 ١٤٣٤ غمي ٢٠١٣ م لا يجوز نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب في أي شكل من الأشكال أو بأية وسيلة من ا لوسائل سواء التصويرية أ و الالكترونية، بما في ذلك ا لنسخ الفوتوغرافي أ و سواه وحفظ ا لمعلومات واسترجاعها إلا بإذن خطي من ا لناشر . الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي :ó`«¡ªJ منذ بدء الخليقة وأعمال العنف أو الإرهاب تمارس على صعيد الكرة الأرضية. فالإرهاب إذن قديم في جذوره قدم الأزل. فيوم أن طغى الإنسان  على أخيه قتل هابيل قابيل. وقد صور القرآن الكريم ذلك بقوله تعالى:  ﴿ ³² ´¶µ ¸ »º¹  ﴾ [ [المائدة: ٣٠ . ومن الغريب أن يكون الإنسان من الأنواع القليلة جدا من الكائنات الحية التي  تعتدي على بني جنسها وتدمر بيدها من هو مماثل لها ومن نفس طبيعتها. وهو ما لا تجرؤ الحيوانات في الغابة على فعله، بل تعيش مع بعضها في سلام وتتعاون في سبيل البقاء معا. بينما يترتب على الأعمال ً الإرهابية تعريض عدد لا حصر له من بني البشر والأموال لمخاطر العنف  غير المميز. ذلك أنه منذ زمن بعيد تشهد البشرية العديد من أفعال العنف الخفية أو المعلنة، المنظمة أو غير ا لمنظمة.  والإرهاب قد يكون من حيث صوره داخليا أو دوليا، ومن حيث بواعثه أيديولوجيا أو سياسيا أو حتى مزاجيا، ومن حيث وسائله قد يتمثل في العنف، أو الخوف، أو استخدام المواد المتفجرة.. إلخ. وقد قرر فقهاء المسلمين أن الإرهاب من أسوأ الأفعال التي ترتكب في حق الإنسان، لذلك أدانوه(١) . (١) بل قالوا: إنه لا يلزم الإعذار للإرهابين، فقد أكد ابن فرحون أن هناك ثلاثة أحوال لا يلزم قامت عليه دعوة بفساد أو غصب أو » الإعذار فيها، ومن بينها أن الإعذار لا يلزم لكل من تعد وهو من أهل الفساد الظاهر أو من الزنادقة المشهورين بما ينسب إليهم فلا يعذر إليهم عمن » وهذه قاعدة في مذهب الإمام مالك تقضي بقطع الإعذار .« فيما شهد به عليهم استفاضت عليه الشهادات في الظلم وعلى مذهبه في السلابة والمغيرين وأشباههم إذا شهد عليهم المسلوبون والمنتهبون بأن تقبل شهاداتهم عليهم إذا كانوا من أهل القبول وفي .«...، قبولها عليهم سفك دمائهم، وفي الرجل يتعلق بالرجل وجرحه يدمى فيصدق عليه = ٨ وأما نفض أهل العرامة من خطة الإسلام ففي انتظام » : يقول الجويني الأحكام، ولا تصفو نعمة عن الأقذاء، ما لم يأمن أهل الإقامة والأسفار من الأخطار والأغرار. فإذا اضطربت الطرق، وانقطعت الرفاق، وانحصر الناس في البلاد، وظهرت دواعي الفساد، ترتب عليه غلاء الأسعار وخراب الديار، وهواجس الخطوب الكبار، فالأمن والعافية قاعدتا النعم كلها، ولا يتهنا « بشيء منها دونها(١) . ومن عجائب الأمور وسخريات القدر أن يربط كثير من الناس في الدول غير الإسلامية بين ظاهرة الإرهاب الدولي والإسلام متحدثين حتى « الإرهابيين المسلمين » و « الإرهاب الإسلامي » عن نوع من(٢) . = والأصل في الإعذار قول الله 8 في قصة الهدهد: ﴿ À¿¾½¼» ÃÂÁ ﴾ [ [النمل: ٢١ وقوله تعالى: ﴿ ¿¾½¼»º ﴾ [ [الإسراء: ١٥ ، وقوله تعالى: ﴿ ÍÌËÊÉÈÇÆÅÄà﴾ [ [طه: ١٣٤ . وقوله تعالى: ﴿ XWVUTSRQ ﴾ [ [النساء: ١٦٥ (راجع موسوعة الفقه الإسلامي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤٠٠ ، ج ١٦ ، ص ١٥٦ -.(١٥٧ (١) . الإمام الجوينى: غياث الأمام في التياث الظلم، دار الدعوة، الإسكندرية، ١٩٧٩ ، ص ١٥٧(٢) وهكذا في كتاب: «Terrorism: How the West can win», B. Netanyahu ed. (1986). ـ Khadduri: Political Terrorism in the Muslim World. ـ Lewis: Islamic Terrorism ? نجد المقالات ا لآتية: Vatikiotis: The Spread of Islamic Terrorism. راجع أيض ً ا: An ـ Naim: Islamic Ambivalence to Political Violence ـ Islamic Law and International Terrorism, German YIL,1988,P. 307 - 336. ويتحدث البعض عن الإرهابي الإسلامي Islamic Terrorist، راجع جون لانكستر، في: Tribune, USA, 21/11/1997International Herlad . كذلك يتحدث البعض في معرض حديثه عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في :« الأصولية ا لإسلامية » فلسطين عن تهديد = The Threat of Islamic Fundementalism. الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي ٩ مع أن الصلة بين الإسلام والإرهاب غير موجودة ا لبتة. وندرس موقف الفقه الإباضي من الإرهاب من حيث ماهيته، والجزاء المترتب على ا رتكابه. = أو التهديد المتزايد والمزعج للأصوليين ا لإسلاميين: «The Increasing and Menacing Threat Posed … by Islamic Fundementalists». M. Curtis: International Law and the Territories, Harvard International Law Journal, Vol. 32, 1991, p. 467 - 8. نشير إلى أمور ثلاثة: الأمن الذي هو ضد الإرهاب، وتعريف الإرهاب وتمييزه عن غيره، والقواعد التي تحكم ا لإرهاب. ∫hC’G åëѪdG zÜÉgQE’G{ ó°V ƒg …òdG zøeC’G{ IQhô°V ócDƒj »°VÉHE’G ¬≤ØdG يقول الراغب ا لأصفهاني: أصل الأمن: طمأنينة النفس وزوال الخوف. والأمن والأمانة والأمان » في الأصل مصادر. ويجعل تارة اسما للحالة التي يكون عليها الإنسان في ً الأمن، وتارة اسما لما يؤمن عليه الإنسان نحو قوله تعالى: ﴿ < ً =﴾ [ [الأنفال: ٢٧ « أي ما ائتمنكم عليه (١) . بل في القرآن يتم استخدام لفظة آمن لتدل على اسم المفعول، من ذلك قوله تعالى: ﴿ QPON﴾ [ [العنكبوت: ٦٧ أي مأمون ًا (٢) . (١) الراغب الأصبهاني: المفردات في غريب القرآن، تحقيق د. محمد أحمد خلف الله، مكتبة . الأنجلو المصرية، القاهرة، ١٩٧٠ ، ص ٣٠(٢) الإمام الزركشي: البرهان في علوم القرآن، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، الطبعة . الثانية، ج ٢، ص ٢٨٥ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١٢ يلاحظ أن الأمن هو نقيض الخوف والخيانة، ومنها ائتمن؛ أي أمن وأمن (ومنه اشتق أؤتمن، ومؤتمن)، وأمن بمعنى لم يخف (ومنها آمن، وآمنة، والأمن ضد الخوف)، ومنها أمن، والأمانة، وآمن، ومؤمن، وإيمان (١) . وقد تحدث القرآن الكريم عن فكرة الأمن بالنظر إلى أهميتها في أكثر من موضع، يقول تعالى: ﴿ ,+*)❁43210/.﴾ [٤ ، [قريش: ٣ . ﴿ <;:98765432 = HGFEDCBA@?> I﴾ [ [النحل: ١١٢ . ﴿ < FEDCBA@?>= RQPONMLKJIHG VUTS﴾ [ [النور: ٥٥ . ﴿ ! *)( '&%$# " +﴾ [ [الأنعام: ٨٢ (٢) . (١) لسان العرب لابن منظور، ج ١٣ ، ص ٢٢ ؛ المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، القاهرة، ١٣٨٠ ه -١٩٦٠ م، ج ١، ص ٢٧ -.٢٨ (٢) بخصوص قوله تعالى: ﴿ ')(﴾ [ [الأنعام: ٨٢ ، قيل إنه من الإيجاز الذي جمع فيه المعاني الكثيرة في الألفاظ القليلة، فقد دخل تحت الأمن جميع المحتويات لأنه نفى به أن يخافوا شيئ ً ا من الفقر والموت وزوال النعمة والجور وغير ذلك من أصناف المكاره؛ فلا ترى كلمة أجمع من هذا (القلقشندي: صبح الأعشى في صناعة الإنشا، طبعة مصورة عن الطبعة الأميرية، ج ٢، ص ٣٣٣ ؛ أبو الهلال العسكري: كتاب الصناعتين، المكتبة العصرية، صيدا بيروت، ١٤٠٦ ه -.( ١٩٨٦ م، ص ١٧٦ إنما هو من الخوف والخوف مكروه والمكروه منع » : وبخصوص ذات الآية، يقول الثعالبي المحبوب أو وقع مسخوط، فإذا نالوا الأمن بإطلاق ارتفع عنهم الخوف وارتفع بارتفاعه = الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي ﴿ WVUTSRQPONMLK X ﴾ [ [يوسف: ٩٩ . وفكرة الأمن أيض ً ا دعا بها إبراهيم 0 للبلد الحرام مكة فاستجاب له ربه، يقول تعالى: ﴿ <;:9876543 = > ? ﴾ [ [إبراهيم: ٣٥ . وقد أجابه 4 : ﴿ QPONML UTSR ﴾ [ [العنكبوت: ٦٧ . ﴿ ÒÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇ ﴾ [ [البقرة: ١٢٦ .  وأقسم الله بالبلد الآمن الذي يخلو من الفزع والرعب ﴿ ÕÔÓ ×Ö ﴾ [ [الواقعة: ٧٦ ؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿ ' )( ﴾ [ [التين: ٣ ؛ أي ا لآمن. بل ويبدو تركيز الإسلام على شجب الإرهاب من حديث القرآن الكريم في  أكثر من آية عن البلد الآمن، كقوله تعالى: ﴿ QPONML ﴾ . ﴿ onmlkjihgf ❁ srq zyxwvut ﴾ [٩٧ ، [آل عمران: ٩٦ . ﴿ ]\[ZYXWVUT `_^ edcba ﴾ [ [سبأ: ١٨ . ولمكانة الأمن وأهميته بشر الله رسوله ژ بالرؤيا الصادقة، ووعده َ وأصحابه بدخول المسجد الحرام آمنين مطمئنين، يقول تعالى: ﴿ ¡ = الثعالبي: الاقتباس من القرآن الكريم، دار الوفاء، المنصورة، ١٤١٠ ه ) « المكروه - ١٩٩٠ م، .( ج ٢، ص ١٩٧ ١٤ ¯®¬«ª©¨§¦¥¤£¢ ¾½¼»º¹¸¶µ´³²±° À¿ ﴾ [ [الفتح: ٢٧ . ولما فتحت مكة كانت أول مهمة حق ّ قها الرسول الكريم ژ هي كفالة الأمن لكل من يعيش فيها، حيث قال: من أغلق بابه » فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن دخل بيت أبي سفيان « فهو آمن . ولا شك أن ذلك يدل دلالة أكيدة على أن الانتصار العسكري يجب ألا ينحى الأمن إلى مرتبة دنيا، وإن ّ ما الأمن فكرة أقرها الإسلام وقت ّ السلم والحرب. كذلك من الثابت عنه ژ أنه قال: من أصبح منكم آمن » ً ا في سربه، ِ « معافى في بدنه، معه قوت يومه، فكأنما حيزت له ا لدنيا(١) . يقول ابن رضوان ا لمالقي:  « شر الدول دولة لا أمن فيها » (٢) .  كذلك في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ !" &%$# ' ﴾ [ [آل عمران: ١٥٤ . (١)تفريع ً ا على هذا الحديث يقرر رأي أن الشريعة الإسلامية تعتبر الأمن والطمأنينة والاستقرار أول المطالب الأساسية الثلاثة في هذه الحياة، وهي كما تبدو من الحديث الشريف الأمن والصحة والقوت (د. محمد عبد الله دراز: دراسات إسلامية في العلاقات الاجتماعية والدولية، دار القلم، الكويت، ١٣٩٤ ه -. ١٩٧٤ م، ص ٥٧ (٢) ابن رضوان المالقي: الشهب اللامعة في السياسة النافعة، تحقيق د. سامي النشار، دار الثقافة، الدار البيضاء، ١٤٠٤ ه -. ١٩٨٤ م، ص ٤٣١ ومن موعظة للشافعي قالها لأمير المؤمنين هارون ا لرشيد: يا ذا الرجل إنه من أطال عنان الأمن في العز طوى عذار الحذر في المهلة... ومن »عبد الرحمن سنبط الأربلي: خلاصة الذهب ) « أمن وأحسن الظن بالله كان في أمنه ٰ المسبوك مختصر من سير الملوك، تحقيق مكي السيد جاسم، مكتبة المثنى بغداد، .( ص ٢١١ الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي الأمنة والأمن سواء، وقيل: الأمنة تكون مع » : يقول الإمام القرطبي « أسباب الخوف، والأمن مع عدمه(١) . ولي الأمر يحتاج إلى ألف خطة، ولكنها مجموعة في » ومن الثابت أن َ خصلتين، إذا عمل بهما كان عادلا ً « وهما: عمران البلاد، وأمن ا لعباد(٢) . وقد أقر الفقه الإباضي أن الأمن ضروري لحياة البشر، استناد ً ا إلى ّ حقيقة ومسلمة بدهية أكدها المفتي العام لسلطنة عمان بقوله: ُ وقد حققت عدالة الإسلام الماثلة في تشريعه الحكيم أمن الإنسانية » « واستقرارها في كل البقاع التي امتد إليها نفوذ الدولة ا لإسلامية(٣) .  (١) . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ٤، ص ٢٤١ كذلك قيل: ثلاثة يجهل مقدارها الأمن والصحة والقوت فلا تثق بالمال من غيرها لو أنه در وياقوت  ذكرها السيد أحمد الهاشمي: جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، دار إحياء التراث . العربي، بيروت، ط ١٢ ، ص ١٤٣(٢) خير الدين التونسي: مقدمة كتاب أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك، تحقيق معن . زيادة، دار الطليعة، بيروت، ١٩٧٨ ، ص ١١٧(٣) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: جواهر التفسير، مكتبة الاستقامة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٤ ه -. ١٩٨٤ م، ج ١، ص ٩٧ وأي ضرر أعظم من تخويف الناس في أنفسهم وأرواحهم، » : كذلك يقرر رأي آخر « والتعدي على حقوقهم بما يفسد حياتهم د. سعيد بن سليمان الوائلي: البعد الحضاري لتفسير القرآن عند ا لإباضية، رسالة دكتوراه، المعهد ّ الأعلى لأصول الدين، جامعة الزيتونة تونس، ١٤٢٩ - ١٤٣٠ ه / ٢٠٠٨ -. ٢٠٠٩ م،ص ١٨٦ إذن فتوفير الأمن في الدولة هو أهم شيء يعتني به الإمام، ويرى » : ويضيف رأي آخر الوارجلاني أن الدفاع عن الوطن وقهر كل ظالم أراد الاعتداء عليه حق من حقوق الأرض « التي يأكل الإمام خراجها، إذ لا يستقيم أمر لدولة لم تضمن أمنها ولا استقرار أوضاعها عدون جهلان: الفكر السياسي عند الإباضي ّ ة، مكتبة الضامري، سلطنة ع ُ مان، ١٤١١ ه -. ١٩٩١ م، ص ٢٠٦ ١٦  ولأهمية الأمن الذي هو نقيض الخوف، دعا ا لعلامة أطفيش ربه قائلا :ً  ِ « اللهم آمنا من الخوف والجوع في الدنيا والآخرة »(١) .  أبو » ومن الأحاديث التي تروى في هذا الشأن عن ا لنبي ژ ، ما رواه   عبيدة عن جابر بن زيد قال: بلغني عن رسول الله ژ قال: من روع مسلما، » ً روعه الله يوم القيامة ومن أفشى سر أخيه أفشى الله سره يوم القيامة على « رؤوس ا لخلائق(٢) .  « أفزعه وخوفه » أي ،« روع مسلما » ومعنى(٣) ، وفي التقييد بالمسلم ً إلى جواز ترويع من لم يتصف بالإسلام، أما المحارب فظاهر » : إشارة ِ وأما الذمي فالذمة تحميه، وأما الفاسق فإن ْ فعل موجب الترويع كقتل ََ  ٍٍ النفس بغير حق أو زنا بعد َ إحصان أو فساد في الأرض أو نحو ذلك فالواجب إنفاذ  حكم الله فيه وليس هو بالمسلم الذي لا يحل ُ  « ه (٤)  ترويع . ُ لما فيه من الوعيد الشديد » كبيرة « يدل على أن الترويع » كما أن الحديث  « لفاعل ذلك(٥) . (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٦ ، ص ٣٨٨ (قاله في معرض التفسير للآية ٤ من سورة قريش). (٢) حاشية الترتيب للعلامة ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، ج ٤، حديث . رقم ٧١١ ، ص ١٢٤(٣) ذات المرجع، ذات ا لمكان. (٤) سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، مكتبة مسقط، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه -. ١٩٩٤ م، ص ٥٤٠ ُ (٥) . ذات المرجع، ص ٥٤١ الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي »fÉãdG åëѪdG ¬¡Ñ°ûj ób Ée ø«Hh ¬æ«H ábôØàdGh ÜÉgQE’G ∞jô©J نشير إلى أمرين: :z»HÉgQE’G hCG ÜQÉëªdG{ ÜÉgQE’G ∫ɪYCG ÖμJôeh ,zÜÉgQE’G{ ∞jô©J (CG تعرض الفقه الإباضي لهذه المسألة في معرض دراسته للحرابة، والمحارب. وهكذا تم تعريف الحرابة بأنها: قطع الطريق باجتماع وقوة شوكة. وتعرض لدم من عصم دمه، ومال » « من عصم ماله من أهل التوحيد وغيرهم (١) . الذين يقعدون في المرصد، في طريق المسلمين، » : أما المحاربون، فهم فيصيبون منهم الدماء والأموال، أو يقعون بأموال المسلمين، فيساقون ظلما ً وعدوان ً « ا، فيتبعهم ا لمسلمون(٢) وتم تعريفهم أيض ً ا بأنهم: . الجماعة من الناس يجتمعون فيكونون عصبة واحدة لهم قوة يحمي » بعضهم بعض ً ا فيقصدون المسلمين في أنفسهم وأموالهم فهم من البغاة، قال الشيخ سعيد بن حمد ا لراشدي 5 في قصيدته على ا لرشاد: أما البغاة صنوف منهم فئة جاءت تقاتل أخرى في البيوت بلا حق ّ وتخرجهم جهرا وتسلبهم قهرا وتستأصل الأموال والنسلا ًً (١) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٤٤ ّ (٢) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١١٦ ١٨ كذا إذا قصدوهم في طريقهم ومنهم معتد قد قطع السبلا ومنهم سالب للمال منتهب جهر ﹰ « ا يدين بتحريم الذي أ كلا(۱) ويقول ا لوارجلاني: واعلم أن المحارب كل من أخاف السبيل وأعلن بالفساد في الأرض. » وأشار القرآن إلى بعض أوصافه. قال 8 : ﴿ § ¬«ª©¨ º¹¸¶µ´³²±°¯® ÈÇÆÅ❁ ÃÂÁÀ¿¾½ ❁ » أجرينا عليهم  ÑÐÏÎÍÌËÊÉ ﴾ [ [الأحزاب: ٦٠ ٦٢ فأثبت الإرجاف أنه من موجبات القتل. وكذلك ظهور خصال ا لنفاق. وإن أظهر قوم إخافة السبيل والإرجاف، أعذرنا إليهم. وإلا حكم ا لله 8« (٢) . من الزيادة المضافة من كتاب الأشياخ سألت أبا » : وجاء في بيان الشرع معاوية عن المحارب ما هو؟ قال المحارب الذي يعدو على الناس بسلاحه شاهرا به عليهم فيأخذ أموالهم فهذا هو ا لمحارب. ً قلت: فإن شهر السلاح في سوق المسلمين هل يكون محاربا؟ ً قال: لا حتى يشهر السلاح على الناس، قلت: فما هو السلاح؟ قال مثل السيف والرمح والمدية. (١) . سالم بن خلفان: المرجان في علوم القرآن. ١٤٣١ ه ٢٠١٠ م، ج ٣، ص ٣٦ (٢) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٧٢ . وقد أخذ بذات .« من أخاف السبيل وأعلن بالفساد في ا لأرض » : التعريف أطفيش بقوله إن المحارب . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٦١٤ والمحارب من أخاف السبيل وأعلن الفساد » : وأخذ به أيضا معجم المصطلحات الإباضية ًّ في الأرض، ويدخل فيه كل من سعى في إحداث الفتنة، وإحداث القلاقل، وإثارة الشغب، . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٤٥ « وترويع الآمنين ّ الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي ١٩ قلت: فإن أشار بعصا؟ قال: ليس ذلك بمحارب، قلت: وإن أشار بحجر أو رمى بها؟ قال: وهذا ليس بمحارب. قلت: فصاحب القوس إذا أراد أن يرمي بها أو رمى بها هل يكون محاربا؟ قال المضيف: لم أجد ً لها جوابا في هذا الموضع بل الذي عرفت من الأثر إنه يكون محاربا ًً « والله أعلم(١) . المحاربون هم: قطاع الطرق والمنقلبون على الإمام » : كذلك قيل « والمفسدون في ا لأرض(٢) . من هذه التعريفات يمكن القول: إن فكرة الإرهاب في الفقه الإباضي تقتضي أن تتوافر فيها العناصر ا لآتية: ١ من حيث الموضوع: استخدام العنف، المتمثل في القوة غير المشروعة ضد الأشخاص أو الممتلكات أو ا لأموال. ٢ من حيث الوسائل: أن تكون وسائل العنف المستخدمة من الوسائل التي تحقق أثر الإرهاب، فإن لم تكن كذلك كاستخدام العصا أو الأحجار، فإنها تخرج من نطاق الحرابة، وإن كان ذلك لا يمنع من تكييفها كجريمة أخرى (الضرب مثلا ً أو الجرح أو القتل ا لعادي). ٣ من حيث الغاية: أن يترتب على الفعل الإرهابي إخافة السبيل أو تحقيق الفساد في الأرض، وهذا هو الغرض النهائي للإرهاب والذي يميزه عن أعمال العنف ا لأخرى. (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٣٨ . انظر أيض ً ا جامع أبي الحواري، . ج ١، ص ٨٨(٢) أبو إسحاق إبراهيم الحضرمي: كتاب الدلائل والحجج، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣٣ ه -٢، ص ٦٥٠ ، ٢٠١٢ م، ج ١ -.٦٥١ ُ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٢٠ ٤ من حيث الماهية: تتفق الحرابة مع الإرهاب في أن ك ُ لا منهما يشكل فساد ً ا في الأرض وانتهاك ً ا لحرمات النفس والمال.  تلكم هي أهم عناصر الإرهاب في الفقه ا لإباضي(١) . وهذه التعريفات التي قال بها الفقه الإباضي لا تختلف عن تلك التي أخذ بها أصحاب المذاهب الإسلامية ا لأخرى: وقد ذهب أكثر العترة والفقهاء إلى أن المحارب هو » : يقول الشوكاني من أخاف السبيل في غير المصر لأخذ المال وسواء أخاف المسلمين أو الذ ّ« ميين(٢) . ّ ويقول ابن كثير: المحاربة هي المضادة والمخالفة وهي الصادقة على الكفر وعلى قطع » « الطريق وإخافة السبيل وكذا الإفساد في ا لأرض(٣) . وجاء في الشرح ا لصغير: المحارب الذي يترتب عليه أحكام الحرابة قاطع الطريق: أي مخيفها » لمنع سلوك: أي مرور فيها، ولو لم يقصد أخذ مال المارين، كانت الطريق « في فلاة أو عمران(٤) . (١) ذلك الرهط من أهل الإقرار » يقول ابن جعفر: إنهم ،« الراصدين من الطريق » بخصوص يكونون بمرصد طريق المسلمين فيصيبون الأموال منهم والدماء وهم مستترون بذلك ابن جعفر: « يظهرون تحريمه والإقرار بحدود ما أصابوا منه، فيطلع عليه منهم فيطلبون به ُ كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ٨، ص ١٩ -.٢٠ (٢) نيل الأوطار للشوكاني، ج ٧، ص ١٥١ وما بعدها. (٣) . تفسير ابن كثير، ج ٢، ص ٤٧(٤) الدردير: الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك، تحقيق د. مصطفى . كمال وصفي، دار المعارف، القاهرة، ج ٤، ص ٤٩١ الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي وجاء في حاشية ا لشرقاوي: وقطاع الطريق) وهم طائفة يترصدون في المكامن لأخذ مال أو لقتل )» أو إرعاب مكابرة ا عتماد ً « ا على الشوكة مع البعد عن ا لغوث(١) . ويرى الإمام ابن حجر أن قطع الطريق، أي إخافتها تعد كبيرة من الكبائر ولو لم يقتل نفسا ولا أخذ مالا ً ، فكل من شهر السلاح على المسلمين كان ً محاربا لله ولرسوله(٢) . ً :¬H §∏àîj ób Éeh ÜÉgQE’G ø«H ábôØàdG (Ü قد يتشابه الإرهاب مع بعض المفاهيم الأخرى، لذا وجب التمييز بينه وبينها(٣) ، خصوصا الحالات ا لآتية: ً (١) حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب للأنصاري، ط البابي . الحلبي، القاهرة، ج ٢، ص ٣٩٩  (٢) الإمام ابن حجر الهيتمي: الزواجر عن اقتراف الكبائر، دار الشعب، القاهرة، ص ٥٦٥ -.٥٦٦ (٣) يراعى أن هناك فارق ً في الشريعة الإسلامية. « الحربي » ولفظة « المحارب » ا بين كلمة فالمحارب هو من استخدم السلاح لترويع الناس أو للحصول على أموالهم، أما الحربي فهو غير المسلم الذي يقاتل المسلمين ويدخل في حرب ضدهم، كذلك فالأول قد يكون مسلما أو غير مسلم يقيم بين ظهرانينا (كالمستأمن) أما الثاني فلا يتصور فيه عادة ً إلا أن يكون غير مسلم. وأخيرا من الناحية المكانية يمارس المحارب نشاطه عادة فوق ً إقليم الدولة الإسلامية أو ضد مصلحة تابعة لها، بخلاف الحربي الذي ينطلق عادة من إقليم دولته. فالصواب الذي عليه جماهير المسلمين أن » : وقد أشار ابن تيمية إلى الفارق الأول بقوله من قاتل على أخذ المال بأي نوع كان من أنواع القتال فهو محارب قاطع، كما أن من   قاتل المسلمين من الكفار بأي نوع كان من أنواع القتال فهو حربي، ومن قاتل الكفار من انظر ) « المسلمين بسيف، أو رمح أو سهم، أو حجارة، أو عصى، فهو مجاهد في سبيل الله .( مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، مطابع الحكومة، الرياض، ج ٢٨ ، ص ٣١٦ ٢٢  :« وقتل ا لغيلة » ١ التمييز بين الإرهاب  جاء في سيرة سالم بن ذكوان: ولا نرى الفتك بقومنا وقتلهم في السر وإن كانوا ضلالا » ً ما دمنا بين ظهرانيهم، نظهر لهم الرضا بالذي هم عليه، وذلك أن الله لم يأمر به في كتابه ولا نعلم أحد ً ا ممن مضى من أولياء الله في الأمم الماضية استحل  شيئ ً ا من ذلك، وهو بمثل منزلتنا فنقتدي بسنتهم في ذلك(١) . ُ ولم يفعله أحد من المسلمين ممن كان بمكة بأحد من المشركين فنفعله نحن بأهل القبلة. وقد أمر الله نبيه أن ينبذ إلى من خاف منه خيانة فقال: ﴿ m ّ {zyxwvutsrqpon ﴾ « [ [الأنفال: ٥٨(٢) . لا نرى الفتك بقومنا، ولا قتلهم غيلة في » : وهكذا من قواعد الإباضية ّ « السر لأن الله لم يأمر به في كتابه، ولم يفعله أحد من ا لمسلمين(٣) . (١) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه - يقتل » ١٩٨٦ م، ج ٥، ص ٥٥ . ويعرف آخرون الغيلة كما يلي: الغيلة أن ُ الإنسان ا ختداع ً سلمة العوتبي الصحاري: كتاب الضياء، وزارة التراث القومي والثقافة، « ا . سلطنة عمان، ج ١٥ ، ص ١٣٦ ُ استثنى بعض العلماء أشخاصا لا يجوز العفو عنهم وهم الذين يقتلون » : كذلك قيل ً بعضهم بعضا من غير سبب كمن يقتل مسلما غيلة، ومعناها أنه يدعوه لطعام أو غيره وهو ًً مطمئن فيقتله خدعة، أو يأتي إليه في بيته وهو غافل غير مستعد فيقتله ويسمى فتك ً ا، أو ُ يغدر به كأن يقتله بعد الأمان، فهؤلاء لا يجوز العفو عنهم لأنهم من المحاربين الذين قال الله فيهم: ﴿ WVUTSRQPONMLK ^]\[ZYX _ ` ba ﴾ [ [المائدة: ٣٣ . . سالم بن خلفان: المرجان في أحكام القرآن، المرجع السابق، ص ١٨٥(٢) د. محمد صالح ناصر: منهج الدعوة عند الإباضية، جمعية التراث، القرارة الجزائر، ّ ١٤٢٢ ه -. ٢٠٠١ م، ص ٣٦٧ (٣) . علي يحيى معمر: ا لإباضية بين الفرق الإسلامية، جمعية التراث، القرارة الجزائر، ص ٤٠٢ ّ الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي  إلا أن الفقه الإباضي يقبل القتل غيلة في ظروف مثل البغي، ويفرق بين فرضين في هذا ا لخصوص:  الأول إذا لم يكن القتال قد بدأ:    في هذا الفرض إذا قام أحد بقتل شخص آخر غيلة فإن عليه الق » َ ود، إلا َ ِ أن يكون المقتول إمام أو قائد المحاربين، فلا ق َود ولا دية. َ وهكذا جاء في بيان ا لشرع:  ً وعن رجل مر بعسكر من عساكر العدو من أهل القبلة فاغتال رجلا  فقتله وليس ذلك من حين القتال من الفريقين فليس ذلك له وهو ق َود به َ  ولو كان المسلمون قد دعوهم إلى الحق فكرهوا إلا أن يكون المقتول ِ إمامهم أو قائدهم فإن دمه هدر ولا دية ولا قود على من ا غتاله. َ وقال بعضهم القائد لكل أحد من المسلمين أن يقتله إذا قدر على ذلك. كان ولي الدم أو لم يكن وليا وأما أتباعه فلا إلا برأي الإمام والحكم بالبينة  َّ  « وقد أجاز بعض قتل الجبابرة غيلة ولم يجز ذلك بعض إلا بعد ا لحجة (١) . والثاني إذا وقع القتال وقتل أحد من ا لمسلمين: وإذا نابذ المسلمون عدوهم من أهل القبلة؟ » : جاء في بيان الشرع وقامت الحرب بينهم كان للمسلمين إمام أو لم يكن لهم إمام فقتل العدو رجلا ً من المسلمين من تحت راية المسلمين كانت له ولاية أو لم تكن له (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٢٣ . وجاء أيض ً ومنه في » : ا في بيان الشرع جواب محمد بن محبوب وعن رجل دخل عسكرا من عساكر العدو من أهل القبلة فاغتال رجلا ً ً فقتله وليس ذلك في حين القتال من الفريقين فأقول: ليس له ذلك وهو ق َود به ولو كان المسلمون َ قد دعوا عدوهم إلى الحق وكرهوا إ لا أن يكون المقتول منهم إمامهم أو قائدهم فإن دمه هدر ِ ولا دية ولا ق َود على من اغتاله قال: والقائد نفسه لكل أحد من المسلمين أن يقتله إذا قدر عليه َ . ذات المرجع، ص ١٣٠ « كان وليا للدم أو لم يكن وأما أتباعه فلا، إ لا برأي الإمام والحكم بالبينة ً ٢٤ ولاية مع المسلمين فإن للمسلمين كلهم أن يقتلوا قاتل ذلك الرجل بعينه ويقتلون أيض ً ا ق ُواد ذلك الذي قتل ذلك الرجل في محاربتهم للمسلمين ّ ويقتلون أيضا الأمير الأكبر الذي بعث ذلك الجيش إلى المسلمين حتى قتل ً « ذلك الرجل من تحت راية ا لمسلمين(١) . وجاء أيض ً ا في بيان ا لشرع: وأما من قتل أحد » ً ا من المسلمين على دينه فإن لكل أحد من المسلمين إمام أو غير إمام شاري أو غير شاري أن يقتل هذا القاتل غيلة وغير غيلة سرا وعلانية ولا حجة في ذلك للأولياء ولا عفوهم بمسقط للقود ولا بمزيل َ للقتل بهذا. ومن غيره قال نعم ومن قتل إمام المسلمين أو والي المسلمين في ولايته أو قائد المسلمين في سريته أو قتل أحد ً ا من المسلمين على دينه في محاربة تحت راية المسلمين أو دعا إلى الحق فيقتل غيلة فكل هؤلاء يقتل  « من قتلهم غيلة في قول ا لمسلمين(٢) .  وجاء في منهج ا لطالبين: وجائز قتل القادة والأمير الأكبر. ومن قتل المسلمين من الأتباع، فهؤلاء » كلهم يقتلون غيلة، في حين ما يكون المسلمون غالبين، وفي وقت ظفرهم بهم غيلة أو بيات ً ا وهم حلال دمهم؛ لأنه يقتل كل من قتل أحد ً ا من المسلمين على دينه قتل غيلة وفي كل وقت. وقال أبو المؤثر: لا أرى قتل الجبابرة، ولا قتل أحد من أعوانهم غيلة ً وفتك ً ا، إلا من بعد الحجة وإبلاغ الدعوة، أو ينصبوا الحرب للمسلمين، أو (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٢٤(٢) . ذات المرجع، ص ١٢٧ الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي يبدؤوا بالقتال فيقاتلوا، إلا أن يكون قتلوا أحد ً ا من المسلمين على دينه فإنه يقتل فتك ً ا(١) ، من قتل المسلمين على دينه.  ويقتل إمامهم وقائدهم إذا قتل بأمره أو بيده أحد ً ا من المسلمين على دينه. « ويقتل من أعوانه من تولى قتل أحد من المسلمين بنفسه، أو أعان على ذلك(٢) . معنى ما تقدم أنه بخصوص قتل الغيلة بعد حدوث القتال أو الاعتداء من الطرف الآخر، فإن الفقه الإباضي يضع القواعد ا لآتية:   القاعدة الأولى إذا تم قتل مسلم على دينه أو قتل العدو رجلا ً من   المسلمين من تحت راية المسلمين، فإن القاتل يباح قتله غيلة. القاعدة الثانية أن قائد أو ق ُواد العدو، بما في ذلك الأمير الأكبر الذي  أرسلهم، يباح قتلهم غيلة دائما وفي أي وقت. ً القاعدة الثالثة باقي أفراد العدو لا يجوز قتلهم غيلة وإنما يتم إعذارهم وإقامة الحجة عليهم، ويكون ذلك بأن يرسل إليهم رسولا ً يدعوهم إلى ذلك، فإن أجابوا سمعوا البينة ويقاد منهم، فإن لم يجيبوا يتم قتالهم حتى يرجعوا إلى حكم ا لمسلمين(٣) . (١) أما قتل الفتك هو أن يقتل هذا القتيل بغير » : بخصوص صفة قتل الفتك وقتل النايرة، قيل السيد مهنا بن خلفان: « حجة، وأما النايرة فهو أن يقتل بعد خصام ومنازعة والنايرة هي بالنون . كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ٢٢٤ في معنى الفتك أن يأتيه القاتل في مكانه وهو غافل لا يرى أنه يريد به » ويقرر رأي آخر حاشية الترتيب للعلامة ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند « بأسا فيقتله مفاجأة ً . الربيع، ج ٤، ص ٢٣(٢) الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٨٥ -.١٨٦ (٣) سئل أبو عبد الله بن محبوب عن الرجل يسير إلى المسلمين في عسكر فيقاتلهم على دينهم فيقتلهم أو يقتل منهم قتيلا ً على دينه ثم يظهر الله المسلمين عليهم فيهربون فلا يقدر عليهم أيجوز للمسلمين أن يقتلوهم سرا أو غرة؟، فقال: = ً ٢٦ تلكم هي القواعد التي تحكم قتل الغيلة في الفقه الإباضي، والذي يتم عن طريق الغفلة أو الخديعة على عكس الإرهاب الذي يتم باستخدام السلاح لترويع الناس، ولو في وضح ا لنهار. ٢ التمييز بين الإرهاب والسلب: فرق أطفيش بين هذين اللفظين بخصوص شرحه لعبارة: السالب كالقاطع يكون بقتل أو أخذ أو فحش أو بهم إن عرف بذلك » .« وشهر به  للتنظير، وهو من تنظير الخاص « الكاف » السالب كالقاطع) للطريق، هذه )» من وجه، بالعام من وجه، فإن السالب مختص بالمال، عام في الطريق وغيرها؛ والقاطع عام في المال والنفس قتلا ً مثلا ً وفحش ً ا خاص بالطريق، أو أراد تشبيه السلب بالقطع، وقد اعتبرهما في ذات واحدة فنزل تغاير الصفات منزلة تغاير الذات، فشبه الإنسان حال السلب بنفسه حال القطع، وعلى كل حال فيصرف قوله: (يكون) متصرف ً ا (بقتل أو أخذ أو فحش أو بهم إن عرف «( بذلك وشهر به، وإن في بعد أو بمرة إن فعله بين منازل أو قرى(١) . معنى ذلك أن الفارق بين الإرهاب (قطع الطريق) والسلب يكمن في أمور ثلاثة: = أما القائد نفسه فلكل أحد من المسلمين أن يقتله إذا قدر عليه كان وليا للدم أم لم يكن. » ً وأما أتباعه من قواده وأتباعه فلا، إلا برأي الإمام والحكم بالبينة وأن يسمع الإمام عليهم البين ّ ة ولم يقدر عليهم أيأمر بقتلهم؟ قال: لا حتى يحتج عليهم ويحضروا سماع البينة عليهم. قلت: فللإمام أن يرسل رسولا ً قائد الجيش يدعوهم؟ قال: نعم يرسل إليهم قائد ً ا يدعوهم إلى الحكم فإن أجابوا سمع عليهم البينة وأقادهم وإن كرهوا وامتنعوا أن يجيبوهم قاتلوهم حتى يسمعوا ويطيعوا إلى الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٤٣٤ « حكم المسلمين -.٤٣٥ (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٦٠٩ = الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي الأول أن السلب خاص بالمال، أما الإرهاب فيطال المال والنفس.  الثاني أن السالب يرتكب أفعاله في الطريق وغيرها، بخلاف الإرهاب الذي لا يتم إلا في الطريق (أي علانية أو مجاهرة). فالسراق يأخذون المال خفية. الثالث أن قطع الطريق يفترض توافر المنعة، بينما اللصوصية   لا تفترض ذلك، فإن توافر في اللصوص المنعة والمجاهرة فهم محاربون (١) . :« وقطاع ا لطريق » ،« والراصدين من الطريق » ،« المحاربين » ٣ التمييز بين هذه العبارات معناها واحد في الفقه الإباضي، وهي تعتبر من المترادفات(٢) ، التي تدل على ارتكاب أعمال إرهاب أو عنف(٣) .  (١) وأصل الحرب السلب، حربه حربا سلب ماله، وتركه بلا شيء فهو محروب » : يقول أطفيش ً وحريب، والمراد هنا قطع الطريق، وقيل: المكابرة واللصوصية، وإن كانت في مصر، والفرق أن قطع الطريق إنما يكون من قوم يجتمعون ولهم منعة، أعني قوة وشوكة تمنعهم ممن أراد بهم  سوءا بسبب ما يكون بينهم من التظاهر والتعاون والاقتدار على دفع من يتصد ّ ى لهم بسوء ً ويتعرضون لدماء المسلمين وأموالهم وأزواجهم وإمائهم، وهذه المنعة غير معتبرة في ا للصوصية. وإن كان اللص مكابرا ومجاهرا في أخذ المال والنهب والموصوفون بهذه المنعة إذا ًً اجتمعوا في الصحراء فهم ق ُ.« طاع ا لطرق . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ٧٩٠(٢) راجع ابن جعفر: الجامع، المرجع ،« باب الراصدين من الطريق » فقد تحدث ابن جعفر عن « في قاطع الطريق وما يجوز منه » السابق، ج ٨، ص ١٩ ؛ وجاء في بيان الشرع باب الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٣١ . ويتحدث أيض ً النفر يكونون » ا عن ذات المرجع، ج ٧١ ، ص ١٤ ؛ ويتحدث النزوي عن « بالمرصاد على طريق المسلمين النزوى: « النفر يكونون بالمرصد على طريق المسلمين، فيقطعون بالناس الطريق »الذين يقطعون الطرق » المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٧٤ ؛ ويذكر منهج الطالبين . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٠١ « ويؤذون الناس في البلدان راجع أيضا السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، تحقيق د. سيدة إسماعيل كاشف، وزارة ًُ التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه -. ١٩٨٦ م، ج ٢، ص ٢٠٦ ُ (٣) الشيخ الرقيشي: كتاب النور ا لوق « قاطع السبيل المحارب » ويستخدم الرقيشي عبارة ّ اد على = ٢٨ ،« الاختفاء أو الاختطاف القسري » صورة « الإرهاب » كذلك قد يأخذ والذي يحدث بأن يقوم بعض الأفراد المسلحين باختطاف إنسان ثم لا يظهر المختطفين » له أثر ولا يوقف له على خبر. وقد اعتبر الشيخ بيوض أن « المسلحين محاربون(١) ف» ، واعتبر هذه الحالة ُق ْ « غيبة » لا « د(٢) . :« والشراء » ( الحرابة ) « الإرهاب » ٤ التفرقة بين بين هذه التفرقة الشيخ علي يحيى معمر، بقوله:  ويرى ا لإباضية في جميع صور الحكم المنحرف أنه يجوز الشراء » ّ مهما كانت النتائج وهو أن تخرج جماعة من الناس يتجاوزون أربعين = المحاربين » علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٨٨ . وتستخدم المدونة الكبرى عبارة . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٣١٩ « الشاهرين السلاح (١) فتاوى الإمام الشيخ بيوض، مكتبة أبي الشعثاء، سلطنة ع ُ مان، ١٤١١ ه -. ١٩٩٠ م، ص ٥٥١ (٢) حيث يقول: أفتينا بأن هذه الحالة فقد لا غيبة، لأنها من أخطر الحالات التي يغلب على الظن فيها »الهلاك، وهى أولى بذلك من بعض الحالات التي مثل بها الفقهاء للفقد، فإن الفارق الأصلي بين المفقود والغائب هو أن الغائب من اختفى بدون سبب يعرف، كما إذا سافر لطلب رزق أو قضاء حاجة أو حج أو عمرة مثلا ً ثم لم يعد ولم يوقف له على أثر، فهذا هو الغائب الذي لا يحكم بموته إلا بعد بلوغه السبعين من عمره كما هو مختار فقهاء ا لإباضية بالمغرب، وأما المفقود فهو كل من أحاطت به مخاطر وأهوال تؤدي إلى ّ الهلاك عادة، ثم لم يظهر له أثر بعدها. فهذا هو المفقود الذي يحكم بموته بعد قضاء .« أربع سنين من يوم فقده، وحالة المسؤول عنه اليوم من أخطر الحالات المؤذنة بالهلاك ويضيف أيض ً ا: على أنه يمكننا أن ندخل حالة هذا الاختطاف المسؤول عنها اليوم، في عموم الوجه »الثالث من وجوه الفقد عند صاحب النيل إذ يقول: (أو رجال بحرب) أي أحاط به رجال بحرب، فإن المختطفين المسلحين محاربون، فلم يبق إذن من شك في أن هذه الحالة المسؤول عنها هي حالة فقد يحكم على صاحبها بالموت بعد أربع سنين، فلا يسوغ إذ ً ا تعطيل الحقوق ومنعها عن أصحابها الورثة، ومنع الزوجة من خروجها من العصمة بعد انقضاء المدة المشروعة المجمع عليها، كما لا يسوغ التذرع لذلك بأوهى الأسباب، والله ذات المرجع، ص ٥٤٩ ) « الموفق للصواب -.(٥٥١ الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي  رجلا ً ينتقدون الفساد، ويبينون للناس ما عليه الدولة من الانحراف، وما عليه الحكام من البغي والظلم، ويدعونهم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإن عارضتهم السلطة بالقوة جاز لهم أن يردوا عليه بالقوة والعنف ولكنهم على جميع الأحوال لا يجوز لهم أن يخيفوا الناس، ولا أن يروعوا َُ الآمنين، ولا أن يعترضوا سبيل أحد، ولا أن يفرضوا حتى ضيافتهم على أحد، فإن فعلوا شيئ ً ا من ذلك انتقلوا من حكم الشراء إلى حكم الحرابة؛ وذلك لأن مبدأ الشراء هو مقاومة الظلم في أجهزة الدولة المنحرفة بالدعوة « أو بالعنف إن اقتضى الأمر ذلك دون التعرض للناس بسوء(١) . معنى ذلك: ١ أن الشراء يفترض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا حدث انحراف أو فساد أو ظلم، ويكون ذلك موجها ضد الحكم ا لمنحرف. ً ٢ الحرابة) لأن هذا الأخير يتمثل أساسا ) « الإرهاب » أنه بالتالي يختلف عن ً في استخدام العنف ضد الأبرياء وتخويفهم وإلقاء الروع في قلوبهم. ådÉãdG åëѪdG ÜÉgQE’G ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG أشار الفقه الإباضي إلى قواعد ثلاث خاصة بالإرهاب، هي: :ø««HÉgQE’G áehÉ≤e »a ≥ëdG `` CG هذا أمر طبيعي، وهو يدخل في إطار القاعدة العامة التي تعطي للأفراد والدول الحق في الدفاع الشرعي ضد عدوان حال. (١) . الشيخ علي يحيى معمر: ا لإباضية بين الفرق الإسلامية، المرجع السابق، ص ٣٢٣ ّ ٣٠ إن سار قوم بطريقهم فرأوا مخوف » يدل على ذلك ما جاء في شرح النيل ً ا « فلهم جمع أموالهم وأصحابهم وأخذ في هيئة حرب وقتال(١) . :á«HÉgQEG ∫ɪYCG ÜÉμJQG óæY áHƒ≤©dG »a ΩÉ©dG ≥ëdG `` Ü من المعلوم أن ارتكاب فعل غير مشروع يرتب حقين: الأول: حق المجني عليه بخصوص الضرر الذي لحق به. والثاني: الحق العام (أو حق الله) في ضرورة توقيع العقاب بسبب الانتهاك ا لواقع. والحق الأول يمكن لأصحابه التنازل عنه، أما الحق الثاني فلا يجوز للأفراد أن يتنازلوا عنه.  في هذا المعنى جاء في بيان الشرع: وعن رجل سرق وقطع الطريق فقامت عليه العدول فأخذه الإمام فجاء أصحاب السرقة فعفوا عن السارق هل للإمام أن يخلي سبيله؟ قال: لا، ولكن يقيم عليه حد ما فعل من ذلك لأن الحق ليس لأصحاب المال إنما الحق لله فلا بد من إقامة الحد وإنما لأصحاب المال مالهم إذا وجد بعينه وإن لم يوجد فليس على السارق غرم(٢) . (١) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٦٢٥ ومعنى ذلك (ذات المرجع، ذات ا لموضع): (إن سار قوم بطريقهم) أو كانوا في منزلهم أو بلدهم أو غير ذلك (فرأوا مخوف ً ا فلهم جمع أموالهم وأصحابهم) ولو بإسراع المشي ولهم الانضمام إلى حيث كان مالهم أو أصحابهم ولو بإسراع، ولهم الانضمام إلى غير جهة الخوف، سواء كانوا في ذلك الموضع بطاعة أو معصية أو مباح إلا إن كانوا مطلوبين في حق عليهم فلا يحل لهم قتال صاحب ولا الأخذ في هيئة الحرب بعد علم بأن المخوف صاحب ا لحق. من نحو إحضار السلاح بلا توجيه إلى » ( (و) جاز لهم (أخذ في هيئة حرب وقتال .« المخوف وركوب الخيل وتصفيف الصفوف وتركيب السهام في ا لأقواس (٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٣١ الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي :á«HÉgQE’G ∫ɪYC’G QÉWEG »a ≈àM iô`NCG QRh IQRGh QõJ ’ `` ê معنى هذه القاعدة أمران: الأول: أن من يرتكب أعمالا ً إرهابية يسأل، وليس غيره، عنها. وهذا أمر واضح لا يحتاج إلى أي تعليق. والثاني: أنه لا يجوز توجيه أعمال العنف ضد الأبرياء. يؤيد ذلك أنه بخصوص السؤال الآتي: إن ارتكاب أعمال الإرهاب يبرره أن الآخرين يقتلون أبناءه ونساءه وأطفاله فلا بد أن يواجههم أيض ً ا بالمثل، وبعضهم خصص ذلك بالنسبة للكافرين، فما دام الكفار يفعلون مع أبنائه وأطفاله نفس تلك الأفعال، فلا بد أن يواجهوا بالمثل، هل هذه الحجة صحيحة؟ فقد أجاب مفتي عام سلطنة عمان: ُ لا، وألف لا، فإن المسلم الذي هو صحيح الإسلام من شأنه الرفق، » ومن شأنه الرحمة، فهو لا يعتدي على من لم يعتد عليه، وما ذنب هذا الطفل الذي ولد على الفطرة؟ ! فإن كل مولود يولد على الفطرة كما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله ژ : كل مولود يولد على الفطرة، »    « وإنما أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه (رواه البخاري ومسلم). فما ذنب هذا المولود الذي ولد على الفطرة، ولم يبلغ الحلم، ولم يرتكب شيئ ً ا من المنكرات، ولم يقارف شيئ ً ا من الأوزار، ولم يعتد على حرمة أحد من الناس حتى تنتهك حرمة حياته ويودي بها؟ ! فما الداعي إلى ذلك؟! ما ارتكبه غيره من حمقات لا ينعكس أثره عليه؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: ﴿ ° ³²± ´ ﴾ [ [فاطر: ١٨ . ثم مع هذا كله هب أن أولئك تنكروا لإنسانيتهم، وفعلوا ما فعلوا من هذه َْ الأعمال الوحشية بالمسلمين، فهل المسلمون في مثل هذه الحالة ٣٢ يتنكرون لإنسانيتهم أيضا ويتجردون من معاني هذه الإنسانية؟! لا، ً « وألف لا(١) . (١) الشيخ أ حمد بن حمد الخليلي: لقاءات الفكر والدعوة، المجلد الأول، ص ٣٨٨ - .٣٨٩ راجع أيض ً ا قول المفتي العام لسلطنة ع ُ مان: بخصوص قتل الأطفال والنساء وتشريد الإسلام براء من كل ذلك، فإن الإسلام يدعو أتباعه إلى الرحمة في أي » الآمنين في د. خلفان الشعيلي: مؤسسة الإفتاء والتحولات الحضارية في ،« موقف من المواقف عمان، ندوة فقه النوازل وتجديد الفتوى، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة ُ . عمان، ص ٥٥٥ ُ يحكم جزاء ارتكاب أعمال إرهابية باعتباره أقرب النصوص القرآنية في هذا الخصوص قوله تعالى بخصوص ا لحرابة: ﴿ VUTSRQPONMLK cb a ` _ ^ ] \[Z YX W rqp ❁ n m l k j ih g f e d }|{zyxwvuts ﴾ [ [المائدة: ٣٣ . قيل: إنها نزلت في الأسلميين، أصحاب أبي بردة، نقضوا عهد رسول الله ژ (١) . وقال بعضهم: في العرنيين، قال ابن ماجه إلى أنس إن أناسا من ً عرينه قدموا على عهد رسول الله ژ فاجتووا المدينة، فقال: لو خرجتم إلى ذود لنا فشربتم من ألبانها وأبوالها ففعلوا، فارتد ّ وا عن الإسلام وقتلوا راعي رسول الله ژ واستاقوا ذوده، فبعث رسول الله ژ في طلبهم فجيء بهم، وقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم بالحرة حتى ماتوا، أي ِ حم أ ُ ي َت ْ لهم مسامير وكويت بها أعينهم، وذلك أنهم سلموا عين ا لراعي (٢) ْ . (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٧٢(٢) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٤٤ ٣٤ ِ وقال ابن ماجه إلى عائشة إن قوما أغاروا على لقاح ِ رسول الله ژ ، ً فقطع ا لنبي ژ أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم(١) . َ وقد ذهب المسلمون في تأويل هذه الآية إلى ا لقول: إنها عامة لمن بعدهم بأن من اعترض سبيل المسلمين بإراقة الدماء » « وأخذ الأموال في التحريم بذلك منهم أن الإمام يطلبهم بذلك(٢) .  اتفق الأئمة على أن من برز وأشهر السلاح مخيف » : لذلك قيل ً ا للسبيل ِ خارج ا لمصر بحيث لا يدركه الغوث؛ فإنه محارب قاطع للطريق جار عليه ٌْ « أحكام ا لمحاربين(٣) .  وبدهي أن الآية تحرم ارتكاب الإرهاب (الحرابة) سواء ضد المسلمين أو غير ا لمسلمين: وإذا قطع المسلمون على أهل الذمة، حدوا حدودهم لو » : يقول الشافعي قطعوا على  المسلمين، إلا أني أتوقف في أن أقتلهم إن قتلوا، أو أضمنهم الد ية. َ وقال أبو ثور: نحكم عليهم على من قطعوا، على مسلمين أو ذميين ِ « وكذلك نحكم عليهم مسلمين كانوا أو ذميين(٤) . ويأخذ بهذا الاتجاه الأخير أيض ً ا الإمام ابن حزم؛ حيث يقرر: (١) ذات المرجع، ذات ا لموضع. (٢) ابن محجوب: ثلاث رسائل إباضية، المرجع السابق، ص ٥٨ ؛ الكندي: بيان الشرع، . المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٠٩ ؛ النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٧٢(٣) ، الإمام الشعراني: الميزان الكبرى، المطبعة العامرة الشرقية بمصر، ١٣١٨ ه، ج ٢ . ص ١٤٨(٤) الإمام الحافظ النيسابوري: الإشراف على مذاهب أهل العلم، تحقيق محمد نجيب سراج الدين، ج ١، إدارة إحياء التراث الإسلامي بدولة قطر، ١٤٠٦ ه -١٩٨٦ م، ص ٥٣٨ -.٥٣٩ الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي قطع الطريق من المسلم على المسلم وعلى الذمي سواء، وذلك لأن » الله تعالى إنما نص على حكم من حاربه وحارب رسوله ژ وسعى في الأرض فساد ً « ا، ولم يخص بذلك مسلم من ذمي(١) .    ويرى ابن قدامة أن أحكام المحاربة تثبت بشروط ثلاثة(٢) . ويقول أبو عبد الله السالمي(٣) : وللمحاربين قطاع الطرق حد به القرآن فيهم قد نطق ومن سعى في الأرض بالفساد وبهلاك الحرث والعباد فهو من المحاربين ينفذ فيه حدود الله ذاك المنفذ  وقد فسر الفقه الإباضي آية الحرابة تفسيرا رائعا، كما يلي: ً ً (١) . ابن حزم: المحلى، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ج ١١ ، المسألة ٢٢٥٩ ، ص ٣١٥  (٢) هي الشروط ا لآتية: ١ أن يقع الفعل منهم في الصحراء وليس في المصر لأن قطع الطريق إنما يكون في الصحراء ولأن من في المصر يلحق به الغوث غالبا فتذهب شوكة ا لمعتدين. ً وذهب رأي أخر (كثير من الحنابلة والأوزاعي والليث والشافعي وأبو ثور وأبو يوسف) إلى القول بأنه قاطع لتناول الآية بعمومها كل محارب ولأن ذلك إذا وجد في المصر كان أعظم خوف ً ا وأكثر ضررا فكان بذلك أولى. ً ٢ أن يكون معهم سلاح فإن لم يكن معهم سلاح فغير محاربين لأنهم لا يمنعون من ِِ يقصدهم، وإن كان أبو حنيفة يرى أنه إذا كان معهم عصي أو حجارة فليسوا محاربين لأنه لا سلاح معهم. ٣ أن يأتوا مجاهرة ويأخذوا المال قهرا، لأنهم إن أخذوه مختفين فهم سراق وإن ً اختطفوه وهربوا فهم منتهبون لا قطع عليهم. راجع: ابن قدامة: المغني والشرح .٣٠٤ - الكبير، ج ١٠ ، ص ٣٠٣ معنى ذلك، في رأينا، أن ابن قدامة يشترط شروط ً ا ثلاثة لتوافر وصف المحارب، تتعلق: بمكان ارتكاب الفعل، وبالأدوات المستخدمة، وبكيفية ارتكاب ا لفعل. (٣) أبو عبد الله السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ٣ -. ٤، ص ٢٠٢ = ٣٦ :≈dÉ©J ¬dƒb (CG ﴿ PONMLK ﴾ :  ،« الذين لا تحل دماؤهم » ( أي الذين يحاربون المسلمين (الموحدين تعظيما، كما أن في « الله » فمحاربة المسلمين محاربة لرسول الله ژ وذكر ً « جعل محاربة المسلمين محاربة لله ورسوله تعظيم لهم »(١) .  :≈dÉ©J ¬dƒb (Ü ﴿ TSRQ ﴾ :»æ©j ; « يعملون فيها بالمعاصي، بالقتل وأخذ ا لأموال »(٢) . يأخذ » : كما أن السعي بالفساد  أشكالا ً مختلفة، وله أساليبه المتعددة قديما ً وحديث ً ا، والتعبير بالسعي يدل على القصد والعمد، لا يتحقق إلا بالتخطيط والتدبير الحازم من طرف هذه العصابات المجرمة، فكل ما يقره الشرع والعقل وكذا العرف بأنه فساد في الأرض فهو يندرج في مفهوم هذه الجملة، أيا كان ً « نوعه أو مجاله، برا أو بحرا أو جوا، مما تشمله دائرة السلطة المسلمة ا لحقة(٣) . ً ولا شك أن الإرهاب هو فساد في الأرض، بل هو من أعظم ا لفساد. :¬fCɰT πL ¬dƒb (ê ﴿ \[ZYXWVU ]^ ﴾ : يقول ا لوارجلاني: واختلف العلماء في ظاهر هذه الآية وباطنها. فمن قائل: إنها على » ظاهرها. فمن وقع عليه اسم الحرابة: الإمام مخير في جميع ما ذكرنا من ُ (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٤، ص ١٨(٢) البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٤ ه - ١٩٨٤ م، ص ١٨٣ ؛ أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ . الكفاية في تفسير خمسمائة آية، ج ١، ص ١٢٧(٣) . الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٤، ص ١٨ ٰ الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي هذه المعاني التي نص الله عليها، من القتل والصلب وتقطيع الأيدي ّ والأرجل من خلاف والنفي. وبعض يقول: إن الآية مرتبطة بلحن الخطاب، وقوله: ﴿ UTSRQPONMLK V ﴾ إذا قتلوا أحد ً ا من بني آدم، كائن ً ا ما كان، فيقتلون به جميع ً ا، أو يصلبون إذا قتلوا وهم مشركون، أو ت ُقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، إذا « لم يقاتلوا النفوس، لكن أخذوا الأموال أو ينفوا من ا لأرض(١) .   (١) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٧١ وما بعدها؛ معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٤٥ ؛ الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد ّ على علم الرشاد، ص ١١ -.١٢ للترتيب (للتفصيل والتبعيض) أي ترتيب الجزاء على « أو » والراجح في الفقه الإباضي أن قدر ا لجريمة: التي في قوله تعالى: « أو » وليس من التخيير » ﴿ PONMLK _^]\[ZYXWVUTSRQ ` ba ﴾ [ [المائدة: ٣٣ كذا قيل، فهي عند هذا « بل » ، وإنما هي في الآية بمعنى القائل كالتي في قوله تعالى: ﴿ rqpon ﴾ [ [البقرة: ٧٤ ، فيكون المعنى: بل يصلبوا إذا وقعت المحاربة بقتل النفس وأخذ المال، بل تقطع أيديهم إذا أخذوا المال فقط، بل ينفوا من الأرض إذا خوفوا ا لطريق. في الإنشاء للتخيير ثبت التخيير في كل نوع من أنواع قطع « أو » وقال مالك: لما كانت الطريق بقوله تعالى: ﴿ ^]\[ZYXWVU _ ` ba ﴾ [ [المائدة: ٣٣ ، وأجيب بأنه تعالى ذكر الأجزية مقابلة لأنواع الجناية، والجزاء مما يزداد بازدياد الجناية وينقص بانتقاصها، وجزاء سيئة سيئة ٌ مثلها، فلا يليق مقابلة أغلظ الجناية بأخف الجزاء ولا العكس، فلا يجوز العمل بالتخيير الظاهر من الآية، فوزعت الجملة المذكورة عادة حسب ما تقتضيه المناسبة، فالقتل جزاؤه القتل، والقتل والأخذ جزاؤه الصلب، والأخذ جزاؤه قطع اليد والرجل من خلاف، والتخويف جزاؤه الإمام السالمي: كتاب طلعة الشمس، ج ١، ص ٤٣٩ « النفي - ٤٤٠ . ويقول أيض ً ا إن اعتبار راجع السالمي: معارج الآمال، المقدمات، « مذهب أصحابنا » للتفصيل والتبعيض هو « أو »ص ٧٦ - ٧٧ ، راجع أيض ً ا جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤٤٧ - ٤٤٨ ؛ سالم بن خلفان: المرجان في أحكام القرآن، ج ٣، ص ٣٦ - . ٣٧ ؛ ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ٢٠ ٣٨ :≈dÉ©J ¬dƒb (O ﴿ _` ba ﴾ (1): أي يدومون في طلبه والبحث عنه » ،( يقول أطفيش: (ونفوه من الأرض والإرسال على من نزل عنده أو في حريمه بإرسال أو بإخراج الحق منه فيفعل فذلك المطلوب، أو يسمع أو يطلب فيهرب وهكذا كل ما نزل (حتى لا يأمن في بلاد الإسلام) شبه مطالبته والبحث وراءه بنفيه من الأرض لجامع أن في الكل تبعيده من الأرض، وهي الأرض التي شرع في التهيؤ « فيها للبغي، وكذا كل أرض نزلها(٢) . (١) بخصوص هذه الآية يلخص رأي مختلف الاتجاهات في تفسيرها، بقوله: النفي من الأرض هو إبعاد المجرم من المكان الذي هو وطنه إلى مكان بعيد واختلف »الفقهاء في المقصود من نفي المحارب في هذه ا لآية. فقال أبو الشعثاء: إن النفي هو أن ينقل من جند إلى جند، أي من بلد إلى بلد سنين، ولا يخرج من دار الإسلام. نقل ذلك ابن كثير. وهو قول سعيد بن جبير والحسن والزهري والشافعي وغيرهم. وقال عمر بن عبد العزيز: ينفى من بلد إلى غيره مما هو قاص بعيد، وقال أبو الزناد: كان النفي قديما إلى دهلك ًُ وباضع، وهما من أقاصي البلاد من اليمن والحبشة. القول الثاني: هو أن ينف ْ ى المحارب إلى دار الحرب، وذلك بأن يطلب حتى يقدر عليه فيقام ُ عليه الحد، أو يهرب من دار الإسلام. روى هذا عن ابن عباس وأنس بن مالك والربيع بن أنس. وقال فريق ثالث: إنه يسجن، في َ نفى من سعة الدنيا إلى ضيقها، ويحبس حيث يرى الإمام، ُُْ ُْ وقال بهذا أبو حنيفة وإبراهيم ا لنخعي. وقال الإمام مالك: ينفى إلى بلد آخر غير البلد الذي يستحق فيه العقوبة فيحبس هناك، ُُ « ولا يضطر إلى الخروج من دار ا لإسلام ُ يحيى بكوش: فقه الإمام جابر بن زيد، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٧ ه - ١٩٨٦ م، . ص ١١٤(٢) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٦١٧ . وجاء في معجم مصطلحات اختلفوا في النفي فقال بعضهم: النفي أن يطلبوا حتى لا يأمنوا على أنفسهم » : الفقه الإباضي في شيء من بلدان المسلمين. وقال آخرون: أن يسجنوا أو ينفوا من على وجه الأرض حتى ُُ يؤمن فسادهم. وقال الإمام جابر بن زيد: ويكون النفي بأن ينقل من بلد إلى بلد، ولا يخرج َُ ُ معجم مصطلحات الفقه الإباضي، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٤٥ « من دار الإسلام -.٢٤٦ الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي وهناك اتجاه آخر قال به أبو حنيفة يرى أن النفي: أن يسجنوا حتى يؤمن  فسادهم، كما قال محبوس في مكان ضيق طال فيه حبسه(١) : خرجنا عن الدنيا وعن وصل أهلها فلسنا من الأحياء ولسنا من ا لموتى إذا جاءنا السجان يوما لحاجة عجبنا وقلنا: جاء هذا من ا لدنيا ً :≈dÉ©Jh ¬fÉëѰS ¬dƒb (`g ﴿ yxwvutsrqp z }|{ ﴾ : معنى ذلك أنه يجب التفرقة بين أمرين: الأول أن يتوب المحاربون قبل القدرة عليهم، وذلك إذا كانوا قد  شرعوا وبدأوا في المحاربة وارتكاب أعمالهم الإرهابية، لكنهم رجعوا عن  ذلك قبل أن يتمكن منهم الإمام أو غيره من سلطات الدولة ا لإسلامية. في معنى قريب جاء في منهج الطالبين أنهم يكونون كذلك: « وذلك إذا ألقوا بأيديهم من بعد المحاربة، من قبل أن يقدر عليهم »(٢) . وإن تاب) المحارب (قبل أن يقدر) بالبناء للمفعول (عليه) )» : ويقول أطفيش ُ وكيفية توبته أن يترك ما كان عليه من الحرابة ولو لم يأت الإمام، وقيل: أن يترك ما كان عليه ولو لم يأته معترف ً ا بالتوبة (هدر عنه) في الحكم (ما أصاب في محاربته) من مال أو نفس إلا ما وجد بيده، وقيل: لا يهدر عنه إلا أنه لا يقتل « ولا يقتصمنه، وقيل: لا يؤخذ ما بيده من مال الناس إن تاب من شرك(٣) . ّ (١) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٧٩٠ ؛ تيسير التفسير، تفسير سورة المائدة، الآية ٣٣ -٣٤ ، ص ٢١ - ٢٢ ؛ الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج . ٢، ج ٣، ص ٧٢ (٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٠١(٣) ولا بد من ا لق » : أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٧٨٧ . كذلك قيل َود َ على قطاع الطرق، وما قيل فيهم خاصة أن من تاب منهم قبل أن يقدر عليه وأعطى الحق = ٤٠ والثاني أن يتوب المحاربون بعد القدرة عليهم، ويفترض ذلك أنهم بعد أن ارتكبوا أعمالهم الإجرامية استطاع الإمام أو سلطات الدولة القبض عليهم. والذي تاب بعد أن قدر عليه هو الذي تاب بعد الظفر » : يقول الصبحي  « والسبي والقهر(١) . وأما إن وقعت المحاربة بيننا وبينهم، ولم يذعنوا » : ويقول الوارجلاني لحق الله 8 فيهم، حتى قتلوا منا رجالا ً ، وقتلنا منهم رجالا ً ، وأكلوا الأموال = من نفسه فمختلف للإمام في رفع الحدود عنه بالتوبة إلا إذا كان مشرك ً ا، فرفع ما أحدثه قبل الإسلام مجتمع عليه أو مستحلا ً فكذلك بالتوبة على الأشهر. وبقي الاختلاف في المحرم وحده، والأصل في ذلك تعارض النظر في مفهوم قوله تعالى: ﴿ srqp vut ﴾ [ [المائدة: ٣٤ فقيل فيها بالعموم، وفي الكشاف يروى عن علي بن أبي طالب أنه قد أخذ بذلك وقد عمل به بعض الأئمة من عمان وقيل إنها خاصة في المرتدين وذلك ُ « معروف بالنزول، لأنها أنزلت في قوم حاربوا الرسول، وكان هذا القول أشبه بالأصول سعيد بن خلفان الخليلي: إغاثة الملهوف بالسيف المذكور في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، رسالة ماجستير للطالب/ صالح الربخي، جامعة آ ل البيت، ١٩٩٨ ، ص ١٩٤ -.١٩٥ انظر أيض ً . ا ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٨، ص ٢٢(١) الصبحي: كتاب الجامع الكبير، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٧ ه - ١٩٨٦ م، ج ٣، ص ١٧٤ . وبخصوص مسألة: وما صفة من إذا ألقى بيده إلى المسلمين لم يقتل ولم يؤخذ بشيء؟. وما صفة من يقتل ولا يعفى عنه؟ وما صفة من يؤخذ بما عليه حارب ويهدر عنه ما أصار في المحاربة؟ تمت ا لإجابة: أن الذي ألقى بيده تائبا أهدر عنه جميع ما أصابه إذا كان مستحلا » ً . ً وان كان محرما ففي جواز الإهدار عنه اختلاف وهذا إذا ألقى بنفسه تائبا قبل أن يقدر ًً عليه ولم يكن قتل أحد ً ا بنفسه ولا لزمه حد من حدود ا لله. فهذا الذي يهدر عنه ما أصار في المحاربة من غير القتل والحد. ذات « وأما إن كان قتل وألقى بنفسه تائبا فللإمام فيه التخيير بين القتل والعفو والله أعلم ً المرجع، ص ١٧٣ -.١٧٤ الباب الثامن: موقف الفقه ا لإباضي من ظاهرة الإرهاب الدولي وأفسدوها. فان قدرنا عليهم قبل أن يتوبوا، أجرينا عليهم حد الحرابة، « وقتلناهم عن آخرهم(١) .     وقد بين أطفيش ما تقدم ذكره بقوله: وإن تابوا بعد القبض عليهم لم يسقط عنهم ذلك إلا المشرك فيسقط » عنه بالتوحيد ولو وحد بعد القدرة عليه، ولا يطالب بمال ولا نفس، وقيل:  لا يطالب الموحد بمال ولا نفس إن تاب قبل القدرة عليه، إلا إن وجد مال بعينه لمعلوم، وبهذا حكم على في حارثة بن بدر؛ إذ خرج محارب ً ا مفسد ً ا وتاب قبل القدرة وقبل توبته، وكتب له الأمان وبه قال ا لسدي .  وإن تاب المشرك قبل القدرة عليه عن السعي فساد ً ا ولم يوحد لم يحكم  عليه بتلك الأحكام المذكورة في الآية، بل يحكم عليه بما استحقه من جزية أو قتل أو إنذار إن لم يبلغه، فلا تدل الآية بقيد القبلية على أنها في الموحدين  من حيث إن الموحد يدفع عنه توحيده القتل مطلق ً ا، والغفران يعم عدم الجزاء بتلك الأحكام في الدنيا، والرحمة تعمه دنيا، أو ه ُ ما له في الآخرة إن تاب عن ذلك ووحد، ولو وحد قبل القدرة ولم يتب عن ذلك ّّ السعي فهو كغيره من الق ُ طاع إن عاود السعي بعد التوحيد، ثم المفهوم إذا « كان فيه تفصيل لا ينقض عموم ا لكلام(٢) . وقد حدد ابن رشد كيفية التوبة التي تؤدي إلى تطبيق هذا ا لاستثناء(٣) . (١) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٧٣ -.٧٤ (٢) أطفيش: تيسير التفسير، تفسير سورة المائدة، الآيتان ٣٣ -٣٤ ، ص ٢٢ -.٢٣ (٣) يقول ابن رشد: وأما صفة التوبة التي تسقط الحكم فإنهم اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال: أحدها أن توبته » تكون بوجهين أحدهما أن يترك ما هو عليه وإن لم يأت الإمام، والثاني أن يلقي سلاحه ويأتي الإمام طائعا، وهو مذهب ابن القاسم. والقول الثاني أن توبته بأن تكون بأن يترك ً ما هو عليه ويجلس في موضعه ويظهر لجيرانه، وإن أتى الإمام قبل أن تظهر توبته أقام = ٤٢  = عليه الحد. وهذا هو قول ابن الماجشون. والقول الثالث أن توبته إنما تكون بالمجيء إلى إلإمام، وإن ترك ما هو عليه لم يسقط ذلك عنه حكما من الأحكام إن أخذ قبل أن يأتي ً الإمام، وتحصل ذلك هو أن توبته قيل إنها تكون بأن يأتي الإمام قبل أن يقدر عليه، وقيل  بأنها إنما تكون إذا ظهرت توبته قبل القدرة فقط، وقيل تكون بالأمرين جميعا. وأما صفة ً المحارب الذي تقبل توبته، فإنهم اختلفوا فيها أيض ً ا على ثلاثة أقوال: أحدها أن يلحق بدار الحرب. والثاني: أن تكون له فئة. والثالث: كيفما كان كانت له فئة أو لم تكن لحق بدار الحرب أو لم يلحق. واختلف المحارب إذا امتنع فأمنه الإمام على أن ينزل: فقيل له: ابن رشد: بداية « الأمان ويسقط عنه حد الحرابة، وقيل: لا أمان له لأنه إنما يؤمن المشرك المجتهد ونهاية المقتصد، ط البابي الحلبي، القاهرة، ج ٢، ص ٤٥٧ -.٤٥٨ وأما ما تسقط عنه التوبة فاختلفوا في ذلك على أربعة أقوال: (أحدها) أن التوبة إنما تسقط عنه حد الحرابة فقط، ويؤخذ بما سوى ذلك من حقوق الله وحقوق الآدميين، وهو قول مالك. (والثاني) أن التوبة تسقط عنه حد الحرابة وجميع حقوق الله، ويتبع بحقوق الناس من الأموال والدماء إلا أن يعفو أولياء المقتول. ُ (والثالث) أن التوبة ترفع جميع حقوق الله ويؤخذ بالدماء، وفي الأموال بما وجد بعينه في أيديهم ولا تتبع في ذممهم. (والرابع) أن التوبة ترفع جميع حقوق الله وحقوق الآدميين من مال ودم إلا ما كان من الأموال قائم العين بيده. انظر المجموع شرح المهذب، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ٣٤٧ : ابن رشد: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج ٢، المرجع السابق، ص ٤٥٧ -.٤٥٨ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  تمهيد: مبدأ الحل السلمي للمنازعات الدولية في الشريعة ا لإسلامية: نشير لدراسة هذا المبدأ إلى أمور ثلاثة: أ المبدأ ا لعام: يؤكد الإسلام على عكس ما يعتقد كثير من غير المسلمين على عدم اللجوء إلى الوسائل القسرية لحل المنازعات الدولية. ولذلك قرر الكثير من الأسس والطرق التي تكفل حل تلك المنازعات سلميا وبالطرق ا لودية. ً يقول تعالى: ﴿ ,+* -3210/.   54 ﴾ [ [الأنفال: ١ . ويقول جل شأنه: ﴿ onmlkji ﴾ [ [الحجرات: ٩ . ويقول أيض ً ا: ﴿ ÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿ ﴾ [ [المائدة: ٢ . ويقول 4 : ﴿ ¬®¯°± ³²´ ¶μ ¸ ﴾ [ [الحجرات: ١٠ . ومعنى الآيات السابقة جد واضح: الصلح والتوفيق بين المتنازعين، وعدم اللجوء إلى القوة كوسيلة لحل المنازعات بين أطرافها. ومن الطبيعي أن تأتي السنة النبوية باعتبارها المصدر الثاني من مصادر قواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في الإسلام لتؤكد أيض ً ا على الحل السلمي لأي نزاع. يقول ژ : اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن » « الله يصلح بين المسلمين يوم القيامة(١) . ويقول أيض ً ا: الصلح جائز بين » (١) ابن حمزة الحسيني: البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف، دار الكتاب العربي، بيروت، ج ١، ص ٢٢ -.٢٣ ٤٦ المسلمين إلا صلح ً ا حرم حلالا ً أو حل ّ ل حرام ً « ا . ويقول أيض ً ا: المسلمون »  ّ « عند شروطهم . يقول الإمام الزنجابي: إن المعاملات في الإسلام هي:  « سبب لإقامة المصالح، وقطع ا لمنازعات »(١) . ب الشريعة الإسلامية نزلت منذ البداية تؤيد الحل السلمي للمنازعات  الدولية: إن الإسلام فضل الحل السلمي لأي نزاع ينشب بين المسلمين وغيرهم منذ بدايات الدولة الإسلامية، يكفي أن ندلل على ذلك بأمرين:  أولا ً: أنه لم يتم الإذن بالقتال في بداية الرسالة المحمدية، وإنما تم الإذن به  بعدها بمدة لما استمر الاعتداء على المسلمين وتشريدهم وإجبارهم على ا لهجرة.  لم تختلف الأمة أن القتال كان محظورا قبل الهجرة » : يقول أبو بكر ً بقوله: ﴿ ` kjihgfedcba ❁ m wvutsrqpon ﴾ [فصلت: ٣٤ -[٣٥ . وقوله: ﴿ ´ ¶µ ﴾ [ [المائدة: ١٣ ، وقوله: ﴿ ~ ﮯ ¢¡ ﴾ [ [النحل: ١٢٥ ، وقوله: ﴿ z }|{ ﮯ~ £¢¡ ﴾ [ [آل عمران: ٢٠ ، وقوله: ﴿ ©ª«¬® ﴾ [ [الفرقان: ٦٣ . كذلك فعن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له كانت لهم أموال بمكة فقالوا: ًٰ ِ يا رسول الله كنا في عزة ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلاء؟ فقال ژ : ُ « إني أمرت بالعفو، فلا تقاتلوا ا لقوم »(٢) . (١) الإمام الزنجابي: تخريج الفروع على الأصول، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٤ ه -. ١٩٨٤ م، ص ٢٤٩ (٢) ، راجع الإمام الجصاص: أحكام القرآن، دار المصحف، القاهرة، الطبعة الثانية، ج ١ = الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  ثانيا : ذكر الحبشة وما كان من غاراتهم » : ما حكاه ابن أعثم تحت عنوان ً بلغه أن قوما من الحبشة » : من أن عثمان بن عفان .« على سواحل المسلمين ً  ً ، وسبوا منهم أغاروا على بعض سواحل المسلمين، وأصابوا منهم أموالا سبيا كثيرا، فاغتم لذلك عثمان غما شديد ً ا، ثم أرسل إلى جماعة من ًً الصحابة وغيرهم من المسلمين، فدعاهم واستشارهم في غزو الحبشة. فأشار عليه المسلمون أن لا يغزوهم في بلادهم، ولا يعجل عليهم حتى   يبعث إلى ملكهم فيسأله عن ذلك، فإن كان الذي فعله أصحابه عن أمره  ورأيه، هيأ له المراكب، وأرسل إليه بالجند والمقاتلة، وإن كان ذلك من سفهاء أغاروا على سواحل المسلمين عن غير أمر ملكهم ورأيه، أن يشحن السواحل بالخيل والرجال حتى يكونوا على حذر.  فعمل عثمان على ذلك، ثم دعا محمد بن مسلمة الأنصاري، فوجه به إلى ملك الحبشة في عشرة نفر من المسلمين يسأله عما فعل أصحابه، وكتب إليه عثمان رضي الله عنه في ذلك كتابا. ً = ص ٣١٩ - ٣٢٠ ؛ الإمام الكيا الهراس: أحكام القرآن، دار الكتاب الحديث، القاهرة، ١٩٧٤ ، ج ١، ص ١١٩ -.١٢٠ إن الله سبحانه بعث نبيه ژ بالبيان والحجة، والكفار يقابلونه » : ويقول ابن العربي بالجحود والإنكار، ويعتمدونه وأصحابه بالعداوة والإذاية، والباري سبحانه يأمر نبيه 0 وأصحابه باحتمال الأذى والصبر على المكروه، ويأمرهم بالإعراض تارة وبالعفو والصفح .« أخرى، حتى يأتي الله بأمره، إلى أن أذن الله تعالى لهم في ا لقتال فقيل: إنه أنزل على رسوله: ﴿ !" %$# ﴾ [ [الحج: ٣٩ ، وهي أول آية نزلت، وإن لم يكن أحد قاتل، ولكن معناه أذن للذين يعلمون أن الكفار يعتقدون قتالهم وقتلهم بأن يقاتلوهم على اختلاف القراءتين، ثم صار بعد ذلك فرضا، فقال تعالى: ً ﴿ ÆÅÄÃÂÁ ﴾ [ [البقرة: ١٩٠ . ثم أمر بقتال الكل، فقال: ﴿ }| ﴾ [ [التوبة: ٥ ، وقيل: إن هذه الآية نزلت. والصحيح ما رتبناه، لأن آية الإذن في القتال مكية، وهذه الآية مدنية متأخرة. (ابن العربي: أحكام القرآن، عيسى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٧٦ ه -.( ١٩٥٧ م، ج ٢، ص ١٠٢ ٤٨ فلما قدم محمد بن مسلمة بكتاب عثمان بن عفان وقرأه، أنكر ذلك أشد   الإنكار وقال: ما لي بذلك من علم، ثم أنه أرسل إلى قرى الحبشة في طلب السبي، فجمعهم بأجمعهم، ودفعهم إلى محمد بن مسلمة، فأقبل بهم إلى  عثمان، وخبره بما كان إنكار ملك الحبشة وطلب السبي. فشحن عثمان  السواحل بعد ذلك بالرجال، وقواهم بالسلاح والأموال، فكانوا ممتنعين من  « الحبشة وغيرهم(١) . ﻦﻣ ﻩﺬﻫ ﺔﺛﺩﺎﺤﻟﺍ ،ﻦﻜﻤﻳ ﻲﻓ ،ﺎﻨﻳﺃﺭ ﻁﺎﺒﻨﺘﺳﺍ ﺭﻮﻣﻷﺍ :ﺔﻴﺗﻵﺍ ﻕﺮﻄﻟﺎﺑ.ﺔﻴﻤﻠﺴﻟﺍ ً ﺓﺭﻭﺮﺿ ﺱﺎﻤﺘﻟﺍ ﻞﺣ ﻉﺍﺰﻨﻟﺍ ﻻﻭﺃ ١ ـ ﺓﺭﻭﺮﺿ ﺩﺎﻔﻨﺘﺳﺍ ﻕﺮﻄﻟﺍ ﺔﻴﻤﻠﺴﻟﺍ ﻞﺒﻗ ﺀﻮﺠﻠﻟﺍ ﻰﻟﺇ .ﺏﺮﺤﻟﺍ ٢ ـ ﺓﺭﻭﺮﺿ ﺖﺒﺜﺘﻟﺍ ﻦﻣ ﺏﺎﻜﺗﺭﺍ ﺔﻟﻭﺪﻟﺍ ﻭﺃ ﺪﺣﺃ ﺎﻬﺗﺰﻬﺟﺃ ،ﺔﺼﺘﺨﻤﻟﺍ ﻞﻌﻔﻠﻟ ﺮﻴﻏ ،ﺎ ﻲﻜﻟ ﻞﻤﺤﺘﺗ ﺔﻌﺒﺗ ﺔﻴﻟﻭﺆﺴﻤﻟﺍ.ﺔﻴﻟﻭﺪﻟﺍ ﻉﻭﺮﺸﻤﻟﺍ ﻴﻟﻭﺩً ﻝﻮﺒﻗ ﺕﺍﺮــﻳﺮﺒﺘﻟﺍ ﺕﺍﺭﺍﺬﺘﻋﻻﺍﻭ ﻲــﺘﻟﺍ ﺎﻬﻣﺪﻘﺗ ﻝﻭﺪﻟﺍ ﻯﺮــﺧﻷﺍ ﺍﺫﺇ ﺖﻧﺎﻛ ﺔﻟﻮﻘﻌﻣ .ﺔﻴﻘﻄﻨﻣﻭ ٣ ـ ٤ ـ ﻥﺃ ﺔﻈﻓﺎﺤﻤﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﻢﻠﺴﻟﺍ ﻲﻀﺘﻘﺗ ﺮﻴﻓﻮﺗ ﺓﻮﻘﻟﺍ ﺔﻣﺯﻼﻟﺍ ﻡﺪﻋﻭ ،ﻥﻭﺎﻬﺘﻟﺍ ﻲﻓً.ﺍ ﺍﺬﻫ ،ﺹﻮﺼﺨﻟﺍﺪﺑﺃ ٥ ـ ﺔﻴﻤﻫﻷﻭ ﻞﺤﻟﺍ ﻲﻤﻠــﺴﻟﺍ ﺕﺎﻓﻼﺨﻠﻟ ﺔﻴﻟﻭﺪﻟﺍ ﻲﻓ ﺔﻌﻳﺮﺸﻟﺍ ،ﺔﻴﻣﻼﺳﻹﺍ ﺪﻘﻓ  نص عليه ميثاق منظمة التعاون الإسلامي في إطار المبادئ التي تسير عليها (١) راجع ابن أعثم الكوفي: كتاب الفتوح، مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، ١٣٨٨ ه -١٩٦٨ م، ج ٢، ص ١١٦ - ١١٧ ؛ وانظر أيض ً ا د. محمد جبر أبو سعدة: نص قديم حول علاقة الحبشة بالدولة الإسلامية في عهد عثمان بن عفان، مجلة كلية الشريعة ١٤٠٢ ، والدراسات الإسلامية، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، عدد ٦ - ١٤٠٣ ه، ص ١٧٩ -.١٨٩ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي   المنظمة. وهكذا تنص المادة ٢/ب على أن تقرر الدول الأعضاء وتتعهد بأنها في سبيل تحقيق أهداف الميثاق تستوحي المبادئ ا لآتية:  حل ما قد ينشأ من منازعات فيما بينها بحلول سلمية كالمفاوضة أو »   « الوساطة أو التوفيق أو ا لتحكيم(١) .  بضرورة اتخاذ كل ما يلزم » ج فقهاء المسلمين عرفوا المبدأ القاضي :« من أجل حل المسألة محل النزاع سلميا  اتخاذ كل ما » يمكن القول إن المسلمين عرفوا المبدأ القاضي بضرورة يقول الإمام ا لإسكافي: .« يلزم من أجل حل المسألة محل النزاع   ألا ترى العرب إذا دفع أحدهم إلى كريهة وارتهنت نفسه بعظيمة » ُ  وحاولت أعزت ُ ه دفاع ذلك عنه وتخليصه منه بذلت ما في نفوسها الأبية من مقتضى ا لحمية، فذبت عنه كما يذب الولد عن ولده بغاية فوته  ِ وجلده، فإن رأى من لا قب َل َ له بممانعته ولا بد ّ من مدافعته، عاد بوجوه الضراعة وصنوف المسألة والشفاعة، فحاول بالملاينة ما قصر عنه  بالمخاشنة، فإن لم تغن عنه الحالتان ولم تنجه الخ ُ لتان من الخشونة والليان، لم يبق بعدهما إلا فداء الشيء بمثله وفكه من الأسر بعدله، إما ٍ بمال وإما غيره، فإن لم تغن هذه الثلاثة في العاجلة تعلل بما يرجوه من نصر في الآجلة ودالة في الخاتمة، كما قال تعالى: ﴿ ^] _ `a ﴾ [ [الحج: ٦٠ ، وقال تعالى: ﴿ zyxwvut { ﴾ « [ [الإسراء: ٣٣(٢) . (١) راجع د. أحمد أبو الوفا: دار الإسلام والنظام الدولي ومنظمة التعاون (المؤتمر) . الإسلامي، مجلة التفاهم، عدد ٣٣ ، ص ١١٣(٢) الإمام أبو عبد الله الإسكافي: كتاب درة التنزيل وغرة التأويل في بيان الآيات المتشابهات في كتاب الله العزيز، مطبعة محمد محمد مطر بمصر، ١٣٢٧ ه -. ١٩٠٩ م، ص ٦ ّّ ٥٠ « ليس في مطلق الأمر بالقتال ما يمنع ا لصلح » : كذلك قيل(١) .  أن » ومن أفضل ما قيل ما أكده ابن جماعة بقوله: إن على السلطان يجعل الحيل في حصول الظفر أولا ً ، ويكون القتال آخر ما يرتكبه في نيل ظفره، فإن الحيل في الحروب وجودة الرأي أبلغ من القتال، لأن الرأي « أصل والقتال فرع عليه، وعنه يصدر(٢) . وقد أجاد المتنبي في قوله:  ِِ الرأي ُ قبل َ شجاعة الشجعان هو أول ٌ وهي المحل الثاني َ ٍٍِ فإذا هما اجتمعا لنفس حرة بلغت من العلياء كل مكان ِ ج ولربما طعن َ الفتى أقرانه بالرأي قبل َ تطاع ُ ن الفرسان إيثار السلم والموادعة على الحرب » كذلك خصص القلعي بابا في ً ،« والمنازعة وكيفية الدخول على الحرب عند الحمل عليها والاضطرار إليها اعلم أن السلم باب السلامة وسبب الاستقامة، وقال الثعالبي: » : قال فيه  ِ السلم سلم السلامة، وقيل: من أتم النصح الإشارة بالصلح، وقال بعضهم ّْ .« من استصلح عدوه زاد في عدده، ومن استفسد صديقه نقص من عدده ويضيف فصلا ً فأما إذا كان العدو ممن لا يرجى انصلاحه » : بعنوان بالبذل واللين فيجب أن يسارع بالكيد المبين إلى حسم مادته واستئصال « شأفته(٣) . (١) ابن سيد الناس: عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ١٩٧٧ ، ج ٢، ص ١٦٣ -.١٦٤ (٢) الإمام ابن جماعة: تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، دار الثقافة، الدوحة، ١٤٠٨ ه -. ١٩٨٨ م، ص ١٦٠ (٣) الإمام محمد بن علي القلعي: تهذيب الرياسة وترتيب السياسة، مكتبة المنار، الأردن، ّ الزرقاء، ١٤٠٥ ه -١٩٨٥ م، ص ٢٢٥ -.٢٣٥ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  أن ما حصل من الظفر بحسن » لذلك قيل: إنه لا خلاف بين العقلاء الحيلة ولطف المكيدة مع سلامة النفس وحفظ الجنود والراحة من التعب  « أحسن وأجمل وأعلى في ا لفضل(١) . د معرفة المسلمين الطرق الوقائية والعلاجية لحل المنازعات ا لدولية: سلك الإسلام لفض المنازعات بين الناس طريقين أساسيين: وقائي  وعلاجي (ولا شك أن الطريق الأول أفضل، لأن الوقاية خير من ا لعلاج): ١ أما الطرق الوقائية فهي تتعلق بمنع نشوء النزاع أصلا ً . مثال ذلك قوله تعالى: ﴿ onmlk ﴾ [ [البقرة: ١٨٨ ، وقوله ژ : كل »  « المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ، وقوله: لولا أن الرسل »  لا ت ُق ْت َ « ل لضربت أعناقكما فيه دليل على احترام الرسول وعدم الاعتداء عليه، بما يمنع من المنازعات التي قد تنجم عن ذلك. ومن ذلك وهو ما يسري على الصعيد الدولي أيض ً ا قوله ژ : المسلمون عند شروطهم إلا شرط » ً ا حرم حلالا ً أو أحل حرام ً « ا ، وكذلك الآيات الكثيرة التي حضت على الوفاء بالعهود، كقوله تعالى: ﴿ ª ¬« ® ¯ ° ± ﴾ [ [الإسراء: ٣٤ ، ﴿ ]^_` a ﴾ [ [النحل: ٩١ . ومن ذلك أيض ً ا مراعاة التقوى في التعامل، والمجادلة بالحسنى. ٢ أما الطرق العلاجية، والتي يتم اللجوء إليها بعد وقوع النزاع، فقد رغب الإسلام فيها سواء عن طريق الإصلاح بين الأطراف المعنية نفسها أو بتدخل من ا لغير: (١)محمد محمد الرشيدى: تفريج الكروب في تدبير الحروب، تحقيق د. عارف عبد الغني، ّّ . دار كنان للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، ١٩٩٥ ، ص ٤١ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٥٢ فبالنسبة للأطراف المعنية، يمكن أن نذكر قوله تعالى: ﴿ BA@?> ﴾ [ [النساء: ١٦ . ﴿ 21 ﴾[ [النساء: ١٢٨ . ﴿ § ¨ «ª© ﴾ [ [البقرة: ١٦٠ . ويقول الإمام ا لقشيري: « إيقاع الصلح بين المتخاصمين من أوكد عزائم ا لدين »(١) . وندرس المنازعات الدولية في الفقه الإباضي ووسائل حلها، من زاويتين: الأولى: تعريف النزاع ا لدولي. الثانية: وسائل حل المنازعات الدولية بالطرق ا لسلمية. (١) لطائف الإشارات، تفسير صوفي كامل للقرآن الكريم للإمام القشيري، الهيئة المصرية . العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨٣ ، ج ٣، ص ٤٤١ في ضوء ما قررته المحكمة الدائمة للعدل الدولي (ومن بعدها محكمة العدل الدولية) يمكن تعريف النزاع الدولي بأنه خلاف حول مسألة قانونية (كتفسير معاهدة دولية) أو واقعية (كخلاف حول مكان سير خط الحدود)، يتمثل في تناقض أو تعارض أو تضاد أو تضارب الآراء القانونية لشخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي. بعبارة أخرى، يمكن القول إن النزاع يتجسد في عدم اتفاق شخصين أو أكثر حول مسألة قانونية أو واقعية(١) . وإن كان من الملاحظ أن الفارق بين ما هو واقعي أو قانوني ليس واضحا بطريقة حاسمة، ً باعتبار أن كل مسألة واقعية لا بد وأن تحكمها، كقاعدة، قواعد قانونية. يقول أبو الوفاء بن عقيل إن الخلاف هو: الذهاب إلى أحد النقيضين من كل واحد من الخصمين. وذلك أن كل » خبر فهو على نقيضين، موجبة وسالبة. والخلاف أن يذهب أحدهما إلى « الموجبة، والآخر إلى ا لسالبة (٢) . ولا شك أن ذلك تعريف ينطبق على أي نزاع داخلي أو دولي على أساس أنه في كل نزاع يوجد النقيضين السابقين: الموجب والسالب. إذ (١) . د. أحمد أبو الوفا: الوسيط في القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص ٦٢٤(٢) . أبو الوفاء بن عقيل: كتاب الجدل، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، ص ١ ٥٤ يذهب أحد الطرفين إلى جهة الإثبات (اد ّ عاء الشيء مثلا ً محل النزاع) بينما يذهب الطرف الآخر إلى جهة النفي وذلك بنفي ذلك الاد ّ عاء. فالنزاع يتمثل، كما سبق القول، في تناقض وتضارب وتعارض مواقف شخصين أو أكثر حول مسألة قانونية أو واقعية. وهكذا يكون فقهاء المسلمين قد عرفوا منذ زمن طويل النزاع، بنفس ما ا ستقر عليه تعريف المحكمة الدائمة للعدل الدولي فقط منذ ما يقرب من ّ سبعين عاما. ووجود نزاع دولي أو داخلي يكون عادة بصدد أمر مختلف عليه. والاختلاف سنة مؤكدة في الحياة، أقرها القرآن الكريم، في قوله تعالى:  ُ ﴿ ÍÌËÊ ﴾ [ [مريم: ٣٧ . ﴿ +*) ﴾ [ [هود: ١١٨ .   '( ﴾ [ [الذاريات: ٨ . ﴿ &% ﴿ {zyxwvutsr ﴾ [ [يونس: ٩٣ . وقد عرف الفقه الإباضي أيض ً تعريف « النزاع » ا فكرة ً ا يقارب مع ما سبق ّ ذكره. يقول ابن جعفر: إنما يمضي الصلح بين الناس فيما يختلف فيه من الأمر أو أمر ملتبس »« لا يعرف وجهة(١) . معنى ذلك أمران: ١ أن النزاع يفترض وجود خلاف بين الناس أو التباس لا تعرف له وجهة. ٢ أن أي نزاع يفترض التماس حله بالطرق السلمية، ومن بينها ا لصلح. (١) الجامع لابن جعفر، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه - ١٩٩٤ م، ُ . ج ٤، ص ١٧٠ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٣٥٩ في العلاقات الدولية المعاصرة يقع على عاتق الأشخاص القانونية الدولية التزام أساسي بعدم استخدام القوة لحل المنازعات الدولية. الأمر الذي يعني، وهذا هو الوجه الآخر لذلك الالتزام، ضرورة التماس حل تلك المنازعات بالطرق ا لسلمية. والوسائل السلمية لحل المنازعات الدولية عديدة، تعرض الفقه الإباضي لأهمها، وهي: الوساطة. المفاوضات ا لدولية. التحكيم ا لدولي الصلح. وندرس هذه الوسائل على الترتيب السابق بيانه، على أن نخصص لكل منها مبحث ً ا. ٭ ٭ ٭ ٥٦ ∫hC’G åëѪdG áWÉ`°SƒdG تعتبر الوساطة من الوسائل التي تتضمن تدخل الغير الذي لا يملك حسم ا لنزاع. وتتميز هذه الوسيلة بأن الأطراف المتنازعة لا يجعلون حل النزاع رهن بالإجراءات التي يتخذونها هم وحدهم، وإنما يلجأون إلى طرف ثالث لمساعدتهم على حله، دون أن يكون لهذا الأخير القول الفصل في تسوية النزاع، ذلك أن الأمر يتوقف في النهاية على إرادتهم وموافقتهم؛ إذ إن  كل الاقتراحات أو الحلول التي يقدمها الغير بالتطبيق لهذه الوسيلة يجب، لدخولها حيز التطبيق الفعلي، أن تحوز على موافقة أطراف ا لنزاع. وقد عرف المسلمون الوساطة (وكذلك بذل المساعي الحميدة) كوسيلة  لحل المنازعات ا لدولية(١) . (١) الجري » يقترب من فكرة الوسيط فكرة : الوكيل والرسول، يقال جرى بين الجراية ُ وقد جريت جريا واستجريت (الخزاعي التلمساني: كتاب الدلالات السمعية ،« والجراية ً على ما كان في عهد رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٥ ه -.( ١٩٩٥ م، ص ٢٩٠ وقد استخدم الفقهاء المسلمين كلمة توسط في الشؤون الداخلية؛ من ذلك الجهشياري توسط يحيى » .« توسط محمد بن مسلم في رفع العذاب عن أهل الخراج » حيث يتحدث عن الجهشياري: كتاب الوزراء والكتاب، مطبعة مصطفى البابي ) « لرجل أموي عند الرشيد الحلبي، القاهرة، ١٤٠١ ه - ١٨٧ ). ومن ذلك تقليد أحمد ،١٥٦ ، ١٩٨٠ م، ص ١٤٢ راجع النويري: نهاية الأرب في فنون ) « السفارة والوساطة بين الناس وبين الحاكم » القشوري الأدب، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٤١٢ ه -.( ١٩٩٢ م، ج ٢٨ ، ص ١٨٩ وهكذا في تفسيره لقوله تعالى: .« المشي بين المتنازعين » وقد يتم استخدام تعبير ﴿ i onmlkj ﴾[ [الحجرات: ٩ يقول الإمام القرطبي إن الفئتين من المسلمين إذا اقتتلا على سبيل البغي منهما جميع ً فالواجب في ذلك أن يمشي » : ا = الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي   ومن خير من كتب عن الوساطة (وإن كان قد أسماها حسن السفارة)، الأسدي(١) .  ومن أمثلة الوساطة ما قام به بديل بن ورقاء سيد قبيلة خزاعة، حينما  جاء إلى النبي ژ قبل صلح الحديبية ليخبر النبي ژ عزم قريش صدها  للمسلمين عن دخول مكة.  ولكنه وسيط » ويعتبر بديل بن ورقاء أول وسيط بين ا لنبي ژ وبين قريش جاء من تلقاء نفسه إلى عسفان قبل أن ينتقل النبي ژ إلى الحديبية، .« متطوع وغرضه الأول نصح النبي ژ بعدم المغامرة بالتوجه إلى مكة خوف ً ا عليه، لما  = .( تفسير القرطبي، ج ١٦ ، ص ٣١٧ ) « بينهما بما يصلح ذات البين ويثمر المكافة والموادعة وقد يتم استخدام لفظة شفاعة للدلالة على الوساطة، والشفاعة: هي التوسط لنيل مرغوب أو دفع مكروه، والشفيع هو من يتوسط لذلك، أو العمل الذي »  يتوصل به إليه، والمستشفع هو الطالب للشيء عن طريق الشفيع، والمستشفع لديه هو من  « يملك تحقيق المطلوب، ومعنى المشفع (بفتح الفاء المشددة) الذي قبلت شفاعته ووساطته  .( (بيان للناس من الأزهر الشريف، مطبعة المصحف الشريف، القاهرة، ١٩٨٨ ، ج ٢، ص ٩٤ (١) ومما يجب على أهل التدبير وأركان الدولة الشريفة حسن السفارة لمنافع الخلق » : حيث يقول لما جاء في قوله تعالى: ،« في القيام بالحق وقول الصدق، والشفاعة عند ولي الأمر﴿ ¹¸ ¿¾½¼»º ﴾[ [النساء: ٨٥ ، ولما ورد عن رسول الله ژ أنه قال: اشفعوا » « تؤجروا ، ولما رواه الدارقطني... أن رسول الله ژ قال » كل معروف صدقة، والدال على الخير « كفاعله، والله تعالى يحب إغاثة اللهفان ، ولما رواه الطبراني... أن رسول الله ژ قال: أفضل » « الصدقة صدقة ا للسان ، قيل: يا رسول الله، وما صدقة اللسان؟ قال: الشفاعة تفك بها الأسير، » « وتحقن الدم، وتجر بها المعروف إلى أخيك، وتدفع عنه كريهته . ولما رواه الطبراني.. أن النبي ژ قال: « الخلق كلهم عيال الله، وأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله » ، ولما رواه ابن حيان... قال: قال رسول الله ژ : إن لله عباد » ً ا خلقهم لحوائج الناس، آل على نفسه أن لا يعذبهم، فإذا « كان يوم القيامة وضعت لهم منابر من نور يحدثون الله تعالى والناس في ا لحساب . محمد بن خليل الأسدي: التيسير والاعتبار والتحرير والاختيار فيما يجب من حسن ّ التدبير والتصرف والاختيار، تحقيق د. عبد القادر طليمات، دار الفكر العربي، القاهرة، ١٩٦٨ ، ص ١٠١ -.١٠٢ ٥٨ رأى من قوة قريش واستعدادها مع حلفائها ثقيف والأحابيش، وغيرهم من القبائل الأخرى التي انضمت إليهم لمناصرة قريش في صد ّ أهل المدينة عن دخول مكة. لكن النبي ژ أظهر إصرارا على موقفه حتى قال: والذي بعثني » ً « بالحق لأمضين في طريقي حتى يظهر الله هذا الأمر أو تنفرد سالفتي(١) . وفي الفقه الإباضي ما يدل على قبول الوساطة كوسيلة للصلح بين المتنازعين، ولو كانوا على مذهب آخر(٢) . (١) . الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٩ ، ص ٤٥ (٢) وهكذا بخصوص السؤال ا لآتي: السعي بالصلح بين المخالفين في ا لمذهب: السعي بالصلح بين هؤلاء الوهابية كبني بو علي ومن شايعهم إن وقع بينهم شقاق أو افتراق »   لمن كان إباضيا هل يصح لمن سعى بذلك إذا لم تكن له نية في السعي بالصلح بينهم ما ً يضر بالمسلمين، إلا أن في ائتلافهم واجتماعهم ما لا يخفى من المضرة على أهل الإسلام، لاستحلالهم الدماء والأموال، وفي افتراقهم الراحة والسلامة، أرأيت إن كان المطلوب منه بين  قوم هم عصبة لأولئك الوهابية وأرادوا منه القيام لإصلاح حالهم لأن في قيامه عندهم ما يرجى نفعه لأولئك وخاف إن لم يقم فساد دنياه كتنغيص سكناه وتخريب ما يرجو نفعه من ماله، هل له مداراتهم على هذه الصفة فيقوم بالصلح بين أولئك الوهابية أم ليس له مداراتهم ولا القيام بالصلح لأولئك لأن بسبب قيامه ما يخشى ضرره على الإسلام، وإن صح ائتلاف أولئك الوهابية واجتماعهم بسبب قيامه ففي قيامه على هذا المعنى ما يضر بآخرته ولو صار في حد التقية أيض ً «؟ ا وخاف إن لم يقم يقتل وتيقن ذلك على نفسه من قومه يقول ا لسالمي: للأمور اعتبارات وأحوال ورب حال تراه بعينك ضررا وهو في عين من كان أبصر منك » ً صلاح ولا شك أن في تشتت الوهابية الصلاح العام لجميع المسلمين لكن ربما يكون في السعي بينهم مصلحة أخرى لتقويم أمر الدين كتأليف قلوبهم وتطييب خواطرهم وتقريبهم من المسلمين حتى يندفع بذلك من الشر ما لا يندفع بالبأس، وإن الحرب خدعة: وليس صديق ً ا من إذا قلت لفظة توهم في أثناء موقعها أمرا ولكنه من لو قطعت يمينه توهمها نفعا لمصلحة أخرى ً فيجب عليك حسن الظن بهذا الساعي المصلح لا سيما إذا كان ذا شيبة في الإسلام، فإن لشيوخنا في دينهم ا لق َ د َ م ُ الراسخة، ولهم في السياسة النظر الطويل، فأين مثلي ومثلك عن = الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي   ولعل خير ما يدل على قبول ا لنبي ژ الوساطة في الأمور الدولية (لحل مسألة أو خلاف ما) هو قوله ژ في أسارى بدر: « لو كان ا لمطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له » . ّ وكان لعدي يد عند رسول الله ژ هي أنه دخل في جواره لما رجع من الطائف، وقيل بل كان هو أعظم من سعى في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش في قطيعة بني هاشم ومن معهم من المسلمين، حين حصروهم في الشعب.   يقول الإمام الصنعاني إن ا لحديث: فيه دليل على أنه يجوز ترك الفداء من الأسير، والسماحة به لشفاعة » « ا(١) رجل عظيم، وأنه يكافأ المحسن وإن كان كافر . ً  ولا شك أن ذلك الحديث يبين، في رأينا، ثلاثة أمور: الأول: أن ذلك يعد نوع ً ا من أنواع الوساطة الحادثة بخصوص مسألة دولية، هي أسرى ا لحرب. الثاني: أن الوسيط لكي يكون مقبولا ً ، ولكي يكون ممن يرجى تحقيق الغرض من وساطته، يجب أن تكون علاقته بالطرفين علاقة طيبة تمكنه من = مرامهم، وهيهات لا يسعون في ذلك لسلامة مالهم أو نجاة حالهم بل لتقويم أمرهم وإظهار دينهم. « أما إذا جرى الصلح على غير هذا الحال وإنما كان لعمار الدنيا فهو لعمري خراب ا لآخرة جوابات الإمام السالمي، ج ٣، ص ٥٩ -.٦٠ (١) الإمام الصنعاني: سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ١٤٠٨ ه، ج ٤، ص ١١٧ -.١١٨ بل كان 0 .« إذا استعانت به الوليدة في الشفاعة إلى مواليها يمضي معها » الإمام القشيري: لطائف الإشارات تفسير صوفي كامل للقرآن الكريم، الهيئة المصرية . العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨١ ، ج ٢، ص ٢٨١ ٦٠ التدخل لحل المسألة التي يتوسط فيها، الأمر الذي لن يعدم أثره على النتيجة المترتبة على توسطه والتي ستكون وفق ً ا للمجرى العادي للأمور  إيجابية. الثالث: أن الوساطة وسيلة خير لأنها تنزع فتيل أي نزاع، وتؤدي إلى إمكانية حله سلميا. ً ومن أمثلة ذلك أيض ً ا في العلاقات الدولية، ما حدث في السنة الأولى والتي كانت بعد أن قدم « سرية حمزة بن عبد المطلب » من الهجرة خلال رسول الله ژ إلى المدينة وكان أول لواء عقده لحمزة بن عبد المطلب إذ بعثه في ثلاثين فرد ً ا شطرين: خمسة عشر من المهاجرين وخمسة عشر من ِ الأنصار، فبلغوا سيف البحر حيث اعترضوا عيرا لقريش جاءت من الشام ًْ تريد مكة فيها أبو جهل في ثلاثمائة راكب من أهل مكة، فالتقوا حتى اصطفوا للقتال، فمشى بينهم مجدي بن عمرو، وكان حليف ً ا للفريقين   جميعا. ً  ويضيف ا لواقدي: فلم يزل يمشي إلى هؤلاء وإلى هؤلاء حتى انصرف القوم وانصرف » ِ حمزة راجعا إلى المدينة في أصحابه، وتوجه أبو جهل في عيره وأصحابه ًْ إلى مكة، ولم يكن بينهم قتال. فلما رجع حمزة إلى النبي ژ خبره بما حجز بينهم مجدي، وأنهم رأوا منه نصفة لهم؛ فقدم رهط مجدي على النبي ژ فكساهم وصنع إليهم خيرا، وذكر مجدي بن عمرو فقال: إنه ما ً « علمت ميمون النقيبة مبارك الأمر، أو قال: رشيد ا لأمر(١) . (١) الواقدي: كتاب المغازي، عالم الكتب، بيروت، ج ١، عن طبعة جامعة إكسفورد Oxford univ. Press ، لندن، ١٩٦٦ ، تحقيق د. مارسدن جونز، ص ٩ -.١٠ ا في الفقه الإباضي • • الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلمي من هذه الحادثة يتضح أمورا عدة، منها: ً أولا ً : أن المسلمين الأوائل عرفوا الوساطة أو المساعي الحميدة كوسيلة سلمية لحل النزاع الدولي، ولتجنب نشوب القتال أو اللجوء إلى ا لحرب. ثانيا : أن من يقوم بالمساعي الحميدة أو الوساطة التي تؤدي إلى إنجاح ً مهمته يجب أن يتوافر فيه خصائص معينة، أهمها: • أن يكون مقبولا ً حليف » من الطرفين، فقد كان مجدي بن عمرو ً ا .« للفريقين  أن يقدم آرائه وحلوله إلى الطرفين ويحاول التقريب بينهما. ويتضح فلم يزل يمشى إلى هؤلاء وهؤلاء حتى انصرف » : ذلك من قول الواقدي .« القوم أن يكون عادلا ً ، فقد أخبر حمزة أنهم رأوا من مجدي بن عمرو نصفة لهم. ولذلك قال ژ إن الوسيط (مجدي) كان مبارك الأمر أو رشيد ا لأمر. ثالث ً ا: أن على المسلمين، متى ارتضوا نتيجة الوساطة أو المساعي    الحميدة، الالتزام بها وعدم الخروج عليها إذ الوفاء بالعهد من أهم القواعد العليا في الشريعة الإسلامية. ولعل ذلك يبدو من ذهاب كل من الفريقين إلى الوجهة التي كان هو موليها: المسلمون إلى المدينة وأبو جهل وجماعته إلى مكة، دون قتال. رابع ً ا: أن نجاح الوسيط أو من يتدخل بمساعيه الحميدة في الوصول إلى حل عادل، لا يمنع من مجازاته الجزاء الأوفى. ولذلك حينما جاء رهط ويلاحظ أن ذلك لا يشكل .« كساهم وصنع إليهم خيرا » مجدي إلى ا لنبي ژ ً التزاما يجب القيام به دائما، وإنما هو أمر راجع للسلطة التقديرية لحكام ًً الدولة ا لإسلامية. ٦٢ خامسا: أن الوصول إلى حل سلمي للنزاع عن طريق الوساطة وافق ً عليه مؤسس الدولة الإسلامية محمد ژ منذ بدايات الدولة ا لإسلامية(١) .  فقد كانت السرية المذكورة بعد سبعة أشهر من مهاجرته ژ إلى المدينة. وهو ما يدحض قول القائلين من أن الإسلام لا يؤمن إلا بالحل العسكري وأنه ينحو دائما نحو القتال ويطرح الحل السلمي جانبا في جميع ا لأحوال. ًً  »fÉãdG åëѪdG á«dhódG äɰVhÉØªdG   التفاوض في النهاية ليس إلا مقارعة الخصم بالأدلة، والاحتجاج بما رسم من الحجج، قد يكثر فيه الجدال، ويطول فيه المقال. فيه تخاطب وتحاور، وتجاوب وتنافر. يأخذ كل طرف في نصرة رأيه ومذهبه، وتحقيق مطلبه، بأنواع الحجج والاستدلالات، وإقامة البراهين والإمارات، وما يكتنف ذلك من أسئلة وأجوبة واعتراضات وما قد يترتب على ذلك من معارضات ومناقضات. بل لا نغالي إذا قلنا إن التفاوض تكثر فيه المحاورة والمراجعة والمساومة والمقاولة(٢) . ومن الثابت أن العملية التفاوضية هي عملية حياتية تتواكب مع العمل الدبلوماسي والسياسي بدءا واستمرارا وانتهاء، كما أن جوانبها وملامحها قد ً ًً تختلف من عصر إلى عصر بحسب الظروف المحيطة والبيئة التي تعيش فيها. (١) وإن في قبول وساطة مجدي، وإقرار ا لن بي ژ له لما يدل على أن منهج المواجهة للظروف » : قيل والاحتمالات في علاقة المسلمين بغيرهم كامل العناصر والأدوات، فهناك الحرب حين تدعو مصلحة الدعوة إليها، وهناك الأخذ بالوسائل السلمية من وساطة وتحكيم وغيرهما حين يكون الشيخ أحمد الأحمد: ما هي علاقة الأمة المسلمة بالأمم « من مصلحة الدعوة الأخذ بها ١٣٩٤ ه ، الأخرى؟، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، عدد ٢ -. ١٩٧٤ م، ص ١٤٢ (٢) . د. أحمد أبو الوفا: المفاوضات الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠٠٦ ، ص ٧ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  بل قال الشاعر العراقي الجواهري بيت ً ا على المفاوض المسلم أن يضعه نصب عينيه(١) ، وهو: فاوض وخل وراء سمعك مغري ًا وأمام عينيك شامت ً ا وعدولا ً  وقال الطرطوشي أنه جعل كتابه عنوان ً ا: « لمن فاوض به من أهل المجالسة والمذاكرة »(٢) . ومن ذلك حينما أرسل الانكتار إلى صلاح الدين يطلب الاجتماع به،  فأجابه صلاح ا لدين:  الملوك إذا اجتمعوا يقبح منهم المخاصمة بعد ذلك، فإذا انتظم أمر » «... حسن الاجتماع، والاجتماع لا يكون إلا لمفاوضة في مهم(٣) . ِ ومن ذلك حينما سأل رسول بيزنطة الخليفة الفاطمي المعز ّ أن يرسل ُ رسولا ً إلى ملكه، فقال له: إن أحد » ً ا من الناس لا يرسل رسولا ً إلى أحد إلا لحاجة له إليه ولأمر يجب له عليه، ونحن بحمد الله فلا نعلم أن صاحبك من حاجة ولا له علينا أمر واجب، فلماذا نرسل إليه؟ اللهم إلا أن يكون أمر من أمور الدين ينبغي «... لنا مراسلته ومفاوضته فيه(٤) . (١) ذكره د. عبد الهادي التازي: التاريخ الدبلوماسي للمغرب منذ أقدم العصور إلى اليوم، مطابع فضالة المحمدية، ١٤٠٦ ه -. ١٩٨٦ م، ج ٢، ص ٢٥ (٢) . الطرطوشي: سراج الملوك، دار صادر، بيروت، ١٩٩٥ ، ص ١٢(٣) ابن شداد: النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية أو سيرة صلاح الدين، الدار المصرية ٢٠١ ؛ ابن ، للتأليف والترجمة، القاهرة، ١٩٦٤ ، تحقيق د. جمال الشيال، ص ١٨٢ ، واصل: مفرج الكروب في أخبار بني أيوب، المطبعة الأميرية، القاهرة، ١٩٥٧ ، ج ٢ . ص ٣٧٤(٤) القاضي النعمان بن محمد: المجالس والمسايرات، تحقيق الحبيب الفقي وآخرون، الجامعة التونسية، ١٩٧٩ ، ص ٣٦٦ وما بعدها. ٦٤  وفي كتاب صادر عن صلاح الدين لنور الدين بخصوص ما كان يفعله ملك الفرنج مع جماعة من ا لعصاة:  وكان ملك الفرنج كلما سولت له نفسه الاستتار في مراسلتهم والتخيل » في مفاوضتهم، سير (جورج) كاتبه رسولا ً إلينا ظاهرا وإليهم باطن ً « ا(١) . ً وبخصوص قوله تعالى: ﴿ VUTSRQPO YXW ﴾[ [آل عمران: ١١٨ ، يقول ابن عطية: ِ نهى الله تعالى المؤمنين بهذه الآية أن يتخذوا من ا لكفار واليهود أخلاء »  « يأنسون بهم في الباطن من أمرهم، ويفاوضونهم في ا لآراء(٢) . ودراسة المفاوضات الدولية تحتم أن نشير إلى أهميتها، وما يجب مراعاته فيها، وهل يجوز تقديم تنازلات خلالها. :á«dhódG äɰVhÉØªdG ᫪gCG `` CG  تبدو أهمية المفاوضات الدولية إذا اقتصرت على أطراف النزاع أو حتى بتدخل طرف ثالث في أن الحل الذي تتمخض عنه يكون من (١) أبو شامة: عيون الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، وزارة الثقافة، دمشق، ١٩٩١ ، ج ١، ص ٣٣٥ ، وقال ا لشاعر: إن لم تدر ما الإنسان، فانظر من الخدن المفاوض والمشير . ذكره أبو حيان التوحيدي: الصداقة والصديق، مكتبة الآداب، القاهرة، ١٩٧٢ ، ص ٨٥ ولما استوزر المهلبي سنة ٤٠ ه كتب إلى أبي الفضل العباس بن الحسين: ...» وجعلت نفس المرجع، ) « دعامة هذا كله أني أجريك مجرى الصديق الذي يفاوض في الخير والشر .( ص ١٩٤ الأمير أسامة بن منقذ: كتاب « ففاوضت الملك العادل واستطلعت أمره » : ويقول ابن منقذ الاعتبار، دار الأصالة، الرياض، ١٤٠٧ ه - .١٠٧ ، ١٩٨٧ م، ص ٥٦ (٢)العلامة الخزاعي التلمساني: كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد . رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، المرجع السابق، ص ٧٩٨ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  صنعهم، وبالتالي فهو قابل للتطبيق على أرض الواقع. فالمفاوضات (١) إذن هي وسيلة من وسائل حل المنازعات ا لدولية. ولعل ذلك هو الذي قصده سيدنا عمر بن الخطاب 3 ؛ إذ كان يقول: .« ردوا الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث الضغائن بين ا لناس » يقول الشيخ أطفيش: « فينبغي اعتبار هذا ا لشأن »(٢) . وما قاله الشيخ أطفيش يعني في رأينا أمرين: أولا ً أن أخذ ذلك في الاعتبار يتفق مع ما هو ثابت في سلوكيات  الناس والدول من أن التوصل إلى حل يوافق عليه أطراف النزاع بأنفسهم هو  .« صنعهم » أفضل وسيلة لحل ذلك النزاع، لأن الحل هو من (١) للكلمة معنى آخر في الفقه الإباضي (وفي غيره من ا لمذاهب). فبخصوص شركة المفاوضة، يقول ابن عبد العزيز: المفاوضة لا تكون إلا في المال أجمع. قال: وتفسير المفاوضة في الشريكين أنهما إذا أقر » ّ أحدهما بشيء جاز على صاحبه، وإن باع أحدهما سلعة دون صاحبه؛ وكان صاحبه غائبا ً جازت عليه خصومته، وإن ا دعى أحد على الغائب شيئ ً ا لزم الشاهد منهما ما لزم الغائب « إذا قامت البينة، وإن مات أحدهما انقطعت الشركة، ويؤخذ الباقي منهما بما على الميت راجع أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٢، ص ٥٠٢ . وقيل: والمتفاوضان: هما اللذان فوض كل واحد منهما أمر ماله لصاحبه، بمعنى أنه أباح له فيه »مثل ما كان لنفسه من التصرف وجواز ا لأمر. وقد سئل أبو سعيد عن المفاوضة: أهي بمعنى الإباحة أم العطية؟ فقال: ليست بمنزلة أحدهما، ولكنها تخرج عندي مخرج الإدلال؛ لأنها ليست من طريق الفعل من رب المال، بل من طريق الترك مع الاطمئنانة بالقلب. قيل له: أتحتاج المفاوضة إلى الكلام؟ قال: تقع على معنيين، فتكون بالحل والإباحة، السالمي: معارج الآمال، « وتكون بالمتاركة والمسالمة حيث ارتفع الريب وانتفى الشك . المرجع السابق، ج ٧، ص ١٥٧ (٢) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٥٦ ٦٦ ي إلى ضغائن بين أطراف النزاع، خصوصا الطرف ا لخاسر (١) ً . ثاني ً ا أن الفصل في النزاع بواسطة حكم من القضاء (أو التحكيم) يمكن أن يؤد  :äɰVhÉØªdG IóFÉe ≈∏Y É¡JÉYGôe ¢VhÉØªdG ≈∏Y Öéj »àdG QƒeC’G `` Ü على مائدة المفاوضات، يجب على المفاوض أن يراعي أمورا لا بد منها ً لنجاح عملية التفاوض، وأهمها: ١ أن يكون للتفاوض معنى: نقصد بذلك أن يكون في نية الأطراف المتفاوضة التوصل إلى حل للنزاع أو المشكلة المطروحة أمامهم. يقول السعدي بخصوص الجدل (وهو قابل للتطبيق على المفاوضات الدولية): « واعلم أن المقصود من الجدل والنظر طلب ا لحق »(٢) وبالتالي، فمن المنهي عنه: . ما كان من المجادلات على معنى العبث في الكلام مما يورث » « الملاحات، ويقدح الشر والشحناء والحنات، من غير حصول معنى (٣) . (١) في طرح النزاع الدولي على القضاء أو التحكيم، ويطلق « خطر » يتحدث الفقه عن وجود « خطر طرح النزاع على القضاء » على هذه المسألة باللغة الفرنسية le risque judiciaire أو خطر طرحه على التحكيم le risque arbitral ، راجع: Ahmed Abou-el-Wafa: Les differends Internationaux Concernant les Frontières Terrestres dans la Jurisprudence de la cour Internationale de Justice, Recueil des Cours de l'Academie de droit International de la Haye, Tome 343, 2009, p. 562. (٢)السعدي: قاموس الشريعة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه - ١٩٨٣ م، ُ . ج ٣، ص ٧(٣) . ذات المرجع، ص ٩ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  كذلك يجب على كل طرف أن: يكون مقبلا » ً على خصمه مستمعا لكلامه، فإن ذلك طريق معرفته ً « والوقوف على حقيقته(١) . ٢ معرفة ماهية وحقيقة النزاع أو المشكلة قيد ا لبحث: هذا أمر ضروري للوصول إلى حل جذري للنزاع أو المشكلة المطروحة، فالقول بغير ذلك يعني الدوران في حلقة مفرغة. وقد أكد على ذلك الوارجلاني، بقوله: واعلم يا أخي أن أكثر ما يوجب الاختلاف بين المتناظرين تعلقهم » بالألفاظ دون ا لمعاني. فمن تناظر في أمر لم يظهر معناه، ولم يتبين غرضه ومغزاه، كان المتناظرين كالأحولين كل يعمل على شاكلته. ويكون في غير مشرع « صاحبه (٢) . ٣ مراعاة أصول الكلام ومقتضياته: للكلمة آثارها الخطيرة في العلاقات بين الأفراد، فما بالك بالعلاقات بين ا لدول. وأهم ما يجب الالتفات إليه في هذا الخصوص ما يلي: أولا ً عدم التلفظ بكلام قد يؤخذ على الدولة ويكون في غير صالحها: من المعلوم أن ما يصدر عن ممثلي الدولة ينسب إليها. فإذا كان الكلام غير سليم فإنه، ولا شك، سيكون ضارا بموقفها على الصعيد ا لدولي. ً (١) . ذات المرجع، ص ٥(٢) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ١٣ ٦٨ لذلك جاء في قاموس ا لشريعة: فإذا كان من الكلام ما يرجى نفعه، ويخاف الضرر في تركه كان الكلام » أولى، وإذا كان الكلام يخاف ضرره في مخصوص من الأمور أو معموم، فالوجه تركه واللازم السكوت عنه، وإن كان لا يرجى نفعه، ولا يخاف ضرره، فالسكوت أولى، لأن الاشتغال في غير معنى اشتغال عن معنى. وسكوتك عما لا يعنيك أولى بك من كلامك فيما لا يعنيك ولو كنت « ا(١) مصيب . ً في هذا الخصوص، يروي أبو عبيدة قال: بلغني عن رسول الله ژ قال:  إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت »فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة في سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله بها سخطه إلى يوم « القيامة(٢) . ما كان يحسب أنها » ومعنى قوله: (ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت): أي بلغت تلك المنزلة لقلتها في نفسه، وفي رواية أبي هريرة: لا يلقي لها بالا ً ، أي لا يتأملها بخاطره ولا يتفكر في عاقبتها ويظن أنها لا تؤثر شيئ ً ا فهو على نحو قوله تعالى: ﴿ }|{zy ~ ﴾ « [ [النور: ١٥(٣) . ثانيا الجدال بالحسنى: ً يؤيد ذلك قوله تعالى: ﴿ " &%$# ' *)( 76543210/.-,+ (١) . السعدي: قاموس الشريعة، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢١(٢) سعود الوهبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، مكتبة مسقط، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه - . ١٩٩٤ م، ص ٥٦٧ ، حديث رقم ٢١٦ ُ (٣) . ذات المرجع السابق، ص ٥٦٨ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  ;:98 ﴾[ [العنكبوت: ٤٦(١) ، وقوله تعالى لموسى وهارون 6 : ﴿ }|{zyx ~ ے ﴾[ [طه: ٤٤ . كذلك قوله تعالى: ﴿ }| ~ ﮯ §¦¥¤£¢¡ ¨ ﴾[ [الأنعام: ١٠٨(٢) . وقد نبه القرآن الكريم إلى أهمية الكلمة، في قوله تعالى: ﴿ ÆÅÄ ÒÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇ ﴾ [ [إبراهيم: ٢٤ . ثالث ً ا اللجوء إلى معاريض ا لكلام: ويكون ذلك للتخلص من موقف معين أو للإيحاء بأمر ما، وهو ما قد يسهل الوصول إلى حل للمشكلة المعروضة. ومن ذلك قوله ژ : إن في » « المعاريض لمندوحة عن ا لكذب هو الكلام الذي يراد به غير » ، والمعاريض « ظاهره(٣) . رابع ً ا استخدام أساليب الكلام التي تستميل ا لقلوب: :« إن من البيان لسحرا » ً لا شك أن الكلمات والألفاظ المستخدمة تلعب دورا كبيرا في إقناع أو ًً عدم إقناع الطرف ا لآخر. (١) . اللين والكظم والنصح، انظر أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٠ ، ص ٣٩ :« هي أحسن » ومعنى(٢) ولا يعتبر من السب والشتم ما يستدعيه الجدال والحجاج من ذكر بعض النقائص » : قيل والعيوب في الشيء المذموم كقوله تعالى على لسان إبراهيم في محاجة قومه: ﴿ _ r❁ ponmlk❁ ihgfed❁ba` vuts ❁ zyx { ❁ }~ے ¡¢£ ﴾ [الشعراء: ٦٩ -[٧٤ ، الشيخ محمد كعباش: نفحات الرحم ٰ ، ن في رياض القرآن، ج ٤ ص ٣٤٩ ، قاله في معرض تفسيره للآية ١٠٨ من سورة ا لأنعام. (٣) . السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٨٥ ٧٠ عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن عبد الله بن عمر قال: قدم رجلان من المشرق فخطبا فأعجب الناس بيانهما فقال رسول الله ژ : .« إن من البيان لسحرا » ً المنطق فلا يزال بالناس حتى يأخذ » قال الربيع: إنما يعني بالبيان « قلوبهم وأسماعهم(١) . خامسا قول للوارجلاني فيه فائدة كبيرة للمفاوض: ً من الأقوال المفيدة للمفاوضين بخصوص ترتيب منطلقاتهم الذهنية، وكذلك منطقية عرض أفكارهم، القول الآتي للوارجلاني: وإنما وقعت المغالطات بين الخصوم، من تضييعهم معرفة هذه » الأصول، فلما بطلوا عطلوا. ويعتور على البرهان ثلاثة ألفاظ: برهان صحيح، ومموه صريح، وخطاب فصيح. فمن بنى برهانه على الحد والقياس والطرد والانعكاس، كان برهانه صحيحا في ا لعقليات. ً والبرهان المموه الصريح: هو الذي تقع المغالطة في طريق استعماله، من أحد الخصمين، فيفترقان على غير طائل. والبرهان في الخطاب الفصيح إقامة الحق والباطل في نفس المخاطب، حتى يعتقده من غير ما دليل، ولا برهان صحيح، ولا تمويه صريح، فإن سلك فيه طريق الحق كان حق ً ا، وإن سلك فيه طريق الباطل، كان باطلا ً ، ويسوغ للأمرين. (١) إن بعض البيان سحر لأن صاحبه يوضح » يقول السالمي: (قوله: إن من البيان لسحرا) أي ً الشيء المشكل ويكشف عن حقيقته بحسن بيانه فيستميل القلوب كما تستمال بالسحر وقال بعضهم: لما كان في البيان من إبداع التركيب وغرابة التأليف ما يجذب السامع ويخرجه إلى حد يكاد يشغله عن غيره، شبه بالسحر الحقيقي فقيل هو السحر الحلال وقيل معناه أن من البيان ما يكتسب به من الإثم ما يكتسبه الساحر بسحره فيكون في معرض الذم والأول أظهر وبه فسر ا لربيع 5 « السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ١، ص ٦١ -.٦٢ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  والتمويه ليس فيه إلا الباطل. والبرهان ليس فيه إلا الحق، فاحترز ما قدرت من التمويه، ولا تركن إلى القبول الفصيح، حتى يقع البرهان ا لصحيح.   والبرهان الصحيح كما ذكرت لك هو الحد والقياس. وهو الطرد  والانعكاس، وقد نبهتك أولا ً على تحقيق المعاني. واطرح ا لألفاظ. واعلم أن وصولك إلى معرفة المعاني بثلاثة مقامات: إحداها هلهلته،  والثاني ماهيته، والثالث كيفيته. فالهلهلة: هي ذات الشيء، ولن تفيدك برد ا ليقين. والماهية: هي رسمه، والرسم قد يبين وقد لا يبين.  والكيفية: هي حده، والحد هنالك الحق المبين، فمن لا يعرف الشيء لا بذاته ولا بشيء من صفاته، لم يخل منه بطائل، ولم يفر إلا بقول قائل، ومن عرفه برسمه كان بين ً ا. ومن عرفه بحده، صح اعتقاده، وثلج فؤاده، « وانطلق لسانه وظهر بيانه(١) . سادسا التحرز عن الخطأ في ا لتعبير: ً في العلاقات الدولية، كقاعدة عامة، يترتب أثر الإعلان أو الكلام الصادر عن ممثلي الدولة ما دام يفصح النية عن الموقف الذي اتخذه بلا لبس أو غموض. ولا يمكن للدولة بعد ذلك أن تتذرع بأن ممثلها أخطأ في التعبير. علة ذلك أن الطرف الآخر ليس ملزما بأن يعلم مكنونات سر أو دوافع من تكلم، وإنما له أن ً يبني على مواقف الطرف الذي صدر عنه الفعل أو الكلام ويتصرف تبع ً ا لذلك(٢) . (١) ١٤٠٣ ه ، الوارجلاني: الدليل والبرهان، المجلد ٢ الجزء ٣ - ١٩٨٣ م، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ص ٦ -.٧ ُ (٢) بحث الفقه الإباضي مسألة قريبة (يمكن أن يضعها المفاوض نصب عينيه)، وهي مسألة المكلف إذا عبر له أحد » : وهكذا بخصوص السؤال الآتي .« العمل بعبارة المعبر إن أخطأ »شيئ ً ا من الأعمال البدنية الواجبة عليه، فأخطأ المعبر الحق وظن السامع أنه عين الحق، أو = أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٧٢ سابعا عدم القول بغير علم: ً ذلك أن القول بغير علم خصوصا في مسائل العلاقات الدولية عواقبه ً وخيمة، لما يرتبه من آثار في حق الدولة التي ينتمي إليها ا لمفاوض. وقد أجمع العلماء على تحريم القول بغير علم؛ دليل ذلك قوله تعالى: ﴿ ]\[ZYXWVUTSRQP ^ _ ` lkjihgfedcba ﴾ [ [الأعراف: ٣٣ ، وقوله تعالى: ﴿ ÉÈÇÆÅÄÃÂÁ ❁ ÍÌË ÕÔÓÒÑÐÏÎ ﴾ [البقرة: ١٦٨ -[١٦٩ ، وقوله تعالى: ﴿ ÇÆÅÄÃÂÁ ﴾ [ [الإسراء: ٣٦ . للتوصل إلى ا لحق: « الحيل » ٤ جواز اللجوء إلى حيل(١) التفاوض واستراتيجياته كثيرة، وهو علم واسع في نطاق النظرية العامة للمفاوضات ا لدولية. والحيلة التي تفضي إلى نتيجة غير مقبولة شرع ً ا تكون غير مشروعة ولو تمت بوسيلة مشروعة. أما الحيلة التي تؤدي إلى نتيجة مشروعة،  ا(٢) وبوسائل مشروعة، فهي صحيحة إسلامي . = أصاب المعبر وظن السامع أنه لم يصب، هل له أن يعمل بعبارة المعبر أو بما ظنه في عقله عليه أن يعمل بعبارة المعبر إذا وافقت الحق، » : يقول السالمي ،«؟ كان ذلك خطأ أو صوابا ً عرف أنها حق أو جهل لأن الحجة لا تتغير بجهل الجاهل، والحق لا يختلف باختلاف الأوهام، وليس له أن يترك ذلك لأجل ما وقع في ذهنه أنه غير صواب. وإن لم توافق العبارة الحق فليس عليه ولا له أن يأخذ الباطل، لأن الباطل مردود على قائله وليس الباطل بحجة على أحد أ صلا ً . جوابات الإمام السالمي، ج ١، ص ٢٤٤ « ، سواء علم السامع ببطلانه أو جهل(١) راجع د. مصطفى باجو: المقاصد بين الفقهين الإباضي والمالكي، ندوة الفقه العماني ُ . والمقاصد الشرعية، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ص ٤٨٣ ُ (٢) يفرق رأي بين الحيل والمخارج الفقهية أو ما يعرف بالرخص، بقوله: = الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  وقالوا: إن الحيل هي الحذق في تدبير(١) الأمور وهى تقليب الفكر حتى يهتدي إلى ا لمقصود. = والذي يظهر لي أن الضابط الذي يمكن أن يفرق به بين الحيل المحرمة والمخارج »الفقهية، يرجع إلى النية والدافع، فإن كانت النية والدافع لدى المكلف هي الوصول إلى الباطل متسترا بالحيلة، فهي من باب الحيل الممنوعة، أما إن كان قصده الحق، وإنما وقع ً في ضرورة فأراد أن يخرج منها بوجه شرعي، يخرجه من المخالفة الصريحة التي ترتب عليه عقوبة أخروية أو جزاء دنيويا كالحرمان من الحق، أو إلزامه بكفارة، فهذه من باب ً الترخص بالمخارج ا لفقهية. فالمحتال نيته فاسدة والدافع له تحقيق شهوته، والمترخص نيته حسنة، والدافع له د. هلال الراشدي: القواعد الفقهية عند الإباضية تنظيرا وتطبيق « الضرورة ً ا، مركز الغندور، ًّ . القاهرة، ٢٠٠٩ ، ص ١٦٥(١) استخدم علماء المسلمين لفظة الحيل للإشارة إلى جر الأثقال بالقوة اليسيرة، كما تحدثوا عن حيل حركات الماء وصنعة الأواني العجيبة، راجع الإمام الخوارزمي: مفاتيح العلوم، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ١٤٠١ ه -١٩٨١ م، ص ١٤١ -.١٤٣ تجدر الإشارة أن هناك فارق بين الذريعة والحيلة فالأولى أعم من الثانية، ولا يشترط فيها أن تكون مقصودة، بينما الثانية يجب فيها أن تكون مقصودة، راجع محمود شعبان: السبب الباعث على التعاقد في الفقه الإسلامي، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة القاهرة، . ١٩٩٤ ، ص ٣٠٥ ٩/د ٩ قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي ( ١٤١٥ ه / وفي قراره رقم ٩٦ - ١٩٩٥ م) أن: سد الذرائع يقتضي منع الحيل إلى إتيان المحظورات أو إبطال شيء من المطلوبات »الشرعية، غير أن الحيلة تفترق عن الذريعة باشتراط وجود القصد في الأولى دون .« الثانية ١٤١٦ ه ، راجع مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، عدد ٢٧ -. ١٩٩٥ م، ص ٢١٧ والفرق بين الحيلة والتدبير أن الحيلة ما أحيل به عن وجهه فيجلب به نفع أو يدفع به ضر. ومن التدبير ما لا يكون حيلة وهو تدبير الرجل لإصلاح ماله وإصلاح أمر ولده وأصحابه. أبو هلال العسكري: الفروق اللغوية، دار زاهد القدسي، القاهرة، ص ٢١٢ . راجع أيضا ً . الفرق بين الحيلة والمكر، نفس المرجع، ص ٢١٥ ٧٤ ?äɰVhÉØªdG AÉæKCG ä’RÉæJ ºjó≤J Rƒéj πg `` ê  (مثال: ما حدث في صلح الحديبية). من المعلوم أن المفاوضات من خصائصها وآثارها أن كل طرف لا يجوز له أن يتمسك بموقفه دون أن يتزحزح عن ذلك قيد أنملة، وإنما عادة تكون المفاوضات منطوية على بعض التنازلات، خصوصا الشكلية التي لا تمس ً جوهر القضية أو المسألة محل ا لتفاوض. ومن المعلوم أنه أثناء مفاوضات صلح الحديبية(١) وافق النبي ژ على بعض التنازلات، خصوصا أمرين: ً ﺩﺭ ﻦﻣ ﻲﺗﺄﻳ ﻪﻴﻟﺇ ﻦﻣ ﻦﻴﻤﻠﺴﻤﻟﺍ ﻰﻟﺇ .ﺶﻳﺮﻗ ١ ـ  ﺪﻝﻮﺳﺭ «ﷲﺍ ﻝﺎﻘﻓ ﻮﺤﻣ ﺓﺭﺎﺒﻋﻝﻮﺳﺭ) (ﷲﺍ ﺎﻤﻨﻴﺣ ﺐﺘﻛ ﺐﺗﺎﻜﻟﺍ ﻦﻣﻤﺤﻣ» :ﻥﻮﻛﺮﺸﻤﻟﺍ ﻮﻟ ﺎﻨﻤﻠﻋ ﻚﻧﺃﻝﻮﺳﺭ ﷲﺍ ﺎﻣ.ﻙﺎﻨﻠﺗﺎﻗ ٢ ـ ﻖــﻓﺍﻮﻳﻭ ﻪﻘﻔﻟﺍ ﻲــﺿﺎﺑﻹﺍ ﻰــﻠﻋ ﺔﻴﻧﺎﻜﻣﺇ ﻢــﻳﺪﻘﺗ ﺕﻻﺯﺎﻨﺗ ﺔﻴﻠﻜــﺷ ﺀﺎﻨﺛﺃ      المفاوضات الدولية. يكفي أن نذكر أنه بخصوص هذا التنازل الأخير الذي باسمك ا للهم » فما دامت كلمة » : تم في صلح الحديبية، يقول الشيخ بيوض « ُ « رسول الله » ليس فيها طعن في حق المولى تعالى، وما دام عدم كتابة كلمةلا يزيد في جوهر القضية ولا ينقص منها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ِ (١) تظهر لنا حكمة ا لنبي ژ وبعد نظره، ودقة » بخصوص مفاوضات صلح الحديبية، قيل إنها ملاحظته، وشدة صبره، وحنكة دهائه، أو كما يعبرون عنها اليوم بالمهارة السياسية، أو المهارة الدبلوماسية، وهذا ما يجب أن نتتبعه بدقة حتى نستفيد منه، ونحن في حاجة ماسة إلى مثل هذه السيرة النبوية التي تضيء لنا الطريق في كل مضيق، فهي تلقي أضواء ّ على طرقنا في معالجة المشاكل والخصومات، ولا أفضل من الاقتداء بالنبي ژ ، ومن ذا الذي نستضيء بنوره، ونهتدي بهديه، ونقتدي بسنته أفضل من النبي ژ ، وضل من يتخذ ُ الشيخ بيوض: في رحاب .«! علوج الروم والفرنجة والكفرة والملاحدة أسوة يقتدي بهم القرآن، ج ١٩ ، ص ٤١ (تفسير سورة ا لفتح). الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  فإن رئيس وفد قريش يهدد بقطع المفاوضة، وإلغاء معاهدة الصلح الذي يرغب فيه ا لنبي ژ ، لأنه يعلم ما سيترتب عليه من خيور لا تقدر  إذن ليس من الحكمة ،« الفتح الأعظم » : ولا توصف، حتى سمي بسببها ُ التعلق بالشكليات في مثل هذه المواقف الخطيرة، ما دامت لا تؤثر على صلب القضية، ولا تهدم قاعدة من قواعده الأساسية، وإنما العبرة بصلب « الوثيقة وبنود ا لصلح(١) . (١) ذات المرجع السابق، ص ١٠٧ . بينما لا يقبل الإباضية تنازلا ً شكليا مماثلا ً صدر عن ًّ الإمام علي بن أبي طالب خلال مفاوضاته مع معاوية؛ فبخصوص السؤال ا لآتي: توبة الأمير من محوه اسم الإمارة لمخاطبة معارضيه؟  .« من علي أمير المؤمنين » : معنى ما يوجد في الأثر أن علي بن أبي طالب كتب إلى معاوية إني لو علمت أنك أمير المؤمنين لم أقاتلك فامح أمير » فكتب إليه معاوية كما بلغنا   ففعل. فبلغ ذلك المسلمين، فقالوا له: ما حملك يا علي على أن تخلع اسمك « المؤمنين  من اسم سماك به المسلمون؟ ف َت ُب مما صنعت. فتاب من ذلك. ْ قال ا لسائل: ما وجه استتابة المسلمين لعلي عن هذه الخصلة والظاهر أنها ليست بمعصية، وأيض ً ا فإن رسول الله ژ فعل مثل ذلك يوم الحديبية حين كتب الكاتب من محمد رسول الله. فقال المشركون: لو علمنا أنك رسول الله ما قاتلناك. فمحا اسم رسول الله من الكتاب، وكتب الكاتب: من محمد بن عبد الله. يقول ا لسالمى: وجه استتابة المسلمين لعلي من ذلك إنما هو لمطاوعته لمعاوية لا لترك كتابة الاسم »فقط، ومعاوية باغ على الإمام جاحد لإمامته ملبس على العامة أنه ليس بأمير المؤمنين، وترك اسم الإمارة مع ذلك معصية ظاهرة لأن المطاوع للملبس ملبس، ومجيب المخادع في أموره التي يخادع بها المسلمين مخادع، فعن ذلك تو َ بوه ولذلك تاب. ّ وليست قضية علي هاهنا مشابهة لقضية رسول الله ژ في الحديبية لأن الإسلام ذلك اليوم في مبدأ أمره والإسلام في خلافة علي قد انتهى إلى الغاية القصوى في الكمال وقد .« يتسامح في مبدأ الأمر لتربيته ما لا يتسامح عند ا لنهاية ويضيف ا لسالمي: وأيض » ً ا ما فعله ژ إنما كان عن وحي يوحى فالظاهر عن أمر خص ّ به في ذلك اليوم دون = ٧٦ ådÉãdG åëѪdG »dhódG º«μëàdG التحكيم من وسائل حل المنازعات بين الدول والأفراد. وهو وسيلة تم اللجوء إليها منذ غابر الأزمان، بل أصبحت مثلا ً في بيته يؤتى » ، إذ .« الحكم أما الأول يقال حكمت الرجل » والتحكيم له معنيان: لغوي واصطلاحي تحكميا إذا منعته مما أراد ويقال أيض ً ا: حكمته في مالي إذا جعلت إليه ً = ما عداه من الأيام إذ لم ينقل عنه في جميع مكاتباته مثل ذلك فالظاهر أنه حكم منسوخ لا يصح أن يعمل به. وأيض ً ا فإن القوم الذين مع معاوية يقرون بالإسلام معترفون بحقيقة الإمامة وبوجوب الطاعة للإمام لكن معاوية يلبس عليهم بأن عليا ليس بإمام وأنه هو ليس بأمير المؤمنين  ً وقد خدع أكثرهم بهذا التلبيس فترك التسمية بالإمارة مع ذلك ليس كترك الرسالة في جانب المشركين فإن جميع المشركين ينكرون رسالة رسول الله ژ من غير تلبيس على أحد منهم من رؤسائهم. وأيض ً ا فالرسالة أمر إلهي لا تمحى بمحو اسمها من الكتابة والإمارة أمر بشرى جعل فيه جوابات الإمام ) « الاختبار للمسلمين وتزول باعتزال الإمام وبعزل المسلمين لحدث السالمي، ج ١، ص ٤٢ -.(٤٣ ويقول الإمام أطفيش بخصوص المقارنة بين جواز ما تم في صلح الحديبية، وعدم جوازه ليس للإمام كل ما للنبي ژ » في صلح الإمام على إنه « أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المطبعة العربية، غرداية الجزائر، ١٤٢٢ ه -. ٢٠٠١ م، ص ٥٨٥ خلال صلح الحديبية، قال ژ « رسول الله » ويروى أن الإمام علي حينما رفض محو : « سيكون لك مثل ذلك تقهر عليه » ولما أراد أهل صفين الصلح كتب الكاتب: هذا ما صالح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب معاوية ابن أبي سفيان فقال عمرو بن العاص: لو كنت أمير المؤمنين ما قاتلتك امح أمير المؤمنين وأبى الناس محوه، وقال للكاتب: امحه، تذكر قول النبي ژ : إنك ستبلى بمثلها مقهور » ً ا حين أبيت َ مح ْ و َ (رسول الله) ژ « ثم قال: الله أكبر مثلا ً بمثل وذكر ما جرى له في المحو مع رسول الله ژ (راجع أطفيش: السيرة .( الجامعة من المعجزات اللامعة، ص ٢٢٢ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي   الحكم فيه فاحتكم علي في ذلك واحتكموا إلى المحاكم وتحاكموا... وأما في الاصطلاح فهو تولية الخصمين حاكما يحكم بينهما وركنه اللفظ الدال ً « عليه مع قبول ا لآخر(١) . الخصمين إذا حكما بينهما رجلا » : وقيل: إن التحكيم معناه أن ً وارتضياه   لأن يحكم بينهما فإن ذلك جائز بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، ولأنا متى  (١) ابن نجيم الحنفي: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، ج ٧، ص ٢٤ . وقيل أيض ً ا إن: د. محمد ) « التحكيم هو اتفاق الخصمين على رجل يقضي بينهما فيما نشب من خلاف »رواس قلعه جي: موسوعة فقه عبد الله بن مسعود، جامعة أم القرى، مكة المكرمة،  ١٤٠٤ ه - ١٩٨٤ م، ص ١٥٢ ؛ حاشية ابن عابدين، ج ٥، ص ٤٢٨ ). وقد أخذت مجلة التحكيم هو عبارة عن اتخاذ خصمين حاكما » : الأحكام العدلية بتعريف قريب، بقولها ً .( المادة: ١٧٩٠ ) « برضاهما، لفصل خصوماتهما ودعواهما تحري الصلاح فيما جعل إليه وإنفاذ القضاء بالحق » لذلك قيل إن اسم الحكم يفيد .( الإمام الجصاص: أحكام القرآن، دار المصحف، القاهرة، ج ٣، ص ١٥٣ ) « والعدل ويقرر رأي أن هناك فارق » ً ا بين الحكم والمحكم: فالحكم هو الذي يحكم في الأمور بين أي للذين « إن الجنة للمحكمين » الناس، أما المحكم فهو الذي يحكم في نفسه كحديث وتبقى كلمة حكم على « يخيرون إذا وقعوا في الأسر بين الشرك والقتل فيختارون القتل حالها في المفرد والجمع فنقول في بيته يؤتى الحكم، واختلف الحكم في القضية، راجع: . زهدي جار الله: الكتابة الصحيحة، الأهلية للنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الثانية، ص ٩٠ الواجب الذي يقدره عدل في » والذي أطلقه الفقهاء على « حكومة عدل » وهناك مصطلح استقرار الحكومة يتوقف على » جناية ليس فيها مقدار معين من المال وسبب التسمية أن راجع الموسوعة « حكم حاكم أو محكم معتبر، ومن ثم لو اجتهد فيه غيره لم يكن له أثر الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، الطبعة الثانية، ج ١٨ ، ص ٦٨ -.٦٩ كذلك استخدم فقهاء المسلمين لفظة التحكيم في أحوال أخرى، وإن كانت ليست غريبة فمثلا .« على التحكيم بمعناه الشرعي ً الأصل » يقول ابن نجيم بصدد الخروج على قاعدة وإنما خرجوا عن هذه القاعدة فيها لأجل تحكيم » :« إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته راجع ابن نجيم الحنفي: الأشباه والنظائر، مؤسسة الحلبي، القاهرة، « الحال ١٣٨٧ ه -. ١٩٦٨ م، ص ٦٥ ٧٨  لم نجز التحكيم لضاق الأمر على الناس لأنه يشق على الناس الحضور إلى « مجلس الحكم فجوزنا التحكيم للحاجة(١) . ويختلف التحكيم عن الصلح من وجهين: أحدهما أن » : كذلك قيل التحكيم ينتج عنه حكم قضائي، بخلاف الصلح فإنه ينتج عنه عقد يتراضى عليه الطرفان المتنازعان، وفرق بين الحكم القضائي والعقد الرضائي. (١) الإمام علاء الدين الطرابلسي الحنفي: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٩٣ ه -١٩٧٣ م، ص ٢٤ -.٢٥ وهو عين ما أخذت به اتفاقية لاهاي للتسوية السلمية للمنازعات الدولية ( ١٨ أكتوبر ١٩٠٧ ) في المادة ٣٧ ، والتي تنص على أن التحكيم موضوعه: تسوية المنازعات بين الدول بواسطة قضاة يختارونهم » par des juges de leur choix ـ by Judges of their Own Choice  .« وعلى أساس احترام ا لقانون من فروع القضاء، والمحكم أحط رتبة من القاضي، فإن » ويقول ابن الهمام: التحكيم رضي بحكمه وعموم » ولاقتصار حكمه، على من « القاضي يقضي فيما لا يقضي المحكم الكمال بن الهمام الحنفي: شرح فتح القدير، مكتبة مصطفى البابي « ولاية القاضي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٩ ه - ١٩٧٠ م، ج ٧، ص ٣١٥ ، وبخصوص (قوله: وعموم ولاية القاضي) المراد بعموم ولاية القاضي هو تعدي الحكم الصادر عنه إلى غير المتخاصمين كما في صورة القتل خطأ وأمثاله، لا أنه يجب أن يكون مولى على آحاد كثيرة من الناس فإنه قد يفوض إليه الحكم في قضية واحدة بين الشخصين المعنيين كما لا يخفى إلا أنه يمكن أن يقال: لا يطلق اسم القاضي لمثل ذلك المولى كما يعلم من المبسوط (نفس المرجع، نفس ا لمكان). الحكم لغة: القضاء، والجمع أحكام. وقد حكم عليه بالأمر حكما » : يقول الفيروزآبادي أن ً وحكومة. والحاكم منفذ الحكم وكذلك الحكم والجمع حكام. وحاكمه إلى الحاكم دعاه وخاصمه. وحكمه في الأمر: أمره أن يحكم، فاحتكم. وتحكم: جاز فيه حكمه والاسم مصدر خصمته أي نازعته. والخصم: المخاصم » أما الخصم فهو .« الأحكومة والحكومة المنازع، والجمع: خصوم وخصام وأخصام... وأصل المخاصمة أن يتعلق كل واحد بخصم الفيروزآبادي: بصائر ) « الآخر، أي بجانبه وأن يجذب كل واحد خصم الجوالق من جانبه ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٦ ه - .(٥٤٧ ، ١٩٩٦ م، ج ٢، ص ٤٨٧ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  والثاني أن الصلح ينزل فيه أحد الطرفين أو كلاهما عن حق، بخلاف « التحكيم فليس فيه نزول عن حق (١) . ولا شك أن الغاية من التحكيم هي حل وتسوية النزاع أو الخلاف القائم وهو ما أكده قوله تعالى: ﴿ ZYXWVUTSR  ^]\[ ﴾[ [النساء: ٣٥ . غير أن اللجوء إلى التحكيم يكتنفه قدر من الخطورة. ذلك أن الحكم الصادر يكون ملزما للدولة، وبالتالي يكون من الواجب تنفيذه، ويفسر ذلك ً لنا تردد كثير من الدول خصوصا إذا كانت المسألة مهمة في اللجوء إلى ً التحكيم. وقد فطن فقهاء المسلمين إلى ذلك أيضا، فقد قرر أبو يوسف عدم قبول ً المحكم التابع للطرف الآخر حتى ولو كان قد أسلم وهو مقيم في دارهم، ويضيف أيض ً ا: وإن كان مقيما في عسكر المسلمين وهو منهم فلا أحب أن يقبل » ً حكمه وإن كان مسلما، من قبل عظم هذا الحكم وخطره وما يتخوف على ً « الإسلام(٢) . ولا شك أن هذه العبارة الأخيرة عظيمة المغزى، كبيرة المعنى! إذ لا يجوز الإقدام على التراضي على التحكيم إلا بعد ترو كبير، وبعد تقليب « عظم هذا الحكم » المسألة من كافة وجوهها وجوانبها ونواحيها، بالنظر إلى وآثاره ا لخطيرة. (١) راجع الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، ١٤١٢ ه - ١٩٩٢ م، . ج ٢٧ ، ص ٣٢٤(٢) . أبو يوسف: الخراج، المطبعة السلفية، القاهرة، ١٣٥٢ ه، ص ٢٢١ ٨٠ ومن خير من عبر عن هذه الطبيعة للتحكيم الدولي الإمام ابن قدامة المقدسي، إذ بخصوص نزول أهل حصن حاصره المسلمون على حكم « تحكيم في مصلحة طريقها ا لرأي » : اثنين أو أكثر قال إن ذلك يجوز، لأنه(١) . ونشير إلى التحكيم، في الفقه الإباضي، من حيث أنواعه وتمييزه عن غيره، وأساسه، والشروط التي يجب توافرها في المحكم، وحكم ا لتحكيم. :á«°VÉHE’G óæY º«μëàdG ´GƒfCG `` CG q للتحكيم عند ا لإباضية أنواع ثلاثة: ّ الأول التحكيم بين الأفراد العاديين: ومثاله التحكيم بين الزوجين تطبيق ً ا لقوله تعالى: ﴿ VUTSRQPON _^]\[ZYXW`dcba﴾ [ [النساء: ٣٥ ، ولا دلالة في الآية على جواز التحكيم في ما نص الله فيه » : يقول أطفيش ّ « على الحكم، كقتال البغاة لأن الآية في غير ذلك(٢) . ﻻﻭ ﻚﺷ ﻥﺃ ﻩﺬﻫ ﺔﻳﻵﺍ ﺖﻌﺿﻭ ﺲﺳﻷﺍ ﺔﻳﺮﻫﻮﺠﻟﺍ ﻱﻷ ؛ﻢﻴﻜﺤﺗ ﻦﻣ :ﺚﻴﺣ ﺎــ ﻲﻓ ﻢﺴﺣ ﻉﺍﺰﻧ ﺡﻭﺮﻄﻣ ﻡﺎﻣﺃ :ﻪﺒﺒﺳ ﺩﻮﺟﻭ ،ﻉﺍﺰﻧ ﻢﻴﻜﺤﺘﻟﺎﻓ ﻞﺜﻤﺘﻳﺳﺎﺳﺃً ﺔﺌﻴﻫ ،ﻢﻴﻜﺤﺘﻟﺍ ﺚﻴﺤﺑﻭ ﺍﺫﺇ ﻢﻟ ﺪﺟﻮﻳ ،ﻉﺍﺰﻧ ﻦﻠﻓ ﻥﻮﻜﻳ ﻙﺎﻨﻫ .ﻢﻴﻜﺤﺗ ١ ـ :ﻪــﺳﺎﺳﺃ ؛ﻲﺿﺍﺮﺘﻟﺍ ﺫﺇﻻ ﺭﺎﺒﺟﺇ ﻰﻠﻋ ،ﻢﻴﻜﺤﺘﻟﺍ ﺎﻤﻧﺇﻭ ﺮﻣﻷﺍ ﻦﻫﺭ ﺔﻘﻓﺍﻮﻤﺑ ٢ ـ ﻑﺍﺮﻃﺃ .ﻉﺍﺰﻨﻟﺍ :ﻪﺘﻳﺎﻏ ﻞــﺻﻮﺘﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﻞﺣ ﻉﺍﺰــﻨﻠﻟ ،(ﺡﻼﺻﻹﺍ) ﻢﻴﻜﺤﺘﻟﺎﻓ ﻦﻣ ﻞﺋﺎــﺳﻮﻟﺍً ﺎ ﻪﻟﻮﻘﻟ :ﻰﻟﺎﻌﺗ ﺔﻤــﺳﺎﺤﻟﺍ ﻉﺍﺰﻨﻠﻟ ﻢﻜﺤﺑ ﺭﺪﺼﻳ ﻦﻋ ﺔﺌﻴﻫ ،ﻢﻴﻜﺤﺘﻟﺍ ﻗﺍﺪﺼﻣ ٣ ـ (١) الإمام ابن قدامة المقدسي: الكافي في الفقه على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل، . ج ٤، ص ١٨٦(٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٢١٧ ا في الفقه الإباضي ¹ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلمي ﴿ ¬®¯°± ³² ´ ¶µ ¸ À¿¾½¼»º ﴾[ [النساء: ٦٥ . :« عقد ا لإمامة » الثاني التحكيم بخصوص     باب في صفة عقد الإمامة وما يكون في ذلك من التكبير » وهكذا تحت يقول ا لكندي: ،« والتحكيم وغير ذلك ويكون التكبير والتحكيم بعد صلوات الفرائض فيقول لا إله إلا الله »  والله أكبر ولله الحمد ثلاث مرات ثم يقول لا حكم إلا لله ولا طاعة لمن   عصى الله لا حكم إلا لله ولا حكم لمن حكم بغير ما أنزل الله لا حكم إلا لله حب ً ا وموالاة لأولياء الله لا حكم إلا لله خلع ً ا وفراق ً ا لأعداء الله لا حكم إلا لله ولا حول ولا قوة إلا  بالله لا حكم إلا لله والسلام عليك يا رسول الله، ثم   يقول لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد ثلاث مرات، ثم يقطع التكبير ويقيم  الإمام مؤذن ً ا يؤذن في أوقات الصلوات ويحضر باب الدار فيستحثه على الصلاة ثم يخرج الإمام من داره ومعه جماعة من الرجال يمشون بين يديه قد جعلوا سيوفهم على عواتقهم والمكبر يكبر بهم تكبيرا مفرد ً ا بغير تحكيم ً « حتى يصلوا إلى المسجد أو ا لمصلى ثم يقطع ا لتكبير(١) . الثالث التحكيم في المنازعات الجماعية (الدولية أو ا لداخلية): إذا قام نزاع داخلي (حروب البغي)، أو دولي، فيمكن التماس حله عن طريق التحكيم. يقول ا لرقيشي: يزول اسم البغي وحكمه عن الفئتين جميعا إذا رجعتا عن بغيهما » ً نادمتين عن البغي الكائن منهما منقادتين إلى ما يحكم به بينهما الحاكم « العدل(٢) . (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٤٧٨ -.٤٧٩ (٢) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٨١ ٨٢ ويقول ابن عبيدان: ومما يلزم الناس مخاطبته في حكمه عليهم إن رضي الخصمان » بحكمه، وجعلاه على أنفسهما حاكما، ورضيا بحكمه عليهما، ولو لم ً  يكن حاكما عن إمام عدل تلزم الناس طاعته، وقد حكم الخصمان من ً المسلمين ومن اليهود من بني قريظة سعد بن معاذ بحضرة رسول الله ژ ، ورضي الفريقان بسعد حاكما عليهم، فثبت حكمه من ً بعد تراضي الفريقين به، أن يكون فيما بينهما حاكما، فكفى بهذا أثرا ًً وبرهان ً ا إذا كان رسول الله ژ ومن معه متبعين لحكم سعد بن معاذ، « وأثبتوه على أنفسهم(١) . ونشير إلى موقف الإباضية من التحكيم في النزاعات الدولية والداخلية ّ (حروب ا لبغي). ١ التحكيم في المنازعات ا لدولية:  المثال الشهير في هذا الخصوص هو تحكيم بني قريظة وروى أنه ژ سأل الأوس: ترضون أن يحكم فيكم رجل منكم؟ فقالوا: نعم. فحكم رسول الله ژ فيهم سعد بن معاذ ولما جاء سعد قال لهم: عليكم عهد الله وميثاقه، إن الحكم فيكم كما حكمت قالوا: نعم. قال: وعلى من ها هنا للناحية التي فيها رسول الله ژ ، وهو معرض عنه إجلالا ً له. فقال رسول الله ژ : نعم. قال: فإني أحكم فيهم: بأن ي ُق ْ تل الرجال، وت ُق َسم الأموال، وت ُسبى ْ الذراري والنساء. (١). محمد بن عبيدان: جواهر الآثار، المرجع السابق، ج ٢٠ ، ص ٣٥٣ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  فقال ژ : لقد حكم بحكم الله، من فوق سبعة أرقعة فحكمه  رسول الله ژ ، وقبل حكومته(١) . وروى أنه كان بين قريظة والنظير دماء قبل بعث ا لنبي ژ ، فلما بعث إن النظير إخواننا أبونا » : وهاجر إلى المدينة تحاكموا إليه، فقال قريظة واحد وكتابنا واحد، فإن قتلوا منا قتيلا ً أعطونا سبعين وسق ً ا من تمر، وإن قتلنا منهم قتيلا ً أعطيناهم مائة وسبعين وسق ً ا، وجراحاتنا نصف فقال ا لن ،« جراحتهم، فاقض بيننا  بي ژ : القتلى بواء (أي أكفاء) في » ،« لا نرضى بحكمك إنما أنت عدو لنا » : فقال النظير ،« القصاص والدية  فنزل قوله تعالى: ﴿ ÚÙØ×ÖÕÔÓÒÑÐ ﴾ [ [المائدة: ٥٠(٢) . كذلك بخصوص تحكيم سعد بن معاذ في أمر بني قريظة، يقول الإمام  النووي إن هذه الحادثة فيها دليل على: جواز التحكيم في أمور المسلمين وفي مهماتهم العظام وقد أجمع » العلماء عليه ولم يخالف فيه إلا الخوارج فإنهم أنكروا على علي التحكيم عليهم وفيه جواز مصالحة أهل قرية أو حصن على حكم حاكم مسلم عدل صالح للحكم أمين على هذا الأمر وعليه الحكم بما فيه مصلحة للمسلمين وإذا حكم بشيء لزم حكمه ولا يجوز للإمام ولا لهم الرجوع عنه ولهم « الرجوع قبل الحكم والله أعلم(٣) . (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٧٣ . راجع أيض ً ا: أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣١٠ -٣١١ ، ج ١٠ ، ص ٢٣٧ - ٢٤١ . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن . الحديث، ج ٥، ص ١٦٩ (٢) الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، ص ١٨٨ -.١٩٠ (٣) صحيح مسلم بشرح النووي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ١٣٩٢ ه ١٩٧٢ م، . ج ١٢ ، المجلد السادس، ص ٩٢ ٨٤ جواز التحكيم في أمور المسلمين وفي » وما يقرره الإمام النووي من يسري بداهة على المنازعات الدولية باعتبارها من أولى « مهماتهم العظام   المهمات العظام، إن لم تكن أولاها. وقرر فقهاء المسلمين إمكانية اللجوء إلى التحكيم الدولي ليس فقط في وقت السلم، وإنما أيض ً ا في وقت الحرب. ولا شك أن ذلك يدل على تحبيذهم أيض ً ا الحل السلمي للنزاع بدلا ً من إراقة ا لدماء. وهكذا يقول ابن جماعة: إذا حاصر المسلمون قلعة، فطلب أهلها أن ينزلوا على حكم حاكم، » جاز، بشرط أن يكون  عدلا ً ثقة مأمون ً ا، ولا يحكم إلا بما فيه الحظ  للمسلمين، كما حكم سعد بن معاذ في بني قريظة لما سألوا أن ينزلوا على « حكمه، فحكم بقتل مقاتليهم وسبي ذراريهم(١) . وروي أن قريش ً ا هدمت الكعبة، فلما بلغوا الحجر الأسود أرادت كل قبيلة أن ترفعه، حتى تواعدوا للقتال، فقربت بنو عبد الدار وبنو عدي جفنة مملوءة دما فأدخلوا أيديهم فيها، وتحالفوا على الموت، وأقاموا أربع ليال ً ٍ على ذلك، ثم اجتمعوا وكان أبو أمية بن المغيرة يومئذ سيد قريش، فقال: يا معشر قريش اجعلوا فيما تختلفون فيه أول من يدخل عليكم من باب »فرضوا بذلك، فكان ذلك النبي ژ فأخبروه ،« هذا المسجد أن يقضي بينكم فجاءوا به فبسطه ثم أخذ الركن فلفه فيه، ثم ،« هلموا إلي ثوبا » : الخبر، فقال ً ففعلوا جميعا، حتى ،« لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه » : قال ً بلغوا موضعه، فوضعه ا لنبي ژ في موضعه، فكانت الكعبة كذلك(٢) . (١) ابن جماعة: تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، دار الثقافة، الدوحة، ١٤٠٨ ه -. ١٩٨٨ م، ص ١٨٥ (٢) الشيخ أ بو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، المرجع السابق، ص ١٨٨ -.١٨٩ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  ٢ التحكيم في المنازعات الداخلية (حروب البغي): التحكيم بين  علي ومعاوية: ّ من المعلوم أنه وقت الحرب بين علي ومعاوية، أرسل معاوية: ابعثوا   حكما منا وحكما منكم ونرضى بما يحكمان. وفعلا ً كان عمرو بن العاص ًً   حكما عن معاوية، وأبو موسى الأشعري حكما عن الإمام علي 3 وقد رفض ً ًّ فريق من المسلمين، ومنهم ا لإباضية اللجوء إلى التحكيم في هذا ا لنزاع(١) . ّ وأهم الحجج التي يستند إليها ا لإباضية، هي: ّ أولا ً حينما ناظر ابن عباس الرافضين للتحكيم، قالوا له: ِ فلم حكم في دين الله؟ قال: قد علمتم أن الله قد أمر بالتحكيم في رجل » ُ ُ وامرأة وفي طير يقتله المحرم. قال: فكيف بأمر أمة محمد ژ ، قالوا: تحكيم الحكمين في رجل وامرأة وفي طير رد الله الحكم فيه إلى العدول، وهذا الأمر جاء الحكم فيه من الله كالزنا والسرقة والقذف ولا يمكن لإنسان أن يحكم فيها بغير حكم ا لله. ولو أراد إمام قطع يد السارق، فقال له الناس حتى نحكم فيه حكمين، « أله أن يحكمهما أم يمضي على حكم الله. قال: بلى، بل لا يحكم الرجال(٢) . (١) وهم: ،« المحكمة » عند الإباضية مصطلح ّ سلف الإباضية، الذين أنكروا التحكيم بين علي بن أبي طالب من جهة ومعاوية بن أبي » ّ سفيان ورفضوا نتائجه جملة وتفصيلا ً . .« لا حكم إلا لله » : وسمى المحكمة بذلك لإنكارهم التحكيم، ولقولهم أقوى من أنه جاء إنكارا ،« لا حكم إلا لله » ولعل القول بأن لفظ المحكمة جاء من ً إلا أن يكون على ،« محكمة » للتحكيم؛ لأن المفروض في الذي ينكر التحكيم ألا يسمى .« السلب كما جاء في بعض مصادر ا للغة . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٩٣ ّ (٢) الشماخي: كتاب السير، دار المدار الإسلامي، بيروت، ج ١، ص ١٥٩ -.١٦٠ ٨٦ ويقول أطفيش: وأما جواب ابن عباس بأن الله حكم في الصيد وحكم في المرأة مع » زوجها فلا حجة له فيه، لأن الله حكم فيهما فحكمنا كما حكم الله، ومسألة الباغية قد بين الله حكمها، وهو قتالها حتى تفيء إلى أمر الله، فلا يبقى فيها « تحكيم إلا العدول عن الحق، ومن أوقع التحكيم فيها فقد جار(١) . ثانيا أن الله تعالى أمر بقتال الفئة الباغية، حتى تفيء إلى أمر الله، وقد ً قال تعالى: ﴿ onmlkjihgf p ﴾ [ [آل عمران: ١٠٤ فالأئمة إذا أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر كانوا » ، خير أمة، فأما إذا جابوا إلى المنكر أهله، وشكوا فيما كانوا فيه من الحق وتركوا الإنكار وطلب دماء المسلمين وأجابوا البغاة والفسقة، إلى الحكم « في دين الله لم يكونوا خير أمة(٢) .  ثالث ً ا أن الله 4 لم ينص في القرآن الكريم على استثناء يطبق في مثل  هذه الأحوال، كما قرره في أحوال أخرى صراحة. وهكذا يقول ابن جعفر: فإن قالوا إنما فزع »(٣) إلى الحكومة مخافة على المسلمين أن يبيدوا قتلا ً قيل لهم إن الله أعلم بعواقب الأمور من علي وقد أمر بقتال أهل البغي حتى يفيئوا إلى ٌ أمر الله لم يجعل لهم في ذلك مدة فلو علم أن للمسلمين في ذلك عذر على ترك قتالهم لاستثنى كما استثنى فيما أحل من البهائم والصيد ثم قال: ﴿ gfed ﴾ [ [المائدة: ١ ، وقال: ﴿ nmlkjihgf vutsrqpo ﴾ « (٤)[ [النساء: ٢٣ . (١) أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المطبعة العربية، غرداية قسنطينة، ١٤٢٢ ه -٢٠٠١ م، ص ٥٨٤ . (٢) . البسيوى: جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٤، ص ١٩٢(٣) أي الإمام علي .ƒ ٌ (٤) ابن جعفر: الجامع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣١ ه -. ٢٠١٠ م، ج ٨، ص ٦٦ ُ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  رابع ً ا أن المسلمين من حقهم عدم ات ّ باع الإمام إذا خرج عما يقرره الشرع. في هذا المعنى يقول ا لكندي:  وإذا أحدث الإمام حدث » ً ا يعلم المسلمون أنه ضلال فمشى إليه المسلمون فاستتابوه من ذلك الحدث فأبى ذلك عليهم وزعم أن الذي فعل   من ذلك جائز له. وقال بل أنتم المخطئون في إعانتكم علي وأنا مصيب،  فإن الإمام مصر على معصية الله محدث ظاهر حدثه وعلى المسلمين أن يخلعوه. وإن أبى ناصبوه وبهذه المنزلة ا ستحل وفي نسخة وعلى مثل هذه المنزلة ا ستحل ّ « المسلمون قتال علي بن أبي طالب والخروج عليه(١) . ٌ  هذه هي مجمل الأسباب التي يستند إليها ا لإباضية في رفض اللجوء ّ إلى التحكيم بخصوص هذه ا لمسألة(٢) . (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٣٨٣ -.٣٨٤ (٢) ما حذر منه أولي » بل ذهبوا إلى حد القول إن ذلك التحكيم ترتب على نتيجته وقوع الشيخ علي يحيى معمر: « البصائر من مفكري التحكيم، وهو أن التحكيم تلاعب بالأمر . الإباضية بين الفرق الإسلامية، ص ٥١١ ّ ،« إن قوما تقاتلوا على مسائل الرأي ولم يعابوا » بل بخصوص قول صاحب الدليل والبرهان ً بإمكان ذلك إذ لم يتقاتلوا تشهيا بل للحق عند كل » :( يجيب أطفيش (مشيرا إلى التحكيم ًً ومسائل الرأي مختلف فيها فقيل الحق عند الله فيها واحد وغيره خطأ غير معاقب عليه وقيل الحق مع كل واحد ولو تناقضا بمعنى أن ك ُ لا معذور في اجتهاده وكلام الدليل يتنزل على القولين وكل منهما قابل له ولا يتنزل على ما إذا كان منهما يقاتل صاحبه بحسب ما ظهر له من الحال مثلا ً أن يقول عدلان لطائفة إن هؤلاء قطاع الطريق إذ هم الذين أغاروا على أموالكم وهي معهم في مكانهم أو هم الذين بغوا وقتلوا أو نحو ذلك مما يوجب قتالهم أو يبيحه وهم برآء من ذلك والعدلان تعمدا كذبا وهما بحسب الظاهر عدلان أو ً أخطآ والتبس عليهما قوم بقوم أو غلطا في الطائفة تقاتل على قولين عدلين وهؤلاء يقاتلون على براءتهم مما نسب إليهم وإنما قلت لا تتنزل بذلك لقوله كل تمسك برأي وهذا غير تمسك برأي بل بحال وصف إلا أن يقاتل أراد 5 بالرأي ما يشمل هذا أيض ً ا وليس ذلك من مسائل قومنا لأن مسائلهم ترجع إلى التحكيم فيما حكم الله فيه وترجع إلى ولاية = ٨٨ بالذكر أن أكثر من ناظم تعرض لهذا التحكيم بين علي ومعاوية (١) . حري :AÉàaE’Gh Aɰ†≤dGh º«μëàdG ø«H ¥QÉØdG `` Ü  نشير إلى الفارق بين التحكيم وكل من القضاء والإفتاء، كما يلي: ١ الفارق بين التحكيم والقضاء: هناك فروق بين التحكيم والقضاء، فقد قيل: الحكم أعم من القضاء لصدقه على من حكمه الخصمان، وليس فيه » « نفوذ بخلاف ا لقضاء(٢) . يقول أطفيش: الحكم أعم من القضاء لصدقه على) حكم (من حكمه الخصمان)، )» وعلى حكم من نصبه الإمام أو السلطان أو الجماعة للحكم؛ (وليس فيه) أي في حكم من حكمه الخصمان (نفوذ) يعني ليس فيه إيصال صاحب = الفريقين ولو بان خطأ أحدهم إذا كانوا عندهم بمرتبة ذلك وتتضمن الرجوع عن العلم أطفيش: كشف .« لهوى أو جهل ولو زخرفوها بشيء لكن زخرفتهم بينة الفساد والحمد لله الكرب، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه -. ١٩٨٦ م، ج ٢، ص ٣٥٩ ُ (١) يكفي أن نذكر ما قاله أبو مسلم: ليت الحكومة ما قامت قيامتها وليتها من أبي السبطين لم تصر ملعونة جعلتها الشام جنتها من ذي الفقار وقد أشفت على ا لخطر عجبت بتحكيم عمرو بعدما حكمت همدان فيها بحكم البيض والسمر تبا لهم رفعت كيد ً ا مصاحفها ومقتضاهن منبوذ على العفر ً مهلا ً أبا حسن إن التي عرضت زوراء في الدين كن منها على حذر غرر د. محسن الكندي: الخطاب الديني ونسق المرجعيات في شعر أبي مسلم البهلاني، ندوة الخطاب الديني في شعر أبي مسلم البهلاني الرواحي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٢٣ ه -. ٢٠٠٣ م، ص ٦٨ ُ (٢) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ١٠ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  الحق إلى حقه بالفعل بل باللسان فقط، وقد يكون فيه النفوذ (بخلاف القضاء)، فإن القضاء حكم من نصبه الإمام أو السلطان أو الجماعة، لا من حكمه الخصمان، وفيه نفوذ بالفعل إلا لعارض، فكل قضاء حكم، وليس  كل حكم قضاء، والحاكم والقاضي كذلك، فبين ذلك عموم وخصوص .« مطلق، والقضاء بأوجهه في اللغة راجع إلى انقضاء الشيء وتمامه كذلك قيل:  والقضاء هو الحكم، وقيل الحكم أعم من القضاء لصدقه عليه وعلى » « من حكمه ا لخصمان(١) .  ٢ الفارق بين التحكيم والفتوى: من المعلوم أن الفتوى تتمثل في الإجابة على استفسار بخصوص مسألة بين طرفين أو أكثر. « نزاع » ما، أما التحكيم فهو من اسمه يفترض وجود وقد تعرض ا لإباضية للفارق بين القضاء والفتوى: ّ  الفتوى إنما تكون عند المصادقة، أما عند التناكر والخصومات » فالمرجع إلى القاضي لأنه يقضي بما يسمع من الخصمين، والفتوى تكون « على قول واحد فمن هاهنا لا يفتي في ا لخصومات(٢) . (١) أبو عبيد حمد بن عبيد السمائلي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، وزارة التراث القومي . والثقافة، سلطنة عمان، ٢٠١١ ، ص ٧٩ ُ (٢) القاضي » جوابات الإمام السالمي، ج ٣، ص ١٦٧ . والقاعدة في الفقه الإباضي أنيجب فصل سلطة القضاء عن سلطة الإفتاء، وأن على القاضي ألا » : ومعناها أنه ،« لا يفتي يفتي؛ لأن القاضي لا يقضي إلا بالبينة والإحاطة التامة في الوقائع المعروضة عليه وبعد جمع القرائن والأدلة، لأن القضاء يترتب عليه أمور خطيرة في الدماء والأموال، بينما يكتفي المفتي بسماع المسألة ولا يطلب الشهود والقرائن لأن الفتوى بحسب النص والفتوى تتغير بتغير النص لكن قضاء القاضي لا يقبل التغيير إلا إذا خالف النص، أو ٍ الإجماع وحينئذ يقال لا اجتهاد في مورد النص، أما لو خالفه قاض آخر فإن مخالفته = ٩٠ ولا شك أن ذات الفارق يوجد بين التحكيم والفتوى: فالتحكيم هو الفصل بين المتنازعين في نزاع قائم بينهم، بينما الفتوى هو الإجابة عن استفسار حول مسألة ما يرفعها طرف واحد (فرد ً ا أو جماعة)، وبالتالي فهي لا تنصب على نزاع بالمعنى القانوني والشرعي لهذا ا للفظ.  :Ωƒ°üîdG »°VGôJ `` º«μëàdG ¢SɰSCG `` ê أساس التحكيم هو تراضي الخصوم على أن يقوم شخص أو أكثر بالفصل في النزاع القائم بينهم. لذلك قيل: وإذا حكم الرجلان رجلا » ً « ، فقضى بينهما جاز(١) .    = لا تنقض اجتهاده، ولو خالف نفسه باجتهاد آخر فإن مخالفته لا ينقض اجتهاده السابق ولذلك نصت القاعدة الفقهية على أن الاجتهاد لا ينقض بمثله. وإذا تعرض القاضي للتغيير أو أن القاضي جلس للإفتاء وتغيرت فتواه فإن هيبة القضاء .« تزول، والله أعلم . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٨١٥ ّ حري بالذكر أن ذلك إن كان صحيحا على المستوى الوطني، فإنه ليس كذلك على ً المستوى الدولي حاليا: فمحكمة العدل الدولية مثلا ً لها اختصاصان: اختصاص ً قضائي (الفصل في المنازعات بين الدول)، واختصاص إفتائي (إعطاء فتاوى وآراء استشارية). (١) وإذا قال الخصمان » : النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٧٣ . ويضيف النزوي لرجل: قد حكمناك بيننا، وقد رضينا بك حاكما، فاحكم بيننا فله أن يحكم بينهما، ً ويحلف من لزمه اليمين، وليس له أن يحبسه؛ لأن الحبس ضرب من ا لعقوبة. وقد يوجد عن أبي الحواري: أن الخصمين، إذا تراضيا به يحكم بينهما، جاز ذلك له، أن يحلفهما وأحسب أنه قال: يجبرهما على ذلك. ولعل غيره يقول غير ذلك. ذات المرجع، ) « قال: وأنا لا أحب أن يكون أحد يجبر الناس على الأحكام، إلا برأيهم .( ص ٧٤ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي    كذلك جاء في بيان ا لشرع: ِ  إذا لم يكن في البلد حاكم عدل يحكم بين الناس ينصف المدعي من » المدع َ ى عليه في اليمين وقطع الحجة فلجماعة المسلمين أن ينصفوا ِ  المدعي من المدع َ ى عليه ويقومون مقام الحاكم، وأما رجل بعينه فلا يكون له ذلك إلا أن يرفعوا ذلك إليه ويتراضيا به جميع ً « ا فهنالك يحكم بينهما(١) .  والتراضي على التحكيم يتحدد نطاقه بأية مسألة يطرحها أطراف النزاع،   عدا الحدود، والقصاص في الدماء. يقول أبو الحواري: إذا حكم رجل من المسلمين بين الناس، من غير ولاية له عليهم، » فأنكر المنكر، وعاقب عليه، حبس، وسعه ذلك، إلا الحدود. فليس له أن يقيم الحدود، ولا القصاص في الدماء إلا بأمر السلطان وأما الأحكام،    وإنكار المنكر، والأمر بالمعروف، والإصلاح بين الناس، فهذا من الفضل، وهذا طاعة ا لله 8 «(٢) .  وقال أبو إسحاق:   ولا يجوز لأحد من الناس في زمان الفتنة أن يحكم بين أحد إلا في » « خصلة واحدة: وهو أن يحكمه خصمان(٣) . (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٢٨ ، ص ٥٠(٢) فقهاء ا لإباضية موافقون لفقهاء الجمهور من أن » : النزوي: المصنف، ج ١٣ ، ص ٧٤ . ويقرر رأي ّ المحكم يقوم مقام الحاكم، في كل شيء غير أنهم استثنوا الحدود والدماء إلا بأمر ا لسلطان. وأما جمهور الفقهاء فقد أجازوا حكم المحكم حتى في الدماء. والذي أراه راجحا هو التشدد ً في الحدود والدماء إلا بأمر من السلطان لكون السلطان هو الذي يحمي المحكم ويدرأ عنه خطر من حكم عليهم وهو المشاهد اليوم فتترك أحكام القصاص والدماء للإمام، حسما ً لمادة الفساد، لكن إذا عفا أولياء الدم إلى ا لدية جاز للمحكم أن يحكم عند ذلك لأن حكمه . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٨١ « صار في الأموال والديات ّ (٣) الإمام إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، مكتبة مسقط، ١٤٣٢ ه -. ٢٠١١ م، ص ٣٦١ ٩٢ :ºμëªdG »a ÉgôaGƒJ ÖLGƒdG •hô°ûdG `` O يلعب المحكم دورا مهما في الفصل في النزاع المعروض عليه؛ إذ مما ً لا جدال فيه أن دوره حاسم في هذا الخصوص، باعتبار أن الحكم الصادر عنه يكون عادة نهائيا. ً لذلك بخصوص التحكيم بين علي ومعاوية، قيل: ٌ وصار مصير الخلافة مرهون » ً ا بلباقة وذكاء واختيار وشروط أحد « الحكمين(١) . كذلك فإن المحكم يجب أن يكون مقبولا ً لأطراف النزاع، علما بظروفهم ً وأحوالهم. لذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ SRQPON ^]\[ZYXWVUT﴾ [ [النساء: ٣٥ ، قيل: وإنما كان بعث الحكمين من أهلهما، لأن الأقارب أعرف ببواطن » الأحوال، وأطلب للصلاح، ونفوس الزوجين أسكن إليهم، فيبرزان ما في « ضمائرهما من الحب والبغض، وإرادة الصحبة والفرقة(٢) . ﻁﺮﺘﺸﻳﻭ ﻪﻘﻔﻟﺍ ﻲﺿﺎﺑﻹﺍ ﻲﻓ ﻢﻜﺤﻤﻟﺍ ﺓﺪﻋ ،ﻁﻭﺮﺷﻲﻫ(٣): ﺎ ﻰﻠﻋ ﻢﻠــﺴﻤﻟﺍ ﻥﻷﻭ ﻢﻴﻜﺤﺘﻟﺍ ﺔﻳﻻﻭ ﻡﻼﺳﻹﺍ ﻥﻷ ﺮﻓﺎﻜﻟﺍﻻ ﻥﻮﻜﻳ ﻤﻜﺣً ﻮﻫﻭ ﺲــﻴﻟ ﻦﻣ ﺎــﻬﻠﻫﺃ ﻪﻟﻮﻘﻟ :ﻰــﻟﺎﻌﺗ ﴿dcba ١ ـ e ﴾ [٧١ :ﺔﺑﻮﺘﻟﺍ]. ﻥﺃ ﻥﻮﻜﻳ ﻦﻣ ﻞﻫﺃ :ﺔﻟﺍﺪﻌﻟﺍ ﻼﻓ ﺯﻮﺠﻳ ﻢﻴﻜﺤﺗ ﻖــﺳﺎﻔﻟﺍ ﻪﻧﻷ ﺲﻴﻟ ﻦﻣ ﻞﻫﺃ ٢ ـ  الولاية. (١)علي ٌ بن محمد بن عامر الحجري: الإباضي ّ ة ومنهجية البحث عند المؤرخين وأصحاب المقالات، مكتبة الجيل الواعد، ١٤٢٧ ه -. ٢٠٠٦ م، ص ١٨٨ (٢) سعيد الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، ج ١، ص ٢٣٦ -.٢٣٧ (٣) معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٨١ -.٤٨٢ ّ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي ٩٣  ٣ أن يكون عاقلا ً : فلا يجوز تحكيم المجنون والمعتوه والصبي لأنهم ليسوا أهلا ً لذلك. ٤ الحرية فلا يجوز تحكيم العبيد لأنه لا يكون واليا لنقصه بالرق. ً ٥ العلم فلا يجوز تحكيم الجاهل لكونه ليس من أهل النظر ولا يصح له حكم(١) . ٦ الذكورة وهذا شرط مختلف فيه. ٧ أن يكون حكم المحكم بحق وهو الثابت عند الله تعالى من حكم  الحادثة إما قطعا بأن قام عليه دليل قطعي وهو النص المفسر وهو ما ً كان قطعي الثبوت والدلالة وهو المتواتر أو المشهور، أو الإجماع الصحيح أو ظاهرا مع سلامته من القوادح والعوارض فإن خالف ذلك  ً نقص حكمه(٢) . (١) تحكيم من ليس أهلا » إذ لا يجوز ً جوابات « الحكم بدون علم » لأنه لا يصح ،« للحكم . الإمام السالمي، ج ٣، ص ١٦٧ (٢) فأبو حنيفة يجوز تحكيم المرأة فيما تشهد وهو الأموال لا على الدوام ولكن في بعض الحالات كأن تحكم في حادثة أو تستناب في قضية. وأما المالكية فقد نقل ابن رشد منهم عن الطبري قال: يجوز أن تكون المرأة قاضيا على ً الإطلاق في كل شيء وذكر ابن العربي في أحكام القرآن أن ذلك لا يصح عنه. وأما الشافعية والحنابلة فقد اشترطوا الذكورة لأن القضاء يحتاج إلى العزم والإقدام وسعة الصدر والمرأة لا إقدام عندها للين صدرها، ورقة مزاجها، ولا جلادة لها. وفي الحديث .« لن يفلح قوم ولوا أمرهم إلى ا مرأة »ولأن القاضي مأمور بمخاطبة الرجال والمرأة مأمورة بالتحرز عن ذلك. » : قال الحصني والذي يترجح لدي والله أعلم أن المرأة يصح أن تكون محكمة فيما لا يطلع عليه إلا النساء أي في خصائص المرأة، وكذلك في الأموال لأنها من أهل الشهادات في الجملة ولا تكون قاضية في الحدود والدماء وأهلية القضاء دائرة مع أهلية الشهادة كذا قاله في . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٨٢ « البدائع، والله أعلم ّ ٩٤ كل أمر ولي على فعله أمينان » : يضاف إلى ما تقدم، وبالتطبيق لقاعدة ُ قيل إن من فروعها: ،« لم يكن لأحدهما أن ينفرد بالفعل وحده دون صاحبه الوكيلان أو الحكمان إذا وكلا معا في الصلح أو الطلاق فانفرد أحدهما » ً  دون الآخر كان متعدي ً « ا في ا لوكالة(١) . على أننا نرى أنه في نطاق التحكيم الدولي يمكن لمحكم واحد أو أكثر أن يصدروا الحكم، ولو اعترض على ذلك بعض أعضاء محكمة التحكيم، إذا نص اتفاق التحكيم على جواز ذلك. :º«μëàdG ºμM `` `g     من المعلوم أنه بعد انتهاء هيئة التحكيم من الاستماع إلى الخصوم فإنها تصدر حكمها في موضوع النزاع المطروح أمامها. والقاعدة في الفقه الإباضي هي أن: (حكم المحكم كحكم ا لقاضي)(٢) . (١) معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٨٩١ -.٨٩٢ ّ (٢) في شرح هذه القاعدة: قيل: هذه قاعدة جليلة ذكرها الإمام تقي الدين الحصني في كفاية الأخيار، وكذلك ابن ضويان »والمراد المحكم من يختاره الخصمان .« المحكم يقوم مقام الحاكم » في منار السبيل بلفظ برضاهما لفصل خصوماتهما ويقال له ا لحكم. وأما الحاكم فهو منفذ الحكم، والقاضي الذي نصب من جهة السلطان لأجل فصل وحسم الدعاوي والمخاصمات. ومعنى القاعدة أن من اختير ليكون حكما في قضية فإن حكمه ملزم لطرفي النزاع كحكم ا لقاضي. ً وأصل هذه القاعدة قوله تعالى: ﴿ VUTSRQPON XW ﴾ [ [النساء: ٣٥ . وجه الدلالة أن حكم الحكم كحكم القاضي ومن ا لسنة حديث يا رسول الله إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم » : أبي شريح وفيه قال ِ ُ وتحاكم عمر وأبي إلى زيد بن !؟« ما أحسن هذا » : فقال النبي ژ ،« فرضي كلا الفريقين َ ثابت وتحاكم عثمان، وطلحة إلى جبير بن مطعم قال في منار السبيل ولم يكن أحد معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٤٧٨ .« منهما قاضيا -.٤٧٩ ًّ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  ويتفق الفقه الإباضي في ذلك مع ما استقر عليه التحكيم الدولي حاليا من أن حكم محكمة التحكيم كحكم القاضي الدولي ملزم من ً الناحية ا لقانونية(١) . (١) يقول أطفيش:  وإذا حكم الخصمان رجلا » ً لزمهما حكمه إذا حكم بما يجوز خلاف ً ا للشافعي، وقال أبو حنيفة: . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٣ ، ص ١١ « يلزم إذا وافق حكم قاضي البلد وبخصوص السؤال ا لآتي: إذا حضر خصمان في شيء ونزلا فيه إلى حكم الله عند رجل لا يحسن إنفاذ الحكم في »ذلك البلد غيره أيلزمه أن يحكم بينهم أم لا سواء كان في زمن ظهور أو كتمان أم لا، سواء رجا منهم قبول ذلك الحكم أو خاف عدم قبوله؟ فإن قلت: إن إنفاذ الحكم على من قدر عليه واجب قلنا: ما معنى تخيير الله تعالى لنبيه ژ في قوله: ﴿ ,+*)( ﴾ [ [المائدة: ٤٢ ، فإن قلت: هذا مخصوص بأهل التوراة إذا تحاكموا إليه قلنا: وهل يقاس عليهم من خاف منه عدم قبول لذلك الحكم والانقياد للحق إذا  لم يكن لهذا الحاكم قدرة على جبره على الحكم أم لا وهل ينحط عن هذا الحاكم فرض ِ .«؟ الحكم إذا كان في ا لمصر غيره ولا مشقة تلحق الخصمين في المسير لذلك الغير أم لا ْ يقول ا لسالمي: أما في زمن الظهور فالأمر في ذلك كله إلى الإمام وإلى ولاته وقضاته ولا يلزم أحد » ً ا من ِ غير هؤلاء أن يحكم بين الرعية وإن ترافعوا إليه وكذا إذا كان في ا لمصر من يقوم بهذا ْ الأمر وكان متصديا لذلك ولم يكن ضرر على الخصمين في وصولهما إليه ولا مشقة ً تلحقهما من ذلك، فالقول فيه كما تقدم لأن القيام به فرض على الكفاية لا فرض عين. وأما في زمن الكتمان فإنه يلزم كل من قدر على إنفاذ شيء من حكم الله أن ينفذه بهذا أفتى الإمام أبو سعيد 3 وشبه وجوب ذلك عليه بوجوب الصلاة إذا كان قادرا على ذلك. ً وليس المراد بالقدرة مطلق القوة والتمكن من العقوبة وإنما المراد منها هو أن يكون .« المنفذ للحكم لا يخشى على نفسه أو ماله ضررا كما بين في مواضع من ا لأثر ً ويضيف ا لسالمي: أما قوله تعالى: » ﴿ ,+*)( ﴾ فقد قال قوم إنها في أمر خاص وهو قضية وقعت عند اليهود في زمانه ژ فالتخيير عند هؤلاء في تلك القضية بعينها لا فيها وفي غيرها، وقال آخرون إنها عامة في كل من جاءه ژ من الكفار ليحكم بينهم، ومذهب الشافعي فيها يقتضي أنها خاصة بأهل العهد منهم إلى أمد معلوم دون أهل الذمة فإنه يرى إنفاذ الحكم على أهل الذمة إذا جاؤوا إلى الحكم دون أهل العهد المؤقت وعلى هذا كله فلا يصح جوابات الإمام السالمي، ج ٣، ص ١٦٢ « القياس على حكم هذه الآية. والله تعالى أعلم -.١٦٣ ٩٦ ™HGôdG åëѪdG í∏°üdG ΩGôHEG :»Yô°ûdG ¬°SɰSCGh í∏°üdG ∞jô©J `` CG يمكن تعريف الصلح بأنه اتفاق يتم بين شخصين أو أكثر ويهدف إلى  تسوية مسألة معينة وتصفيتها برفع أسباب المنازعة أو ا لمخاصمة(١) . (١) أخذ علماء المسلمين تقريبا بنفس المضمون السابق للصلح. وهكذا يقول ا لجرجاني: ً الصلح: هو في اللغة: اسم من المصالحة وهي المسالمة بعد المنازعة؛ وفي الشريعة: عقد »الجرجاني: التعريفات، وزارة الثقافة والإعلام، العراق، ص ٧٦ ). وقيل: ) « يرفع النزاع   والصلح في اللغة: اسم للمصالحة التي هي المسالمة خلاف المخاصمة، وأصله من »الصلاح وهو استقامة الحال فمعناه دال على حسنه الذاتي. وفي الشريعة: عبارة عن عقد قاضي زادة أفندي: نتائج الأفكار في كشف الرموز والأسرار وهي « وضع لرفع المنازعة تكملة فتح القدير للمحقق ا لكمال بن الهمام الحنفي، ج ٨، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٩ ه -.« ١٩٧٠ م، ص ٤٠٣ ويقول ا لمقدسي: شرف الدين موسى ) « الصلح: التوفيق، والسلم: وهو معاقدة يتوصل بها إلى موافقة مختلفين »الحجاوي المقدسي: الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل، ج ٢، المكتبة التجارية الكبرى، ابن قدامة: ) « معاقدة يتوصل بها إلى إصلاح بين المختلفين » القاهرة، ص ١٩٢ ). أو هو المغني والشرح الكبير، دار الكتاب العربي، بيروت، ١٤٠٣ ه -.( ١٩٨٣ م، ج ٥، ص ٢ هو عقد شرع لقطع التجاذب وليس فرع » أو ً ا على غيره، ولو أفاد فائدته ويصح مع الإقرار والإنكار، إلا ما أحل حراما أو حرم حلالا ً . وكذا يصح مع علم المصطلحين بما وقعت ً المنازعة فيه، ومع جهالتهما به، دين ً ا كان أو عين ً ا. وهو لازم من الطرفين، مع استكمال .« شرائط، إلا أن يتفقا على فسخه أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي: شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، النجف، ١٣٨٩ ه -. ١٩٦٩ م، ج ٢، ص ١٢١ وقد قيل: إن السلم، بالتحريك، الاستسلام وإلقاء المقادة إلى إرادة المسلمين، فكأنه = تثير دراسة الصلح في الفقه الإباضي عدة أمور، أهمها: تعريفه وأساسه الشرعي، والقواعد التي تحكمه، والأمثلة العملية الدالة عليه في الفقه ا لإباضي. ا في الفقه الإباضي الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلمي معنى ذلك أن للصلح عناصر ثلاثة: عنصر موضوعي: إذ الصلح اتفاق بين الأطراف المعنية، لذلك فهو  يستند إلى ا لتراضي. عنصر شخصي: إذ، من حيث أطرافه، لا يتصور الصلح إلا بين شخصين أو أكثر. عنصر غائي: إذ يهدف أو يجب أن يهدف الصلح إلى إزالة أسباب الخلاف أو دواعي ا لمخاصمة.  لذلك يقول السرخسي إن ا لصلح: « قطع المنازعة لما في امتدادها من الفساد والله لا يحب الفساد »(١) . كذلك يقول الإمام ا لبخاري: وأكثر ما يكون الصلح عند النزاع والنزاع سبب الفساد والصلح يرفعه » • • • « ويهدمه فكان الصلح من أجل ا لمحاسن(٢) . وهكذا فالصلح لغة ً قطع المنازعة عن رضا. وشرع ً ا: انتقال عن حق أو دعوى بعوض، لدفع نزاع أو خوف وقوعه(٣) . = والصلح متقاربان. وفي رأي ياقوت الحموي أنه من السلامة، أي أنه إذا اتفق الفريقان واصطلحا، سلم بعضهم من بعض (ياقوت الحموي: معجم البلدان، دار صادر، بيروت، ج ١٣٩٧ ،١ ه -١٩٧٧ م، ص ٣٩ -.(٤٠ (١) . السرخسي: كتاب المبسوط، دار المعرفة، بيروت، ط الثانية، ج ٢٠ ، ص ١٣٥ (٢) البخاري: محاسن الإسلام، مكتبة القدسي، القاهرة، ١٣٥٧ ه، ص ٨٦ - ٢٨٦ . كذلك يقول الثعالبي: الثعالبي: تحسين ) « من أجل الأمور في الدنيا الحرب والصلح، ولا بد فيهما من الكذب »القبيح وتقبيح الحسن، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، العراق، ١٤٠١ ه -.( ١٩٨١ م، ص ٣٨ (٣) يقول أطفيش: والصلح لغة: قطع المنازعة عن رضا، وشرع » ً ا انتقال عن حق أو دعوى بعوض لدفع نزاع الصلح إزالة شيء بشيء، وعرفه بعض بأنه عقد يحصل به :« التاج » أو خوف وقوعه، وفي = ٩٨ والصلح على نوعين في الفقه ا لإباضي: الأول صلح تال على وقوع النزاع، ويفترض هذا أن النزاع قد وقع فعلا ً الصلح » ، ثم تم الصلح على حله وتسويته (وهو ما يمكن أن نطلق عليه .(« العلاجي أو الصلح ا لتالي  والثاني صلح سابق على وقوع ا لنزاع(١) ، ويعني ذلك أن النزاع لم يقع بعد، لكن هناك بوادر أو شكوك أو علامات خوف تنبئ بوقوعه، فيتم إبرام الصلح .(« الصلح الوقائي أو ا لسابق » لمنع حدوث النزاع (وهو ما يمكن أن نسميه وقال القطب بن يوسف 5 : اختلف في الصلح، فقيل: هو أصل » وهو مندوب إليه، وقد يكون ،« بنفسه. وقيل: رخصة مستثنى من المحظورات واجب ً ا عند تعين مصلحته، وقد يكون حرام ً ا ومكروه ً ا باستلزام مفسدة(٢) . وقال الإمام أبو إسحاق: ولا يتم الصلح إلا بأربع خصال: إحداها أن يكون المصطلحان جائزي الأمر، الثانية أن لا يدخله تحريم، الثالثة أن يكون برضا الخصمين، الرابعة أن يكون الخصمان يعرفان ما اصطلحا عليه(٣) . = قطع المنازعة، وقال ابن الحاجب: الصلح معاوضة كالبيع وإبراء وإسقاط، قال ابن عبد السلام: المعاوضة أخذ ما يخالف الشيء ا لمد ّ عي فيه في الجنس أو في الصفة، والإبراء إسقاط بعض ما في الذمة إذا كان المدعى فيه غير معين، والإسقاط وضع بعض أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، « المدعي فيه معين وأخذ بعضه ج ١٣ ، ص ٦٣٩ -.٦٤٠ (١) يوافق الإباضية المالكية في إمكان وقوع الصلح قبل النزاع، خلاف » : قيل ً معجم « ا للجمهور ّ مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٠٧ . ويقول السالمي: إن من كان على ّ ملة من الملل فدعي إلى الإسلام فأبى أو شك فيه، فحكمه حكم أهل ملته من ثبوت ». جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ١، ص ٨٠ « المحاربة وحكم المصالحة(٢) الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، ص ١٤٧ -.١٥٠ (٣) الشيخ سعيد الحارثي: نتائج الأقوال من معارج الآمال ونثر مدارج الكمال، المرجع . السابق، ص ٦٩ = الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  والصلح يكون في حالتين: الأولى وقوع اعتداء من شخص على آخر أو من دولة على دولة أخرى.  ((١) والثانية حدوث خلاف حول مسألة ما (كتفسير معاهدة دولية مثلا ً . والصلح جائز بالكتاب والسنة والإجماع: ١ فمن الكتاب، قوله تعالى: ﴿ " &%$# ' *)( ,+ -10/. ﴾ [ [النساء: ١١٤ .   ﴿ ¬ ¯® °²± ﴾ [ [الحجرات: ١٠ . ﴿ onmlkji ﴾ [ [الحجرات: ٩ .  ﴿ ,-. ﴾ [ [الأنفال: ١ . = كما في قوله تعالى: « فتح » وقد يطلق على الصلح كلمة ﴿ ! " %$# ﴾ [ [الفتح: ١ ، والتي نزلت على النبي ژ بين مكة والمدينة وهو عائد من صلح الحديبية، والناس يفهمون طبعا بأن المراد بالفتح هو الصلح الذي عقد مع قريش، وبخاصة أن اللفظ جاء ً بصيغة الماضي: ﴿ !" ﴾ ، ولكن بعض الناس تكلموا بعد نزول الآية وقالوا: ليس هذا بفتح، لقد رجعنا من الحديبية ولم ندخل مكة ولم نطف بالبيت، ولم نعتمر كما قصدنا، وقد نحرنا هدينا خارج الحرم، وبلغت هذه الكلمات ا لنبي ژ فقال: بل هو أعظم » الفتوح، قد رضي المشركون أن يدفعوكم من بلادهم بالراح، ويسألوكم القضية، ويرغبوا « إليكم في الأمان، وقد رأوا منكم ما كرهوا ، الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٩ . ص ١٥ ؛ تفسير الإمام القرطبي، ج ١٦ ، ص ٢٦٠(١) جاء في شرح النيل أن الصلح يجوز في وجهين: أحدهما أن يتعدى ظالم على أحد في ماله فيقول المصلح: ائذن لي أن أدفع الظالم بما »وجدت من مالك ثم يقول الظالم: لا أريد لك هذا إن عجز عن دفع ظلمه عنه، والثاني أن يتخاصم اثنان في شيء ولم يعلم محق من مبطل فيصلح بينهما باجتهاد بعد أن يهبها له ، أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٣ ) .« الشيء ويتبرأ كل من دعاويه لصاحبه ص ٦٤٥ -.(٦٤٨ ١٠٠    ٢ ومن السنة أبو عبيدة قال: بلغني عن رسول الله ژ قال: الصلح خير »   « الأحكام وهو جائز بين الناس إلا « سيد الأحكام » : أو قال  صلح ً ا أحل حراما أو حرم حلالا ً وهو أحرز للحاكم من الإثم والجور(١) .  ً   كذلك فقد أبرم ژ الصلح في مناسبات عديدة، منها صلحه مع أهل  مكة عام الحديبية وصلحه مع بني النضير على إجلائهم من خيبر. ٣ وأجمع المسلمون على جواز الصلح(٢) دوليا وداخليا يكفى أن نذكر الصلح جائز بين الناس إلا صلح » قول عمر بن الخطاب ً ا حرم حلالا ً ، ردوا الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء » : وقوله « أو أحل حراما ً ِ « يحدث بين الناس ا لضغائن(٣) . ُْ   (١) . الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ١، باب الأحكام، حديث رقم ٥٩٦   وقد اختلف الفقه في الصلح وهل هو رخصة أو أصل بنفسه؟ فقيل: رخصة مستثناة من المحظورات، وقيل: هو أصل بنفسه مندوب إليه، فمن قال بالأول قال الحديث مجملا ً ، ومن قال بالثاني قال: أنه عام، وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا ترددت في نوع من الصلح، فإن جعلته مجملا ً لم يصح الاستدلال بالخبر على جوازه، وعلى الثاني يجوز إلا أن يقوم دليل على تخصيصه، وهو المذهب وسياق الحديث يشهد له، ولا إجمال فيه بل هو واضح الدلالة، فالصلح أصل بنفسه، وهو نوع من الأحكام لكنه أفضل منها لما فيه من الألفة بين الناس والمقاربة بين الأقارب، وعن عمر 3 قال: ردوا الخصومة ليصطلحوا فإن الحكم يورث بينهم الضغائن، فمن ها هنا كان الصلح سيد ا لأحكام. راجع: سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، مكتبة مسقط، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه -١٩٩٤ م، ص ٢٦١ -.٢٦٢ ُ حاشية الترتيب للشيخ ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، دار البعث، قسنطينة الجزائر، ج ٣، ص ٢٢٦ -.٢٢٧ (٢) الصلح جائز بين المسلمين إلا صلح » : لذلك من القواعد الفقهية ً ا أحل حرام ً ا أو حرم حلالا ً « القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٦٧٣ -.٦٧٥ ّ (٣) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ٢٠٠ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  الرجال والنساء والموحدين والمشركين، » تجدر الإشارة أن الصلح جائز بين وجائز في الحقوق كلها من الأنفس وما دونها من الجراحات والأقوال، وما يؤول إليها في المعنى من المعاملات والتعديات، وفي الحقوق المعلومة والمجهولة ما « حل أجله وما لم يحل، وما لا أجل له، وفي المعين وغير ا لمعين(١) . والالتزام ببنود الصلح تحتم بداهة مراعاة ما تضمنه من نصوص تم الاتفاق عليها(٢) . (١) معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٠٨ ؛ الشيخ البطاشي: كتاب غاية ّ المأمول في علم الفروع والأصول، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٧ ه -. ١٩٨٧ م، ج ٨، ص ٢٠٥ (٢) وتلعب اللغة دورا في هذا الخصوص. يكفي أن نذكر ما حدث بخصوص صلح الحديبية، ً حسبما ورد في بيان ا لشرع: وأما بيان دخول النساء في خطاب الرجال، فمن قال بتغليب المذكر على المؤنث »فالخطاب للأفضل لغة، ومع المفضول معنى هذا هو المعروف عند أهل اللغة، وإن كان الشرع طارئ ً ا على اللغة، وللطارئ حكمه وهي أول مسألة: وقعت بين المسلمين والمشركين في الحديبية سنة ست من الهجرة، وذلك أن رسول الله، ژ ، صالح كفار قريش بالحديبية على هدنة سنتين، وشرطت قريش شروط ً ا اضطهدت فيها المسلمين منها: أن من ارتد من أصحاب رسول الله، ژ ، إلى الكفار فما لهم عليهم من سبيل، وأن من آمن من الكفار أن يرده رسول الله، ژ ، على الكفار، فامتعض من ذلك المسلمون ولم يقدروا أن يردوا أمر رسول الله ژ . وعقد الصلح سهيل بن عمرو فلما وجب الصلح وكتب الكتاب، هربت امرأة من الكفار مسلمة، فامتنع المسلمون من ردها، وقالوا: إن الصلح لا يجري على النساء لأنهن لم يجئ لهن ذكر في الكتاب، فقال سهيل: حكم النساء تبع لحكم الرجال، وأبى المسلمون من ذلك وقالوا: خطابنا وخطاب النساء في كتابنا مفترق، وخطابهن مخالف لخطاب الرجال، وقد انفرد كل بخطابه، قال الله 8 : ﴿ utsr v ﴾ [ [الأحزاب: ٣٥ إلى آخر ا لآية. فلما رأى رسول الله، ژ ، تضافر المسلمين واجتماعهم على ذلك قال لسهيل بن عمرو: إن شئت السعدي: قاموس الشريعة، « رددناها، فأمضى سهيل الصلح، فخرج النساء من خطاب الرجال وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه -١٩٨٣ م، ج ٣، ص ٣٥٥ -.٣٥٦ ُ ١٠٢ :»°VÉHE’G ¬≤ØdG »a í∏°üdG ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG `` Ü ١ عدم جواز طلب أكثر مما تم الصلح عليه: بعبارة أخرى يطبق ما تم الاتفاق عليه بين المتصالحين. وقد سبق أن ذكرنا هذه القاعدة عند دراستنا لآثار المعاهدات الدولية بين أطرافها. ٢ الالتزام ببنود ا لصلح: ويعد ذلك تطبيق ً ا لمبدأ الوفاء بالعهد. يقول ا لبسيوي: « وقد حرم الله السرقة في الأمان والصلح »(١) . ومن جابر إلى نعمان بن سلمة: وأما الذي كتبت تسألني عنه من الأرطاب والحبوب والثمار، هل كان المسلمون يقسمون عليها خراجا؟ فلا ً لعمري ما كان على أموال أهل العهد بعد الفريضة شيء وإن كثروا(٢) . (١) البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٤ ه -. ١٩٨٤ م، ج ٤، ص ٦٢ وكذلك أموال الإفرنج ما يلزم من أخذ منها شيئ » : كذلك قيل ً ا هو لهم أم لغيرهم كانوا حربا للمسلمين أو صلحا كان الأخذ لهم في سرية إمام عدل أو جائر. ًً قال: إذا كانوا حربا للمسلمين وكانوا من أهل الشرك ولا عهد لهم فما أخذته السرية على وجه ً العدل كانوا في سرية إمام عدل أو جائر فهو غنيمة لهم ويدفعوا خمسه حيث تدفع ا لغنيمة. وأما إذا كانوا أهل ذمة ولم ينقضوا ذمتهم بشيء فأموالهم مضمونة على من أخذ مالهم إن عرفهم وإن لم يعرفهم فهي بمنزلة من لا يعرف ربه ويعجبني قول من أجازه لفقراء .« المسلمين، وعن الشيخ سعيد بن أحمد وقيل إنها موقوفة السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه -. ١٩٨٧ م، ج ١٤ ، ص ٢٥٢ ُ ومن جامع ابن جعفر من باب محاربة أهل ا لشرك: في قوم من المسلمين صالحوا عدوهم إذا خافوهم على أن يتركوا سنين؟ قال ليس لهم »الكندي: « أن يغدروا بعدوهم ولهم ما صالحوهم عليه إذا كان الصلح على شيء معلوم . بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٨٠(٢) . إبراهيم بولرواح: موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية، مكتبة مسقط، ج ١، ص ٦٢٦ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي   ٣ مفترضات ا لصلح: يفترض الصلح أمرين أساسيين: الأول أن يعلم أطراف النزاع موضوع الصلح وما تم الاتفاق عليه، إلا أن الصلح على الجهالة جائز في بعض ا لأحوال(١) . والثاني أطراف النزاع. فالقاعدة في الفقه « تراضي » أن الصلح يستلزم « لا يجوز الجبر عليه » وأنه « الصلح لا إجبار عليه » الإباضي أن(٢) ، وبالتالي « أي الخصمين » لا بد من تراضي الفريقين(٣) ويفترض ذلك رضاهما عليه « من غير تقية ولا حياء مفرط »(٤) . وقد أباح الإسلام بشروط معينة الصلح مع غير المسلمين، وجعله  من حيث آثاره يشبه الصلح بين المسلمين أنفسهم(٥) . (١) تحت باب الصلح على جهالة، يقول ا لنزوي:  وعن صلح، وقع على جهالة، فرضوا به. ثم غيروا فإذا وقع الصلح، على مجهول، من »أحد المصطلحين، فإن للجاهل منهم في ذلك ا لنقض. وقد قيل: للعالم ما للجاهل، ما لم يعلم ا لجاهل. وقيل: إنما ذلك للجاهل، دون ا لعالم. فإن تتاما على ذلك تم. وليس هو من ضروب ا لربا. النزوي: المصنف، المرجع ) « وإن نقضوه، انتقض بالجهالة، ما لم يرضوا به، بعد العلم .( السابق، ج ١٤ ، ص ٢١٠ (٢) .٦٥ ، جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٣، ص ٥٨ (٣) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٦٤٣ (٤) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، ج ٦، ص ١٧٣ (٥) وهكذا يقرر الشافعي ا لصغير: والصلح لغة: قطع النزاع. وشرع » ً ا عقد يحصل به ذلك، وهو أنواع: صلح بين المسلمين والكفار، وبين الإمام والبغاة، وصلح في المعاملة... والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى: ﴿ 21 ﴾ [ [النساء: ١٢٨ وما صح من قوله ژ : الصلح جائز بين المسلمين، إلا » صلح ً ا أحل حرام ً« ا ... والكفار كالمسلمين، وخصوا بالذكر لانقيادهم إلى الأحكام غالب ً « ا (شمس ا لدين بن محمد المنوفي المصري الأنصاري المعروف بالشافعي الصغير: نهاية = ١٠٤ يقول ابن قيم ا لجوزية: الكفار إما أهل حرب وإما أهل عهد. وأهل العهد ثلاثة أصناف: أهل » ذمة، وأهل هدنة، وأهل أمان. وقد عقد الفقهاء لكل صنف بابا، فقالوا: باب ً الذم » الهدنة، باب الأمان، باب في عقد الذمة. ولفظ  يتناول هؤلاء « ة والعهد    فإن ا لذمة من جنس لفظ العهد « الصلح » كلهم في الأصل. وكذلك لفظ أصله من هذا: أي في عهده وعقده، أي « هذا في ذمة فلان » : والعقد. وقولهم  « فألزمه بالعقد والميثاق(١) . وقال عطاء عن ابن عباس وهو ما جاء في صحيح البخاري إن المشركين كانوا على منزلتين من النبي ژ والمؤمنين: كانوا مشركين أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركين أهل عهد لا يقاتلهم ولا يقاتلونه(٢) . ومعنى ما تقدم أن الصلح في الشريعة الإسلامية ينتظم الصلح بين المسلمين والصلح مع غير المسلمين، إذ كليهما يرتب ذات ا لأثر. = المحتاج إلى شرح المنهاج في الفقه على مذهب الإمام ا لشافعي 3 ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٦ ه -١٩٧٦ م، ج ٤، ص ٣٨٢ -.(٣٨٣ (١) ويضيف أيض ً ا: عام في كل صلح، وهو يتناول صلح المسلمين بعضهم مع بعض، « الصلح » وهكذا لفظ »عبارة عن « أهل الذمة » وصلحهم مع الكفار؛ ولكن صارت في اصطلاح كثير من الفقهاء من يؤدي الجزية. وهؤلاء لهم ذمة مؤيدة، وهؤلاء قد عاهدوا المسلمين على أن يجري عليهم حكم الله ورسوله إذ هم مقيمون في الدار التي يجري فيها حكم الله ورسوله، بخلاف أهل الهدنة فإنهم صالحوا المسلمين على أن يكونوا في دارهم، سواء كان الصلح على مال أو غير مال: لا تجري عليهم أحكام الإسلام كما تجري على أهل الذمة، لكن .« عليهم الكف عن محاربة المسلمين. وهؤلاء يسمون أهل العهد وأهل الصلح وأهل ا لهدنة (ابن قيم الجوزية: أحكام أهل الذمة، دار العلم للملايين، تحقيق د. صبحي الصالح، بيروت، ١٩٨٣ ، ج ٢، ص ٤٧٥ -.(٤٧٦ (٢) ، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، مطابع الحكومة، الرياض ١٣٨١ ه، ج ٣٢ .٣٣٦ ، ص ١٧٥ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  والصلح الذي يتفق وشريعة الإسلام هو كما سبق القول الذي يعتبر أكلا « الظالم » لا يهضم حقوق الآخرين. فالصلح ً لأموال الناس بالباطل يندرج تحت عموم قوله تعالى: ﴿ onmlk ﴾ [ [البقرة: ١٨٨ . علة ذلك أن الثابت في شريعة الإسلام أنهم: « إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود »(١) . يؤيد ذلك أيض ً ا قوله تعالى: ﴿ èçæåäãâá é ﴾[ [الشعراء: ١٨٣ . ٤ هل الصلح مع غير المسلمين جائز دائما؟ ً غير أن ما تقدم لا يعني بحال أن أي صلح مع غير المسلمين يجب قبوله دائما. ً إنما الأمر يتوقف على ظروف الحال، وخصوصا تحقيق مصلحة للدولة ً الإسلامية وعدم الافتئات على حقوقها. فإذا لم يتوافر ذلك فقد اطرد سلوك المسلمين على عدم إبرام ا لصلح(٢) . (١) . الإمام ابن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ج ٥، المرجع السابق، ص ٢٣٠ (٢) والأمثلة على ذلك كثيرة: من ذلك رفض ا لرسول ژ يوم الأحزاب مصالحة المشركين على نصف ثمار ا لمدينة. كذلك حينما عرض الأعداء على هارون الرشيد أن يعطوه مائة ألف دينار كل عام، فشاور الفقهاء، فقالوا له: الثغور اليوم عامرة فيها أهل البصائر أكثرهم نازعون من البلدان، إن قطع عنهم الجهاد تفرقوا، وخلت الثغور للعدو. والذي يصيب أهل الثغور منهم أكثر من مائة ألف فصوب ذلك ورجع إليهم. ابن الأزرق الأندلسي: بدائع السلك في طبائع الملك، تحقيق د. محمد بن عبد الكريم، الدار العربية للكتاب، تونس ليبيا، ١٩٨٠ ، ج ٢، ص ٥٧٦ - ٥٧٧ . وانظر أمثلة أخرى في د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة الإسلام، المرجع السابق، ج ٩، ص ٥٩ -.٦٢ ١٠٦ ٥ عدم جواز نقض الصلح دون مسوغ شرعي: ذلك أنه ما دام الطرف الآخر يوفي بالتزاماته وفق ً ا للصلح، فعلى المسلمين الوفاء بالتزاماتهم أيض ً ا واحترام الصلح. وقد تم تأكيد ذلك في بيتي الشعر ا لآتيين: أما الأمان وصلح الدار ما ا صطلحوا عليه جاز ونقض الصلح قد حظلا ج وناقض العهد بعد الصلح مجترح باغ إذا كان شرط الصلح قد كملا  ومعنى ذلك أنه: « لا يجوز نقض الأمان والصلح »(١) . (١) الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ص ٩٣ -.٩٤ ُ وبخصوص المسألة ا لآتية: هدم الصلح لعدم تأدية الباغي ما عليه: إذا رأى جماعة المسلمين حسم المادة وقطع ثائرة الحرب فانقطع وتم الصلح بين الطائفتين وتبارأوا وإحدى الطائفتين باغية، إذا أحدثت المبغي عليها في الباغية هل تكون باغية إذا كانت الباغية في السابق لم تؤد الحق الذي عليها؟ وهل يجوز لمن قتل وليه وقدر على قتل قاتله بعد وقوع الصلح من شيوخه قتل قاتل وليه؟ وإذا فعل ذلك هل يكون باغيا وعليه ما على الباغي؟ يقول ا لسالمي: ً هدم الصلح لا يحل وهادمه بعد استقراره باغ قطعا، وإذا حرم كسر الأمان فما ظنك بهدم » ً الصلح، وتعلله بأن الباغي لم يؤد ما عليه ليس بشيء، وأمر الشيوخ في مصالح القبيلة يلزم القبيلة اتباعه لوجوب طاعتهم في نفس الأمر لكن لدفع بعض الشر وإطفاء بعض الفتن وذلك واجب عند الإمكان، وقد خلت عمان من أمر سلطان دافع لشر بعضهم عن ُ بعض وبليت بمن يغري بينهم العداوة والبغضاء وذلك جزاء ما كسبت أيديهم، آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض فشابهوا اليهود في ذلك فسلط الله عليهم من أغرى بينهم العداوة والبغضاء ﴿ àßÞÝÜ﴾ « [ [المائدة: ٦٤ جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٣، ص ٦٣ -.٦٤ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  ومن الأسباب المسوغة لنقض الصلح: عدم وفاء أحد الأطراف بالتزاماته المنصوص عليها(١) ، أو تراضي كل الأطراف على إنهاء ا لصلح(٢) .  ٦ الصلح مع العدو جائز، وهو على نوعين: الأول الصلح على مال: ا نطلاق ً « للمرء أن يحيي نفسه بماله » ا من أن(٣) ،  يؤكد الفقه الإباضي على جواز دفع مال لاتقاء شر العدو. وهكذا قيل.  فللإمام أن يصالح عدوه ودفعهم بالمال قال نعم يكون ذلك كما » أراد رسول الله ژ يصالح على شيء من ثمار المدينة يوم الخندق عدوه وقيل عن بعض أصحابنا أيام دولتهم بعمان يدفعون إلى بعض الجبابرة ُ (١) ومن الكتاب: والذي عندنا أنه يجوز للمسلمين مصالحة من حاربوه » : جاء في بيان الشرع غير العرب من أهل الشرك والملل والوفاء لهم بعهدهم الذي تصالحوا عليه فإن نقضوهم عهدهم رجع المسلمون إلى الدعاء لهم والحجة عليهم فإن قبلوا وإلا حاربوهم على ما . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٨٠ « كانوا حاربوهم عليه من قبل (٢) وهكذا قيل: وإذا اصطلح رجلان على شيء، ثم قاما من ذلك المجلس، فلما وصل واحد منهما »منزله، أشهد رجلين أنه قد نقض الصلح، فلما علم الآخر من يومه ذلك قال أيض ً ا: وأنا قد نقضت الصلح، وإن بيني وبينه الحق. فإن اجتمعا على نقضه جاز ا لنقض. وأما قول كل واحد منهما وحده وكره الآخر، فلا نقول فيه شيئ ً ا. ومن ا د ّ عى على قوم حق ً ا، فلم يقروا له بحقه، فصالحهم على صلح، وأعطوه ثم إنه أصاب بعد ذلك بينة بحقه، فله الرجوع إن شاء، ويرد عليهم ما صالحوه عليه، ولهم أيض ً ا مثل .« ذلك الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ٣٥٩ -.٣٦٠ (٣) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٧٦ وبخصوص قوله تعالى: ﴿ yxwvu¯srqp ﴾ [ [البقرة: ١٩٥ ، يقول واستدل بالآية على تحريم الإقدام إلى ما فيه الهلاك، وعلى جواز مصالحة » : أطفيش .« الكفار والبغاة إذا خاف الإمام على نفسه، أو على ا لمسلمين . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١، ص ٤٢٢ ١٠٨ شيئ ً ا من المال ليدفعون شرهم عن أنفسهم وحرمهم، وأحسب أن بعض ً ا « لم يجز ذلك والله أعلم(١) . كذلك يمكن أن يكون الصلح على مال يدفعه غير المسلمين، ويختلف فإن وقع على شيء يدفعه المشركون » : تكييفه بحسب ما تم الاتفاق عليه  للمسلمين في حضرتهم تلك، وليس لهم من بعد شيء، فحكمه حكم الغنيمة وفيه الخمس. وإن جعلوه لما يستأنف يؤدونه في كل عام، فحكمه « حكم ا لجزية(٢) . وإذا ثبت على أحد من أهل الشرك صلح على إعطاء شيء من » : كذلك  المال غير الجزية فعليهم لهم ما قد ثبت عليهم من جزية أو خمس أو غير ذلك، وللمسلمين مصالحة أهل الحرب من المشركين غير أهل الكتاب حتى يبلغ فيه كما يبلغ في أموال أهل الصلاة ويحول على نقودهم حول « كأهل الصلاة مذ ملكوه(٣) . والثاني الصلح على شيء آخر: فليس من المحتم أن يكون الصلح على مال. فقد يكون بالتعهد على عدم الاعتداء، أو بانسحاب الطرف الذي يحتل جزء من إقليم طرف آخر من هذا الإقليم، أو رد الأموال التي تمت (١) . ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٨، ص ١٦٥ (٢) الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢١٠ . يقول ا لنزوي: وعن الإمام إذا أراد مصالحة البغاة، دون أن يفيئوا أهل يقر به إلى ذلك؟ قال: لا. »وعن ذلك قاتل المسلمون عليا. وأما أهل الحرب من المشركين، فله ذلك، إذا صالحهم على شيء يؤدونه إليه، أو رأى أن ذلك أقوى لأمره، وأعز لعسكره، صالحهم على أن يقوي أمرهم. ويكون الصلح إلى أجل، .« يجعلوه بينهم فإذا مضى الأجل، ذهب ا لصلح . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٤٨ (٣) . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٣، ص ٧٠٧ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  ا(٢) مصادرتها أو غير ذلك من ا لأمور(١) . بل قد يسمى الصلح فتح ً . كذلك في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ srqpo ﴾ [ [التوبة: ١٢٠ ، يقول أطفيش شيئ » : إنه يعني ً « ا ينال كالقتل والأسر... وشيء يصالح به(٣) .  وهو أمر أكده الفقه ا لإباضي(٤) . (١) بل جاء في بيان ا لشرع:  أرأيت لو أن ملك الروم ظهر سلطانه فخشي أهل الإسلام أن يغلبهم فصالحوه على »نصف أرض الإسلام أن يتخذها ملكه يحكم فيها بحكمه خشية أن يغلبهم على أرض الإسلام كلها أكان هذا واسعا لهم؟ أرأيت لو أنهم خشوا منه أن يهدم الكعبة فصالحوه ً على أن يحرق مسجد المدينة وقبر ا لنبي ژ أكان هذا واسعا لهم أن يفدوا أحد ً ، الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ «؟ المسجدين بالآخر خشية عليهما  ص ٦٨ -.٦٩ لن يتحقق بإذن الله أبد ،« فرض نظري » وواضح أن ما ذكره صاحب بيان الشرع هو ً ا.  كذلك فهو فرض استفهامي، ليس له جواب إيجابي. حفظ الله الحرمين الشريفين وقبر الرسول الأعظم ژ . (٢) وهكذا في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ ! " %$# ﴾ [ [الفتح: ١ ، يقول أطفيش إن هذا ويضيف أيض ،« صلح الحديبية عند الجمهور » الفتح هو ً وس » : ا ُ مي الصلح فتح ً ا لاشتراك الصلح والفتح في الظهور، لأن المشركين ابتدأوا به وسألوه، وذلك ذل منهم. قال الكلبي: ما سألوه الصلح إلا بعد أن ظهر المسلمون عليهم. وعن ابن عباس: رماهم المسلمون بالنبل والحجارة حتى أدخلوهم ديارهم. وأيض ً ا س ُ مي فتح ً ا لأنه سبب لفتح مكة. قال الزهري: لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية، سمعوا كلام المسلمين، وتمكن الإسلام في قلوبهم، وأسلم في ثلاث سنين من أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٣ ، ص ٣٢٩ « يومها خلق كثير -.٣٣٠ (٣) . أطفيش: تيسير التفسير، المرجع السابق، ج ٦، ص ١٦٩ (٤) مسألة: وإذا صالح الإمام أهل الشرك على شيء يعطونه غير الجزية هل له » : وهكذا قيل ذلك؟ قال: قد قال ذلك بعض المسلمين وعلى الإمام الوفاء بعهدهم ما لم ينقضوه فإن نقضوه وحاربوا دعوا أيض ً ا إلى الدخول في الإسلام فإن كرهوا دعوا أن يعطوا ما جرى عليه من الصلح فإن أجابوا قبل الإمام منهم وحقنوا دمائهم ولبثوا على عهدهم وعليهم تسليم ما = أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ١١٠ تجدر الإشارة أن الفقه الإباضي يشترط للصلح مع العدو: أن يكون بالمسلمين ضعف وعجز عن محاربة العدو، يقول ا لنزوي: ويدل على أن للإمام وللمسلمين، أن يصالحوا عدوهم عند الضعف » والعجز عن محاربته، والحذر على أن يستولي على مملكته، بعد قتله أصحابه قوله تعالى: ﴿ qponmlk ﴾ [ [محمد: ٣٥ فمنعهم عن مصالحة عدوهم، على هذه الشريطة. وهي الاستظهار على عدوهم، إذا كانوا هم الأعلون، ففي هذا دليل على أن عدم الشريطة، يوجب « جواز ما بوجوده منع مصالحته(١) . ٧ الصلح مع أهل البغي يختلف عن الصلح مع غير ا لمسلمين: يفرق الفقه الإباضي بخصوص الصلح بين(٢) : ١ الصلح مع البغاة، وهذا لا يجوز إذا لم يفيئوا إلى أمر ا لله.  = مضى مما جرى عليه صلحهم حلا ً من أيام امتناعهم وإلا كان حتما على المسلمين قتالهم ً وغنيمة أموالهم وسبي ذراريهم الذين ولدوا بعد امتناعهم بالصلح وسبي من قاتل من نسائهم أو لم يقاتل. قلت: فإن نقضوا الصلح وقالوا نحن نعطي الجزية هل يقبل منهم؟ قال: لا يقبل منهم ذلك ولو كانت الجزية أوفر ولا يجوز له الدخول في الإسلام أو تسليم ما جرى عليه من ا لصلح. قلت: فإن معنى أهل الصلح من المسلمين وأهل العهد هل لمن يخلفهم نقض ذلك؟ قال: لا يجوز لمن يخلفهم نقض الصلح على قول لمن يجيء من بعدهم أن يؤدوا الجزية .« والأول أكثر لأن للمسلمين الجزية والأول أكثر لأن المسلمين يد على من سواهم.. والله أعلم السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ١٤٠٧ ،١٤ ه -. ١٩٨٧ م، ص ١٨٧ ُ (١) . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٤٧ ؛ ابن جعفر: الجامع، ج ٢، ص ٤٨٨(٢) وسألته عن الإمام إذا أراد أن يصالح أهل الحرب من أهل القبلة من » : جاء في بيان الشرع البغاة دون أن يفيئوا إلى أمر الله. هل يقره المسلمون إلى ذلك؟ قال: لا. = الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  ٢ الصلح مع غير المسلمين، وهو جائز كما قلنا على مال أو غيره، إذا توافرت شروط إبرامه. :« الأمان ا لضمني » ٨ الصلح المؤدي إلى قد يبرم المسلمون صلحا مع الأعداء على شروط معينة. هذه الشروط ً ولو كان رقيق ،« بالإنسان » ولا شك يجب الالتزام بها. لكن إذا تعلق الأمر ً ا، فإنه يتم الوفاء بالصلح في المرة الأولى وفق ً ا لما تم الاتفاق عليه، وبالقيمة بعد ذلك. وإذا صالح المسلمون المشركين على » : وقد أكد الفقه الإباضي ذلك رقيق، في كل سنة كذا رأسا. فإنما يجوز للمسلمين، أن يأخذوا لسنة ً واحدة. وأما الثانية، فقيمة الرؤوس؛ لأنهم صاروا كلهم أهل صلح وذمة. كذا يوجد. وبلغنا أن الجلندا بن مسعود، صالح أهل سقطرا على رؤوس. وأخذ « منهم أول سنة. والله أعلم(١) . = قلت: أليس على ذلك قاتل المسلمون علي بن أبي طالب؟ قال: نعم. قلت: فإن أراد أن يصالح أهل الحرب من المشركين هل يقرونه إلى ذلك؟ قال: نعم إذا صالحهم على شيء يؤدونه إليه جاز ذلك. وكذلك إن لم يصالحهم على شيء يؤدونه إليه غير أنه رأى ذلك أقوى لأمره وأعز لعسكره صالحهم إلى أن يقوى أمره ويصالحهم إلى أجل يجعله بينه وبينهم فإذا مضى الأجل ذهب ذلك الصلح بينهم إذا سالم المسلمون قومهم فأمن بعضهم بعض ً ا فعلى المسلمين في الحق الوفاء بالعهد والصبر على أداء الكندي: بيان « الحقوق بالقيام بالقسط والعدل. ولا يحملهم بغض قومهم وما يرون منهم . الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٧٩ (١) .١٤٥ ، النزوي: المصنف، ج ١١ ١١٢ ٩ التوسط في الصلح جائز حتى ولو كان من المحتمل ألا ينفذ أحد أطرافه لالتزاماته:  الغرض من ذلك هو قطع نائرة الخلاف، ولو ظاهريا. كما أن ذلك قد ً يؤدي إلى إنهاء النزاع إذا راجع الطرف المعني موقفه وأناب إلى طريق ا لرشاد. وقد تعرض الفقه الإباضي إلى إمكانية إبرام مثل هذا الصلح. وهكذا بخصوص مسألة هل يجوز للأمير الصلح عن قومه مع عدم القدرة على الإنصاف منهم ولهم في إعطاء الأكابر أموالا ً عن دماء لقومهم إصلاح ً ا مع خوف عدم تبليغهما، يقول أطفيش: وأما صلح الأمير بين قومه الذين لا يقدر على الإنصاف منهم لسوئهم »  وكثرة غوغائهم وبين أعدائهم مع علم أعدائهم بأنه لا يقدر على الإنصاف منهم فجائز والله أعلم، إلا إن كان الإصلاح بينهم مشروط ً ا على تقدير شيء محرم. وقال أيض ً ا: وأما إعطاؤكم الأكابر مالا ً من دماء وأموال لأهلها إصلاح ً ا  وتخافوا ألا يوصلوها إلى أهلها فلا بأس إن لم تجدوا إلا ذلك ويتسع « الخرق(١) . ١٠ من يتحمل مالا ً لأجل الصلح يعتبر من الغارمين فيكون له من سهم ا لزكاة: والغرض من ذلك على ما يبدو أمرين: الأول تشجيع من يتوسط في الصلح أن يقدم على ذلك، دون خشية َ ألا يضيع عليه ما يتكبده من مال. (١) ، أطفيش: كشف الكرب، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٢ ُ ١٤٠٦ ه -. ١٩٨٦ م، ص ٣٧٥ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  الثاني أن العدالة تحتم ذلك.  ويسري ذلك حتى ولو كان من يتوسط في الصلح غنيا. ً بل يعطي منها (أي من الزكاة) من أدانوا لإصلاح ذات » : قال القطب البين ولو كانوا أغنياء؛ لقول النبي ژ : لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: » لغاز في سبيل الله، أو لغارم، أو رجل اشتراها بماله، أو رجل له جار مسكين  « فتصدق على المسكين فأهدى المسكين للغني، أو لعامل عليها (١) . قال: وأراد بالغارم من أدان لإصلاح ذات البين. وقال أبو سعيد: لو كان  لا يجوز له في غرامته إلا ما يجوز له في حال فقره لم يكن محتاجا إلى ً  حكم الغارمين، ولكن لغرامته حق غير حق فقره. قال: وقد قيل: لا تجب الصدقة لغني إلا لمسافر احتاج في سفره، أو لمن قد لزمه غرم احتاج أن يأخذ منها لغرمه. قال: فقد ثبت أن للغني فيها « ا(٢) لهذين المعنيين حق ً . ١١ الصلح وفق ً :« الحرب المجلية أو السلم ا لمخزية » ا لقاعدة يعني ذلك الصلح استناد ً ا إلى شروط إذعان، أي أن على العدو أن يقبل الشروط التي يضعها المسلمون، دون تغيير أو مناقشة، ويكون ذلك خصوصا إذا كان العدو قد ألحق أذى جسيما بالمسلمين، واحتل أراضيهم، ًً وقتل أعداد ً ا كبيرة منهم، ودمر ما لا يحصى من الأموال والممتلكات الحرب » : الإسلامية، ثم دارت الدائرة عليه. فهنا يمكن تطبيق هذه القاعدة .« المجلية أو السلم ا لمخزية (١) ، رواه أبو داوود، عن عطاء بن يسار بلفظه، باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني، ٢ ١١٩ . وابن ماجة، عن أبي سعيد الخضري بلفظ قريب، باب من تحل له الصدقة، /١٦٣٥ .٩٥٠/ ر ١٨٤١١ (٢) . الإمام السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق ج ٧، ص ٥٧٠ ١١٤  وأساس هذه القاعدة يرجع إلى أبي بكر ا لصديق 3 ، فقد قال ابن شهاب: جاء وفد سراحة من أسد وغطفان إلى أبي بكر يسألون الصلح، فخيرهم بين  الحرب المجلية والسلم المخزية، فقالوا: هذه المجلية قد عرفناها، فما المخزية؟ قال: ننزع منكم الحلقة والكراع، ونغنم ما أصابنا منكم وتردون علينا ما أصبتم  منا، وتدون لنا قتالنا وتكون قتلاكم في النار، وتتبعون أقواما يتبعون أذناب البقر ً والإبل، حتى يرى الله تعالى خليفة رسوله والمهاجرين أمرا يغدرونكم به، ً  فعرض أبو بكر 3 ما قاله على القوم فقام عمر بن الخطاب 3 فقال: قد  رأيت رأيا ونشير عليك، أما ما ذكرت من أنا ننزع منهم الحلقة والكراع فنعما ً رأيت، وأما ما ذكرت من الحرب المجلية والسلم المخزية فنعما ذكرت، وأما ما ذكرت: تدون قتلانا وقتلاكم في النار، فإن قتلانا قاتلت فقتلت على أمر الله ِ تعالى وأجورها على الله تعالى؛ ليس لها ديات، فتتابع القوم على ما قال عمر(١) . الحرب المجلية أو السلم » وفي السلوك الإباضي تطبيق معروف لقاعدة :« المخزية فبعد أن دخلت عمان في الإسلام في عهد النبي ژ قامت حرب بين أهل ُ عمان والفرس الذين كانوا موجودين في عمان ورفضوا اعتناق الإسلام، ُُ فضايقوهم بالحصار أشد ما يكون، فلما طال بهم الحصار، ورأوا أن لا مناص َ لهم من الخضوع لأمر العرب طلبوا ا لصلح أو قل ْ : طلبوا الإذن لينجوا بأنفسهم، فوافقهم العرب على الخروج من ع ُ مان بتات ً ا على أن يتركوا كل صفراء وبيضاء وحلقة وكراع ويحملوهم بأهاليهم وحاشيتهم في سفينة حتى يقطعوا إلى أرض فارس، فأجابوهم إلى ذلك وخرجوا من ع ُ مان كليا، وذلك آخر عهدهم بها(٢) . ً (١) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٤٤(٢) ١٤٢١ ه ، الشيخ سالم السيابي: عمان عبر التاريخ، ج ١ - ٢٠٠١ م، ص ١١٥ . راجع أيض ً ا: ُ . وزارة الإعلام، سلطنة عمان، دار إيميل للنشر، لندن، ١٩٩٥ ، ص ١١٨ « عمان في التاريخ » ُُ الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلميا في الفقه الإباضي  ١٢ يقول أبو إسحاق إن الصلح لا يتم إلا بأربع خصال: إحداها أن يكون جائزي ا لأمر. الثانية ألا يدخله تحريم. الثالثة أن يكون برضاء منهما جميعا. ً  الرابعة أن يكونا يعرفان ما تصالحا عليه(١) . ١٣ ناقض الصلح تتم محاربته بلا دعوة:  سنرى أن دعوة البغاة أو المعتدين من غير المسلمين شرط لازم قبل محاربتهم في الفقه الإباضي. إلا أن ذلك لا يتم الالتزام به إذا كانوا قد نقضوا الصلح أو اعتادوا على ذلك(٢) .  (١) الإمام إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، مكتبة مسقط، ١٤٣٢ ه -. ٢٠٠١ م، ص ٢٩٥ (٢) لا تجب دعوة من اعتاد » : يكفي أن نذكر هنا ما جاء في تمهيد قواعد الإيمان تحت عنوان :« البغي إلى حكم الله قبل ا لقتال قلت له: إذا كانت فرقة من أهل الخلاف قاتلونا في صلح جرى بيننا وبينهم سابق » ً ا ولم يفيئوا لنا بحكم الله تعالى. هل علينا أن ندعهم إلى حكم الله أو لم ندعهم لأن دين أهل الاستقامة ليسوا من أهله؟. أم تكون حجتنا عليهم ذلك القتلى الذين قد قتلونا ظلما وقد صاروا متناصرين في ذلك ً القتل أعني هذه الفرقة (أم تكون حجتنا عليهم الدعوة ولا يسعنا غير ذلك)؟. أم تكون حجتنا عليهم قول الله تعالى: ﴿ ^_` fedcba ﴾ [ [البقرة: ١٩٤.«؟ ونجتزئ بذلك سلمنا الله وإياك ومن ثبت على دين أهل الاستقامة نجا من جميع ا لمهالك. الجواب: يختلف في وجوب الدعوة لمثل هؤلاء وإذا كانوا معتادين على البغي وعدم الرجوع إلى »الحق معروفين بذلك فلا نرى وجوب الدعوة لهم وكذلك إن كانوا ممن يدين بقتل أهل القبلة واستحلال دمائهم وأموالهم فلا دعوة لهم لأنهم لا يرجعون عن دينهم واستحلالهم .« ولا يزيدهم ذلك إلا عتوا ونفورا واستكبارا عن الحق. والله أعلم ًً ً المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٢ ، ص ٣١٨ -.٣١٩ ١١٦ :»°VÉHE’G ∑ƒ∏°ùdG »a í∏°üdG äÉbÉØJG ≈∏Y á∏ãeCG `` ê أبرمت العديد من اتفاقات الصلح بين ا لإباضية وأعدائهم، نكتفي منها ّ بذكر الأمثلة ا لآتية: ١ من ذلك الصلح الذي أبرمه الشيخ خميس بن سعيد الشكصي مع البرتغاليين في ٣١ أكتوبر ١٦٤٨ م، والذي تضمن الشروط ا لآتية: ﻥﺃ ﻢﺘﻳ ﺮﻴﻣﺪﺗ ﺝﺍﺮﺑﺃ ﺕﺎﻳﺮﻗ ﺭﻮﺻﻭ ﻲﺘﻟﺍ ﺖﺛﺪﺣﺃ ﺀﺎﻨﺛﺃ .ﺭﺎﺼﺤﻟﺍ ١ ـ ﻥﺃ ﻢﺘﻳ ﻡﺪﻫ ﺝﺍﺮﺑﻷﺍ ﺔﻌﺑﺎﺘﻟﺍ ﺏﺮــﻌﻠﻟ ﻦﻴﻴﻟﺎﻐﺗﺮﺒﻟﺍﻭ ﻲﺘﻟﺍ ﺎﻫﻮﺛﺪﺣﺃ ﻲﻓ ٢ ـ ﻂﻘﺴﻣ .ﺡﺮﻄﻣﻭ ﻥﺃ ﻢﺘﻳ ﺀﻼﺧﺇ ﺡﺮــﻄﻣ ﻦﻣ ﺕﺍﻮﻘﻟﺍ ﺎــﻫﺭﺎﺒﺘﻋﺍﻭ ﺔﻘﻄﻨﻣ ﺓﺪﻳﺎﺤﻣ ﻥﻮﻜﺗﻭ ٣ ـ ﺓﺮﺣ ﻊﻴﻤﺠﻟ .ﺱﺎﻨﺟﻷﺍ ﻌ ﻳ ﻥﻮﻴﻧﺎﻤ ﻦﻣ ﻡﻮﺳﺮﻟﺍ.ﻙﺭﺎﻤﺠﻟﺍﻭ ﻰﻔﻌﻟﺍُُْ ٤ ـ ﺔﻴﻧﺎﻤ ﺔﻴﺑﺮﻌﻟﺍﻭ ﻲﻓ ﺔﺣﻼﻤﻟﺍ ﺓﺭﺎﺠﺘﻟﺍﻭ ﻡﺪﻋﻭ ﺎﻬﻋﻮﻀﺧ ﺔﻳﺮﺣ ﻦﻔﺴﻟﺍﻌﻟﺍُ ٥ ـ ﺶﻴﺘﻔﺘﻠﻟ ﻲﻓ ﻞﺑﺎﻘﻣ ﺎﻬﻟﻮﺼﺣ ﻰﻠﻋ ﺢﻳﺮﺼﺗ ﻦﻣ ﺕﺎﻄﻠــﺴﻟﺍ ﺔﻴﻟﺎﻐﺗﺮﺒﻟﺍ ﻲﻓ ﻖﻳﺮﻃ .ﺎﻬﺗﺩﻮﻋ ﻻ ﺯﻮﺠﻳ ﻦﻴﻴﻟﺎﻐﺗﺮﺒﻠﻟ ﺔﻣﺎﻗﺇ ﻱﺃ ﺕﺎﻨﻴﺼﺤﺗ ﺝﺭﺎﺧ ﺩﻭﺪﺣ ﺔﻨﻳﺪﻣ .ﻂﻘﺴﻣ ٦ ـ .ﻥﺎﻤ ﺪﻬﻌﺘﻳ ﻥﻮﻴﻟﺎﻐﺗﺮﺒﻟﺍ ﻊﻓﺪﺑ ﺔﻳﺰﺠﻟﺍ ﻡﺎﻈﺘﻧﺎﺑ ﻡﺎﻣﻹﻋُ ٧ ـ  فعرضت هذه الشروط على الإمام ناصر، فانتدب ابن عمه سلطان بن سيف والشيخ سعيد بن خلفان القرشي وغيرهما، فوقع الشيخ سعيد بن  خلفان الاتفاقية نيابة عن الإمام ووقع دوم جولينا دا نورونها عن ا لبرتغال(١) .  (١)راجع د. سعيد بن محمد الهاشمي: دراسات في التاريخ ا لعماني، النادي الثقافي، مسقط، ُ دار الفرقة دمشق، ٢٠١١ ، ص ٢٧٨ - ٢٧٩ . انظر أيض ً ا: الشيخ سرحان الأسكوي: كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة، دار البارودي، بيروت، ١٤٢٧ ه -. ٢٠٠٦ م، ج ٢، ص ٩٥٨ ا في الفقه الإباضي الباب التاسع: المنازعات ا لدولية وطرق حلها سلمي ٢ ومن ذلك حينما أرسل الإمام، الأمير مسعود بن رمضان، وأمره أن يقصد بالجيش إلى مسقط لمحاربة ا لنصارى. فلما مضى به أقام ببئر الرولا من بلدة ا لمطرح. فدارت رحى الحرب بين المسلمين وبين النصارى، فنصر الله جيش الإمام، فهدموا من المطرح ومسقط بروجا بازخة ومباني شامخة، وقتل من ً المشركين خلق كثير. ثم إن النصارى طلبوا الصلح، فصالحهم مسعود بن رمضان على فك ما  بأيديهم من أموال العمور والشيعة الساكني صحار. فأذعنوا بالطاعة وأمنهم على ذلك، وأخذ منهم العهود على ا لوفاء (١) . (١) ابن رزيق: الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة عمان، وزارة التراث القومي والثقافة، ُ سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه - ١٩٨٤ م، ص ٢١٥ ؛ السالمي: تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، ُُ . ج ٢، ص ١٠ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي :ó`«¡ªJ من الثابت والمعلوم بالضرورة أن مسائل الضمان أو المسؤولية (الدولية أو الداخلية) تعد من أكثر المسائل التي تعرض على الصعيدين الدولي أو الداخلي، خصوصا أمام القضاء أو المحاكم (الدولية أو الداخلية). لذلك قيل ً معرفة مسائل الضمانات من أهم المهمات إذ أكثر المنازعات فيها تقع » إن « والخصومات (١) . يقول المرحوم الشيخ علي ا لخفيف: شرع الضمان وسيلة من وسائل حفظ أموال الناس وصيانتها؛ محافظة » على حقوقهم وبعد ً ا عن ضررهم ودرء للعدوان عليهم وجبرا لما انتقص من ً « أموالهم (٢) . وندرس الضمان أو المسؤولية الدولية في الفقه الإباضي، كما يلي: الفصل ا لأول: ماهية الضمان أو المسؤولية الدولية في الفقه ا لإباضي. الفصل ا لثاني: دراسة لأحوال الضمان أو عدم الضمان في الفقه ا لإباضي. الفصل ا لثالث: آثار الضمان أو المسؤولية الدولية في الفقه ا لإباضي. مة أبو محمد بن غانم البغدادي: مجمع الضمانات في مذهب الإمام أبي حنيفة  (١)العلا . النعمان، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، مصور عن الطبعة الأولى، ١٣٠٨ ه، ص ٢(٢) الشيخ علي الخفيف: الضمان في الفقه الإسلامي، معهد البحوث والدراسات العربية، . القاهرة، ١٩٧١ ، ص ٨ يثير الضمان من حيث ماهيته أمورا ثلاثة: ً الأول المقصود بالضمان أو المسؤولية ا لدولية. الثاني المبادئ التي تحكم الضمان أو المسؤولية ا لدولية. الثالث شروط الضمان أو المسؤولية ا لدولية. وندرس هذه الأمور الثلاثة على النحو الآتي ذكره، على أن نخصص لكل منها مبحث ً ا. ∫hC’G åëѪdG á«dhódG á«dhDƒ°ùªdG hCG ¿Éª°†dÉH Oƒ°ü≤ªdG :á«dhódG á«dhDƒ°ùªdG hCG ¿Éª°†dG ≈æ©e (CG ل الشخص (أو الدولة)  نعني بالضمان (المسؤولية الدولية) هنا تحم الآثار المترتبة على أفعاله التي أحدثت ضررا بالغير نتيجة لفعل صادر عنه. ً :¬H §∏àîj ób Éeh ¿Éª°†dG ø«H ábôØàdG (Ü ١ التفرقة بين التبعة والضمان: أن التبعة ما لزم » يؤكد الفقه الإباضي أن الفرق بين التبعة والضمان هو ١٢٤ على غير تعمد من وجه الخطأ والضمان ما ضمن من أموال الناس بالتعمد « وعليه في هذا الفصل الخروج والأول لا خروج عليه فيه(١) . وهكذا فالفارق بين الأمرين يكمن في الركن المعنوي المصاحب  وإن « تحمل التبعة » لارتكاب الفعل: فإذا كان ارتكابه من غير عمد كنا بصدد .« تحمل للضمان » كان عن عمد فإننا نكون أمام ٢ التفرقة بين الضمان (بمعنى تحمل آثار الضرر الحادث للغير) والضمان (بمعنى الكفالة أو ا لحمالة): كلمة الضمان تستخدم في الفقه الإباضي (وفي المذاهب الإسلامية الأخرى) على معنيين: الأول: الضمان بالمعنى السابق ذكره، أي تحمل الآثار المترتبة على ارتكاب فعل سبب ضررا للغير ومنسوب للشخص أو الدولة ا لمعنية. ً والثاني: الضمان بمعنى الكفالة أو الحمالة، ويكون فيها الشخص كفيلا ً أو ضمين ً ا أو حميلا ً أو زعيما. يقول أطفيش (بخصوص ا لحمالة)(٢) : ً وهي: شغل الإنسان ذمته للآخر بما شغلت به ذمة بدون تعليق » الشغل بما عليه لذلك الآخر، فشملت الحمالة أن لا يكون للمحمول له على الحميل دين وأن يكون عليه له ولم يعلق به، فخرجت الإحالة بنفي التعليق، والحمالة مأخوذة من الحمل شبه شغل الذمة بحمل الشىء على الظهر بجامع الثقل فإنها ثقيلة بالمعنى، وت ُسمى: الكفالة والضمانة (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ١٣٢ . انظر أيض ً ا الرستاقي: منهج الطالبين، . المرجع السابق، ج ٦، ص ٦٦٥(٢) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ٩، ص ٤١٢ . راجع أيض ً ا البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، وزارة التراث القومي والثقافة، ج ٥، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٥ ه -١٩٨٥ م، ص ٢٤٩ -.٢٥٩ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي والزعامة والقبالة، والمشغول بها: حميلا ً وكفيلا ً وضمينا وزعيما والقبيل، ًً والأصل فيها قوله تعالى: ﴿ hgfedcb qponmlkji﴾ [ [النحل: ٩١ ، وقوله تعالى: ﴿ <; = BA@?>﴾ [ [يوسف: ٧٢ ، وقوله ژ : إن » « الزعيم غارم (١) . وفي هذا المعنى أيض ً ا قوله تعالى: ﴿ äãâá﴾ (٢)[ [القلم: ٤٠ . بمعنى: « الضامن غارم » أو « الزعيم غارم » فالقاعدة في الفقه الإباضي أن « أن من تكفل بشيء كان عليه غرمه وضمانه » (٣) . تجدر الإشارة أننا خلال هذه الدراسة سنشير إلى الضمان في المعنى الأول: أي ذلك الذي يعني تحمل المسؤولية الناجمة عن فعل سبب ضررا. ً »fÉãdG åëѪdG á«dhódG á«dhDƒ°ùªdG hCG ¿Éª°†dG ºμëJ »àdG ÇOÉѪdG من أهم المبادئ التي بحثها الفقه الإباضي، المبادئ ا لآتية: :(…OôØdG ¿Éª°†dG) á«°üî°ûdG hCG ájOôØdG á«dhDƒ°ùªdG CGóÑe (CG ً ب  الضمان في الإسلام فردي أو شخصي، بمعنى أن من ارتكب فعلا سب ضررا يكون مسؤولا ً عنه، سواء كان فرد ً ا عاديا، أو حاكما، أو رئيس دولة أو ً ًً غيره. (١) رواه أبو داود في البيوع في تضمين العارية، ج ٣، ص ٢٩٦ ، والترمذي في البيوع باب . العارية مؤداة، ج ٣، ص ٥٦(٢) . ابن جعفر: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤١٢(٣) . معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٨٧ ١٢٦ والآيات في القرآن الكريم كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿ Ø×ÖÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌËÊ﴾ [ [الأنعام: ١٦٤ . ﴿ « ¬ ±°¯®﴾ [ [النحل: ٢٥ . ﴿ ³ ´ ¿¾½¼»º¹¸¶µ﴾ [ [الإسراء: ١٥ . ﴿ ° ﴿ ÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ Ñ ﴾ [ [الإسراء: ٣٦ . ¶µ´³²± à﴾ [ [فاطر: ١٨ . ¸ ÁÀ¿¾½¼»º¹ ﴿ hgfedcba`_^]\[﴾ [الز  ﴿ Ø×ÖÕÔ ❁ [ مر: ٧ . âáà ❁ ÞÝÜ  جم: ٣٩ -[٤١ . ﴿ ³ ã ﴾ [الن ÃÂÁÀ❁ ¾½¼»º¹❁ ¶µ´ ❁ Ä ÈÇÆ﴾ [القيامة: ١١ -[١٥ . ﴿ <;:9 [ [النساء: ١٢٣ . = DCBA@?>﴾ [ ثر: ٣٨ .   ﴿ ÛÚÙØ× ﴾ [المد ﴿ hgfed ﴾ [ [الطور: ٢١ . ﴿ XWVUTSRQP﴾ [ [سبأ: ٢٥ . ﴿ ÝÜÛÚÙØ﴾ [ [عبس: ٣٧ . الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي ﴿ ÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄàÔÓÒÑ ﴾ [ [البقرة: ٤٨ . ﴿ ÖÕÔÓÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆ ﴾ [ [البقرة: ١٣٤ . ﴿ [ZYXWVU ﴾ [ [الطلاق: ٧ . ﴿ çæåäãâáàßÞÝÜ  éè ﴾ [ [يونس: ٤١ . ﴿ Ø×ÖÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌË ,+*)('&%$#"!❁ ÚÙ -﴾ [يوسف: ٧٨ -[٧٩ . وعن ابن عمر ^ قال: سمعت رسول الله ژ يقول: كلكم راع وكلكم » مسؤول عن رعيته، والرجل راع ٍ في أهل بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده « ومسؤول عن رعيته؛ فكلكم راع ومسؤول عن رعيته(١) . ويسري مبدأ شخصية المسؤولية في الإسلام حتى في إطار العلاقات الدولية، يؤيد ذلك أمران: الأول: الآيات والأحاديث النبوية السالف الإشارة إليها؛ إذ هي من العموم بحيث تنطبق على العلاقات الداخلية والدولية. كما أن من المعروف أن ما يسري على العلاقات الداخلية ينطبق أيضا على العلاقات الدولية في ً شريعة ا لإسلام. (١) . صحيح البخاري، دار الشعب، القاهرة، ج ٩، ص ٧٧ ١٢٨  والثاني: الممارسات العملية للدولة الإسلامية، والتي ورد فيها تطبيقات حرفية لما قلناه، سواء في معاهدات دولية أو في تطبيقات واقعية تؤيد ذلك. ففي عهد النبي ژ حدث أن أبرم معاهدة مع أهل خيبر اشترط عليهم بعض الشروط، إن خالفوها فلا ذمة لهم ولا عهد، فخالفها بعضهم فاعتبر النقض   ِ فيمن خالف دون غيرهم ولم يسر نقض المعاهدة على الجميع(١) . ومن ذلك رسالة المولى إسماعيل إلى ملك أسبانيا حول أسرى العرائش (وعددهم  مائة) وملخصها أنهم أرسل إليهم الأمان قبل الوقوع في الأسر إلا أنهم تمردوا وارتكبوا أفعالا ً استوجبت الإمساك بهم وأسرهم، وبالتالي عدم الوفاء ِ ُ بالأمان الذي سبق وأن أعطي لهم، وقد ذكر العلماء المولى إسماعيل بمسألة َْ ُ غدر أسلاف ملك أسبانيا بأهل غرناطة وبغيرهم من أهل الأندلس في كل بلد وقرية. يقول المولى إسماعيل: إنه بذلك أصبح في حيرة كبيرة لوجهين: الأول: لا نقدر نخالف شريعتنا التي هي أساس ديننا. ِ  الثاني: أحببنا الوفاء للأسرى وأنفت نفوسنا أن يسمع عنا الناس: قلنا ُْ كلمة ولا نوفي بها؛ لذا طلب المولى ٥٠٠٠ كتاب من كتب الإسلام الموجودة عند الأسبان مقابل ٥٠ أسيرا وفك ٥٠٠ أسير مسلم مقابل ً الخمسين الباقين. ثم استفتى المولى إسماعيل العلامة اليوسى، فأجاب: إن ْ أن تمسح الروم » ثبت الأمان فلا محيد عن العمل به لأنه كيف نرضى وعوارضها ضحك ً « ا منا وإنا غدرنا فلم نقم شرعنا ولا فعلنا فعل ا لكرام(٢) . (١) ابن قيم الجوزية: زاد المعاد في هدي خير العباد، ج ٢، ص ٦٢ -.٧٧ (٢) وأما تحسين ذلك بالنظر في أفعال الآباء، وأفعال الجنس من غير مشاركة في الفعل » : ويضيف بوجه من الوجوه فلا يستقيم. كيف والقوم أهل حرب وعداوة متصدون لكل شر وفتك وغدر ومكر وأضرار منذ خوطبوا بالإسلام ولم يسلموا وهلم جرا. ولم ينقطع هذا الحكم عنهم ّ أعني التأمين قط، ولا روعي فيه ما عسى أن يجره الأجداد على الأولاد؛ إذ كل نفس إنما ت ُكلف بما جنت فعلا ً أو أعانته بوجه، كما قال تعالى: ﴿ ÎÍÌËÊ ﴾ [ [الأنعام: ١٦٤ ، = الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي الدال على الشيء كفاعله » : ويؤيد ذلك أيضا في الفقه الإباضي قاعدة ً « في الغنم والغرم(١) إن من دل غيره على حيلة توصلوا من خلالها إلى » ، أي « ضرر في مال الغير أو في نفسه فهو شريكهم في العقوبة والضمان(٢) . = وقد ف ُ تحت الشام والعراق ومصر والمغرب في زمان الخلفاء الراشدين، وكم من مدينة فيه أو حصن أو قلعة، نكثوا أيمانهم بعد الفتح وربما سفكوا الدماء واستباحوا الأموال، وهذا أعظم العذر، ثم حكم التأمين جار ما قط انقطع... أو فيمن فعل بنا أمرا فإنا نفعله به؟ ولا بد من ً مراعاة قوانين الشرع... فإن هؤلاء ما فعلوا بنا شيئ ً « ا فقد درأ عنهم التأمين، وبلدنا أخذناه  راجع النص منشورا في د. عبد السلام الأدغيري: تأثر القانون الدولي العام بأحكام الإسلام ً ١٤ .١ ، في أسرى الحرب، مجلة دار الحديث الحسينية، عدد ٢ -١٩٨١ ، ص ٢٥٠ -.٢٥٧ (١) معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٣٩ . وللقاعدة تطبيق في إطار ّ العلاقات الدولية: فإذا دل المعاهد حربيا أو غير حربي على مسلم فقتله فقد انتقض عهده HGFEDCBA@?> .( لأن الدال هنا كالقاتل (ذات المرجع، ص ٥٤٠(٢) بخصوص قوله تعالى: ﴿ <; = ONMLKJI ﴾ [ [المائدة: ١٠٥ ، اختلف العلماء في تأويل هذه  فروي عن الإمام جابر بن زيد أن معنى الآية: يا أيها الذين آمنوا من » : الآية إلى عدة أقوال  أبناء أولئك الذين بحروا البحيرة وسيبوا السوائب، عليكم أنفسكم في الاستقامة على الدين لا يضركم ضلال الأسلاف إذا اهتديتم. قال: وكان الرجل إذا أسلم قال له الكفار: سفهت آباءك وضللتهم وفعلت وفعلت، فأنزل الله الآية بسبب ذلك. نقل ذلك القرطبي. وقال آخرون: إن الآية نزلت في أهل الأهواء الذين لا ينفعهم الوعظ فإذا علمت من قوم أنهم لا يقبلون، بل يستخفون ويظهرون فاسكت عنهم. وقيل: نزلت في الأسارى الذين عذبهم المشركون حتى ارتد ّ بعضهم، فقيل لمن بقي على الإسلام: عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل ّ إذا اهتديتم بعد الأمر بالمعروف والنهي عن ا لمنكر. وقال ابن خويز منداد: تضمنت هذه الآية اشتغال الإنسان بخاصة نفسه وتركه التعرض لمعائب الناس، والبحث عن أحوالهم. وقال الزمخشري: كان المؤمنون تذهب أنفسهم حسرة على العناد والعتو من الكفرة ويتمنون دخولهم في الإسلام، فقيل لهم عليكم أنفسكم وما كلفتم من إصلاحها والمشي في طرق الهدى ولا يضركم الضلال عن دينكم إذا كنتم مهتدين كما قال تعالى لنبيه: ﴿ rqpon ﴾ [ [فاطر: ٨ يحيى بكوش فقه « وقيل: في الآية غير ذلك الإمام جابر بن زيد، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٧ ه -. ١٩٨٦ م، ص ١١٦ ١٣٠  والمقاتل على الحق أو الديانة كالإمام إن كان بينهم » : يقول البطاشي وبين عدوهم قتال لم يضرهم فعل بعض العسكر ما لا يحل من قتل على حمية أو فتنة أو حرام أو أكل مال؛ إذ حرم عليه ذلك، ويأثم به دونهم، وإن  « تاب من فعله جاز له ما للمسلمين من القتال والقتل(١) . وجاء في السير والجوابات: قلت: فإن أرسل سرية أو جيش » ً ا لبعض الأسباب فنهبوا الأموال وأحرقوا المنازل وسفكوا الدماء، ما يلزمه؟  قال: إذا لم يأمر بذلك ولم يرضه كان ذلك على من أحدثه، مأخوذ به من جناه على وجه الظلم، وليس ذلك على الإمام من فعل غيره ولكن عليه الانتصاف من أهل الأحداث وإظهار ذلك والإنكار له وإعطاء الحقوق أهلها  إذا طلبوا ذلك في الأحكام إلى من جناها. قلت: ولا تزول بهذا إمامة الإمام؟ قال: لا، إذا لم يكن من فعله فلا « تكسب كل نفس إلا عليها(٢) . (١) الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٠٩ . ويضيف لا يكون بغي بعض عسكر على غيره بغيا للبعض الآخر ولو كانا في موضع واحد » أيضا ًً إن لم يعرف لذلك البعض الآخر بغي قبل ولا صلاح أو عرف قبل بصلاح، وإن كان في العسكر سلطان ولا يحكم على عسكر بالبغي إن بغى إمامه إلا إن أعانوه على البغي، بل يحكم على الباغي خاصة إماما أو غيره لكن على العسكر التبرؤ مما فعل الإمام إذا كانوا ً معه في محل بغيه ولا يكون بغي بعض عسكر الإمام بغيا لكلهم، ولا يحكم به عليهم إلا ً ما قالوا في السلطان: إن أمر أحد ً ا من رعيته أو مملكته بفساد وبغي على الناس؛ فإنه يكون به باغيا ويحكم بالبغي عليه وكذا السيد لعبده، قال ا لقطب 5 : وفي الأثر وإن سار قوم ً إلى قوم يريدون قتلهم فلما التقوا كان فيهم من قتل ومن أعان ولم يفعل وأراد التوبة، فعنه .« يلزم من لم يفعل ما لزم الفاعل إذا سار مع البغاة وكثرهم وكان معهم حتى نالوا(٢) السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، تحقيق د. سيدة إسماعيل كاشف، وزارة التراث ُ القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه -. ١٩٨٦ م، ج ٢، ص ١٧٩ ُ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي وعلى ذلك فإن الاشتراك في الجريمة تحت أية صورة من الصور يرتب مسؤولية الجاني عن فعله(١) .  :(« حرب الجميع ببغي ا لبعض » : ويقول الخليلي (تحت عنوان لا يجوز حرب الجميع ببغي البعض إن لم يكونوا لهم يد » ً ا ولا ينصروهم ولا يعينوهم، ولا يمنعوهم عن الحق ولا دفعوا من طلبهم « بحق والعاجز الذي لا يقدر معذور والمعذور من عذره الله تعالى (٢) . ويؤكد مبدأ المسؤولية الفردية أيض ً ا ما جاء في بيان ا لشرع: ومن جامع ابن جعفر الذي فيه الزيادة، وقيل: يقيم قائد السرية على من » كان معه حد ما أصابوه إ لا  « القتل والرجم فإن ذلك لا يقيمه إلا الإمام ا لأعظم(٣) . (١) ومن أين أجزت قتال تلك القبيلة كلها ولم يجنوا جناية ولم يفعلوا شيئ » : وهكذا قيل ً ا من الظلم ولا تزر وازرة وزر أخرى.  قلت: إنما جاز ذلك لتظاهرهم على البغي وتجندهم للباغي ووقوفم دونه بالسلام، فبذلك  هم بغاة ولا رأي معه؛ لأن الأحكام على الغالب من الأمور، والشاذ لا عبرة به من عرف ُ أو عرف نفسه أنه لا يرضى بذلك وأنه لا يناصر عليه ولا يظاهر واعتزلهم في حين عين المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام « المحاربة، فلا يؤاخذ بفعل الباغين . المحتسب صالح بن علي الحارثي، المرجع السابق، ص ٣٧٧(٢) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٢ ، ص ٣٠٥ - ٣٠٦ . كذلك جاء في شرح النيل ما يؤيد مبدأ المسؤولية ا لفردية: والمقاتل عليه أو على الديانة كالإمام إن كان بينهم وبين عدوهم قتال لم يضرهم فعل بعض ».« أهل العسكر ما لا يحل من قتل على فتنة أو حرام أو أكل إذ حرم عليه ذلك، ويأثم به ُّ وشرح ذلك كما يلي: والمقاتل عليه)، أي على الحق الدنيوي بدليل قوله: (أو على الديانة) المحقة (كالإمام) )»والوالي والجماعة (إن كان بينهم وبين عدوهم قتال لم يضرهم فعل بعض أهل العسكر ما لا يحل من قتل على فتنة) أو حمية (أو حرام أو أكل) للمال أو جناية دون النفس أو منع عن حق (إذ حرم عليه ذلك ويأثم به) دونهم إذ لا يصدق عليهم أنهم فعلوا حراما كأنه ً . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٦٨٥ « قال: إذ أتى وحده بالمحرم (٣) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧١ ، ص ٣٢ ١٣٢ :z»æeɰ†àdG ¿Éª°†dG{ CGóÑe `` Ü نقصد بذلك تحمل الشخص ضمان ما أحدثه غيره من ضرر. ولا شك أن ذلك يخالف مبدأ المسؤولية الفردية السابق الإشارة إليه، إلا أنه في بعض الظروف  والأحوال قد يكون ل ه ما يبرره: كاشتراك الشخص دون أن يرتكب أي فعل بالتحريض أو الاتفاق أو المساعدة، أو بتكثيره عدد الجناة الذاهبين لارتكاب الفعل، أو موافقته ضمن ً ا لما يرتكبونه من أفعال دون أن يتبرأ منهم... إ لخ. :« الضمان ا لتضامني » وقد عرف الفقه الإباضي فكرة يقرر ا لثمينى: ،« في الضمان بالتدافع » ١ فتحت باب « إن المتصارعين والمتدافعين بالتنازع متضامنين »(١) . ونحن نرى أنه يستثنى من ذلك حالة واحدة: التدافع أثناء الحرب؛  فالتصارع والمدافعة لرد العدو ونحره واستئصال شأفته لا توجب الضمان.  ٢ ومن خير من بحث هذه المسألة الشيخ الرقيشى؛ إذ يقول:  المسألة الثانية: في ضمان ما فعله البغاة هل يكون على كل واحد قسطه » من الضمان على عددهم أو عليه ضمان كل ما فعله ذلك الجيش يؤخذ به وذلك في كل مضمون في نفس أو مال وفي المسألة خلاف في الأثر وجه جواز الأخذ من الواحد منهم ضمان كل ما أخذه مجموعهم لأنهم يد واحدة ولأنهم أعوان على الظلم، فاليد الواحدة منهم يد لهم كلهم ووجه لا يضمن كل منهم إلا متابه من المظلمة قوله تعالى: ﴿ ÑÐÏÎ ﴾ [ [النجم: ٣٨ ، والحق أنهم يد واحدة لأنهم كلهم يد واحدة، والله أعلم. المسألة الثالثة: إذا أخذ من له الضمان واحد ً ا منهم بجميع ذلك المضمون وأداه إليه من غير حكم ِ حاكم، ٍ هل له الرجوع على شركائه في (١) . ضياء الدين الثميني: الورد البسام في ضياء الأحكام، ص ٣٠٢ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي الضمان بما أداه عنهم أم لا قول: إن أداه من غير حكم فلا رجوع له على شركائه؛ لأنه يعد متبرع ً ا وتكفيهم التوبة لأن الحق أصله واحد فبلغ صاحبه  وأما إن أداه بحكم حاكم فله الرجوع عليهم صرح بذلك الشيخ جاعد في « اللباب رأيته بعد ما كتبته والحمد لله(١) .  ٣ وفي ذات المعنى ما يحدث من ا لبغاة(٢) : وكذلك بخصوص جواز الانتصار من القبيلة كلها، إن لم تردع أشرارها  التقاضي للشرع(٣) . (١) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٣٠(٢) وهكذا بخصوص ما يلي: نستشيرك في قبيلتين وقع بينهما حرب ويحتمل بغي الكل أو بغي أحد أهل القبيلتين، »  ثم وقع بينهما صبر إلى مدة معلومة ثم سارت إحدى الطائفتين فهجمت على سور القبيلة الأخرى على حين غفلة ووقع قتال ونهب أموال، وقد صاحب الفئة المتسورة رجل وطلع  السور ووقع ضرب البنادق، وقد صح قتل في أهل السور وحين الدخول في السور ليس   فيه أحد إلا أنهم حواليه. ما يلزم هذا الرجل على هذه الصفة ما صح معه أنه قتله بنفسه أو جميع ما فعلته السرية إذا كان التسور والفعل مثلا ً بغيا أيض ً ا؟. ً ثم القبيلة المتسورين حين صح معهم التسور ثابوا وصح منهم قتل في أهل السور في حلتهم القريبة من السور وصح الضرب في أهل السور من ا لحزبين. هل يكون هذا الرجل شريك ً ا للمتسورين والثائبين كان ذلك عن مواطأة بين المتسورين تمت الإجابة كما يلي: « والثائبين أم لا؟ وربما المقتولون نظروا هؤلاء إذا خرج عليهم مع أهل البغي بغير ما يقدر به في الأثر أنه شريك للكل ما أصابته تلك السرية »التي هو فيها إذا كان المقتولون يرونه لمواجهته لهم معهم أو هو يراهم مواجهة، وإذا رام ٍ الخلاص فيلزمه في الكل بذل ما يجب لهم من ق َود أو دية إلا إذا ساعده الشركاء بما يكون من َ ذلك لازما أو بعضهم فينحط عنه في موضع الدية بقدر ذلك فإنه مما قد تعبد الكل به ولا عذر ً لمن أراد الخلاص إلا بالتزام كله. وما أحدثته السرية الأخرى فهو عليها دونه إذا كان قبل اجتماعهما وكونهما في الفعل والمواجهة للخصم جيش ً ا واحد ً ا، فإذا اجتمعا كانوا شركاء جميع ً ا في ذلك، أما ما داموا فرق ً ا فلو علم أنهم في الأصل يد واحدة وقوم مجتمعون فالذي يظهر لي أن كل فرقة يلزم آحادها ما يلزم جميعها سواء نظرهم المقتول أو نظرهم سواد المقتول، على المحقق « اختلاف عبارة أهل العلم في ذلك وكلها لا تخرج من الصواب فيما معي. والله أعلم الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، ج ١٢ ، ص ٣٤٢ -.٣٤٣ ْ (٣) أناس من بني إسماعيل أشرار لصوص، دأبهم اختلاس » : وهكذا بخصوص السؤال الآتي = ١٣٤ ٤ كذلك بخصوص السؤال ا لآتي: وعن قوم سفاكين الدماء الحرام والأموال الحرام فإذا انتهكوا ما حرم » ّ الله من ذلك هربوا إلى موضع لا يقدر عليه ويبقى من إخوانهم معنا؛ لأنهم آمنون من سطوتنا. فإذا أردنا القيام إلى القوم المفسدين خرجوا من غير علم من إلى إخوانهم فيخبرونهم بخروجنا إليهم فيبتعدوا ويدخلوا الوعر. فما ترى لنا؟ أنأخذ الولي بالولي منهم حتى يذعنوا إلى الحق، والقوم كلهم .«؟ حميتهم وعصبيتهم واحدة تمت الإجابة كما يلي: وأما قولك: أو يؤخذ الولي بالولي، فهذا أول حكم وضعه إبليس في » الأرض فيما بلغنا. وقد كفاك الله السؤال عن ذلك، فقال تعالى: ﴿ ÌËÊ  ÎÍ ﴾ [ [الأنعام: ١٦٤ ، وقد قال لعبد أثنى عليه ورضي حكمه: ﴿ !"#  &%$ ' ,+*)( -﴾ [ [يوسف: ٧٩ ، هذا وقد بذلوا له أنفسهم فأبى أن يقبلهم، فكيف يجبرهم على ذلك؟! وقد قال رسول الله ژ : « لا يؤخذ الأب بجريرة ابنه، ولا الابن بجريرة أبيه » فاتقوا الله واصبروا على دينكم، ولا تغيروا سيرة أسلافكم فإنه يقال: يأتي على الناس زمان لا يبقى في « أيديهم من دينهم إلا ما وافق دنياهم. والصبر نصف ا لإيمان(١) . = أموال الناس بالسرقة، وظهر الآن عليهم سرقة لأحد الجماعة فزعموا أنهم فقراء لا مال لهم للوفاء، وعاملهم أكابرهم عصبية جاهلية والحال أن لهم ما يكفي المسروق وزيادة .«؟ ولكن لا رادع لأن الرادعين هم المغتصبون، فهل يحل الانتصار من أموال الكل أم لا إذا قطعوا الأحكام جاز ذلك، وإن انقادوا للحكم عند المسلمين فلا؛ » : يجيب السالميلأن الانتصار إنما يكون بعد الظلم في الظاهر: ﴿ ¯° ³²± ´¶μ ¸ ﴾[ [الشورى: ٤١ جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٦٥ -.١٦٦ (١) من علماء القرن الثالث الهجري، « جناو بن فتى وعبد القهار بن خلف » أجوبة علماء فزان ، المجموعة الأولى، تحقيق د. عمرو النامي، إبراهيم طلاي، دار البعث قسنطينة، ١٩٩١ ص ٧٣ -.٧٤ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي :zôjó≤àdG »a CÉ£îdG{ ádÉM »a ≈àM ¿Éª°†dG äƒÑK CGóÑe `` ê نشير إلى المبدأ العام، وإلى تطبيق له: القتل الخطأ أثناء ا لحرب. ١ المبدأ العام: تحمل الضمان عن الخطأ في ا لتقدير: في القانون الدولي المعاصر تتحمل الدولة المسؤولية الدولية عما أحدثته من ضرر أو أحدثه ممثلوها، حتى ولو كان ذلك نتيجة للخطأ في التقدير .error in judgement   وقد أخذ الفقه الإباضي بذات ا لمبدأ: يقول ا لنزوي: ومن قال من المشركين: أشهد أن لا إله إلا الله، فقد حقن بها دمه، وحرم » بها قتله. فمن سمعه من المسلمين قال ذلك ثم قتله. وقال: جهلت ظننت أن ذلك لا يبريه من القتل، فليس هذا بما يسعه جهله. وهو مأخوذ بديته في  ماله، يؤديها إلى ورثته من المسلمين، أو جنسه من المسلمين إن لم يكن له ورث ّ ه في الإسلام. فإن لم يكن علم بإسلامه، وقتله على أنه مشرك، فهو خطأ. وديته في بيت مال المسلمين. وفي كل ذلك عليه أيض ً « ا عتق رقبة في ماله (١) . ويقرر رأي آخر: « وكذلك الغلط فيه الضمان؛ لأن الخطأ كله في أموال الناس مضمون »(٢) . (١) النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٢٢ . انظر أيض ً ا محمد بن عبيدان: جواهر الآثار، المرجع السابق، ج ١٥ ، ص ٣٠٥ -.٣٠٦ (٢)درويش بن جمعة المحروقي: الدلائل على اللوازم والوسائل، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ١٤٢٧ ه - أن الجهالة » : ٢٠٠٦ م، ص ٢٨٦ . ويضيف آخرون أن ا لإباضية يرون ُّ لا تؤثر في إسقاط الضمان فيما يتعلق بالأموال وما تطيب به النفس في العادة إن علمته، .« وأما إن كان مما لا تطيب ولا ترضى به النفس إن علمته في العادة فإن الجهالة تؤثر فيه د. هلال الراشدي: القواعد الفقهية عند ا لإباضية تنظيرا وتطبيق ً . ا، المرجع السابق، ص ١٩١ ًّ ١٣٦ ٢ تطبيق: القتل الخطأ (مثال ما يحدث في ا لحرب): يقول تعالى: ﴿ ! ,+*)('&%$#" :9876543210/. =<; > (١) HGFEDCBA@? SRQPONMLKJI `_^]\[ZYXWVUT a ﴾[ [النساء: ٩٢ . فقد ذكر النص أن هناك ثلاث حالات في قتل الخطأ، وذكر ضمانها، وهي:  أ) أن يقع القتل على مؤمن بين أهله وذويه في دار الإسلام، فهنا يتمثل مة إلى أهله. الضمان في تحرير رقبة مؤمنة ودية ٍ مسل ٍ ب) أن يقع القتل على مؤمن وأهله أعداء محاربون للإسلام، وهنا يكون الضمان تحرير رقبة مؤمنة فقط، ودون تقديم تعويض مالي لأن الأعداء سيستعينون به على قتال ا لمسلمين (٢) . (١) راجع البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ،« من أهل الحرب » يعني . ج ٤، ص ١٥٦(٢) وإذا قتل المجاهد من لا يباح قتله من المسلمين خطأ فحكمه » : يقول المحقق الخليلي حكم الخطأ في الأموال والأنفس فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة فلا شيء له إن قتل في دار الحرب ولو كان مؤمن ً ا إذا وقع الخطأ  مؤمنة إن علم قاتله وإلا به من غير علم. وإذا ثبت هذا في النفس فالمال به أشبه بل أوسع منه فلا شيء فيه وإن جاز أن يقاس عليه مسألة المال في الحرب البغاة إن كان من أهل البغي فأتلفه المسلمون خطأ به فلا يبعد (لأن معنى الحرب في الإجازة واحد وسبيل الخطأ فيه واحد وعسى أن يحمل على المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد .«( هذا ما يوجد أنه لا ضمان فيه . مسائل الأحكام والأديان، ج ١٢ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي  ِ ج) أن يقع القتل على مؤمن وقومه معاهدون أو ذميون، وهنا يكون الضمان كما في الحالة الأولى: تحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله. ويذهب رأي إلى أن ذات الضمان ينطبق ولو كان المقتول غير مسلم، لذلك في تفسير قوله تعالى: ﴿ LKJIHGFE QPONM ﴾[ [النساء: ٩٢ إن كان من قوم » ، قيل أي « مشركين وهو مشرك لكن بينكم وبين قومه ميثاق فدية مسلمة إلى أهله(١) .  حري بالذكر أنه بخصوص قوله تعالى: ﴿ HGFE KJI ﴾ اختلف العلماء في المقصود بالمقتول الذي تجب فيه الدية وتحرير الرقبة ا لمؤمنة(٢) . (١) . الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، ص ٢٣٩(٢) فقال الإمام جابر بن زيد إن معنى الآية: وإن كان المقتول خطأ مؤمن ً ا من قوم معاهدين لكم فعهدهم يوجب أنهم أحق بدية صاحبهم. فكفارته التحرير وأداء الدية نقل ذلك القرطبي، والجصاص وأبو حيان وهو قول الحسن وإبراهيم ومجاهد وغيرهم. القول الثاني : إن المقصود به: الذمي والمعاهد يقتل خطأ فتجب فيه الكفارة سواء كان المقتول مؤمن ً ا أو كافرا. وهو قول منسوب لابن عباس والشعبي والشافعي، واختاره  ً الطبري. ويتأيد القول الأول بمؤيدين: الأول : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق وهو » : هي قراءة للحسن، فهو قرأ الآية هكذا .« مؤمنالثاني : أن قوله تعالى: ﴿ FE ﴾ لا بد من إسناده إلى مذكور سابق والذي سبق ذكره هو المؤمن المقتول خطأ، فوجب حمل اللفظ عليه. ووجدت في هذه المسألة قولا ً ثانيا للإمام جابر بالنسبة للمقتول غير المؤمن، فقد نقل ابن حزم عنه أنه لا يرى العتق إلا ً في قتل المسلم الذمي وأنه ليس عليه كفارة. يحيى بكوش: فقه الإمام جابر بن زيد، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٧ ه -١٩٨٦ م، ص ١١٢ -.١١٣ ومن قتل منهم وقد أسلم ولم يعلم بإسلامهم فذلك خطأ في بيت » : ويقول البسيوي المال؛ لأن رسول الله ژ كان يدي دية من قتل خطأ في مثل ذلك، وعليه عتق رقبة في . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٤٣ .« ماله ١٣٨ :»bÉØJ’G ¿Éª°†dG RGƒL CGóÑe `` O   يكون ذلك في الحالات التي لا يكون ضمان فيها من حيث الأصل، إلا أن الأطراف المعنية تتفق على تحمل ا لضمان.  وهكذا بخصوص سؤال: اختلافهم في العارية بالضمان إذا تلفت هل يضمنها أو لا؟ قولان وكذا الوديعة. ما وجههما؟ يقول ا لسالمي: أما القول بالضمان فلأنه أخذها على ذلك؛ إذ لولا الضمانة ما » أعاره ولا أودعه، فكانت الضمانة في مقابلة الانتفاع بالعارية، وفي معنى ِ  الحرز للوديعة، وقد استعار رسول الله ژ يوم حنين من صفوان بن أمية ْ ٍ أدرع ً ا وكان صفوان يومئذ مشرك ً ا، فقال: أغصبا يا محمد؟ فقال ژ : لا، » ً فأخرج له مائة درع مع ما تحتاج إليه من آلات .« ولكنها عارية مضمونة الحرب؛ كذا قيل، ولو لم يكن للضمانة في العارية معنى لما قال رسول الله ژ ذلك. وأما القول بأنه لا يضمنها فلأن الحكم في العارية والوديعة عدم الضمان فكان هذا الشرط مبطلا ً لهذا الحكم، وكل شرط أبطل حكما شرعيا فهو ً .« باطل ويبقى الحكم على أصله ويختتم السالمي رأيه بقوله: قلنا قد ثبت اعتبار الشرط في ضمان العارية من حديث الأدراع المتقدم » فهو حكم شرعي أيضا فصار للعارية حكمان شرعيان: أحدهما عدم الضمانة ً حيث لا شرط والثاني الضمانة عند الشرط، والوديعة مقيسة عليها. والله « أعلم(١) . (١) جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٣، ص ٧٧ -.٧٨ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي ådÉãdG åëѪdG (á«dhódG á«dhDƒ°ùªdG) ¿Éª°†dG •hô°T في الإسلام مناط المسؤولية وقوع فعل يخالف أحكام القانون الدولي الإسلامي (وهي تلك القواعد التي تحكم علاقات دار الإسلام مع أشخاص القانون الدولي الأخرى)، والمسؤولية في الإسلام تترتب إما عن العقد أو عن غير الطريق العقدي، ويكفي أن نذكر هنا القولة المشهورة للكاساني: « الضمان في الشرع إنما يجب بالالتزام أو بالإتلاف »(١) . (١) يقرر الإمام الكاساني أن الضمان يكون فيما توفرت فيه الشروط ا لآتية: ١ أن يكون المتلف مالا ً فلا يجب الضمان بإتلاف الميتة والدم وغير ذلك مما ليس بمال. ٢ أن يكون متقوما، فلا يجب الضمان بإتلاف الخمر والخنزير على المسلم سواء كان ً المتلف مسلما أو ذميا وقد ذهب الإمام علي إلى أنه إذا كان المال متقوما عند ًً ً المتلف له ضمن، ولذلك إذا أتلف مسلم خمرا أو خنزيرا لذمي ضمن لقول على ًً ،« إنما أعطيناهم الذمة على أن يتركوا يستحلون من دينهم ما كانوا يستحلون من قبل »بينما إذا أتلف ذمي خمرا أو خنزيرا لمسلم لم يضمنه. ًً ٣ أن يكون المتلف من أهل وجوب الضمان عليه حتى لو أتلف مال إنسان بهيمة لا ضمان على مالكها لأن فعل العجماء جبار فكان هدرا ولا إتلاف من مالكها فلا ً يجب الضمان عليه. ٤ أن يكون في الوجوب فائدة فلا ضمان على المسلم بإتلاف مال الحربي ولا على الحربي بإتلاف مال المسلم في دار الحرب، وكذا لا ضمان على العادل إذا أتلف مال الباغي ولا على الباغي إذا أتلف مال العادل؛ لأنه لا فائدة في الوجوب لعدم إمكان الوصول إلى الضمان لإنعدام الولاية (راجع موسوعة جمال عبد الناصر في ، الفقه الإسلامي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ج ٢، القاهرة، ١٣٨٧ ص ١٠٩ ؛ الكاساني: بدائع الصنائع، دار الكتاب العربي، بيروت، ١٤٠٢ ه - ١٩٨٢ م، ج ٧، ص ١٦٧ - ١٦٨ ؛ د. محمد رواس قلعجي: موسوعة فقه علي بن أبي طالب، دار الفكر، دمشق، ١٤٠٣ ه -١٩٨٣ م، ص ١٢ -.(١٣ ١٤٠  وهكذا فمناط المسؤولية في الشريعة الإسلامية يتمثل أساسا في ً « فعل » وقوع(١) (سبب ضررا). هذا الفعل قد يكون على أحد صنفين: غير ً مشروع، ومشروع. والأول هو الأغلب، بينما الثاني يشكل ا لاستثناء. والضمان في الشريعة الإسلامية يستوي فيه المسلم وغير المسلم. فهو يسري على أو لصالح أي منهما؛ ذلك أن علته موجودة: الاعتداء على حق واجب الحماية شرع ً ا. والضابط الأساسي، في هذا الخصوص، هو كون المال له قيمة. أي يصح تموله(٢) بالنسبة للمسلم، وغير المسلم وفق ً ا لاتجاه قوي في الفقه الإسلامي. وهكذا فإن الضمان يجب، حتى ولو كان الشيء يعتبر محظورا ً على المسلمين. لذلك فإن اتجاه ً المسلم إذا » ا في الفقه الإسلامي يقرر أن أتلف مالا » لأنه « أتلف خمر الذمي أو خنزيره يجب عليه الضمان ً متقوما ً وإنما قلنا إنه أتلف » : يقول الأسمندي .« معصوما حقا للمالك فيجب الضمان  ً مالا ً ؛ لأن المال هو المحل المعد لإقامة مصلحة الآدمي حقيقة وشرع ً ا، وإنه كذلك في حق الذمي، وإنما قلنا إنه متقوم؛ لأن المعنى به كون المحل بحال يبذل العوض في مقابلته، وإنه كذلك في حقه. وإنما قلنا: إنه معصوم « لأن العصمة إنما تثبت لحاجة المالك إلى صيانة ملكه والذي يحتاج إليه(٣) . (١) قيل: القول أقوى من الفعل في الدلالة. فمن ثم اتفق على القول في صيغ العقود ونحوها، واختلف في الفعل. والفعل أقوى منه في موجب الضمان، فمن ثم ضمنوا الصبي به، لا بالقول، (راجع المقري: القواعد، تحقيق أحمد بن حميد، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، ج ٢، ص ٥٩٧ -.(٥٩٨ (٢) .« إنما يضمن ما يصح تموله لا ما لا قيمة له، فلو تلف بعد مصيره ذا قيمة ضمن » : لذلك قيل الإمام ابن المرتضى: البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، دار الكتاب . الإسلامي، القاهرة، ج ٥، ص ١٧٤ (٣) الإمام محمد الأسمندي: طريقة الخلاف في الفقه بين الأئمة الأسلاف، تحقيق د. محمد . زكي عبد البر، مكتبة دار التراث، القاهرة، ص ٢٦٩ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي هكذا لكي يتوافر الضمان (أو المسؤولية الدولية) لا بد من ارتكاب وكل ما » : فعل يرتب ضررا. وهذا ما أكد عليه الفقه الإباضي، يقول الثميني ً أتلفه المرء بعضوه، من مال، أو نفس، أو ما دونها، مما لا يحل له، فإنه « ا(١) ضامن له ولو كان المتلف مشرك ً . فمن خالف سبيل الحق، أنزل حيث أنزله حدثه، » : ويقول النزوي « ومأخوذ بما وجب عليه، من الحقوق ا للازمة(٢) . كل ما أحدث حدث » كما أن ً أي « ا في مال لا يملكه فهو مأخوذ بحدثه عليه ضمان ما أتلف(٣) « الرضا بالشيء رضا بما يتولد عنه » ، وأن(٤) . ويقول الوارجلاني إن صاحب الرأي يكون موزورا غير مأجور إذا كان ً رأيه قد: « صادم فيه ا لشرع »(٥) . (١) ضياء الدين الثميني: الورد البسام في ضياء الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه -. ١٩٨٥ م، ص ٢٨٦ ُ (٢) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٢١(٣) ، راجع هذه القاعدة في معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ٢ ّ . ص ١٠٠١(٤) ذات المرجع، ج ١، ص ٥٧٦ . راجع كذلك ضمان المستصرخ لبغي أو ظلم: فإذا كان ذلك ليحموا حريم البلد ويدفعوامن أراد ظلمها فلا ضمان، وإن كان ذلك للقتل ظلما فهو ً شريكهم في سفك ما سفكوا وضمان ما أتلفوا. وفيها وجه آخر وهو أنه آثم فقط إذ لا سلطان له عليهم والضمان على فاعله، راجع جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٨١ -.٣٨٢ (٥) الوارجلاني: الدليل والبرهان، مج ١، ج ١ - ٢، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٣ ه -. ١٩٨٣ م، ص ٩١ ١٤٢  « شغل ذمة » ولا شك ان ارتكاب الفعل المسبب للضرر يترتب عليه(١) من ارتكبه بسبب الاعتداء أو الانتهاك الواقع؛ ذلك أن: « الإفساد حرام والسعي به حرام في قليل الشيء وكثيره »(٢) . « الضمان بالتعدي » : كما أن القاعدة(٣) إذا صح معه » ، وأن الضمان يجب « وقوع ما يوجب ا لضمان(٤) . يتضح مما تقدم أن شروط الضمان في الفقه الإباضي، هي: ارتكاب فعل أو تصرف منسوب إلى ا لدولة. أن يكون هذا الفعل مخالف ً ا لالتزام يقع على عاتقها. أن يترتب على ذلك ضرر مادي أو معنوي للغير. وهذه الشروط هي تلك المستقرة في القانون الدولي المعاصر، جرى عليها سلوك الدول في علاقاتها المتبادلة، كما أكدتها أحكام المحاكم الدولية(٥) . (١) ، راجع معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ١ « شغل الذمة » بخصوص ّ في وجوب الضمان، في: البوسعيدي: « التعريض بالفعل كالفعل » ص ٤٠٣ . انظر كذلك هل كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه -١٩٨٥ م، ج ٨، ص ٦٣ -.٦٤ ُ (٢) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٤٩(٣) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٦٨٩ ّ (٤) ، المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، ج ١٢ . المرجع السابق، ص ٢٤٩(٥) ١ وقوع الضرر؛ ٢ أن يكون الضرر ماسا » : يقرر رأي أن شروط ضمان الضرر ثلاثة بحق محترم الدم شرع ً .« ا؛ ٣ الاعتبار في الضرر للشرع والعرف الشيخ عبد الله العزي: لا ضرر ولا ضرار، بحث مقدم إلى ندوة تطور العلوم الفقهية: النظرية الفقهية النظام الفقهي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، إبريل ُ ٢٠١٢ ، ص ٤٢ -.٤٤ ينقسم هذا الفصل، كما يخلص من عنوانه إلى مبحثين؛ نخصص أولهما لأحوال الضمان، والثاني لأحوال عدم ا لضمان. ∫hC’G åëѪdG (á«dhódG á«dhDƒ°ùªdG) ¿Éª°†dG ∫GƒMCG بحث الفقه الإباضي أمثلة كثيرة للضمان أو المسؤولية الدولية، نذكر أهمها فيما يلي: :á«°SÉeƒ∏HódG äÉbÓ©dG QÉWEG »a (CG أثار الفقه الإباضي مسألة الضمان في إطار العلاقات الدبلوماسية، بخصوص موضوعين: ١ مدى ضمان الرسول لما كلف به من عمل: بحث الفقه الإباضي هذه المسألة خصوصا من زاويتين: ً الأولى حالة تكليف الرسول بتسليم أمانة (كأموال مثلا ً ( إلى دولة أخرى: يمكن القول قياسا على ما بحثه الفقه الإباضي بالنسبة للرسول ً ١٤٤ في علاقات الأفراد(١) إن السفير المكلف بتوصيل أمانة إلى دولة أخرى، وأنكرت هذه الأخيرة استلامها، فعلى الرسول حلف اليمين. وإن كنا نرى أنه   في إطار العلاقات بين الدول على الرسول عند تسليم الأمانة أن يحصل على كتاب من الدولة المرسل إليها يفيد تسليمه لها، من أجل التوثق والاحتياط. والثانية تكليف الرسول بحمل رسالة تحتوي على ارتكاب عدوان أو فعل غير مشروع:  بحث الفقه الإباضي هذه المسألة، ويمكن أن نقرر أنه يحكمها عدة أ مور:  مدى علم الرسول أو عدم علمه بمحتوى ا لرسالة.  معرفة هل وقع إكراه على شخص ا لرسول؟ (١) جاء في منهج ا لطالبين: وقيل في رجل، أودع رجلا » ً تمرا. وقال له: إذا جاءك رسولي بعلامة مني، فأعطه ذلك ً التمر المرفوع، الذي معك لي وعرفه بالعلامة. فأتاه بالعلامة، وسلم إليه التمر، فأنكر المرسل، أنه ما أرسله. فلا ضمان على الأمين، إذا دفع على ما أمر، إلا أن يعرفه الرسول من هو، حتى يذهب صاحب التمر، في طلب تمره. فإن كان لا يعرف الرسول، فلا شيء عليه، إلا أن يستخينه. فعليه اليمين: أنه دفع الأمانة بالعلامة التي جعل له، إلى من جاء بها. وما خانه فيها. فإن لم تكن بينهما علامة. فجاء بكتاب، يشبه كتاب صاحب التمر. فدفع إليه. فالخطأ في الأموال مضمون وقد دفع بلا صحة، ولا حكم ولا يبرأ من الضمان، إلا أن يكون الرسول ثقة عند الأمين. وجاء بكتاب، عليه رقم صاحب الأمانة. وهو ثقة عند المرسل فلا ضمان على الأمين؛ لأن الكتاب بيد الثقة مقبول وقد عمل به المسلمون. فإن كان من غير كتاب. والرسول مقر: أنه أخذ الأمانة. وسلمها إلى ربها وربها منكر لذلك. فعلى الرسول يمين، إذا كان صاحب الأمانة، أمر الأمين . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٩، ص ٦٨٧ « أن يدفع إلى الرسول. ولا ضمان على الأمين :« الضمان بالتعدي » ومن فروع قاعدة إذا وكله بدفع وديعة إلى أحد فقبلها المرسل بها إليه ثم ردها على الرسول فضاعت » ِ فالرسول والمرسل ضامنان ولصاحبها أن يطالب بها من شاء منهما من قبل أن الوكيل لم يكن له قبضها بعد دفعها إلا بأمر ثان والمودع لم يكن له أن يودع غيره فيها فهما متعديان . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٦٨٩ .« في مال غيرهما عليهما الضمان ّ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي فإذا لم يكن يعلم، أو كان قد وقع عليه إكراه، فلا ضمان عليه. وأما أن يسير فيج » : يقول الوارجلاني ً ا أو بريد ً ا في مصالح المسلمين. فإن كان أمرا يعرفه ويعرف صلاحه فلا بأس. وأما أن راودوه على معصية أو ً « أكرهوه عليها، فلا طاعة لمخلوق في معصية ا لخالق(١) . (١) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٨١ . كذلك قيل: وفيمن أرسله سلطان الجور إلى قوم منهم حشد » ً ا ليقطع بهم في البحر أو في البر فسار إليهم وأبلغهم خطوطه وأجابوا للسلطان وسيرهم في بعض السرايا ولحقهم أو لحق منهم ضرر ولم يعلم هو بخروجهم أنه كان برضاهم أو خوف ً ا من السلطان ما يلزمه في ذلك؟ قال: أما إذا بلغ خطوطه من هو قادر على جبرهم من أعوانه أو أكابرهم مما جبرهم على ذلك فأصابهم ضرر من أجل ذلك فذلك عليه، وأما خروجهم برضاهم من غير سبب فجاءوا برأيهم فغير ضامن لما أصابهم. رأي الشيخ جاعد بن خميس في هذا: قال الشيخ جاعد بن خميس إن كان أرسله بشيء من الرقاع إليهم ولم يعلم مراده بها ولا بالذي فيها وعلى هذا بلغ الرسالة التي هي الكتب واحتمل أن يكون فيها شيء غير .« الظلم ففي الأثر أنه لا يضيق عليه وبه يستدل أنه لا ضمان عليه السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه -. ١٩٨٧ م، ج ١٤ ، ص ٤٣٢ ُ وعن رجل أخذه عامل السلطان أن يحمل له كتابا إلى السلطان » : وجاء في بيان الشرع ً من قرية إلى قرية وهذا الحامل لا يعرف ما في الكتب قلت: هل يسعه ذلك ما لم يعلم أن فيها ظلم ً ا؟ فلا يعجبني أن يحمل السلطان الجائر الكتب إلى بعضهم بعض ً ا إذا كان معروف ً ا أنهم يكتبون إلى بعضهم بعض ً ا بالظلم فيما تعارف بذلك وينفذ ذلك بينهم بالكتب فإذا كان هكذا كان الحامل معين ً ا لهم إذا عرف ذلك وأما ما لم يعرف ما في كتبهم ولا شهر ذلك معه حين ذلك منه فأرجو أن لا يضيق عليه إن كان يحتمل أن يكون فيها غير أمور الجور والظلم وإن لم يحتمل ذلك لم تسعه ذلك عندي المعونة .« على ا لظلم الكندي: بيان الشرع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه - ١٩٨٤ م، ُ . ج ٦، ص ١٤٠ ١٤٦ ٢ حالة قتل الرسول خطأ: يقول أطفيش في تفسيره للآية رقم ٩٢ من سورة النساء: » ﴿ ;:9 <=> ﴾ [ [النساء: ٩٢ مشركين أو موحدين حل قتالهم لبغيهم أو نحوه ﴿ ? @ ﴾ [ [النساء: ٩٢ كان في المشركين نسبا وسكنى، أو سكنى أسلم ولم ً يهاجر، ولم يجعل لنفسه علامة ولا خبرا أو دخل من خارج كذلك، وقتله من لم ً يعلم بإسلامه ﴿ CBA ﴾ [ [النساء: ٩٢ موحدة ولا دية له، لأنه هدر دمه بكونه فيهم، بحيث يعد أنه منهم، ولا سيما إن أسلم ولم يهاجر قبل نسخ الهجرة، فإن ذلك من موانع الإرث، وقال أبو حنيفة: له الدية إن دخل إلى المشركين لأمر مهم، لقوله تعالى: ﴿ HGFE ﴾ [ [النساء: ٩٢ ولم يقل فيهم ﴿ FE ﴾ المقتول ﴿ KJIHG ﴾ [ [النساء: ٩٢ عهد كأهل ذمتكم والمعاهد لمدة، وفي معنى ذلك المستأمن والمستجير فعلى  القاتل ﴿ ONML ﴾ [ [النساء: ٩٢ « ، وهم أهل شرك(١) . معنى ذلك أن رسول الأعداء إذا قتله مسلم خطأ، فإنه يجب الضمان عن ويسري ذلك إذا كان بينهم وبين المسلمين عهد .« دية مسلمة إلى أهله » طريق أو ميثاق: والمستأمن والمستجير في رأي أطفيش يدخل في إطار ذلك. ولا شك أن هذا الرأي مقبول للعهد الذي بيننا وبينهم، وأي عهد يحتم عدم إحداث أي ضرر بالطرف الآخر، ويسري ذلك من باب أولى إذا كان المعتدى عليه رسول أو سفير غير ا لمسلمين. تلكم هما الحالتان اللتان تخصان الضمان في إطار القانون الدبلوماسي في الفقه ا لإباضي(٢) . (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٤، ص ٣٠٢ (الآية ٩٢ من سورة ا لنساء). (٢) تعرض الإمام الشيباني لحالة أخرى: هي مسؤولية السفير عن أخذ أموال غير المسلمين ولو أن رسولا » : بغير حق. فقد جاء في السير الكبير ً لإمام المسلمين دخل إليهم فأخذ = الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي :QÉëÑdG ¿ƒfÉb QÉWEG »a (Ü من المسائل ذات الطابع الدولي التي تعرض لها الفقه الإباضي بخصوص الضمان في البحار، ما يلي: ١ تصادم سفينتين أو أكثر: يمكن أن يكون لهذا التصادم جوانب دولية، إذا: وقع التصادم في مناطق بحرية دولية (مثل أعالي البحار)، أو وقع بين سفينتين أو أكثر تحمل كل منها جنسية دولة مختلفة عن الأخرى. وإن صدم مركب مركبا. فالصادم ضامن، لما أصاب من » : يقول الثميني ًٌ المصدوم. ويكون ضمانه على أهله. وإن تصادما، ضمن كل ما أصاب من صاحبه وقد مر أن أحد المتصادمين، لما أحس أن يصدم صاحبه، وقف خوف ً « ا من أن يصدمه، فصدمه صاحبه، ضمن الصادم، لا الواقف(١) . = متاعا من متاعهم غصبا، أو رقيق ً ا وأخرجه إلى عسكر المسلمين في دار الحرب أخذه ًً الأمير ورده على أهله لأن الرسول فيهم كالمستأمن، وقد بينا هذا الحكم في المستأمن إذا .« أحرزه بمنعة الجيش فكذلك ا لرسول فإن لم يعلم الأمير بذلك حتى قسم بين الغانمين مع الغنائم ثم علم به فأنه يأخذه ويرده. لأن المعنى الذي لأجله كان الرد مستحق ً ا فيه وهو غدر الأمان لا ينعدم بقسمته كذلك ولو كان الرسول لم يحرزه بمنعة الجيش ولكنه أدخله دار الإسلام » : جاء في السير الكبير فهو له: ويفتي برده إلى دار الحرب، من غير أن يجبره عليه في الحكم؛ لأنه بمنزلة المستأمن إليهم وإنما أخفر بذمته خاصة. فإن لم يرده ولكن باعه كان بيعه جائز ً ا مكروه ً ا سواء كان الذي أخرجه حرا منهم أو مملوك ً .« ا ذكرا كان أو أنثى ًً شرح كتاب السير الكبير، ط القاهرة، ص ١١٣٨ - ١١٤١ ، وانظر أيض ً ا ص ١١١٥ وما بعدها؛ وكذلك مقالتنا: أصول القانون الدولي والعلاقات الدولية عند الإمام الشيباني، مجلة القانون والاقتصاد، كلية الحقوق جامعة القاهرة، ١٩٨٧ ، ص ٤٠٧ -.٤٠٩ (١) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٣٠٠ ١٤٨  وإذا التقت سفينتان فلا يضمن صاحب واحدة منهما إلا » : ويقول النزوي أن يكون ضيع أو تعمد فإذا جاء ما لا يملك فليس عليه ضمان وإذا صدمت السفينة سفينة فعطبت المصدومة فلأهلها الضمان على أهل السفينة التي صدمتها، وإن عطبت الصادمة فلا شيء لها، وإن تلاقتا وتصادمتا ضمنت كل واحدة منهما ما عطب من الأخرى. وفي موضع إذا كان فيها ركاب، وإذا لم يكن فيها أحد فليس على واحدة منهما ضمان وإذا كانتا تسيران جملة فأدركت ْ ها من خلفها وكسرتها ْ فهي ضامنة(١) .« معنى ذلك أن تصادم السفن يحكمه القواعد ا لآتية: أولا ً أن السفينة الصادمة هي التي تضمن ما أحدثته من أضرار. علة ذلك جد واضحة: أنها هي التي ارتكبت الفعل المسبب للضرر. ثانيا إذا تصادمت سفينتان أو أكثر فتضمن كل واحدة ما أحدثته من ً ضرر بالأخرى. وهذا أيضا أمر منطقي؛ إذ الضمان سيقتصر على الضرر الذي ً أحدثته كل سفينة، ولأن ذلك حدث بسبب الفعل الذي ارتكبته كل منها. ثالث ً ا أن السفينة الصادمة إذا حدثت فيها أضرار لها أن تطالب السفينة الأخرى بالضمان، لأنها المتسببة بفعل التصادم المنسوب إليها في حدوث ذلك ا لضرر(٢) .  (١) النزوي: المصنف، ج ١٨ ، ص ١٦٤ ؛ محمد بن عبيدان: جواهر الآثار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه -. ١٩٨٦ م، ج ٢٠ ، ص ٢١٦ ُ (٢) تم تلخيص تلك القواعد في فتح الأكمام، كما يلي: ومركب عن جريه قد وقفا وآخر صدمه فتلفا فيضمنون أهله من صدموا وهو على رؤوسهم يقسم قلت، فان لأمره بعض حكم فهو الذي به الضمان ملتزم هذا الذي أحب أن يضمنا وأن يكن أهله الأصل هنا ما حيلة العبرى والسكان مع غيره ولم يكن إمكان . الأغيري: فتح الأكمام عن الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٥١ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي تجدر الإشارة أن المذاهب الإسلامية الأخرى أخذت بحلول قريبة من تلك التي أخذ بها الفقه ا لإباضي(١) .  ٢ حدوث ضرر بسفينة استولى عليها مسلمون للوصول إلى دار الإسلام بعد إطلاق سراحهم من ا لأسر: وإذا غصب المشركون قوما ثم أطلقوهم، » : جاء في منهج الطالبين ً  ومعهم مركب لأحد من الناس، فجائز لهم أن يركبوا فيه، ويخلصوا أنفسهم (١) فمثلا ً وقعت السفينة المنحدرة على المصاعدة فغرقتا فعلى » يقرر ابن القيم قاعدة أنه إذا  المنحدرة قيمة السفينة المصاعدة أو أرش ما نقصت إن أخربت إلا أن يكون قيم المنحدرة ويفصل ذلك بقوله: إنه إذا اصطدمت سفينتان لم .« غلبته الريح فلم يقدر على ضبطها أحدهما أن تكونا متساويتين كاللتين في بحر أو ماء واقف أو كانت » تخلو من حالين .« إحداهما منحدرة والأخرى مصاعدة وبخصوص هذا الفرض الأخير (وهو الخاص بكون إحدى السفينتين منحدرة والأخرى مصاعدة) فالحال لا يخلو من أمرين: الأول: أن يكون القيم مفرط ً ا بأن يكون قادرا على ضبطها أو ردها عن الأخرى فلم يفعل ً أو أمكنه أن يعد لها ناحية أخرى فلم يفعل أو لم يكمل آلتها من الحبال والرجال وغيرهما، فعلى المنحدرة ضمان المصاعدة لأنها تنحط عليها من علو فيكون ذلك سببا ً لغرقها، وإن غرقتا جميعا فلا شىء على المصعد وعلى المنحدر قيمة المصاعد أو أرش ً ما نقصت إن لم تتلف كلها إلا أن ّ يكون التفريط من المصاعد بأنه يمكنه العدول بسفينته والمنحدر غير قادر ولا مفرط فيكون الضمان على المصاعد. وإن لم يكن من واحد منهما تفريط لكن هاجت ريح أو كان الماء شديد الجرية فلم يمكن ضبطها فلا ضمان عليه لأنه لا يدخل في وسعه ضبطها ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. ً الحال الثاني: أن يكونا متساويتين فإن كان القيمان مفرطين ضمن كل واحد منهما سفينة الآخر بما فيها من نفس ومال، وإن لم يكونا مفرطين فلا ضمان عليهما، وإن ذهب الشافعي في حال عدم التفريط إلى الأخذ بقولين أحدهما أنهما يضمنان. وإن كانت إحدى السفينتين قائمة والأخرى سائرة فلا ضمان على الواقفة، وعلى السائرة »ضمان الواقفة إن كان مفرط ً ابن قدامة: المغني والشرح .« ا ولا ضمان عليه إن لم يفرط الكبير، ج ١٠ ، ص ٣٦١ -.٣٦٣ ١٥٠ من الهلكة، أو فتنة الشرك، ويضمنوا الكراء لأرباب المركب؛ لأن من خاف  على نفسه الهلكة جائز له أن يأكل مال غيره، ويحيي نفسه. وكذلك إن أخذه الظالمون، وأوثقوه وفتنوه، وخاف على نفسه، فافتدى منهم بما قدر عليه ولو بمال غيره، فهذا مثله. فإذا ركبوا على هذه الصفة، ووصلوا إلى بلدهم. فإن كان له ربان ومن يده ركبوا، فلهم تركه في يده، وتخلصوا من الكراء والتبعة إليه. وإن لم يكن له ربان، ولا وكيل، ولا مالك، كان عندهم شبه الأمانة وعليهم ضمان الكراء  لأربابه، حتى يجدوا ثقة، يوصل ذلك إليهم إن عرفوا أهله. وإلا كان ذلك أمانة في حفظهم، والحقوق عليهم لأربابه، قدر ما ركبوا عليه. ولا يجوز لهم بيعه، على وجه الحفظ لربه، إلا أن يخاف تلفه. فقول لهم بيعه، وحفظ ثمنه. وإن تلف لزمهم. وقول: لا ضمان إذا طلبوا حفظه لهم. فإن كسروا في البحر قبل أن يصلوا إلى بلدهم، أو بعد أن وصلوا، فإن كان أخذهم له على ٍ وجه التعدي ضمنوه. وإن كان بلا تعد، وكان بوجه من وجوه الإجارة لم « يضمنوا(١) . معنى ذلك أن هذه المسألة يحكمها القواعد ا لآتية: أولا ً حالة » أن الإستيلاء على مركب للنجاة به من العدو جائز تبرره وهي تماثل حالة من هو مشرف على نفسه من الهلاك فيأكل من ،« الضرورة مال غيره ليحيي نفسه. ثانيا أن من أخذوا السفينة يضمنوا ما حدث فيها من تلفيات إذا كانوا ً قد أخذوها على سبيل التعدي، أي دون موافقة مالكها. (١) الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٦، ص ٧٠٦ . انظر في ذات المعنى الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٣٠٠ ؛ النزوي: المصنف، المرجع . السابق، ج ١٨ ، ص ٦١ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي  ثالث ً ا أن من أخذوا السفينة التي حدثت بها تلفيات لا يضمنون ذلك، في حالتين: ١ إذا كان للسفينة ربان. ٢ إذا كانوا قد استأجروا السفينة من مالكها. تلكم أهم القواعد المطبقة بخصوص ضمان أسرى الحرب لسفينة فروا بها للنجاة من ا لأسر(١) . ٣ إلقاء أمتعة أو أموال من السفينة في البحر خشية غرقها: مسألة): عن الشيخ مهنا بن خلفان )» : جاء في قاموس الشريعة البوسعيدي؛ أن المشروع عن فقهائنا السالفين على ما عرفناه (١) ﺪﻗﻭ ﺎﻬﺼﺨﻟ ﺢﺘﻓ ،ﻡﺎﻤﻛﻷﺍ ﺎﻤﻛ:ﻲﻠﻳ ﺪــﻗ ﻢــﻫﻮﻘﻠﻃﺃ ﻦــﻣ ﺭﺎــﺳﻻﺍ ﻯﺮــﺳﻷﺍﻭ ﻲــﻓ ﺪــﻠﺑﺭﺎــﻔﻜﻟﺍ ﺩﻼــﺒﻟﺍ ﻰــﻟﺇ ﻪــﻴﻓ ﺍﻮــﻠﺼﻴﻟ ﺍﻭﺮــﻓ ﻢــﻬﻨﻳﺪﺑ ﻰــﻠﻋ ﺩﺍﺮــﻃ ﺎﺒﻄﻋ ﻭﺃ ـﻛ ﺀﺍﺮــــ ـﻫﻷـﻠــ ﻪــ ﺯﺎــﺟ ﻢــﻬﻟ ﻥﻮــﻨﻤﻀﻳﻭ ﺎﺒﻛﺮﻤﻟﺍ ﺎــﻨﻤﺿﻭ ﺰــﺟﺃ ﻩﺮــﻴﻏ ﻝﺎــﻤﺑ ﻥﺄــﺷ ﻱﺬﻟﺍ ﻰــﺠﻧ ﻪــﺴﻔﻨﻟ ﺎﻴﻫ ﻼﻤﻜﺘﺴﻣ ـﻟـﺑﺮـ ﻪـ ـﺻﻭـﻟﻮــ ﻪــ ﻰــﻟﺇ ﺔــﻧﺎﻣﺃ ﻢــﻬﻳﺪﻟ ﻮــﻫﻭ ﻪــﻟ ﻢــﻬﻴﻠﻋ ﻥﺍﻭ ﻢــﻟﺎــﺒﻠﻄﻳ ـﻳﻭـﺘــﺨــﻠــﺼـ ﻥﻮــﻣـﻤـ ﺎــﺟﻭـﺒـﺎـ ﻩﻮــﻌﻓﺪﻴﻓ ﻊﻣ ﺀﺍﺮــﻛ ﺎــﻣﺐﺟﻭ ﻥﺍﻭ ﻦــﻜﻳ ﻪــﺒﺣﺎﺻ ﻢﻬﻌﻣﺐﻛﺭ ﺪــﻘﻓ ﻢــﻬﻳﺪﻟ ﺔــﻧﺎﻣﺃ ﻰــﻘﺒﻳ ﻥﺍﻭ ﻢــﻫ ﻢــﻟ ﺍﻮﻓﺮﻌﻳ ﻪــﻟﺪﺣﺃ ﺎــﻘﺛﻮﻣ ﻪــﻨﻤﺛ ﺍﻮــﻈﻔﺣ ﻮــﻟ ﺎــﻘﻠﻄﻣ ﻪــﻨﻣ ﻊــﻨﻤﻳ ﻪــﻌﻴﺑﻭ ﺫﺍ ﻪﻌﻴﺑ ﺭﺎﺻ ﻦــﻣ ﻆﻔﺤﻟﺍ ﻰﻓﻮﻟﺍ ،ﻞﻴﻗﻭ ﻞــﺑ ﻉﺎﺒﻳ ﻑﻮــﺧﻒﻠﺘﻟﺍ ـﻣﺃـﻧﺎـــ ﺔــــﻟـﺑﺮــ ﻪـــﻟﺍـﻤــﻄــﻴـﻊـ ـﻳﻭـﺤــﻔــﻈـ ﻥﻮــﺛـﻤـ ﻦــﻟﺍـﺒــﻴـ ﻊـ ﻦﻣ ﺮــﻴﻏ ﻊــﻴﻴﻀﺗ ﻪــﻴﻔﻓ ﺎﻔﻠﺘﺧﺍ ﻞــﻫﻭ ﻢــﻬﻴﻠﻋ ﻪــﻣﺮﻏ ﻥﺇﺎــﻔﻠﺗ ـﻗـﺒـ ﻞــﻧـﻟﻭﺰــﻬـ ﻢــﺑـﻬـ ﺍﺬــﻟﺍـﺒـﺮـ ﻥﺇﻭ ﻩﺍﺮــﻋ ﻒــﻠﺗ ﻲــﻓ ﺮــﺤﺒﻟﺍ ﻥﻮــﻜﻳ ﻪــﺑﺭ ﻢــﻬﻟ ﻪــﻴﻓ ﻥﺫﺃ ﺍﻮــﻨﻤﻀﻴﻓ ﻥﺍ ﻩﻭﺬــﺧﺃ ﻥﻭﺩﻥﺃ ﻼــﻓ ﻥﺎــﻤﺿ ﺎــﻨﻫﺎﻫ ﺎــﻌﻄﻗ ﻪﺑ ﻥﺇﻭ ﻦــﻜﻳ ﺓﺮــﺟﺄﺑ ﻦــﻣﻪــﺑﺭ الأغيري: فتح الأكمام عن الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٥١ -.٢٥٢ ١٥٢ عنهم(١) . من آثارهم في أمر المسافرين بحرا إذا كربهم البحر بشدة طوفانه ً حتى خافوا على أنفسهم وأموالهم التلف قبل الغرق بسبب ذلك فاضطروا إلى رمي بعض المتاع من السفينة رجاء السلامة فمن الله عليهم بها يرمي  بعضه فصح المرمي في متاع بعض من بها دون بعض، فالوجه في ذلك أن يوزع المرمي، بعدل الثمن على الأموال التي في السفينة مع السفينة والأنفس من عبيد وأحرار، ويقوم العبيد بعدل الثمن على أربابهم والسفينة تقوم على أربابها بعدل الثمن، والأحرار يكون تقويمهم على قدر دياتهم من ذكور وإناث وأطفال فيما أرجو إن لم يصح التوصل إلى حقيقة ما ٍ يصح عليهم الا بذلك، ثم حينئذ يلزم كلا ما ينوبه من ذلك، ولا أعلم فرق ً ا بين العاجزين والقادرين من الملاحين على نجاة أنفسهم ما يزجر الباقين « في ا لسفينة  كذلك بخصوص هذه المسألة قيل(٢) : والبحر إن قام على من كان في سفينة فأشرفت للتلف واتفقوا أن يطرحوا شيئ ً ا طرح وهو على أموالهم غرما وضح ً يقسم في الأموال باستواء كل منابه على سواء والغرم لا يلزم من لا مال له فالنفس بالمال تنجى فاقبله ومن يكن لماله قد طرحا في البحر من غير اتفاق سنحا فلا يصيب منهم غرما وقد قيل، يصيب والصلاح لا يرد ً وقيل، لو كان اتفاق إن رمى لماله بنفسه لن يغرما (١) السعدي: قاموس الشريعة، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٣٥٥ . وفي ذات المعنى الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٦، ص ٧٠٥ - ٧٠٦ ؛ الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٣٠١ ؛ المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، ج ٩، ص ١٣٣ - .٢٣٣ ،١٣٤ (٢) . الأغيري: فتح الأكمام عن الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٨٧ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي وهو على هذا اذا كان طرح مال سواه باتفاق قد وضح يستظهر الأصل ضمانه ولا يضمنه على مقال قد خلا فإن رمى بغير إذن صاحبه ولا اتفاق فهنا الضمان به وإن تكن خلت من الرجال إلا رئيسها مع الأموال والبحر قد قام عليها فرمى يقسم بالتقويم فيما سلمالا يدخل المركب في ا لتقويم ولا على آلات من تغريم  وبخصوص السؤال ا لآتي: من ألقى حملا » ً لسفينة خوف مهب الرياح وتكاثر الأمواج عن الغرق وذلك الملقى مال وأرواح. هل يكون غرم هذا الملقى في البحر على جميع ما حملته السفينة من أموال وأرواح ونفس السفينة أو على الأرواح دون إذا كان ذلك لأجل سلامة الجميع » : يقول السالمي ،« المال؟ بين لنا ذلك فالغرم على الكل من الأرواح والمتاع والسفينة ويجعل على كل واحد  حصته على ذلك الكثير بكثرته والقليل بقلته وتقوم الأرواح عند بعضهم بالديات إن كانوا أحرارا والحيوانات بقيمتها وكذلك العبيد والمماليك كذا ً يقتضي قول هذا ا لبعض. وأقول: إن الثقل والخفة في هذا المقام من أقوى الأسباب على السلامة والعطاب، ومن المعلوم أن الجمل أشد ثقلا ً للسفينة من الرجل وكذلك الجونية. ثم إن الرجال تختلف. ومن المعلوم أن دية الصبي الرضيع كدية الحر الكبير وأنت خبير أنهما في الثقل ليسا سواء، فالذي أراه ولم أحفظه عن غيري أن التقويم يكون بحسب الوزن لا بحسب القيمة إذ لو كان بحسب القيمة لحصل الحيف على بعضهم دون بعض. ومن المعلوم أن من عنده مائة مثقال أكثر قيمة ممن له جونية. أفمن الإنصاف أن يجعل على المثاقيل أكثر من الجعل على الجونية. ولعل القائل بالقيمة نظر إلى نجاة ١٥٤ الأموال مع سعتها وضيقها وإن اعتبر الأسباب الموجبة للعطاب وهي أولى  « بالاعتبار لأن المرمي إنما رمي لدفعها. والله أعلم(١) . كذلك بخصوص السؤال ا لآتي: وإذا أتى على أهل السفينة الخب في البحر على أنفسهم وأموالهم فرمى النوخذا أو غيره مما حملوه من الأمتعة ولم يشهد أنه لسلامة من فيها وما فيها رمى ذلك ولا برأيهم. فهل على أولئك أن يتخلصوا إلى من رمى ماله وإن لم يطالبهم فيه أم لا يلزمهم إلا بالمطالبة أو لا عليهم من ذلك شيء  حتى يكون عن رأيهم وله وكم التطوع ولا يكون ضمان ذلك إلا على من رماه أم لا ضمان على الرامي على قوله لأنه لسلامة الأنفس وقع ذلك؟ إن كان ذلك بأمر نافذ السفينة فهو على الجميع لأنه » : يجيب الخليلي فيها بمنزلة الحاكم في غيرها وله النظر فيها لمصالحها أو لمصلحة من فيها، وأما إن رمى أحد ماله أو مال غيره برأيه متبرعا أو متعديا فلا ضمان له على ًً « غيره وعليه ضمان ما أحدث في مال غيره (٢) . وجاء في المصنف أيض ً ا تفصيلات كثيرة بخصوص هذه ا لمسألة(٣) . (١) جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٤٢ -.٢٤٣ (٢) ، المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، ج ٩ ص ١٨٣ - وقال بعض فقهاء مخالفينا ولعل ذلك قول الجميع » : ١٨٤ . ويقول ابن بركة منهم ووافقهم على ذلك أبو معاوية عزاز بن الصقر وغيره من الفقهاء من أهل عمان في ُ قوم ركبوا سفينة في البحر فخافوا الغرق والهلاك لشدة الحب أن لهم أن يلقوا ما فيها من حمولة الناس وأموالهم ليخلصوا أنفسهم من الموت إذا رجوا ذلك بإلقاء أموال الناس في البحر ويضمنوا القيمة. ويوجد في الأثر عن أبي معاوية أيض ً ا وإن كان صاحب المتاع رمى بمتاعه من غير مواطأة كانت بينه وبينهم فسلموا كان له عليهم ضمان المتاع على عدد ابن بركة: كتاب الجامع: المرجع السابق، « رؤوسهم وأن الحاكم يحكم له عليهم بذلك ج ١، ص ١٩٧ -.١٩٨ (٣) وعن أبي محمد » : يقول النزوي 5 إذا خاف الناخذا على المركب التلف فطرح المتاع = الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي ١٥٥ كذلك جاء في ا لمصنف: • مسألة: وعما يلقي أهل السفن من الفضة والذهب والمتاع يعجزون عنه »قال: خذه فكله قلت: فإن قدمنا قرية فطلبوا إلينا الذي لهم قال: رده قال هاشم: وله فيه أجر مثله ولا تأخذ أموالهم. = برأيه ففي الضمان عليه اختلاف قول إذا طرحه مخافة على المركب كان له ذلك أن يفدى النفوس بالمال ويكون ضمان ما طرح على جميع الركاب وقول لا ضمان على الركاب وانما الضمان عليه خاصة لأنه حملهم بالكراء. • مسألة: وأما إذا طرحه الربان برأيه فذلك عليه ولا ضمان على ا لركاب. • مسألة: قال أبو الحسن جائز للركاب أن يلقوا من الحمولة إذا خشوا على أنفسهم والضمان على جميع الركاب لأنه طرح ذلك لسلامة الجميع والله أعلم. • مسألة: محمد بن محبوب أن موسى بن علي مقيد عن مسعدة بن تميم أن السفينة إذا ّ طرح متاعها فان اجتمعوا على طرح المتاع كان على عدد الرجال الآمرين بطرحه وأن طرح أحدهم والباقون سكوت ولم يأمروا كان على من طرح وأمر غيره فإن أذن إنسان بطرح متاعه فذلك إليه. • مسألة: في صاحب السفينة يوجه معه متاع بالكراء ولا كراء فعناهم الخب أله أن يطرح منه قال: نعم فان طرح من متاع رجل واحد أو من متاع نفسه ثم طلب أن يحاصصوه فيما طرح أله ذلك قال: نعم إذا كان إنما طرح من الخب الشديد المخوف قلت: بقدر الركاب والأموال أن لم يكن له مال قال: فعليهم المحاصصة فيما بينهم على أهل الأموال بقدر أموالهم. • مسألة: أبو سعيد إن لصاحب المركب إذا خاف الغرق أن يطرح أمتعة الناس ولو كره أصحاب المتاع قال: ويعجبني أن يكون ذلك بعد الحجة عليهم قيل له: فيطرح متاعهم جميعا أو متاع من أراد قال: إذا كان يقع لهم جميعا لزمهم كلهم دفع المضرة ًً عن أنفسهم فان طرح من متاع أحدهم ضمنوا كلهم بالحصص فان كان النفع وصرف الضرر على المتاع كان الضمان على قدر المتاع وإن كان على الأنفس كان الضمان على الرؤوس بالسوية وإن كان على الجميع فالضمان على الأمتعة والرؤوس وإن كان فيهم صبيان وكان النفع لهم جميعا أشبه أن يلزمهم جميعا أن كان من طريق ًً الحكم وأن كان من طريق الحجة فالصبيان ليس عليهم حجة قلت: فيلزمهم النزوي: « الخلاص إلى من طرح متاعه أم لا يلزمه حتى يحكم عليهم بذلك .٦٠ - المصنف، ج ١٨ ، ص ٥٩ ١٥٦ • مسألة: قال أبو سعيد يعجبني قول هاشم فيما يتركونه ضرورة ولا يقدرون عليه مما يرجع إلى مثله أن لو رجا أن يدع وأما مثل ما  « لا يرجع إلى مثله في ذلك فيعجبني فيه القول ا لأول(١) . معنى كل ما تقدم، ما يلي: أولا ً أن ضمان ما يلقى في البحر يجب أن يؤخذ في تحديده عدة عوامل منها: حجم ما تم إلقاؤه بالمقارنة بحمولة ا لسفينة. من أو ما تم إنقاذه من أشخاص وبضائع، ويتحمل الضمان كقاعدة كل من استفاد من هذا الإنقاذ. ويعرف ذلك في القانون البحري « فكرة الخسارات المشتركة » المعاصر تحت اسم Avaries Communes. ثانيا أن التقويم بخصوص الضمان يكون بحسب الوزن لا بحسب ً القيمة. ثالث ً ا أنه يشترط لتطبيق ذلك توافر عدة شروط هي: ١ وجود خطر يهدد السفينة بالغرق؛ ٢ ألا يكون من الممكن انقاذ السفينة إلا بإلقاء ا لبضائع؛ ٣ أن يكون هذا الإلقاء بقصد سلامة السفينة؛ ٤ أن تتحقق نتيجة إيجابية ومفيدة بسبب هذا ا لإلقاء(٢) . رابع ً ا بخصوص ما يتم استخراجه من أموال أو أمتعة ألقيت في البحر، قال سعيد بن محرز فيمن تنكسر سفينته، فيذهب » : جاء في منهج الطالبين (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ٦٣ . وجاء في المصنف أيض ً وما علم له » : ا رب أو له علامة مما حمله السيل أو البحر فإلى ربه إن علم أو شدا به إن كانت له علامة، النزوي: « وإن لم يعلم ذلك وكان مما لا يكون مثله الإباحة وهو مال صرف في الفقراء . المصنف، المرجع السابق، ج ٢٢ ، ص ١٤٩ (٢) . د. محمود سمير الشرقاوي: القانون البحري، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١١ ، ص ١٠ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي ماله في البحر. فقال: من استخرج منه شيئ ً ا فهو له. ثم رجع يطلب في ماله، بعد أن استخرج. قال: يعطى المستخرج أجرة مثله. ُْ وإن قال: من استخرج شيئ ً ا فله نصفه، فيلزمه ما شرطه على نفسه. والله « أعلم، وبه ا لتوفيق(١) . وما يتركه المنكسرون في البحر على حد » : وجاء في الجامع الكبير الغلبة عن حمله هل فيه وجه أنه حلال؟ الجواب: حكمه لهم وعلى من قدر على خلاصه لأن المؤمن يلزمه حفظ مال أخيه ولا يتعرى من أن فات هذا أخذ هذا كما قيل في الشاة التي « يتركها أهلها هي لك أو لأخيك أو للذئب والله أعلم(٢) . معنى ما تقدم أنه بخصوص استخراج الأمتعة والأموال (ويدخل في ذلك أيض ً ا الآثار) من البحر، يأخذ الفقه الإباضي بالقواعد ا لآتية:  أولا ً أن الأمر رهن بالإتفاق الذي يتم بين ذوي المصلحة في ذلك، إذ يطبق ما تم الاتفاق عليه في هذه ا لحالة. ثانيا أنه حتى دون اتفاق يجب على المسلم إن قدر أن يخلص ً المال أو المتاع ويستخرجه لأن المؤمن يلزمه حفظ مال أخيه. ثالث ً ا عند عدم وجود اتفاق، ي ُع ْ طى المستخرج ما تحمله من تكاليف لغرض ا لاستخراج. (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٦، ص ٧٠٧ (٢)، العلامة الصبحي: كتاب الجامع الكبير، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ٢ ُ . ص ١٢٥ ١٥٨ ٤ غرق السفينة عند محاولة الركوب فيها لتلافي ا لغرق: وعن قوم كسروا في البحر، ومضت بهم سفينة » : جاء في جواهر الآثار فأرادوا أن يركبوا فيها، فكره أهلها فتعلقوا بها حتى غرقوها؟ فرأينا أن عليهم ضمان كلما خبوا من ذلك إلا أن تكون السفينة فيها محتمل « ا(١) لهم، فكره أصحاب السفينة حملهم فتعلقوا بها، فلا  نرى عليهم بأس . ً ومن انكسرت بهم في البحر. ومرت بهم سفينة أخرى. » : ويقول الثميني فأرادوا أن يركبوا فيها، فكره أهلها. فتعلقوا بها، حتى أغرقوها. فعليهم ضمان « كل ما جنوا فيها، إن لم يكن فيها محتمل لهم، لا إن كان فيها(٢) . معنى ذلك أن هذه المسألة يحكمها، ما يلي: أولا ً أن ركاب السفينة المارة عليهم واجب انقاذ والتقاط من يجدونه في البحر من الأشخاص المعرضين للغرق. وهذا هو ما يطلق عليه في العلاقات الدولية المعاصرة واجب الإنقاذ البحري Maritime Salvation.  ثانيا أن المعرضين للغرق لهم أن يتعلقوا بالسفينة ويركبوها وليس ً عليهم ضمان إن غرقت إن كانت السفينة بها أماكن تسعهم وتحتملهم. فإذا لم يتوافر في السفينة المارة ذلك، وغرقت، تحمل من تعلقوا بها ا لضمان. ثالث ً ا أن لركاب السفينة المارة أن يمنعوا تعلق المعرضين للغرق بها، إذا كان من شأن ذلك غرقهم جميعا. ويعد ذلك تطبيق ً ا لقاعدة انه ليس للمرء أن ً ينقذ نفسه عن طريق إتلاف غيره(٣) .« الضمان بالتعدي » . كما أن ذلك تؤكده قاعدة (١)محمد بن عبيدان: جواهر الآثار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٦ ه - . ١٩٨٦ م، ج ٢٠ ، ص ٢١٦ ؛ النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ٦٢ (٢) . الثميني: الروض البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٣٠٠(٣) وإن لم يكن فيها محتمل لغير من فيها. فإن للراكبين فيها أن يجاهدوا من أراد » : لذلك قيل . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٦، ص ٧٠٧ « التعلق بهم، إذا خافوا إتلاف الجميع الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي :(á«∏NGódGh á«dhódG) áë∏°ùªdG äÉYGõædG ¿ƒfÉb QÉWEG »a `` ê  بحث الفقه الإباضي مسألة الضمان في إطار قانون النزاعات المسلحة الدولية (الحرب أو الجهاد ضد غير المسلمين) أو الداخلية (حروب ا لبغي). ويمكن أن نشير في هذا الخصوص إلى أهم المسائل التي تصدى لها الإباضية، فيما يلي: ّ ١ الضمان يفترض ارتكاب فعل يخالف قوانين الحرب (فكرة جرائم الحرب عند ا لإباضي ّ ة): منذ غابر الأزمان وجرائم الحرب ترتكب خلال النزاعات المسلحة الدولية والداخلية. وقد عرف ا لإباضية هذه الفكرة. دليل ذلك أمران: ّ الأول إلا أنهم ،« جرائم الحرب » أنهم وإن لم يستخدموا عبارة الخطأ في » ،« المناكر » استخدموا ما يدل على معناها. فقد استخدموا ألفاظ « الحدث » ،« الأحكام والغزوات(١) . (١) يكفي أن نذكر، ما يلي: - فهذه سيرة المسلمين في أحداث العساكر وحكمهم فيما » :« المناكر » يستخدم رأي كلمة الشيخ أبو بكر النزواني: كتاب الاهتداء والمنتخب من سير ) « فرط منهم من المناكر الرسول ژ وأئمة وعلماء عمان، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُُ ١٤٠٦ ه -.( ١٩٨٥ م، ص ٢٠٣ - أبو محمد السالمي: العقد الثمين ) « الخطأ في الأحكام والغزوات » ويستخدم رأي آخر نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتقدمين وسابق المتأخرين، ج ٤، ص ٢٨٩ ). انظر في . ذات المعنى الشيخ ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، ص ٣٠٩ - باب في الحدث من الإمام » إذ يخصص الكندي ،« الحدث » ويستخدم رأي ثالث كلمة . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٣٧٢ « وسراياه - في ) « خلاف سيرة المسلمين » ويستخدم رأي رابع أن يكون الفعل قد ارتكب . الحروب)، راجع النزوي، المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ١٤٩ = ١٦٠ والثاني أنهم عرفوا فكرة أفراد الجيش الذين لا يراعون قواعد الحروب وأعرافها، ويرتكبون اعتداءات غير مبررة، وأطلقوا عليهم مصطلح معروف فقد جاء في معجم مصطلحات الإباضية: .« معرة الجيش » عندهم، وهو ّ يقصد بمعرة الجيش سفهاء الجيش وأراذل من فيه، وكأنهم يجلبون المعرة »   للجيش بتصرفاتهم واعتداءاتهم. وحكم ما يقوم به هؤلاء السفهاء أنه لا يتحمل الإمام تبعاته ولا يضمنه لأهله، بل يتحمله فاعله. وعلى الإمام أن يغرمهم ويقتص منهم لجبر ما « أحدثوا من اعتداءات أو جنايات(١) . مكروه الجيش وهو ما يصدر منهم مما » كذلك قيل: ومعرة الجيش أي ويجوز أن يريد بمعرة « هو مكروه تكرهه النفس من جناية في نفس أو مال « سفهاؤه لأنهم مكروهون في النفوس لسفههم » الجيش(٢) . ٢ ضابط الضمان عما يرتكب أثناء المنازعات المسلحة من جرائم: وإذا أرسل الإمام سرية، أو جيش » : جاء في المصنف ً ا لبعض الأسباب، فنهبوا الأموال، وأحرقوا المنازل، وسفكوا ا لدماء. قال: إذا لم يأمرهم به، ولم يرض به، كان ذلك على من أحدثه مأخوذ ً ا به من جناية على وجه الظلم، وليس ذلك على الإمام من قبل غيره، ولكن عليه الإنصاف من أهل الأحداث، وإظهار تغيير ذلك، والإنكار له، وإعطاء الحقوق أهلها، إذا طلبوا ذلك في الأحكام إلى من جناها، ولا تزول إمامته بهذا. =- الثميني: الورد البسام في ) « خلاف السنة » ويستخدم رأي خامس أن يأمر الإمام جيشه .( رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٤٠(١) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٧٥٤ ّ (٢) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٤٢٢ -.٤٢٣ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي وفي موضع: إذا بعث الإمام إلى أهل حرب، وكان في رعيته انتهاك نهب الأموال، وسفك الدماء، وإحراق المنازل. فإن ركب ذلك راكب، أخذ  الراكب في ذلك في ماله، دون مال المسلمين، إذا صح ذلك عليه. وإن كان جند الإمام الذين ركبوا ذلك بلا رأيه، كان على الفاعلين. وإن كان ذلك بأمر الإمام، وهو يعلم أن ذلك خلاف سيرة المسلمين، ضمن ذلك هو ومن فعله في مالهم، دون بيت المال. وإن كان بإذنه، وهو يرى أنه حلال له، « فذلك خطأ، وهو في بيت ا لمال(١) . ويمكن أن نستنبط مما سبق ذكره أن القواعد التي تحكم الضمان عما يرتكب أثناء الحرب، هي ما يلي: أولا ً أن من يرتكب جريمة حرب يسأل هو فقط عنها، ولا يسأل الإمام « لا تكسب كل نفس إلا ما عليها » إذا كان لم يأمر بذلك ولم يرض به، إذ(٢) . ولا يتفق ذلك مع ما هو مستقر في القانون الدولي المعاصر؛ إذ القاعدة أن الدولة تسأل عن أفعال قواتها المسلحة التي تشكل جرائم دولية، سواء كانت أمرت بها أو لم تأمر(٣) . ثانيا أن الإمام يكون مسؤولا ً عما يرتكبه الجيش من جرائم، في ً حالتين: ١ إذا كان قد أمرهم بارتكاب الفعل وهو يعلم أن ذلك يخالف سيرة المسلمين في الحروب (أي لا يجوز ارتكابه). (١)النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ١٤٨ - ١٤٩ . انظر أيض ً ا جامع أبي الحواري، المرجع السابق، ج ١، ص ٧٢ ؛ راجع أيض ً ، ا الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥ ص ١٤٥ ؛ الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٣٧٥ -.٣٧٦ (٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٣٧٥(٣) راجع د. أحمد أبو الوفا: « مسؤولية الدولة عن أفعال قواتها المسلحة » بخصوص قاعدة . الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة، ٢٠١٠ ، ص ٨٨٩ ١٦٢ ٢ إذا لم يكن أمرهم بذلك، وبالتالي يكون ابتدار الفعل من أفراد الجيش وآية رضاه أنه: .« رضي بذلك » أنفسهم لكنه علم بارتكاب الجريمة، وسكت عن ذلك، وبالتالي فيكون السكوت .« الإنكار له » لأنه لم يظهر ما يدل على « علامة الرضا » هنا لم يعاقب من ارتكب ا لجريمة. ثالث ً ا يكون الضمان على من ارتكب الفعل والإمام في مالهم وليس في بيت المال، إلا إذا كانت جريمة الحرب ارتكبت بناء على أمر الإمام أي جائز ارتكابه ثم اتضح عكس ذلك، « حلال له » الذي كان يعتقد أن الفعل فهنا يعتبر خطأ، وخطأ الإمام هنا يكون في بيت ا لمال.  رابع ً ا أن على سلطات الدولة الإسلامية، ويمثلها الإمام، أن تتخذ كل ما هو لازم لرفض ما تم ارتكابه من جرائم خلال الحرب، ويكون ذلك بأمور منها: الإنصاف من أهل الأحداث، ويكون ذلك بتوقيع العقوبات التي تتناسب مع الجريمة المرتكبة، وتردع أيض ً ا كل من قد تسول له نفسه ارتكاب مثلها في ا لمستقبل. إظهار تغيير ما تم ارتكابه من جرائم. إنكار ما تم ارتكابه من أفعال، أي عدم الموافقة عليها. إعطاء الحقوق لأهلها، ويكون ذلك بدفع المال الذي يجبر الضرر ا لواقع. حري بالذكر أن هذه الإجراءات التي يجب على الإمام اتخاذها وفق ً ا للفقه الإباضي تتفق مع ما تقرره قواعد القانون الدولي الإنساني ا لمعاصر(١) . (١) راجع: د. أحمد أبو الوفا: النظرية العامة للقانون الدولي الإنساني، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٤٣٠ ه -٢٠٠٩ م، ص ١٣٢ -.١٣٣ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي خامسا أن الفقه الإباضي بذلك يكون قد أكد، بما لا يدع مجالا ً لأدنى ً شك، على ضمان جرائم الحروب (سواء على مرتكب الفعل أو على الإمام أو في بيت مال ا لمسلمين)(١) . الأمر الذي يتفق مع القواعد العامة للمسؤولية الدولية في القانون الدولي المعاصر (في حدود ما ذكرناه أعلاه)، ويمنع من أن يفلت مرتكبو تلك الجرائم من ا لمسؤولية. ٣ تطبيقات عملية خاصة بضمان ما يرتكب من جرائم حرب: نشير إلى خمس تطبيقات عملية: أولا ً جرائم الحروب ا لدولية: أكد الفقه الإباضي على مبدأ الضمان عن جرائم الحروب ا لدولية: ومن قتل أولاد المشركين فعليه الدية فيهم عمد » : وهكذا يقرر رأي ً ا كان « أو خطأ وله سباهم دون قتلهم.. والله أعلم(٢) . ولا يستعبد صبي، ولا أسير. ولا يأثم من قتل، من » : ويقول الثميني « صودف فيهم من غيرهم، لأن عليه أن يعتزل عسكرهم وديته في بيت ا لمال(٣) . معنى ذلك التزام المسلمين بتعويض من يقتل خطأ أثناء الحرب، إذا توافر شرطان: الأول: أن يتصادف وجوده بين الأعداء أثناء ا لحرب. (١) راجع أيض ً ا: أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، ص ٢٨٩ - ٢٩٠ ؛ راجع أيض ً ا الشيخ ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، المرجع السابق، ص ٣٠٩ -.٣١٠ (٢) السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع . السابق، ج ١٤ ، ص ١٨٥(٣) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٤٠ ١٦٤ والثاني: ألا يعتزل معسكر جيش ا لأعداء. بسبب عدم اعتزاله « الخطأ » ورغم أن المجني عليه توافر لديه عنصر لمسرح العمليات القتالية، إلا  أن سماحة الفقه الإباضي ذهبت إلى أحقيته في ا لدية. باب في الحدث من الإمام وسراياه وولاته وشراته وما أشبه » وتحت يقول الكندي: ،« ذلك عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي الحروب وإذا بعث الإمام إلى أهل الحرب وكان في رعيته انتهاك نهب الأموال »وسفك الدماء وحرق المنازل فإن ركب ذلك راكب أخذ الراكب بذلك في ماله دون مال المسلمين إذا صح ذلك عليه. وإن كان جند الإمام الذين ركبوا ذلك بلا رأيه كان على الفاعلين وإن كان ذلك بأمر الإمام وهو يعلم أن ذلك خلاف سيرة المسلمين ضمن ذلك هو ومن يفعل ذلك في مالهم دون بيت مال المسلمين. وإن كان فعل ذلك « بإذنه وهو يرى أن ذلك حلال له فهو خطأ وهو في بيت مال ا لمسلمين (١) . معنى ذلك أن المسؤولية (الضمان) عن جرائم الحرب أو ما يرتكب فيها من أفعال غير مشروعة تحتم التفرقة بين ثلاثة فروض: الأول الجرائم أو الأفعال غير المشروعة التي يرتكبها الشخص بصفة فردية. والثاني الجرائم أو الأفعال غير المشروعة التي ترتكب بناء على أمر الإمام أو القائد وهو يعلم بعدم مشروعيتها. والثالث الجرائم أو الأفعال غير المشروعة التي ترتكب بناء على أمر الإمام أو القائد وهو يعتقد مشروعية الفعل، ومع ذلك وقعت ا لجريمة. (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٨ ، ص ٣٧٢ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي في الفرضين الأولين يكون الضمان على الفرد الذي باشر الفعل أو أمر به، أما الفرض الثالث ففيه يكون الضمان على الدولة الإسلامية لأنها هي  المسؤولة عن أفعال قواتها المسلحة التي ترتكبها بوصفها جهاز ً ا من أجهزتها. ثانيا جرائم حروب ا لبغي: ً تعرض القانون الدولي العام لمسألة وقوع أعمال عنف داخل الدولة يترتب عليها أثناء الحرب الأهلية وقوع ضحايا من الأجانب أو الاعتداء على أموالهم أو وقوع اعتداءات على ممثلي الدولة الأجنبية المعتمدين لدى دولة المقر أو أموالها ومقارها. والمبدأ الذي يحكم مثل هذه الأفعال، والذي لا يختلف عن المبدأ العام المطبق بخصوص مسؤولية الدولة عن أفعال وتصرفات رعاياها العاديين: هو أن الدولة لا تكون مسؤولة إلا إذا ثبت وجود تقصير من جانبها في إتخاذ الحيطة الواجب Due Diligence والإجراءات المناسبة Appropriate Measures والمعقولة التي تمنع امتداد هذه الأفعال إلى وجود » رعايا وممثلي الدولة الأجنبية وأموالها. وبعبارة أخرى، يجب أن يثبت من جانب الدولة حتى يمكن تحملها المسؤولية ا لدولية « تقصير(١) . (١) غير أن الفقه ميز بخصوص الثوار بين فرضين: (الأول) هو حالة الأعتراف للثوار بوصف المحاربين: إذ يترتب على اعتراف الدولة لمن يقومون بالثورة داخلها بوصف المحاربين إعفاءها من المسؤولية الدولية عن أعمال الثوار في مواجهة الدول الأخرى، كذلك لا يجوز للدولة الأجنبية التي تعترف بالثوار أن تضع مسؤولية الدولة التي ينتمون إليها موضع ا لتطبيق. (الثاني) هو حالة نجاح الثورة: إذ في هذه الحالة من المنطقي أن تتحمل الحكومة الجديدة (حكومة الثوار) المسؤولية الدولية عن الأفعال غير المشروعة التي ارتكبت وقت الحرب ا لأهلية. القانون الدولي العام وقت » : راجع تفصيلات أكثر في كتاب أستاذنا الدكتور حامد سلطان دار النهضة العربية، ١٩٧٦ ، الفقرات ٣٨٨ ،« السلم - الوسيط » : ٣٩٢ . راجع كذلك كتابنا المرجع السابق، ص ٦٣٠ ،« في القانون الدولي العام -.٦٣٣ ١٦٦ وفي الفقه الإباضي يسري الضمان أيضا بخصوص جرائم الحرب التي ً تقع أثناء حروب ا لبغي. ومن الجواب والذي أخذناه من آثار » : وهكذا جاء في بيان الشرع المسلمين في رجل ولاه الإمام بعض أمور المسلمين فحرق وعقر النخل والشجر وقتل الدواب بغير أمر الإمام الذي ولا ّ ه، أن عليه ما عقر وقتل وأحرق وأفسد فغرم ذلك عليه في ماله إلا أن يكون له في ذلك حجة بينة وأمر واضح يشهد له به أهل الثقة بأن القوم الذي صنع بهم ما صنع كانوا امتنعوا أن يعطوا  الحق من أنفسهم ونصبوا له الحرب وقاتلوه فلم يقو عليهم ولم يقدر على ما قبلهم من الحق إلا بما صنع بهم وأنهم لم يعطوا الحق من أنفسهم إلى أن  بلغ منهم ما بلغ فإذا كان ما قتل من الدواب وعقر وحرق على هذا الوجه  فعليه غرم ما قتل من الدواب وعقر من النخل والشجر وحرق وهي على الإمام في مال الله إذا كان ذلك منه على النسيئة والخطأ فعلى الإمام أن يؤدي عنه خطأه فهذا ما حفظنا من قول المسلمين وآثارهم أنهم لم يحلوا حرق « منازل أهل القبلة ولا قطع أموالهم امتنعوا ببغيهم أو لم يمتنعوا(١) . ويقول رأي آخر: مسألة: وفي الإمام إذا أنفذ غزاة على بعض البغاة فوقع الغازية في البلد وقتلوا ما قتلوا ثم اتصل الخبر بالإمام أنهم قتلوا من لا يستحق القتل ونهبوا مالا ً وأحرقوا منازل ولم يصح ذلك معه أو يطلب إليه أحد من الإنصاف منه؟ قال: يؤمر الإمام بالبحث عن ذلك وليس بواجب عليه إذا لم يصح ذلك معه أو يطلب فإن صح ذلك معه عليه الإنكار على عسكره والانصاف منهم إذا طلب الانصاف إليه. (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٩٦ -.١٩٧ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي فإن صح معه ذلك بشهرة أو بينة أعليه أن يرسل إلى أصحاب » : قلت الحقوق ويدعوهم إلى الانصاف حتى يطلبوا ذلك منه إلا أن يكون معهم أنه لا ينصفهم فيعلمهم أنه ينصفهم وإن كانوا قد عرفوا ذلك منه فليس عليه أن   يعلمهم به، والشهرة في هذا ومثله مقبولة ورفع الثقة أيضا إن الشراة لا يقبل ً « ذلك عليهم إلا بالبينة ا لعادلة(١) . من هذين الرأيين يمكن أن نستنبط المبادئ ا لآتية: أولا ً : لا يجوز حرق منازل أهل القبلة ولا قطع أموالهم. لكن يجوز إتلاف سلاحهم وآلة الحرب الخاصة بهم في الأحوال ا لآتية: وقد قيل إن ما كان بحضرة الباغين بعد نصب المسلمين الحرب عليهم » من آلة الحرب فلم يصل المسلمون إلى منعهم منه إلا بإتلافها عن حال ما يصلح لمحاربتهم بها كان ذلك لهم ولا غرم في ذلك عليهم وكذلك ما  تلف لهم في المحاربة مما يلبسونه أو يركبونه أو يستعملونه فيها لحرب  « المسلمين لا غرم فيه عليهم(٢) . معنى ذلك أن إتلاف سلاح وآلة حرب البغاة جائز ودون ضمان في حالتين: إذا حتمت ذلك الضرورة الحربية بأن كان لا يمكن منعهم ودفعهم إلا بالإتلاف. إذا وقع الإتلاف أثناء الحرب، على أساس أن ذلك من مقتضيات الحرب، إذ أية حرب يترتب عليها دائما خسائر مادية. ً (١) السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ٢٤٢ -.٢٤٣ (٢) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٠٣ . كما قرر الفقه الإباضي قاعدة أن المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد « الخروج مع البغاة يوجب الضمان »مسائل الأحكام والأديان، المرجع السابق، ج ١٢ ، ص ٣٤٧ -.٣٤٨ ١٦٨ ثانيا: إذا ارتكبت جرائم حرب خلال حروب البغي (كقتل من لا يستحق ً القتل، أو نهب الأموال أو إحراق المنازل) فعلى الإمام التزامات ثلاثة، هي: أن يأمر بالبحث عن ذلك (أي بعبارة أخرى وبلغة العصر الحديث، أن يجري تحقيق ً ا بخصوص الوقائع والأفعال التي تمت). أن ينكر على عسكره ما ارتكبوه، أي أن يرفض هذه الأفعال، لأنها جرائم حرب. أن يشرع في الإنصاف منهم إذا طلب الإنصاف إليه ويعني ذلك دفع تعويض مالي يجبر الضرر الواقع ممن يقع عليه الالتزام بهذا التعويض. وأشار الفقه الإباضي إلى الضمان إذا كانت إحدى الفئتين محقة، والأخرى مبطلة. يقول ا لبطاشي: وإن كانت إحداهما (أي إحدى الفئتين) محقة والأخرى مبطلة ضمنت » المبطلة ميت ً ا من المحقة ولا تضمن المحقة ميت ً ا من المبطلة وقيل لا ضمان على المبطلة كما لا ضمان على المحقة وكذا على المبطلتين ولزمهم عند الله حتى يعلم قاتله بعينه من المبطلة فيكون الضمان عليها وحدها وإن تبين أن المحقة قتلت واحد ً ا منهم لا من المبطلة ضمنته المحقة وحدها وقيل لا ضمان عليها بل يوقف الأمر حتى يتبين القاتل فيضمنه وحده وقيل لا يحكم بضمان في ذلك كله حتى يشاهد الجاني أو يقر أو يبين عليه « فيحكم بالضمان عليه وحده سواء كانتا مبطلتين أو إحداهما محقة(١) . (١) . الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ١٠١ كذلك بحث الفقه الإباضي مسألة الضمان بخصوص أخذ سلاح البغاة لمحاربتهم به. وقد جوزوا: أن يستعان بخيل البغاة وكراعهم وسلاحهم لمحاربتهم. » : يقول الثميني ولا يضمن ما تلف من ذلك، في حربهم. وما تلف بعدها. فقيل: يضمن. = الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي ١٦٩ على أن ما يقع أثناء الحرب مع البغاة (من قتل أو تدمير) لا ضمان فيه وفق ً ا لاتجاه في الفقه الإباضي إن كان مما تستلزمه ا لحرب (١) . = وقيل: لا. وهو المختار، إذ هو كالأمانة. وعليهم حفظ ما بقي في أيديهم بعد الحرب، لأربابه، أو لورثتهم. إن ماتوا.  وقيل: يستودع في بيت ا لمال. الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، « وقيل: ينفق قيمته بعد بيعه وإن كان البغاة في » : ص ٢٣٨ . وجاء في بيان الشرع ضمان عقر الدواب وإتلاف الطعام بلادهم فسار المسلمون إليهم لم يبيتوهم ولم يحاربوهم حتى يدعوهم ويحتجوا عليهم وإن قدروا على ذلك الذي قتل الرجل فلهم أن يقتلوه غيلة إذا كانوا قد عرفوا بقتل المسلمين كان الرجل بعثه المسلمون أو احتج برأيه. فإذا كان البغاة غزاة فهو على ما وصفت لك فإذا ناصبوهم الحرب فلم يقدروا عليهم إلا بعقر دوابهم فلهم أن يعقروها فإن عقروها كان عليهم الضمان في ذلك والقول في طعامهم كالقول في دوابهم ومن قدر على « كتبهم فاستهلكها فلا ضمان عليه  . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٤٨ (١) يلزم الباغية كلما أحدثت من البغي في الفرقة المحقة من قتل أو كسب » : يقول الخليلي ونهب فإن قدر عليها أخذت بذلك كله وقيل: يهدر عنهم ما كان منهم في وقت التقاء الصفوف من قتل أو غيره فلا يحكم عليهم به وقيل: يهدر عنهم كل ما أصابوه في حال المحاربة إلا ما كان أصل البغي الذين قوتلوا عليه ووقعت الحرب فيه فإنهم لا يهدر عنهم المحقق « في قول الجميع ويؤاخذون به ويحاربون عليه حتى ينقادوا إلى حكم الله تعالى الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٢ ، ص ٣١٧ -.٣١٨ ولزم الباغي ضمان المال والدم، إلا إن كان متدين » : ويقول أطفيش ً ا فلا يلزم عند أصحابنا، قال أصحابنا: ما تلف بين أهل البغي والعدل من نفس أو مال فلا ضمان على كل واحد من الفريقين، وقال الشافعي: ما أتلفه الباغي يضمنه، وقال في الجديد: لا يضمنه، ولا ضمان على العادل، ولنا أن الصحابة ومن معهم تقاتلوا ولم يطالب أحدهم، وعن الزهري: وقعت الفتنة العظمى بين الصحابة وهم متوافرون فأجمع رأيهم أن كل دم أهريق بتأويل القرآن فهو هدر، وكل مال تلف بتأويل القرآن فلا ضمان فيه، وكل فرج استبيح .« بتأويل القرآن فلا حد فيه وما كان قائما بعينه رد ً أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٣٩٣ . انظر أيض ً ا الشيخ البطاشي: . كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٩، ص ٤٤ ١٧٠  ثالث ً ا ضمان قتل أو جرح أسرى ا لحرب: وعن الإمام إذا كتب إليه أحد خلفائه » : جاء في جامع أبي الحواري  يستأذنه في إخراج أسارى من بغاة الجند إلى بعض ا لمواضع. فرد إليه الجواب أنك تخرجهم إلى ذلك الموضع أو حيث يأمن من شرهم فافهم لو وقعت بهم صاعقة فأهلكتهم لكان ذلك من رغبتي. أو قال في ذلك راحة منهم أو نحو من هذا الكلام وأنفذ الجواب إلى خليفته ثم قتل هو الأسارى ولم يصح عند الإمام أن الخليفة هو الذي قتلهم.  ولو أنه هو الذي أمر بقتلهم ولم يعلم قتلوا بكلامه ذلك أم بغيره. هل على الإمام فيهم ضمان على هذه ا لصفة؟ قال: لا ضمان على الإمام فيهم على ما وصفته والله أعلم. قلت: أرأيت أن كان الامام يخاف أن يتوهم أنهم يقتلون بكتابه ذلك إلا أنه هو لم يكتب بقتلهم ولم يأمرهم بذلك ولم يقل فيهم إلا ما تقدم شرحه في أول المسألة من ا لكلام. أيكون على شيء من ذلك أم لا؟ قال: يستغفر ربه من ذلك. ولا ضمان عليه في قتلهم إلا أن يكون معه أنهم يقتلون بكلام ذلك ٍ « فحينئذ يلزمه الضمان اذا علم أنهم قبلوا بكلام ذلك والله أعلم(١) . كذلك بخصوص مسألة: وعن البغاة إذا كان عندهم أسارى من المسلمين هل تجوز مبايتتهم وإن أصاب أحد ً ا من الأسارى قتل أو جراح ضمان ذلك على الفاعل أم على ا لوالي؟ (١) جامع الفضل أبي الحواري، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٤٨ -.١٤٩ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي قال: يجوز قتلهم وإن أصاب أحد » ً ا من المسلمين فذلك خطأ في بيت « المال(١) . وما تقدم ذكره يبين أن قتل أو جرح الأسرى يحكمه بخصوص الضمان قاعدتان: الأولى لا ضمان على الإمام إذا لم يكن قد أمر بقتل ا لأسرى. الثانية يجب الضمان عن قتل الأسرى خطأ إذا حتمت الضرورات الحربية (كما في حالة ا لبيات). رابعا الضمان عن جرائم الحرب المترتبة على تنفيذ ا لأوامر: ً من الأمور المعروفة في القانون الدولي المعاصر أن القائد أو الرئيس يمكن أن يسأل عن الجرائم التي يرتكبها جنوده، في حالتين: الأولى إذا كان قد أمرهم بذلك. الثانية إذا كان قد علم بأنهم ارتكبوا أو يرتكبون أو في سبيلهم لأن يرتكبوا الفعل ولم ينكر عليهم ذلك، ولم يتخذ ما هو لازم لمنع وقوع الجريمة وعقاب مرتكبيها (٢) . وقد بحث الفقه الإباضي هذه المسألة أيض ً ا، ويمكن ذكر القواعد ا لآتية: ١ أن قائد الجيش مسؤول عما يرتكبه الجيش من جرائم: وإذا نابذ المسلمون عدوهم وقامت » : يؤيد ذلك ما جاء في بيان الشرع الحرب بينهم كان للمسلمين إمام أو لم يكن لهم إمام فقتل رجل من (١) السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ٢٢٣ -.٢٢٤ (٢) راجع: Dar Al-Nahda Al-Arabia, Cairo, Law, International Criminal Ahmed Abou-el-Wafa: 2007 - 1427, pp. 86 - 88. ١٧٢ المسلمين ممن له ولاية أو لم يكن وليا فإن للمسلمين كلهم أن يقتلوا قاتل ذلك الرجل قبل الهزيمة لهم وبعدها حيث ما وجدوه بعينه ويقتلون أيض ً ا قواد ذلك الجيش الذي قتل ذلك الرجل في محاربتهم ويقتلون أيضا الأمير  ً  الأكبر الذي بعث ذلك الجيش وأما من لم يصح أنه قتل ذلك الرجل بيده « غير القادة للجيش فلا يقتل إلا ما دامت الحرب قائمة(١) . ومعنى ذلك أن قائد الجيش، والأمير الأكبر الذي بعث ذلك الجيش يتحملان  مسؤولية الجرائم التي تقع، وتظل هذه المسؤولية حتى بعد انقضاء ا لحرب. ٢ بخصوص تنفيذ أوامر الإمام خلال الحرب يتم التفرقة بين النهي  عن الفعل والأمر به: وإذا نهى الإمام الجيش، عن قتل جريح، أو غنم مال » : يقول الثميني موحد، أو نحو ذلك. ثم تعدى أمره أحد. وجاوز نهيه، فإنه يؤخذ بضمان ما فعل. ولا يضمنه الإمام. وإن أمر بما يعلم، أنه خلاف السنة ضمن. وما فعله جيشه بأمره، ورأوه حلالا ً « له. وهو خطأ، فهو في بيت ا لمال(٢) . ومعنى ما تقدم أمران: الأول أن مخالفة نهي الإمام توجب الضمان على من ارتكب الفعل، ولا ضمان على ا لإمام. والثاني أن تنفيذ ما أمر به الإمام وكان الأمر خطأ يضمن الإمام أما إذا اعتقد الإمام أن الأمر صحيح، ثم اتضح خطؤه، فالضمان في بيت ا لمال(٣) . (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٣٥(٢) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٤٠(٣) ومن أمره الإمام أو القاضي أو الجماعة بإخراج الحقوق كالقتل أو القطع » : يقول البطاشي أو الضرب أو الحبس فأخطأ حيث يجوز له التقدم بأمرهم فالضمان على آمره لا عليه إذ .« جاز له ا لفعل . البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٩، ص ١٧٥ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي ٣ ضرورة إعلام مرتكب الفعل بما ارتكبه وإرجاع ما تم أخذه إلى أ صحابه: بحث الفقه الإباضي هذه المسألة بخصوص أخذ أموال البغاة (كالجمال) عليه أن يعلم من أخذ » : كغنيمة. يقول النزواني إن الإمام لا يضمن ولكن هذه الجمال أن غنيمتها لا تجوز لهم ويأمرهم بالتخلص منها إلى أصحابها،  فإن لم يعرفها ولم يعرف أحد ً « ا منهم دان لله عليهم إذا عرفهم(١) . ولا شك أن هذا الحل يسري على أي أموال أخرى يتم أخذها بدون وجه حق. لا طاعة لمخلوق في » ٤ بخصوص تنفيذ أوامر القادة أو الإمام، القاعدة أنه :« معصية ا لخالق  يدل على هذه القاعدة قوله تعالى: ﴿ ^]\[ZYX _ ` ihgfedcba ﴾ [ [لقمان: ١٥ وقوله تعالى: ﴿ <;:98765 = @?> ﴾ [ [الكهف: ٢٨ . ويؤيد ذلك أيض ً ا ما قاله ابن أبي شيبة وابن ماجه إلى أبي سعيد الخدري : إن رسول الله ژ بعث علقمه بن محرز على بعث وأنا فيهم، » فلما انتهى إلى رأس غزاته، أو كان ببعض الطريق، استأذنته طائفة من الجيش فأذن لهم، وأمر عليهم عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي، فكنت فيمن غزا معه، فلما كان ببعض الطريق أوقد القوم نارا ليصطلوا وليصطنعوا ً عليها صنيعا، فقال عبد الله وكانت فيه دعابة : أليس لي عليكم السمع ً والطاعة؟ قالوا: بلى. قال: فما أنا بآمركم بشيء إلا صنعتموه؟ قالوا: نعم. قال: فإني أعزم عليكم إلا تواثبتم في هذه النار. فقام ناس فتحجزوا أي تهيأوا فلما ظن أنهم واثبون قال: أمسكوا على أنفسكم، فإنما كنت أمزح عليكم. فلما قدمنا ذكرنا ذلك للنبي ژ فقال رسول الله ژ : من أمركم منهم » (١) النزواني: كتاب الاهتداء والمنتخب من سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام وأئمة علماء عمان، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه -. ١٩٨٥ م، ص ٢٠٣ ُُ ١٧٤ « بمعصية فلا تطيعوه . ولفظ أبي داود إلى على أن رسول الله ژ بعث جيش ً ا وأمر عليهم رجلا ً وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فأجج نارا وأمرهم ًَ  أن يقتحموا فيها، فأبى قوم أن يدخلوها، وقالوا: إنا فررنا من النار، وأراد قوم أن يدخلوها فبلغ النبي ژ فقال: لو دخلوا أو أدخلوا فيها لم يزالوا فيها، » « قال: لا طاعة في معصية الله، إن الطاعة في ا لمعروف (١) . وعنه ژ (قال أبو داود إلى عبد الله بن عمر عن رسول الله ژ :( السمع والطاعة على المرء المسلم، فيما أحب أو كره، ما لم يؤمر بمعصية، » ِ فإذا أم ُ « ر بمعصية فلا سمع ولا طاعة(٢) . معنى هذين الحديثين أن تنفيذ الأوامر التي تتضمن ارتكاب جرائم حرب لا يجوز، حتى ولو كان الأمر صادرا من الإمام أو القائد العسكري(٣) . ً على أن في الأمر تفصيل:  (١) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ١٨٠ -.١٨١ (٢) . ذات المرجع، ص ١٨١(٣) إذا أمر المكلف غيره من المكلفين » : يفرق رأي بين الفرضين بخصوص تنفيذ الأوامر، بقوله بفعل ما يوجب الضمان وفعل، ينظر أولا ً في قوة تأثير الآمر على المأمور، وظهور أو خفاء بطلان ما أمر به، فإن لم تكن له سلطة يؤثر بها، وكان بطلان ما أمر به ظاهرا، فإن الضمان ً يتعلق بالمأمور المباشر، وذلك لأنه (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، وما أمر به هذا يعد باطلا ً يجب رفضه، فيكون أمره وعدمه سواء، لأنه لا تأثير له، وليس للمتضرر إن أمكنه أن يستوفي الضمان من المباشر أن يرجع على الآمر وإذا كان الآمر ذا سلطان على المأمور، وكان الأمر ملجيا، فإنه ينظر إلى الفعل من حيث جواز التقية فيه من عدمه، فإن كان لا تجوز ً وإن كان مما « التقية به، وذلك فيما يوجب القصاص والقود فإن الحكم يضاف إليهما معا ً تجوز فيه التقية، فإن الضمان يتوجه إليهما معا، فإن لم يمكن أخذه من الآمر أخذ من ً المأمور، ويرجع هو على الآمر فيما دفعه من الضمان، لأن جواز إقدامه على الفعل مرهون بالضمان، وإن كان المأمور غير مكلف، بأن كان صبيا أو مجنون ً ا فإن الضمان على ا لآمر. ً د. هلال الراشدي: القواعد الفقهية عند الإباضية تنظيرا وتطبيق ً ا، مركز الغندور، القاهرة، ًّ ٢٠٠٩ ، ص ٤٣٠ -.٤٣٢ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي ١ فإذا كان الأمر ظاهر البطلان، فلا التزام بتنفيذه، وإن تم تنفيذه وكان الإمام أو القائد يعرف بطلانه فالضمان على من نفذ ومن أمر، أما إن  كان يعتقد صحته، ثم تبين خطؤه، فالضمان في بيت ا لمال. ٢ وإذا كان من نفذ الأمر لا يستطيع رفض التنفيذ لوجود ضغط أو إكراه عليه، فالضمان على الآمر، وأما من نفذ فيتم بحث ضمانه في ضوء جواز التقية أو عدم جوازها(١) . (١) بحث المحقق الخليلي مسألة قريبة تتعلق بالضمان عند الاستعانة بالجبار: وأما حكم الضمان على المستعين بالجبار فقد يخرج فيه من الاختلاف على حسب ما ثبت »  فيه من القول بالمنع أو الإجازة، فإذا تعدى الجبار حد الجواز شرع ً ا فيما استعين به فيه فكان منه من الأحداث في نفس الغير أو ماله ما يجب الضمان في مثله على فاعله من أنواع ا لمظالم. ففي أول الأقوال: أن المستعين بالجبار إن لم يكن مستحلا ً فهو ضامن على حال لما وقع منه ِ َ في نفس أو مال فيكون عليه فيه ما على الفاعل من ق َود أو دية أو أرش في نفس أو ضمان ذلك َ َْ من مثل يدرك أو قيمة أو ثمن في مال على ما فصله أهل العلم في أبواب الخلاص من ا لظلم. وفي قول آخر: فلا يجب عليه ما يخرج على معنى الحدود من ق َود أو قصاص لوجود َ الشبهة وعليه ما كان دون ذلك من دية أو مال لكونه سببا في نفوذ الظلم أو إجرائه على ً من قضى به عليه فلا عذر له منه. وفي قول ثاني: فلا ضمان عليه إلا أن يخشى ظلم الجبار في مثل ذلك فيتعمده على غير مبالاة أو على قصد الظلم فيكون عليه مع الإثم وجوب الضمان في ا لحكم. وفي قول ثالث: أن يكون الجبار معروف ً ا بالظلم في ذلك خاصة. وفي قول رابع: فلا ضمان عليه على حال إذا كان قصده دفع الظلم عن نفسه أو عن أحد من خلق الله في موضع وجوبه أو جوازه ولم يكن يقدر على ذلك إلا به ولم يقصد هو .« بذلك على ظلم بأحد فالله أولى بعذره والضمان على فاعله لا غير ولا يخفى أن القول الأول من هذه الأقوال هو أشدها بل هو الأحزم والأحوط لمن شاءه »وإنه لهو الأولى في حال السعة والإمكان وأن القول الرابع هو أوسع أقوال المسلمين وأدناها إلى الرخصة فينبغي أن يحفظ لحال الضرورة فإنه على ما به من الإطلاق ولو كان الجبار معروف ً ا بالظلم في مثل ذلك متعود ً ا له فهو على حكم الإباحة لمن قصد به دفع .« الظلم لا لمن قصد الظلم به فإنه ما لا وجه لغير المنع فيه المحقق الخليلى: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، المرجع السابق، ج ١٢ ، ص ٢٤٦ -.٢٤٧ ١٧٦ ما تقدم يمثل أهم ما قرره الفقه الإباضي بخصوص الضمان أو المسؤولية عن تنفيذ الأوامر الصادرة عن الإمام أو القائد (قائد الجيش أو الوحدة ا لعسكرية)(١) . وللإمام السالمي قول رائع في هذا الخصوص؛ إذ بشأن سؤال إن خطأ الإمام المراد بالخطأ ها هنا ما كان من » : وسراياه في بيت المال. ما وجهه؟، أجاب الخطأ في الأحكام أو الغزوات أو الأمور التي قصدوها وهي تعم المسلمين فأخطأوا في شيء منها لا في كل خطأ إذ من المعلوم أنه لو أراد الإمام أن يضرب  طائرا فأصاب إ نسان ً ا إن خطأه على عاقلته دون بيت المال وكذلك سراياه وإنما ً كان الخطأ الأول في بيت المال لأنهم قصدوا فيه صلاح الإسلام فأخطأوا وبيت المال لعموم المصالح الإسلامية فيسد به ما كان من خلل بسبب قصد الإسلام. والحاصل أنهم جعلوا الخطأ قصد الإسلام على عموم المسلمين فأخذ من المال الجامع لهم ويستدل على هذا بأن رسول الله ژ ودى قوما أخطأ خالد بن الوليد ً في قتلهم وودى رجلين قتلهما واحد من الصحابة وهو الناجي من بئر معونة وكان عندهما كتاب من رسول الله ژ فيه عهد وأمان (الله أعلم أي ذلك كان) فلم « يعرف مكانهما الرجل فقتلهما وقال ژ قتلت رجلين لأودينهما(٢) . خامس ً ا الضمان المترتب على قتل ا لتر ْ س (إحالة): التمييز بين المقاتلين وغير » وقد بحثنا هذه المسألة عند بحثنا لمبدأ « المقاتلين(٣) . (١) تم تعريف المقصود بالقائد كما يلي: وأما صفة القائد فهو المطاع في سريته الذي لا يدفع قوله وله القوة على من تولى عليه وإمكان »السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين « العقوبة والنهي فيهم الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه -١٩٨٧ م، ج ١٤ ، ص ٢٠٥ -.٢٠٦ ُ (٢) جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٧٧ -.٥٧٨ راجع أيض ً ا: الشيخ ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، المرجع السابق، ص ٣٠٩ -.٣١٠ (٣) راجع الجزء الخاص بالجهاد (الحرب) في الفقه ا لإباضي. الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي »fÉãdG åëѪdG (á«dhódG á«dhDƒ°ùªdG) (1)¿Éª°†dG ΩóY ä’ÉM توجد في القانون الدولي والقوانين الوطنية حالات لا ضمان فيها، أسباب الإعفاء من » ويطلق عليها في المصطلح الحديث في تلك القوانين مثل صغر السن، والجنون، والدفاع ،« موانع المسؤولية » أو ،« المسؤولية  الشرعي، وحالة الضرورة، والقوة القاهرة، وأداء الواجب، وموافقة صاحب الشأن وغيرها(٢) . وقد أكد الفقه الإباضي، والفقه الإسلامي عموما، هذه المسألة في ً حالات عديدة، أهمها ما يلي: (١) تجدر الإشارة أن فقهاء المسلمين لم يستخدموا هذا التعبير، وإنما استخدموا عبارات الإمام القرافي: الفروق، « قاعدة ما يوجب الضمان وقاعدة ما لا يوجبه » أخرى مثل عبارة عالم الكتب، بيروت، الفرق ٢١٧ ، ج ٤، ص ٢٧ . ويتحدث عنها رأي آخر تحت عنوان راجع د. محمد فاروق العكام: الفعل « طروء المشروعية على الفعل المتعدي فيه وأسبابها »الموجب للضمان في الفقه الإسلامي، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة القاهرة، ١٣٩٧ ه - ١٩٧٧ م، ص ١٤١ وما بعدها. وهكذا ،« لا غرم في ذلك عليهم » وكتعبير مساو لعدم الضمان يستخدم ابن محبوب عبارة وقد قيل: إن ما كان بحضرة الباغين بعد نصب المسلمين الحرب عليهم من آلة » : يقول الحرب، ولم يصل المسلمون إلى منعهم منها إلا بإتلافها عن حال ما يصلح لمحاربتهم بها، كان ذلك لهم ولا غرم في ذلك عليهم، وكذلك ما تلف لهم في المحاربة مما .« يلبسونه ويركبونه ويستعملونه فيهم لحرب المسلمين، لا غرم في ذلك عليهم . ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، كتاب المحاربة، المرجع السابق، ص ٥١ القاتل ضامن لما أحدثه من » : بقوله ،« العذر المسقط للضمان » ويستخدم الخليلي عبارة القتل ما لم يصح له عذر يهدر عنه الضمان والبينة بإيضاح العذر المسقط للضمان على .« الفاعل من ا لفريقين . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٢ ، ص ٣١٢ (٢) راجع د. أحمد أبو الوفا: الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٩٩٦ ، ص ٧٠٠ -.٧٠٨ ١٧٨ :≥ëdG ÖMɰU ɰVQ hCG á≤aGƒe (CG في شريعة الإسلام يمكن أن تكون الموافقة سببا نافيا لعدم المشروعية ًً على الصعيد ا لدولي(١) . في هذا الخصوص يوجد في الفقه الإسلامى قاعدة هامة، هي قاعدة: التصرف أو العمل إذا كان يمس حق » ً ا لغير من يباشره وجب لنفاذه وجوازه، دون ترتب تبعة، الإذن فيه من صاحب هذا الحق إما بطلب ذلك منه أو « بإقدام صاحب الحق على إصداره دون طلب(٢) . هذه القاعدة عظيمة الأثر كبيرة المغزى، ويمكن تطبيقها، في نظرنا، على الصعيد الدولي؛ ذلك أن الموافقة أو إذن من يملك الحق أ صلا ً تنفي الضمان أو ا لمسؤولية. وهناك أمثلة عديدة على الموافقة في ممارسات الدول ا لإسلامية: ﻦﻣﻭ ﻚﻟﺫ ﺎﻣ ﺀﺎﺟ ﻲﻓ ﺏﺎﺘﻛ ﺢﻠﺼﻟﺍ ﻱﺬﻟﺍ ﻩﺎﻄﻋﺃ ﻝﻮﺳﺭﷲﺍ ﮊ ﻞﻫﻷ :ﺎﻨﻘﻣ • . ﻥﺃﻭ» ﻝﻮﺳﺭﷲﺍ ﮊ ﺪﻗ ﺮﻔﻏ ﻢﻜﻟ ﻢﻜﺑﻮﻧﺫ ﻞﻛﻭ ﻡﺩ ﻢﺘﻌﺘﺑﺍ«ﻪﺑ(٣) ﻦﻣﻭ ﻚﻟﺫ ﺎﻣ ﺀﺎﺟ ﻲﻓ ﺓﺪﻫﺎﻌﻣ ﻢﻴﻠــﺴﺗ ﺔﻃﺎﻧﺮﻏ ﺔــﻌﻗﻮﻤﻟﺍ ﻦﻴﺑ ﻮﺑﺃﺪﺒﻋ ﷲﺍ • ﻚﻠﻣ ﺔﻃﺎﻧﺮﻏ ﻭﺪــﻧﺎﻧﺮﻓﻭ ﻼﻴﺑﺍﺰﻳﺇﻭ ﺎﻜﻠﻣ :ﺔﻴﻧﺎﺒــﺳﺇ ﺓﺩﺎــﻣ» ﻥﻮﻌﺑﺭﺃ ـ ﻪﻧﺃﻭ ﻻ ﻖﺤﻳ ﻦﻴﻜﻠﻤﻠﻟ ﻭﺃ ﺎﻤﻬﺑﺎﻘﻋﻷ ﻰﻟﺇ ،ﺪﺑﻷﺍ ﻥﺃ ﺍﻮﻟﺄــﺴﻳ ﻚﻠﻤﻟﺍ ﺭﻮﻛﺬﻤﻟﺍ ﺎﺑﺃ (١) .« الرضا الطارئ كالمقارن في سقوط ا لضمان » أكد فقهاء المسلمين أن راجع قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، تحقيق علي محيي الدين داغي، دار الإصلاح للطبع والنشر والتوزيع، ١٤٠٠ ه -. ١٩٨٠ م، ج ١، ص ٥٧٥ (٢) راجع تلك القاعدة، في: موسوعة جمال عبد الناصر في الفقه الإسلامي، المجلس الأعلى . للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٣٨٩ ، ج ٤، ص ٢٤٤ (٣) . البلاذري: فتوح البلدان، المرجع السابق، ص ٨٠ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي عبد الله أو أحد ً ا من المسلمين المذكورين بأية صورة عن أي شيء يكون « قد عملوه، حتى حلول يوم تسليم ا لحمراء(١) . ومن الطبيعي أنه لمن يستحق الضمان أن يوافق مسبق ً ا على الفعل المسبب له، أو لاحق ً ا إن وقع. وفي الحالين الموافقة أو الإذن ينفيان ا لضمان. وهذا ما أكد عليه الفقه الإباضي، حيث ا لقاعدة: « لا ضمان مع ا لإذن »(٢) . وهو ما أكده قول ا لقائل(٣) : فم َن ْ جن َ ى في مال ِ غ َي ْر ِه ِ ض َم ِن ْ إن ْ لم يكن ْ صاحب ُ ه بذا أذ َ ن ِ ْ ومن أحله قوم من ضمان فلا بأس عليه ولو كان يظن » : ويقول النزوي « أنهم استحيوا فالحل له جائز(٤) . (١) راجع محمد عبد الله عنان: نهاية الأندلس وتاريخ العرب المستنصرين، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، ١٩٦٦ ، ص ٢٤٥ -.٢٥٠ (٢) ، راجع القاعدة في معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ٢ ّ ص ١٠٨٦ - أن كل ما أذن للإنسان في مباشرته فهلك من غير » ١٠٨٧ . ومعنى القاعدة تقصير فيه فلا ضمان على من تسبب بإهلاكه لأن يده مطلقة فيه شرع ً ا وهذا ينافي ذات المرجع، ذات ا لموضع). ) « الضمان(٣) ، أبو عبد الله محمد السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، طبعة ١١ ١٤٠٩ ه -١٩٨٩ م، ج ١ -. ٢، ص ٤٦٨ وقد ذهب .« ما لا يلزم بالشرع لا يلزم بالشرط » : ومن المعلوم أن القاعدة الفقهية تقرر إن ما أصله غير مضمون فيجب » : الفقه الإباضي إلى تطبيق هذه القاعدة. يقول ابن بركة أن يكون الشرط لا يبطل ضمانه، كما أن ما أصله كان مضمون ً « ا لا يبطل ضمانه الشرط . ابن بركة: الجامع، ج ٢، ص ٤٢٧(٤) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ١٣٤ ١٨٠ حري بالذكر أن لا ضمان في العلاقات الدولية إذا توافر هذا السبب، حتى في ا لحروب (١) . ومن البدهي أن الرضا بالإبراء من الضمان يجب: ١ أن يكون واضحا، لا لبس فيه ولا غموض، لكي يمكن القول إن الإرادة ً قد اتجهت فعلا ً إلى الإعفاء من ا لضمان(٢) .  (١) قيل: ففي قولك هذا ما حاصله أن للفقهاء رأيا عاما يقضي بجواز » : وهو ما يؤكده ما يلي ًً إهدار كل دم وما وقع في كل حرب بحق إن كان أو باطل من كل محارب ومحارب إذا انبرم الصلح على الإهدار من الكبراء وليس كذلك. قلت: نعم فيما فهمنا عن العلماء وتصفحناه عنهم وأجر المحقين على الله فلينظروه ليوم الجزاء والحاكم أو الجماعة أو المنظور إليهم من الرؤساء لهم الإهدار من الأحكام لا فيما  بين المظلومين والظالمين عند الله، هكذا جاء الأثر وفي قول ثان أنه لا إهدار، ومع تعارض النظر من الفقهاء في الرأي فليرجع المظلوم إلى الإمام وإلى المسلمين مع عدمه، فإن تعذر فالوقوف إلا فيمن عليه القصاص بإجماع أوحد أو حق كما قدمنا أي لزم له ذلك من غير حرب فعسى أن يكون له ها هنا أن يأخذ حقه من ظالمه بعينه إذا لم يسقطه عفوا أو إبراء أو أداء ممن له ذلك لا من العامة والصفوف المكتنف هذا الظالم فيها، ولما ً أن كنا بالعينين من الظاهرة أعطى الإمام عزان 5 أهل الحصن أمان ً ا وقد ظهروا على الحصن منكشفين آمنين قبل الفيئة منهم بعد أن قتلوا المسلمين، وقد ثبت أن النبي ژ كان يؤمن الكفار المحاربين قبل رجوعهم إلى الحق لمصلحة يراها، وإن استجارك أحد من المشركين فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه، وكفى به شاهد ً ا وما ثبت في أهل الشرك من التأمين جاز في أهل القبلة البغاة إذا كان لمعنى واحد، فينبغي التجنب عن « الغدر وإخافة الآمن بأمان المسلمين بل يلزم ذلك على ا لاجمال عين المصالح من أجوبة الشيخ الصالح الإمام المحتسب صالح بن علي الحارثي، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه -١٩٩٣ م، ص ٤٠٧ -.٤٠٨ ُ (٢) وهو ما يمكن استنباطه من الجواب التالي للإمام ا لسالمي: الإبراء من الضمانات إجمالا » ً أو تفصيلا ً ما ورد في الأثر أن الضمانات يكفي فيها الحل من صاحبها وإن لم يسم وجه الضمان إلا في الدماء والفروج ففيهما خلاف، فما وجه الفرق هنا بين هذه وغيرها؟ وما الذي يعجبك في ذلك؟ وما الدليل على وجه الفرق ها هنا؟ فضلا ً منك يا شيخنا بالجواب. = الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي ٢ ألا يصطدم مع ما قرره الشرع، إذ لا يمكن ولو بالتراضي الخروج على ذلك(١) . :Iô`gÉ≤dG Iƒ`≤dG (Ü تتمثل القوة القاهرة في حدوث أمر لا يد للإنسان فيه وغير متوقع يؤدي إلى حدوث الضرر أو عدم تنفيذ ا لالتزام. وقد أخذ الفقه الإباضي بذلك أيض ً ا. فقد جاء في المدونة ا لكبرى: وإذا غرقت سفينة الملاح وغرق الطعام الذي فيها من هزة البحر أو من » معالجة السفينة، وقد حملت بإجارة، فإن ابن عبد العزيز كان يقول: هو « ضامن. وكان الربيع يقول: لا ضمان عليه في الماء خاصة لأنه عدو(٢) .  = وجه ذلك أن للناس في الدماء والفروج حمية وأنفة ليستا في سائر الأموال فلا يصح البرآن منهما مجملا ً لأن نفسه لا تطيب بذلك لو علم، ففي الإجمال خديعة ومال المسلم لا يحل  إلا عن طيب نفس وتراض. وليس مراد المفرقين أنه يلزمه الإخبار بذلك، وإنما مرادهم أنه يجب عليه أداء الضمان إلى أهله في الدماء والفروج من غير أن يفسر، إذ في التفسير طعن وتشاحن وفساد عظيم، فإذا بلى بالضمان من الدماء أو الفروج فعليه الخلاص ولا يكفيه البرآن إلا إذا كان ذلك معلوما عند من له الحق فأبرأه منه على علم فهو الرضا وطيب ً جوابات الإمام السالمي، ج ٢، المرجع السابق، ص ٣٨٨ « النفس والله أعلم -.٣٨٩ (١) ما كان أصله غير مضمون فلا يثبت ضمانه بالشرط وما كان أصله » : بالتطبيق لقاعدة مضمون ً .« ا فلا يسقط ضمانه بالشرط   والعارية لا تكون مضمونة إلا بالتعدي فإن شرط صاحبها » قال العلامة محمد بن بركة عدم الضمان ضمن... وإن شرط صاحب الأمانة الضمان على المؤتمن لم يضمن، وكان شرطه باطلا ً . فيجب أن لا يكون في العارية ضمان وإن شرط فيها لأن ما أصله غير مضمون فيجب أن يكون الشرط لا يوجب ضمانه كما أن أصل ما كان مضمون ً ا لا يبطل .« ضمانه بالشرط . راجع معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٢٤٠ ّ (٢) . أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٩٨ ١٨٢ كذلك فالقاعدة في الفقه الإباضي أن: « كل ما فسد بسبب قاهر فلا ضمان فيه »(١) . ويسري ذلك أيض ً التي تصيب الثمار « الجوائج » ا على(٢) ؛ مصداق ً ا لقوله ژ : لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته عاهة فلا يحل لك أن تأخذ منه » ً شيئ ً « ا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق(٣) . إذا » : وهو ما تؤكده القاعدة الفقهية « تعذر الأداء ارتفع الوجوب وإن تقدم سببه(٤) .  ومن كان في فحص. فطرده العدو، فرمى ما في يده من » : ويقول الثميني الأموال. فليس هو كأصحاب السفينة، فقد أجيز له أن يرمي، لتنجية نفسه ما (١) من اكترى سفينة فغرقت بسبب قاهر فلا ضمان عليه فإن فرط بأن » : ومن فروع القاعدة كان جاهلا ً بسياسة البحر وبحركة الرياح أو كان في السفينة نوع خلل فدله حتى غرقت فهو ضامن. ويفهم من كلام المصنف 5 بأنه لو لم يكن منه تدليس ولا تفريط فإنه  لا يضمن لأنها هلكت بسبب قاهر وغالب. ومنها: ما لو خرج على السفينة عدو غالب وقاهر فأخذ المال أو سلب السفينة من مكتريها، قيل لا يضمن وقيل يضمن إلا إن أصيبت من فوقها بنحو ريح أو ماء مما ليس بسببه، وأما إن أصيبت من فوقها بضعف حبالها، أو صاليها، أو بعدم توثق عمل ذلك .« وعقده فإنه يضمن بذلك، وإن ضرها الحوت بلا تفريط فلا ضمان عليه . راجع معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ٢، ص ٩٦٠ ّ (٢) الجائحة: هي كل ما لا يستطيع دفعه أو هي الشدة النازلة، وهي مأخوذة من الجوح؛ أي الهلاك. يقول ابن الشميل: أصابتهم جائحة، أي سنة شديدة إجتاحت أموالهم فلم تدع لهم وجاجا، والوجاج ما يتبقى من الشيء من مال أو غيره (لسان العرب: ٢ - ٤٣١ )؛ راجع ً أيض ً ا ا لعلامة أبو البركات الدردير: الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام . مالك، تحقيق د. مصطفى كمال وصفي، دار المعارف، القاهرة، ١٩٧٤ ، ج ٤، ص ٩١١(٣) . رواه الربيع، عن أنس بلفظ قريب، كتاب البيوع، باب ما ينهى عنه من البيوع، ر ٥٥٨ .٧٦٦ /٢ ، والبخاري، مثله بلفظه، باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ر ٢٠٨٦ ١١٩٠ . وذكره ابن حجر، عن أنس /١ ، ومسلم، مثله، باب وضع الجوائح، رقم ١٥٥٥ .٣٦٦ / ٣٩٩ ، والزرقاني في شرحه، مثله، ٣ / فتح الباري، ٤(٤) . راجع القاعدة في معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٤٣ ّ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي شاء. ولو أموال غيره. ويحرز أمواله ولا يضمنها، إن كان ذلك العدو غالبا ً عليه ولم يكن تسبب في قيامه عليه. وكذا إن غلبه ريح، أو سيل، أو صاعقة، « أو نحو ذلك، مما لا يطيق عليه(١) . ويرجع تعليل القوة القاهرة كسبب لنفي المسؤولية أو تخفيفها في الشريعة الإسلامية إلى أن من القواعد الأصولية الثابتة في الفقه والأصل فيها قوله تعالى: .« المشقة تجلب التيسير » الإسلامي قاعدة ﴿ § ¨ «ª© ¬ ﴾[ [البقرة: ٢٨٦ وقوله تعالى: ﴿ §¨© ª«¬ ¯® ﴾ [ [البقرة: ١٨٥ ، وقوله تعالى: ﴿ |{z }~ے ¡ ﴾ [ [الحج: ٧٨ وقوله ژ : أحب الدين إلى الله تعالى » « الحنيفية ا لسمحة . كذلك قال ابن نجيم: « العسر وعموم البلوى » وأسباب التخفيف في الشريعة عديدة، منها(٢) . ولا شك أن تلك القاعدة قابلة للتطبيق حتى على الصعيد ا لدولي. وهكذا في الفقه الإسلامي يمكن أن تنطبق قاعدة أخرى تؤثر على المسؤولية أو الضمان، هي قاعدة عموم ا لبلوى. الحالة أو الحادثة التي تشمل كثيرا » والمقصود بها في إصطلاح الفقهاء ً من الناس ويتعذر الاحتراز عنها، وعبر عنه بعض الفقهاء بالضرورة العامة وبعضهم بالضرورة الماسة، أو حاجة الناس، وفسره الأصوليون بما تمس .« الحاجة إليه في عموم ا لأحوال (١) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٣٣٨(٢) ابن نجيم: الأشباه والنظائر، مكتبة الحلبي، القاهرة، ١٣٨٧ ه - ١٩٦٧ م، ص ٧٥ وما بعدها. ١٨٤ وعموم البلوى تعتبر من أسباب التخفيف، تطبيق ً ا لقاعدة أن المشقة تجلب ا لتيسير(١) . :IQhô°†dG ádÉM (ê حالة الضرورة تعفي من الضمان، ذلك أن أثرها اللازم هو أن الممنوع شرع ً ا يباح عند الضرورة ا لملجئة(٢) . وأصل هذه القاعدة قوله تعالى: ﴿ ,+* -. 10/ 32 ﴾ [ [الأنعام: ١١٩ ، وقوله: ﴿ rqponmlkji vuts ﴾ [ [البقرة: ١٧٣ ، وقوله: ﴿ \[ZYXW ^]_` ba ﴾ [ [المائدة: ٣ . وحالة الضرورة يؤكدها العديد من القواعد الفقهية، مثل: .« المشقة تجلب ا لتيسير » قاعدة .« الضرورات تبيح ا لمحظورات » قاعدة (١) راجع الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، ١٤١٤ ه - ١٩٩٤ م، ج ٣١ ، ص ٦ -.٧ بينما قيل إن المراد بعموم البلوى في أمر ما: أنه لو ثبت لاشتهر وعم العلم به (راجع الإمام الزنجاني: تخريج الفروع على الأصول، تحقيق د. محمد أديب صالح، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٤ ه -.( ١٩٨٤ م، ص ٦٢   (٢) مما يروى أن عمرو بن العاص أجنب وهو أمير على جيش في غزوة السلاسل فخاف الماء من يا عمرو، لم » : ى، فلما قدم على ا لنبي ژ أخبره أصحابه بذلك فقال شدة البرد فتيمم وصل  قال: يا ،«! ؟ صليت بهم وأنت جنب » : وقيل: قال .«؟ من أين عملت ذلك » : أو قال «؟ فعلت ذلك رسول الله، إني سمعت الله تعالى يقول: ﴿ QPONMLKJI ﴾ [ [النساء: ٢٩ ، فضحك النبي ژ ولم يرد عليه شيئ ً وسكوته على ذلك مع القدرة على الإنكار عليه تقرير » ، ا له؛ فهو دليل على الرضا به لا سيما وقد ضحك، فهو أدل على الجواز؛ لأنه سرور بذلك راجع جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ١، ص ٦٥٠ .« الاستنباط، والله أعلم -.٦٥١ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي ويؤكد ما قلناه، ما قرره الإمام ا لسالمي: « وللاضطرار حكم يخالف حكم ا لاختيار »(١) . ويحكم حالة الضرورة في الفقه الإباضي قواعد ثلاثة(٢) : الأولى الاضطرار لا يبطل حق الغير، وإلا كان من قبيل إزالة الضرر  بالضرر، وهذا لا يجوز شرع ً ا. الثانية الضرورة تقدر بقدرها، أي ما هو مباح للضرورة لا يجوز أن ما أجيز للضرورة يزول » يجاوز ما تحتمه مواجهتها والتخلص منها، لأن .« ما فعل لعلة زال بزوالها » كما أن ،« بزوالها والثالثة إذا خير المضطر بين ما يترتب عليه ضمان وما لا يترتب عليه ضمان من المحظورات تعين عليه اختيار ما لا يترتب عليه ضمان. وهكذا فالضرورة يمكن في بعض الأحوال أن تعفي من الضمان أو المسؤولية(٣) . (١) . السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٥١ (٢) ، راجع هذه القواعد في معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٦٨ ّ ١٢٣٠ ، ٦٨٦ ؛ ج ٢، ص ١٢٠٥ ،٢٦٧ -.١٢٣١ (٣) قيل: وقد اختلف فقهاء المسلمين حول مسألة: هل على المضطر ضمان ما أخذ؟ ويمكن أن نميز هنا بين الاتجاهات ا لآتية: ١ ذهب الحنيفة إلى أن المضطر يجب عليه ضمان ما تناوله من مال الغير، لأن المضطر أخذ الشيء بغير إذن مالكه فوجب عليه الضمان. وكذلك الحنابلة يوجبون الضمان، وأيض ً ا ا لإمامية. ٢ وفي المذهب المالكي أقوال ثلاثة: أحدها أن على المضطر ضمان ما أخذ من مال غيره، وثانيها أنه لا يجب على المضطر ضمان ما أخذه من مال غيره، وثالثها التفرقة بين ما إذا وجدت معه حال اضطراره قيمة ما تناوله من مال غيره (وفي هذه الحالة يجب عليه الضمان)، وبين ما لم توجد (وهنا لا شيء عليه مطلق ً ا). ويأخذ الظاهرية بهذه التفرقة الأخيرة ويعللون عدم الضمان في الفرض الثاني (عدم وجود مال معه) بقوله تعالى: ﴿ ,+* -3210/. ﴾ [ [الأنعام: ١١٩ ، وقوله: = ١٨٦  وحالة الضرورة تطبق أيضا في العلاقات الدولية عند ا لإباضية: ًّ ١ ولا يحل للمسلمين إذا دخلوا دار الحرب، أن يشتروا » : يقول النزوي منهم شيئ ً ا، لا يحل في الدين. فإن اضطروا إلى أكل الميتة ولحم  « الخنزير، فاشترى منهم، فلا بأس(١) . ٢ وبخصوص الحديث ا لآتي: قال إلى عقبة بن عامر : يا رسول الله؛ إنا نمر بقوم فما هم يضيفونا » ولا هم يؤدون ما لنا عليهم من الحق، ولا نحن نأخذ منهم، فقال رسول الله ژ : إن أبوا إلا أن تأخذوا كره » ً « ا فخذوا . حديث حسن، وقد رواه  الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أيض ً ا، قال الترمذي: وإنما معنى هذا  الحديث أنهم كانوا يخرجون في الغزو، فيمرون بقوم ولا يجدون من الطعام ما يشترون بالثمن، فقال النبي ژ : إن أبوا أن يبيعوا إلا أن تأخذوا كره » ً ا « فخذوا ، هكذا في بعض الحديث مفسرا، وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه ً .« كان يأمر بنحو هذا وقال النووي يشرط الإمام عليهم ضيافة من يمر عليهم، » : يقول أطفيش فإن لم يفعلوا أخذوا منهم كره ً ا، وإن لم يشرط فلا يأخذوا منهم كره ً ا إلا « من ا ضطر(٢) . = ﴿ vutsrqponmlkji ﴾ [ [البقرة: ١٧٣ ، وقوله: ﴿ W ^]\[ZYX _` ba ﴾ [ [المائدة: ٣ . ٣ أما المذهب الإباضي فيذهب إلى القول بعدم الضمان ويذكر كمثال أن الشخص إذا جاع حتى خاف الموت فأخذ من مال الناس حتى ينجي نفسه، فلا ضمان عليه لأن على صاحب المال أن ينجيه لو حضر. ، موسوعة الفقه الإسلامي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٩٧٥ ، ج ١٤ ص ٨٧ -.٨٩ (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٤١(٢) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٧٩ = الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي ٣ وفي القانون الدولي الإنساني، يعتبر الفعل مباحا إذا ارتكبته القوات ً المسلحة بسبب الضرورة الحربية Military Necessity كأن يتم تدمير ٍٍ ممتلكات وأعيان مدنية لإصابة هدف عسكري. ا(١) وقد أخذ الفقه الإباضي بذلك أيض ً . :¬«∏Y ±Qƒ©J ɪ«a ¿Éª°V ’ (O لا ضمان مما يتعارف بين الناس بالإباحة » : أكد الفقه الإباضي على أنه « فيما يجوز فيه ا لتعارف(٢) .  = قال أبو المؤثر: لا يجوز لأحد من المسلمين معونة » : كذلك جاء في الجامع لابن جعفر الجبابرة سلما كان أو حربا وإن خافوا هلاك البلاد للمسلمين أن يدفعوا عن أنفسهم ًً وبلادهم وأموالهم ما دفعوا إليه من أموالهم ولا بأس عليهم بذلك إن شاء الله، ولا على أحد من الناس الأحرار الباغين برأيهم وطيبة أنفسهم مالا ً ودفعوه إلى الجبابرة على ما وصفنا من الحقوق على حريم المسلمين وأموالهم ودمائهم ولو كان في حد مناصبة لعسكر .« من عساكر المسلمين لأن هذا هو أهون على المسلمين مما يصابون به منهم والله أعلم ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٨، ص ١٢٤ -.١٢٥ (١) قلت: فإن خرج الإمام على أهل الشرك وظفر بهم هل له قطع نخلهم » : وهكذا قيل وشجرهم أو هدم منازلهم وتحريقهم؟ قال: لا، ليس له أن يخرب عامرا ولا يقطع شجرا ًً ولا نخلا ً بعد الظفر بهم لأن ذلك غنائم للمسلمين. قلت: فإن كان لا يظفر بهم إلا بذلك؟  قال: إذا كان لا يظفر بهم إذا تحصنوا عنه إلا بهدم منازلهم جاز له وقد فعل رسول الله ژ في محاربته لليهود حين تحصنوا عنه وكان المسلمون يخربون من موضع والكفار يخربون من موضع آخر ليسدوا ما خرب المسلمون. قال الله ﴿ ¬¯® ° ³²± ´ ﴾ [ [الحشر: ٢ . قلت: فيقطع نخيلهم إذا امتنعوا وتحصنوا؟ قال: فقد كان رسول الله ژ قطع عليهم وترك. وقد قال الله: ﴿ ;:9876543210/ ﴾[ [الحشر: ٥ . السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، تحقيق د. سيدة إسماعيل كاشف، وزارة التراث ُ القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه -. ١٩٨٦ م، ج ٢، ص ٢٠٨ ُ (٢) الشيخ صالح السليفي: منهاج الطالبين أو تحفة المتعلم وبشارة المتكلم، مسقط، ١٤٣٢ ه -. ٢٠١١ م، ص ١١٧ ١٨٨ .« لا ضمان فيما تعورف عليه » : فالقاعدة أنه ما كان معروف » : علة ذلك أنه ً ا مع الناس أنه لا بد منه في ذلك فلا ضمان فيه، إلا إذا تعدى العاسف الحد المعتاد فيه في النظر عند أهل المعرفة، « ومثل هذا موجود في الأثر عند أهل ا لبصر(١) .   :√Gô`cE’G (`g الإكراه ينافي الضمان، إذا توافرت شروطه، حتى في إطار العلاقات الدولية. ومن قاتلك من أهل الذمة مكره » : جاء في المدونة الكبرى ً ا فلا تقتله، ولا سبيل لك عليه. ومن نصب لك الحرب منهم طائعا فالحكم فيه حكم ً رسول الله ژ . وسألته عن نصراني نصب للمسلمين الحرب مع الفسقة، قال: « لا يحل شيء من ماله وولده، إنما اتبع رضا ا لفسقة(٢) .  إلا أنه لكي ينفي الإكراه الضمان يجب:  (١) محمد المقبالي: الطلع النضيد في أجوبة العلامة الشيخ أحمد بن سعيد الخليلي، مكتبة الجيل الواعد، مسقط، ١٤٢٧ ه -. ٢٠٠٦ م، ص ٥٣٠ .( ذات المرجع، ص ٥٤٦ ) « لا ضمان مع عدم التقصير في الحفظ » : كذلك فالقاعدة (٢) أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٣٥٠ . كذلك من من كان تحت أيدي السلاطين الجورة فأكرهوه على قتل أحد من الناس » : المعروف أنه وهو ممن يحل دمه عند المسلمين أو أحد من المحاربين أو المرتدين أو المرجفين أو أكرهوه على القصاص والجلد والقطع والرجم أو على ذمي منع الجزية أو أسير الحرب أو أن يخطب ويصلي بهم الجمعة ويذكر في خطبته مناقبهم وينال من السلف الصالح، فهذا كله سائغ له إذا ظهر السيف وخاف الحيف والتلف. وبالجملة إن جميع ما يكره .« عليه الرجل المسلم إن كان مباحا فمخير إن شاء فعل وإن شاء ترك ً د. محمد كمال الدين إمام: كتاب العدل والإنصاف، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ١٤٣٢ ه -. ٢٠١١ م، ص ٨٣ ُ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي ١ أن يكون بالقول لا بالفعل(١) . ٢ أن يكون رغما عن إرادة الشخص، فإن كان بإرادته ولو خطأ ً ضمن(٢) . (١)تطبيق ً لو أكره » : ومن فروعها وقت الحرب .« التقية بالقول لا بالفعل » : ا للقاعدة الفقهية رجل على حمل الرؤوس المقطوعة أو تعليق مقتول فلا يجوز له فعل ذلك فإن فعل شيئ ً ا من ذلك بحد التقية كان ضامن ً ا لما يحدث في ذلك بفعله وحرمة الأموات كحرمة الأحياء .« بالسنة. والتقية لا تسع بالعمل وإنما تسع أن يدفع الظلم بالقول لا بالفعل     راجع معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣٩٢ -.٣٩٣ ّ رجل أسر في أيدي العدو وقاتلوا المسلمين واستعانوا » : كذلك جاء في بيان الشرع بالأسير فأبى فضرب وعذب حتى رمي وقتل رميه مسلما؟ قال: ليس تجوز التقية لأحد ً في العمل إنما تجوز التقية في القول فإن رمى وقتل مسلما فعليه ا لق َ .« ود ًَ . الكندي: بيان الشرع، ج ٧٠ ، ص ٢٩٨(٢) وهكذا بخصوص الرهائن المحبوسين في السكن (وهو ما يمكن أن يسري دوليا في ً حالات الإرهاب الدولي التي تأخذ صورة خطف الرهائن واحتجازهم)، يقول النزوي: ولا شيء على الرهائن المحبوسين في نزولهم وسكناهم الدور المغصوبة إذ هم مقهرون »على ذلك والضمان على من قهرهم فيها. وما حدث فيها من أفعالهم من المضرة أو أتلف شيئ ً ا من بنائها من آجر أو تراب أو خشب من فعلهم فعليهم الضمان لأن الخطأ في الأموال مضمون. وإن أنصب في المنزل ماء منهم فلا ضمان في ذلك إلا أن يكون فيه مضرة على أهل المنزل المغصوب منهم فإن الضرر مصروف ومضمون على من فعله. وليس لهم أن يفعلوا في المنزل ما فيه الضرر على أهله فذلك مضمون على من فعله النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ٤٧ . راجع أيض « وأحدثه ً ا، السعدي: قاموس . الشريعة، ج ١٣ ، ص ٢٨٢ ومن ذلك بخصوص أهل قبرص حينما أحدثوا حدث ً ا في ولاية عبد الملك بن صالح فأراد أهل قبرص أذلاء مقهورون يغلبهم الروم » : نقض صلحهم فكتب إليه إسماعيل بن عياش على أنفسهم ونسائهم فقد يحق علينا أن نمنعهم ونحميهم، وقد كتب حبيب بن مسلمة لأهل تفليس في عهده أنه إن عرض للمسلمين شغل عنكم وقهركم عدوكم فإن ذلك غير راجع: ،« ناقض عهدكم البلاذري: فتوح البلدان، ص ٢١٣ -.٢١٤ ١٩٠ (h ﴿ wvuts ﴾[ [التوبة: ٩١ (1): يستند اتجاه في الفقه الإسلامي إلى الآية المذكورة للقول بانتفاء وإذا اطلع المحتسب على خمر المسلم وأراقها » : الضمان. وهكذا قيللا ضمان عليه في إراقتها أما الإراقة فلأنه نهى عن المنكر وأما عدم الضمان فلأنه محسن ﴿ {zyxwvuts ﴾ [ [التوبة: ٩١ «(٢) . يقول الإمام القرطبي إن قوله تعالى: ﴿ yxwvuts {z ﴾ : « أصل في رفع العقاب عن كل محسن »(٣) . يريد من طريق إلى العقوبة » : وبخصوص ذات الآية يقول ابن العربي على فعله؛ لأنه إحسان في نفسه، والحسن ما لم ينه عنه الشرع، والقبيح ما نهى عنه... هذا عموم ممهد في الشريعة، أصل في رفع العقاب والعتاب عن كل محسن، قال علماؤنا في الذي يقتص من قاطع يده فيفضي ذلك بالسراية إلى إتلاف نفسه... لا دية عليه، لأنه محسن في اقتصاصه من المعتدي عليه، « فلا سبيل إليه(٤) . (١) أصبحت هذه القاعدة من أمثال القرآن تجري مجرى المثل، وهو من النوع البديعي المسمى بإرسال المثل (راجع جعفر بن شمس الخلافة: كتاب الآداب، تحقيق محمد أمين الخانجي، مكتبة الخانجي، القاهرة، ١٤١٤ ه - ١٩٩٣ م، ص ٦٢ ؛ الإمام السيوطي: الإتقان .( في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث، القاهرة، ج ٤، ص ٤٤ (٢) الإمام عمر بن محمد السنامي: نصاب الاحتساب، دار الوطن، الرياض، ١٤١٤ ه - . ١٩٩٣ م، تحقيق د. مريزن عسيري، ص ٢٩٩ (٣) ، الإمام القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨٧ . ج ٨، ص ٢٢٧(٤) ابن العربي: أحكام القرآن، تحقيق علي البجاوي، دار الجيل، بيروت، ١٤٠٧ ه - ١٩٨٧ م، . ج ٢، ص ٩٩٥ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي ويقول ابن العربي إن تلك الآية يقابلها قوله تعالى: ﴿ ½¼»º   ÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾ ﴾ [ [الشورى: ٤٢ : فكما نفى السبيل عمن أحسن فكذلك أثبتها على من ظلم، واستوفى بيان »« القسمين(١) . كذلك يقول الإمام القشيري بخصوص ذات ا لآية: المحسن الذي لا تكون للشرع منه مطالبة لا في حق الله ولا في حق » « الخلق... ويقال هو الذي يقوم بحقوق ما نيط به أمره(٢) . وهكذا فإن معنى هذه القاعدة نفي الإثم أو عدم المشروعية عمن يأخذ حقه وهو محسن(٣) ، أي غير معتد ولا ظالم لغيره ولا ملحق ضررا غير ً مشروع بهم.  معنى ذلك أنه لا ضمان إذا صدر فعل دون تفريط، وإنما أداء للواجب الذي يقع على عاتق الشخص أو استعمالا ً لحق له، لأنه محسن يفعل ما هو جائز له، والله تعالى يقول: ﴿ {zyxwvuts ﴾[ [التوبة: ٩١(٤) . (١) . ذات المرجع، ج ٤، ص ١٦٧٠(٢) الإمام القشيري: لطائف الإشارات تفسير صوفي كامل للقرآن الكريم، الهيئة المصرية . العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨١ ، ج ٢، ص ٥٤ (٣) يقترب من ذلك قوله تعالى: ﴿ ¯° ³²± ´¸¶μ ﴾ [ [الشورى: ٤١ . فلماذا وهو الحقيقة. إذ يقال طريق إلى مكان وسبيل إليه. ،« ما إليهم » ولم يقل ،« ما عليهم » قال إن (على) يستعمل في الضرر، كقوله » : أجاب الإمام ابن عبد السلام على ذلك، بقوله ﴿ å çæ ﴾ [ [فصلت: ٤٦ ، وكقولنا: عليه دين والمقصود هاهنا إنما هو نفي الضرر عنهم إذا الإمام ا لعز بن عبد السلام: الفوائد في ) « طلبوا حقوقهم، فكان الإهتمام بالمقصود أولى مشكل القرآن، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، ١٣٨٧ ه -.( ١٩٦٧ م، ص ١٥٧ (٤) ومن حفر بئرا أو نهرا في غير حقه ضمن ما عطب فيه. ومن حفر ذلك في » : لذلك قيل ًً درويش بن جمعة المحروقي: الدلائل « حقه فلا ضمان عليه لأحد، لأنه فعل ما هو جائز له على اللوازم والوسائل، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ١٤٢٧ ه -. ٢٠٠٦ م، ص ٢٨٦ ُ ١٩٢ ويدخل في ذلك أيضا، ما يلي: ً أولا ً « الجواز الشرعي ينافي الضمان » أو « الإباحة تحط الضمان » أن(١) ، إذ من غير المقصود أن يباح الفعل ثم يتحتم الضمان على فعله. ثانيا لا ضمان على من لا يقصر في الواجب عليه(٢) . ً ثالث ً ا من أتلف مالا » : بخصوص قاعدة ً لأحد من الموحدين لزمه مثله أن » : يستثنى تسع خصال، منها « إن كان له مثله أو قيمته إن لم يكن له مثل يتلف له مالا ً « في حال الحرب بين المسلمين وأهل ا لبغي(٣) . ويسري هذا الاستثناء أ يضا إذا حدث التلف في حرب مع غير ا لمسلمين. ً :z¬∏Ñb Ée Öéj ΩÓ°SE’G{ (R معنى ذلك أنه لا ضمان بخصوص ما تم ارتكابه من أفعال قبل الإسلام، مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ {zyxwvuts | ﴾ [ [الأنفال: ٣٨(٤) . (١) د. هلال الراشدي: القواعد الفقهية عند الإباضية تنظيرا وتطبيق ً ا، المرجع السابق، ًّ . ص ٤٧٣(٢) العالم السيد مهنا البوسعيدى: كتاب لباب الآثار، سلطنة عمان، وزارة التراث القومي ُ والثقافة، ١٤٠٧ ه -. ١٩٨٧ م، ج ١٤ ، ص ٤٢٢ (٣) أبو اسحاق بن قيس: مختصر الخصال، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٣ ه -١٩٨٣ م، ص ٤٢٢ -.٤٢٣ (٤) وبخصوص الآية السابقة (الأنفال: ٣٨ ) يوجد خلاف بين أهل العلم في حقوق العباد هل أن » تدخل في عموم الآية أم لا؟ ولم يكن هناك دليل صريح يخصص الآية لذلك الأولى .« يقال أن الحقوق كلها تسقط عنه سالم بن خلفان: المرجان في علوم القرآن، ١٤٣١ ه -. ٢٠١٠ م، ص ١٨٦ ولو كانوا كتابيين، أو في عهد، وذلك » ويقول أطفيش إن الآية أنه يغفر لهم ما قد سلف . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٢٦ « هو الصحيح = الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي « يتناول العفو عن كل ما سلف » فهذا(١) . وقوله ژ : « الإسلام يجب ما (كان) قبله »(٢) . « يقطع ويستأصل » أي(٣) . والحديث يدل على أنه في بعض الأحوال الإسلام مانع من الضمان أو ا لمسؤولية(٤) . = وجاء في جامع ا لبسيوي:  وما أتى المشرك من قتل أو زنا أو سرق ثم أسلم، فقد محا الإسلام عنه ذلك إلا أن »يكون أتي ذلك بين ظهراني المسلمين، من حيث يجري عليه حكمهم؛ فإنه يقام عليه حد . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٤٧ « السارق والمرتد ويبدو أن الغرض من ذلك هو تطبيق مبدأ إقليمية الجرائم والعقوبات، وكذلك قطع الطريق على الشخص الذي يرتكب جريمة وهو مقيم في الدولة الإسلامية، ثم يسارع باعتناق الإسلام ولو ظاهريا حتى لا تتم محاكمته وتوقيع العقاب عليه. ً (١) . نور الدين السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٨، ص ٧٣(٢) ٢٠٤ ، والبيهقي ٩ / رواه البخاري ٤ / .١٢٣(٣) هو نص في الشرك » نور الدين السالمي: معارج الآمال، المرجع السابق، ج ٨، ص ٧٣ . والحديث . جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٤٦ « إذا أسلم ليس عليه بعد الإسلام تبعة(٤) وهذا القول مجاز، لأن أصل الجب هو اختزال السنام من أصله، » : يقول الشريف الرضا فكأنه عليه الصلاة والسلام جعل الإسلام مستأصلا ً لكل ذنب تقدم للإنسان قبله حتى لا يدع له جناية يحذر عاقبتها ولا معرفة يسوء الحديث عنها بل يعفي على ما تقدم من السوءات، ويحثو على ما ظهر من ا لعورات. ويقترب من هذا قوله ژ لعمرو بن العاص: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ وأن » « الهجرة تهدم ما كان قبلها . الشريف الرضي: المجازات النبوية، مؤسسة البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٧ ه - ١٩٦٧ م، تحقيق د. طه الزيني، ص ٥٤ -.٥٥ وضابط » : يقول القرافي ،« قاعدة ما يلزم الكافر إذا أسلم وقاعدة ما لا يلزمه » وفي حديثه عن الفرق أن حقوق العباد قسمان منها ما رضي به حالة كفره واطمأنت نفسه بدفعه لمستحقه فهذا لا يسقط بالإسلام لأن إلزامه إياه ليس منفرا له عن الإسلام لرضاه وما لم يرض بدفعه ً لمستحقه كالقتل والغصب ونحوه فإن هذه الأمور إنما دخل عليها معتمد ً ا على أنه لا يوفيها = ١٩٤ كذلك يقول ژ : « من أسلم على شيء وهو في يده فهو له »(١) ، وهو  حديث يطبق أيض ً ا في إطار العلاقات الدولية، بما يعني أن يترك لمن أسلم = أهلها فهذا كله يسقط لأن في إلزامه ما لم يعتقد لزومه تنفيرا له عن الاسلام فقدمت مصلحة ً  الاسلام على مصلحة ذوي الحقوق. وأما حقوق الله تعالى فتسقط مطلق ً .« ا رضي بها أم لا . الإمام القرافي: الفروق، الفرق ١٧٠ ، عالم الكتب، بيروت، ج ٣، ص ١٨٤ (١) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٥٩ . ويضرب الوارجلاني أمثلة كثيرة تؤيد قوله ژ : « من أسلم على شيء وهو في يده فهو له » ، منها: حكم رسول الله ژ في د » ُ ور مكة ورباعها. وقد دخلها على أهل مكة ع َ نوة فهي لهم. فسوغ لهم جميع ما في أيديهم من كسب أو غصب. وأعظم من ذلك د ُ ور المهاجرين الذين أسلموا وهاجروا. فتركوا د ُ ورهم فخالف عليها المشركون من بعدهم واغتصبوها. فهنأها رسول الله ژ لهم، ولم يرد على أحد من المهاجرين داره، ولا انتزعها من أيدي ا لمشركين. وأعظم من هذا كله دور رسول الله ژ اغتصبها عقيل بن أبي طالب، واغتصب المولد دور بني عبد المطلب وباعها من المشركين، وصارت دار خديجة زوج النبي ژ إلى أبي سفيان بن حرب، التي فيها مولد فاطمة بنت رسول الله ژ ، فردها إلى داره. واغتصب أيض ً ا أبو سفيان دار أبي أحمد بن جحش، فاستعد عليها رسول الله ژ فلم يعده، فقال: يا رسول الله، دار أبي اغتصبها أبو سفيان، فأعرض عنه رسول الله ژ ، فأتاه من على يمينه، فأعرض عنه، فأتاه من قبل شماله فأعرض عنه، ثم ناداه رسول الله ژ مناجاة ومضى وتركه، وقال يعرض بأبي سفيان: دار بن عمك بعتها تنفي بها عنك الغرامه إذهب بها إذهب بها طوقتها طوق ا لحمامة وقال أسامة بن زيد لرسول الله ژ ، وكان رجل رسول الله ژ بيده: أين ننزل غد ً ا يا رسول الله في يوم الفتح ! فقال 0 : وهل ترك لنا عقيل من منزل إنزل بالأبطح؟ « ذات المرجع، ص ٦٠ -.٦١ ثم ما وجدنا الإجماع عليه من إسقاط ا لنبي ژ الضمان عن أهل الكتاب » : ويقول النزواني من اليهود والنصارى حيث لم يوجب جميع ما أحدثوه في حال المحاربة ولا قبلها في .« حال الشرك من الدماء والأموال الشيخ أبو بكر النزواني: كتاب الإهتداء والمنتخب من سير الرسول عليه الصلاة والسلام وأئمة وعلماء عمان، ص ١٤٣ -.١٤٤ ُ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي جميع ما في أيديهم ولو كانوا قد اغتصبوه قبل الإسلام. يقول الوارجلاني إن ا لنبي ژ : سوغ لهم جميع ما في أيديهم من الأموال والديار والدمن » والعقار. والاستحوال والاستخمار، كسبا كان أو نصبا، ذاهبة أو قائمة، حلالا ً ًً وحراما. على أي وجه من الوجوه كانت مغصوبة كانت للمسلمين، أو ً .« مكسوبة لغيرهم أو لهم، فجميع ذلك معفو عنهم فيها وتسري ذات القاعدة بخصوص أهل الخلاف (من المسلمين)، يقول الوارجلاني: فمن تاب من سوء ما هو عليه، ورجع وأبصر الإسلام وأهله وتبرأ من » الخلاف وأهله. من قبل أن يقدر عليه المسلمون وهو في منعته حتى تاب. إنه معفو عنه، كل ما جنى وأجرى من سفك الدماء، وأخذ الأموال، واستباحة الفروج. كلما أتى من ذلك مهدور عنه. وصار كأحد المسلمين. ليس فيه فيما جنى على النفوس من ق َود، ولا على الأموال من مواداة. وحرام على َ « من يطالبه بمال أو نفس أو غير ذلك وأعديناه فيمن جاوز اليه فيما ذكرنا(١) .  :z¿Éª°†dG πjõj ’ CÉ£îdG{ (ì  إذا توافر ما يوجب الضمان، فعلى من أحدث الضرر إصلاحه وإزالة آثاره. وإصلاح الضرر الواقع على الأشياء واجب، سواء كان إلحاق الضرر عمد ً « الخطأ في الأموال لا يزيل الضمان » : ا أو حتى عن غير عمد لأن(٢) . (١) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٦٢ - ٦٤ . ويقول النزوي: وإذا أسلم قوم من أهل الحرب، ولبعضهم على بعض دين ومطالب في حال شركهم، »فإنهم يؤخذون به فيما قيل إلا ما كانوا يستحلونه في دينهم، وهو جائز في دينهم، فهو النزوي: المصنف، وزارة « عنهم موضوع. وما كان في أيديهم للمسلمين، إنه يرد إلى أهله التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه -. ١٩٨٤ م، ج ١١ ، ص ١٢٤ ُ (٢) . الشيخ عامر الشماخي: كتاب الإيضاح، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٣٤ راجع أيضا القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٢٢ -.٥٢٩ ًّ ١٩٦ لا ينفي مسؤولية الدولة « الخطأ في التقدير » كذلك سبق أن ذكرنا أن الإسلامية، وإنما الضمان واجب سواء في مال مرتكب الفعل، أو الإمام، أو بيت المال (على التفصيل السالف ذكره). يؤيد ذلك أيض ً الاضطرار » ا قاعدة.« لا يبطل حق ا لغير بالتالي، يمكن أن نقرر:  أن الخطأ في الأموال مضمون إن أد ى إلى إتلاف مال ا لغير. أن الخطأ الذي تترتب عليه جرائم حرب في النفس أو المال مضمون. أن الخطأ الذي يلحق أضرار ا بدولة أخرى مضمون. ً أن الخطأ في تطبيق معاهدة دولية أو قرار دولي مضمون. :(»dhódG ÜÉgQE’G ºFGôL »a) º¡«∏Y IQó≤dG πÑb ø«HQÉëªdG áHƒJ (• فقد جاء في شرح النيل أنه يقتل: محارب قاطع أصاب مالا » ً .« وقتل نفسا إن قدر عليه ً ومحارب قاطع) للطريق ومعينه كالكمين )» : معنى ذلك كما يلي والطليعة خلاف ً ا للشافعي في المعين مثلهما (أصاب مالا ً وقتل نفسا) أو قتل ً نفسا ولم يصب مالا ً ، أي لم يأخذه (إن قدر عليه) وإن تاب قبل أن يقدر ً عليه فلا يقتل، وليس عليه الدية ولا ضمان ما أكل أو أفسد، وقيل: عليه « الدية والضمان(١) . وهكذا، في الفقه الإباضي يعفي من العقاب المحاربون (الإرهابيون) الذين ارتكبوا أفعالا ً إرهابية لكن رجعوا وتابوا قبل أن يقدر عليهم.  (١)العلامة أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ٧٨٦ ؛ انظر أيض ً . ا النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٧٦ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي يقول ا لوارجلاني:  وإن لم نقدر عليهم، لكنهم جاءوا تائبين، بعد ما قتلوا منا وأكلوا » الأموال، أسقطنا عنهم حد الحرابة، وأخذناهم بما فعلوا خصوصا، وقتلنا ً القاتل فيمن قتل، إذا كان ممن يقتل به، واستددنا الأموال من آخذيها وآكليها، وهدرنا عنهم جميع ما أصابوا منا في محاربتهم، لأنا وإياهم في حال المتدينين، لا نأخذ الحق ممن لا ندفع له الحق، ويهدر عنهم جميع ما « أصابوا منا في محاربتهم، إلا قائم العين من الأموال، فإنه مردود إلى أهله(١) . كذلك بخصوص قطاع الطريق إذا تابوا قبل أن يقبض عليهم، يقول الإمام  إذا كانوا مستحلين سقطت عنهم الدماء والأموال إلا ما كان في » : أبو عبيدة أيديهم منها، وإذا كانوا منتهكين لم يسقط عنهم شيء، فيقتص منهم فيما أصابوا في المستحلين وخالفه ابن عبد العزيز في المستحلين، وقال: بوجوب القصاص منهم ورد الأموال لأنها حرام قبل استحلالهم لها، وقال حاتم بن « منصور: قول ابن عبد العزيز أقرب إلى القياس ولكي أتبع ا لسلف(٢) . وجاء في معجم مصطلحات ا لإباضية: ّ ومن جاء من أهل الشرك تائبا قبل أن يقدر عليه، هدر عنه ما أصاب » ً « في محاربته(٣) . (١) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٧٤ . انظر أيض ً ا الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٣٢ ؛ السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، ُ . ج ٢، ص ٢٩٨(٢) مبارك الراشدي: الإمام أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي وفقهه، ١٤١٣ ه - ١٩٩٢ م، لأني لا أضع عنهم شيئ » : ص ٤٧٦ . وقد علل ابن عبد العزيز رأيه، بقوله ً ا من ذلك لاستحلالهم شيئ ً ا كان حراما عليهم في أصل الدين، لأن الدماء قد حرمت قبل استحلالهم إياها، ودينونتهم ً .٣٢٢ ، أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، المرجع السابق، ج ٣، ص ٣٢٠ « فيها(٣) . معجم مصطلحات ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٢٤٦ ّ ١٩٨ من جاء منهم مسلما تائبا من قبل أن يؤخذ فلا سبيل » : علة ذلك أن ًً « عليه حيث هدم الإسلام ما فعل في الشرك، لأن الشرك كان أعظم منه(١) . كما أن قوله تعالى: ﴿ wvutsrqp ﴾ [ [المائدة: ٣٤ « هو ما كان بعد المحاربة، أو فيها، فهو الذي يهدر عنهم » ، إنما(٢) . وبخصوص ذات الآية، يقول ا لبسيوي: إنما هو ما كان بعد المحاربة، حين نسبهم الله محاربين، وامتنعوا » بالذي كانوا أصابوا من قبل المحاربة، وأما ما أصابوا بعدها وفيها فذلك الذي يهدر عنهم، وأما ما كان قد وجب عليهم بالامتناع وصاروا محاربين فإنهم يؤخذوا به على قدر منازلهم قتلا ً وصلب ً ا وقطع ً ا؛ لأنهم أصابوا ذلك وهم مستحقون به مقرون بالظاهر منهم بحد ما أصابوا. « وقد قيل: إنها عامة في أهل الشرك وأهل ا لإقرار(٣) . وهذا التفسير رائع يجب الأخذ به لأمرين: الأول: أن الآية تقول: ﴿ RQPONMLK TS... ﴾ [ [المائدة: ٣٣ ، وهذا يدل على أن عدم التعرض لهم إذا تابوا يكون بفعل المحاربة والفساد، لا قبل ذلك. والثاني: أن الآية جاءت عامة غير مخصصة، وبالتالى فهي تنطبق على المسلم وغير ا لمسلم. وجاء في منهج الطالبين بخصوص ذات الآية أنهم إذا تابوا من قبل أن (١) أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، ٣٤ من سورة ا لمائدة). ، ج ١، ص ١٢٧ (قاله في تفسير الآيتين ٣٣(٢) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٥١(٣) جامع أبي الحسن البسيوي، المجلد الأول، ص ٦٩٩ -.٧٠٠ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي ما كان من أهدرت عنهم هذه الحدود التي قدمنا ذكرها، إلا » : يقدر عليهم أموال الناس موجود ً ا في أيديهم بعينه. فإنه يؤدي إلى أهله.  وعندي أنه يخرج في المعنى ذلك، ما كانت المحاربة على الاستحلال. وإن كان الأخذ والجنايات على التحريم، مما لا يدين به أحد من أهل الإقرار دين ً ا، فعليهم ديات جميع ما جنوه من الأنفس، ورد جميع ما أخذوه من الأموال والأنفس. ولا تهدر توبتهم عنهم ذلك، فيما معهم من قليل أو كثير. « أما الحدود التي لله ففيها قولان(١) . :(´hô°ûe ƒg ɪ«a hCG) ¬H 샪°ùe ƒg ɪ«a ¿Éª°V ’ (… من الطبيعي أنه إذا ارتكب الشخص فعلا ً مشروع ً ا أو مباح ً ا أو مسموح به، فإنه لا يتحمل الضمان أو المسؤولية الدولية عن هذا الفعل. ويكون ذلك خصوصا في حالة القتال: ففي الحرب يكون لكل طرف توجيه الضربات ً العسكرية للمقاتلين ولو ترتب على ذلك وفاة العدو أو سقوطه جريحا أو ً مستسلم ً ا صريع ً ا. لذلك من القواعد الفقهية ا لإباضية: ّ « من وجب قتاله فدمه هدر » (٢) . وتنطبق هذه القاعدة، وبالتالي لا ضمان، في: ١ قتل الأعداء من غير المسلمين أثناء ا لحرب. ٢ قتل البغاة من المسلمين أثناء ا لبغي. (١) الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٠١ -.٢٠٢ (٢) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٤١١ ّ ٢٠٠ ٣ قتل المحاربين أو الإرهابيين ما داموا على حرابتهم، إلا إذا تابوا قبل القدرة عليهم.  ٤ تدمير الأهداف العسكرية وقت ا لحرب.  وقد قيل: إنما كان بحضرة الباغين، بعد نصب » : يقول النزوي المسلمين الحرب لهم، من آلة الحرب. ولم يصل المسلمون إلى منعهم منها، إلا بإتلافها، عن حال ما يصلح لمحاربتهم بها، كان ذلك لهم ولا غرم في ذلك عليهم. وكذلك ما تلف لهم في المحاربة، مما يلبسونه، أو يركبونه، أو « يستعملونه فيها، في حرب المسلمين، فلا غرم فيه عليهم(١) . ومن المعلوم أن هناك قاعدة شرعية مؤداها أن: « الجواز الشرعي ينافي ا لضمان »(٢) (م ٩١ من مجلة الأحكام ا لعدلية).  وهو كون الأمر مباحا، « الجواز الشرعي » ومقتضى القاعدة السالفة أن » ً فعلا ً كان أو ترك ً « ا، ينافي ا لضمان(٣) لما حصل بذلك الأمر الجائز من التلف. ولكن بشرط: (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٢٤ . فالقاعدة في الفقه الإباضي أن: معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٣٠٢ ، كما أن « أموال الحربيين غير محترمة » ّ . ذات المرجع، ج ٢، ص ١٣٦٩ « المعصية لا تجتمع مع الطاعة »(٢) راجع استعمال الحقوق وأداء الواجبات كسبب من أسباب الإباحة في الشريعة الإسلامية، ، في عبد القادر عودة: التشريع الجنائي الإسلامي، نادي القضاة، القاهرة، ١٩٨٤ ، ج ١ ص ٤٦٩ وما بعدها، انظر كذلك القواعد التي تحكم الحقوق، في الجزء الخاص بحقوق الإنسان في الفقه ا لإباضي. حري بالذكر أن هذه القاعدة يقيدها قواعد أخرى في الفقه الإسلامي، مثل قاعدة الاضطرار لا يبطل حق الغير (م ٣٣ من ا لمجلة). (٣) لذلك قيل إن المأذون فيه من الشارع يجعل الفعل مباحا، إلا أن إذن الشارع بالانتفاع = ً الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي أن لا يكون ذلك الأمر الجائز مقيد ً ا بشرط ا لسلامة. وأن لا يكون عبارة عن إتلاف مال الغير لأجل نفسه، وذلك لأن الضمان يستدعي سبق التعدي، والجواز الشرعي يأبى وجوده، .« فتنافيا « لا تجتمع إباحة وضمان » وهكذا فالقاعدة أنه (١) . وبعبارة أخرى، معنى الجواز الشرعي ينافي الضمان أنه لو فعل شخص ما أجيز له فعله شرع ً ا ونشأ عن فعله هذا ضرر، فلا يكون، من حيث المبدأ، ضامن ً ا للخسارة الناشئة عن ذلك. :(ádÉMEG) »Yô°ûdG ´ÉaódG (∑ الدفاع الشرعي إذا توافرت شروطه ناف للضمان أو المسؤولية الدولية. وقد درسنا حروب الدفاع كسبب لاستخدام القوة ضد عدوان واقع على الدولة الإسلامية في الفقه ا لإباضي(٢) . = يحدث فيه الضمان إذا استعمل بوجه غير مشروع (د. محمد سلام مدكور: نظرية الإباحة عند الأصوليين والفقهاء، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٩٨٤ ، ص ١١٠ - . (٢٨٤ ما ثبت بالنص لا يضمن ما يترتب عليه ما لم يتعد وما ثبت بالإجتهاد » : كذلك قيل قاضي القضاة البيضاوي: الغاية القصوى في دراية الفتوى، ) « مشروط بسلامة العاقبة .(١١١٠ ، المرجع السابق، ج ٢، ص ٩٢٥ (١) راجع شرح القاعدة السابقة والاستثناءات التي قد ترد عليها، في الشيخ أحمد الزرقاء: شرح القواعد الفقهية، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٣ ه - ١٩٨٣ م، ص ٣٨١ وما ، بعدها؛ د. محمد سلام مدكور: نظرية الإباحة عند الأصوليين، المرجع السابق، ١٩٨٤ . ص ٣٩٧ (٢) انظر الجزء الخاص بالجهاد (الحرب) في الفقه ا لإباضي. ٢٠٢ ådÉãdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ¿Éª°†dG (âÑãJ hCG) »ØæJ iôNCG óYGƒb من أهم القواعد في هذا الخصوص ما يلي: « الغنم بالغرم » وقاعدة ،« الخراج بالضمان » قاعدة(١) . « جناية العجماء جبار » قاعدة(٢) . « الأجر والضمان لا يجتمعان » قاعدة(٣) . وهي قاعدة بحثها ،« الأعذار ترفع الإثم وليس الحكم » قاعدة الأصوليون تحت قاعدة (عموم المقتضي) وهي مسألة خلافية، وصفوة القول فيها أن الشافعي وكثيرا من علماء الأصول قالوا بعمومه، وقال أبو حنيفة: إنه ً لا يعم. والذي يظهر من القاعدة أنه لا يعم. ومن فروعها: إن من أضطر فأخذ مال غيره بالقوة فعليه ضمانه بعد زوال حال الضرورة لأن العذر يزيل الإثم ولا يزيل حكم حرمة مال ا لغير. ومنها: إن من قتل مسلما خطأ فإن العذر وهو الخطأ يرفع الاثم وليس ً الحكم وهو الدية هنا(٤) . (١) راجع المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، المرجع السابق، ص ٢٢٢ ؛ البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، ج ١٤٠٥ ،١٩ ه - ١٩٨٥ م، ص ٢١٧ ؛ أبو إسحاق بن قيس: مختصر الخصال، المرجع .٧٨٣ ، السابق، ص ٢٢٢ ؛ معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، المرجع السابق، ص ٥١٥ ّ (٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ١٦٥ ؛ معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع ّ السابق، ج ١، ص ٤١٨ - ٤٢١ ؛ سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، مكتبة مسقط، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه -١٩٩٤ م، ص ٢٧٢ -.٢٧٣ ُ (٣) . راجع القاعدة في: معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٧٥ ّ (٤)ذات المرجع، ص ٢٦٩ -.٢٧٠ إذا ثبت الضمان أو المسؤولية الدولية ترتب على ذلك بعض الآثار. ويحكم هذه الآثار مبدأ عام، كما أن له صور ثلاثة. ∫hC’G åëѪdG (Qô°†dG ìÓ°UEG IQhô°V) ΩÉ©dG CGóѪdG إصلاح الضرر مبدأ من المبادىء التي أقرتها شريعة الإسلام، وكذلك القانون الدولي ا لمعاصر. وقد أكد الفقه الإباضي على هذا ا لمبدأ: أي منعها وإزالتها « صرف المضار » إذ تم تخصيص كتاب كامل عن بواسطة الحاكم وسلطات الدولة ا لإسلامية (١) . « ا(٢) وللوالي أن يحجر الناس أن يضر بعضهم بعض » : ويقول الكدمي ً . دفع المفاسد مطلوب شرع » : ويقول السالمي ً ا، فهو محبوب إلى الشارع كسائر أفعال الخير، وإن قام به أهل الفضل في الدين فقد صادف محله (١) الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٥ -.١٠١ مة أبو سعيد الكدمي: الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد، وزارة التراث القومي  (٢)العلا والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه -. ١٩٨٥ م، ج ٣، ص ٩٥ ُ ٢٠٤ وصار كاملا ً ، وإن قام به سواهم من أهل الدنيا فقد اندفع الضرر وارتفع  « البلاء ويؤيد الله هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم(١) . ودفع الضرر ومنعه من مقاصد الشريعة الإسلامية، يقول 4 : ﴿ µ ½¼»º¹¸¶ ﴾ [ [البقرة: ٢٣٣ ، ويقول تعالى: ﴿ s {zyxwvut ﴾ [ [النساء: ١٢ ، ويقول: ﴿ , ./ ﴾ [ [البقرة: ٢٣١ ، وقال: ﴿ ' *)( ﴾ [ [الطلاق: ٦ ، وقال: ﴿ ÂÁÀ¿¾ ﴾ [ [البقرة: ٢٨٢ . ومن الأحاديث الجامعة في هذا الخصوص، قوله ژ:  « لا ضرر ولا ضرار »(٢) . (١) أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ١٤١٣ ه -. ١٩٩٣ م، ج ٤، ص ٢٩٥ ُ (٢) . سنن ابن ماجه، كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، حديث ٢٣٤١ . مالك، الموطأ، كتاب الأقضية، باب القضاء في المرفق، حديث ١٤٦١ وقد اعتبر ا لإباضية الحديث مؤكد ً التي يرجع إليها كثير من » ا لإحدى قواعدهم الفقهية ّ وقالوا: ،« الأحكام معنى لا ضرر ولا ضرار: الضرر: إلحاق مفسدة بالغير مطلق ً ا. والضرار: مقابلة الضرر بالضرر أو إلحاق مفسدة بالغير على جهة المقابلة. وفسره بعضهم بأن لا يضر الرجل أخاة ا بتداء ولا جزاء . ًً والحديث نص في تحريم الضرر لأن النفي بلا الاستغراقية يفيد تحريم سائر أنواع الضرر ».« في الشرع لأنه نوع من الظلم إلا ما خص بدليل كالحدود والعقوبات معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٠٨٣ -.١٠٨٤ ّ وأكد ا لإباضية أيض ً راجع « لا ضرر ولا ضرار » والتي تؤكد حديث « الضرر يزال » ا على قاعدة ّ ذات المرجع، ج ١، ص ٦٨١ ؛ خلفان الحارثي: القواعد الفقهية عند الإمام ابن بركة، ندوة . القواعد الفقهية بين التأصيل والتطبيق، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، ص ٢٤٩ ُ وقيل إن الضر أبلغ من الضرر لأن الضرر يجري على ضره يضره ضرا فيقع على أقل قليل الفعل ً لأنه مصدر جار على فعله كالصفة الجارية على الفعل، والضر بالضم كالصفة المعدولة للمبالغة، راجع: أبو هلال العسكري: الفروق اللغوية، دار زاهد القدسي، القاهرة، ص ١٦٢ -.١٦٣ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي لذلك خصص الإمام الطرابلسي فصلا ً وقرر ؛« القضاء بنفي الضرر » عنوانه أيض ً ا أن قوله ژ : « لا ضرر ولا ضرار » : يحتمل أن يريد بقوله: »« لا ضرر » أي لا ضرر على أحد، بمعنى أنه لا يلزمه الصبر عليه ولا يجوز له إضرار بغيره. وقال بعضهم: الضرر أن تضر نفسك لتضر بذلك غيرك، فإذا منع هذا فكيف بمن يصلح مال نفسه بإفساد مال غيره. ويحتمل عندي أن يكون معنى الضرر أن يضر أحد الجارين بجاره، والضرار أن يضر كل واحد منهما بصاحبه لأن هذا البناء يستعمل كثيرا بمعنى المفاعلة في القتال والضراب والسباب، وكذا ً الضرار فنهى النبي ژ أن يتعمد أحدهما الإضرار بصاحبه، وعن أن يقصد ذلك جميعا، وقال بعضهم: الضرر ما ينفعك ويضر صاحبك، والضرار ما يضر ً صاحبك ولا ينفعك، فيكون الضرر ما قصد به الإنسان منفعة وكان فيه ضرر « على غيره، والضرار ما قصد به الإضرار بغيره(١) .  يقول ابن ا لعربي: لا إشكال في أن من أتلف شيئ » ً « ا فعليه ضمانه(٢) . ويقول الإمام الشاطبي أن: على اليد العادية حكم الضمان شرع » ً ا. والضمان يستلزم تعين المثل « والقيمة في ا لذمة(٣) . إذا » علة ذلك جد واضحة؛ إذ كما يقول الإمام الزنجابي أن الواحد منا أضر بغيره كان متصرف ً « ا في ملك الغير بالضرر، وذلك ظلم وعدوان(٤) . (١) الإمام علاء الدين الطرابلسي الحنفي: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام، ط البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٩٣ ه -. ١٩٧٣ م، ص ٢١٢ (٢) . ابن العربي: أحكام القرآن، المرجع السابق، ج ٣، ص ١٢٦٨(٣) الشاطبي: الموافقات، تحقيق الشيخ عبد الله دراز، ومحمد عبد الله دراز، مكتبة الرياض . الحديثة، الرياض، ج ١، ص ٢٤٠(٤) . الزنجابي: تخريج الفروع على الأصول، المرجع السابق، ص ٤٠ ٢٠٦ عناية الشارع بدرء المفاسد أشد من عنايته بجلب » يؤيد ذلك أيضا أن ً « المصالح، فإن لم يظهر رجحان الجلب قدم ا لدرء(١) ، ولا شك أن الإضرار بالغير هو من المفاسد التي لا تخفى على أحد. »fÉãdG åëѪdG Qô°†dG ìÓ°UEG Qƒ°U قال أبو إسحاق: وكل من أتلف مالا » ً لأحد من الموحدين، لزمه مثله إن كان له مثل أو « قيمته إن لم يكن له مثل(٢) . ولإصلاح الضرر في القانون الدولي وفي الفقه الإسلامي، بما في ذلك الفقه الإباضي، صور ثلاثة هي: :¬«∏Y âfÉc Ée ≈dEG ∫ÉëdG IOÉYEG (CG  نقصد بذلك إعادة الوضع الذي كان قائما قبل وقوع الفعل المسبب ً للضمان، وهو ما يعبر عنه في الفقه الدولي باسم Restitution of Status Quo ante. وقد قرر الفقه الإباضي ذلك: وهكذا جاء في عهد الإمام عبد الله بن يحيى إلى عامله عبد الرحمن بن محمد: ٰ (١) ، الإمام المقري: القواعد، تحقيق أحمد بن حميد، جامعة أم القرى، مكة الكرمة، ج ٢ . القاعدة ٢٠١ ، ص ٤٤٣ انظر أيض ً ا الرأي القائل بأن ترتيب آثار الضمان أو المسؤولية هو مظهر من مظاهر سياسة الزواجر والجوابر في الفقه الإسلامي، في د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة الإسلام، المرجع السابق، ج ٨، ص ١٢٨ -.١٢٩ (٢) الإمام إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، مكتبة مسقط، ١٤٣٢ ه -. ٢٠١١ م، ص ٤٠٦ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي  ومن كان في يده من أموال الناس التي أخذت ظلما وعدوان » ً ا شيء ً « رددناه إلى أهله ولم نجاوز رد أخذ ا لمظالم(١) . ومن القواعد التي قررها الإمام ابن بركة: ما زالت عينه، وتلف بالتعدي، كان مضمون » ً ا بالبدل أو القيمة، وما « كانت عينه قائمة لم تكن الخصومة إلا في عينه(٢) . وجاء في الجامع الصحيح مسند الإمام ا لربيع:  أبو عبيدة عن جابر بن زيد قال: بلغني أن رسول الله ژ بعث عليا في سرية فقال: « يا علي لا تقاتل القوم حتى تدعوهم وتنذرهم فبذلك أمرت » ، قال: وجيء بأسارى من حي من أحياء العرب فقالوا: يا رسول الله ما دعانا فقالوا: الله، فقال: « الله » : أحد ولا بلغنا فقال « خلوا سبيلهم » فخلوا سبيلهم ثم قال: « حتى تصل إليهم دعوتي فإن دعوتي تامة لا تنقطع إلى يوم القيامة » ثم  تلا رسول الله ژ هذه الآية: ﴿ 76543210/. 8 ﴾ (٣)[ [الأنعام: ١٩ . فهذا مثال واضح على إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل ا لأسر. وإعادة الحال إلى ما كانت عليه يؤكدها عموم قوله تعالى: ﴿ ª© ¬ °± ﴾ [ [النساء: ٥٨ . ¯® « (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٤٥ (٢)زهران بن خميس المسعودي: الإمام ابن بركة السليمي البهلوي ودوره الفقهي في المدرسة الإباضية من خلال كتابه الجامع، الطبعة الأولى، ١٤٢١ ه - .١٦٨ ، ٢٠٠٠ م، ص ١٤٧ ّ (٣) ، الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، مكتبة الاستقامة، مسقط، حديث رقم ٧٩٢ ص ٣٠٠ - وزعموا أن تضمينه المقاتل » : ٣٠١ . ويضيف أطفيش بخصوص ذات الحديث أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع « لهم بلا دعاء منسوخ السابق، ج ٥، ص ٢٣٧ -.٢٣٨ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٢٠٨ وكذلك قوله ژ: « على اليد ما أخذت حتى تؤديه »(١) . « أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك » . كذلك جاء في المادة ٥٣ من مجلة الأحكام ا لعدلية: .« إذا تعذر الأصل يصار إلى ا لبدل » وقد تم تطبيق مبدأ إعادة الحال إلى ما كانت عليه في أمثلة كثيرة، منها: ٭ حينما بعث ا لنبي ژ إلى اللات والعزى بعث ً ا فأغاروا على حي من العرب فسبوا مقاتلتهم وذريتهم فقالوا: يا رسول الله أغاروا علينا بغير دعاء، فسأل الن بي ژ أهل السرية فصدقوهم: فقال الرسول الكريم:  « ردوهم إلى مأمنهم ثم ا دعوهم »(٢) . ٭ ومن ذلك ما حدث من المغيرة فقد صحب قوما في الجاهلية فقتلهم ً (١) عبد الله بن « لأداء الأمانات وغرامة المتلفات » قيل إن ذلك الحديث ضابط عبد الرحمن البسام: الدين الإسلامي دين الإنسانية، مجمع البحوث الإسلامية، ٰ المؤتمر السادس، القاهرة، ١٣٩١ ه - ١٩٧١ م، ج ٢، ص ٢٦٥ ؛ ابن الطلاع: أقضية . رسول الله ژ ، ص ٤٥٨ الأصل في الضمان أن يضمن المثلي بمثله، والمتقوم بقيمته، فإن » : ويقول ابن عبد السلام عز ا لدين بن عبد السلام: قواعد الأحكام في « تعذر المثل رجع إلى القيمة جبرا للمالية ً مصالح الأنام، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ١٣٨٨ ه - ، ١٩٦٨ م، ج ٢، ص ١٩٦ . الإمام السيوطي: الأشباه والنظائر، المرجع السابق، ص ٣٥٦(٢) انظر ابن حمزة الحسيني الحنفي الدمشقي: البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث ، الشريف، مطبعة مصر، القاهرة، ١٩٨٥ ، ج ٢، ص ١٩٨ ؛ الكاندهلوي: حياة الصحابة: ج ١ ص ٨٩ ، ويضيف الكاندهلوي أن الرسول قرأ هاتين الآيتين ﴿ ,+ -/. 10 ❁ 876543 ﴾[٤٦ ، [الأحزاب: ٤٥ . الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم فقال النبي ژ: أما الإسلام فأقبل وأما » « المال فلست منه في شيء ، يقول الإمام ا لخطابي: وفي قوله ژ للمغيرة أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في » شيء دليل على أن أموال أهل الشرك وإن كانت مباحة للمسلمين مغنومة إذا أخذوها منهم قهرا فإنها ممنوعة بالأمان لهم مردودة إلى أربابها إذا أخذت ً  في حال المسالمة والأمان وذلك أن المغيرة إنما صحبهم صحبة الرفقاء في الأسفار والرفيق في السفر يأمن رفيقه على نفسه وماله فكان ما أتاه المغيرة من سفك دمائهم وأخذ أموالهم غدرا منه والغدر محظور غير جائز والأمانة ً « مؤداة إلى ا لبر والفاجر(١) .  ﺎ ﻦﻣ ﺩﻮﻬﻴﻟﺍ ﻡﻮﻳ ﺮﺒﻴﺧ ﻦﻣﻭ ﻚﻟﺫ ﺚﻳﺪﺣ ﻲﺑﺃ ﺔﺒﻠﻌﺛﻲﻨﺸﺨﻟﺍ 3 ﻥﺃﺳﺎﻧً ﺍﺅﺎﺟ ﻰﻟﺇ ﻝﻮــﺳﺭﷲﺍ ﮊ ﺪﻌﺑ ﻡﺎﻤﺗ ﺩﻮﻬﻌﻟﺍ :ﺍﻮﻟﺎﻘﻓ ﻥﺇ ﺮﺋﺎﻈﺣ ﺎﻨﻟ ﻊﻗﻭ ﺎﻬﻴﻓ ٭ ً ﻚﺑﺎﺤﺻﺃ ﺍﻭﺬﺧﺄﻓ ﺎﻬﻨﻣﻼﻘﺑ ،ﺎ ﺮﻣﺄﻓ ﻝﻮﺳﺭﷲﺍ ﮊ ﺪﺒﻋﻦﻤﺣﺮﻟﺍ ﻦﺑ ﻭﺃﻣﻮﺛًً ﺎ ﻦﻣ ﻝﺍﻮﻣﺃ ﻑﻮﻋ ﻯﺩﺎﻨﻓ ﻲﻓ :ﺱﺎﻨﻟﺍ ﻥﺃﻝﻮﺳﺭ ﷲﺍ :ﻝﻮﻘﻳﻻ» ﻞﺣﺃ ﻢﻜﻟ ﺌﻴﺷﻖﺤﺑ(٢)«. ﻦﻳﺪﻫﺎﻌﻤﻟﺍ ﻻﺇ ،ﺎ ﺍﻮﺒﺘﻜﻓ ﻰﻟﺇ ﻦﻋﻭﺐﻠﻬﻣ ﻦﺑ ﻲﺑﺃ ﺓﺮﻔﺻ :ﻝﺎﻗ ﺎﻧﺮﺻﺎﺣ ،ﺭﺫﺎﻨﻣ ﺍﻮﺑﺎﺻﺄﻓﻴﺒﺳً ،ﺮﻤﻋ ﺐﺘﻜﻓ :ﺮﻤﻋ ٭ . ﻥﺇ» ﺭﺫﺎﻨﻣ ﺔﻳﺮﻗ ﻦﻣ ﻯﺮﻗ .ﺩﺍﻮﺴﻟﺍ ﺍﻭﺩﺮﻓ ﻢﻬﻴﻟﺇ ﺎﻣ«ﻢﺘﺒﺻﺃ (٣) (١) . الخطابي: معالم السنن، المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٣٠(٢) . شرح كتاب السير الكبير للشيباني، القاهرة، ج ١، ص ١٣٣(٣) محمد حميد الله: مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، دار النفائس، بيروت، ١٤٠٣ ه - ١٩٨٣ م، ص ٤٢٠ ؛ ابن سلام: كتاب الأموال، تحقيق الشيخ محمد خليل هراس، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ١٣٨٧ ه - ١٩٦٧ م، ص ١٨٤ ؛ ابن زنجويه: كتاب الأموال، مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية، الرياض، ١٤٠٦ ه - . ١٩٨٦ م، تحقيق د. شاكر ذيب، ج ١، ص ٣٥٧ ٢١٠ :»dɪdG ¢†jƒ©àdG (Ü يكون ذلك عند تعذر إعادة الحال إلى ما كانت عليه، كليا أو جزئيا، ًً فالقاعدة في الفقه الإباضي هي أنه: « عند تعذر المثل يصار إلى ا لقيمة »(١) . ومما يؤكد ذلك ما قرره الفقه الإباضي، كما سبق ذكره، أن الخطأ » يوجب الضمان. يكفي أن نذكر هنا أيض ً ا: فيجوز كسر قوة أهل البغي والفساد بهدم البيوت وقطع الأشجار، وتخريب الديار، وكل ما يوهن الباغي: ﴿ / ;:9876543210 ﴾ [ [الحشر: ٥ ، حتى لا تكون لهم قوة يرجعون إليها يوم ً ا ما، فإذا تبين هدم بيوت غير المستحق أو قطع نخلهم وأشجارهم، فعلى المسلمين ضمانه في بيت المال، لأن الخطأ في الأموال مضمون على كل حال، إن لم يحل الشرع « إتلافه(٢) . جاء في جواهر الآثار ،« في ضمان خطأ الحاكم والإمام » كذلك تحت فصل قول عمرو بن كلثوم(٣) : ونحن الحاكمون اذا أطعنا ونحن الغارمون اذا عصينا   والتعويض المالي ثبت في ا لسنة ا لنبوية: فقد قال ابن عمر: لما بعث رسول الله ژ خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، دعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فجعلوا يقولون صبأنا صبأنا، وجعل خالد يأسر ويقتل، ودفع إلى كل رجل منا أسيره، حتى (١) . راجع القاعدة في معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٧٦٧ ّ (٢) الشيخ سالم السيابي: عمان عبر التاريخ، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُُ ١٤٠٦ ه -. ١٩٨٦ م، ج ٢، ص ٩٣ (٣). محمد بن عبيدان: جواهر الآثار، المرجع السابق، ج ١٥ ، ص ٣٠٥ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي إذا أصبح أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، فقلت: والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، حتى نقدم على رسول الله ژ فنذكر له   ذلك، فلما قدمنا وذكرنا له ذلك، رفع ژ يديه وقال: ا للهم إني أبرأ إليك ُ مما فعل خالد (مرتين) قال الشعراني: قال العلماء: وفي الحديث دليل على أن الكناية مع النية كصريح لفظ ا لإسلام(١) .  ويضيف ابن هشام بخصوص ذات الحادثة: ثم دعا رسول الله ژ علي بن أبي طالب 3 ، فقال: يا علي أخرج إلى هؤلاء القوم، فانظر في أمرهم، واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك ، فخرج علي حتى جاءهم ومعه مال قد بعث به رسول الله ژ فودى لهم الدماء وما أصيب لهم من  الأموال: حتى أنه ليدي لهم ميلغة الكلب، حتى إذا لم يبق شيء من دم  َ ولا مال إلا وداه، بقيت معه بقية من المال، فقال لهم علي رضوان الله عليه حين فرغ منهم: هل بقي لكم بقية من دم أو مال لم يود لكم؟ قالوا:   لا. قال: فإني أعطيكم هذه البقية من هذا المال، ا حتياط ً ا لرسول الله ژ مما يعلم ولا تعلمون، ففعل. ثم رجع إلى رسول الله ژ فأخبره الخبر، فقال: أصبت وأحسنت . ثم قام رسول الله ژ فاستقبل القبلة قائما شاهرا ًً يديه وهو يقول: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد : ثلاث ُ مرات(٢) . (١) . أطفيش: وفاء الضمانه بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٤٨ تجدر الإشارة أن صاحب الحق في التعويض قد يتنازل عنه: من ذلك أن اليمان قتل في وقعة بدر وكان مع ا لنبي ژ قتله المسلمون غلط ً ا أخطئوا به، فقضى ا لنبي ژ بديته على المسلمين فتركها ابنه حذيفة للمسلمين، راجع: الكندي: بيان الشرع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه - ١٩٩٣ م، ُ . ج ٦٧ ، ص ١٤٢(٢) السيرة النبوية لابن هشام، ط الحلبي، القاهرة، ج ٢، ص ٤٢٨ -.٤٣١ ٢١٢ وتظهر لنا هذه الحادثة عدة أمور: (أولا ً( أن الرسول الكريم لم يفعل ما تتبعه الكثير من الحكومات في الوقت الحالي من التستر على أخطاء جيوشها وموظفيها بل وإنكارها   والتعتيم عليها، وإنما تبرأ صراحة منها. (ثاني ً ا) أنه وافق على ما فعله علي بن أبي طالب من التعويض أزيد مما يجب، وهذا ما لا يحدث أيضا في العلاقات الدولية المعاصرة والتي تتم في ً صورة اتفاقات تعويض إجمالي Lump sum Agreements تقتصر على تعويض بعض الضرر، وليس كله. (ثالث ً ا) يقول الواقدي أن المال الذي أرسله ا لنبي مع علي استقرضه النبي بمكة(١) ، وهذا يدل على أن إزالة الضرر تحتم التصرف بأقصى سرعة وبحيث لا تتعلل الدولة بعدم وجود ما يجبره عندها، وهذا ما لا يحدث أيضا في العلاقات الدولية المعاصرة بالنسبة لكثير من ا لدول. ً  :á«`°VôàdG (ê الترضية في القانون الدولي المعاصر تتمثل في تقديم الاعتذار أو إظهار الندم والأسى على ما وقع(٢) . وفي الفقه الإباضي ليس هناك ما يمنع من اللجوء إلى هذه الصورة من صور إصلاح الضرر. يكفي أن نذكر ما قيل بخصوص ا لاعتذار(٣) . (١) الواقدي: كتاب المغازي، تحقيق د. مارسون جوسنس، عالم الكتب، بيروت، طبعة مأخوذة . عن طبعة جامعة إكسفورد، ١٩٦٦ ، ج ٣، ص ٨٨٢(٢) . د. أحمد أبو الوفا: الوسيط في القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص ٨٩٩(٣) أبو عبد الله محمد السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ٣ - ،٤ ص ٣٢٧ -.٣٢٨ الباب العاشر: الضمان أو ا لمسؤولية الدولية في الفقه الإباضي وقيل إياك وما تعتذر معناه ما احتاج إلى اعتذار وإن عثرت في فتى أو عثرا فمن أقال نادما أقاله ً ومن يكن عورة مسلم ستر وقيل من لم يقبل اعتذارا فلا ترد يا أخي المعذره فالسيف ينبو والجواد يكبو والاعتذار صادق أو كاذب منه عن المختار هذا يذكر جانبه بالليل وبالنهار فيك أقله إن أتى معتذرا إلهه فاغفر له فعاله فيستر الله عليه إذ حشر معتذر فليس منا صارا ممن أتاك طالبا أن تعذره ً فكيف رأى المرء ليس ينبو سيان في القبول فهو واجب الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي :ó`«¡ªJ  من المعلوم أن المنازعات المسلحة قد تكون محدودة: كالتدخل، أو ممارسة بعض الأعمال الانتقامية، وقد تكون على نطاق واسع(١) . ومن الثابت أنه إذا كانت النزاعات المسلحة المحدودة تمثل ا ستخداما ً للقوة المسلحة لتحقيق هدف ما وهي في ذلك تتفق مع الحرب إلا أن هذه الأخيرة تتميز أساسا باتساع نطاقها، أي بامتداد مسرح العمليات على ً نطاق واسع بين الدولتين أو الدول المتحاربة (وإن ذهب الاستخدام الدارج لكلمة الحرب إلى استخدامها حتى في إطار المنازعات ا لمحدودة). ﻰﻨﻌﻣ ﻚﻟﺫ ﻥﺃﺏﺮﺤﻟﺍ(٢) ﺰﻴﻤﺘﺗ ﺺﺋﺎﺼﺨﺑ :ﺓﺪﻳﺪﻋ ﻲﻬﻓ ﻢﺘﺗ ﻦﻴﺑ ،ﻝﻭﺪﻟﺍ ﻭﺃ ﺓﺭﺎﺒﻌﺑ ،ﻕﺩﺃ ﻦﻴﺑ ﺹﺎﺨﺷﺃ ﻥﻮﻧﺎﻘﻟﺍ ؛ﻲﻟﻭﺪﻟﺍ ١ ـ ﺎ ﺓﻮﻘﻠﻟ ،ﺔﺤﻠﺴﻤﻟﺍ ﺀﺍﻮــﺳ ﺖﻧﺎﻛ ﺔﻳﺮﺑ ﻭﺃ ﺔﻳﺮﺤﺑ ﻭﺃ ﻲﻫﻭ ﻦﻤﻀﺘﺗ ﻣﺍﺪﺨﺘﺳﺍً ٢ ـ ؛ﺔﻳﻮﺟ ؛ﺎ ﻲﻫﻭ ﺰﻴﻤﺘﺗ ﻉﺎﺴﺗﺎﺑ ﺡﺮﺴﻣ ﺎﻬﺗﺎﻴﻠﻤﻋ ﻰﻠﻋ ﻕﺎﻄﻧ ﺮﻴﺒﻛ ﻴﺒﺴﻧ ٣ ـ ﺮــﻴﺧﺃ ،ﺍ ﻑﺪﻬﺗ ﺏﺮﺤﻟﺍ ﻰــﻟﺇ ﻖﻴﻘﺤﺗ ﺽﺮﻏ :ﺎــﻣ ﻡﺎﻏﺭﺈﻛ ﺔــﻟﻭﺩ ﺎﻣ ﻰﻠﻋً ٤ ـ ﺥﻮــﺿﺮﻟﺍ ﺐﻟﺎﻄﻤﻟ ﺔﻟﻭﺪﻟﺍ ،ﺔــﻳﺪﺘﻌﻤﻟﺍ ﻭﺃ ﻝﻼﺘﺣﺍ ﺀﺰﺟ ﻦــﻣ ،ﺎﻬﻴﺿﺍﺭﺃ ﻭﺃ ﺎﻫﺭﺎﺒﺟﺇ ﻰﻠﻋ ﻡﺎﻴﻘﻟﺍ ﻞﻤﻌﺑ ﻭﺃ ﻉﺎﻨﺘﻣﻻﺍ ﻦﻋ ،ﻞــﻤﻋ ﻭﺃ ـ ﺍﺬﻫﻭ ﻮﻫ ﻑﺪﻬﻟﺍ (١) ، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٩٩٨ ،« الوسيط في القانون الدولي العام » : راجع كتابنا ص ٦٥٧ -.٦٥٩ (٢) بصدد اشتعال الحرب، يذكر الهمذاني الألفاظ الآتية: نشبت الحرب بين القوم نشوبا، ً واشتبكت واضطرمت واتقدت واستعرت والتهبت واصطلت واحتدمت. وبصدد خمود الحرب، يذكر ما يلي: خمدت نار الحرب تخمد، وباخت تبوخ، وخبت تخبو، وهمدت تهمد، ووضعت الحرب أوزارها إذا سكنت، راجع: عبد الرحمن بن عيسى الهمذاني: ٰ الألفاظ الكتابية، الدار العربية للكتاب، ليبيا، ١٩٨٠ ، ص ١١٦ -.١١٨ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٢١٨ الأقصى للحرب تدمير الدولة أو شعبها، كذلك قد تسعى الحرب إلى تدمير شوكة دولة معينة أو قدرتها على ا لمقاومة. وقد قسم ابن خلدون الحرب إلى أربعة أصناف، جمعهما في طائفتين، هما:  ١ طائفة حروب البغي أو الفتنة: وتشمل الحروب التي تقع نتيجة الغيرة أو المنافسة، وحروب ا لعدوان.   ٢ حروب الجهاد والعدل: وتتضمن الحروب التي تتم غضبا لله ولدينه ً  (والمسماة في الشريعة بالجهاد)، وحروب الدول مع الخارجين عليها والمانعين لطاعتها(١) . ِ وقد ع ُني فقهاء المسلمين ببحث نظرية الحرب(٢) في الشريعة الإسلامية َ استناد ً ا إلى نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية وما جرى عليه سلوك المسلمين منذ نشأة الدولة الإسلامية وما تلاها.  وقد بحث فقهاء المسلمين العلاقة مع غير المسلمين خصوصا وقت ً « كتاب ا لسير » الحرب تحت عنوان(٣) .« المغازي والغزوات » أو ،« الجهاد » ، أو (١) مقدمة ابن خلدون، دار الشعب، القاهرة، ص ٢٤١ -.٢٤٨ (٢) وردت كلمة حرب في القرآن الكريم في أربعة مواضع: ﴿ ¨§¦¥¤ ª© « ﴾ [ [البقرة: ٢٧٩ ؛ ﴿ àßÞÝÜ﴾ [ [المائدة: ٦٤ ؛ ﴿ dcb kjihgfe ﴾ [ [الأنفال: ٥٧ ؛ ﴿ ^] _` cba ed ﴾ [ [محمد: ٤ . وهي تفسر في القرآن على وجهين: ؛( ١ الحرب بمعنى الكفر (البقرة ٢٧٩ ٢ الحرب بمعنى القتال (المائدة ٦٤ )، راجع: الإمام يحيى بن سلام: تفسير القرآن مما اشتبهت أسماؤه وتصرفت معانيه، تحقيق هند . شلبي، الشركة التونسية للتوزيع، ١٩٧٩ ، ص ٣١١ (٣) لعل أشمل تعريف للسير هو ذلك الذي قرره السرخسي، بقوله: اعلم أن (السي » َ ر) جمع (سيرة) وبه س ُ مي هذا الكتاب؛ لأنه بي ن فيه سيرة المسلمين في = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ولا شك أن للحرب مضار عديدة(١) ، كما أن آثارها شديدة، وقد يكون  لها فوائد أكيدة(٢) . وتتوقف الموازنة بينهما على ظروف كل حالة وملابساتها.  = المعاملة مع المشركين من أهل الحرب ومع أهل العهد منهم من المستأمنين وأهل الذمة ومع المرتدين الذين هم أخبث الكفار بالإنكار بعد الإقرار ومع أهل البغي الذين حالهم راجع الإمام السرخسي: ،« دون حال المشركين، وإن كانوا جاهلين وفي التأويل مبطلين المبسوط، دار المعرفة، بيروت، ١٣٩٨ ه -. ١٩٧٨ م، ج ١٠ ، ص ٢  أحكام الجهاد المتلقاة من سير النبي ژ في غزواته » ويقول الشرقاوي إن المقصود بالسير  (حاشية الشرقاوي، ج ٢، ص ٤٠٢ ). ومن الفقهاء من بحث ذلك تحت مسمى الجهاد أو من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال » : المغازي، ومن ذلك كلمة الشافعي المشهورة .« علي ابن إسحق عيون الأثر في » : ومن الفقهاء من جمع بين أكثر من مسمى، مثل كتاب ابن سيد الناس ومنهم من استخدم مسمى واحد .« فنون المغازي والسير ً ا كالسير الكبير للشيباني، وكتاب المغازي للواقدي، وأبواب الجهاد في كتب الفقه ا لإسلامي. وفي الفقه الإباضي لعل أشهر ما كتب في هذا الخصوص رسالة المحاربة لابن محبوب، ٧١ من كتاب ،٧٠ ،٦٩ ، ١١ من كتاب المصنف للنزوي، والأجزاء ٦٨ ، والجزءين ١٠ بيان الشرع للكندي. (١) اعلم أن أول الحرب شكوى وأوسطها نجوى وآخرها بلوى الحرب » : يقول الطرطوشي شعثاء بائسة شوهاء كالحة حرور في حياض الموت شموس في الوطيس تتغذى بالنفوس الحرب أولها كلام وآخرها الحمام مرة المذاق إذا قلصت عن ساق من صبر فيها عرف ومن ضعف عنها تلف جسم الحرب الشجاعة وقلبها التدبير وعينها الحذر وجناحها راجع الطرطوشي: سراج الملوك، ،« الطاعة ولسانها المكيدة وقائدها الرفق وسائقها النصر . دار صادر، بيروت، ١٩٩٤ ، ص ٤١٥ ويقول ابن خلدون إن الحرب هي أمر غريزي لدى الأمم والشعوب: اعلم أن الحروب وأنواع المقاتلة لم تزل واقعة في الخليقة منذ برأها الله. وأصلها إرادة »إنتقام بعض البشر من بعض، ويتعصب لكل منهما أهل عصبيته. فإذا تذامروا لذلك وتواقفت الطائفتان، إحداهما تطلب الإنتقام، والأخرى تدافع، كانت الحرب. وهو أمر انظر مقدمة ابن خلدون، ص ٢١٤ وما بعدها. ،« طبيعي في البشر لا تخلو عنه أمة ولا جيل (٢) ذكر العز بن عبد السلام أن فوائد الجهاد ضربان: أحدهما: مصالحه، وهي إما أن تكون مصالح عاجلة (إعزاز الدين، وسحق الكافرين، وشفاء صدور المؤمنين) أو مصالح آجلة، تتمثل في الثواب أو الأجر العظيم، يقول تعالى: = ٢٢٠ وقد أكد القرآن الكريم على أن للحرب آلامها وخسائرها في آيات عديدة، منها قوله تعالى:  ﴿ £¢ ¤ ©¨§¦¥ ª«¬®¯ ° ﴾ [ [النساء: ١٠٤ . ﴿ IHGFEDCBA@?> = ﴿ ÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄ ﴾ [ [النساء: ٧٤ . والثاني: درؤه للمفاسد العاجلة لأنه يدرأ الكفر من صدور الكافرين إن أسلموا وكذلك يدرأ إستيلاء الكفار على المسلمين وأخذ أموالهم وإرقاق حريمهم وأطفالهم وانتهاك حرمة الدين، والآجلة لأنه سبب لغفران الذنوب والغفران دافع لمفاسد العقاب، راجع: (العز بن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة،  تحقيق طه عبد الرؤوف، ١٤١١ ه -١٩٩١ م، ج ١، ص ٥٤ -.(٥٥ وفي الفقه الإباضي قيل إن جهاد الكفار فيه عشر مثوبات: إحداهن: المحبة؛ لقوله جل ذكره: ﴿ ~ ﮯ §¦¥¤£¢¡ ¨© ﴾ [ [الصف: ٤ . والثانية: إضافة الجهاد إلى نفسه، حيث قال: ﴿ QPO ﴾ [ [المجادلة: ٢٢ . والثالثة: النصر؛ لقوله تعالى: ﴿ ¨ «ª© ﴾ [ [محمد: ٧ وقال: ﴿ ONML QP ﴾ [ [آل عمران: ١٦٠ . الرابعة: الغنيمة؛ لقوله جل ذكره: ﴿ lkjihgf ﴾ [ [التوبة: ٥٢ إما الغنيمة، وإما الشهادة. وقوله: ﴿ ÓÒÑÐÏ ﴾ [ [الأنفال: ٦٩ . الخامسة: تفضيل الدرجة والمثوبة: لقوله تعالى: ﴿ DCBA@?> ﴾ [ [النساء: ٩٥ . السادسة: الأجر ا لعظيم. السابعة: المغفرة والرحمة، لقوله: ﴿ NMLKJIHGF ﴾ [ [النساء: ٩٦ . الثامنة: الحياة الباقية، لقوله جل ذكره: ﴿ qponm ﴾ [ [آل عمران: ١٦٩ . وعنه 0 : يجعل الله أرواح الشهداء، في حواصل طير، ترعى بهم الجنة، وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش. التاسعة: النجاة من العذاب؛ لقوله تعالى: ﴿ yxwvu ﴾ [ [الصف: ١٠ . العاشرة: الجنة؛ لقوله 8 : ﴿ ¯°³²± ´¶µ ﴾ [ [التوبة: ١١١ . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٧ -.٨ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي WVU❁ SRQPONMLKJ a`_^]\[ZYX ❁ dcb kjihgf﴾ [الأحزاب: ٩ -[١١ . ﴿ yxwvutsrqpon ~}|{z ے £¢¡ §¦¥¤﴾ [ [التوبة: ٢٥ . ﴿ § ²±°¯®¬«ª©¨ ¾½¼ »º¹¸¶µ ´³ ÁÀ¿﴾ [ [التوبة: ١١١ . ﴿ §¦ ¬«ª©¨ ®﴾ [ [آل عمران: ١٤٠ . ﴿ àßÞÝÜ﴾ [ [المائدة: ٦٤ . ﴿ °¯®¬ ±﴾ [ [الحشر: ٢ (١) . (١) يقول الأمير أسامة بن منقذ: قيل: بأيديهم، لنقض الموادعة، وأيدي المسلمين بالمقاتلة. »وقيل: بأيديهم في تركها، وبأيدى المؤمنين بإجلائهم عنها. يأخذوا المسلمين وأيدي المؤمنين في  وقيل: بأيديهم في خراب دواخلها وما فيها، لئلا خراب ظواهرها، ليصلوا بذلك إليهم. وقيل: كانت منازلهم مزخرفة، فحسدوا المسلمين أن يسكنوها، فخربوها من داخل، وخربها المسلمون من خارج. وقيل: إنهم كانوا كلما هدم عليهم المسلمون من حصونهم شيئ ً ا نقضوا من بيوتهم ما يعمرون به ما خرب من حصونهم. وقيل: تخريبهم لبيوتهم أنهم لما صولحوا على حمل ما أقلته إبلهم، جعلوا ينقضون ما ُ أعجبهم من بيوتهم، حتى الأوتاد، ليحملوها على إبلهم. راجع أسامة بن منقذ: المنازل والديار، تحقيق مصطفى حجازي، المجلس الأعلى للشؤون = ٢٢٢ ولعل تذكير القرآن الكريم بمآسي وآلام الحرب، غرضه تحقيق عدة أمور: أولا ً تنفير الناس والدول من اللجوء إلى الحرب، بالنظر إلى الخسائر المادية والبشرية التي تترتب عليها. الثاني التأكيد على ضرورة الاستعداد وتجهيز كل أنواع القوة لرد العدو وردعه. الثالث حث الدول على حل منازعاتها بالطرق السلمية؛ لأن للحرب آلامها. الرابع العمل على استقرار العلاقات الدولية وعدم اللجوء إلى ما يعكر صفوها وطابعها ا لسلمي. والجهاد من الفروض الأساسية في الشريعة الإسلامية، وعند الإباضي ة؛ ّ إذ كما يقول المحقق الخليلي إن: « أصل الدولة إنما هي للجهاد »(١) . = الإسلامية، القاهرة، ١٤١٥ ه - ١٩٩٤ م، ص ٣٧٦ ؛ ابن العربي: أحكام القرآن، تحقيق علي البجاوي، دار الجيل، بيروت، ١٤٠٧ ه - ١٩٨٧ م، ج ٤، ص ١٧٦٦ ؛ القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨٧ ، ج ١٨ ، ص ٤ -.٥ (١) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان، المرجع . السابق، ج ١٢ ، ص ٢٦٩ يقرر رأي آخر: ليس التفاني » كيف لا يمتثل الإباضية الجهاد، وهو عندهم معيار قيمة الرجل، فالمعيار » ّ .« في العبادة فحسب وإنما يقاس المرء بمدى رغبته في ا لجهاد د. مسلم الوهيبي: الفكر العقدي عند الإباضية حتى نهاية القرن الثاني الهجري، رسالة ّ دكتوراه، كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين، جامعة الأزهر، ١٤٢٢ ه - ٢٠٠١ م، ص ٤٨٢ -.٤٨٣ بل يذهب رأي في الفقه الإباضي إلى حد ا لقول: وقد فرض الجهاد في السنة الثانية من الهجرة ولا يستبعد أن يكون الركن السادس من » = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي   يرى الإباضية أن الحرب لها آثارها المدمرة للأشياء والأشخاص؛ يقول ّ  البطاشي: واعلم أن الحرب أولها سلوى، ووسطها نجوى، وآخرها بلوى. الحرب » شعثاء، عابسة شوهاء، كالحة في حياض الموت، شموس في الوطيس، ِ تتغذى بالنفوس. الحرب أولها الكلام، وآخرها الحمام. الحرب مرة المذاق، ُ إذا تقلصت عن ساق. من صبر فيها عرف، ومن ضعف عنها تلف. جسم الحرب الشجاعة، وقلبها التدبير، وعينها الحذر، وجناحها الطاعة، ولسانها « المكيدة، وقائدها الرفق، وسائقها ا لنصر(١) . = أركان الاسلام إذا توافرت شروطه بدليل الوعد والوعيد الوارد في الكتاب العزيز والسنة النبوية قولا ً وفعلا ً الشيخ سالم بن حمد الحارثي: المسالك النقية إلى الشريعة « على تاركه . الإسلامية، الناشر: المؤلف، ١٩٩٨ ، ص ١١٢ (١) الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه -. ١٩٨٧ م، ج ٩، ص ٧ ُ كذلك في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ edcb ﴾ [ [محمد: ٤ ، يقول الشيخ بيوض إنه فمن المعلوم: ،« حتى تتوقف الحرب، أو حتى تسكن، وهذه كناية جميلة » : تعالى لم يقل أن للحرب أوزارا، ولعله ليس هنالك شيء يقتضي كثرة الأحمال والأوزار مثل الحرب، » ً فهي تحتاج إلى أسلحة خفيفة وثقيلة، سواء منها الحروب القديمة أو الحديثة، ففي الحروب القديمة كان فيها الرمح والسنان والسيف والدرقة والدرع، والكنائن التي تحشى فيها النبال، والقسي التي ترمى بها النبال، ثم بدأت هذه الأدوات تتطور وتتطور، إلى أن .« وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من المعدات ا لضخمة هكذا جاءت الكناية بقوله: » : ويضيف ﴿ edcb ﴾ [ [محمد: ٤ ، يعني: حتى تسكن، وإذا سكنت الحرب فإن كل من كان ظهره سلاح ينزعه ويضعه، وكل ما كان يحمل قديما ً من أدوات الحرب على الدواب والبغال والحمير والخيل والجمال أو على ظهر الإنسان، أصبح اليوم محمولا ً على السيارات والمصفحات ووسائل النقل الحديثة، فهذه كلها توضع على الأرض وترجع إلى مخابئها، ولا نجد تعبيرا يقوم مقام هذا التعبير في سكون ً .« وانقضاء حالة الحرب وحلول ا لسلم الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٨ ، ص ٤٢٨ -.٤٣٠ ٢٢٤  ومن أمثلة الحروب التي حدث فيها إسراف للقتل وقعة مانوا سنة ٢٨٣ ه / ٨٩٦ م فقد دار قتال بين إبراهيم بن أحمد وأهل نفوسة فقتل من جنده جماعة من الرؤساء وغيرهم. ثم انهزم أهل نفوسة. وكان ذلك في أيام المعتضد. فتبعهم وقتلهم قتالا ً ذريع ً ا، وتطارح منهم في البحر بشر كثير.  وقتلهم فيه حتى غلبت حمرة الدم على ا لماء(١) . وندرس الحرب في الفقه الإباضي من زاويتين: الحرب الدولية (الجهاد). حروب البغي (أو الحرب ا لداخلية). وندرس هاتين المسألتين، على أن نخصص لكل منهما، فصلا ً مستقلا .  (١) الشماخي: كتاب السير، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٢٣ - ٤٢٤ . ومن شدة ظلم إبراهيم بن في » ذلك أنه في السنة التالية، أي .« سفاك لدماء المسلمين » : أحمد وصفه أحد العلماء بأنه سنة أربع وثمانين، أخرج ابنه أبا العباس إلى حيز نفوسة في شهر رجب، فقتل من وجد في الأطراف واستباح النساء. وحمل ثلاثين أسيرا، فقتلهم إبراهيم (لعنه الله). بعد أن ً قدموا عليه. وأوتي بنفر من أهل نفوسة، فأمر بقتلهم. وقدم رجل منهم، وكان أحسنهم منظرا، فقال: أظنك معلم القوم وإمامهم. قال: لست كذلك قال: ما تقول في؟ قال: ما ً عسى أن أقول؟ فاسق ظالم، سفاك لدماء المسلمين ! أبعدك الله، فاستشاط إبراهيم غيظ ً ا فقال: والله لأقتلنك قتلة لم أقتل بها أحد ً ا من أصحابك قال: إن كان الأمر لك، فستفعل ما قلت فزاده حنق ً ا فقال: ومن يمنعك مني؟ فأذن المؤذن، فقال: فصلى بأصحابه، ذات المرجع، « فألقى الله في قلبه أن يطلقه، فتركه ليعلم أن الأمر لله، لا له، عدو الله ص ٤٢٥ -.٤٢٦ من استقراء الفقه الإباضي، يمكن القول إنه بحث الحروب الدولية (الجهاد) من زوايا خمسة، هي: أولا ً معنى الجهاد والقواعد الخاصة به. ثانيا متى تكون الحرب مشروعة أو غير مشروعة. ً ثالث ً ا أصل العلاقة بين المسلمين وغير ا لمسلمين. رابعا الردع كأساس للسلم ولمنع ا لحرب. ً خامسا آثار ا لحرب. ً وندرس هذه الأمور تباع ً ا، على أن نخصص لكل منها مبحث ً ا. ∫hC’G åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ¬H á°UÉîdG óYGƒ≤dGh OÉ¡édG ≈æ©e نذكر أولا ً المقصود بالجهاد، ثم نتلو ذلك بذكر أهم الأحكام الخاصة به. :OÉ¡édÉH Oƒ`°ü≤ªdG (CG يقصد بالجهاد لغة بذل الوسع أو الطاقة أو الجهد، واصطلاحا يعني ً محاربة من يعتدون على الدولة ا لإسلامية. أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٢٢٦ اعلم أن الجهاد لغة هو بذل الطاقة من المكلف وشرع » : يقول الرقيشي ً ا هو قتال أعداء المسلمين كان الأعداء مشركين أو منافقين من أهل الوفاق في المذهب أو من أهل الخلاف كانوا مستحلين يعتقدونه حلالا في دينهم وهو خطأ أو محرمين منتهكين مرتكبين لما دانوا بتحريمه فقتال هؤلاء كله ي ُ سم « جهاد دفاع فبينهما عموم وخصوص (١)  ى جهاد ً ا واسم الجهاد اسم جنس يعم الدفاع لأن كل دفاع جهاد ولا كل . وقد ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة تحث على الجهاد وتدعو إليه. من ذلك قوله تعالى: ﴿ ! *)('&%$#" 9876543210/.-,+ DCBA@?>=<;:﴾ [ [النساء: ٩٥ ، وقال: ﴿ § ´³²±°¯®¬«ª©¨ ÂÁÀ¿¾½¼»º¹¸¶µ (١) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ١٠٤ انظر ا يض ً . ا المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ١٧٥ وبخصوص إمكانية جهاد العدو تحت راية السلاطين الظالمين، نذكر لك ما يلي: من منثورة الشيخ أبي ا لحسن: »وسألته هل يجوز للمسلم أن يخرج مع الجبابرة والسلاطين الجايرة إلى حرب المشركين ويجاهد معهم؟ قال: قد أجاز ذلك من أجاز من أصحابنا ومنع آخرون. قلت: فما الحجة لمن منع ذلك؟ قال: لأنهم يتوصلون به إلى أخذ الغنائم وإمام المسلمين أولى بذلك منهم. قلت: فما الحجة لمن أجاز ذلك؟ قال: قالوا إن أهل القبلة كلهم حرب للمشركين وواجب عليهم جميعا قتال المشركين وكل ً واحد منهم كان جبارا أو ظالما أو مسلما يجاهد عن نفسه المشركين، ويعمل بما أمر الله ًً ً .« من قتال ا لمشركين السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ١٤٠٧ ،١٤ ه -. ١٩٨٧ م، ص ١٦١ ُ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄà ÒÑ﴾ [ [التوبة: ١١١ ، وقال: ﴿ mlkjihgfed on qp﴾ [ [آل عمران: ١٦٩ ﴿ s xwvut ~}|{zy ے £¢¡ ¤ ¦¥﴾ [ [آل عمران: ١٧٠ ﴿ «ª© ³²±°¯®¬ ´﴾ [ [آل عمران: ١٧١ ، وقال: ﴿ yxwvutsrqpo ﴾ [الص  [ ف: ١٠ ﴿ }|{ ے §¦¥¤£¢¡ ©¨ ~ ª « ﴾ [الص [ [التوبة: ٧٣ وقال تعالى: ﴿ !  [ ف: ١١ ، وقال: ﴿ ! " %$#﴾ *)('&%$#" -,+ . ﴾[ [البقرة: ٢١٦ وقال تعالى: ﴿ xwvuts ~}|{zyے §¦¥¤£¢¡ ¨ ª©﴾ [ [النساء: ٧٧ وقال تعالى: ﴿ mlkjihgf on﴾ [ [النساء: ٧١ وقال تعالى: ﴿ ! $#" '&% )(﴾ [ [التوبة: ٤١ وقال تعالى: ﴿ ½¼ ÅÄÃÂÁÀ¿¾﴾ [ [آل عمران: ٢٠٠ وقال تعالى: ﴿ ³² ¶µ´ ¸﴾ #﴾ [ [البقرة: ١٩١ ، وقال: ﴿ ÃÂÁ ÆÅÄ﴾ [ [البقرة: ١٩٠ ، وقال تعالى: ﴿ ONMLK [ [التوبة: ٣٦ وقال: ﴿ ! " XWVUTSRQP cba`_^]\[ZY lkjihgfed﴾ [ [التوبة: ٢٤ ، يقول السالمي: ففي هذه الآية العظيمة ما لا يخفى من وجوب إيثار الجهاد في سبيل الله »على الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة وجميع أحوال الدنيا. فمن عاقه عن الجهاد في سبيل الله شيء من هذه الأحوال المذكورة في الآية فهو ٢٢٨ إنما يتربص إتيان أمر الله، والمراد بذلك التهديد والتوعد بالعذاب لتارك « الجهاد المتعلل بشيء من هذه ا لأعذار (١) . كذلك فالجهاد كما يكون بالنفس يكون أيض ً ا بالمال (٢) . ' قال الله تعالى: ﴿ ! &%$#" -,+*)( 0/.﴾ [ [التوبة: ٤١ ، وقال تعالى: ﴿ o  ~}|{❁ yxwvutsrqp «ª© ﴾ [الص ے ¢¡ ¨§¦¥¤£ ف: ١٠ -[١١ . :OÉ`¡édÉH á°UÉîdG ΩÉμMC’G (Ü هذه الأحكام ثلاثة: ١ الجهاد كفرض: أولا ً ثبوت الجهاد كفرض: لا شك في أن الجهاد من فروض الإسلام. وقد ثبت ذلك من الكتاب  نة والإجماع:  والس (١) الإمام السالمي: تلقين الصبيان ما يلزم الإنسان، مكتبة الاستقامة، مسقط، ص ١١٨(٢) أول آية نزلت بالإذن للمؤمنين في القتال هي هذه على الأشهر: » قيل إن ﴿ ! '&%$# -.١١٩ " +*)(﴾ [ [الحج: ٣٩ . وقال البعض: إن أول آية هي قوله تعالى: ﴿ § ®¬«ª©¨ ´³²±°¯ ¹¸¶µ﴾ [ [التوبة: ١١١ . وقال آخرون: أول آية هي قوله تعالى: ﴿ }|{zyx ے ¦¥¤£¢¡﴾ [ [التوبة: ٥ . ~ ي البعض هذه الآية بآية السيف، ويزعمون أنها نسخت سبعين آية من القرآن، وفي  ويسم الحقيقة لم تنسخ شيئ ً .« ا، والآيات المزعومة أنها نسخت بهذه الآية لا تزال محكمة الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ٤، ص ٤٦٥ (قاله في معرض تفسيره للآية ٣٨ من سورة ا لحج). الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي فمن الكتاب الآيات الكثيرة السابق ذكرها، ومنها قوله تعالى: ﴿ ! " &%$# ﴾[ [البقرة: ٢١٦ . ومن السن الله وتجهيزه الجيوش والسرايا وممارسته لذلك. ومن الإجماع: إجماع علماء الأمة على فرضية الجهاد. وهذا لا ينكره أحد. والجهاد في سبيل الله فريضة من فرائض الله لو تركها » : يقول الكندي   ة قيامه ژ بالجهاد وأمره بمدافعة العدو والجهاد في سبيل أهل الإسلام جميع ً « ا لكفروا (١) . وقيل: ،« هو ما طلب الشارع فعله طلبا جازما » : ومن المعلوم أن الفرض ًً « هو ما في فعله ثواب وفي تركه عقاب، وحده في الشرع ا لإلزام » (٢) . اقتران الوعيد بتركه هو » يقول المحقق الخليلي، بخصوص الجهاد، إن « دليل وجوبه وفرضه(٣) ، فقد قال الله تعالى: ﴿ HGFED VUTSRQPONMLKJI dc❁ a`_^]\[ZYXW ponmlkjihgfe srq ﴾[٣٩ ، [التوبة: ٣٨ . (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٢(٢) وأكد السالمي أن » : معجم مصطلحات الإباضية، ج ٢، ص ٧٩٦ . وجاء في ذات المرجع ّ اللازم والواجب والفرض أسماء مترادفة عند جمهورنا والشافعية خلاف ً ا للحنفية الذين ميزوا بين الفرض والواجب. ّ لكن يذهب بعض الإباضية إلى رأي قريب من رأي الحنفية، ومنهم ابن بركة وابن ّ محبوب والثميني وسعيد بن خلفان الخليلي؛ إذ يرون أن الفرض ما ثبت بدليل قطعي، ذات المرجع، ذات ا لموضع. « والواجب ما ثبت بدليل ظني (٣) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ١٧٧ -.١٧٨ ٢٣٠ a`_ وقال تعالى: ﴿ ^]\[ZY onmlkji❁ gfedcb vutsrqp﴾ [٤٥ ، [التوبة: ٤٤ . وقال تعالى: ﴿ >=<;:98765432 BA@?﴾ [ [التوبة: ٤٩ . وإذا كان ذلك كذلك، فإن القاعدة في الفقه الإباضي هي أنه: .« إذا وجب الفرض بوصف زال بزواله » ومعنى هذه القاعدة أن الجهاد لازم متى توافرت شروطه، ومن بينها القوة والعدة والاستعداد، فإذا لم يتوافر ذلك لم يجب. ويعلل ابن بركة ذلك بقوله: لأن فرض الجهاد إنما لزم ببلوغ ذلك الحد من القوة فإذا كان الفرض » « يجب بوصف فإنه يسقط بسقوطه (١) . ثانيا الجهاد فرض عين أو فرض كفاية: ً الأصل في الجهاد أن يكون فرض كفاية بمعنى أنه إذا قام به البعض سقط عن الباقين؛ يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ ¼»º¹ ËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½ ÍÌ﴾ [ [التوبة: ١٢٢ . وقال تعالى: ﴿ ! +*)('&%$#" :9876543210/.-, DCBA@?>=<;﴾ [ [النساء: ٩٥ . (١) ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٩٠ . انظر معجم القواعد الفقهية الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ١٩٤ -.١٩٥ ّ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي إلا أن الجهاد يصبح فرض عين بشروط: أحدها أن يكون المسلمون:  كنصف عدوهم عدد ً ا وعدة لقوله تعالى: ﴿ qponml ُ  }|{zyxwvutsr ~ ﮯ ¢¡ §¦¥¤£ ¨ © ﴾[ [الأنفال: ٦٦ فأجمعت الأمة على هذا التحديد للوجوب ومفهوم العبارة بتخفيف ما زاد عنه يدل على ذلك فالعشرة وجب عليهم قتال العشرين فرض عين لا يسعهم تركه تعلق ً ا بأن الجهاد فرض كفاية لأنه لمصرح به في كتاب الله وما عدا ذلك فهو وسيلة(١) . ومن غيره من جواب أبي الحسن » وجاء في جامع ابن جعفر 5 وذكرت في العدو إذا دهم البلد يريد قتل الرجال وأخذ الأموال وحرق المنازل عند ذلك قلت: هل يجوز لأحد أن يقهر أحد ً ا على جهاد ذلك العدو؟ فعلى ما وصفت فهذا العدو وجهاده على البلد وعن حريمهم من أفضل الجهاد إذا كان يريد الفساد وظلم العباد، ولا ينبغي لمن كان له طاقة لجهاد هذا العدو أن يتخلف عن ذلك؛ لأنه إن كان العدو يكون كنصف أهل البلد الذين يلزمهم الجهاد عن بلدهم من الرجال فجهاده على الرجال الأصحاء جهاد فرض وليس بمعذور عن ترك الفريضة، وإن كان العدو أكثر من نصف رجال ذلك البلد فجهاده فضيلة ولا ينبغي لأحد أن يرغب بنفسه عن إحدى المنزلتين ويرغب في ذلك ويوزع إليهم بالترغيب والتحذير، وأما الجبر على القتال فلا نأمر بجبر الناس على القتال؛ لأنه قد جاء في سير أهل العدول ولا يجبر الناس على القتال، ولكن نقول نحن نوزع إليهم في القول ويعرفون اللازم في ذلك ويشد عليهم بالقول ويدعون إلى ذلك « ويرغبون في فضيلته ويحذرون من تضييع فريضته(٢) . (١) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ١٠٦(٢) ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٨، ص ١٤٢ -.١٤٣ ٢٣٢ ويقول الإمام ا لسالمي: واختلفوا) هل كان في زمنه ژ فرض عين أو كفاية قولان (وقيل) كان )» فرض عين على المهاجرين دون غيرهم (ويؤيده) وجوب الهجرة قبل الفتح على كل من أسلم إلى المدينة لنصر الإسلام (قيل) كان عين ً ا على الأنصار دون غيرهم ويؤيده مبايعتهم (النبي ژ) ليلة العقبة على أن ي ُؤ ْ ووه وينصروه  (وقيل) يتعين في حق الأنصار إذا طرق المدينة طارق وفي حق المهاجرين اذا أريد قتال أحد من الكفار ابتداء ويؤيد هذا ما وقع في قصة بدر (وقيل) كان عين ً ا في الغزوة التي يخرج فيها (النبي ژ) وعلى من عينه ولو لم  يخرج هذه أقوالهم في حكم الجهاد في زمان المصطفى (وأما) بعده ففرض ِ أن تدعو الحاجة إليه كأن ْ يد ْ هم العدو المصر أو َْ كفاية على المشهور إلا البلد أو الجماعة، فإنه يلزم القادر دفعه وكذلك يتعين على من عينه الإمام « لذلك(١) . (١) . الإمام السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٢، ص ٢٨١ ويرى ابن قدامة أن الجهاد يتعين في ثلاثة مواضع: ١ إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان حرم على من حضر الانصراف لقول الله تعالى: ﴿ » ÄÃÂÁÀ¿¾½¼ ﴾ [ [الأنفال: ٤٥ ❁ ´ وقوله تعالى: ﴿ «ª© ¬¯® ° ³²± ÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼» º¹¸¶ Æ ﴾[١٦ ، [الأنفال: ١٥ .  ٢ إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم. ٣ إذا استنفر الإمام قوما لزمهم النفير معه لقوله تعالى: ﴿ HGFED ً RQPONMLKJI ﴾ [ [التوبة: ٣٨ وقول النبي ژ : إذا » « استنفرتم فانفروا . ابن قدامة: المغني والشرح الكبير، ج ١٠ ، ص ٣٦٥ - .٣٦٦ وبخصوص قوله تعالى: ﴿ !" &%$# ﴾ [ [البقرة: ٢١٦ ، يقول فرض عين إن دخلوا بلادنا، وفرض كفاية إن كانوا » الإمام الألوسى أن قتال الكفار . الإمام الألوسى: روح المعاني، ج ٢، ص ١٠٦ « ببلادهم الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي  وهكذا يكون الجهاد فرض عين، خصوصا بشرطين أكد عليهما الفقه ً  الإباضي: الأول أن يحدث اعتداء ضد الدولة الإسلامية يراد به استباحة النفوس والأموال، والأرض والعرض(١) . والثاني أن يكون بالمسلمين قوة ترد هذا العدوان، ويكفي هنا أن يكونوا كنصف العدو في العدد والعدة(٢) . (١) وليس للإمام أن يجبر الرعية على الغزو والجهاد وإنما ذلك على » : جاء في بيان الشرع من قطع الشراء على نفسه معه، وليس له أن يجبر الرعية على الجهاد ولا على الرباط  إلا من أحب ذلك منهم إلا أن تخرج خارجة تريد استباحة البلد والحريم فإن على كل أن يدفع الظلم عن البلد وأهله وإذا كان ذلك عليهم جاز له أن يجبر من امتنع من  الدفاع للبغاة عن البلد لأن له أن يجبرهم على مصالحهم، وأما إذا كان الإمام هو الخارج فليس له أن يجبر أحد ً الكندي: بيان الشرع، المرجع « ا على الخروج معه . السابق، ج ٦٨ ، ص ٢٩١  (٢) وأصل ما أوجب الله على الرجال من المسلمين فرض الجهاد إذا » : ورد في بيان الشرع كانوا كالنصف من حربهم في الآلة والقوة والمركوب والقدرة آمنين غدر بعضهم ببعض وخديعة بعضهم بعض وخلف بعضهم ببعض في وقت صعقات الحرب وفي غير ذلك من الأوقات التي يزول فيها عن بعضهم بعض التهم أنهم لا يرجعون ولا بعضهم إلا ميل هوى ولا إيثار لدنيا ولا قبول الرشوة ولا نقض العهد. ولا بيعة. فإذا كانوا مع بعضهم بعض على هذه الصفة وكانوا كالنصف من حربهم آمنين مواد المعونة لحربهم من رعيتهم أو من غير رعيتهم من المواد المشرفة عليهم لم يسعهم إلا أن يقوموا لله بالإنكار على عدوهم وقتاله على ما يوجبه الحق كان من أهل الجحود ِ والإنكار أو من أهل البغي من أهل الإقرار أو من فساد مصرهم ممن غلب على أمرهم ْ ذات « أو غير ذلك من الجبابرة من الأمصار فلا يسعهم ترك الحرب على هذه الصفة . المرجع، ج ٦٩ ، ص ٩٠ انظر أيض ً ا: السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين ٢٤١ ، الأخيار، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ١٨٠ . السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، ج ٢، ص ٢٥٥ ُ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٢٣٤   وكون الجهاد فرض عين يرتب بعض النتائج، منها: ١ اتخاذ كل ما يلزم للقيام به، حتى ولو كان ذلك على حساب الفقراء(١) أو حتى بأخذ أموال الرعية إذا لم يكن في بيت المال أموال تكفي لذلك (٢) . ٢ حق كل فرد في حالة هجوم العدو على المسلمين الدفاع عن نفسه، حتى ولو كان ممن لا يجب عليه فرض الجهاد، كالنساء(٣) . (١) جاء في بيان ا لشرع: وإقامة عساكر المسلمين والذب عن بيضتهم أحق وأولى من إعطاء الفقراء إذا خيف على »الدولة أن يظهر عليها عدوها وينتهك حرمتها والذب من ورائها بمال الله أحق وأولى من . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٧ .« تفريقه على الفقراء (٢) جاء في بيان ا لشرع: وكذلك الإمام إذا لم يكن عنده مال لتجهيز العساكر في محاربة العدو هل على الرعية »أن تعينه بالمال وهل له جبرهم؟ قال يأخذ جميع الصدقة إذا احتاج إلى ذلك في عز الدولة ومناصبة العدو وليس له أخذ على غير هذا الوجه كذلك ليس له أن يجبر رعيته على الخروج معه على الجهاد إلا أن تخرج خارجة تريد استباحة البلد جاز له جبرهم على ذلك وإنما أجيز له إذا كان خارجا ً إلى الحرب واحتاج إلى الرواحل لحمل الطعام أن له أن يجبرهم على أخذ دوابهم ذات المرجع، ص ٩٨ .« ويحمل عليها ويعطيهم الكراء -.٩٩ ونحن لو رأينا سبيلا » : كذلك كتب الشيخ الخليلي إلى والي الإمام علي الرستاقي ً إلى الرفق بالرعية والمساهلة لهم لكنا أحوج إلى ذلك وأولى به، ولكن نرى أمرا جليلا ً ً وخطبا جسيما لا يمكن التساهل فيه واحتمال القليل بل الكثير من الأموال أولى من ًً استئصال الدول وظهور أعداء الله تعالى على الممالك ولم نجد الآن السبيل إلا بتكليف . السالمي: تحفة الاعيان بسيرة أهل عمان، ج ٢، ص ٢٩٠ « الرعية والسلام ُ (٣) يقول البطاشي: ولا تحتاج المرأة لإذن زوجها في الدفاع والقتال عن نفسها ومالها ونفس غيرها وماله »وجهاد العدو مطلق ً ا ولا يجب عليها غير الدفع والقتال عن نفسها فأنه يجب عليها أن قال « تموت ولا تكشف عن ساقها ولا تعطي لباسها وهي كالرجل في اللزوم والعصيان  القطب 5 : والذي عندي أنه لا يجوز للمرأة الخروج إلى القتال إلا بإذن زوجها سواء » = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ٢ دعوة العدو قبل قتاله: نشير إلى المبدأ العام، ثم إلى الاستثناءات التي ترد عليه. أولا ً المبدأ ا لعام: قبل القتال؛ فقد كان ژ إذا أمر « لا بد من الدعوة » مذهب الإباضية أنه ّ أميرا في سرية أو جيش أوصاه بتقوى ا لله 8 ومن معه من المسلمين خيرا، ثم ًً قال: اغزوا بسم الله وفي سبيل الله، وقاتلوا من كفر بالله، ولا تغلوا، » ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليد ً ا، فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم لثلاث خصال، فأيتها أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ادعهم إلى الإسلام، فإن أبوا ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، فإن ْ أبوا ْ  فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، ولا يكون لهم من الغنيمة والفيء  شيء، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن أبوا فاسألهم عن الجزية، فإن أجابوك فاقبل منهم، فإن أبوا فاستعن ْ الله عليهم وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن  وسألوك ذمة الله وذمة رسوله فلا تفعلن ْ ، ولكن اجعل ْ لهم ذمتك، فإنكم إن تخفروا ذمتكم أهون من أن تخفروا ذمة الله، وإن أرادوك أن تنزلهم على حكم « الله، فلا تفعل بل على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا(١) . = تخرج تقاتل أو لت ُ عين إلا دفاعها وقتالها عن نفسها وسترها وما يؤدي إلى ذلك أو إلى .« تلفها فإنه واجب عليها ولو حجر عليها الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ٧٧ -.٧٨ (١) سنن الترمذي، رقم الحديث ١٦١٧ ، ج ٤، ص ١٦٢ . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة ١٧٧ ،١٥٥ ، في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٩٧ -.١٧٨ إن جيش » : وقال الترمذي إلى أبي البختري ً ا من جيوش المسلمين، كان أميرهم سلمان الفارسي، حاصروا قصرا من قصور فارس، فقالوا: يا أبا عبد الله؛ ألا تنهد إليهم؟ قال: ً دعوني أدعهم كما سمعت رسول الله ژ يدعوهم، فأتاهم سلمان فقال لهم: إنما أنا رجل منكم فارسي، ترون العرب يطيعوني، فإن أسلمتم فلكم مثل الذي لنا، وعليكم مثل الذي علينا، وإن أبيتم إلا دينكم تركناكم عليه، وأعطونا الجزية عن يد وأنتم صاغرون، ورطن = ٢٣٦  فالقاعدة إذن، هي ضرورة الدعوة إلى الاسلام والنهي عن القتال قبلها قال  أبو عبيدة عن جابر بن زيد قال: بلغني أن رسول الله ژ بعث عليا في سرية  ِ فقال: يا علي لا تقاتل القوم حتى تدعوهم وت » ُنذر َ هم، فبذلك أم ُ « رت قال: وجيء َْ بأسارى من حي من أحياء العرب فقالوا: يا رسول الله، ما دعانا أحد ولا بلغنا، فقال: « الله » فقالوا: الله، فقال: « خلوا سبيلهم » فخلوا سبيلهم ثم قال: حتى تصل » « إليهم دعوتي فإن دعوتي تامة لا تنقطع إلى يوم ا لقيامة ثم تلا رسول الله ژ هذه  الآية: ﴿ 876543210/. ﴾ [ [الأنعام: ١٩(١) . قال: وقال ابن عمر والحسن البصري إن دعوة رسول الله ژ قد تمت في  حياته وانقطعت بعد موته فلا دعوة اليوم. قال الربيع: قال أبو عبيدة الدعوة غير منقطعة إلى يوم القيامة إلا من فاجأك بالقتال فلك أن تدفع عن نفسك بلا دعوة(٢) . ومن جواب أبي الحواري إلى أهل حضرموت: اعلموا رحمكم الله أن من الحق والعدل الذي عرفناه فيما مضى عليه »  سلفنا أنهم لا يستحلون دم من خرج عليهم أو خرجوا عليه من أهل القبلة إلا بعد الدعوة والإعذار والإنذار فإذا سار الإمام ومن معه من المسلمين = إليهم بالفارسية، وأنتم غير محمودين، وإن أبيتم نابذناكم على سواء، قالوا: ما نحن بالذي يعطي الجزية، ولكن نقاتلكم، قالوا: يا أبا عبد الله؛ ألا تنهد إليهم؟ قال: لا. فدعاهم ثلاثة .« أيام إلى مثل هذا، ثم قال: انهدوا إليهم. فنهدنا إليهم ففتحنا ذلك ا لحصن .« وهكذا مذهبنا لا بد من الدعوة، إلا أنه لا نشترط ثلاثة أيام، بل تكفي مرة » : يقول أطفيش . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ١٥٤ (١) . الجامع الصحيح مسند الامام الربيع، حديث رقم ٧٩٢ (٢) ذات المرجع، حديث رقم ٧٩٣ . راجع الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٩، ص ٤١ ؛ أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٣٧ - ٢٣٨ ؛ حاشية الترتيب للعلامة ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، المرجع السابق، ج ٤، ص ٢٥٩ -.٢٦١ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي  إلى عدوهم لم يبدأوا بقتال عدوهم ولا ببياتهم حتى يبدأوهم بالدعوة لهم والإعذار ا ليهم. وكذلك المشركون إذا غزاهم المسلمون ممن كانت له ذمة وعهد ولم تكن له فإذا دخلوا عليهم أرضهم لم يقتلوهم ولم يغنموهم ولم يسبوهم حتى يدعوهم. فإذا دعوهم فردوا الدعوة استحلوا قتلهم وسبي ذراريهم وغنم « أموالهم(١) . يقول الشوكاني: إنه بخصوص الدعوة قبل القتال هناك ثلاثة مذاهب: الأول: أنه يجب تقديم الدعاء للكفار إلى الإسلام من غير فرق بين من بلغته الدعوة منهم ومن لم تبلغه. والثاني: أنه لا يجب مطلق ً ا. والثالث: أنه يجب لمن لم تبلغهم الدعوة ولا يجب إن بلغتهم لكن يستحب(٢) . ثانيا ا لاستثناءات: ً كما قلنا القاعدة في الفقه الإباضي إنه لا يجوز قتال غير المسلمين إلا بعد دعوتهم إلى الإسلام، فإن أسلموا كان لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وإن رفضوا حل قتالهم. (١) جامع أبي الحواري، المرجع السابق، ج ١، ص ٧٨ ؛ الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٥٥ ؛ راجع أيض ً ا: السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ١٧٣ - ١٧٥ ؛ الشيخ عبد الله النزوي: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، مسقط، ١٤١٥ ه -. ١٩٩٤ م، ج ٣، ص ٣٢٧ (٢) . الإمام الشوكاني: نيل الأوطار، ج ٧، ص ٢٣١ ٢٣٨ إلا أنه يرد على هذه القاعدة الاستثناءات ا لآتية:   ١ أن يكون العدو هو الذي بدأ القتال؛ أي يكون هو الذي يغزو المسلمين .« وأما إن بدؤا بالقتال قوتلوا ولا دعوة لهم » : في دارهم، يقول الكندي وهذا أمر منطقي إذ لا يمكن اشتراط الدعوة في حالة عدوان الطرف الآخر بل يكون الرد عليه فورا. ويسري هذا الاستثناء من باب أولى ً إذا احتل العدو أرض ا لمسلمين. ٢ قال ابن عمر والحسن البصري: إن دعوة رسول الله ژ قد تمت في حياته، وانقطعت بعد موته، فلا دعوة ا ليوم. الدعوة غير منقطعة إلى يوم القيامة إلا من » : قال الربيع: قال أبو عبيدة « فاجأك بالقتال، فلك أن تدفع عن نفسك بلا دعوة(١) . ٣ « غير الدعاء ا لأول » إذا هزم العدو وكان قد تم دعوته، فلا دعوة له(٢) . علة ذلك واضحة أن الغرض من دعوة غير المسلمين قد تحقق بالدعوة ا لأولى. (١) الوارجلاني: كتاب الترتيب في الصحيح من حديث الرسول ژ ، مكتبة مسقط، ١٤٣٢ ه - ٢٠١١ م، ص ١٩١ . الكندي: بيان الشرع، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه -. ١٩٩٣ م، ج ٧٠ ، ص ٢٥٢ ُ (٢) سألت أبا » : الكندي: بيان الشرع، ذات المرجع، ص ٢٥١ . وجاء في المدونة الكبرى المؤرج عن قوم لقوا عدوهم من أهل الشرك، فدعوهم إلى الإسلام، فأبوا عليهم وردوا دعوتهم، فقاتلوهم إلى الليل، ثم فرق الليل بينهم، ألهم أن يبيتوا عدوهم ويقتلوهم؟ أو لا يقتلوهم حتى يحدثوا لهم دعوة أخرى؟ قال أبو المؤرج: سئل أبو عبيدة عن ذلك فقال: قد وصلت إليهم الدعوة فأبوها، فليقاتلوهم ليلا ً أبو غانم « أو نهارا، وليبتغوا غفلتهم ً . الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٣٣٨ وإذا خرج على المسلمين عدو فلا دعوة له وإن خرج عليهم المسلمون » : كذلك قيل .« لزمت الدعوة وجائز للمسلمين مبايتة عدوهم إذا رجو الظفر بذلك الشيخ عبد الله بشير الصحاري: الكوكب الدري والجوهر البري، راجعه ماجد الكندي، ١٤٢٨ ه -. ٢٠٠٧ م، ج ٤، ص ٣٥٩ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ٤ إذا لقي المسلمون العدو في البر أو البحر في غير بلادهم، فقد قال « يقاتلون بغير دعوة » : بعض الفقهاء(١) . ٥ أن يجد المسلمون في أيدي العدو شيئ ً فإنهم » ا أو غنيمة من أموال الناس « يقاتلون من غير دعاء والدعاء أحب إلينا(٢) . لذلك جاء في ا لمصنف: وإذا دخل المسلمون بلد » ً ا من بلاد المشركين، فهربوا قبل أن يدعوهم المسلمون إلى الإسلام، تركوا ديارهم وأموالهم. فليس للمسلمين أن يأخذوا منها شيئ ً « ا حتى يدعوهم(٣) . (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٥١ (٢) . ذات المرجع، ص ٢٥٣ لذلك بخصوص سؤال: عن اختلافهم في المشركين الذين في غير بلادهم إذا غزاهم المسلمون هل يحتاجون إلى دعوة أولا ً ؟ قولان، وذلك إن لم يوجد معهم شيء من سبايا المسلمين ولم يشهروا السلاح، فإن كان شيء من ذلك قوتلوا بلا دعوة، ما وجه الخلاف ا لأول؟ أما القائل بوجوب الدعوة لهم فلعموم الأدلة القاضية بثبوت الدعوة مطلق » : يقول السالمي ً ا،  ولم يفصل بين من كان في بلده ومن كان خارجا مع احتمال أن يكونوا قد خرجوا يريدون ً الإسلام، وأما القول بأنه لا دعوة لهم فذلك لأن الدعوة إنما توجه إلى أكابرهم، وهؤلاء قد خرجوا لا يعرف لهم كبير، وأيض ً ا فلعلهم خرجوا غزاة على المسلمين، وأيض ً ا فالدعوة قد بلغت بلدانهم فما معنى تكرارها؟ فإن وجد معهم سبي أو شهروا السلاح علم أنهم لم يخرجوا إلا محاربين، فمن هنالك جاز قتالهم بلا دعوة على القولين، وأقول: إن دعوة رسول الله ژ قد بلغت حيث بلغ الخف والحافر، بل وحيث بلغت الجواري في البحر، وقد تركها من تركها إصرار ً ا واستكبارا وتمرد ً ا وعناد ً ا، فلا معنى لوجوب تكرار الدعوة إليهم مرة بعد أخرى، كيف ً يدعون إليها؟ وإنما يسعون في إطفائها ويبذلون المجهود في انطماسها، وهل كررها .« رسول الله ژ بعد انتقاله عنهم إلى المدينة؟ وإنما بدأهم بالحرب بعد أن قام فيهم ما أقام جوابات الامام السالمي، ج ٢، ص ٤٠٧ ؛ أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، المرجع السابق، ج ٤، ص ٣٦٨ -.٣٦٩ راجع أيض ً ا الشيخ ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ص ٢٧٧ -.٢٧٨ ُ (٣) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٧١ ٢٤٠ حقن دماء من لم تصلهم » ومن المعلوم في الفقه الإسلامي قاعدة فإذا تم قتلهم رغم ذلك، فهناك ا تجاهان: .« الدعوة إلى الإسلام (الأول) أخذ به أبو حنيفة بقوله إنه لا تضمن دماؤهم، وتكون هدرا ً استناد ً ا إلى أمرين: من لم يثبت له إيمان ولا أمان، كان دمه هدر ا كالحربي، وليس ً لهؤلاء إيمان ولا أمان. د(١) أن الدية أحد موجبي القتل: فوجب أن يسقط في حقهم كالق َ و . َ (والثاني) أخذ به الماوردي حيث نادى بضمان دمائهم بالدية إن قتلوا، ولم تكن هدر ً ا، ا ستناد ً ا على دليلين: أن من لم يظهر عناده في الدين مع تكليفه، لم ينهدر دمه كالمسلم. أن حرمة النفوس أعظم من حرمة الأموال، فلما وجب رد أموالهم عليهم، وجب ضمان نفوسهم. فأما القول بأنه لا إيمان لهم ولا أمان، فإن لهم أمان ً ا، ولذلك حرم قتلهم: وأما الجواب عن الق َ ود، فهو: أنه يسقط بالشبهة، ولا تسقط الدية بالشبهة، َ فافترقا (٢) . (١) جاء في شرح فتح ا لقدير: ولو قاتلوهم قبل الدعوة أثموا، ولكن لا غرامة بما أتلفوا من نفس ولا مال من دية »ولا ضمان لأن مجرد حرمة القتل لا توجب ذلك كما لو قتلوا النساء والصبيان. وذلك ابن الهمام الحنفي: شرح فتح ) « لانتفاء العاصم وهو الإسلام والإحراز بدار الإسلام القدير، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٩ ه -.( ١٩٧٠ م، ج ٥، ص ٤٤٥ (٢) الماوردي: الحاوي الكبير، دار الفكر، بيروت، ١٤١٤ ه - ، ١٩٩٤ م، ج ١٨ ص ٢٤٦ -.٢٤٧ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي حري بالذكر أنه قد درج سلوك الدول حاليا على شن الحرب بغتة ً وبلا مقدمات، لتحقيق عنصر المفاجأة التي تشل حركة العدو وتمنعه من الرد المناسب. وهكذا لم يعد تقديم إنذار أو إعلان بالحرب شرط ً ا من شروط شنها. ولا مناص من استفادة الدول الإسلامية من هذا السلوك الحالي، حتى لا تكون في وضع أسوأ من غيرها. خصوصا أن الدعوة إلى ً الإسلام معروفة لدى كل شعوب الأرض الآن بسبب وسائل الإتصالات الحديثة(١) . ٣ عدم الفرار من ا لزحف: قال الله تعالى: ﴿ «ª© ¬¯® ° ³²± ÂÁÀ¿¾½¼»º¹¸¶❁ ´ ÆÅÄà ﴾[١٦ ، [الأنفال: ١٥ .  وقد وضعت هاتان الآيتان قاعدة واستثناءين: ١ أما القاعدة، فهي عدم جواز الفرار من الزحف. وهذا ما أكده الفقه ليس لمسلم إذا تلاقي زحف » : الإباضي، فقد جاء في بيان الشرع   المسلمين وزحف الكافرين أن يولهم دبره راجعا عن قتالهم إلا من عذر ً « أو يرجع قبل ذلك(٢) . ٢ وأما الاستثناءان، فهما جواز أن يهرب الشخص من القتال إذا كان: (١) يقول ابن حبيب إن من بلغه الإسلام وعلم ما يدعى إليه وحارب وحورب كالروم والإفرنج ممن دانى أرض الإسلام وعرفه فالدعوة فيهم ساقطة فيجب أن يغار عليهم « عليه عمل المسلمين في سائر الآفاق » وينتهز فيهم الفرصة. يقول الإمام الباجي إن هذا (الإمام الباجي: كتاب المنتقى شرح موطأ الإمام مالك بن أنس، دار الكتاب الإسلامي، .( القاهرة، ط الثانية، ج ٣، ص ٢١٧ (٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣١٨ ٢٤٢ متحرف » ً ا لقتال أو متحيز ً « ا إلى فئة(١) . ومن بغته عدو ولا طاقة » : ذلك أنه « له بقتاله فله أن يهرب عنه (٢) . ي كالمنهزم فيعطف على من لحقه فيقتله، ويكون ذلك بأسباب كأن يتحصن عدوه فلم يجد له مدخلا ً «(٣) ، أما التحيز إلى فئة، فيكون إذا كان لا يقدر على قتال العدو لكثرته فينضم إلى جماعة من المسلمين لكي يتمكنوا من التغلب عليهم.  يول » ويكون التحرف لقتال وذلك بأن »fÉãdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a áYhô°ûe ô«Z hCG áYhô°ûe ÜôëdG ¿ƒμJ ≈àe نذكر أولا ً المبدأ العام: ضرورة وجود سبب يبرر القتال، فإذا انتهينا من ذلك فحقيق بنا أن نبين الأحوال التي تكون فيها الحرب مشروعة أو غير مشروعة. :∫Éà≤∏d ´hô°ûe ÖѰS OƒLh IQhô°V :ΩÉ©dG CGóѪdG (CG من استقراء الحروب التي حدثت في تاريخ البشرية، يمكن القول إنها: قد تكون مشروعة أو غير مشروعة. لذا يقرر رأي في الفقه ا لإباضي: (١) فعن الحسن عن عمر بن الخطاب 5 لما بلغه قتل أبي عبيدة بن الجراح يوم القادسية، تفسير الطبري، ج ٩، ص ٢٠٢ ؛ تفسير ) « رحم الله أبا عبيدة لو انحاز إلينا لكنا له فئة » : قال ابن كثير، ج ٢، ص ٢٩٥ ). وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رحمهم الله قال: خرجت في يا رسول الله نحن » : سارية ففروا، فلما دخلنا المدينة استحيينا من رسول الله ژ فقلت فقال: « الفرارون « بل أنتم البكارون أي: الكرارون وإنا فئتكم » ، سنن أبي داود، رقم . الحديث ٢٦٤٧ ، ج ٣، ص ٤٦ . سنن البيهقي الكبرى، رقم الحديث ١٧٨٦ ، ج ٩، ص ٧٦ سنن الترمذي، رقم الحديث ١٧١٦ ، ج ٤، ص ٢١٥ . مسند الإمام أحمد بن حنبل، رقم . الحديث ٥٣٨٤ ، ج ٢، ص ٧٠ (٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٢٢ (٣) . الشيخ أبو عبيد السالمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، المرجع السابق، ص ٢١٨ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي « والمحاربة قد تكون على العدل والجور والتعدي »(١) . وقد عرف الفقه الإباضي متى تكون الحروب مشروعة أو غير مشروعة، ان كانت بين قوم » : يقول البطاشي ،« باب الحرب المحقة والمبطلة » فتحت وبين المسلمين حرب فظفر المسلمون بهم فانقادوا للحق وأطاعوا للإمام في الظهور أو المسلمين في الكتمان ومكثوا على ذلك زمان ً ا طويلا ً ثم هاجت بينهم حرب فإن قامت على الأصل الأول فالمحق على حقه والمبطل  على باطله فإذا قام على ذلك أكل مال أكله المسلمون أو بعضهم زلة أعطوه لمن أخذ منه وكانوا على أصلهم الأول بلا تجديد دعوة وكذا إن لم يخضعوا  في حربهم الأولى فأجلوهم من ديارهم بفعل كان سببا لخروجهم ثم رجعوا ً إليها مستضعفين وتجاوروا مع المسلمين وتعاملوا وتناكحوا واصطحبوا وتخالطوا ثم تحاربوا بإنشاء المبطلين الأولين حربا وإن أنشأه المحقون فهم ً مبطلون لم يحز القتال الذي أحدثه هؤلاء الراجعون في القتال من المسلمين لم يحل للمسلمين القتال بل يجب الكف وأما فعلهم في الأموال والأنفس «(٢) فكالحرب الأولى من كون المحق محقا والمبطل مبطلا ً . ومن الثابت في الاسلام أن الحرب يجب أن تكون لها سبب مشروع حامل عليها ودافع إليها. لذلك قال العلماء إن: « الحرب إذا لم يرج نفعها تركت لئلا تغرى بالأرامل والضعاف »(٣) . يؤيد ما ذكرناه كراهة تمني لقاء ا لعدو. (١) قاله الشيخ جاعد بن خميس، ومذكور في السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٧ ه -. ١٩٨٧ م، ج ١٤ ، ص ٢٠٩ ُ (٢) ؛ الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٩، ص ١١٤ راجع أيض ً ا أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ٧٠٨ -.٧١٠ (٣) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٦٧ ٢٤٤ فعن عبد الله بن عمر عن رسول الله ژ : لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاثبتوا، وأكثروا » « ذكر ا لله(١) . كذلك لم ينزل الإسلام في بدايته داعيا إلى القتال دون سبب، وإنما كان ً القرآن يدعو إلى مجادلة الآخرين بالحكمة والموعظة الحسنة، بل حينما طلب الصحابة من النبي ژ أن يردوا على الاعتداءات الواقعة عليهم، كان يقول لم أؤذن بعد » : لهم ُ « في ا لقتال(٢) . لكن حينما اشتد الأذى الواقع على المسلمين نزل قوله تعالى: ﴿ !" *)('&%$# ;:9876543210/.-,+ < ﴾ [ [البقرة: ٢١٦ . وقوله تعالى : (كتب) أي فرض، بعد » : يقول البسيوي أن لم يكن مفروضا، وذلك أنه تعالى أمر نبيه في أول مرة أن يدعوا إلى ً  الإسلام ولم يفرض عليه القتال ولم يأمره به، فلما أخرجه المشركون من مكة، وهاجر إلى المدينة فرض الله عليه وعلى المؤمنين معه الجهاد وأمرهم به، فقال تعالى: ﴿ !" &%$# '*)( + ﴾ [ [الحج: ٣٩ « ، فأذن لهم فيه بعد أن كان نهاهم عنه في بدء ا لاسلام(٣) . وعلى ذلك، فالإذن بالقتال يفترض وجود سبب مشروع دافع إليه وحامل عليه: كاحتلال إقليم تابع للدولة ا لإسلامية. أو هضم حقوق المسلمين المالية أو الاقتصادية أو غيرها. (١) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٦ ه -. ١٩٨٦ م، ج ٥، ص ١٢٦ ُ (٢) الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ٤، ص ٤٦٤ (قاله في معرض تفسيره للآية ٣٨ من سورة ا لحج). (٣) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٣٦ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي أو تدبير مؤامرات ضد الدولة الإسلامية أو رعاياها.  لذلك جاء في بيان ا لشرع:  ولا نحب أن يقاتلوا ظالما مع ظالم حتى يبدأهم الظالم بالغشم أو »  ً « يقيموا عليه الحجة ويرسلوا من يحتج لهم عليه(١) . والقاعدة الفقهية ا لإباضية تقول: ّ « قتال المشركين معلل بالحرابة وليس باختلاف ا لدين »(٢) . فإذا كان السبب الدافع للقتال غير مشروع، فلا يجوز المساهمة فيه أو  شن الحرب بناء عليه(٣) .  (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١١٢ (٢)إن حرب المشركين واستباحة دمائهم معللة بالحرابة؛ أي لكونهم حربا على الإسلام » : معنى القاعدة ً وليس لكونهم نصارى أو يهود ً ا وإلا لما أقرهم نبي الإسلام ومن جاء بعده من الخلفاء على دينهم ببذل الجزية ولما وجدت كنائسهم وبيعهم في بلاد المسلمين إلى الآن. هذا الحكم في حق أهل الكتاب، أما مشركو العرب فلهم حكم خاص وهو أنه لا يقبل منهم إ لا الإسلام أو السيف. وفيهم يقول عليه الصلاة والسلام: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا » « مني دماءهم وأموالهم إ لا بحق الإسلام وحسابهم على ا لله (أخرجه الترمذي والبزار). معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٨١٨ -.٨١٩ ّ (٣) يؤيد ذلك ما جاء في بيان ا لشرع: قلت: فإن كانتا كلتاهما باغيتين ظالمتين للرعية كل واحدة منهما تبغي أن تملك الأخرى »وتقهر الناس وتظلمهم هل يجوز لهم أو لأحد من الناس أن يقاتل التي أشد جورا من ً الفئة التي هي أهون على الرعية؟ قال: نعم يجوز له أن يقاتل التي هي أشد جورا يفك عن ً نفسه زيادة جورهم وعن الرعية إذا كانوا أشد على الرعية ظلم وجور فإنما يقاتل عن نفسه وليس له أن يقصد في ذلك لمعونة ا لأخرى. قلت: فهل يجوز له أن يسير معهم في مسيرهم؟ قال: نعم له أن يسير معهم إلا أن يكون السائرون إلى الفئة الباغية مستحلين في مسيرهم وتسفك الدماء وتنهب الأموال فليس له المسير معهم ولا أن يكثرهم وليس لأحد أن يخرج مع قوم يستحلون في خروجهم أخذ .« الحرام باختيار منه لذلك سائرين قاصدين في مسيرهم استباحة ا لبلد الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١١٤ -.١١٥ ٢٤٦ يقول تعالى: ﴿ ¬ ³²±°¯® ÁÀ¿¾½¼»º¹¸¶µ´ ÃÂ﴾ [ [التوبة: ١٣ . معنى ذلك أن القتال يكون: إذا نكث العدو العهد واعتدى على المسلمين دون مراعاة للإتفاق المبرم والساري بينه وبينهم. إذا هم بإخراج المسلمين من ديارهم وهذا أيضا مصداق لقوله تعالى: ً ﴿ µ´³²±°¯®¬ ¸¶ ¹﴾ [ [التوبة: ١٣ . مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ ÂÁ  إذا ابتدأ العدو القتال، فيجب الرد ÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄà ﴾ [ [البقرة: ١٩٠ . :áYhô°ûe ÜôëdG É¡«a ¿ƒμJ »àdG ∫GƒMC’G (Ü أهم هذه الأحوال، ما يلي: ١ حدوث اعتداء على ا لمسلمين: من الطبيعي أن تكون الحرب مشروعة إذا اعتدت دولة ما على المسلمين أو الدولة الإسلامية. وقد يأخذ هذا الاعتداء شكل الغزو، أو الإخراج من الأراضي والديار، أو تدمير الأموال والممتلكات العامة أو ا لخاصة. وقد أكد القرآن الكريم على مشروعية هذا ا لسبب. يقول تعالى: ﴿ ËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ )('&%$#"!❁ ÎÍÌ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي :9876543210/.-,+* KJIHGF❁ DCBA@?❁ =<; ]\[ZYXW❁ UTSRQPONML mlkjihgfedcba`_^ n ﴾[ [البقرة: ١٨٩ ١٩٤ . كذلك يقول جل شأنه: ﴿ ! )('&%$#" 9876543210/.-❁ +* FEDCBA@?>=<;: RQPONMLKJIHG﴾ [الحج: ٣٩ -[٤٠ . ويقول 4 : ﴿ ^ gfedcba`_ rqponmlkjih s (١) ~}|{zyxwvut ے ¡ ﴾[ [التوبة: ١٢٠ . وإذا حدث اعتداء على الدولة الإسلامية فإنه يمكن محاربة ليس فقط من شن ّ العدوان، وإنما أيض ً ا من ساعدوهم. لذلك في تفسير قوله تعالى: ﴿ ÊÉÈ﴾ [ [النساء: ٩١ ، يقول أطفيش: لم يتركوا التعرض لكم بسوء، كإعانة العدو ودلالته على ما يضركم » أي « ومده بالمال (٢) . كذلك بخصوص الإمام سيف بن سلطان، قيل: وحارب من همو صاروا نصارى ومن يسعى لنصرهم اغتصابا (١) شيئ » : والمقصود بذلك ً ا ينال كالقتل والأسر والغنيمة والسبي، وجزية إن عقدت وشيء . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٦، ص ١٦٩ « يصالح به(٢) . ذات المرجع، ج ٣، ص ٢٩٩ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٢٤٨ وحارب الإمام سيف بن سلطان بن سيف من صاروا نصارى، » يقول يعني البرتكيس، ومن مذهبهم كمذهبهم، ومن سعى لنصرهم من الكفرة متعصبا لهم على حربه، ومستنكف ً « ا عليه باستنكافهم عليه(١) . ً  وبخصوص الإمام سلطان جاء في قصيدته عن وقائعه بالعجم(٢) :  ألا فانظروا كيف الأعاجم صاروا غدو شجرات ما لهن قرار ُ طغوا وبغوا في الأرض حتى أ صابهم عقاب أليم مهلك وتبار ٌُ فحلت بهم من مالك الأمر نقمة ٌ وسوء عذاب دائم ودمار ُُ  وقد ضربت أعناقهم بمناصل كما خربت دور لهم وديار ُ فصاروا بها رغم الأنوف كأنهم سماجح وحش عاقهن عثار ُ وقد شربوا كأس ً ا من ا لحت ْ ف والردى فخروا على الأذقان وهي بدار ُ وج ُروا على أذقانهم بعد ما ج َر َو ْ ا بخيل ٍ وقد ج َروا الذيول وج َ ار ُ وا وقد حملتهم بعد ما عاينوا الظبا مطايا المنايا للبوار فباروا ليعلم   ملك العجم أن جيوشه إلى الموت قد يسرى بهم ويساروا ِ فدوخهم بالمشرفية فيلق عظيم لديه المعظمات صغار ٌٌ ُ ٢ الدفاع ا لشرعي: وشرع ،« المنع دفعه كمنعه » الدفع لغة: هو ً دفع المشرك أو الباغي » ا: هو « عن حريم المسلمين وأموالهم وأنفسهم(٣) . والدفاع ضد أي اعتداء من بدهيات أو مسلمات المعيشة المشتركة في أي مجتمع، دولي أو داخلي(٤) . (١) . ابن رزيق: الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة عمان، المرجع السابق، ص ٢٧١ ُ (٢) . السالمي: تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، ج ٢، ص ١١٩ ُ (٣) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٦١(٤) لكن هل الجهاد والدفاع اسمان لمسمى أم هما نوعان؟. يقول ا لخليلي: إن الجهاد اسم شامل لما تحته من أنواع وله في الفضل صفات تعرف وإن أعلى الوجوه »فيه وأشرفها وأرضاها لله وأقربها عنده ما كان لا يراد به إلا إظ ّ هار الحق ومعزة الإسلام = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي وقد عرف الفقه الإباضي نظام الدفاع الشرعي، خصوصا الصور ا لآتية: ً الأولى: الدفاع عن النفس والمال والأرض ضد أي ا عتداء(١) . والثانية: إمامة ا لدفاع(٢) . = وإعلاء منار الدين ومحق الفساد والكفر والظلم وتوهين أهله وإثخانهم ونكايتهم لتكون كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا، فالقتال على ذلك هو الذي افترض بذل المال والنفس عليه. والوجه الثاني: هو الدفاع المذكور في قوله تعالى: ﴿ 210/.-,+ DCBA@?>=<;:9876543 ﴾ [ [آل عمران: ١٦٧ فقد أخر ذكر الدفاع في هذه الآية الشريفة لتأخره رتبة عن الجهاد الأول فالمقاتل عن نفسه كالبائع نفسه لله لإعزاز دينه لا لشيء يخصه بنفسه من دفع مضرة أو جلب مصلحة. فالدفاع ضرورة تستعمله حتى البهائم والجهاد المحض لمرضاة الله تعالى وكبت أعدائه هو شأن الملائكة والأنبياء والرسل والنقباء والمهاجرين والأنصار والخلفاء والأئمة والعلماء والتابعين لهم بإحسان ولا نطيل بتفصيل ذلك وإنما اطرد بنا القول فيه لبيان الفرق بين الجهادين لكن قد يكون ترك الدفاع أضر فالقيام به أوجب قال الله تعالى: ﴿ £¢¡ ¤ §¦¥ ¨©ª«¬®¯ ﴾ [ [البقرة: ٢٥١ . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ١٩٨ -.١٩٩ (١) الشيخ البطاشي: « باب في وجوب الدفع عن النفس وجواز الدفع للباغي وندبه » راجع كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، المرجع السابق، ص ٦٤ - ٧٠ ؛ انظر أيض ً الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على « باب الدفاع عن البلد والمصر وغير ذلك » ا علم الرشاد، ص ٦٠ -.٦٦ (٢) إذا دهمهم العدو وخافوا من تفرق كلمتهم وتنازع الرأي قدموا منهم » إمامة الدفاع صورتها رجلا ً من أهل النجدة والشجاعة والسياسة في الحرب يقاتل بهم عدوهم إما عدو ً ا معين ً ا كبني فلان وإما لزمن معين كأشهر معدودة أو سنين معدودة فتلزم طاعته وحقوقه كما تلزم للإمام المطلق فإذا كان لطائفة معينة أو زمان معين فزال حرب تلك الطائفة أو مضت المدة المعينة زالت إمامته بزوالها لا يحتاج إلى قول كسائر العقودات المعينة ويزول عنهم « ما كان له عليهم وجاز لهم تجديدها ولو للإمامة الكبرى إذا تمت شروط الإمامة فيه .١٠٣ ، الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ذات المرجع، ص ١٠١ ٢٥٠  الثالثة: الدفاع خارج حدود الدولة، أي فوق إقليم غير خاضع لسلطان أو سيادة ا لمسلمين(١) . الرابعة: الدفاع الشرعي الوقائي أو الاستباقي: في القانون الدولي المعاصر يذهب اتجاه في الفقه إلى إباحة استباق ضرب العدو للوقاية من  اعتداء وشيك سيقوم به، ويعرف ذلك باسم الدفاع الشرعي الوقائي أو الدفاع الشرعي الاستباقي أو الدفاع الشرعي ضد عدوان حال.  وقد عرف الفقه الإباضي ذلك، وأحاط إمكانية اللجوء إليه بالتثبت بطريقة جازمة أن هناك عدوان ً ا سيقع، فإن وقع يكون الرد عليه من باب أولى. يقول ا لناظم: ومن أتى ليس يدري ما أراد فإن ْ أبدى بضرب كسيف أو رمى نبلا لو لم يصب من رماه أو أصاب به ثيابه فهو باغ فارمه عجلا  معنى الأبيات ومن أتى ولست تدري قصده فلا تبده بالضرب والرمي » « حتى يكون هو المبتدي بالضرب أو الرمي أو الإغارة أو أشهر عليك سلاحه(٢) . (١) وهكذا بخصوص سؤال: هل يجوز أن يسمى دفاع ً ا قتال من خرج عن المصر أم لا؟ قال هكذا عندي وقد علمتم ما كان عليه رسول الله ژ وأصحابه من الاستيلاء » : الشيخ الخليلي على الأمصار البعيدة والأقاليم الشاسعة فهل يسوغ في عقل أو نقل أنه لو قام على قطر من الأقطار الشاسعة أو بغى على مصر من الأمصار فلم يكف للدفاع عنه أن يتركوه ولا يلزموا الناس الدفاع عنه والخروج إليه وليت شعري هل كان يسع علي بن أبي طالب ومن كان معه من المهاجرين والأنصار ترك الدفاع عن الشام لو سالمهم عليها معاوية بن أبي سفيان وقد ثبت عن ا لنبي ژ لما استغاثت به خزاعة وقد كانوا أسلموا ودخلوا في عهده ومكة ٍ يومئذ كافرة فقال ژ : لا نصرت » ُ إن لم أنصركم « فاستنفر المسلمين فخرج لنصرهم وإنقاذهم من البغي وقوله ژ : « لا نصرت إن لم أنصركم » دليل الوجوب إذ لا يستوجب عليه بذلك من هو مخير في فعل ذلك وتركه ونصر المظلومين وإنقاذهم وإغاثتهم وكف البغي عنهم هو معنى الدفاع في الخارج عن المصر ولو خارجا عن ملك الإمام إذا رأى ً الإمام الخروج إليه، فإن كان ذلك المصر في حماية الإمام وتحت راية الإسلام، فالدفع عنه المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٢٠٧ « أوجب -.٢٠٩ (٢) . الرقيشي، ذات المرجع، ص ٤٧ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي الخامسة: الدفاع الشرعي الجماعي: أجاز ميثاق الأمم المتحدة الدفاع الشرعي الفردي والجماعي Individual and Collective self ـ Defence.  ا(١) وقد عرف الفقه الإباضي هذين النوعين أيض ً . وتفترض كل هذه الصور وجود اعتداء على الدولة الإسلامية أو رعاياها(٢) . (١) فبخصوص سؤال حول وجوب الدفاع عن البلد أو عن القرية أو عن المصر أهو على هذا مما يختلف فيه قيل » : الترتيب أم على الإطلاق في وقت الحاجة اليه؟ يقول الخليلي لزومه على الإطلاق في وقت الحاجة إليه وقيل على الترتيب، وقيل: إن كان العدو قاصد ً ا للجميع فهو على الإطلاق وإلا فهو على الترتيب قلت: وما هذا الترتيب المذكور وما وجهه؟ قال: إن كان الخصم قاصد  ً ا لشخص بعينه وهو قادر على دفعه لم يلزم ذلك أهل البلد ولا من حضره فإن لم يكف بنفسه لزم ذلك أهل بلده ولا يلزم أهل قريته وكذا إن كان الخصم متعين ً ا لبلد فلا يلزم أهل القرية، وقيل: إن لم يكف أهل البلد لدفعهم فعلى أهل القرية وقيل: لا يلزم أهل قرية الخروج دفاع ً ا عن قرية أخرى، وهو أكثر القول، وقيل: إذا لم يكف أهل القرية للدفاع فعلى من يليهم من البلدان والقرى أولا ً فأولا ً حتى يأتي على أهل المصر كله فهذا القول أصح ولا يلزم الترتيب، وإن كان العدو خصما لبلد أو ً . ذكره الرقيشي، ذات المرجع، ص ٩ « قرية فالقول بالترتيب أصح في النظر واعلم أن الجهاد فرض في الجملة غير أنه ينقسم إلى فرض العين وفرض » : كذلك قيل الكفاية، ففرض العين أن يدخل العدو دار قوم من المؤمنين، فيجب على كل مكلف من الرجال ممن لا عذر له من أهل تلك البلاد الخروج إلى عدوهم حرا كان أو عبد ً ا، فقيرا ً كان أو غنيا دفع فرض على الكفاية فإن لم تقع الكفاية بمن نزل بهم فيجب على كل من ً .« بعد عنهم من المسلمين عونهم إذا كانوا قادرين السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع . السابق، ج ١٤ ، ص ٢٣١(٢) جاء في بيان ا لشرع: ومن جواب أبي الحسن » 5 وذكرت في العدو إذا دهم البلد يريد قتل الرجال وأخذ الأموال وحرق المنازل عند ذلك. قلت: هل يجوز لأحد أن يقهر أحد ً ا على جهاد ذلك العدو فعلى ما وصفت فهذا العدو جهاده على أهل البلد وعن حريمهم من أفضل الجهاد إذا كان يريد الفساد وظلم العباد ولا ينبغي لمن كانت له طاقة أن يجاهد هذا العدو أن يتخلف عن ذلك لأنه إن كان العدو يكون كنصف أهل البلد الذين يلزمهم الجهاد عن بلده من الرجال فجهاده على الرجال الأصحاء جهاد فرض فليس بمعذور عن تلك ا لفريضة. = ٢٥٢ فإذا حدث اعتداء على الدولة الإسلامية تحت أية صورة من الصور فإن لها استخدام حقها الطبيعي في الدفاع عن نفسها. وحق الدفاع الشرعي حق مقرر في إطار العلاقات الدولية المعاصرة. فقد أكدت عليه المادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة بقولها: إنه ليس في الميثاق ما ينتقض من الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن نفسها إذا اعتدت قوة مسلحة ضد أحد أعضاء الأمم ا لمتحدة (١) . وقد أكد الاسلام على هذا الحق. يقول تعالى: ﴿ ;:9876543210/. GFEDCBA@?>=< RQPONMLKJIH﴾ [ [الحج: ٤٠ . فهذه الآية وآيات أخرى كثيرة تدل على أن لجوء المسلمين إلى القتال كان كره ً ا لهم ورد ً ا على عدوان انتهى أو قائم. يكفي أن نذكر قوله تعالى: ﴿ ÈÇÆÅÄÃÂÁ﴾ [ [البقرة: ١٩٠ . وقوله تعالى: ﴿ © μ´³²±°¯®¬«ª ¶﴾ [ [النساء: ٩٠ . ثم يقول بعد ذلك: ﴿ ½¼»º¹ ÍÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾ Ø×ÖÕÔÓÒÑÐÏÎ ÚÙ﴾ [ [النساء: ٩١ . وقوله 4 : ﴿ ³² µ´ ¶ ¸﴾ [ [التوبة: ٣٦ . = وإن كان العدو أكثر من نصف رجال ذلك البلد فجهاده فضيلة ولا ينبغي لأحد أن يرغب .« بنفسه على إحدى المنزلتين ويرغب في ذلك ويوزع إليهم بالترغيب والتحذير . راجع: الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٠٠ (١) الشيخ بيوض: في رحاب « تنظير ومقابلة بالمثل ودفاع » يقول الشيخ بيوض: إن الآية . القرآن، ج ٤، ص ٤٧٦ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ومما يؤكد الدفاع أيض ً ا(١) قوله تعالى: ﴿ 10/.-,+ A@?>=<;:98765432 DCB ﴾ [ [آل عمران: ١٦٧ ؛ وكذلك قوله 4 : ﴿ £¢¡ §¦¥¤ ¨ ﴾ [ [البقرة: ٢٥١ .  « الإسلام انتشر بالسيف » لذلك لا يمكن قبول دعوى أن(٢) . فالسيف: لم يشرع للحمل على الدين وإنما لحمايته، وأن الحروب التي خاضها »« المسلمون كانت دفاعية(٣) . إنما انتشر الإسلام بالحجة والإقناع، فإن تم الاعتداء عليه يتم اللجوء إلى ا لدفاع(٤) . فالإسلام » : يقول الشيخ بيوض ينطلق داعيا الناس، يحمل الكتاب بيد والسيف بيد، فإن خلي الناس بينه ً وبين دعوته ينشرها كما يريد وينصرها كما يريد، والناس يدخلون فيها (١) لا يجوز لك إعانة » : بخصوص فئتين اقتتلتا ولا يعرف المحق من المبطل، يقول الخليلي المبطل منهم على حال ولا يجوز الدخول في ذلك إلا على معرفة ويقين بالفئة الباغية التي يجوز حربها، وأما إذا غشوا الدار لاستباحة النساء والأطفال والأموال ومن لا حجة عليه في ذلك وعرفوا بذلك بالشهرة الصحيحة أو البينة، فيجوز حربهم دفاع ً ا على قصد إعانة من لا يجوز إعانته ولكن الدفع والذب عن استباحة الحريم بغيا وعدوان ً ا وظلما إن قصد به الدفع ًً عن نفسه ومن تلزمه حمايته أو بجواز الدفاع عنه، فهو نوع جهاد يجب في موضع اللزوم « ويجوز فيما سواه بل هو نوع فضيلة وأعظم وسيلة ولكل امرىء ما نوى وعليه ما نوى المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٢ ، ص ٣٠٦ -.٣٠٧ (٢) قال بهذه الدعوى حديث ً ا بابا الفاتيكان مردد ً ا في ذلك ما قاله قبله بآلاف السنين ا لكثيرون. (٣) . الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، المرجع السابق، ج ٤، ص ٤٧٩(٤) انتشرالإسلام بسماحته، وبيسره وعدالته ومساواته بين الناس في » : يقول الشيخ بيوض الحقوق، إذ لا فرق بين الحاكم والمحكوم، والفرس في آسيا الصغرى، والروم في الشام وغيرهم كانوا يفضلون حكم المسلمين على حكم النصارى، لأنهم لا يجدون من الحرية تحت دينهم كالتي يجدونها في ظل الإسلام، ولقد كانوا تحت حكامهم مضطهدين، إذ الظلم كان على أشد أنواعه والجبروت على أفظع صوره. فما أجبر أحد على الدخول فيه بالسيف، فآية ﴿ ÔÓÒÑ ﴾ [ [البقرة: ٢٥٦ آية محكمة . ذات المرجع، ص ٤٧٨ « غير منسوخة كما يزعم البعض أنها نسخت بآية السيف ٢٥٤ لا يفتنهم أحد، فإن كانوا هكذا تركهم وشأنهم. وإن منعوه، وحاولوا الدفاع عن سلطانهم الغاشم حتى يبقى العباد عبيد ً ا لهم لا لله، هنالك تكون الفتنة، والله تعالى يقول: ﴿ LKJIHGF M ﴾ [ [البقرة: ١٩٣ . ﴿ ,+*) ﴾ [ [البقرة: ١٩١ . وفتن الناس عن دينهم هو حملهم ومنعهم من الدخول في الدين الذي يرتضونه لأنفسهم، والحيلولة بينهم وبين الدعاة، إما النبي نفسه، أو رسله، أو كتبه التي يبعثها إلى الآفاق. إذن يصح أن نقول: إن السيف شرع لحماية الدعوة والدعوة يجب أن  تكون معها قوة تدفع المعتدي  « عليها(١) . فحروب الإسلام وفق ً « كلها دفاع » : ا لهذا الرأي (٢) . ذلك أن من واجب المسلمين: « أن يدفعوا عن حريمهم كل من استباح بلادهم »(٣) . ٣ استنقاذ ا لمستضعفين: عرف الفقه الإباضي واجب إغاثة الملهوف والمعرض للإضطهاد أو الاعتداء، خصوصا إذا كان على نطاق واسع وبطريقة جسيمة. ً يقول المحقق ا لخليلي: ونصر المظلومين وإنقاذهم وإعانتهم وكف البغي عنهم هو معنى » « الدفاع(٤) . (١)ذات المرجع، ص ٤٨١ -.٤٨٢ (٢) . ذات المرجع، ص ٤٨٥(٣) . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ٢٠٨(٤) . المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٢٠٩ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي كذلك قيل: وعلى المسلمين إغاثة المستغيثين من الظالمين عند القدرة والإمكان » « من ذلك (١) . ومما يدل على استخدام القوة لإنقاذ المستضعفين، قوله تعالى: ﴿ ! .-,+*)('&%$#" >=<;:9876543210/ ?﴾ [ [النساء: ٧٥ . وتعني الآية إمكانية التدخل بالقوة المسلحة لاستنقاذ من يتعرضون لانتهاكات جسيمة لحقوقهم، اذا توافرت الشروط ا لآتية: أولا ً أن يكون القتال في سبيل الله، وهو ما يقتضي ألا يخرج عما هو في » واجب وضروري وألا ترتكب فيه أية أفعال غير مشروعة. فالقتال يكون سبيل المستضعفين لإنقاذهم مما هم فيه من الذلة والهوان... وقد مثل « حالتهم بالمستغيث ربه والمستجير الذي يطلب الولي والنصير(٢) ﴿ ¨ ¬«ª© ¯®﴾ [ [النمل: ٦٢ . عام في كل خير، وخلاص المستضعفين من المسلمين من » وسبيل الله « أيدي الكفار، ومن كل نائبة عضتهم، من أعظم الخير وأخصه (٣) . (١) . الإمام الرستاقي: منهج الطالبين وبلاغ الراغبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٠٥ وواجب إغاثة المستغيثين من الظالمين لمن يريد ظلمه. والمعونة » : ويؤكد آخرون إنكار » إذ على المسلمين « للمسلمين على من يريد ظلمهم. ومن استغاث بالمسلمين فأغثه .« ظلم الظالمين مع ا لإمكان ، أبو الحسن البسياني: كتاب مختصر البسيوي، دار الحكمة، لندن، ٢٠٠٧ ، ص ٢٦٧ .٢٦٨ (٢) . الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٣٦ ٰ (٣) ١٤٢٥ ه ، سعيد الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، ج ١ -. ٢٠٠٤ م، ص ٢٥١ ٢٥٦ ثانيا أن يكون هناك ظلم واقع على المستضعفين من الرجال والنساء ً والولدان. ويكون ذلك بداهة ً إذا ارتكبت في حقهم أفعال جسيمة نتائجها وخيمة. فلا يجوز التدخل إذا لم يكن هناك ظلم، أو وقع انتهاك بسيط لحقوق ا لانسان. ثالث ً ا أن يكون الغرض من التدخل هو منع هذا الظلم، لا أكثر ولا أقل. يتضح ذلك من قوله تعالى: ﴿ <; = ?> ﴾ [ [النساء: ٧٥(١) . حري بالذكر أن الفقه الإسلامي يقرر أيضا استنقاذ البغاة لأنهم مسلمون. ً يقول الإمام ا لشافعي: ولو سبى المشركون أهل البغي وكانت بالمسلمين قوة على قتال المشركين » « لم يسع المسلمين الكف عن قتال المشركين حتى يستنقذوا أهل ا لبغي(٢) . ويؤكد على ذلك الامام النيسابوري بقوله:  وإذا قصد قوم من أهل الحرب حصن » ً ا فيه ناس من أهل البغي فعلى  الإمام دفعهم عن الحصن، فإن أخذوا منهم ناسا فأمكن الإمام إستنقاذ أولئك ً « منهم، وجب عليه أن يستخرج من أيديهم (من الأسارى) من أهل ا لبغي(٣) . بل يقرر ابن نجيم الحنفي أن على المسلمين المستأمنين لدى أهل الحرب « ذراري الخوارج لأنهم مسلمون » أن ينقضوا عهودهم ويقاتلوهم لاستنقاذ(٤) . رابع ً ا عدم ارتباط الدولة الإسلامية مع الدول الأخرى بعهد أو ميثاق (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٢٧١(٢) . الأم للشافعي، ج ٤، ص ١٤١(٣) راجع كتاب الإشراف على مذاهب أهل العلم للإمام أبو بكر النيسابورى، رسالة دكتوراه . تحقيق د. محمد نجيب سراج الدين، كلية الشريعة والقانون، القاهرة، ص ٨٣٢ (٤)العلامة ابن نجيم الحنفي: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، دار المعرفة، بيروت، الطبعة . الثانية، ج ٥، ص ١٠٧ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي يمنع التدخل لاستنقاذ المستضعفين. يؤيد هذا الشرط قوله تعالى: ﴿ i tsrqponmlkj ﴾ [ [الأنفال: ٧٢ . فهذه الآية صريحة في أن احترام العهد والميثاق مقدم على واجب استنقاذ المسلمين ا لمستضعفين(١) . يقول الإمام أبو السعود بصدد هذه الآية: ﴿ lkji nm ﴾ [ [الأنفال: ٧٢ فواجب عليكم أن تنصروهم على » ؛ أي إلا على قوم) منهم (بينكم وبينهم ميثاق) معاهدة فإنه لا يجوز ) « المشركين « نقض عهدهم بنصرهم عليهم(٢) . لذلك يقول الشيخ محمد الخضري إن ا لله 4 بهذه الآية: (جعل حق الميثاق فوق كل حق)(٣) .  (١) بخصوص سؤال: عمن بغى عليه وظلم من حقه هل له أن يستنصر بقوم بينهم وبين عدوه عهد الله وميثاقه إلى مدة معلومة؟ أيجوز لهذا المظلوم المبغي عليه أن يستنصر بهؤلاء القوم؟ يقول ا لسالمي: قال الله تعالى: » ﴿ tsrqponmlkji ﴾ [ [الأنفال: ٧٢ وقال: ﴿ }|{zyxwvuts ~ ﮯ﴾ [ [النحل: ٩٢ وقال: ﴿ ^]\[Z ﴾ [ [المائدة: ١ وحسبك هذا جوابا والله أعلم. ً أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، ج ٤، المرجع السابق، ص ٣٩٤ ويقول أطفيش إن ذلك نسخ بقوله تعالى: ﴿ ÏÎÍÌË ﴾ [ [الأنفال: ٧٥ . فيرث بعد النسخ من آمن ولم يهاجر ويورث، ويأخذ سهمه من الغنيمة إن جاهد، وتقاتلون من قاتلهم من المشركين، وتنصرونهم عليهم، ولو كان للمشركين ميثاق، وقيل: لا نسخ، وإنما المراد الموالاة بالنصر، ويعترض بذكر النصر في قوله: ﴿ nm ﴾ [ [الأنفال: ٧٢ . . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٧٤ (٢) تفسير أبي السعود المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم، دار المصحف، . القاهرة، ج ٤، ص ٣٨ ؛ القرطبي: الجامع لأحكام القرآن الكريم، المرجع السابق، ج ٨، ص ٥٧ (٣) الشيخ محمد الخضري: تاريخ التشريع الإسلامي، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، = ٢٥٨ :áYhô°ûe ÜôëdG É¡«a ¿ƒμJ ’ »àdG ∫GƒMC’G (ê أهم هذه الأحوال ما يلي: ١ ارتباط المسلمين بمعاهدة تمنع ا لاعتداء: هذا أمر طبيعي، وهو تطبيق لمبدأ الوفاء بالعهد. فما دام الطرف الآخر يوفي بالعهد، فلا يجوز للمسلمين نقضه(١) ويسري ذلك حتى بخصوص الاتفاقات بين ا لمسلمين(٢) . = ١٣٩٠ ه - التضامن » ١٩٧٠ م. ويذهب آخرون إلى أن الوفاء بالعهد له أولوية حتى على « الديني Religious Solidarity وعلى واجب تناصر المسلمين فيما بينهم، راجع: Mahmassani: The Principles of International Law in the Light of Islamic Doctrine, RCADI, 1966, I, VOI. 117, p. 268.   د. صبحي محمصاني: القانون والعلاقات الدولية في الاسلام، دار العلم للملايين، بيروت، ١٣٩٢ ه -. ١٩٧٢ م، ص ١٣٩ فصار تأويل هذه الآية في الكافر، وفي المؤمن الذي لم يهاجر واحد » ويقول ابن سلام ً ا، في الولاية والميراث، لا فرق بينهما إلا في الاستنصار خاصة لقوله: ﴿ nm ﴾ « ابن سلام: كتاب الأموال، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ١٤٠١ ه -. ١٩٨١ م، ص ٢٠٤ (١) بخصوص قوله ژ : » أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا « بحقها ، فإن مقتضى الحديث قتال كل من امتنع عن التوحيد   مني دماءهم وأموالهم إلا فكيف ترك قتال مؤدي الجزية والمعاهد، يقول ا لسالمي: إن الجواب من أوجه (أحدها) دعوى النسخ بأن يكون الإذن بأخذ الجزية والمعاهدة متأخرا » ً عن هذه الأحاديث بدليل أنه متاخر عن قوله تعالى: ﴿ }| ~ ﮯ﴾ [ [التوبة: ٥ (ثانيها) أن يكون من العام الذي خص منه البعض فإن المقصود من الأمر حصول المطلوب فاذا تخلف البعض بدليل لم يقدح في العموم (ثالثها) أن يكون من العام الذي أريد به الخاص فيكون المراد بالناس في قوله أقاتل الناس المشركين (رابعها) أن يكون المراد بما ذكر من الشهادة وغيرها التعبير عن إعلاء كلمة الله بإذعان المخالفين فيحمل في بعض بالقتل وفي بعض بالجزية وفي بعض بالمعاهدة (خامسها) أن المراد بالقتال هو أو ما يقوم مقامه من جزية أو غيرها (سادسها) أن يقال الغرض من ضرب الجزية اضطرارهم إلى ،« الإسلام وسبب السبب سبب فكأنه قال حتى يسلموا أو يلتزموا ما يؤديهم إلى الإسلام الإمام السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ج ٢، ص ٣١٤ -.٣١٥ (٢) ليس للريامي حرب المستضعف من عبس إذا طلب المستضعف المسالمة » : يقول السالمي = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي cba يمكن استنباط ما قلناه من قوله تعالى: ﴿ ` ponmlkjihgfed vutsrq﴾ [ [التوبة: ٤ . ﺍﺬﻜﻫﻭ ﻢﻜﺤﻳ ﻚﻟﺫ ﻁﻭﺮﺷ :ﺔﺴﻤﺧ ً : ﴿` ﻁﺎﺒﺗﺭﻹﺍ ﺓﺪﻫﺎﻌﻤﺑ ﺔﻴﻟﻭﺩ ﺔﺤﻴﺤﺻ ﺓﺬﻓﺎﻧﻭ ﻼﻌﻓba ﴾ . ١ ـ ﺀﺎﻓﻭ ﻑﺮﻄﻟﺍ ﺮﺧﻵﺍ ﻞﻜﺑ ﺎﻣ ﻪﺗﺭﺮﻗ :ﺓﺪﻫﺎﻌﻤﻟﺍ ﴿hgfe ﴾ . ﻡﺪﻋ ﺓﺪﻋﺎــﺴﻣ ﻑﺮﻄﻟﺍ ﺮﺧﻵﺍ ﻭﺪﻌﻟ ﻦﻣ ﺀﺍﺪﻋﺃ :ﻦﻴﻤﻠــﺴﻤﻟﺍ ﴿ji lk ﴾ . ٢ ـ ٣ ـ ﻡﺍﺰﺘﻟﻻﺍ ﺓﺪﻤﻟﺎﺑ ﺓﺭﺮﻘﻤﻟﺍ ﻲﻓ ،ﺓﺪــﻫﺎﻌﻤﻟﺍ ﺍﺫﺇ ﺖﻧﺎﻛ ﺓﺩﺪﺤﻣ :ﺓﺪﻤﻟﺍ ﴿m qpon ﴾ . ﺓﺎﻋﺍﺮﻣ ﻯﻮﻘﺘﻟﺍ ﻲــﻓ ﺀﺎﻓﻮﻟﺍ ﺕﺍﺪــﻫﺎﻌﻤﻟﺎﺑ :ﺔﻴﻟﻭﺪﻟﺍ ﴿vuts ﴾ .ًﻻﻭ ﻚــﺷ ﻥﺃ ﺺﻨﻟﺍ ﻰــﻠﻋ ﺓﺎﻋﺍﺮﻣ ﻯﻮﻘﺘﻟﺍ ﻲــﻔﻀﻳﺪــﻌﺑ ﺎ ﻩﺯﻮﻌﺗ ﺍﻴﻗﻼﺧﺃً ﺕﺎﻗﻼﻌﻟﺍ ﺔﻴﻟﻭﺪﻟﺍ.ﺓﺮﺻﺎﻌﻤﻟﺍ ٤ ـ ٥ ـ ٢ ـ ﺏﻭﺮﺣ ﺔﻴﻤﺤﻟﺍ ﻭﺃ:ﺔﻴﻠﻫﺎﺠﻟﺍ ﺔﻴﻤﺤﻟﺍ :ﻲﻫ ﻞﻴﻣ» ﺐﻠﻄﻟﺍ ﻰﻟﺇ ﺭﺎﺼﺘﻧﺍ ﻞﻄﺒﻤﻟﺍ ﻪﻟﻮﻗ ﺔﻴﻤﺤﻟﺍ ﻲﻫ ﺔﻴﺒﺼﻌﻟﺍ ﻲﻓ الباطل قال تعالى: ﴿ jih﴾ « [ [الفتح: ٢٦(١) . ومن المعلوم أن من = والمصالحة، واشترطوا على أنفسهم أن لا يظاهروا عليهم عدوهم، فليس للريامي أن يأخذهم ببغي غيرهم إذا أوفوا له بالشرط، وإن كان الوفاء منهم إنما كان لعجز فيهم فإنهم قد وفوا، والغيب لله، وليس لأحد أن يقول نحربهم، لأنهم إن قدروا حربوا: ﴿ ÏÎ ÒÑÐ ﴾ [ [الأنفال: ٦١ . أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخرالمتأخرين وسابق . المتقدمين، ج ٤، المرجع السابق، ص ٤٠٠ (١) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٥ ٢٦٠ « دعا في النائرة بالعشائر والقبائل: يا آل فلان، فإن ذلك من أفعال ا لجاهلية »(١) . « أمر الجاهلية منسوخ إلا ما قام الدليل على عدم نسخه » والقاعدة أن(٢) .  وعلة تحريم حروب الجاهلية يكمن في أن: التداعي بالقبائل كيا آل فلان ويا بني فلان ونحو ذلك وكقول القائل ما » فعل بي الا لقلة ناصري وأوليائي، وكله مما يثير الساكن ويهيج الفتن لأن ذلك التداعي يثمر التعصب والغضب والحمية الجاهلية التي حرمت شرع ً ا « فيؤول الأمر بخلاف ما أمر به الشارع من الاجتماع والتعاون على ا لحق(٣) . فالحرب في الإسلام هي الحرب المنيرة أو المستنيرة، لا الحرب العمية.  لذلك قال ژ : من قتل تحت راية عمية تغضب لغضبه وتقاتل لعصبته » « فقتلته جاهلية ، فقوله ژ : « تحت راية عمية » لأنه جعل الراية عمية، » : مجاز (١) . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٢٠  (٢) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٢٨٩ ّ (٣) .١٠٤ ، الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٨٢ يقول أطفيش: ،« لا يوصف مسلم بحمية وعصبية » : وبخصوص قول وهما) بمعنى واحد، إلا أنه من حيث إنه يقويه يسمى فعله عصبية إذ يكون له كالعصابة )»الدائرة بالشيء الماسكة له، ومن حيث أنه يمنعه مما يسوؤه يسمى فعله حمية، وباعتبار أن المعنى واحد فالعطف تفسير، وفسر شارح العقيدة الحمية بأنها الأنفة تحمل صاحبها عند الغضب والغيرة على غير أحكام الشريعة، وتطلق على لازمها أو ملزومها أو سببها أو مسببها بالحب فإنه إذا تعصب له لزم أنه قد أحبه، وإذا أحبه لزم عليه أن يتعصب له لزوما ً بيانيا ومثله العصبية، وفسرهما المصنف تبع ً ا للشيخ بقوله وهو (حب قوم) أو اثنين أو ً واحد (على سوء فعلهم أو فعلهما أو فعله في المال أو في البدن كالقتل والزنا أو في العرض) سواء كانوا قرباء لمن أحبهم أو بعداء، أحبابا أو بغضاء أعداء أو أصدقاء، وذلك ً أنه قد يحب أن يفعل عدوه سوءا لعدوه الآخر أو لغير عدوه الآخر بغرض له، وسواء علم ً من يتعصب له أو لم يعلمه مثل أن يسمع بأن قوما فعلوا كذا فيحبهم على فعلهم ً أطفيش: « ويتعصب لهم وهو سوء ولا يعرفهم، ومثل أن يحب من يفعل كذا من السوء شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٦ ، ص ٢٦٦ -.٢٦٧ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ٢٦١  والمراد الحرب التي رفعت تلك الراية فيها، وإنما حسن وصفها بالعمى وهو في الحقيقة للحرب، لأن الراية علم لها، ودليل عليها، والحرب العمية هي المشتبهة التي لا يهدي فيها إلى القصد، ولا يتبين فيها وجه الرشد، « فهي كالعمياء التائهة، والعشواء ا لخابطة(١) . وتحريم حروب الحمية يرجع إلى: ١ والإسلام دين عدل. ،« ظالمة » أنها حروب٢ لا تمييز فيها بين الحق والباطل، والإسلام دائما ،« عمياء » أنها حروب ً دين الحق والنور. ٣ لأنها لا تنشد عادة سوى الإنتقام ؛« عواقبها وخيمة » أنها حروب ومناصرة الباطل، والإسلام دين الرحمة والعدل. ٤ والإسلام يزن الأمور بطريقة ،« تستند إلى دوافع شخصية » أنها حروب موضوعية. (١) الشريف الرضي: المجازات النبوية، تحقق د. طه الزيني، مؤسسة الحلبي، القاهرة، ١٣٨٧ ه -. ١٩٦٧ م، ص ٣٣٣ ومن أفضل ما قيل في هذا الخصوص أيض ً ا، قول محمد فريد وجدي: هذا ولم يغفل الإسلام حتى في هذا الموطن، موطن الدفاع عن النفس والدين، أن ينصح »لأتباعه بعدم العدوان، لأن الموضوع حماية حق لا موضوع انتقام ولا شفاء حزازات الصدور. وهذا من مميزات الحكومة النبوية، فإن القائم عليها من نبي يكون كالجراح يضع مشرطه حيث يوجد الداء لاستئصاله، مع عدم المساس بالأعضاء السليمة، ومقصده محمد فريد وجدي: السيرة المحمدية تحت ضوء العلم « استبقاء حياة المريض لا قتله والفلسفة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٩٩ ، ص ١٦٣ . ويضيف أن تقرير مبدأ التدافع » الإسلام للحرب في هذه الحدود يرجع إلى أن طبيعة هذا العالم مبنية على واستخدام القوة الحيوانية لطمس معالم الحق، ودك صروح العدل (نفس « والتغالب المرجع، ص ١٦٤ - لإيجاد السلام، لا لتأييد مبدأ » ١٦٥ ). فقد سمح الإسلام بالحرب .( ص ١٦٦ ) « التناحر بين الأنام ٢٦٢ لكل هذه الأسباب نرى تحريم حروب الجاهلية أو الحمية، سواء بين الأفراد أو ا لدول(١) . يقول تعالى: ﴿ kjihgfedcb wvutsrqponml }|{zyx ~ ﴾ [ [الفتح: ٢٦ . في قلوبهم الحمية، لما ملؤوها عصبية، سماها » إذ حينما جعل الكفار الله تعالى: ﴿ ji ﴾ «(٢) . ٣ الحرب خلال الأشهر ا لحرم: من المعلوم وجود أربعة أشهر حرم، وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ ¦¥¤ ﴾ [ [التوبة: ٣٦(٣) .  والقاعدة هي تحريم القتال في الأشهر ا لحرم(٤) ، إلا إذا حدث اعتداء ضد المسلمين فيكون لهم تطبيق ً ا لحق الدفاع الشرعي الرد على هذا ا لاعتداء. (١) بخصوص: قولهم إنه لا يصح القتال على حمية وفتنة ما وجهه؟ يقول ا لسالمي: وجهه ظاهر. وذلك أن الحمية والفتنة شيء لا يستباح بهما القتال؛ لأن الحمية شدة الغضب. وأوله، »والقتال على نفس الغضب حرام، وأما الفتنة فهي اختلاف الناس في الآراء والأهواء ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : « إني أرى الفتن خلال بيوتكم » وذلك حين يكون القتل والحروب والاختلاف الذي يكون بين فرق المسلمين إذا تحزبوا ويكون ما يبلون به من زينة الدنيا وشهواتها، فيفتنون بذلك عن الآخرة والعمل أ بو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين « بها والقتال على هذا أ يضا محجور ً فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، المرجع السابق، ص ٣٨٧ . راجع أ يض ً ا الكندى: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٣٦ ؛ جوابات الامام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٨١ ؛ الشيخ . ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، المرجع السابق، ص ٢٩١ (٢) . الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٩ ، ص ٢٩٤ (٣) أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المرجع السابق، ص ٥٢٢ « العظيمة الشأن » الحرم أي (٤) وتم أيض ً التي جعلها الله « أشهر المدة » ا تحريم القتال في 8 مدة للمشركين لا يقاتلهم » المسلمون فيها؛ ومن له مدة قبل ذلك أكثر من الأربعة رجع إلى الأربعة، وقيل لا يرجع . أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، ذات المرجع، ص ٥٢٥ « إليها الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي يقول تعالى: ﴿ JIHGFEDCBA@?> XWVUTSRQPONMLK \[ZY﴾ [ [البقرة: ٢١٧ (١) . ويقول 4 : ﴿ }|{zyx ~ ے ¡ ¦¥¤£¢﴾ [ [التوبة: ٥ (٢) . ådÉãdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ø«ª∏°ùªdG ô«Zh ø«ª∏°ùªdG ø«H ábÓ©dG π°UCG من المعلوم أن الفقه الإسلامي اختلف بخصوص أساس العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين إلى ا تجاهين: الأول: يرى أن أساس العلاقة هي الحرب ا بتداء. والثاني: يذهب إلى أن أساس تلك العلاقة هو السلم أما الحرب فهي للدفاع فقط (٣) . (١) راجع شرحا لسبب نزول الآية، في الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج ً الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٠٣ - ٢٠٤ ؛ الشيخ محمد كعباش: نفحات الرحمن في ٰ رياض القرآن، ج ٢، ص ٢٩ (تفسير الآية ٢١٧ من سورة ا لبقرة). (٢) يقول أطفيش بخصوص الأشهر ا لحرم: إن قاتلوا. وعلى  والحق أنه لا إجماع على حل القتال فيها، بل قد قيل ببقاء حرمته إلا »النسخ يكون النسخ آية السيف التي نسخت العفو والصفح والإعراض والمسالمة، قال ابن حجر: (قاتلوا المشركين كافة). وقيل: هما، وقيل: الناسخ الإجماع، ووجهه أن الإجماع إنما يحصل بحجة من القرآن أو . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٩٣ « أنك قد علمت أنه لا إجماع  الحديث ولا نعلم بها، إ لا (٣) انظر حجج كل اتجاه، في: د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية في شريعة الاسلام، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٤٢٨ ه - ٢٠٠٧ م، ج ١٠ (الحرب في الشريعة الإسلامية)، ص ١٧ -.٦١ ٢٦٤ وفي الفقه الإباضي يمكن التمييز أيضا بين ذات الإتجاهين. وهو ما ً ندرسه الآن، ثم نتبعه ببيان رأينا ا لخاص. :ÜôëdG ƒg ábÓ©dG ¢SɰSCG `` ∫hC’G √ÉéJ’G (CG أخذ بهذا الاتجاه عدد كبير من فقهاء الفقه ا لإباضي: فقد أخذ به الإمام ابن محبوب والذي يتلخص رأيه في أن قتال غير  المسلمين لازم، ما لم يوجد عهد بينهم وبين ا لمسلمين(١) . كذلك عند حديثه (١) لأهمية رأي ابن محبوب نذكره نقلا ً عن كتاب المحاربة، إذ يقول إنه بعد أن اشتد أذى أهل مكة: هاجر رسول الله ژ ومن معه كان أول ما أوحى اليه من ذكر القتال أن » ﴿ ! #" %$ ﴾ [ [الحج: ٣٩ ثم قال: ﴿ ÈÇÆÅÄÃÂÁ ﴾ [ [البقرة: ١٩٠نهي ً ا عن قتال من لم يقاتلهم، ثم أمرهم بقتال من يليهم منهم: ﴿ *) + ﴾ [ [التوبة: ١٢٣ ثم نهاهم عن ذلك عند المسجد الحرام حتى يقاتلوهم فيه، ونهى عن ذلك في الشهر الحرام بقوله: ﴿ HGFE ﴾ [ [البقرة: ٢١٧ ، أي من ا لذنوب. وإنه لما أتصلت بأقطار الأرض وآفاق البلاد الدعوة، وقامت فيها الحجة، أمر الله نبيه بقتال المشركين كافة بعد التبري إليهم من عهدهم للأوقات التي كانوا وعدوه فيها الاستجابة له، بعد النظر منهم وإيذانه بحرب تكون بينهم، فبرىء اليهم ژ بعد مضي أجلهم الذي عقدته ذمته لهم، وأنزل الله في ذلك أول سورة براءة وهو قوله: ﴿ ,+ -/. ﴾ [ [التوبة: ٢ ، فتلك أربعة أشهر كوامل أجلا ً للمشركين حيث شاءوا من الأرض إعذارا إليهم وإنذارا لهم ببلوغ مأمنهم، وبراءة منهم ونبذ ً ا بالحرب بعدها إليهم إن ًً لم يؤمنوا بالله ورسوله ويذعنوا لحكمه، إلا من كان له عهد إلى أكثر منها بقوله: ﴿ ` onmlkjihgfedcba vutsrqp ﴾ [ [التوبة: ٤ ، فإذا انسلخ الأشهر الحرم ﴿ }| ~ ﮯ ¦¥¤£¢¡ ﴾ [ [التوبة: ٥ . فعم المشركين بهذه الآية، ثم قال: ﴿ ¨ «ª© ¬ ¯® ° ﴾ [ [التوبة: ٥ ، وقال: ﴿ 43210 ﴾ [ [التوبة: ٧ وهم أهل الأربعة الأشهر، فإذا اعتدى أحد منهم في الأربعة فلا أمان له لقوله تعالى: ﴿ ^]\[ZYXW _` ﴾ [ [البقرة: ١٩٤ ، يقول من نقض عهده فاعتدوا عليه بنقضه، وقال: ﴿ nm = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ثم إنه قد يختلف الإنكار » : عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول لعلة اختلاف المنكرات وأحوال المنكرين لها في الإمكان لهم، فأما ما يختلف فيه من المنكرات، فالقتال والقتل للكفار، ونصب الحرب عليهم « إلى أن ينزلوا إلى حكم الإسلام فيهم، وكذلك أهل البغي إلى ترك بغيهم(١) .  وجاء في كتاب أبي عبيدة نافع المغربي أن ا لمسلمين: .« كانوا محاربين لكل من خالف، قاهرين له » وكانت محاربتهم لمن خالف الله ورسوله بالجنود والسلاح، وتشريدهم » بالقتل واستباح حريمهم حتى يجيبوا إلى الإقرار. هذا الظهور على المشركين، ولا يأمن عندهم، ولا بين أظهرهم، إلا من أجابهم إلى ذلك « بالإقرار والتصديق بالعمل(٢) .  وبخصوص الآية ( ٩٠ ) من سورة النساء، يقول أطفيش: » ﴿ ª© ﴾ لم يتعرضوا لكم، ﴿ «¬ ¯® ° ﴾ الصلح بالقتل والسبي والغ ُن ْ م، وذلك منسوخ بآية السيف سواء أطلبوا ْ = utsrqpo ﴾ [ [الأنفال: ٥٨ ، يقول: إن اطلع على غدر منهم نبذ الحرب إليهم وما كانوا على الوفاء أتم إليهم عهدهم إلى مدتهم، وقال في المشركين كافة ﴿ F MLKJIHG ﴾ [ [البقرة: ١٩٣ ثم استثنى في أهل الكتاب فقال: ﴿ ONM `_^]\[ZYXWVUTSRQP ihgfedcba ﴾ [ [التوبة: ٢٩ فإن أعطوها حقنوا دماءهم وأموالهم بها، فأما المرتدون عن الإسلام فلن يقبل منهم إلا الرجوع إليه أو قتلهم. فهؤلاء الأصناف ثلاثة: عبدة الأوثان والنيران، وكفرة أهل الكتاب، والمرتدون عن اسم الاسلام، اسم المشركين لهم لازم، وحكم الحرب لهم واجب بحدود الله التي ضربها فيهم، وشروطه التي ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، تحقيق عبد الرحمن السالمي وويلفرد « كتبها على مجاهدتهم ٰ مادلنغ، ٢٠١٠ ، ص ٣٢ - ٣٤ . انظر أيض ً ا النزوى: المصنف، ج ١١ ، ص ١٢٦ -.١٢٧ (١) . ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، المرجع السابق، ص ٤٢(٢) . النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ٥٣ ٢٦٦ الصلح ولم يعقد لهم أو طلبوه وعقد لهم، فأولى لا يكون عليهم سبيلا ً ، « وبعد النسخ يكون بأن يبطل عقد العهد لهم(١) .  وجاء في قاموس ا لشريعة: وعلينا أن نعلم أن دماء المشركين حلال بالشرك الذي معهم، ومعرفة » ذلك توحيد، وكذلك علينا أن نعلم سبيهم وغنيمة أموالهم حلال، ومعرفة « ذلك طاعة وجهله كفر(٢) . ويقول الإمام ا لسالمي: اعلم أن عباد الأصنام وأشباههم إذا دعوا إلى الإسلام، إما أن يجيبوا » بالسمع والطاعة، فلهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، فتجري لهم وعليهم أحكام الإسلام. وإما أن يأبوا عن الاسلام ويمتنعوا من قبول الأحكام، فحكمهم أن يناصبوا الحرب ويقعد لهم في كل مرصد، ويضيق  عليهم المسالك، حتى يدخلوا في الإسلام، فليس لهم إلا الإسلام أو السيف، أما صلحهم فلا يصح إذا كان المسلمون ذوي قدرة عليهم، ورجوا النصر في الحال، أما إذا كان في الحرب خلل على الدين، ورأى الإمام أن الصلح أقوى لأمر المسلمين، كان له أن يصالحهم ا نتظارا للنصر، كما فعل ً .« رسول الله ژ مع مشركي ا لعرب (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٢٩٨ . وبخصوص قوله تعالى: ﴿ }| ~ ﮯ ¦¥¤£¢¡ ﴾ [ [التوبة: ٥ ، يقول ا لبسيوي: فهذه الآية نقضت ما كان من صلح ومواعدة وعهد ومسالمة، وبرئ إليهم رسول الله ژ »من عهدهم، وقاتل ژ جميع المشركين حيثما وجدهم، ولم يقر أحد ً ا من عبدة الأوثان على دينهم إلا من كان له عهد إلى مدة أربعة أشهر، فحتى يبلغ مأمنه، ونسخت آية السيف جميع الموادعة والصلح، من جميع المشركين من العرب خاصة وجميع المشركين منهم، وقاتل العرب المشركين جميع ً ا حتى أقروا بالاسلام طوع ً ا وكره ً البسيوي: جامع « ا . أبي الحسن البسيوى، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٦٠ (٢) . السعدي: قاموس الشريعة، ج ٧، ص ٢٤٨ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ويضيف أيضا: ً أن أهل الكتب المتمسكين بشرائعهم على صنفين: أهل ذمة، وأهل » حرب، فأما أحكام أهل الحرب منهم فهي: أنهم يناصبون الحرب، وتضيق « عليهم المسالك وتسبي ذراريهم، وتغنم أموالهم، وتقتل مقاتلتهم(١) . تلكم أهم الآراء في الفقه الإباضي التي تؤيد هذا ا لاتجاه(٢) والتي يمكن  القول إنهم يستندون إلى الحجج الآتية لتأييد رأيهم: (١) السالمي: طلعة الشمس، ج ٢، ص ٣٧٨ - ٣٧٩ . يقول السالمي أيض ً ا نقلا ً عن القطب إن الأصل في الجهاد هو الجدال بالحجة، وإنما يعدل عنهم إلى الجهاد بالسيف عند »السالمي: معارج الآمال المقدمات، ص ١٦٠ « المكابرة والعناد -.١٦١ المشرك إما أن يكون أصيلا » : ويقول الرقيشي إن ً أو مرتد ً ا والعياذ بالله فإن كان المشرك كتابيا أو مجوسيا فأنه يخاطب بدخوله في الاسلام فإن امتنع خوطب بالجزية ًً فإن امتنع قوتل حتى يسلم أو يؤدي الجزية وإن كان وثنيا خوطب بالإسلام فإن امتنع ً قوتل ولا محيد له عن ذلك إما قتلا ً أو إسلاما وإن كان المشرك مرتد ً ا خوطب ً برجوعه إلى دين الإسلام فإن رجع وإلا قتل ذكرا كان أو أنثى وقيل: يستتاب فإن لم ً يتب قتل وقيل يستتاب ثلاث مرات فإن تاب وإلا قتل وقال الشافعي: يستتاب في الشيخ الرقيشي: النور الوقاد على علم الرشاد، « الحال وقال على يستتاب شهرا ً . المرجع السابق، ص ٣٤(٢) من الآراء الحديثة أيض ً التي أثارها « التعايش السلمي بين الأديان » ا تلك الخاصة بقضية د. محمد أحمد خلف الله في كتابه: القرآن ومشكلات حياتنا المعاصرة (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ١٩٨٢ )، والتي رفضها رأي في الفقه الإباضي، بقوله إن: الاسلام يرفض التعايش السلمي مع أهل الكتاب بهذا المعنى البسيط بل الحكم عليهم »أن يعرض عليهم الإسلام أولا ً فإن رفضوا الدخول في دين الله فيطلب منهم الجزية فإذا وافقوا على إعطاء الجزية أخذت منهم الجزية وتركوا على ما هم عليه فإن رفضوا كل ذلك فحكمهم القتال قال تعالى: ﴿ UTSRQPONM `_^]\[ZYXWV ihgfe ﴾ « [ [التوبة: ٢٩ . dcba عامر الراشدي: الدخيل في التفسير لدى أبرز المعاصرين والرد عليه، وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية، سلطنة ع ُ مان، ١٩٩٥ ، ص ٣٩ . انظر أيض ً . ا ص ٤١ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٢٦٨ ١ قوله تعالى: ﴿ }| ~ ﮯ £¢¡ ¦¥¤ ﴾ [ [التوبة: ٥ . ٢ قوله تعالى: ﴿ VUTSRQPONM ba `_^]\[ZYXW ihgfedc ﴾ [ [التوبة: ٢٩ .  ٣ أن الأصل أن دماء المشركين حلال بالشرك الذي معهم.  ٤ أن آية السيف ناسخة لما يعارضها، وبالتالي فإن الآيات الدالة على ترك الجهاد لا تطبق(١) . (١) المراد بآية السيف كل آية فيها الأمر بالجهاد كقوله تعالى: » : يقول الإمام السالمي ﴿ | }~ ﮯ﴾ وبيان ذلك أنه ژ كان قبل الهجرة مأمور ً ا بالصفح عن المشركين وبالإعراض عنهم ومجادلتهم بالتي هي أحسن لتكون لله عليهم الحجة سياسة إلهية وحكمة بالغة وبعد الهجرة أمر بقتالهم حيث لم تنفعهم الموعظة ولا الذكرى فنزل في الإعراض والصفح آيات كثيرة منها ﴿ <= ?> ﴾ [ [الكافرون: ٦ ومنها ﴿ h ji ﴾ [ [الأنعام: ١٠٦ ، ومنها ﴿ ~ ﮯ ¢¡ ﴾ [ [النحل: ١٢٥ وغير ذلك من الآيات وجميعها دال على ترك القتال ثم نزل الأمر بالقتال فنسخ جميع الآيات الدالة . جوابات الامام السالمي، ج ١، ص ٢٩٨ « على تركه فالأصل في » : وهناك اتجاه آخر في الفقه الإباضي عكس الرأي السابق. يقول الشيخ بيوض الإسلام إذن هو الدعوة، وما شرع السيف إلا لحمايتها ولقد أوصى الله تعالى نبيه أن يدعو إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ﴿ zyxwv }|{ ~ ﮯ ¢¡ ﴾ [ [النحل: ١٢٥ وما فعل غير ذلك، إلا من ظلم، كما قال تعالى: ﴿ " &%$# ' ,+*)( -﴾ [ [العنكبوت: ٤٦ ، استثنى الظالمين، وهذا الاستثناء ينطبق أيضا على الآية السابقة، ويلقي عليها ضوءا قوله تعالى: ًً ﴿ ÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ ﴾ [ [البقرة: ١٩٠ ، وهذه الآية هي أقطع الأدلة على الأمر بالقتال، والتي تدفع في صدور الذين قالوا: إن آية الإذن بالقتال نسخت عشرات من الآيات في القرآن، والذي دفعهم إلى القول بهذا عجزهم عن التوفيق بين الآيات، فإذا عجزوا نسخوا، وإنا لنعجب حق ً ا من هذا العجز، فماذا يقولون في قوله تعالى: ﴿ ÈÇÆÅÄÃÂÁ ﴾ ، وقد نزلت بعد آية الإذن = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي :´Éaó∏d ÜôëdG ¿CGh º∏°ùdG ƒg ábÓ©dG π°UCG :»fÉãdG √ÉéJ’G (Ü أخذ بهذا الاتجاه رأي في الفقه الإباضي الحديث، ويمثله أساسا الإمام ً إذ ؛« الحرب حالة ضرورية استثنائية تقدر بقدرها » الشيخ بيوض؛ إذ يقول إن هي حرب دفاع » كما أن حرب المسلمين « الأصل في الدنيا هو السلم »« لا هجوم(١) . = الشيخ بيوض: في « بالقتال، وفيها أمر بالقتال لا إذن فقط، ولكن قتال الذين يقاتلون المسلمين رحاب القرآن، ج ٤، ص ٤٨٤ (قاله في معرض تفسيره للآية ٤٠ من سورة ا لحج). (١) لأهمية رأي الشيخ بيوض نذكره في أهم ما جاء فيه. فبخصوص قوله تعالى: ﴿ SR WVUT ﴾ [ [محمد: ٤ ، يقول في تفسيره لها: قد يتوهم المتوهم أن الله تعالى أعطانا الحرية المطلقة لقتل الكفار كلما وجدناهم، كيفما »كان الكافر مشرك ً ا أو يهودي ً ا أو نصراني ً ا، في حالة حرب أو حالة سلم. وضرب الرقاب كناية ٍ عن القتل؛ لأن القتل عندهم يومئذ بالسيف غالبا، وإن قد يكون بالطعن بالرمح أو الخنجر، ً فليس المعنى كلما لقيتموهم فاضربوا رقابهم، كلا، وإنما الذي يحدد لنا الوقت الذي تضرب فيه الرقاب هو قوله: ﴿ edcb ﴾ [ [محمد: ٤ ، وهذا ما يبدو لي أن أستشهد به ولم أره في التفاسير، وقد رأيت تفسيرين أو ثلاثة ولم يشيروا إلى هذا، وبين المفسرين خلاف. فقوله: ﴿ edcb ﴾ ، وقوله: ﴿ «ª© ¬¯® °²± μ´³²±°¯®¬ ³ ´ ﴾ [ [الأنفال: ١٥ وقوله: ﴿ « ¶ ﴾ [ [الأنفال: ٦٧ هذه الآيات تبين وتحدد وقت ضرب الرقاب بوقت الحرب، وهكذا نفهم الآية، وافهموها جيد ً ا، لأنها مزلق، إذ ربما يخطىء فيها من لا يتدبر فيقول: أنا وجدت كافرا في الطريق فقتلته، لأن الله تعالى يقول: ﴿ WVUTSR ﴾ [ [محمد: ٤ ، ً كلا ! ليس هذا هو مراد الله تعالى، وإنما الحرب حالة ضرورية استثنائية تقدر بقدرها، .« وللحرب أمد محدود، تبتديء في أوله وتنتهي في آخره، إذ الأصل في الدنيا هو ا لسلم ويضيف أيض ً ا: وليس معنى » ﴿ UTSR ﴾ في الطرقات والشوارع والمنازل، وإنما إذا لقيتموهم في صفوف الحرب، واشتبكتم معهم، إذا زحفتم إليهم وزحفوا إليكم، والتقيتم على موعد أو على غير موعد، وقد يكون كما قال الله تعالى في المعلوم أن الحالة بين الكفار والمؤمنين إما أن تكون حالة حرب وإما أن تكون حالة سلم أو حالة هدنة، والله تعالى يشرع لكل حالة ما يليق  بها، وهنا شرع ما يفعل المؤمنون بالكفار إذا قامت الحرب بينهم، والمعبر عنها باللقاء: ﴿ R = ٢٧٠   ويقرر رأي: هناك مبدأ مذهبي صيغ في الدستور الإباضي في النصف الثاني من » القرن الأول الهجري، يحدد بوضوح السياسة الخارجية للإمامة. وهو يقتضي أن تحترم الإمامة مبدأ الاعتدال وترفض مبدأ الخروج: فلا هجوم ولا حرب  « ضد طرف آخر ما لم تتعرض الإمامة للهجوم(١) . مبدأ سياسة حسن الجوار والباب المفتوح من » كذلك اختارت الإباضية ّ جميع الكيانات الإسلامية الأخرى، ومبدأ مهادنة العدو، ومبدأ عدم استعمال قانون سياسة المعاملة بالمثل. فلم ترفع السيف إلا إخماد ً ا لثورة أو ردا لاختراق الأمن والسلم الاجتماعيين، أو دفاعا عن الدولة. وقد سار ا لعمانيون ًُ على نفس الوتيرة من أول أمرهم في معاملاتهم للدول غير ا لإباضية، إلا في ّ أيام الإنقلابات واستحواذ العباسيين على سواحلهم فإنهم بقوا على حكم التقية حتى لاحت لهم الفرصة ا لمؤاتية. = UTS ﴾ ، وشرع في آيات أخرى معاملتهم في حال السلم؛ لأن الكفار ليسوا دائما وأبد ً ا ً في حال الحرب مع المسلمين، والحرب حالة خاصة وضرورة تقدر بقدرها، ففي سورة الممتحنة يقول الله تعالى: ﴿ WVUTSRQPONMLKJI kjihgfedcba`❁ ^]\[ZYX utsrqponml ﴾ [الممتحنة: ٨ -[٩ . وينتهي الشيخ بيوض بقوله: وإذا سكنت الحرب وأصبحت الحالة سلما أو كانت معاهدة على عدم الحرب، كما » ً وقع في صلح الحديبية الذي نزلت فيه سورة الفتح يكون شيء آخر من الأحكام، كما قال الله تعالى: ﴿ ¸ ÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹ ÊÉÈÇÆ ﴾ [ [التوبة: ٦ ويقول: ﴿ ÕÔÓÒÑÐÏÎ ﴾ [ [الأنفال: ٦١ لأن المسلمين ليس من طبعهم طلب الحرب، وإنما المشركون هم الذين .« يضطرونهم ا ضطرارا إليها، فحربهم إنما هي حرب دفاع لا هجوم ً الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٨ ، ص ٤٢٥ -.٤٢٨ (١) ، د. حسين عبيد غانم غباشي: عمان... الديمقراطية الإسلامية، دار الجديد، بيروت، ١٩٩٧ ُ . ص ٨٣ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي    وقد تم تطبيق سياسة حسن الجوار والباب المفتوح كذلك مع الدول « غير ا لإسلامية(١) . كذلك يقول الشيخ علي يحيى معمر إن من القواعد الأساسية للعلاقات  الدولية عند ا لإباضية أنهم يعتمدون على: ّ .« الدعوة والإقناع، ولا يلجأون إلى استعمال العنف إ لا في حالات ا لدفاع » ويضيف أيضا أنه: ً لا يجوز الاعتداء على دولة مسلمة قائمة داخل حدودها إلا رد » ً ا « لعدوان(٢) . ويقرر أيض ً ا هذا الاتجاه في عبارة وجيزة أن: « حروب الإسلام كلها دفاع »(٣) . (١)بكير بن بلحاج: الإمامة عند الإباضية بين النظرية والتطبيق مقارنة مع أهل السنة ّ . والجماعة، المرجع السابق، ص ٢٨٠ . انظر كذلك ص ١٦١(٢) .٢٦ ، علي يحيى معمر: ا لإباضية مذهب إسلامي معتدل، الطبعة الثانية، ١٩٧٩ ، ص ٢٤ ّ الإباضية لا يرون قهر غيرهم ولا التدخل في شؤونهم وغايتهم أن » : ويضيف رأي آخر ّ يعيش الجميع في وئام وتفاهم، وهذا ما يلمسه الدارس لتاريخ الدولة الرستمية حيث سياسة التعايش السالمي مع جيرانهم واحترموا مبدأ الحرية، » سلك ا لإباضية فيها ّ بانتماء السكان فيها إلى فرق » كما تمتاز دولة الرستميين «... والعدالة، والمساواة وغيرها .« دينية شتى عاش بعضهم مع بعض في سلام ووئام عدنان جهلان: الفكر السياسي عند الإباضية، مكتبة الضامري، سلطنة عمان، ُّ ١٤١١ ه -. ١٩٩١ م، ص ١٥٢ وكعادة الإباضية، فإنهم لا يبدأون » كذلك بخصوص موقعة جلفار الأولى، يقرر رأي ّ سعيد بن محمد الغيلاني: أزد عمان في القرنين الأول والثاني الهجري، رسالة « الحرب ُ . ماجيستير، كلية الآداب جامعة القاهرة، ١٩٩٠ ، ص ١٠٤(٣) الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ٤، ص ٤٨٥ (قاله في معرض تفسيره للآية ٤٠ من سورة ا لحج). ٢٧٢ « قتال المشركين معلل بالحرابة وليس بإختلاف ا لدين » : كما أن(١) . وليس في القرآن تناقض بين الآيات التي تدعو إلى القتال مطلق ً ا وتلك التي تدعو إلى القتال رد ً ا على اعتداء (أي ا لدفاع)(٢) . فالأصل في علاقة المسلمين بغيرهم من أهل الكتاب هو السلام، قال تعالى: ﴿ ÚÙØ ×ÖÕÔÓÒÑÐÏÎ ﴾ [ [الأنفال: ٦١(٣) . ومن الآراء التي تأخذ بهذا الاتجاه، ما جاء في معجم مصطلحات الإباضية: ّ والنظر في النصوص القرآنية، وفي عمل رسول الله ژ في ظل الوضع » العالمي الراهن يقتضي أن يكون التعامل مع المشركين على مراحل هي: دعوتهم إلى دين الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن. إن لم يقبلوا بالإسلام دين ً ا تبرم معهم معاهدات، يتم بموجبها حماية الإسلام والمسلمين ومسالمتهم. (١) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٨١٨ ّ (٢) وأما ما في الكتاب العزيز من مثل قوله تعالى: » : وهكذا قيل ﴿ !"# ﴾ [ [البقرة: ١٩١ وقوله تعالى: ﴿ §¦¥¤£¢¡ ¨ ª© ﴾ [ [التوبة: ١٢ ، وقوله: ﴿ WVUTSR ﴾ [ [محمد: ٤ . ونحو ذلك من الآيات فإنها محمولة على ما إذا حدث القتال بأسباب موجبة، أو أنها نزلت أثناء القتال. ومن القواعد المقررة عند علماء الإسلام أن متشابه القرآن يحمل على محكمه. ومن المحكم في هذا الباب قوله تعالى: ﴿ ÇÆÅÄÃÂÁ ÎÍÌËÊÉÈ ﴾ [ [البقرة: ١٩٠ قال ابن عباس هذه الآية محكمة معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ذات المرجع، ص ٨٢٠ « لم تنسخ -.٨٢١ ّ (٣) . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ٢، ص ١٠٠٧ ّ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي إذا نقضوا العهد، ونكثوا الأيمان، أو طعنوا في الدين، أو تعرضوا للمسلمين بالضر وللإسلام بالاستخفاف، فإنهم بذلك قد أعلنوا الحرب، فتطبق عليهم أحكام آية ا لسيف. واستثني من هذه الأحكام أهل الكتاب، فهم وإن كانوا مشركين « لإنكارهم رسالة محمد ژ إلا أن لهم أحكاما خاصة بهم(١) . ً  :¢UÉîdG ÉæjCGQ (ê  لا شك أن الاسلام هو دين سلام والسلم الإسلامي تحكمه ضوابط ثلاثة، هي: أولا ً أن العلاقة الطبيعية بين المسلمين وغيرهم هي السلم كافة، لأن ذلك هو الذي يتفق مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ما لم يحدث ما يعكر صفو ذلك من الدول ا لأخرى. ثاني ً ا ضرورة الإستعداد للحرب جدي ً ا، وذلك بتوفير كل قوة مستطاعة، ترهب أي عدوان محتمل، بما يؤدي إلى استمرار السلام بسبب خشية أي طرف ابتدار الحرب: المسلمون لأن دينهم يحرم عليهم العدوان، والأطراف الأخرى بسبب الردع الذي توفره القوة الإسلامية التي يتم إعدادها. كل ذلك مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ ¨ «ª© ¬¯® ° ³²± ´ ¶µ ¸ ¾½¼»º¹ ﴾ [ [الأنفال: ٦٠ . ثالث ً ا حتمية الوفاء بالعهد المبرم مع غير المسلمين، مصداق ً ا لقوله تعالى: ﴿ 43210 ﴾ [ [التوبة: ٧ ، إلا إذا ظهرت بوادر خيانة. وفي هذه الحالة تكون القاعدة واجبة التطبيق هي نبذ العهد، مصداق ً ا (١) معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٥٤٩ -.٥٥٠ ّ ٢٧٤ لقوله تعالى: ﴿ zyxwvutsrqponm { ﴾ [ [الأنفال: ٥٨(١) . ولعل الآية السابقة تقترب من فكرة حديثة في القانون الدولي المعاصر، هي « الدفاع الشرعي الوقائي » فكرة la Légitime Défence Protective .« التدخل ا لوقائي » أو غير أن النظرية الإسلامية تختلف عن هذه الفكرة، من نواحي عديدة: فقد أحاط الإسلام نظريته بسياج من القيود تمنع إساءة استخدامها، وهي: ضرورة النبذ والإعلان، حتى لا يتم مقاتلة الطرف الآخر وهو يثق في العهد المبرم مع المسلمين. بينما في الممارسات الدولية المعاصرة كانت « الدفاع الشرعي الوقائي » التي لجأت فيها الدول إلى فكرة الدولة، إذا أحست بأية بادرة خيانة، ولو واهية، تقوم بإجهاض العملية بضربة وقائية، اتضح في كثير من الحالات أن معلوماتها بخصوصها كانت مبنية على أسس غير سليمة. عدم الغدر أو ا لخيانة. وجود أمارات حقيقية، وليست وهمية، تدل على الخيانة وانتهاك الطرف الآخر للمعاهدة: مثل حشد قواته بكثافة عند الحدود، أو بداية احتلاله لجزء من إقليم الدولة ا لإسلامية. (١) يقول أبو السعود إن قوله تعالى: ﴿ utsr ﴾ [ [الأنفال: ٥٨ ، يعني: أي فاطرح إليهم عهدهم (على سواء) على طريق مستو قصد بأن تظهر لهم النقض »وتخبرهم إخبارا مكشوف ً ا بأنك قد قطعت ما بينك وبينهم من الوصلة ولا تناجزهم الحرب ً راجع تفسير أبي السعود ،« وهم على توهم بقاء العهد كيلا يكون من قبلك شائبة خيانة . المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم، ج ٤، ص ٣١ أي أعلمهم بأنك قد نقضت عهدهم حتى يبقى علمك وعلمهم » : ويفسرها ابن كثير، بقوله تفسير ابن كثير، « بأنك حرب لهم وهم حرب لك وأنه لا عهد بينك وبينهم على السواء . المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٢٠ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي مراعاة التقوى في كل شيء، وخصوصا الخوف من الله، الذي قال:  ً ﴿ {zyxw ﴾ . وهكذا يكون الإسلام في الحرب والسلم قد وضع على سلوك الدولة الإسلامية حدود ً ا وعلامات حمراء لا يجوز تخطيها أبد ً ا(١) : أعني ضرورة الإلتزام بالقواعد المقررة في الشريعة وعدم جواز الخروج عليها. ذلك أن الغاية لا تبرر الوسيلة أو الواسطة في ا لإسلام. فلا يتوصل مثلا ً للنصر بالغدر، ولا يتوصل للفتح بنقض العهد، ولا يمكن أن يتم اللجوء إلى إعتداء للحصول على حقوق الغير... إلخ. والذي يجعل الفعل مباح ً ا أو ممنوع ً ا هو الدليل الشرعي المقرر في مصادر الشريعة ومواردها، وليس النتائج التي تترتب عليه أو الغايات المستهدفة. فالوسيلة والغاية حكمها يتوقف على حكم الشرع نفسه، ولذلك قيل: كل ما لا يتم الواجب إلا به فهو » : وكذلك ،« الوسيلة إلى الحرام حرام »« واجب(٢) . بهذا تكون قواعد السلام والحرب في الإسلام بمثابة المرآة العاكسة لكل قواعد وآداب الإسلام الكلية ومبادئة العليا وأصوله الثابتة، والتي تدعو إلى السلم، بل وتحرم مجرد ترويع الآدميين أو تخويفهم(٣) . تلك إحدى غايات الدين، بل قل غاية خلق الآدميين، التي أكدها قول (١) فلم يفعل المسلمون مثلا ً ما كان يفرضه ملك الحبشة على المسلمين هناك يرسلوا له كل عام فتاة ينصرها (راجع شهاب الدين الجيزاني الشهير بعرب فقهية: تحفة الزمان أو فتوح الحبشة، تحقيق فهيم شلتوت، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٣٩٤ ه -.( ١٩٧٤ م، ص ٢٨١ (٢) راجع: د. أحمد أبو الوفا: القانون الدبلوماسي الإسلامي، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٤١٢ ه -١٩٩٢ م. ص ٤١٢ -.٤١٣ (٣) انظر: د. أحمد أبو الوفا: الشريعة الإسلامية وظاهرة الإرهاب الدولي، مجلة البحوث ١٩٩١ ، ص ٥ ، والدراسات العربية، معهد البحوث والدراسات العربية، عدد ١٩ -.٣٧ ٢٧٦ رب العالمين: ﴿ NMLKJIHGFE O ﴾ [ [الحجرات: ١٣ .  ولا غرو أن هذه الآية دليل إضافي على أن العلاقات بين الشعوب  والقبائل، وبين المسلمين ومخالفيهم في الدين (أي العلاقات الدولية) هي « لتعارفوا » علاقات أساسها السلم، ما لم يعكر صفوه حرب أو اعتداء. لأن  ذلك أن التعارف يكون بالعلاقات الهادئة، .« لتتقاتلوا » لا يمكن أن تساوي وبالطرق السلمية، وبالحكمة والموعظة الحسنة دون ما قسر أو تهديد أو إ جبار. إذا كان ذلك كذلك، فأساس العلاقة بين المسلمين وغيرهم، في رأينا، بمعنى أن المسلمين يوادعون :« السلم الذي يدعمه الردع المسلح » نظرية ويسالمون مخالفيهم في الدين ويتعاملون معهم سلميا ما لم يقع ظلم أو ً اعتداء على حق. إذ، في هذه الحالة يكون الرد بالقوة السابق إعدادها،  مصداقا لقوله تعالى: ﴿ ¨ «ª© ¬¯® °± ´ ¸¹º ¾½¼» ﴾ ¶µ ³² [ [الأنفال: ٦٠ . داع إليها وحامل « وجد سبب عادل » فالإسلام يسمح فقط بالحرب إذا يقول ا لنبي ژ .« دعوى الجاهلية » عليها، وإلا كانت هذه : ليس منا من » « ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى ا لجاهلية . ودعوى الجاهلية فيجتمعون فينصرون « يا آل فلان » الإستغاثة عند إرادة الحرب. كانوا يقولان ».« القائل ولو كان ظالما، فجاء الإسلام بالنهي عن ذلك ً ويعد ذلك أيض ً ترك » ا تطبيق لمبدأ إسلامي ثابت ومستقر، وهو مبدأ وهو ما أكده قوله تعالى: .« إثارة الشر على مسلم أو كافر ﴿ ½¼»º ÄÃÂÁÀ¿¾ ﴾ [ [الشورى: ٤٢ ، وقوله تعالى: ﴿ r uts ﴾ [ [يونس: ٢٣ . الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ٢٧٧ لذلك لا يمكن قبول قول بروكلمان: يتحتم على المسلم أن يعلن غير المسلمين بالعداوة حيث وجدهم؛ » « لأن محاربة غير المسلمين واجب ديني (١) . معنى ما تقدم وحاصله أنه لا يمكن القول إن أساس العلاقة بين المسلمين وغيرهم هي الحرب ابتداء؛ لأن ذلك يتعارض مع الأصول الثابتة في الشريعة ا لإسلامية(٢) . ™HGôdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a ÜôëdG ™æªdh º∏°ù∏d ¢SɰSCÉc ´OôdG من المعلوم أن نظرية الردع بحثها فقهاء القانون، والعلوم السياسية، والعلاقات الدولية، كما اتبعتها الدول خصوصا القوية منها حاليا في ًً علاقاتها الدولية. بل إن الفقه الدولي يفسر عدم قيام حرب بين الدول القوية عسكري ً ا (كالولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي سابق ً ا وروسيا حالي ً ا، وفرنسا، وبريطانيا) بفكرة الردع ا لنووي (٣) . (١) ، راجع، كارل بروكلمان: تاريخ الشعوب الإسلامية، دار العلم للملايين، بيروت، ١٩٨٨ ص ٧٨ -.٧٩ (٢) اعترف بذلك المستشار القانوني لوزارة الخارجية ا لسويدية: «In the Islamic World order wars could only be launched for just purposes, purposes blessed by the divine law. Here we have the doctrine of djihad, which was circumscribed by strict rules. We have almost the confusion five principles enunciated here: forces against chaos and heresy with the realm, the notions of ridda, baggi, muharibun and the very essential one, namely ribat, defense of the holy territory of Islam. These are righteous forces, bellum justum, and these principles should still today govern the use of force, since they are part of the unchangeable shari'a law «(Johnson: Changes in the Norms Guiding the International Legal system, R . Egypt. DI, 1980, p. 5 - 6). (٣) وهكذا يتحدث فقهاء العلاقات الدولية عن الردع كعامل لمنع الطرف الآخر من عمل « القهر السلبي » شيء ما (وهو ما يطلقون عليه اسم )negative coercion ( ويتحدثون أيض ً ا = ٢٧٨ ومن المعلوم أن نظرية الردع تثير الكثير من المسائل على الصعيد الدولي حاليا: علاقات القوة بين الأطراف المعنية، والموازنة بين الفوائد والخسائر ً المترتبة على الدخول في حرب (النتائج الإيجابية والسلبية)، وموقف الرأي العام والمجتمع الدولي، وضرورة توفير الأمن والمناخ الملائم والضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتقدم العلمي والتكنولوجي... إلخ. وقد قيل إن ثمة عناصر ثلاثة لازمة لجعل الردع فعالا ً ، وهي: توافر المقدرة على ا لثأر. التصميم على استخدام هذه المقدرة الثأرية بعيد ً ا عن أي استعداد للمساومة أو التخاذل أو ا لتراجع. أن تكون المقدرة الثأرية من القوة بحيث تلحق بالخصم من الضرر ما يفوق بكثير المزايا التي يتوقعها من مباداته بالضربة ا لأولى(١) . وتبدو أهمية ا لردع(٢) واضحة جلية بخصوص الدول القوية، حاليا. إذ ً = عن الإجبار )compellance ( أو القهر الإيجابي )positive coercion )، والذي يتمثل في دفع الطرف الآخر إلى عمل شيء ما كان يفعله من تلقاء نفسه، راجع: Snyder and Diesing: Conflict Among Nations, Princeton University Press, 1977, p. 196. (١) راجع د. إسماعيل صبري مقلد: الاستراتيجية والسياسة الدولية، مؤسسة الأبحاث العربية، . بيروت، ١٩٧٩ ، ص ١٥٧ (٢) في اللغة العربية ألفاظ عديدة للتعبير عن فكرة الردع، منها ردع، وأرهب: ردعه: كفه ورده والردع: العنق (الطاهر الزواوي: ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البلاغة، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٣٩٩ ه - ١٩٧٩ م، ج ٢، ص ٣٢٤ ). وجاء أرهبه ورهبه واسترهبه: أخافه وفزعه، واسترهبه: استرعى رهبته حتى » : في لسان العرب وبذلك فسر قوله تعالى: ،« رهبه الناس ﴿ ¶¸ º¹ ﴾ [ [الأعراف: ١١٦ أي أرهبوهم، (ابن منظور: لسان العرب، دار المعارف بمصر، ج ٣، ص ١٧٤٨ ). وقيل إن هناك فارق ً طول الخوف واستمراره ومن ثم قيل للراهب » ا بين الخوف والرهبة: فالرهبة أبو هلال العسكري: الفروق اللغوية، دار زاهد القدسي، ) « راهب لأنه يديم الخوف = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي تنتفي الحرب. وهكذا، فمنذ انتهاء الحرب ،« توازن الردع » حينما يوجد العالمية الثانية ١٩٤٤ وحتى الآن، وهو ما يزيد على نصف قرن لم تقم حرب بين الدول الأوربية القوية، أو بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق (روسيا ا لآن). بأنا لا نحتمل الهضيمة، وإذا أخذ » : ورحم الله الظاهر بيبرس الذي قال أحد لنا مزرعة أخذنا عوضها قلعة مرتفعة، وإذا أسر لنا فلاح أسرنا ألف ً ا من المقاتلة لابسة السلاح، وإذا هدموا جدارا هدمنا أسوارا، والسيف في يد ًً الضارب، والجواد عنانه في قبضة الراكب، ولنا يد تقطع الأرزاق، ومن تحرش فعن تجربة، ومن أراد شيئ ً « ا من الأشياء فهذه الأمور له مرتبة(١) . كذلك تجد نظرية الردع في الشريعة الإسلامية أصلا ً لها، في نظرنا، في ذلك أن هذه الحياة الدنيا مؤسسة على تلك ،« التدافع والتغالب » قاعدة القاعدة، إذ يعمل البعض على قهر الآخرين، وبالتالي يجب الاستعداد دائما لدفعه. وقد أكد ذلك قوله تعالى: ﴿ ¦¥¤£¢¡  §¨ ﴾ [ [البقرة: ٢٥١ . في ضوء الآية ٦٠ « الردع » ونشير إلى موقف الفقه الإباضي من مفهوم من سورة الأنفال، وإلى أثر إعداد القوة: ردع ا لعدو. = القاهرة، ص ٢٠٠ ). كذلك قيل: ردع: الردع: الكف عن الشيء. ردعه يردعه ردع ً ا فارتدع: كفه فكف. وترادع القوم: ردع بعضهم بعض ً .( ا (نفس المرجع ص ١٦٢٣ أما الروع فقد استعمل فيما ألقى فيه من الفزع، قوله تعالى: ﴿ DCBA@ ﴾ [ [هود: ٧٤ ، يقال رعته وروعته وريع فلان وناقة روعاء فزعه (الراغب الأصفهانى: المفردات في غريب القرآن، ط البابى الحلبي، القاهرة، ١٣٨١ ه - ١٩٦١ م، ص ٢٠٨ ). كذلك فإن .( نفس المرجع، ص ٢٠٤ ) « الرهبة والرهب مخافة مع تحرز واضطراب » (١) ابن عبد الظاهر: الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر، تحقيق د. عبد العزيز الخويطر، الرياض، ١٣٩٦ ه -. ١٩٧٦ م، ص ٢٤٣ ٢٨٠ :∫ÉØfC’G IQƒ°S øe 60 ájB’G (CG قال تعالى: ﴿ ¨ «ª© ¬¯® ° ²± ³ ´ ¶µ ¸ ¾½¼»º¹ ﴾ [ [الأنفال: ٦٠ .  ِ اتخاذ الشيء في مهل » : والإعداد .« إعداد القوة » والآية تعني ٍ لوقت ََ « الحاجة(١) . مما يتخذ للحرب من أسبابه وآلاته كالخيل » : أما القوة (أو العدة) فهي والإبل والسلاح من السيوف والرماح والتفاق والمدافع والرصاص والبارود « ونحوها ولقولهم في النظر إلى ذلك كله محل ووجه لا يأباه العقل(٢) . فالمقصود « أي قوة كانت، مما يتقوى به في الحرب » إذن(٣) لجميع » : . فالآية شملت بعمومها « ما يعد للجهاد(٤) . ويقول ابن بركة إن الجهاد لا يجب إلا بحضور خصال، منها: « العدة »(٥) لقوله تعالى: ﴿ ¨ «ª© ¬® ﴾ [ [الأنفال: ٦٠ . يقول أطفيش: فلفظ ما استطعتم من قوة يشمل كل ما في مقدور البشر من القوة » « والآلة والحيلة(٦) . (١) . سعيد الكندي: التفسير الميسر للقرآن الكريم، ج ١، ص ٤٩٩(٢) المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، ج ١٣ ، ص ١٨٢ -.١٨٣ (٣) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٥٥ . ويضيف أيض ً ا: والآن يجب على عامة الموحدين ولا سيما السلاطين وأتباعهم أن يستعدوا بالرصاص والبارود »والمدافع، ويتعلموا ذلك تعلما كليا محقق ً ا، ويعلموه الأجناد لعلهم يزيلون بعض غلبة أهل ًً . ذات المرجع، ص ٣٥٦ « الشرك، والآية شاملة لهذا بالمعنى والإلحاق والقياس، وكأنها نص فيه(٤) الشيخ الرقيشى: النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ١١١ . لذلك من معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، المرجع السابق، « الجهاد منوط بالقوة » القواعد الفقهية أن ّ . ج ١، ص ٤٢١(٥) . ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٨٧(٦) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٢٨٣ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ما دل عليه قول الله جل ذكره: » والحجة في القوة كشرط لازم للجهاد ﴿ \[ZYXWVUTSRQ ﴾ [ [النور: ٦١ . فدل بهذا أن الجهاد بالقوة ويسقط بالعجز عنه، والحجة على وجوب القوة  قول الله جل اسمه: ﴿ ¨ «ª© ¬¯® °± ³² ´ ¶µ ﴾ «(١) . يقول الإمام ا لطبري: ولا وجه لأن يقال: عني بالقوة معنى دون معنى من معاني القوة، وقد » ُ عم الله الأمر بها فإن قال قائل: فإن رسول الله ژ قد بين أن ذلك مراد به   الخصوص بقوله: « ألا إن القوة ا لرمي » ؟ قيل له: إن الخبر، وإن كان قد جاء  بذلك، فليس في الخبر ما يدل على أنه مراد بها الرمي خاصة، دون سائر معاني القوة عليهم، فإن (الرمي) أحد معاني القوة، لأنه إنما قيل في الخبر  « ألا إن القوة الرمي » ولم يقل (دون غيرها) ومن القوة أيض ً ا (السيف والرمح « والحربة) وكل ما كان معونة على قتال ا لمشركين(٢) .  بل يرى اتجاه أن قوله تعالى: ﴿ ¨ «ª© ¬® ﴾ هو مظهر من مظاهر إطلاق اسم المسبب على السبب لأن القوة على قتالهم مسببة عن الأسلحة فسماها باسم مسببها(٣) . قال ابن ماجه إلى عقبة بن عامر الجهني سمعت رسول الله ژ يقرأ على المنبر: ﴿ ¨ «ª© ¬ ® ﴾ « ألا إن القوة الرمي » . كذلك فإن ا لنبي ژ قال لسعد يوم أحد: إرم فداك أبي » ثلاث مرات (٤) ُ (١) . ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٨٧(٢) تفسير الطبري: جامع البيان عن تأويل آي قرآن، تحقيق محمود محمد شاكر، دار المعارف . بمصر، ١٩٥٨ ، ج ١٤ ، ص ٣٧(٣) . ابن قيم الجوزية: الفوائد المشوق إلى علم القرآن وعلم البيان، مكتبة المتنبي، القاهرة، ص ١٩(٤) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٣٠ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٢٨٢  « وأمي(١) . أن ما لا يتم الواجب » والاستعداد بالقوة لمواجهة العدو يعني « إلا به فهو واجب(٢) . والغرض من هذه القوة مزدوج: ١ المحافظة على دولة ا لإسلام: يقول النزوي: قال الله تعالى: ﴿ ¯° ³²± ´µ ¶ ﴾ فينبغي لمن أراد مصادمة الأقران، ومطاعنة الفرسان: أن يرتبط الخيل، ليحامي بها عن الدين، وبعدها ليعز بها دولة ا لمسلمين(٣) . ٢ تنفيذ الحاكم لواجبه الأساسي في حياطة الدولة والرعية(٤) ، وذلك بدفع أعدائها عنها(٥) . أما قوله تعالى: ﴿ ³² ´¶µ ¸ »º¹ (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٦(٢) . الشيخ أبو عبيد السلمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، المرجع السابق، ص ٢١٠(٣) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٩(٤) وأما العدة فهي الآله التي يقوم بها الحرب من السلاح والخيل والإبل » : يقول الرقيشي  والبارود والرصاص والمدافع وذلك من لوازم القتال وما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب وأقول إن العدة لا تعتبر كثرتها وقلتها ومناصفتها وإنما تعتبر كفايتها لتلك الوقعة فقط وما تكتفي بها في تلك الحادثة وأقول إن الزمان تغير والحالات والآلات تغيرت وتبدلت فهذه الآلات الموجودة اليوم عند النصارى والدول من الطيارات والسيارات والمدافع والبنادق وغيرها من السموم والحكم لا توجد عند أهل عمان خاصة فينبغي أن ُ ينظر لهم من أوجب الله عليه النظر فيهم ويراعي لهم الأحوال ويدافع عنهم عدوهم ويحوطهم عنه بما يلهمه الله من المصالحة عنهم الجايزة شرع ً ا لأن قول ا لشارع ژ من استرعاه الله رعية فلم يحطها أكبه الله على وجهه في النار شامل لجميع الحياطة بالقتال « والدفاع والمصالحة والتقية الجايزة جميعا ً . الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ص ١٠٧(٥) سبب السبب ليس سبب » : يقول أطفيش ً ا حقيقي ً ا، ومن ذلك أعددت السلاح أن يجىء عدو .« فأدفعه، فإن مجىء العدو ليس سببا لإعداد السلاح بل لدفع الأعداء المسبب عن مجيئهم ً ١٤٢٥ ه ، أطفيش: تيسير التفسير، ج ٢ -. ٢٠٠٤ م، ص ٢١٥ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ¾½¼ ﴾ [ [الأنفال: ٦٠ « تخيفون » فهي تعني(١) أعداء المسلمين، أن المسلمين إذا تأهبوا للدفاع عن أنفسهم ودينهم بكل ما يستطيعونه » ذلك « من آلة حرب فهو يخيف من علم من أعدائهم ومن لم يعلموا(٢) . يقول المفتي العام لسلطنة عمان: ُ كذلك نجد أن الله تبارك وتعالى يدعو عباده إلى أن يأخذوا الحزم » في الأمور وأن لا يفلتوا الحزم، حيث قال: ﴿ ihgf onmlkj ﴾ [ [النساء: ٧١ ويقول تعالى: ﴿ ¨ «ª© ¬¯® ° ³²± ´¶µ ﴾ [ [الأنفال: ٦٠ ، هذا كله من أجل أن تكون الأمة المسلمة عزيزة منيعة الجانب « لا يطمع عدوها في إلانة قناتها وطأطأة رأسها(٣) . لذلك فإن الغلظة في قوله تعالى: ﴿ &%$ '( +*) ﴾ [ [التوبة: ١٢٣ الشدة والخشونة في قتال الأعداء، » : تعني« لأن ذلك أدعى لإلقاء الرعب في قلوبهم(٤) . (١) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٣٥٦ (٢). سالم بن خلفان: المرجان في أحكام القرآن، ج ٤، ص ٤١(٣) . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: لقاءات الفكر والدعوة، المجلد الأول، ص ٤٠٥ يؤيد ذلك أيض ً ا قوله ژ : » وهم يد على من سواهم :« أي على غيرهم. قال الربيع في معناه: هم أقوى وأفضل من غيرهم، أي قوتهم مع اجتماعهم أعظم من قوة »غيرهم، وفضلهم أعظم من فضل غيرهم، وهذا منه ژ حمل للحديث على معنى الخبر، وذلك أن تقول إنه ژ أخبر عن قوة المسلمين وفضلهم على سائر الأمم، ولك أن تجعله في معنى الأمر فتقول: إنه ژ أمر المسلمين أن يكونوا يد ً ا واحدة على من سواهم، فيستلزم النهي عن التفرق والتشتت كما صرح به قوله تعالى: ﴿ &%$ ' ( ﴾ [ [الأنفال: ٤٦ سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند .« ، والظاهر أن هذا الوجه أظهر . الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، المرجع السابق، ص ٤٣٣ (٤) . الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٦، ص ١٤٨ ٰ ٢٨٤ وقد بين النبي ژ الأثر اللازم لعدم توافر نظرية الردع وعدم اعتماد  الدولة الإسلامية عليه كأساس من أسس سياستها الخارجية. ويتمثل ذلك  الأثر (وهو الأمر المتوافر حاليا بالنسبة للكثير من الدول الإسلامية ً المعاصرة): في عدم خوف الآخرين من قوة الدول الإسلامية، وبالتالي الإعتداء عليها دون ما قوة تردها أو ترد عليها. من ذلك الحديث المشهور عن رسول الله ژ : » توشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها ، فقال ٍ ٍ قائل: أمن قلة نحن يومئذ؟ قال: أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن. فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية  الموت «(١) .   ولا شك أن هذا ا لحديث(٢) . دليل على توقع مستقبلي للنبي ژ ، يتفق مع واقع حال معظم الدول الإسلامية حاليا. ً :hó©dG ´OQ :Iƒ≤dG OGóYEG ôKC G (Ü الأثر اللازم اللازب لقوة الدولة هو إخافة عدوها، وجعله يفكر ألف مرة قبل أن يعتدي عليها. يقتضي إظهارها للعدو وإعلامه بها. « يردع » وإعداد القوة الذي (١) سنن أبي داود ومنه كتاب معالم السنن للخطابي، دار الحديث، حمص، ١٣٩٣ ه -١٩٧٣ م، ج ٤، ص ٤٨٣ -.٤٨٤ (٢) إشارة نبوية إلى ما سيكون من تجمع الأمم » : بحث ابن كثير هذا الحديث تحت عنوان ضد المسلمين ا ستضعاف ً ا لهم وطمع ً ابن ) « ا فيهم مع كثرة المسلمين ووفرة عددهم حينئذ ( كثير: النهاية في الفتن والملاحم، دار الريان للتراث، القاهرة، ١٩٨٦ ، ج ١، ص ٦٩ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي  من ذلك ما حدث خلال فتح مكة، فقد جاء أبو سفيان مبعوث ً ا من قريش،  فلما لقيه العباس أركبه معه على بغلة رسول الله ژ ولما ارتحل النبي ژ لدخول مكة قال ژ : يا عباس بمضيق الوادي، فكلما مرت قبيلة بلوائها مثل سليم ومزينة (يعرفه العباس بها)، قال: ما لي ولها؟ حتى مرت الكتيبة الخضراء المهاجرون والأنصار، سميت لكثرة سلاح الحديد فيهم، حتى  لا يظهر إلا عيونهم، فقال: لا طاقة على هؤلاء، يا عباس لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما ، فقال ابن العباس: إنها النبوءة، قال: فنعم إذن(١) . ً ومن أمثلة ذلك ما حدث حينما توجه النبي ژ إلى مكة قبل صلح الحديبية. فقد أشار عليه عمر بن الخطاب وسعد بن عبادة بأن يأخذوا معهم   كامل السلاح وكأنهم خارجون إلى الحرب، وكان من عادة الحاج أو المعتمر ألا يحمل معه إلا سلاح المسافر كما يقال، أي السيف في قرابه، أما من  ذهب إلى الحرب فإنه يحمل سيف ً ا ورمح ً ا وقوسا ودرع ً ا ومغفرا، أي أنه يتهيأ ًً  كامل التهيئة للحرب. وقالا: يا رسول الله، إننا لا نأمن جانب قريش، ولا نأمن شرهم  ومكرهم ولو كانوا يعلمون أنك إنما جئت للعمرة لا للحرب، فأخذ  الن بي ژ برأيهما، وأمر بإخراج كل ما في المدينة من سلاح وكراع، فخرجوا مسالمين ولكنهم مستعدون للحرب إذا فرضت عليهم(٢) . كوسيلة لإرهاب الطرف « الردع » ونحن نعتقد أن ذلك يدخل في باب الآخر وحمله على عدم اللجوء إلى أعمال عدوانية. دليل ذلك هو أنه لما بدأت مفاوضات الحديبية أرسلت قريش عروة بن مسعود كسفير لها إلى النبي ژ ليتفاوض معه، فإن عروة بعد أن انتهت مهمته إن أردتم السيف بذلوه لكم، وإن أردتم الحرب فهم » : وعاد إلى قريش قال لهم (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٦ ، ص ٤٠٩ (قاله في معرض تفسيره لسورة ا لنصر). (٢) . راجع الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ذات المرجع، ج ١٩ ، ص ٢٤ ٢٨٦   مستعدون لها، لولا أن محمد ً يا قوم لقد عرض عليكم محمد » : ثم قال « ا يمنعهم   خطة فاقبلوا ما عرض، فإني لكم ناصح، ادخلوا معه في المهادنة والصلح، فإن « فيها خيرا لكم، وإنني بحسب ما رأيت أخاف ألا تنتصروا عليه(١) . ً والحاكم الذي يغفل عن إعداد القوة وقت السلم يقصر في وظيفة من وقوله تعالى: » : أهم وظائفه. يقول الشيخ كعباش ﴿ ¨ «ª© ﴾   [ [الأنفال: ٦٠ يدل على أن كل تقصير من الأمة الإسلامية في هذا القطاع   الحساس سوف يكون له أثر سيئ على مصير الأمة؛ إذ يصبح من الواجب « الذي تتحمل الجماعة الإسلامية مسؤوليته حاكمين ومحكومين(٢) .  وعن علي بن أبي طالب قال: « والله ما غزى قوم في عقر دارهم إلا ذلوا »(٣) . (١) . ذات المرجع، ص ٥٩(٢) ، محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، جمعية النهضة، العطف الجزائر، ج ٥ ٰ ص ٣٦٩ - .( ٣٧٣ (قاله بخصوص الانفال: ٦٠ وقد عنى القرآن الكريم بالدعوة » : ويضيف في معرض تفسيره للآية ٧٤ من سورة النساء إلى القتال أو الجهاد في كثير من السور، وتعرض إلى واجب الأمة في التأهب والإعداد والأخذ بأسباب القوة حفاظ ً ا على عزة الإسلام وسيادته ودفع ً ا للشر والعدوان، لأن بقاء الحق والعدل والتمكين لدين الله لا يتأتى إلا بالقوة التي تحميه، ومتى افتقد الحق هذه القوة فإنه ينزوي وينكمش وإن كان ناصع ا لبيان. ولعل آية الحديد هي أقوى حجة توضح هذه ا لسنة الاجتماعية في التمكين للحق والعدل بالقوة والسلطان فقال تعالى: ﴿ !" &%$# '( ,+*) -3210/. ﴾ [ [الحديد: ٢٥ فلم تتغير أحوال المسلمين من العزة والسلطان إلى الذلة والخذلان إلا عندما غفلوا عن هذه السنة، فنخرت في جسم الأمة عوامل الضعف والانحلال، ودب الوهن في أوصالها يوم تفرق المسلمون في . ذات المرجع، ج ٣، ص ٢٣٤ « دينهم وأصبحوا شيعا وطوائف كل حزب بما لديهم فرحون ً (٣) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٤ ومن دين المسلمين: ألا يتخذوا إمام » : يقول النزوي ً ا ضعيف ً ا عن نكاية العدو، ولا مداهن ً .« ا . النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ٦٥ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي  ويقول الإمام ا لسالمي: فلا شيء أدعى لترك القتال من الاستعداد للقتال فعلى هذه القاعدة » جرى عمل دول أوروبا في هذا العصر وبه يصرحون، تبذل كل دولة منتهى  ما في وسعها من اتخاذ آلات القتال في البر والبحر والجو، وتنظيم الجيوش لتكون القوى الحربية بينهن متوازنة فلا تطمع القوية في الضعيفة فيغريها « ضعفها بالإقدام على محاربتها(١) . ومع كون أن أصل العلاقة مع الكفار من أهل الكتاب السلم » : كذلك قيل فإن من الواجب على المسلمين أن يعدوا العدة ويجهزوا الجيوش ويحموا الثغور ويرهبوا أعداء الله فهذا من الأمور الاحترازية شأنهم في ذلك شأن جميع القوى في الأرض التي تتخذ كل أسباب القوة والحذر وقد أمر الله المسلمين بأخذ الحذر والحيطة فقال تعالى: ﴿ ji ﴾ [ [النساء: ٧١ولا يعتبر هذا مخالف ً ا للأعراف الدولية ولا لسياسات الدول التي تأخذ بأسباب الحماية والقوة. والمسلمون اليوم مقصرون في كل ذلك وقد أصابهم الوهن  والخوف من أعداء الله ونزع خوف الله من قلوبهم وصاروا غثاء كغثاء السيل، وصارت بلاد المسلمين غرضا للأمم الطامعة، وصدق رسول الله إذ يقول: ً َ » يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أو من َ ٍ ٍ قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: إنكم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور أعدائكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية ا لموت .« وإلى الله المشتكى وبه المستغاث وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا « بالله ا لعظيم(٢) . (١) . السالمي: تلقين الصبيان ما يلزم الإنسان، مكتبة الاستقامة، مسقط، ص ١٢٠(٢) معجم القواعد الفقهية الإباضة، ج ٢، ص ١٠٠٧ -.١٠٠٨ ٢٨٨ وقد فطن حكام ا لإباضية إلى أهمية إعداد القوة لردع ا لعدو. ّ من ذلك ما قيل بخصوص الإمام سلطان بن سيف(١) : ا(٢) ومن سقطوا بمسقط منه صاروا كضأن في فلاة رأت ذئاب ﹰ وما هو للملاحم غير ليث يرى ضيق الصعاب له رحابا فكم دار لهم لما غزاها بهم أقرى القشاعم والعقابا ومن ذلك قوة الدولة أيام ا لمهنا بن جيفر(٣) . ومن ذلك معارك الجيوش ا لعمانية ضد الإفرنج، ومنها وقعة كلوة، وقعة ُ بمباى (الهند)، وقعة مخا، وقعة باب المندب، وقعة مسبيج، وقعة بتة(٤) .  (١) ابن رزيق: الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة عمان، وزارة التراث القومي والثقافة، ُ سلطنة عمان، ١٤٠٤ ه -١٩٨٤ م، ص ٢٣٤ -.٢٣٦ ُ (٢) والمعنى: أن النصارى الذين سقطوا بمسقط بهظهم الإمام سلطان بن سيف خوف » ً ا وارتعابا، ً . ذات المرجع، ص ٢٣٥ « فصاروا كالضأن التي رأت في الفلاة الذئاب(٣) اعلم أن الإمام ا لمهنا بن جيفر » : يقول الشيخ السيابي 5 ، جد في تقوية الدولة في عمان، لإرغام ُ الأعداء وكبح جماح أهل الباطل فيها، فجمع قوته إذ ذاك، فكانت مضرب المثل في ذلك العصر، كان 5 كما يقول الإمام نقلا ً عن الأعلام: اجتمعت اليه من القوة البرية والبحرية ما شاء ا لله. قيل: إنه اجتمع في البحر أسطول عظيم ضخم بلغ ثلاثمائة بارجة حربية مسلحة بالسلاح العصري، تحمل راية الإمام مهيأة لحرب العدو، وإنها لعظيمة في ذلك الوقت بالنسبة إلى عمان في الجزيرة ا لعربية. ُ قال: وكان عنده في نزوى سبعمائة ناقة وستمائة فرس تركب عند أول صارخ، قال: فما ظنك بباقي الخيل والركاب، في سائر ممالكه. قلت: إذا كانت هذه قوة نزوى فقط وهي في قلب عمان الداخلية، ففي الثغور أعلى من ُ ذلك أكثر وأجل، قال العلامة الصبحي 5 : بلغني أنه كان عند الإمام المهنا بن جيفر تسعة آلاف مطية وكانت عساكره بنزوى عشرة آلاف مقاتل، قال: وهؤلاء بنزوى خاصة « فكيف بعساكر غيرها. قلت: هذا يكفي مقاسا على عساكر غيرها ً الشيخ سالم السيابى: عمان عبر التاريخ، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُُ ١٤٠٦ ه -. ١٩٨٦ م، ج ٢، ص ٨٤ (٤) وقعتان اصطلم ا لعمانيون » : وبخصوص وقعتي مخا، وباب المندب في البحر الأحمر، قيل إنهما = ُ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي وقد عبر فقهاء من المذاهب الإسلامية الأخرى عن مظاهر الردع ا لإسلامي:  فأما الفتوحات الناصرية فقد هطلت قطرا، بل » : يقول القاضي الفاضل ً جرت نهرا، بل جرت بحرا بل درت درا. فما ينقض يوم جمعة إلا عن تخلق  ً ًً محاريبها، واستجابة دعوة خطيبها وافتضاض بكر من قلاع بعوان من الحرب يقعد لهما الموت على قارعة القراع،... والفتح منهما فتحان ويدهم في الحرب يدان وظهورها لا يدحرها إلا اللعنة وصدورهم لا يملؤها إلا الطعنة وكانوا قد اجتهدوا في القتال أو صبروا على مر النضال ومر النضال حتى أهمدتهم ٍ « الصفاح وأرقدتهم الجراح فحينئذ لاذوا بالأمان وطلبوا ذمة سلطان ا لأمان(١) .   ¢ùeÉîdG åëѪdG »°VÉHE’G ¬≤ØdG »a Üô`ëdG QÉKBG للحرب آثارها سواء في العلاقة بين الأطراف المتحاربة أو بالنسبة إلى غيرهم. وقد وردت بعض آثار الحرب في آيات كثيرة من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: ﴿ x }|{zy ~ ﮯ ¦¥¤£¢¡ ﴾ [ [التوبة: ٥ . = فيهما جنود الكفر، وقادوا البواخر بما فيها غنيمة أصبحت ترفع العلم ا لعماني في البحر الأحمر، ُ وهو يهتز لها هيبة، ويقلق لها رعبا، واستفاد الشراة الذين احتلوا هذه الوقائع آلاف ً .« ا طائلة ً الشيخ سالم السيابي: عمان عبر التاريخ، المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٤٥ -.٢٤٦ ُ (١) رسائل عن الحرب والسلام من ترسل القاضي الفاضل، تحقيق د. محمد نغش، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٤٠٤ ه -. ١٩٨٤ م، ص ٤٩ وفي ذات المعنى يذكر ابن حبيب ما حدث سنة ٧٣٧ ه ( ١٣٣٦ م): فلما رأى الأرمن المخذلون كثرة الجيوش الإسلامية وعاينوا ما لا طاقة لهم به من صولة الأسود ».« الآجامية... وانثالت الذلة على قريبهم وبعيدهم وطلبوا الأمان منقادين لما حكم به ا لزمان ابن حبيب: تذكرة النبيه في أيام المنصور وبنيه، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨٢ ، ج ٢، ص ٢٧٨ -.٢٧٩ ٢٩٠ فهذه الآية الكريمة تنتظم الآثار الآتية للحرب: ١ قتل العدو، وهذا من مقتضيات أي حرب. ٢ أسر العدو، وهذا يترتب كنتيجة لازمة لأي حرب. ٣ حصار العدو، سواء في البر أو البحر أو الجو، حتى لا يخترقون تلك  الأماكن ويصلون إلى بلاد ا لمسلمين. ٤ رصد العدو، وذلك من مقتضيات الحصار، إلا أنه أعم منه لأنه يمكن أن يصل إلى حد رصد العدو داخل حدود بلاده (عن طريق التنصت مثلا ً ، أو بواسطة ا لجواسيس). وقد بحث الفقه الإباضي آثار الحرب من نواحي عديدة أهمها ما يلي: :ÜôëdG QÉKBG ºμëJ »àdG óYGƒ≤dG (CG  يحكم آثار الحرب في الفقه الإباضي عدة قواعد، منها: ١ أن الحديث عن آثار الحرب يفترض بداهة إندلاعها. فإذا لم تكن هناك حرب فإن ما يحدث لا يكون أثرا من آثارها. ً يؤيد ما قلناه ما جاء في بيان ا لشرع: وسألته عن أموال أهل الحرب إذا وجدت في بعض جزائر البحر » وتوهت مراكبهم فدخلوا بلاد المسلمين بغير أمان لأهل الأموال، وقد قدم بها بعض من له أمان أو وجدت نساؤهم قد عرفن رجالهم وبقيت أموالهم ونساؤهم وذراريهم أتكون غنيمة للمسلمين أم لا؟ قال: لا تحل غنيمة أموالهم إلا أن تقوم الحرب بينهم وبين المسلمين لأنه لا تحل دماؤهم إلا   « بعد الدعوة ولا تحل أموالهم إلا بحل دمائهم(١) . (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٧٢ -.٣٧٣ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ٢ أن آثار الحرب منها ما يترتب خلال الحرب ذاتها (مثال ذلك عدم ضرب الأهداف غير العسكرية أو كيفية معاملة الأسرى، وعدم جواز الاعتداء على النساء والأطفال والشيوخ إلا أن يقاتلوا)، ومنها ما يفترض انتهاء الحرب (مثال ذلك ا لغنيمة)(١) .  :ÜôëdG iô°SCG (Ü  افردت اتفاقية جنيف الثالثة لعام ١٩٤٩ معاملة خاصة لأسرى ا لحرب(٢) . ويقصد بأسير الحرب: كل مقاتل يقع في قبضة العدو أو في أيدي الخصم. ويراعى أن أسرى الحرب يكونون تحت سلطة دولة العدو، لا تحت سلطة الأفراد أو الوحدة العسكرية التي أسرتهم (م ١٢ ). لذلك تعتبر الدولة  الحاجزة مسؤولة عن كيفية معاملتهم. ويجب ترحيل أسرى الحرب، في (١) وهكذا يوجد في سيرة أبي الحواري: وإذا كانت الحرب قائمة بين المسلمين والمشركين: فلا يجوز غنيمة إلا من بعد الهزيمة وللمسلمين أن يغرقوها ويحرقوها ويقطعوها »ويخربوها كما كان رسول الله ژ يفعل بهم يخربون دورهم إذا تحصنوا فيها ويقطعون نخيلهم خزي ً ا لهم وصغار ً ا كما قال الله تعالى: ﴿ 6543210/ ;:987 ﴾ [ [الحشر: ٥ . فإذا وضعت الحرب أوزارها حرم ذلك كله على المسلمين فصارت فيئ ً ا وغنيمة. قال غيره: وكذلك يوجد في جامع ابن جعفر أيض ً ا: ولا تقع الغنيمة حتى يخرج الجيش « من دار ا لحرب . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٧١ ومعنا أنه قيل ما لم يسكن المسلمون في الأرض أو يظفروا بعدوهم ذلك » : كذلك قيل والحرب قائمة بينهم أن لأهل العسكر من المسلمين أن يأكلوا ويشربوا ويطعموا دوابهم رغد ً ا بغير حساب فإذا وضعت الحرب أوزارها أو ظفروا بعدوهم ذلك وأثخنوا في الأرض ووجب قسم الغنيمة فهنالك لا يجوز أن يؤكل إلا بحساب عند الحاجة إليه ولا يجوز على حال ادخار شيء من الغنيمة ولو أخذه لنفسه في حال الحرب فإذا وجبت الغنيمة كان قليل . ذات المرجع، ج ٧٠ ، ص ٣٧٧ « ذلك وكثيره سواء مما ادخر في جملة الغنيمة (٢) المرجع السابق، ص ٦٨٢ ،« الوسيط في القانون الدولي العام » : راجع كتابنا -.٦٨٤ ٢٩٢  أقرب وقت ممكن بعد أسرهم، إلى معسكرات تقع في منطقة تبعد بعد ً ا .( كافيا عن منطقة القتال حتى يكونوا في مأمن من الخطر (م ١٩ ً ويتمتع الأسير بالعديد من المزايا، منها: أن تكون المعسكرات التي يقيم فيها وكذلك الملابس والأغذية التي تقدم له كافية ومناسبة؛ ويجب توفير العناية الصحية والطبية له؛ وله حق ممارسة الشعائر والواجبات الدينية؛ ويجب توفير الاتصال بينه وبين العالم الخارجي (استلام الخطابات وإرسالها، واستلام الطرود والبرقيات...) إلخ؛ كذلك يمكن تكليفه ببعض الأعمال (كالزراعة أو النقل أو الخدمات) مقابل أجر يمنح له. وينتهي الأسر لأسباب عديدة، منها: الوفاة، وإعادة الأسرى إلى أوطانهم  أثناء العمليات العدائية (يكون ذلك بالنسبة للجرحى الذين لا يرجى شفاؤهم أو ذوي العاهات أو المصابين بأمراض عقلية أو أولئك الذين يحتاجون إلى  فترة علاج طويلة)، والإفراج عن الأسرى بعد انتهاء الأعمال العدائية (عمليات تبادل الأسرى) على أن يكون ذلك دون إبطاء ومع اقتسام مصاريف النقل بطريقة عادلة بين الدولة الحاجزة والدولة التي يتبعها ا لأسرى. ويترتب على أي حرب في الفقه الإباضي الإمساك ببعض الأفراد من العدو: الأسرى (بما في ذلك إمكانية حدوث أسر للإمام أو لرئيس الدولة)، والسبي(١) . (١) بخصوص الفرق بين الأسر والسبي، وبخصوص السؤال الآتي: هل يكون سبي النبي ژ لعمه العباس 3 دليلا ً على جواز سبي قريش أم لا؟ فإن لم يكن دليلا ً فبم يجاب عن ذلك فإن القطب أبقاه الله تعالى جعل ذلك دليلا ً يقول ؟« ذهبه » على جواز سبيهم ذكر ذلك في السالمي: ِ لم يسب النبي ژ عمه العباس ولكن أسره مع غيره من صناديد قريش يوم بدر، وليس »الأسر سبيا بل هو نوع من التسليط والقهر، ولو كان سبيا لما جاز في الباغي الموحد لأن ًً سبي الموحدين حرام إجماع ً .« ا = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ونبحث هذه الأمور، كما يلي: ١ تعريف ا لأسير: أولا المقصود بالأسير: مشتق من الإسار، وهو القيد الذي يشد به المحمل فس ُ مي أسير ً ا، لأنه يشد وثاقه(١) . والأسير في اللغة أيض ً ا الأخيذ، مأخوذ من الأسر وهو الشد، لأن الأسير يشد غالبا بوثاق من حبل أو قيد أو ً نحوهما لئلا يفلت(٢) . وقد ورد في القرآن الكريم الإشارة إلى الأسر  في سورة النساء « الأخذ » باستخدام كلمة ﴿ dc ﴾ [ [النساء: ٨٩ ِ يعني وأس ْ روهم، وأيض ً ا ﴿ ¢¡ ﴾ [ [التوبة: ٥(٣) . وفي الاصطلاح: الأسرى هم الرجال المقاتلون من الكفار إذا ظفر المسلمون بهم أحياء(٤) .   = . جوابات الامام السالمي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٢٤(١) . الإمام القرطبي: الجامع لاحكام القرآن، ج ٢، ص ٢١(٢) .١٩ / ابن منظور: لسان العرب، ٤(٣) انظر الدامغاني (الحسين بن محمد) قاموس القرآن أو إصلاح الوجوه والنظائر في القرآن . الكريم، تحقيق عبد العزيز سيد الأهل، دار العلم للملايين، بيروت، ١٩٧٠ ، ص ٢١ وفي تفسيره لفظة الأخذ يقول ابن قتيبة: إنها قد تأتي بمعنى الحبس والأسر. قال تعالى: ﴿ }| ~ے ¡ ﴾ [ [التوبة: ٥ أي: ائسروهم (واحصروهم) أي: احبسوهم ويقال للأسير: أخيذ (ابن قتيبة: تأويل مشكل القرآن، دار إحياء التراث العربي، .( القاهرة، تحقيق السيد أحمد صقر، ص ٣٨٤ ويقول الإمام البغوي: قال ا لله » 4 : ﴿ ¢¡ ﴾ [ [التوبة: ٥ قوله: ﴿ ¡ ﴾ ، أي: ائسروهم، ويقال للأسير: الأخيذ، (واحصروهم)، أي: احبسوهم، والحصير: السجن الذي يحبس فيه، ومنه قوله 4 : ﴿ ,+* -﴾ [ [الإسراء: ٨وقوله 8 : ﴿ £ ¦¥¤ ﴾ [ [التوبة: ٥ أي: على كل طريق، أي: كونوا لهم رصد ً ا، لتأخذوهم من أي وجه توجهوا، ومنه قوله تبارك وتعالى: ﴿ _`a ﴾ [ [الفجر: ١٤ أي: الطريق . الإمام البغوي: شرح ا لسنة، ج ٥، ص ٥٩٢ .« الذي ممرك عليه (٤) . الإمام الماوردي: الأحكام السلطانية، المرجع السابق، ص ١١٤ ٢٩٤ وشرعية الأسر مقررة في أي حرب. وهذا ما جرى عليه سلوك المتحاربين منذ غابر ا لأزمان. وقد ورد في القرآن الكريم كلمة الأسر في أكثر من موضع منها قوله تعالى: ﴿ jihgfedc ﴾ [ [الأحزاب: ٢٦ . ﴿ 5432 ﴾ [ [الإنسان: ٢٨ . ﴿ 7654321 ﴾ [ [الإنسان: ٨ . ﴿ «¬ ¯® ° ³²± ´¶μ ﴾ [ [الأنفال: ٦٧ . ﴿ !" &%$# '( ﴾ [ [الأنفال: ٧٠ . ﴿ EDCBA@? ﴾ [ [البقرة: ٨٥ . وورد في القرآن الكريم آيات أخرى بخصوص وضع الأسرى وإن كانت استخدمت ألفاظ ً ا أخرى، مثل قوله تعالى: ﴿ ]\[ZYXWVUTSR ^ _ ` edcba ﴾ [ [محمد: ٤ . «(١) كذلك وردت كلمة الأسارى في قوله ژ : » استوصوا بالأسارى خيرا . ً هو المأخوذ في الحرب ذكرا كان أو أنثى » : وفي الفقه الإباضي الأسير ً « سواء أكانت الحرب مع الكفار أم مع فئة مسلمة باغية أو معتدية(٢) . وبخصوص قوله تعالى: ﴿ }|{zyx ~ (١) ابن حمزه الحسيني الحنفي الدمشقي: البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف، . المرجع السابق، ج ١، ص ١٣١ ، حديث رقم ٢٢٦(٢) . معجم مصطلحات ا لإباضية، ج ١، ص ٣٠ ّ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ﮯ ¦¥¤£¢¡ ﴾ [ [التوبة: ٥ الأخذ: » : ، قيل « بمعنى الأسر، والأخذ أعم من الأسر، والأخيذ هو الأسير الذي يشد(١) . ثانيا الحرب يترتب عليها عادة وقوع أسرى: ً أخذ الأسرى هو أثر لأي حرب. يقول تعالى: ﴿ !"# &%$ ' +*)( ﴾ [ [التوبة: ١٤ . تعني: « ويخزهم » وكلمة يجعلهم أذلاء في قلوبهم بالأسر والقهر، ويظهر أثر ذلك على أبدانهم » « ووجوهم(٢) . كذلك قال تعالى: ﴿ [ZYXWVUTSR \ ﴾ [ [محمد: ٤ وشد الوثاق يكون بربط الأسير بحبل أو غيره. أعطى بيده من غير عذر » ووقوع المسلم في الأسر يكون بداهة إذا « حتى أسره المشركون(٣) ، أي إذا لم يكن لديه القدرة على مواجهة العدو بسبب تفوق هذا الأخير في العدد والعدة. يقول ا لبطاشي: وزعم بعض أن قتال الدفع يجوز الفرار منه وحط عنه الدفع عن نفسه » إن أسر وقدر عليه ولو كان معه سلاحه وما يدفع به عنها فله المشي معهم ولا يلزمه الوقوف عنهم أو الفرار وإنما الواجب عليه أن لا يعينهم على قتل نفسه فإن أعان هلك ولا يعطيهم سلاحه إذا أرادوا قتله به وإن فعل هلك (١) . الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٥، ص ٤٠٨ ٰ (٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٤٠٩(٣) أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية، ١٤١١ ه -. ١٩٩١ م، ج ٢، ص ١٣٨ ٢٩٦ وإما أن يعطيهم إياه بعد ما أسروه ولم يظهر له أنهم أرادوا أن يقتلوه به فلا بأس وذلك لسقوط الدفاع عنه وإنما سقط الدفاع عن الأسير المقدور عليه لأنه لا يجديه قتاله فائدة وربما رجعت عليه مضرة ولأنه قد يكون في نفسه الأمان لهم فلم يخدعهم وربما نطق به وإن قاتل أو هرب فسلم أو قتل أو ضرب فلا بأس عليه ما لم يعطهم الأمان في قلبه أو لسانه فإنه إذا أعطاهم  ذلك لم يحل له القتال إلا بتجديد دعوة إلا الهروب فلا بأس عليه ولو أعطاهم الأمان خوف ً « ا أن يقتلوه إن لم يعطه فكأنه لم يعطه(١) . ٢ الوضع القانوني لأسرى ا لحرب:  نشير هنا إلى الوضع القانوني لأسرى الحرب من المسلمين، ومن أهل العهد، ومن غير ا لمسلمين. أولا ً الأسرى ا لمسلمون: تتلخص أهم القواعد الخاصة بالأسرى المسلمين في الفقه الإباضي، فيما يلي: (١) . الشيخ البطاشي، كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ٦٦ كذلك جاء في ا لمصنف: في أهل المركب، إذا زعموا على الاستسلام، خوف » ً ا على أنفسهم، ورجاء السلام: هل للمسلم أن يقاتل وحده. ولعله يدخل عليهم ا لفتنة؟ قال: إن خاف أن يتلف الجميع بقتاله، لم نأمره بذلك. فقد يوجب أن الحرب، إذا لم يرج نفعها تركت. فإن ادخر نفسه عن القتال، ورجا سلامة هؤلاء، فهذا أن صدقت نيته، فأرجو له حظ ً ا في الفريقين؛ لأن الله قد علم، أنه لم يدخر نفسه عن قتال عدوه، توفيرا لنفسه. ولكن التماس ً الأوفر عليه، وعلى جماعة المسلمين الذين معه. فهذا الذي عرفناه، إذا كان هو دون جميع من هو في المركب. يريد القتال وحده. والبحر غير البر، اخترنا له ما قلناه. وإن كانت الحرب قد وقعت بينهم، واستسلموا كلهم، وهم في حال ا لمحاربة. فمر على ذلك، وعلى سبيل الشهادة رأيناه قد حاز الغنيمة، والصفة الكريمة إن شاء ا لله 8 .« . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٦٠ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي أ تخليص الأسرى ا لمسلمين: يمكن تخليص الأسير المسلم بإحدى طرق أربعة: تخليص الأسير عن طريق ا لمفاوضات: يمكن الدخول في مفاوضات مع الطرف الآخر لإبرام اتفاق بخصوص  وإن دخلنا عليهم في بلادهم بأمان، » : الإفراج عن الأسرى. يقول الوارجلاني أو رسلا ً ، أو لافتكاك أسرانا، فإنا لا نخون ولا نغدر. وإن جاءونا إلى بلادنا بأسرانا لنفكهم، فإنا نتفق معهم. فإن اتفقنا كان ذلك. وإن لم نتفق سلمنا إليهم إخواننا، وذهبوا بهم إلى بلادهم. فإن وقع منهم اشتطاط في الفداء، منعناهم في بلادنا. ولا نمنع لهم « إخواننا. ويكونون في أيديهم. والله أعلم في هذه ا لمسألة(١) . وهكذا يحكم هذه المسالة القواعد ا لآتية: ١ أن إبرام اتفاق لتخليص الأسرى قد يتم إما بأن نذهب إليهم أو يأتوا إلينا. ٢ أن دخولنا إليهم لافتكاك الأسرى يكون بموافقتهم، وبالتالي فقد أمنونا، مما يحتم عدم خيانتهم أو الغدر بهم (مثلا ً بإختطاف الأسرى، أو بالقيام بأعمال عنف من قتل أو غيره). ٣ أنهم إذا جاءوا إلينا ولم يتم التوصل إلى اتفاق بخصوص شروط تخليص الأسرى، وكان معهم أسراهم، فإن لهم أن يرجعوا بهم إلى بلادهم؛ أي أنه لا يجوز تخليص الأسرى رغما عمن أسروهم. ً ٤ من جانبهم (كأن « اشتطاط في الفداء » يستثنى مما قلناه حالة وقوع يرفضوا الاتفاق على تخليص الأسرى إلا بدفع مبالغ كبيرة جد ً ا، أو (١) الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٩٤ -.٩٥ ٢٩٨ يرفضوا تخليص الأسير رغم أن حالته الصحية لا تتحمل أن يرجعوا به، أو كان في رجوع الأسير معهم تهديد لحياته وسلامته الجسدية عندهم، أو ذكر الأسير أنهم كانوا يعذبونه عذابا شديد ً ا وأنه إن رجع فسيستمرون ً في تعذيبه)، ففي هذه الحالة يطبق أمران: الأول منعهم من الرجوع إلى بلادهم، مما يعني بقاؤهم في بلاد المسلمين، لكن يمكن السماح لهم بمغادرة دار الإسلام إن وافقوا على ترك الأسرى. والثاني بقاء الأسرى في أيديهم، أي أنه لا يمكن انتزاع الأسرى منهم رغما عنهم. مما يتحتم على الدولة الإسلامية إتخاذ الإجراءات اللازمة ً لحمايتهم وحماية أسراهم من جمهور المسلمين، بل ومنع هروب ا لأسرى. تجدر الإشارة أن المذاهب الإسلامية الأخرى بحثت أيض ً ا هذه المسألة. نكتفي بذكر الآراء ا لآتية:  فيرى ابن حزم أن الرسول يتمتع بالحصانة فقط لأجل إبلاغ الرسالة. لذلك فهو يرى أنه لا يدخل في هذه الحصانة حالة ما إذا أتى المبعوث أو أموالا » الدبلوماسي ومعه أسرى مسلمين ً مملوكة لمسلم أو لأهل إذ في هذه الحالة وفق .« الذمة ً ا لابن حزم ينتزع ذلك منه ويجبر على تركه حتى لو كان قد دخل إلينا بوصفه رسولا ً ، أي يتمتع بالحصانة. وأساس رأي ابن حزم وهو رأي وجيه يكمن في أننا حتى لو شرطنا الحصانة للرسل فإن هذا الشرط لا يجوز الوفاء به لمخالفته للشريعة لأن كل شرط ليس في كتاب الله فهو رد ولو كان مائة شرط. ويلاحظ أن ابن حزم يقرر سريان ذات الحل على التجار الذين يدخلون بأمان، والمستأمنين المستجيرين، وطالبي ا لذمة(١) . (١)المحلى لابن حزم، ج ٧، المسألتان ٩٣٢ -٩٣٣ ، ص ٣٠٦ -.٣٠٧ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي كذلك يأخذ بهذا الاتجاه الإمام الشيباني في سيره الكبير. وهكذا يقرر:   ُ فإن كان مع الرسل أسراء جاؤا بهم للمفاداة فشرطوا على المسلمين أن » َ يردوهم إن لم يتفق على المفاداة، فهذا مما لا ينبغي للمسلمين أن يصالحوهم عليه وأن يكتبوا به وثيقة لأنهم ظالمون في حبس أحرار المسلمين ولا وجه لردهم إلى أهل الحرب بعد تمكننا من الانتزاع من أيديهم. وما يتعذر الوفاء به شرع ً ا لا يجوز إعطاء العهد عليه فإن فعلوا ذلك فلينتقضوا هذا العهد ليأخذوا منهم الأسراء على كل حال سواء احتاجوا إلى قتال على ذلك أو لم يحتاجوا لأن هذا الشرط مخالف لحكم الشرع وقد قال ژ : « ة(١) كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل » . وقال: ردوا الجهالات إلى ا لسن . ونحن لا نوافق على الاتجاه السابق لأمور عديدة: ُ (أولها): أن ذلك يعد مخالفة للعهد الذي أعطي للرسول، والوفاء بالعهد واجب في ا لإسلام. (وثانيها): أن ذلك قد يؤدي إلى عدم تبادل الأسرى بعد ذلك، لأن الطرف الآخر سيحجم عن ذلك خشية عدم وفاء المسلمين بعهدهم إذا لم يتم الاتفاق .« بالنظر إلى السوابق التي تمت إذا أخذ بالاتجاه ا لسابق » مع الرسول (وثالثها): أن جانبا من الفقه الإسلامي، قرر عكس ذلك بالنسبة لغير ً الرسول، فلئن ينطبق ذلك على من مع ا لرسول(٢) ، يكون من باب أولى. (١) ، شرح كتاب السير الكبير للشيباني، إملاء شمس الأئمة السرخسي، ط حيدر آباد الدكن، ج ٤ ص ٦٦ ، ط معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، القاهرة، ج ٥، ص ١٧٨٨ ه -١٧٨٩ م. (٢) وإن سبيت كافرة وجاء ابنها يطلبها وقال: إن عندي أسير » : وهكذا قيل ً ا مسلم ً ا فأطلقوها حتى أحضره فقال الإمام أحضره فأحضره لزم إطلاقها، فإن قال الإمام لم أرد إجابته لم المقدسي: الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل، ) « يجبر على ترك أسيره ورد إلى مأمنه .( ج ٢، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، ص ٣٧ ٣٠٠  (ورابعها): يجب عدم الارتباط باتفاق في هذا المعنى ابتداء ومحاولة  تخليص الأسرى بأية وسيلة أخرى، بخلاف الغدر وهو أمر ممقوت في الإسلام، فإذا ارتبطت الدولة الإسلامية بمثل هذا الاتفاق فيجب السماح برجوع الرسول إلى مأمنه ومحاولة تخليص الأسرى بعد ذلك بأية وسيلة  مشروعة أخرى. وفي الفقه المالكي اتجاهان بخصوص أهل الحرب الذين يأتون بأسرى المسلمين للفداء فيطلبون فيهم ما لا يستطاع فيريدون صرفهم إلى بلد ا لحرب: الأول: يرى أن يرجعوا بهم ولا يؤخذون منهم إلا برضاهم، لأنهم نزلوا على عهد فلا يجوز نقضه وغلبتهم على ما بأيديهم.  الثاني: يرى أنه إن أراد الذي في يده الأسير قيمته أو أكثر من ذلك بيسير دفعت إليه وإلا أخذ منهم قهرا ودفعت إليهم قيمته، لأننا لم نعاهدهم ً على مخالفة أحكام الله وإنما عاهدناهم على أن نفي لهم بشروطهم ما لم َ يخالفوا ا لحق(١) . تخليص الأسير عن طريق ا لفداء: نعني بذلك لجوء الدولة الإسلامية إلى فداء أسرى المسلمين مقابل أسرى للعدو لديها. ويعلل الونشريسي إطلاق سراح الأسرى بالفداء تعليلا ً منطقيا (٢) بقوله: (١) راجع الإمام الباجي: كتاب المنتقى شرح موطأ الامام مالك بن أنس، دار الكتاب . الإسلامي، القاهرة، ط الثانية، ج ٣، ص ١٨٨ (٢) وأما فكاك الأسير فمأخوذ من قوله تعالى: » : ويقول الإمام الشاطبي ﴿ kji nml ﴾ [ [الأنفال: ٧٢ وهذا فيمن لم يهاجر إذا لم يقدر على الهجرة إلا بالانتصار بغيره فعلى الغير النصر، والأسير في هذا المعنى أولى بالنصر فهو مما يرجع . الشاطبي: الموافقات، مكتبة الرياض الحديثة، ج ٤، ص ٥٣ « إلى النظر القياسي الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ولما في إباحة الفداء لهم من الاستدراج للعدو في إباحة فداء من » بأيديهم من أسارى المسلمين وتوخي مسامحتهم في ذلك وتيسير أسباب خلاصهم، فإن فائدة استنقاذ المسلمين من أيدي الكفار عظيمة القدر عند الله تعالى، قد أباح الشرع لأجلها أمورا من المحرمات التي لا تجوز، ولغير ً « ذلك من مصالحهم ومنافعهم العامة والخاصة(١) . لذلك يقول ابن سلمون ا لكناني: ولا بأس أن يفدي الأسير المسلم بمشرك وإن كان المشرك قائد » ً ا « ا(٢) شريف ً . تخليص الأسير بالمال: يمكن تخليص الأسير بالمال، من طريقين: ١ من مصارف ا لصدقات: إذ يمكن استخدامها في تخليص أسير ا لحرب. يقول الله تعالى: ﴿ vutsrq zyxw }|{ ~ ﮯ £¢¡ §¦¥¤ ¨© ﴾ [ [التوبة: ٦٠ . ومعنى كونها في الرقاب أن يعطى منها المكاتبون، » : يقول أطفيش ُ ويفدى الأسرى، ويشتري بها عبيد ليسلموا، ويعينوا المسلمين في القتال ُ « أعتقوا أم لم يعتقوا، أو يشترى عبيد موحدون فيعتقوا (٣) . ُ (١) الونشريسي: المعيار المعرب والجامع المغرب في فتاوي أهل أفريقية والأندلس والمغرب، وزارة الأوقاف، المغرب، ١٤٠١ ه -. ١٩٨١ م، ج ٢، ص ١٨١ (٢) أبو عبد الله محمد بن سلمون الكناني: كتاب العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام، وهو على هامش كتاب تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج . الأحكام لابن فرحون، الطبعة الأولى، المطبعة العامرة، القاهرة، ١٣٠١ ه، ص ١٨١ (٣) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٦، ص ٥٨ ٣٠٢ ٢ من بيت مال ا لمسلمين: يقول الامام ابن بركة: فإن قال: أرأيت إن كان بعض المسلمين في يد عدو وقد أسره وطلب » فداء عليه، كان على المسلمين تخليصه بشيء من مالهم؟ قيل له: على الإمام أن يخلصه من بيت المال، فإن لم يكن إ ماما فعلى المسلمين تخليصه، ً إلا أن يكون المال الذي يطلبه إذا دفعوه إليه أضعفهم (وقوى العدو به على ٍ جميعهم) أو ضعفوا به عن عدوهم فهو أشد ضررا منه عليهم، فحينئذ ً لا يدفعون إليه شيئ ً ا ولا يلزمهم لأن قتل واحد أيسر على المسلمين من جميعهم، أو ذهاب الحق من أيديهم. فإن قال: ولم أوجبتم عليهم بتخليصه بالمال؟ قيل له: لأن عليهم أن يخلصوه بأنفسهم وأن يقدروا على تخليصه فتخليصهم إياه بالمال أيسر. فإن قال: فلم أوجبتم على المسلمين أن ينفقوا أموالهم في صلاح غيرهم؟ قيل له: على المسلمين أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر إذا رجوا القدرة على ذلك بأنفسهم وسلاحهم ودوابهم، وهذا  « إجماع من ا لناس(١) . معنى ذلك أن تخليص الأسير بدفع مال من بيت مال المسلمين يستند إلى أمرين: الأول أن على المسلمين واجب تخليصه بأنفسهم بالقتال، فلئن يكون تخليصه بالمال يكون من باب أولى. (١) ابن بركة: كتاب الجامع، المرجع السابق، ج ١، ص ١٩٥ - ١٩٦ . انظر أيض ً ا الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٤٧ - ٢٤٨ . ويقرر رأي ابن بركة استند في ذلك إلى مفهوم المصالح المرسلة، راجع ناصر الباوي: كتاب الجامع لابن بركة والنظرية الفقهية، ندوة تطور العلوم الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، أبريل ُ . ٢٠١٢ ، ص ٢٤ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي والثاني أن تخليص الأسير يدخل في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إلا أنه يرد على إمكانية دفع مال لتخليص الأسير استثناء، هو: أن يترتب على ذلك تقوية العدو وإضعاف شديد للمسلمين. ففي هذه الحالة لا يتم دفع المال إليهم ويبقي الأسير في أسره، لأن الضرر العام يدفع بالضرر الخاص، كما أن الضرر الأشد يدفع بالضرر ا لأخف. تجدر الإشارة أن الفقه الإباضي يفرق أيضا بحسب عدد الأسرى ً بالمقارنة بعدد أفراد العدو الذين أسروهم بين فرضين: إذا كانوا كنصف عدد العدو فأكثر ومع ذلك أسروا، فهنا يكون فداؤهم في أموالهم؛ أو إذا كانوا أقل من نصف عدد العدو، وهنا يكون فداؤهم من بيت ا لمال(١) . (١) وهكذا بخصوص سؤال: عن قولهم في المأسورين من المسلمين إن كانوا أقل من نصف العدو ففداهم من بيت المال، وإن كانوا كنصف عدوهم ففي أموالهم، ما الذي اعتبروه؟ يقول ا لسالمي:  اعتبروا وجوب القتال عليهم وعدم وجوبه، فإنهم إن كانوا كنصف العدو فأكثر وجب عليهم »أن يثبتوا؛ ولا يحل لهم أن يسلموا أنفسهم لعدوهم ﴿ YXWVUT \[Z ﴾ [ [البقرة: ٢٤٩ ﴿ }|{zyxwvu ~ے ¡ §¦¥¤£¢ ©¨ ﴾ [ [الأنفال: ٦٦ فقد وعدهم الله بالنصر مع الصبر، فلما لم يصبروا ولم يثبتوا كان فداؤهم في أموالهم، ولا يخص بيت المال منهم شيء، وإن كانوا أقل من نصف العدو لم يلزمهم الثبات، فإن أسروا كان الفداء من بيت المال؛ لأنه من جملة المغارم التي جلبها أمر المسلمين، واعلم أن العشرة من المسلمين الصابرين المحتسبين يغلبوا مائة من العدو كما أوجب الله تعالى في أول الأمر فقال: ﴿ ZYXWV \[ ﴾ [ [الأنفال: ٦٥ قالوا: لواحد منا يقاوم العشرة من عدونا، ولم ينسخ أمر المقاومة، وإنما نسخ وجوبها، فنحن لو صبرنا لكان منا ما كان من أسلافنا في أول الأمر، وقد صبر سلمان بن ربيعة الباهلي وهو في عشرة آلاف من أصحابه، وجههم عثمان إلى الغرب فالتقى بهم ثلاثمائة ألف من الأتراك فقاوموهم صابرين وقاتلوهم محتسبين حتى قتلوا عن آخرهم .« مستشهدين، فقتلوا من الأتراك ماية ألف، فكان لكل واحد منهم عشرة من ا لأتراك جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٠٨ -.٤١١ = ٣٠٤ وفي الفقه غير الإباضي أيضا جواز تخليص الأسير بالمال فقد قال ً  الشيخ أبو حامد وغيره: لا يجوز للمسلم أن يدفع مالا ً إلى الكفار المحاربين، إلا في صورة: إذا أحاط العدو بالمسلمين من كل جهة، ولا طاقة لهم به. وإذا كان في أيديهم أسرى من المسلمين يجب ا فتداؤهم. وإذا جاءت إمرأة مسلمة في زمن الهدنة، وجب دفع المهر إلى زوجها(١) . وقد حدث أنه لما خرج إبراهيم الإمام وأخوه محمد على المنصور أن أراد المنصور أهل الثغور أن يعينوه عليهما فأبوا ذلك، فوقع في يد ملك الروم ألوف من المسلمين أسرى، وكان ملك الروم يحب أن يفادي بهم، وأبو جعفر يأبى أو يتردد في فدائهم بخلا ً بالمال كعادته التي سمي بسببها ُ فكتب إليه الأوزاعي كتابا يعظه فيه بالإسراع إلى مفاداة أسرى « بالدوانيقي » ً  المسلمين قال فيه: أما بعد، فإن الله تعالى استرعاك هذه الأمة لتكون فيها بالقسط قائما، وبنبيه ژ في خفض الجناح والرأفة متشبها، وأسأل الله ًً تعالى أن يمكن لأمير المؤمنين ويرزقه رحمة هذه ا لأمة. فإن سائخة المسلمين التي غلبت عام أول وموطئهم حريم المسلمين واستنزالهم العواتق والذراري من المسافل والحصون كان ذلك بذنوب العباد وما عفا الله عنه أكثر. فبذنوب العباد استنزلت العواتق والذراري من المعاقل والحصون = أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، المرجع السابق، ص ٣٧٠ ؛ الشيخ ابن رزيق الرقيشي (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، المرجع السابق، ص ٢٧٩ - ٢٨٠ ؛ كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٦٨ ؛ أبو الحواري: الدراية وكنز العناية ومنتهى الغاية وبلوغ . الكفاية في تفسير خمسمائة آية، المرجع السابق، ج ٢، ص ١٣٨ (١) السيوطي: الأشباه والنظائر، ط البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٧ ه - .٥١٩ ، ١٩٦٧ م، ص ٤٩١ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي لا يلقون لهم ناصرا ولا عنهم مدافع ً ا. وقد بلغني عن رسول الله أنه قال: » إني ً لأسمع بكاء الصبي في الصلاة فأتجوز فيها مخافة أن تفتن أمه « فكيف بتخليتهم يا أمير المؤمنين في أيدي العدو يمتهنونهم ويتكشفون منهم ما لا تستحله الشريعة، وأنت راعي الله والله تعالى فوقك ومستوف منك ﴿ : HGFEDCBA@?>=<; ONMLKJI ﴾ [ [الأنبياء: ٤٧ فلما بلغت هذه الرسالة أبا جعفر استجاب من فوره للأوزاعي وافتدى ا لأسرى(١) . وجاء في رسالة من الشيخ رضوان الجنوى إلى السلطان المنصور في المغرب: كيف يمشي هؤلاء الكفار كلهم إلى بلادهم وإخواننا المسلمون » بأيديهم في غاية العذاب والإهانة؟ ونحن قادرون على أن لا يبقى واحد منهم في أيديهم، وفداؤهم فرض علينا من بيت المال وأموال الناس كلهم حتى لا يبقى واحد، فلا والله ليس الأمر بسهل، وإنما يحاسب على ذلك من قدر عليه ولم يفعله، كالراعي والرعية. فالله الله في الأسارى بقدر الجهد، فالله الله، ثم ا لله الله في هذا الأمر وأنت ََ ََََ أقدر الناس عليه، والأمر الأكيد هو فك الأسارى لله 8 ، ﴿ 432 765 ﴾[ [البقرة: ١٩٧(٢) . (١) راجع عبد العزيز سيد الأهل: الإمام الأوزاعي فقيه أهل الشام، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٣٨٦ ه -١٩٦٦ م، ص ٩٠ - ٩١ ؛ د. يوسف صديق: موعظة الإمام الأوزاعي إلى الخليفة المنصور، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الكويت، عدد ١٤١٢ ،١٨ ه -١٩٩٢ م، ص ٩٠ - ٩٢ ؛ الإمام حميد بن زنجويه: كتاب الأموال، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض، ١٤٠٦ ه -١٩٨٦ م، ج ١، ص ٣٣٧ -.٣٣٨ (٢) د. عبد الهادي التازي: التاريخ الدبلوماسى للمغرب من أقدم العصور إلى اليوم، مطابع ١٤٠٨ ه ، فضالة المحمدية، ج ٨ -. ١٩٨٨ م، ص ١٢١ ٣٠٦ وجاء في المجموع شرح ا لمهذب: ولا يجوز عقد الهدنة بمال مؤدى إليهم من غير ضرورة لأن في ذلك » إلحاق صغار بالإسلام فلم يجز من غير ضرورة، فإن دعت إلى ذلك ضرورة بأن أحاط الكفار بالمسلمين وخافوا الإصطدام أو أسروا رجلا ً من المسلمين « وخيف تعذيبه جاز بذل المال لاستنقاذه منهم(١) . وللإمام عز ا لدين بن عبد السلام رأي في هذا الصدد، إذ يقول:  وقد تجوز المعاونة على الأثم والعدوان والفسوق والعصيان لا من » جهة كونه معصية، بل من جهة كونه وسيلة إلى مصلحة وله أمثلة منها ما يبذل في افتكاك الأسارى فعنه حرام على آخذيه مباح لباذليه... وليس هذا على التحقيق معاونة على الأثم والعدوان والفسوق والعصيان وإنما هو إعانة على درء المفاسد فكانت المعاونة على الإثم والعدوان « ا(٢) والفسوق والعصيان فيها تبع ً ا لا مقصود ً . كذلك قيل للأوزاعي: أواجب على الإمام أن يفادي أسارى المسلمين نعم، بالغ ما بلغ، أو بأسارى المشركين، ولو واحد » : من بيت المال؟ قال « من المسلمين بعشرة من ا لكفار(٣) . ِ ُ وبخصوص عالم وعامي أسرا، وعند الإمام ما يفدي أحدهما، فعن إن العامي أولى، لأنه ربما يفتن عن دينه، والعالم إذا » : القاضي أبي عاصم « أكره يتلفظ وقلبه مطمئن بالإيمان(٤) . (١) . المجموع شرح المهذب، ج ١٨ ، ص ٢٢٣(٢) . ابن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، المرجع السابق، ص ١٢٩(٣) الإمام حميد بن زنجويه: كتاب الأموال، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض، ١٤٠٦ ه -. ١٩٨٦ م، ج ١، ص ٣٢٤ (٤) السبكي: طبقات الشافعية الكبرى، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٥ ه -. ١٩٦٦ م، ج ٤، ص ١٠٩ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي وهكذا هناك واجب على الدولة الإسلامية بافتكاك الأسرى المسلمين، بل ذهب الإمام النووي إلى حد القول إن حرمة الأسير في هذه الحالة أعظم من حرمة ا لدار(١) . تخليص الأسير بالقوة ا لمسلحة: يكون ذلك إن لم يكن من الممكن تخليص الأسير بالطرق السابقة، وكان بالمسلمين قوة تمكنهم من انتزاع أسراهم من أيدي ا لعدو. وهكذا جاء في منهج ا لطالبين: ويقتل جميع من أعان على المسلمين، من جميع من كان مع الباغين، » من الرجال والنساء، والصبيان والعبيد والشيوخ، وجميع من كان معهم من المحاربين. وإن كان فيهم أحد من أسرى المسلمين، فلا يتعمدون بالقتل « ولا بالضرب ولا بالرمي، ولكن ليخلصوهم من أيدي المتغلبين عليهم(٢) . حري بالذكر أن هذا الحل إن كان قد قيل به بخصوص الأسرى في أيدي البغاة، فلئن ينطبق أيض ً ا على الأسرى في أيدي غير المسلمين يكون ِ رد » من باب أولى. لكن إذا اتخذ العدو الأسرى المسلمين ْ فلا يتعمد ،« ءا ً توجيه الضرب أو الرمي إلى ا لأسرى. بل يذهب النزوي إلى حد الاستعانة بأهل العهد لتخليص الأسرى، بقوله: فإن كان في عسكر الباغين أسارى من المسلمين: وخافوا استئصال » الباغين لعسكرهم، كان على كافة المسلمين إعانتهم عليهم. ولهم الإستعانة (١) لو أسروا مسلما، أو مسلمين، فهل هو كدخول دار الإسلام؟ وجهان: » : يقول النووي ً أحدهما لا، لأن إزعاج الجنود لواحد بعيد، وأصحهما: نعم، لأن حرمته أعظم من حرمة . الإمام النووي: روضة الطالبين، المكتب الإسلامي، ج ١٠ ، ص ٢١٦ « الدار(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٨٧ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٣٠٨ بأهل عهدهم، ومن قد آمن عندهم، من أهل حربهم عليهم، ما كان « المسلمون قاهرين لهم، وحكاما عليهم(١) . ً تخليص الأسير لنفسه بنفسه: يدخل ذلك في باب أن يحاول الانسان استرجاع حريته وفكاك أسره اعتماد ً ا على نفسه. يقول ا لوارجلاني: وان دخلنا أسارى، فإن قدرنا على الهروب هربنا، ونسوق معنا من » أموالهم ما قدرنا عليه، ومن الحريم والذرية. وليس علينا منهم شيء، وليس « لهم فينا عهد ولا ميثاق(٢) . وجاء في ا لمصنف: وقيل في أسير من المسلمين مع المشركين: هل له قتلهم؟ »قال: لا يحل له قتلهم في السر؛ لأنهم قد أمنوه. ولكن إن قدر أن يهرب منهم. فليفعل. قال أبو عبد الله: ولكن ما دام معهم في طريقهم، ولم يصر معهم في بلادهم، فله أن يجاهدهم عن نفسه. وفي الضياء: ومن سباه المشركون، فله قتلهم وسرقهم. فإن وقع في بلادهم بلا سبي، فله ذلك. وقيل: لا يحل للمسلم كان في يد العدو، ثم قدر على الهرب أن يقيم معهم. فإن خرج بعهد الله، أخذوه عليه، أن يرجع إليهم، فلا يرجع. (١)النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٢٧ -.٢٢٩ . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ٢٠٣(٢) . الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ٩٤ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي  وإن خرج بأمان، على أن يأتيهم بفداء فقول: يفيء لهم، ويبعث بفداء. وقول: لا يفيء لهم بذلك. وهو أحب إلي . وفي الضياء: وإذا أسر العدو رجلا ً ، فأخذوا منه عهد الله وميثاقه: ألا يهرب، فله أن يهرب. ولا يحل له الوفاء لهم، إن وجد سبيلا ً . وهو قول « الحسن(١) .  في ضوء ما تقدم، تحكم القواعد الآتية المسألة قيد ا لبحث(٢) : أولا ً أن للأسير الهرب حتى ولو كان قد أعطى آسريه العهد بعدم الهروب، لأن عهده في هذه الحالة عهد مكره، والإكراه ينفي التراضي أو حرية الإرادة. وله عند هروبه ان يأخذ ما يجده من أمواله وأموال ا لمسلمين. ثانيا أن للأسير مقاومة آسريه ما دام في الطريق ولم يدخل بلادهم ً ابتداء أو بعد أسره ثانية، وبالتالي يدافع عن نفسه بكل الطرق. فإذا وصل إلى بلادهم وتم الأسر كاملا ً فلا يجوز له قتلهم لأنهم قد أمنوه. (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٥٦ - ٢٥٧ ؛ بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٥٤ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٠٧ ؛ سلمة وللأسير أن يهرب عنهم ولو أعطاهم العهد » : العوتبي: الضياء، ج ٤، ص ٤٥٢ . كذلك قيل على عدم هروبه من أنه لا عهد ولا عقد على مكره وما دام في الطريق فله أن يجاهدهم إذا رجى أن تسلم له نفسه ويظفر بهم وله أن يغتالهم ولا أن يقتلهم وليس له القيام في الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد « دار الحرب لكن له الهروب ويحتال لفداء نفسه منهم . على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٦٨ (٢) وقيل في أسير في يد العدو أمنوه وتركوه في أيديهم على أنه » : جاء في بيان الشرعلا يهرب ولا يخونهم إنه لا يجوز له أن يخونهم في أموالهم ولا يأخذ شيئ ً ا من أموالهم وأما الخروج من أيديهم فذلك له جائز فإن خرج يريد الخروج من أيديهم فذلك له جائز ٍ فإن خرج يريد الخروج من أرض الحرب فلحقوه ليردوه إلى أرض الحرب فله حينئذ أن يجاهدهم ويغنم أموالهم إن قدر على ذلك لأن هذا طلب ثان. وأما ما دام في أمانهم . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٠١ « فليس له ذلك أن يغنم أموالهم ٣١٠ كذلك تعرض الفقه الإسلامي في المذاهب الأخرى لمثل هذه المسألة، .« مسألة خروج الأسير المسلم وهو في أمان من جهة من أسره » حينما بحثوا فقد قالوا إنه يجب عليه إحترام ذلك منعا للغدر الذي لا يحبذه الإسلام، ً وإذا دخل مسلم دار الحرب بأمان أو كان مأسورا » : وهكذا يقرر الماوردي ً  معهم فأطلقوه وأمنوه لم يجز أن يغتالهم في نفس ولا مال وعليه أن يؤمنهم. وقال داود له أن يغتالهم في أنفسهم وأموالهم إلا أن يستأمنوه كما أمنوه « فيلزمه الموادعة ويحرم عليه ا لاغتيال(١) . وجاء في المجموع شرح ا لمهذب: وإن أسر الكفار مسلما وأطلقوه من غير شرط فله أن يغتالهم في النفس » ً والمال لأنهم كفار لا أمان لهم، وإن أطلقوه على أنه في أمان ولم يستأمنوه ففيه وجهان: (أحدهما) وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه لا أمان لهم لأنهم لم يستأمنوه. (والثاني) وهو ظاهر المذهب أنهم في أمانه، لأنهم جعلوه في أمان « فوجب أن يكونوا منه في أمان(٢) . وقد تعرضت اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بأسرى الحرب لعام ١٩٤٩ (م ٢١ ) لهذه المسألة. فقررت أنه يجوز إطلاق حرية أسرى الحرب بصورة كلية أو جزئية بناء على الكلمة المعطاة أو وعد منهم on Parole or Promise بقدر ما تسمح بذلك قوانين الدولة التي يتبعونها. ويتخذ هذا الإجراء بصفة خاصة في الأحوال التي يمكن أن يسهم فيها ذلك في تحسين صحة الأسرى. ولا يرغم أي أسير على قبول إطلاق سراحه مقابل الكلمة المعطاة أو ا لوعد. (١) . الماوردي: الأحكام السلطانية، المرجع السابق، ص ١٦٠(٢) . المجموع شرح المهذب، ج ١٨ ، المرجع السابق، ص ١٢٩ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ويحكم ذلك قاعدتان أساسيتان: (الأولى) أن على كل طرف في النزاع أن يخطر الطرف الآخر، عند نشوب الأعمال العدائية، بالقوانين واللوائح التي تسمح لرعاياه أو تمنعهم من قبول إطلاق سراحهم مقابل الكلمة المعطاة أو ا لوعد. (الثانية) أن على أسرى الحرب الذين أطلق سراحهم بناء على الكلمة المعطاة أو الوعد واجب أساسي: الإلتزام بتنفيذ الكلمة المعطاة أو الوعد بكل دقة، سواء في مواجهة الدولة التي يتبعونها، أو إزاء الدولة التي أسرتهم. وتلتزم الدولة التي يتبعها الأسرى بأن لا تطلب أو تقبل منهم القيام بأية خدمة لا تتفق مع الكلمة المعطاة أو الوعد الذي أعطوه (١) . :º∏°ùªdG ô«°SCÓd áѰùædÉH ≈àM ∫É©aC’G ’ ∫GƒbC’ÉH ¿ƒμJ á«≤àdG `` Ü حتى في حالة الأسر، بما فيها من ضغوط على إرادة الشخص، والتي قد تصل إلى حد تعذيبه أو تهديده بالقتل، فإن الأسير له فقط كأي فرد آخر عند فقهاء ا لإباضية التقية بالأقوال وليس بالأفعال. ّ فقد جاء في منهج ا لطالبين: ِ وقيل في أسير في أيدي أهل الشرك د » ُ عي إلى النصرانية، وقالوا له: إن لم تتنصر قتلناك، ففعل، فأكل لحم الخنزير وشرب الخمر، فإن ذلك لا يحل له لأن التقية تجوز في القول، ولا تجوز في الفعل والعمل. قال الله تعالى: ﴿ XWVUTS﴾ [ [النحل: ١٠٦ . وقيل: نزلت في عمار بن ياسر لما عذبه المشركون حتى قال: إنه ثالث ثلاثة أعطاهم الكفر بلسانه، وقلبه مطمئن بالإيمان، فأنزل الله عذره. (١) . د. أحمد أبو الوفا: النظرية العامة للقانون الدولي الإنسانى، المرجع السابق، ص ٤١ ٣١٢ وقيل: إن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من أصحاب رسول الله ژ ، فقال  لأحدهما: أتشهد أن محمد ً ا رسول الله ژ . قال الرجل: نعم فخلى سبيله. وقال للآخر: أتشهد أن محمد ً ا رسول الله. قال: نعم نعم ژ . فقال له: أتشهد أني رسول الله. قال: إني أصم، فضرب عنقه، فبلغ ذلك رسول الله ژ . فقال: » أما المقتول فمضى على صدقه ويقينه وأخذ بفضيلة فهنيئ ً ا له. وأما الآخر فقبل رخصة الله فلا تبعة عليه « (١) . :º∏°ùªdG ô«°SC’ÉH á°UÉîdG á«°üî°ûdG ∫GƒMC’G πFɰùe ¢†©H `` ê الأسير إنسان، وبالتالي فقد يكون له أسرة (زوجة وأولاد)، وقد يكون له أموال في دار الإسلام. وبالتالي تثور مسألة أثر الأسر على هذه الأمور التي .« الأحوال ا لشخصية » يبحثها الفقه عادة تحت بند جاء في معجم مصطلحات ا لإباضية: ّ وأما أسرى المسلمين الذين وقعوا في أيدي المشركين، فتسري عليهم » أحكام الولاية حتى يموتوا أو يظهروا ارتدادهم، وأزواجهن على حالهن قبل ّ الأسر، والمواريث جارية بينهم وبين أزواجهم، وتبقى النساء معطلات ما لم تحدث فرقة أو تحريم أو موت. أما النساء الأسيرات فإن الفراش ينقطع من كل حائل، فلا يلحق الولد بالزوج، ولكن لا تنقطع مع ذلك العصمة بينهن وبين أزواجهن، فإن رجعن « كن على نكاحهن (٢) . (١) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٤٩(٢) معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ١، ص ٣١ . انظر أيض ً ا: د. محمد كمال ّ الدين إمام: كتاب العدل والإنصاف، وزارة الأوقاف والشؤن الدينية، سلطنة عمان، ُ ١٤٣٢ ه -. ٢٠١١ م، ص ٩٤ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي كذلك قيل: من أسره العدو، وأخذوا زوجته أو سريته، فيكره له وطؤها إذا كانت في » أيديهم، إن قدر على ذلك مخافة أن يشركوه في الولد. فإن فعل لم يكن عليه « بأس؛ لأنه لا ولد للعاهرة، ولا للمغتصب. والولد للفراش وهو ا لزوج(١) . :ô«°SC’G ≈∏Y Qƒ¡°ûdG â°ùÑàdG GPEG ¿É°†eQ ô¡°T Ωƒ°U `` O قد يحجب الأسير عن أخبار العالم، فلا يعرف دقائق الزمان. فما الحل بالنسبة لفريضة صيام شهر رمضان، وهي إحدى أركان الإسلام ا لخمسة؟ من المعلوم أن هناك عدة أقوال في الفقه ا لإسلامي(٢) . وفي الفقه الإباضي (١) الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٠٧ ؛ انظر أيض ً ا البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٤٦ - ١٤٧ ؛ السيد مهنا بن خلفان البوسعيدي: . كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع السابق، ج ١٤ ، ص ١٨٦ (٢) جاء في بيان ا لشرع: قال أبو بكر: واختلفوا في صوم الأسير فكان مالك والشافعي وأبو ثور يقولون: اذا أصاب »شهر رمضان أو شهرا بعده يجزيه ولا يجزئه إن صام قبله، وكذلك قال أصحاب الرأي إذا ً قصد به صيام شهر رمضان. وقد حكى الشافعي وأبو ثور قولا ً ثانيا وهو إن ذلك الصوم يجزيه وإن صام قبله، وشبه ذلك ً الشافعي، بخطأ عرفة وخطأ القبلة، ولا يجزيه ذلك عند أصحاب الرأي إذا صام شهرا قبله. ً وفيه قول ثالث: وهو أن ذلك لا يجزيه بحال حتى يعلم، وعليه القضاء، هذا قول . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٢٠ ، ص ٤١ « الحسن بن صالح وأما خطأ » : وبخصوص خطأ عرفة وخطأ القبلة اللذان أشار اليهما الشافعي، يقول أبو سعيد عرفة فلا أعرف ما عنى بذلك، وأما خطأ القبلة وقد تحرى بخطأ القبلة فأخطأها، فذلك موضع فرضه الذي أوجب الله عليه التأدية له عند حضور الصلاة، وهذا غير اليوم الذي خاطبه الله به وقد أثبت الله عليه عند عدم الصوم له من مرض أو سفر عدة من أيام أخر ليس كذلك   في الصلاة في الكتاب والسنة لأن من أعدم أداها بوجه كانت عليه، وأما عرفة فلو أخطأها مخطئ فوقف في غير عرفة لكان يخرج عندي في قول أصحابنا لأنه لا حج له، ولو أراد ذات المرجع السابق، ص ٤٢ « عرفة في قصده لم ينفعه ذلك في معاني قول أصحابنا -.٤٣ ٣١٤ التحري لشهر رمضان وصومه على معنى » قال أبو سعيد: إن على الأسير  التحري له، وليس له إهماله، فإن تحرى وصام شهرا على أنه شهر رمضان في ً التحري ثم صح معه أنه شهر رمضان فلا أعلم في ذلك اختلاف ً ا إلا أنه قد تم صومه. وإن صح معه أنه فاته شهر رمضان وإنما صام بعده على أنه هو. ففي بعض القول: إنه لجزيه لأنه قد صام ما يلزمه من البدل ولا يقدر عليه أن يصومه بعينه على حال.  وقال من قال: عليه البدل لأنه لم يعتقده هو بعينه ولم يصمه على وجهه فعليه البدل. في معنى الاعتقاد لصحة ذلك إذا عمله ولا يشبه عندي في قولهم إنه يجزيه إذا وافق ذلك قبل رمضان، ولا يشبه في قولهم إنه يجزيه « معنى ا لقبلة(١) . من كان في بلاد الشرك فالتبست عليه الشهور فلم يعرف شهر » : كذلك قيل رمضان فتحرى شهرا يصومه لشهر رمضان أنه إن وافق شهر رمضان فصامه أو ً صام شوال أو صام شهرا غيره من بعده (وفي نسخة من بعد شهر رمضان) فقد ً أجزى عنه لأنه قد صامه أو صام من بعده فقد قضاه وإن كان إنما صام شهرا ً « من قبله مثل شعبان أو غيره فلا يغني عنه، وعليه بدل شهر رمضان(٢) . معنى ذلك أن هناك خلاف ً ا في الفقه الإباضي بخصوص صوم الأسير الذي التبست عليه الشهور، يستند إلى عاملين: الأول عامل زمني: هل صام الأسير شهرا قبل رمضان أو بعده؟ ً والثاني عامل إرادي: هل صادفت نية الأسير شهر رمضان أم قصد صيام رمضان، لكن تصادف صيامه لغيره. (١) . ذات المرجع السابق، ص ٤٢(٢) . ذات المرجع، ص ٤٣ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ثانيا الأسرى من أهل العهد أو ا لذمة: ً تخليص الأسرى لا يقتصر فقط على أسرى المسلمين، وإنما يمكن أن يشمل أسرى أهل العهد أو أهل ا لذمة. وهكذا جاء في ا لمصنف: وعن أسير من المسلمين وأهل عهدهم إذا أسرهم العدو هل يجوز » للإمام فداؤهم. قال على كل فداء نفسه. وإن تطوع الإمام وفداهم من بيت مال المسلمين فلا بأس عليه. وليس ذلك له بلازم. وعن أبي عبد الله 5 . قيل إذا كان عدو المسلمين أكثر من مثل السرية فإنهم يفدون من بيت المال. « وإن كانوا مثلها أو أقل لم يفدوا من بيت ا لمال(١) . معنى ذلك أن اتجاه ً ا في الفقه الإباضي يرى تطبيق مبدأ المساواة بين المسلمين وأهل العهد أو الذمة بخصوص تخليصهم من الأسر. علة ذلك جد واضحة: أنهم أسروا جميع ً ا إما أثناء القتال أو كأثر لازم له(٢) . (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٥٣ . راجع أيض ً ا الكندي: بيان الشرع، . المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٩٨ (٢) بل قرر الفقه الإباضي إمكانية تخليص أموال وزوجات أهل العهد والذمة الموجودين في بلاد الحرب. فقد جاء في بيان ا لشرع: ولو دخل داخل بأمان أو أسير بلاد الحرب فوجد فيها زوجة له أو مالا » ً له أو مالا ً لأحد من المسلمين أو مالا ً لأحد من أهل العهد أو زوجة لأحد من المسلمين أو لأحد من أهل ذمة المسلمين أو عهد في يد أهل الحرب أن له أن يأخذ ذلك كله من أيدي أهل الحرب « إن قدر على ذلك وذلك جائز له . الكندي: بيان الشرع، ج ٧٠ ، ص ٣٠٢ حري بالذكر أن ابن تيمية في الرسالة القبرصية التي أرسلها إلى ملك قبرص يطلب منه عدم ترك أسير لا من أهل الملة ولا من أهل » الإفراج عن الأسرى، أكد له فيها على مبدأ راجع د. أحمد أبو الوفا: كتاب الإعلام بقواعد القانون الدولي والعلاقات الدولية « الذمة في شريعة الإسلام، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ١٩٤ -.١٩٥ ٣١٦  وعن عائشة # أن ا لنبي ژ كان لا يقاتل عن أحد من أهل الشرك إلا عن أهل ا لذمة(١) . بل خصص الإمام البخاري بابا في صحيحه عنوانه: ً « يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون »(٢) . كذلك يقول ابن حزم: واتفقوا أن من أسره أهل الحرب من كبار أهل الذمة وصغارهم » ونسائهم أن ذمتهم لا تنتقض بذلك ما لم يلحق مختارا وأنه إن ظفر ً  « المسلمون بالمأسورين المذكورين من أنهم لا يسترقون(٣) . ويقول عمر بن الخطاب 3 في وصيته عند موته: (١) ، الحافظ الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، مكتبة القدسي، القاهرة، ١٣٥٣ ه، ج ٦ ، ص ١٣ ؛ وكذلك كشف الأستار عن زوائد البزار، مؤسسة الرسالة، بيروت، ج ٢ ١٣٩٩ ه -. ١٩٧٩ م، ص ٢٧٢ فعقد يؤدي إلى إتلاف النفوس والأموال صون » : يقول القرافي بخصوص عقد الذمة ً ا الفروق للقرافي، عالم الكتب، بيروت، ج ٣، الفرق ) « لمقتضاه عن الضياع إنه لعظيم ١١٩ ، ص ١٤ -.(١٥ يوجب الذب عنهم من كل من أرادهم من مسلم » ويقول الإمام الماوردي إن عقد الذمة الماوردي: الحاوي الكبير، دار الفكر، بيروت، ١٤١٤ ه « وكافر -. ١٩٩٤ م، ج ١٨ ، ص ٣٤٤ (٢) ابن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، دار إحياء التراث العربي، . ١٤٠٢ ه، ص ١٢٧ ؛ صحيح البخاري، دار الشعب، القاهرة، ج ٤، ص ٨٤ ، بيروت، ج ٦ (٣) ابن حزم: مراتب الإجماع، مكتبة القدسي، القاهرة، ١٣٥٧ ه، ص ١٢٣ ؛ وفي ذات قول عامة أهل العلم ولا نعلم لهم خلاف » المعنى يقول الإمام ا لليث بن سعد إن هذا ً ا .« وذلك لأن ذمتهم باقية (راجع د. محمد رشيد نافع: الإمام ا لليث بن سعد وأثره في الفقه الإسلامي، رسالة دكتوراه، كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، القاهرة، ج ٢، ص ٨٤٢ ). راجع أيض ً ا ابن سلام: كتاب الأموال، ص ١٨٦ -.١٨٨ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي أوصي الخليفة من بعدي بكذا وكذا، وأوصيه بذمة رسول الله ژ خيرا: » ً « أن يقاتل من ورائهم، وأن لا يكلفوا فوق طاقتهم(١) . ثالث ً ا أسرى ا لأعداء: كفل الإسلام للأسير معاملة طيبة بعيدة عن غضب وشطط المقاتلين في لحظات يكون الغضب والشطط ملء القلب يغلي فيه الدم. ولذلك ألجم الإسلام هذا الغضب بإلزام المسلم بإكرام الأسارى تمشيا مع أخص خصائص ً المسلم وهي الرحمة في وقت تكون الرحمة أشد ما تكون بالنسبة لطلبها. لذلك يقول الله تعالى: ﴿ 7654321 ﴾ [ [الإنسان: ٨ . ويقول الرسول الكريم: » استوصوا بالأسارى خيرا .« ً وهي لا شك وصية جامعة لكل معاني المعاملات الإنسانية الفاضلة وسواء كان الأسير في البر أو البحر أو من الغرقى أو الجرحى أو المرضى أو كان سليما معافى. ً وقد طبق المسلمون تطبيق ً ا رائعا الآية الكريمة: ﴿ 4321 ً 765 ﴾ [ [الإنسان: ٨(٢) . ولم يقصروا ذلك على مجرد الطعام وإنما مدوه إلى كل الحاجات الضرورية للأسير، واللازمة للحفاظ على تكامله الجسدي وسلامته الصحية، وكذلك تكامله ا لمعنوي. (١) .٤٠ ، الخراج لأبي يوسف، ص ١٤(٢) ثواب عظيم، وإن كان كافرا » بخصوص هذه الآية، يقول ابن العربي إن إطعام الأسير فيه ً فإن الله يرزقه. وقد تعين بالعهد إطعامه، ولكن من الفضل في الصدقة، لا من الأصل في ابن العربي: أحكام القرآن، تحقيق علي البجاوي، دار الجيل، بيروت، ) « الزكاة ١٤٠٧ ه -. ١٩٨٧ م، ج ٤، ص ١٨٩٨ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٣١٨  والأمثلة على ذلك كثيرة، نذكر منها ما يلي:  من ذلك حينما أقبل أسارى بدر فرقهم الرسول ژ بين أصحابه، وقال: » استوصوا بالأسارى خيرا .« قال أبو عزيز: وكنت في رهط من ً الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز، وأكلوا التمر، لوصية رسول الله ژ إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها. قال: فأستحيي فأردها  على أحدهم فيردها على ما يمسها(١) . ُُ كذلك روى البخاري أنه لما كان يوم بدر أتي بالأسارى وأتي  بالعباس (ابن عبد المطلب) ولم يكن عليه ثوب، فنظر النبي ژ له  قميصا، فوجدوا قميص عبد الله ابن أبي يقدر عليه فكساه النبي ژ ً إياه، فلذلك نزع النبي ژ قميصه الذي ألبسه قال ابن عيينة كانت له   عند ا لنبي ژ يد فأجب أن يكافئه(٢) . وحينما أسر المسلمون ثمامة بن أثال ربطوه بسارية من سواري المسجد وطلب ا لرسول ژ منهم أن يحسنوا إساره، ورجع الرسول إلى أهله، فقال: اجمعوا ما عندكم من طعام، فابعثوا به إلى ثمامة، وأمر بناقته أن يغدى عليه بها ويراح، ثم قال له الرسول ژ أسلم يا ثمامة، فيقول: يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم وإن ترد الفداء فسل ما شئت، فمكث مدة ثم أطلقه ا لرسول ژ وأسلم ثمامة بعد ذلك(٣) . (١) . السيرة النبوية لابن هشام، ج ١، ص ٦٤٥ ؛ الكندهلوي: حياة الصحابة، ج ٢، ص ٣٣٧ (٢) الإمام ابن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، دار إحياء التراث العربي، ما يواري عوراتهم، إذ » : بيروت، ١٤٠٢ ه، ج ٦، ص ١٠٨ . والمقصود بالكسوة للأسارىابن حجر العسقلاني: فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار المنار، ) « لا يجوز النظر إليها القاهرة، ١٤١٩ ه -.( ١٩٩٩ م، ج ٦، ص ١٥٤ (٣) . السيرة النبوية لابن هشام، المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٣٨ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي وفي الفقه الإباضي يحكم أسرى الأعداء ما يلي:  ١ ضرورة دعوة العدو قبل قتاله: فإن تم قتال دون دعوة يتم إعادة الحال إلى ما كانت عليه، أي الإفراج عن ا لأسرى. فقد جيء بأسارى من أحياء العرب فقالوا: يا رسول الله ما دعانا أحد، فخلى سبيلهم ثم قال: » حتى تصل إليهم دعوتي فإن دعوتي تامة إلى يوم القيامة ثم تلا رسول الله ژ ،« : ﴿ . 543210/ ﴾ [ [الأنعام: ١٩(١) إلى آخر ا لآية. ٢ تقرير مصير الأسرى يكون للإمام (أو من يفوضه): هذا أمر منطقي؛ لأنه سبق القول إن الإمام هو المسؤول عن تصريف العلاقات الدولية في الدولة الإسلامية، وأمور الأسرى مظهر من مظاهر تلك  العلاقات(٢) . يقول أطفيش: ولا يقتل الرجل أسيره أو أسير غيره بلا إذن من الإمام، وإلا عزره » الإمام إن وقع على خلاف مقصود الإمام، لكن لا ضمان عليه، إلا إن قتله خوف أن يضره فلا ضمان ولا تعزير. ومن أسلم قبل الأسر خ ُ لي سبيله « وهو حر مسلم(٣) . (١) . الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، ص ٣٠١ ، حديث رقم ٧٩٢(٢) راجع ما سبق أن ذكرناه عند دراسة أجهزة الدولة الإسلامية: ا لإمام. (٣) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٢٧٨ (محمد: ٤). انظر أيض ً ، ا النزوى: المصنف، ج ١١ . ص ٢٥٥ حري بالذكر أن اختيار الإمام يجب أن يكون رائده تحقيق مصلحة الدولة ا لإسلامية. قاعدة تخيير » وقد بين الإمام القرافي ذلك بصورة رائعة عن طريق بيان الفرق بين = ٣٢٠ وتتفق هذه القاعدة مع ما هو مستقر في القانون الدولي المعاصر من أن أسير الحرب يكون تحت سلطان الدولة، وليس الوحدة العسكرية التي أسرته(١) .  = فالتخيير في الكفارة في » : بقوله « المكلفين بالكفارة وقاعدة تخيير الأئمة في الأسارى خصالها معناه أن له أن ينتقل عن أي خصلة شاء إلى الخصلة الأخرى بشهوته وما يجده يميل إليه طبعه أو ما هو أسهل عليه فإن الله تعالى ما خيره بينها إلا لطف ً ا به وليفعل ذلك .« ولو شاء لحتم عليه خصوص كل خصلة ويضيف الإمام ا لقرافى: وأما التخيير بين الخصال الخمس في حق الأسارى وهي القتل والاسترقاق والمن »والفداء والجزية فهذه الخصال الخمس ليس له فعل أحدها بهواه ولا لأنها أخف عليه وإنما يجب عليه بذل الجهد فيما هو أصلح للمسلمين فإذا فكر واستوعب فكره في وجوه المصالح ووجد بعد ذلك مصلحة هي أرجح للمسلمين وجب عليه فعلها وتحتمت عليه ويأثم بتركها فهو لا يوجد في حقه الإباحة والتخيير المقرر في خصال كفارة الحنث أبد ً ا لا قبل الاجتهاد ولا بعد الاجتهاد أما قبل الاجتهاد فالواجب عليه الاجتهاد وبذل الجهد في وجوه المصالح ولا تخيير ههنا في هذا المقام ولا إباحة بل الوجوب الصرف وأما بعد الاجتهاد فيجب عليه العمل بالراجح من المصالح ولا خيرة له فيه ومتى تركه أثم فالوجوب قبل والوجوب بعد والوجوب حالة الفكرة فلا تخيير البتة وإنما هو وجوب .« صرف في جميع ا لأحوال راجع: الفروق للقرافي، ج ٣، الفرق العشرون والمائة، ص ٢٣ -.٢٤ (١) علة ذلك أن الحرب هي علاقة دولة بدولة، وليست علاقة بين أفراد عاديين، لذا من الطبيعي أن تكون الدولة الطرف في النزاع هي المسؤولة عن كل ما يحدث للأشخاص المحميين التابعين للطرف ا لآخر. لذلك تنص المادة ١٢ من الاتفاقية الثالثة على أنه: يقع أسرى الحرب تحت سلطة الدولة المعادية، لا تحت سلطة الأفراد أو الوحدات »العسكرية التي أسرتهم. وبخلاف المسؤوليات الفردية التي قد توجد، تكون الدولة .« الحاجزة مسؤولة عن المعاملة التي يلقاها ا لأسرى انظر د. أحمد أبو الوفا: النظرية العامة للقانون الدولي الإنساني، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٤٣٠ ه - ٢٠٠٩ م، ص ٣٦ وما بعدها، خصوص ً ا ص ٧٣ . راجع أيض ً ا المادة ١٢ . من اتفاقية جنيف الثالثة لعام ١٩٤٩ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ٣ اتخاذ القرار بخصوص مصير الأسرى يكون وفق ً ا لما تقتضيه مصلحة الدولة ا لإسلامية: نظرا لأن مصير الأسرى يعتبر من الأمور الداخلة في إطار العلاقات ً الدولية، فإن نظرية المصلحة تلعب دورا كما سبق القول بخصوصها. ً يقول أطفيش: ولا يحسن إطلاق الأسير المشرك إلى أهله بلا عوض، ولا رجاء »  « مصلحة في ذلك للإسلام(١) . « ممن لم يثبت له عهد ولا ذمة » ٤ يكون الأسر(٢) . ويفترض ذلك قطعا أن يلتزم بالعهد أو الذمة، وإلا فسيتم أسره إن حارب ا لمسلمين. ً ٥ أن حسن معاملة الأسير وإطعامه وتوفير حاجياته الضرورية يدخل « مكارم ا لأخلاق » في باب(٣) . رابع ً ا مصير أسرى ا لأعداء: ا لفداء: الفداء هو إطلاق سراح الأسير بمقابل (من المال أو من الأسرى أو لقاء عمل مادي أو تنفيذ أمر يطلبه المسلمون) وفي سلوك الدولة الإسلامية أمثلة (١) .( أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٢٧٩ (محمد: ٤(٢) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٣٦ . انظر أيض ً ا السعدي: قاموس الشريعة، . المرجع السابق، ج ٧، ص ٢٦٦ (٣) التسوية والاشتراك، وإيثار الناس على » : يقرر رأي أن من طرق البناء على مكارم الأخلاق نفسه، كما يشير إليه قوله تعالى: ﴿ 7654321 ﴾ [ [الإنسان: ٨ ؛ الشيخ عبد الله العزى: « أي إن الأبرار يطعمون الطعام مع محبتهم إياه على سبيل الإيثارلا ضرر ولا ضرار، بحث مقدم إلى ندوة تطور العلوم الفقهية: النظرية الفقهية النظام . الفقهي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، أبريل ٢٠١٢ ، ص ٤٠ ُ أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٣٢٢    كثيرة على فداء الأسرى من الأعداء إما مقابل مال أو مقابل أسرى من المسلمين. وكانت أول حادثة فداء هي التي تمت بعد موقعة بدر(١) ، والتي  نزل فيها قوله تعالى: ﴿ «¬ ¯® ° ³²± ´ ¸¶μ ÇÆÅÄ❁ ÂÁÀ¿¾½¼»º¹ ÍÌËÊÉÈ ﴾ [الأنفال: ٦٧ -[٦٨ (٢) . ُ (١) حيث أتي ژ بسبعين أسيرا، فاستشار فيهم، فقال ا لصديق 3 : قومك وأهلك لعلهم يتوبون » ً أي هم قومك، أو ارحم قومك، وقال « وخذ منهم فدية تقوي بها أصحابك على العدو عمر 3 : اقتلهم فإنهم أيمة الكفر كذبوك وأخرجوك وقد أغناك الله عن فدائهم، ومكني من » أضرم » : وقال ابن رواحة .« نسيبي فلان ومكن عليا من أخيه عقيل، وحمزة من أخيه العباس ً  فقال العباس: قطعت رحمك، وكره ژ قوله، فدخل، فقيل: ،« عليهم نارا في واد كثير الحطب ً يأخذ بقول الصديق، وقيل: يأخذ بقول عمر، وقيل: بقول ابن رواحة، فخرج ژ فقال: » إن الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن، ويشد قلوب رجال حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم، قال : ﴿ PONMLKJIH Q ﴾ [ [إبراهيم: ٣٦ ومثل عيسى قال : ﴿ ËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ Ì ﴾ [ [المائدة: ١١٨ ومثلك يا عمر مثل نوح قال : ﴿ ÅÄÃÂÁÀ¿¾½ Æ ﴾ [ [نوح: ٢٦ أو مثل موسى قال : ﴿ ÑÐÏÎÍÌ ﴾ [ [يونس: ٨٨ . ودخل عمر على رسول الله ژ فإذا هو وأبو بكر يبكيان، فقال: يا رسول الله أخبرني فإن وجدت بكاء بكيت وإلا تباكيت؟ فقال: » أبك على أصحابك في أخذهم الفداء، ولقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة « لشجرة قريبة وذكرهم بالعذاب لأنهم الراضون بالفداء الآمرون به حيث استشارهم، وعنه ژ : » لو نزل عذاب ما نجا منه إلا عمر وسعد بن معاذ « يعني أنه حضر وقال كعمر، أو قال: الإثخان أحب إلي، وروى أنه خيرهم أطفيش: تيسير « أن يأخذوا الفداء فيقتل منهم سبعون فاختاره وقتل منهم سبعون في أحد التفسير، تفسير الآيات ٦٧ - ٧١ من سورة الأنفال، ص ٣٦٨ - ٣٧٠ . راجع أيض ً ا، الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٩ ، ص ٢٠٧ - ٢٠٨ ، الشيخ محمد كعباش: نفحات الرحمن  ٰ في رياض القرآن، ج ٥، ص ٣٨٢ -.٣٨٥ (٢) بخصوص نسخ القرآن بالقرآن يمثل الفقه له بقوله تعالى: ﴿ «¬ ¯® ³²±° ¶μ´ ﴾ [ [الأنفال: ٦٧ حيث عاتب الله نبيه على أخذ الفداء عن أسرى بدر، ثم نزل: ﴿ ^]\[ZYX _ ` a ﴾[ [محمد: ٤ فكانت هذه الآية ناسخة للأولى. = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي وهناك أمثلة أخرى كثيرة لوقائع فداء للأسرى في التاريخ ا لإسلامي(١) . وقد يتم الفداء لقاء عمل مادي أو علمي: قال ابن عباس ^ : بقي ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء، فجعل رسول الله ژ فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة، فجاء يوما ً  غلام يبكي إلى أبيه، فقال: ما شأنك؟ قال: ضربني معلمي، قال: الخبيث ا(٢) يطلب بدرا، والله لا تأتيه أبد ً . ً  ا لمن: كذلك يجوز المن على الأسير. والمن هو إطلاق سراح الأسير دون مقابل (مالي أو من الأسرى)، وفي سلوك الدول الإسلامية ما يدل على ذلك: ففي البخاري عن جبير بن مطعم قال: إن الن بي ژ قال في أسارى بدر: » لو كان ا لمطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم «(٣) . ً = ولا أرى تعارضا بين الآيتين فكلتاهما قيدت جواز أخذ الفدية » : في هذا الخصوص، قيل ً  بعد الإثخان وكثرة القتل فقوله تعالى: ﴿ ³´ ¶μ ﴾ موافق لقوله جل جلاله: ﴿ \[ZYX ﴾ .« فكان الإمام مخيرا بعد الإثخان بين المن وبين أخذ الفدية ً . معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٥٤ ّ (١) انظر بعضها في أطفيش: تيسير التفسير، ذات المرجع، ص ٢٧٩ . ومن ذلك حينما قدم خالد بن الوليد بأكيدر دومة على رسول الله ژ فحقن دمه وصالحه على الجزية ثم خلى سبيله فرجع إلى قريته، راجع أطفيش: السيرة الجامعة من المعجزات اللامعة، المرجع ا لسابق. (٢) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٤٢ (٣)ذات المرجع، ص ١٧٢ -.١٧٣ كذلك قال أبو داود إلى أبي هريرة بعث رسول الله ژ خيلا ً قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله ژ فقال: ماذا عندك يا ثمامة؟ قال: عندي يا محمد خير؛ إن تقتل تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما = ٣٢٤  ا لاستعباد: أخذ الفقه الإباضي بهذا المصير للأسير خصوصا الذي يسلم بعد أخذه: ً  فقد جاء في ا لمصنف: ومن أسلم من البالغين، قبل أن يظفر بهم، فلا سبيل عليهم ومن أسلم » ِ منهم بعد الأخذ والإسار ا ست ُخ ْ دم، وبيع واست ُعبد، ولم يقتل. ومن لم يسلم ْ َْْْ ُ ِ من الأسارى من البالغين، ق ُتل ولم يبع . َُ ْ وقول: إن الإمام مخير فيهم، إن شاء استخدمهم؛ لأنهم قد صاروا فيئ ً ا  للمسلمين مالا ً ، لا قتل عليهم. وإن شاء جبرهم على الإسلام. فإن لم يسلموا « قتلوا. واستعبادهم أحب إلينا؛ لأنه لا قتل على مال وهو غنيمة(١) .  = شئت، فتركه رسول الله ژ حتى كان الغد، ثم قال: ما عندك يا ثمامة؟ فأعاد مثل هذا  الكلام. فتركه حتى إذا كان بعد الغد فذكر له مثل هذا، فقال رسول الله ژ : أطلقوا ثمامة . فانطلق  إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل حتى دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد ً ا عبد الله ورسول الله. وزاد غير أبي داود: والله ما كان على وجه الأرض أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي، وما كان دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينك أحب إلي من كل دين، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ وبشره رسول الله ژ وأمره أن يعتمر. أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ٢٠٩ -.٢١٠ ومن الخطأ الفاحش الذي لا يخفى على العاقل ما نسب ليعقوب » : ويقول أطفيش المنصور إذ منح ا لله 8 له النصر في أندلس على أدفنوش وجنوده، وهزمهم الله هزيمة عظيمة وقتل منهم مائة ومائة ألف، وأسر أربعة وعشرين ألف ً ا، وأطلقهم كلهم، وأدفنوش .« من الجلالقة، وهم المسمون الآن إسبنيول .( أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٢٧٨ (محمد: ٤ (١) النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٣٤ . ويضيف النزوي أنه بعد استعبادهم يمكن بيعهم ويكون ثمنهم غنيمة (ذات المرجع، ص ٢٥٥ ). كذلك قيل: فإن شاء الإمام من على الأسارى وإن شاء قتلهم، وإن وضعت الحرب أوزارها؛ فإن شاء »قتلهم وإن شاء استعبدهم. وعن أبي عبد الله قال: ليس للإمام أن يفاديهم ولكن يقتلهم، = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ا لقتل: من المعلوم أن الله 4 قال: ﴿ YXWVUTSR ^]\[Z _ ` edcba ﴾[ [محمد: ٤ . يقول الإمام أطفيش: »  ﴿ ^] _`a ﴾ إما تمنون منا ً عليهم بعد ا لشد ّ ، وإما تفادون فداء، والمفاداة هنا قبول الفداء أو طلبه، ولا قتل بعد الإثخان بل يمن عليهم  بالإطلاق أو بالاستعباد وترك القتل، أو بالفداء، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى في سورة براءة وهي آخر ما نزل في هذا الشأن: ﴿ }| ~ ﮯ ﴾  [ [التوبة: ٥ ، وقوله تعالى: ﴿ ihgfedcb ﴾ [ [الأنفال: ٥٧ ، .« ليس اليوم من ولا فداء لكن القتل أو ا لإسلام » : قال مجاهد وقيل: آية سورة براءة في غير الأسرى، بدليل أنه يجوز الاسترقاق، قيل: « إما الإسلام وإما القتل لا فداء ولا أسر(١) . ويضيف أيضا أن الأسير يمكن قتله أو ا لمن عليه: ً ومذهبنا جواز قتل الأسير وهو أولى لدفع شره، واسترقاقه ومفاداته، »لأن فيهما نفعا للإسلام، وإطلاقه بحسب رأي الإمام، وعليه الأكثرون. ومن ً المن أن يسترق، ومنه أن يترك على إعطاء الجزية إن كان كتابيا أو مجوسيا. ًً = ولا يرسلهم فيردهم إلى الشرك ولكن يستعبدهم، فإن دخلوا في الإسلام استعبدهم، ومن .« أسلم قبل أن يظفر به فهو حر ولا سبيل عليه البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، المرجع السابق، ج ٤، ص ١٤٦ ، وانظر أيض ً ا .« فمن أسلم من الأسرى ا ستخدم » : ص ١٤١ حيث يقول بينما يقول ا لثميني: .« ولا يستعبد صبي، ولا أسير ». الثمينى: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٤٠ (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٥، ص ٢٧٧ - ٢٧٨ ؛ النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٥٦ -.٢٥٧ ٣٢٦ والقول بالنسخ قول ابن عباس والضحاك وقتادة ومجاهد، ويكاد يجمع عليه، ولكن إن أسلم الأسير أو الجريح لم يقتل، ويجوز أن يستعبد لأن العبد إذا أسلم جاز بيعه، وهو باق على العبودية، وإذا جاز استعباده جاز  مفاداته يتخلص بها عن الاسترقاق، إلا مشركي العرب والمرتدين منهم، فإما « أن يسلموا أو يقتلوا(١) . ويذهب الفقه الإباضي إلى عدم جواز قتل الأسير في الأحوال ا لآتية:  الأولى إذا تم أسره بعد مضي مدة من ا لهزيمة: وعن رجل وجد بعد الهزيمة بعشرة أيام ونحو ذلك هل » : جاء في بيان الشرع يسع قتله؟ فلا نرى قتله وسألت: هل لك إن أدركت من عدو المسلمين رجلا ً في « هزيمة بعد نداء الإمام بالإمساك عن القتل أن تقتله؟ فلا نرى لك قتله(٢) . إلا أنه جاء في بيان الشرع أيضا: ً  ومن غيره. قال أبو الوليد إن موسى بن أبي جابر روى عن الربيع أنه »  قال: أهل البغي على بغيهم حتى يفيئوا إلى أمر الله، قال أبو الوليد: وحدثني اليمان بن أبي الجميل عن الربيع قال: إن أهل البغي من المحدثين يقتلون ُ مقبلين ومدبرين؛ حدثنا أبو الوليد عن أبي المهاجر أنه قال: أهل البغي « يتبعون عشرة أيام بعد ا لهزيمة(٣) . ُ (١) ذات المرجع، ذات الموضع. ويقرر رأي أن الآية ٤ من سورة محمد دليل على وسطية الإسلام في معاملة الأسرى، راجع يوسف السرحني: لتكونوا أمة وسط ً ا دراسة . موضوعية ، مكتبة الجيل الواعد، ص ١٤٨ (٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٧٠ ، ص ٣١٦ ومن جامع ابن جعفر ومن قدر عليه من عدو المسلمين بعد » : كذلك جاء في بيان الشرع يوم أو يومين أو أكثر من ذلك أو أقل فاستسلم ولم يمتنع من حكم المسلمين فدمه حرام ولا يحل إلا أن يكون قد قتل فلا يقتل إلا برأي الإمام أيض ً . ذات المرجع، ص ٣١٧ .« ا (٣) ذات المرجع، ذات ا لموضع. الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ونرى أنه لا تعارض بين هذا القول الأخير والقول الأول: فالأخير خاص بحالة مطاردة المحاربين التي استمرت أياما تم فيها الأسر(١) ، أما الأول فقد ً حسمت المعركة ثم وجد الأسير بعد سكونها وانتهائها. الثانية إذا لم يرتكب الأسير فعلا ً مجرم ً ا: فقد جاء في بيان ا لشرع: وقال أبو معاوية أن والده كان في بعض السرايا فوافقوا رجلا » ً ففوق لهم سهما وأراد رميهم فأمسك فأخذوه فكتب والدي إلى أبي مروان ً سليمان بن الحكم فكتب إليه إن كنتم قتلتموه في مكانه جاز لكم فإذا لم تقتلوه في مكانه فلا تقتلوه فسرحه والدي ولم يرفعه إلى الحبس فيما « بلغنا(٢) . الثالثة إذا خشي أن يطبق العدو مبدأ المعاملة بالمثل، فيقتل أسرى  المسلمين ردا على قتل المسلمين لأسراه: فإن كان في أيدي المسلمين أسير من المشركين، وعند » : يقول النزوي المشركين أسير من المسلمين فخافوا عليه القتل، إن قتلوا المشرك. فقيل: يحبس المشرك، ولا يقتل؛ أي أن يكون في حبسه فساد في تلك الحال، إن « شاء قتله، وإن شاء استبقاه، إذا وضعت الحرب أوزارها(٣) . الرابعة إذا كان الأسير قد أمنه أحد من المسلمين، إذا توافرت شروط إعطاء الأمان. وهذا بدهي: إذ ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم(٤) . (١) فالمطاردة كانت إذن مستمرة ولم تتوقف، وهو ما يطلق عليه في القانون الدولي اسم « المطاردة الحارة » Hot Pursuit. (٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٣٧(٣) . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٥٤ ؛ البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٤، ص ١٤٧(٤) والأمان في الفقه ا لإباضي. « المستأمنين » راجع ما قلناه بخصوص ٣٢٨   خاتمة بخصوص مصير أسرى ا لأعداء:  اتضح مما تقدم أن مصير الأسير في الفقه الإباضي يكون إما الفداء، أو المن، أو الاستعباد أو ا لقتل.  والوضع المستقر الآن في العلاقات الدولية المعاصرة هو ما ذكرته ّ اتفاقيات جنيف لعام ١٩٤٩ من ضرورة تبادل أسرى الحرب فور انتهاء العمليات الحربية، وأنه لا يجوز قتل الأسير أو محاكمته عن أفعال ارتكبها أثناء الحرب، إلا إذا شكلت جرائم حرب (خصوصا إذا كانت من الانتهاكات ً الجسيمة لنصوص الاتفاقات المذكورة ولأعراف ا لحرب). أي، في عبارة موجزة، الوضع الحالي هو الفداء (أو المن) أو القتل (بالنسبة لمن يرتكبون جرائم حرب)(١) . وهذا هو الذي نوافق عليه للأسباب   الآتية:  ١ أن الدول الإسلامية ارتبطت باتفاقات جنيف لعام ١٩٤٩ وبروتوكوليها  الملحقين بها لعام ١٩٧٧ ، والوفاء بالعهد من شيم المسلمين، وهو قاعدة واجبة ا لاتباع. ٢ أن الفقه الإباضي (والفقه في المذاهب الأخرى) أكد على أحوال لا يجوز فيها قتل الأسير، كما قرر أن تقرير مصير الأسرى يكون فقط للإمام، الذي يتخذ قراره وفق ً ا لمصلحة الدولة ا لإسلامية. (١) يقول الشيخ بيوض: فالنبي ژ إذن من وفدى وقتل، وهذا هو الحكم في الأسرى في كل زمان ومكان، فإذا »وقعت حرب بين المسلمين وغيرهم، فلا ينبغي أن يكون أسر إلا بعد الإثخان وكسر شوكة العدو، وإذا كان لهم أسارى بعد ذلك، فلإمام المسلمين الخيار، اقتداء بسنة ا لنبي ژ في ُ المن أو الفداء، أو القتل إذا اقتضت المصلحة تخصيص بعضهم بالقتل ولو تعلقوا بأستار الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٨ ، ص ٤٤٨ « الكعبة - .( ٤٤٩ (محمد: ٤ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ٣ قاعدة تغير الأحكام بتغير الزمان، فقتل الأسير الآن في غير حالة جرائم الحرب أمر لا توافق عليه الأعراف المتبعة بين الدول حاليا. ً  لذلك فإننا نرى أن قوله تعالى: ﴿ ^] _` edcba ﴾ [ [محمد: ٤ هي الواجبة ا لاتباع(١) . جاء في بيان الشرع (وإن كان بخصوص ا لبغاة): وليس سبيل الأسير منهم سبيل المتشاغل والنائم لأن الأسير في حال » أسره ممنوع من البغي والظلم عاجز عنه قد حيل بينه وبينه فليس شيء منه يمكنه إلا وقد منعه المسلمون منه بغير القتل له وما كفى المسلمين بغيه « عليهم وظلمه لهم دون قتله لم يقتلوه(٢) . في ضوء ما تقدم يمكن تفسير ما أخذ به فقهاء الإباضية(٣) بخصوص ّ أسرى الحرب من ا لأعداء.  (١) والخلاصة التي ننتهي إليها أن هذا النص فإما منا » يقول سيد قطب ً بعد وإما فداء هو الوحيد المتضمن حكم الأسرى، وسائر النصوص تتضمن حالات أخرى غير حالة الأسر، وأنه هو الأصل الدائم للمسألة، وما وقع بالفعل خارجا عنه كان لمواجهة حالات خاصة، وأوضاع ً وقتية، فقتل بعض الأسرى كان في حالات فردية يمكن أن يكون لها دائما نظائر، وقد أخذوا ً بأعمال سابقة على الأسر، لا بمجرد خروجهم للقتال، ومثال ذلك أن يقع جاسوس أسيرا ً فيحاكم على الجاسوسية لا على أنه أسير. وإنما كان الأسر مجرد وسيلة للقبض عليه. وفيه حالات أخرى وقع الاسترقاق لمواجهة حالات قائمة لا تعالج بغير هذا ا لإجراء. فإذا حدث أن اتفقت المعسكرات كلها على عدم استرقاق الأسرى، فإن الإسلام يرجع حينئذ ٍ إلى قاعدته الإيجابية الوحيدة وهي: ﴿ ^] _`a ﴾ لانقضاء الأوضاع التي كانت تقضي بالاسترقاق، فليس الاسترقاق حتميا، وليس قاعدة من قواعد معاملة ً . سيد قطب: في ظلال القرآن، ج ٦، ص ٣٢٨٥ .« الأسرى في الإسلام(٢) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ٢٠٤ ؛ النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٢٩(٣) يكفي أن نذكر هنا ما جاء في المصنف وقاموس ا لشريعة: وأما ما كان من جميع مشركي العجم ممن لم يثبت له عهد ولا ذمة، وهو من أهل »الحرب من جميع العجم من المشركين، ما لم يكونوا من العرب ممن لا يقاررون على = ٣٣٠ خامس ً ا أسر الإمام (رئيس ا لدولة): تثير هذه المسألة أمورا ثلاثة، تعرض لها الفقه الإباضي، وهي: ً ١ مشاركة الإمام في القتال قد تترتب عليه نتائج وخيمة: من هذه النتائج قتله، أو أسره. ولا شك أن ذلك سيؤثر على معنوية الجيش في القتال، والرعية في أرض ا لإسلام. لذلك قيل: « يكره أن يباشر الإمام القتال بنفسه لأن قتله فشل على ا لجيش »(١) .  = الشرك؛ فمعي، أنه قد قيل: لا يجبرون على الإسلام؛ ولكنهم يدعون إلى الإسلام إذا حاربهم المسلمون، فإن أسلموا قبل منهم، وكان لهم ما للمسلمين، وإن حاربوا حوربوا، فمن قتل منهم في المحاربة فقد مضى، ومن ظفر به قبل أن يسلم، وأخذ أسيرا من ً المحاربين ممن صح محاربته، فمعي؛ أنه قيل: إن الإمام فيهم بالخيار، إن لم يسلموا من الأسارى فمن لم يسلم منهم إن شاء قتلهم إن لم يسلموا، وإن شاء تركهم غنيمة، ولا يجبرون على الإسلام، ولكن يباعون في الأعراب، وفي غير أمصار المسلمين، ويكونون غنيمة. ومعي؛ أنه قيل: أنه ليس له قتلهم، ولكنهم غنيمة من حيث ما ظفر بهم غير مسلمين فإنهم غنيمة، فإن أسلموا كانوا عبيد ً ا مسلمين غنيمة للمسلمين، وإن لم يسلموا فهم غنيمة يباعون في الأعراب، فلا يجبرون على الإسلام على حال، وهم عبيد للمسلمين، وهذا في المحاربة منهم. وأما من لم تصح عليه محاربة، وظفر به منهم من البالغين من الرجال والنساء، في دار الحرب من المشركين ممن لم يصح عليه عهد ولا ذمة؛ فإنهم غنيمة، ولا يقتلون على حال من الرجال والنساء، إلا أنهم يدعون إلى الإسلام، فإن أسلموا فهم عبيد مسلمون، وإن لم يسلموا لم يجبروا على الإسلام، وكانوا عبيد ً ا كما وصفت لك من المشركين، وأما أموالهم غنيمة، وأصول أموالهم ما كان منها من الأصول صوافي للمسلمين. وأما ما كان من ذرياتهم صغارا فغنمهم المسلمون وهم صغار، وصاروا ملك ً ا في الغنيمة ً .« بمنزلة أولاد أهل الإسلام، ولو لم يسلم آباؤهم فهم مسلمون في ا لحكم السعدي: قاموس الشريعة، ج ٧، ص ٢٦٦ ؛ النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٣٦ -.١٣٧ (١) . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١١٥ ؛ البسيوى: جامع أبي الحسن البسيوي، ج ٤، ص ١٤٠ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي كذلك قيل: سمعنا عن بعض أهل العلم أنه كان يأمر أن لا يترك أعلام المسلمين » يواجهون القتال لأن في قتلهم ثلمة الإسلام ولا يجبرها جابر ما اختلف الجديدان ولأنهم هم الق ُ وام بالنظر في إدارة صلاح دولة الحق وعمادها « وأصلها، فإذا ذهب الأصل سقط ا لفرع(١) . وقيل أيض ً ا: ويكره أن يباشر الإمام بنفسه الحرب لأن فيه دهشة على العسكر إذا » « قتل(٢) .  ﻝﺎﻗﻭﻢﻇﺎﻨﻟﺍ(٣): ﻪــﺴﻔﻨﺑ ﺏﺮــﺤﻟﺍ ﻥﺃﻭ ﺍﺮﻃﺎﺨﻳ ﺍﺮــﺷﺎﺒﻳ ﻥﺃ ﻡﺎــﻣﻺﻟ ﻩﺮــﻜﻳ ـﻣﺇـﻣﺎــﻬـ ﻢــﻓـﻣﺄــﻫﺮـ ﻢـ ﻼﺨﻠﺨﺗ ﻼﺘﻗ ﻥﺇ ـﻧﻷ ﻪـــ ـﺳـﻴــﺳﺎـ ﺔـ ﺔـــﻤﺼﻌﻟ ﻪـــﺘﻤﺣﺎـــﻨﻤﻠﻋﺎﻓ ﺎﻧﺮــﺷﺎﺒﻳ ﻥﺎﻛ ﻰــﻔﻄﺼﻤﻟﺍﻭ          ٢ الخلاف الموجود في الفقه الإباضي بخصوص هروب الإمام إذا لقي عدو لا يقدر عليه: من المعلوم أن ا لنبي ژ لما أراد الخروج إلى بدر الصغرى اشتد ذلك على أصحابه وكرهوا الخروج معه وطلبوا إليه أن يكف عن الخروج في عامة ذلك لما خافوا من كثرة الناس، وشدة البأس، فقال ا لنبي ژ : لأخرجن » « إليهم ولو بنفسي وحدي وما قال ذلك إلا أنه يفعل فخرج النبي ژ ومعه ناس قليل فأثنى الله عليهم ثناء حسن ً ا فقال: ﴿ ÍÌËÊÉÈ !❁ Ø×ÖÕÔÓÒÑÐÏÎ (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ١٨٥(٢) . الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، ص ٤٠(٣) أبو عبد الله محمد السالمي: جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، ج ٣ -. ٤، ص ٢٢٥ ٣٣٢ " &%$# ' ,+*)( -. 0/ ﴾ [آل عمران: ١٧٣ -[١٧٤ ، وسمى الذين خذلهم شيطان ً ا ﴿ 5432 <;:9876 ﴾ [ [آل عمران: ١٧٥(١) . وفي الفقه الإباضي جاء في ا لمصنف:  وسألته عن الإمام إذا قطع الشرى على نفسه وأحب عليه أن يحارب » عدوه ولو بنفسه؟ قال: ليس ذلك عليه. قلت: فإن سار إليه العدو هل عليه ِ ِ أن يلقاه؟ قال: إن كان معه من الرجال من يرجو الدفع عن بلده ومصره، ْ فعليه ذلك وإن لم يكن معه أحد ممن يرجو به الدفع جاز له التحول عن العدو وطلب الأعوان والأنصار عليه. قلت : فما هذه الحال التي تجب على الإمام أن يحارب فيها ولو بنفسه؟ قال: إذا دخل الحرب ومعه من الرجال من يرجو بهم القوة على عدوهم ثم ولي عنه أصحابه أو قتلوا لم يكن للإمام أن يولي عن الحرب بعد أن يدخل ُ فيها، ولو لم يكن عنده فيها أحد لأنه إذا لزمه فرض الجهاد وألزمه نفسه بدخوله في الحرب وجب عليه، ولم يسعه الخروج منه إلى أن ينصره الله « على عدوه أو تفنى روحه(٢) . معنى ذلك أن لقاء العدو سبب مانع من هروب ا لإمام(٣) . (١) . ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ٧٨ (٢)النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ١٩٠ - ، ١٩١ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٦٨ ، ص ٢٥٤ ، ج ٦٩ . ص ٦٤ ؛ الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٥٦(٣) فإن كان الإمام شاريا فلا يحل له ترك رعيته ولا الرجعة عن الشراء الذي » فعن أبي المؤثر ً أوجبه على نفسه لله وعليه الجهاد في سبيل الله والدعاء إلى دين الله حتى يظهره الله أو .« يرزقه الشهادة وما نبصر له عذرا في ترك الجهاد في قلة أو كثرة والله أعلم بالحق ً . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ٧٤ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي إلا أن ا تجاه ً ا آخر في الفقه الإباضي تبناه أبو محمد ذهب إلى أنه يجوز للإمام الهرب عن العدو وبعد أن يباشر الحرب إذا خاف القتل على أصحابه ورأى القتل شارع ً ا فيهم ويأتي عليه حتى يفنوا ويقلوا قال: ولا يقيم بأصحابه على القتل والحياة لهم أنفع للمسلمين وأرجى لبقاء ا لدولة. واستند لتدعيم رأيه على حجتين(١) : إحداهما الاقتداء بفعل رسول الله ژ في هربه إلى الغار وتواريه عن عدوه عند طلبهم إياه، وارتفاعه بأصحابه إلى جبل أحد، وتحصنه بالخندق، وكل ذلك انتظارا منه للقوة على عدوه ووجود الناصر والتعمل في الحيلة ً وطلب المكيدة عليه إلى أن وجد السبيل إلى ذلك. ولا يوافق اتجاه كبير في الفقه الإباضي على هذا القول لأبي محمد(٢) . (١) ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٨٩ - ، ٤٩٠ ؛ جوابات الإمام السالمي، ج ٢ ص ٤١٣ ؛ النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٤٧ ؛ الإمام أبو إسحاق إبراهيم الحضرمي:  كتاب الدلائل والحجج، المرجع السابق، ج ١ -٢، ص ٦١١ ،٦٠٦ -.٦١٥ (٢) رد الإمام السالمي على الحجتين السالف ذكرهما، بقوله: فأما الجواب عن الاحتجاج الأول فهو أن جميع ما ذكره من فعل رسول الله ژ خارج »عن محل النزاع فإن كلامنا في تحريم الفرار من الزحف والهروب عن العدو بعد لقائه، وخروجه ژ إلى الغار وارتفاعه بأصحابه إلى الجبل يوم أحد وتواريه عن المشركين كل ذلك كان في غير موضع ا لقتال. وأيض ً ا فإنه ژ لم يهرب عن عدو قط بل ثبت حين انكشف المسلمون يوم أحد ويوم حنين وارتفع إلى الجبل بعد انحياز كل فريق إلى جهة فلا يصح أن يطلق لفظ الهروب من العدو على رسول الله ژ .«... ويضيف ا لسالمي: وأما الجواب عن الاحتجاج الثاني فمن وجوه. »أحدها أنا لا نسلم أن من بذل نفسه لله تعالى وقاتل في سبيله حتى قتل طلبا لمرضاة الله ً أنه قاتل لنفسه ولا أنه ملق بأيديه إلى التهلكة، والله تعالى يقول: ﴿ §¨ ª© º¹¸¶µ´³²±°¯®¬« ½¼» ﴾ [ [التوبة: ١١١ . = ٣٣٤ وثانيتهما قوله تعالى: ﴿ QPONMLKJI ﴾ [ [النساء: ٢٩ وقوله تعالى: ﴿ yxwvu¯ ﴾ [ [البقرة: ١٩٥ . ٣ المسائل التي يثيرها أسر ا لإمام(١) : تعرض الفقه الإباضي خصوصا للمسائل ا لآتية: ً = الوجه الثاني لا نسلم أن معنى الآيتين كما تصور لأبي محمد بل معناهما على خلاف ذلك. فأما قوله تعالى: ﴿ KJI ﴾ [ [النساء: ٢٩ فمعناه والله أعلم لا تقتلوا من كان من جنسكم من المؤمنين على حد قوله تعالى في بني إسرائيل: ﴿ 4321 5 ﴾ [ [البقرة: ٨٥ ، أي يقتل بعضكم بعض ً .« ا وأما قوله تعالى: ﴿ yxwvu¯ ﴾ [ [البقرة: ١٩٥ فقد قيل إن معناه النهي عن ترك الإنفاق في سبيل الله لأنه سبب الهلاك وعن الإسراف في النفقة حتى يفقر نفسه ويضيع عياله أو عن ترك الغزو الذي هو تقوية للعدو. الوجه الثالث أن مدلول الآيتين غير مطابق لغرض أبي محمد، وذلك أن أبا محمد استدل بهما على جواز فرار الإمام بمن معه عن الزحف إذا خاف من الثبات استيلاء القتل، والآيتان تدلان على تحريم قتل النفس وتحريم الإلقاء باليد إلى التهلكة، فلو سلمنا أن معنى الآيتين على حسب ما تصوره أبو محمد صح استدلاله بهما على الجواز لأنهما إنما يدلان على تحريم قتل النفس فيستلزم ذلك وجوب الفرار عن خوف القتل لا جوازه فيلزم أبا محمد أن يقول بوجوب الفرار ولا قائل بذلك وهو أيض ً .« ا لم يرده جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤١٣ -.٤١٦ (١) :« القهر » بحث الماوردي هذه المسألة وأطلق عليها اسم وأما القهر فهو أن يصير مأسورا في يد عدو قاهر لا يقدر على الخلاص منه فيمنع ذلك » ً عن عقد الإمامة له لعجزه عن النظر في أمور المسلمين، وسواء كان العدو مشرك ً ا أو مسلما باغيا، وللأمة اختيار من عداه من ذوي القدرة، وإن أسر بعد أن عقدت له الإمامة ًً فعلى كافة الأمة استنقاذه لما أوجبته الإمامة من نصرته وهو على إمامته ما كان مرجو الخلاص مأمور الفكاك إما بقتال أو فداء، فإن وقع الإياس منه لم يخل حال من أسره من أن يكونوا مشركين أو بغاة المسلمين، فإن كان في أسر المشركين خرج من الإمامة لليأس من خلاصه واستأنف أهل الاختيار بيعة غيره على الإمامة، فإن عهد بالإمامة في حال أسره نظر في عهده، فإن كان بعد الإياس من خلاصه كان عهده باطلا ً لأنه عهد بعد خروجه من الإمامة فلم يصح منه عهد، وإن عهد قبل الإياس من خلاصه في وقت هو فيه مرجو الخلاص صح عهده لبقاء إمامته واستقرت إمامة ولي عهده بالإياس من خلاصه لزوال إمامته، فلو خلص من أسره بعد عهده نظر في خلاصه فإن كان بعد الإياس منه لم = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي السعي نحو تحرير الإمام من أسره: هذا أمر طبيعي، بالنظر إلى عظم منصب ووظيفة الإمام. بل قرر الفقه الإباضي أن تحرير الإمام من الأسر تكون له الأولوية على ما عداه من ا لأسرى. لذلك بخصوص قول ا لناظم: وإن تعدد أصحاب وقد أسروا فليبدأ منهم بأي شاء مشتغلا ولا دفاع عن الأسرى ولو وجدوا من آ ل حربهم الأرماح والنصلا = يعد إلى إمامته لخروجه منها بالإياس واستقرت في ولي عهده وإن خلص قبل الإياس فهو على إمامته ويكون العهد في ولي العهد ثابتا وإن لم يصر إماما. وإن كان مأسورا مع ً ًً بغاة المسلمين، فإن كان مرجو الخلاص فهو على إمامته وإن لم يخل حال البغاة من أحد أمرين: إما أن يكونوا نصبوا لأنفسهم إماما أو لم ينصبوا فإن كانوا فوضى لا إمام لهم ً فالإمام مأسور في أيديهم على إمامته لأن بيعته لهم لازمة وطاعته عليهم واجبة فصار معهم كمصيره مع أهل العدل إذا صارت تحت الحجر، وعلى أهل الاختيار أن يستنيبوا عنه ناظرا يخلفه إن لم يقدر على الاستنابة، فإن قدر عليها كان أحق باختيار من يستنيبه ً منهم، فإن خلع المأسور نفسه أو مات لم يصر المستناب إماما لأنها نيابة عن موجود ً فزالت بفقده، وإن كان أهل البغي قد نصبوا لأنفسهم إماما دخلوا في بيعته وانقادوا لطاعته ً فالإمام المأسور في أيديهم خارج من الإمامة بالإياس من خلاصه، لأنهم قد انحازوا بدار تفرد حكمها عن الجماعة وخرجوا بها عن الطاعة فلم يبق لأهل العدل بهم نصرة وللمأسور معهم قدرة، وعلى أهل الاختيار في دار العدل أن يعدوا الإمامة لمن ارتضوا .« لها، فإن خلص المأسور لم يعد إلى الإمامة لخروجه منها الماوردي: الأحكام السلطانية، المرجع السابق، ص ٢١ -.٢٢ يتضح مما تقدم أن أسر رئيس الدولة يترتب عليه أثران في نظر الإمام الماوردي، هما: ١ أثر على الصعيد الدولي (إذا تم أسر الإمام بواسطة دولة خارجية)، وهو ضرورة قيام الأمة باستنقاذه لما تستوجبه الإمامة من نصرته إما بقتال أو فداء. ٢ أثر على الصعيد الداخلي، وهو استحالة قيام الإمام بتصريف أمور الدولة الإسلامية (سياسة الدنيا والدين). ولذلك يتلخص الحل في نظر الإمام الماوردي في اختيار إمام آخر إذا وقع الإياس من خلاص الإمام ا لمأسور. ويقول الجويني إنه إذا أسر الإمام وحبس في المطامير وبعد توقع خلاصه، فلا بد من نصب إمام آخر، راجع إمام الحرمين الجويني: غياث الأمم في التياث الظلم، دار الدعوة، . الإسكندرية، ١٩٧٩ ، ص ٨٩ ٣٣٦ يقول ا لرقيشي: الكلام في معنى البيتين إذا تعدد من المسلمين أسرى في أيدي البغاة » أو المشركين هل يبدأ القادر على التنجية من المأسورين بمن شاء أو على ِ ترتيب من هو أعظم حقا عليه وعلى المسلمين وذلك كالوالد والعالم والإمام فقيل يبدأ بالإمام لأنه أعظم احتراما وبقاؤه أعظم منفعة للمسلمين ً ِ أو يبدأ بأبيه لأنه أعظم حق ً ا عليه وإنه السبب لوجوده في الدنيا أو بالعالم الذي هو شيخه لأنه أعظم منفعة لإنقاذه من النار أو هو بالخيار أو بمن هو أيسر عليه والتحقيق عندي أنه يبدأ بإنقاذ الإمام لأن به حياة الإسلام وأهله ثم بوالده الذي هو سبب لوجوده ثم بشيخه في العلم وأما الأسرى الذين  أسرهم العدو فإنهم لما صاروا في حال العجز ولا مقدرة لهم فإنه سقط « فرض الدفاع عنهم(١) . مصير الإمام المأسور إذا أطلق بعد أن عقد المسلمون لإمام غيره: في الفقه الإباضي قولان: فذهب اتجاه إلى أنه الإمام الأول، وذهب اتجاه آخر إلى أنه الإمام ا لثاني(٢) . (١) الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٦٨ ، وجاء في بيان ا لشرع: ومن كتاب أبي جابر عن محمد بن محبوب: والإمام إذا أسر هو وأصحابه وكثر أهل »الجور عليه أيسعهم أن يتركوا ما هم فيه ويتفرقوا عنه ولا يقاتلوا؟ قال: لا يسعهم ذلك. قلت: فإن كانوا مدافعة أيسعهم ذلك؟ قال: إن تفرقوا وتركوا ما هم فيه وسعهم وإن أعطوا اسم السمع والطاعة في الظاهر رجوت أن يسعهم أيض ً .« ا . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٢٨١ (٢) في هذا الخصوص، إجابة على السؤال الآتي حول: اختلافهم في الإمام إذا أسر ثم نصب ثم أطلق فهل هو الإمام أو الثاني: قولان: ما وجههما؟، يقول ا لسالمي: أما القول بأن الإمام هو الأول فإنه مقيس على التزويج وذلك أن المرأة إذا فقدت زوجها »فمضت مدة الفقد ثم حكم بموته فتزوجت بعد العدة ثم رجع الأول فإنها زوجته إن أرادها فكذلك ا لإمام. = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي مصير إمام البغي ا لمأسور: يكون للإمام أن يقرر مصير إمام البغي وفق ً ا لما تمليه مصلحة الدولة الإسلامية، وخصوصا رجوعه عن بغيه وأن يأمن المسلمون بغيه، إذ في هذه ً الحالة يمكن أن يخلي سبيله. يقول ابن محبوب: وإن كان في الأسارى إمام البغي، وكان قد قتل بتبعته فللإمام قتله أو » المن عليه، وإن ألقى بيده تائبا يخل سبيله ما أمن معاودته لبغيه، وإن لم ً يأمن ذلك منه حبسه إلى أن يأمن بغيه، وعلى الإمام أن ينظر في ذلك « بالأفضل في الدين لقوة دولة ا لمسلمين(١) . سادسا ا لسبايا: ً السبايا جمع سبية مثل عطايا وعطية، وهي النساء والذراري الذين  = وأما القائل بأن الإمام هو الثاني فقد جعل أسر الإمام الأول في حكم موته لأنه إذا أسر فقد حصل له العجز التام ولذا صح العقد على الثاني وإذا ثبت العقد على الثاني فلا يفسخه رجوع الأول ولذا لم يرد أهل النهروان عليا على إمامته حين رجع إليهم بعد أن ً بايعوا غيره فكتبوا له أن يدخل في أمرهم ويكون رجلا ً « منهم فأبى وسار إليهم فقاتلهم جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ١، ص ٥٧٣ - ٥٧٤ ، الشيخ ابن رزيق (المكنى بأبي زيد الريامي): حل المشكلات، المرجع السابق، ص ٣٠٥ -.٣٠٦ كذلك جاء في بيان ا لشرع: قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي غسان اختلف في الإمام إذا أسره العدو ثم أطلقوه »وقد عقد المسلمون إماما غيره؟ فقال من قال: هو الإمام الأول، وقال من قال: هو الثاني، ً قال أبو بكر وقد كانت هذه المسألة جرت في أيام ا لخليل بن شاذان لما أسره الترك فعقد المسلمون بعده للإمام محمد بن علي قال: وليس أعلم في ذلك ا ختلاف ً ا في قول المسلمين .« إلا أنه ثابت بلا اختلاف وقع من أهل العصر لكثرة ميلولة الناس إلى ا لخليل . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٢٧٣(١) . ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، كتاب المحاربة، ص ٥٢ ٣٣٨ يأخذهم المسلمون بالحرب من أعدائهم غير المسلمين عندما يقدرون عليهم(١) .  ويتعلق بالسبايا، القواعد ا لآتية:  ١ يجب استبراء ا لإماء: فعن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن النبي ژ نهى عن وطء السبايا من الإماء فقال: لا تطأوا الحوامل حتى يضعن ولا الحوائل حتى يحضن. قال الربيع: الحائل التي يأتيها الحيض حالا ً بعد حال(٢) . ٢ منع سبي المولود حال ا لعهد(٣) . ٣ السبي يكون على غير ا لمسلمين: فلا يجوز سبي من أهل القبلة، ولو كانوا من ا لبغاة(٤) . (١) ومن الكتاب وإنما السبي في الذين نقضوا العهد وحاربوا من أهل » : جاء في بيان الشرع  .« الذمة على النساء والذراري الذين ولدوا بعد نقض عهدهم . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٧٥(٢) سعود الوهيبي: الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع على ترتيب الشيخ الوارجلاني، مكتبة مسقط، سلطنة عمان، ١٤١٤ ه -. ١٩٩٤ م، ص ٥٣ ُ راجع أيض ً . ا الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٧، ص ٦٩٩ انظر أيض ً . ا أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٧١(٣) إن المولود في حال العهد إنما ولد على الذمة » : بخصوص هذه المسألة، يقول السالمي فكأنه صار بذلك حرا وإذا صار إلى الحرية لا يرجع إلى الرق أبد ً ا. ً وأما معرفة ذلك فإنه إنما يمنع عند الصحة فمن جاء بصحة أنه ولد في ذلك الزمان خلي عنه وكذلك من علم حاله بالسن في التاريخ ومن لم يصح ولم يعلم حاله بيع في . جوابات الإمام السالمي، ج ٢، ص ٤٠٨ .« الأعراب(٤) مما يحكى في هذا الخصوص، ما جاء في بيان ا لشرع: وسمعت أبا عبد الله يخبر قال: قالت امرأة من المسلمين: لو لم أعرف من ضلالة الخوارج »إلا أني كنت جارية صغيرة إذ مر بي فارس يوم الجمل فأخذني فاحتملني على فرسه فسار = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ٤ السبي يفترض وقوع حرب مع ا لعدو(١) . ٥ يمكن المن على السبايا (أي ردهم دون مقابل):  حدث مثال شهير يدل على ذلك في عهد ا لنبي ژ ، والخاص بسبي  هوازن(٢) .  ٍ = بي؛ إذ سمع صوت مناد ينادي أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول: ألا لا يجهز على جريح، ألا لا يقتل مول ولا غنيمة من أموال أهل القبلة ولا تسبى ذراريهم ومن كان معه شيء من أموالهم فليرده ومن كان معه شيء من سبائهم فليرده. قالت: فقال لي الفارس: أتعرفين منزلكم؟ قالت: أما من ها هنا فلا أعرف، فإن رددتني إلى الموضع الذي أخذتني منه عرفته فسار بي حتى انتهى إلى الموضع الذي أخذني منه فقال يا جارية أتعرفين منزلكم. قالت: قلت: نعم فأوميت إلى المنزل فسار حتى أتى إلى المنزل فقرع الباب فنادى: الكندي: « يا أهل الدار فأجابه بعضهم وبرز إليه فقال: هذه ابنتكم فقالوا: نعم فأسلمني إليهم بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٣٩ . انظر أيض ً . ا ذات المرجع، ج ٦٩ ، ص ١٥٢  (١) لذلك جاء في منهج ا لطالبين: وكل من نقض عهده من أهل الذمة، فحلال دماؤهم وغنيمة أموالهم، وسبي نسائهم »وذراريهم الذين ولدوا بعد نقض عهدهم. ومن هرب من النساء والذراري من ذلك الموضع الذي وقعت المحاربة فيه. فإن كان هربهم بعد أن وقعت الحرب بينهم وبين المسلمين، فأولئك عليهم ا لسبي. وأما من هرب من قبل وقوع الحرب، فأولئك لا سبي عليهم ولو كان لهم أولياء من الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢١٩ ؛ الكندي: بيان « المحاربين الشرع، ج ٧٠ ، ص ٢٧٥ -.٢٧٦ (٢) جاء في البخاري أن رسول الله ژ قال، حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم. فقال لهم رسول الله ژ : أحب الحديث إلي أصدقه، فاختاروا » « إحدى الطائفتين، إما السبي، وإما المال، وقد كنت استأنيت بهم ، وقد كان رسول الله ژ انتظر آخرهم بضع عشرة ليلة، حين قفل من الطائف، فلما تبين لهم أن رسول الله ژ غير فإنا نختار سبينا، فقام رسول الله ژ في المسلمين » : راد إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا فأثنى على الله بما هو أهله. ثم قال: أما بعد، فإن إخوانكم هؤلاء قد جاؤونا تائبين، وإني » قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم، من أحب أن يطيب فليفعل، ومن أحب منكم أن يكون « على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل ، فقال الناس: قد طيبنا ذلك = ٣٤٠ :(1)»fɰùfE’G »dhódG ¿ƒfÉ≤dG óYGƒb ≥«Ñ£J `` ê يثير تطبييق قواعد القانون الدولي الإنساني مسائل كثيرة، أهمها ما يلي: = يا رسول الله لهم، فقال لهم رسول الله ژ : إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم » « يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم ، فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم، ثم رجعوا إلى رسول الله ژ فأخبروه أنهم قد طيبوا، فأذنوا فهذا الذي بلغنا عن سبي هوازن). . صحيح البخاري، حديث رقم ٢٩٦٣ ، ج ٣، ص ١١٤ (١) هذه هي التسمية الحالية لما يجب مراعاته أثناء القتال من قواعد إنسانية تهدف لحماية  ضحايا الحرب من المقاتلين وغير المقاتلين، وكذلك الأهداف التي يمكن مهاجمتها وتلك التي يجب تجنبها. وقد استخدم فقهاء ا لإباضية تسميات عديدة للدلالة على ذلك: ّ في الإمامة والمحاربة وما يسع منها وما في الأحداث » من ذلك استخدام أبي الحواري عبارة . جامع أبي الحواري، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ج ١، ص ٧٢ « فيها ُ أبو إسحاق بن قيس: مختصر « ذكر بيان قتال أهل الحرب » : واستخدم آخرون عبارة الخصال، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٣ ه -. ١٩٨٣ م، ص ١٩١ ُ وقد يستخدمون كلمة السير (والسيرة في اللغة هي الطريقة أو الهيئة أو العادة ا لمتبعة): في » : كما استخدم عبارة « في سيرة ا لنبي ژ في المشركين » : فقد استخدم النزوي عبارة .١٣٨ ، النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ١٢٨ « حرب المشركين وما يجوز فيه الكندي: « في سيرة المسلمين في أهل الحرب » أو « في سيرة الجهاد » : ويطلق عليه آخرون عبارة في سيرة » : ١٧٤ ؛ بينما استخدم رأي آخر عبارة ، بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٣ أبو إسحاق إبراهيم الحضرمي: كتاب الدلائل والحجج، وزارة « المسلمين في قتال عدوهم التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣٣ ه -٢٠١٢ م، ج ١ - ٢، ص ٦٠٤ ؛ الثميني: الورد ُ البسام في رياض الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، ص ٢٣٨ ؛ ويتحدث أبو المؤثر عن: . السالمي: تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، ج ١، ص ٢٢٩ « سير المسلمين في الحروب » ُ كما جاء في معجم مصطلحات ا لإباضية قد جاء « السير » يتضح من ذلك أن تعريف ّ قاصرا، إذ يجب أن يضاف إليه هذا المعنى المستخدم للدلالة على الجوانب الإنسانية ً واجبة المراعاة أثناء الحروب تجاه الأشخاص (المقاتلين وغير المقاتلين) والأشياء (الأهداف العسكرية والأهداف ا لمدنية). فقد جاء في المعجم سالف الذكر أن ا لسير: عند المشارقة عبارة عن رسائل ذات طابع سياسي وعقدي وفقهي، تحمل وجهة نظر » = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ١ المقصود بالقانون الدولي ا لإنساني: = مؤلفها في مسألة من مسائل عصره أو السابقة لعصره، مثل: سيرة محبوب بن الرحيل، وسيرة قحطان بن أبي قحطان، وسيرة أبي الحسن البسيوي، وسيرة ابن مداد. وللسير عند المغاربة دلالتان: الأولى: عبارة عن تاريخ ممزوج بمآثر الشخص وحسن سيرته كسيرة أبي زكرياء الوارجلاني وسير الوسياني وسير ا لشماخي. أما الثانية: فتأتي على شكل مواعظ وحكم وأمثال، وأحكام فقهية ووصايا تربوية، ويمثل ، معجم مصطلحات الإباضية، المرجع السابق، ج ١ « لذلك بسير أبي الربيع المزاتي ّ ص ٥٢٠ -.٥٢١ وفي المذاهب الإسلامية الأخرى استخدمت العديد من ا لمسميات: السرخسي: المبسوط، دار ) « باب معاملة الجيش مع الكفار » فقد خصص السرخسي لذلك المعرفة، بيروت، ١٣٩٨ ه -.( ١٩٧٨ م، ج ١٠ ، ص ٣٠ فصل في مكروهات ومحرمات ومندوبات » وفي الفقه الشافعي تم بحث تلك المسائل في الشافعي الصغير: نهاية المحتاج بشرح المنهاج، دار الفكر، بيروت، ) « الجهاد وما يتبعها ١٤٠٤ ه -.( ١٩٨٤ م، ج ٨، ص ٦٠ ابن جزي الغرناطي: قوانين الأحكام « في وجوه القتال » : ومنهم من بحث ذلك تحت عنوان الشرعية ومسائل الفروع الفقهية، عالم الفكر، القاهرة، ١٤٠٥ ه -. ١٩٨٥ م، ص ١٤٠ الفتاوى الهندية، دار إحياء التراث ) « كيفية القتال » وبحث البعض ذلك تحت عنوان .( العربي، بيروت، الطبعة الرابعة، ج ٢، ص ١٩٣ الشيخ الطوسي: « باب كيفية قتال المشركين ومن خالف الإسلام » وبحث آخرون ذلك تحت تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، دار الأضواء، بيروت، ١٤١٣ ه -. ١٩٩٢ م، ج ٦، ص ١٢٢ فيما يكره من الغزو ومن يكره له وما يجوز أن يسن فعله بهم » واستخدم آخرون عبارة حاشيتا قليوبي وعميرة، دار إحياء الكتب العربية، « ومن يحرم قتله منهم وما يتبع ذلك في كيفية الجهاد » : القاهرة، ج ٤، ص ٢١٧ . بينما بحث الإمام النووي ذلك في باب عنوانه . الإمام النووي: روضة الطالبين، المكتب الإسلامي، ج ١٠ ، ص ٢٣٨ « وما يتعلق به ابن رشد: بداية المجتهد « ما يجوز من النكاية في العدو » : وبحثه ابن رشد تحت عنوان ونهاية المقتصد، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٤٠١ ه -. ١٩٨١ م، ج ١، ص ٣٨٢ أثناء الجهاد)، راجع ) « باب ما يلزم الإمام وما يجوز له فعله » وبحثه آخرون تحت عنوان الإمام أبو الخطاب الكلوذاني: كتاب الهداية، تحقيق إسماعيل الأنصاري وصالح العمري، . مطابع القصيم، ١٣١٩ ه، ج ١، ص ١١٢ ٣٤٢  القانون الدولي الإنساني من اسمه يشمل(١) مجموعة القواعد التي تهدف إلى جعل الحرب أكثر إنسانية، سواء في العلاقة بين الأطراف المتحاربة، أو بالنسبة إلى الأشخاص غير المنخرطين في النزاع المسلح، أو بخصوص الأعيان والأهداف غير العسكرية. ويطلق على القانون الدولي القواعد » ،« القانون الإنساني » ،« قانون الحرب » : الإنساني أسماء أخرى مثل إلا أن .« قانون النزاعات المسلحة » ،« القانونية المطبقة أثناء النزاع المسلح هو الأكثر ذيوع « القانون الدولي الإنساني » اسم ً ا ا لآن. ويهدف القانون الدولي الإنساني إلى تخفيف وتقليل ويلات النزاع المسلح، وذلك بوسائل عديدة، منها: ٭ تقييد حرية أطراف النزاع في كيفية إدارة النزاع المسلح، وفي اختيار وسائل القتال، من أجل جعل الحرب رحيمة من حيث آثارها. لذلك لا يجوز استخدام وسائل القتال التي تحدث أوجه معاناة غير مفيدة أو آ لاما غير مبررة. ً ٭ تجنيب الأشخاص غير المنخرطين في النزاع المسلح (مثال ذلك المدنيون) ويلات هذا ا لأخير. ٭ تقليل معاناة المنخرطين في النزاع المسلح (أفراد القوات المسلحة مثلا ً ( وذلك عن طريق وضع قواعد تتعلق بكيفية معاملة الجرحى والمرضى والمنكوبين في البحار، وكذلك أسرى ا لحرب. ٭ منع أي إضرار جسيم ودائم بالبيئة ا لطبيعية. ٭ النص على حتمية محاكمة مرتكبي انتهاكات القانون الدولي الإنساني، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتجريمها، والتحقيق فيها، وتوقيع العقاب على مرتكبيها. (١) د. أحمد أبو الوفا: النظرية العامة للقانون الدولي الإنساني، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٤٣٠ ه -٢٠٠٩ م، ص ٣ -.٥ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي باختصار، يمكن القول إن القانون الدولي الإنساني يهدف إلى إضفاء على سلوك الأطراف المتحاربة خلال فترات النزاع « الإنسانية » قدر من المسلح وما قد يترتب عليه من آثار، إذ لا يجوز لأي طرف أن يلحق بالطرف الآخر آلاما أو أوجه معاناة أو خسائر لا تتناسب مع الغرض من ً الحرب، وهو: تدمير أو إضعاف المقدرات العسكرية للعدو. معنى ذلك أن القانون الدولي الإنساني يعمل على التوفيق بين اعتبارين أساسيين، هما: الضرورات الحربية أو مقتضيات الحرب؛ وتتمثل الميزة العسكرية، بين أمور أخرى، في السيطرة على إقليم ما، أو في إضعاف أو تحطيم القوات المسلحة للعدو، أو في تحرير إقليم محتل... إلخ. ومبدأ المعاملة الإنسانية؛ ويرمي هذا المبدأ إلى حماية ضحايا المنازعات المسلحة، سواء من العسكريين أو المدنيين، ضد كل أوجه المعاناة غير ا لمفيدة. ورغم أن قواعد القانون الدولي الإنساني تجد جذورها في أخص أعماق النفس البشرية، باعتبار أنها تطبيق للفطرة التي فطر الله الناس عليها وللسليقة الحسنة، فإن أهم تلك القواعد تم تقنينها في بعض الاتفاقات الدولية، ومنها اتفاقات جنيف الأربعة لعام ١٩٤٩ ، وهي: اتفاقية تحسين حال الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان، واتفاقية تحسين حال الجرحى والمرضى والغرقى من أفراد القوات المسلحة في البحار، واتفاقية معاملة أسرى الحرب، واتفاقية حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب. وفي عام ١٩٧٧ اعتمد مؤتمر القانون الدولي الإنساني ملحقين للاتفاقيات المذكورة، وهما: الملحق رقم ( ١) الخاص بالمنازعات الدولية، والملحق رقم ( ٢) الخاص بالمنازعات الداخلية التي تدور فوق إقليم إحدى الدول بين قواتها المسلحة وقوات مسلحة منشقة أو جماعات نظامية مسلحة أ خرى. ٣٤٤  وقد أكد الفقه الإباضي على هذه الجوانب الإنسانية واجبة المراعاة أثناء الحروب. يقول المفتي العام لسلطنة ع ُ مان(١) إن من الواجب على الإنسان أن تشده إلى أخيه ا لإنسان: عاطفة الأخوة الإنسانية، وأن تحد من تأثير عواطف الغضب إذا ما قابل »  تمرده ونشوزه بعقاب يردعه، وهذا ما دعا إليه الإسلام أبناءه عندما تضطرهم  الأحداث إلى شن حرب لرد عدوان وقمع فساد وإحقاق حق، إذ يجب أن تؤطر هذه الحرب في إطار الفضيلة وألا ينسى فيها جانب الأخلاق وألا ُ يعتدى فيها على من لم يكن مصطلي ً ا سعيرها، فقد قال تعالى: ﴿ ÂÁ ÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄà ﴾ [ [البقرة: ١٩٠ . وجاء في حديث رسول الله ژ الحض على تفادي نشر آثار الحرب خارج محيط الذين اعتدوا على المؤمنين فكان من وصيته للمقاتلين: » انطلقوا بسم الله وفي سبيل الله تقاتلون أعداء الله في سبيل الله، لا تقتلوا وا «(٢) شيخ ً ا فانيا ولا طفلا ً صغيرا ولا امرأة، ولا تغ ُ ل . ًً الفضيلة ورعاية الحرمات، وتقوى الله تعالى هي الزاد الذي » : كذلك قيل يزود به المقاتل في سبيل الله، قبل خروجه للقتال، وأثناء القتال يكون المجاهد وقاف ً « ا عند حدود ا لله(٣) . (١) الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: القيم الإسلامية ودورها في تقديم حلول للمشكلات . البيئية العالمية، المرجع السابق، ص ٥٢(٢) ٩٠ ، رقم ١٧٩٣٢ ) بزيادة: / ٣٧ ، رقم ٢٦١٤ ). والبيهقي ( ٩ / أخرجه أبو داوود ( ٣ ...» وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا ﴿ ¼»º¹ ﴾ [ [المائدة: ١٣ ، وهو جزء .«( ٤٩ رقم ٢٧٦٦٣ / من حديث طويل عند ابن عساكر ( ٢(٣) د. محمد نعيم ياسين وآخرون: فقه النظم، معهد القضاء الشرعي والوعظ والإرشاد، سلطنة عمان، ١٤٢٨ ه، ص ٧٦ -.٧٧ ُ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي وهكذا فإن القواعد الإنسانية واجبة المراعاة أثناء الحروب، لا يجوز الخروج عليها(١) . ٢ أساس القانون الدولي ا لإنساني: سبق القول إن أساس القانون الدولي الإنساني يكمن في التوفيق بين  اعتبارين أساسيين، وهما: الضرورات الحربية، واعتبارات ا لإنسانية. وقد أكدت ا لسنة ا لنبوية المشرفة على هذا الأساس المزدوج الذي استقر  عليه القانون الدولي الإنساني: التوفيق بين الاعتبارات الحربية والاعتبارات  الإنسانية، في قوله ژ : » أنا نبي المرحمة، أنا نبي الملحمة .«  َْ   وهكذا للحرب في ا لسنة ا لنبوية المشرفة جانبان يقترن كل منهما بالآخر   اقتران ً ا لا يقبل الانفصام وهما جانب الملحمة، وجانب ا لمرحمة.   فإذا انتهينا من شرحهما فحقيق بنا أن نتحدث عن أثر ذلك ا لحديث. أولا ً جانب ا لمل ْح َ مة (الضرورات ا لعسكرية): ََ وفق ً ا للسنة النبوية والقانون الدولي الحالي كما سبق بيانه تهدف الحرب إلى تحقيق النصر العسكري على العدو ولذلك لأي طرف اللجوء إلى الوسائل القتالية المشروعة لتحقيق ذلك. (١) في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ ÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ ÎÍ ﴾ [ [البقرة: ١٩٠ ولذلك جاء النهي عن الاعتداء، كالابتداء » : ، يقرر رأي بالظلم أو قتال المسالمين وكل ما فيه تجاوز لأحكام الحرب مما تعارف عليه الناس، سيما اليوم في ما انعقدت عليه الاتفاقيات الدولية، وقد اقتبست البشرية الكثير من رصيد الإسلام في ذلك، ومن وصايا رسول الله وخلفائه الراشدين وقوله تعالى: ﴿ ÌËÊ ÎÍ ﴾ الشيخ « زيادة تحذير من ذلك، لأن المؤمن لا يرتكب ما يبغضه الله . محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ١، ص ٤١١ ٰ ٣٤٦ وقد أكد ذلك القرآن الكريم، يقول تعالى: ﴿ ! " &%$# ' +*)( ﴾ [ [الفتح: ٢٩ . ﴿ kjihgfedcb ﴾ [ [الأنفال: ٥٧(١) . وشدة الحرب والقتال أكدها أيض ً ا ژ بقوله: » الآن حمى ا لوطيس «(٢) . والوطيس هو التنور ومجتمع النار والوقود، فمهما كانت » : يقول الرافعي صفة الحرب، فإن هذه الكلمة بكل ما يقال في صفتها، وكأنما هي نار مشبوبة من البلاغة تأكل الكلام أكلا ً ، وكأنما هي تمثل لكل دماء نارية أو « نارا دموية(٣) . ً (١) أي افعل بهم من القتل ما تفرق به من وراءهم من أعدائك. وقيل: سمع بهم. :« فشرد » لفظ ّ وقيل: نك ّ ل بهم عظة لمن وراءهم. ابن التركماني: بهجة الأريب في بيان ما في كتاب الله العزيز من الغريب، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤٢٢ ه -. ٢٠٠٢ م، ج ١، ص ٢٣٩ (٢) يقول الشريف الرضي إن قوله ژ : » الآن حمي الوطيس « وهو يعني حمس الحرب وعظم الخطب، مجاز ً ا لأن الوطيس في كلامهم حفيرة تحتفر فيوقد فيها النار للاشتواء، وتجمع على وطس، فإن احتفرت للاجتياز، فهي إرة وتجمع على إرين، ولا وطيس هناك على الحقيقة، وإنما المراد ما ذكرنا من حر القراع وشدة المصاع، والتفاف الأبطال، واختلاط الرجال، ومن هنا قالت العرب: أوقدت نار الحرب بين آل فلان وآل فلان، وقال الله 4 مخرج ً ا للكلام على مطارح لسانهم ومعارف أوضاعهم: ﴿ àßÞÝÜ﴾ [ [المائدة: ٦٤ . وتشبيه الحرب بالنار يكون من وجهين: (أحدهما) لحر مواقع السيوف، وكرب ملابس الدروع، وحمي المعترك لشدة العراك وكثرة الحركات. (والوجه الآخر) أن يكون إنما شبهت بالنار لأنها تأكل رجالها، وتفي أبطالها كما تأكل النار شعلها وتحرق ، الشريف الرضي: المجازات النبوية، ط البابي الحلبي، القاهرة، ١٩٦٧ ) « حطبها ص ٤٦ -.(٤٧ (٣) مصطفى صادق الرافعي: إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، مطبعة الاستقامة، القاهرة، ١٣٧٥ ه -. ١٩٥٦ م، ص ٣٦٣ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ثاني ً ا جانب المرحمة (مراعاة حقوق الإنسان وقت ا لحرب): يتفق قوله ژ : » أنا نبي المرحمة « مع طبيعة الشريعة الإسلامية. ذلك أن الإسلام دين الرحمة، لذا كان التواصي بها بين المؤمنين. يقول تعالى: ﴿ ± ¹¸¶µ ´³² º ❁ ¾½¼ ﴾ [البلد: ١٧ -[١٨ كذلك يقول تعالى: ﴿ ` dcba ﴾ [ [الأنبياء: ١٠٧ . ويقول أيض ً ا: ﴿ ,+*) -543210/. 76 ﴾ [ [آل عمران: ١٥٩ . ثالث ً ا: أثر قوله ژ » أنا نبي المرحمة أنا نبي ا لملحمة :« لهذا الحديث، في نظرنا، أثران: إيجابي وسلبي. أولا ً الأثر ا لإيجابى: مراعاة الجوانب الإنسانية في الحروب ا لإسلامية: هذا هو الأثر العملي لقوله ژ أنا نبي المرحمة، أنا نبي الملحمة. بل إن الحديث ذكر المرحمة، قبل الملحمة إشارة إلى أهميتها وتذكيرا بضرورة ً مراعاتها. إذ حتى إذا حمي الوطيس، فإن جانب الرحمة يجب تطبيقه دائما. ً ولعل خير مثال عملي يؤيد ذلك، ما حدث بعد هزيمة قريش يوم فتح مكة، قال الرسول ژ : » ما تظنون أني فاعل بكم أخ كريم وابن أخ » : قالوا ،« فقال ژ .« كريم : » أقول ما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لي ولكم وهو أرحم الراحمين اذهبوا فأنتم ا لطلقاء .« وهكذا فقد طبع هذا الحديث أثره على سلوك المسلمين وقت الحرب أثناء حياته ژ وبعد وفاته لدرجة أن أحد كبار مفكري الغرب قال: ٣٤٨ فالحق أن الأمم لم تعرف فاتحين متسامحين مثل العرب ولا دين » ً ا سمح ً « ا مثل دينهم(١) . ثانيا الأثر السلبي: منع من لا يراعون الاعتبارات الإنسانية من قيادة ً الجيوش ا لإسلامية : لعل خير مثال على ذلك ما حدث حينما قال سعد لأبي سفيان: اليوم يوم ا لملحمة اليوم تستحل المحرمة فشكا أبو سفيان إلى رسول الله ژ فعزله عن راية الأنصار وأعطاها الزبير بن العوام فدخل بها من أعلى مكة، ودخل خالد بن الوليد من أسفل  مكة.  « كالتأديب له » يقول ابن كثير أن ا لنبي ژ أمر بالراية أن تؤخذ من سعد(٢) . وفي الفقه الإباضي أيضا هذين الجانبين الخاصين بأساس القانون ً  الدولي ا لإنساني: (١) غوستاف لوبون: حضارة العرب، ترجمة عادل زعيتر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ٢٠٠٠ ، مقدمة ا لكتاب. إذا كان الغلب والرجحان في » : يقول رشيد رضا ،« الرحمة في الحرب » كذلك تحت عنوان القتال للمسلمين المعبر عنه بالإثخان في الأعداء وأمنوا على أنفسهم ظهور العدو عليهم، فالله تعالى يأمرهم أن يكفوا عن القتل، ويكتفوا بالأسر، ثم يخبرهم في الأسارى إما بالمن عليهم بإطلاقهم بغير مقابل، وإما بأخذ الفداء عنهم، وذلك نص قوله تعالى في سورة محمد ژ الآية: ﴿ ^]\[ZYXWVUTSR _ ` edcba ﴾ [ [محمد: ٤ . محمد رشيد رضا: الوحي المحمدي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤٢١ ه -. ٢٠٠٠ م، ص ٢٨٠ (٢) ، ابن كثير: صفوة السيرة النبوية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ج ٣ .٢٤٤ ، ص ٢٣٩ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي أولا ً فبخصوص جانب المرحمة، يقول ابن سلام ا لإباضي: وقال الله في كتابه للنبي » 0 : ﴿ ,+*) -210/. 76543 ﴾[ [آل عمران: ١٥٩ فأخبر الله المسلمين بنعمته عليهم في ذلك وعطف النبي ژ على الأخلاق الكريمة كما قال تعالى: ﴿ | }~ے ¡ ﴾ [ [التوبة: ١٢٨ يعني بشرا مثلكم ﴿ ¢ ً ¥¤£ ﴾ [ [التوبة: ١٢٨ يقول يعز عليه أن يدعوكم إلى أمر فلا تجيبوه فتعنتوا بل يجب ما وقاكم العنت والإثم. وبذلك أرسله الله ﴿ ¦ § ﴾ [ [التوبة: ١٢٨ يعني على الكفار أن يؤمنوا بالله ويجيبوه إلى ما يدعوهم إليه ﴿ ¨  ª© ﴾ [ [التوبة: ١٢٨ يخفض الجناح  « ويبذل لهم نصره(١) .  وفي تفسيره لقوله تعالى: ﴿ ` dcba ﴾ [ [الأنبياء: ١٠٧ ، يقول أطفيش: قلت: ودخل في (العالمين) الكفار والمؤمنون، وأهل الشقاوة مطلق » ً ا لأن الله رحمهم به لأنه ژ يبين لهم الهدى وأسباب السعادة، فلم يقبلوا رحمته لخلافهم، وضيعوها، وأيض ً ا هو لهم نفع دنيوي أ يض ً ا؛ إذ لا يستأصلون « كما استؤصلت أمم قبلهم بنحو مسخ وخسف وإغراق وصاعقة (٢) . ثاني ً ا وبالنسبة إلى جانب الملحمة، فقد أكد عليه الفقه الإباضي أيض ً ا: يقول ابن جعفر إن ا لأعداء: « ما داموا حربا للمسلمين فدماؤهم حلال للمسلمين »(٣) . ً (١) ابن سلام الإباضي: كتاب بدء الإسلام وشرائع الدين، دار النشر فرانز شتاينر بفيسبادن، ١٤٠٦ ه -. ١٩٨٦ م، ص ٧٦ (٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٩، ص ٣٥٧(٣) . ابن جعفر: الجامع، ج ٨، ص ١٦٠ ٣٥٠ كذلك في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ ,+*) -210/. 76543 ﴾ [ [آل عمران: ١٥٩ ، يقول أطفيش: وإذا أفضى اللين إلى إهمال حق من حقوق الله أو إلى جسارة العدو »  فهو حرام، كما قال الله تعالى: ﴿ &%$# ' ﴾ [ [التوبة: ٧٣ ، وقال: ﴿ ihgf ﴾ [ [الأنفال: ٥٧ ، وقال: ﴿ 654 7 ﴾ [ [النور: ٢ ، وقال: ﴿ ' )( ﴾ [ [الفتح: ٢٩ «(١) . كذلك في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ !" %$#  ,+*)('& -﴾ [ [التوبة: ٧٣ ، يقرر رأي أن قوله تعالى: ﴿ &' ﴾ : من الغلظة وهي ضد اللين، إذ تكون بالشدة » وذلك » وقد اتخذ ا لرسول ژ ذلك أساسا لسياسته « والقسوة في المعاملة ً « على الرغم مما جبل عليه من ا للين والرحمة(٢) . ُ  وجاء في بيان ا لشرع: وسن رسول الله ژ في حرب المشركين مع حكم القرآن أن يضرب » منهم كل بنان ويقعد لهم كل مرصد وأن يجاز على جريحهم. ويقتل مقبلهم ومدبرهم. ثم أرضهم وديارهم ميراث للمسلمين لقوله: ﴿ ml on ﴾ [ [الأحزاب: ٢٧(٣) . (١) أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٥٢ . وفي تفسيره لقوله تعالى: ﴿ !" $# &% ' +*)( ﴾ [ [التوبة: ١٢٣ ، يقول أطفيش: ﴿ ) +* ﴾ أي لتغلظوا عليهم فيجدوا غلظتكم، فجعل الأمر بالسبب واللازم مكان الأمر لا أرينك ها هنا، والغلظة: الجرأة عليهم والقسوة، والعنف، » : بالسبب والملزوم، كقولك .« والصبر وعدم ا لرأفة . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٦، ص ١٧٥ (٢) الشيخ محمد كعباش: نفحات ا لرحمن في رياض القرآن، ج ٦، ص ٦٨ -.٧٠ ٰ (٣) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٦٦ . وبخصوص كلمة الوطيس يقرر = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ٣ وسائل تحقيق فعالية القانون الدولي ا لإنساني: يقرر الفقه الإباضي في هذا الخصوص ثلاثة أمور لازمة لتحقيق التطبيق الفعلي والفعال للقانون الدولي ا لإنساني: أولا ً ضرورة تعليم المقاتلين قواعد القانون الدولى ا لإنساني: العلم نور، وهو مانع من الوقوع في » هذا أمر في غاية الأهمية لأن .« المحظور وهذا من ،« الوقاية خير من العلاج » وبالتالي، فإن هذا يدخل في باب أفضل وسائل تحقيق فعالية وفاعلية القانون الدولي الإنساني لأنه سيمنع  وقوع انتهاكات له. لبيان ذلك نذكر ما قاله ا لنزوي: ويجب على الإمام أن يتقدم على جنده، ويعرفهم ما يجوز لهم، وما » يحل لهم وينهاهم. فمن ركب بعد النهي ضمن في ماله. وفي موضع: وينبغي له إذا أراد أن يرسل سرية أو جيش ً ا أن يشاور العلماء والذين يخافون ا لله. فإذا عزم على ذلك أمر عليهم أميرا مرضيا. وكتب لهم عهد ً ا، عرفهم فيه ًً ما يأتون وما يتقون، ويشرط عليهم أن لا يعدو أمره وما عمي عليهم فيكاتبونه ثم جناية الجاني على نفسه، وليس على الإمام من ذلك شيء، وإن جهل ذلك لقلة علم أو نسيان، فحدثهم في بيت ا لمال.   = التنور، وبه شبه الحرب فيقال: حمي الوطيس، أي اشتبك واشتدت؛ ومنه » رأي أنها تعني المثل عن النبي ژ : « الآن حمي الوطيس » والجمع الوطس، سلمة العوتبي الصحاري: . كتاب الإبانة في اللغة العربية، ج ٤، ص ٥٣٤ ٣٥٢ إنما يجب الضمان في الوجهين جميع ً « ا مع وجود الصحة والحجة(١) . وهكذا فلتعليم قواعد القانون الدولي الإنساني أثر لا يجارى ولا يبارى ُ ولا يدارى(٢) . ُ يقول الثميني إن على ا لإمام: « أن يعلم جيشه ما يحل لهم وما يحرم »(٣) . كذلك يقول ا لناظم(٤) : (١) النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ١٤٨ . انظر أيض ً ا: الشيخ أبو عبيد السليمي: هداية الحكام إلى منهج الأحكام، تحقيق انتصار السليمية، ص ٢٥٥ -.٢٥٦ (٢) يكفي أن نذكر قوله تعالى: ﴿ ÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹ ÍÌËÊÉÈÇÆÅ ﴾ [ [التوبة: ١٢٢ . يقول أطفيش: وإن أرجعنا ضمير (ليتفقهوا) للقاعدين وضمير (لينذروا) لهم أيض » ً ا لم يكن تفكيك، وفي هذا مخالفة ما يتبادر من أن النفار إلى الغزو بأن نجعل النفار إلى التعلم، والسياق وسبب النزول أنه إلى الجهاد، فنقول: وما كان المؤمنون لينفروا إلى التعلم كافة، وقدر بعض: لولا نفر من كل فرقة طائفة وأقام طائفة ليتفقهوا. ولم يقل: وليعلموا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يفقهون كما هو مناسب لما قبله، لأنه يلزم المعلم الإرشاد والإنذار، وغرض المتعلم اكتساب الخشية لا التبسط والاستكبار وطلب العلم لذات العلم، فالآية كالنص في أنه يجوز التعلم لأجل التعليم إذا كان إخلاص، فإن الصحابة لما سمعوا الآية تعلموا ليعلموا من خرج، وقد يجعل (لينفروا) بمعنى لينفروا إلى أمر الدين مطلق ً ا: الغزو والتعلم، ولا سيما أن التعلم والتعليم باللسان كجهاد السيف، فلولا نفر من كل فرقة إلى ما يليق بها، من تعلم أو غزو ليكون في .« المجموع التفقه في الدين والإنذار، ولا تفكيك على هذا . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٦، ص ١٧٢ (٣) الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ج ٢٤٠ ؛ أطفيش: شرح كتاب . النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٣٨٦ (٤) الأغبري: فتح الأكمام عن الورد البسام في رياض الأحكام، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠١ ه -١٩٨١ م، ص ١٩٨ -.١٩٩ ُ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ٣٥٣ يعلم الإمام جيشه بما حل وما عليهم قد حرما ينهاهم أن يقتلوا الجريحا أو يغنموا المال فما أبيحا ومن يكن خالف للإمام في ماله الضمان بالتمام  وإن بأمره جرت أفعال وهم يرون أنها حلال فهو خطأ وهو ببيت المال لأهله يغرم بالكمال وأن يكن أمرهم بما علم خلافه سنة سيد الأمم ُ ضمان ما قد فعلوه يلزم عليه من أمواله يسلم ويقول أبو إسحاق إن على ا لإمام: « أن يتقدم إلى جيشه بتعريفه ما يحل ويحرم »(١) . ويشمل ذلك، في نظرنا، تعريف ا لجيش: ١ ما يجوز لهم استخدامه من الأسلحة، وما لا يجوز. ٢ ما يجوز لهم تدميره من أهداف عسكرية، وعدم تدمير الأهداف ا لمدنية. ٣ من يجوز لهم قتاله: فيكون القتال للمقاتلين، ولا يجوز قتال غير المقاتلين. ٤ كيف تتم معاملة أسرى الحرب، والجرحى والمرضى. ولم يغفل فقهاء المسلمين في المذاهب الإسلامية الأخرى ضرورة التنبيه على تدريس قواعد القانون الدولي الإنساني وضرورة معرفة (١) أبو إسحاق إبراهيم الحضرمي: كتاب الدلائل والحجج، المرجع السابق، ج ١ - ،٢ . ص ٦١٠ وتبدو أهمية دور الإمام بالنسبة للمسلمين خلال القتال أيض ً ا مما جاء في شرح النيل: أنهم يأوون إليه إذا فاجأهم عدوهم، وكذا إذا أشكل عليهم أمر من أمور الحرب الراجعة للدنيا أو للدين، وإن لم يجدوا عنده أمرا من أمور الدين سألوا عنه غيره. ً . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٢٧٦ ٣٥٤  المقاتلين، خصوصا بها. في هذا المعنى يقول الإمام الشيزري (ت ُوفي سنة ً ٥٨٩ هجرية) إن من واجبات ا لملك(١) : أن يلزم جيشه بما أوجبه الله تعالى من حقوق وبما أمره الله تعالى من » مراعاة حدوده، لأنه من جاهد عن الدين كان أحق الناس بالتزام أحكامه، وقد قال رسول الله ژ ،« والفصل بين حلاله وحرامه : »ان ْهوا جيوشكم عن َْ الفساد، فإنه ما فسد جيش قط إلا قذف الله تعالى في قلوبهم ا لرعب .« يخلص من ذلك أن الشريعة الإسلامية وضعت القواعد الآتية بخصوص  تدريس قواعد القانون الدولي ا لإنساني: أولا ً أنه يجب إلزام الجيش بالحدود والأحكام واجبة المراعاة وقت الحرب. ولا شك أن ذلك يتضمن القواعد الخاصة بالقانون الدولي الإنساني، التي وضع الإسلام العديد من مبادئها. ثاني ً ا أنه يجب نهي الجيش عن الفساد (كما جاء في حديث الرسول ژ. ولا شك أن النهي عن الفساد يعني عدم انتهاك القواعد واجبة المراعاة، ومنها عدم ارتكاب ما يخالف قواعد القانون الدولي ا لإنساني. ثالث ً ا أن النهي عن الفساد وضرورة التزام القيود واجبة المراعاة يعد قيود » ً يجب على كل مقاتل أن يراعيها، نظر « ا أخلاقية وشرعية ا لأن مصدر ً النهي وارد في حديثه ژ . رابع ً ا أن ذلك يشكل واجبا دينيا على عاتق المسلمين، لأن الإلتزام ًً بالأحكام، والتمييز بين الحلال والحرام، أمر واجب في شريعة ا لإسلام. وما أخذ به الفقه الإباضي والفقه الإسلامي أيضا هو المستقر في القانون ً (١) د. أحمد أبو الوفا: أثر أئمة الفقه الإسلامي في تطوير قواعد القانون الدولي والعلاقات . الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٤١٧ ه ١٩٩٧ م، ص ٢٨٨ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ،٤٨ ، الدولي الإنساني المعاصر. فقد احتوت الاتفاقات الأربعة (المواد ٤٧ (١٩٧٧) ١٤٤ )، وكذلك المادة ٨٣ من البروتوكول الإضافي رقم ١ ،١٢٧على نص يلزم الدول بالعمل على نشر قواعد القانون الدولي الإنساني، يقرر صراحة وحرفيا: تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تنشر نص الاتفاقية على أوسع » نطاق ممكن في بلدانها، في وقت السلم وفي زمن الحرب، وتتعهد بصفة خاصة بأن تدرج دراستها ضمن برامج التعليم العسكري، وإذا أمكن، المدني، بحيث تصبح المبادئ التي تتضمنها معروفة لجميع قواته المسلحة .« والسكان معنى ذلك أن مجال تطبيق النص السابق، تحكمه القواعد ا لآتية: ٭ بنشر نصوص ا لاتفاقيات. « التزام » أن الدول عليها  ٭ أن هذا الإلتزام الواقع على عاتق الدول، يحكمه من حيث حدوده أمران: أنه يجب تنفيذه على أوسع نطاق ممكن. أن ذلك يجب أن يكون مدرج ا في برامج التعليم العسكري، والمدني ً (متى أمكن ذلك). ٭ أن هذا الالتزام يسري، من حيث زمنه، في وقت السلم وكذلك في زمن الحرب. ٭ أن هذا الالتزام، من حيث غرضه ومنتهاه، يرمي إلى معرفة الأشخاص المنخرطين في العمليات العسكرية أو المتأثرين بها (القوات المسلحة، أفراد الأطقم الطبية، السكان المدنيون)، بأحكام الاتفاقيات والبروتوكولين. ٣٥٦ ثانيا عدم تعيين قواد للجيوش يجهلون عادات الحرب ً وأعرافها: ذلك أن الجهل يوقع في الخطأ ويؤدي إلى الانتهاك للقواعد المرعية والأسس المرضية في العمليات ا لحربية. يقول الكندي إنه يجب على الإمام أن: « لا يولي على حرب من لا يعرف سيرة ا لحرب »(١) .    ويقول ا لبطاشي: وكذا الحرب لا يولى عليها إلا من يعرف سياستها والحكم في العدو »  وكذلك لا يجوز للإمام أن يستعمل المحدث ،« وإلا كان جائرا إذا قدم الجائر  ً   « بعد ا لتوبة(٢) . في الولايات والأحكام والمحاربات إلا » عدم قيادة » ومن خير من عبر عن ذلك الإمام النزوي حيث وضع قاعدة  ولا شك أن العدل في العدو .« الجيوش لمن لا يعرف سيرة العدل في عدوه  يحتم  عدم ارتكاب جرائم، ومعاملة العدو وفق ً ا للقواعد واجبة الاتباع، وعدم انتهاك حقوقه الحربية. يقول ا لنزوي: وكذلك لا يولي على حربه إلا من يعرف سيرة العدل في عدوه فإذا » ولي شيئ ً ا من أمر الله من لا يعلمه، فقد حكم في أمر الله وعلى أمانته غير أهلها، وإلا فلا يولي إلا من يقوم به الحق، وينتفي به الباطل. ولو جاز ذلك « في تولية الأحكام، كان الإمام إمام جور(٣) . (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ١٧٨(٢) ، الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٩ ص ٣٤ -.٣٥ (٣) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ١٧٣ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي بل يذهب النزوي إلى حد القول بعدم وجود المحدثين ضمن قوات الجيش، ما لم يتوبوا(١) . ثالث ً ا عدم تنفيذ الأوامر الصادرة بانتهاك قواعد القانون الدولى الإنساني: من المعلوم أن النظام في الجيش قائم على تنفيذ الأوامر التي تصدر من الأعلى إلى الأدنى. لذلك يقول أطفيش في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ ÈÇ  ÐÏÎÍÌËÊÉ ﴾ [ [النساء: ٥٩ أمراء المسلمين » أنهم  في القرى والعساكر والقضاة والمفتين وعلماء الشرع على عهد رسول الله ژ « وبعده(٢) . إلا أن تنفيذ الأوامر يجب ألا يكون فيما يشكل معصية (أو بلغة العصر  الحديث ألا يؤدي إلى إرتكاب جريمة من جرائم الحرب). لذلك جاء في  بيان ا لشرع:  « لا مسالمة لأحد على معصية الله كما لا محاربة لأحد على طاعة الله » لا تنقض الطاعة بالمعصية ولا تثبت المعصية بالطاعة، ولكن » : ويضيف على هذا حتى يستكمل الناس جميعا الطاعة بحدودها وأعلامها ومنارها ً « وأحكامها وأنسابها(٣) . وعلة تنفيذ الأوامر الصادرة عن الأئمة أو القادة العسكريين تكمن في النتائج الخطيرة التي تترتب على ذلك. في هذا المعنى، قيل: (١) وقيل: استعمال الإمام المحدثين على وجهين. فما كان ا ستعمالا » : يقول النزوي ً في الأمانات، وقبض الزكوات، وحفظ الجنايات، فذلك جائز. وما كان استعمالا ً في الولايات . ذات المرجع، ص ١٧٨ « والأحكام والمحاربات، فلا يجوز ذلك إلا بعد التوبة (٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ٢٥٢(٣) .١٤٢ ، الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٤٠ ٣٥٨ فإن خطأ الأئمة هو أعظم وأشده على الناس بلاء، وذلك أنهم إذا » أخطأوا وجاروا فاتبعوا على خطئهم هلكوا وهلك من تولاهم على خطأهم « بعد الحجة عليهم بالعلم بما أتوا به مما هلكوا(١) .  ويستند الفقه الإباضي لتدعيم عدم تنفيذ الأوامر الصادرة بإرتكاب جرائم بصفة عامة (وفي وقت الحرب بصفة خاصة) إلى الحجج ا لآتية:  ١ أنه لا يجوز تنفيذ الأمر البين خطؤه أو الظاهر مخالفته للعرف والعادة: أي أنه لا يسمح بتنفيذ أمر يبدو، لأول وهلة، أنه ينطوي على إرتكاب فعل غير مشروع. لذلك جاء في بيان ا لشرع: قلت: فالإمام إذا رأوا منه حكما لا يعلم ما هو وفعل لا يعرف عدله ما » ً يكون حكمه؟ قال هو مصدق الفعل، ومؤتمن على ما ائتمنه الله والمسلمون حتى يعلم خطأه، ويتخذ وزراء من الصالحين ممن يخاف الله. قال غيره: أما إن كان حكمه مما يحتمل الحق والباطل، فهو كما قال إلا أن يستراب أمره في ذلك، ويتهم بالجور فيه، ويتظاهر ذلك عليه، فإذا لحقه الريب والتهمة في أحكامه ولو كان يتوب من ذلك إذا عوتب فيه. وإذا نزل بمنزلة التهيم، ولم يؤمن على، الأحكام جاز عزله ولم يجز تركه في الإمامة، لأنه لا يكون إماما تهيما. ًً وأما إن كان الحكم مما لا يحتمل إلا الباطل وحده، فلا يجوز قبول ذلك منه، ولا معونته عليه، ولا الشد على عضده، ولا أعلم في هذا اختلاف ً ا. كان العالم ذلك بحكمه جاهلا ً بباطله أو عالما، وأما من جهل باطله ممن ً « علم حكم ذلك فقد اختلف في ولايته(٢) . (١) السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع . السابق، ج ١٤ ، ص ٣٠٦(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٨ ، ص ٣٤٩ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ويكون الأمر ظاهر البطلان إذا كان يخرج عن: كذلك قيل .« تعارف العادة من فعل الأئمة والحكام »(١) : مسألة » : عن أبي الحسن البسياني من الزيادة المضافة. قلت: وإن قتل الإمام رجلا ً في مجلس الحكم فسئل عن ذلك فقال: إنه قتله بحق. قال: هو مصدق القول مطلق الفعل ما لم يخرج بفعله من تعارف العادة من فعل الأئمة والحكام. قلت: مثل ماذا؟ قال مثل أن يثب على أهل قرية فيقتلهم، ويخرب  ديارهم، وهم أبرياء في الظاهر، ولا نعلم منهم حدث ً ا يستحقونه فهنالك لا يقبل منه. ويستتاب. فإن تاب وإلا عزل وحورب، فإن أرسل سرية أو جيش ً ا لبعض الأسباب فنهبوا الأموال. وأحرقوا المنازل وسفكوا الدماء ما يلزمه؟. قال: إذا لم يأمر بذلك ولم يرض به كان على من أحدثه مأخوذ من جناه   على وجه الظلم. وليس ذلك على الإمام من فعل غيره ولكن عليه الإنصاف  .« من أهل ا لأحداث  ٢ أن الأوامر التي يجب تنفيذها هي تلك التي تتفق مع ما جاء في الكتاب والسنة والإجماع: إذ مما لا شك فيه أن الشريعة الإسلامية، في مصادرها ومواردها، تنهى عن ارتكاب فعل غير مشروع. لذلك جاء في ا لمصنف: وليس لأحد من الجبابرة أن يجبر الناس على حكم برأي مختلف فيه، » ولا على الناس أن يطيعوه فيه، وعليهم طاعته في الحكم الذي في كتاب الله والسنة وإجماع ا لأمة. (١) ذات المرجع، ص ٤٢٠ . انظر أيض ً . ا ص ٤٢٣ ٣٦٠ وإنما لهم أن يخالفوه فيما ليس عليهم له طاعة؛ لأنه إنما يحكم بالرأي على الناس الذين نلزمهم طاعتهم؛ لأن حكم أولى الأمر، الذين تلزمهم طاعتهم بالرأي لاحق بأحكام الفرائض المفروضة في كتاب الله تعالى؛ إذ فرض الله تعالى على الناس طاعتهم، ما لم يظهر خلافهم لدين المسلمين، « بوجه من ا لوجوه (١) . ٣ أن ارتكاب جرائم الحرب تنفيذ ً ا لأمر صادر، هو فعل وبالتالي لا تجوز التقية فيه: سبق القول إن الفقه الإباضي يأخذ بالتقية في الأقوال لا الأفعال. وبالتالي لا يجوز ارتكاب فعل ينطوى على جريمة، ولو كان ذلك تنفيذ ً ا لأوامر عليا. وهكذا جاء في منهج ا لطالبين: وتجوز التقية بالقول لا بالفعل، لأنه لو أمره الجبار أن يقتل نفسا أو » ً  يشرب خمرا أو يأكل لحم ميتة أو لحم الخنزير لم يجز له ذلك. ً قال أبو المؤثر 5 : لا تجوز التقية في قتل النفس التي حرم الله، « ولا في الزنا وأما أكل الميتة ولحم الخنزير وشرب الخمر فالله أعلم(٢) . لذلك يؤكد الفقه الإباضي على ضرورة الابتعاد عن الحكام الذين يصدرون أوامر غير مشروعة(٣) . (١) . النزوي: المصنف، ج ١٠ ، ص ٣٠١(٢) . الرستاقي: منهج الطالبين، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٤٣(٣) فقد جاء في منهج ا لطالبين: ونهى النبي ژ أن يأتي المسلم السلطان الجائر، ولو ظن أنه يأمره بمعروف أو ينهاه عن »منكر مخافة أن تختلجه الفتن دون ذلك، ونحب لمن غفل عنه السلطان الجائر وكان عنه بعيد ً ا أن لا يقربه ولا يصانعه، ولا يتوسل إليه، فإنه إن تعرض لمخالفته فقد تعرض لعقوبته، ولما لا يقوى عليه، وإن طلب رضاه بما يسخط الله فقد تعرض لعقوبة خالقه، وقال الله تعالى: ﴿ mlkjihg ﴾ [ [هود: ١١٣ ، وأعظم من ذكر ذلك = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي وهكذا في الإسلام لا يجوز اتخاذ فعل أو امتناع مخالف للقواعد العليا التي قررتها الشريعة، حتى ولو كان ذلك بناء على أمر من القائد أو الرئيس(١) . يقول الإمام ا لشيباني: وإذا دخل العسكر دار الحرب للقتال بتوفيق ا لله » 8 فأمرهم أميرهم بشيء من أمر الحرب، فإن كان فيما أمرهم به منفعة لهم فعليهم أن يطيعوه لقوله تعالى: ﴿ ÐÏÎÍÌËÊÉÈÇ ﴾ [ [النساء: ٥٩(٢) .« قال رسول الله ژ : » السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة .« ففي ا لحديث: أن الإمام إذا أمر بمندوب أو مباح وجب. قال المطهر: يعني سماع »   كلام الحاكم وطاعته واجب على كل مسلم سواء أمره بما يوافق طبعه أو لم  لا طاعة » يوافقه بشرط أن لا يأمره بمعصية، فإن أمره بها فلا تجوز طاعته إذ « لمخلوق في معصية ا لخالق(٣) . = أن يعينه على بعض أموره فيشركه في معصية الله، وأسلم الأمور له وأولاها به البعد منه الرستاقي، ذات المرجع، ص ٢٤٢ « إن قدر على ذلك -.٢٤٣ كذلك جاء في ا لمصنف: ومن دين المسلمين: أن لا يسيروا في جيش الظالمين، يظهرون المنكر، ولا يستطيع المسلمون ».« أن ينكروا عليهم. وفي الحق على المسلمين أن يعتزلوهم، ولا يشدوا على أعضادهم . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٧٤ . الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، ص ١٨٢ (١) إذ كما قال الإمام ا لسبكي: ليس لنا أن ننصب زواجر لم يأذن الشرع بها، ونحن تبع للشرع، حيث قال: اقتلوا، قتلنا، »الإمام تقي « وحيث لم نجد نصا توقفنا، ولا ننصب سياسات واستصلاحات من أنفسنا . الدين السبكي: السيف المسلول على من سب الرسول، ص ٢٠٩ (٢) شرح كتاب السير الكبير للشيباني، المرجع السابق، ج ١، ص ١٦٥ -.١٦٦ (٣) الإمام البغوي: شرح ا لسنة، ج ٥، ص ٢٩٩ - ٣٠٠ ، حديث رقم ٢٤٤٩ ؛ المباركفوري: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، المكتبة السلفية، المدينة المنورة، ١٣٨٤ ه - ١٩٦٤ م، . ج ٥، ص ٣٦٥ ٣٦٢ ومما يدل على عدم جواز الطاعة العمياء لأمر القائد وقت الحرب في السيرة ا لنبوية:  ما رواه علي 3 أن رسول الله ژ بعث جيش ً ا، وأمر عليهم رجلا ً وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فأجج نارا، وأمرهم أن يقتحموا فيها، فأبى ً قوم أن يدخلوها، فبلغ ذلك ا لنبي ژ فقال: » لو دخلوها، أو دخلوا فيها، لم  يزالوا فيها، وقال: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في ا لمعروف «(١) .   يقول الخطابي: قوله ژ : »لا طاعة في معصية ا لله :«  هذا يدل على أن طاعة الولاة لا تجب إلا في المعروف كالخروج في » البعث إذا أمر به الولاة، والنفوذ لهم في الأمور التي هي طاعات للمسلمين ومصالح لهم، فأما ما كان منهم معصية كقتل النفس المحرمة وما أشبهه فلا .« طاعة لهم في ذلك وقوله ژ : » إنما الطاعة في المعروف « لا في المنكر والمراد بالمعروف ما كان من الأمور المعروفة في الشرع، وهذا تقييد لما أطلق في الأحاديث المطلقة القاضية بطاعة أولي الأمر على العموم. ويذكر الخطابي تفسيرا آخر ً الطاعة لا تسلم لصاحبها ولا تخلص إذا كانت مشوبة بالمعصية، » هو أن « وإنما تصح الطاعات مع اجتناب ا لمعاصي(٢) . وبخصوص قوله ژ : »لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف « هذا تقييد لما أطلق من الأحاديث المطلقة القاضية » يقول الشوكاني إن « بطاعة أولي الأمر على ا لعموم(٣) . (١) مختصر سنن أبي داود للحافظ المنذري ومعالم السنن لأبي سليمان الخطابي، المرجع السابق، ج ٣، ص ٤٢٨ - ٤٢٩ ، حديث رقم ٢٥١١ ؛ شرح كتاب السير الكبير للشيبانى، المرجع السابق، ج ١، ص ١٦٦ - ١٦٧ ؛ الواقدي: كتاب المغازي، المرجع السابق، ج ٣، ص ٩٨٣ -.٩٨٤ (٢) الإمام الخطابي: معالم السنن شرح سنن أبي داود، ج ٢، ص ٢٣٠ -.٢٣١ (٣) الإمام الشوكاني: نيل الأوطار: المرجع السابق، ج ٧، ص ٢٢٩ -.٢٣٠ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ومما يؤيد ما قلناه ما حدث حينما دفع خالد بن الوليد وكان أميرا ً للجيش إلى كل مسلم أسيره وطلب منه أن يقتله. ففعل بعض المسلمين  ذلك. وحينما علم رسول الله ژ بتلك الواقعة. قال: » اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد «(١) . ولا شك أن ذلك دليل على أمرين: الأول: عدم جواز تنفيذ أمر القائد إذا كان يشكل مخالفة واضحة لقواعد  أخلاقيات ا لحرب.  الثاني: إعطاء المثل لأي قائد آخر قد يرتكب مثل ما إرتكبه خالد بأن  فعله لن يحظى بموافقة حاكم الدولة الإسلامية. ومن ثم فإنه لن يقدم على ذلك أبد ً ا، لذلك قيل(٢) : إن قوله ژ »اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد :« ُ لينزجر غير خالد بعد ذلك عن مثل فعله(٣) . ٤ مبادئ القانون الدولي ا لإنساني: للقانون الدولي الإنساني المعاصر مبادئ عديدة، تعرض لها كذلك الفقه الإباضي، وأهمها المبادئ ا لآتية: أولا ً مبدأ التمييز بين المقاتلين وغير ا لمقاتلين(٤) : نشير إلى المبدأ العام، وإلى دراسة للوضع القانوني لبعض ا لأشخاص. (١) فتح ) « إذا قضى الحاكم بجور أو خلاف أهل العلم فهو رد » بحث البخاري هذه المسألة تحت باب الباري بشرح صحيح البخاري، دار الفكر، بيروت، ١٤١٤ ه -١٩٩٣ م، ج ١٥ ، ص ٨٩ -.(٩٠ (٢)ذات المرجع، ج ٩، ص ٨٩ -.٩٠ (٣) راجع د. أحمد أبو الوفا: أخلاقيات الحرب في السيرة النبوية، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٤٣٠ ه -٢٠٠٩ م، ص ١٦٨ -.١٧١ (٤) والمقاتل في الإسلام يجب ألا يكون طفلا ً صغيرا، فعن ابن عمر قال: كنت يوم بدر ابن ً ثلاث عشرة سنة، وأتي بي إلى ا لنبي ژ فلم يقبلني وجعلني في حرس المدينة ثم أتيت في غزوة الأحزاب وأنا ابن خمس عشرة سنة فعرضت عليه فقبلني وأنفذني في الجيش فأمر عمر عند ذلك وكتب إلى أمراء الأنصار: أما بعد، فإن رجالا ً يفدون علي يسألون فرض = ٣٦٤   ٭ المبدأ ا لعام: القاعدة العامة في الفقه الإباضي هي أنه:  « لا يقتل من لا يقاتل »(١) . وجاء في عهد الإمام عبد الله بن يحيى إلى عامله عبد الرحمن بن محمد: ٰ « ومن كره الحق قاتلناه واستعنا بالله عليه »(٢) . وفي بيان ا لشرع: « فإنما يقاتل من قاتل فأما من لم يقاتل فلا يعرض له إلا بخير »(٣) .  لذلك بخصوص قوله تعالى: ﴿ ÈÇ ﴾ [ [البقرة: ١٩٠ ، يقول أطفيش: ﴿ ÈÇ ﴾ تجاوزوا ما حد لكم، بابتداء القتال، أو بقتل من لا يقاتل كالنساء والصبيان والرهبان والشيوخ والمعاهد، وكل من كف يده، وبالقتال بلا دعوة والمثلة(٤) . = أبنائهم وعشائرهم فانظروا ما أتاكم من فرض فريضة والمقابلة فتسألوا عن أسنانهم وأفصحوا عنهم فمن كان منكم بلغ خمس عشرة سنة فأفرضوا لهم في المقاتلة قال أبو المؤثر: الله أعلم قد يكون الغلام قد بلغ إلى الخمس عشرة سنة وعسى على أقل أو أكثر. الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٥٧ . كذلك قال الترمذى إلى عطية القرظي: عرضنا على رسول الله ژ يوم قريظة، فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خلى سبيله، وكنت ممن لم ينبت فخلى سبيلى. والعمل على هذا عند بعض أهل العلم أنهم يرون الإنبات بلوغ » : يقول أطفيش ً ا إن لم أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في .« يعرف احتلامه ولا سنه، وهو قول أحمد وإسحاق . فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٦٩ (١) . أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المرجع السابق، ص ٤٢٥(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٥٢(٣) لا نرى قتل الصغار من أهل القبلة » : ذات المرجع، ج ٦٩ ، ص ١٩١ . يقول السالمي . الإمام السالمي: تحفة الأعيان، المرجع السابق، ج ١، ص ٦٦ « ولا غيرهم(٤) أطفيش: تيسير التفسير، ج ١، ص ٤١٤ . ويقول ا لوارجلاني: = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي كذلك بخصوص ذات الآية، قيل: استنبط بعض العلماء منها منع قتل الصبي والمرأة والشيخ الهرم عند » قتال الكفرة، ومن فعل شيئ ً « ا من ذلك فهو ا عتداء(١) . كذلك وردت العديد من الأحاديث النبوية التي تنهي عن قتل من لا يقاتل من النساء والأطفال والشيخ الفاني فقد قال عثمان بن أبي شيبة وأبو داود إلى أنس بن مالك قال رسول الله ژ : » انطلقوا بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخ ً ا فانيا ولا طفلا ً صغيرا ًً ولا امرأة، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين «(٢) . وقال أبو داود والترمذي مصححا له إلى سمرة قال رسول الله ژ : ً  » اقتلوا شيوخ المشركين، واستبقوا شرخهم .« أراد الشيوخ المقاتلين والخارجين للرأي، وأراد بالشرخ الصبيان والشبان؛ المطموع في إسلامهم، أي هم الغلمان الذين لم ينبتوا(٣) . ومن الأحاديث الأخرى التي تؤيد المبدأ السالف ذكره. = فهذه عموم محتملة للتبعيض، « قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم » ومعلوم أن الله قال »فنسخ الله تعالى منهم أهل الذمة، فقال: ﴿ TSRQPONM _^]\[ZYXWVU ihgfed ﴾ [ [التوبة: ٢٩ . cb/ ` ثم خص رسول الله ژ من الجملة النساء، فنهى عن قتل نساء ا لمشركين. الوارجلاني: الدليل والبرهان، المرجع ،« ثم نسخ أبو بكر الرهبان الذين هم في الصوامع السابق، مج ٢، ج ٣، ص ١٢٤ -.١٢٥ (١) . الشيخ سالم بن خلفان: المرجان في أحكام القرآن، ج ١، ص ٢٠٥(٢) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٠٢ . انظر أيض ً . ا ص ١٧٧(٣) . ذات المرجع، ج ٥، ص ٩٨ ، ص ١٦٩ ٣٦٦ إن ا لنبي ژ رأى امرأة مقتولة في » قال البخاري ومسلم إلى ابن عمر  .« بعض مغازيه، فأنكر قتل النساء والصبيان وقال ابن أبي شيبة وابن ماجه إلى حنظلة الكاتب : غزونا مع رسول الله ژ فمررنا بامرأة مقتولة، قد اجتمع عليها الناس، فأخرجوا له،  وقال: ما كانت هذه تقاتل فيمن يقاتل ، ثم قال لرجل: انطلق إلى خالد بن الوليد فقل له إن رسول الله ژ يأمرك يقول: لا تقتلن ذرية ولا امرأة ولا عسيف ًا . كذلك قال ژ : »لا تقتلوا الذرية في الحرب .« فقالوا: يا رسول الله؛ أو ليس هم أولاد المشركين؟ وفي ليس ضمير الشأن وهم مبتدأ وأولاد خبر، قال: » أو ليس خياركم أولاد ا لمشركين؟«(١) . ٭ القواعد التي تخص ا لمبدأ: في الفقه الإباضي تخص المبدأ السابق ذكره القواعد ا لآتية: أولا ً أن النهي عن قتل بعض الأشخاص (كالنساء والأطفال والشيخ الخاص » الفاني والرهبان) هو تطبيق لقاعدة الخاص يقدم على العام لأن فيقدم الخاص على العام: فالنهي عن قتل ،« دلالته قاطعة والعام دلالته ظنية هؤلاء الأشخاص يعتبر تخصيص ً ا لقوله تعالى: ﴿ }| ﴾ [ [التوبة: ٥ ا(٢) الشامل لكل مشرك طفلا ً أو امرأة أو شيخ ً . ويعد ذلك إذن دليل على   إمكانية تخصيص ا لسنة للقرآن(٣) . (١) ١٥٢ ، انظر ذات المرجع، ٩٨ - .٢٣٩ ،١٥٣ (٢) معجم القواعد الفقهية ا لإباضية، ج ١، ص ٥٠٣ -.٥٠٥ ّ   (٣) يذكر د. باجو كمثال على تخصيص السنة للقرآن قوله تعالى: ﴿ ³²   ´ ﴾ [ [التوبة: ٣٦ . النساء والصبيان والرهبان وأهل العهد، بقوله ژ » فخصت السنة : »لا تقتلوا امرأة ولا صبيا .« وقال: »لا يقتل ذو عهد في عهده .« د. مصطفى باجو: منهج ً الاجتهاد عند ا لإباضية، المرجع السابق، ص ٥٠٦ -.٥٠٧ ّ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ثانيا أن تطبيق المبدأ السالف ذكره يفترض في أولئك الأشخاص ً الذين لا يقتلون ألا يقاتلوا، فإن اشتركوا في الحرب يمكن توجيه الضربات  إليهم وقتلهم. وبالتالي فإن من يعين على القتال أو يشترك فيه، تحت أية صورة من الصور، يعتبر من المقاتلين وبالتالي يمكن مهاجمته وقتله.   وقد أكد الفقه الإباضي على ذلك (١) : يقول أبو الحواري:  ولا يقتل الشيخ الكبير ولا الصبي الصغير ولا المرأة لأن ليس عليهم » جزية إلا أن يقاتلوا.  فإن قاتلوا قتلوا حتى ينتهوا أو يقتلوا وإن أعان الشيخ الكبير أو المرأة على القتال قتلا وأما الصبيان فلا يقتلوا حتى يقاتلوا فإن قاتلوا قتلوا.  « فهذا ما عرفنا من قول المسلمين من أهل الشرك من أهل ا لحرب(٢) . ويقول ا لبطاشي: وقد نهى عن قتل النساء والصبيان والشيخ الفاني وجوز قتله إن كان » (١) يدل على ذلك ما رواه أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن ا لنبي ژ قال: » إياكم وقتل ذراري المشركين ونسائهم إلا من قاتل منهم فإنها تقتل « قال: حاصر رسول الله ژ أهل حصن وكانت امرأة تقوم فتكشف فرجها بحذاء النبي ژ وهي تقاتل، فأمر رسول الله ژ الرماة أن يرموها فرماها سعد بن أبي وقاص فما أخطأها فسقطت من الحصن ميتة. . الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، حديث رقم ٧٩١ ، ص ٣٠٠ حاشية الترتيب للعلامة ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، دار البعث، . قسنطينة الجزائر، ج ٤، ص ٢٥٨ (٢) جامع أبي الحواري، المرجع السابق، ج ١، ص ٨٠ . انظر أيض ً ا الكندي: بيان الشرع، . المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٨٣ ٣٦٨ يعود إليه الأمر ولو لم يقاتل وكذا المرأة إن قاتلت أو أعانت وإن بغير « سلاح(١) . ثالث ً ا أن تطبيق المبدأ السالف ذكره يقتضي أيض ً ا تمييز المقاتلين عن غير المقاتلين. ويفترض ذلك فصل غير المقاتلين عن المقاتلين، ذلك أنه إذا لم يتم عدم » ذلك وتم قتلهم فإن ذلك يرجع إلى خطئهم. إلا أنه يشترط في هذه الحالة  إصابتهم. « بلا عمد ودون قصد » توجيه الضربات إليهم، أي يكون ذلك « تعمد وقد ورد في الفقه الإباضي ما يدل على ما قلناه: يقول ا لنزوي: وإذا خالطوهم (أي إذا خالط المسلمون أهل البوارج من الهند)، » أيرمونهم بالنار، من قبل أن يعرضوا عليهم شيئ ً ا؟ وقد يمكن أن يكون معهم من هو مسيء. فإن خفتم أن يكون معهم سبي، يعمهم ا لقتل. (١) الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، المرجع السابق، ص ٤١ ؛ الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٤٠ ؛ أبو غانم الخراساني: المدونة الكبرى، ج ٣، ص ٣٣٨ ؛ أبو إسحاق بن قيس: مختصر الخصال، المرجع السابق، ص ١٩١ -.١٩٢ ومن المعلوم أن لدى غير المسلمين ما يعرف باسم الرهبان (وهم الحبساء أي الحابسون أنفسهم عن مضارب الدنيا) والشمامسة (وهم القوام على بيعهم وكنائسهم وبيوت نارهم). وقد أمر أبو بكر الصديق حينما بعث جيش ً ا بقيادة يزيد بن أبي سفيان إلى الشام بقتل الشمامسة ونهى عن قتل ا لرهبان. قال ابن إسحق وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير وقال: هل تدري لم أمر أبو بكر بقتل الشمامسة ونهى عن قتل الرهبان؟ فقلت: أراه لحبس أنفسهم، فقال أجل الشمامسة يحضرون القتال فيقاتلون؛ قلت: أو لا يقاتلون لكن يرجع إليهم أمر القتال؛ والرهبان رأيهم ألا يقاتلوا، وقد قال ا لله 8 : ﴿ ÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ ÎÍÌË ﴾ [ [البقرة: ١٩٠ . ، راجع ابن جعفر: الجامع، المرجع السابق، ج ٣ ص ١٤٣ ؛ أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المطبعة العربية، غرداية، ١٤٢٢ ه - ٢٠٠١ م، ص ٤٢٤ -.٤٢٥ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي  فأحب إلينا أن يقال لهم: إن كان أحد فيكم مسبيا، فليعرفنا مكانه؛ لئلا ً « يقتل(١) . ويقول أطفيش: ولا بأس إذا قتل من لا يحل قتله كالمرأة والصبي إذا قتلوا بلا عمد » لوجودهم فيمن يحل قتله كما في الغارة، وهو معنى ما روي أنه سئل رسول الله ژ عن نساء وصبيان أصيبوا في القتال فقال: (هم منهم)، أي « تعرضوا لذلك لكونهم فيهم فأصابهم ا لقتل(٢) . وجاء في بيان الشرع بخصوص بيات البغاة خلال شن الحرب عليهم: وإن على من في معسكرهم ممن ليس بحرب للمسلمين أن يعتزل »  عسكرهم في وقت الحرب لهم فإن لم يفعلوا فلا إثم على المسلمين فيما « أصابهم إن شاء الله، وفيهم الدية والكفارة(٣) . ٭ الوضع القانوني لبعض الأشخاص من المقاتلين وغيرهم: إلى جانب الأمور العامة السابق ذكرها، أشار الفقه الإباضي إلى أمور تخص فئات معينة من الأشخاص، وهم: الجرحى والمرضى: وقوع جرحى في الحروب الإسلامية أمر ثابت، دليل ذلك أنه في غزوة أحد كسرت رباعية النبي ژ . وهذا أيض ً ا ما حدث للمسلمين في الكثير من الغزوات(٤) . (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٥٩(٢) . أطفيش: شرح عقيدة التوحيد، المرجع السابق، ص ٤٢٥(٣) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٠٤(٤) راجع تفصيلات في الكندهلوي: حياة الصحابة، ج ١، ص ٤٨٨ - ٤٩٣ (باب الجهاد الطعن والجراحة في سبيل ا لله). ٣٧٠ « الصريع الذي لا قتال فيه » والمقصود بالجريح(١) . ويأخذ ذلك « صريع مستسلم أو جريح متشحط » : خصوصا صورة(٢) . ً والإجازة على جريح المشركين جائزة والكف عن » : ويقول الثميني « جريح الموحدين عندنا مكرمة(٣) . يقول النزوي إن رسول الله ژ سن في حرب المشركين أن:  « يجهز على جريحهم، ويقتل مقبلهم ومدبرهم »(٤) . كذلك جاء في كتاب وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث: قال أجاز على جريح مثخ « باب من » أبو داود َ ينفل من سلبه « ن(٥) .  (١) . الشيخ عبد الله النزوي: فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم، ج ٣، ص ٣٢٦ (٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٢٣ (٣) يقول محقق الكتاب: ،« والإجازة على جريح المشركين جائزة » : بخصوص قول الثميني .«( كذا بنسخة المؤلف، والظاهر أن صواب العبارة (والإجهاز على جريح المشركين جائز »الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، تحقيق حفيد المؤلف محمد بن صالح الثميني، . وزارة التراث القومي والثقافة، ص ٢٣٩ الأصمعي: أجهزت على الجريح إذا أسرعت قتله وقد تممت عليه، » :« الصحاح » وفي .«... ولا تقل: أجزت على ا لجريح الجيطالي: قواعد الإسلام مذيلا ً بحاشية الشيخ ابن أبي ستة، تحقيق بشير بن موسى، . ج ١، ص ٢٦٣ ويبدو أن الإجهاز على الجرحى كان عادة قديمة لذلك في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ { | ﴾ [ [آل عمران: ١٣٩ ، يقول أطفيش: ﴿ |{ ﴾ تضعفوا عن قتال الكفار في سائر الحروب بعد أحد كبدر الصغرى، بل كبقية يوم أحد أيضا فإنه بعدما وقع القتل في ً المسلمين والأسر وافترقوا مع المشركين أمرهم النبي ژ باتباعهم وطلبهم إما مطلق ً ا وإما إن » : ليمنعوهم عن القتلى لئلا يمثلوا بهم، وعمن بقيت فيه حياة، فاشتد عليهم، فقد قيل . أطفيش: تيسير التفسير، ج ٣، ص ١٤ « الآية نزلت في ذلك (٤) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٣٨ (٥) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢١٥ كذلك بخصوص المشركين يقول ا لبسيوي: = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي يقول ابن محبوب في رسالة المحاربة إن رسول الله ژ سن في حرب المشركين: .« أن يجاز على جريحهم »بينما بالنسبة للبغاة يقول: وأما الجرحى فلا يجهز عليهم ما كانت جراحاتهم تحول بينهم وبين » البغي والظلم، نحو ما قلناه في الأسارى منهم، وإن كانت به جراحة خفيفة غير معجزة له عن بغيه فسبيله سبيل أصحابه. وإن كان مع ما به من الجراحة مقيما ً  « على الظلم والبغي، فللمسلمين قتله ما لم يمكنهم منعه من ذلك إلا بقتله(١) . معنى ذلك أنه يجب التفرقة بالنسبة للجرحى بين أمرين: ١ في حروب البغي إذا كان الجريح عاجز ً ا عن القتال فإنه لا يجوز الإجهاز عليه. ويتفق ذلك مع قواعد القانون الدولي الإنساني التي تقرر أنه إذا أصبح المقاتل عاجز ً ا عن القتال hors de combat فلا يجوز المساس به. أما إذا كانت الجراحة بسيطة وخفيفة فيمكن قتله إن كان ذلك ضروريا لمنعه من قتل من ً يحاربهم. ويتفق ذلك أيضا مع قواعد القانون الدولي الإنساني ا لمعاصر. ً ٢ في الحروب الدولية: يمكن الإجهاز على الجرحى، بغض النظر عن نوع جراحاتهم (شديدة ومعجزة أم بسيطة وخفيفة). ويخالف ذلك قواعد القانون الدولي المعاصر بالنسبة للجراحات التي تعجز المحارب عن = .« ويجاز منهم على الجريح لأنهم خلاف أهل ا لصلاة »البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ُ ١٤٠٤ ه - . ١٩٨٤ م، ج ٤، ص ١٤١ ؛ الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٢٥٣ (١) .٥٣ ، ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، كتاب المحاربة، ص ٣٥ الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٠٥ ؛ الشيخ الرقيشي: النور الوقاد على . علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٣٨ ٣٧٢ القتال hors de combat ، ومن باب أولى غيره من الجرحى ما داموا انتهوا عن القتال؛ إذ في هذه الأحوال لا يجوز الإجهاز Achever ـ Finish off على ا لجرحى(١) . إلا أننا نود أن نذكر ما يأتي: ١ أن علة القتال في الفقه الإباضي هي المحاربة وليس الاختلاف في الدين. ٢ أن الفقه الإباضي يجيز أسر المحاربين من الأعداء (والإمساك بالجريح هو نوع من الأسر)، كما أن الجريح الذي لم يعد يشترك في القتال، يعتبر في حكم الواقع أسيرا، والقاعدة في الفقه الإباضي أن الإمام ً هو الذي يقرر مصير الأسرى لأنه هو المختص بالشؤون الخارجية للدولة الإسلامية، وبالتالي لا يكون هذا المصير في يد الوحدة العسكرية الآسرة، أو الجندي ا لآسر. ٣ أنه  من الثابت أنه: وإذا نهى الإمام الجيش عن قتل جريح ثم تعدى أمره أحد، وجاوز » « نهيه، فإنه يؤخذ بضمان ما فعل، ولا يضمنه الإمام(٢) . معنى ذلك ونتيجته الحتمية أن للإمام أن ينهى جيوشه عن قتل ا لجرحى. ،« يجاز على جريحهم » لذلك فإننا نرى أن الفقه الإباضي بإجازته أن أي صاحب ؛« القادر على القتال » يجب أن يفهم بأن المقصود به الجريح الجراحة البسيطة الذي إن ترك فسيعود حربا على المسلمين، وبالتالي، وما ً لم يظهر نيته في الاستسلام وبالتالي الأسر فإنه يمكن توجيه الضربات إليه والتخلص منه أثناء ا لقتال. (١) . د. أحمد أبو الوفا: النظرية العامة للقانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص ٩٠(٢) . الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع السابق، ص ٢٤٠ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي بذا في رأينا يرتفع التناقض المذكور أعلاه مع قواعد القانون الدولي  الإنساني ا لمعاصر. يقول الشيخ علي يحيى معمر: وفي جميع الأحوال يرى الإباضية أنه يجب أن تكون دماء العجزة » ّ البرآء سواء أكانوا شيوخ ً ا أم مرضى أم نساء أم أطفالا ً أم حتى معتزلين لحركة القتال مصونة، امتثالا ً وعملا ً بأمر رسول الله ژ ، واقتداء بخلفائه « الراشدين عند توجيههم لجيوش ا لفتح(١) . أما بالنسبة للمرضى، فيعتبر الشيخ الرقيشي من القلائل في الفقه الإباضي أثناء النزاعات المسلحة، فبخصوص قول ا لناظم: « المريض » الذين بينوا وضع وليس يقتل شيخ ولا المريض والخود إن لم ينصروا الجهلا يقول ا لرقيشي: في المريض الذي حبسه مرضه فهو كالذي حبسته جراحته عن القتال، » فإن كان مشرك ً ا عرض عليه الإسلام أو الجزية إن كان كتابيا فإن أبى قتل، ً وأما إن كان من أهل البغي فإن منعته جراحته عن بغيه فلا يقتل إلا أن كان « مقيما على بغيه ويشمر أهل البغي ويحرضهم بلسانه فإنه يقتل(٢) . ً (١) الشيخ علي يحيى معمر: الإباضية بين الفرق الإسلامية، نشر جمعية التراث، القرارة ّ غرداية، الجزائر، ١٤٢٣ ه - ٢٠٠٣ م، ص ٤٣٥ . حري بالذكر أنه إجابة على سؤال: هل يجوز لي أن أتبرع بدم لمريض أوشك على الهلاك وهو على غير دين ا لإسلام؟ يقول المفتي العام لسلطنة عمان: ُ يختلف الحكم بين كونه محاربا وغير محارب، فإن كان محاربا للإسلام وللمسلمين فلا » ًً ريب أنه ليست له حرمة، ونفس وجوده يشكل خطرا على الإسلام، أما من كان مسالما ًً وعلاقته بالمسلمين علاقة حسنة فإن الله تعالى قال في أمثاله: ﴿ NMLKJI ^]\[ZYXWVUTSRQPO ﴾ « [ [الممتحنة: ٨ . . الشيخ أحمد بن حمد الخليلي: الفتاوي الطبية، ص ٢٥٤(٢) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٤٢ ٣٧٤ معنى ذلك أن المريض يحكم وضعه القانوني قاعدتان: الأولى ألا يشارك في القتال، فالمرض حبسه عنه. والثانية أنه كالجريح في كيفية التعامل معه وتحديد مصيره. ا لجواسيس: التجسس ممقوت، سواء كان لتتبع عورات الناس(١) أو للتجسس على الدولة الإسلامية لحساب العدو، وسواء تم ذلك في وقت السلم أو في زمن « التجسس أدهى وأمر، وأقبح وأشر » الحرب. ذلك أن (٢) . لذلك نهى الله عنه في قوله تعالى: ﴿ - .﴾ [ [الحجرات: ١٢ . وسئل علي بن أبي طالب عن الجاسوس هل هو في القرآن؟ فقال: نعم، قوله 8 : ﴿ ¶ ¸ ¹﴾ [ [التوبة: ٤٧ . ومن خير ما كتب بخصوص التجسس لحساب العدو والتحذير منه في الفقه الإباضي، ما جاء في بيان ا لشرع: فمن ترك هذا فالطريق له مهيأ ليذهب حيث شاء من البر والبحر وليكن » امرؤ على حذر أن يتبع عورات المسلمين ويكاتب عدوهم. ويشغب عليهم فيجعل تشغبه عن المسلمين بطانة قد نهى الله عن إقرارهم بين ظهراني المسلمين لقوله: ﴿ XWVUTSRQPO hgfedcba`_^]\[ZY ji﴾ [ [آل عمران: ١١٨ ولقوله: ﴿ § ®¬«ª©¨ »º¹ ¸¶µ´³²±°¯ ❁ ÃÂÁÀ¿¾½ ﴾ [الأحزاب: ٦٠ -[٦١ ، فمن كان مان، (١) الشيخ أبو سعيد الكدمي: الاستقامة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ ١٤٠٥ ه -. ١٩٨٥ م، ج ٢، ص ١٥١ (٢) . سلمة العوتبي الصحاري: كتاب الإبانة في اللغة العربية، ج ٢، ص ٣٧٠ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي   في قلبه مرض لأهل هذا الحديث أو زيغ عنه إلى غيره وللمسلمين غاش فليذهب حيث شاء وليطلب دارا غير دار المسلمين ولا تقولن غد ً ا أو بغتة ً قد ظلمت واع ْت ُ دي َ « علي فإنا قد أعذرنا وأنذرنا والله ا لمستعان(١) .   وبخصوص التعامل مع الجاسوس الذي يعمل لصالح الأعداء(٢) ، فقد  قال الإمام ا لسالمي: (١) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٤٢(٢) توجد حادثة شهيرة وقعت في عهد ا لنبي ژ ، لكنه لم يوقع عقابا على صاحبها: ً  بعثني رسول الله ژ أنا والزبير » : فقد قال أبو داود إلى أبي رافع سمعت عليا يقول ً والمقداد قال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها، فانطلقنا  تتعادي بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة فقلنا: هلمي الكتاب. فقالت: ما عندي   من كتاب. فقلت: لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب. فأخرجته من عقاصها. فأتينا به ا لنبي ژ ، فإذا هو من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين، يخبرهم ببعض أمر رسول الله ژ . فقال: ما هذا يا حاطب؟ فقال: يا رسول الله؛ لا تعجل علي، فإنى كنت امرأ ملصق ً ا في قريش ولم أكن من أنفسها، وإن قريش ً ا لهم بها قرابات يحمون بها أهلهم بمكة، فأحببت إذ فاتني ذلك أن اتخذ فيهم يد ً ا يحمون بها قرابتي، والله ما كان بي كفر ولا ارتداد. فقال رسول الله ژ : صدقكم . فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال رسول الله ژ : قد شهد بدر ً ا، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم . وفي رواية: والله لأقتلنك أو لتخرجن ا لكتاب . وبسطت القصة في شرح نونية المديح، التي منها: تيمم نجد ً ا في تلهفه الجاني يؤم رسول الله للإنس والجاني . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٠٧ كذلك قال النيسابوري لما هم رسول الله ژ بقطع نخيل أهل الطائف جاء عيينة بن حصن فقال: يا رسول الله ائذن لي أن أكلمهم لعل الله يهديهم، فأذن له ا لنبي ژ فانطلق حتى دخل الحصن فقال: بأبي أنتم تمسكوا بمكانكم والله لنحن أرذل من العبيد، وأقسم بالله لئن حدث به حادث لتكلمن العرب عز ً ا ومنعة فتمسكوا بحصنكم وإياكم أن تعطوا بأيديكم ولا يتكابرن عليكم قطع هذه الشجرة، ثم رجع عيينة إلى ا لنبي ژ ثم قال له ا لنبي ژ : ماذا قلت لهم يا عيينة؟ قال: قلت لهم وأمرتهم بالإسلام ودعوتهم إليه وحذرتهم من النار ودللتهم على الجنة، فقال رسول الله ژ : « كذبت بل قلت لهم كذا وكذا » فقص عليه .« رسول الله ژ حديثه فقال: صدقت يا رسول الله أتوب إلى الله وإليك من ذلك أطفيش: السيرة الجامعة من المعجزات اللامعة، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٠٥ ه -١٩٨٥ م، ص ١٩٤ -.١٩٥ ُ ٣٧٦ « ا(١) وحكم الجاسوس قتله شرع » ً .  وجاء في بيان ا لشرع: « من اتهم أنه يعين العدو فإنه يحبس حتى تضع الحرب أوزارها »(٢) . وجاء فيه أيض ً ا: وسئل عن عين عدو المسلمين إذا أخذت ما يصنع بها؟ قال: يحبس » « حتى تسكن الحرب وإن كان قد قتل بدلالته قتل هو (٣) . تجدر الإشارة إلى أن التجسس يعتبر سببا من أسباب نقض ا لعهد(٤) . ً وفي المذاهب الإسلامية الأخرى آراء قريبة مما أخذ به الفقه ا لإباضي. وهكذا يقول أبو يوسف: وسألت يا أمير المؤمنين عن الجواسيس يوجدون وهم من أهل الذمة » أو أهل الحرب أو من المسلمين فإن كانوا من أهل الذمة ممن يؤدي الجزية من اليهود والنصارى والمجوس فاضرب أعناقهم، وإن كانوا من أهل « الإسلام معروفين فأنجعهم عقوبة وأطل حبسهم حتى يحدثوا توبة(٥) .  وعن سلمة بن الأكوع 3 قال: أتى النبي ژ عين من المشركين وهو (١) أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق . المتقدمين، ج ٤، المرجع السابق، ص ٣٧٨(٢) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٠٤(٣) . ذات المرجع، ج ٧٠ ، ص ٣٨٦(٤) لذلك قيل: والذمي ينقض العهد بأمور منها: الدلالة على عورات المسلمين، وإظهار عين إلى » َ .« الكفار، وحكمه: يقتل أو يستعبد، أو يجبر على الإسلام، فإن أبى قتل، أو يسترق الشيخ ناصر البهلاني: العقيدة الوهبية، مكتبة مسقط، ١٤٢٥ ه -. ٢٠٠٤ م، ص ٣٥٢ (٥) كتاب الخراج لأبي يوسف، المرجع السابق، ص ٢٠٥ -.٢٠٦ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي في سفر، فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انفتل فقال ا لنبي ژ : اطلبوه » « واقتلوه فنفلني سلبه(١) .  يقول ابن دقيق العيد: إن ا لحديث: فيه تعلق بمسألة الجاسوس الحربي وجواز قتله ومن يشبهه ممن » « لا أمان له(٢) . تجدر الإشارة أن القانون الدولي المعاصر يقرر أن الأشخاص الذين يتم   ضبطهم كجواسيس ليس لهم الحق في أن تتم معاملتهم كأسرى حرب، كما أن من يتم اتهامه بالتجسس يجب عدم معاقبته إلى أن تصدر السلطة القضائية المختصة حكما بشأنه(٣) . ً   ا لرد ْ ء (أو ا لترس): قد يحدث أثناء الحرب أن يكون بين الأعداء أشخاص لا يجوز  قتالهم، كالنساء والأطفال والشيوخ أو أسرى المسلمين. وقد يتخذ الأعداء (١) . الإمام البغوي: شرح ا لسنة، ج ٥، ص ٥٨٩ ، باب حكم الجاسوس، حديث رقم ٢٧٠٣ (٢) . ابن دقيق العيد: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، ج ٤، ص ٢٣٣ ويقول الإمام ا لشوكاني: الحديث دليل على جواز قتل الجاسوس قال النووي فيه قتل الجاسوس الحربي الكافر »وهو باتفاق وأما المعاهد أو الذمي فقال مالك والأوزاعي ينقض عهده بذلك وعند الشافعية خلاف أما لو شرط عليه ذلك في عهده فينتقض ا تفاق ً ا. ولعل ذلك يبرره أنه اطلع .« على عورات ا لمسلمين الشوكاني: نيل الأوطار، ج ٨، ط الحلبي، القاهرة، ص ٦ - ٨، ويلاحظ أن البخاري ذكر الحديث تحت باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان، (راجع البخاري بشرح الكرماني، المطبعة المصرية، القاهرة، ١٣٥٤ ه -١٩٣٥ م، ج ١٣ ، ص ٤٨ -.(٤٩ دليل على أن من دخل دار الإسلام من أهل الحرب » ويقول الإمام البغوي إن الحديث فيه . البغوي شرح ا لسنة، المرجع السابق، ج ٥، ص ٥٨٩ « من غير أمان حل قتله (٣) . د. أحمد أبو الوفا: النظرية العامة للقانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص ٨٧ ٣٧٨ في اللغة الإنجليزية تستخدم كلمة ) « ردء » من هؤلاء الأشخاص shields أي لمنع المسلمين من شن الهجوم عليهم (أي على ا لأعداء). (« دروع بشرية » وفي القانون الدولي الإنساني المبدأ المستقر هو: مبدأ عدم جواز استخدام الأشخاص المحميين كدروع بشرية: علة ذلك، بداهة، هو أن استخدام الأشخاص المحميين كدروع بشرية Human Shields يعرضهم للخطر ويفقدهم الحماية المقررة لهم. لذلك نصت ٣)، وهو / الاتفاقية الثالثة على عدم جواز ذلك بالنسبة لأسرى الحرب (م ٢٣ ما أكدته أيض ً ا الاتفاقية الرابعة بخصوص المدنيين (م ٢٨ ، وكذلك المادة ٧ من البروتوكول الأول الإضافي). كذلك نص النظام الأساسي /٥١للمحكمة الجنائية الدولية على أن استخدام الشخص المحمي لجعل بعض النقاط، أو المناطق، أو القوات المسلحة بمنأى عن العمليات العسكرية، يعد ٢/ب) / جريمة حرب (م ٨(١) . وقد ذكر القرآن الكريم موقف ً ا مشابها، وذلك في قوله تعالى: ً CBA@?> ﴿ <;:9876 = RQPONMLKJIHGFED ^]\[ZYXWVUTS _` ﴾ [ [الفتح: ٢٥ . فقوله تعالى: ﴿ KJ ﴾ : أي أن تقتلوهم إذا دخلتم مكة عنوة، وأنتم فتصيبكم بذلك معرة وعيب، فتندمون على فعلتكم وتقولون: » لا تعرفونهم قتلنا فلان ً ا وفلان ً ا وهم مؤمنون ونحن لا نعلمهم، ويقول أعداؤكم المشركون: إن أصحاب محمد يقتل بعضهم بعضا، وهم ينتهزون كل فرصة يتعلقون بها ً « فيشيعونها بين ا لناس (٢) . (١) . د. أحمد أبو الوفا: النظرية العامة للقانون الدولي الإنساني، المرجع السابق، ص ٨١(٢) . الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٩ ، ص ٢٩١ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي وقوله تعالى: ﴿ ZY ﴾ لو كانوا منفصلين متباينين، لو كان المسلمون » : يعني المستضعفون في مكة في جهة خاصة غير مختلطين بالمشركين، لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما، ولكنهم مختلطون في وسط الكفار، وإذا وقع ًً قتل فإنه يكون قتلا ً جماعيا، فتذهب طائفة من المؤمنين ضحية هذا القتال، ً « ا(١) ويسفك دمهم هدر . ً تجدر الإشارة أن الإمام الأوزاعي استند إلى هذه الآية (رقم ٢٥ من سورة الفتح) لرفض ضرب المتترس بهم من ا لمسلمين.  فكيف يرمي المسلمون من لا يرونه » : يقول الأوزاعي تعقيبا على ذلك ً « من المشركين؟ إنما يرمون أطفال ا لمسلمين(٢) . (١)ذات المرجع، ص ٢٩١ -.٢٩٢ (٢) وقد رد أبو يوسف على ذلك بقوله: تأويل الأوزاعي هذه الآية في غير موضعها، ولو كان يحرم رمي المشركين وقتالهم إذا »كان معهم أطفال المسلمين لحرم ذلك أيض ً ا منهم إذا كان معهم أطفالهم ونساؤهم، فقد نهى رسول الله ژ أهل الطائف وأهل خيبر وقريظة والنضير، وأجلب المسلمون عليهم فيما بلغنا أشد ما قدروا عليه. وبلغنا أنه نصب على أهل الطائف المنجنيق، فلو كان يجب على المسلمين الكف عن المشركين إذا كان في ميدانهم الأطفال لنهي رسول الله ژ عن قتلهم، لم يقاتلوا لأن مدائنهم وحصونهم لا تخلو من الأطفال والنساء والشيخ الكبير .« الفاني، والصغير، والأسير والتاجر راجع الرد على سير الأوزاعي للإمام أبي يوسف، تحقيق أبو الوفا الأفغاني، لجنة إحياء المعارف النعمانية بمصر، مكتبة دار الهداية، القاهرة، ص ٦٥ - ٦٧ . الأم للشافعي، دار . الشعب، القاهرة، ج ٧، ص ٣٤٩ ويأخذ الإمام الشافعي بما قرره الإمام الأوزاعي في أحوال معينة، حيث يؤكد: والذي قال الأوزاعي أحب إلينا إذا لم يكن بنا ضرورة إلى قتال أهل الحصن وإذا كنا في »سعة من أن لا نقاتل أهل حصن غيره، وإن لم يكن فيهم مسلمون كان تركهم إذا كان فيهم المسلمون أوسع وأقرب من السلامة من المأثم في إصابة المسلمين فيهم ولكن لو = ٣٨٠  تجدر الإشارة أن الفقه الإسلامي أكد على استنقاذ أهل الذمة والمستأمنين في حالة التترس بهم وأظهر بذلك المساواة في أبهى صورها بينهم وبين المسلمين على أساس أنه يسري على هؤلاء ما يسري على أولئك. وإن تترسوا بأهل الذمة أو » : وهكذا جاء في المجموع شرح المهذب بمن بيننا وبينهم أمان كان الحكم فيه كالحكم فيه إذا تترسوا بالمسلمين « لأنه يحرم قتلهم كما يحرم قتل ا لمسلمين(١) . وهو ما أكده الإمام النووي بقوله: ولو تترس الكفار بذمي أو مستأمن أو عبد، فالحكم في جواز الرمي »  والدية والكفارة كما ذكرنا (بخصوص المسلم)؛ لكن حيث تجب الدية، « فيجب في العبد قيمته(٢) . وقد وضع الفقه الإباضي عدة قواعد بخصوص التعامل مع الترس  (الردء)(٣) : = اضطررنا إلى أن نخافهم على أنفسنا إن كففنا عن حربهم قاتلناهم ولم نعمد قتل مسلم فإن أصبناه كفرنا وما لم تكن هذه الضرورة فترك قتالهم أقرب من السلامة وأحب إلي .« . الأم للشافعي، ذات المرجع، ص ٣١٩ (١) .١٩٧ ، المجموع شرح المهذب، المرجع السابق، ج ١٨ ، ص ٧٨(٢) النووي: روضة الطالبين، ج ١٠ ، المرجع السابق، ص ٢٤٦ وما بعدها. (٣) يقول ابن محبوب: وإن كان في عسكر الباغين أسارى من المسلمين، وخاف المسلمون استئصال الباغين »لعسكرهم، كان على كافة المسلمين إعانتهم عليهم ولهم استعانة بأهل عهدهم ومن قد أمن عندهم من أهل حربهم ما كان المسلمون القاهرين لهم والحكام عليهم، وللمسلمين عند ذلك حصار هؤلاء الباغين وقطع المواد عنهم، وديات من هلك بذلك من أسارى المسلمين عندهم في بيوت أموالهم، نحو ما قيل به في خطاء أئمة المسلمين وحكامهم. وقد قيل بقطع المواد عنهم ما لم يرج المسلمون إزالة بغيهم بدون ذلك من الفعل بهم وإن كان في عسكرهم من ليس بحرب لهم من تجارهم وأطفالهم وحرمهم، وأن لهم = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ٣٨١ ١ أنه إذا تحصن العدو ببعض من لا يجوز قتاله، كالأسرى من المسلمين أو النساء أو الشيوخ أو الأطفال، فإنه يتم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع وصول الضربات العسكرية لهؤلاء ا لأشخاص. ٢ أن على العدو ألا يتحصن بمثل هؤلاء الأشخاص، بل على هؤلاء الأشخاص أن يعتزلوهم وقت الحرب لهم، أي عليهم تمييز أنفسهم حتى لا توجه الضربات إليهم(١) . ٣ إذا حدث وقتل أو أصيب بعض هؤلاء الأشخاص، رغم ما تم اتخاذه من احتياطات، تطبق قواعد الضمان المتعلقة بالخطأ في التقدير ويتحملها بيت ا لمال(٢) . وهكذا جاء في بيان ا لشرع: وقلت: قد يمكن أن يكون فيه أطفال ومأسورون؟ فلا يتعمدوا شيئ » ً ا من ذلك وتكون حربهم وقتلهم لعدوهم وهم إليه يقصدون وإياه يريدون فإن = رميهم بالحجارة والسهام وإن كان عندهم سيصيبون بذلك بعض أطفالهم، كما كان ذلك جائز ً ا في المشركين لما يحرم قتل أطفالهم، ما لم يكن ذلك بالقصد منهم إليهم. وإنما لم   يجز في البيات الذي ذكرناه ألا يقتل (فيه) إلا من قاتل منهم، لأنه لا يقتل بالسيف إلا من قصد إلى ضربه، وليس كذلك الرمي بالحجارة والسهام، لأنه بالرمي لا يقصد إلى من ليس بحرب له من عسكر الباغين، وإنما يقصد بذلك في نيته إليهم. فهذا، وإن على من في عسكرهم ممن ليس بحرب للمسلمين أن يعتزل عسكرهم في وقت الحرب لهم، فإن « لم يفعلوا فلا إثم على المسلمين فيما أصابهم إن شاء الله تعالى، ولهم الدية والكفارة . ابن محبوب: ثلاث رسائل إباضية، كتاب المحاربة، ص ٥١ (١) وهكذا جاء في بيان ا لشرع: وقلت: إن خالطوهم، أيرمونهم بالنار من قبل أن يعرضوا عليهم شيئ » ً ا وقد يمكن أن يكون معهم من هو مسبي؟ فإن خفتم أن يكون معهم سبايا يعمهم القتل فأحب إلينا أن يقال لهم: الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ١٩٤ « إن كان فيكم أحد مسبي فليعرفنا مكانه -.١٩٥ (٢) .« الضمان أو المسؤولية الدولية في الفقه ا لإباضي » انظر ما قلناه بخصوص ٣٨٢  أصابوا أحد ً ا ممن لا يحل لهم ذلك مثل أسارى المسلمين وأهل الذمة فإن « ديتهم على عاقلة الذي جنى عليهم(١) . ويقول أطفيش (في تفسيره للآية ٢٥ من سورة ا لفتح): وأيضا نقول: لا إثم في قتل مسلم مستور بين أهل الحرب أسلم من قبل أو » ً أسلم في الحرب، وعلى القاتل الدية، أو العاقلة، أو في بيت المال، أو لا دية  أيضا كما لا إثم. وقال الطبري: المعرة الكفارة، وهو قول، وهو كسائر قتل الخطأ، ً وقيل: لا كفارة. وبالكفارة قال أبو حنيفة وأبو يوسف. وقال صاحبهما محمد: على قاتله الدية. وقال الشافعي: عليه القصاص، وهو خطأ، كيف يكون القصاص على قتل الخطأ؟! وفسر بعضهم المعرة تفسير معنى بالدية والكفارة، وقول « المشركين: إن المؤمنين يقتلون أهل دينهم، ولا إثم إن جرى بعض تقصير (٢) . ويقول ا لبطاشي: ولا يهجم عليه (أي على الباغي) بل يطلب بإمهال أن اتبع فوجد » مختلط ً ا بغيره من الناس ولا يقاتل كذلك لئلا يصيبوا غير الباغي ولئلا يرد عليهم من خلطوا به وينتصر لهم قال القطب 5 ويناسب ذلك قوله تعالى: ﴿ EDC ﴾ [ [الفتح: ٢٥ إلى قوله: ﴿ ]\[ZY ^_` ﴾ [ [الفتح: ٢٥ «(٣) . يتضح مما تقدم أن أحوالا ً وشروط ً ا معينة(٤) قد تحتم مهاجمة المسلمين لعدو يتحصن بالردء من المسلمين أو ممن لا يجوز توجيه القتال إليه. (١) الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ١٩١ . انظر أيض ً ا ذات المرجع، ص ٢٠٣ - ٢٠٤ ؛ النزوي: . المصنف، ج ١١ ، ص ٢٢٨(٢) . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٣ ، ص ٣٧٣(٣) . الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٩، ص ٤٩(٤) يشترط الغزالي لتوافر المصلحة في هذه الحالة شروط ً أن تكون ضرورية » : ا ثلاثة لا حاجية، وقطعية لا ظنية، وكلية لا جزئية، أي: مختصة بشخص. مثاله: كما لو تترس = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي وقد بحث فقهاء المذاهب الإسلامية الأخرى ايضا مسألة الترس، لكنهم ً اختلفوا بخصوص الضمان المترتب على قتل المتترس بهم، وهو خلاف لخصه الإمام العثماني الشافعي، بقوله: واتفقوا على أنه إذا تترس المشركون بالمسلمين جاز لبقية المسلمين » الرمي ويقصد المشركين، واختلفوا فيما إذا أصاب أحدهم مسلما في هذا ً الحال، فقال أبو حنيفة ومالك لا يلزمه دية ولا كفارة، وللشافعي قولان أحدهما تلزمه الكفارة بلا دية. والثاني تلزمه الدية والكفارة، وعن أحمد  « روايتان كالقولين أظهرهما عند لزوم الكفارة خاصة(١) . على أننا نستطيع أن نفصل الخلاف السابق: ا ستناد ً ا إلى ما جاء في كتب الفقه الإسلامي، فنقول إن هناك اتجاهين أساسيين: = الكفار بجمع من المسلمين، وعلمنا أنا إن تركناهم استولوا علينا وقتلونا، ولو رمينا الترس لتخلص أكثر المسلمين، فتكون المصلحة ضرورية؛ لأن صيانة الدين وصيانة نفوس عامة المسلمين داعية إلى جواز الرمي إلى الترس. وتكون قطعية أيض ً ا؛ لأن حصول صيانة الدم ونفوس المسلمين برمي الترس قطعية لا ظنية، كحصول المصلحة في رخص السفر، فإن السفر مظنه المشقة. وتكون كلية أيض ً ا، إذ استخلاص عامة المسلمين مصلحة كلية. فخرج (بشرط الضرورة): ما لوتترس الكافر في قلعة بمسلم، لا يحل رمي الترس؛ لأن فتح القلعة ليس بيقين برمي الترس، فلا يكون الرمي إلى الترس ضروريا. و(بالقطعية): ما ً إذا لم نعلم تسلطهم علينا إن تركنا رمي الترس، و(بالكلية) ما إذا لم تكن المصلحة كلية، كما إذا كانت جماعة في سفينة، وثقلت السفينة، فإن طرحنا البعض في البحر نجا الباقون، ، الإمام السالمي: طلعة الشمس، ج ٢ « لا يجوز طرحهم لأن المصلحة ليست بكلية ص ٢٠٩ - ٢١٠ . انظر أيض ً ا: د. هلال الراشدي: القواعد الفقهية عند الإباضية تنظيرا وتطبيق ً ا، مركز الغندور، القاهرة، ًّ ٢٠٠٩ ، ص ٢٨٣ -.٢٨٥ (١) أبو عبد الله محمد الدمشقي العثماني الشافعي: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ط البابي الحلبي، القاهرة، ١٣٨٦ ه -. ١٩٦٧ م، ص ٢٩٣ ٣٨٤ أ الاتجاه الأول: وجوب الضمان على القاتل، فإن لم يعرف فعلى بيت المال:  يستند هذا الاتجاه، لتأييد ما ذهب إليه، إلى عدة حجج، أهمها: ١ :« لا يهدر دم في ا لإسلام » أن وجوب الضمان يستند إلى قاعدة يتميز الإسلام بأنه يقرر أن دم المسلم (أو المستأمن أو الذمي) لا يضيع هدرا، وإنما لا بد من إيجاد نوع من المسؤولية، بصورة أو بأخرى، تترتب ً عليها نتائج منها: وجوب الضمان عند الاعتداء على المسلم أو غيره(١) .  ٢ أن وجوب الضمان يستند إلى قوله تعالى: ﴿ ,+* -. 43210/ ﴾ [ [النساء: ٩٢ : أخذ بهذه الحجة ابن قدامة. وهكذا بخصوص رمي الترس يقول: فعلى هذا إن قتل مسلما فعليه الكفارة وفي الدية على عاقلته روايتان: ً (إحداهما) يجب لأنه قتل مؤمن ً ا خطأ فيدخل في عموم قوله تعالى: ﴿ *+,-./ 43210 ﴾ [ [النساء: ٩٢ . (١) في هذا المعنى يقرر العنسي ا ليماني: إذا التقوا (أي الكفار) بمسلم أسروه أو أسلم عندهم أو ذمي أو معاهد من أهل الذمة أو » ٍ غيرهم فيحرم قتل الترس حينئذ (إلا ( أنه يقتل (لخشية الاستئصال) بأهل ذلك القطر أو أكثرهم أو المقاتلين أو أكثرهم وسواء كان الكفار مقصودين أو قاصدين فإذا غلب الظن بخشية الاستئصال إن لم يتمكن المسلمون من قتل المستحق إلا بقتل ذلك الترس فإنه يجوز قتله (و) وجبت (فيه الدية) على قاتله في ماله إن عرف القاتل لا على عاقلته فإن لم يعرف فعلى بيت المال لورثة ذلك المقتول أو لبيت المال إن عدم الورثة ها هو المختار للمذهب أعني أن الدية تجب على قاتله من ماله إن عرف لأن المقتول مسلم فلا يهدر .« دمه (و) كذا (الكفارة) لأن ذلك بمنزلة قتل ا لخطأ العنسي اليماني: التاج المذهب لأحكام المذهب، ج ٤، ص ٤٣٠ -.٤٣١ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ٣٨٥ (والثانية) لا دية له لأنه قتل في دار الحرب برمي مباح فيدخل في عموم قوله تعالى: ﴿ <;:9=BA@?> C﴾ [ [النساء: ٩٢ ، ولم يذكر دية، وقال أبو حنيفة: لا دية له ولا كفارة فيه لأنه رمي أبيح مع العلم بحقيقة الحال فلم يوجب شيئ ً ا كرمي من أبيح دمه. ولنا الآية المذكورة وأنه قتل معصوما بالإيمان والقاتل من أهل الضمان ً فأشبه ما لو لم يتترس به(١) . ٣ ويقول القاضي ا لنعمان بن محمد إن رسول الله ژ نصب المنجنيق على أهل الطائف وقال: إن كان معهم في حصنهم قوم من المسلمين فأوقفوهم معهم، فلا تتعمدوا إليهم بالرمي وارموا المشركين وأنذروا المسلمين ليتقوا إن كانوا أقيموا كره ً ا، ونكبوا عنهم ما قدرتم، فإن أصبتم أحد ً ا ففيه ا لدية(٢) . ب الاتجاه الثاني: عدم وجوب ضمان قتل المتترس بهم: يذهب هذا الاتجاه إلى أنه إذا رمى المسلمون الكفار فترتب على ذلك قتل المتترس بهم، فإن الضمان يرتفع ولا يجب للسببين ا لآتيين: ١ إن حالة الضرورة ترفع ا لضمان: من المعلوم أن حالة الضرورة يترتب عليها الخروج على القواعد العامة والمألوفة واجبة التطبيق في الظروف العادية، بشرط أن تقدر الضرورة بقدرها، ولأن ما جاز لعذر بطل بزواله. ويستند الإمام الكاساني إلى أن توافر حالة ضرورة قتل المتترس بهم تنفي الضمان لأنه: (١) . المغني لابن قدامة، المرجع السابق، ج ١٠ ، ص ٥٠٥(٢) القاضي النعمان بن محمد: دعائم الإسلام، دار المعارف، القاهرة، تحقيق آصف فيضي، . ج ١، ص ٤٤٠ ٣٨٦ كما مست الضرورة إلى دفع المؤاخذة لإقامة فرض القتال مست » الضرورة إلى نفي الضمان أيض ً ا لأن وجوب الضمان يمنع من إقامة الفرض؛ لأنهم يمتنعون منه خوف ً ا من لزوم الضمان وإيجاب ما يمنع من إقامة الواجب متناقض وفرض القتال لم يسقط دل أن الضمان ساقط بخلاف حالة المخمصة لأن وجوب الضمان هناك لا يمنع من التناول لأنه لو لم يتناول لهلك وكذا حصل له مثل ما يجب عليه فلا يمنع من التناول فلا يؤدي إلى « التناقض(١) . ٢ أن الجهاد فرض لا تجامعه الغرامة: مؤدى هذه الحجة أنه إذا كان الجهاد فرضا على كل مسلم، فإنه لا يمكن ً     أن يترتب عليه الضمان، وإلا أدى هذا إلى تنفير الناس من الجهاد، ولذلك فالفرض لا تجامعه الغرامة أو هي لا تتزامن معه أو تقترن به(٢) . (١) . الكاساني: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج ٧، ص ١٠١ (٢) وهكذا يقول الزيلعي ا لحنفي: قال الشافعي تجب فيه الدية والكفارة لأنه قتل مسلما خطأ فيجب موجبه ولأن الإطلاق » ً للضرورة لا ينافي الضمان كأكل مال الغير حالة المخمصة ولنا أن الجهاد فرض فلا تجامعه الغرامة كتعزيز الإمام وحده والكبزاغ والفصاد لأنه التزمه بعقد بخلاف ما ذكر لأن أكل مال الغير حالة المخمصة ليس بفرض وإنما هو رخصة حتى كان تركه أولى لكونه أخذ ً ا بالهزيمة وبخلاف المرور على الطريق وضرب الزوجة لأنه مطلق له وليس بفرض عليه فكان مقيد ً ا . الزيلعي الحنفي: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، ج ٣، ص ٢٤٤ « بشرط السلامة وجاء في شرح فتح القدير بخصوص قاعدة أن الجهاد فرض والغرامات لا تقترن بالفروض أن علة ذلك أن: الفرض مأمور به لا محالة، وسبب الغرامات عدوان محض منهي عنه »وبينهما منافاة. فإن قيل: هذا تعليل في معارضة قوله ژ » ليس في الإسلام دم مفرج « أي مهدر: والتعليل في مقابلة النص باطل. أجيب بأنه عام خص منه البغاة وقطاع الطريق لتخص ليس في » صورة النزاع بما قلناه، وفيه نظر لأن القرآن شرط وهو ممنوع. وأقول: قوله ژ الكمال بن الهمام الحنفي: « معناه في دار الإسلام، وما نحن فيه ليس بدار الإسلام « الإسلام شرح فتح القدير، مكتبة مصطفى البابى الحلبى، القاهرة، ١٣٨٩ ه -. ١٩٧٠ م، ج ٥، ص ٤٤٨ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ج رأينا الخاص بشأن استنقاذ ا لترس: لا شك أن الأعداء إذا تترسوا بالمستضعفين من المسلمين (أو أهل الذمة)، فإن الأمر لا يخلو من أحد فرضين: (الأول) ألا تكون هناك حاجة تدعو إلى رميهم أو التدخل بالقوة المسلحة (لوجود هدنة، أو لكون الحرب غير قائمة، أو لأنهم أكثر قوة ولا يمكن غلبتهم، أو لإمكانية تخليصهم بالوسائل السلمية كالمفاوضات والمساعي الحميدة، أو عن طريق المفاداة: أو المن من جانبهم، أو لوجود معاهدة بيننا وبينهم... إلخ) ففي هذه الحالة لا يجوز رميهم قولا ً واحد ً ا. (والثاني) أن تدعو الحاجة إلى قتالهم للخوف على المسلمين الذين في الأسر (قيامهم مثلا ً بإبادتهم أو ذبحهم) أو المسلمين الآخرين (اتخاذهم ذلك ذريعة للوثوب أو الهجوم أو شن عدوان جديد). في هذه الحالة يجوز  التدخل بالقوة المسلحة لاستنقاذ المأسورين ورد ا لمعتدين. ويجب إذا اضطر المسلمون إلى التدخل العسكري لاستنقاذ المستضعفين أن يحافظوا بقدر الإمكان على حياتهم، على أساس أن ذلك هو الغرض من التدخل والسبب الداعي إليه. ا لأطفال: في الكثير من المنازعات المسلحة الدولية أو الداخلية يشترك الأطفال، على نحو أو آخر في العمليات الحربية . والطفل لا شك أقل إدراك ً ا من البالغ بالنسبة خصوصا لتقديره للأمور، فما هو وضعه القانوني في الفقه ا لإباضي؟ ً تصدى لهذه المسألة، بطريقة رائعة، الشيخ الرقيشي، بقوله: في الصبيان لا يجوز قتلهم لأن القلم مرفوع عنهم فإن قاتلوا جاز » دفعهم عن القتال بغير قصد لقتلهم فإن ماتوا في الدفع بلا تعمد فلا ضمان أحكام القانون الدولي والعلاقات الدولية في الفقه الإباضي ٣٨٨ على فاعل ذلك وإن قدر على منعهم عن الدفع بما هو أهون كالحبس وغيره من أنواع المنع قصد ً « ا إلى ذلك المنع بما أرفق(١) . « الأطفال ا لمحاربين » معنى ذلك أن القواعد الآتية تحكم(٢) : ١ أنه لا يجوز قتلهم، وهذه هي القاعدة ا لعامة. ٢ إذا اشتركوا في القتال يجوز توجيه الضربات إليهم مع مراعاة الشروط الآتية: • ألا يقصد قتلهم، وإنما فقط دفعهم. • إن ماتوا في الدفع، فلا ضمان على فاعل ذلك. ويفترض هذا الشرط عدم توافر القصد أو العمد في قتلهم، إذ القاعدة كما قلنا هي عدم جواز تعمد قتلهم. • إن أمكن الدفع بما هو أهون من القتل: كالحبس أو القبض عليهم أو إصابتهم بجروح بسيطة أو احتجازهم، فيجب اللجوء إلى ذلك أولا ً . (١) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٤٢ (٢) قال البعض إن هناك حديثين مختلفين في ذراري المشركين: فقد رويتم أن الصعب بن جثامة قال: يا رسول الله ذراري المشركين تطؤهم خيلنا في ظلم الليل عند الغارة. قال هم من آبائهم، ثم رويتم أنه بعث سرية فقتلوا النساء والصبيان فأنكر ذلك رسول الله ژ إنكارا ً شديد ً ا. فقالوا: يا رسول الله إنهم ذراري المشركين قال: » أو ليس خياركم ذراري ا لمشركين .« وقد رد على ذلك الإمام ابن قتيبة بقوله: إنه ليس بين الحديثين اختلاف لأن الصعب بن جثامة أعلمه أن خيل المسلمين تطؤهم »في ظلم الليل عند الغارة فقال هم من آبائهم. يريد أن حكمهم في الدنيا حكم آبائهم. فإذا كان الليل وكانت الغارة ووقعت الفرصة في المشركين فلا تكفوا من أجل الأطفال لأن حكمهم حكم آبائهم من غير أن تتعمدوا قتلهم ثم أنكر في الحديث الثاني على السرية َ قتلهم النساء والصبيان لأنهم تعمدوا ذلك لشرك آبائهم فقال: أو ليس خياركم ذراري َ ابن قتيبة: كتاب تأويل « المشركين. يريد فلعل فيهم من يسلم إذا بلغ ويحسن إسلامه مختلف الحديث، دار الجيل، بيروت، ١٣٩٣ ه -١٩٧٣ م، ص ٢٦٣ -.٢٦٤ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ٣ أن العلة في هذه المعاملة الرحيمة للأطفال المحاربين تكمن في صغر سنهم، وبالتالي فالقلم مرفوع عنهم، لذا تم السماح بدفعهم فقط لتحاشي أضرارهم التي قد تصيب المسلمين من الجيش ا لإسلامي(١) .  أفراد الأطقم ا لطبية: مثل هؤلاء الأشخاص يحميهم القانون الدولي الإنساني من حيث ضرورة احترامهم في جميع الأحوال، كذلك عدم استخدام العنف تجاههم، كما أنهم إذا وقعوا في أيدى العدو، لا يعتبرون أسرى حرب، ويجب إطلاق سراحهم فورا. وإن كان يمكن الاحتفاظ بهم لعلاج أسرى الحرب، خصوصا ًً أولئك الذين ينتمون إلى القوات المسلحة التابعة لبلدهم (م ٢٨ من الاتفاقية  الأولى). ومن البدهي أن هؤلاء الأشخاص لا يجوز معاقبتهم لقيامهم بأعمال طبية تتفق وتقاليد المهنة، كما لا يجوز إجبارهم على القيام بأعمال تتعارض مع أخلاق ا لمهنة. وفي سلوك الدول الإسلامية كان النساء يخرجن يداوين الجرحى وعن (١) من خير من عبر عن عدم قتل الأطفال الإمام ابن جعفر، بقوله: فإن قال قائل: قد ورد النهي عن قتل النساء والولدان لم أجزت قتل النساء إذا قاتلن »مع أهل الحرب؟ فهلا قلت: إن الصبيان أيض ً ا يجوز قتلهم إذا قاتلوا مع أهل الحرب؟ قيل له: الفصل بين النساء والولدان: أن النساء مأمورات منهيات قد دخلن في جملة البالغين بما ورد به الخطاب ولزمها ما لزمهم، فلولا نهى ا لنبي ژ عن قتلها لوجب عليهما ما يجب على الرجال من القتال، فخرجت من جملتهم بما ورد النص إذا لم تقاتل، فأما الصبيان فلم يخاطبوا في ذلك بأمر ولا نهي، وقد صح النهي عن قتلهم، الدليل على ما قلنا: قول الله تبارك وتعالى: ﴿ SRQPONM ZYXWVUT ﴾ [ [التوبة: ٢٩ ، والصغير فغير داخل في هذه الآية. وقوله 8 : ﴿ ³² ﴾[ [التوبة: ٣٦ . والصغار ليسوا مشركين، فقد صح ، ابن جعفر: الجامع، ج ٢ « بما تلونا وما ورد عن النبي ژ أن الولدان لا يجوز قتلهم . المرجع السابق، ص ٤٨٥ ٣٩٠  أم سليم قالت غزوت مع رسول الله ژ سبع غزوات أداوي الجرحى وأسقيهم ا لماء(١) . ِ كذلك وضعت ا لسنة النبوية ا للبنات الأولى للمستشفيات أثناء الحروب، أو ا لمارستان، بفتح الراء: دار المرضى وهو معرب. َ  عن عائشة # أنها قالت: أصيب سعد يوم الخندق رماه رجل من قريش: ابن العرقة، رماه في الأكحل فضرب عليه رسول الله ژ خيمة في المسجد يعوده من قريب.  وقال ابن إسحاق 5 في السير: كان رسول الله ژ قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسلم يقال لها: رفيدة في مسجده، كانت تداوي   الجرحى وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين، وكان رسول الله ژ قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق: اجعلوه في » « بيت رفيدة حتى أعوده من قريب وكانت رفيدة امرأة تداوي ا لجرحى(٢) . (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٧٦ . انظر أيض ً ا النزوي: المصنف، . المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٧٩ وقال الترمذي إلى نجدة الحروري : كتب إلى ابن عباس يسأله؛ هل كان رسول الله ژ كتبت إلي تسألني » : يغزو بالنساء؟ وهل كان يضرب لهن بسهم؟ فكتب إليه ابن عباس هل كان رسول الله ژ يغزو بالنساء؟ كان يغزو بهن فيداوين المرضى ويأخذن من الغنيمة .« ولا يضرب لهن بسهم . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، ج ٥، ص ١٦٦ فخاف عليهن فردهن أو يكون الخارجات معه من حداثة السن والجمال بالموضع الذي .« يخاف فتنتهن الإمام الخطابي: معالم السنن شرح سنن أبي داود، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢١٢ - ،٢١٣ راجع أيض ً في الكاندهلوي: حياة الصحابة، ،« خدمة النساء في الجهاد في سبيل الله » ا المرجع السابق، ج ١، ص ٥٧٧ -.٥٧٩ (٢) الخزاعي التلمساني: كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، المرجع السابق، ص ٦٧٣ ؛ الشيخ عبد الحي = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي وهكذا يشكل مداواة الجرحى والمرضى في الميدان حق ً ا قررته السيرة النبوية ا لمشرفة(١) . :ájôμ°ù©dG ô«Zh ájôμ°ù©dG ±GógC’G ø«H õ««ªàdG CGóÑe `` É«fÉK k  نشير إلى المبدأ العام، ثم إلى الاستثناء الذي يرد عليه. ٭ المبدأ ا لعام: يعتبر هدف ً ا عسكريا تلك الأشياء أو الأماكن التي بطبيعتها أو باستخدامها، ً تساعد في العمل العسكري، والتي يحقق تدميرها أو تعطيلها ميزة عسكرية. أما الأهداف غير العسكرية، فتشمل الأشياء والأعيان والأماكن التي تخدم = ، الكتاني: نظام الحكومة النبوية المسمى التراتيب الإدارية، المرجع السابق، ج ١ ص ٤٥٣ -.٤٥٤ كذلك بخصوص النساء، جاء في السير ا لكبير: ولا بأس بأن يحضر منهم الحرب العجوز الكبيرة فتداوي الجرحى، وتسقي الماء، »وتطبخ للغزاة إذا احتاجوا إلى ذلك، لحديث عبد الله بن الأزدي قال: كانت نساء خالد بن .« الوليد ونساء أصحابه مشمرات، يحملن الماء للمجاهدين يرتجزن، وهو يقاتل ا لروم والمراد العجائز، فالشواب يمنعن عن الخروج لخوف الفتنة، والحاجة ترتفع بخروج . العجائز، شرح كتاب السير الكبير للإمام الشيباني، المرجع السابق، ج ١، ص ١٨٥ ولا يدخل مع المسلمين من النساء إلى أرض العدو، إلا امرأة » : ويقول الإمام الخرقي   .« طاعنة في السن، لسقي الماء، ومعالجة الجرحى كما فعل ا لنبي ژ عمر الخرقي: مختصر الخرقي في الفقه الحنبلي، مؤسسة الخافقين ومكتبتها، الرياض، ١٤٠٢ ه -. ١٩٨٢ م، ص ١١٨ (١) خصص الإمام الشيباني: أيض ً ذكر فيه أمثلة عديدة تؤيد ذلك « باب دواء الجراحة » ا لذلك ُ من السيرة النبوية، منها: أن ا لنبي ژ داوى وجهه يوم أحد بعظم بال.   أن النبي ژ كوى سعد بن معاذ 3 بمشقص حين رمي يوم الخندق فقطع أكحله. وروى ُ أنه كوى أسعد بن زرارة 3 ، راجع شرح كتاب السير الكبير للشيباني، المرجع السابق، ج ١، ص ١٢٧ -.١٢٨ ٣٩٢ أغراضا إنسانية خصوصا للسكان المدنيين كدور العبادة أو المستشفيات ًً والمباني التي تأوي المدنيين، بشرط عدم استخدامها في الأغراض ا لعسكرية. وبالتالي لا يجوز توجيه الهجوم إلى الأهداف غير العسكرية (كتلك التي يتم فيها تجميع المدنيين أو الجرحى أو المرضى لحمايتهم من آثار العمليات العسكرية (كالملاجئ مثلا ً )، والمدارس، والمستشفيات، والمناطق منزوعة السلاح، والأماكن التي لا يتم الدفاع عنها... إلخ. وفي الفقه الإباضي كما هو مستقر عليه في القانون الدولي المعاصر كل ما يخدم الحرب أو يستخدم فيها يشكل هدف ً ا عسكري ً ا مشروع ً ا يجوز ضربه وإتلافه. وهكذا جاء في بيان ا لشرع: لا فرق بين ما يقاتل به وبين ما يتقي به ويلبس عند القتال ويتحصن » به عند المقارعة والنزال وكان ذلك يستعان به على الحرب عند المجامحة « والضرب(١) . ويسري ذلك على النزاعات المسلحة الدولية أو غير ذات الطابع الدولي (حروب ا لبغي)(٢) . يقول أبو الحواري: وأما قوله فإن امتنعوا حل قتالهم لا تقطع أموالهم فلعل هذا مما » (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ٢٣٩ . وبخصوص قوله تعالى: ﴿ 0/ ;:987654321 ﴾ [ [الحشر: ٥ ، يقول أطفيش: ويجوز إحراق نخل المشركين وشجرهم وقطعها، وهدم ديارهم، وطمس مياههم، وإفساد » ُ زرعهم، وإن ظهرت مصلحة في إبقاء ذلك أبقي، وأفادت الآية والأحاديث جواز ذلك وما أشبه ذلك. . أطفيش: تيسير التفسير، ج ١٤ ، ص ٤٣٠ (٢) وكذلك معروف في آثار المسلمين أن من حاربهم من المسلمين من أهل » : لذلك قيل التوحيد وأهل الشرك، وتحصنوا في حصون، كان للمسلمين أن يهدموها، ويدخلوا عليهم، .« حتى يلقوا بأيديهم إلى المسلمين، ويحكم عليهم بالحق أبو إسحاق إبراهيم الحضرمي: كتاب الدلائل والحجج، المرجع السابق، ج ١ -. ٢، ص ٦٠٨ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي  يختلف فيه الأثر أن سعيد بن زياد لما أراد قطع نخل بني نجو فقال له موسى الآية: ﴿ 9876543210/ ;: ﴾ [ [الحشر: ٥ (١) . ولم نعلم أنه أنكر ذلك وإن رسول الله ژ قطع نخل بني ا لنضير. وقال قائل: إنما ذلك في ا لمشركين. وأما أهل البغي من أهل القبلة فلا. قيل له: الآية تشمل على الجميع لقوله: ﴿ ;: ﴾ وهذا الاسم « يدخل فيه المشركون وأهل القبلة والمدعي التخصيص يحتاج إلى دليل(٢) . (١) نزلت في رجلين من أصحاب رسول الله ژ : جعل أحدهما في حال حصاره لبني النضير يجتهد في إفساد نخيلهم وقطعها، وجعل الآخر منهما يجتهد في تقويمها وتصليحها، فنما خبرهما إليه ژ فاستحضرهما وسألهما في ذلك؟ فقال الذي كان يفسدها: أما أنا يا رسول الله، فخشيت أن لا يحصل الاستيلاء عليهم، فأردت أن لا ينتفعوا بها إن تقووا. وقال الآخر: وأنا وثقت من الله تعالى بالنصر لرسوله وتمكينه منهم، فتبقى أراضيهم فيئ ً ا للمسلمين ينتفعون بها، فجعلت أصلحها لذلك، فتوقف ژ في تصويب أيهما، حتى نزلت فيهما الآية، فصرح فيها بتصويب كل واحد منهما في قوله: ﴿ 98 ﴾ . والمراد بإذنه تعالى في الآية: إباحته. . السالمي: كتاب طلعة الشمس، المرجع السابق، ج ٢، ص ٤٠٩ (٢) جامع أبي الحواري، المرجع السابق، ج ١، ص ١٠٨ . وفي السلوك الإباضي ما يدل على ذلك: فقد كان ابن أبي عفان قد أرسل سعيد ً ا بن زياد البكري إلى أهل الأحداث من أهل المشرق. فلما وصل إليهم وكان بينه وبينهم ما كان وظهر عليهم سعيد، واستولى على بلادهم، وأراد دمارها بعث رسولا ً إلى موسى بن أبي جابر، وقال سعيد للرسول أن يقول لموسى أن سعيد ً ا يقطع نخل بني نجو. فلما وصل إلى موسى قال له إن سعيد ً ا يقطع نخل بني نجو، فقال له موسى: ﴿ 9876543210/ ;: ﴾[ [الحشر: ٥ . فلما رجع الرسول إلى سعيد وأخبره بما قال له موسى، أقبل سعيد على قطع النخل، وهدم المنازل. راجع السالمي: تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان، ُ . ج ١، ص ١١٠ . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٣٦ ٣٩٤ ويرى الفقه الإباضي أن التدمير يجب أن يكون أثناء الحرب، أما بعد انتهائها فلا يجوز.  يقول أبو الحواري: وقد بينا كيف يجوز حرق أموال أهل الحرب وتعريفها وقطعها وهدمها » خزيا لهم وصغارا وإنما يكون هذا ما دامت الحرب قائمة كما وصفنا وعرفنا ًً « من قول ا لمسلم(١) . وجاء في ا لمصنف: أبو الحواري: إذا كانت الحرب قائمة، فلا تكون غنيمة، إلا بعد الهزيمة » وللمسلمين أن يغرقوها، أو يحرقوها ويقطعوها، كما كان رسول الله ژ يفعل بهم. يخربون دورهم، إذا تحصنوا فيها، ويقطعون نخلهم، خزيا لهم، صغارا. ًً كما قال الله تعالى: ﴿ 876543210/ ;:9 ﴾ [ [الحشر: ٥ . فإذا وضعت الحرب أوزارها، حرم ذلك كله على المسلمين. وصارت فيئ ً « ا وغنيمة، وبطل في ذلك الرأي والقياس(٢) . (١) . جامع أبي الحواري، ج ١، ص ٨١ (٢) النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٣٥ . وجاء في بيان ا لشرع: أهل الشرك يجوز تخريب منازلهم وقطع نخلهم وشجرهم ما دامت الحرب قائمة فإذا »، الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ « انهزموا لم يحل شيء من ذلك وصارت أموالهم غنيمة . ص ١٩٧ كذلك قال الترمذي: وفي الباب عن ابن عباس، قال: وقد ذهب قوم من أهل العلم إلى هذا، ولم يروا بأسا بقطع الأشجار وتخريب الحصون، وكره بعضهم ذلك، وهو قول ً الأوزاعي، قال الأوزاعي: ونهى أبو بكر الصديق أن يقطع شجر مثمر، أو يخرب عامر، وعمل بذلك المسلمون بعده، وقال الشافعي: لا بأس بالتحريق في أرض العدو، وقطع الأشجار والثمار. قال أحمد: وقد تكون في موضع لا بد منه، وأما بالعبث فلا تحرق، = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي  وفي بعض الأحوال، وبشروط معينة، يرى اتجاه في الفقه الإباضي إمكانية تدمير الأهداف التي تخلى عنها العدو حتى بعد انتهاء ا لحرب(١) . ٭ الاستثناء: إمكانية ضرب الأهداف غير العسكرية بشروط:  إذا كان الهدف غير عسكري أو مدني بطبيعته، فإن الفقه الإباضي يجيز استثناء الهجوم عليه وتدميره، بشرطين: ١ أن يستخدم الهدف غير العسكري في الأغراض ا لعسكرية:  من الطبيعي أن الهدف يصبح عسكريا إذا استخدم في العمليات ً الحربية، حتى ولو كان  في أصله هدف ً ا مدنيا. في هذه الحالة يجوز ضربه ً وتدميره. = وقال إسحاق: التحريق سنة إذا كان أنكى فيهم. ُ . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٥١(١) يقول الشيخ ا لرقيشي: في حصون أهل الظلم إذا كانت ملك » ً ا لهم وقوة لظلمهم يمتنعون بها ويأوون إليها ويتخذونها مرصد ً ا فحاربهم المسلمون بعد الدعوة فامتنعوا عن ترك الظلم وأبوا عن الانقياد لما يجب عليهم في شرع الله من الحكم فأظهر الله عليهم المسلمين ونصرهم عليهم فللمسلمين هدم تلك الحصون ولو بعد خروجهم عنها وقد فعل ذلك أبو المؤثر 5 ببيوت القرامطة وأعوانهم فأمر بهدمها وحرقها بالنار بعد خروجهم منها وذلك لئلا يعودوا إليها قال أبو الحواري لما خاطبناه في ذلك أعرض عن كلامنا مغضبا وقال: لا بد ً للقوم من مخاصم وقد فعل شيخنا الصالح صالح بن علي نور الله ضريحه لما بغت دما َ وأظهره الله على ذلك أهل الوادي أقام به ثلاثة أيام يهدم المعاقل ويخشى النخيل ويدمر الأنهار فعاب عليه قوم زهاد فرد عليهم شيخنا ا لسالمي 5 رد ً ا بليغ ً ا في جواز فعله وساق الحجج من سيرة الشيخ صاحب المصنف رحمهما الله وأصل ذلك من كتاب الله قوله تعالى: ﴿ !" &%$# ' +*)( ,-﴾ [ [التوبة: ١٠٧ الشيخ الرقيشي: « فبلغنا أن ا لنبي ژ أحرق هذا المسجد بالنار . كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، ص ٢٣ ٣٩٦ فقد روى سعيد بن محرز ومحمد بن هاشم عن هاشم بن غيلان عن أن رسول الله ژ رمى من دار في بعض غزواته » عبد الله بن نافع عن بشير فأمر بها فنسفت من أصلها فذلك معروف في آثار ا لمسلمين. وكذلك من حارب المسلمين من أهل التوحيد أو الشرك فتحصنوا في الحصون كان للمسلمين أن يهدموها ويدخلوا عليهم حتى يلقوا بأيديهم  « فيحكم عليهم بالحق أو يلقوا بأيديهم على ا لمسلمين(١) . ٢ أن تحتم الضرورة الحربية تدميره: عند الضرورة » : كما أنه ،« الضرورات تبيح المحظورات » من المعلوم أن « ترفع ا لأحكام(٢) . وقد تحتم ظروف الحرب تدمير هدف غير عسكري لأن سير العمليات  الحربية وهزيمة العدو تقتضي ذلك. فهنا يمكن توجيه الضربات الحربية إليه. وهذا ما أكد عليه الفقه الإباضي، فقد جاء في ا لمصنف: أبو الحسن » 5 في الإمام، إذا خرج على أهل الشرك، فظفر بهم هل له قطع نخيلهم وشجرهم، أو هدم منازلهم وتحريقهم؟ (١) الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٣٠ . كذلك جاء فيه أيض ً ا: وسألتهم هل يجوز أن يهدم المسلمون مصنعة قاتل عليها أهل البغي بعد أن ظفر »المسلمون على أهل البغي؟ فالذي عرفنا من قول المسلمين وعلمائهم أن المسلمين إذا ظفروا بعدوهم وظهروا عليهم لم يهدموا لهم دارا ولم يغنموا لهم مالا ً فإن كانت هذه ً المصنعة مرصد ً ا للبغاة يجتمعون فيها ويحاربون فيها المسلمين ويتخذونها حمى ويمتنعون فيها فإنها تهدم وتخرب. وقال الله تعالى: ﴿ !" &%$# ' ,+*)( -﴾ . فبلغنا أن المنافقين اتخذوا هذا المسجد مرصد ً ا لقتل ا لنبي ژ إذا مر بهم فبلغنا أن ا لنبي ژ أحرقه فإذا كانت هذه المصنعة مرصد ً . ذات المرجع، ص ٣٣١ .« ا للبغاة جاز هدمها ونسفها(٢) السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع . السابق، ج ١٤ ، ص ٢٢٨ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي   قال: لا. ليس له أن يخرب عامرا، ولا يقطع شجرا مثمرا، ولا نخلا ً بعد ً ًً الظفر بهم؛ لأن ذلك غنائم للمسلمين. قيل: فإن كان لا يظفر بهم، إلا بذلك. قال: إذا كان لا يظفر بهم، إذا احتصنوا عنه، إلا بهدم منازلهم. جاز له. وقد  فعل رسول الله ژ في غازية اليهود، حين تحصنوا عنه. وكان المسلمون يخربون من موضع، والكفار من موضع، ليسدوا به ما خرب المسلمون. فقال الله تعالى: ﴿ ¬¯® ° ³²± ´ ﴾ [ [الحشر: ٢(١) .  وجاء في منهج ا لطالبين:  وإن ولي الإمام أحد » ً ا شيئ ً ا من أمور المسلمين، فحرق، وعقر النخيل والشجر وقتل الدواب بغير أمر الإمام. فإن عليه ما عقر وقتل وحرق وأفسد وغرم ذلك عليه في ماله، إلا أن يكون له في ذلك حجة بينة، وأمر واضح يشهد به له أهل الثقة: بأن القوم الذين صنع بهم ما صنع، كانوا امتنعوا أن يعطوا الحق من أنفسهم ونصبوا له الحرب وقاتلوه، ولم يقدر عليهم إلا بما « صنع(٢) . وجاء في بيان ا لشرع: قيل له فهل يجوز أن يحرق أموال أهل الحرب من أهل القبلة وتحرق » منازلهم ويقطع مواد على أموالهم إذا خاف المسلمون أن في ذلك معونة لهم وعليهم ورجوا في هلاكه حربهم ووهن أمرهم وقوة للمسلمين عليهم؟ قال: يشبه عندي أن يجوز ذلك على هذه الصفة إذا كان لا يصل إليهم إلا بذلك « وكان في ذلك قوة ومعونة للمسلمين عليهم إذا كان القصد في ذلك(٣) . (١) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ٢٣٥(٢) الرستاقي: منهج الطالبين، ج ٥، المرجع السابق، ص ١٤٥ -.١٤٦ (٣) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٣٨ ٣٩٨  ويقول ا لرقيشي:  المسألة الخامسة: إذا تحصن البغاة في مسجد ولا يتوصل إليهم إلا » بنقب جدره وإحراق عماره بالنار أو رميه بالمدافع وجعل الخندق له والنفق فكل ذلك جايز لإزالة البغي وإصلاح ما فسد منه في بيت مال ا لمسلمين. المسألة السادسة: إذا كان أصل بناء هذا المسجد للعبادة فجعله البغاة مرصد ً ا وصح ذلك منهم بالتكرار مرة بعد أخرى جاز للمسلمين هدمه إذا « كانوا يخشون عودة البغاة إليهم(١) . بل ويذهب الفقه الإباضي إلى حد السماح بتدمير الحصون ولو كان فيها من لا يجوز قتالهم (كالأطفال والنساء) إذا حتمت الضرورة الحربية ذلك(٢) . تلكم أهم القواعد التي تحكم الأهداف العسكرية وغير العسكرية في الفقه ا لإباضي(٣) . (١) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٢٥ كذلك قيل: وروي أنه ژ رمي في بعض غزواته من دار. فأمر بها، فنسفت من أصلها. فكذا عرف من » ُ آثارهم: أن من حاربهم، إن تحصنوا في حصونهم، جاز لهم أن يهدموها، ويدخلوا عليهم، الثميني: الورد البسام في رياض الأحكام، المرجع « حتى يقتلوا، أو يذعنوا إلى الحق . السابق، ص ٢٤٠(٢) وهكذا إجابة على سؤال: فيما إذا تحصن البغاة بحصن ولا يقدر عليهم إلا بهدم الحصن وفيه الأطفال والمجانين والنساء، هل يجوز هدم الحصن على هذا أم كيف الحكم في ذلك؟ يقول ا لسالمي: يهدم الحصن على البغاة من غير نظر إلى من تحتهم، وإثم من لا ذنب له على آبائهم ». جوابات الإمام السالمي، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٩٤ « ورؤسائهم(٣) بخصوص قوله تعالى: ﴿ :9876543210/ ; ﴾ [ [الحشر: ٥ إن القطع الذي ذكره القرآن هو في قطع » : ، يقول الشيخ أبو زهرة .« الثمار لا في قطع ا لأشجار = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ` ÉãdÉK k :Qƒ¶ëe Qó¨dGh áMÉÑe ÜôëdG π«M في القانون الدولي الإنساني المعاصر من الثابت أنه إذا كانت خدع الحرب مباحة (كاستخدام أساليب التمويه أو التضليل أو الإيهام أو ترويج  المعلومات الخاطئة أو استخدام عنصر المفاجأة، أو الكمائن، أو إصدار إشارات غير صحيحة للطائرات المعادية لتهبط في إقليم العدو... إلخ)، فإن الغدر ممقوت. وقد نصت المادة ٣٧ من البروتوكول الإضافي رقم ١ على ذلك بقولها: يحظر قتل الخصم أو إصابته أو أسره باللجوء إلى الغدر. وتعتبر من » قبيل الغدر تلك الأفعال التي تستثير ثقة الخصم مع تعمد خيانة هذه الثقة  = ويضيف أيض ً ا بخصوص الهدم والتخريب والتحريق أثناء ا لحرب: والذي ننتهي إليه بالنسبة لما يكون في الحرب من هدم وتحريق وتخريب أنه يستفاد من »مصادر الشريعة وأعمال ا لنبي ژ ، في حروبه. أولا ً : أن الأصل هو عدم قطع الشجر وعدم تخريب البناء، لأن الهدف من الحرب ليس إيذاء الرعية، ولكن دفع أذى الراعي الظالم، وبذلك وردت ا لآثار. ثانيا: أنه إذا تبين أن قطع الشجر وهدم البناء توجبه ضرورة حربية لا مناص منها، كأن ً يستتر العدو به ويتخذه وسيلة لإيذاء جيش المؤمنين، فإنه لا مناص من قطع الأشجار، وهدم البناء، على أنه ضرورة من ضرورات القتال، كما فعل ا لنبي ژ في حصن ثقيف. ثالث ً ا: أن كلام الفقهاء الذين أجازوا الهدم والقطع يجب أن يخرج، على أساس هذه الضرورات، لا على أساس إيذاء العدو والإفساد المجرد، فالعدو ليس هو الشعب إنما .« العدو هم الذي يحملون السلاح ليقاتلوا الإمام محمد أبو زهرة: خاتم النبيين ژ ، ج ٢، ص ٦٦١ - ٦٦٤ ، العلاقات الدولية في الإسلام، المرجع السابق، ص ١٠٠ -.١٠٢ ويعجبنا أيض ً ففي هذه الآية أن » : ا تأويل الإمام السهيلي بخصوص ذات الآية، إذ يقول   الإمام السهيلي: الروض الأنف « النبي ژ لم يحرق من نخلهم إلا ما ليس بقوت للناس في تفسير السيرة النبوية لابن هشام، ج ٣، ص ٢٥٠ . فلو كان التدمير لمجرد التدمير ما ترك القوت أو غيره وهذا دليل إضافي على أن السيرة النبوية لا تجيز استخدام التجويع كسلاح ضد ا لمدنيين. ٤٠٠ وتدفع الخصم إلى الاعتقاد بأن له الحق في أو أن عليه ا لتزاما بمنح الحماية ً طبق ً ا لقواعد القانون الدولي التي تطبق في النزاعات المسلحة. وتعتبر الأفعال الآتية أمثلة على ا لغدر: أ ( التظاهر بنية التفاوض تحت علم الهدنة أو ا لاستسلام. ب ( التظاهر بعجز من جروح أو مرض. ج ( التظاهر بوضع المدني غير ا لمقاتل. د ( التظاهر بوضع يكفل الحماية وذلك باستخدام شارات أو علامات أو أزياء محايدة خاصة بالأمم المتحدة أو بإحدى الدول الحامية أو بغيرها من الدول التي ليست طرف ً .« ا في ا لنزاع  ونشير الآن إلى موقف الفقه الإباضي من حيل الحرب، ومن الغدر  أثناء ا لحرب. أ إباحة حيل وخدع ا لحرب: من الثابت أن ا لنبي ژ أجاز حيل الحرب: فقد قال ابن ماجه إلى عائشة وابن عباس @ أن ا لنبي ژ قال: « الحرب خدعة »(١) . (١) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٥١ وبخصوص قوله ژ : « الحرب خدعة » حكى أن فيها أربع لغات: ١ الحرب خدعة بفتح الحاء وسكون الدال؛ أي ينقضي أمرها بخدعة واحدة أو من خدع فيها خدعة زلت قدمه ولم يقل فلا يؤمن شرها وليتحفظ من مثل هذا. ٢ بضم الخاء وسكون الدال بمعنى أنها تخدع، أي الحرب ومباشريها. ٣ بضم الخاء وفتح الدال، أي أنها تخدع من اطمأن إليها، وأن أهلها كذلك. ٤ بفتحهما معا فخدعة جمع خادع؛ أي أهلها بهذه الصفة فحذف أهلها وأقام الحرب ً مقامهم (راجع الخزاعي التلمساني: كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله ژ من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤٠١ ه -.( ١٩٨١ م، ص ٤٧٨ = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي وجاء في شرح ا لنيل: وذم المكر والخديعة لا يوصف بهما ومعناهما إظهار محسن لمسيء » على أن يساء إليه بلا مبيح وقد يكونان بلا مجازاة، وجازا في حرب مباحة ككذب بين أخوين تشاجرا أو زوجين على صلح بينهما وبين أهل حرب « مباحة(١) . « أن يمكر بما ينفع من أبيح له ا لقتال » : ومعنى هذه العبارة الأخيرة(٢) . وللمسلمين أن يحتالوا على إخماد عدوهم وقتله بتحريق » : كذلك قيل « أو بتفريق(٣) . ويضيف أطفيش: واعلم أن الحرب خدعة عند جميع العقلاء، أي كما ورد في الحديث: » إن الحرب خدعة، وآخر ما يجب ركوبه قرع الكتائب، وحمل الجيوش « بعضها على بعض، فليتئد بتصريف الحيلة في نيل ا لظفر(٤) .  = واتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب وكيف أمكن » : ويقول الإمام النووى صحيح مسلم بشرح النووي، ) « الخداع إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يحل .( المرجع السابق، ج ١٢ ، ص ٤٥ إنزال الغير عما هو بصدده بأمر يبديه على خلاف ما » : ومن أفضل تعريفات الخداع. أنه الفيروزآبادي: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، المجلس الأعلى ) « يخفيه للشؤون الإسلامية، القاهرة، ١٤١٦ ه -.( ١٩٩٦ م، ج ٢، ص ٥٢٩ وأصل الخدع إظهار أمر وإضمار خلافه، وفيه التحريض على أخذ الحذر في » : كذلك قيل الحرب، والندب إلى خداع الكفار، وأن من لم يتيقظ لذلك لم يأمن أن ينعكس الأمر عليه... وفي الحديث الإشارة إلى استعمال الرأي في الحرب: بل الاحتياج إليه آكد من .( فتح الباري بشرح صحيح البخاري، نفس المرجع، ج ٦، ص ٢٦٩ ) « الشجاعة (١) أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٦ ، ص ٢٦٨ -.٢٧٠ (٢) . ذات المرجع، ص ٢٧٠(٣) السيد مهنا بن خلفان: كتاب لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار، المرجع . السابق، ج ١٤ ، ص ٢٣٠(٤) . أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، ج ١٤ ، ص ٢٨٤ = ٤٠٢ ويقول ابن جعفر: وإذا باشر الإمام الحرب ولقيها بأصحابه ثم خاف القتل على أصحابه » ورأى القتل يسرع فيهم ويأتي عليهم حتى يفنوا أو يقلوا عن عدوهم ويضعفوا عنه جاز له الهرب عنه ببقية أصحابه والامتناع عنهم بما يقيهم به من جبل أو بلد أو ما يمنعه إلى أن يجد الأنصار على عدوه ولا يقيم « بأصحابه للقتل والحياة لهم أنفع وللمسلمين وأرجأ لبقاء ا لدولة(١) . = ويذكر أطفيش من أنواع الحيل، ما يلي: فأول ذلك أن يبث جواسيسه في عسكر عدوه، ويستعلم أخباره، ويستميل رؤساءهم »وقادتهم وذوي الشجاعة منهم، ويدس إليهم ويعدهم وعد ً ا جميلا ً ، ويوجه إليهم بضروب الخدعة ويقوي أطماعهم في أن ينالوا ما عنده من الهبات الفاخرة والولايات السنية، فإن رأى وجها عاجلهم بمعالجتهم بالهدايا والتحف وسهامهم، وينشأ على ألسنتهم كتبا مدلسة ًً إليهم ويبثها في عسكرهم ويكتب في السهام أخبارا مزورة ويرمي بها في جيوشهم ويضرب ً بينهم فيما فيه الشر من ذلك، فإن جميع ما ذكرناه تنفق فيه الأموال والحيل، واللقاء تنفق فيه الأرواح والرؤوس. ووجوه الحيل لا تحصى والحاضر فيها أبصر من الغائب، ولله در المهلب لما كتب إليه الحجاج يستعجله حرب الأزارقة رد الجواب، فقال: إن من البلاء أن .( ذات المرجع، ص ٢٨٥ ) « يكون الرأي عند من لا يملكه لا عند من يبصره طالبت عدوك بالقوة فلا تقدمن عليه حتى تعلم ضعفه عنك وإذا طالبته » وكان يقال إذا ابن ظفر المالكي: سلوك المطاع في « بالمكيدة فلا يعظمن أمره عندك وإن كان عظيما ً . عدوان الأتباع، القاهرة، ١٢٧٨ ه، ص ١٦ لذلك تحت باب في ترك الحيل وأن لكل امرئ ما نوى يقول ابن حجر: الحيلة هي ما يتوصل به إلى مقصود بطريق خفي وهي عند العلماء على أقسام بحسب »الحامل عليها فإن توصل بها بطريق مباح إلى إبطال حق أو إثبات باطل فهي حرام أو إلى إثبات حق أو دفع باطل فهي واجبة أو مستحبة وإن توصل بها بطريق مباح إلى سلامة من وقوع في مكروه فهي مستحبة أو مباحة أو إلى ترك مندوب فهي مكروهة ووقع الخلاف بين الأئمة في القسم الأول هل يصح مطلق ً ا وينفذ ظاهرا وباطن ً ا أو يبطل مطلق ً ا أو يصح مع ً ابن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ج ١٢ ، ص ٢٧٤ « الإثم -.٢٧٥ (١) ابن جعفر: الجامع، ج ٢، ص ٤٨٩ . كذلك قيل: قال: نعم له ذلك تأسيا برسول الله كما ؟« طلب الحيلة في الحرب » قلت: هل يجوز للإمام » ً فعل بحفر الخندق، وارتفاعه بأصحابه في جبل أحد، وكل ذلك طلب الحيلة والتواصي . السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان، المرجع السابق، ج ٢، ص ٢١٤ « على حرب عدوه ُ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي ب أمثلة على حيل وخدع ا لحرب: في التاريخ الإسلامي والإباضي أحوال كثيرة لاستخدام الحيل في الحروب نذكر منها ما يلي: ١ استخدام شعار معين يعرفه ا لمقاتلون: بين المقاتلين « كلمة السر » يعادل هذا ما هو معروف الآن بالاتفاق على حتى يعرف بعضهم بعض ً ا، ولا يحدث قتل من بعضهم لبعضهم (أي تلاقي .(« النيران ا لصديقة » ما يطلق عليه الآن اسم فعن إياس بن سلمة عن أبيه سلمة: غزونا مع أبي بكر الصديق 3  ِِ زمان النبي ژ فكان شعارنا: أمت ْ أمت ْ (بفتح الهمزة وكسر الميم وإسكان التاء) أي اقتل أقتل (ويجوز شد التاء على معنى اقترب وانتسب). كذلك « إن أبيتم فشعاركم حم لا ينصرون » روى أبو داود حديث(١) .  ٢ ترويج معلومات مضللة: والغرض من ذلك هو تضليل العدو وصرف نظره عن استعدادات المسلمين للحرب، وكذلك تخذيله(٢) . وبالتالي إلقاء الوهن والخوف في روعه وقلبه. (١) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٣١ وبخصوص سؤال شعار المسلمين في بعض المواطن يا منصور أمت أمت ما معناه؟ يقول الإمام ا لسالمي: لعل المراد بالمنصور الرب (عز وجل) أخذ من قوله تعالى: » ﴿ ¨ «ª© ﴾ [ [محمد: ٧ وعليه فهو يدل على أن أسماء الله تعالى ليست بتوقيفية، ومعنى أم ِت ْ أم ِت ْ أي أبو محمد السالمي: العقد الثمين نماذج من فتاوى « أرسل الموت على الأعداء، والله أعلم . نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، ج ٤، المرجع السابق، ص ٢٩٣ (٢) وقد حدث ذلك منذ عهد النبي ژ فقد أسلم نعيم بن مسعود بن عامر الغطفاني يوم الأحزاب قريش وغطفان وقبائل العرب وبنو النضير فقال: يا رسول الله أسلمت ولم = ٤٠٤ لذلك .« التمويه بالكلام والمعلومات المضللة » وهكذا من حيل الحرب بخصوص قول أبي داود إلى أنس أن النبي ژ قال: جاهدوا المشركين » « بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم يقول أطفيش(١) : جهادهم باللسان يقول الشعر ذم » ً ا لهم، ومدح ً ا للإسلام وأهله، ويذكر ولا شك أن عبارة .« شجاعة المسلمين ومفاخرهم، وبالمكر لهم في الكلام تشمل التمويه بالكلام ونشر المعلومات المضللة « وبالمكر لهم في الكلام »  التي توقع العدو في ا لخطأ.  ويقول الشيخ ا لبطاشي: ويجوز للإنسان أن يدفع بغي الباغي بأن يقول للباغي إن فلان » ً ا وهو الذي أراد الباغي البغي عليه من الصلحاء والفقهاء والأئمة الذين يرجى بحياتهم  = يعلم قومي بإسلامى فآمرني بما شئت فقال ژ : « خذل عنا إن استطعت فإن الحرب خدعة »  فخرج نعيم فقال لبني قريظة وكان صديق ً ا لهم: علمتم ودي لكم؟ قالوا: نعم لا نتهمك فقال: لستم كقريش ومن معهم إن وجدوا فرصة اغتنموها وإلا لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين محمد ولا طاقة لكم ولا تقدرون أن تحولوا من بلادكم فلا تقاتلوا محمد ً ا حتى تأخذوا رهائن من أشرافهم يكونون بأيديكم ثقة قالوا: أشرت بالرأي، ثم قال لأبي سفيان ومن معه: علمتم ودي لكم وإني أنصحكم فاكتموا إن اليهود ندموا فيما صنعوا بينهم وبين محمد، وقالوا له: ندمنا على نقض العهد بيننا هل يرضيك أن نأخذ من قريش وغطفان ّ رجالا ً من أشرافهم فنسلمهم إليك تقتلهم وتكون على من بقى، فإن بعثت إليكم اليهود يلتمسون رهائن من رجالكم فلا تعطوهم واحد ً ا، وقال لغطفان مثل ذلك، وأرسل أ بو سفيان ليلة السبت إلى قريظة: لسنا بدار مقام هلك الخف والحافر فاعتدوا نناجز محمد ً ا وأصحابه فقالوا: لا نقاتل في السبت ولا نعمل فيه شيئ ً ا ولسنا مع ذلك باللذين نقاتل معكم حتى تعطونا منكم رهائن، نخشى أن تكون عليكم الدائرة فتلحقوا ببلادكم وتتركونا والرجل في بلاده ولا طاقة لنا به، فقالت قريش: والله إن الذي حدث به نعيم بن مسعود حق فأرسلوا إلى قريظة لا نعطيكم رجلا ً واحد ً ا فإن أردتم فقاتلوا، فقالت قريظة: الذي قال نعيم حق فأرسلوا إلى قريش ومن معهم: لا نقاتل إلا أن تعطونا منكم رهائن. أطفيش: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، المرجع السابق، ج ١٦ ، ص ٢٧١ -.٢٧٢ (١) أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٩٥ -.١٩٦ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي حيوة الدين أو ليس من الأشرار أو ليس من المبغضين لك وأن ينسب نفسه إلى من يطمأن الباغي إليه ليغتر الباغي به ممن ليس عدوا له فيقتله المنتسب ً وإن بتشبيه عبد أو أنثى أو مشرك قال ا لقطب 5 وأصل ذلك جواز إعطاء الشرك باللسان مع اعتقاد الإنسان قال وذكر لنا بعض من يحكي الأخبار أن  بني مضاب الذين يكتسبون في الجزائر تزيوا في لباسهم بزي نساء الجزائر ّّ ذهبوا إلى قوم من الروم نزلوا بأرض الجزائر للحرب فاستأمنوهم بأنهم نساء « فخدعوهم بسلاحهم تحتهم فوقعت الهزيمة في ا لروم(١) . ٣ تبييت ا لعدو: فقد قال ابن أبي شيبة وابن ماجه إلى ا لصعب بن جثامة سئل رسول الله ژ عن أهل الدار من المشركين يبيتون، فيصاب منهم النساء ُ والصبيان؟ قال: هم منهم(٢) . وجاء في بيان ا لشرع: ومن جامع ابن جعفر قال بعض الفقهاء للمسلمين أن يبيتوا عدوهم من » أهل البغي والمحاربة بالقتل في الليل إذا كانوا في حربهم وقد كانوا أقاموا الحجة عليهم. ومن غيره وعن أبي عبد الله 5 في جواب منه يرفعه ابنه أبو المنذر في سيرته وأما ما ذكرت في إجازة البيات فإذا لم يكن معهم من ليس بحرب من الأسارى ونحوهم فهذا وإنما يكون له بياتهم في الأمرين جميعا إذا كان ً « عندهم أنهم إن لم يفعلوا ذلك لم يظفروا بهم وكان الظفر لهم(٣) . (١) . الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، ج ٩، المرجع السابق، ص ٧٠(٢) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٥٢(٣) . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٦٩ ، ص ١٣٤ ٤٠٦ ٤ ا لكمين: والكمين من حيل الحرب، والغرض منه أخذ العدو على غرة، فتتحقق بالنسبة له المفاجأة فيقتل أو يستسلم أو ينهار. جاء في بيان ا لشرع: وقلت: هل يجوز أن يكمن لهم حتى يغزوا بغتة؟ فإذا كان ذلك في » غير بلادهم فلا بأس وأحب إلي أن لا يقاتلوا حتى يعرض عليهم الإسلام فإن دخلوا فيه ولم يقاتلوا وقبل ذلك منهم وأخذوا حتى يقدموا على الإمام ويعلم صدق دخولهم وحتى يؤمنوا، وإن لم يدخلوا في الإسلام قوتلوا  وكانوا غنيمة إن ظفر بهم إلا من بلغ منهم فإنه يقتل وإن بدأوا بالقتال  قوتلوا ولم يدعوا. قلت: وهل يجوز الوقوع بهم وهم نيام في البحر؟ فأحب أن يدعوا إلى الإسلام إذا لم يكن بينهم وبين المسلمين قتال وأن يبيتوا في البحر على   « ا(١) يقين أنهم هم الذين يغزون المسلمين لم أر ذلك حرام . ً  ٥ ا لتورية: وتكون باستخدام كلام لا يظهر المغزى أو المقصد منه: قال البخاري ومسلم إلى كعب بن مالك : كان رسول الله ژ إذا أراد غزوة ورى بغيرها. يقول الشيخ بيوض: إن ا لنبي ژ كان يسلك في أسفاره مسلك التعمية، فإذا أراد أن يخرج » إلى جهة ورى بجهة أخرى، وفي بعض الأحيان يبعث سرية ويسلمهم كتابا ً مغلوق ً ا، ويقول لقائد السرية: لا تفتح الكتاب حتى تصل مكان كذا وكذا، (١) . الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ١٩٤ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي   حتى إذا بلغ المكان يفتحه فيجد فيه الأمر بالاتجاه إلى المكان المقصود،  « وهذه من جملة الحيل ا لحربية(١) .  ٦ الحيل الخاصة بمكان ا لقتال: وقد أشار الفقه والسلوك الإباضي إلى مسألتين مهمتين في هذا ا لشأن: الأولى وضع عوائق مادية في وجه ا لعدو: الغرض من ذلك بداهة هو وقف تقدم العدو نحو المسلمين. وقد  حدث ذلك منذ عهد ا لنبي ژ حينما أشار عليه سلمان الفارسي ببناء الخندق حينما خرج عليه ا لمشركون(٢) .  جاز لك أن تجعل ما يرد عدوك ويحيل بينك » : كذلك يقول الرقيشي وبينه من خندق وسور وشوك وماء تجره إلى موضع ونار تضرمها ولا ضمان عليك فيما تلف فيه من العقلاء الباغين عليك ولا دوابهم ويجوز لك إلجاء العدو إلى ما جعلته من ذلك كله والدليل على جواز ذلك أمر النبي ژ « بخندق على ا لمدينة(٣) . (١) . الشيخ بيوض: في رحاب القرآن، ج ١٩ ، تفسير سورة الفتح، ص ١٧٢ (٢) يأخذ اتجاه في الفقه الإباضي بأن المساهمة في إقامة عوائق في وجه العدو، يجب أن تكون عن رضى واختيار، ولا يجوز إكراههم على ذلك، وهذا هو الذي حدث وقت بناء الخندق في عهده ژ . ً قال طعن علينا بعض متعلمي أهل هذا الزمان وجهالهم ونسبنا إلى » : وهكذا جاء في بيان الشرع الخطأ لما أمر به الإمام بترك جبر الناس على بناء الحصون من اليتامى والحرم والكارهين للبناء ومن كان في معناهم واحتج علينا بأن ا لنبي ژ أمر أصحابه بحفر الخندق وقسمه بينهم. واحتجاجهم هذا راجع عليهم والخطأ في ذلك متوجه إليه وذلك أن ا لنبي ژ . لما خرج عليه المشركون أشار عليه سلمان الفارسي بعمل الخندق فشاور أصحابه فاجتمع رأيهم عليه فقسمه عليهم بعد اجتماعهم على ذلك وتراضيهم ولم يكلف في ذلك يتيما ولا امرأة ً ولا غائب ً ا ولا كاره ً .« ا حاشاه من ذلك . الكندي: بيان الشرع، المرجع السابق، ج ٧٠ ، ص ٣٢٧ (٣) . الشيخ الرقيشي: كتاب النور الوقاد على علم الرشاد، المرجع السابق، ص ٧٥ ٤٠٨ وإذا كان العدو ممن يكابر ويقاتل جاز أن يحفر له ما » : ويقول البطاشي يهلكه فيه أو يصنع له ما يهلكه وحفر الخندق للعدو سنة ويقاس عليه كل ُ مانع قال القطب 5 وإنما قلت سنة لما وقع عليه الإجماع أو التواتر أنه  ُ حفر حول المدينة بأمره ژ وغيره من العرب ولكنه من مكائد الفرس وكان الذي أشار بذلك سلمان فقال: يا رسول الله إنا كنا بفارس إذا حوصرنا « خندقنا فأمر ا لنبي ژ بحفر ا لخندق(١) .  الثانية اختيار مكان تمركز ا لقوات: ومن ذلك ما حدث حينما قامت الحرب بين خلف وأبي عبيدة، فقد تنح بأصحابك إلى سفح الجبل، فإن تكن الدائرة » قال رجل لأبي عبيدة لكم أدركتم ما رجوتم، وأمنتم ما خفتم، وإن تكن عليكم، كنتم في حصن .« ولا يغرنكم ذلك  فأمر أبو عبيدة أصحابه بالتنحي فأسندوا ظهرهم إلى ا لجبل(٢) .  ٧ اختيار وقت ا لقتال: يلعب الزمن أو الوقت دورا كبيرا في تحديد مصير أي حرب. ًً قال أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه الحاكم، وأصله في شهدت رسول الله ژ إذا لم يقاتل أول » : البخاري إلى ا لنعمان بن مقرن « النهار أخر القتال حتى تزول الشمس، وتهب الرياح، وينزل ا لنصر(٣) . (١) ، الشيخ البطاشي: كتاب غاية المأمول في علم الفروع والأصول، المرجع السابق، ج ٩ . ص ٨٠(٢) أبو زكرياء: كتاب سير الأئمة وأخبارهم المعروف بتاريخ أبي زكرياء، المرجع السابق، ص ١٣٣ -.١٣٤ (٣) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٩٨ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي وروى أبو عبيدة قال سمعت عن أنس بن مالك قال خرج رسول الله ژ ِ إلى خيبر فأتاها ليلا ً وكان إذا أتى قوما ليلا ً لم يغر حتى يصبح فأصبح ً ُْ فخرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوه قالوا محمد والله والخميس  فقال رسول الله ژ الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء » صباح ا لمن ْذ َ « رين .  يقول الإمام ا لسالمي: قوله وكان إذا أتى قوما ليلا » ً إلخ فيه دليل أن هذا الحال كان قد ً  اتخذه ژ عادة فيستفاد منه استحباب الإغارة وقت الصباح وهي عادة العرب في جاهليتهم وإسلامهم وقد أقرها الشارع فصارت سنة مشروعة وطريقة ُ « مسلوكة وفيه البركة للغازي من هذه ا لأمة(١) . ٨ اختيار أساليب ا لقتال:  في الحرب كل الحيل المنطوية على أساليب مشروعة، يجوز اللجوء إليها لدحر ا لعدو. لذلك جاء في ا لمصنف: وإذا قامت الحجة على الباغين، وشهدت فيهم، قصد المسلمون حينئذ » بالحرب إلى مجلسهم وفرقهم، بكل ما لا يطمع المسلمون، بكفاية بغيهم عليهم إلا بذلك، من الحرب لهم، نحو رميهم، وتغريقهم وتحريقهم، وهدم حصونهم، وقطع المراد عنهم، وحبس المياه والأطعمة عنهم. « والحمولة أن يصل شيء من ذلك إليهم، كان ذلك لهم، أو لغيرهم(٢) . (١) ، السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع، المرجع السابق، ج ٢ ص ٣٢٣ -.٣٢٤ (٢) . النزوي: المصنف، ج ١١ ، ص ٢٢٤ ؛ الكندي: بيان الشرع، ج ٦٩ ، ص ٢٠٢ ٤١٠ وبخصوص الأعداء من غير المسلمين، جاء في بيان ا لشرع: أما أهل الشرك، فيحل قتلهم على كل حال، باغتيال أو تحريق وفي » نسخة: وتغريق بكل وجه، ويمسك الطعام عنهم والشرب، حتى يهلكوا. وإن كان فيهم مسلمون، لم يحل ذلك، ما لم تجيء منزلة، يخاف المسلمون استئصال عسكرهم وهلاكه، إذا خاف المسلمون تلك المنزلة، جاز لهم تغريقهم. ويقطعون المادة، ويحبسون الماء، إن قدروا فيهلكوا عطش ً ا، إن قدروا من غير أن يقصدوا، قصد من معهم من ا لمسلمين. فإن هلك في ذلك قوم من المسلمين، لهم في الإسلام أولياء، كانت  « الدية على عاقلة القاتلين، وعليهم ا لكفارة(١) . ج حظر ا لغدر: أن يعطيه الأمان فيقتله، قال في » الغدر ممقوت، لذلك قيل: الغدر معناه « القواعد: وهو شر هذه ا لوجوه(٢) . قال ابن ماجه إلى أبي سعيد الخدري إن رسول الله ژ قال: « ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان »(٣) . (١) . النزوي: ذات المرجع، ص ٢٢٦ ؛ الكندي: بيان الشرع، ذات المرجع، ج ٧٠ ، ص ٢٥٧(٢) ، حاشية الترتيب للعلامة ابن أبي ستة على الجامع الصحيح لمسند الربيع، ج ٤ ص ٢٢ -.٢٣ (٣) . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ١٨٣ وبخصوص قوله ژ : لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره ألا ولا غادر أعظم » « من أمير عامة ،٣١٨٧ ، (فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ج ٦، حديث رقم ٣١٨٦ ٣١٨٨ ) يقول ا لقرطبي: إنما كان الغدر في حق الإمام أعظم وأفحش منه في غيره، لما في ذلك من المفسدة »فإنهم إذا غدروا وعلم ذلك منهم، ولم ينبذوا بالعهد لم يأمنهم العدو على عهد ولا صلح، = الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي وقد حدثت وقائع كثيرة للغدر ضد المسلمين، ومنذ عهد ا لنبي ژ (١) .   = فتشتد شوكته ويعظم ضرره، ويكون ذلك منفرا من الدخول في الدين، وموجبا لذم أئمة ًً المسلمين. فأما إذا لم يكن للعدو عهد فينبغي أن يتحيل عليه بكل حيلة، وتدار عليه بكل خديعة، وعليه يحمل قوله ژ : (الحرب خدعة) .« . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، المرجع السابق، ج ٨، ص ٢٣ ويقول الشوكانى إن هذا الحديث فيه دليل على: تحريم الغدر وغلظه لا سيما من صاحب الولاية العامة، لأن غدره يتعدى ضرره إلى »خلق كثير ولأنه غير مضطر إلى الغدر لقدرته على الوفاء. قال القاضي عياض: المشهور أن هذا الحديث ورد في ذم الإمام إذا غدر في عهود لرعيته أو للإمامة التي تقلدها والتزم القيام بها... وقيل المراد نهي الرعية عن الغدر بالإمام... قال الحافظ ولا أدري ما المانع .« من حمل الخبر على أعم من ذلك الشوكاني: نيل الأوطار، ج ٨، ص ٢٩ ؛ صحيح مسلم بشرح النووي، ج ١٢ ، ص ٤٢ -.٤٣  كذلك بخصوص قوله ژ : إذا جمع الأولين والآخرين، يرفع لكل غادر لواء، فيقال: هذه » « غدرة فلان بن فلان فيه تعظيم الغدرة، وذلك في الحروب كل اغتيال ممنوع » : ، قيل شرع ً ا، إما لتقدم أمان، أو ما يشبهه، أو لوجوب تقدم الدعوة حيث تجب، أو يقال بوجوبها. وقد يراد بهذا الغدر ما هو أعم من أمر الحرب، وهو ظاهر اللفظ، وإن كان المشهور بين جماعة من المصنفين وضعه في معنى الحرب. وقد عوقب الغادر بالفضيحة العظمى، وقد يكون ذلك من باب مقابلة الذنب بما يناسب ضده من العقوبة، فإن الغادر .« أخفى غدره ومكره، فعوقب بنقيضه، وهو شهرته على رؤوس ا لأشهاد راجع العدة حاشية العلامة الصنعاني على إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق . العيد، المطبعة السلفية، القاهرة، ١٣٧٩ ، ج ٤، ص ٥٢٤ (١) بعث رسول الله ژ عشرة عين » : قال أبو داود إلى أبي هريرة ً ا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت، فنفر لهم هذيل بقريب من مائة رجل رام، فلما أحس بهم عاصم لجأوا إلى قردد فقال لهم: انزلوا فأعطوا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحد ً ا. فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما في سبعة، ونزل إليهم ً ثلاثة نفر على العهد والميثاق منهم خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء لأسوة، فجروه فأبى أن يصحبهم فقتلوه، فلبث خبيب أسيرا ً حتى أجمعوا قتله، فاستعار موسى يستحد بها، فلما خرجوا به ليقتلوه قال لهم خبيب: دعوني أركع ركعتين ثم قال: والله لولا أن تحسبوا ما بي جزع ً .« ا لزدت . أطفيش: وفاء الضمانة بأداء الأمانة في فن الحديث، المرجع السابق، ج ٥، ص ٢٠٨ = ٤١٢  ويشدد ا لإباضية على عدم جواز ا لغدر(١) : ّ فقد كتب أبو عبيدة إلى عبد الله بن يحيى: « إذا خرجتم فلا تغلوا ولا تغدروا، واقتدوا بسلفكم ا لصالحين »(٢) . ولا ينبغي للمشرك إذا أسلم في المشركين، إلا أن » : وجاء في المصنف يقتطع شيئ ً ا من أموالهم بخيانة، ولا مكابرة. وهم في أمانهم، حتى ينابذهم « وينابذوه(٣) . = أخرجه الإمام البخاري في صحيحه كتاب الجهاد والسير باب هل يستأسر الرجل ومن لم ١١٠٨ ، رقم ٢٨٨٠ )، وأبو داود في كتاب الطهارة / يستأسر ومن ركع ركعتين عند القتل ( ٣  ٢٩٤ ، رقم / ٥١ ، رقم ٢٦٦ )، والإمام أحمد في مسنده ( ٢ / باب في إتيان الحائض ( ٣  ٧٩١٥ )، والنسائي في السنن الكبرى كتاب السير باب توجيه العيون والتولية عليهم ٢٦١ ، رقم ٨٨٣٩ ). وكذلك أصحاب بئر معونة وهم سبعون رجلا /٥) ً أربعون » : وفي رواية رجلا ً من الأنصار أرسلهم النبي ژ إلى رعل وذكوان وعصية وبني لحيان زعموا أنهم قد أرسلهم ليعلموهم الدين فغدروا بهم فقاتلوهم » : وفي رواية « أسلموا واستمدوه على قومهم .« حتى قتلوا جميعا ً ١١٥ ، رقم / أخرجه الإمام البخاري في صحيحه كتاب الجهاد والسير باب العون بالمدد ( ٣ ٢٨٩٩ )، والإمام مسلم في صحيحه كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب استحباب .( ٤٦٨ ، رقم ٦٧٧ / القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة ( ١ . راجع أيضا المحقق الخليلي: تمهيد قواعد الإيمان، المرجع السابق، ج ١٣ ، ص ٢١٥ ً (١) بل من قصصهم المعروفة، ما حكاه ا لشماخي: ومن أمانة أبي بلال أن ابن زياد سجنه في جماعة المسلمين، فرأى السجان اجتهاده، فقال: إن تركتك تبيت عند أهلك أترجع؟ قال: نعم. فأتاه الخبر عند أهله أن ابن زياد أراد قتلهم غد ً ا، فرجع أبو بلال إلى السجن بعد أن قال له أهله: اتق الله في نفسك. قال: أتريدون أن ألقى الله غادرا، وقال للسجان: قد علمت رأي صاحبك، قال: أعلمت وجئت؟ قال: نعم. ً فقتل ابن زياد من في السجن، فأخبره السجان بفعله، فأطلقه، 5 . . الشماخي: كتاب السير، المرجع السابق، ص ١٨٠ (٢) الجامع لابن جعفر، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان، ١٤٣١ ه - ٢٠١٠ م، ُ . ج ٩، ص ٣٣١ (٣) . النزوي: المصنف، المرجع السابق، ج ١١ ، ص ١٤٢ الباب الحادي عشر: الجهاد (الحرب) في الفقه الإباضي وجاء فيه أيضا: ً يجوز للمسلمين صلح أهل الأوثان، السنة والسنتين، حتى يكثر » « المسلمون ويقووا. وليس لهم أن يغدروا بهم، ولهم ما صالحوهم عليه(١) . :õ««ªàdG ΩóY CGóÑe `` É©HGQ k هذا المبدأ من المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني. وقد أكد عليه الفقه الإباضي أيضا. ً في القائد إذا كان مسلما وأتباعه من أهل الشرك، أو كان » : فتحت عنوان ً القائد مشرك ً .« ا ومعه أتباع من أهل ا لقبلة جاء في منهج ا لطالبين: ومن خرج من أهل القبلة باغيا على المسلمين، ومعه أتباع من المشركين. » ً فإن للمشركين الذين ساروا مع الجبار، من الحرمة كحرمة البغاة من أهل القبلة؛ لأن إيمانهم من أهل القبلة، ولا تغنم أموالهم، ولا تسبى ذراريهم. وإن كان القائد من أهل الشرك، وأعوانه من أهل القبلة، فلا غنيمة عليهم « ولا سبي فيهم؛ لأن الإسلام يعلو ولا يعلى. والتوفيق لما يحب ويرضى(٢) . معنى ذلك جد واضح: التسوية بين المسلمين وغير المسلمين في تطبيق أحكام قواعد القانون الدولي الإنساني متى كان القائد مسلما أو كان غير ً مسلم لكن في جيشه غير مسلمين. ويقترب