت ميتة الحيوان البحري إلا إن مات بسبب؛ لأن »الميت ما مات من تلقاء نفسه من غير سبب. وقال: ليس في حديث جابر دليل على طهارته؛ لأنه يحتمل أن يكون إنما حل أكلها لهم لأجل الضرورة لنفاد زادهم، والله أعلم. والدليل مع أصحابنا رحمهم الله ما روي أنه قال 0 : « أحل لكم ميتتان ودمان، فالميتتان الجراد والسمك والدمان الطحال والكبد » وما روي أنه قال 0 من طريق ابن عباس ^ حين سئل عن الوضوء بماء البحر فقال: هو الطهور » « ماؤه والحل ميتته . وكل ما كان في البحر مما لا يعيش في البر فحلال ميتته لهذا الحديث، وقوله تعالى: ﴿ !" %$# ﴾ [ [المائدة: ٩٦أيض ً ا يدل على ذلك، وطعامه هو الطافي عند بعضهم: وعند الآخرين أن الضمير من طعامه يعود على الصيد لا على البحر، فعند هؤلاء أنه لا يحل من ميتة البحر إلا ما مات بسبب، واشتراط بعضهم ذكر التسمية عليه؛ ولعل حجتهم قوله تعالى: ﴿ !" &%$# '( ﴾[ [الأنعام: ١١٩ فكان صيده عندهم .« هو زكاته الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٣٢ -.٣٣٤ قال: ومن ذلك أن قومنا قد اختلفوا في خنزير البحر وقروده وكلبه وصيده الذي يشبه صيد ا لبر.   فقال من قال منهم: إن ذلك كله سواء من البر والبحر.   وقال من قال: إن البحر ليس في دوابه تحريم. وليس مثل البر في « هذا(١) . وإلى جانب السمك، في الفقه الإباضي أيض ً ا ما يدل ّ على السماح باستخراج ا للؤلؤ(٢) ويقاس عليه الثروات الأخرى للبحر.   (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٢٧ ، ص ١٥٥ بينما يقول الإمام السالمي بخصوص خنزير البحر، ما يدل على أن علماء المذهب   الإباضي يقولون بجواز أكله: وقد ذكر الشيخ إسماعيل في قواعده المذاهب الثلاثة، (التحريم، والجواز، والكراهية) »والذي عليه المذهب واقتضاه كلام الأشياخ أولا ً وآخرا القول بجواز أكله لقوله تعالى: ً ﴿ !" %$# ﴾ ، ولقوله ژ : « هو الطهور ماؤه والحل ميتته » . وبيان ذلك: أن الآية عامة في حل صيد البحر جميعا، فلا يحل لنا أن نحرم ما أطلق الله ً حله إلا بدليل من عنده؛ ولم يرد دليل فنحن على العموم، وكذلك قوله ژ : والحل » « ميتته فإنه عام لكل ما يكون من صيده، وإن مات بغير تذكية فظهر أن حكم صيد البحر . السالمي: معارج الآمال، ج ٢، ص ٣٢٧ « مخالف لحكم صيد البر ويضيف في موضع آخر بخصوص تقديم الكتاب على ا لسنة، أو ا لسنة على ا لكتاب. مثال ذلك قوله ژ في البحر: « هو الطهور ماؤه، الحل ميتته » ، مع قوله تعالى: ﴿ lkji zyxwvutsrqponm ﴾ [ [الأنعام: ١٤٥ إلى آخر ا لآية. فكل واحد من الدليلين متناول لخنزير ا لبحر: فالقائلون بتقديم الكتاب على ا لسنة يحرمون خنزير البحر بهذه ا لآية. والقائلون بتقديم ا لسنة على الكتاب يحللونه لذلك ا لحديث. ونحن نجمع بين الدليلين، فنحمل الآية على خنزير البر؛ لأنه المتبادر في ا لأذهان. ونقضي بعموم الحديث، لكنا نكره أكل خنزير البحر، لشبهه بخنزير البر، ولاحتمال أن يكون مراد ً السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٢٨٦ « ا في الآية -.٢٨٧ (٢) فقد جاء في ا لمصنف: = ٥١ مما تقدم يمكن استنباط القواعد الآتية بخصوص استغلال ثروات البحار: ١ أن استخراج ثروات البحر الحية وغير الحية هو أمر يجيزه الفقه الإباضي. ٢ أن هذا الاستخراج يكون لأهل البلد الذي توجد فيه هذه الثروات، بمعنى أن الأجانب لا يجوز لهم ذلك، إلا بموافقة من السلطات المختصة في الدولة ا لإسلامية. ٢ التجارة الدولية الخاصة بثروات ا لبحار: يأخذ الفقه الإباضي بقاعدة هي أنه: لا يجوز تصدير ما يتم استخراجه من ثروات البحر قبل إشباع حاجات » .« الإقليم المستخرجة منه وهذه القاعدة من آثارها، في نظرنا، ما يلي: أولا ً أنها تمنع من التلاعب بأقوات ا لناس. ثانيا أنها تمنع غلاء الأسعار في الدولة ا لإسلامية. ً = » مسألة: ولا بأس بما لقط من السواحل من العنبر أو اللؤلؤ أو السمك حيث يصل إلى ذلك الموضع ماء البحر وهو لمن وجده وأخذه وإذا وجد أبعد من ذلك فهو بمنزلة اللقطة وليس له. * مسألة: ومن لقط لؤلؤة يقبلها سيف البحر فإذا لم تكن مثقوبة جاز أخذها وإن كانت مثقوبة فهي مال فإن كانت على جزر البحر اليابس وهي غير مثقوبة فإن بعض المسلمين قال لا يجوز أخذها وبعض قال يجوز، فإن كانت في طريق أو أرض وهي غير مثقوبة فلا .« يجوز أخذها لأن ذلك ليس موضعها النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ٢٢ ، ص ١٤٨ - ١٤٩ . راجع أيض ً ا الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٩، ص ٧٤٤ -.٧٤٥ ثالث ً .« لا يملك قراره الحر إلا من ينتج غذاءه بيده » : ا أنها تطبق مبدأ رابعا أنها لا تمنع من تصدير ما يتم إنتاجه في الدولة الإسلامية بصفة ً عامة ومطلقة، وإنما تجيز تصدير الفائض إلى الدول الأخرى التي تحتاجه، بعد إشباع حاجات البلد ا لمنتج. يؤيد ما قلناه ما جاء في شرح ا لنيل: ولا يحل لصياد حمل سمك من بلد صاده فيه لآخر إن احتاجه أهله » أي: على ؛« حتى يبيع لهم ما احتاجوه بمعتاد من ثمن. ويجبر على ذلك مجرد البيع لاحتياجهم، وذلك شبيه بالاستخدام، فإن البيع المذكور بيع « بمعتاد من الثمن لا مجرد البيع(١) . »fÉãdG åëѪdG ájôëÑdG ≥WÉæªdG  تطور قانون البحار وكذلك نظامها القانوني تطورا جذريا خلال أقل من ًً نصف قرن: فبعد أن كانت القاعدة المسلم بها تقضي بتقسيم البحر إلى قسمين أساسيين: البحر الإقليمي والبحر العالي أو البحر الحر، ظهرت العديد من المناطق (إلى جانب هاتين المنطقتين). وأهم هذه المناطق: المنطقة الملاصقة والامتداد القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة ومنطقة التراث المشترك للإنسانية جمعاء. ولا شك أن كل المساحات البحرية تشكل، من الناحية الطبيعية أو المادية، شيئ ً ا واحد ً ا، ذلك أنه لا توجد فواصل بين قطرات المياه، سواء تلك الموجودة بالقرب من الشاطئ أو تلك التي تبعد عنه. أما من الناحية القانونية، فالأمر (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ٤، ص ٥٣٥ على خلاف ذلك. إذ تنقسم المساحات البحرية إلى أجزاء مختلفة، يخضع كل منها لقواعد قانونية خاصة بها تتغاير بحسب قرب المنطقة من الإقليم البري أو بعدها عنه، أي فكرة البحر القريب mare proximum ، والبحر ا لبعيد. ويمكن تقسيم مختلف المناطق والامتدادات البحرية، إلى قسمين أساسيين: تلك التي تتعلق بها سيادة أو ولاية الدولة الشاطئية، وتلك التي لا تخضع لسيادة ا لدولة. :ádhódG IOÉ«°ùd á©°VÉîdG ájôëÑdG ≥WÉæªdG `` CG وورد في السيرة النبوية ما يؤكد المبدأ الثابت الآن في القانون الدولي من أن خضوع مناطق مائية (بحرية أو نهرية) لسيادة الدولة يعني استبعاد اختصاص أو سيادة الآخرين على تلك المناطق. من ذلك كتابه ژ إلى بني أسد: « أما بعد، فلا تقربن مياه طيء وأرضهم فإنه لا تحل لكم مياههم » (١) . د فقهاء المسلمين وكذلك الفقه الإباضي على وجود مناطق  وقد أك بحرية خاضعة لسيادة أو ولاية ا لدولة. يتضح ذلك مما يلي: ١ الشواطئ أساس الامتدادات البحرية في الفقه ا لإباضي: استقر الرأي على أن الإقليم البري أو الشاطئ أو ساحل الدولة هو العامل الأول في تحديد امتداداتها البحرية، بمعنى أن وقوع الدولة على امتدادات بحرية هو الذي يعطيها الحق في السيادة أو ممارسة بعض الاختصاصات عليها، فالمياه تابعة للإقليم البري وليس ا لعكس (٢) . (١). علي بن حسين على الأحمدي: مكاتيب الرسول، دار صعب، بيروت، ج ٢، ص ٣٤٥(٢) ينطبق ذلك سواء بالنسبة للبحار أو الأنهار، وهكذا يقول ابن حزم: فإن كان ساحل بحر فساحل البحر كله من شرق الأرض إلى غربها سواء، ولا فرق بين » = ٥٤ لذلك يقرر حميد الله أن من المبادئ العامة والمعترف بها في القانون الإسلامي أن الماء تابع للأرض المجاورة له وليس العكس بمعنى أن الدولة التي تملك أرضا يفترض فيها أنها تملك المساحات البحرية ً المجاورة لها (١) . ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الارتباط القائم بين ضرورة وجود سواحل أو شواطئ تحف الامتدادات المائية وتحيط بها، بحيث تكون الإطار الذي يحددها وتتواجد في داخله. وهكذا في بيانه لقرية إيلة التي كانت مجاورة لبحر القلزم يستخدم للدلالة على وقوعها على شاطئ البحر، يقول « حاضرة » القرآن كلمة تعالى: ﴿ }|{ ~ ے ¢¡﴾ [ [الأعراف: ١٦٣ . وقد يعبر القرآن عن الشاطئ باستخدام لفظة ا لبر: ّ ﴿ ! 10/.-,+*)('&%$#" 432﴾ [ [الإسراء: ٦٧ . = ساحل بحر وساحل نهر في الدين ولا فضل لشيء من ذلك (راجع المحلى لابن حزم، .( ج ٧، المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ص ٣٥٣ (١) هذا ما قرره حميد الله بالضبط: «It is a general and admitted principle of Muslim Law that water will be an appurtenance to adjoining land and not vice versa. That is, a State which possesses a tract of land bounded by water, will prima facie be presumed to possess also the adjoining water ـ a lake for example; and not that the State which possesses water, is entitled to the Proprietary Rights of the Adjoining Land›. (M. Hamidullah: Muslim Conduct of State, op, cit, p. 83). يتفق ذلك أيض ً ا مع ما قررته محكمة العدل الدولية من أن الشاطئ هو الذي يشكل أساس الحق على الامتدادات البحرية (انظر: مجموعة أحكام المحكمة وآرائها الاستشارية، ١٩٨٢ ، ص ٦١ ، مجموعة ١٩٨٥ ، ص ٨٣ - ٨٤ الرأي المشترك لثلاثة من قضاة ا لمحكمة). كذلك يستفاد تطرق القرآن إلى الجزء البري من إقليم الدولة الواقع على امتدادات بحرية من قوله تعالى: ﴿ !" &%$# ' )( *,+9876543210/. ﴾ [ [الأعراف: ١٣٨ . ويمكن أيض ً ا أن نستنبط هذه العلاقة التلازمية بين وجود شواطئ للدولة وحقها في الامتدادات البحرية المجاورة لها من قوله تعالى: ﴿ ! " &%$# ❁ )( * ,+ -.0/ 654321 ﴾ [٣٩ ، [طه: ٣٨(١) . (١) وليس المراد بالساحل نفس الشاطئ بل ما » : يفسر الإمام أبو السعود هذه الكلمة بقوله راجع ) « يقابل الوسط وهو ما يلي الساحل من البحر بحيث يجري ماؤه إلى نهر فرعون تفسير أبي السعود ا لمسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم، دار المصحف، ّ .( القاهرة، ج ٦، ص ١٥ ومن المعلوم أن العرب يستعملون كلمة السيف (بالكسر) للدلالة على ساحل البحر (راجع الفيومي: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، دار المعارف، القاهرة، ١٩٧٧ ، ص ٢٩٩ ). بل هناك غزوة في الإسلام هي غزوة سيف البحر؛ (أي: ساحله) بعثها النبي ژ لرصد عير قريش وكان على رأسها (أبو عبيدة) ويستعملون ضفة للدلالة على جانب النهر وجانب » ضفة النهر (المرجع السابق، ص ٣٦٣ ) ويستعملون الشط باعتباره والجمع شطوط (ص ٣١٣ ). ولذلك: نادرا ما نسمع ساحل النهر، بينما يستخدم « الوادي ً ساحل أو شاطئ البحر بكثرة واعتياد. وقد ذكر ابن سيده أن أسماء ساحل البحر هي: ساحل، وسيف، وشاطئ البحر طولا ً ، والعيقة والعدان (موضع كل ساحل وقيل هو . الساحل نفسه)، راجع ابن سيده: المخصص، المرجع السابق، ص ٢٠ كذلك أطلق على الشاطئ ألفاظ كثيرة منها: الريف جمعه أرياف، والضفة، والشرير (جانب البحر)، وعبر الوادي (شاطئه وناحيته)، والجد (شاطئ النهر)، والعدوة، والعراق (شاطئ البحر طولا ً )، واللديد والضرير والشط والحافة والطرة (راجع د. عبد الحي عبد الحق عبد الغني: نماذج حول إطلاق المصطلحات الجغرافية وتعريفها من خلال كتب الجغرافيين المسلمين، بحوث المؤتمر الجغرافي الإسلامي الأول، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ١٤٠٤ ه - ١٩٨٤ م، المجلد الثالث، ص ٥٤٣ -.(٥٤٤ = وعلى ذلك فلا يوجد بحر لا ساحل له.  وقد بحث الفقه الإباضي فكرة شواطئ الدولة في مجالات عديدة، منها: مسألة قعد الساحل (انظر لاحق ً ا). مسألة اللجوء الاضطراري لسفينة إلى بلاد الإسلام، وهو ما يفترض رسوها على ا لساحل(١) . يقول ابن ماجد ا لملاح: واعلم أيها الطالب أن كل أحد صانع في بره خابر أهل الصين في » الصين وأهل سفالة في سفالة وأهل الهند في الهند وأهل الحجاز في الحجاز وأهل الشام في الشام، ولكن البحر ليس هو بحر أحد من هؤلاء الطوايف بل إذا غيبت البرور عن نظرك ما عندك إلا معرفتك في النجوم والهداية بها سواء إن كنت في بحر بلدك أو بلد غيرك فجميع النجوم « المسميات ألف وخمسة وعشرون نجم(٢) . = وقيل: سيف البحر: ساحله، قاله أبو ذر الخشني في غريب السيرة، راجع العلامة الخزاعي التلمساني: كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٥ ه . ١٩٩٥ م، ص ٣٤٩ (١) انظر هذه المسألة في الجزء المخصص لحقوق الإنسان (حق ا للجوء). (٢) . ابن ماجد الملاح: كتاب الفوائد في أصول البحر والقواعد، المرجع السابق، ص ٦٧ ويقول اليوسفي في سنة ٧٣٨ ه؛ (أي: منذ سبعة قرون تقريبا): إن الملك الناصر أقام به ً راجع اليوسفي: نزهة الناظر في سيرة الملك الناصر، « منار الإسلام في البر والبحر » الله عالم الكتب، بيروت، ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ص ٤٠٤ . بل تحدث لسان الدين بن الخطيب وأما مرافق البحر ومرافده، فسدت طرقها أساطيل » : حيث يقول « مرافق البحر ومرافده » عن انظر: ابن الخطيب: الإحاطة في أخبار غرناطة، تحقيق: محمد عبد الله عنان، « الأعداء . ١٩٧٤ ، ص ٧٠ ، مكتبة الخانجي، القاهرة، ج ٢ ولا شك أن مرافق البحر تشمل ما هو ضروري لاستخدامها كالموانئ والعبارات والأرصفة العائمة وكل منطقة ضرورية لاستخداماته. = كذلك جاء في فواكه البستان المسألة ا لآتية: ومنه وفي الحوز الذي أمر به سيدنا إمام المسلمين رضية الله أن يحفر » غزرا لتخل فيه مراكب المسلمين وغرم عليه من بيت مال المسلمين قال ً كثير، وأحيط بسور عظيم، ومن قبل لم يكن كذلك والماء يملأ فيه البحر وييبس أوقات ً ا، وصار ملك ً ا للمسلمين أردنا أن نمنع من يدخل خشبته فيه عندما يملأ البحر ليحضر متاعه أو يرفعه إلا بأجر معلوم يجوز لنا ذلك، ويكون غير مباح الدخول والخروج منه لما ذكرت لك الأمر بعد أن يسلم ما نتفق نحن وإياه على ذلك من الأجرام لا وعادته ثابتة يملأ ويحرز ولا يدخل إلا من باب من ناحية الشرق من قبل البحر، ونقدر على سده أن لا يدخل أحد، فإن جاز ذلك فهو أنا ننظر الصلاح في الزيادة لبيت مال .«؟ المسلمين. ونحتال بكل حيلة تجوز في الشرع إذا كنا سالمين أجاب ا لعبري: وجدت في آثار المسلمين أن الحوزة إذا كان الماء يحرز عنها حين » ً ا وقد يمد فيها حين ً « ا جاز ذلك لمن حماها (١) . = كذلك نقرأ من نسخة عهد في ولاية ثغر البحر كتبها قدامة بن جعفر ما يلي: وهذا ما عهد أمير المؤمنين إلى فلان حين ولاه الثغر الفلاني وبحره ومراكبه، أمره »بتقوى الله وطاعته، والحذر من عقابه... وأمره أن يضم المراكب في الموانئ التي ترسوا فيها، ويولي مراعاتها من يثق بنصيحته وشهامته، حتى لا يخرج منها مركب إلا بعلمه، ولا يدخل فيها غيرها إلا بإذنه... وأمره بشدة الحذر من جواسيس العدو وعيونه، وأن يوكل بكل مدينة من يعلم حالها ولا يطلق لأحد من البوابين والحرس أن يدخلها إلا من يعلمون حاله، وسبيل مدخله .« وصورته ومغزاه وإرادته قدامة بن جعفر: الخراج وصناعة الكتابة، المرجع السابق، ص ٤٩ -.٥٠ (١) الشيخ سالم بن خميس العبري: فواكه البستان، سلطنة عمان، وزارة التراث القومي ُ والثقافة، ١٤٠٢ ه ١٩٨٢ م، ص ٩٣ -.٩٤ في الفقه الإباضي دليل « حريم النهر » ،« حريم البحر » ٢ مفهوم على وجود مناطق بحرية خاضعة للدولة ا لإسلامية: للشيء باعتباره ضروريا « حريم » استقر فقهاء المسلمين على وجود ً لكمال الانتفاع به ولجعل وجوده فعالا ً وذي أثر عملي. ينطبق ذلك بداهة على الأشياء الخاضعة لسلطان الدولة أو الشخص دون الأشياء ا لمباحة. وهكذا يقرر الإمام ا لزركشي: والحريم هو المحيط بالحرام وكل واجب » ،« فكل محرم له حريم يحيط به » « الإباحة فلا حريم لسعتها وعدم الحجر فيها » وأما ،« دخل في بعض من كل(١) .   يقول ابن الرفعة في الكفاية: الحرائم هي المواضع القريبة التي يحتاج إليها لتمام الانتفاع بها، سميت بذلك لأنه يحرم التعرض لها بنوع عدوان، وذلك يختلف باختلاف ا لمحيا(٢) . وجاء في مغني ا لمحتاج: ما تمس الحاجة إليه لتمام الانتفاع بالمعمور وإن حصل » : الحريم هو « أصل الانتفاع بدونه(٣) . (١) تحقيق كتاب المنثور في القواعد للإمام بدر الدين الزركشي، رسالة دكتوراه، كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، القاهرة، تحقيق: د. تيسير فائق، ص ٤١١ -.٤١٢ (٢) . مذكور في السيوطي: الحاوي للفتاوي، ج ١، ص ٢١١ بل يعني الارتفاق في اللغة (انظر المصباح والقاموس المحيط مادة رفق) الانتفاع بالشيء، ومرافق الدار مصاب الماء ونحوه، لذلك قال الحنفية: إن المرافق للدار ونحوها ما يرتفق به ويختص بما هو من التوابع كالشرب والطريق ومثيل الماء (انظر موسوعة جمال عبد الناصر .( في الفقه الإسلامي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٣٨٩ ، ج ٤، ص ٢٧٤ (٣) مغني المحتاج، ج ٢، ص ٣٦٣ ، وقيل أيض ً الحريم: المواضع التي تدعو الحاجة إليها » ا إن الإمام شمس الدين المنهاجي الأسيوطي: جواهر العقود ومعين القضاة ) « لتمام الانتفاع والموقعين والشهود، مكتبة ا لسنة المحمدية، القاهرة، ١٣٧٤ ه -.( ١٩٥٥ م، ج ١، ص ٣٠٢ ويقول الصنعاني إنه سمي بالحريم: « لأنه يحرم منع صاحبه منه ولأنه يحرم على غيره التصرف فيه »(١) . ويقول أبو يعلى (بخصوص حريم ا لنهر): أنه يعتبر بعرف الناس في مثله... وقد قلنا في حريم ما أحياه لسكنى » « أو زرع: أنه معتبر بما لا تستغني عنه لتلك الأرض في طريقها وفنائها(٢) . باعتبارها تدل « الحريم » وإذا كان الأمر كذلك، فإن فكرة ّ على ما يحتاج إليه ليكمل الانتفاع بالبحر أو بالنهر وما يتعلق به من مصالح، تدل دلالة أكيدة على وجود فكرة المياه الداخلية والموانئ والبحر الإقليمي والامتداد القاري في الشريعة الإسلامية باعتبارها لازمة للانتفاع بالبحر أو هي من توابعه. بأحكام الحريم عناية بالغة، حرصا على... » وقد اعتنى فقهاء الإباضية ًّ « العدل في تقسيم المنافع العامة، وعدم الإضرار بالناس(٣) . وحريم البحر (أو النهر) لا يجوز الاعتداء عليه أو المساس به، لأن: « الحريم إنما جعل مخافة الضرار فلا معنى للإحداث فيه »(٤) . (١) . الصنعاني: سبل السلام، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٢٠(٢) . أبو يعلى الفراء الحنبلي: الأحكام السلطانية، مطبعة الحلبي، القاهرة، ١٣٥٦ ، ص ٢٠٠(٣) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٥٥ ّ (٤) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والديان، المرجع . السابق، ج ٧، ص ٢٩١ ويضيف أيض ً ا: « حريم الساحل وحريم البحر مشتبهان في المعنى فلا بد أن يجمعهما حكم فيما يظهر ». ذات المرجع، ج ٩، ص ٣٦٩ راجع أيض ً ا: محمد بن عبيدان: جواهر الآثار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٦ ه . ١٩٨٥ م، ج ٣، ص ٥ = علة ذلك أن من القواعد الفقهية ا لإباضية أن: ّ « الحريم له حكم ما هو حريم له »(١) . لذلك لا يجوز اقتطاع جزء من الحريم ويتم إزالة ذلك إن أمكن(٢) . أما بعد الحد المقرر للحريم فيجوز إحياؤه (بالسكنى أو الزرع فيه مثلا ً ((٣) . في الفقه الإباضي الشيخ النفوي، « حريم البحر » ومن خير من كتب عن إذ يقول: وحريم البحر خمسمائة ذراع، ومنهم من يقول مائتا ذراع، ومنهم من » يقول أربعون ذراع ً ا، وإنما يحسب له هذا الحريم من حيث يبلغ ماؤه إذا امتلأ، وإنما يمنع من عمران حريم البحر أصحاب البحر سواء كانت الأرض لهم أو لم تكن، وإن لم يمنعوا من عمارة الحريم حتى عمر فمكثت العمارة مقدار ما تثبت فيه ثبتت، ولا يدركون نزعها إلا إن كان ذلك للعامة، فلا يثبت عليهم ذلك، وسواء أكانت هذه العمارة بالغرس أو بالحرث أو = ، أبو عبد الله محمد السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ط ١١ ١٤١٠ ه -١٩٨٩ م، ج ٣ -٤، ص ٩٣ - ٩٥ ؛ أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٨ -٩؛ ج ٢، ص ٥٦٩ -.٥٧٥ (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٥٠ ّ (٢) راجع مثلا ً المحقق الخليلي: تمهيد قواعد « الأخذ من حريم البحر للسكن » بخصوص الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، المرجع السابق، ج ٧، ص ٢١٢ -.٢١٣ (٣) في حريم البحر عن أبي الحواري وأما ساحل البحر فقد قالوا حريم ساحل » : فقد قيل البحر خمسمائة ذراع فإذا كان بعد الخمس مائة ذراع وكان موات ً ا لا يدعيه أحد من الناس جامع أبي الحواري، المرجع السابق، « ولا جرى فيه عمران لأحد فذلك جائز لمن أحياه . ج ٣، ص ٧٩ ويضيف صاحب ا لمصنف: مسألة: قال أبو معاوية: وقيل حريم البحر أربعون ذراع ً ا من حد ما يصل مد البحر أربعون ذراع ً ا ثم الطريق ثم البيوت بعد ذلك. . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٧ « ومن غيره: فذلك من حيث ينتهي مد البحر بالبناء أو بغير ذلك من وجوه العمارة، ولأصحاب المراسي إذا ثبت لهم من الحريم إذا ثبت لهم مثل ما يكون لأصحاب البحر، ويمنعون من أراد عمارة مرساهم وتقطع طريقهم، وتمنعهم منافعهم، سواء أكانت لهم الأرض، أو لم تكن لهم، ومن له آجام في البحر فإنه يكون له الحريم مما يقابل آجامه، ويمنع من الناس من أراد عمارة ذلك الحريم، ويمنع صاحب الآجام أ يض ً « ا من أراد أن ينصب بجانب آجامه أو يقطع عنه طريق ا لسمك(١) . معنى ما تقدم: أولا ً تعني وجود مناطق قريبة من البحر « حريم البحر » أن فكرةلا يجوز المساس بها، لكونها ملك ً ا للمجموع؛ أي: للدولة. ولا شك أن هذه المنطقة يمكن أن تشمل الموانئ والأرصفة المينائية التي تتواجد بداهة في المياه الداخلية للدولة. ثانيا أن صاحب الحق في هذه المنطقة هى الدولة الشاطئية، وبالتالي ً لا يجوز لدول أخرى ممارسة أي اختصاص عليها لكونها خاضعة لسيادة الدولة الشاطئية، كذا لا يجوز لرعايا هذه الأخيرة تملكها لكونها مخصصة للمنفعة ا لعامة(٢) . ثالث ً ا تشمل أمرين أساسيين: « حريم النهر » أو « حريم البحر » أن فكرة الأول: حريم البحر أو النهر على الإقليم البري للدولة، وهذه مسألة تتعلق بالأراضي المحيطة بالبحر أو النهر فوق اليابسة، وهي مسألة تدخل في إطار (١) الشيخ أبو العباس النفوي: القسمة وأصول الأراضين، المرجع السابق، ص ٤٤٧ -.٤٤٨ (٢) لذلك قيل: لا يصح انتهاك الحريم إلا للمصلحة العامة، ومن فعل عوقب وضمن وأصلح ما أفسد، »حسن بن « وعلى هذا لا يصح اختراق المجال الجوي أو البحري لدولة ما دون إذنها خلف الريامي: الحريم وأحكامه في الفقه الإسلامي، رسالة ماجيستير، كلية الدراسات . الفقهية والقانونية، جامعة آل البيت، ١٩٩٩ ، ص ١٣٥ السلطان الداخلي لكل دولة ولا يهتم بها القانون الدولي تطبيق ً ا لمبدأ عدم التدخل في الشؤون التي تعد من صميم السلطان الداخلي للدولة. مثل هذه المسألة تختص إذن كل دولة بوضع الضوابط والقواعد التي تحكمها. الثاني: حريم البحر أو النهر داخل المياه المحيطة بالشاطئ أو الساحل فهذه مسألة وإن لم يتطرق إليها فقهاء المسلمين إلا أننا نرى أنها تدخل في إطار التعريفات السابق الإشارة إليها، وأنها تشتمل خصوصا على مناطق ً المياه الداخلية بما في ذلك الموانئ، والبحر الإقليمي، والمنطقة الملاصقة باعتبارها مناطق لازمة لحسن الانتفاع بتواجد الدولة على بحار مجاورة لها سواء كان ذلك لتحقيق بعض المنافع الاقتصادية (كالصيد أو استغلال الثروات الحية وغير الحية) أو المصالح الجمركية أو الأمنية (تحصيل رسوم أو ضرائب أو فرض جمارك أو منع تسلل الأشخاص أو الأشياء المضرة بالصحة العامة أو سلامة وأمن الدولة ا لشاطئية). ٣ جواز قعد ساحل البحر (تأجير موانئ البحار وأخذ خراج ذلك) إذا احتاج إليه ا لإمام: ِ من المعروف أن ما يدخل في ا لملك العام يكون لمجموع الناس؛ أي: للدولة ويمثلها الإمام يتصرف فيه وفق ً ا للمصلحة. ومن ذلك سواحل ا لبحار: لأن السواحل ليست بملك لأحد، وكل شيء له رب فمرجعه في عز » « دولة ا لمسلمين(١) . « المخابرة وكراء ا لأرض » : والقعادة هي(٢) . (١) البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع السابق، . ج ٨، ص ١٨٤(٢) أبو عبيد السليمي السمائلي: هداية المبصرين في فتاوى المتأخرين، الناشر مكتبة الشيخ حمد بن عبيد السمائلي، ١٤٣٣ ه . ٢٠١٢ م، ج ٢، ص ٣٣١ وقد أجاز الخليلي قعد سواحل البحر لتحقيق المصلحة العامة من الأموال التي تأتي نتيجة لذلك(١) . ويستند في جواز ذلك إلى عدة قواعد، منها القاعدتين ا لآتيتين: قاعدة: ا لإيالة(٢) . والقاعدة الثانية: أن الإمام أعزه الله تعالى والمسلمين قد استعملوا هذا الوجه وتوسعوا به خوف الخلل أن يقع في الدولة بقلة المال مع ما يعانون من تقويم الجيوش وتخريج الدول دائما على أهل البغي والضلال. ً  وإذا جاز ذلك على غير شرط الضرورة فهو فيها أرخص وأوسع بلا (١) إذ يقول: وبالجملة فإن أرض هذا الساحل التي هي حريم البحر لا تخلو من أحد وجهين: إما أن »تكون موات ً ا ويحكم لها بأحكام الموات كما صرح به بعضهم، وإنما تصرف الأيدي والأحداث عنها مخافة الضرر نظرا في المصالح فعلى هذا فقعدها غير جائز. وإما أن تكون موقوفة وقف ً ا ً حكميا ينتفع بها المسلمون آخر بعد أول فيشبه بذلك حكم الصوافي وأرض بيت المال من ً حيث إنها موقوفة للمصالح العامة والمنافع الإسلامية؛ فيجوز أن تلحق بها في الحكم؛ لأن ما أشبه الشيء فهو مثله بإجماع، وبهذا الاعتبار يجوز قعدها والإمام أولى بمصالح الإسلام وله النظر فيها، وقد ثبت من قول الفقهاء أنها وقف على معنى الإباحة للانتفاع بها لكل واحد، ولا يخفى أن أصل المسألة الاجتهاد والنظر وليس هي من باب الأملاك الموقوفة التي لا يجوز تبديل وقفها عما أوقفت له، ولعدم ثبوت الملك في هذه الأرض المذكورة، ولهذا قلنا: إن توقيفها حكمي فقط، وتخليص القول فيه إنه ليس بوقف حقيقة وإنما أشبه الوقف في حكمه فثبت له حكم الوقف، واسمه عند بعض ولولا ثبوت حكم الوقف لجاز له أن يملكه من أحياه بالماء أو عمره بالبناء، ولو لم يكن كذلك في هذا القول لأشبه الوقف وأعطى .« حكمه، فلم يبق فرق بين الوقف الملكي وهذا الوقف الحكمي إلا من حيث الوضع فليتأمل المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٤٣٦ -.٤٣٧ (٢) هي السياسة » : ومعنى الإيالة بكسر الهمزة والياء المثناة من تحت وتجوز بالباء الموحدة ويراد بها في هذا الموضع مجرد النظر للمسلمين بحسب (نظر) المصالح (ودفع المضار) فيما لم يثبت من الكتاب ولا في السنة كحريم البحر والأفلاج والطرق والمنازل (والنخل) . ذات المرجع، ص ٤٤٠ « والشجر وغيرها جدال وقد ألجأت الضرورة إليه دفاع ً ا عن نفس الدولة ومخافة من اضمحلالها وتلاشي أمر الإسلام، وذلك واجب على كل واجد بالمال والحال لأن الضرورة تعم الجميع وتشمل الصغير والكبير والقريب والبعيد، وأخذه من هذا الوجه أخف على الرعية وأسهل لهم من تناوله من سائر الأموال على غير هذا، وفي هذه القاعدة على الخصوص يجوز الأخذ حتى من الأصول التي تنزل من بحر إلى بحر بعد دخوله تحت حماية الإمام في ا لمصر(١) . ٤ المرور البريء في البحر ا لإقليمي: يخضع البحر الإقليمي لسيادة الدولة الساحلية وحق المرور البريء من  الحقوق التي قررها القانون الدولي للبحار لسفن جميع الدول في البحر الإقليمي للدولة الساحلية، وهو البحر الذي يلي الشاطئ بعد منطقة المياه الذي يرسم في تلك المياه. ويمتد البحر « خط الأساس » الداخلية ويبدأ من  الإقليمي وفق ً ا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام ١٩٨٢ إلى مسافة اثني عشر ميلا ً بحريا من خط الأساس الذي يبدأ منه قياس البحر الإقليمي. والمرور البريء يتمثل في أمرين، هما: إما اجتياز البحر الإقليمي دون الدخول إلى المياه الداخلية أو الموانئ والأرصفة المينائية للدولة ا لساحلية. أو اجتياز البحر الإقليمي دخولا ً إلى أو خروج ا من المياه الداخلية ً أو الموانئ والأرصفة المينائية للدولة ا لساحلية(٢) . وقد تعرض الفقه الإباضي لهاتين ا لحالتين: (١)ذات المرجع، ص ٤٤٤ -.٤٤٥ (٢) . د. أحمد أبو الوفا: القانون الدولي للبحار، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠٠٦ ، ص ١٤٢ ٭ فبالنسبة للحالة الأولى، يقول الإمام ا لسالمي: وإن مرت سفينتهم مجاوزة تريد غير مصرنا فإن كانوا يأخذون من كل » مال أدركوه لأهل الإسلام، ولو لم ينزل أخذ المسلمون من هذه السفينة أيضا كما يأخذوهم. ً « وإن كانوا لا يعارضون إلا من نزل بماله عندهم فكذلك(١) . وما جاء في صدر هذا القول يظهر بجلاء معرفة الفقه الإباضي لحالة مرور السفينة في البحر الإقليمي للدولة متجهة إلى مصر (بلد) آخر. ولما كانت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام ١٩٨٢ تنص على عدم جواز تحصيل رسوم على مجرد المرور في البحر ا لإقليمي(٢) ، فإن معنى ذلك وحاصله أن الفقه الإباضي قد نص معاملة ً بالمثل على  إمكانية تطبيق ذلك، قبل تلك الاتفاقية بقرون عديدة. وهو ما أكده أيض ً ا بيان ا لشرع: وإن مضت سفينة الحربي بمال خاطفة على عمان أو غيرها من قرى » ُ الإسلام تريد مصرا آخر من أمصار الإسلام فأحب أن يرجع في هذا إلى ً فعلهم، فإن كانوا يأخذون من كل أموال أدركوها لأهل الإسلام، ولو لم ينزل به عندهم أخذ المسلمون من هذه السفينة كما يأخذون، وكانوا لا يعارضون إلا من نزل بماله عندهم. وكذلك أيض ً ا نحب أن يفعل « بهم(٣) . (١) . السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٦٦٤(٢) . راجع د. أحمد أبو الوفا: القانون الدولي للبحار، المرجع السابق، ص ١٤٥(٣) الكندي: بيان الشرع، ج ١٩ ، ص ٣٠٩ . انظر أيض ً ا سلمة العوتبي: كتاب الضياء، المرجع . السابق، ج ٦، ص ١٩٢  ٭ أما الحالة الثانية، فهي ثابتة مما ذكرناه آنف ً ا بخصوص مسألة فرض الضرائب والرسوم على التجارة الدولية التي تأتي من البحر، إذ ذلك يعني أن السفينة دخلت الموانئ والأرصفة المينائية وكذلك المياه الداخلية للدولة(١) . ويشير رأي إلى معرفة ابن ماجد الملاح لمفهوم البحر الإقليمي، بقوله: ولابن ماجد تعريف للمياه الإقليمية جدير بالاعتبار على الأقل من وجهة » النظر التاريخية. فالمياه الإقليمية في نظره تمتد إلى الحد الذي يغيب فيه الساحل عن بصر الملاح من فوق مركب شراعي وهو يبتعد عن البر، وتقدر هذه المسافة بنحو أربعة أميال بحرية في الظروف المعتادة ولو لم يذكر ابن « ماجد هذا التقدير بالأرقام، وبعد ذلك يصبح الملاح في البحر ا لطليق(٢) . كذلك عرف فقهاء المسلمين فكرة جزر المياه، وهي الفكرة التي تتخذ حاليا كأساس لبدء قياس البحر الإقليمي للدولة الشاطئية (طريقة خطوط ً الأساس العادية وفق ً .( ا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام ١٩٨٢ وهكذا بخصوص قوله تعالى: ﴿ ! " %$# ﴾ [ [المائدة: ٩٦ ، يقول ابن العربي: فصيده ما صيد وتكلف أخذه، وطعامه ما طفا عليه، أو جزر عنه(٣) . وقد عرف الفقه الإباضي أيض ً ا فكرة جزر ا لمياه(٤) . (١) انظر ما قلناه سابق ً ا. (٢) ، د. أنور عبد العليم: الملاحة وعلوم البحار عند العرب، عالم المعرفة، الكويت، رقم ١٣ ١٣٩٩ ه . ١٩٧٩ م، ص ٢١٩ (٣) ابن العربي: أحكام القرآن، تحقيق: علي البجاوي، دار الجيل، بيروت، ١٤٠٧ ه - ١٩٨٧ م، . ج ١، ص ٥٣(٤) . انظر فكرة المد والجزر في النزوي: المصنف، ج ١٧ ، ص ٨ :∫hódG IOÉ«°ùd á©°VÉîdG ô«Z ájôëÑdG ≥WÉæªdG `` Ü نشير إلى القواعد العامة، ثم إلى موقف الفقه ا لإباضي. ١ القواعد ا لعامة: المناطق البحرية غير الخاضعة لسيادة الدول وفق ً ا للقانون الدولي للبحار تتمثل الآن أساسا في منطقة التراث المشترك للإنسانية، والبحر العالي (أو ً أعالي البحار). وتتميز المنطقة الأولى بأن استغلالها وتنميتها يجب أن يكون لصالح الإنسانية جمعاء؛ (أي: تحقيق المصلحة المشتركة لكل الدول)، أما المنطقة الثانية فتتميز بتوافر الحريات الأساسية فيها كحرية الملاحة وحرية الصيد وحرية إرساء الكابلات البحرية وحرية ا لطيران. ولم يغفل الفقه الإسلامي إمكانية وجود مناطق غير خاضعة لسلطانه. وهكذا يقول قاضي زاده: اعلم أن المياه أنواع؛ منها: ماء البحار ولكل واحد من الناس فيها حق » الشفة وسقي الأراضي حتى أن من أراد أن يكري نهرا منها إلى أرضه لم ً يمنع من ذلك، والانتفاع بماء البحر كالانتفاع بالشمس والقمر والهواء فلا « يمنع من الانتفاع به على أي وجه شاء(١) . كذلك جاء في الحاوي للفتاوى (بخصوص ا لأنهار): الأنهار ومجاريها العامة ليست مملوكة، بل هي إما مباحة لا يجوز »لأحد تملكها وإما وقف على جميع المسلمين، ولا شك أن الأنهار الكبار كالنيل والفرات مباحة كما صرح به الفقهاء في كتبهم، وكذلك حافاتها التي « عموم الناس إلى الانتفاع بها لأجلها(٢) . (١) قاضي زاده: نتائج الأفكار في كشف الرموز والأسرار (وهو تكملة فتح القدير لابن . الهمام)، ج ٨، ص ١٤٤ (٢) الإمام جلال الدين السيوطي: الحاوي للفتاوي، ج ١، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، القاهرة، ١٣٧٨ ه . ١٩٥٩ م، ص ٢١٠ بل يمكن أن نستدل على فكرة التراث المشترك للإنسانية جمعاء وكذلك حرية الملاحة في البحار من قوله ژ : الناس شركاء في ثلاثة: » « الكلأ والماء والنار(١) ؛ ذلك أنه عليه الصلاة والسلام إذ ذكر هذه الأشياء فهو لا يذكرها بأعيانها وإنما بالنظر إلى النفع الذي يعود على المجموع. فالماء مثلا ً ليس مباحا للناس؛ (أي: شركة بينهم) لكونه كذلك؛ (أي: لكونه ً ماء) وإنما لتضمنه الخصائص التي ترشحه لوصف الملكية العامة أو الاشتراك بينهم. يقول الإمام الشوكاني تعليق ً قوله: (الماء) » : ا على الحديث السابق ذكره دليل على أن الناس شركة في جميع أنواع الماء من غير فرق بين المحرز وغيره. وقد تقدم... أن الماء المحرز في الجرار ونحوها ملك إجماع ً ا ومن لازم الملك الاختصاص وعدم الاشتراك بين غير منحصرين كما يقضي به  الحديث، فإن صح هذا الإجماع كان مخصصا لأحاديث الباب وأما ماء الأنهار ً « فقد تقدم أنه حق بالإجماع... واختلف في ماء البرك فقيل حق وقيل ملك(٢) . ويقرر الشوكاني أن هناك إجماع ً ا على أن الماء المحرز ملك لصاحبه فيكون هذا الإجماع مخصصا للحديث، ويضيف أن الحديث يدل: ً على الاشتراك في الأمور الثلاثة مطلق » ً ا ولا يخرج شيء من ذلك إلا بدليل يخص به عمومها لا بما هو أعم منها مطلق ً ا كالأحاديث القاضية بأن لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه لأنها مع كونها أعم إنما تصلح « للاحتجاج بها بعد ثبوت الملك وثبوته في الأمور الثلاثة محل ا لنزاع(٣) . (١) كذلك قال ژ : ولا تمنعوا كلأ ولا ماء ولا نار » ً « ا، فإنه متاع للمقوين وقوة للمستضعفين .( (انظر الخراج لأبي يوسف، المرجع السابق، ص ٩٧(٢) الشوكاني: نيل الأوطار، ج ٥، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ٣٠٥ -.٣٠٦ (٣) ذات المرجع، ذات ا لموضع. وجاء في أصول الشاشي ما يدل على أن البحر لا يخضع لسلطة أحد، حيث يد التسلط إنما ترد على البر الأعظم وما يحويه من البحار، لا على » يقول: إن َ البحر الأعظم وما فيه، مأخوذ من قوله تعالى ﴿ = CBA@?> PONMLKJIHGFED ﴾ [ [الحشر: ٦(١) . كل ذلك يدل دلالة أكيدة على أن وجود مناطق بحرية لصالح الإنسانية كلها أو لتحقيق مصالحها المشتركة، وكذلك وجود مناطق مباحة لا تخضع  لسلطان الدولة الإسلامية وحدها(٢) ، لا يتعارض مع الإسلام. بل إن الإسلام وضع منذ زمن طويل البذور الأولى التي أدت إلى التطور الحالي لقانون البحار، وهو ما لا يمكن إنكاره على الأقل من خلال ما ذكرنا. كذلك عن ابن لهيعة قال: سئل مالك عن الروم ينزلون بساحل المسلمين بأمان معهم التجارات فيبيعون ويشترون ثم يركبون البحر راجعين إلى بلادهم فإذا أمعنوا في البحر رمتهم الريح إلى بعض بلدان المسلمين غير البلاد التي كانوا أخذوا فيها الأمان، قال مالك: أرى لهم الأمان أبد » ً ا ما داموا في بحرهم حتى يرجعوا إلى بلادهم « ولا أرى أن يهاجموا(٣) . (١) راجع أصول الشاشي وبهامشه عمدة الحواشي، دار الكتاب العربي، بيروت، ١٤٠٢ ه ١٩٨٢ م، . ص ٣٩٥ (٢) جاء في حاشية ابن عابدين: سئل قارئ الهداية عن البحر الملح أمن دار الحرب أو الإسلام؟ أجاب: أنه ليس من أحد »سطح البحر له حكم دار » : وفي حاشية أبي السعود « القبيلين لأنه لا قهر لأحد عليه .« الحرب وإن كان آخرون يذهبون إلى القول بأنه: .« يلحق بدار الحرب المفازة والبحر ا لملح ».( (ابن عابدين، حاشية رد المحتار على الدر المختار، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٦٠ (٣) كتاب مالك بن أنس: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٠ -.١١ ولا شك أن هذا القول يدل على قاعدتين استقر عليهما حاليا القانون ً الدولي للبحار: (الأولى) التسليم بوجود مناطق بحرية خاضعة لدول أخرى غير الدول .« ما داموا في بحرهم » : الإسلامية، ويتضح ذلك من قول مالك(والثانية) عدم التعرض للسفن الأجنبية التي تتعرض لحالة شدة، كريح عاصف، أو قوة قاهرة. ٢ موقف الفقه ا لإباضي: ومما يدل على معرفة الفقه الإباضي وجود مناطق في البحر لا تخضع للتملك أو للسيادة، نذكر ما يلي: أولا ً :« ليس في البحر حماية، ولا ملك، ولا منع » قاعدة معنى هذه القاعدة أن البحر لا يمكن لشخص أن يحميه (بالسيطرة على جزء منه)، ولا أن يتملكه، ولا أن يمنع الآخرين من الاستفادة منه والانتفاع به. وهكذا جاء في ا لمصنف: »مسألة: وذكرت في حوزة التي يحميها أهلها ويتخذون المجاعل في السواحل فلا علم لنا بذلك غير أن البحر خاصة ليس لأحد يحميه ولا يمنعه، وأما من كانت له أروض وهي له يحميها أو يضع فيها ما شاء والحوزة التي تكون في البحر يحميها قوم ويدعونها فإن كانت الحوزة يجزر عنها الماء حين ً ا وقد يمد فيها حين ً ا جاز ذلك لمن حماها وإن كان حوزة في البحر الماء دائم أبد ً ا فيها فليس في البحر حماية. مسألة: ومن جواب أبي علي إلى أبي مروان وعن حوزة البحر وما يغشى المد والجزر إذا حمي بحمية يمنع الناس عنه فإن كان القوم يحمونه وهو لهم فلهم أن يمنعوه فمن أراد يحميه من الناس إذا كان لهم وقلت ما يغشاه مد البحر وجزره فحاله واحد فهو مثل الأول إذا كان له أهل فهو « لهم يعرف ذلك منعوا ما كان لهم وإن لم يكن لهم فليس لهم أن يمنعوه(١) . ويقول ابن ماجد: ولكن البحر ليس هو بحر أحد من هؤلاء الطوائف (يعني: أهل الصين » والهند والزنج والفرس وغيرهم كما ورد من سياق الكلام). إنك إذا غيبت « البرور عن نظرك ما عندك إلا معرفتك بالنجوم والهداية بها(٢) يعني بذلك: أنك تصيد في البحر الطليق ولا يحكم مسارك سوى الملاحة ا لفلكية. ويتفق ذلك مع ما أخذ به القانون الدولي للبحار(٣) ، إذ نصت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام ١٩٨٢ على عدم أحقية أية دولة في أن تدعي سيادتها على أعالي ا لبحار. :« في الأشياء المباحة الاشتراك في المنافع دون ا لملك » : ثانيا قاعدة ً  ليس معنى كون البحار غير قابلة للتملك أو السيادة عليها، ألا يتم استخدامها، وإنما للناس وللدول استخدامها واستغلالها. ويكون ذلك اشتراك ً ا في المنافع وليس الملك. وهو ما يسري على البحار أيض ً ا. وقد أكد على ذلك الشيخ النفوي بقوله: وأما ما ذكرنا قبل هذا من شركة المنافع دون التمليك، فذلك مثل ما » روي عن النبي ژ ، أنه قال: الناس يشتركون في ثلاث الماء والكلأ » (١) النزوي: المصنف، ج ١٧ ، ص ٨. راجع أيض ً ا محمد بن عبيدان: جواهر الآثار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه -١٩٨٦ م، ج ١٩ ، ص ٧٠ - ،٧١ ُ . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٦، ص ٥٢٥(٢) ، أنور عبد العليم: الملاحة وعلوم البحار عند العرب، عالم المعرفة، الكويت، رقم ١٣ ١٣٩٩ ه -. ١٩٧٩ م، ص ٢١٩ (٣) . د. أحمد أبو الوفا: القانون الدولي للبحار، المرجع السابق، ص ٣٥٤ « والحطب والنار . وهذا الاشتراك في المنافع دون التمليك ما لم يقبضوا ذلك كله على التمليك. فإذا دخلت يدهم على التمليك صار لهم، ويكون فيها اشتراك العين بعد قبضه فيزول منه اشتراك المنافع، وكذلك جميع ما استوى إليه الناس من المجازات بأصنافها إذا كانت بقعة تلك المجازات « ليست لهم فإنه يكون اشتراكهم في المنافع دون ا لتمليك(١) . (١) .٢٣٨ ، الشيخ أبو العباس النفوي: القسمة وأصول الأراضين، المرجع السابق، ص ٥٩ ويضيف أيض ً ا: وشركة المنافع مثل ما ذكرناها مما استوى إليه الناس من المجازات والمياه والمروج »والمراعي وجميع المساكن في الفحوص التي استووا إليها ويحتاجون إليها لمواشيهم، وغير هذا مما يشبهه. فالسابق إلى هذه المعاني أولى من غيره. فإن لم يتسابقوا، أو جاؤوا إليها معا حيث يستوف إليها، فإن أمكنهم جميعا المنافع بعامتهم فليتفقوا كما أمكنهم ًً ولا يجوز لبعضهم أن يمنع بعض ً ا على هذا الحال. وإن كان لا يمكنهم الانتفاع لعامتهم فليتفقوا فيما بينهم على من سبقهم في ذلك كله، إن تشاححوا أو تشاجروا، فيقسمون المنافع. وتلك القسمة أن يقرعوا على من سبق منهم وعلى من يليه كذلك إلى آخرهم. فإن فعلوا هذا فمن وقعت قرعته منهم على معنى معلوم فيكون هو أولى به من غيره، ويكون من عانده على ذلك ومنعه يجوز له منعه ومقاتلته على بغيه في ذلك الوقت. وأما تباعة المال فلا تكون على هذا الممنوع له ا لمنافع. وأما قوم معرفون إن أذن لهم رجل في الانتفاع بماله، فإنهم ينتفعون بذلك المال على قدر إذنه لهم، كان يمكن لهم الانتفاع به جميعا معا فإن لم يمكنهم الانتفاع معا فليقسموه كما أمكنهم ًً ً الانتفاع به. ومنهم من يقول: ولو كان يمكنهم الانتفاع به جميعا إذا خافوا وقوع الشر بينهم، ً أن يقسموه لمنافعهم، وهذا إذا كان الشيء الذي أذن لهم في الانتفاع به لم يدخل ملكهم، وأما إن أدخله صاحبه ملكهم بمعنى من المعاني التي يدخل به الملك، فإنه يكون مثل جميع ما . ذات المرجع، ص ٦٠ « اشتركوه فيه يتداركون فيه القسمة كما يتداركون في المشترك وقيل ليس لأحد أن يمنع أحد » : وجاء في الجامع لابن جعفر ً ا من الكلأ والمرعى ولا موارد الماء ولا بأس بالحطب اليابس، كذلك قيل: لا بأس بأخذ الحجارة من الأثارة ولا بأس بإخراج الملح إذا كانوا أهله لا يمنعمونه ولا يحمونه وكذلك ما كان مثله فإن .« منعوه فلا يجوز إلا برأي أهله . ابن جعفر: الجامع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٥، ص ٢٦٩ ُ ثالث ً :« لا يجوز القتال على ما أصله مباح » : ا قاعدة  لا يجوز القتال على ما أصله مباح بين الناس واستووا » : يقول الرقيشي  في منافعه كالحطب والصيد والماء والساقية والكلأ والاستظلال ونحو ذلك، وينكل من قاتل على ذلك لأن قتاله ظلم وجور وفتنة والمعين لهما حكمه حكم المعان في المسائل كلها، إن وقعت حرب بين بلدين أو قبيلتين على فتنة أو إحداهما محقة والأخرى مبطلة وانطفت نار الحرب بينهما بغير صلح فيه معاقدة الرؤساء وتفويت الماضي فهم على ما كانوا عليه ولو طالت على ذلك مدة ولو فني الأولون وبقي ذرياتهم فهم على ما كانوا عليه « ا(١) آبائهم قديم . ً وتتفق هذه القاعدة مع ما أكدت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار من أن يكون استخدام أعالي البحار للأغراض السلمية فقط(٢) . وقد استقرت قواعد قانون البحار على أن الدولة الساحلية لا يجوز لها أن تتعرض للسفن المارة في المناطق البحرية، ولو كان ذلك في المناطق الخاضعة لسيادتها (البحر الإقليمي أو المياه الداخلية)، اللهم إلا تنفيذ ً ا ُ لحكم قضائي صادر ضدها أثناء رسوها في مياهها أو لاقتضاء أموال عليها؛ ّ (مثلا ً : ثمن البنزين ومواد التموين التي طلبتها)، كذلك هناك أحوال مقررة على سبيل الحصر يجوز فيها التدخل ضد السفن في أعالي البحار، وما عداها لا يجوز؛ لأن القاعدة هي خضوع السفن لقانون دولة ا لعلم. وفي الشريعة الإسلامية، ونظرا لأن فكرة تقسيمات المناطق البحرية ً بالوضع التي هي عليه الآن هي فكرة حديثة، لم يكن هناك أي معيار ممكن إذ لا يجوز :« الأمان أو المكان الآمن » لمنع التصدي للسفن إلا فكرة (١) الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٨٤ -.٨٥ (٢) . د. أحمد أبو الوفا: القانون الدولي للبحار، المرجع السابق، ص ٣٥٦ التصدي للسفن التي تتمتع بوضع الأمان، وإلى أن تصل إلى مأمنها مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ Äà﴾ [ [التوبة: ٦ . وقد فطن فقهاء المسلمين إلى هذه القاعدة قبل رسوخها بقرون عديدة، فقد قالوا إنه لو أن: « غزاة في البحر وجدوا تجارا يقصدون بعض البلاد لم يتعرض لهم »(١) . ً ويقول ابن رشد: وسئل سحنون عن الروم أو غيرهم إذا نزلوا بأمان فباعوا واشتروا » ثم ركبوا البحر راجعين متى يحلون وإلى أي موضع من البحر يحلون فيه؟ قال لا يحلون أبد ً ا حتى يصيروا من البحر إلى الموضع الذي يأمنون فيه من عدوهم ويذهب عنهم الخوف، فإذا صاروا إلى تلك حل ّ وا، فقال له بعض أهل الغزو والمعرفة بالبحر: إنهم اليوم لا يأمنون حتى يقعوا بلادهم ويخرجوا من البحر، لأن مراكب المسلمين قد كثرت عليهم، فقال لهم: فلا يحلون إلا في الموضع الذي يأمنون فيه وهو الخروج من البحر إن كان الأمر كما وصفت وقد قال الله: ﴿ ÃÂ Ä ﴾ قلت له: فهو حلال إذا جاءنا ما لم يعط الأمان وإن قرب من مرسانا أو بعد، فقال: أما من عرف بالتجارة من المسلمين فلا يحل إذا أخذ وهو مقبل إلى الأمان فيما قرب من المرسى ولا فيما بعد، لا يحل أبد ً ا إلا أن يؤخذ في بلده أو يؤخذ وهو يريد إلى غير المسلمين، وأما قوم لم يعرفوا بالتجارة فهم حلال. قال محمد بن رشد: قوله في تجار الحربيين إذا ركبوا البحر راجعين وإنهم يحلون إذا صاروا من البحر إلى موضع الأمن، وإن لم يصلوا بعد (١) الإمام المرداوي: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن . حنبل، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط الثانية، ج ٤، ص ٢٠٨ إلى بلادهم ينبغي أن يحمل على التفسير لما في المدونة في هذه المسألة إذ لم يفرق فيها هذه التفرقة ولمسألة حبل حبلة من سماع عيسى، ويحمل عليها ما أشبهها من المسائل، من ذلك إذا غنم العدو في بلاد المسلمين شيئ ً ا من أموال المسلمين ثم غنمه المسلمون منهم قبل أن يصلوا به إلى بلادهم، هل يقسم إذا لم يعرف صاحبه أم لا؟ وهل يأخذه صاحبه إن قسم بغير ثمن أم لا؟ فقد كان يختلف في ذلك عندنا(١) . ويبين تاريخ الدولة الإسلامية أنها تستنكر الاعتداء على السفن إذا تم ُ من السلطات المختصة في الدولة، وتتخذ الإجراءات الرادعة التي تكفل عدم استمرار أو عدم تكرار ذلك، يكفي أن نذكر هنا مثالين: من ذلك ما حدث عام ٦٥٩ ه حينما بلغ السلطان بيبرس أن صاحب دهلك، وصاحب سواكن يتعرضان إلى التجار وإلى أموال من يتوفى  منهم في تلك البحار، فأرسل إليهما رسولا ً بهذا السبب ينكر عليهما ذلك. ولما كثر ذلك أرسل السلطان عام ٦٦٤ من فتح سواكن(٢) . وحينما قبض نايب الكرك على مركب أحد التجار، قال السلطان: أبصروا نايب الكرك إيش عمل في بلادي، ويريد يفسد على التجار، »« ويجعل سمعتي سمعة نحس عند الإفرنج وملوك ا لبحر(٣) . (١) ابن رشد: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٨ ه -١٩٨٨ م، ج ٣، ص ٦٠ -.٦٢ (٢) محيي الدين بن عبد الظاهر: الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر، تحقيق: د. عبد العزيز الخويطر، الرياض، ١٣٩٦ ه - .٢٤٨ ، ١٩٧٦ م، ص ١٨٧ (٣) اليوسفي: نزهة الناظر في سيرة الملك الناصر، تحقيق: د. أحمد حطيط، عالم الكتب، بيروت، ١٤٠٦ ه . ١٩٨٦ م، ص ٢٣٨ ج القرصنة في ا لبحار: وقد نظمت اتفاقية الأمم .« القرصنة » من معوقات الملاحة الدولية نظام المتحدة لقانون البحار كيفية محاربتها في أعالي البحار (المواد ١٠١ - ١٠٧ ). والقرصنة تتمثل أساسا في استخدام أعمال العنف ً غير المشروع أو احتجاز السفن أو الأشخاص أو أي عمل من أعمال السلب يهدف إلى تحقيق أغراض خاصة، بشرط وقوع أعمال القرصنة من طاقم أو ركاب سفينة خاصة(١) . ولا شك أن القرصنة لا تتفق مع الإسلام لأنه يترتب عليها ابتزاز الأموال أو الاعتداء على السلامة الجسدية أو حياة الأشخاص، فضلا ً عن كونها عائق ً ا خطيرا أمام حرية المجاري البحرية الدولية. لذلك يطلق ابن ً « اللصوص والقطاع » عابدين على القراصنة اسم(٢) . ويحكي ابن جبير ما كان يحدث منذ أكثر من ثمانية قرون، فيقول: إن ملك صقلية أرسل إلى ركاب سفينة كان هو فيها زوارق أغاثت مركبهم لانتهبت جميع ما في المراكب انتهابا، وربما كان يستعبد » : ولولا ذلك ً « جميع من فيه من المسلمين، لأن العادة جرت لهم بذلك(٣) . وقد تطرق القرآن الكريم إلى الاعتداء على السفن من جانب سلطات الدولة في سورة الكهف (قصة سيدنا موسى والخضر 6 .( يقول تعالى: ﴿ lkjihgfedc srqponm ﴾ [ [الكهف: ٧٩ . (١) . كتابنا: القانون الدولي للبحار، المرجع السابق، ص ٣٤٢(٢) . حاشية ابن عابدين، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٥٧(٣) رحلة ابن جبير، ص ٢٩٥ -.٢٩٦ ٧٧ كذلك فقد أكد فقهاء المسلمين على عدم جواز الاعتداء على السفن في البحر حتى ولو كانت مملوكة لأهل دار الحرب غير المسلمين. وهكذا يقول أحمد: إذا ركب القوم في البحر فاستقبلهم فيه تجار مشركون من أرض » العدو ويريدون بلاد الإسلام لم يعرضوا لهم ولم يقاتلوهم وكل من دخل بلاد المسلمين من أرض الحرب بتجارة بويع ولم يسأل عن « شيء(١) . وأكد فقهاء المسلمين على ضرورة محاربة القراصنة بكل السبل، يقول الرستاقي: وإن جاءت البوارج، وقال أهل المركب إن هذه بوارج الهند، ولم يرتب » المسلمون في ذلك، وغنمهم أهل المركب واطمأن قلب هذا المسلم أنهم هم العدو ورأى فيهم علامات أهل الشرك، وهم في المواضع الذي قد اعتاد أهل الحرب من أهل الشرك يقطعون فيها السبل ويسلبون الناس، وصح ذلك معه وتقرر في قلبه فلا بأس عليه في ذلك. وقد قيل: إن الذين يقطعون السبل من شط عمان في الزمان الأول في ُ البحر من بوارج الهند وجهال مهرة أو غيرهم من الفساق إلى حد عدن من ناحية البر من ناحية عمان، فإذا لم يستيقن أنهم من الهند من المشركين فهم ُ على حكم البغاة من أهل الصلاة. وهذا لم نقله إلا بما شهر معنا في هذه المواضع. ولكل زمان حكم وعادة يعرفها أهل ذلك الزمن. وإذا لم يكن قائد للحرب إلا كل يقاتل. وكل من غنم شيئ ً ا فهو له إذا لم يكن قائد للحرب مرسل من الإمام أو غيره من القوام بالحق، وغنم ممن ينتحل بنحلة (١) . ابن قدامة: المغني ويليه الشرح الكبير، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٥٦٤ أهل الشرك فما غنم فهو له، ويخرج خمسه وينفذه على حكم ما ينفذ « الخمس من ا لغنائم(١) . وقد دل سلوك الدولة الإسلامية أيض ً ا على محاربة القرصنة والقراصنة: أن قوما من » من ذلك ما يحكى أنه حدث في عهد عثمان أن بلغه ً الحبشة أغاروا على بعض سواحل المسلمين، وأصابوا منهم أموالا ً ، وسبوا منهم سبيا كثيرا، فاغتم لذلك عثمان غما شديد ً ا، ثم أرسل إلى ًًََْ ً  جماعة من الصحابة وغيرهم من المسلمين، فدعاهم واستشارهم في غزو الحبشة! فأشار عليه المسلمون أن لا يغزوهم في بلادهم، ولا يعجل عليهم حتى يبعث إلى ملكهم فيسأله عن ذلك، فإن كان الذي فعله أصحابه عن أمره ورأيه، هيأ له المراكب، وأرسل إليه بالجند والمقاتلة،  وإن كان ذلك من سفهاء أغاروا على سواحل المسلمين عن غير أمر ملكهم ورأيه، أن يشحن السواحل بالخيل والرجال حتى يكونوا على حذر. فعمل عثمان على ذلك، ثم دعا محمد بن مسلمة الأنصاري، فوجه به إلى ملك الحبشة في عشرة نفر من المسلمين يسأله عما فعل لأصحابه، وكتب إليه عثمان في ذلك كتابا. ً فلما قدم محمد بن مسلمة بكتاب عثمان وقرأه، أنكر ذلك أشد الإنكار وقال: ما لي بذلك من علم ثم أرسل إلى قرى الحبشة في طلب السبي، فجمعهم بأجمعهم، ودفعهم إلى محمد بن مسلمة، فأقبل بهم إلى عثمان، وخبره بما كان من إنكار ملك الحبشة وطلب السبي! فشحن عثمان (١) الرستاقي (خميس بن سعيد): منهج الطالبين وبلوغ الراغبين، سلطنة عمان، وزارة التراث ُ . القومي والثقافة، تحقيق: سالم الحارثي، ج ٢، ص ٦٠٩ السواحل بعد ذلك بالرجال، وقواهم بالسلاح والأموال، فكانوا ممتنعين من « الحبشة وغيرهم(١) . ولا شك أن هذه القصة فيها من العبر، ما يلي: أولا ً: ضرورة التثبت من أي خبر أو تصرف قبل الرد عليه على الصعيد الدولي. ثانيا: أن مسؤولية الدولة تثبت فقط إذا صدر التصرف عن أجهزتها أو ً أحد المسؤولين فيها، ولا مسؤولية عليها إن ارتكب ذلك فرد عادي، بشرط عدم وجود تقصير من جانبها. ثالث ً ا: أن المسلمين عرفوا استخدام الرسل والمفاوضين الدوليين كوسيلة لحل المنازعات الدولية حتى في إطار قانون البحار وبالنسبة لمسائل القرصنة.  رابعا: أن المسلمين، منذ العصور الأولى للدولة الإسلامية، حاربوا ً القرصنة بكل ا لوسائل(٢) . ومن المعلوم أن السواحل العمانية يزيد طولها على ١٦٠٠ كم مربع، ُ لذا من الطبيعي وقوع أعمال قرصنة ضد السفن القاصدة إليها أو الخارجة منها، والقرصنة هي جريمة تقع في البحار، لذلك من الطبيعي أن يهتم (١) راجع هذه القصة في د. محمد جبر أبو سعدة: نص قديم حول علاقة الحبشة بالدولة الإسلامية في عهد عثمان بن عفان، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، مكة ١٤٠٢ ، المكرمة، عدد ٦ -١٤٠٣ ه، ص ١٨٢ -.١٨٣ (٢) راجع د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة الإسلام، المرجع السابق، ج ٧، ص ١٨١ . انظر أمثلة أخرى ص ١٨١ -.١٨٧ فقهاء المسلمين بهذه ا لجريمة(١) في كتبهم وإجاباتهم على المسائل التي تطرح عليهم(٢) . (١) يقول الشيخ ،« موقف الرافض للذين استولوا على الأموال في البحر » بخصوص مسألة جاعد بن خميس ا لخروصي: إذا كان وقوع الكسب منهم لذلك في موضع ما ليس لهم، ولم يكن له مخرج من » : قال الظلم لأهله وكان هذا قادرا على أخذه منهم ورده إلى من هو لهم من غير تقية، فأخشى ً أن يكون ذلك عليه على قول، وإن لم يقدر أو كان على تقية، أو أنه لا يعرف ربه فخشي على سلامته من دخول بلائه عليه فلا يلزمه شيء ويخرج على بعض القول إن له ذلك، وليس عليه على حال، فانظروا فيه فإنه من قول المسلمين، وكأنه ليس بخارج من الصواب ولكنه على ثبوته وجوازه يحسن أن يستثنى على أثره في تأويله، فيقال: إلا أن يكون ذلك لمن يلزم القيام له في ماله بالقسط على من قدر عليه في الحاضرين عند نزوله لعموم الخطاب به، كذلك في الجملة عن كافة القادرين مع عدم القائم له بالعدل فيه مثل اليتيم، وما أشبه، فإنه يلزمه أخذه منهم أو ما يكون له من شيء لمعنى حفظه لما كان من تعديه فإن تركه على هذا بلا عذر يكون له قائم، ومختلف في ضمانه مع القدرة وزوال  الموانع وعدم الموجبات لعذره على قول يلزمه ضياعه، وقول لا يلزمه، وأما غير هؤلاء ممن يملك أمره فليس عليه لأهله بالإعراض عنه وتركه في موضع القدرة على أخذه لحفظه لهم من ضمان شيء وذلك على من فعله فهو مضمون عليه لما كان من تعديه لا على هذا على قياد معاني هذا القول، وأنه لعلى معنى الصواب خارج في النظر .« لأنه لم يكن منه معونة على ظلمه، ولا شيء من الأسباب التي بها يلزمه ا لضمان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ج ٨، ص ١١٧ -.١١٨ ُ (٢) يقول د. التهامي نقرة: إن الونشريسي المتوفى سنة ٩١٤ ه تعرض للقرصنة في كتابه: .« المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء أفريقيا والأندلس والمغرب »فبين أن المسلمين إذا غزوا في البحر ووجدوا مركبا يحمل بضاعة، علموا أنه ليس » ً للعدو، لم يجز لهم أن يحدثوا فيه حدث ً ا بل يجب عليهم حفظه بما فيه من الأموال، حتى يردوه بأسره إلى أهله إذا عرفوهم، فإذا أصابوه وردوه على أصحابه توفر أجدرهم ووفوا بأداء الأمانة ا متثالا ً لقوله تعالى: ﴿ «ª© ¬¯® °± ﴾ [ [النساء: ٥٨ . وسئل ابن عمران عمن اكترى مركبا فعرض له لصوص في عرض البحر، وأخذوا المتاع ً والمركب؟ فأجاب: إذا أخذوا المركب بما فيه فيسقط الكراء، لأنه في السفن على البلاغ، وكذلك = ِ وقد عني الإباضية بهذه المسألة من نواح ٍ عديدة، نوجزها فيما يلي: َُ ّ ١ تخصيص شخص في السفينة لاكتشاف القراصنة والإبلاغ « البنجري » : عنهم(١) . ٢ أن الإمام هو الذي يقرر مصير القراصنة(٢) . ويبدو أن الغرض من = لو بلغوا البر ولم ينزلوا حتى أدركهم فهو كوسط البحر، وأما إذا أخذوا المتاع وتركوا المركب، فالكراء ثابت كما لو سرق المتاع غاصب ظلوم، لأن المتاع لم يتلف لأجل المركب، وقال في موضع آخر عن مركب للمسلمين هاجمه الأعداء وقاتلوهم: (والرزية الواقعة في ذلك المركب .«( من سفك دماء المسلمين عظيم، وكذلك أمر ضربهم وسلب نعيمهم في بعض ا لسواحل ،« القرصنة البحرية وأمن الملاحة العربية » د. التهامي نقرة: القرصنة البحرية والأمن العربي، في المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض، ١٤١٠ ه -١٩٩٠ م، ص ٨٦ -.٨٧ (١) الشخص الذي يعمل في السفينة مستكشف » البنجري: هو ً ا، في عرف بحارة عمان. فهو يصعد ُ إلى أعلى الصواري ويبلغ الربان عما يراه من جزر ويابسة، وما يراه في الأفق من عواصف بحرية واضطرابات قد تواجه السفينة، أو أعداء وقراصنة. ويطلق عليه أيض ً .« ا اسم ا لديدبان . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٢٩ ّ (٢) وهكذا بخصوص مسألة: وإذا جاءت البوارج وقال أهل المركب هذه بوارج أهل الهند ولم قال: إن كان معروف » : يرتب المسلمون وغنموهم ما القول في ذلك؟ جاء في لباب الآثار ً ا بالشهرة في ذلك الموضع ورأوا في ذلك من علامات الشرك وقطع السبيل في البحر ولم يدفع ذلك أحد فهذا مقام الصحة لأنه معروف مشهور أن هذه السفن من المشركين هل يقطعون سبيل البحر في شطيا هذا مما يلي عمان إلى حد عدن وأما بعد هذا الموضع فلا ُ يعرف من يقطعه إلا أحد من شط عمان من جهال مهرة أو غيرهم إلى حد عدن وهم معنا ُ على حكم البغاة من أهل الصلاة، فهذا كله لا يعرف إلا بما شهر معنا في هذا ا لموضع. قلت: فإن وجدوا سفن ً ا في البحر فلما قربوا منهم قالوا إنا طالبون رزق الله هل يجوز قتلهم؟. قال: لا، ولكن يؤخذون ويوصلون إلى الأمام ولا يعرض لهم بسوء حتى يعلم صدقهم من كذبهم ويأمن المسلمون منهم. قلت: فإن وجدوا معهم السفن فقالوا خذونا وسفننا فقالوا هم هذه السفن لنا؟. قال: إذا كان السفن في أيدي العدو ولم يحاربوا أخذوا ما في أيديهم حتى يوصلوا إلى الأمام ويدعوا المدعين للسفن بالبينة عليها، فإن أعجزوها تركت في يد من هي في يده .« وإن كان أهل السفن فيها فهم أولى بها من ا لعدو = ذلك مزدوج: فمن ناحية، تلافي التشفي والانتقام، ومن ناحية أخرى التأكد من أن الأشخاص المقبوض عليهم قد ارتكبوا فعلا ً أعمال القرصنة. ويبرر  ذلك، من ناحية ثالثة، أن القرصنة جريمة دولية تنتهك أيضا القوانين ً الداخلية للدولة، لذا بات من الطبيعي أن تكون سلطات الدولة هي المختصة بتقرير مصير القراصنة: محاكمتهم، وتوقيع العقاب عليهم، أو الإفراج عنهم إذا ثبتت براءتهم مما هو منسوب إليهم. ٣ جاء في بيان الشرع ذكر لأهم القواعد واجبة التطبيق بخصوص جريمة القرصنة، وهي: أولا ً ضرورة إثبات وقوع القرصنة بأدلة دامغة: هذا أمر طبيعي حتى لا يسأل بريء عن جريمة لم يرتكبها. وهكذا جاء في بيان ا لشرع: وقلت: إن وجدت معهم بعض السفن، فقال أصحاب السفن: أخذونا » وسفننا، وقالوا هم: هذه السفن لنا فأقول: إذا كانت هذه السفن في أيدي العدو ولم يحاربوا أخذوا ما في أيديهم حتى يوصلوا إلى الإمام فيدعوا المدعين للسفن بالبينة عليها فإن أقاموا عليها بينة عدل سلمها إليهم وإلا كانت لمن كانت هي في يده وإن كان أهل السفن فيها فهم أولى بها من « العدو(١) . = السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين ١٤٠٧ ه ، الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ١٤ ١٩٨٧ م، ُ ص ١٨٨ -.١٨٩ انظر أيض ً ا بخصوص ذات ا لمسألة: النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٦٣ - ١٦٤ ، الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢١٢ -.٢١٣ (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٩٥١ ثانيا ضرورة التأكد من وقوع أعمال قرصنة: ً علة ذلك جد واضحة: حتى لا يتم تعطيل استخدام البحار كطريق مواصلات، ولتلافي توتر العلاقات مع الدولة التي تتبعها السفينة المتهمة بارتكاب أعمال قرصنة، إذا ثبت عدم قيامها بذلك. وهكذا جاء في بيان الشرع: وقلت: إن كان الذين اتهموهم جند في بوارج أظهروا لهم الإقرار » وقالوا: إنا قوم تجار ولم يؤمن بأن يكون ذلك منهم مكرا فإن ذلك مسألتهم ً كما ذكرت لك في الجواب الذي قبل هذا. وقلت: هل يجوز لنا أن نأخذهم ونأتي بهم الإمام من الموضع البعيد على الظن أنهم هم الذين يقطعون الطريق؟ فلا يكون ذلك إلا بأمر واضح يعرف أنهم يقطعون الطريق وإلا فلا يعرض لهم على الظن وأن المسلمين أحق بالورع والوقوف. وقلت: إن لقيت الذين يظنون أنهم قطرية ولم يكن معهم على أكثر من خبر من ليس بثقة فلا يقبل إلا أن يكون خبرا شاهرا مستفاضا فذلك يجوز ًً ً به التهمة عندي، والله أعلم. وعند ذلك لا أرى بأخذهم بأسا وإن كان المخبر عنهم رجل ثقة أو ً امرأة ثقة فلا أرى بأسا أن يزجروا إن أطاعوا، فإن حاربوا لم أر أن يقتلوا ًَ بخبر واحد ولكن يكون المسلمون بإزائهم ولا يتركوهم يفسدون في الأرض فإن خرجوا من حدود حكم المسلمين تركوا وإن أحدثوا حدث ً ا في حكم « المسلمين أقيم عليهم حد ما أصابوا وجنوا على أنفسهم(١) . (١) . ذات المرجع، ص ١٨٩ ثالث ً ا عدم التعرض للسفن التي لا ترتكب أعمال ا لقرصنة: لا شك أن هذا شرط ت ُحتمه العلاقات الودية بين الدول، ووجود علاقات هادئة ومستقرة وسلمية. وهكذا جاء في بيان ا لشرع: وقلت: إن كان لهم أن يأخذوهم على التهمة فامتنعوا وقالوا: إنا قوم » ليس كما ظننتم، وإنما نحن طالبون رزق ً ا فإذا لم يكن منهم حدث، وقالوا هذه المقالة خلى عنهم ولم يعرض لهم. وقلت: إن امتناع أهل التهم في البر كامتناع أولئك هل يختلف حكمهم؟ فالحق واحد لا يختلف فإذا كانوا في البر لم يحدثوا حدث ً ا فلا يحل « الاعتراض لهم إلا بخير(١) .  رابع ً ا توقيع العقاب المناسب على مرتكبي ا لقرصنة: هذا جزاء من ارتكب جرما؛ ونظرا لخطورة أعمال القرصنة، خصوصا ما ًً ً يترتب عليها من اعتداء على الأشخاص والأموال، ولوقوعها في مكان خطر في ذاته: البحر، لذا يجب أن تكون العقوبة على قدر هذه ا لجسامة. جاء في بيان ا لشرع: جواب من أبي معاوية عزان بن الصقر سألت: هل يجوز للمسلمين أن » يحبسوا من اتهموه أنه حرب لهم كالذي يظن في البحر أنهم قطرية أو غير ذلك من اللصوص وينكروا ذلك؟ فمن اتهموه بمحاربتهم وعرف منه (١) وقيل: إذا » : الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٨٨ . وجاء في المصنف أدركهم بوارج عدة فقالوا: إنا طالبون رزق الله. فأقول: لا يقاتلون، ولا يخلى سبيلهم ولكن يؤخذون حتى يوصلوا إلى الإمام. ولا يعرضون بسوء حتى يعلم صدقهم ويأمن المسلمون . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٦٤ .« منهم أسباب ذلك من التعرض لمارة الطريق وقطع السبيل وبغى على المسلمين فللمسلمين حبسهم وإقامة الأحكام عليهم كل منهم يؤخذ بما جنى إن كانت جناية وإن لم تكن جنايات إلا التعرض في الطريق لقطعها وأخذ الأموال فإن أولئك يحبسون حتى يأمنهم الناس ويحدثوا خيرا، وإن كان قوم في البر ً أو البحر فخاف ذلك منهم ولم يكن منهم تعرض ولا سبب يستحقون به « ا(١) التهمة فلا يعرض لهم حتى يحدثوا حد َ ث ً . خامسا القراصنة، ولو أسلموا، يتم مطاردتهم إلا إذا كفوا عن ا لقرصنة: ً وهكذا جاء في بيان ا لشرع: وقلت: إن شهد عليهم ثقاة فقالوا: نحن نستغفر الله؛ وأسلموا، كانوا قطرية » أو أهل بوارج وقالوا: لا نتبعكم. فإن كان في أيديهم أموال الناس أو ذراريهم فإنهم يقاتلون حتى يستخرج ما في أيديهم فإذا قبض ذلك من أيديهم وتموا على إقرارهم ولزوم الإسلام كلموا في أن يتبعوا المسلمين ويكونوا في بلادهم حيث يأمنهم الناس؛ فإن فعلوا قبل منهم وإن كرهوا وقد ردوا ما في أيديهم « من حقوق أو غيرها للمسلمين وأهل الذمة، فلا أرى أن يحاربوا على ذلك(٢) . معنى ذلك أن هذه القاعدة مناط تطبيقها توافر ما يلي: أولا ً إسلام من يقومون بأعمال ا لقرصنة. ثانيا كفهم عن الاستمرار في ارتكاب تلك ا لأعمال. ً ثالث ً ا ردهم للأموال التي يكونون قد حصلوا عليها. رابعا يستوي في ذلك أن يقبلوا المعيشة مع المسلمين أو يفضلوا ً الإقامة في بلد آخر. (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ١٨٨(٢) . ذات المرجع. ص ١٨٩ ٤ من الأمثلة المعروفة عن أعمال القرصنة في التاريخ الإباضي، نذكر ما يلي: أولا ً في عهد الإمام غسان بن عبد الله الفححي (والذي خلف الإمام وارث بن كعب الخروصي) ازدادت أعمال القرصنة تجاه السواحل العمانية، فما كان من الإمام غسان إلا أن قام ببناء أسطول بحري لمواجهة ُ ذلك، فقام بإنشاء نوع من السفن الجديدة لطرد القراصنة ويظهر من نص الأزكوي أنه أول من اتخذ هذه السفن لهذا الغرض المذكور وكانت في زمنه البوارج تقع على عمان وتفسد في سواحلها فاتخذ غسان لها هذه ُ الشذاوة لغزوهم وهو أول من اتخذها وغزا فيها فانقطعت البوارج عن ع ُ مان(١) . ثانيا ومن ذلك تعرض سفن وتجارة هرمز للقرصنة البرتغالية في ً المحيط الهادي حيث هوجمت عام ١٥٠٤ م أمام ساحل المليبار ثم تعرضت سفن صيد السمك التابعة لهرمز عام ١٥٠٥ م لهجوم آخر قرب بحر عمان. ُ بالإضافة إلى ذلك ففي أوائل عام ١٥٠٧ قبل وصول البو كيرك إلى الخليج، هوجمت سفن لهرمز وكان عددها سبع سفن محملة بالخيول وهي في طريقها إلى ميناء (شاول) الهندي، وقد هاجمها ابن دالميدا (لورانزو) وقام بسلب حمولتها وإحراق السفن ا لسبعة. سببت تلك القرصنة المتواصلة خسائر بالطبع لتجار هرمز حتى أنهم قد خفضوا من رحلاتهم التجارية إلى ساحل المليبار، بالإضافة للقوانين البرتغالية في منع سفن المسلمين من الاتجار مع الهند بشكل عام، وقد أثرت على وضع مملكة هرمز الاقتصادي. لذا رأى مجلس إدارتها أنه من (١) ، مهدي طالب هاشم: الحركة الإباضية في المشرق العربي، دار الحكمة، لندن، ٢٠٠٣ ّ . ص ٢٠٩  الأفضل الاتفاق مع البو كيرك بشكل يؤمن لبلادهم حرية الاتجار مع الهند لقاء مبالغ سنوية معلومة تدفعها خزينة المملكة للبرتغال(١) . ثالث ً ا ومن ذلك إرسال الإمام أحمد سفينة الرحماني إلى مانكالور بالهند، للاستفسار عن سبب انقطاع شحنات الرز عن مسقط وعندما علم الوفد العماني، أن سبب ذلك يعود إلى أعمال القرصنة التي يمارسها ُ القراصنة على سواحل ملبار ضد السفن التي تحمل الرز إلى مسقط، بادر بإرسال أسطوله إلى تلك السواحل لمعاونة حاكم مانكالور للقضاء على القراصنة هناك، وكان من نتائج هذه الحملة قيام حاكمها بإرسال مبعوث من قبله إلى الإمام أحمد في الرستاق لتأكيد علاقات الصداقة ولتعيين مبعوث تجاري دائم في مسقط يتولى رعاية العلاقات بين ا لطرفين (٢) . رابعا كذلك تعرضت العلاقات الفرنسية العمانية لأزمة شديدة عام ً ُ ١٧٨١ حينما قام الأسطول الفرنسي بأسر السفينة المسقطية، الصالح، ونهبت بضاعتها وذلك عندما التقى بها في الخليج وقد كانت السفينة العمانية ُ محملة بالبضائع والمنتجات الهندية وفيها بطاريتان ومسلحة ب ( ٥٠ ) مدفعا ً مهمة جدا لأنها « الصالح » وكانت وجهتها البصرة، وتعتبر شحنة السفينة مرسلة إلى تجار عديدين، وقد تمكن أحد أفراد طاقمها من الهرب من الأسر فأخبر الإمام أحمد بالحادث. تأثر الإمام أحمد عند سماعه الحادث لكونه يمثل اعتداء صريحا يقع ً ضمن دائرة نفوذه، وهو ليس في حالة حرب ضد فرنسا، لذلك أعطى أوامره (١) محمد حميد السلمان: الغزو البرتغالي للجنوب العربي والخليج في الفترة ما بين ١٥٠٧ ه ١٥٢٥ م، مركز زايد للتراث والتاريخ، العين (الإمارات العربية المتحدة)، ١٤٢٥ -. ٢٠٠٤ ، ص ١٨٣ (٢) . فاضل محمد عبد الحسين: عمان في عهد الإمام أحمد بن سعيد، المرجع السابق، ص ١٠٥ ُ بالاستيلاء على إحدى السفن الفرنسية الراسية في ميناء مسقط للتزود بالمياه وهي تجهل ما وقع للسفينة ا لعمانية. غير أن الإمام عاد وفضل حل المشكلة  ُ بالطرق الدبلوماسية متحاشيا اللجوء إلى الانتقام من السفن الفرنسية ولهذا ً أطلق سراح السفينة الفرنسية ا لمأسورة. لقد لعب القنصل الفرنسي في العراق (روسو) دورا مهما في وصول ً سخط الإمام أحمد وعدم رضاه من تصرفات السفن الفرنسية إلى حكومته، فكان ردها إيجابيا لرغبتها في الحفاظ على الصداقة العمانية ُ الفرنسية فتعهدت الحكومة الفرنسية بتعويض الإمام أحمد عن السفينة  المأسورة الصالح (١) . يتضح مما تقدم أن ا لإباضية لا يوافقون على القرصنة كوسيلة لإعاقة ّ الملاحة البحرية، بل ويتخذون كل ما هو لازم لمحاربتها والقضاء عليها(٢) . :QÉëÑdG ¿ƒfÉb QÉWEG »a IóFÉ°ùdG ±GôYC’ÉH òNC’G á«fÉμeEG `` O من المعروف أن أعراف وعادات الدول بخصوص البحار يمكن أن تؤخذ في الاعتبار، تطبيق ً أي: أن العادة يحتكم ) ؛« العادة محكمة » ا لقاعدة إليها ويرتكن عليها في بيان حكم المسألة إذا لم يوجد ضابط قرره الشرع أو اللغة). (١)ذات المرجع، ص ١٥٥ -.١٥٦ (٢) ويتوقف ذلك على الغرض من العمليات الحربية. فمثلا ً يقرر رأي: أوضحت الدراسة أن الرغبة في الجهاد هي المحرك الرئيسي للعمليتين ضد البرتغاليين »خلاف ً ا لما ذكرته بعض المصادر الأجنبية، ومن نقل عنها، من أن القرصنة هي الدافع د. عبد الرحمن السديس: العمانيون والجهاد « الأساسي لعمليات العمانيين البحرية ُ ُٰ الإسلامي في شرق إفريقيا ١٠٣٤ - ١١٢٣ ه/ ١٦٢٤ - ١٧١١ م، رسالة دكتوراة، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ١٤١٣ ه . ١٩٩٣ م، ص ٤٧٠ ٨٩ وقد طبق الفقه الإباضي تلك القاعدة بخصوص مسألة تتعلق بالبحار، إذ قرر أن من فروعها: المضاربة في بلدان يقطع فيها البحر عن مصره، فأجاز البعض ذلك ما » لم يشترط عليه منعه من ذلك، وقال آخرون ليس له الخروج إلى البحر إلا بأمر. ويؤيد ذلك أيض ً ا ما جاء في بيان الشرع من أن للركاب في السفينة أن يشترطوا على صاحب السفينة أن يجد ّ في السير ولا يتحول في المسير إلى ّ السواحل كيلا يقطعهم عن قضاء حوائجهم ويعوقهم عن بلاغها، إلا أن لأصحاب المراكب سن » يكون ّ ة معروفة مشهورة في ذلك لا يحتاج فيها ُ « الراكب إلى شرط(١) . (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦، ص ١٠٥ ، النزوي: المصنف، ج ٢٥ ، ص ٦٩ فهذا يدل على أن للعرف دورا بخصوص مسائل قانون ا لبحار. ً  للأنهار أهميتها الكبرى، ولذلك فقد ذكرتها العديد من الآيات القرآنية، منها قوله تعالى: ﴿ ÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½ ﴾ [ [إبراهيم: ٣٢ . ﴿ YXWVUTSR ﴾ [ [الرعد: ٣ . ﴿ !" &%$# ')( ﴾ [ [النحل: ١٥ . ﴿ utsrqpo ﴾ [ [النمل: ٦١ . ﴿ ,+*) -. ﴾ [ [نوح: ١٢ . ﴿ ~ ﮯ ¥¤£¢¡ ﴾ [ [الرعد: ١٧ . ﴿ ÙØ×ÖÕÔÓÒÑÐÏÎ ﴾ [ [الزمر: ٢١ . ﴿ ^] _`a ﴾ [ [محمد: ١٥ . ﴿ FEDCBA@ ﴾ [ [المرسلات: ٢٧(١) . وقد أشار ابن كثير إلى فكرة (الأنهار الدولية) عند تفسيره لقوله تعالى: (١) والفرات: الماء العذب يشرب ويسقي منه الزرع. أي: خلقنا الجبال » : يقول الإمام القرطبي القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ) « وأنزلنا الماء الفرات، وهذه الأمور أعجب من البعث .( المرجع السابق، ج ١٩ ، ص ١٦٢ ﴿ !" &%$# ')( ﴾ [ [النحل: ١٥ أي » : ، إذ يقول جعل فيها أنهارا تجري من مكان إلى مكان آخر رزق ً ا للعباد ينبع في موضع وهو ً رزق لأهل موضع آخر، فيقطع البقاع والبراري والقفار ويخترق الجبال والآكام فيصل إلى البلد الذي سخر لأهله وهي سائرة في الأرض يمنة ويسرة وجنوبا ً وشمالا ً وشرق ً ا وغرب ً ا ما بين صغار وكبار وأودية تجري حين ً ا وتنقطع في وقت « وما بين نبع وجمع قوي السير وبطيئه بحسب ما أراد وقدر وسخر ويسر(١) . ومن الثابت أن النهر يخضع لسيادة الدولة التي يجري فوق إقليمها وفي حدود ذلك الإقليم؛ فإذا كان النهر بين دولتين متقابلتين، فإن ما جرى عليه العمل هو الأخذ بخط تقسيم النهر في منتصف المجرى ا لرئيسي. ويسري ما تقدم بلا خلاف في إطار الشريعة الإسلامية؛ إذ لا يتعارض ذلك مع أي من قواعدها ا لأصولية. لذلك مثلا ً رفض عمر بن الخطاب تقسيم الأرضين والأنهار. وهكذا كتب عمر إلى سعد بن أبي وقاص حين فتح ا لسواد: أما بعد فقد بلغني كتابك، تذكر أن الناس سألوك أن تقسم بينهم ما » أفاء الله عليهم، فإذا أتاك كتابي فانظر ما أجلب عليه أهل العسكر بخيلهم وركابهم من مال أو كراع فاقسمه بينهم بعد الخمس، واترك الأرض والأنهار لعمالها، ليكون ذلك في أعطيات المسلمين، فإنك إن قسمتها بين من حضر « لم يكن يبقى بعدهم شيء(٢) . وقد تعرض الفقه الإباضي لمسألة الأنهار كذلك، وإن كان ذلك بطريقة أقل من ا لبحار. (١) . تفسير ابن كثير، المرجع السابق، ج ٢، ص ٥٦٥(٢) . البلاذري: فتوح البلدان، المرجع السابق، ص ٣٧١ ونوجز أهم الأمور الخاصة بهذه المسألة فيما يلي: ∫hC’G åëѪdG QÉ¡fC’G AÉe ᪰ùb سبق القول أن قسمة المياه أكد عليها الفقه الإباضي. ويسري ذلك على الأنهار الداخلية أو الدولية من باب أولى. فقد روي عن  حاطب بن أبي بلتعة القيسي أنه خاصم الزبير بن العوام في شراج من الحرة، عند النبي ژ، فحكم النبي ژ بأن يسقي الزبير أولا ً ثم يرسل حكمت بذلك لأنه كان ابن » : الماء إلى جاره، فغضب حاطب، فقال فتغير وجه النبي ژ ، ثم قال: ،« عمتك اسق يا زبير ثم احبس الماء » ِ حتى يرجع إلى الجزر واستوف حقك، ثم أرسل ْ « ه إلى جارك(١) . قال  الحكم إما غ » : العلامة ابن يوسف ُرم وإما صلح، فقدم الصلح لأجل أن ْ يتآلفا، فحين لم يقبله حاطب مع أنه مصلحة له لم يبق إلا الحكم َ  بالغ ُ « رم؛ إذ لا يتركهما بغير حكم(٢) ، وفيه نزل قوله تعالى: ﴿ ¬ ¯® ْ »º¹¸¶µ´³²±° À¿¾½¼ ﴾ [ [النساء: ٦٥ . واستناد ً ا إلى الحديث السابق، وأيض ً ا إلى قوله ژ : لا تمنعوا فضل » « الماء لتمنعوا به فضل ا لكلأ ، وقوله ژ : الناس شركاء في ثلاثة: الماء » (١) صحيح البخاري، رقم الحديث ٢٢٣٣ ، ج ٢، ص ٨٣٢ . صحيح مسلم، رقم الحديث ٢٣٥٧ ، ج ٤، ص ١٨٢٩ . السنن الكبرى، رقم الحديث ٥٩٦٣ ، ج ٣، ص ٤٧٥ . سنن ابن . ماجه، رقم الحديث ١٥ ، ج ١، ص ٧. سنن الترمذي. رقم الحديث ١٣١٦ ، ج ٣، ص ٦٤٤(٢) الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، المرجع السابق، ص ١٨٢ - ١٨٣ ؛ انظر أيض ً . ا أطفيش: هميان الزاد، ج ٥، ص ٣٢ « والكلأ والنار ، بين الإمام الشوكاني بطريقة رائعة قواعد استخدام وقسمة مياه الأنهار في الشريعة ا لإسلامية(١) .  »fÉãdG åëѪdG AɪdG π°†a ™«H øY »¡ædG فقد ثبت عن النبي ژ أنه قال: لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به فضل » « الكلأ(٢) . (١) فحصل من مجموع الأدلة الواردة في الماء بعد تقييد بعضها ببعض أنه » : يقول الشوكاني يجوز للسابق إلى الماء المتقدم حقه فيه أن يمنع ما تدعو حاجته إليه ويرسل ما فضل لمن ينتفع به، إما لسقي أرض، أو لسقي دوابه، أو للشرب منه، أو للتطهر به. ويزداد الإثم إذا منعه لغرض منع الكلأ، فإنه قد جمع بين المنع لشيئين قد أثبت الشرع الاشتراك فيهما بين الناس وهما الماء والكلأ، فالحاصل أن كل ماء موجود على ظهر الأرض فالأصل فيه الشركة بين العباد إلا قدر ما يحتاجه السابق الأحق، فإن ذلك قد استثناه له الشرع وسوغه له، وأما ما زاد على قدر الحاجة فليس له منعه ولا يملكه بإحراز ولا غيره بل هو متعد بإحرازه لا لحاجة، ومن دعت له إليه حاجة فهو أولى به، وإن أحرزه بعد حرز فإن قلت قيد منع فضل الماء بأن يكون لمنع فضل الكلأ، وظاهره أنه يجوز منع فضل الماء بغير منع فضل الكلأ قلت: عرفت أن النبي ژ جعل حبس الماء للأعلى حتى يبلغ الكعبين حق ً ا ثابت ً ا، ثم أوجب عليه إرسال ما فضل عن ذلك، ولم يسوغ له حبس هذا الفاضل، وكذلك صرح بأن الناس شركاء في تلك الأمور التي من جملتها الماء، وأنه لا يحل منعه فجمعنا بين الأحاديث بأن السابق إلى الماء أو المستخرج له من منابعه أحق بما تدعو إليه حاجته منه، وليس له غير ذلك. ولما كان منع فضل الماء لمنع الكلأ من جملة الصور الممنوعة بل من أشدها لجمعه بين منكرين، وعارض هذا التقييد غيره مما هو أدل على المقصود منه لم يكن صالحا ً الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على .« للتقييد به، فلا يجوز منع الفضل على كل حال حدائق الأزهار، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٥ ه . ١٩٨٥ م، ج ٣، ص ٢٦١ (٢) رجل له بئر فيمنع ماءها ليمنع ما حوله من الرعي، وقال الخطابي: تأويله إن » : والمعنى رجلا ً إذا حفر بئرا في موات فيملكها بالإحياء، فإذا قوم ينزلون في ذلك المكان للموات ً ويرعون نباتها وليس هناك ماء إلا تلك البئر فلا يجوز له أن يمنع ذلك القوم َ من شرب = يقول ا لبطاشي: اختلف العلماء في بيع ماء النهر وطناءه أجازه بعض ومنعه بعض »لأجل الجهل والقول بالجواز هو الأحق؛ لأنه ملك والقول بالمنع لا دليل له لصفة الجهل لأنه كغيره من المجهولات ولا دليل يوجب المنع بالتحريم « والقول بالتكريه يرفع عن أبي ا لحواري(١) . بيع الماء جائز مع الأرض، » ويذهب الفقه الإباضي إلى القول: إن « ولا يجوز دون الأرض لما جاء من النهي في ذلك عن بيع فضل ا لماء(٢) . = ذلك الماء؛ لأنه لو منعهم منه لا يمكنهم رعي ذلك، فكان منعه عنهم عناد ً ا وإذ ً ا لا يجوز، ُ ومن هاهنا وقع ا لنهي عن بيع الفاضل من الماء فإنه يصير بذلك كالبائع للكلأ لأن الوارد ُ حول ما أعد للرعي إذا منعه عن الورود إلا بعوض اضطر إلى شرائه فيصير كمن اشترى الكلأ لأجل الماء (وقيل): معناه لا يبيع فضل الماء ليكون القصد في بيعه وعدم بذله لجميع الكلأ الحاصل؛ ثم قيل: هذا النهي للتحريم، وقيل: للتنزيه، وهو الأظهر عند البعض، ثم إن النهي عن بيع الماء إنما هو لمن أراد أن يشرب أو يسقي دابته فإما إن أراد ِ الإمام السالمي: « أن يسقيه الزرع أو النخل جاز لصاحب الماء أن لا يعطيه إلا بعوض َ شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٢، ص ١٠٧ -.١٠٨ (١) وصحح القطب » : ويضيف البطاشي 5 جواز بيع ماء في البير والجب يباع معهما، وجاز أن ُّ ٍ يباع باستقلال إن ْ عرف الكم والمقدار بنظر إليه أو بإرسال حبل وفيه حجر أو بعصي ولا يعارض جواز بيعه النهي المروي عنه ژ؛ أي: نهيه عن بيعه فضل الماء فالحق أن النهي في مواضيع بعيدة عن القرى لا في القرى والأج َ َ ن َ البطاشي: كتاب غاية المأمول .« ة والمنازل في علم الفروع والأصول، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ُ ج ٥، ص ٨٩ . راجع أيض ً . ا الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٧، ص ٧٨(٢) . الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٢٧ وتعليل ذلك كما جاء في كتاب ا لإيضاح: قلت لأبي المورج: من أين أجزت شراء الماء مع الأرض ولم تجز بغير الأرض إلا في »حال الضرورة؟ قال: لأنه إذا اشترى الأرض فله أن يشتري شربها ومجراه، وإذا اشترى َ مجرى الماء فكل ما يجري على مجراه فهو له، ولأن لكل أرض شربا، فمن اشترى الأرض ً وشربها من الماء ومجراه، وكل حق هو لها فما أراه إلا جائز ً . ذات المرجع، ص ٢٢٨ « ا ådÉãdG åëѪdG QÉ¡fC’G ìÓ`°UEG  تحتاج الأنهار إلى مراعاتها وإصلاحها، يقول ابن جعفر:  ومما يتنازع الناس فيه إصلاح الأنهار، فأما ما حدث فيها من الفساد » من خراب وهدم وتراب وطين وغيره، فإن الناس يجبرون على إصلاحه، وأما من أراد أن يزيد في الأنهار فرجا أو بناء بجص أو آجر لم تكن فيه، ً َُ ْ « فليس يجبرون على ذلك، إلا أن يتراضوا به بينهم عليه(١) . ويقول أبو الحواري: ويؤخذ أهل البلد بإصلاح أنهارهم التي لهم ويحدث فيهم الفساد. أما » « ما يقترح فليس يحكم عليهم به إلا أن يتفقوا هم على ذلك(٢) . كذلك قيل: فاعلم أن من الواجب على الناس إصلاح أنهارهم، وإصلاح سواقيهم، » « والتعاون في ذلك فيما بينهم على كل بقدر نصيبه(٣) . مما تقدم يمكن استنباط ثلاث قواعد في الفقه الإباضي بخصوص هذه المسألة: ١ أن إصلاح النهر يجبر عليه الواقعين على ضفافه متى كان هذا الإصلاح لازما لمنع فساد أو ضرر بالأرواح والممتلكات. ً (١) . ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ص ٢٦٦(٢) جامع ا لفضل بن الحواري، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه ١٩٨٥ م، ُ . ج ٣، ص ٤٣ (٣)درويش بن جمعة المحروقي: الدلائل على اللزوم والوسائل، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ١٤٢٧ ه -. ٢٠٠٦ م، ص ٣٣٤ ُ ٢ أن تكاليف الإصلاح يتم توزيعها حسب نصيب كل دولة فيه. ٣ أن إدخال تحسينات غير ضرورية على مجرى النهر يمكن إذا رضيت بذلك الدول الواقعة على مجرى النهر، بمعنى أنه لا إجبار على دولة لا تريد ذلك. بالتالي، لا يمكن إجبار دولة رغما عنها في المساهمة في ً هذه ا لتحسينات. ™HGôdG åëѪdG ¬eGóîà°SG óæY ô¡ædG iôée ∫hóH QGô°VCG çGóMEG »aÓJ يمكن استنباط هذا المبدأ مما جاء في ا لمصنف(١) : ومن جواب أبي الحواري وعمن خاف أن يخربه السيل أرضه فقطع » عنها الماء فرجع الماء يجري في غير طريقه إلى أن اتكأ في موضع آخر من الوادي، هل يسعه ذلك؟ وكذلك هل يجوز له أن يكدف للماء حتى يدخل أرضه؟ فعلى ما وصفت فإذا كان لا يضر بأحد من أعلى ولا من أسفل جاز له ذلك، وكذلك يجوز له أن يكدف للماء حتى يصير إلى أرضه إذا كان « ليس على أحد في ذلك مضرة (٢) . معنى ذلك أن مبدأ عدم الإضرار بمن يقع على مجرى النهر هو مبدأ ثابت في الفقه الإباضي، وهو مبدأ يطبق في العلاقات بين الأفراد العاديين وأيض ً ا بين ا لدول. (١) انظر أيض ً جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، « المنع مما يضر بالجيران في المياه » : ا . ج ٣، ص ٢٣٣(٢) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٢٢ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٩٨ والقاعدة : أن من أحدث ضررا عليه إصلاحه، إلا إذا كان الضرر قد وقع ً بسبب قوة قاهرة أو حادث لا يد للإنسان فيه(١) . (١) وصل إلى كتابك تسأل عن النهر الذي في بلادكم وأن السلطان يأخذ » : يقول أبو الحواري فيه يومين بليلتين ودور النهار من ثلاثة عشر يوما وليلة فرجع دور الفلج إلى خمسة عشر ً يوما فيأخذ السلطان يقصد إلى قوم بأعيانهم دون آخرين. ً فعلى ما وصفت فإنا نرى السلطان وما غصب من أموال الناس مثل السيل يكون على جامع أبي الحواري، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، .« الجميع فعملوا بذلك ُ ١٤٠٥ ه . ١٩٨٥ م، ج ٢، ص ٢١٥ لا شك أن التلوث البيئي يتعلق أساسا بإقليم الدولة. بل هو يتعلق بكافة ً العناصر الداخلة في هذا الإقليم: سواء كانت برية أو بحرية أو جوية أو نهرية (١) . إلا أن من الثابت أيضا أن حماية البيئة من التلوث قد اتخذت الآن ً أبعاد ً ا عالمية، على أساس أن التلوث، على الأقل من حيث آثاره، عابر للحدود. ولا جدال أن التلوث العابر للحدود وهو الذي يوجد مصدره في ا أو جزئيا في بلد آخر هو الذي يثير الصعوبات على ً  بلد وآثاره الضارة كلي الصعيد الدولي. وهذا ما نتناوله في المبحثين ا لتاليين: ∫hC’G åëѪdG çƒ∏àdG øe AɪdG ájɪM ᫪gCG نشير لبحث هذه المسألة إلى الأمور ا لآتية: :çƒ∏àdG øe áÄ«ÑdG ájɪM IQhô°V `` CG البيئة من أهم نعم الله التي لا تعد ولا ت ُ حصى، اختص الإنسان  تعد بحمايتها والمحافظة عليها، استفادة بثرواتها اللازمة لاستمرار الحياة على (١) المجلة المصرية للقانون ،« تأملات حول الحماية الدولية للبيئة من التلوث » : راجع مقالتنا الدولي، ١٩٩٣ . ص ٤٥ - .٨٧ سطح الكرة الأرضية. وإذا كان الإنسان، بفضل التقدم العلمي والتقني، قد استطاع أن يتخلص من تبعيته للطبيعة، فإنه قد تعدى ذلك وجاوز القدر المرجو والمطلوب باعتدائه على البيئة ذاتها. وحماية البيئة تقتضي حمايتها ضد أخطار التلوث الذي يهدد بأن يذهب بكل أنواع الحياة فيها، ويهلك الحرث والضرع، ويقضي على الأخضر واليابس. والواقع أن التوازن البيئي، والمحافظة على البيئة الطبيعية كما وهبها الخالق 4 ، ثابت في قوله تعالى في سورة ا لحجر: ❁ A@? > ﴿ 987 :;<= RQPONML ❁ JIHGFEDC  VUTS ﴾ [الحجر: ١٩ -[٢١ . بخصوص هذه الآيات قيل: إنها توجهنا: ...» إلى خلاصة ما يقوله علماء البيئة عن توازن الطبيعة وعن تساند الحياة على الأرض بين النبات والحيوان والإنسان وكل ما يشمله علم « الإيكولوجي ا لحديث(١) . ونحن إلى ذلك نضيف أن تلك الآيات قررت مبدأين: ١ الالتزام بحماية البيئة كما هي قائمة، ويقتضي ذلك عدم الاعتداء عليها وعدم تغييرها. علة ذلك تكمن في أن الله خلق كل شيء وجعل له توازن ً ا وقدرا لا يجوز الإخلال به، يؤيد ذلك قوله تعالى: ﴿ áàßÞ ً â ﴾ [ [القمر: ٤٩ ، وقوله: ﴿ YXWV ﴾ [ [الرعد: ٨ . ومن المعلوم أن ثبات البيئة واتزانها يكون نتيجة لتنوع مكوناتها، فالكل أقوى من مجموع أجزائه. وهوما أكده قوله تعالى: ﴿ < = @?> (١) راجع تقديم د. علي التويجري لكتاب د. سليمان العقيلي بشير جرار: تلوث الهواء، مكتب التربية العربي لدول الخليج، الرياض، ١٤١١ ه . ١٩٩٠ م، ص ٥ A ﴾ [ [الحجر: ١٩ ، وقوله: ﴿ ÂÁÀ¿¾ ﴾ [ [الفرقان: ٢ ، وقوله:  ﴿ ¨ ª© ﴾ [ [فصلت: ١٠ .  ٢ الالتزام بعدم إحداث أي تغيير فيها إلا بقدر(١) ، ومعنى ذلك، في نظرنا، أن تغيير البيئة الطبيعية يشكل الاستثناء وليس القاعدة (والاستثناء كما هو معلوم لا يتوسع فيه ولا يقاس عليه)، كما أن ذلك لا يكون إلا بقدر؛ أي: حيث تحتم الحاجة والضرورة (والضرورة تقدر بقدرها، كما تقرر ذلك القاعدة الثابتة في الفقه ا لإسلامي). وهو ،« الوقاية خير من العلاج » ولعل الالتزامين السابقين يرجعان إلى أن وبيان ذلك أن الدفع .« الدفع أسهل من الرفع » : ما أكدته القاعدة الشرعية  يكون قبل الثبوت والرفع بعده(٢) . بذا تكون الشريعة الإسلامية قد أخذت منذ زمن بعيد بالقاعدة التي استقرت في الفقه الإنجليزي: better is Prevent (٣) than cure ، وفي الفقه الفرنسي: Mieux vaut prevenir que guérir . إن مغزى حماية البيئة في الإسلام يرجع أيض ً ا إلى أن البيئة الطبيعية؛ (أي: غير الملوثة) متاع للإنسان والحيوان، وبالتالي يجب المحافظة عليها من أجل المحافظة على الحياة نفسها، يقول تعالى: ﴿ ¦¥¤£ »❁ ¹¸❁ µ´³❁ ±°¯®❁ «ª©¨❁ ¿¾ ❁ ÆÅÄ ﴾ [عبس: ٢٤ -[٣٢ . ❁ ÂÁ ❁ ¼ (١) فقد قال رسول الله ژ : « كل شيء بقدر » (الإمام ابن حنبل: كتاب ا لسنة، دار ابن القيم، الدمام، ١٤٠٦ ه .( ١٩٨٦ م، ج ٢، ص ٤١٧ (٢) راجع هذه القاعدة في مفتي الشام محمود حمزة: الفرائد البهية في القواعد والفوائد . الفقهية، دمشق، ص ٨٨ (٣) بل قيل: إن النظرة الإسلامية تؤاخي بين الإنسان والكون، د. محمد السنهوتي: الكون في ضوء التصور القرآني، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالأحساء، ١٤٠٣ -. ١٤٠٤ ، ص ٤٦٧ ومن المعلوم أن التلوث قد ينجم عن سببين: ١ إما نتيجة لممارسة أنشطة محظورة أو ممنوعة كإلقاء النفايات في المياه، أو دفن المخلفات في الأرض، أو إفساد الوسط الطبيعي كقطع الأشجار أو قتل الحيوانات، أو تسريب الزيت في المياه أو على ا لأرض. ٢ أو بسبب أنشطة غير محظورة لكنها تسبب ضررا للغير، نتيجة للدخان ً الناجم عن إقامة مصنع مثلا ً .  والمحافظة على عدم تلوث المياه من الأمور اللازمة للمعيشة الإنسانية، فضلا ً عن الكائنات والأشياء الأخرى. يقول المفتي العام لسلطنة عمان: ُ جاء الإسلام الحنيف دين الله تعالى الحق بتنظيم حياة الجنس البشري » وتقييدها بقيود أخلاقية واجتماعية، تحفظ للفرد والأسرة والمجتمع والأمة والجنس حقوقهم، وتحافظ على سلامة بيئاتهم وتجنيبها كل ما يؤدي إلى ضرر عاجل أو آجل، فإن تصرف الإنسان يعكس آثاره سلبا وإيجابا على الكون وما ًً اشتمل عليه، قال تعالى: ﴿ ÙØ×ÖÕÔÓÒÑÐ ÞÝÜÛÚ ﴾ [ [الروم: ٤١ ، وبين سبحانه أن فساد الإنسان يؤدي إلى هلاك الحرث والنسل إذ قال: ﴿ FEDCBA@? VUTSRQ❁ ONM @ KJIHG ^]\[ZYXW _ ﴾ [٢٠٥ ، [البقرة: ٢٠٤ «(١) . استعمار الإنسان في هذه الأرض، » والمحافظة على البيئة يدخل في إطار أي من أجل تعميرها، والعرب تقول استعمرته في كذا، أي: ا ستعملته(٢) . قال ا لله 8 : ﴿ ÒÑ ﴾ [ [هود: ٦١ . (١) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: القيم الإسلامية ودورها في تقديم حلول للمشاكل البيئية . العالمية، ص ٦(٢) . سلمة العوتبي الصحاري: كتاب الإبانة في اللغة العربية. ج ١، ص ٤٦ :AɪdG çƒ∏J ΩóY π°UC’G `` Ü المبدأ ا لعام: نقصد بذلك الماء في حالته الطبيعية، أي بالحالة التي نزل عليها من السماء، دون أن يلحقه شيء غريب دخل عليه. يقول الله تعالى: ﴿ _ ` cba ﴾ (١)[ [الفرقان: ٤٨ . وروي أن رجلا ً أتى رسول الله ژ فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر ومعنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله ژ : « هو الطهور ماؤه، الحل ميتته » (٢) . « الأصل في الأرض الطهارة » وهكذا إذا كان(٣) ، فإن الأصل في الماء الطاهر المطهر باتفاق الأمة هو ماء » طهارته؛ أي: عدم تلوثه، والماء « السماء، وماء البئر، وماء العيون، والأنهار، والبحر(٤) . فهو إذن الماء الباقي على خلقته بلا مخالط يغير وصفه من غير » المطلق؛ أي: الماء « جنس ا لأرض(٥) . ويقع على عاتق الإنسان المحافظة على نقاوة المياه، بجميع أنواعها؛ لأهمية ذلك ولزوميته في المحافظة على الحرث والضرع والحياة الإنسانية وغيرها. (١) هو الفعول للطهارة، وهو الذي تعرف منه تطهير الشيء بعد » الطهور في لغة العرب . ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٩٣ « الشيء(٢) . رواه الربيع عن ابن عباس، كتاب الطهارة، باب ٢٤ ، رقم ١٦١(٣) . السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٦٢(٤) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٧١(٥) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٤٥ ّ :√É«ªdG çƒ∏J áHQÉëe IQhô°V `` ê يمكن بخصوص هذه المسألة أن نستنبط القواعد الآتية من الفقه ا لإباضي: أولا ً اتخاذ كل ما يلزم لمنع التلوث أو ا لعدوى: الوقاية خير من العلاج. هذا مبدأ أخذ به الفقه الإباضي أيضا. يتضح ً ذلك مما يلي: ﺎ ﻦﻣ ﻊﺿﺍﻮﻤﻟﺍ ﻼﻓ) ﻲﻀﻘﻳ ﻥﺎﺴﻧﻹﺍ ﻪﺘﺟﺎﺣ ﺓﺭﻭﺮﺿ ﺏﺎﻨﺘﺟﺍ ﺎﻣ ﻥﺎﻛ ﻣﺮﺘﺤﻣً. ﻲﻓ ،ﺪﺠﺴﻣﻻﻭ ﻲﻓ ،ﺓﺮﺒﻘﻣﻻﻭ ﻲﻓ ﺙﺮﺣ ﺔﻣﺮﺤﻟ(ﻡﺎﻌﻄﻟﺍ (١)ً ﺎ ﺓﺪﻋﺎﻘﻠﻟ ﺔﻣﺎﻌﻟﺍ ﺓﺩﺭﺍﻮﻟﺍ ﻲﻓ ﻪﻟﻮﻗﮊ : ﺔﻴﻤﺘﺣ ﺏﺎﻨﺘﺟﺍ ﺎﻣ ﺮﻀﻳ ،ﺱﺎﻨﻟﺍ ﻘﻴﺒﻄﺗ ١ ـ ٢ ـ ﺭﺮﺿ ﻻ»«ﺭﺍﺮﺿ ﻻﻭ (٢). ﺪﻳﺪﺤﺗ ﻥﺎﻜﻣ ﺙﻮﻠﺘﻟﺍ ﻭﺃ ﻯﻭﺪﻌﻟﺍ ﻊــﻨﻣﻭ ﻪﻟﺎﻘﺘﻧﺍ ﻦﻣ ﻥﺎﻜﻣ ﻰﻟﺇ ﻥﺎﻜﻣ ﺮﺧﺁ ٣ ـ ﺙﻮﻠﺘﻟﺍ) ﺮﺑﺎﻌﻟﺍ:(ﺩﻭﺪﺤﻠﻟ ﺍ .ﺩﻭﺪﺤﻠﻟTransboundary Pollution ﺙﻮﻠﺘﻟﺍ ﻦﻣ ﻞﻤﺘﺤﻤﻟﺍ ﻪﻴﻓ ﻥﺃ ﻥﻮﻜﻳ ﺮﺑﺎﻋً  وانتقال التلوث أو العدوى من مكان إلى مكان آخر منهي عنه إسلاميا. دليل ذلك: أبو عبيدة. قال سعد بن أبي وقاص لأسامة بن زيد: ماذا سمعت من رسول الله ژ يقول في الطاعون؟ قال: سمعته يقول: الطاعون رجز أرسل » (١) . السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٢ (٢)ذات المرجع، ص ٣٣ - ٣٤ حيث يقول: يجب على من أراد قضاء الحاجة أن يجتنب كل ما كان مضرا بالناس، فلا يقضي حاجته » ً في متحدث الناس، ولا في الطرق، ولا في ظلال الشجر المثمر، ولا في ظلال الجدران، ولا في شطوط الأنهار، ولا في المياه، ولا في ظهور المساجد وحريمها؛ للنهي الوارد في ٍ هذه الوجوه وهو قوله ژ : من قضى حاجته تحت شجرة مثمرة أو على نهر جار أو طريق » « عامر أو على ظهر مسجد من مساجد الله فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، ولقوله ژ : « لا ضرر ولا ضرار في ا لإسلام » . على طائفة من بني إسرائيل أو على من كان قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوها عليه، وإذا وقع في أرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فرار ً « ا منه(١) . كذلك قال أ بو عبيدة عن جابر عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب 3 خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ وهو موضع بالشام لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة ابن الجراح 3 مع أصحابه وأخبروه أن الوباء وقع في أرض الشام فاختلفوا، فقال بعضهم: خرجت َ لأمر ولا نرى أن ترجع عنه؛ وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله ژ ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال عمر:  ارتفعوا عني. قال ابن عباس فقال عمر: ادع لي المهاجرين الأولين، فدعوتهم فاستشارهم فاختلفوا فقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله ژ ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء. وقال بعضهم: خرجت َ لأمر ولا نرى أن ترجع عنه. فقال: ارتفعوا عني فارتفعوا، ثم قال: ادع لي الأنصار، فدعوتهم فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني ِ فارتفعوا ثم قال: ا دع ُ لي من كان هاهنا من مشيخة قريش ومن مهاجرة الفتح َ فدعوتهم، فلم يختلف عليه منهم رجلان فقالوا: نرى أن ترجع بالناس (١) الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، مكتبة الاستقامة، مسقط، ١٤١٥ ه - ١٩٩٥ م، . ص ٢٥١ ، حديث ٦٤٠ ،٢٠٢/ ١٩٦ ، ج ٥ ،١٩٥/ ١٨٢ ، ج ٤ ،١٧٧ ،١٧٣/ رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج ١ ٢١٣ ، ورواه البخاري في كتاب الأنبياء ٥٤ ، حيل ١٣ ، ورواه مسلم في ،٢٠٩ ،٢٠٧ كتاب السلام ٩٢ - ٩٧ ، ورواه الترمذي في كتاب الجنائز ( ٦٦ )، ورواه مالك في الموطأ .( في كتاب المدينة ( ٢٢ والتحرز من الطاعون وليس هو فرار منه بل أخذ بالحذر المأمور به » : يقول أطفيش وترتكب أخف الضرورتين، وهي هنا منع من جاء من أرض الطاعون احتياط ً ا على العامة وقد قال الله 8 : ﴿ ji ﴾ [ [النساء: ٧١ ، فإنه وإن كان في العدو والقتال ولكن العلامة أطفيش: كشف الكرب، وزارة التراث القومي .« لا يخفى أن كل مضرة كذلك والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه . ١٩٨٥ م، ج ١، ص ٧٧ ُ ولا تقدمهم على هذا الوباء فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر فأصبحوا ِ عليه، فقال أ بو عبيدة: أفرارا من قد َ ر الله يا عمر؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا ًَ ِ عبيدة! نعم نفر من قد َ ر الله إلى قد َ ر ا لله(١) ، قال ابن عباس: فجاء عبد الرحمن بن ٰ عوف وكان متغيبا في بعض حاجته فقال: إن عندي من هذا علما، سمعت ًً رسول الله ژ يقول: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض » وأنتم بها فلا تخرجوا فرار ً « ا منه قال: فحمد عمر وأثنى عليه ثم ا نصرف(٢) .  ≈fÉãdG åëѪdG √É«ªdG çƒ∏J ™æe :AɪdG çƒ∏J ≈æ©e `` CG يعني تلوث الماء إدخال شيء عليه يغير من حالته الطبيعية. يؤكد ما قلناه ما رواه أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي ژ قال:  « الماء طهور لا ينجسه إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته »(٣) . (١) محصل قول عمر: (نف » : قيل ّ ر من قدر الله إلى قدر الله) أراد أنه لم يفر من قدر الله حقيقة، وذلك أن الذي فر منه أمر خاف على نفسه منه فلا يهجم عليه والذي فر إليه أمر لا يخاف على نفسه حاشية الترتيب للشيخ ابن أبي .« منه إلا الأمر الذي لا بد من وقوعه به سواء كان ظاعنا أو مقيما ًً ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، دار البعث، قسنطينة الجزائر، ج ٣، ص ٣٣٨ -.٣٤٤ (٢) . الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، المرجع السابق، حديث رقم ٦٤١(٣) جاء في حاشية الترتيب: قوله: « الماء طهور لا ينجسه إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته » لفظ الحديث في السؤالات: خلق الله الماء طهور » ً « ا لا ينجسه إلخ. وذلك أنه ذكر أن الجواب على ثلاثة أوجه مطابق وعام وخاص. وذكر هذا الحديث من العام حيث قال بعد كلام: وسئل رسول الله 0 عن بئر بضاعة تلقى فيها الحيض والميتة وغير ذلك من النجاسات فقال: خلق الله الماء طهور » ً « ا إلخ. والمراد من الماء في هذا الحديث ما كان قدر قلتين فصاعدا ليحصل الجمع بينه وبين قوله. حاشية الترتيب للعلامة ابن أبي ستة . على الجامع الصحيح لمسند الربيع، المرجع السابق، ج ١، ص ١٦٨ ، حديث ١٥٦ لذلك من القواعد الفقهية ا لإباضية: ّ « إذا خرج الماء عن طبعه واسمه خرج عن وظيفته »(١) . هو الباقي على أوصاف خلقته بلا مخالط يغير » كذلك فإن الماء المطلق « وصفه من غير جنس ا لأرض(٢) . ومن المعروف أن تغير الماء نوعان: أحدهما: تغير بما ينفك عنه الماء غالبا، والمعنى في ذلك أنه يمكن » ً .« صون الماء عنه والتغير الثاني: تغير بما لا يمكن صون الماء عنه، وهذا هو الذي استثناه َْ المصنف بقوله: (واستثن ِ نحو طحلب وورق). وكذا لو تغير الماء بتراب أو  حمرة أو جرى في طريقه على معدن زرنيخ أو نورة أو كحل، أو وقع شيء ُْ منها فيه، أو نبع من معادنها، وكالمتغير بطول المكث فإن هذا التغير لا يسلبه اسم ماء، ولا ينقل عنه حكم الطهورية الثابتة له بنص الكتاب، ولما يروى عنه ژ أنه كان يتوضأ من بئر بضاعة، ويقال: إن ماءها كأنه ن ُق َ « اعة ا لحناء(٣) . :AɪdG çƒ∏J ™æe á∏Y `` Ü  لا يخامر أحد ٌ شكا في أن السبب الأساسي لمحاربة التلوث ومنعه هو منع  حدوث الأضرار التي تترتب عليه، والتي تضر بالإنسان والحيوان والنبات(٤) .  (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٦٥ ّ (٢) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٤٥ ّ (٣) . الإمام السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٨٦(٤) فإذا ثبت العدو منه وصح ذلك وكذلك القول في » : بخصوص الجدري، يقول الصبحي الحصبة وإن تعمد هذا العليل على قتل هذا الصحيح بهذه العلة وصح أنها تؤثر فيمن لم يصطحب بها؛ خفت ُ عليه ا لق َ و َ د َ . = وخير من عبر عن ذلك في الفقه الإباضي الإمام السالمي؛ إذ بخصوص وقول عبد الله بن القاسم: لا بأس أن يضع فيه ،« قضاء الحاجة على الأنهار »الغائط. وقول موسى بن علي: لا بأس أن يبول الإنسان في الماء الجاري. وكان الربيع: يكره الاستنجاء في النهر. وكره بشير أن يبزق في النهر، يقول والصحيح أن ذلك حرام لما تقدم من الأدلة، ولما روي عنه ژ » : السالمي  أنه كان ينهى عن البول والتغوط في الموارد، وأبواب المساجد، وفي الهواء، وقارعة الطريق والظل، والحجر، والبالوعة، وتحت الميزاب، وروي  عنه ژ أنه كان يقول: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم أو الجاري ثم » َ  « يغتسل فيه أو يتوضأ(١) . وأما ما ذهب إليه الربيع من كراهية الاستنجاء في » : ويضيف السالمي النهر، وما ذهب إليه بشير من كراهية البزاق في النهر، فذلك مبالغة في  امتثال أوامره ژ واجتناب مناهيه، وذلك أنهم نظروا فرأوا أن العلة التي لأجلها نهى عن التغوط والبول في الأنهار، إنما هي خوف إيذاء المسلمين بإلقاء القاذورات في مواردهم؛ فرأى الربيع الاستنجاء بقية من تلك القاذورات، ورأى بشير أن البزاق مما تستقذره النفوس وتنفر منه الطباع إذا « رأته في الماء، فكرهه لأجل ذلك(٢) . = وكذلك القول فيمن به علة الجذام إلا أن علة الجذام لا تقتل سريعا مثل الجدري والحصبة. ً فيعجبني أن تلزم الدية ولو لم يمت؛ لأن الدية تجب للإنسان وهو حي بأشياء كثيرة، الصبحي: الجامع الكبير، المرجع .« وهذا أشد فيما عندي من ذهاب الضروس والجماع . السابق، ج ٣، ص ٢١٨(١) رواه الربيع مرسلا ً ٣٢ . والبخاري عن /١ ، عن جابر، باب ( ٤) في العلم وطلبه وفضله، ٢٩ ، أبي هريرة بلفظ قريب، كتاب ( ٤) الوضوء، باب ( ٦٩ ) البول في الماء الدائم، ٢٣٩ ٧٠ . ومسلم عن أبي هريرة بلفظ قريب، كتاب ( ٢) الطهارة، باب ( ٢٨ ) النهي عن البول /١ .٢٣٥/١ ، في الماء الراكد، ٢٨٢(٢) الإمام السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٦ -.٣٧ ådÉãdG åëѪdG √É«ªdG çƒ∏J ádGREG á«Ø«c t أد ّ ى تقدم العلم والتكنولوجيا إلى ظهور مواد كثيرة تزيل تلوث الماء نتيجة لإلقاء المخلفات أو القاذورات فيه، أو حدوث تسرب للزيت أو البترول في مياهه. الأشياء التي بها تجب إزالة » وقد تعرض الفقه الإباضي لمسألة  .« النجاسات  فقد اتفق العلماء على أن الماء الطاهر يزيل النجاسات، واختلفوا فيما كل طاهر يزيل النجاسة مائعا » : سواه من المائعات والجمادات، قال بعضهم ً كان أو جامد ً « ا، وقال آخرون: لا تصح إزالة النجاسات بما سوى ا لماء(١) . اسم التطهير منها بزوال » ويصح « إزالة النجاسات » فالطهارة من معانيها « عينها بماء أو ما يقوم مقامه(٢) . ومن الثابت عند ا لإباضية أنهم لم يشترطوا: ّ الماء المطلق لإزالة النجاسة، بل أجازوا إزالتها بكل مائع طاهر في » « معنى ا لماء(٣) . وجاء في شرح ا لنيل: يزال النجس بالماء الطاهر إجماع » ً ا، وخلاف ً ا بغيره، والأصح زواله بكل مائع طاهر في معنى الماء كخل، وقيل: بكل طاهر وإن جامد ً ا، وبالمسح (١) . الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٦٤(٢) الصائغي: جامع الجواهر، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه - ١٩٨٦ م، ُ . ج ١، ص ٧(٣) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٤٦ ّ  والزمان والريح، والنار والدباغ، فالماء ونحوه يزيله من كل ممكن غسله، لا من متعذر كلبن أو زيت خلط بنج َ س أو ماء عجن به أو طبخ. وصح في « الثمار والبقول من حيث نفذ إليه ا لماء(١) . وما قاله الفقه الإباضي بخصوص إزالة النجاسات، يمكن أن يسري أيض ً ا في بعض أحواله على إزالة التلوث الواقع في الماء؛ إلا أنه يضاف إلى ذلك ما يكون قد ظهر من مواد وأشياء تزيل التلوث بشرط ألا تلحق أضرارا ً جسيمة بالبيئة ا لمائية(٢) .    (١) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٦٢ -.٤٦٤ (٢) عرف الفقه الإباضي أيض ً بالعفونة » : ا تلوث الهواء؛ يقول أطفيش: إن المضرة قد تحدث . أطفيش: كشف الكرب، المرجع السابق، ص ٧٧ « وضيق المسكن وبالريح قيل: ،« باب الطاعون » كذلك تحت وفي وقوعه في أعدل الفصول وأصح البلاد هواء وأطيبها ماء دلالة على أنه إنما يكون »من طعن الجن؛ لأنه لو كان بسبب فساد الهواء وانصباب الدم إلى عضو فيحدث ذلك كما زعم الأطباء لدام ذلك؛ لأن الهواء يفسد تارة ويصح أخرى، والطاعون يذهب أحيان ً ا ويجيء أحيان ً ا على غير قياس ولا تجربة، وربما جاء سنة ً على سنة وربما أبطأ سنين، ولو .« كان من فساد الهواء لعم الناس والحيوان سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، مكتبة مسقط، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه ١٩٩٤ م، ص ٣٨١ -.٣٩٠ ُ :(1)󫡪J حبذ الإسلام منذ البداية إقامة علاقات دولية، مع الدول والشعوب الأخرى، في قوله تعالى: ﴿ MLKJIHGFE ZYXWVUTSRQPON ﴾ [ [الحجرات: ١٣(٢) . ولعل ّ ه يخلص من الآية السابقة أن الغرض من إقامة علاقات دولية (علاقات التعارف) يحتم: ١ عدم علو شعب على شعب. ُ ٢ عدم انغلاق شعب على نفسه. (١) مسالك الدين الأربعة وهي: (الظهور، والدفاع، والشراء، والكتمان) » يقرر رأي أن أصل من أهم ما يتميز به ا لإباضية في مجال الفكر السياسي. فهو يضع جملة من التعاليم ّ والمبادئ يحدد الإباضية وفقهها مواقفهم السياسية في مختلف الظروف الزمانية ّ   ة، أو والمكانية سواء المتعلقة بالشؤون الداخلية حيث تتواجد التجمعات ا لإباضي ّ المتعلقة بالشؤون الخارجية متمثلة في علاقاتهم بالدول الأخرى أو تكتلات مخالفيهم. ولعل السر في استمرار البقاء الإباضي، منذ أن سطع نور الإسلام إلى يومنا هذا سواء البقاء الفكري في عقيدتهم وتعاليمهم، أو البقاء الاجتماعي في قبائلهم وشعائرهم، يعود إلى هذا الأصل الذي يضمن لهم أسباب التكيف والتأقلم مع الحياة وتطوراتها مع الأمم وساساتها، مع المخالفين وعقائدهم، كل ذلك ضمن الإطار الشرعي وفي حمى الكتاب   .« والسنة عدون جهلان: الفكر السياسي عند ا لإباضية، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ُّ ١٤١١ ه . ١٩٩١ م، ص ١٤٩ (٢) خلق الله بين الذكر والأنثى أنساب » : بخصوص هذه الآية، قيل ً ا وأطهار ً ا وقبائل وشعوب ً ا، ابن ،« وخلق منها التعارف، وجعل لهم بها التواصل، للحكمة التي قدرها، وهو أعلم بها العربي: أحكام القرآن، تحقيق: علي البجاوي، دار الجيل، بيروت، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ، ج ٤، ص ١٧٢٥ : القرطبي: أحكام القرآن، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ج ١٦ . ص ٣٤٢ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١١٤ ٣ ضرورة إقامة ما يؤدي على التعارف: كتبادل الممثلين الدبلوماسيين أو  القناصل، وإبرام المعاهدات الدولية، والقيام بما تقتضيه مقتضيات المجاملات الدولية... إلخ. ٤ حظر كل ما يترتب عليه عدم التعارف (انغلاق الدولة أو الفرد أو الجماعة على نفسها)، إلا إذا وجد ما يحتمه. ٥ المساواة بين البشر، وبين الدول، وبحيث لا يكون التفضيل إلا لمعيار التقوى والعمل ا لصالح(١) . ومما يؤيد اهتمام الإسلام بإقامة علاقات بين مختلف البشر أيضا قوله ً تعالى: ﴿ ¯®¬«ª© ° ³²± ´ ¶µ ¸ À¿¾½¼»º¹ ﴾ [ [الزخرف: ٣٢ .  كذلك يقول جل شأنه: ﴿ WVUTSRQPONMLKJI ^]\[ZYX ﴾ [ [الممتحنة: ٨ . يقول ا لشوكاني: كان النبي ژ وأصحابه يعاملون اليهود من أهل المدينة، وممن حولها » وهم مستحلون لكثير مما حرمه شرعنا، وهكذا كان النبي ژ يعامل هو وأصحابه أهل مكة قبل الهجرة، ومن يرد إليها من طوائف الكفار، ولم يسمع على كثرة هذه المعاملة، وتطاول مدتها أنه ژ قال: هذا كافر لا تحل معاملته ولا قال أحد من أصحابه كذلك. وإذا كان هذا في معاملة الكفار الذين هذا (١) د. أحمد أبو الوفا: نحو نظرية للعلاقات الدولية في الفقه الإسلامي، ندوة تطور العلوم الفقهية، النظرية الفقهية النظام الفقهي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ُ أبريل ٢٠١٢ ، ص ١٠ -.١١ حالهم ومسلكهم، فكيف لا تجوز معاملة من هو من المسلمين مع تلبسه « بشيء من الظلم، فإن مجرد كونه مسلما يردعه عن بعض ما حرمه الله عليه(١) . ً وقد أباح الإسلام التعامل مع غير المسلمين، بل ومؤاكلتهم، يقول تعالى: ﴿ ° ³²± ´¶µ ¸¹ ﴾ [ [المائدة: ٥ . وقد أكدت ا لسنة النبوية على ذلك أيض ً ا: فمن المعروف أنه ژ رهن درعه عند يهودي. معاملة الكفار جائزة، إلا بيع ما يستعين به أهل » : يقول ابن بطال .« الحرب على ا لمسلمين يدل على ذلك ما رواه عبد الرحم ٰ ن بن أبي بكر ^ : كنا مع ا لنبي ژ ، » ثم جاء رجل مشرك مشعان (طويل الشعر) بغنم يسوقها، فقال النبي ژ :  ُ  بيع ً ا أم عطية أو قال: أم هبة « ؟ فقال: لا، بيع، فاشترى منه شاة(٢) . (١) الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٥ه . ١٩٩٤ م، ج ٣، ص ٢١ (٢) . ابن حجر العسقلاني: فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج ٤، ص ٤٦٩ ولما » : وبخصوص الوضع القانوني لغير المسلمين أيام ا لنبي ژ ، يقول ابن قيم الجوزي قدم النبيژ المدينة صار الكفار معه ثلاثة أقسام: قسم صالحهم ووادعهم على أن لا يحاربوه ولا يظاهروا عليه ولا يوالوا عليه عدوه وهم على كفرهم آمنون على دمائهم وأموالهم، وقسم حاربوه ونصبوا له العداوة، وقسم تاركوه فلم يصالحوه ولم يحاربوه بل انتظروا ما يؤول إليه أمره وأمر أعدائه، ثم من هؤلاء من كان يحب ظهوره وانتصاره في الباطن، ومنهم من كان يحب ظهور عدوه عليه وانتصارهم، ومنهم من دخل معه في الظاهر وهو مع عدوه في الباطن ليأمن الفريقين وهؤلاء هم المنافقون، فعامل كل طائفة من هذه الطوائف بما أمره به ربه تبارك وتعالى، فصالح يهود المدينة وكتب بينهم وبينه .« كتاب أمن وكانوا ثلاث طوائف حول المدينة: بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة ، ابن قيم الجوزي: زاد المعاد في هدي خير العباد، دار الكتاب العربي بيروت، ج ٢ ص ٧٠ - ٧١ ؛ الشيخ عبد الحي الكتاني: نظام الحكومة النبوية المسمى التراتيب الإدارية، دار الكتاب العربي، بيروت، ج ١، ص ٣٨٤ -.٣٨٥ لذلك يجيز الإسلام تبادل العلاقات مع غير المسلمين، إذا كانت في حدود القواعد الشرعية العليا. يقول الإمام ا لماتريدي: « لا بأس ببيع الطعام من الكفرة، ولا يصير ذلك كالمعونة على ما هم عليه »(١) . لا بأس للمسلم أن يكون بينه وبين أهل الذمة معاملة، مما » : كذلك قيل« لا بد منه(٢) . ومن مقتضيات علاقة المسلمين بغيرهم:  « تبادل المصالح، واطراد المنافع، وتقوية الصلات ا لإنسانية »(٣) .  حري بالذكر أن إقامة علاقات بين المسلمين وغير ا لمسلمين: ١ من ناحية، لا يتعارض مع ما ذكره القرآن الكريم من تعاملهم في أمور،   وإن كانت هذه الأمور محرمة في الشريعة الإسلامية في جميع الأحوال على المسلمين . وهكذا بخصوص قوله تعالى: ﴿ ³²± ´¶µ ¸ À¿¾½¼»º¹ ﴾[ [النساء: ١٦١ ، ذهب اتجاه إلى أن .« وذلك لما في أموالهم من هذا ا لفساد » معاملة الكفار لا تجوز وقد رد على ذلك ابن العربي بقوله: والصحيح جواز معاملتهم مع رباهم واقتحامهم ما حرم الله سبحانه » عليهم، فقد قام الدليل القاطع على ذلك قرآن ً ا وسن ّ ة، قال تعالى: ﴿ ° ُ ³²± ´¶µ ¸¹ ﴾ . (١) الإمام الماتريدي: تأويلات أهل السنة، تحقيق: د. محمد مستفيض الرحمن، وزارة ٰ الأوقاف والشؤون الدينية، العراق، ١٤٠٤ ه . ١٩٨٣ م، ص ٢٤٨ (٢) الإمام أبو الليث السمرقندي: بستان العارفين في الآداب الشرعية، دار المنار، القاهرة، . ١٩٩٥ ، ص ٢٤٣(٣) . السيد سابق: فقه ا لسنة، مكتبة الخدمات الحديثة، جدة، ج ٣، ص ١٠٩ وهذا النص في مخاطبتهم بفروع الشريعة، وقد عامل ا لنبي ژ اليهود، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي في شعير أخذه لعياله. وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه سئل عمن أخذ ثمن الخمر في ُ الجزية والتجارة، فقال: ولوهم بيعها وخذوا منهم عشر أثمانها؛ والحاسم ُ .« لداء الشك والخلاف اتفاق الأئمة على جواز التجارة مع أهل ا لحرب كانوا يسافرون في فك » : ويضيف ابن العربي أن الصحابة والمسلمين الأسرى، وذلك واجب؛ وفي الصلح كما أرسل عثمان وغيره، وقد يجب « وقد يكون ندبا، فأما السفر لمجرد التجارة فذلك مباح (١) ً . ده قوله تعالى:  ٢ من ناحية أخرى: لا يتعارض مع نهي القرآن الكريم من اتخاذ غير المسلمين أولياء من دون المسلمين، والذي أك ﴿ º¹¸¶µ´³²±°¯®¬ ÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼»﴾ . ﴿ ! '&%$#" +*)(﴾ . ﴿ §¦ ±°¯®¬«ª©¨ ´³² µ﴾ . وهكذا بخصوص قوله تعالى: ﴿ " ('&%$# ,+*) -﴾ ، قال ابن عطية: نهى الله تعالى المؤمنين بهذه الآية عن اتخاذ اليهود والنصارى في النصرة » والخلطة المؤدية إلى الامتزاج.... وأما معاملة اليهود والنصارى من غير مخالطة وملابسة فلا يدخل في النهي، وقد عامل رسول الله ژ يهودي  « ا ورهن درعه(٢) . .٥١٥  (١) ابن العربي: أحكام القرآن، ج ١، ص ٥١٤(٢) راجع العلامة الخزاعي التلمساني: كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد - = يقول آدم ميتز (بخصوص التعايش بين المسلمين وغيرهم): إن أكبر فرق بين الإمبراطورية الإسلامية وبين أوروبا التي كانت كلها » على المسيحية في العصور الوسطى وجود عدد كبير من أهل الديانات الأخرى بين المسلمين، وأولئك هم أهل الذمة الذين كان وجودهم من أول الأمر حائلا ً « بين شعوب الإسلام وبين تكوين وحدة سياسية(١) . ولا شك أن وجود علاقات دولية هادئة ومستقرة وسلمية يفترض توافر أسس لا غنى عنها، ومنع أي أمور تعكر صفوها(٢) . وقد بحث فقهاء الفقه الإباضي المبادئ التي تحكم العلاقات الدولية من نواحي كثيرة، نشير إليها على النحو ا لتالي: الفصل ا لأول: المبادئ الذاتية للعلاقات الدولية في الفقه ا لإباضي. الفصل ا لثاني: المبادئ التعاملية للعلاقات الدولية في الفقه ا لإباضي. الفصل ا لثالث: مبادئ أخرى للعلاقات الدولية في الفقه ا لإباضي. = رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٥ ه . ١٩٩٥ م، ص ٧٩٩ (١) آدم ميتز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، ترجمة د. محمد عبد الباري . أبو ريدة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٩٥ ، ص ٥٧ (٢) لذلك في تفسير قوله تعالى: ﴿ UTSRQPONMLK [ZYXWV ﴾ ] [ النحل: ٩٠ ، يقرر رأي في الفقه ا لإباضي: هذه الآية الكريمة هي يتيمة العقد في سورة النحل بكونها جامعة لأمهات الفضائل وأصول ».« الأخلاق والآداب، وضروب التكاليف الدينية، وهي أجمع آية في كتاب الله للخير والشر ويضيف أن الآية وضعت ركائز السلم العالمي، وهي: العدل، والإحسان، وإيتاء ذي القربى؛ كما أنها نهت عن أصول المفاسد الثلاثة، وهي: الفحشاء، والمنكر، والبغي. راجع، الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٧، ص ٤٢٧ -.٤٢٩ ٰ نقصد بهذه المبادئ تلك التي تراعيها أو يجب أن تراعيها السلطات عند تصريفها لشؤون العلاقات « ا  ذاتي » المختصة في الدولة الإسلامية التي تراعيها تلك « الثوابت » الدولية. بعبارة أخرى، هذه المبادئ تشكل السلطات عند اتخاذ قرار ما أو انتهاج مسلك ما قبل تعاملها مع ا لآخر. هذه المبادئ متعددة، نذكر أهمها فيما يلي: ∫hC’G åëѪdG á«dhódG äÉbÓ©dG QÉWEG »a ±ô°üàdG{ CGóÑe zá«eÓ°SE’G ádhódG áë∏°üe ≥«≤ëJ ¬WÉæe تشكل مصلحة الدولة حاليا المحور الأساسي وعمود الارتكاز لأي ً تصرف يصدر عن سلطاتها. وقد أكدت الشريعة الإسلامية على ذلك أيض ً ا، إذ ﴿ <;:= ﴾[ [البقرة: ١٤٨ . وهكذا جاء في القاعدة ٥٧ من مجلة .« التصرف على الرعية منوط بالمصلحة » : الأحكام العدلية وتلعب نظرية المصلحة دورا مهما في إطار العلاقات الخارجية لكل ًً دولة، إذ يحدو الدول دائما مصالحها الخاصة والذاتية على صعيد ً العلاقات ا لدولية. والمصلحة هي قاعدة تتبعها كل الدول والأفراد والجماعات، إلا أنه في الإسلام لا يجوز تحقيق مصلحة للدولة الإسلامية، إذا كان يترتب عليها انتهاك حقوق الآخرين أو هضمها. لذلك قيل: « الواجب تحصيل المصالح وتكميلها، وتبطيل المفاسد وتقليلها »(١) . وهكذا، فإن المصلحة المشروعة يجب تحقيقها دائما والسعي إليها ً باستمرار. (١) الإمام محمد بن محمد بن عبد الكريم الموصلي الشافعي: كتاب حسن السلوك الحافظ لدول الملوك، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، ١٤١٦ ه ١٩٩٦ م، تحقيق: د. فؤاد . عبد المنعم، ص ١٠٧ وأما المعاملات فنظر الشارع إليها أولا » : كذلك قيل ً من جهة تحصيل المصالح للأنام محمد مصطفى شلبي: تعليل الأحكام، رسالة للحصول على العالمية ) « وهو الأصل فيها من درجة أستاذ، كلية الشريعة، مطبعة الأزهر، القاهرة، ١٩٤٧ ، ص ٢٩٦ ). وقيل إن مزايا رعايتها لمصالح الناس، فحيث تكون المصلحة يكون حكمها، وحيث » : الشريعة الإسلامية يؤكد ذلك وصفه تعالى لرسوله: « تكون المفسدة ينتفي حكمها ﴿ RQP `_^]\[ZYXWVUTS ponmlkjihgfedcba ﴾ [ [الأعراف: ١٥٧ ، وقوله تعالى يصف القرآن الكريم: ﴿ 6543210/ <;:987 => ﴾ ،[ [الإسراء: ٩ إذ تدل هذه الآية الأخيرة على أن راجع « يهدي الناس إلى أقوم الملل وأعدلها، وإلى أصلح الأمور وأفضلها » : القرآن د. محمد سيد طنطاوي: معاملات البنوك وأحكامها الشرعية، الهيئة المصرية العامة . للكتاب، القاهرة، ١٩٩٨ ، ص ١٤ ومن المعلوم أن أصول المصالح خمسة: ضروري، وحاجي، وتحسيني، وما لم يعلم من الشرع الالتفات إليه ولا إلغاؤه فلا بد من شهادة أصل له، وما علم من الشرع إلغاؤه فهو ملغى بذلك (صفي الدين عبد المؤمن الحنبلي: قواعد الأصول ومعاقد الفصول، مختصر تحقيق الأمل في علمي الأصول والجدل، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ١٤٠٩ ه .( ١٩٨٨ م، ص ٩١ ويقرر الفقه الإباضي أن تصرفات الحكام وولاة الأمور مناطه الأساسي تحقيق مصلحة الدولة الإسلامية، حتى حينما يتخذون قرارا أو يقومون ً بتصرف خاص بالعلاقات ا لدولية. أساس ذلك أن ا لإمام: « له النظر في جميع ما يصلح أمته »(١) . ويقول ابن محبوب إن كل: ما تراه الأئمة والأمراء صلاحا للمسلمين عامة... وما يعود للمسلمين » ً .« بتعزيز دولتهم وكسر شوكة أهل حربهم عنهم، فمسوغ ذلك لهم ويرى أن ذلك صحيح في حالة الضرورة فيقول: ولا صلح بين المسلمين وأهل الحرب بالموادعة من غير إذعان منهم » لهم بالصغر والذلة والاستسلام لحكم الله بالجزية وهم صغرة إلا مع الخوف الشديد من المسلمين أن يميلوا عليهم بكثرة يخافون منها على أهل الإسلام دائرة، وقال الله تعالى: ﴿ }|{ ~ ﮯ ¤£¢¡ ﴾ [ [آل عمران: ١٣٩ «(٢) . (١) أبو عبيد حمد بن عبيد السمائلي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، وزارة التراث القومي . والثقافة، سلطنة عمان، ٢٠١١ ، ص ٩٢ ُ (٢) ٤٤ ، ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، كتاب المحاربة، ص ٣٦ -.٤٥ أن » : ويعني بذلك « البراغماتية الإيجابية » ويقرر رأي أن الدبلوماسية ا لعمانية من مميزاتها ُ صانع القرار العماني مهتم بمصلحة الدولة في قراراته، غير أن الوعي المصلحي هذا ُ لا يعني التضحية بالمبادئ والقيم، فهي إذ ً د. أحمد بن سالم باعمر: « ا براغماتية إيجابية مقدمة منهجية في ثوابت الدبلوماسية العمانية، أعمال المؤتمر العلمي الرابع: علاقات ُ عمان الخارجية في القرن العشرين، منشورات جامعة آل البيت، ١٤٢٨ ه ٢٠٠٧ م، ُ . ص ١٠١ كذلك بخصوص سؤال عما إذا سلطت النصارى سلاطين الجور، هل يطلب من سلطان الجور أن يكفهم أم يسارع في قتلهم قبل أن يطلب من السلطان؛ لأن أهل الجور لم يدخلوهم بإذن المسلمين وليس لهم حجة في الحديث؟ يجيب ا لسالمي: من سلطهم فهو عوين لهم، ولا حجة له على المسلمين، ويبقى النظر » في مراعاة الأصلح للإسلام، فإن كان الأصلح طلب السلطان أن يكفهم، طلب منه ذلك ومنهم وأقيمت الحجة عليه وعليهم، وإن كان الأصلح للإسلام مبادرتهم بالقتل جاز ذلك، ولا حجة لمتهجم على بلاد الإسلام بغير إذنهم، « ا(١) وقد قدمت لك إنهم جواسيس دولتهم وحكم الجاسوس قتله شرع ً . (١) أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ١٤١٣ ه . ١٩٩٣ م، ص ٣٧٨ ُ وتحقيق المصلحة قد يحتم في بعض الأحوال التعرض للرعية أو أموالهم وهكذا يقرر الفقه ا لإباضي: وسألته عن جبر الرعية يحرسون بيوتهم وحجرهم ودخولهم فيها إذا كانوا خارجين منها ».« في أيام الخوف من البغاة، قال: جائز جبرهم على ذلك، لأن به مصالحهم. والله أعلم البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه . ١٩٨٥ م، ج ٨، ص ٦٢ ُ ويؤيد ما سبق ما جاء في منهج ا لطالبين: للمسلمين أن يستعينوا بجميع الصدقات والصوافي ما داموا محتاجين إلى ذلك، وما »استعان به المسلمون وأنفقوه من مال الله عند حاجاتهم إليه في إقامة الدين وإعزاز الدعوة في وقت خوفهم عليها فليس عليهم أن يغرموا للفقراء من ذلك شيئ ً ا بعد سكون الأمر ووضع الحرب أوزارها وأمن المسلمين من خوفهم... وإقامة عساكر المسلمين والذب عن بيضتهم أحق وأولى من إعطاء الفقراء، إذا خيف على الدولة أن يظهر عليها عدوها وت ُ . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٨ ،« نتهك حرمتها بذمة وإعطاء جزية أو بذمة بدون إعطاء » وجاء في شرح النيل أن المعاهدين قد يكونون أطفيش: شرح « بحسب ما أطاق الإمام أو رآه صلاحا للدين وكان في غيره مضرة للدين ً . كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٥٦ ١٢٣ ومما يؤكد أن مصلحة الدولة الإسلامية يجب مراعاتها في العلاقات الدولية، ما جاء في بيان ا لشرع: قلت له: فيكون للمسلمين مصالحة أهل الحرب من المشركين غير » أهل الكتاب على أكثر من الخمس؟ قال: معي، إنه ليس للمسلمين مصالحتهم حتى يفيئوا إلى أمر الله، أو تذهب أرواحهم على ذلك، إلا أن يروا أن صلحهم أصلح للإسلام وأهله، فلهم أن يصالحوهم على ما شاؤوا، « ولو على أموالهم كلها عندي(١) . ويقول الإمام ا لسالمي: أما إذا كان في الحرب خلل على الدين، ورأى الإمام أن الصلح أقوى »« لأمر المسلمين، كان له أن يصالحهم(٢) . ويتضح موقف الفقه الإباضي من المصلحة كأساس يتبع في العلاقات الدولية، من تفسير قوله تعالى: ﴿ ÒÑÐÏÎ ﴾[ [الأنفال: ٦١ . يجوز عقد الصلح والهدنة والأمان مع أهل الكتاب » يقول أطفيش: إنه بلا جزية عليهم، أو مع غيرهم لمصلحة في ذلك، كاشتغال الإمام بغيرهم، ويتفرغ لهم بعد ذلك إن شاء الله 8 وكتحصيل القوة إن كان ضعف في المؤمنين(٣) . (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ١٤٦(٢) . السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٧٨(٣) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٥٩ ويمكن القول إن المصلحة لها جانبان: إيجابي (إيجاد المنفعة)، وسلبي (دفع المفسدة) د. محمد الغاربي: دور المصالح المرسلة في علاج المستجدات، ندوة الفقه الإسلامي في عالم متغير، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٢ ه ٢٠١١ م، ُ . ص ٢١٦ لا ينبغي مصالحة المشركين إذا » : وردا على قول السمرقندي إنه « قوي ا لإسلام(١) . يقول أطفيش: « والظاهر المصالحة ولو قوي الإسلام لمصلحة نافعة في ا لإسلام »(٢) . وقد أكد الناظم أيض ً ا الصلح إذا دعت إليه مصلحة(٣) . (١) أخذ بذلك أيض ً ا رأي في الفقه الإباضي. إذ في تفسيره للآية ٦١ من سورة الأنفال يقول سالم بن خلفان: المرجان في « لا يجوز الصلح هنا » ابن خلفان: إنه عند قوة المسلمين . أحكام القرآن، ج ٤، ص ٤١ كذلك قال محمد بن بركة 5 : ويدل على أن للإمام وللمسلمين أن يصالحوا عدوهم » عند الضعف، والعجز عن محاربته، والحذر على أن يستولي على مملكته بعد قتل أصحابه هو قوله تعالى: ﴿ qponmlk ﴾[ [محمد: ٣٥ فمنعهم من مصالحة  عدوهم على هذه الشريطة إذا كانوا هم الأعلون. في هذا دليل على أن عدم  ابن ،« الشريطة وهي الاستظهار على عدوهم يوجب جواز ما بوجوده منع من مصالحته . بركة: كتاب الجامع، ج ٢، ص ٤٨٨ (٢) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٦٠ ، وفي اتجاه قريب بخصوص ذات الآية، يقول وقد يختار العدو جانب الصلح والمهادنة بدافع مخلص أو مريب. ومهما يكن، » : كعباش فإن الله يأمر رسوله بقبول الصلح والمهادنة وفق ما تقتضيه مصلحة الجماعة المسلمة. في جنوح الأعداء إلى السلم لتدل « إن » لأنهم أولى بالسلم من أعدائهم. وجاء التعبير ب على الشك والارتياب في موقفهم ذلك فينبغي أن لا يؤمن جانبهم..... ولم تحدد الآية إطارا لترجيح حالة الحرب أو السلم مع الأعداء، لأن ذلك متروك إلى ً نظر الإمام ومساعديه في مراعاة المصلحة العليا لدين الله. وللفقهاء ومفسري السلف تفريعات حول هذه الآية، فذهب ابن عباس وجماعة بأنها منسوخة بآية السيف في قوله تعالى: ﴿ \[ZYXWVUTSRQPONM ] ^ _ ` ihgfedcba ﴾[ [التوبة: ٢٩ ، والأرجح أن لا نسخ ولا تعطيل، والأمر كله تراعى فيه مصلحة المسلمين ووضعيتهم قوة وضعف ً الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٥، ص ٣٧٣ « ا -.٣٧٤ ٰ (٣) أبو عبد الله محمد السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ٣ -. ٤، ص ٢٢٥ ِ وإن رأى الإمام في صلحهم شيئ ً ا من القوة جاز لهم ُ ُُ لأنه ينظر ما كان أسد للدين والدولة حيث وجد لذلك إجابة على سؤال: هل يجوز للإمام مصالحة غير المسلمين؟ قيل: « تجوز له مصالحتهم قبل القتال وبعده مما يراه مصلحة » (١) . « أمين الله في أرض الله ينظر مصالح البلاد والعباد » : فالإمام هو(٢) . حري بالذكر أن تحقيق مصلحة الدولة الإسلامية يستند أيضا إلى ً القاعدة الفقهية ا لمعروفة: « التصرف على الرعية منوط بالمصلحة »(٣) . (١) الشيخ ناصر البهلاني: العقيدة الوهبية، مكتبة مسقط، ١٤٢٥ ه . ٢٠٠٤ م، ص ٣٥١ (٢) الشيخ مبارك الغافري: صراط الهداية، مكتبة مسقط، ١٤٣٣ ه . ٢٠١٢ م، ج ٢، ص ٤٢٩ وبخصوص أهل الذمة، يقول ابن محبوب: (فكل ما  تراه الأئمة والأمراء صلاحا للمسلمين عامة من منع احتكار الأطعمة وحملها عن ً أرضهم عند الحاجة إليها منهم، وما يعود للمسلمين بتعزيز دولتهم وكسر شوكة أهل حربهم فمسوغ ذلك لهم) ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، رسالة المحاربة، ص ٤٤ -.٤٥ (٣) في شرح هذه القاعدة، قيل: أصل هذه القاعدة قول الشافعي » 5 : ،« منزلة الإمام من الرعية منزلة الولي من اليتم » وأصله قول عمر 3 : إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة والي اليتيم إن احتجت » أخرجه الدارمي في سننه. ،« أخذت منه فإذا أيسرت رددته فإن استغنيت استعففت ومن أدلة هذه القاعدة قوله ژ : ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت وهو غاش لرعيته إلا » « حرم عليه ا لجنة (رواه البخاري ومسلم). أي إن تصرف الإمام وكل من ولي شيئ ً ا من أمور المسلمين يجب أن يكون مقصود ً ا به المصلحة ُ ومتعلق ً ا بها وكل تصرف من الولاة لا يعود على رعاياهم بالمصلحة فهو تصرف لاغ وغير نافذ فهذه قاعدة جليلة تضبط تصرفات الولاة والقضاة، وكل من ولي شيئ ً ا من أمور المسلمين وتفيد أن « تصرفاتهم على الرعية لا تكون نافذة ولا ملزمة لهم إذا خلت من المصلحة لهم في دينهم ودنياهم ولتطبيق لهذه القاعدة، فإنه لو طلب أهل الحرب من اليهود ومن شايعهم من أحد ولاة المسلمين التنازل عن بلد من بلاد المسلمين لا يحل لهم ذلك تحت أي ظرف من ا لظروف. راجع معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٧٥ -.٣٧٦ ّ وكذلك قاعدة: َ « ترك المفسدة أولى من جلب ا لمصلحة »(١) . ْ وهذه القاعدة، في نظرنا، تحقق مصلحة الدولة الإسلامية على أساس أن ترك المفسدة، في بعض الأحوال، سيجنب الدولة الإسلامية ورعاياها مفاسد كثيرة، وهذا في حد ذاته مصلحة. »fÉãdG åëѪdG ádÉM πc ±hôX Ö°ùM »dhódG πeÉ©àdG »a IôjɨªdG á«fÉμeEG CGóÑe من المعلوم أن تصريف أمور العلاقات الدولية للدولة، بما في ذلك أي قرار، في هذا الشأن، يتوقف على عوامل عديدة، منها: مصلحة الدولة  الإسلامية، علاقات القوة القائمة، ماهية الظروف والملابسات والبيئة المحيطة، القوى الكبرى الموجودة... إلخ، فالأمر إذن لا يكون على وتيرة أو سياسة واحدة. لذلك، مثلا ً ، خصص الثعالبي فصلا ً في الأعداء وما يوجبه » : عنوانه « الوقت والحال من ملاينتهم ومخاشنتهم ومقارعتهم وموادعتهم(٢) . (١) كمثال على هذه القاعدة في العلاقات الدولية، يذكر الفقه الإباضي أن الجهاد مصلحة عظيمة ولكن إذا كانت الأمة في ضعف ولم تأخذ بأسباب القوة والإعداد كان ذلك ذريعة إلى الوقوع في مفسدة كبيرة فيؤخر إلى حين امتلاك أسباب القوة (ذات المرجع السابق، ج ١، ص ٣٦٦ -.(٣٦٧ (٢) ، الثعالبي: آداب الملوك، تحقيق: د. جليل العطية، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٩٩٠ ص ١٧٢ . لذلك أيد فقهاء المسلمين كما نذكر لاحق ً ا مبدأ الحل السلمي للمنازعات الدولية، فقد خصص الإمام القلعي مثلا ً في إيثار السلم والموادعة على الحرب والمنازعة » بابا ً الإمام القلعي: تهذيب الرياسة ) « وكيفية الدخول في الحرب عند الحمل عليها والاضطرار إليها وترتيب السياسة، مكتبة المنار، الأردن الزرقاء، ١٤٠٥ ه -.( ١٩٨٥ م، ص ٢٢٥ إذ كم من ملك » : ولعل خير من عبر عن كل ذلك، ابن طلحة بقوله تختلف لديه عظائم الأمور، ويتعارض بين يديه أسباب الحزن والسرور، ويرد َ ُ عليه رسل ملوك الأطراف بمختار ومحذور، فيحتاج في ذلك إلى رد  وقبول، وعلو ونزول، وإشراق وأفول، وإسعاف بمأمول، واتصال لمقطوع وقطع لموصول، بحسب ما تقتضيه مصلحة المملكة التي لا يجوز عنها « صدوف ولا عدول(١) . كذلك شبه الإمام الشيباني إمكانية عقد الهدنة أو الموادعة عند ضعف المسلمين، وعدم عقدها عند قوتهم، تشبيها حسيا ًً  بليغ ً ألا ترى أن الصغير يمص اللبن ما لم تنبت أسنانه، ثم » : ا، بقوله يمضغ اللحم بعد نبات الأسنان، فبهذا يتبين أن النظر في الموادعة عند ضعف حال المسلمين، وفي الامتناع منها والاشتغال بالقتال عند قوة « المسلمين(٢) . تعدد أدوات أو وسائل » : وهكذا، فإن الظاهرة الملحوظة في الإسلام هي  إذ لم يحصر الإسلام ذلك في أداة أو أدوات معينة ،« التعاون الدولي  للتعامل، بل عدد من هذه الأدوات: فلم ينظر الإسلام إلى أدوات التعامل الدولي على أنها إما حرب أو سلام، وإنما وضع لكل ظرف ما يناسبه من الأمور وفق ً ا للظروف المحيطة والعوامل المؤثرة في كل حالة. ولعل ذلك ما قصده الإمام ابن عبد السلام حينما قرر أنه إذا اجتمعت المصالح فإن أمكن تحصيلها حصلناها، وإن تعذر تحصيلها حصلنا الأصلح فالأصلح والأفضل فالأفضل(٣) . ويضرب لذلك أمثلة عديدة من بينها: (١) . ابن طلحة: العقد الفريد للملك السعيد، القاهرة، ١٣١١ ه، ص ٥(٢) . شرح كتاب السير الكبير للشيباني، ط جامعة الدول العربية، ج ٥، ص ١٧٢٠(٣) ويستند في ذلك إلى قوله تعالى: ﴿ wv ❁ }|{zy ﴾ [ الزمر: ١٧ -١٨ ]، وقوله: ﴿ ÂÁÀ¿¾½¼ ﴾ [ [الزمر: ٥٥ ، وقوله: ﴿ => @? ﴾ [ [الأعراف: ١٤٥ . • • أن الجهاد لو وجب في الابتداء لأباد الكفرة أهل الإسلام، لقلة المؤمنين وكثرة ا لكافرين. أن القتال في الشهر الحرام لو أحل في ابتداء الإسلام لنفروا منه لشدة استعظامهم لذلك، وكذلك القتال في البلد ا لحرام (١) . كل ذلك يدل دلالة قاطعة على أنه لا يجوز تقرير شيء أو اتخاذ قرار إلا على ضوء البيئة التي سيطبق فيها ومع مراعاة كافة الظروف والمواقف وأن اتخاذ قرار في إطار العلاقات الدولية قد تحتم الظروف ضرورة تدرجه. ويهدف هذا المبدأ إلى تحقيق عدة أهداف، هي: الأول: الأخذ في الاعتبار ماهيات البيئة المحيطة بعملية اتخاذ التصرف أو ا لقرار. والثاني: ألا يكون القرار أو التصرف المتخذ هو مجرد ترديد آلي أو أتوماتيكي لمواقف سابقة. والثالث: تحقيق الغرض المنشود من التصرف أو ا لقرار.  وقد أك يقول ا لرقيشي: « ولكل مقام مقال ولكل نازلة حكم » (٢) د الفقه الإباضي على هذا ا لمبدأ: . (١) ابن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ١٣٨٨ ه . ١٩٦٨ م، ج ٢، ص ٦٨ (٢) الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه -. ١٩٨٤ م، ص ٣٣ ُ ويقرر رأي آخر ضرورة: فهم الواقع ومراعاة الظروف والأعراف والمتغيرات البيئية والظروف » « الزمانية؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره(١) . كذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ &%$ '( +*) ﴾ [ [التوبة: ١٢٣ ، يقرر رأي أنها تعني: معاملة العدو بغلظة وقساوة في كل حالة من الأحوال، إذ أن تنكير كلمة: » يدل « غلظة » ّ على وجوب تعميمها لكل حالة في الحرب أو السلم، وأولياء الأمور في الموقفين هم الذين يحد ّ « دون حجم ذلك وفق ما تقتضيه مصلحة ا لأمة(٢) . لذلك تقرر قاعدة في الفقه ا لإباضي: كن عارف » ً ا بزمانك، حافظ ً ا للسانك، فإنه من لم يحفظ لسانه ويعرف ِ « ا(٣) زمانه، خف ْ ت أن يكون هالك ً ا مفتون ً . (١) الشيخ سليمان بابزيز: الإمام جابر والمشكلات الفقهية، ندوة فقه النوازل وتجديد الفتوى، . وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ص ١٩٤ ُ (٢) . الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٦، ص ١٥٠ ٰ (٣) معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٠٢٨ - ١٠٢٩ . ويقرر رأي ّ .« الأسماء والأحكام » بخصوص وهذا أصل يختص به الإباضية دون غيرهم، قالوا به حين عدم الاتفاق بين المتكلمين » ّ وكتاب المقالات وفقهاء الفرق حول إطلاق الأسماء المناسبة على مسمياتها ووصف الموصوفات بأوصافها الحقيقية وإطلاق الأحكام الصحيحة على ما تستحق تلك الأحكام. ويقصد بالأسماء الألفاظ والصفات التي تطلق على العبد... ومن أجل ذلك اجتهد ا لإباضية ّ في تحديد المصطلحات وحرصوا على تحري الدقة في تفسير معاني الأسماء وانطلاق ً ا من فأحكام الموحدين .« أن الأسماء تابعة للأحكام » : ذلك وضعوا القاعدة الأساسية، وهي مثلا ً ليست كأحكام المشركين، والعكس صحيح لأن الموحد والمشرك اسمان مختلفان .« لمسميين مختلفين تمام الاختلاف، واختلافهما في الاسم يقضي اختلافهما في الحكم عدون جهلان: الفكر السياسي عند ا لإباضي ّ ة، مكتبة الضامري، سلطنة ع ُ مان، ١٤١١ ه ١٩٩١ م، ص ٦٤ -.٦٥ وأصلوا لذلك أصلا » : فقد استند الفقهاء لهذه القاعدة ً عظيما وهو بناء ًّ .« الأحكام على الأعراف، والأحوال وقرائن الأحوال ومراعاة الزمان والمكان .« لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأيام » : وقد نصت القاعدة الفقهية على أنه تغير الأحوال وقرائن الأحوال واختلاف الزمان » وزاد ا لشراح على ذلك  « والمكان والنيات(١) . من القواعد ،« لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأيام » : ولا شك أن قاعدة تغير الأحوال، والأوضاع، وتبد » : المهمة ذلك أن ّ ل الأعراف والأماكن، له أثر في تبدل كثير من الأحكام الشرعية المبنية على الاجتهاد والعرف، أما الأحكام النصية؛ أي: الثابتة بالنصوص الصحيحة الصريحة فهذه ثابتة  لا تتغير ولا تتبد ّ ل بعد استقرار التشريع بموت ا لنبي ژ « (٢) . ّ  ويوافق الفقه الإباضي على تغير الأحكام بتغير الأحوال في المسائل   الدولية. ويضربون لذلك المثال الخاص بإسقاط عمر 3 اسم الجزية  والذل ّ ة على نصارى بني تغلب، وأضعف عليهم الصدقة وسماها: صدقة. ّ  والله 8 يقول: ﴿ TSRQPONM ﴾ إلى قوله: ﴿ ihgfedc ﴾ [ [التوبة: ٢٩ . يقول ا لشماخي: نظر » 3 أن التجارب حنكتهم وأرضعتهم الحروب ألبانها وهم على َِ ذلك من عهد مهلهل الأبد، فأنفوا من الجزية وهموا بقطع الفرات ودجلة إلى أرمينية لمعاضدة النصارى على المسلمين واختاروا السيف حين خيرهم عمر بين السيف والجزية، فصالحهم على ذلك وجعلهم المسلمون بينهم وبين العدو، فأيد الله بهم الإسلام وكانوا أهل نكاية، ثم ظهر أن (١) معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١١٥٧ -.١١٥٩ ّ (٢) ذات المرجع، ذات ا لموضع. رسول الله ژ قال: إن الله ليؤيد هذا الدين بناس من ربيعة في شاطئ » « الفرات، فشكر الله عمر إذ وفقه ا لله(١) . بذلك يكون عمر 3 حقق عدة مصالح حصرها الشيخ خميس الشقصي ضمان ولائهم للدولة الإسلامية، ودرء خطر التحاقهم بالكفار » : في المحاربين، وعدم ارتكاب محظور بمجرد تغيير الاسم، إذ العبرة بالمعاني لا بالمباني، واستيفاء حقوق المسلمين المالية بدفعهم ما يعادل ضعف « الزكاة المفروضة على أغنياء ا لمسلمين(٢) . باختصار، يمكن القول أن التصرف في إطار العلاقات الدولية ليس  تصرف ً ا أعمى يتم بطريقة تلقائية وأتوماتيكية، وإنما لا بد وأن يأخذ في الاعتبار ظروف كل حالة. وقد أكد على ذلك الفقه ا لعماني في عبارة مقتضبة ُ لكنها ذات مغزى كبير: « وللرجال سياسات كما للأوقات كذلك »(٣) . (١) . الشماخي: كتاب السير، دار المدار الإسلامي، بيروت، ٢٠٠٩ ، ج ١، ص ١٣٥(٢) د. محمد البشير: المقاصد والمصالح في منهج الطالبين للشقصي، ندوة الفقه العماني ُ والمقاصد الشرعية، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ص ٤٣٤ . ويذكر الفقه ُ الإباضي أن عمر بن الخطاب غير عشرة أحكام (العديد منها ذو طابع دولي): أولها: تعطيل حق القرابة من الخمس، والثاني: تعطيل سهم المؤلفة قلوبهم، والثالث: »إسقاط القطع عام الرمادة عن السارق، والرابع: اطراح الصدقات عن الناس عام المسغبة، والخامس: إعتاقه أمهات الأولاد على أربابها، والسادس: صلحه نصارى بني تغلب، وما أسقط عنهم من الأسامي والتي سماهم الله بها. والسابع: منعه في الفيء الذي أفاءه الله على المسلمين، والثامن: تحذيره المشركين بعد ما صاروا أرقاء، والتاسع إجلاؤه اليهود والنصارى من بلادهم بعد ما تركهما 0 فيها، والعاشر: تمصيره الأمصار، وتدوينه الوارجلاني: الدليل والبرهان، وزارة التراث القومي والثقافة، .« الدواوين وقسمه الفيء . سلطنة عمان، مج ٢، ج ٣، ص ١٢٥ ُ انظر أيض ً . ا الشماخي: كتاب السير، المرجع السابق، ج ١، ص ١٣٤(٣) ١٤٢١ ه ، الشيخ سالم السيابي: عمان عبر التاريخ، ج ١ . ٢٠٠١ م، ص ١٢٧ ُ وكمثال آخر على تغير التصرف حسب تغير الأحوال الدولية، يمكن أن نذكر ما قرره رأي: اعلم أنه قد ثبت عن ا لنبي ژ أنه كان يدعو للكفرة في بعض الأحيان، » وثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه كان يدعو عليهم في أحيان أخرى، ويجمع بين هذه الأدلة بأن ذلك محمول على حالين مختلفين، فالحالة الأولى حيث تؤمن غائلتهم ويرجى تألفهم ودخولهم في الإسلام، والحالة الثانية حيث تشتد شوكتهم ويكثر أذاهم أو حيث ما يقتضي زجرهم « عن تماديهم على ا لكفر(١) . تجدر الإشارة هنا إلى ملاحظتين: أولا ً أن شخصية من يتخذ القرار في إطار العلاقات الخارجية والداخلية أيضا تطبع أثرها على مضمون القرار وماهيته، وجوهره وكنهه. ً وهو ما يتضمن إمكانية اختلاف وتغاير السياسة من شخص إلى آخر. على أن ذلك يجب أن يكون في إطار قواعد ثابتة وأصول كلية لا يجوز الخروج عليها مهما اختلفت السياسة ا لمتبعة. ثانيا لا ينكر تغير الأحكام وتغير القرارات بتغير الأزمان والأوقات ً ُ الأمر الذي يحتم أن يؤخذ في الاعتبار أمور، منها: تطور الحياة ا لدولية. البيئة الدولية السائدة، وعلاقات القوى ا لقائمة. مصلحة الدولة الإسلامية وشعوبها.  (١) الشيخ سعيد القنوبي: تحفة الأبرار في الأفكار الواردة في كتاب الله وسنة النبي ا لمختار ژ، ُ . ١٤٢٧ ه، ص ٢٣٩ ådÉãdG åëѪdG ø«ª∏°ùªdG πc ôeCÉH Ωɪàg’G CGóÑe من الثابت أن: المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعض » ً « ا . والإسلام يقوم على أساس الأخوة في الدين. الأمر الذي يعني أنه إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. لذا بات من الطبيعي أن يعن َ ى ُ المسلمون بأمور بعضهم البعض، حتى في إطار العلاقات ا لدولية. من ذلك المقولة المشهورة للسلطان قلاوون، حينما أبرم هدنة مع صاحب سيس نصت على إطلاق الأسرى من المسلمين، ولم يتم إطلاق الأسرى من القرمانيين، فقال ا لسلطان:   المسلمون كلهم يلزمني أمرهم، وما لهم سلطان يفك أسرهم ويقاتل » فالتزم الرسل « أعداءهم غيري، ولا بد من هؤلاء الأسرى القرمانية بردهم(١) . ومن ذلك ما قاله العزيز الخليفة الفاطمي حينما خرج لقتال ا لروم: « إنما أسير لنصرة الإسلام والذب عن بلدانه، وصيانة أهله »(٢) . ومن ذلك ما حدث من الفرنج حينما تملكوا مدينة زويلة وفعلوا فيها من القتل والنهب والتخريب، فسار أهلها إلى عبد المؤمن وهو بمراكش يستنجدونه وأخبروه بما جرى للمسلمين، فقال لهم: أبشروا، لأ » َ .« نصرنكم ولو بعد حين ْ (١) ابن عبد الظاهر: تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور، تحقيق: مراد كامل، . وزارة الثقافة والإرشاد القومي، القاهرة، ١٩٦١ ، ص ١٠٣(٢) المقريزي: إتحاف الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٦ ه .٢٨٨ ، ١٩٩٦ م، ج ١ ثم أمر بتجهيز الجيوش وفتح المهدية ودخلها(١) . ولا شك أن مبدأ الاهتمام بأمر كل المسلمين يجد صداه فيما رواه البيهقي عن رسول الله ژ أنه قال: « من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم » . فرحم الله تلك الأيام الخالية!! بينما الآن في أحوال كثيرة لا تحرك العديد من الدول الإسلامية ساكن ً ا عند حدوث مذابح واعتداءات وحشية على الناس العزل، الذين لا يملكون حولا ً لهم ولا قوة. ومتى نرى الحاكم الذي يقول ما قاله نور الدين حينما حاصر الفرنج إني لأستحي من الله تعالى أن يراني مبتسما والمسلمون محاصرون » : دمياط ً .« بالفرنج وقال أيضا حينما علم أن الفلاحين أخذت أموالهم وسبيت نساؤهم بيد ً الفرنج: ولا يسعني مع ما أعطاني الله، وله الحمد، من الاقتدار على نصرة » .« المسلمين، أن أقعد عنهم وقال أيض ً ا: أنا ما أوثر إلا صلاح المسلمين، وجهاد المشركين وخلاص من في » « أيديهم من ا لأسارى(٢) . (١) النويري: نهاية الأرب في فنون الأدب، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٤٠٣ ه .٣١٠ ، ١٩٨٣ م، ج ٢٤ (٢) ،١٩٩١ ، أبو شامة: عيون الروضتين في أخبار الدولتين، وزارة الثقافة، دمشق، ج ١ ص ٢٢٢ ،٢٩٨ - .٢٣١ ،٢٢٣ ومن وصية المأمون لخليفه ا لمعتصم: ولا تغفل أمر الرعية والعوام فإن الملك بهم وبتعهدك لهم. ا لله الله فيهم » ََ « وفي غيرهم من ا لمسلمين(١) . كذلك جاء في العروة ا لوثقى: كيف لا نلوم أنفسنا ونحن نرى الأجانب عنا يغتصبون ديارنا، ويستذلون » « ا(٢) أهلها، ويسفكون دماء الأبرياء من إخواننا، ولا نرى في أحد منا حراك ً . وفي الفقه ا لإباضي: « يستوجب البراءة من لم يهتم بأمور المسلمين ولو دنيوية »(٣) . ويضيف أطفيش: وحرم اهتمام بأمور ذوي الكفر إن لم يكن لاستجرار نفع واستدفاع » « ضر وإن لخاصة المسلمين أو لنفس ا لمهتم(٤) . (١) ابن أنجب الشهير بابن الساعي: تاريخ الخلفاء العباسيين، مكتبة الآداب، القاهرة، . ١٤١٣ ه ١٩٩٣ م، ص ٧٠ (٢) جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده: العروة الوثقى، دار الكتاب العربي، بيروت، ١٣٨٩ ه -. ١٩٧٠ م، ص ١٧٢ (٣) يستوجب البراءة من لم يهتم بأمور المسلمين) عامة أو خاصة مثل أن يستوي عنده أن يبقي )»الحج أو يقطع، قطع الله من يقطعه، وليس المراد خصوص المسلمين الأحياء بل لو لم يبق أحد منهم أو لم يميز له واستوى عنده أن يكون أمر الإسلام كله أو بعضه قائما أو غير قائم، كالزكاة ً والحج والصلاة لكان كافرا (ولو دنيوية) قال حذيفة بن اليمان: قال ژ : من أصبح ولم يهمه » ً « أمر المسلمين فليس منهم وذلك في عموم المسلمين وخصوصهم إذ رأى أمرهم مشرف ً ا على الضيعة أو ضائعا، أو رأى سببا يؤول به إلى ذلك وجب عليه الاهتمام به وهو أن يشغل قلبه ًً بمصالحهم كالدعاء بصلاح أحوالهم وتدبير الرأي الناجح والمشورة واستعمال جاهه، وندب له أيض ً ا استعمال ماله في ذلك وقوله: ليس من المسلمين، إخبار بأنه ليس من أوليائه فهو في أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٦ ، ص ١٧٦ « البراءة -.١٧٧ (٤) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٦ ، ص ١٨٢ وفي كتاب الإمامة عن أبي عبيدة المغربي نافع بن نصر أن من صفات الإمام أن: « لا يغفل عن الإسلام وأهله »(١) . والاهتمام بأمور المسلمين مبدأ ثابت في شريعة الإسلام قال الله تعالى: ﴿ ¬ ¯® ﴾ [ [الحجرات: ١٠ فأوجب الله تعالى بمقتضى الأخوة حقوق ً ا، منها الاهتمام بأموره وقال النبي ژ : المسلمون كالبنيان يشد بعضه » « ا(٢) بعض ً . وقال: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا » « اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى والسهر(٣) . وقال ژ : لا تجسسوا، » « ا(٤) ولا تحسسوا، ولا تقاطعوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوان ً . ومن حقوق الأخوة(٥) : أن ينصر أخاه المسلم ويصون عرضه وماله » ونفسه، لقوله ژ : « انصر أخاك ظالما أو مظلوما » . قيل: كيف ننصره ظالما؟ ًً ً قال: « تكفه عن ا لظلم »(٦) وقال: ما من مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان » حق ً « ا على الله أن يرد عنه نار جهنم وفي بعض الروايات: كان حجاب » ً ا من « النار(٧) . بل إن من لا يعني بأمور المسلمين يفقد ما أكده قوله تعالى: ﴿ | }~ ﮯ §¦¥¤£¢¡ ¨ ª© ﴾ [ [التوبة: ١٢٨ . (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ١٨٤(٢) عن أبي موسى رواه البخاري بلفظ: « المؤمن للمؤمن » متفق عليه. (٣) متفق عليه. (٤) متفق عله. (٥) الجيطالي: قواعد الإسلام، ١ - ١٤٢٣ ه ،٢ . ٢٠٠٣ م، ص ٦٠٣ (٦) متفق عليه من حديث أنس. (٧) رواه الترمذي وقال: حديث حسن (عن أبي ا لدرداء). الباب الخامس: مبادئ العلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٣٧ فقوله تعالى: ﴿ §¦﴾ [ [التوبة: ١٢٨ تعني في إطار العلاقات الدولية أن الحاكم عليه: ١ الاهتمام بأمور ا لمسلمين(١) ، الذين ول ّ وه وكذلك غيرهم؛ لأن المسلم أخو ا لمسلم. ٢ عدم التخاذل والتباطؤ في نصرة ا لمسلمين. ٣ التناصر في الحقن ونبذ الظلم الواقع على ا لمسلمين. ٤ عدم تأييد من ينتهك حرمات ا لمسلمين. ٥ عدم إقامة علاقات صداقة وود مع من يعتدي على ا لمسلمين. وقد عني أئمة وعلماء ا لإباضية بهذا ا لمبدأ: ُّ يقول الإمام ابن باديس عن شيخ ا لإباضية أبي ا ليقظان: ّ « مسلم أخلص لله دينه، يجعل الإسلام في الصف الأول من كل أ عماله »(٢) . كذلك بخصوص الإمام عبد الوهاب قيل إنه: أعطي من العلم والحلم والاحتمال والصبر والعناية بأمور المسلمين » َ « ا (٣) كثير . ً (١) بالمسلمين يكون مخالف « قلة المبالاة » قيل: إن الإمام الذي يكون به ً ،« ا، ولا تصلح إمامته راجع الشيخ عبد الله بن بشير الصحارى: الكوكب الدري والجوهر البري، راجعه ماجد الكندي، ج ١٤٢٨ ،٦ ه -. ٢٠٠٧ م، ص ٩٨ (٢) بكير اغوشت: الإباضية في مرآة علماء المسلمين قديما وحديث ً ا، المطبعة العربية، غرداية، ًّ ١٤١٥ ه . ١٩٩٥ م، ص ١٠٤ (٣) أبو زكرياء: كتاب سير الأئمة وأخبارهم المعروف بتاريخ أبي زكرياء، ص ١١٦ . ويدل على ما قلناه أيض ً ا تلك الرسالة التي بعث بها محمد عبد الله الخليلي إلى الشيخ سليمان الباروني والتي جاء فيها: حيث إن العالم الإسلامي في اضطراب واهتمام بقضية الخلافة والأماكن المقدسة وقد »تقرر على ما بلغنا عقد مؤتمر لأجل ذلك فإنا نكلف جنابك باسم الأمة العمانية أن = ُ الإمام غسان يهتم بأحوال الأمة ظاهرا وباطن » : ويذكر السيابي أن ً ذلك أنه « ا ً « يغفل عن مصالحها الحسية والمعنوية » ينبغي على الذي يتولى أمر الأمة ألا(١) . ™HGôdG åëѪdG á«dhódG äÉbÓ©dÉH á°UÉîdG QƒeC’G øe (2)âÑãàdG نظرا لخطورة أي تصرف في العلاقات الدولية، يجب على السلطات ً الحاكمة عدم التسرع، إن أمكن، في رد الفعل. إنما يجب دراسة الأمور من جميع جوانبها، وتقليبها على كل مضاجعها حتى يلوح سبيل الرشاد، ويظهر التصرف الذي يتحتم اتخاذه فعلا ً . = تحضر هذا المؤتمر الذي سيعقد لهذا الغرض الديني السامي في مصر أو غيرها من البلاد الإسلامية وليكن رأيك في مسألة الخلافة مطابق ً ا لقواعد الشرع الصحيحة وهي لا تخفى عليك، أما مسألة الأماكن المقدسة فليكن رأيك فيها مبنيا على حمايتها من عبث العابثين ً بها، ووقايتها من تسلط كل يد أجنبية عليها مهما كانت مقاصدها وصبغها وقد استحسنا جد ً ا تكليف جناب السلطان إياك بالتوجه إلى الحجاز مندوبا من طرفه وحاملا ً كتاب ً نصيحة منه إلى المتحاربين حول بيت الله الحرام فنعم الرأي رأيتماه، فإن المسألة من أهم راجع: ،« ما يجب أن يهتم به كل مسلم وإنا لا نزال في شغل من ذلك الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، المطبعة العمومية بدمشق، ١٣٨٥ ه -. ١٩٦٥ م، ص ٤٠ (١) الشيخ سالم السيابي: عمان عبر التاريخ، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُُ ١٤٠٦ ه . ١٩٨٦ م، ج ٢، ص ٥٠ ٥٢ (٢) التثبت لغة: هو التأني في الأمر والرأي، واصطلاح ً ا: تفريغ الوسع والجهد لمعرفة حقيقة الحال المراد، ويقترب منه التحري وهو طلب الشيء بغالب الرأي عند تعذر الوقوف على الحقيقة ، (الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، الطبعة الثانية، ج ١٠ .( ص ١٤٢ ؛ الفتاوى الهندية، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط الرابعة، ج ٥، ص ٣٨٢ وبخصوص قوله تعالى: ﴿ |{zyxwvut ﴾ [ [النساء: ٩٤ ، يقول فتبينوا؛ » : ابن العربي (فتبينوا) أي: الأمر المشكل، أو تثبتوا ولا تعجلوا؛ ويقول القرطبي وهي أفضل من تثبتوا لأن الإنسان قد يتثبت ولا يتبين، راجع: ،« أي: تأملوا ّّ . ابن العربي: أحكام القرآن، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٨٢ الإمام القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، المرجع السابق، ج ٥، ص ٣٣٧ -.٣٣٨ ولم تغفل الشريعة الإسلامية هذا المبدأ الهام في الحياة الدولية المعاصرة. يقول 4 : ﴿ 876543210/ <;:9 = ?> ﴾[ [الحجرات: ٦ . وسبب نزول هذه الآية ما رواه سعيد عن قتادة أن النبي ژ بعث الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق لجباية الصدقة، فلما أبصروه أقبلوا نحوه فهابهم، فرجع إلى النبي ژ فأخبره أنهم قد ارتدوا عن الإسلام، فبعث النبي ژ خالد بن الوليد، وأمره أن يثبت ولا يعجل، فانطلق خالد حتى أتاهم ليلا ً ، فبعث عيونه، فلما جاؤوا أخبروا خالد ً ا أنهم متمسكون بالإسلام، وسمعوا أذانهم وصلاتهم، فلما أصبحوا أتاهم خالد ورأى ما ذكروه، فعاد إلى ا لنبي ژ وأخبره فنزلت ا لآية(١) . ومن ذلك أيضا قوله تعالى: ً  ﴿ }|{zyxwvut ~ ﮯ ¡ «ª©¨§¦¥¤£¢ º¹¸¶μ´³²±°¯®¬ ¿¾½¼» ﴾ [ [النساء: ٩٤ . وقد حدث أيضا تطبيق عملي لمبدأ التثبت في إطار العلاقات الدولية ً في عهد ا لرسول ژ . ذلك أنه حينما بلغ ا لرسول ژ نقض بني كعب للعهد، فقد بعث سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وآخرين، وقال لهم: انطلقوا حتى » تنظروا، أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا؟ فإن كان حق ً ا فألحنوا لي لحن ً ا أعرفه، ولا تفتوا في أعضاد الناس، وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم « فاجهروا به للناس . (١) راجع السيرة النبوية لابن هشام، ط البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٧٥ ه . ١٩٥٥ م، ج ٢، ص ٢٩٦ فخرجوا حتى أتوهم فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم، ثم أقبل السعدان ومن معهما إلى رسول الله ژ وقالوا: عضل والقارة، أي كغدر عضل والقارة، فقال رسول الله ژ : « الله أكبر، أبشروا يا معشر ا لمسلمين »(١) . من أجل ذلك أكد فقهاء المسلمين على قاعدة: :« بالرأي ا لفطير » الحذر من الأخذ والرأي الفطير، هو ذلك الذي يأتي لأول وهلة. وإذا كان في بعض الأحوال العاجلة أو الطارئة يجب التصرف بسرعة، إلا أن السرعة لا تتعارض وتمحيص الرأي قبل الأخذ به وتطبيقه. « الرأي ا لفطير » لذلك كان عقلاء العرب لا يحبون(٢) ، وإنما كانوا يأخذون  بالرأي الذي يتم تقليبه من جميع وجوهه، ولو بات يوما أو يومين. وهذا ً مظهر من مظاهر التثبت وعدم ا لعجلة. ولمبدأ التثبت آثاره الكثيرة في إطار العلاقات الدولية، منها: عدم اتخاذ موقف أو رد فعل لا يتطابق والواقع الفعلي للحياة الدولية. مراعاة التناسب بين الموقف المتخذ والفعل الذي اتخذ تجاهه. عدم الغدر، ويبدو ذلك خصوص ا في إطار المعاهدات الدولية وذلك ً بعدم الإقدام على فسخها أو نقضها أو عدم تنفيذها رد ً ا على ما قام به الطرف الآخر إلا بعد التثبت من فعله. تحقيق الاستقرار والأمن القانوني في إطار العلاقات ا لدولية. (١)المرجع السابق، ص ٢٢١ -.٢٢٢ (٢) بخصوص الرأي الفطير، راجع ابن طباطبا: الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية، دار صادر، بيروت، ص ٦٧ -.٦٨ تجنب الدولة المسؤولية الدولية عن الأفعال التي قد تتخذها دون تثبت، والتي ستخالف، وفق ً ا للمجرى العادي للأمور، التزاماتها ا لدولية. تحاشي الآثار السيئة التي قد تترتب على عدم التثبت. في هذا المعنى يقول ا لثعالبي: الملك القادر حقيق بالتأني في حكوماته والتثبت في عزماته؛ لأنه إن » أنفذها على شبهة وأمضاها على نية لم يكن له دافع عنها ولم يخل أيضا من ً مساعد عليها، أما تعذر الدوافع فلقلة المجترئ عليها وأما تيسير المساعد « فلكثرة التقرب إليه(١) . وبخصوص قوله تعالى: ﴿ 76543210/  <;:98 = ?> ﴾[ [الحجرات: ٦ ، يقول أطفيش: أن « نهي عن ا لعجلة » في الآية(٢) . كما أن قوله تعالى: ﴿ 6﴾ « فتعرفوا وتفحصوا » : يعني(٣) . كذلك يقول تعالى: ﴿ |{zyxwvut ﴾ [ [النساء: ٩١ الاعتناء بالتأمل والتدقيق في معرفة جليل » : ، قيل: إن التبين هو « الأمور، ثم نهي عن الاندفاع وراء الشبهة التي لا تستند إلى دليل(٤) . ويؤكد مبدأ التثبت أيض ً ا قوله تعالى: ﴿ ÇÆÅÄÃÂÁ ﴾ [ [الإسراء: ٣٦ ، وهذا دليل على ضرورة عدم التمسك بالشبهة أو بما يجهله الإنسان أو يتوهمه، وإنما عليه دائما أن يتثبت مما يقوله أو يفعله. ً (١) . الثعالبي: آداب الملوك، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ص ٢١(٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٣ ، ص ٤١٥(٣) . سعيد الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، ج ٣، ص ٢٤٠(٤) . محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٣، ص ٢٨٤ ٰ وقال أ بو داود إلى جندب بن مكيث بعث رسول الله ژ عبد الله بن غالب الليثي في سرية وكنت فيهم، وأمرهم أن يشنوا الغارة على بني الملوح بالكديد، فخرجنا حتى إذا كنا بالكديد لقينا ا لحرث بن البرصاء الليثي، فأخذناه فقال: إنما جئت أريد الإسلام، وإنما خرجت إلى رسول الله ژ فقلنا: إن كنت مسلما لم ً ا(١) يضرك رباطنا يوما وليلة، وإن يكن غير ذلك نستوثق منك فشددناه وثاق ً . ً وقيل إن رجلا ً كان في سيرته وأنه انتهي إلى رجل من المشركين فلما ذهب ليطعنه برمحه، قال: إني مسلم فطعنه فقتله، فبلغنا أن ذلك بلغ النبي ژ فدعا به فقال: «؟ أقتلته بعدما زعم أنه مسلم » فقال: والذي بعثك بالحق نبيا يا رسول الله ما قالها إلا متعوذ ً ا، وحتى وجد حر السنان فأعاد ً النبي ژ ذلك ثلاث مرات ويرد عليه الرجل مقالته الأولى، فقال رسول الله ژ في الرابعة: « فهلا شققت عن لسانه »(٢) . وبلغنا أن هؤلاء الآيات نزلن فيه: ﴿ zyxwvut }|{ ~ ﮯ §¦¥¤£¢¡ ´³²±°¯®¬«ª©¨ ¶μ ﴾[ [النساء: ٩٤ . وقال النبي ژ أراد أن يجعل ذلك عبرة وموعظة يعظم بها حرمة دماء المسلمين فقيل إن النبي ژ سمع أسيرا قد أتى به المسلمون يقول: أتوب ً (١) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ٢٠٩(٢) الحديث عن حصين بن جندب قال: سمعت أسامة بن زيد يقول: بعثنا رسول الله ژ إلى الحرقة، فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا ً منهم، فلما غشيناه، قال: لا إل ٰ ه إلا الله، فكف عنه الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمناه بلغ النبي ژ فقال: ّ يا أسامة ... ٣٩٨ في المغازي، باب بعث ا لنبي ژ أسامة بن زيد إلى / الحديث رواه البخاري ٧ الحرقات من جهينة وفي الديات: يقول الله تعالى: ﴿ 76 ﴾ ومسلم رقم ٩٦ في الإيمان باب تحريم قتل الكافر، وأبو داود رقم ٢٦٤٣ في الجهاد، باب على ما يقاتل ا لمشركون. إلى الله ولا أتوب إلى محمد يقولها ثلاث مرات فقال ا لنبي ژ : عرف » َ « الحق لأهله، فأرسلوه(١) .   وقد أكد الفقه الإباضي على ضرورة مراعاة مبدأ التثبت من الأمور: « باب في الرأي والتثبت في ا لأمور » : وهكذا فقد خصص فقهاؤه(٢) . كذلك قرروا: والمسلمون يطلبون أوضح الأمر عذر » ً ا فيأخذون به، ويدع َ ون اللبس « والشك والريبة(٣) . وقالوا أيض ً ا: ولا ينبغي للإمام أن يكون عجولا » ً « في أموره(٤) . ومن قواعدهم الفقهية قاعدتان مهمتان: .« المتكلف للقول فيما لا يعلم غير معذور » « إذا حصل الالتباس وجب ا لتحري »(٥) . (١) ابن جعفر: الجامع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣١ ه - ٢٠١٠ م، ُ ج ٨، ص ١٢ -.١٣ (٢) . النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ١٥(٣) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٣٥٣(٤) الشيخ عبد الله بن بشير الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، راجعه ماجد الكندي، ج ١٤٢٨ ،٦ ه -. ٢٠٠٧ م، ص ٩٤ (٥) ؛ راجع القاعدتين في معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٣٠٦ ّ ج ١، ص ١٦٣ . وبخصوص القاعدة الثانية، قيل: .« إذا عرض الشك تعين الخروج منه بيقين » : هذه القاعدة تشبه من حيث المعنى قاعدة »لكن عند تدقيق النظر من خلال الفروع التي تندرج تحت كل منهما قد يظهر فرق بينهما. وذلك أن الشك هو تساوي الطرفين لشيئين موجودين لا ترجيح بينهما لكن الالتباس هو = كذلك قرروا قاعدة ثالثة مهمة، وهي قاعدة: « لا يجوز الحكم بالظن »(١) . وطبق الفقه الإباضي مبدأ التثبت حتى في حالة الاقتتال. فقد جاء في بيان ا لشرع: وعن رجل وجد فرقتين تتقاتلان هل له أن يقاتل مع إحداهما » ولا يدري من المحق منهما من المبطل أم كيف يفعل إن أراد الإنكار؟ قال: معي أنه قيل ليس له ذلك إذا لم يعرف المحق منهما من المبطل حتى يتبين له الحق من الباطل فيكون مع الحق وأهله على الباطل وأهله « بما يسعه من ذلك(٢) . كذلك طبقوا ذات المبدأ حتى في حالة من لا يعرف اللغة العربية. يقول النزوي: وإن أومأ أنه مسلم. وكان أعجميا. فتكلم بكلام مما يتوهم أنه مسلم، » ً فلا تعجل في قتله حتى يتبين كلامه، ويعرف ما هو عليه. فإن أسلم ق ُ بل منه ُ « وإن استبان أنه لم يرد الإسلام، فهو على حاله ا لأول(٣) . = وجود طرف واحد اختلط بغيره بحيث إذا عرف ترجح على غيره وسقط الآخر. والالتباس يزول بالاجتهاد والتحري، والشك لا يزول بل يطرح ويصار إلى اليقين لا عن ذات ) « طريق التحري بل عن طريق ترجيح اليقين واعتبار الشك كأنه غير موجود .( المرجع، ج ١، ص ١٦٤ (١) السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه . ١٩٨٧ م، ج ١٤ ، ص ٤٢٩ ُ (٢) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٦٤ ؛ وانظر أيض ً ا ذات المرجع، . ص ١٦٦(٣) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٢٣ ¢ùeÉîdG åëѪdG ¢UÉ°üàN’G ᫪«∏bEG CGóÑe نشير إلى ماهية المبدأ، وإلى مجالات تطبيقه. :CGóѪdG á«gÉe `` CG القاعدة أن الدولة يتحدد اختصاصها بحدود إقليمها. وبالتالي لا يجوز لها ممارسة نوعين من الاختصاص خارج ذلك ا لإقليم: الأول: أي اختصاص شخصي مادي يتم رغما عن إرادة دولة الإقليم، ً مثال ذلك إرسال قوة بوليس من الدولة (أ) إلى الدولة (ب) للقبض على شخص موجود فوق إقليم هذه الأخيرة دون موافقتها. الثاني: أي اختصاص شخصي يمتد أثره إلى الدول الأخرى ومن شأنه الإضرار بها دون موافقتها (كإصدار تشريع داخلي تمتد آثاره إلى الدول الأخرى)؛ إذ في هذه الحالة لهذه الدول الأخيرة عدم تطبيق الآثار المترتبة على ذلك. لذلك قالت المحكمة الدائمة للعدل الدولي في قضية اللوتس: إنه، ما لم توجد قاعدة أخرى مخالفة، يحظر القانون الدولي على الدولة أن تمارس اختصاصا فوق إقليم دولة أخرى، ذلك أن الاختصاص يكون بالتأكيد إقليميا ًً .‹‹la Jurisdiction est Certainement Territoriale›› على أنه يرد على ذلك بعض الاستثناءات يمكن أن يمتد فيها اختصاص الدولة خارج إقليمها. فمثلا ً بخصوص القانون الجنائي يطبق مبدأ الإقليمية أيضا. لكن يمكن للدول أن تمد نطاق اختصاص قانونها إلى جرائم ارتكبت ً خارج إقليمها، وذلك بالتطبيق لمبدأ العالمية (مثال ذلك جرائم تزييف العملة، أو جرائم ا لتزوير). وقد ثبت مبدأ الإقليمية في قوله تعالى: ﴿ ^]\ _ ` gfedcba ﴾ [ [الأنفال: ٧٢ ، يقول أطفيش: ﴿ ` gfedcba ﴾ من ميراثهم ونصرتهم ومحبتهم أيها المؤمنون، ولو كانوا قرباء وعصبة ً لكم، إلا إن قاتلهم مشرك لا عهد له  َ فانصروا ﴿ gf ﴾ بلاد الشرك، ولا حظ لهم في الغنيمة ولو جاهدوا « معكم، وإن جاهدوا وحدهم فلهم ما غنموا، وإن هاجروا فهم مثلكم(١) . ويؤيد مبدأ الإقليمية ما رواه ابن عمر قال: قال رسول الله ژ : ألا كلكم راع » ٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راع ٍ على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم وعبد الرجل راع ٍ على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع ٍ « وكلكم مسؤول عن رعيته(٢) . ويعرف ا لإباضية مبدأ إقليمية الاختصاص: وهكذا قيل: ّ ما أتى المشرك من سرق، أو قتل، أو زنا في شركه. ثم أسلم، فقد محا » الإسلام عنه ذلك الشرك، إلا أن يكون، أي ذلك، وهو بين ظهراني المسلمين، حيث يجري عليه حكمهم، فإنه يقام عليه حد ا لسارق. (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٧٤ . وبخصوص ذات الآية، قيل: إن المؤمنين الذين لم ِ لا تثبت لهم الولاية ؛ أي: ا لنصرة » يهاجروا إلى دار الإسلام، بمكوثهم في دار الشرك والمؤازرة من طرف الصنفين الأولين حتى يهاجروا، ليكون نفي الولاية عنهم باعثا لهم على الهجرة، وفي هذا دليل على حرص الإسلام أن يكون المسلم في عزة ومنعة، لا يفتن ُ الشيخ كعباش: « في دينه، فتكون الهجرة إحدى الوسائل التي يطلب بها تلك المنعة والعزة . نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٥، ص ٣٩١ ٰ (٢) رواه البخاري، كتاب الأحكام، باب قول الله تعالى: ﴿ ÐÏÎÍÌËÊ ﴾ ، ، ٢٦١١ . ومسلم، مثله، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر...، ١٨٢٩ /٦ ، ر ٦٧١٩ .١٤٥٩/٣ « وكذلك السارق ا لمرتد(١) . ومما يؤيد معرفة الإباضية لمبدأ إقليمية الاختصاص، أن من قواعدهم ّ الفقهية(٢) : .« أحكام الدار تسري على أهلها » .« حكم الدار تابع لحكم من استولى عليها » لذلك في شرحهم لقوله ژ : » ثلاثة من الكبائر: خ ُ روجك من أمتك، وقتالك أهل صفقتك، وتبديلك « سنتك(٣) ، جاء في كتاب ا لإيضاح: ُ والذي يذهب إليه العلماء أن خروجك من أمتك اتخاذك دار الشرك » وطن ً ا، ونهى رسول الله ژ عن ذلك لما يجرى عليك من الأحكام والسبي « والغنيمة والرق وتغيير النسل والإكراه على مفارقة دينك(٤) .  باب في حكم » ويؤكد مبدأ الإقليمية في الفقه الإباضي تخصيصه  « الحاكم في غير بلده أو ما لا يقدر عليه(٥) قرر فيه أنه ليس للحاكم أن (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٢٤(٢) ، راجع هاتين القاعدتين، في معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١ ّ .٤٧٣ ، ص ٩١(٣) رواه أبو داود والترمذي. (٤) . الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ١، ص ٦٤٥(٥) يقول النزوي: ومن الأحكام: أن يد » ّ عي الرجل على الرجل مالا ً ، في يده، أو عبد ً ا، أو متاع ً ا، في بلد، غير بلد الحاكم، وينكر المدعي عليه ذلك فإن كان مالا ً أصلا ً ، من نخل، أو أرض، أو دار، أو شجر، فأصح عليه البينة، والبلد مما لا يجوز فيه حكمه. ولا يستطيع المدعي أن يأخذه من يده، ولا من غيره، فوجد الحاكم للمدعي عليه مالا ً ، أعطاه من ماله، مثل ما صح عنده، أنه أخذ من ماله. = يحكم خارج بلده، ولا شك أن ذلك تأكيد تام لمبدأ إقليمية اختصاص الدولة. :᫪«∏bE’G CGóÑe ≥«Ñ£J ä’Éée `` Ü د الفقه الإباضي على هذا المبدأ في مجالات عديدة، أهمها ما يلي: أك ١ إقليمية الاختصاص في مجال الجرائم والعقوبات: وهكذا جاء في الجامع لابن جعفر: وإذا حكم المسلمون في البلاد فلهم أن يقيموا الحدود التي كانت... » بعد تمكنهم وقبل ذلك إن لم تكن أقيمت وليس لهم أن يقيموا الحدود  « حتى يستولوا على جميع المصر الذي قاموا بالحق فيه (١) . معنى ذلك أن إقامة الحدود، وهي القتل وحد الزنا والقذف وشرب الخمر والحرابة والسرقة، رهن بسيطرة المسلمين على الإقليم سيطرة تامة، أي خضوعه لاختصاصهم. وهذا هو جوهر مبدأ إقليمية القوانين وإقليمية الجرائم والعقوبات. وبخصوص المتهمين بالمحاربة وقطع السبيل، جاء في بيان ا لشرع: وقلت: إن كان الذي وصفت في مملكة المسلمين أو غير مملكتهم » فإنما يحكم المسلمون على أهل بلادهم وحيث بلغ سلطانهم فأما في = وإن كان في البلد الذي فيه المال، حكام يعدلون، بين الناس، لم يأخذوا ماله، ويدفعه إليه، لأنه ليس يجوز حكمه في البلاد، وحكامها أولى بها، إلا أن يصح عليه، أنه اغتصبه « إياه، فإنه يأخذ له من ماله، مثل ما اغتصب منه . النزوي: المصنف، ج ١٤ ، ص ٦٨ مان، ١٤٣١ ه ٢٠١٠ م، (١) الجامع لابن جعفر، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ . ج ٨، ص ٥٠ سلطان غيرهم وحيث لا يجوز حكمهم، فلا أرى ذلك إلا أن يكون موضع « ليس فيه لأحد من العمال عمل ولا حكم فعليهم أن يحكموا فيه بالعدل(١) . كذلك قيل: ومتى نقض الذمي العهد بمخالفة لأي من الشروط المأخوذة عليه لم يرد » « إلى مأمنه، والإمام فيه مخير بين القتل، والاسترقاق في قول بعض ا لعلماء(٢) . ٢ إقليمية الاختصاص بشأن ما يجب تطبيقه وقت ا لحرب: جاء في بيان ا لشرع: وقيل: لو كان لأهل المحاربين من الرجال من المشركين أرحام من النساء » والذراري في بلد غير ذلك البلد الذي حاربوا فيه المسلمين لم يحل للمسلمين سبيهم وهم في بلد آخر إلا من هرب من النساء والذراري من ذلك البلد الذي وقعت المحاربة فيه من بعد أن وقعت الحرب بينهم وبين المسلمين فأولئك عليهم السبي حيث أدركوا وأما من هرب منهم من قبل وقوع الحرب بينهم إلى « بلد آخر فأولئك لا سبي عليهم إذا ألقوا بأيديهم ورجعوا إلى تمام عهدهم(٣) . (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٩٠(٢) الجيطالي: قواعد الإسلام مذيلا ً بحاشية الشيخ ابن أبي ستة، تحقيق: بشير بن موسى، . ج ١، ص ٢٨٤ (٣) بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٥٤ - ٢٥٥ ؛ النزوي: المصنف، المرجع السابق، ١٥٧ . كذلك قيل: ، ج ١١ ، ص ١٣٣ وللوالي إنصاف رعيته، ومحاربة من حاربه، وتعدي على رعيته، في حدود مصره الذي »ولي عليه.... وعندي أن من له قوة، ويصير من الولاة، يجوز له أن يحارب من خرج على الإمام ولو لم يكن في ولايته. وأما الأحكام، فما كان من الديون والحيوان والعروض والمتاع، فجائز له أن يحكم بين أهل مصر آخر. .« وأما الأصول التي ليست في مصر، فلا يحكم فيها بشيء . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٢٦ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٥٠ كذلك قيل: وللوالي إنصاف رعيته ومحاربة من حاربه في حدود مصره الذي هو » « وال عليه(١) . ٣ إقليمية الاختصاص بشأن القوانين واجبة ا لتطبيق: القاعدة أن نطاق تطبيق القانون يتحدد بإقليم الدولة التي أصدرته، وبالتالي يسري تجاه كل المقيمين فوق ذلك ا لإقليم. وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك: وهكذا جاء في شرح ا لنيل: يحكم على من بدار شرك بأحكام المشركين من براءة وقتل أو جزية » « أو غنيمة أو تحريم المناكحة والذبيحة(٢) . ويقبل الإباضية كذلك تطبيق أحكام المذاهب الإسلامية الأخرى على ّ الرعايا الإباضيين الذين يقيمون في دولة لا تطبق المذهب ا لإباضي: فقد كتب الإمام أبو يعقوب 5 في شأنه تطبيق أحكام المذاهب الإسلامية المخالفة للمذهب الإباضي على الرعايا الإباضيين قال: وكذلك ما بيننا وبين المخالفين من الأحكام، إن كنا تحت أيديهم » وجرت علينا أحكامهم، ولو خالفوا في الأحكام مذهب المسلمين؛ (أي: الإباضية)، كما أن ليس علينا أن نمنع من أحكامهم إذا أجروها علينا في ّ .« جميع ما لم نقطع عذرهم فيه (١) الشيخ سلمة العوتبي الصحاري: كتاب الضياء، وزارة التراث القومي والثقافة، ١٤١٦ ه . ١٩٩٦ م، ج ١٨ ، ص ١٤٧ (٢) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ٥٥١ ويضيف قائلا ً : وهل يسعنا أن نمنع لهم أن يأخذوا من أموالنا ما وجب علينا من الزكاة والعشر والفطرة؟ « فليس لنا ذلك ويجزئنا عند الله، وليس علينا إعادة » : ويجيب بقوله(١) . عندما يكون الإباضية مواطنين في دولة ملتزمة بمذهب » : لذلك قيل ّ غير مذهبهم فإن عليهم أن يخضعوا لقوانينها وأن يرضوا بأحكامها ولو كانت مخالفة لآراء مذهبهم وأحكامه، ما دامت موافقة لأحكام مذهب الدولة التي تطبق على الجميع، وعليهم أن يتعاونوا معها في كل شيء ما لم يكن معصية فإذا أمروا بمعصية فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية « الخالق(٢) . (١) يعلق رأي على ذلك بقوله: وأعترف صراحة أني لم أجد في المذاهب الإسلامية من يقف من ا لإباضية مثل هذا » ّ الموقف ا لمتسامح. ولعل ذكر هذه الفتوى الأصيلة يناسب الأحداث التي تتوالى في الجزائر. فقد صدر قانون الأسرة، ليكون منطبق ً ا على جميع فئات الشعب الجزائري، دون قيد أو تمييز، وهو قانون مستمدة غالبية أحكامه من المذاهب ا لسنية. وخاصة مذهب الإمام مالك، وإن كان فيه ما يتطابق مع المذهب الإباضي في بعض خصوصياته فإن ذلك من قبيل الصدفة فقط وليس على سبيل القصد أو ا لاقتباس. وإن عقائدنا المتسامحة، وفتاوى أئمتنا تسمح لنا أن نذعن إلى هذا القانون إذعان ً ا تاما، ً ونطبقه على أحوالنا وشؤون أسرنا بكل ثقة واطمئنان باعتباره حكم ً ا إسلامي ً ا وتشريع ً ا راجع يحيى بكوش: الوجود الإباضي بالأندلس، محاضرة ألقيت .« قرآنيا لا محيد لنا عنه ً في دار العلم بواحة غرادية يوم ٣ يوليو ١٩٨٤ ، ص ٣٤ - ٣٥ (موجودة نسخة منها في مكتبة معهد العلوم الشرعية، مسقط سلطنة عمان). ُ (٢) علي يحيى معمر: الإباضية بين الفرق الإسلامية، ص ٣٣١ (باب التعامل مع المخالفين)، ّ انظر أيض ً . ا ص ٣٣٥ ٤ إقليمية الاختصاص بشأن المسائل ا لمالية: أكد الفقه الإباضي أنه حتى بالنسبة للأمور المالية، فإن اختصاص الدولة يكون في حدود إقليمها. وهكذا جاء في رسالة ا لزكاة: وأما ما ذكرتم من أن إمام المسلمين إذا لم يملك بلد » ً ا هل لمن به من يجيب ابن أبي كريمة: «؟ المسلمين أن يبعثوا بعشورهم إليه فليس لهم ذلك ولا له عليهم، ولا يجزي عنهم ما أدوا إليه من ذلك ما » لم يجر عليهم حكمه، ويمنعهم من عدوهم القاهر عليهم الحاكم عليهم « بغير ما أنزل ا لله(١) . وجاء في بيان ا لشرع: ولا نجبي صافية ولا جزية حتى نكون حكاما نمنع الظلم والعدوان » ً « ونملك بلادنا وأمصارنا وبرنا وبحرنا(٢) . كذلك من كلام ا لمختار بن عوف:  « ولا نجبي جباية من لم يجر فيهم حكمنا »(٣) . (١) الشيخ أبو عبيدة بن أبي كريمة: رسالة أبي كريمة في الزكاة، وزارة التراث القومي والثقافة، . ١٩٨٢ ، ص ٩ ، سلطنة عمان، تراثنا، عدد ٣٤ ُ (٢) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٧٦ . ويقرر رأي آخر: وإن غاب أهل الذمة في بلاد بعيدة غير بلادنا، فأتوا علينا، فإنا لا نأخذهم بشيء من الجزاء، »إلا إذا مكثوا في بلادنا سنة كاملة، سواء تلك البلاد التي جاؤوا منها بلاد شرك أو بلاد إسلام، إن أطاع لهم أهل تلك البلاد بها وإلا أخذنا الجزاء عدة تلك السنين ما خلا بلاد ا لشرك. ولا نعشر أموالهم إلا لعام واحد، فإن ادعوا أنهم أعطوا العشر أو الجزية لبعض أهل تلك البلاد، التي جاؤوا منها، أو لأهل الخلاف ولهم على ذلك براءات، فإنا نحط عنهم تلك راجع الوارجلاني: الدليل « الجزية أو الخراج، ونعشرهم لعامنا الذي حازوا فيه علينا والبرهان، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، مج ٢، ج ٣، ص ٦٤ -.٦٥ ُ (٣) . ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٨، ص ١٠ ويؤيد مبدأ الإقليمية بخصوص المسائل المالية ما قرره الفقه الإباضي السيرة في الرعية بالعدل، ومنع الظلم عنهم من » : بخصوص الحماية، وهي « بعضهم بعض أو من غيرهم(١) ، فقد أكد السالمي بخصوص ا لحماية: وهي: شرط لصحة الجباية؛ إذ ليس للمسلمين أن يجبوا بالجبر بلاد » ً ا ُ لم يحموها عن الظلم اتفاق ً ا، فمن جبى من غير حماية فهو عندهم جائر عن « الحق، مخالف لطريق السلف، لا يوالي ولا يؤازر(٢) . ُ ٥ إقليمية الاختصاص بخصوص تطبيق القوانين على ا لأجانب: يخضع الأجنبي لقوانين الدولة التي يتواجد فوق إقليمها. وهذا مظهر أساسي من مظاهر مبدأ ا لإقليمية. وقد أكد على ذلك الفقه ا لإباضي: يقول ابن بركة:  وكذلك وجوب طاعة الإمام على الغرباء الذين يقدمون عليه من غير » مصره ولا يحتاجون إلى معرفته بالبينة العادلة، بل يعلمون أنه إمام بالقلنسوة « بين الناس، وبإنفاذ الأمر واجتماع الناس عليه (٣) . ويؤكد رأي آخر: وإذا آل نظر الإمام أن يحجر على رعيته حمل السلاح وأمر الوالي » « بذلك حل له أن يحكم على القادمين من الغرباء كحكمه على رعيته(٤) . (١) . السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٦٥٦(٢) . ذات المرجع، ص ٦٥٤(٣) ، الإمام ابن بركة: كناب التعارف، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٩٨٤ ُ . تراثنا، ص ١٨(٤) الشيخ عبد الله بن بشير الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، راجعه ماجد الكندي، ١٤٢٨ ه . ٢٠٠٧ م، ج ٤، ص ٣٥٢ حري بالذكر أنه يسري على الأجانب أيضا القوانين الخاصة بالجرائم ً  والعقوبات. وهو ما أكده الفقه ا لإباضي: يقول ا لوارجلاني: ،« ما بيننا وبين المشركين » وهكذا تحت باب وإن دخلوا في بلادنا بأمان؛ فما أتوا به من المحارم، أجرينا عليهم » حكمه كما نجريه على أنفسنا، من السرقة والزنا والقصاص وغرم الأموال، إلا أن رأي أمير المؤمنين غير ذلك. فليصلح ما أفسدوا من بيت مال « المسلمين(١) . ويطبق على الأجانب أيض ً ا ما هو مقرر بخصوص الأمور ا لمالية(٢) .  ٦ جواز الخروج على مبدأ إقليمية الاختصاص بالتطبيق لقاعدة :« المسلم يلتزم بأحكام الإسلام أينما كان » هناك أمور مقررة إسلاميا يجب على المسلم مراعاتها، حتى ولو كان خارج بلاد الإسلام. وبالتالي فوجوده هناك لا يعفيه من الالتزام بها، وهذا .« المسلم يلتزم بأحكام الإسلام أينما كان » : هو ما نطلق عليه (١) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٩٥(٢) يقول المحياوي: ٍ وأما إن قدم أحد من الغرباء من بلدان المسلمين إليكم بمال مثل بغداد والبصرة وفارس، ».«... فلا تأخذوا منه الزكاة على الجبر إلا حتى يحول على ماله حول في حماكم ويضيف أيض ً ا: وأما إذ قدم من الغرباء من المسلمين من بنادر المسلمين إلى عمان، فجائز لأهل عمان » ُُ أن يقولوا لهم: إن كان معكم زكاة فإنا نقبض الزكاة لدولة المسلمين ولو لم يحل عليه الحول من غير جبر لهم على ذلك، فإن سلموها إليهم قبضوها منهم، وإن امتنعوا فلا .« يجوز لهم جبرهم عليها إذا كانوا غرباء حتى يحول على أموالهم الحول مع ا لمسلمين الشيخ سالم المحياوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، وزارة التراث ٰ القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٨ ه - .٣٣٩ ، ١٩٨٨ م، ج ١ ُ وقد أخذ الفقه الإباضي بهذه القاعدة، بقوله: وإذا زنى المسلم في دار الحرب بمسلمة؛ فإنه يحد إذا رجع إلى دار » الإسلام، وإن زنى بحربية فإنه يد ْ رأ عنه الحد بالشبهة، لأنه يقول: لي أن َُ « أسبيها وأملكها(١) . ¢SOÉ°ùdG åëѪdG á«dhódG äÉbÓ©dG QÉWEG »a QòëdG IQhô°V CGóÑe يحتم وجود الدولة في المجتمع الدولي أن تراعي الحذر في تصرفاتها وسلوكياتها واستعداداتها، وأفعالها، وردود أفعالها. علة ذلك كما قال أطفيش:  ِ النفوس ج » ُ بلت ْ « على مراعاة ا لأسباب(٢) . من أجل ذلك ورد في القرآن الكريم ضرورة الحذر، يقول تعالى: ﴿ ;:9 ﴾ ] [ النساء: ١٠٢ . ويقول جل شأنه: ﴿ onmlkjihgf ﴾ [ [ النساء: ٧١(٣) . (١) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٤، ص ١٤٩(٢) ١٤٢٥ ه ، أطفيش: تيسير التفسير، ج ٢ . ٢٠٠٤ م، ص ٤٥٣ (٣) في تفسير ذلك قيل بأنه سبحانه قال: ﴿ ji ﴾ ، أمر بأخذ ،« احذروا » : ولم يقل الحذر، ولم يذكر الله تعالى مما يجب الحذر منه، وأخذ الحذر للمبالغة في التزام شدة الحذر مع العدو، وعدم ذكر معموله ليتناول كل ما من شأنه أن يعرفهم بأحوال العدو في استعداداته وتحركاته بل حتى في مواقعه المحصنة، بمعرفة طبيعة أرضه ونقط ضعفه وقوته، كما كان يفعل رسول الله في تقصي أخبار العدو إما بإرسال العيون، أو ببعث السرايا السريعة الانتقال لجس النبض، ولم تحدد الآية طرق ذلك، حتى تتناول كل = ّ وأخذ الحذر كما يكون من الأعداء (الحذر الخارجي) يكون أيض ً ا من الداخل (الحذر الداخلي). وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا النوع الأخير في قوله تعالى بتأكيده على ضرورة الحذر من البطانة التي قد يتخذها المسلمون، وضرورة الابتعاد عنهم إذا توافرت فيهم صفات أربع (أو حتى واحدة منها)، وذلك في قوله 4: ﴿ [ZYXWVUTSRQPO kjihgfedcba`_^]\ nml ﴾[ [آل عمران: ١١٨ . ومن الأمثلة الشهيرة للحذر في تاريخ الإباضية القصة الخاصة بمنارة ّ الإسكندرية(١) .  = الوسائل المتطورة وفق مقتضيات الزمان والمكان. وهي مثل قوله تعالى في سورة ا لأنفال : ﴿ ¨ «ª© ¬® ﴾عموم ً ا، ثم أضاف : ﴿ ¯° ³²± ´µ ¶ ﴾ [ [الأنفال: ٦٠ . فالاستعداد المأمور به هناك، وأخذ الحذر المأمور به هنا تختلف وسائلهما باختلاف حال العدو وقوته. واقعية الإسلام في أمره لأتباعه أن يأخذوا » : وهكذا يتبين من خلال هذه الآيات وأمثالها بكل الوسائل ويتخذوا كل الأسباب الممكنة لحماية عقيدتهم ودينهم، لأن الأعداء وإن تظاهروا بالسلم أو طلبوا الصلح فهم لا ينامون عن ثأر ولا يفلتون الفرص في المكر .( الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٣، ص ٢٢٨ ) « والكيد ٰ (١) إذ حينما بنى إبراهيم بن الأغلب القصور التي على الساحل، أمر أهل الإسكندرية، إذا نظروا في مرآة المنارة ورأوا قلاع العدو أن ينيروا فيبصر نارهم من كان قريبا منهم من ً القصور، فينيروا هم أيض ً ا. فكل من رأى من أهل القصور نار القصر الذي يليه فينيروا هم أيض ً ا، فتتصل نيرانهم حتى تبلغ في ليلة واحدة إلى سبتة، فيحذر الموحدون الروم. فكانت الروم بعد ذلك دهرا طويلا ً لا يظفرون بالموحدين في شيء، من سواحلهم، ورجع ً الموحدون يغزونهم إلى أرضهم واغتم لذلك ملك الروم، فجمع أهل مملكته فاستشارهم في الحيلة، فوثب رجل يهودي، فيما بلغنا، فقال: أيها الملك، إن أنت أذنت لي (بالدخول) إلى بيت الأموال، آخذ منها حاجتي، أكفيك المؤونة إن شاء ا لله. = والحذر مطلوب بخصوص أي تصرف يتعلق بالعلاقات الدولية، بالنظر  إلى الآثار الخطيرة التي قد تترتب على اتخاذ فعل أخرق أو تصرف غير سليم.  ولعل خير ما قيل في هذا الخصوص ما ذكره رجل لهشام بن عبد الملك: اسمع مني أربع كلمات فيهن صلاح دينك وملكك وآخرتك ودنياك: ِِ لا تع » َ د َ ن ْ أحد ً ا عد َ ة ً وأنت لا تريد إنجازها، ولا يغرنك مرتقيا سهل إذا ً كان المنحدر وعرا، واعلم أن للأعمال جزاء فاحذر العواقب، وأن للدهر ًً ٍ « ثارات فكن على حذر(١) . أما تألف الأعداء فيقرر الماوردي أن ذلك: يثنيهم عن البغضاء، ويعطفهم على المحبة، وذلك قد يكون بصنوف » من البر، ويختلف بسبب اختلاف الأحوال، فإن ذلك من سمات الفضل وشروط السؤدد، فإنه ما أحد يعدم عدوا، ولا يفقد حاسد ً ا، وبحسب قدر ً النعمة تكثر الأعداء والحسدة... فإن أغفل تألف الأعداء مع وفور النعمة،  = فقال له الملك: شأنك وما تريد. قال: فعمد اليهودي إلى بيت المال، فأخذ منها أموالا ً عظيمة من الجوهر والدرر واليواقيت والذهب المضروب على سكة الأولين. فوفر من ذلك أحمالا ً ، فقصد إلى أرض الإسكندرية، فصار يحفر في كل جبل من جبالها ويدفن (الأموال) في الأودية وعند المدينة، ثم أظهر على نفسه مرتبة وزينة وزيا حسن ً ا، فأظهر أنه عالم بإخراج كنوز الأولين، ثم اتصل خبره بالسلطان بمصر، فبعث إليه، فصار يخرج له الدفائن التي دفنها هو بنفسه، فلما نظروا إلى أموال جسيمة وكنوز عظيمة، اطمأنت نفوسهم إلى جهته وأعجبهم ما رأوا من ذلك. فلما أحس اليهودي منهم (الثقة)، قال للسلطان: ها هنا كنز أعظم من جميع الكنوز، في المنارة، تحت المرآة. فإن أذن لي السلطان في نزع المرآة التي في المنارة ونزعناها وأخرجنا ما تحتها، وصقلناها، فإنها قد تصدت ورددناها. فأذن له السلطان في ذلك، رغبة في المال. فلما نزع المرآة أمر بعض القوم بالهدم تحتها وبعضا بصقالة المرآة، انسل اليهودي فلم يروا له أثرا فعالجوا المرآة لردها على بنيانها ً ًْ الأول، فلم يتجه لهم ذلك. أبو زكرياء: كتاب سير الأئمة وأخبارهم المعروف بتاريخ أبي زكرياء، ص ١٦٠ -.١٦١ (١) الحميدي: الذهب المسبوك في وعظ الملوك، عالم الكتب، الرياض، ١٤٠٢ ه - ١٩٨٢ م، . ص ١٥٠ وظهور الحسدة توالى عليه من مكر حليمهم وبادرة سفيههم، ما تصير به .« النعمة غراما والزعامة ملاما ًً على أن الماوردي يضيف إلى ذلك تحذيرا أغفلته الكثير من الدول ً الإسلامية حاليا: ً وليس وإن كان يتألف الأعداء مأمورا وإلى مقاربتهم مندوبا ينبغي أن » ًً يكون لهم راكن ً ا، وبهم واثق ً ا، بل يكون منهم على حذر، ومن مكرهم على تحرز، فإن العداوة إذا استحكمت في الطباع، صارت طبعا لا يستحيل، ً وجبلة لا تزول، وإنما يستكفي بالتألف إظهارها ويستدفع به أضرارها، كالنار يستدفع بالماء إحراقها، ويستفاد به إنضاجها، وإن كانت محرقة بطبع « لا يزول، وجوهر لا يتغير (١) . ™HÉ°ùdG åëѪdG á«dhódG äÉbÓ©dG »a á«≤àdG RGƒL CGóÑe يجيز الفقه الإباضي التقية في الأقوال، لا الأفعال(٢) ، وبشرط ألا يترتب على ذلك ضرر بإنسان آخر في نفسه أو ماله. يؤيد ذلك قوله تعالى: ﴿ ¬ ½¼»º¹¸¶µ´³²±°¯® ÃÂÁÀ¿¾﴾ [ [آل عمران: ٢٨ حرض الله المؤمنين في » فقد « التقية (٣) . (١) الماوردي: أدب الدنيا والدين، دار الشعب، القاهرة، ج ٣، ص ٣٤٣ - .٣٤٥ (٢) يقول البسيوي: إن الله قد وسع في التقية فقال: ﴿ XWVUTS﴾ فقد أجاز التقية في القول، ولم يجز في ا لفعل. .١٩٣ ، البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٤، ص ١٤٩ (٣) د. مسلم الوهيبي: الفكر العقدي عند الإباضية حتى نهاية القرن الثاني الهجري، المرجع ّ . السابق، ص ٤١٥ ويقول أطفيش بخصوص ذات ا لآية: تداروهم وتلاينوهم للخوف منهم باللسان حيث كانوا غالبين مع » الإنكار بالقلب، من غير أن يحل حراما أو يحرم حلالا ً ، أو يدل على عورة، ً « ا(١) ومن صبر ولم يتق فهو أولى أجر . ً والآية بصريح نصها تجيز التقية في مسائل العلاقات ا لدولية. وبخصوص ذات الآية يقول الإمام جابر: « التقية باللسان »(٢) . ويؤيد ذلك ما قاله جابر: سئل ابن عباس عن التقية فقال: قال النبي ژ : « رفع الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما لم يستطيعوا وما أكرهوا عليه » . ما من كلمة تدفع عني ضرب سوطين إلا تكلمت بها، وليس » : ابن مسعود « الرجل على نفسه بأمين إذا ضرب أو عذب أو حبس أو قيد(٣) . (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٢، ص ٢٨٨(٢) إبراهيم بولرواح: موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، مكتبة مسقط، ١٤٢٧ ه -. ٢٠٠٦ م، ج ١، ص ٢٢١ (٣) الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، مكتبة الاستقامة، مسقط، رقم ٧٩٤ -. ٧٩٥ ، ص ٣٠١ ولا يسع الإمام ترك النهي عن المنكر رجاء أن يعان على منكر أشد » : ويقول البطاشي منه وقيل للإمام التقية فيسعه ذلك مثل أن يكون لو أنكر عليهم لأذل ّ وه واستولى عليه أهل حربه وقد أجاز الله التقية فليس ما التزم الإمام بأعظم مما أوجب الله من التوحيد وإذا سار في الحرب فله ترك الأحكام والحدود حتى يفرغ منها وله أن يقيمها وقيل ليس له أن يقيمها حتى يفرغ، وقد قيل إن التقية لا تسع الأئمة وقيل تجوز التقية للإمام أبد ً ا .« حتى يجد أنصارا ً . الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ٢٩ انظر أيض ً ا الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٢٩ ، ص ٤١ -.٤٣  ويبدو أن التقية في إطار العلاقات الدولية يمكن أن تساوي، في أحد مظاهرها، ما هو متعارف عليه بين الدول والأفراد، بأن الدولة الأخرى (أو « ردا دبلوماسيا » الفرد) رد a diplomatic response ، بمعنى أنه تم الرد بطريقة ً .« تهربية » أو « غير جازمة » وقد ثارت مسألة التقية في العلاقات الدولية في ظروف دولية ذكرها الفقه ا لإباضي(١) . (١) وهي ما يلي: وسئل: عن قولهم في التقية للإمام الشاري؟ قيل: تجوز له التقية، وقيل: ما وجه ا لقولين؟ الجواب: أما القول بجواز التقية فحجته أن ما أوجبه على نفسه من الشرى ليس بأعظم مما أوجبه الله عليه، وهذا القول وإن كان يوجد في الأثر، فهو قليل جد ً ا حتى قال بعضهم إنه لا يعلم أن أحد ً ا من عهد أبي بكر إلى عزان بن الصقر قال إن الإمام الشاري تسعه ا لتقية.  قال: ومن احتجاج أهل النهروان على علي قالوا: إذا أجزتم التقية لعلي فما الذي يقوم به الإمام بعد ذلك من ا لعدل؟ أرأيتم لو أن ملك ً ا من ملوك الروم ظهر سلطانه فخشي أهل الإسلام أن يغلبهم فصالحوه على نصف أرض الإسلام أن يتخذها ملكه يحكم فيها بحكمه خشية أن يغلبهم على أرض أهل الإسلام كلها. أكان ذلك واسعا؟ ً أرأيتم لو أنهم خشوا منهم أن يهدموا الكعبة فصالحوهم على أن يحرقوا مسجد المدينة وقبر الرسول أكان هذا واسعا لهم أن يفدوا أحد المسجدين بالآخر خشية عليها كلها، ً والحجة قوله تعالى: ﴿ }|{zyxwv ﴾ ولم يجعل لهم في ذلك مدة ولا عذرا. ً فلو كان للمسلمين في ذلك عذر على ترك قتالهم لاستثنى لهم كما استثنى فيما أحل من انتهى والله أعلم. « إلا ما يتلى عليكم » : البهائم والصيد بقوله وسئل: عن قولهم إن الشاري لا يتحمل الدين ما وجهه؟ الجواب: الشاري هو من باع نفسه لله، وفرغها للقتال في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وانقطع عن الدنيا إلى ا لآخرة. الشيخ ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، ص ٣٠٢ - ٣٠٣ ، النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ١٨٩ - . ١٩٠ ؛ الجامع لابن جعفر، ج ٨، ص ٦٥ كذلك يقول ا لنزوي: ويجوز إضمار العداوة لأهل الكفر وإظهار الود لهم لموضع التقية » منهم، فقد روي مثله، من فعل النبي ژ ، أن رجلا ً استأذن عليه، فقال: « أتأذنون فبئس رجل ا لعشيرة » ، فلما دخل عليه ألان له بالقول، فقالت عائشة: يا رسول الله، قلت له الذي قلت، فلما دخل ألنت له القول، فقال: يا عائشة، » « إن شر الناس منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه(١) .« øeÉãdG åëѪdG á«dhódG äÉbÓ©dG πFÉ°ùe ¢Uƒ°üîH iQƒ°ûdG CGóÑe  الشورى مبدأ إسلامي أصيل، لها صورتان أساسيتان: الأولى قوله تعالى: ﴿ = ?> ﴾ [ [آل عمران: ١٥٩ ، وهذه تعني أن على الحاكم أو ذي المنصب والسلطان أن يبتدر مشورة أهل ا لشورى. والثانية قوله تعالى: ﴿ pon ﴾ [ [الشورى: ٣٨ ، وهذه تدل على أن أمر الشورى يكون من المجموع، يشاور بعضهم بعضا. ً (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ٢، ص ٧٨ - ٧٩ . ويضيف ا لنزوي: والتقية على ثلاثة أوجه: وجه فريضة، ووجه توسع، ووجه لا توسع. فأما وجه الفريضة، »فهو أن يخاف على دينه، وليس له أن لا يبقى على دينه. وهو فرض عليه. وأما تقية التوسع، فهو أن يخاف على نفسه أو ماله. فإن شاء مضى على حقيقته، ولم يعط من نفسه ما يطلب منه فإن ناله شيء جاز الفصل. وإن شاء صبر على ا لعدل. وأما التقية التي لا تسع، فهو أن يخاف على منزلته الانتقاص، وعلى عرضه الشتم، وأن ينتقض به فهذا ليس فيه تقية وما ألزم نفسه على التقية من هذا ومثله، مما يتولد منه، فهو . ذات المرجع، ج ١٠ ، ص ٢٥٩ « لازم له، وآثم في فعله ولا شك أن هذه الأوجه الثلاثة قابلة للتطبيق، في إطار العلاقات الدولية، حسب طبيعة المسألة المطروحة، ومدى قوة أو ضعف الدولة ا لإسلامية. وقد شاور النبي ژ أصحابه بخصوص العلاقات الدولية في مناسبات عديدة، أهمها ما يلي(١) .  ١ فقد شاور أبا بكر وعمر ^ في أسارى بدر، فاختلفا عليه، فمال إلى رأي أبي بكر فعاتبه الله على أخذ الفداء منهم. فقال جل ذكره: ﴿ Ä ÍÌËÊÉÈÇÆÅ ﴾ [ [الأنفال: ٦٨ . ٢ وشاور أصحابه عند بدر، فقال له رجل من الأنصار: يا رسول الله هذا منزل أمرك الله بنزوله، أو هو الرأي والمكيدة عندك؟ قال: « لا هو الرأي والمكيدة » فأشار عليه أن ينزل على الماء، فاستجاب ژ لذلك. ٣ ولما أراد مصالحة عيينة بن حصن الفزاري على بعض الثمار، قال سعد بن معاذ: هذا أمر، أمرت به، فلا يجوز لنا خلافه؟ أو أمر تراه  ٌٌ صلاح ً ا؟ فقال: « لا بل هو رأي رأيته » . فقال: يا رسول الله صلى الله عليك وسلم فإن عيينة لم يطمع في شيء من ثمارنا في الجاهلية، فكيف وقد أعز ّ نا الله بك! فأخذ ژ بهذا ا لرأي. ٤ وحينما ثارت مسألة الدفاع عن المدينة يوم أحد أتكون من داخلها أم من خارجها؟ أنصت ا لرسول ژ إلى رأي من قال إن ذلك يكون من خارج المدينة، والرأي الذي قال بأن يكون ذلك من داخلها. وقد انتهى بأن قال ژ: « ما كان لنبي، إذا لبس لامته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه »(٢) . ويوافق الفقه الإباضي على اللجوء إلى الشورى، سواء في المسائل « أصل في السياسة الشرعية » الداخلية أو الدولية: فالشورى(٣) ، قال أبو عبيدة: (١) سنتعرض لهذه الأمور في مناسبات عديدة، خلال هذه ا لدراسة. (٢) ١٤٠٢ ه ١٩٨٢ م ، ص ٦٩ ، راجع القصة في بكلى عبد الرحمن: فتاوى البكري، ج ١ -.٧٠ ٰ (٣) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٧١ ّ أصل المشاورة الاجتماع في الأمر، والمشورة استخراج الآراء بالعقول »« والمعارف والتجارب(١) الشورى لقاح المعرفة، والاستبداد » ، علة ذلك أن « داعي الندامة(٢) أن لا يبرم أمرا، ولا يمضي عزما إلا بمشورة » ، وعلى المرء ًً « ذي الرأي الناصح ومطالعة ذي العقل ا لراجح(٣) . فأشيروا على الإمام في مقامه وظعنه فما » : وإذا كان الفقه الإباضي يقرر « صلح ظعن إلا بعد صلاح مقام(٤) ، إلا أنه يقرر أن الشورى غير لازمة في حالتين: الأولى إذا كان في الأمر من الله عهد. لذلك قيل: وإنما مشاورتهم في الأمر الذي لم يأتهم فيه أمر من الله، فإذا جاء » الوحي من الله ذهبت المشاورة وكان المضي لأمر الله ليس فيه تشاور. وإذا « كان فيه أمر نزل من السماء فالتشاور فيه معصية ا لله(٥) . والثانية في حالة الاستعجال التي لا تسمح بكشف الأسرار للعامة(٦) : (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ١٣(٢) . الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٥٤(٣) الشيخ سالم النزوي: الأخبار والآثار، وزارة التراث القومي والثقافة، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، . ج ١، ص ١٧٧(٤) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٢١٧ (من سيرة أبي مودود). (٥) ابن سلام الإباضي: كتاب بدء الإسلام وشرائع الدين، دار النشر فرانز شتايز بفيسبادن، ١٤٠٦ ه . ١٩٨٦ م، ص ٧٧ (٦) يؤيد ذلك في رأي الشيخ بيوض واقعة صلح الحديبية وما حدث فيها، فيقول: كذا النبي ژ في إنفاذ بنود الصلح لم يكن يستشير أحد » ً ا من أصحابه، ولم يكن يبسط العلل والأسباب، لقد استقل برأيه تماما، وهذا ما ينبغي اتخاذه في بعض المجالس ً والمقامات الحرجة التي لا تسمح بكشف الأسرار للعامة، فقد يصدر الرئيس أوامر بدون أن ُ يبين الدوافع والأسباب، وعلى الحاضرين في المجلس أن يثقوا بأمر رئيسهم، وطبعا هذا ً لا يمكن أن يتأتى في كل وقت، وهذا الذي يشير إليه الله تعالى بقوله: ﴿و َ إ ِذ َا \[Z ^] _` onmlkjihgfedcba ﴾ [ [النساء: ٨٣ . .« وإذا كانت هنالك استشارة، فإنها تكون مقصورة على عدد قليل = أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٦٤ يرى الفقه الإباضي أنه إذا كانت الأحوال السائدة تقتضي عدم المشاورة، بسبب أن الأمر يحتم قرارا سريعا، فإن الحاكم يمكن أن يستقل بالرأي أو ًً يستشير عدد ً ا قليلا ً فقط (خصوصا بطانته)(١) . ً ونحن نرى أن الحالة الأولى يجب أن تشكل القاعدة، وأن الحالة الثانية هي الاستثناء من هذه القاعدة. ذلك أنه وفق ً ا لقاعدة فقهية: « المشاورة حصن من الندامة وأمان من ا لملامة »(٢) . = ويضيف: إذن هنالك تفويض في القضية، فقد تدعو الحالة إلى أن يستقل الرئيس برأيه، فيأمر »وعلى القوم أن ينف ّ ذوا، كما يفعل قائد الجيش في وقت الحرب، إذ الأوامر العسكرية لا ت ُ ناقش، وقد يستشير ويضيق دائرة الاستشارة، لأنه كثيرا ما يضيع الصواب أو يفسد ً الرأي بكثرة المتدخلين وزحمة الآراء، وهذا ما يستفاد من عمل النبي ژ في الحديبية، حيث استقل بالرأي ولم يشاور، وعذره معقول كمعقولية عدم الكشف عن جميع الأسرار .« والمقاصد، حتى تظهر للعيان ويشاهدها الناس بأم أعينهم الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٩ ، ص ١٨٥ - ١٨٦ (تفسير سورة ا لفتح). (١) بطانة الرجل من يفشي إليه سره ثقة به، وهو مفرد يستعمل في الواحد والاثنين » أطفيش تيسير التفسير، ج ٢، ص ٤٣٧ ، (الآية ١١٨ من « والجماعة والمذكر والمؤنث آل عمران). (٢) ، راجع هذه القاعدة في معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ٢ ّ ص ١٣٣٨ - ١٣٤٠ . راجع كذلك لماذا أمر الله تعالى نبيه محمد ژ بالمشورة مع كمال ّ عقله، وقوة رأيه، ونزول الوحي، في: الشيخ عبد الله النزوي: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، ١٤١٥ ه - ، ١٩٩٤ م، ج ٣ ص ٢٧٨ - . ٢٧٩ ؛ النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ١٦٠ عند التعامل مع الآخر على صعيد العلاقات الدولية أكد الفقه الإباضي « احتكاك » على العديد من المبادئ. فهي إذن مبادئ واجبة التطبيق عند الدولة الإسلامية، بصورة أو بأخرى، مع الأشخاص الدولية بخصوص مسألة أو موقف أو واقعة ما. وأهم هذه المبادئ، ما يلي: ∫hC’G åëѪdG áeôëdG »YGôjh áÑ«¡dG ßØëj …òdG …ƒ≤dG OôdG :CGóѪdG á«gÉe `` CG في بعض الأحوال قد يكون الرد الكتابي أو الشفهي على موقف ن حصل في حق الدولة الإسلامية مؤشرا على السلوك الذي ستنتهجه ً  معي بخصوصه، ودليلا ً على تقديرها للأمور الواقعة، ورسالة حاسمة موجهة للطرف الآخر، وعلامة من علامات قوتها أو خورها. فإنه فرق بين ملك تقبل ملوك » : إذ كما قال القاضي ابن عبد الظاهر التتار الأرض بين يديه وهو راكب، وبين ملك كانت التتار تطلب منه حضور الحرم في المشارب، وبين ملك تهادنه ملوك الإسلام والكفر تطلب منه أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٦٦ الرضا والغفران، وملوك تهادي ملوك الكفر تطلب منهم الأمن والأمان، وبين ملك تسلم من الكفر البلاد والحصون، وبين ملوك سلموا للكفر من البلاد « والقلاع والحرم والأولاد والأموال كل مصون(١) . نكتفي بذكر الأمثلة الآتية من العلاقات الدولية في ا لإسلام(٢) : ١ من ذلك حينما وردت إلى المعتصم رسالة من ملك الروم فيها تهديد ووعيد، فأمر بجوابه فلما قرئ عليه الجواب لم يرضه وقال للكاتب اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم.. أما بعد: فقد قرأت كتابك وسمعت خطابك، » ٰ « والجواب ما ترى لا ما تسمع، وسيعلم الكفار لمن عقبى ا لدار(٣) . ٢ وكان سبب فتح هرقلة أن نقفور ملك الروم (والذي تولى الملك على أثر امرأة كانت تحترم الرشيد) كتب إلى الرشيد كتابا جاء فيه: ً من نقفور ملك الروم إلى الرشيد ملك العرب، أما بعد، فإن هذه » المرأة كانت وضعتك وأباك وأخاك موضع الملوك، ووضعت نفسها موضع السوقة، وإني واضعك بغير ذلك الموضع، وعامل على تطرق بلادك .« والهجوم على أمصارك، أو تؤدي إلي ما كانت المرأة تؤدي إليك، والسلام (١) ابن عبد الظاهر: الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر، تحقيق: د. عبد العزيز الخويطر، الرياض، ١٣٩٦ ه -١٩٧٦ م، ص ١٧٨ -.١٧٩ (٢) انظر ما يقرب من أربعين مثالا، ً في: د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة الإسلام، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٩٨ وما بعدها. (٣) ؛ أحمد زكي صفوت: جمهرة رسائل العرب، المكتبة العلمية، بيروت، ج ٤، ص ١١ الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، مكتبة الخانجي، القاهرة ١٣٤٩ ه ، ١٩٣١ م، ج ٣ ص ٣٤٤ : السيوطي: تاريخ الخلفاء، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، ١٣٧١ ه ١٩٥٢ م، . ص ٣٣٨ فلما ورد كتابه على الرشيد رد عليه:  بسم الله ا لرحمن الرحيم من عبد الله هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب » ٰ الروم أما بعد، فقد فهمت كتابك، وجوابك عندي ما تراه عيان ً .« ا لا ما تسمعه ثم قام الرشيد من وقته في جيش لم يسمع بمثله وقواد لا يحاربون رأيا ً « ونجدة حتى فتح هرقلة(١) . ٣ قبل موقعة الزلاقة ( ٤٧٩ ه ١٠٨٦ م) أرسل يوسف بن تاشفين عملا ً بأحكام السنة كتابا إلى ملك قشتالة يعرض عليه الإسلام أو الجزية أو ً   بلغنا يا أدفونش أنك دعوت إلى الاجتماع » : الحرب، ومما جاء فيه وتمنيت أن تكون لك سفن تعبر فيها إلينا، فقد عبرنا إليك، وقد جمع الله في هذه الساحة بيننا وبينك، وسترى عاقبة دعائك، وما دعاء الكافرين إلا وقد استشاط ألفونسو لذلك الخطاب غضبا، ورد عليه بكتاب .« في ضلال ً فيه كثير من الوعيد. فاكتفى يوسف بأن رد عليه كتابه ممهورا بهذه ا لعبارة: ً « الذي سيكون ستراه »(٢) . وفي السلوك الإباضي ما يدل على هذا المبدأ، فقد قيل: وقد ترتب على متابعة دول الغرب لهزيمة القوات البرتغالية، لا سيما » المنافسة للبرتغاليين في ميدان البحار الشرقية أن سعت تلك الدول إلى محاولة « تطبيع علاقاتها مع دولة اليعاربة الفتية، لكونها أصبحت في عداد الدول ا لقوية(٣) . (١) ، راجع تاريخ الرسل والملوك (تاريخ الطبري)، دار المعارف، القاهرة، ط الثالثة، ج ٨ ص ٣٠٧ وما بعدها، ابن أنجب الشهير بابن الساعي: تاريخ الخلفاء العباسيين، تحقيق: د. عبد الرحيم الجمل، مكتبة الآداب، القاهرة، ١٤١٣ ه . ١٩٩٣ م، ص ٣٤ (٢) . محمد عبد الله عنان: مواقف حاسمة في الإسلام، مكتبة الخانجي، القاهرة، ١٩٦٢ ، ص ٢٨٥ (٣) د. إبراهيم بن يوسف الأغبري: البرتغاليون في البلاد الإسلامية (المغرب وعمان نموذجا)، ًُ رسالة دكتوراه، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، ٢٠١٠ -. ٢٠١١ ، ص ٢٣١ كذلك يعلق سليمان الباروني على رد النفوسي على ابن طولون(١) : فلله د » َ ر أبي منصور، ما أشد كلامه وما أعظم خطابه!! فمن تأمل في جوابه هذا حق التأمل، اتضح له ما كان له 5 من الشهامة وعلو الهمة، والإقدام وشدة الحرص، على محافظة بلاده والقيام بحقوق جيرانه ورعاياه، « فلمثله تسلم مقاليد الولايات البعيدة كالجبل(٢) .   :»°VÉHE’G ∑ƒ∏°ùdG øe á∏ãeCG `` Ü راعى أئمة الإباضية مبدأ الرد القوي في العلاقات الدولية في مناسبات ّ عديدة، نكتفي بأن نذكر منها الأمثلة ا لآتية: ١ من ذلك حينما أسر ا لوسيم بن جعفر(٣) . (١) فقد كان العباس بن طولون قد انتهى إلى حصن يعرف بلبدة ففتحه أهله له، وخرج إليه عامل ابن الأغلب، فأطلق العباس لأصحابه نهب الحصن، فقتلوا الرجال وفضحوا النساء وذاع الخبر، واستغاثت طائفة من أهل هذا الحصن إلى إلياس بن منصور النفوسي رئيس الإباضية، ّ فدخله منهم غضب شديد وحمية غليظة، وكان العباس قد كتب إلى النفوسي أن أقبل بسمعك وطاعتك، وإلا وطئت بلدك بخيلي ورجلي، وأبحت رحمك، وهذا متغول ذو منعة، وله أهل كثير عددهم ولم يود إلى ابن الأغلب طاعة قط. فقال إلياس أ بو منصور النفوسي (تحقيرا له): قل لهذا الغلام أما إنك أقرب الكفار مني وأحقهم ً بمجاهدتي، فقد بلغني من قبيح أفعالك ما لا يسعني التخلف معه عن جهادك وأنا على أثر رسالتي إليك، وقد كان إبراهيم بن الأغلب أنفذ إلى محمد بن قهرب عامل طرابلس بخادم، يعرف ببلاغ في جمع من أهل القيروان كثير، فكان القتال بينهم مناوشة، وانصرفوا على غير مناجزة، وصبح إلياس أ بو منصور النفوسي في اثني عشر ألف مقاتل مستنصرين، والخادم من خلفه، فأطبق الجيشان عليه، فقتل أكثر من كان معه، واستبيحت أمواله وذخائره، وما كان حمله معه من مصر من السلاح والخيل (سليمان باشا الباروني: الأزهار الرياضية في أئمة وملوك ا لإباضية، وزارة التراث ّ القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ج ٢، ص ٣١٨ -.(٣١٩ ُ (٢) . ذات المرجع، ص ٣١٩(٣) فقد أمر الإمام المهنا بن جعفر بحبسه، ولعل ّ ذلك كان حيث أن أخلاط ً ا بع ُ مان من سائر بلاد العرب يريد الإمام أن يظهر لهم الشدة والقوة، حتى لا تتأمل نفوسهم العتو على الحق = ٢ ومن ذلك كتاب النصارى للإمام سيف بن سلطان ا ليعربي(١) . = والمرد على العدل، وأن تذل ثمرتهم وتنطفئ نخوتهم، وتسير السائرة من عمان باهتمام ُ الإمام البالغ حده على المتمردين، قال: فمكث لا يقدر أحد يذكر فيه ولا يسأل عنه ولا يتحدث عن خبره حتى وصل جماعة من المهرة، أي من أعيانهم فاستعانوا على المهنا بوجوه اليحمد، قال: فأجابهم إلى إطلاقه وشرط عليهم ثلاث خصال، أي واحد ً ا منها، فأجابهم إلى أحدها وهي: إما أن يرتحلوا من عمان. قلت: وهذا يحدثنا عن وجودهم بعمان ُُ وجود ً ا محسوسا، ولهم علاقات بالإمامة، ولعلهم يأتون لعطايا من الإمام، قال: وإما أن ً يأذنوا بالحرب، وإما أن يحضروا الماشية كل حول إلى عسكر نزوي، وتشهد على حضورها العدول؛ أي: من المسلمين أنه لم يتخلف منها شيء، وتعدل الشهود المعدلون بأدم: فقالوا: أما الارتحال فلا يمكننا، أي حيث لهم أعمال وروابط تربطهم بالمسلمين، قالوا: وأما الحرب فلسنا نحارب الإمام، وأما الإبل فنحن نحضرها، أي وهذا أهون الأمور الثلاثة. قال: فعند ذلك أمر الإمام بتعديل الشهود، فكانوا يحضرون إبلهم في كل سنة تدور في شهر خاص عين لإخراج الزكاة، فكانوا يراعون ذلك الشهر، فيأتون بماشيتهم إلى نزوى، وفي هذا من إظهار المسلمين ما لا مزيد عليه، وتلك ثمرة القوة التي أرشد إليها القرآن الكريم في قوله: ﴿ ¨©ª«¬ ® ﴾ ، و ﴿ ÅÄà﴾ ، ﴿ ÑÐ ﴾ وإنها لهي كرسي الملك وعرش الزعامة، وعلى قدرها تبلغ الدعوة في الناس ولها يخضع ا لعتاة. الشيخ سالم السيابي: عمان عبر التاريخ، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُُ ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ج ٢، ص ٨٧ -.٨٨  (١) الحمد لله فاطر السماوات والأرض أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه » : والذي جاء فيه يختلفون اعلم بأننا جنود الله مخلوقون من سخطه مسلطون على من يحل عليه غضبه لا نرق لشاكي ولا نرحم عبرة باكي، قد نزع الله الرحمة من قلوبنا الويل كل الويل لمن لا يمتثل لأمرنا، قد خربنا البلاد وأهلكنا العباد وأظهرنا في الأرض الفساد فإن أعجبكم شرطنا كان لكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن أنتم أبيتم وعلى بغيكم تماديتم فالحصون منا لا تمنع والعساكر لدينا لا ترد ولا تدفع، لأنكم أكلتم الحرام وضيعتم الجمع فأبشروا بالذل والجزع، اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تعملون فإن أعجبكم كلامنا إننا كفرة وقد صار عندنا أنكم فجرة قلوبنا كالجبال وعددنا كالرمال، كثيركم عندنا قليل وعزيزكم عندنا ذليل قد ملكنا الأرض شرق ً ا وغربا وأخذنا منها كل سفينة غصبا، قد أرسلنا إليكم ًً هذا الكتاب فأسرعوا برد الجواب قبل أن ينكشف الغطاء ولم تبق لكم باقية، وينادى عليكم بالفناء هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركز ً ا وقد أنصفناكم وأرسلنا عليكم .« جواهر الكلام والسلام = أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٧٠ ٣ ومن ذلك رسالة الإمام سالم بن راشد الخروصي الذي بويع بالإمامة أنتم تعلمون » : عام ١٩١٣ م جوابا لرسالة المقيم البريطاني في مسقط ً أن أمر عمان عند علمائها من قديم الزمان، وأن كل ملك خالف العلماء ُ فهو خليع عند الدولة الإسلامية وأن فيصل قد قامت عليه الحجة مرارا ً عديدة وأنتم يجب عليكم أن تكفوا عن أمر المسلمين، ويجب ألا تعتدوا علينا، ومن اعتدي علينا فالله يعيننا عليه، وكفى بالله وليا وكفى ً « ا(١) بالله نصير . ً = فكان جواب الإمام، كما يلي: قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء » ُ وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير، قد حصل الوقوف على هذه الكتبة الشاهرة لقولكم: قد نزع الله الرحمة من قلوبكم فهذا من أقبح عيوبكم وأشد وأشنع، وبغيتم وذكرتم أنكم كافرون ألا لعنة الله على الكافرين، من تعلق بالأصول فلا يبالي  بالفروع، ونحن المؤمنون حق ً ا لا يصدنا عنكم عيب ولا يدخلنا شك ولا ريب، والقرآن  علينا قد نزل، فهو رحيم بنا لا يزل، وخيولنا برية وبحرية، وهممنا سامية علية، إن قتلناكم فنعم البضاعة، وإن قتلتمونا فبيننا وبين الجنة ساعة ﴿ lkjihgfed qponm ❁ xwvuts ﴾ [١٧٠ ، [آل عمران: ١٦٩ ، وقولكم قلوبكم كالجبال وعددكم كالرمال: الجزار لا يبالي بكثرة الغنم الكثيرة وإن الله مع ألا إن حزب » الصابرين فنحن بالمنع عالية أمنية إن عشنا عشنا سعداء وإن متنا متنا شهداء « الله هم الغالبون ﴿ §¦¥¤ ❁ «ª© ¬¯® °± ² ﴾[ [مريم: ٩٠ ، فقل لصاحبك إذا رصع وشيد مقالته حصل الوقوف على هذا الكتاب كصرير باب وطنين ذباب: ﴿ ;:987654 ﴾ [ [مريم: ٧٩ ، وما عندنا بعد ذلك إلا الخيل تمطر بالويل والنار مظهرة العار، والسيوف مسقية بالحتوف والسلام على من اتبع الهدى وخشي عواقب الردى وأطاع الملك الأعلى واختار الآخرة على .« الأولى والصلاة والسلام على خير الأنام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام السالمي: تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، ج ٢، ص ١١٥ -.١١٦ ُ (١) انظر الرسالة مذكورة في: إسماعيل الأغبري: المدخل إلى الفقه الإباضي، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة اليرموك، رسالة ماجستير، ١٤٢٢ ه . ٢٠٠٢ م، ص ١٨٧ ٤ ومن ذلك كتاب الشيخ عيسى بن صالح إلى قنصل بريطانيا: بإذن الإمام جناب قنصل بريطانيا العظمى في مسقط، أما بعد، فقد » تواترت الأخبار من المصادر الصادقة بأن في بعض الجهات بواسطة بعض الأشخاص مؤامرات ضد سلامة استقلال بلادنا العمانية وأن شيخ بني بو ُ علي رفع راية أجنبية فوق منزله في قرية العبقة التابعة لمركز صور معلن ً ا انفصال قبيلة بني بو علي عن المملكة ا لعمانية والتحاقها بأجنبي عنها، ُ ولذلك رأينا ضرورة إعلام جنابكم باسم الأمة ا لعمانية بأن الأمة لا تعترف ُ بأي اتفاق خارجي يتعلق بالبلاد مع أي شخص كان ولا تقبل مداخلة أجنبية بأي صورة كانت وتمزق بسيوفها كل راية محدثة مهما كانت صيغتها ولو في شبر من الأرض داخل حدود مملكتها ا لعمانية من ظفار إلى قطر، ومن ُ البحر إلى الربع الخالي وأنها مستعدة لمحاربة كل من يتوسل إلى ذلك بأي وسيلة كانت ما دامت في أفراد رجالها ذرة من الحياة، لأنها ترى مملكتها جسما لا يقبل التجزئة بوجه من الوجوه. فنرجو تبليغ هذا إلى حكومة جلالة ً ملك بريطانيا العظمى تلغرافيا ليكون في عملها خدمة للسلم وحقن للدماء ً « وفي الختام تقبل احترامنا وسلامنا(١) . ٥ ومن ذلك رسالة سلطان بن سيف إلى إمام اليمن ا لقاسم بن محمد(٢) . (١) الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، المطبعة العمومية بدمشق، ١٣٨٥ ه - ١٩٦٥ م، ص ٥٢ -.٥٣ (٢) والتي جاء فيها: من إمام المسلمين سلطان بن سيف بن مالك رأس العرب اليعربي ا لعماني إلى عالي ذروة » ُ الجناب المعظم المكرم إسماعيل بن القاسم القرشي العربي.. أما بعد: فإنا نحمد الله على آلائه وجميل صنعه وبلائه، ونسترشده إلى سلوك سبيل رضاه ونستزيده من خزائن مواهبه وعطاه إنه بيده مفاتيح كل خير وكفاية كل بؤس وضير، وإن سألت أيها المحب عنا ورمت كيفية الحال منا. فإن ّ ا بحمد الله في حال يسر به الودود؛ ويساء به الحسود. ثم لتعلم أيها الملك أنه قد وصل إلينا في مدة أيام قد تصرمت وشهور قد تخرمت رجل من جنابكم =  = يزعم أنكم أرسلتم بيده طروسا بها درر من رائق لفظكم وخطابكم غير أنه يقول: إن ً المركب الذي أقبل فيه عابه الانكسار فغرق في اليم، فأدرك الطروس المسطرة حكم التلف، ثم بيد أنه قد أفاه إلينا من نتائج لسانه، واتضح لنا من واضح نطقه وبيانه أنكم علينا عاتبون ومنا واجدون لأجل قطع خدامنا في العام الماضي مراكب رقاب المشركين على بابكم  وأخذهم لسفنهم الواردة لجنابكم؛ ولعمري إنا لندري أن العتاب بين الأخلاء عنوان المودة  الخالصة والصفاء وزائد محض المودة الصادقة والوفاء، غير أنه يجب عند اقتراف الجرائم وانتهاك المحارم، فإنا نحن لم نقصد إلى انتهاك ذلك سبيلا ً ؛ ولا نجد لك على إلزام فعل ذلك دليلا ً ، إذ كنا لم نجهز مراكبنا ونتخذ مخالبنا لسيارة رعيتك ولا استباحة دم أهل حكمك وقضيتك ولكن جهزنا الجيوش والعساكر؛ وأعددنا اللهاذم والبواتر لتدمير عبدة الأوثان وأعداء الملك الديان تعرضا منا لرضاء رب العالمين، وإحياء لسنة نبيه الأمين، ًُ ورغبة في إدراك أجر الصابرين المجاهدين، وحاشا لمثلك أن يغضب لقتال عبدة الأصنام وأعداء الله والإسلام؛ ألست من سلالة علي بن أبي طالب الساقي للمشركين وبي المشارب، وأنت تدري بما جرى بيننا وإياهم من قبل في سواحل عمان وفي سائر الأماكن والبلدان ُ من سفك الدماء وكثرة الصيال وتناهب الأملاك والأموال، وإنا لنأخذهم في كل موضع تحل به مراكبهم وتغشاه حتى من كنج وحمبرون بندري الشاه، ولم يظهر لنا من أجل ذلك عتابا ولا نكيرا، وإن كنت في شك من ذلك فاسأل به خبيرا أو لا نذكرك أيها الملك، ًً ً والذكرى تنفع المؤمنين، وإنا لك من المنذرين وعليك من المحذرين. إنا لما ملكنا تلك الأيام بلدة ظفار وهي عنا نازحة الفيافي والقفار لم نر في ملكها صلاحا لشيء أوجبه منا ً النظر وحاكته الأذهان والفكر، فتركناها لا من خوف قوة قاهرة ولا كلمة علينا ظاهرة ولا يد غالبة ولا كف سالبة؛ وحين ما خرج عنها عاملنا خلف خلف بها شيئ ً ا من مدافع المسلمين لغفلة جرت عن حملها في ذلك الحين؛ ولما ملكتم أنتم زمام عبسها واجتليتم ضوء بدرها وشمسها لم تدفعوا لنا تلك المدافع، كأن لم يكن وراءها زائد ولا مدافع. فاعلم أيها الملك أن البعل غيور والليث هصور والحر على غير الإهانة صبور، ومن أنذر فقد أعذر، وما غدر من حذر، على أن في اصطلاح ذات بيننا وبينكم راغبون طالبون وفي استبقاء صحبتك راغبون ولإطفاء الفتن وإخماد المحن بيننا وإياك مؤثرون، فإن كنت راغبا في الذي فيه ً رغبنا؛ وطالبا لما له طلبنا؛ فادفع لنا إياها ولا تحتس بسرعة الاعتداء حمياها، وإن أبيت إلا ً الميل إلى اغتنامها والجزم على خبط ظلامها، ففي الاستعانة بالله على من اعتدى واسعة .« ومن كان مع الله كان الله معه، وحسبنا الله ونعم الوكيل والسلام عليك ورحمة الله وبركاته انظر: السالمي، تحفة الأعيان، ج ٢، ص ٦٢ - ٦٦ ؛ راجع أيضا د. عبد الرحمن السديس: ًٰ العمانيون والجهاد الإسلامي في شرق إفريقيا، رسالة دكتوراه، جامعة أم القرى، ُ ١٤١٣ ه ١٩٩٣ م، ص ٥١٠ -.٥١٢ »fÉãdG åëѪdG á∏«°†ØdG ¥É£f »a øμd πãªdÉH á∏eÉ©ªdG hCG IGRÉéªdG CGóÑe نشير إلى ماهية المبدأ وموقف الفقه الإباضي منه: :CGóѪdG á«gÉe `` CG   يعد مبدأ المعاملة بالمثل من المبادئ الكلية التي قررها وأك kjihgfedcba`_ دها ا لإسلام (١) . يقول 4 مؤكد ً ا هذا ا لمبدأ: ﴿ ^ nml ﴾[ [البقرة: ١٩٤ . ﴿ ³² [ [النحل: ١٢٦ . ´ ¿¾½¼»º¹¸¶µ ﴾ ﴿ zyxwvu❁ ~}| ے¡ ¤£¢  ´³²±°¯❁ ¬«ª©¨§¦¥ [الش ورى: ٣٩ [٤١ . - ¸¶μ ﴾ (١) حري بالذكر أن تسمية المعاملة بالمثل هي المستقرة حاليا للفظين الفرنسي La reciprocité ً والإنجليزي The reciprocity . ولم يستخدم فقهاء المسلمين تلك التسمية بكثرة. وإنما استخدموا بدلا ً منها كلمة المجازاة. يقول الشيباني: إن أهل الحرب إن كانوا لا يأخذون من تجارنا شيئ ً ا لم نأخذ من تجارهم أيض ً ا شيئ ً ا: (لأن الأخذ بطريق المجازاة)، شرح كتاب السير الكبير للشيباني، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٧٨٩ - ١٧٩٠ ). ذلك أنه: (كما تجازي ت ُ  جازى) (الزمخشري: أساس البلاغة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨٥ ، ج ١، ص ١٢٣ ). كذلك فإن جازاه تعني: (أثابه وعاقبه) (مجمع اللغة العربية، المعجم الوجيز، القاهرة، ١٤٠٠ ه .( ١٩٨٠ م، ص ١٠٥ وقد يستخدم فقهاء المسلمين لفظة القصاص كمرادف للمعاملة بالمثل، يقول ا لطبري: القصاص هو المجازاة من جهة الفعل أو القول أو البدن، (الإمام الطبري: جامع البيان عن .( تأويل آي القرآن، دار الفكر، القاهرة، ج ٢، ص ١٩٩ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٧٤ ﴿ ^]\[ZYXWV _` cba fed ﴾[ [الحج: ٦٠ . والإسلام لا يسير بالمعاملة بالمثل إلى أقصى مدى لها، وإنما هناك حدود وضوابط لا يجوز تعديها في حدود القواعد والمبادئ الإسلامية واجبة ا لتطبيق(١) . ومن تطبيقات مبدأ المعاملة بالمثل ما حدث حينما تعرض ا لمغيرة بن شعبة لمضايقات حينما ذهب سفيرا إلى ملك الفرس فقال: ً (إنا لا نفعل هذا برسلكم، فإن كنتم عجزتم فلا تؤاخذوني، فإن الرسل لا يفعل بها هذا. قال: فكفوا عني)(٢) . كذلك لما بلغ ا لنبي ژ أن عثمان بن عفان قد قتل وكان قد بعثه في  رسالة إلى المشركين بايع أصحابه (وكانوا ألف ً ا وأربعمائة) تحت الشجرة على قتال المشركين (رغم أن ذلك كان أثناء أحد الأشهر الحرام). فلما علم أن عثمان لم يقتل كف عن ذلك. وجنح إلى المسالمة والمصالحة. (١) في هذا المعنى يقول الشيخ أبو زهرة: والعدالة توجب على المسلمين أن يعاملوا غيرهم بمثل ما يعاملهم به غيرهم وهذا ما »يسمى في العرف الدولي المعاملة بالمثل. ولكن الإسلام لا يسير في المعاملة بالمثل إلى أقصى مدى... لأنه مقيد بالفضيلة والأخلاق السامية. فإذا كان المخالف من الدول ينتهك حرمة الفضيلة لا ينتهكها المسلمون ولو كان ذلك في حالة حرب، فإذا كان العدو يستبيح قتل الذرية والضعاف من الرجال والنساء الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا. وإذا كان يقطع الأشجار من غير فائدة أو كان يستبيح دماء الشعوب وتجريمها وضرب الآمنين في مأمنهم فإن الإسلام لا يستبيح ذلك. لأن المعاملة الإسلامية مقيدة بالفضيلة والانطلاق من قيودها عند غيره لا يبيح للفاضل أن ينطلق هو أيض ً ا من قيودها. ولا يصح أن نتجاوز في أعمالنا الحدود. فالمعاملة بالمثل قيد للمسلم فوق الفضيلة وقيوده أشد وأوثق من الشيخ محمد أبو زهرة، ) ،« قيود غيره، كما هو الشأن في المعاملة بين الفاضل والمفضول المجتمع الإسلامي في ظل الإسلام، ص ٤١٠ -.(٤١١ (٢) انظر كتاب الخراج لأبي يوسف، المطبعة السلفية، القاهرة، ١٣٥٢ ه، ص ٣٢ -.٣٣  وبخصوص نهيه ژ عن ا لمث ْ لة، يقول الإمام الخطابي: (وهذا إذا لم يكن ُ الكافر فعل مثل ذلك بالمقتول المسلم فإن مثل بالمقتول جاز أن يمثل به ُ ولذلك قطع رسول الله ژ أيدي العرنيين وأرجلهم وسمر أعينهم وكانوا فعلوا ذلك بدعاء رسول الله ژ وكذلك هذا في القصاص بين المسلمين إذا كان القاتل قطع أعضاء المقتول وعذبه قبل القتل فإنه يعاقب بمثله وقد قال  تعالى: ﴿ ^ ` fedcba ﴾ [ [البقرة: ١٩٤ .  _ وقد طبق المسلمون مبدأ المعاملة بالمثل في أحوال كثيرة: من هذا القبيل أن حيا من العرب فر إلى بلاد الروم. فكتب بذلك  الوليد بن عقبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب، فكتب عمر إلى ملك الروم: بلغني أن حيا من أحياء العرب ترك دارنا وأتى دارك، فوالله لتخرجنه أو لننبذن إلى النصارى؛ (أي: ننذرهم) ثم لنخرجنهم إليك، وأمام هذا التهديد باللجوء .  إلى مبدأ المعاملة بالمثل، اضطر ملك الروم إلى الاستجابة إلى طلب عمر(١) ومن ذلك حينما طلب المسلمون سنة ٤٤٦ ه من ملك الروم إطلاق من في بلاده من الأسرى فأجاب بأنه إذا أطلق من لهم في بلاد الإسلام من أسرى الروم أطلق من في بلاد الروم من أسرى المسلمين. فأجيب بأنه لا يصرح التماسه ذلك، لأن من أسر من بلاد الروم تفرقوا في الممالك بالعراق والدول الفاطمية والمغرب واليمن وغير ذلك. ولا حكم للحضرة على جميع الممالك. وبلاد الروم بخلاف ذلك، ومن حصل فيها من المسلمين كمن هو معتقل في دار واحدة لا يمكنه الخروج منها إلا بإذن أهلها، وبين الحالين فرق كبير، فأجاب بأنه لا يطلق من في بلاده من أسرى ا لمسلمين. (١) هذه القصة مذكورة في د. سليمان الطماوي: عمر بن الخطاب وأصول السياسة والإدارة . الحديثة، دار الفكر العربي، القاهرة، ١٩٩٦ ، ص ٢٩٢ فاشترط عليه النزول عما صار في أيدي الروم من الحصون الإسلامية، فامتنع من ذلك وقال: إذا سلم إلينا ما صار في أيدي المسلمين من حصون الروم سلم ما في أيديهم من حصون ا لمسلمين(١) . وهكذا يتضح لنا من كل ما تقدم أن المعاملة بالمثل يحكمها في الشريعة الإسلامية أمران: في الابتداء، وفي ا لانتهاء: ابتداء، بمعنى: أنه لا يجوز للمسلمين معاملة الآخرين بنوع من المعاملة غير المشروعة التي قد تستوجب ردهم بالمثل. وانتهاء، بمعنى: أنه إذا ارتكب الآخرون أشياء غير مشروعة فيمكن الرد عليهم بالمثل في حدود الفضيلة ومع مراعاة التقوى. وبالتالي لا يجوز أن يؤدي اللجوء إلى المعاملة بالمثل إلى انتهاك حق آخر تحميه الشريعة الإسلامية نفسها: كالحق في الأمن المعطى للرهائن. :»°VÉHE’G ¬≤ØdG ∞bƒe `` Ü  يأخذ الفقه الإباضي بمبدأ المعاملة بالمثل(٢) في إطار العلاقات الدولية، لكن دون شطط أو غلو؛ (أي في إطار ا لفضيلة). ّ ١ فمبدأ المعاملة بالمثل ثابت في الفقه الإباضي. وهكذا في تفسيره لقوله تعالى: (١) ، المقريزي: اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا، المرجع السابق، ج ٢ ص ٢٢٧ -.٢٢٨ (٢)وهكذا يقول: .« المجازاة » يعبر رأي في الفقه الإباضي عن هذا المبدأ بكلمة ﴿ ³² ´ ¹¸¶µ ﴾سمي الفعل الأول عقوبة والعقوبة هي الثانية لازدواج الكلام، ُ كقوله: ﴿ }| ~ ﮯ﴾ وإن كانت الثانية ليست بسيئة، ﴿ ¾½¼» ¿ ﴾ [ [النحل: ١٢٦ عن المجازاة، فالصبر أفضل، والمجازاة بالحق جائزة. . سعيد الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، ج ٢، ص ٢٠٢ ١٧٧ ﴿ ¹¸¶µ´³² ﴾ [ [النحل: ١٢٦ ، يقول أطفيش: إلى أن الأصل عدم المعاقبة، إذ لم يقل وإذا عاقبتم، والفعل « إن » وأشار ب »مستعمل في الإرادة، والمعنى: وإن أردتم معاقبة من أساء إليكم، والفعل « مستعمل في معناه الظاهر وفي إرادته وفي الاقتصار عليه (١) . كذلك في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ 43210 ﴾ [ [التوبة: ٧ أي: بادلوهم وفاء بوفاء وعاملوهم بالحسنى ما وجدتم » ؛ ، يقرر رأي « منهم مثل ذلك(٢) . وبخصوص قوله تعالى: ﴿ ^ _ ` fedcba ﴾ [ [البقرة: ١٩٤ . ولا تزيدوا بأن تقاتلوهم، ولم يقاتلوكم ولم يمنعوكم، أو » : يقول أطفيش « بأن تقاتلوا من لم يقاتل (٣)  وردا على سؤال: تأويل هذه الآية في قوله تعالى: ﴿ ^ _ ` dcba fe﴾ ... إلى تمام الآية ما معنى هذا المثل أهو في النفس والمال والكلام من الشتم وغيره أم مقصور على شيء مخصوص؟ (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٨، ص ١١٠(٢) الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٥، ص ٤١٦ . كذلك بخصوص ٰ قوله تعالى: ﴿ ^ _ ` fedcba ﴾ [ [البقرة: ١٩٤ أي » : يقول أطفيش . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١، ص ٤١٩ « جازوه على اعتدائه(٣) فالله سبحانه » : أطفيش: تيسير التفسير، ج ١، ص ٤١٩ . ويقول المفتي العام لسلطنة عمان ُ ينهى عن العدوان حتى في العقوبة بحيث لا يتعدى الإنسان عندما يعاقب خصمه ما فعله « الخصم به، وإنما يفعل في خصمه بقدر ما فعل الخصم، وهذا من باب الجزاء بالمثل . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: لقاءات الفكر والدعوة، المجلد الأول، ص ٤٠٥ يقول ا لسالمي: أما سبب نزول الآية فخاص ولكن اللفظ عام وعندنا أنه لا عبرة » بخصوص السبب مع عموم اللفظ فيصح أن يدخل جميع ما سألت عنه تحت عموم الآية مع ثبوت الكراهية لبعض أنواعه لأن الله تعالى يقول: ﴿ " &%$# ' +*)( ﴾ [ [النساء: ١٤٨ (١) . وقد طبق الفقه الإباضي مبدأ المعاملة بالمثل في إطار العلاقات ا لدولية: أولا ً وهكذا جاء في منهج ا لطالبين: يؤخذ من نصارى العرب الضعف من التجارة والذهب والفضة، وكذلك » يهود العرب، ولا أعلم غير ذلك، وأما أهل الحرب من أهل الشرك إذا قدم مالهم، فقول: يؤخذ منهم العشر، وقول: كما يأخذون هم من المسلمين إذا « قدموا إليهم (٢) . ثانيا كذلك يقرر الفقه ا لإباضي: ً إن كان سلطان المشركين يأخذ من المسلمين إذا وصلوا إلى بلده ولو » لم يبيعوا متاعهم في بلده فإنه يؤخذ من الذين ذكرتهم، ولو لم يبيعوا متاعهم، وإن كان سلطان المشركين لا يأخذ من المسلمين إذا وصلوا بلده، ما لم يبيعوا متاعهم، فإنه لا يؤخذ من الذين ذكرتهم، ما لم يبيعوا « متاعهم(٣) . والجزاء على حسب الجناية، ويزداد بزيادتها وينقص » : ويقول أطفيش (١) . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٣٨٠(٢) . الرستاقي منهج الطالبين، ج ٣، ص ٧٠٢(٣) الشيخ سالم المحياوي: فواكه البستان الهادي إلى طريق طاعة ا لرحمن، وزارة التراث ٰ القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٨ ه -. ١٩٨٨ م، ج ١، ص ٣٢٩ ُ بنقصها، قال تعالى: ﴿ }| ~ے ﴾ [ [الشورى: ٤٠ ؛ فيبعد أن يعاقب « عند غلظها بالأخف، وعند خفتها بالأغلظ، فلا تخيير(١) . ً ﺎ ـ ﻚﻟﺬﻛ:ﻞﻴﻗ ﺜﻟﺎﺛ ﺍﺫﺇ» ﻥﺎﻛ ﻥﺎﻄﻠﺳ ﻦﻴﻛﺮــﺸﻤﻟﺍ ﺬﺧﺄﻳ ﻦﻣ ﻦﻴﻤﻠــﺴﻤﻟﺍ ﺍﺫﺇ ﺍﻮﻣﺪﻗ ،ﻪﻴﻟﺇ ﺰﺋﺎﺠﻓ ﻢﻜﻟ ﻥﺃ ﺍﻭﺬﺧﺄﺗ ﻦﻣ ﻝﺍﻮﻣﺃ ﻦﻴﻛﺮــﺸﻤﻟﺍ ﻦﻳﺬﻟﺍ ﻢﻫ ﻦﻣ ﻥﺍﺪﻠﺑ ،ﺏﺮﺤﻟﺍ ﻮﻟﻭ ﺍ ﺍﺫﺇ ﻥﺎﻛ ﻢﻬﻧﺎﻄﻠــﺳ ﺬﺧﺄﻳ ﻦﻣ ﻦﻴﻤﻠﺴﻤﻟﺍ ﻚﻟﺬﻛ ﺍﺫﺇ ﺮﻬﺘﺷﺍ ﻲﻓ ﺔﻨﺴﻟﺍﺭﺍﺮﻣً ﻢﻛﺪﻨﻋ ﻥﺇ ﻥﺎﻄﻠﺳ ﻦﻴﻛﺮــﺸﻤﻟﺍ ﺬﺧﺄﻳ ﻦﻣ ﻦﻴﻤﻠﺴﻤﻟﺍ ﺍﺫﺇ ﺍﻮﻣﺪﻗ ﻪﻴﻟﺇ ﻮﻟﻭ ﻲﻓ ﺍ ﺓﺮﻬﺷﻻ ﺎﻬﻌﻓﺪﺗ ﺓﺮﻬﺷ ﻭﺃ ﺓﺩﺎﻬﺷ ،ﺕﺎﻘﺛ ﺰﺋﺎﺠﻓ ﻢﻜﻟ ﻥﺃ ﺍﻭﺬﺧﺄﺗ ﺔﻨﺴﻟﺍ ﺭﺍﺮﻣً.«ﻚﻟﺬﻛ (٢) ١ ـ ، ﻲﻓ ﻞﺜﻤﻟﺎﺑ ﺔﻠﻣﺎﻌﻤﻟﺍ ﻥﻮﻜﺗ ﻥﺃ ﺐﺠﻳ ﻦﻜﻟﻮﻠﻏ ﻭﺃ ﻂﻄﺷ ﻥﻭﺩ ﻱﺃ ؛ﺔﻠﻴﻀﻔﻟﺍ ﻕﺎﻄﻧ ّ ﻊﻣ ﺔﻴﻧﺎﻜﻣﺇ ﺢﻣﺎﺴﺘﻟﺍ ،ﻮﻔﻌﻟﺍﻭ ﻊﻣﻭ ﻡﺍﺮﺘﺣﺍ ﺪﻋﺍﻮﻘﻟﺍ ﺓﺭﺮﻘﻤﻟﺍ ﻲﻓ ﺔﻌﻳﺮﺷ .ﻡﻼﺳﻹﺍ ٢ ـ ﺍﺬﻜﻫﻭ ﺪــﻌﺑ ﻥﺃ ﻝﺎــﻗ4 : ﴿³²´¹¸¶µ ﴾ ،  أضافت ذات الآية: ﴿ ¿¾½¼» ﴾ [ [النحل: ١٢٦ ، وأضافت آية تالية لها: ﴿ Ø×ÖÕÔÓÒÑ ﴾ [ [النحل: ١٢٨ . يقول أطفيش: » ﴿ ÕÔÓÒÑ ﴾ تركوا الكفر والمعاصي، والزيادة في الانتقام، أو تركوه كله وعظ ّ موا الله وأمره وخافوه ﴿ Ø×Ö ﴾ بالطاعة والصبر وعدم الانتقام، والإحسان إلى من أساء جليا إلى الخير، وحسما ً لمادة الشر، والشفقة على خلق ا لله 8 «(٣) .  (١). العلامة أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٧٩١(٢) . ذات المرجع، ص ٣٣٠(٣) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٨، ص ١١٢ كذلك بخصوص قوله تعالى: ولا ﴿ ³² ´¶µ ÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹¸ ÈÇÆ ﴾ [ [المائدة: ٢ ويدخل في ذلك النهي عن التعاون » : ، يقول « على الاعتداء والانتقام(١) . ويقول سماحة المفتي العام لسلطنة عمان: ُ بل نجد التأكيد على التقوى حتى في أدق المواقف وأحرجها، وذلك » عندما يحمي وطيس الحرب ويشب ضرامها وتمتد ألسنة سعيرها لتبيد الأخضر واليابس وتهلك الحرث والنسل، وهو موقف ما كان يعرف فيه إلا فقدان التوازن وانعدام الانضباط في التصرف، ولكن الإسلام لم يرض بأن يكل الأمر فيه إلى العواطف المتأججة والحماس الثائر، بل فرض على المسلم أن لا يتجاوز حدود التقوى في ذلك مهما يكن إحساسه بنشوة الانتصار أو خشيته من مغبة الهزيمة،(٢) فقد قال تعالى: ﴿ ÃÂÁ ÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄ ﴾ إلى أن قال: ﴿ nmlkjih ﴾ [البقرة: ١٩٠ -[١٩٤ . ٣ ملاحظتان: ٭أولا ً يرى الفقه الإباضي أن التقوى حاجز عن الانتقام. لذلك في تفسير قوله تعالى: ﴿ ^ _ ` hgfedcba nmlkji ﴾ [ [البقرة: ١٩٤ ، يقرر رأي: يعني: فمن قاتلكم من المشركين في الحرم (فاعتدوا عليه في الحرم، » ََ بمثل ما اعتدى عليكم). (١)ذات المرجع، ج ٣، ص ٤٥٢ -.٤٥٣ (٢) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: البعد السياسي لأسباب الفقر وحلوله في العالم الإسلامي، مكتبة الغبيراء، سلطنة عمان، ١٤٢٧ ه ٢٠٠٦ م، ص ١٠٨ -.١٠٩ ُ (واتقوا الله) يعني: المؤمنين يحذرهم. « يقول: فلا تبدؤوهم بالقتال(١) . كذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ NMLKJIHGF SRQPO È U ﴾ [ [البقرة: ١٩٣ ، يقول أطفيش: » ﴿ PO﴾ عن الشرك والقتال والصد فانتهوا عن قتالهم، أو فلا عدوان عليهم، كما قال: ﴿ RQ﴾ أي: لأنه لا عدوان ﴿ S È U ﴾« ا(٢) بالشرك والحرب والصد غير المنتهين عن ذلك، والمنتهي ليس ظالم . ً ويؤيد كل ما قلناه آنف ً ا أن الفضيلة، واحترام قواعد الإسلام، حاكمة للمعاملة بالمثل في الفقه الدولي الإباضي، ما جاء في المصنف وبيان ا لشرع: وعن قوم من المسلمين، صالحهم قوم من أهل الشرك، ووضعوا » عندهم رهائن وأخذوا من المسلمين رهن ً ا، فقتل المشركون ما في أيديهم من  رهائن. أيحل للمسلمين قتل الذين في أيديهم؟ قال: لا يحل ذلك لهم؛ لأنهم آمنون. « ا(٣) فإن نقض أولئك، وقتلوا المسلمين، فقد نقضوا عهدهم، وصاروا حرب . ً كذلك يقول المفتي العام لسلطنة عمان: ُ الإسلام في مقام الانتصاف من الغير يأمر باسترداد الحق من غير » « تجاوز لحدوده الطبيعية؛ فلا يسوغ أن يتجاوز العقاب قدر ا لإجرام(٤) . (١) أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، . المرجع السابق، ج ٢، ص ٨٠(٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١، ص ٤١٨(٣) . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٤٥ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٧٠ ، ص ٣٥٦(٤) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: القيم الإسلامية ودورها في تقديم حلول للمشكلات . البيئية العالمية، ص ٨٨  ٭ثاني ً ا يرى الفقه الإباضي إمكانية قبول قيمة ما يؤخذ من م ُح َرم إذا كان يقتضيه مبدأ المعاملة بالمثل(١) . ومن أمثلة مراعاة الفضيلة في إطار المعاملة بالمثل، ما هو معروف حينما فتح ا لنبي ژ مكة، فلم يشأ أن ينتقم لنفسه ولأصحابه، بل قال لأهل مكة: « اذهبوا فأنتم ا لطلقاء »(٢) . كذلك مما يروى: بعث أبو بكر أو عمر إلى مصر، ففتح، فبعث إليه برأس فلما رآه أنكر » ذلك. فقالوا: إنهم يفعلون بنا، مثل هذا. فقال: أما بفارس والروم لا تحمل رأسا. إنما يكفينا من ذلك الكتاب والخبر ولم أجد لأصحابنا في ذلك ً «(٣) قولا ً . وهكذا فإنه إذا كان الثابت إسلامي ً ا: ﴿ ³² ´¶µ ¸¹ ﴾ [ [النحل: ١٢٦ ، فإن المعاملة بالمثل تحتم مراعاة الفضيلة التي (١) فقد قال أبو سعيد: لا يبين لي في قول أصحابنا ثبوت حق لهم من عشر، ولا غيره في محرم، والخمر » ّ والخنازير عندهم حرام. وقول من قال: لا عشر فيه أحب إلي؛ لأني لا أعرف فيه بعينه من قول أصحابنا شيئا، إلا أنه إن ثبت معنى ذلك يعشر ا نتصارا من الحربي، أو من أشبهه؛ إذ ًً يأخذون من المسلمين من كل ما قدموا به، فإن ثبت على معنى الانتصار أخذ قيمة ذلك من الذمي، إذا كان يعترف أنه له حلال وأنه ملك، ولأنه قد ثبت عليه لمسلمة حق من ذلك من طريق مناكحة كان عليه قيمة ذلك لها يجبر على ذلك، ولا يقدر أن يعطيها خمرا ً « وخنازير، فكذلك يشبه هذا عندي على هذا المعنى، وينظر في هذا كله زيادات أبي سعيد الكرمي على كتاب الإشراف لابن المنذر النيسابوري، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣٢ ه - ، ٢٠١١ م، تحقيق: إبراهيم بولرواح، ج ٣ ُ ص ١٨٤ -.١٨٥ (٢) .١١٨/ رواه البيهقي، باب فتح مكة، ٩(٣) . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٧٨ أكدها قوله تعالى: ﴿ ¯° ³²± ´¶μ ¸ ❁ »º ÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼ ﴾ [٤٢ ، [الشورى: ٤١ .  ådÉãdG åëѪdG ádhódG ájQGôªà°SG CGóÑe مقتضى هذا المبدأ أن الدولة ما دامت قائمة، فإن ما التزمت به على الصعيد الدولي (أو حتى الوطني) يظل نافذ ً ا تجاهها. وبالتالي فإن أية تغييرات دستورية أو سياسية داخلية، كوفاة رئيس الدولة، أو تولي رئيس جديد للحكم، أو وفاة الوزير أو السفير الذي أبرم المعاهدة... إلخ، لا تؤثر  على الأوضاع القانونية النافذة تجاهها. ويؤيد الفقه الإباضي مبدأ استمرارية ا لدولة: وهكذا يقول ابن بركة: وإذا ظفر الإمام بأرض المسلمين وفيها ذمة قد كان عقدها لهم جبار » لك الأرض الذي كان قد استولى عليها قبل الإمام، لم يكن للإمام أن ينقض ذمة الجبار ويحل عليه ما عقد لهم، وكذلك إن كان الجبار قد أخذ منهم الجزية لأعوام قد نقضت في حال استيلائه على تلك الأرض، فإن قال قائل: فلم جعلتم فعل الجبار كفعل الإمام في العهد وأخذ الجزية، وعندكم أنه لا يستحق أخذها؟ قيل له: لقول النبي ژ : المسلمون يد » ٌ على من سواهم « يسعى بذمتهم أدناهم . فهذا الخبر يوجب إسقاط أخذ الجزية منهم بعد أن « أخذها من هو أدنى المسلمين بتأويل والله أعلم(١) . (١) ، ابن بركة: كتاب الجامع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ١ ُ ص ١٨٨ - ١٨٩ ؛ انظر أيض ً ا محمد بن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٠ ، ص ٣١٧ -.٣١٨  وجاء في جامع ابن جعفر: وأما أحكام الجبابرة وأهل الجور فنقول: إن كل حكم كان من أحكامهم » مخالف ً ا للحق فلا يجوز وأما ما كان موافق ً ا للحق فلا يدخل في نقضه من « جاء من بعده(١) . وجاء في بيان ا لشرع: قلت: وإن كان الإمام قد أخذ الإمامة من المسلمين فذهبوا أو ماتوا؟ » قال: فلا ينبغي أن يعتزل الإمامة ويقوم لذلك بنفسه حيث بلغ طوله وقدر به « ولا يضيع أمانته عند غير أهلها ولا في غير أهل ولايته(٢) .  (١) . جامع ابن جعفر، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٨، ص ١٢٢ ُ (٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٣١٠ ويؤكد ذات المبدأ، ما يلي: وعن الإمام إذا عقدت له الإمامة، ثم أدرك حدث » ً ا سبق من محدثه في أيام سلف قبله، ومات محدثه، أو كان بعده في الحياة، قلت: هل له أن يغير ذلك الحدث الذي لم يحدث في أيامه؟ قال: معي أن الأحداث تختلف معناها منها ما يغير مات محدثه، أو كان بعده حيا حتى يصح حقه، ومنها ما لا يغير حتى يصح باطنه، كان محدثه حيا أو ميت ً ا. ً ومنها يغير ما دام محدثه حيا، فإذا مات ماتت حجته لم يغير الحدث حتى يصح أنه باطل، وينظر في هذا الحدث من أي الأحداث، فينفذ فيه حكم العدل، ولا فرق في الأحداث المزالة كانت قبل أيام الإمام أو في أيامه، وكذلك القاضي إذا ثبت حكمه كان له .« أن يغير الأحداث المضرة للإمام ا لعدل الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٦ ه ١٩٨٥ م، ج ٣، ص ١١٥ -.١١٦ كذلك جاء في منهج ا لطالبين: وإن مضى أهل الصلح من المسلمين وأهل العهد، فلا يجوز لمن يخلفهم أن ينقضوا »الصلح على قول. وقيل: يجوز لمن يجيء من بعدهم أن يؤدوا الجزية. والقول الأول أكثر؛ لأن المسلمين يد . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢١٠ « على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم الباب الخامس: مبادئ العلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٨٥ ولا جرم أن مبدأ استمرارية الدولة من آثاره: ََ َ ١ الوفاء بالعهد الذي أعطى، والذي يجب ألا يتأثر بأية تغييرات تحدث داخل الدولة ا لإسلامية. ٢ استقرار العلاقات مع الدول الأخرى وعدم تكدير صفوها. ٣ منع حدوث الأسوأ إذا لم يستمر المسلمون في الوفاء بما عليهم من التزامات دولية.  وقد أكد على ما ذكرناه الفقه الإباضي. وهكذا بخصوص سؤال: ما قولك في أمان هؤلاء المودة لأهل حربنا من المشركين من أفراد » .«؟ الموحدين يقول الإمام ا لسالمي: الله أعلم »  بحال من ذكرت وقد صاروا ملوك ً ا على الناس وادعوا التفرد بالسياسة والنظر في المصالح، فإن صحت هذه الدعوى فلا يصح الاعتراض لمؤمنهم مخافة أن يكون في ذلك مفسدة على المسلمين وفتق لا يرتفع « وبعض الشر أهون من بعض(١) . ™HGôdG åëѪdG õ««ªJ ¿hO á«dhódG á«fƒfÉ≤dG óYGƒ≤dG ≥«Ñ£J CGóÑe أك ّ د على هذا المبدأ الفقه الإباضي، كما يلي: أما كل بناء بناه بغاة البر والبحر مرصد » ً ا لمضرة المسلمين فيجوز هدمه لمن قدر على ذلك من المسلمين فتعقبه الشيخ أبو نبهان 5 مثل قوله (١) جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٢٤ -.٤٢٥ بجواز هدم ما بناه قطاع طرق البر والبحر مرصد ً ا لمضرة المسلمين أو لأهل ذمتهم أو لهم جميعا لأنه صحيح على أصوله وعلى صوابه دل الأثر، إلا ً  أني لا أخص في جوازه المسلمين دون من قدر عليه من المشركين بلا دليل ولا حجة على عدم المانع فجوازه على العموم أولى به لخروجه على معنى  الصواب فيما أراه لأن الباطل جائز إبطاله بالحق لكل أحد كما لا يجوز أن يمنع أحد من إثبات الحق في شيء بلا حجة، فكذلك لا يجوز أن يمنع من إبطال الباطل بالحق لأنه الحجة لمن قام به وعلى هذا فكما يجوز هدمه للمسلمين وهذا ما لا نعلم فيه اختلاف ً ا أنه يخرج على الصواب فالحق حق من حيث جاء والباطل باطل من أين كان، وبهذا يستدل على أنه لا يجوز إبطال حق لكفر فاعله ولا إثبات باطل لإقرار فاعله بدين ولا رأي بجهل ولا علم فانظروا فيه يا أولي الألباب، انتهى. ولعل الشيخ أنه رأى الكافر مخاطب بفروع الشريعة كما هو مخاطب بأصولها وهو الحق للأدلة من   « ة(١) الكتاب والسن . ومبدأ وحدة تطبيق القواعد الدولية دون تمييز (أو المساواة القانونية بين أشخاص القانون الدولي) يعني في ضوء الرأي السابق، ما يلي: ١ أن فقهاء الفقه الإباضي يقرون المساواة في تطبيق قواعد القانون الدولي ّ الإسلامي على المسلمين وعلى غير ا لمسلمين. ٢ أنهم بذلك يؤكدون ما استقر عليه الفن القانوني المعاصر من أن القاعدة القانونية عامة ومجردة General and Abstract ؛ أي: ت ُطبق على كل من يندرج تحت نطاق تطبيقها. (١) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٢٥ انظر في ذات المعنى السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه -. ١٩٨٧ م، ج ١٤ ، ص ٢٠٦ ُ ١٨٧ ٣ أنهم بذلك لا يوافقون على اتباع اللغة المزدوجة أو تطبيق معايير مزدوجة Double Standard أو الكيل بكيلين والأخذ بمعيارين poids Deux .et deux mesures ٤ أن من أثر ذلك حفظ هيبة القواعد القانونية الدولية، بسبب تطبيقها على الجميع دون تمييز. ٥ أن هذه القاعدة تؤدي، وهذا لا يخفي على أحد، إلى استقرار العلاقات الدولية بسبب وحدة تطبيق القواعد القانونية ا لدولية. ٦ بخصوص موضوع الرأي السابق، فإننا نفضل التفرقة بين فرضين: أولا ً أننا نوافق عليه كلية إذا تم ذلك في مناطق لا تخضع لسيادة أية دولة (كأعالي البحار مثلا ً ( إذ، في هذه الحالة، يمكن للمسلمين ولغيرهم إزالة المنشآت التي تضر، في البر أو البحر، بالناس أو بالسفن. ثانيا أما بخصوص ما يتم إنشاؤه في البر أو البحر الخاضع لسيادة ً الدولة الإسلامية (كما لو تم في المياه الداخلية أو البحر الإقليمي أو في أراضي دار الإسلام) فلا تجوز الإزالة إلا من السلطات المختصة في الدولة الإسلامية أو، إذا عجزت عن ذلك، بموافقتها على قيام دولة أخرى بذلك وبشرط أن يكون ذلك تحت رقابة الدولة الإسلامية. والقول بغير ذلك، أي السماح مطلق ً ا لغير المسلمين بإزالة مثل تلك المنشآت، يؤدي إلى: ١ اتخاذه ذريعة للاستيلاء على بلاد دار ا لإسلام. ٢ اتخاذه وسيلة للتدخل غير المشروع في الشؤون الداخلية لدار ا لإسلام. ٣ تمكين غير المسلمين من التحكم في مصير الدولة الإسلامية، بل بمقدراتها. « واللعب » يقول المفتي العام لسلطنة عمان: ُ والمسلمون هم مطالبون بأن يضبطوا الأمور بضوابط الحق، وأن يزنوها » بموازينه، وأن لا يتدخل الهوى في أي شيء كان، وهذا معنى قوله تعالى: ﴿ x ~}|{zy ے¡ £¢ μ´³²±°¯®¬«ª©¨§¦¥¤ ¶ ¸ ﴾[ [المائدة: ٨ ، أما الآخرون الذين لا يحتكمون إلى شرعة الله فإن الهوى هو الذي يقودهم إلى أن يكيلوا بمكيالين، ويزنوا بميزانين، « ا(١) ولذلك قد يسمى المظلوم عندهم ظالما، وقد يسمى الظالم مظلوم ًً . ¢ùeÉîdG åëѪdG ø«ª∏°ùªdG ô«Zh ø«ª∏°ùªdG ó°V (2)ô°ûdG IQÉKEG ∑ôJ :ΩÉ©dG CGóѪdG `` 1 لا شك أن هذا مبدأ عظيم الأثر؛ إذ يترتب على أتباعه وجود علاقات دولية هادئة ومستقرة واستتباب السلم والأمن الدوليين، وعدم شن حروب غير مشروعة (٣) . وذلك على أساس أن مثل هذه الحروب هي أولى علامات ا لشر. وقد ورد في القرآن الكريم ما يدل على ذلك، في قوله تعالى: ﴿ LK (١) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: لقاءات الفكر والدعوة، المجلد الأول، ص ٤٠٥ - .٤٠٦ (٢) فأما اجتناب الشر فجميعه واجب، وأما فعل الخير فينقسم إلى ما » : يقول ابن العربي . ابن العربي: أحكام القرآن، المرجع السابق، ج ٢، ص ٥٢٧ ،« يجب وإلى ما لا يجب(٣) انظر أيض ً ا: Ahmed Abdou-el-Wafa: Islam and the West: Coexistence or Clash?, Dar Al-Nahda Al- Arabia, Cairo, p. 331. VUTSRQPONM [ZYXW ﴾[ [النحل: ٩٠ وقوله تعالى: ﴿ sr ut ﴾[ [يونس: ٢٣ ، وقوله: ﴿ `a ﴾[ [الحج: ٦٠ ، وقوله تعالى: ﴿ ÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º É ﴾[ [الشورى: ٤٢ .  وفي ا لسنة النبوية ما يفيد ترك إثارة الشر على ا لناس:    « ا(١) ١ من ذلك قوله ژ : وأما أنا فأكره أن أثير على الناس شر » . ﻦﻣﻭ ﻚــﻟﺫ ﺎﻤﻨﻴﺣ ﺎﻜــﺷ ﺏﺎﺤﺻﺃﻲﺒﻨﻟﺍ ﮊ ﻪــﻴﻟﺇ :ﺍﻮــﻟﺎﻘﻓ ﻥﺇ ﻦﻴﻘﻓﺎﻨﻤﻟﺍ ﺎﻨﻧﻮﻈﺤﻠﻳ ،ﻢﻬﻨﻴﻋﺄﺑ ﺎﻨﻧﻮﻈﻔﻠﻳﻭ !!ﻢﻬﺘﻨــﺴﻟﺄﺑ :ﻝﺎﻘﻓ ﺍﺫﺇ» ﻢﺗﺭﺮﻣ ﻞﻫﺄﺑ ﺓﺮﺸﻟﺍُ ﺍﻮﻤﻠﺴﻓ ﻢﻬﻴﻠﻋ ﺗ. ﺄﻔﻄ ﻢﻜﻨﻋ ﻢﻬﺗﺭﺍﺮﺷ«ﻢﻬﺗﺮﺋﺎﻧﻭ(٢) ٢ ـ ﻦﻣﻭ ﻚــﻟﺫ ﻪﻟﻮﻗ ﻪﻴﻠﻋ ﺓﻼﺼﻟﺍ :ﻡﻼــﺴﻟﺍﻭ ﻢﻛﺎﻳﺇ» ،ﺓﺭﺎــﺸﻤﻟﺍﻭ ﺎﻬﻧﺈﻓ ﻲﻴﺤﺗ«ﺓﺮ(٣) ﻌﻟﺍُ ،ﺓﺮ ﺖﻴﻤﺗﻭﻐﻟﺍ.ُ ﻦﻣﻭ ﻚﻟﺫ ﺚﻳﺪﺣ ﺔــﺸﺋﺎﻋ# ، :ﺖﻟﺎﻗ ﻥﺫﺄﺘﺳﺍ ﻞﺟﺭ ﻰﻠﻋ ﻝﻮﺳﺭﷲﺍ ﮊ ، :ﻝﺎﻘﻓ ﺍﻮﻧﺬﺋﺍ» ،ﻪﻟ ﺲﺌﺑ ﻮﺧﺃ ،ﺓﺮﻴــﺸﻌﻟﺍ ﻭﺃ ﻦﺑﺍ«ﺓﺮﻴﺸﻌﻟﺍ ، ﺎﻤﻠﻓ ،ﻞﺧﺩ ﻥﻻﺃ ٣ ـ ٤ ـ (١) فتح الباري شرح صحيح البخاري، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٥٦٠ ، (باب ترك إثارة . الشر على مسلم أو كافر)، حديث رقم ٦٠٦٣(٢) ، ابن حمزة الحسيني الدمشقي: البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف، ج ١ . ص ١٠٩ ، حديث رقم ١٧٣(٣) وهذه استعارة عجيبة، والمراد بها أن مشارة الناس تظهر المعايب » : يقول الشريف الرضي وتخفي المناقب؛ لأن المهاتر المشاغب لا يقدر لمخاصمه على مثلبة إلا بحثها، ولا يجد ُ له منقبة إلا دفنها، فكأنه يميت محاسنه ويحيي مساويه، وجعل عليه الصلاة والسلام الغرة في مكان المنقبة لتجمل الإنسان بنشرها، وجعل العرة في مكان المثلبة لتهجن الإنسان ّ .« بكشفها، وقد قيل: إن المراد بالغرة هاهنا النفيسة من ا لمال الشريف الرضي: المجازات النبوية، مكتبة الحلبي، القاهرة، ١٩٦٧ ، ص ١٧٦ -.١٧٧ الكلام. قلت: يا رسول الله، قلت َ الذي قلت َ ، ثم ألن ْت َ الكلام!! قال: أي » عائشة! إن شر الناس من تركه ا لناس (أو ود ّ عه الناس) « اتقاء فحشه(١) . وكذلك الشر والمعصية ينبغي حسم مادته، وسد » : يقول ابن تيمية « ذريعته، ودفع ما يفضي إليه إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة(٢) . :hó©dG AÉ≤d »æªJ ágGôc :≥«Ñ£J `` 2    فقد قال رسول الله ژ : يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية، » « فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ، ثم قال: الل » ّه ُم « منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم(٣) . هذا الحديث يدل على ثلاثة أمور:  الأول عدم استعجال لقاء العدو لأي سبب(٤) . لذلك فإن هذا (١) محمد فؤاد عبد الباقي: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، المكتب الإسلامي، استنبول، ١٩٨٢ ، ص ٣٢٧ -.٣٢٨ (٢) الإمام ابن تيمية: السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، دار الشعب، القاهرة، . ١٩٧١ ، ص ١٦٢ (٣) أخرجه البخاري في الجهاد: باب كان النبي ژ إذا لم يقاتل ( ٩١٥ - ٢٩٦٦ ) ومسلم في كتاب ١٧٤٢ ): الإمام البغوي: شرح ا لسنة، دار بدر، / الجهاد: باب كراهة تمني لقاء العدو ( ٢٠ القاهرة: دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٢ ه - . ١٩٩٢ م، ج ٥، ص ٥٦٨ ، حديث رقم ٢٦٨٣ (٤) بخصوص قوله ژ : « لا تتمنوا لقاء العدو، وإذا لقيتموهم فاصبروا » فيه أن الحث » : ، قيل إن راجع « على الجهاد ليس معناه اشتهاء المعارك وتمني الصدام، بل هو ضرورة تقدر بقدرها ابن حمزة الحسيني الدمشقي: البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢١٠ . وتعليق ً ا على ذات الحديث يقرر رأي أيض ً وهذا الحديث.. يرينا » : ا أن الإسلام هو دين القوة التي لا تبغي، والعدل الذي لا يميل، والثبات الذي لا يضعف، ولقد حاول آثمون أو ظالمون أن يتهموا الإسلام بأنه دين سيف أو حرب، مع أنه دين سلام ووئام، ولم يترك الإسلام بابا من أبواب المسالمة إلا طرقه، فإذا اضطر بعد هذا كله ً أن يرد عدوان ً ا، أو يقاوم طغيان ً ا، أو يقوم بهتان ً د. أحمد الشرباصي: من ) « ا فلا لوم عليه .( آداب النبوة، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٩٧١ ، ص ٢٨٥ الحديث يعد تأكيد ً ا لمبدأ مشهور في العلاقات الدولية المعاصرة هو ُ مبدأ ا لسلامة(١) . الثاني أن لقاء العدو يكون حيث تحتم الأحوال ذلك لدفع عدوان مثلا ً ، أو لاستنقاذ المسلمين المضطهدين، أو لطرد العدو من إقليم المسلمين... إلخ. الثالث أن الحديث لا يعني عدم مقاتلة العدو إذا نشب القتال أو كان بالمسلمين قوة تمكنهم من الحصول على حقوقهم المهضومة. لذلك يقول تعالى: ﴿ vutsrqponmlk ﴾[ [محمد: ٣٥ . هذا المبدأ من المبادئ المهمة لأنه، من ناحية يؤدي إلى استتباب السلم والأمن الدولي، ومن ناحية أخرى يمنع من حدوث ما لا يحمد عقباه. ُ والقاعدة في الفقه ا لإباضي: أن المعصية فعلها معصية والأمر بها معصية، وكذلك دواعيها كلها » « معصية  (٢) . كذلك يقول أطفيش: « ولا يجوز لبس شعار الكفر سخرية بهم لأنه كاللعب بالمعصية »(٣) . وهو أصل « الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر » : ويؤكد هذا المبدأ مبدأ ة(٤) من أصول الدين عند ا لإباضي . ّ (١) د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة . الإسلام، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٢٨٠ (٢). العلامة نور الدين السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٦٦(٣) أطفيش: كشف الكرب، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه - ١٩٨٥ م، ُ . ج ١، ص ١٥٤(٤) وهكذا قيل: والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل من أصول الدين عند الإباضية، وهما من » = ّ  فإذا وقع الشر وتعدد، فإن القاعدة واجبة التطبيق في الفقه الإباضي، إذا تحتم الاختيار من بينها، هي قاعدة: « ن(١) يختار أهون ا لشري » . ْ مما تقدم يمكن القول إن الفقه الإباضي كما هو حال المذاهب الإسلامية الأخرى يؤكد على ضرورة عدم إثارة الشر أبد ً ا. بينما بالنسبة للشريعة اليهودية، يقول أطفيش: مما تدين به اليهود وجوب إيصال الشر إلى من خالفهم في دينهم، » « نصرانيا أو مسلما أو غيرهما(٢) . ًً = أوثق عرى الإسلام، وأوكد فرائضه، إذ بهما يقمع الله الظالمين ويعز ّ بهما الدين، وبتركهما   تضيع الأمانة وتحل النقمة، فهما واجبان على كل مكلف في كل زمان على قدر الطاقة، لقوله تعالى: ﴿ srqponmlkjihgf q ﴾ [ [آل عمران: ١٠٤ . وقوله تعالى: ﴿ :9876543210/. <; = FEDCBA@?> ﴾ [ [آل عمران: ١١٠ « . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٧ ّ (١) طبق الفقه الإباضي هذه القاعدة على مسائل كثيرة في إطار العلاقات الدولية، منها: ِ ُ إذا أسر بعض المسلمين في أيدي عدو وطلب فداءه وجب على المسلمين أن يخلصوه َ بدفع المال من بيت المال، فإذا لم يكن لهم بيت مال ولا إمام وجب على المسلمين تخليصه، إلا أن يكون المال الذي يطلبه إذا دفعوه إليه أضعفهم وقوي به عليهم واستولى ٍ به على جميعهم أو ضعفوا عن عدو لهم هو أشد ضررا منه عليهم، فحينئذ لا يدفعون إليه ً شيئ ً ا ولا يلزمهم لأن قتل واحد أيسر على المسلمين من جميعهم وذهاب الحق من أيديهم. ِ إذا اقتتل فريقان من أهل البغي، فإن ق َدر الإمام على قهرهما لم يعاون أحد ً ا منهما لأن َُ الفريقين على الخطأ وإن لم يقدر على قهرهما ولم يأمن من اجتماعهما على قتاله ضم نفسه إلى أقربهما للحق. فإن استويا في ذلك اجتهد رأيه في ضم أحدهما إلى نفسه. وهذا من الإمام اختيار لأهون الشرين، وأخف ا لضررين. القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٥١٥ -.١٥١٧ ّ (٢) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٤، ص ١١٣ (قاله في معرض تفسيره للآية ٨٢ من سورة ا لمائدة). وقد حذر القرآن الكريم من كل ما يثير الشر في إطار العلاقات الدولية يكفي أن نذكر قوله تعالى: ﴿ }| ~ ﮯ ©¨§¦¥¤£¢¡ ﴾ [ [الأنعام: ١٠٨(١) .  ¢SOÉ°ùdG åëѪdG sps u á«fódG AÉ£YEG ΩóYh ΩÓ°SE’G õY IÉYGôe  هذا المبدأ هو ما تسميه الدول الآن، مبدأ المحافظة على كرامة dignity la dignité الدولة وهيبتها على الصعيد الدولي، وهو تطبيق لقوله   تعالى: ﴿ gfed ﴾ [ [المنافقون: ٨ ، وقوله جل شأنه: ﴿ ¸ ÁÀ¿¾½¼»º¹ ﴾ [ [التوبة: ٤٠ .  وقد أكد فقهاء المسلمين على ذلك، حتى في إطار العلاقات الدولية، فمثلا ً يقول القلقشندي إن على كاتب ا لهدنة: أن يتحفظ من سقط يدخل على الشريعة نقيصة، إن كانت المهادنة مع » « أهل ا لكفر(٢) . (١) يخاطب المسلمين وينهاهم عن سب آلهة المشركين، وإن » قيل في تفسير الآية: إن الله كان دافعهم لذلك هو الغيرة لدين الله الحق والتشنيع على الباطل والضلال حتى يعرفه الناس، لأن هذه المصلحة الجائزة في المنهج الدعوي سوف تؤدي إلى مفسدة أعظم وأخطر، وهي أن يرد المشركون عليهم بسب إل ٰ ههم الحق ظلما وعدوان ً ا وجهلا ً ً منهم بجلال الله وقدره. والسب من شأنه أن يثير حفيظة المشركين لنصر آلهتهم فلا الشيخ محمد كعباش: نفحات الرحمن في رياض القرآن، « يزيدون إلا علوا واستكبارا ًّ ٰ . ج ٤، ص ٣٤٨ (٢)انظر: القلقشندي: صبح الأعشى، دار الكتب، القاهرة، ج ١٤ ، ص ١١ -.١٥ تجدر الإشارة أن عدم إعطاء الدنية، والمحافظة على هيبة وكرامة الدولة الإسلامية في علاقاتها الدولية، هو أمر يقع، في المقام الأول، على عاتق السلطات الحاكمة فيها. كذلك يجب على الأفراد العاديين مراعاة ذلك. في هذا الخصوص نذكر ما حدث حينما أسر الروم عبد الله بن حذافة السهمي، فقد طلب هرقل تجويعه، فكانوا لا يعرضون عليه إلا لحم الخنزير، فيعرض عنه عبد الله، ويقول: هذا لا يحل في ديننا. وحينما عاد عبد الله بعد أن ف ُ ك أسره، قال له عمر بن الخطاب: ما منعك إذ بلغ بك الجهد ما بلغ أن تأكل لحم الخنزير، فأجاب عبد الله: والله لقد علمت يا أمير المؤمنين أن ذلك موسوع » ً ا لي، ولكني كرهت أن ي ُ شم َ ت َ « بالإسلام وأهله(١) . كذلك فإن مراعاة عز الإسلام وهيبته على الصعيد الدولي قد يحتم الأخذ بحل يختلف عن ذلك واجب التطبيق في الأحوال ا لعادية: من ذلك حينما توفي شخص بالأندلس وترك أيتاما، ووجب على ً القاضي تشقيف؛ (أي: تقويم) المال، فذهب المال ولم يجدوه، فلما بلغ الأمير محمد حاكم الأندلس ما حدث ساءه ما نزل بالأيتام في مالهم، فجمع أهل العلم وشاورهم، فأشار جميعهم باستحلاف القاضي، حاشى بقي بن مخلد، فإنه قال: إن من الشماتة بنا عند اليهود والنصارى أن نستحلف قاضينا والمأمون » على فروج نسائنا وأحباسنا وأيتامنا، أرى للأمير أصلحه الله أن يجبر هذا .« من بيت ا لمال (١) راجع أبو العرب محمد بن تميم التميمي: كتاب المحن، تحقيق: د. يحيى الجبوري، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٨ ه -١٩٨٨ م، ص ٣٨٣ -.٣٨٤ وفعلا ً تم الأخذ بهذا الرأي وتم عزل ا لقاضي(١) . ويقول 4 : ﴿ zyxwvutsrqponml }|{ ~ ﮯ «ª©¨§¦¥¤£¢¡ ¬ ³²±°¯® ´ ﴾ [ [المائدة: ٥٤(٢) . وبخصوص قوله تعالى: ﴿ [ZYXWVUT ^]\ _ ` edcba ﴾[ [الحج: ٤١ ، التمكين في الآية ليس معناه مجرد الحياة في هذه الأرض، إنما هو » : قيل « العزة والسلطان والغلبة(٣) . ويؤكد على هذا المبدأ أيض ً ا قاعدة: الإسلام »  « يعلو ولا يعلى عليه(٤) . ومراعاة هيبة الدولة الإسلامية وحكامها يجب أن تظهر حتى في الكتب المرسلة إلى الدول الأخرى. من ذلك حينما كتب عن المقتدر كتابا إلى ًُ ملك الروم جاء فيه: (١) ابن القوطية: تاريخ افتتاح الأندلس، تحقيق: إبراهيم الإبياري، دار الكتاب المصري دار الكتاب اللبناني، القاهرة بيروت، ١٤١٠ ه . ١٩٨٩ م، ص ٨٧ (٢) قيل بخصوص قوله سبحانه: ﴿ }~ ﮯ﴾ : إنها العزة التي لا تقبل الضيم، والإباء ّ الذي لا يقبل الهوان، إنه الاستعلاء والاعتداد بالنفس أمام العدو والمتجبر، كيلا تحدثه نفسه بعدوان، وإن اعتدى فلا نكوص أمامه في الميدان. ونظير هاتين ا لصفتين قوله تعالى ّ في أصحاب محمد ژ : ﴿ ' +*)( ﴾[ [الفتح: ٢٩ . . الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٤، ص ٦٣ ٰ (٣) . الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ٤، ص ٤٩٠(٤) ، راجع هذه القاعدة، في معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١ ّ ص ٢٢٦ -.٢٢٧ .« إن قربت من أمير المؤمنين قرب منك، وإن بعدت عنه بعد عنك » ُ فقال المقتدر ما حاجتي إلى أن أقرب منه، أكتب إليه: « إن قربت من أمير المؤمنين قربك، وإن بعدت عنه بعدك »(١) . وعدم إعطاء الدنية ثبت في واقعة مشهورة على عهد ا لرسول ژ ، حينما أرسل إلى عيينة بن حصن والحارث بن عوف وقال لهما إنه سيعطيهما ثلث ثمار المدينة. وحينما استشار سعد بن عبادة وسعد بن معاذ (سيدا الأوس والخزرج) قالا: يا رسول الله إن كان هذا أمرا من السماء فامض له، وإن كان ً إنما هو الرأي فما لهم عندنا إلا السيف، وأضافا أيض ً ا: إن كانوا ليأكلون العلهز في الجاهلية من الجهد، ما طمعوا بهذا منا » ِِ ِ قط، أن يأخذوا ثمرة إلا بشرى أو قرى ! فحين أتانا الله تعالى بك، وهدانا  ًَ بك نعطي الدنية! لا نعطيهم أبد ً « ا إلا السيف(٢) . وفعلا ً أخذ النبي برأي ّ السعدين. كذلك حدث في هذا المعنى تطبيق عملي آخر في عهد الرسول ژ إذ لما التأم أمر الهدنة والصلح مع قريش (صلح الحديبية) ولم يبق إلا الكتاب، وثب عمر بن الخطاب، فأتى أبا بكر، فقال: يا أبا بكر: أليس برسول الله؟ قال: بلى، قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال: بلى: فعلام ن » : قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى؛ قال ُ عطى الدنية في « ديننا(٣) . (١) ابن سعيد الأندلسي: المقتطف من أزاهر الطرف، مركز تحقيق التراث، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨٤ ، ص ١٩٠ -.١٩١ (٢) الواقدي: كتاب المغازي، عالم الكتب، بيروت، ١٩٦٦ ، ج ٢، ص ٤٧٧ - ٤٧٨ ؛ ابن هشام: السيرة النبوية، ط البالي الحلبي، القاهرة، ١٣٧٥ ه . ١٩٥٥ م، ج ٢، ص ٢٢٣ (٣) راجع السيرة النبوية لابن هشام، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣١٦ -.٣١٧ لذلك شدد الفقه الإباضي على قاعدة: « حرم على مسلم إذلال نفسه بإظهاره لدنيوي بقول أو فعل أو ا عتقاد »(١) . ُ وهذه القاعدة قابلة للتطبيق دوليا وداخليا. ويؤكد الفقه الإباضي أيض ً ا أن: إهانة الإسلام وأهله وتعظيم الكفر وذويه »  « كفر(٢) . كما أن:  من تهوين الإسلام تضييع حقوقه، وكذا من تهوين المسلمين تضييع » « حقوقهم(٣) . موازين الحياة لا تستقر » لأن « لا يرضى لأتباعه الذل والمهانة » فالإسلام « إلا مع عزة ا لإسلام(٤) .  (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٦ ، ص ١٨٨(٢) . ذات المرجع، ص ٣٥٤(٣) . ذات المرجع، ص ٣٥٦(٤) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي (المفتي العام لسلطنة عمان): لقاءات الفكر والدعوة، ُ المجلد الأول، ص ٤٠٤ -.٤٠٥ ويقول الإمام ا لسالمي: والمقصود من الجزية إذلال أهل الكتاب وإهانتهم على شركهم حين اختاروا الشرك على »الإسلام يدل عليه قوله تعالى: » ﴿ ihgfedc ﴾ [ [التوبة: ٢٩ ، وإهانة العبد لا تفيد عزة الإسلام .« وإنما يفيد عزة الإسلام إهانة الملوك والجبابرة الأكابر، وأتباعهم من أهل الأنفة والبطش أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، المرجع السابق، ج ٤، ص ٣٧٢ . الشيخ ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): . حل المشكلات، ص ٢٨٣ جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٣٠ -.٤٣١ ™HÉ°ùdG åëѪdG ™aGóJ »àdG ±ÓMC’G »a ∫ƒNódG RGƒL CGóÑe º∏¶dG ™aóJh ≥ëdG øY من المعروف أنه: « لا حلف في ا لإسلام » (١) . لكن ذلك يقصد به الأحلاف التي تهضم الحقوق، وتدعو إلى الرذيلة، وتحض على العدوان. أما الأحلاف التي تدافع عن الحقوق وتدفع الظلم ا (٢) . فهي مقبولة إسلامي  (١) . وهو حديث نبوي شريف، راجع صحيح البخاري، رقم ٢١٣٠ (٢) إن: « لا حلف في الإسلام » : لذلك قيل بخصوص قاعدة من فروع هذه القاعدة: أنه لا يجوز بناء الأواصر والروابط على أساس القبيلة، فإن هذا »من ا لجاهلية. ومنها: إنه لا تصح الأحلاف والتنظيمات إذا لم تكن على أساس العقيدة والدين بل هي من التفرق ا لمذموم. ومنها: إن أصل الولاء والبراء في الإسلام لا يكون إلا على أساس الدين والعقيدة فإن كان على أصل الأواصر القبلية أو الروابط الحزبية أو المصالح العرفية أو الوشائج العنصرية أو القبلية فإنه لا يجوز وهو من الأحلاف التي نهى الإسلام عنها. أما الأحلاف التي تبنى على أصل الدين والعقيدة ونصرة المظلوم والوقوف في وجه الظلمة والطغاة فهذه من الأحلاف الجائزة لأنها من مكارم الأخلاق التي دعا الإسلام إليها. قد قال ژ عن حلف الفضول: حضرت في بيت عبد الله بن جدعان حلف » ً ا يقال منه حمر ُ ُُ   له حلف الفضول ما أحب إلي الن « لأجبت . . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٠٦٥ ّ انظر كذلك أمثلة كثيرة على الأحلاف في الإسلام في د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام ، بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة الإسلام، المرجع السابق، ج ٢ عم ولو د ُعيت ُ إلى مثله في الإسلام ص ٣٤٦ - .٣٥١ هي إذن التي تدعو إلى التناصر في الحق. وهو « المشروعة » فالأحلاف  ما أكده قوله تعالى: ﴿ }|{zyxwvuts ~ ﮯ ¯®¬«ª©¨§¦¥¤£¢¡ ° ³²± ´¶μ ﴾[ [النحل: ٩٢ . يقول أطفيش: والمعنى: بأن تحالفوا الأمة الأكثرين عدد » ً ا ومالا ً أو عزا وتغدروا « بالأولى، وإنما يقرهم الله على المحالفة التي في المحافظة على ا لحقوق(١) . ولا شك أن مثل هذا الغدر يعتبر: خديعة ومكرا وتغريرا بالطرف الآخر، وذلك من شأنه أن يفقد الثقة » ًً « والاطمئنان بين ا لمتحالفين(٢) . وهكذا، يمكن القول: إن الحلف في الفقه الإباضي تحكمه قاعدتان: الأولى جواز الدخول في الأحلاف التي تدافع عن الحقوق ولا تهضمها(٣) . والثانية حتمية الوفاء بما تم التعاهد عليه في الحلف، ووفق ً ا لما ورد في نصوصه والقواعد المنظمة له. (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٨، ص ٦٨(٢) . الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٧، ص ٤٣٢ ٰ (٣) بخصوص قوله تعالى: ﴿ ¬ ¯® ° ¶µ´³²± ¸ »º¹ ËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼ ﴾ [ [آل عمران: ٢٨ ، يقرر رأي إلا أن تخافوا من جهتهم أمرا يجب اتقاؤه، وهذه رخصة في » : في الفقه الإباضي؛ أي ً .« موالاتهم عند الخوف، والمراد بهذه الموالاة: المخالفة الظاهرة، والقلب مطمئن بالعداوة ١٤٢٥ ه ، سعيد الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، ج ١ . ٢٠٠٤ م، ص ١٦٣ وقد أيد الرسول ژ حلف الفضول، وكان سببه أن رجلا ً من زبيد قدم  مكة ببضاعة، فاشتراها منه العاصي بن وائل، وكان ذا قدر وشرف بمكة،  فلم يعطه حقه، فاستعدى عليه الزبيدي الأحلاف، فلم يعينوه بل انتهروه، فلما رأى الزبيدي ذلك صاح بأعلى صوته في قريش وكانت حول الكعبة بما يدل على أنه مظلوم فاجتمعت في دار ابن جدعان وتعاقدوا وتعاهدوا على حلف الفضول، ومقتضاه: أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها وغيرهم ً ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه، وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته. وكان بعدها أن أنصفوا الزبيدي من ا لعاصي. وقد قال رسول الله ژ بخصوص هذا ا لحلف: ُ لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلف » ً ا ما أحب أن لي به حمر َ النع َ « م، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت(١) . فالإسلام  يشجع التحالف من أجل نصرة الحق، وينبذ التحالف على ا لعدوان. يقول تعالى:  ﴿ }~ ﮯ §¦¥¤£¢¡ ¨ ¯®¬«ª© ° ²± ﴾ [ [المجادلة: ٩ . ويقول تعالى: في سورة المائدة: ﴿ ÆÅÄÃÂÁÀ¿ (١) السيرة النبوية لابن هشام، ط الحلبي، القاهرة، ج ١، ص ١٣٢ -.١٣٤ وكان حلف الفضول ينص على تحالف قريش أن يكونوا يد ً ا واحدة في ا لآتي: ﻻﻭ ،ﺪﺒﻋ ﻰــﺘﺣ ﺍﻭﺬﺧﺄﻳ ﻪﻟ ﻪﻘﺤﺑ ﺍﻮﻧﻮﻜﻳﻭ ﻥﺃﻻ ﻢﻠﻈﻳ ﺔﻜﻤﺑ ﺐﻳﺮﻏﻻﻭ ،ﺐﻳﺮﻗ ﻻﻭﺮﺣ ّ - ً ﺎ ﻊﻣ ﻡﻮﻠﻈﻤﻟﺍ ﺪﺿ.ﻢﻟﺎﻈﻟﺍ ﻌﻴﻤﺟ ً ﻥﺃﻻ ﺍﻮﻛﺮﺘﻳ ﺪﺣﻷ ﺪﻨﻋ ﺪﺣﺃ ﻼﻀﻓ ﻻﺇ.ﻩﻭﺬﺧﺃ - ﻲﺳﺂﺘﻟﺍ ﻲﻓ ﺵﺎﻌﻤﻟﺍ ﺔﻤﻫﺎﺴﻤﻟﺍﻭ .ﻝﺎﻤﻟﺎﺑ - ﺮﻣﻷﺍ ﻑﻭﺮﻌﻤﻟﺎﺑ ﻲﻬﻨﻟﺍﻭ ﻦﻋ .ﺮﻜﻨﻤﻟﺍ - ÈÇ ﴾ . فهذه الآية دليل على منع التناصر على الباطل وارتكاب المآثم والدفاع عن حليف هو في الحقيقة ا لمعتدي. وقد عرضت على ا لنبي ژ وهو بمكة معاهدتان إحداهما من بني عامر، والثانية من الأوس والخزرج (الأنصار) فرفض الأولى، وقبل الثانية. يعلل رأي رفضه للأولى رغم أنه كان في حاجة إلى من يحميه إلى أنها كانت معاهدة هجومية قصد منها أن تكون تحالف ً ا على العرب لأكل أموالهم، أما الثانية فكانت معاهدة دفاعية للدفاع عن ا لنبي ژ فلا يعادون إلا من يعاديهم على الإسلام(١) . يقول تعالى: ﴿ ponmlkji }|{zyxwvutsrq ﴾ ؛ إذ تدل الآية « وجوب نصرة ا لمظلوم » : على(٢) . على أن بعض حكام الدول الإسلامية استخدموا التحالف لتحقيق مآرب شخصية أو لضرب دولة إسلامية أخرى، وذلك بالتحالف مع ا لأعداء: ١ من ذلك حينما اجتمع شاور والصليبيون على حرب شيركوه، ورأى شيركوه في ذلك فرصة نادرة للقضاء عليهم إذا انضم شاور إليه فأرسل إليه يقول: أنا أحلف له بالله الذي لا إل » ٰ ه إلا هو، وبكل يمين يثق بها المسلم من أخيه، أنني لا أقيم ببلاد مصر ولا أعاود إليها أبد ً ا، ولا أمكن أحد ً ا من التعرض لها، ومن عارضك فيها كنت معك إلبا عليه، وما أؤمل منك إلا ً نصر الإسلام فقط.. وهو أن العدو قد حصل بهذه البلاد والنجدة عنه بعيدة (١) الشيخ عبد المتعال الصعيدي: من أسرار السياسة النبوية في معاهدتين، رسالة الإسلام، دار ١٣٧١ ه ، التقريب بين المذاهب الإسلامية، القاهرة، عدد ٢، س ٤ ١٩٥٢ م، ص ١٩٣ -.١٩٧ (٢) ، الإمام القشيري: لطائف الإشارات، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨٣ ، ج ٣ شهدت مع عمومتي حلف المطيبين، فما » : ص ٤٤٠ . وعن عبد الرحمن بن عوف قال ٰ الإمام البخاري: الأدب المفرد، مكتبة الآداب، القاهرة، « أحب أن أنكثه وأن لي حمر النعم . ١٩٧٩ ، ص ١٦٧ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٢٠٢ وخلاصه عسير، وأريد منك أن نجتمع أنا وأنت عليه، وننتهز فيه الفرصة التي قد أمكنت، والغنيمة التي قد كتبت فنستأصل شأفته ونخمد ثائرته. وما « ا(١) أظن أنه يعود فيتفق للإسلام مثل هذه الغنيمة أبد ً . ٢ ومن ذلك ما حدث عام ٩٢٣ ه حينما وصل الإفرنج إلى ساحل عدن في ثلاثين سفينة، وأظهروا لمرجان الظافري عامل عدن المعاونة له على المصريين ونحوهم، فاجتمع بهم مرجان في الساحل، وحباهم بالضيافات إلى مراكبهم، ثم توجهوا إلى جدة، فاستعد لحربهم الباشا سليمان وقصدهم إلى البحر ورماهم فأتلف مركبين من مراكبهم وعطف عليهم فهزمهم وأسر جماعة منهم في سفينة لهم. ورجع بقية الإفرنج إلى عدن، فأقاموا أياما، وأعطاهم مرجان الظافري، ما شحنوا به ً مراكبهم، وساروا إلى الهند مخذولين(٢) . ٣ وفي التاريخ الإباضي أمثلة على ذلك، نكتفي منها بالمثال ا لآتي: ذلك أنه حينما بلغ سيف بن سلطان ما جرى على أخيه بلعرب والبلوش فأجابوه » من الانكسار والقتل جعل يكاتب العجم لينصروه على أهل عمان ُ « على حربها وخرابها(٣) . (١) وثائق الحروب الصليبية والغزو المغولي للعالم الإسلامي، تجميع د. محمد ماهر حمادة، . ص ١٠٩ (٢)يحيى بن الحسين: غاية الأماني في أخبار القطر اليماني، دار الكتاب العربي، القاهرة، ١٣٨٨ ه -. ١٩٦٨ م، ص ٦٥٨ (٣) ويضيف ابن رزيق: فبعث إليه شاه العجم مع رسول إليه حصان » ً ا شديد الركض، ما قدر أن يثبت على ظهره من فرسان العجم، وقال الشاه لرسوله الذي بعثه لسيف بن سلطان، قل لسيف بن سلطان، أن شاه العجم يقول لك: إذا قدرت أن تثبت على ظهر هذا الحصان عند ركضه بك ليمددك بما تريد من قومه، وإذا لم تقدر فلا ترتجي منه نجدة ولا عصبة، مع كلام كثير. وإنما الشاه يريد أن يختبر بذلك سيف بن سلطان، هل هو ملك شجاع فارس أم غير ذلك. فلما وصله الرسول والحصان، وقال له رسول العجم ما قال له الشاه أن يقول له، وكان سيف = = يومئذ بمسقط فنظر إلى وجه الحصان، فعرفه، أنه شديد الركض، وقد عجزت عن ركوبه فرسان العجم، وأنه يمتحنه به، فأمر واحد ً ا من فرسانه أن يقوده له، وخرج هو ومعه خلق كثير. فلما بلغوا إلى أول العقبة من وادي الكبير من بلدة مسقط، أمر ألا يقف أحد على شفير  الوادي قبل أن يركضه ثلاثة أشواط. فلما استوى على ظهره ضرب رقبته بالدرة ثلاث ضربات، ففر به الحصان راكض ً ا، وهو يضربه ضربا عنيف ً ا، فلما بلغ به إلى طوى الرولة وأراد أن يوقفه لم يقدر عليه، فصاح بأعلى صوته، ً اعقروا الحصان، فما قدر أحد أن يقف على شفير الوادي خشية من الأحجار التي تقذفها حوافره فلما بلغ به باب المثاعيب اقتحم الحصان به السور. فوقع سيف قائما على قدميه في رأس ً السور المنصوب عليه الباب. وأما الحصان فتكسرت قوائمه، واندقت رقبته، فمات من ساعته. فتعجب رسول العجم من ثقافة سيف وفراسته، وتعجب مثله سائر الناس، فتأسف سيف على موت الحصان أسف ً ا شديد ً ا. فلما رجع رسول شاه العجم إليه وأخبره الخبر كله كتب إلى سيف بن سلطان قبل أن ينفذ له الجيش كتابا جميلا ً .« يعده فيه بالنصر والعصبة على كل من خالفه من أهل عمان ًُ بعث إلى سيف بن سلطان شاه العجم جيش » ثم ً ا كثير العدد والعد َ د، وأمر أمراء الجيش بحرب ُ كل من يريد سيف حربه من أهل عمان، فلما بلغ جيش العجم إلى بندر العباس عبروا على ٌُ سفن رعاياهم إلى (خور) فكان، وكان عدد ذلك الجيش على أصح الروايات ستين ألف ً ا، وكان وصولهم لخور فكان آخر ليلة الخميس لاثنتي عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة تسع وأربعين بعد المائة والألف، فلما بلغ أهل عمان وصول العجم إلى خورفكان استولى ُ عليهم الخوف، وز َ لز َ ل َ الذعر أرض َ ع ُ مان زلزالا ً شديد ً ا، ثم رجع الجيش إلى جلفار، فلما ُ (علم بذلك الإمام بلعرب بن حمير) حشد من ع ُ مان أقوام ً ا كثيرة، وكان خروجه من نزوى (عليهم) أول شهر المحرم من سنة الخمسين والمائتين والألف، فلما سمع العجم به مضوا إليه فالتقوا بالموضع المسمى السميني، وفي جيش العجم سيف بن سلطان، وفي جيش العرب الإمام بلعرب بن حمير فوقع بينهم قتل كثير فكانت الدائرة على الإمام بلعرب بن حمير وجنده فسلم هو ولم يسلم من قومه إلا قليل، ومضى سيف بن سلطان (بمواكب) من العجم على خيل سباق إلى الجو وضنك والغبي فأدان أهلها وأدوا الخراج إلى العجم، ودخل بعض كتائب العجم حجرة عبري ففتحوها وقتلوا منها خلق ً ا كبيرا، وحملوا من أرادوا من ً راجع: « النساء والولدان إلى شيراز، فبيعوا فيها بيع العبيد، ورجعت العجم إلى جلفار - ابن رزيق: الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين، وزارة التراث القومي والثقافة، . سلطنة عمان، ١٣٩٧ ه ١٩٧٧ م، ص ٣٢٨ ٣٢٩ ُ - ابن رزيق: السيرة الجلية سعد السعود البوسعيدية، تحقيق: عبد الرحمن السالمي، ٰ .١١٧ - ١٤٢٨ ه ٢٠٠٧ م، ص ١١٣ øeÉãdG åëѪdG (1)zá«dhódG äÉbÓ©dG »a IAGôÑdGh áj’ƒdG{ CGóÑe هذا أصل من الأصول التي يقوم عليها المذهب الإباضي في علاقات القرب والقيام للغير بالأمر » : التعامل، دوليا وداخليا. والولاية لغة تعني   البعد » : أما البراءة فتعني لغة « والنصر والاهتمام بالمصالح والحفظ والاتصال « عن الشيء والتخلص عنه وعلى ذلك تبنى البراءة ا لشرعية(٢) . والولاية في الإسلام لا تكون لعصبية أو لنعرة جاهلية أو للنسب والعشيرة، وإنما الولاية في الحق وبما يكون في مصلحة المسلمين(٣) . أما البراءة فهي عكس ذلك، فإذا لم يتضح الأمر بطريقة حاسمة وجازمة، فيكون التوقف حتى يتبين ا لأمر(٤) .  (١) بخصوص عقيدة الولاية والبراءة، يقرر رأي: ومن منطلق هذا الأصل من الدين أقام ا لعمانيون علاقاتهم الخارجية، ونصوا عليه في » ُ سيرهم وأدبياتهم، قال الإمام محبوب بن الرحيل من علماء القرن الثاني الهجري موثق ً ا العلاقة الحميمة بين عمان والإباضية في الأقطار الأخرى: وكانت المحكمة أمرهم ُّ واحد ً ا، لو حكم رجل من المغرب تولاه من كان منهم بالمشرق، ولو حكم بالمشرق مبارك الهاشمي: أثر العقيدة الإباضية على المجتمع العماني في « تولاه من كان بالمغرب ُّ التحولات المعاصرة، أعمال المؤتمر العلمي الثالث التحولات في المجتمع العماني ُ الحديث والمعاصر، جامعة آل البيت، ١٤٢٦ ه ٢٠٠٥ م، ص ٤٨ -.٤٩  (٢) .٦٣ ، أطفيش: الذهب الخالص ا لمنوه بالعلم القالص، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ص ٥١ ُ (٣) والولاية في عرف الناس تكون لقرابة أو صداقة جاهلية أو مصاهرة، أو منفعة » : يقرر رأي دنيوية، أو طلب يد عند قوي تستعين به أو تخشى شره ونحو ذلك. وكل هذه الروابط الداعية إلى الموالاة تقوى أو تضعف بحسب المصلحة المتوخاة منها؛ إذ لا تستند على .« أساس متين من الولاء لله تعالى بالرابطة الإيمانية التي تسمو فوق تلك الاعتبارات ا لزائلة الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٢، ص ٢٦٥ - ٢٦٦ (قاله في ٰ معرض تفسيره للآية ٢٨ من سورة آل عمران).(٤) يقول البسيوي: = وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات بخصوص الولاية والبراءة، منها قوله 4 : ﴿ !" &%$# '( ﴾[ [الممتحنة: ١ . ﴿ RQPONMLKJ ﴾[ [الممتحنة: ١٣ . ﴿ YXWVUTSRQPO ﴾ [ [آل عمران: ١١٨ . ﴿ ¬¯® ° ³²± ´ ﴾[ [آل عمران: ٢٨ . ﴿ ÞÝÜÛÚÙØ×ÖÕÔÓÒÑ èçæåäãâáàß ﴾[ [المائدة: ٥٧ . ﴿ " &%$# ' 0/.-,+*)( :987654321 ﴾[ [المائدة: ٥١(١) . = والناس على ثلاثة منازل من أظهر موافقته للحق تولوه على ما وصفناه، ومن أظهر »مخالفته للحق وانتهاك الحرام وتحريم الحلال، أو دان بدين ضلال فارقوه ولم يتولوه، ومن لم تعرفه فقف عنه حتى يبين لك أمره والصواب فيه. فمن ثبتت ولايته فهو عليها. ّ .« ولا يزول إلا بحدث يستحق به ذلك البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٤ ه - ١٩٨٤ م، ص ١٨٥ . وفي معنى قريب الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه ١٩٨٥ م، ج ١، ص ٢٠ -.٢١ ُ (١) في تفسير هذه الآية، يقول أطفيش: » ﴿ &% ' *)( ﴾ بالحب، والاعتماد عليهم، وإلقاء الأسرار إليهم، ومشاورتهم، بل أبغضوهم، لأنهم أعداء الله، وفيهم مكر ، ﴿ ,+ -﴾ بعض اليهود أولياء لبعض اليهود، وبعض النصارى أولياء لبعض النصارى، كل ُ هم يد واحدة عليكم، واليهود عدو للنصارى، والنصارى عدو لهم، ومع ذلك هم أولياء بعض لبعض من حيث الإشراك ومعاداتهم، فكيف تطمئنون إليهم؟ ولظهور العداوة بين اليهود والنصارى لا يتوهم إن المراد أن اليهود أولياء النصارى والنصارى أولياء ا ليهود. = أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٢٠٦ = ﴿ 3210/﴾ . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٤، ص ٦٠ « تأكيد في التحذير ويقول رأي آخر في الفقه ا لإباضي: أي: لا تتخذوهم أولياء تنصرونهم، وتستنصرون بهم، وتؤاخذونهم، وتعاشرونهم معاشرة »المؤمنين؛ ثم علل النهي بقوله: ﴿ ,+-﴾ في العون والنصرة بالباطل، ويدهم واحدة على المسلمين ودينهم، وكلهم أعداء للمؤمنين، وفيه دليل على أن الكفر كله ملة واحدة، ﴿ 10/﴾ فيوافقهم ويعينهم ﴿ 32﴾ من جملتهم، وحكمه في الوعيد . سعيد الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، ج ١، ص ٣٢٠ .« حكمهم ا) عند ا لإباضية، ما يلي: ّ  ومن أسس التعامل دوليا (وداخلي ١ الجزم واليقين » يستند التعامل مع الآخر على الظاهر المبني علىيؤيد ذلك قاعدتان في الفقه الإباضي، هما: :« لا الشك والتخمين ت» ُ .« جرى أحكام المسلمين على ا لظاهر  « أحكام الإسلام تجرى على ا لظاهر » (١) . لذلك يقرر رأي في الفقه الإباضي أن الله تعالى أراد: أن تنبني معاملة المسلمين مع أعدائهم على قواعد واضحة تأخذ » « بالظاهر المعلن لا على التخمينات والتوقعات(٢) يؤكد ذلك قوله تعالى: . ﴿ !"&%$#'+*)( ﴾ [ [الحجرات: ١٢ . (١) راجع القاعدتين في معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٨٨ ّ - ،٨٩ ص ٣٥٧ - الأحكام تجري في الناس على ظاهرهم ولا يكلف الإنسان » ٣٥٩ . فالأصل أن .( ذات المرجع، ص ٨٨ ) « بالتنقير عما في قلوبهم(٢) . الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٥، ص ٣٨٧ ٰ (قاله في معرض تفسيره للآية ٧١ من سورة ا لأنفال). ٢ الغرض من أية علاقات دولية في الفقه الإباضي هو الاتصال بالآخر وتصريف الشؤون الدولية ذات الصلة. وهو ما أكده قوله تعالى: ﴿ QPONMLKJIHGFE UTSR ﴾ [ [الحجرات: ١٣ . ومعنى ﴿ O ﴾ ليعرف بعضكم بعض » : ؛ أي ً وصح تعليل ...« ا ﴿ L ﴾« ا(٢) بالتعارف لأن المراد: جعلناكم شعوب ًا(١) وقبائل ليعرف بعضكم بعض ً . ١٢ ) من ذات السورة بدأتا بقوله تعالى: ، ولنا أن الآيتين ( ١١ ﴿ !" #﴾ .... ، أما الآية رقم ( ١٣ ) فقد استخدمت عبارة ﴿ FE﴾ الأمر الذي يعني: أولا ً أن التعارف بين الناس يخصهم جميعهم، شعوب ً ا وقبائل وأفراد ودول.  والثاني أن هذا التعارف لازم لوجود علاقات سلمية وهادئة لأن هذا هو ماهيته وكنهه وجوهره. ولعل ذلك يؤكده قوله تعالى: ﴿ !" &%$# ')( *,+ -. 9876543210/ : ; < = > ﴾ [ [النساء: ١ . (١) الشعب: الجمع العظيم، المنسوبون إلى أصل واحد، وهو يجمع القبائل، والقبيلة » : قيل تجمع العمائر، والعمارة تجمع البطون، والبطن يجمع الأفخاذ، والفخذ يجمع الفصائل، فخزيمة شعب، وكنانة قبيلة، وقريش عمارة، وق ُ صي بطن، وهاشم فخذ، وعباس فصيلة؛ سعيد الكندي: التفسير الميسر للقرآن « وقيل: الشعوب بطون العجم، والقبائل بطون العرب الكريم، ج ٣، ص ٢٤٥ -.٢٤٦ (٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٣ ، ص ٤٤٤ ٣ تحدث الإمام نور الدين السالمي عن آراء ا لإباضية في التعامل مع ّ غيرهم، منها ما يخص العلاقات الدولية، تتمثل في الآتي كما استخلصها الشيخ علي يحيى معمر: ونرى حق الوالدين، وحق ذي القربى، وحق اليتامى، وحق المساكين، وحق أبناء السبيل، وحق الصاحب، وحق الجار، وحق ما ملكت أيماننا أبرارا كانوا أو فجارا. ًً تؤدي الأمانة إلى من استأمننا عليها، من قومنا أو غيرهم. نوفي بعهود قومنا وأهل الذمة وغيرهم.  ن ُ جير من استجارنا من قومنا وغيرهم.  يأمن عندنا منهم الكاف عن القتال، المعتزل بنفسه.  من أنكر حق الله منهم واستحب العمى على الهدى، وفارق المسلمين وعائدهم، فارقناه وقاتلناه حتى يفيء إلى أمر الله أو يهلك على ضلالته.  من أنكروا حق الله وفارقوا المسلمين وعاندوهم لا نستحل سبي نسائهم، ولا قتل ذراريهم، ولا غنيمة أموالهم، ولا قطع الميراث منهم. لا نرى الفتك بقومنا، ولا قتلهم غيلة في السر لأن الله لم يأمر به في كتابه، ولم يفعله أحد ٌ من ا لمسلمين. لا نرى قتل الصغار من أهل القبلة ولا غيرهم. لا نرى انتحال الهجرة من دار قومنا. لا نرى الولاية إلا لمن علمنا منه الوفاء بما وجب عليه من دين ا لله. نبرأ من المصرين على المعاصي من أهل دعوتنا وغيرهم حتى يراجعوا ُ التوبة ويتركوا ا لإصرار. ونرضى من أهل السنة، أن يتقوا الله، وأن يقروا بحكم القرآن، ويوقنوا أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٢١٠   بوعده، وأن يستحلوا من أهل البغي والعداء والظلم ما أحل الله من فراقهم وقتالهم حتى يتوبوا(١) . ٤ كذلك في كتاب نظام العالم، وضع أبو عبد الله السالمي كثيرا من قواعد ً الإباضية في العلاقات الدولية، كما يلي (٢) :ّ والاهتمام بمصالح الورى فرض على كل امرئ ما قدرا  فلو بذلنا الجهد في ا لإصلاح ِ فزنا بنيل العز والفلاح ِ ِ فالعز في الدارين بالإرشاد والرشد بين حاضر وبادي وأنه لا يصلح ا لبرية شيء سوى العدل مع الرعية والملك لا يصلح دون طاعة فالعسف في الملك هو ا لإضاعة  والظلم لا تبنى عليه دار لأنه ا لخراب والبوار ُُ ِ والعدل لا شك أساس الملك وهو أساس الخير دون شك والحزن ُ للطاعة دون نهضة لها غرور عند أهل الفطنة والقول دون الفعل مقت ٌ لازم ُ جاء به القرين وهو الحاكم ُ فانهضإلى الإصلاح ما ا ستطعتا وادع لذلك من له قدرتا ْ أنت إذا أحسنت َ قولا ً فاعلم ِ حزت الدعا وحزت وصف ا لمسلم ِ وما نظام الناس حتما يقع إلا إذا ما اتفقوا واجتمعوا ًُ في فشل الرأي وفي التنازع ْ عن رتب الدارين أي مانع ْ والله قد أوصى العباد أجمعا بترك ما لجمعهم قد ضيعا كونوا عباد الله إخوانا ولا تنازعوا تفرق ً ا وفشلا ُ سياسة الوحي هي السياسة أين عقولكم أولي الرياسة (١) علي يحيى معمر: الإباضية بين الفرق الإسلامية، جمعية التراث، القرارة الجزائر، ّ ص ٤٠١ -.٤٠٣ (٢) أبو عبد الله محمد السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ٣ - ، ٤، ط ١١ ص ١٧٩ -.١٨٠ ٥ بخصوص منهج المسلم في التعامل، وضع ا لمختار بن عوف العديد من القواعد القابلة للتطبيق في إطار العلاقات الدولية، فيقول: لا محاباة في الحقوق ولا نأخذ أحد » ً ا في شبهة ولا ميلولة في هواء ولا نخيف آمن ً ا ولا نقطع سبلا ً ولا ننبه نائما أقر بالعدل من مرقده إلا مستشار ً بحق عن حدث كان منه، ولا يقطع رحما ولا ينتقض عهد ً ا ولا يهايج الناس ً إلا من بعد البغي والامتناع، ولا نحرف الكتاب عن مواضعه، ولا نعرض الناس بالقتل من غير دعوة، ولا نغتنم العثرة ولا نأخذ بظن ولا تهمة ولا نبيت الناس في منازلهم، ولا نقتل موليا ولا يجبر الناس على ا لقتال. ً ولا نسير بسيرة نعتذر عنها ولا ندين بالشك والارتياب، فإن أظهرنا الله ِ على عدونا وهزمهم لنا لم ننسف لهم دارا، ولم نغنم مالا ً ، ولم نسب عيالا ً ً ولم نتبع مدبرا ولم يرد التوبة على أهلها، ولم ندخل البيوت بغير إذن أهلها ً ولم نخف بعد ا لأمان. ولا نضرب الناس على التهم والظنون، ولا نلقى الناس بوجوه كدرة، ولا بقلوب حاسدة ولا ألسن كاذبة، ولا نيات مختلفة ولا يطعن بعضنا بعض ً ا، ولا يقذف بعضنا بعضا بالمنكرات من غير يقين، ولا نأمن عدونا مع طائفة ً ونخاف من أخرى، ولا نجبي صافية، ولا جزية، حتى نكون حكاما نمنع ً الظلم والعدوان ونملك بلادنا وأمصارنا وبرنا وبحرنا، ولا نسأل الناس من ّ أموالهم ونحن الحكام عليهم، ولا نأخذ عشر من لم تمنع من السيارة الذي يمرون بنا من أهل الأمصار، ولا نجبي جباية من لم يجر فيهم حكمنا وفي ّ نسخة عليه. ولا نتبع من أدبر بقتله من لم يقتل قتيلا ً . ولم ينصب لنا حربا ً « فهذا رأينا وهذه سيرتنا الذي مضى عليها العلماء بالله من أسلافنا من أ ئمتنا(١) . (١) ابن جعفر: الجامع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣١ ه ٢٠١٠ م، ُ ج ٨، ص ٨ - ١٠ . انظر أيض ً ا النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٠٢ -.١٠٣ ٦ مراعاة العدالة حتى مع ا لأعداء: من الثابت أن تعاليم الإسلام تقضي بأن يتم كل تصرف وفق ً ا للعدالة وعلى ضوء ما يقتضيه القسط. والعدالة في الإسلام هي تلك التي تتحرى التزام الحق ولو كان فيه إنصاف للأعداء. في هذا المعنى يقول 4 : ﴿ «ª©¨§¦¥¤£¢ ¬® ﴾ [ [المائدة: ٨(١) . ﴿ ¾½¼»º¹¸¶µ´³² ÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿ ﴾ [ [المائدة: ٢ . ﴿ WVUTSRQPONMLKJI gf edcba` ❁ ^ ] \ [ ZY X utsrqponmlkjih ﴾ [٩ ، [الممتحنة: ٨(٢) . (١) يقول ابن كثير في تفسيره لهذه ا لآية: أي لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل فيهم بل استعملوا العدل في كل أحد صديق » ً ا كان أو عدوا ولهذا قال: ﴿ «ª ¬® ﴾ ؛ أي: عدلكم أقرب إلى التقوى من ً تركه... وقوله: هو أقرب للتقوى من باب استعمال أفعل التفضيل في المحل الذي ليس في الجانب الآخر منه شيء كما في قوله تعالى: ﴿ QPONML R ﴾ وكقول بعض الصحابيات لعمر: أنت أفظ وأغلظ من رسول الله ژ (تفسير ابن كثير، ج ٢، ص ٣٠ -.(٣١ (٢) بر المؤمن من » : يرد الطبري على من قال أن تلك الآية منسوخة بآية السيف، بقوله أن أهل الحرب ممن بينه وبينه قرابة أو نسب، أو ممن لا قرابة بينه وبينه ولا نسب غير محرم، ولا منهي عنه، إذا لم يكن في ذلك دلالة له أو لأهل الحرب على عورة لأهل الإسلام، أو تقوية لهم بكراع أو سلاح... وقوله: ﴿ ^]\[ ﴾ يقول: إن الله يجب المنصفين الذين ينصفون الناس، ويعطونهم الحق والعدل من أنفسهم، فيبرون = ّ وقد أكد الفقه الإباضي أن العدل يجب مراعاته في كل صوره وبالنسبة لكل الأشخاص، مسلمين أو غير مسلمين.  يقول الإمام ابن بركة: قال الله جل ثناؤه: » ﴿ " &%$# ' *)( :9876543210/.-,+ <; = IHGFEDCBA@?> ﴾ [ [النساء: ١٣٥ . فكان أمر الله المؤمنين بالقيام بالقسط أمرا عاما لهم أجمعين، ً والقسط الذي أمرهم بالقيام به لا ينفك من أحد أمرين: إما أن يكون قسط ً ا معلوما بعينه فتكون الإشارة دالة عليه دون غيره، أو لا تكون الإشارة وقعت ً على قسط معلوم بعينه فتكون دالة على ما وقع عليه اسم قسط. فلما كانت الإشارة بالألف واللام دالة على التعريف ولم يكن معنا دليل على قسط بعينه معروف، صح أن هذه إشارة إلى الجنس، فوجب علينا القيام بكل ما  « وقع عليه اسم قسط(١) . = ٤٣ ). كذلك قيل / تفسير الطبري: ٢٨ ) « من يبرهم، ويحسنون إلى من أحسن إليهم ّ بخصوص هذه ا لآية: هذا أصل لم تعهده البشرية قبل الإسلام، فقد كان أهل كل دين يعتبرون الخارج عنه »محمد فريد وجدي: مهمة « عدوا مهدور الدم، فكانوا إذا وقع في أيديهم استعبدوه أو قتلوه ً الإسلام في العالم، الأمانة العامة للجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف، القاهرة، ١٤٠٩ ه -. ١٩٨٩ م، ص ١١٩ وقيل أيض ً ا أنها من أصرح ما جاء في بر المخالفين، راجع الشيخ عبد المتعال الصعيدي؛ بر المخالفين في الإسلام، رسالة الإسلام، دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، القاهرة، عدد ٣، س ١٣٧٣ ،٦ ه -. ١٩٥٤ م، ص ٢٩٦ وهكذا فإن الخلاف لا يمنع من الإنصاف، راجع الشيخ محمد جواد مغنية: الخلاف لا يمنع من الإنصاف، رسالة الإسلام، دار التقريب بين المذاهب الإسلامية بالقاهرة، عدد ١٣٧٣ ه ، ٤، س ٥ . ١٩٥٣ م، ص ٣٩٢ (١) . ابن بركة: كتاب الجامع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ١، ص ١٦٣ ُ ويقول ا لسالمي: والعدل هو الفضيلة... ومدار شريعة محمد ژ على رعاية هذه » الدقيقة؛ فشرع اليهود مبناه على الخشونة التامة، وشرع النصارى على المسامحة التامة، وشرع محمد ژ متوسط في كل هذه الأمور، فلذلك كان « أكمل من ا لكل (١) . ويقول المفتي العام لسلطنة عمان إن: ُ بغض البغيض لا يحول دون وصوله إلى ما له من حق العدل » « والإنصاف في ا لإسلام(٢) . وفي تفسيره لقوله تعالى: ﴿ ONMLK ﴾ [ [النحل: ٩٠ ، يقول أطفيش: وقيل: العدل أن ينصف من نفسه لغيره وينتصف لنفسه من غيره، » والإحسان أن ينصف ولا ينتصف، وقيل: العدل في الفعل والإحسان في القول، وهو قول بعيد عن العدل والإنصاف، قلت: وعندي العدل أداء الواجب مطلق ً « ا والإحسان الزيادة عليه(٣) . ومما يدل على ضرورة مراعاة العدل حتى مع الأعداء ما روي أن طعمة بن أبيرق استأمنه يهودي درع ً ا فخانه فيها، فلما شكاه ألقاها في دار أبي مليك، وجاءت الأنصار، وهم عشيرة طعمة، يجادلون عنه، فأنزل ا لله 4 (١) السالمي: معارج الآمال، ج ٧، ص ٥٢ . كذلك قيل: العدالة هي هيئة راسخة في النفس، تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة. »والعدالة فعل جميع ما يجب من أوامر الله، وتجنب جميع المحرمات، والرذائل المباحة معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٧٢ « في الأصل -.٦٧٣ ّ (٢) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: القيم الإسلامية ودورها في تقديم حلول للمشكلات . البيئية العالمية، ص ٨٧(٣) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٨، ص ٦٢ -.٦٣ قرآن ً ا يبرئ فيه اليهودي ويتوعد أصحاب المكائد وذلك في تسع آيات من سورة النساء، يقول تعالى: ﴿ ¸ ÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹ ,+*❁ ('&%$#"!❁ ÇÆ ;:❁ 876543210/.LKJIHGFEDCBA@?>=< XWVUTSRQ❁ ONM fed❁ ba`_^]\[ZY utsr❁ ponmlkjihg }|{zyxwv❁ ے §¦¥¤£¢¡ μ´³²±°❁ ®¬«ª©¨ ÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹¸¶ ÒÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅ ÔÓ ﴾[النساء: ١٠٥ -[١١٣ (١) . ٧ تلافي الدبلوماسية السرية، إلا فيما يخص ا لخير: علة ذلك الآثار الضارة للدبلوماسية السرية (خصوصا تدبير المؤامرات ً أو شن عدوان) بل كان سبب نزول بعض آيات القرآن الكريم لجوء غير ا ضد المسلمين. فقد كانت اليهود والمنافقون  المسلمين إلى النجوى سر يتناجون ويتغامزون بمرأى المؤمنين، يوهمونهم موت أقاربهم والمؤمنين في القتال، ولا يزالون كذلك حتى تقدم الأقارب والمؤمنون من سفرهم، (١) والخطاب عام ليس خاصا بالنبي ژ بل لكل من يحكم بين » : قيل بخصوص هذه الآيات ً الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، « الناس أن يحكم بما أنزل الله . المرجع السابق، ص ٢٠٨ وكثر ذلك منهم، فشكا المؤمنون إلى رسول الله ژ ذلك، فنهاهم ولم ينتهوا(١) ، فنزل قوله تعالى: ﴿ ]\[ZYXWVUT a`_^ onmlkjihgfedcb ~}❁ {zyxwvutsrqp ے £¢¡ ¬«ª©¨§¦¥¤ ´❁ ²±°¯® ¼»º¹¸¶μ ÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½ ﴾[المجادلة: ٨ -[١٠ . غير أن النجوى تجوز إذا كانت لتحقيق أمور إيجابية أو خير أو نفع للدول ولشعوبها، يقول تعالى: ﴿ " /.-,+*)('&%$# ;:9876543210 < ﴾ [ [النساء: ١١٤ . يقول أطفيش: وخص الثلاثة لأن عمل الخير في حق الغير إما إيصال النفع بالمال » وهو الصدقة، وإما بمنفعة روحانية وهي الأمر بالمعروف، وإما دفع الضر « وهو الإصلاح بين الناس في فساد واقع أو مشرف عليه (٢)(١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٤ ، ص ٣٩٦ . وعن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ژ : « لا يتناجى اثنان عن واحد » . حاشية الترتيب « لأن ذلك مما يحزنه » : قال في الإيضاح للشيخ أبي ستة على الجامع الصحيح ترتيب أبي يعقوب الورجلاني لمسند الربيع، دار البعث، قسنطينة الجزائر، ١٩٩٤ ، ص ١٤١(٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٣٤٣ - .١٤٤ ٨ عدم التدخل في شؤون ا لآخرين: يمكن استنباط هذا المبدأ من قوله ژ : من حسن إسلام المرء تركه ما »« لا يعنيه . يقول الصنعاني إن الحديث من جوامع الكلم النبوية يعم الأقوال ويعم الأفعال (١)ولا شك أن الحديث بعموميته قابل للتطبيق في إطار العلاقات الدولية وفي علاقات الأفراد ا لعاديين.  ويعتبر هذا المبدأ من المبادئ الأساسية للعلاقات الدولية المعاصرة، أكد عليه العديد من مواثيق المنظمات الدولية المعاصرة وسلوك الدول. ٧ من ميثاق الأمم المتحدة تنص على أنه / يكفي أن نذكر أن المادة ٢لا يجوز لمنظمة الأمم المتحدة أن تتدخل في الأمور التي تعد من صميم السلطان الداخلي للدول، كما أن الدول ليست ملزمة لأن تعرض من هذه  الأمور لكي يتم حلها وفق ً ا لميثاق ا لمنظمة(٢) . وقد أخذ الفقه الإباضي بمبدأ عدم التدخل. يقول الوارجلاني تحت باب: يقول ا لوارجلاني: ،« ما ينبغي لأمير المؤمنين أن يفعله في أهل الخلاف » وإن اعترفوا بطاعتنا، وانفردوا ببلادهم. وأجروا فيها أحكامهم، تركناهم. » وذلك ما لم يكن ردا على آية محكمة أو سنة قائمة، ونستقضي عليهم منهم، ُ من يقوم بواجب الحقوق عليهم ولهم، ونقبل قوله في ذلك على أسلوب القضاة كلهم، إذا كانوا ممن تقود لهم دياناتهم، ولم يمنعنا من ولايتهم إلا ما هم عليه، ونأخذ منهم كل ما يجب من الحقوق، ونردها في فقرائهم « وذوي الحاجة منهم(٣) . (١) . الصنعاني: سبل السلام، ج ٤، ص ٣٥٣(٢) د. أحمد أبو الوفا: الوسيط في قانون المنظمات الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة، . ص ٤٨٧(٣) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٦٧ -.٧١ ٩ مبدأ النظر في مآلات التصرفات حتى في إطار العلاقات ا لدولية: التوقع » تعرض الفقه الإباضي لمسألة النظر في مآلات الأفعال أو فكرة يقول أطفيش: .« المستقبلي « والتوقع يكون في الخير والشر »(١) . « مفهوم ا لإيالة » : كذلك من المفاهيم ا لإباضية(٢) . ّ ابتداء وانتهاء: « عمياء » ومعنى ذلك أن القرار يجب عدم اتخاذه بطريقة ابتداء بمعنى أنه يجب تقليب الأمور وإجراء الشورى، وانتهاء بمعنى رسم لما سيسفر عنه في العمل وما « التوقعات المرئية أو المحتملة أو العملية »يحققه من أثر. يؤيدنا في ذلك ما قاله الإمام ا لشاطبي: النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرع » ً .« ا  دليل ذلك في نظر الشاطبي أن التكاليف مشروعة لمصالح العباد الأخروية والدنيوية. وهذه الأخيرة مناطها: أن الأعمال إذا تأملتها مقدمات لنتائج المصالح، فإنها أسباب » (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٩٦ (٢) الإيالة تعني النظر إلى ما يؤول إليه الأمر، أو اعتبار مآلات الأحكام عند تنزيلها » : قيل على التطبيق ا لعملي. ويعرف عند أهل الأصول بالنظر إلى المآل، وهو أمر أساسي في عمل المجتهد لتتم مطابقة النتيجة للمقصد الذي قصده الشارع من تشريع ا لأحكام. وقد اهتم الإباضية في فقههم بالجانب المقاصدي وتحري إصابة الغاية من التشريع عند ّ الاجتهاد، والعناية بالباعث والتعرف عليه للحكم على الأفعال، والاجتهاد للنظر إلى مآلات أفعال المكلفين وعدم الاكتفاء بالجانب الظاهري، ما وجدوا إلى ذلك سبيلا ً ، إلا معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع « إن تعذر الأمر فإنهم يبنون الحكم على الظاهر ّ . السابق، ج ١، ص ٨٨ لمسببات هي مقصودة للشارع، والمسببات هي مآلات الأسباب فاعتبارها « في جريان الأسباب مطلوب: وهو معنى النظر في ا لمآلات(١) . منذ بدايات الدولة الإسلامية، « التوقع المستقبلي » وقد تم تطبيق مبدأ وذلك حينما أبقى عمر بن الخطاب سواد العراق بأيدي أهله، وضرب عليهم الجزية والخراج، ولم يأخذ برأي من طلب قسمته على ا لغزاة(٢) ، ا ستناد ً ا إلى قوله تعالى: ﴿ !" &%$# ' *)( ,+ -3210/. ﴾[ [الحشر: ١٠ ، فقد قال عمر: استوعبت » ْ الآية ُ جميع المسلمين، وما مسلم على وجه الأرض إلا وفيها « له حق(٣) .  :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«dhódG äÉbÓ©dG ÇOÉÑe áªJÉN     يتضح مما تقدم أن لمبادئ العلاقات الدولية في الفقه الإباضي قواعد  وهي مبادئ ترمي إلى تحقيق .« تعامليا » أو « ذاتيا » مكينة، تمت مراعاتها أمرين: الأول مراعاة مصلحة الإسلام والمسلمين: (١) الإمام الشاطبي: الموافقات، تحقيق: الشيخ عبد الله دراز، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ج ٤، ص ١٩٤ - الأدلة الشرعية والاستقراء التام أن المآلات » : ١٩٥ . ويضيف الشاطبي ويضرب لذلك مثلا .« معتبرة في أصل المشروعية ً خاصا بالعلاقات الدولية، هو قوله ً تعالى: ﴿ !" &%$# ﴾ نفس المرجع، ص ١٩٦ -.١٩٧ وهكذا يجب أن تتم دراسة العواقب المترتبة على التصرف المراد اتخاذه دوليا، لقوله ژ : ً إذا هممت بأمر من أمور الدنيا ففكر في عاقبته، فإن كان رشد » ً ا فأمضه، وإن كان غيا فانته « عنه (راجع رسالة الإمام مالك في السنن والمواعظ والآداب، في أحمد زكي صفوت: .( جمهرة رسائل العرب، المكتبة العلمية، بيروت، ج ٤، ص ٤١٥ (٢) راجع لاحق ً ا: الباب الخاص بالحرب (قسمة الأصول كغنيمة). (٣) أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٤ ، ص ٤٣٦ -.٤٣٨ الثاني استقرار العلاقات الدولية وعدم اتخاذ أي سلوك قد يعكر صفوها. بل عرف الفقه الإباضي أيض ً ا قواعد المجاملات في التعامل بين الأفراد وعلى الصعيد ا لدولي(١) ، وهي قواعد بطبيعتها غير ملزمة، لكن تحتمها اللياقة وحسن الجوار والتعامل السلمي بين الأفراد والدول. (١) وهكذا قيل: أما بعد المحاكمة فلا مانع إذا قرب الحاكم أحد » ً ا من الخصوم كقريب له أم صديق، أو محترم في الناس؛ لأن رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول: « أنزلوا الناس منازلهم » لكن في غير حال الخصام، وفي القرآن: ﴿ ¸¹ º ﴾ وقال عليه الصلاة والسلام: أقيلوا ذوي » « الهيئات عثراتهم وهذا فيما لا يتعلق به حق احد من عباد الله، فإذا عثر أحد أهل الهيئات يجب أن تقال عثرته، وصفة العثرة أن يقع الإنسان في قضية غير قاصد لها ولا متعمد لوقوعها، وهو معروف بالخير غير مظنون فيه التمرد على عباد الله بالبذاءة عليهم، .« ولا معتاد لفعل ما يدعو إلى الشقاق والخصام، فهذا هو الذي ينبغي أن يقال إذا عثر الشيخ سالم السمائلي: هدى الفاروق، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٣ ه . ١٩٨٣ م، ص ٦٢ وبخصوص أمر ا لرسول ژ بالرحمة، قيل: وعسى أن يكون لهذا المعنى أمر ا لنبي » 0 أن يرحم عزيز قوم ذل وغني افتقر لما فيهما « على من ابتلي بهما أو بشيء منهما السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ج ١٤ ، ص ٣٤٠ -.٣٤١ ُ :ó«`¡ªJ  من الثابت أن العلاقات الدبلوماسية تلعب دورا خطيرا في العلاقات ًً الدولية، وهو ما لم يغفله ا لإسلام(١) . ووصل فكر وأدب فقهاء المسلمين في هذا الخصوص مكان ً ا عليا، لا يجاريهم فيه أحد. فلم نقرأ ولم نسمع في أي كتاب مثل ما قاله الإمام الشيباني أن على الإمام ألا يخل ّ ي سبيل الرسولين اللذين يحضران عنده إلا لأنهما تحت ولايته وفي أمانه. وهو مأمور « موضع لا يخاف عليهما فيه » في بدفع الظلم عنهما. فكما ينظر للمسلمين بما يزيل الخوف عنهم فكذلك ينظر لهما. أرأيت لو حملهما معه في البحر، فلما انتهى إلى جزيرة أمن فيها، أينبغي له أن يتركهما في تلك الجزيرة؟ لا، ولكن يحملهما إلى موضع لا يخاف عليهما فيه من ا لضيعة(٢) . (١) في معنى قريب يقول المرحوم الدكتور سلام مدكور بخصوص أثر الفتح الإسلامي على الفقه: وعلى كل فقد امتزج المسلمون من العرب بغيرهم من هذه الأجناس في كل بلاد الفتح »الإسلامي بل حتى في المدينة عاصمة الملك إذ يقصدها ذوو الحاجات والرسل من الأمم الأخرى والأسرى... فعرضت لهم بسبب ذلك أحداث ليس لهم بها سابق عهد، ولا يوجد .« لها حكم شرعي ظاهر يمكن تطبيقه (د. محمد سلام مدكور: المدخل للفقه الإسلامي، دار النهضة العربية، القاهرة ١٣٨٩ ه -١٩٦٩ م، ص ٧٠ -.(٧١ (٢) شرح كتاب السير الكبير للشيباني، (إملاء الإمام السرخسي، معهد المخطوطات بجامعة .( الدول العربية، القاهرة، ١٩٧١ ، ج ٢، ص ٥١٩ وكتب الناصر محمد بن قلاوون أمان ً ا لفراكس من ملوك النصارى وزوجته وأتباعهما حينما طلبوا التمكين من زيارة القدس الشريف، جاء فيه: ...» فإن كرمنا يرعى الوفود، وشيمنا تدعى فتجود، وذممنا بها لحظ الحقوق وحفظ ، القلقشندي: صبح الأعشى، طبعة مصورة عن الطبعة الأميرية، القاهرة، ج ١٣ ) « العهود .( ص ٣٢٧ ومن المعلوم أن العلاقات الدبلوماسية يتم تبادلها بين الدول عن طريق اعتماد رئيس البعثة لدى رئيس الدولة (طبقة السفراء أو الوزراء المفوضين) أو لدى وزير الخارجية (طبقة القائمين بالأعمال). ولم يف ُ ت فقهاء المسلمين التأكيد على ذلك. َ يقول العيني إنه ينبغي للملك أن يقسم النهار أربعة أقسام، منها: قسم للنظر في أمور السلطنة... وكتابة الكتب، وإنفاذ الرسل، وتركيب » « الحجة على الخليقة ليسلكوا أحسن طريقة(١) . أو تبادل العلاقات « السفراء » أو « الرسل » وقد عالج الفقه الإباضي مسألة مرسلين لإنجاز « سفراء » أو « رسل » الدبلوماسية (في صورة إرسال واستقبال  مهمة معينة). وقد أكد الفقه والسلوك الإباضي أن الرسول أو السفير قد يتم إرساله: ١ إما بخصوص مسألة داخلية(٢) . (١) دار الكاتب « شيخ المحمودي » بدر الدين العيني: السيف المهند في سيرة الملك المؤيد العربي للطباعة والنشر، القاهرة، ١٣٨٧ ه . ١٩٦٧ م، ص ٢٩٢ كذلك يذكر ابن عبد الظاهر عنوان ً راجع « ذكر تجهيز الرسل إلى الملوك في البحر » ا عن ابن عبد الظاهر: تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور، وزارة الثقافة والإرشاد . القومي، القاهرة، ١٩٦١ ، ص ٥٥ وممن كانت الرسل تؤمه بكثرة السلطان بيبرس: ففي وقت متقارب في عام ٦٦٧ ه كان عنده رسل الأشكري (ملك بيزنطة)، ورسل الملك بركا، ورسل الملك جارلا أخي لويس المعروف بالريد فرانس، ورسل المغرب، ورسول الفنش، ورسل الملك البرشنوني، راجع ابن عبد الظاهر: الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر، تحقيق: د. عبد العزيز الخويطر، الرياض، ١٣٩٦ ه ١٩٧٦ م، ص ٣٣٤ -.٣٣٩ (٢) من ذلك الرسالة التي بعث بها الإمام سالم بن راشد الخروصي إلى الشيعة، والتي جاء إن الباعث لتحرير هذا الكتاب إليك، وبعث رسولنا لديك هو إعلامك عن أخبار » : فيها وادي الرستاق مما يرومه أهل المكر والنفاق، فواصلك محب الجميع سعيد بن بشير، = ٢ أو في إطار العلاقات الرسمية بين الدول. ففي الفترة من ٩٢٤ - ١٢٠٨ ه جاءت إلى الصين ٣٩ سفارة عربية، من بينها سفارة جاءت من عمان(١) . ُ وسنركز هنا بداهة على دراسة هذا النوع الأخير من الرسل أو ا لسفراء(٢) ، = والعلوم بلسانه، وها نحن على أهبة للمثار إرهاب ً ا للعدو ودفاع ً ا عن حرم المسلمين، ومن الله النصر والإعانة، وقد احتجنا إلى شيء من النفقة لأجل ما ذكرنا، وكما تعلم بحالة  نزوي وما عليها من المقابلة، وذلك غير خاف عليك، فبعثنا إليك هذا الرسول، وأمرناكم الذي هو لبيت مال المسلمين، وقبض ثمنه، وإرساله مع الرسول « السهيلي » ببيع فلج الواصل لندفعه في عز الدولة، ونرغم به العدو، واجتهد في ذلك، وعجل، فإن الحاجة ّ .« ماسة كما أخبرناك ّ د. محسن الكندي: الشيبة أبو بشير محمد بن عبد الله السلمي، ج ٢: الوثائق والمدونات، . رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، ٢٠١١ ، ص ٣٨(١) د. جعفر كرار أحمد: الدور الحضاري للعمانيين في الصين، اللجنة الوطنية ا لعمانية للتربية ُُ والثقافة والعلوم، ١٤٢٨ ه . ٢٠٠٧ م، ص ٤٢ (٢) تتبادل الدول أيض ً ا ما يسمى بالعلاقات القنصلية. وفي التاريخ ا لع ُ ماني أمثلة كثيرة، نذكر منها ما جاء في تحفة ا لأعيان: وفي أول سنة تسع عشرة أيض » ً ا خرج من مسكد بالوز الإنجليز ويقال له: القنصل ومعناه بالعربية الوالي فجاء على طريق قريات ومنها إلى صور ومنها إلى وادي مسلق، وكان قد استأذن السلطان في ذلك، وكان قد هم أن يدخل الشرقية من رفصة المشارفة وانتدب لمنعه شيخنا الأمير ورؤساء القبائل، وتعاقدوا على منعه خوف غوائله وكتبوا بذلك إلى رئيس المشارفة، وركب الأمير إلى بدية ثم إلى جعلان في معارفة الناس لدفع الشر المتوقع بمنعه وكتب البالوز إلى السلطان فيصل بالواقع، فداخلته الحمية في رد هذا َ القنصل إذ كان عن إذنه خرج فركب بمن حضر معه البحر ونزل بصور، وكان قد حمل معه ما يحتاج إليه فيقال: إن متاعه من الدراهم غرقت به الماشورة عند التنزيل من المركب ثم أرسل السلطان إلى بعض رؤساء الصواويع وهم من شيوخ بني بو حسن فذمرهم عند البالوز وأرسل معه ولده تيمور وكان يومئذ يقارب الاحتلام فركب الأمير في القابل ومعه وجوه قومه ونزلوا بالمنترب من بدية وركب معهم رئيس الحجريين هلال بن سعيد ومعه كثير من مطاوعتهم وبعض قومه وساروا جميع ً ا حتى نزلوا بالفليج من بلدان = وذلك بدراسة مفترضات العلاقات الدبلوماسية، ووظائف البعثة الدبلوماسية، وحصانة الرسل والسفراء. وندرس هذه المسائل، كل في فصل مستقل.   = المشارفة، ثم ركبوا من هنالك قاصدين الرفصة لمنع البالوز وأعوانه، فإذا هم قد دخلوا الرفصة فرجع الأمير ومن معه والبالوز ومن معه يسيرون وراءهم ولم يعاجلوهم سياسة منهم خافوا الفرقة بين المسلمين ورجعوا متحرفين لقتال ومنتظرين للفرج حتى وصلوا موضعا يقال له أم الخم، وهو مرصد للقتال أحاطت به الجبال والطريق بين الجبال في ً الوادي فهنالك قبضوا عليهم الطريق، وكان الوقت حرا والشمس في كبد السماء فوجهت ً إليهم التفاق وهموا بقتلهم إن لم يرجعوا على أعقابهم، ثم رأى الأمير أن يكلم تيمور لعله أن يرجع من غير قتال فأتى إليه وسط قومه والنصراني قد جلس في الأرض مادا رجليه متحيزا، فكلم الأمير تيمورا في ذلك قبل إطلاق التفاق فأجابه برفق ولين واتفقوا ًّ ً على أن ينزلوا جميعا بالفليج ويكتبوا بالواقع إلى السلطان وكان بصور فنزلوا بالفليج ً وقد أمن بعضهم بعض ً ا وقد كان في أول الأمر إنما وصل عند الأمير وجوه القوم، وحين نزلوا بالفليج صارت تأتيهم الرجال متوالية وصار السلطان ينفق على ا لفريقين. وأرسل البالوز إلى الأمير أن يأتيه أو يأذن له في إتيانه فقال الأمير: لا أراه ولا يراني ثم رجعوا إلى صور وواجه رئيس الحجريين السلطان بصور ومعه بعض الناس من وجوه السالمي: تحفة الأعيان بسيرة أهل « القوم، وأعطاهم السلطان عطايا وأرسل للأمير هدايا عمان، ج ٢، ص ٣٢٦ -.٣٢٨ ُ من المعلوم أن مفترضات العلاقات الدبلوماسية تتمثل في أمرين أساسيين، هما: أولا ً تبادل العلاقات الدبلوماسية بين دولتين. ثاني ًا تشكيل البعثة الدبلوماسية؛ (أي: الأشخاص الذين يدخلون في تكوينها). وندرس هذين الأمرين وذلك بأن نخصص لكل منهما مبحث ً ا. ∫hC’G åëѪdG á«°SÉeƒ∏HódG äÉbÓ©dG ∫OÉÑJ من المعلوم أن تبادل العلاقات الدبلوماسية يحكمه مبدأ أساسي هو مبدأ تراضي كل من الدولتين المرسلة والمستقبلة. وفي رأينا يمكن أن نجد أيض ً ا سند ً ا في القرآن الكريم لإرسال وتلقي الرسل والمبعوثين الدبلوماسيين في قصة بلقيس وسيدنا سليمان. يقول تعالى في سورة ا لنمل: μ´❁ ²±°¯®¬«ª©¨ ﴿ §¦ ÆÅÄÃÂ❁ À¿¾½¼»º¹¸¶ ÔÓÒÑ❁ ÏÎÍÌËÊÉÈÇ Ø×ÖÕ (١) "! ❁ # (٢) &%$ )(' 98765432❁ 0/.-,+* =<;: > ﴾[النمل: ٣٢ - [٣٧ . ولما رجعت الرسل إليها وبهديتها وبما قال سليمان، سمعت وأطاعت في قومها تسير إليه في جنودها خاضعة له. كذلك هناك بعض الآيات التي نزلت بخصوص وفود أو رسل أرسلت إلى النبي ژ . وهكذا فإن قوله تعالى: ﴿ ! '&%$#" 5 4 3 2 10/ . -, + * ) ( ا لقوه وقرأ عليهم ما أنزل الله بكوا  6 ﴾ [ [المائدة: ٨٣ نزلت كما أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في اثني عشر رجلا ً ، سبعة قسيسين وخمسة رهبان، أرسلهم النجاشي إلى رسول الله ژ يسألونه فلم وآمنوا وأنزل الله فيهم الآية ا لسابقة (٣) . (١) معنى ذلك أن المبعوثين والسفراء يمكن أن يكون من مهامهم توصيل الهدايا إلى رؤساء أي سأبعث إليه بهدية تليق » : الدول المبعوثين إليها. يقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآية بمثله وأنظر ماذا يكون جوابه بعد ذلك فلعله يقبل ذلك منا ويكف عنا، أو يضرب علينا تفسير ابن كثير، ) « خراجا نحمله إليه في كل عام ونلتزم له بذلك ويترك قتالنا ومحاربتنا ً .( ط البابي الحلبي، القاهرة، ج ٣، ص ٣٦٢(٢) تقول الرواة: ما نعرف رسولا ً ألطف، ولا كتابا أوجز، من هدهد سليمان وكتابه. وهو ً قوله 8: ﴿ }|{zyxwv❁ ے ¤£¢¡﴾ [٣١ ، [النمل: ٣٠ . انظر ابن الفراء: كتاب رسل الملوك ومن يصلح للرسالة والسفارة. تحقيق: د. صلاح الدين المنجد، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، ١٣٦٦ ه -. ١٩٤٧ م، ص ٢١ (٣) انظر أيض ً ١٣٨٩ ه ، ا تفسير المراغي، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ج ٧ ١٩٧٠ م، الطبعة الرابعة، ص ٤، وراجع السهيلي: الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام، تحقيق: عبد الرحمن الوكيل، دار الكتب الحديثة، القاهرة، ١٣٨٧ ه ١٩٦٧ م، ج ٣، ص ٣٧٣ ٰ وما بعدها. ويمكن الاستدلال أيضا على إمكانية إرسال الرسل من قوله تعالى: ً ﴿ }|{zy ~ ﮯ £¢¡ ¤ §¦¥ ¨ ¯®¬«ª© ° ²± ﴾ [ [ يوسف: ٥٠ . يقول الإمام أبو السعود في تفسير هذه ا لآية: وقال الملك بعد ما جاءه السفير بالتعبير وسمع منه ما سمع. ائتوني به » لما علم من علمه وفضله فلما جاءه؛ أي: يوسف واستدعاه إلى الملك، قال: « ارجع إلى ربك؛ أي: سيدك فاسأله(١) . ويستنبط إرسال الرسل أيضا من قوله تعالى: ً ﴿ edcba ﴾ ] [ النمل: ٢٨ ؛ يقول الإمام القرطبي في تفسيره: في هذه الآية دليل على إرسال الكتب إلى المشركين، وتبليغهم » الدعوة، ودعائهم إلى الإسلام، وقد كتب النبي ژ إلى كسرى وقيصر وإلى  « كل جبار(٢) . وقد أكد الفقه الإباضي على إمكانية تبادل العلاقات الدبلوماسية. وهكذا أنه لا يجوز لأحد أن يتخذ دار الشرك وطن » : بعد أن أكد الوارجلاني مبدأ ً ،« ا أضاف أنه يستثنى من ذلك عدة أمور، منها: ويجوز دخولنا عليهم عيون » ً ا وجواسيس ورسلا ً كما أنه يجوز دخولهم ،« دار ا لإسلام: « للتجارة أو للإسلام أو رسل إلينا »(٣) . (١) . تفسير أبي السعود المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم، ج ٤، ص ٢٨٤(٢) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الكاتب العربي، ط دار الكتب، القاهرة، ١٣٨٧ ه . ١٩٦٧ م، ج ١٣ ، ص ١٩١ (٣) الوارجلاني: الدليل والبرهان، مج ٢، ج ٣، ص ٩٣ ؛ سيف بن ناصر الخروصي: الإرشاد ١٤٢٠ ه ، في شرح مهمات الاعتقاد، ج ٢ . ١٩٩٩ م، ص ١٦٣   معنى ذلك أن الفقه الإباضي عرف التمثيل الدبلوماسي بصورتيه: أ التمثيل الإيجابي؛ أي: إرسال الدولة لسفير لدى دولة أخرى، وهو ما يطلق عليه باللغة الفرنسية اسم La légation active. ب التمثيل السلبي؛ أي: استقبال الدولة لسفير دولة أخرى اعتمدته هذه الأخيرة لديها، وهو ما يطلق عليه باللغة الفرنسية اسم La légation passive. وقد أكد ابن محبوب أيض ً ا على أنه إذا كانت القاعدة عدم إقامة المسلم في ديار غير المسلمين، فإن ذهابه إليهم كرسول يشكل استثناء على هذه القاعدة. وهكذا يقول:  وإذا كانت هذه الدار على ما وصفناه من شأنها دار كفر أو دار فسق » وضلال لم يجز لأحد دخولها، ولا المقام بها مع وجود السبيل إلى دار  ليس هذا الاسم لها ولا الحكم على أهلها ما لم يكن معتصما بذمة أو أمان ً ممن بها بغير إظهار لتصويبها، لأنه حينئذ يكون مدخلا ً لنفسه بذلك فيما يجب من الاسم والحكم على أهلها، وفيما يكون به عاصيا لربه من تصويب ً ما دانوا من الكفر والفسق به، وإن كان مكره ً ا على ذلك، لا أنه يجد السبيل إلى الخروج عنها إلى بلد غير محمول ذلك عليه فيه، فإذا أمكنه أن يعتصم بذمة أو أمان، ليس في ا لزي والهيئة من أهل دار الكفر حتى أنه غير محمول في ذلك على تصويب كفرهم ولا يفتنوه عن دينه في مقاطعة معهم، جاز ذلك له، كما يجوز للمختلفة بالتجارات إليهم مع إظهارهم لمخالفتهم بأمان منهم لهم، أو بأن يكونوا رسلا ً للمسلمين إلى بعضهم أو ملوكهم بالسنة القائمة للمسلمين في شريعتهم، ما لم يأمرهم إمام المسلمين بالخروج من ديارهم، لما يتبين له من صلاح ٍ « فيه بخروجهم عنهم(١) . (١) ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، رسالة المحاربة، المرجع السابق، ص ٢٦ -.٢٧ وإذا تم تبادل العلاقات الدبلوماسية، فإن استقبال السفراء، تحكمه في   نظر الفقه الإباضي القواعد ا لآتية: أ يمكن منع السفير من دخول أماكن معينة: أجازت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام ١٩٦١ منع دخول الدبلوماسيين الأماكن التي يحظر دخولها لاعتبارات تتعلق بالأمن ا لقومي. وقد أخذ الفقه الإباضي بذلك بخصوص دخول غير المسلمين للمساجد، خصوص ً ا المسجد الحرام. وهكذا بخصوص قوله تعالى :﴿ 0/ <;:987654321 ﴾ [ [التوبة: ٢٨ ولا يدخل المشرك مسجد » : ، قيل ً ا من مساجد المسلمين ولو ذميا ً يعطي الجزية، ولو غسل النجس والثياب، قال بعض: إلا بإذن مسلم، والمذهب أنه لا يجوز للمسلم أن يأذن له في دخول مسجدنا ولا مسجد قومنا، ولا يحل أن نتركهم يدخلون مسجدنا ولا مسجد قومنا. أو قرب المسجد الحرام دخول الحرم، فإن أرسلوا للإمام أرسل إليهم رسولا ً إلى خارج الحرم، أو خرج إليهم، وإن دفن مشرك في الحرم قلع إلى ا لحل ولو  ذميا أو معاهد ً ا، وأجاز أبو حنيفة وأهل الكوفة دخول المعاهد والذمي الحرم، « ويدخل المشرك الحجاز لأمر كتاجر بالإذن، ولا يقيم أكثر من ثلاثة أيام(١) . ب الدولة يمكن أن ترفض استقبال الرسول أو ا لسفير: ِ ومن ذلك ما حدث حينما أرسل ا لنبي ژ عمرو بن العاص إلى ملكي َ ْ ع ُ مان فأبى أحدهما أن يأذن له. فقال عمرو: وأنا خارج غد ً ا. فلما أيقن بمخرجه، اجتمع به وأسلم هو وأخوه(٢) . (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٤٣٤(٢) ابن حديدة الأنصاري: المصباح المضيء في كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عربي وعجمي، دار الندوة الجديدة، بيروت، ١٤٠٦ ه ١٩٨٦ م، ص ٣٦١ -.٣٦٢ ج يجب التجمل باللباس الحسن عند استقبال ا لسفراء(١) : وأخرج إبراهيم والواقدي عن جندب بن مكية أن النبي ژ كان إذا قدم عليه الوفد لبس أحسن ثيابه(٢) وأمر أصحابه بذلك فرأيته وفد عليه وفد كندة وعليه حلة يمانية وعلى أبي بكر وعمر مثله(٣) . يذكر البخاري ما روي أن عمر رأى على « من تجمل للوفود » وتحت باب ِ رجل حلة من إستبرق، فأتى بها ا لنبي ژ فقال: يا رسول الله اشتر هذه فالبسها لوفد الناس إذا قدموا عليك فقال: « إنما يلبس الحرير من لا خلاق له » ، فمضى (١) فعن جابر بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله ژ في غزوة ذي أنمار فقال جابر بن عبد الله: فبينما أنا نازل تحت شجرة إذا برسول الله ژ أقبل إلينا قال: قلت: هلم يا رسول الله إلى الظل فمال فنزل؛ قال جابر بن عبد الله: فقمت إلى غرارة لنا فالتمستها فوجدت فيها جر وقثاء فكسرته » : وقربته إلى رسول الله ژ فقال«؟ ومن أين لكم فقلت: خرجنا به من المدينة. قال جابر: وعندنا صاحب لنا نجهزه ليذهب. فيرعى ظهرنا فجهزته فذهب إلى الظهر وعليه بردان خلقان، فنظر إليه رسول الله ژ فقال: «؟ ألا له ثوبان غير هذين » قال: فقلت: يا رسول الله، له ثوبان في العيبة  كسوته إياهما؛ قال: فادعه ف » َأم ْ « ره يلبسهما . قال: فدعوته يلبسهما ثم ولى وذهب، فقال ُ رسول الله ژ : « ما له ضرب الله عنقه أليس هذا خيرا له » ، فسمعه الرجل فقال: يا رسول الله في ً سبيل الله. فقال: نعم في سبيل الله . قال جابر: فقتل الرجل في سبيل الله. قال الربيع: قال أبو عبيدة: وهذا ترغيب وتحريض من ا لنبي ژ في التزين للمسلمين باللباس ا لحسن. السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ١، ص ٤٠٧ -.(٤١٠ كذلك فإن للضرورات حكمها عند استقبال ا لسفراء: وهكذا قيل بخصوص قاعدة (الضرورات تبيح المحجورات) إنه يجوز أن يكون » الرسول ژ أجاز لوفد عبد القيس النبيذ لاضطرارهم إليه، وليحيوا أنفسهم من سوء الحال راجع خلفان الحارثي: القواعد الفقهية عند الإمام ابن بركة، ندوة القواعد الفقهية « التي بهم بين التأصيل والتطبيق، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ص ٢٤٥ -.٢٤٦ ُ (٢) وهكذا حينما سأل عمر بن الخطاب حفصة زوج ا لنبي ژ : ما أفضل ما اقتنى رسول الله ژ ،« ثوبين ممشقين كان يلبسهما للوفد ويخطب فيهما للجمع » : في بيتك من الملبس؟ قالت راجع الإمام ابن الجوزي: سيرة ومناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب 3 ، المكتبة القيمة، القاهرة ١٤١٥ه . ١٩٩٤ م، ص ١٧٦ (٣) . انظر الشيخ عبد الحي الكتاني: نظام الحكومة المدنية المسمى التراتيب الإدارية، ص ٤٥٢ في ذلك ما مضى، ثم إن ا لنبي ژ بعث إليه بحلة فأتى بها ا لنبي ژ فقال بعثت إلي بهذه، وقد قلت في مثلها ما قلت، قال: إنما بعثت إليك لتصيب »  بها مالا ً « فكان ابن عمر يكره العلم في الثوب لهذا الحديث . أي: » ؛« من تجمل للوفود » : ويقول ابن حجر في شرحه للحديث أن قوله حسن هيئته بالملبوس ونحوه لمن يقدم عليه والوفود جمع وافد وهو من يقدم على من له أمر أو سلطان زائرا أو مسترفد ً ا والمراد هنا من قول عمر ً للوفد ممن كان يرد على النبي ژ ممن يرسلهم قبائلهم يبايعون لهم على الإسلام ويتعلمون أمور الدين حتى يعلموهم وإنما أورد الترجمة بصورة الاستفهام لأن النبي ژ أنكر على عمر فالظاهر أنه إنما أنكر لبس الحرير « بقرينة قوله إنما يلبس هذه ولم ينكر أصل التجمل لكنه محتمل مع ذلك(١) .    »fÉãdG åëѪdG á«°SÉeƒ∏HódG áã©ÑdG π«μ°ûJ  يلعب أعضاء البعثة الدبلوماسية دورا مهما في إنجاز وظائفها وتحقيق ً الغاية المرجوة من إرسالهم. وقد ركز الفقه الإباضي على العديد من القواعد الخاصة بتشكيل البعثة الدبلوماسية، أهمها: :¢ü°üîàdGh IAÉØμdG ôaGƒJ IQhô°V (CG من الضروري أن يكون السفراء أو ا لرسل(٢) الذين يتم إرسالهم من ذوي (١) . ابن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ج ١٠ ، ص ٤١١(٢) بخصوص من أرسلتهم قريش أثناء صلح الحديبية إلى الرسول ژ يتحدث رأي عنهم الوسيط الأول، والثاني، والثالث، والرابع). والأفضل، في رأينا، ) « الوسيط » تحت اسم = الكفاءة والتخصيص. وسندرس ذلك تفصيلا ً عند دراسة أعضاء الأجهزة الدولية التي تمثل الدولة في العلاقات الدولية. ويكفي أن نذكر هنا ما أشار إليه أطفيش من أقوال لقمان ا لحكيمة: يا بني لا ترسل رسولك جاهلا » ً ، فإن لم تجد حكيم ً ا فكن ْ رسول َ « نفسك(١) . لذلك يقرر ابن الخطيب أنه إن: « اختل السفير بطل ا لتدبير »(٢) . وفي معنى قريب قيل: ثلاثة تضني: سراج لا يضيء، ورسول » ٌ « بطيء، ومائدة ينتظر لها من يجيء(٣) . ٌُ َُ « إن الرسول قطعة من ا لمرسل » : ونتيجة لذلك فقد قالوا(٤) . = فهناك فارق بين الوساطة والرسالة أو :« رسول » أو « سفير » أو « مبعوث » الحديث عن السفارة،   راجع: أحمد بن مهنى مصلح وآخرون: مواقف قيادية من السيرة النبوية، المطابع الذهبية، روى، ١٩٩٦ ، ص ١٦٩ - ١٧٢ ؛ عاشور بن يوسف كسكاس: السيرة النبوية، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٢٦ ه -٢٠٠٥ م، ص ١١٧ -.١١٨ ُ (١) أطفيش: تيسير التفسير للقرآن الكريم، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤١٥ ه -. ١٩٩٤ م، ج ١٠ ، ص ١٢٨ (٢) . ابن الخطيب: ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٤٠(٣) الأبشيهي: المستطرف في كل فن مستطرف، المرجع السابق، ج ١، ص ١٨٤ . ويقول ابن طباطبا: ومن الأمور المهمة للملك: حسن نظره في إرسال الرسل، فبالرسول يستدل على حال »المرسل. قال بعض الحكماء: إذا غاب عنكم حال الرجل ولم تعلموا مقدار عقله، فانظروا .« إلى كتابه ورسوله فهما شاهدان لا يكذبان (ابن طباطبا المعروف بابن الطقطقي: الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية، .( شالون على نهر سون، ١٨٩٤ ، ص ٩٥(٤) ابن مفلح: الآداب الشرعية والمنح المرعية، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ١٣٩١ ه ١٩٧١ م، ج ١، ص ٣٨٨ ؛ الإمام ابن عبد البر النمري القرطبي: بهجة . المجالس وأنس المجالس، ج ١، ص ٢٧٨ والأصل على الصعيد الدولي، أن يقوم الخليفة بتمثيل الدولة الإسلامية واتخاذ كافة التصرفات الدولية، فقد كان الرسول ژ هو قائد الجيش، وهو الذي أعلن الحرب على قريش وعلى بني قريظة وعلى بني النضير وعلى بني قينقاع... إلخ. كذلك فقد أبرم هو المعاهدات مع اليهود، ومع يوحنة بن رؤبة صاحب أيلة، ومعاهدة الحديبية أبرمها هو أيض ً ا، وهو الذي كان يرسل ويتلقى الرسل والوفود: فقد استقبل رسولا مسيلمة، واستقبل أبا رافع رسول قريش، وهو الذي أرسل الرسل إلى هرقل، وكسرى، والمقوقس، والحارث  الغساني ملك الحيرة، والحارث الحميري ملك اليمن، وإلى النجاشي ملك الحبشة، وأرسل عثمان بن عفان في الحديبية رسولا ً إلى قريش. كل ذلك يدل على أن الخليفة هو الذي يقبل السفراء ويرفضهم وهو الذي يعين رسله إلى الخارج، لأنه المسؤول عن تصريف العلاقات ا لخارجية. ولا يولون أمرهم، ولا يبعثون في حوائجهم، » : ومن سيرة منير بن النير ِ ولا يستعملون على صد َ ق َاتهم وأهل رعيتهم مستقصون على أهل ولايتهم، إلا أهل َ الثقة، وأهل العلم والفهم والتخرج، المعروفون بالفضل، والموصوفون بالخير من « أهل الثبوتات، من قوم غير قومهم لا سقاط ولا ادعاء لا متهمين ولا متفرقين(١) . :óMGh ∫ƒ°SQ ∫É°SQEG á«fÉμeEG (Ü أمر جائز لإبلاغ ا لرسالة. « واحد » يرى الفقه الإباضي أن إرسال رسول يقول ا لنزوي: « ولا يجزي العدل الواحد إلا في ا لرسالات »(٢) . (١). محمد بن عبيدان: جواهر الآثار، ج ١٥ ، ص ٢٦٣ (٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ١١٥ . ويشير السالمي إلى قول يوافق على حجية خبر الآحاد ا ستناد ً ا إلى أن ا لنبي ژ كان يرسل آحاد الرجال إلى أطراف الأرض ليعلموا الناس شرائع الإسلام. ولأهمية هذا القول نذكره بحذافيره: = ويقول ا لقلقشندي: ثم إن اقتضى رأي الملك زيادة في الرسالة على الرسول الواحد فعل: » ليتعاونا على ما فيه المصلحة، ويتشاورا فيما يفعلانه، فقد ذكر السهيلي: أن جبرا مولى أبي ذر الغفاري كان رسولا ً مع حاطب بن أبي بلتعة إلى  ً المقوقس. وإن اقتضى الحال إرسال أكثر من اثنين أيضا فعل، فقد ذكر ابن ً الجوزي أن أبا بكر الصديق 3 في خلافته بعث إلى قيصر ثلاثة رسل، « وهم: هشام بن العاص، ونعيم بن عبد الله، ورجل آخر(١) . ونظرا لظروف الطريق الذي كانت تسلكه البعثات الدبلوماسية قديما، ًً فقد كان يذهب معها رجال لحراستها خصوصا إذا كانت المسافة بعيدة ً « والأرض قفراء(٢) .  = إن الحجة » َ في ذلك لا تقوم إلا بمن تقوم به حجة الشهرة، ولا يجوز عليهم الغلط من ُ الخمسة  إلى العشرة، وكأن هؤلاء لم يروا ثبوت العلم لازما إلا من طريق التواتر، وكأنهم ً لا يوجبون قبول خبر الآحاد، ولا يخفى أن السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم كانوا يقبلون خبر الآحاد، وقد كان رسول الله ژ يرسل آحاد الرجال إلى أطراف الأرض يعلمونهم شرائع الإسلام، وفيها ما هو لازم لهم في حالهم ذلك، وفيها ما لم يلزمهم بعد، فلو لم يكن في ذلك حجة إلا من كانوا بحد الشهرة لأرسل رسول الله ژ إلى الآفاق عدد ً ا لا يجوز عليهم التواطؤ على ا لخطأ. ثم إن إرسال من كان على هذا الحال بعيد جد ً ا؛ لأنهم إن جاؤوا مجتمعين يحتمل اتفاقهم على الكذب في العادة، وإن جاؤوا متفرقين فالواحد منهم مخبر بخبر واحد، ثم لم يكن رسول الله ژ يرسل إلى الآفاق رسولا ً بعد رسول، وهذا كما ترى يدل على ثبوت القول السالمي: معارج الآمال المقدمات، « بأن العالم الواحد حجة فيما يسع جهله ص ٢٦٠ -.٢٦١ (١) . القلقشندي: صبح الأعشى، المرجع السابق، ج ٦، ص ٣٦٠(٢) من ذلك حينما أرسل السلطان أبو الحسن إلى ملك مالي وفد ً ا من أهل دولته وأوعز إلى أعراب الفلاة... بالسير معهم ذاهبين وجائين (تاريخ العلامة ابن خلدون، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ١٩٨١ ، المجلد السابع، ١٣ ، ص ٥٥٤ -.(٥٥٥ :±ÓîdG πgCG øe ô«Ø°ùdG ¿ƒμj ¿CG øμªj (ê القاعدة أن يكون الدبلوماسي من جنسية الدولة المرسلة إلا أنه يجوز وفق ً ا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية أن يكون من جنسية دولة أخرى  إذا وافقت على ذلك الدولة المرسل إليها. ويجيز الفقه الإباضي ذلك أيض ً ا: فقد جاء في منهج ا لطالبين: وأما أهل الخلاف للمسلمين، فلا أحب أن يولوا شيئ » ً ا من أمور المسلمين ولو كانوا ثقاة في دينهم، إلا ما قالوا في المعاني التي تخرج مخرج ا لرسالة. والأمر في المعنى الواحد مثل قبض الصدقة وأشباه ذلك. فبعض يقول: لا يجوز أن يجعل ذلك إلا للوالي. وبعض يقول: إنه إذا كان ثقة في دينه، ووصف له الصفة التي يعمل عليها، ووثق به: إنه لا يتعدى إلى خلاف ما أمر. فلعل بعضا أجاز له ذلك. ً « والله أعلم(١) . في رسائل يحملها « كتابة اسم الله » كذلك يجيز المحقق الخليلي ا(٢) النصارى. وهكذا إجابة على سؤال وما تقول فيمن يكتب خطوط ً وفيها اسم من أسماء الله تعالى، أيجوز له أن يرسلها مع هؤلاء النصارى أو البانيان من بلد إلى بلد، سواء الخطوط مشمعة أو مغلف عليها؟، يقول: (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٢٣١(٢) الخط في اصطلاح العمانيين: الرسالة، انظر المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد ُ . شوارد مسائل الأحكام والأديان، ج ١، ص ٢١٩ ، ه ١ لا بأس بذلك، ولو كتب فيها البسملة أو غيرها ما لم يكن مصحف » ً ا أو قرطاسة منه، ففي الأثر جواز مثله للجنب أن يقرأ من كتب العلم ما سوى القرآن، وقلما يخلو كتاب من كتب المسلمين لم يذكر فيه اسم الله أو البسملة أو بعض الآيات، وما جاز في هذا جاز في ذلك فيما عندي، « والله أعلم(١) . ويلاحظ أن سلوك الدولة الإسلامية لم يكن واحد ً ا بخصوص استخدام السفراء من غير المسلمين: فبينما لم يلجأ إلى ذلك العباسيون والأمويون، نجد أن الفاطميين بعثوا سفراء لهم من النصارى إلى الدولة البيزنطية (مثل أورسطيس بطريرك بيت ا لمقدس)(٢) . وإذا رجعنا إلى كتابات فقهاء المسلمين نجد أنهم لم يتطرقوا إلى تلك المسألة بصفة عامة، وإنما تعرضوا لها خصوصا عند بحثهم لعقد ً الأمان. ولا يصح أمان كافر وإن كان ذميا لأن النبي ژ قال: » : فيقول ابن قدامة ً « ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم » فجعل الذمة للمسلمين فلا تحصل « لغيرهم ولأنه متهم على الإسلام وأهله فأشبه ا لحربي(٣) . بينما يذهب اتجاه آخر إلى القول بجواز أن يصدر الأمان من رسول غير مسلم. وهكذا يقرر البعض أنه: (١) . ذات المرجع، ص ٢١٩(٢) راجع أيض ً ا د. سليمان ضفيدع: السفارات الإسلامية إلى الدولة البيزنطية، رسالة دكتوراه كلية العلوم الاجتماعية، قسم التاريخ والحضارة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ١٤٠٦ ه . ١٩٨٦ م، ص ١٧٥ (٣) .٥٥٦ ، ابن قدامه: المغنى، ج ١٠ ، ص ٤٣٤  ويعلل العلامة .« ويصح الأمان بكل لفظ يفيد مقصوده وبكتابة ورسالة » الكوهجي اللجوء إلى الرسالة كما يلي: لأنها أقوى من الكتابة سواء كان الرسول مسلما أم كافرا لأن بناء الباب » ًً « على التوسعة في حقن ا لدم(١) . وجاء في حاشية قليوبي وعميرة: « ولو كان الرسول كافرا » ويصح الأمان بكل لفظ يفيد مقصوده، ورسالة ً تغليبا وتوسعة في حقن ا لدماء(٢) . ً :OɪàY’G ¥GQhCÉH G k Ohõe ∫ƒ°SôdG hCG ô«Ø°ùdG ¿ƒμj ¿CG IQhô°V (O  القاعدة في إطار العلاقات الدبلوماسية أن رئيس البعثة الدبلوماسية يجب أن يكون مزود ً ا بأوراق اعتماده ) Credentials (Letter of Credence لدى الدولة(٣) المرسل إليها. والغرض من ذلك هو إثبات صفته كممثل للدولة المرسلة. وقد حدث تطبيق عملي لما قلناه حينما أثار البرتغاليون مشاكل بخصوص وفد كان قد أرسل إليهم تحت ذريعة أن الوفد العماني الذي جاء ُ لم يكن يحمل تفويضا خطيا من حاكم المدينة!! فرد عليه الوفد: يكفي أننا ً (١) زاد المحتاج بشرح المنهاج، تحقيق: :« عبد الله بن الشيخ حسن الحسن » الإمام الكوهجي عبد الله بن إبراهيم الأنصاري، الشؤون الدينية بدولة قطر، ١٤٠٢ ه ، ١٩٨٢ م، ج ٤ ص ٣٢٦ -.٣٢٧ (٢) حاشية قليوبي وعميرة، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، ج ٤، ص ٢٢٦ . في نفس المعنى يقول الإمام ابن حجر: وصيغة الأمان تنعقد بالكتابة والإيجاب الصريح أو الإمام ابن حجر الهيتمي: فتح الجواد بشرح الإرشاد، ) « بالرسالة وإن كان الرسول كافرا » ً مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٩١ ه.( ١٩٧١ م، ج ٢، ص ٣٣٨ (٣) راجع د. أحمد أبو الوفا: قانون العلاقات الدبلوماسية والقنصلية، دار النهضة العربية، القاهرة؛ ١٤٣٢ ه . ٢٠١٢ م، ص ٦٧ أرسلنا إليك من قبل الحاكم، والناس هنا تتعامل بكلمة الشرف إلا أن البوكيرك لم يرد عليهم وصرفهم إلى الغد، وكأنه كان يتذرع بأية حجة لتدمير المدن العربية في ساحل المنطقة ا لعمانية. ُ وقبل أن ينتهي ذلك اليوم أرسل البوكيرك بعض رجاله في سفينة شراعية صغيرة لتفحص ميناء مسقط، ومعاينة وسائل دفاعه عن قرب. فأخبره الجنود أن العرب قد أقاموا أمام مدخل المدينة متاريس من جذوع النخيل عليها مدافع تمتد من الجبل إلى الجبل، تعيق اقتحام المدينة من هذه الأنحاء، وهذا يدل على أن البوكيرك كان ينوي اقتحام مسقط بأي شكل من الأشكال. وحتى لا يثير البوكيرك رجاله فقد كان ينتظر الذريعة المناسبة لبدء الحرب وما حديثه عن قوة استحكامات المدينة إلا ليظهرها بمظهر العداء للبرتغاليين وصعوبة الاستيلاء عليها مما تتطلب شجاعة وقوة يجب على رجاله بذلهما. وفي اليوم الثاني وبينما البوكيرك يناقش مع ربابنة سفنه أمر تحصينات المدينة وكيفية اقتحامها عاد الرسولان المسقطيان السابقان ومعهما إذن كتابي وتخويل رسمي من الحاكم ولا نعرف من هو هذا الحاكم وذلك للبدء بمحادثات السلام. عرض هذان المبعوثان مرة أخرى كما يذكر البوكيرك إذا كانت المدينة » : الولاء لملك البرتغال، ولكن القائد البوكيرك رد عليهما ترغب في الخضوع لملك البرتغال فعليها دفع رسوم سنوية مناسبة كالضريبة التي تدفع لهرمز، وتزويد الأسطول البرتغالي بالمؤونة ومياه الشرب التي يحتاجها طوال الطريق حتى يصل إلى هرمز بسلام تحسبا لصعوبة الطريق ًّ .« البحري. وإذا فعلت مسقط ذلك فإنه سيحميها باسم ملك ا لبرتغال وقد وافق الوفد على طلبات البوكيرك بما فيها دفع الرسوم التي كانوا يدفعونها لهرمز سنويا، إلا أنهم تحفظوا على نقطة مد الأسطول البرتغالي ً  بكل التجهيزات والمؤن في غزوه لهرمز. وقد برروا ذلك بشكل منطقي بأن هذا العمل لو تم سيعتبر تحريضا على غزو هرمز من ميناء يعتبر تابعا لها ًً وخاضعا لسيطرتها. فغضب البوكيرك لهذا الرد، ووجدها كما يظهر نقطة ً جيدة لتبرير الهجوم على مسقط. فصرخ بالوفد قائلا ً : كيف تدعون » بخضوعكم لنا وتجرأون على قول هذا الكلام أمامي، برفض الخضوع وهنا قطع البوكيرك المباحثات، وغادر الرسولان دون .« للملك وقائده الوصول لنتيجة(١) . :ø«aôàëªdG ô«Z øe π°SQ ø««©J á«fÉμeEG (`g يجوز تعيين الرسول لأمور، مع أن ذلك غير جائز لغيرها: وهكذا جاء في جواهر ا لآثار: وعن الإمام: هل يجوز له أن يولي واليا على شيء من مصالح الإسلام، » ً وهو غير ولي له؟ ّ قال: أما في الأحكام وما يشبهها فعندي أنه لا يولى في ذلك إلا الوالي، وأما ما خرج مخرج الرسالة أو الأمر في المعنى الواحد مثل قبض الصدقة أو ما يشبه ذلك فعندي أنه يختلف فيه: فبعض يقول: لا يجوز ذلك أن يجعل ذلك إلا للوالي. وبعض يقول: إنه إذا كان ثقة ووصف له الصفة التي يعمل عليها جاز « ذلك قد تقدم ذكره تركته(٢) . (١) راجع محمد حميد السلمان: الغزو البرتغالي للجنوب العربي والخليج في الفترة ما بين ١٥٠٧ - ١٥٢٥ م، مركز زايد للتراث والتاريخ، العين (الإمارات العربية المتحدة)، ١٤٢٥ ه ٢٠٠٤ م، ص ١٦٠ -.١٦١ (٢). محمد بن عبيدان: جواهر الآثار، المرجع السابق، ج ١٥ ، ص ٢٦٣ معنى ما تقدم أنه يجوز إرسال رسول في مهمة معينة حتى ولو لم يمارس من قبل العمل الدبلوماسي، وذلك بشرطين: الأول أن يكون ثقة، وهذا يحتم أن يكون أمين ً ا ونبيها ويؤدي عمله ً على أكمل وجه. والثاني أن توصف له المهمة التي يرسل من أجلها، وذلك حتى يكون على علم تام بدقائقها والهدف الذي أرسل من أجله. نشير إلى وظائف البعثة الدبلوماسية، والقواعد التي تحكمها، على أن نخصص لكل  منها مبحث ً ا. ∫hC’G åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a AGôØ°ùdGh π°SôdG ∞FÉXh ºgCG تعددت وظائف البعثات الدبلوماسية في القانون الدولي العام وتطورت باختلاف الزمان والمكان والبيئة الدولية السائدة. وقد استقرت قواعد القانون الدولي على أن وظائف البعثة تتمثل أساسا في خمس وظائف هي: التمثيل ً والحماية، والتفاوض، وجمع المعلومات، وتوطيد العلاقات. وهكذا تنص المادة الثالثة من اتفاقية فيينا لعام ١٩٦١ الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية على أن: مهام البعثة الدبلوماسية تتضمن بصفة خاصة فيما تتضمنه ما يلي: أ تمثيل الدولة المعتمدة قبل الدولة المعتمدة لديها. ب حماية المصالح الخاصة بالدولة المعتمدة وبرعاياها في الدولة المعتمدة لديها، وذلك في الحدود المقبولة في القانون ا لدولي. ج التفاوض مع حكومة الدولة المعتمدة لديها. د الإحاطة، بكل الوسائل المشروعة، بأحوال الدولة المعتمدة لديها وبتطور الأحداث فيها وموافاة حكومة الدولة المعتمدة بتقرير عنها. ه توطيد العلاقات الودية وتدعيم الصلات الاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولة المعتمدة لديها والدولة ا لمعتمدة. وقد أشار الفقه الإباضي إلى وظائف الرسل والسفراء وقرر أنها تتمثل خصوصا في ا لآتي: ً :ΩÓ°SE’G ≈dEG IƒYódG (CG  يكفي أن نذكر كمثال إسلام أهل عمان: ُ عمرو بن العاص رسول رسول الله ژ إلى عمان حيث وصلها » فقد كان ُ « يدعوهم إلى ا لإسلام(١) . وكان النبي ژ قد كتب إلى أهل عمان يدعوهم إلى الإسلام، وعلى » ُ أهل الريف منهم عبد وجيفر ابنا الجلندي، وكان أبوهما قد مات في ذلك .« العصر وكان كتابه صحيفة أقل من الشبر فيها نص ا لكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى جيفر وعبد ابني » ُٰ الجلندي، السلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإني أدعوكما بدعاية الإسلام أسلما تسلما فإني رسول الله إلى الناس كافة، لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، وإنكما إن أقررتما بالإسلام ول ّ يتكما، وإن أبيتما أن ت ُقرا بالإسلام ّ .« فإن ملككما زائل عنكما، وخيلي تطأ ساحتكما، وتظهر نبوتي على ملككما ّ (١) الشيخ سالم بن حمد الحارثي: العقود الفضية في أصول الإباضية، الناشر أبناء المؤلف، ّ . فبراير ٢٠٠٩ ، ص ٧ فكان أول من لقيه عبد بن الجلندي وكان أحلم الرجلين وأحسنهما خلق ً ا، فأوصل عمرا إلى أخيه جيفر بن الجلندي بكتاب ا لنبي ژ ، فدفعه ً إليه مختوما ففض ختامه وقرأه حتى انتهى إلى آخره ثم دفعه إلى أخيه فقرأه ً مثل قراءته، ثم في النهاية أسلم(١) . (١) نذكر لك هنا مثالا ً رائع ً ا على الحوار الذي دار بين عمرو (السفير) والملك المرسل إليه: لما تحقق عبد بن الجلندي صحة الأمر الذي جاء له عمرو بن العاص، فتح له باب »وما تدعو إليه، أي، » : النقاش، ليعرف الغاية من هذا الطلب، ويدري غاية المصير فيه: فقال أي شيء تريد، وما هو الذي تطلبه بصفتك رسولا ً قلت: أدعوك إلى الله » : قال عمرو «؟ وحده وتخلع ما ع ُ بد من دونه، وتشهد أن محمد ً ا عبده ورسوله، أي أدعوك أولا ً إلى معرفة الله وتوحيده، وأنه لا شريك له، وترفض سائر المعبودات من دون الله 8 ، ثم فقال: أي عبد لعمرو بن العاص: إنك ابن سيد قومك فكيف ،« تعترف برسالة محمد ژ صنع أبوك، يعني العاص بن وائل، فإن لنا فيه قدوة، والمعنى أنك من أكابر قريش، لأن أباك من لا يجهل شرفه وشهرته في قومه، وأهل الشرف لا يليق بهم إلا قول الصدق الذي لا يخل بشرفهم، ولا يقدح في مناصبهم، وكأنه استكبر الأمر فإن العاص وأمثاله هم عتاة قريش، فإنه لا بد أن يكون حجة لنا في هذا الأمر الذي جئت له، قال، أي عمرو بن العاص: قلت: مات ولم يؤمن بمحمد ژ ، ووددت ُ له لو آمن وصدق به لكان خيرا له، ًُ وقد كنت على دينه وعلى مثل رأيه حتى هداني الله للإسلام، قال عبد: فمتى تبعته؟ أي: قبل موت أبيك أم بعده؟ فقال عمرو: قريبا؛ أي: اتبعته من قريب، قال: فسألني أين كان ً إسلامي؟ فقلت: عند النجاشي، وأخبرته أن النجاشي قد أسلم، قال: فكيف صنع قومه بملكه؟ قلت: أقروه واتبعوه، قال أي عبد: والأساقفة؛ أي: رؤساء النصرانية والرهبان قلت: نعم. أي كذلك، وهنا استكبر الأمر واتهمه فيه، فقال أي عبد: انظر يا عمرو؛ أي: فيما تقول، إنه ليس خصلة في رجل أفصح له. أي: أكثر فضيحة من كذب، أي أن هذا الأمر الذي تخبرني به كبيرا ولا يتأتى بالهوينا ً وبالخصوص عند النصارى لا سيما وهم أعداء العرب، قال عمرو: قلت وما كذبت وما نستحله في ديننا. ثم قال أي عبد ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي أي تحت سيطرة هرقل، وهرقل ملك عظيم، والنجاشي من أخص أهل طاعته. قال عمرو: قلت له بلى أي علم بذلك فقال بأي شيء علمت ذلك يا عمرو؟ قلت: كان يخرج له ا لنجاشي 3 خراجا، فلما أسلم النجاشي وصدق بمحمد ژ ، قال: لا والله لو سألني درهما واحد ً ا ما ً أعطيته أي لأن العطاء يكون عون ً ا له، ولا تصح إعانة الكافر فيما يتقوى به على المسلمين، = ويتضح من قصة إسلامه على يد الرسول الذي بعثه رسول الله ژ ، عدة أمور، منها: أولا ً احترام السفير لشخص الحاكم الذي أرسل إليه. ثانيا صدق السفير في الرد على كل أسئلة واستفسارات المرسل إليه. ً ثالث ً ا وهذه هي نتيجة المحاورة، أنها كانت نتاج كل ذلك: إذ ترتب عليها اعتناق المرسل إليه للإسلام. = قال: فبلغ ذلك هرقل قوله، فقال له أخوه: أتدع عبدك لا يخرج لك خراج ً ا ويدين دين ً ا محدث ً ا، وهذا على عادتهم إذ يرون عمالهم عبيد ً ا لهم، قال فقال: هرقل رجل رغب في دين واختاره لنفسه ما أصنع به؟ وحرية الأديان في الشريعة الأولى معروفة، أشار إليها القرآن بقوله: ﴿ ÔÓÒÑ ﴾ [ [البقرة: ٢٥٦ والله لولا الضن » : ، الآية في أمثالها. قال هرقل ومعنى قوله: (لولا الضن بملكي) أي: لولا أن نفسي لا تسمح .« بملكي لصنعت كما صنع أن أتخلى عن هذا الملك الذي في يدي لأسلمت كما أسلم النجاشي، قلت: وقد جاء ذكر إسلام هرقل في روايات شهيرة. فقال عبد لعمرو: أنظر ما تقول يا عمرو وهو يتهمه. فقال عمرو: قلت والله قد صدقتك، أي قلت لك الصدق والواقع، قال عبد: فأخبرني ما الذي يأمر به وينتهي عنه، قال قلت: يأمر بطاعة ا لله 8 ، وينهى عن معصيته. قلت: لما فرغ عبد من البحث عن أحوال هؤلاء الملوك وسمع ما سمع من قبولهم الإسلام وخضوعهم لأوامره واعتناقهم له، التفت إلى استفسار ما يأمر به هذا النبي وما ينهى عنه، وهل هو مما يقبله العقل ويصوب له أم يرى في أوامر ا ضطراب ً ا؟ ﴿ VUTSRQPO XW ﴾ [ [النساء: ٨٢ . وما أغزر عقل هذا البطل الأزدي ما أدراه بموارد الأمور ومصادرها، قال: ويأمر بصلة الرحم وبالبر وينهى عن الظلم والعدوان، وعن الزنا وشرب الخمر، وعن عبادة الحجر والوثن والصليب. فلما سمع عبد بن الجلندي هذه الأوامر سرته واستحسنها، وبطبيعة الحال إن الحق مقبول وله في القلوب تأثير ولو جاء على لسان كافر، فلذلك قال عبد: ما أحسن هذا الذي يدعوا إليه، كما شهد به أيض ً ا هرقل في حديثه مع أبي سفيان. قال عبد: لو كان أخي يطاوعني لركبنا حتى نؤمن بمحمد ژ .« انظر الشيخ سالم السيابي: عمان عبر التاريخ، المرجع السابق، ص ١١٢ -.١٢١ ُ تجدر الإشارة أنه بعد إسلام أهل عمان توالت الوفود منها إلى ُ رسول الله ژ (١) ، وكذلك خليفته أبو بكر الصديق(٢) . كذلك توالت (١) فقد شهدت عاصمة الإسلام المدينة المنورة قدوم وفود عديدة من أهل عمان، وتذكر إحدى ُ المصادر الأساسية أن وفدين عمانيين قدما للمدينة أحدهما برئاسة أسد بن يبرح الطاحي والآخر ُ برئاسة سلمة بن عياذ الأزدي، معلنين إسلامهما وخضوعهما للسلطة الإسلامية في ا لمدينة. كما قيل بأن وفد ً ا آخر للأزد قدم على رسول الله ژ ، فقد روى أبو نعيم عن سويد بن الحرث الأزدي 3 قال: وفدت سابع سبعة من قومي على رسول الله ژ فلما دخلنا عليه وكلمناه أعجبه ما رأى من سمتنا وزينا فقال: «؟ ما أنتم؛ أي: ما صنعتم » قلنا: مؤمنون، فتبسم عليه الصلاة والسلام، وقال: «؟ إن لكل قول حقيقة، فما حقيقة قولكم وإيمانكم » قلنا: خمس عشرة خصلة، خمس منها أمرتنا بها رسلك أن نؤمن بها، وخمس أمرتنا أن نفعل بها، وخمس تخلقنا بها في الجاهلية، فنحن عليها إلا أن تكره شيئ ً ا منها فنتركه. فقال ژ: ما الخمس التي أمرتكم » «؟ بها رسلي أن تؤمنوا بها قلنا: أمرتنا أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت قال: « والخمس التي أمرتكم رسلي أن تعملوا بها » ، قلنا: أمرتنا أن نقول لا إل ٰ ه إلا الله محمد رسول الله، ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ونصوم رمضان ونحج البيت إن استطعنا إليه سبيلا، قال: « وما الخمس التي تخلقتم بها في ا لجاهلية » ، قلنا الشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء والرضاء بمر القضاء والصدق في مواطن اللقاء وترك الشماتة بالأعداء، فقال: حكماء وعلماء » « كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء ، ثم قال: « وأنا أزيدكم خمسا فتتم لكم عشرون خصلة » . ً إن كنتم كما تقولون أي متصفين بالخمس عشرة التي ذكرتم، فلا تجمعوا ما لا تأكلون، ولا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تنافسوا في شيء أنتم عنه غد ً ا زائلون، واتقوا الله الذي إليه « ترجعون وعليه تعرضون، وارغبوا فيما عليه تقدمون وفيه تخلدون فانصرفوا وقد حفظوا وصيته عليه الصلاة والسلام. ّ . وزارة الإعلام، سلطنة عمان، دار أميل للنشر، لندن، ١٩٩٥ ، ص ١١٨ ،« عمان في التاريخ » راجع ُُ (٢) فقد غادر عمرو بن العاص عمان إلى المدينة بعد وفاة سيد البشر عليه الصلاة والسلام، ُ وصحبه وفد من ا لعمانيين كان على رأسهم عبد بن الجلندي أحد ملكي عمان، وجعفر بن ُُ جشم العتكي، وأبو صفرة سارق بن ظالم، ولما دخل الوفد العماني على سيدنا أبي بكر ُ يا خليفة رسول الله ژ ويا معشر » : الصديق، خليفة رسول الله ژ قام سارق بن ظالم وقال .« قريش هذه أمانة كانت في أيدينا وفي ذمتنا، ووديعة لرسول الله ژ ، فقد برئنا إليكم منها وقد شكرهم أبو بكر الصديق، وقام الخطباء بالثناء عليهم والمدح فقالوا: كفاكم معاشر الأزد قول رسول الله ژ وثناؤه عليكم، أما عمرو بن العاص فلم يدع شيئ ً ا من المدح .( والثناء إلا قاله في أزد عمان (ذات المرجع السابق، ص ١١٩ ُ الرسل والوفود من العرب إلى رسول الله ژ لاعتناق الإسلام(١) ، يقول  أطفيش: وكانت العرب تقول: إن غلب محمد قومه أسلمنا، فلما فتح مكة قالوا: » أهلك الله عنها أصحاب الفيل، فما فتحها إلا أنه نبي، فأسلموا ما بين قادمين ّ « ومرسلي ا لوفد(٢) .  بل إن قرآن ً ا قد نزل في الوفود والرسل. فبخصوص قوله تعالى: ﴿ ~ ﮯ £¢¡ ¤ ©¨§¦¥ ª «¬®¯°±² ﴾ [ [المائدة: ٨٢ إلى قوله: ﴿ G ﴾[ [المائدة: ٨٤ قيل في سبب نزولها إنها نزلت في وفد النجاشي فبكوا وأسلموا، فقالوا: « يس » القادمين على رسول الله ژ ، فقرأ عليهم ژ ۤ ما أشبه هذا بما نزل على عيسى » 0 ، والوفد قبل الهجرة وهؤلاء الآيات فمكية. « يس » في المدينة؛ لأن المائدة مدنية، وأما ۤ نزلت الآيات في أربعين رجلا » : وقيل ً من نصارى نجران من العرب من بني الحارث بن كعب، واثنين وثلاثين من الحبشة، وثمانية من الروم. وقال قتادة: نزلت في ناس من أهل الكتاب لم يخرجوا عن دين عيسى وآمنوا (١) انظر أمثلة كثيرة في: أطفيش: السيرة الجامعة من المعجزات اللامعة، ص ٢٠٢ -.٢٠٩ ومن ذلك أن رسولا ً وفد إلى النبي ژ من أكثم بن صيفي وهو أحد حكماء العرب ليسأله عما يدعوا إليه فقرأ عليه النبي ژ آية من سورة النحل وهي قوله جل جلاله: ﴿ K YXWVUTSRQPONML [Z ﴾ [ [النحل: ٩٠ ، فلما رجع الرسول إلى أكثم تلا عليه الآية التي سمعها، إن هذا إن لم يكن دين » : فقال أكثم ً ا فهو أخلاق، وحض قومه على المسابقة إلى الإسلام .« ذلك لما رآه من العدالة، ولمسه من المثل والقيم في هذه الآية ا لكريمة ، الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: جواهر التفسير، مكتبة الاستقامة، سلطنة عمان، ج ١ ُ ١٤٠٤ ه . ١٩٨٤ م، ص ٩٧ (٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٦ ، ص ٤١١ بسيدنا محمد ژ . ويروى أن جعفر وأصحابه رجعوا من الحبشة ووافوا َ رسول الله ژ وهو على خيبر، هم واثنان وستون من الحبشة وثمانية من الشام عليهم ثياب الصوف، فقرأ ژ : « فبكوا وآمنوا، فالآيات فيهم « يس »(١) . ۤ :Ée ôeCG øY QÉ°ùØà°S’G hCG ádÉ°SQ ÆÓHEG (Ü عرف المسلمون ما للمراسلات الدبلوماسية(٢) من أهمية كبيرة في إطار العلاقات السياسية بصفة خاصة والعلاقات الدولية بصفة عامة(٣) . بل أنشأوا لهذا الغرض ديوان ً ا خاصا عهدوا إليه بمهمة المراسلات الرسمية من الخارج هو ديوان ا لإنشاء.  وترجع بذور إنشاء ما يمكن أن نطلق عليه أول ديوان للمكاتبات في له يقومون بتحرير الرسائل « كتابا » الإسلام إلى عهد ا لرسول ژ والذي اتخذ ً إلى ملوك ورؤساء الدول ا لأجنبية. وقد سمي الرسول رسولا ً لأنه يقوم بإبلاغ رسالة معينة، لذلك تعد هذه ُ الوظيفة من الوظائف المعروفة منذ قديم الزمان للرسل أو السفراء. ويدل على ما قلناه ما جاء في شرح ا لنيل: من حلف لا يكلم رجلا » ً فكتب إليه فقرأه أو قرئ عليه حنث، وكذا إن (١) أطفيش: المرجع السابق، ج ٤، ص ١١٦ -.١١٧ (٢) ولو شاء النبي ژ ألا يكتب الكتب إلى كسرى وقيصر... وإلى الملوك » : يقول الثعالبي والسادة والعظماء لفعل، ولوجد المبلغ المعصوم من الخط البديل، ولكنه 0 علم أنه الثعالبي: « الكتاب أشبه بتلك الحال وأليق بتلك المراتب وأبلغ في تعظيم ما حواه الكتاب الاقتباس من القرآن الكريم، دار الوفاء، المنصورة، ١٤٠٢ ه . ١٩٩٢ م. ج ٢، ص ٧٦ (٣) وهكذا فقد خصص ابن فضل الله العمري جزءا كبيرا من كتابه لبيان كيفية مخاطبة ملوك ًً ورؤسا ء الدول الإسلامية وغير الإسلامية بذكر نموذج لكل ملك يجب اتباعه عند الكتابة إليه (راجع ابن فضل الله العمري: التعريف بالمصطلح الشريف، مطبعة العاصمة، القاهرة، ١٣١٢ ه، ص ٤ -.(٨٤ أرسل إليه رسولا ً فبلغه وهو أقوى من الكتاب، وإن لقن معلم محلوف ً ا عنه كلمة سأله عنها حنث، وإن قال مرسل لرسوله: قل له: كذا وكذا، أو..... بعث معه كتابا ثم قال له: لا تقل له ما قلته لك، أو لا تنله كتابي فذهب فقال، أو ً « أنال فقرأه حنث(١) . ويذكر أطفيش أيضا: ً يستوجب البراءة من لم يهتم بأمور المسلمين ولو دنيوية وعليه » « النصيحة وإن لغائبهم، وإعلام بدعاء واهتمام إن لم يتيسر(٢) . (١) تم شرح ذلك، كما يلي: من حلف لا يكلم رجلا )» ً فكتب إليه) كتابا (فقرأه)؛ أي: الكتاب ولو لم يسمع أذنه وقيل: ً هذا تكييف لا قراءة فلا حنث حتى يسمع أذنه، (أو قرئ عليه حنث) ولو لم يفهم المعنى، (وكذا إن أرسل إليه رسولا ً فبلغه) الرسالة (و) الرسول (هو أقوى من الكتاب)، ويدل على أن الإرسال كلام قوله تعالى: ﴿ Ø×ÖÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌË  Ù ﴾ [ [الشورى: ٥١ ، فاستثنى إرسال الرسول من الكلام فبان أنه كلام، لأن الأصل في الاستثناء الاتصال، وقوله تعالى: ﴿ ÁÀ¿¾ ﴾ [ [التوبة: ٦ ﴿ ÁÀ ﴾ ، فسمى سماعه لما ينطق رسول ژ به سماعا لكلام الله لأنه منه بإرسال أو كلام بمعنى كتاب، فيكون سمى الكتاب كلاما مسموع ً ا كما أشار إليه الشيخ. (وإن لقن معلم محلوف ً ا عنه كلمة) ولو ً لم يزد فيها إلا فتحة أو ضمة أو كسرة أو سكون ً ا أو لم يزد فيها شيئ ً ا أصلا ً ، لكنه أعادها له كما نطق بها (رسالة عنها) أو لم يسأله (حنث، وإن قال مرسل لرسوله: قل له: كذا وكذا أو بعث معه كتابا) كتبه بلا نطق به (ثم قال له: لا تقل له ما قلته لك أو لا تنله كتابي فذهب) إليه (فقال) له ما نهاه عن قوله (أو أنال) الكتاب (فقرأه) أو قرئ عليه (حنث)، لأن الرسالة والكتابة كلام، والنهي عن إبلاغها لا يصيرهما غير كلام، فإبلاغهما بعد النهي مثل تكلمه بنفسه بعد يمينه أن لا يكلمه، وإن أرسل الرسول رسولا ً بالكلام أو بالكتاب حنث المرسل بالكتاب دون الكلام، وقيل: يحنث به أيض ً أطفيش: شرح كتاب النيل .« ا وشفاء العليل، ج ٤، ص ٣٣٥ -.٣٣٧ (٢) تم شرح ذلك، كما يلي: وعليه): أي: على المكلف المدلول عليه بالمقام أو على من لم يهتم؛ أي: لم يعتم مع أن عليه )»النصيحة اهتم أو لم يهتم (النصيحة وإن لغائبهم بكتاب) يتضمن النصيحة يرسله مع متولي أو مع موصل له (وإعلام) على لسان متولي أو من يؤدي الرسالة، والمعنى أنه يجوز له أن ينصحه = ومن المعلوم أن الرسالة التي قد يقوم الرسول بنقلها إما أن تكون مكتوبة أو شفهية، وهما يستويان. فالقاعدة في الفقه الإباضي هي أن: « الكتاب كالخطاب »(١) . وفي التاريخ الإباضي أمثلة كثيرة لإرسال الرسل لأجل ا لرسالة: من ذلك ما حدث في ا لمغرب: وقد كان من أمر أبي قدامة وأصحابه ما قد كان، من منازعتهم إمامهم عبد الوهاب 3 اعتزل » : ، فقال أبو قدامة وناس من أصحابه لعبد الوهاب .« أمرنا، حتى نولي أمرنا غيرك َ فكثرت منازعتهم في ذلك، حتى استقام رأيهم على أن يبعثوا رسولين ويكف بعضهم [عن بعض] ، حتى يرجع إليهم رسولاهم وجواب كتابهم من عند ا لمسلمين. فما أتاهم من قبل المسلمين أخذوا به، واجتمع [وا] عليه. فقدم رسولاهم مكة، وبها الربيع وجماعة المسلمين، فقرأوا كتابهم، وسألوهم، ثم نظروا واجتهدوا، ولم يألوا [جهد ً ا] فيما يوافق الهدى والعدل، وفيما يصلح الله به أمر ا لمسلمين. = بكتاب ويجوز أن ينصحه على لسان أحد وليس المراد أنه يلزمه بهما جميع ً ا، وإن جمعها فحسن جميل، والمراد بالغائب من ليس في بلده ولو كان في الأميال، وكذا إن كان في بلده ولم يتيسر .« له الالتقاء معه لضعف في بدنه أو بدن المسلم أو خوف أو نحو ذلك من ا لعوارض أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٦ ، ص ١٧٦ -.١٧٧ (١) أي: العبارات الكتابية كالمخاطبات الشفاهية، فما يترتب على المكالمة الشفاهية يترتب » على المكالمة الكتابية. فالقلم أحد اللسانين، والكتابة ممن نأى بمنزلة الخطاب ممن دنا، ألا ترى أن النبي ژ كان مأمورا بتبليغ الرسالة إلى الناس كافة، وبلغهم مرة بالكتاب، ً راجع معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع « ومرة بالخطاب، والقرآن أصل الدين ّ السابق، ج ٢، ص ٨٧١ -.٨٧٢ فكتبوا به، وبعثوا به مع رسوليهم، فلم يصل الرسولان، ولا كتابهما الذي رجوا منفعته، وصلاح أمرهم فيه(١) . ومن ذلك حينما انقطعت المادة عن العجم القابضين بمسقط والمطرح. وضجروا بمقامهم، وانقطاع المواد عنهم، وارتحال أصحابهم عن صحار.  واشتمل عليهم الخوف لما بلغهم عن سيف بن سلطان، أنه مات فبعثوا رسولا ً منهم إلى الحزم، أن يأتيهم رجل من اليعاربة، وهو أقربهم نسبا إلى ً سيف بن سلطان. فلما بلغ أهل الحزم رسول العجم بعثوا رجلا ً من أرحام سيف بن سلطان، يسمى، ماجد بن سلطان. فلما بلغهم أمروه بالمسير إلى شيراز، وكتبوا كتابا إلى الشاه، يخبرونه ً فيه بموت سيف بن سلطان. وأن الواصل إليه هو أقرب رحما إليه، وأنهم بقوا في مسقط والمطرح ً في أضيق حصار، وقد قطع العرب منهم ا لمادة. وقالوا لماجد، أظهر الطاعة للشاة، وجدد العهد بينك وبينه، فإنه إن كتب لنا بتخليص ما بأيدينا من معاقل مسقط والمطرح لنخلصها لك. فأجابهم ماجد على ذلك. فمضى على سفينة صغيرة إلى بندر العباس، ثم ارتفع إلى شيراز. فلما واجه الشاه وأعطاه الكتاب الذي أعطاه له أصحابه القابضون معاقل مسقط والمطرح وقرأه، أقامه في دار الضيافة ثلاثة أيام. (١) لأئمة المسلمين رسالة ا لربيع بن حبيب ومخلد بن العمرد، « رسالة الحجة » راجع تحقيق: بابزيز الحاج سليمان ابن إبراهيم الوارجلاني، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣٠ ه ٢٠٠٩ م، ص ٦٠ -.٦٣ ُ ثم كتب له، لأصحابه، بتخليص ما بأيديهم من المعاقل إليه. فلما رجع أصاب السفينة التي ركبها الطوفان، فقذفها إلى صحار. فمضى إلى أحمد بن سعيد، فأخبره الخبر كله. فحبسه أحمد بن سعيد في حصن صحار، وأخذ منه خط الشاه الذي كتبه الشاه إلى أصحابه، بتخليص معاقل مسقط والمطرح، وأمر خميس بن سالم البوسعيدي، أن يمضي بكتاب الشاة إلى مسقط. ويقبض معاقل مسقط. فمضى خميس بن سالم، ومعه أربعمائة رجل من قوم أحمد بن سعيد. فلما وصلهم، وألقى إليهم الكتاب ظنوا أنه رجل من جماعة ماجد بن سلطان وقد بعثه ماجد إليهم، فسلموا له المعاقل كلها. فترك خميس بن سالم أصحاب أحمد بن سعيد الذين أتى بهم من صحار(١) . تجدر الإشارة أن ما يجري عليه عمل الدول هو ضرورة ختم الرسائل لإضفاء الطابع الرسمي عليها: والخاتم آلة الطبع على الكتب التي تصدر فيها الأوامر والنواهي من » الإمام، فإن رسول الله ژ . قد أمر به حين أراد مكاتبة الملوك فعمل له ففي اتخاذها اقتداء برسول الله ژ . وكذلك أبو بكر وعمر وفيه تفاؤل ببقاء الإمامة يقال: إن مل ْ ك النبي ُ سليمان 0 « كان في خاتمه(٢) . (١) ابن رزيق: السيرة الجلية سعد السعود البوسعيدية، ص ١٣٠ - ١٣١ ؛ ابن رزيق: الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة عمان، ص ٣٤٢ -.٣٤٤ ُ (٢) الشيخ ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، ص ٣١٠ -.٣١١ :äÉ°VhÉتdG AGôLEG (ê قد يتم إرسال الرسول للتفاوض بشأن مسألة معينة، من أجل إبرام اتفاق بخصوصها. وقد حدث ذلك منذ عهد ا لنبي ژ . فقد قال جابر بن عبد الله: لما جاء وفد ثقيف بايعوا رسول الله ژ واشترطوا عليه أن لا صدقة عليهم ولا جهاد، فقبل ذلك منهم، ثم قال ژ بخفض صوت: « ستصدقون وتجاهدون إن شاء ا لله »(١) . ويقول النزوي إن النبي ژ : صالح الوفد الذين أتوه من نجران، على » « ما وقع بينهم من ذلك، وأقرهم على دينهم(٢) . على ما » ولا شك أن عبارة تدل على حدوث مفاوضات بينهم. « وقع بينهم من ذلك ومن أمثلة ذلك أيض ً ا في التاريخ الحديث للإباضية، ما حدث خلال الغزو ا لبرتغالي(٣) . (١) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ٤٩(٢) . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٢٩(٣) فقد شاهد القائد البرتغالي البوكيرك ما بين خمسة عشر إلى عشرين ألف محارب من المسلمين على الشاطئ ومعهم عدد كبير من الخيول وهم ينفخون في الأبواق ويهللون ويكبرون ويصدرون أصوات ً ا أثارت الكثير من الرعب في قلوب ا لبرتغاليين. نظرا لاستعدادات هرمز هذه، وحتى يضمن البوكيرك تأييد قادة أسطوله لما سيقوم به ضد ً تلك الجزيرة، دعي ملكها سيف الدين بداية إلى الاستسلام وإعلان تبعيته لملك البرتغال. وهو أحد التجار أعضاء ،« الخواجة إبراهيم » وقد جاء الرد من قبل حاكم هرمز عن طريق فرد «؟؟ ما سبب مجيئك لهذه الجزيرة » مجلس حكم الجزيرة، حيث قال: إن الملك يتساءل البوكيرك عليه رد ً ا يحمل شيئ ً ا من الترغيب وشيئ ً قل للملك: إن » : ا من الترهيب حيث قال ملك البرتغال دوم أمانويل سيد الهند، يرغب في صداقته كثيرا، وقد أرسلني لهذا الميناء ً لأخدمه بأسطوله (هكذا)، فإذا كان الملك راغب ً ا في أن يكون تابع ً ا لملك البرتغال ويدفع الضريبة السنوية له، فلسوف أعقد معه صلحا وسأكون في خدمته وأقدم له كل الخدمات = ً وفي التاريخ الإسلامي أمثلة كثيرة على مفاوضات أجراها الرسل، منها: صلح ا لحديبية. ومن ذلك أيض ً ا حينما أرسل عضد الدولة ابن شهرام رسولا ً إلى ملك الروم لعقد اتفاق هدنة ولكنه لم ينجح وقابلته صعوبات كثيرة نتيجة = التي يأمرني بها ضد أعدائه. وإذا كان غير راغب في ذلك فدعه يعلم بأنني سأدمر حتى أسطوله الرابض في الميناء والذي وضع ثقته فيه، وسآخذ مدينته ع َ نوة بقوة ا لسلاح. ولكي يطيل خواجة عطار أمد المفاوضات مع البرتغاليين لحين وصول المساعدة الحربية المنتظرة من الشاه إسماعيل أو من قوى أخرى في الخليج العربي أو الهند، فقد أرسل الخواجة إبراهيم مرة أخرى ليعلن للبوكيرك ترحيب الملك بدعوته للسلام، وليسأله عن سبب تدمير المدن العمانية التي تتبع هرمز على الساحل العربي وقتل أهاليها بدل من أن ُ يقوم بنشر السلام بين ربوعها، وقد رد عليه البوكيرك بجفاف بأن أولئك الناس يستحقون ما حدث لهم وأنه لم يأت إلى هرمز ليستسمح ملكها عما فعله بأملاكه، بل ليحاربه. فطلب الرسول باسم الملك إمهالهم ثلاثة أيام ليراجع حساب الخزينة والضرائب غير المستوفاة حتى الآن ليقدم للبوكيرك ما يطلبه من ضريبة. وهنا يبدو أن البوكيرك قد كشف والملك، وهو يعلم بمدى تململ بحارته، فقال للرسول: إنه لن ينتظر ثلاثة « عطار » لعبة أيام أخرى حتى يرد عليه الملك، وإذا لم يصله الرد صباح اليوم التالي فإنه سيدمر المدينة ويستولي عليها بالقوة. وقد رفض بعض ضباط الأسطول البرتغالي هذه الطريقة في معالجة الموقف مع ملك يطلب السلام لا الحرب، وطلبوا من البوكيرك تسوية الخلاف بالطريقة السلمية، لكن البوكيرك رفض ذلك وأعلن لرجاله بأنه لا خيار أمامهم إلا أمرين: إما الحرب والانتصار على هرمز أو الهزيمة وحينها ستقطع رؤوسهم على أيدي المسلمين الذين سيحملونها ضمن غنائمهم. ويبدو أن إطالة أجواء المفاوضات بين الجانبين البرتغالي والهرمزي قد أدت لفائدة هرمز إذ وصلتها نجدة لمساعدتها. انظر: محمد حميد السليمان: الغزو البرتغالي للجنوب العربي والخليج في الفترة ما بين ١٥٠٧ - ١٥٢٥ م، مركز زايد للتراث والتاريخ، العين (الإمارات العربية المتحدة)، ١٤٢٥ ه ٢٠٠٤ م، ص ١٧٦ -.١٧٧ لاختلاف مستشاري الملك، فأرسل ابن شهرام إليه رسالة شفوية مع أحد حاشية الملك يستميله إلى ذلك، جاء فيها: أنه يجب عليك أولا » ً أن تحفظ أيها الملك نفسك ثم ملكك ثم أصحابك، ولا تثق بمن صلاحه في فسادك فإن معاونة أبي تغلب عليك ثم في بلد الروم ما جرى وكيف تكون الحال مع عضد الدولة إن عاون عليك أيها الملك؟ وإني أرى أصحابك لا يريدون تمام الهدنة بينك وبين أوحد الدنيا وملك الإسلام، والإنسان لا يخفى عليه إلا ما يجربه. وأنت قد جربت سبع سنين عند عصيان من عصى عليك لملكك، فما يبالون هذا إن لم يتحرك هو بنفسه. وقد نصحت لما رأيت من ميل صاحبي إليك وإيثاره لك، .« فتأمل خطابي واعمل بعد ذلك برأيك فأجابه ملك الروم: الأمر كما ذكرت، ولكن ليس يمكن مخالفة الجماعة ويروني بصورة من قد خانهم وأهلكهم، ولكن سأتم الأمر وأفعل كل ما « يمكن فعله(١) . :ôμ°ûdG ºjó≤J (O يكون ذلك بإرسال الرسل أو السفراء إلى دولة أخرى أسدت خدمة جليلة أو مساعدة للدولة ا لمرسلة. ومن ذلك ما قيل بخصوص العلاقات ا لعمانية ا لهندية: ُ أصبحت العلاقات بينهم دبلوماسية في عهد الإمام أحمد بن سعيد » فقد الذي نجح في توطيد علاقات الصداقة بينه وبين حاكم مانكالو إحدى مقاطعات الهند عندما أرسل الإمام أحمد أسطوله إلى هذه المقاطعة مستفسرا ً (١) الوثائق السياسية والإدارية العائدة للعصور العباسية، تحقيق: د. محمد ماهر حمادة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ص ٣٠٢ -.٣٠٣ عن سبب انقطاع الرز الذي اعتاد أن يصل سفنه سنويا إلى عمان، فاتضح أن ُ ذلك حدث نتيجة لاعتداء القراصنة الذين ينتمون لمختلف الجنسيات الآسيوية والأوربية والذين يعيشون على سواحل ملبار على السفن التي تحمل الرز  لمسقط، عند ذلك أوعز الإمام أحمد لأسطوله بالتحرك للقضاء على القراصنة وتأديبهم، الأمر الذي بعث الارتياح في نفس حاكم مانكالو فأرسل اعتراف ً ا منه بالجميل بعثة دبلوماسية برئاسة طيبو صاحب إلى عمان لتقدم الشكر ُ إلى الإمام أحمد على موقفه الإيجابي معهم، فوصلت البعثة إلى الرستاق عام ١٧٧٤ حيث استقبلها الإمام أحمد بحفاوة بالغة، ومنحهم قطعة أرض بنى فوقها بيت ً ا لهم عرف باسم (بيت النواب) والذي هو بمثابة الوكالة التجارية لمقاطعة مانكالو في عمان وكان يقيم فيه مبعوث من المقاطعة، وقد استمر ُ ذلك الوضع قائما حتى نهاية عهد الإمام أحمد عام ٧٨٣(١) . ً :¿ÉeC’G Ö∏W (`g ت ممارسته في إطار العلاقات الدولية الإسلامية مع غير  وهو أمر تم المسلمين. ومن ذلك في التاريخ الإباضي ما ذكره ابن رزيق: فقد كتب الإمام إلى حافظ ابن سنان والي لوي، أن يمضي إلى صحار، ويبني بها حصن ً ا شديد ً ا. فلما وصله الكتاب شرع في جمع جيش لهام. فاشتملت عليه من بني خالد والعمور وبني لام جنود كثيرة، وكان قبل ذلك من أهل صحار رجال جمة يكاتبون الإمام على حرب المشركين، وأنهم إليه كالسيف والكف ا ليمين. (١) فاضل محمد عبد الحسين: عمان في عهد الإمام أحمد بن سعيد، وزارة الإعلام، سلطنة ُ . عمان، ١٤١٥ ه ١٩٩٤ م، ص ١٤٥ ُ فلما مضى إليها حافظ بات بالعق، وانحدر إلى صحار في أول النهار، وكان ذلك الشأن آخر شهر المحرم ثلاث وأربعين بعد ا لألف. فأقام بالبدعة، فاشتدت الحرب بين المسلمين والمشركين، وتواترت بينهم الحملات والدلفات حتى تفرقت المرافق بالبوارق، وتخرقت الصدور بالعواسل والبنادق. فجعل المشركون يضربون المسلمين من الحصن برصاص المدافع حتى تأخروا من المكان الذي أقاموا به إلى مكان ثان غير بعيد من ا لحصن. وجاءت رصاصة من مدفع حصنهم فأصابت الشيخ راشد بن عباد، فمات شهيد ً ا، 5 . ثم إن الشيخ حافظ بن سنان شرع في بنيان الحصن حتى أتمه، ولم يزل يزلزل النصارى بوقائعه، ويقطع أصولهم وفروعهم بقواطعه. وقد بعث الإمام الشيخ خميس بن سعيد الرستاقي إلى حرب من بمسقط من ا لنصارى. فلما وصل إلى قرية بوشر أتاه رسل نصارى مسقط تريد منه الأمان. فأتاه أكابر نصارى مسقط بالطاعة والإذعان. فصالحهم على فك ّ ما قبضت يدهم من مسقط والمطرح من المعاقل الخارجية من السور، وعلى رفع السيف عنهم من فئة الإمام، وعلى السياق لسوقهم ما يشتهونه من الأمتعة المحلل بيعها. فلما تم بينهم العقد على ذلك رجع إلى الإمام، فشكر سعيه(١) . (١) ابن رزيق: الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة عمان، وزارة التراث القومي والثقافة، ُ سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ص ٢١٨ -.٢٢٠ ُ :(ádÉMEG) ∞dÉëJ ΩGôHEG (h كذلك تم إرسال الرسل لطلب معونة عسكرية أو لإبرام تحالف مع الدول المرسل إليها(١) . :ÜôëdG QƒeCG ¢Uƒ°üîH åMÉÑàdG (R يلعب الرسل أيضا دور ا مهما إذا اندلعت الحرب أو كان من المحتمل ً نشوبها، وذلك لمنع وقوعها أو إبرام اتفاق بشأنها أو طلب المعونة لرد ا لمعتدي. وقد جاء في الفقه الإباضي ما يدل على ذلك: يقول أبو عبد الله محمد بن محبوب في رسالته إلى إمام حضرموت يحثه فيها على ا لجهاد: واكتب كتبك وأرسل رسلك إلى كل حاضر وباد وصالح وطالح » « وغاوي ورشيد (٢) . بعث قائد » كذلك فإن سعيد بن زياد ً ا إلى أهل الأحداث من الشرق فلما وصل إليهم وكان بينه وبينهم ما قد كان فلما ظهر سعيد عليهم استولى على بلادهم وأراد دمارها فبلغنا أنه بعث رسولا ً إلى موسى بن أبي جابر 5 وقال سعيد للرسول أن يقول لموسى بن أبي جابر أن سعيد أيقطع تحمل بنى نحو فقال له موسى فيما بلغنا ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي ا لفاسقين. لما رجع الرسول إلى سعيد بن زياد وأخبره بما قال له موسى بن أبي « جابر أقبل سعيد بن زياد على قطع النخل وهدم ا لمنازل(٣) . (١) بخصوص إبرام الأحلاف في الفقه الإباضي راجع ما قلناه في إطار الجزء الخاص .« بمبادئ العلاقات الدولية في الفقه ا لإباضي »(٢) .١٠٩ ، الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ١٥(٣) . جامع أبي الحواري، ج ١، ص ٦٣ ويتم إرسال الرسل إلى الجبابرة أو أهل البغي، قبل محاربتهم، لدعوتهم إلى الرجوع إلى تعاليم ا لإسلام. وهكذا بخصوص الجبابرة، قيل: وللإمام أن يرسل إليهم قائد » ً ا، يدعوهم إلى الحكم. فإن أجابوا سمع البينة عليهم، وأفادهم. « وإن كرهوا وامتنعوا، قاتلهم حتى يجيبوا إلى حكم ا لمسلمين(١) . وجاء في رسالة المحاربة أيض ً ا ضرورة إرسال الرسل إلى أهل البغي لدعوتهم قبل الشروع في حربهم(٢) . وهو ما جاء أيض ً ا في بيان  الشرع(٣) . يؤيد ذلك أيض ً ا أنه لا يجوز للمسلمين: (١) النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٦٤ . راجع أيضا عين المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام ً . المحتسب صالح بن علي الحارثي، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه ١٩٩٣ م، ص ٣٧٣ ُ (٢) وهكذا يقول صاحب ا لمصنف: وإذا بطش الباغون بظلم العامة وتواترت الأخبار ببغي جيشهم فقصد المسلمون إليهم »لحربهم بعد إقامة الحجة عليهم بثقتين أو أحدهما يلقيان قائد البغاة فيعلمانه أنهما رسولا الرعية ويقولان ذلك عن أنفسهما أن يمسك عن جبايتهم ويأمر بذلك فيهم وأن يعتزل الإمرة فيهم وعليهم فإنه بذلك ظالم لهم وباغ عليهم وأنهم يحاربوه على ذلك بأمر الله إياهم وأنه لا أجل له في ذلك عندهم فإن لم يأمنوه على رسلهم إليه اعترضوا لأعوانه في أخذ ما يظلمون به الرعية فحالوا بينهم وبينه. فإذا كانت البداءة منهم نابذوهم الحرب وإن يزحفوا إليهم بأجمعهم. فإن مكنوهم من إقامة الحجة دعوهم إلى الفيئة عن بغيهم فإن أشهروا السلاح عليهم حاربوهم بأمر الله صابرين والعاقبة للمتقين. ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، رسالة المحاربة، المرجع السابق، ص ٤٩ - ؛ ٥٠ ؛ النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢١٧ الشيخ أ بو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٤٤ -.٢٤٥ (٣) وهكذا قيل: مسألة: ومن كتاب الأحداث والصفات: ثم نصحهم في أمر شاذان فقال لهم: أوفدوا إليه »وفد ً ا من صلحائكم يحتجون عليه قبل سفك الدماء ويسألونه ما يطلب فردوا النصيحة وجعلوها غشا وتعجبوا من الحق وجهلوا سيرة المسلمين، وقد كان المسلمون يوفدون = أن يقاتلوا ظالما مع ظالم حتى يبدأهم الظالم بالغشم أو يقيموا عليه » ً « الحجة ويرسلوا من يحتج لهم عليه(١) . :(ø«HQÉëªdG) ø««HÉgQE’G OQ Ö∏W (ì وهكذا بخصوص المحارب، جاء في شرح ا لنيل: ويطالب من ذكر بإقامة حكم الله عليه من قتل أو قطع أو تصليب فيفر » ولا يأمن في بلاد الإسلام، وهو سر قوله تعالى: ﴿ LK ﴾ (إلى) ﴿ _ ` ba ﴾ « ويشرح أطفيش ذلك بقوله: = الوفد بين المختار وبين عبد الواحد بن سليمان وجهلوا وفد المسلمين إلى بني هناة كان من وفدهم ا لحكم بن بشير وأبو الحواري فيما ذكر لنا. وجهلوا عدل السيرة في المحاربة ولقد بلغنا أن بسطام الصفري خرج على عمر بن عبد العزيز فبعث إليه عمر بن عبد العزيز قائد ً ا وأمره أن يسايره ولا يهايجه حتى يحدث حدث ً ا من سفك دم حرام أو أخذ مال بغير حل ّ ه فجهلوا هذه ا لسيرة. وقد كان في أصحاب شاذان من يتقوون هم به، منهم يمان بن مصعب ونصر بن صقر فيما بلغنا فقد كان في الحق عليهم أن يطؤوا آثار المسلمين فقد تركوها جهلا ً منهم بها ورغبة منهم عنها وقد قال الله: ﴿ }|{zyx ~ ے¡ ¢ ¶μ´³²±°¯®¬«ª©¨§¦¥¤£ ¸ ﴾ . وقال: ﴿ ÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿﴾ . فإن قالوا: ما لصلت لم يكن يوفد وفد ً ا؟ قيل لهم: إنما كان صلت يبعث إلى قوم أحدثوا الأحداث من سفك الدماء وأخذ الأموال وقطع الطرق وقوم لصوص ومع ذلك أيض ً ا لو كانوا مجتمعين لم يعجل عليهم بقتال حتى يبعث إليهم وفد ً ا ويحتج عليهم... وإن كان اجتماعهم بغير حدث يكون منهم أوفد المسلمون إليهم وفد ً ا من صلحاء المسلمين يحتجون عليهم ويسألوهم ما يطلبون كما أرسل على زيد بن صوحان إلى طلحة والزبير يسألهما ما ينقمان عليه فإن طلبوا وجها من الحق أجابوهم إلى ذلك فإن لم يكن لهم مطلب إلا المكابرة والبغي ً بعث إليهم المسلمون جيش ً ا يسايرهم ولا يبدؤونهم بالقتال حتى يحدثوا حدث ً ا، فحينئذ .« يحتجون عليهم ويسألونهم رد الحدث كما فعل عمر بن عبد العزيز ببسطام ا لصفري الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ١٥٣ -.١٥٤ (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ١١٢ (إقامة حكم الله) تعالى: (عليه من قتل أو قطع أو تصليب) كلما استقر  في بلد جاء عليه رسول الإمام أو نحوه أو كتابه يأمر برده أو بإقامة الحكم  عليه حيث هو، أو يرسل الإمام أو نحوه الرسل أو الكتب إلى بلد توجه إليه ولو قبل أن يصل فذلك معنى قوله: أنه لا يترك حتى يسلم لحق الله، وهو معنى نفيه من الأرض المذكور في الآية، لأن مطالبته بذلك سبب في انتفائه بنفسه، فكأنه نفي كما قال: (فيفر ولا يأمن في بلاد الإسلام) وهي المراد بالأرض في الآية التي أشار إليها بقوله.  (و) ذلك المذكور من أول الخاتمة (هو سر)، أي معنى، فإن المعنى شيء مكتوم تحت اللفظ من حيث أنه لا يسمع، بل يسمع اللفظ فيؤخذ منه تصريحا أو فهما، أو أراد بالسر الشيء النفيس، لأن الشيء النفيس محفوظ ًً مكنون، وذلك هو المعنى أيض ً ا، أو رد ّ الضمير إلى المذكور من مطالبته المترتب عليها فراره فيكون السر بمعنى ا لحكمة. فكأنه قال: وذلك حكمة قوله تعالى: ﴿ LK ﴾ (إلى) ﴿ _` ba ﴾ (١) . معنى ذلك ما يلي: أ أن من وظائف الرسل في الفقه الإباضي الذهاب إلى الأقاليم (والدول) التي فر إليها الإرهابيون للمطالبة بردهم لأجل محاكمتهم وتوقيع العقاب الواجب عليهم لقاء ما اقترفوه من أفعال إجرامية. ب كلما استقر في بلد جاء عليه » : أن قول أطفيش بخصوص المحارب رسول الإمام أو نحوه أو كتابه يأمر برده أو بإقامة الحكم عليه حيث يدل « هو ّ على أن الفقه الإباضي عرف منذ زمن بعيد مبدأ من مبادئ (١) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٧٨٨ -.٧٨٩ إما أن ت » القانون الدولي الجنائي المعاصر، وهو مبدأ ُسلم وإما أن َ وهو المبدأ المعروف في اللغة اللاتينية باسم « تحاكم »autdedere Aut judicare وفي اللغة الإنجليزية باسم ،« »Try or ExtraditeEither « وفي اللغة الفرنسية باسم »soit extrader, Soit juger.« »fÉãdG åëѪdG π°SôdG ∞FÉXh ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG وضع الفقه الإباضي عدة قواعد خاصة بوظائف الرسل أو السفراء، أهمها ا لآتي: :ádhódG ¢ù«FQ Iô°†M »a ∫ƒ°SôdG Oôj ∞«c `` CG لا شك أن المبعوث الدبلوماسي إذا أتى أي تصرف في حضرة سلطات الدولة المرسل إليها، فإن ذلك لا بد أن تترتب عليه آثار معينة. لذلك يجب عليه إذا تكلم وبلغ الرسالة التي يحملها أن يتحرى الدقة في ذلك، وكذلك الكياسة والحصافة(١) ، لأن الكلام ترجمان يعبر عن مكنونات الضمير ومستودعات ا لأسرار. (١) ولا يكون كرسول عبد الملك إلى الحجاج: فقد أصيب الحجاج بمصيبة، وعنده رسول عبد الملك بن مروان، فقال: ليت أني وجدت إنسان ً ا يخفف عني مصيبتي، فقال له الرسول: كل إنسان مفارق صاحبه بموت أو بصلب أو بنار تقع عليه من فوق » : أقول، قال: قل، قال فضحك .« البيت أو يقع عليه البيت أو يسقط في بئر، أو يغشى عليه أو يكون شيء لا يعرفه مصيبتي في أمير المؤمنين أعظم حين وجه مثلك رسولا » : الحجاج، وقال ً .« راجع الجاحظ: المحاسن والأضداد، دار صعب، بيروت، ١٩٦٩ ، ص ٩٨ ؛ الإمام ابن الجوزي: أخبار الحمقى والمغفلين، المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، . ص ١٠٧ وإذا كان ولا بد للمبعوث الإسلامي أن يتكلم فعليه أن يراعي شروط ً ا َ لا يسلم المتكلم من الزلل إلا بها، وهي أربعة: الأول: أن يكون الكلام لداع يدعو إليه، إما في اجتلاب نفع، أو دفع ضرر. الثاني: أن يأتي به في موضعه، ويتوخى به إصابة فرصته. الثالث: أن يقتصر منه على قدر حاجته. الرابع: أن يتخير اللفظ الذي يتكلم به(١) .  ولا شك أن رد الرسول وقوله يتوقف على دهائه وكياسته ورباطة جأشه، وهذا الرد يلعب دورا مهما في نجاح أو فشل مهمته. ً ويضرب الفقه الإباضي مثالا ً على ما قلناه بما حدث من عمرو بن العاص حينما أرسله النبي ژ رسولا ً إلى ع ُ مان، فحينما قابل عمرو بن العاص ورسول الله ژ جيفر ملك عمان، فسأله: ألا تخبرني عن قريش كيف ُ صنعت، أي وهم أشد مراسا وأطول يد ً ا ولسان ً ا، وأخص به من غيرهم؟ قال ً عمرو: فقلت اتبعوه إما راغب في الدين، وإما راهب مقهور بالسيف، وإنه لجواب مدهش جامع لمقتضى المقام، وهكذا ينبغي أن تكون رسل الزعماء أي: ا لرسول ژ «؟ ومن معه » : والأكابر. قال جيفر . قال عمرو: قلت: الناس قد رغبوا في الإسلام واختاروه على غيره، وعرفوا بعقولهم مع هدي الله إياهم أنهم كانوا في ضلال مبين؛ أي: أن الإسلام مال إليه الناس بطبيعة حاله الجذابة الفعالة في العقول السليمة، انقيادها إلى عزها وشرفها الذي فما أعلم أحد » : جابهها به الإسلام وصارحها به سيد الأنام، قال عمرو ً ا بقي (١) . الماوردي: أدب الدنيا والدين، دار الشعب، القاهرة، ج ٤، ص ٥٠٩  غيرك في هذه الخرجة، وأنت إن لم تسلم اليوم وتتبعه تطؤك الخيل وتبيد خضراءك قال الإمام: أي جماعتك فأسلم تسلم ويستعملك على قومك، ولا تدخل عليك الخيل والرجال، أي: فإنك لا شك تتأهب لحرب المسلمين للذين دوخوا الأكاسرة والقياصرة، ولست بأقوى منهم. فقال  دعني يومي هذا وارجع إلي غد » : لعمرو ً ا. قال: فلما كان الغد أتيته فأبى أن يأذن لي فرجعت إلى أخيه فأخبرته أني لم أصل إليه، فأوصلني إليه، فقال:  إني فكرت فيما دعوتني إليه، فإذا أنا أضعف العرب إن ملكت رجلا ً ما في  يدي وهو لا تبلغ خيله إلى هاهنا، وإن بلغت خيله ألفت؛ أي: وجدت قتالا ً قلت: وأنا خارج غد » : قال عمرو .« ليس كقتال من لاقى ً قال: فلما أيقن .« ا بمخرجي خلا به أخوه فأصبح فأرسل إلي فأجاب إلى الإسلام هو وأخوه، وصدقا وخليا بيني وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم، وكان لي عون ً ا .« على من خالفني ويعلق السيابي على ذلك بقوله: وانظر إلى جرأة عمرو بن العاص حيث يقول لجيفر لما قال: فكرت » فيما دعوتني إليه، فإذا أنا أضعف العرب إن ملكت رجلا ً ما في يدي، وهو لا تبلغ خيله إلى ها هنا، وإن بلغت خيله ألفت قتالا ً ليس كقتال من لاقى؛ قال له: إن لم تسلم اليوم وتتبعه تطؤك الخيل وتبيد خضراءك، أي رجالك وهذا من الجرأة بمكان حيث يقولها لملك في عرش ملكه، وبين أرهاطه وجنوده، ولكن مقام الإسلام عظيم، والرسول في الحقيقة عين المرسل وقد انتخب ا لرسول ژ ذلك الداهية المعروف بأرطبون « العرب(١) . (١) . الشيخ سالم السيابي: عمان عبر التاريخ، المرجع السابق، ج ١، ص ١٢١ ُ :π°SôªdG ádõæªH ∫ƒ°SôdG `` Ü عادة يحمل المرسل من يرسله (الرسول) رسالة يبلغها إلى الدولة ُ المرسل إليها. ولما كان الرسول في ذلك مجرد واسطة أو أداة لإبلاغ مضمون الرسالة، فإن القاعدة هي أن حكم الرسول حكم مرسله. وقد أكد الفقه الإباضي على فروع لهذه القاعدة تخص العلاقات ا لدولية: ومنها: إذا كتب إمام المسلمين إلى أهل المدينة كتاب موادعة أو أمان، فلما وصل الرسول إليهم أساؤوا معاملته، انتقض ما في الكتاب من العهد لأن الرسول بمنزلة من أرسله، فكأنهم أساؤوا المعاملة مع الإمام نفسه. ومنها: إذا أرسل إليهم الإمام رسولا ً بالأمان فنزلوا على أمانه لم يجز َ لأحد من المسلمين أن يمد إليهم يد السوء، لأن الرسول بمنزلة من أرسل  إليهم. ومنها: أن إكرام الرسل إكرام لمن أرسلهم، وعلى ذلك جرت الأعراف العامة. ومنها: إذا أرسل الإمام رسولا ً لجمع الصدقات فخرج المرسل ُ إليهم َ لقتاله كانوا مرتدين، وكأنهم خرجوا على الإمام. وذلك ما حدث في عصر النبي ژ لما أرسل عبد الله بن عقبة بن أبي معيط لجمع صدقات بني المصطلق، فلما علم القوم بقدومه خرجوا لاستقباله فوقع في قلبه أنهم خرجوا لقتاله، فرجع إلى المدينة وأخبر النبي ژ بأن القوم منعوا الزكاة وخرجوا لقتاله، فأرسل النبي ژ خالد بن الوليد فكمن بجوارهم ثلاثة أيام فسمع مؤذنهم يؤذن للصلاة، فعاد وأخبر النبي بأن القوم على العهد. فأنزل الله 8 فيه: ﴿ :9876543210/ <; = ?> ﴾ [ [الحجرات: ٦ . فلو لم يكن الرسول بمنزلة المرسل لما حصل هذا، وقد يقال: إنما حصل هذا لكونهم منعوا الزكاة قيل: لا مانع من الأمرين معا إساءة معاملة ً الرسول إليهم ومنعهم الزكاة، والله أعلم(١) . :∫ƒ°SQ ᣰSGƒH ºJ GPEG ¬H ôeCG A»°ûH ôeC’ÉH ôeC’G `` ê    جاء في طلعة ا لشمس: ٍِ َِ والأمر بالأمر بشيء أمر بذلك الشيء وقال البد ْ ر ُ ُْ َُ ِ ليس بأمر ٍ ، وه ُو َ القول ُ الأص َ ح ّ لم َ ا عليه من دليل ٍ اتض َح ْ  يقول ا لسالمي: ِ اختلف في الأمر بشيء: هل هو أمر بذلك الشيء أم لا؟ فقيل: إنه أمر » ٌ ٌْ بذلك الشيء، وقال ا لبدر 5 وجمهور العلماء: إنه ليس بأمر بذلك  الشماخي ُُ الشيء، وهذا القول ُ الأصح؛ لأن الدليل َ عليه واضح، وذلك أنه لو كان الأمر ُ ٍِ بالشيء  أمرا بذلك الشيء؛ للزم َ التناق ُض ُ فيما إذا ق ُل ْت َ لأحد: م ُ ر فلان ً ا أن يفعل َ ًْ ٍِ كذا، وقلت َ لفلان : لا تفع َل ْ ذلك، ونحن نقط َع ُ أنه لا تناق ُض َ هنالك، وهذا معنى ٍِ ُِ لأنه يصح ن » : قول الناظم َهي م َن ْ أمر ... إلى آخره، أي: ولم «... بأمره ّ ا صح أن ُْ َ ِ ننهي من أمرنا بأمره، ولم يك ُ ن ْ في نهينا له مناقضة ٌ لأمره، ع َلمنا أن أمرنا بأمره َْ بشيء ليس أمر بذلك الشيء، ولو كان ذلك أمرا له لناقض ن َ« هينا له(٢) . ً ََْ ويستثنى مما تقدم أن يتم الأمر بالأمر بالشيء بواسطة رسول: فهو أمر به(٣) . (١) راجع معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٧٤ -.٥٧٦ ّ (٢) . السالمي: طلعة الشمس، ج ١، ص ١٥٦ (٣) استدل القائلون بأن الأمر بالأمر بالشيء أمر بذلك الشيء بأمر الله تعالى » : يقول السالمي ٌ ِ نبيه أن يأمر العباد َ بالانقياد وت َرك َ العناد ونحو ذلك من الأوامر، وبأمر السلطان وزيره أن َُْ َ يأمر الرعية َ بشيء، للق َط ْع ِ بأن من خالف أمر النبي مخالف لأمر الله، وكذا من خالف أمر َ ٌَ ََْ الوزير الصادر عن أمر السلطان، فهو مخالف للسلطان. = ٌ :¬àª¡ªd ∫ƒ°SôdG RÉéfEG øe ócCÉàdG IQhô°V `` O   يعد ذلك من الأمور الداخلة في مبدأ التثبت الذي أكده الفقه الإباضي كأحد المبادئ واجبة المراعاة في العلاقات الدولية. وقد كان سبب نزول قوله تعالى: ﴿ :9876543210/  <; = ?> ﴾ [ [الحجرات: ٦ ، قال الحارث بن أبي ضرار   الخزاعي: قدمت على رسول الله ژ فدعاني إلى الإسلام فأسلمت، وإلى الزكاة فأقررت بها، وقلت: أدعوا إليها قومي، فمن استجاب جمعت زكاته، فأرسل إلي وقت كذا من يأتيك بها، ففعلت، وانتظرت رسوله ولم يأت، فقلت لرؤساء قومي: لم يأتني الرسول ونبي الله ژ لا يخلف الوعد، وأخاف ّ  أن الله تعالى سخط علينا، فسرنا إلى رسول الله ژ بزكاتنا، وقد بعث ژ الوليد بن عقبة بن أبي معيط أخا عثمان لأمه ليقبضها عنا، ول َما بلغ بعض الطريق خاف فرجع، فقال لرسول الله ژ : إن الحارث منعني الزكاة، وأراد  قتلي، فأرسل إلينا من يقاتلنا، فالتقينا معهم خارج المدينة، فقلنا: إلى من؟  ِ قالوا: إليك إذ ْ منعت الزكاة وأردت قتل الرسول إليك َ ، فقلنا: لا والله، فدخلنا على رسول الله ژ فقال: «؟ منعتم الزكاة وأردتم قتل رسولي » قلنا: لا والله ما رأيناه، وقد خفت سخط الله تعالى إذ لم يأتني رسولك، فنزل: ﴿ 0/ ِ = ق ُ لنا: إنما وجب ذلك لقرينة لا لنفس الأمر، فأما القرينة ُ في الأول، فقول ُ ه تعالى: ﴿ !" َ &%$# ﴾ ،[ [النساء: ٨٠ ﴿ QPONMLKJ ﴾ [ [المائدة: ٦٧ . ونحو ُ هما من الآيات، وأما ا لقرينة ُ في الثاني، فهو أن عادة َ الملوك ج َ رت ْ في ما بينهم ِ ِِ ِ بجعل الواسطة بينهم وبين الرعايا في أوامرهم؛ ولذا ي ُ عاقبون على تر َ ك أمر واسطتهم، ْ وي ُح ْ سنون إلى من تبع َ َ أمر َ ها، فع ُلم ِ َ من هذه العادة أن تلك الواسطة مبلغ ٌ لأمر ِ السلطان، فالمأمور ُ ابتداء ً ه ُ م الرعية ُ لا الواسطة، والواسطة ُ في تبليغ الأمر كأدلة للشيء، وكالكتاب ِِ المترجم ما بين ا لمتكاتبين، حاصل المقام: أنا لا نمنع من أن يكون َ الأمر بالأمر بالشيء ُُْ ُ ِ أمرا بذلك الشيء إذا دلت ا لقرينة ُ على ذلك، وإنما نمنع ذلك عند عدم القرائن لما تقدم ًُ . ذات المرجع، ص ١٥٧ « من الأدلة، والله أعلم 1... ﴾ رواه الطبراني وأحمد قبله(١) . وقد أكد فقهاء المسلمين على  ضرورة أن يتم التأكد من إنجاز مهمة ا لرسول: يبدو ذلك من قول ابن ا لفراء: إذا أنفذك ملك في رسالة إلى ملك آخر أو عدو له فاستمع إلى ما » يكتبه، وصر إلى الملك فاعرضه عليه، فإذا رضيه، سألته أن يوقع عليه بخطه وإذا صرت إلى الملك الآخر، فاعرض عليه الرسالة من غير .« هذه رسالتي » أن تظهره على أن عندك ذلك الرسم فإذا أجابك حفظت ما أجابك، ثم أثبت رسالة الملك الأول، وجواب الثاني في رسم، ثم اعرضه على الملك الثاني،  « هكذا أدى الرسالة، وهذا جوابي عنها » : فإذا رضيه سألته أن يوقع فيه بخطه (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٣ ، ص ٤١٦ وقيل: أرسل إليهم خالد ً ا بعد قول الوليد، وأعطوه الزكاة ولم يجيئوا إلى رسول الله ژ ، ولما نزلت الآية قال ژ : « التثبت من الله تعالى، والعجلة من ا لشيطان » . فإذا كان الرسول ثقة كان قوله مصدق ً ا، من ذلك لما وصل معاوية بن جريج رسول  عمرو بن العاص إلى عمر بفتح الإسكندرية، أتى إليه عند قائلة الظهيرة، فقال لجاريته: إن كان أمير المؤمنين نائما فلا تنبهيه. وإن كان منتبها فأخبريه أني على الباب فدخلت ًً وأخبرته فقال: مه . فقالت: خيرا، فتح الله على المسلمين الإسكندرية فكبر عمر ثم أقبل َْ ً علي فقال: قد ظننت بي سوءا؛ لأن نمت بالنهار لقد ضيعت رعيتي، ولأن نمت بالليل ً لقد ضيعت حظ نفسي، فكيف يهناني النوم بعد هذا. النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ١٦٤ -.١٦٥ ويقول ابن بركة: والحكام والأئمة تنفذ الأحكام بكتبهم ورسائلهم إذا سكن القلب إلى صدق الخبر، وعلم »الدلائل بالخط والختم والمخاطبة، والرسول والثقة إذا اجتمعت للمخاطبة هذه الدلالة .« عمل بما في الكتاب، وأقام ذلك مقام ا لصحة ويضيف أيض ً ا: وكذلك ما يرد إليه من كتب الإمام بيد الرسول إذا وجدوا المخاطبة وراء الختم والرسول »ثقة عنده، جاز له أن يحكم بذلك بسكون قلبه إلى صحة الرسالة، وغلبة الظن أن الأمر ابن بركة: كتاب « بذلك فيما ذكرنا أن مثل هذا يكون علما مع التجويز عليه بخلافه ً .٥٠ ، التعارف، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٩٨٤ ، ص ٢٦ ُ فإنه ربما اصطلح الملكان، وتناكرا ألفاظ ً ا تقع الإجابة فيها عليك فيكون « ذلك سببا لعظيم ا لإثارة(١) . ً كذلك يقرر رأي آخر: ومن الحزم أن الرسول إذا أتاه برسالة أو كتاب فيه خبر أو سر وارتاب » به أن لا يحدث في ذلك شيئ ً ا حتى يرسل مع رسول آخر يحكي للمرسل إليه كتابه أو رسالته حرف ً ا حرف ً ا ومعنى معنى، فإن الرسول ربما فاته بعض ما يوصله فافتعل الكتب وغير ما شوفه به، فحرض بذلك المرسل على « المرسل إليه، فأدى ذلك إلى فساد شديد(٢) . (١) . ابن الفراء: كتاب رسل الملوك ومن يصلح للرسالة والسفارة، المرجع السابق، ص ٣١ (٢)عمر بن إبراهيم الأوسي الأنصاري: تفريج الكروب في تدبير الحروب، منشورات الجامعة الأمريكية، القاهرة، ١٩٦١ ، ص ٢٤ -.٢٥ والأمثلة على نجاح السفارات في الإسلام كثيرة، نذكر منها ما يلي: يحكى أن لسان ا لدين بن الخطيب لما وفد على السلطان أبي عنان طالبا المساعدة، أنشده: ً خليفة الله ساعد القدر علاك ما لاح في الدجا قمر ودافعت عنك كف قدرته ما ليس يستطيع دفعه ا لبشر .« ما ترجع إليهم إلا بجميع طلباتهم » : فاهتز السلطان لهذه الأبيات، وقال له قبل أن يجلس لم نسمع بسفير قضى سفارته قبل أن » : وينقل ابن خلدون عن أحد أعضاء السفارة، قوله راجع د. عبد الهادي التازي: التاريخ الدبلوماسي للمغرب من « يسلم على السلطان إلا هذا . ١٤٠٨ ه ١٩٨٨ م، ص ٩٦ ، أقدم العصور إلى اليوم، ج ٧ وإنجاز الرسول لمهمته تحتم عليه أن ينتبه إلى الألفاظ التي يستخدمها والتي يمكن أن يختلف معنى اللفظ المستخدم فيها بحسب السياق. يمكن أن نذكر هنا المثال ا لآتي: من جواب أبي الحواري 5 : وعمن أرسل رجلا ً يتسلف له على من يكون اسم السلف؟ فإذا قال الرسول للمرسل إليه: أرسلني فلان أن تسلفه كذا أو كذا درهما كان اسم السلف ًَِ على ا لمرسل. وإن قال الرسول: أرسلني فلان أن تسلفني له كذا وكذا من الدراهم كان اسم السلف على الرسول على هذا وكذلك القرض على هذا. جامع أبي الحواري، وزارة التراث القومي والثقافي، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ُ . ج ٢، ص ١٣١ :¬dÉ©aCG øY á«dhDƒ°ùªdG hCG ¿Éª°†dG ∫ƒ°SôdG πªëJ á«fÉμeEG `` `g يتحمل الرسول أو السفير المسؤولية إذا خالف ما تحتمه وظيفته كرسول أو سفير (إحالة)(١) . :É¡«dEG π°SôªdG ó∏ÑdG á¨∏d ∫ƒ°SôdG áaô©e IQhô°V `` h اللغة هي أداة التخاطب بين الناس، بها يمكن للإنسان أن يفهم ما يطرحه الطرف الآخر، ويرد عليه تبعا لذلك. لذلك يجب معرفة اللغة التي ً تتحادث بها الأطراف ا لمعنية(٢) . ﺱﺭﺪﻧ ﻩﺬﻫ ﺔﻟﺄﺴﻤﻟﺍ ﺪﻨﻋ ﺎﻨﺘﺳﺍﺭﺩ ﺔﻴﻟﻭﺆﺴﻤﻠﻟ ﺔﻴﻟﻭﺪﻟﺍ ﻭﺃ ﻥﺎﻤﻀﻟﺍ ﻲﻓ ﻪﻘﻔﻟﺍ.ﻲﺿﺎﺑﻹﺍ (١) ً ﺎ ﺔﺒﺴﻨﻟﺎﺑ ﺕﺎﻗﻼﻌﻠﻟ ﺔﻴﻟﻭﺪﻟﺍ ،ﺔﺻﺎﺨﻟﺍ ﻱﺃ ﻲﺘﻟﺍ ﻦﻤﻀﺘﺗﺮﺼﻨﻋ ﺭﻮﺜﺗ ﺔﻐﻠﻟﺍﻀﻳﺃ ﺎ ﻭﺃ ﺮﺜﻛﺃ ﺍﻴﺒﻨﺟﺃًً (٢) ﻲﻓ) ﺭﺎﻃﺇ ﺕﺎﻗﻼﻌﻟﺍ ﻦﻴﺑ ﺹﺎﺨــﺷﻷﺍ .(ﻦﻴﻳﺩﺎﻌﻟﺍ ﺪﻗﻭ ﺽﺮﻌﺗ ﻪﻘﻔﻟﺍ ﻲﺿﺎﺑﻹﺍ ﻩﺬﻬﻟ ﺔﻟﺄــﺴﻤﻟﺍ ﺎ ﺪﻨﻋ ﺽﺮﻋ ﺔﻴﻀﻗ ﻰﻠﻋ ﻲﺿﺎﻘﻟﺍ ﻱﺬﻟﺍﻻ ﻑﺮﻌﻳ ﺔﻐﻟ.ﻡﻮﺼﺨﻟﺍﺻﻮﺼﺧً ﺍﺬﻜﻫﻭ :ﻞﻴﻗ ﺏﺪﻧﻭ» :ﻲﺿﺎﻘﻠﻟ ﻥﺃ ﺬﺨﺘﻳ ﻦﻴﻧﺎﻤﺟﺮﺗ ،ﻦﻴﻨﻴﻣﺃ ﻪﻧﺎﻓﺮﻌﻳ ﺔﻐﻟ ،ﻦﻴﻤﺼﺨﻟﺍ ﺍﺫﺇ ﻢﻟ ﺎﻬﻤﻬﻔﻳ ﻻﻭ ﻪﻳﺰﺠﻳ ﻻﺇ ﻥﺍﺮــﺣ ﻥﺎﻐﻟﺎﺑ ،ﻥﻼﻗﺎﻋ ﻭﺃ ﺮﺣ ،ﻥﺎﺗﺮﺣﻭ ﻪﻧﻷ ﻢﻜﺤﻳ ﻝﻮــﻘﺑ ،ﻥﺎﻤﺟﺮﺘﻟﺍﻻﻭ ﺯﻮﺠﻳ ﻪﻟﻮﻗ ﻪﺴﻔﻨﻟﻻﻭ ﻩﺩﻻﻭﻷ ،ﻩﺪﻴﺒﻋﻭﻻﻭ ﻲﻓ ﺔﻣﻮﺼﺧ ﻪﻟ ﺎﻬﻴﻓ ،ﺐﻴﺼﻧﻻﻭ ﺎﻤﻴﻓ ﻪﻴﻓ ﻪﻟ ،ﺮﺟﺃ ﻭﺃ.«ﻊﻓﺩ ﺯﻮﺟﻭ ﻥﺎﻤﺟﺮﺗ ،ﺪﺣﺍﻭ ﺍﺫﺇ ﻢﻟ ﺪﺟﻮﻳ.ﻩﺮﻴﻏ ً ﺎ ﺔﻨﻴﻣﺃ ﺓﺪﺣﺍﻭ ،ﻚﻟﺬﻛ ﻱﺪﺘﻘﻳﻭ ﻢﻛﺎﺤﻟﺍ.«ﺎﻤﻬﺑ ﺯﻮﺟﻭﻀﻳﺃ :ﻲﻨﻴﻤﺜﻟﺍ ﺩﺭﻮﻟﺍ ﻡﺎﺴﺒﻟﺍ ﻲﻓ ﺽﺎﻳﺭ ،ﻡﺎﻜﺣﻷﺍ ﺓﺭﺍﺯﻭ ﺙﺍﺮﺘﻟﺍ ﻲﻣﻮﻘﻟﺍ ،ﺔﻓﺎﻘﺜﻟﺍﻭ ﺹ.٢٩ ﻚﻟﺬﻛ:ﻞﻴﻗ ﻲﻓ ﻢــﻬﻓ ﺎﻣ ﻦﻋ ﺕﺎــﻐﻠﻟﺍ ﻪﻠﻬﺟ ﻥﺎﻤﺟﺮﺘﻟﺍﻭ ﻲﺿﺎﻘﻟﺍ ﺪﻗ ﺝﺎﺘﺤﻳﻪﻟ ـﻓ ﻼــــﻳـﻐــﺸـ ﻪـ ﻻﻭـﻳ ـﺨــ ﻥﻮــ ـﻟﻭـﻴـ ﻚــﺗـﺟﺮــﻤــﻧﺎـ ﻪــﻣﻷﺍـﻴـ ﻦـ ﻲــﻓ ﻪــﺴﻔﻧ ﻩﺪــﺒﻋﻭ ﻦــﻣﻭﺪﻟﻭ ـﻟـﻜــﻨـ ﻪــﺑـﻘــﻟﻮـ ﻪـ ﻻـﻳ ـﻌــﺘــﻤـﺪـ ﻪــﻟ ﻮــﻟﻭ ﻞــﻴﻗ ﻮــﻫﺐﻴﺼﻤﻟﺍ ﻲــﻓﻭ ﺔــﻣﻮﺼﺧ ﺎــﻬﺑﺐــﻴﺼﻧ ﻦﻴﻠﻗﺎﻋ ـﺑـﻟﺎــﻐــﻴـ ﻦـ ـﺣـﻳﺮـ ﻦـ ﺲﻴﻟﻭ ﻯﺰــﺠﻳ ﻪــﻴﻓ ﻥﻭﺩ ﻦﻴﻨﺛﺍ ﻦﻴﻟﻮﻗ ـﻛﺫ ﺍﻭﺮــــ ـﻓـﺒــﻣﻷﺎــﻴـ ﻦـ ﻥﺇﻭ ﻦــﻜﻳ ﻢــﻟ ﺪــﺠﻳ ﻦــﻴﻨﺛﻻﺍ ً ﺎــ ﺎــﻬﺑﻭ ﻢــﻜﺤﻟﺍﺪﻔﻧ ﻂــﻗﻨﻴﻣﺃ ﻞــﻴﻗ ﻮــﻟﻭ ﺔــﻨﻴﻣﺃ ﻥﺇ ﻢــﻟﺪﺠﻳ :ﻱﺮﺒﻏﻷﺍ ﺢﺘﻓ ﻡﺎﻤﻛﻷﺍ ﻦﻋ ﺩﺭﻮﻟﺍ ﻡﺎﺴﺒﻟﺍ ﻲﻓ ﺽﺎﻳﺭ ،ﻡﺎﻜﺣﻷﺍ ﺓﺭﺍﺯﻭ ﺙﺍﺮﺘﻟﺍ ﻲﻣﻮﻘﻟﺍ ،ﺔﻓﺎﻘﺜﻟﺍﻭ ،ﻥﺎﻤ ،٥ ﺝ ـﻫ ١٤٠١،ﻡ١٩٨١ ـ .٢٧ ﺹ ﺔﻨﻄﻠﺳ ﻋُ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٢٧٢ وهذا مطلوب، من باب أولى، بالنسبة للرسول حيث إن طبيعة عمله تقتضي ذلك، فهي تتضمن الذهاب إلى دول أجنبية قد تتحدث لغة غير اللغة التي يتكلمها، وبالتالي يجب أن يكون مسيطرا عليها حتى يستطيع ً إنجاز المهمة التي أرسل من أجلها. « لكل أمة لغتها ولكل قوم ا صطلاحهم » : ومن المعلوم أن(١) . وقد أشار القرآن الكريم إلى أهمية الألسنة أو اللغات. يقول تعالى: ﴿ !",+*)('&%$# -10/.﴾ [ [النحل: ١٠٣ . ﴿ §¦¨©ª«¬®¯❁±³² ´¶µ¸¹ºÀ¿¾½¼» ﴾ [٣٤ ، [القصص: ٣٣ . « لا بد للحاكم من مترجمين » : لذلك قال بعض الناس(٢) ، وقد كانت اللغة العربية في وقت من الأوقات اللغة المستخدمة على الصعيد (١) . جوابات الإمام السالمي، ج ٤، ص ١٥٣ (٢) يقرر الإمام ابن حجر أن ذلك روي بصيغة الجمع لأن الألسنة قد تكثر فيحتاج إلى تكثير المترجمين، كما أنه روي بصيغة التثنية على أساس أن الترجمة بمنزلة الشهادة وبالتالي تحتاج إلى اثنين (ابن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، المرجع .( السابق، ج ١٣ ، ص ١٥٩ وقد أشار الخزاعي التلمساني إلى الترجمان، وقال إن له لغات ثلاث: الأولى: فتح التاء والجيم معا، والثانية: ضمهما معا، والثالثة: فتح التاء وضم الجيم. ويقول ًً إن الرطانة هي الكلام بالأعجمية، تقول: رطنت له رطانة، وراطنته إذا كلمته بها، وتراطن القوم فيما بينهم، راجع: الخزاعي التلمساني: كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، المرجع السابق، ص ٢٠٧ -.٢١٠ الدبلوماسي، بخلاف الوقت الحاضر حيث تسود الآن الإنجليزية بعد أن كانت الفرنسية هي لغة ا لدبلوماسية(١) . ونظرا لأن الدبلوماسية تحتم الاتصال بدول وشعوب ذات ألسنة مختلفة ً ولغات متباينة، بات من الضروري تعلم المبعوث الدبلوماسي وإتقانه للغات الأجنبية. ويلاحظ أن الكتب التي أرسلها ا لرسول ژ إلى ملوك الدول غير الإسلامية كانت مكتوبة باللغة العربية، رغم اختلاف وتعدد لغات الملوك المرسلة إليهم ولا شك أن ذلك يمثل بعد نظر ، بل هو المتبع حاليا في ً كل الدول التي تحترم ذاتيتها وشخصيتها، واللغة من أولى مقومات هذه الشخصية، والغرض من ذلك التعبير بدقة عن المعنى المرغوب فيه والذي يريده المرسل؛ لأنه إذا حدث خطأ في الترجمة كانت التبعة على المترجم  لا على الكتاب ولا على مرسله. ومن المعلوم أن حل المشاكل الكثيرة الناشئة عن الترجمة يتم بالرجوع إلى النص ا لأصلي(٢) . (١) ومع حلول القرن السابع الميلادي، حلت اللغة العربية إلى جانب اللاتينية » : يقرر رأي وطغت عليها في القرن التاسع، نظرا لعاملين: ً الأول: أنها لغة القرآن ا لكريم. والثاني: لاتساع رقعة الدولة الإسلامية وقوتها التي فاقت قوة واتساع الإمبراطوريتين الرومانيتين الشرقية، والغربية، وعليه باستطاعتنا القول بأن اللغتين العربية واللاتينية هما لغتا الدبلوماسية د. محمود خلف: اللغة الدبلوماسية، الدبلوماسي، العدد « السائدتين حتى مطلع العصر الحديث . العاشر، معهد الدراسات الدبلوماسية، الرياض، ١٤٠٩ ه ١٩٨٩ م، ص ٤٨ (٢) من الثابت أن ابن رشد قد استفسر عما جاء عن مالك وعن سيدنا عمر من ذم تعاطي لغة الأعاجم. فتبين من كلامه في كتاب البيان والتحصيل أن الذي كره مالك من تعلم خط العجم ولسانهم هو ما لا يكون في تعلمه منفعة وأما ما فيه منفعة كتعلمه لترجمة ما يحتاجه الإمام كما تعلمه زيد بأمر ا لنبي ژ أو لما يحتاج إليه القاضي للفصل بين الخصوم وإثبات الحقوق، أو العاشر الذي يعشر أهل الذمة وتجار الحربيين لطلب ما يعشر عندهم لبيت = وقد أكدت ا لسنة النبوية على ضرورة تعلم اللغات الأجنبية لضروريتها   في التعامل على الصعيد ا لدولي: قال البخاري باب ترجمة الحكام : وهل يجوز ترجمان واحد؟ قال خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه زيد بن ثابت: إن النبي ژ أمره أن يتعلم كتاب اليهود. قال: كتبت للنبي ژ وأقرأته كتبهم إذا كتبوا إليه، وعنده علي = المال أو لما يحتاج إليه من فكاك أسير وما أشبه ذلك مما تدعو إليه الضرورة فغير مكروه. وقال ابن يونس حين تكلم عن قول المدونة ونهي عمر عن رطانة الأعاجم؛ أي: تكلمهم الشيخ عبد الحي .« معنى النهي عن ذلك أنهم يتكلمون بها في المساجد » : بلسانهم فقيل الكتاني: نظام الحكومة المدنية المسمى التراتيب الإدارية، ص ٢٠٥ ، وأيض ً ا رفاعة الطهطاوي: الدولة الإسلامية، نظامها وعمالاتها، وهو المتمم لكتاب نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز، مكتبة الآداب، القاهرة، ١٤١ ه ١٩٩٠ م، ص ١١١ . الخزاعي التلمساني: كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، المرجع السابق، ص ٢١١ . معنى ما تقدم أنه إذا لم يعرف الرسول لغة المرسل إليه  أو لم يعرف المرسل إليه لسان الرسول، فمن الممكن ترجمة الكلام لكي يتم ا لفهم. ولعل ما يدل على ضرورة تعلم اللغات الأجنبية ما أكده الإمام الطحاوي في تعليقه على طلب النبي ژ من زيد بن ثابت أن يتعلم السريانية، فلما تعلمها كان يكتب إلى يهود إذا كتب إليهم وإذا كتبوا إليه قرأ له كتابهم، يقول الإمام الطحاوي: تبرير ً ا واضح ً ا لضرورة تعلم اللغات ا لأجنبية: فتأملنا هذا الحديث فوجدنا ما كان يرد على رسول الله ژ من كتب يهود بالسريانية إنما »كان يقرأه له اليهود الذين كانوا يحضرونه وهم غير مأمونين على كتمانهم بعض ما فيه، غير مأمونين على تحريف ما فيه إلى ما يريدون، وكان ما ينفذ من كتبه إلى اليهود جوابا ً لكتبهم له بالعربية فيحتاج اليهود الواردة عليه إلى من يحسن العربية ليقرأه عليهم إذ كانوا لا يحسنون العربية، فلعل ّ ه أن يحرف ما في كتبه إليهم إلى ما يريد لا سيما إن كان من عبدة الأوثان الذين في قلوبهم على رسول الله ژ ما لا خفاء به وفي قلوبهم على أهل الكتاب ما فيها، فأمر رسول الله ژ زيد ً ا أن يتعلم له السريانية فيقرأ كتبهم إذا وردت عليه فيأمن بها كتمان ما فيها ويأمن تحريف ما فيها ويكون كتابه ژ إذا ورد على اليهود ورد عليهم كتاب بقراءة عامتهم يأمن فيه من كتمان بعض ما فيه ومن تحريف ما فيه إلى غير الإمام الطحاوي: مشكل الآثار، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية، حيدر .« ما كتب به آباد الدكن، ١٣٣٣ ه، ج ٢، ص ٤٢١ -.٤٢٢ وعبد الرحم ن بن عوف وعثمان بن عفان، وقال عمر بن الخطاب: ما تقول ٰ هذه؟ أي المرأة الحاضرة ، قال عبد الرحمن بن حاطب: تخبرك بصاحبها ٰ الذي فعل بها، وهو مما وصله عبد الرزاق وسعيد بن منصور، قال زيد بن ثابت: أتي بي النبي ژ مقدمه المدينة، فأعجب بي، فقيل له: هذا غلام من بني النجار، قد قرأ مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة، فاستقرأني؛ فقرأت. فقال لي: « تعلم كتاب اليهود فإني لا آمن يهود على كتابي » ، فتعلمته في نصف شهر، حتى كتبت له إلى يهود وأقرأته إذا كتبوا إليه. قال أبو جمرة؛ نصر بن عمران الضبعي البصري: كنت أترجم بين الناس وبين ابن عباس. زاد النسائي: فأتته امرأة فسألته عن نبيذ الجر. فنهى عنه، وقال محمد بن الحسن والشافعي: لا بد للحاكم من مترجمين(١) .  وبخصوص دعوة اليهود والنصارى والصائبين إلى الإسلام قيل: إن « لم يعلم لغتهم فإنه يترجم له بأمينين، وقيل بواحد » الإمام إن(٢) . :AGôØ°ùdG πªY QÉWEG »a ÉjGó¡dG `` R  ت ُعد الهدايا المقدمة إلى الرسل والمبعوثين الدبلوماسيين، وكذلك الأنواط والنياشين التي تعطى لهم، خصوصا عند انتهاء عملهم، من التقاليد ً الموجودة منذ غابر الأزمان وقد جرى عليها العمل أيض ً ا في بلاد الإسلام(٣) وورد ذكرها في القرآن الكريم، فقد ذكر القرآن الهدية بخصوص هدية بلقيس إلى سليمان 0 فقال تعالى: (١) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ٢٩٠ -.٢٩١ (٢) الجيطالي: قواعد الإسلام، مذيلا ً بحاشية الشيخ ابن أبي ستة، تحقيق: بشير بن موسى، . ج ١، ص ٢٧١(٣) راجع أيض ً ا القاضي ا لرشيد بن الزبير: كتاب الذخائر والتحف، تحقيق: د. محمد حميد . الله، دار المطبوعات والنشر، الكويت، ١٩٥٩ ، ص ٣٦٧ ﴿ Ø×ÖÕÔÓÒÑ ﴾ [ [النمل: ٣٥ . ولا شك أن في القلوب موقع » للهدية ً « ا لا يخفى(١) . بل حتى حينما اشتد الوجع بالنبي ژ ، لم ينس أن يذكر المسلمين   وهو في مرض ا لموت(٢) بضرورة اتباع ما كان يفعله في الدبلوماسية التي يمارسها: وهكذا يذكر البخاري عن ابن عباس ^ أن النبي ژ أمر من حوله بثلاث، قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما » « كنت أجيزهم والثالثة إما إن سكت عنها. وإما أن قالها فنسيتها . وقال الشيخ أبو محمد 5 : الهدية ثبتت بالسنة الموجبة لذلك قال النبي ژ : « تهادوا تحابوا فإن الهدية تذهب السخيمة وتثبت المودة » (رواه الترمذي وأبو داود) وإن الهدية تجلب السمع والبصر وإنه قد قبل الهدية وكانت له حلالا ً والصدقة عليه حرام(٣) . (١) . الصنعاني: سبل الإسلام، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٢٧(٢) . صحيح البخاري، ط الشعب، القاهرة، ج ٤، ص ١٢١ وهكذا حتى في مرض موته ژ فإنه أوصى بالوفود خيرا وشدد على ضرورة حسن ً معاملتهم، لذلك قال العلماء بخصوص قوله: « وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم » : هذا أمر منه ژ بإجازة الوفود وضيافتهم وإكرامهم تطييبا لنفوسهم وترغيبا لغيرهم من » ًً المؤلفة قلوبهم ونحوهم وإعانة على سفرهم، قال القاضي عياض: قال العلماء سواء كان راجع « الوفد مسلمين أو كفارا لأن الكافر إنما يفد غالبا فيما يتعلق بمصالحنا ومصالحهم ًً صحيح مسلم بشرح النووي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ١٣٩٢ ه ١٩٧٢ م، . ج ٢١١ ، المجلد السادس، ص ٩٤(٣) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ٢٢ ، ص ٩٥ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٩، ص ٧١٧ - ٧١٩ . يقول السيد مهنا بن خلفان: وقد بلغنا أن رسول الله ژ قبل هدية من أهدى إليه من ملوك وأمصار قبل إسلامهم وقد »أهديت إليه مارية أم ولده إبراهيم على ما بلغنا وقبل ذلك وإن كانوا أولئك ظلمة فيما = ولو من مشرك ويهدي إلى المشرك » وقد كان رسول الله ژ يقبل الهدية ُ أيض ً ا، وقد قبل هدية المقوقس ملك الإسكندرية، وقبل هدية غيره وأهدى « إلى النجاشي... فرجعت إليه لأنه مات قبل أن تبلغه(١) .   وعن أبي زياد عن أبيه عن عروة عن أبي حميد الساعدي أخبره أنه قال: استعمل رسول الله ژ ابن اللتبية رجلا ً من الأزد على صدقة بني سليم، فلما جاء إلى رسول الله ژ قال: هذا الذي لكم وهذه هدية أهديت إلي، وهذا الذي لكم؛ فقام رسول الله ژ خطيبا ثم حمد الله وأثنى عليه ثم ً قال: أما بعد فإني أستعمل رجلا » ً على أعمال مما ولاني الله فيأتي أحدهم  فيقول: هذه هدية أهديت إلي وهذا الذي لكم. أفلا جلس في بيت أبيه وبيت أمه حتى تأتيه هديته، فوالذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منكم منها شيئا بغير حقه إلا جاء يوم القيامة يحمله. ولأعرفن ما جاء أحدكم بعيرا ًً يحمل بعيرا له ر ُ غاء أو بقرة لها خوار أو شاة لها ثغاء إلا جاء يوم القيامة ً يحمله ألا هل بلغت فرفع يده حتى لأنظر إلى بياض إبطه ثم قال: ألا هل  « بلغت بصر عيني أو سمع أذني(٢) . = أخذوه متعدين فيما انتحلوه، وقد قبل الجارية من أيديهم وإنما جل الملك في بني آدم من طريق السباء والحكم من بني آدم الحرية حتى يصح الرق، وقد قبل رسول الله ژ ذلك من يد من أعطاه بحكم اليد ولم يسأل عن أصل ذلك ولا كيف صح رقه إذا لم يعلم .« حرمته ولا التعدي فيه السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين . الأخيار، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ٤٧١ (١) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٢ ، ص ٤٤ -.٤٥ (٢) ، الجامع لابن جعفر، ج ٤، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٤ ُ ١٤١٤ ه ١٩٩٤ م، ص ٢٥٦ . انظر أيض ً ، ا الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥ . ص ٢٣٨ وقد أكد الفقه الإباضي على العديد من القواعد بخصوص الهدايا في إطار العلاقات الدولية (ويدخل فيها بالطبع تلك التي تعطى للسفراء): أولا ً أن إعطاء الهدايا للسفراء جائز: وهكذا يقول ا لوارجلاني: وإن أتونا بهدايا من ملوكهم وسلاطينهم. قبلناهم وأنبأناهم عليها. » وترسل إليهم هدايانا ا ستصلاح ً « ا للمسلمين(١) . وجاء في ا لمصنف: والهدية جائزة بين الناس البار والفاجر والغني والفقير إذا قصد المهدي » له ابتغاء وجه الله أو لمكافأة يجزيه بإحسانه مثلها والهدية جائزة بين الجيران « والأرحام والإخوان والأجنبيين(٢) . وجاء في جامع أبي ا لحواري: قلت: فما تقول في الإمام إذا حصل إليه طعام في مسيرة أو في غير » .« مسيرة أو أهديت إليه هدية هل له قبول ذلك؟ وهل يلزمه رد العوض على من حمل ذلك وأهداه إليه؟ قال: إن تنزه عن ذلك كان من أجمل به. وإن قبله فلا شيء عليه. (١) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، مج ٢، ج ٣، ص ٩٥(٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ٢٢ ، ص ٩٥ - ٩٧ ، الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٩، ص ٧١٧ -.٧١٩ « وليس له أن يتنزه عن هدي من عود لهاديه والله أعلم(١) . ويقول ابن جعفر: « وللناس أن يقبلوا ما وهب بعضهم لبعض »(٢) . ثانيا ألا يكون من غرض الهدية الظاهر أو الخفي التأثير بالسلب ً على إنجاز الرسول للمهمة التي أرسل أساسا لإنجازها. لذلك تعليق ً ا على ً حديث للنبي ژ (٣) ، قيل: وفي الحديث قبول الإمام الهدية فإن كانت لأمر مختص به في نفسه » لو أنه كان غير وال فله التصرف فيها بما أراد. وإلا فلا يتصرف فيها إلا .« للمسلمين وعلى هذا التفصيل يحمل حديث « هدايا الأمراء غلول » فيخص من  أخذها واستبد بها. (١) جامع ا لفضل بن الحواري، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه ١٩٨٥ م، ُ . ج ٣، ص ١٤٦(٢) . الجامع لابن جعفر، المرجع السابق، ج ٤، ص ٢٥٤(٣) أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول الله ژ عام خيبر ولم نغنم ذهبا ولا فضة إلا الأموال والمتاع، فأهدى رجل من بني الضبيب يقال له: ً رفاعة بن زيد إلى رسول الله ژ غ ُ لاما أسود يقال له: مدعم فوجه رسول الله ژ إلى ًُ وادي القرى، حتى إذا كنا بها بينما مدعم يحط رحال َ رسول الله ژ إذ جاء سهم غرب ٌ فأصابه فقتله فقال الناس: هنيئ ً ا له الجنة، فقال ا لنبي ژ : لا، والذي نفسي بيده » إن الشملة التي أخذها من المغانم يوم خيبر لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نار ً « ا فلما سمع الناس ذلك جاء رجل بشراك أو شراكين فقال له رسول الله ژ : شراك أو » « شراكان من النار . ، حاشية الترتيب للشيخ ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، ج ٢ ص ٣٣٠ - .٣٤٠ ،٣٣١ له الاستبداد مطلق » : وخالف في ذلك بعض الحنفية فقال ً ا، بدليل أنه لو ردها على مهديها لجاز فلو كانت فيئ ً ا للمسلمين لما ردها، وفي هذا « الاحتجاج نظر لا يخفى... إلخ(١) . ثالث ً ا بخصوص حكم الهدايا التي تعطى وقت الحرب، يقول ا لنزوي: وأما ما أهدى المشركون إلى المسلمين في وقت الحرب، فإن ذلك »لأهل العسكر، خاصة الذين أهدى ذلك إليهم. وقد جاء في الحديث: إن رجلا ً من المشركين أهدى إلى النبي ژ جارية، فجعلها النبي ژ خاصة له، « ولم يجعلها غنيمة(٢) . وعن قوم من المسلمين غزوا المشركين فأهدى المشركون إلى الذين غزوهم هل فيه خمس إنما » هدايا من قبل القتال أو صالحوهم على شيء ولم يقاتلوهم كان شيء من مسالمة؟ قال: الله أعلم. قال أبو معاوية: أما ما صالحوهم عليه ففيه « الخمس وأما ما كان من هدايا فهي لمن أهديت إليه والله أ علم(٣) . (١) ذات المرجع، ذات الموضع، كذلك بخصوص حكم هدايا المشركين، قيل: وأما هدايا المشركين ممن لم يصح عليه أنه يخلط ماله بالحرام من الجبابرة المفسدين »في الأرض وغيرهم من أهل الشرك فلا بأس بها لمن تجوز له من الناس ما لم يعلم أنها حرام وبعضهم رأى تركها بالأغنياء أولى ولا أدري ذلك لأي شيء. وعلى الصحيح فليس كل جائزة من الجبابرة أهل الشرك جائزة، فينبغي على قوله في إجازته لهدايا هؤلاء لمن لا يكره له ولا يحجر عليه شيء من الأسباب على حال أن يرجع فيها النظر لأنه على إطلاقه يفيد العموم وليس فيه ما يدل على الخصوص في شيء، لا يجوز ولا خلاف في أنه ما صح حرامه منها لا يجوز، والقول في هذا يتسع وفي الإشارة لأهل الألباب مقنع وجميع هذا في آثار المسلمين مشروح وكفى بالكتاب العزيز السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على « حجة فيه لمن عرفه الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ٤٣٠ -.٤٣٢ (٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٦٧ ؛ البسيوي: جامع أبي الحسن . البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٤٥(٣) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٥٤ -.٣٥٥ رابع ً ا يراعى في ا لهدية: « العرف والعادة في الرد ووقته »(١) . ولا شك أن ذلك يشكل في إطار العلاقات الدبلوماسية أيضا أمرا ً ً يجب مراعاته، للحفاظ على هيبة الدولة الإسلامية، وعدم التأخر في إظهار ذلك(٢) . :É¡«dEG π°SôªdG ádhódG »a √Gôj ɪY ¬JÉYÉÑ£fÉH ∫ƒ°SôdG íjô°üJ á«fÉμeEG `` ì   يشكل ذلك نوع ً ا من تقدير السفير لكيفية تسيير الأمور العامة في الدولة المرسل إليها. ولا يعد ذلك خروجا على الحظر الوارد عليه بعدم التدخل ً في الشؤون الداخلية للدولة المرسل إليها، لأنه لا يقول إلا ما هو حادث (٣) ومطبق فعلا ً . (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٢ ، ص ٥٠ (٢) الهدية إنما يراعى فيها العرف، والعادة الجارية بين الناس، » ذلك أن من الثابت أن ويقوم ذلك مقام الشرط، وذلك في كل هدية يتعارفها الناس بينهم، وتجري بينهم العادة في ذلك أن يهدي بعضهم لبعض في ذلك على طريق المعونة؛ كأن يهدى له هو ُُ أيض ً ا في معونة مثلها، مثل ما يجري بينهم في الولائم والمآتم، وما أشبه ذلك، فيلزم ُ الشماخي: كتاب « المهدي له قيمة ذلك الشيء الذي أهدي له؛ لأنه بمنزلة البيع . الإيضاح، ج ٤، ص ٤٨٣ (٣) من ذلك القصة الآتية: فقد أرسل قيصر ملك الروم إلى عمر بن الخطاب رسولا ً لينظر أحواله ويشاهد أفعاله فلما دخل المدينة سأل أهلها وقال: أين ملككم؟ فقالوا: ما لنا ملك إلا الله بل لنا أمير خرج إلى ظهر البلد فخرج الرسول في طلبه فوجده نائما في الشمس ً على الأرض فوق الرمل الحار وقد وضع درته كالوسادة تحت رأسه وعرقه قد بل الأرض فلما رآه على هذه الحالة وقع الخشوع في قلبه وقال: رجل يكون جميع الملوك لا يقر لهم قرار من هيبته ويكون هو هذه حالته ولكنك يا عمر عدلت فأمنت وملكنا يجوز فلا جرم أنه لا يزال ساهرا خائف ً ا فدل على أن خطر الولاية عظيم وخطبها جسيم ولا يسلم ً  الوالي إلا بمقاربة العلماء وفضلاء الدين ليعلموه طريق العدل وليسهلوا عليه خطر هذا = :ójó°T ô£N »aÓàd zá«≤J{ ∫ƒ°SôdG Üòc á«fÉμeEG `` • يقول أطفيش إنه يجوز: للإنسان الدفع والاتقاء بكل ما أمكنه مما ليس بمعصية بقول ولو كذبا » ً « لجوازه في ذلك(١) . ويضرب مثالا ً على ذلك ما يلي: قال الشيخ أحمد بن قاسم بن أحمد بن قاسم الحجري الأندلسي » المالكي وهو من القوم الذين أخرجهم النصارى من الأندلس في أواخر من خرج بعد القرن العاشر عام ألف وعشرين عاما أنه هاجر من الأندلس مع ً صاحب له ووصلا البحر على عدوة البر الكبير، وجاء على قريب من أزمور على أعمال مراكش بعد مشقة عظيمة فيسمع أهل أزمور البارود بالمدفع من حيز البريجة، وهي قرية للنصارى على البحر تلي هذه العدوة، فأرسل أهل أزمور الرسل لينظروا ما ذلك فقالوا لهم: هل هرب إليكم منا نصرانيان؟ يعنون الموحدين، فقال الرسل: نعم هما عندنا من الصبح ولا علم لهم بذلك، ولكن قالوا ذلك لكي تيأس النصارى فترجع فرجع فوصل الخبر القبطان فكان ينتف شعر لحيته ويرمي به في الأرض، لعنه الله العزيز « الجبار(٢) . = الأمر وأن يشتاق إلى رؤية العلماء ويحرص على استماع نصحهم وقبول قولهم ولا يخالفهم في أفعالهم ويحذر من علماء السوء الذين يحضون على الدنيا فإنهم يثنون عليك فيغرونك وطلبهم رضاك طمعا للحطام الذي في يدك ولو من حرام ليحصلوا من ً المال شيئ ً ا بالمكر والحيل. الشيخ سالم النزوي: الأخبار والآثار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ص ١٦٦ -.١٦٧ (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ٥٠٤ (٢)ذات المرجع، ص ٥٠٣ -.٥٠٤ وهكذا يجوز للرسول الكذب والتقية لتلافي خطر شديد يقع على الغير، ومن باب أولى على نفسه. :É¡æe ¢Vô¨dG ≥≤ëàj ¿CG »°†à≤j ¬àª¡ªd ∫ƒ°SôdG RÉéfEG `` … هذا أمر طبيعي، فالغرض من إرسال السفير هو تحقيق أمر ما، فإن تحقق فبها ونعمت(١) . (١) وهكذا بخصوص المسألة ا لآتية: مسألة: »وعنه 5 ، وفي أهل بلد ممن يدعى نحلة الإسلام؛ الذين هم خلف البحر من ّ غير ع ُ مان، الذين هم من رعية الإمام ثم إن ّ الإمام أعز ّ ه الله بعث إلى تلك البلد جيش ً ا، ّ وولى عليهم واليا وأمره بحرب تلك البلدان، إن لم يقروا بطاعة الله ورسوله، ثم بطاعة ًّ الإمام 5 بعد ا لد ّ عوة، وعلى من تكون ا لد ّ عوة على أمير أهل تلك البلد خاصة، أم على ّ جباه أهل تلك البلد، أم عليهم جميع ً ا، أعني الأسير والجباه، وه َ ل يجزي هذا الوالي بقول ٍ واحد ثقة أن ّ ه بلغهم ا لد ّ عوة، أم بقول ثقتين: إنهم بلغتهم ا لد ّ عوة. أرأيت، وإن كان رسول هذا الوالي أو رسله لم يعرفوا أسير أهل تلك البلد ولا يعرفون جباهم، وسألوا أحد ً ا من الناس من أهل تلك البلد عن الأمير، وعن جباه أهل البلد، فأخبرهم بأحد من الناس، وقال لهم: هذا أمير أهل البلد أو هؤلاء جباهم، هل يجزي من يبلغ ا لد ّ عوة بقول من أخبره بأمير أهل البلد أو جباههم، كان ا لمخبر له واحد، أو اثنين، َّ أو ثلاثة، أو أكثر، وإلى كم يقبل قولهم في هذا، كان المخبر من ثقاتهم في دينهم، أو من ّ غير ثقاتهم، وكيف أحكام ذلك؟ كان الجواب: وبالله التوفيق، أما أهل البغي من أهل القبلة لا يحل قتالهم ولا محاربتهم، ّ إلا بعد إبلاغ ا لد ّ عوة وإقامة ا لحج ّ ة، وأقل م َ ا قيل في ذلك بالواحد العدل الثقة تقوم ا لحج ّ ة به للمسلمين، وقال بعض المسلمين: لا تقوم الحجة إلا باثنين عدلين من المسلمين، ّ فيدعون إلى حكم كتاب ا لله 8 ، وسن ّ ة نبيه محمد ژ وإلى ا لد ّ خول إلى ما خرجوا منه من ُّ .« الحق، وأن يلقوا بأيديهم إلى المسلمين، وأن يعطوا من أنفسهم الحق الذي وجب عليهم ََ الشيخ مبارك الغافري: صراط الهداية، مكتبة مسقط، ١٤٣٣ ه ٢٠١٢ م، ج ٢، ص ٤٣٠ -.٤٣١ نشير إلى القواعد التي تحكم حصانة السفراء، ونردف ذلك بالإشارة إلى واجباتهم. ∫hC’G åëѪdG »°SÉeƒ∏HódG 烩ѪdG áfÉ°üM ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG من الأمور المعلومة منذ غابر الزمان أن الرسول أو السفير، باعتباره ممثلا ً للدولة المرسلة ولتمكينه من القيام بالمهمة الموفد من أجلها، يتمتع بالحصانة بخصوص ما يصدر عنه من أعمال لازمة لإنجاز تلك ا لمهمة. وقد وضع الفقه الإباضي كثيرا من القواعد بخصوص حصانة ً الدبلوماسيين، نوجزها فيما يلي: :áfÉ°üëdÉH ∫ƒ°SôdG ™àªJ π°UC’G `` CG يشكل ذلك القاعدة العامة عند ا لإباضية. يقول ا لكندي: ّ رسل أهل الحرب » : ويقول ابن محبوب: نهى رسول الله ژ عن قتل ومن دخل إلى المسلمين منهم بأمان ما لم ينقض الرسول منهم والآمن من « عندهم عهد الأمان له بعدوان (١) . (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٦٧  رسل أهل الحرب... ما لم » وهكذا فقد نهى رسول الله ژ عن قتل  « ينقض الرسول منهم... عهد الأمان له بعدوان(١) .  فقد روي أنه أرسل مسيلمة إليه ژ رسولين بكتاب فلم  ا قرأه قال لهما: فما » ُ «؟ تقولان فقالا: نقول بما قال، فقال ژ : « لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما »(٢) .  وهكذا فقد جرت ا لسنة بعدم قتل رسل ومبعوثي الدول الأجنبية حتى ولو استخدموا ألفاظ ً ا جارحة يعاقب عليها الشخص العادي؛ يقول ابن قيم ا لجوزية: وكانت تق » ْ دم عليه رسل أعدائه وهم على عداوته فلا يهيجهم ُ ذلك أنه جرت سن « ولا يقتلهم ّ ألا » ته ّ « يقتل رسول(٣) . ُ   يقول الإمام الخطابي تعليق ً ا على ذلك: وأما قوله: لولا أنك رسول لضربت » ُ عنقك فالمعنى في الكف عن دمه أن الله سبحانه قال: ﴿ À¿¾½¼»º¹¸ ÅÄÃÂÁ ﴾ [ [التوبة: ٦ ، فحقن له دمه حتى يبلغ مأمنه ويعود بجواب ما « أرسل به فتقوم به الحجة على مرسله(٤) . (١) . ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، كتاب المحاربة، ص ٣٦ (٢) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٢٢ وقد حدث ذلك سنة عشرة حينما ارتد بنو حنيفة وهم قوم مسيلمة الكذاب. تنبأ وكتب إلى رسول الله ژ : من مسيلمة رسول الله، إلى محمد رسول الله، أما بعد فإن الأرض » ُ نصفها لي ونصفها لك، وإني قد أشركت في الأمر ولكن قريش ً فكتب إليه ،« ا تعتدي رسول الله ژ : بسم الله ا لرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، السلام » ٰ على من اتبع الهدى، أما بعد، ف ﴿ ﮯ ©¨§¦¥¤£¢¡ ª ﴾ [ [الأعراف: ١٢٨ « ، راجع أطفيش: تيسير التفسير، ج ٤، ص ٦٦ - ٦٧ (ذكره في تفسيره للآية ٤ من سورة ا لمائدة). (٣) . ابن القيم الجوزي: زاد المعاد في هدي خير العباد، ج ٢، ص ٧٥(٤) . الخطابي: معالم السنن، ج ٢، ص ٣١٩ = ثم كتب إلى مسيلمة: بسم الله ا لرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب: » ٰ السلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من « عباده، والعاقبة للمتقين(١) . ومن ذلك ما حدث أثناء صلح الحديبية فقد تطاول عدد من رسل قريش على مجلس رسول الله مثل عروة بن مسعود الثقفي فحاول أبو بكر الصديق 3 أن يرده إلى صوابه، لكن الرسول ژ منع رفقاءه من أن يمسوا عروة بسوء مع العلم أن قريش ً ا عقرت مطية سفيره الذي راح عليها وهمت بقتله(٢) .   ومن ذلك أيضا ما حدث بين النبي ژ ورسول هرقل فقد سأله الرسول ً عن هديته وسأله إضافة لذلك: هل لك إلى الإسلام والحنيفية ملة أبيك إبراهيم، فأجابه السفير بصراحة: إني رسول قوم وعلى دين قوم ولا أرجع عنه حتى أرجع إليه، فضحك ا لرسول ژ قائلا ً : إنك لا تهدي » « من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء . ثم يقول له ژ معتذرا لما وجده ً عليه من ضيق: » إن لك حقا وإنك لرسول، فلو وجدت عندنا جائزة لجوز  ناك بها، ولكن جئتنا ونحن مرملون ؛ (أي: في ضيق)، فتطوع = ويروى أن ا لنبي ژ قال له: لو كنت قاتلا » ً رسولا ً « لقتلتك ولضربت عنقك اراجع الحافظ الهيثمي: كشف الأسرار عن زوائد البزار على الكتب الستة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٣٩٩ه . ١٩٧٩ م، ج ٢، ص ٢٧١ (١) . السيرة النبوية لابن هشام، المرجع السابق، ج ٢ وقد قيل: إن هذه الرسالة تعتبر من الرسائل القصيرة الآتية على المعاني الكثيرة، قدامة بن جعفر: كتاب نقد النثر، المكتبة العلمية، بيروت، ١٤٠٠ه . ١٩٨٠ م، ص ١٠٠ (٢) انظر هذه القصة أيض ً ا في: د. عبد الهادي التازي: الحصانة الدبلوماسية في مفهوم السيرة   ، النبوية، المؤتمر العالمي الثالث للسيرة والسنة النبوية، الدوحة، ١٤٠٠ ه، ج ٦ ص ٦٥٣ -.٦٥٤ عثمان بن عفان بإعطائه جائزة. ثم قال الرسول: « أيكم ينزل هذا ا لرجل » ، « فقال رجل من الأنصار: وأنا على ضيافته(١) . وقد أثبت القرآن الكريم حصانة الرسول، بقوله: ﴿ ` cba d ﴾[ [المائدة: ٩٩ . وقد أصبح ذلك جاري ً ا مجرى ا لمثل(٢) . الأمر الذي يعني أمرين: الأول أن وظيفة الرسول هي مجرد إبلاغ ا لرسالة. والثاني أن الرسول غير ملوم، إذ وظيفته إبلاغ الرسالة ولو كان فيها تهديد ووعيد، بل ولو خرج الرسول عن الحدود المألوفة للرسالة. ويقرر الإمام السرخسي أن: الرسل لم تزل آمنة في الجاهلية والإسلام وهذا لأن أمر القتال والصلح »« لا يتم إلا بالرسل فلا بد من أمان الرسل ليتوصل إلى ما هو ا لمقصود(٣) .  وقد عبر الإمام الشوكاني عن دور العرف في هذا الخصوص تعبيرا بليغ ً ا ً بقوله: إن تأمين الرسل ثابت في الشريعة الإسلامية ثبوت » ً ا معلوما فقد كان ً رسول الله ژ يصل إليه الرسل من الكفار، فلا يتعرض لهم أحد من أصحابه (١) راجع الإمام حميد بن زنجويه: كتاب الأموال، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض، ١٤٠٦ه ١٩٨٦ م، ج ١، ص ١٢٣ -.١٢٤ (٢) راجع جعفر بن شمس الخلافة: كتاب الآداب، تحقيق: محمد أمين الخانجي، مكتبة الخانجي، القاهرة ١٤١٤ه ١٩٩٣ م، ص ٦٢ ؛ الإمام السيوطي: الإتقان في علوم القرآن، . تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث، القاهرة، ج ٤، ص ٤٤ (٣) السرخسي: المبسوط، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، ج ١٠ ، ص ٩٢ - ٩٣ . وانظر أيض ً أصول القانون الدولي والعلاقات الدولية عند الإمام الشيباني وفق » : ا مقالتنا ً ا لكتاب ١٩٨٧ ، مطبعة ، مجلة القانون والاقتصاد، عدد ٥٧ « السير الكبير بشرح الإمام السرخسي . جامعة القاهرة، ١٩٩٠ ، ص ٣٨٤ وكان ذلك طريقة مستمرة وسنة ظاهرة، وهكذا كان الأمر عند غير أهل ُ الإسلام من ملوك الكفر، فإن ا لنبي ژ كان يراسلهم من غير تقدم أمان منهم لرسله، فلا يتعرض لهم متعرض. والحاصل أنه لو قال قائل إن تأمين الرسل قد اتفقت عليه الشرائع لم يكن ذلك بعيد ً ا وقد كان أيض ً ا معلوما ذلك عند المشركين أهل الجاهلية ً عبدة الأوثان، ولهذا فإن ا لنبي ژ يقول: لولا أن الرسل لا تقتل لضربت » « أعناقكما قاله لرسول َي مسيلمة،... فقوله: « لولا أن الرسل لا تقتل » فيه ْ   « التصريح بأن شأن الرسل أنهم لا يقتلون في الإسلام وقبله(١) . ُ ويمكن القول: إن من الأخلاق التي يستند إليها ا لإباضية أن: ّ « للوافد إليهم حسن ا لرعاية »(٢) . وهو ما يؤكده كتاب الإمام سعيد بن عبد الله إلى يوسف بن وجيه: ومن قولك: إن بعثت رسلك هؤلاء استظهارا منك بالحجة علينا فنحن » ً ِِ أحق بهذه الصفة منك ولو أنا أمنا على رسلنا إليك كما أمن ْت َ على رسلك إلينا لجاءك وخاطبك شفاه ً « ا إن أنت أنصفت في مخاطبتك(٣) . بعثتني قريش إلى رسول الله ژ فلما رأيت » : وعن أبي رافع قال رسول الله ژ ألقي في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله، والله إني لا أرجع إليهم أبد ً ا، فقال رسول الله ژ : إني لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البرد ، (١) الشوكاني: كتاب السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٥ه ١٩٨٥ م، الطبعة الأولى، ج ٤، ص ٥٦٠ -.٥٦١ (٢) الشيخ سالم بن حمود السيابي: طلقات المعهد الرياضي في حلقات المذهب الإباضي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٠ ه ١٩٨٠ م، مطابع سجل العرب ُ . القاهرة، ص ١٢٩(٣) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٦١ ولكن ارجع إليهم فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن فارجع ، فذهبت .« ثم أتيت ا لنبي ژ فأسلمت يقول ا لعلامة أطفيش: وكان أبو رافع قبطيا، وهذا في ذلك الزمان، وأما الآن فلا يصلح؛ أي: »« لا يرد من آمن(١) . ونحن نرى أن ذلك لا يصلح الآن، لعلة أخرى: تقدم وسائل الاتصالات الآن، وبحيث يمكن إبلاغ الرد على الرسالة التي جاء الرسول من أجلها في حينها وفورا بواسطة التليفون أو الفاكس أو البريد الإلكتروني mail e. ً   :á«°†b áfÉ°üë∏d ó°ùØj ’ ∫ƒ°SôdG ™e ±ÓîdG `` Ü إذا حدث خلاف بين الرسول وسلطات الدولة المرسل إليها بخصوص مضمون المهمة الموكلة إليه أو استخدام الرسول لألفاظ نابية، فإن ذلك لا يضير بالحصانة التي يجب أن يتمتع بها: فلا يجوز إهانته أو الاعتداء عليه. (١) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ه ١٩٨٦ م، ج ٥، ص ٢٢١ - ٢٢٢ ، وانظر ذات المرجع، ص ١٧٥ حيث ُ يذكر أنه ژ قال: « ولا أحبس الرسل » . وإن كان الإمام أبي داود يقرر بخصوص قول ا لنبي ژ لأبي رافع: « إني لا أحبس البرد » : « هذا كان في ذلك الزمان، فأما اليوم فلا يصلح »بينما يقول الإمام الصنعاني إن في ا لحديث: وعلى أنه في الحديث دليل على أنه: ،« دليل على حفظ العهد والوفاء به ولو لكافر »راجع: .« لا يحبس الرسول بل يرد جوابه، فلا يجوز أن يحبس بل يرد »الإمام السجستاني: سنن أبي داود، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية، القاهرة، ١٣٦٩ه . ١٩٥٠ م، ج ٣، ص ١١٠ . سبل السلام للصنعاني، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٣٣ وقد سبق أن ذكرنا أن أول من طبق ذلك هو ا لنبي ژ حينما اختلف معه رسولا مسيلمة ومع ذلك قال لهما: « لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما » . وقد طبق الرسول احترام هذه الحصانة للمبعوث الدبلوماسي في مناسبات أخرى عديدة. من ذلك حينما أرسل ا لنبي ژ كتابا إلى كسرى. وكان كتابه: بسم الله » ً الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام ٰ على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إل ٰ ه إلا الله وأن محمد ً ا عبده ورسوله، وإني أدعوك بدعاء الله، وإني رسول الله إلى الناس لأنذر ﴿ ÒÑÐÏÎÍÌ ﴾ ، فأسلم تسلم، وإن توليت « فإن إثم المجوس عليك . فلما قرأه شقه، قال: يكتب إلي بهذا وهو عبدي! ثم كتب إلى باذان، وهو باليمن: أن ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتياني به. وكتب معهما يأمره بالسير معهما إلى كسرى. فبعث باذان الرجلين، فخرجا حتى قدما على رسول الله ژ فأعلماه بما قدما له وقالا: إن فعلت كتب باذان فيك إلى كسرى، وإن أبيت فهو يهلكك ويهلك قومك، فقال لهما رسول الله ژ : ارجعا حتى تأتيانني غد » ً « ا وأتي رسول الله ژ الخبر من السماء أن الله قد سلط على كسرى ابنه شيرويه فقتله(١) . وقد أخذ الفقه الإباضي بذلك أيضا في مناسبات عديدة، نذكر منها ً مثالين: ١ فقد هاجمت أساطيل القرصنة الإفرنجية متعاونة موانئ المغرب الإسلامي، فاحتلتها ميناء بعد ميناء. بدأوها من المغرب الأقصى، وساروا معها حتى احتلوا طرابلس سنة ٩١٦ ولم يبق من موانئ المغرب (١) ابن الأثير: الكامل في التاريخ، ج ٢، ص ٢١٣ -.٢١٤ الإسلامي بعد احتلال طرابلس، إلا جزيرة جربة، وقد انفلت القرصان الكبير (بدرو نافارو) بأسطول يتكون من اثني عشرة سفينة إلى جزيرة جربة. وفي اليوم التاسع والعشرين من ربيع الأول سنة ٩١٦ من الهجرة النبوية وقف أسطول عتيد على مداخل جربة، ونزل منه زورق صغير يحمل رسالة إلى شيخ الجزيرة أبي زكرياء يحيى ا لسمومني. وقف الرسول أمام الشيخ في اعتداد السارق الوقح، وطلب من الشيخ باسم قائد الأسطول أحد أمرين: إما تسليم الجزيرة، وإما القتال، فأجاب الشيخ بأن الجزيرة لن تسلم نفسها، وإن عليه أن يخبر قائده بأن الجزيرة مستعدة للدفاع عن دينها، وكرامتها وأرضها، وأنهم لن يسمحوا لقدم أن تطأ ترابهم إلا إذا أصبحوا جثث ً ا هامدة.  وعرف الرسول التصميم في عزيمة الشيخ ورأى الإصرار والتحدي على ينقل إليه ما سمع وما رأى. وفكر « بدرو نافارو » الحاضرين فرجع إلى القرصان الكبير طويلا ً في الموضوع، أيقدم على الحرب. أم يعود أدراجه ليزيد في قوته ما يضمن له النصر؟ وكان الغيظ والحنق يأكلان قلبه، ويحملانه على الإقدام، ولكن صوت العقل والحكمة قد تغلب عليه فيما زعم وعزم. فجر أسطوله دون أن يعرضه لهذه التجربة، ورجع إلى طرابلس يجر أذيال الخيبة وصمم أن يضم إليه من القوة ما يكفل له تحطيم هذه الجزيرة العتيدة تحطيما لا تقوم لها من بعده قائمة (١) . ً ٢ كذلك فإن خلف ً ا أرسل إلى أبي عبيدة رسولين بخلع ولاية أفلح وإثبات ولايته هو. فلما قدم الرسولان على أبي عبيدة يدعوانه إلى طاعة خلف، وخلع طاعة أفلح 3 حاججهما أبو عبيدة في أمر الأئمة وقال لهما: (١) الشيخ علي يحيى معمر: ا لإباضية في موكب التاريخ ا لإباضية في تونس، مكتبة ّّ الضامري، مسقط، ١٩٩٣ ، ص ٢٤٦ -.٢٤٧ فهل أحدث ا لإمام » 3 ، أو ابنه أفلح ^ حدث ً ا، أو أمرا يحل لكما به ً خلع ولايتهما؟. واحتج عليهما بطاعة السمح لعبد الوهاب 3 حتى ّ مات، فاعتلا بالحوزات وانقطاعها. وقال لهما أبو عبيدة أن السمح قد أقر بطاعته على افتراق ا لحوزات. ّ إننا نخاف إن لم تجب إلى طاعة هذا الرجل، » : فقال أحد الرسولين .« إراقة ا لدماء .«؟ أيهما أعظم، إراقة الدماء، أو ترك القيام بدين الله » : فقال له أبو عبيدة لو كان الأمر كما » : فقال أبو عبيدة .« إراقة الدماء أعظم » : فقال له الرجل ذكرتم، ما افترق أصحاب النهر وغيرهم ولأذعنوا لطاعة الظلمة المسودة وأصاب النخيلة وأبو بلال وأصحابه، وعبد الله بن يحيى وأبو حمزة وأصحابهما، وأبو الخطاب ومن تبعه من المسلمين، وأبو حاتم ومن تبعه @ أجمعين، حتى لا يجتمع منهم اثنان حتى أعد له من أسلاف المسلمين عدد ً ا كثيرا، وإنما أهرقت دماؤهم على القيام بحق الله، ولم يتركوا ً القيام بحق الله مخافة إراقة الدماء ولكنهم رغبوا في الجهاد والقتل في سبيل الله، فبذلوا مهجهم لأسنة السيوف، حتى أدركوا رضوان الله. فنحن على آثارهم، إن شاء الله، لا نبتغي به بدلا ً ولا عنهم حولا ً . فمن أراد غير الله، فالله يحكم بيننا وبينه بعدله وفضله وهو خير ا لحاكمين. ثم إن أبا عبيدة قال للرسولين، إذا كان عندكم إهراقة الدماء أعظم من القيام بدين الله، فعلام يقتل الناس؟ ارجعوا إلى صاحبكم، فقولوا له إن هذا َ فإذا كان يوم الغد، يوم الجمعة، إن شاء الله، ،« منه » يوم الخميس، دعونا نصوم لله تعالى، وأطلع، وأطلع أنا وخلف بن السمح وأبو المنيب إسماعيل بن درار الغدامسي على شرف، فنبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين، وأن يفتح بيننا وبينكم وهو خير ا لفاتحين. فرجع الرسولان إلى خلف، فأخبراه بما جرى بينهم (وبين أبي عبيدة) من الكلام، فأمر عساكره بالتهيؤ لملاقاة أبي عبيدة(١) . ÜôëdG ¿ÓYEG ≈dEG …ODƒj ¿CG øμªj πà≤dÉH ∫ƒ°SôdG áfÉ°üM ≈∏Y AGóàY’G `` ê :ájó੪dG ádhódG ≈∏Y لا جرم أنه إذا استهانت دولة برسول دولة أخرى وقامت بقتله، فإن ذلك يشكل خرق ً ا خطيرا لقاعدة من القواعد المستقرة في العلاقات الدولية منذ ً زمن بعيد. لذلك يمكن أن تقوم دولة الرسول المجني عليه باتخاذ الإجراءات التي ترد على هذا الانتهاك، بما في ذلك تعبئة ا لجيوش. وقد حدث ذلك أثناء صلح الحديبية، فحينما نزل رسول الله ژ في الحديبية بعث خراش بن أمية الخزاعي على جمل له ژ يقول عنه ژ : إنه » « جاء للعمرة لا للقتال ، فعقروا جمله وأرادوا قتله فمنعه الأحابيش؛ فدعا ژ عمر بن الخطاب إليهم. لكن عمر 3 اعتذر للنبي ژ عن الوساطة بعذر معقول قبله منه، وهو شدة العداوة التي بينه وبين المشركين. فقال: يا رسول الله: إني أخاف على نفسي مكر قريش، وليس لي من عشيرتي بني عدي بن كعب من يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها، ثم أشار عليه أن يبعث رجلا ً ذا عصبية ومنعة في قومه بمكة ليكون في قومه بمكة ليكون في مأمن من القتل. واقترح عمر على ا لنبي ژ أن يرسل عثمان بن عفان، وفعلا ً ذهب عثمان إليهم. لكن انتشرت إشاعة أن عثمان قتل، فقال ژ : لا نبرح حتى » (١) أبو زكرياء: كتاب سير الأئمة وأخبارهم المعروف بتاريخ أبي زكرياء، المرجع السابق، ص ١٣٠ -.١٣٣ انظر أيض ً . ا الشماخي: كتاب السير، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣١٦ « نناجز القوم فبايعوه كلهم ،« البيعة البيعة » : ، وأمر مناديه أن ينادي في الناس دون تردد. ثم أتى الخبر أن عثمان حي ولم يقتل(١) .  ِ وقد كان لهذا الاستعداد للقتال ا نتقاما لإشاعة مقتل عثمان رسول ً ِ رسول الله ژ أثر مهم على ا لإسلام(٢) . ومن المعلوم أن من أسباب الحرب في الإسلام، كما سنرى، منع حدوث الفتنة، مصداق ً ا لقوله تعالى: » ﴿ LKJIHGF M ﴾ [ [البقرة: ١٩٣ ، وقوله: ﴿ §¦¥ ¨ «ª© ¬® ﴾ [ [الأنفال: ٣٩ ؛ يقول الشيخ بيوض: وفتن الناس عن دينهم هو حملهم ومنعهم من الدخول في الدين الذي »  (١) راجع تفصيلات أكثر في أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٦٠ ؛ الشيخ بيوض: في رحاب  القرآن، تفسير سورة الفتح، ج ١٩ ، ص ٦٦ وما بعدها. (٢) لقد كانت البيعة لحظة من اللحظات الحاسمة في ذلك التاريخ، » : يقول الشيخ بيوض ترى كيف ذلك؟ ،« قلبت كل الموازين إنه من غرائب ا لصدف أن يحضر عملية البيعة بعض وجوه قريش، ومنهم سهيل بن عمرو »الذي بعثته قريش على رأس وفد لمفاوضة ا لنبي ژ ، والذي سيعقد الصلح معه فعلا ً فيما بعد، ولم يصل سهيل معسكر المسلمين حتى كانت الإشاعة قد سرت في القوم، وكان النبي ژ قد أمر بالبيعة، وأعلن النفير العام والتجهيز للحرب، فرأى وفد قريش بأم أعينهم ازدحام الصحابة @ على مبايعة ا لنبي ژ على الموت، وعلى عدم الفرار، فرجعوا إلى قريش وقدموا إليهم تقريرا مفصلا ً عن الحالة التي شاهدوها.... من هذه اللحظة صارت ً قريش هي التي تطلب عقد الصلح، وقد كان النبي ژ طول المدة التي مضت هو الذي اجتمع كبراء قريش، وأجمعوا على أن يبعثوا من عندهم رسولا « يطالب به ً وسيط ً ا إلى النبي ژ يطلب الصلح الذي يحفظ لهم ماء وجوههم، على أن يخلوا بينه وبين العرب، ولكن على شرط واحد وهو ألا يدخل مكة هذا العام، وأنه سيدخلها في العام القابل، بمن شاء من أصحابه، يطوفون ويسعون وينحرون آمنين. وهو فعلا ً ما تم الاتفاق عليه في صلح الحديبية (راجع الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، المرجع السابق، ج ١٩ ، ص ٨٠ -.(٨١ يرتضونه لأنفسهم، والحيلولة بينهم وبين الدعاة، إما النبي نفسه، أو رسله، « أو كتبه التي يبعثها إلى ا لآفاق(١) . وقد كان الاعتداء على رسول رسول الله ژ إلى أمير بصرى سبب غزوة مؤتة أ يض ً ا: يروي ابن عساكر ما ذكره عمر بن الحكم قال: بعث رسول الله ژ الحارث بن عمر الأزدي إلى ملك بصرى بكتاب. فلما نزل مؤتة عرض له شرحبيل بن عمر الغساني. وقال: أين تريد؟ قال: الشام. قال: لعلك من رسل محمد؟ قال: نعم أنا رسول رسول الله. فأمر فأوثق رباط ً ا، ثم قدمه فضرب ا(٢) عنقه صبر . ً ولا شك أن مثل هذا الفعل يثير الوجد ويبعث على الحزن، ولذلك يقول صاحب السيرة ا لحلبية: « فلما بلغ رسول الله ژ ذلك اشتد الأمر عليه »(٣) . ويقول الواقدي إنه حينما بلغ الخبر ا لرسول ژ : فاشتد عليه وندب » الناس وأخبرهم بمقتل الحارث ومن قتله، فأسرع الناس وخرجوا فعسكروا « بالجرف، ولم يبين رسول الله ژ الأمر(٤) . ّ وأمام هذه الحادثة فإن المرء يكون بين خيارين: إما السكوت وما قد يترتب عليه من تكرار الاعتداء على العرف القاضي باحترام الرسل والسفراء، وإما القيام بعمل إيجابي تأديبي يمنع مثل ذلك ويظهر هيبة (١) الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ٤، ص ٤٨٢ (قاله في معرض تفسيره للآية ٤٠ من سورة ا لحج). (٢) ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق، تحقيق: د. صلاح الدين المنجد، المجلد الأول، مطبوعات . المجمع العلمي، دمشق، ص ٣٨٩(٣) انظر علي بن برهان الدين الحلبي: إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون الشهير بالسيرة . الحلبية، ج ٢، ص ٧٨٦(٤) . الوافدي: كتاب المغازي، تحقيق: د. مارسدن جونسن، عالم المكتب، بيروت، ج ٢، ص ٧٥٦ الدولة، فكان الخيار الأخير هو الذي تم اللجوء إليه بالنظر إلى آثاره الإيجابية التي تفوق الخيار ا لأول. :∫Éà≤dG πÑb IƒYódG ÖéJ Óa ,∫ƒ°SôdG áfÉ°üM ≈∏Y AGóàY’G ºJ GPEG `` O  سنرى عند دراسة الجهاد أو الحرب في الفقه الإباضي أنه يجب قبل الشروع في قتال العدو دعوته إلى الإسلام أو الجزية. ومن الطبيعي أنه إذا  قتل العدو الرسول المرسل إليه من المسلمين، فإن ذلك يشكل بداية للاعتداء، الأمر الذي يعطي المسلمين حق شن الحرب دون دعوة مسبقة. وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك. فعن أبي الحواري فيمن قصد إلى قائد هؤلاء البغاة وغيره فقال لهم: يا هؤلاء اتقوا الله. ولا تظلموا الناس. فأخذوه وضربوه، أو قتلوه. فهذه حجة المسلمين عليهم. لهم أن يبيتوهم في عسكرهم، إذا كانوا غزاة. وإنما قتلوا هذا الرجل، وهم سائرون في عسكرهم، فلهم أن يبيتوهم بلا حجة ولا دعوة(١) . (١) . النزوي: المصنف، ج ١١ ، المرجع السابق، ص ٢١٩ وإن لم تقدروا على رجلين، ولا رجل ممن تقوون به في » : كذلك عن الصلت بن مالك إبلاغ الحجة عليهم، فلا تسبوهم، ولا تغلوهم بالقتل. ولا تغنموا لهم مالا ً ، حتى تسيروا إليهم بأنفسكم. فإن كانوا متفرقين، فرأيتم أن توجهوا منكم طائفة، وتقيم منكم طائفة في عسكركم، إن لم تخافوا مكايد الفسقة على الطائفة الخارجة إليهم، وإكمانهم لهم، فأخرجوا إليهم من رأيتم من الرجال، من أهل النجدة والرحلة والخفة، حتى يأتوا إلى من يرجو أن تدركوهم، في توحدهم، وانفرادهم من جماعتهم. فإذا وصلوا إليهم، ودعوهم إلى الوفاء بالعهد، والرجعة عن النكث، إلى حكم القرآن، وحكم أهله من المسلمين بعمان. ُ فإن قبلوا قبلوا منهم. وإن كرهوا هل ّ لوا لله، وكبروه، وحكموه وقاتلوهم. وإن خفتم مكيدتهم على الطائفة، إن وجهتموها، فسيروا بأجمعكم. وإن خفتم على عسكركم، ومن تخلفون عليه من طعامكم، فرأيتم أن تكون السفن إلى البحر، وترددوا فيها الأطعمة، وتجعلوا فيها رجالا ً ذات المرجع ص ٢١٩ « فافعلوا -.٢٢٠ ?¬àÑbÉ©e ºàJ πg ,ΩÓ°SE’G QGO »a ºFGôL ∫ƒ°SôdG ÖμJQG GPEG `` `g لم نعثر على إجابة عن هذا السؤال بخصوص الرسول أو السفير صراحة، وإن كان أقرب قول في هذا الخصوص هو ما جاء في جامع أبي ا لحواري: ومن جواب أبي الحواري إلى أهل حضرموت وقد يجمع أهل الشرك » وأهل القبلة في أحكام ويفترق بينهم في أخرى. فأما الأحكام التي يجمعوا فيها مثل السرق والزنا. وأما الأحكام التي يفترقون فيها مثل القذف وشرب .« الخمر الحد على أهل ا لقبلة وعن المشرك إذا دخل دار المسلمين بأمان ثم قتل » : كذلك عن أبي الحواري أو سرق أو زنا قبل أن ي قام عليه الحد ثم أسلم هل يهدر عنه ما أصاب في شركه؟ ُ وكذلك من أهل الذمة من أهل العهد إذا فعلوا ذلك ثم أسلموا هل يهدر عنهم ما أصابوا وكذلك المجوس وكذلك غير أهل العهد وإذا فعلوا ذلك ثم ظفر بهم المسلمون فأسلموا. فعلى ما وصفت فإذا فعلوا ذلك في دار المسلمين وقد دخلوا بأمان فإن كان سرق ذلك أو زنا أو قتل أقيم عليهم ذلك كله ولا يهدر عنهم ذلك ا لإسلام. ويهدر عنهم ما كانوا استحلوه في دينهم. وأما ما كان في كتاب الله فهو يقام عليهم حد ما أتوا إلا أن يكونوا حاربوا هدر عنهم ما أصابوا في حال محاربتهم. وما أصابوا في حال أمانهم أقيم عليهم ذلك إلا ما كانوا استحلوه في « دينهم مثل شرب الخمر وأشباه ذلك(١) . (١) جامع أبي الحواري، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ه ١٩٨٥ م، ُ ج ٥، ص ١٥٥ -.١٥٦ انظر أيض ً . ا الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧١ ، ص ٣٧ من ذلك يمكن أن نستنبط ما يلي: ١ أن ما تقدم ذكره ينطبق على غير المسلم كفرد عادي، وليس كمبعوث لدولته إلى دولة ا لإسلام. ٢ أن غير المسلم مخاطب بأحكام المسلمين التي تسري عليه كالقتل والسرقة والزنا، وبالتالي توقع عليه العقوبة الواجبة إذا ارتكب الفعل ا لمؤثم. ٣ أن غير المسلم لا يطبق عليه العقاب في حالتين: الأولى بالنسبة لما يستحله في دينه مثل شرب ا لخمر. الثانية بخصوص ما يرتكبه أثناء الحرب من جرائم. kq :º¡«dEG π°SôªdG ∫ƒ°SôdG πàb ≈∏Y GóHCG ¿ƒ≤aGƒj ’ á«°VÉHE’G `` h يشكل ذلك التزاما يتفق مع ما استقرت عليه العلاقات بين الدول. ً ولبيان ذلك نذكر الادعاء بقتل أهل جربة لثلاثة رسل إسبان. ولأهمية هذه الحادثة نذكرها بحذافيرها كما عرضها الشيخ علي يحيى معمر، كما يلي: الإسبان وفرسان » يقول الأستاذ الباروني في صفحة ٤٩ من كتابه » ورسا الأسطول الإسباني في قناة القنطرة في جربة وأنزل » :« القديس يوحنا القائد ثلاثة رجال يتكلمون اللغة العربية، ويحملون أعلاما بيضاء، إشعارا ًً بمجيئهم للتفاوض ولعرض رسالة من القائد، إلا أن سكان جربة كانوا على ولم يتقدم حاملوا » : وبعد كلام يقول « استعداد للدفاع والمقاومة والقتال الإعلام البيضاء كثيرا في أرض الجزيرة حتى تقدم منهم الحراس المكلفون ً بخفر السواحل، ولم يلتفتوا إلى ما كانوا يقولون وما كانوا يعرضون ولم يقول .« يمهلوهم، بل عاجلوهم وقتلوهم، إشعارا بعدم قبول أي تفاوض ً ويبدو أن الأستاذ الباروني قد اقتنع بصحة هذا » : الشيخ علي يحيى معمر الخبر الذي قص علينا مسلك أهل جربة تجاه رسل جاؤوهم يحملون علامة السلام ولذلك فقد عمد إلى تبرير موقف أهل جربة في قتل الرسل بأسلوبه الشيق البليغ. وأنا أشك في صحة هذه الصورة وأعتقد أنها صورة وضعها كت ّ اب الإفرنج حتى يوهموا القراء الكرام حتى في هذه الظروف العصيبة أن الإفرنج يلتزمون الأساليب المتبعة بين المتحاربين وأنهم قد سلكوا المسلك الإنساني حين أنذروا أهل جربة وطلبوهم للمفاوضة ولكن أهل جربة قد ارتكبوا حماقة بقتلهم الرسل مما يدل على أنهم أمة لا تعرف أساليب التعامل مع الأصدقاء أو الأعداء وأنها تجهل أصول السلوك، فهي لا تحترم حتى الرسول الذي لا ذنب له في الموقف والذي تجمع آداب الحروب على .« احترامه وعدم التعرض له بالأذى ويضيف نفس الكاتب: وعلى كل حال فبينما ينساق الأستاذ الباروني مع هذه الرواية ويقتنع بها ويحاول أن يبرر منها بعض المواقف نجد غيره من المؤرخين المسلمين يقصون علينا هذه القصة كما يلي: « مونس الأحبة » : يقول أبو عبد الله محمد أبو رأس الجربي في كتابه : صفحة ١٠٦ فنزلت فلوكة وفيها رجل من طرف رئيس الإفرنج ومعه كتاب للشيخ » يخاطبه فيه على أن يسلم له الجزيرة أو القتال، وأغلظ له في الخطاب، فلما بلغ الجواب استعد لنزول البحر فتحول المسلمون إلى قربهم عند قصر مسعود، فنظر أعداء الله إلى كثرة المسلمين وعلموا أن لا طاقة لهم بقتالهم .« فانصرفوا راجعين إلى طرابلس وجاء في الوثيقة التي نشرها المرزوقي في ملاحق مؤنس الأحبة فلما اتصل خبرها بالشيخ أبي زكرياء شيخ » : صفحة ١٣٧ : ما يلي الجزيرة، وعاملها حفظه الله وهو إذ ذاك بالقشتيل مشى إليها وكثير من الناس معه فلما قاربها وقع بينه وبين النصارى تراسل وكلام، يؤول معناه إلى أنهم طلبوا من الشيخ أعزه الله شروط ً ا يأبى طبعه من إعطائها أن يفعلها وإلا فليتهيأ للحرب والقتال، وأنه حفظه الله أراهم من نفسه القوة وأنه لا يكترث ولا يعبأ بهم ولو أتوا بأضعاف ما .« وراءهم، فغضبوا لذلك ولما وصل الإفرنج إلى » : وجاء في رسالة عن سلامة الجناوني ما يلي الجزيرة أنزلوا قاربا يحمل رسولا ً إلى شيخ الحكم في الجزيرة الشيخ أبي ً زكرياء السمومني وكان في مجلسه حينئذ شيخ مشائخنا أ بو النجاة التعاريتي، فلما وصل رسول الإفرنج قال للشيخ أبي زكرياء: أن سيدي القبطان يطلب منك أن تسلم له الجزيرة أو أن تستعد للحرب فالتفت أبو زكرياء إلى شيخنا أبي النجاة يستشيره ثم إلى غيره من الحاضرين ثم نظر إلى رسول الإفرنج .« وقال له: قل لسيدك الذي أرسلك إنه ليس لدينا إلا ا لسيف ويختتم الشيخ علي يحيى معمر رأيه بالقول: هؤلاء ثلاثة من المؤرخين المسلمين فيهم معاصر للأحداث يتفقون » على أن المخاطبة وقعت بين الرسول الإفرنج والمسلمين وأن شيخ الجزيرة بلغه رأي سكان الجزيرة ولم يشر أي واحد منهم إلى قتل الرسول وإن أشار بعضهم إلى أن شيخ الجزيرة أغلظ له في القول ولا شك أن هذا أصح مما يقوله مؤرخو الإفرنج ا لمتعصبون. هذه نقطة من النقط التي اعتقد أن الأستاذ الباروني اعتمد فيها على المصادر الإفرنجية وأن أولئك المؤرخين الإفرنج لم يتحروا الحقيقة وبناء على ذلك فإن القول بأن سكان جربة قتلوا الرسل الذين جاؤوهم للمفاوضة « قول باطل اختلقه مؤرخون مغرضون محنقون من كتاب ا لإفرنج(١) . (١) الشيخ علي يحيى معمر: ا لإباضية في موكب التاريخ ا لإباضية في تونس، مكتبة ّّ الضامري، سلطنة عمان مسقط، ١٩٩٣ ، ص ٢٥٨ -.٢٦١ ُ »fÉãdG åëѪdG (AGôØ°ùdG) π°SôdG äÉÑLGh :áfÉ«N hCG QóZ …CG ÜÉμJQG ΩóY `` CG يقول ا لوارجلاني: ،« ما بيننا وبين المشركين » وهكذا تحت باب وإن دخلنا عليهم في بلادهم بأمان أو رسلا » ً أو لافتكاك أسارانا، فإنا « لا نخون ولا نغدر(١) . ومعنى ذلك أن المبعوث الدبلوماسي لا يجوز له أن يرتكب أي عمل من أعمال الغدر أو الخيانة. فلا يجوز له ارتكاب أي من الأعمال ا لآتية:  سرقة أو اختلاس أموال الدولة المرسل إليها أو تلك الخاصة برعاياها. التجسس وجمع المعلومات بطريقة غير مشروعة. تدبير انقلاب عسكري أو الدعوة إلى عصيان مدني أو التمرد في الدولة المرسل إليها. ازدراء واحتقار تقاليد وأعراف الدولة المرسل إليها. التدخل في الشؤون الداخلية للدولة المعتمد لديها. وقد أكد فقهاء المذاهب الأخرى على ذلك أيض ً ا: يقول ابن قدامة ا لمقدسي: ومن دخل دار الحرب رسولا » ً أو تاجرا بأمانهم فخيانتهم محرمة عليه لأنهم ً (١) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٩٤ إذا كان الرسول يتمتع بالحصانة، فإن عليه أيض ً ا بعض الواجبات التي أكد عليها الفقه الإباضي. وأهم هذه الواجبات، ما يلي: إنما أعطوه الأمان مشروط ً ا بترك خيانتهم وأمنه إياهم من نفسه وإن لم يكن ذلك مذكورا في اللفظ فهو معلوم في المعنى.. ولأن خيانتهم غدر ولا يصلح في ديننا ً الغدر فإن خانهم أو سرق منهم أو اقترض شيئ ً ا وجب عليه رد ما أخذ إلى أربابه فإن جاء أربابه إلى دار الإسلام بأمان أو إيمان رده إليهم وإلا بعث به إليهم لأنه « أخذه على وجه يحرم عليه أخذه فلزمه رده كما لو أخذه من مال مسلم(١) . وقد أكد على ذلك أيض ً ا ا لعلامة الدمشقي حيث يقرر: وإن دخل مسلم دار الحرب رسولا » ً أو تاجرا، وقد جرت العادة بذلك، صار ً  « في أمانهم، وصاروا في أمان منه، وإن كان معه سلاح لم يقبل منه، نص عليه(٢) . بل يرى المرداوي أن ذلك يعتبر حراما عليه فعله. وهكذا يقرر: ً لو دخل أحد من المسلمين دار الحرب بأمان بتجارة أو رسالة، لم » « يخنهم في شيء. ويحرم عليه ذلك(٣) . ¬dõY ºJ GPEG ≈àM ,¬Lh ø``°ùMCG ≈∏Y ô«Ø``°ùdG ≈dEG á∏cƒªdG ᪡ªdG AGOCG `` Ü :¬àØ«Xh AÉ¡fEG hCG  ومن كتب له في حاجته إمام، إلى بعض ولاته، أو نحو » : يقول الثميني ذلك كتابا. ثم استغنى عنه، فله أن يمزقه، أو ينتفع به. إن لم تكن فيه حاجة ً « الإمام، أو المكتوب إليه. وإن كانت وجب التبليغ إليه(٤) . (١) . المغني والشرح الكبير، ج ١٠ ، ص ٥٦٥ (٢)العلامة عبد الرحمن بن عبيدان الحنبلي الدمشقي، زوائد الكافي والمحرر على المقنع، ٰ . الطبعة الثانية، منشورات المؤسسة السعيدية بالرياض، ص ١٨٧(٣) المرداوي: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن . حنبل، ج ٤، ص ٢٠٧(٤) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٣٩٧ :󫡪J  عنيت الشريعة الإسلامية بالجوانب الاقتصادية للعلاقات الدولية َُ باعتبارها من الأمور اللازمة اللازبة. لهذا قيل: وفي أبواب المعاملات الدنيوية لا تجد النصوص إلا وفق المصالح، » وضد المفاسد لمن وفق لمعرفة المصلحة الحقيقية والمفسدة الحقيقية، لأن الشريعة هدى ورحمة وأبدية وعامة ولا يتصور في الشريعة أن تصك في « وجه الأمة باب الصناعة والتجارة والفلاحة(١) . والإسلام يحث المسلمين على الاعتماد على النفس اقتصاديا. يكفي أن ً نذكر هنا قوله ژ : لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب على ظهره » « فيبيعها فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه(٢) . ولاشك أن هذا الحديث من حيث معناه ومبناه وغايته صالح للتطبيق على العلاقات الاقتصادية الدولية والداخلية، بالنظر إلى آثاره الكبيرة، ومنها: (١)محمد بن الحسن الثعالبي الفاسي: الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، المكتبة خلاف » العلمية، المدينة المنورة، ج ٢، ص ٥٠٦ . ويقرر رأي ً ا للتصور النصراني أن مملكة الإنسان ليست في هذه الحياة، فإن التصور الإسلامي لا يضع تحفظ ً ا مبدئيا على النشاط الاقتصادي، فمملكة الإنسان في الحياة الآخرة تتوقف على نجاحه في مملكته في الحياة د. جمال الدين عطية: البنوك الإسلامية، كتاب الأمة، رئاسة المحاكم الشرعية ) « الدنيا النظام الاقتصادي الإسلامي جزء » والشؤون الدينية، قطر، ١٤٠٧ ه، ص ١٣٧ )، كما أن من النظام الإسلامي المتكامل بكافة نواحيه الاجتماعية والخلقية والروحية والتربوية .( ذات المرجع، ص ١٩٤ ) « والقانونية... إلخ، وهو كل لا يتجزأ ويشد بعضه أزر بعض إن التعامل المالي شأن أساسي من شؤون المجتمع، فلا يمكننا أن نتصور » : ويقرر آخرون محمد محمد المدني: المجتمع الإسلامي كما تنظمه « مجتمعا لا تبادل فيه ولا تعامل ً . سورة النساء، مطبعة مخيمر، القاهرة، ١٩٥٨ ، ص ٣٤٥(٢) ابن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، دار المنار، المرجع السابق، . ج ٣، ص ٤٠٠ ، حديث رقم ١٤٧١ وجود اطمئنان لدى الدول الإسلامية وشعوبها في أن ما يحتاجه موجود عندها. « البيت الإسلامي » عدم تحكم الدول الأخرى في مجريات العلاقات الاقتصادية الدولية وعدم انفرادها بها وحدها. بين القوة الاقتصادية « التوازن » أو « التعادل » تحقيق نوع من الإسلامية، وتلك الخاصة بالدول غير ا لإسلامية. ر عن أهمية العلاقات الاقتصادية الدولية، خير الدين ومن خير من عب التونسي؛ إذ يقرر أن المطلوب من الملوك النظر في كليات الأمور، ومنها: إصلاح أحوال الخلطة السياسية والمتجرية؛ (أي: التجارية) مع الدول »  ويضيف أن: .« الأجنبية، بما ينمو به عز المملكة وثروتها سعادة الممالك وشقاوتها في أمورها الدنيوية إنما تكون بقدر ما تيسر » لملوكها من ذلك، وبقدر ما لها من التنظيمات السياسية المؤسسة على « العدل، ومعرفتها واحترامها من رجالها المباشرين لها (١) . ويمكن القول إن العلاقات الاقتصادية الدولية والداخلية لا تقل في أهميتها عن الجهاد. لذلك استقر فقهاء المسلمين على أن الجهاد فرض اشتغال الكل بالجهاد » كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين. علة ذلك أن قطع لمادته من الكراع والسلاح فينقطع الجهاد بسبب ذلك فينبغي أن يقوم البعض بالجهاد والبعض بالتجارة والحرث والحرف التي تقوم بها المصالح « والتقوية. ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان الجهاد فرض كفاية (٢) . (١) خير الدين التونسي: مقدمة كتاب أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك، تحقيق: . د. معن زيادة، دار الطليعة ببيروت، ١٩٧٨ ، ص ٢٠٦(٢) . الإمام الزيلعي الحنفي: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، بولاق، ١٣١٣ ه، ج ٣، ص ٢٤١ وفي تأويله لقوله ژ : إذا زرعت هذه الأمة نزع » ُ « منهم النصر وقذف في قلوبهم الرعب ، يقول ا لسرخسي: « إذا زرعت هذه الأمة » ؛ يعني: إذا اشتغلوا بالزراعة وأعرضوا عن الجهاد أصلا ً « نزع منهم النصر » . فأما إذا اشتغل البعض بالزراعة والبعض بالجهاد فلا بأس به، وينبغي أن يكون كذلك حتى يتقوى المقاتل بما يكتسبه الزراع ويأمن الزراع بما يذب المقاتل عنه. قال 0 : المؤمنون كالبنيان يشد بعضهم بعض » ً ،« ا وهذا لأن الكل إذا اشتغلوا بالجهاد لا يتفرغون للكسب فيحتاجون إلى ما يأكلون ويعلفون دوابهم فلا يجدون فيعجزون عن الجهاد، فيعود على موضوعه بالنقص(١) . حتى يتقوى » : ولا شك أن العبارة التي استخدمها الإمام السرخسي ذات مغزى ،« المقاتل بما يكتسبه الزارع ويأمن الزارع بما يذب المقاتل عنه كبير. فهي تدل، في نظرنا، على ثلاثة أمور هامة، هي: أولا ً: وجود علاقة تبادلية بين توافر قوة الردع العسكري لدى الدولة، وحصول تنمية حقيقية فيها. وهذا هو ما استقرت عليه استراتيجيات الدول المتقدمة حاليا. إذ أنها تؤكد مرارا أن التقدم العلمي والتكنولوجي ًً والرخاء الاقتصادي لا يتحقق بدون قوة تحميه. ثانيا: تحقيق الاستقرار في العلاقات الدولية، خصوصا الجانب ً ً الاقتصادي فيها. (١) ، شرح كتاب الكبير للشيباني، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، القاهرة، ١٩٧١ ج ١، ص ١٩ -.٢٠ ثالث ً ا: ضرورة اهتمام المسلمين بالجانب الاقتصادي في علاقاتهم الدولية، وعدم إغفال ذلك، وإلا كانوا عرضة للتحكم من جانب الدول الأخرى. وهو الملاحظ، حاليا، بالنسبة للعديد من الدول الإسلامية. ذلك أن ً من لا يملك أسباب معيشته، لا يملك استقلالا ً في تصريف شؤونه ا لدولية. وتبدو أهمية الاقتصاد الوطني في إطار الاقتصاد الدولي في نظرنا واضحة جلية في عبارة شهيرة عن منصور بني العباس قال: وما الذي يقال في رجل يركب من نتاجه، ويلبس من ديباجه، وينفق » .« من خراجه يقول ابن ا لخطيب: قلت: ولو شاء لزاد: ويأكل من علاجه، ويتقرب إلى الله بجهاد » « أعلاجه(١) . ولا شك أن تلك الكلمات جمعت كل مناحي الاقتصاد، وهي: الإنتاج، والاستهلاك، والإنفاق، والموارد المالية، وهي أعمدة الاقتصاد ا لحديث: يركب من نتاجه، ويلبس من » وهو ما يبدو من عبارات » : فالإنتاج يجعل الدولة معتمدة على ذاتها غير منقادة « ديباجه، ويأكل من علاجه لغيرها، ويقلل من استيراد الأشياء من الخارج، بل وتصدير الفائض إلى الدول ا لأخرى. يركب من نتاجه، ويلبس من » وهو ما يبدو من عبارات » : والاستهلاك يجعل الدولة مطمئنة إلى ما يستهلكه شعبها « خراجه، ويأكل من علاجه على أساس أنه تحت أعينها ما يتم إنتاجه، وليس الخبر كالمعاينة. (١) لسان الدين بن الخطيب: تاريخ إسبانيا الإسلامية أو كتاب أعمال الأعلام في من بويع قبل . الاحتلام من ملوك الإسلام، تحقيق: ليفي بروفنسال، دار المكشوف، بيروت، ١٩٥٦ ، ص ٥ فإنها ،« وينفق من خراجه » وهى ما تبدو من عبارة » : أما الموارد المالية  تعني: أن موارد الدولة تكفيها، الأمر الذي يجعلها في غنى عن المساعدات والقروض الأجنبية، مما يؤدي إلى توازن الميزانية العامة (ميزانية بيت المال) وعدم وجود اختلال فيها. ولا جرم أن القوة الاقتصادية لأية دولة تلعب الآن دورا مهما في التأثير ً على علاقاتها ا لدولية. ومن المعلوم أن العمل المنتج هو الركن الركين والأساس المبين لأية ثروة والتي هي عماد أي اقتصاد. وهو ما حض عليه الإسلام فقد قال تعالى: ﴿ <;:98 = DCBA@?> FE ﴾ [ [الجمعة: ١٠ ، وقال: ﴿ GFEDC RQPONMLKJIH ]\[ZYXWVUTS ^ ﴾ [ [البقرة: ١٩٨ ، وقرن الكسب بالجهاد والقتال بل وقدمه عليه في قوله: ﴿ UTSRQPONMLKJ WV ﴾[ [المزمل: ٢٠ ؛ وجعل للإنسان حرية التصرف في ثروات الأرض بقوله تعالى: ﴿ ÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾ ÑÐÏÎÍÌËÊ ﴾[ [البقرة: ٢٩ ، وقال أيض ً ا: ﴿ Ø×Ö æåäãâáàßÞÝÜÛÚÙ ﴾ [ [الجاثية: ١٣ . وندرس العلاقات الاقتصادية الدولية في الفقه الإباضي من زاويتين: الأولى أسس العلاقات الاقتصادية في الفقه ا لإباضي. والثانية موقف الفقه الإباضي من المشاكل الاقتصادية ا لكبرى. ونشرع في عرض هاتين المسألتين، وذلك بأن نخصص لكل منهما فصلا مستقلا ً . تتمثل هذه الأسس في ثلاثة، هي: المبادئ التي تحكم العلاقات الاقتصادية ا لدولية. القواعد التي تحكم ا لمال. تحريم الربا في المعاملات الاقتصادية ا لدولية. ونخصص لكل أساس من هذه الأسس مبحث ً ا. ∫hC’G åëѪdG á«dhódG ájOÉ°üàb’G äÉbÓ©dG ºμëJ »àdG ÇOÉѪdG من استقراء كتب الفقه الإباضي، يمكن أن نستنبط المبادئ الحاكمة للعلاقات الاقتصادية الدولية، وهي: :»°VGôàdG CGóÑe (CG تقوم المبادلات الاقتصادية الداخلية والدولية على تراضي أطرافها؛ إذ ليس هناك ما يجبر دولة على الدخول في علاقات اقتصادية هي لا تريد أن تصبح طرف ً ا فيها. ولا شك أن هذا التراضي يقتضي معرفة اللغة التي يتحدث بها أطراف تلك العلاقة، أو ما يقوم مقامها (كالإشارة والإماء). وقد أخذ الفقه الإباضي بذلك. فبخصوص بيع وشراء مع أعجم رضي بالإيماء لما أشير به إليه، يقول المحقق ا لخليلي: فإن كان هذا الأعجم بالغ الحلم وسالم العقل يعرف ما يومأ به إليه » ويفهم منه ما يومئ هو به جاز ذلك في قول المسلمين إذا عرف منه الرضا « فاستدل عليه بالإيماء(١) . o :á∏°VÉØdG º«≤dGh ¥ÓNC’G IÉYGôe IQhô°V (Ü  إذا كانت العلاقات الاقتصادية تتسم أساسا بطبيعتها المادية، فإن ً ذلك يجب ألا يؤخذ وألا يطبق على إطلاقه، وإنما لا بد من مراعاة بعد ُ أخلاقي يأخذ في الاعتبار القيم ا لفاضلة. وقد أكد على ذلك سماحة المفتي العام لسلطنة عمان، بقوله: ُ ولكن الرؤية الصحيحة لاقتصاد إسلامي قوي، يجب أن تراعي الحفاظ » على أمن الأمة الإسلامية، إلى جانب تحديد التنمية الاقتصادية بشكل يتحقق معه التوازن بين حجم السكان في كل دولة، ومساحتها الجغرافية، ومواردها الطبيعية، ومراعاة التناسق بين التنمية المحلية، والتنمية في الإطار الإسلامي العام، بدرجة تمكن من زيادة الترابط الاقتصادي، والتشابك التجاري بين الدول الإسلامية، ومراعاة التنوع الاقتصادي، ووفرة أو قلة الطاقة البشرية الإسلامية، ومع ترجيح كفة المشروعات التي تعتمد التكنولوجيا المحلية في ديار الإسلام في مجالات التنمية، على أن يتم ذلك كله من خلال نظرتنا إلى حجم المكاسب الاجتماعية لا المادية فحسب؛ لأن تطويع الاقتصاد لقيم (١) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، المرجع . السابق، ج ٨، ص ٢٠٢ الدين الإسلامي الحنيف أمر ضروري في هذا المجال، فإن أهم ما يميز الأمة الإسلامية هو ارتكازها على القيم الفاضلة، في حين أن الغرب يخضع جميع « اقتصاده للقيم المادية قبل أي شيء آخر (١) . :ájOÉ°üàb’G á©WÉ≤ªdG (ê تعتبر المقاطعة واحدة من الوسائل التي تتيحها ترسانة وسائل الضغط في نطاق العلاقات الدولية، وذلك بغرض التضييق على الدولة لإجبارها ن أو التنازل عن شيء ما. على اتخاذ موقف معي ولعل خير ما يدل أيضا على مشروعية الحصار الاقتصادي والعسكري ً   للعدو كوسيلة للتضييق عليه وحمله على الانصياع لنهج معين، قوله تعالى: ﴿ yx ~}|{z ے ¢¡ ¯®¬«ª©¨§¦¥¤£ ´³²±° μ﴾ [ [التوبة: ٥ . ولا شك أن كلمة ﴿ ¢﴾ « الحصار » خير كلمة تدل على آثار ن التضييق على الطرف الآخر وحصاره  الاقتصادي وغيره باعتبارها تبي في معاقله وحصونه (حصار مكاني) وكذلك منع الإمدادات العسكرية والاقتصادية عنه (حصار موضوعي). يقول ابن ا لعربي: « احصروهم » وبخصوص قال بعض علمائنا: امنعوهم من التصرف إلى بلادكم والدخول إلا » للقليل إليكم، إلا أن تأذنوا لهم في ذلك، فيدخلوا إليكم بأمان منكم؛ فإن (١) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: لقاءات الفكر والدعوة، مجلد ١، ص ٢٢٤ المحبوس تحت سلطان الإذن من الجانبين، ولولا ذلك لم يكن حبس « ولا حصر؛ فإن ذلك حقيقته(١) .  كذلك يقول الله 4 بخصوص حصار المسلمين ليهود بني النضير (والذي استمر ستة أيام، وكان سببه نقضهم العهد والذمة التي أعطاها لهم النبي ژ حينما قدم إلى ا لمدينة): ﴿ vutsrqponmlkjihg }|{zyxw ~ ﮯ £¢¡ ¤ ¦¥ ´³²±°¯®¬«ª©¨§ ❁ ¶ ¸ ÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹ ﴾ [٣ ، [الحشر: ٢ . كذلك فإن المقاطعة العامة أو الحصار الاقتصادي أو منع التعامل مع المسلمين تم ممارستها تجاه الرسول والمسلمين، فقد عقد المشركون معاهدة تعتبر من يرضى بالمسلمين أو يعطف عليهم أو يتعامل معهم أو يحمي أحد ً ا منهم حزبا واحد ً ا، وكذلك اتفقوا على ألا يبيعوهم أو يبتاعوا ً منهم شيئ ً ا، وألا يزوجوهم أو يتزوجوا منهم. وكتبوا ذلك في صحيفة، وعلقوها في جوف الكعبة لتوثيق وتأكيد نصوصها. وقد ضيق هذا الحصار الخناق على المسلمين حتى بلغ بهم الجوع أقصاه. فعن سعد بن أبي وقاص أنه خرج ذات ليلة ليبول فسمع قعقعة تحت البول فإذا قطعة من جلد يابسة ا(٢) فأخذها وغسلها ثم أحرقها وسففها بالماء وتقوى بها ثلاث ً . وقد مكث (١) ابن العربي: أحكام القرآن، المرجع السابق، ج ٢، ص ٩٠٣ ؛ القرطبي: الجامع لأحكام . القرآن، المرجع السابق، ج ٨، ص ٧٣ (٢) يقول ابن عبد البر: فلما رأت قريش أن الإسلام يفشو وينتشر اجتمعوا فتعاقدوا على بني هاشم، وأدخلوا »معهم بني المطلب أن لا يكلموهم ولا يجالسوهم ولا يناكحوهم ولا يبايعوهم. واجتمع = النبي ومن معه محصورين لمدة ثلاث سنوات في شعب بني هاشم حتى أنفقوا كل أموالهم وصاروا إلى حد الضر والفاقة(١) . وقد ذهب أئمة الفقه الإسلامي إلى القول بمشروعية المقاطعة أو الحصار(٢) ، وهكذا يقول الإمام ا لنووي: يجوز للإمام محاصرة الكفار في بلادهم، والحصون والقلاع، وتشديد » الأمر عليهم بالمنع من الدخول والخروج، وإن كان فيهم النساء والصبيان، = على ذلك ملؤهم. وكتبوا بذلك صحيفة، وعلقوها في الكعبة. فانحاز بنو هاشم وبنو المطلب كلهم كافرهم ومؤمنهم، فصاروا في شعب أبي طالب محصورين مبعدين مجتنبين. حاشا أبا لهب وولده فإنهم صاروا مع قريش على قومهم. فبقوا كذلك ثلاث سنين إلى أن جمع الله قلوب قوم من قريش على نقض ما كانت قريش تعاقدت فيه على ابن عبد البر: الدرر في اختصار المغازي والسير، المجلس ) « بني هاشم وبني المطلب .( الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٣٨٦ ه ١٩٦٦ م، ص ٥٥ (١) تجدر الإشارة أن نقض الصحيفة تم نتيجة مجهود كبير قام به هشام بن عمرو: فقد ذهب يا زهير أقد رضيت أن تأكل الطعام، وتلبس الثياب، وتنكح » : إلى زهير بن أبي أمية وقال له .« النساء، وأخوالك حيث قد علمت، لا يباعون ولا يبتاع منهم، ولا ينكحون ولا ينكح إليهم يا مطعم أقد رضيت أن يهلك بطنان من عبد » : ثم ذهب إلى المطعم بن عدي وقال له ثم ذهب إلى ا لبختري بن هشام، وقال له .« مناف، وأنت شاهد على ذلك، موافق لقريش فيه نحو ً ا من ذلك. وهو ما فعله أيض ً ا مع زمعة بن الأسود. وذهبوا جميع ً ا واتفقوا على نقض يا أهل مكة، أنأكل الطعام » : الصحيفة. وأقبل زهير فطاف بالبيت ثم أقبل على الناس فقال ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى لا يباع ولا يبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تشق هذه وفعلا .« الصحيفة القاطعة الظالمة ً تم تمزيق الصحيفة ونقضها وبط ُل َ ما فيها. راجع: السيرة النبوية لابن هشام، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٧٤ وما بعدها. (٢) قد يكون لذلك آثار سيئة على الأقليات المسلمة التي تعيش في الدولة التي يتم مقاطعتها. لذلك يقول رئيس المجلس الإسلامي في جنوب أفريقيا إن للدول الإسلامية أن تقاطع جنوب أفريقيا ولكن عليهم ألا ينسوا الجالية الإسلامية (راجع جريدة الأهرام المصرية، .( ١٩٨٧ ، ص ١٣ /٥/ في ٢٨  واحتمل أن يصيبهم، ويجوز التحريق بإضرام النار ورمي النفط إليهم، « والتغريق بإرسال الماء، ويبيتهم وهم غافلون (١) . غير أن هناك أحوالا ً معينة يرى اتجاه في الفقه الإسلامي عدم جواز تطبيق سلاح المقاطعة فيها(٢) . وفي بعض الأحوال، يكون من اللازم مقاطعة الطرف الآخر ا قتصاديا وعدم التعامل معه، كوسيلة ضغط عليه لتغيير سياساته أو مواقفه بخصوص مسألة ما. وكمثال على ذلك نذكر ما طبقه الإباضية في الجزائر خلال الاستعمار ّ الفرنسي لهذا البلد العزيز. فقد: نظموا مقاطعة سلبية ضد كل ما يتصل بالفرنسيين ولا سيما فيما » يتعلق بمساعدتها على إدارة الأعمال. وقد أرادت بناء على استيلائها على المنطقة أن توظف كل مجموعة من الإداريين لمساعدتها فعرضت وظيف (قائد) على كل مدينة ولكن أحد ً ا من أهل البلاد لم يتقدم لهذا الوظيف. ووقف المسلمون المجاورون ا حتراما لإخوانهم نفس الموقف فلم ً يتقدم منهم أحد لشغل ذلك الوظيف المغري مع حرص الحامية على شغله بعنصر وطني يكون بمثابة فتح ثغرة في الصفوف وإحداث صدع فيها، فلما لم يتقدم أحد من المسلمين تقدم له يهودي من الأغواط وجاء (١) . النووي: روضة الطالبين، المكتب الإسلامي، ج ١٠ ، ص ٢٥١ (٢) إذا كان في حصن من حصون المشركين أسارى من المسلمين لم » : وهكذا قال أبو ثور يحل لأهل الإسلام أن يحرقوهم ولا يرموهم يمجانيق ولا يقطعوا عنهم الماء ولا يدخلوا عليهم ضررا ينال المسلمين الذين معهم، ويحاربونهم بما أمكن مما لا يدخل ضرره على ً المسلمين. وكذلك إن كان في حصن أسارى من المسلمين لم يكن لأهل الإسلام أن أبو جعفر بن جرير الطبري: كتاب الجهاد وكتاب الجزية وأحكام ) « يمنعوهم الميرة .( المحاربين من كتاب اختلاف الفقهاء، نشره يوسف شخت، ليدن، ١٩٣٣ ، ص ٨ فاستلم عمله في مركز غارداية وبدأ عمله بنوع من التوقح والغلظة والكبرياء. وبينما كان يسير ذات يوم بين القرى في انتفاخ وزهو امتدت إليه يد فاغتالته. وقامت قيامة الدولة الفرنسية وارتكبت من وسائل التعذيب والتنكيل ما ترتكبه الدول الاستعمارية عادة في مثل هذه « المواقف(١) . المقاومة السلبية لم تقف عند حد الرجال، وإنما تقدمت » كذلك فإن المرأة إلى اتخاذ موقف رائع. فقد ذكر الأخ الأستاذ إبراهيم قرادي في إن الجماعات الدينية للنساء نظمن مؤتمرا تحت رئاسة رئيسة » : رسالته ً الجامعة الدينية النسائية بغارداية وهي المسماة (مامة بنت سليمان) وقررن .« إصدار أوامر بمقاطعة كل ما يتصل بالفرنسيين من لباس ومواد وغيرها وكان هذا الموقف المشرف من هذه المرأة المؤمنة من المواقف التي رفعتها إلى مصاف زعيمات النساء المسلمات في العصر الحديث. فقد اعتبرها صاحب كتاب (ثورات النساء في الإسلام) واحدة من اثنتي عشرة امرأة « اشتهرن بمواقف بطولية في ا لعالم(٢) . :zGƒ©°V hCG Gƒ∏é©J{ CGóÑe (O s  وهو مبدأ ورد في حديث للنبي ژ . ذلك أنه حينما أجلى بني قينقاع، قالوا: إن لنا ديونا لم تحل بعد، فقال: « تعجلوا أو ضعوا » . ولما أجلى بني ًَ إن لنا ديون » : النضير، قالوا ً فقال: ،« ا على الناس « ضعوا أو تعجلوا » . ومعنى التعجيل؛ أي: تقديم الأجل وعدم انتظار مدته، أما الوضع فيعني إنقاص الثمن أو تقليل ما هو مستحق دفعه. (١) علي يحيى معمر: ا لإباضي ّ ة في الجزائر، مكتبة الضامري، سلطنة ع ُ . مان، ص ٥٧٦(٢) . ذات المرجع، ص ٥٧٧ يقول الإمام السرخسي تعليق ً ا على ذلك: ومعلوم أن مثل هذه المعاملة لا تجوز بين المسلمين، فإن من كان له » على غيره دين إلى أجل فوضع عنه بعضه بشرط أن يعجل بعضه، لم يجز، كره ذلك عمر وزيد بن ثابت وابن عمر @ . ثم جو ّ زه رسول الله ژ ، في حقهم لأنهم كانوا أهل حرب في ذلك الوقت، ولهذا أجلاهم، فعرفنا أنه « يجوز بين الحربي والمسلم ما لا يجوز بين ا لمسلمين(١) . كذلك يقول الإمام ا لشيباني: ولو أن مسلما دخل إلى هؤلاء الموادعين، أو دخل دار الحرب بأمان »  ً وبايعهم متاع ً ا إلى أجل معلوم، ثم صالحهم على أن يعجلوا له ويضع عنهم .« البعض فذلك جائز علة ذلك أن: حرمة هذا التصرف في دار الإسلام لمعنى الربا، من حيث أن فيه » مبادلة لأصل الدراهم، وقد بين ّ ا أن الربا يجوز بين المسلم والحربي في دار « الحرب، فتجوز هذه ا لمعاملة(٢) . وفي المبادلات الاقتصادية يمكن أن يثور بين الأطراف المعنية مثل هذه المسألة في تعجيل الأصل أو وضع الثمن أو ما يستحق دفعه(٣) . (١) شرح كتاب السير الكبير للإمام الشيباني، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، . القاهرة، ١٩٧١ ، ج ٤، ص ١٤١٢(٢) باب معاملة المسلم المستأمن مع أهل » ذات المرجع السابق، ص ١٤٩٤ . راجع كذلك ذات المرجع، ج ٥، ص ١٨٨٠ .« الحرب في دار الحرب -.١٨٩٠ (٣) روي: ،« الربح والوضيعة بين الشريكين » بخصوص عن الإمام جابر بن زيد أنه قال: إن الربح بين الشريكين يكون على ما اصطلحا عليه. أما »الوضيعة، أي الخسران، فيكون على رأس المال. نقل ذلك ابن حزم. = وفي الفقه الإباضي تعرض لهذه المسألة الشيخ البطاشي، والذي أشار   إلى وجود ستة آراء بخصوص هذه ا لمسألة (١) . = أما الوضيعة، فإن أهل العلم اتفقوا أيض ً ا على أن الخسران في الشركة تكون على كل واحد منهما بقدر ماله. فإن كان مالهما متساويا في القدر فالخسران بينهما نصفان وإن كان ً أثلاث ً ا فالوضيعة أثلاث. .« وفي شركة المضاربة تكون الوضيعة على المال خاصة وليس على العامل منها شيء يحيى بكوش: فقه الإمام جابر بن زيد، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٧ ه ١٩٨٦ م، ضع وتعجل في » ص ٤٩٦ . وقيل: إن إسقاط الدين مقابل التعجيل وهو ما يطلق عليه منعه جماعة من أهل العلم كمالك والشافعي والثوري وأبي حنيفة، انظر ،« الديون المؤجلة  . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ٩٣٣ ّ (١) يقول البطاشي: اعلم أن في إجازة الوضع من الثمن والتعجيل للأجل أقوالا » ً : القول ا لأول : الجواز مطلقا قال القطب وهو الصحيح عندي إذ لا مانع من ذلك ويدل له قوله ژ لبني النضير لما أراد إجلاءهم وقالوا: إن لنا على الناس حقوق ً ا إلى أجل ضعوا » « منها وتعجلوا ؛ قال: وظاهر الحديث الجواز ولو في السلم، وهو كذلك إذ كون باب السلم ضيق ً ا لا يؤثر في المنع مع ورود الحديث بالجواز. القول ا لثاني : المنع مطلق ً ا في سلم أو غيره، لرواية أنه ژ نهى عن وضع وتعجيل وهو قول ابن عمر إذ سماه ربا حين سئل عمن يقول عجل لي وأحط عنك. قال القطب: أما النهي عن الوضع والتعجيل فمعارض لحديث بني النضير فالمتأخر ناسخ للمتقدم وإن جهل التاريخ رجعنا لدليل خارج نقوي به أحدهما فليكن العمل بحديث بني النضير لأنه أشهر وراويه من العلماء أكثر علما من راوي حديث النهي ولغير ذلك اللهم إلا أن يقال ًُ حديث بني النضير ترخيص لهم لعله إجلائهم. القول الثالث : أنه لا يجوز ذلك في سلم وجاز في غيره وسواء في تلك الأقوال رضي الغريم أو لم يرض. القول ا لرابع : الجواز في سلم وغيره بشرط رضا الغريم بالتعجيل قبل الأجل وإن بلا وضع فيكون قد تبرع على صاحب الحق بما يقابل الزمان المتروك من الحق فإن للأجل قسط ً ا من ا لثمن. القول ا لخامس : الجواز برضي الغريم في غير السلم وإن بلا وضع. القول ا لسادس : الجواز برضاه إن كان غير دنانير أو دراهم من بيع أو قرض مؤجل أو عروض = :∫hódG ø«H …OÉ°üàb’G π°VÉØàdG (`g  الدول ليست على درجة واحدة من التقدم، فهناك الدول المتقدمة، والدول النامية، والدول متوسطة النمو. ووجود تفاضل اقتصادي بين الدول هو أمر حتمي، يرجع عادة إلى مقدرات كل دولة، وثرواتها، والعمل والإنتاج، وعناية السلطة الحاكمة بتطوير البلاد... إلخ.  وقد أكد على هذا المبدأ قوله 4 : ﴿ }|{zyxwvutsrqpo  ®¬«ª©¨§¦¥¤ ~ ﮯ £¢¡  ¯ ﴾ [ [النساء: ٣٢ .  هذا التفاضل بين الأفراد والأمم والدول والشعوب يجب أن يكون موضع تنافس شريف، يستند إلى العمل والاجتهاد للحاق بركب التقدم،   وليس مجرد السكون أو الحسد أو ا لكراهية. وقد عبر عن ذلك الإمام أطفيش بخصوص الآية السابقة، إذ يقول: » ﴿ wvutsrq ﴾ في المال والنكاح والولد، والجاه وصحة البدن والعلم والصنائع، والطبائع على جهة الانتقال، وذلك حسد محرم مؤد إلى التباغض، وفيه الاعتراض على الله وعدم الرضا بالقسم، ولا سيما من اعتقد أنه أحق، وتشهى حصول ُ شيء بلا طلب مذموم ٌ ، وتمني = أو طعام من قرض لا من بيع لأن العرض والطعام يقصد بهما في الغالب الأسواق فللمشتري غرض صحيح في التأخير لينتفع بالربح بخلاف القرض فلا يجوز له قصد النفع بما أقرض والمنع في الدين لأن من عليه عشرة لأجل فعجل خمسة وأسقط الأخرى فالمعجلة سلف يقتضيها من نفسه إذا حل الأجل فذلك سلف جر منفعة كما زعم بعض والله أعلم. البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ج ٥، ص ٢٧ -.٢٨ ُ ما لم يقد ر معارضة ر، وتمن  ِ ٌ للقد َ ي ما قد َ ر له بكسب بطالة ٌ ي ما قد َ ر له ِ ، وتمن  ما لا قدرة للعبد  بلا كسب ضائع، كتمني الذكاء وصحة المزاج ونحوهما م ٌ ويضيف أيضا: .« عليه ً ى حسد ً ً  ولعل نحو المال المتمن ا أو غبطة هلاك، وإنما يتمن » « العمل الصالح، وليقل: اللهم أعطني ما يصلح لديني ودنياي (١)    ى زيادة . وقد أكد أيضا مبدأ التفاضل الاقتصادي بين الدول والأفراد والشعوب ً قوله 4: ﴿ JIHGFEDCBA@﴾ [ [الكهف: ٧ . ﴿ © ¶µ ´ ³ ² ± ° ¯ ®¬ « ª ÂÁÀ¿¾½¼ »º¹¸  ÆÅÄà ﴾ [الز ﴿ äãâáàßÞÝÜïîíìëêéèçæå ﴾[ [الأنعام: ١٦٥ . [ خرف: ٣٢ . ﴿ ihgfedcba`_ onmlkj﴾ [ [الإسراء: ٧٠ . ﴿ TSRQPO ﴾[ [الإسراء: ٢١ . ﴿ äãâáàßÞÝÜ çæå ﴾[ [الأنعام: ١٦٥ . ﴿ ®¯ ´³²±° ¸¶µ¹º»½¼﴾ [ [العنكبوت: ٦٢ . ﴿ LKJIHG﴾ [ [البقرة: ٢١٢ . (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٢٠٥ - .٢٠٦ وقال رسول الله ژ : « أجملوا في طلب الدنيا، فإن كلا ميسر لما كتب له منها »(١) . ُ ولا شك أن التفاضل في العلاقات الاقتصادية الدولية من آثاره: أولا ً: تدفق تيارات التبادل التجاري والاقتصادي بين الدول والجماعات والشعوب.  ثانيا: عدم تعطيل منطقة بعينها واشتغال منطقة أخرى فقط، أي توزيع ً  الأدوار الاقتصادية على الصعيد ا لدولي.  وقد أكد على هذا الأمر الأخير ابن ظهيرة، بقوله: الحمد لله الذي فاوت بين البلاد في فضلها وصفاتها، وجعل لكل منها » مزايا مختصة بها، دون أخواتها، وذلك من بديع حكمته الباهرة في ذاتها، « لئلا تجتمع الناس على بلدة واحدة، بتعطيل أخواتها(٢) . :ájOÉ°üàb’G πFÉ°ùªdG »a ¢û¨dG øY »¡ædG (h الغش مظهر من مظاهر سوء النية في التعامل الاقتصادي بين الدول تغيير الصورة عما هي عليه من حالها الأول حتى » : والأفراد. والغش هو « ينظر أنها جيدة وهي مغشوشة، واختلاط الرديء بالجيد(٣) . بعبارة أخرى،   اسم من غشه غشا من باب قت » الغش َ ل إذا لم ينصحه وزين َ له غير َ المصلحة، وهو عند البيع إظهار حسن السلعة وإخفاء قبحها، ومنه تغيير (١) الإمام الماوردي: الأمثال والحكم، تحقيق: د. فؤاد عبد المنعم، دار الحرمين، الدوحة، . ١٤٠٣ ه ١٩٨٣ م، ص ٣٦(٢) ابن ظهيرة: الفضائل الباهرة في محاسن مصر والقاهرة، مطبعة دار الكتب، القاهرة، . ١٩٦٩ ، ص ١(٣) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ٢٨ الباب السابع: العلاقات الاقتصادية الدولية في الفقه الإباضي ٣٢٥ الصورة عن حالها كتعطيش الحيوان وسقيه عند البيع، وغسل الثوب  بالصابون ليرى جديد ً ا وهو قديم، ورش المغسول بالماء أو تبييتها في الندى ُ  لت ُ رى غليظة ً ثقيلة ً « وأشباه ذلك(١) .  والقاعدة في الفقه الإباضي أنه:  « لا يجوز الغش في شيء من الأمور لأحد »(٢) .  وتستند هذه القاعدة إلى ما رواه أبو عبيدة عن جابر عن ابن عباس عن النبي ژ قال:  ِ ألا وم » َ ن غ َشنا فليس منا وم َ ن لم ي َ رح َ م صغيرنا ولم يوقر كبير َ نا، فليس َ  « ا(٣) من . ولعل أفضل تفسير لقوله ژ : « من غشنا فليس منا » ، هو ما قاله ابن    جعفر:    واختلف الناس في معنى هذا الخبر، فقال بعضهم: معنى قوله » 0 » من « غشنا فليس منا ، أي من أهل ديننا. وهذا إغفال من قائله عندي لأن الغاش  (١) سعود الوهيي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، مكتبة مسقط، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه ١٩٩٤ م، ص ٢٠١ . ويقول ا لناظم: ُ ِ ِِ ِ والغش أن ي َس ْ ت ُر َ م َ ا ق َد ْ ق َب ُح َ ا من َ الم َبي ْ ع ِ في الش َّ ر َ ا لي ْ رب َح َ ا و َه ْو َح َ ر َام ٌلن ُِص ُ وص ٍو َر َد َت ْ وم ِِن ْي َغ ُش م ُ سل ِم ً ا ق َ د ه َدد َت ْ ِ ِِ ِ ِِ غشنا فليس نا يحسب وذاك عن طريقنا منكب من َْ ََ م ُْ َ ََْ َ َ ََُ ُُ ِِ أض َله ُ الشيطان ُ حين َ ز َين َ ا ل َ ه ُ و َفع ْل َ ه ُ الق َ بيح َ ح َسن َ ا ِِ ي َظ ُن أنه ُي َن َال ُربح َا وه ْو َع َل َ ى الخ ُس ْر َان م َع ْن ً ى أض ْح َ ى ِِِِ ِِ فال ْغش لل ْخ َيرات يمحق َنا وأن َ ه للنار ِ يعقبنا َُْْ َُ َُْ ي ُن ْه َ ى فإن ل َ م ْ ين َْت َ ه ِي ُؤ َدب ُ بما ترى َ في ح َق ِ ه الم ُح ْت َس ِ ب ُ أبو محمد عبد الله السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ط ١١ ، ج ١ - ،٢ ١٤١٠ ه ١٩٨٩ م، ص ٤٢٨ -.٤٢٩ (٢) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ٨ (٣) .( رواه الترمذي عن أبي هريرة (الجامع الصغير، ج ٢، ص ١٧٦ لا يكون إلا عاصيا، والعاصي من أهل الدين مع عصيانه، وقال آخرون: معنى ً قوله 0 : ليس منا » « مثلنا، وهذا أ يض ً ا خطأ من قائله لأنه لا مثل للنبي ژ لا من  غش ولا من لم يغش. وقال آخرون: معنى قوله: « ليس منا » بمعنى هذا ليس من أخلاقنا ولا من فعلنا. وهذا أ يضا غلط؛ لأنه ژ نفى الغاش. وقال آخرون: معنى ً قوله ليس محبا لنا، وهذا أ يض ً ا غلط، لأن تصديقه بدعوة ا لنبي ژ إجابة له وغشه ليس يخرجه من الإجابة. وقال آخرون: معنى قوله: « ليس منا » يعني: من لم يتبعنا؛  واحتج ّ وا بقول إ براهيم 0 » : ﴿ KJIH ﴾ « [ [إبراهيم: ٣٦ . وقال آخرون:  معنى قوله 0 « ليس منا بولي لنا، وهذا هو الحق والصواب(١) .  كذلك يروى أنه ژ مر مع جبريل 0 بطعام فقال: «!! ما أطيبه » فقال له ِ جبريل: أدخل يد َ ك َ في جوفه، فأدخلها فوجده متغيرا، فقال لرب الطعام: أما » َْْ ً ِ « أنت فقد جمعت خيانة في دينك وغشا للمسلمين(٢) .   (١) ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٠٥ - ٦٠٦ . أنظر أيض ً ا أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ٨، ص ٩٤ - ٩٥ . وقال آخرون إن معناه: ليس ممن اهتدى بهديي واقتدى بعلمي وعملي وحسن طريقتي، كما يقول الرجل لولده »إذا لم يرض َ فعله: لست َ مني، وهكذا في نظائره مثل قوله: من حمل علينا السلاح فليس منا، وكان سفيان بن ع ُ يينة يكره تفسير مثل هذا ويقول: بئس مثل القول، بل يمسك ُ عن ُ راجع: .« تأويله ليكون أوقع في النفوس وأبلغ في ا لزجر سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، المرجع السابق، ص ٢٢٨ . أنظر أيضا، البطاشي: غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ً المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٩ -.٥٣ أنه ليس من أهل ديننا، وبذلك جاء الأثر أنه خارج من » ويقول أبو سعيد: إن الأصح زيادات أبي سعيد الكدمي « الإيمان بغشه إلى ما نزل فيه من غشه إلى الشرك أو النفاق . على كتاب الإشراف لأبي المنذر النيسابوري، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٧٤ (٢) رواه مسلم وأحمد والبيهقي وأبو داود. تجدر الإشارة أن الغش ينطوي على قدر من الخديعة. ويبدو أن هناك خلاف ً ا في الفقه الإباضي بخصوص هذه ا لمسألة: ٍ كل بائع خدع مشتريا في بيعه، أو مشتر خدع بائعا فيما ابتاعه منه، كان » : قال ابن بركة » ًً عاصي ً بدليل نهي ا لنبي ،« ا، والبيع فاسد ! : إ» ِذ َ ا ب َ اي َع ْت َ ف َق ُل ْ لا َ خ ِلا َ ب َة َ«. = :øѨdG øY »¡ædG (R BA@?> تعالى: ﴿ <;:9 = GFEDC ﴾[ [النساء: ٢٩ . يقول ا لبطاشي:   الغبن أن يغبن في السلعة خ » ُ مس قيمتها فأكثر كالربع والثلث وينتهي للنصف وأقل من خ ُ مس كالسدس والسبع لا يسمى عند الفقهاء غبن ً ا، وقيل في الأصول  عشر القيمة، وقيل ا لخ ُ مس، وفي العروض ا لربع، وقيل الثلث، وقال أ بو سعيد 5 ُ لا حد لذلك إلا ما لا يراه الناس غبن ً « ا وما يتغابن فيه الناس جائز (١) . وليس كل تفاوت في الثمن يعد غبن ً ا منهي عنه، إنما الغبن المنهي عنه جاء في منهج ا لطالبين: .« الغبن الفاحش » هو وحد الغبن الفاحش: إذا كان مما لا يتغابن الناس في مثله بينهم، في » « مثل ذلك ا لشيء(٢) . = بينما يرى جمهور ا لإباضية أن البيع ثابت والبائع عاص، ويدرك المشتري على البائع ثمن الغبن، حفظ ً معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع « ا لأموال الناس أن تؤكل بالباطل ّ . السابق، ج ١، ص ٣٤٤(١) . البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٥، ص ٥٦ ويذكر البطاشي أن هناك فارق بين الغبن والمحاباة، هو: أن المحاباة بيع الشيء بأقل من قيمته عمد » ً ا لقصد نفع المشتري أو لغرض والغبن بيعه بأقل أو شراءه بأكثر جهلا ً أو تفريط ً ذات المرجع، ذات ا لموضع. « ا(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٧، ص ٢٢٩ تظهر العلاقات الاقتصادية المعاصرة أن بعض الدول خصوصا الغنية ً منها تشتري المواد الأولية من الدول الفقيرة بثمن بخس لا يتناسب البتة مع قيمتها ا لحقيقية. ولا شك أن ذلك من الغبن الذي يدخل في عموم النهي الوارد في قوله ومما يؤكد عدم مشروعية الغبن الفاحش، قوله تعالى: ﴿ ÄàÉÈÇÆÅ ﴾[ [التغابن: ٩ . يقول ابن العربي: إن العلماء استدلوا بقوله تعالى: ﴿ ÉÈÇ ﴾ على أنه: لا يجوز الغبن في معاملة الدنيا، لأن الله تعالى خصص التغابن بيوم »  القيامة، فقال: ﴿ ÉÈÇ ﴾ ؛ وهذا الاختصاص يفيد أنه لا غبن في الدنيا... نكتته أن الغبن في الدنيا ممنوع بإجماع في حكم الدنيا؛ إذ هو من باب الخداع المحرم شرع ً ا في كل ملة، لكن اليسير منه لا يمكن الاحتراز منه لأحد فمضى في البيوع؛ إذ لو حكمنا برده ما نفذ بيع أبد ً ا، لأنه لا يخلو منه، حتى إذا كان كثيرا أمكن الاحتراز منه، فوجب الرد به، والفرق بين ً القليل والكثير أصل في الشريعة معلوم، فقدر علماؤنا الثلث لهذا الحد، إذ  رأوه حد ً ا في الوصية وغيرها. ويكون معنى الآية على هذا: ذلك يوم التغابن الجائز مطلق ً ا من غير تفصيل، أو ذلك يوم التغابن الذي لا يستدرك أبد ً ا؛ لأن تغابن الدنيا يستدرك بوجهين: إما برد في بعض الأحوال على قول « بعض العلماء، وإما بربح في بيع آخر وسلعة أخرى(١) . يقول ابن تيمية بأن: عامة ما نهي عنه من المعاملات يعود إلى تحقيق العدل والنهي عن » ِ « ه(٢) الظلم دق ّ ه وجل . (١) ابن العربي: أحكام القرآن، تحقيق: علي البجاوي، دار الجبل، بيروت، ١٠٤٧ ه ١٩٨٧ م، . ج ٤، ص ١٨١٦ (٢) . مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، مطابع الحكومة، الرياض، ١٣٨١ ، ج ٢٨ ، ص ٣٨٥ فالأمر الذي لا شك فيه تحريم التسالب والتغالب، ومد الأيدي إلى » : ويقول إمام الحرمين الإمام الجويني: غياث الأمم في التياث الظلم، دار ) « أموال الناس من غير استحقاق .( الدعوة، الإسكندرية، ١٩٧٩ ، ص ٣٥٦ :ÉgÉjÉYôdh iôNC’G ∫hó∏d á≤ëà°ùªdG äÉfÉeC’G AGOCG (ì في إطار العلاقات الاقتصادية الدولية يحدث أن لا تراعي دولة ما الحقوق المالية وغيرها المستحقة للدول الأخرى: كقيامها بتجميد ودائعها المالية دون مقتض، ٍ أو رفضها رد ما أودعته لديها من أموال، أو امتناعها عن تسليمها أشياء مملوكة لها. ولخطورة أداء الأمانة كواجب شرعي نص عليها القرآن الكريم في أحوال كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿ ©ª«¬®¯°± ³² ´ ¶µ ¸ ÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹  ﴾[ [النساء: ٥٨(١) . ﴿ ° ³²± ´¶µ ¸ »º¹ ÃÂÁÀ¿¾½¼ ﴾[ [الأحزاب: ٧٢ . ﴿ <;:98765 = ?> ﴾ [ [الأنفال: ٢٧(٢) . ﴿ RQPON ﴾[ [المؤمنون: ٨ ، فهي من صفات ا لمؤمنين. ولأهمية الأمانة فقد ميز القرآن بشأنها بين فريقين من أهل الكتاب، كما حذر من الاغترار بمن يتم إعطاؤه المال من غير المسلمين وضرورة اختيار الأمناء الذي يؤدون ما عليهم طوع ً ا واختيارا. ًْ (١) « والتحقيق أن الخطاب عام، وقيل: لولاة الأمر » : بخصوص هذه الآية، يقول أطفيش . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٢٥٠ (٢) وأيض ،« الأموال في المعاملة هي أعلى الأمانة » يقول أطفيش: إن ً وفي إيقاع الخيانة على » : ا الأمانات مبالغة، كأنها عاقلة معاهدة، خينت في عهدها؛ أو يقدر: (وتخونوا أصحاب . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣١٢ ،«( أماناتكم كل الأمانات الخاصة والعامة، المادية منها » كذلك فإن النهي عن خيانة الأمانة يشمل . الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٥، ص ٣٢١ « والمعنوية ٰ  يقول تعالى في سورة آل عمران: ﴿ yxwvutsrqponml }|{z ~ ﮯ £¢¡ (١) §¦¥¤ ¨ «ª© ¼»º¹¸¶μ´❁ ²±°¯®¬ ½ ﴾ [٧٦ ، [آل عمران: ٧٥ . ولعل هذه الآية الكريمة تذكر الدول الإسلامية التي تودع كل ثرواتها في البنوك الأجنبية ولدى الحكومات غير الإسلامية، تستثمرها هناك، وتكون تحت رحمة الدول الأجنبية التي تقوم بتجميدها. يقول ابن العربي إن فائدة هذه ا لآية:  « النهي عن ائتمانهم على مال »(٢) . ولا شك أن قيام كثير من الدول الإسلامية بإيداع أموالها لدى الدول الكبرى، ينطوي على مخاطر عديدة، منها: أن ذلك يفيد تلك الدول، عن طريق قيامها باستثمار تلك ا لأموال. (١) في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ xwvutsrqponml }|{zy ~ ﮯ ¢¡ ﴾ إن قوله » : يقول الإمام أبو السعود : ﴿ }~ے ¡ ¢ ﴾ استثناء مفرغ من أعم الأحوال أو الأوقات؛ أي: لا يؤده إليك في حال من الأحوال أو في وقت من الأوقات إلا في حال دوام قيامك أو في وقت دوام قيامك على رأسه مبالغ ً يراجع تفسير أبي السعود، ،« ا في مطالبته بالتقاضي وإقامة البينة . المرجع السابق، ج ٢، ص ٥٠ (٢) ابن العربي: أحكام القرآن، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٧٥ . وبخصوص ذات الآية فمن أدى القنطار فهو أقرب إلى أن يؤدي الدينار، ومن لم يؤد الدينار » : يقول الباجي راجع في ذلك: الإمام الباجي: كتاب المنتقي شرح ،« فهو أبعد عن أن يؤدي القنطار ، موطأ الإمام مالك بن أنس، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، الطبعة الثانية، ج ٣ . ص ١٩٩ إنفاق الأموال ا لإسلامية. « صنبور » أن تلك الدول ستتحكم في  أن تلك الدول، إذا حدث خلاف مع الدولة الإسلامية، ستقوم بتجميد  تلك الأموال، كما حدث في مناسبات عديدة. كذلك أكدت السنة النبوية على ضرورة إرجاع الأمانات لأصحابها والمحافظة عليها:  يقول ژ : أد » َ « الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك(١) .  وعن عبد الله بن عمر عن رسول الله ژ : أربع من كن فيه كان منافق » ً ا  خالصا، ومن كانت فيه خصلة واحدة منهن، كان فيه خصلة من النفاق حتى ً  يدع َ ها: إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غ َد َ ر، « وإذا خاصم فجر(٢) .  (١) أخرجه البخاري في التاريخ، وأبو داود والترمذي والحاكم، عن أبي هريرة. (٢) ٥٨ )؛ من ) ، رواه مسلم في كتاب الإيمان، ( ٢٥ ) باب بيان في خصال المنافق، رقم ١٠٦ حديث عبد الله بن عمر. ويقول ا لناظم: والمال إن فصونه َْ ولوجوب ِ حفظته للغير يلزم والأداء ُ ِ حفظها المعتاد إن خاف بالمسير أن تضيعا وحاضر الفروض لا يعطل ُ ومن هنا يلزمه أن يدفعا وما عليه إن يغب دفاع ُ ومن وجوب حفظها يكون ُ وقيل لا يكون فيها خصما َ ِ فهو أمانة خلا من ضير لأهله إذا إليه جاؤوا ِ ينحط عنه السير للجهاد ُ وضمان إن فعل التضييعا لفعل غائب ولا يمه ّل ُ إن جائر أرادها لينزعا وإنما عليه ا لامتناع ُ خصم ً ا وأنه له اليمين ُ بل أهله يعط َ ون هذا الحكما ُ ، أبو عبد الله محمد السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ط ١١ ١٤١٠ ه ١٩٨٩ م، ج ٣ -. ٤، ص ٣٤ ويقول أيضا: ً أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: (لا إل » ٰ ه إلا الله)، فإن قالوها عصموا « مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على ا لله .  يقول ابن جعفر إن ذلك يعني أنه ژ قرن:  ح» ُ رمة الأموال بح ُ « رمة ا لدماء(١) . وقد أكد الفقه الإباضي على أداء الأمانات الواجبة للدول الأخرى ولرعاياها. يكفي أن نذكر هنا ما يلي:  ١ جاء في بيان ا لشرع: وقيل: إذا مات الحربي الداخل بأمان رد ماله على ورثته من أهل » ُ الحرب، إلا السلاح؛ فإنه لا ي ُر َ د إليهم وي ُ باع وي ُ رد عليهم ثمن ُ ه. قال غيره: وعندي أنه يعني بهذا أهل َ « الشرك(٢) .  ٢ أن الأمانة مردودة إلى غير المسلم ولو حارب ا لمسلمين: وهكذا بخصوص سؤال: من عليه دين لمشرك ممن يحل غ ُن ْم ماله ثم ُ حارب المسلمين، هل يجوز لهذا المسلم الذي عليه الدين اغتنام ما في يده ُْ من ا لدين أم لا؟ ْ يقول ا لسالمي: ما أروح هذه الغنيمة لو جازت، ولكنها الخيانة يتعالى عنها منصب » « الشرع ا لشريف(٣) . (١) . ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٣٠(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٨٨(٣) وعن » : جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٢٣ . وجاء في بيان الشرع = أموال الحربيين غير محرمة تنطبق على ما أتلفه » كذلك قيل: إن قاعدة أموال المشركين والحربيين » أما ،« المسلمون من أموال المشركين أثناء الحرب المودعة في المصارف الموجودة في دار الإسلام فهي أموال محترمة ومصانة « ة(١) لأنه يجري عليها أحكام دار الإسلام أو الدار المختلطة عند فقهاء ا لإباضي . ّ علة ذلك أن قوله تعالى: ﴿ «ª© ¬¯® °± ﴾ [ [النساء: ٥٨ ، واجب التطبيق على غير المسلم بذات درجة انطباقه على ا لمسلم(٢) . = ملك من ملوك العجم كان له على مسلم دين أو وديعة وظهر المسلمون عليه وعلى أهل مملكته فغنموا أموالهم أيكون ذلك الدين أو الوديعة أو المال في بلاد المسلمين مثل أموالهم التي في بلاد الشرك؟ فقال: ما كان من وديعة أو دين أو مال في بلاد المسلمين من قبل المحاربة فإنه لمن كان له ولا يكون غنيمة فأما إذ أتوه أو ودعوه أو يجدونه في بلاد المسلمين بعد أن قامت الحرب بينهم وبين المسلمين فإن ذلك يكون غنيمة . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٧٣ .« للمسلمين (١) معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٠٢ -.٣٠٣ ّ (٢) وهكذا جاء في ا لمصنف: وفي موضع: في ملك من ملوك العجم، كان له على مسلم دين أو وديعة، فظهر المسلمون »عليه، وعلى أهل مملكته. فغنموا أموالهم. قال: ما كان له من وديعة أو دين، أو مال في بلاد المشركين، من قبل المحاربة فإنه لمن كان له. ولا يكون غنيمة. وأما إذا أتوه، أو ودعوه، أو وجدوه في بلاد المسلمين، من بعد أن قامت الحرب، فإنه يكون غنيمة للمسلمين. وفي موضع: مشرك ٌ ائتمن مسلما على أمانة، فظفر بتلك البلاد، وسبيت الذرية. وهرب ً الذي ائتمن الرجل، فيمن هرب. قال: ليحبس أمانته، وليردها إليه، أو يشتري ذريته من تلك الأمانة، إن استطاع ولينفقهم. ثم قال: هذا رأي أبي الشعثاء. قال الله تعالى: ﴿ ª© ¬ °± ﴾[ [النساء: ٥٨ مشرك، أو غير مشرك. ¯® « وقول: إن كانت الأمانة إنما وقعت، ودفعت بعدما وقعت الحرب، فهي غنيمة. وإن كانت قبل أن تقع الحرب بين المسلمين وبين صاحب المال، فهو مال له، لا يقع عليه غنيمة. وفي موضع: إنه أمانة للمسلمين. .« قال: وهذا أحوط، أنه لا غنيمة فيه النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٦٩ . انظر أيضا، الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ً . ج ٧٠ ، ص ٣٦٤  ٣ وجاء في جامع ا لبسيوي: ولا ينبغي لمن أسلم من المشركين في الشرك أن يقطع شيئ » ً ا من  « أموالهم بخيانة ولا مكابرة حتى ينابذهم ا لحرب(١) . ٤ يجب أداء الأمانات لغير المسلمين، حتى ولو هاجروا إلى بلادهم وتركوا دار الإسلام، أو إلى ورثتهم إن كانوا قد ماتوا: يعني ذلك أن أداء الأمانة واجب لصاحب الحق أو لورثته عند وفاته.  وحتى لو كان صاحب الحق قد هاجر إلى بلد آخر، فيجب البحث عنه بكل الوسائل المتاحة لإيصال حقه إليه، فإن لم يعرف لهم مقر أو محل إقامة تطبق القاعدة الشرعية ا لعامة: « أن كل مال جهل ربه فسبيله الفقراء والمساكين » (٢) . ُ وفي الفقه الإباضي ثلاث قواعد تحكم رد مال غير ا لمسلمين(٣) . (١) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٤٧ (٢) . فتاوى الإمام الشيخ بيوض، مكتبة أبي الشعثاء، سلطنة عمان، ١٤١١ ه ١٩٩٠ م، ص ٦٤٦ ُ (٣) وضع الشيخ بيوض ثلاث قواعد لحكم الأمانات التي يجب ردها لغير المسلمين، هي: أولا » ً : لا دخل للديانة يهودية كانت أو نصرانية أو غيرهما في مسائل الحقوق المالية فكل ََ من عاملته من أهل أي دين معاملة صحيحة شرعية اختيارية من غير إكراه، عليك أن تؤدي َ له أو لورثته إن هلك حقه كاملا ً غير منقوص. ثانيا: إن هلك صاحب الحق وترك ورثة يعطى حقه لورثته مجتمعين إن تيسر جمعهم أو ً لبعضهم إن تعذر جمعهم لغياب أو موت، على أن يخبر الذي يعطى له المال بأن هذا إنما ُ ُ هو لمورثكم فلان المتوفى فليقتسمه ورثته حسب ما شرع الله. وتبرأ بذلك ذمة من كان عليه الحق إن شاء الله، إذ ليس له غير ذلك من سبيل، ويتحرى الثقة في الذي يعطيه ا لمال. ثالث ً ا: إذا غاب رب المال ولم يعرف له مقر ولا عنوان ولا يعلم أهو حي أو ميت، وحصل اليأس ُ من معرفة ذلك بعد البحث والتنقيب تصدق بذلك المال على الفقراء والمساكين، وكذلك إذا تحقق موته ولم ي ُ عرف له وارث وحصل ا ليأس من الوقوف على وارث فإن المال يصد ّ ق على ْ ُ ِ الفقراء والمساكين وتبرأ بذلك ذمة من كان عليه ذلك الحق. والقاعدة الشرعية في مثل هذه الأحوال هي قول الفقهاء: (كل مال ج ُ هل َ ربه فسبيل ُ ذات المرجع، ص ٦٤٨ «( ه الفقراء -.٦٤٩ ومن أمثلة رد ّ الأمانات إلى غير المسلمين في التاريخ الإسلامي أيض ً ا، نذكر ما حدث حينما قدم أبو العاص بن الربيع من الشام ومعه أموال ِ المشركين، قيل له: هل لك أن ت ُسلم وتأخذ هذه الأموال؟ فإنها أموال ا لمشركين. ْ « بئس ما أبدأ به إسلامي أن أخون أمانتي » : فقال أبو العاص (١) . »fÉãdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ∫ɪdG ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG من أهم هذه القواعد، ما يلي: :(2)√RÉμJQG OƒªY ƒg πH ,…OÉ°üàbG Ωó≤J …CG ¢SÉ°SCG ƒg ∫ɪdG (CG لذلك ورد في القرآن الكريم العديد من القواعد التي يجب مراعاتها بخصوص المال، منها قوله تعالى: (١) راجع السيرة النبوية لابن هشام، شركة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٧٥ ه ١٩٥٥ م، .٦٥٩ ، ج ١ كذلك يقول الإمام أبو زهرة: إن الأمانة واجبة حتى مع الأعداء. واستناد ً ا إلى ما حدث في غزوة خبير حينما جاء غلام ليهودي ومعه غنم وأسلم الغلام فطلب منه النبي ژ أن يطلق وإن هذا درس حكيم للذين يخونون أموال الناس، ويبررونها بعداوة » : غنمه إليه، يقول الإمام محمد أبو زهرة: ) « لهم، وقد يكونون ظالمين في العداوة كما هم ظالمون بالخيانة خاتم النبيين، دار الفكر العربي، القاهرة، ج ٢، ص ٩١٣(٢) لذلك قيل: - .( ٩١٤ ، بند ٥٤٥ وحفظ المال من الكليات الخمس في المقاصد الش » ّ رعية وهو عصب الحياة وعد ّ ة الأمة ّ ودعامة مجدها، فالاعتدال في الإنفاق على مستوى الفرد والجماعة هو السياسة الاقتصادية الحكيمة، إذا توازن بين الضروريات والحاجيات والتحسينات بما يضمن الكفاية لجميع .« المواطنين والتوازن لميزانية الدولة بما يبعدها عن التبعية للغير الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٨، ص ٤٨ ٰ - .٥١ ÓÒÑÐÏÎÍÌË ﴿ ÉÈÇ❁ Ô ﴾ [٢٧ ، [الإسراء: ٢٦ . ﴿ VUTSRQPONMLKJIHGF [ZYXW ﴾[ [الطلاق: ٧ . ﴿ :9876543210/.﴾ [ [الإسراء: ٢٩ (١) . ﴿ ÓÒÑ ÐÏÎÍÌËÊÉ ﴾ [ [الفرقان: ٦٧ . كذلك بي -,+*)('&%$#"  ن القرآن الكريم أهمية المال وفضله، في قوله تعالى: ﴿ ! .﴾ (٢)  [ [الكهف: ٤٦ ، وقوله جل '&❁ $# شأنه: ﴿ ÓÒÑÐÏÎ❁ "! ( ﴾[نوح: ١٠ - [١٢ ، وقوله سبحانه: ﴿ qp {zyxwvutsr ~}|  ¡ے ¥¤£¢ ﴾[ [آل عمران: ١٤ . ما يمكن ا د » ا: هو  والمال شرع ً وجاء في ا لس « خاره لوقت الحاجة ويحل الانتفاع به (٣) .  نة النبوية التأكيد على ضرورة حسن الإنفاق وعدم إضاعة ا لمال.   (١) بالتوسط في الإنفاق » يقول أطفيش: إن الله أمر ﴿ ÓÒÑÐ ﴾[ [الفرقان: ٦٧ ، وذلك أطفيش: تيسير التفسير، ج ٨، ص ١٦٦ . ويذكر « بين الشح والتبذير، وخير الأمور أوسطها السالمي أن الناس باعتبار الإنفاق ثلاثة أصناف، راجع معارج الآمال، ج ٧، ص ٥١٠ - .٥١٣ (٢) فالمال على المروءة من أكبر العون، وللحسب والمجد من أعظم الصون، وهو يستر » : قيل ابن هذيل: عين الأدب والسياسة وزين الحسب والرياسة، ) « العبوار، وعدمه يطفئ الأنوار مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٨ ه ١٩٦٨ م، ص ١١٤ - .(١١٥ (٣) . علي قراعة: دروس المعاملات الشرعية، مطبعة الفتوح، القاهرة، ص ٣ قال أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس ^ بلغني أن » : قال قال الربيع: قال ؛« نهى عن قيل وقال، وعن تضييع المال » رسول الله ژ أبو عبيدة: قيل وقال هو المزاح والخنا من القول، وتضييع المال هو أن « لا يقف الرجل على نفسه في البيع والشراء ولا يحوط ماله من ا لضيعة(١) . وفي تفسير قوله ژ : من كسب مالا » ً « من نهاوش أذهبه الله في نهابر يقول الإمام السالمي إن معناه: من جمع مالا » ً من حرام أذهبه الله في المهالك؛ أي: في الأسباب التي « تهلك صاحبها(٢) . كذلك قال ژ : « ما عال من اقتصد » ؛ أي: ما افتقر، رواه أحمد عن ابن عباس، قال ابن عمر: قال رسول الله ژ : الاقتصاد في النفقة نصف » ُ « المعيشة(٣) . (١) وفسره غير أبي عبيدة: بالإنفاق في غير طاعة الله والإسراف والتبذير، وقيل تضييعه: وضعه في غير أهله، وقيل: »إنفاق في الحرام، وقيل: إهمال حتى أنه لا يحوطه ولا يحفظه، وجميع الأقوال أنواع للضياع، وهي داخلة تحت النهى ولا ينحصر النهي في بعض أنواع الضياع دون بعض، فيشبه أن تكون الأقوال تمثيلا ً للضياع لا تقييد ً ا للنهي بذلك، ويدخل تحت النهي بيع الرجل ماله بالبخس بما لا يتغابن فيه الناس، فان فعل فقيل: لا يجوز في ماله ولا في مال ِ غيره، وقيل: جائز على نفسه وعلى موكله إذا لم يحاب، وقيل جائز وإن حابى ويضمن ما غبن لصاحبه، وأما ما يتغابن فيه الناس فإنه جائز سواء كان الشيء له أو لموكل، واستظهر .« المحثي أنه إذا كان لغيره وحابى يضمن النقص ولو قدر ما يتغابن فيه ا لناس سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، مكتبة مسقط، سلطنة ع ُ مان، ١٤١٤ ه ١٩٩٤ م، ص ١٨٢ - ١٨٣ . راجع أيض ً ا: حاشية الترتيب للشيخ ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، دار البعث، . قسنطينة الجزائر، ج ٣، ص ١٧٣ (٢) . جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٣٣(٣) رواه البيهقي في الشعب ( ٤٢ ) باب الاقتصاد في النفقة وتحريم أكل المال الباطل، رقم ٦٥٦٨ ، مع زيادة في آخره من حديث ابن عمر. :≥M ô«¨H ø«ª∏°ùªdG ô«Z ∫GƒeCG òNCG RGƒL ΩóY (Ü علة ذلك أن حماية المال معيارها واحد في الإسلام، تسري على المسلم وغير ا لمسلم. وجميع مال أهل الشرك وغيرهم، إذا لم يكونوا » : لذلك جاء في المصنف حربا، لم يحل من أموالهم شيء، ولا سبي ذرايهم. وإذا كانوا حربا؛ كان في ًً  « ي(١) أموالهم الغنيمة، والسب . كذلك لا يجوز أخذ أموالهم بغير حق، ولو خفية(٢) . ْ  يقول الإمام ا لشيباني: وإذا أودع المسلمون قوما من المشركين فليس يحل لهم أن يأخذوا » ً شيئ ً ا من أموالهم إلا بطيب أنفسهم، للعهد الذي جرى بيننا وبينهم. فإن ذلك العهد في حرمة التعرض للأموال والنفوس بمنزلة الإسلام. فكما لا يحل شيء من أموال المسلمين إلا بطيب أنفسهم فكذلك لا يحل شيء « من أموال ا لمعاهدين(٣) .  (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٣٢ (٢) يقول أطفيش: وأما سؤالك عن أخذ مال المشركين خفية؟ الجواب: لا يجوز إذا عقدوا معهم عقد » ً ا صحيحا من قلوبهم قصد ً ا لحفظ الدماء والأموال وإن لم يكن عقد أو كان عقد قهروا ً عليه وعلى كتبه وإمضائه الاختيار لهم في إثباته فلهم أن يأخذوا من مال بيت مالهم كل ما أخذوه من مال المسلمين أو ما أخذوا من أوقاف المسلمين أو ما أخذوه منهم وتبين ّ صاحبه من المسلمين رخص به وللمسلمين أخذ عوض ما أخذوا من المسلمين أو ثمن ما أخذوا ما بأيدي أفرادهم إن كان للمسلمين أو أحد عوض أو ثمنه وأما أفراد أجانب لم .« يقهروا المسلمين ولم يتقوى بهم المشركون القاهرون للمسلمين فلا يتعرض لما لهم العلامة أطفيش: كشف الكرب، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ . ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م، ج ١، ص ١٥٩(٣) شرح كتاب السير الكبير للإمام الشيباني، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، . القاهرة، ١٩٧١ ، ج ١، ص ١٣٣ وقد ورد في ا لسنة النبوية ما يدل على انطباق هذا المبدأ على العلاقات الاقتصادية الدولية: فقد جاء ناس من اليهود يوم خيبر إلى رسول الله ژ بعد تمام العهود، فقالوا: إن حظائر لنا وقع فيها أصحابك فأخذوا منها بقلا ً أو ثوما. فأمر ً رسول الله ژ عبد الرحمن بن عوف ژ فنادى في الناس: إن رسول الله يقول: ٰ لا أحل لكم شيئ » ً « ا من أموال المعاهدين إلا بحق(١) . حري بالذكر أنه يوجد خلاف في الفقه الإباضي بخصوص الصوافي التي في أيدي المسلمين بعمان(٢) . ُ    :∫ɪdG øY ´Éaó∏d IõFÉL á«≤àdG (ê  بخصوص سؤال: وهل لمن خاف على بعض ماله من تقية بالكفر باللسان أو أكل محرم بالسنان أم لا؟ يقول ا لخليلي: لا أدري أكل المحرمات تقية عن ماله، فإن التقية جائزة في القول » (١) مذكورة في ذات المرجع السابق، ذات ا لمكان. (٢) فقد جاء في الجامع لابن جعفر: قال بعض الفقهاء: إنها كانت للمجوس، فلما ظهر الإسلام خ » ُ يروا بين أن يسلموا أو يخرجوا ويدعوها. وقال من قال: إنها أموال وجدت في أيدي السلطان، وقال من قال: إنها من أموال قوم جار عليهم السلطان فتركوها وخرجوا. والأصح عندنا فيما يتناهى إلينا أنها من أهل الكتاب. وقيل إنهم كانوا نصارى فبعث إليهم أبو بكر أن « أموال كانت لقوم » ٍ يسلموا أو يأذنوا بحرب أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون أو يخلوا عن أموالهم َ ويجعلوها للمسلمين، فعجزوا عن المحاربة وخافوا أن يأتي القتل عن آخرهم فامتنعوا عن الإسلام واعتصموا بالكفر وأنفوا من إعطاء الجزية على الصغار منهم فافتدوا بأموالهم واختاروا تركها بدلا ً مما دعوا إليه من الحق فهذا يؤيد قول من قال إنها كانت للمجوس، .« فلما ظهر الإسلام خيروا بين أن يسلموا أو يخرجوا أو يدعوها ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٠٥ . انظر أيض ً ا الإمام السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٢٥٢ - ٢٥٣ ؛ البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، . المرجع السابق، ج ٤، ص ٤٠٧ لا في الفعل، وأما التقية عن ماله بالقول فلا يضيق عليه كما ثبت في الحديث الصحيح أن بعض الصحابة كان به مال في مكة وأراد استخراجه منها، فاستأذن ا لنبي ژ أن يذهب إلى مكة فيظهر لهم أن محمد ً ا وأصحابه قد انهزموا هزيمة (عظيمة) وأخذت منهم الأموال غنيمة، وأنه جاء ليأخذ ماله من مكة، ليشتري من غنائمهم بالثمن البخس، فاستخرج بذلك أمواله والقصة شهيرة «.. من مكة(١) . :ºeDƒªdG ±ÓîH ,Ö°üਪdG ∫ɪdG AGô°T RGƒL ΩóY (O أخذ مال إنسان أو دولة قد يتم، بين أمور أخرى، بأحد طريقين: إما الاغتصاب، وهذا غير مشروع(٢) . (١) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٨٢ -.٢٨٣ (٢) في الفقه الإباضي مذاهب ثلاثة في حالة ما إذا ظهر الإمام العدل فوجد في أيدي الجبابرة أو عمالهم أموالا ً من جباياتهم المحرمة ما الذي له أو عليه من الحكم فيها أو الترك لها؟ أولها: وهو مذهب أهل الورع وطريقة أهل الاحتياط الذين يتركون سبعين بابا من الحلال ً مخافة أن يقعوا في الحرام فإن من الواجب عندهم ترك الدخول وعدم التعرض لهذه الأموال المحجورة ومن حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه. وثانيها: أنها شبهات وأموال قد زادت وحكمها الوقوف خوف الدخول في الشبهة وفي الأثر: كل مشكوك موقوف، وفي الحديث: إن لكل ملك حمى؛ ألا وإن حمى الله محارمه، » « وإن من رعى حول الحمى أوشك أن يقع فيه فالإمساك عن الوقوع في الحمى مخافة انتهاك الحرمة بارتكاب الشبهة هذا محله. وثالثها: أنه مخير بين قبضها للوضع في محلها وبين تركها في ضمانة المبتلى بها فإنه المسؤول عنها والمحاسب عليها وسبيلها في هذا كسبيل اللقطة إن شاء قبضها وإن شاء تركها (غير) متعبد بها. المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ذات المرجع، ج ١٣ ، ص ٤٥٥ - ٤٥٦ . ومن ذات المرجع، ) « فهم أولى بها فتدفع إليهم » الوضع في محلها إن عرف أربابها .( ص ٤٥٧ أو التأميم، وهذا جائز إن توافرت شروطه، خصوصا ضروريته للمصلحة ً العامة(١) . تجدر الإشارة أن تأميم الأموال يمكن أن ينصب على أموال المسلمين، أو أموال غير المسلمين الموجودة في دار ا لإسلام. :ø«ª∏°ùªdG ô«Z QÉjO »a OƒLƒªdG õæμdG ô«°üe (`g من المعلوم أن هناك بخصوص هذه المسألة آراء كثيرة في الفقه الإسلامي وفي الفقه ا لإباضي(٢) . لكن الثابت أنه: إن كان في أرض العهد، فلا يجوز أخذه. وهو مال لأهل العهد، إلا أن »  يعلم أنه جاهلي. وكذلك أهل الأمان. كل أرض يأمن فيها ا لمسلم. (١) لذلك قيل: أما التأميم ففرق بينه وبين الغصب. ذلك أن التأميم لا يكون إلا على يد الدولة للمصلحة »العامة ولشيء يكون ضروريا تتوقف عليه حاجة الناس جميعا كما أشار إلى ذلك ژ في قوله: « الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار » ويكون ذلك مقابل عوض عادل. أما ما يقع من انتزاع مال قليل ضروري لشخص ظل طيلة حياته يكدح ويعمل للحصول والمحافظة عليه ثم يمكن لشخص آخر أمضى حياته في التسكع والانحراف والبطالة بغير عوض فليس من التأميم في شيء. وإنما هو مصادرة أو ضرب من الغصب المحرم. أما الأشياء الضرورية لحياة الشعب بأسره فقد أجاز العلماء للدولة أن تتصرف في توزيعها على الكل توزيعا عادلا ً وتمنع ً من يريد احتكارها على حساب الجميع كما هو الشأن في مصلحة الماء ومصلحة الكهرباء ١٤٠٢ ه ١٩٨٢ م، ص ٢٣٦ ، بكلي عبد الرحمن: فتاوى البكري، ج ١ « وأمثالها -.٢٣٧ ٰ (٢) جاء في ا لمصنف: من كتاب الأشراف قال أبو مالك في الكنز يوجد في دار الحرب، هو بين الجيشين. وقال »الأوزاعي: يؤخذ منه خمسه، والباقي بين الجيش، وقال الشافعي: هو لواجده، وقال النعماني: إن دخل بأمان فوجد كنز ً ا في دار رجل رده عليه، وإن كان في صحراء فهو له وليس فيه خمس، وقال .« يعقوب ومحمد فيه الخمس، وقال أ بو ثور هو لمن وجده، إلا أن يكون لرب الدار فيكون له انظر: النزوي، المرجع السابق، ج ٦، ص ١٥١ -.١٥٣ انظر أيضا: ً الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ١٧ ، ص ١٥٩ -.١٦٠ وإن كان الكنز في أرض قوم، تحل غنيمتهم، كانوا محاربين، أو « مرتدين، من ظاهر، أو باطل، فهو غنيمة(١) . كذلك تعرض الفقه الإباضي لمسألة ا لرك َ از. يقول ابن بركة: وأما من وجد ركاز » ً ا فهو أحق به، وليس عليه تعريف، وهو دفن في الجاهلية. وإن وجده ظاهرا على وجه الأرض فلا أحفظ فيه قولا ً ، وأحب أن ً  يكون سبيله سبيل اللقطة أنها عندي بمنزلة ما يسقط من الناس من الأموال، « لأنها مخالفة لوصف الركاز الذي هو كنز(٢) .   (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٩، ص ٧٤٣ (٢) . ابن بركة: الجامع، المرجع السابق، ج ١، ص ٢١٩ كل كنز وجد فيه شيء من علامات الجاهلية، كما لو وجدوا معه صنما، أو » : والركاز هو ً ِ تمثالا ً ، أو كان مطبوع ً ا بسكتهم، أو نحو ذلك مما يقع في النفس أنه من أحوال الجاهلية، .« فأما إن كان على ضرب الإسلام فليس بركاز، وإنما هو لقطة، أو مال ضائع يحفظه ا لإمام وزاد أبو إسحاق ثلاثة شروط: أحدها: ألا يجري عليه ملك أحد من الموحدين. وثانيها: أن يكون واجده موحد ً ا. وثالثها: ألا يعلم أنه في ملك أحد من الناس. قال: فإن دخل دار الحرب بلا أمان فوجده مع علمه بمالكه فهو له وفيه الخمس، فإذا وجد ركاز ً ا هذه صفته وجب فيه الخمس بمنزلة الغنيمة؛ لقوله ژ : « وفي الركاز ا لخمس » . ويشترط في الركاز أن يكون من الذهب أو الفضة، راجع الإمام ا لسالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ١١٣ - ١٢١ ؛ انظر أيض ً ا النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ٦، ص ١٦١ ؛ العلامة سيف بن ناصر الخروصي: جامع أركان الإسلام، . ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م، ص ٧١ يعجبني ما قاله من الاختلاف أن يكون غنيمة » : كذلك بخصوص الركاز يقول أبو سعيد لجميع الجيش، أو يكون لمن وجده، وأحب في ذلك إن كان الواجد له لم يبلغ بذلك على حال إلا بموضع العسكر كان غنيمة، وإن كان غير هذا المعنى، فالاعتبار كان في الاعتبار له خالصا، وعلى كل حال فمعي أنه فيه الخمس بجميع من ثبت له من خاص أو غنيمة. ً ويعجبني ما قال في الذي أخذه متعمد ً ا، إن وجد ذلك في بيت يقع عليه معنى السكن كان مالا ً لرب البيت؛ لأن ذلك داخل في جملة أحكام الشرك، وهو ماله لهم، وإن وجده في = o :zø«cÉ°ùªdGh AGô≤ØdG »a ±ô°üj ¬HQ áaô©e øe ¢ùjCG ∫Ée πc{ (h ou هذه قاعدة قال بها الإمام ابن بركة(١) ، وهي من القواعد العامة في الفقه الإباضي، سبق لنا ذكرها بخصوص الأموال التي هاجر عنها أصحابها وتركوها ولا يعرف مكان إقامتهم ولا ورثتهم، وكذلك بخصوص الأموال المغصوبة التي لا يعرف أصحابها إذا تم استردادها ممن ا غتصبها(٢) . تجدر الإشارة أن القاعدة الذهبية التي تحكم أموال بيت المال في الإسلام هي أن:  « بيت المال لا يوضع إلا في الحقوق ا لشرعية »(٣) . = الصحراء أو غيره ما يقع عليه الأملاك بالإسكان المباحات أعجبني أن يكون له، وليس الشرك زيادات أبي سعيد الكدمي « من أهل الحرب عندي مثل المسلمين فيما يؤخذ من إسكانهم على كتاب الإشراف لابن المنذر الينسابوري، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٨٧ -.١٨٨ (١) . ابن بركة: الجامع، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٢٣ (٢) يدلل ابن بركة على ما قاله، كما يلي: ويدل على صحة ما قلنا فعل عبد الله بن يحيى الحضرمي لما ظهر على اليمن واستولى »على خزائن السلطان الذي كان بها مما كان جباه على سبيل الخراج من أموال أهل اليمن، واختلطت الأموال فلم يعرف لها رب فتصدق بها على الفقراء، ولم يرد الخبر أنه ألزم نفسه ضمان تلك الأموال، ولو كان يعتقد أن ضمانها يلزمه لم يقصد إلى مال غيره ويتلفه على أربابه ويلزم نفسه الضمان، وكان ينبغي على هذا أن يكون في فعله ذلك متعديا ً حاشاه الله مما لا يليق في صفته، وأيض ً ا قد روى الناس وأصحابنا فيهم أن علي بن أبي طالب لما هزم طلحة والزبير قصد إلى ما كانا جبياه من أموال أهل البصرة على وجه الخراج وأنهما يستحقان في حال تقدمهما عليه، عمد إلى تلك الأموال وفرقها بين أصحابه، فبلغنا أنه حصل لكل رجل منهم خمسمائة درهم وكانوا اثني عشر ألف رجل، ولا يجوز أن يكون علي بن أبي طالب فرقها على أصحابه مع علمه بأن أربابها يوصل إلى معرفتهم، فلما جعلها الإمام في عز دولته على سبيل ما تجعل الزكاة التي هي صدقة للفقراء، فهذا يدل على أن هذه الأموال التي لا رب لها يعرف أن سبيلها سبيل ما يتصدق . ذات المرجع، ص ٢٢٢ « به، ولم ير أحد فيما علمنا أن عليا ألزم نفسه ضمانها (٣) . قاضي القضاة ابن جماعة: تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، المرجع السابق، ص ١٢٢ ومن المعلوم أن كل مال مرصد لمصالح المسلمين واستحقه المسلمون « فهو من مال بيت ا لمال » من غير تخصيص(١) . ِ وقد قسم الإمام ا لجويني الأموال التي تمتد إليها يد الإمام إلى قسمين: َُْ أحدهما: ما يتعين مصارفه (كالزكاة فإن لها مصارف معلومة). والثاني: ما لا يتخصص بمصارف مضبوطة، بل يضاف إلى عامة المصالح، وهو الذي يسميه الفقهاء المرصد للمصالح(٢) . ولا شك أن هذا القسم الأخير هو في رأينا الذي تدخل فيه تصرفات الدولة في إطار العلاقات الاقتصادية الدولية: إذ من تلك الأموال المرصدة  للمصالح يتم إبرام الصفقات التجارية الدولية، وعمليات التصدير  والاستيراد، وعقود الأشغال الدولية، وغير ذلك من المصالح ا لعامة. ويحكم ذلك المبدأ المعروف في الفقه الإسلامي من أن تصرف الإمام  كولي اليتيم لا يجوز له التصرف في شيء » في أموال بيت المال يكون فيها « منها إلا بالتي هي أحسن(٣) . k :zádhódG áë∏°üªd É≤ah É¡«a ±ô°üàj ΩÉeE’G{ áeÉ©dG ∫GƒeC’G hCG ∫ɪdG â«H (R  هذا أمر طبيعي لأن الإمام هو الأمين على أموال الدولة الإسلامية، بشرط ا(٤) أن يراعي المصلحة العليا للمسلمين؛ وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك أيض ً . َ (١) . ذات المرجع، ص ١٤٩(٢) الإمام الجويني: غياث الأمم في التياث ا لظل َ . م، دار الدعوة، الإسكندرية، ١٩٧٩ ، ص ١٥١(٣) ابن الهمام الحنفي: شرح فتح القدير، ) « مال بيت المال معد لنوائب المسلمين » ذلك أن .( مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٩ ه ١٩٧٠ م، ج ٥، ص ٤٤٣(٤) يقول ا لخليلي: ،« الأخذ من بيت المال عند ذهاب دولة الإمام » : تحت عنوان إن بيت المال الأولى به الإمام في زمانه، وإن عدم فجماعة المسلمين من إخوانه يجعلونه » ُ في مصالح المسلمين حيث يوجبه صحيح نظرهم على حسب ما قررته ا لآثار. = ådÉãdG åëѪdG á«dhódG ájOÉ°üàb’G äÓeÉ©ªdG »a ÉHôdG ºjôëJ u د الفقه الإسلامي بصفة عامة، والفقه الإباضي أيض ً ا، على عدم جواز أك اللجوء إلى الربا في المعاملات بين الناس. ويسري ذلك أيض ً ا، ومن باب أولى، في المعاملات بين ا لدول. يقول تعالى: ﴿ ÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º  ❁ Æ ÌËÊÉÈ ﴾ [١٣١ ، [آل عمران: ١٣٠ (١) . ﴿ ! ,+*)('&%$#" =<;:9876543210/. = وعند عدم دولة المسلمين وانقراض أمرهم واستيلاء الأمر مع مخالفيهم فأحب ذلك أن يكون للفقراء من أهل دعوة (أهل) الحق وهكذا في صحيح الأثر وقد جاء (الأثر): أنه يجوز للفقير أن يأخذ مما هو للفقراء بقدر ما يكفيه ولمن يعوله سنة بعد قضاء ما عليه من الضمانات والديون والتبعات هكذا في أكثر ا لقول... وأما أخذ بيت المال للأغنياء فعندي لا يجوز لغير ما مضى بيانه، ويوجد الاختلاف في جواز الأخذ من الصوافي للأغنياء. ومعي أن الصوافي غير بيت المال الذي في يدك أنت في الحال ولكن على كل حال فلا أجيز للأغنياء بسط اليد بالأخذ لبيت مال ولا صافية إن لم يكن بدفع من إمام أو من المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، « يقوم مقامه بالاتفاق أو على رأي من قاله المرجع السابق، ج ٨، ص ٤٨٥ - .٤٨٧ (١) بخصوص قوله تعالى: ﴿ ¿¾½¼»º ﴾ شراء أو موالاة » : يقول أطفيش أو مؤاجرة أو إصداق أو إرث أو قبول هبة أو صدقة أو هدية منه وغير ذلك؛ فإن النفقة منه في الجهاد وأنواع الخير لا تقبل بل تزيد سوءا، وإنما هو من شأن المشركين، ينتفعون ً .« به وهم معاقبون عليه . أطفيش: تيسير التفسير، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٥٧ LKJIHGFEDCBA@?> [ZYXWVUT❁ RQPONM ^]\ _﴾ [٢٧٦ ، [البقرة: ٢٧٥ . ﴿ }|{zyxwvu ~ ے ¢¡❁ ¤ ¨§¦¥ ¬«ª©ِ ¶μ ﴾[ [البقرة: ٢٧٩ . (١) ¯® ³²±° ´ ﴿ }| ~ ے «ª©¨§¦¥¤£¢¡ ®¬ ³²±°¯ ´﴾ [ [الروم: ٣٩ . يقول رسول الله ژ : الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، »   والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مد بمد فقد أربى، ولا بأس ببيع ا لذ ّ هب بالفضة والفضة بالذهب يد ً ا بيد، وأما ّّ ّ « النسيئة فلا(٢) ، وأيض ً ا حديث أبي سعيد الخدري ّ : الذهب بالذهب، والفضة » بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلا ً بمثل يد ً .« ا بيد، فمن زاد وازداد فقد أربى، الآخذ والمعطي في ذلك سواء ُ يقول الإمام ابن عاشور: أثبت الفقهاء ثلاثة أنواع من الربا في اصطلاح ا لشرع: أ) ربا الجاهلية: وهو زيادة على الدين لأجل التأخير (وكلما أخره زاد ما يدفعه ا لمدين). (١) ومعنى ذلك: إن تمسكتم بمواقفكم ولم تتركوا ما بقي لكم من الربا فإنها الحرب بينكم وبين الله »لتفخيم شأنها، « حرب » ورسوله بخروجكم عن شريعته وعصيانكم لأمره، وتنكير لفظ وأنتم تعلمون نتائجها مسبق ً .« ا، فمن حارب الله غلبه . الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٢، ص ١٨٨ ٰ (٢) . رواه مسلم، باب الصرف، رقم ١٥٨٧ ا ، فمن زاد واستزاد الباب السابع: العلاقات الاقتصادية الدولية في الفقه الإباضي ٣٤٧  ب) ربا ا لفضل: وهو زيادة في أحد العوضين في بيع الصنف بصنفه من الأصناف المذكورة في حديث أبي سعيد وعبادة بن الصامت. ج) ربا الن ّ سيئة: وهو بيع شيء من تلك الأصناف بمثله مؤخرا، وزاد ً المالكية نوعا رابعا وهو ما يؤول إلى واحد من الأصناف بتهمة ا لتحيل على ًً الربا، وترجمه في المدونة بيوع ا لآجال(١) . والربا محرم عند ا لإباضية(٢) ، يكفي أن نذكر أن من قواعدهم ا لفقهية: ّ (١). الطاهر بن عاشور: التحرير والتنوير، ج ٣٠ ، ص ٨٩ ويعلق سيد قطب 5 وأما النوع الثاني فمما لا شك فيه أن هناك فروق » : على ربا الفضل، بقوله ً ا أساسية في الشيئين المتماثلين هي التي تقتضي الزيادة، وذلك واضح في حادثة بلال حين أعطى من تمره الرديء وأخذ صاع ً ا من التمر الجيد، فقد وصفه الرسول ژ بالربا ونهى عنه، وأمر بيع الصنف المراد استبداله بالنقد، ثم شراء الصنف المطلوب بالنقد أ يض ً ا إ بعاد ً ا لشبح الربا من العملية تماما. وكذلك شرط القبض يد ً ا بيد كي لا يكون التأجيل في بيع المثل بالمثل ولو من ً غير زيادة فيه شبح من الربا وعنصر من عناصره. إلى هذا الحد بلغت حساسية ا لرسول ژ بشبح .« الربا في أية عملية، وبلغت كذلك حكمته في علاج عقلية الربا التي كانت سائدة في ا لجاهلية   ِ من ثم أخفى علة ا لرباء وأغلظ الوعيد والتهديدا فليأذنن بحربه أو ينته ِ وعدها سبعون في الحساب كمن أتى الأم بلا احترام ِ لو كان قيراط ً ا حواه ماله ُ لأنه من الكبير يجعل ُ للصدقات في كلام الرب ينمو ويربو أي يزيد في النما بيع الربا منه مقالا بينا فقد ن ُ هوا عن أكله جهارا وبخهم ا لكتاب ا لمنزل ُ =  . سيد قطب: في ظلال القرآن، ج ٢، ص ٧٩(٢) يقول الناظم: ِ وحرم ا لربا للابتلاء وشدد القول به تشديدا حرب من الله لمن لم ينته ٌ ِ وهو يجيء قيل من أبواب أقلها في شدة ا لحرام ِ وذو الربا مردودة أعماله ُ إذا درى به وذاك مبطل ُ ويمحق الله الربا ويربي وذلك الإمحاق إذهاب لما ويحبس المشرك إن تبينا كذلك ا ليهود والنصارى وقد ن ُ هوا عن الربا فأكلوا « كل عقد يأخذ فيه العاقد زيادة على رأس ماله فهو ربا »(١) . كذلك من قواعدهم: « الربا حرام ولو مع غير ا لمسلم »(٢) . وقيل أيض ً ا: والذي عليه علماؤنا رحمهم الله إباحة التفاضل في الصنف الواحد إذا كان » يد ً ا بيد، وحجتهم في ذلك حديث ابن عباس ^ «( ، (إنما الربا في ا لنسيئة(٣) . ّ وإذا كان الربا حرام، فإن المضاربة بالعكس حلال، إذا توافرت شروطها(٤) . = وتائب يأخذ رأس ماله وما يزيد ليس من حلاله وإن يك المربي عليه معسرا يلزم ذا الحق له أن ينظرا ْْ َ أبو محمد عبد الله السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، المرجع السابق، ج ١ -٢، ص ٣٦٨ -.٣٦٩ (١) معجم القواعد الفقهية الإباضي ّ ة، المرجع السابق، ج ٢، ص ٩٣٢ . أنظر أيض ً ا البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ٦٩ - ٧٣ ؛ فتاوى الإمام الشيخ بيوض، المرجع السابق، ص ٤٤٢ - ٤٥٦ ؛ الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ١، ج ٢، ص ١٠٠ - ١٠٢ ؛ ابن جعفر الجامع، ج ٢، ص ٣٢٠ -.٣٢٢ (٢) . جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٥٤٦ (٣) حاشية الترتيب للشيخ ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، دار البعث، . قسنطينة الجزائر، ج ٣، ص ١٩٢ (٤) المضاربة مفاعلة من الضرب، وهو السير في الأرض، ويراد به السفر للتجارة وابتغاء » الرزق من فضل ا لله. وفي الاصطلاح: عقد شركة في الربح بمال من رجل ٍ وعمل من آخر. وتسمى أيضا قراضا. ًً وصورتها أن يدفع الرجل ماله إلى آخر ليعمل فيه، وما يكون من ربح فهو بينهما حسب الاتفاق، أما الخسارة فهي على صاحب المال. وتتمثل خسارة العامل في ضياع جهده. وذكر ابن بركة أنهم أجمعوا على أن المضارب لا خسران عليه، ولا يضمن من المال شيئ ً ا ما لم يتعد فيه. وإن اشترط عليه رب المال الضمان فالشرط باطل، وقال بعض الإباضية إذا اشترط رب ّ .« المال على المضارب ضمان المال أو ضمان بعضه فالمضاربة باطلة . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٦٢٢ ّ ندرس هنا خمس مشاكل كبرى في إطار العلاقات الاقتصادية الدولية وموقف الفقه الإباضي منها، وهي: التجارة ا لدولية. المشروعات المشتركة مع الدول غير ا لإسلامية. المساعدات الاقتصادية ا لدولية. صرف النقود (أو تغيير العملة بعملة أخرى). القروض. ∫hC’G åëѪdG (1)á«dhódG IQÉéàdG لم يفت فقهاء المسلمين بيان المعنى الاقتصادي للتجارة. يقول ابن خلدون: اعلم أن التجارة محاولة الكسب بتنمية المال بشراء السلع بالرخص » (١) جاء في المصباح المنير: تجر تجرا، واتجر والاسم التجارة وهو تاجر والجمع تجر مثل ً صاحب وصحب، وتجار، ولا يكاد يوجد تاء بعدها جيم إلا نتج وتجر (المصباح المنير .( في غريب الشرح الكبير للرافعي، دار المعارف، القاهرة ١٩٧٧ ، ص ٧٣ = وبيعها بالغلاء أيا ما كانت السلعة من دقيق أو زرع أو حيوان أو قماش. .« وذلك القدر النامي يسمى ربحا ً فالمحاولة لذلك الربح إما أن يختزن السلعة ويتحين بها جوالة الأسواق من الرخص إلى الغلاء فيعظم ربحه، وإما بأن ينقله إلى بلد آخر تتفق فيه تلك السلعة أكثر من بلده الذي اشتراها فيه، فيعظم ربحه.  ولذلك قال بعض الشيوخ من التجار لطالب الكشف عن حقيقة التجارة: اشتر الرخيص وبع » : أنا أعملها لك في كلمتين ِ الغالي، وقد حصلت « التجارة(١) . = وجاء في المعجم الوجيز تجر تجرا، وتجارة: مارس البيع والشراء، ويقال تجر في كذا، ً والتجارة هي: حرفة التاجر، وما يتجر فيه (مجمع اللغة العربية: المعجم الوجيز، القاهرة،  ١٤٠٠ه .( ١٩٨٠ م، ص ٧٢ الراغب ) « التصرف في رأس المال طلبا للربح » ويقول الراغب الأصفهاني: إن التجارة هي ً الأصفهاني: المفردات في غريب القرآن، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨١ه .( ١٩٦١ م، ص ٧٣ مجمع اللغة العربية: معجم ألفاظ « البيع والشراء طلبا للربح » كذلك قيل: إن التجارة هي ً القرآن الكريم، القاهرة، ١٤٠٩ه ١٩٨٩ م، ج ١، ص ١٨٩ ؛ التعريفات للجرجاني، وزارة . الثقافة والإعلام، بغداد، ص ٣٥ وتحت عنوان: ذكر أصل تسمية البيع تجارة، يذكر الكتاني عن قس بن أبي عرازة قال: كنا نسمى في عهد رسول الله ژ السماسرة، فمر بنا رسول الله ژ فسمانا باسم هو أحسن منه فقال: يا معشر التجار فكان أول من سمانا التجار (الشيخ عبد الحي الكتاني: نظام الحكومة النبوية المسمى التراتيب الإدارية، ج ٢، ص ٢٩ - ٣٠ ؛ ابن سورة: الجامع الصحيح وهو سنن الترمذي، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث، القاهرة، .( ج ٣، ص ٥٠٥ التجارة بالكسر هي مبادلة مال بمال مثل ثمن وجب بالشراء أو باستحقاق المبيع » : وقيل التهانوني: موسوعة اصطلاحات العلوم « بعد التسليم إلى المشتري أو بهلاكه قبله . الإسلامية، خياط، بيروت، ١٩٦٦ ، ص ١٩٤(١) . مقدمة ابن خلدون، دار الشعب، القاهرة، ص ٣٥٥ الباب السابع: العلاقات الاقتصادية الدولية في الفقه الإباضي ٣٥١ وهكذا يكون ابن خلدون قد أشار إلى أمور عدة تدخل في معنى التجارة، وهي: أولا ً : ماهية التجارة: وتتمثل في البيع والشراء وصولا ً إلى تحقيق الربح. حري بالذكر أنه، في بعض الأحوال، قد لا يتحقق ربحا من التجارة، بل قد ً تتحقق خسارة. ثانيا: أنواع ا لتجارة: وهي نوعان: ً ١ التجارة الداخلية، وتكون باختزان السلعة وتحين جوالة الأسواق من الرخص إلى الغلاء فيعظم الربح. تجدر الإشارة هنا أيض ً ا أن التجارة الداخلية الآن لها مظهر آخر: البيع الفوري للسلعة مع الحصول على هامش ربح معين. ٢ التجارة الدولية، وتكون بنقل السلعة من بلد إلى آخر تقل أو تنفق فيه تلك السلعة، وصولا ً إلى تحقيق ا لربح(١) . وقد ورد في القرآن الكريم آيات عديدة خاصة بالتجارة، منها قوله تعالى: ﴿ °³²±´µ﴾ [ [المائدة: ٥ . ﴿ XWVUTSRQPONMLKJIH ZY﴾ [ [الجمعة: ١١ . (١) في معنى قريب يقول الإمام القرطبي: إن التجارة في اللغة عبارة عن المعاوضة، وهي نوعان: تقلب في الحضر من غير نقلة ولا سفر، وهذا تربص واحتكار قد رغب عنه أولو الأقدار، »وزهد فيه ذوو الأخطار. والثاني: تقلب المال بالأسفار ونقله إلى الأمصار، فهذا أليق بأهل الإمام القرطبي: الجامع ) « المروءة، وأعم جدوى ومنفعة، غير أنه أكثر خطرا وأعظم غررا ًً لأحكام القرآن، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨٧ ، ج ٥، ص ١٥١ ؛ الماوردي: .( أدب الدنيا والدين، دار الشعب، القاهرة، ١٩٨٠ ، ج ٤، ص ٣٩٥ ﴿ 9 BA@? >=<;: QPONMLKJIHGFEDC﴾ [ [النساء: ٢٩ . ﴿ « °¯®¬ ²±﴾ [ [البقرة: ٢٨٢ . ﴿ WVU﴾ [ [التوبة: ٢٤ . ﴿ ! '&%$#" )(﴾ [ [النور: ٣٧ . بل ورد في القرآن الكريم ما يدل على تشجيع التجارة الدولية (والتي تتمثل في ضرب الإنسان في الأرض وانتقاله من بلد إلى بلد آخر). ولا جرم أن هذه أخص خصائص العمليات التجارية الدولية. على أساس أن هذه الأخيرة عابرة للحدود أو للأقاليم. يقول تعالى: ﴿ ¯ »º¹¸¶µ´³²±° ÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼﴾ [ [آل عمران: ١٥٦ . ﴿ ÙØ×ÖÕÔÓÒÑÐÏ﴾ [ [النساء: ١٠١ . ﴿ \[ZYXWVUTSRQ jihgfedcba`_^] k﴾ [ [المائدة: ١٠٦ . معنى ذلك أن الله تعالى أجاز شهادة غير المسلمين إذا كان المسلم قد حضرته الوفاة وهو في بلاد غير المسلمين، لقوله تعالى: ﴿ ` dcba hgfe﴾ فهذا موضع ضرورة لعدم وجود من يشهد من ا لمسلمين (١) . (١) انظر الآراء المختلفة التي قيلت بصدد تفسير هذه الآية، في ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ص ١٨٢ - .١٩٤ = ﴿ <; = A@?> ﴾ [ [الجمعة: ١٠ . ﴿ ;:987 ﴾ [ [البقرة: ٢٧٥ . « المحاسبة » : والتجارة في اللغة(١) . وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات الخاصة بابتغاء الرزق عن طريق التجارة وشروط ذلك، ومنها قوله تعالى: ﴿ QPONMLKJ ﴾ [ [المزمل: ٢٠(٢) . ﴿ <;:987654 = BA@?> ﴾ [ [الملك: ١٥ . = ويفسر ابن كثير قوله تعالى: ﴿ ihg ﴾ [ [الإسراء: ٧٠بقوله: أي: من زروع وثمار ولحوم وألبان من سائر أنواع الطعام والألوان المشتهاة اللذيذة »والمناظر الحسنة والملابس الرفيعة من سائر الأنواع على اختلاف أصنافها وألوانها تفسير « وأشكالها مما يصنعونه لأنفسهم ويجلبه إليهم غيرهم من أقطار الأقاليم والنواحي . القرآن العظيم لابن كثير، ج ٣، ص ٥١ (١) . الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٠٧ (٢) وكان جابر بن زيد 5 يقول: ما في الوجوه كلها أحب إلى أن أموت فيه من قتل في سبيل الله. فإن أخطأني ذلك ففي حج ببيت الله. فإن أخطأني ذلك فأكون أضرب في الأرض ابتغاء فضل الله. ثم تلا هذه الآية: ﴿ QPONMLKJ ﴾ . . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٧١ والتجارة وإن كانت مباحة فالتنزه عنها أحوط من الاستكثار منها » : بينما يقول ابن جعفر . ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣١٩ « لما يعارضها من الأخطار كذلك جاء في قاموس ا لشريعة: قلت له: فهل يكره له أن يتجر في بلادهم؛ (أي: بلاد المشركين) ويشتري منهم أو يبيع »عليهم من غير اضطرار؟ قال: إذا كان اختيارا منه فأكره له ذلك الإقامة في دارهم قليلا ً أو . السعدي: قاموس الشريعة، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٢٨٤ « كثيرا ً ة(١) وقد كانت التجارة وسيلة من وسائل نشر الإسلام عند الإباضي ّ وغيرهم من أتباع المذاهب ا لإسلامية. :áeÉ©dG óYGƒ≤dG (CG ويحكم التجارة في الفقه الإباضي القواعد ا لآتية: ١ لا يجوز بخس الناس أشياءهم في التجارة بكافة صورها، لأن هذا يدخل في باب الغش الذي حرمه الإسلام، كما سبق وأن ذكرنا(٢) . كذلك يرون أن رجلا ً قال للنبي ژ : (يا رسول الله إني رجل أخ ُ ْ د َ ع في البيع) فقال النبي ژ : « إذا بايعت فقل لا خلابة له »(٣) ، ومعنى الخلابة: الخديعة. (١) وهكذا قيل: ومن الأمثلة التاريخية الرائعة في بلاد المغرب العربي ما قامت به الدولة الرستمية من فتح »الطرق التجارية إلى أواسط إفريقيا إذ كان كبار التجار من تيهرت ووارجلان وإسدراتن ومعهم ودول خط الاستواء، « غانة » بعض المشائخ ا لإباضية يتبادلون التجارة مع دول إفريقيا حتى بلاد ّ فيتصلون بملوك القوم وعليتهم ويعلمونهم قواعد الدين، مما كان سببا لدخولهم في ا لإسلام. ً ولا تزال آثار تلك التربية باقية إلى اليوم في بعض تلك الأقاليم، كما تحد ّ ث به أحد ما تزال تحتفظ بالعادات والتقاليد « غانة » الطلبة الغانيين إذ ذكر أن قبيلة كبيرة من بلاد الإباضية أخلاق ً ا وسلوك ً .« ا ّ الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٥، ص ٤١١ -.٤١٣ ٰ (٢) يقول ا لبسيوي: ولا يجوز البخس في الكيل والوزن، قال الله تعالى: » ﴿ ]\[Z ﴾[ [الأعراف: ٨٥ وقال تعالى: ﴿ ³ ´ º¹¶µ ﴾[ [الإسراء: ٣٥ ، فأمر بالعدل والحق، ونهى عن البخس وأمر بالوفاء، ونهى عن النقصان، وأوعد بالويل في التطفيف، فقال تعالى: ﴿ §¦ ❁ «ª© ¬¯® ❁ ³²± ´  µ ﴾[المطففين: ١ -[٣ ، أي ينقصون إذا وزنوا لغيرهم، فجعل لهم الويل ولو على أصغر .« الصغير من التطفيف، فأما المطفف فخاسر البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ٣٩ -.٤٠ (٣) رواه الستة. ِ وكل بائع خدع مشتريا في بيعه أو مشتريا خدع بائعا فيما ابتاعه منه، ً ًً كان عاصيا والبيع فاسد ً ا لنهي ا لنبي ژ(١) . ً ٢ إن كان ولا بد من التأمين على المبادلات التجارية الدولية، فإن ذلك جائز إن كانت تحتمه ا لضرورة(٢) . ٣ التجارة سبب من أسباب منح ا لأمان: وإن دخل مشرك في تجر أرض الإسلام » : وهكذا جاء في شرح النيل :« بأمان ترك وأخذ منه ما يؤخذ من تجار المسلمين إن بان لهم ذلك يقول أطفيش: وإن دخل مشرك) غير معط للجزية (بتجر أرض الإسلام بأمان) ولو )» استأمنه رجل واحد (ترك وأخذ منه ما يؤخذ من تجار المسلمين)، وهو الزكاة فقط، قيل ذلك، وما ينوب في إصلاح الطرق وغيرها بحسب المصالح    (١) . ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٢٣ (٢) عقد التأمين من العقود المستحدثة التي لم يعرفها الفقهاء الأقدمون، وهو أنواع؛ أشهرها » التأمين التجاري، سواء أكان تأمين ً ا شاملا ً أم غير شامل. وحكمه عند أكثر العلماء المعاصرين عدم الجواز، إذ رأوه قائما على الغرر والربا، وفيه ً أكل لأموال الناس بالباطل. فلم يجيزوه إلا عند الضرورة القاهرة. وعندئذ فإن على المؤمن أن يتعفف عن أخذ تعويض زائد على ما دفعه من أقساط التأمين، وتلك الزيادة تعد من المال الذي جهل ربه، فسبيله الفقراء والمساكين. ّ بينما ذهب قلة من العلماء إلى جوازه باعتباره تكافلا ً على تفتيت المصائب، وهو شبيه بتعاضد العاقلة لحمل دية الخطأ على القاتل. ورأوا أن عقد التأمين بالتراضي بين الطرفين، فليس فيه أكل لأموال الناس بالباطل، وما فيه من غرر وجهالة يغتفر مقارنة بما يجنيه ا لمؤمن من منافع. وكلا الرأيين موجود لدى ا لإباضية المعاصرين. وجمهورهم مع رأي جمهور علماء المسلمين ّ في القول بعدم جوازه إلا للضرورة الملزمة. وفي التأمين التعاوني سعة للناس، وبعد ٌ عن ُ معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٧٠ « محاذير التأمين التجاري -.٧١ ّ يؤخذ من تجار المسلمين، ذلك لما ذكر فيؤخذ مثل ذلك عن المشركين (إن بان لهم)، أي للمسلمين وإمامهم (ذلك) المذكور مما يؤخذ من تجار « المشركين(١) . :á«dhódG IQÉéàdG ≈∏Y ¢VôØJ »àdG ∑QɪédGh Ωƒ°SôdG (Ü يجري عمل الدول على فرض رسوم جمركية خصوصا على الواردات ً التي تأتي إليها. وهذا ما أكده أيض ً ا الفقه ا لإباضي. فقد جاء في ا لمصنف: وأما أهل الشرك من أهل الحرب، وممن لم تثبت له هذه المعاني، » فمعنى أنه يخرج في قول أصحابنا أن بعضا يخرج منهم العشور من أموالهم ً إذا قدموا على ا لمسلمين. وبعض يقول: يؤخذ منهم في بلاد المسلمين كما يأخذ ملك أرضهم من المسلمين إذا قدموا عليهم، هكذا إن كان العشر فالعشر، وإن كان أكثر أو « أقل لعل هذا القول أكثر(٢) . ويضيف أيض ً ا: ويعجبني في الذي يقيم من أهل الحرب بأمان، ثم يدير في يده تجارة » ِ في حماية المسلمين؛ أن يأخذوا منه ما يأخذ ملكهم، إذا ق َ دم أهل بلاد َ المسلمين، في إقامتهم معه في تجارتهم. وإذا عليهم العشر في بعض القول، « كان بعد السنة عندي(٣) . (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٧ ، ص ٥٧٨(٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ٦، ص ٨٣ - .١١٠ ،٨٤ (٣) ذات المرجع، ص ٨٥ . راجع أيض ً ا الكندي: بيان الشرع، ج ١٧ ، ص ١٣١ - ، ١٣٦ ، ج ١٩ ص ٣١٢ - ٣١٣ ؛ محمد بن عبيدان: جواهر الآثار، المرجع السابق، ج ١، ص ٣١٣ - ؛٣١٥ = الباب السابع: العلاقات الاقتصادية الدولية في الفقه الإباضي ٣٥٧ ونذكر هنا الملاحظات ا لآتية: ١ مما تقدم يتضح أن هناك اتجاهين في الفقه الإباضي بخصوص ما يفرض من رسوم جمركية على ا لواردات: أولا ً الاتجاه الذي يرى فرض العشر على تلك ا لواردات. ثاني ا بمعنى أن يفرض « المعاملة بالمثل » الاتجاه الذي يستند إلى مبدأ ً على الواردات التي يحضرها غير المسلمين من الخارج مثل ما تفرضه الدولة الأخرى إذا قدم عليها المسلم بوارداته: فإن كانوا يأخذون العشر نفرض عليهم العشر، وإن كانوا يأخذون أكثر أو أقل من ذلك نفرض عليهم مثلما يفرضون. ٢ أن الإمام في الدولة الإسلامية عليه، في فرض تلك الرسوم الجمركية، أن يأخذ في الاعتبار مصلحة الإسلام والمسلمين، حتى ولو رأى الأفضل تطبيق حل آخر. دليل ذلك ما فعله عمر بن الخطاب مع بني تغلب(١) . = أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٣٤٧ ؛ جامع أبي الحواري، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٠٩ ؛ أبو إسحاق إبراهيم الحضرمي: كتاب الدلائل والحجج، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣٣ه ٢٠١٢ م، ج ١ - ،٢ ُ ص ٦٢٤ - ٦٦٧ ؛ زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب الإشراف لابن المنذر النيسابوري، تحقيق: إبراهيم بولرواح، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٣٢ ه ٢٠١١ م، ج ٣، ص ١٧٨ - ١٨٠ ؛ سلمة العوتبي: كتاب الضياء، المرجع السابق، ج ٦، ص ١٩١ -.١٩٣ (١) فقد جاء في المصنف نقلا ً عن كتاب الأموال لابن سلام ما يلي: روي أن عمر بن الخطاب أراد أن يأخذ من نصارى بني تغلب الجزية فأنفوا منها، وأرادوا »أن يلحقوا بالروم. فقال ا لنعمان بن زرعة: يا أمير المؤمنين إن بني تغلب قوم عرب يأنفون من الجزية، فلا تعن عدوك عليك بهم، فصال َ حهم عمر: على أن أضعف عليهم ا لصدقة. َ وإنما استخارها فيما يرى وترك الجزية، لما رأى من نفارهم وأنفهم منها. وعلم أنه لا ضرر على المسلمين من إسقاط ذلك الاسم عنهم، واستوفاها منهم حين ضاعف عليهم = أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٣٥٨ ٣ من الخارج فتفرض عليها « مسلم » بالنسبة للواردات التي يحضرها الزكاة مع مراعاة التفرقة بين فروض ثلاثة ذكرها أبو الحواري(١) . = الصدقة وكان ذلك رتق ما خاف من فتقهم، مع استيفاء حقوق المسلمين من رقابهم. وكان مسدد ً ا كما روي فيه عن النبي ژ : إن الله ضرب بالحق على لسان عمر وقلبه، وكقول عبد الله فيه: ما رأيت عمر قط إلا كأن ملك ً ا بين عينيه يسدده، ومثل قول علي بن أبي طالب: ما كنا نبعد أن تكون السكينة تنطق على لسان عمر، وكقول عائشة فيه: كان ِ والله أجودنا نسيج وحده، قد أعد للأمور أقرانها. قال أبو عبيدة: وكانت فعلته هذه من تلك َْ .« الأقران التي أعدت في كثير من محاسنه التي لا تحصى النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ٦، ص ١٠٩ -.١١٠ (١) يفرق أبو الحواري بخصوص هذه المسألة بين الواردات القادمة من ديار غير المسلمين، وتلك القادمة من دار الإسلام، وبين ما إذا كان الذي أحضرها مسلم من غير أهل عمان وأحضرها من غير دار الإسلام، أو من بلد مسلم، أو كان من أهل عمان ُُ وأحضرها من خارج دار ا لإسلام: في زكاة المال القادم من البحر والمسلم إذا كان من غير أهل عمان فقدم بضاعة من بلاد » ُ أهل الحرب من أهل الشرك بمال إلى عمان فإن لإمام عمان أو عماله إذا باعها القادم بها ُُ أخ ْ ذ َ ما يجب من الزكاة منها من حين ما باعها إذا كان مما يجب فيه الزكاة ربع العشر أو قبلها في نوع آخر أخذت منه الزكاة وهو أكثر ا لقول. وقال من قال: لا زكاة فيها إلا أن يحول الحول وهو في عمان ببضاعته. ُ ِ وأما إذا لم يبعها أو باع منها بقيمة أقل من نصاب الزكاة وخرج من عمان فلا يأخذ منه َْ ُ الزكاة إلا أن يحول الحول عليها في عمان. ُ وكذلك إذا قدم بذهب أو فضة غير مضروبين فسبيل ذلك سبيل البضاعة في أخذ الزكاة كما جاء فيها من ا لاختلاف. وأما الدراهم والدنانير فحتى يحول عليها حول في عمان وهي نصاب تام للزكاة فحينئذ ُ يؤخذ منها ا لزكاة. وإن كان هذا القادم قدم من بلد المسلمين فلا زكاة إلا بعد الحول على كل حال. وإن قدم هذا القادم من بلد أهل الحرب من المشركين وهو من أهل عمان وإنما هو خرج ُ .« منها إلى بلد الحرب من المشركين ورجع إلى عمان فسبيله في الزكاة كسبيل أهل عمان ُُ جامع أبي الحواري، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٠٧ - ٣٠٨ . راجع أيض ً ا الشيخ مبارك الغافري: صراط الهداية، مكتبة مسقط، ١٤٣٣ه . ٢٠١٢ م، ج ١، ص ٢٨١ ٤ أن علة فرض الضرائب على التجار غير المسلمين في دار الإسلام يرجع إلى أنهم في حماية ا لمسلمين(١) . :IQÉéàdG É¡«a ô¶ëj »àdG ∫GƒMC’G (ê  أكد الفقه الإباضي على بعض أنواع التجارات المحظورة، وهي: ١ البيوع الدولية المنهي عنها: يأخذ الفقه الإباضي بما أخذ به فقهاء المذاهب الأخرى بخصوص النهي عن أنواع معينة من البيوع ونقتصر منها بذكر ما قد يخص التجارة الدولية، وهي: (١)يقول أبو سعيد: ويعجبني في الذي يقيم من أهل الحرب بأمان يدير في يده تجارة في حماية المسلمين »أن يأخذوا منه ما يأخذ ملكهم، إذا قدم أهل بلاد المسلمين في إقامتهم معه في تجارتهم، زيادات أبي سعيد الكدمي على .« وإذا عليهم العشر في بعض القول كان بعد السنة عندي . كتاب الإشراف لابن المنذر النيسابوري، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٨٠ حري بالذكر أنه بخصوص الرأي ا لآتي: تتغذى خزينة الإمامة من ثلاثة مصادر رئيسية للدخل: »المصدر الأول هو الرسوم على صادرات المنتجات العمانية، كالتمور والفواكه والأسماك ُ والماشية. وكذلك الرسوم التجارية على الواردات من الهند وإفريقيا وفارس. المصدر الثاني هو الزكاة، التي هي إحدى الفروض الأساسية الخمسة التي نص عليها القرآن وهي الصدقة المفروضة شرع ً ا. د. حسين ،« على التجار غير المسلمين والأقليات ا لعمانية « تفرض » المصدر الثالث، هو ضريبة ُ عبيد غباشي: عمان الديمقراطية الإسلامية، دار الجديد، بيروت، ١٩٩٧ ، ص ٨١ -.٨٢ ُ يقول المفتي العام لسلطنة عمان: ُ والصحيح أن أصحابنا في زمن الإمامة العادلة لا يأخذون رسوما على الصادرات والواردات » ً مهما كانت إلا ما ألمحتم إليه في المصدر الثالث. وإنما يأخذون أجرة المكان الذي تملكه الدولة وتنزل فيه البضائع عند تصديرها وتوريدها فقط، وقد ناقش هذه المسألة العلامة راجع كتاب آراء ودراسات حول .«« تمهيد قواعد الإيمان » سعيد بن خلفان الخليلي في كتابه . للدكتور حسين غباشي، دار الفارابي، ص ١٦ « عمان والديمقراطية الإسلامية » كتاب ُ أولا ً بيع ا لغرر: كسمك في ) « بيع الغرر كله » يقول البسيوي: إن رسول الله ژ نهى عن البحر، واللؤلؤ قبل أن يشق)(١) . ثانيا بيع حاضر لباد: ً لما يترتب على هذا البيع ،« يبيع حاضر لباد » فقد نهى الرسول ژ أن من ضرر(٢) .  ومن ذلك أيضا قوله ژ : لا تتل » َ« قوا ا لسوالع(٣) يعني: لا تتلقوا أجلابها ً ْ فتشتروا منهم قبل أن يبلغوا ا لأسواق. (١) البسيوي: جامع أبي حسن البسيوي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٤ه ١٩٨٤ م، ج ٤، ص ٥ -.٦ (٢) بخصوص قوله ژ : « ولا يبيع حاضر لباد » الحاضر صاحب الحضارة وهي العمران » : قيل من الأرض، والبادي صاحب البادية، وإنما نهى عن ذلك لأن الحضري يتحكم على الناس بمال غيره ويتربص به، والبادي يبيع بما يرزق الله، والمقصود الإرفاق بأهل الحضر، وقد قال 0 : « دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض » ، رواه الجماعة إلا البخاري من حديث جابر بن عبد الله في معنى حديث الباب، وقال ابن سيرين: لقيت أنس بن مالك فقلت: لا يبيع حاضر لباد أنهيتم أن تبيعوا أو تبتاعوا لهم؟ قال نعم، قال محمد: وصدق إنها كلمة جامعة، أي لا يبيع له شيئ ً ا ولا يبتاع له شيئ ً ا، وظاهر النهي الإطلاق، وقيل إنما يحرم إذا ّ كان بأجر، وأما إذا كان بغير أجر فلا، بدليل قوله ژ : « الدين ا لنصيحة » . وتعق ّ به المحشي بأنه عام وحديث الباب خاص، والخاص يقضي علي العام، واستظهر المحشي جواز أن يعان حضري على بدوي، قال: وانظر الغريب من أهل القرار إذا قدم ُ بسلعة على بلد هل هو مثل البدوي فتحرم إعانته أو مثل الحضري نظرا لكونه من أهل ً القرار فلا تحرم إعانته؟ قال: وهو المتبادر من قول صاحب الإيضاح، وهو مذهب مالك سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ « والحنفية الوارجلاني، مكتبة مسقط، سلطنة عمان، ١٤١٤ه ١٩٩٤ م، ص ١٧٠ - ١٧١ ؛ جوابات ُ الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٧٨ -.١٧٩ (٣) سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، المرجع السابق، ص ١٥٤ ، حديث رقم ٤٨ . وعلة النهي عن التلقي هي: = ٢ عدم التجارة تطبيق ً ا لاتفاق دولي: قلنا سابق ً ا إن مبدأ الوفاء بالعهد من المبادئ الراسخة في الفقه الإسلامي بصفة عامة، وفي الفقه الإباضي بصفة خاصة. ومقتضى ذلك احترام ما ارتبطت به الدولة الإسلامية من عهود ومواثيق. الأمر الذي يعني أنه إذا كان شراء سلعة ما يخالفها، فإن التجارة فيها تكون محظورة، إعلاء للعهد والاتفاق. وهكذا جاء في بيان ا لشرع: ومن الكتاب وقيل في ملكين من ملوك الشرك يقاتل أحدهما الآخر » وهما جميعا صلح للمسلمين يتجرون في بلادهم قال: لا يصلح للمسلمين ً  أن يشتروا من أحدهما ما أصاب من صاحبه من رقيق الفريقين جميعا ً ولا يجوز للمسلمين قتال أحد الفريقين مع الآخر ولا يأمروا بعضهم بقتال بعض وإن أحد الملكين أغار على الآخر وعلى من في مدينته من المسلمين  = نهى عن ذلك لئلا ينفرد المتلقي برخص السلعة دون أهل البلد فيضر بهم، وقيل: لئلا يغبن »الجالب، وقيل: هما معا، ثم اختلفوا في قدر المسافة التي يقع النهي عن التلقي فيها فقيل: ً لا يحد في ذلك بحد لأن ظاهر النهي يتناول المسافة القصيرة والطويلة، وقيل مسافة ذلك ميل، وقيل فرسخان، وقيل يومان، وقيل مسافة القصر، وهو قول الثوري وعليه أصحابنا، لأن السفر في طلب الحلال مباح، لكن القصر محدود عندهم بالفرسخين، فيستلزم قولهم جواز ذلك فيما وراء الفرسخين، ثم اختلفوا في ابتداء مسافته فقيل الخروج من السوق وإن كان في البلد، وقيل الخروج من البلد، قال ابن حجر: ويفهم منه اشتراط قصد ذلك بالتلقي، فلو تلقى الركبان أحد للسلام والفرجة، أو خرج لحاجة له فوجدهم فبايعهم هل يتناوله النهي؟ فيه احتمال، فمن نظر إلى المعنى لم يفترق عنده الحكم بذلك، وذكر في الإيضاح أن من لقي المسافرين في الطريق ولم يخرج إليهم أو وردوا عليه في بعض المنازل عن طريق المنزل فلا بأس أن يشتري منهم للتجارة وغيرها، ولو فيما دون ستة أميال، قال: وفي نفسي . ذات المرجع، ص ١٥٦ « من هذا شيء، إذا علم حاجة أهل البلد إلى ذلك ُ راجع أيض ً ا البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ٨؛ الشماخي: . كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٤٤ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٣٦٢ بعد أن يعرفوهم فقد انتقض صلحهم فيما بينهم وبين المسلمين وحل « للمسلمين قتالهم ولهم أن يغنموا أموالهم(١) . وجاء في المدونة ا لكبرى: سألتهما عن قوم هادنهم المسلمون على أن يؤدوا إلى المسلمين كل سنة » شيئ ً ا معلوما، أو يؤدي إليهم المسلمون شيئ ً ا معلوما، ويأمنون عند المسلمين، ًً ويأمن المسلمون في أرضهم، وليس على المسلمين أن يقاتلوا عندهم عدوهم، فيكون لهم عدو من غيرهم فيسبون من الذين هادن المسلمون، َْ ُ  ِ « فيقدمون بهم على المسلمين، هل يجوز شراؤهم؟ قال: لا يحل شراؤهم(٢) . َ  معنى ذلك، في رأينا، أمران: ١ أن الوفاء بالعهد مقدم على أي مكسب مالي أو تجاري أو غيره. ٢ أن كفالة الأمن واحترام الهدنة مقدم على أي أمر آخر. علة ذلك جد واضحة: أن عدم احترام الهدنة نتائجه وخيمة: اندلاع ا لحرب. وهكذا فالعهد مقدم على أي مكسب مادي يترتب على المبادلات التجارية ا لدولية(٣) . (١) .٣٦٧ ، الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٥٦ (٢) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٣٤٣ (٣) يؤكد ما قلناه أيض ً ا ما جاء ردا على سؤال بخصوص ما أخذه أهل الكتاب على رعاياهم المشركين على وجه الغصب أو في حروبهم من الكسب والنهب هل يصح شراء ذلك من أهل الكتاب أم لا؟ يقول نور ا لدين: وأما ما اغتصبه المشركون من رعاياهم أو غيرها فإن كان ذلك الاغتصاب منهم على »جهة الاستحلال فقد صرح بعض أصحابنا ومنهم أبو يعقوب صاحب الدليل بجواز معاملتهم في ذلك فيصح على مذهبهم شراؤه منهم وقبوله من أيديهم، وإن كان اغتصابهم لا على جهة الاستحلال بل على نفس الانتهاك؛ أي: لا يدينون بجواز ذلك بل يدينون بتحريمه ويفعلونه فلا أحفظ فيه شيئ ً ا والذي يظهر لي ذلك أنه لا تصح معاملتهم فيه وأن = ٣ حظر المبادلات التجارية التي تقوي ا لعدو: يبيح الإسلام التجارة مع غير المسلمين في الحدود التي لا تخالف شريعته: كتحريم التعامل بالربا، أو منع تجارة الخمر والخنزير... إلخ (١) . كذلك قيل: فينبغي لمريد التجارة أن يبدأ بالتفقه فيما يتولاه منها، ليتمكن بذلك » « ه(٢) من الاحتراز عما حرم الله تعالى عليه في ذلك، ويعرف ما أحل ّ ه وحرم . ّّ = أبو محمد السالمي: العقد « ذلك كالحرام الذي في يد المسلم الدائن بحرمته والله أعلم ، الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ١ ص ٢٦٩ -.٢٧١ كذلك بخصوص اختلافهم فيما سباه المشركون من فرقة منهم لها عهد قيل يشتري منهم وقيل لا. ما وجههما؟ يقول: أما المنع فللعهد الذي أخذوه من المسلمين وأما الجواز فالنظر إلى معاملة المحاربين، »فإنهم يعاملون على قول في جميع ما وجد في أيديهم ولو كانوا قد اغتصبوه من . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤١٠ « المسلمين (١) إلا إذا كان فيما بين غير المسلمين، وهكذا قرر ابن عبد البر أن أهل الحرب إذا دخلوا إلينا بأمان لا يعرض لهم في بيع الخنزير والخمر من أهل الذمة. وقال ابن نافع: إن لأهل الذمة أن يتجروا بالخمر، وذلك إذا جلبوه إلى أهل الذمة، لا إلى أمصار المسلمين التي لا ذمة فيها، راجع الخزاعي التلمساني: كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان في . عهد رسول الله ژ من الحرف والعمالات والصنائع الشرعية، المرجع السابق، ص ٥٢٧ وتعليق ً ا على ما فعله عمر بن الخطاب بالذي أثري في تجارة الخمر من تسيير ماشيته وكسر متاعه، وما فعله 0 أنهما فعلا ذلك » : بأهل زرارة: من إحراقها، يقول ابن سلاملأن التجارة في الخمر لم تكن مما شرط لهم، إنما كان في ذمتهم شربها. فأما المتاجرة لا تحمل » وهو ما أكده عمر بن عبد العزيز: بأن .« فيها، وحملها من بلد إلى آخر، فلا أي: من بلد إلى بلد (راجع ابن سلام: كتاب الأموال، ؛« الخمر من رستاق إلى رستاق مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ١٤٠١ه .( ١٩٨١ م، ص ١٠٣ (٢) البحراني: الحدائق النضرة في أحكام العترة الطاهرة، دار الأضواء، بيروت، ١٤١٣ ه ١٩٩٣ م، . ج ١٨ ، ص ١٩  وقد ذكر الفقه الإباضي تطبيقين لحظر المبادلات التجارية التي تقوي العدو، هما: أولا ً حظر تصدير ا لسلاح(١) إلى ا لعدو: أشار القرآن إلى أساس صناعة الأسلحة الحديثة، وهو الحديد. يقول تعالى: ﴿ -3210/. ﴾ [ [الحديد: ٢٥ . كذلك يقول تعالى: ﴿ «ª© ¬ ¯® ° ﴾ [ [الأنبياء: ٨٠ . إشارة إلى صناعة ا لدروع.  ويقول جل شأنه: ﴿ NMLKJIHG ﴾ [ [النحل: ٨١ .  أي: دروع. ولم يقتصر القرآن على ذكر ما كان موجود ً ا وقت نزوله وإنما أورد نصا عاما يستوعب كل أنواع الأسلحة، يقول تعالى: ﴿ ¨©ª«¬®¯°± ³² ´ ¶µ ﴾ [ [الأنفال: ٦٠ . والقاعدة: أنه لا يجوز بيع السلاح إلى أهل الحرب لأنهم قد يستعملونه ضد المسلمين، يقول الإمام الزيلعي ا لحنفي: (١) بل جاء في الفتاوى ا لهندية: وأجناس السلاح ما كبر منه وما صغر حتى الإبرة والمسلة في كراهة الحمل إليهم على ».( الفتاوى الهندية، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الرابعة، ج ٢، ص ٢٣٣ ) « السواء إن الحديد لا يجوز بيعه من أهل الحرب وأجازوه من أهل البغي »  والذي يظهر الفرق أن أهل البغي لا يتفرغون لاستعمال الحديد سلاحا لأن ً فسادهم على شرف الزوال بالتوبة أو بتفريق جمعهم بخلاف أهل « الحرب(١) . وعن الحسن قال: لا يحل لمسلم أن يحمل إلى عدو المسلمين سلاحا ً يقويهم به على المسلمين ولا كراع ً ا ولا ما يستعان به على السلاح والكراع(٢) .  وقال تعالى: ﴿ ¨©ª«¬®¯°± ³² ´ ¶µ ﴾ إرهابهم ومن أعانهم بما » ففرض علينا « يحمل إليهم فلم يرهبهم بل أعانهم على الإثم والعدوان(٣) . ما يكون معدا للقتال » المقصود بالسلاح الذي لا يجوز تصديره للعدو به وما يكون من جنس الحديد فإن ذلك يقويهم على قتالهم المسلمين وأمرنا بدفع قتالهم فمن ضرورة ذلك كراهة الاشتغال بما يقويهم على علة ذلك أنهم: .« القتال يتقوون بالكراع والسلاح على قتال المسلمين وقد أمرنا بكسر شوكتهم » وقتل مقاتلتهم بدفع فتنة محاربتهم كما قال الله تعالى: ﴿ IHGF J ﴾ « فعرفنا أنه لا رخصة في تقويتهم على محاربة ا لمسلمين(٤) . كذلك قيل: والمراد من السلاح ما يكون معدا للقتال استعمل في الحرب أو » (١) . الزيلعي الحنفي: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، ج ٣، ص ٢٩٧(٢) . أبو يوسف: الخراج، المرجع السابق، ص ١٨٩(٣) ابن حزم: المحلى، المرجع السابق، ج ٧، ص ٣٤٩ -.٣٥٠ (٤) ٢٧٣ ، ط القاهرة، ،١٧٨ ، شرح كتاب السير الكبير للشيباني، ط حيدر آباد، ج ٣ .١٥٦٧ ، ص ١٤٠٩ لا يستعمل وأجناس السلاح ما كبر منه وما صغر حتى الإبرة... في كراهية « الحمل إليهم على السواء وكذلك الحديد أصل ا لسلاح(١) .  ويفرق الفقه الإباضي بخصوص حظر تصدير السلاح إلى العدو بين أمرين: أولا ً في وقت ا لحرب: ذلك أن ،« الوقاية خير من العلاج » لا شك أن ذلك يدخل في باب تصدير السلاح إلى العدو يعينه على إيذاء المسلمين والتغلب عليهم. ولذلك آثار وخيمة لا تخفى على أحد.  لذلك جاء في المدونة ا لكبرى: مما سألت عنه وأخبرني من سأل عنه، سألت أبا ا لمؤرج عن بيع السلاح » من العدو، وما يقوون به على المسلمين مما يعينون به؟ قال: فقال لي ذلك « حرام، ولا تقووا عدوكم على أوليائكم بالقليل ولا بالكثير ولا بالمال(٢) . وجاء فيها أيض ً ا: سألت أبا المؤرج عن رجل حمل سلاحا إلى أرض فيها حرب » ً للمسلمين فيبيعه، أو ما ينتفع به للحرب مما يشبه السلاح، ثم لا يبيعه من أهل حرب المسلمين، ويبيعه من أهل البلد، ولا يدري ما يصنعون به، ثم يبيعه أهل البلد من أهل الحرب. فقال: لا تحمل سلاحا ولا ما يشبه السلاح ً « إلى أرض فيها حرب للمسلمين، واتقوا الله وذروا ما أشبه هذا(٣) . (١) الإمام عمر بن محمد السنامي: نصاب الاحتساب، دار الوطن، الرياض، ١٤١٤ ه ١٩٩٣ م، . ص ٢٨٧(٢) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٣٣٩ (٣)ذات المرجع، ص ٣٣٩ -.٣٤٠ وجاء في ا لمصنف: ولا يحمل السلاح إلى بلاد الحرب، ولا ما يكون فيه قوة لهم على » المحاربة، إلا أن تكون بلاد لا ينال أهلها حربا للمسلمين، مثل الصين ونحوها. ً وقول: إنه لا بأس بحمل ذلك إلى تلك البلاد، ولا تباع من أهل الحرب « السلاح، ولا الدروع، ولا الخيل، ولا ما يقرون به من ا لطعام(١) . ثانيا في زمن ا لسلم: ً يجيز اتجاه في الفقه الإباضي تصدير السلاح إلى الدول غير الإسلامية التي هي في حالة سلام مع المسلمين، إلا إذا كان يترتب على ذلك تقويتهم. (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٥٤ . بل بخصوص ما رواه أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة # قالت: قال رسول الله ژ : « من حمل علينا السلاح فليس منا » جاء في حاشية ا لترتيب: .« يريد من حمله إلى أرض العدو » : قال الربيع: قال أبو عبيدة قال أبو عبيدة يريد من حمله إلى أرض العدو) ولعل هذا تفسير المراد وإن كان )» : قوله بعيد ً ا من ظاهر اللفظ وإنما جعل حاملا ً للسلاح على المسلمين لأنه إذا حمله إلى أرض العدو استعانوا به على المسلمين فلما كان هو السبب في ذلك صح جعله حاملا ً للسلاح على المسلمين. والله أعلم. ويحتمل أن يكون إنما فسره بذلك لأن المراد بحمل السلاح على المسلمين إبعاده عنهم. فعلى هذا تكون (على) بمعنى (عن) على طريقة الكوفيين في نيابة الحروف بعضها عن بعض، والله أعلم. وكلاهما بعيد عن ظاهر اللفظ وحمله شراح الحديث عند قومنا على ظاهره. قال ابن حجر: المراد من حمل عليهم السلاح لقتالهم لما فيه من إدخال الرعب عليهم لا من حمله لحراستهم مثلا ً فإنه يحمله لهم لا عليهم، انتهى. .« أقول: وهذا الأخير بعيد التوهم فلا معنى لنفيه، والله أعلم ، حاشية الترتيب للشيخ ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، ج ٢، ص ٣٢٩ ٣٣٢ -.٣٣٤ راجع أيض ً ا، إبراهيم بولرواح: موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١١٥٩ ؛ الإمام السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، المرجع . السابق، ج ٢، ص ٣١٦ يقول ابن بركة: ِ فإن قال: فلم منعتم من حمل السلاح والطعام إليهم؛ (أي: المشركين) َ أما في غير المحاربة فلسنا نمنع من ذلك إلا أن يكون الحامل » : قيل له ينوي بذلك معونة لهم به وتقويتهم، فحينئذ لا يجوز؛ وأما في وقت الحرب فلا يجوز ذلك للإجماع من الأمة ولولا الإجماع لكان جائز ً ا، ومع ذلك فإن  « منع الإمام يوجب ترك الركون والانتهاء إلى أمره ومخالفته حرام(١) . حري بالذكر أنه يحظر أيض ً ا تصدير المواد التي، وإن كانت بطبيعتها  ليست سلاحا، إلا أنه يمكن تحويلها إلى أسلحة أو الاستفادة منها في ً صناعتها(٢) . أما إذا كان لا يستخدم في الحرب فيجوز تصديره إليهم. وهكذا جاء في بيان ا لشرع: وقال من قال: لا يجوز ذلك على حال في أي وقت كان إذا كان السلاح »لا يعمل إلا للحرب وذلك عندي مثل السيف والحربة والنبل ونحو ذلك (١) ابن بركة: كتاب الجامع، ج ١، ص ٢٠٣ - ٢٠٤ . انظر أيض ً ا: السعدي: قاموس الشريعة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه ١٩٨٤ م، ُ . ج ١٣ ، ص ٢٨١(٢) سألت أبا المؤرج: أيحمل إلى العدو من أهل الشرك؛ » : وهكذا جاء في المدونة الكبرى الروم وغيرهم السلاح والدروع، والقسي والصفر؟ قال: ذلك كله لا يحل، ولا يصلح، لأنهم يقوون به على المسلمين، ويقاتلونهم به، ولا تجوز متاجرتهم، ولا يحل بيعه منهم. قال: وكذلك قال ابن عبد العزيز، إلا أنه قال: الصفر لا بأس به، لأنه ليس بسلاح يقاتلون به. قال وقال حاتم بن منصور: قد كره ذلك رجال من الفقهاء خير منا، وذلك أنه بلغهم يعملون من الصفر قدور النفط، وهو من أوثق سلاحهم عندهم لحريقهم الذي يحرقون به، وما يسرني إن فعلت ذلك ولي حمر النعم وسود ُ ها، وما أحب لأحد من المسلمين أشفق ُُ َُ أبو غانم الخراساني: « عليه أن يتخذ ذلك أصل مال، وإني أعوذ بالله من كسب ذلك المال . المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٣٤٢ مما هو الأغلب إنه للحرب وأما المدية فمعي أنه يجوز وكذلك المخلب « لأن ذلك الأغلب فيه للمنافع غير الحرب وكذلك ا لخصين(١) . تجدر الإشارة أن الفقه الإباضي يرى أن حظر التجارة في السلاح سار أيض ً ا بالنسبة للمخالفين(٢) أو ا لجبابرة(٣) ، لذات العلة السابق الإشارة إليها. بل من القواعد الفقهية عند ا لإباضية أن: ّ « من حمل السلاح إلى دار الحرب ضمن ما قتل به »(٤) . (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٨٨ (٢) بخصوص سؤال: وفي رجل من الإباضية تاجر بعض الأغراض مثل شورة أو سلاح أو غيرها من الأثاث أو ّ المأكولات ويشتري أهل الخلاف من عنده في وقت الحرب أو غيره، أيجوز أن يبايعهم في الحرب (أم لا)؟، يقول ا لخليلي: لا يجوز بيع ذلك عليهم في زمن حربهم للمسلمين ولا يمنع ذلك في وقت الصلح »والمسالمة  .«( إلا من يريد به تقويتهم وإعانته (فلا يجوز . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، ج ٨، ص ١٠٠(٣) جاء في بيان ا لشرع: قال محمد بن جعفر. وإذا كان هذا الجبار وأصحابه حربا للمسلمين فلا يجوز لأحد أن » ً يبيع لهم شيئ ً ا من سلاح ولا كراع ولا طعام يقوون به على حرب أحد من المسلمين. ولا يدلهم ولا يعينهم على شراء ذلك. وأما إن لم يكن فيه معونة على المسلمين فلا أرى ببيعه لهم أيض ً ا وكذلك إن لم يكونوا حربا وكانوا قد ملكوا البلاد واستولوا عليها، قال أبو المؤثر: إذا كانت الجبابرة قد استولوا ً على البلاد وكانوا صلحا للمسلمين وليس بينهم مناصبة فلا بأس بما يبيع لهم من الطعام ً والآنية والكسوة والمتاع وأما السلاح والخليل وآلة الحرب كلها فلا تباع لهم على حال .« من الأحوال في حرب ولا سلم . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٨٧ انظر أيض ً . ا النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٢٩٣(٤) أصل أصيل في الشريعة وهو موضع اعتبار عند كثير من الأئمة ألا » فهذه القاعدة تشير إلى أي: حسم مادة الفساد، ومعنى الذريعة الوسيلة إلى الشيء وهي في ؛« سد الذرائع » وهو َ عرف الفقهاء والأصوليين عبارة عن الفعل المباح المفضي إلى محرم.... = ومعنى هذه القاعدة في نظرينا أن من يفعل ذلك يدخل في دائرة وهي صورة من صور الاشتراك ،« المساعدة » الاشتراك في الجريمة عن طريق في الجريمة نص عليها القانون الجنائي الوطني والدولي. تجدر الإشارة أن البسيوي يذكر استثناءين على تجارة السلاح مع بلاد الحرب، بقوله: ولا يحمل المسلم السلاح إلى بلد الحرب إلا إذا كان للمسلمين فيه » « قوة على المحاربة، أو تكون بلاد لم تعلن حرب ا لمسلمين(١) .  ثانيا منع بيع كل ما يتقوى به العدو غير ا لسلاح: ً هذا أمر طبيعي ويدخل في إطار فرض الحصار الاقتصادي على العدو، بما يؤدي إلي ضعفه واستسلامه وعدم قدرته ماديا على مواصلة ً عدوانه(٢) . = فمن تسبب بما باعه لأهل الحرب من سلاح وعتاد في قتل مسلم أو إتلاف ما له فعليه .« ضمانه لأنه ذريعة إلى ذلك معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٣٩٩ -.١٤٠٠ ّ وقد وضح النزوي هذه القاعدة، بقوله: ومن حمل السلاح إلى دار الحرب في الحرب، ضمن ما قتل بذلك السلاح. وإن كان في ». النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٥٤ « غير وقت الحرب، لم يضمن(١) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٤٧(٢) وهكذا بخصوص سؤال: هل يجوز قعد بيوت المسلمين على النصارى والحالة هذه أم إن كان يحصل بذلك للنصارى قوة على البلاد فوق المعتاد فلا » : لا؟ يقول الإمام السالمي يجوز القعد، لأنه تقوية لهم وتقويتهم حرام، وإن كان لا يزيدهم قوة ولا تمكن ً ا فلا بأس به، وقد كان القعد في أول الأمر عند دخول النصارى زنجبار أشد حرمة لأنه معونة لهم على تمكنهم في البلاد، وقد ظهر ذلك عيان ً جوابات الإمام «!؟ ا لكن أين الناظرون . السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٧٨ ٤ منع نقل السلعة من بلد يحتاجها إلى بلد آخر: ولا يخفى .« مكان الشيء أولى به إن احتاجه » تبرير ذلك في نظرنا أن على كل ذي لب أن غرض ذلك أيض ً ا تأكيد ما يلي: أولا ً تحقيق الاكتفاء الذاتي Sufficiency Self ، وهو مبدأ اقتصادي سليم. ثانيا تلافي إنفاق الأموال لاستيراد ذات السلعة من دولة أخرى، قد  ً تبيعها للدولة الإسلامية بثمن أعلى، ا ستغلالا ً للحاجة. ثالث ً ا الدول الأخرى بمصير الدولة الإسلامية، عن طريق « لعب » منع التحكم في بيع السلعة أو عدم بيعها. رابع ً ا منع الإضرار بالمسلمين والدولة ا لإسلامية.  وقد أكد على ذلك الفقه ا لإباضي(١) . (١) في هذا المعنى، إجابة عن سؤال قولهم في صاحب السلعة إنه يمنع أن يحملها إلى بلد آخر إذا كان أهل بلده محتاجين لها، ما وجه المنع مع أنه متصرف بماله؟ يقول ا لسالمي: حاجة أهل بلده أولى من حاجة غيرهم، وعليه لهم حقوق ليست للغير، وأيض » ً ا فحاجة هذا البلد متعينة حاضرة، وحاجة غيره مجهولة غائبة، ودفع الضرر المعلوم الحاضر ألزم من دفع الضرر المجهول الغائب، لأن الضرر المجهول الغائب يمكن ارتفاعه بوجه لا نعلمه فنحن جاهلون ببقائه إلى الآن وهذا الحاضر مشهود بقاؤه، ولأن دفع الضرر الحاضر ألزم من دفع الضرر الغائب ولو ت ُيقن َ بقاؤه فهذه علل تمنع نقل السلعة من بلد ُ إلى بلد إذا احتاج إليها أهل البلد الأول، كان صاحب السلعة من أهل البلد أو لم يكن. ولا يعارض هذا كونه متصرف ً ا في ماله فإنه لم يمنع من التصرف في ماله وإنما منع من إدخال الضرر على غيره ﴿ kjihg ﴾ « جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٢٢ -.١٢٣ انظر أيض ً ا الشيخ ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، وزارة التراث . القومي والثقافة، سلطنة عمان، ص ١٨٨ ُ ٥ تجارة الإمام مع رعيته لا تجوز، إنما الجائز تجارته خارج دولته: بخصوص تجارة الإمام ورجال السلطة العامة في الدول الإسلامية، هناك اتجاهان في الفقه ا لإباضي: الأول يبيح ذلك، وإن كان يرى أنه من الأفضل للإمام ورجال السلطة العامة أن يركزوا اهتماماتهم على تصريف شؤون الدولة وأحوال الرعية، وهي كثيرة(١) . الثاني يمنع ذلك، ولا يبيحه إلا بشرطين: ١ أن تحتمه الضرورة (كفقر الإمام، أو عدم كفاية مرتبه لكثرة عياله مثلا ً .( ٢ أن يكون الاتجار في مواد قادمة من خارج الدولة الإسلامية ويتم تصريفها وبيعها في دولة أجنبية.  لا أرى لإمام المسلمين ولا لقاضيهم، » : وهكذا قال عبد الله بن عبد العزيز ولا لأحد من عمالهم أن يتجروا مع الرعية لموضع التهمة، ولمكان التزيد في البيع والشراء وحمل الأشياء لهم على أنفسهم، للتقرب إليهم، واتخاذ .« المنزلة لديهم، وهذا سبيل يتوصل به من أعياه ا لرشوة (١) وهكذا جاء في المدونة ا لكبرى: سألت أبا المؤرخ فقلت له: أخبرني عن الإمام أله أن يتجر مع رعيته، فقال: إن كان يتجر »ويمنعهم مما يتجر فيه، ويسترخص إذا اشترى، ويغلي إذا باع لمكان سلطانه، فذلك ُ الحرام. وإن كان يعمل عمل رجل من المسلمين؛ يشتري كما يشتري الناس، ويبيع كما يبيع الناس، ولا يداهنوه في التجارة، فما أستطيع أن أحرم ذلك عليه، وإن أحب ذلك إلى أن يكف ّ عن التجارة، ففي عطائه ورزقه ما يكفيه، وفي أمور المسلمين وما ي ُ عن َ ى به من أمورهم وأحكامهم ما يشغله عن التجارة، وإنه لعظيم عند الله تعالى أن تشغله التجارة عن حوائج المسلمين، وأهل ذمتهم. أبو غانم « فمن شاء من هذا السلطان ليتق الله وليؤثر حوائج المسلمين على حوائجه . الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٨٤ ولما قيل له: فما أراك إلا وقد حرمت التجارة، فكيف يصنع الإمام والقاضي إذا لم تكن تسعهم أرزاقهم لكثرة عيالهم؟، إذا لم يتجروا ضاعوا لعمري، لئن » : وضاعت عيالهم، وعسى بهم أيضا أن لا تكون لهم أرزاق؟ قال ً أرادوا الصحة والتنزه عن أموال الناس ليجدون في ذلك وجوه ً ا كثيرة إن أراد » : ولما قيل له: ما هي هذه الوجوه؟ قال « لا يدخل عليهم فيها عيوب الإمام وبعض من ينزل منزلته من قضاته وعماله التصحيح في تجارتهم فيلوجهوا فيها إلى الأمصار، فيشترون من غير رعيتهم ومن غير أهل مملكتهم، ّ أغلوا أو أرخصوا، ثم يأتون بها إلى مصرهم، ثم ليتوجهوا بها حيث شاؤوا من البلدان، فيبيعونها من غير أهل رعيتهم، ومن غير أهل مملكتهم.  ً ً ا، قال: قد ضيقه رجال قبلهم قلت: لقد ضيقت على هؤلاء ضيقا شديد «(١) كانوا خيرا مني، ورأيت ذلك من قولهم عدلا ً . ً ٦ عدم جواز التجارة في السلع ا لمحظورة:  أكد على ذلك ا لعلامة البسيوي، بقوله: وقد أباح الله التجارة في كل ما أحل، فأما الحرام فهو الذي لا يجوز البيع » « فيه ولا يحل ذلك، وكذلك الربا الذي اتفقوا على تحريمه فإن البيع به حرام(٢) . (١)ذات المرجع، ص ٢٨٤ - ٢٨٦ . كذلك جاء في منهج ا لطالبين: وبلغنا عن بعض الأئمة: أنه كان يوصي ولاته: أن لا يبيعوا ولا يشتروا في ولايتهم، إلا ما »لا بد من بيعه، من طعام أو حيوان أو غيره، من غير أن يخبروا أحد ً ا يشتري منهم شيئ ً ا. ولا أن يبيع لهم، ولا أن يحمل لهم طعاما من بلد إلى بلد ا ستكراه ً ا، إلا ما قد أجازوا من جبرهم عند ً .« خروج الإمام أو سراياه، ولا يتهيأ لهم من يحمل لهم. فأجازوا ذلك عند الحاجة إليه الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٣٩ -.٢٤٠ (٢) البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٤ه . ١٩٨٤ م، ص ٢٣ ويقول أطفيش: الظاهر إنه إنما حلت معاملتهم في نحو أثمان الخنازير وأثمان الربا نظرا إلى تدينهم لا إلى » = ً ويبدو أن البسيوي يقصد بذلك أن تكون السلعة من حيث ماهيتها محظورة إسلاميا: كتجارة الخمور، والخنزير،.... إلخ. ً »fÉãdG åëѪdG ø«ª∏°ùªdG ô«Z (1)ácQÉ°ûe (á«eÓ°SE’G ô«Z ∫hódG ™e ácôà°ûªdG äÉYhô°ûªdG)  هناك اتجاهان في الفقه الإسلامي بخصوص إقامة مشروعات مشتركة Joint Venture بين المسلمين وغير ا لمسلمين: الأول : يذهب إلى أن للرجل أن يشارك اليهودي والنصراني، بشرط أن: .« يلي هو البيع والشراء، وذلك أنهم يأكلون الربا، ويستحلون ا لأموال » = غلبتهم فيحل ذلك ولو غلبهم المسلمون وأنه يشهد لذلك جواز أخذ ما غنموه من المسلمين، وقول أصحابنا أنه لا يجوز أخذ الجزية في زمان الكتمان وأنه لا يعامل فيها من أخذها إلا إذا قادته ديانته إلى ذلك، وذكر أيض ً ا كلام أبي يعقوب عن الربيع مستشهد ً ا به في أواخر حاشية الترتيب ما ساقه على حد ما ساقه فيما ذكرته قبل، وقال في حاشية البيوع في باب القسمة من الإيضاح ما نصه قوله هي على قسم الجاهلية لأنهم لا يعطون الإناث مثلا ً فهذا الحديث يدل على أن الأموال تجري فيها الأحكام على التدين فمن دان بتحليل ما جازت معاملته فيه .« كالصفرية والنصارى إن غنموا من المسلمين فإنه يجوز غنم ذلك منهم ومعاملتهم فيه . أطفيش: كشف الكرب، المرجع السابق، ج ١، ص ١٦٩ (١) أن يشارك إنسان غيره بقصد تنمية أموالهما في تجارة أو صناعة أو » : المشاركة معناها شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي ) « زراعة أو غير ذلك من وجوه المنافع المشروعة .( المعاملات في الإسلام، هدية مجلة الأزهر، ذو القعدة ١٤١٧ ه ص ١٢ أجمعوا على أن الشركة الصحيحة أن يخرج كل واحد من » وقد قيل إن المسلمين الشريكين مالا ً مثل صاحبه دنانير أو دراهم، ثم يخلطان ذلك حتى يصير مالا ً واحد ً ا لا يتميز، على أن يبيعا ويشتريا ما رأيا من التجارات، على أن ما كان فيه من فضل فلهما. الإمام ابن المنذر: الإجماع، ) « وما كان من نقص فعليهما. فإن فعلا ذلك صحت الشركة دار الثقافة، الدوحة، ١٤٠٨ه .( ١٩٨٧ م، ص ٩٥ ويجد ذلك أصله، في رأينا، في الكتاب الذي أنفذه عبد الرحمن بن غنم ٰ لأهل الجزيرة بناء على طلبهم (والذي وافق عليه عمر بن الخطاب أيض ً ا باعتباره خليفة المسلمين). فقد جاء في ذلك ا لكتاب: ولا يشارك أحد منا مسلما في تجارة إلا أن يكون إلى المسلم أمر » ً « التجارة(١) . استقرت الروايات عن أبي عبد الله بكراهة » : ويقول الإمام الخلال مشاركة أو مضاربة اليهودي والنصراني إلا أن يكون هو يلي.  وعن عبد الله بن حنبل قال: سألت عمي: ترى للرجل أن يشارك اليهودي والنصراني؟ قال: لا بأس إلا أنه لا تكن المعاملة في البيع والشراء إليه. يشرف على » « ذلك ولا يدعه حتى يعلم معاملته وبيعه(٢) . والثاني يذهب إلى كراهة مشاركة غير المسلم. وهكذا يقول الإمام « تكره الشركة مع ا لذمي » : السيوطي(٣) . ويقول الإمام ا لبيضاوي: ويكره مشاركة الكفار والفساق، فإنهم لا يحترزون عن التصرفات » « الفاسدة(٤) . (١) ، الإمام ابن قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، دار العلم للملايين، بيروت ١٩٨٣ ، ج ٢ ص ٧٧٦ -.٧٧٨ (٢) الإمام أبو بكر الخلال: أحكام أهل الملل من الجامع لمسائل الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: سيد كردي، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٤ه ١٩٩٤ م، ص ١٠٧ -.١٠٩ (٣) السيوطي: الأشياء والنظائر، مؤسسة الحلبي، القاهرة، ١٣٨٧ه . ١٩٦٧ م، ص ١٩٣ (٤) قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، تحقيق علي محيي الدين داغي، دار الإصلاح للطبع والنشر والتوزيع، القاهرة، ١٤٠٠ه .٥٣٧ ، ١٩٨٠ م، ج ١ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٣٧٦ ويستند هذا الاتجاه إلى عدة حجج، للقول بكراهة مشاركة غير المسلم وكراهة إقامة مشروعات مشتركة معهم، أهمها ما يلي: ١ استحلالهم ما لا يستحله المسلم من الربا والعقود الفاسدة وغيرها. وعلى هذا تزول الكراهة بتولي المسلم البيع والشراء. ٢ أن مشاركتهم سبب لمخالطتهم، وذلك يجر إلى مواد ّ تهم، وقد كره الشافعي وابن عباس مشاركتهم مطلق ً ا. ٣ علل اتجاه آخر كراهة مشاركتهم بأن كسبهم غير طيب، لأنهم يبيعون الخمر والخنزير. وهذه العلة لا توجد الكراهة: فقد قال عمر بن وما باعوه من الخمر والخنزير .« ولوهم بيعها، وخذوا أثمانها » : الخطاب قبل مشاركة المسلم جاز لهم شركتهم في ثمنه؛ وثمنه حلال، لاعتقادهم حله؛ وما باعوه واشتروه بمال الشركة فالعقد فيه فاسد، فإن الشريك وكيل، والعقد يقع للموكل، والمسلم لا يثبت ملكه على الخمر  « والخنزير(١) . ومن الآراء الجيدة، ذات المغزى، رأي الإمام ابن حزم إذ يجيز المشاركة، ويجيز لغير المسلم أن يتصرف، ولو منفرد ً ا. لكن بشرط أن يتقيد بالقيود التي يلتزم بها ا لمسلم. وهكذا يقول ابن حزم: مشاركة المسلم للذمي جائزة ولا يحل له من التصرف والبيع إلا ما » « يحل للمسلم(٢) . (١) الإمام ابن قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٧٠ -.٢٧٤ (٢) معجم فقه ابن حزم الظاهري، جامعة دمشق كلية الشريعة، لجنة موسوعة الفقه الإسلامي، ١٣٨٥ه . ١٩٦٦ م، ج ١، ص ٣٨١ وقد أدى تداخل العلاقات الاقتصادية الدولية حاليا إلى إقامة مشروعات مشتركة بين الدول أو الشركات والتجمعات الاقتصادية الإسلامية  أو غير ا لإسلامية. ويبدو أن اتجاه ً ا في الفقه الإباضي يبيح إقامة مشروعات مع الدول غير الإسلامية في حالتين: الأولى إذا التزم الطرف غير المسلم بما أقره الإسلام من حلال أو حرام: هذا أمر بدهي. ذلك أنه لا يجوز عن طريق مشروع مشترك مع دولة غير إسلامية الخروج على القواعد المحررة والأسس المقررة في شريعة ا لإسلام. جاء ،« باب في مشاركة المشركين ومن لا يتقي الحرام » وهكذا تحت في كتاب ا لبصيرة: وكره كثير من أهل العلم مشاركة اليهودي والنصراني إذا كان الذي يلي » البيع الذمي. قال أبو سعيد: نعم قد كره مشاركة من لا يتقي الحرام في التجارة ولو كان البيع يتولاه المسلم، وبعض كره ذلك، إذا كانا جميعا ً يعملان كل واحد منهما على الانفراد، وبعض لم يكره ذلك إلا أن يكون هو يلي البيع، أعني الذمي أو من لا يتقي الحرام، وهذا كراهية كله ولا يبن لي « هنالك حرام بعينه إلا أن يعلم ذلك(١) . (١) أبو محمد الأصم: البصيرة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ص ٢٣ -.٢٤ ُ ما يدعو إلى التنزه عن المال الحرام والابتعاد عنه، فلا يجيز مشاركة » أما الإمام جابر: كان كثيرا ً ِ لما يستحلون » : المسلم للمشرك ولا لأهل الكتاب في التجارات والشركات؛ وعلل ذلك بقوله َ وهو ما ذهب إليه جمهور أصحابه، إلا ابن بركة من أصحابه، وجمهور ،« من الذي يحرم عليهم الفقهاء على كراهتها من غير تحريم للحذر من إدخال الربا وما يدينون من تحليله، ولما يقع فيه من مخالطة المال، ويجري هذا الحكم في التحقيق أيض ً ا على كل فاسق ومنافق لا يتورع الحاج سليمان بابزيز: الإمام جابر والمشكلات الفقهية، ندوة فقه النوازل « عن أموال الناس وتجديد الفتوى، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ص ١٨٩ -.١٩٠ ُ الثانية إذا حتمت الضرورة ذلك لتطوير وسد حاجات الفرد، ومن باب أولى ا لدولة: إذ « الضرورات تبيح المحظورات » : و لا جرم أن ذلك تطبيق لقاعدة َ  َ يجوز في هذه الحالة إقامة مشروعات مشتركة مع الدول غير الإسلامية أو حتى العمل لديها(١) ، ما دام المسلم يقوم بعمل مشروع ويحصل على أجره كاملا ً غير منقوص(٢) . (١) يقول الإمام ابن بركة: لا يحرم على المسلم أن يفعل فعلا » ً تناله منفعة جزيلة وينجو من ذل الفقر. فإن كان يعلم أنه يناله بعض الذل والظلم، إذا كان يعلم الذي يناله من عز الغنى أكثر كما يجوز للمسلم أن يعمل لأهل الذمة؛ إذا كان احتاج عملا ً ينال به عز ً ا يرفعه عن الفقر ومسألة الناس. وإن كان في ذلك إذلال النفس واحتمال المكروه وما لا يخفى على ذي لب، فيجوز للمؤمن أن يحتمل بعض الظلم والمكروه الذي هو دون غيره إذا كانت نيته أن يزرع لمنفعة نفسه وستر عياله. ولو لزم هذا لكان لا يجوز للمسلمين تخليص أسراهم من يد عدوهم بمال ّ إذا قدروا على ذلك، لأن في ذلك تقوية لهم وإعانة منهم على أنفسهم، وقد أباح الله جل  ذكره مفاداة المشركين في كتابه فقال: ﴿ ^]\[ZYX _`a ﴾ ، وقد فعل رسول الله ژ يوم بدر ورجع قوم منهم فحاربوهم، ولم يكن نيته 0 تقوية منه لهم « ولا تقوية على محاربته. وإنما كانت إرادته منهم التوبة التي كان يرجوها منهم الإمام ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٠٢ - ٢٠٣ . وانظر النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ٢٧٣ - ٢٧٤ . انظر أيض ً ا السعدي: قاموس الشريعة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ه . ١٩٨٤ م، ج ١٣ ، ص ٢٨٠ ُ وبخصوص الذمي يجد ا لمعدن في أرض الإسلام، يقول ا لسالمي: َ ِ فإنه لا شيء له فيه فيمنع من أخذه كما يمنع من إحياء مواتها؛ لأن الدار للمسلمين وهو دخيل » ُ فيها، والمانع له الحاكم فقط عند بعض. وقيل: لكل مسلم منعه؛ لأنهم جميعا شركاء فيها، فمن ً . السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ١٣٠ « قام بشيء من مصالحها صح وثبت وواضح أن الضرورة قد تدفع الدولة الإسلامية إلى التصريح لشركات تابعة لدول غير إسلامية لاستخراج المعادن، كالبترول والفوسفات، والمنجنيز من أراضيها إذا كانت هي لا تقدر على ذلك. (٢) العمل في البلاد التي استولى عليها المشركون تختلف باختلاف الأعمال، فإن كان » : قيل العمل خيرا فهو خير، وإن كان شرا فهو شر، ] ما أفضى إلى شر فهو شر ]، ] وما لا يمكن = ًً مما تقدم يمكن تلخيص موقف الإباضية بخصوص المشروعات ّ المشتركة، فيما يلي: واختلفوا في مشاركة الذمي للمسلم، فذهب الأكثرون إلى المنع » احتراز ً « ا من المال الذي خالطه الحرام، وذهب ابن بركة إلى ا لجواز(١) . ådÉãdG åëѪdG á«dhódG ájOÉ°üàb’G äGóYÉ°ùªdG  ندرس المساعدات الاقتصادية الدولية في الفقه الإباضي من نواحي أربع: المبدأ العام، نقل الصدقة من بلد إلى بلد، نوعا المساعدة الاقتصادية الدولية، تقديم المساعدة لغير المسلمين لدفع أذاهم. = فعله إلا بمعصية فهو معصية [ د. هلال الراشدي: القواعد الفقهية عند ا لإباضية تنظيرا ًّ وتطبيق ً . ا، مركز الغندور، القاهرة، ٢٠٠٩ ، ص ١٤١ ويقول ا لسالمي: لا يجوز دفع مال المسلمين إلى مشرك ولا إلى جائر من الموحدين ولا إلى خائن من »الخائنين ومن فعل ذلك كان خائن ً ا لتضييعه أمانة ربه واستحق البراءة إن لم يتب، ولا تجوز إعانة الجائر في شيء من أحكام الجور ولا الحبس في محابسه المفضية إلى الجور في المحبوس، ومن فعل ذلك فقد استحق البراءة إن لم يتب. وأما العمل في البلاد التي استولى عليها المشركون والجبابرة فيختلف باختلاف الأعمال فإن كان عمل خير فهو خير وإن كان شرا فشر، وما أفضي إلى الشر فهو شر وما لا يمكن فعله إلا بمعصية فهو معصية، ومن عمل شيئ ً ا يستحق عليه العناء في المال فله أن يأخذ جوابات الإمام السالمي، المرجع « عناءه منه وإن دفع إليه المشرك أو الجائر ذلك جاز له . السابق، ج ٥، ص ٢٢٨ (١) معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٢٣ . كذلك عن جابر بن زيد إلى ّ عبد الملك بن المهلب: وأما الذي ذكرت من شركة الدهاقين (زعيم فلاحي العجم) في أرضهم فلا يحل لمسلم »إبراهيم « شركة مشرك من أهل الكتاب ولا غيرهم، لما يستحلون من الذي يحرم عليهم . بولرواح: موسوعة آثار الإمام جابر بن زويد الفقهية، مكتبة مسقط، ج ٢، ص ٩٥٨ :ΩÉ©dG CGóѪdG `` CG لا شك أن الأفضل لأي إنسان ولأية دولة ألا تسأل غيرها، أي ألا تطلب  منها المساعدة المالية أو الاقتصادية أو غيرها. وقد أكد ذلك رسول الله ژ ، فقد قال أبو عبيدة عن جابر بن زيد قال: ِِ بلغني عن رسول الله ژ قال: الي » َد ُ الع ُل ْي َ ا خ َي ْر ٌ م َن َ الي َ د السف ْل َ ى و َ الع ُل ْي َ ا هي ِ ِ ِ« ة (١) َ المن ْفق َ ة والسف ْل َ ى هي السائل َ . َُ َ وفي ا لحديث: كراهة السؤال والتنفير عنه ومحله، إذا لم تدع إليه ضرورة من خوف » « هلاك ونحوه(٢) .  كذلك روى مسلم عن قبيصة بن مخارق قال: تحملت فأتيت رسول الله ژ أسأله فيها فقال: « حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها » ثم قال: يا »  قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له ّ المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قوام ً ا من عيش أو قال: سداد ً ا من عيش ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذي الحجا من قومه لقد أصابت فلان ً ا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قوام ً ا من عيش أو قال سداد ً ا من عيش ا «(٣) فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحت ً . (١) ، حاشية الترتيب للشيخ ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، ج ٢ ص ١٢٨ - فقد قال ابن نباتة: اليد هنا « جارحة الأخذ والإعطاء » ١٢٩ . والمقصود باليد هنا وهذا مخالف في .« أن العطية الجزيلة خير من العطية القليلة » : هي النعمة وكأن المعني راجع الإمام السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ،« فلا يقبل » تفسير اليد . ج ٢، ص ٧٩ (٢) . ذات المرجع، ص ١٣٠(٣) . الإمام السالمي: شرح الجامع الصحيح، مسند الإمام الربيع، ج ١، ص ١٠٠ = وعنه ژ : لأن يأخذ أحدكم حبله ثم يغدو إلى الجبل فيحطب، فيبيع » ويأكل ويتصدق خير ٌ «( له من أن يسأل الناس (أعطوه أو منعوه(١) . :ó∏H ≈dEG ó∏H øe ábó°üdG π≤f `` Ü لا شك أن ذلك يعد نوع ً ا من المساعدة من البلد المنقولة منه إلى البلد المنقولة إليه. وقد تصدى الفقه الإباضي (وفقه المذاهب الأخرى) لهذه المسألة(٢) . في هذا الخصوص، يقول الإمام السالمي بشأن نقل الصدقة من بلد إلى بلد: وذلك إما أن يكون عند استغناء أهل البلد عنها، أو عند حاجتهم إليها. » = ٧٢٢ . وأبو /٢ ، رواه مسلم، عن قبيصة بن مخارق، باب من تحل له المسألة، ١٠٤٤ .١٢٠ /٢ ، داود، مثله، باب ما تجوز فيه المسألة، ١٦٤٠ (والحمالة): ما يتحملها الإنسان من الغرامة في إصلاح ذات البين ودفع البلاء عن المسلمين (والجائحة): الآفة والحادثة المستأصلة وهي الآفة المهلكة للثمار والأموال، (والقوام): ما تقوم به بنيته بدفع الضرورة عنه، (والسداد): بالكسر وهو ما يسد به الفقر (والفاقة) الحاجة الشديدة يشتهر بها بين قومه. (ذات المرجع، ذات ا لموضع). (١) /٢ ، رواه البخاري، عن الزبير بن العوام بلفظ قريب، باب بيع الحطب والكلأ، ٢٢٤٤ .٥٨٨/١ ، ٨٣٦ . وابن ماجه، مثله، باب كراهية المسألة، ١٨٣٦ (٢) فقد جاء في ا لمصنف: قال أبو بكر: اختلف أهل العلم في نقل الصدقة من بلد إلى بلد. فاستحب أكثر أهل »العلم أن لا يفعل ذلك، وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه رد زكاة حملت من خراسان إلى الشام، فردها إلى خراسان. وروينا عن الحسن البصري والنخعي أنهما كرها نقل الزكاة من بلد إلى بلد، إلا لذي قرابة. قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا بما يشبه معنى الاتفاق لأنهم يستحبون أن لا تحمل الزكاة من بلد إلى بلد غيره إلا أن يستغني فقراء ذلك البلد ممن يستحق عندهم الزكاة وفي بعض معنى ما قيل: إنها لا تحمل على حال. وفي بعض معنى ما قيل: إنها لا تحمل إلا إلى من لا يوجد مثله في البلد الذي يحمل منه النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ٦، ص ١٦٣ « في الفضل - ١٦٤ ؛ الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ١٩ ، ص ٢١١ -.٢١٢ فإن كان الأول فالنقل جائز إجماع ً ا، وإن كان الثاني فالمذهب عندنا: أن فقراء البلد أحق بها، فيكره حملها إلى غيره؛ لأن أعين المساكين في كل بلدة تمتد إلى أموالها، وفي النقل تخييب للظنون. واستثنى بعضهم حملها ِ إلى الخاصة من فضلاء المسلمين، فأجازه لموضع فضله واستحقاقه إذا لم يوجد مثله في ا لبلد. ِ  وقيل: لا ينقلها إلا إذا لم يجد فيها أحد ً ا ممن يدين بدين ا لمسلمين... َ وقال أبو حنيفة: يكره نقل الزكاة من بلد إلى بلد إلا أن ينقلها إلى قرابة له محاويج، أو قوم هم أمس حاجة من أهل بلده فلا يكره. ّ وقال مالك: لا يجوز إلا أن يقع بأهل بلد حاجة فينقلها الإمام إليهم على سبيل النظر والاجتهاد. وقال أحمد في المشهور عنه: لا يجوز نقلها إلى بلد آخر تقصر فيها « الصلاة إلى قرابته أو غيرهم ما دام يجد في بلده من يجوز دفعها إليهم(١) . (١) الإمام السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٦٧٤ - ٦٧٥ . ويضيف السالمي (ص ٦٧٥ -:(٦٧٦ والحجة لنا على استحبابه: قوله ژ » : خ» ُ « ذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم ، وقد تقدم أن عمير بن سعد فرقها في خلافة عمر على أهل البلد ولم يحمل منها شيئ ً ا. وأن أخذناها من حيث كنا نأخذها » : عمران بن الحصين فعل مثل ذلك في زمان زياد، وقال على عهد رسول الله ژ ، ووضعناها حيث كنا نضعها على عهد رسول الله ژ .« وأما جواز النقل لمصلحة فلما تقدم من ثبوت نقلها إلى الإمام، وقد كانت تساق إلى رسول الله ژ وإلى الخليفتين من بعده. ولعل المانعين يستدل ّ ون بما تقد ّ م من استدلالنا على الاستحباب، فإن قوله ژ : خ» ُ ذها من « أغنيائهم أمر بواجب، فيجب أن يكون مثله قوله: ور » ُده َ ا إلى ف ُ« قرائهم . قلنا: خرج الأمر الثاني بدلائل الأحوال، وبقوله تعالى: ﴿ tsrq﴾ ... الآية، فلو كان رد ّ ها في فقرائهم واجبا لحرم صرفها إلى غيرهم من الأصناف وهو باطل، ً فظهر وجه الاستحباب وجواز النقل عند الحاجة والمصلحة. وإن كان المال ببلد والمالك ببلد، فالاعتبار ببلد المال؛ لأنه سبب الوجوب، ويمتد إليه نظر المستحقين، فيصرف = معنى ما تقدم أنه يمكن نقل الصدقة من بلد إلى بلد آخر في الأحوال الآتية(١) : إذا استغنى أهل بلد الصدقة عنها، بأن لم يكن بينهم من يحتاجها. إذا لم يكن في أهل بلد الصدقة أحد من ا لمسلمين. إذا كان نقل الصدقة ضروري ا لقريب أو فقراء في البلد الآخر، مع عدم وجود من يحتاجها في أهل بلد ا لصدقة.  :á«dhódG ájOÉ°üàb’G IóYÉ°ùªdG ÉYƒf `` ê تعرض الفقه الإباضي لنوعين من المساعدات الاقتصادية الدولية، هما:  ١ مساعدة المسلمين للمسلمين: هذا أمر طبيعي أن يساعد المسلم أخاه المسلم: فالمسلم للمسلم يشد » بعضه بعض ً « ا، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى . = العش ُ ر إلى فقراء بلد الأرض التي حصل منها العشر، وزكاة الن ّ قدين والمواشي والتجارة ُُ إلى فقراء البلد التي ت َم فيه حول ُ ها. ولو كان المال في بادية صرف إلى فقراء أقرب البلاد إليه، وإن كان تاجرا مسافرا صرفها حيث حال الحول. وإن كان ماله في مواضع متفرقة ًً .« قسم زكاة كل طائفة من ماله ببلدها ما لم يقع تشقيص(١) يأخذ الشيخ الجيطالي بجواز نقل الزكاة من مكانها إذا اقتضت المصلحة ذلك، انظر د. شوقي إبراهيم: المقاصد من خلال كتابي المصنف والقواعد، ندوة الفقه العماني ُ والمقاصد الشرعية، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ص ٥٣٩ -.٥٤٠ ُ كذلك جاء في منهج ا لطالبين: والوالي إذا قال له الإمام: فرق عشر ما يحصل عندك من الزكاة على الفقراء، فقصده فقير »من غير البلد الذي قبض منه الزكاة فجاء في الأثر: أنه يجوز له أن يسلم إليه منها على ما . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٢٤ « قيل إنه لا يتصدق به على المسلمين ولا يعطون منه » : وقال جابر في مال تصدق به رجل من قومه شيئ ً . إبراهيم بولرواح: موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، مكتبة مسقط، ج ١، ص ٦٢٢ « ا والقاعدة في الفقه الإباضي أن: .« مال المسلمين للمسلمين » بمعنى أن المال الذي جعله الله حق ً لا يجوز بذله لغير » ا للمسلمين « المسلمين(١) . وجاء في الجامع لابن جعفر: وقال محمد بن محبوب » 5 : في جواب منه إلى أهل المغرب وإذا كان المسلمون في أرض الحرب أدوا زكاتهم في فقرائهم وإن لم يكن عندهم فقراء بعثوا بها إلى أحد من أئمة العدل كان ذلك صوابا مجزيا ًً وموديا لما أوجب الله عليهم من أدائها وللإمام أن يقبلها ويجعلها في ً « أهلها(٢) . والحادثة الشهيرة التي يمكن ذكرها هنا هي حادثة عام الرمادة التي وقعت في سنة ثمان عشرة من الهجرة حيث أصاب الناس مجاعة شديدة وجدب وقحط عام. وفي مواجهة هذه الأزمة كتب عمر بن الخطاب إلى أمراء الأمصار يستغيثهم ويطلب منهم العون والغوث، فكان أول من حضر إليه أبو عبيدة بن الجراح بأربعة آلاف راحلة من الطعام ولاه قسمتها حول المدينة. كذلك كتب عمر إلى عمرو بن العاص: فلعمري يا عمرو ما تبالي إذا شبعت أنت ومن معك أن أهلك أنا ومن » فكتب إليه عمرو: «!! معي، فيا غوثاه ثم يا غوثاه .« فيا لبيك ثم يا لبيك قد بعثت إليك بعير أولها عندك وآخرها عندي » (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٢٩٠ ّ (٢) . ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٨، ص ١٢٢  وكان سبب حفر خليج أمير المؤمنين من النيل حتى البحر هو قول أسهل لما نريد من حمل الطعام إلى المدينة ومكة فإن حمله » عمر: أن ذلك .« على الظهر يبعد ولا نبلغ منه ما نريد ومن ذلك إرسال صلاح الدين إلى صاحب مكة غلالا ً ، وصفها صاحب مكة بأنها: حلت ربقة الجدب وفكتها، وجلت هبوة القحط وكفتها، وهونت » ْ مصاعب المساغب، وخلفت سواحب السحائب، وأطفأت ولله الحمد « بوار ا لنوائب(١) . تجدر الإشارة أن المساعدات التي تمنح للمسلمين من المسلمين لا تتوقف على شكل معين: وهكذا في فتوى صادرة عن دار الإفتاء المصرية بخصوص مسألة ترجع إلى أن ملك الحجاز اقترح على الحكومة المصرية إرسال قيمة الغلال  المخصصة لفقراء مكة نقد ً ا لا صنف ً ا، وهي غلال كان قد قررها السلطان سليم خان والسلطان سليمان خان صنف ً ا، جاء في ا لفتوى: والحكم الشرعي في مثل هذه الإرصادات لا يجب مراعاة شروط » واقفيها بل للإمام أو نائبه أن يغير فيها بالزيادة والنقصان ونحوهما من الإبدال كما هنا بشرط أن لا يخرجها التغيير عن الجهة التي عينت لها في الإرصاد إذا تمهد هذا علم أنه لا مانع شرع ً ا من الأخذ بما اقترحه حضرة صاحب الجلالة ملك ا لحجاز « (٢) . (١) صبح الأعشى للقلقشندي، ج ٧، ص ١٠٩ - ١١١ : ابن واصل: مفرج الكروب في أخبار ، بني أيوب، تحقيق: د. جمال الدين الشيال، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، القاهرة، ج ٣ ص ٣٧٧ -.٣٧٨ (٢) الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، وزارة الأوقاف، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ج ١١ ، القاهرة، ١٤٠٤ه ١٩٨٤ م، ص ٤٠٩٧ -.٤٠٩٨ وفي التاريخ الإباضي أمثلة على تقديم المساعدة من المسلمين إلى المسلمين(١) . ٢ مساعدة المسلمين لغير ا لمسلمين: ذهب فقهاء المسلمين إلى حد القول إن مساعدة غير المسلمين تعد من لأن الجهاد يكون تارة بالسنان، وتارة بالبيان، وتارة بالإحسان، » قبيل الجهاد « يفعل مع كل صنف ما يليق به(٢) . (١) فقد جاء في تاريخ أبي زكرياء: ثم إن الإمام عبد الرحمن بن رستم اتصلت أخباره إلى أهل البصرة من أهل دعوة » ٰ المسلمين، فبعثوا إليه بثلاثة أحمال مالا ً . فلما وصلت الرسل إلى تاهرت، صاروا يسألون عن دار الإمارة وقد كانوا خلفوا أحمالهم خارج ً ا، فلما نعتت لهم الدار، قصدوا نحوها، فإذا ا لإمام، 3 ، فوق البيت يعمل السقوف والعبد تحته يناوله الطين، فسألوا العبد أن يأذن لهم، وقد أيقن العبد أن الإمام سمع كلامهم، فقال له: أخرهم قليلا ً ، فنزل عن الحائط وغسل الطين عن جسده، فأذن لهم فسلموا عليه، فرد عليهم، فوضع لهم شيئ ً ا من خبز مفتت، وعصر عليه عسكة. فلما أكلوه استأذنوه أن يتناجوا عنه، فأذن لهم، فتناجوا عنه فيما بينهم، وأجمع رأيهم على أنهم راضون عنه، فاتفقوا أن يدفعوا له ا لمال. فلما وصلت الجمال إلى عبد الرحمن، شاور أصحابه فيها، فأشاروا عليه أن يأخذها فيبثها ٰ في فقراء المسلمين و(في شراء) السلاح والعدة ففعل، 5 ذلك، بمحضر تلك الرسل، فلما رجعت الرسل إلى المشرق، أخبروا أهل دعوتهم بعدل عبد الرحمن وفضله وورعه ٰ (ف) بعثوا له بأموال أكثر من ا لأول. فلما وصلت إلى عبد الرحمن، شاور أصحابه، فقالوا له: رأيك أمير المؤمنين، فلما ردوا ٰ الرأي إليه، قال لهم: أما إذا أرددتم إلينا رأيها، فرأيي فيها أن ترجع إلى أربابها، فهم أحوج إليها منا، وقد استغنينا وقوينا، فشق ذلك على الرسل، وليس عليهم بد من طاعة إمامهم، فردوها إلى المشرق، فعجبوا من زهادته في الدنيا ورغبته في الآخرة، فأقروا بإمامته .« وواصلوه بكتبهم ووصاياهم أبو زكرياء: كتاب سير الأئمة وأخبارهم المعروف بتاريخ أبي زكرياء، ص ٨٣ -.٨٤ (٢) ، الإمام القرافي: الذخيرة، تحقيق: محمد بوخبزة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٩٩٤ . ج ٣، ص ١٤٦ بل من المعلوم أن وقف المسلم أرضه أو داره صدقة موقوفة على أهل بيته وقرابته من أهل الذمة، جائز(١) .  كذلك بخصوص حديث أسما، قالت: قدمت علي أمي راغبة في عهد  قريش وهي راغمة مشركة فقلت يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي راغمة؛ يقول الإمام ا لخطابي: ،« نعم فصلي أمك » : (أي: كارهة للإسلام) أفأصلها؟ قال وإنما أمرها بصلتها لأجل الرحم، فأما دفع الصدقة الواجبة إليها فلا » يجوز وإنما هي حق للمسلمين لا يجوز صرفها إلى غيرهم ولو كانت أمها مسلمة لم يكن أيضا يجوز لها إعطاؤها الصدقة فإن خلتها مسدودة بوجوب ً النفقة لها على ولدها إلا أن تكون غارمة فتعطى من سهم الغارمين. فأما من « سهم الفقراء والمساكين فلا(٢) . وقد فطن فقهاء المسلمين إلى أن المساعدة مرهونة بالمسالمة، وأن نشوب حالة الحرب يمنع كقاعدة من تقديمها. (١) كذلك قيل بندب التصدق على الكافر، لقوله ژ « في كل كبد رطبة أجر »ولا فرق بين الحربي وغيره (الإمام ابن حجر المكي الهيتمي الإنافة في الصدقة والضيافة إكرام الضيف .( وفضل الصدقات، تحقيق: مجدي السيد، مكتبة القرآن، القاهرة، ١٩٨٧ ، ص ١٧٥ () راجع الإمام الخصاف: كتاب أحكام الوقف، مطبعة ديوان عموم الأوقاف المصرية، القاهرة، ١٣٢٣ه . ١٩٠٤ م، ص ٣٤٠ وكذلك وقف المسلم عليهم فإنه يصح منه ما وافق » :( كذلك قيل (بخصوص أهل الذمة حكم الله ورسوله، فيجوز أن يقف على معين منهم أو على أقاربه وبني فلان ونحوه، ولا يكون الكفر موجب ً ا وشرط ً ا في الاستحقاق ولا مانع ً ا منه. فلو وقف على ولده أو أبيه أو قرابته استحقوا ذلك، وإن بقوا على كفرهم، فإن أسلموا فأولى بالاستحقاق؛ وكذلك « إن وقف على مساكينهم وفقرائهم وزمناهم ونحو ذلك استحقوا وإن بقوا على كفرهم (راجع ابن قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٠١ -.(٣٠٥ (٢) الخطابي: معالم السنن وهو شرح سنن الإمام أبي داود، المكتبة العلمية، بيروت، ١٤٠١ه . ١٩٨١ م، ج ٢، ص ٧٦  في هذا المعنى جاء في الفتاوى ا لهندية: ولا بأس بأن يصل الرجل المسلم المشرك قريبا كان أو بعيد » ً ا محاربا ًً كان أو ذميا وأراد بالمحارب المستأمن وأما إذا كان غير مستأمن فلا ينبغي ً للمسلم أن يصله بشيء. وذكر القاضي الإمام... علي السعدي إذا كان حربيا « في دار الحرب وكان الحال حال صلح ومسألة فلا بأس بأن يصله(١) . يؤيد ذلك ما يلي: ١ يقول الله 4 : ﴿ UTSRQPONMLKJI ^]\[ZYXWV ﴾ [ [الممتحنة: ٨ . وقد أجمع الكثيرون من أئمة التفسير على تفسير هذه الآية بأنها تعني الصلة وتقديم ا لمساعدة(٢) . ٢ وبخصوص قوله تعالى: ﴿ tsrq ﴾ [ [التوبة: ٦٠ يقول القرطبي: إن لفظ الفقراء لا يقتضي الاختصاص بالمسلمين دون أهل الذمة، وقال عكرمة: الفقراء فقراء المسلمين، والمساكين فقراء أهل ا لكتاب(٣) . ٣ أمثلة لصلته ژ « صلة المشرك » جاء في السير الكبير تحت باب للمشركين مثل إرساله خمسمائة دينار لأهل مكة، وصلته خال له الإهداء إلى الغير من » ويضيف السرخسي لتحبيذ ذلك أن ،« مشرك » (١) . الفتاوى الهندية، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الرابعة، ج ٥، ص ٣٤٧ (٢) إن قوله تعالى: » : يقول ابن العربي ﴿ YX ﴾ ؛ أي: تعطوهم قسط ً ا من أموالكم على ابن « وجه الصلة، وليس يريد به من العدل: فإن العدل واجب فيمن قتل وفيمن يقاتل العربي: أحكام القرآن، تحقيق: علي البجاوي، مؤسسة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٧٦ه . ١٩٥٧ م، ج ٤، ص ١٧٧٣ وبخصوص ذات الآية قيل: إن فيها دليلا ً جواز التصدق على أهل الذمة دون أهل » على . الإمام إلكيا الهراس: أحكام القرآن، دار الكتب الحديثة، القاهرة، ج ٤، ص ٤٦١ « الحرب (٣) . الإمام القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، المرجع السابق، ج ٨، ص ١٧٤ مكارم الأخلاق. وقال ژ : « بعثت لأتمم مكارم الأخلاق » . فعرفنا أن « ا(١) ذلك حسن في حق المسلمين والمشركين جميع . ً وبخصوص صلة أو مساعدة المسلمين لغير المسلمين، يمكن القول إن هناك ثلاثة آراء في الفقه ا لإباضي: • الاتجاه الأول يذهب أنصاره إلى منع هذه الصلة أو المساعدة، فهم يرون أن الإسلام شرط لتقديم المساعدة، فلا يصح أن تنفذ في غير المسلم ولو كان ذميا، وحكي ابن المنذر على أن منع الذمي إجماع من يحفظ من أهل ا لعلم. وعلى ذلك جمهور الإباضية، وإذا ثبت ذلك في أهل الذمة، فالمنع في ّ خصوص غيرهم أولى(٢) . والحجة الأساسية التي يستند إليها الجمهور هي قوله ژ لمعاذ:  خذها من أغنيائهم ورد » ّ « ها في فقرائهم(٣) ، وحيث إن المأخوذ هو من  أغنياء المسلمين، فكذا المدفوع يكون إلى فقرائهم(٤) . (١) شرح كتاب السير الكبير للشيباني، المرجع السابق، ج ١، ص ٩٦ -.٩٧ (٢) الإمام السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٦١٤ . يقول سماحة المفتي العام أكثر فقهائنا يقول بأن الشرك قاطع ما بين ذي الرحم ورحمه، فلا تجب الصلة » : لسلطنة عمان ُ الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الدين الحياة، الكتاب الأول، إعداد « لذي الرحم المشرك خميس العدوي، ص ٣٩٠ ، انظر أيض ً . ا الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ١٩ ، ص ١٠٧(٣) . راجع الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ١٩ ، ص ١٣٦ (٤)يقول ا لسالمي: ،« هذا خبر واحد لا تجوز الزيادة به؛ لأنه نسخ » ردا على ما قيل: إن قلنا: أما أولا » ً : فلا نسلم أن الزيادة على النص نسخ، بل نقول إنها حكم مستأنف في صورة البيان للأول؛ لأنها تخصيص، والنسخ لتغييره. وأما ثانيا: فإن النص مخصوص بقوله تعالى: ﴿ ` gfedcba ﴾ الآية، ً فجاز تخصيصه بعد ذلك بخبر الآحاد على مذهبكم أيض ً ا. = أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٣٩٠ • الاتجاه الثاني يرى جواز تقديم الصلة والمساعدة لغير المسلمين، استناد ً ا إلى الحجج ا لآتية: قوله تعالى: ﴿ WVUTSRQPONMLKJI ^]\[ZYX ﴾[ [الممتحنة: ٨ ، وبقوله تعالى: ﴿ rq s ... ﴾ الآية، إلى غير ذلك من النصوص من غير قيد ا لإسلام(١) . قوله تعالى: ﴿ 7654321 ﴾[ [الإنسان: ٨ ، قالوا وكان الأسارى يومئذ مشركين فقط، والإطعام إما فضل أو لازم؛ فإن كان فرضا فهو نص في المطلوب، وإن كان فضلا ً فقد ساوى بين اليتيم ًّ والمسكين والأسير. وعن سعيد بن جبير مرسلا ً مرفوع ً ا: « لا تصدقوا إلا على أهل دينكم » ، فأنزل الله تعالى: ﴿ TSRQPONMLK cba`_^]\[ZYXWVU = وأما ثالث ً ا: فإن أبا زيد الدبوسي وهو أحد أئمتكم ذكر أن حديث معاذ مشهور مقبول بالإجماع، فجاز التخصيص بمثله، وهذا على مذهب المانعين من تخصيص العموم السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، « بالآحاد، وأما نحن فنجيز ذلك لأنه بيان للمراد ج ٧، ص ٦١٤ -.٦١٥ (١) رد السالمي على هذه الحجة، كما يلي: والجواب عن الآية الأولى: أن البر والإقساط ليس بمحصور في الزكاة، فأنواع البر كثيرة، »والزكاة لها أصناف مخصوصة، ثم إن الخطاب في هذه الآية للمسلمين كافة، وأمر الزكاة يومئذ ليس بأيديهم، وإنما هو بيد رسول الله ژ فهو الذي يتولى أمرها دونهم، فدل هذا على أن البر في الآية غير ا لزكاة. والجواب عن الآية الثانية: أن الله تعالى وزعها على أصناف، ومنها: سبيل الله، ففهمنا من السالمي: « هذا المعنى أن المراد بها قوة الإسلام، فلو أعطيت أعداؤه لكان ضد المقصود . معارج الآمال، ج ٧، ذات المرجع، ص ٦١٣ ٣٩١  ihgfed ﴾ [ [البقرة: ٢٧٢ ، فقال ژ : تصدقوا على » « أهل ا لديان ، وهو بإطلاقه يتناول ا لزكاة(١) . أن غير المسلم مساعدة المسلمين له واجبة إن كان من ذوي الأرحام، لأن الشرك لا يقطع ما بينهما من الصلة ا لواجبة(٢) . (١) رد على هذه الحجة الإمام السالمي، كما يلي: والجواب عن الأول: لا نسلم أن الإطعام اللازم نص في الزكاة؛ لأن الحقوق كثيرة وإلا »جاز إطعام الزوجة منها أيضا، وهو باطل قطعا، بل لا نسلم أنه يتناول الزكاة؛ لأن الإطعام ًً غير الزكاة، وأيضا فهم مأمورون يومئذ بتسليمها إلى النبي ژ ، فلو تناولت الآية الزكاة ً لكان لهم أن يقولوا: قد أطعمناها اليتيم، أو المسكين، أو الأسير، على أنه لم ينقل عن واحد منهم هذا التعلل، مع وجود المنافقين الذين قال الله فيهم: ﴿ srqp xwvut ﴾[ [التوبة: ٧٦ وأما تساويهم في الأمر بالإطعام على جهة الفضل فلا يدل على تساويهم في إسقاط ا لواجب. والواجب عن الحديث: أن الصدقة ليست بنص في الزكاة؛ لوجودها في غير الفرض، وإذا . ذات المرجع، ص ٦١٤ « وقع الاحتمال سقط الاستدلال، هذا إن سلمنا الاحتجاج بالمرسل(٢) أخذ بهذه الحجة سماحة المفتي العام لسلطنة ع ُ مان، ا ستناد ً ا إلى الأدلة ا لآتية: أولها: أن الآيات التي نصت على حقوق الأرحام ليس فيها تقييد وجوب هذه الحقوق في الإسلام وإنما هي مطلقة لم تفرق بين مسلم وغيره. ثانيها: قياس حقوق الأرحام على حقوق الوالدين وإن تفاوت قدرها بجامع أن كلا منهما تجب مراعاته للحمة النسب وذلك أن الشرك لم يقطع وجوب الحق على الوالد لوالديه. فيجب عليه أن يرعى ما لهما من حق ولو في حالة شركهما: لأن الله تبارك وتعالى نص على ذلك في قوله: ﴿ ^]\[ZYX _` gfedcba ponmlkjih ﴾[ [لقمان: ١٥ . ثالثها: أنه يستأنس لذلك بأن النبي ژ أمر في حالة مواجهته للمشركين أن يذكرهم بما بينه وبينهم من القرابة وذلك في قوله تعالى: ﴿ ,+ -3210/. ﴾[ [الشورى: ٢٣ . رابعها: ما أخرجه البخاري ومسلم من طريق عمرو بن العاص أنه قال: سمعت رسول الله ژ يقول جهارا ) : غير أن آل أبي يعني فلان ً ا ليسوا بأوليائي إنما وليي الله ً وصالح المؤمنين .( وجاء في رواية البخاري عن عنيسة بن عبد الواحد عن بيان عن قيس عن عمرو بن العاص أنه زاد على ذلك أنه عليه أفضل الصلاة والسلام قال: (لكن لهم = جاء في الجامع لابن جعفر: قال أبو معاوية: والإمام إذا أعطى فقراء أهل الذمة من الجزية فلا بأس، » وقيل: إذا احتاج منه المحتاج إلى المسلمين فللإمام أن ينفق عليه من مال الله، فإن كان من الجزية كان أحسن، وإن لم يكن من الجزية شيء أعطوا من الصلح بين المسلمين وأهل الشرك، فإن لم يكن من الصلح شيء فمن « الفيء والصدقة، وكل ذلك جائز إن شاء ا لله(١) . = رحم أبلها ببلالها). وهذا مما يدل على أن هؤلاء مع كون النبي ژ يبرأ إلى الله تعالى منهم ومن ولايتهم لعداوتهم لله كان لا يزال يرعى رحمهم. خامسها: أن النبي ژ قال كما جاء في حديث أخرجه مسلم من طريق أبي ذر 3 : إنكم » ستفتحون أرض ً « ا يذكر فيها ا لقيراط . وفي رواية: إنكم ستفتحون مصر وهى يذكر فيها » القيراط فاستوصوا بأهلها خير ً ا فإن لهم رحم ً « ا وذمة (رواه مسلم: ٢٥٤٣ ). ولم يكونوا عندما وصى بهم ا لنبي ژ على ملة الإسلام، وعندما فتحها المسلمون كذلك لم يدخلوا جميع ً ا في الإسلام. ومما يعزز ذلك أن أم المؤمنين صفية # أوصت بشيء من مالها لابن أخ لها يهودي (سنن البيهقي الكبرى: ١٢٤٣١ )، وهو يدل على أن الصحابة رضوان الله تعالى عنهم كانوا يرعون حق الرحم، وإن كان الرحم على غير ملة الإسلام ولم أجد ما يدل على أن أحد ً ا منهم أنكر ذلك أو خالفه. هذا؛ ومن أقوى الأدلة على وجوب صلة الرحم غير المسلم قياس حقه على حق الجار غير المسلم، فكما إن الكفر والإشراك لا يسقطان حق الجار فكذلك حق الرحم لأن الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: « القرابة منشأ هذا الحق كما أن الجوار منشأ حق الجوار الدين الحياة، المرجع السابق، ص ٣٩٠ -.٣٩٣ (١) ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٤٤ . كذلك جاء في المدونة ا لكبرى: وسألته: هل يعطى أهل العهد من الصدقات شيء؟ قال: نعم، كان رسول الله ژ يعطي »أهل الذمة من الصدقات والخمس. وقد بلغنا عن عمر بن الخطاب 3 أن شيخنا أتاه وقد كبر وضعف وعجز عن نفسه، فقال له: قد كبرت وعجزت عن العمل، وليس لي شيء، فقال عمر: نعم، ولكن كنا نأخذ من أبو غانم الخراساني: المدونة « عمل يدك، فلما عجزت نلقيك. فأمر له برزق يعيش به .٣٤٦ ، الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٣٤٤ كذلك بخصوص قوله ژ : « في كل كبد رطبة أجر » ، جاء في حاشية ا لترتيب: = • الاتجاه الثالث جواز مساعدة غير المسلمين بعد مراعاة ترتيب معين: بمعنى أنه، وإن كان « الاتجاه التدرجي » يمكن وصف هذا الاتجاه بأنه ينتهي إلى جواز تقديم الصلة والمساعدة إلى غير المسلمين، إلا أن ذلك يكون فقط بعد المرور بمراحل معينة، كما يلي: يستحب للمسلم إن كان يلي زكاة نفسه أن يجعلها في أهله من » المسلمين من أهل ولايته، وموافقته من أهل نحلته ولو لم يكن لهم ولاية، ثم في أهل دعوته ولو كانوا ممن ينتهكون ما يدين بتحريمه، ثم في أهل قبلته ولو كانوا يدينون بمخالفته، ثم في فقراء أهل حربه إذا عدم هذا كله؛  لأنه لا تأتي على المرء حال يمنع فيه دفع زكاته، فيستحيل الحكم إلى أن « يتعبد بما لا يطيق(١) . هذا الاتجاه الأخير هو في رأيي الجدير بالتأييد لأنه يتفق ومنطق الأمور وما يجري عليه عمل وسلوك الدول والأفراد في مساعدة الأقرب فالأقرب، فإن لم يوجد فيتم تقديم المساعدة لمن هو أبعد، ولو كان من غير المسلمين، مصداق ً ا لقوله ژ : « في كل ذي كبد رطبة أجر » (٢) . = وفيه الحث على الإحسان إلى الناس لأنه إذا حصلت المغفرة بسبب سقي الكلب فسقي »المسلم أعظم أجرا، واستدل به على جواز صدقة التطوع للمشركين وينبغي أن يكون ً محله إذا لم يوجد هناك مسلم فالمسلم أحق. وكذا إذا رأى الأمر بين البهيمة والآدمي المحترم واستويا في الحاجة فالآدمي أحق والله حاشية الترتيب للعلا « أعلم ّ ، مة ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، ج ٤ . قسنطينة الجزائر، دار البعث، ص ١٥٣(١) ؛ القول هو قول أ بو سعيد، انظره في السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٧، ص ٦١٢ الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ١٩ ، ص ١٠٧ -١٠٨ ، وكذلك ص ١١٢ -.١١٣ (٢) يوجد خلاف في الفقه الإباضي أيض ً ا بخصوص الوصية للأقربين إن كان فيهم غير مسلمين. ويمكن عرض الاتجاهات الموجودة بخصوص هذه المسألة، على النحو ا لتالي: قال بعضهم: تكون الوصية للمسلمين دون المشركين، واحتجوا بقول النبي ژ » : = :(1)(º¡Hƒ∏b áØdDƒªdG º¡°S) ºgGPCG ™aód ø«ª∏°ùªdG ô«¨d IóYÉ°ùªdG ºjó≤J (O wvutsr يقول الله: ﴿ q x﴾ [ [التوبة: ٦٠ . = « لا يتوارث أهل ملتين مختلفتين » قالوا: فلما كان الإسلام قد قطع بين الأرحام في الميراث، كان كما يؤخذ بسبب الميراث وهو الوصية أبعد في ا لجواز. وقال آخرون: الوصية للمسلمين وللمشركين، لأن الوصية قد عمت بظاهر اسمها جميع القرابة، فكل قريب كان مسلما أو مشرك ً ا فهو مستحق للوصية، لأن الوصية فيهم فعل ً معروف، والمعروف صدقة تجوز في المسلمين وفي ا لمشركين. وقالت فرقة أخرى: يكون للمسلمين الثلثان من الوصية، وللمشركين ا لثلث. وقال آخرون: يعطى المشرك منهم كنصف ما يأخذ الأبعد من المسلمين، وإن كان المشرك النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ٢٨ ، ص ١٥٣ « أقرب إلى الميت -.١٥٤ يقول المفتي العام لسلطنة عمان: إن الصلة بين الأقرباء لا تنحصر بين الوارثين فقط، بل ُ تتجاوزهم إلى من عداهم، وذلك أن الله تبارك وتعالى قال: ﴿ ¯® °²± ³´ º¹¸¶µ ﴾[ [البقرة: ١٨٠ ، وذلك حيث أمر بالوصية للوالدين والأقربين، عندما كانت أحكام المواريث غير مفصلة في الكتاب، ولكن بعدما فصلت وأعطى الوالدان وكل ذي نصيب في الإرث ما يستحقون مع ثبوت الحديث وانعقاد الإجماع أنه لا وصية لوارث؛ بقيت الوصية للأقربين الذين لا يرثون حق ً ا مشروع ً ا لهم غير منسوخ بشيء. ولئن كانت هذه الصلة بين القريب وأقربائه واجبة عندما يموت أحدهم وبيده شيء من الخير؛ أي: المال، بحيث يؤمر أن يوصي لهم بشيء من ماله قبل موته، فكيف بالصلة في الحياة؟! لا ريب أنها أعظم وأجدر بأن تراعى، ذلك لأن ما أمر الله به من هذه الصلة بين القريب وأقربيه الذين لا يرثونه حتى عند احتضاره إنما هو لأجل أن لا تنقطع في الحياة إلى . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الدين الحياة، المرجع السابق، ص ٣٩٤ « آخر لحظة فيها(١) فقيل كفار » : حري بالذكر أنه قد اختلف في المراد بالمؤلفة قلوبهم المستحقين للزكاة يعطون ترغيبا في الإسلام. وقيل مسلمون لهم أتباع كفار يتألفونهم، وقيل مسلمون أول ما ً الإمام الشوكاني: نيل الأوطار، دار الكتب « دخلوا في الإسلام ليتمكن الإسلام من قلوبهم العلمية، بيروت، ١٤٠٣ه . ١٩٨٣ م، ج ٧، ص ٢٩١ ويقول ا لشوكاني: فإذا كان إمام المسلمين محتاجا إلى التأليف لمن يخشى من ضرره على الإسلام وأهله » ً أو يرجو أنه يصلح حاله ويصير نصيرا له وللمسلمين كان ذلك جائز ً .« ا له = ً معنى ذلك أن للمؤلفة قلوبهم(١) سهم من مصارف الزكاة التي نص عليها القرآن ا لكريم. = (الإمام الشوكاني: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، المجلس الأعلى للشؤون  الإسلامية، القاهرة، ١٤١٥ه .( ١٩٩٤ م، ج ٢، ص ٥٨ وقد كان رسول الله ژ يعطي المؤلفة قلوبهم من الصدقة لدفع ضررهم عن » : كذلك قيل فدل على أنه لا بأس بذلك عند خوف الضرر، (الإمام السرخسي: المبسوط، « المسلمين دار المعرفة، بيروت، ١٣٩٨ه .( ١٩٧٨ م، ج ١٠ ، ص ٨٧ كذلك يروي ابن سعد عن عمر بن عبد العزيز 3 أنه أعطى بطريق » عنه ً ا ألف دينار استألفه على الإسلام كما روي عن عيسى بن أبي عطاء، رجل من أهل الشام كان على ديوان أهل المدينة أعطى ذلك بعد أن منع .« عن عمر بن عبد العزيز أنه ربما أعطى المال من يستألفه على الإسلام ابن الخطاب منه بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه أحد، لما جدت الحاجة إلى التأليف.  وهو العالم بأنه يدور معها ويتغير بتغيرها (راجع أيض ً ا د. محمد مصطفى شلبي: تعليل الأحكام،  .( رسالة للحصول على العالمية من درجة أستاذ، كلية الشريعة، القاهرة، ١٩٤٧ ، ص ٨٧ ويقول الإمام الخطابي أن: الإمام إذا رأى أن يعطي كافرا عطية يستميله بها إلى الإسلام كان ذلك جائز » ً ا وإن كان في ذلك ً .( الخطابي: معالم السنن وهو شرح سنن أبي داود، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٩٠ ) « تقوية لهم(١) اختلف الإباضية في تحديد هذا الصنف كما اختلف فيه غيرهم: فقد نقل عن ا لشماخي عن الإمام أفلح أنهم قوم كان يتألفهم رسول الله ژ للإسلام، »منهم من لم يكن أسلم فيتألفه بذلك حتى يسلم، ومنهم من كان أسلم ولم تكن له نية في الجهاد والذب عن الإسلام فيتألفهم لتصح نياتهم وليعينوا ا لإسلام. ّ أما القطب أطفيش فعرفهم بأنهم قوم دخلوا في الإسلام من غير أن يرسخ الإسلام في ّ قرارة نفوسهم، وقد كان لهم تأثير في مجتمعهم بسبب مكانتهم الاجتماعية، وكانوا يعط َون الزكاة لأجل مصلحة الإسلام حتى لا ينقضوا ضده، ولا يعينوا خصومه عليه. وهو ُْ معجم مصطلحات الإباضية، « ما ذهب إليه الشافعي بأن الزكاة لا تعطى إلا للمسلمين ّ المستمالة قلوبهم بالإحسان » المرجع السابق، ج ١، ص ٤٠ . أما السالمي فقال: إنهم ُ والمودة، وكان النبي ژ يعطي المؤلفة من الصدقات، وكانوا من أشراف العرب، فمنهم من كان يعطيه دفعا لأذاه، ومنهم من كان يعطيه طمعا في إسلامه، وإسلام أتباعه، ومنهم ًً السالمي: معارج الآمال، المرجع « من كان يعطيه ليثبت على إسلامه لقرب عهده بالجاهلية السابق، ج ٧، ص ٥٥٤ -.٥٥٥ = ويستحق المؤلفة قلوبهم الصدقات بثلاث خصال:  أحدها أن يكون رجلا ً حرا بالغ ً ا عاقلا ً.  الثاني أن يكون مسلما. ً الثالث أن يكون الإمام محتاج ً ا إليه في ا لوقت(١) . سقط منذ الخليفة » والمعتمد في المذهب الإباضي أن سهم المؤلفة عمر إلى يوم القيامة، إلا إن نزل بالمسلمين ضعف فاحتاجوا إلى التأليف من جديد. ويرى ابن بركة أن سهم المؤلفة باق في كل عصر وجدوا، ووجد ُُ  « الإمام واحتيج إلى تأليفهم(٢) . وجاء في جامع ابن جعفر: والنظر يوجب عندي أن حق المؤلفة باق في كل عصر وجدوا ووجد » الإمام واحتيج إلى تأليفهم لعدم النسخ لذلك من الكتاب والسنة والإجماع، وإذا كان اسم المؤلفة في الكتاب مذكور في الآية متل ُ و لم يجز لمدعي الخصوص دعوى تمنع من الظاهر بغير دليل، وإذا ورد الخطاب بعموم أمر « فالواجب إجراء العموم على ظاهره(٣) . = راجع أيض ً ا تفسير أطفيش للآية رقم ٦٠ من سورة التوبة، في أطفيش: تيسير التفسير، المرجع السابق، ج ٦، ص ٥٦ -.٥٧ (١) الإمام إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، مكتبة مسقط، ١٤٣٢ه . ٢٠١١ م، ص ٢٤٤ (٢) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٠ ّ (٣) ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٨٩ . أنظر أيض ً ا النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٤٨ ، ج ٦، ص ٢٩٣ - ٢٩٤ . ويقول سماحة المفتي العام لسلطنة أن عمر اجتهد في » : عمان بخصوص موقف عمر بن الخطاب من سهم المؤلفة قلوبهم ُ فهم النص اجتهاد ً ا راعى فيه مقصد الشارع، فطبق النص تطبيق ً ا يتلاءم مع الظروف التي كانت تكتنف حياة الأمة الإسلامية في عهده، وذلك في سهم المؤلفة قلوبهم، فهو لم يلغ النص قط، ولم يرد حكم الله تعالى، وإنما طبق النص تطبيق ً ا يتواءم مع مقصد الشارع = ّ معنى ذلك أن الفقه الإباضي بخصوص هذه المسألة يأخذ بقاعدة أن الحكم يدور مع علته وجود » ً فالحكم يطبق إذا ما وجدت علة :« ا وعدما ً تطبيقه، ويوقف تطبيقه إذا انتفت هذه العلة. وعدم التطبيق يعني أن الحكم يفترض أن هذا الشيء « فوقف تطبيق شيء » : ولم يتم إلغاؤه ،« قائم وموجود »موجود، وإن كان غير مطبق(١) . حاصل ما تقدم أن رأيا في الفقه الإباضي يبيح إعطاء غير المسلمين من ً سهم المؤلفة قلوبهم إذا وجد داع يحتم ذلك: لدفع شرهم، أو لمنع عدوانهم، أو غيرها من الأسباب الملجئة إلى ذلك، لكي يكفى شرهم. ُ  = الحكيم، فإعطاء المؤلفة قلوبهم هذا السهم إنما هو لأجل كفاف شرهم واستدرار خيرهم ّ في وقت كانت الأمة تحتاج إليهم، فلما قويت شوكة الأمة وأصبحت يحسب لها كل حساب إذ صارت تهز عروش الأكاسرة والقياصرة بفتوحاتها العظيمة لم يعد هنالك احتياج إلى أن تتأل َ ف قلوب هؤلاء. فعمر بن الخطاب لم يلغ النص، ولا نقول بأن ّ النص ملغى، بل هو إلى الآن يطبق عندما ّ الشيخ أحمد بن ،« تكون هنالك حاجة من الأمة إلى إعطاء المؤلفة قلوبهم سهما من الزكاة ً . حمد الخليلي: لقاءات الفكر والدعوة، المجلد الأول، ص ٣٥٧(١) وهو ما يؤكده الإمام السالمي في معرض شرحه لموقف الحنفية من سهم المؤلفة قلوبهم: واختلفت الحنفية في وجه سقوط هذا الصنف بعد ا لنبي ژ ، بعد قولهم بثبوته »بالكتاب إلى حين وفاته ژ فمنهم من ارتكب النسخ كما تقدم عن إمامهم. ومنهم من قال: هو من قبيل الحكم بانتهاء علته. قالوا: وقد اتفق انتهاؤه بعد وفاته ژ ، والمراد بالعلة العلة الغائية أو الدفع لهم هو العلة للإعزاز، لأنه يحصل به، فانتهى ترتيب الحكم، وهو الإعزاز على الدفع الذي هو علته؛ لأن الله تعالى أعز الإسلام، وأغنى عنهم. وعن هذا قال بعضهم: عدم الدفع لهم الآن تقرير لما كان في زمنه ژ لا نسخ؛ الإمام السالمي: معارج الآمال، المرجع « لأنه كان للإعزاز، وهو الآن في عدمه السابق، ج ٧، ص ٥٥٦ -.٥٥٧ راجع هذه القاعدة ،« الحكم المعلل بعلة ينتهي بانتهاء علته » : وما قاله السلمي يؤكد قاعدة . في معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٨٣ ّ ™HGôdG åëѪdG (1)(iôNCG á∏ª©H á∏ª©dG ô««¨J hCG) Oƒ≤ædG ±ô°U ترت ّ ب على تداخل العلاقات الاقتصادية الدولية، في صورة الصادرات والواردات، وكذلك تنقل الإنسان من دولة إلى أخرى (كسائح، أو للعلاج، أو لحضور مؤتمر دولي، أو لحضور ندوة علمية، أو للدراسة) أن ظهرت مشكلة تحويل النقود أو ا لعملة(٢) . (١) هو بيع الثمن، بتبديل الفضة أو الذهب بالآخر أو بجنسه حاضرا، والمراد » : الصرف ً بالثمن ما خلق للثمنية، فيدخل فيه الذهب والفضة، مصوغ ً ا وغير مصوغ، والنقد المتداول من فلوس وغيرها. ولا يجوز إلا بالتقايض في نفس المجلس، يد ً ا بيد، فإن لم يحضرا أو أحدهما فقط فربا، وإن افترقا قبل التقابض لم يصح. ولا يجوز أن يشترط الخيار، فإن شرطاه فسخ الصرف، وقيل صح الصرف وبطل ا لشرط. .« والصرف بيع، فيجوز فيه الأمر والتوكيل والخلافة والتولية والإقالة . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ٢، ص ٥٩٨ ّ تحويل الشيء من موضعه والشرع تحويل النقدين من إنسان إلى إنسان » : والصرف لغة البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع « يأخذ هذا من عند هذا . السابق، ص ١٤٧(٢) كنا نبيع الأبعرة » : جاء في كشاف القناع: ويصح اقتضاء نقد من نقد آخر لحديث ابن عمر بالبقيع بالدنانير ونأخذ عنها الدراهم، وبالدراهم ونأخذ عنها الدنانير، فسألنا النبي فقال: « لا بأس أن تأخذوها بسعر يومها، ما لم تتفرقا وبينكما شيء » ، إن أحضر أحدهما (أي: أحد النقدين) وإلا لم يصح، لأنه دين بدين أو كان أحد النقدين أمانة أو غصبا عنده أي ً عند المقتضى والنقد الآخر في الذمة وهو مستقر كثمن وقرض وأجرة استوفى نفعها، بخلاف دين كتابة وجعل قبل عمل، ونحوه مما لم يستقر بسعر يومه؛ أي: يوم الاقتضاء... فلو كان مؤجلا ً وقضاه عنه بسعر يوم القضاء جاز لأنه رضي بتعجيل ما في الذمة بغير عوض وإن كان كل من النقدين في ذمتيهما فاصطرفا من غير إحضار أحدهما لم يصح البهوتي: كشاف القناع عن متن الإقناع، دار الفكر، بيروت، « الصرف لأنه بيع دين بدين ١٤٠٢ه . ١٩٨٢ م، ج ٦، ص ٤٠٣ لا يتحكم فيها آخرون هي مظهر « قوية » ومن المعلوم أن وجود عملة من مظاهر متانة اقتصاد أية دولة(١) . وقد تعرض الفقه الإباضي للمسائل النقدية، خصوصا من نواحي ً أربعة: k :ó«H Gój ΩGO Ée ,IOÉjõdÉH ƒdh ,iôNCÉH á∏ªY ∫GóÑà°SG RGƒL (CG  وهكذا إجابة عن سؤال: ما حكم الشريعة فيمن يقرض دراهم أجنبية صرف عملة » : لمن يطلبه ويأخذ فائدة فيها أو ربا أم لا؟ يقول الشيخ بيوض دولة بعملة دولة أخرى جائز، وفرق ما بين العملتين إنما تقتضيه القيمة  الحقيقية لكل منهما، وهي تغلو وترخص بحسب الأوقات، فلا ربا في الفضل بينهما عند التعامل يد ً ا بيد. « أما إذا قصد بها الربح بحسب الأجل فإنه ربا محض لا ريب فيه(٢) . (١) وهو ما فعله عبد الملك بن مروان: فقد كانت الدنانير رومية، والدراهم كسروية، فلما جاء الإسلام كتب على القراطيس: بسم الله ا لرحمن الرحيم، لا إل ٰ ه إلا الله وحده لا شريك له، ٰ محمد رسول الله ژ عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، فلما وصلت القراطيس إلى الروم وعليها هذا الكتاب، أقلق ذلك ملك الروم، وبعث إلى عبد الملك بن مروان بهدايا كثيرة وسأله أن يسقط هذا الكتاب من رؤوس القراطيس، فأبى ورد الهدايا، وكتب إليه: إن لم تفعل نقشت على الدنانير شتم نبيك، فأحزن ذلك عبد الملك، فشاور في ذلك قبيصة بن ذؤيب الأسدي، فقال: لا عليك: ناد في الناس، واكتب في الآفاق: لا يؤخذ دينار رومي، وانقش سكة ً عليها هذا الكتاب: لا إل ٰ ه إلا الله وحده لا شريك له، محمد رسول الله ژ ، قل هو الله أحد، ففعل ونقش السكة. فأول من ضرب الدنانير والدراهم ، العربية عبد الملك بن مروان. انظر الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٧ . ص ٣١٧(٢) فتاوى الإمام الشيخ بيوض، المرجع السابق، ص ٤٤٢ . انظر أيض ً ا أمثلة أخرى في جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٣، ص ٤٩ -.٥٤ :ô«fÉfódG øe ∞jõªdGh ºgGQódG øe ¢Tƒ°û¨ª∏d ΩÉeE’G ™æe IQhô°V (Ü  يقول ابن بركة: وللإمام أن يمنع في عمل المغشوش من الدراهم وغيرها، والمزيف » والمكحل من الدنانير، وما يصنعه أهل الصناعات من الأمتعة وأهل الأسواق، وله أن يزجر عن ذلك ويعاقبهم عليه بما يراه زجرا لهم، وأدعى ً ِ لهم إلى التوبة مما هم عليه من الفعل. فإن قال قائل: لم جاز للإمام المنع َ عن ذلك وأن لهم له مع ذلك التعزير والعقاب لهم على ذلك؟ قيل له: إن الغش منكر وظلم منهم لبعضهم بعضا، فإن قال: فهل له أن يمنع من ً المعاملة بذلك المغشوش؟ قيل له: لا. ليس للإمام أن يمنعهم عن المعاملة ِ بما يتراضون به فيما بينهم. فإن قال: ولم جاز أن يعاقب على فعل ثم َ لا ينهي عن الرضي به؟ قيل له: إنها أمتعة وأملاك وأموال للناس، وإن كانت مكسورة أو فاسدة أو متغيرة بفعل أربابها فإن حق أربابها لم يزل عنها ولا ملكهم، ولها مع ذلك قيمة، فإذا وقف المشتري على عيبها أو عرفه البائع جاز للبائع والمشتري، ولم يكن للإمام أن يمنع الناس أن يتصرفوا في « أموالهم وإن كانوا أفسدوها(١) . وواضح أن الرأي السابق يبرر رأيه بحجتين: أولا ً مبدأ تراضي أطراف المعاملة، فهم أحرار في الاتفاق على ما يريدون بالتطبيق للقاعدة المعروفة قديما وحديث ً « سلطان الإرادة » ا تحت اسم ً .Autonomie de la volonté -party Autonomy (١) ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق ج ١، ص ٢٠٥ . أنظر أيض ً ا الكندي: بيان الشرع، إذا وقع في يده درهم » : المرجع السابق ج ٦٨ ، ص ١٧٦ . وعن جابر بن زيد أنه كان .« ستوق؛ (أي: مزيف) كسره، وقال: ما يحل أن يغر به مسلما ً . إبراهيم بولرواح: موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، مكتبة مسقط، ج ٢، ص ٩٢٤ ثانيا مبدأ أن للفرد أن يتصرف فيما يملك، وأن الغش لا يزيل ملكيته عنه. ً ونحن نعتقد أن الرأي السابق لم يعد له الآن وجه للتطبيق، فقد تغيرت الأحوال التي كانت سائدة فيما مضى، وأصبحت الدولة هي التي تتولى إصدار عملتها، وتتعهد بدفع قيمتها (إذ يكتب حاليا على ورق البنكنوت ً تعهد البنك المركزي في الدولة بدفع الرقم المطبوع عليها)، وبالتالي إذا حدث غش أو تزييف لتلك العملة يكون لها: ليس فقط منع الغش أو ا لتزييف. وإنما أيض ً ا توقيع العقاب اللازم على مرتكبيه. ولا جرم أن تزييف العملة أو تزويرها ضار بصحتها، إذ يترتب عليه اختلالات اقتصادية خطيرة، علة ذلك أن النقود ا لزائفة:  تعتبر تغريرا بالمسلمين وإدخالا ً للغرر عليهم(١) . ً تشكل غشا وإفساد ً ا لأسواق ا لمسلمين(٢) . وقد تحدث فقهاء المسلمين عن الدراهم أو الدنانير الزيوف؛ أي: المزيفة (بعكس الدراهم الجياد وهي الخالية من ا لزيف)(٣) ، يقول أ بو يوسف: (١) الإمام البهوتي: كشاف القناع عن متن الإقناع، دار الفكر، بيروت، ١٤٠٢ه ١٩٨٢ م، . ج ٣، ص ٢٧٢ (٢) . المدونة الكبرى للإمام مالك بن أنس، مطبعة السعادة بمصر، ١٣٢٣ ه، ج ٦، ص ٤٤٤ انظر كذلك بخصوص الادعاء بتزييف النقود، وعرض المنازعات أمام القضاء في في الفتاوى البزازية وهى بهامش الفتاوى الهندية، دار إحياء التراث .« دعوى الزيافة »ضرب الدراهم بغير » العربي، بيروت، ط الرابعة، ج ٥، ص ٤٥٥ . كذلك من المعلوم أن الإمام الزركشي خبايا الزوايا. تحقيق: « إذن الإمام، أو على غير عياره، يقتضي التعزير عبد القادر العاني، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، ١٤٠٢ه ١٩٨٢ م، . ص ١٣٨ (٣) الدراهم أنواع: جياد، وزيوف، ونبهرجة، وستوقة. واختلفوا في تفسيرها، قال » : قيل إن = في ضرب الدراهم الجياد في غير دار الضرب سرا لا ينبغي أن يفعل ذلك في الاحتساب » أحد لأنه مخصوص بالسلاطين. لذلك خصص السنامي بابا ً « في الدراهم والدنانير وغيرهما من أنواع ا لأثمان (١) . يقول الإمام ا لغزالي:  ترويج الزيف من الدراهم في أثناء النقد، فهو ظلم. إذ يستضر به » المعامل إن لم يعرف، وإن عرف فسيروجه على غيره، فكذلك الثالث والرابع، ولا يزال يتردد في الأيدي، ويعم الضرر، ويتسع الفساد. ويكون وزر الكل ووباله راجعا إليه. فإنه هو الذي فتح هذا الباب، قال ً رسول الله ژ : من سن سن » ّ ة سيئة فعمل بها من بعده كان عليه وزرها ومثل َُ  من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئ ً « ا . ويذكر الغزالي بخصوص الزيف عدة أمور، منها: أولا ً : أن على الشخص أن يتخلص من النقود الزيف ولا يروجها في التعامل، وذلك بأن يطرحها في البئر مثلا ً ، أو يفسدها بحيث لا يمكن التعامل بها. = بعضهم النبهرجة: التي تضرب في غير دار السلطان. والزيوف: هي الدراهم المغشوشة. والستوقة: صفر مموه بالفضة. وقال عامة المشايخ: الجياد: فضة خالصة تروج في التجارات، وله حكم الدراهم في الشرع. والستوقة: فارسي معرب له والنبهرجة: ما بهرجه راجع مفتي الشام محمود ) « التجار لا يروج في التجارات. وله حكم الدراهم في الشرع حمزة: الفرائد البهية في القواعد والفوائد الفقهية، دار الفكر، دمشق، ١٤٠٦ه ١٩٨٦ م. ص ٥٥ -.(٥٦ (١) الإمام عمر بن محمد السنامي: نصاب الاحتساب، دار الوطن، ١٤١٤ه ١٩٩٣ م، ص ٢٣١ . ويفترض التعامل أن النقود جيدة وليست مزيفة. لذلك هناك قاعدة تقرر راجع مفتي الشام محمود حمزة: ) « الإشارة إلى الدراهم في العقود تنصرف إلى الجياد ».( الفوائد البهية في القواعد والفوائد الفقهية، المرجع السابق، ص ٤١ ثانيا: أن على التاجر تعلم النقد، لئلا يسلم إلى مسلم زيف ً ا وهو لا يدري، ً فيكون آثما بتقصيره في تعلم ذلك العلم. فلكل عمل علم به يتم نصح ً المسلمين، فيجب تحصيله(١) . :ôNBG ó∏H á∏ªY ≈dEG ó∏H á∏ªY ∫OÉ©j Ée ∫É°SQEG RGƒL (ê إذ ردا على سؤال: ما حكم الحوالة المصرفية الصادرة أو الواردة؟ يقول المفتي العام لسلطنة عمان: ُ إن كان المحيل يدفع مبلغ » ً ا من المال إلى مؤسسة لتتولى هي نقله إلى الجهة المحال إليها فلا مانع من ذلك. وإن كان مع ذلك صرف للعملة إلى َ غيرها فهنا تكمن المشكلة. لأن الصرف يشترط فيه التقابض في المجلس، ولكن بعض المعاصرين ترخص في ذلك(٢) ، أخذ ً ا بالمروي عن ابن الزبير  في قضية ا لس ُ فتج َ « ة والله أعلم(٣) .  كذلك ردا على سؤال: هل تبديل العملة بزيادة يعد من الربا إذا لم يكن يد ً ا بيد، كأن يدفع المال في بلد ليأخذه في بلد آخر؟ يقول ا لبكري: صرف عملة بعملة أخرى وإن بتفاضل بينهما جائز يد » ً ا بيد. أما على الكيفية التي تقع الآن كثيرا، كأن تدفع إحدى العملتين نقد ً ا في ً (١) الإمام الغزالي: إحياء علوم الدين، دار الشعب، القاهرة، ج ٤، ص ٧٧٧ - ٧٧٨ ، راجع أيض ً ا الإمام عمر بن محمد السنامي: نصاب الاحتساب، المرجع السابق، ص ٢٣٣ -.٢٣٤ (٢) بل يقول ابن جعفر: أن ا لنبي ژ نهى عن قرض جر منفعة، فمن أقرض قرضا لنفع صار إليه كان ً عليه رده، كما لو أقرض شخص ً ا دراهم مكسورة ليدفع إليه بدلها دراهم صحاح ً ا كان على . المقترض رد ما أخذ أو مثله مع التوبة، انظر ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤١٣(٣) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: فتاوى المعاملات، الأجيال للتسويق، روي، سلطنة عمان، ُ . ص ١٢٧  المجلس على أن يوضع صرف العملة الأخرى في مكان متفق عليه. وقد يكون بعيد ً ا أو في بلد آخر: أما ذلك فأرى والله أعلم أن الشرع لا يمنع مثل هذه العملية التي تتوقف عليها أحيان ً ا حياة أحد الطرفين. وقد يقال: يعكر على المسألة أن بين إجراءها ووضعها في المكان المتفق عليه أجلا ً ، والأجل لا يتفق معه شرط يد ً ا بيد الملتزم في عملية الصرف. قلنا والله أعلم : إن الأجل هنا لا يضر أما أولا ً : فلأن ذلك الأجل غير ملحوظ في الصفقة ولا كانت الزيادة في مقابله فيعتبر ربا، وأما ثانيا فقد يتعذر إخراج إحدى العمليتين لقيد الحجر المفروض ً على العملة واعتبار بعض الحكومات إخراجها يعاقب عليه، تهريبا لها، ً وعليه فتيسيرا للمعاملات وإسعاد ً ا لكثير ممن ألجأتهم الضرورة القصوى ً لإنقاذ حياتهم يعتبر صاحب العملة التي لم يقبض صرفها في حكم القاضي فعلا ً بعد أن حدد سعر عملته وعهد إليه وتعهد أن يضعه في « المكان المتفق عليه(١) . (١)١٤٠٢ ، بكلي عبد الرحمن: فتاوى البكري، ج ١ه ١٩٨٢ م، ص ٢٤٢ ، كذلك ردا على ٰ سؤال: شراء العملة الفرنسية التي تقدر قيمتها الرسمية بأقل من الدينار الجزائري في الجزائر بقيمة مضاعفة وهي مهربة إلى الجزائر وشراء نفس العملة بالدينار المهرب إلى فرنسا(؟) فما هو قول الشارع؟ يقول: الأولى التعبير بصرف العملة لا بشرائها وسواء في ذلك صرف عملة الجزائر في فرنسا أو »صرف عملة فرنسا في الجزائر. فكلا الأمرين جائز يد ً ا بيد لأنهما من قبيل الصرف. ولا عبرة بقيمة العملة في بلدها وإن اعتبرت فيها رسمية بل العبرة بقيمتها الواقعية لدى غيرها من الدول. وبالطبع فهي تختلف تبعا لاقتصاد دولتها وثقة الدول بضمانها وعلاقاتها ً بها. لذلك تختلف قيمتها بينها. وأنت خبير أن التضخم المالي قد أصاب مختلف الدول وبحسبه تفقد العملة قيمتها الحقيقية. فتجدها تتأرجح ارتفاعا وانخفاضا فكانت بذلك ًً عملة كل لدى الأخرى صرفها، وبمقتضى ذلك أصبحت العملات بين الدول بمثابة البضائع المختلفة الأثمان لدى المقايضة فكانت لذلك صرف ً ذات المرجع، ،« ا ص ٢٢٥ -.٢٢٦ :á«eÓ°SE’G ádhódÉH IQÉ°V á«bQƒdG Oƒ≤ædG (O  من المعلوم أن العملتين اللتين لهما قيمة حقيقية، هما: الذهب والفضة. وقد كان المسلمون في عمان يستخدمونهما في تعاملاتهم، لكن ُ وهي تقابل ) « النوط » حينما جاء الاستعمار واحتل بلادهم استبدل بهما الكلمة الإفرنجية Note والتي جاءت منها أيض ً ا كلمة بنكنوت) وهي عبارة عن عملة ورقية تقوم مقام الذهب والفضة في القيمة المطبوعة عليها. وقد هاجم السالمي هذه الأوراق المالية، في معرض حديثه عن: الكشف عن إحدى الدسائس في مجال الاقتصاد، إذ من المعلوم أن        المسلمين كانوا يتعاملون في تجارتهم وتبادل منافعهم بالنقدين: الذهب  ِِ والفضة، وهما العملتان اللتان لهما قيمة حقيقية، ث ُم جاء الاستعمار ََ  فاستبدل بهما أوراق ً ا لها قيم اعتبارية، فقال السالمي في ه َ ذا الشأن: وهذا »  أمر أحدثه النصارى تقوية لدولتهم، وإجراء لحيلتهم، فوضعوا   ِ للناس القراطيس، وأخذوا منهم الصفراء والبيضاء، وحملوها إل َ ى دولتهم، فلو قدر الله ع َل َ ى دولتهم ذهاب من أراضي المسلمين بقيت ِ الذهب والفضة عند النصارى في عمل النوط، ولم تفطن لها طوائف الإسلام، فقبلوها صرف ً ا، وتعاملوا بها في الأماكن التي تحت دول ِ َ الأعداء، فصار ذلك َ رضا منهم بالتعامل، فلو تنبهوا لها في أول الأمر لحرموا قبولها، لأنه َ ا من الأسباب المقوية للكفر ع َل َ ى الإسلا َ م ، و ِ َ ع َل َ ى الحازم الحاذق أن لا يقبل عن نقده قرطاسة، لأنها من الأسباب المقوية َ للكفر ع َل َ ى الإسلا َ م، و َ ع َل َ ى الحازم الحاذق أن لا يقبل عن نقده قرطاسة، لأن َ ه ُ « من ضياع ا لمال(١) . (١) . جوابات الإمام السالمي، ج ٤، ص ٣٨٦ ويعلق رأي على هذا القول للإمام السالمي بقوله: وهذا الرأي من السالمي، وإن كان نابع » ً ّ فار وإضعاف المسلمين، إلا   ، وهو تحريم َ َُ  ا من منطلق فقهي يعتبر في نظرنا من الآراء   ة أي  ا لو ظل تقوية الك ُ أ َ ن ه ُ  الاقتصادي ة البعيدة النظر، إذ لم ي البلدان الإسلا َ مية، وصارت أحد أسباب التضخ   عد للأوراق ا لنقدي َُ قيمة في كثير من م، ورب َُ  م َ وا يتعاملون بما له قيمة ح َ ِ ة (الذهب و َ ِ بوا كثير ً    قيقي الفضة) لتجن ا من المشاكل المالي كالتدهور المفرط في العملات، وظاهرة التزوير المنتشرة في العالم. و َ ه َ ذ َ ا  الرأي يحتاج إلى تأم الخبراء ا لمالي   ة، ل ونقد من ق ِ بل ِ َ « ين (١) . ¢ùeÉîdG åëѪdG ¢Vhô`≤dG قد تحتاج الدولة إلى مبلغ من المال تقترضه من دولة أخرى. وهذا من الأمور المسموح بها في شريعة الإسلام، وعند ا لإباضية، بشروط هي: ّ ô«Z ∫ÓM øeh ¢ùØf Ö«Wh ¢UÓNEÉH ¿ƒμj ¿CG{ »°†à≤j ¢Vô≤dG ø°ù oM (CG .(2)zA…OQ :(3)ΩGôM ƒ¡a IóFÉa ¬æY èàf GPEG ÉeCG ,∫ÓM IóFÉa ¿hóH ¢Vô≤dG (Ü فقد نهى رسول الله ژ عن قرض جر منفعة(٤) . لذلك من الضوابط التي ويضيف: « كل قرض جر منفعة لم يجز » وضعها الإمام ابن بركة أن (١)مصطفى بن محمد شريفي: الشيخ نور الدين السالمي، المطبعة العربية، ص ٣٣٤ - .٣٣٥ (٢) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٢، ص ١١٣ - ١١٤ ، قاله في معرض تفسيره لقولة تعالى: ﴿ ´ ¸¶µ »º¹﴾ [ [البقرة: ٢٤٥ . (٣) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: لقاءات الفكر والدعوة، المجلد الأول، ص ٢٢٥(٤) . أخرجه البيهقي، كتاب البيوع، ج ٥، ص ٣٤٨ ؛ والربيع، كتاب البيوع، رقم ٥٦٣ فمن أقرض قرضا لنفع صار إليه، كان عليه رده، وهو أن يسكن الرجل » ً رجلا ً بيت ً ا له شهرا على أن يقرضه دينارا أو درهما فهذا لا يجوز، وعلى ً ًً الساكن كراء البيت لصاحبه وله استرجاع ديناره وكذلك لو أقرض دراهم مكسرة ليدفع إليه بدلها دراهم صحاحا كان على المقترض رد ما أخذ أو ً « مثله مع ا لتوبة(١) . k á≤jô£H ÉWhô``°ûe ø``μj ºd GPEG õ``FÉL ¢Vô≤dG ≈``∏Y Ö``Jôàj …ò``dG ™``ØædG (ê :á≤Ñ°ùe   فقد روى أبو عبيدة عن جابر عن ابن عباس عن أبي رافع مولى ِِ رسول الله ژ قال: استس ْل َف َ رسول الله ژ ب َك ْر ً ا ف َج َاء َته ُإبل ُ الصد َ قة فأمرني ِ أن أقض َ ي ا لرج َ ل ب َك ْ ر َه ُ فقلت ُ لم أجد ْ في الإبل إلا جملا ً رباعيا خيار ً ا فقال: ِِ  ا» َق ْضه إياه ُ ف َإ ِ ن خ َ ير الناس أحسن ُ هم قضاء ً«(٢) .  (١) ابن بركة: الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤١٣ . راجع أيض ً ، ا: ابن جعفر: الجامع ج ٢ ص ٤١٣ ؛ خلفان الحارثي: القواعد الفقهية عند الإمام ابن بركة، ندوة القواعد الفقهية بين التأصيل والتطبيق، ص ٢٦٧ - ٢٦٨ ؛ معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ّ . ج ٢، ص ٩٣٧(٢) ؛ الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، حديث رقم ٥٨١ ؛ أ بو داود، كتاب البيوع، رقم ٣٣٤٦ مسلم، كتاب المساقاة، رقم ١١٨ . واستناد ً ا إلى هذا الحديث، يقرر رأي بخصوص الضابط الذي وضعه الإمام ابن بركة والسابق الإشارة إليه أن القرض الجار للنفع إنما يحرم إذا وقع اشتراط ذلك النفع في العقد، بخلاف ما إذا لم يكن هناك شرط في ذلك، فإنه ينبغي فيه، « مشروطة » تقييد الإطلاق الوارد في صيغة هذا الضابط عند الإمام ابن بركة بزيادة لفظ وهذا القيد وإن لم يذكره الإمام .« كل قرض جر منفعة مشروطة لم يجز » : فتكون صيغته هي حيث ،« الجامع » ابن بركة في صيغة هذا الضابط إلا أنه قد أشار إليه في موضع آخر في وجائز لمن كان عليه دين أن يقضيه ويزيده، ولصاحب الحق أن يأخذ ذلك إذا كان » : قال زهران المسعودي: الإمام ابن بركة السليمي البهلوي ودوره الفقهي في « بطيب نفس الدافع ١٤٢١ ،« الجامع » المدرسة ا لإباضية من خلال كتابهه . ٢٠٠٠ م، ص ٢٥٨ ّ يتضح من كل ما تقدم أن الفقه الإباضي وضع أصولا ً وقواعد مهمة للعلاقات الاقتصادية الدولية، تعتبر انعكاسا وبلورة لمبادئ الإسلام الثابتة ً وأركانه ا لجوهرية(١) . (١) الأخذ بتعاليم الإسلام في تجسيد الوحدة الإسلامية » : يقول المفتي العام لسلطنة عمان ُ الشاملة في بناء الأمة فكريا وأدبيا واجتماعيا واقتصاديا، ليتم التكامل بين الشعوب والدول ًً ًً والتنسيق بين رؤاها وخططها عملا ً بقوله تعالى: ﴿ ÂÁÀ¿ ﴾[ [المائدة: ٢ ، وتجسيد ً ا لقوله: ﴿ ¬ ¯® ﴾ [ [الحجرات: ١٠ ، قول النبي ژ : ترى المؤمنين في » توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر « الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: البعد السياسي لأسباب الفقر وحلوله في العالم الإسلامي، مكتبة الغبيراء سلطنة عمان، ١٤٢٧ه . ٢٠٠٦ م، ص ١٤٥ ُ ™HGôdG ÜÉÑdG (á«dhódG QÉ¡fC’Gh QÉëÑdG) á«dhódG √É«ªdG ¿ƒfÉb تمهيد ....................................................................................................................................................................................................... ٧ الفصل الأول: مقدمات دراسة قانون المياه الدولية في الفقه ا لإباضي ........................... ١٣ المبحث الأول: قسمة ا لمياه .......................................................................................................................................... ١٣ المبحث الثاني: أنواع ا لمياه .......................................................................................................................................... ١٩ الفصل الثاني: قانون البحار الدولية في الفقه ا لإباضي .................................................................. ٢٣ المبحث الأول: استخدامات ا لبحار ............................................................................................................................ ٢٨ أ ( استخدام البحار في ا لملاحة .................................................................................................................................. ٣٠ ١ أهمية البحار كطريق ملاحي ....................................................................................................................... ٣٠ ٢ أداة الملاحة البحرية ا لسفينة .................................................................................................................. ٣٥ ٣ الضرائب والجمارك التي تفرض على التجارة الدولية في ا لبحر ................................. ٣٨ ٤ استخدام البحار كطريق ملاحي حربي ............................................................................................... ٤٢ أولا ً دعوة غير المسلمين قبل قتالهم في ا لبحر ...................................................................... ٤٣ ثانيا الاستيلاء على سفن ا لعدو ........................................................................................................... ٤٤ ً ثالث ً ا الغنيمة في الحرب ا لبحرية ......................................................................................................... ٤٤ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٤١٠ ب) استغلال ثروات البحار (الصيد وغيره) ........................................................................................................ ٤٧ ١ القواعد ا لعامة ......................................................................................................................................................... ٤٧ ٢ التجارة الدولية الخاصة بثروات ا لبحار ............................................................................................ ٥١ المبحث الثاني: المناطق ا لبحرية: ................................................................................................................................. ٥٢ أ ( المناطق البحرية الخاضعة لسيادة ا لدولة ..................................................................................................... ٥٣ ١ الشواطئ أساس الامتدادات البحرية في الفقه ا لإباضي ....................................................... ٥٣ في الفقه الإباضي دليل على وجود « حريم النهر » ،« حريم البحر » ٢ مفهوم مناطق بحرية خاضعة للدولة ا لإسلامية ............................................................................................ ٥٨ ٣ جواز قعد ساحل البحر (تأجير موانئ البحار وأخذ خراج ذلك) إذا احتاج إليه ا لإمام .......................................................................................................................................... ٦٢ ٤ المرور البريء في البحر ا لإقليمي ......................................................................................................... ٦٤ ب) المناطق البحرية غير الخاضعة لسيادة ا لدول: ......................................................................................... ٦٧ ١ القواعد ا لعامة ......................................................................................................................................................... ٦٧ ٢ موقف الفقه ا لإباضي ....................................................................................................................................... ٧٠ أولا ً « ليس في البحر حماية، ولا ملك، ولا منع » : قاعدة ................................................ ٧٠ « في الأشياء المباحة الاشتراك في المنافع دون ا لملك » : ثانيا قاعدة ..................... ٧١ ً ثالث ً « لا يجوز القتال على ما أصله مباح » : ا قاعدة ................................................................. ٧٣ ج ( القرصنة في ا لبحار ........................................................................................................................................................ ٧٦ د ( إمكانية الأخذ بالأعراف السائدة في إطار قانون ا لبحار .................................................................. ٨٨ الفصل الثالث: قانون الأنهار ا لدولية .................................................................................................................. ٩١ المبحث الأول: قسمة ماء ا لأنهار .................................................................................................................................. ٩٣ المبحث الثاني: النهي عن بيع فضل ا لماء ........................................................................................................... ٩٤ المبحث الثالث: إصلاح ا لأنهار ................................................................................................................................... ٩٦ المبحث الرابع: تلافي إحداث أضرار بدول مجرى النهر عند ا ستخدامه ................................. ٩٧ فهرس الجزء الثاني ٤١١ الفصل الرابع: محاربة تلوث ا لمياه ............................................................................................................. ٩٩ المبحث الأول: أهمية حماية الماء من ا لتلوث ................................................................................................ ٩٩ أ ( ضرورة حماية البيئة من ا لتلوث ....................................................................................................................... ٩٩ ب) الأصل عدم تلوث ا لماء ........................................................................................................................................ ١٠٣ ج ( ضرورة محاربة تلوث ا لمياه .............................................................................................................................. ١٠٤ المبحث الثاني: منع تلوث ا لمياه ............................................................................................................................. ١٠٦ أ ( معنى تلوث ا لماء ....................................................................................................................................................... ١٠٦ ب) علة منع تلوث ا لماء ................................................................................................................................................. ١٠٧ المبحث الثالث: كيفية إزالة تلوث ا لمياه .......................................................................................................... ١٠٩  ¢ùeÉîdG ÜÉÑdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«dhódG äÉbÓ©dG ÇOÉÑe تمهيد: ............................................................................................................................................................................................... ١١٣ الفصل الأول: المبادئ الذاتية للعلاقات الدولية في الفقه ا لإباضي .............................. ١١٩ التصرف في إطار العلاقات الدولية مناطه » المبحث الأول: مبدأ « تحقيق مصلحة الدولة ا لإسلامية ................................................................................... ١١٩ المبحث الثاني: مبدأ إمكانية المغايرة في التعامل الدولي حسب ظروف كل حالة ............. ١٢٦ المبحث الثالث: مبدأ الاهتمام بأمر كل ا لمسلمين .................................................................................. ١٣٣ المبحث الرابع: التثبت من الأمور الخاصة بالعلاقات ا لدولية ...................................................... ١٣٨ المبحث الخامس: مبدأ إقليمية ا لاختصاص ................................................................................................... ١٤٥ أ ( ماهية ا لمبدأ .................................................................................................................................................................... ١٤٥ ب) مجالات تطبيق مبدأ ا لإقليمية .......................................................................................................................... ١٤٨ ١ إقليمية الاختصاص في مجال الجرائم والعقوبات ............................................................... ١٤٨ ٢ إقليمية الاختصاص بشأن ما يجب تطبيقه وقت ا لحرب ................................................ ١٤٩ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٤١٢ ٣ إقليمية الاختصاص بشأن القوانين واجبة ا لتطبيق ................................................................ ١٥٠ ٤ إقليمية الاختصاص بشأن المسائل ا لمالية ................................................................................... ١٥٢ ٥ إقليمية الاختصاص بخصوص تطبيق القوانين على ا لأجانب ..................................... ١٥٣ ٦ جواز الخروج على مبدأ إقليمية الاختصاص بالتطبيق لقاعدة: « المسلم يلتزم بأحكام الإسلام أينما كان » .................................................................................. ١٥٤ المبحث السادس: مبدأ ضرورة الحذر في إطار العلاقات ا لدولية .............................................. ١٥٥ المبحث السابع: مبدأ جواز التقية في العلاقات ا لدولية ...................................................................... ١٥٨ المبحث الثامن: مبدأ الشورى بخصوص مسائل العلاقات ا لدولية ............................................ ١٦١ الفصل الثاني: المبادئ التعاملية للعلاقات الدولية في الفقه ا لإباضي ........................ ١٦٥ المبحث الأول: الرد القوي الذي يحفظ الهيبة ويراعي ا لحرمة .................................................... ١٦٥ أ ( ماهية ا لمبدأ .................................................................................................................................................................... ١٦٥ ب) أمثلة من السلوك ا لإباضي .................................................................................................................................. ١٦٨ المبحث الثاني: مبدأ المجازاة أو المعاملة بالمثل لكن في نطاق ا لفضيلة: ....................... ١٧٣ أ ( ماهية ا لمبدأ .................................................................................................................................................................... ١٧٣ ب) موقف الفقه ا لإباضي .............................................................................................................................................. ١٧٦ المبحث الثالث: استمرارية ا لدولة ........................................................................................................................ ١٨٣ المبحث الرابع: مبدأ تطبيق القواعد القانونية الدولية دون تمييز ................................................ ١٨٥ المبحث الخامس: ترك إثارة الشر ضد المسلمين وغير ا لمسلمين ............................................ ١٨٨ المبحث السادس: مراعاة عز الإسلام وعدم إعطاء ا لدنية ................................................................... ١٩٣ المبحث السابع: مبدأ جواز الدخول في الأحلاف التي تدافع عن الحق وتدفع ا لظلم ........... ١٩٨ « الولاية والبراءة في العلاقات ا لدولية » المبحث الثامن: مبدأ .......................................................... ٢٠٤ الفصل الثالث: مبادئ أخرى للعلاقات الدولية في الفقه ا لإباضي ................................. ٢٠٧ خاتمة مبادئ العلاقات الدولية في الفقه ا لإباضي .................................................................................. ٢١٩ فهرس الجزء الثاني ٤١٣ ¢SOÉ°ùdG ÜÉÑdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«°SÉeƒ∏HódG äÉbÓ©dG تمهيد: ............................................................................................................................................................................................ ٢٢٣ الفصل الأول: مفترضات العلاقات الدبلوماسية في الفقه ا لإباضي .............................. ٢٢٧ المبحث الأول: تبادل العلاقات ا لدبلوماسية .................................................................................................. ٢٢٧ المبحث الثاني: تشكيل البعثة ا لدبلوماسية ..................................................................................................... ٢٣٣ أ ( ضرورة توافر الكفاءة والتخصص ................................................................................................................. ٢٣٣ ب) إمكانية إرسال رسول واحد ............................................................................................................................... ٢٣٥ ج ( يمكن أن يكون السفير من أهل ا لخلاف ................................................................................................ ٢٣٧ د ( ضرورة أن يكون السفير أو الرسول مزود ً ا بأوراق ا لاعتماد .................................................... ٢٣٩ ه ( إمكانية تعيين رسل من غير ا لمحترفين ................................................................................................... ٢٤١ الفصل الثاني: وظائف البعثة ا لدبلوماسية ................................................................................................. ٢٤٣ المبحث الأول: أهم وظائف الرسل والسفراء في الفقه ا لإباضي ................................................ ٢٤٣ أ ( الدعوة إلى ا لإسلام .................................................................................................................................................. ٢٤٤ ب) إبلاغ رسالة أو الاستفسار عن أمر ما ......................................................................................................... ٢٤٩ ج ( إجراء ا لمفاوضات ...................................................................................................................................................... ٢٥٤ د ( تقديم ا لشكر ................................................................................................................................................................... ٢٥٦ ه) طلب ا لأمان .................................................................................................................................................................... ٢٥٧ و ( إبرام تحالف (إحالة) ............................................................................................................................................... ٢٥٩ ز ( التباحث بخصوص أمور ا لحرب .................................................................................................................. ٢٥٩ ح ( طلب رد الإرهابيين (المحاربين) .................................................................................................................. ٢٦١ المبحث الثاني: القواعد التي تحكم وظائف ا لرسل ............................................................................... ٢٦٣ أ ( كيف يرد الرسول في حضرة رئيس ا لدولة ............................................................................................ ٢٦٣ ب) الرسول بمنزلة ا لمرسل ......................................................................................................................................... ٢٦٦ ج ( الأمر بالأمر بشيء أمر به إذا تم بواسطة رسول ............................................................................... ٢٦٧ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٤١٤ د ( ضرورة التأكد من إنجاز الرسول لمهمته ................................................................................................ ٢٦٨ ه) إمكانية تحمل الرسول الضمان أو المسؤولية عن أفعاله ........................................................... ٢٧١ و ( ضرورة معرفة الرسول للغة البلد المرسل إليها ................................................................................. ٢٧١ ز ( الهدايا في إطار عمل ا لسفراء ........................................................................................................................... ٢٧٥ ح ( إمكانية تصريح الرسول بانطباعاته عما يراه في الدولة المرسل إليها ............................. ٢٨١ ط ( لتلافي خطر شديد « تقية » إمكانية كذب الرسول .............................................................................. ٢٨٢ ي ( إنجاز الرسول لمهمته يقتضي أن يتحقق الغرض منها ................................................................ ٢٨٣ الفصل الثالث: حصانة الرسل والسفراء (حصانة المبعوث ا لدبلوماسي وواجباته في الفقه ا لإباضي) ......................................................................................... ٢٨٥ المبحث الأول: القواعد التي تحكم حصانة المبعوث ا لدبلوماسي .......................................... ٢٨٥ أ ( الأصل تمتع الرسول بالحصانة ...................................................................................................................... ٢٨٥ ب) الخلاف مع الرسول لا يفسد للحصانة قضية ...................................................................................... ٢٩٠ ج ( الاعتداء على حصانة الرسول بالقتل يمكن أن يؤدي إلى إعلان الحرب على الدولة ا لمعتدية ................................................................................................. ٢٩٤ د ( إذا تم الاعتداء على حصانة الرسول، فلا تجب الدعوة قبل ا لقتال .................................. ٢٩٧ ه) إذا ارتكب الرسول جرائم في دار الإسلام، هل تتم معاقبته؟ ................................................ ٢٩٨ و ( الإباضية لا يوافقون أبد ً ا على قتل الرسول المرسل إليهم ....................................................... ٢٩٩ ّ المبحث الثاني: واجبات الرسل (السفراء) ....................................................................................................... ٣٠٢ أ ( عدم ارتكاب أي غدر أو خيانة ....................................................................................................................... ٣٠٢ ب) أداء المهمة الموكلة إلى السفير على أحسن وجه، حتى إذا تم عزله أو إنهاء وظيفته ......... ٣٠٣ ™HÉ°ùdG ÜÉÑdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a á«dhódG ájOÉ°üàb’G äÉbÓ©dG تمهيد: ............................................................................................................................................................................................... ٣٠٧ الفصل الأول: أسس العلاقات الاقتصادية في الفقه ا لإباضي .............................................. ٣١٣ المبحث الأول: المبادئ التي تحكم العلاقات الاقتصادية ا لدولية ............................................. ٣١٣ فهرس الجزء الثاني ٤١٥ أ ( مبدأ ا لتراضي ................................................................................................................................................................. ٣١٣ ب) ضرورة مراعاة ا لأخلاق ُ والقيم ا لفاضلة ................................................................................................... ٣١٤ ج ( المقاطعة ا لاقتصادية ................................................................................................................................................. ٣١٥ د ( « تعجلوا أو ضعوا » : مبدأ ....................................................................................................................................... ٣١٩ ه) التفاضل الاقتصادي بين ا لدول ...................................................................................................................... ٣٢٢ و ( النهي عن الغش في المسائل ا لاقتصادية ................................................................................................. ٣٢٤ ز ( النهي عن ا لغبن ........................................................................................................................................................... ٣٢٧ ح ( أداء الأمانات المستحقة للدول الأخرى ولرعاياها .......................................................................... ٣٢٩ المبحث الثاني: القواعد التي تحكم المال في الفقه ا لإباضي ....................................................... ٣٣٥ أ ( المال هو أساس أي تقدم اقتصادي، بل هو عمود ا رتكازه ...................................................... ٣٣٥  ب) عدم جواز أخذ أموال غير المسلمين بغير حق .................................................................................. ٣٣٨ ج ( التقية جائزة للدفاع عن ا لمال ........................................................................................................................... ٣٣٩ د ( عدم جواز شراء المال المغتصب، بخلاف ا لمؤمم ......................................................................... ٣٤٠ ه ( مصير الكنز الموجود في ديار غير ا لمسلمين ..................................................................................... ٣٤١ ُ و ( « كل مال أيس من معرفة ربه يصرف في الفقراء والمساكين » ................................................ ٣٤٣ ُ ز ( الإمام يتصرف فيها وفق » بيت المال أو الأموال العامة ً « ا لمصلحة ا لدولة .................... ٣٤٤ المبحث الثالث: تحريم الربا في المعاملات الاقتصادية ا لدولية ................................................. ٣٤٥ الفصل الثاني: موقف الفقه الإباضي من بعض المشاكل الاقتصادية ا لكبرى .......... ٣٤٩ المبحث الأول: التجارة ا لدولية .................................................................................................................................. ٣٤٩ أ ( القواعد ا لعامة ................................................................................................................................................................ ٣٥٤ ب) الرسوم والجمارك التي تفرض على التجارة ا لدولية .................................................................... ٣٥٦ ج ( الأحوال التي يحظر فيها ا لتجارة ................................................................................................................... ٣٥٩ ١ البيوع الدولية المنهي عنها ...................................................................................................................... ٣٥٩ ٢ عدم التجارة تطبيق ً ا لاتفاق دولي ........................................................................................................ ٣٦١ ٣ حظر المبادلات الدولية التي تقوي ا لعدو ................................................................................... ٣٦٣ أولا ً حظر تصدير السلاح إلى ا لعدو ........................................................................................... ٣٦٤ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٤١٦ ثانيا منع بيع كل ما يتقوى به العدو غير ا لسلاح ............................................................. ٣٧٠ ً ٤ منع نقل السلعة من بلد يحتاجها إلى بلد آخر ........................................................................ ٣٧١ ٥ تجارة الإمام مع رعيته لا تجوز، إنما الجائز تجارته خارج دولته ........................... ٣٧٢ ٦ عدم جواز التجارة في السلع ا لمحظورة ....................................................................................... ٣٧٣  المبحث الثاني: مشاركة غير ا لمسلمين (المشروعات المشتركة مع الدول غير ا لإسلامية) ................................................. ٣٧٤ المبحث الثالث: المساعدات الاقتصادية ا لدولية ........................................................................................ ٣٧٩ أ ( المبدأ ا لعام ...................................................................................................................................................................... ٣٨٠ ب) نقل الصدقة من بلد إلى بلد ............................................................................................................................. ٣٨١ ج ( نوعا المساعدة الاقتصادية ا لدولية ................................................................................................................ ٣٨٣ ١ مساعدة المسلمين للمسلمين ................................................................................................................. ٣٨٣ ٢ مساعدة المسلمين لغير ا لمسلمين ..................................................................................................... ٣٨٦ الاتجاه ا لأول ...................................................................................................................................................... ٣٨٩ الاتجاه ا لثاني ...................................................................................................................................................... ٣٩٠ الاتجاه ا لثالث .................................................................................................................................................... ٣٩٣ د ( تقديم المساعدة لغير المسلمين لدفع أذاهم (سهم ا لمؤلفة قلوبهم) ................................ ٣٩٤ المبحث الرابع: صرف النقود (أو تغيير العملة بعملة أخرى) ....................................................... ٣٩٨ المبحث الخامس: ا لقروض ......................................................................................................................................... ٤٠٦ فهرس الجزء ا لثاني .............................................................................................................................................................. ٤٠٩