۳ r ۰ . 4.4 7 ۲ - E ‏ت‎ 1 2 2 2 ٣ 0 ۲ ١ 7 4 ۳ 1 O hn EE Ras ODL TEE OSES AS a tan wr enan ‎E O REYE EOE‏ ودس ‎e RD REE‏ ۰ ۴ سر ا ت سلا 2 4 0 س ی 0 ب ۲ 7 1 1 13 7 . ا 4 ۱ 2 ۱ ا پل االات رون ل ر ت ن 7 ‎ ‎ ‎ ‎ 2 سے سے ہے کے ‎+ç‏ 7 - = ١ زس RON: 2 NUN ‏کر‎ ‎> - ‏ک‎ ‏چ فح س‎ ‏سسس‎ ¢ III ۴ بسم الله الرحمن ن الرحيم « رب أؤْزِعْنِي أن أشَكُرَ نِعْمَتَك التي أنْعَسْت عَلَي وَعَلَّى وَالدي ون أَعْمَل صَالًا ترضاه وَأَذْخَلْنِي بِرَحْمَتك في عبادك المالحين » قرآن کریم سورة النمل الاية (19) ياأخي في الله ! . أخي في الله ! أرجو أن تقراً هذه الفصول المعروضة بين يديك في هذا الكتاب محتسبا أجرك على الله › وأن تأخذمنهاما استبان لك أنه الحق بحفاوة » وأن تنبذ ما استبان لك أنه الباطل على طول يدك ء وأن تزن كل ذلك بالميزان الدقيق الذي لا يخطيء من قوله تعالى : «إفإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم . وأن تضع في اعتبارك أنني أرى أن جميع الفرق والمذاهب الإسلامية تقف متساوية على صعيد واحد فليس فيها ‏ بصفتها الجماعية ‏ فرقة أفضل من فرقة » ولا مذهب خيرا من مذهب › وأن في المنتمين إلى كل فرقية أو مذهب أتقياء بررة » وأشقياء فجرة » وسوادا أعظم وهو وسط بين ذلك . وأن تعلم أن النتقاش الذي جرى على قلمي ‏ في شدته ولينه »وفي قسوته ورفقه ريد به الدعوة إلى المذهبية › ولا الدفاع عن مذهبية » وإنما أريد به تحطيم المذهبية . وأنا على يقين في نفسي أن المذهبية في الأمة الإسلامية لا تتحطم بالقوة ولا تتحطم بالحجة . ولا تتحطم بالقانون فان هذه الوسائل لا تزيدها إلا شدة في التعصب وقوة رد الفعل ء وإنما تتحطم المذهبية بالمعرفة والتعارف والاعتراف . فبالمعرفة يفهم كل واحد ما يتمسك به الأخرون › ولماذا يتمسكون به . وبالتعارف يشتركون في السلوك والأداء الجماعي للعبادات وبالاعتراف يتقبل كل واحد منهم مسلك الآخر برض ويعطيه مثل الحق الذي يعطيه لنفسه (اجتهد فأصاب أو اجتهد فأخطاً) وفي ظل الأخوة - 7- تغيب التحديات وتجد القلوب نفسها تحاول أن تصحح عقيدتها وعملها بالأصل الثابت في الكتاب والسنة غير خائفة أن يقال عنها تركت مذهبا أو اعتنقت مذهبا . ولن نصل إلى هذه الدرجة حتى يعترف اليوم أتباح جابر وأبي حنيفة ومالك والشافعي وزيد وجعفر وأحمد وغيرهم ممن يقلدهم الناس ُن امتهم أيضا يقفون في صعيد واحد لا مزية لأحدهم على الأخرين إلا بمقدار ما قدم من عمل خالص لله . قيل عن الإباضية © «وكل من يتهم الإباضية بالزيغ والضلال › فهو ممن فرقوا دينهم » وكانوا شيعا » ومن الظالمين الجهال › جمع الله ما فرقوا ورتق ما فتقوا ء ومزق شمل اعوان المستعمرين › والله محيط بالکافرین » خلاصة الرسائل في ترتيب المسائل طبعة سنة 1356 ه عضو المجمع العلمي العربي عز الدين التنوخي © «وإذا كان الإباضيون أصحاب أمجاد فى الماضى ء فلا زالوا كذلك في عصرنا الحاضر » ‎O‏ ‏إسلام بلا مذاهب مصطفى الشكعة © «ومن كل هذا يتبين اعتدالهم وإنصافهم لمخالفيهە» كتاب المذاهب الإسلامية محمد أبو زهرة © «قول ابن إباض أقرب الأقاويل إلى السنةه الكامل, : المبرد © «ؤرجال الإباضية يضرب بهم المشل في التقوى والصلاح والزهد» تاريخ فلسفة الإسلام في القارة الافريقية : يحي هويدي ن «إطلاق لفظة الخوارج على الإباضية ‏ أهل الإستقامة ‏ من الدعايات الفاجرة التي نشأت عن التعصب السياسي أولا ثم المذهبي ثانيا» . أبو إسحاق طفيش © «يمكن أن تعتبر الإباضية أستاذة الفرق الإسلامية في تأصيل قضابا العقيدة» . بیوض ابراهيم بن عمر اختار بعش من كتب في عقائد الفرق الإسلامية وآرائها ومذاهبها من الكتاب القدماء - كلمة المقالات - فأطلقها على ما ذهبت إليه كل فرقة في ذلك › وأحسب أن اختيارهم لاستعمال هذه الكلمة في هذا المجال كان موفقا جدا » فإن مواقفهم - رغم ما فیها ۔ ل تزید عن مقالات . وعندما يرجع الباحث اليوم إلى أكثر تلك المقالات التي :زع فيها المسلمون › وتشتتوا إلى فرق لا حصر لها ء يضرب بعضها بالبعض » حسبما تقتضيه ظروف كل عصر» يجد أن الجزء الأكبر منها لا يعدو مواضيع سياسية معينة » تتناول بعض قضايا الحكم › أو مشاكل التعامل بين المتخالفين في رأي أو وجهة نظر معينة . والحقيقة أن بعض الأقلام كانت مولعة بتكثير أصحاب المقالات ء فما تسمع بنقاش جرى بين اثنين جتى تسارع فتجعل لكل واحد منهما فرقة وتجعله إماما أو رئيسسا لتلك الفرقة . والشواهد على ذلك فى كتب المقالات كثيرة وقد يجد القارئ في هذا الكتاب صورا منها . ولاشك أن أصابع السياسة وزاء هذا كله وسواء فى ذلك السياسات الحاكمة أو السياسات المضادة لها ولا شك أيضا أن الألام التي تناولت ذلك سارت دون وعي .ني أكثر الحالات - فى ركاب سياسة مخططة فحققت لها كثيرا من المقاصد والأهداف . ويلاحظ الدارس لهذا الموضوع ء أن كثيرا من الأشخاص الذين اعتبروا أئمة الفرق » ونسبت إليهم أقوال في فضايا الساعة ليسوا - 10 - على أحسن التقديرات - إلا رجالا من العوام أو أشباء العوام › يملكون ألسنة حادة » أو سيوفا قاطعة أو إرادات صلبة فهم في نظر السياسة خطر على أمن الدولة ء أي على كراسي الحكم - ومع ذلك فقد نسبت إِليهم مقالات شاذة في قضايا تشفل فكر الجماهير في ذلك الحين › فهل كانوا حقا يقولون بها » وهل کانوا حقا في المستوى العلمي الذي يتيح لهم أن يصدروا أحكاما في مشل هذه المسائل الدقيقة ؟ أم أن السياسة الماكرة هي التي استطاعت أن تقَوَلهم أو تدس عليهم ذلك ء ثم توجه إليهم الأنظار ... . أنظار النفرة والكراهية › فنجحت في إدانتهم وإبعاد الناس عنهم . والباحث اليوم عندما يعود إلى التنقيب عن هذا الموضوع يرى عجبا » فرق كاملة بأئمتها وأقوالها ومواقفها الحاسمة لا يعثر لها على أثر أبدا إلا ما يقصه عنها خصومها في كثير من المبالغات . عندما كنت أُقرأً في كتب المقالات ما يتصل بالإباضية تصادفني عجائب في العقائد والآراء والأقوال تنسب إليهم › إما بعبارات واضحة صريحة أو بأساليب ملتوية » لكنها معبرة › وتصادفني كذلك أبماء لأشخاص كثيرين يعتبرون أئمة لهم › ونا على يقين کامل بان ذلك غير موجود عند الإباضية . فإذا كانت هذه الحال مع فرقة ينتشر أتباعها في كثير من البلاد الإسلامية ءولا يخلو قطر من أقطارها من كتبهم 4 فكيف الحال مع من انقرض فلم يبق له أتباع » ولم يترك كتبا مصنفة فيما يختص به » وإنما عاش إن صح هذا يطفح على ميدان الحياة حتى طواه موج الزمن في ذكرى التاريخ المجردة . لقد أصاب الإباضية من كتاب المقالات كثير من الأذى , ور لا يكون مقصودا » ولكنه واقع » وقد أحدث بالفعل فجوة بينهم وبين -11- إخوتهم في بقية ‏ المذاهب › كانت متسعة في الماضي وأصبحت تضيق ءونرجو أن تتمهد وتزول في هذا العصر الذي يجب أن يتلاقى المسلمون فيه على وحدة العقيدة » ووحدة العمل » ووحدة السلوك ء 4 في مجابهة أعداء الإسلام 4 مع مراعاة صادقة لحرية الرأي وإلفكر » واحترام كامل لجميع أئمة المسلمين وعلمائهم السابقين › دون تهجم أو انتقاص ءودون تقدیس أو تعظيم .() . وفي هذا الكتاب حاولت أن أزافق بعض الكتاب من القدماء والمعاصرين › لنتعاون على وضع هذه الفرقة من المسلمين (الإباضية) في مكانها الحقيقي من الأمة الإسلامية › واضعا في اعتباري أن الكتاب القدماء يسعهم من العذر ما لا يسع الكناب المعاصرين وإن أخطاء في كثير من الأحيان ينتج عن عدم وجود الوسائل في حين أن جميع الوسائل مشوفرة لدى الكتاب المعاصرين › أما المستشرقون فلهم دوافعهم الخاصة للكتابة عن الإسلام والمسلمين › ومناقشاتي في جميع الفصول لجميع هؤلاء قد تتأثر بهذه الاعتبارات فيتغير الأسلوب من كاتب إلى كاتب يشتسل الكناب على ستة أقسام غير النقدمات ء كل قىم يحتوى على عدد من الفصول : القسم الأول : مع القدماء . القسم الثاني : مع المعاصرين . القسم الثالث : مع المستثرقين . القسم الرابع : أراء للإباضية . القسم الخامس : مفاهيم يجب أن تختفى . القسم السادس : ملاحظات وتعاليق . (1) المقصود بهذه الكلمة اعتبار اي إمام أو ولي معصوماً أو كالمعصوم - 12 - رجو أن أكون قد استطعت أن أضع بين يدي القارئ الذي يهمه أمر الأمة الإسلامية جمعاء صورة واضحة لمكان الإباضية يها » ون أصحح بعض الأخطاء عنها الأجيال » وتعاون على تضخمها التعصب من جهة › والجمود والتقوقع من جهة أخری . ويهمني أن أذكر أنه يوجد خلاف بين الإباضية وغيرهم من المذاهب في عدد من المسائل كما يوجد خلاف بين الحنفية وغيرهم والشافعية وغيرهم والمالكية وغيرهم وكما يوج بين بقية المذاهب وبين علماء كل واحد من هذه المذاهب فيما بينهم › ولكن يهمني أيضا ُن أذكر أن هذا الخلاف في مجموع صوره وموضوعاته إنما نتج عن أساسين : الأول : فهم الأئمة والعلماء للأدلة في نصوصها الثابة من الكتاب والسنة . الثاني : حرص العلماء والأئمة على إصابة الحق في الفهم والاستدلال والعمل بالمقاصد الحقيقية للشريعة الإسلامية . وليس فى هذين الأساسين اللذين نتج عنهما الخلاف ما يدعو إلى الخصومة أو القطيعة . نضرع إلى المولى تبارك وتعالى أن يلهم هذه الأمة رشدها ويوحد صفها وينصرها على المتربصين بها . 5 مارس 1972 - 13 - ع الباب الأول الإباضية في قفص الإتهام مع القدماء الاباضية عند الاشعري تشنيعات الأشعري على الاباضية مقالات الاأباضية عند الأشعري اليغدادي والاباضية أبو المظفر الاسفراييني والاباضية بو الفتح الشهرستاني والإباضية 15 س الإباضية في قفص الإ تهام إن وضع الإباضية بالنسبة إلى إخواتهم من المذاهب الأخرى وضع غريب » فبرغم من أنهم يعيشون في بعض البلاد مدمجين مختلطين ياخوتهم من المذاهب الأخرى يتعاملون معهم في جميع شؤون الحياة كما سامل بهم مح بعش . وتربط الكثير منهم علاقات مودة وصداقة أُوثق كثيرا مما تربط أهل المذهب ر ويتصرف أولفعك الإباضيون في المجتمع تصرف المسلم 'لطبيعي لا يخفی ولا يش شيء من سلوكيم الديني أو المدني » ولا ب ينقم عليهم إخوتهم أولعك الذين يعيشون معهم في السراء والضراء » بدعة يعرفونها › أو احرافا یرونه › ُو خلافا يدعو إلى سوء الظن .٠ رغم كل هذا فإن تلك الكلمة التي أطلقتها عليهم شفة مغرضة مجهولة › في فترة كانت السياسة تلعب فيها هم الأدوار في توجيه ا لسن ينتقد انحرافها عن منهج العدول من أصحاب رسول الله مَل ذلك التاريخ في العصر الأموي ‏ فيما يبدو - والإباضية يقفون في قفص الإتهام › يقاسون ل الجفاء من إخوتهم لأنهم ۔ فيما تزعم تلك التهمة الظالمة ‏ (خوارج) .ومن المؤسف أن أكثر الكتاب سواء كانوا كتاب مقالات في العقائد » أو كتاب تاريخ يتتبعون مجاري الأحداث السياسية - وقفوا بالنسبة إلى الإباضية موقف المدعي العام الذي يعتقد ُن نجاح مرافعته يتوقف على إثبات التهمة أو قاضي التحقيق الذي يهمه أن يضع أوزار الجريمة على من ساقته الظروف إليه » ووضعته التحريات بين يديه . فهم يضعون هذا المذهب وأتباعه في قفض الإتهام أُولا ‘ ويحكمون عليهم بأنهم مخطئون لأ » وید ذلك ق - 16 - يبحشون عن الأدلة ء ولكن لإثبات هذه التهمة لا لمعرفة الحقيقة . وعندما يتقدم الإباضية بعرض عقائدهم وآرائهم والأدلة الثرعية التي استندوا إليها » ويبيّنون سيرتهم وسلوكهم › يعتبر ذلك منهم كلامًا في موقف الدفاع › لا يجوز على القاضي الذكي . فهو لا يسمعه » ولا ينظر فيه » وإذا استمع إليه فلكي يلتقط جملا تعزز التهمة » وقد يحرفها قليلا حتى تكون صالحة كدليل للإثبات . وقد يعرض الإباضية عقيدة أو رأيا لهم وبراهينه وهو في نفس الأمر يوافق عقيدة القاضي . ولكن القاضي يصر مع ذلك أن القوم مخطئون وأن ما يقولونه إنما هو كلام للدفاع . ثم يحكم برفض الدفاع › وإثبات الدعوى › لا لشيء ء إلا لأنهم حسيما بلغ إلى علمه (خوارج) وحتنى عندما يقول الأباضية عن عقيدة ُو ري أنه عندهم كفر وخروج من الملة › » فن هذا القول لا يقبل منهم › ويستمر إثباته لهم ومحاسبتهم عليه . وقد يبرأون من وجل ومن أعماله وأقواله ممن لا يا ينتمي إِليهم ولكن يقال لهم أيضا : بل هذا الرجل من أئمتكم » ولو أنكرتم ذلك . والمشكلة أن رافعي الإتهام لا يحاولون أبدا أن يبحثوا عن الحقيقة . ولا أن يرجعوا في تحقيقهم إلى مصادر الإباضية › وإنما يتناقلون التهمة بنصها من جيل إلى جيل دون اعتبار لصراخ المتهم الموجود في القفص أو اهتمام به أو سناع لدفاعه . وفي عصرنا هذا اهتم عدد من کتاب المقالات › ومحققي الكتب : بشؤون الفرق الإسلامية ء وعرض بعضهم فيم عرض للإباضية » وبين يديه كتب قيمة لهم يستطع أن يتخذها مرأجع يستقي منها أفوالهم ويستطيع ُن يعرف فيها أُصول ديانتهم وفروعها ويصحح ‏ متأكدا - ما يجده من أخطاء عنهم في غيرها ء وإلى - 17 - جانبه علماء لاء ميم في ان کا ول ا لا »انما یمود بالتفتیش إلى كتب الكتب › ولا إلى أولعك العلماء › و يعود بالنميس ۽ : ليست لهم وإنما كتبها غيرهم عنهم في ظروف مجهولة » وهي غاله لا تسلم من الأخطاء عن حسن النية إن سلمت من سوء النية » بل هي عرضة للأخطاء من عدة جوانب منها : 1 عدم توافر النزاهة الكاملة في الكاتب ٠ 2 سيطرة آراء معينة على الكاتب تجعله غير مستعد لفهم غیرها أو حتی مجرد مناقشتها . 3 كفاءة الدراسة والتحقيق قد لا تكون عنده بالدرجة التي يفرق بها بين الصواب والخطإا . 4 المصادر التي يستقي منها ويعتمد عليها - سواء كانت كتبا أم بشرا - قد تكون مغرضة » وقد تكون مستغلة وقد تكون جاهلا 5 وسائل الإتصال التي تساعد على البحث والوصول إلى الحقيقة كالإتصال الشخصي المباشر كانت غير سهلة ولا ميسورة ٠ 6 النفرة بين أتباع المذاهب المختلفة وسوء الظن » وشدة التعصب › وتمسك كل بما عنده والحكم مسبفا على الأخرين بالخطإ والضلال › هذه العراقيل كلها أو بعضها تجعل الوصول إلى الحقيقة عسيرا حتى بالنسبة للنزيه الحريص على الحق › فيان سوء الظن يلقي ظلالا من الشك عليه لا تمكنه من الإطلاع . 7 الإشاعات الكاذبة » والدعايات المضللة التى تنطلق عن دوافع سياسية غالبا › فتصل إلى ناس موثوق بهم » فتجري على السنتهم أو أقلامهم فتتلقفها الأذان دون معرفة مصدرها الحقيقي › والدوافع السياسية الماكرة إلى الإيحاء بها : - 18 - هذه بعض الجوانب التي كانت تؤثر على الكتاب الأقدمين › وقد انتبه إليها بعضهم » وعرف مدى تأثيرها على المؤلفين › وما يتسبب عنها من أباطيل تلتصق بطوائف من المسلمين هم منها ابرياء . يقول أبو الحسن علي بن إساعيل ما يلي : الناس في حكأية ما يحكون من ذكر المقالات ء ويصنفون في التحل والديانات › من بين مقصر فيما يحكيه ء وغالط فيما يذكره من قول مخالفيه › ومن بين معتمد للكذب في الحكاية › إرادة التشنيع على من يخالفه ومن بين تارك للتقصي لروایته فیما يرویه » من اختلاف المختلفين › ومن بين من يضيف إلى قول مخالفيه ما يظن أن الحجة تلزمهم به» . فأنت ترى أن أبا الحسن الأشعري - وهو من أوائل من كتب في هذا الموضوع - قد انتقد عدة عيوب في اولئك الذين يتصدون للحديث عن مخاليفهم » كالتقصير في التحقيق › واعتماد الكذب والغلط وعدم التقصي في البحث ء والزيادة في الأقوال لإلزام المخالفين الحجة . اما الشهرستاني في كتابه (الملل والتحل) فهو لم يذكر نقدا بهذه التفاصيل وإنما أشار إليها من طرف خفي فقد قال ما یلی .)2( «وشرطي على نفسي ُن ورد مذهب كل فرقة على ما وجدته في كتبهم » ومن غير تعصب لهم » ولا کره عليهم » دون اُن اُبين صحیحه من فاسده . حقه من باطله » . وهذا الكلام يشعر أن الشهرستاني رأى كما رأى الأشعري من قبله » عدم التحقيق فيما يقال عن الفرق › ولذلك فقد شرط على (1) مقالات الإسلاميين طبعة النهضة 1369 ه صفحة : 33 )2( الملل » والتحل طبعة 1368 ه صفحة 60 من الجزه الأول . 19 ۔ نفسه أن يسأخذ أقوال أصحاب الفرق من كتبهم » دون التعرض لنقدها أو تصحيحها . ِ فهل استطاع أبو الحسن الأشعري أن يتحقق أن ما أورده عن الفرق قد سلم من تلك العيوب التي ذكرها وعزم أن يتحرز منها › والتي انتقدها على غيره من المتحدثين والكتاب بقوة ة وجرأ تستدعيان أن تجاب ؟!! وهل استطاع الشهرتاني ُن يوفي بشرطه ؟ وأن لا ينقل مقالات أهل الفرق إلا من كتبهم ومصادرهم؟! وأن يلتزم معها الحياد الكامل فلا يصوب ولا يخطيء ولا يرجح ؟ ذلك ما سوف نراء في الفصول الأتية إن شاء الله تعالى › ونحن نرافق هؤلاء الأئمة المظام وغيرهم في رحلة علمية 4 نستمع فيها الهم ونقراً لهم ونأخذ عنهم » ونسترشدهم في الوصول إلى الحق الذي هو غاية الجميع - 20 س القسم الاول مع القدماء إن الذين كتبوا عن العقائد الإسلامية › واستعرضوا مقالات الفرق فيها - من القدماء - عدد كبير » وليس في وسع الدارس أن يتتبعهم جميعا » ولا أن يستحضر كل ما قالوه ‏ ولكن في إمکانه ُن يقوم سات سر وان يأخذهم كأمثلة أو نماذج يستدل بها على الأسلوب أو المنهج الذي سلكوه أو سلكه أكثرهم . وبعد دراسة لموضوع الإأباضية في عدد من تلك الكتب ء وإستعراض لمناهجها وأساليبها في البحث ٠ استقر رأيي على اختيار خمسة من المؤلفين لأقوم معهم بهذه الرحلة العلمية التي آمل أن يجد كل قارئ يصحبنا فيها بعض المتعة إذا لم يتحصل فيها على فائدة . وقد فضلت أن أبداً المسير مع هؤلاء الخمسة الذين اخترتهم كنماذج حسب ترتيبهم الزمني على ما يأتي : 1 أبو الحسن علي بن إبماعيل الأشعري المتوفى نة 0 هه . 2 عبد القاهر بن طاهر البغدادي المتوفى سنة 429 ه . أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم المتوفى سنة 6 هه . أبو المظفر شاهفور بن طاهر الأسفراييني المتوفى سنة 1 هه . 5 أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني المتوفى سنة 8 هه . - 21 إنتى أعتقد ُن هؤلاءالكتاب هم من أشهر من كتب في هذه المواضيع ءوكتبهم تعتبر مصادر ومراجع لا يستغني عنها باحث في هذا المجال وكل من جاء بعدهم إنما هو عالة عليهم › منهم وما الكتب فهاهي حسب ترتيبهم السابق : 1 مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين .الأشعري . 2 الفرق بين الفرّق . البغدادي 3 الفصل في الملل والتحل . ابن حزم 4 التبصير في الدين . الاسفراييني 5 الملل والتحل . الشثهر ستاني - 22 - الإباضية عند الأشعري قد يعجب القارئ الكريم إذا قلت له : إن أبا الحسن الأشعري رغم أنه كتب عن الإباضية كثيرا » فإنه لا يعرف عن الإباضية شيئا » وإن أكثر ما كتبه عنهم لا علاقة لهم به » ولا علاقة له بهم ٠ وليتضح للقارئ الكريم هذا القول فإنني أرجو منه أن يرافقني قليلا » وأن يقرا الفصول المعفودة لدراسة أبي الحسن الأشعري مع الإباضية . يقول أبو الحسن الأشعري فى كتابه (مقالات الإسلاميين) صفحة 1 من الجزء الأول ما يلي : | «ومن الخوارج الاباضية : فالفرقة الأولى منهم يقال لهم الحفصية كان إمامهم حفص بن أبي المقدام ءزعم أن بين الثرك والإيمان معرفة الله وحده › فمن عرف الله سبحانه ثم کفر بما سواه من رسول او جنة او نار ُو عمل بجميع الخبائث من قتل النفس ء واستحلال الزنى ٠ وسائر ما حرم الله من فروج النساء » فهو كافر برئ من الشرك » واستمر الأشعري يذكر أمثال هذه الشنائع لهذه الفرقة ثم قال «والفرقة الثانية منهم يسمون اليز بدية » كان إمامهم يزيد بن أنيسة» ثم ذکر آراد هذه الفرقة وشت نعها ء ومنها : «وزعم أن الله سبحانه سیبعث ربولا فی ي العجم » وينزل عليه كتابا من السماء يكتب في الىماء وينزل عليه جملة واحدة» ويقول بعد أسطر : «وتولی ‏ أبو يزيد هذا - من شهد لمحمد مر بالنبوءة من أهل الكتاب › وإن لم يدخلوا في دينه › ولم يعملوا بشريعته » وزعم أنهم بذلك مۇمنون» . ثم يقول : - 23 «والفرقة الثالثة من الإباضية أصحاب حارث الإباضي . قالوا في لقدر بقول المعتزلة » وخالفوا فيه سائرالإباضية » وبعد أن يذكر لهم جملة من التشنيعات يقول : «والفرقة الرابعة منهم . يقولون بطاعة لا يراد الله بها › على مذهب أبي الهذيل › ومعنى ذلك أن الإنسان قد يكون مطيعا لله › إذا فعل شيئا أمره الله به » وإن لم يقصد الله بذلك الفعل .٠ ولا اُراده به « هكذا بدا أيو الحسن الأشعري حديثه عن الإباضية فبمجرد ما ذكرهم بدا في تقسيمهم إلى فرق » وجعل ينسب إلى كل فرقة جملة من الاراء والأقوال . والقارىئ الكريم عندما دا في قراءة ما كتبه الأشعري عن الاباضية يفهم ُن الإباضية ينقسمون إلى أربع فرق کبری هي هذه الفرق التي ذكرها » وأن بعض هذه الفرق قد انقىم أيضا إلى فرق أخری فرعية » وذكر الأشعري أقوالا أخری وشنائع أخرى نسب بعضها إلى جميع الإباضية › ونسب بعضها إلى إحدى تلك الفرق . وعند الرجوع إلى كتب الإباضية التي لفت في عصر ابي الحسن والتي ألفت قبله وال لتي ألفت بعده » فإن القارئ لن يجد يها شيشا عن هذه الفرق ولا عن ئا ولا عن رلا مه أئمتها . وخذ ما شئت شئت من كتب السير والتراجم عند الإباضية › التي تة تتقصى أخبا ر أئمتها وعلمائها ومشائخهنا › فإنك لن تجد ولا إشارة عابرة إلى الأئمة الذين ذكر لفرق كاملة من الإباضية . واقرأً ما شت شئت في كب العقائد عند الإباضية › قإنك لن تجد ذكرا لمذه الفرق ولا لأرائها » وكل ما تستطي أن تعتذر به ع إيراد ابي بي الحسن لهذه التفاصيل أنه وقع فريسة لبعض المشنعين , هم الأشعري واعتبرهم أئمة - 24 - فكان يتلقى مقالات الفرق عن ناس يثق بهم » ولكنهم ليسوا في المحل الذي يراه لهم ويضعهم فيه من الثقة والصدق . سواء كان قله عنهم عن طريق الرواية والسماع › أو عن طريق القراءة والإطلاع في كتب مدونة . فهو لم يشر إلى أي ذلك على كل حال . ويكفي فيما أعتقد لنفي أن يكون ما قاله أبو الحسن عن الإباضية صحيحا جهلهم به ٠ وعدم ذكرهم لأي شيء منه في مراجعهم العامة والخاصة المكتوبة والمتحدثة . يقول ابو الحسن : «فالفرقة الأولى يقال لهم الحفصية »كان إمامهم حفص بن أبي المقدام » ومع كثرة ما قلبت في كتب لإباضية ومع العناية والبحث فإنني لم أعثر على هذا الاسم الذي اعتبره أبو الحسن إماما من أئمتهم . ولم أعثر كذلك على شيء من أخبار فرقته وآرائها » وقد نسب أبو الحسن إلى هذه الفرقة وإمامها أقوالا يكي بشما لإخراجيم من السا والحكم عليهم بالشرك والردة » إذا سبق أن كانوا مسلمين » منها : إتكار النبوة . وإتكار الجنة والنار . ومنها استحلال الزنى ٠ وغيره مما حرّمه الله ء وأشياء أخرى من هذا النوع . وهي كافية ‏ إذا قال بها حقا۔ للحكم بخروجه وخروج من تبعه فيها من الإسلام . فكيف يصع أن تنسب هذه الفرقة إلى إحدى فرق المسلمين؟ . وكيف يصح أن يقال فيهم إنهم فرقة من الإباضية ؟! . قد تكون هذه الفرقة موجودة ولها علاقة ما بفرقة أخرى من فرق المسلمين وقد يکون حفص هڏا إماما في أب ؛ فرقة أخرى . أما أن يكون هو. وأتباعه إن وَجِدَ وؤْجدوا ‏ في الإباضية ء وأن تکون آراؤه التي ساقها أبو الحسن آراء الإباضية ء فهذا هو المستحيل بعینه . وبتصفح أي كتاب من كتب العقائد عند الإباضية سوف - 25 يتضح أن ما بها يناقض مناقضة كاملة لهذه المزاعم التي ساقها ابو الحسن على لسان حقص ونسبه ونسبها إلى الإباضية ٠ ويقول أبو الحسن الأشعري والفرقة الثانية يسمون اليزيدية › كان إمامهم يزيد بن أنيسةه وذكر فيما ذكر من آراء هذه الفرقة ما يلي : «وزعم أي يزيد بن أنيسة أن الله سبحانه سيبعث رسولا من العجم » وینزل عليه کتابا من ن الما يكتب في السماء وينزل عليه جملة واحدة » فترك شريعة محمد ودان بشريعة غيرها وزعم أن ملة ذلك النبيء الصابئة » وليست هذه الصابئة التي عليها الناس اليوم » وليسوا هم الصابئين الذين ذكرهم الله في القرآن › ولم يتوا بعد › وتولى من شهد لمحمد إل بالنبوة ة من أهل الكتاب وإن لم يدخلوا في دينه ولم يعملوا بشريعته › وزعم أنهم بذلك مؤمنون .» والغريب في الأمر أن القارئ الكر يم إذا رجع إلى مصادر الإباضية من كتب وأسماء علماء منذ أُوائل القرن الشاني الهجري لی هذا العصر فإنه لن يجد عند الإباضية هذا الإمام الذي سياه ابو الحسن الأشعري - يزيد ين أئيسة - ولا يجد عندهم ذكرا لفرقته ولا لآرائه . بل إنهم يحكمون على من يدين تلك المقالات بأنه مشرك خارج عن الملة » ومن كان مشركا خارجا عن ملة الإسلام » لا يمكن أن يحسب في فرق المسلمين . ولست أدري كيف ساخ لأبي الحسن أن يزيد هذا اليزيد إلى الإباضية ٠ وأن يحثر معهم فرقته . هذا إن وجد حقا ووجدت له فرق وکیف ساغ له أن يحسبها في فرق الإسلام » وينسبها إلى إحدى طوائفه وهو نفسنه يحكم عليها بالخروج ص الإسلام حين يقول في القرة السابقة : «فترك _ أي يزيد بن أنيسة - شريمة محمد ي ودان بشريعة غيرها» ويضيف آبو الحسن الفرقة الثالثة إلى الإباضية فيقول : - 26 - «الفرقة الثالثة من الإباضية أصحاب حارث الإباضي › قالوا في القدر بقول المعتزلة وخالفوا فيه سائر الإباضية » وزعموا أن الاستطاعة قبل الفعل» وهذا الحارث أيضا لم يحرث عند الإباضية ولم يزرع لا آراء ولا حبوبا ولم يحصد الإباضية عنه أوعنْ فرقته شيئا . إن کان حقا حرث فی أي مکان . ولو أن أبا الحسن حشر هذا الحارث مع المعتزلة لكان أقرب ما دام يقول بقولهم في القدر» ومسألة القدر هي أم المسائل في النقاش الفلسفي الذي جرى بين المذاهب الإسلامية في وقت مبكر» وكانت المميز الواضح بين مذاهبهم والمهم في الموضوع أنه لا يوجد لهذا الحارث الذي لم يجد أبو الحسن أبا فجاء به هكذا يسوقه حتى أدخله عند الإباضية وتركه . فلا يوجد عند الإباضية أي ذكر لهذا السارث ُو راي ُو فرفة ُو نسب »› ولا حتی مرور ضيافة خي مراجع الإباضية مما استطعت !لحصول عليه خالية منه ومن آرائه ومن فرقته فلإذا كانت حقيقته وحقيقة آرائه في الواقع كما هي عند الإباضية فإنه رجل لا وجود له ولا لفرقته . أما آراؤە فهي صورة في مخيلة مشنع على الإباضية ألقاها على أبي الحسن فوثق به وأثبتها في كتابه دون تقد أو تمحيص . ويستمر أبو الحسن في تعداد فرق الإباضية فيقول : «والفرقة الرابعة منهم يقولون بطاعة لا يراد الله بها على مذهب أبي الهذيل» ثم يشرح هذه العبارة فيقول : «معنى ذلك أن الأنسان قد يكون مطيعا لله » إذا فعل شيئا أمره الله به وإن لم يقصد الله بذلك الفعل. ولا أراده به » - 27 ويبدو أن أُيا الحسن لم يجد لهذه فرت إماما › ا إماما » وإنما جاء يسوة. أتباعها كما ا ال ب حظيرة الإباضية وتركهم . ولو أنه سمى هذه دامت تقول بقوله » لكان لذلك وجه ء لأنه لم يذكر لهذه الفرقة قولا غير القول السابق ٠ وعلى كل حال فهذه فرقة ليس لها إمام ولس لها اسم » وکل سا في الأمر أنه نسب إليها قلا يناقض مناقضة كاملة ما عند الإباضية في هذا الموضوع › . كيف تكون من الإباضية وهي تقول بما يناقض رأ الإاباضية مناقضة كاملة . والباحث إذا تأمل ما جاء عن الإباضية في كتاب «مقالات الإسلاميين» لبي الحسن الأشعر ي ثم ثم قارنه بما عند الإباضية › سواء كان ذلك يتعلق بأسماء الأئمة والعلماء » أو بأسماء الفرق . أو بالآراء والمذاهب › فإنه يخرج بنتيجة غريبة » وهي أن ما أتعب الإمام الكبير به تفسه ء وكتب فيه صفحات طوالا عن الإباضية فيما يظن » لا علاقة له البتة بالإباضية ءوأن الأئمة الذين زعمهم أثسة لفرق منهم » ليسوا هم ولا فرقهم من الإباضية في قليل ولا كثير » إذا صح هذا التعبير . أما مقالاتهم وآراؤهم مهي ليست أقرب إلى الإباضية متها إلى الشافعية أو المالكية أو غيرها من المذاهب الإسلامية . ويستطيع القارئ الكريم أن يعود إلى كتب التاريخ وكتب العقائد التي ألفها الإباضية قبل أبي الحسن الأشعري ويعده إذا شاء أن يتأكد ويعرف الحقيقة بنفسه › فقد ألف علماء الإباضية وأئُمتهہ الحقيقيون كثيرا من الكتب في التفسير وإلحديث والفقه بجميع فروعه » وفي التوحيد وعلم الكلام » وفي أصول الفقه كتبا مختلفة منها القيم الذي يعتبر من أهم مصادر الثقافة الإسلامية التي تشع - 28 نورا على مختلف العصور ويعتبر من الذخائر التي تزخر بها المكتبة الإسلامية العامة . كما ألفوا في السير والتاريخ والتراجم » ولا سيما سير أئمة الإباضية وعلمائهم » ولكنه ليس في شيء من هذه المؤلفات شيء مما ذكره الإمام الأشعري عن الإباضية في هذا الفصل من كتابه الكبير . وفي عصر أبي الحسن الأشعري كان الإباضية وعلماؤهم منتشرين في جميع ما يىمى اليوم بالبلاد العربية : كالحجاز والعراق والشام وجنوب الجزيرة 4 ومصر ‏ بل م کانوا یکونون اغلب السكان في المغربين الإسلاميين الادنى والاوسط ء ويوجد لهم عدد من كبار العلماء - حينئذ - في كل الحواضر الإسلامية كمكة والمدينة والبصرة وعمان وحضرموت واليمن ومصر وبلدان الثمال الإفربقي . ومع هذا فإن أبا الحسن لم يذكر أحدا. من الإباضية كجابر بن زيد وجعفر بن السماك العبدي › وأبي سفيان قنبرء وصحار العبدي وأمشالهم من أئمتهم في النصب الثاني من القرن الأول ولا ذكر شيئا من أُقوالهم . ولم ينذكر أحدا من أَتُمتهم في النصف الأول من القرن الثاني أمشال أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة » وضام بن السائب » وأبي نوح صالح الدهان › وعبد الله بن يحي الكندي » والجلندا بن مسعود العماني › وأبي الخطاب عبد الأعلى المعافري » وهلال بن عطية الخراساني وَضْرَابهم 4 ولا ذكر شيئا من أقوالهم » ولم يذكر أحدا من علماء النصف الشاتي للقرن الثاني أمثال الربيع بن حبيب وأبي سفیان محبوب بن الرحيل » وأبي صفرة عبد الملك بن صفرة » وعبد الرحمن بن 29 تم » ومحمد بن يانس » وأبى الحسن الأبدلاني وأَضرابهم › ولا رستم د بن د ِ ذکر شيئا من اأقوالهم . | ولم يذكر أحدا من علمائهم في الصف الأول للقرن الشات أمثال افلح بن عبد الوهاب وعبد الخالق الفزاني » ومحكم الهوري والمهنا بن جيفرء وموبى بن علي ء وأبي الحزاساني › وَضرابهم » ولا ذكر شيئا من أقوالهم . ولم يذكر أحدا من علمبائهم في النصف الثاني من القرن الثالث › أمثال محمد بن محبوب ء ومحمد بن عابد ء والصلت بن مالك ء وبي اليقظان بن أفلح : وبي متصور إلياس وعمروس بن فتح وهود بن محکم ولم یذ کر شیئا من أقوالهم . ولم يذكر أحدا من علمائهم في النلصف الأول من القرن الرابع أمثال أبي خرز يغلى بن أيوب » وأبي القاسم يزيد بن مخلد ءوأبي هاون موسی بن هارون ولا ذکر شیئا من أقوالهم . وقد کان علماء هذه الطبقة والطبقة التي سبقتها معاصرين لأبي الحسن الأشعري لأنه عاش ثلاثين سنة من القرن الرابع فهو معاصر لعلماء النصف الثاني للقرن الثالث وعلماء التصف الأول للقرن الرابع ء ورغم ذلك فإن أبا الحسن لم يذكر أحدا من هؤلاء الأئمة أو ممن كان معاصرا لهم ُو سبقهم من علماء وأئمة الإباضية المعروفين ولم یذ کر شیئا من مقالاتهم . فهو إما أنه لا يعرفهم أو لا يعرف شيئا من مقالاتهم ء وإما أنه يعرفهم ُو يعرف بعضهم على الأقل ويعرف مقالاتهم . ولكنه لا يجد فيها شيئا يستدعي النقد والتعليق أو حتى مجرد العرض ء فلم يتحدث عنهم وعن مقالاتهم بخير ولا بشر . فترك الإاباضية الحقيقيين برجالهم ومقالاتهم ٠ وألقيت بین يديه مقالات وأسماء لفرق مجهولة عند الإباضية كل الجهل ء وأقوالها تناقض ماعند س( = الإباضية كل المناقضة » فزعمت المصادر التى استقى منها أن هذه لفرق والمقالات هي للإباضية باعتبارهم إباضية أو منهم » والإباضية منها' براء بعداء ليسوا اقرب إليها من أبي الحسن نفسه . فكيف وقع أبو الحسن في هذا الخطإا الشنيع ء مع أنه من أوائل من انتبه إلى أسباب الزيف عند كتاب المقالات ومن أُوائل من شرح الطرق التي يصل منها الخطاً إلى من يكتبون عن الفرق ٤ ومقالاتها ومذاهبها . ومن أُوائل من حذر من الوقوع فيها؟!! . - 31 - تشنيعات الأشعري على الإباضية علمت أيها القارئ الكريم في الفصل السابق أن من ذكرهم أبو الحسن الأشعري تحت عنوان الاباضية بأَئمتهم وفرقهم ومقالاتهم ليسوا في الإباضية من قليل ولا كثير ونضيف لك في هذا الفصل أن التشنيعات التي نسبها إلى الإباضية لا علاقة لها بهم البتة ء كانت تلك الشنائع آراء لتلك الفرق التى ذكرها سابقا › وأن تلك الفرق كانت موجودة بالفعل . فان تلك الفرق أبعد الناس عن الإباضية وأن بعض مقالاتها كاف عند الإباضية للحكم على أصسحابها بالثرك . وإن شئت المزيد من ذلك فاستمع إليه يورد أقوالا عن الإباضية تنسب إليهم قصد التشنيع عليهم : يقول ابو الحسن : «وقالوا من سرق خمسة دراهم فصاعدا قطع» «وفال بعضهم فيمن دخل في دين المسلمين وجبت عليه الشرائع والاحكام › وقف على ذلك أو لم يقف ء سمعه أولم «وقال بعضهم : ليس على الناس المثي الى الصلاة والركوب الى الحج ولا شيء من أسباب الطاعات ء التي يتوصل بها إليها › إنما عليهم فعلها فقط» «وقألوا جميعهم : إن الواجب أن يستتيبوا من خالفهم في تنزيل أو ويل ٠ ل ٠ تاب وإلا قتل . كان ذلك الخلاف فيما يسع جهله أو فيما لا يسع جهله .» «وقالوا من زنى أو سرق أقيم عليه الحد ثم استتيب فإن تاب وإلا قتل » - 33 «وقال بعضهم ليس من جحد الله وأتكره مشركا حتى يجصل معه إلها غيره» «وقال بعضهم بتحليل الأشربة ألتي يسكر كثيرها إذا لم تكن الخمر بعينها» هذه أمثلة من الأقوال التي نسبها أبو الحسن إلى الإباضية وظاهر أن القصد من نسبة هذه الأقوال إليهم انما هو التشنيع عليهم وتكريههم إلى بقية فرق المسلمين وتأمل قوله : «وقالوا إن الواجب أن يستتيبوا من خالفهم في تنزيل أو تاويل . فان تاب وإلا قتل » والتساقض واضح بين الأقوال التي ينسبها أيو الحسن إلى الإباضية ُو إلى بعض فرق الإباضية حسب زعمه . وقارن ٳِن شئت الفقرة السابقة بما يقوله عن الإباضية(") ويزعمون أن مخالفيهم من أهل الصلاة كفار وليسوا بمشركين حلال مناكحتهم وموارثتهم ويقول بعد أسطر : «وحرام تلهم وسبيهم» التناقض هنا واضح وقصد التشنيع ممن نسب إليهم ذلك واضح . ولست أتهم أبا الحسن كما قلت غير مرة ٠ ولک؟نی ي اتهم المصادر التي استقى منها والمراجع التي أعتمد عليها › سواء كانت مصادر مكتوبة أو كانت مصادر متحدثة › ونحن نعتب على أبي الحسن وهو الذي يقرر في أول كتابه أن کثيرا ممن يكتب عن مقالات القرق يتعرض للكذب ٠ وعدم التحري ٠ وعدم التقصي في البحث ء والغلط في إيراد الأخبار ‏ أن يقع فريسة (1) يزعم هنا نهم يوجبون استتابة فمن لم يقبل قتل ثم يقول في تقس الكتاب إنهم يجوزون مناكحة مخالفيهم وموارنهم وشهادتهم على أوليائهم وحرموا دماءهم . فکيف تفبل شهادة من يجوز قتله وكيف تربط أواصر مصاهرة مع من تری وجوب قتلة : إنه التناقض الذي لايخفي وهو كلام يسقط نفسه - 34 سهلة رغم معرفته لذلك - وأن يقع فيما وقع فيه غيره ممن خفیت عليهم دسائس السياسة الماكرة ومكائد العصبية الفاجرة » وأكاذيب الفلاة والمتنطعين » وهم موجودون في كل مذهب وفرقة بلا استثناء . ومما يدخل في هذا الباب من تلفيق الأخبار والقصص ٠ للتشنيع على الفرق المخالفة ما أورده أبو الحسن في كتابه السابق فقد قال : فی ص 175 ما یلی : «وكان رجل من الإباضية يقال له إبراهيم أفتى بأن بيع الإماء من مخالفيهم جائز » فبرئ منه رجل منهم يقال له ميمون ٠ وممن ستحل ذلك › ووفف قوم منهم فلم يقولوا بتحليل ولا تحريم › وكتبوا يستفتون العلماء منهم في ذلك فأفتوا بأن بيعهن حلال › وهبتهن في دار التقية حلال » ويستتاب أهل الوقف من وقفهم في ولاية إبراهيم ومن أجاز ذلك › وأن يستتاب ميمون من قوله ء وأُن يبرا من امرأّة كانت معهم » كانت وقفت فماتت قبل ورود الفتوى › وان يستتاب إبراهيم في عذره لهل الوقف في جحدهم الولاية عنه - وهو مسلم يظهر إسلامه ‏ وان يستتاب أهل الوقف في جحدهم البراءة عن ميمون ‏ وهو كافر يظهر کفره ‏ فما الذين وقفوا ولم يتوبو من الوقف وثبتوا عليه » فسموا الواقفة › وبرئت الخوارج منهم › وثبت إبراهيم على رأیه في التحليل لبيع الإماء من مخالفيهم وتاب ميمون .» ولم ت تنته القصة عند هذا الحد ء وإنما استطرد الإمام ثم عاد بعد سبعة ة أسطر فقال : «شم رجع بنا القول إلى الإخبار عن الاختلاف في مر المرأة › فافترقت فرقة في الواقفة وهم الضحاكية . فأجازوا ُن يزوجوا المرأة المسلمة عندهم من كفار قومهم في دار التقية . كما يسع - 35 الرجل منهم أن يتزوج المرأة الكافرة من قومه في دار التقية » فأما في دار العلانية وقد جاز حكمهم فيها _ فإنهم لا يستحلون ذلك فيها . ومن الضحاكية فرقة وقفت فلم تبرأً ممن فعله فعله › وقالوا لا نعطى هذه المرأة المتزوجة من كفار قومنا من حقوف السلمين » ولا نصلي عليها إن ماتت » ونقف فيها › ومنهم من برئ منها . واختلغوا فی أصحاب الحدود فمنهم من برئ منهم » ومهم من تولاهم » ومنهم من وقف . واختلف هؤلاء في أهل دار الكفر عندهم ء » فمنهم من قال : هم عندنا كفار» إلا من عرفنا إيمانه بعينه » ومنهم من قال هم اهل دار خلط فلا نتولى إلا من عرفنا فيه إسلاما . ونقف فيمن لا نعرف إسلامه › وتولي بعض هؤلاء ضا على اختلافي , . وقالوا : الولاية تجمعنا نموا أصحاب النساء » وسموا من خالفهم من الواقفة أصحاب.المرأة » وصارت فرقتين ۰ ا ية تولا ,برف ينتسبون إلى عبد الجبار بن سليمان ء وهم الذين يتبرأون من المرأة الناكحة من كفار قومهم ٠ وهذا خبر عبد الجبار الذي خطب إلى ثعلبة ابنته » فسأل ثعلبة أن يمهرها أربعة آلاف درهم » فأرسل الخاطب إلى أم الجارية مع امرأة يقال لها أم سيد يسأل هل لفت ابنتهم أُم لا ؟ وقال إن كانت بلغت وأقرت بالإسلام لم أبال ما أمهرها ! فلما بلفتها أم سعيد ذلك قالت : ابنتي مسلمة بلفت أم لم تبلغ » ولا تحتاج أن تدعى إذا بلغت › فرد مرة أخرى ذلك عليها › ودخل ثعلبة على ذلك الحال » فسمع تنازعهماء فتهاهما عنه ء ثم دخل عبد الكريم بن عجرد وهما على تلك الحال ءفأخبره ثعلبة الخبر » فزعم عبد الكريم أنه يجب دعاؤها إذا بلغت › وتجب البراءة منها حتى - 36 تدعى إلى الإسلام ٠ فرد عليه تعلبة ذلك وقال : لا ! بل تثبت على ولايتها فان لم تدع لم تعرف الإسلام : فبرئ بعضهم من بعض على. ذلك .» هكذا انتهت هذه القصة التي أخذت جهدا غير قليل من الإمام الكبير » وحيّزا فسيحا من كتابه القيم » ووقتا ثمينا من أوقات القارئ وواد ضح أنه ليس لهذه القصة أية قيمة ء اللهم إلا إذا كانت للتسلية والضحك › أو عند من يجمع مشاكل الناس اليومية لتهويل والتشنع 0 يضاف إلى ذلك أن جميع أيطال القصة ناس مجهولون لا يعرف عنهم شيء . إن أي كاتب يستطيع أن يجد عشرات القصص من هذا النوع في الأحداث اليومية التي تجري بين الناس › فيختلفون ويتخاصون : ويلعن بعضهم بعضا › ويدعو عليه بالثبور › وعظائم الأمور» وقد يتضاربون فتكون نهاية مشاكلهم عند المحاكم أو حتى في السجون . وأن كثيرا مما نراه وشنمعه في كل المجتمعات قد تكون أحداثه اكثر عجبا وإثأرة من هذه القصة التافهة التي تمنيت بحق - لو أن الإمام الكبير أبا الحسن أكرم كتابه » ونزه قلمه عن الخوض في هذه الترهات › وربا بنفسه عن الاندماج في هذه السفاسف المفتعلات ء والتي تنال من كرامة قائليها أكثر مما تنال من كرامة من تنسب إليهم . ولو أن أا الحسن لم ينسب هذه القصة إلى الإباضية لما كان لي بها شأن في الوقت الحاضر » أما وقد نسبها إلى الإباضية فأراتي وأنا أكتب عنهم في هذا الموضوع - مضطرا أن أوضح للقارئ الكريم فيها بعض النقط . 1 وردت في القصة أسياء عدد من الاتخاأص هم : إيراهيم ميمون » عبد الجبار » سليمان » ثعلبة » عبد الكريم بن عجرد » أم 37 س سعيد . كما وردت فيها أوصاف لعدة أشخاص هم : العلماء ٠ الإماء » امرأة » ثعلبة › الخ . وهذه الشخصيات كلها مجهولة » سواء ما ذكر منها بالإسم أو بالوصف › ولا يعرف عنها شيء » فما قيمة هذه المشاجرة التي تقع بين أفراد مجهولين في تحقيق علمي ب يراد منه إثبات آراء في في المقائد » وتصنيف فرق على أساس تلك الآراء › إن أبا الحسن لم يذكر شيئا عن تلك الأسماء المجردة › فل يکفي هذا لیکونوا في الإباضية؟ ولماذا لم يحسبوا من المالكية أو المعتزلة أو الشيعة ُو غیرهم من الفرق والمذاهب الأخرى › ثم إذا فرض أُنهم كانوا حقا من أتباع الإباضية أو غير الإباضية من المذاهب فهل يكفي هذا الموقف في الشجار والملاعنة لأن يكون كل فرد من المتشاجرين صاحب ري ورئيس فرفة؟ إنك واجد في جميع الطوائف الإسلامية مشاجرات اختلاقات من هذا انوي في کل عص بل ریسا بد أ متها وأوسع مدى ٠ فما الذي رفع قيمة هذه المشاجرة حتى اهتم بها الإمام أبو الحسن › وأثبتها في كتابە؟ - إن البحث عن أسماء مجردة هكذا كإبراهيم » وسليمان وميمون » في أحداث التاريخ بحث لا طائل تحته ولا يوصل منه إلى نتيجة » ومع ذلك ققد حاولت أن أتقصى كل أباء إبراهيم » فيصن ويون وفعي ويد لكريم 4 لعلي أجد مايربط بين أحد تلك الأسماء وبعض أحداث القصة السابقة ‏ فيما بين يدي من مصادر التاريخ الإباضي وكتب مقالاتهم ‏ فلم اتسن من تحقيق هذه النزوة الحمقاء ء التي أخذت مني جهدا غير قليل في البحث والتنقيب ب وحاولت أن أجد قصة عند الإباضيه تشبه من قريب أو بعید أحداث هذه القصة ولو اختلفت فيها أسماء الأيطال فلم أُوفق - 38 - في ذلك . وعلمت في كتب المقالات أن بعض هذه الأسماء تنسب اليهم فرق مستقلة تحت العنوان الكبير (الخوارج) ويطلق عليها أسماء منسوبة إليهم كالثعالبة » والعجاردة › والميمونية . ومن المؤسف أن الإباضية لا يعرفون شيئا ‏ لا تاريخيا ء ولا دينيا ‏ عن قصة تنسب إليهم كادت تشغل البوليس الدولي » مما يدل على أنهم في الواقع لم يحضروا ذلك النزاع الواقع على بيع الإماء . ولا النزاع الواقع في خطبة بنت ثعلبة ٠ ولم يقفوا في تلك السوق الحامية › ولا شهدوا ذلك العرس الذي نتج عنه سيل من الشتائم » وتبادل اللعنات . فنسبة هذه القصة إلى الإباضية من اعجب العجب ونسبة أبطالها 2 أئمة الإباضية أو علمائهم › من أكاذيب الاريخ التي لم تتستر حتى بقليل من الحياء › وإن جازت حتی على كبار الأئمة أمثال ابي الحسن . ولا شك أن مخترع هذه القصة إنما أراد أ ن يكثر من عدد الفرق الفرعية المنسوبة إلى الإباضية حتى يظهرهم بمظهر المتشددين الذين يتنازعون لأتفه الأسباب » فيتخالفون ويفترقون إنسياقا وراء الواطف ودوافع الغضب أكثر مما هو انسياقا وراء دوافع العقيدة والدين . وقد استطاع أن يخترع هذه القصة وأن يولد من أحداثها عددا من الفرق أَطلْق عليها أسماء : الضحاكية أصحاب النساء » أصحاب المرأة الواقفة . ومفهوم بالبداهة أن شخصا ما أراد التشنيع على الإباضية فاخترع هذه القصة ؤنسجها على هذا المنوال ن وجد با الحسن الأشعر ي وهو يهتم بدراسة الفرق وأقوالها وآرائها فألقاها إليه فأثبتها أبو الحسن دون تمحيص ُو تحقيق وليت أبا الحسن حين كتب هذا نسبه إلى مصدره حتى تبر ساحة الإمام العظيم من أية مسؤولية » وتكون العهدة راجعة إلى أصحابها . - 39 - مقالات الإباضية عند الأشعري لقد علم القارئ الكريم أن أا الحسن الأشعري کان يحسب أن الإباضية يتكونون من الفرق السابقة التي ناقشناه فيها › والتي أثبتنا للقارئ الكريم بأنه لا صلة بينها وبين الإباضية » وفي حديثه عن تلك الفرق كان يعرض ‏ حسب ظنه ‏ مقالات الإباضية ونحن فى هذا الفصل سوف نحاول أن نكشف أن أبا الحسن في عرضه لتلك المقالات كان أيضا عرضة للانسياق مع قوم غلب عليهم حب إلى الفموض والإبهام حينا › وإلى عبارات موهمة لمعان غير محدودة أو غير مقصودة حینا آخر » كما تساهلوا في إضافة أقوال أو تغييرها لإثبات ما يريدون . يقول أبو الحسن في كتابه مقالات الإسلاميين(1) وهو يتحدث عن الإباضية : «وجمهور الإباضية يتولى المحكمة كلها إلا من خرج » ويزعمون ُن مخالفيهم من ُهل الصلاة كفار وليسوا بمشركين . حلال مناكحتهم وموارثتهم . حلال غنيمة أموالهم من السلاح والكراع عند الحرب › حرام ما وراء ذلك وحرام قتلهم وسبيهم في السر » إلا من دعا إلى الشرك فى دار التقية ودان به ء وزعموا أن الدار - يعنون دار مخالفيهم ‏ دار توحيد إلا معسكر السلطان فانه دار كفر يعني عندهم . وحکی عنهم مم أُجازوا شهادة مخالفهم على أوليائهم 4 وحرموا الاستعراض إذا خرجوا » وحرموا دماء مخالفيهم حتى يدعوهم إلى دينهم › وقالوا إن كل طاعة إيمان ودين › وان مرتكبي الكبائر موحدون وليسوا بمؤمنين » (1) مقالات الإسلاميين الجزء الأول طبع مكتبة النهضة ص 170 . - 40 ويقول في موضع اخر من الكتاب : «والإباضية يقولون : إن جميع ما افترض الله سبحانه على خلقه إيمان » وأن كل كبيرة هي كفر نعمة لا كفر شرك » وأُن مرتكبي الكبائر في النار مخلدون فيها . ووقف كثير من الإباضية في إيلام أطلفال المشركين في الآخرة » فجوزوا أن يؤلمهم الله سبحانه في الاخرة على غير طريق الإنتقام » وجوزوا أن يدخلهم الجنة تفضلا . ومنهم من قال : إن الله سبحانه يؤلمهم على طريق الإيجاب › لا على طريق التجويز » ويقول في صفحة 186 من نفس الكتاب : «ومن مؤلفي كتبهم ومتكلميهم عبد الله بن يزيد › ومحمد بن حرب ويحي بن كامل وهؤلاء إباضية .» ويقول في صفحة 189 من نفس الكتاب ما يلي : «إلا أن الإباضية لا ترى اعتراض الناس بالسيف ءولكنهم يرون إزالة م الجور › ومنعهم من أن یکونوا أَمة بي شيء قدروا عليه بالسيف او بغيره . هذا أهم ما قاله أبو الحسن الأشعر ي عن الإباضية ومقالاتهم بالإضافة إلى التشنيعات السابقة التي تقلت للقارئ الكريم أكثرها فيما مضى . ولعله من المهم أن أوضح للقارئ الكريم في هذا الفصل أن جميع الأساء التي وردت في الفصل الذي كتبه أيو الحسن عن الأباضية لا علاقة لها بالإباضية فيما عدا أسمين هما عبد الله بن إباض وهو الإمام الذي ينسب إليه المذهب وعبد الله بن يزيد الفزاري كان من الإباضية وخالفهم في بعض المسائل فانفصل عنهم وانتظم في فرقة التكار وقد ذكر ابن البديم عددا من الكتب المنسوبة إليه منها : - 41 كتاب التوحيد » كتاب الرد على المعتزلة » كتاب الرد على الرافضة . كتاب الاستطاعة . ولا أعلم أن شيئا من هذه الكتب قد بقي في مکان . أما أصحاب هذه الفرقة فلم يبق لهم وجود فيما أعلم . اما محمد ين حوب . ويجي ين انان نن ابوا سن وهو على يقين و ان لا مرجد ایسا أ کر ع الاباضية فيما اطلعت عليه + ويۇؤسفني ن ارد على الإمام الكبير نصه هذا . وله أن ن يحشرهما في أية فرق أخرى . أما عند الإباضية الواسعة التي حرصت أن تحتفظ بتراثها منذ القرن الأول نظت فتاوی ومراسلات الائمة جابر وبي عبيده وعیرهم وحتی ما ضاع منها خَفظّت أسماءها وبعض ما جاء فيها كدیوان جابر وتفسیر عبد الرحمن بن رستم وتفسير أبي يعقوب الوارجلاني . إن كتب الإباضية › التاريخية منها والشرعية لم تذكر انا شيا عن هدين الرجلين ولا عن مق_الاتهما أو مؤلفاتهما اكمالم تذكر ذلك عمن سبق أن نسبّة أبو الحسن إلى الإباضية ٠ وأنا حين أؤكد لقارئ الكريم هذا النفي فإنما کد فيما وصلت إليه يدي من ا المطولة منها والم 6« ولا أدعي استقصاءها فان من المستحيل وقد يقول قائل ريسا ضاعت هذه القتب في زحمة وهذا شيء مألوف . ولا شك أن ضياع الكتب شيء لا ینکر . ولكن الكتاب إذا ألف وعرفه انا س فلا بد أن ينقل عنه أو على الأقل أن يذكر اسمه ويذكر مؤلفه . سواء أخذت مله آراء أو أقوال أو لم تؤخذ » وهذا ما لم يحدث بالنسبة لهؤلاء › فلم تذكر ولا - 42 - .ولا بعض آرائهم » ما يجعلنا نجزم بأنهم لم يکونوا من الإباضية مطلقا بل نجزم أنهم غير معروفين عند الإباضية وحتى الذين ذكروهم في تعداد الفرق كالقطب وعبد الكافي فإنما اعتمد على غير مصادر الأباضية . ولا شك إن الإباضية من أول المذاهب التي اهتمت بالتأليف وحرصت على الاحتفاظ بآثار الائمة وتاريخهم وتراجمهم ٠ وليس فيما اطلعت عليه أي ذكر لهؤلاء الناس » ومعنى ذلك أنهم من غير الإباضية ونسبوا إليهم خطا . وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه اولا في ان أبا الحسن لا يعرف الإباضية في الحقيقة وأن ما كتبه عنهم إنما نسب إليهم خطاً أو جهلا أو قصدا للتشنيع . أما المقالات التي نسبها إلى الإباضية في عمرمها والتي نقلت لك بعضها في 'ول هذا الفصل › فهي مزيج مما يقره الإباضية ويقولون به » ومما ينكرونه ویردونه ومما يحكمون على من يقول به بالردة والكفر » وواضح من هذا أن ما جاء موافقا لمقالاتهم وعقائده فإنما جاء عن طريق الصدفة ‏ لا عن طريق الدراسة والمعرفة . ويهمني في ختام هذا الفصل ُن أوكدمن جدبد للقارى الكري أتتي أضع الإمام أبا الحسن فوق الشبهات ٠ وإنما انجر إليه الخطاً عن طرييق من وثق فيه ونقل عنه ء في عصر كثرت فيه التزاعات . ونستخلص ٠ن مناقشاتنا لأبى الحسن فى الفصول السابقة ما يلي : :۱ 1 إن جميع الأشخاص الذين اعتبرهم أبو الحاس إما رؤساء لفرق من الإباضية ومن مؤلفيهم ومتكلميهم لا وجود لهم الإباضية لا يعرفون شيئا عن هؤلاء الرجال ولا عن فرقهم . - 43 _ الإباضية لا يعرفون أية فرقة من تلك الفرق التي أبو 2 إليهم ولا يقولون بأكثر أقوالها . المقالات التي نسبها - هكذا على العموم - إلى الإباضية أو 8 جمهو رهم هي خليط مما يذهب إليه الإباضية ومما يردونه › ومما يحكمون بالشرك على معتنقيه . 5 بدا الإباضية بالفعل في تأليف الكتب منذ القرن الثاني الهجري وتىلىلت | الكتب وتىلىل العلماء إلى اليوم وليس 6 عاش أبو الحسن الأشعري في الفرن الثالث الهجري وعاش ثلاثين سنة في القرن الرابع › وقد كان للإباضية إمامات بالمشرق وإماما ات ت بالمغرب واشتهر لهم ائمة وعلداء وممسرون ومحدنون ومتكلمون ٤ وفقهاء وه في أکثر المواصم الاسلامية حینئد ولكنه لم يذكر أحدا متهم ولم يشر إلى کتاب من کتبهم الفترة التي عاش فيها أبو الحسن كانت فترة ازدهار علمي للإباضية في المثرق والمغرب ورغم ذلك فإن أبا الحسن لم يشر إلى أحد من مماصر يه م من علماء الإباضية . أبو الحسن › أي أن ا الحسن لم يكتب عن الإباسية الحقيقيين . مصدرا يستقي منه الكتاب ومرجعا يعود إليه المؤلفون › فينقلون ما فيه من أخطاء وصواب › وحق وباطل » تارة بالنص وتارة بالمعنى › وتارة يشيرون إليه واحيانا يغفلون عن الاشارة . - 44 ولقائل أن يقول إن هناك مؤلفين آخرين كتبوا في الموضوع › في عصر أبي الحسن من قبله أيضاء وهذا صحيح › غير أنني أستطيع أن أزع أن شهرة أبي الحسن ومركزه العلمي » ومواقفه في المحاججة والجدل جعلته يطغى على الأخرين جميعا . فأصبح أهم مرجع وأوثق حجة عند المؤلفين الذين جاءوا من بعده . ولا يسعني وأنا أختتم هذا الفصل إلا أن أبدي ملاحظة ربما تساعد على تبرير ما بلغ إلى الإمام الأشعري كما بلغه وذلك أنه ربما کان من طلاب جابر او طلاب بي عبيدة من عرف بتلقيه العلم عن أحدهما واشتهر بذلك وظنه الناس إباضيا بينما هو لم يكن من الإباضية او انه قال ببعض تلك المقالات فاعرض عنه الإباضية ولم يحسبوه منهم ولم يذكروه في سيرهم وتوهمه غيرهم آنه منهم رغم ما يقول به . - 45 - البغدادي والإباضية بعد أبي الحسن الأشعري بنحو قرن تقريبا جاء مؤلف أخر اهتم بالحديث عن الفرق والمقالات الإسلامية › هذاالمؤلف هو : عبد القادر بن طاهر بن محمد البفدادي › وقد اشتهر بنسبته الأخيرة بين المؤلفين . كتب البغدادي عن الإباضية كما كتب عن غيرهم من الفرق الإسلامية في کتابه الفرق بين الفرّق _ الذي حققه الاستاذ محمد محى الدين عبد الحميد وعلق عليه ونشره . إن القارئ بمجرد البدء في قراءة مقدمة كتاب البغدادي (الفرق بين الفرق) يحس كأنه داخل في معمعة حامية الوطيس وكأنه يرافق محاربا شديد المراس قد دجج نفسه بجميع أنواع الأسلحة استعدادا لدخول معركة ينبغي له أن يقضي فيها على عدد ن لمم او كانه يقف إلى جانب شخص وضعه الله سبحانه وتعالى في طريق التاس يوم الحساب ء وأعطاء صلاحية التحكم في مصائرهم فهو يقف مزهوا يعترض طريق المحشورين . وكلما مرت به طائفة وجههم حسب رأيه فيم حيث یرید ! او صاح :ايها الطائفة أنتم من أهل السنة مغفور لكم » اسلكوا هذا الطريق إلى الجنة . فإذا جاءت طائفة أخرى صاح بهم أنتم من أهل الأهواء اذهبوا مع هذا الطريق إلى الجحيم › وتبدو له طائفة مقبلة فيصيح بها بأعلى صوته نتم یامن سيرون هنالك إنكم معتزلة فأنتم فرقة ضالة أدخلوا النار . أا أنتم أيتها الفرقة التء .سه فقد قيل إنكم خرجتم من الإسلام فادخلوا التار وبئس القرار . - 46 وإذا شتت أن تتضح لك هذه الصورة فما عليك أيها القارئ الكريم إلا أن تقر كتاب (الفرق بين الفرق) وإذا شت أن أضع بين يديك غلا بى وهنا ثقل لك ققرات ت مما قاله في مقدمة السابق الذكر بأسلوبه القوي البليغ : 9 أسعد كم الله بمطلوبكم شرح معنى الخبر المأثور عن الثبيء ر فی افتراق الأمة ثلاثا وسبعين فرقة . منها واحدة ناجية . تصير إلى جنة عالينة . وبواقيها عادية تصير إلى الهاوية . والنار الحامية » وطلبتم ,الفرق بين الفرقة الناجية »التي لا ترل بها القدم . ولا تزول عنها النعم › وبين فرق الضلال . الذين يرون ظلام انظنم نورا »واعتقاد الحق ثبورا »وسيصلون سعیرا › ولا يجدون من دون !لله نصيرا › ت إسعافكم بمطلوبكم من الواجب في الدين القويم › والصراط المستقيم › وتمييزها من الأهواء المنكوسة » والآراء المعكوسة .» وفي الصفحة الرابمة من الكتاب ذكر أن كتابه يشمل على خمسة أبواب : الأول : في بيان الحديث المأثور في افتراق الأمة ثلاثا وسبعين فرقة . الثاني : في بيان فرق الأمة على الجملة ومن ليست منها على الجملة .` الثالث : في بيان فضائح كل فرقة من فرق الأهواء الضالة . الرابع : في بيان الفرق التي انتسبت إلى إلا وليست منه . الخامس : في بيان الفرقة الناجية وتحقيق نجاتها ء وبيان محاسن دين الإسلام . (1) الفرق بين الفرق صفحة 3 1-47 وهكذا استطاع المؤلف فى إيجاز أن يقسم الناس ثلانه أقسام قم خارج عن الأمة الإسلامية فلا حديث له ممه هو أهل الأهواء وفي هذا القسم ألف الكتاب ليكثف عن فضائحهم أما القسم الثالث فهم الفرقة الناجية . ويقول المؤلف في الفصل الأول من نفس الكتاب صفحة 13 بعد أن ناقش معنى كلمة أمة الإسلام وعلى من تدل » ما يئي : وإن كانت بدعته من جنس بدع المعتزلة أو الخوارج أو الرافضة أو الإمامية » أو الزيدية › ُو من بدع النجارية أو الجهمية أو الضرارية » أوالمجيّمة فهو من الأمة في بعض الأحكام › وهو في جواز دفنه في مقابر المسلمين وفي ألا يمنع حظه في الفيء الفنيمة إذا غىز مع المسلمين » وفي ألا يمنع من الصلاة فى المساجد . وليس من الأمة في أحكام سواها » وذلك أنه لا تجوز الصلاة عليه ولا خلفه » ولا تحل ذبيحته » ولا تكاحه لامرأة سنية » ولا يحل للسني أن يتزوج المرأة منهم إذا کانت على اعتقادهم .» ولا شك أن القارئ الكريم عندما يقرا مقدمة الكتاب يتضح لديه أن المؤلف قد قرر أن يقسم الأمة إلى أقسام ثلاثة : قسم حكم بخروجهم من الملة رغم انتسابهم إلى الإسلام » وقسم ما أوردهم إلا لذكر فضائحهم والتشنيع عليهم وتلمس أخطائهم › وإظهار ما به ضلوا في نظره . ثم حكم على القمين بالضلال وقذف بهم جميعا في جهنم . أما القسم الثالث فقد حكم عليهم بالسعادة مسبقا أيضا لهم في نظره من أهل السنة على طريقة الشاعر الذي يقول : ولو كنت بوابا على باب جنة لقلت لهمذان ادخلوا بسلام 48 - هكذ! على العموم دون مراجعة . وليته حين تلمس أخطاء تلك الفرق التي عزلها عن السنة وفتش عن فضائحهم رجع إلى مصادرهم ولم يأخذها من مصادر ا إن صح هذا التعبير - وهو ولاشك واجد ما يتشبث به ن كان لا يهمه إلا أن يدقع بتلك الفرق اليائسة إلى النار وقد كتب البغدادي عن الإباضية فيمن كتب في الفرق ومن المؤسف أن هذا المؤلف أيضا لم يهتم مطلقا بأن يتصل بأئمة الإباضية الحقيقيين وعلمائهم ولا بأن يطلع على عتائدهم ومقالاتهم في کتبهم . وإنما رجع إلى ما كتبه وقاله عنهم غيرهم ويېدو أنه اعتدد على أبي الحسن الأشعري كثيرا فنقل ما قاله عنهم تارة ينفس أعبارة ٠ وتارة بتصرف قليل . على أنه لم يذکر أنه تقل عنه أو عليه . يقول في كتابه «الفرق بين الفرق» ص 103 ما يلي : ءأجمعت الإباضية على القول بإمامة الله بن إياض ءوافترقت فيما بينها فرقا » يجمعها القول بأن كفار هذه الأمة يعنون مخالفيهم من هذه الأمة برآء من الشرك ؤالإيمان › وأنهم ليسوا مؤمنين ولا مشركين ولكنهم كفار » وأجازوا شهادتهم . وحرموا دماءهم في السر واستحلوها في العلانية » وصححوا مناكحتهم والتوارث منهم › وزعموا أنهم في ذلك محاربون لله ولرسوله لا يدينون دين الحق ٠ وقالوا استحلال بعض أموالهم دون بعض ءوالذي استحلوه الخيل والسلاح ء فأما الذهب والفضة فإنهم يردونها على أصحابها عند الغنيمة . ثم افترقت الإياضية فيما بينهىا أربع: فرق وهي : الحفصية ٠ والحارثية ٠ واليزيدية ٠ وأصحاب طاعة لا يراد الله بها .» 4 - 49 - بعد هذا قال إن اليزيدية غلاة وأنه سوف يعود إليهم فيذكر مقالاتهم عندما يتحدث عن الغلاة وتحدث عن الحفصية والحارثية وأصحاب طاعة لا يراد الله بها فأورد عنيا ما أُورده أ بو الحسن ثم قال في نفس الكتاب صفحة 106 ما يلي : «وزعمت الإباضية كلها أن دار مخالفيهم من أهل مكة دار توحید ٠ !لا معسكر السلطأن فانه دار بغي عندهم .» ر ثم ذکر ثلاثة أقوال فى الفاق(" نسبها إليهم وبعد ذلك قال : تعد الجملة التي حکیناها عنهم شذوذا في الأقوال اتفردوا بها : منها أن فريقا منهم زعموا أن لا حجة تله تعالى على الخلائق فى التوحيد وغيره إلا بالخبر وما يقوم مقام الخبر من شارة وايماء . ومنها أن قوما منهم قالوا كل من دخل في دين الإسلام وجبت عليه الشرائع والأحكام . سمعها أو عرفها أو لم يسمعها ولم يعرفها . ومنها : أن قوما منهم قالوا بجواز أن يبعث الله تعالى إلى خلقه رسولا بلا دليل يدل على صدفه . ومنها : أن قوما ما متهم قالوا : من ورد عليه الخبر بان الله تعالی قد حرم الخمر أو أن القبلة قد حولت فعليه أن يعلم أن الذي أخبره به مؤمن ُو كأفر . | | وعليه أن يعلم ذلك بالخبر » وليس عليه أن يعلم أن ذلك عليه بالخبر . ومنها : قول بعضهم ليس على الناس المشي إلى الصلاة › ولا الركوب والمسير إلى الحج ولا شيء من الأسباب التي يتوصل بها إلى أداء الواجب » وإنما يجب عليهم فعل الطاعات الواجبة بأعيانها دون اسبابها الموصلة إليها . (1) راجع إن شثت هذا الموضوع في الفصل «مع عبد القادر شيبة الحمدء . - 50 ومنها : قولهم جميعا بوجوب استتابة مخالفيهم في تنزیل او تأويل ٠ فان تابوا وإلا قتلوا . سواء كان ذلك الخلاف فيما يسع جیه و فیا لا یت جیه ر تاب وإلا قتل و اذك لأ ا عق وأجازت الإباضية وقوع حكمين مختلفين في شيء واحد في وجهين ٠ كمن دخل زرعا بغير إذن مالكه فان الله قد نهاه عن الخروج مه إذا كان خروجه مته مفسدا للزرع ٠ وقد امره الله به . وقالوا : لا يتبع المدبر في الحرب إذا كان من أهل القبلة موحدا ولا تقتل منهم امرأة ولا ذرية » وأباحوا قتل المشبهة واتباع مدبريهم وسبي نسائهم وذراريهم وقالوا : إن هذا كما فعل أبو بكر بأهل الردة » عن أبي الحسن الأشعري . ولعل القارئ الكريم يدرك بعد قراءة ما سبق أن البغدادي قد اعتمد كل الإعتماد على الاشعري ورغم حرصه على التصرف القليل فإن عبارة الأشعري بحروفها كثيرا ما تطل من هنا أو هناك . والذي يدعو إلى التأمل هو أن البغدادي قد اعتبر الإباضية من الخوارج ءوأنهم لذلك فرقة ضالة ويجب أن يقال عنها فضائح بدعوى أنها مقالة الإباضية جميعا وحينا آخر بدعوی أنها قول بعضهہ أو قوم منهم . - 51 - إن البفدادي كان يعيش في القرنين الرابع والخامس › وفي هذا العصر كان الإباضية قد عرفوا في أغلب البلاد الإسلامية من خراسان إلى الأندلس واشتهرت لهم مؤلفات في أغلب فروع الثقافة الإسلامية ‏ لا سيما علم الكلام ودونت تواريخهم وسیرهم وعرف علماؤهم وأئمتهم في طبقات يأخذ بعضها عن بعض إلى أصحاب رسول الله َيه . كما أن أكثر المذاهب الإسلامية قد تميز بعضها عن بعض في أصولها وفروعها » وأرائها ومقالاتها وأئمتها وعلمائها . ومع ذلك فإن أولثك الذين ذكرهم البفدادي هم أولئك الذين ذكرهم الأشعري من قبله حاشرين إياهم في الإباضية › والإباضية لا يعرفون عنهم شيا ولم يذكروهم لا في كتبهم ولا في طبقات ٠ ‎j‏ إن البغدادي قد سلك المسلك الذي سلكه من قبله الاشعري وقد علمت فى الفصول السابقة أن أغلب ما كتبه عن الإباضية ونسبه إليهم لا يمت إليهم بصلة ‏ وأن البفدادي وهو يسلك نفس المسلك ويعتمد نفس المصادر هو الاخر لا يعرف شيئا عن الإباضية . وأن كل ما كتبه عنهم سواء كان حقا أو باطلا فإنما هو تشنيعات وتلفيقات إليه عن ناس يريدون ُن يوقدوا نار الفتنة ضد الإباضية ء وأن يجملوهم مكروهين من بقية إخوانهم المسلمين فينسبون إليهم عقائد. ومقالات يبراون منها وممن يقول بها ء ويسوقون عنهم أقوالا في غاية الغموض والإبهام » لإثارة الرأي العام ضدهم وقد يفسرون بعض الجمل أو الكلمات تفسيرا غير صحيح ولا مقصود عند الإباضية لزرع وَهُم في نفوس الاخرين . ولا شك أن أصابع السياسة الماكرة وراء كل ذلك وأن هؤلاء العلماء الذين يكتبون إنما تلقوا معلوماتهم عن مصادر مستغلة أو مستغفلة مع العلم 52 0 لديهم الاستعداد الكافي لتلقي وتصديق كل ما يقال لهم عن تلك الفرق التى حكموا عليها بالضلال مسبقا . من نافلة القول أن تعيد هنا ما اشر نا إليه سابقا من أن قد زعم كما زعم غيره أن الإباضية من الخوارج وأن هذه الفرقة من الفرق التي لا يجوز للسني أن يصلي عليها ولا أن يصلي وراءها ونه لا يجوز للسني ¬ سب زعمه أن يتزوج منها ء ولا أن يأكل من ذبائحها . وقد ردد هذا الكلام في مقدمة الكتاب ءوفي الفصول الختامية منه أورد هذه الأحكام بشىءمن التفصيل وزاد عليه ونسب بعض هذه الأحكام إلى أئمة عظام . وأحسب أنه لا دعوة شد إيقادا لتار الفتنة ٠ وشقا لصفوف الأمة . لوحدة الكلمة وتمزيقا لثمل المسلمين › من هذه الدعوة . وعلى كل حال فقد طوى التاريخ البغدادي فيما قد طنوى كثيرا من تلك الفرق التي كانت تملا فراغا ضخما في حياة المسلمين » وبقي كتابه يحمل آراء شاذة كما تحمل كثير من الكتب في کثیر من المذاهب . وقد عرفت الأمة المسلمة › وخبرت وأيقنت « التائ والاثار التي تسببت عن العصبية المذهبية والجنسية ء والاتباع الأعمى للخطط السياسية » ورأت رأي العين وذاقت في مرارة ما لحقها في جراء ذلك من أضرار . وهي اليوم تحاول أن تجمع الكلمة وترد الشارد وتسكت الداعي إلى الفتنة » ولكن من حين إلى آخر تقوم أقلام هنا او هناك فتعود إلى ما طواه التاريخ في أخطاء لترسمه من جدبد في بلاهة وسذاجة وغفلة . 53 س يكر الله للعاملين المخلصين سبيل الوفاق › وأعانهم على جمع كلمة الأمة التى فرقتها المذاهب الدينية والمطامع السياسية في العهد الماضي ء وتفرقهم السياسة › ومناصب التحكم ومذاهب الإقتصاد › وفتنة الاساء والألقاب › والشعارات الكذابة في العصر الحاضر . وفي ختام هذا الفصل يهمني أن أقول للقارئ الكريم إن بعض الأقوال التي نسبها إلى الإباضية تحمل تكذيبها في نفسها وهي التي نسبها يسا زعم إلى فرقة من الفرق التي ألحقها بالإباضية وكذلك الأقوال التي زعم فيها أن بعضا من الإباضية و قوماً منهم كان يقول بها فهذه الأقوال المنسوبة إلى بعض أولشك أو إلى قوم لا تحتاج إلى تكذيب لأنها هي نفسها لم تستطع أن تنهض فتقف وإنما لاذت بجناح من الإياضية » وأما ما نسبه إليهم جميعا فسوف نعود إليه بالنقاش في آخر الكتاب إن شاء الله تعالی مع ما يتحصل لدينا من أقوال غيره فنؤكد ما يقول به الإباضية حقيقة ونؤكد ما لا يقولون به حقيقة وْكشف عما أورد بطريقة موهمة أو مبهمة والله المستعان .` - 54 ابن حزم والاباضيه عاش ابن حزم الأندلسي في القرن الخامس الهجري ء وقد عني هو الأخر بالمذاهب الإسلامية وكتب غنها . ويؤسفني أن أقول إن العالم الكبير لم يوفق فيما كتب عن الإباضية بل لقد تجنى عليهم في بعض الأحيان » وكلامه أحيانا يهدم بعضه بعضا هَدُمًا ء كما أن بعض دعاويه لا يمكن أن تصدق - مهما حاول الإنسان أن يجد لها مبررات › وإلى القارئ الكريم الأمثلة . يقول في كتابه (الفصل في الملل والنتحل) صفحة 188 ما يلي : «ذكر بعض من جمع مقالات المنتمين إلى الإسلام أن فرقة من الإباضية رئيسهم رجل يدعى فريد بن ابي أنيسة - وهو غير المحدث المشهور كان يقول : إن في هده الأمة شاهدين عليها: هو أحدهما . والأخر لا يدري من هو ولا حتى متي هو » ولا يدري لعله قد كان قبله » وأن من كان من اليهود والنصارى يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله إلى العرب لا إلينا كما يقول العيسوية في اليهود › قال : فإنهم مؤمنون أولياء الله تعالى وإن ماتوا على هذا العقد وعلى التزام شرائع اليهود والتصارن ء وأن دين الإسلام سينسخ بنبيء من العجم ئي بدين الصابئين . وبقران آخر ينزل عليه جملة واحدة .» ويعقب العالم الكبير على هذا بقوله : «قال أبو محمد : ألا إن جميم الإباضية يكفرون من قال بڻيء من هده المقالات › ويتبرأون منه » ويستحلون دمه وماله .» 55 س والعجيب في الأمر أن ابن حزم يقرر أن جميع الإباضية لا يقولون بشيء من آراء ابن أنيسة هذا » ويحكمون على من قال بشيء من هذا بالكفر » ويستحلون دمه وماله › 4 فکيف ساغ عنده إذن أن يسوق هذا الرجل وطائفته : أولا في فرق المسلمين وهم ينكرون المعلوم من الدين بالضرورة » ثم لم اختار أن يجعلهم من الإباضية » وجني الإباضية كما يقرر هو نفسه يكفرون من يقول بذلك » هل بينهم وشيجة نسب » أو علاقة مصاهرة » ام نزع عرق ام رابطة صداقة بريئة مجردة ؟ إنه لا شيء من ذلك طبعا ولكن بعض المتعصبين المشنعين الذين لا يزنون ما يقولون › أُطلقوا هذه الأكذوبة فتقلها ناقلون ومنهم العالم الكبير ابن حزم ولكنه اضطر معها أن يقرر موقف الإباضية منها فعقب بملاحظته الصائبة ربما استنادا إلى معرفته الشخصية أو إلى ما ذهب إليه من سبقه كالبغدادي الذي اعتبر هذه الفرقة خارجة عن الإسلام . | والحقيقة أن أمثال هذا التخليط والتناقض سبق أن أوردنا له أمثلة عن بعض كتاب المقالات السابقين . كان المفروض من أبن حزم بما اشتهر به من الذكاء » ودقة الملاحظة ءوسعة الاطلاع ء ولذاعة النقد الذي يبلغ إلى حد القسوة أحيانا ‏ ألا ينزلق فيما انزلق فيه غيره » وأن ينظف كتابه من هذه الترهات ؛ لفارغة التي تكنب نفسها بنفسها » وليس لها من قيمة اللهم إلا زيادة الصفحات في الكتاب الذي تورد فيه . وليت ابن حزم اكتفى بهذه الفقرة بعد أن كذبها ولكنه إستمر في الطريق : 56 س قال ابن حزم في نفس الکتاب : ۱ «وقالت طائفة من أصحاب حارث الإباضي أن من زنى أو سرق أو قذف فإنه يقام عليه الحد › ثم يستتاب مما فعل › فإن تاب ترك » وإن أبى التوبة قتل على الردة .» وقد سبق أن نافتنا هذا القول الذي نقله ابن حزم ولم يسنده وأوضحنا بما فيه الكفاية أن الإباضية لا يعرفون هذا الحارث ولافرقته وأن حكم الإباضية على الزاني والسارق والقاذف هو حكم الله وحكم رسوله عليهم » رجم للمحصن وجلد لغير المحصن ء وقطع من الرسغ للسارق › وجلد للقاذف 4 بشروط مفصلة في کتب الفقه . وقد وقعت حوادث أقأم فيها أئمة الإباضية'الحدود على من وجبت عليه » أثناء إماماتهم في المشرق أو المغرب ذكرتها كتب التاريخ والوفائع مفصلة في مناسباتها . ولم يذكر أحد أن أئمة الإباضية تجاوزوا حدود الله في إقامة الحد فقتلوا من لا يلزمه القتل » والإباضية لايحكمون على من لزمه الحد بالردة تاب أو لم يتب » وإسناد هذا القول إليهم كذب عليهم » وكل ما عند الإباضية في الموضوع أنهم يبرأون من مرتكب الكبيرة سواء كانت من الكبائر التي تقام عليها الحدود أو كانت من الكبائر التي لا حدود عليها . والبراءة إنما يوقعونها على مرتكب المعصية (الكبيرة) ما دام مرا عليها ولم يتب . فإذا تاب منها أسبغوا عليه ثوب الولاية . وأعتقد أن هذا الموقف هو الموقف الذي يتخذه كل مسلم حريص على إسلامه وكيف يستطيع المسلم التقي الورع أن يضفي محبته وولاءء على إنسان يجاهر بالمعصية ويصر عليها ؟ والشخص الذي يقام عليه الحد لا يخلو إما أن يقام عليه الحد بعد اعترافه وإعلانه للتوبة (كماعز) مثلا فهذا لا يختلف اثنان في صدق ثوبته ووجوب ولایته . وإما ُن يجب عليه الحد ويقام وهو - 57 مصر على معصيته ولا يعلن التوبة مما ارتكب وهذا لا خلاف بين أثنين من الإباضية في وجوب البراءة منه فما كان لمؤمن صادق لإيمان أن يضفي محبته وولاءه على إنسان يجاهر الله بالمعصية ويُصِرٌ على ذلك . وأنا أُظن أن الحد في حالة التوبة تطهير وفي حالة الإصرار عقوبة » وفي كلتا الحالتين لا يتجاوز تقدير الشارع فيه » ولا فرق بين من اقيم عليه الحد من العصاة ومن لم يقم عليه بل إن الكبائر كلها ما كان عليه حد وما لم يکن _ عند الإباضية - موجبة للبراءة وليس أكثر من البراءة ومعنى البراءة هي والجفاء في الله بسبب ارتكاب المعصية وعدم الدعاء بالمغقرة والرحمة للعصاة وليس أكثر من ذلك . ولو عنى الإمام ابن حزم نفسه قليلا لعرف حقيقة أحكام الإباضية وسيرتهم ‏ ولا سيما وقد عاش في الأندلس وقد كانت الدولة الرشيدية قائمة فى الجزائر قبل ذلك بقليل وسيرة أُئمتها کانت حینٹذ لا تزال متناقلة بين الألسنة ء وطرق إقامة الحدود وإجراء الأحكام في تلك الدولة كان مما يقصه الناس بعضهم على بعض ويتحدثون به كما كان في إمکان الإمام ابن حزم | أن يحصل في ذلك الحين على بعض الكتب الفقهية ويعرف منها ري الإباضية الحقيقي فى إقامة الحدود » ولكن الإمام ابن حزم انساق في التيار السابق » تيار السخط على ماحسبه فرقا مخالفة بدافع شديد لا شعوري يقويه السخط ورغبة ملحة في التشنيع على تلك الفرق . وقد أضاف إلى ما ذكره في أكنابه من تلك الشنائع المختلفة شنائع أخرى زعم أنها من مشاهداته . قال في كتابه (الفصل في الملل والنحل) صفحة 189 ما يلي : «وشاهدنا الأباضية عندنا بالأندلس يحرمون طعام ُهل الكتاب ء ويحرمون أكل قضيب التيس والشور والكبش ٠ ويوجبون القضاء - 58 على من نام نهارا فاحتلم » ويتيممون وهم على الابار التي يشر بون منها إلا قليلا منهم.» لا شك انه يقول هذا الكلام إرادة للتشنيع على الإباضية وسوف نناقش هذه المسائل في فصل «مسائل فقهية أجتهادية» وفي باب التشنيع أيضا مايقوله فيما بعد فتأمله فيما يلي : اين حزم في لقصل ين الملل والنحل) ص 191 م بلي عه فما عوفه أحد مته . ٠ وه القول من اين حزم مرا أغرب الأقوال وإن كان قد تردد على كثير من الألسنة والأقلام › من هم الثعالبة؟ وما هو قولهم الذي رجع إليه عبد الله بن إياض ولماذا رجع؟ وهل رجع في قول واحد أو في عدد من الأوال؟ وما هي تلك الأقوال التي رجع فيها ابن إباض إلى قول الثعالبة؟ وهل رجع إِليهم في قول واحد أم أنه رجع إليهم في جم أقواليم؟ أسثلة حائرة ولیس لها جواب عند ابن حرم ولا عند غيره ممن اُورد هده الدعوى من أولعك الكتاب الدين يختطفون الاشاعات دون نشت م بروجون لها يعي من أتوى على ۵ يتبون عا د فوجده لا يعرف شيئا عن إمامته؟ نها سلسلة ن الدعاوى جميعا لا يشير إلى المصادر التى اعتمد عليها . ابن حزم يزعم انه سال من هو مقدمهم في علمهم ومذهبهم فلم يعرفوا شيئا عن اين إباض . فكيف علم أنهم يبرأون مشه » وهل - 59 يعقل أن يبرا ناس من شخص لا يعرفونه ولا يعرفون عنه شيئ ' هل اهتم العالم الكبير حقا بالتثبت أو ذهب يسأل عن الإباضية وإمامهم؟ م هي صورة من نسج الخيال يقصد منها التشنيع دون معرفة شيء حقيقي؟ ؟ لو أراد اين حزم التحقق لاستطاع الاتصال بعلماء الإباضية بالفعل ولذكر أسماء أولعك العلماء أو المقدمين الذين يعتبر قولهم حجة في الموضوح. . أو أن يطلع على كتبهم ويستمد منها الحقائق التي تناقش ولا تنكر وفي الصورة السابقة يبدو لي أن ابن حزم سمع عمن ينتسب إلى الإباضية في الأندلس وقد يكون من سبع عنه من العوام وقد يكون صاحب سطوة ة ُو ثروة اشتهر بسببها بين الناس فذهب إليه ابن حزم يسأله 1 ابن اض فم يجد عنده شيئا . ولو سلكنا هذا المسلك أليو على انتشار الثقافة ‏ مع ثمانين في المائة من أتباع اذاف لكانت النتيجة واحدة شبيهة بما توصل إليه ابن حزم فلو أنك أخذت تردد السؤال من محمد بن إدريس؟ على من يصادفك من أتباع الشافعي بل حتئ على بعض المقدمين من التجار وأصحاب المزارع الكبيرة وغيرهم لما وجدت عند الكثير منهم ما تريد من المعمارف . ولا يزيد الكثير منهم على أن يردد ذلك السؤال في لهجة قيها استفراب وأحنهم حالا من يضيف إلى ذلك فيقول لك هو إمامنا العظيم أو هو الإمام العظيم أوإمام المذهب الشافعي › أو ما يشبه هذا ممالا غناء فيه . فهل نستطيع ن نبني على ذلك حكما ونقول لقد سألنا عن الشافعي أتبا:نه أو بعض المقدمين من اتباعه فلم يعرفوا عنه شیئا . لم يزعم أحد من الإباضية أن عبد الله بن إباض رجع إلى قول الثعالبة ولايوجد أحد من الإباضية يبرا منه فهم مجمعون على ولايته ويعتبرونه من المسلمين ومن كبار التابعين ويحفظون - 60 س سيرته وقد دونوها في كتبهم ويعرفون الكثير من أقواله في القضايا الشرعيةوهم مع ذلك لايرفعونه إلى درجةالتقديس »كما لا يرفعون إلى مكانة التقديس ي شخص غير معصوم .و يرون ُن في أقواله كما في أقوال غيره من الأئمة مأخوذا ومتروكا »وصوابا وخطاً » ولا ينزهون عن هذه المرتبة أي إمام سواء کان من ا و أئمة غيرهم ويحتكمون في كل شيء إلى الدليل حتى اشتهر بينهم هذه العبارة (يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجاں) فدعوی أن اين إباض رجع إلى قول التعالبة وإن الإباضية يبرأون منه هي الأخرى دعوى تحاول أن تلحق بركب التشنيعات التي تنسب إلى الإباضية وأئمتهم › والفريب حقا من كتاب المقالات أنهم ينسبون إلى الإباضية من ليس منهم ويعتبرونهم أئمة ورؤساء فرق لهم ويحولون أمتهم الحقيقيين فيلحقونهم بطوائف أو فرق أخرى ولعله مما يرفه على القارئ أن نختم هذا الفصل بما يلي : قال ابن حزم في كتابه (الفصل بين الملل والتحل) ص 191 ما يلي : «ومن حماقاتهم قول بکر بن خت عبد الواحد بن يزيد کان يقول : كل ذنب صغیر أو کبیر 4 ولو كان أخذ حبة من خردل بفير حق » أو كذبة خفيفة علي سبيل المزاح فهي شرك بالله » وهذه كما يرى القارئ الكريم ليست من حماقات الإباضية . وإنما هي من حماقات العالم الكبير ابن حزم الأندلسي . وللعلماء الكبار حماقاتهم . من هو هذا البكر الذي لا يعرف أبوه ولا أمه ولا حتى عصبة أبيه وإنما ينسب إلى أخواله » ثم یکون هذ هذا 7 المجهول النسب إماما له أقوال يعتمد بها وتذكر فى العالم الكبير أبا محمد بن حزم وهو يعن الاين ا على ر فرق - 61 - يعثر على هذا الرجل فلا يجد له مکانا ثم يأتي به يسوقه حتى يجد فراغا بين صفوف الإباضية فيلقيه هناك ثم ينسبه إليهم ثم يلقي عليهم تبعة حماقاته . الواقع أنه لا أسخف في التشنيع على الاس من هذا المستوى ءإن الإباضية لا يعرفون هذا الشخص المجهول › ولا يعرفون أقواله » ولا يسودون بها بياض صحفهم 4 وينزهون كتبهم عن مثل هذه الأضَاليل » والدعاوى الفارغة › والمقالات الشاذة › وهم أحرص على أوقاتهم وأوقات قرائهم أن تضيع في مشل هذه الحماقات التي تعاون على نسج خيوطها :التعصب والانفلاق › والدعاية الفاجرة ءوالخيال السقيم » وعدم الأسانة في النقل والشهادة » ثم توجيه السياسة الماكرة بأساليبها المختلفة › فوقع ضحية لذلك جماعة من أفذاذ العلماء أمثال ابن حزم الذي نتحدث عنه وبعض من سبقه أو سوف نشير إليه » وجازت عليهم تلك .الأخطاء كلها رغم ادعائهم الحذر والحيطة . ونحن في الواقع قد نلتمس للاقدمين عذرا إِذا قصروا في الوصول إلى الحقائق بسبب ما أشرنا إليه من العوائق » أما المعاصرون الذين يعنون أُنفسهم للكتابة عن غيرهم فليس لهم أي عذر في التقصير 4 لسهولة المواصلات › ويسر المراجع » وزوال الضغوط المادية والمعنوية من طرق الباحثين » ومشاهداتهم عيانا للأضرار التي لحقت الأمة المسلمة بسبب التشتت والفرقة وإدراكهم أن التشتت والفرقة إنما نتج عن تشدد أصحاب المذاهب والفرق في استمساكهم بآراء أئمتهم . ونقمتهم ومحاريتهم لكل من يخالفهم › مما يولد رد الفعل الأشد عصبية والأكثر انغلاقا . عى الله أن يلهم الأمة المسلمة رشدها ء ويجمع صفها › ويعيدها إلى المحجة البيضاء ءتحافظ على كتاب الله وسنة - 62 - رسوله ي وتقتدي بأصحايه في هديهم » وتعتبر بقية الأئمة والعلماء إنما هم جنود خدموا الشريعة الإسلامية حسب اجتهاداتهم وفهمهم » يصدر منهم الصواب والخطاً » ليس من حقنا أن نزيد أعمالهم أيها أرجح ولا أن نفاضل بينهم » وإنما علينا أن نأخذ من أقوالهم ما أيده الدليل من كتإب أوسنة باعتبار قوة الدليل لا باعتبار صدوره من إمام معين . وليس لنا أن انجرح غیره ممن لم نأخذ بقوله » لأننا لا تأخذ بأقوال الناس وإنما تأخذ بأحكام الله › ولسنا على أحد ممن مضی بمسیطرین . - 63 - أبو المظفر الأسفراييني والإباضية ٤ _ 1 من الفرق والقارئ الكريم حين يقرا كاب أبي المظفر يجد صوره ة أخرى باهتة للبغدادي › » فهو يدخل الموضوع كما يدخل محارب متحمس إلى ساحة معركة حربية حاسمة يتقابل فيها ‎E‏ £ او كل ما أوتي من قوة لينتصر الفريق الذي يريده ويحطم خصه تحطيما لا يقوم من بعده . بهذه الروح يبدا ُو المظفر كتابه (التبصير) وفي المقدمة فم الأمة الإسلامية إلى قسمين : حكم بالهدى والاستقامة ثم الجنة لقسم وحكم بالزيغ والضلال ثم النار للقسم الاخر . وهي صورة تكاد تكون طبق الأصل مما عند أستاذه البغدادي ٠ وليس يهمٽا في هذا الفصل ‏ بطبيعة الحال ‏ إلا حديثه عن الاباضية . قال في كتابه التبصير طبعة 1955 ص 56 ما يلى : «الفرقة السادسة الاباضية 4 وهم أتباع عبد الله د بن إياض « 7 هم فيما بينهم فرق › وکلهم يقولون إن مخالفيهم من فرق هذه الأمة كفار لا مشركون ولا مؤۇمنون › ويجوزون شهاداتهم » ويحرمون دماءهم في السر » ويستبيحونها في العلانية » ويجوزون مناکحتهم ويثبتون التوارث بيلهم › ويحرمون بعض غنائُمهم 4 ويحللون بعضها . يحللون ما كان من جملة الأسلاب والسلاح ويحرمون ما كان من ذهب أو فضة » ويردونها إلى أربابها .» - 64 - بعد هذه المقدمة الصغيرة التي سبقه إليها البقدادي وأبو الحسن انتقل إلى ذكر الفرق السابقة التي ذكرها من قبله أبو الحسن والبغدادي » والعبارة في الغالب عبارة البفدادي مع تصرف بسيط واضح الّصنع وبعد أن ذكر تلك الفرق ومقالات كل متها بما فيها من شناعات وأباطيل كما عرضناها من قبل : عرض إلى قصة الجارية التى نقلناها بتفاصيلها عن أبي الحسن وقد اختصرها الاسفراييني ولم يهتم بها اهتمام الأشعري والبغدادي . والاسفراييني فيما كتبه عن الأباضية في هذا الكتاب لم يبذل هو الاخر اي مجهود لمعرفة ۴ شيء حقيقي عن الإباضية . وإنما انساق مع تيار سن سبقه ممن كتب عنهم من غيرهم فاعتبرهم فرقة من فرق الخوارج كما فعل الاشمري والبفدادي وابن حزم من قبله ثم نسب إليهم تك المقالات التي رأيتها عند الأشعري : وجعل من أئمتهم ولىك الأشخاص الذين نسبهم إليهم من سبق دون تحقيق ُو تمحيص أو تعليق . وکل ما امتاز به عن سابقيه أنه تتملكه ‏ أثناء كتابته - من حين إلى آخر ثورة غضب عارمة فيصب على تلك - الفرق وأصحابها سيلا من الشتائم واللعنات . وقد أحسن محقق الكتاب الشيخ محمد زاهد الكوثري بملاحظتين عن مؤلف الكتاب › فقال في مقدمته للكتاب ص 13 م يلي : «والمصنف رحمه الله استوفی في هذا الكتاب ‏ في غير املال ولا إخلال - بيان عقائد أصحاب الملل والتحل ببعض عنف في بعض المواقف» ويقول بعد أسطر : «وقد غمز الرازي في الأجوبة النجارية أيا متصور البغدادي بالتعصب والقسوة . وأبا الفتح الشهرستاني الساري وراءه بذلك أيضا . ولكن الثاني ألطف لهجة بكثير .» - 65 ويقول .بعد أسطر : ١ وقصارى. ما يؤخذ به علماء هذا الشأن عدم التثبت في عزو الأغوال كما سبق» والقارئ الكريم حين يقرا هذه الفقرة الاخيرة من كلام الشيخ الكوثري يدرك أن الشيخ قد رأى أن أقوالا تنسب إلى غير أصحابها » وأن ناسا يقوّلون ما لم يقولوا كما أنه اقتنع بملاحظة الرازي على بعضهم شدة التعصب وعبارة شيخنا. الكوثري الناعمة التى تشير إلى الملاحظات السابقة تحمل معنى الاعتذار عن هذا التصرف من علماء هذا الشأن وكأنه لا يرى في ذلك كبير باس بل إنه حاول أن يبرر موقفهم العنيف ضد الفرق المخالفة ٠ ويبدو لى أن هذه النقطة بالذات ‏ نقطة عدم التثبت في عزو نقطة مهمة . عدم التثبت في نسبة الأقوال إلى أصحابها وعدم التحقق من معرفة ذلك معرفة صحيحة › يؤدي إلى نسبتها إلى قوم هم برآء منها . وقد يؤدي ذلك إلى الحكم على ناس بالفسق أو الكفر أو البدعة أو الضلال . وهم أبرياء من ذلك وأصح عقيدة ممن يرميهم بذلك . وفي الصفحات السابقة أوضحت للقارئ الكريم أمثلة كثيرة في عدم التثبت والتحري فيما نسبه بعض إلى الإباضية وأن بعض ما نسبوه إِليهم على أنه من مقالاتهم يحكم الإباضية على القائلين به بأنه مرتد كافر . أبو المظفركما أشرت فى السابق كان متأثرا بالبفدادي تأثرا كبيرا ويظهر هذا وإضحا جليا في اسلوب الكتابة وفي المنهج الذي سلكه وفي الحنق الشديد على أصحاب الفرق والمقالات التي تناولها . وفي العنف الذي طبع أحاديثه به ءوفي عدم التحرز من الحكم عليها بأحكام المشركين إلى درجة التبجح بذلك . ثم المفالاة في مدح الفرق الموافقة إلى درجة الاعتزاز والافتخار بالملوك الظالمين وما شادوه من أبنية وأزهقوه من أرواح . رواح 6 - يقول الاسفراييني في كتابه التبصير ص 6 وهو يعدد ماثر أهل السنة ما يلي : «وأما أنواع الاجتهادات الفعلية التي مدارها على أهل السنة والجماعة في بلاد الإسلام فمشهورة مذكورة » مثل المساجد والرباطات المثبتة في بلاد أهل السنة › إما في أيام بني أمية وإما في أيام بني العباس مثل مسجد دمشق المبنى في أيام الوليد بن عبد الملك » وكان سنيا قتل في أيامه ما شاء الله من الخوارج والروافض .» ويقول بعد أسطر : «وكان بعض المصريين يتغلبون ويسعون في عمارة شيء منه ولكن لا موقع لما كانوا يفعلونه مع سوء اعتقادهم .» وبقطع النظر عن دين الوليد بن عبد الملك الذي يقول عنه أكثر المؤرخين أنه كان جبارا عنيدا كما جاء في مروج الذهب للمسعودي ص 166 من الجزء الثالث ما يلي : «وکان الولید جبارا عنيدا ظلوما غشوما۔» فإن الوليد توفي سنة 96 والمذاهب التي يطلق عليها لفظ أهل السنة لم توجد بعد فإن أبا حنيفة كان حينئذ غلاما ومالك كان ابن سنة واحدة » أما الشافعي وأحمد فلم يولدا بعد : فلو فرض أن الوليد قدم من أعمال الخير ما يعتز به المسلمون أو يذكرونه في مقام الاحتجاج فإن ذلك يكون سابقا لنشأة المذاهب والفرق ولا حق فيه لهم ودعوی أنه کان سنیا دعوی لا تقوم على ساس ولو صح هذا لكان الاعتزاز بعمر بن عبد العزيز أولى 4 وإذا افتخر أل السنة بما قام به الملوك والأمراء ونسبوه إلى أنفسهم فهل يعتبر من أعمال أهل السنة المنجنيقات التي وجهت إلى الكعبة والأعمال الوحشية التي قام بها قادة الدولة ية في المدينة - 67 - المنورة مثلا . لا شك أن القارئ الكريم يلحظ هنا أصابع السياسة الماكرة وهي توجه أقلام العلماء في دهاء لما تريده فتزين أعمال الدولة الأموية وتعتبرها من أمجاد أهل السنة بينما تنثني إلى ما يشانه تلك الأعمال لما قام به العبيديون فأسقطوه من الحساب بدعوی فساد نياتهم . هذا بعض ما تفعله السياسة الماكرة في توجيه الأقلام . ما تعبير المؤلف عن الوليد : «وكان سنيا قتل في یامه ما شاء الله من الخوارج والروافض»فيوهم أنه إنما اعتبر الوليد سنيا لأنه أمعن في قتل الروافض والخوارج . ولا شك أن الإمعان في قتل المسلمين لمخالفتهم في قول أو رأى يناقض السنة ولا يكون دليلا على التمسك بها ما لم يكن إقامة لحد من حدود الله › وقد قال الرسول : «أمرت ت أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله فإذا قالوها فقد عصوا مني دماءهم وأموالهم ألا بحقها.» وإذا جاز له أن يعتبر الوليد بن عبد الملك سنيا وأعجبه أنه قتل في أيامه ما شاء الله من المسلمين الآخرين أفلا يعتبر الحجاج أيضا سنيا ويعجبه أيضا العدد الهائل الذي قتله الحجاج » قال المسعودي في مروج الذهب ص 175 من الجزء الثالث ما يلي : «وأحصی من فتله سوی من قتل في عساكره وحروبه فوجد مائ وعشرين الفا 4 ومات في حبسه خمسون ألف رجل » وثلاثون ألف امرأة » منهن ستة عشر ألفا مجردة » وكان يحبس النساء والرجال في موضع واحد » . - 68 - ابو الفتح الشهرستانى رالا باضية اشتهر أبو الفتح محمد بن عبد الكريم شهرستاني في النصف الاول من القرن السادس الهجري وقد ذاع صيته بين كناب المقالات في العقائد . و يعتبر كتابه (الملل والتحل) من أهم المراجع في هذه المواضيع وكثير من كتاب اليوم يعتمدون عليه كمصدر محقق ثابت لا يناقش . ويهمنا أن نرافق هذا المؤلف الكبير بعض الوقت لنستجلي موقفه › ونرى هل استطاع أن يتجنب الأخطاء التي وقع فيها من سبقوه؟ يقول أبو الفتح في كتابه (المل والنحل) الجزء الأول من الطبعة الأولى مكتبة الحسين التجارية ص 4 ما يلي : «ومن المعلوم الذي لا مراء فيه أنه ليس كل من تميز عن غيره بمقالة ما في مسألة ما عد صاحب مقالة.» ويقول ص 6 ما يلي : «وشرطي على نفسي أن ورد مذهب كل فرقة على ما وجدته في کتبهم من غير تعصب لهم » ولا کسر عليهم » دون اُن اين صحیحه من فاسده › واعین حقه من باطله .» فهل وف أبو الفتح لما خططه لوضع كتابه » وشرطه على نفسه من استقاء الآراء والعقائد من مصادر أصحابها ؟ يؤسفني أن أقول أنه لم يفعل ذلك » وأنه سلك نفس المسلك الذي مر به سابقوه » فهو يبحث عن أمماء الرجال وينسب إِليهم الأقوال ليبلغ بعدد الفرق إلى اثنتين وسبعين فرقة يدفعها جميعا - محسنها ومسيئها ‏ إلى النار ويستخلص منها الشالثة والسبعين فيقودها إلى الجنة »وقد اعتمد في ذلك كله على من سبقه من 69 أصحاب الكتب التي ناقشنا بعضها وإن كان قد خالفهم في جزئيات يسيرة ربما عرضنا لبعضها في نهاية هذا الفصل . وعد أبوالفتح أنه سيذكر الفرق بتجرد › وأنه لا يصحح ولا ينتقد » ولا يصوب ولا يخطئ › ولا يميز بين الصحيح والفاسد › والحق والباطل » ولكنه ناقض نفسه من الخطوة الأولى » ومن مقدمة الكتاب جرد سيفه وجعل ينظم صفوف الفرق ويصففها في طوابير طويلة تمتد جذورها في أعماق التاريخ من عصره إلى عهد إبليس متخذة في كل عصر مظهرا مناسبا من موقف إبليس إلى موقف المشركين المنافقين إلى موقف الفرق الضالة ءويحاول أن يربط العلائق الوثيقة بين هذه الفرق الضالة وأسلافها في نظره ٥ من المنافقين أو المثركين ُو الشياطين 4 وهو يرجع جميع الفرق الضالة في نظره إلى أصول أربعة » يقول في صفحة 10 من تابه ما يلي : «فاللعين الأول لما أن حكم العقل على من لا يحكم عليه العقل لزمه أن يجري عليه حكم في الخلق أو حكم الخلق في الخالق › والأول غلو والشاني تقصيرء فثار من الشبهة الأولى مذاهب الحلولية والتناسخية والمشبهة والغلاة من الروافض حيث غلوا في حق شخص من الأشخاص حتى وصفوه بصفات الجلال . وثار من الشبهة الثانية مذاهب القدرية والجبرية والمجسمة حيث قصروا وصفه تعالى بصفات المخلوقين ء فالمعتزلة مشبهة الأفعال والمشبهة حلولية الصفات وكل واحد منهم أعور بأي عينيه شاء › فإن من قال إنما يحسن منه ما يحسن منا ء ويقبح منه ما يقبح منا ء فقد شبه الخالق بالخلق . ومن قال يوصف البارئ تعالى بما يوصف به الخلق » أو يوصف الخلق بما يوصف به البارئ تعالى عز امه فقد اعتزل عن الحق . - 70 - وسنخ القدرية طلب العلة في كل شيء وذلك من سنخ اللعين الأول إذ طلب العلة في الخلق أولا والحكمة في التكليف ثانيا ء والفائدة في تكليف السجود لآدم عليه السلام ثالثا . وعنه نشا مذهب (الخوارج) إذ لا فرق بين قولهم (لا حكم إلا لله)(1) › ولا يحكم الرجال › وبين قوله لا أسجد إلا لك ء (أأسجد ليشر خلقته من صلصال) وبالجملة (كلا طرفي قصد الامور ذميم) (فالمعتزلة) غلوا في التوحيد بزعمهم حتى وصلوا إلى التعطيل بنفي الصفات (والمشبهة) قصروا حتى وصفوا الخالق بصفات الأجسام (والروافض) غلوا في النبوة والإمامة حتى وصلوا إلى الحلول . (والخوارج) قصروا حيث نفوا تحكيم الرجال وأنت ترى أن هذه الشبهات كلها ناشئة من شبهات اللعين الأول .. وتلك في الأول مصدرها . وهذه في الأخر مظهرها» . وهكذا ترى من أول الأمر أنه حاول أن يربط بين إبليس وأصول الفرق بتلك الخيوط الضعيفة التي توهم صلاحيتها للربط فهو قد حكم عليها مسبقا بالضلال والزيخغ واتباع الهوى وإنما يوردها لدد بها الإحصائية ويلتمس لها المبررات التي تجعلها ضمن الموكب الضخم الذي يدفعه كتاب المقالات إلى الهاوية . وفيما يتعلق بوعده ألا يكتب عن أية فرقة إلا بناء على ما يجده في كتب علماء تلك الفرقة فيؤسفني أن أقول أن الإمام الشهرستاني قد أخل بوعده ولم يوف به ء ولم يعمل بالشرط الذي شرطه على نفسه » هذا على الأل بالنسبة إلى الإباضية » ولست دري موقفه من كتب الفرق الأخرى وإن كنت أحسب أنه لا يختلف . (1) هذه الكلمة متبسة من القرآن الكريم في قوله تمالى : «إن الحكم إلا للهء في سورة الأنعام روفي سورة يوسف كل ما فعله من قال هذه الكلمة أنه أتى بما النافية بدلا امن إن النافية . - 71 - والحقيقة أن هذا الموقف من نسبة الآراء والعقائد إلى مصادر أصحابها موقف خطير . فالكاتب حين "يعد قراءه بأنه يعتمد في نسبة الأقوال على مصادر أصحابها » يضع الثقة به في الميزان » فن وفى كان أهلا للثقة والتصديق في كل شيء › وإن أخل بوعده كان موضعا للشك يجري البحث من ورائه لتحقيق ما يقول : قال أبو الفتح الشهرستاني في كتابه الملل والتحل الجزء الأول ص 212 ما يلي : «الإباضية أصحاب عبد الله بن إباض الذي خرج في أيام مروان بن محمد فوجه إليه عبد الملك بن محمد بن عطية فقاتله بثبالة وقيل إن عبد الله بن يحي الإباضي كان رفيقا له في جميع احواله واقواله . وقال (أي ابن إباض) إن مخالفينا من أهل القبلة كف'ر غير مشركين › ومناكحتهم جائزة › وموارثتهم حلال › وغنيمة أموالهم من السلاح والكراع عند الحرب حلال » وما سواه حرام »وحرام قتلهم وسبيهم في السر غيلة إلا بعد نصب القتال › وإقامة الحجة . وقالوا إن دار مخالفيهم من أهل الإسلام دار توحيد إلا معسكر السلطان فإنه دار بغي ء وأجازوا شهادة مخالفيهم على أوليائهم › وقالوا في مرتكبي الكبائر إنهم موحدون ل مۇمنون ء . ثم ذكر.عدة مقالات قال إن الكعبي حكاها عنهم ويهمني ان يعرف القارئ الكريم الملاحظات الآتية عن مرافقتتا لأبي الفتح الشهرستاني : 1 ذكر أن عبد الله بن إباض خرج يسام مروان بن محمد وقتل بثبالة . وهذا خط تسرب إلى أبي الفتح وإلى جملة ممن كتب عن الموضوع ء عبد الله بن إياض لم يعش إلى زمن مروان وإنما توفي في أواخر يام عبد الملك ولعل الذين ذكروا 72 هذا القول اشتبه عليهم بأحد الرجلين : المختار بن عوف ء أو بلج بن عقبة » من أصحاب عبد الله بن يحي طالب الحق وا جميعا من الإباضية . 2 والمقالات التي نسبها إلى الإباضية هي بعض ما نسبه له من تحدثنا عنهم سَآبقا وسوف نعرض لها في بعض فصول هذا الكتاب ونوضح فيها ما كان منها موافقا لمقالات الإباضية › وما كان مخالفا لها › وما صيغ بغموض وإبهام يحتاج إلى شيء من الإيضاح والبيان 3 ذكر جملة من المقالات المنسوبة إلى لإباضية » ونص على أن الكعبي حكاها عنهم . وهذا موقف سليم. من أبي الفتح حين تخلص من عهدة تلك الأقوال ونسبها إلى من حکاها بما فيها من صدق أو غیره . 4 حسب الحفصية والحارثية واليزيدية فرقا مستقلة ولم يدخلها في الإباضية وهو موقف فيه تمحيص وتحقيق خالف فيه السابقين ممن كتبوا في الموضوع . ۱ 5 لم يذكر قصة ثعلبة ولا قصة بيع الأمة وما بني على ذلك › فسلم كتابه من تلك النزعات الفارغة ء والأباطيل الجوفاء . ويتضح من هذا أن أبا الفتح وإن سلك طريق الآخرين في نقسيم الفرق والحكم عليها إلا أنه كان أكثر دقة واجتهادا وتحريا من سابقيه » وخالفهم في عدد من المواقف تقدر له » ولا نأخذ عليه شيا غير ما ذكرناه سابقا في تورطه كما تورط غيره في حكمه علي مجموعة من الفرق بالضلال مسبقا مع شرطه على نفسه أنه سيقف من الجميع موقفا سلبيا لا يصوب ولا يخطئ » ثم وعده بالرجوع إلى مصادر الفرق في نسبة الأقوال وعذم وفائه بذلك . وبالنسبة إلى الإباضية بدلا من أن يرجع إلى علمائهم أو كتبهم - 73 التجاً إلى الكعبي وغيره ممن لم يذكره فوقع في أخطاء کان حريا ألا يقع فيها . أما خطؤه في تاريخ عبذ الله بن إباض فهذا خطاً قد لا يسلم من مثله الكثير من الكتاب . وعلى كل حال فأبو الفح عندما كتب عن الإباضية لم يأخذ مقالاتهم من مصادرهم وإنما أخذها من مصادر غيرهم ولکن ذکره لتلك المقالات كان يتسم بدقة الملاحظة والمعرفة لأراء الفرق ¢ ولذلك فقد نسب ما قيل له عن الإباضية إلى رواته › وجعل بعض من كان يحسب على الإباضية وليس منهم فرقا مستقلة وأغفل قصة النزاع على الأمة والطفلة » وهذا وحده يعتبر منه نقدا وردا على -.. كتاب المقالات السابقين › وهى خطوة تستحق الثناء والتقدير . - 74 الباب الثاني مع المعاصرين مع الأستاذ علي مصطفى الغوابي ® مع أبي زهرة ® مع عبد القادر شيبة الحمد ® مع الدكتور هويدي ® مع الدكتور هويدي أيضا ® د. هويدي في تبعية المستشرقين . ® مع عز الدين التنوخي مع الأستاذ ابراهيم محمد عبد الباقي مع الأستاذين التنوخي وإبراهيم عبد الباقي - 75 - الباب الثاني مع المعاصرين الكتب التي تحدثت عن الفرق الإسلامية في هذا العصر ‏ سواء كانت تعني بالفرق جميعها أو يبعضها - كثيرة » ومناهجها في البحث مختلفة . والإحاطة بها غير ممكنة ٠ والأساليب التي تناولتها بها تختلف من كاتب إلى كاتب › منهم التقليدي الذي يرجع إلى المصادر القديمة فيأخذ عنها بالنص أو بالمعنى لا يخرج عن دائرة تلك المصادر المحدودة التي عرضها ووثق بها › وهو في ذلك لا يستخدم فكرا › ولا يعمل رايا . ومنهم من يميل عن المصادر العربية إلى المصادر الأجنبية يصطتع أسلوبهم ويتخذ منهجا - في بحثه - شبيها بمناهجهم » ويقتبس منهم الأراء والنظريات » ويبني على مقتضاها الأحكام » ومتهم من يبذل الجهد ويطلع على مختلف المصادرء ولا يبي حكمه على فرقة إلا بعد الرجوع إلى مصادرها هي نفسها ومقارنتها بما قيل عنها وبعد دراسة لموضوع الإباضية في عدد من کتابات المعاصرين واستعراض لمناهجهم استقر رأيي على أن آخذ تماذج منهم تمثل الاتجاهات السابقة ون اختياري لمن يمثل الاتجاهات السابقة كما يلي : د الأستاذ علي مصطفی الغوابي الأستاذ محمد أحمد بو رهرة . 0 الأستاذ عبد القادر شيبة الحمد - 4 الدكتور يحي هويدي - 77 _ الأستاذ عز الدين التنوخي _ الأستاذ إبراهيم محمد عبد الباقي أُما ا التي كانت مرجعا للدراسة في هذه الفصول فهي حسب الترتيب السابق : 1 تاريخ الفرق الإسلامية : الاستاذ الغوابي 2 المذاهب الاسلامية › الأستاذ أبو زهرة . 3 تاريخ المذاهب الفقهية . الأستاذ أبو زهرة . الأديان والفرق والمذاهب المعاصرة . الأستاذ شيبة الحمد تاريخ فلسفة الإسلام من القارة الإفريقية » دكتور هويدي مقدمات على مجموعة من الكتب ءالاستاذ عز الدين التنوخي الدين والعلم الحديث الأستاذ إبراهيم محمد عبد الباقي أرجو أن يجد القارئ الكريم متعصة في مرافقة هؤلاء الكتاب العظام . - 78 - مع الأستاذ على مصطفى الغوابي هذا مؤلف معاصر كتب عن الفرق الإسلامية › وهو في كتابته عن هذه الفرق كان يبذل جهدا مشكورا ليظهر بمظهر الاعتدال وعدم التعصب ٠ واستعمل في كتابته أسلوبا غاية في الرقة واللطف . وكان يحاول أن يجمع فرق المسلمين جميعا على صعيد المحبة والاحترام والتعاون وأن يذكر ءلكل منها ‏ على الأقل ‏ مزاياها الظاهرة في سلوكها العام » وفي خدمتها للإسلام › ولكنه مع كل ذلك لم يسلم من عدد من الانزلاقات ء سببها له اعتماده المطلق وثقته الكاملة في جانب واحد من كتب المقالات فقد اعتمد في جميع ما كتبه عن الإباضية - وهم في نظره وفي مصادره فرقة من فرق الخوارج ‏ على المصادر الأتية : المقالات للأشعري . والفرق بين الفرق » للبفدادي . والملل والنحل » للشهرستاني وكتاب التبصير للإسفراييني وهذه الكتب الأربعة قد سبق أن تحدثنا عنها وعرفنا موقفها من الإباضية ء كما أشار أحيانا قليلة إلى الرازي » واعتمد في معرفة موطن الإباضية في العصر الحاضر على المستشثرق جولد تسيهر ء ومعروف بالبداهة أنه ما دامت هذه مصادره فانه لن يخرج في تكوين رأيه عن نطاقها ء اللهم إلا باللهجة والأسلوب ٠ ومع كل هذا فقد كانت له وقفات جديرة بالتقدير لأنها تدل على نزعة حرة في التفكير فعمل بوعي ونه لا ينساق مع التيار دون أن یری ما في طریقه من تعرجات واخادید . - 79 قلت : إنه يعتبر الإباضية فرقة من الخوارج ولذلك من الهم فیما ری أن أصحبه قليلا حينما يعرض لهم حتى أستطيع . أن أحدد جوانب النقاش على أسس واضحة يسوق ثلانة تعاريف لمعنى كلمة الخوارج فيقول . 1 سموا خوارج لخروجهم عن علې بن أبي طالب» . ويعزو هذا التعريف إلى أبي الحسن الأشعري . 2 يرجح في هامش الصفحة أن التسمية مأخوذة من قوله تعالى : «ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله فم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله » وعلى هذا تكون التسمية لقب مدح لا ذم وتكون منهم لا من مخالفيهم ٠ وأن حياتهم التي صبغت بالتفاني في القتال تحقيقا لمبادنهم تساعدنا على هذا الاستنتاج» . 3 «إن كل من خرج عن الإمام الحق الذي اتفقت ت الجماع عليه یسمی خارجيا سواء کان الخروج في يام الصحابة علي الأئمة الراشدين أو كان بعدهم على التابعين » أو على الأئمة في كل زمان » وعلى هذا التعريف يكون تسميتهم بالخوارج سن مخالفيهم لا منهم » وأن الخوارج مستمرون في كل وقت ما دام يوجد من يخرج على رؤساء الحكومات» وينسب هذا التعريفت إلى الشهرستاني . ورغم أنه يرجح التعريف الثاني الا أنه يقول : «ولكن هناك فرق بين الخوارج بهذا الاصطلاح أي الاصطلاح الذي نسبه إلى الشهرستاني - والخوارج الذين نؤرخ لهم . وهو بعد أن يذكر هذا يحاول أن يلخص حركتهم في مجرى التاريخ ولكن هوة عميقة تعترض طريقه فلا يستطيع أن يتخطاها ‏ كما فعل المؤرخون وأصحاب المقالات من قبله - دون وقفة رائعة من التفكير. - 80 -— والتأمل 4 ثم يستعرض آراء الخوارج في الجملة ‏ كما تصورها مصادره » ثم ينتقل إلى استعراض فرقهم الأصلية فرقة فرقة حتى يصل إلى الإباضية متبعا في ذلك نفس المنهج الذي سارت عليه تلك المصادر ولكنه فوجئ مفاجأة أخری ‏ لم يهتم لها السابقون - تركته يقف في حيرة وتأمل . ولكي نوضح للقارئ الكريم هين الموقفين يجدر بنا أن نعود إليهما بشيء من التفصيْل . كان الأستاذ الفوابي يلخص حركة الخوارج في مجرى التاريخ حسب مصادره السابقة وتتبعها حتى ذكر أن أهل النهروان قتلوا جميعا ولم ينج منهم إلا عة أشغاص من أربعة آلاف وتذكر تلك المصادر أن الآلاف لم يستطيعوا أن يقتلوا من محاربيهم إلا تمة أشاص كأنما کان ك اناي مقيدين لا يحملون سلاحا وأن التسعة الذي من تلك المجزرة الرهيبة تفرقوا فى البلا ولا شك أن هن کان م ثل هذ لمال لا پتل أو ف ہا قريب 4 ولكنه فوجئ وهو يستعرض أحداث التاريخ بن العصر الاموي ابتداء من معاوية ‏ وبعد أن قتل المحكمة كلهم على ضفة النهر - كان مشحونا بحركة دائبة للخروج فلم يظهر له كيف يربط الصلة بين المحكمة الذين قضى عليهم حسبما تذكر المصادر وبين حركة الخوارج فيما بعد ويتساءل عن هذه العلاقة فيما بينهما في حيرة ولكنه لا يحظى بجواب لأن المؤرخين السابقين لم يقدموا اي شيء عن ذلك بل إنهم لم يهتموا أو لم يحسوا به ولذلك فهو يستسلم في ارتياب وحيرة ثم يتخذ موقفا ظن أنه يقدم بعض الحل إذا لم يقدم الحل كله فاعتبر المحكمة سلفا للخوارج ولو أنه لم يستطع أن يوضح هذه الرابطة السلفية أو يقدم لها تفسيرا اللهم إلا إذا كان يراها - فيمابينه وبين نفسه ‏ وراثة فكرية أو نسبية غير باشرة . - 81 - ذلك أن المحكمة إنما كان الخلاف بينهم وبين أمير المؤمنين علي وقد انتهوا في سنة 37 من الهجرة . أما الخوارج فقد وضح موقفهم بمبادئهم الخاصة ضد الأمويين في سنة 64 للهجرة بقيادة الأزارقة والنجدات كما يرى الأستاذ الغوابي وإذن فهنالك انفصام تاریخي عملي بين حركة المحكمة وحركة الخوارج وهناك اتقصام فکري بينهيا أيضا وان لم يشر إليه الأستاذ الغوابي صراحة ولكنك تحسه وأنت تقراً وذلك أن الميدان الذي يشتغل فيه الخوارج غير الميدان الذي اشتغل فيه المحكمة . وحين كان يستعرض مبادئ الخوارج وأفكارهم عامة وجد أن المصادر التي يعتمد عليها ترميهم بالشذوذ والتشدد وضحالة الفهم والعقل » فلما استعرض فرقهم فرقة فرقة واستعرض الإباضية كفرقة من الخوارج حسب المصادر التي يعتمدها ‏ لم يجد فيها تلك الصورة الثرسة البفيضة التي ترسم عن الخوارج سواء كان القصد من الرس إعطاء صورة عنهم أو إعطاء صورة لهم » فوقف وقفته الثانية من التأمل والتفكير والمؤرخون - كالعادة_ لا يقدمون له الحل وهو لا يستطيع أن يتهم المصادر التي يعتمد عليها » فهي من الكثرة والتعدد بحيث لا يسهل اتهامها . وخطر له الحلى فهو قد افترض ُن للخوارج سلفا وخلفا فما يمنع ُن يکون الخلف قد غيروا موقفهم عن سلفهم فتساهلوا بدل التشدد الذي كان عند سلفهم ولما كانت آراء الإياضية لا تحمل شيشا من طابع الخوارج الذي تصفه المصادر » ومواقفهم لا تتفق مع مواقف أولفعك المتشددين فما يمنع ُن يكون الإباضية هم خلف الخوارج ولكنهم تساهلوا وَعَدَلُوا عن موقفهم المتزمت . ولا شك أن هذه الفكرة كانت في مبد! خاطرة خطرت في ذهن الأستاذ الغوابي وهو يقلب وجوه الرأي للخروج من الهوة التي تركها المؤرخون وكتاب - 82 المقالات دون أي اهتمام . وإنتقلت الخاطرة فصارت فرضا ثم صارت حقيقة حلت المشكلة في ذهن الأستاذ وبنى عليها بحشه فيما بقي » ولكن هذه الخاطرة أو الفرضية كالفرضية الأولى تبقيان متأرجحتين كالخشبة التي توضع للعبور فوق هوة عميقة ما تطؤها قدم حتى تهتز ويحس المار بالحقيقة المختفية تحته . وأحب هنا أن أذكر للقارئ الكريم أن الكتاب الذين تناولوا الخوارج في ابحاثهم ثلاثة أقسام : القسم الأول هم أولشك الكتاب المتشددون الناقمون الذين يخرجونم من ُو يكادون 4 وهم یرمون عليهم كل أوزارالتاريخ الإسلامي ءيقول مؤرخ معاصر (1) : «ومنذ أن خرجوا على سيدنا علي انفتح باب الفتنة فلم يسد بعد . ولن يسد ما دام لهم أنصار على وجه الأرض» القسم الثاني هم ولىك الذين ينقلون ما يجدونه في المصادر دون دراسة أو ت تفهم أو تحليل » وا راؤهم تکون حسب الصدفة فاإذا وقعوا على مصادر تمیل إلى الخوارج ُو تعطف عليهم كان لهم راي وإذا وقعوا على مصادر مناوئة لهم کان لهم راي آخر مغایر . القسم الثالث هم الذين يقفون منهم موقف الاعتدال يحسبونهم من جملة المسلمين ويتحدثون عنهم بلطف وسماحة وقد يلتمسون لهم الأعذار وربما في بعض آ رائهم ومبادئُهم وفي هذا القسمٍ الأستاذ علي مصطفی الغوابي وقد حاول أن يعتذر للخوارج بأعذار سبق أن اعتذر لهم بها كتاب سابقون وفي إمكاني ن ألخصها لك في عدد من النقاط مستخلصة من فصله «الحكم عليهم» كما تي : 1 كان إدراكهم للتعاليم الدينية إدراكا سطحيا . (1) أنظر كتاب الفتح العربي في ليبيا الطبعة الأولى ص 104 . - 83 - 2 كان يصاحب إدراكهم إخلاص لما عرفوه من الدين حسب فهمهم . 3 إخلاصهم لعقائدهم جعلهم ینکرون على كل من يخالف أمرا من أمور الدين بحسب فهمهم وإدراكهم - 4 . هذا الإنكارجعلهم يحكمون على مخالفيهم بالثرك أو بالکفر 5 عدم الدقة في الأحكام كانت عند أوائل الخوارج . وهعكذا ترى أن الاعتذار عنهم - حتى ممن يعطف عليهم ويتسامح معهم هو الأخر اتهام بصورة أخرى قد تكون أقى وأشد . والمشكلة الحقيقية في كتاب المقالات إن الواحد منهم حين ينتصب للكتابة يعطي لنفسه حقين ثابتين ينطلق من خلالهما : الحق الأول أن الفرقة التي ينتسب إليها هي التي تمثل الإسلام حقيقة فهي غير خاضعة لا للتقويم ولا للنقد ولا للمقارنة وحكمها على غيرها هو حكم الاسلام نفسه وآراؤها وعقائدها هي الميزان الذي توزن به عقائد وآراء الأخرين الحق الثاني برى أنه سا دام يتسب إلى فرقة محقة تمشل الإسلام فمن صلاحياته أن يحكم على الفرق الأخرى وأن يقرر بعدها أو قربها من الإسلام بمدى الخلاف الذي بين تلك الفرق وفرقته . وهو لا يجد أي حرج في أن يصدر أحكاما عامة أو خاصة على الآأخر ين بهذا الإعتبار وعلى هذا الأساس ولذلك قال الأستاذ الفوابي رغم اعتداله ومحبته لوحدة المسلمين فهو قد حدد لنفسه موقفا ثايتا في فرقة محقة لا تخضع للتقويم ومن موقفه العالى ذلك يرى الفرق الأخرى وهي ترتکب - 84 أخطاءها ولما كان من طبعه اللين والتسامح فقد راح يعتذر عنها - تأليفا - وثانيا » بأنها فرق ساذجة بسيطة ليس لها ملكة الفهم ولا التعمق والتفكير ومن كانت هذه حالته فينبغي ألا يۇاخذ وإنما يستأنس ويستجلب ويرفق به . أو هذا على الأقل بالنسبة لما رآه عن الخوارج وقد أطلت النقاش في موضوع الخوارج لأنه يعتبر الإباضية فرقة منهم وأغلب ما يقال عن الخوارج يثمل الإباضية . بعد هذا يسرني أن أتقل إليك بعض ما قاله في الإباضية خاصة . ۱ ققد جاء في كتابه القيم (تاريخ الفرق الإسلامية) في فصل الخوارج ما يلي : «وأما الإباضية وهم إحدى الفرق الأصلية() عند الأشعري وينسبون لرئيسهم عبد الله بن إباض فإن فروعهم هي : 1 الحفصية وإمامهم حفص بن أبي المقدام 2 اليزيدية أصحاب يزيد بن أنيسة . 3 الحارثية أصحاب حارث الإباضي . 4 ومنهم من يمون أصحاب طاعة لا يراد بها وجه الله ومنهم الواقفية ومن الواقفية الضحاكية «واقفية أخرى» وسبب تسمية الاولى والثانية بالواقفية أن كلتيهما. وقفت بين فريقين اختلفا على حكم فلم ينضا إلى أحد الفريقين المختلفين وقالوا تقف فىموا واقفة لهذاء . (1) يقصد أنها فرقة أصيلة من فرق الخولرج لأن أبا الحسن الأشمري يرى أن الخوارج ينقسمون أولا إلى فرق أصيلة وأن كل واحدة من الفرق الأصلية تنقىم إلى عدد من الفرق يعتبرها الأشعري فرقاً فرعية للخوارج . - 85 قد سبق أن اطلع القارئ الكريم على هذه الفرق المزعومة عند الكتاب الأقدمين كأبى الحسن ومن ذكر بعده بتفصيل أكثر . وعلم هناك أنه لا أساس لنسبة هذه الفرق الفرعية إلى الإباضية وأن ما ينسب إليها من المقالات لا يقول به الإباضية ومنه ما يحكمون على قائله بالكفر . وقال الأستاذ الغوابي في نفس المصدر ما يلي : «أما الإباضية فقد تساهلوا في كثير من الأحكام التي كان يتشدد فيها سلفهم فقالوا إن مخالفيهم من أهل القبلة كفار غير وأن مناكحتهم جائزة » ووراثتهم حلال › وأن أموالهم إذا كالسلاح » وما عدا هذا في الأموال فهو حرام » ويحرم قتلهم غيلة وأعلنوهم بالقتال » وقالوا إن جميع ما افترضة الله سبحانه.على خلقه إيمان فعندهم الإيمان تدخل فيه الأعمال والأعمال جزء منه تدس الأعمال وترفع من شأنيا 6 ونعم هذا لري »وليٽ المسلمين يتمسكون به » إلا أنه إذا ارتكب مؤمن كبيرة من الكبائر فهو كافر كفر نعمة لا كفر شرك ولكن مع قولهم بهذا فإنهم يقولون بتخلیده في النار . وقالوا إن دار مخالفييم من أهل الإسلام دار توحيد لا دار كفر» وهذا أيضا من نواحي تساهلهم . حيث ان سلفهم کانوا يقولون ن دا ر مخالفيهم دار شرك < ومما خالفوا فيه سلفهم وکانوا أكثر تساهلا منهم فيه أنهم أجازوا شهادة مخالفيهم 4 وما أطفال (1) انساق الغوابي مع التيار فاستعمل هذا التعبير الملتوي وله ما اختار . - 86 المشركين فبعضهم يلازمهم على غير طريق الإنتقام 4 وجوزأن يدخلهم الله الجنة › وبعضهم يقول إن إسلامهم واجب لا جائزء ومن هنا نرى أن متأخري الخوارج انوا أ کثر تساهلا مع مخالفيهم أكثر من متقدميهم » وأن هذا التساهل بدا يزداد شيئا فشيئا ولا ندري هل سبب هذا التسامح هو أنهم ضعفوا لكثرة حروبهم فهم يريدون أن يتقربوا من مخالفيهم شيئا فشيئا حتى لا تقوم بينهم الحرب أم نهم لما اتسعت مداركهم وعرفوا ما لم يكن يعرفه سلفهم الذين كانوا من عرب البادية ءوفيهم سذاجة وعدم عمق في التفكير » كانوا أكثر تسامحا مع مخالفيهم من سلفهم ولا مانع من أن يكون قد اجتمع لديهم السببان معا . فالخروب قد أضعفت من حماسهم » وأن مداركهم قد اتسعت عن مدارك سلفهم » وأصبحت نظرتهم فاحصة وعميقة في نواحي الدين أكثر من سلفهم » . ويقول في موضع أخر من الكتاب ما يلي : | «ولكن يظهر أن عدم الدقة في الأحكام كانت عند أوائل الخوارج ‏ كما قلت - وأما متأخروهم فإنهم قد دققوا في الأحكام › وفرقوا بين عمل وعمل » ولم يشتطوا في أحكامهم ءكما اشتط سلفهم وكما لاحظنا فيما تقدم صارت أحكامهم على مخالفيهم فيها تسامح وفيها تساهل » لیس كل مخالف لهم کافرا أو مشركا ء وليس أطفال المشركين مخلدين في التارء وليس حكمهم حكم آبائهم » ويلاحظ أنه لما ضعفت قوتهم الحربية اتجهت نفوسهم نحو الإنتاج العلمي › حتى أصبحت لهم مؤلفات فقهية وكلامية ولغوية وأدبية » ويلاحظ أن فرقهم لم يُبَدَدُهم أعداؤهم تماما بل بقي منهم إلى عهدنا هذا جماعات يسكنون في إفريقيا الثمالية من خوارج الإباضية وهؤلاء يقيمون في إقليم جبل نفوسة بطرابلس الغرب ءويوجد كذلك فريق آخر بزنزبار يإفريقيا الثرقية » —- 87 - هذا ما قاله الأستاذ الغوابي عن الإباضية خاصة وواضح أنه استقى جميع معلوماته عن الخوارج عامة وعن الإباضية خاصة من مصادر غيرهم فهو لم يذكر أي كتاب من كتب الإباضية كما لم يذكر أي كتاب للخوارج إن بقيت لهم كتب بعد هذا أود أن أقف مع الأستاذ الغوابي وقفات قصيرة لمناقشة بعض النقاط الواردة النقطة الأولى : مخالفوهم : من المؤسف أن الذين كتبوا عن الإباضية - وهم يحسبونهم من الخوارج ‏ كانت تَسَيرُ أقلامهم عقدة مستحكمة لم يكد يتخلص متها واحد منهم ذلك أن بدا في يوم ما كانت قد رسمت ببراعة الخط الذي يسير عليه من يكتب عن الخوارج وأن يكون هذا الخط لايخرج في طبيعة سيره عن معاملتهم لمخالفيهم وسار كتاب المقالات في الخط المرسوم لا تكاد كتاباتهم عن الخوارج تخرج عن معاملاتهم لمخالفيهم ومحاسبتهم عليها الحساب العسير» لم يسمح الكتاب لأنفسهم أن يبحثوا ويناقشوا الجانب الثاني من الموضوع : وهو معاملة مخالفيهم لهم ولم يخطر لهم أن يفرضوا حتى مجرد فرض أن هذا السلوك ريما كان رد فصل أو من وقد خضع الأستاذ الغوابي لهذا التوجيه وسار مع نفس الخط فذكر في هذه الفقرات القليلة كلمة مخالفيهم نحو عشر مرات صراحة فوق دلالة الضير عليها » ولكثرة ما ترددت علو فى كتب المقالات ولأنها المتجه الأساسي للكتاب ومركز لبحوثهم سميتها عقدة الكتاب عن الخوارج . - 88 — 2 الإنسياق مع التيار : انساق الأستاذ الغوابي مع تيار كتاب المقالات فذهب يعدد فروع المسألة الواحدة كما كانوا يفعلون هم للتهويل والإكشار ولو تأمل قليلا لوجد أنه قد ذكر للإباضية في الفقرات السابقة إحدى عشرة مقالة منها ثماني مقالات تتعلق يمخالفيهم : «هم غير مشركين » مناكحتهم جائزة » وراثتهم حلال » غنيمة أموالهم غير جائزة ما عدا › لا يجوز قتلهم غيلة أوفي السر» لا يجوز قتال خصومهم إلا بعد الإعلان وإقامة الحجة › دارهم دار إسلام » شهادتهم جائزة على موافقيهم». وهذه المقالات كلها مسائل فرعية لموضوع واحد » وهي فروع تبنى على أصل واحد هو الاسلام ومادام الإباضية يرون أن جميع من نطق بكلمة التوحيد هو مسلم سواء وافقهم أوخالفهم وأنه بنطقه بكلمة الشهادة قد اكتسب جميع الحقوق التي عند غيره من المسلمين أو التي يمتحها الإسلام للمسلمين فلا داعي لان نبدا في تعداد تلك الفروع فرعا فرعا ء لأنها من حقوق المسلمين جميعا › ولا تسقط عنهم إلا بأسباب حددتها الشريعة كما يسقط حق الباغي وقاطع الطريق في عصة دمه ولا يباح ماله ولا سبي عياله . بل إن تلك الحقوق والحرم مصونة لكل مسلم لا تسقط أيدا مهما ارتكب ولا تضيع منه إلا بالخروج من الإسلام . والشيء الوحيد الذي يفقد الإنسان حق صيانته مع أنه مسلم إذا وجدت أسبابه هو دمه وذلك كالباغي والزاني . 3 تساهل الخلف : يقول الأستاذ الغوابي : إن خلف الإباضية تساهلوا عن سلفهم وقد أعاد هذه الفكرة عدة مرات › ولست أُدري على أي مستند بنی (1) الإباضية لا يبيحون شيئا من أموال المسلمين حتى السلاح خلافا لما ينه - 89 حكمه هذا » فهو فيما يبدو لا يعرف أي كتاب من كتب الإباضية لأنه لم يذكر منها شيئا في مراجعه ومع ذلك فأنا أقول له إن تغير الاجتهادات في غير القطعيات من محاسن هذه الشريعة ولم يخل منها مهب من المذاهب الإسلامية وقد يتغير رأي عالم واحد في قضية واحدة فيكون له فيها رأي أو آراء ولم يكن ذلك دلیلا على أن صاحب الرأي الأول » أو أن العالم في رأيه الأول » كان سطحيا أو ضيق التفكير . ومع هذا فأنا أؤكد للاستاذ الغوابي أن المسائل التي أوردها لم يتغیر فيها رأي خلف الإباضية عن سلفهم فيما عدا مسألة واحدة هي مسألة أطفال المشركين فقد كانت عند السلف خلافية ورجح الخلف أنهم من ُهل الجنة خدما للمسلمين طبقا للأحاديث الواردة في الموضوع . أما المسائل الثماني التي ذكرناها سابقا فهي فروع لأصل واحد كما قلنا وراي سلف الإباضية فيها هو هذا الرأي الذي سجلناه وتکاد نجمع کتب التاريخ ُن ول من حكم بالشرك على مخالفيه من المسلمين فعاملهم معاملة المشركين وأسقط عنهم تلك الحقوق السابقة هو نافع بن الأز رق » وتکاد تجمع کتب التاريخ أن عبد الله بن إباض کان من آوائل من رد على نافع رايه هذا إذا لم يكن أولهم على الإطلاق وقد سجلت منذ ذلك التاريخ حوالي سنة 4ه مواقف حاسمة لعبد الله بن إباض وجابر بن زيد في مقارعة الخوارج في موضوع الحكم بالشرك على المخالفين. والقعدة وفي موضوع الحكم بالشرك على مرتكب الكبيرة . بل لقد كان الإباضية. من أشد المسلمين على الخوار. 1 في هذا الموضوع بالذات حتى أُنهم كانوا یطردون من یری رايهم من حضور مجالسهم واجتماعاتهم ويمنعونهمم الحديث با رائهم تلك خوفا على ضعفاء الناس وعوامهم » وأود الآن أن يعرف الأستاذ الغوابي ومن یری رأيه - 90 - أن سلف الإباضية ‏ بعد الصحابة الذين هم سلف لجميع فرق الأمة ومنهم الإباضية ‏ هم هؤلاء جابر بن زيد وعبد الله ين إباض وجعفر بن السماك العبدي وصحار بن العباس العبدي ثم من وليس فوق هؤلاء سلف غير الصحابة كما قلت آنفا أما التابعون من طبقة جابر كالحسن والسعيدين وعطاء وغيرهم ممن هو في درجتهم فهم أيضا سلف لجميع الأمة والاباضية يضعونهم في مكانهم بعد أصحاب رسول الله عفر يأخذون عنهم جميعا . وبهذا ب ينضح أنه لا نى لصا يراه من أن خلف الإاضية تساهلوا عن سلفهم في المواضيع التي عرضها أما في غيرها من المواضيع الإجتهادية في الققه العملي فهم فيه كبقية الأمة قد يذهب أحد مجتهديهم من الخلف إلى التيسير في مسألة كان السلف يرى فيها التشديد ويحضرني في ذلك مثلان قريبان . الأول : في قضاء رمضان فن المعمول به عند الإباضية أنه .يجب التتابع في القضاء كما يجب في الأداء . وذهب الأستاذ باكلي عبد الرحمن من علماء الإباضية المعاصرين إلى عدم وجوب التتابع تيسيرا على الناس واستنادا إلى ما ذهب إليه بعض الأئمة من غير الإباضية . الثاني : يرى علماء السلف من الإباضية أن طعام أهل الكتاب يحل إذا كانوا تحت الذمة أما إذا لم يكونوا كذلك فلا يحل طعامهم ولا نكاح نسائهم . وكأنما يرون أن هذا مرتبط بالجزية والجزية تدل على وجود رقابة إسلامية عليهم فإن انعدمت الجزية انعدمت الرقابة وإذا انعدمت الرقابة انمدم هذا الإكرام أو الثرف الذي یعطی للكتابي دون غیره . - 91 - وقد زاد أستاذنا إبراهيم بيوض أحد أئمة الإباضية ومجتهديهم في العصر الحاضر أُوروبا ءورأی العنت الذي يتكبده طلبة العلم الكتاب مطلقا سواء کانوا 3 ست ا ول یکونوا كذلك تیسيرا على الناس واعتمادا على العموم في الآية الكريمة وإستنادا إلى ما ذهب إليه بعض أثمة السلمين في مختلف العصور . ويفترض خلقا متساهلا وسلفا متشددا في قضايا انتقلت عبر القرون بألفاظها وحروفها هو ربطه للإباضية في عجلة الخوارج اعتمادا على كتاب المقالات من غير الإباضية ودون الرجوع إليهم في کتيهم. ن 4 ۔:بحث عن الاسباب : يحتار الأستاذ علي الغوابي في أسباب تساهل الإباضية عن سلفهم وتسامح المتأخرين عن المتقدمين » وبعد الحيرة والتساؤل يستنتج أن ذلك کان للاسباب الأتية : 1 ضعفوا لكثرة حروبهم فهم يريدون أن يتقربوا من مخالفيهم شيئا فشيئا حتى لا تقوم بينهم الحروب . اتسعت مداركهم وعرفوا ما لم يكن يعرفه سلفهم . 3 سلفهم كانوا من عرب البادية وفيهم سذاجة وعدم عمق في التفكير . لا شك أن هذه الأسباب التي ذكرها الفوابي إن هي إلا افتراضات قدمت الحلول لمشاكل هي الخ ى افترضت افتراضا ولا يعنينا في شيء 4 ما إذا كان يواقق الأستاذ الفوابي في هذه الإفتراضات أحدا من المستشرقين أو من الكتاب الآخرين . ولقد - 92 كان بودنا لو أن الاستاذ الغوابي بنى استنتاجاته وفروضه بعد أن يکون اطلع اودرس ر تاريخهم الذي کتبوه ٥ عن أنفسهم . أشار الأستاذ الغوابي إلى ضعفهم بسبب كثرة حروبهم وربما شاحاً القارئ الكريم بعکس الصورة إذا وصعت بين يديه الحقاً ق : إن كتب تاريخ الإباضية وهي أعلم بهم وبحروبهم ‏ لم تذکر ال ا ا عهد . الدولة الأمو ب ية رغم أُن الإباضية منتشرين في جميع أتحاء البلاد العزبية وكان مركز تكونهم وتجمعهم هو البصرة ورغم أن إمامهم عبد الله بن إباض كان شخصية مليئة بالنشاط والحركة وکان شديد العنف في شده لملوك الدولة الاموية وسجلت له مناظرات مع عبد الملك بن مروان كما كان شديد العنف في نقد وسجلت له أيضا في ذلك مواقف ورسائل إلا أنه لم ا عدد من الناقمين على 7 الأموي أن يبایعوه رفض في شده م شار ر إلى عمران المساجد بالذكر والصلاة وقال في لهجة الفترة التي كانت مليئة بالدماء أمسك الإباضية أنقسهم فلم يلوثوها » اللهم إلا إذا كان من أفراد متطرفين ينتمون إلى الإباضية بالإىم لا بالمبدا . وقد قام باسم الإباضية عدد من الدول في أربعة مواضع من البلاد الاسلامية هي : - 93 بحرب » ولم تحاول أن تتوسع ولكنها هوجمت عدة مرات فردت الإعتداء وحاولت الرد » كما قامت فيها صراعات داخلية بين الإامامة والملكية تم كان لها شرف دفاع الإستعمار الغربي نحو أربعة قرون فقد اتجه الاستعمار الغربي منذ القرن الخامس عشم الميلادي الى‌الشرق وكانت دولة عمان من أهم الدول التي وقفت لصده ومحاربته منذ ذلك الحين إلى‌اليوم . وقد كانت زنجبار شبه إمارة تابمة لعسان ثم استقلت بنفسها وبقيت كذلك حتى أزالها تعاون الإلحاد والعنصرية الإفريقية ضد العروبة والاسلام . 2 دولة قامت في لییيا سنة 140 ه ولم تعمر ويلا فق انتهت بعد نحو ثلاث سنوات . دولة قامت فى الجزائر سنة 160 ه وقد بقيت إلى حوالي 296 د قضت عليها الدولة العبيدية ومنذ ذلك الحين لم يرفع الإباضية السلاح في المغرب الإسلامي ضد المسلمين ولم تمتد أيديهم لإراقة الدماء اللهم إلا تلك المواقف النبيلة الشريفة التي وقفها أهل جزيرة جربة ضد الغزو الأسباني عدة قرون وكانت لهم في ذلك مواقف بطولية يعتز بها الإسلام والمسلمون › أو مواقفهم مع كل مواطن تونسي ضد فرنسا في حروب الإستعمار وما عدا المواقف الحاسمة من جميع إباضية المغرب الإسلامي في ليبينا وتونس والجزائر ءضمن جميع المواطنين في هذه البلاد لصد الإستعمار الغربي عند هجومه وفي حروب التحرر عند إخراجه . 4 دولة قامت في الأندلس ولا سيما في جزيرتي ميورقة ومينورقة ولیس لدينا من أخبارها الكثیر » وقد تهت یوم اتهت الأندلس وأطفاً التعصب الغربي شعلة الإسلام في تلك الديار ومن هذه الصورة الموجزة ي يتضح أن الأباضية كانوا بعداء جدا عن الموقف الذي تصورهم فيها الأستاذ الغوابي من كثرة الحروب - 94 - ما من حيث تقر بهم إلى غيرهم من المسلمين فلا شك أن هذا واقع ولكن ليس على الأساس الذي ظنه الأستاذ الفوابي ولكن على الأساس الذي أشار إليه رسول الله 2 (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم » فسعوهم بحسن أخلاقكم) أو كما قال . أما من حيث اتساع المدارك ومعرفة خلف الإباضية ما ليس يعرفه سلفهم » فهم في هذا كبقية المسلمين › ولا شك أن العلوم في تقدم والفكر في اتساع وهذا في جوانب علوم الحياة أما من حيث علوم الشريعة » فربما يكون العكس هو الصحيح . وهذا ليس بالنسبة للإباضية فقط وإنما بالنسبة لجميع المسلمين › ذلك أن السلف ‏ لقربهم من عهد النبوة - أعلم بمصادر التشريع من كتاب وسنة › وأقرب :إلى فهمها فهما أصح وما يقال في السنة يقال في الاجماع » ذلك أن الإاجماع بمعناه المعروف عند الأصوليين لم يقع بعد عهد السلف فهو وإن اعتبر من مصادر التشريع إلا أنه لم يقع بعد ذلك العهد ء أما الإجماع الذي سبق عهد السلف وأعني به الإجماع الذي وقع زمن الخلاقة الرشيدة وهو إجماع الصحابة فهم أعرف به لأنهم هم الذين نقلوه ٠ إلى الخلف › بقيت مصادر التشريع الأخر ى كالقياس والاستدلال مما هو مجال للإجتهاد واستنباط الأحكام في الحوادث والنوازل » فلا شك أن ثروة المتأخرين منه أكثر من ثروة المتقدمين وكلما امتدت الحياة بالإنسان أضيف إلى هذا الباب كثير من الأحكام . ويتضح من هذا أن خلف الإباضية لم يكونوا أوسع مدارك من سلفهم وكذلك بقية مذاهب الأمة وهذا من حيث استيعاب مصادر التشريع الأساسية التي هي الكتاب والسنة والإجماع . أما الفقرة الثالثة من الأسباب التي افترضها في سلف الإباضية وهي اعتبارهم من عرب البادية وفيهم سذاجة وعدم عمق في - 95 التفكير . فهي صورة قد ترددت كثيرا على أقلام المستشرفين عندما يكتبون عن الفتوح الإسلامية بأيدي العرب . فهم يصورون حركة الفتوح بأنها هجمات مجموعات بشرية من بدو الصحراء ضاقت بهم الحياة وحملهم شظف العيش على المغامرة بغزو العالم المتحضر لمكاسب مادية . وأن هذه المجموعات البثرية البدوية من السذاجة وسطحية التفكير بحیث أستطاعت ذکية» ان انتصارات رائعة هذه النغمة أو هذه الصورة التي يرسمها المستثرقون - لهوى في نفوسهم ‏ للمسلمين الفاتحين هي نفس النغمة التي رددتها بعض المصادر في وصف الخوارج عموما وهي نفس الصورة التي أضفاها الكاتب المحترم على الإباضية . وقد يحق لبا ن نتساءل کف استطاع الأستاذ الفوابى يحکم بان أفق خلف الإباضية أكثر اتفساحا ن افق وهو لا أنه قرأ شيشا من آراء السلف أو آراء الخلف في مصادرهم له أيضا أن يعرف تارب يخهم اللهم ما عدا الصورة الصغيرة المشوهة التي يعرضها غيرهم لتنفير الناس منهم . إن أحكام الأستاذ الغوابي على الإباضية كانت مبنية على أسس غير سليمة وأعتقد لو أنه عرف تاريخهم من مصادر صادقة واطلع ومع هذا كله فأنا أعتذر عن الأستاذ الغوابي با يشبه اعتذاره عن الإباضية فهو ولا شك مخلص في دعوته محب لجمع كلمة السلمين جبيما مقدر له في كال فرق م بي پالاي ٠ ٠ 96 - وإنما وقع في عدد من الانزلاقات بسبب جهله بحقيقة تاريخهم وجهله بحقيقة مقالاتهم وجهله بالفروق الحقيقية بين المذاهب التي تحدث عنها ونسبها جميعا إلى الخوارج . لم يبق ك في .ختام هذا النصل إلا أ ن أُذكر أن خلف الإباضية كسلفهم بحاولون بكل ما أوتوا من جهد أن يتقربوا من بقية المسلمين وكلمة المسلمين تجمع كل من أقر بالجمل الثلاث مهما كان مذهبه . وإذا سعى إليهم أحد منهم ذراعا سعوا إليه باعا . وهم يتعاملون مع جميع المسلمين على مدى التاأريخ كما يتعاملون مع أنفسهم › ويدعون كأمل الحق لغيرهم من المسلمين أن يكيفوا عقائدهم وعباداتهم على م صح غندهم من طرقهم التي وثقوا بها واعتمدوها › وليس يطلب الإباضبة من غيرهم هذا الحق وهو أن يتركوا في عقائدهم وعباداتهم على ما صح عندهم ووثقوا به واعتمدوه . 7 - 97 مع اُبي زهرة(1) يقول الأستاذ محمد أحمد أيو زهرة في كتابه (المذاهب الإسلامية) صفحة 127 ما يلي : «الإباضية هم أتبتاع عبد الله بن إباض وهم أکثر الخوارج اعتدالا ء وأقربهم إلى الجماعة الإسلامية تفكيرا ء فهم أبعدهم عن الشطط والغلو ء ولذلك بقوا . ولهم فقه جيد ء وفيهم علماء ممتازون › ويقيم طوائف منهم في بعض واحات الصحراء الغربية › وبعض آخر في بلاد ‏ زنجبار - ولهم آراء فقهية . وقد اقتبست القوانين المصرية في السواريث بعض آرائهم › وذلك في الميراث بولاء العتاقة » فإن القانون المصري أخره عن كل الورثة حتى عن الرد على أحد الزوجين › مع أن المذاهب الأربعة كلها تجعله عقب العصبة النسبية » ويسبق الرد على أصحاب الفروض والأقارب ». «وجملة آراء الإباضية : - إن مخالفيهم من المسلمين ليسبوا مشركين ولا مؤمنين ويسمونهم كارا . ويقولون عنهم أنهم كفار نعمة لا كفار في الاعتقاد ءوذلك لانهم لم يكفروا بالله : ولكنهم قصروا في جنب الله الى . دماء مخالفيهم حرام ۽ ودارهم دار توحیيد وإسلام إلا كر الان »واكم لا ينون هذا » فهم يسرون في أنفسهم أن دار المخالفين ودماءهم حرام . (1) عند كتابة هذا الفصل كان الأستاذ أبو زهرة حيا يملا الدنيا علما وعملا وشاء الله أن يختاره إلى جواره قبل أن يطبع هذا الكتاب ويطلع على ما قلناهء عنه . - 98 3 لا يحل من غنائم المسلمين الذين يحاربون إلا الخيل والسلاح وكل ما فيه من قوة في الحروب › ويردون الذهب والفضة . 4 تجوز شهادة المخالفين ومناكحتهم والتوارث معهم . وي هذا كله يتبين اعتدالهم وإنصافهم لمخالفيهم» . ويقول الأستاذ أبو زهرة في كتابه (تاريخ المذاهب الإسلامية) الجزء الثاني في تاريخ المذاهب الفقهية صفحة 53 ما يلي : «فرق لها مذاهب فقهية : هذه الفرق السياسية منها ما ليس له مذهب فقهي قائم بذاته › ومنهم من ليس له مذهب فقهي › ويتبع مذهب طائفة خری فريبة مله في الاعتقاد . وان الفرق التي لها مذاهب فقهية معتبرة ثلانة هي : شري : فلها مذحب فقون عقوو وله نطق فكي وديني وينسبون مذهبهم إلى الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه ء وسيكون له بعض البيان عندما نتكلم عن الإمام الصادق . والثانية : فرقة الزيدية : ولهم مذهب فقهي يقرب في منطقه من مذهب أهل السنة والجماعة ء وإمامها هو الإمام الجليل زيد بن علي زين العابدين رضي الله عنهما . والثالثة : الأباضية عبد الله بن إباض › ولهم فقه مدون ء وللإباضية جهود في تحرير مذهبهم . الأستاذ أبو زهرةمن كبار علماء هذا العصر ء الذين تتجه إِليهم الأنظطار في المسائل الإسلامية وتسميع منهم الكلمة ء وتلتمس عندهم الحجة ءورغم أنه أبدى كثيرا من الإعتدال › وإستعمل الرقة واللطف » وسجل له آراء جديدة سليمة في موضوع الفرق وعن الإباضية بالذات ء إلا أنه لم يسلم من التأثر بالأقوال السابقبة التي - 99 - ينقصها التحقيق وإلتدقيق في التعبير وجلاء المعاني لكشف الحقائق كشفا لا يحتمل الإيهام أو الإبهام . ومع أننا كنا ننتظر من أبي زهرة خاصة ‏ لمكانته العلمية الرفيعة أُن تکون کتاباته في جميع المواضيع الإأسلامية متجردة › غير متأ بي مؤثر عدا الد راسة العلمية الموضوعية المبنية على الإطلاع الشخصي لاستخلاص الحقائق من مصادرها الشابنة والتي تتحرنى مصلحة الأمة والتقريب بين وجهات النظر المحتلفة. فى مذاهبها وطوائفها . إلا أن الأستاذ أبا زهرة ‏ على مكانته الامقة في المعارف الإسلامية - قد انساق ‏ فيما يبدو كما انساق غیره فی تیار تاریخی جارف قد کونته ۔ فیما مضی ۔ عوامل تعكمت فيها السياسة والعصبية والفتنة الناتجة عنهما أكثر مما تحكم فيه العقل والعلم والدين » وكانت الشفاه والأقلام التي تعمل بتوجيه وإيحاء أكثر سيطرة وعلنية من الأقلام والشفاه المستقلة . كما انساق أيضا مع بعض الكتاب المعاصرين ممن يتناولون بحث هذه المواضيع ويناقشونها كما يتناولون ويناقشون القضايا السياسية العالمية في هيئة الأمم المتحدة » أو كما يدرسها ويخطط لها المستشرفون . فإن المستشرقين وهم يدرسون القضايا الإسلامية لا ينظرون إليها إلا من خلال مناظيرهم الخاصة التي يعرفون بها الحياة عندهم » والحيأة عندهم تتحرك بالحزبية . فلما وجهوا تلك المناظير إلى قضايا الأمة الإسلامية ء خيل إليهم أن أسلوب الحياة واحد › وتراءى لهم أن يطلقوا على بعض الفرق الإسلامية كلمة أحزاب دينية فأطلقوا هذه التسمية على فرق الشيعة وفرق الخوارج › وفي مقابل هذا رأى المستشرقون أن يطلقوا على غير الأحزاب الدينية حسب ظر هم كلمة المذاهب الإسلامية أو الجماعات الإسلامية وبهذا ينقسم العالم الإسلامي إلى معسكرين - 100 كبيرين أحدهما الأحراب الدينية والثاني الجماعات الإسلامية وقد راقت هذه التسمية لبعض الكتاب المعاصرين فاستيلوها ء كما راقت لأستاذنا الكبير أبي زهرة فاستساغها وإستعماها في كتبه . وکان منتظرا منه اُن ن ينظر بدقة في مثل هذه التسميات وما وراءها والدوافع إليها فيستعمل الصحيح الأصيل الذي لا يحمل أي غرض تبشيري ُو استعماري يدغ الدخيل الهزيل الذي تكمن وراءه مقاصد أو هومستوحى من بيئة بعيدة عن الإسلام والمسلمين . تبع الشيخ يو زهرة من تأثر بهم فجمل الإباضية فرقة من الخوارج أي فرقة من الأحزاب الدينية ء ولا شك أن الذين قسموا الأمة الإسلامية إلى أحزاب ومذاهب کانوا يقصدون أن يضعوا في أذهان أصحاب المذاهب أن أصحاب الأحزاب الدينية لا شأن لهم بْالفقه » وأنهم حتى لو بذلوا فيه جهودا مشكورة » فهي جربود مهدورة لا تستحق النظر . ۱ ورغم أن الأستاذ أبا زهرة يعترف أن الإباضية يتىمون بالإعتدال وينصفون مخالفيهم » وأن لهم فقها جيدا مدونا وأن لعلمائهم جهودا في تحرير مذهبهم فإن هذا كله لم يشفع للإباشية عند أبي زهرة ان يخرجهم من نطاق الخوارج »أو حتى من هذه التسمية الجديدة «الأحزاب الدينية» ورغم أن ن مثل هذه الصفا ت أو أقل منها للزيدية والجعفرية قن الشيعة فاعترف بهم الأستاذ بو زهرة وکتب عن فقههم ومذاهبهم . إلا أن موقفه من الإباضية كان فيما يظهر لي موقف الرجل الذي يعرف الحق في قضية ين القضايا فيدور حوله › ويصفه من بعيد ء ولا يجسر أن ن يعلشه صراحة لأن رواسب معينة تحول دون ذلك . قد يعذر الأستاذ أبو زهرة عندما يكتب عن فرق منقرضة لم تخلف وراءها كتبا فيلتجئ إلى ما كتبه عنه » ويستند إلى - 101 - ما قالوه عنهم ولكن ما عدر الكاتب المحقق عندما يكتب عن الإاباضية في هذا العصر معتمدا على مصادر قد ألفت في عصور بلقت فيها التوجيهات السياسية ء والتعصب المذهبي أسواً ما يبلغه التوجيه في التشنيع على المخالفين ؟ الأستاذ بو زهرة يعيش في القاهرة › وفي القاهرة يعيش معه عدد كبير من علماء الإباضية الموثوق بعلمهم › وفيهم أصدقاء للشيخ أبي زهرة » وفي القاهرة «دار الكتب» وفي دار الكتب مجموعة قيمة من كتب الإباضية ما بين مطبوع ومخطوط ومصور منها في النقائد » ومنها في الفقه . ومنها في الأصول 4 ومنها في التاريخ › ومنها في الشثفب. الحاصل بين فرق الأمة والاحتجاج والرد › ولا شك أن الأستاذ أبا زهرة اطلع على بعضها ء ومن ذلك الإطلاع عرف ُن للإباضية فقها جيدا مدوناء وحكم بأنهم معتدلون منصفون . وكنا منه عندما يريد أن يذكر جملة م من مقالاتهم أن يسلك أحد منهجين : إما أن يعبرعن مقالاتهم بل بلفته وأسلوبه هو ون يقررها بعباراته بعد ُن يستوعبها من مصادرهم . وإما أن ينقل نفس عباراتهم › ويثبت نفس النصوص التي استعملوها وهذا المنهج أدق وأدعى إلى الإطمئنان بالنسبة للقارئ العادي الذي لا يعرف مقالاتهم . فلماذا لم يعتمد الأستاذ أبو زهرة على كتب الإباضية او إذا كانت المصادر التي بين يديه من كتبهم غير كافية أفلا يکون من واجبه - وهو يقف موقف المحقق ‏ أن يعمل على الحصول على ما يکقيه منها ولو ناله من أجل ذلك بعض التعب المادي أو البدني ؟ - 102 - لقد رجع الأستاذ أبو زهرة إلى مصادر قديمة لم يتوفر لها التحقيق ٠ ولم يتيسر لها الوضوح ء 4 ولم تتصف بالنزاهة إزاء جميع من تکتب عنهم . فنقل كلام تلك المصادر دون تصرف في بعض الأحيان › أو يتصرف قليل » كأنما يريد هو-الآخر أن يلجا إلى الفموض ء لأن التحقيق العلمي › والتعبير الواضح قد يكشف أن الحق بجانب فرقة يراد وضعها في إطار معين مهما كانت الظروف . يقول الأستاذ أبو زهرة فيما نقلته عنه سايقا : «يرى الإباضية أن مخالفيهم من المسلمين ليسوا مشركين ولا مؤمنين ويسمونهم كفارا › ويقولون عنهم إنهم كفار نعمة لا كفار في الإعتقاد » . لقد بقيت هذه العبارة بحروفها أو بتصرف قليل تنتقل بين. كتاب المقالات عن الإباضية عشرة قرون كاملة ء ولست أعرف على التحقيق أول من قالها ولكنك ت تعثر عليها عند أوائل من كتب في هذا الموضوع کالأشعري والملطي وغيرهما › وقد كانت على أقلام الكتاب السابقين وألسنة المتحدثين منهم من ساب ا الفن . إما عن حسن نية وجهل بحقيقة مقالات الإباضية › وإما بقصد التشنيع علهم وزرع كراهيتهم في قلوب بقية المسلمين › ولاشك أن أي مسلم إذا قيل له إن الإباضية يعتبرونك غير مسلم ويرونك كافرا يثملكه الفضب ويثور على الإباضية ويعتبرهم فرقة ضالة ظالمة تستحق اللعنة ولن ينتظر منك أن تشرح لهالفرق بين معاني الكفر » ولقد وصل أُولئك الذين يسعون إلى هذه النتيجة ليما يبالفصل وريما إلى أكثر مما أرادوا أو توقموا في بعض الأحيان . - 103 - وغريب جدا أن يسير أبو زهرة في هذا الطريق فيجري قلمه السلس البليغ بتلك التعابير الملتوية التي لم يُقصد بها الحق في يوم من الأيام . إنه كان حقا عليه ن يقف وقفة تأمل وتحقيق كما وقف زميله الأستاذ ابراهیم محمد عبد البافي حين عرض للموضوع فقال في كتابه القيم (الدين والعلم الحديث) وهو يتحدث عن الإباضية صفحة (269) ما يلي : «رابعا : لا يكفرون أحدا من أهل القبلة إلا اذا أخل بالاعتقاد الإسلامي كإنكار ما عَلمَ من الدين بالضرورة وكأن ينكر إنسان صفة من صفات الله تعالى أو نبيا من الأنبياء أو حرفا من القرآن الكريم » . قارن أيها القارئ الكريم بين مقالّئ الأستاذين الكبيرين وما يعيشان في بلد :واحد › وعصر واحد › وبيئة واحدة إلا أن أحدهما جرى على ما وجده في مصادر تناوئ الاباضية وتلجاً الى الغموض هي التعبير عن مقالاتهم حتى توهم الناس بضلالهم وتغريهم بعداوتهم › فاعتمد على تلك المصادر ونقل عنها › وترك ما عرفه بنفسه › وابتعد عن المصادر التي تصور مقالاتهم بصدق وتعتبر حجة عليه لأنها لهم . أما الثاني فقد كان يكتب كتابة رجل يسعى إلى توحيد كلمة المسلمين ونقريب وجهة النظر بينهم ءوتوضيح آرائهم المبنية على حجج وبراهين لا يمكن للباحث أن يتجاهلها أويستهين بها . ويحاول ‏ ما وييعه الجهد أن ينزع الغشاوة التي وضعتها القرون المتعاقبة على أعين الأمة الإسلامية بقصد وبدون قصد › وهو لم يكتب عن الإباضية حتى قرأ مجموعة من كتبهم › ومنها استخلص - 104 - آراءهم التي عبر عنها ٠ والتي سوف نتعرض لها في فصل مقبل ٳِن شاء الله تعالى . على أن هذا الموضوع الذي عبر عنه الأستاذ إبراهيم عبد الباقي بجملة قصيرة واضحة «لا يكفرون أحدا من أهل القبلة إلا إذا أخل بالاعتقاد» رأى الأستاذ أبو زهرة أن يرتيظ بالتعقيد اللفظي الذي تناقلته كتاب المقالات ولم يتمكن أن يتحرر منه فقال : «إن مخالفيهم ليسوا مشركين ولا مؤمنين ويسمونهم كفارا» فترك القارئ العادي مي حيرة وارتباك لا يعرف منزلة نفسه عند الإباضية ولا منزلتهم 1 ۱ ‎E Ê‏ على أن ذلك الموضوع الذي جارى فيه الاأستاذ أبو زهرة الكتاب الأقدمين في عن مقالات الإباضية شيء من الغموض والإبهام والإيهام » أهم جانب فيه كلمة الكفر والإباضية حين يطلقونها على من يستحقها لا يفرقون بين موافقيهم ومخالفيهم لأنها في الحقيقة إنما تدل بوضعها على معان لغوية محددة نقلها الشارع أحيانا فاستعملها للدلالة على حقائق شرعية باعتبارات محددة فلا أساس لحشر الإباضية ومخالفيهم عي الموصوع . والواقع أن كلمات الكفر ءوالإيمان » والنفاق ءوالعصيان › والشرك . والكبيرة › والإسلام من المباحث اللغوية والمصطلحات الشرعية أ و الحقائق الشرعية التي تناولتها أقلام أكثر علماء الإسلام واختلفت أنظارهم فيها حينا واتفقت حينا آخرء وطال فيها الجدال حتى بلغ حد المراء في بعض الأوقات . وللإباضية فى هذه المواضيع مفاهيم كما لغيرهم والذي ساعدهم أن يطلقوا كلمة كافر على أكل الرشوة من الإباضية ومن غيرهم هو قول الرسول ير : (الرشوة فى في الحكم كفر) وعلی‌ من تی کاهنا أوعرافا فصدقه › - 105 - قوله مَل : (من تى كاهنا أو عرافا فصدقه فیسا قال فقه كفر بما أنزل على محمد) وعلى من تهاون بصلا قوله ع : (من ترك الصلاة كفر) ولل من وجب عليه لحي فلم يۇده › قوله تبارك وتعالى : «ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاء ومن كفر فإن الله غني عن العالمين وعلى من يتعامل بالربا قوله تعالى : «إيمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم» إلى كثير من هذه النصوص التي وردت بهذا المعنى والتي إذا أمكن تاویل بعضها بالشرك أو الردة فان بعضها الآخر لايمکن تأويله الا على كفر التعمة الذي هو بمعنى العصيان أو الفسوق < أو ما يطلق عليه أصحاب الحديث : كفر دون الكفر . إن الرسول ي وصف المرتشي › ومصدق الكاهن والعراف والمرابي والمتهاون في أداء الفريضة ء والمسلمين المتقاتلين : (ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) بالكفرء فما ذنب الإباضية إذا استعملوا هذه الكلمة في وصف العصاة الذين يرتكبون تلك الموبقات أو ما يشبهها - وهم على يقين أن الرسول ييه حين وصف المرتشي والمرابي ومن بعدهما بالكفر لم يحكم عليهم بالشرك أو الردة والخروج من الملة ء فاستعمل الإباضية كلمة الكفر في المواضيع التي استعملها رسول الله ر وفيما يشبهها ولم يريدوا بها في ذلك الحكم بالشرك أو الردة والخروج من الملة . ولو حكم بالشرك والخروج من الملة على کل من ارتشی وکل من رابی وکل من صدق کاھنا او عرافا : وكل من تهاون في صلاة أو حج فريضة . وکل من ارتکب معصیة من المعاصي التي وصف رسول الله عي مرتكبها بالكفر لما بقي من المسلمين إلا العدد اليسير . ولوسرنا مع هذا المنطق لحكمنا - 106 - على چميع المسلمين بالشرك أو الردة لقوله ي (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) وقد بدا ضرب الرقاب بعده بقليل ولم يتوقف حتى اليوم » بل إن رقاب المسلمين لتطير بأيدي المسلمين في كل يوم حتى هذا العصر ولا يبدو أنها شتتوقف فهل نحكم على هؤلاء كلهم بأنهم مشركون مرتدون ›» وهل نحکم علی ولك البسطاء السذج الذين يصدقون كل شيء حتى العراف بأنهم مشركون مرتدون . إن الإباضية في استعمالهم كلمة الكفر على العصاة › لا يفرقون بين مخالفيهم وموافقيهم فليس من حق الأستاذ أبي زهرة أن ينساق مع الأفدمين فيقول : «إن مخالفيهم ليسوا مشركين ولا مؤمنين ويسمونهم كفارا». بهذا التعبير الملتوي الغامض الذي يثير الحفائظ ء ويجلب السخط ءويوهم أن الإباضية يحكمون على غيرهم من جميع المسلمين بالشرك لأن الكلمة التي يبقى صداها يرن في ذهن المسلم بعد أن يقال له أن الإباضية يقولون عنك أنك لست مشركا ولست مؤمنا ولكنك كافر أنه حكم عليه بالخروج من الإسلام وهذا ما لا يتقبله مهما تورط في ارتكاب الموبقات . لقد حرص الأستاذ أبو زهرة أن يأتي بهذه العبارة الملتوية من المصادر التي استقى منها » والتي كانت تكتب تحت إيحاءات وإيعازات » وأن يقرر أن الإباضية يسمون مخالفيهم كفارا » وليته إذ فعل - شرح المعنى الذي تدل عليه كلمة الكفر عند الإباضية إذن لخفف في وقعها وحدتها قليلا . وهو يعلم معتاها عندهم ولا ريب ولكنه لم يفعل وإنما علق عليها ببعض كلمات لا تزيدها إلا غموضا عند من لا يعرف الاصطلاحات الشرعية ومدلولاتها الخاصة فليت أستاذنا أبا زهرة » حاول إسكات هذه النعرة ء وس هذه - 107 - الثغرة ء وأطفاً هذه الجمرة » ودعا إلى التسامح والاتفتاح بين طوائف المسلمين جميعا . ويقول الأستاذ أبو زهرة فيما نقلناه عنه سابقا : «فهم يسرون في أنقسهم أن دار المخالفين ودماءهم حرام» هكذا بالحرف الواحد ولیت شعري إذا کانوا يسرون ذلك في أنقسهم فكيف اطلع عليه الأستاذ أيو زهرة ‏ ثم أية تفس هذه التي يحتفظون فيها بهذا السر العظيم ؟ هل هي نفس فردية أم نفس جماعية ؟ ثم من هذا الذي أخرج هذا السر وباح به ؟ من هذا الذي آفشی سر الإباضية؟ إنهم لو عرفوه لقطعوا لسانه ! ! ما كنا نتوقع من فلم مثل قلم أستاذنا الكبير أن يخط هذا الكلام الذي لا يصدقه عقل يحترم نفسه › E £ ولكن ما الحيلة والاستاذ يريد أن يعيش في تلافيف عصر › يلعب بالكلام » ويحارب بالإيهام . ويناقش بالإبهام . ولو رجع إلى كتب الإياضية وهې ليست مله ببعيدة لعرف منها أن الإباضية يلتزمون قوله علق (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله 4 قاذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم الا بحقها) إن الإباضية عملا يتشريع الله الذي بلفه الرسول ير يعلنون ولا يسرون - في كتبهم ودروسهم ومجالسهم ‏ أن دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم حرام بكلمة التوحيد ء وأن أصداء خطبة النبيء ني في حجة الوداع لا تز ترن في جنبات صدر كل ملم ألا إن دماءکم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) لقد أعلن النبيء عقر هذا الحكم يوم الحج الأكبر فلماذا يره الإياضية في أنفسهم › والإباضية في تاريخهم الطويل لم يخالفوه › وليس إسراره من مصلحتهم ولا من مصلحة أحد من الملمين . - 108 - ويقول الأستاذ أبو زهرة فيما نقلناء عنه في أول صدر هذا أفصل : «ولهم فقه مدون › وللإباضية جهود في تحرير مذهبهم» . ويقول في موضع آخر من کتابه مما نقلناه عنه : «ولهم فقه جيد وفيهم علماء ممتازون» . أطلق الأستاذ أبو زهرة هذه الأحكام على الإباضية وفقههم ثم انصرف عنهم كأنما كان يفر من ملاحقة لعنة تاريخية ولم يقف إلا حينما بدا يكتب عن المذاهب الفقهية » فكتب عن الحنفية ستا وأربعين صفحة . وكتب عن التالكية خمسين صفحة وكتب عن الشافعية ستا وخمسين صفحة وكتب عن الحنابلة ثمانين صفحة ء وكتب عن الظاهزية سبعا وستين صفحة وكتب عن مذهب ابن تيمية سبعا وخمسين صفحة › وكتب عن الزيدية ستا وخمسين صفحة » وكتب عن الجعفرية أربعين صفحة ء ولكنه لم يكتب عن الإباضية شيئا . فما الذي أطلق قلمه هناك وقيده هنا ؟ لقد اعتبر الزيدية والجعفرية أحزابا دينية كما قال ذلك عن الإباضية ومع ذلك فقد ألحقهما بالمذاهب الفقهية ولم يعط هذه الدرجة للإباضية ء لماذا كان الإعتراف بذينك الحزبين ولم يكن بهذا الحزب ؟ رغم أنه حينما كان يعدد الأحزاب الدينية جعل هذه الفرق الثلاث تشترك في صفة الحزبية الدينية › أما المقومات التي أقلتها ‏ فى نظر أستاذنا - لأن تدخل ضمن المذاهب أنها لها فقه مدون ۔. لماذا يقف شيخنا أبو زهرة من الإباضية هذا الموقف ؟ أكل ذلك لأن أقلاما يحترمها ذكرت أن الإباضية فرقة من الخوارج؟ وما ذا يضر أبا زهرة لو بحث بنفسه عن معنى الخارجية في عقائدهم وسلوكهم ليتحقق من الحكم عليهم › ولعله لو فعل لوجد معنى الخارجية بالعقيدة والسلوك أوضح وأظهر في كثير ممن يرمي - 109 - الإباضية بذلك مصداقا للمثل العر بي القديم «رمتني بدائها وانسلت» ولما وجد في عقائد الإباضية وسلوكهم أي أثر للخارجية . يبدو أن الأستاذ أبا زهرة لا يريد أن يخالف المصادر التي ستقى منها والتي قد اكتسبت بقدمها جلالا وقداسة » ولا يريد أن يعترف بالواقع, الذي عليه الإباضية ء لأن ذلك يهدم كثيرا من الأحكام التي أطلقت علييم › ولا يريد أن يعتمد على كتبهم ومصادرهم لان حكاية «یسرون فی في أنفسهم» تتردد بين عينيه وتثير الشكوك في نقسه . وهكذا فضل أن يعتمد على مصادر غيرهم ممن سبقه بقرون ٠ ون ن ينقل ذلك مهما كان موقعه من الصدق والحق ء وأن يتغاضى عنهم رغم اعترافه ‏ على الأقل في الجانب الفقمي - بأنهم في مستوی غيرهم من المذاهب الأخرى التي كتب عنها وأطال الكتابة . وبعد كل هذا ألا يحس أستاذنا أيو زهرة بأن اعتباره الإباضية فرقة من الخوارج أمر يدعو إلى التساؤل حين يحمل آراءهم في تلك الفقرات التي سبق أن ذكرناها والتي هي ليست خاصة للإباضية وإنما هي آراء جميع الأمة الإسلامية فهي ليست قضايا غير مجموعة من الناس باعتبارها خاصة بهم لا يقول بها غيرهم › وإذا تجاوزنا الفقرة الأولى التي نقلها الأستاذ بحروفها والتي وضعها وإضعوها بقصد الإبهام والإيهام فإنه يقرر أن الإباضية يحرمون دماء مخالفيهم ويعتبرون دارهم دار إسلام ولا يستحلون من غنائم المسلمين أثناء الحرب معهم إلا السلاح ء ويجوزون شهادة مخالفيهم والتزوج منهم والتوارث معهم وهل غيرهم من المذاهب يرون غير هذا الراي ؟ ويقولون بغير القول إذا استثنينا بعضر . الشواذ من جميع المذاهب الذين تتغلب عليهم العصبية ويوجههم - 110 - الغلو كما ذکرنا أمثلة من ذلك في الفصول السابقة . ويبدو ني لو أن الاستاذ أبا زهرة أراد أن يع أسلوبا واضحا يتخلص من رواسب الماضي ويتحرر من أصابع السياسة التي صنعت كثيرا من ذلك الماضق عليه من بادئ الأمر أن يشرح كلمة الكفر بالمعنى الشرعي لها والذي حرص الإباضية على استعماله فقال إن الإباضية يستعملون كلمة الكفر بمعنى كفر النعمة أو المعصية أو الفسوق فإذا أطلقوا كلمة كفر على أهل التوحيد فالمقصود كفر النعمة أو العصيان كما يعبربعض المذاهب ء وإذا اتضح هذا المعنى لكلمة الكفر لم يحتج للأسلوب الملتوي الذي يستعمله الأقدمون كما أنه لا حاجة به إلى كلمة المخالفين التي دستها السياسة الماكرة في هذه المباحث وحرص عليها كتاب المقالات دون اهتمام بمصدرها ومدلولها . والعصيان قد يكون بسبب المقارفة وقد يكون بسبب الإهمال وقد يكون بسبب الخطإ في التأويل . ؤالإباضية قد يطلقون كما قلنا آنفا كلمة الكفر على الماصي من هؤلاء وهم يقصدون معنى إلعصيان ويتعاملون معه سواء كان من الإباضية أو من غيرهم على ال سس التي ذكرها أستاذنا أبو زهرة . فهذا العاصي بالمقارفة أو بالإهمال أو بالخطإ في التأويل يسيه الإباضية مسلما ويسمونه موحدا ولكنهم لایسمونه مشركا ويرون اُن دمه حرام فلا يسفك إلا بما تحل به دماء المسلمين ويرون أن ماله حرام إلا بالطرق التي تحل بها أموال المسلمين ویرون ان داره دار للمسلمين وإذا حاربهم لم يستحلوا شيئا من أمواله حتى السلاح خلافا لما ذكره أستاذنا أبو زهرة ويتعاملون معه كما يتعاملون مع بقية المسلمين في الشهادة والتكاح والميراث وغيرها . ولسنا نشك ُن الأستاذ با زهرة يعرف من حقيقة الأباضية ما يعرفه الإباضية أنفسهم عن آرائهم ومقالاتهم ولو تحرْر من رواسب - 111 - الماضي لما ذكرهم في الخوارج ولا في الأحزاب الدينية . والآن أستطيع أن ألخص ما عتبنا فيه علي شيخنا الكبير في النقاط الأتية : 1 اعتماده على مصادر الآخرين عند الكتابة عن الإباضية ومقالاتهم وكان في إمكانه أن يعتمد على كتب الإباضية أنفسهم . - استعماله لنفس التعابير الملتوية الموهمة التي كانت تستعملها كتب المقالات المتميزة منذ قرون . 3 تغافله عن دسائس السياسة بحيث أصبح التركيز على معسکرين فكانت كلمة «مخالفيهم» هي محور الحديث . انسياقه وراء آراء المستثرقين أو من أخذ عنهم في تقسيمهم. الامة إلى قسمين كبيريں : مذاهب فقهية › واحزاب دينية . إهماله للكتابة عن المذهب الإباضي وفقهه وقد كتب عن کل من المذاهب الفقهية وما يسميه بالأحزاب الدينية . إرضاءٌ لأصحاب المقالات السابقين ومن يترسم خطاهم 7 الأستاذ أيو زهرة الإباضية في فرق الضوارج ولما لم يجد شيئا يربطهم بالخوارج ُو يجعل لهم مواقف منفردة شاذة تمي زهم ذكر عنهم تلك الفقرة الأولى التي اعتقد أنها تميزهم كما ذكر لهم عددا-من الأقوال هي ليست خاصة بهم بل على قدر مشترك بین حميع الأمة الإسلامية غير الخوارج فيما يقال عنهم أو بعض الشواذ حتى من أهل السنة . 7 كنا نطمع من أستاذنا الكبير أن يكون موقفه في هذه القضايا الهامة أوضح وأصرح ون يکون أكثر تحررا ٤ ون تکون مساعيه أكثر جدية ونشاطا وجهدا في القريب بين طوائف المسلمين ء وإزالة الجفاء الذي اصطنعته السياسة والتعصب قديما والاستعمار والجهل والتعصب أيضا حديثا . ويسرني في ختام هذا - 112 - الفصل أن أعتذر إلى أستاذنا الكبير أبي زهرة عن أية عبارة قد يستشعر منها سوء أدب معه . فأنا على جميع الأحوال أكن له من الإحترام والتقدير ما يستحقه هو وأمثاله من فضلاء علمائنا الأجلاء الذين خدموا الإسلام في هذا العصر خدمة لا تنساها الأجيال . وإذا عتبت عليه في النقاط السابقة فإنما هو موقف المتعلم الجسور الصريح مع العالم الفغزير المادة الواسع الأطلاع المنفسح الصدر - 113 ب 8 مع عبد القادر شيبة الحمد في سنة 1387 ٠ تشرفت بزيارة مدينة رسول الله ‎b1‏ وکان من اهم ما يشغل بالي بعد السلام على رسول الله عي ءوالصلاة في الحرم النبوي الشريف ء ثم الوقوف في منازل الوحي ء ومواطن العبادة » والذكرى من مقامات رسول الله عي » ومقامات أصحابه رضوان الله عليهم هو زيارة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة › والتعرف بعلمائها الأجلاء . وسنحت لي الفرصة في يوم فزرتها › وتشرفت بمعرفة كثير من مشائخها العظام › وأساتذتها الفضلاء . ولم يتح لي اللقاء بفضيلة رئيسها لأنه حينئذ كان ينجز بعض المهام كما قيل لي . تجولت في رحاب الجامعة العامة ودخلت بعض فصولها ‏ واستمعت لی بعض المحاضرات في ب بعض الفصول › وعندما ردت الانصراف هدت إلى إدارة الجامعة مشكورة مجموعة من النشرات والمناهج والكتب مما تضعه الجامعة أو تتولى الإشراف عليه ونشره . وخرجت منشرح الصدر مثلوج الفؤاد › فهذه جامعة إسلامية » تقوم في دار هجرة النبيء عل » توالي إرسال أشعة النور والهداية إلى حوالي سبعين بلدا فقد قيل لي إن بالجامعة طلابا من حوالي سبعين بلدا وهذا فضل من الله عظيم . فلو نجحت الجامعة في إحكام رباط المودة والأخوة بين أينائها لقم بعد زمن وجيز دعاة مسلمون في كل جنبات العالم يعقدون أواصر الأخوة بين الطوائف المتنافرة » ويربطون علائق المحبة بين شعوب تدين بالإسلام › ولكن فرقت بينهمالسياسات والقوميات والعصبيات والأهواء . وعساهم يعودون بها إلى وحدة متماسكة 114 - كالوحدة التي أنشأها سيدنا رسول الله ع ءوتلاميذه الأذكياء الأصفياء النجباء البررة . ورجعت إلى البيت أقلب الهدايا الثمينة التى أخذتها من الجامعة العامرة فإذا من بينها كتاب اسمه «الأديان والفرق والمذاهب المعاصرة» والكتاب مقرر على طلاب الشهادة العالية بكليتي الشريعة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة . أما المؤلف فهو الأستاذ عبد القادر شيبة الحمد الأستاذ بالجامعة وقد لقيته بالجامعة لقاء عابرا . كما استمعت إليه وهو يلقي دروس الوعظ والإرشاد في مسجد الرسول ي بين المغرب والعشاء وقد عد له هناك کرسی مرتفع »ومکبر صوت مسماع . وال ستاذ شيبة الحمد رجل يعيش في عصر الصواريخ والأقمار وقد أتيح له أن يقيم في مدينة الرسول عل ملتقى المسلمين من كل بلد » ومن كل فرقة » ومن كل مذهب › وضعت له الدولة كرسيا في الحرم النبوي الشريف ء ليلقي منه رسالة الإسلام › ويعرف الناس بدينهم » ويدعو أيناء هذه الأمة إلى لم الثمل ء وجمع الكلمة › وهذه الظروف المساعدة التي تحيط بالأستاذ شيبة الحمد لم تتيسر تتيسر لأولفك اللذين كتبوا عن الفرق.الإسلامية في العصور السابقة . لقد كان من اليسير على الأستاذ شيبة الحمد أن يتصل بعلماء الفرق وهم يتواندون على مسجد رسول الله ي في موم الحبج وفي غيره فيعرف منهم آراءهم وعقائدهم فيما يريد أن يکتب عنه وفيما يريد أن يقدمه في محاضراته لطلابه » وكذلك يستطيع أن يعرف منهم أثمتهم وكتبهم ليتخذها مراجع لأبحاثه حتى تكون أُدنى إلى الحقيقة ٠ وأقرب إلى الصحة ء وأدعى لارضاء أصحابها . - 115 - ولكن الأستاذ شيبة الحمد ‏ الذي التجاً إلى السعودية فآوته وأكرمته » وفتحت له دور العلم والتحقيق ءوسلمت إليه جيلا من شباب الأمة الإسلامية ليزودهم بالعلم ويسلحهم بالإيمان ويربط بينهم بالمحبة والاخوة - لم يفعل شيئا من ذلك »› فلم يكبد نفسه عباء البحث عن المصادر الحقيقية للفرق ٠ ولم يتنازل إلى الإستفادة من العلماء » وإنما عمد إلى كتب ألفت قبل عدة قرون فلخص ما فيها بما فيها كحاطب ليل وصاغها بأسلوب ينبئ عن الاستعجال تبدو فيه كثير من عبارات البغدادي التي اقتسرت من أماكنها كأنما اختيرت لما تحمله من عنف وقسوة ثم جمع كل ذلك بين دفتين » وجاء به إلى الجامعة الإسلامية كأنما جاء يجر أسدا من أذنيه ثم طفق يلقي ذلك الخليط على طلبة الجامعة . لقد حدثني بعض طلاب الإباضية في الجامعة › أن أستاذهم حين يتحدث عن الإباضية لم يكن يهتم بهم ولا بقولة الحق في مذهبهم . ولم يكن يستمع إلى أحد إذا أراد مزيدا من المناقشة . وعندما أخبروه في بعض ما ينسبه إلى الإباضية أنه ليس من مقالاتهم وأظهروا له استعدادهم لتزويده بالمراجع التي يستطيع بها التحقق من الموضوع » رفض الرجوع إلى كتبهم وإذا حاول أحدهم أن يتجه إليه بسؤال أسكته بتلك النظرة المتعالية التي يحسنها بعض الأساتذة المتعجرفين › وقد ينبزه بتوبيخة جارحة يضحك لها بعض الطلاب › ويتألم لها آخرون . وهكذا يستمر الأستاذ شيبة الحمد يحاضر لأبناء المسلمين من سبعين بلدا فلسفة تنسب إلى فرق إسلامية لا وجود لتلك الفلسفة عند تلك الفرق ويتخذ لها أئمة وعلماء لا تعرفهم ولا تعرف عنهم شيئا بل قد تتبراً من تلك المقالات ومن يقول بها . - 116 - وأعجب ما في الموضوع أن الأستاذ شيبة الحمد وهو يسبح بين كتب ألفت قبل عدة قرون » ويتحدث عن فرق ومذاهب قد اتقرضت هي وأصحابها ونخر السوس عظامها ومع ذلك فهو يسميها «المعاصرة» ومن تلك المذاهب أو الفرق ما لا يعرف شيء عنه البتة غير الاسم الذي أورده كتاب المقالات الناقمون عليها وما نسبوه إليها من شنائع فكيف صارت تلك المذاهب والفرق التي اتقطعت حركتها في مجرى التاريخ .وركم عليها الزمن عددا من القرون .كيف صارت فرقا معاصرة ؟ ؟ والمؤلم في الموضوع كله أن الكتاب مقرر في أكبر جامعة إسلامية في الوقت الحاضر » وهو يدرس في المدينة المنورة » وفي جامعة ترعاها دولة هي الدولة التي أناط الله بها في هذا العصر خدمة الحرمين الشريفين ورعاية مقدسات الإسلام » ثم استقبال حجاج المسلمين من جميع أصقاع الأرض بمختلف طوائفهم ومذاهبهم في كل سنة ء ودعوتهم إلى التفاهم والتعاون والتناصر وإلى الاتحاد والعمل المتواصل للقيام بأعباء الرسالة التي أنزلها الله تبارك وتعالى لسعادة البشرية . فكيف تسمح إدارة الجامعة العامرة في مدينة الرسول ملف أن يدرس أباطيل عن فرقة من فرق المسلمين على طلاب سبعين بلدا من مختلف بقاع العالم وفي الطلاب من ينتمي إلى تلك الفرقة فإذا طلبوا تصحيح الخط عن مقالات فرقتهم وهم أعرف بها لم يسيع منهم بل لم يسمح لهم وربما اتخذت ضدهم عقوبات صارمة منها الحرمان من الدراسة وذلك كله بمساعي الأستاذ شيبة الحمد الذي يريد أن تكون كلمته عن الفرق نافذة وحكمه على أصحاب المذاهب لا راد له ولا معقب عليه . إذا كان التقليد الأعمى أو حب الراحة ء أو عدم العناية بالبحث والتنقيب » أو حتى سوء الئية هي الأسباب التي حملت شيبة - 117 - الحمد على تلك المواقف فكيف ساغ للجامعة المامرة أن تغفل عن مراقبة ما يجري فيها في أهم ركن من أركان رسالتها . وهي القوامة ة على كلمة الحق » المسئولة عن العمل لجمع كلمة الأمة › المطالبة بالتحقيق والتثبت والصدق في جميع ما تقدمه لأبناء الأمة في مجال العلوم الشرعية وإذا غفلت الجامعة عن تتبع ما يقدم للطلبة ومعرفته معرفة تفصيلية فكيف ساغ لمدولة من وراه ُن تسمح لأفراد بتخطيط مناهج وتنفيذها دون أن يخطط لها تخطيط دقيق من أجهزة مسؤلة مكلفة بالمراقبة تقدر خطوات العمل وتوحي بها حتى يتسنى توجيه أبناء المسلمين في أهم مادة ‏ مادة الشريعة ‏ توجيها سليما مبنيا على الصدق قائما بالحق . إتتي ما كنت لأعرض للأستاذ عبد القادر شيبة الحمد لو لم يحمل كتابه اسم الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة » وهذا النقد الأخوي لا نرسله إليه ققد ثبت مما قصه علينا لابه ومن بعض المواقف مع غيرهم أنه يملك من الجرأة ما يحول بينه وبين الرجوع إلى الحق » وإنما نوجه كلمة العتب الأخوي أو الإلتماس الأخوي إلى إدارة الجامعة العامرة » ورئيسها الوقور وأساتذتها العظام . كنا ثأمل أن تعمل الجامعة الإسلامية على التحقيق فيما يقال عن فرق المسلمين وأن تأخذ آراءهم ومقالاتهم من كتبهم وعلمائهہ وبذلك يمكن للجامعة أن تعلن كلمة الحق › تجمع الثمل . وتوحد الصف وتكون في مركز القيادة الروحية لهذه الأمة بجميع مذاهبها لأنها مهدت اللقاء بينهم على نور العلم وجعلت كل وإحد منهم يعرف ما عند الآخر في يقين . وإذا عسر على المؤلفين الأقدمين أن يعرفوا مقالات المذاهب والفرق من مصدرها فأخذرها من حيث ما اتفق فتسرب إليهم الخطاً والأباطيل . فقد تيسرت الوسائل اليوم - والحمد لله للمؤلفين والعلماء للإتصال والإطلاع - 118 - ولا سيما لعلماء ومؤلفي الدولة السعودية › فهي تملك من الإمكانات البشرية والمادية والروحية ما يمكنها من الإتصال بأصحاب جميع المذاهب الإسلامية المعاصرة حقا . ومعرفة عقائدها في مصادرها سواء كانت كتبا أو رجالا وأخذها منها . وفي إمكانها أن تعقد مؤتمرا سنويا لعلماء جميع المذاهب الإسلامية سواء كان ذلك في أيام الحج أو في غيره تطرح فيه القضايا الهامة وتوضح الأراء والعقائد بحججها وبراهينها ءوتزود الجامعة بالمراجع المعتمدة لكل مذهب وإيضاح الأقوال المعمول بها ء على أن يكون هذا المؤتمر مؤتمر عرض وإيضاح لا مؤۇتمر جدال یرید فيه كل أصحاب مذهب ان يبرهنوا على صحة مذهبهم وبطلان غيره . فإن فتح هذا الباب لا يأتي بنتيجة وقد يأتي ابل إا نطمع في الجامعة في أكثر من ذلك » وذلك بان تکون لجانا للتأليف يشترك فيها علماء الأمة من مختلف مذاهبهم ويصدرون كتبا حسب المناهج المقررة في الجامعة لتدرس فيها مشتملة على المقالات الحقيقية للفرق والمذاهب المعاصرة فعلا - وبذلك تقضي على النظرات الضيقة ء وتوقف زحف العصبية المقيتة » وتحول دون التأثير الفردي في توجيه طلاب المسلمين . إن الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة »يجب ألا تصطبغ بمذهب معين فهي للمسلمين جميعا ءتقدم لهم الثقافة الإسلامية من منابعها الصافية » كتاب الله وسنة رسوله ء فإذا انتقلت بعد ذلك إلى كلام البشر سواء ما كان منه منتوبا إلى مذهب أو ما كان منسوبا إلى فرد فإنه يجب أن يعرض بوضوح ومن مصادر ثابتة مع التأكيد على أنه قول لغير معصوم بل إنتي أعتقد أنه مما يدخل تحت مسُؤوليات الجامعة وأعمالها إذابة المذهبية وألا يكون فيها - 119 - شيء غير مصادر التشريع من كتاب أوسنة أو إجماع . ثم بعد ذلك آراء الأفراد خاضعة للنقاش وللحكم عليها بالخطا والصواب وعمل الجامعة هو أن تقدم للطلاب تلك الآراء كما يقدمها أصحابها بأدلتها وبراهينها مع عدم محاولة فرض ري معين أو مذهب معين . ولو فعلت هذا لكسبت قلوب الملايين من المسلمين بفرقهم المختلفة ولسقط كثير من الأباطيل التي يتنابز بها أصحاب المذاهب ءولوجد كل فرد من المسلمين عذرا قائما لأخ ه فيما يذهب إليه ويقول به » ولظهرت لها تفاهة ما يكتبه وما يقوله بعض من يسرت لهم مكانا للكتابة ومكانا للقول . وبمد هذه الكلمة التي أرجو أن تكون دعوة مخلصة لرعاية المناهج في المعاهد الإسلامية ء وألا تفهم بأنها نقد خاص لإدارة الجامعة الإسلامية أو الدولة السعودية أو نيل من كفاءة أساتذتها ومشايخها . فإن في الجامعة العامرة من الأعلام من يشرفني الجلوس بين يدية كتلميذ صغير › بل لقد فعلت وحضرت بالفعل حلقات دروس الوعظ للمشايخ العظام : الشنقيطي ء والإفريقي › والجزائري » والكتاني » وحتى شيبة الحمد . ويهمني أن يرافقني القارئ الكريم بعض الوقت مع الأستاذ عبد القادر شيبة الحمد في جولة قصيرة بين صفحات كتاب «الأديان والمذاهب والفرق المعاصرةء يقول الأستاذ عبد القادر شيبة الحمد صفحة 158 ما يلي : «وکان من راي عبد الله بن إباض أن مخالفيهم من أهل القبلة ليسوا مؤمنين ولا مشركين ولكنهم كفار. ومع ذلك لم يحرم مناكحتهم وموارثتهم › وشهادتهم ولو على أوليائهم بدعوی أن معهم دعوة المسلمين تجمعهم › كما لم يبح دماءهم في السرء وإن أباحها في العلانية ورأى عبد الله بن إياض كذلك أن أموال - 120 - 1 يعتبرون دار مخالفيهم من أهل القبلة دار توحيد إلا معسكر السلطان فإنه دار بفي عندهم» . 2 وقد اختلفوا فى النفاق على ثلاثة أقوال : فقالت طائفة منهم هو : () براءة من الشرك والإيمان جميعا لقوله تعالى : إمذبذبين بين ذلك لا إلى ھۇلاء ولا إلى ھۇلاء€ (ب) وقالت طائفة منهم ٍن التفاق قاصر لى من ساهم الله عز وجل به عند نزول القرآن › فلا نزيل اسم النفاق من موضعه ولا نمي به غير من سمی الله عز وجل . (ج) وقالت طائفة منهم :المنافقون أهل توحيد ولكنهم أصحاب كبائر لا يدخلون في الشرك وإن سميناهم كفارا . (3) من مذهبهم ان من زنی أو سرى أقيم عليه الحد ثم استتیب فان تاب وإلا قتل . 4 لم يستبيحوا قتل النساء والأطفال 5 أياحوا قتل المشبهة واتباع مدبرهم وسبي نسائهم وذراريهم بناء على أنهم مرتدون ء وار ن أيا بكر رضي الله عنه فمل هذا ىالمرتدين » . هكذا استطاع شيبة الحمد أن ن يلخص المذهب الإباضي في سطور وان يحصره في خمس تقاط . كما فعل من قبله الاستاذ آبو زهرة وغیره . ١ إن للإباضية - كما لفيرهم من المذاهب الإسلامية الأخرى - في اصول الشريعة وفروعها عشرات من الكتب تشتمل على مئات من الأجزاء . فكيف أستطاع الأستاذ شيبة الحمد ومن سار على نهجه - 122 - أن يلخص تلك المجلدات الضخمة في خمس تقاط في نصف صحيفة متوسطة ؟ م ثم هل يعني أن أصحاب هذا المذهب الإسلامي لم يهتموا بشيء من أمور الإسلام غير دار المخالفين » ومعنى النفاق وحياة النساء والأطفال 4 ومصير المحدودين في الزنى والسرقة . ومعاملة المشبهة ؟ وإن بقية أحكام الإسلام من دين وشريعة لا هم لهم بها › ولا بحث لهم فيها › ولا راي ولا عقيدة . أم يرى أن الإباضية إنما يختلفون عن غيرهم من المسلمين في هذه النقط فقط ويتفقون فيما بقي ؟ وهل اتفق المسلمون فيما بقي ؟ أن أن الأستاذ شيبةالحمد يرى أن الإسلام هو هذه النقط فقط وأن غيره لا أثر له في عقيدة المسلمين وسلوكهم . إن القارئ الكريم مهما فكر في هذا الملخص فإنه لا يستطيع ُن يخرج منه بنتيجة » وعوض الله خيرا على ولك الطلاب الذين ظنوا أنهم يتلقون العلم . وهم إنما تحشى أذهانهم بفراغ . لو رجع الأستاذ عبد القادر إلى كتب الإباضية لوجد لهم بحوثا ممتمة في أصول الشريعة وفروعها › وجميع أنواع ثقافاتهاء وهم يتلاقون في بحوثهم مع المذاهب الإسلامية الأخرى هنا وهناك ولا ينفردون برأي في مسألة اجتهادية 1 نادرا ء وقد لا يكون هناك ٿيء انفردوا به » وعندما ينفردون براي في مسألة احتهادية فذلك على دليل ترجح لديهم » كما يقع في جميع المذاهب الاسلامية الأخرى . وهذه الحركة › حركة اختلاف المذاهب هي خاصية من خمائص الحيوية في الإسلام » ودليل اتفساحه للعقول والأفهام . س صلاحیته لکل زمان ومکاں . - 123 - فقد تختلف أنظار المجتهدين في مسألة فيذهب كل إلى رأي يعتمد فيه على دليل صح عنده » وقد يعمل الناس بقول في جهة أو في زمان ثم يترجح غيره عليه فيعمل به الناس ويموت القول الأول أو يبقى في بطون الكتب فقط . وهذه حالة توجد عند جميع المذاهب بل قد تقع للعالم الواحد كما اشتهر للشافعي قديم وجديد وكذلك غیره . فاذا كانت هذه طبيعة الاراء فى المذاهب فكيف أمكن للأستاذ عبد القادر أن يلخص مذهب الإباضية في على أنه حتى في هذه النقاط الخمس ‏ التي ما هي في الواقع إلا مخلفات للحركات السياسية ء وآثار النزاع على الحكم » والتي كانت تتخذها السلطة الحاكمة وسيلة لإثارة الرأي العام ضد منتقدي حكمها والساخطين عليها لسوء ء سيرتها » ولإبعادهم عن مجال التأثير في الجماهير لم يوفق ولم يعرف رأي الإباضية الحق › لأنه لم يرجع اليهم وإنما رجع إلى خصومهم ومن أخذ من خصومهم . إذا جاز استعمال هذا التعبير » وقد أخطاً في النقاط جميعها › في بعضها نسب إلى الإباضية غير ما يقولون › وبعضها استعمل فيها عبارات التعميم والإيهام . ولذلك رأيت أن أوضحها نقطة نقطة إما في فصول خاصة وإما في فصل معقود لمسائل أجتهادية فرعية وبرجوع القارئ الكريم إلى مناقشتنا للاستاذ عبد القاأدرشيبة الحمد في النقاط السابقة يتضح له أن الأستاذ عبد القادر لم يوفق حتى في هذه النقاط التي زعم أنه يلخص فيها مذهب الإباضية فنسب في بعضها إِليهم ما لا يقولون به فأعطى صورة غير صحيحة عن هذا المذهب . ولا شك أن مثل هذا التشويه قد لحق ببقية المذاهب الأخرى التي تحدث عنها في كتابه . - 124 - وهذا الجهل بالمذاهب الإسلامية . ومقالاتها الحقيقة › والخلط بين ما يذهب إليه كل واحد منها ونسبته إلى الاخر » والتشويه الذي ينتج عن ذلك سواء كان مقصودا أو غير مقصود ۔ هو ما يجب أن يرباً عنه حملة الشريعة الإسلامية . والأساتذة الذين بهم تدريس مواد الإسلام » وتكوين أجيال تحمل مشاعل النور والهداية . أما المؤسسات والمعاهد التي جعلت لتدريس مواد الإسلام فينبفي لها في هذا العصر أن ترتفع عن المذهبية الضيقة ء وأن عن اعتبارات الدول والأوطان مراكز مذهبية معينة لا تخرج عن إطارها » وعن حسبان أن للدول القائمة مذهبا معينا لا تخرج عن حدوده . إن المؤسسات والمعاهد التي تتولى تدريس الشريعة الإسلامية بأصولها وفروعها يجب أن تغير مناهجها وكتبها على نمط يسمح لكل المذاهب الإسلامية أن تتاح لها فرصة عرض عقائدها وآرائها بوضوح وصحة من مصادرها الثابتة لا من المصادر البعيدة عنها والتي قد تشوهها وتثبت لها نقيض ما تعتقده وتراه . بل يجب أن تعرض ى اء المذاهب جمیعا باعتبارها آراء اء أفراد منسوبة 2 من قال مستنیرون منه ء يمرفونه حق المعرفة ويميزون بين المعمول به والمتروك في أقواله ويضعونه في درجته من الصحة أو الشذوذ . - 125 - مع الدكتور هويدي هدا مؤلف معاصر آخر » أصدر كتابا سياه (تاريخ فلسفة الإسلام فى القارة الإفريقية) وخصص الجزء الأول منه للشمال الإفريقي وقد قىم هذا الجزء إلى قىمين : القسم الأول : تحدث فيه عمن ساهم الخوارج والشيعة . القسم الثاني : تحدث فيه عما سياه الإسلام السني . ومع ُن الدكتور هويدي يعيش في العصر الذي يدعو كل ما فيه إلى وجوب العمل على توحيد صفوف المسلمين › وعلى الرفق بهم » واستعمال الكلمات المؤنسة اللطيفة في الحديث عنهم › مهما كانوا وأينما كانوا » وعلى التقريب بين وجهات أنظارهم المختلفة › وعلى منابذة الجمود والعصبية » ورغم أن دراسته للدكتوراه كانت في باریس ء ورغم أنه دكتور في الفلسفة التي يفترض في صاحبها أن يكون وإسع الأفق » منفسح النظرة » متفهما لجميع الأراء والنظريات ءرغم كل ذلك فإنك لمجرد ما تقراً جزءا من هذا الكتاب تحس بأن تيارا قويا يجرف قلم الدكتور في طريق معينة كانما يسوقه فيها بدون وعي ! جاء في کتابه ص 4 ما يلى : «فلسفة الإباضية : يلخص الأشعري في (مقالات الإسلاميين › واختلاف. المصلين) النقاط التي التقى حولها جمهور الإباضية وبوسعنا أن نجمعها على الوجه التالي .:(1) . ثم يخلط خلطا عجيبا بين ما نسبه أيو الحسن الأشعري إلى الخوارج عامة أو إلى بعض فرقهم ‏ كالحفصية - خاصة وإلى ما (1) سوف ننقل نص الفقرة ونعرضها للمناقشة في أواخر هذا الفصل . - 126 - نسبه إلى الإباضية ويستخرج من ذلك الخليط العجيب ءالتقاط التي يزعم أن الأشعري اعتبرها ملخصا لمقالات الإباضية . والسؤال هنا : ما الذي يحمل الدكتور على الرجوع إلى ما كتبه الأشعري قبل عشرة قرون وهو يتحدث عن الإباضية في هذا القرن » أما كان أولى به وأقرب إلى الحق والصدق أن يأخذ مقالاتهم من تفس كتبهم ‏ وعنده منهما النذر القليل ويستطيع الحصول على غيرها لو أراد بجهد يسير » عندما كتب عن المالكية رجع إلى كتب المالكية فلماذا لم يقف نفس الموقف مع الإباضية ويرجع إلى كتبهم وإنما تركهم ورجع إلى غيرهم يلتمس ما قيل عنهم قبل عشرة قرون . يقول الدكتور هويدي في كتابه السايق ص 44 ما يلي (1) «وكان الوهبية يطلقون على أنفسهم اسم المسلمين لنهم وحدهم هم الذين يستحقون هذا الاسم في نظر أنفسهم ٠ ولأنهم القائمون بالسنة وجدهم » ما المالكيون والحنفيون الذين انتشروا بإفريقيا فقد أطلق عليهم الوهبية اسم الموحدين ء أي أنهم في نظرهم ليسوا بمشركين » ولكنهم ليسوا بصلمين أيضا » وکاذوا يعتقدون أن دعوة هولاء الموحدين إلى الدين الحق ء وهم عندهم مبادئ الخوارج » فرض كفاية على كل وهبي » وأن عليه أن يبداً يإقناعهم بالحسنى أول الأمر . فإن أبوا فيجب عليه قتالهم » لكن لا تقع الجزية على الموحدين بحال من الأحوال على عكس المشركين › (ويمثلهم في نظر الإباضية المسيحيون واليهود والزرادشتية . . . ) فإنه تقع عليهم الجريةء . وبعد هذا الكلام مبا باشرة وضع بين فوسین ( الشثماخي : كتاب السير) ولا شك أن القارئ - حين يجد بعد ذلك الكلام اسم سعود.إلى مناقشة هذه الفقرة ة في فصل ًت - 127 - الشماخي واسم كتابه السير يعتقد أن الكلام السابق منقول عن الثماخي إذا لم يكن بالنص والحرف فبالمعنى . ولا دلالة له غير ذلك والواقع أن كتاب السير كتاب تراجم وتاريخ لا يتحدث عن هذا الموضوع مطلقا وليس فيه ما يشير إلى هذا الكلام لا من قريب ولا من بعيد ءولست أدري كيف تورط الدكتور فألقى نفسه في هذه المشكلة التي تجعله ينسب كلاما إلى شخص لم يقله وإلى كتاب لم يوجد فيه . عل كان يمتقد أن الكتاب من اندرا بحيث لا يعرفه الناس ولا يقراأونه وأنه إذا كان كذلك فلا باس ينسب إليه ما ليس فيه . قد تكفي سقطة واحدة كالسقطة السابقة للتدليل على المنهج الذي يسير عليه المؤلف ولكنبا سوف نعرض على القارئ الكريم نماذج أخرى أكثر وضوحا عن ذلك المنهج`. يقول الدكتور هويدي في نفس الكتاب صفحة 49 ما يلي : «ومن فرق الإباضية كذلك ء فرقة النفوسية أو التمزينية أصحاب أبي يونس وسيم النفوسي التمزيني الذي ثار مع أصحابه في ولاية أبي بكر بن الأفلح بسبب مساقي الناس . وترك اتباع الحاكم حفر هذه المساقي من غير تسوية مما أثارالناس» . (الثماخي : كتاب السير ص 195 ) هكذا قال وإذا رجعت أيها القارئ الكريم إلى كتاب السير للثماخي صفحة 195 فنك سوف تجد كلاما يناقض تماما ما ُورده الدكتور عن الأباضية وعن عن ابي يونس ونسبه إلى الشماخي 4 وليته حين نسب هذا الكلام إلى الإباضية لم يتورط فيذكر المؤلف والكتاب والصفحة وليته إذ ذكر المؤلف لم يذكر الكتاب والصفحة › وليته إذ ذكر المؤلف والكتاب لم يذكر الصفحة حتى يمكن ‏ دفاعا عنه ‏ أن يستمسك الإنسان ولو بخيط رقيق واه ولكن ما الحيلة والدكتور يريد أن يظهر - 128 - بمظهر من يتبع الأسلوب العلمي فوقع في هذه المشكلة . وإلآن أيها القارئ الكريم إذا رجعت إلى كتاب السير للشثماخي ص 195 فإنك سوف تجد فيه ما يلي بالحرف الواحد : أبو يونس وسيم النفوسي التمزيني › قال أبو زكرياء إن الإمام استعمل على قنطرارة أبا يونس وسيم - وما ولاها › فأحسن السيرة » وسبب خروجه من جبل نفوسة إلى قنطرارة » أن خدمه إذا احتطبن في مساقي أرباع الناس تركن الحفر في غير تسوية » فيمسكن الماء عند مجيء المطر ءفخشي التبعات › فولى قنطرارة » فأحسن السيرة وعدل في القضية ء وأحسن إلى الرعية › وربما طلع على أشرف موضع حيث يسمعه الأقصى والأدنى فينادي : لا فرار من الصدقة والفار من الصدقة يؤذي ويكرر ذلك » وتمادى على ولايته وعدله إلى أن مات مريضا حميداء . ولا شك أن القارئ الكريم يرى الفرق الكبيربين ما قاله الثماخي في السير وبين ما نسبه إليه الدكتور هويدي . ولکي تتم الصورة ويتضح موقف الدكتورهويدي أتقل للقارئ الكريم ما يتعلق بالموضوع في كتاب السير . يقول الثماخي محمد سعيد بن أبي وسيم التمزيني في كتابه السير ص 214 ما يلي : «وقال ابو زكرياء أرسل أو يونس وسيم بن سعید اينه سعداً إلى تيهرت ليتعلم العلم وممه نفاث بن نصر فتعلما عند الإمام . فلما بلقا من العلوم ما أرإد الله ءأرادا الرجوع إلى بلدهما ءوذلك وقت موت أبي يونس عامل الإمام على قنطرارة - وتقدمت أخباره - فاختار الإمام أفلح سعدا لأحكام الناس وقدمه في موضع أبي» . هذا نص ما قاله الثماخي عن أبي يونس وسيم وعن ابنه (1) أي ومن علمائهم أي علماء الإباضية - 129 - سعدء وعند المقارنة يظهر لك مناقضة , ما قاله الدكتور هويدي لما جاء في سير الثماخي فبينما يصفه الشاخي بالتقى والورع وفراره من الشبهات واختيار الإمام له من أجل هذه الصفات - فولاء عاملا له ».ويقرر الثماخي أن أبا يونس بقي عاملا للإمام حتی توفي وأنه كان مرضيًا عنه من الناس ومن الإمام ويقرر أيضا أنه أرسل ولده إلى تاهرت ليدرس العلم على الإمام وأنه فعلادرس عليه حتى بلغ مراده ورجع إلى بلده فاختاره الإمام أيضا عاملا في مکان بيه . هذه الصورة التي وضعها الثماخي وقد جاء الدكتور هويدي بصورة مناقضة لها تماما ونسبها إلى الشماخي والدكتور هويدي يزعم أن أبا وسيم انتقد خدم الحكام فشار على الإمام وثار معه الناس حتى كونوا فرقة تسمى النفوسية والتميزينية وهو كلام لا أساس له مطلقا لا في الواقع ولا في كتاب السير ولا في غيره من كتب التاريخ الإباضي وربما تقل الدكتور هذه الفكرة عن بعض المستشرقين وأن المستشرقين لم يفهموا كلام الشماخي ففسروه بهذه الصورة ونقلها عنهم الدكتورء دون الرجوع إلى الأصل ء وإلا فلا تفسير لهذا التناقض بأي اعتبار ولا سيما أن عبارة الشماخي من الوضوح بحيث لا تحتاج إلى تفكير ولا تفسير . ومما وقع فيه الدكتور هويدي أيضا من نسبة كلام إلى ناس لم يقولوه أو تحريف ما قالوه بحيث يودي معنى غير المعنى الذي قصده المؤلف الأصلي ما نسبه إلى أبي الحسن الأشعري . فقد جاء في کتاب الدکتور هويدي ما يلي :ص 54 «يلخص الأشعري في (مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين) طبعة ريتر - الطبعة الشانية - (1963) النقاط التي التقى حولها جمهور الإباضية وبوسعنا أن نجمعها على الوجه التالي : - 130 - تأولوا في عثمان نحو ما تأولت الشيعة في ُبي بكر وعمر » وزعموا أن عليا هو الحيران الذي ذكره الله في القرآن الكريم (6 : 7) لإقل أندعو من دون الله مالا ينفعتنا ولا يضرنا ء ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ء كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران » له أصحاب يدعونه إلى الهدى اتنا ء قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين € ۱ وإن أصحابه الذين يدعونه إلى الهدى اهل النهروان › وزعموا أن عليا هو الذي أنزل الله سبحانه فيه الآية : ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنياڳ(2 › 204) وأن عبد الرحمن بن ملجم هو الذي أنزل الله فيه لإومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله . وإذا رجع القارئ الكريم لم يجد هذا الكلام فيما كتبه الإمام الأشعري عن الإباضية وإنما يجد هده الفقرات ضمن شنائع أخرىأشد منها وأخزى نسبها الإمام أبو الحسن إلى الحفصية أتباع حفص بن أبي المقدام ‏ وعلق عليها الإمام أبو الحسن هناك بقوله : «إلا أن جل الإباضية يبرأون منه وممن تبعه ‏ أي يبرأون من حفص وأتباعه .لشناعة مقالاته - ولكن الدكتور هويدي الذي نسب إلى الشماخى ما نسب لا يعجزه أن ينسب إلى أبي الحسن الأشعري ما يريد أن ينسب . وفي الحين الذي يذكر أبو الحسن أقوال.الحفصية ثم ينص على أن الإباضية يبرأون من ذلك أي يبرأون من الأقوال وممن قال بها يأتي الدكتور هويدي قيأخذ مما نسب إلى الحفصية فقرة - لعلها أشنع ما نسب الى الحفصية - فيجعلها مما يلتقي حوله الإباضية وينسب ذلك كله إلى أبي الحسن الأشعري مفسرا قول أبي الحسن - 131 - «إلا أن جل الإباضية يبرأون منه» بقوله هو النقاط التي يلتقي حولها جمهور الإباضية يعني أن أبا الحسن يقول إن جمهور الإباضية يرون ممن يقول هذا فيترجمه الدكتور هويدي إلى جمهور الإباضية يلتقي حول هذا . ويعطي لكلمة يبرأون التي وردت على لسان أبي الحسن كلمة يلتقون التي وردت على قلمه . والدكتور يفعل هذا مع هذه الكتب وهي مطبوعة ومتداولة بين أيدي المثقفين › ولا يشعر بحرج - فيما يبدو في موقفه لأنه يقصد هذا . والذي ية يتتبع ما كتبه الدكتور هويدي عن الإباضية - رغم ذکره لبعض كتبهم پس أن الدكتور يجهل كثيرا من الأشياء التي تناولها بالحديث عنها » سواء ما كان منها مقالات وآراء في الشريعة الإسلامية أو ما كان منها أحداثا وتاريخا وبلدانا وإلى القارئ الكريم أمثلة في أخطائه في الأحداث والتاريخ والبلدان . يقول في کتابه ص 58 ما يلي : «حيث أن الوارجلاني أحد فقهاء وفلاسفة الإباضية الرستميين في جبل نفوسة» . وأبو يعقوب كما هو معروف لیس رستميا وإنما هو سدراتي وليس من جبل نفوسة وإنما هو من سدراتة وسکن وارجلان فنسب إليها وقیل له أبو يمقوب الوارجلاني . والرستميون سكنوا تاهرت وقد انقرضوا قبل ثلاثة قرون من وجود أبي يعقوب في وارجلان ووارجلان تقع في الجنوب الشرقي للجزائر ينما تقع تاهرت في الثمال الغربي للجزائر . أما جبل نفوسة فيقع في ليبيا وإلأماكن الثلاثة متباعدة عن بعضها ولا علاقة في النسب بين أي يعقوب والرستميين ولكن الدكتور ‏ حسبما يبدو لا يفرق بين هذه الأشياء » ولا يهمه أن يفرق . - 132 - يقول في کتابه ص 49 ما يلي : ابو يونس وسيم النفوسي التمزيني الذي ثار مع أصحابه في ولاية أبي بكر بن الأفلحء ‎ *‏ . وأبو يونس لم يثر على إمامه أبدا » وبقي عاملا له حتى توفي كما أوضحنا ذلك من قبل - وهو لم يدرك إمامة أبي بكر لأنه توفي في إمامة أفلح وقد تولى ابنه سعد الولاية من بعده على قتطرارة للإمام أفلح . وكل ما كتبه الدكتور هويدي في هذه الفقرة خطا وأشد النقد إنما ينصب عليه بسبب نسبته هذا الكلام إلى الشماخي بتحديد الكتاب والصفحة بينما يحمل الكتاب والصفحة ما يناقض هذا الكلام مناقضة كاملة. هذه شواهد مما كتبه الدكتور هويدي عن الإباضية وهي مع شناعتها أقل من بعض ما لم نتعرض له - وقد کتب عن بني ميزاب كلاما تتقز زمنه النفوس ء يبدو أنه نقله عن بعض المستشرقين الحاقدين على بني ميزاب بترجمة حرفية ركيكة يظهر فيها - بوضوح - سخافة التعبير والخطاً في نطق الأسماء . وزعم الدكتور هويدي أنه تناول بالتحليل بعض مصادر الفلسفة الإباضية ولكنه فيما يبدو أنه تقل تلك الدراسات عن بعض المستشرقين بما فيها من خطاً وجهل بمعاني بعض المصطلحات كما تحدث عن الحركة العلمية والتاريخية بكثير من التخبط والجهل . - 133 - مع الدكتور هويدي أيضا مهمة الشرح والإيضاح مهمة عسيرة » وهي تقتضي ممن يضع نفسه في موقف الشارح أن يكون ذا استعصداد للقيام بهذه المهمة العسيرة . ومن أهم الوسائل لذلك ‏ فوق الملكة الفطرية ‏ أن يمتلك القدرة على الفهم الصحيح ء وأن يقوى على إيصال الصورة الحقيقية للموضوع إلى الأخرين في وضوح ءوأن يكون فاهما فهما صحيحا لا يخطع لما يريد شرحه ء وأن يكون أمينا في تقل المعاني . وان ن يكون واضح التعبير غير جال بالمصطلحات ء وأن يكون عارفا باللفة واشتقاقاتها معرفة دقيقة فان اختلت فيه هذه الوسائل فان شروحه لا تكون إلا صورًا من الغموض وعجائب من الخلط والتشويه . والدكتور هويدي يصر ‏ وهو يكتب عن الإباضية ‏ أ يقدم شروحا وتعاليل كثيرة يكتنفا الغطا من كل جانب . وسوف اقش سه في هنا فصل شالين مختمرين الأول في المعنى اللوي لكلمة مفردة والثاني لفقرة تتضن بعض الاصطلاحات . المثال الأول : جاء في كتابه تاريخ الفلسفة الإسلامية تقلا عن الثماخي صفحة 37 ما يلي : «فاتمدوا ليوم معلوم يجتمعون فيه» وقد شرح كلمة (اتعدوا) بقوله (أي أعدوا المدة) ووضعها بين قوسبين ءوأحسب أن عبارة الثماخي وإضحة لا لبس فيها ولا تحتاج إلى شرح . "ولكنها لا تعني ما ذهب إليه الدكتور إلا على باب من الإلتواء والتأويل لأن كلمة (اتمدوا) تعني أنهم اتفقوا على موعد يتلاقون فيه » أو وعد بعضهم بعضا باللقاء » 0 حددوا لأنقسهم زمانا أومكانا - 134 - يجتمعون فيه أو ما يؤدي هذا المعنى ففسر كلمة (اتعدوا) بقوله أعدوا العدة إي استعدوا والفرق بين معاي اتصدوا واستعدوا وأعدوا واضح في استعمالات اللغة العربية لأن (اتعدوا) مشتقة من وعد وهي مادة أخرى غير مادة عد » وأعد » واستعد . ولكن الدكتور- وهو يتعاطى الشرح والتفسير لم يحمل نفسه عناء التذوق › تذوق معاني الكلمات في استعمالاتها الصحيحة المختلفة . ولا عناء الرجوع إلى قواميس اللغة » للتأكد من سلامة فهمه . ولا حتى عناء التأمل فى سياق العبارة وما تؤديه وأعتقد أن الاستهانة بالدقة في معاني المفردات واستعمالاتها من رجل يشتغل بالأبحاث الفلسفية » لا يناسب ما تفرضه الفلسفة من التدقيق في معرفة الحقائق المثال الثاني : يقول الدكتور هويدي في كتابه السابق ص 44 ما يلي : «يقال الإباضية الخوارج أو (الوهابية) وكان الوهبية يطلقون على أنفسهم اسم (المسلمين) لنم وحدهم هم الذين يستحقون هذا الاسم في نظر أنفسهم › ولانهم القائمون بالسنة وحدهم » أما المالكيون والحنفيون الذين انتشروا بإفريقيا فقد أطلق عليهم الوهبية اسم (الموحدين) أي أنهم في نظرهم ليسوا بمشركين ءولكنهم ليسوا بمسلمين أيضا » وكانوا يعتقدون أن دعوة هؤلاء الموحدين إلى الدين الحق وهوعندهم مبادئ الخوارج فرض (1) هذه التسمية خاصة بالإباضية تطلق. عليهم دون غيرهم من الفرق التي انشقت عنهم . وسبب تسميهم بهذا الاسم أن فرقا انشقت عن الاباضية وانحرفت عن أصولها وعقائدها واحتفظت باسم الإباضية رغم أنها صار لها أياء جديدة . فأطلق الإباضية الأصلاء على انفسهم كلمة الوهبية تمييزًا لهم عن غيرهم في الفرق التي مالت إلى الخوارج أو إلى المعتزلة . كالتكار والحسينية وغيرهم وستجد مزيدا من التفصيل والايضاح عن هذا الموضوع في الفصل الخاص بالحديث عن فرق الإباضية . - 135 کفاية على کل وهبي ‏ وأن عليه أن يبداً بالحسنى أول الأمر فإن أبوا فيجب عليه قتالهم . لكن لا تقع الجزية على الموحدين بحال من الأحوال » على عكس المشركين (ويمثلهم في نظر الإباضية المسيحيون واليهود والزرادشتية) فإنه تقع عليهم الجزية . حرص الدكتور هويدي حرصا شدیدا على ُن يذكر كلمة الخوارج قىل أو بعد كلمة الإباضية كأن إحداهما تفسير للأخرى مما اقتضاه أن يكرر كلمة 4 (الخوارج) - دوں أية حاجة إليها ۔ في الصفحات القليلة التي كتبها نيفا وثلاثين مرة مما يبعث السأم والإشمئزاز في نفس القارئ من هذا التشبث اللفظي الذي يسيطر على حواس الكاتب كأنما يخشى أن ينفلت من الإياضية دون اُن يلتصق بهم الخوارج . وفي مقابل هذاحرص حرصا شديدا أيضا كلما ذكر المذهب المالكي أن يلحقه بكلمة السي في إصرار وتشبث عجيبين كأنما هناك مذاهب مالكية كثيرة يتحدث هو عن واحد منها فقط أو كأنما يخشى أن ينفلت منه المذهب المالكى دون أن تلتصق به كلمة السني . ولا يدل على هذا التشبث اللفظى الساذج ‏ إن دل على شيء ‏ إلا على أن الكاتب في قرارة تسه لا يصدق هذا ولا يؤمن به . وإنما يقوله ويحرص على قوله خوفا من وهم يطارده في أعماق نفسه ءأوكالمتحدث الذي لايثق فيما يقوله أو يعلم أن الناس لا يصدقونه قيؤكد كل حملة من حديثه بیمین دون أن يطلب منه يمين . يقول الدكتور هويدي «وكان الوهبية يطلقون على أنفسهم اسم المسلمين» ثم يذهب يشرح كلامه هذا الواضح بتفسير معقد فيزعم أنالوهبية يقصرون اسم المسلمين عليهم ولا يطلقونة على غيرهم لأنهم وحدهم الذين يستحقونه » ولأنهم القائمون بالسنة . - 136 - وأريد أن أقول للدكتور هويدي بعبارة واضحة مختصرة إن الإباضية يطلقون كلمة المسلمين على جميع أهل القبلة وهم داخلون فيها وقد يطلقونها ويريدون بها الإباضية بقرينة تدل على ذلك إما لفظية وإما بدلالة السياق وهي ترادف كلمة الموحدين في أغلب الاستعمالات ولهذا فكلام الدكتو ر هويدي غير صحيح وهناك بحوث شرعية مطولة بين علماء الامة في معاني كلمات مؤمن وموحد ومسلم ومشرك وكافر ومنافق وفاسق وعاص والعلاقات بين بعضها والبعض الآخر والخصوص والعموم فيها ولكل المذاهب الإسلامية في هذا الموضوع مواقف محددة وللإباضية فيها موففهم المحدد . أما إنهم يحسبون أنفسهم عاملين بالإسلام قائمين بالسنة فهذا صحيح وكل مذهب من المذاهب الإسلامية :يعطي لنفسه هذا الحق ويأباه عن الآخرين لأنه إذا كان الآخرون المخالفون له على الحق فهو على الباطل . ولذلك نجد كل أهل مذهب يحرصون على أن يسموا أنفسهم : أهل السنة أهل الحق ء أهل الإستقامة . وربما كان مهما أن يفهم الدكتور أن جميع أصحاب المذاهب الإسلامية قد يطلقون كلمة المسلمين ويريدون بها مذاهبهم الخاصة بقرينة تدل على ذلك ولو تأمل في كتب المذهب (المالكي السني) لوجدها مئاث المرات قد أطلقت كلمة المسلمين على أتباع الإمام مالك فقط ولا حرج في ذلك فهي وغيرها لا تيد تحجير الواسع كما أراد أن يفسر الدكتور. بقي في هذه النقطة أن يعلم الدكتور أن الإباضية إذا أرادوا أن يتحدثوا عن الإباضية خاصة فان لهم أسماء خاصة كالإباضية والوهبية وأهل الدعوة وأهل الإستقامة وكثيرا ما يرد في كتب الفقه قال أصحابنا أو هذا قول أصحابنا على أن كلمتي الأصحاب وأهل الإستقامة تستعملها مذاهب أخرى - 137 - للدلالة على نفسها . أما الإباضية والوهبية وأهل الدعوة فهو خاص عند الإباضية بالإباضية . بعد هذا التفسير الملتوي الذي لا لزوم إليه من الدكتور هويدي ينزلق قلمه إلى عبارة توحي بأن الكاتب بريد إشمال فتنة بين الأباضية من جهة والمالكية والحنفية من جههة أخرى فقد قال : المالكيون والحنفيون الذين انتشروا بإفريقيا نقد أطلق ل الوهبية اسم الموحدين أي انهم في نظرهم ليسوا بمشركين ٠ ولکنهم يسوا بسلمين أيضا . لست أدري هل كان الدكتور هويدي يحس ہما تدل عليه هذه العبارة وأنها لا تصدر في هذا العصر إلا عن إنسأن يريد أن يثير فتنة . ويفرق كلمة ويزرع البغضاء بين الناس ء وأنه اختار المذهبين المالكى والحنفى ليجعل مهما مقدح النار . وإلا فلماذا خصصهما دون بقية الفرق والمذاهب . ولماذا رجع إلى تلك العارة الغامضة الموهمة التي قيلت قبل عشرة قرون مضت . إن كلمة الموحدين من الناحية الشرعية يطلقها الإباضية على كلل من أقر بالجملة وليست خاصة بالمالكية والحنفية بل تطلق عليهما وعلى الإباضية انفسهم وعلى غيرهم من الفرق والمذاهب التي أمنت بالله ورسوله . إن الإباضية يطلقون على المالكية وغيرهم اسم المسلمين ويعاملونهم ويعاملون غيرهم ‏ ممن أتى بالجمئة - معاملة المسلمين لا ينقصونهم شيا أبدا ما عدا الاستغفار ولىب الرحمة من الله فهذه حقوق شحصية والإباضية يرون أن الولاية والبراءة الشخصيتين واجبتان فعلى كل مسلم ُن يتولى ويحب ويستغفر ويسترحم للمسلم الذي يراه موفيا ويعمل صالحا وعليه أن يبغض ويبراً إلى الله من كل عاص إذا عرفه بشخصه فإذا لم يعرفه توقف فيه حتى يعرفه . - 138 - وخلاصة مناقشة هذه النقطة أن الإباضية يطلقون كلمة المسلمين على جميع المسلمين دون تفريق وقد يطلقون كلمة المسلمين ويقصدون بها جزءا منهم بدلالة قرينة أو سياق وهذا هو الأسلوب الموجود في أحاديث جميع الفرق والطوائف وعندما يتحدث أي متحدث عن النصر والهزيمة بين جيوش المسلمين وأعدأئهم فقد ترد أمثال هذه العبارات فعندما يقال انتصر المسلمون في أسبانيا أو انهزموا في موقعة كذا فهم يعنون بذلك المسلمين الذين هم في الواجهة » ولا شك أن المسلمين الذين هم بعداء عن أرض القتال ليسوا منتصرين أو منهزمين في الوقائع السابقة › يكون القتال بين فرق من المسلمين أو دول من المسلمين فيقول أحد الفريقين انتصر المسلمون أو أنهزموا أوفعلوا كذا فهو بالتأكيد يرد بكلمة المسلمين الجناح الذي هو فيه أو ينتهي اب وقد استعمل كلمة المسلمين للدلالة على هذا القسم الخاص ولكن التعبير مع هذه الدلالة لا يعني إخراج القسم الآخر من الإسلام أو الحكم عليه بالكفر . أظن أن هذا يكفي لإيضاح هذه النقطة التي حاول الدكتور هويدي أن يستعملها في غير حقيقتها . بعد هذا كله يتورط الدكتور هويدي تورطا مخجلا حين يقول : «وكانوا يعتقدون أن دعوة هؤلاء الموحدين إلى‌الدين الحق - وهو عدم مبادئ الخوارج - فرض كفاية على کل وهبي ون عليه أن يبدا بإقناعهم بالحسنى أول الأمر فإن أبوا فيجب عليه قتالهم . لكن لا تقع الجزية على الموحدين بحال من الأحوال . على عكس المشركين (ويمثلهم في نظر الإباضية المسيحيون واليهود والزرادشتية . . . الخ) فإنه تقع عليهم الجزيةه . الواقع أن هذا الكلام غير مستقيم ولا سليم وصاحبه فيما يبدو لا يفرق بين - 139 - فرض العين وفرض الكفاية فبينما يقول إن دعوة الموحدين إلى مبادئ الخوارج فرض كفاية عند الإباضية يناقض قوله هذا فيزعم أن ذلك يجب على كل فرد وأنه على على كل فرد أن يدعوهم بالحسنى فإن لم يستجيبوا قاتلهم وهذا كلام يناقض بعضه بعضا وهو يزعم هنا أُن الدين الحق عند الإباضية هو مبادئ الخوارج ولكنه في آخر الفصل بعد أن يقسم الإباضية إلى مجموعة من الفرق قول وجميع هذه الفرق للإباضية تبراً من فرب الخوارج . فإذا كانت تبر مهم فکیف تعتبر مبادئهم هي الدين الحق ٠ وبوضوح واختصار نستطيع أن تقول إن هذا الكلام لا أساس له عند الإباضية ولم يوجب الإباضية ابدا ‏ لا من باب فرض الكفاية ولا من باب فرض العين ‏ على كل وهبي أن يدعو أصحاب المذاهب الأخرى إلى مذهبه ولا ُن يقاتلهم وأقصی ما يطالب به الفرد الإباضي في هذا الموضوع هو الأمر بالمعروف والنهي عن المتكر بالأسلوب المعروف في هذا الباب . ولعل الدكتور الفيلسوف مرت به عبارة في بعض کتب علم الكلام تقول إن على الإمام أن يدعو مخالفيه إلى ترك ما به ضلوا وإلا أعذر إليهم وقاتلهم ومثل هذه العبارة ترد عند الحديث عن الدولة ومن يخرج عنها بصفة عامه . والوجوب هنا على الإمام . والمدعو ليس هم المالكية أو الحنفية أو غيرهم وإنما هو الطائفة الخارجة على الإمام العادل مهما كان مذهبها لأنها طائفة فطلب إليهم الإمام أن ئروا سا به صل أي برروا به بم م الإمام وأن يرجعوا إلى الأمة فإن امتنعوا قاتلهم وشتان بين موضوع وموضوع وما أحسب أنه يستقيم في تفكير أو عقل أن یلزم کل فرد من مذهب بدعوة غيره إلى مذهبه فان امتنع قتله وعلى كل حال فهذا شىء لم يكن عند الإباضية . - 140 - أما عبارته الأخيرة في هذه الفقرة وهي قوله (ولكن لا تقع الجزية على الموحدين بحال من الأحوال على عكس المشركين ويمثلهم في نظر الإباضية المسيحيون واليهود والزرادشتية) فلا معنى لها ولا داعي إليها ولا علاقة لها بالموضوع ويخيل إلي أنها كانت كذلك في كتب المستشرق الذي ينحت منه الدكتور فلم يفهمها ولم يجد لها موضعا فوضعها بين قوسين وجردها حتی وقعت في هذا المكان صدفة ومن غير تدبر ولا تفكر ولا إمعان . لعله مما يفيد القارئ الكريم أن أعود معه فألخض له أخطاء الدكتور في شروحه السابقة التي لا تستند إلى حقيقة فيما يلي : 1 اتعد القوم - وعد بعضهم بعضا ‏ حددوا موعدا للقاء ‏ اتفقوا أعدوا العدة . ۲ 2 كلمة الخوارج حتى على راي من يعتبر الإباضية فرقة من الخوارج . لا ترتبط بالإباضية ارتباطا لفظيا مستمرا . 3 الإباضية في الاستعمالات العامة يطلقون لفظ المسلمين على أمة الإجابة وهذا الأكثر في استعمالهم وقد يقصدون به الإباضية فقط بدلالة قرينة لفظية أو من السياق . 4 كلمة الموحدين يطلقها الإباضية على جميع من نطق تشعر عبارة الدكتور. 5 شرحه لكلمة الموحدين بأنها تعني أنهم ليسوا مشركين 6 لا يوجب الإباضية على أي إباضي أن يدعو غيره إلى الإباضية ولا يجيزون له مطلقا أن يقبل أحدا من المسلمين سواء - 141 - استجابوا له أو لم يستجيبوا وسواء دعاهم أو لم يدعهم لأن الدعوة أمر شخصي من حقه أن يستعمله هو فقط ولا يوجبه عليه أحد : ولو دعا أحدا فلم يستجب له فقتله لوجب قتله قصاصا . الإباضية لا يرون أن الدين الحق هو مبادئ الخوارج بل يرون أن مبادئ الخوارج ضلال وباطل وأن الدعوة إليها دعوة إلى الباطل سواء كانت دعوة بالحسنى أو بالشدة . الإباضية يفرقون بين أحكام المشركين وأهل الكتاب والصابئين فلكل واحد من هؤلاء حكم خاص به لا يتعداه إلى غيره . والتسوية بينهم في حكم الجزية خطاً من الدكتور فإن المشركين ليسوا من أهل الجزية ءولا تقبل منهم . 9 ذكر عددا من الفرق قال إنها من فرق الإباضية ثم قال : «وجميع هذه الفرق تتبراً من فرق الخوارج الاخرى : الأزارقة والبيهسية والنجدات والصفرية ... الخ »لكن اسم الوهبية يجمعها ويطلق عليها كلها» وصحيح ُن الإباضية الوهبية يبرأون من جميع فرق الخوارج لكن ليس صحيحا أن كلمة الوهبية تطلق على جميع فرق الإباضية . وقد راينا أن نخصص فصلا لمناقشة موضوع فرق الإباضية ُو الإنشقاق عند الإباضية وفى إمكان القارئ أن يراجع هذا الموضوع هناك . أحسب أن هذه التماذج البسيطة التى عرضناها فى هذا الفصل عن تخبط الدكتور كافية للدلالة على قيمة الكتاب فى عرضة لفلفة الإباضية . ۱ - 142 - هويدي في تبعية المستشرقين للمستشرقين عندما بکتبون عن الإسلام ‏ سواء كانت كتابتهم عنه كدين » أو عن الأمة الإسلامية جمعاء كأمة › أوعن مذهب من مذاهها كمذهب أو فرقة ‏ أساليبهم ودوافعهم ومراميهم الظاهرة والخفية » ومهما كان المستشرقون مخلصين للبحث العلمي في هذه المواضيع فنهم - في الحقيقة ‏ أشد إخلاصا للدوافع والمرامي الحقيقية التي حملتهم على الكتابة عن الإسلام أوعن المسلمين ء أو عنهما معا . والواقع أنهم نجحوا إلى مدى بعيد في تحقيق أهدافهم البعيدة التي يرمون إليها بكتاباتهم » ومحاضراتهم › وندواتهم › وأسمارهم ولعل من أبسط أهدافهم أن يتركوا لهم ظلالا ن بلاد الإسلام خاصة وفى الشرق عامة . وقد أستطاعوا ‏ قعلا ‏ أن یکونوا في البلاد الإسلامية ومن أهلها مستفربين من حملة الأقلام وأصحاب الفكرء ينظرون إلى الشرق من نفس الزاوية التي ينظر متها المستثرقون مع فارق بسيط هو أن المستشرقين الغرببين إنما يخدمون ‏ بما يقدمونه عن الشرق ‏ مصلحة الغرب أي مصلحة بلادهم . أما المستغربون الشرقيون فهم إنما يخدمون أيضا ‏ بما يقدمونه عن الشرق والغرب ‏ مصلحة الغرب أيضا . أي مصلحة الموجهين لهم » المؤثرين عليهم » أي أن المستشرقين الغربيين استطاعوا أن يتركوا لهم في الشرق ظلالا تتحرك لتحركهم › ومفكرين وفلاسفة يفكرون يأسلوبهہ ويتكلمون بمنطقهم › ويقدسون حجتهم ولو .كانت تافهة مضحكة ٠ ويعتزون بارائهم ولو كانت نسیجا من الأباطيل ُو الأضاليل . ويلهثون وراء ما يشيرون لبه ولو كانت الإشارة من طرف البنان ومن مكان بعيد . - 143 ولعل من أغرب ما يصادفك في هذا الباب أن تقراً لبعض المستغربين المشهورين كلاما ينقله مترجما عن كاتب غربي › فتعرف أن النص إنما هو لكاتب مسلم استشهد به الغربي إما تقلا أو اقتباسا فترجمه إلى لغته الأجنبية ء فجاء الكاتب المسلم ُو المستغرب المسلم فترجم النص من جديد إلى اللقة العربية _ لأنه لا يعرف أن النص عربي - وعندما تقرؤه تحس بِالألم يعتصر فؤادك › وذلك لأن الترجمة الأولى من ية إلى الأجنبية أطفأت نصف الروح من النص ءوترجمته الثانية من الأجنسية إلى العربية أطفأت النصف الثاني » فلم تبق منه إلا عبارة ميتة . إن الكاتب المسلم المستفرب المعتز بتبعيته للمستشرقين لا يخلو من أحد أمرين : ما أنه يعتمد على ما يكتبه المستشرقون في القضايا الاسلامية اعتمادا كليا وهو يترفع ‏ بزعمه - أن يرجع إلى المصادر الإسلامية فهو يجهل تلك النصوص وأصحابها ومواضعها بل وحتى مقدار استفادة المستشرقين بها . وإما أنه يعرف ذلك ويطلع عليه ولكنه يرى أن استناده على فيلسوف غربي أرقع لقدره وأعظم لعلمه ء وأفيد لكتاباته » وللأسماء الأعجمية الغربية رنين خاص فى آذان هؤلاء كما جعل لأسماء حكماء الهند وفلاسفة الإغريق رنين خاص في بعض فترات التاريخ . والدكتور هويدي ممن يعتمد على المستشرقين في تحليل الفلسفة الإسلامية ويعتز بما ينقله عنهم » ويضع آراءهم في درجة البراهين ويفضل إيرادهاً والاستشهاد د بها في تثبيت النظريات وتقرير الأحكام . يقول الدكتور هويدي في كتابه (تاريخ فلسفة الإسلام في القارة الإفريقية) طبعة 1966 صفحة 270 ما يلى : - 144 - «يشبه دوزي في كتابه (تاريخ المسلمين في إسبانيا) قيام حركة الخوارج في المفرب ونجاحها بقيام الحركة الكلفاتية في اسكتلندا ونجاحها ء وذلك لما تنطوي عليه كل من الحركتين من انتصار للمبادئ الديموقراطية في الدين › ولما أدت إليه كل من الحركتين من تثبيت لدعائم الديانة التي قامت كل منهما في رحابها : الديانة الإسلامية والديانة المسيحية . وعلى العكس من ذلك ذهب جوتية ‏ في كتابه العصور المظلمة للمغرب ‏ إلى أن في القول بأن حركة الخوارج ديموقراطية مبالفة كبيرة › وذلك لأنه «قّد يستهوينا القول بأن الأصل في دعوة الخوارج أنها كانت غضبة تحرکها روح ديموقراطية ديماجوجية » لكن هذا لن يكون إلا نظرة أورويية مبالغا فيها إلى هذه الحركة » ومنهجا غير صائب للتعبير عنها › حقا اننا نلتقي على راس هذه الحركة في المدن الكبيرة » برجال من القاعدة الشعبية » مثل ميسرة › أول خليفة خارجي الذي كان مجرد سقاء بسيط في مدينة طنجة فيما يرويه ابن الأثير. . ولكن هذه الحركة التي كانت ملحمة عسكرية كبرى » استعانت من غير شك بقبائل الزناتية التي طبعت على الحرب › وكان أفرادها رعاة سلموا مقاليد أمورهم إلى قيادة أوروستقراطية . فرجل مشل بو قرة» کان دون أُدنى شك أميرا» . هنا ينتهي كلام المستشرقين ويعلق الدكتور على ذلك بقوله : «لكننا نخالف جوتييه الرأي ونذهب إلى أن حركة الشوارج ديموقراطية في أساسها › لأن لبر بالمبادئ التي أتت بها ء أيا كانت الطبقة الاجتماعية التي ين ينتمي إليها رجالها › وليس هناك ما يمنع من اعتناق أمير أو روستقراطي مشل (أبي قرة) المبادئ الشعبية الديموقراطية التي نادت بها الخوارج غير أنه إتصافا 10 - 145 للحقيقة علينا أن نقرر أن الخوارج وإن كانت المبادئ التي قدموھا لنا ذات صبغة ديموقراطية إلا أنهم کانوا متمسكين بعروبتهم إلى لحد الذي جعلهم يحتقرون الموالي وينفرون متهم ۽ وقد روک بن طالب أن رجلا من الصوالي خطب امرأة خارجية . فقال لھا الشوارج ف فضحتنا وليس من شك أن ذه العصبية لا تتشق مع لعلنا من مناقشة هذا النموذج نستطيع أن نعطي صورة للقارئ فى معالجة قضايا الشرق › أذ لاشك أن المستشرقين يناقشون القضايا الإسلامية بموازين خاصة ا يخضعوها لإنطباق ورېما يتصح ا ينا ُن ی هويدي ب يلك نفس المسلك › وفي إمكانك أن تتأمله ‏ في الفقرات السابقة - وهو يعالج الحركات الإسلامية قبل عشرة قرون ءويقيسها بالمقاييس الغربية اليوم › معتمدا فى ذلك على ما كتبه المستشرقون سالكا نفس السبيل التي سلكوها في التحليل والتعليل وإثبات البراهين وتامل تحليل الفقرات السابقة فيما يلي : المستشرق دوزيه يرى ُن حركة الخوارج تشبه حركات الكلفاتية لما تنطوي عليه من والمستثرق جوتييه يرى أن وصف حركة الخوارج يأنها ديموقراطية مبالغة كبيرة 6 ويحج لرأیه هذا بان أبا فرة اليفرني بويع إماما للخوارج وقد کان أوروستقراطيا قبل ذلك . وال كتور , هويدي يعرر ُن الخوارج ديموقراطيون ٤ » ویرد 77 - 146 - أوروستقراطي مشل (أبي قرة) المبادئ الشعبية للديموقراطية ›ء ولكته مع ذلك يعود فينفي عن حركة الخوارج مبادئ الديموقراطية ‏ إنصافا للحقيقة كما يقول - وذلك لأن الخوارج متمسكون بعرويتهم. .والدليل على هذا التمسك أن رجلا من الموالي خطب امرأة خارجية فقالوا لها فضحتنا » والعصبية القومية لا تتفق مع مادئ الديموقراطية ومنطلق الفرضية والتحليل في الفقرات السابقة أن المستشرق دوزي يزعم أن سبب نجاح حركة الخوارج هو کونها تمشل مبادئ ديموقراطية » ولكن المستشرق جوتييه لا يعجبه هذا الرأي فيرده محتجا بان فردا أوروستقراطيا قد انضم إليهم وأن حركتهم كانت في الشرق ولا ينبفي لنا أن ننظر إليها بمنظار غربي فهم إذا ليسوا ديم وقراطیین حین سمحوا لأروستقراطي ُن يكون من بينهم لحركتهم أن تنبت في الثرق ويأتي بصد ذلك الدكتور هويدي فیرد ولا راي جوتيیه بان الاروستقراطي قد يكون تخلی عن أوروستقراطيته واعتنق المبادئ الديموقراطية ولكنه يعود فينكر على الخوارج أن يكونوا ديموقراطيين لسبب آخر هو تمسکهم بعروبهم »ويستدل على تمسكهم بعروبتهم أن أحد الموالي خطب امرأة منهم فقالوا لها فضحتنا . هكذا ترى أيها القارئ الكريم أن بحثا فلسفيا عميقا يتناول قضية هامة هي قضية الديموقراطية في حركة تاريخية هامة تمتد ما بين الصين والمحيط الأطلسي يناقشها ثلاثة فلاسفة : مستشرقان وعربي ‏ نفيا وإثباتا - بناء على رأيهم في فرد واحد أو بناء على فقصة وردت في کتاب أدب - يعلم الله مقدار صحتها ولو صحت لما كان لها أي أثر في الموضوع . إن المستشرق جوتييه يستكثر أن تقوم في الشرق حركة ديموقراطية ولذلك ينبري للرد على المستشرق دوزي حين زعم أن - 147 - حركة الخوارج إنما انتصرت لأنها تنطوي على حركة ديموقراطية في الدين » ويرى أن دوزي أخطاً التقدير لأنه نظر إلى تلك الحركة القائمة في الشرق بمنظار أوروبي مبالغ فيه » يعني أنه لو قامت تلك الحركة في أوروبا لأمكن ُن تعتبر حركة ديموقراطية ما وهي في الثرق فليس ذلك ممكنا لأن الديموقراطية أكبر من تفكير الشرق في رأي جوتيية ولکي يبرهن على أن تلك الحركة ليست ديموقراطية فتش بین ز ء الخوارج فوجد أن الحركة الخارجية أسلمت قيادها في طرف من أطراف الأرض إلى رجل أوروستقراطي يرجح أنه كان أميرا فكان هذا سببا كافيا لكي تحكم بأن حركة الغوارج ليست ديموقراطية ٠ فالحركة التي تكونت في الجزيرة العربية امتدت شرقا إلى الصين وغربا إلى المحيط وعاشت عددا من الأجيال أو عددا من القرون كلها تنهدم في رأي هذا المستثرق بحادثة بسيطة » وهي أن قبائل زناتة - وهي قاعدة شعبية - أسلمت قيادها إلى أُبي قرة الذي يظن أنه أوروستقراطي » وبوصول هذا الرجل إلى مركز القيادة في طرف من أطراف الأرض على مجموعة ضئيلة من الناس - فسدت الديموقراطية في حركة الخوارج على اتساع مداها » مع أن حالة هذا الرجل الذي وصف بأنه أوروستقراطي لم يعرف ما ذا کان حقا أميرا » ولم يعرف ما إذا كان حقا أوروستقراطيا . ولم يعرف ما إذا کان -حين تولى قيادة الخوارج في من طرف الدنيا باقيا على أوزوستقراطيته أم أنه التزم بالمبادئ الجديدة التي اعتنقها والتي اختير للإمارة. من أجلها ثم إنه لم يكن أميرا على الخوارج كلهم ولا على فرقة كاملة منهم في جميع أوطانها » وإنما كان عبارة عن رجل تولى قيادة مجموعة من الناس ثائرة على الدولة في معارك حربية محدودة حالفه النجاح في بعضها والفشل في الأخرى بعد - 148 - هذا يأتي الدكتور هوييدي مستعملا نفس المنطق والأسلوب سائرا في نفس المنهج كأنما يترسم خطى مرسومة فيرد على المستشرق جوتيية باحتمال أن يكون ابو قرةقد تنازل عن أوروستقراطیته والتزم بمبادئ الديموقراطية ولم يهتم الدكتور بهذا البناء الضخم الذي يقوم أو ينهار بسبب رجل واحد » ولم يهتم أيضا بتلك الطعنة المسمومة التي تز تزعم أن مثل هذه الحركة يحتمل أن تقوم عليها ديموقراطية لو أنها كانت في أروبا . أما وهي في الشرق فلا . وبعد أن ينتقد الدكتور رأي جوتيية ويرد عليه كما ريت ويصف حركة الخوارج بأنها تنطوي على الديموقراطية يعود. فينفي أن يكون الخوارج أصحاب ديموقراطية بسبب آخر غير سبب جوتيية وذلك أنه عثر أثناء مطالعاته على قصة في شرح نهج البلاغة تزعم أن رجلا من الموالي خطب امرأّة خارجية فقال لها أهلها لقد فضحتنا . ودون أي شرح لهذه القصة » ودون أي تأكيد لصحتها أو كذبها › ودون أي تعليق على أحداثها يجعلها دليلا على أن الخوارج متمسكون بعروبہهم والعروبة قومية والقومية ضد الديموقراطية . وهكذا تكون هذه القصة من الفتاة وخاطبها سببا في إبماد الديموقراطية عن حركة الخوارج . أنا لم أتثشرف بدراسة الفلنفة ولكنني كنت أعتقد أن الآراء الفلسفية لا يمكن أن تبنى إلا على حقائق ثابتة أو على الأقل مؤكدة » فأي شأن لهذه القصة التي رويت في كتاب قيل إن أصله موضوع حتى يجعل منها الدكتؤر هويدي برهانا على حكم فلسفي . الخوارج في ذلك الحين كانوا منتشرين في جميع أنحاء المالم الإسلامي » وهم يتكونون من جميع الجنسيات المختلفة التي - 149 - يتكون منها المسلمون في مختلف أوطانهم ولهم عدد غير قليل من القيادات منها قيادات متصلة ومنها قيادات منفصلة . ولهم عدد غير قليل في العادات والممارسات ولم نعرف هذا المولى الذي تجاسر فخطب فتاة خا خارجية هل هو عربي الجنسية ام له جنسيةأخرى › ولم نعرف أيضا لماذا غضب أهلها ألأن الفتىمولى ؟ أم لأنه غير عربي ؟ فكيف أمكن أن نسلب عن جميع الخوارج نتائج حركة شاملة بسبب كلمة صدرت عن أفراد رة إذا صحت الحكاية ؟ أليس من الأيسر أن نخرج تلك المرأة وأسرتها من نظام الديموقراطية أو من طابور الخوارج بدلا من أن نلغي حكما أعطيناهء لحركة شملت العالم الإسلامى بسبب كلمة صدرت عن فرد أو أفراد ليسوا هذه المرة حتى في مراكز قيادية ؟ لست في هذه المناقشة أحاول أن أثبت أن حركة الخوارج كانت حركة ديموقراطية أو لم تكن فها موضوع لا يهمني ولیس هذا مكانه . وإنما أردت أن أضع بين يدي القارئ الكريم أمثلة من متاقفشات المستشرقين ومن يسير في ركابهم لبعض القضايا الإسلامية . فهذا هو منطق المستشرقين هي معالجة القضايا الإسلامية › وهذا هو متطق مر من يسیرون في ويتائرون 0 وتىليط الأضواء حتی ب تخ المكان ن الاوح في المشاقشات أحكام عامة على شواذ الوقائع کا هي أصول الى ك ُو أصول الحياة . ت 150 - قد رأيت في تطبيق نظرية الديموقراطية الدينية على حركة الخوارج كيف نوقشت بطريقة تکاد تكون هزلية فأثبتها مستشرق لأنها تشبه حركة أخرى قامت في أوروبا ونفاها مستشرق آخر لأنه لا يجوز أن ينظر إلى الثرق بالمنظار الذي ينظر به إلى أوروبا ولأن رجلا يشك أنه كان أميرا - وصل إلى مركز القيادة › وينفيها متفلسف عربي لأن اهل فتاة عربية ساءهم أن يتقدم إلى خطبتها أحد الموالي : ومن المؤسف أن الدكتور هويدي قد تأثر بالمستثرقين إلى حد أنه اصطنع أسلوبهم في الحديث والعرض ٠ وفي تضخيم التوافه والشواذ » وفي إغفال الحقائق الواضحة البارزة ومحاولة إخفائها وإذابتها » وقد تأثر بهم حتى في اللهجة التي يستعملونها › فهم بطبيعة الحال ‏ غرباء عن الإسلام والمسلمين ولذلك فعتدما يكتبون عنه أو عنهم تلمح في أساليبهم » روح الغربة › ثم روح التعالي ٠ ثم روح المقاضاة والحكم . وعندما تقرا للدكتور هويدي تحس بنفس الشعور وينفس الخطوات كأنك تقراً لأحد المستشرقين . إنك تستشعر الغربة فعلا فتحس بأن من كتب ذلك هو غريب عن الموضوع وليت أنك تحس بهذا الإحساس وأنت تقر له عن الفرق التي سخط عليها فقط لكن الواقع المؤلم أنك تجد هذا في جميع أجزاء الكتاب حتى وهو يكتب عن «الإسلام السني» الذي يريد أن يظهر بمظهر المتمسك به المدافع عنه . ومن المؤلم أن يقع الدكتور في هذه الحبالة ‏ حبالة تقسيم الإسلام إلى إسلام سني › وإسلام شيعي وإسلام خارجي › وربما توسع متوسعون فیما بعد فقالوا إسلام حنفي » وإسلام مالكي › وإسلام ظاهري › وغير ذلك من الأمماء أو الأنواع ما دام کل نوع - 151 - منها يصلح لان يكون وسيلة سهلة للحصول على شهادة دکتوراه او ما يوصل إليها . ونحن نعرف - بوضوح ‏ أهداف المستشرقين الذين ابتكروا هذه التسميات وهذه التقسيمات ولا يزالون يبتكرون حرصا منهم على إظهار الإسلام بأنه فكرة بشرية متأثرة » وأن المذاهب الإسلامية لا تخرج عن كونها إما محافظة على تلك الفكرة بجمود » وإما بتعديلات حسب منازع زعماء تلك الفرق لقد وقع الدكتور في هذه الحبالة فاستساغ التسميات والتقاسيم فتشبت بها في حرص وجل يرددها في اعتزاز › حتى أنه في فصل واحد من کتابه ردد اکٹر من عشر مرات بنفس الصيغة التي يستعملها المستشرقون الغربيون وبنفس الأسلوب الذي يوحي بنظرة التعالي والمقاضاة والحكم . وإلى القارئ الكريم نماذج من ذلك: يقول الدكتور هويدي في كتابه لتاريخ فلسفة الإسلام في القارة الأفريقية صفحات 141 - 152 ما يلى : 1 «يقال الإسلام السني في مقابل الإسلام الشيعي . لأن الشيعة هي الفرقة الإسلامية التي تقابل بالقضاء أهل السنة والجماعة . 2 سنتناول ناريخ الإسلام السنى وسنقصد به كل التطور الذي شهده الفكر الفلسفي الإسلامي » .` يحسن أن نبداً بان تقدم للقارى مراحل انتشار الإسلام السني في الثمال الإفريقي » . ۹ نستطيع أن نتخذ من تاريخ خروج عقبة بن نافع إلى المغرب عام 46 وتأسيسه مدينة القيروان نقطة بدء تا تاريخ الإسلام السني في الثمال الإفريقي » . - 152 5 وفدوم هؤلاء الفقهاء إلى المغرب وانتشارهم في ربوعه يفقهون الناس في أمور دينهم يعد مرحلة هامة في مراحل انتشار الإسلام السني في الثمال الإفريقي » . 6 «وبهذا نستطيع أن نعد ولاية عبد الرحمن بن حبيب الفهري مرحلة من مراحل انتشار الإسلام السني في شمال إفريقيا» . 7 «ويعد حكم الأغالبة مرحلة هامة في مراحل استقرار الإسلام السني في شمال إفريقا» . 8 ديعد قيام دولة الأغالبة مرحلة هامة في مراحل استقرار الإسلام السني في الثمال الإفريقي» . 9 «أما تطور علم الكلام.والنزاع الذي شهده التفكير الإسلامي بعد هذا بين الفرق والمدارس المختلفة » مع ما امتزج بهذا كله من فلسقة وجدل متأثر في هذا بعلوم الأوائل (علوم اليونان والتيارات الفلسفية اليونانية) فهو وإن كان قد بعد قليلا أوكثيرإ عما يمكن أن نسميه بالفلسفة القرآنية إلا أن من الممكن أن نعده مع هذا تطورا للرأي » وامتدادا للإسلام السني » وتنشيطا له » ومظهرا من مظاهر صحة هذا الإسلام السني » ألا ترى معي أيها القارئ الكريم أنك لا تستطيع أن تفهم من الفقرة الأخيرة مما تقلناء هنا » إلا أن علم الكلام والنزاع بين القرق والمدارس المختلفة ممتزجا بعلوم اليونان وفلسفتهم قد بعد عن فلسفة القرآن < وهو م ذلك مظهر من مظاهر صحة الإسلام السني ء قد أكون سات تلخيص الفقرة السابقة ء ولكنها على أي حال لا تعطي إلا هذا المعنى أو قريبا منه . ما الفقرة الرابعة مما تقلناهء لك فتقرر الإسلام السني بدا في سنة 46 › بعد خروج عقبة › فبماذا جاء الفاتحوں السابقون قبل عقبة › وفيما ذهبت الدماء ؟ ؟ وماذا كانت تصنع الجيوش في هذه - 153 البلاد ؟ وما هو الإسلام الذي جاء به عمرو بن العاص ومن بعده حتى مجيء عقبة؟ إنك عندما تقراً الفقرات السابقة بعباراتها الكاملة في مواضعها من الكتاب تحس أن الذي يكتب ذلك الكلام هو شخص غريب عن الإسلام يتعالى عنه » ويناقشه كما يناقش أية فكرة بشرية » ولقد بقي يلعب بفا يسميه (الإسلام السني) في عشر صفحات من كتابه دون أن تبدو له شخصية إسلامية مرتبطة بالموضوع » ورغم أنه أظهر تعصبا واضحا للمذهب المالكي › حتى یکاد يکون الكتاب کله محاولة للدعوة إليه عن طریق الفلسفة ولكنك تحس بنوع من الجفوة الخفية بين الرجل والإسلام وبنوع من الانفقصام حتى بينه وبين هذا المذهب الذي يمجده ويكاد يدعو إليه علنا ومظاهر التقرب إلى الإسلام عموما وإلى المذهب المالكي خصوصا لم تفلح في إخفاء تلك الجفوة أوذلك البعد وبدت معهما في صورة متكلفة مصطنعة لكن القلم يكتب عن غير عقيدة صاحبه وفي استطاعتك أن تتأمل العبارة الأخيرة في الفقرة الأخيرة مما تقلناء لك سابقا (ومظهرا من مظاهر هذا الإسلام السني) وهي عبارة جافية غليظة كأنما في الإسلام هذا وذاك ولك . ٤ 1 ‎E E‏ إن أي مستشرق معاد للإسلام لا يامل في أكثر من أن ينجح في أن يدخل إلى أذهان المسلمين أمثال هذه المفاهيم ء أو أمشال هذه الأساليب ! وأنه لكسب لأعداء الإسلام أن يتحدث المسلم عن الإسلام بثيء من الجفوة وإلتعالي مساويا له بآراء البشر . وأن يعتبر المذاهب الإسلامية قد ابتعدت من القرآن الكريم ءوتأثرت وتطوارت مما عرفته من علوم (الاوائل) ءويعني ذلك أن القرآن الكريم غير صالح وأن الديانة الإسلامية بمذاهبها المختلفة قد تخلت عنه منذ زمان وأخذت بغيره من علوم (الأوائل اليونان - 154 - والرومان) وإذا كانت هذه هي الصورة التي يعطيها الدكتورعن المذاهب التي يؤيدها بل ويتعصب لها » فما يرجى منه أن يقول عن المذاهب التى يحاول هدمها . إن المستشرقين كانوا يفعلون ذلك عن سوء نية » أما الدكتور فقد يكون فعل ما فعل عن حسن نية وسلامة طوية . لست أدري كيف وجد الدكتور هويدي القدرة في نفسه على أن يقسم الإسلام إلى أقسام يهاجم بعضها وينصر البعض الآخر . الإسلام دين متكامل شامل لا ينقىم تبعا للاهواء والأراء والمفاهيم › ولا ا والفرق والمذاهب › ولكن أراء الناس وأعمالهم هي تتقسم بالنظر إلى مطابقتها للإسلام ٤ وإستنادها عليه اسسا منه » وما أحسب أن إنسانا يتقى الله تواتيه القدرة على أن يقول : إسلام سني وإسلام شيعي › 4 أو إسلام سني وإسلام بدعي » أو إسلام شافعي وإسلام مالكي . ولا حتى إسلام محمدي نسبة إلى سيدنا محمد ي وهو الذي جاء به عن الله تبارك وتعالى وإذا صحت هذه العبارة الأخيرة - مع ثقلها وغربتها - فإن غيرها لا يصح بکل تأکید . ولكن ما الحيلة وأخونا هويدي دكتور في الفلسفة من باريس » فلا بد أن ينظر إلى الإسلام بالمنظار الذي ينظر به إليه فلاسفة المستشرقين . وبعد هذا كله فإن كتاب الدكتور هويدي صورة مشوهة أخذت من كتاب «الفرة قى الإسلامية في الثمال الإفريقي » للمستشرق الفرد بل » ولو أتيح ذلك الكتاب أن يسترجع ما أخذ منه لما بقي للدكتور هويدي إلا أوراق بيض › ويتخللها قليل من السواد بين غلاقين أخضرين يحملان عنوان الكتاب . . . لقبا علميا شخب لمۇلف . - 155 - عز الدين التنوخي الأستاذ عز الدين التنوخى ءعضو المجمع العربي بدمشق ء معروف بجهوده الصادقة في خدمة الثقافة الإسلامية واللفة العربية »وقد اهتم ‏ فيما اهتم به بتراث الإباضية في المجالين الشرعي والأدبي « وقد تحدث عنهم بٿيء من من الإسهاب ء والتفصيل › ويسرني أن أضع بين يدي القارئ الكريم مقتطفات قال قي مقدمته عن ديوان أبي بكر بن أحمد بن سعيد الستالي الذي قام بطبعه الأديبان سليمان وأحمد ابنا شيخنا الفاضل محمد عبد الله السالمى › بالمطبعةالعمومية بدمشق سنة 1383 ° ء 4 م .1. ما يلي : «ويكفي في الدلالة على مبلغ جهالتنا بعمان وأهلها ء إن السواد الأعظم من العرب والمسلمين يظنونهم من غلاة الخوارج › كالازارقة والنجدات والصفريةء حتى أن ابن خلدون نفسه يقول ما نصه : «والخوارج بها كثيرة » وکانت لهم حروب مع بني بویه.» مع أن إطلاق لفظة الخوارج على الإباضية من الدعايات الفاجرة التي نشأت عن التعصب السياسى ي أولاء ثم عن التعصب المذهبي ثانيا . لما ظهر غلاة المذاهب . فقد خلطوا بين الأباضية والأزارقة والصفرية والنجدية › فالإباضية لم يجمعهم جامع بالصفرية والأزارقة ومن نحا نحوهم إلا إنكار الحكومة بين علي ومعاوية . وأما استحلال الدماء والأموال من أهل التوحيد ( والحكم بكفرهم كفر شرك) فقد انفرد به الازارقة والنجدية والصفرية › وبه استباحوا حمى المسلمين › ولما كان مخالفوهم لا يتورعون ولا يكلفون أنفسهم مؤونة البحث عن الحق ليقفوا عنده » خلطوا بين - 156 - الإباضية الذين لا يستبيحون قطرة دم موحد بالتوحيد الذي معه ء وبين الذين استحلوا الدماء بالمعصية حتى قتلوا الأطفال تبعا لأبائهم مع أن الفرق كبير جدا بين المستحل والمحرم فما يعد الحق إلا الضلال ء ومن جهل علمائنا بعمان وأهلها وعلومهم وآدابهم أنهم لم يطلعوا على كتبهم الدينية › ولا على الفقه الإباضي المبني على الكتاب والسنة » ولا على مسند الإمام الربيع بن حبيب » وسنده ثلاثي عن أبي عبيدة التميمي ء عن جابر بن زيد عن الصحابة وقد أخذ جابر وأبو عبيدة عن الصحابة » وجابر بن زيد من رجال البخاري ومسلم أخذ عن سبعين من الصحابة البدريين » وكان من تلامذة حبر الامة عبد الله بن عباس وقد طبع هذا المسند القديم مع شرحه للإمام عبد الله السالمي في أربعة مجلدات ء طبع اثنان منها في مصرء والثالث بدمشق » . وبعد حديث عن أسرة السالمي المجيدة ءوخدمتها للعلم والأدب ٠ وقيامها على نشر الثروة الثقافية في عمان قال الأستاذ التنوخي في نفس الصفحة : «فمن الجهل بعمان وأهلها أنه ليس في كتب ترإجمنا كيتيمة الدهر للثعالبي ذكر لشعراء عمان » بعد أن ذكر الثصالبي شعراء أكثر الأقطار العربية وغيرها ء ذلك أنهم بجهالة المؤرخين بعمان وأهلها ء أولتعصبهم السياسي والمذهبي ء أهملوا الكلام على مذهبهم وثقافتهم ‏ وانتباه العرب في أيامنا هذه لعروبتهم ولتاريخهم السياسي والعلمي ولسعيهم لجمع شملهم وإعلان وحدتهم القومية ء كل ذلك مما يوجب البحث عن هذا الشعب العربي الصريح بنسبه › والمجيد بحسبه › ومضرب المشل بفصاحته وشجاعته العربية » وجهاده وكفاحه للمستعمرين » . وجاء في مقدمته على ديوان النبهاني صفحة 26 ما يلي : - 157 - «وقد نشرت في دمشق أخيرا بعض هذه الكتب › كالجزء الثالث من شرح مسند الربيع بن حبيبء وهو أقدم كتب الحديث وأصحها . وشارحه العلامة نور الدين السالمي »وقد خرجت أحاديث المسند وشرحته وجلها في الصحيحين وسائر الكتب الستنة من كتب السنة . مما يدل على أن مذهب إياضية عمان والمغرب من أقرب المذاهب إلى السنة كما ذكر ذلك الإمام المبرد في کامله › وابن حزم وغيره من المحققين » وقال في مقدمته لكتاب «خلاصة الوسائل في ترتيب المسائل» ما يلي : «لقد حذا أَئمة عمان حذو ملوك الإسلام من العرب والعجم في استفتاء علماء بلادهم في النوازل الطارئة » والمشاكيل المتعلقة بالدين » فكانوا يجيبون عن الأسئلة التي يسألهم عنها عمالهم من الحكام › بخط ايديهم » مما يدل على صدق إيمانهم وإخلاصهم في الأحكام » واعتمادهم على الكتاب والسنة . وكانوا يحثون عمالهم على مراقبة الله فيما يصدرونه من أحكام مراعين في ذلك مصالح الرعية فإأن دين الله يدور مع المصلحة › ومعتصمين بالكتاب والسنة . وآثار الصحابة والسلف الصالح وأقوال الأئمة المجتهدين كذلك كان المتداعون من الرعية المختلفون بعمان ٠ يستفتون الأئمة والفقهاء والمتبحرين في نوازلهم » ويثبتون بفتاواهم ما يدعون ٠ فكان يجتمع لدى الفقيه أو المفتي أو القاضي مع مرور الزمن كثير من الأجوبة على أسئلة الناس . فتارة كانوا يجمعون تلك الفتاوى المهمة والأقضية في كتاب خاص وتارة كان يجمعها بعض أولاد المفتين أو تلاميذهم كما فعل الأمير الفاضل البار السيد صالح بن عيسى بن صالح الحارثي جزاه الله خيرا في نشر فتاوى جده الإمام المحتسب الشهيد صالح بن علي - 158 - الحارثي المجموعة في كتاب (عين المصالح في أجوبة الشيخ الصالح) . وبعد هذا تحدث عن عدد ممن سلك هذا المسلك من ملوك المغرب وغيرهم ممن جمع فتاوى المفتين (من مختلف المذاهب) وسلكها في كتاب اعتبر مرجعا في تلك النوازل والقضايا ءثم قال : «هذا والمطلع على الفتاوى العمانية يجد مصنفها يعتمد بادئ الأمر على كتاب الله ثم على السنة » وينظر في أشباه وقائمه التي افتى فيها المجتهدون من السلف الصالح وإذا ما وجد فتوى لاحد أئمة السنة كالإمام أبي حنيفة والشافعي وأحمد ومالك والأوزاعي تشبه فتواه استشهد بها تأييدا لفتواء » واستئناسا بأقوال المجتهمدين من قبله » ولولا خشية الإسهاب الممل لأتيت بأمثلة من ذلك . ومن علم أن علماء الإباضية يرجعون في الحديث إلى مسند الإمام الربيع بن حبيب الفراهيدي التي يروي أحاديثها أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن الصحابة وأكثر أحاديثة في الصحيحين وأمهات كتب الحديث ‏ وقد كان الإمام جابر يعد من أكبر تلاميذ حبر الامة عبد الله بن عباس وأخذ عن أجلة الصحابة › ومنهم سبعون بدريا » وقد سأل أحد البصريين عبد الله بن عباس عن شيء فقال له : تسألونني وفيکم جابر بن زيد ء وفي حديٹ سفيان عن ابن دينار عن عطاء اُن ابن عباس قال : لوان اهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيد لأوسعهم علما عن كتاب الله عز وجل . وجاء في كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي عن اين خيثمة قال : معت يحي بن معين يقول : أبو الشعشاء جابر بن زيد » روى عن قتادة أنه بصري ثقة وقد أجمعوا على إمامة يحيى بن معين وتوثيقه وحفظه وهو الذي يقول عنه أحمد بن - 159 - حنبل :الماع في يحي بن معين شفاء لما في الصدور » خلقه الله ليظهر كذب الكذابين » وكل حديث لا يعرفه يحي فليس بحديث . «وقد أخذ عنه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وخلائق لا يحصون » والذي يظهر كذب الكذابين يظهر صدق الصادقين › كأبي الشعثاء جابر بن زيد إمام الإباضية . ومما قلته في مقدمة الجزء الثالث في شرح الجامع الصحيح مستد الربيع بن حبيب الفراهيدي ء ومن أعلم أهل السنة بالإباضية ء وأعظم من كتب في (علماء السنة) الإمام المبرد فو. كتاب الكامل . فقد قال ما نصه : (قول ابن إباض أقرب الأقاويل إلى السنة) وقال الإمام ابن حزم : (أسواً الخوارج حالا الغلاة ء وأقربهم إلى قول الحق الإباضية) ويقول النور السالمي شارح المسند في مقدمة تحفة الاعيان وهو من علماء عمان الائمة : «ليس من رأينا بحمد الله الغلو في ديننا » ولا الفثم في أمرنا ء ولا التمدي على من فارقنا . . . الله ربنا » ومحمد نبينا » والقرآن إمامنا › والسنة طريقنا » وبيت الله الحرام قبلتنا » والإسلام ديننا» . لا جرم أن كل من يقول هذا القول » ويعترف هذا الإعتراف فهو من المسلمين النتاجين . وكل من يتهم الإباضي بالزيغ والضلال › فهم ممن فرقوا دينهم وكانوا شيعا ء ومن الظالمين الجهال › جمع الله ما فرقوا » ورتق ما فتقوا » ومزق شيل أعوان المستعمرين › والله محيط بالكافرين» . وقال الأستاذ التنوخي في مقدمته على شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع بن حبيب ما يلي : «ومن يمن الطالع عن الحديث أن يكون الربيعان : الربيع بن صبيح والربيع بن حبيب في طليمة ركب الجامعين للحديث والمصنفين فيه . ومن الاسف ألا ندري شيئا عن مصير مسند أبن - 160 - صبيح وعسى أن يهتم بذلك الباحثون عن نفائس المخطوطات ء ومن لطف البارئ أن أبقى لنا مسند الربيع بن حبيب › ثم من نعمه على أن وفقني لإعادة نشره مع شرح علامة عمان عبد الله بن حميد السالمي ء ولما يطلع على المسند وشرحه في علماء مصر والشام والعراق إلا قليل » . الثلاثيات : وقد ذكر أئمة الحديث أن رتب الصحيح تتفاوت تفاوت الأوصاف المقتضية للتصحيح › وأن في المرتبة العليا ما أطلق عليه بعض رجال الحديث أنه أصح الأسانيد الثلاثية كسند زهي عن سال ين عد لله بن عبر عن يه ود همم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود » وسند مالك عن نافع عن عمر » وهو قول البخاري لأن هذه الأسانيد قصيرة السند ء وقريبة الإتصال بالينبوع المحمدي › واشتهر رجالها بقوة الحفظ والضبط وكمال الصدق والصيانة والأمانة وذهب الإمام ُو منصور التميمي إلى أن أجل الرواة عن الإمام مالك بن أنس هو الشافعي فأجل الرواة على ذلك ما رواه الإمام أحمد بن حنبل عن الشافعي عن مالك ويسمى هذا السند سلسلة الذهب . ويشبه هذه السلاسل الذهبية سلسلة مسند الربيع بن حبيب وثلاتياته بو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس ء ورجال هذه السلسلة الربيعية من أوثق الرجال وأحفظهم ءوأصدقهم لم يشب أحاديثها شائبة إنكار ولا إرسال ولا اتقطاع وإعضال ء لأن الثلاثيات بأجمعها موصولة باتصال إسنادها » ولم يسقط في -أسانيدها الثلاثية أحد . و (المعضل) هو ما سقط من إسناده اثنان فأکٹر بشرط التوالي كقول مالك : قال رسول الله ي وقول الشافعي قال ابن عمر »وقد يرد على قولنا هذا أن في مسند الربيع البلاغ والسماع مما يجعل الحديث مرسلا » ويجاب على هذا القول - 161 11 أن رجال هذا المسند إذا نقلوا عن غير مشافهة بينوا ذلك بقولهم بلغني أو بلفنا » أوسمعت عن فلان » أوتحو ذلك مما يبعد بالمسند عن التدليس › فهم رحمهم الله أجل وأتقى من أن يوهموا الناس السماع وليسوا بسامعين « وبذلكڭ يظهر أن عنعنة هذا المسند مقطوع باتصالها لأن أبا عبيدة أخذ عن جابرء وجابر أاخذ عن الصحابة مباثرة » حتى قيل إن أبا عبيدة أدرك من أدركه جابر من الصحابة . ومن مزايا هذه الثلاثيات أو السلاسل الذهبية » سهولة حفظها › وحافظ المسند الثلاثى الرجال › إذا روى حديثا من أحاديثه صدره بسنده الثلاثي الذي لا يختلف في جميع أبوابه » وحفظ الأحاديث الشلاثية ثية أيسر على المستظهر من حفظ سلاسل طويلة كثيرة الحلقات والرجال › ولانه يسهل على حافظ الثلاثيات معرفة رجالها لقلتهم » والتثبت من أوصافهم بالحفظ والصدق والأمانة » أكثر مما يعرفه رجال سلسلة عديدة الحلقات قد يوجد بينهم من لا يطمئن القلب بصدفه وديانته » مما يضعف الحديث ويجعله غير مقبول . ولمزايا هذه الثلاثيات اهتم كثير من أئمة الحديث بتأليف الثلاثيات نذكر منها : ثلاثيات الإمام أحمد بن حنبل المطبوعة أخيرا بدمشق سنة 0 وشرحها في جزأين الإمام محمد السفاريني » وعدد ثلاثياته خمسة وستون ومائة حديث . ۱ وثلاثيات البخاري وهي صحيحة إثنان وعشرون حديثا غالبها عن مكي بن إبراهيم عمن حدثه من التابعين وهم من الطيقة الأولى من شیوخه ‏ مئل ين عد لل ماري أي ي عاصم النبيل › وبي نعيم › » وخلاد بن يحي علي بن عبا - 162 - وثلاثيات الدارمي وهي خمسة عشر حديثا وفعت في مسنده بسنده وثلاثيات الشيخ بي إسحاق إبراهیم بن محمد بن محمود بن ناجي وغيرهم . ونضيف اليوم إليها ‎Î:‏ ثلاثيات الربيع بن حبیب الازدي وأحاديتها في مسنده من أصحها رواية وأعلاها سندا » ورجال سلسلتها الثلائية هم : أبو عبيدة االتميمي › وجابر بن زيد الأزدي 4 والبحر عبد الله بن عباس شيخ جابر » وغيره من الصحابة وهم بأجمعهم مشهورون بالحفظ والضبط والأمانة والصيانة . وهذا السند لا يختلف في جميع أبواب المسند كما يختلف في سائر كتب الثلاثيات . هذا حكم المتصل من أخبار هذا المسند » و(المتقطع) يارسال أو بلاغ في حكم الصحيح لثبوت وصله من طرق أخرى . وأما (المرسل) فقد جاء في التدريب (67) عن أبن جرير قال : « أجمع التابعون بأسرهم على قبول المرسل ولم يأت عنهم إنتكارهم ولا عن أحد من الائمة بعدهم إلى راس المائتين . قال ابن عبد البر : كانه يعنى أن الشافعى أول من رده . وقال السُخاوي في فتح المفيث : قال أبو داود في رسالته : أما المراسيل فقد كان أكثر العلماء يحتجون بها فيما مضى . مشل سفيان الثوري . ومالك والأوزاعي » حتى جاء الشافمي فتكلم في ذلك وتابعه احمد وغيره » وقل من المشتغلين بالحديث في ديارنا الشامية . وفي مصر والعراق وغيرها › من له معرفة برجال هذا المسند الثلاثة . وكذلك يحسن بنا أن نعرفهم ولو بإيجازء فأول جال السند هو : أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي الذي توفي في ولاية بي جعفر المتصور (المتوفي 58:) وقد أدرك من أدركه جابز بن زيد » فروايته عن جابر رواية تابعي عن تابعي . وقد روی بو - 163 - عبيدة أيضا عن جابر بن عبد الله وأأنس بن مالك وأبي هريرة › وابن عباس ء وأبي سعيد الخدري › وعائشة ّم المؤمنين رضي اله عنها . وروايته هذه عنهم موجودة بعصها في هذا المسند الصحيح . وهي رواية تابعي عن صحابي شيوخه : أخذ أبو عبيدة العلم عمن لقيه من الصحابة وعن الجابرين : جابر بن عبد الله وجابر بن زيد ٠ وعن ضار السعيدي وجعفر الماك وغيرهم . تلاميذه : وحمل العلم عن أبي عبيدة خلق كثير منهم الربيع بن حبيب الفراهيدي صاحب هذا المسند ء وفيهم (حملة العلم إلى المغرب) وهم : أبو الخطاب المعافري › وعبد الرحمن بن رستم › وعاصم السدراتي وإبماعيل ابن درار » وأبو داود القبلي النفزاوي » وكان الامام أبو الخطاب المعافري قد جاء من اليمن فرافق الأربمة من أهل المغرب فخرج معهم إلى بلادهم فتصبو عليهم بأمر شي شيخهم آبي عبيدة . وبأمره تصب الإمام عبد الله يحي يحى الكندي فى أرض اليمن » وجمعت أمارته اليمن والحجاز . اقام حملة العلم عنده خمس سنين فلما أرادوا الوداع سأله اسماعيل بن درار عن ثلاثمائة مسالة من مسائل الاحكام فقال له أبو عبيدة : اترید ان تکون قاضیا یاابن درار » قال ارايت أن ابتليت بذلك » . وأما جابر بن زيد الجوفى الأزدي بو الشعثاء (93 ه) أصل المذهب الإباضي في عمان والمغرب 4 وصاحب عبد الله بن عباس » فقد كان أشهر من صحبه وقراً عليه » وذكر أبو طالب المكي في کتابه (قوت القلوب) أن !بن عباس قال : إسألوا جابر بن زيد » فلو سأله أهل المشرق والمفرب لوسعهم علمه › وقال إياس بن معاوية :مارأيت البصرة وما فيها مفت غير جابر بن ريد » وقال الحصين : لما مات جابر بن زيد وبلغ موته انس بن - 164 - مالك قال : مات أعلم من على ظهر الأرض › ولما مات جابر ودفن قال قتادة : ادنوني من قبره » فأدنوه فقال : اليوم مات عالم العرب » وعن ابن عباس قال عجبا لأهل العراق كيف يحتاجون إلينا وعندهم جابر بن زيد لو قصدوه لوسعهم علمه › شيوخه وتلاميذه والذين حمل عنهم العلم »أو جملوه عنه : أولهم وأخصهم به عبد الله بن عباس فقد أكثر من الحمل عنه وعبد الله بن عمر ۔ وممن أخذ عنه : قتادة ». وعمرو بن دينار وأيوب وخلق . وإذا تأمل الإنسان روايات هذا المسند وجده يروي عن كثير من الصحابة وإذا كان عدد من لقيهم من اهل بدر بلغ سبعين رجلا فما ظنك بمن لقيهم جابر بن زيد من سائر الصحابة وأشهر أصحابه الراوين عنه : أبو عبيدة » ومنهم ضام بن السائب ءوأيو وح وحيان الأعرج » وكلهم من الفقهاء المجتهدين › وناهيك قوله : أدركت سبعين رجلا من أهل بدر فحويت ما بين أظهرهم إلا البحر »(ابن عباس) . شرح المسند : أما شارح هذا المسند فمن الحق أن نلم من ترجمته بما يصور حقيقته ويبين منزلته بين العلماء المحققين »فهو الشيخ نور الدين السالمي أبو محمد عبد الله بن حميد بن سلوم بن عبيد بن خلفان بن خميس السالمي الضبي (1286 - 1332) انتهت إليه رئاسة العلم بعمان وظهر ذلك في تآليفه الجمة في مختلف الفتون الشرعية والعربية مع التحقيق في مسائلها والإجادة من تاليف كتبها ورسائلها . صفاته : كان رحمه الله ضريرا قوي الذاكرة والذكاء » شديد اليقظة على تطورات قومه بعمان › فقد عمل كثيرا على إعادة الإمامة إلى القطر العماني الذي قلما عرف الملكية ديما إلا في - 165 - ظروف شاذة » كما وقع على عهد ابن نبهان في عصر ابن بطوطة . ولم يكن يكتم ميوله وآراءء في الإمامة عن السلطان فيصل بن تركي سلطان عمان » ولكنه لم يجد منه اتقيادا إلى إعلان الإمامة بدسائس الإنجليز الذين يتحينون الفرص للاتقضاض على أقطار الخليج العربي » ومطامعهم في جزيرة العربء ونفطها ومعادنها لا تحتاج الى تعريف . وما زال هذا العالم العامل يعمل على بث الدعاية للإمامة لا تأخذه في الله لومة لائم » ولا يخشى في إعلان الإمامة سطوة غاثم » حتى بدت للعلماء المساعي البريطانية »لحمل سلطان مسقط على الاعتراف بالحماية البريطانية . فأسلس العلماء القياد للنور السالمي » شارح هذاالمسند › وأعلنوا الإمامة بمبايعة الإمام التقي العلامة (سالم بن راشد الخروصي) وبذلك نهض المترجم له ببلاده وأقصى عنها خطر الاستعمار » وما في عمان اليوم من علماء إلا وهم تلاميذه › ولا فيهم من روح قوميته مقاومة للمستعمرين إلا منه › فهم مضرم نارها وملهب أوارها » وأن الإنسان ليعجب كيف استطاع أن يؤلف تلك المكتبة في عمره القصير وهو لم يبلغ الخمسين › فهو في قصر عمره وكثرة كتبه نظير شيخنا الجمال القاسمي بدمشق رحمهما الله . ومن تلك الكتب : تحفة الأعيان في تاريخ عمان جزهءان طبع أولهما في. مصر . - الحجج المقنعة في أحكام صلاة الجمعة » طبع بهامش شرح طلعة الشمس في أصول الفقه . 3 شرح المسند الصحيح للإمام الربيع بن حبيب الفراهيدي من أئُمة القرن الشاني في أربعة أجزاء ء طبع الأول والشاني منها - 166 - بمطبعة الأزهار البارونية والثالث بالمطيعة العمومية بدمشق في هذه السنة . ۱ 4 سواطع البرهان : رسالة في تطورات العصر في اللباس جواب لسؤال بعض أهل زنجبار . 5 مدارج الكمال :أرجوزة في الفروع الفقهية تنيف عن ألفي بيت وهو نظم مختصر الخصال للأمام أبي إسحاق الحضرمي ء»مطبوعة . 6 معارج الآمال : شرح لهذه الأرجوزة وهي تنبئ عن غزارة علمه ورسوخه في علم الشريعة › 4 قيل إنه يبلغ ستة عشر جزءا . 7 غاية المراد : أحد متون أصول الكلام . 8 مشارق أنوار العقول : شرح أرجوزته في أصول الدين › شرحها شرحا وافيا عد بها من أحسن كتب الأصول تحقيقا وتحريرا وتتسيقا طبع بمصر . ‎t t‏ 9 أنوار العقول › أرجوزة في أصول الدين تزيد على 0 بيت . 0 - بهجة الأنوار: شرح أنوار العقول طبع بهامش طلعة الشمس . 1- طلعة الثمس : ألفه في أصول الفقه من أجل متون هذا الفن وأكثرها نفعا . 2- شرح طلعة الثمس : في اصول الفقه جدير بأن يمد من أنفس كتب الاصول . 3 جوهر النظام : أرجوزة في الأديان والأحكام الشرعية والحكم وهي بضعة عشر ألف بيت . مطبوعة . 4 بلوغ لأمل : أرجوزة في أحكام الجمل الشلاث في — 167 - 5- الفتاوى العمانية : في سبعة أجزاء منها كتاب حل المشكلات . 6- رسالة تلقين الصبيان لمدارس عمان وقد طبعت بدمشق بالمطبعة العمومية هذه السنة ياشرافنا وهي رسالة مفيدة للصبيان والرجال معا . ‎f‏ ‏7 - المنهل الصافي في العروض والقوافي : أرجوزة تزيد على 0 بيت . وإذا اطلع المنصف على هذا الشرح . وجد الشارح واسع الإطلاع ء وألفى شرحه واضحا مبينا » وتعابيره صحيحة فصيحة ٠ أسلوبها المساواة » فلا هي مسهبة مملة › ولا مفرطة الإيجاز مخلة ‏ وأما أبحاثه فيها فإنها تدل على اعتدال في التحقيق وبعد عن التعصب فكثيرا ما ينقل عن العلماء المخالفين كالحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة » ويستشهد بأحاديث الشيخين وأئمة الحديث كأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارقطني والطبراني والبيهقي وغيرهم من أهل السنة والجماعة › مما يدل على أن الإباضية في المشرق والمفرب مذهب قريب من مذاهب السنة . والناظر في شرح النور للسالمي عالم عمان › يمتلئ طمأنينة بما ذكرته ء وقلما راينا من رجال المذاهب غير السنية من يستشهد برجال الحديث والفقه من أهل السنة إلا استشهاد نقد . وما آثرت تخريج أحاديث المسند والشرح - ولا سيما ما رواه الشيخان - إلا لتطمئن قلوب إخواني أبناء السنة بأن مستد الربيع الذي بنى عليه المذهب الإباضي هو صحيح الأحاديث ء وأكثرها (1) والعكس صحيح أي أن رجال المذاهب الأربعة قلما يستشهدون بأقوال غيرهم إلا في مقام التشنيع أو النقد أو الرد . - 168 - مما جاء في الصحيحین ٠ وجابر بن زید ممن روی عنهم البخاري وغيره . لكيلا يقع فيما وقع فيه خصوم الإباضية أو من لم يعرف حقيقة مذهبهم وعقيدتهم فيظنهم من الخوارج القلاة كالأزارقة والنجدية والصفرية المانعين لموارثة ومناكحة مخالفيهم . ومن أعلم أهل السنة بالإباضية وأعظم من كتب عن الخوارج الاماء المبرد في كتابه الكامل فقد قال ما نصه : «قول أبن إيباض أقرب الاقاويل إلى السنة » . وقال ابن حزم : « أسوأً الخوارج حالا الفلاة وأقربهم إلى قول أهل الحق ا » وابن إباض هو عبد الله بن إباض المري التميمى الذي عاصر معاوية وعده الثماخي في السير من التابعين › وکان 0 أتباع الإمام جابر بن زيد مؤسن المذهب الإباضي . ولو نسب المذهب الإباضي إلى‌جابر بن زيد تلميذ ابن عباس . كان في رأيي أصح علما . وأصدق نسبا . وإليك ما يقوله الشارح المعتدل المنصف فى مقدمة كتابه (تحفة الأعيان) «وندعو إلى كتاب الله ومعرفة الحق وموالاة أله . فمن عرف منهم الحق وأقر به توليناه » وحرمنا دمه ومن أتكر حق الله منهم › واستحب العمى على الهدى وقفارق المسلمين ٠ وعاندهم: فارقناه وقاتلناه حتى يفئ إلى أمر الله » أو يهلك على ضلالته من غير أن ننزلهم منازل عبدة الأوثان › فلا تستحل سباياهم ولا قتل ذراريهم . ولا غنيمة أموالهم ولا قطع الميراث منهم (كغلاة الخوارج) ) ولا نری الفتك بقومنا › ولا قتلهم في الي وإن كائوا شلال الله لم يأمر به في كتابه » ولم يفطله أحد من المسلمين ممن كان بمكة بأحد من المشركين ‏ فكيف نفعله نحن بأهل القبلة » ونرى أن مناكحة قومتا وموارثتهم لا تحرم علينا . ما داموا يستقبلون قبلتنا » ولا نرى أن تقذف أحدا - 169 - ممن يستقبل قبلتنا بما لم نعلم أنه فعله › خلاف (للخوارج) الذين يستحلون قذف من يعلمون أنه برئ من الزنا من قومهم وهم بذلك مضلون» . فالإباضية اليوم في عمان والمغرب من بقايا الخوارج المعتدلين والمتمسكين بالكتاب والسنة › قال النور السالمي ايضا : « ليس من رأينا ‏ بحمد الله الغلو في ديننا ولا الثم فى أمرنا » ولا التعدي على من فارقنا . . . الله ربنا »ءومحمد نبينا » والقرآن إمامنا » والسنة طريقتنا » وبيت الله الحرام قبلتنا › والإسلام ديننا » . ولذلك يحرم على المسلماتهام أخيه المسلم في دينه بعد مىل هذا الاعتراف فيكون من المتالين ء. الذين يسارعون في تكفير المسلمين وهم الذين عناهم النبي ييه في قوله : (ويل للمتألين من أمتي) أي الذين يحكمون على الله بقولهم فلان في الجنة وفلان فى النار . ويفهم من شرح هذا المسند أن الشبارح من المتمسكين بالحديث الصحيح وأرباب العقل الراجح ء والمعظمين لرسول الله عر وأقواله » والمهتدين بسنته وأفماله › فهو في شرحه لهذا المسند يمحص أقوال العلماء ويختار على أقوال المذهب ما صح من حديث رسول الله يي فليس هو ممن يرى (العمل على الفقه لا على الحديث) قال شارح (الصراط المستقيم) :إذا وجد تابع المجتهد حديثا صحيحا مخالفا لمذهبه هل له أن يعمل به ويترك مذهبه ؟ فيه اختلاف › فعند المتقدمين له ذلك . قالوا :لأن المتبوع والمقتدى به هو النبي يه » ومن سواه فهو تايع له فبعد أن علم وصح قوله كلف فالمتابعة لغيره غير معقولة » . - 170 - قلت ولذلك لا يجوز التعصب للمذاهب تعصبا يستهتر به بحذيث الرسول فان ذلك من الفسق ء والبعد عن الدين ء والخروج على سيرة الصحابة والتابعين . ِ ومن هؤلاء الجامدين المتعصبين كما يقول بعض الائمة - من ذا مر عليه حديث يوافق قول من قلدوه انبسطوا » وإذا مر عليهم حديث يخالف قوله › أو يوافق مذهب غيره › ربما انقبضوا ولم يسمعوا قول الله تعالى : فلا وربك لا يؤمتون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضیت ویسلموا تسليما هذا وما كان أهل عمان أقرب فرق الخوارج إلى أهل السنة إلا لأن مذهبهم كما اطلعت عليه مبني على السنة ء وتقديم العمل على الحديث لا على الفقه . والمذهب عملا بما جرى عليه إمامهم جابر بن زيد الذي عمل بنصيحة شيخه عبد الله بن عمر الذي روى عنه فقد جاء في (الحجة البالفة) أن ابن عمر رضي الله عنه قال لجابر بن زيد «إنك من فقهاء البصرة › فلا تفت إلا بقرآن ناطق ء أو سنة ماضية فانك إن فعلت غير ذلك هلكت وأهلكت » . ولذلك نعتقد ونقول : إن المعقول » ومن القلب المقبول › ألا نهتدي إلا بقوله تعالى : فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ي » . - 171 - مع إبراهيم محمد عبد الباقي من قرا كتاب الأستاذ إبراهيم محمد عبد الباقي (الدين والعلم الحديث) يبدو له وإضحا أن الأستاذ إبراهيم كاتب نزيه حريص على وحدة الأمة المسلمة » يحارب بقوة كل ما يحرك الفتن › ويسبب الفرقة » كما يحارب بقوة وبصيرة تلك البدع المنكرة التى اتحرفت بسلوك المسلمين » وضللت عقائد البسطاء منهم › وريما أزاغتهم عن معنى التوحيد الخالص . وقد تحدث عن الإباضية في كتابه القيم » ويسرني ُن أُضع بين يدي القارئ الكريم ما قاله الأستاذ عبد الباقي ص 252 من كتابه الدين والعلم الحديث : (طرف من عقائد الخوارج) لقد شاع في المسلمين أن جميع الخوارج غير مسلمين . ولكن الناقد البصير لا يصح أن يجرد البعض من الإسلام » لأنهم في خروجهم على مذهب لهم فيه تأويل › ومنهم عباد وزهاد ملاو بطون الكتب بورعهم وتقواهم . هذا ولما كان الوقت شحيحا يضن علي بالبحث عنهم والتنقيب اتصلت بمن له خبرة بهم ٠ وهو زعيم طائفة منهم تسمى الإباضية . ذا الزعيم يسمى أبا إسحاق إبراهيم طفيش موظف بدار الكتب المصرية فكفاني مؤونة البحث › وکدب الكلمة الاتية » . بعد هذه المقدمة البسيطة نقل الأستاذ إبراهيم الفصل الذي كتبه له الإمام أبو إسحاق لقيش عن الخوارج وسوف نجده ضمن فصول هذا الكتاب تحت عنوان (نبذة عن الخوارج) - 172 - وبعد هذا الفصل قال الأستاذ إيراهيم عبد الباقي ما يلي : يريد الأستاذ ‏ أي أبو إسحاق ‏ بالمذاهب المتعفنة أن كل طائفة متشبثة بمذهبها › ولو كان الحق مع مذهب غيرها › وهذه آفة القديم والحديث ء إذ أن الحق أحق أن يتبع » والمنصف يسير مع الحق حيث سارت ركائبه » وكان عمر رضي الله عنه ينظر في الحكم فان كان في كتاب الله قضى به › وإن لم يکن في کتاب الله نظر في السنة فإن لم يجده في السنة جمع رجال الدين › فإذا اجتمع أيهم على شيء قضی به . أما الآن فقد خالف الناس ء واتبعوا المذاهب وإن كان ذلك مخالفا للسنة . هذا وقد أخبرني الأستاذ أبو إسحاق بأن مذهب الإباضية أكثر انتشارا في جنوب الجزائر في(وادي ميزاب) وفي تونس (في جزيرة جربة) وفي ليبيا في (جبل نفوسة) وفي (زنجبار وعمان) باليمن حيث يوجد نظام الإمامة المطابقة في بيعتها لبيعة الخلفاء الراشدين»(1) . ١ بعد هذا التعليق البسيط ينقل الأستاذ إبراهيم عبد الباقي مقتطفات من مقال للاستاذ مصطفى الشكمة سوف ننقله لك ضمن فصول هذا الكتاب » وبعد أن انتهى الأستاذ إبراهيم من الاستشهاد بمقال أبي إسحاق وألشكعة قال : «وفد تصفحت من كتبهم ما ڀأتي : أولا : جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام للإمام نور الدين أبي محمد عبد الله بن حميد بن سلوم السنالمي العماني (1) آخر بيعة في هذا النمط يإجماع الأمة كانت سنة 1338 ه للإمام أبي عبد الله محمد بن عبد الله الخليلي وقد سار بالإمامة على منهج المدول في أمة محمد يق ولما توفى اجتمع أهل الحل والعقد سنة 1945 م على بيمة الإمام غالب بن علي ولكن مكائد الاستعمار الانجليزي أدخلت أصابعها إلى عمان فقوضت أركان الإمام ء وأخرجت الإمام من عمان . - 173 س رحمه الله وله تعليق عليه ولد سنة 1286 ه وتوفي سن 1332 هھ . ثانيا : شامل الأصل والفرع لمحمد بن يوسف طفيش . ثالثا : جامع أركان الإسلام للشيخ العلامة سيف بن ناصر بن سليمان الخروصى طبع أول مرة بمطبعة الأداب سنة 1331 ه . رابعا :مشارق أنوار العقول » طبعة السيد حمود بن محمد بن سعد سلطان زنجبار بمطبعة المحروسة سنة 1314 ه . خاسا : الوضع المختصر في الأصول والفقه تأليف الإمام أبي زكرياء يحي ابن بي الخير الجناوني رحمه الله تعالى نشره وعلق عليه الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم طفيش طبع بمطبصة الفجالة الجديدة . وقد استنتجت من هذه الكتب ما ڀأتي : ولا :التنزيە المطلق لله تعالى ءويوجبون تأويل المتشابه بما يليق بجلال الله تعالى كاليد تؤول بالقوة وتارة بالنعمة › فمذهبهم مذهب الخلف في المحكم والمتشابه . ثانيا :لا يرون رؤية الله تعالى في الدنيا ولا في الأخرة . وهذا من كمال الله تعالى › لأن الرؤية تستدعى مشابهة الله لخلقه ء وكذلك يستدلون بالآية الثريفة إلا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف . وما حاء في السنة لا يعارض القرآن الكريم › لأنه خبر الأحاد » وخبر الأحاد لا يفيد إلا الظن › والظن لا يصح دليلا على صحة العقائد » ويفسرون الحجب في الآية «إكلا نهم عن ربهم یومئذ لمحجو بون بأنه غير الرؤية . ثالثا : يرون أن صفات الله تعالى ذاتية ليست بمعان قائمة بذاته . - 174 = رابعا : لا يكفرون أحدا من أهل القبلة إلا إذا أخل بالإعتقاد الإسلامي ء كإنكار ما علم من الدين بالضرورة.ء كأن ينكر إنسان صفة من صفات الله تعالى أونبيا من الأنبياء أو حرفا من القرآن الكريم . خامسا : يرون أن القراءات السبع متواترة . سادسا : يعرفون المذهب الاجتهادي بقولهم : المذهب هو ما استبان به لكل فرقة عن الأخرى في الفروع التي لا تأثيم يها فحرية الرأي وحرية المذهب مكفولة › وأن الخلافة لا تكون الا من أهل الحل والعقد . سابعا : أن مرتكب الكبيرة عندهم ليس مشركا » وأن أهل الجنة خالدون فيها » وأهل النار خالدون كذلك ء فهم يخالفوننا في عقيدتنا » وهو أن العاصي من المؤمنين يدخل التار حتى يطهر من معصيته › » أن المعصاصى رجس ء والجنة طاهرة فلا يدخلها إلا الطاهرون .` ثامنا :يخالفوننا في بعض فروع الفقه مثل رفع اليدين عند التكبيرات في الصلاة › ومشل وجوب سجدة التلاوة حين سباع الاية ءوغير ذلك من المسائل التي لم تكن موضع إجماع . - 175 مع الأستاذين التنوخي وإبراهيم عبد الباقي لقد عرضت عليك أيها القارئ الكريم ما كتبه كل من الأستاذين الفاضلين : عز الدين التنوخي ء وإبراهيم محمد عبد لباقي عن الإباضية » وتقلته لك بنصه › وذركت لك أيضا أن هذا لمنهج الذي سارا عليه هو الموج السليم الذي يجب أن يسلكه من يريد أن يكتب عن أي فرقة . ولك بأن, يتصف بالنز والتجرد › ون يتحلى بالصدق والأمانة ون يعتمد ‏ في تقرير آراء وعقائد اي طائفة ونسبتها إليها - على كتبها ومراجعها وعلمائها لا على ما يكتبه عنها غيرها . لأن ذلك الغير في أغلب الأحوال يقف منها موففٍ الخصوم ۱ ومن هذه الاسس يستطيع الكاتب أن يعرض الحقيقة . حقيقة ما يعتقده أصحاب الفرق ويقولونه › ويندينون به دون تحريف أوتدليس ُو غموص ُو يهام مقصود . وقد سلك الأستاذان التنوخي وإبراهيم هذا المسلك السليم وهما يكتبان عن الإباضية . فرجعا إلى مصادر الإباضية » وبذلك جاءت كتاباتهما سليمه من السفاسف والأباطيل التى تجدها عند كثير من كتاب المقالات الأقدمين منهمالمحدثين . كما جاءت كتابتهما سليمة ‏ أيضا ‏ من الفراغ والخواء الذي تحسه وأنت تقرا لبعض الكتاب المقلدين الذين يعتمدون على ما يجدونه دون فهم ر تمحيص أو بحث عن الدوافع والبواعث اكتفاء بإسناد ما يقولونه إلى مصادر تاريخية أضفى عليها القدم ثوب القداسة » ليتخلصوا من مسؤولية إعلان كلمة الحق . وبالرجوع إلى ما كتبه الأستاذان الفاضلان ونسباء إلى الإباضية مما سبق عرضه على القارئ الكريم يبدو أنه لا يوجد شيء عندهما يحتاج الى مزيد من النقاش والبحث غير نقطة واحدة جانبية . - 176 - تلك النقطة هي انسياقهما وراء التيار التاريخي الجارف الذي يصر على اعتبار الإباضية فرقة من فرق الخوارج . ونحن لا نلومهما - في موقفهما هذا ولا نعتب عليهما › فقد استطاع التدليس التاريخي أن يصبغ هذه الدعوى الكاذبة بثوب الحقيقة حتى انطلت على بعض الإباضية أنفسهم في القديم وفي الحديث . بل لقد حدثني بعض الشباب عن تخصص في التاريخ بأنه يفتخر بذلك ويعتز › لانه يفهم أحداث ذلك العصر ويفسرها بروح هذا العصر ء فكان يعتبر الخوارج طلائع ثورية ٠ يمثلون الدور الشوري على الظلم والفساد والرشوة » وهو بهذا الفهم يعتز بأن يكون خارجيا أو ينتمي إلى فرقة خارجية » بمعنى أنه ينتمي إلى فكرة ثورية تحمل في مسيرتها التاريخية نضالا ضد فساد الحكم لا يهداً ولا يستقر . وهذه الصورة الشورية التي يعجب بها هذا الشاب وزملاؤە وأضرابه من الشباب الذي ثارت الأوضاع الفاسدة في أنظمة حكم فاسد جثم على صدر الأمة بكلكله الثقيل 4 ثم محاولة التخلص منه . هذه الصورة ليست فكرة مقصورة على الخوارج أو على الإباضية أو على فرقة معينة من فرق المسلمين . إن الثورة على الظلم والفساد والرشوة وما يتبع ذلك من البلايا والمحن » إنما هو المنهج الذي جاء به الإسلام ءودعا إليه المسلمون ودعا المسلمون إليه . وقاموا به في مختلف أدوار التاريخ » ولم تسكت الألسنة الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر . ولم تكف الأيدي الثائرة في أي فترة من فترات الحكم المتحرف . 12 177 - ولم يمض حاكم ظالم دون ُن تتاله صفعات مؤلمات من العا ثرين في الأمة السلمة من + جميع الفرق والمذاهب › حتى من أتباع الائمة الذين يتنهون عن استعمال العف 6 ويحذرون من الفتنة › استبداد ق على شق ق عصا الطاعة ء وأحداث تستطيع أن تبداً ملاحظة ذلك من أول العهود التي بدا فيها الحكام يتحرفون عن نظام الخلافة الرشيدة الى ملكية مسشدة › أو كما سياه اه الوسول 2 (ملك عضوض) ولو أن لملوك ل . والإباضية مثل غيرهم من المسلمين في هذا المجال ءكانوا من شد من بنتمد تصرف المتحرقين 6 وطالب ولاة الأمور ا يتقيدو تا ك وتعالى و شاا الأمة فرضیت عنهم . ويتصح لاوا 7 لُت الاخوة الشباب من هدا انتقاد الإباضية للتحكم الظالم . ومحاولتهم للاطاحة به في بعص الأحايين 6 وعملهم على اإيجاد 6 تطبق أحكأم الإسلام 6 وتتعيد بها »وتشددهم في مجابهة العدوان ومعارضته وعلف !. كل هذا لا يلحقهم بالخوارج ٠ ولا يجمعهم معهم في صعيد واحد 6 ولا يجعلهم فرفة منهم م وفي امسلمين مخف لوان ا وا سيما - 178 - إلى ملك عضوض »قد سبب فجوة عميقة › أو هوة خشي المسلمون أن يتردوا فيها ثم يعر عليهم الخروج منها أمثلة حية واضحة لكثير من التابعين وتابعي التابعين . بل ومن بقية الصحابة رضوان الله عليهم . فقد كانوا من أقوى الثائرين على الفساد الذي بدا باتحراف الحكم عن الخلافة الرشيدة إلى ملك عضوض يتقاتل عليه أصحاب الدنيا . وقد استشهد في هذا السبيل عدد من أفذاذ ا .ومع ذلك لم يسموا أنفسهم خوارج ٠ ولم يعتزوا بذلك سم ولم يشرفهم أحد في أتباعهم والمعجبين بهم بهذا الاسم ءأو 0 عليهم هذا اللقب . ويكفي أن أذكر الأمثلة لأولشك الثائرين على الإتحراف لفسا شهيد كربلاء الإمام الحسين سبط رسول الله م وعبد لله بن الزبير نجل ذات النطاقين › وسعيد بن جبير وزيد بن ۳ بن الحسين. وكل واحد من هؤلاء يمثل ثورة عارمة من الأمة السلمة على الحكم الظالم » والخروج عليه . ومدافعتةه حتى الاستشهاد . وإذا شاء القارئ الكريم أن يضيف إلى هذه القائمة أسماء الثوار الشهداء الذين سالت دماؤهم على سيوف الحكم المستبد . والذين نجحوا في ثوراتهم أو فشلوا يستطيع أن يملا المجلدات الضخمة بما يجري من ذلك عبر التاريخ » ويأخذ الإباضية أو بعض الإباضية حيزهم الضيق أو الواسع في تلك المجلدات ء ولا يمكن ن يخلو میم مجار., ومن البديهي أن أولشك الثوار.ابتداء من سيد الشهداء الإمام الحسين ومن سار ر على نهجهم في مختلف العصور» لم يحملهم التطرف › والسخط على فساد الحكم ء إلى مخالفة أحكام الإسلام . - 179 - دماء وأموال وأعراض هذه النقطة بالذات ‏ وهي التطرف في السخط حتى تستحل به الدماء البريئة ء والأموال المعصومة › والأعراض المصونة بحكم الله - هي الفارق الوحيد بين الشورية والخارجية . إذا سمحنا لأنفسنا فاستعملنا كلمة الثورية - بمدلولها المعاصر - على أحداث التاريخ في تلك العصور . فان عبد الله بن الزبير ۔ مثلا ۔ کان قد ٿا ر على الحكم الأموي المتحرف وكان الحكم قائما عندما ثار ابن الزبير فخرج عن الطاعة كما تعبر ألسنة الأنظمة الحاكمة في كل عصر وكل عهد ولكنه مع خروجه على حكم الدولة القائمة لم يعتبر خارجيا » ولم يسم نفسه بهذا الاسم ؛ ولم يسمه أتباعه بذلك » ولم يتجرأ أحد من خصومه أن يسه بذلك في ذلك الحين 4 فلماذا لم يكن يكن ذلك ياترى؟ ذلك أن إطلاق لفظة الخوارج إنما كانت تعني من يخرج على نظام قائم فلا يكتفي بمحاربة النظام القائم ‏ سواء كان عادلا أو جائرا - وإنما يضيف إلى ذلك أن تستحل دماء وأموال » وحرمات من يخالفه » ويحكم عليهم بأحكام المشركين › ويطبقها عليهم ما تمكن من ذلك . ولم تكن هذه الاراء ولا هذه السيرة لعبد الله بن الزبير مثلا ولذلك فنحن قد نستطيع أن نعده في موكب الثائرين › ولكننا لا نشتطيع أبدا أن نعده من الخوارج » لأنه ‏ بيساطة - لم يكن يدين دين الخوارج فلم يكن يحكم على غيره من المسلمين يالشرك ولم يكن يستحل منهم : لا الأموال ولا سبى النساء والأطفال » ولا دساء من لم يعترض سبيله ويرفع في وجه السلاح » وإنما كان يرى أن المسلمين جميعا إخوة له فهو يقتصر - 180 = في ثورته على محاربة الحكم الظالم . والجيش الباطش ء ومن يسعى إلى تثبيت أركان الظلم . ِ ونفس الموقف نستطيع أن نعطيه لبقية الثائرين في أدوار التاريخ الإسلامي الطويل وفي عهود الفساد والظلم » فلم يتلقب أحد منهم بذلك › ولم يلقبهم به أحد من الناس ء لهذا الفارق اللوحيد فحسب » ويدخل في هذا الجانب حتى أولشك الذين خرجوا على الحكم وثاروا عليه ولم يكن قصدهم الحقيقي هو إزاحة الظلم ولكن الوصول إلى الحكم ما لم يدينوا بذلك المبدا الذي يضع المسلمين في صفوف المشركين ويبيح منهم ما حفظه الله لهم بكلمة الشهادة . إن الشورة على الظام والظالمين ومحاربة الفساد في أنظمة الحكم › أهم واجبات المسلم › وقد كان ذلك هو المبداً الذي سار عليه أئمة المسلمين مع اختلاف في الطرق والمناهج › فمنهم من يكتفي بالثورة اللسانية ومنهم من يمد يده إلى السيف من اول حركة » ومنهم من يجمع بين الاثنين » ومنهم من يتخذ موقفا غير مباشر في مكافحة الظالمين وذلك بنقد الظلم والفساد عامة دون التعرض لمن يتصف بذلك . وقد يستفحل الاستبداد فيقيد الأيدي ويكمم الأفواء › وتبقى الثورة خبيسة في الصدور جتى تنفجر في يوم من الأيام فتطيح بالظلم والظالمين » ولو طال بهم المدى . والخوارج حين ثاروا على ما اعتقدوه ظلما ء ورأوه أتحرافا بالحكم عن المنهج الإسلامي الشوري » إلى منهج دكتاتوري مستبد » لم يقصروا الثورة على أجهزة الحكم الفاسد فقط - ولو في نظرهم - وإنما تجاوزوا ذلك إلى أن حكموا على غيرهم من المسلمين بأحكام المشركين وإستباحوا منهم ما أباحه الله من - 181 - الكفار . وبذلك انتقلوا من وصف الثورية إلى وصف الخارجية الذي يعني الخروج من الدين › أي من مجموعة كانت تطالب بحق تۇديهم فيه كل الأمة - ولو بقلوبها حتىی الذين لم يشتركوا في أية ثورة قط لا باليد ولا باللسان ‏ إلى فرقة قد انفصلت عن الأمة المسلمة انفصالا دينيا كاملا ء بحيث حكمت على الأمة المسلمة بأحكام لأنها في نظرها قد كفرت : إما بكونها مع الظالمين › وإما برضائها وبقائها تحت حكمهم . وقد كان رد الفعل لهذا الموقف من الأمة المسلمة أن حكمت الأمة على هذه الثورة المنحرفة المتطرفة بنفس الحكم › وبادلتها نفس الموقف ء وأطلقت عليها لفظ الخارجية والخوارج وهي تقصد بذلك خروج من يدين بذلك من الدين بسبب الحكم على المسلمين بالشرك ومعاملتهم معاملة المشركين وهكذا بعدت بينهم المسافة ءواتسعت الشقة . فالخوارج يرون أن الحكام الظالمين ومن أعانهم على حكمهم ومن سكت عنه او رضي به وبقي تحت سلطانهم كل هؤلاء قد كفروا تحل دماؤهم وأموالهم وسبي نسائھہ وأطفالهم . والآخرون يرون أن الخوارج كفروا لأنهہ كفروا المسلمين . ي بصد هذا الحديث أريد أن أوجه إلى القارئ الكريم السؤال الاتي : (1) 2 يچب أن أذكر هنا انني لم أتمكن من الحصول على أي مصدرمن مصادر الخوارج حتى أعرف حقيقة ما عندهم من كتبهم ور ن ما أسندته إليهم في هذا الفصل وفي غيزه من الفصول وفي كتبي السابقة إنما أخذته من مصادر غيرهم التي كتبت عنهم وهي في أغلبها تقف منهم موقف الخصوم بما فيها كتب الإبات. ‏ فإن كان ما نسب إِليهم حقا فتحن مسئولون عن دراستنا وآرائنا وان کان ما نب إليهم باطلا من القول فالعهدة على الرواة من كتاب التاريخ والمقالات وإني أستغفر الله وأتوب إليه . - 182 - متى أو لم يعتبر الفرد أو الطائفة من الخوارج ؟ أحسب أن الإجابة الصحيحة عن هذا السؤال تحدد الموقف بالنسبة للإباضية › وتضعهم في مكانهم الطبيعي في المذاهب الإسلامية . لقد أوضحنا فيما سبق أن الثورة على أي حكم والخروج عليه لا يكفي سببا لأن يضع صاحبه أو أصحابه في قائمة الخوارج ثم يسلط عليه الحكم الذي سلطه التاريخ على الخوارج والأحكام التي سلطها الخوارج على غيرهم . فقد خرج أهل الأمصار على عثمان - وهو خليفة راشد ‏ ولم يسمهم أحد حينئذ خوارج ءوخرج طلحة والزبير وعائشة على عَلي ‏ وهو خليفة راشد ‏ ولم يسمهم أحد خوارج › وخرج معاوية على أمير المؤمنين عَلي - وهو خليفة راشد - ولم يصفه أحد بالخارجية » وثار الحسين بن علي وعبد بن الزبير وسعيد بن جبير وزيد بن علي ويحي بن زيد على " الأمو ية ولم ينمهم أحد خوارج . بل إن زعماء الدولة العباسية أَنفْسهم کانوا قد خرجوا على الدولة الأموية ولم يسمهم أحد خوارج » بل ونقص الأمين بيعة المأمون وخرج عليه اسا ولم يطلق اسم الخوارج على أي منهما . ومعنى هذا أن الخروج على نظام الحكم القائم والثورة عليه سواءكان الحكم عادلا وظيفا كما كان في عهد الخلفاء الراشدين » أو كان ملكا عضوضا كما كان في عهد الدولة الأموية وما بعدها وما كان يقوم به عمالها أمشال الحجاج وزياد وعبيد الله بن زياد وأضرابهم ‏ فإنه لا يكفي لأن يعتبر الشائرون عليه خوارج لمجرد نورتهم على الحكم وخروجهم عنه › إن الخروج عن الحكم الظالم » والثورة عليه » ومحاولة الإطاحة بأجهزته الفاسدة هو من أوكد الواجبات على الأمة المسلمة إذا لم تخش شرا أكبر ء - 183 - ومن قام بذلك الواجب لا يمكن أن يعتبر خارجيا . ولا يجوز أن يوصف بالخارجية › إلا إذا تطرف فتعدى ذلك إلى الحكم على لسلمين باسكا المشركين منهم | الدماء والأموال › ٤ وواضح أنها خارجة عن الإسلام لا عن حكم قائم لدولة قد تكون باغية تتحكم في رقاب أُمة مسلمة كريمة وصفها الله تبارك وتعالى بالإيمان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فتذلها وقد تنفذ فيها عمليا فظائع من السلوك لم تخطر على بال الخوارج حتى وهم في أشد حالآت الحنق والفيظ ء وإذا كان هذا واضحا وصحيحا وواقعا فما هي العلاقة أو الرابطة بين الإباضية والخوارج . إن الإباضية من أحرص المؤمنين على التقيد بما ثبت في النصوص الشرعية من أحكام المسلمين وهم يعتقدون أن كل من نطق بكلمة الشهادة فهو مسلم له ما للمسلمين وعليه ما عليه فلا يستحلون دماء أحد من أهل القبلة إلا بالحق الذي بينته وحددته الشريعة الإسلامية كالردة وقتل النفس وما في معناها من الحدود . ولا يستحلون مال أحد إلا بالطرق التي رممتها الشريمة الإسلامية للتعامل بين الناس : فريضة في کتاب الله » هبة عن تراض » بيع عن تراض » وما معناها . أما قتل الأبرياء وسبي الأطفال والنناء فقد وقفت دونها كلمة التوحيد » وصانها عن هذه المذلة والهوان . ولا يستحلون هذا حتى من البغاة والمعتدين مهما بالغوا في مسلكهم الظالم . فالإعتبارات التي سمي الخوارج ‏ من أجلها ‏ خوارج لا وجود لها عند الإباضية مطلقا . بل إنهم أبمد الناس عنها عقيدة وقولا - 184 - وعملا وجميع كتاب المقالات - رغم إصرارهم على أن الإباضية من الخوارج - يشهدون بذلك ويسجلونه في كتبهم . لوكانت الخارجية نسبا أو صهرا أو حتى صداقة يزعم زاعم أن للإباضية بهذا النسب وشيجة أو قرابة ويزعم أن لهم فيها عما أوخالا أو صديقا » ولكن القضية ليست كذلك القضية قضية عقائد معينة محددة ينبني عليها سلوك تنتج عنه آثار. فمن اين جاءت الخارجية إلى الإباضية ولماذا يصر مؤرخو الفرق الإسلايمة وكتاب المقالات الدينية على هذا الموقف؟ يقول الأستاذ مصطفى الشكعة : «إنهم رموا بهذا اللقب لأنهم رفضوا القرشية . أي التزام كون الإمام من القرشيين» . والحقيقة أنه لا شيء البتة عند كتاب المقالات والمؤرخين يمكن أن يكون سببا لإطلاق كلمة الخوارج على الإباضية إلا أحد أمرين هما :رفض القرشية » واعتبار التحكيم خطاً . فهم يلتقون مع الخوارج في هذا الرأي لا غير وهذا ‏ فيما يبدو هو كل ما يتعلق به القوم غير أن السياسة الماكرة في العهد الأموي وفيما بعد أيضا حاولت أن تضرب كل من ينتقدها بما يناسب ظروفه 'ولما كان الإباضية لا يعترفون بالقرشية أساسا أو مؤهلا وحيدا للإمامة فقد أضفت عليهم لقب الخارجية ثم جاء أعوانها فاخترعوا للإباضية عقائد وشنائع بثوها عنها فانتشرت بين الناس وقامت حائلا دون أن يفهم بعضهم.البعض واختفى في زحمة النقاش السبب الرئيسي للموضوع وطفت تلك وراجت فتناولتها الأقلام بالإثبات والترسيخ وقد أوضحنا من قبل أيضا أن الول بأن التحكيم خط لا يخرج قائله من الإسلام » ولا يفصله عن الأمة المسلمة , ولا يکفي لأن نسلط عليه حكما رهيبا يجعله فكروها من المسلمين » ثم يستمر هذا الحكم طول التاريخ ءويمتد مع امتداد الزمن ء - 185 وأوضحنا أيضا أنه إن كان إنكار التحكيم واعتباره خدعة سياسية يراد بها تفريق جيش أمير المؤمنين عَلي » هو الخارجية أو هو السبب في إطلاق لفظة الخوارج » فأحسب ب أن أمير المؤمنين عليا وخيار أصحابه أمثال عمار والأشتر وعبد الله بن عباس يكونون رؤساء للخوارج . ذلك أن كتب التاريخ التي كتبت عن موضوع التحكيم تكاد تكون مجمعة أن أمير المؤمنين كان أول أو من أوائل من تفطنوا للمكيدة ولم يقبل التحكيم إلا مكرها . وأنه أنكره بشدة » وأيان لجيشه ‏ الذي عمل فيه الطصابور الخامس عمله - عواقب تلك المكيدة . وأنه لم يقبل التحكيم إلا مضطرا » عندما وجد جيشه معرضا للتفرقة والتمزق › وربما للتناحر. وكان على رأي الإمام علي وعلى رأي أصحابه في اعتبار التحكيم مكيدة لا ينبفي قبولها أكثر أئمة المسلمين منهم الإمامان العظيمان الحسن البصري ومالك بن أنس حسبما أورده المبرد في كامله وابن أبي حديد في شرح نهج البلافة بل أن أزعم أننا اليوم وفي هذا العصر ‏ وقد مضى على تلك الأحداث ثلاثة عشر قرنا ونصف - عندما تقراً أخبارها نشعر بالأسف والحسرة لأن تلك الخدعة الجريئة قد انطلت على أكثرية جيش علي ءحتى اضطر للاستجابة لها رغم معرفته القصد منها » وتقديره لنتائجها وعلمه علم اليقين أن القصد من تلك العملية لم يكن مراعاة للمصلحة العامة › ولا نظرا لخير الأسة ولا تحكما للكتاب في شيء جهل فيه حكم . فهل يعتبر من يحس هذا الإحساس ‏ اليوم - ويرى هذا الرأي من الخوارج . (1) راجع كتابه الإسلام بلا مذاهب . وكتاب الدين والعلم الحديث للأستاذ إبراهیم محمد الباقي ص 266 طبع المكتبة التجارية الكبرى . - 186 - لا شك أن الإباضية يرون أن التحكيم خدعة وخطاً لا ينبفي قبوله » ومع الإباضية في هذا الفهم وهذا الاعتقاد أئمة المسلمين في مختلف المذاهب . فإذا كان الخوارج هم الآخرون يرون هذا الرأي فهل يعني هذا أن الإباضية ومن یری رأيهم في قضية التحكيم أو في قضية الخلافة أصبخوا خوارج لأنهم التقوا معهم في فكرة . أحسب أن هذه النقطة هي النقطة الوحيدة التي يلتقي فيها الإباضية مع الخوارج › ويلتقي فيها مع الخوارج كثير من الإمة . أما في موضوع الخلافة فأصبحت الأمة كلها فيا يبدو ترى رأي الخوارج قولا وعملا . وينفصل الإباضية عن الخؤارج ‏ في غير النقطة السابقة - اتفصالا كاملا لا لقاء ممه ء ويقفون معهم أعنف المواقف في الحرب والسلم . فهم عندما يكونون معهم في الإسلام » يعلنون البراءة منهم . ويطردونهم من مجالسهم » وينكرون عليهم في عنف وشدة › ويمنعونهم أن يتحدثوا إلى الناس عن آرائهم المتطرفة . ولقد يكون إنكار الإباضية على الخوارج أعنف وأقسى من إتكار غيرهم عليهم - بقطع النظر عن المواقف العسكرية التي كانت تقفها دول كانت تحافظ على عروشها لا على معتقداتها وعلى سلطتها وهيبتها لا على دينها . ومع كل هذا فقد استطاعت الدعاية السياسية في العهد الأموي أن تضفي لقب الخارجية على الإباضيةء وجاء المؤرخون الموجهنون فنشروا ذلك في كتبهم وفي أحاديثهم وفي المجالس الخاصة والعامة ‏ ثم جاءمن بعدهم كتاب المقالات فأخذوا ما وجدوا دون تحقیق أو ترو ُو نقد . وقد وجد الكذابون والمشنعون والمستغلون ميدانا فسيحا للإفتراء والزيادة فنشروا الأباطيل يتناقلها الناس كأنها وقائع . أخذها كتاب المقالات كمادة علمية حثوا بها - 187 - كتبهم فأصبحت مرتبة الحقائق الثابتة التي لا يتوجه إليها نقد ولا يرتفع بصددها نقاش . ولاشك أن الذين كتبوا عن الإباضية واعتبروهم من الخوارج كان لكل واحد منهم مستنده ومنهجه ودوافعه › وربما کانوا باتجاهاتهم وذوافعهم ومستنداتهم لا يخرجون عن الأنواع الثلاثة الآتية : 1 النوع الأول : اعتقدوا حقا أن الإباضية فرقة من الخوارج › وتشَبثوا باعتقادهم أنها فرقة ضالة مبتدعة » بل وحتى أسواً من ذلك لو أمكن » واشتد ‏ من أجل هذا - حقدهم عليها وبفضهم لها ء وهم مستعدون لتقبل كل ما يقال عنها من تشنيع وحتى الزيادة عليه برضى واطمئنان دون الشك في صحة ذلك أو محاولة للبحث عن الحقيقة . 2 النوع الثاني : استندوا على مصادر موجودة واعتمدوا عليها دون نقد أو محاولة لمعرفة حقيقة الإباضية من وراء ذلك وهم يرون أنهم فعلوا ما ينبفي لهم ما دام الواحد منهم يستطيع أن يدل على مصدر استند عليه . 3 النوع الثالث : درسوا شيئا عن الإباضية واطلعوا على كتبهم وعرفوا منها البون البعيد بين الإباضية والخوارج وعلموا » أن كثيرا مما يقال في كتب المقالات لا أساس له ء ولكنهم مع ذلك استسلموا للتيار التاريخي في إطلاق كلمة الخوارج على الإباضية باعتباره اسما مميزا فقط لا يدل على ما تحمله كلمة الخارجية من المروة: وما تشتمل عليه وتوحي به في الخروج عن الدين والأمة › فهم يطلقون لفظ الخوارج على الإباضية كما يطلق أي لقب مكروه على شخص دون اعتقاد بأن ذلك الشخص يحمل شيثا من مدلوله ومعانيه . - 188 - ويبدو لي أن الأستاذين : عزالدين التنوخي ء وإيراهيم .حمد عبد الباقي » ومن سار على نهجهما من هذا القسم . فهما ‏ مع تقريرهما يَش الإباضية عن الخوارج البعد الكامل - وتوضيحهما للفارق الظاهر في. ذلك لم يتحرجا ُن يذکرا ُن الأاباضية فرقة من الخوارج . بل لقد تجراً الأستاذ إبراهيم محمد عبد الباقي فوصف صديقه أبا إسحاق طفيش (رحمه الله) بأنه زعيم طائفة منهم ولست أدري ما هو الإحساس الذي ثار في نفس الإمام الكبير حين قرا ذلك › ولا كيف كان لقاوه معه بعد ذلك . ولكن ابا إسحاق على كل حال لم يتعرض لموقفه الشخصي في إطلاق الخارجية عليه › وإنما استجاب للكاتب الكبير › وعرص موضوع الخوارج عرضا مسهبا وضعه تحت تصرف الاستاذ [براهیم فنشره ۔ مشکورا ‏ بنصه في كتابه القيم . والحقيقة أن الإباضية في جميع العصور - مع أنهم يبرأون من الخوارج ومن معنى الخارجية التي شرحناها سابقا - تعودت آذانهم أن تمع من يصفهم بها في القديم والحديث . حتى تمسك بها المتطرفون منهم على سبيل التحدي وكان الكثير منهم لا يجد إحساسا أو طعما معينا » وإنما ألفوها كما يألف أي إنسان تتفق مجموعة من أصدقائه وأصحابه على أن يلقبوه بلقب مكروه ويصرون على مناداته به » فيفضب ويثور في أول الأمر » ثم يلين ويتغاضی ثم و فد يستسلم ويستجيب ويعترف به على طول المدى › وقد علقت بالأفراد والأسر والقبائل ألقاب من هذا النوع حاربوها في مبدإ الأمر» ثم استسلموا لها ء ثم اعترفوا بها فأصبحت أعلاما لهم . على هذا المستوى سكت بعص الإباضية عمن سباهم خوارج في العصور السابقة ويسكت لها اليوم أخرون » وربما وجد من اعتز —- 189 - بها في القديم والحديث من باب المناكفة والتحدي وربما وجد من شذ وتطرف مراغمة وكيدا فانتسب إلى الخوارج وقال ببعض شعاراتهم . ويبقى بعد كل ذلك الإباضية ‏ دون اعتبار للأفراد والشواذ والمتطرفين - مذهبا إسلاميا بقواعده وأصوله المبنية على الأسس الشرعية المعتبرة من كتاب وسنة وإجماع وقياس صحيح › يحمل علوم الشريعة عدوله » ينفون عنه تحريف المغالين › وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين › وشبه المبتدعين . - 190 - الباب الشالث المستشرقون ® المستشرقون . مع إميل فيلكس جوتييه . ® مع کارلو الفونسو نیلينو * اللقاء بين الإباضية وأهل السنة - القسم الثالث المستشرقون اتم المستشرقون بالقضايا الإسلامية عامة . وقدموا فيها درلسات وإسعة . وبحوثا مختلفة » منها القيم › ومنها الأفل قيمة . وقد حاولت أن أراجع موضوع الإباضية في بعض كتاباتهم فلم أستطع أن أفصل موضوع الإباضية في بحوثهم عن بقية المواضيع الإسلامية . وفرضت على أساليبهم ‏ في مناقشة قضايا الشرق عموما » وقضايا الإسلام خصوصا ‏ أن أغير منهجي الذي كنت وضعته لمناقشة هذه البحوث وقد ارأيت أن اقدم مباحث هذا القسم من الكتاب كما يلي : 1 المستثرقون : أعرض في هذا الفصل نماذج من كتاباتهم مع تحليل موجز لبعض الفقرات منها 2 إميل جوتييه : أعرض بعض ما كتبه هذا المستشرق كمثل للمستشرقين المتعصبين الذين عن الشرق والنظرة الاستعمارية المتمالية لا تفارق أحاسيسهم ومنطق السيادة التي يريدون أن يفرضوها على العالم لاتختفي. من أذهانهم . 3 کارلونيلينو أعرض بعض ما كتبه هذا ترق کمشل للمستشرقين الذين يلتزمون الأسلوب العلمي دون أن يؤثر عليهم ظاهرا ‏ إحساس آخر أو دافع غير دافع خدمة الثقافة الإنسانية حسبما يبدو للقازئ . 13 - 193 - 4 مقارنة موجزة للقاء بين الإباضية وأهل السنة في النقاط التي جعلها نيلينو مواضيع لقاء بين الإباضية والمعتزلة . والوقع أن هذه الفصول الصغيرة القصيرة لا تكفي لإعطاء صورة حقيقية وصحيحة عن جهود المستشرقين - سواء منها الجهود النبيلة النظيفة , أو الجهود الماكرة الدساسة ‏ وعسى الله تبارك وتعالى أن يسر لي العودة إلى موضوع «القضايا الإسلامية بين أيدي المستشرقين» فأتناولها بعمق أكثرء وفهم أصح واطلاع أوسع › ودراسة أكثر استيعابا » وأسلوب أكثر نعومة وتهذيبا . - 194 - المستشرقون قلت في بعض الفصول من هذا الكتاب ! إن المستشرقين عندما يكتبون ع الإسلام ‏ سواء كانت كتاباتهم عنه كدين » أو عن الأمة الإسلامية جمعاء كأمة . أوعن فرقة من فرقهم كفرقة أومذهب - أساليبهم ودوافعهم » ومراميهم الظاهرة والخفية › ومهما كانوا مخلصين للبحث العلمي ولخدمة الثقافة الإنسانية في هذه المواضيع ء فإنهم - في الحقيقة ‏ أشد إخلاصا للدوافع الحقيقية التي دفعتهم إلى الكتابة عن الإسلام والمسلمين › وهم لا ينسون مطلقا أن أقلامهم يجب أن تتم مَاعجزت عنه سيوف الصليبيين وأُنهم يمثلون الترفع الحضاري الذي يعتقدونه للإغريق والرومان أي لشعوب الغرب على شعوب الشرق التي خضعت ‏ في يوم من الأيام ‏ لحضارتهم وعسكريتهم ويرون أن ذلك التفوق والتحكم يجب أن يستمر باُيديهم وُيدي أبنائهم أحفادهم وأُن کل واحد يمل - في عصره - موقف القيادة لسيطرة الغرب على الشرق وإن لم يحمل الشارات العسكرية . على أن اهؤلاء المستشرقين » عندما يتناولون هذه المواضيع يختلفون بعض الإختلاف في طريقة تناولها فمنهم من تدففه الحماسة فينكشف بسرعة . وتبدو مقاصده من ثنايا كتاباته واضحة . حتى أن مواقف بعضهم لا تختلف عن الضباط العسكريين الذين يتوجهون إلى الاحتلال بقوة السلاح . - 195 - وفيهم من يملك من الدهاء ما يستطيع معه أن يدس إلى قارئيه ما يريد من الأفكار دون أن يثير منهم حاسة الانتباه › وغريزة رد الفعل › وهم في أغلب الأحوال ينطلقون من نقط متشابهة › ويتتبعون وسائل متقاربة » ومن ذلك مثلا : يعمدون إلى وسيلة ظاهرها علمي بحت » وباطنها وسيلة من وسائل التخدير وكسب الإستيثاق ءتؤثر على القارئ البسيط من النظرة الأولى فتملاً نفسه بالإعجاب أولا ءوالتصديق ثانيا » والثقة ثالشا وعندما يصل القارئ معهم إلى هذه المرحلة فإنهم يكونون قد کسبوہ نھائیا . ومن الأساليب البسيطة في هذا المجال إنهم عندما يريدون أن يتناولوا موضوعا بالبحث يقومون بإعداد قوائم طويلة من المراجع والمصادر باللغات المختلفة - ولاسيما اللفة العربية - يثبتونها في صدر کل بحث أو عند نهايته . مع أنهم ‏ عند مناقشة الموضوع - قد لا يحتاجون إلى الكثير من تلك المراجع ولا يعودون إليها . ولكن ذکر بتلك الوفرة يوحي باستفراغ الجهد › ودقة دقة التحقيق والتمحيص ثم بالثقة . ثم هم يتصيدون منها شواذ الأخبار والأحداث فيركزون عليها › ويؤيدون بها مقاصهم الخفية . ولست بهذه الملاحظة البسيطة أغمز سعة اطلاعهم فأنا على يقين كامل بأنهم قد توفر لهم من الدراسة - بسبب مجهوداتهم الشخصية » ومساعدات حكوماتهم ومؤسساتهم المادية والمعنوية ‏ ما يتيح لهم من سعة الإطلاع . وغزارة المادة › ووفرة الجهد في - 196 - الدراسة والبحث أو مواصلة العمل والاستمرار فيه » ما لا يتاح لفيرهم أبدا . فهم بذلك من أكثر الناس اطلاعا على المواضيع التي يهتمون بها ويبحثونها ولكنهم مع ذلك يقصدون بذكر المصادر - مع الحصول على إعجاب القارئ وثقته ‏ إلى تحذيره بتلك الوسيلة التي توحي إليه مسبقا بعظمة المجهود المبذول من أجل الوصول إلى الحقيقة فيكون طيعا بين أيديهم . وأنا وإن كنت سلكت مسلك التعميم في الحديث عن المستشرقين لا أدعي أن رأيي هذا ينطبق على كل فرد منهم فهذه لا شك دعوى لا تصح » ولا يمكن لي أن أزعمها » ضرورة أُنني لم أعرف كل المستشرقين ولم كل ما كتبه من عرفت منهم » ولكن الصورة التي انبعت أمامي مما قرأته من كتاباتهم كانت على هذا النحو الذي وصفته . وليطمئن القارئ إلى أنتي لا أرمي القول جزافا فإنني سوف أضع بين يديه صورا توضح تلك الجوانب من كتاباتهم » فإلى القارئ الكريم تلك الصور تحت عناوين مستوحاة من بحوثهم وکتاباتهم . 1 الروح الإستعمارية المتمكنة : إذا أخذت مثلا كتاب «ماضي شال إفريقياء تأليف الأستاذ إميل فليكس جوتييه ترجمة الأستاذ هاشم الحسيني نشر الفرجاني فنك بمجرد نما تبداً قراءة مقدمة الكتاب تحس كأنك تقرا تقريرا لأحد خبراء الإستعمار الفرنسي عن المفرب . فهو من جانب يحاول أن يدس إلى أبناء المغرب ما يقنعهم بفقر المغرب واحتياجه وعدم - 197 - تماسكه » وهو من جانب آخر يثير حماس الاستعمار حين يشید بفضل ما قام به الرومان في القديم والفرنسيون في الحديث من جهود مثمرة لازهاره أوهو بذلك يريد أن يؤكد على الأولى : إشعار أبناء المغرب أن بلادهم فقيرة ومحتاجة وغير متماسكة ولا يمكن أن تقوم إلا على يد استعمارية خارجية تسندها والدليل على ذلك أنها لم تزدهر إلا على يد الاستعمار الروماني في القديم والاستعمار الفرنسي في الحديث . الثانية : إن استعمار الغرب للشرق حق من حقوقه يجب أن يحرص عليه وقد كان المغرب يزود الرومان بكثير من الغلال ويجب أن يستمر هذا الوضع أبدا بأن تكون بلاد المشرق مصدرا للغلال ومتنفسا اقتصاديا للغرب . يقول الأستاذ جوتييه في كتايه السابق ابتداء من ص 9 ا يلي : «كل شيء يتبدل على حين غرة اللفة والدين والمفاهيم السياسية والاجتماعية › إنه تاريخ شديد التقطع إلى أجزاء متفصلة بعضها عن بعض . ففي أوربا تطور متكامل حسب خط متصل أما المغرب فسلسلة من التبدلات المفاجئة » . ويقول بعد أسطر : «ومن الثابت أن رقعة المغرب القابلة للسكن والحراثة لها إمكانيات ضئيلة » إنها شريط بمحاذاة المتوسط والمحيط طوله - 198 - 0 كيلومتر وعرضه 150 كلم وبسبب طبيعته هذه لم يتخد شکلا مستمرا » . ويقول بعد أسطر : «أما في المغرب فالوحدة سهلة التحقيق ءلكنها سهلة الزوال أيضا ءودولة المغرب كالعطور تنبت في الليل وتذبل في الصباح » . ويقول بعد أسطر : «فجميع مناطق المياه الراكدة في هذه البلاد عبارة عن شطوط جرداء لماعة زاخرة بالملح » . ويقول بعد أسطر : وحيثما سرت في الطرق والمنعطفات تشاهد مواتع الملح ». ويقول بعد أسطر : «حتى في الأرض القابلة للزراعة في الجزائر لا تجد الرطوبة الكافية للخصوبة › فتربة المغرب كلسية بفعل التبخر » . ويقول بعد أسطر : «كانت روما زمن الأباطرة تؤمن لشعبها القوت عن طريق فرض الضرائب وكانت إفريقيا تدفع في الواقع ما يطعم 350.000 نسمة ءفي هذه الجهة يمكن اعتبارها إهداء لروما . ولا ينفي ذلك وجود أساليب جديدة لتحسين الري ولا سيما وأن هناك نوعا من الزراعة خاصة ببلاد الملح » لكنها طرق شاقة ءوالمغرب ليس أرضا شديدة الخصوبة . ولا هو البلد الصالح لتربية الماشية ءفليس - 199 - الثيران المغربية ضحم جنثة من . وتربية الماشية تحتاج لتأمين السبل اللازمة للحصول على قوتها في سنوات الجفاف المرير . كذلك ليس المغرب بلاد صناعة » فوديانه ليست مخازن احتياطية للمياء والأرض تفتقر للفحم الحجري والليثيث ءومنجم الفحم الوحيد المستغفل حالياهو منجم كيناسنا وليس مهما جدا . أما منجم جرادة فيبدو أكثر أهمية » لكنه لم يستفل بعد ء والتفط لم يتفجر حتى الان» ولم يعثر الجيولجيون في تربة المغرب على الفحم المتحول من أشجار الفابات ء وأنما عثروا على الملح والجبس » ولكن لعنة بلاد الملح قد حلت به منذ أقدم العصور» . ويقول .بعد أسطر : «ولا نعني بهذا أن الثمال الإفريقي يشكو الفقر المدقع . فقد عرفت الجزائر حقبة من الإزدهار الكبير» . ويقول بعد أسطر : «کان ذلك في العصر الفرنسي » . ويقول بعد أسطر : «وأما الجزائر الرومانية فكانت كما يقول علماءالآثار مندينة بازدهارها لزراعة الزيتون › وقد عثر على آثار في إيطاليا تثبت قدوم الزيت من شال إفريقياء . «ويردد الناس عبارة أطلقها أحد المؤرخين المسلمين حول ازدهار إفريقيا في عهد الرومان ‎ :‏ کل البلاد من طرابلس: حتی - 200 - طنجة . كانت إطارا واحدا وسلسلة متواصلة من القرى - وتدل العبارة على أن السفر بين طرابلس وطنجة يجري في الظل » . ويقول : «فتحن نعلم أُن الفواكه من زيتون وتين وعنب كانت سببا من أسباب ازدهار إيطاليا الوسطى وبلاد البحر الأبيض المتوسط إذ تلزمها أسواق خارجية منفتحة . لذلك فالإزدهار يمكن ااصطناعه إلى حد ما لأنه منوط بظروف سياسية مُعقدة » . ويقول : «فالصناعة تحتاج إلى زبائن في الخارج › ومن حسن حظ الثمال الإفريقي توفر الفوسفات فيه بحيث أصبح مركزا لتصدير هذا المعدن إلى أرجاء المعمورة ء وفيه أيضا الحديد بكميات كبيرة وكذلك التوتياء والرصاص . ولم يجر التنقيب عن هذه المعادن منذ الإمبراطورية الرومانية وحتى الاحتلال الفرنسي › ولم يكن بالإمكان تصنيع المعادن في البلاد نفسها › لهذا كنا نرى في الموانئ الجزائرية أنواع المعادن تصدر إلى جانب البضائع الأخرى » فيوضع الرصاص ء والتوتياء في أكياس . أما الحديد والفوسفات فتجْمع أكواما تنتظر السفر إلى الخارج . ويقول : لا بلاش » فالمفرب على العكس من ذلك » . - 201 - ويقول : «والواقع أن هذا الشريط الذي يبلغ طوله 3000 كيلومتر يمتد من الشرق إلى المفرب. ضن خطوط عرض وطول متشابهة » فحيث ما نذهب نجد النماء نفسها » والتربة عينها » فما من بلد أل تنوعا وتجانسا » وجفاف المناخ لا يسمح لتحقيق الازدهار محليا . ففي بلاد واسعة كالمفرب تتمتع يإمكانيات طبيعية كبيرة من حيث المعادن والصوف والزيت والنبيذ تسهل الاستفادة من الثروة » إذ يحتاج الأمر إلى التنظيم › وتوظيف الرساميل ء وتوسيع الإنتاج ء وتأمين التصديرء فالمغرب بحكم مناخه لا يكفي تفسه اقتصاديا ويحتاج للتعاون مع الغير» . تقلت للقارئ الكريم أكثر ما في مقدمة الكتاب حتى تكون لديه الصورة التي أردت عرضها واضحةء وأستطيع أن ألخصها له كما يلي : المستشرق جوتييه في مقدمته لهذا الكتاب صور المغرب الذي يمتد مسافة 3000 كيلومتر بأنه منطقة فقيرة جرداء تلاحقها لعنة الملح لا يمكن أن يكفي نفسه اقتصاديا وذكر في بعض الأحيان أن المغرب خال من الثروة فتربته كلسية › ومياهه ملحة » والمعادن به مفقودة » وما وجد به لم يستغل . والنفط لم ينفجر فيه » وهو غير صالح لتربية الماشية » وثوره ليس أضخم من الحمار الأوربي » وهو ليس بلادا صناعية ووديانه ليست مخازن احتياطية للماء . - 202 - ومع هذه الصورة القاتمة التي توضع للمغرب تندس فكرة استعمارية توحي بأن هذا المفرب قد ازدهر قديما حتى استطاع أن يمون الشاطئ الثمالي للبحر الأبيض المتوسط وذلك عندما كان تحت رعباية الرومان . وأنه ازدهر حديثا وهو تحت الاستعمار الفرنسي › وفي الإمكان أن يستمر مزدهرا إذا وجد التنظيم › وتوظيف الرساميل › وتوسيع الإنتاج ءوتأمين التصدير . ويشير جوتييه بعبارة واضحة إلى أن أهل المغرب لا يستطيعون أن يقوموا بذلك وإنما يحتاجون إلى معاونة الغير فيقول : «فالمغرب بحكم مناخه لا يكفي نفسه اقتصاديا ويحتاج للتعاون مع الغير» . ومعنى هذ أن على أيناء المغرب - إذا أرادو! الإزدهار لمغربهم - أن يعتمدوا في ذلك على الاستعمار الفرني الذي أشار إليه جوتييه بكلمة «مع الغير» والذي برش لأن يقوم في الوقت الحاضر بدور الرومان في العصور الخالية ومن الغريب أنه ساغ في منطق جوتييه وهو يرسم للمفرب تلك الصورة البائسة أن يذكر في نفس المقدمة أن الزيت المغربي كان يصل إلى إيطاليا وأن الرومان كانوا يؤقتون منه قوت 350000 ألف نسمة › ومع ذلك فالمغرب فقير › ولا يكفي نفسه اقتصاديا ء ويتكالب عليه الاستعمار الغربي من العهد الروماني إلى العهد الفرسي محبة في سواد عيونه » وتضحية من أجل الله والإنسانية ء إنه منطق الاستممار على أقلام جنود الإستعار ولو شار الدراسة والعلم . 203 س ولعل مما يبعث على الضحك هذه العبارة التي جاءبها جوتييه تعزية لنفسه وتخفيفا للحسرة التي يحس بها لو استغنى المغرب عن خدمات فرنسا قال : «وإذا كانت فرنسا بلدا متکاملا يکفي ذاته على حد قول فیدال دي لابلاش فالمغرب على العكس من ذلك» . يكاد القارئ يحس بدموع الكاتب تتساقط من عينيه حسرة وأسفا وهو يتصور هذا الموقف الذي يستقل فيه المغرب عن فرنسا ولم يجد موقفا يقفه غير موقف وكيل لئيم غني بلغ رشده ويستعد لتسلم أمواله فيقف وهو يتظاهر بما ليس فيه قائل لليتيم البالغ . ياناكر الجميل قد نسيت لكل ما قدمت لك من خدمات ولكن لا بأس فأنا لا يقتلني الجوع ولكنك أنت سوف تضيع ثروتك وتصبح بعد رعايتي وعنايتي مشردا معدما › ثم ينهمر بالدموع . 2 زعزعة الثقة بالمصادر الأسلامية : قد لا يدعوني الموقف في هذه النقطة إلى التعليق وإنما يكفي أن أعرض على القارئ الكريم مقتطفات مما يقوله بعض المستشرقين في هذا الصدد فيتضح ما يبيتون . وإلى القارئ الكريم نماذج من ذلك » من كتاب ماضي شال إفريقيا : «وإن نحن شئنا قصر مصادرنا على المراجع العربية لا بد وأن نجد صعوبة في فهم الأمسورء ذلك لأن الدراسات الثرقية تتم بيعض الانفلاق على الرأي العام . ص 47 . - 204 - «في طبيعة العقل الثرقي القديم عدم تمييزه بين الأسطورة والواقع وقد اصطدم الغربيون كثيرا بهذه الحقيقة » حيث كانوا يتكبدون الكثير من المشاق للحصول على أمر مهم ممعوا عنه م وسرعان ما يفاجاون بأنه مجرد أسطورة 229 ص 69 . فالعربي شأن البربري لم يكن يعنى بالتاريخ ولم يستيقظ الفضول العلمي في الإسلام إلا في مرحلة متأخرة مع العباسيين ء وتسرب الأفكار الداخلية » ص 44 . «لكن ١ صعوبة ليست هنا . إنما الصعوبة في التسرب إلى عقول المؤرخين الذين يختلفون عن مؤرخي الغرب ويصعب علينا فهمهم » . ص 48 . «وليس لدينا نحن الأروييين أي حس ديني ء أما الشرقيون فليس لديهم أي حس بالتاريخ › ولعل الحس الديني والتاريخي يتعارضان 22 ص 55 . «ولا ننسى أن كاتبنا الكبير قد اكتشف هذه المبالفات لدى كبار المؤرخين وعلماء الجغرافيا كالمسعودي والبكري وليس فقط لدى الأمماء الصغيرة » ص 70 . (ويظن هؤلاء المؤرخون العرب بأنهم قد أدوا وإجبهم كاملا إِذا ذکروا اسماء الملوك وسني حكمهم) . ص 71 . «كاتب لامع جدا هو ابن خلدون وآخرون مجهولون تقریبا على غرار مؤلف روض القرطاس » غير أن لهم جميما ذهنية شرقية بمعنى أن مفاهيمهم لا يقبلها الغربيون بدون تأويل » . ص 87 . - 205 ۱ . (عاش ابن خلدون في القرن عر فلا بد من تاثره ‎E f‏ 1 بالمۇرخين القدماء ء وأاسطورة أفریقوس تناقلتها الاجيال بین مۇرخ «إن عدم إحساس المؤرخين العرب بالتاريخ أمر مدهش » ص 100 . «أو ليس في الأرجح إذن أن يكون المؤرخون العرب قد فكروا بحمير التي امتلاأت أذهانهم بها » وأغفلوا قرطاجة اليونانية التي لم يكتشفوا وجودها قط ص 100 » . «وقد ذكر المؤرخون العرب المعروفون بمبالغاتهم خبر أبنة البطريق» . ص 175 . «والواقع أنه لا يسهل علينا مع المؤرخين العرب أن نميز الحقيقة من الخيال » . ص 175 . «وليس ذلك بسبب الغموض والإبهام اللذين اكتنفا كتاب المؤرخين العرب عن العلاقات العربية البربرية» . ص 178 . «وقد تكون القصة منحولة لكن العثورعلى هذه الحيوية لدى مؤرخ عربي من الأمور السارة» . 22 ص187 . دولا يذكر المؤرخون العرب بجشافهم المعتاد وعدم اهتمامهم بتحليل الاسباب عن ذلك الشيء الكثير» . 22 ص 189 . «والفريب أن الكاهنة قد ألهت خيال المؤرخين العرب الذين أعطوا عنها فكرة حية بخلاف عادتهم في الكتابقه . 22 ص192 . - 206 - «خبرات بعض المؤرخين والفلاسفة والأطباء في العصر الإسلامي وخصوصا من كتب منهم باللغة العربية يزيدونها إيضاحا في هذا الباب . إلا أن أقوالهم يجب أن تؤخذ بحذر لأنها مفعمة بالأخطاء التاريخية : والخلط بين المسائل » . هذه الفقرة للمستشرق ماكس ماير هوف التراث اليوناني ص 38 وبالرجوع إلى هذه الفقرات التي نقلتها في أقرب المصادر التي وقعت عليها بدي تجد أن الصورة التي يراد أن تنطبع في ذهن القارئ عن المصادر التاريخية الشرقية عامة والمصادر العربية خاصة هي ما يلي : 1 الدراسات الشرقية تتىم بالانغلاق على الرأي العام . 2 العقل الشرقي لا يميز بين الأسطورة والواقع . 3 العربي كالبربري لم يكن يعنى بالتاريخ والفضول العلمي في الشرق الإسلامي أنما نتج عن تسرب الأفكار الداخلية . 4 المؤرخون الشرقيون ليس لديهم حس بالتاريخ وإنما يكتبون عن إحساس ديني . 5 يظن المؤرخون العرب أنهم أدوا واجبهم إذا كتبوا عن الملوك وسني حكمهم . 6 جميع المؤرخين العرب بما فيهم ابن خلدون لهم ذهنية شرقيه » ومفاهيم لا يقبلها الغربيون بدون تأويل . 7 المؤرخون العرب ينقلون أساطير التاريخ بمفهوم عربي - 207 - 8 عدم إحساس المؤرخين العرب بالتاريخ أمر مدهش . 9 المؤرخون العرب معروفون بمبالغاتهم . 0 لا يسهل تمييز الحقيقة مع المؤرخين العرب ٠ 1 - كتابات المؤرخين العرب تتميز بالغموض والإبهام . 2- العثور على حيوية عند مؤرخ عربي أمر سار لانه أمر نادر . 3 يتصف مؤرخو العرب بالجفاف وعدم الاهتمام بتحليل الأسباب . 4 - المؤرخون والفلاسفة والأطباء في العصر الإسلامي وإن أعطوا صورة واضحة إلا أنه يجب أن تؤخذ أقوالهم بحذر لأنها مفعمة بالأخطاء والخلط . هذه كما يرى القارئ الكريم بعض الحقن التي يدسها المستشرقون في ثنايا أبحاثهم العلمية ءوخدمتهم للثقافة الإنسانية » وقد اخترنا منها تلك الحقن الظاهرة الواضحة التي يدركها كل قارىئ ءويحس بها كل من يمر عليها › ولا شك أن في أثناء كتاباتهم في الآراء والأفكار ما هو أخطر مما ذكرناه › وأكثر خفاء . وأسرع تسربا إلى أذهان القراء لا سيما القراء العاديين واانراء الذين يقبلون على كل جديد ويهشون له . إن القارئ العادي والباحث المتعطش - وهو يبحث عن صريحة واضحة لابسة ثوب الحقيقة العلمية . - 208 - عندما يظن الكاتب المستشرق أنه قد استمال القارئ الثرقي إليه » وجذب انتباهه » يضرب بعد ذلك ضربته ليحطم إذا ما اعتقد أن قارئه قد مر بالمراحل المطلوبة واستوعبها وهي : التشكك أولا ثم النقد الموجه ثانيا ء ثم الإزدراء والاحتقار والإهمال والتحول ثالثا . ثم السير في المنهج الذي يريده المستشرق الخبير أخيرا . ويستطيع القارئ الكريم أن يتعرف على هذه الخطوات بسهولة عند المراجعة. في أكثر كتب المستشرقين › من الفقرات السابقة نستطيع أن تأخذ الأمثلة الآتية : أ - خطوة التشكك : «وإن نحن شئنا قصر مصادرا على المراجع العربية لابد وأن نجد صعوبة في فهم الأمور» «من طبيمة العقل الشرقي القديم عدم التمييز بين الأسطورة والواقع » ب مرحلة النقد الموجه: «ولا ننسى أن كاتبنا الكبير قد اكتشف هذه المبالغفات لدى كبار المؤرخين وعلماء الجغرافيا كالمسعودي والبكري وليس فقط لدى الأسماءالصغيرة» . « ويظن هؤلاء المؤرخون العرب بأنهم قد أدوا واجبهم كاملا إذا ذكروا أسماء الملوك وسني حكمهم». ج مرحلة الازدراء والاحتقار «قد تكون القصة منحولة لكن العثور على هذه الحيوية لدى مؤرخ عربي من الأمور السارة . «ولا يذكر المؤرخون العرب - بجفافهم المعتاد وعدم اهتمامهم بتحليل الأسباب عن ذلك الشيء الكثير» . « والفريب أن الكاهنة 14 - 209 - قد ألهبت خيال المؤرخين العرب الذين أعطوا عنه' فكرة حية بخلاف عاداتهم في الكتابة » . د السير في المنهج : عندما تتم المراحل السابقة كما خطط لها فإن القارئ الكريم يكون قد استوعب منهج المستشرق واتخد أسلوبهة في البحث ومعالجة قضايا الشرق أعني أنه يصبح مستشرقا آخر أو بتعبير أصح مستغربا لأنه يعالج قضايا وطنه ومجتمعه ودينه وثقافته وحضارته بالمنظار الذي يراها به مستشرق جندته عوامل خاصة لذلك العمل › وبذلك يستطيع المستشرق أن يطوي خيمته ويأخذ عصاه ثم يرحل وهو مطمئن إلى أن جهوده في خدمة الاستعمار أي استعمار لم تذهب عبثا . 3 التشكيك في الإسلام : لعل التشكيك في الإسلام » وتصويره بأنه حركة بشثرية كان الدافع إليها ما كان عليه العرب من الحرمان في الجزيرة الفاصلة وأنه لم يقدم شيئا للإنسانية وأن ما فيه من خير إنما هو مأخوذ من الحضارات السابقة وأنه تبعا لما يتصف به أهله من بداءة وجفاف كان يحارب العلم والفلسفة » كان من أهم الأسلحة التي يستعملها المستثرقون في محاربة الإسلام ولعل المعاني السابقة وما شابهها كانت من أخطر الحقن التي يدسها المستشرقون في كتاباتهم بأساليبهم المختلفة تارة في دقةوخفاء › وتارة في علنية واستظهار يبلغ حد الوقاحة والتهجم › وهم في كل ذلك يتظاهرون بالبراءة والطيبة وخدمة العلم والإنسانية . - 210 - وإلى القارئ الكريم أمثلة من ذلك : دما المسلم الصالح فعليه أن يتجنب هذه العلوم أشد التجنب باعتبارها خطرا على الدين » ومن ثم لذ للناس القول بأن النبيء ع إنما عنى هذه العلوم حين سأل ربه أن يعيذه من (علم لا ينفع) . جولدسهير التراث اليوناني ص 126 . «بينما الإسلام الرسمي قد حارب الغنوص نظريا فحسب ء. لكنه في الواقع وعمليا سمح بالتغلغل والنفوذ إلى معتقدات الجمهور» . كارل هينرش بكر . التراث اليوناني ص 12 . «أما أولياء الله في الإسلام ففي مقابل الأرواح القدسية في الهيلينية حتى أن محمدا يي - وهو نموذجهم الأعلى ينتهي بأن يصبح هو العقل الموجود منذ الل » وأن يكون الرحيم المخلص القدير» . كارل هينرش بكر . المصدر السابق . «وكان إلى جانبها تيار ديني شعبي عبارةعن طائفة من السحر والنارنجيات الهيلينية › النظرية والعملية . فالسحر والتنجيم وضرب الرمل › والرؤيا والإعداد » وفوائد الحب ء والتمائم من كل نوع . هذه الأشياء أصبحت غربية إسلاميةء . كارل بکر نفس المصدر السابق . «واليوم نرى هذا النوع من السحر الإسلامي يسير طليعة للإسلام غازيا بلاد الزنوج الوثنية التي لا تؤمن بالإسلام الرسمي إلا بعد ذلك بزمن طويل غالبا » بكر نفس المصدر السابق . - 211 - «والإسلام نفسه لم يكن شيئا غير استمرار الهيلينية شهير آسيوية شيئا فشيئاء بكر نفس المصدر . وإلا أنه لما كان قد نظر إلى الإسلام على أنه شيء جدید کل الجدة ء وحسب من جهة أخرى أن ن الدين والحضارة شيءواحد فقد نشأت أسطورة حضارة العرب » تلك الأسطورة التي ألقت على عيون المؤرخين فحالت بينهم وبين رؤية هذه الحقيقة الناصعة . وهي أن الحضارة القديمة قد ظل حاملوها هم حاملوها الأصليون › واستمر مسرحها هو مسرحها ذلك أن الإسلام كان هو الأجنبي الغريب الذي أراد أن يغزو العالم القديم المتأخر » لكنه خضع فيما بعد لما كان عليه هذا العالم القديم من تفوق وسمو» . بكر نفس المصدر السابق . شم إن القانون الروساني رتب ونظم قبل قيام النبيء ي بدعوته بزمن قلیل » وأثره من بعد في الشريعة الإسلامية واضح في كل مسألة ءحتی أنه ليكاد يكون مبداً من مبادئها ما يناظره في القانون الروماني » كارل بكر المصدر السابق . «وإذا ما بحثنا حضارات البلدان التي فتحها العرب استطعنا أن نحكم بسهولة بأن كل شيء بقي في الإسلام كما كان على عهده القديم لم يضف إليه جديد » سواء في ميادين السياسة ء أو فن الحرب والاقتصاد والعلم والفنون والصناعات » . كارل بكر نفس المصدر السابق . أُما نهضة الشرق التي نشهدها في الوقت الحاضر فمرتبطة لا بتراث الأوائل وإنما بأوروبا الحديثة» . كارل بكر المصدر السابق . ومما جاء في كتاب (الفرق الإسلامية في الشثمال الإفريقي) تاليف الاستاد ألفرد بل ترجمة الدكتور عبد الرحمن بدوي ما يلي : - 212 - «وهذه الثروة الزراعية في البلاد لم تكن انحدارا ضئيلا بالنسبة إلى بدو صحراء الجزيرة العربيةء . صفحة 77 . «عرب الفتح الأول كانوا جيوشا حقيقية مؤلفة من المحاربين العرب » صحيح أن غالبيتهم كانوا من البدو الفقراء في جزيرة العرب › وكانوا طامعين في النهب ء لكن زعماءهم کانوا من اهل المدن » . نفس المصدر 213 . «ولم يكن القواد ولا المحاربون الجدد قد قدموا إلى هناك على نية عدم العودة إلى مواطنهم الأصلية التي تركوا فيها نساءهم وأولادهم » فبعد مدة معينة كان الكثير منهم يعودون إلى ديارهم الأولى مثرين غالبا من الغنائم التي كانت من نصيبهم» . المصدر السابق 313 . «إن هجرة العرب من صحرائهم في القرن السابع الميلادي لم تكن حدثا جديدا بل هي حلقة من حلقسات الهجرات الكبيرة للشعوب › تلك الهجرات التي تتجلى منذ فجر التاريخ » . المصدر السابق 78 . «لقد جمع تحت سلطان واحد قوي هو سلطان النبي محمد أولا ثم سلطان الخلفاء من بعده » العرب المتعطشون إلى حياة مادية أقل شظفا من تلك التي تهيئها لهم الصحراء » . المصد السابق 78 . «وجنود الفتوج الإسلامية أولعك العرب القادمون من قبائل بدوية رحُل في الجزيرة العربية لم يكونوا شديدي الغيرة الدينية والتقوى الإسلامية» . نفس المصدر 78 . «ولهذا ينبفي ألا نرى في جيوش الفتوحات الإسلامية الأولى وفي جحافل البدو المنطلقة من الجزيرة العربية بقيادة زعمائها وأغلب هؤلاء الزعماء من السكان الحضر في المدينة ومكة . أقول - 213 - ينبفي ألا نرى فيهم جيوشا من المتعصبين المستضيئين بالإيمان للموت في سبيل نشر الدين الجديدء. المصدر السابقق 9 ولم تعد صورة جيوش صدر الإسلام 4 وهي تغدو مدفوعة بحماسة بالفة » وياحدی اليدين السيف ء وباليد الأخرى القرآن ٠ لتخضع الشعوب للدين الجديد ءنقول إن هذه الصورة لم تعد مقبولة » وليست إلا من خيال الشعراء » المصدر السابق 79 . «فخلال التاريخ يبدو لنا بمظهر قلة التقوى وبالعجز تقريبا عن الإرتفاع إلى عقيدة التوحيد» . نفس المصدر 79 . «إن البدو مولعون بالنهب والسلب ء مولعون أيضا يإراقة الدماء لكنهم لا يرضون بأن يقتلوا » أي لا يستعذبون الموت » . المصدر الابق 79 . «ومن المؤكد قطعا أنه وجد بين قادة الحرب في الفتوح الإسلامية مؤمون مخلصون › وجنود لله ورسوله صادقون » مشل القائد الشهير عقبة بن نافع الفهري . مؤسس القيروان ءوأصله من مكة ء لكن يبدو أن عددهم في الفزوات الأولى لم یکن کبيرا ء وفي مقابل ذلك لم يكن الطمع في الثراء غريبا عن تفكير الكثير من الجنود المجاهدين . ويمكن أن نسوق أرقاما عن الثروات الطائلة التي ظفر بها غنائم في الحرب . مسلمون أتقياء مؤمنون صأدقون وقد اورد اغناطيوس جولد تسهير أساء عدة منهم ابتغاء إثبات أن الزهد الديني كان صفة نادرة عند الغزاة الأولين» المصدر السابق ص 80 . «ويكفي أن نذكر هنا على سبيل المثال من بين الصحابة الذين بشرهم النبي بالجنة لتقواهم وإيمانهم . الزبير بن العوام › وطلحة بن عبيد الله . وكلاهما توفي عن عدة ملايين». المصدر السات 80 . ‌ - 214 - «وليس من شك في أن الثروات الضخصة التي جمعهسا المحاربون المجاهدون في غزواتهم الأولى في الشام ومصر والعراق قد حملت كثيرا من الأعراب على الإشتراك في الجهاد واعتناق الإسلام » ومن السهل أن نفهم كيف كان الجهاد مغريا للبدو الجياع الذين كانوا يعيشون عيشة حرمان وعدم استقرار» . المصدر السابق 80 . «تلك هى الأسباب العميقة والصادقة التى دفعت بقبائل العرب إلى الاتقضاض على العالم القديم الرومي أو الفارسي في منتصف القرن السايع الميلادي . فالحاجة المادية والطمع - كما يقول جوله العقيدة والشريعة فى الإسلام (ترجمة فرنسية) 113 أوجد هؤلاء الجنود والغزاة الذين كانوا يقاتلون على طمع الدنيا » المصدر السابق ص 82 . «وبالنسبة إلى البعض كان الجهاد مغتما على أي حال : فان كتب له الحياة عاد مثقلا بالغنائم » وإن كنت له الموت في الجهاد تخلص أولا من حياة الحرمان والشظف القاسية فى الصحراء العربية . وثانيا إن كان من المؤمنين المخلصين كان الاستشهاد سبيله إلى حياة النميم في الاخرة» . المصدر السابق ص 82 . «ومهما يكن من شيء فإن الحماسة لنشر الدعوة والرغبة في لاستشهاد في سبيل الله لم تكونا بالنسبة إلى الغالبية تلعبان غير دور ثانوي في الفزوات الأولى للإسلام . المصدر السابق ص 82 . ومما جاء في كتاب ماضي شال إفريقيا تأليف إمیل فیلیکس جوثييه ترجمة هاشم الحسيني الفرجاني ما يلي : «إنها الهوةالفاصلة بين نهاية الإمبراطورية الرومانية والعصور الحديثة ففي هذه الفترة ة نری المغرب يغرد خارج سربه ء وكأنه فوق كرة أرضية أخرى . أرض المسلمين» . نفس المصدر ص 75 . - 215 - «سا ذا حل بعلوم فارس التي أتلفها عمر بعد الفتح العربي ٠ وكذلك بعلوم الكلدانيين والأشورين والبابليين والأقباط والإغريق » نهمس المصدر السابق ص 7 . «وابن خلدون مؤمن بأن جميع الوثائق التي تعود إلى ما قبل ٤ ‎E Ê‏ الإسلام بعیده عن مناله ء وانها اتلفت وضاعت إلى الابد» . بالمصدر السابق ص 77 . خلدون انتشار الإسلام وانحساره وكانه إمبراطورية عسكرية» المصدر السابق ص 78 . «وهكذا نری ى ن أوماف لدو الثرقية ة تتطيق ع ملاحظات بمرور الزمن» . المصدر السابق ص 5 . «إن قرطاجنة القديمة قد ساهمت في إعداد البربر لاعتناق الديانة الإسلامية» المصدر السابق ص 101 . «وفي زحمة الغزوات والانتصارات والهزائم والمجازر التي تميز بها الفتح العربي في المغرب › تتبادر إلى أذهاننا واقعةواضحة : جميع المعارك كانت باتجاه طنجة وتيارت (تيهرت) وحول الأوراس»المصدر السابيق ص 104 . «وحين نرى أن المغرب المسلم يتفوق على جيرانه الأسبان والصقليين والمصريين » فلا يغرب عن بالنا أبدا أن جهودهم قد عئت مند العهد الروماني « المصدر السابق ص 127 . - «ولكن ما الذي جعل المسيحية تنهار في الثمال الإفريقي . إن أعظم هدية قدمتها روما للمغرب إنما هي إدخال الجمل إليه ء والجمل هوالني اسهم في انهيار دولة الروم « المصدر السابق ص127 . - 216 - «إذن كيف للبدو الرحل أن يحملوا ظاهرة حضارية إلى البلدان الأخرى؟ أو لم يقل فيهم ابن خلدون الذي يحبهم أنهم يهدمون بيتا بكامله ليستخرجوا حجرا لموقدهم . كما يرى رينان من جهة أن الساميين يرفضون فكرة الدولة» . المصدر السابق ص 141 . «وهنا يطرح سؤال : كيف ازدهرت بلاد الكلدائيين » وصقلية وبلاد الأندلس تحت الحكم العربي رغم بداوتهم » وكذلك كيف لهم وهم الرحل ‏ أن يأتوا إلى بلاد المغرب بحيوان مفيد كالجمل فلو فعلت روما ذلك لما بدا الأمر مستغربا نظرا لطبيعة الاستقرار التي تميز شعبها» . المصدر السابق 141 . هذه مقتطفات يسيرة نقلتها عن بعض كتابات المستشرفين التي كانت تحت يدي حين كتابة هذا الفصل وبالرجوع إليها يتضح للقارئ الكريم أن المستشرقين كانوا حریصین جدا على أن یشککوا في أن الإسلا م دين سماوي › 2 وهم يحاولون أن يۇكدوا للقارى آنه امتداد للهيلينية المسيحية ٠ أو الفنوصية « وأنه استفاد من القانون المدني الروماني استفادة كاملة حتى أنه لا تخلو مسألة من مسائل الإسلام من آثار القانون الروماني ثم هم يحاولون أن يصوروه في موقف من الحرب العنيفة مع العلم › وأنه قضى على اثار علم الاوائل ٠ واحرق المكتبات . ومنع أتباعه من التغلغل في العلوم العقلية . وفوق كل ذلك فقد حرصوا كل الحرص أن يصوروا الفاتحين المسلمين الأول » بأنهم إنما حملهم على الفتح ما هم فيه من فقر وحاجة وشظف عيش . وأن الفتوح عندهم هي وسائل غنيمة وإثراء فقط . وفد بالغ بعضهم في تصوير هذا حتى بلغ <د السخف والوقاحة . - 217 - راجع إن شئت الفقرة التي اشترك فيها المستشرقان تسيهر وبل « فالحاجة المادية والطمع أوجدا هؤلاء الجنود والغزاة الذين كانوا يقاتلون على طمع الدنيا» . أما المستشرق جوتييه فقد بلغ به الحنق على العرب إلى حد أفقده صوابه حتی أنه حاول أن ينكر عن العرب - لانهم بدو في نظره - شيئا يرتبط بالبدو طبيعة وبداهة . وعد إن شئت إلى إحدى الفقرات السابقة لتقراً فيها ما يلي : «كيف لهم - وهم الرحل ‏ أن يأتوا إلى المغرب بحيوان مفيد كالجمل » لو فعلت روما ذلك لما بدا مستغربا» . هذا کلام جوتییه وهو یری اُن العرب - وهم بدو ليس من حقهم اُن يسوقوا الجمل لاه حيوان مفيد وكان يجب عليهم أن يتركوا ذلك لروما › ولعل شدة الحقد والتنكر والتشكيك تبدو واضحة فيما يلي : «وھنا يطرح سؤال : كيف ازدهرت بلاد الكلدانيين وصقليةوبلاد الأندلس تحت الحكم العربي :رغم بداوتهم؟» . إن المستشرقين يريدون أن يزرعوا في ذهن القارئ الكريم أن الدين الإسلامي دين بشري من وضع العرب ء وأن هؤلاء العرب عبارة عن مجموعات من البدو يسيطر عليه الجوع والحرمان في بلادهم فانطلقت غازية تبحث عن الدنيا . وأن الأمة الإسلامية على العموم والعربية على الخصوص لم تقدم ‏ في اواقع ‏ للإنسانية شيئا وما قام تحت حكمها من مظاهر الحضارة كان معباً من الحضارات السابقة . وحتى اعتناق البربر للإسلام لم يكن اقتناعا به ولا محبة فيه وإنما كان نتيجة لروح قرطاجنة المتغلغلة فيهم «إن قرطاجنة القديمة قد ساهمت في إعداد البربر للديانة الإسلامية» . هكذا يقول جوتيیه . - 218 - إن وصوح السموم المدسوسة في ثنايا هذه الكتابات لا تحتاج إلى الكشف والإظهار . 4 وضع المرأة : ربما كانت المرأة من أهم القنوى التي استعملها الغرب في محاربة الشثرق . فإن الصليبية بعد فشلها عن مواجهة الإسلام بقوة اللاح راجعت أساليبها . وتحققت أنها لن تنتصر انتصارا حقيقيا كاملا على المسلمين في معارك الحرب والقتال فبدأت تغزوهم بوسائل أخرى في هدوء وأناة » ومن تلك لوسائل استغلال المرأة كانت وسيلة الفرب في استغلال المرأة تتخذ اتجاهين . الاتجاه الأول : هو تقديم المرأة الغربية لتتولى تحطيم الحصانة الخلقية والدينية من المجتمع الشرقي والقضاء بوسائل المرأة الفرديةٍ على مقاومة الرجولة عند ذوي النفوذ والتأثير . . سواء كان ذلك في أفواج سيدات البلاطات والمجتمعات الراقية اللائي يقدمن تحت اسم التقدم الحضاري والمجتمع الراقي إلى ذوي النفوذ والسلطان والمال فتسلطن عليهم وأوهن عزائمهم بشغلهم في .مجال عاطفي بعيد عن اليقظة والتفكير والحزم . وكان ذلك في أفواج الففات وطالبات الهوى اللواتي يشتغلن بجد في زرع الشهوة والمباذل بين الطبقات الفقيرةوالمتوسطة فشغلها بأنواع الكر والمخدرات والحشائش والفجور عن واقع الحياة . وفد نجحت امرأتهم » بما تحمل معها من مساعدات في هذا المجال نجاحا عجزت عنه الجيوش والأساطيل . ۱ الاتجاه الثاني : يتعلق بالمرأة الثرقية نفسها ومحاولة إخراجها من قيمها 'وأخلاقها والتزاماتها لتلتحق بالمرأة الغربية فتساعدها أو تتسلم منها - 219 - الدور فتقوم به هي بدلا عن تلك الغربية التي يتوقعون أن ردود الفعل قد تبعدها في يوم من الأيام وترحل عن المنطقة . وقد نجحت فكرتهم هذه أيضا بعض النجاح › وحاولت المرأة الشرقية والمسلمة ُن تقوم بنفس الدور الذي قامت به تلك المراة الدخيلة فتزرع في حياة المجتمع الشهوة العارية التي تشفل عن الكفاح المستمر المطلوب من أمةذات رسالة » والواقع أن المرأة الشرقية ولا سيما المسلمة لا تزال في مبدإ الطريق » تتلمس خطاها ‏ مترددة - في حذر وإشفاق . ولكن المؤسف أن جميع الأيدي تدفعها بكل قوة إلى النهاية المؤلمة . والمستشرقون وهم يعرضون القضايا الإسلامية بأساليبهم الملتوية لا يففلون موضوع المرأة بكثير من الوقاحة والتجني والدس ء محاولين أن يسيئوا إلى الشرق عموما وإلى الإسلام خصوصا › عاملين بما في وسعهم من دهاء الاستعمار ومكره على جذب المراة المسلمة إليهم وجعلها تعتقد أن الإسلام أساء إليها » ولم يعطها حقها الإنساني تتمتع به كما تتمتع به المرأة الغربية . ليمكن لهم أن يوجهوها - توجيها غير مباشر- إلى الاستمرار في أداء وظيفة المرأء الغربية في الشرق . ولعل في بعض المقتطفات التي نعرضها فيما يلي د تتعرى أصابع المستشرقين الدساسة » وتتضح نواياهم الكائدة . .يقول المستشرق ألفرد بل في كتابه :الفرق الإسلامية في الثمال الإفريقي) صفحة 51 ما يلي : «ويمكن أن نفترض أي ب الوا الشرعية كانت كما لا تزال اليوم ملكا لزوجهاء اشتراها من أهلها ء مقابل سعر يتفق عليه › والجارية المسرى بها يمكن ُن تكون عن شراء مماثل ُو عن - 220 - سبي في حملة حربية مثلا . وحتى في الزواج بواحدة فان مرکز المراة قلق » . وبعد أسطر يقول : «وإذا کان هذا اي الزوج - لا يسمح لزوجته بالزنا ءفالسبب في هذااأولا هو انه لا يريد أن يمتزج دم أجنبي بدم أينائه › لان قوام الأسرة هو رابطة الدم » وثانيا لأنه لما كانت الزوجة ملكا له اقتناه » فإنه لا يسمح بان يشرکه في ملکه أحد غيره» . ٍ وهذا التصور للزواج يؤدي إلى نتيجتين رئيسيتين : الأولى هو أنه في عرف البربر- وكذلك في الشريعة الإسلامية ‏ يعد زنا الزوجة جريمة من جرائم القانون العام › يعاقب مرتكبها بالموت . والنتيجة الثانية هي أن الزوج له وحده دون الزوجة حق تطليق امرأته حين يريد وكما يريد . والزوجة لا تستطیع حتی طلب الطلاق مهما أساء الزوج معاملتها . والزوج الذي يطلق زوجته يمكنه أيضا أن يطالب باسترجاع ثمن الشراء من الأب ء أو الزوج الجديد » . هذه الصورة التي عرضها هذا المستشرق هي إحدى الدسائس الاستعمارية المبنية على الكذب للكيد والتي يراد منها تضليل الشباب المسلم عن واقعهم وتنفيرهم من دينهم واستجلاب سخطهم على الشريعة التي أنزلها الله لسعادتهم وسعادة البشرية من ورائهم › لقد حاول المستشرق الماكر ‏ وهو يتحدث عن تاريخ البربر القديم ثم يتسلل برفق إلى تاريخهم الإسلامي ثم يتسلل برفق أيضا إلى الشريعة الإسلامية ‏ أن يضرب هذه الأمة المسلمة في المغرب ويضرب الشريعة الإسلامية معها بأقوى ما عنده . والملاحظة اليسيرة التي رید ان أقولها للقارئ في هذا الصدد أن للمستشرق أن يتحدث عن البرير وغير البرير قبل الإسلام يما - 221 - شاء وشاء له الهوى فإن الحديث عن جاهلية جميع الشعوب لا تعنينا . وليس لدينا عنها صور صحيحة . أما أن ن يأتى إلى الأمة المسلمة في الشرق والغرب ويتجنى عليها وعلى الإسلام هذا الموقف يجب أن يكون له عليه حساب . تصويره لعملية الزواج بأنها عملية بيع وشراء وأن المرأة تسلم فيه للزوج مقابل ثمن يدفع للاب أو للزوج الأسبق من أرخص أنواع الكنب والافتراء على البربر في العهد الإسلامي وعن الإسلام » وصاحب هذا الإفتراء - سواء كان هذا المستشرق أنه أنه كان غيره ليس له حياء يعصه ولا كرامة يحرص عليها وإلا لما أجاز لنفسه أن يكذب عن الإسلام والمسلمين هذه الكذبة البلقاء . والنتائج التي توصل إليها فزعم أن في عرف البربر وفي الشريعة الإسلامية أن زنا الزوجة جريمة يعاقب عليها القانون بالموت وهو تحريف للحكم الشرعي › لأن البربر يعملون بالإسلام والإسلام يعتبر الزنا جريمة سواء صدرت من زوج أو زوجة أو من غيرهما أو قد قرر لهذه الجريمة عقوبة تختلف في بعض الأحوال فهي للمحصن - سواء كان ذكرا أو أنثى - الموت بطريقة الرجم وهي لغير المحصن الجلد . وأحكام الشريعة تتساوى عند البربر والعرب والفرنسيين إن كان فيهم مسلمون والصورة التي يقدمها هذا المستشرق بأن المرأة في الإسلام بضاعة تشترى بالثمن وأن الثمن الذي يدفعه الزوج يسترده إذا طلقها - وما يتبع هذه الصورة من خيالات وأوهام يراد بها إثارة المرأة سل بالدرجة الأولى ثم ثم تشويه ساحة الإلاسلام ‏ وهي ولاشك إحدى الدعايات الفاجرة ال حرص الإستعمار أن يضلل بها عقول الشباب الذين لم يدرسوا الإسلام ولم يعرفوا حقيقة القواعد والأصول التي جعلها أسسا ودعائم التكوين البيت والأسرة . وأحسب أن هذه - 222 - الصورة وحدها كافية لأن يعرف القارئ الكريم جهود المستشرق الفرد بل فى خدمة الثقافة الإسلامية هذا الرجل الذي كان في خدمة إدارة الحماية الفرنسية منذ سنة 1914 والذي بقي يوالي جهوده في المغرب متنقلا بين عواصه وقراه تكفل له الدولة جميع الساعدات ما يقارب ثلاثين سنة من عام 1914 إلى عام 1942 أنه ولاشك واحد من. تلك الشخصيات التي كانت تعمل جهدها › في تركيز الاستعمار وخدمة الغرب متسترة بخدمة العلم والثقافة . وهو ولاشك بهذه الإقامة الطويلة في مكان وإحد قد اكتسب سمعة واسعة بين المستشرقين والمهتمين بمثل هذه القضايا وربما يعتبر قوله حجة وشهادته لا ترد . ويقول المستشرق إميل فيليكس جوتييه في کتابه (ماضي شيال إفريقا) ترجمة هاشم الحسيني ما يلي : «فقد تخلی ‏ أي سبتیموس ‏ عن جميع حسان بلاده ليقترن بامرأة سورية» ص 93 ويقول : «واحتفظ سبيتيموس بجوليا على الرغم من فضائحها وتآمرها عليه . وهذا إن دل على شيء فعلى عمق الصلة بين ذلك القرطاجني وتلك الفينيقيةء .ص 93 ويقول : إن كركولا تزوج على غرار أييه من امرأة سورية من عائلة ‎a‏ ن يخلق لنفسه جوا عائليا شرقيا ء حتى إن مؤامرات الحريم كانت كما في الشرق ء أولم تدفع جوليا ابنها كركولا لقتل أخيه جيتا ؟ صحيح أن هناك سابقة عند آغر بين ام نيرون . ولكن مضى عليه مائة وأربعون عاما ء ناهيك بان قتل الأشقاء » ومآسي الحريم في الممالك الشرقية من الحوادث المادية التي ترافق تغير العهود » . نفس المصدر 94 ويقول.: ‎- 223 - «إينة البطريق جرجير الي سموها امنة وقالوا إنها كانت من نصيب واحد من الأنصار فوضعها هذا على ظهر جمل » وسار بها وهو يردد : ياإينة جرجير ستسيرين مشيا على الأقدام › ففي الحجاز تنتظرك سندتك حيث ستحملين الماء في القرب» . المصدر السابق ص 175 › ويقول : تمثل بنوع خاص وضع امرأة أوروستقراطية مرفهة وقعت في يدي بدو رحل › لقد كان العرب من الذكاء بحيث أدركوا معنى المأساة » ومن القوة بحيث أبوا إلا أن يستمتسعوا بهاء . المصدر السابق ص 175 ويقول : «وقضية العائلة. ووضع المرأة أمران مهمان ولا ريب وما من هوة أعمق من هذه الهوة بين الشرق والغرب» . المصدر السابق ص 102 › ويقول : «ولم يذكر غيزل سوى امرأتين لم تكونا في عداد الحريم» . المصدر السابق 102 . ويقول : وخليق بنا هنا أن نشير لنقطة مهمة تتعلق بموضوع المرأة الشرقية الذي لم يتفهمه الغربيون » فصحيح أنها تعيش منعزلة › ولكنها تحاط على وشمها كارأة» وقد : وقد تكون رغم جهلها أكثر أندفاعا وعنفا وشدة من المراة الأوروبية وكلنا سع بمكائد الحريم » . المصدر السابق 102 هذا منتشرق آخر بدا خدمته للاستعمار الغربي من جزيرة مدغشقر ثم التحق بالجزائر »وقد بذل جهودا مضنية لخدمة الإستعمار تحت ثوب البحوث العلمية . وفي اء كتاباته عن الشرق عموما وعن المسلمين خصوصا يحاول أن يدس صورا مشوهة » أصولها مستقاة من كتب القصص كألف ليلة وليلة وغيرها بينما يحاول أن يشكك ‏ بما أوتي من - 224 - جهد ‏ في المصادر الحقيقية فهو - في موضوع المرأة - يركز على فكرة الحريم كما يتصورها الغربيون : مجموعات كبيرة من النساء يحبسن في قصر واحد ليستمتع بهن رجل واحد ء فهن يعشن في عالمهن الضيق في كيد ومؤامرات للحصول على قلب ذلك الرجل» وهو يلح في إعادة هذه الصورة إلى الأذهان بل إنه يستشهد بغيزل الذي لم يذكر سوى امرأتين اثنتين ليستا من الحريم . ولا شك أن تجمع النساء وصراعهن وکيدهن وممارستهن للبغاء والفجور السري والعلني في فصور الملوك وفي فصور الأمراء والأورستقراطيين في فرنسا وفي وغيرها من بلاد أوروبا وصراع البفايا وإلمحظيات مع الزوجات الشرعيات وتسلطهن على الملوك ورجال الدولة وتسييرهن في كثير من الأحيان دفة الحكم من وراء ستار وتأثيرهن على السياسة العامة داخلية وخارجية ومظاهر الحب والخيانات وتعارض رغبات الغانيات مع أحكام الكنيسة » وتدخل السلطة الحاكمة ضد الكنيسة لحمايتهن وحماية عبثهن » صور واضحة في تاريخ أوروبا » لایمثل ما في الشرق جميعه جزءا يسيرا منها » لكن كل ذلك مستساغ وحسن ما دام في أورويا وهو يدل على تقدم المرأة الفربية وثقافتها في منطق المستشرقين . أما المرأة الشرقية فمع جهلها قد يكون اندفاعها أعنف › هكذا يقول جوتییه . لعله من السهام المسمومة التي يريد أن يوجهها إلى الفاتحين المسلمين في هذا الموضوع هو تلك الصورة التي ريمها للجندي المسلم الفاتح حين أسر ابنة جرجير » وهي كما يقول : فتاة أوروستقراطية مرفهة فيركبها جملا ليذهب بها من إفريقيا إلى جزيرة العرب ولا يكفي هذا بل يتغنى بسأساتها فيقول لها ستسيرين على الأقدام حتى تصلي إلى سيندتك التي تنتظرك 15 - 225 - لتحملي لها الماء في القرب . ويعلق على هذه الصورة بقوله إن العرب من الذكاء بحيث يدركون هذه المأساة ومن القسوة بحيث يستمتعون با › ولا شك أن ملايين النساء الثرقيات المرفهات اللائي لا قين أسواً فتون التعذيب بأيدي الاستعمار الغربي الممتد منذ عهود الرومان إلى آخر عهود فرنسا في الجزائر لا يلفتن النظر ولا تفتبر قضاياهن مآسي ولا معاملتهن بتلك الوحشية قسوة . وليت شعري كيف استطاع المستشرق غيزل أن يبحث عن المرأة في المجتمع الشرقي كله فلم يجد فيه إلا امرأتين ليسا من الحريم ؟ هذه أساليب الستثرقين وم يكتبون عن قضايا الشرق عامة وقضايا الإسلام خاصة ء متسترين بالبحث العلمي . ولا شك أن بعضهم قدم خدمة قيمة في الميدان العلمي ولكن البعض الآخر حاول أن يدس في أبحاثه خدمة للأغراض الاستعمارية أو ما توحي به العصبية سواء كانت عصبيته دينية أو كانت عصبيته للغرب على الشرق . ولعل إميل فيليكس جوتييه يمثل الجانب المتهور في هذا الموضوع . وكتاباته لا تتسم بأسلوب الباحث وإنما تتسم بصيفة الرائد الذي يمهد للفزو أو يبرر الفزو الواقع من دولة واقعة على شعب يرى جوتييه أنه يجب أن يخضع للحكم ويصبر عليه ويقدم السمع وإلطاعة . ولعل القارئ الكريم يريد أن أضع بين يديه مقتطفات أخری من کتابات اميل جوتییه » يقول : «وهنا نلقي نظرة على ما نسميه تاريخ المغرب في العهد الإسلامي لنجد أن الذاكرة لا تستطيع حصر الحوادث المتشعبة المتشابكة › والحروب العديدة التي لا تعرف أسبابها ونتائجها في تلك الفترة .٠ = 226 س فما أن تقوم مملكة حتى تنهار وتنشاً على أتقاضها أخرى بدون سبب وإضح أونتيجة ملموسة ء إنه تاريخ خاو جاف بل أقول صحراء قاحلة لا تعرف أولها من آخرها »المصدر السابق 7 ويقول : «والواقع أن حياة البداوة هي التي ميزت التنظيم اليناسي في الشرق والبداوة هي التي تميز الشرق عن الفرب » . نفس المصدر 80 . ويقول : «ذلك إن إفريقية قرطاجنة والأندلس بلدان عريقان ثقافيا وهما الوحيدان في المجال الإسلامى بالمغرب ء على أن العنصر الذي لعب دوره هنا هي فترة ما قبل الإسلام وما هيأته لاعتناق الديانة الجديدة» . المصدر السابق ص 104 . ويقول : «وأيسر ما يثير انتباهنا في زحمة الصراع بين الشرق والغرب في بلاد المغرب انهيار النفوذ اللاتيني والمسيحي في إفريقاء . المصدر السابق . ويقول : « وقد شاءت الإمبراطورية الرومانية أن تخلق ثورة مشل هذه الثورة ونجم عنها عن غير قصد هزات اجتماعية وسياسية خطيرة» . نفس المصدر . ويقول : «لقد عرفت إفريقيا عهدها الذهبي زمن الرومان فازداد عدد سكانها وانتعشت اقتصاديا وأضافت روما لمآثرها الأخرى إدخال الجمل إلى البلاد» . المصدر نفسه › ويقول : «أن إفريقية هي مهد المقاومة المغربية نظرا لتأثرها بالحضارة اليونانية والرومانيةء . المصدر نفسه ويقول : ` «وليس تصرف كهذا أمرا مستفربا في هذه البلاد ءلكننا نستهجنه نحن الذين سرنا منذ شثلاثة آلاف سنة من مفهوم المدنية القديمة إلى مفهوم الوطن » المصدر نفسه 4» ويقول : - 227 - «ذلك لأنها تحولت تدريجيا فأصبحت بلاد وتبدد ما بقي من ثروات زراعية وفلاحين رومان في القرن السابع ء وسادت حياة التنقل بين السهل والجبل » المصدر ولمل من الطريف أن أختم هذا الفصل بملاحظتين مينيتين على استنتاجات مضحكة للمستشرق الكبير . الملاحظة الأولى يقول فى نفس الكتاب صفحة 153 ا يلل : ۴ «ولا بد لتا هنا من ذكر القرابة بين الزناتية واليهودية في الأصل فالكاهنة أول أميرة على الزناتيين كانت تحمل ابا يهوديا . فكاهنة تذكر بکوهین » . أرأيت التعمق في البحث ودقة الاستنتاج وسلامة المنطق أول أميرة على الزناتيين هي الكاهنة . ولفظ الكاهنة قريب من كوهين . وكوهين اسم يهودي إِذن فالملاقة وطيدة بين واليهود » وني هذا المستشرق الكبير أن اسم هذه الأميرة «داهياء لا كاهنة وأن كلمة كاهنة كلمة عربية أطلقها عليها العرب لأنها كانت تمارس أعمال الكهان ولايد أن لمعنى هذه ,الكلمة لفظا بربريا كان يطلق عليها فلما جاء العرب ترجموه إلى هذه اللفظة واختفت اللفظة البربرية ء أو أن العرب من مبدإٍ الأمر أطلقوا عليها لفظ الكاهنة حين لاحظوا أنها تقوم بأعمال الكهان ومهما كان الأمر وحتى لو أن اسها كان كاهنة أو أن اليهود كانو! يسمون كوهين لما كان لتشابه هذه الأسياء معنى ولا يصح أبدا أن نربط بينها علاقة لمجرد تشابه لفظتين وإلا فالمسلمون اليوم يسمون موسى وهارون وإسحاق وسليمان - 228 - وداود فما ري المستشرق الكبير في هذا ؟ أحسب أنه ليس أبعد في السخف من هذا . الملاحظة الثانية يقول في نفس الكتاب ص 153 ما يلي : «ومن المعروف أيضا ُن ثورة يهودية قامت في عصر الإمبراطور تراجان انطلقت من برقة › وقد شدد رينان كثيرا على هذه الثورة . فام هؤلاء وعلی رأسهم شخص یسدعی لوقوفا › اعتبروه ملكا عليهم ‏ بعمليات ذبح واسعة التطلاق لليونانيين والرومان » وأكلوا لحمهم » وتلذذوا بتلطيخ أيديهم بدمائهم » منتزعين جلدهم عن أجسامهم ليجعلوا منه ثيابا بحوالي مائتي وعشرين ألفا » أي أن جميع السكان قد ذبحوا تقريبا › وتحولت البلاد إلى صحراء قاحلة من جديد ولا تدل وقائع کهذه على مدی التعصب الديني لليهود وحسب . بل على أن هؤلاء كانوا منظمين أحسن تنظيم » . إنني أترك هذه الفقرة لحكم القارئ دون تعليق . - 229 - مع اميل فلیکس جوتييه كتب بعض المستشرقين عن الإباضية كما كتبوا عن غيرهم من المسلمين . ولمل تقط الانطلاق التي يبدا منها المستشرقون مسيرتهم حين يكتبون عن القضايا الإسلامية خاصة ء وقضايا الشرق عامة ‏ هي تقط واحدة » يستطيع الدارس أن يحددها ويرسمها في وضوح في کتاباتهم . أما الدوافع التي تدفع أحدهم إلى الكتابة عن بلد أو قضية أو فرقة ء فهي تختلف من شخص إلى شخص . ومن دولة إلى دولة » وإن كانت غالبا ما تتلاقى في أصول ثابتة عنده لا تمدوها . وإنما تتسم كتابة كل وإحد منهم بطابمه الخاص المميز حسب تكوينه الخلقيء وإدراكه لنوعية القارئ الذي يقصده بالذات » ويتجه إليه برغبته في إحداث التأثير عليه ء وإقرار مفاهيم معينة في ذهنيته › ثم مدى حماسته لدوافعه الحقيقية ومدى تمكنه من السيطرة على اتتعالاته ء وإحساساته » وتأثراته النفسية بالأحداث والقضايا التى يعالجها .` ۱ ينظر المستشرقون إلى الإباضية - عندما يتحدثون عليهم ‏ من نفس الزاوية التي ينظر منها أكثر المؤرخين › فيعتبرونهم فرقة من فرق الخوارج › وليس هذا فحسب بل إنهم ينسبون إليهم جميعا كل ما يصدرعن شواذ الخوارج وعن المغفامرين من طلاب الحكم أو المال . ممن كانت لهم حركات عنف في جهة من الجهات . - 230 - بين يدي الان مجموعة من كتابات المستشرقين الذين تحدثوا عن الإباضية وسوف أخذ منهم نموذجين للمناقشة . الأول : إميل فيلكس جوتييه كنموذج للمستشرق المتطرف الذي لا يخفي عضبيته للغرب › ولا محبته لاستعمار الشرق ولا أسلوبه في الكيد . والشاني : كارلو الفونسو نيلينو كنموذج للمستشرق الذي يسير وفق منهج علمي واضح وفي هذا الفصل نقف قات قصيرة مع المستشرق جوتييه في کتابه «ساضي شال إفريقياء» وإلحقيقة أن القارئ المتصف عندما يقرا هذا الكتاب يحس بالكيد الإستعمارى في كل صفحة من الكتناب وتتراقص أمام عينيه الدسائس في كل موضوع › وإلى القارئ الكريم بعض الصور الواضحة التي ر تتبدى له وهو ماض في القراءة : 1 حرص شديد على إثارة النتزعة القبلية بين البربر والعصل على تذكيرهم بأنيم ينتمون إلى قبائل شتى مختلفة تنتمي كل واحدة منها إلى عرق وأن بعض تلك القبائل كات مؤطلة لأن تحكم وتسود » وأ قائل أخرى لا تتحق تة ذلك الشرف › وأن صراعا عنيفا وقع بينها تغلبت فيه هذه على تلك بسبب ظروف خارجية هي مجيء الإسلام ومساعدته لبعض: تلك القبائل على بعض فضيع عليها فرصا للمجد ءوهذه الصورة واضحة تتراءئ لك في كل موضوع 2 محاولة إثارة العنصرية بين العرب والبربر » واعتباره المعارك الحامية إلتي وقعت زمن الفتح الإسلامي ليست معارك بين الإيمان والكفر وإنما هي معارك بين عرق وعرق . أو هي معارك بين غاز يريد الاستعمار والاستثمار ومدافع - 231 - عن بلاده وخيرات أرضه ء: وكذلك ما وقع بعد ذلك من ثورات وحروب بسبب انحراف الحكم يردها كلها إلى صراع قبلي عرقي ليس أكثر . 3 التهوين من شأن البربر من الناحية الحضارية عند مقابلتهم بالعرب والتهوين من شأن العرب أيضا من هذه الناحية عند مقابلتهم بالرومان أو الإغريق أو حتى بالامم الشرقية المجاورة لهم كالفرس . 4 الرفع من قيمة الرومان وإرجاع ما في المغرب من مظاهر الحضارة والازدهار في القديم إليهم وحدهم أما في الحديث فلي فرنسا . 5 الحرص على تصوير الخوارج عموما في شال إفريقيا بأنهم بدو ولا يمكن أن تقوم على أيديهم حضارة » وإعطاء هذه الصورة نفسها عن البربر أيضا وعن العرب . وإرجاع التراث الحضاري الإسلامي إلى ما يسميه ‏ الحس الحضاري - العميق الجذور الباقي والمترسب عن الشعوب التي استعبدت المغرب قبل الفتح الإسلامي وأهمها الرومان . 6 الزعم بأن الحضارة التي قامت في العهود الإسلامية إنما قامت في نفس الأماكن التي قامت فيها الحضارة قبل الإسلام:- بالحس الحضاري - السابق ء حتى أن المدن الهامة في المغرب الإسلامي إنما قامت على أُنقَاضِ المدن الهامة فى العهد الروماني . 7 تصوير حركة الخوارج بأنها هرطقة تستمد جذورها من الدوناتية المسيحية . - 232 - هذه بعض الصور التي تلمسها وأنت تقراً ما كتبه جوتييه عن الإباضية ولا شك أن صورا أخری كثيرة تبدولك وأنت ماض فى قراءة الكتاب . أسا فيما يتعلق بالإباضية فلمل القارئ يرافقني في الخطوات القصيرة الأتية :يتحدث الموؤّلف عن الإباضية تارة ضمن الإطار الخارجي . وتارة يخصهم بالحديث يقول في كتابه :(ماضى شال إفريقيا) ترجمة هاشم الحسيني نشر الفرجاني ص 200 ما يلي : «ولكي نفهم مذهب الخوارج ينبفى ألا نعزله عن غيره » بل يجب أن نقربه من الشورات الأخرى التي عرفها المغرب » حيث نجد وراء الهيجان الديني انتفاضة للمشاعر الطبقية والعرقية . والخارجية شبه شيء بهرطقة مسيحية هي الدوناتية › وقد ولدت في عصر كان فيه كل شيء مطبوعا بالطايع الديني » وقد شدد ماسكوراي على وجود شبه بين الدوناتية والخارجية » . ويضيف المؤلف إلى هذا القول في صفحة 202 ما يلي : فماسكوراي على حق إذن في ذكر الشبه بين الخوارج والدوناتية » لا بل إن الخارجية هي الدوناتية عينها منقولة عن الإطار المسيحي إلى الإطار الإسلامي » هذا نمط من أنماط التحليل والحكم عند جنوتييه أي لكي نفهم معنى الخارجية يجب أن نقربها إلى غيرها من الشورات الواقصة في البفرب ءوتلك الشورات إنما قامت ‏ في نظر جوتييه ‏ على الميجان الديني والمشاعر الطبقية والعرقية . وليس في هذا ما يمنع أن تكون الخارجية في الإسلام هي الدوناتية المعروفة في المسيحية ء وانتقلت عبر العمصور حتى واتتها ظروف الظهور فظهرت في هذا أي أنه حتى الإتحرافات - 233 - والتطرفات عند المسلمين ينبغفي أن تكون مستمدة من يريد الا ستشراق ليس له قوة الحركة والانتفاض والحياة : ويقول جوتيية في نفس الكتاب صفحة 207 ما يلي : «و ينقسم خوارج المغرب إلى فرقتين : الصفرية والإباضية وتمشل الصفرية التطرف والإباضية الإعتدال . وهم أشبه بالبلاشفة والمناشفة » تباعد بينهم كراهية عميقة الجذور» لقد هاجم صفريو نفزاوة وورفجومة مدينة القيروان بوحشية لا نظیر لها .(( ثم يقول في صفحة 209 ما يلي : « وكد زحف أباضيو طرابلس من زناتة وهوارة لمحاربة بني ورفجومة › وانتزاع بقايا القيروان منهم › ع أن تخل يظفروا لأنفسهم ببعص اناده . هذا منطق اشرق جونييه في مناقشة الأحداث وتحليل بواعثها وتعليل الدوافع إليها . يفترض أولا أن الإباضية والصفرية إخوان في المذهب › ويفترض ثانيا أن عداوة عميقة الجذور - كالتي بين البلاشفة والاثفة د تقوم ينهم ویذکر ن الصف ية قاموا باحتلال سارعوا إلى طرد الصفرية من . ويفترص ناكا ن عمل الإباضية هذا لا ينبعث من دافع إنساني › ويفترض رابعا أن هذا الدافع الذي دفع الإباضية إلى استخلاص القيروان من أيدي ورفجومة إنما هو الحسد لإخوانهم في المذهب ثم الظفر لأنفسهم ببعض المكاسب . قصور في الافتراضات يرفع بعضها - 234 - على بعض دون أساس أو على أساس من الوهم » وتصور وتصوير لملاقات بشرية › ونوازع نفسية لا تنبني على علم ولا تستند على خبر وإصدار احكام على حركات قامت قبل قرون تناقض كل المناقضة ما تذكرها عنها كتب التاريخ والسير العربية » فما هي الأسباب التي يستند إليها المستشرق جوتييه في افتراض الفروض وإصدار الأحكام على الوقائع وعلى دخائل النفوس ء إنه لاشيء مطلقا غير دعوى عريضة وقياسات على ما عند الغربيين إنه يقول إن الإباضية طردوا الصفرية من القيروان حسدا وطمعا في بعض الفائدة . والحسد دافع خفي فطن له هذا المستشرق الذكي بعد مضي هذه القرون الطويلة . | إنه لو اقتصر على دعواه أنهم يطلبون لأنفسهم بعض المكاسب ‏ رغم أن كتب التاريخ تكاد تجمع أن الإباضية في استيلائهم على القيروان لم يأخذوا منها شيئا البتة ما عدا خرجا سرقه أحد المقاتلين فلما انكشف عوقب :عليه وعزر أمام أعين الجند جميعا ‏ لكان لدعواه خطا في النظر . لأن نظرة المستشرق جوتييه إلى حركات الدول والشعوب لا تنبعث إلا من الفهم الاستعماري والفهم الاستعماري لا يتحرك إلا بعد تقدير الفوائد والمكاسب والمغانم » أما ما عبر عنه هو بالدوافع الإنسانية فقد قتلت في الحس الغربي في معاملته ء والدوافع الإنسانية في الحس الغربي إنما قتلهاحملة الأقلام والألسنة ء قبل أن يقتلها حملة السلاح وطلاب المطامع › وما من حملة عسكرية وجهها الإستعمار الغر بي إلى الشرق في التاريخ القديم أو الحديث حتى تلك التي سبقت الديانات إلا وقد مهدت لها ألسنة وأقلام سابقة » وبرزتها ألسنة وأقلام مرافقة ء - 235 - وأثنت عليها ومجدتها ألسنة وأقلام لاحقة . وإنك لتقا اليوم للمستشرق جوتييه وأضرابه فتجدهم يبررون بل يمجدون جميع الحملات الاستعمارية التي قام بها الإغريق والرومان بل ويتحدثون عنها بشيء من من الفخر والاعتزاز › ولا يبدو نهم يحسون بأن تلك الحملات الاستعمارية في تاريخ سحيق كان الباعث عليها والدوافع إليها إنما هو الحصول على الفوائد › ولم يزعموا أن سببها كان الغيرة والحسد » ذلك أن للمستشرقين منطقين : منطقا يعالجون به قضايا الغرب ومنطقا يعالجون به قضايا الثرق » ولم يدخل في اعتبارهم أبدا أن الغرب والشثرق يستويان في أي مظهر من مظاهر الحياة » وإن كانوا يسبغفون على جميع مواقفهم دعوى فضفاضة بأنهم متجردون للعمسل تحت اسم البحث العلمي . ويقول في صفحة 224 ما يلي : «وراء مملكة تاهرت شخصية مشرقة مرموقة كما هي حال المملكة الإدريسية ء والأسرة الفاطمية › إنه عبد الرحمن بن رستم ءويرجع أصله إلى رستم الشهير الذي قاد الجيش القاربي في معركة القادسية » وهو فارس من أحفاد كسرى ولا غرابة أن شاهدناه على رأس فة من الهراقطة في الوقت الذي ازداد فيه النفوذ الفارسي زمن العباسيين » . ۱ هكذا يعلل جوتييه نجاح الدولةالر ستمية بتفلفل التأثير الفارسي في الدولة العباسية ء ولا شك أن التفلفل الفارمى ‏ إن صح هذا التعبير ‏ كان لتأييد الدولة المباسية رنت دعائمها » ولا شك أن الدولة الرستمية بعامة عبد الرحمن وة ومن بعده كانت مناهضة للدولة العباسية فكيف استطاع جوتييه أن يوفق بين هذا وذاك ؟ فيجعل سبب نجاح الدولة الرستمية إنما - 236 - يرجع إلى وجود يد فارسية واليد الفارسية كان لها التفوذ الواسع في الدولة العباسية فكيف سمح النفوذ الفاربي المتفلفل في الدولة العباسية أن تنشق عنه يد فارسية لتضرب هذه الدولة المبنية على النفوذ الفاربي . إنه تناقض واضح في المنطق وفي أحداث التاريخ لن وجود عبد الرحمن بن رستم في المغرب العربي لم تكن له أية علاقة بالقومية الفارسية ولا بالفرس الذين تغلفلوا في الدولة العباسية ءولا بأمجاد الفرس التي انتهت بظهور الإسلام والسبب في هذا واضح فإن عبد الرحمن قد انقطعت صلته بالفرس تمام الاتقطاع وهناك حلقة من طفولته غير واضحة إلا أن كتب التاريخ تذكر أنه حج مع والده فتوفي والده بمكة وتزوجت أمه برجل من المغرب (القيروان) فرحلت معه ورحل معها طفلها عبد الرحمن وهتاك في القيروان تكون عبد الرحمن في مجتمع مسلم فقط أهله من العرب والبربر ولم يعرف أن أحدا من الفرس كان هتاك فلا مجال أبدا لمحاولة ربط هذه الحركة بحركات أخرى في الشرق تنبعث من دوافع قومية . إن المستشرق جوتييه يضع نصب عينيه فرضا ثابتا لا يتحول عنه هذا الفرض هو أن الإسلام ممثلا في مذاهبه كلها أو في بعضها لا تقوم على يده حضارة . فإذا قامت حضارة في مكان مافلابدأن يكون هناك سبب خارج عن الإسلام والمسلمين وبما أن الدولة الرستمية قد قامت على يدها حضارة لا يمكن أن يكنبها التاريخ فالمستثرق جوتييه يعترف بوجود تلك الحضارة ولكنه ينكر أن يقوم بها الإباضية وإنما يمزوها لعاملين : الحس الحضاري الروماني , والقومية الفارسية التي تمثلت في عبد الرحمن بن رستم . - 237 - وكأنما يريد أن يقول أن بيئة المغرب الإسلامي لا يمكن أن تنجب قيادات فإذا قامت فيها حركة فلا بد أن تكون القيادة مندسة من جهة ما كما هو الحال مع الدولة الإدريسية والفاطمية والرستمية › وما دام الإباضية يمثلون في نظر «جوتييه» فرقة من الهراطقة مفتقرة إلى زعيم فليكن هذا الزعيم فارسيا تغلفل في المفرب كما تغلفل في المشرق أخوته من الفرس » وأن معارضا للمخطط الفاربي في تأييده للدولة المباسية . وهذا التمحل والتأويل كله لتستقيم فرضیات جوتییه . ويقول جوتييه في صفحة 227 ما يلي : «يقول ما سكوراي بحق ما من واحة بين قابس وفجويج وسجلماسة إلا وهي مدينة بتطورها للخوارج - صفريين كانوا أم إباضيين ‏ لقد كانوا سادة الصحراء » ويقول في صفحة 228 ما يلي : «إن تاهرت كانت مركزا سياسيا هاما في الفترة التي رافقت ظهور الجماليين الرحل القادمين من الشرق والذين كان لهم شأن كبير في زعزعة أركان نوميديا» وقول بعد أسطر: «وهكذا تعتبر تاهرت والمنطقة المحيطة بها مركزا للاصطياف يقصده سكان الصحراء مع قطعانهم هربا من الحر الشديد» ويقول في صفحة 229 ما يلي : «وتدل الطبيعة الجغرافية لتلك المنطقة أن تاهرت مملكة للبدو الأقحاح ءوقد اختفى الإباضية كفرقة دينية فى تاهرت اختفاء تاما في حين استمروا على شكل جماعات صغيرة فی - 238 - جبل نفوسة والزاب أي في المناطق الصحراويةء وليس الأمر وليد صدفة لأن قوة الدولة الرستمية كانت في الصحراء .» ويقول في صفحة 229 ما يلي : «على أن هذه القبائل الرستمية من البدو الرحل على كل حال .» ويقول في صفحة 230 ما يلي : «إن مملكة الرستميين لم تتجاوز حدود الأراضي الوعرة والصحراء .» يفترض المستشرق جوتييه أن الإباضية عبارة عن قبائل بدوية ويركز على ذلك تركيزا شديدا » ويدعي أن طبيعة المنطقة التي يعيشون فيها طبيعة صحراوية بدوية . ولما كانت تاهرت تمشل مظهرا حضاريا واضحا لا يمکن تجاهله وأن هذا المظهر يرد دعوى المستشرق هذه فقد حاول أن يهرب من مجابهة المشكلة بنوع من الأهواء فزعم أن الإباضية بدو أقحاح وأن تاهرت هي مملكة للبدو الأقحاح يعيشون عليها . ولكن أحدا لا يقتنع أن البدو الأقحاح يكونون مملكة كما اُن طبيعة تاهرت نفسها تستعصي على وصفها بالبداوة وهى التي يقول فيها هذا المستشرق نفسه في صفحة228 : ۱ «تقع تاهرت على ارتفاع 1200 متر ولا يقل ارتفاع المشاطق المحيطة بها عن ألف مترء وشتاء تاهرت يمتاز ببرودته وضبابيته ورطوبته وثلوجه أي على عكس الصحراء تماما .» فلما وجد أن حقيقة تاهرت تتمارض مع وصف البداوة ووجد أن الإباضية قد أقاموا في هذا المكان دولة بالفعل ظلت مزدهرة قرنا ونصف قرن على أقل تقدير ما يبعد عنهم وصف البدواة افترض فرضا خياليا وهو أن الإباضية ‏ وهم بداة ‏ كانوا - 239 - يقصدون تاهرت في الصيف هربا من حر الصحراء أي أن تاهرت كانت مصيفا للبدو الرحل . وكأنما كانت الدولة الرستمية قطعا من الأراجوز تتفرق خلال السنة في مناطق عدة فإذا جاء الصيف اجتمعت في تاهرت للقيام بدور لمحرك خفيف يبعث بالأزرار من وراء ستار . . وكأنما هذه الافتراضات كلها لم تقنع جوتييه نفسه فكان يلح على مزيد من الافتراضات» ولكن افتراضه الأول «الإباضية قبائل من البدو الرحل لا يحتمل المناقشةولا يقبل النقد عنده ولذلك كان عليه أن يلتمس الحلول لما ترتب عن هذا الافتراض من مشاكل وجاءت الحلول بعد مجموعة من الافتراضات ينبني بعضها على بعض . الافتراض الأول الإباضية لا يكونون إلا بدوا رحلا . الافتراض الثاني البدو الرحل لا يمكن أن يتغيرو! فيصبحوا بناة حضارة وقيام حضارة في تاهرت حقيقة واقعة عندما كانت تحت سلطان الأباضية . الافتراض الثالث الإباضية لم يكونوا يقيمون في تاهرت وإنما كانوا يتخذونها مصيفا فيفبلون عليها في موسم الحر ويتخلون عنها وينزحون بعيدا في بقية المواسم والفصول . فكيف قامت تلك الحضارة في تاهرت تحت حكم الاباضية؟ الجواب في ذلك عند جوتييه بسيط واضح معروف . إن الحضارة إنما قامت في تاهرت بالحس المدنى الروحاني السابق كما أوضحت ذلك للقارئ الكريم من قبل . ولا يد للإباضية ولا لسكان تاهرت ولا لدولتهم في ذلك . وليتضح لك هذا المعنى اقرأ للمستشرق جوتييه في كتابه ص 7 ما يلى : 240 - «ولیس في تاهرت اليوم سوی أثار رومانية › ويفترض غيزل أن الرومان أنشأوا فيها مراكز عسكرية على الحدود » ثم منطقة سكنية للمدنيين › ولم يجد في الأثارالباقية ما يؤيد فكرته . وكان لتاهرت أهمية کبری في عهد السيطرة البيزنطية .» ويقول بعد أسطر : «ومن الناحية الأثرية البحتة آثار الجدار جنوبي تاهرت في المينا العليا » وهي عبارة عن أضرحة شبيهة بتلك الموجودة في مدغاس «وبقبر المسيحية» ولكنها تعود لوقت متأخر عنها وقد عثر فيها على كتابة إغريقية » كما استخدم في بنائها أدوات تعود لعصر سابق لها كبقايا هندسة مسيحية وكتابات منقوشة » ويستنتج غيزل أنها عاصرت العهد البيزنطي وينسبها إلى اهالي تاهرت .» ويقول جوتييه : وتاهرت في العهد البيزنطي كانت في نفس المكان الذي تقع فيه اليوم وعاصمة الرستميين (تاهرت الجدية) تبعد خمسة اميال غربي تاهرت القديمة . وإذا كان رستم قد أطلق علي مدينته لقب الجديدة فهذا ما يؤكد أن المدينة القديمة ماثلة في الأذهان » وعندما يتتبع القارئ الكريم البحث كله في هذا الفصل يجد أن الصورة التي يربمها جوتييه تبدو كما يأتي : إن الإباضية باعتبارهم خوارج لا يكونون إلا بدوا وطبيعة البدو لا تستقر في مواضع الحضارة ولا تبني نظاما › ولا يثبت لها حكم . وقد قامت بالفعل تخت حكم الإباضية حضارة دامت قرنا ونصف قرن » و:.-. لهم هناك الحكم . فما هو السبب ؟ 241 16 السبب أن هذه الحضارة إنما بنتها يد فارسية تجري فيها دماء الحضارة » وفي موطن قامت فيه حضارات بيزنطية ء ورومانية قبل الفتح الإسلامي ء فالمكان منبت للحضارة واستقرار الحكم . أما علاقة الإباضية بالموضوع فهي لا تتمدى رحيلهم إليها فترة من السنة.» واتخاذها مصيفا . أما البناء الحقيقي الذي قام عليه الحكم وتبحث عنه الحضارة فإنما قام على ركنين أساسين : الحس الحضاري الفارسي الوافد من الشرق في صورة عبد الرحمن والحس الحضاري الغربي المندس في فرية تاهرت منذ عشرات القرون عندما كان هناك الرومان . أما ما ينسب إلى الإسلام أو إلى مذهب من مذاهبه مما يقوم به أتباعه فهو طفح ظاهري لا يتجاوز الأسماء . بمد هذا أحب أن أقول إن هناك عدة أشياء تقوم ضد افتراضات جوتييه وتدحضها ولعلها تتلخص فيما يلي : 1 عبد الرحمن بن رستم وإن كان قاربي الأصل إلا أنه خرج دون اُن يعي أو يعرف شيئا عن حضارة الفرس وعاش في القيروان واكتسب مواهبه في بيئة بربرية ثم عربية محضة ثم هو فرد واحد فما عساه أن ينجز من مقومات الحضارة . فإسناد الحضارة التي قامت في تاهرت إلى شخصية عبد الرحمن الفارسية ضرب من الخيال . 2 اعتبار أن الحضارة التي قامت في تاهرت كان من أهم عواملها ذلك الحس الحضاري المتخلت في تربتها منذ قرون من حضارة الرومان . وأن الحضارة لا تنبت إلا في أماكن خاصة بها كما تنبت الأشجار في تربة معينة وأن هذه التربة المعينة لابد أن تكون قد أعدتها في يوم من الأيام دولة تحمل - 242 - مقومات الحضارة وعلى هذا الأساس فقد نبتت الحضارة في تاهرت زمن الحكم الإباضي لأن تربتها صالحة لإنبات الحضارة بعد ما أعدها الرومان لذلك فى عصور سابقة . هذا المنطق هو الآخر ضرب من الوهم والخيال ولا شك أن الإنسان هو الذي يكون الحضارة وأنه هو الذي يختار لها البيئة والمكان › ولذلك فإن المسلمين على اختلاف مذاهبهم قد كونوا حضارة حضارات مختلفة في أماكن مختلفة بمحض اختيارهم للمكان والبيئة ۔ كما كون غیرهم ‏ فإذا صادف أن حضارات متعددة من أمم متعددة قامت في مكان واحد فليس ذلك لان ذلك المكان ينبت الحضارة وإنما لأن الإنسان الذي يعرف كيف يكون الحضارة قد وقع عليه اختياره . 3 اعتباره أن الإباضية (بىدو اقحاح) فرضية لا يساعده عليها التاريخ » ونظرة تتبعية بسيطة إلى تاريخهم في المفرب الإسلامي ومضطربهم فيه منذ وجودهم فيه إلى عهد المستشرق جوتييه تدل دلالة واضحة أنهم ليسوا كما يزعم . وانهم إلى التحضر أقرب في جميع مواطنهم ويتضح ذلك في الصور الاتية : الأولى : كانوا يعمرون جبل نفوسة بمدنه وقراه في (ليبيا) ولهم فيه حياة حضرية مستقرة إلى الان وكانوا يعمرون جزيرة جربة. ولهم فيها حياة حضرية مستقرة إلى الآن . وكانوا يعمرون زوارة وزواغة ولهم فيها حياة حضرية مستقرة إلى الان في روأرة . انوا يعمرون المدن والقرى في الجنوب التونبي سواء ما كان مها في الجبال أو الواحات ولهم فيها حياه حضرية مستة ة إلى عهد قريب وكانوا يعمرون تقرت وبغابي وميا إليها وسم فيها حياة مستقرة سجلها التاريخ وكانوا - 243 - يعمرون وارجلان وسدراتة ولهم فيها حياة حضرية مستقرة بل إن سدراتة تعتبر من المدن الأثرية الجزإئرزية في العهد الإسلامي ء أما وارجلان فقد كانت مركزا حضاريا تجاريا بين الجزائر وإفريقيا النوداء وكانت مركز القوافل ومقرها وممرها ولا تزال . وكانوا يعمرون وادي ميزاب ولهم فيه حياة حضرية مستقرة ربما فاقت مدن الثمال ولا تزال . هذه أهم أماكن الإباضية في المغرب . ولايمكن أن يقال عن هؤلاء - بحال من الأحوال ‏ أنهم بدو. أما الذين سكنوا منهم المغرب الأقصى أو بعض بلاد الأندلس ءفلا يستطيغ أحد أن يصفهم بالبداوة . الثانية : كانت هنالك بعض القبائل البدوية التي اعتنقت الشذهب الإباضي واستمرت على حياتها فترة من الزمن ولكن الإباضية كانوا يقاومون البداوة مقاومة مستمرة ويتخذون معها مواقف غاية في العنف منها إنهم يمنعون تزوج الحضرية بالبادي حتى أنهم شددوا على أبي عثمان الدجي حين زوج بنته (منزو) وبمحض رغبتها واختيارها لأحد أقربائهم من البدو وندم ابو عثمان على عسله ذلك ندما شدیدا فیما بعد . وكما قال أحد علمائهم حين وجد شخصا يعرفه يرعى غنما : نعمت الغنم التي ترعاها لحية › وبئست اللحية التي ترعى الفنم . وعندما لا يتمكنون من إقناع حي أو قبيلة بترك البداوة كانوا يعملون على إدخال أنواع من وسائل التحضر إِليهم فكانوا يكونون لهم ما يشبه ما يسمى اليوم بالمدارس المتنقلة لتعليم أبنائهم ولمساجدهم وما يتبعها من مرافق وكانوا يتعهدونها بالزيارة ودروس الوعظ والارشاد والتثقيف . - 244 الثالثة : حياة الإباضية على عمومها كانت تعتمد على ثلاثة أسس 1 التجارة : وقد اشتهر بها أهل جربة ووارجلان ووادي میزاب حتی اُن الاتتصاد في كل من الجزائر وتونس كان يعتمد اعتمادا أساسيا على مواهب الإياضية في التجارة ولا تخلو مدينة أو قرية في الجزائر وتونس ‏ في قرون طويلة - من الأيدي البارعة لتجار الإباضية . الصناعة : ولا سيما صناعة الصوف وقد اشتهر بها جبل نفوسة وجبال دمر ووادي ميزاب فكانت هذه الصناعة تكون ركنا هاب من دخل الأسرة ومن اقتصاد البلاد حتى اشتهرت في الأسواق . 3 الزراعة : وهي مصدر أساسي للثروة وتقوم في جميع مواطن الإباضية لا سيما الواحات . ويبدو لي أن الأمة التي تبني حياتها على الاقتصاد الذي يتكون من تجنارة وصضاعة وزراعة لا يمكن ُن تكون أمة بدويهة . ون البدو لا يمکن أن يحاربوا البداوة بكل الأساليب حتى يبلغ بهم الأمر إلى متع الزواج من أهل البادية . ويکكفي هذا لمناقشة هذه النقطة ويقول المستشرق جوتييه ص 233 ما يلي : «وقد فرض الإباضيون عقوبات صارمة على أهل الثر . فالزاني يرجم » والسارق تقطع يده» . وق.. يكون جوتييه لا يجهل أن هذه العقوبة هى ما قرره الإسلام وأن جميع المذاهب الإسلامية ملزمة بهذا سواء نفذته حكوماتها القائمة أو لم تنفذه . وإنما حرص أن يذكر هذا عن الإباضية أولا لأنه يريد أن بوحي للقارئ أن الإسلام دين - 245 - بشري يفرص قوانينه ناس من البشرء وثانيا ليوحي للة للقارئ الكريم أن الإباضية باعتبارهم من الخوارج المتشردين » ومن البدو الجفاة الفلاظ ينتهجون القسوة في أحكامهم : ومن الأمثلة على انتهاجهم هذا المنهج هذا الحكم الصادر على الزناة والسىزاق . ولعل مما يساعد القارئ الكريم على فهم منهج جوتييه في مناقشة موضوع الإباضية وأسلوبه في ذلك ُن أعرض عليه صورا أجراها المستشرق في أسلوب مقارنات . الصورة الأولى : يقول وهو يرسم هذه الصورة في صفحة 230 ما يلي : «ويساعدنا أبو زكرياء على رسم صورة عن الإباضي : شعره ذو ظفائر يحمل مهندا مستقيما طويلا ء له حدان قاطعان ء يختلف عن السيف واليطقان . كما يحمل خنجرا مربوطا بذراعه » إنها كما ترى تبدو صورة كاريكاتورية هزلية مضحكة قد ترسم لشخص أو لعدد من الأشخاص .` وبناء على هذه الصورة التي يرسمها جوتييه بمساعدة أبي زكرياء على زعمه للإباضية ء نستطيع أن نضع لها إطارا عاما كما يلي : شعر مظفور . سيف طويل مستقيم ماضي الحدين يختلف عن اليطقان . خنجر مربوط بالذراع ِ فإذا توفرت هذه الأشياء الثلاثة في رجل فهو إياضي وإن تخلف بعضها فليس كذلك » هذا في زعم جوتيیه . | هذه الصورة الكاركاتورية إنما تبعث على الضحك .عى يرسمها وينسبها للإباضية أو لغيرهم فهذا الكلام -: - 246 - بمنزلة لا يرتفع معها إلى مرتبة ما يناقش ويلتمس فيه الخطاً والصواب . الصورة الثانية : يقول جوتييه في صفحة 230 من نفس الكتاب ما يلي : «وأظن أن ماسكوراي على حبق في مع ابن الطوارق حاليا » ويذكر لنا أن المرأة الإباضية مثقفة مما يزيد في وضوج الشبه ء وذلك أن المرأة عند الطوارق تحتل في علمها وثقافتها مكانة تختلف عن مكانة المرأة في بلاد المفرب »› لقد عنى ماسكوراي بالطوارق عناية كبيرة » وليس مستبعدا على كل حال أن يكون هؤلاء البدو الخوارج قد تركوا بعض مميزاتهم لطوارق الهقار وهم من تبقى من قبيلة هوارة » هكذا ترى أيها القارئ الكريم أن المستشرق ماسكوراي ‏ وقد عنى بالطوارق - يعقد بينهم وبين الإباضية مقارنة ويىزعم أنه توجد بينهم وجوه شبه تتلخص في شعر مظفورء وسیف طويل مستقيم ذي حدين قاطعين : وخنجر مربوط بالذراع » ويصحح المستشرق جوتييه تلك المقارنة بمرجح آخر وهو أن المرأة الإباضية مثقفة ممأ يزيد في وضوح الشبه بين الإباضية واللوارق لأن المرأة الطارقية تحتل في علمها وثقافتها مكانة فوق مكانة المرأة في المغرب . وبذلك فلا مانع من أن يكون الطوارق قد تسلموا عن الإباضية هذه المميزات الواضحة عندهم اليوم . ياله من منطق سلیم : لقد غفل كل من المستشرقين الكبيرين عن دعوى هامة يدعيها كلاهما وترتكز عليها أكثر أبحائهما وأبحاث من يجري (1) مقارنة الاباضي مع ابن الطوارق . - 247 - على نسقهما وذلك أنهما يدعيان ‏ ويؤكدان ذلك إن الإباضية بدو أقحاح . وأن البداوة لا يمكن أن تكون مصدر علم وحضارة . فكيف للمرأة الإبناضية - وهي بدوية قحة - وكذلك للمرأة الطارقية التي تسلمت منها مميزاتها › وسارت بأسلوبها في الحياة ‏ أن تكون في ثقافتها وعلمها فوق المرأة في بلاد المغرب ؟ كيف استساغ عقل ماسكوراي وعقل جوتييه اُن. يزعم ُن المرأة الطارقية - وهي تعيش في خيام متنقلة في المناطق الصحراوية تتبع مواقع الغيث . وتقضي أهم قات ع عمرها في رعاية الماشية ‏ أكثر ثقافة وعلما من المرأة التي ت تعيش في تلمسان والرباط والجزائر وقسنطينة ووهران قد یتیل کلام على نو من لاویل لأنه ومف المرأة الأباضية بالثقافة ُو بأنها مثقفة . وهذا قد يكون صحيحا إلى حد بعيد ‏ من حيث الواقع ‏ لأن الإباضية لا سيما في الجزائر يسكنون في عدد محدود من المدن طيلة عدة قرون › وهم بعداء جدا عن طبيعة حياة البدو الرحل ء وإن كانوا يعيشون في واحات في مناطق صحراوية . ثم إن لهم مؤسسة المزابة التي تم تنظيمها في وال القرن الرابع الهجري وهي تشرك معها المرأة في القيام بمهمة الثقافة والتعليم في ميادين الشريعة كما أن لهم أساليب خاصة في واجبات المرأة المنزلية والصناعية ءولا شك أن معاني الحضارة ومظناهرها عند الإباضية من سكان الجزائر قوی منها وأوضح مما في كثير من مدن الشطوط والسواحل . وفي مشل هذه المجتممات المستقرة في مدن الواحات العريقة والمحافظة لا نجد غرابة إذا وصفت فيها المرأة بالثقافة » والثقافة في هذا المجال إنما تعني بالدرجة الأولى » معرفة المرأة لأحكام الدين المتعلقة بهياء - 248 - بالاسلوب المقبول في السلوك الاجتماعي في الوسط الذي تعيش فيه » وتكتسب المرأة كثيرا من ألوان الثقافة الاجتماعية والبيئية بالاقتباس والمحاكاة والتقليد وهذا ‏ لا شك - في مجتمع مستقر محافظ محتفظ . فمسافة البعد بين المرأة الإباضية التي تعيش في هذا الوسط والمرأة الطارقية التي تعيش وراء المواثي. متنقلة في الخيام باستمرار مسافة شاسعة لا تجدي فيها المقارنة . وماسكوراي قد يكون على حق حينما قال إن المرأة الإباضية مثقفة . أما جوتييه وقد وثب وثبة لا حدود لها حين تجاوز مرتبة الثقافة إلى مرتبة العلم.فزعم أن الطارقية تحتل في علمها وثقافتها مرتبة فوق ما عند المرأة في بلاد المغرب . وأحسب أنه من البداهة أن وصف المراأة الطارقية بأن لها مركزا علميا وصف لا مدلول له » أما وصفها بالثقافة فلو كان الوصف هكذا مجردا لاحتمل النظر والبحث . أما دعوى أنها تحتل مركزأ ثقافيا فوق ما عند زميلتها المرأة في المغرب . فهي دعوى باطلة » وحكم لا سند له ء وبعصد كل هذا فإن محاولة مقارنة الإباضية بالطوارق ووجود شبه مادي معنوي بينهم لفو من الكلام وباطل من القول وذلك أمر بديهي لا يحتاج إلى أي بحث أو تفكر ضرورة أن الإباضية مذهب إسلامي له قواعد وأصول . وله عقائد وعبادات وشرائع في الإمكان أن يعتنقها بعض الطوارق أو كل الطوارق كمايمكن أن يعتنقها غيرهم من القبائل والأجناس البشرية . إن الطارقية جنس أو قبيلة أو نسب والإباضية فكرة أو مذهب أو دين فما الذي يجمع بينها حتى نقول بوجود شبه أو تقارب . 249 ب هل تستطيع أن تقول أن هناك شبها بين الأوس والخرزرج والمذهب المالكي مشلا وأن السالكية اتحسدروا من الاوسن والخزرج ثم ما علاقة اللباس أو السلاح بالمذهب أو العقيدة . لاشك أن المختلفة تختلف في لباسها وأنواع السلاح المستعمل لديها فما دخل المذهب في ذلك . نحن نعرف أن للمفارية والجزائريين تقاليد خاصة في اللباس وأسلوبا خاصا في أستعمال السلاح ونعرف أيضا أن لتونس أو لليبيا ُو لمصر أو لفيرها تقَاليّد تخالف ما درج عليه في البلاد الأولى . ونعرف أيضا أن أصحاب المذاهب المختلفة في البيئة الواحسدة يختلفون في المذهب ويتفقون في أسلوب الحياة ومظاهرها من لباس وعادات وتقاليد . ولباس الإباضي الذي يعيش في اللجزائر غير لباس الإباضي الذي يعيش في تونس أو في مإذا كان للطوارق عادات خاصة في أتواع الاباس أو السلاح فإن من يعتنق المذهب الإباضي منهم يكون على لباسهم وقيافتهم ولذلك فلو وقفت بين الطوارق أو في أي مكان لما أمكنك أن تميز بين المذاهب بمظهر اللباس ولكنك تستطيع بسهولة أن تميز بينهم من حيث اللباس فتعرف أن هذا طارقي وهذا جزائري وهذا ليبي الخ . إن هذه لنقطة أخذت منا أكثر مما تستحق وهي دليل واضح على أن المستشرقين يعمدون إلى توافه الأمور فيوجهون إليها عنايتهم ويولونها جانبا من الاهتمام يشفل ذهن القارئ العادي ويصرفه عما هو أجدى.له وأحق بمعرفته . الصورة الثالثة : يقول جوتييه - وهو يرسم هذه الصورة - في كتابه ص 3 ما يلي : -:250 - «وقد تحدث ماسكوراي عن الثبه بين الإباضية والوهابية التى ظهرت شى القَرن التاسع عشر . في أواسط شبه الجزيرة › وكتب عه يلفريف كتابا موفقا . ذاك أن الوضع الجغرافي شَشابه مهنا وهناك نجد بدوا بعيدين عن البحر يعيشون على قحط الصحراء . فالبدوي الذي لا يسيطر على مدينة من المدن هو أشد الناس فقرا » وهو ميال للعزلة والتقشف ء وشديد الشغف بالفضيلة . ذلك أنه يحول بؤسه لتطرف ديني » . هذه صورة حرص المستشرقان ماسكعوراي وجوتييه وغيرهما أن تكون صورة للإباضية عند ما يكون الحديث عن الاباضية وللخوارج عندنا يكون الحديث عن الخوارج وللامة الإسلامية عامة عندما يتحدثون عن حركة للامة الإسلامية أو فيها بل ان جوتييه يركز على هذا المعنى كثيرا في معالجته لقضايا الحركات الإسلامية سواء ما كان من الإسلام عامة › وما ن منها من مذهب خاص ۽ فهو يريد أن يصور المسلمين في جميع الأحوال وعلى كل الأوضاع بأن طبيعة البداوة متأصلة فيهم وعندما يتحركون فهم إنما يتحركون بدافع الفقر والحاجة للحصول على ما يخففون به شظف العيش المؤلم والحياة القاسية التي يعانونها فإذا لم يتمكنوا من ذلك حولوا مظهر الحرمان الذي يحيون فيه إلى شغف بالفضيلة ء أو إلى تطرف ديني يندفعون باسمه للغزو والاحتلال . وتتلخص الصور الثلاثة السابقة من المقارنات فيما يلى : افتراض وجود شبه يدل على اتحدار الطوارق من الإباضية استنادا على القيافة الموجودة الآن عند الطوارق مع افتراض وجودها عند الإباضية في قرون سابقة . - 251 - دعوی وجود ثقافة وعلم عند المرأة الطارقية تتفوق بها على المرأة فى المغرب ودعوى وجود ثقافة عند المرأة الإباضية مما يقرب الشبه بين الطوارق والإباضية . التشابه بين الإباضية والوهابية لأن كلا منهما يعيش ي نطقة محرا يسود فيها القحط ويغلب عليها الفقر مما يحمل أهلها جلى التقثف الإجباري أو الرغبة في الفزو باسم التقوى . وأحسب أن هذه الفروض وهذه المقارنات من أسوإ ما کتبه جوتييه في کتابه هذا . ون كان في الكتاب کثير جدا مما أملاء التحامل وأوحت به الروح الاستعمارية المترففة . لكن هذه الفقرات تدل ۔فوق كل ذلْك ‏ على الطحية والغباء . - 252 - مخ کرلو ألفونسو نلينو كتب المستشرق كرلو الفونسو نلينو بحوثا عن المعتزلة الصلة بين مذهب المعتزلة ومذهب الإباضية المقيمين فى أفريقيا الثمالية . 4 حول فكرة غريبة منسوبة إلى المحافظ عن القرآن ٠ وقد ترجم الدكتور عبد الرحمن بدوي هذه البحوث ونشرها ضمن بحوث أخرى للمستثرقين في كتساب سياه (التراث اليونانى فى الحضارة الإسلامية) طبعصة دار النهضة العربية ءالطبعة الثالثة. من هذا الفصل أحب أن أقف مع القارئ الكريم قليلا عند الفقرة الثالثة ء في هذه البحصوث (الصلة بين مذهب المعتزلة ومذهب الإباضية في أفريقيا الشمالية) لمتاقشة بعض آراء المستشرق الكبير في هذا الموضوع يقول نلينو في هذا الكتاب ص 204 ما يلي : «لاحظ جولد تسيهر في الموضوع المذكور آنفا (مجلة تاريخ الأديان المجلد ر قم 52 سنة 1905 ص 232 إن رسالة (المقيدة.الإباضية) لعمرو بن جميع التي نثرها موتيلنسكي تضعنا أمام أقوال ذات طابع معتزلى واضح ويورد شاهدا على ذلك المسائل الأتية 1 القرآن مخلوق . 2 ليس من الممكن رؤية الله في الخرة . 3 تأوييل بعض مسائل الحياة الأخرى تأويلا مجازيا (الميزان والصراط) - 253 - + كل تشبيه ظاهر وبخاصة أستواء الله على العرش 31 _ يصب تاو يله تأويلا مجازيا . ولكن الإتفاف بين مذهب المعتزلة ومذهب الإباضية في شمال إفريقيا يذهب إلى حد أبعد مما ذهب إليه جولد تسيهر . فكلا المذهبين على اتفاق فيما بينهما وبين بعض : وعلى خلاف مع أهل السنة في المسائل الآتية كذلك . 5 الله لا يغفر الكبائر لمرتكبيها إلا إذا تابواقبل الموت . 6 عذاب التار أبدي حتى لمرتكب الذنب من المسلمين ٠ وهو إذا مات دون أن يتوب لا تنفع له شفاعة الملائكة أو الرسل أو الأولياء » وبفد أن يورد أقوال بعض علماء الإباضية في الموضوع يقول : 7 صفات الله ليست زائدة على ذات الله.» وبعد أن يذكر شرح الإباضية لهذا الأصل من أصول عقيدتهم يقول : «وخليق بنا أن تلاحظ أيضا أن كتاب الشيخ عار المذكور والذي يقصد به مؤلفه أن يتكلم عن الأضول التسمة التي كان عليها الخلاف بين المسلمين يستعرض هذه الأصول على النتحو التالي : (1) التوحيدء (2) العدل ء (3) القدر ءالخ... ويقول في صفحة 205 ما يلي : - 254 «ففي كتاب (أصول الدمياتاأت) للشيخ عامر بن علي وهو عمدة كتب الإباضية في جبل نفوسةه وبعد مناقشة ليست طويلة ولا عميقة يخلص إلى قوله : فكان الجزء الأكبر من مذهب الإباضية في شمال إفريقيا إذا معتزلي فهل هم أخذوه › وهم في الثرق من قبل أن ينزحوا إلى بلاد المفرب ء أم هم تقبلوه ء في شال إفريقيا تحت تسأثير اتصالهم بالأدارسة من الشيعة » وبمعتزلة إقليم طنجة القديم › مدفوعين بعأطفة رد الفعل ضد أهل السنة ءأم أن إياضية المغرب أضافوا بعد في افريقا عناصر معتزلية جديدة إلى ما كان في الأصل مشتركا بين المعتزلة وإباضية الشرق ء وإن مذهب الإباضية في الشرق سار ومذهب إياضية المغرب بخطى واحدة متساوية تحت تأثير معتزلي ؟» مما يدعو إلى التأمل أن أغلب المستثرقين يتخذون أسلوبا متقاربا في مناقشة ما يعرض من المواضيع الإسلامية فيفترضون فروضا أو دعاوي. يعتبرونها في مرتبة الحقائق المسلمة التي لا تحتاج إلى الجدل ء والأصول الشابتة التي لا يشور حولها خلاف . ثم يفرعون عن ذلك ما يخطر لهم من تاش . وفي هذه القضية افترض المستشرق نلينو فروضا اعتبرها حقائق غير خاضعة للنزاع ثم ذهب يرتب عليها أحكاما ويبني عليها صروح.ا . فهو قد افترض أن المسلمين .ينقسمون إلى معسكرين كبيرين متقاتلين على الدوام هي (1) جاء في هامش الب *. تعليقا على .عبارة السابقة ما يلي : كنيته أبو ساكن عاش في القرن الثامن الهجري › راجع (السير) للشما-ي ص 561559 فإنه يقول عله : «وهو اعتماد أهل المغرب في وفتنا خصوصا نفوسةء قلت قد أخظاً المؤلف والمعلق إن هذه العبارة قيلت عن كتاب الإيضاح ل عن كتاب الديانات . 255 س السنة والمعتزلة وأن جميع المذاهب الأخرى تعود- في أصولها إلى أحد هذين القسمين › وهو قد افترض أن كلا من هذين القسمين قد اتخذ له أصولا خاصة به يتميز بها فإذا وجدت تلك الأصول عند مذهب آخر فيعنى ذلك أنه أخذها من المصذهب الأصلي 4 وهو في غمار هذا التأصيل يفترض أن إياضية المفرب أخذوا عقائدهم من المعتزلة ء وهو يعتبر هذا الفرض حقيقة مسلمة › ولذلك فقد ذهب يتحسس ويتلمس ليعرف كيف حصل إباضية شال إفريقيا على عقائد المعتزلة . إن الأساسن الذي بنى عليه الأستاذ نلينو بحثه ‏ وهو اعتباره أن المسلمين قسمان كبيران هما السنة والمعتزلة وأن كلا من القسمين قد اتخذ لنفسه مبادئ معينة محددة يتناولها علي أسلوب محدد معين ويلزم يها على تقس انط والأسلوب « وان المذاهب الأخرى قد انشقت عن أحد هذين القسمين الكبيرين ون في إمكان الباحث ُن يعيد أهفل كل مذهب إلى قسمهم الذي انشقوا عنه أو انفصلوا منه أو أخذوا عنه -أسا وهي قام على فوشية فعنية ا مکان لها تي الواقع ولا حقيقة لها في الأحداث والتاريخ . رغم أن نلينو بذل مجهودا ملحوظا في إقرار تلك الفرضيات واعتبارها حقائق ثابتة مما دعاه أن يحاول الجمع بين الشيعة والإياضية وإرجاعهم جميعا إلى المعتزلة أحد القسمين الكبيرين بسبب خصومة الجميع لأهل السنة حسبما يزعم أو حسبا فرض من فروضه الوهمية . يذكر المستشرق جولد تسيهر وهو يتحدث عن كتاب (عقيدة الإباضية) أن هذا الكتاب يحمل طابعا معتزليا لان الكتاب يذكر بعض أصول عقيدة الإباضية وهي مشابهة لأصول عقائد المعتزلة . ويذكر الشواهد على ذلك »غير - 256 - أن المستشثرق نلينو لا يكتفي بهذه العلاقة البسيطة التي لاحظها تسيهر ء وإنما يكتشف أن الأوجه التي يشابه فيها الإباضية المعتزلة هي أكثر مما لاحظه تسيهر» وعليه فلا بد ن يكون الإباضية في شال إفريقيا قد أخذوا أصول شيهم عن المعتزلة › إنه أسلوب طريف في بحث العقائدء كأنما هذه الأول حشرت في جدول عل وقد من أجل مشاقشها عدة اجتماعات فاتخذ فيها المعتزلة قرارات تحدد آراءهم › واتخذ أهل السنة كذلك قرارات تحدد أيضا اراءهم الخاصة . ثم انض المؤتمر العام عن ذلك ء فمن تكلم بعد ذلك في هذه المواضيع بع فلا بد أن يكون من أحد فرعي المؤتمر أو أن یکون أذ عه . وبهذا يسهل على الباحث أن يرجع أي مذهب إسلامي إلى أصله كما أرجع نلينو تلاقى الشيعة والإباضية إلى المعتزلة . لاشك أن الإشكالات التي تعلقت ببعض أصول العقائد والأسكلة التي أثيرت حنولها والمناقشات التي دارت فيها ء لم تكن وليدة يوم » أو ناتجة عن جدول أعمال مدروس في اجتماع » أو بحث وضع له مجمع علمي منظم ليصدر فيه قرارات نهائية › إن شيئا من هذا لم يكن أبدا ء وإنما كانت تثور المشكلة في مكان فيتخذ فيها من حضر من العلماء موقفا معتمدا على فهمه لكتاب الله عز وجل ء٠ وسنة رسوله عليه السلام » ومواقف الصحابة رضوان الله عليهم إن كانت لهم فيها مواقف ‏ وقد يحدث ُن يخالفه في موقفه ذلك عالم آخر فی تفس المكان » وقد يحدث ألا يخالقه أحد . وتنتقل المشكلة لتشور في موضع آخر قد يکون قربا أو بعيدا فتعرض على عالم آخر يدرسها هو ويصدر فيها حكما. موافقا أو 17 - 7 نخالفا للأول . وعلى هذا المستوى وهذا الأسلوب تكونت آراء الأمة في مسائل العقائد » بل وحتى في مسائل الفروع › ما لم تحدده النصوص . وأكثر هذه الأصول قد تحتمل وجهين أو أكثر من الأراء › وأي عالم يصدر فيها رأيا معينا قد يکون رأيه موافقا تمام الموافقة لرأي عالم آخر في جهه » ولكنه يسمع برأيه ولم يعرفه › وإنما اعتمد في إصدرا رايه على نفس المصدر التي استمد منها الاخر أيه » واتحد ممه في الفهم والاستنباط › فهل من المحتم أن تقول أن أحد هذين العالمين قد أخذ عن الآخر ما دام رأي كل منهما موافقا لرأي الآخر ويه لفهمه من المسائل التي أثيرت في عهد ميكر جدا قضية القدرء وقضية جواز رؤية البارئ جل وعلا › وقضية الكبيرة ومرتكبهاء فكان لعلماء الامة فيها مواقف. حسب فهمهم لنصوص الشريعة حين وصول المشكلة إليهم » فكانت المشكلة من هذه تأخذ طورا في الجبدل والنقاش في أماكن مختلفة حتى تتبلؤر إلى آ راء محددة يقتنع بها الناس ويلتزمونها . فالمشكلة من هذه تدا فردية يتناولها أصحاب الشأن بالبحث والدرا اسة والاستدلال »وقد تتفق الأراء 4 وقد تختلف › ويدين بكکل راي جماعة من الناس لاقتناعم بقوة الحجة وسطوع البرهان ووضوح الدليل فيما يعتقدون . ثم إن المذهبية أو (الحزبية الدينية) كما يفهمها المستشرقون) لم تكن بهذا التمييز والوضوح الذي تعرفه لها يوم لإن المذهبية في ذلك الوقت المبكر لم تتكون يمد وييدو لي أنك لو جئت في أواخر القرن الأول وأوائل القرن الثاني ووقفت عند باب مسجد تسأل كل خارج بعد الصلاةعن - 258 - مذهبه لم تجد من يجيبك بقوله إنه سني أو شيعى أو معتزلي مشلا ولا من يقول لك إنه حنفي أومالكي أو إياضي . لأن هذه المذهبية لم تتكون بعد . ولكنك لو سألته ما تقول في القدر فقد يجيبك برأيه سواء كان بإثيات القدر أو نفيه . وقد ينظر إليك في اث شمئزاز وينصرف » وهو يعتبرك من دعاة الفتنة » وقد يحملق فيك بعينين فاحصتين ثم يمضي عنك لأنه لم يفهم ما ترید . ١ ومشل هذه الصورة تحدث لك لو اجريت التجربة فيما يتعلق بموضوع الرؤية فلو وقفت على باب مسجد تسأل كل خارج هل رؤية البارئ جل وعلا ممكنة أو مستحيلة › فإنك تجد من يجيبك بأن رؤيته تعالى ممكنه في الدنيا والآخرة › وإن سيدنا محمد عر رأى ربه ٠ ومن يقول لك أنها مستحيلة: في الدنيا جائزة في الأخرة ءومن يقول لك إنها مستحيلة في الدنيا والأخرة » وتجد فيهم من يعرض عنك لأتنه يعتبرك صاحب فتنة ءا و لأنه لا يفهم ما تريد» وقل مشل ذلك في مسائل المقائد التي أثيرت حيتئذ » ولو أردت أن ينتسب لك كل واحد ممن سألتهم لم يمكنه ذلك لأن هذه التسميات المذهبية جاءت متأخرة حدثت بعد ذلك ولكنك لو سألت أي واحد عن رأيّه في. الموضوع أو عمن أخذه لأجايك بأحد جوابين : إذا كان من أهل العلم يذكر لك النصوص التي استثد عليها في فهمه وحكمه وإذا لم يكن في هذا المستوى ذكر لك عالما من علماء المسلمين المنتشرين في كل البلاد الإسلامية في ذلك الحين . أو أجابك باه لا يفهم هذا . إن الأصول التي يرجع إليها علماء ء المسشلمين في جميع ما بعرض لهم من مشاكل بمختلف مذاهبهم متاحة لجميعهم بدرجة - 259 - واحدة › وليس فيها ما يمنع أحدهم من دراستها والرجوع إليها . فهي بقدر ما كانت متاحة للحسن البصري . كانت متاحة لوأصل بن عصء ٠ وسعيد بن المسيب ٬وج‌بر بن زيد . وعطاء بن ابي رباح وغيرهم ءوعندما تجد فهم أحد هؤلاء لنص من النتصوص موافقا لفهم الأخر فليس من الضروري أن يكون أحدهما أخذه من الثاني ء لأن الأقرب إلى العقل والمنطق والواقع أن يكون أخذه من تفس النص . واتفاقهما في الفهم والاستنباط لا يعني اعتماد أحدهما على الآخر أو الأخذ عنه . كما أنه لا يوجد ما يمنع. من أن يأخذ أحدهما فهم الثاني أو رأيه إذالم يكوّن هو لنفسه رايا أو فهما مخالفا . أحسب أن هذا واضح لا يحتاج إلى تدليل أو برهنة › ولا يتطرق إليه احتمال النقاش ومما استند إليه نلينو - في حكمه بأن الإباضية في المغرب دوا قواعدهم عن المعتزلة - تشابه العرض لتلك القضايا ء وأتحاد الأدلة . وفي هذا المنطق ‏ كما أرى ‏ شيء من الغرابة وذلك أن عرض طريقة المشكلة ‏ أية مشكلة ‏ ليست طابعا مذهبيا مميزا لا ينبفي للمذهب أن يتخلى عنه ولا يحق لغيره أن يتخذه » وإذا فرض أن عالما من مذهب معين وفق إلى عرض مشكلة أو مشاكل بتنسيق أجود فليس مما يجمل الآخرين أتباعا لهذا العالم إذا هم سلكوا نفس الأسلوب في العرض › ولا يلزم أن یکونوا أخذوا منه رأيهم في المشكلة إذا اتحدوا معه في منهج العرض أومنهج الاستدلال وإستفادتهم . ومن الجائز أن آراءهم في الموضوع قد سبقته بعشرات السنين وأنهم عرضوها اما بهذه الطريقة ولكنها لم تشتهر عنهم أو عرضوها بطريقة :- 0 تختلف وأنهم أستفادوا من غيرهم في العرض أو الاستدلال واستفادتهم من جهد غيرهم في التنسيق دليل على التفتح وعدم التعصب . لأن الاستفادة من جهود الأخرين وتجاربهم هى مزية البحث العلمي في كل ميدان . ومما استند إليه نلينو أنهم احتجوا بنفس الحجج التي احتج بها المعتزلة . ويستنتج تلينو حكمه هذا مما لاحظه في شرح الثلاثي عن كتاب الديانات لعامر الثماخي . والثماخي من علماء القرن الثامن امجرت أما الثلائي فمن علماء القرن العاشر ن أناقش هذه النقطة بشيء من الإسهاب حتى يعرف قاری ۴ يم مدى سلامة حكم نلينو في هذه الملاحظة . إن أي عالم من ن علماء المسلمين حين تشار أمامه أو تعرض مشكنة يتجه قبل أي شيء وقبل أي رأي إلى القرآن الكريم والسنة النبويية المطهرة . وعلى ما يتضح له من ذلك يقرر رأيه » ويعلن عقيدته . محتجا ومستشهدا بالآيات الكريمة والأحاديث الثريفة الواردة في الموضوع . والآيات والأحاديث الواردة في أي موضوع هي واحدة والاحتجاج بها من أطراف متعددة ليس متشابها وإنما هو متحد ولا يمكن أن يكون غير ذلك . فهل من الضروري أن يكون المعتزلة هم ول من تنبه إلى قوله تعالى لا تدركه فقالوا باستحالة الرؤيةء وأن كل من قال باستحالتها إنما أخذ عنهم هذا الاستدلال ؟ وهل من الضروري أن يكون المعتزلة هم أول من تنبه إلى الايات التي وصفت القرآن الكريم بأنه محدث ومنزل ومجعول وما إلى ذلك حتي يقال أن كل من قال بخلق القرآن إنما أخذ ذلك عن المعتزلة والدليل على أخذه عنهم هو تشابه الأدلة وما . 261 - دام المتزلة قد احتجوا بآية أو حديث فن كل من احتج بذلك يكون أخذ عن المعتزلة . لاشك أن في هذا من الشطط والغلو والتحكم ما فيه › من تضييق الواسع ٠ وتحجير العلم ما لا يتفق مع طبيمة علماء لإسلام في عصوره الأولي المتفتحة المشرقة المتحررة . لقد أثيرت مشاكل أصول العقائد في أزمنة مختلفة وأماكن مختلفة كما قلت سابقا ء ولم تكن حينئذ الكتل المذهسة قد تكوىت بعد وتميرى . وإنما كان افراد العلماء يمد ر :ن. أراءهم » كل حسب فهمه واجتهاده ومضت فترة من الزمن تبلورت فيها تلك الآراء واتخذت لها أشكالاً مختلفة » واتضح منها أن عددا من العلماء تلتقي آراؤهم في أصل واحد أو أصول معينة » ثم نشأت بعد ذلك الطبقات المتعلمة المتعصبة فكونت المذاهب ونسبتها إلى أفراد من المجتهدين ممن اشتهر فيا بعد . ثم عمل هؤلاء على جمع الأدلة والبراهين لتأييد المذاهب التي يعتنقونها فأصبحت الأدلة ولا سيما الأدلة النظرية حقا مشاعا للجميع يجمع منها كل مذهبي ما يراه مؤيدا لمذهبه » وهذه الصورة تتضح عند المؤلفين المتأخرين من القرن الثالث فيما بعد » ولا يستطيم الباحث أن يقول هذا برهان معتزلي أو إباضي أو أشمري أو ماتريدي . ولو رجع نلينو في قضايا أصول علم الكلام لوجد التقارب بين الماتريدية والمعتزلة أكثرمن التقارب بين المعتزلة والإباضية بل ربما يجد التقارب بين الأشاعرة والإباضية أكثر من التقارب بين الأشاعرة والماتريدية رغم أن كتاب المقالات و كثر المؤرخين يحشرون الماتريدية في طابور أهل السنة ويحشرون الإباضية في طابور الخوارج وهاهو المستشرق نلينو - 262 -— يحاول أن يحشر الإباضية والشيعة في طابور فرعي ينفصل عن طابور المعتزلة . ولو تأمل الأدلة والبراهين التي يستند إليها كل من هؤلاء لوجدها تتفق وتتشابه في الأصل الذي يتفقون عليه ولريما كان أسلوب الماتريدية والمعتزلة في الاستدلال والمناظرة يجري على منهج واحد في أكثر القضايا الكلامية . فدعوىالأستاذ نلينو أن إباضية شال إفريقيا أخذوا أصول عقيدتهم من المعتزلة دعوى لاتتد إلى اساس سليم . لا لان الفرق الإسلامية لم يتأثر بعضها أو أن الإباضية لم يتأثروا بفيرهم من المذاهب الإسلامية أو تأشن بهم غيرهم . فهذا زعم لا يخطر على البال » وإنما الذي أريد أن أنفيه في ‎E‏ ٤ 1 1 هذا الفصل هو زعم نلينو أن الإباضية أخذوا أصولا معينة من المعتزلة مع العلم أن هذه الأاصول كانت مطروحة للنقاش - إن صح هذا التعبير ‏ قبل أن تكون المذهبية الملتزمة وقد كان علماء الإباضية يناقشونها بنفس المستوى الذي يناقشها به علماء المذاهب الأخرى حين أثيرت . وحتى لوتحددت الأسبقية في قول من الأقوال ونسبت إلى عالم معين من مذهب معين فلا يعني ذلك أن المذاهب التي جاءت من بعد واتخذت لها نفس الآأرء ء أنها بالضرورة أخذت عنه لأنها فى الغالب تكون أخذت من نفس المصدر الذي أخذ هو منه ‏ الكتاب والسنة - ونحن لا نزعم أن المعتزلة أخذوا من الإباضية لأن - واصلا بن عطاء إمام المعتزلة كان تلميذا في مجلس الحسن البصري حين كان إمام الإأباضية جابر بن زيد زميل الحسن وصديقه قد استقر على عقائد محددة في المشاكل التي أثيرت فى تلك الفترة واتخذ فيها موقفا نقله عنه طلابه فلا شك أن جابرا سبق واصلا ولكننا مع ذلك لا ندعي أنه أخذ عنه . ولعل من - 263 - الأمثلة التى توضح هذه النقطة هو موقف الإباضية والمعتزلة من مشكلة الرؤية مثلا . إن عقيدة الإباضية بأن إمكان رؤية البارئ جل وعلا مستحيل في الدنيا والاخرة كان واضحا شديد الوضوح في التصف الثاني من القرن الأول وقد نأقشه بعض أئمة الإباضية وتأيد فيها موقفهم بتأييد بعض كبار الصحابة كعائشة أم المؤمتين وعبد الله بن ن عباس فهل يحق للباحث أن زعم أن المعتزلة أخذوا رأيهم في موضوع الرؤية من الإباضية لان هؤلاء سبقوهم إلى‌ذلك القول ولان المعتزلة يحتجون بنفس الأدلة التي يحتج بها الإباضية . لا شك أن الباحث المتصف لا يستطيع أن يزعم هذا الزعم لأن المصادر التي كانت موضوعة بين يدي جابر بن زيد. والحجج العقلية التى استنبطها وهو يدرس هذه المشكلة كانت ِ ٍ مطروحة بين يدي غيره من علماء الامة . فإذا انتهمى هو إلى رأي معين . فليس من اللازم أن يكون كل من انتهى إلى ذلك الرأي آخذا عنه . بعد هذا ننتقل إلى مناقشة نقطة اخرى عرض لها الأستاذ نلينو ولم یکن ۔ حسب نظري ۔ موفقا فیها . يصن سينو بسرعه عير منوفعه إلى الحلم على أن الجأنب الأكبر من المذهب الإباضي معتزلي ٠ وهو لكي يصدر هذا الحكم دوں أن يتعرض لنقد لا يعرف مصدره .٠ يفصل إباضية شال إفريقيا عن إباضية الثرق بدعوى أنه لا يملك مصادر عن إباضية الشرق تتيح له الحكم عليهم بحق . وتبدو هذه الدعوى غريبة ٠ فإن المستشرق الكبير لم يذكر من مصادر الإباضية المفاربة إلا كتاب عقيدة التوحيد لعمرو بن جميع وكتاب 264 - الديانات لعامر الشثماخي بشرح الثلاثي وكل من الكتابين مختصر صغير جدا وضع للاستذكار في صفحات قليلة لا تبلغ جميعها عثشرا . ثم إن كلاا لكتابين ‏ إن صح أن نسيهما كتابين ‏ من في العصور المتأخرة أعني بعد القرن السابع . وهذا يعني أنها ألفت بعد التميز المذهبي وعتدما أصبحت حجج العقائد الدينية لمختلف المذاهب والعلماء معروفة ومدروسة ومنقولة يستعين بها من توافقه للاحتجاج بها ويذكرها من تخالفه لنقضها والرد عليها . وإذا كانت هده کل مصادره فانه ل يملك مصادر عن إباضية شال إفريقيا أيضا الله إلا ما قاله عنهم غيرهم وهذا متوفر حتی بالنسبة لإباضية الشرق لان المصدرين اللذين اعتمد عليهما مختصران لا يعطيان صورة حقيقية للموضوع › وعلى كل فلا داعي ابدا للفصل بين إباضية المشرق وإباضية المغرب ومع ذلك فقد وقع نلينو فى خطاً له قيمته فى هذا البحث فقد كتب أبو العباس أحمد الشثماخي ترجمة للشيخ عامر الشماخي وتحدث عن كتابه الايضاح _ الذي يقع في أربعة اجزاء ضخمة - ووصفه وقال عنه إنه ‏ أي كباب فقه خالص يبدا بالطهارات ولا يتعرض لمسائل علم الكلام ولكن نلينو - فيما يبدو ظن أن المقصود بهذه العباراة هو ذلك المختصر الذي يسمى بالديانات فجعله معتمد إباضية المغرب لاسيما نفوسة . وهذا الوهم يعطي كتاب الديانات حقيقة أضخم مما هو عليه وقد سبق الشيخ عامر في موضوع العقائد وعلم الكلام عدد من مثل عبد الخالق الفزاني وعمروس النفوسي وتبغورين الملشوطى وابي عمار عبد الكافي والمارغني وغعيرهم . وقد استفاد الشماخى - 265 -- ولا ريب منهم جميما ولخص عنهم مختصره (الديانات) . ثم إن المستشرق نلينو بعد أن عمل عملية الفصل ب بين إباضية المثرق والمفرب وزعم أنه لا يعرف عن اولك ما يعتمده للحكم عليهم › ونه يملك ما يعتمده للحكم على تأثر هؤلاء بالمعتزلة ءوقد أثار مجموعة من الأسئلة تحتوي على عدد من الفروض . 1 هل هم أخذوه في الشرق من قبل أن ينزحوا إلى بلاد المغرب ؟ أم هم تقبلوه في ثمال إفريقيا تحت تأثير اتصالهم بالأدارسة من الشيعة ؟ 3 أم أن إباضية المغرب أضافوا من بعد في إفريقيا عناصر معتزلية جديدة إلى ما كان في الأصل مشترکا ب بين المعتزلة و الشثرق ؟ أو أن مذهب الإباضية في الثرق سار ومذهب إباضية لشن بطل وات متساوية تحت تأثير معتزلي . إن موقف نلينو فى هذه القضية غريب حقا فهو يفترض أن الإباضنية تأثروا بالمعتزلة وأخذوا عنهم ويجعل هذه الفرضية حقيقة ثابتة مهما كان موقف الإباضية وهو لا يعرف كيف يبرهن أن .الإباضية أخذوا من المعتزلة ولكنه رغم ذلك يصر على هذه" ٠ الفرضية ويعطي لها عددا من الاحتمالات : أخذوها من الشرق ونزحوا بها . . تقبلوها في شال إفريقيا عن طريق الأدارسة . أضافوا إليها في المغرب عناص معتزلية .٠. . سار الإباضية في : المشرق والمرب بخطى واحدة تحت تأثير ممتزلي ؟. ومع هذا الإصرار على هذه الفرضية يعترف أنه لا يعرف شيئا عن مسلك الإباضية عموما في تقرير عقائدهم في تلك العصور الأولى التي كان يثور عليها الجدل وت تتقرر في قلوب الناس فهو - 266 يذكر أنه لا يعرف شيئا عن مصادر إباضية المغرب افلم تقع يداه إلا على ملخصات مختصرة ألفت في القرن السابع فما بعد . كنت أحسب أن من يتعرض لموضوع شائك مثل هذا يريد ُن يثبت أن إحدى الطائفتين كانت عالة على الاخرى ينبغي له أن يدرس دراسة عميقة كل ما عند الطائفتين وأن يقارن المشاكل المقائدية بينهما مشكلة مشكلة ويتتيع تطورها في البيئتين حتى يعرف أنها وليدة بيئة معتزلية وانتقلت منها إلى الإباضية أو هي وليدة بيئة إباضية وانتقلت منها إلى المعتزلة أو أنها وليدة في كلتا البيئتين » نمت فيهمسا حتى استقرت على وضعها الأخير عن كليهما . ولك نلينو لم يفعل شيئا من هذا لأنه لا يعرف عن عقائد الإباضية شيئا في خمسة قرون سابقة حتى عثر على ملخص العقيدة وملخص الديانات . إن السؤال الأول من تلك الأسئلة يكاد يكون صورة هزلية مضحكة فهو يصور الإباضية مجموعة من الناس ‏ كمجموعات القبائل البدوية - قوضوا خيامهم وحزموا حقائبهم › وركبوا جمالهم وخيولهم ثم ارتحلوا من المشرق إلى المغرب ولكن نلينو لم يتأكد حين ارتحلوا هل كانت معهم بعض هذه الخصائص الموجودة عندهم اليوم أم انهم ارتحلوا متجردین ثم کونوا لأنفسهم هذه الخصائص الموجودة معهم فيما بعد . أعد قراءة الفقرة وتأملها إن شئت تتضح لك الصورة أكثر . والسؤال بهذه الصورة وهذه الصيغة تعطينا انطباعا معينا عن تصور نلينو . والسؤال الشاني يفترض أن الإباضية حينما ارتحلوا من الشرق إلى العرب إنما جاءوا بدون أصول وإنما اقتبسوا لهم أصولا في المعتزلة عن طريق الأدارسة من الشيعة أو من معتزلة طنجة مباشرة - 267 - وإنما حملهم على اقتباس الأصول من هؤلاء ودفعهم إلى ذلك رد الفعل ضد أهل السنة وا شتراكهم مع الشيمة والمعتزلة في مقاومة أهل السنة . الواقع أن هذا الكلام لا ينبغي الوقوف عنده طويلا لانه ليس فيه ما يستدعي ذلك وهو مبني على فروض وتقدیرات وهمية ليس لها ما يبررها مطلقا فلا معنى لأن نفترض أن الإباضية عندما - نزحوا ‏ من الشثرق تركوا هناك عقائدهم لأن الإباضية لم ينزحوا من الشرق إلى الغرب كمجموعات بشرية متنقلة ولكن الأصول التي ونه في العقائد قد انتشرت في المغرب الإسلامي عن طريق الأفراد سواء كانوا علماء جاءوا من الشرق ُو وفود طلابية ذهبوا من المغرب إلى المشثرق فتلقوا تلك الأصول فيما تلقوء في علوم ثم عادوا به أو كان ذلك في صورة دعاة يدعون إلى تلك الاصول . ولأن أصول العقائد ليست أمتعة ثقيلة يتخفف منها من يريد أن يرتحل يتخذ بدلها عندما يستقر في مكانه الجديد فحتى على فرضية وفوع هذه الصورة التي تخيلها نلينو وهو ارتحال الإباضية من المثرق إلى المغرب لا يمكن أن يدخل في التصور أنه ارتحلوا بدون عقائد فلما وصلوا إلى المغرب جعلوا يستعيرون أويقتبسون أويسترقون . إن العقائد محلها القلوب وهي لا تخرج عنها في حل ولا ترحال . ولا معنى لأن نفترض أن رد الفعل حمل الإباضية على اقتباس أصول المعتزلة من الأدارسة الذين اقتبسوها هم الآخرون عن المعتزلة . وهذه السلسلة من الافتراضات في الحقيقة موغلة في الخيال › فإن أدنى من عنده إلمام يتاريخ المفرب الإسلامي يعرف حقيقتين لا تقبلان النقاش ¬ 268 - الأدارسة بزمن ن طويل ٤ وبل 5 ن يصل مۇسس دولة الأدارسة إلى المغرب سنه 172 هھ 4 کان الإباضية قد قاموا بأربع محاولات لاقامة دو كانت ثلاث منها في ليبا ا وكانت امحاوة اراب هي م فام الادارة وكات قد د استقرت وکمل تظامها ا واستتب لها الامن الشيعة ۴ المغرب الإسلامي . فكيف يتسنى ى م ن يكونوا رابطة لانتقال العقائد بين المعتزلة والإباضية ؟ الحقيقة الثانية أن التهجم والتباعد الذي كان بين الإباضية والشيعة أقوى وأوضح من التهجم أو التباعد الذي كان بين الإباضية وأهل السنة أو المعتزلة . والمؤرخون الذين تحدثوا عن الدولة الرستمية وهي إباضية ذكروا باسهاب واختصار كثيرا من المناقشات ومجالس المتاظرات التي كانت تقع في تاهرت و وهي عاصة الإباضية في ذلك الحين كانت حتى بين بعض فرق اهل السنة كالاشاعرة والماتريدية . ولم تذکرٍ مصادر التاريخ التي بين أيدينا أية مناظرة أو تقاش الكامل ب بين المذهبيت ُو الفرقتين - . فدعوی ۴ الاباضية أخذوا من الشيعه ُو أن الشيعة أخذوا من الإباضية کلام لا يجد لنفسه أي مستند يقوم عليه » أضف إلى هذا أنك لو أخذت أي كتاب من ‎é0‏ ٤ كتب الاباضية المطولة سواء كانت في اصول العقائد أو كانت فی - 269 - الفقه فانك ته تعثر فيها على كثير من آراء المعتزلة أو أهل السنة سو كان ذلك في معرض الاستدلال وعرض الأراء » أو في معرض النقد والرد . ولكنه يندر أن تجد في كتب الإباضية شيئا عن آراء الشيعة . ويبدو من هذا أنه لم يكن في المغرب أي احتكاك بين الإباضية والشيعة يسمح باقتباس أحدهما عن الآخرء فضلا عن أن يكون وسيلة لاقتباس آراء الآخرين . أما الجدل بين الإباضية والمعتزلة فقد كان عنيفا في الشرق والغرب ٠ ولعل الجدل قد بدا بين الإباضية والمعتزلة قبل أن يبدا بين المعتزلة وأهل السنة . وکب التاريخ والعقائد تذكر طرفا من تلك المناظرات » حينما تذكر مواضيعها وبعض ما جرى فيها › وأحيانا تشير إليها إشارة أو تقتصر على ذكر أسماء المتناظرين من المذهبين › وهذا يدل أن المذهب الإباضي قد استقرت نظرته على الأصول التي اقتنع بها عند التمييز المذهبي ١ في القرن الثاني الهجري وليس به حاجة إلى التأثر والاقتباس . أما السؤال الثالث فهو أيضا يفترض أن تلك المجموعة البثرية التي نزحت من الشرق قد حملت معها بعض معتقداته! ولكنها أيضا أضافت إليها من عقائد المعتزلة فى المغرب ءوقد ناقشنا هذه الاقتراضات في الصور السابقة فلا داعي أن نعود إليها : أما عن السؤال الرابع فهو يفترض أن المذهب الإباضي في الثرق وفي الغرب سار بخطى متحدة تأثیر معتزلي . إن نلينو قدحكم أن إباضية المغرب أأخذوا أصولهم العقائدية عن المعتزلة . وقد استقرت في ذهنه هذه الفرصية فهو لا يريد أن يناقشها وكأنما اعتبرها حقيقة ثابتة فذهب يتلمس الطرق التي تسربت معها آراء المعتزلة إلى الإباضية فجعل يتخبط بين مجموعة من الفروض لا تقوم على أي أساس - 270 -- ويقول الأستاذ نلينو ص 207 ما يلى : إلا أن هناك مسألتين اختلف.فيهما مذهب الإباضية في شال إفريقيا عن مذهب المعتزلة بالضرورة هي تلك المتعلقة بالطريقة التي يعتبربها مرتكب الكبائر : وإلا كان على الإباضية - وهم خوارج ‏ أن ينكروا أصلهم إنكارا تاما ان شاءوا ان يعتبروا مرتكب الكبيرة المسلم مؤمنا كما فعل أهل السنة والجماعة أو إن قالوا بالمذهب القائل بأن مرتكب الكبيرة لاهو مؤمن ولا كافر . بل هو في منزلة بين المنزلتين كما يقول المعتزلة .» وبعد أن يورد كلاما لبعض علماء الإباضية فى مناقشة الموضوع يقول : «والمسألة الثانية التي كانت موضوع الخلاف بينهما هي مسألة القدر وحرية العبد فى أفعاله . فالمعتزلة يقطعون بحرية العبد بينما يقول الإباصية في شال إفريقيا بالحرية المحدودة في صورة الكسب أو الإكتساب عند الأشاعرة .» ۱ إن الإلتواء في منطق نلينو - وهو يعالج هذا الموضوع - واضح بين . فهو عندما لم يجد ما يتمحله مبررا للبعد بين آراء الإباضية والمعتزلة في :قضيتي مرتكب الكبيرة والقدر » التجاً إلى التحايل في التبرير » فزعم أن الإباضية إنما خالفوا المعتزلة في موضوع مرتكب الكبيرةحفاظا على أصلهم باعتباوهم (خوارج) ولا بد أن نلينو يعرف معرفة تامة أن الإباضية يختلفون اختلافا كبيرا عن الخوارج في هذه القضية ‏ بل لعلها أشد مواضع الخلاف بينهہ وأكثرها إثارة للخصومة والعنف أحيانا - فبينما يحكم الخوارج عن مرتکب الكبيرة بأنه مشرك تنطبق عليه أحكام المشركين - وينفدون تلك الأحكام عليه لا يرى الإباضية في مرتكب الكبيرة إلا أنه أخ لهم في الإسلام له جميع حقوق المسلمين وتنطبق عليه جميع أحكام المسلمين »إلا أنه بارتكابه للمعصية يستحق منهم - 271 - الجفاء والمخاشنة في المعاملة ولا يستحق منهم الاستغفار - وما إلى ذلك مما لا يكون اهلا له إلا الموفي بدينه الحريص على إسلامه - حتی ينوب . ولكن نلينو يتفاضى عن هذا الفارق الهام - في موضوع ارتكاب الكبيرة ‏ بين الإباضية والخوارج ويبني حكمه على أن الإباضية خالفوا المعتزلة فى هذه المسألة حفاظا على أصلهم . مع العلم أن هذا الأصل الذي يشير إليه نلينولا أصل له عند الإباضية ولم يقوموا به في يوم من الأيام » ولا أحسب أحدا ممن ینتسب إليهم في القديم أو الحديث ذهب إليه . بل إن كتب التاريخ وكتب العقائد تذكر أن عبد الله بن إباض حکم على نافع وأصحابه بالكفر بعد الإسلام بسبب قول نافع في مرتكب الكبيرة إنه مشرك وقد كانت شدة خصومة الإباضية للخوارج فيموضوع مرتكب الكبيرة لا تضارعها عنفا إلا خصومتهم للمعتزلة في موضوع القدر وخصومتهم للامويين في خروجهم في أحكامهم عن أحكام الشريعة وإذا كانت قضية مرتكب الكبيرة ٥ هي هم ما يميز الخوارج فان الإباضية ‏ فيها - يخالفون كل المخالفة ما عند الخوارج وقد أورد نلينو في كتاب الديانات لعامر الثماخي جملة مبتسرة ظهر أنها تفي بالغرض وتدل على المقصود ولكن الجملة ناقصة لأنه تقل شطرا منها وترك الشطر الخ والتعبير السائد في جميع كتب العقائد بما فيها كتاب الديانات : «وندين بالمنزلة بين المنزلتين ٠ وأن لا منزلة بين المنزلتين .» وشرح هذه العبارة باختصار أن الإباضية يدينون بأن هناك منزلة بين الشرك والإيمان هي منزلة النفاق أو كفر النعمة . فقد يكون الرجل ليس مشركا وليس مؤمنا وإنما هو منافق أو كافر كفر نعمة . وهذا الصنف من الناس داخل مع المسلمين في جميع - 272 - المعاملات والأحكام الدنيويةكما كانت سيرة الرسول يِل مع المنافقين ومع مرتكبي الكبائر (كفار النعمة) وهذا معنى قونهم ندین بالمنزلة بين المنزلتين . اما العبارة الثانية : أن لا منزلة بين المنزلتين فيقصدون بذلك أنه لا توجد منزلة بين الإيمان وبين النفاق أو كفر النعمة فالرجل الذي يقر بكلمة الشهادة إما أن يوفي بها فيكون مؤمنا وأما أن يخونها: بالعمل أو الإعتقاد فيكون منافقا (كافرا كفر نعمة) وليس بينهما مرتبة أو درجة . وملخص هذا عند الإباضية أن الاس قسمان : مسلمون ومشركون . المسلمون هم الذين أقروا بكلمة التوحيد وهم قسمان : فسم وفى بما عليه الله قولا وعملا واعتقادا وقسم خأن في بعض ذلك فالأولون هم المؤْمنون والآخرون هم المنافقون أو كفار النعمة أو الفساق أو العصاة وهؤلاء جميعا تنطبق عليهم أحكام واحدةفي الدنيا ويتساوون في الحقوق والواجبات اللهم إلا الاستغفار فإنه حق للموفين فقط . أما المشركون فهم غير المسلمين سواء عبدوا الأصنام أو عبدوا الطبيعة أو لم يعبدوا شيئا أوكانوا أهل فتمسكوا بدينهم الباطل ولم يؤمنوا بالإسلام وهؤلاء كلهم تنطبق عليهم أحكام الشرك اللهم إلا بعض المزايا إو الاستثناءات التي جعلها الله لأهل الكتاب أحسب أن هذا يكفي لإيضاح هذه النقطة وربما تناولتها بمزيد من التفصيل في فصل آخر معتمدا على النقول والنصوص . أما القضية الثالثة التي أشار إليها نلينو - وهي قضية القدر - فلم يجد فيما يبدو أي شيء يستند إليه ولذلك فقد عرضها ثم تركها دون أن يقول عنها شیئا . ولا شك أن سؤالا ليتررد في ذهن القارئ وهو يقرأ ما عرضه نلينو يقول": ما دام الإباضية قد أخذوا جميع أصولهم في التوحيد 18 - 23 - عن المعتزلة .ولم يخالفوهم إلا في حكم مرتكب الكبيرة حفاظا على الأصل - أو في القدر ‏ فلماذا لم يأخذوا عنهم أيضا رأيهم في القد.ر . وهو سؤال سیبقی بدون جواب لان الشخص الوحيد الدي يمّكن أن يجد له -جوابا هو المستشرق الكبير نلينو ونلينو قد انتقل إلى عالم غير هذا العالم . ٤ ويختم الأستاذ بحثه بما يلي : ليس لدينا في المصادر المطبوعة ما يسمح لنا بتعيين الزمن الذي اتخذ الإباضية المغاربة أقوال المعتزلة المذكورة آتفا وكل ما نعرفه في يقين هو أن القول بأن القرآن مخلوق قول قال به السلطان الرستمي في تاهرت أفلح بن عبد الوهاب 7 حکم بين سنه 240( کما یستنتج من صفحة 541 تعلیق (1) من کتاب وتيلشكى ٠ وان مف المشاربة قد ت نهائيا في القرن السادس الهجري والثاني عشر الميلادي . المستشرق نلينو يعترف أنه ليس لديه من المصادر المطبوعة ما يستطيع أن يعين به الزمن الذي اتخذ فيه الإباضية المفاربة أقوال المعتزلة . فما هي المصادر التي استطاع ‏ اعتمادا عليها - أن يقرر أن الإباضية في المفرب قد أخذوا أصولهم من المعتزلة . إذا كانت المصادر غير متوفرة لديه فكيف استطاع ُن یکون أيه على هذا الوه ء ولم لا تكن الحقيقة على اوج سی (آ) ؟ ؟ أي ُن المعتزلة هم الذين أخذوا أصول عقائدهم من ۳ ذا کان لا بد من افتراض أخذ أحدهما عن الثاني ؟ 7 يقول أستاذنا الفاضل الإمام : بيوض ابراهيم بن عمر في جواب له عن سؤال لايد منبر عبد القادر سلطان ما يلي : «وبناء على ماتقدم يمكن أن تعتبر الإباضية أستاذة الفرق الإسلامية في تأصيل قضايا المقيدةء . - 274 والحقيقة ‏ كما ذكرنا أكثر من مرة ‏ أن الافتراض بأن أحدا المذهبين أخذ أصوله من الثاني لا أساس له ولا داعي إليه واعتراف لينو يعدم قوفر المصادر لديه اعتراف سليم وصحيع . لأن مصادر الإاباضية التي ذكرها لا تتيح له أن يحكم حكما سليما في الموضوع الهام الذي تحدث عنه . فهو لم يذكر إلا عقيدة التوحيد اين جميع وهي متن وضع لحف والاستظهار وما يعالج منها قضايا التوحيد الصرفة لا يعدو صفحتين أو ثلاثا وكتاب الديانات لأبي ساكن الثماخي هو الآخر متن وضع للحفظ والاستظهار لا يتجاوز صفحتين أو ثلاثا وقد وضع عليه الثلاثي شرحا لغويا موجزا لا يتعرض للقضايا الكلامية إلا نادرا . أما كتاب المصعبي وهو شرح لقصيدة أبي نصر الملوشائي - والقصيدة أيضا متن وضع للحفظ والاستظهار فقد عنى ا الكاملة بالجوانب اللغوية والبلاغية ثم يذكر مجمل المعنى بإ وهكذا في أغلب الأحوال فإذا ناقش بعض المواضيع لم يته يتعرض لتاريخها ولا لحركة النقد والرد والأخذ والعطاء التي رافقت تلك المواضيع عند تكونيا . وجميع هذه المؤلفات كانت بعد القرن السابع الهجري وبعد التميز المذهبي والاستقرار العقيدي لجميع الفرق الإسلامية-. فهي لا تعنى غالبا بعر ض الأدلة المتداولة التي تؤيد وجهة نظر معينة . ولا شك أن تلك الكتب لا يهمها أن تعرف أول من احتج بدليل ما لأن جميع الأدلة والبراهين فى ذلك الحين أصبحت حقا مشاعا بين علماء كل الفرق . وهذا الموقف - بطبيعةالحال - لا يساعد على معرفة تكون الأراء والعقائد متى ث ؟ ولا على الأصول التي انبنت عليها . ولا من سبق إليها ومن ومن اقسا منه . - 5 بقيت نقطة أخيرة ينبغى أن نمر بها قبل أن نختم هذا الفصل هذه النقطة هى دعوى لينو أن | المذهب الإباضي تكون نهائيا في القرن السادس الهجري فماذا يعني بالتكون النهائي . وما هي المصادر التي استند إليها في هذا الحكم ؟ إذا كان يعني بالتكون إلنهائي - الاتتشار العددي . فإن الإباضية قبل هذا التاريخ بقرن أو قرنين كانوا أكثر انتشارا في المغرب الإسلامي وتوزعا فيه . وأنهم في هذا العصر ‏ القرن السادس ‏ قد تقلصوا إلى التجمع في بعض الواحات فقط فقط . وإن يكن القصد هو التكون العلمي في مسائل الفروع والاجتهاد فان هذا التكون لم يتم حتى الآن » ولن يتم أبدا لاي مدهب من مذاهب اإسلام لآنه يسير مع الحياة ويتجدد مع الأحداث التي تتطلب من أولي الإجتهاد إعطاءها أحكامها الشرعية » حتى تنتهي حياة الإنسان أما إذا كان يقصد بذلك تكون أصول المقائد وهو المتبادر إلى الذهن فالمستشرق نلينو ليس لديه المصادر الكافية ‏ كما يقول - يمكن أن ينبنى عليها حكمه › فكيف يحدد هذا بالقرن السادس . وهو لا يعرف متى أتخذ الإباضية هذه الأصول عقائد لهم » سواء استنبطوها من المصادر الإسلامية الأصيلة أو اقتبسوها من غيرهم ‏ المعتزلة أو الشيعة - والحقيقة أن نلينو لو جد في البحث لوجد أن كثيرا : من کتب علم الكلام قد ألفت قبل هذا العهد بأزمنة طويلة قد تتجاوز القرنين منها المختصر ومنها المطول كما أن حلقات المناظرة والنقاش كانت لا تنفك تجري بين الإباضية والمعتزلة قبل هذا الأوان بمدة وأنها بلفت من العنف في عهد الدولة الرستمية ما جعلها تستقدم علماء للجدل والمناظرة من ليبيا إلى الجزائر . ثم إن الإمام عبد الرحمن بن رستم أحد حملة العلم إلى المغرب كان من طلبة أبي عبيدة في البصرة ولا شك أنه حضر كثيرا من - 276 ب مجالس الجدل والخصومة بين الإباضية والمعتزلة وبين الإباضية والخوارج أما الأشاعرة فلم يظهروا بعد في ذلك الحين بل إن أيا عبيدة هو الذي طرد من مجلسه من يقول بالقدر وهكذا يتضح ُن أصول عقائد الإباضية في المشرق والمغرب قد تم تأصيلها والاستدلال عليها في عهد الأئمة جابر وزملائه ثم في عهد أبي عبيدة وزملائه وعنهم نقلها طلاب العم إلى المشرق والمغرب ريما قبل أن يتم تأصيلها عند المعتزلة وبالتأكيد قبل الأشعرية ولا شك أيضا أن من جاء بعد الأئمة الأولين قد استفاد من بقية علماء الأمة وفرقها » وريما اقتبس منهم حجة أو دليلا أو أسلوبا فأضافه إلى ما عنده من حجج وادلة ‎i.‏ ۱ ولعل مما يفيد القارئ أو يهمه أن ننقل له فقرات من رسالة أستاذنا الفاضل الإمام بيوض ابراهيم بن عمر- مد الله في حياته - التي أجاب بها عن أسئلة الأستاذ منير عبد القادر سلطان › القارئ الكريم منها ما يلي : «وتعلمون أن أول مسألة عقائدية افترق بسبيها المسلمون (بعد الخلاف. السياسي الذي بدا في أواخر عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان) هي مسألة القدر التي عبرتم عنها في كتابكم ب (الإرادة الإنسانية والعدل الإلهي) وإلذي تولى كبرها واصل بن عطاء الغزالي إمام الواصلية أو المعتزلة » ثم مسالة تحديد معنى الكفر والإيمان والمنزلة بين المنزلتين ولا منزلة بين المنزلتين والذي تولى كبرها هم الخوارج المستحلون لأموال البفاة من المسلمين وسبي ذراريهم تبعا لدمائهم إذا حلت بالبغي . ثم مسألة خلق القرآن أو قدمه ءالتي أثارها أبو شاكر الديصاني الفارسي الذي تظاهر بالإسلام ليفتن المسلمين ويفرق كلمتهم › فاغتر به المغفلون من الدهماء وأثاروها فتنة شعواء . - 277 - فما واصل بن عطاء فقد قال عنه الشهرستاني صاحب الملل والتحل : الواصلية أصحاب بي حذيفة واصل بن عطاء الغزالي كان تلميذ الحسن البصري يقرا عليه العلوم والأخبار وکان في ايام عبد الملك وهشام بن عبد الملك . اه . وولاية عبد الملك ‏ كما يذكر المؤرخون كانت سنة خمس وستين › ووفاته سنة ست وثمانين وولاية هشام من105 ه الى125 ه فيكون اتصاله بالحسن البصري في النصف الأخير من عمره . ويروى د كما ذكر الشيخ أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم في كتابه (الدليل والبرهان) - إن واصل بن عطاء لزم مجلس الحسن البصري عشرين سنة قبل أن يعتزله . ولا نعلم على وجه التحديد السنة التي اعتزل فيها واصل مجلس الحسن ويستفاد من مجموع الروايات والتواريخ إن ذلك کان في أواخر أيام الحسن وفي أواخر القرن الأول للهجرة وعلى‌ذلك يكون إمام الإباضية متقدما(آ) كثيرا على إمام الواصلية المعتزلة . وتكون فلسفة الإباضية في الإرادة الإنسانية والعدل الإلهي (القدر) قد تبلورت قبل أن يظهر واصل بن عطاء بمذهبه» . (1) ولد جابر بن زيد سنة 18 ه وتوفي سنة 93 ه على سا رجحه الإمام بيوض ولا أعرف متى ولد الحسن البصري ولكنه توفي عام 110 ه وولد واصل بن عطا سنة 80 ه وتوفيي سنة 131 ه . وبهذا تعلم أنه عندما توفي إمام الإباضية جابر بن زيد كان واصل بن عطا مراهقا دون البلوغ . وأنه لايزال في الخطوات الأولى من الدراسة وإذا صح أنه اه الحسن البصري مدة عشرين سنة فإنه يكون قد التحق بمدرسة وعمره أقل من عثر سنوات ضرورة أنه انفصل عنه قبل وفاته ومهما يكن فإن جابراً کان قد بلغ إلى حد الاستقرار في تلك المشاكل وإن واصلا لم يبدا التفكير فيها بعد . أما ماذكرة الشهر ستاني عن وجود واصل أيام عبد الملك فغير واضح لأن عبد الملك توفي سنة 6 ه وعمر واصل حينئذ يكون ست سنوات . وغير معقول أن يكون واصل فی تلك السن المبكرة قد اشتهر وعرف في المجالات العلمية . - 278 - وبعد أن يشرح فلسفة الإباضية فى القدر يقول : الفرقتين الضالتين اللتين اح دتتا بدعة الجبر 4 وبدعة خلق الافعال .» فأنت ترى أن الامذهبين حادثان وأن فلسفة الأباضية أقدم منها › وهي متمسكة بالا .صل الذي سبق الإجماع عليه . وأما بدء ة الخوارج الذين جعلوا المعاصي العملية كلها شركا يحل بها "لدم والمال وسبي الذرية فإنها محدثة كذلك . وكان جابر ابن زيد وأبو عبيدة مسلم بن ابي كريمة من أکبر تلامذته وع د الله بن إباض وغيرهم من أتباع جابر يناظرون الخوارج . «وقد نقلنا فيما تقلناه لك قبل قول صاحب السير في عبد الله بن إباض : وله مناظرات مع الخوارج وغيرهم اه. وفي السير أيضا ص 6 قال ضام كان جابر يأتي الخوارج فيقول لهم : أليس قد حرم الله دماء المسلمين بديانته . . . الخ اه . فأنت ترى أن جابرا أسبق هذه الفرق وكان يناظرها ءوسلك تلامذته طريقته هذه في المناظرة في حياته وبعد وفاته .٠ م عرض لموضوع خلق القرآن : فشرح أ الباضية في الموضوع يايجاز ووضوح ثم قال : «وبناء على ما تقدم يمكن ان تعتبر الإباضية أستاذة الفرق الإسلامية في تأصيل قضايا العقائد.» انتهى المقصود منه . ويسرني في ختام هذا الفصل أن أذكر بالثناء الجم هذا المجهود القيم الذي بذ.له المستشرق الكبير نلينو. فى هذا البحث الذي كان برېدف منه يما يدو - إلى كشف مامي محش ور 279 - الجزئيات . أو وجهات النظر ء وأن ما كان هو مقتنعا به ويراه حجة . لم نقتنع نحن به ٠ ونراه شبهة تتضاءل عند المتافشة والبحث . فإن الإخلاص العلمي في البحث والتجرد له . كفيل بأن يبعث على الشكر والتقدير . وهذا ما بدا لنا. في أسلوب وهو يعالج هذه القضية فنحن نشکره على المجهود القيم . ونختلف معه في افتراضاته ونتالجه . - 280 - اللقاء بين الإباضية وأهل السنة(1) إن المسائل التي لخصها المستثرق تلينو في سبع تقاط ثم ذكرها كنماذج للخلاف والتباعد بين الإباضية واهل السنة وزعم أن الإباضية فيها قد تأثروا بالمعتزلة أو استمدوها منهم .هي في الواقع مسائل أخذت كثيرا من الحهد والوقت بين علساء المسلمين كافة بمذاهبهم المختلفة وقد جرى فيها النتقاش الدقيق بين علماء المذهب الواحد كما جرى بين علماء المذاهب المختلفة . ومحاولة تصوير المذاهب الإسلامية كمعسكرات متناحرة محاولة ير لْهَا كثيرا ويعملون على تركيزها وقد ساعدهم على ذلك بعض السطحيين من علماء المسلمين في القديم والحديث › وبمثل هذا صارت تلك المسائل بمثابة الشعارات التي يرفعها أصحأب المذاهب ٠ وكان المتعلمون في المراحل الأولى من الطلب وأشباه العلماء من محبي الظهور يجدون فيها وسائل طيبة ومساعدة على الجدل والشغب والشهرة وحب الظهور تماما كما يجد العوام وأشياه العوام في بعض الخلافات الفقهية العلمية ‏ كرفع الايدي عند التكبير » وتحريك السبابة عند التشهد ء وقراءة البسملة فى أول الفاتحة - وسيلة لإظهار المعرفة وبيان شدة التمسك بالدين والمحافظة, على السنة . (1) قال الدكتور مصطفى الشكعة في كتابه إسلام بلا مذاهب طبعة دار النهضة العربية ص 349 مايلي : «على أن الشيء الجدير بالمعرفة والاعتبار أن هؤلاء ممن ذكرنا لم يعرفوا في زمانهم أو بعده بعدة قرون باسم أئمة أهل السنة . وإنما كانوا أئمة لعامة المسلمين إلا من رأى غير رأيهم . ذلك أن تسمية جمهرة المسلمين بأهل السنة تمية متأخرة يرجع تاريخها إلى حوالي القرن السابع الهجري أي بعد عصر آخر الأئمة المشهورين وهو ابن حنبل بحوالي اربعة قرون» . - 281 - فإذا ارتفعنا عن هذه المستويات قليلا إلى مستوى أهل العلم وأصحاب التحقيق وجدنا هذه المسائل تدور فيما بينهم على طرفين متطرفين ووسط معتدل يلتقي عليه المذهبان .٠ ولعل أولفعك العلماء الذين يتكون منهم الطرف المعتدل هم المحققون حقيقة وأن الطرفين المتطرفين قد أثرت عليهما مؤثرات ذهبت بهما إلى حيث انفتحت بسببهما بين صفوف الأمة ثغرة وجد فيها أصحاب المصالح الخاصة من المسلمين وغيرهم مدخلا لشق العصا وتفريق الكلمة . وبقطع النظر عما إذا كان الإباضية تاثروا في النقاط السابقة بالمعتزلة أو لم يتأثروا بهم وهل هم يتفقون فيها معهم كل الاتفاق أو يختلنو ختلافا جزئيا او كليا فاني احب أن أعرض في هذا الفصل على القارئ الكريم وجوه اللقاء بين الإباضية وأهل السنة في هذه المسائل نفسها . وسوف نعريها في إيجاز شديد نقطة نقطة كما ذکرها نلينو فيما يلي : َ القرآن مخلوق ُو قفديم : ۱ ۱ بدأ الشفب حول هذه الكلمة حين أثارها أبو شاكر الديصاني حسب ما يقول بعض أصحاب المقالات فقال بعض الناس عنه إنه مخلوق وقال آخرون غير مخلوق أو قديم واشتد الجدل بين الطرفين . فتطرف جانب حتى زعم أن المصاحف وإلحروف قديمة وتطرف الجانب الأخر حتى نفى صفة الكلام عن الله تبارك وتعالى وكان بين مجموعة الآراء آراء تقترب من هنا أو من هناك . وقد انتهى المحققون من الإباضية وأهل السنة إلى معرفة ما ينبغي أن يوصف بالقديم وما ينبغي أن يوصف بالحدوث فأثبتوا لله تبارك وتعالى صفة الكلام وقالوا هي صفة ذات كالسمع والبصر والعلم وعبر عنها بعضهم بالكلام النفضسي وعما عدا ذلك فهو حادث وظهر لهم أن الخلاف بينهم خلاف لفظي - إذا أهملنا جانبي - 282 - التطرف - وزيادة على هذا اللقاء على: مستوى التحقيق فان من علماء اهل السنة من يقول دون تحرج أو احتراز القرآن مخلوق فقد ذكر الخطيب البفدادي من طرق متعددة عن أبي يوسف أن أبا حنيفة كان يقول القران مخلوق ما بو منصور الماتريدي فقد كان يقول إنه محدث ولم يحفظ عنه أنه قال مخلوق . وقد كان أبوالنضر العماني من أئمة الإباضية يقول إن القرآن غير مخلوق وأنکر إنکارا شدیدا على من يقول بخلق القرآن .وذهب القطب من أئمة الإباضية أن هذه المسألة ليست من الأصول ٠ وقال أبو إسحاق طفيش إن الخلاف فيها لفظي . وهذا القدر كاف للدلالة على اللقاء ين المذهبين في هذه المشكلة التي أخذت جهدا غير قليل من علماء الأمة واعتبار الخلاف فيها خلافا لفظيا حين تجرد من أطراف التطرف والعصبية » ويكفي أن يلتقي المسلمون على حقيقتين في هذا الموضوع هي أن الله تبارك وتبالى سمي بصير متكلم . ون لقرآن الكريم كلام الله عز وجل أله على رسوله علق 2 عل رؤية البائ جل وعلا في الأخرة ممكنة ؟ أحسب أن ما وقع في مشكلة الرؤية هو نفسه ما وقع في مشكلة الكلام - وإن كانت مشكلة الرؤية قد أثيرت قبل مشكلة الكلام - فقد كان فيها أيضا طرفان متطرفان ووسط معتدل هو مكان اللقاء بين المذهبين وذلك أن طرف الإثبات يبالغ حتى يصل به التطرف إلى حد التشيه والتمثيل والتحديد وطرف النفي يالغ حتى يصل به التطرف إلى حد نفي حصول كمال العلم . وبينهما يقف أصحاب التحقيق في الجوانب المتقاربة التي تلتقي في المعنى الواح لقاء كاملا أو لقاء متقاربا وهذه الصورة تتمثل فيما ذهب اليه بعض علماء أهل السنة من أن الرؤية معناها حصول كمال العلم بالله تبارك وتعالى وعبر عنها آخرون منهم بأن الرؤية - 283 - تقع بحاسة سادسة هي كمال العلم وإختلفت تعابير الكثير متهم ولكنها تتلاقى في النهاية على نفي كامل الصورة التي يتخيلها الإنسان لصورة را رائي ومرئي وما تستلزمه من حدود وتشبيه وتتفق في النهاية على الابتعاد عما يشعر بأي تشبيه في أي مراتبه وبالمحدودية في كل أشكالها ومنهم من التجاً لكي لا يصطدم بنصوض النفي والإثبات إلى أن هذا من أحوال يوم القيامة وليس لنا أن نخوض فيه بغير القدر الذي جاءت به النصوص والمعتدلون من الإباضية لا أيمنعون أن يكون معنى الرؤية هو كمال العلم به تعالى ويمنعون الرؤية بالصورة المتخيلة عند الناس فإذا كانت هنالك حالة لا تدخل تحت هذه القيود ولا تؤدي إلى التحديد أو التشبيه وإنما هي شيء يشبه ما يقوله بعضهم من حصول كمال العلم فلا مانع من ذلك يضاف إلى هذا اللقاء العام إن الإمام الفزالي يميل في أغلب كتبه إلى نفي الرؤيةمطلقا ومنطلق الجميع في الواقع هو الفرار من التشبيه فالمتطرفون من الإباضية يفرون من كل ما يوهم التشبيه ولو بتأویل بعید فرارا شديدا ويکتفي المتطرفون من أهل السنة بني التشبيه بالنفي القولي وان دلت عليه ألفاظهم وأدت إليه تعابيرهم وأحسب أن اعتقاد التنزيه والفرار من التشبيه ثم التماس الحلول التي تلتقي عليها النظرتان في إيضاح مدلول النصوص المتعارضة في الظاهر هو مقدار كاف للدلالة على أن المذهبين مسقيان لقاء قرييا يمكن أن يعتبر به كلاهما نابعا من نفس الاتجاه الذي نبع منه الاخر . 3 معنى الميزان والصراط : هذه مسألة من المسائل التي استنفدت جهدا ووقتا » ووصل بها التحدي إلى صور تكاد تكون هزلية أو بهلوانية › يصر فيها بعض الناس أن يكون الميزان يوم القيامة ذا كفتين ولسان ثم يختار - 284 - كيف يقع الوزن فيذهب في التصور شوطا بعيدا ويصر بعضهم أن يكون الصراط جرا فوق جهنم وأن يكون أرق من الشعرة وأحد من اليف . ثم يتسابق الناس عليه فمن وقع منهم كان مصيره إلى النار . وهم في سباقهم هذا بحسب أعمالهم . أحسب أن هذا التصور يجب أن يزاح اليوم وإذا كان العلم البشري منذ ذلك العهد إلى هذا العهد قد اكتشف أنواعا من الموازين والمقاييس لم يبلغ إليها خيال المتخيلين في ذلك العصر » وأنه يصور البحث عن مقاييس نذكاء والعقل وما إلى ذلك فكيف للإنسان اليوم أن يصف موازين الله لأعمال الإنسان يوم القيامة » إن كلا من الإباضية وأهل السنة مؤمنون أن الله سبحانه وتعالى يوم الجزاء يفصل بين عباده › وأن قوله تعالى الفصل.ء ووزنه الحق » وحكمه العدل . ويكفي هذا لقاء بينهما . 4 تأويل ما يفهم التشبيه : هذه النقطة أصبح أغلب أهل السنة من الأشعرية والماتريدية ° يقولون فيها بما يقول به الأباضية واللقاء بينهما فيها تام . وكلهم يرى أن كل كلمة وردت في القرآن الكريم أو في السنة النبوية المطهرة تعر بالتشبيه يجب أن تؤول بما يؤدي المعنى ولا يدل على التشبيه . 5 مرتكب الكبائر : يقول الأستاذ علي مصطفى الغوابي في كتابه تاريخ الفرق ص 89 ما يلي : الخوارج تقول إن مرتكب الكبيرة مع فسقه وفجوره كافر . ب المرجئة تقول هو مع فسقه وفجوره مؤمن . ج الشيعة تقول هو مع فسقه وفجوره فاسق . د الحسن البصري يقول هو مع فسقه وفجوره منافق . - 285 هذا ما يقوله الأستاذ الغوابي ويبدو لي أنه لم يذكر أهل السنة لأنه یری أنهم يدخلون في قسم المرجئة ولم يذكر الإباضية لأنه يرى أُنهم يدخلون في قسم .ولكن الواقع ليس كذلك فأهل السنة ليسوا مرجئة والإباضية ليسوا خوارج ءلأن أهل السنة لا يذهبون إلى ما ذهبت إليه المرجئة من قولهم «لا تضر مع الإيمان معصية» بل إن الماتريدية منهم يرون كما يرى الإباضية ُن «الوعيد لا يتخلف كما لا يتخلف الوعده ولأن الإباضية لا يرون رأي الخوارج وإنما يرون رأي الحسن البصري فيعتبرون مرتكب الكبيرة منافقا وليس مشركا . وهنا يلتقي الإباضية وأهل السنة لقاء كاملا - بقطع النظر عن التسميات - فيتفقون جميعا أن مرتكب الكبيرة إذا لم يتب يدخل النار» أما معاملته في الانيا فهي لا تختلف عن غيره من المسلمين . فاللقاء فى هذه النقطة بينهما كامل . 6 عذاب النار أبدي : هذه قضية متفرعة عن القضية السابقة وقد جرى فيها جدل كثير وضح الإمام الفزالي إلى جانب الخلود » وقال قطب الأئمة من الإباضية في رسالته إزالة الاعتراض ن ن خلود الموحد وعدمه ليس من الأصول التي يكون بها تفسيق معتقد أحدهما . ويكفي هذا لقاء بين المذهبين . 7 صفات الله ليست زائدة على ذات : موضوع الصفات من أهم المواضيع التي جرى فيها النقاش الكثير والجدل المتواصل فبينما يقول بعض الأشاعرة أن صفات الله تبارك وتعالى غير ذاته يقول الماتريدية من أهل السنة أن الصفات ليست شيئا غير الذات فهي ليست صفات قائمة بذاتها ولا منفكة عن الذات فليس لها كينونة مستقلة عن الذات . وهذا هو ما يقوله - 286 - الإباضية في الصفات أيضا وربما يلتقي الإباضية والماتريدية في هذه المسألة حتى في التعبير واختيار الكلمات وهناك من الأشاعرة من يقول بقول الإباضية في بعض الصفات كالوجود والبقاء ومنهم من يقول بذلك في جميع الصفات ولعل الإمام الغزالي يميل إلى هذا الجانب ء.أحسب أن هذا المقدار يكفى فى اللقاء بين أهل السنة والإباضية في موضوع الصفات. ‎W7‏ 8 القدر : يبدو أنه لاخلاف بين الإباضية وأهل السنة في موضوع القدر وأن المستشرق نلينو مقتنع بذلك . بعد هذا العرض الموجز أريد أن أقول إن المنتسبين إلى أهل السنة عدد كبير من الفرق الإسلامية وهي تختلف اختلافا بينا في جميع هذه المشاكل وفيها متطرفون إلى كلا الجناحين فمنهم من يتطرف إلى التشبيه أوقريب منه ومنهم من يتطرف إلى الجانب الثاني حتى يكاد يكون صدى للمعتزلة ولعل الظاهرية وبعض المتشددين من الحنابلة والقيميين يمثلون الجانب الأول . الجانب المحافظ أو الجاحد إن أبحنا لأنفسنا أن نستعمل هذا التعبير ولعل الماتريدية والإمام الغزالي يمثلون الجانب المتحرر . والإباضية في جميع المسائل السابقة يلتقون مع بعض الأئمة أو الفرق من هؤلاء . فلو أردنا التفصيل لقلنا إنهم يلتقون مع الأغلبية المطلقة في تأويل المتشابه والقدر . ويلتقون مع الكثير في الصفات ومرتكب الكبائر : ويلتقون مع بعض الأئمة في صفة الكلام (القرآن مخلوق أو غير مخلوق) والرؤية والخلود . وأعني باللقاء ُن أحد الفرقتين تقول بنفس ما تقول به الأخرى أحيانا وتختلف عنها أحيانا في الإجمال وتلتقى فى التفصيل - 287 - وتختلف عنها أحيانا في المشهور ويوجد في إحدى الطائفتين علماء يميلون إلى‌ما تقول به الطائفة الأخرى فى كثير من الأوقات ولن تجد عند التحقيق انقطاعا كاملا بينها أبدا في جميع المسائل اللهم إلا إذا سلكت مسلك المتطرفين من أحد الفريقين ولا شك ان هذه المقارنة يمكن أن تجري أيضا مع اهل السنة والمعتزلة أو مع الإباضية. والمعتزلة وربما يكون فيها اللقاء مثل هذا أو قريبا من هذا . فإأن جميع هذه الفرق إنما تصدر عن منبع واحد هو كتاب الله وسنة رسوله رغم ما يقوله القائلون في الخلاف ورغم ماأدى إليه الاجتهاد بسبب اختلاف الفهم والاقتناع بمنطقية الدليل . - 288 - الباب الرابع آراء للاباضيه النماثية السكاكين الفرثية آراء الإباضية فى الصحابة الحكم في نظر الإباضية حكم الدار التعامل. بين المتخالفين المنزلة بين المنزلتين مسائل فقهية اجتهادية خلاصة آراء الإ باضية - 289 - 19 28 القسم الرابع آراء للا باضية عندما كنا نستعرض ما ينسبه كتاب المقالات إنى الإباصيه في الفصول السابقة كانت تمر بنا أسماء فرق تنسب الى الإباضية وهي ليست منهم وكانت تمر بنا أقوال لا يقول بها مسلم » وکانت تمر بنا أقوال يقول بها بعض المسلمين ولكنها ليست من أقوال الإباضية › وكانت تمر بنا مقالات مما يقول به الإباضية ويعتقدونه ف الأصول ُو الفروع . وفد ناقشنا بعض تلك الفصول واوضحنا هناك الفرق التى ليست من الإباضية ولا تربطها بها علاقة كما أوضحنا هناك ما يتقف مع عقائد الإباضية وأرائهم وما لا يتفق . وقد رايت في هذا القسم من الكتاب أن أذكر الفرق الحقيقية التي انفصلت عن الإباضية والمقالات التي خالفت فيها وأسماء أئمتها أو زعمائها كما رأيت أن من المسائل التي عرض لها الكتاب مسائل تحتاج إلى شيء من الإسهاب في الشرح ء فرأيت أن أعقد لها فصولا خاصة بها ء وفي هذا القسم سوف تجد تلك الفصول كما یلی : 1 فرق الإباضية 2 آراء الإباضية في الصحابة . 3 آراء الإباضية في الحكم . 4 آراء الإباضية في الدار . 5 معاملة المخالفين في المذهب . 6 المنزلة بين المنزلتين » وأن لا منزلة بين المنزلتين . 7 مسائل فقهية اجتهادية . 8 خلاصة آراء الإباضية . فرق الإ باضية لقد كتبت هذا العنوان وانا متردد لأنه لا يؤدي المعنى الذي أقصده منه أداء كاملا › ذلك ُن الخلاف بين الناس في مور الدين وفي أمور الدنيا شيء طبيعي » ما دامت الأفهام والمدارك والعقول تختلف من شخص الى شخص » ولكن من الطبيعي أيضا أنه ليس كل خلاف شقاقا وأنه ليس كل مجموعة خالفت في شيء تعتبر منشقة ثم أن من خالفت حتى انشقت واتخذت لنفسها خصائص ومميزات صارت فرقة مستقلة يجب أن تحمل اسمها الخاص بها . وإذا كان علماء الأمة الإسلامية ‏ في عمومها ‏ قد اختلفوا اختلافات كثيرة » نشأت عن بعضها المذاهب والفرق › فمن الطبيعي أيضا أن يختلف علماء الفرقة الواحدة › وأن يتعدد هذا الخلاف . ولست أذكر مذهبا واحدا قد اتفق علماؤه وأئمته اتفاقا كاملا في جميع المشاكل والقضايا بل إن الذي أذكره أنه كانت تمر بي أثناء مطالعاتي المختلفة خلافات حادة بين عدد من العلماء في المذهب الواحد يصل فيها النقاش إلى درجة العنف والقسوة ولكن أحدهما لا يجسر أن يقول إن الثاني خرج عن الشدهب . وإنه كون فرقة أو أنه رئيس أو إمام لفرقة . والمذهب الإباضي ليس بدعا من المذاهب الإسلامية فقد كان الخلاف يقع بين العلماء ء فيتناقشون فيه ويستطيع ؛ بعضهم أن يقنع بعضا وقد يصر كل واحد منهم على رأيه » وقد أ ممن سبقه في فتوى فينتج عن كل ذلك تعدد الأقوال في المسألة الواحدة . ۱ ومن العسير أن يحدد الباحث الخلاف الأول عند الإباضية أو المسألة الأولى التي اختلفوا فيها ولكنه يستطيع أن يجزم ن -— 292 - الخلاف داخل المذهب قد كان يقع منذ تكونه . فقد خولف جابر بن زید في مسائل جری العمل فیها بغیر فتواه . كما خولف الإمام مالك في مسائل يجري العمل فيها بغير فتواه . ويستنتج من كتب الإباضية في التاريخ ومن كتب مقالاتهم أن أول خلاف جدي وقع بين الإباضية كان في عهد الإمام ابي عبيدة . كانت القدر في ذلك الحين هي مشغلة العقول والأفهام عند العلماء والمتكلمين وكان الإباضية يقفون منها موقفا مناهضا للمعتزلة وكان من زملاء بي عبيدة حمزة ة الكوفي وعطية وغیلان فقالوا بالقدر وحاول أبو عبيدة وأصحابه إقناعهم بأنهم أخطأوا وعليهم ن يتوبوا فلم يقتنعوا واستمسكوا بعقيدتهم فلما يئس منهم الإمام أبو عېيدة تبر مهم وأمر أصحابه أن تبروا منهم ون يبعدوهم عن مجالسهم خوفا منهم أن يؤثروا على العوام واتقطعت الصلة بينهم وبين الإباضية منذ ذلك الحين ولعلهم انضوا إلى بعض فرق المعتزلة » ولم يعد يتحدث عنهم أحد من الإباضية ‏ كأفراد من الإياضية ‏ ولم يعتبروهم أئمة لفرقة مستقلة أو داخلة تحت فرق أكبر . بعد هذا الخلاف مع الإمام أبي عبيدة خالفه جماعة أخرى من طلابه هم سهل بن صالح ء وأبو المعروف شعيب بن معروف وعبد الله بن عبد العزيز وأبو المؤرج عمرو بن محمد السدوسي فتاقشهم في مقالاتهم واستطاع إقناعهم ولما توفي الإمام أبو عبيدة خالفوا الربيع بن حبیب - وقد 1 زميلهم في الدراسة على أبي عبيدة - وحاول الو بيع إقناعهم بأنهم أخطاوا فيما ذهبوا إليه كما أقنعهم أسنتاذهم أو عبيدة فلم يتمكن فأعلن الربيع - وهو إمام الإباضية في ذلك الجين ومرجعهم بعد بي عبيدة - خلافهم للجمهور ء فعوملوا بتوع من البرود والهجران . - 293 - لنفسه هناك شهرة داوية بين الإباضية وسيكون له فيما بعد ادوار سوف تتحدث عنها في اسيل بن سالج ققد ئي لنؤرج فقد استطاعا - رغم العلاقات التي يشوبها البرود ولوت بينهما وبين أهل الدعوة ‏ أن يحتفظا بمركز علمي مرموق اون يحتفظا بثقة الإباضية فيهما رغم خلافهما › » ولعلنا نستطيع أن نعطي لهما صورة واضحة ونضعهما في إطارهما الصحيح حين ننقل للقارئ الكريم الكلمات الآتية التي قيلت منهما في مناسبات متباعدة . قال الإمام افلح وقد سئل عن أبي المؤرج وابن عبد العزيز : بقعت منهم مسل معروفة فام 1 يواهم في تا الس اتل , وما غیرها مما فيه اختلاف من رأي أصحاب النبيء .واختلاف فقهائنا فلا يدفع إستادهم 4 وهم بمنزلة من سواهم ‏ من المسلمين» وقال «وأما البراءة فلم يكن ابن عبد العزيز عند المسلمين محمودا وهو إلى البراءة انتهى جواب الإمام أفلح . وقال عنهما أبو لباس الثماخي في السير : كان من خالفه لا يلتفت إليه ٠ لأن ل أقوالا في الققه وأسائبه يأخذ بها أصحابنا » انتهى . المسند ما يلى : المزيز هذا وانما قالها في شخص آخر على هذا فيقتصر في رأي أفلح على الفقرة الاولى وهي أقرب الى الرضا . 294 - «وخالف الربيع في زمانه في بعض المسائل : سهل بن صالح ء وأبو المعروف شعيب بن معروف وعبد الله بن عبد العزيز وأبو المؤرج وحمزة الكوفي وعطية وغيلان وهؤلاء الثلاثة أخذوا بقول اهل القدر وكان خلافهم في ايام ابي عبيدة وكنذلك خلاف من قبلهم كان في أيامة أيضا لكنهم أظهروا التوبة فردهم المسلمون إلى المجالس ء ثم أظهروا الخلاف في أيام الربيع وتمادوا عليه فتفاهم المسلمون من أماكنهم » وطردوهم من مجالسهم » ولم يخالفوا في العقيدة ولا في شيء من أمور الدين وإنما خالفوا في مسائل مخصوصة خالفوا فيها قول المسلمين › ولهم في الفقه أقوال وأسانيد يأخذ بها أصىحاننا » وبالتامل فيما نقلته لك تجد ان الائمة الثلاثة يتكلمون عن عبد الله وأبي المؤرج بكثير من الرفق أو اللين أو إن شئت فقل باحترام » ولم يصرح أحدهم بالبراءة » رغم أن الإمام أفلح ‏ وكان شبه معاصر لهم قال عن ابن عبد العزيز: «لم يكن عند المسلمين محمودا وأنه إلى البراءة أقرب .» ولكنه لم يصرح بالبراءة منه وقد أجمع أفلح والثماخي والسالمي ء أن ابن عبد العزيز وأبا المۇرج(1) ثقتان لم يؤخذ عنهما في غير المسائل التي خالفا فيها . وقد ذكر أبو العباس الثماخي انهم خالفوا في ثلاث مسائل هي :1 قالوا صلاة الجمعة وراء الائمة الجورة لا تصح . 2 قالوا : أهل القبلة المتأولين بما يوهم التشبيه مثركون . 3 قالوا :المرأة التي يعبث بها خارج المحلين لا تكون بذلك كافرة . (1) ذكرهما أبو عمرو عثمان بن خليفة السوقي مع النح‌ر ود در لهم نحو عشرين مسألة خالفوا فيها ربما كانت هي ما أجتمع لدى النكار على مدى طويل ونا لا أحسبهما من النكار ولا أعدهما في الفرق المخالفة . 295 - ولكنني أعتقد أن المسائل التي وقع فيها الخلاف ريبما كانت أكثر من هذه المسائل الثلاث . والنتيجة التى أردت أن أنتهى إليها من هذا النقاش أن ذلك الخلاف الذي وفع في عهد بي عيده مسلم 6 وكذلك الخلاف الذي وقع في عهد الربيع › لم ينبن عليه تكون فرقة منشقة عن الإباضية تابعة يا في الأصول العامة فيقال فيها ا فرق من لإباضية) ولا ر بعص أصحاب بي عبيدة خالفوا فى أُصل هام من ُصول ر - وهو القدر - فأصبحوا غير إياضية والتحقوا بالفرق التي تقول بالقدر . ثم إن عددا آخر من تلاميذ أبي عبيدة خالفوا الجمهور في مسائل فأقصاهم الربيع بن حبيب - وهو عمدة الإباضية بعد بي عبيدة - عن مجالس اهل الدعوة وعوملوا بنوع من الجفاء والقسوة ولكنهم لم يخرجوا عن نطاق الإباضية ‏ ما عدا شعيبا وسياتي بيان السبب - وحسبت عليهم المسائل التي خالفوا فيها › وأخذ بقولهم وروايتهم في غير ذلك . وعن عبد الله بن عبد العزيز وأبي المؤرج روى أبو غانم بشر بن غانم الخراساني کتابه «المدونة» وهي من الكتب المعتمدة عند الإباضية وأبوغانم في الولاية بالإتفاق . بل إنهما من شيوخه الذين روى عنهم المدونة فقد رواها عن عدد كبير. 4 ومن هذا يتضح ان الرچلين عالمان جليلان بلغا درج الاجتهاد وأنهما م من الإباضية 7 تکون ولیم قوالا للمذهب وإذا شنا ن نقسو عليهما تقول إنها أقوال شاذة أو مينة ُو متروكة أو غير معمول بها » ويوجد من هذا - 296 - التمط عدد من العلماء ربما أ شرنا إلى بعضهم وهم على کل حال أفراد داخل المذهب وليسوا أئمة لفرق ولا أتباعا لفرق . وفد درج عدد من المؤرخين وكتاب المقالات - من غير الإباضية ‏ أن ينسبوا إلى الإباضية عددا من الفرق لا علاقة لها بهم › كما اعتادوا كلهم على اعتبار الإأباضية فرقة من الخوارج . وقد أوضحت في الفصول السابقة خطاً كل من النسبتين : نسبة الإباضية الى الخوارج » ونسبة تلك الفرق إلى الإباضية . أما الم رخون وكتاب المقالات من الإباضية فقد ذكروا عددا من الفرق - هي غير الفرق السابقة ‏ اعتبروها منشقة عن الإباضية وتناولوها هي وأئمتها بنوع من النقد العنيف الذي يبلغ في شدته حد القسوة » وريما بلغ حد المبالغة أحيانا . وبين يدي الآن مجموعة من كتب الإباضية التي ناقشت موضوع القرق التي انشقت عن الإباضية وكلها تشير. إلى أن الفرق التي انشقت عن الإباضية ست هي : التكارية ء والنفاثية › والخلفية » والحسينية » والسكاكية » والفرثية » وكل هذه الأسماء لم يذكرها كتاب المقالات الأقدمون الذين ناقشناهم فيما سبق كالأشعري ومن أخذ عنه مما يدل أنهم كانواحقالا يعرفون الإأباضية . ورغم أن مؤرخي الإباضية وكتاب مقالاتهم يذكرون هذه الأسماء کأماء فرق من الإباضية وينسبون إليهم مقالات خاصة بهم فأنا لا أوافقهم في کل ما قالوه وأتردد في قبول بعض ما عرضوه وسوف يتضح ذلك للقارئ أثناء الحديث عن هذه الفرق ولعله قد آن الأوان لأن نستعرضها فرقة فرقة فإلى القارئ الكريم ما لتا من ذلك : - 297 - النتكار: في سنة 171 ه حدث حدث سياسي هام في المغرب الإسلامي في الدولة الرستمية وذلك أن الإمام عبد الرحمن بن رستم عندما أحس بدنو الأجل ترك الأمر شورى بين سبعة من الناس من بينهم أبو قدامة يزيد بن فندين وعبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم وبعد مشاورات وقع الاتفاق على بيعة عبد الوهاب فكان ممن تقدم للبيعة أبو قدامة بن فندين وقال حين هم بالبيعة نبايع على ألا يقضى في شيء دون مشورة جماعة مخصوصة من الناس فاجابه عالم جليل من الحاضرين هو مسعود الأندلسي لا نعرف شرطا للبيعة إلا العمل بكتاب الله وسيرة السلف الصالحين ولم يثر أي نقاش عن الموضوع وتمت البيعة واستمرت الحياة وكان ابو قدامة يعتقد في نفسه الكفاءة والقدرة على تولى الأعمال فانتظر فترة من الزمن لعله يستشار في شيء أو يكلف بعصل ما فلم يحصل شيء من ذلك فبداً الشغب وزعم أن الإمامة باطلة لأنه لم ينفذ الشرط الذي شرطه ووقع خلاف حاد بين الناس فافترح مقترحون أن ترسل رسائل استفتاء في الموضوع إلى أُئمة الإباضية في المشرق وعلى رأسهم الحافظ الربيع بن حبيب . وکان ابو المعروف شعيب بن معروف في مصر كما أشرنا إليه من قبل فمر به حملة الاستفتاء وأخبروه بخلاف ابن فندين وما عليه الوضع هناك فطمع أن تتجة الأنظار إليه ويكون له المركز الأول في تاهرت وسافر على عجل واتصل اول ما اتصل بالإمام كانه يختبر الحال فعلم أنه لا مكان له هناك وبعد حيرة وتردد انضم إلى ابن فندين ثم أقنعه بسرعة التحرك » لأنه يعلم أن الرسائل التي ستعود من الشرق سوف تکون مؤيدة للإمام ونسبب فی اتقصال عدد غير قليل من أتباعهم عنهم . وقام الرجلان بمحاولة - 298 - سكرية لقلب نظام الحكم ففشلت المحاولة . وذهب أبن فندين ته ضحيتها وتفرق أغلب أتباعه . أما أبو المعروف فقد ارتحل إلى ليبيا لعله يستطيع أن يجمع أنصارا آخرين ويكوّن من هناك حركة مضادة.. وكان الناس يطلقون على ابن فندين وأتباعه في ايام تحرکهم الأولى سم التكار والنكاث والنجوية والشغبية › ومهما يکن من الامر فان الحركة قد ضعفت سياسيا وعسکريا لا سيما في الجزائر . أما دينيا فلم يكن لها إلا مستندان هما : أولا : لا تصح إمامة المفضول مع وجود الفاضل . ثانيا : تصح الإمامة بشروط إذا شرطها الناس عند البيعة وتسقط لمخالفة تلك الثروط وعلى هذين المستندين ارتكزوا في دعواهم ببطلان صحة إمامة عبد الوهاب وبعد هذه الحركة توطدت اركان الإمامة واستقر الامر للإمام عبد الوهاب بعد قليل من المناوشات الانتقامية تتمثل في أغتيالات فردية قام بها النكار أما أبو المعروف شعيب الذي أستقر قر في ليبيا ققد رأى أن يخرج بمجموعته من حيز الحركة السياسية المؤقتة إلى حركة دينية تعتمد صو لا في الخلاف على جمهور الأباضية وقد بدا بناء مذهب التكار على المسائل التي اشترك في الخلاف بها مع ابن عبد العزيز وأبي المؤرج على الربيع بن حبيب وأضاف إليها ملتقطات مما کان يجري فيه الجدل بين طوائف المسلمين المختلفة مما يرفضه الاباضية . وهكذا أصبح الذكار فرقة مستقلة لها مقالاتها في العقائد والأصول ومع ذلك فقد بقيت تطلق على نفسها اسم «الإباضية» فوقعت مشاکل وشْبَّه فأضاف الاباضية الأصلاء إلى امهم كلمة الوهبية تمييزا لهم عن الثكار . وقد استطاع أيو المعروف أن ينشر آراء فرقته في بعض أنحاء ليبيا والجنوب التوني ولكنه لم يستطع أن يتقدم به إلى جبل نفوسة . - 299 - وبعد اقل من فرن رزقت هذه الحركة بدفعتين قويتين جدا احداهما من الجانب الدينى على يد عبد الله(" بن يزيد الفزاري . أما الثانية فكانت على يد ذلك الزعيم الذي لا يعرف المستحيل › ولا يقف عند حد وهو بو يزيد( ) مخلد بن کیداد اليفرني الذي اشتهر بصاحب الحمار والذي قام بحركته السياسية والعسكرية من أواخر القرن الثالث إلى نهاية الثلث الأول من القرن الرأبع . وفي عهده قد تم لهذه الفرقة ما قالت به من مقالات سواء ما استندت اليه من المسائل التى اختلف فيها الربيع وبعض أصحابه أوما أضافه إليها أيو المعروف شعيب او جاءهم به عبد الله الفزاري . أما أبو يزيد بن كيداد فقد كان يوجه نقده اللاذع إلى الدولة العبيدية ويدعو إلى الخروج عنها وقد التف حوله التكارء وخدع به المالكية أيضا فأيده كبار علمائهم ودعوا الناس إلى مناصرته فقام بمغامراته المعروفة في التاريخ والتى اأضاف فيها إلى مقالات النكار النظرية مقالات أخرى سلوكية بعضها يخالف الإباضية فقط (1) عبد الله بن يزيد الفزاري من علماء القرن الثالث الهجري عاش في الكوفة کان خرازاً وشريكا لحكم بن هشام وکان يلقي دروسه في محله ويعد ويمد من المتكلمين . وهو الذي أظهر مقالات النكار وألف فيها كتبا متعددة ذكر الدكتور النامي أنه عثر على فطعة مخطوطة لإحدى مؤلفاته تحمل عنوان «كتاب الردوده . (2) أبو يزيد مخلد بن كيداد اليفرني مه ّم ولد ,وأسمه' ميكة وهي سودانية نشا فقيرا وعاش على إحسان الناس زمانا وأظهر التدين أولا ثم تمذهب بمذهب النكار ثار على محمد بن عبد الله المهدي في جهات طرابلس سنة 333 ه وأيده كثير من علماء المالكية في القيروان وحاربوا معه ودعوا إلى مناصرته ثم تخلوا عنه وإنقلبوا ضده وفي ثورته هذه احتل أغلب الجنوب التونسي ومنها قابس والقيروان ثم حاصر المهدية عاصة الدولة حينئذ وكاد يستولي عليها ولكنه انهزم على أسوار المهدية ثم سلخ جلده وملىء تبنا وعلق حتى نخرق وذرته الرياح . - 300 - وبعضها يخالف الإسلام في اصوله وجوهره . أما الاباضية فقد كانوا يعرفونه منذ كان صغيرا › وقد برئوا مته وهو لايزال في حلقات الدروس تلميذا متعلما ولكنه مشاغب مشاكس ؛ ينحو إلى الخلاف ويرنو إلى الزعامة والتسلط فلما بدا القيام بمغامراته لم يغتروا به كما اغتر به المالكية فلم ينضوا إليه ولم ينصروه ووقفوا منه ومن خصومه موقف الحياد الكامل . ولذلك قال له احد اتباعه : «لا تظن أن الوهبية خرجوا معك › فإنهم في مساجدهم وإنما خرجنا معك نحن › نشاركك فى أكل هذه الميتة » فدع عنك ما تحدث به نفسك ء وإلا اقتتلنا قتال كلاب الحي» وشرح أبو العباس الدرجيني هذه العبارة بقوله : «يريد بالميتة الأموال التي كانوا ينتهبونها .© ولل أعظم فترة لازدهار فرقة التكار كانت في هذه الفترة التي انتمى فيها إِليهم أبو يزيد بن کیداد . فلما قتل أبو يزيد شرد العبيديون أتباعه في كل مكان . وانتقم منه المالكية الذين اغترول بهم وساعدوهم في أول الأمر ثم ندموا لما عرفوا حقيقة عقائدهم › ولم يسمح لهم الإباضية بالحياة في أراضيهم وبلدانهم خوفا منهم على عقائد أبنائهم وتتبعهم خصومهم من العبيديين والمالكية بالسيف ومن الإأباضية بالمحاججة والإقناع وتعاونت هذه الوسائل كلها عليهم فانتهی أمرهم بعد زمن يسير » ولا يوجد الآن أحد من الناس على مذهبهم فيما أعلم . وملخص ما أريد ُن أقوله ُن هذه الفرقة التي سميت فرقة اللكار وقد كانت تحب ضمن فرق الإباضية قد أ لها من الخصائص والمميزات ما يجعلها تعتبر فرقة مستقلة شأنما شان غيرها من الفرق الاسلامية الأخرى تربطها بالاباضية العلاقة العامة علاقة الأسلام كما تربطها بسائر الفرق والمذاهب ولها عقائدها واجتهاداتها الخاصة . - 301 - وقد ذكر لها ابو عمرو عثمان بن خليفة السوفي المارغني نحوا من عشرين مقالة ؛ بين أصول وفروع تختلف فيها جميعا عن الإباضية منها أربع مقالات في مواضيع سياسية نتجت عن حركتهم وتكونها وهي : الامامة غير مفترضة . 2 صلاة الجمعة غير جائزة وراء الأئمة الجورة ٠ 3 عطايا الملوك لا يحل أخذها . 4 لا تجوز ولايةالمفضول . وقد كان أئمة الإباضية جميعا ابتداء من جابر فما بعد يقولون إن الإمامة فرض كفاية على الأمة المسلمة وأن صلاة الجمعة واجبة وراء الأئمة الجورةما أقاموها ووجدت شروطها › وكانوا هم أنفسهم يصلونها وراء الحجاج وأضرابه . وكانوا يقولون إنه يحل أخذ العطاء من الملوك ما لم يؤد إلى حرام » وكان جابر يأخذ العطاء من عامل الحجاج . وكانوا يقولون إنه تجوز ولاية المفضول مع وجود الأفضل ء إذا وجدت في المفضول مزايا ترجحه ليست للأفضل ء وكان مع ذلك أهلا لها . ذكرت هذه النقط من خلافات النكار هنا على حدة ليعرف القارئ الكريم أن أصل خلافهم إنما كان بدوافع سياسية أما جملة أقوالهم التي خالفوا فيها الإباضية ففي الإمكان تلخيصها ‏ حسبما ذكرها وع عمرو عثمان بن خليفة المارغني ‏ كما يأتي : ألحدوا في الأسماء . 2 ق إن ولاية الله وعداوته تتقلب بالأحوال : 3 قالوا إن أسماء الله مخلوقة . 4 _ قالوا إن الامامة غير مفترضة . 5 قالوا يجوز الإنتقال من الولاية إلى الوقوف . - 302 - 6 قالوا حجة الله تقوم بالسماع وقد سمع الاس . 7 قالوا من لم تبلفه دعوة الإسلام ودعي إلى دين سماوي آخر ی ل و ثا - فو فده جمعد عير جانزة خلف انمه .جور . 9 عطايا الملوك لا يحل أخذها . 0 - قالوا الله لم يأمر بالنوافل . 1- قالوا يلزمنا العمل بالفرائض ولا يلزمنا العلم بها ولا من معرفتها شيء . 2 - فالوا الحق في قول واحد مع واحد من المختلفين في النوازل التي يسع فيها الخلاف وقد ضاق على الناس خلاف الحق . 3 - قالوا الحرام المجهول حلال . 4 - قالوا يُدعى المشرك إلى الجملة ءوبراءة أحداث أهل الأهواء من أهل القبلة . 5 - قالوا بالوقوف في الأطفال كلهم . 6 - قالوا يجوز شرب الخمر على‌التقية . 7 قالوا لا تجوز إمامة من ولى أمر المسلمين وفى المسلمين أفضل منه . ۱ 8 - قالوا لا تقوم الحجة فيما يسع حتى يجتمع المسلمون بأسرهم . 9 قالوا لا كفر إلا فيما تقطع عليه اليد وهو ربع دينار ومن أخذ دونه ليس عليه شيء . 0 - قالوا اللطمة والنظر بشهوة والقبلة ودخول الحمام بفير زار صغائر غیر کبائر . 303 - النفاثية يقول المؤرخون إن فرجان نصر النفوس المعروف بنفاث كان ذا فهم عجيب وذكاء غريب » واطلاع وإدراك زائدين » أخذ العلوم من منبعها والتقط غرائب الفتون من معدنها مع زميله العلامة سعد بن أبي يونس النفوسي وذلك عن الأئمة بتاهرت(ا) 0 وكان نقاث هذا من إحبى القرى القريبة من جبل نفوسة ولعلها القرية المعروفة بنفاثة إلى الأن وهي في قمة جبل صعب المراقي في سمت بلدة (تنزغت) من جهة الشرق الشمالي تلي بلدة (اجريجن) من جهة الثمال وبينها وبين بلدة تمزين مسير خمس ساعات تقريبا إلى ناحية الغرب . وكان أبو يونس وسيم النفوس والد سعد من تمزين وقد ولاه الإمام عاملا على قنطرار المعروفة عندنا الان (بتيجي) . وما جاء في كتب التاريخ كلها يدل على أن نفاثا وسعدا کانا زميلين في الدراسة وأنهما درسا على الأئمة › وأن نفاثا كان متفوقا في ذكائه ودراسته وتحصیله وأُن سعدا كان متفوقا في دينه وخلقه واستقامته غير أن ما ورد في رسائل الإمام فلح يدل أن نفاثا لم يدرس عندهم فقد جاء في رسالته ليه قوله : «إذا لم أشاهدك ولم أشاهد موافقتك حتى يجب لك على أصل ولاية .» وجاء فى منشوره إلى عماله عن نقفات : طم يبلغ درجة العلساء فق منهم » ولم يصحب أهل الورح متحجزه آثارهم عن الهجوم على ما لا علم له به » ولكنه نشا وحيدا وأقام متوحشا من العلماء فتقلب في جوانحه الشيطان بتفحاته فأورثه الكبر .» كان نفاث معدا بنفسه قوي الثقة في شخصيته يعتقد أنه أهل لأن يتولى منصبا هاما قي الدولة » ولعله كان يحلم بالولاية على الجبل أو قنطرار . (1) آنظر الأزهار الرياضية 195 فيما بعد - 304 وذات يوم بلغ سعدا خبر وفاة والده فأخبر زميله نفاثا بذلك ثم ذهب إلى الإمام يستأذنه في الرجوع إلى‌بلده بعد وفاة والده فاذن له الإمام وأظهر نفاث أنه يعود مع سعد مواساة له ورعاية لحقوق الزمالة والجوار . وكانت نفسه تحدثه بأن أمر الولاية على قنطرار قد قرب بعد وفاة أبي يونس » ولاحظ أن الإمام سلم لسعد رسالة وأن سعدا لم يقل له عنها شيئا فتحين غفلة من سعد في الطريق واطلع على ما في الرسالةفوجد فيها أن الإمام قد ولى سعدا على قنطرار مكان أبيه فكانت له صدمة حخزت في نفسه وملات قلبه حقدا على الإمام وعندما وصلا إلى وطنهما وكانا متجاورين استقبلهما الناس بالترحاب وبداً سعد في القيام بمهام منصبه أما نفاث فقد جعل يطعن على الإمام أفلح وينتقده في مجالسه الخاصة والعامة . وكان سعد لطيفا معه لم ينس له حق الزمالة فكان يلومه في رفق وينهاه في أدب وکان هو الآخر يعامل سعدا في كثير من الأدب والاحترام ولكنه كان لا يتوانى عن الطعن في الإمام . وبلفت تلك الطعون والانتقادات إلى الإمام عن غير طريق سعد فبعث الإمام يستقدمه ليناقشه فيما يزعم فإن كان حقا فما أحرى الإمام بأتباع الحق وإن كان باطلا فعلى نفاث أن يتوب منه أو تناله العقوبة ولكن نفاثا خاف فلم يذهب إلى الإمام واستمر في سلوکه وکان یتردد على سعد ویساعده على بعض اعماله الخاصة فكان سعد يلومه على مل من الناس قائلا : متى شرك كفرك وضلالك يانفاث ؟ فيجيبه : معاذ الله أن أكفرء أو أضل ياشيخ ! أو ليس الشتم بعبادة ياشيخ ! وكان سعد يرفق بنفاث من جهة ويحب من جهة أخری ل يغتر الناس بقوله ومن جهة ثالثة يريد أن يبلغ إلى الإمام عن غير الطرق الرسمية عدم موافقته لنفاث فيما يقوله . - 305 - 20 ويبدو أن مطاعن نفاث أخذت تنتشر وتتسع وربما بصورة مبالغ فيهاحتى اهتم لها الولاة في جهات بعيدة وراسلوا الإمام يخبرونه بها فبعث الإمام منشورا عاما إلى جميع ولاته يحذرهم فيه من نفاث وآرائه ولكن نفاثا استمر وإستمرت الأخبار تصل إلى الإمام تباعا ويبدو أن بعض الولاة من جهات أخرى بعثوا مخبرين يتتبعون حركات وسكنات نفاث ويخبرونهم بها أُولا بأول وأن أوثك الولاة طلبوا من الإمام أن يهتم بالموضوع ويجمل له حدا فبعث الإمام منشورا آخر إلى نجميع الولاة فيه بالبراءة من نفاث وهجره ومعاملته بالجفاء والعنف ويبدو ُن هذا المنشور أثرتأثيرا واضحا على نفاث فأرسل إلى الإمام رسالة يحتج فيها ويبدو أنها كانت بلهجة فيها عنف وقوة زادت من غضب الإمام عليه فأجابه برسالة شديدة اللهجة قوية الحجة توحي بالتمديد وأحس بشيء من الخطر › فجمع ما لديه من مال وكان غنيا ‏ ثم سافر إلى الشرق وقصد بغداد وعاش في بغداد فترة من الزمن اتصل` فيها بجميع طبقات المجتمع ورأى كل الأوساط ولمس عن قرب ما يجري في قصر الخلافة وعرف عن تجربة سلوك أمير المؤمنين والحواشي والمتزلفين من أهل السياسة وأهل العلم ولم تعجبه الحياء في بفداد فقرر أن يعود إلى‌موطنه في جبل نفوسة وعاد بالفعل فوجد الأمور مستقرة هادئة وأفلح متمكنا في الدولة » وسعدا ناحا في فى إدارة الولاية فاستقر في بلده واختلفت أقوال المؤرخين فى في سلوكه بعد رجوعه فقال بعضهم إنه بقي يحمل نفس الأراء ولكنه آثر الصمت لأن السكوت أصلح له ومنهم من قال إنه بعد رجوعه تاب ورجع عما خالف فيه وصلح حاله . أما المسائل التي نسبت إليه فهي كما يأتي أن الله هو الدهر فلما سكل عن ذلك قال هكذا وجدته فى - 306 - الدفتر يعني الكتاب المسمى بهذا الاسم . 2 أنكر الخطبة في الجمعة وقال إنها بدعة . أنكر على الإمام استعمال العمال والسعاة لجباية الحقوق الشرعية ومطالب بيت مال المسلمين من الرعايا . ابن الأخ الشقيق أحق بالميراث من الأخ للأب . إن المضطر بالجوع لا يمضي بيع ماله إذا باعه لاجل ذلك 0 من شهد مصرته تنجيته . إن الفقد لا يتحقق إلا فيمن تجاوز البحر . إن الإمام إذا لم يمنع رعيته من جور الجورة وظلمهم لا حل يأخذ الحقوق التي جعل الله عليهم لضعفه عن الدفاع عنهم . 8 من أعطى لعامل أفلح الزكاة فكمن أعطاها لنوبار ملك اسودان أفلح غفل واتبع الصيد وضيع أمور المسلمين . أفلح يزيد في خلقته : وجهه ذراع › ولحيته ذراع ء وعمامته ذراع . وعند التأمل في المسائل السابقة يتضح أنها على ثلاثة أنواع وسوف نناقش كل نوع منها على حدة : النوع الأول : تعلق بالتوحيد وهي قوله (أن الله هو الدهر) والواقع أن هذه النقطة يكتنفها الغموض من جميع جوانبها فهي عبأرة لا مدلول لها إلا إذا قصد به المعنى المجازي الذي ورد به الحديث الشريف في قوله َي «لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله .» بمعنى أن ما تنسبونه إلى الدهر من الأحداث التي لا تعجبكم فتسبونه بسببها إنما خلقها الله تبارك وتعالى فأنتم عندما تسبون الدهر فكأنما تسبون خالقها وهو الله عزوجل › ولعله روى - 307 - الحديث وتحرج عن تأويله فلما سئل قال هكذا وجدته على أن المقالة نسبت إليه في غموض شبه متعمد فقد نقلتها المصادر بعضها عن بعض بهذا الإبهام وهذا الجفاف . والرواية تقول إنه حين يسال عنها يجيب أنه لا يدري وإنما هكذا وجدها في الدفتر وهذا الكتاب السمى بالدفتر مجهول ءومؤلفه أيضا مجهول . فهل في الإمكان أن تصدق أن شخصا في ذكاءنفاث وسعة اطلاعه وتعرضه لمناقشة خصوم أشداء أقوياء - يعلن عن عقيدة تتعلق باهم أصول التوحيد وهو لا يعرف هعناها ثم لا يقف عند هذا الحد وإنماً يرفعها شعارا للخلاف والتحدي فإذا نوقش فيها لم يجد ما يقول غير نسبتها إلى مصدرها والمصدر مجهول الكتاب والمؤۇلف . كيف يقيم نفاث الحجة على خصومه بهذا؟ قد تقبل هذه الدعوى لو أن الكتاب معروف أو أن المؤّلف معروف . فأنت ترى أن أجزاء الصورة كلها غير متماسكة لأن نفاثا حسبما تصفه به كتب التاريخ ليس من النوع الذي يعرض نفسه للجدل في مقام لا يملك فيه حجة أو تكون الحجة عليه ولذلك فأنا قبل أن أنسب إليه هنه المقالة هكذا على ما فيها من غموض وإبهام ضح بين عيني مجموعة من التحفظات والاحتمالات وأعتقد أن إلفاء هذه المقالة من المقالات المنسوبة إليه أقرب من إثباتها عليه . النوع الثاني في المسائل التي خالف فيها وأخذت عليه › فقهية فرعينة وهي التي تتعلق بميراث الخ للب » وبي المضطر بالجوع ٠ شرط الفقد وأحسب أن الخلاف في هذا لا يصل إلى حد البراءة وأقصى ما يبلغ إليه أنها أقوال شاذة أدى إليها اجتهاد من يحق له الإجتهاد إن كان كما تصفه كتب التاريخ . - 308 - النوع الثالث وهو أخطر أنواع خلاف سياسى يتعلق بإمامة أفلح أو في الواقع بشخص أفلح ٠ والسبب فيه كما بيناه سابقا حقد شخصي نتيجة لخيبة الأمل التي أصابته » فقد كان يمني نقسه ويعدها للولاية › فلما صرفت عنه صب جام غضبه على الإمام حتى بلغ حد الإسفاف عند ما تجاوز تقد الاعمال إلى نقد خلقة الشخص نفسه كقوله : إن وجهه ذراع › ولحيته ذراع › وعمامته ذراع . ويبدو لي من دراسة الأحداث أن نفاثا لم يكن رجل عمل وإنما كان رجل قول في نقده الشديد لسلوك أفلح وشخصه فلم يكن يعمل لحركة مضادة ولا محاولة لقلب نظام الحكم أو لإبعاد أفلح عن الإمامة » إنه لم يكن يخطط لشيء من هذا وإنما كان شبه موتور امتلاً قلبه بالحقد فهو يخففه بالنقد اللاذع في المجالس الخاصة والعامة وهو بذلك يخفف عن نفسه ويظهر بمظهر الشجاعة أمام الناس حين ينتقد رئيس الدولة . وكان سعد يعرف حقيقة نفسه وحقيقة مشاعره ولذلك لم يكاتب(1) فيه الإمام ولم يتخذ معه موقف عنف . وإنما كان يلاطفه بل ويستخدمه فى حاجة نفسه التي يحسنها نفاث وكان ناث يبذل له هذه الخدمة ء ويظهر لي لو أن الولاة البعداء الذين لم يعرفوا نفاثا وإنما تبلغهم عنه الأخبار لو سلكوا مسلك سعد لتغير موقف الإمام مع نفاث ولتغير موقف نفاث أيضا ء ولما بلغ الحال إلى ما بلغ إليه . ولكن لما حرص الولاة على الكتابة إلى الإمام في شأنه ودأبوا على تقصي أخباره بواسطة مخبرين سريين وكان يصله ذلك تباعا ارسل (1) لا يوجد في المصادر التي بين يدي ما يشير إلى أن سعدا كتب إلى الإمام في موضوع نفات ولو كان في موقف نفاث شيء من الخطورة بأي معنى لاهتم له سعد قبل غيره ولكتب فيه إلى الإمام . - 309 - الإمام المناشير في شأنه ثم رسائل التهمديد ويبدو أنه عزم على موقف من مواقف العنف وذلك لأنه كان يخشى من حركة نفاث حركة تشبه حركة أبن فندين » تقسم الأمة » وتورث الفرقة فأراد أن يجعل لذلك حدا يايقاف نفاث عن الحركة قبل أن يبدا العمل . وحذر منه العمال والرعية ثم أرسل إليه تهديدا يملاً قلبه رعبا . ويمنعه من الاسترسال وها ملاحظة جانبية أريد أن أشير إليها وذلك أن بقايا النكار لا يزالون موجودين متفرقين لا سيما في الجنوب التونسي في ذلك الحين » وكان يهمهم أن يحدث تصدع بين أئمة الدولة الرستمية وأي جانب آخر» فلما علموا أن نفاثا ناقم على أفلح سعوا بكل جهدهم إلى توسيع شقة الخلاف » ويسعدهم بطبيعة الحال لو أن الخلاف بلغ إلى درجة الانشقاق وإستعمال السلاح لعل ذلك يساعد على القضاء على الدولة الرستمية » ويفسر هذا قلق عامل الإمام علىنفزاوة يوسف بن ميال ومراسلته للإمام في هذا الشأن واهتمامه بنفاث حتى بعث وراءه مخبرا سريا هو: تحية بن عبدين وبناء على تحريات ابن عبدين هذا کان ابن ميال يرسل أخبار نفاث إلى الإمام . مما يدل على أن هناك يدا خفية تروج الإشاعات وتوسعها وتوصلها وإلا فلماذا يقلق عامل نفزاوة فيهتم للأمر هذا الإهتمام بينما عامل قنطرار الذي يعيش نفاث تحت نظره ورعايته ومسؤوليته مطمئن لا يخاف لا على نفسه ولا على الدولة . والملخص من هذه الصورة التي وضعناها لنفاث وللأحداث المتصلة به يتبين أن كتاب المقالات والمؤرخين أيضا بالغوا حين زعموا أن نفاثا إمام لفرقة وبالغوا أيضا حين زعموا أن هناك فرقة تسمى النفاثية والواقع أنه ليس هناك فرقة لا تحت العنوان العام (الاسلام) ولا تحت العنوان الخاص (الإباضية) بحيث تعتبر كتلة - 310 - مستقلة بمبادئها وشعاراتها وإنما كل ما في الأمر أن هناك رجلا له موقفان موقف فقهي اجتهد فيه في مسائل خالف فيها الجمهور ومشاله في الامة الاسلامية كثير وعند الإباضية كثير وفي كل مذهب أيضا كثير ويستطيع الباحث أن يضع كشوفا طويلة في كل مذهب للعلماء الذين اجتهدوا وخالفوا في مسائل › ولو جرينا على هذا الأسلوب لما وقف عدد الفرق عند حد ويستطيع المتنطع الأن أن يسمي الصالحية والطفيشية والحموية والبيوضية وغيرها كثير لأن لكل واحد من هؤلاء اجتهادات في مسائل خالف فيها الأخرين وهذا منطق غير مقبول فهم مجتهدون داخل المذهب اأجتهادا مطلقا ويكفي هذا وقد يكون الواحد منهم مجتهدا في المسألة نفسها فقط . الموقف الثاني موقف سياسي وقد أوضحنا جوانبه وأسبابه ولا شك أن نفاثا جر على نفسه سخط الإباضية بموقفه هذا ففى الوقت الذي يكاد يجمع فيه الناس ‏ الإباضية وغير الإباضية ‏ على عظمة الإمام أفلح وعلو كعبه في العلم - حتى اعتبر من الأئمة - واشتهار عدالته ونزاهته ياتي نفاث يصرخ منتقدا هذا الإمام العظيم وحين لا يسيع له أحد كأنما يصيح في واد يخرج من البلد ثم يعود إليه وقد اقتنع ‏ بما رای وسمع ‏ انه کان على خطا . وعلى كل حال فهذا الموقف لا يزيد عن كل مواقف الساخطين على الأئمة وهم موجودون في كل زمان ومكان ولل مزيته انه لم يبلغ به إلى رفع السلاح . والخلاصة من هذا البحث كله أنه ليس هناك فرقة تسمى النفاثية رغم ما ذهب إليه المؤرخون وكتاب المقالات . ونفاث عالم ذكي وإسع الاطلاع حاول أن يظهر أولا بالمقدرة العلمية فلم يستطع › ثم بالسياسية فتحطم . - 311 - الخلفية خلف بن السمح بن بي الخطاب عبد الأعلى المعافري › بويع جده عبد الأعلى إماما على ليبيا فقام بأعباء الإمامة أحسن قيام حتى توفاه الله » وعيّن بوه السبح واليا على جبل نفوسة للإمام عبد الوهاب » فقام بأعباء الولاية أحسن قيام حتى توفاء الله فبادر جماعة من الناس وأشندوا إليه مر الولاية دون انتظار إذن الإمام أو مره » وقبل هو العمل وبداً يتصرف تصرف الولاة - لما بلفت الأحداث إلى تاهرت وفهم الإمام مجرى الأمور رأى أن لا يقر هذه الخطوة » فبعث برسالة إلى خلف يلومه فيها على تسرعه » ويأمره باعتزال أمور الناس » وولى غيره على الجبل ٠ ذاق خلف حلاوة الأمر والنهي وأبهة السلطة ء فلما بلغه أمر الإمام بالاعتزال رفض أن يستجيب له بل رفض أن يعترف به وأعلن ن الجبل حوزة مستقلة سيكون لها إمام مستقل وأن تاهرت هي الأخرى حوره ة مستقلة يكون لها إمامها › وانضم | ليه عدد كبير من الناس وأصبحت له جيوش أكبر من جيوش الدولة في هذه الحوزة وكانت بينهم مناوشات لم تلبث أن تحولت إلى معارك ثم إلىحروب وطالت الحرب في الجبل وكانت كفة خلف في 0 أرجح ثم صارتا متعادلتين ثم بدا جانب الدولة يرجح فصارت جيوشها تتقدم خطوة ة خطوة وتحتل مواقعه موقعا بعد موقع حتى انتهت المواقع وانتهى خلف أيضا . والعجب من المؤرخين وكتاب المقالات أن يتأثروا بالجانب السياسي هذا التأثر الكبير فيعتبروا هولاء المقاتلين فرقة ويعتبرون خلفا إماما لفرقة . ولو أن كل إنسان سخط على حكم ما فثار عليه وقاد مجموعة من الناس للقتال يعتبر رئيسا لفرقة وتعتبر مجموعته فرقة لضاقت كتب التاريخ عن تسمية الفرق ولاستطعنا أن نعد - 312 - مئات الفرق في الدولة الأموية بالإضافة إلى من يسمى بالخوارج أو الشيعة فيكون منها الصردية والاشعتية اتباع سلا ان بن صرد وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعت وأمثالهما . وملخص ما يقال في هذا البحث أن خلفا رجل ثار على الحكم طمعا في الحكم كما ثار آلاف الناس من أجل هذا الغرض وليست الخلفية فرقة أصلا فلا هي داخلة تحت العنوان العام › ولا تحت العنوان الخاص ولا لها أي وجود أما خلف فقد يكون زعيما سياسيا أو ثائرا أو خارجيا أو ما شابه ذلك ولكنه ليس إماما أو رئيسا لفرقة من فرق الإباضية . - 313 - الحسينية ِو زياد أحمد بن الحسين الطرابلسي عاش في القرن الثالث الهجري وألف مجوعة من الكتب حسبما يقول المؤرخون لم أطلع على شيء منها » ونظرا لما يقوله عنه كتاب المقالات من الإباضية فان فرقته تمتزج مع فرقة أخرى تمى العمدية ويبدو أن أصلهما كان وإحدا ولكن أئمتهما اختلفوا فقال بعضهم بمقالات تقترب من الإباضية وقال آخرون بمقالات تقترب من المعتزلة ولهم مقالات تبتعد عن جميع الأطراف وقد ذكر لهم أبو عمرو عثمان بن خليفة المارغني عدا من المقالات يمكن أن تلخصها يما يلي 1 لا يشرك من انكر سوى الله . 2 ا بتشريك المتأولين المخطئين من أفراد الأمة . 3 الحب والرضا والولاية والعداوة والبغض والسخط أفعال لله ولیست بصفات له 4 يسع جهل معرفة محمد عر وليس على الناس إلا معرفة المعبر عنه . هكذا . 5 أباحو الزنا وأخذ الأموال لمن أكره على ذلك يتقى بها ويغرم بعد ذلك . | - الحرام المجهول معاقب عليه . 7 فرقوا بين الأسماء والأحكام فسموا اليهود منافقين المتأولين: مشرکین وأجازوا السبي منهم وأحلوا التكاح منهم › وهم عندهم مشركون فيما زعموا . 8 حجة الله تنال بالفكر في دين الله اضطرارا . 9 لا يجوز أن يبعث الله رسولا إلا بعلامة يعرف بها ويفرز عن غيره ولا يكون حجة إلا بها . - 314 - 0- لم ينه الله المشركين والبالغين عن غير الشرك ء ولم 2 يامرهم بغير التوحيد فإذا وحدوا لزمتهم جميع الفرائض ونهوا عن جميع المعاصي . 1 - العقلاء يتفاضلون فى التكليف والاستطاعة ولا يتفاضلون في العقل . 2 - خوف الرسل خوف إجلال لا خوف عقاب . 3- تجوز الولاية والبراءة بشريطة . 4 أهل الجنة يخافون ويرجون » والموتى تأكلهم الأرض إلا عجب الذنب . وبالتأمل فيما نسب إليهم من مقالات يتبين أن فيها ما يخرجهم عن الإسلام . ولذلك فلست أدري لماذا يحشرها كتاب المقالات ضمن فرق الإباضية ء إنما فيما يبدو لي إذا لم تكن خارجة عن الإسلام وإذا كان ما ينسب إليها صحيحا فهي فرقة مستقلة داخلة تحت العنوان العام . وقد سبقني الشيخ أبو زكرياء الوارجلاني إلى شبيه من هذا القول حيث قال : «إن طائفة تنتحل اسم الإباضية يقال لهم العمدية لم تجمعنا وإياهم جامعة من قبل وهم يزعمون انهم إباضية ءيسندون مذهبهم إلى عبد الله بن مسعود رحمه الله وهم أتباع عیسی بن عمير .» فليس كل من انتب إلى الإباضية اعتبر إباضيا وليس كل مق خالف من الإباضية في مسألة من مسائل الاجتهاد يعتبر خارجا عن الإباضية ورئيس فرقة مستقلة ويكون له عنوان مستقل . - 315 السكاكية(1) عبد الله السكاك اللواتي من سكان قنطرار كان أبوه رجلا صالحا فأسلمه إلى المؤدب فقراً وحفظ القرآن العظيم ثم أخذ في طلب العلم فنال منه دقائق وإحترف الصياغة فكان صائغا ماهرا ويبدو أنه جمع علما ومالا فأغراه الشيطان وسولت له نفسه أن يعمل للظهور فخالف المسلمين في مقالات قطعوا فيها عذره فحكموا عليه بالشرك › وتساهل بعضهم قليلا › فحكموا عليه بالنفاق . وقد كان الإباضية يعاملون جميع الفرق من أهل القبلة معاملة المسلمين ماعدا السكاكية فإذا مات« واحد منهم ربطوا في رجله حبلا وجروه حيث يدفن دون صلاة ولا كفن . قال أبو يعقوب يوسف بن ثقات : «أدركت جماعة الشيوخ بقسطيلية يصلون على جميع موتى أهل القبلة كلهم من المخالفين وغيرهم إلا أصحاب السكاك من مات منهم جعلوا في رجليه مرابط وجروه بها إلى موضع یوارونه فيه .» قال أبو العباس الدرجيني : «وكان مشائخ السلف تتقارب أقوالهم في السكاك وأصحابه وتتفاوت › فقائل بشركهم › وقائل بنفاقهم » وهذاالمذهب قد فني أصحابه .» والفريب من كتاب المقالات وكتاب التاريخ من الإباضية وغيرهم كيف يحسبون هذه الفرقة من الإباضية وأخف الأحكام عندهم فيه أنهم منافقون والواقع أن إسقاط هذه الفرق من الحساب أولى › أعني من حساب الإباضية وإثبات بعضها في فرق الأمة الإسلامية عامة وعدم اعتبار بعضها فرقا كما سيأتي إن شاء الله (1) راجع طبقات الدرجيني تحقيق طلاي ج 1ء ص 118 . - 316 - ومن المسائل التي تنسب لهذه الفرقة مايأتي : 1 أنكروا السنة والإجماع والقياس (الرأي) وزعمواأن الدين كله مستخرج من القرآن . 2 صلاة الجماعة بدعة . 3 الأذان بدعة فاذا سمعوه قالوا نهق الحمار . 4 لا تجوز الصلاة إلا بما عرف تفسيره من القرآن ٠ 5 طعام الدرس نجس لما يبول عليه من الدواب حين الدرس والبقول والخضر نجسة إذا وضع في أرضها الماد . - 317 - الفرثية أبو سليمان يعقوب بن أفلح رجل نشا في بیت علم وتقوی وسيادة فصار عالما ؤاسع الاأطلاع كثير الدر أسة يبدو مما يقوله المؤرخون عنه أن والده كان يريد أن يقتصر في درا راسته على المصادر الأساسية في الشريعة الاسلامية وهي الكتاب والسنة وعلى مۇلفات أل الدعوة ولا يريبد له أن يوسع دراسته في کتب المخالفين للإباضية ولكن أبا سليمان يبدو أنه من الذين يلتهمون الكتب ولا يشبعون ولذلك فقد كان والده غير راض عنه يحذر منه العلماء 9 من أن تختلط عليه أقوال ُهل الدعوة بأقوال غيرهم وبقي أبو سليمان طيلة حياة أبيه ضئيل الشخصية فلما توفي والده رجع الناس إليه واتصل بهم وقد كانت له اجتهادات فرعية خالف فيها جمهور الإباضية فنقموا عليه من أجل ذلك . وكان من أشدهم نقمة له وانتقادا عليه صديق والده بو صالح جنون ين يمريان » أما المسائل التي نسبت إليه ووقع عليه التشنيع من اجلها فهي كما يقول ابو عمرو عثمان : 2 تحريم اكل الجنين 3 تحريم دم العروق ولو بعد غسل المذبح وكذلك دم الجوف . 4 نجاسة عَرّق الجنب وعرق الحائْض . 5 لا تعطى الزكاة إلا للقرابة أي قرابةالمزكي . وبالتأمل فيما عرضناء سابقا عن هذه الفرق يتضح ما يأتي : - 318 - 1 النكار فرقة مستقلة لها مقالاتها الخاصة بها فهي ليست فرقة من فرق الإباضية ُو جزءا منها وإنما هي فرفة من فرق المسلمين عامة 2 الحسينية والسكاكية هما أقرب إلى أن تكونا فرقتين خارجتين عن الإسلام ولذلك فهما ليستا من الإباضية ولا داخلتين في حسابهم فعلى زاي من اعتبرهما خارجتين عن الإسلام هما ليستا من فرق المسلمين وعلى راي من حكم عليهما بالنفاق فهما داخلتان تحت العنوان العام (الإسلام) وليس تحت عنوان الإباضية . 3 الفرثية والنفاثية ليسا فرقتين مطلقا ء والعالمان اللذان تنسبان إلى اسهما هما عالمان من علماء الإباضية لهما آراء في مسائل اجتهادية فرعية مما يقع في مثله الخلاف كل يوم فلا داعي لأن يعتبرا إمامين لفرقتين ولا داعي لان يعتبر من عمل بفتواهما فرفتين من فرق الإباضية . 4 الخلفية أتباع زعيم سياسي ثار على الدولة واتبعه ناس في ثورته مما يقع مثله في كل زمان وكل مكان ولم يتعرض لمسائل الدين ولم تعرف عنه فيه مقالة ما عدا مطالبته باستقلال الناحية التي هو فيها عن تبعية الدولة ولا شك أن اعتبار أتباعه فرقة من الإباضية واعتباره هو إماما لفرقة من الإباضية خطاً تاريخى . قد يعتبر هو وأتباعه فئة باغية تطالب بالرجوع إلى نظام الدولة أو تقاتل ‏ وهذا ما وقع بالفعل حتى انتهى أمره ‏ أما أن تعتبر فرقة فليس هذا بصحيح وإلا لاعتبر كل الثائرين والخارجين عن الدول رؤساء فرق واعتبار أتباعهم فرقا وهذا ما لم يكن ولا يمكن أن يکون . والخلاصة من هذا كله أن التكار فرقة من فرق المسلمين إمامها الحقيقي أبو المعروف شعيب بن المعروف › والحسينية والسكاكية - 319 فرقتان خرجتا عن الإسلام يإنكارها للسنة والإجماع › وبإنكارها لوجوب الإيمان بالرسل والأنبياء والملائكة والجنة والنارووجوب وأن الخلفية ليست فرقة دينية وإنما هي فئة باغية يرأسها زعيم سياسي ولیس إماما دينيا . أما النفاثية والفرثية فليستا فرقتين دينيتين ولا فثتين باغيتين وإنما هما مجموعات من الناس أخذوا بأقوال لأحد عالمين من علماء الإباضية في مسائل من الفروع الفقهية . 320 - آراء الإباضية فى الصحابة لاشك أن القارئ العادي الكريم يستفرب هذا العنوان ءولكن الدعاية التي سلطها المفرضون على الإباضية . والإشاعات التي يطلقونها زاعمة أن الإباضية يكرهون الصحابة أو بعض الصحابة › ثم سوقف بعض المتطرفين من الإباضية واستجابتهم للتحدي ورد الفعل ‏ في مواقف إحراج ‏ مما يسهل أنفلات كلمات منهم أحيانا . . » كل هذا يقتضينا أن نعرض هنا الموضوع على القارئ الكريم له رأي الإباضية الحقيقي فيه » بعيدا عن الاشاعات والتطرف . جاء في رسالة لإبي المهدي عيسى بن شيخ العزابة في حينه يرد فيها باسم عزابة بني مصعب على أبي علي بن ابي الحسن البهلولي » ما يلي : «فثبداً بمسألة الصحابة رضوان الله عليهم ءوذلك قولك بلغنا عنكم أنكم تبغضون بعض الصحابة » فيا سبحان الله . . . كيف تبفض الصحابة مع ورود النصوص في فضائلهم والثناء عليه کتابا وسنة › يأبى الله ذلك بل هم عندنا في الحالة التي ذكرهم الله عليها من العدالة ولنزاهة والطهراة والثناء والمحبة .قال الله عز وجل : «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنتون الله € الاية لإوكذلك جعلناكم أمة وسطا چ الاية (محمد رسول الله والذين معه)الى آخرها «لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك ¢ الاية »إلى غير ذلك من الأيات ءوهم بالحالة التى 21 - 321 - وصفهم بها رسول الله يك : إن قال : (إن الله قد اختار لي أصحابا فجعل لي منهم أصهارا وأختانا 4» فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة ا أجمعين .( وقال أيضا : (لا تؤذوني في أصحابي فلو أنفق أحدكم ملء الأرض ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) وقال أيضا : (اقتدوا بالذين من بعدي) وقوله عليه الصلاة والسلام : (عليكم بسنتي وسنة الخلفاءالراشدين من بعدي) وقال أيضا : (أصحابي کالنجوم بيهم اقتديتم اهتديتم ) وغير ذلك من المدح والثناء عليهم » اللهم زدنا حبهم . واحثرنا في زمرتهم › يأأرحم الراحمين!... بل لهم السهم الأوفر . وسلكوا الطريق الأقصد ء ولزموا السبيل الأرشد ء فهم أئمة السناء » ونجوم الهدى ء أعلام الدين ومنار الإسلام » وكلامهم حكمة » وسكوتهم حجة › ومخالطتهم غنيمة » والاستئناس بهم حياة . والاقتداء بهم نجاة › ويل للزائغ عن طريقهم الراغب عن سبيلهم .» ويضيف أبو مهدي إلى هذا الكلام ما يلي : «کان أبي رحمه الله ینهی من ینکر ماجری بينهم إلا من يذکر عنهم خيرا » رضي الله عنهم رحمهم » فهذا اعتقادنا في الصحابة رضي الله عنهم.» انتهى كلام بي مهدي في موضوع الصحابة . ويقول بو العباس الدرجيني في كثابه الطبقات ما يلي : «الطبقة الأولى م أصحاب رسول الله يل ٠ وأفضليتهم أشهر › وأسماؤهم ومزاياهم أظهر » فلا يحتاج إلى تسميتهم › لأنهم رضوان الله عليهم تحصل من سيرهم وأخبارهم في الدواوين › ومن آثارهم محفوظا في صدور الراوين ٠ ما أغنى عن تکلف تصنيف 4 وانتحال - 322 - ما الله ليف . ما قال رسول الله ي (لا يشقی من راني) وقوله ك : (أفضل أمتى قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) وأحاديث كثيرة في فضائلهم » فإذا ثبت هذا فاعلم أن من الصحابة من لم يخالفنا في ئقدمهم مخالف ءفقد امتلأت بذكر فضائُنهم الصحائف › ومنهم من لم ينل حظا من الإنصاف عند أهل الحلاف : وهم عندنا في جملة الأكابر والأسلاف .» أنتهى المقصود مله . ويقول أبو الربيع سليمان الحيلاتي :«وأما الإتكارٌ على بعض الصيحا بة فكذب وفرية علينا › وهذه كيفية صلاتنا على ء ل : اللهم صل وسلم على سيدتا ومحمد النبي الامي وعلى 1 س وأزواجه أمهات المؤمنين ءوذريته وآل بيته أجمعين › كم صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ء فمن حسنت شيمته › وسم من داء الحسد والبغض والغيبة ء إذا تأمل هذه العبارة ءوفهم معناها ء يجدها شاملة لكل صاحب وال وزوجة وذرية قريبة أو بعيدة اتباعا لقوله تمالى : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » والمودة الصلاة والترحم › ونحن - والحمد لله - وفينا بما أمرنا الله به والجهال المتشدقون عسى الله أن يرحمنا ويكفينا شرهم » وثر انفسنا» وشر القوم الظالمين .» انتهى المقصود منه . ونظم بو حفص عمرو بن عيسى التندميرتي قصيدة طويلة تقتطف منها الأبيات الخاصة بالموضوع منها : سوی ُن مابين الصحابة قد جرى فان التما س العذر في ذاك اسل فذي فتن قد حارفيها ذووالنهى وأشكل وجه الحق فيها عليهم لذلك كل الناس فيها تورطوا ولا فرقة من ذي الوقيعة تلم - 323 - تقول في الشيخين بالافك عصبة وحيدرة فيه ناس تكلم وا ويمضي.في ذكر الأقوال إلى أن يقول : فإن كنت ذا حزم ورمت سلامة بيوم به عند المهيمن تقدم فإياك إياك التعصب خوف أن تنقص إنسانا لدى الله يكرم ولا تقف أمرا لست تعلم علمه ولا تتهور فالتوقف أسلم وقف عند نهى الهاثمي وأمره ولا تك وثابا برأيك تحكم ويمضي في توكيد هذا المعنى إلى أن يقول : ترحم عليهم وارض فإنما حقوقهم محض الرضا والترحم فقد وردت فيهم اُثار تعارضت ظواهرها ما الخفي فمبهم وقد صدرت منهم أمور لعلها لها حكمة مجهولة ليس تفهم ویمضی في تأکید هذا المعنى ءمحتجا بقصة إخوة يوسف عليه السلام وأن الله لم يؤأخذهم يإقدامهم على قتل أخيهم يوسف وكذبهم على أبيهم عليهم وعلى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام. ويقول : فقد قال خير الخلق للكل مادحا ف أيهم اتبعتموه اهتديته كما فال من 5 الوقوع محذرا ۔وکفوا۔ مقالا إن إليهم وصلتم وجاءت روايات بأن قتيلهم وفقاتلهم في جثنة يتنعم فماعلة التخصيص والوصف‌شامل بجملتهم والواردات تعمم - 324 - وقال أبو يحي زكرياء بن يونس الفرسطائي : كنت في الحج فطفت بالبيت فلما أتممت أخذ رجل بيدي فأخرجني من الناس ء فسألني عن علي » فقلت : «فارس المسلمين » قاتل المشركين › وابن عم رسول رب العالمين » وله فضائل .» وقال الشيخ محمد بن أبي القاسم المصعبي في رسالة يرد بها على بعض من تناول الإباضية في الجزائر بغير الحق › وقد عرض المصعبي عقيدة الإباضية وفي آخرها قال : «وندين لله تعالى باتباع كتابه واتباع سنة نبيه محمد ي وما عليه الصحابة رضي الله عنهم من المهاجرين والأنصار والتابعين وتابع التابعين لهم ياحسان إلى يوم الدين . واعتقادنا في الصحابة رضي الله عنهم أنه عدول وانهم اولياء الله وحزبه › الا إن حزب الله هم المفلحون . فهذا اعتقادنا وعليه اعتمادنا › فالله ربنا ومحمد نبينا والقران إمامنا » والكعبة قبلتنا » والصحابة قدوتنا ء وقد مدحهم الله في کتابه في غير موضع .» ثم يذكر الأيات التي نزلت فيهم عموما ثم الايات التي قيل إنها نزلت في بعضهم خصوصا ثم الأحاديث التي وردت فيهم عموما ثم الأحاديث التي وردت في بعضهم خصوصا ثم يقول : «في أحاديث كثيرة في عمومهم وخصوصهم رضي الله عنهم » نسأل الله تعالى أن يثبتنا على طريقتهم واتباع مسيرتهم ءوأما ما وقع بينهم من الحرب فإن الله طهر مها أيدينا وتحن نطهر متها ألسنتنا لقوله عقر : (إذا ذكر أصحابي فکفوا .) وقال الإمام أبو إسحاق إبراهيم طفيش رحمه الله في رده على الأستاذ محمد بن عقيل العلوي ما يشيه ما سبق فقد جاء فى رسالته الصغيرة (النقد الجليل للعتب الجميل) ما يلي : ۱ - 325 - «أما مازعمت من شتم أهل الاستقامة لأبي الحسن علي وأبنائه فمحض اختلاق .» ويقول فى نفس إلكتاب : «والأصحاب يتحرون تطبيق حكمي الولاية والبراءة لا تشهيا ءوهما ينطبقان على كل فرد مهما عظمت منزلته ما لم يكن من المعصومين ولا معصوم إلا النبيء أو الرسول . أما الصحابة فلهم مزية عظيمة وهي مزية الصحبة والذب عن أفضل الخلق وإراقة دمائهم في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى فيختار الكف عن تلك الحوادث المشؤومة .» ويقول بعد أسطر :«وأيضا لا غبار على من صرح بخط ا المخطيء منهم بدون الشتم والثلب بعد التثبت من ذلك والتبين › وإن أمسك لعموم الأحاديث الواردة فيهم وترك الأمر إلى الله فهو محسن .» ويقول أينا في نفس الكتاب «ولم يکن يوما من الأصحاب شتم له أو طعن اللهم إلا من بعض الغلاة وهم أفذاذ لا يخلو منهم وسط ولا شعب 5 وقال قطب الائمة في امير المؤمنين عثمان بن عفان : «ولد بعد رسول الله مير » بست سنين › ولقب ذو النورين › لأنه تزوج بنتي رسول الله : رقية وأم كلثوم بعد رقية . قال له رسول الله عق «لو أن لي أربعين بنتا لزوجتك واحدة بعد واحدة حتى لا تبقى منهن واحدة » وقيل لأنه كريم في الجاهلية والاسلام.» وقال القطب في أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب : «وهو من شهر ء ولا يحتاج إلى ذکر فضائله من نسب وزهد . وعقل وعلم وشجاعة وعدل.» بعد هذا أيها القارئ الكريم أريد أن نعود معا إلى أول الفصل لتناقش بعض الفقرات السابقة أبو مهدي كان شيخا للعزابة وقد نص في رسالته أنه بعثها بعد أن وافق عليها مجلس العزابة فقد قال في الديباجة ما يلي : «فمن - 326 - عزابة بني مضاب حفظهم الله تعالى ورعاهم › الحاضر بلسانه ء والفائب بحاله › إلى الشيخ المكرم الوجيه س ابن علي بن الشيخ أبي الحسن علي البهلولي › سلام علرك ولا شك ُن العزابة هي الهيئة الدينية ي تمثل الإباضية . ورأيها في أية قضية هو الرأي الرسمي أو الرأي المعتمد عند الإباضية ءإذا فرض أن شذ بعض الناس فخالف في تلك القضية . والرسالة كما ترى رد على تهمة للإباضية بض بعض الصحابة › ودفاع عن الصحابة رضوان الله عليهم » وتبرئة للإباضية من تلك التهمة الشنيعة . وإيضاح لموقفهم » وبيان بأنهم يضعون كافة الصحابة في المقام الرفيع الذي اختاره الله تبارك وتعالى لهم . وهذه الإشاعة عن الإباضية كانت قد انتشرت في كثير من الجهات ولذلك فقد كان الناس ينبزون بها الإأباضية فيضطرون للرد عليهم والدفاح عن أنفسهم ءوتكذيب من يتهمهم بذلك › وقد كتبت في هذا الموضوع عشرات الرسائل والردود منها رسالة ابي مهدي ردا على البهلولي ومنها رسائل للقطب ردا على محمد الطاهر والعقبي ومصطفى بن كامل » وغيرهم ومنها رسالة أبي الربيع الجيلاتي وقد ذكر سعيد التعاريتي السبب في كتابتها نلخصه فيما يلي : هيج بعض طلاب الغنائم والأموال بعض الأعراب على جربة إن أهل جربة - بما نهم من الإباضية - يخالفون المسلمين في امور تحل بها دماؤهم وأموالهم » ثم كون منهم حملة هجم بها على الجزيرة الغافلة ءولكن الحملة فشلت وانتصر أهل الجزيرة على المهاجمين › وأخذوا منهم جمعا من الاسری . وکان في ولك الأسرى بعض المتفقهين فسألهم مشائخ جربة عما حملهم على الاعتداء عليهم ومهاجمتهم وهم إخوة لهم في الدين ولم يسبق لهل جربة أن اعتدوا على أولفك الأعراب أو أساءوا إليهم . فأجاب - 327 المتفقه قائلا : إن من دعانا الى محاربتكم واستحلال دمائکہ وأموالكم ذكر لنا أنكم تخالفون المسلمين ثم عدد لهم المسائل التي ذكرها لهم صاحبهم فذكر منها بعض مسائل علم الكلام المعروفة كالرؤية والصفات وخلق القرآن ۰ ثم قال : ومنها أنكم تكرهون بعض الصحابة . وقد رد ابو الربيع الجيلاتي على الرجل وناقش مسائل علم الكلام بما هو معروف في كتب التوحيد ثم أوضح رأي الإباضية في الصحابة رضوان الله عليهم في الصورة التي عرضناها عليك . أما إذا رجعت إلى ما كتبه أبو العباس الدرجيني فنك ولا شك سوف تجده حريصا كل الحرص ء على أن يضفي على جميع الصحابة دون تخصيص ما أضفاه عليهم مقامهم الرفيع في الإسلام › وهو مستاء من بعض المخالفين الذين ينتقصون بعض الصحابة › وهويرد على أولفك المخالفين الذين أجازوا لأنفسهم أن يضعوا أحدا ممن اختاره الله لصحبة نبيه عليه الصلاة والسلام في غير موضعه من الولاية والمحبة والرضى والقدوة الحسنة وقد سلك أبو حفص عمرو بن عيسى التدميرتى هذا المسلك فكان حريصا على ان يوضح أنه ينبفي للمسلم ‏ إذا أراد لنفسه النجاة ‏ أن يبتعد عن التدخل فيما لا يعنيه » وأن يترك الفتن التي وقعت بينهم لله › فهو العليم بالحكم فيها . أما واجب المسلم فهو الرضى والترحم عليهم جميعا › وينبهنا إلى أن ما يظهر لنا أنه مخالف للشرع من أعمالهم قد تكون فيه خكمة خفية لله تعالى لا يعلمها إلا هو وقد يكون الله غفر لهم جميعا حين اختارهم لصحبة نبيه عليه الصلاة والسلام . ويستدل على هذا بقصة إخوة يوسف عليه وعلى آبائه السلام فإن اتفاقهم على قتله » وإلقائه في الجب للتخلص منه › وكذبهم - 328 - على أيه وما تبع ذلك ليس من الأعمال الهينة في الحكم الظاهر ءولكن الله تبارك وتعالى مع ذلك لم يؤاخذ إخوة يوسف وغفر لهم ماارتكبوه . وأما كلمات القطب وبي يحي فقد وردت في أميري المؤمنين عثمان وعلي ‏ خاصة وأكثرالشغب واللغط الذي يوجه إلى الإباضية في موضوع الصحابة إنما يدور حول الإمامين العظيمين والصهرين الكريمين ولذلك فإنه مما يتم به مناقشة هذا الموضوع الهام استعراض كثير من المناقشة القيمة التي جرت على قلم الشيخ سعيد التعاريتي في رده على الشيخ مصطفى بن كامل الطرابلسي فقد ناقش الثعاریتی فيه موضوع الصحابة - ولا سيما موضوع الصهرين الكريمين - مناقشة رائعة أرجو أن يجد فيها القارئ متعة ومقنعا . قال الثعاريتى فى كتابه (المسلك المحمود) أبتداء من صفحة 8 ما يلى :` «والعجب كل العجب مما نسبه ‏ ابن كامل بتمصطفى - إلينا تجاهلا وظلما ءوتسلطا وشتما » حتى أطال سنان لسانه ء وقال : كفُروا عليا - بزوره وبهتانه » مع أن اعتقادنا في الصحابة رضي الله عنهم أنهم عدول أتقياء ءبررة أصفياء » قد اختارهم الله من بين الأنام » لصحبة نبيه عليه الصلاة والسلام » وبعد سطور يقول : «وكيف يجوز لمن يؤمن بالحي الذي لا ينام › أن يكفر صهر نبيه عليه السلام : الذي لم يسجد قط للاصنام .» وبعد أن يذكر عددا من الآيات الكريمة التي قيل إنها تزلت في الإمام أو في آل البيت. وكذلك الأحاديث الشريفة . والأثار التي وردت. قي الصحابة يقول :: | «إلى غير ذلك من الايات البينات ء وإلاحاديث المرويات ٠ والآثار المأثورات ‏ الدالة على فضله عموما وخصوصا ٠ وكيف لا ؟ 329 وقد كان أفصح من تنفس وتلا ء أكثر من شهد النجوى سوی الأنبياء والنبيء »م . صاحب القبلتين » فهل يوازيه أحد وهو أبو السبطين ؟ مع أن كتبنا ‏ ولله الحمد ‏ طافحة بالرواية عنه › وبالثناء عليه .» ثم استشهد بما كتبه البدر التلاتى في كتابه (نزهة الأديب ٠ وريحانة اللبيب) ءثم استشهد بأييات من ديوان التلاتي منها : بنت الرسول زوجها وابناها أهل لبيت قد فشى سناها رضى الالله يطلب التلاتي لهم جميعا ولمن عناها ثم استشهد بأبيات للإمام الحضرمي منها : بلى كان في أم القرى اليوم قائم أغر من الأشراف ماضي العزائم له عنصر صافي النجار ومنتصب تعرق في فرعي علي وفاطم ثم استشهد بأبيات لابي حفص عمرو بن عيسى التندميرتي منها : وعلى الهادي صلاة نشرها عنبر ما خب ساع ورمل وسلام يتوالى ‏ وعلى آله والصحب ما الغيث هطل سيما الصديق والفاروق والجامع القرآن والشهم ثم بعد ذلك تقل فصلا رائعا في الموضوع للشيخ أبي ستة ننقل منه ما يلي : «إذا تقرر في ذهنك ما حكيناه » واتضح لك ما استدللنا به ونقلناه » علمت منه أن التعلق بما شجر بينهم رضوان الله عليه أجمعين › تكلف وفضول لمن لا يعلم ذلك ءحيث كان مما يسع جهله › وقد وجد في الإعراض عن ذلك سبيل منقول عن العدول فلم يبق في حقهم حينئذ إلا الجزم بالعدالة لأصلها فيهم . من كونهم كلهم أئمة عدولا يقتدى بهم كما نقل ذلك عن الرسول ل والإعراض عما شجر بينهم .» - 330 - أحسب أن هذا يكفي في توضيح رأي الإباضية في الصحابة رضوان الله عليهم ولا سيما في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو كذلك كاف فيما أرى ‏ للرد عمن يتهم الإباضية ببغض الصحابة أو بعض الصحابة . وما أحسب مسلما يمتلئ قلبه بالإيمان بمكن أن يجد بغض أي شخص من الصحابة طريقا إلى قلبه ‏ ولا شك أن أدنى أولفك الجمع منزلة هو أجل وأعظم وأشرف من أعلانا منزلة ء وأرفعنا مقاما » ولولم يرتفع به إيمانه وعقيدته إلى محبة رسول الله ومحبة أصحابه وآله أجمعين . فلا أقل من أن يتأدب مع رسول الله يه ويستمع إليه في قوله (ذا وصلتم أصحابي فكفوا ) وقوله عليه السلإم : (دعوا لي أصحابي) وإذا لج بأحد لعناد فلا أقل من أن يقتدي بصاحب رسول الله ي عبد الله بن عمر حين سئل عن أميري المؤمنين عثمان وعلي ».فتلاقوله تعالی : (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون € أو يستمع إلى كلمة أميرالمؤمنين عمر بن عبد العزيز حين سئل عما شجر بين الصحابة فقال كلمته الرائعة : «تلك دماء طهر الله منها أيدينا فلا نلوث بها ألسنتنا » وفي ختام هذا الفصل أحب أن أقول إن موضوع الصحابة رضوان الله عليهم أجل من أن يكون موضوعا للمهاترات » وحديثا للمشاغبات › ودعوة من دعوات العصبيات فأصحاب رسول الله عر هم أولياء كل مؤّمن صادق وهم أعداء كل منافق . وكما لا يحل لمؤمن أن يحمل لهم ذرة من البغضاء لايحل له كذلك أن يحارب المسلمين بهم » ويزرع الفتنة بين صفوف المؤمنين بدعوى محبتهم والغيرة عليهم » وإذا كان في المسلمين من أي مذهب كان - 331 ن يحمل لأصحاب رسول الله ي أو لأحدهم أي معنى ل يليق بجلال مركزهم وشرف صحبتهم فإن عليه أن يطهر قلبه بالتوبة والاستغفار وأن يغسل دنس البغضاء بمحبتهم وولايتهم . فإنه لا ا ولا أشد كنرانا ومعصية من إنسان يتطرق إلى قلبه شيء من بغض من أحبه الله ورسوله قبل ثلاثة عشر قرنا . - 332 - الحكم في نظر الإباضية يقول أبو الحسن الأشعري في مقالاته ص 189 ما يلي : «الإباضية لا ترى اعتراض الناس بالسيف ء لكنهم يرون إزالة أئمة الجور» ومنعهم من أن يكونوا أئمة باي شيء قدروا عليه ء بالسيف أو بغيره .» وترددت هذه الكلمة على أقلام أكثر من كتب عن الإباضية ء معتمدا على غير مصادرهم › وكما ترددت هذه الكلمة في تصوير حرص الإباضية على إزالة سلطان الجور بأي شيء قدروا عليه ترددت كلمة أخرى عنهم مناقضة كل المناقضة لهذه الفكرة » وهي زعم بعض كتاب المقالات أن الإباضية لا يرون وجوب إقامة الخلافة ولكن تردد هذا الزعم كان أقل انتشارا وشيوعا ثم نسب إلى فرقة نسبت إلى الإباضية . وللرد على الإشاعتين السابقتين أضع بين يدي القارئ الكريم ما يلي : قال قطب الأئمة الإمام محمد بن يوسف طفيش في غير موضع من کتبه ما يلي : «ونحن بعد لا نقول بالخروج على سلاطين الجور الموحدين »ومن نسب إلينا وجوب الخروج فقد جهل مذهبنا .» ويقول العلامة نور الدين السالمي في شرحه على مسند الإمام الحافظ الربيع بن حبيب مايلي : «والإمامة فرض بالكتاب والسنة والإجماع والاستدلال .» ثم استمر في إيراد الحجج على وجوبها من مصادر الشريعة كما ذكر . لعل القارئ الكريم يدرك بعد هذا أن الإباضية يرون أنه لا بد للامة المسلمة من إقامة دولة » ونصب حاكم › يتولى تصريف ءفإذا ابتليت الأمة بأن كان حاكمها ظالما فان الإباضية لا - 333 - يرون وجوب الخروج عليه » لا سيما إذا خيف أن يؤدي ذلك إلى فتنة وفساد » أو أن يترتب على الخروج عليه ضرر أکبر مما هم فيه » ومعنی هذا أن كلا ممن يزعم أن الإباضية يوجبون الخروج على الأئمة الجورة ة بي شيء قدروا عليه . ومن يزعم أن الإباضية يجيزون أن تبقى الأمة المسلمة بدون دولة . كلا هذين الزعمين خطاً وجهل بالمذهپ الإباضي وقواعده . الإباضية يرون أن من واجب المسلمين أن يقيموا دولة عادلة تسير على منهج الشرع الإسلامي › فتنفذ أحكام الله ء وتقيم الحدود › وتصون الحقوق › وترد المظالم › وتحفظ الثفور. وتحمل دعوة الاسلام إلى بلا الكفر » فإذا كانت الدولة القائمة جائرة » وکان في إمكان الأمة المسلمة تغييرها بدولة عادلة دون إحداث فتن أكبر تضر بالمسلمين › فإنهم ينبغي لهم تغييرها › أما إذا كان ذلك لا يتسنى إلا بفتن وأضرارء فإن البقاء مع الدولة الجائرة ومناصرتها في حفظ الثفور ومحاربة أعداء الإسلام » وحفظ الحقوق .. والقيام بما هو من مصالح المسلمين وإعزاز كلمتهم أوكد وأوجب - ولا ينبفي هدم حكم قائم إلا إنا تأكدت الإستطاعة للقيام بحكم خير مته دون حدوث ما یخشی على المسلمين أو يلحق بهم أضرار تفوق ما هم عليه من أضرار . ذکر بو يعقوب الوارجلاني في الدليل أنه دعا عبد الله بن إباض إلى اجتماع في منارة مسجد البصرة لتنظيم حركة خروج على الدولة القائمة حينئذ » فسبقهم إلى المنارة - مكان الاجتماع - وجلس ينتظر حضورهم وهو يستمع إلى تحنين المؤذنين ءورنين المتعبدين › وصنوف الأذكار في الأسحارء فلما حضر أصحابه قال لهم : لست منكم في شيء. أعلى هؤلاء يجوز الخروج والاستعراض ؟ ثم ذهب وتركهم . - 334 - هذه الحادثة تعطي صورة لرأي الإباضية في الخروج على الحاكم الظالم أو إمام الجور . يرى الاأباضية عندما تكون الدولة القائمة جائرة أنه يجب على المسلمين أن يسمعوا لها ويطيعوا في غير معصية الله وعليهم أن يحاربوا معها أعداء الإسلام وأن يدفعوا لها ما تتطلبه ظروف الحرب من أموال ودماء » وأن يساعدوها في حفظ الأمن وإيصال الحقوق إلى أصحابها › والقيام بمشاريع المنافع العامة كالتعليم والصحةوغير ذلك ٠ وعليهم أن يمسكوا أيديهم عن المعاونة على الظلم . أوأن يكونوا أداة للظلم . فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وعلى جمیع الأحوال فإنه يجوز ز للمسلمين الخروج عليها ُو الشراءما دامت الدولة . . . ظالمة هذا هو راي الإاباضية فى قضية الحكم ونستطيع أن نلخصه في العبارات الآتية : يجب على الامة المسلمة أن تقيم دولة عادلة فإذا كانت الدولة القائمة جائرة جاز البقاء تحت حكمها وتجب طاعتها في جميع ما لا يخالف أحكام الإسلام على أنه ينبفي للمسلمين أن لا يستنيموا على الظلم وإنما ينبي لهم أن يحاولوا تغيير الحكم إذا كان ذلك لا يسبب في إحداث أضرار جسيمة بالامة هذا من حيث العمل : أما من حيث النقد أي الأمر بالمعروف والنهي عن المتكر فهذا مأ لا يجوز أن يتوقف أو يسكت عنه مسلم حريص على إسلامه . ويقرب أن يكون رأي الإباضية في موضوع قيام الدولة الإسلامية أنه فرض كفاية . فإن انتصبت دولة بام الإسلام في مکان أجِزاً ذلك عن الباقين فإذا كانت عادلة وجب عليهم الدخول تحت حكمها » ومساعدتهاعلى مهامها وإن كانت جائرة کانوا - 335 - أما مسلك الإباضية بالنسبة إلى الحكم في مجرى التاريخ فقد کان کما یلی : عندما انحرف الحكام عن منهج الخلافة الرشيدة الى الملك العضوض ء وأصبحت الدولة مستبدة مستغلة جائرة حاول المسلمون ومنهم الإباضية رد هذا الاتحراف » وإرجاع الحكم إلىمنهجه القويم » إما برجوع الملوك القائمين والحكام المساعدين لهم إلى التمسك بنظام الإسلام في الحكم وإما بتغيير الدولة نفسها وقلب نظام الحكم » ولكن الامة الإسلامية - ككل لم تنجح في ذلك لأن نظام الحكم الملكي العضوض قد توطن واستقر . واستمر الإباضية كما استمر غيرهم في نقد الوضع القائم انحرافه فى المجتمعات الخاصة والعامة » وحاولوا أن يقوموا بتجارب خاصة لإقامة حكم الله . فأقاموا بالفعل دولا اتىمت بالتزام السير في المنتهج الإسلامي ولكن تلك الدول لم تستقر بسبب السهام التي وجهتها إليها السياسة المضادة ء بمختلف الأساليب . فقد كان هناك نا س عاشوا في عز الإمارة وبذخها » واستمر برأُوا طعمها » وألفوا جورها » واعتادوا تلك النظم القائمة › وأصبحوا لا يروقهم أن يعيشوا تحت حكم عادل يسك أيديهم 4 ويحزم بطونهم » ويساوي بينهم وبين غيرهم من الناس » ولمل أصدق شاهد على هذه الصورة لا بالنسبة لفرقة من فرق المسلمين ولكن بالنسبة للامة الإسلامية جمعاء هو موقف أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز حين جمع بني أمية وطلب منهم أن يتخلوا عما بأيديهم من الأموال التي وصلت أيهم عن طرق غير عادلةبسبب القرابة التي تربطهم بملوك وأمراء ب بني أمية السابقين » فامتنعوا عن التخلي عنها فقال لهم : «وأيم الله لول أن تستعينوا بمن أطلب له حقه من هذا المال علي فتقاتلوني بهم ما خرجتم منها أو تتزكوه .» - 336 - فرجال السياسة في الدولة الجائرة لا يرضيهم أن يقوم العدل في دولتهم ولا حتى أن يقوم في دولة بجانبهم لان الحكم العادل كفيل بان يكشف للناس عن مساوئ حكمهم وان يطلق السنتهم بالنقد وربما بالنقمة ثم بالثورة » ولذلك فهم يجندون كل ما عندهم من قوة وإمكانيات لإأخراس الالسنة المنتقدة › والايدي المتحركة في دولهم القائمة وللقضاء على أي حكم نظيف ء يقوم إلى‌جانبهم بكل أنواع الحرب » من كيد ودعاية كاذبة » وتشويه للحقائق › وتشنيع › وتعذيب وضرب بالسيف إن اقتضى الامر ذلك في نظرهم . رأى الإباضية أنه ما دام هذا النموذج من الدول موجودا › وأنه ليس في الإمكان القضاء عليه ءوالإتيان بحكم خير منه » فعليهم أن يجتنبوا المجال السياسي ء وأن يبتعدوا عن كراسي الحكم ءوأن يتركوها للمتنازعين عليها ء المتحاربين بسببها › وقد وقفوا هذا الموقف وسلكوا هذا المسلك › فلم يقم منهم قائم يدعو لنفسه أو يعمل لغيره » أو يساعد أحدا ! على الوصول إلى الحكم منذ أواخر القرن الثالث الهجري ءوقد واتت فرص كثيرة لبعضهم لو أراد أن يستغلها لنفسه . أو يساعد عليها غيره » للوصول إلى الحكم › أو تكوين الدول أو الحصول على الولايات والإمارات › ولكنهم لم يفعلوا ذلك . وعتدما اقترح مقترحون على بعض الزعماء أن يبايعوهم بالإمارة وأُن ينطلقوا بالدعوة لهم رد عليهم أوشك الزعماء أنه لا جدوى من ذلك وأن الأضرار التي تنجم عن تلك الحر ت أکٹر مما يتوقع منها من فوائد وأيّد العلماء هذا الاتجاه فأعرضوا نهائيا عن فكرة الوصول ألى الحكم أو العمل على تغييره › ووقفوا هذا الموقف السلبي منذ أواخر القرن الثالث الهجري إلى اليوم . 22 - 337 - ولا شك أنه يجب علي هنا أن أوضح للقارى الكريم أن هذا الموقف كان لإباضية المغرب الإسلامى (ثمال إفريقا) أما الإباضية في عمان فقد بقیت عندهم الدولة قائمة مستقلة عن دور الخلافة منذ انتهاء الخلافة الرشيدة إلى الإحتلال الإنجليزي في هذا العصر ءما عدا فترات قصيرة جدا سقط فيها الحكم في عمان . ولقد كان الحكم في عمان يجري على منهج نظيف يشبه الخلاقة الرشيدة في فترات طويلة » وكان يجري أحيانا على غرار الحكم الظالم والملك العضوض من الظلم والاستبداد .فعندما تحس الأمة بقوتها تقوض ا ركان الحكم المستبد وتعلن الخلافة ما شاء الله وقد يقوم سلاطين الجور فينحرفون بالحكم . والآن وقد يسرالله للامة الاسلامية طرد الاأستعمار المادي من أغلب أراضيها فلعله سبحانه يسر لها أن تطهرها أيضا من جميع مخلفاته وبقايا أرجاسه . أما بقية البلاد الإسلامية التي لا تزال ترزح تحت أعباء الاستعمار والاحتلال سواء كان ذلك من أبناء صهيون وأعوانهم في فلسطين أومن عبدة البقر في الهند والباكستان أو من حملة الصليب الحاقد وأتباع الوثنية الضالة في مختلف بقاع الأرض من إفريقيا وأمريكا وغيرهما من بلدان العالم . فإنه لا أمل لقيام الحكم الإسلامي بها إلا إذا- أدرك المسلمون جميعا واجبهم › وعلموا أن فريضة الجهاد لا تؤديها الأمة المسلمة بأقلام تکتب على الصحف وأحاديث تتناثر في المجامع ءوأكف تشتعل بالتصفيق › وحناجر تعلو بالهتاف ء وإذاعات مرئية تزخر بعرض الصور › وشعوب تتمنى وتحلم » ومشاعر وعواطف تهتاج ونتحمس م م تسكن ونبرد ولكن فريضة الجهاد دائما تؤديها الأمة وهي تقف صفا واحدا تذوب فيه الفوارق والحزازات والقوميات والمصالح القطرية ء - 338 - وشهوات الحكم › لتندفع قوة واحدة هائلة هادرة » تدك كل ما يعترض سبيلها › لا يثنيها دم يتدفق › ولا مال ينتشر › ولا عدد ينقص ءولا خسائر تقدر ولا تقدز بحساب › وإنما تمضي وهي تؤدي رسالتها حتى تحقق النصر أو الفناء بالفعل لا بالقول › ويالحقيقة لا بالأمل وعلى الميدان لا على شاشة التلفزيون . ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين › إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله › وتلك الأيام نداولها بين الناس » وليعلم الله الذين آمنوا › ويتخذ منكم شهداء › والله لا يحب الظالمين ءوليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين » أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين .$ آل عمران 142 . ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون › وترجون من الله ما لا يرجون › وكان الله عليما حكيما .» النساء 154 . - 339 حكم الدار يقول أبو الحسن الأشعري في كتابه : «مقالات الإسلاميين » الجزْء الأول طبعة مكتبة النهضة المصرية ص 171 ما يلي : «وزعموا أن الدار- يعنون دار مخالفيهم - دار توحيد إلا معسكر السلطان فإنه دار كفر يعني عندهم .» ثم ترددت هذه الكلمة على أقلام أکثر من كتب في مقالات الفرق قديما وحديثا تارة بنفس اللفظ وتارة بتغيير بسيط . كما جاء في الملل والنتحل للشهرستاني في صفحة 213 ما يلي : «وقالوا إن دار مخالفيهم من أهل الإسلام دار توحيد إلا معسكر السلطان فانه دار بغي . فأنت ترى أيها القارئ الكريم أن العبارة واحدة غير أن الأشعري استعمل كلمة الكفرء والشهرستاني استعمل كلمة البفي بدلا عنها . وهكذا اشتهر هذا القول على هذا الإجمال مع كتاب المقالات ينقلونه واحدا عن واحد إلى عصرنا الحاضر - ريبما دون فهم عند بعضهم - ويهمني أن أوضح للقارئ الكريم في بداية هذا الفصل أن كتاب المقالات يربطون بين كلمة المخالفين ومعسكر السلطان وبين الكفر والبفي كأنهما شيئار. متلازمان » بينما يرى الإباضية أنه ليس هناك ارتباط بين موضوع دار السلطان وما يتصف به من عدل أو بغي وبين مذهبه أو مذهب من يكون تحت حکمه . وسوف أحاول في هذا الفصل أن أعرض صورة لحكم ما يطلق عليه الفقهاء ء كلمة الدار عند الإباضية ثم عرض في فصل آخر صورة لما ينبغى أن يجري عليه التعامل بين المختلفين في المذهب عندما یکون السلطان على مذهب أحدهما أن ن يکون على مذهب غير مذاهب المحكومين جميعا - 340 - عندما يتحدث فقهاء الإباضية عن الدار يرون أنها - تنقىم إلى قىمين : ار إسلام » ودار كفر . فدار الإسلام هي كل وطن كته أنة سلمة وتتولى الحكم فيه دولة مسلمة ٠ تنتسب إلى الإسلام وتشمى به » مهما كان مذهب السكان › أو مذهب الحاكم . ودار الكفر هي كل وطن تسكنه أمة كافرة . وتتولى فيه الحكم دولة لا تدين بالاسلام سواء كانت كتابية أو وثنية أو علمانية أوملحدة كما هو الحال في بعض الدول في الوقت الحاضر . والصور التي تكون عليها دار الإسلام لا تخرج عما يلي : 1 الوطن يسكنه مسلمون على أي مذهب إسلامي کانوا والسلطان شرعي يلغ إلى منصة الحكم حسب الأسس التي وضعها الإسلام لذلك › ثم تقيد بالمنهاج الإسلامي في الحكم › وتوافرت فيه الشروط المطلوبة للحكومة العادلة ء والكفاءات اللازمة لأمير المؤمنين أو خليفة المسلمين . في هذه الصورة الدار دار إسلام وتوحيد وعدل › ومعسكر السلطان معسكر إسلام وتوحيد وعدل » وطاعته واجبة ءوالخروج عله فسوق ء لان هذه الحالة هي الحالة الكاملة التي يجب أن تكون عليها الأمة المسلمة . الوطن تسكنه أمة مسلمة على أي مذهب كانت وصل فيها السلطان إلى الحكم بطريق لم يستكمل الشروط المطلوبة لاختيار الحاكم ولكنه بعد أن استلم الحكم التزم الإسلام » وحكم بالعدل » ونفذ أحكام الله » وجرى حسب قوانين الشريمة » وسار السيرة النظيفة المطلوبة في أمير المؤمنين النزيه . - 341 - في هذه الصورة أيضا تعتبر الدار دار إسلام وتوحيد وعد ٠ ومعسكرالسلطان معسكر إسلام وتوحيد وعدل . وطاعته واجبة والخروج عنه فسوق ٠ أما وصوله إلى الحكم فإن كان بتولية غيره له كما كان فى الأنظمة الوراثية فلا تثريب عليه وإن كان بمساع منه غير مشروعة فلا شك أنه أثم في ذلك ولعل الله تبارك وتعالى يغفرها له بنيته الحسنة وبالتوبة منها إن لم تتعلق بها حقوق المخلوقين فن تعلقت بها حقوق المخلوقين فالتوبة والتتصل من الحقوق مع النية الحسنة ونقنع الأمة أسباب كافية للمغفرة إن شاء الله . الوطن تسكنه أمة مسلمة يصل فيه السلطان إلى الحكم ال الإسلامي مع مراعاة كافة الشروط ولكنه بعد أن يتربع على كرسي الحكم ويأخذ على الناس المواثيق والعهود » يتحرف عن سنن العدول » ولا يلتزم بأحكام الإسلام . في هذه الدار دار إسلام وتوحيد وعدل . أما معسكر السلطان فهو معسكر إسلا م إلا أنه معسكر بغي وظلم د وطاعة السلطان فيما يوافق أحكام الإسلام » وجهاد العدو› و إقرار الأمن والنظام » وإيصال الحقوق إلى الناس - واجبة ولا تجوز طاعته في معصية ء وينبفي أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ومطالبته باتباع أحكام الله » ويجوز الخروج عليه وتغيير حكمه لإقامة دين الله . واختيار من يصلح لتولى أمور المسلمين إذا كان ذلك لا يسبب فتنة تنتج عنها أضرار أكبر من الحالة التى لبها 4 الوطن تسكنه أمة مسلمة يثب إلى الحكم فيه سلطان طرق تختلف عن أنظمة الإسلام لاختيار الحاكم ثم لا يتقيد بأحکام الإسلام ء ولا يسير بسير العدول من أهله . - 342 - في هذه الصورة تعتبر الدار دار إسلام ومعسكر السلطان معسكر إسلام إلا أنه معسكر بغي وظلم وعدوان . وطاعته فيما أمر الله به وجهاد العدو واجبة › والنقمة عليه ٠ والدعوة إلى الخروج عنه . والعمل على الإطاحة بحكمه جائزة بشرط الا تحدث فتن تلحق بالامة أضراراً أكبر من المصالح المتوقعة والقوائد التي ينتظرونها من قيامهم عليه . ويرى الإباضية في جميع صور الحكم المتحرف - انه يجوز الشراء - مهما كانت النتائج - وهو أن تخرج جماعة من الناس يتجاوزون أربعين رجلا ينتقدون الفساد ء ويبينون للناس ما عليه الدولة من الاتحراف وما عليه الحكام من البفي والظلم . ويدعونهم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . فإن عارضتهم السلطة بالقوة جاز لهم أن يردوا عليها بالقوة والعنف ولكنهم على جميع الأحوال لا يجوز لهم أن يخيفوا الناس ٠ ولا أن يروعوا الأمنين ٠ ولا أن يعترضوا سبيل أحد أو يعتدوا على أحد › ولا أن يفرضوا حتى ضيافتهم على أحد › فإن فعلوا شيئا من ذلك انتقلوا من حكم الشراء إلى حكم الحرابة . وذلك لأن مبداً الشراء هو مقاومة الظلم في أجهزة الدولة المتحرفة بالدعوة أو بالعنف إن اقتضى الامر ذلك دون التعرض للناس بسوء . هذه هي الصورة المعروفة عن الدار وعن معسكر السلطان عند الإباضية وهم عندما يطلقون على معسكر السلطان أنه معسكر بغى أو على السلاطين أنهم سلاطين جور لا يقصدون بذلك المخالفين لهم في المذهب فقط ء وإنما يقصدون بذلك جميع الأجهزة الحاكمة التي انحرفت عن دين الله فلم تعمل به سواء كانت من الاباضية أو من غيرهم . ومن أراد أن تبرز له هذه الحقيقة واضحة فعلية أن يرجع إلى كتب التاريخ . ومن أقربها (ثحفة الأعيان) للإمام نور الدين السالمي الذي أرخ لعمان منذ الفتح الإسلامي إلى - 343 - العصر الحاضي وقد كان حريصا في جميع ما كتبه عن الدول التي تعاقبت على حكم عمان ‏ وكلها من الإباضية من أهل عمان ما عدا فترة قصيرة جداً في عهد الدولة الأموية زمن الحجاج ‏ فكان يذكر الإمامة العادلة وكان يصف الباقي بسلاطين الجور - أو يطلق عليهم كلمة الجبابرة » وعلى هذه الكلمة علق الإمام أبو إسحق أطفيش في أسفل الصفحة 107 من الجزء الأول بما يلي : « والمراد بالجبابرة أمراء الإقطاع وملوك الطوائف وقد توالى على قطر عمان انقلابات من إمامة إلى ملوكية ومن ملوكية إلى إمامة › فمنذ اتقطاع الخلافة الإسلامية تولى حكم عمان أئمة على طريقة الخلفاء الراشدين ٠ فمتى ضعف أمر الإمامة برزت إلى الميدان الملكية أو أمراء الطوائف وهكذا » . وقال في آخر التعليق : « وكلما ذكر المصنف الجبابرة فالمراد الولاة غير العدول » . ولعل عبارة المؤلف في هذا الموضوع أكثر وضوحا فقد قال في تحفة الأعيان الجزء الأول ص 107 مايلي : « ذكرت السير أن الجبابرة استولت على عمان بعد الجلندي فيها » وکانوا اهل ظلم وجور ء فمن هؤلاء الجبابرة : محمد بن زائدة : وراشد بن النظر الجلنديان » . وقال بعد أسطر : « وقد تقدم أنه من أقارب الجلندي » . أحسب أنه لا داعي ی في هذا الموضوع . هي الصورة المعروفة عن الدار وعن معسكر السلطان في الامة الإسلامية والإباضية يتحدثون عنها كما يتحدث عنها غيرهم . أما العدو الذي أشرت إلى أن الإباضية يوجبون حربه حتى مع الللطان الجائر فإنما هو عدو الإسلام › وؤ فى الحروب التي تکون بين دولة مسلمة وأخرى كافرة لأن ذلك جهاد في سبيل اله لا - 344 - يتبغي لمسلم أن يتقاعس عنه . أما الحروب التي تقع بين دولتين أو طائفتين مسلمتين فإنما هي فتن القاعد فيها خير من القائم والنائم فيما خير من القاعد . والقائم خير من الساعي مالم تكن إحداهما باغية فيجب رد عدوانها دفاعا عن الحرمة والمال . ويرى الإباضية أن على المسلم حقا للوطن الذي يعيش فيه يوحب عليه الدفاع عنه من أي مهاجم أو أي عدوان ما لم يکن هو في حكم المنحرف والمهاجم دولة عادلة تريد إقامة حكم الله وتطالبه بالدخول تحت رعايتها . والخضوع لنظامها . فان عليه في هذه الحالة أن يستجيب وينضوي تحت لواء دولة ترفع منارة الإسلام وتحكم بشريعة الله . وليس له أن يتلكاً في ذلك ويتباطا بقيت هنالك صور لوضع شاذ وقعت في أزمنة مختلفة التمس لها الفقهاء أحكاما وقرروها لها من ذلك مثلا : أن يكون الوطن إسلاميا وتتغلب عليه دولة مشركة تحكمه بالحديد والتار. كما وقع في ليبيا إبان الحكم الإيطالي وفي تونس والمغرب والجزائر إيان الحكم الفرنسي › وفي مصر إبان الحكم الإنجليزي وفي هذه الحالة تعتبر الدار دار إسلام » ومعسكر السلطان معسكر كقر . هذا ملخص رأي الإباضية في الحكم فهم حين يتحدثون عن معسكر السلطان ينظرون إلى نوعية الحكم لا إلى مذهب السلطان ما لم يكن السلطان مشركا . وعندما يكون السلطان إباضيا ويكون جائرا فان الحكم عليه أن معسكره معسكر إسلام ولكنه مع ذلك فهو معسكر بغي وظلم وعدوان تماما كما يحکمون على غيره من سلاطين الجور من المذاهب الأخرى - 345 وقد غابت هذه الحقيقة عن أكثر من كتب عن رأي الإباضية في الموضوع دون الرجوع إلى مصادرهم وأمسك بكلمة (مخالفيهم) كأنها لولب سحري يدور معها في کل مجال . بعد كل هذا أحب أن أضع بين يدي القاری صورا مما قاله الخلامة أبو يعقوب الوارجلاني عن هذا الموضوع حتى يتأكد القارى من ري الإباضية وموقفهم . يقول أبو يعقوب الوارجلاني في كتابه الدليل والبرهان ص 45 من الجزء الثالث ما يلي : «والذي ذكرناء افي الملوك المتدينة لم نقتصر فيه على علي ومعاوية دون أخلافهم بعد »بل الحكم فيهم واحد » أهل ديانة لما أظهروا على أيديهم من الجمع والجماعات › والأذكار والصلوات › والنسك والعبادات › وظهور الشرائع الإسلاميات ء وعمارة الصبيان المحاضر لقراءة القرآن » وظهور الغزو والجهاد » في جميع البلاد › والثغور العباد » والدعاء الى الله والى طاعته » وظهور عبادته .» ويقول أبو 'يعقوب في نيس الكتاب ونفس الجزء ص 46 ما يلي : «وليس في إن ظهر فجور الملوك في ذات أنفسهم › وظهرت المتاكر على أيديهم ما يخرجهم من ملة الإسلام › بل هم من اهل الملة وإن كاتوا أهل سوء » ومن متاقبهم أنهم اموا السبل والطرقات › وجبوا الفيء ء والخراجات › ونصبوا القضاة والحكومة » وبعد أسطر يقول : «وصنيع جابر بن زيد رحمه الله حين تخلف عن الجمعة فقال : اللهم لك ألا أعود » ومن وراء ذلك أخذه التطايا من الحجاج وشبهه ومطالبتهم بها ء وولاية التو 9 والمساحات › وولاية شريح القضاء » وغيرهم من أل العلم كثير - 346 ويقول في نفس الكتاب ونفس الجزء ونفس الصفحة ما يلي : «وأما السلاطين الجورة فهم الذين تغلبوا على الناس › لا يراعون شرعا ولا يدعون إليه » ولا يعملون به » وعطلوا الزكاة والصدقات ء والعشور والخراجات ء ولا يهتمون بالاقضية والحكومات » ولا بلإقامة الحدود والقصاصات › وشرعوا لأنفسهم طرما في إقامة ملكهم خلاف طرائق الشرائع . وشيدوا القصور › وبنوا الدور › وحصنوها بالحرس والأعوان ويغيرون على البلدان .واستعملوا في جمع الأموال المغارم والقبالات › واتخذوا الأعوان والكفاة . وأظهروا شرب الخمور»ء ولباس الحريرء والمعازف والستور ءوالجور في جميع الأمور .» ثم ذكر أمثلة من سلاطين الجور في المغرب والأندلس وسجلماسة وملوك الدولة العبيدية في المغرب ومصر ثم قال : «وأما المرابطون فهم أهل ديانة ء أو لهم يحي بن عمرو وأبو بكر بن عمر »ويوسف بن تاشفين › وعلي بن يوسف وآخرهم تاشفين بن علي » حتى كشح الله تعالى هؤلاء كلهم بالمهدي وجنوده » أهل التوحيد » الموحدين برب العالمين » فكان آخر العهد بهم .» وقال العلامة أبو حفص عمروبن جميع في عقيدة التوحيد با يال فالسلطان العادل . فالواجب علينا ولايته وولاية كاتبه ووزيره وخازنه وجميع من کان تحت لوائه من المسلمين .» ويقول : «وبراءة السلطان الجائر وبراءة كاتبه ووزيره وخازنه ء وأما من کان تحت لوائه فلا .» وقال قطب الأئمة في شرح النيل الجزء العاشر طبعة القاهرة ص 362 ما يلى : - 347 - «يحكم على أهل الدار - وهي في العرف الخاص موضع أو بلد أو حوزة » ظهر فيه أو في البلد أو فيها أي الحوزة - حكم وسيرة ما من ذوي عدل او جور » سواء كان العدل من أصحابنا أو من غيرهم »وكذا الجور ٠ وقد ناقش الإمام أبو محمد عبد الله بن بركة موضوع السلطان الجائر مناقشة طويلة وإليك أيها القارئ الكريم مقتطفات منها ما بين صفحة 201 الى 204 من الجزء الأول من كتابه القيم الجامع طبعة عیسی الباروني . أجمع أصحابنا على جواز الإقامة للمسلم في بلد قد غلب عليها الجبابرة ءوأن تعمر فيه الأموال » وأن تزرع فيه الزرائع › وتغرس فيه الأشجارء مع علمه بأنهم يأخذون منه الأموال على سبل الخراج » من غير أن يستحقوا ذلك المال وأنهم يستعينون به على ظلمهم وبقيهم .» ويقول بعد أسطر : تجوز للمسلمين الإقامة في أملاكهم في المواضع التي لم يأت في سكنها حظر من قبل الله عز وجل . ويزرعون فيها ويعمرون الأموال » ويغرسون الأشجار › وإن كانوا يعلمون أن الجبسابرة يأخذون منهم بسببها أموالا تؤدي إلى تقويتهم على ظلمهم › إذا « إنما يزرعون ويعمرون للفع ُنفسهم 4 وستر عيألهم › وإصلاح أحوالهم » وللمسلمين أيضا ء ولكن إذا كانوا يزرعون ويعملون وينوون بذلك تقوية الجبابرة والمعونة لهم فهم عصاة لله في فعلهم . وبعد سطور يقول : قال :أفيجوز للمسلم أن يقيم معهم وي يبايعهم ءقيل له نعم ! ما لم يعلم أنه غصب أو حرام » أوأنهم يكرهونه على - 348 - تصويب الباطل ء› -ويلحقونه إلى إظهار شيء من الباطل › فان قال: أفيجوز للمسلم الفزو معهم ؟ قيل له نعم ! إن الله عز وجل أمر بذلك في كتابه أمرا عاما لقوله تعالى : إقاتلوا الذين لا ٠ يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر .€ وقال جل ذكرە : (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم€ وقال تمالى : (إقاتلوا الذين يلونكم من الكفار € وأيضا فإن القتال جائز بغير إمام . والله أعلم .» أحسب أن هذا المقدار يكفي لتوضيح رأي الإباضية في الدار وفي معسكر السلطان ولم يبق إلا الحالة الأخيرة التي اعتبرناها حالة شاذة ءوضربنا لها الأمثلة بالاستعمار الإيطالي والفرنىي والإنجليزي لبعض البلاد الإسلامية وقد تحدث أبو يعقوب الوارجلاني على هذه الصورة أيضا وإلى القارئ الكريم مقتطفات مما جاء فى كتاب الدليل والبرهان الجزء الثالث ص 74 وما بعدها قال ب“ «اعلم أنه لا يجوز أن يتخذ ‏ المسلم ‏ دار الشرك وطنا » ثم يحتج لهذا الحكم ويذكر أسلوب التعامل مع المشركين › ثم يقول : «وإن افتتح المشركون بلاد المسلمين » فأهل البلاد جائز لهم السكون معهم وتحتهم › وتجري عليهم أحكامهم 4 ولا يجوز لأحد غيرهم ‏ أن ينزلها وأن يتخذها وطنا من سائر الناس » وإن خرج أحد من المسلمين من بلاده من خوفهم فهو مشل من لم يسكنها قط ء وإن كان المشركون أهل الكتاب كاليهود والتصارى فللمسلمين مخالطتهم ومبايعتهم ومؤاكلتهم » ويأكلون ذبائحهم وبمونهم وإقطهم وجبنهم مالم يظهروا على حرام » وكذلك طبيخهم وطعامهم وشرابهم وليس الخمور - وأن أتهموهم على النجاسة - 349 - فيتحرجوا ما قدروا » ولا يتبزوجون إليهم ولا يتسرون ولا ينكحونهم » ويعاملونهم في أموالهم ولا يحذرون منها شيئا » ولو كان أثمان الخنازير أو من أثمان الربا ءولا يعاملونهم بالربا » ولا يأکلون خنازيرهم » ويدفعون عن بلدهم. من | راد ظلمهم | إلا عساكر المسلمين فلا يدفغونهم › ويتقون من المجوس جميع ما يؤكل مما يخافون عليه النجاسة ء أو من السمون والأجبان والطبيخ وغير ذلك .» ويطيل المؤلف في السلوك الذي ينبغي أن يسلكه المسلمون عندما يكونون في هذا الوضع الشاذ . وبعد هذا أستطيع أن أعود فألخص الموضوع في الصور الآتية : 1 الدار دار إسلام ومعسكر السلطان معسكر إسلام وذلك عندما يكون الوطن مسلما والأمة مسلمة والدولة مسلمة تعمل بحكم الله . الدار دار إسلام ومعسكر السلطان معسكر إسلام إلا أنه معسكر بغي وظلم وذلك : ۱ عندما يكون الوطن مسلما والامة مسلمة والدولة مسلمة لكنها لا تلتزم المنهج الإسلامي في الحكم . الدار دار إسلام ومعسكر السلطان معسكر كفر وذلك عندما يكون الوطن مسلما والامة مسلمة والدولة الحاكمة دولة مستعمرة 3 كة كتابية أو غير كتابية . الدار دار كفر ومعسكر السلطان معسكر كفر وذلك عندما يون الوطن للمثركين تك أنه ىە تتولى حكمه دولة مشركة . = 350 س التعامل بين المتخالمين تحدث الفقهاء عن الحكومات المذهبية › أي عن السلوك الواجب على دولة تلتزم إجراء الأحكام على مذهب من المذاهب الإسلامية » وكيف يكون موقفها بالنسبة لمواطنيها من: بقية المذاهب ء وكذلك تحدثوا عن سلوك المواطنين إذا كانوا يتبعون مذهبا غير المذهب الرسمى للدولة ء وأستطيع أن ألخص رأي لإباضية في هذا الموضوع فيما يلي : 1 عندما.تكون الدولة ملتز بة لأحكام المذهب الإباضي فإن موقفها مع مواطنيها من المذاهب الاخرى أن تبين لهم نقط الخلاف وأن تدعوهم إلى ما تعتقده هي حقا وصوابا » وسواءاستجابوا لها أو لم يستجيبوا فإن موقفها معهم لا يتمدى هذه الحال . ويجب أن تعاملهم في الحقوق والواجبات كما تعامل المواطنين الموافقين لها في المذهب › لافرق ولا خلاف أما من دعا إلى فتنة سواء كان من موافقيها أو من مخالفيها فإنها تعذر إليهم رجعوا فذلك المطلوب » وإن أصروا على موقفهم استحلت قتالهم حتى يفيئوا . 2 عندما يكون الإباضية مواطنين في دولة ملتزمة بمذهب غير مذهبهم فأن عليهم أن يخضعوا لقوانينها وأن يرضوا بأحكامها ولو كانت مخالفة لآراء مذهبهم وأحكامه » ما دامت موافقة لأحكام مذهب الدولة التي تطبق على الجميع › وعليهم أن يتعاونوا معها في كل شيء ما لم يكن معصية فإذا أمروا بمعصية فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . وقد ناقش العلامة أبو يعقوب الوارجلاني هذه المواضيع بشىء من الإسهاب والتفصيل والتمثيل . ومما قاله في كتابه الدليل والبرهان الجزء الثالث ص 53 ما يلي : - 351 - «والذي ينبغي لأمير المؤمنين ُن يستعمله بينه وبين أل الخلاف أن يدعوهم إلى ترك ما به ضلوا » فإن أجابوا اهتدوا وصاروا إخوانا ولهم ما لنا وعليهم ما علينا ءونصير وإياهم شرعا واحدا كما تقدم كما قال أبو حمزة المختار بن عوف : «الناس متا ونحن من الناس ء إلا عابد وثن وملكا جبارا » وصاحب بدعة يدعو الناس إليها » وإن امتنعوا عن ذلك دعوناهم إلى أن نجري عليهم حكم الله تعالى من دفع الحقوق » والخضوع لواجب الأحكام › فإن أطاعوا بذلك تركناهم على ما هم عليه » ووجب لهم من الحقوق والأحكام ما يجب لنا وعلينا » إلا ما كان من الاستغفار فلا حق لهم فيه » ما داموا متمادين على ما به ضلوا › ووسعنا وإياهم العدل › ولهم حقوقهم من الفيء والغنائم والصدقات على وجوهها › ولهم علينا دفع الظلم عنهم كما يجب لسائر المسلمين والعدل في الأحكام . والدفاع عنهم ء وإن غزوا معنا فلهم سهامهم كما لناء ومن امتنع منهم مما وجب عليه من الحقوق أدبناه بما يقمعه › ويرده إلى سواءالسبيل » وإن جاوز سفكنا دمه › واستحللنا قتاله » وإن اعترفوا بطاعتنا وانفردوا ببلادهم وأجروا فيها أحكامهم تركناهم » وذلك ما لم يكن ردا على آية محكمة » أو سنة قائمة ونستقضي عليهم منهم من يقوم بواجب الحقوق عليهم ولهم › ونقبل قوله في ذلك على أسلوب القضاة كلهم » إذا كان ممن تقول لهم ديانتهم » ولم يمنعنا من ولايتهم إلا ما هم عليه » ونأخذ منهم كل ما يجب من الحقوق ونردها في فقرائهم » وذوي الحاجة منهم › وإن اتهمناهم في شيء أعذرنا إليهم » وتنب إِليهم على سواء › ولا نتركهم يظهرون منكرا بين أيدينا إِذا كان عندهم منكرا في () يعني نه إن تجاوز الامتناع عي أداء الحقوق إلى العمل بما يخل بالنظام والأمن . - 352 - ديانتهم . أن يحدثوا في أيامنا ما لم يكن » إلا أن يكون مرا لا مکروه . فلنا الخيار وإن حاربناهم في هذا كله وهزمناهم فإنا لا نتبع مدبرا ٠ ولا نجهز على جريح ٠ وأموالهم مردودة عليهم › إلا ما کان لبیت انمال فإنا نجوزه على وجهه . ولا نتورع عن جميع ما في أيدييم من المظالم عندنا إذا كان جائرا في مذهبهم 4 وما کان في ايدبهم من سال بيت المال للمسلمين فإنا نأخذه ولا نرده إليهم ونصرفه فى وجوهه ٠ وان كان مظلمة رددناها الى هلها « ۱ ويقول بعد أسطر : ون قدرنا عليهم قتلنا منهم كل من قتل احدا منا بعينه ءولا نستعمل فيهم حكم المحاربين ويقول بعد أسطر : «ونصلي على قتلاهم . وندفنهم ء ونجري المواريث بيننا على وجوهها. والعدد(1) والاموال والحرمسات على وجوهها .». وفد ناقش آبو يعقوب ‏ ايضا ‏ الصورة المعاكسة في الدليل والبرهان الجزء الثالث ص 1 فقال ما يلي : إعلم يا أخي أني أريد أن أذكر كيف حال المسلمين مع أهل الخلاف وأهل التدين منهم . ومع السلاطين الجورة الضالين › ومع سائر المشركين ء اعلم يا أخي ان مذهب اهل الدعوة في الخروج على الملوك الظلمة والسلاطين الجورة جائزء وليس كما تقول السنية أنه لا يحل الخروج عليه ولا قتالهم بل التسليم لهم على ظلْمهم أولى . قالوا وقد اختلفت الأمة في حذه المسألة على ثلاثة (1) العدد جمع عدة وشي المدة التي تنتظرها المرأة بعد الطلاق أو وفاة زوجها ليحل لها التزوج من جديد . 23 - 3 أقوال : القولة الأولى قول أهل الدعوة أنه جائز الخروج عليهم وقتالهم ومناصبتهم ٠ والامتناع من إجراء أحكامهم علينا إذا كنا في غير حكمهم » وأما إذا كنا تحت حكمهم فلا يسعنا الامتناع من کثیر من أحكامهم 4 وان أردنا الشثراء والخروج جاز لنا » وبعذ هذا يذكر القول الثاني بعدم جواز الخروج مطلقا مهما كان وضع الدولة القائمة وينسبه إلى السنية حسب تعبيره › ثم يذكر القول الثالث وينسبه إلى الخوارج › وهو وجوب الخروج وحيلة الاستعراض . وبعد أن يذكر هذه الأقوال يعود إليها بالتفصيل ويتناول القول بالجواز بالتأييد والترجيح » ويحتج له بأن الذين لم يقولوا به من حيث المبدإ عادوا إليه من حيث العمل ويحتج لجوازه بعدة أحداث تاريخية يذکر منها : خروج التوابين عن يزيد وخروح عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث عن الحجاج › وخروج كبار التابعين أمشال الشعبي وسعيد بن جبير وأَضْرابِهم ٠ وخروج زيد بن علي بن الحسين عن هشام › وخروج يحي بن زيد علي : ‎E‏ وفي سياق الحديث ذكر مناظرة وقعت له مع أحد العلماء قال في ص 63 من نفس الکتاب ما ڀلي : «وقد جرى لي كلام مع الفقيه يحي ين أبي بكر بن الحسن بن الشيخ يوسف بن نفاث مناظرة ة في سجلماسة في مثل هذا : فقال لي : أول من سن الخروج على السلاطين أيو بلال مرداس بن أدية قلت له أن له في ذلك أسوة حسنة : فقال : أو حسنة ؟ فقلت أو سيئة سیه ؟ فقال ومن هو ؟ قلت :طلحة والزبير . . . قال لى إن طلحة والزبير اجتهدا فأخطاً قلت له : ولعل هذا اجتهد فأصاب . قال لي : وأصاب ؟ قلت : ولعله اجتهد فأخطاً ! فقال : الله يغفر للجميع .» - 354 ويقول في نفس الصفحة ما يلي : وان لم خرچ علمم » بالكون معهم وتحتهم › فجائز لنا ذلك » ونعيش في کنفهم .» بعد هذا أريد منك أيها القار ئ الكريم أن تعود إلى مبدإ الفقرة الأخيرة لنناقش معا بعض ما جاء فيها . إذا تأملت أول الفقرة تجد أن أبا يعقوب يذكر ثلاثة أنواع من السلطة قد تحكم المسلمين وهي : اهل الخلاف المتدينون . السلاطين الجورة الضالون . 3 سائر المشركين : ونت ترى أيها القارئ الكريم أن أبا يعقوب لم يهتم بالقىم الأول فلم يتحدث عنه ولم يتعرض لموضوع الخروج عليه . وذلك لأنه يعلق جوإز الخروج بالحكومة الظالمة لا بالحكومة المخالفة في المذهب فلم يتعرض بأي شيء للقسم الأول (أهل الخلاف المتدينون) أما القسم الثاني وهم السلاطين الجورة الضالون ‏ من أي مدهب کانوا - من اهل الدعوة (الاأباضية) أو من غيرهم من المذاهب الإسلامية الأخرى فيجوز الخروج عليهم ومناصبتهم العداء . ويجول البقاء تحت حكمهم والرضا بالحياة في كنفهم . أما القسم الشالث وهم سائر تقد کنب تملا بطو عنهم وعمن يکون تحت حکمهم من وأحب ُن أزيد هنا بعض إيضاح ل الأباضية عندما تكون الدولة ملتزمة لمذهب غير المذهب الإباضي ء وتجري الأحكام وفق مذهبها فلو رفعت قضية مما يختلف فيها المذهبان وجرى الحكم فيها بمذهب الدولة فإن الحكم يكون نافذا وصحيحا › وتترتب عليه جميع الحقوق والواجبات ولو كان مخالفا لما عليه الإباضية . - 355 - وقد ذكر أبو يعقوب لذلك أمثلة في كتابه الدليل والبرهان صفحة 3 منها ما يلي : «رجل كان تحت أحكام للمخالفين » وغاب عن زوجته » فأعذر القاضي إليه › فلم يفعل » فطلق عليه القاضي زوجته . ما حكم هذه ؟ أهي مُطلقة أو غير مطلقة ؟ فلإن كانت غير مطلقة › فهل له أن يلم بها ؟ ولا ينظر إلى حكم القاضي ؟ وتقع المواريث ؤالحقوق والنسب أم لا ؟ اعلم أن هذه مطلقة وإن لم يكن في مأخوذ لجاب فلا يسل له ن ب ما ول أن بقریما ‏ وقد طت جميع الحقوق التي بينهما ولها ُن تتزوج غيره › وتقع الحقوق › ينها ویين زوجها الأخر › وترثه ويرثها .» وذكر مثلا آخر فقال في نفس الصفحة ما يلي :ل «وكل حكم حكموه بالشاهد واليمين فهو ماض لنا وعلينا › ولنا معاملتهم في جميع ما حكموه بالشاهد واليمين لنا وعلينا » وتجري فيه المواريث على وجوهها .» وبعد أسطر يقول في صفحة 74 ما يلي : وا ما يتعلق بالعبادات كالصلاة والزكاة والصوم والحج › فليس إلى خلاف الإجماع سبيل » كصوم الشيعة يصومون آخر يوم من شعبان ويفطرون آخر يوم من رمضان » فهذا فاحش »› وأهل الدعوة(2) يكرهون القنوت في الصلاة .» (1) أحيانا يطلق المصنف كلمة المسلمين ويريد بها الاباضية من باب إطلاق العام على بعض محتويات ويفهم ذلك من السياق والقرائن (2) كلمة (أهل الدعوة) هي الاصطلاح الذي يط لقه الإباضية على أنفسهم في الغالب .٠ - 356 - وتحدث الإمام نور الاين السالمي عن آراء الإباضية في التعامل مع غيرهم من اصحاب المذاهب ءنستطيغ أن نستخلص مته ما يلي : 1 نرى حق الوالدين › وحق ذي القربى » وحق اليتامى ›٠ وحق المساكين وحق أيناء السبيل وحق الصاحب › وحق الجار » وحق ما ملكت أيماننا أبرارا كانوا أو فجارا . 2 نؤدي الأمانة إلى من استأمنا عليهاء من قومنا!' أو غيرهم . 3 نوفي بعهود قومنا وأهل الذمة وغيرهم . 4 ۔ نجیر من استجارنا من قومنا وغیرهم . 5 يأمن عندنا منهم عن القتال » المعتزل ينفسه . 6 ندعو إلى كتاب الله ءومعرفة الحق وموالاة أهله » ومفارقة الباطل وعاداة أهله . 7 من أنكر حق الله » واستحب العمى على الهدى . وفارق المسلمين وعاندهم » فارقنأه وقاتلناهء حتى يفيء إلى أمر الله أو يهلك على ضلالته . 8 من أنكروا حق الله » وفارقوا المسلمين › وعاندوهم › لا نستحل سبي نسائهم › ولا قتل ذراريهم ءولا غنيمة أموالهم › ولا قطع الميراث منهم 9 لا ثرى القنك بقومنا » ولا قتهم غيلة في اسر لأن الله ل يأمر به في كتابه » ولم يفعله أحد من المسلمين . 0 نرى أن مناكحة قومنا ومواریٹهم لا تحرم علينا ما داموا ‏ (1) كلمة قومنا يريد بها الإباضية أصحاب المذاهب الأربعة في الغالب وقد تطلق على جميع مخالفيهم من المذاهب بدلالة السياق أو القرائن . - 357 - 1 لا نرى أن نقذف أحدا ممن يستقبل قبلتنا بما لم نعلم أنه فعله . 2 - لا نرى استعراض قومنا بالسيف ما داموا يستقبلون القبلة . 3- لا نرى قتل الصفار من أهل القبلة ولا غيرهم . 4- لا نستحل فرج امرأة تزوجها بكتاب الله وسنة نبيه حتى يطلقها زوجها أو يتوفى عنها » وتعتد عدة الطلاق أو الوفاة . 5 لا نرى انتحال الهجرة من دار قومنا . 6 لا نرى الولاية إلا لمن علمنا مننه الوفاء بما وجب عليه من دين الله › 7 نبرا من المصرين على المعاصي من أهل دعوتنا وغيرهم حتى يراجعوا التوبة ويتركوا الإصرار . 8- نتولى من لم ندرك من المسلمين ولم نره متهما بشهادة المسلمين . 9- نبرا ممن لم ندرك من أئمة الظلم وممن لم نره منهم ‏ ومن أوليائهم » بشهادة المسلمين . 0 - نرضى من ملوك قومنا أن يتقوا الله » ولا يتبعوا أهواءهم › ولا يجحدوا سنة » ولا يعروا على ذنب بعد معرفة ..وأن يضعوا الصدقة والفيء حيث أمرهم الله . 1 - نرضى من السبابة هم الشيعة » أن يتقوا الله » ولا يفارقوا من لم يحكم إلا الله في أمر قد حكم الله فيه » ولا يتولوا من ترك حكم الله رغبة عنه وحكم غير الله . 2 - ونرضى من الخوارج أن يتقوا الله : ولا يعثموا في دينهم › ولا يرغبوا عن سبيل من هدى الله قبلهم » وأن لا يتولوا قومبا ويخالفوا أعمالهم › وأن لا يفارقوا من سار بسيرة قوم يتولونهم . - 358 - وسین ني ولاية من لم پدرکوا من المسلمين : ممن لم يدرکوا من ‎r‏ . فیتولوا بشهادتهم ء كشهادة . من يشهدون . . 4 - ونرضى من أهل السنة أن يتقوا الله » وأن يقروا بحكم القرآن » ويوقنوا بوعده › وأن يستحلوا من أهل البغي والعصداء والظلم ما أحل الله من فراقهم وقتالهم حتى يتوبوا .. 5 - ونرضى من البدعية أن يتقوا الله ربهم وان يعملوا بسنة رسول الله . ويتولوا على العمل بها . وإن ضعفوا عنها . 6 - ونرضى من سائر قومنا أن يتقوا الله ربهم › ولا يجعلوا حكمه تبعا لحكم قومهم › وأن لا يتمسكوا بطاعة قوم يعصون الله › فإن الله لم يأذن لأحد أن يعطي عهده من يعصى أمره . راجع تحفة الأعيان الجزء الأول . ابتداء من صفحة 81 ولعل القارئ الكريم - بعدما عرضت عليه يرى أن الإباضي يعتبر جميع المسلمين من مختلف مذاهبهم إخوة له يتساوون معه في الحقوق والواجبات ء وهو يعترف لهم بجميع الحقوق التي أوجبها اله للمسلم ويفي لهم بها » ويطالبهم بجميع الواجبات التي أوجبها الله على المسلم ويدعوهم إلى القيام بها 4 ولا يتردد إلا في حق واحد وهو الاستغفار › فهذا الحق - وحده ‏ يراه الإباضي حقا خاصا بالمؤمن الموفي بدين الله لايمكن أن يمنح للمتهاون الذي يرتكب المعصية ء سواء كانت معصية فعل › أو معصية ترك › أو معصية تأُويل ‎ .‏ مالم يتب منها اما في غير هذا فالمسلمون في جميع مذاهبهم متساوون في الحقوق والواجبات اللهم إلا بالنظر من ارتكب ما يخرجه من الإسلام جملة بما أجمع المسلمون - 359 - جميعا على اعتبارهم مخرجا من الملة كإنكار معلوم من الدين بالضرورة وهم في هذا لا يفرقون عن بقية المذاهب الإسلامية جملة وتفصيلا . ولم يبلغ به الحال ما بلغ الغلو والشطط ببعض المتفقهة حين منعوا الصلاة وراء وعلى مخالفيهم والدفن في مقابرهم والتناكح وقد رأ يت أمثلة من ذلك في صدر هذا الكتاب . المنزلة بين المنزلتين قال المستشرق نللينوا : «إلا أن هناك مسألتين اختلف فيهما مذهب الإباضية في شمال إفريقيا عن مذهب المعتزلة » أولاهما بالضرورة هي تلك المتعلقة بالطريقة التي يعتبر بها مرتكب الكبائر: وإلا كان على الإباضية ءوهم خوارج » أن ينكروا أصلهم إنكارا تاما إن شاءوا أن يعتبروا مرتكب الكبيرة المسلم مؤمنا كما فعل أهل السنة والجماعة ٠ أو إن قالوا بالمذهب القائل بأن مرتكب الكبيرة لا هو مؤمن ولا كافر بل هو في منزلة بين المنزلتين كما يقول المعتزلة . ولهذا فان الشيخ عامر يقول فى صفحة 120 : «ندين أن لا منزلة بين منزلة الإيمان ومنزلة الكفر .» بدا لي ُن كلام المستشرق غير واضح ون استشهاده في غير محله بل ريما خطر لي أنه لم يفهم مذهب الإباضية في موضوع الكبيرة أو المنزلة ب بين المنزلتين وأن لا منزلة بين المنزلتين ولذلك أحببت ان أزيد الموضوع شيئا من الإيضاح بما ورد في الموضوع من کلام الأئمة . يقول أبو محمد عبد الله بن سعيد السدويكشي في حاشيته على متن الديانات لأبي ساكن عامر بن علي الثماخي ‏ وهو الكتاب الذي اسقشهد به المستشرق نلينو واعتمده ملخصا لعقائد الإباضية - ما يلي : - 360 - «المنزلة بين المنزلتين .٠ «قوله دين بان منزلة النفاق بين منزلة الإيمان ومنزلة الشرك يعني أن المنافق ليس بمشرك ولا بمؤمن بل هو موحد ء وخالف في ذلك الأشعرية زاعمين ان لا منافق إلا منافق العصر(آ) وهو عندهم مشرك لأنه يظهر الإيمان ويخفى ي الشرك .» ويقول بعد أسطر : «والذي عليه أصحابنا ومن وافقهم أن النفاق في الأفعال لا في الإعتقاد فلا فرق بين منافق العصر وغيره من عصاة الموحدين .» ومضى يحتج لهذا المذهب حتى قال : «وأن منزلة بين المنزلتين إلخ الحاصل أنا تقول بمنزلة النفاق بين منزلة الإيمان والشرك ونقول بأن لامنزلة بين الإيمان والكفر » والمخالف في الأصل الأول الأشاعرة » حيث أدخلوا المتافق في المشرك ولم يجعلوه واسطة بين المؤمن والمشرك وتقدم الكلام عليه والمخالف في الأصل الثاني المعتزلة حيث جعلوا الفسق منزلة ب بين الإيمان والكفر › فقالوا إنه كالابلق ل يىمى لما به من السواد أبيض ولا يسمى لما به من البياض أسود .» واستمر يحتج لهذا المذهب حتى ورد القصة الاتية : «قال في السؤالات قال الشيخ أبو عمرو عثمان بن خليفة رضي الله عنه :التقيت مع التقيوسي بنفطة فجرت بيننا محاورة ومناظرة حتى قال : عجبا منكم أبا عثمان ؟ لم تسمون صاحب الكبيرة كافرا ؟ لم لا تسمونه ضالا فاسقا ولا تسمونه كافرا ؟ ‏ وکان فقيها نحويا - فقلت له :تسمونه فاسقا ؟ قال : نعم ! فقلت كيف قال الله تعالى في سورة السجدة ؟ قال : وكيف قال ؟ فقلت له قال تعالى : «أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون .» فلما فهمها (1) يقصد به عصر النبي صلى الله عليه وسلم . - 361 - ووعاها قال : وإلله لقد ذكرتني شيئا لقد نسيته » وعلم أن الكفر والفسق واحد .» بعد هذا أحب أن أضع بين يديك أيها القارئ الكريم بعض ما قاله إمام آخر من أئمة الإباضية في القرن الخامس الهجري هو : تبغورین بن داود بن عیسی الملشوطي وكتابه من أهم المصادر في هذا الموضوع › قال : الأصل الخامس في المنزلة بين المنزلتين . وهو النفاق بين الشرك والإيمان ءوقد اجتمعت الأمة على أن المنافقين كافرون › وأنهم في الدرك الأسفل من النار وأنهم مع النبيء والمسلمين في البيوت والدورءيحجون معهم › ويجاهدون معهم كما قال الله عز وجل ٠ ومن أهل المدينة مردوا على النفاق 4 ثم بين الله منزلتهم في غير موضع من كتابه فوضع الناس على ثلاث منازل في قوله تعالى : «ليعذب الله المنافقين والمنافقات ءوالمشركين والمشركات ءويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما € فوصف المنافقين بالذبذبة فقال : لإمذبذبين بين ذلك لا ألى ھؤلاء ولا ألى ھۇلاء€ يريد لا إلى المسلمين في الإسم والشواب والوفاء › ولا إلى المشركين في الحكم والسيرة والجحود والإتكار . ونقض هذا الكتاب وهذا الإجماع كثير من الأئمة ممن زعم أنهم مشركون مظهرون التوحيد ء كاتمون الشرك »إلا الإباضية وفرقة من الزيدية والحسينية . - 362 - وقد بين الله المنافقين أنهم إنما أصابوا الفاق بخصال شتى › وإنما كان أول النفاق في أهل القبلة بتركهم الهجرة فسماهم الله منافقين اسم لم يسم به أحدا من ملل الشرك - وفيهم نزل : فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم يما كسبوا € إم إسلامي شرعي مأخوذ من النفق » وهو خروج الثيء من حيث لم يدخل كما يقال نفق اليربوع إذا خرج من غير بابه › ونفق هلك ٠ ونفقت الدابة ونفق المال هلك . وأول ما سبق من الشيطان النفاق حيث أبى السجود ثم دعا إلى عبادته فصار إبلیس شیطانا مریدا مشرکا . ومن من أصاب النفاق بإيذاءالنبيء عل في الصدقات : لإفإن اعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون € يطمعونها منهم بتوحيدهم مع المؤمنين ولو أنهم مشركون ما طمعوا في الصدقات ولا يرونها". ومنهم من نافق بمنعه الصدقة مثل ثعلبة وغيره كما أخبر الله تعالى عنه : «ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين . . .فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما کانوا دكذبون € وبعد مناقشة لمعنى يكذبون ويكذبون على اختلاف القراءات قال : ومنهم الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون الا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم .€ ومنهم المخلفون عن رسول - 363 الله عقر في الجهاد رغبوا بأنفسهم عن نفسه وقالوا لا تنفروا في الحر وقال الله لنبيه عليه الصلاة والسلام : قل نار جهنم شد حرا الاية 4 وعيدا لهم . وقال :للا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى › ولا ينفقون إلا وهم کارهون € وقال :ل(أشحة على الخير يعني الصدقة والجهاد في سبيل الله . فبهذا وأمثاله ماهم الله منافقين وأخبر عن صلاتهم وقال :لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى .£ والمثركون لا يصلون كسالى ولا نشاطی . ومضى المؤلف في سرد الأدلة حتى قال : إوقالوا لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا € إوقالوا ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا € أي قالوا غرنا الله ورسوله وكان يعدنا کنوز کسری وفيصر ونحن لا يقدر أحدنا أن يخرج إلى حاجة الإنسان لشدة حصر الأحزاب لهم في المدينة . ومنهم «والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين ¢ ضررا للمسلمين وحرسا لليهود وحمية كانت لهم في الجاهلية واتخاذا لجاه عندهم . بهذا أخبر الله عن المنافقين في كتابه وسنة رسوله بير وقال رسول الله بُ : (ثلاث من كن فيه فهو منافق : من إذا حدث كذب › وإذا اؤتمن خان › وإذا وعد أخلف) وأمثال هذا من الأحاديث عن النبيء م كثير في المنافق . فليس هو كما قال من قال : النفاق إظهار التوحيد وكتمان الثرك › وجعلوا النفاق شركا لا يتم إلا بالتوحيد › ولم نعلم شيا - 364 - يكون مثل هذا . شيء لا يتم إلا بضده وخلافه ولا يتم بأحدهما دون الاخر . وفي أحكام الله ورسوله في المنافقين ما يبين ويثبت أنه موحدون وليسوا بمشركين › وفيهم نزلت الحدود بالسياط وقطع يد السارق والرجم والقذف والقتال إن لم ينتهوا من إظهار نفاقهم وما به ضلوا وزلو .» لا منزله بين المنزلتين وذلك أن معناهم لا منزلة بين المنزلتين : أي بين الإيمان والكفر » وهما ضدان كالأضداد كلها › شبه الحركة والسكون والحياة والموت . وقد أجمعت الأمة في أصلهم على أن من ليس بمؤمن فهو كافر لقول الله تعالى : هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم وقوله : «إإما شاكرا وإما كفورا وقوله عن سليمان عليه السلام : أأشكر أم أكفر وقال : لفمنهم شقي وميد الخ الاية وقال :كما بداكم تعودون فريقا هدى وفريقما حق عليهم الضلالة يعني سمداء وأشقياء . وقال : «يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ء فأما الذين اسودت أكفرتم بعد إيمانكم ءفذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون .وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون »€ وقال في موضع آخر : وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ءووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولك هم الكفرة الفجرة 4 ومشل - 365 - هذا في القرآن كثير وفي سنة رسول الله ي . وفي لغفة العرب أن من ضيع شكر نعمة الله فقد كفر نعمته وذلك موجود في أشعارهم ءقال الشاعر : نيئت عمدا غير شاكر نعمتي والكفر مخبشة لنفس المنعم وفي خطبهم ومخاطباتهم . فنقضت ذلك المعتزلة ومن قال بقولهم إن أهل الكبائر ليسوا بمؤمنين ولا كافرين وأنهم فاسةون في النار مخلدون › ومشل هذا كثير من اختلاطهم وتناقض مذهبهم فثبتنا على الأصل المجتمع عليه نحن وإياهم › على أن من ليس بمؤمن فهو كافر» وأن الكفر ضد الإيمان كالحياة والموت ولا يخرج من أحدهما إلا دخل في الآخر ولوجاز أن يخرج من الكفر ولم يدخل في الإيمان لجاز أن يخرج من الثواب والجنة ولا يدخل في النار ولا يكون من أحدهما ‏ وهو مكلف صحيح العقل - فيكون لا شقيا ولا سعيدا › ولا موحدا ولا مشركا ء ولا صالحا ولا طالحا ءلأن هذه هي الأضداد التي لا ينفك عنها الاس » هذه القضية ‏ عند الإباضية - واضحة شديدة الوضوح رغم الخلافات الكثيرة فيها بين فرق الأمة فالناس عتدهم على ثلانة أقسام : 1 القسم الأول هم المؤمنون وهم الأوفياء بإيمانهم الملتزمون بجميع ما جاء به الإسلام - عملا وتركا - وبهم يقوم المجتمع المسلم في الدنيا وبهم تناط الرسالة الإسلامية وبهم وحدهم تحفظ حرم الله وتقام حدوده . ويوم القيامة هم في دار النعيم جزاء لهم على إيماتهم وعملهم الصالح . 2 القم الثاني وهم المشركون الواضحون في شركهم سواء كان ذلك يإنكارهم لوجود الله تبارك وتعالى أو لإشراكهم غيره معه في العبادة وبهؤلاء يقوم المجتمع المشرك في الدنيا وإليه توجة - 366 - الدعوة إلى الإسلام والقتال لتأمينها ويوم القيامة هم في دار الخزي والعذاب الاليم بعدم إيمانهم وسوء عملهم . الفريق الثالث هم قوم أعلنوا كلمة التوحيد قروا بالإسلام که ل يلتزموا به سلوكا وعبادة فهم ليسوا مشركين لأنهم يقرون بالتوحيد وهم ليسوا بمؤۇمنىن لنم لا يلتزمون ما يقتضيه الإيمان ء فهم مع المسلمين في أحكام الدنيا لإقرارهم بالتوحيد › وهم مع المشركين في أحكام الآخرة لعدم وفائهم بإيمانهم ولمخالفتهم ما يستلزمه التوحيد من عمل أو ترك . وقد أطلق الله تبارك وتعالى على هذا التوع من الناس تسمية جديدة لم تكن معروفة في الشرائع السابقة وذلك حينما اختلف المسلمون في أولشك الذين أقروا بالإسلام وتخلفوا عن الهجرة فاعتبرهم بعضهم مشرکین لتخلفهم عن الهجرة ة واعتبرهم آخرون مؤمنين لإقرارهم بالتوحيد فأنزل الله قوله تبارك وتعالى : «فمالكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا 4 إلى آخر الآيات الكريمة . وقد رم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة صورا واضحة للمنافقين تنجلي للمسلمين في كل عصر ومن الصفات التي جعلها القرآن الكريم ملازمة للنفاق ما يلى : التكاسل عن إتيان الصلاة » الإتفاق على كره » الكذب على الله ورسوله ء الحنث في اليمين الطمع المزري ء الحيرة والارتباك » شدة الجبن ءاحتمال المذلة ء شهادة الزور› التخلف عن الجهاد وعن أداء الواجبات باختلاق المعاذير ء السخرية من الضعفاء والفقراء » توقع انكشاف سلوكهم الحقيقي للناس › إيذاؤهم - 367 - بالكذب والإشاعة بين أفاضل الأمة ء ابتفاء الفتنة » تظاهرهم بالاستقامة » فرحهم بالمغانم » جزعهم عند المغارم › إخلافهم للوعد وخيانتهم للعهد › إلى غير ذلك . والقرآن الكريم في أكثر مناقشاته لهم إنما ينعى عليهم إخلالهم بالجوانب العملية وكذلك السنة المطهرة مما يدل دلالة واضحة أن النفاق يعني الاخلال العملي بما يقتضيه الإيمان ممن يقر التوحيد . وبناء على هذا ومثله فقد استعمل الإباضية كلمة النفاق للدلالة على المعاصي العملية وأطلقوها على من ارتكبها في أي زمان وكان هذا النوع من الناس يعيش في المجتمع المسلم في عهد الرسول َير وفيما بعده من عهود ولكن وجودهم ‏ في الدنيا - داخل المجتمع المسلم لم يبعد عنهم آيات الوعيد الشديدة التي تناولتهم في كل مناسبة بل جعلتهم في الدرك الأسفل من النار . وقد أطلق الإباضية على هذا القسم الثالث اسم المنافقين وكفار النعمة اعتمادا على الأدلة الكثيرة في هذا الموضوع من الكتاب والسنة لكن أكثر المذاهب الأخرى ل ثقف هذا الموقف فذهب بعضها إلى أن المنافقين مشركون أما أصحاب المعاصى العملية 1 قعل وترکا - فهم مؤمنون وذهبت مذاهب أخری إلى ُن أصحاب المعاصي العملية هم فساق وليسوا مؤمنين ولا مشركين ولا منافقين وذلك رغم ُن القرآن الكريم يقول : «والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون .4 فأنت تری أيها القارئ أن القرآن الكريم وصف المتنافقين بمعاص عملية هي الأمر بالمنكر والنهي عر ن المعروف والبخل عن - 368 - الإنفاق والإعراض عن الله ثم أكد بأن وضير الفصل أن المنافقين هم الفاسقون . ثم قال تبارك وتعالى : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون € «ومن لم يحكم پما أنزل الله فأولئك هم الظالمون€ ومن لم يحكم ہما انل الله فأولئك هم الفاسقون€ | , وتأمل أيها القارئ الكريم في الآيات الثلاثة السابقة تجد أن المولى تبارك وتعالى جعل الظلم - وهو معصية عملية سيا للحكم على مرتکبه بأنه کافر وفاسق ق أو ظالم وقد سبق لك أن عرفت في الآية السابقة أن الله تبارك وتعالى جعل المنافقين والفاسقين فريقا واحدا بصيفة التأكيد ويتضح لك من هذا جميعا أن النفاق والكفر - كفر النعمة ‏ والفسوق والظلم تصلح لمعنى وإحد ويعامل صاحبها في الدنيا معاملة وإحدة وفي الآخرة يكون لها مصير واحد . هذا أهم ما بدا لي ذكره في هذا الموضوع وأرجو أن يكون واضحا بالمقدار الذي أردته وسعيت اليه . على أنني أحب أن أختم هذا الفصل بكلمة قصيرة لقطب الأئمة الشيخ محمد طفيش فقد جاء في كتابه القيم «شامل الأصل والفرع» صفحة 25 ما يلي : «والنفاق لغة الخروج من غب المدخل › وإخفاء غير ما أظهرء وشرعا مخالفة الفعل القول ءأو السر العلانية » وإلمنافق عندي من أظهر التوحيد وأخفى الشرك وعليه أحمل ما ورد في القرآن ءومن عمل كبيرة دون الشرك › وقصره أصحابنا على الشاني وقومنا على الأول » وعلق الإمام أبو إسحاق على هذا بقوله : «وردت أحاديث كثيرة في إطلاق النفاق على الكبائر العملية »كما وردت فی إطلاق الكفر عليها . ولهذا فقد أطلق أصحاينا النفاق عليها كما 24 - 369 - أطلقوا الكفر فصار النفاق فيها مرادفا لكفر النعمة . أما غير أصحابنا فقد تكلفوا تأويلات في تلك الأحاديث فحصروا الكفر والنفاق في الشثرك ءروى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائى وأحمد عن أبن عمرو أن رسول الله ملف قال : (أربع من کن فيه کان منافقا خالصا : ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا حدث كذب ء وإذا وعد أخلف » وإذا عاهد غدر» وإذا خاصم فجر .) مسائل فقهية اجتهادية تحت هذا العنوان سوف نستعرض بعض المسائل الفقهية الاجتهادية التي يجوز فيها الخلاف ولا يقطع فيها العذر ومع ذلك فقد أوردها بعض كتاب المقالات السابقين في مقام التشنيع على الإباضية . من ذلك ما ذکره ابو محمد علي بن حزم فقد جاء في کتابه : الفصل بين الملل والتحل » ص 189 مايلي : «وشاهدنا الإباضية مندنابالأندلس يحرمون طعام أهل الكتاب › ويحرمون أكل قضيب اليس واإلشور والكبش » ويوجبون القضاء على من نام نهارا فاحتلم ويتيممون وهم على الأبار التي يشربون منها إلا قليلا منهم » هذه أحكام فقهية في مسائل فرعية كما يرى القارئ الكريم › ولا شك أن ابن حزم أوردها هنا تشنيعا على الإباضية ءوقد بأسلوب يشوبه شيء من الغموض والإبهام شأن أكثر من كتب عن الإباضية ساخطا عليهم ءحتى يجعل من المسألة التافهة مسألة ذات ˆ قيمة » وحتى يوهم الناس أن هذه الفرقة مولعة بالمخالفة حتى في أوضح الواضحات . ۱ - 370 العالم الكبير يتحدث عما تختلف فيه الفرق بعضها عن بعض في مجال العقائد » وكان معقولا ألا تذكر ‏ في مجال هذه المباحث ‏ الفروع الفقهية التي هي مجال البحث والاجتهاد والخلاف بين الفقهاء حتى من المذهب الواحد لكن ابن حزم لم يلتزم بهذا المسلك المعقول وليته حين عرض المسائل الفقهية الفرعية - عرضها بوضوح وتفصيل وصدق . ولعل القارىئ الكريم يتوق إلى معرفة ما يقوله الإباضية في تلك المسائل » وهل كان ابن حزم أمينا نزيها في نقلها ونسبتها ؟ لكي يتضح ذلك سوف نستعرضها واحدة واحدة كما يلي : 1 طعام ُهل الكتاب : ذكر اين حزم أنه شاهد الإباضية عندهم في الأندلس يحرمون طعام ُهل الكتاب . ذكر هذا الحكم هکذا مجردا في هذا الأسلوب المبهم دون أن يعنى بأي تفصيل أو إيضاح . . وموضوع طعام أهل الكتاب فيه مباحث طويلة بين علماء الأمة وفقهائها لا بين فقهاء الإباضية فحسب › وفي جميع البلدان الإسلامية لافي الأندلس فقط وعندما يتحدٹث الفقهاء عن طعام هل الكتاب فهم يقصدون الذبائح بالدرجة الأولى . علماء الأمة جميما ومنهم علماء الإباضية لا يختلفون في طعام أهل الكتاب حلال للمسلمين عندما يكون أهل الكتاب تحت الذمة » أي تحت الحكم الإسلامي ء خاضعين لرقابته . ولا يختلف الإباضية عن غيرهم من المسلمين في هذا الحكم للنص القرآني الكريم : «اليوم حل لكم الطيبات ء وطعام الذين أُوتوا الكتاب حل لكم › وطعامكم حل لهم › والمحصنات من المؤمنات ء والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم » إذا - 371 - ا 1 ۱ اتيتموهن اجورهن »محصىين عير مسافحين 6 ولا متخذي اخذان › ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله › وهو في الاخرة من الخاسرين € ولا يوجد أحد من علماء الإباضية يخالف النص ٠ ويقول بتحريم طعام أهل الكتاب هكذا على الإطلاق ۔ كما ادعی ابن حزم - ولكن منهم من يشترط لحلية ذبائح اهل الكتاب ان یکونوا تحت الذمة أي تحت إشراف حكم الدولة المسلمة ورقابتها . فإذا كانوا كذلك حل طعامهم ونكاح الحرائر من نسائهم اما إذا خرجوا عن الذمة ءبأن لم يكن بينهم وبين المسلمين صلة ولا علاقة أو کانوا محاربين لله ورسوله › أو كانوا مؤيدين لمن يحارب الله ورسوله ءمساعدين له » فإنه يحل طعامهم أي ذبائحهم ءولا تكاح الحرائر من نسائهم كما هو الحال في وقتنا الحاضر لمن لم يكن تحت الحكم الإسلامي ءومن علماء الإباضية من يعمل بعموم الأية فيجيز ذلك على جميع الأحوال . ولا شك أن المسألة مسألة فرعية اجتهادية تحدث عنها علماء الأباضية وغير الإباضية يإسهاب وتطويل وإختلفت فيها آراؤهم ولا يوجد أحد من علماء الإباضية لا في القديم ولا في الحديث يحرم طعام أهل الكتاب إذا كانوا تحت الذمة أو تحت رقابة الأمة المسلمة في أي عهد من العهود . وممن يفتي بتحريم ذبائح أهل الكتاب في الوقت الحاضر لانهم ليسوا تحت الذمة :مفتى الجمهورية العربية الليبية وقد أعلن ذلك بفتاوى وهمية عدة مرات ومما قاله : إن المسلم لا يمكن أن يرفض الميتة لأنها جاءته عن يد مسلم ثم يتقبلها من يد مشرك بدعوى أنه من أهل الكتاب فذبائح أهل الكتاب عنده في هذه الحالة في حكم الميتة وهذا - 372 - المفتي مالكي المذهب متمسك بمذهبه إلى حد التعصب مع احترامه للمذاهب الأخر ى وأئمتها . إن اين حزم يذكر أنه شاهد الإباضية يحرمون طعام أهل الكتاب فى الأندلس فان كان ذلك من بعض الأفراد على سبيل لكراهية والتقزز فذلك جائز . وإذا كان ذلك مع الذين لم يكونوا تحت الذمة أي لم يكونوا تحت حكم الدولة الإسلامية في الأندلس فذلك جائز أيضا . أما إذا زعم أن ذلك كان مع أهل الكتاب وهم تحت الحكم الإسلامي في الأندلس فقوله غير صحيح إلا إذا كانت تلك المشاهدة منصبة على فرد أو أفراد من العوام الذين يلتزمون أحكاما لا أصول لها ثم ينسبونها إلى دين أو ذهب ثم هم يتشددون في ذلك أحيانا تشديدا يخالف يسر الإسلام . وهذه النماذج موجودة في كل مذهب وهم شواذ لا ينبني على أيهم حكم ولا يجري بهم حساب . وبرجوع بسيط إلى مصادر الفقه الإباضي ومراجمه وإلى تاريخهم يتضح للقارئ ذلك النقاش الدقيق الطويل الذي أخذه موضوع طعام أهل الكتاب وموضوع نكاح نسائهم » والرأي الذي استقر عليه جمهورهم » ويتضح له موقفهم من حلية طعام أهل الكتاب › ونكاح نسائهم مطلقا . أو وهم تحت الذمة › وسيجد وقائع تاريخية كثيرة تشهد أن بعض علمائهم أكل طعام أهل الكتاب وتزوج من نسائهم وهم تحت الذمة كما يجد وقائع أخرى تشهد أُن بعض علمائهم تعامل مع أهل الكتاب بهذا الأسلوب وهم معاهتون وليسوا ذميين . على أن الموضوع اليوم ءفي عصرنا الحاضر - وقد تكالب أهل الكتاب كلهم على محاربة المسلمين بجنيع وسائل الحرب - يجب أن يرجع فيه المسلمون إلى رأي المانعين . وقد رجح هذا الرأي بالفمل كثير من العلماء المماصرين - 373 - من مختلف المذاهب ومن المستقلين . ويتشدد الكثير منهم في الطعام الذي يقدم في مطاعم أوروبا وأمريكا وغيرهما إذا كان مشتملا على اللحوم » ويشدد بعضهم التكير على الطلبة الذين يدرسون هناك ء ويقيمون مددا طويلة تشديدا يجعلهم يلتزمون بشراء اللحم من قصابين مسلمين » ولو كبدهم ذلك تعبا وعنتا . مما جمل بعضهم يستفني عن اللحم ويقتصر على الىمك والبيض ونحوه . وعلماء الإباضية اليوم يقفون نفس الموقف من هذا الموضوع › يتفقون على حلية طعام أهل الكتاب عندما يكونون تحت الذمة ومنهم من يحرم طعام أهل الكتاب المحادين » ويشدد في التحريم » ومنهم من يتساهل ويجيز عملا بالعموم في الآية الكريمة . أما موضوع نكاح نساء أهل الكتاب أي الزواج من الكتابيات فالمؤلف لم يشر إلى مقالة الإباضية فيه وهو مرتبط بموضوع الذبائح . وبقطع النظر عن سلوك الإأباضية وغيرهم في ذلك الحين › فإن عدم تحريم الزواج من أهل الكتاب في العصر-الحاضر » يكون مشكلة اجتماعية وسياسية ودينية خطيرة . ولو أباح الإسلام الزواج منهم مطلقا فإن المصلحة في هذا العصر تقتضي الاستفناء عن ذلك المباح › والابتعاد عنه » وأنا أرى ‏ إذا كان لما أراء حساب ‏ إن آراء المانعين منه أصوب » وتحريمه إلى روح الشريعة أقرب . ولعل مما يفيد القارئ الكريم أن أنقل 'ه أقوال بعض الأئمة › جاء في عقيدة التوحيد التي ترجمها عمرو بن جميع ما يلي : فان استكانوا لذلك ودفعوها ‏ أي الجزية - حرمت دماؤهم وأموالهم وسبي ذراريهم وأطفالهم غير البالغين وحل للمسلمين - 374 - أكل ذبائحهم ونكاح الحرائر من نسائيم » وإن لم يستكينوا لذلك » ولم يعطوها حلت دماوؤهم واموالهم وسبي ذراريهم › وحرم على قال قطب الأئمة في شرحه لهذه العبارة من العقيدة ما يلي : «وما ذکره المصنف هو مشهور المذهب « وفي المذهب قول آخر هو أنه تحل ذبائحهم ونكاح حرائرهم ولو لم يعطوا الجزية » ولو حاربوا لإطلاق القرآن عن اشتراط الجزية ونزل القرآن الكريم فيهم وهم محاربون ولم يشترطها . وهو قول قومنا وبعض اصحابنا محمد بن حزم في هذا الموضوع وقد رأيت كيف أن قطب الأئمة وهو من آخر مجتهدي الإباضية يرجح الجواز مطلقا ء ومن الائمة المعاصرين الذين يذهبون إلى استحلال طعام أهل الكتاب دون قيود أو شروط أستاذنا الفاضل الإمام بيوض ابراهيم بن عمر فقد كان يفتي بأن طعام أهل الكتاب ومنها ذبائحهم كيفما كانت طريقة ذبحهم حلال للمسلمين لأن الله أطلق الإباحة ولم يقيدها بأي شرط ولم يكلف المسلمين بالبحث عنهم أو التفتيش عن طريقتهم في الذبح وكل ما يجب على المسلمين حسب نظره هو التأكد من أن أهل الذبائح أهل كتاب وليسوا مشركين أو ملاحدة . 2 قصب التيس : ويقول ابن حزم :«ويحرمون | كل قضيب التيس والشور والكبش» لست أدري لماذا هذا الاهتمام الكبير من العسالم الكبير ءبهذه الألياف التي لا يعمد إلى أكلها أحد ء ولا يستسيفها أحد » سواء كانت حلالا أو حراما . وقد صدق أبن حزم في هذه القضية فإن الإباضية يبعدونها لسببين : السبب الأول أنها أشياء - 375 - قذرة تتقزز منها النفوس › وينفر منها الطبع السليم وليس فيها ما يفري على الأكل › أو يفيد الجسم . الثانى : أنها حاملة بول ولا تخلو منه ء والبول ‏ عند كثير من المذاهب منها الإباضية ‏ نجس لأنه قذر خبيث » وقد حرم الله تبارك وتعالى الخبائث . فامتناع الإباضية عن أكل تلك القضبان وتقديمها على موائدهم وفي ولائمهم يرجع إلى أنها حوامل للخبيث ء وأنها مستقذرة على كل حال ء أما موضوع الحكم بنجاسة بول ما يؤكل لحمه فهو أيضا فقهي فرعي اختلفت فيه أنظار المجتهدين ٠ وتعددت أقوالهم وطال فيه النقاش والبحث › واستقرت الإباضية على القول بالتحريم والنجاسة » وهم لا يقطعون فيه عذر من خالفهم لأنها مسألة فرعية . 3 القضاء على المحتلم : ويقول ابن حزم : «ويوجبون القضاء على من نام نهارا فاحتلم» وليس الأمر سكذا بهذا الإجمال كما زعم ابن حزم وإنما يوجبون القضاء على من أصبح جنبا مع شيء من التفريط عملا بالحديث الشريف الذي رواه الربيع بن حبيب والبخاري ومسلم ومالك في الموط » فهم يرون أن الصائم الذي ينام في النهار فتصيبه الجنابة يجب عليه عند الإستيقاظ المبادرة إلى الاغتسال › ولا شيء عليه إذا لم يهمل أو يتهاون » أما إذا أهمل الفسل أو تهاون فيه فيجب عليه القضاء لأنه ضيّع » وكذلك من أصابته جنابة بالليل فنام على نية أن يقوم قبل الفجر للتسحر أو التطهر فغلبه النوم فأصبح جنبا »یری بعض الفقهاء أن عليه القضاء لأنه أهمل دون أن يتعمد الإهمال أو التهاون » ويدرأون عنه الكفارة » ويرى البعض الأخر من الفقهاء أنه يجب عليه المبادرة إلى الإغتسال ولا شىء عليه إذا لم يتهاون أو يهمل » فإذا وجبت عليه الجنابة في ليل أو نهار ثم - 376 - تهاون فلم يغتسل فإن عليه القضاء » ويدرأون عنه الكفارة في جميع الأحوال › وقد أوضح العلامة نور الدين السالمي هذا الموضوع في شرحه على المسند فقال : «والحكم بالإفطار على من أصبح جنبا هو قول الإباضية » رواه المصنف عن جملة من أصحاب رسول الله كما رواه عن عروة بن الزبير والحسن البصري » وإبراهيم التخعي » من سادة التابعين › وحكاه ابن المنذر عن طاوس وقال ابن بطال : هو أحد قولي الشافعي . وحكى ابن المنذر أيضا عن الحسن البصري وسالم بن عبد الله بن عمرء أن من أصبح جنبا عليه أن يتم صومه ثم يقضيه . وروى عبد الرزاق عن عطاء مثل قولهما ء ونقل عن الحسن بن صالح وعن النخعي : إيجاب القضاء في الفرض دون التطوع .» هذا تحرير المقام وهو كاف في الموضوع واين حزم أصاب الحقيقة حين نسب هذا القول إلى الإباضية.ولو أنه جاء به في صيغة إجمالية مبهمة بين مجموعة من المسائل منها ما لايقول به ألإباضية مطلقا ومنها ما يقولون به ولكن ليس على الإطلاق الذي أُورده ابن حزم . التيمم مع وجود الماء : ويقول أبن حزم : «ويتيممون وهم على الأبار التي يشربون منها » ويخجلني أن أقول للعلامة ابن حزم إن هذه الدعوى باطلة لا أساس لها من الصحة فإن يكن سمعها من الغير فهي كذبة بلقاء جازت عليه » وإن زعم أنه عرف ذلك بنفسنه - كما صرح انه شاهد ذلك بنفسه .- فهو وهم من العالم الكبير ولا أحسبه يتجنى . والذي يحملنا أن تقف هذا الموقف الذي لا يخلو من العنفه هو أن أكاذيب كثيرة جرت على أقلام شهيرة ضد الإباضية منها ما - 377 - يناقض بعضها بعضا ء ومنها ما يكذبه الواقع وتبطله الحقائق المعروفة الثابتة . مما يدل أن تلك الأكاذيب صدرت عن مخيلات تتصورء لا عن مشاهدات تبصر أو حقائق تقع . كتب الإباضية - وفي الطهارت خاصة - موجودة ومنتشرة في عصر ابن حزم وقبل أن يوجد » وليس فيها ما يشتم منه أي نوع من التساهل في قضية الطهارة والصلاة . وقد عرف الإباضية قديما وحديشا بتشددهم في مسائل الطهارة وحرصهم عليه حتى أوجبوا - عمليا - الاستجمار قبل الاستتجاء وحتى أنهم لم يجوزوا المسح على الخفين › واعتبروا الأحاديث الواردة في الموضوع منسوخة بآية الوضوء . وما اشتهروا به في سلوكهم وسيرهم من التشدد في الطهارة يقف حائلا دون تصديق هذه الدعوى . بل إن جميع من عاشرهم قديما وحديثا يشهد لهم بتشددهم في مسائل الطهارة عموما › وفي الوضوء والفسل خصوصا . وابن حزم في قوله هذا يزعم أن الأكثرية منهم يتيممون وهم مقيمون على الآبار التي يشربون منها. فكيف عرف هذه الأكثرية ؟ وكيف أتيح له أن يراهم على آبارهم يتيممون ء فهل كان من عادتهم إذا أراد أحدهم الصلاة أن يبذهب إلى البئر ثم يجمع التراب ويتيمم ؟ إنه لو زعم أنه رأى فردا أو أقرادا أو حتى جماعة منهم يفعلون ذلك لاحتمل كلامه التصديق . ويحتمل حينئذ أن يكون ذلك المتيمم أو المتيممون على البئر متهاونين بأحكام الطهارة أو معذورين بمذر شرعي خفي على‌اين حزم . أما أن يزعم أن هذا عمل الأكثرية فهذا باطل من القول » ترده طبيعة السلوك عند المسلمين عموما » وعند الإباضية خصوصا . على أن رؤية فرد أو أفراد يتهاونون بحد من حدود الله » من أي مذهب وفي أي عصر ءأمر محتمل الوقوع ولكن ذلك لا يدل - 378 - على أنه عمل الأكثرية من أصحاب ذلك المذهب ء كما أنه لا يدل أبدا على أن ما يفعله أولشك المتهاونون هو رأي أوقول في المذهب . فلو رأينا مجموعة من الناس من أي مذهب كان إباضيا ُو مالكيا أو شافعيا أو حنبليا أو غيرها - يصلون بدون طهارة أو يشربون الخمرة - مهما كان عدد تلك المجموعة - لم يصح لنا أن نقول أن أكثرية المذهب القلاني تفعل كذا أو أن المذهب الفلائي يبيح كذا استنادا إلى تلك المشاهدة . وإنما يجب أن تنسب الفعل لى من يقوم به فقط . لأن ذكره في سياق الحديث عن آراء المذاهب ومقالاتها يوحي أن قواعد المذهب هي التي تجيز ذلك العمل » وهذا خطاً واضح فاحش . إنك الآن قد تدخل إلى بعض البلدان الإسلامية في رمضان فتجد المقاهي والمطاعم مفتوحة دائبة الحركة › والناس يترددون عليها يتناولون منها فهل يحق لك إذا رأيت ذلك في بلد يغلب على أهله مذهب معين أن تقول أن أكثرية أصحاب ذلك المذاهب يأكلون في رمضان استنادا إلى ما رأيته ؟ وفي العصر الذي كان يعيش فيه ابن حزم كان هناك في الأندلس مجالس للغناء والخمر يفشاها الناس بالعشرات ولا سيما في مجالس الأمراء والحكام فهل يصح لأحد ‏ يناء على تلك المشاهدات ‏ أن يقول أكثر المسلمين في الأنسدلس يغنون ويسكرون . وفى هذا العصر الذي استعلنت فيه المعصية وأصبحت بعض الموبقات ترتكب جهارا هل نبتطيع أن ننسب تلك الموبقات إلى أكثرية مذاهب اولك العصاة المارقين ء بل هل يحق لنا أن نعرضها ونحن نذكر بعض ما تتميز به مذاهب عن مذاهب ۽ أو تختص بة مذاهب دون مذاهب . - 379 - وعلى كل حال » ويكل اعتبار ءومهما كانت التأويلات فن الحكم الذي أطلقه ابن حزم في قضية التيمم غير صحيح ولا وجود له عند الإباضية لأن الإباضية يقولون أنه لا يجوز التيمم إلا في حالة العجز عن استعمال الماء إما لفقدانه وإما للعجز عن استعماله › وفي ذلك تفصيلات وشروح معروضة في كتب الفقه . _ الحدود : ذكر الأستاذ عبد القادر شيبة الحمد أن من مذهب الإباضية : ”ُن من زنی أو سرق فيم عليه الحد ثم استتيب فان تاب والا قتل » هذه فرية عن الإباضية أطلقتها شفة آثمة مغرضة ‏ ولسنا نتهم بها الأستاذ عبد القادر شيبة الحمد فانها موجودة في مصادر قديمة ريما أخذ منها ‏ وكل مسئولية الأستاذ عبد القادر في هذا الموضوع وأشباهه إنما هو في التقصير وعدم التثبب ء وعدم النزاهة عند الحديث عن الفرق . وكان عليه أن يثبت ويتحقق قبل أن يرمي الكلام على عواهنه . لا سا س لهذا الرأي عند الأباضية فحد الزنا وحد السرقة ثبتا بالنص وكذلك بقية الحدود › وما ثبت بالنتص عند الإباضية فلا مجال فيه للرأي › ولا يتجاوزون فيه حكم النص » بل إن الإباضية يرون أن أهم ما يميز الإمام العادل من الجائر هو إقامة الحدود كما ثبتت . والحكم - عندهم ‏ على الزاني المحصن الرجم ثبت ذلك بالسنة القولية والعملية » وعلى الزاني غير المحصن الجلد ثبت ذلك بتص القرآن الكريم . وعلى السارق القطع ٠ بشروط مبينة ومفصلة في كتب الفقه التي تعالج هذه المواضيع وكذلك بقية الحدود ولو أخذ عبد القادر شيبة الحمد أي كتاب منها لوجد الكلام فيها واضحا . يشرح الحدود › وطرق إثباتها 4 وطرق تنفيذها . بل إنني أوكد أن الأستاذ لو تداول كتب السير والتاريخ التي تتحدث عن ¬ 380 - الامامات التي أقامها الإباضية في المشرق أو المغرب لوجد فيها حالات أقامت فيها تلك الإمامات بعض الحدود في أحداث حصلت فلم تتجاوز فيها النصوص ء ولم تقتل إلا من كان حده القتل . أما الاستتابة والتوبة وعدمها فيتعلق بها عند الإباضية حكم آخر هو حكم الولاية أو البراءة ءأي الحب في الله من أجل الطاعة أو البقض في الله من أجل المعصية . فكل من ارتكب جريمة يلزمه بها حد فهو مرتكب لكبيرة ء وتجب البراءة منه لارتكابه تلك الكبيرة » فان تاب واعلن ذلك وندم على ما فعل رجع إلى ما كان عليه من الولاية وإن أصر على معصيته بقي كذلك في حكم البراءة . ولا شك أن القارئ الكريم يعرف أن البراءة لا تعني القتل وإنما تعني كراهة القلب › وإظهار السخط ء وجفاء المعاملة من اجل ركوب المعصية . ۱ هذأ ما يقوله الإباضية في هذا الموضوع ولعلماء الامة من جميع المذاهب مناقشات طويلة في معاملة من أقيم عليه الحد وفي حكم عدالته » وهل هو كفءأو غير كفء » كما أن لهم مناقشات طويلة في الذي يتكرر منه الجرم 4 وتتکرر إقامة الحد عليه عددا من المرات › ورأى الإباضية في جميع ذلك هو رأي ن ي لسرقة يدد اتك ب حلاف في المضو الذي بقاع د ال الرابمة ة عل يتتقل الد من الجلد إلى القل . إو إل الإعفاء ؟ أو يبقى حد السكران هو الجلد باستمرار » وتقرير هذا الحكم وحده كاف للرد على زعم الأستاذ عبد القادر ومن رجع إليه . - 381 - وعلى كل حال فلا شيء في الحدود عند الإباضية يعد غريبا يختص بهم أو يختصون به ومن أراد التفاصيل فليراجع المطولات . وبع کل هذا أو بعد كل هذا نهي سائل فرعية اجتهاديا شي غير ما يتناوله النص ‏ مما تختلف فيه الأنظارء وراجع إن شثت مزيدا من البيان في الفصل الذي عقدناه (لابن حزم والإباضية) . 6 قتل النساء والأطفال : يقول الأستاذ عبد القادر شيبة الحمد في كتابه السابق ما يلي : «لم يستبيحوا قتل النساء والأطفال » ومفهوم هذه العبارة نهم أباحوا قتل الرجال وهذا ليس بصحيح إن الإباضية كغيرهم من المسلمين لا يستبيحون الدماء البشرية مطلقا إلا إذا كان ذلك بناء على حكم الله تبارك وتعالى وعلى مره لهم بذلك إما لإقامة حد من حدوده ُو لتأمين دعوة الناس إلى الإسلام وتعميم حكمه عليهم وذلك في الجهاد في سبيل الله ءأو في در العدوان الواقع على المسلمين للقهر والتسلط ء أو للسلب والنهب . أو كان ذلك قياما لإسقاط حكم ظالم غاشم فاسد › وإقامة حكم إسلامي عادل مكانه . وفي جميع هذه الأحوال يرى الإباضية أنه يجب أن تكون دماء العجزة البرآء - سواء كانوا شيوخا أو مرضى أو نساء أو أطفالاً أو حتى معتزلين لحركة القتال - مصونة امتشالا وعملا بأمر رسول الله ی واقتداء بخلفائه الراشدين عند توجيههم لجيوش الفتح . ولا شك أن الأستاذ عبد القادر يقصد بدماء النساء والأطفال ٤ دماء نساء الما ن وأطفَالهم عندما تثور بينهم حروب أو فتن . والإباضية في هذا الباب لا يبيحون إلا دماء المشتركين بالفعل في العدوان والقتل › ولا يجيزون قتل النساء ولا قتل الأطفال ولا قتل العجزة › ولا قتل المسالمين الذين لم يشتركوا في القتال - 382 - ويمنعون من تتبعهم عند انهزامهم ومن الإجهاز على جرحاهم › ومن أخذ أي شيء من أموالهم ويوصون بالحرص في معرفة من تولی القتل بنفسه حتى ينفذوا فيه القتل فيكون من باب القصاص - من قل ق,تل ‏ ولا ايكون في غيرهم ممن اشتر ك ولم يباشر عملية القتل ومعنى هذا أنه حتى عندما يشترك أحد الناس في قتالهم ويكون مع عدوهم فهم يتجنبون قتله في ميدان المعركة إلا إِذا ثبت أنه قتل بالفعل أحدا منهم فإنه حينئذ يقتل في المعركة على صورة القصاص فإذا انتهت المعركة توقف السيف عند الإياضية ولم يجز أن يريق بعد التوقف أي دم . ولقد يكون من المفيد للقارئ الكريم أن أنقل له في آخر مناقشة هذه النقطة ما يقوله الإمام أبو يعقوب الوارجلاني فقد قال في الدليل والبرهان الجزء الثالث ص 59 ما يلي : «الفتنة الأولى : وهي التي تقع بين أهل الدعوة ءوليس فيها استحلال دم ولامال . وحركاتهم منها حرام . والقاتل والمقتول في النار ءوقد قال رسول الله يي (إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في الان . وبعد التدليل على هذا الرأي قال : «الفتنة التي تقع يننا وبين المخالفين : اعلم أن الفتنة التي بين المخالفين وأهل الدعوة هي على وجهين : إذا كان أصلها للم فيها من أعل الدعوة يدنا ييا فهي مثل التي تکون بين اهل الدعوة بينهمٍ البين . وإن كان أصلها وإلظلم فيها من المخالفين فهذه دون الاولى ٠ فإذا وقعت الضرورة فيسع المسلمين أن يذبوا ويدفعوا عن المظلومين وأن يظهروا البينونة بينهم وبين اهل الدعوة إذا أظهر منهم الفساد مشل ما يظهر من أهل الفتن . وينهوهم عن ذلك ما قدروا » أو يبينوا أنهم ليسوا بأصحابهم فيها . - 383 - وإن رجعت من المخالفين ديانة » دفعنا عن أهل دعوتنا ما قدرنا عليه › ولا نساعدهم على فساد الأموال بل ننهاهم عن ذلك » ويقول أبو يعقوب في نفس الكتاب الجزء الثالث ص 54 ما يلي : وإن حاربناهم وهزمناهم فإنا لا نتبع مدبرا ولا نجهز على جريح » وأموالهم مردودة عليهم » إلا ما كان لبيت المال فإنا نجوزه على وجهه » ولا نتورح عن جميع ما في يديهم من المظالم عندنا ذا کان جائزا في مذهبهم وما کان في ايديهم من مال بيت مال المسلمين فإنا نأخذه ولا نرده إِليهم ونص مه في وجوهه وإن كان مظلمة رددناها إلى أهلها .» أحسب أن هذا يكفي لإيضاح الموضوع . 7 قتل المشبهة : يقول الأستاذ عبد القادر شيبة الحمد في كتابه السابق ما يلي : «أباحوا قتل المشبهة واتباع مدبرهم وسبي نسائهم وذراريهم بناء على أنهم مرتدون › وأن أبا بكر رضي الله عنه فعصل هذا بالمرتدین .» يبدو لي أن الالتواء في هذا التعبير مقصود من الذين صاغوه وکان ينبغي أن يقال أن الإباضية يرون وجوب قتل المرتدين . أما الحكم على المشبهة بأنهم مرتدون يحل قتلهم هكذا على الاطلاق فهو کلام ملتو يحتاج إلى إيضاح وتصحيح ولإيضاحه وتصحيحه أقول ما يلي : المشبهة عند الإباضية على ثلاثة أقسام : - المجسمة وهم الذين يزعمون أن الله - تبارك وتعالى وننزه ۔ جسم كأجسامهم بطول وعرض ولون وجوارح محددة . والاباضية يحكمون على هذا القَسم بأنهم مشركون . - 384 - 2 أشباء المجسمة وهم الذين يزعمون أن الله تبارك وتعالى جسم كالاجسام بطول وعرض إلا نهم يحترزون بكلمة «ونحن لا نعرف ذلك» وهؤلاء أيضا يحكم عليهم الإباضية بالشرك . القسم الثالث وهم أغلبية المسلمين غير الإباضية والزيدية والمعتزلة الذين يعتقدون تنزيه البارئ جل وعلا عن مشابهة الخلق ولكنهم يثبتون المعاني الحرفية لبعض الكلمات التي وردت في القرآن تثبت له الحركة أو الجوارح كاليد والعين والساق والمجيء والنزول والاستواء والمسرة والضحك فيمسكون عن تأويلها بالمعنى المناسب ويقولون كما أراد الله . فهم يثبتون معانيها ويفرون من التشبيه ياعلان التنزيه . ويقول الإأباضية عن هؤلاء بأنهم مشبهة لانم أخطأوا في التأويل ولكنهم لا يحكمون عليهم بأنهم مشركون بل هم جمهرة المسلمين ويرون أن لهم من الحقوق وعليهم من الواجبات مثل ما على بقية المسلمين إذ أن عقيدتهم التنزيه كعقيدة الإباضية وكل ما هنالك من فرق أن الإباضية أولوا الكلمات الموهمة للتشبيه بما يؤدي المعنى ولا ينافي كمل الله فقالوا عن العين أنها العلم والحفظ وقالوا عن اليد أنها النعسة والقدرة وقالوا عن الإستواء إنه الملك والقهر وإلغلبة وهكذا في جميع ما ورد في القرآن الكريم أو السنة النبوية الثابتة مما يوهم نتشبيه وقد رجع المتأخرون من الأشعرية إل التأويل وتقبلوه و صبحوا يقولون به . والذي رید أن يكون واضح لدى القارئ الكريم هو التفريق بين المجسمة بنوعيهم وبين المشبهة فالمجسمة يعتبرهم الإباضية مشركين لا فرق بينهم وبين عبدة الأوثان بسبب تصورهم وتصو يرهم لإلههم بصورة المخلوق المحدود . 25 0 - 385 - أا المشبهة وهم المخطئون في التأويل على رأي الإباضية فأثبتوا لله تبارك وتعالى ما ورد في القرآن أو السنة مما يوهم التشبيه مع اعتقاد التنزيه . واعتماد المخالفة بين الخالق والمخلوق › واعتبار الآية الكريمة ليس کمثله شيء€ محور عقيدة المسلمين › والإباضية لا يحكمون على هؤلاء بالردة ولا بالشرك بل هم إخوتهم في الإسلام وإن اختلفوا معهم في بعض الأشياء وقد يطلقون عليهم اسم المشبهة في مواطن الجدل والمناقشة لا سيما عندما تتخذ مواقف الجدل بعض صور العنف الكلامي ولكنهم مع جميع الاعتبارات لا يعتبرونهم مرتدين ولا مشركين ولا يحكمون عليهم بأحكام ھؤلاء . _ من هذا يتضح لك أيها القارئ الكريم أن عبارة الاستاذ عبد القادر فيها شيء من الغموض والإبهام فهو إن كان يريد بالمشبهة من يسميهم الإباضية المجمة فكلامه صحيح إلى حد ماء أما إذا كان يقصد بهم من يطلق عليهم الإباضية اسم المشبهة فكلامه غير صحيح البتة وقد علمت ما عند الإباضية ثم إن الإباضية يعدون من أهم مسائل الخلاف بين الإباضية من جهة وبين الزيدية أو التكار من جهة ثانية أن الزيدية وكذلك النكار يحكمون بشرك المشبهين بالتأويل » ويكفي هذا ردا على الأستاذ عبد القادر شيبةٍ الحمد . ۱ - 386 - خلاصة آراء الإباضية في هذا الفصل أحب أن أعرض على القارئ الكريم نماذج من أساليب الكتاب المعاصرين والمستثرقين في عرض آراء الإباضية › وبيان مقالاتهم » ليرى المقاييس التي يستعملونها في تقدير الخط والصواب والحق والباطل في عقائد الأفراد والجماعات › وليتبين له مدى الجهد الذي بذله كل واحد منهم في دراسة موضوع هام کھهذا الموضوع ‎WH‏ يجمل الأستاذ أيو زهرة آراء الإباضية فيما يلي : ` 1 «إن مخالفيهم من المسلمين ليسوا مشركين ولا مؤمنين › ويسمونهم كفارا . ويقولون عنهم إنهم كفار نعمة › لا كفار في الأعتقاد ءوذلك لانهم لم يكفروا بالله ولكنهم قصروا في جنب الله الى . ماء مخالفيهم حرام ءودارهم دار تتوحيد وإسلام .إلا مسكر السلطان ولكني لا ينون فا ء فهر يسرو في أيه أن دار مخالفيهم ودماءهم حرام . 3 لا يحل من غنائم المسلمين الذين يحاربون إلا الخيل والسلاح وكل ما فيه من قوة في الحروب ويردون الذهب والفضة . - «تجوز شهادة المخالفين ومناكحتهم والتوارث معهم .» #9 الأستاذ عبد القادر شيبة الحمد فيما يلي : 1 يعتبرون دار مخالفيهم من ااهل القبلة دار توحيد إلا معسكر السلطان فانه دار بفي عندهم . اختلفوا في النفاق على ثلاثة أقوال : فقالت طائفة منهم هو براءة من الشرك والإيمان جميعا . لقوله تعالى جمذبذبين بین ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء€ وقالت طائفة منهم : إن - 387 - النفاق قاصر على من سماهم الله عز وجل به عند نزول القران فلا نزیل اسم النفاق من موضعه » ولا مي به غير من سمى الله عز وجل . وقالت طائفة منهم المنافقون أهل توحید ولكنهم أصحاب كبائر لا يدخلون في الشرك وإن سميناهم کفارا . 3 ومن مذهبهم أن من زنى أو سرق أقيم عليه الحد ثم ستتيب فإن تاب وإلا فقتل . ل ييا قتل لماه والألقال ٠ 5 أباحوا قتل المشبهة » واتباع مدبرهم وسبي نسائهم وذراريهم بناء على أنهم مرتدون وأن أبا بكر رضي الله عن فعل هذا بالمرتدين » ويلخصها الأستاذ إبراهيم محمد عبد الباقي فيما يلي : 1 «التنزيه المطلق لله تعالى ويوجبون تأويل المتشابه بما يليق بجلال الله تعالى كاليد تؤول بالقوة وتارة بالنعمة › فمذهيهم مذهب الخلف في المحكم والمتشابه . 2 لا يرون رؤية الله تعالى فى الدنيا ولا فى الآخرة » وهذا من كمال الله تعالى » لأن الرؤية تستدعي مشابهة الله لخلقه › وكذلك يستدلون بالآية الثريفة : للا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير وما جاء في السنة ۷ يعارض القرآن الكريم لأنه خبر الآحاد » وخبر الآحاد لا يفيد إلا الظن ء والظن لا ب يصح دليلا على العقائد › ويفسرون الحجب في الاية الكريمة كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجو بون€ بأنه غير الرؤية + . 3 يرون أن صفات الله تعالى ذاتية ليست قائمة بمعان قائمة بذاته . - 388 - 4 لا يكفرون أحدا من أهل القبلة إلا إذا أخل بالاعتقاد الإسلامي ء كإنكار ما علم من الدين بالضرورة » كأن ينكر إنسان صفة من صفات الله تعالى أو نبيا من الأنبياء » أو حرفا من القرآن الكريم . 5 يرون أن القراءات السبع متواترة . 6 يعرفون المذهب الإجتهادي بقولهم : المذهب ما استبان به لكل فرقة عن الأخرى في الفروع التي لاتأثيم فيها . فحرية الرأي وحرية المذهب مكفولة ء وان الخلافة لا تكون إلا من أهل الحل والعقد . 7 إن مرتكب الكبيرة عندهم ليس مشركا ء وأن أهل الجنة خالدون فيها » وأهل النار خالدون كذلك ء فهم يخالفوننا في عقيدتنا : وهو أن العاصي من المؤمنين يدخل النار حتى يطهر من معصيته » لأن المعاصي رجس ء والجنة طاهرة فلا يدخلها إلا الطاهرون . 8 يخالفوننا في بعض فروع الفقه :مشل رفع اليدين عند التكبيرات في الصلاة ومثل وجوب سجدة التلاوة حين ساع الأية وغير ذلك من المسائل التي لم تكن موضع إجماع .» ويذكر المستشرق جولد تسيهر منها ما يلي : 1 القرآن مخلوق . 2 ليس من الممكن رؤية الله في الأخرة . 3 تأويل بعض مسائل الحياة الأخرى تأويلا مجازيا (الميزان الصراط ) 4 كل تشبيه ظاهر وبخاصة استواء الله على العرش يجب تأويله تأويلا مجازيا .» ويضيف إليها المستشرق نللينو ما يلي : - 389 - الله لا يغفر الكبائر لمزتكبيها إلا إذا تابوا قبل الموت . 6 عذاب النار أيدي حتى لمرتكب الذنب من المسلمين › وهو إذا مات دون أن يتوب لا تنفع له شفاعة الملائكة والرسل والأولياء . 7 صفات الله ليست بزائدة على ذات الله ولكنها عين ذاته. 8 يقول الإباضية في شال إفريقيا بالحرية المحدودة في صورة (الكسب) أو الاكتساب عند الأشاعرة » إذا رجعنا إلى إجراء مقارنة بين مااستخلصه الكتاب الخمسة السابقون نجدهم يصدرون من اتجاهين : ۱ الاتجاه الأول : وهو الاعتماد والأأخذ ‏ بدون نقد أو تحقيق - من مصادر قديمة ليست معبرة تعبيرا ذاتيا عن الإباضية › ولا صادرة عمن يعبر عنهم ‏ أو بتعبير أدق ‏ يصح له أن يعبر عنهم › وهذا الاتجاه عرضة للوقوع فى الأخطاء ولو بدون قصد › ومع حسن النية . ۱ وقد اختار الأستاذ أبو زهرة » وعبد القادر شيبة الحمد ء أن يصدرا من هذا الاتجاه » فكان فيما كتباه بعض الخطاً › وبعض عدم الدقة في التعبير وشيء من الإيهام والإيهام . ولا شك أنهما يريان أنهما غير مسؤولين عن "ذلك ما دام مأخوذا من مصادر موجودة متداولة » تحظى بثقة الكثيرين » ولها حرمة وتقدير في أوساط البحث العلمي . ولكنني أرى أن أقل ما يمكن أن ينسب إلى سلكهما أنه تهرب من المسؤولية التي ثقة الأمة في أعناقهما أو هومحاولة للتخلص من المسؤولية وإلقاء ثقلها على الغير » وهما يعالجان اليوم موضوعا ترجو متهما جميع الأطراف أن يضعا له صورة صحيحة وسليمة ومتفقة مع الحقيقة والواقع » متجاوزين تلك الرواسب التي تركتها ظروف لم يبق لها - 390 اعتبار ءفلم ينهضا بما ينبفي لهما وألقيا وزره على أقلام سكتت منذ ألف سنة . الاتجاه الثاني : الرجوع إلى مصادر الإباضية أنفسهم لأخذ آرائهم منها » وتلك المصادر هي التعبير الذاتي للإباضية عن آرائهم أوعن بعض آرائهم أو هي صادرة عمن يصح له أن يعبرعنهم لأنه يعتقد نفس اعتقادهم . وهذا الاتجاه كفيل بأن تكون الأحكام الصادرة منه صحيحة أو أقرب إلى الصحة ء ولا يمكن أن تتسرب إليه الأخطاء إلا من عدم الفهم » أو من اللجوء إلى بعض الأقوال المتطرفة التي هي تعبير عن رأي فرد وليست تعبيرا عن راي المذهب المقصود ‏ والتطرف الفردي موجود عند أتباع كل مذهب وهذا التسرب للأخطاء بعيد الاحتمال جدا . وقد اختار الأستاذ إيراهيم عبد الباقي أن يصدر من هذا الاتجاه كما اختار نفس المسلك كل من المستشرقين تسيهر ونللينو وكان ما كتبوه ۔ ثلائته(1) عن بعض الأصول ُو الأراء ونسبوه إلى الإباضية › هو حقا مما يقول به الإباضية › والتعبير عنها في الغالب هو تعبيرهم وفيما عبر عنه هؤلاء الكتاب الشلائة أساليبهم الخاصة كان تعبيرهم فيها واضحا لا التواء فيه يؤدي المعنى المقصود أو الصورة المعروضة . وإذا رجعنا إلى تلك الملخصات ومقارنتها نجد اللقاء يكاد يكون كاملا بين من يصدر من الاتجاه الأول , وكذلك يكاد يكون اللقاء كاملا بين من يصدر من الاتجاء الثاني . وفي نفس الوقت نجد البعد شاسعا بين الفريقين الأول والشاني حتى كأن كل فريق منهما يكتب عن فرقة غير الفرقة التي يكتب (1) يقتصر حكمنا على ما تقشناء في الفصول السابقة . - 391 - عنها الآخرء وبقليل من التأمل نجد أن الفريق الأول عالج مجموعة من مشاكل الحياة السياسية التي يهتم بها الحكام في تلك العهود عندما كثر عليهم النقد . وأن في تلك الآراء ما تنسبه السياسة الماكرة - قصدا ‏ إلى بعض الناس أو الطوائف حتى تخفف من حندتهم » وتقلل من اتصال الناس بهم » والالتقاء معهم » والتفهم لدعواتهم وبنظرة بسيطة إلى ما ذكره الأستاذان أبو زهرة وشيبة الحمد نجد أن تلك لمواضيع كلها تتعلق بالتعامل والسلوك أما مع الدول القائمة أو مع طوائف الامة ء 'انظر إليها إن شئت من جديد فهي : حكم المخالفين من المسلمين » دماءالمخالفين ء دار المخالفين › معسكر السلطان ء غنائم أموال المسلمين المخالفين ء شهادة المخالفين » مناكحة المخالفين ء التوارث مع المخالفين ء على من يطلق النفاق » الحكم على الزاني والسارق . قتل النساء والأطفال › قتل المشبهة . إذا تأملت هذه المواضيع التي يراها أبو 6 وشيبة الحمد ملخصا لرأي الإباضية تجدها جميعا تتعلق حي التعامل مع دولة مخالفة أو طوائف مخالفة وهي آراء نسبتها ا موجهة للإباضية في عهود الاضطراب السياسى ويكفي هذا فيما أحسب للدلالة على أن من يكتب عن فرقة تسا صي مار شيره پيد عن ولا يسام من التجني » أو هو في الحقيقة واقع في من أول خطوة وأن ما يجيء على لسانه أو قلمه من الصواب فيها فهو بمحض الصدفة . وإذا رجعنا إلى ماكتبه الفريق الشاني فبقليل من التأمل نجد أن ن ما عالجه هذا الفريق في صيم موضوع مسائل التوحيد وعلم الكلام بعيدة كل البعد عن القضايا السياسية التى جرى وراءها كتاب المقالات الأقدمون رجهم عن صبيم إلى موضوع - 392 - جانبي ترید السياسة أن تدعم به وجودها وتحكمها فساروا في مخططها - بدون وعي غالبا إلى اخر الشوط الذي تريده . وبنظرة بسيطة إلى المواضيع التى سقناها لهؤلاء الكتاب يتضح قار الكريم الاتجاه الصحيح تماما . فأعد النظر إن شت فيما ياتي : التنزيه المطلق للبارئ جل وعلا » استحالة الرؤية في الأخرة ء صفات الله ذاتية › لا يكفرون أحدا من أهل القبلة ء القراءات السبعة متواترة » معنى المذهب الاجتهادي › مرتكب الكبيرة ليس مشركا » القرآن مخلوق » تأويل بعض مسائل الحياة الأخرى (معنى الميزان والصراط) تأويل المتشابه » لا تغفر الكبائر بغير التوبة › القدر . هذه القضايا التي لخصها الفريق الثاني من مقالات الإباضية وذکروا فيها وجهة نظرهم هي مستقاة من كتبهم بإجمال أحيانا وبتفصيل قليل أحيانا أخرى . ولا شك أن القارئ يدرك الآن الفرق بين الكتاب الموجهين - ولو بدون علم ‏ الذين يساقون إلى بحث مشاكل مفتعلة › وإعطاء أحكام عن آراء معينة فيها جوانب مقصودة » ثم نسبتها إلى جهات محددة خدمة لأغراض سياسية خاصة ءوبين الكتاب الذين ينتهجون المنهج السليم في البحث العلمي لمعرفة الحقائق الثابتة . بقي علي أن أشير ‏ في نهاية هذا الفصل ‏ إلى أن بعض الكتاب يدعون الإحاطة فيقولون ‏ مثلا ‏ هذا ملخص آراء الإباضية » وهذه لعمري دعوى عريضة جدا لا يستطيع كاتب أن يقوم بها في بحث ملخص من كتاب أو عدد من النقاط المحدودة › ذلك لأن من يزعم الإحاطة ينبغي له أن يكون قد استقصی جميع المشاكل التي أثيرت في مختلف العصور ثم يعرف فيها موقف س 393 - الفرقة التي يدعي إحاطته بمقالاتها ‏ واحدة واحدة ‏ وهذا جهد ليس بالسهل ولا اليسير ولذلك فمما يرد على أي كاتب من كتاب مقالات الفرق أن يزعم أنه يلخص آراء فرقة في عدد محدود من النقاط ء أما إذا زعم أنه يعرض آراء الفرقة في قضايا معينة محدودة فذلك مستساغ ولا ينظر فيه إلا من جانب التوفيق في معرفة الحقيقة أو غلبه الخطاً عليه . - 394 - مفاهيم يحب أن تختمي ُهل السنة وأهل البدعة مفاهيم یجب أن تختفي مكان الإأباضية بين المذاهب الإسلامية مفاهيم يجب أن تختفي الحدل في اللوازم ولیس في أصول العقائد مفاهیم يحب ُن تختمي في الغفرق بين الفتنة والخروج مفاهيم يحب ُن تختفي تأثر المذاهب الدينية بالاتحاهات السياسية مفاهيم يجب ان تختفي مقارنة - 395 - أثناء مناقشتي لبعض ألمواضيع كانت تعن لي آراء خاصة يشق على شى أن يثقل على القارئ الكريم الاستطراد إليها › رغم أنني لم أتجنب الاستطراد في كثير من الأحيان حين أعتقد أنه يساعد على إيضاح ما أعرضه من صور. بل لا أتحاشی التكرار لنفس السبب ٠ أهل السنة وأهل البدعة . مكان الإباضةية . الجدل في اللوازم وليس في أصول العقائد . في الإجماع . ۱ الفرق بين الفتنة والخروج تأثر المذاهب الدينية بالاتجاهات السياسية . مقارنة بين شخصین . - 396 - مماهیم يحب ُن تختمي سبق إلى أذهان الناس ‏ بسبب ما يقوله كل أصحاب مذهب عن أنقسهم - بأنهم أصحاب الحق . وأهل المدل وأهل الصواب ٠ واهل السنة . واهل الاستقامة » وبما يقولونه عن غيرهم من انهم أعل الزيخ » وأهل الضلالة » وأهل البدعة . وأهل الأهواء ء وبأنهم فعلا أهل الحق وبأنهم في الجنة وبأن غيرهم فعلا أهل الباطل وأنهم في النار هذه المفاهي. المبنية على أنانية مذهبية بجحب ُن تختفي وان يقوم بدلها مفهوم هو أنه ليس هناك في الإسلام إلا أمة واحدة هي الأمة الإسلامية التي وعدها الله تبارك وتعالى بكل خير . وليس فيها مجموعات او طوائف ُو فرق تدفع هكذا بوصفها الجماعي إلى الهاوية . وإنما فيها أفراد يشذون عن الأمة بانتهاك حرم الإسلام ومن شذ بالانتهاك المعتمد شذ إلى النار فالأوصاف الحميدة يجب أن تطلق على الأمة الإسلامية جمعاء والأوصاف الذميمةمن اليم والضلال والابتداع واتباع الهوى فهي أوصاف لا تطلق إلا على من يستحقها من الأفراد بسبب الانتهاك ن وإن شئت مزيدا من الإيضاح فاقراً المقال الآتي : أهل السنة وأهل البدعة اعتاد أتباع كل مذهب أن يطلقوا على أنفسهم أحب الأسماء - كأهل السنة ء أهل الاستقامة ء أهل العدل ء أهل الحق ء وأن يطلقوا على مخالفيهم أقبح الأسماء » كأهل البدع ء أهل أهل الضلال » أهل الزيغ » وكان الكثير منهم يفتحون أبواب الجنة على مصاريعها لاتباعهم » ويقفلونها ياحكام أمام أنظار الآخرين ‏ ويبلغ بهم التطرف إلى أن يقدموا فساق مذاهبهم على صلحاء 397 - غيرهم » ومن الأمثلة القريبة لذلك أن فقهاء الأشاعرة يقولون بان لملم الصاصي د يخلد في التار وإن دخلها ء ولكن بعضهم يستثنى المعتزلة من هذه القاعدة فيرميهم جميعا في التار بصلحائهم وفساقهم ثم يحكم عليهم بالخلود أ : فيها رغم أنهم مسلمون . ارق الإسلامية كلها - في دعواها ِ ترج ‎KR‏ أصلين ثابتين لأا ق قام ناس ى وا لي 0 (أهل السنة() وناس (أهل الإستقامة) وناس (أهل الحق) الخ فاطلقوا على غيرهم عند التعميم كلمة المبتدعة أو أهل الأهواء أو غيرها من كلمات التضليل ثم اتسمت كل طائفة منهم على مذاهب كما قسموا أهل البدع في نظرهم على‌مذاهب » ثم ألصقوا بكل طائفة أو فرقة أحكاما خاصة بها أو تشترك فيها مع غيرها › فأصبح كل مذهب من مذاهب المسلمين إذا نظرت إليه من زاوية أتباعه هو مذهب السنة ومذهب نظرت إيه من زاوية مخالفيه فهو مذهب لاهو ومذهب البدعة f أده فتعتاد أنه على ‎E‏ هده ده الأوصاق والنعوت ويتلقاها ويتشربها في غير كلفة حتى تصبح عقيدة غير خاضعة للنقاش أو المراجعة الأشاعرة يزعمون نهم يعملون بالسنة ويحافظون عليها الماتريدية يزعمون أنهم يعملون بالسنة ويحافظون عليها . (1) قال الأستاذ مصطفى الشكعة : إن تسمية جمهور المسلمين بأهل السنة تمية متأخرة يرجع تاريخها إلى حوالي القرن السابع الهجري إلى بعد عصر آخر الأئنة المشهورين وهو ابن حنبل بحوالي أربعة قرون . - 398 - المعتزلة يزغمون نهم يعملون بالسنة ويحافظون عليها الإباضية يزغمون أنهم يعملون بالسنة ويحافظون عليها الشيعة بفرقهم يزعمون أُنهم يعملون بالسنة ويحافظون عليها الخوارج يزعمون نهم يعملون بالسنة ويحافظون عليها الظاهرية يزغمون أُنهم يعملون بالسنة ويحافظون عليها فجميع فرق المسلمين يزعمون أنهم يعملون بالسنة ويحافظون عليها . ونظرا لهذ الحقيقة فان جميع المذاهب الإسلامية داخلة تحت اسم (أهل السنة) فلا معنى لأن نقصر هذه التسمية على فرق محددة أو تحتكرها لنفسها مذاهب خاصة . إن جميع المسلمين الذين يرجمون في ديانتهم إلى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة هم من أهل السنة من أي فرقة كانوا » ولاي مذهب اتبعوا . وقد كانت العصبيات المذهبية وأصابيع السياسة بعض المسلمين عن بعض ء وجهل أهل كل مذهب بما عليه الآخرون › حواجز تحول دون تعرف المسلمين بعضهم ببعض . أما الآن - وقد اختلط المسلمون بعضهم ببعض وعرف الكثير منهم الكثير عن الأخرين - فإنسه ينغي أن تختفي بعض الممطلحات أو يش بدلا مها مشاه أو مصشلحات أخرى تكون أقرب إلى توحيد جميع صفوف المسلمين وتوحيد كلمتهم . فلا معنى أبدا أن يأتي إنسان يسهل عليه تماما أن يستخف بأحكام الله فيرتكب ما نهاه عنه ويهمل ما أوجبه عليه ثم يزعم - في تبجح ظاهر ‏ أنه سني أو من أهل السنة . فإذا قابله إنسان آخر لا يتفق معه في المذهب رماه بأنه مبتدع رغم الصلاح والتقوى . والحقيقة عكس ما يقول . - 399 - لقد آن الأوان لأن تطلق كلمة أهل السنة على أهل الصلاح من كل فرقة » وكلمة السني على كل فرد متمسك بالإسلام محافظ عليه حسب الأصول التي يرتكز عليها المذهب الذي ينتمي إليه › ون "تطلق كلمة المبتدعة أو أهل الأهواء على كل مجموعة من الناس غير ملتزمة للإسلام سلوكا . وكلمة المبتدع أو صاحب البدعة على كل متهاون بأحكام الإسلام حسب المذهب الذي ينتمي إليه . لقد اتقرض أتباع كثير من المذاهب الإسلامية كالظاهرية والمعتزلة والخوارج ولم يبق فيما أعلم الا الماتريدية وهم أتباع أبي حنيفة والإباضية وهم أتباع جابر بن زيد والأشاعرة وهم أتباع مالك والشافعي والأثرية وهم أتباع أحمد في القديم وابن تيمية في الحديث وفرق من الشيعة تجمعها كلمة الشيعة وتفترق بأسماء خاصة كالزيدية والجعفرية وغيرها . وأتباع هذه المذاهب كلها يۇكدون نه في دينهم يرجعون لی أصلين هما الكتاب والسنة فهم - جميعا ‏ بهذا الاعتبار من اهل السنة أو سنيون أعني أن الصلحاء من جميع هذه المذاهب سنيون وأن الفساق من جميع هذه المذاهب مبتدعة وأهل أهواء » فالحنفى والإباضي والمالكي والشافعي والحنبلي والجعفري والزيدي مثا إذا تمسك بالاسلام حسب مذهبه فهو سني وٳذا تهاون به في واجباته عملا أو تركا » قولا أو عقيدة » فهو مبتدع . يعنى أن البدعة هي الانحراف عن الدين › والسنة هي الاستمساك به على ما عرفه أي مسلم بدراسته للإسلام . ومن التحكم المخالف للمنطق والعقل وطبيعة الحياة ُن تأتي إلى رجل من الزيدية - مشلا قد درس الإسلام على مذهبه , وحافظ عليه محافظة المؤمن التقي الذي يخشى الله بالغيب فنقول له أنت مبتدع ولا يمكن أن تكون من اهل السنة إلا إذا درست - 400 - مذهب اين حنبل وعرفت الإسلام على طريقه ء وأعلنت أنك من أتباعه » ثم 'تأتي إلى رجل قد غلب عليه شح نفسه وإستعبدته أهواؤه › فترك بعض ما فرض عليه الإسلام » وارتكب بعض ما نهاه عنه فنقول له أنت من أهل السنة لأنك تتبع مذهب أحمد أو مدهب محمد . أهل السنة هم الأتقياء الصالحون من أي مذهب كانوا والمبتدعة وأهل الأهواء هم الفسقة الفجرة ولو لبسوا جبة جابر وطيلسان مالك وعمامة أحمد واتخذوا لمظهرهم سمت زيد وجعفر لقد آن لتلك المفاهيم - التي أملاها التطرف في التعصبات - أن وآن للمؤسسات العلمية الإسلامية أن تغير منتاهجها ودراساتها وآن لمن يهتم بالإسلام والمسلمين في هذا العصر أن ينظر نظرة أخرى يمليها واقع الحياة للامة المسلمة ضمن الإطار العام لمبادئ الاسلام . لقد عاش الأزهر الشريف عهدا طويلا محتكرا لأربعة مذاهب . وعاش معهد الزيتونة قرونا عديدة محتكرا لمذهبين . وكذلك شت كثير من المعاهد والمؤسسات العلمية في مختلف البلاد الإسلامية محتكرة لمذهب أو مذاهب محددة › وكانت تلك المعاهد كلها تنسب إلى نفسها أنها حاملة الشريعة وحامية السنة وترمي غيرها بالابتداع واتباع الهوى والواقع نها هي نفسها کانت مبتدعة على أقل تقدير في رميها لغيرها بالإبتداع . ورغم تقدم العصر » واتساع أفق الفكر ء وقيام جامعات وكليات بدل المعاهد » وامتزاج العالم اليوم لتيسير وسائل الإتصال ودخول الأراء الفلسفية الغربية - بل بعض النظريات الهدامة - إلى المؤسسات العلمية الإسلامية إلا أن تلك المؤسسات قديمها وحديثها 26 - 401 - تزال تحتفظ بخاصية الاحتكار المذهبي ولا تزال تخشى أن عب مني ري في تحرص أ رر مذعبا معنا هو المذهب الذي يكون عليه حكام الدولة فان اتسع أفقها قليلا حمدت الى ماتسميه الدراسات المقارنة فأوعزت الى بعض الدكاترة ياجراء مقارنات سطحية تظهر للطلاب - في الغالب ‏ صحة مذهب الدولة وقوة براهينه وضعف غيره › ومع هذه القيود والملاحظطات فإن المذاهب التي يسمح لها أن تدخل رحاب المؤسسات العلمية حتی على سبيل المقارنة هي مذاهب محدودة معدودة محظوظة . ومن المؤسف أن بعض المؤسسات العلمية في بلاد عربية جنحت إلى العلمانية بالنسبة للديانات بينما تبقى المؤۇسسات الأخرى محتكرة لمذهبية متعصبة ممقوتة ويضيع المسلمون بين جانبي الإفراط والتفريط . لقد كان المسلمون في صدر الإسلام وليس فيهم سنيون على الجملة ومبتدعة أو أهل أهواء على الجملة وإنما كانوا على قسمين كبيرين مؤمنون ومنافقون فكل من وفى بما عاهد الله عليه والتزم شريعة الإسلام سلوكا وعقيدة ووقولا فهو داخل مع المؤمنين وكل من انحرف عن الإسلام عقيدة وقولا أو عملا فهو داخل في المنافقين ما دام يقر بكلمة الشهادة ولم يرتد عن الإسلام . وهكذا ينبفي للمسلمين اليوم يجب أن تختفي المفاهيم السابقة التي تدخل م مذاهب كاملة في الجنة وتحرم منها أتباع مذاهب أخرى . .. ينبفي أن يطلق أهل السنة على جميع المسلمين بمختلف م داموا يعترفون بأن السنة هي المصد ر الثاني للتشريع ولا تطلق كلمة المبتدع وصاحب الهوى إلا على الفاسق الذي غلبه هواه من أي مذهب کان . - 402 - وعلى المؤسسات العلمية اليوم أن تحمل هذا المبداً لتعود بالمسلمين إلى منهج الإسلام لا كرامة إلا لتقي ولا عدوان إلا على شقي ولا متبوع إلا المعصوم ولا قدمة إلا بالعمل الصالح . والأفضل من ذلك أن تلغى هذه التسميات كلها لا سنية ولا مبتدعة ولا شيعة ولا خوارج ولا مالكية ولا إباضية وإنما هم مسلمون يتفاضلون بالتقوى والعمل الصالح وكم يكون رائعا حين يقف المدرس والواعظ والمحاضر فلا يحتج إلا بقول الله أو قول رسوله فإذا ذكر اسمه وإمتنع كل الامتناع أن يجري على لسانه اسم المذهب أو الفرقة أو الطائفة فانمحت من المجتمعات الإسلامينة الألقاب المطلقة على مجموعات الفرق كالشيعة والسنة والخوارج والمعتزلة ا يق ذكر للحنفية أو المالكية أو منذ البعثة إلى قيام الساعة أما الأمة الإسلامية فهي تنکون . من جم من نطق بكلمة الشهادة وإليها يتجه النداء القرأني ي الكريم ياأيها الذين آمنوا وتكون مجتمعا وإحدا لا انشقاق فيه فإذا شذ فرد فارتكب معصية لاحقه المجتمع بالموعظة أو بالحكم الذي أنزله الله حتى يتوب فيعود إلى مكانه أو يهلك على إصراره فيتولى الله تبارك وتعالى حسابه . - 403 - مفاهیم يحب أن تختمي سبق إلى أذهان كثير من الئاس بسبب أخطاء المؤرخين وكتاب المقالات ‏ أن الإباضية فرقة من الخوارج وأنها - في عقائدها وآرائها - معتدلة بالقياس إلى الخوارج ومتطرفة بالقياس إلى أهل السنة . وهذا مفهوم خاطئع ويجب أن يختفي فالإباضية ليسوا من الخوارج وإنما نشوا عندما غدا الخوارج لمجابهة الخوارج وليسوا متطرفين بالنسبة إلى أهل السنة لا في السياسة ولا في العقائد ولا في الفقه ونه يتفقون مع كل مذهب في مواضيع اعتداله . وإن شئت مزيدا من التفصيل فاقراً المقال الآتي : مكان الإ باضية بين المذاهب الإسلامية نشا المذهب الإباضي في فترة متقدمة بالنسبة إلى غيره من المذاهب الإسلامية » هذا من حيث التاريخ ء أما الطريقة التي ن بها فهي لا تختلف عن غيرها من طرق نشأة بقية المذاهب » مام من أئمة المسلمين (وبالنسبة إلى الإباضية هو أحة كبار التابعين) يجتمع عليه عدد من طلاب العلم . يلتزمون مجلسه ويأخذون عنه ثم يتفرقون بعد التحصيل فى البلاد » فيقف المتفوقون منهم موقف أستاذه » يتخذ ا في السلوك والتدريس وينقل عنه لطلابه روايته ورأيه . ثم تنتقل العملية مع الأجيال وكل جيل ينقل عن الجيل السابق ما حفظه من آثار لآراء . تكتسب مع مضي الزمن شيئا من الاحترام يبلغ درجة التقديس أحيانا وتزداد هذه الصورة وتكبر مع الأيام . هذه الصورة هي الصورة التقربية التي نشأت عنها جميع المذاهب وإن اختلفت أزمنة الأئمة فمنهم من كان من الرعيل الأول من التابعين ومنهم من كان من تابعي التابعين ومنهم من کان في الدرجة الثالثة ومنهم من كان أبعد من ذلك بكثير كابن تيمية وکمحمد بن عبد الوهاب . وبالنسبة إلى الإباضية فقد كان يحضر مجلس جابر بن زيد عدد من الطلاب والأذكياء منهم من يأخذ عنه اوعن غيره كقتادة » وأيوب ء وابن دينارء وحيان الأعرج ء وأبي المنذر تميم بن حويص » ومنهم من يأخذ عنه أکثر مما آذ عي غیره أو يكاد يختص بمجلسه » كأبي عبيدة مسلم » وضام ء وأبي نوح الدهان والربيع بن حبيب › وعبد الله بن إباض ومن هؤلاء الطلاب من كان يشتغل أثشناء التحصيل وبعد التحصيل بالشؤون العامة ومنهم من اشتغل بالمسائل السياسية ومطارحاتها مع حكام الدولة الأموية في ميدان الكلمة دون استعمال السيف كعبد الله بن إباض(1) من جلس للتدريس وأخذ مكان الإمام كأبي عبيدة وبي نوح صالح الدهان وقام بنفس الدور وتخصص فيه ولما كانت هذه الحركة في عنفوان بناء الدولة الأموية وكانت سيوفها مسلطة على جميع الأئمة والعلماء خوفا منهم أن يجهروا بالإتكار عليها › ُو يدعوا الناس إلى الخروج عنها ء وكأن جابر بن زيد في مجالسه كزملائه الحسن وسعيد وغيرهم من كبار التابعين غير (1) كثير من المؤرخين وأصحاب المقالات يحسبون أن عبد الله خرج في أيام مروان بن محمد وأنه قتل في معركة ثبالة وهو خطا تاريخي لأن عبدالله بن إياض الذي تنسب إليه الإباضية توفي في أوإخر أيام عبد الملك وهو أكبر من جابر في السن وتابع له في المذهب والرأي . ونسب المذهب إليه لأنه كان أكثر ظهورا في الميدان السياسي عند الدولة الأموية والتسمية منها . - 405 - راضين عن الوضع وكثيرا ما يتناولونه بالنقد » فكانت السلطات بدورها تراقبهم هم وتلاميذهم في يقظة وحذر وشدة . وتضيق عليهم الخناق ءوتحاول بكل وسيلة أن لا تسمح لتقدهم أن يتسرب إلى الناس وقد احتاطت لذلك من بداية الأمر فنسبتهم إلى التطرف واعتبرتهم ضمن الخوارج وكانت تهمة الخارجية - تشبه ما يسمى اليوم بالعمالة أو بالخيانة - عملية ليس لها ضوابط توجه بسهولة إلى كل من يراد التخلص منه ُو الانتقام منه ُو إيقاف نشاطه وتستغل عند اللزوم . ولذلك فلم يسلم منها الإمام جابر بن زيد كما لم يسلم منها الإمام مالك بن وكان الفرض من إشاعة هذه التهمة هو إشعارهم بأنهم تحت المراقبة وأن تبرير أي موقف عنف يتخذ معهم من السلطات هو موجود.في أذهان الناس ولا يحتاج إلا إلى تأكيد.عملي من أجهزة الحكم . (1) جاء في الكامل لأبي العباس المبرد الجزء الثاني صفحة 159 مايلي : «يروى أن المنذر بن الجارود كان يرى ري الخوارج وكان يزيد بن أبي مسلم مولى الحجاج بن يوسف يراه » وكان صالح بن عبد الرحمن صاحب ديوان العراق يراه ؛ وكان عدة الفقهاء ينسبون إليه ء منهم عكرمة مولى ابن عباس . وكان يقال ذلك في مالك بن آنس المديني ء كان يذكر عثمان وعليا وطلحة والزبير فيقول : والله مااقتتلوا إلا على الثريد الأعفرء فأما أبو سعيد الحسن البصري فإنه كان ينكر الحكومة ولا يرى رأيهم» . وجاء في شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد الجزء الخامس صفحة 76 ما يلي : «ومن المشهورين برأي الخوارج الذين تم بهم صدق قول أمير المؤّمنين عليه السلام : إنهم قطف في أصلاب الرجال وقرارات النساء ؛ عكرمة مولى ابن عباس › ومالك بن أنس الأصبحي الفقيه » يروي عنه أنه كان يذكر عليا عليه السلام وعثمان وطلحة والزبير فيقول والله ما أقتتلوا إلا على الثريد الأعفره . ويقول في نفس المصدر بعد أسطر ما يلي : «وممن ينسب إلى هذا الراي من السلف جابر بن زيد › وعمرو بن دینار ومجاهد» راجع إن شئت كتاب العقد الفريد لابن عبد ريه وكتاب الأغاني لأبي الفرج وفيرهما . - 406 - فإذا تركنا هذا الجانب خارجا عن البحث واتجهنا إلى الجانب الفكري والسلوكي فإننا سوف نجد المذهب الإباضي مذهبا إسلاميا نشا كما نشا غيره من المذاهب الإسلامية بأئمته وعلمائه ›» طبقات يأخذ بعضها عن بعض إلى اليوم وقد بدأً جهوده العلمية في خدمة الثقافة بالاتجاه الذي اختاره قبل أن تبداً أكثر المذاهب الأخرى ودونت له مؤلفات فى الحديث والفقه قبل أن تبداً بعض المذاهب التي وجدت لها مكانا فسيحا في الد 7 على الي الذي سارت عليه . وفي النقاط الآتية أستطيع أن أضع من الخطوط العريضة التي يمكن أن يحدد القارئ 6 لكوي بد واس منها موضع الإباضية بين المذاهب الإسلامية . 1 يرى الإباضية أن المصدر الأساسي للدين الإسلامي في عقائده وعباداته ومعاملاته وأخلاقه إنما هو القرآن الكريم وأن من أنكر شيئا منه : سورة أو آية أو حرفا فهو مشرك أو مرتد . 2 ويرى أن المصدر الثاني للدين الإسلامي إنما هو السنة الصحيحة وهي على درجات منها المتواتر قطعي الدلالة يفيد العلم ويوجب العمل ومنكره كالمنكر للقرآن والمشهور من السنة ُو المستفيض هو أضعف من المتواتر وأقوى من الأحادي وهو يوجب العمل واختلفوا هل حجته قطعية أم ظنية على قولين . والأحادي من السنة ظني الدلالة يوجب العمل والمرسل وإن كان أضعف من الأحادي إلا أنه يوجب العمل إذا كان لصحابي أو تابعي . 3 ويرون ن أُن المصدر الثالث هو الإجماع إذا استوفى الشروط المعروفة عنه الأصوليين والخروج منه فسق وحجيته قطعية ويرون أنه وفع إجماع بقىميه القولي والسكوتي ونه من الممكن أن يقع في كل عصر وينقل إلى الناس بالشروط المعتبرة . - 407 - 4 ويرون اُن المصدر الرابع هو القياس على الأسس المعروفة فی کتب الأصول . 5 ويرون أن المصدر الخامس هو الاستدلال بأنواعه المختلفة ويهتمون بالمصالح المرسلة اهتماما خاصا وربما يكون الإباضية بالنسبة إلى اعتبار المصالح المرسلة - في الدرجة الشانية بعد المالكية . ب _ العقائد : ويرى الإباضية أن الإنسان لا يكون مسلما إلا إذا أقر بالجمل الثلاث فشهد أن أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن ما جاءبه حق من عند الله وما تدل عليه هذه الجمل الثلاث من التفصيلات . 1 وأساس عقيدتهم في الخالق تبارك وتعالى هو التنزيه المطلق فلايشبه شيئا من الخلق ولا يشببه شيء من الخلق وما جاء في القرآن الكريم أو في السنة النبوية المطهرة مما يوهم التشبيه فإنه يؤول بما يفيد المعنى ولا يؤدي إلى التشبيه ويبتعدون كل البعد عن وصفه تعالى بما يوهم التشبيه ويثبتون له الأسماء الحسنى والصفات العليا كما أثبتها لنفسه . 2 _ القدر : يقولون إن الإيمان لا يتم حتى يؤمن المسلم بالقدر خيره وشره به من الله تبارك وتعالى وأن أفمال الإنسان خلق من الله تعالى واكتساب من الإنسان ويبتعدون عن راي المجبرة كما يبتعدون عن رأي من يقول بأن الإنسان يخلق أفعاله . 3 مرتكکب الكبيرة : يرون في مرتكب الكبيرة رأي الحسن البصري وجابر بن زيد وغيرهما لا يحكمون عليه بالشرك كما يقال عن الخوارج وإنما - 408 - يقولون هو منافق ولا يمكن لمرتكب الكبيرة في حال معصيته وإصراره عليها أن يدخل الجنة إذا لم يتب ولعل أعنف الخصومات إنما قامت بين الإباضية والخوارج هي هذا الموضوع منذ أشارها نافع بن الأزرق حسبما تقوله مصادر التاريخ . ج ۔الفقه: مكان الإباضية في هذا الباب ربما كان في الشريحة التي تقع بين أهل الظاهر والحنابلة من جهة والحنفية من جهة أخری ورغم ُن المذهب الإباضي نشا في العراق إلا أنه لم يذهب مع الرازي إلى المذهب الذي بلغه الحنفية والمعتزلة ويكفي لإيضاح هذه النقطة أن يعرف القارئ الكريم أن الفقه الإباضي يعتمد من حيث الأدلة بعد القرآن الكريم في مجال السنة على المتواتر والمشهور أو المستفيض وعلى الاحادي وعلى مرسل الصحابة والتابعين › وإذا تعارض الحديث والقياس رجح جانب الحديث ولوكان أحاديا أو مرسلا للطبقة السابقة ولا يرد الحديث الأحادي إلا إذا صادمه دليل قطعي ٠ ويقولون بالقياس والاستصحاب والمصلحة المرسلة على التفاصيل والمناقشات الطويلة المعروفة في كتب أصول الفقه . د السلوك : يتمسك الإباضية بجميع أنواع السلوك والأخلاق التي أمر بها الإسلام » ومن مظاهر ذلك : 1 يرون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المتكر واجب في الحدود التي بينها الحديث الشريف . ۱ 2 يرون أن محبة المسلمين في الله من أجل طاعتهم وبغض العصاة والكافرين في الله من أجل معصيتهم واجب على كل سلم. ون عل اة يجب أن توجه إل جسن أواياء لله تي جميع الأزمنة والأماكن على الإجمال ء وأن يقصد إلى من ثبتت - 409 - ولايتهم لله بالاسم أو بالصفة ممن مضى ء وأن يتعامل مع الحاضرين ممن يعرفهم على هذا الأساس » كما يجب أن يبرا من الكافرين والعصاة في جميع الأزمنة والأمكنة . هكذا على الإجمال وأن يقصد ببراءته من عرف بالاسم أو بالصفة وان ن يتعامل مع الحاضرين ممن يعرفهم على هذا الأساس ءأما من عرفهم في زمانه ولم يعرف أحوالهم من الطاعة والمعصية فيجب عليه أن يقف فيهم لا يتولاهم ولا يبرا منهم حتى يعرفهم بيقين لأن الولاية والبراءة عند الإباضية لاتلزم إلا باليقين كالمعرفة الشخصية أو شهادة المدلين ولا تبطل إلا بيقين . 3 يرون أن جميع المسلمين يتساوون في الحقوق والواجبات ما عدا شيئا واحدا وهو الدعاء بخير الجنة وما يتعلق به فإنه حق خاص للمتولي إي للمسلم الموفى بدينه الذي يستحق الولاية بسبب طاعته أما الدعاء بخير الدنيا » وكذلك بما يحول الإنسان من أهل الدنيا إلى أهل الآخرة كقول الإنسان تعرف أنه متحرف عن الإستقامة رزقك الله توبة نصوحا أو هداك الله أورزقك الصحة والعافية أورقاك في مراتب الوظيفة فإن هذا كله حق جائزلكل أحد من المسلمين تقاة وعصاة . 4 عندما تكون الأجهزة الحاكمة جائرة غير متمسكة بأحكام الشريعة يجوز للمسلمين البقاء تحت حكمها والخروج عنها وإذا بقوا تحت جكمها فإنه تجب عليهم الطاعة في غير معصية الله وإذا كانت تنفذ أحكامها على مقتضى مذهب مخالف لهم . فإن أحكامها نافذة عليهم بما يترتب عليها من ووإجبات » ما دامت تلك الأحكام مطابقة لمذهب إسلامي . وأقرب ب مثال لذلك أن الإباضية يغلبون جانب الأب في الحضانة عل جانب الأم فيرون ان الجندة لأب أولى بالحضانة من الجدة للام وأكثر المذاهب الأخرى ترى - 410 - العكس فإن كانت الدولة تحكم وفق مذهب يرجح جانب الأم فن على أتباع المذهب الإباضي الخاضعين لتلك الدولة أن ينفذوا هذا الحكم بما يترتب عليه ولا حرج عليهم وكذلك يرى الإباضية أن الجد يمنع الإخوة من الميراث وبعض المذاهب الأخر ی ترى أن يقتسموا معه فإذا كانت الدولة تحكم على مذهب الرأي الأخير فان على الإباضية أن يقبلوا بهذا الحكم وأن ينفذوه ولا حرج عليهم . أحسب أن هذه الخطوط العريضة كافية لمعرفة مكان الإباضية بين المذاهب الإسلامية › فهو على كل حال لم يتطرف في موضوع الأدلة الشرعية فيعتبر كل أثر مهما ضعف حجة ولم يتطرف إلى الجانب الآخر فيرد السنة بالقياس وهو لميتطرف في موضوع لإجماع فيعتبر الاتفاق الضيق في حدود المذهب أو حدود المكان - كوطن معين أو الحرمين أوالمدينة - حجة ولم يتطرف إلى الجانب الثاني فينفي حجية الإجماع أو إمكانه » أو إثباته أو وقوعه وسلم بوقوعه بكلا قىميه القولي والسكوتي في عهد الصحابة مع احتمال وقوعه في كل عصر إلى قيام الساعة . ورأى أن الإجماع المحدود في نطاق مذهب أو بد هو حجة على المجمعين وليس له قوة الإجماع وينيني أن يحمل اسم اتفاق لا اسم الإجماع . وهو لم يتطرف في موضوع القاس فيمنع اعتباره دلیلا شرعيا إذا استوفى شروطه ولميتطرف إلى الجانب الثاني فيرد به التص . وقبل الاستدلال بالاستصحاب والمصالح المرسلة › ولم يتطرف في موضوع العقيدة إلى جانب فيقع في التشبيه ولا إلى الجانب الثاني فيقع في نفي ما أثبت الله تبارك وتعالى لنفسه أو أثبته رسوله چا . - 411 - ولم يتطرف في موضوع القدر فيميل إلى جانب السلبية حتى يقول أن الإنسان مجبر على أعماله وهو كالميت بين يدي الغاسل أو يميل إلى جانب الإيجاب حتى يزعم أن الإنسان يخلق أفعاله ولم يتطرف في موضوع مرتكب الكبيرة فيوافق من يحکم عليه بالثرك ولم يقف موقف المرجئة الذين يفتحون الجنة للعصاة كأنها فنادق يملكون هم مفاتحه على مبدإ «لا تضر مع الإيمان معصية .» ) الآن وقد عرف القارئ الكريم الأسس التي بني عليها المذهب الإباضي والاتجاهات التي يتحهها والسلوك الذي يسير به يستطيع أن يقرر له حيزا ضيقا بين المذاهب الإسلامية . وأن يبعد عن نفسه تلك الصورة القاتمة البشعة الثرسة التي تعاون على وضعها ظروف مختلفة من السياسة والتعصب وسوء الفهم . مفاهيم يحب أن تختفي سبق إلى أذهان الناس - بسبب .ما أثاره وادعاه المتعصبون من كل مذهب ‏ أن الخلاف بين المذاهب الإسلامية خلاف جذري لا يمكن اللقاء فيه › وهو مفهوم خاطئ لأن الخلاف بين المذاهب الإسلامية خلاف سطحي لفظي يمكن اللقاء فيه بيسير من الجهد لو ترك المتعمقون إثارة الخلاف وتجنب الإلزامات . الجدل في اللوازم(1) وليس في أضول العقائد تستطيع أن تقول أن الخلاف بين جميع المذاهب الإسلامية لا يخرج عن الدوائر الثلاث الكبرى الأتية : (1) استعملت كلمة اللوازم في هذا الفصل للدلالة على المحذورات التي ينسبها كل وإحد من المتجادلين إلى الاخر من قولهم إذا قلت كذا يلزمك كذا كقول الأشمري للمعتزلي في موضوع الصفات إذا قلت أنها ذاتية يلزمك التمطيل وقول المعتزل للأشمري إذا قلت إنها غيره يلزمك التعدد . - 412 - العقائد المتعلقة بالخالق سبحانه وأسمائه وصفاته وأفعاله . 2 نظام الحكم وشروط رئيس الدولة . 3 الأحكام المتعلقة بالمسائل الفقهية أصولا وفروعا . ولقد اتفق المسلمون عموما على أصول هذه الدوائر عموما وإن اختلفوا في التفصيلات والتفريعات ءفنحن لو استطعنا أن نجري مقارنة بين عدد المسلمين الذين يثيرون الجدل ويحدثون الخلاف ويدعون إلى تتبْع فرقة دون فرقة أومذهب دون مذهب ويحكمون على هذا أو ذاك بالضلال أو بالكفر ويأمرونهم باتباع مذهب أو الاستمساك به دون غيره - وبين عدد من يتبع تلك المذاهب في بساطة ويستمسك بها في تعلق مع عدم تعمق » ولا استطاعة لإقامة حجج وبراهين 4 لوجدنا أن نسبة ضئيلة جدا قد لا تصل الواحد في الألف › هي التي تفهم بعض تلك المشاكل وهي التي تتزعم إثارة الخلاف والشفب وتحاول أن تكتل المسلمين إلى كتل فى مذاهب معينة » وأن هذه النسبة فقط أو بعضها في الحقيقة . هي التي تعرف مواضيع الخلاف والجدل ما باقي أتباع المذاهب الذين يساقون في مجموعات کبری وراء اسم اسم مام من الائمة فيتحمسون له في عصبية ويتمسكون بمذهبه في حرص وتشدد › فهم في الغالب لا يعرفون ولايفهسون شيئا من تلك المشاكل المعقدة من علم الكلام أو أصول الفقه أوقوأعد السياسة وإنما يعرفون بعض المسائل الفقهية العملية في العبادات ء أو لو أردنا أن نعرض نموذجا لذلك في الجمهورية العربية الليبية بين أتباع المذهبين الإباضي والمالكي لوجدنا أن مظهر الخلاف لا يزيد عند الأغلبية الغالبة من السكان عن قراءة البسملة في الفاتحة › أو رفع الأيدي عند التكبير › وتحريك السبابة عند التشهد والإصباح بالجنابة فى رمضان وما أشبهها وأن جميع المصادمات والخصومات - 413 - التي تقع بين العوام من أتباع المذهبين لا تخرج عن مستوى هذه المسائل . | فإذا انتقلت من مستوى العوام إلى مستوى المثقفين دينيا أو المتفقهين ارتفع مستوى المسائل قليلا فوجدت النقاش ريما يدور علی مستوی میراث الإخوة مع الجد وحق الحضانة ونفقة الأقارب وبعض مسائل التعامل وأحكام الصلاة في السفر ووجوب التتابع في قضاء رمضان وما في هذا المستوى من الفقه العملي . أا مسائل علم الكلام وقواعد التشريع وأسس بناء الحكم الإسلامي › هذه الدوائر التي كانت محور تكون المذاهب في الحقيقة فلا يعرفون عنها شيئا أويعرفون عنها أشياء سطحية تلقفوها بطريق التلقين . فالعوام وأشباه العوام جميعا بأن الله. تبارك وتعالى حي قدير مريد سيع عليم بصير متكلم خالق مصور إلى آخر الصفات التي وصف بها نفسه › ولكنك لو سألتهم عن صفة ماء هل هي صفة ذاتية أو صفة فعل » أو قلت لهم هل صفات الله تبارك وتعالى عينية أم غيرية ؟ ما فهموا منك ولأعرضوا عنك › وربما ظنوا تستهزئ بهم ومعنى هذا أن جمهرة ة المسلمين متفوقن - واقعيا - في العقائد وكذلك في اللدائرتين الأخيرتين ويبقى النظر إلى خواصهم › وبقليل من التأمل يبدو لنا واضحا أنهم متفقون هم أيضا في أصول جميع تلك الدوائر وإنما يختلفون عند التفاصيل بسبب ما يلزمه كل واحد منهم ٠ للأخر ویرتبه على نقاشه أعني ُن المذاهب الإسلامية جميعا متفقة في الأصول ون الخلاف وفع من بعضهم في اللوازم ُو بسب اللوازم فقط › وبيان ذلك فيما يلي : إذا جئنا إلى مسائل علم الكلام لكانت هي أهم المحاور لتكون المذاهب وتمزيق شمل المجتمع › وتضليل وتفسيق جوانب كاملة - 414 من الأمة الإسلامية . والتي أضاع فيها علماء أجلاء أوقاتا ثمينة في إعداد البراهين وما تستلزمه ءنجد الأمة الإسلامية بمذاهبها المختلفة متفقة على أصول العقائد وأن أولفك العلماء الأجلاء المتضاريين بالبراهين والإلزامات هم الآخرون متفقون على جميع الأصول وإِن ظن الناس انهم مختلفون وإنما اختلافهم فيما يلزمه بعضهم للاخرين أثناء النقاش أو عند إعداد السؤال والجواب حين يزعم أحدهم أن كلام الأخر يستلزم محذورا ويترتب عليه باطل ويجيب الثاني بنفس الأسلوب وإلى القارئ الكريم أمثلة من ذلك : 1 المسلمون جميعا باختلاف مذاهبهم متفقون أن الله تبارك وتمالى متصف بجميع صفات الكمال منزه عن جميع صفات النقص لا يشبه شيئا من خلقه ولا يشبهه شيء من خلقه . هذه عقيدة عامة ينفو يتفق عليها جميع المسلمين خواصهم وعوامهم فإذا جاءوا إلى التفاصيل بدأت المصاولات العنيفة وإلجدل الحاد وإلزام الخصم ما يلزمه وما لا. يلزمه حين يتحدثون.عن أسماء الله تعالى وصفاته وأفعاله . المسلمون جميعا باختلاف مذاهبهم متفقون أن الله تبارك وتعالى عادل في ملكه لا يجور ولا يظلم الناس شيئا فإذا جاءوا إلى التفاصيل وناقشوا موضوع الثواب والعقاب والعمل والجزاء بدأت المصاولات العنيفة والجدل الحاد ومحاولة كل طرف أن ل براهين الطرف الثاني تستلزم محذورا . المسلمون كلهم باختلاف مذاهبهم متفقون أن الله تبارك ۳۳ أعد الجنة لمن أطاعه وأعد التار لمن عصاه فإذا جاءوا إلى التفاصيل اشتد الخلاف وادعى كل واحد أن كلام خصه يستلزم محذورا ويؤدي إلى باطل . - 415 وهكذا ينفتح باب الخلاف ويترك الأصل المتفق عليه إلى فرعيات ومن الفرعيات إلى جزئيات للفرعيات حتى تطغى تلك الجزئيات على الأصل الهام للعقيدة وأصبحت لا تجد من حلبة الجدال أو حتى فيما ينسب إلى المذاهب إلا تلك اللوازم التي ينسبها كل طرف إلى الطرف الأخر كقولهم معطلة » مشبهة وما إلى ذلك . فإذا انتقلنا إلى الدائرة الثانية التي هي نظام الحكم وشروط رئاسة الدولة نجد أن المسلمين جميعا بمذاهبهم المختلفة أيضا متفقون على الأصول فيها فلو سألت أي عالم من أي مذهب كان ء عن الشروط التي يجب توافرها فيمن يتولى حكم المسلمين لأجابك بشروط تتفق أو تتقارب مما يقوله لك أي عالم من مذهب آخرء فهو فى حالات الكمال يجب أن عالما مجتهدا ذكيا شجاعا نزيها عادلا حريصا على مصلحة المسلمين تقيا ورعا إلى آخر الشروط المعروفة المحددة في كتب الفقه . هذه الصورة لمن يتولى الحكم على المسلمين أو ما يقارب منها ما يتفق عليه جميع المسلمين من جميع المذاهب تجدها عند الشيعة وتجدها عند الخوارج وتجدها عند المعتزلة وتجدها عند الأشاعرة وتجدها عند الأباضية وتجدها عند الماتريدية وتجدها عند الظاهرية وغيرهم إلا أفرادا شواذا من بعض المذاهب فارقوا مذاهبهم . وهذا هو القدر المشترك بين جميع المسلمين بعد هذا لاتفاق على هذا الأصل يأتي الاختلاف عند التفصيل وذلك عندما جاءت الاتجاهات السياسية فأثارت عدة تقط جانبية تمسك بها بعض الناس ليستغلوها مشي الفا ر وي وا شم ال وشي 1 - 416 - فاستغلتهم منها : قضية اشتراط آل البيت › أو فرغ من فروع آل البيت » ومنها اشتراط القرشية › ومنها اث شتراط العروبة » ومنها قضية الفاضل والأفضل والعالم والأعلم 4 ومنها جواز الخروج عليه إذا جار وعدم جوازه » ومنها کونه معصوما أو غير معصوم › ومنها إذا لم يكن عادلا هل تجب طاعته أو لا تجب ٠ ومنها طريقة اخثياره وتنصيبه » ومنها الحكم في الواثب العادل والمختار الجائر إلى غير ذلك وهذه الأبحاث كلها وليدة اتجاهات سياسية أثوت على المسلمين فكان منهم شيعة وعثمانية ثم خوارج ومعتزلة ثم إباضية وأشاعرة الخ . وتحت هذا الخلاف ومع شدة تعصب كل لما يرى أو يريده لم يستطع أي مذهب من هذه المذاهب أن يحقق الشروط في الحاكم الذي يختاره في تطبيق عملي مع أن كل مذهب من هذه المذاهب تمكن من الوصول إلى الحكم وتكوين دولة على أساس مذهبي فقد بايعت بعض فرق الخوارج ‏ كالازارقة والصفرية - أئمة 1 فاستبد ذلا البعض حتى حكموا عليه بالكفر وعزلوه رق سيوفا تضرب بها رقاب السلمين وتجاسر بعض أولشك الحكام المنورة » ووصل المعتزلة إلى الحكم في ولاية مروان بن محمد وبعض ملوك الدولة العباسية فكان الحاكم آلة لتعذيب من يخالف المعتزلة . وسخط الإباضية في عمان عن بعض الأئمة الذين انتخبوهم فعزلوهم › والمهم في الموضوع ُن جميع الدول التي قامت بعد الخلافة الرشيدة والتي أوحت إلى مؤسسيها أ وأتباعها بشروط زائدة عن الشروط الأساسية المتفق عليها كانت مہ 27 - 417 - للنكبة » ذلك أن كل شرط جديد يولد رد فعل جديد ويترتب على ذلك الجدل والنقاش وتأتي بعده مرحلة إعداد البراهين واللوازم ثم تقاذف المحاذير فكان الساسة يتطاولون على المناصب وكان العلماء يتقاذفون التهم لمخالفة الدين أما بقية الناس فيزجون إما في جيوش لنصرة حاكم أو إسقاط حاكم » وأما في مذاهب لاتباع إمام ُو لعن إمام 4 والآن قد ألفت الحياة بعض تلك الاعتبارات التي أدخلتها السياسة على الموضوع واتضح للناس جميعا أن الصراع الذي وقع بسبب اشتراط الوصية أو الماشمية أو القرشية أو العروبة أو اعتبار الإمام معصوما أو لا يجوز إسقاطه ولو كان متحرفا › كل هذه الجوانب التي كان الخلاف بسببها بين فرق الأسة ثبت اليوم أنه صراع على تفصيلات لا تدخل في أصل الموضوع . وأثبتت التجربة أن أغلب أولفك الذين وصلوا إلى الحكم س أي جانب من الجوانب اعتمد على النظرة الجانبية في إثبات حكمه وامتداده › وتخلي عن الأصول التي تتفق عليها جميع الأمة ولذلك فهو ينظر إلى الامة المسلمة على أساس أنها تتكون من قسمين : أنصار له في حكمه وخصوم له وهو بهذا الاعتبار يفتح ميادين الحياة وحقوقها على مصاريعها لأنصاره ويغلقها أو يضيقها ما أمكنه التضييق على خصومه . فإذا انتقلنا من هذه الدائرة إلى الدائرة الشالشة وهي دائرة الأحكام المتعلقة بالمسائل الفقهية أصولا وفر وعا نجد أن المسلمين جميعا بمذاهبهم المختلفة متفقون على الأصول فلو سألت أ أي عالم من أي مذهب عن ن مصادر لأجابك بسرعة هي : الكتاب والسنة . فإذا جئت إلى التفاصيل تثير الجدل والصخب وتوجيه الاتهامات وإلصاق اللوازم . والذي ينبغي ُن ننتهي إليه بعد هذا العرض المجمل ُن نعتبر جميع المذاهب الإسلامية على مستوی - 418 - واحد في المعاملة بعد أن اتفقوا كما ينا على الأصول » ون نبعد التحكم في إصدار الأحكام فليس من حقك أن تحمل الآخرين على أن ينظروا إلى فروع مسألة ما من الزاوينة التي تنظر منها وإلا اعتبرتهم مبتدعة أو أصحاب أهواء وليس من حقك أن تفرض فهمك على الناس ثم تتحكم في إفهامهم فمن وافقك ضممته إليك ومن خالفك حكمت بفسقه أو كفره » إن الله تبارك وتعالى هو إله للجميع والجميع يتساوون في عبوديتهم له ويتنافسون في التقرب إليه عبر يد الطاعة وامتثال الأوامر والحرص على العمل الالح ء وليس درجات القرب منه تعالى مبنية على المذاهب وإنما هي مبنية على العمل الصالح من الأفراد - دون ارتباطهم بالمذاهب - وعلى‌صحة العقيدة . وقد رأينا أن المسلمين متفقون على أصول العقيدة . أما ما جاء بعد ذلك من الخلاف في فهم النصوص من الكتاب والسنة واستخراج الأحكام العملية منها فيان الله تبارك وتعالى هو الذي ا راد ذلك رحمة بهذه لأمة وتوسعة عليها ولو شاء لحدد كل شيء في نصوص لا تحتمل التأويل أو الخلاف . ولعل علماء الأمة المسلمة المعاصرة بناء على النظرة المنصفة وتسوية في الحقوق بين جميع المسلمين ودفعا للاحتكار الديني أو العلمي بين مجموعات محدودة » فهم يسقطون من حسابهم تلك الأحكام المتعصبة الجائرة التي كانت تصدر على مجموعات من الناس » أو بعض العلماء الأجلاء بهم أصحاب أهواء أو مبتدعة أو فسقة أو يحكم عليهم بالكفرء وأن ينظروا إلى عمل الرجل مجردا من المذاهب أو الفرقةاأو الكتلة في عمله القردي وسلوكه الشخصى.ء بقطع النظر عن الجهة التي ينتمي إليها فليس مهما أن يكون معتزليا أو شيعيا أو سنيا أو إباضيا أو خارجيا ء وإنما المهم أن - 419 - يقم بالعمل الصالح حسب الأسس التي يعمل بها في الفرقة التي ينتمى إليها ويجب اُن تعتبر جميع الفرق التي تتکون منها الأمة الإسلامية على مستوى واحد من الاعتبار . والأمة الاسلامية تتكون من جميع من ينتسب إلى الشيمة أو ينسب إليها ء وجميع من ينتسب إلى الخوارج أو ينسب إليهاء وجميع من ینتسب إلى المعتزلة أو ينسب إليها ء وجميع من ينتسب إلى أهل السنة أو ينسب إليها » وجميع من ينتسب إلى الإباضية أو ينسب إليهاء 4 ولا يخرج منها إلا من أخل بأصل من أصول الإسلام فأنكر معلوما منه بالضرورة بطريقة التصريح لا بطريقة الإلزام . ولعل الإلتفات إلى الماضي في هذه الأحكام غير مهم لا سيما بالنسبة إلى تلك المذاهب التي انقرض أتباعها كالظاهرية والمعتزلة والخوارج ولكنه بالنسبة إلى المذاهب الإسلامية الموجودة أمر شديد الأهمية › فما داموا كلهم متفقين على الأصول فلا ينبفي الالتفات إلى اختلافاتهم في التفاصيل › ويحق عليهم أن يلغوا فكرة اللوازم والاستلزام وأن يعلم كل فريق منهم أن من حت الآخر أن يستعمل عقله وفهمه وذكاءم » وأن يتبع ما اتضح له بناء على جهده واجتهاده › والأخوة الإسلامية اليوم رابطة بين الشيعة وأهل السنة والإباضية فينبفي أن يستمسكوا جميعا بهذه الرابطة التي شرعها الله تبارك وتعالى . وأن يتعاملوا على هذا الأساس أساس اشتراكهم في أصول العقائد والسياسية والشريعة وإن اختلفت بينم التفاصيل ولا عبرة بالخلاف في التفاصيل ما داموا متفقين على الأصول وما كان يلزم به کل فريق غيره في الماضي لا يلزم أحدا في الواقع ونفس الأمر . وعند الله تبارك وتعالى یتلاقی الجميع - 420 - سبق إلى أذهان كثير من الناس - بسبب ما يقوله المتعصبون من علماء المذاهب ‏ أن كلمة الإجماع حين تطلق يقصد بها إحماع مذهب أو مذاهب معينة فعندما يقول الشيعي أجمع المسلمون فهو يقصد الشيعة » وعندما يقول السني أجمع المسلمون فهو يقصد أصحاب المذاهب الأربمة دون الظاهرية والإباضية . وكذلك غيرهم . وهو مفهوم خاطئ ويجب ان يزول من اُذهان الناس ولا يكون الإجماع حجة إلا حين يتم من جميع مجتهدي جميع مذاهب الأمة الإسلامية . وإن شعت مزيدا من التفصيل فاقرأ المقال الآتي : في الإجماع مع احترامنا العظيم لجميع الأئمة والعلماء السابقين من جميع المذاهب وتقديرنا الجم لجهودهم المتواصلة الصادقة في خدمة الشريعة الإسلامية نرى أنه يجب أن تتغير بعض المفاهيم أو بالأصح أن تتغير النظرة ,لى بعض المفاهيم في بعض المواضيع ومنها بعض المفاهيم في موضوع الإجماع . لقد ثار نقاش كبير وجدل صاخب حول موضوع الإجماع ء وتناوله البحث من جميع جوانبه » وقد استقراليوم في أذهان الناس جميعًا أن الإجماع هو المصدر الثالث من مصادر التشريع الإسلامي ء وقبل أن أعرض الجوانب التي أريد مناقشتها أود أن أضع بين يديك ما يلي : | يقول الأستاذ عبد الوهاب خلاف في كتابه علم أصول الفقه ص 6 ما يلي : - 421 - «هو أن يتفق على الحكم الشرعي في الواقفة ‏ جميع المجتهدين من السلمين في وقت فلو اتفق على الحكم الشرعي في الواقعة مجتهدو الحرمين فقط ء ُو مجتهدو العراق فقط ُو مجتهدو الحجاز ز أو مجتهدو آل البيت ُو مجتهدو ُهل السنة دون مجتهدي الشيعة › لا ينعقد شرعا بهذا الاتفاق الخاص إجماع › لأن الإجماع لا ينعقد إلا بالاتفاق العام من جميع مجتهدي العالم الإسلامي في عهد الحادثة ولا عبرة بغير المجتهدين » ويقول الامام السالمي في كتابه القيم طلعة الثس الجزء الثاني ص 65 ما يلي : الإجماع في عر ف الأصوليين والفقهاء وعامة المسلمين عبارة عن اتفاق علماء الامة على حكم في عصر» وبعد أسطر يقول : «فالإجماع نوعان أحدهما إجماع قولي وهو ما فيه اتفاق أقوالهم أو تواطؤ أفعالهم على شيء واحد » والنوع الثاني سكوتي وهو ما فيه قول بعضهم أو عمله مع سكوت الباقين عليه بعد انتشار ذلك فيهم ومع القدرة على إنكاره ولكل واحد من النوعين حكم يخالف حكم الآخر» أما حكم الإجماع القولي .فهو أنه حجة قطعية يفسق من خالفها عند الجمهور .» وبعد أسطر يقول : «وخالف النظام والرافضة وبعض الخوارج فزعموا أنه ليس بحجة .» وبعد أسطر يقول : «وللجمهور على أن الإجماع القولي بعد كمال شروطه حجة قطعية أدلة من الكتاب والسنة والإجماع .» وبعد أسطر يقول :«وأما حكم الإجماع السكوتي فهو حجة ظنية توجب العمل ولا تفيد العلم مشل خبر المدل ءفمن خالف الإجماع الكوتي لا يحكم بق على المحيح كسا ا يحكم بفسق من خالف خبر الأحاد لأن التفسيق لا يكون إلا مع مخالفة الدليل القاطع .» - 422 وقال الإمام الشوكاني في كتابه القيم إرشاد الفحول ص 68 ما يلی : «فهو اتفاق مجتهدي أمة محمد ي بعد وفاته في عصر من جميع جوانبه أحب أن أثقل إليك المقتطفات الآتية منه . «هل يعتبر فى الإجماع المجتهد المبتدع إذا كانت بدعته تقتضي تكفيره ؟ فقيل لا يعتبر في الإجماع ء قال الزركشي بلا خلاف لعدم دخوله في مسمى الأمة المشهود لهم بالعصة ء وإن لم يعلم هو كفر نفسه » قال الصفي الهندي ءلو ثبت لكان لا يمكن الاستدلال ياجماعنا على كفره بسبب ذلك الاعتقاد لأنه إنما ينعقد إجماعنا وحده على كفره وإثبات كفره يإجماعنا وحده دونه » وأما إذا وافقنا هو على أن ما ذهب إليه كفر فحينئذ يثبت كفره » لأن قوله معتبر في الإجماع لكونه من أهل الحل والعقد قال الهندي وهو الصحيح .» «قال الأستاذ أبو منصور قال أهل السنة لا يعتبر في الإجماع وفاق القدرية والخوارج والرافضة » وهكذا رواه أشهب عن مالك .» «قال أبو بكر الصيرفي ولا يخرج من الإجماع من كان من أهل العلم » وإن اختلفت بهم الأهواء كمن قال بالقدر ومن رأى الإأرجاء وغیر ذلك من اختلاف آراء الكوفة والبصرة إِذا کان من أهل الفقه .» «قال ابن قطان الإجماع عندنا إجماع أهل العلم فأما من كان من أهل الأهواء فلا مدخل له فيه : قال أصحابنا في الخوارج لا مدخل لهم فى الإجماع والاختلاف .» - 423 - «وممن اختار أنه لا يعتد به() من الحنفية أبو بكر الرازي ومن الحنابلة أبو يعلى القاضي .» «لا ينعقد عليه (أي مجتهد أهل الأهواء) الإجماع وينعقد على غيره يعني أنه لا يجوز له مخالفة من عداه إلى ما أدى إليه اجتهاده ولا يجوز لأحد أن يقلده ء حكا الأمدي وتابعه المتأخرون .« «قال القاضي أبو بكر والأستاذ أبو إسحاق أنه لا يعتد بخلاف من أنكر القياس ونسبه الأستاذ إلى الجمهور.» قال النووي إن مخالفة داود لا تقدح في انعقاد الإجماع على المختار الذي عليه الأكثرون » «قال صاحب المفهم : جل الفقهاء والأصؤليين أنه لا يعتد بخلافهم ءبل هم من جملة العوام » وأن من اعتد بهم فإنما ذلك لأن مذهبه أنه يعتبر خلاف العوام في اتعقاد الإجماع والحق خلافه .» «قال الجويني :المحققون لا يقيمون لخلاف الظاهرية وزنا .» «قال مالك : إذا أجمع أهل المدينة لم يعتد بخلاف غيرهم .» «قالت الزيدية والإمامية : إجماع العترة حجة تقلت لك المناقشة السابقة عن الإمام الشوكاني - وهي صورة مختصرة جدا للنقاش الطويل الذي يجري بين العلماء في كتب الأصول في موضوع الإجماع ‏ لترى كيف تغیر مفهوم الإجماع من تعريفه العام الشامل الرائع إلى مفاهيم ضيقة ء متعددة الحدود › متضاربة المدلولات ء تسوقها العصبية المذهبية المختفية ء ويصوغها التحكم الفردي أو نمي ِ الاعتداد بمجنهد عل الأهواء - 424 - ولا شك أن الإمام الشوكاني نقل لنا ما تقل عن علماء طوائف معينة من الامة الإسلامية . وأقوالهم تمثل نظرة هذا الجانب فقط ولو أتيح لنا أن نتقل عن مؤلف آخر من الجانب الثاني لوجدنا عنده ما يشبه ما أورده الشوكاني ولكن بطريقة عكسية . ومع لإقتصار على هذا الجانب الذي عرضه الإمام الشوكاني فقط فلإنك تجد الإجماع قد انتقل عن تلك الصورة الرائعة من التعميم والثمول للامة الإسلامية جمعاء إلى فكرة تتتازعها المذهبية . وتحاول أن تحتكرها » فلو أخذت في الاعتبار جميع الأفوال السابقة فأخرجت من الإجماع الحنابلة والظاهرية لأنهم لايقولون بالقياس » وأخرجت المعتزلة والشيعة والخوارج وأخرجت الفقهاء والاصوليين . فماذا يبقى من الامة الإسلامية . وهل يبقى للإجماع معنى إذا أخذت بقول من يرى أن إجماع العترة يكفي أومن يرى أن إجماع أهل الحرمين يكفي أو من يقول إذا أجمع أهل المدينة فلا يعتد بخلاف غيرهم . إن الصورة الرائعة لمفهوم الإجماع من الأمة الإسلامية عامة لم تزل تضؤل وتضؤل حتى أصبحت في نطاق مدينة واحدة بل حتى تلاشت › وذلك أن كلمة أهل الأهواء والبدع تهمة متبادلة يقولها أهل السنة في المعتزلة . ويقولها المعتزلة في أهل السنة وهما يقولانها في الشيعة والشيعة تقولها فيهما › وهم يقولونها في الخوارج والخوارج يقولونها فيهم › وبهذا لا يعتد بإجماعهم جميعا لان کل واحد منهم صاحب هوى وبدعة في نظر الأخرين . إن كلمة أهل الأهواء والبدع ‏ هذه التهمة الخطيرة التى كان يتقاذفها أنصار المذاهب والفرق كما تتقاذف الفرق الرياضية كرة المطاط › لا تلمسها رجل حتى تتركها إلى رجل فرقة مضادة › ولا - 425 - تطير في اتجاه هدف حتى ترتد طائرة إلى الهدف المقابل - يجب أن تختفى من هذا الميدان الفسيح الذي يصطف فيه المسلمون باختلاف مذاهبهم وفرقهم » لأنْهم باختلاف فرقهم وشعاراتهم يكونون اتحادا واحدا عظيما يقف متراص الصفوف ليجابه التحديات . انه لا يحق لأي واحد سواء كان يقف في الساحة منفردا أو كان يحمل شعار فرقة » ُن يحكم على فرقة اأخری بالخروج من ميدان الإسلام الفسيح أومن الحرمان من الاشتراك في أي عمل تقوم به الأمة الاسلامية ككل . وهذه الفرق المتكاملة بشعاراتها المختلفة هي التي أعطت الصورة الكاملة للأمة المسلمة › لأن كل واحدة من تلك الفرق كانت تمثل جانبا معينا وتبني من زاوية خاصة ولن يكتمل البناء إلا بوجودها جميعا واشتراكها في إقامته معا . إن لكل فرقة من الفرق الإسلامية في خدمة الإسلام جهدا مشکوراسواء کرھنا أو رضينا » وسواء اعترفنا أو لم نعترف › وسواء وافق أمزجتنا أم لم يوافق . وليس من حق أصحاب أية فرقة أن يعتبروا أنفسهم هم ممثلي الإسلام يحكمون على غيرهم من الفرق والطوائف بالتفسيق أو التبديع أو التكفير . ل يستطيع المسلم مهما كان مذهبه أن يتكر أن الخوارج بأقسى وأقصی ما يوصفون به وينسبون إليه ۔ قد قدموا للامة لإسلامية خدمة جلى القد قاموا بكفاح مير حين استنام المسلمون وسكتوا عن الاتحراف بدولتهم من الخلافة إلى‌الملكية › فأقاموا الحجة على المسلمين بسيوفهم وألسنتهم وأثبتوا بجدارة تستحق الإعجاب بون ما كان عليه الناس في الخلافة الرشيدة وما - 426 - هم مقدمون عليه عند ما تسلطت الدكتاتورية الملكية على الحكم في الإسلام وأخرجته من نظام الشورى إلى نظام الملك العضوض . ولا يستطيع المسلم مهما كان مذهبه أن ينكر أن الشيعة قدموا للامة الإسلامية خدمةجلى › فقد كافحوا بجهد جبار حتى أثبتوا حق آل البيت في الحياة وفي الحكم ولولا الشيعة لقضى جبروت بني أمية على بني هاثم ءولمحا الحقد الأسري المتغلفل في انقوس امهم من الوجود » أوشرد بهم حيث لا يكون لهم لقاء . ولولا المعتزلة لكانت الفلسفة القديمة يما أوتيت من براعة الجدل وذكاء التمويه قد استطاعت ان تتحرف بعقيدة المسلمين عن الإسلام بل أن تخرج الكثير منهم من الإسلام . ولولا الإباضية لما كانت هناك حلقة في الاعتدال والتوسط تمسك بکل طرف من الأطراف المتطرفة بجانب واضح ءيربطها بالفرق الأخرى ويقلل مسافة البعد بينها سواء كان ذلك فى العقائد أو في آراء الحكم والسياسة . ۱ ولولا أهل السنة الذين ناصروا الدولة الأموب ية لما قامت تلك الحضارة الرائعة التي بناها العرب على سس من الإسلام ء والتي استطاعت أن تقف متباهية في شموخ أمام الحضارات العالمية في ذلك الحين » ثم أن تتقدم في عهد الدولة العباسية في أناة . فتستلم زمام الحضارة الإنسانية في العالم وتسير به الوط الذي حفظه لها التاريخ وتقدره لها الأجيال المتعاقبة . ولولا الظاهرية والحنابلة الذين استمسكوا بالنص واعتمدوا عليه واحتجوا دون اعتماد على العقل لما تمت خدمة النصوص الإسلامية من سنة واثار على هذا المستوى العلمي الدقيق الذي نفتخر ونعتز به ونضعه كنموذج للتحقيق العلمي بين أنظار علماء الإنسان . - 427 - ولولا النزعة العقلية المتحررة من فقهاء العراق واستنادهم إلى العقل والمنطق وإعتمادهم على ذلك في مناقشة الأثار والنصوص لبقي الفقه الإسلامي تحت أُثقال من الركود والجمود . هذا هو الإطار العام الذي تقف فيه الفرق الإسلامية بشعاراتها الخاصة كطوابير متخصصة يتكون منها جميعا ذلك الكيان العظيم الذي يسمى الأمة الإسلامية ء وهذه الأمة بهذه الفرق المختلفة وشعاراتها الخاصة إذا أجمع علماؤها على حكم في أمر من الأمور كان ذلك إجماعا من الأمة الإسلامية › واعتبر هذا الإجماع هو ولا کن أن يمي اماما ما تقاف فيه ولو عال واحد من فرفة واحدة من الفرق الموجودة حين صدور الحكم < فاذا انقرضت فرقة في عصر من العصور أو وجدت فرقة طلب الإجماع من علماء الفرق الحاضرة فقط واعتبر ما اتفقوا عليه . بعد هذا العرض أعتقد أنه من المناسب أن ننظر إلى الإجماع من الزوايا الأتية : 1 الإجماع الذي نتحدث عنه ونناقشه هو الإجماع الذي مشي كنال حاص في أمرمن السو ل يت فيه ني .آنا عرضة لهذا ا لاه اکتسب القطية من دلا النص : 2. الإجماع في الماضي . أغلب أنواع الإجماع التي وقعت أو ادعیت في الماضي - بقطع النظر عن الإجماع المصاحب للنص ‏ هي من نوع الإجمساع السكوتي وهوحجة ظنية سواء وقعت في عهد الصحابة أوفيما بعدهم من عهود . - 428 - أما الإجماع القولي أو الصريح إذا سلم بوقوعه في عهد الصحابة لا سيما في فترة خلافتي أبي بكر وعمر لعصدم تفرق علماء الصحابة . فإن وقوعه فيما بعد عهد الصحابة يعسر التسليم به ولذلك فإننا نقف بنوع من الاحتراس عتدما نجد ادعاء الإجماع سواء كان بعبارة عامة كقولهم تم الإجماع على كذا أو أجمع المسلمون على كذا أو بعبارة خاصة كقولهم أجمع من يعتد ياجماعه » وهذا الفوع من الإجماع ‏ ما عدا إجماع الصحابة القولي إذا ثبت هو حجة ظنية في الأحكام الشرعية بالنسبة للأفراد أما إذا جرى في الحكم على فرقة من المسلمين بالتفسيق أو التبديع فليس له قوة الحجة مطلقا . وهذا ما أشار إليه الصيفي الهندي في قوله الذي نقلته عن الشوكاني في صدر هذا الفصل . ذلك لأن إثبات إجماع المسلمين بعد عهد الصحابة وقد تفرقت بهم الا راء والمذاهب والسياسات وتشتتوا ما بين فارس والأندلس مع تعسر المواصلات د أمر مستحيل وحكم فرقة أو ععدد من القرق على فرقة أخرى لا يعتبر إجماعا أبدا . 3 الإجماع في الحاضر أو المستقبل : نظرا لسهولة وسائل الاتصال في العالم اليوم وتيسرها فإننا نعتقد ‏ نظريا ‏ أن الإجماع الصريح ممكن وأن العلم به ممكن أيضا لا سيما إذا تبنته الدول أو ساعدت عليه مع العلم بأن هناك علماء لا يتم الإجماع بدونهم يعيشون في أقطار تحكمها دول غير إسلامية فلو أثيرت مشكلة هامة في قطر من الأقطار واحتاجت إلى حكم شرعي لأمكن الاتصال بجميع أهل العلم المسلمين في جميع أنحاء العالم وعرض المشكلة عليهم وأخذ الحكم منهم ربما في شهور فقط . فلو وقعت حركة مثل هذه فإن الحكم لا يعتبر بالإجماع - 429 - أولا يأخذ مرتبة الإجماع إلا إذا أجمع عليه علماء العصر على اختلاف مذاهبهم ثم استوفى بقية الشروط المعروفة عن الإجماع ٠ وما قيل عن هذا العصر يقال عن العصور المقبلة . وينبنى على هذا أن الاتفاق الذي يتم بين بعض البلدان فقط أو بعض المذاهب فقط ولو كانت أكثرية ولو تخلف عالم واحد من مذهب وإحد لما كان ذلك الاتفاق إجماعا ء فإذا كان في مسألة فقهية فهو حجة ظنية أما إذا كان حكما على فرقة فليس له اعتبار . فليس من حق فرقة أوعدد من الفرق أن تصدر أحكاما على غيرها ثم تعتبر ذلك إجماعا.. كما انه ليس من حق أي شخص أو فرقة ُن تصدر حکما پاخراج أي مجتهد من دائرة الاعتداد به في الإجماع . والذي ينبفى أن ننتهي إليه من هذا الفصل أنه يجب أن يختفي من أذهان المسلمين ذلك المفهوم الذي يتبادر إلى الكثير حين يسمعون كلمة الإجماع أو أجمع المسلمون من ناس يصدرون أحكاما من زواياهم الخاصة على غيرهم من المسلمين ‏ فرقا وأفرأدا - فيعتبرون ذلك حجة قطعية تثبت تلك الأحكام التي البست ثوب الإجماع › وليست يإجماع . وكل إجماع ادعى فيما مضى إذا لم يصدر من جميع مجتهدي المسلمين بمختلف مذأهبهم وأوطانهم » ولم يكن مصاحبا لنص فهو ليس بالإجماع الذي يعتبر في:الدرجة الثالشة من الأدلة الشرعية وليس الخروج عنه فسقا ولا كفرا . 430 - مفاهیم يحب ُن تختمي سبق إلى أذهان أكثر الناس ‏ بسبب خطإ المؤرخين في ربط الأحداث أن المحكمة الذين قتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في وقعة النهروان هم أصل الخوارج وهو مفهوم خاطئ › إن المحكمة قد قتلوا ف في النهر ولم ينج منهم إلا تسعة أفراد ثم ثار على الحكم الأموي طوائف كثيرة من الناس جماعات وأفرادا حتى ظهر الخوارج في أواخر ولاية ابن زيادسنة 64 بقيادة نأفع بن الأزرق . فمعركة النهروان هي فتنة بين الصحابة وقعت بين الإمام علي بن أبي طالب والمحكمة . أما الخروج فنوعان : خروج سياسي كخروج الحيسن وابن الزبير وبلال والمختار وسلیمان بن حرد وغيرهم . وخروج سياسي ديني وهو الخروج الذي ابتدأه نافع بن الأزرق وسار عليه الخوارج من بعده . _ وإن شئت مزيدا من الإيضاح فاقرا الفصل الاتي : الفرق بين الفتنة والخروج من معاني كلمة الفتنة : اختلاف الناس في الأراء وما يقع بينهم ‏ بسبب ذلك من النزاع والقتال » وقد وقعت في صدر الإسلام مجموعة من الخلافات بين الصحابة دت إلى نزاع وقتل وقتال فسميت فتنا وفى الإمكان أن نحصرها فيما يلى : 1 فتنة الدار. ` ۱ 2 فتنة الجمل . 3 فتنة صفين . 4 فتنة النهروان - 431 - فكانت أولى الفتن بين الصحابة هي فتنة الدار وذلك أنه في السنوات الأخيرة من خلافة أمير المؤمنين عثمان انتقد عليه بعض الناس أنواعا من السلوك والتصرف اعتقدوا أنه لايجوز له » فلما بل انتقادهم اعتذر عن بعضه واستغفر ء وأجاب عن بعضه بانه من - وهو الإمام أُن يفعله ووقع بينه وبين المعارضين خلاف فى عدد من السائل واشتد الغلاف حتى طلبوا منه أن يستقيل فلم يقبل منهم ولم يستجب لهم فوثبت عليه جماعة منهم فقتلوه ودافع عنه جماعة من المسلمين واعتزلت عنهم جماعة أخری . وسمیت هذه الحركة فتنة الدار وكانت أول فتنة وقعت بين المسلمين . ثم بايع أكثر الناس لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب واعتزله آخرون وقام عليه جماعة ممن بايعوه وأدت الحركة كلها إلى حروب يوم الجمل فقتل هنالك ثمانية عشر ألفا (على رواية المسعودي في مروج الذهب ) وسيت هذه الحركةبفتنة الجمل وكانت ثاني فتنة وفعت بين المسلمين . وعندما تمت البيعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعث يعزل العمال السابقين ومن ضمنهم معاوية فلم يستجب للعزل وتعلل بدم عثمان » واعتبر نفسه وليه ءوصرح أنه يتهم الإمام عليا بالاشتراك في قتله ءأو على الأقل بالرضاء به . وأنه يطالبه بدمه . ووقعت من أجل ذلك حرب مريرة في مکان یسمی صفين قتل نيه مائة ألف وعشرة آلاف على رواية السعمودي في مروج الذهب › وكانت هذه هي الفتنة الشالثة من الفتن التى وقعت بين المسلمين . ۱ وفي صفين عندما أحس معاوية بضعف جيشه عن المقاومة وبأن الهزيمة لاحقة به لا محالة » ابتكر خدعة المصاحف وطالب بالرجوع إلى حكم الله وبتكوين نخبة للتحكيم وتحديد مدة كهدنة - 432 - ليتم فيها هذا العمل » واختلف أصحاب علي اختلافا شديدا بين مواقق على الطلب ومعارض له . واصطر الإمام إلى الموافقة تز ل عند رأي الأغلبية وإن كان رأيه هو خلاف ذلك ٠ واختير الحكمان وحددت الهدنة وانتهى الموعد وحضر الناس ٠ فأعلن مندوب الإمام علي بأنه اتفق مع مندوب معاوية على عزلهما معا من مناصبهما ثم يكون الخيار للامة تولو من تشاء . وأنکر متدوب معاوية ذلك الإتفاق وأعلن أنه اتفق مع مندوب علي على عزل علي وتثبيت معاوية . فاعتبر علي أن قضية التحكيم في حكم إلملفاة لأن الحكمين لم يعملا بكتاب الله ولأنهما لم يتفقا.. ورجع إلى معارضي التحكيم ‏ الذين كانوا قد اعتزلوا الجيش عندما وافق الإمام علي على التحكيم » ثم بايعوا لهم إماما عندما أعلنت نتيجة التحكيم ‏ يطلب منهم الإنضواء تحت لواء الجيش والاستمرار في محاربة اهل الشام › غير أن المعارضين وقد تجمعو! قرب التهروان لم يوافقوا على العودة » وجرت بينهم وبين رسل الإمام وبينهم وبين الإمام نفسه مناظرات ومناقشات كثيرة لم يتوصلوا بعدها إلى اتفاق ءمارتحل إليهم بجيشه ووفعت بينه وبينهم موقعة فقتل فيها أربعة آلاف حسب رواية المسعودي سميت بوقعة النهروان وكانت هذه هى الفتنة الرابعة فيما أرى . وبالتأمل في أحداث هذه الفتن الأربع يجد الباحث أن السبب فيها هو اختلاف في وجهتي النظر بين طائفتين من المسلمين . وفي إحدى الطائفة فين أمير المؤمنين - في سلوك أمير المؤمنين تسه في مسألة من المسائل أو م مشكلة من المشاكل أو عدد منهاء يرى هو صحة موقفه › ويرى‌المعارضون عدم الصحة وينتج عن تبأين الموقفين الانتهاء إلى القتال . ومع كل فريق من الطائفتين عدد من الصحابة › وفي جميع تلك الأحداث يوجد _ أيضا ۔ جمع 28 - 433 - من الصحابة وقفوا من الخلاف موقفا سلبيا فلم يشتركوا مع أحد ولم يؤۇيدوا أحدا من الطرفين المختلفين . ويبدو رغم اختلاف نزعات ودوافع المۇرخين - إن العنف في الفتنة الأولى كان من المعارضين فقط ء وأن الإمام وقف أمامهم أعزل لم يجرد سلاحا » ومنع من التعرض لهم بالقوة » حتى في أحرج اللحظات . ولذلك فقد انجلت عن مقتل الإمام فقط ٠ أو ‎E‏ ٤ ‏بعض أضرار اخرى بسيطة . ‏وفي الفتنتين الثانية والثالثة بدا العثنف أيضا من المعارضين غير أن الإمام هنا لم يقف سلبيا وإنما أجاب على العنف بالعتنف ولذلك فقد انجلت الفتنة الثانية عن ثمانية عشر الف قتيل . وانجلت الفتنة الثالثة عن مائة ألف وعشرة آلاف قتيل . ‏أما الفتنة الرابعة فبعد المفاوضات والمناظرات كان العنف فيها من الإمام - كما يبدو واستجاب المعارضون عن العنف بالعنف وانجلت الفتنة عن أربعة ألاف قتيل » حسب روايات المسعودي في مروج الذهب في جميع ذلك ء أعني أن هذه الفتن ذهب ضحيتها مائة وإثنان وعشرن ألفا من المسلمين المقاتلين حسب روايات المسعودي . ‏وصلب الموضوع في أحداث هذه الفتن جميعا أن الخلاف فيها کان ديانة » أي أن کل فریق کان يعتقد أن مسلكه هو الحق ونستطيع أن نأخذ مثلا للخلاف عن كل فتنة من هذه الفتن . ‏ففي الفتنة الأولى اتهم عثمان بأنه يحابي أهله بالمال والمنصب فلما نتقد عليه ذلك وذكرله أن عمر لم يكن يفعل ذلك جاب أن عمر متعهم لله وأنه هو أعطاهم لله . وأجيب عنه بأنه أمير المؤمنين › وأعرف بمصلحة الإسلام والمسلمين وهو المسؤول . ‎- 434 0 وفي الفتنة الثانية تمت البيعة لعلي فلم يبادر إلى قتل قتلة عثمان ٠ فقال قائلون لا نمع لك ولا نطيع حتى تقتل قتلة عثمان ٠ وقال علي - وهو أمير المؤمنين حينئذ ‏ بل السمع والطاعة ولا ثم إقامة الحدود وكيف يتمكن الإمام من إقامة الحدود إذا كان في الامة من لا يمع ولا يطيع . وفي الفتنة الثالثة انشغل علي عن قتل قتلة عثمان أو لم ير قَتَلهم فادعى معاوية انه ولى دم عثمان وهو يطالب بالقصاص .٠ فقال له الإمام على بايع أولا وادخل فيما دخل فيه المسلمون ثم طالب بحقك في ولاية الدم وإيقاع القصاص . قال معاوية بل القصاص أولا . وفى الفتنة الرابعة رفعت المصاحف وطلبت الهدنة فاختلف اصحاب علي فوافق تحت ضغط أصوات الأغلبية وقبل التحكيم . ففارقه عدد من الجيش ٠ ويقول من يجيب بلسان علي . قبلنا الهدنة ونحن نعلم أنها خدعة خوفا على كلمة الجيش واقتداء ببعض مواقف الرسول بي المشابهة . ويقول الأخرون أنك تعلم أنهم فئة باغية وأنت تحاربها بأمر الله وليس لك أن تتركها حتى تفيء إلى أمر الله أو يهلك أحد الفريقين . هذه أمثلة بسيطة لتلك القضايا الشائكة . ومنها يتضح لك أن المواقف في الأحداث السابقة كانت مواقف ديانة من الأطراف المتخالفة . وأن أستمساك تلك الأطراف بمواقفها إنما يعني استمساكها بما تدين وتتقرب به إلى الله ٠ وليس استمساك عد سیه 8 رغبة في الدنيا . ويبدو لي أن الفتن التي وقعت بين الصحابة تنتهي إلى هذا الحد ٠ وأنه يجب على المسلمين أن يقفلوا عنها الباب ون ل يتورطوا بالتدخل فیها ٠ بقطع النظر عن [ راهم و ميولهم الشخصية وأنه لا علاقة ليذه القتن يما جاء - 5 ترتب عنها فيما ومما نسب إليها . والحقيقة أن هذه الفتن الأربع ينبغي أن توزن بمیزان واحد باعتبارها أحداثا بين الصحابة لان جميع أطرافها حضره بعض من الصحابة . والظروف فيها متشابهة › القائمون فيها من الجأنبين طلاب حق سواء أخطأوا فيه أم أصابوا . والذي يلجئنا إلى هذا الموقف - رغم أن في السوضوع دماء وأموالا - هي ثبوت الأحاديث في بعض بعض الصحابة الذين وقفوا مواقف متعارضة في هذه الأحداث » وشهروا فيها السيوف على بعضهم البعض . وبانتهاء الفتنة الرأبعة انتهت الفتن التي قامت في عهود الصحابة وبينهم › أو على الأقل قامت في عهود الخلافة الرشيدة . وبالنظرة المنصفة النزيهة المتعمقة في أحداث التاريخ يتضح ُن آثار هذه الفتنة كحركة عملية قد انتهت في زمنها › فقد قتل أهل النهروان وتفرق باقييم ممن لا حول له ولا قوة ثم قتل الإمام علي بمؤامرة نسبت إلى الخوارجء كما جرت العادة أن تنسب إِليهم كل الأعمال الشاذة المتحرفة . فقد صنع منهم كتاب التاريخ والمقالات شخصيات خرافية ‏ كشخصية جحا وأشعب وأبو زيد الهلالي - يلقون على أكتافهم مسئولية الدم في التاريخ الإسلامي عامة والله أعلم بمن دبرها وإن كانت أصابع الاتهام تشير إشارات واضحة إلى الأشمث اين ثم سلم الإمام الحسن بن علي إلى معاوية بعد شهور قليلة ءثلم يبق لهذه القضية أي ر وقد انتهھی جانبها ‏ جانب أهل النهر وجانب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب . (1) كان أمير المؤمنين علي يخطب على المنبر فاعترضه الأشعت بكلمة فاجابه الإمام وهو ماض في خطبته يقوله . «وما يدريك ما على حمالى , عليك لعنة الله - 436 - ویشب دنا إلى 0 سؤال یتردد وائلا : ما علاقة هده ن نترك سابقاتها لله . والواقع أن ان کثير من المۇرخين ± يحرصون أشد الحرص على على أن أهل النهر هم المقصودون بحدیٹث المروق المعروف - ون صح - وينسبون إلى الإمام علي مما يثبت هذه الدعوى أخبارا غيبية يخبر قبل وقوع الأحداث بوقوعها ٠ ثم هم يخلطون خلطا عجيبا بين معنى الخروج عن الدين ومعنى الخروج عن الدولة › وكلما تطاول الزمن كلما كبر هذا الحرص عند المؤرخين وكتاب ا المقالات . لا أحاول أ أناقش صحة هذا الحديث ولا مدی ى اطباقه على هده هزه السماءة بالذات »كما أنه ليس پامكاني الان ن أحدد بالضط متى استعملت كلمة الخوارج › وأول من استعملها وعلى من ولعنة اللاخنين . حائك ابن حائك . منافق ابن كافر . والله لقد أسرك الكفر مرة ٠ والإسلام أخرى » فما فداك من واحدة منها مالك ولا حسبك وأن أمر أدل على قومه اليف وساق إليهم الحتف . لحرى أن يمقته الاقرب ولا يأمنه الأبمدء . شرح نهج البلاغة لابن بي ا الحديد الجزء الأول ص 391 قال ء عله اين ي الحديد . (وهو في رسول له صلى له عليه وله وسل كل واحد منيما را ى الفاق في زسانه السابق ص 297 . 437 ورد في هڏا ا لموضوع في حينه » وأحسب ان جميع ما قيل عن الخوارج في تلك الظروف عرضة للنقد › وان الشك فيه أقوى من اليقين . يقول الإمام أبو إسحاق اطفيش() : «الخوارج طوائف من الناس في زمن التابعين وتابع التابعين › رؤوسهم نافع بن الأزرق › ونجدة بن عامر» ومحمد بن الصفار› ومن شايعهم » وبموا خوارج لأنهم خرجوا عن الحق وعن الأمة بالحكم على مرتكب الذنب بالشرك فاستحلوا ما حرم الله من الدماء والأموال بالمعصية .» ويقول أيضا : «إن تسمية الخوارج لم تكن معهودة في أول 2 وإنما هي انتشرت بعد استشراء أمر الأزارقة كما قلنا ء ولم تعرف هذه التسمية في أصحاب علي المنكرين للتحكيم والراضين به ء ولعل أول ما ظهر هذا اللفظ بعد ثبوت الأمر لمعاوية .» حدثت أم نافع بن خليفنة : «أن الناس يومئذ على ثلاثة أصناف : صنف جبابرة وأتباعهم » وصنف فساق يشربون النبيذ ويضيعون الصلاة » ويعملون بالفواحش »› وليس هناك يومئذ صفرية ولا أزارقة ولا شكاك وإنما الذين يسمون القراء يدينون بقتال الجبابرة › وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقمع الفساق عما يصنعون » فلما رأى ذلك زياد جعل يتخذ الأدلاء عليهم › ويأخذهم فيقتلهم » فلما رأوا ذلك منه خشوا أن يقتلهم على فرشهم »() وقال المام نور الدين السالمي : «ثم لما كثر بذل نفوسهم في رض ربهم › وكانوا يخرجون للجهاد طوائف (خوارج) وهم جمع خارجة › وهي الطائفة التي تخرج في سبيل الله .» (ا) انظر عمان اريخ يتكلم ص 103 . (2) طبقات المشائخ بالمغرب الجزء الثاني 235 - 438 - وكل ما في هذا الموضوع أن المعارضين للتحكيم اعتزلوا جيش الإمام فلما فشل الحكمان بايعوا واحدا منهم إماما ء ولكن الإمام علي بعد فشل الحكمين بدأ يستعد لاستئناف القنل مع معاوية ء فاقتضت نظرته السياسية ‏ عملا بنصيحة بعض مستشاريه ‏ أ ينتهي من أمر أولفك المعتزلين أولا وقد انتهى منهم فعلا . كما نتهى من قبل من أصحاب الجمل ٠ ولم يكن هناك مجال للتنايز بهذه الألقاب فلم يكن من أخلاق علي ول أخلاق من يسیر بسیرته أن ينبزوا الناس بالألقاب ولا أن يصف الناس بالخروج من الدين أو المروق منه أو بغير ذلك من الألقاب والاسماء التي أصبح لها رنين فيما بعد » لا سيما وأن الإمام يقول :«كل مجتهد وهو يعلم تسا العلم أن هؤلاء القوم لم يقفوا ذلك الموقف منه إلا اجتهادا منهم بان اموقفهم ذلك هو الحق . والُصادر التي تصور موقف أو حالة الإمام بعد فتنة التهروان متضاربة حسب اتجاهات أصحابها . ولكنها مجمعة على أن خط الإمام على أهل الشاء كان أشد وأعنف من سخطه على ل النهروان » وكلماته التي حفظت عنه - إن صحت نسبتها إليه - دلالة واضحة على أسفه وندمه على قتلهم . E E f f والذي اريد أن انتهي ,ليه من كل هذا أن موقعة النهروان فتنة بين الصحابة كالفتن التي سبقتها وليس لها أثر فيما بعد اللهم إلا النتقاش الجدلي في موضوع الإمامة وواجبات الإمام وحقوقه › وواجبات الأمة وحقوقه والحدود في ذلك والاستدلال بموقف الإمام أو موقف الأمة عندما يختلفان وهل للإمام أن ينعزل عن أمور المسلمين دون حدث ؟ وهل لهم أن يعزلوه كذلك . وإذا الدليل والبرهان الجزء الثالث ص 28 . 439 - | ۰ ‏ع‎ E f انعزل فهل من حقه أن یعود. ؟ وان تکون بیعته الاولى في أعناق الناس حتى بعد التخلي والرجوع ؟ وهل بيعة الإمامة عقد من طرف واحد أو من طرفين ؟ وهل الطرفان متساويان ؟ وماذا لو أن أحد الطرفين لم يلتزم بمضون البيعة كما لو دعا الإمام إلى جهاد العدو فلم يتقدم أحد ء أوٴتقدم عدد ضئيل لا غناء فيه . فلا شك أن أبحاثا مستفيضة أثيرت حول هده المواضيع بسبب قضية وبعد فتنة النهروان » ثم اغتيال الإمام() بايع الناس الإمام الحسن بن علي وكان الحسن يدرك تمام الإدراك أن أمر الحكم بكل الوسائل ‏ سينتهي إلى معاوية › وقرر هو في داخل نفسه (1) ظهر اين ملجم ظهورا مفاجئا عند اغتياله للإمام أما قبله فلم يكن معروفا وكذلك صاحباه وحتى بعد تنفيذهم للمؤامرة لم يعرف على الحقيقة من وراءها فالقي أكثر المؤۇرخين مسئولية الحادثة على اسم الخوارج (شجب الأمويين) الذي تعلق عليه جميع الأحداث الشاذة والمكروهة والمجهولة . دون اهتمام بالتحقيق . ولكن اخبارا ترد مقطعة في كتب الأدب والتاريخ لا يلتفت إليها أحد قد تدل على غير ما يقوله تقلة الأخبار الروتينيون المتأثرون . كل من أهتم بأحداث صفين والنهرو ان يعرف أن الاشعث بن قيس كان من المقربين إلى الإمام ومن أصحاب مثورته وأن له أكبر الدخل في قيول التحكيم وفي عدول الإمام عن حرب معاوية إلى أصحاب النهرو في تثبيطاتهم جيش الإمام بعد ذلك لمواصلة القتال مع معاوية ويعرف أيضا أنه كان عميلا لمعاوية أو طابورا خامسا له في جيش الأمام . وتذكر كتب التاريخ والأدب أن الاشعث بعد أن رجحت كفة معاوية وإستقامت له الأمور وضؤل مركز على وتفرقت عنه الجموع ‏ قلب ظهر المجن للإمام في وقاحة وتبجح «قال أبو الفرج ؤللاشعت بن قيس في انحرافه عن أمير المؤمنين أخبار يطول شرحهاء مال ابن بي الحديد : دخل الأشعث على على فكلمه فاغلظ علي له › فعرض له الأشعث أنه سيفتك به › فقال له علي : أيا لموت تخوفي وتهددني والله ما أبالي وقعت على الموت وقع علي» وقال ابن - 440 - أن يوقف الصراع المرير بين الهاشمية والأموية ء وأن يحقن دماء سل » فلما عرضت عليه البيعة لم يمتنع خوفا من أن يتجه س إلى غيره فيسلك بهم مسلك التطرف ء فتعود الأمور إلى راسا کات ل من النتائج ولهذا قبل البيعة . فلما هدأت العواصف › واستقرت الأمور» وسكن الناس › سلم لمعاوية . ولا شك أن عددا كبيرا كان ساخطا على معاوية وان عددا آخر قد سخط عليه هو نفسه في تسليمه واتهموه بالجبن والضعف والأنانية » ولكن القضية سارت كما قدرها الحسن وكما أرادها معاوية . ولما بدأ معاوية يمهد لأخذ البيعة بولاية العهد لاينه يزيد ازداد عدد الساخطين وأصبحت الأمة الإسلامية ما عدا أهل الشام - تغلي كالبركان » ولم يمسكها عن الاتفجار العام الدموي إلا وجود معاوية في الحكم بمزاياه السياسية التي قل أن توجد عند حاكم . فلما توفي معاوية وتولی يزيد انفجر البركان فقامت في. كل مكان مجموعة من الناس تسل الحسام وتتدفع الى أغراضها أبي الحديد : «وجاء الأشعث إلى علي يستأذن عليه » فرده قنبر » قادمى الأشعث أنه » فخرج علي يقول : مالي ولك ياأشعث ء أما والله لو بعبد ثقيف تمرست لاقشعرت شعيراتك» . ءقال أبو الفرج : وقد كان ابن ملجم أتى الأشعث بن قيس في هذه الليلة فخلابه في بعض نواحي المسجد » ومر بها حجر بن عدي ء فسمع الأشمث وهو يقول لابن ملجم : النجاء النجاء بحاجتك › فقد فضحك الصبح ء قال له حجر:. قتلته يا أعور وخرج مبادرا إلى علي وقد سبقه اين ملجم فضربه قبل حجر والناس يقولون . قتل أمير المؤمنين» راجع هذه الأخبارة في الجزء السادس من شرح نهج البلاغة لاين أبي الحديد وهم في جملتها تشير بالاتهام إلى الأشعث وفي غيرها من كتب الأدب والأخبار ما هو أوضح وأصرح ولكن المؤرخين قد علقوا الموضوع على المشجب الأموي وانتهوا . - 441 - بالعنف والقوة › وإن كانت دعاوی ودوافع كل مجموعة قد تختلف عن المجموعة الأخرى . فبعضها قام بأحقية الخلافة » وبعضها بعدم أهلية الخلافة › وبعضها بالقرابة التي تفوق قرابة أهل البيت في زعمها › وبعضها للانتقام وأخذ الثأرء وبعضها مطالبة بالعدالة والرجوع إلى حكم الشريمة . . . إلى غير ذلك من المبررات والمزاعم والوسائل . وقد وقعت بسبب ذلك مشاغبات وحروب انتهی بعضها بعد خروج واحد » وقاوم بعضها فترة أطول » فكانت الأنباء ترد إلى دار الإمارة بهذا الشكل . خرجت خارجة بالكوفة » خرجت حارجة بالبصرة ! بالمدائن . بالطائف ! باليمن › الخ . وكانت الأنباء تتوالى كل يوم بمزيد من الطوائف التي رفعت السلاح في وجه الحكم » وصمت أن تحقق مطالبها بالعنف والقوة . فكان الأمير في أول الأمر يبعث بفرقة من الجيش إلى خارجة ما ليقضي عليها أو يشتتها » ولكنه عندما كثرت هذه المجموعات التي تخرج عن الحكم وترفع السلاح في وجه الدولة » صار على كل وال في مصر من الأمصار أن يكن جيشا كشفا ويا مزودا تحت قيادة ماهرة » ثم يرسل به للقضاء على خوارج ناحية من النواحي فيقول لقائد الجيش ‏ عنك ‏ انطلق إلى خوت المدائن ُو خوارج الأهواز ُو خوارج اليمن وهكذا . فاستعملت كلمة الخوارج بمعنى الخروج السياسي عن الدولة الأموية كاصُطلاح عسكري خاص بمعنى الجماعات الخارجة عن الدولة . ولكن حدث ان تطرف بعض تلك الجماعات فقامت حكمت بها بالشرك على الحكام الظلمة وعلى من رضي بالبقاء معهم أو تحت حكمهم 4 فسخط الناس عليهم لهذه العقيدة - 442 - وما انبنى عليها من السلوك واعتبروهم خارجين بذلك عن الدين فأصبحت كلمة الخوارج تدل على معناها الكامل في جانبيها معا الديني والسياسي . وجاء هنا دور القيادة البارعة للدولة الأموية وأنصارها فاستغلت هذا الموقف الشاذ من بعض الجماعات فاعتبرته موقفا لكل ناقم عليها غير راض بانحرافها » ثم استغلته استغلالا آخر أبمد مدى حين حاولت أن تطلق كلمة الخوارج على مفكري التحكيم ٠ وأن يكون الناقمون على الدولة الأمصوية هم امتداد لمنكري التحكيم ويشملهم اسم الخوارج جميعا . ووضعت في هذا عشرات الأحاديث منها ما عرف زيفه ومنها ما لم يعرف » كما وضعت عن لسان الإمام فيه عشرات الأقاويل منها ما هو ظاهر البطلان موقد اشتهر في هذا الاب ناس متهم ين أبي صفرة . حتی أنه قيل أن أثر أحاديثه المكذوبة على الخوارج كان شد من أثر سیفه . وقد استفادت السياسة الاموية بهذه الخطوات انها جعلت الشيعة والمعتزلين والمعتدلين قفون معها في السخط على لخوارج والحكم عليهم بالخروج من الأمة الإسلامية دون 7 بحقيقة ال لخوارج ومبد!إ ظهورهم لأنها أدخلت في روع الناس بدأ يورم هو اهم عن علي بم اترك | واعتقد انه مرت فترة قصيرة في اواخر ايام معاوية وایام يزيد كانت كلمة الخوارج لم تستعمل بعد . أما متكرو التحكيم فكانت تطلق عليهم كلمة أخرى هي (المحكمة) ولذلك لما لج زياد في الاضطهاد والظلم وصار يتتبع الناس ويقتلهم في منازلهم تحرك الناس لرد الفعل . وفد صورت م نافع هذه الفترة بصورة مختصرة ولكنها واضحة حين قالت كان الناس حينئذ على ثلاثة أصضاف : حكام جبايرة - 443 - ظلمة وفساق اتبعوا شهواتهم : وانحرفوا عن الدين › والقراء الذين الأمراء خطر زياد أن يشمع على الشاس ويستخرجهم من ينتتم مهم فخشي بعض الناس أن يقتلوا على فرثهم فخرجوا ودعو الى الخروج . وليس هناك يومئذ صفرية ولا أزارقة ولا شكاك( ‎Ê‏ - ولعل هذه الكلمة من أم نافع بنت خليفة تشير إشارة واضحة إلى أن الخوارج بمعنى كلمة الخوارج الكامل وبدلالته على جانبيه إنما بدأ استعمالها عند هذه الحركة أو قبلها بقليل . وقد نجحت القيادة الأموية في تكتل الجهود ضد الخارجين عليها باعتبارهم خوارج عن الإمام علي وعن الدين وعن خلافة المسلمين فحاربتهم بسيفها وبالإشاعة. والحديث الموضوع وببغض محبي الإمام لهم . إلى جانبها ٹیر من العلماء والفقهاء الأموية کلمة الخوارج أو على الأقل لم يفرقوا بين من تتطبق عليهم كلمة الخوارج بمعناها الكامل نتشحه لمبادئهم الشادة الخاصة من اد الخوارج 6 وإنما اروا على الاتحراف والظلم ودعوا السلطة الحاكمة إلى الإلتزا م بأحكام الإسلام وبين الموقفين فرق کبیر . الأمو ية في مجموعاتها المختلفة . ج تجده سال أو عددا من المسائل اختلفت فيها أنظا رالاجتهاد بين جهاز الحكم والجهاز (1) أنظر نص الكلمة في طبقات الدرجيني الجزء الثاني تحقيق طلاي ص 235 . - 444 الشعبي - إن صح هذا التعبير ‏ كما هو الحال في الفتن الأربعة السابقة » وإنما نجد أن الطرف الشعبي الناقم ‏ على اختلاف دواعيه ودعاويه - غير مسلم بشرعية الحكم اساسا » يضاف إلى عدم الشرعية عدم الالتزام بأحكام الإسلام . أما الجانب الثاني فيعتبر أن بتبعه يجب أن يجري على رغبة السلطظة ووفق إراداتها وهو حق اكتسبه بالقوة لم يمتن به عليها أحد ولن تفرط فيه مهما كانت الظروف . ولعل خير ما يصور النظرة الأموية إلى قضية الحكم هو.الكلمة التي قالها مروان ردا على الوفود التي جاءت تنتظر أمير المؤمنين عثمان بعد أن خطبهم في المسجد خطبة مهدئة . ووعدهم وعودا واستغفر ربه حتى تأثروا وتأثر وبکوا وبکی لا رج إلى انيت وجد هن مروان وجماعة من بني أمية لم يرضهم مسلك أمير المؤمنين مع الناقمين عليه › و مناقشة عنيفة بينهم خرج مروان الى الجموع المحتشدة ۳ تنتظر عثمان ليفي لهم بما وعد - فقال لهم مروان : سا شنكم : قد اج جتمعتم كأنكم جئتم لنهب :شاهت الوجوه أتريدون ُن تنزعوا ملكنا من أيدينا » أغربوا عنا والله إن رمتمونا لتميرن عليكم ماحلا › ونفعلن بكم ما لا يسركم › ولا تحمدوا فینا غب رایکم ء ارجعوا إلى منازلكم فنا والله غير مغلوبين على ما في ایدینا .» ومروان في ذلك الحين لم يصل بعد الى السلطة المباشرة وإنما كان يعيش في ظلال الخلافة الرشيدة » ولكن هذا لم يمنعه من الإحساس بأن السلطة قد وصلت الى الأيدي الاموية ء وبجب أن تبقى بها وهو لم يدافع عن أمير المؤمنين عثمان » بل إنه لم يعرض لهذا الجانب مطلقا ء وإنما اعتبر الملك ملك بني أمية وأنهم مستمدون من أجل ذلك للدفاع ء وليسوا مفلوبين على ملكهم › وإنهم سينتقمون من كل من يعرض. بالمعارضة . - 445 فالموقف بين الحكم الأموي والمعارضين له لم يكن موقفا اختلفت فيه أنظار الاجتهاد في مسائل محدودة بين ظرفين متفقين على الأصول . وإنما هو موقف يلتجئ فيه الجانب الأموي الى السيادة الحاصلة في التغلب والقهر بالقوة والى استعمال السلطة في كل المرافق وحجته دائما هي ملكية اليد » وكثرة العدد » وصرامة العقاب ولم يلتجئ أبدا إلى أي معنى من معاني الحق لأنه لو التجاً إلى ذلك لخسر القضية جملة وتفصيلا . ويلتجى فيها الجانب الممارض إلى عدد من المواقف أشدها عدم الاعتراف بالحكم › ؛ وأوسطه السكوت عن شرعية الحكم › وإنما المطالبة بالعدل والالتزام » وأهونه الرد على أحداث معينة محددة أو الأخذ بالثار لأشخاص معينين . وبالنظر الى الاعتبارات السابقة جميعا أحسب أن تاريخ الخوارج يبدا بعد قيام الدولة الأموية و وأنه ليس کل من أطلقت عليهم كتب التاريخ اسم الخوارج هم خوارج حقيقة » وإنما الخوارج حقيقة هم طوائفً محدودة . لها مقالات شاذة كانت كمبادئ وشعارات لهم لا يشاركهم فيها غيرهم أما الأحداث والحروب التي وت ي عهد بعض الخلفاء الراشدين فهي فتن بين الصحابة وقد' نتهت بالفتنة التي وقعت بين أمير المؤمنين علي بن أي طالب وک التحكيم فرب النهروان وقد سمي هؤلاء بالمحكمة واشتهر بها » أُما الألقاب الأخرى من الخوارج والمارقة وما إليها فقد جاءت فيما بعد بتوجيه سياسي لاستغلال ظروف معينة . بعد هذا أحب أن أذكر القارئ الكريم أن هناك من يرى مثل هذا الرأي من بعض الوجوه فقذ اطلعت على كتاب الأستاذ على مصطفى الغوابي تحت عنوان «تاريخ الفغرق الإسلامية ونشأة علم الكلام عند المسلمين» كتب فيه باختصار عن الطوائف الأربع التي - 446 - ربع التي يتكون منها جميع السلمين في نظره وهي المعتزلة والشيعة والخوارج والمشبهة . وقد رأيت أن أنقل لك كلمة صغيرة عن الخوارج في كتابه القيم مع تصرف قليل بحذف الأحداث التاريخية التي یذ کرها أثناء الكلام . قال في صفحة 272 وما بعدها . «أما سلفهم فهم الذين يسميهم المؤرخون «المحكمة الأولى» وبعد كلام يقول :«فإنهم تجمعوا ف في اثني عشر ألفاء وبعد كلام يقول : «ولم يبق منهم إلا أربعة آلاف مع عبد الله بن وهب وحرقوص بن زهير ولما نشب القتال بينهم وبين على لم يبق منهم الا تسعة رجال .» ثم يقول بعد كلام :«وبعد هذا يتأتى لنا أن نقول إن هؤلاء هم سلف الخوارج » إلا أنه بعد بيان الجهات التي رحل إليها هؤلاء الرجال التسعة لم يبين لنا أحد من المؤرخين كيف انتهى الحال بهؤلاء الرجال الذين توزعوا في تلك البلاد » وإنما ابتداوا تاریخ لفرقهم الذين ذكروا في مقدمتهم الأزارقة ثم النجدات وهكذا من غير ربط الصلة بين تلك الفرق الجديدة ورجالهم الذين توزعوا في البلاد .» انتهى المقصود منه . ولا شك أنه يحق للأستاذ علي الغوابي أن يثير هذا التساؤل فالمسافة بين فتنة النهروان وظهور الخوارج بعيدة جداء وأعني بكلمة الخوارج هنا الأزارقة ومن قال بقولهم وسار بسيرتهم » ذلك أن كلمة الخوارج بالحقيقة إنما وجدت معناها بظهور الأزارقة . وكتب التاريخ تذكر أن نافعا بن الأزرق كان من جملة الساخطين على الحكم الأموي ولما لج ابن زياد في اضطهاد الناقمين عليه اجتمع عدد من الناس وبايعوا نافعا بن الأزرق في البصرة » ثم ذهب بهم إلى الأهواز فاستولى عليها وجبى خراجها . وكان هذا في سنة 64 للهجرة › وهناك في الأهواز خطا خطوته المتطرفة - 447 - التي فرقت عليه كثيرا من أنصاره وأبعدت عنه كل المعتدلين الذين كانوا غير راضين على الحكم الاموي › 4 وقد ساق القصة عدد من المؤرخين ووردت في بعض كتب الأدب بأسلوب أدق وأجمل . قال بو العباس المبرد في كتابه الكامل الجزء الثاني ص 208 ما ڀلي : «جاء مولى لبني هاشم إلى نافع فقال له : أن أطفال المثركين فى النار وأن من خالفنا مشرك ء فدماء هؤلاء الأطفال لنا حلال قال له نافع : كفرت وأدللت بنفسك » قال له : إن لم آتك بدليل لهذا من كتاب الله فاقفتلني «وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا » إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا » فهذا أمر الكافرين وأمر أطفالهم » فشهد نافع أنهم جميعا في النار» ورأى قتلهم وقال : الدار دار كفر إلا من أظهر إيمانه ولا يحل أكل ذبائحهم ولا تناکحهم ولا توارٹهم ومتى جاء منهم جاءِ فعلينا أن نمتحنه » وهم ككفار العرب لا نقبل منهم إلا الإسلام أو السيف ء واْفَعَدٌ بمنزلتهم والتقية لا تحل .» وعندما علم عبد الله بن إباض بهذا الموقف في ابن الأَزرق برئ منه قال الطبري في الجزء ء الرابع من تاريخه ص 440 ما يلي : «فقال _ أي عبد الله بن إباض ‏ قاتله الله أي ري ری صدق نافع بن الأزرق » لو كان القوم مشركين كان أصوب الناس رأيا وحكما فيما يشير به » ولكنه قد كذب وكذبنا فيما يقول » إن القوم كفا بالنعم والأحكام » وهم براءمن الشرك › ول يحل لنا إلا دماؤهم و سوىی ذلك من أموالهم فهو علینا حرام » - 448 - وقد لخص أبو العباس المبرد رد عبد الله بن إباض في كتابه الكامل ص 214 فقال : «وقول ابن إياض وهو أقرب الأقاويل إلى السنة» ثم نقل قول عبد الله بن إباض في رده على نافع فقال : «وأنا اقول : إن عدونا كعدو رسول الله ا ولكني ل حرم مناكحتهم وموارينتهم لن معيم التوحيد والإقرار بالكتاب والرسول عليه السلام . فأرى معهم دعوة المسلمين تجمعيم وأراهم كفارا للنعم » وواضح من هذا أنه لا علاقة بين المحكمة وانخبوارج فإان المحكمة قد انتهوا بموقعة النهروان وإن حركات كثيرة مناوئة قامت على الدولة الاموية اتخذت أساليب مختلفة وأسبابا متعددة › وذكنها كلها لم تحمل معنى الخارجية حتى جاء نافع بن الأزرق وخرج پحرکته سنة 64ہ وحکم على مخالفيه بالثرك › دحاول أن يطبق عليهم حکم ۽ مشرکي العرب فانضبقت عليه وعلى من أخذ برأيه كلمة الخارجية بمعنييها : السياسي والديني . ثم توسعت فيها السياسة الأموية واستغلتها فأطلقتها على أكثر من ينتقدها . ثم وجدت من يربطها بالمحكمة » وما هي في الواقع إلا حرکه أخرى من الحركات الناقمة على الحكم الأموي وان اعتبار الخوارج خلفا للمحكمة ومحاولة ربط الخارجيٰة بالمحكمة بأي رباط هو عملية ملفقة » وقد استجاب الخوارج لتلك المحاولة لأنها تجعل لحركتهم أساسا في أحداث التاريخ ومهما حاول المحاولون فان هوة زمنية تبقى فاغرة الفم بين موقعة النهروان وتحرك الخوارج لأول مرة بقيادة نافع بن الأزرق » ومهما نسب إلى المحكمة ومن انتسب إليهم فيما بعد فإنه لم يجد أحد دليلا واحدا صحيحا يصلح التعلق به ينسب فيه إلى المحكمة شيئا من مبادئ الخوورج ء من قولهم بتشريك المسلمين وإستحلال أموالهم ومماملتهم 29 - 449 - معاملة مشركي العرب وكلمة الكفر التي تذكرها كتب التاريخ كثيرا في النقاش الذي جرى بين الإمام أو من يرسله إلى أهل التهر كانت دائما تتبع بكلمة التوبة » مما يدل أتها تىتعمل بمعنى كفر النعمة أو المعصية ولم يقصد بها أحد معنى الشرك › ولم يمر علي فيما اطلعت عليه على كثرة ما نسب إلى المحكمة من حق وباطل أنهم طالبوا أحدا بتجدبد الإسلام › وإنما يطالبون بالتوبة ويمكن أن ننتهي في نهاية الفصل إلى ما يلي : الفتنة الرابعة كان الخلاف فيها بين الإمام علي والمحكمة وقد انتهت بانتهائهم والحرکات التي قامت فيما بعد قامت ضد الحكم الأسوى والخروج فيها خروج سياسي مهما كانت الدعاوى والدواعي . ابتدأت حركة الخوارج حقيقة بقيام ابن الأزرق سنة 4 للهجرة . إذا أطلقت كلمة الخوارج فيجب أن تنصرف إلى هذه الحركة › أا إذا أطلقت على غيرهسا فيجب أن تفهم بأنها خروج سياسي فقط . مفاهيم يحب ُن تختفي بدأ مفهوم جديد يسيطر على أذهان المثقفين ‏ بسبب ما أشاعه بعض المستشرقين واتبعهم فيه كتاب مسلمون ‏ وذلك بزعمهم أن الأمة الإسلامية تنقسم إلى أحزاب ومذاهب 4 وهو مفهوم خاطئ لن السياسة في الإسلام تكون جزهءا من أحكام الثريعة ءوليس هناك مذهب إسلامي ليس له آراؤه في العقائد والسياسة والفقه » أما متشا الخلاف فقد بداً بخروج طلحة والزبير ومعاوية على على ء ومن هؤلاء تكونت مذاهب جمهرة المسلمين › ومن أنصار علي تکونت - 450 مذاهب الشيعة › ولكلا المذهبين أصوله في السياسة والعقائد والفقه وإن شئت مزيدا من التفصيل فاقرا الفصل الأتي : تا ثر المذاهب الدينية بالاتجاهات السياسية عندما اضطربت الأمور في أواخر الخلافة الرشيدة.ء وعند صدر الدولة اموي » وبرز الصراع على الحكم بروزا واضحا بين مختلف طوائف الناس وظهرت الرغبات المادية الملحة طافحة على تصرف أ والجماعات › اتقسمت مواقف الناس إلى عدة تكتلات أو أصناف هى كما يلى : الأول : التكتل الأول يتمشل في موقف أتباع ذلك الصنف الذكي المرن الذي لاحظ أن الحكم - حين وصل إلى الأيدي الأموية ‏ بدأ يتجه إلى ملكية وراثية ممتة ومسيطرة › فرأى أن يستمسك بالجانب الأقوى في الميدان » وجعل وسيلته للسيادة على جمهرة المسلمين هي ارتباطه بالسلطة القائمة فعلا . فارتبط أولا بالدولة الأموية ثم بالدولة العباسية ثم بالدولة العثمانية » وفيما بين ذلك كان يرتبط ببعض الدول التي تقوم هنا أو هناك ثم تزول . ومن هذا التكتل تكونت مذاهب الأشاعرة والظاهرية والحنابلة والمعتزلة . الشاني : التكتل الثاني يتمثل في موقف أتباع ذلك الصنف الماطفي الذي كان يتأثر بالأحداث منذ وفاة الرسول م ٠ واختيار الناس أبا بكر دون علي للخلافة حتى مقتل الحسين . ُن يجعل وسیلته للتحكم وللسيادة على جمهرة المسلمين هى جوانب عاطفية » فاستمسك بهل البيت وحاول أن يحصر فيهم حق - 451 - السيادة والحكم بطريق الوراثة أو دعوى الوصية المتسلسلة فيهم دون غیرهم 4 ومن هذا التكتل تكونت مذاهب بمختلف فرقها . ۱ الثالث : التكتل الثالث يتمثل في موقف أتباع ذلك الصنف الذي رفض فكرة الواقعية التي تبناها الصنف الأول » ورفض فكرة الوصية التي تبناها الثاني وجعل وسيلته للوصول إلى الحكم › وللسيادة على جمهرة السلمين مثالية مطلقة في اختيار الحاكم ثم قطع عذرمن خالف هذا الرأي ومن هذا الصنف تكونت مذاهب الخوارج . التكتل الرابع : خلال الصراع العنيف بين هذه الأصناف الثلاثة في صذر الدولة الأموية نبت تكتل آخرء وقف موقفبا وسطا بين هذه الأصناف المتصارعة والتيا رات المتعارضة › فلم يتخذ كامل موقف المرونة التي ترضى بالأمر الواقع وتستسلم له مهمأ كانت الظروف . ولم يتخذ كامل موقف الوصية الوراثية الذي يحصر الحكم في أسرة واحدة على مدى التاريخ › ولم يتخذ ل موقت لمثالية الدكتاتورية التي. تفرض نفسها على جميع:الناس . فخالف الصنف الأول حين أ أجاز الخروج على الحك ال ا 1 ترجح ن الخروج يحقق للامة مصلحة » ولا ينتج عنه ضرر محقق أكبر مما هم فيه . وأجاز على كل الأحوال الفاع والثراء لإقلاق الأنظمة القائمة وزعزعتها إِذا كانت جائرة . )1( يرى بعض المستشرقين وبعض كتاب المقنالات في المسلمين المماصرين أن الشيعة والخوارج حزبان .لا شأن لهما بالدين .وأن أهل الننة مذهب فقهي لاشأن له بالياسة . وهذا تكلف لامبرر له › وتفريق بين متمائلين وتحكم في أحداث التاريخ . لأن لكل واحد من هؤلاء آراء في السياسة والعقائد والفقه . راجع إن شثت ‏ ما قلناة في نقاشنا للأسبتاذ أبو زهرة . - 452 - وخالف الصنف الثاني فلم يقبل بالوصية ولم يعترف بنظام اثة وقصر الحكم على بيت واحد على مدى التاريخ . وخالف الصنف الثالث في أنه لم يوجب الخروج على أئمة الجور في جميع الأحوال ٠ ولم يفرض مبداً على جميع الناس ٠ ولم يقطع عذر من خالفه ومن هذا الصنف تكونت مذاهب الإباضية . ولقد كان لكل واحد من هذه الأاصناف اتجاهات لها خطوط عريضة انبنت عليها فيما بعد مذاهبهم في العقيدة والسياسة . ولا شك أن أول هذه الأصناف تفكيرا وتخطيطا وظهورا على مرح الحياة هو الصنف الأول » ورغم أنه هو المحرك الأساسي لقضية الخلاف ٠ وأن من كان يطلق عليهم كلمة العثمانية هم الذين انشقوا في الحقيقة عن مركز الخلافة . وإن العثمانية في الواقع ليست إلا حركة ظاهرية للسياسة الأموية العميقة التي استطاعت بالدهاء والمرونة أن تكسب الموقف ء وأن تبرز نفسها في صورة الأصل لثابت وتبرز الشيعة والخوارج في صورة الأحزاب المتطرفة المنشقة . واستطاعت أن تحتضن الألسنة والأقلام وأن تسخر كتاب المقالات والمؤرخين فيما بعد على مسلكها ثوب الشرعية . .ووجدوا لها مبررات برروا بها انشقاقها في مبدا | الأمر 4ء بمالم يخطر لها هي نفسها على بال . وإنك لتقر لكتاب هذا العصر فتعجب كيف يتسنى لبعضهم أن يصفوا تلك الأحداث بهذا الشكل › ولعلك تريد مثلا من ذلك فإليك هذه الصورة التي يضعها أسشاذنا الفاضل الشيخ بو زهرة في كتابه القيم المذاهب الاسلامية . ن ين علي لي من كرا ٥ هي : من لهم - 453 - حق الاختيار للمسلمين في كل البقاع ؟ ونتج عن هذا الخلاف ظهور الخوارج والشيعة ونجم عن ظهور الخوارج انبعاث حروب شديدة بينهم وبين علي › وبينهم وبين الامويين ٠ وج عن ظهور الشيعة حروب انتهت بقيام الدولة العباسية » نقلت العبارة بتصرف قليل . بالإضافة إلى التكتلات الأربعة التي أشرنا إليها فيما مضى كان هناك تحرك خامس انبعث مع التكتل الأول ثم غلبت عليه الأحداث فلم يظهر إلا بعد انتهاء الخلافة الرشيدة . ولكن, هذا التحرك لم ينبن عليه اتجاه مذهبي ءولذلك فقد اتقطع منذ انتهى محركه الأول وأعني به ما قا به عبد الل , بن الزبير » وقد أاعتمد ن الزبير في حركته على مزايا شخصية فقط يلخصها قوله في حوار له مع عبد الله بن عباس «أصبحت في قريش بمنزلةالراس . بل بمنزلة العينين .فنا اين الزبير حواري رسول الله مف . وأمي أسماء ذات النطاقين بنت أبي بكر رضي الله عنه » وعمتي خديجة سيدة نساء العالمين › وجدتي صفية عمة رسول الله 2 وخالتي عائشة أ م المؤمنين » فلم ينجح ابن الزبير رغم هذه المزايا لأنه لم يستمر مع التكتل الأول إذ اتفصل عنه بعد فتنة الجمل ‏ فلم و ر ت ون كد حاب نكتل لاني من ية مي بي طالب فلم يؤيده الحزب الثاني . ولم يوافق على مبادئ فلم بريه اليب اثالث »أ نكتل ار فکان يرى فيه صورة أخرى للسياسة الأموية ينتج عنها إن نجحت ٠ ملك آخ_ ءولذلك فلم يؤيده الحزب الراب ءفكانت حركته تشبه أن تكون نبتة ضئيلة تحاول أن تنمو وتمتد في ميدان تتصارع فيه زوابع عاصفة . فلم تلبث أن اختفت بين تلك الزواب العنيفة . 454 وقبل أن نمضي في هذا النتقاش ينبعي أن نشير إلى صورةجانبية أثناء الأحداث لا يمكن أن تسقط من الحساب ٠ فعندما نقم ناقمون على أمير المؤمنين عثمان كان جمهور الناس في شبه ارتباك لا يعرفون ما هو التصرف الذي ينبغي لهم › فاندفع بعض الشباب إلى بيته لحمايته من المهاجمين . لكن أغلب المسلمين وقفوا في شبه حياد وذهول وارتباك 4 ورعم أن الإنتقاد على أمير المؤمنين استمر نحو ست سنوات ٠ ولكن أحدا لم يتخذ موقفا صارما » لا أهل الشام ولا أهل العراق ولا أهل مصر ولا حتى ُهل الحرمين » حتى وقعت الكارثة . وقتل عثمان . هذا الجمهور الصامت المترقب هل هو مع عثمان . هل هو ضد عثمان ! هل هو على الحياد الكامل » كأن المسألة لا تعنيه ؟ إن التفسير الوحيد لهذا الموقف الجامد › أن الإرتباك الذي يقيد صاحبه عن الحركة فلما تحرك العثمانية بعد هذا الدور وأرادوا أن يستغلوا هذه الفتنة ضد الخلافة التي قامت بعدها لم يقف الجمهور مرتبكا كما وقفت في المرة الأولى › لقد انضم الفريق الأكبر إلى تأييد الخلافة الجديدة . وانضم فريق آخر إلى الناقمين عليها وأعلن فريق ث - ويتكون من عدد قليل جدا ‏ أنه يقف على الحياد الكامل › وسار على مبدئه وحافظ عليه في جميع الأحداث التي وقعت بعد › فبقي على الحياد . هؤلاء الحياديون لم يكونوا تكتلا ولم ينصروا حزبا على !)بل إن كل واحد منهم قد اتخذ لنفسه ذلك الموقف بناء على اقتناعه الشخصي فقط ٠ ولم ينتج عن (1) ذهب بعض المتفلسفة المستشرقين الى اهم أصن لمدهب المعتزلة المعروف لأن بعض مصادر التاريخ قالت عنهم إنهم اعتزلوا الفتن فقدروا إن كلمة الإعتزال جاءت من هنا واقتنع بهذا الرأي بعض علماء المسلمين منهم الأستاذ على الغوابي حتى بني عليه بحثه. لكأنه هو الحقيقة . - 455 - موقفهم هذا تجاه مذهبي ولتلك لم ندخلهم في الاعتبارات السابقة . ولا شك أن تلك الاتجاهات السياسية قد نتجت عنها صراعات مذهبية فقهية وكلامية » كانت متأثرة إلى حد ما بتلك الظروف والحركات والاتجاهات . فكان أهل السنة مثلا ‏ وقد انضوا تحت جناح الدولة الأقوى التي اتخذت لنفسها اسم الخلافة دون أن تلتزم بشروطها - مشغولين بقضية شرعية الدولة التي تفرض نفسها بالسيف . وإعضطائها حق أولي الأمر ء ووجوب خضوع الرعية لهذا الحا كم » وعدم السماح له بالخروج » وقد نشا عن فلسفة الحكم عند أهل السنة عدد ضخم من القضايا الفقهية والكلامية وقش بعضها في محيطهم الداخلي › ونوقش البعض الآخر مع الفرق الأخرى من المسلمين ٠ , وكانت الشيعة بمختلف فرقها مشغولة بالإمامة » وقد أخذ منها التفكير في موضوع الإمامة جانبا هاما من الدراسة ء فبعد أن تفقت على الوصية احتارت من أي بني هاشم يكون الإمام ! وكيف يتسلسل › وکیيف د تتم الوصية وما هو الحكم عندما تخلو البلاد الاسلامية في وافعها من خليفة هاشمي ء 4 وهل عدد الأئمة محصورا . وقد نبنت على هذه الجوانب كلها أعداد ضخمة من القضايا الفقهية والكلامية فيما بين فرق الشيعة وحدها ونوقش البعض الأخر بينها وبين المذاهب الأخر ى . ولعل القارئ الكريم يلاحظ أن هناك تقاربا كبيرا بين أهل السنة والشيعة والخلاف بينهما يكاد يكون لفظیا ء » فبينما يرى الشيعة أن الإمام معصوم › وأن الخروج عليه فسق وان حكمه تشريع يرى الأشعرية أن الإمام ليسن معصوما ولكن خطأه لا يبيح الخروج عليه فطاعته واجبة والخروج عليه فسق وإن كان جائزا . فهما يسيران في - 456 - خطين متساويين وإن اختلفا في التعبير . وعلى كلا المذهبين فإن الشخص الذي يصل إلى كرسي الإمامة يضمن لنفسه سلامة المكان من حيث النظرة المذهبية لأن طاعته واجبة والخروج عليه فسق والشعار المرفوع دائما : «أسمعوا وأطيعوا .» أما الخوارج بفرقهم المختلفة فقد وقفوا من موضوع الإمامة موقفا مغايرا تماما لموقفي الفرقتين السابقتين » حتى أن صورة الإمام عندهم لا تتعدى صورة أي عامل ضعيف - رغم الشروط والمواصفات والكفاءات الكثيرة التي يشترطونها فيه - يرفع إلى مركز القيادة بكل سهولة » دون أن يكون له أي امتياز خاص أو مكسب » ولكنه بنفس: السهولة بمكن أن يعزل أو يقتل ذلك نهم يرون أن طاعة الإمام واجبة ما أطاع الله » فإذا خالف وجب عليه أن يسارع بالتوبة › فإن لم يفعل وجب أن يعزل › فن لم ينعزل وجب أن يقتل » فإأن لم يتيسر قتله وجب الخروج عليه » ولا يحل البقاء تحت حكمه . ولم أعرف للخوارج كتبا في الفقه أو الكلام حتى أستطيع أن أتأكد من الصورة الصحيحة التي أضعها لهم وإنما أعتمد على ما تذكر مصادر غيرهم عنهم . أما الإباضية فقد وقفوا موقفا متوسطا بين هذه التيارات الثلاثة فرفضوا الفكرة التي يقول بها الشيعة › ورفضوا فكرة وجوب الطاعة على جميع الوجوه وتحريم الخروج على جميع الوجوه كما يقول اهل السنة › ورفضوا دكرة دكتاتورية المشالية التي توجب الخروج على الأئسة الجورة › وتحرم البقاء معهم على جميع الوجوه » وإنما أوجبوا الطاعة عندما تكون الإمامة سائرة بمنهج الشريعة وأجازوا البقاء والخروج حسبما تقتضيه أحوال الناس ء وظروف المجتمع ‏ إذا كان الحكم جائرا - وقد تولد عن رأيهم هذا عدد ضخم من القضايا الفقهية والكلاميةء وربما كانت تفصيلاتهم — 457 في موضوع علاقة الأمة بالحكم أوفى وأوبع من تفصیلات غيرهم مما حملهم أن يعتبروا أن مسالك الدين أربعة هي الظهور والدفاع والشراء والكتمان . وقد كتب للصنف الأول من هذه المذاهب أن ينجح سياسيا وعدديا بما له من مرونة تساعتد على اتخاذ المواقف تبعا لظروف السياسة › فكان هذا الصنف على مدى التاريخ محتميا ‏ أو بعبارة أصح ‏ مرتبطا بالسلطة » وكانت السلطة تحتضنه في كل المواقف الحرجة . ولا شك أن الفقيه(آ) الذي يقوم فيقول عن سلطان ما هذا أمير المؤمنين وولى أمر المسلمين! فإذا جاء متسلط آخر فقتله وتسلم زمام الحكم منه ثم جلس في مكانه » قام ذلك الفقيه تسه فوجه إلى الحاكم الجديد نفس العبارة هذا أمير المؤمنين وولي أمر المسلمين . وطاعته واجبة والخروج عنه فسق . إن هذا الفقيه الذي يجمع في إمرة المؤمنين وولاية المسلمين بين القاتل والمقتول › هو أقدر على الاحتماء بالحكم وإستغلاله وهو أقرب إلى الحكام لأنه أطوع في أيديهم وأفيد ليم . وعلى مقدار المرونة والتشدد في قضية الحكم استطاعت المذاهب أن تتمدد وتنتثر تحت ظلال السلطة 4 بل اسشتطاعت أن تستفلها أحيانا في إذابة المذاهب الأخر ى فيها وأن تحتمي بها أحيانا أخرى . (1) أقصد بنلك الفقهاء والمتملقين المتعصبين الذين يلتصقون بالحكم يسيرون في رکابهم ويبررون أعماهم وأنزه عن هذه الصورة جميع. الائمة المقتدي بهم لجميع المذاهب الذين خضعوا للحكم المتسلط ومع ذلك كانت ترتفع أصواتهم بالنقد أحيانا بوضوح وأحيانا بهمس وندر منهم من لم يلحقه الأذى بسبب ذلك . فابن جبير يقتل والحسن يطارد حتى يختفي وجابر يمنع من الحج وأبو حنيفة يضرب بالسياط ومالك يخلع عاتقه وأحمد يجلدو غيرهم ومن لم ينله الأذى المادي ناله الأذى الأدبي . -.458 وبقطع النظر عن المد والجزر الذي يلحق أتباع المذاهب المختلفة في المواطن المختلفة فإن الفقه المذهبي قد تأثر تأثرا وإضحا بالاتجاهات أو المبادئ السياسية التي يسير بها أو يدعو إليها » وفي الإمكان أن نذكر كمثل لذلك في المذهب الإباضي موضوع (الشراء) والأحكام المتعلقة به . متى يجوز الشراء ؟ ومن يجوز لهم الشراء ؟ وما هو أقل عدد يشترط للخروج إلى الشراء ؟ وسلوكهم مع الناس المحافظة على الأموال » عدم ترويع الأمنين › حكم أنتهاك الحرم والبفي والتعڊي .متى يجوز للشاري أن يتخلى عن الشراء » موطن الشراء أثناء قيامهم بعمل الشراء » صلاة الحضر وصلاة السفر بالنسبة إليهم » موقفهم من الدولة ومن أموال الدولة القائمة الخ وهو باب غني بالمسائل الفقهية نستطيع أن نعتبرها جميعا من الفقه المتأثر بالإتجاه السياسى . ولعل أكثر أبواب الفقه تأثرا بالاتجاهات السياسية هي أبواب الأموال عموما وأبواب الولاية على النفس وعلى المال عند جميع المذاهب بل إن المتعمق فى دراسة الفقه الإباضي يلحظ هذا التأثر في آراء المشارقة من الإباضية وآراء المغاربة منهم » وذلك أن المشارقة وهم أهل عمان وزنجبار (سابقا) كانت تقوم عندهم دول باستمرار عادلة أحيانا وجائرة أخرى › فكانت الصلاحيات المعطاة للولاة والقضاة فيها أوسع منها مما في المغرب . والمقارية من الإباضية وقد عاشوا غير خاضعين لدولة منذ أواخر القرن الثالث الهجري مطلقا ء أو خاضعين لدولة لا تلتزم أحكام المذهب الإباضي يضيقون صلاحيات الولاة والقضاة تضييقا شديداء ويتوسعون في صلاحيات جماعة المسلمين وكبار العشيرة » ونظام العزابة ءتوسعا شديدا وهذا ولا شك ناش من تأثر الفقه بالسياسة . - 459 - والذي ينبفي أن ننتهي إليه في نهاية هذا الفصل ‏ بقطع النظر عن حركة ابن الزبير التي انتهت بانتهائه وعن موقف الحياديين الذين اتمتزلوا جميع الحركات منذ بدأت الفتنة فلم يتركوا بعد ذلك ثرا - هوما يلى : في أواخر الخلافة الرشيدة وأوائل الدولة الأموية انقسم المسلمون ‏ بسبب الفتن ثم تحول الخلافة الى ملك عضوض - إلى عدد من التكتلات التي تميزت في مبدإ أمرها بنزعة سياسية › ثم ل تليث أن تتشذ لها مواقف خاصة في شو ن العقيدة والفقه والحكم وهي كما يأتي 1 التكتل الأموي وهو هو الأكثر والأقوى والمبداً الأساسي الذي ارتبط به في موضوع الحكم ُن رئاسة الدولة تكون على نوعين : الأول خلافة دينية : إذا استوفت الشروط وهي البيعة والشورى والعدالة والقرشية . وإلثاني خلافة دنيوية إذا لم تستوف هذه الشروط وفي كلتا الحالتين تجب الطاعة ولا يجوز الخروج . وعلى هذا المبدإ السياسي تكونت بض الأصول المذهبية في العقائد والفقه ومن هذا التكتل انبثقت مذاهب الأشاعرة والماتريدية والأثرية والمعتزلة . - التكتل الهاشمي وهو في الدرجة الثانية من حيث الكثرة والقوة . والمبداً الأسا سي الذي ارتبط به في موضوع الحكم ُن رئاسة الدولة وهي أهم شيء في الأمة الإسلامية » وما كان الله ليتراكها للناس ولذلك فان الخلافة الإسلامية تنبني على وصية يتركها السابق للاحق ء وکان أُول وصي هو الامام علي م تسلسلت وعلى هذا المبدإ تكونت أصولهم المذهبية في العقائد والفقه › ومنه نبثقت فرق الشيعة . - 460 - f ‏التكتل المثالي وقد ظهر بعنف واختفى في سرعة والمدا‎ 3 ‏لختيار المطلق ,تسش يالجور وعندما تسقط بالجور قىلى‎ ‏المقائد والفقه رغم أن كتب خصومه تسند إليه مقالات في الأصول‎ ‏عن هذا الطريق واستمر عليه تجب طاعته ولا يجوز الخروج‎ ‏عليه ٠ فإذا تحرف جاز الخروج عليه . وإذا جاء في غير هذه‎ ‏الطرق ولكنه سار بسيرة العدول فهو أيضا تجب طاعته ولا يجوز‎ ‏الخروج جعليه ومن هذا التكتل انبثقت مذاهب الإباضية وبهذا‎ ‏من يمسك رئاسة الدولة سواء كانت رئاسة ديلية ُو‎ . ‏دنيوية تجب طاعته . والخروج عليه فسق‎ 2 ل يعتبر إماما للامة الإسلامية إلا من جاء عن طريق الوصية وهو حينئذ معصوم وطاعته واجبة والخروج عليه فسق . 3 لا يكون إمام المسلمين إلا من جاء بالاختيار الحر وتجب طاعته اذا کان عادلا 4 فان جار وجب الخروج عل عليه وقتله إذا لم يتعزل 0 امام المسلمين سواء جاء بطظریق الشورى او بغيره إذا كان - 461 - يسبق إلى أذهان الناس الثقة بمذاهب معينة فيتم فيها الرضا على جميع من ينتمي إلى تلك المذاهب دون نظر إلى مقاله أوسلوكه 4 ويسېق ق إلى أذهاتهم السخضط على مذاهب أخرى ٠ فيسخطون على كل من فيه دون نظر إلى مقاله أو سلوكه وهومفهوم خاطئ › فإنما يجب أن ينظر إلى كل المذاهب بألثفة . ما الأفراد نة فينظر إليهم بحكم أعمالهم وأقوالهم وعليها وجحدها تنبني الأحكام 4 وقد جئت بمشثالين لرجلين مختلفين في المذهب متفقين في العقلية » أحدهما يتمتع بسخط الناس جميعا » والأخر يتمتع بمحبتهم واحترامهم مع أن مبدأهما واحد . وإن شئت مزيدا من التفصيل فاقرا الفصل الآتي : مقارنة يسخط أكثر كتاب المقالات ومن ورائهم جمهور المسلمين على الخوارج › لأن الخوارج يكفرون مخالفيهم ويستحلون دماءهم وأموالهم » ويرى أكثر كتاب المقالات أن مخالفيهم هم أهل السنة › وهل السنة في نظر الجماهير هم الفرقة المعتدلة المتسامحة فما هو حكم أهل السنة على مخالفيه ؟ لكي نحدد هذا الموقف لابد ُن نستعین بأحد كتاب المقالات وقد رأينا أن نستعين بكتاب الفرق بين الفرق لمؤلفه عبد القادر بن طاهر البغدادي » وفي إمكاننا أن نلخص منه مانريده ا | قول البغدادي إن أهل السنة ثمانية أصاف : الصنف الأول منهم أحاطوا علما بأبواب التوحيد والنبوة . والصنف الشاني أئمة الفقه من فريقي الرأي والحديث › وأدخل في هذه الدائرة أصحاب - 462 - مالك والشافعي والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة وابن ابي ليلى وأصحاب أبي ثور وأصحاب أحمد بن حتبل وأهل الظاهر ءوالصنف الثالث هم الذين أحاطوا علما بطرق الأخبار والسنن » والصنف الرابع منهم أحاطوا علما بأكثر أبواب الأدب والنحو والتصريف › والصنف الخامس هم الذين أحاطوا علما بوجوه قراءات القرآن ووجوه التفسيرء والصنف السادس منهم الزهاد الصوفية الذين أبصروا فأقصروا والصنف السابع منهم قوم مرابطون في ثغور المسلمين في وجوه الكفرة » والصنف الثامن منهم عامة البلدان التي غلب فيها شعار أهل السنة دون عامة البقاع التي ظهر فيها شعار أهل الأهواء الضالة . فهؤلاء أصناف أهل السنة والجماعة ومجموعهم أصحاب الدين القويم والصراط المستقيم . أما مخالفو أهل السنة من أهل القبلة في نظر البغدادي فهم قسمان : قىم حكم عليهم بهم مرتدون وأجرى عليهم جميع أحكام أهل الردة » وقد ذكر أصحاب هذه الفرق فرقة فرقة ء أما القسم الثاني من مخالفي أهل السنة السابقين من أهل القبلة فهم الذين يذكرهم تحت عنوان أهل الأهواء والبدع وقد عدد فرقهم أيضا فرقة فرقة وذكر طائفة من أحكام السنة عليهم فقال في كتاب الفرق بين الفرق ص 357 ما يلي : «وأما أهل الأهواء من الجارودية والهشامية والنجارية والجهمية والإمامية الذين كفروا خيار الصحابة ء والمعتزلة عن الحق والبكرية المنسوبة إلى بكر بن أخت عبد الواحد » والضرارية › والمشبهة كلها ء والخوارج فإننا نكفرهم كما يكفرون أهل السنة ولا تجوز الصلاة عليهم عندنا ولا الصلاة خلفهم » واختلف في التوارث قال بعضهم نرثهم ولا يرثوننا والصحيح أن أموالهم فيء ولا توارث - 463 - بينهم وبين السني » واستشهد على هذه الأحكام بأقوال نسبها إلى بعض الأئمة فقال : إن الحارث المحاسبي لم يأخذ من ميراثة في أيه شیئا لان باه کان قدریا . وذكر أُن الشافعي أشار إلى بطلان صلاة من صلى وراء من يقول بخلق القرآن ونفي الرؤية » وروی عن محمد بن الحسن أنه قال فيمن صلى خلف من يقول بخلق القرآن أنه يعيد الصلاة . وذكر أن أبا يوسف سئل عن المعتزلة فقال هم الزنادقة » وذكر أن الشافعي أشار في كتاب القياس إلى عدم قبول شهادة المعتزلة وسائر أهل الأهواء . وذكر عن مالك أنه قال في المعتزلة زنادقةلا يستتابون بل يقتلون . بعد هذه الاستشهادات قال : «أما المعاملة معهم بالبيع والشراء فحكم ذلك عند أهل السنة كحكم عقود المفاوضة بين المسلمين الذين في أطراف الثغور وبين أهل الحرب ء وإن كان قتلهم مباحا ولا يجوز أن يبيع المسلم منهم مصحفا ولا عبدا مسلما في الصحيح من مذهب الشافعي » واختلف أصحاب الشافعي في حكم القدرية المعتزلة فمنهم من قال حكمهم حكم المجوس ء فعلى هذا القول يجوز أخذ الجزية منهم » ومنهم من قال حكمهم حكم المرتدين وعلى هذا لا تؤخذ منهم جزية بل يستتابون فإن تابوا وإلا وجب على المسلمين قتلهم » ` . ولو أردنا أن نلخص هذه الأحكام على أسلوب كتاب المقالات أو على أسلوب البغدادي نفسه لقلنا : إن أهل السنة : - يكفرون مخالفيهم لا يجيزون الصلاة عليهم ولا الصلاة خلفهم : قال بعضهم أن السني يرث مخالفيه والمخالف لا يرث وقال الأخرون بل لا توارث بين السني ومخالفيه لأن أموال المخالفين فيء لأهل السنة . - 464 - - يجوز أن يتمامل السني مع مخالفيه كما يتعامل مع أهل الحرب في الثفور . - قتل مخالفيهم مباح . لا يجوز للسني أن يبيع لهم مصحقا أو عبدا مسلما . حكم المعتزلة حكم المجوس قال بعضهم يجوز أخذ الجزية منهم وقال آخرون بل يعاملون معاملة المرتدين يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا › وأخرزون قالوا بل هم زنادقة لا يستتابون بل يقتلون . هي الصورة التي يأخذها القارئ من كتاب (الفرق بين لق ق) عن معاملة أهل السنة لمخالفيهم من أهل القبلة » فإذا وضعت ني مقابل هذا أشد مخالفييم تطرفا على ما يقوله كتاب المقالات فجئت بأقوال نافع بن الأزرق المتطرفة التي كانت سبب الخلاف بينه وبين رفاقه › والتي وجهت إليه نقمة الأمة المسلمة جمعاء » فما هو الفرق الذي تجده بينهما؟ نافع يقول بأن مخالفيه مشرکون ياح دمهم ومالهم › 4 والبغدادي يتردد في الحكم على مخالفيه ب بين أن يعتبرهم في حم المجوس ُو حم المرتدين ُو حكم الزنادقة » ويحكم بن دمهم حلال وأُن مام فيء » أا التعامل معهم فهو کالتمامل مع المحاريين يقع بينهم البيع والشراء ولكن لا يجوز أن يباع لهم مصحف أو عبد مسلم . فهل کان نافع بن الأزرق في تطظرفه وتشدده - حسب الصورة التي ترسم له أكثر غلوا من البغدادي » وقد کتب أيه وأحكامه بقلمه » ومع ذلك فإن العالم الإسلامي كله ساخط على الأزارقة بسبب ذلك التطرف › ولكن البغدادي يعتبر إماما من الأئمة وكتابه يوضع في قائمة المراجع الهامة في تاريخ العقائدء والدنيا حظوظ . 30 -465 - إذا أجاز البغدادي لنفسه أن يقول بلسان ُهل السنة أن المعتزلة في حكم المجوس تؤخذ منهم الجزية في رأي المتسامحين( 1 | ‎E‏ ‏في حكم المرتدين يستتابون قبل أن يقتلوا ۔ في ري الستدلين - أو هم في حکم الزنادقة يقتلون دون استتابة ‏ في راي المتشددين . مع أن السالم كله مسلمين وغير مسلمين - يشهد بالدور العظيم الذي خدم به المعتزلة الإاسلام « ونه کانوا في فترة تاريخية عريضة هم حماة عقيدة الإسلام وحراسها الأمناء دون خلاف › فما هو المكان الذي د يحق أن يقف فيه عبد القادر بن طاهر البغدادي . أحسب أن هناك مكانا فسيحا يصطف عليه طابور من الناس يقف فيه نافع بن الأرق والبغدادي وكل من يقول بأشباء أقوالهما في أي جزه من الأمة المسلمة من أي مذهب أو فرقة كانواء وأحسب أن هذا الطابور من الغلاة من جميع المذاهب هو الذي يمثلها النشاز أو الشذوذ فى الأمة الإسلامية الكريمة » ويفترق عنها بشعاره الملوث بالسواد والحمرة » سواد ظلمة تكفير المسلمين › وحمرة إباحة دمائهم . ولا شك أن القارئ الكريم يمكن أن يتهم البغدادي أو غيره من الناس بالتطرف إذا ثبت من أقوالهم ما يدل على ذلك › ولكنه لا يمكن أن يتهم أهل السنة هكذا بأجمعهم بالتطرف ء لأن أهل السنة في مجموعهم يمثلون حلقة من الحلقات المتسامحة المعتدلة في الأمة الإسلامية » وكل مذهب وکل فرقة وكل طائفة لم تخل من متطرف ُو شاذ ولكن التاريخ يطوي المتطرفين بتطرفهم وشذوذهم وغلوهم في الدين وتبقى الأمة المسلمة العظيمة المتسامحة المترابطة بجميع الفرق التي كونتها وتكونها ء تحمل رسالة الله يوجهها في کل عصر من کل خلف عدوله . (1) الكلمات : المتسامحين والمعتدلين والمتشددين أنا الذي وضعتها . - 466 - الخوارج أيضا . وساطة المعتزلة . تأثير المعتزلة . التقاء الخوارج والمعتزلة . راي شخصي . نبذة عن الخوارج . راي عالم كبير مۇرخ . ردود وتعالیق . إجابات وردود . كلمة الختام . دعاء الختام . - 467 - القسم السادس ملاحظات وتعاليق أتيح للدكتور رأحمد محمود صبحي المحاضر بكلية الآداب بجامعة بني غازي أن يطلع على الأصول الخطية لهذا الكتاب مع بعض زملائه » وقد سجل عدة ملاحظات أرسلها إلي مشكورا في قضاصات من الورق مع أحد الأصدقاء » ولما كانت تلك الأصول ليست معي في ذلك الحين فقد علقت عليها يما بدا لي وأرسلتها إليه . كما أنه لما رجعت إلي الأصول بعد سنتين تقريبا وجدت ملاحظات أخرى فيي قصاصات بين الصفحات لم أعرف هل هي للدكتور صبحي أيضا أم أنها لأحد زملائه الذين أطلعوا على تلك الفصول . وعلى كل حال فقد استفدت كثيرا من تلك الملاحظات القيمة والنصائح الثمينة. كالتزام الموضوعية والبعد عن الجوانب الشخصية وتجنب الاستطراد . كما أنني أعدت صياغة بعض الفقرات اقتناعا بما ُبدته الملاحظات » وهناك بعض ملاحظات ظننت أنه لا أهمية لها فتركتها » وهناك ملاحظات اختلفت فيها وجهات النظر أو كان عرضي لها غير كاف » فحاولت أن أتم هذا الجانب . وأن أبين وجهة نظري فيما اختلفت فيه الأنظار أو أن أعرض الصورة من جدید مبددا ما حولها من الغيوم . هذا ثم إنه في أثناء البحث والتنقيب كانت تقع بين يدي ردود وتعاليق تكشف عن جوانب هامة مكملة لهذا البحث وقد رأيت أن الصورة العامة الكاملة التي أريد أن أضعها بين يدي القارئ الكريم -468 - للموضوع كله إنما تكتمل بوجود تلك الملاحظات والتماليق والردود . ولذلك فقد نقلت ‏ فيما يتعلق بملاحظات الدكتور صبحي - نصوص الملاحظات ثم النقاش الذي أجريته حولها ء أما فيما يتعلق بتلك التي عثرت عليها أثناء البحث والدراسة فقد تقلت بعضها كاملة بنصوصها » وأخذت من بعضها مقتطفات ءوقد رأيت أن أبدأً بعرض الملاحظات لأنها أصبحت ثكون جزءا من هذا القىم ثم أنتقل بعدها إلى بقية الملاحظات ثم الختاميات . كما يلي : الخوارج أيضا . وساطة المعتزلة . تأثيرالمعتزلة . التقاء الخوارج والمعتزلة . راي شخصي . بذة عن الخوارج بقلم أبي إسحاق طفيش . راي عالم کبیر . ردود وتعالیق . إجابات وردود . وبهذا أرجو أن أكون قد أوضحت جوانب كثيرة كان يكتنفها الفموض وكشفت عن جوانب تكاد تكون مجهولة للكثير › وتحدثت بصراحة المسلم إلى أخيه المسلم في شئون كانت تتجنبها كثير من الأقلام وتخشى الخوض فيها مراعاة للأحاسيس والمواطف ء ومجاملة للأفراد على حساب المبادئ ء وللفرق على حساب المذاهب وللمذاهب على حساب الأمة . وقد آن أن تتجمع الأحاسيس والعواطف والمبادئ كلها ! وأن يتجمع الأفراد والفرق والمذاهب كلها ء في الاتجاه إلى الله فقط وطاعة الله فقط واعتبار -469 ن جميع ذلك إنما يكون شيئا واحدا هو الأمة الإسلامية ء وأن هذه الأة مكلفة من الله تبارك وتعالى بتبليغ رسالة الإسلام إلى البشرية » وأنها مكلفة قبل التبليغ أن تعيشها سلوكا وتطبيقا وأنها لا تستطيع أن تعيشها سلوكا وتطبيقا إلا إذا عادت كما كانت f . ‏امة وأحدة‎ ‏الخوارج أيضا‎ ‏قال الأخ الدكتور أحمد صبحي في ملاحظاته عن هذا‎ . ‏الكتاب‎ «لفظ (الخوارج) وفقا لمفهومه التاريخي حيث تحدد المصادر التاريخية بداية ظهور الخوارج بانشقاق بعض أنصار علي عليه عقب التحكيم لا نعني إطلاقا الخروج عن الدين ء فاللفظ لا يحمل إطلافا أي معنى من معاني الإدانة بالکفر من الناحية التأاريخية ء ولكنه اكتسب هذا التصور تحت تأثير كتاب الفرق والمقالات تماما » كما ترك هؤلاء انطباعا لدى المسلمين . إن الاعتزال يعني الانشقاق رید أن قول ليس هناك ما يمنع ُن يعتز الخوارج بهذه التسمية » كما كان يعتز المعتزلة بلقبهم بصرف النظر عن اعتبارك الإباضية فرقة منهم أم لا . ليس مجرد رفض التحكيم ءوإنما الإنشقاق وما أعقبه حربهم لعلي ءوهذا هو الذي يحدد اعتبار الإباضية خوارج أم لا : هل کانوا ممن حاربوه ؟ واعتبروه شاكا في إمامته حين قبل التحكيم » أم مجرد الحكم بخطبا التحكيم ؟ المسألة على أي حال سياسية بحتة . لا تتعلق بأصل ديني « أخى الدكتور لا زلت أخالفك الرأي فى هذه الملاحظة وذلك أن المصادر التاريخية التي تناولت الحديث عن تلك الفترة كانت -470- متأثرة بكلا الجانبين » جانب العقيدة وجانب السياسة » سواء كانت السياسة الموافقة أو السياسة المعارضة - فلا معنى لأن نفرق - في هذا الموضوع بين ورین وكتاب المقالات ءولعل المؤرخين في هذا الموضوع کانوا. سو من كتاب المقالات وأشد عصبية وتحيزا ء لا سيما وأن التمايز بين المؤرخين وأصحاب المقالات في ذلك الوقت المبكر لم يكن واضحا » فكان المنتسب للعلم هو الذي ينقل الأخبار كما كان ينقل الآراءوالعقائد . وإطلاق كلمة الخوارج على أصحاب علي الذين لم يقبلوا التحكيم وتفسيرات معنى الكلمة من الجانبين : من جانب من حاول أن يطبق عليها حديث المروق الذي اشتهر في تلك الفترة ويحكم عليها بالكفرء ومن جانب من حاول أُن يجعلها خروجا في سبيل الله ويحكم على من خالفها بالكفر كان أكثر ذلك صادرا عن المؤرخين أصحاب المقالات أو عن أصحاب المقالات المؤرخين . وبمراجعة طفيفة لتلك الأحداث في مراجع مختلفة الإتجاء يتضح التناقض والتضارب والاختلاف في الأحداث وأسبابها » وأساليب عرضها وتصويرها مما يدل على أن تلك الأخبار دخلها كثير من الزيف › بسبب عواطف الرواة أو تقلة الأخبار أو المؤرخين أصحاب العقائد المحددة فألبسوها ألوانا معينة كانت الأساس الذي بنى عليه كتاب المقالات المتخصصون فيما بعد کتاباتهم . والواقع أن كلمة الخوارج والخروج أو الخارجية بمعناها السياسي كانت تنطلق بصفة ضيقة قبل قضية النهروان » وفي النقاش الواسع الذي كان يجري بين أفراد الأمة بمختلف طبقاتهم ءتجد كلمة الخوارج أو الخروج تنفلت من لسان أحد الناس على الساخطين على الحكم القائم » فذكرت هذه الكلمة في الخلاف بين أمير المؤمنين عثمان وأهل الأمصار وذركت في الخلاف بين أمير 471 - المؤّمنين علي و(الخارجين عليه) طلحة والزبير ومن معهما › ولكنها لم تحمل معناها الديني إلا بعد قضية التحكيم في أكبر المصادر التاريخية التي نعتمدها اليوم ونستدل بها وإن كنت في الواقع - وهذا تقصير ‏ لم أتمكن من معرفة أول نص جاءث فيه كلمة الخوارج بمعناها الديني .. غير أن محاولة تطبيق أحاديث المروق عليها واضحة حسبما تذركه كتب التاريخ ‏ إن حقا وإن كذبا ‏ وذلك كبحث أمير المؤمنين علي عن (ذي التثدية) الذي اعتبر علامة على المارقين » بين القتلى » وعثور أصحابه عليه كما قيل » أو على ترملة مولى ابن عباس الذي أكل الفحل يده كما تقول بعض المصادر الأخرى فتوهموه ذا التثدية . وَإذا صحت المناقشات التي ترويها كتب التاريخ عن أمير المؤمنين علي مع بعض أصحابه وردوده عليهم › وندمه على قتل الخوارج » ودفاعه عنهم كقوله «هم من الكفر فرواء «ليس من طلب الحق فأخطاه كمن طلب الباطل فأصابه» «أين رهبان الليل وأسود التهار «لا تقتلوا الخوارج بعدي» وغيرها مما يدل أن التهمة بالخروج من الدين كانت توجه إليهم منذ ذلك الحين › وأن الإمام سكت عنها في مبدإ الأمر ثم حاول أن يصحح خطاً الناس فيهم وان خروجهم عليه لا يحمل معنى الخروج من الدين . والواقع أني أشك في كثير من الأقاويل والمتاقشات والمتاظرات ت اعدا الجانبية التي تنسب إلى تلك الفترة › وأحسب أن الدعايات والعصبيات وإلسياسة أيضا قد كان لها دخل كبير في التلفيق » لا سيما في المناظرات التي قيل إنها جرت بين الإمام وابن عباس والخوارج . فإن الصنعة والتكلف ‏ فيما يبدو لي تقراً واضحة في كثير من الاحتجاجات والبراهين التي تظهر عليه صبغة عصر غير ذلك العصر › أنه حين أقول هنا الكلام في -472- الوقت الحاضر لا أجد عليه دليلا ماديا ولذلك فهو لا يزيد عن مرتبة الشكوك التي تتردد في نفس الإانسان بمجرد الإحساس الشخصى . ولا نزاع فيما أعتقد أن عددا من الأطراف كان يحاول تبغيض ‎f‏ ‏اخوارج إلى بقية الامة بتهمتهم ا عن الدين - ولو تجرد ن من الشيعة والمحايدين الساخطين على الحكم الأموي أو ربما يحتاج هذا الكلام الأخير إلى مزيد من التأمل والتحقيق إذ ليس بين أيدينا ‏ الآن ‏ ما يثبته » ولكن الذي أريد أن أقرره هنا » أن مراعاة الجانب الديني في كلمة الخوارج لوحظت منذ أطلقت هذه الكلمة › إذا صح ما ترويه كتب التاريخ عن أحاديث المروق واهتمام الإمام بها وبعلاماتها ء وإذا صحت أيضا تلك الأحاديث وما تدل عليه » والأرجح أن أغلبها غير صحيح ء أما الاعتزاز براي أو مذهب فهو يتولد عن الاقتناع باتخاذ موقف معين في قضية ماء والاقتناع بأن ذلك الموقف حق ء ولا شك أن الأاباضية - کغیرهم - يعترون بمواقفهم وآرا 1 هم التي يعتمودون أنها و حق » ولكنهم لا يعتزون بما ينسبه إليهم غيرهم ويريد أن يلصقه بهم مما لا يعتقدونه ولا يقولونه . (1) راجع الفصل : الفرق بين الفتن والخروج . 473 - إن اعتزاز الإنسان بالموقف الذي يتخذه في أي قضية لاعتقاده أنه حق هو سلوك طبيعي . ولكن أن نفرض على إنسان م قفا معینا ثم نرید منه أن يعترف به ثم نطلب منه أن يعتز به فهذا مالا يرضاه إنسان يتمتع بحرية وعقل وإرادة . وهذا الموقف نفسه هو ما يريده المؤرخون وكتاب المقالات وحتى بعض المفكرين المعاصرين من حملة الشهادات العليا › إنهم يريدون أن يفرضوا على الإباضيّة بأنهم خوارج وأن يعترف الإباضية باهم خوارج وأن ينسبوا لأنفسهم ‏ باعتبارهم خوارج ‏ عقائد وآراء لا يقولون بها بل يعتبرون القائلين بها كفارا - وليس هذا فحسب بل عليهم أن يعتزوا بذلك الموقف كأنما الإباضية فرقة مسرحية تنتظر أوامر المخرج . ولكي يهون الأمر على الإباضية فينسبون إلى أنفسهم الخارجية ثم يعتزون بها نقدم لهم المعتزلة ‏ قدوة حسنة - فهم رغم أنهم منشقون إلا أنهم معتزون باسم المعتزلة . إن الإباضية لا يريدون اُن ينتسبوا إلى الخوارج ولا يحسبون أنفسهم كذلك ولا يعتزون بالخارجية لسبب بسيط › لأنه لا يحكمون على غيرهم من المسلمين بأحكام المشركين ولا ينفذون فيهم تلك الأخكام . أما ما قلته ياأخي الدكتور في آخر الملاحظة من أنه «ليس مجرد رفض التحكيم وإنما الانشقاق وما أعقبه حربهم لعلي وهذا هو الذي يحدد اعتبار الإباضية خوارج أم لا » الحقيقة ني كلما حاولت أن ُه ما ترمي إليه هذه العبارة لم يتضح لي وبدا لي فيها التناقض أشد ظهورا › وإبعاد وصف الخارجية عمن يحرص الدكتور على وصفهم به أكثر وضوحا . -474- تقول ياأخي الدكتور إنه ليس مجرد رفض التحكيم هو السبب في إطلاق كلمة الخوارج على من أطلقت عليه » وإنما الإنشقاق وما أعقبه حربهم لعلي هو السبب . يأأخي الدكتور لقد انشق عن علي وحاربه طلحة والزبير فهل نطلق عليهما وعلى أصحابهما وأتباعهما لفظ الخوارج » على اعتبار أن الأسس التي حددتها للخارجية - وهي الانثقاق والحرب - موجودة وقلت في عبارتك إن هذا يعني أن الانثقاق والحرب يحدد هل الإباضية خوارج أم لا ؟ فهل يحدد هذا طلحة والزبير خوارج ام لا ؟ وقد أنشق معاوية عن علي وحاربه حربا عنيفة بقيت أثارها إلى مدى بعيد » بل ربما لم يبق لأية حرب في الأمة الإسلامية من الاثار السيئة ما بقي لحرب معاوية ومن بعده › فيه يحدد هذا الانشقاق وتلك الحرب وما أعقبته بأن معاوية من الخوارج أم ليس منهم ! إن الشرطين اللذين وضعتهما لتحديد معنى الخارجية متوافران في كلا موقفي وقعة الجمل وحرب صفين . اسح لي يا أخي الدكتور أن أقول لك إن التيار الجارف في هذا الموضوع قد جعلك في موقف تحاول فيه تبرير الصورة التي رسخت في ذهنك مند قراءات سابقة » ولم تحاول أن تجدد النظر إلى تلك الصورة من رواياها في فهم وعمق . ونحن وإن ادعينا التحرير الفكري »› إلا أن الرواسب التي تراكمت في ذهنية أحدنا على مدى طويل ولمدى كثرة ما ترددت عليه كأنها حقيقة ترتفع عن الشك ولا تخضع للجدل تسيطر - دون إرادة منا ‏ على أحكامنا ولست أعفي نفسي من ذلك ء إلا عند العزم والتصيم على التخلص من تلك الرواسب . -475- لد حاولت في الفصل الذي ناقشت فيه هذا الموضوع من الكتاب أن أحدد الأسباب التي تجعلنا نعتبر فرقة ما من الخوارج أوانهم بعيدة عنهم » وذكرت أن لفظ الخوارج لو كان يقصد به المعنى السياسى الذي هوالشورة على دولة قائمة › فإن الفرق والطوائف والجماعات التي خرجت عن دول قائمة قد تستعصي عن الحصر ء وأما إذا كان المقصود به من خرج على خلافة رشيدة فقط أو حتى عن خلافة أمير المؤمنين أبي الحسن فإن عددا من الجماعات قد خرج عنه . فلماذا لا نطلق كلمة الخوارج عليهم جميعا ما دام قد ثبت في حقهم أمر كفاة ! الانشقاق والحرب . وأُذا كان يقصد بلفظ الخوارج المعنى الديني وهو المعروف من الدين › فإننا قبل أن نحكم به على أي طائفة أو أي فرد ينبغي أن نتحرى عن دينه » فإن وجدنا ما يبرر إطلاق الحكم عليه أطلقناء » وإلا فليس من حقنا أن نصف الناس بما ليس عندهم ء وأن نقولهم ما لم يقولوا . وأخيرا ليست الخارجية نسبا ولا صهرا » ولو وجدنا اليوم واحدا من سلالة نافع بن الأزرق أو شبيب وغزالة » وليست لديه العقائد التي تنسب إلى الخوارج لما قلنا إنه خارجي ولما حكمنا عليه بحكم الخوارج . إن محاربة المؤرخين وكتاب المقالات لهذا العدو الوهمى الذي يطلق عليه لفظ الخوارج أكثر ضراوة من ‎i‏ حرب أخرى ن ُن الحرب التاريخية والمذهبية أعنف وأشد وأدوم من الحرب السياسية العسكرية فلقد انتهت المعارك السياسية والعسكرية بانتهاء الدولة الأموية تقريبا أو بعدها بقليل › بل إن الذين قامت من أجلهم زوبعة الخوارج وهم الإمام علي وأهل النهروان قد انتهت قصتهم قبل انتهاء النصف الأول من خير القرون › ولكن هجموم المؤۇرخين -476 - وكتاب المقالات لايزال مستمرا بل بأعنف مما مضى في بعض الأحوال » ومن المؤسف أن هذا الهجوم الذي ينطلق بهذا العنف يستند إلى ما قيل ووقع أولم يقع قبل ألف سنة ء ومن ن على أي قلم اليوم أن يجرد حملة على الخوارج يحملهم بكل سهولة أوزار التاريخ الطويل . أخي الدكتور» قد تعتبر هذا الكلام دفاعا عن الخوارج ويسرني أن أقول لك إنني لا أريد الدفاع عنهم » ولكنني لا أحب أن أكتب عنهم متأثرا يكلام خصومهم ومن أشد خصومهم وأعنفهم الإباضية وأنا أقول هذا الكلام عن الإباضية لأن الإباضية لا يرون رأي الخوارج ولا يدينون بدينهم وهم أشد بعدا عنهم ونقدا لهم ممن يرميهم بهذا ممن يستحل اموال المسلمين ودماءهم بالعقيدة أو العمل ء ولقد كان الحجاج ين يوسف يرمي الخوارج بأَنهم مفسدون يستحلون دماء المسلمين وأموالهم » ولو جمع عدد من قتله الخوارج من جميع حركاتهم لم يبلغ بعض من قتل وصلب وسجن وسلب الحجاج . إن الخارجية ‏ فيما أعتقد ‏ مبادئ وشعارات محددة من حملها كان خارجيا ومن لم يحملها لم يكن منهم ولذلك فلقد يكون الرجل من عتاة الخوارج وهو يتستر وراء مذهب آخر من المذاهب الاسلامية قد يدعي أنه سني بل قد يدعي انه من حماة السنة والجماعة » ولكنه في واقع الأمر خا رجي متطرف ء وليتني أستطيم أن أحرف رأيا في فقيه ينتسب الى أهل السنة ثم يعلن في تبجح حكمه على آلاف من المسلمين الذين يخالفونه في المذهب بهم مبتدعة تحل دماؤهم وأموالهم › بل يزعم أنه يجب قتلهم وغنيمة أموالهم . عندما يقدم له ذلك المال يأكله مطمئنا لأنه مما أفاء الله عليه . ثم هو لا يقف عند الاستحلال بل هو يحرض -477- اللطة الحاكمة على اتخاذ هذا الموقف .وكتب التاريخ تذكر مسي مؤلمة قتل فيها آلاف من المسلمين بفتاوى فقهاء ء لا ينتسبون إلى الخوارج » ولكنهم كانوا يرون أن دماء مخالفيهم حلال » أليس استحلال الدم والمال هو مبداً الخوارج الذي تقمه المسلمون عليهم › وحاربهم علي من أجله حسبما تقول بعض مصادر التاريخ وتسوف للتدليل عليه قصة الصحابي الجليل «عبد الله بن خباب بن الأرت» وقد اختلطت بهذه القصة أحداث واخبار هي بالخرافة شه 4 والى إسراف الخيال في ربط الأشياء المتباعدة أقرب وذلك (كقصة الثمرة والنصراني والخنزير) وقصة واصل بن عطاء التي نسجت على منواليها » ولتي تذكر للتشنيع أو للتفكه والضخك ٠ ثم تسلك في نسق مع -قصة عبد الله لإظهار الفظاعة واستجلاب النقمة . السلمين وإستحلال دمائهم وأموالهم هو معنى الخارجية الذي حاربه الإمام وتقمه المسلمون حينماً صور لهم أن أهل النهروان سوف يستعرضون الناس ويقتلون الأبرياء » ويأخذون الأموال وجاءوا له بقصة عبد الله كدليل عملي واقعي والله أُعلم بمن قتله » وهذا الشعار شار التكفير والاستحلال هو الذي رفعه بن الأزرق ومن سار بسیرنه وحارب من أجله كما تقول عنه کتب التاريخ إن صدقت . والآن وقد انقرض أَولعك الذين كانوا يستحلون دماءمخالفيهم عقيدة ويرفعون هذا المبداً شمارا علنيا لهم يعملون تحته في صدق وصراحة . وبقي الذين يستحلون دماء مخالفيهم بالعمل 4 وهم بحملون شعار صيانة دماء المسلمين بكلمة التوحيد ولكنهم يريقونها بأتقه الأسباب . وهؤلاء الخوارج موجودون ضمن جميع هذه الفرق ء وكل فقيه أو متفقه يستحل دماء مخالفيه من أية فرقة كانت من فرق -478- المسلمين › ويفتي بذلك » ويسهل لأصحاب السلطان إراقة دماء المسلمين » هو خارجي ءولو لبس جبة جابر» وطيلسان أبي حنيفة » وعمامة أحمد » ورداء ابن تيمية ء فاذا أضاف إلى ذلك تحريض ذوي السلطان على التدخل في عقائد المسلمين › وحملهم ٠ على بعضها بالإكراه » فهو من أسوإ الخوارج » اعترف بذلك أم وتلخيصا لهذه المناقشة التي طالت أكثر مما ينبغي لها أقول : لقد حددت ياأخى الدكتور صبحى مبداً الخارجية بركنين أساسيين هما الإنشقاق والحرب › وقصرت هذا على من فعل ذلك مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب » ولو كان هذا التحديد كافيا لانتهى أمر الخوارج بوفاة الإمام أو على أوسع تقدير بوفاة آخر من خرج عليه » وكتب التاريخ المتحيزة الى الإمام تذكر أن أهل النهروان كانوا سّة آلاف ارجع منهم لفان إلى معسكر الإمام وان لباقي قتل ولم ينج منهم إلا تسعة أشخاص » ومعنى هذا أن ولك الذين خرجوا على الإمام علي قد أنتهوا فلا معنى لن يذكر اسم الخوارج بعدهم › ولكن حركة الخوارج كانت أشد عنفا في عهد الدولة الاموية » فهل كان عهد عبد الملك والحجاج وابن زياد يطاردون الخوارج انشقوا عن علي وحاربوه . ولو كان الأمر كذلك لأيدوهم ونصروهم لأن الأمويين أنفسهم منشقون عن علي ومحاربون له . ولكن الأمويين مشل الحجاج وأضرابه كانوا يتتبعون المناوئين لحكمهم بکل شراسة . وکانوا يطلقون لفظ الخوارج على كل من يستسيغ الرأي العام إطلاقه عليه - مستغلين حادثة النهروان لصالحهم - موهمين الرأي العام أن الخوارج يستحلون الدماء والأموال 4 ويعيشون في الأرض فسادا ءوبهذا ضمنوا سکوت أو تأیید كبار العلماء ء وتقبلهم لأعمال العنف التي ارتکبها الحجاج وابن زياد ومن سار سيرتهما . 479- ولا شك أنه بالتأمل المجرد » وبدراسة احداث التاريخ لتلك الفترة بوعي » ودون انسياق وراء مخلفات ذهنية سابقة › وبلا عواطف أو رواسب . معروف أن الخارجية ليست هي الانشقاق عن علي ولا محاربته . فقد انشق عن علي طلحة والزبير واتباعهما وحاربوه . وانشق عنه معاويةوحاربه حربا طويلة عنيفة ولكنهم لم يطلق عليهم لفظ الخوارج + | لقد أطلق لفظ الخوارج على أولشك الذين حاربهم علي لانهم صوروا له في صورة المتطرف الذي يستحل الدماء والأموال › واستفلت حادثة مقتل عبد الله بن خباب لإثبات هذه الصورة الفظيعة عند الامام . وعلى أولثك الذين حاربتهم الدولة الأموية بعد أن صورتهم في صورة المتطرف الذي يحكم على المسلمين بحكم المثركين ء ثم تجاوزوا القول إلى الفعل فطبق هذه القاعدة ولكن المنطلق دائما قصة عبد الله بن خباب وما ألحق بها ولعلهم بسبب ردود الفعل تطرفوا فحكموا على كل من خالفهم » ولم يسرمعهم بِأنهم مشركون تنطبق عليهم أحكام المشركين وبموقفهم هذا فقدوا عطف الامة عليهم واعتبروهم منحرفين . واستفلالا لهذه الظروف جميعا فقد توسعت الدولة الأموية في إطلاق لفظ الخوارج على المناوئين لهاءوالمعارضين لسياستها حتى يستسيغ الناس وسائل القمع والارهاب التي كانت تقوم بها ضد كل معارضة ءبناء على أن تلك المعارضة نابعة من فكر خارجي . وبناء على كل ما سبق فإننا نستطيع أن نحدد مبادئ الخوارج ہما يلي : 1 تطبيقهم أحكام المشركين على من خالفهم . 2 حكمهم على مرتكب الكبيرة بالشرك وإجراء أحكام المشركين عنيه . -480- 3 حكمهم على من قعد عن مناصرتهم بأحكام المشركين . 4 حكمهم على من رضي بالبقاء تحت حكم الدولة الظالمة بأحكام المشركين » هذه أهم مبادئ الخوارج والشعارات التي رفعوها وبهما استحلوا دماء المسلمين حين رفعوها شعارات لجهادهم » وإستحل المسلمون بها دماءهم . أخي الدكتور صبحي » إنك تعلم أنني لم أحضر تلك الحركات والأحداث ٠ وأن ما أقوله في هذا الصدد إنما هو استنتاج من مصادر التاريخ المتعارضة استخلصتها ‏ بعد دراسة وتجرد ووزن - واضعا فى ذهنى أن ما يقوله المؤرخون ‏ من أي اتجاه كانوا - فى تلك الأحداث كان خاضعا لعديد من المؤثرات والاتجاهات وأنه ليس شيء منها منزها عن التحيز والخطا وسوء الفهم أحيانا . وعلى جميع الاعتبارات ء»لماذا تحكم على فرقة من المسلمين (الإباضية) - اليوم موجودة في أي بلد من بلدان الإسلام ‏ بأنها من الخوارج مع العلم أن هذه الفرق - وهي الأن تعيش في أواخر القرن الرابع عثر ‏ لم تحضر بيعة الأمام علي ولا اشتركت في حروب الجمل وصفين ولا شاهدت أحداث النهروإن فهي في الواقع لم تبايعه ولم تنفصل عنه ولم تحاربه ولم يحاربها » لأن فاصلا زمنيا طوله ألف وثلاثمائة سنة وزيادة يفصل بينهم › ثم هم في واقعهم لم يخرجوا عن نظام الحكم الذي يجري عليهم - رغم أن أكثر الانظمة التي تحكمهم منحرفة ‏ ولم يقم منهم دعاة لإسقشاط الأنظمة الحاكمة ولم يحاربوا غيرهم من المسلمين ولم يستحلوا دمهم ولا مالهم › ولم يحكموا على مخالفيهم بالكفر ء وهم بين کل ذلك يعيشون مع غيرهم من المسلمين كما يعيش الاخ مع أخيه يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخرء ويوجبون ما أوجب الله › ويحرمون ما حرم الله . 31 -481 - فلما ذا تسيطر على أقلام المؤرخين وكتاب المقالات والفلاسفة شفة مغرضة 1 على فرقة مؤمنة . لقد أن نتهت الخارجية بحقها وباطلها وبمبادئها وأبطالها عند نهاية الدولة الأموية تقريبا » فلماذا يؤتى بالشخص في هذا القرن فيحمل أوزارا ارتكبت قبل أربعة عشر قرنا إن صح أنها أرتکبت ؟ ويقف مووف الجلاد فی هده القضة ناس درسوا الشريعة الاسلامية حتى كانوا قدوة » ودرسوا التاريخ حتى كانوا أساتذة ٠ ودرسوا الفلسفة حتى صاروا دکاترة » ودرسوا الحقوق حتى اعتز بهم القضاء والمحاماة « وكکانت د ماسم طافحة بالتحرر الفكري والصفاء ا جاءوا الى هذه القضة تلجلحت ألسنته واضطربت أقلامهم ثم طأطاُوا رؤوسهم للرواسب الذهنية التاريخية 6 فتحايلوا د فى التعبير نيا لكي لا يصادما الحق الذي فيا ولم أ يجابهوا الأفكار والأقلام . . » محدودي امقول .` وساطة المعتزلة قال الأخ الدكتور صبحي في ملاحظاته عن هذا الكتاب : «من الجائز ن يكون المعتزلة هم الوساطة في التقاء بعض آراء الشيعة الأدارسة مع آراء ء الخوارج دون حاجة إلى تناظر علماء الغرقتين ٠ من المعروف كذلك في علم الكلام تأثر بعض الفرق -482 - بخصومهم . لديك على سبيل المشال تأثر بعض رجال الحديث والتفسير وهم أكثر علماء الامة تمسكا بالدين وغيرة عليه ٠ بالإسرائيليات ولا أعتقد أن بين الأدارسة والإباضية من الخصومة ما هو أبعد مما بين رجال الحديث واليهود » وكل ذلك يتم عن غير وعي أراءاعترفت بأن الإباضية من الخوارج مع إنك كنت تستتكر ذلك تماما وتعدهم كما لو كانوا مجرد مذهب فقهي كالمالكى والشافعية» . أخى الدكتور أما إن المذاهب الإسلامية قد يتأثر بعضها يبعض » ويقتبس منه الحجج والآراء والأساليب فهذا شيء قد يقع › وليس مجالا للإنكاروليس موضوعنا لمناقشته . لقد استبعدت فكرة المستشرق نللينو حين زعم أن إباضية المفرب أخذوا أكثر عقائدهم عن المعتزلة . ثم اعتباره أن تلك القائد كانت تنساب الى الإباضية من المعتزلة عن طريق الشيعة الأدارسة وهذه دعوى عجيبة وبعيدة . أيها المتكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان هي شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا استقل يماني وأبعد من ذلك ما تلمح إليه في ملاحظتك هذه من أن المعتزلة هم الواسطة في التقريب بين عقائد الشيعة وعقائد الخوارج › ُو عقائد الإباضية على الحقيقة - فأنت تصر على اعتبار الإباضية خوارج ولو تطوعوا في جند المهلب بن أبي صفرة ‏ ولا داعي أيدا لأن يقوم المعتزلة بهذه الوساطة أو التقريب بين الإباضية والأدارسة - وهم لا يشعرون ‏ لأن الشيعة مهما تأثروا بالمعتزلة فإن لهم أصولهم قبل أن يؤثر عليهم المعتزلة وهم يحافظون عليها وكذلك الإباضية مهما تأثروا بالمعتزلة فإن لهم قبل أن يتأثروا 483 - بغیرهم أصولا يحافظون عليها ولقد يکون التسأثر ولكنه في الشكليات وهذا التاثر والتأثير واقع في جميع المذاهب على السواء » يعني ما تسميه مذاهب السنة والشيعة والخوارج والإباضية كلها مؤثرة ومتأثرة » ولكن كل واحد منها قد حدد لنفسه مواقف معينة استنادا إلى دولة معينة في مصادر التشريع الإسلامي وملاحظتك هذه جاءت بعكس ما يقوله المستشرق نللينو الذي تحاول أن تؤكد ما ذهب إليه » لإن نلينو يزعم أن المعتزلة قد أثروا في عقائد الإباضية بواسطة الأدارسة الشيعة ء وأنت ترى أن الشيعة هم الذين أثر وا على الإباضية (أو الخوارج كما تصر أن تقول) بواسطة المعتزلة والرأيان مختلفان كما ترى ٠ وقد آلمني - حقا ‏ أن تناظر الخصومة بين الإباضية والشيمة إن كانت هناك خصومة ‏ بالخصومة بين المسلمين واليهود › ففرق المسلمين مهما احتد بينهم النقاش واتسع الخلاف › لا يتجاوزون أن يكونوا إخوة حصل بينهم سوء تفاهم » وبعض فرق الشيعة كالزيدية لا تختلف عن الإباضية في شيء وقد نبه أكثر من مؤلف من مؤلفي الإباضية في أصول العقائد وعلم الكلام › إن الخلاف بين الإباضية والزيدية لا يتجاوز ثلاث مسائل هى(1) 1 قولهم في الإمامة أن عليا أولى من أبي بكر وعمر ولكنهم لم يحكموا بتخطئتهما أو تخطئة الأمة بسبب تقدمهما أو تقديم الأمة لهما عليه في الخلافة.. 2 - تجويزهم لتحكيم حكمين فيما حكم فيه الله تبارك وتعالى . (1) ملخصة من كتاب الموجز لأبي عمار عبد الكافي نخة مخطوطه ملك أيوب -484 - 3 قولهم بتشريك أهل التأويل ممن يؤدي تأويله إلى التشبيه كمن يعتقد أن الله يرى يوم القيامة » والإباضية يرون في المسائل السابقة أن الأفضلية والأولوية تبين الأئمة الأربعة (الخلفاء الراشدين) كانت كما وقعت تاريخيا أفضْلهم واولاهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان بم علي ٴءويرون أن قبول التحكيم ‏ فيما حكم فيه الله تبارك وتعالى - خطاً ءويجب قتال الفئة الباغية إذا لم تستجب للصلح أو ترجع إلى الدخول فيما داخل فيه المسلمون » ويرون أنه لا يجوز أن يحكم على المخطئين في التأويل بالشرك بدعوى أنهم مشبهة وقد التقت الزيدية فى هذا الموضوع مع الخوارج لا مع الإباضية . ولا شك أن طوائف المسلمين تتقارب وتتباعد حسب التيارات السياسية ورجال الحكم › وحسب شدة تحريك دوافع العصبية المبذهبية ومن يكون من ورائها من العلماء المنغلقين ُو المتفتحين . أما المثال الذي ضربته لإيضاح التأثر أو التأثير برجال الحديث والتفسير واليهود بسبب الإسرائيليات التي تسربت إلى بعض كتب الحديث والتفسير ء»فاسمح لي أن أقول لك : إنني لا أوافقك عليه مطلقا » وأن هذا التشبيه إساءة إليهم . فرجال الحديث والتفسير عندما تسربت إليهم الإسرائيليات لم تتسرب إليهم من اليهود مباشرة » ولم تنتج عن لقائهم واحتكاكهم بهم » فقد.كانوا أبعد من أن يستمعوا إليهم » وأشد نفرة من أن يصدقوهم » وأكثر ورعا من أن يأخذوا عنهم ٠ وإنما تسربت الإسرائيليات على‌يد ناس أظهروا الإسلام واتصفوا بالورع والزهد والتقوى › ولزموا المساجد والدروس والوعظاء حتى‌وثق الناس بهم » باعتبارهم مسلمين صادقين جمعوا إلى علمهم بالإسلام علمهم -485 - بالديانات السابقة ءوكانوا يدسون مكائدهم تارة باعتبارهم علماء أخذوا من الكتب السابقة » :وټارة ينفثونها في خفاء بتحريف بسيط في المبنى أو المعنى أو بإثارة شبهات تفترق بسببها الأمة و ن هم بالفكرة الضالة فيها ويرجحونها › ويتباكون على الإسلام بسبب ما ألحقه به مخالفوهم في دعاويهم فجازت على بعض المفسرين والمحدثين باعتبارها علوما أو أخبارا تلقوها عن مسلمین موثوق بهم جمعوا إلى علم القرآن علم التوراة أو الإنجيل . وأحسب ُن ازعم بن علماء الحديث والتفسير ‏ على ورعهم - قد تأثروا باليهود أو النصارى ءهكذا على الإطلاقء فيه إساءة إليهم ٠ ونيل من مقامهم » وتشكيك. في علوم الحديب والتفسير . أخي الدكتور إن موقفك الأخر في الملاحظة يشبه ُن کون صيحة منطلقة دون وعي أو فرحة رجل الشرطة عندما يقبض على رجل بالجريمة » مطاردته وتیی خطواته » فام يبق عليه وقد القى القبض على المجرم متلبسا » أي بعد أن اعترف علي معمر بأن الإباضية من الخوارج ‏ إلا ُن يأمر يالقاء الإباضية في أاضيق زنزانة › وبإلقاء علي معمر في أشدها ظلمة وأكثرها رطوبة جزاء له على مراوغته وتهربه . وجريمة الإباضية الكبرى أنهم لم يريدوا أن يقفوا في الطابور الذي أراد أن يصنفهم فيه كتاب المقالات المتحيزون › وبعض المؤرخين الموجهين › ومن ينعق من ورائهم . ما جريمة علي معمر في نظر الدكتور أحمد صبحي فهو التطاول . هي أن يرفع عينيه ويتطاول فيعتبر الإباضية «مجرد مذهب فقهي كالمالكية والشافعيةء وتلك مرتبة يحرم عليهم أن ينظروا اليها ويحرم على أحد أن يضعهم فيها . -486 - أخي الدكتور من المؤسف ‏ أن بعض الرواسب الذهنية» تتحكم في الإنسان وتسيطر عليه › تجعله لا يستمع إلى الحق الذي يجيئه من الخارج ولكن إلى الرواسب النابعة من الداخل ء ولا يخطر له أبدا أن يؤكد الرواسب المتخلفة في ذهنه مما تلقاه في مختلف مراحل عمره › بدراسة جديدة متفهمة متعمقة تعتمد الاقتناع بالدليل لا بالايحاء . لأن هذه الرواسب التي اقتنع بها والاستسلام لها زمنا طويلا تسيطر عليه حتى حينما يريد أن يتجرد » وتحول دونه ودون المراجعة أو التراجع ء وتجعل منه إنسانا يرى أن ما عليه هو › هو الحق دون جدال أو مناقشة وأن ما عند الأخرين يجب أن يقاس على ما عنده هو لياخذ درجته من التقويم » ومن أمثلةذلك ما يلى : قال أو العباس المبرد في الكامل عن الإباضية «هم أقرب الفرق إلى السنة» وجاءت ايد فيما بعد اطلقت على نفسها اهل السنة واعتبرت نفسها ميزانا للشريعة الإسلامية » ومرت بها عبارة أبي العباس المبرد » فنقلتها فس مصادرها - ممكنة على الإباضية ‏ بعد تعديل بسيط ء وقالت عنهم «هم أقرب الفرق إلى أهل السنةه بزيادة كلمة أهل على تعبير المبرد » وهكذا أصبح ما عندهم هوالحق الذي لا مرية فيه وما عند الاخرين يقاس بهم . فبمقدار قربه أو بعده عنهم يعطى درجة التقويم › وغير مهم لديهم وقد أثبتوا لمذهبهم هذه الدرجة إن بقيت السنة مسكوتا عنها وأنها فى الدرجة الثانية من مذاهبهم . أُخي الدكتور : رغم صيحة الفرحة التي خرجت منك . ورغم حصولك على الاعتراف الخطي ٠ رغم كل ذلك فأنا لا أعتبر الإباضية فرقة من الخوارج أيدا . ورغم أن من ينسبهم إلى الخوارج -487- هو أقرب منهم » واستنكر منه ذلك استنکارا تاما وأتجاوز كل ذلك فأعدهم أصحاب مذهب كالمالكية وادعى أيضا أن خدمتهم للشريعة الإسلامية أُصولا وفروعا . عقائد وفقها ء لا تقل بحال من الأحوال عما قدمته تلك المذاهب › وأضيف إلى كل هذا أن أغلب المذاهب الإسلامية إنما اعتمدت في انتشارها وحياتها على خدمتها للسياسة وسيرها في ركاب الدول ء وأنها في كثير من الأوقات تقف مواقف المرونة والتخلي عن الأساسيات مراعاة للحكام المتجبرين وأن آلة الحكم الظالمة استغلتها استغلالا فظيعا لإقرار الظلم أو مجانبة العدل ء وأن الإباضية لم يعتمدوا على ذلك ولم يستفلوا الحكم في حد النفوذ وإطالة البقاء › ولم يستغلوه في حمل أصحاب المذاهب الأخرى على ترك مذاهبهم والانتساب إلى مذهب الدولة . فلم يكن الأباضية في يوم من الأيام آلة للسياسة » وإذا تعاونوا معها تعاونوا على حدود ما يبيحه الشرع أو يدعو إليه ء ولذلك تخلت عنهم السياسية بل وحاربتهم . تأثير المعتزلة قال الدكتور أحمد صبحي في ملاحظاته على هذا الكتاب : «تأثر كل من الأدارسة (الشيعة الزيدية) والإباضية بالمعتزلة ‏ لا يعني أن هاتين الفرقتين قد انحدرتا من المعتزلة يقال أحيانا في تبرير ذلك : أن خصومة كل من المعتزلة من ناحية والشيعة والخوارج من ناحية أخرى للأشاعرة (مذهب الخلف.من أهل السنة) وسيادة المذهب الأخير على جمهرة المسلمين ء وعلى دار الخلاقة منذ أواخر القرن الرابع قد قرب بين المذاهب الأخرى المعارضة › فتأثر كل من الشيعة والخوارج بالمعتزلة وأصولهہ على ايه حال -488 - هذا التحرير وحده لا يكفي لتفسير التشابه بين آراء كل من الشيعية وخصوصا الزيدية والاثنتي عشرية ء والخوارج وبين أصول المعتزلة» في هذه الملاحظة كثير من الجوانب تحتاج إلى مزيد من المراجعة والتثبت ٠ وبعضها لا تزيد عن افتراضات تجري في أذفان بعض التاس . ويمكن أن نحصر هذه الجوانب في النقاط الاتية . الأولى :افتراض وجود كتل كبرى متعادية تتبعها فروع . الثانية :اعتبار أن الأشاعرة ممثلين لمذهب الخلف من أهل السنة . الثالثة :سيادة المذهب الأخير على جمهرة المسلمين وعلى دار الخلافة . الرابعة : محاولة إيجاد تفسيرات للتشابه أو التقارب بين المذاهب الإسلامية بينما المفروض أن يكون العكس أي البحث عن تفسيرات للتباعد بينها وسوف نتناول هذه النقاط بالبحث والمناقشة فيما يلي : النقطةالأولى : افتراض وجود كتلة متحدة ‏ تسمى «أهل السنة» تعاديها كتل أخرى هي المعتزلة والخوارج والشيعة لم يقرب بينها إلا عدواتها مجتمعة للكتلة الأولى › ولم يجمعها في ميدان الخصومة لها إلا اتفاقها وتعاونها » أمر يحتاج إلى‌كثير من الجهد ليلبس لباسا يستقيم مع الواقع . فالثابت تا ريخيا ودينيا أن كلا من هذه المذانب والقرق التي تتكون متها بما فيها فرق أهل السنة قد تتفق في آراء ي غيرها من الفرق الأخرى وقد تختلف » وهي تخاصم من يخالفها فی آرائها أو معتقداتها خصومة عنيفة . تحأول فيها جاهدة -489 أن تثبت ضواب ما هي عليه وخطاً ما عليه غيرها » ولو كان ذلك الغير فرقة من الفرق التي تدخل معها في الإطار العام › فالخصومة بين فرق أهل السنة بعضها مع بعض لا تقل عنفا عن الخصومة بين فرق الإباضية فيما بينها أو الشيعة أو الخوارج أو المعتزلة » بعضها مع بعض لا تقل عنفا عن خصومتها مع غيرها ءأعني أن فرق الشيعة مثلا في خصومتها لا تقل عنفا عن خصومتها مع غيرها من الفرق أو المذاهب وكذلك البقية . ولا شك أن الصراعات المذهبية ‏ فقهية وكلامية ‏ كانت متأثرة إلى حد ما بالظروف السياسية والخضوع لدولة واحدة . ومع ذلك إن الخصومة بين صفوف من يطلق عليهم لفظ أهل السنة لم تكن أخف ولا أقل مما بينهم وبين غيرهم › وقد استعملت من هذا المجال الضيق بين هذه الفرق نفسها جميع الأسلحة التي استعملت في الميدان الواسع بين المذاهب من التفسيق والتكفير وإبطال الصلاة وليس ذلك في الفروع فقط › وإنما استعمل في الفروع وفي الأصول أصول الفقه وأصول الدين . ولعل مما يوضح هذه الصورة أن نستعرض بعض ما کان يجري بين فرق(أهل السنة) من خصومات تثبت تماما أنه لا أساس ولا صحة للصور التكتلية ال عرضتها بعض الأقلام وإنما كان واقع المسلمين أن كل فرقة منهم تحاول أن تدلل على صحة ما هي عليه وبطلان ما عليه وقد اخترت ثلاثة كتب مختلفة لأنقل منها صورا عن الخلاف الذي كان يقع بين فرق أهل السنة والمدى الذي يبلفه أحيانا من العنف يصل إلى حد القسوة . الكتاب الأول : «مسصادر التشريع الإسلامي فيما لا نص فيه» للأستاذ عبد الوهاب خلاف طبعة دار القلم 1392 ه جاء فى الصفحة 130 ما يلي : -490- «ومن تأمل ما حدث بين أُئمة المذاهب من التشاجر والتنافر › علم صحة ما قلنا ءحتى أن المالكية استقلوا بالمغرب › والحنفية بالمشرق » فلا يفارق أحد المذهبين أحدا من غيره في بلاده إلا على وجه ما ء وحتى بلغنا أن أهل جيلان من الحنابلة إذا دخل عليهم حنفي قتلوه » وجعلوا ماله فيئا »حكمهم في الكفار . وحتى بلغنا أن بعض بلاد ما وراء النهر من بلاد الحنفية كان فيه مسجد واحد للشافعية ءوكان والي البلد يخرج كل يوم لصلاة الصبح فيرى ذلك المسجد › فيقول : أما آن لهذه الكنيسة ان تغلق ؟ فلم يزل كذلك حتى أصبح يوما وقد سد باب المسجد بالطين واللبن فأعجب الوالي ذلك . ثم إن كلا من أتباع الأئمة يفضل إمامه على غيره في تصانيفهم ومحاوراتهم » حتى رأيت حنفيا صنف مناقب أبي حنيفة فافتخر فيها بأتباعه «كأبي يوسف ومحمد » وابن المبارك ءونحوهم» ثم قال يعرض بباقي المذاهب : ولك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا ياجرير المجامع وهذا شبيه بدعوى الجاهلية » وغيره كثير » وحتى أن المالكية يقولون الشافعي غلام مالك وإلشافعية يقولون احمد ابن حنبل غلام الشافعي › والحنايلة يقولون :الشافعي غلام احمد بن حنبل ءوقد ذكره أيو الحسن القرافي في الطيقات من أتباع أحمد ء والحنفية يقولون : إن الشافعي غلام أبي حنيفة › . له غلام محمد بن حن ء ومحمد غلام أي حنيفة . قالوا لولا أن الشاقمي من أتباع أبي حنيفة لما رضينا أن تتصب معه الخلاف : وحتی ن الشافعية يطعنون بأن أبا حنيفة من الموالي ٠ وأنه ليس قرشيا -491 - وأحوج ذلك الحنفية إلى الطعن في نسب الشافعي وأنه ليس قرشيا » بل من موالي قريش »› ولا إماما في الحديث لان البخاري ومسلما أدركاه ولم يرويا عنه مع أنهما لم يدركا إماما إلا رويا عنه » حتى احتاج الإمام فخر الدين والتميمي في تصنيفهما مناقب الشافعي إلى الإستدلال على هاشميته وحتى جعل كل فريق يروي السنة في تفضيل إمامه .» ثم ذکر المؤلف بعض الأحاديث التي يرويها أصحاب المذاهب في فضل امتهم » وردها . ومن اجود ما قيل في ردها بعبارة غاية فى الإيجاز والدقة ما تقله المؤلف عن الشيرازي فى نفس الكتاب ص 131 قال : ۱ «واعلم أن هذه الأحاديث ما بين صحيح لا يدل ء وذال لا ‎f E‏ 7 وبعد مناقشة لتلك الأحاديث تبين الخطاً في الاستدلال بها على تفضيل بعض الأئمة لأن منها ما لا يدل ومنها ما هو موضوع لا يصح . قال : فانظر بالله أمرا يحمل الأتباع على وضع الأحاديث في تفضيل أثمتهم › وذم بعضهم » وما مبعشه إلا تنافس المذاهب فى تفضيل الظواهر ونحوها على رعاية المصالح الواضح بيانها »الساطع برهانها فلو اتفقت كلمتهم بطريق لما کان شيء مما ذکرنا » الكتاب الشا: ي :مسالا يجوز في الشلاق بين السلمين. للأستاذ عبد الجليل عيسى طبعة دار البيان › الكويت وقد أورد فيه أمثلة في الخلاف بين مذاهب أهل ا السنة غالبا › وقد يحسن أن نلخص ما نحتاج إليه كما يلي : 1 ما يسوغ فيه الخلاف بشرط عدم التعصب للرأي في فعل أو قول يقول فيه عالم أنه واجب ويقول آخر هو سنة فقط أو -492 - مندوب » أو في فعل أو قول يقول فيه عالم انه حرام ویقول آخر إنه مكروه فقط وكلا النوعين كثير جدا ءوقد أورد للنوع الأول اثنى عشر مثالا » وللنوع الثاني سبعة أمثلة . مستحب عند قوم يثاب فاعله . مکروه عند اخرين يلام فاعله ء ج ما يبطل العبادة عند قوم ولا يبطلها عند غيرهم › قال : رأينا أن نفرد فصلا خالصا ببعض الأشياء التي تبطل العبادة عند بعض العلماء › ولا تبطلها عند غيرهم » وهي كثيرة جدا لا تتسع لحصرها هذه الرسالة ولذلك › سنكتفي بأمثلة كنموذج لأمثالها ءوذكر منها اثنين وعشرين نموذجا . د أخطر أنواع الخلاف عمل يتردد الخلاف فيه بين أنه فرض لا تصح العبادة الا به » أو حرام يعاقب على فعله » أومناف للعبادة تبطل به » وذكر لهذا النوع أربعة نماذج . واحد .قال : سترى في هذا الفصل اختلاف العلماء في أمور تدرك بالأبصار » وتتكرر أمام الأنظارء وتسمع بالآذان آلاف المرات › ثم ذكر لهذه الأنواع من الخلاف أربعة عشر تموذجا. فيما يلي : 1 سثل شافعي عن طعام وقعت فيه قطرة نبیذ فقال : یرمی للكلب أو حنفي . -493- 2 سل حنفي هل يجوز للحنفي أن يتزوج شافعية فقال :لا . لأنها تشك في دينها . 3 أفتى حنفى بأنه يجوز للحنفي أن يتزوج شافعية قياسا على أهل الكتاب » لأن الزواج من أهل الكتاب جائز بالإتفاق . 4 سمع حنفي مأموما يقرا الفاتحضة فضربه على صدره حتى أوقعه أرضا . 5 قال مالكي : إن من حلف على أن جميع ما في موطا مالك من الأحاديث صحيح لا يحنث أما من حلف أن ما في البخاري أو مسلم من الأحاديث كله صحيح فإنه يحنث . 6 رفع أحد المصلين سبابته يشير بها عند التشهد فضربه مصل آخر بجنبه حتی کسر يده فلما سل عن السبب قال لأنه فصل محرما في الصلاة حسبما قال الشيخ الكيداني . 7 قال أبو الحسن الكرخي : كل آية أو حديث تخالف ما قرره علماء مذهبنا فهي إما مؤولة أو منسوخة . هذا طرف من أنواع الخلافات التي كانت تجري بين مذاهب أهل السنة في نفسها أو بينها وبين غيرها . وقد توسع الشيخ سعيد بن تعاريت الجربي فذكر في كتابه «المسلك المحمود في معرفة الردود» صور اكثيرة في الخلاف بين المذاهب الأربعة » ونماذج في العنف الذي كان يحصل بين أتباع مذهب ومذهب آخر » وقد رأيت أن أعرش منه صورا موجزة . الكتاب الثالث : المسلك المحمود في معرفة الردود لسعيد بن تعاريت الجربي طبعة 1 هه . أولا : إليك أمثلة في العنف الذي كان يجري بين أصحاب المذاهب الأربعة ملخصا من الكتاب السابق ايتداء من ص95 قما بعد : -494 - _ قال ابو الفرج بن الخطيب الحنبلي : المنتسبون في زماتنا (القرن الثامن الهجري) إلى أهل السنة والجماعة من أتباع الأئمة الأربعة ثلاث طوائف › أشعرية ٠ وماتريدية وأثرية ء فجمهور المالكية وأكثر الشافعية أشعرية ء وغالب الحنفية ماتريدية . جمهور الحنابلة أثرية . 2 قال الصلاح الصفدي : غالب الشافعية أشاعرة ٠ والغالب في الحنفية معتزلة ٠ والغالب في المالكية قدرية والفالب في الحنابلة حشوية . انظر شرح لامية العجم . 3 ذكر الصفدي أن العلامة الماوردي الذي يحسبه الناس من أكابر الشافعية من فضلاء المعتزلة . 4 قال الصندي أيضا: وأصحاب الرأي والتأويل الذين مني أبو حنيفة وأصحاب الأشعري هم ضد أصحاب الظاهر كالحنابلة وأتباع داود بن على . 5 ذكر ميرغياث : أن الإمام أحمد من الحشوية . 6 ذكر السعد والراغب أن الإمام أيا حنيفة من المرجئة . 7 قال ابن حبيب المالكي : في شرح غريب كتاب الجامع فى حديث مالك وقد سئل عن الداء العضال ء قال أخبرنا مظرف نهم سألا مالكا عن الداء العضال فقال : هو أبو حنيفة وأصحابه . وذلك أنه ضلل الاس بوجهين : الإرجاء » ونقض السنن بالرأي فهو عندنا ءأشأم مولود في الإسلام . ضل به خلق كثير.. 8 - قال ابن حبيب : وقد کان من رأي الزائ عن الحق أبي حنيفة وأصحابه 4 فقتل المسلم بالكافر المعاهد . 9 قال الفزالي : كل فرقة تكفر مخالفتها فتنسبها إلى تكذيب الرسول عليه "للام . فالحتبلي يكفر الأشعري 4 زاعما ُن كذب - 495- الرسول عليه السلام في إثبات الفوق لله تعالى ء وفي الاستواء على العرش » والأشعري يكفره زاعما أنه شبه كذب الرسول عليه السلام في أنه تعالی «لیس کمثله شيئ 0- ذكر ابن الشحنة أن الحتابلة حكموا بكفران الأشعري وياباحة دمه ء وطس قبره خوفا عليه من أن ينبشوه وكذلك الحنفية خطاوا الأشعري - 1- قال القاضي عياض بتكفير الإمام الغزالي › وذلك أنه ذكر قول الجاحظ وتمامة ثم قال : وقد نحا الغزالي قريبا من هذا المنحى في كتابه التفرقة › وقائل هذا كله كافر . 2 - قال الشيخ عليش عن الفخر الرازي : ولقد استرقوه في بعض العقائد فخرج فيه إلى قريب من شنيع أهوائهم (اي الفلاسفة) ولذا حدر شيوخ من انر في كتير من تاليفه . كتب اين الحداد كتابا في الرد على الشافعي ٠ وكان ء الا في ابي حليفه . 4 قال :ما راد يت كأهل مصر 4 اتخذوا الجهل علما » لأنهم سألوا مالكا عن مسائل فقال لهم ما أعلمها . نهم لا يقبلونها ممن يعلمها لأن مالكا قال لا أعلمها . 5 قال صاحب الفتاوى الخافية : إذا قال شافعى المذعب :إلهي ما عرفناك حق معرفتك » أو يقول :أنا مؤمن إن شاء الله تعالى » أويقول العمل في الإيمان » أو يقول الإيسان يزيد وينقص لا تجزئ الصلاة خلفه 6 قل أبو الي : اقتداء الحنفي بالشافمي غير جائز . في أنه تعالى «لیس کمثله شیئ » 17 ذرك صاحب المبسوط أن الصلاة ة خلف الشأفعي غير جائزة اذاکان متعصبا في مدهبه . - 496 ۔ قال عمر ب بن الفضل : من قال : الإيمان مخلوق لا تجوز الصلاة خلفه وأخرج الإمام البخاري من بخارى بسبب هذه المسألة . 9 نقل الشيخ علي القارئ أنه لا يصح اقتداء الشافعي بالحنفي ولوحافظ على جميع الواجبات . 0 - عرض ابن المماء بالمالكية فاعتبرهم في قم الجهل المركب حيث قال : وجهل من عارض مجتهدة الكشّاب كحل متروك التسمية عمدا › والقضاء بشاهد ويمين مع ولا تاكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه «إفإن لم يكونا رجلين فرجل وأمر تان والنسة المشهورة كالقضاء المشهور مع (واليمين على من أنكر) والتحليل بلا وطء مع حديث العسيلة › فلا ينفذ القضاء في شيء منها . 71 قال احمد أبن تيمية ‎ :‏ وقد وقع بينه وبين علماء المالكية والشافعية خلاف في أوائل الهجري - بسبب إشهاره لمذهبه حتى قبض عليه في ليلة عيد الفطر ووضع في جب ثم عقد له مجلس تأديب حضره جماعة من القضاة والامراء والعلماء . فادعى عليه القاضي ابن عدلان دعوی شرعية في شان عقيدته » فقيل له أجب عن الدعوى » فقال الدعوی عند من ! فقيل عند القاضي المالكي فلان . فقال : هو عدوي وعدو مذهبي . 2 قال القاضي :وكان الظهور في دولة بني عبيد بافريقيا لمذهب الكوفيين لموافقتهم إياهم في مسألة التفضيل . فكان فيهم القضاء والرئاسة »وتشرف قوم منهم ميلا لمسايرتهم (1) وفي عهده انمك .. القضية فجرت على مخالفيه المحن وقتلوا و في الشواع حتى سالت بدمائهم ومنعوا من الصلاة في الم جد وحرم عليهم التعلم والتعليم فيها واصطيادا لدنياهم . وأخرجوا أضغانهم عن المدنيين فجرت على المالكية في تلك المدة محن . 3 تقل عن أبي طالب المكي : أن مالكا كان أبعد الناس عن مذاهب المتكلمين › وأشدهم بغضا للعراقيين 4 - ذكر الشعرانى أن الوليد بن مسلم قال : قال لي مالك : أيذكر أبو حنيفة عندكم ٠ قلت :نعم ءفقال ما ينبغي لبلادكم 5 - شدد القاضى عياض النكير على أبى حنيفة وقدح في مدهبه ومذدهب الشافعي وأحمد وأطنب فی ذلك غاية الأطناب › وذكر المؤلف نماذج كثيرة مما ينتقده القاضي عياض على المذاهب لا سيما الحنفية . ولعل القصة الثانية تمثل صورة مضحكة في الخصومات العنيفة مما كان يقع بين أتباع المذاهب فقد نقل التعاريتي عن كتاب الحيوان القصة التالية : أن السلطان محمود بن سبكتكين كان حلفي المذهب . وكان مولعا بعلم الحديث . وكان يسمع عند إمام الحرمين الحديث ويسأل عن معناه ءفيجد أكثره موافقا لمذهب الشافعي ٠ فجمع فقهاء المذهبين والتمس منهما الكلام في ترجيح احد المذهبين فوقع الإتفاق على أن يصلي بين يديه ركعتان على مذهب الشافعي ثم على مذهب الإمام أبي حينفة ٠ والسلطان ينظر ل ذلك ويختار الأحسن فصلى القفال المزوري بطهارة سابفة . شرائط معتبرة من الطهارة والسترة واستقبسال القبلة ٠ وأتى ‎J‏ ركان والهيئات والسنن والألفاظ والاداب على وجه الكمال ٠ وكانت صلاة لا يجوز الشافعي دونها . ثم صلى ركعتين على ما يجوز أبو حنيفة فلبس جلد كلب مدبوغا . ولطخ بعضه بالنجاسة .. وتوضاً بنبيذ التمر . وكان ذلك في صيم الصيف فاجتمع عليه -498 - الذباب والبعوض ٠ وكان وضوؤه منكسا منعكسا › ثم استقبل القبلة وأحرم للصلاة من غير نية في الوضوء » وكبر بالفارسية وقراً بها . ثم نقر كنقرات الديك من غير فصل بينها ومن غير طمأنينة وتشهد وضرط في آخرهما وخرج من غير نية السلام » وقال أيها السلطان ! عذه صلاة ا حنيفة . هذا وقد أورد صورا كثيرة في الخلاف في العقائد (أصول الدين) بين أصحاب المذاهب الأربعة نستخلص منها الصور الاتية » وسوف نذكر ما يقوله الإباضية فيها » ومنها يتضح للقارئ الكريم ن لتقارب بين الإباضية - في هذه السائل وهي أُصول وبيين الاشعرية ‏ اشد كثيرا من االتقارب بين الاشعرية والماتريدية وأشد كثيرا أيضا من التقارب بين الإباضية والمعتزلة وإلى القارئ الكريم هذه الصور : 1 يقول الأشعري أن الصفات الذاتية زائدة على الذات وخالفه في القدم والبقاء ‏ الحنفية والباقلاني وإمام الحرمين والفخر ›ء قائلين إنها ليست زائدة على الذات ء والإباضية يقولون في جميع الصفات الذاتية بما يقوله الحنفية والباقلاني وإمام الحرمين في القدم والبقاء . 2 يقول الأشاعرة بجواز تخلف الوعيد › وخالفهم الحنفية فقالوا كما لا يجوز خلف الوعد كذلك لا يجوز خلف الوعيد وبهذا القول يقول الإباضية . 3 يقول الأشاعرة والماتريدية أيضا بأن عصاة المسلمين لا يخلدون في النارء وخالفهم الإمام الغزالي فقال به والإباضية يقولون به . - 499 - 4 خالف القاضي ابن العربي والرازي » جمهور الأشاعرة فقالا في الأفعال بالجبر » وذهب إمام الحرمين مذهب المعتزلة والإباضية في هذا يقولون بما يقول به الاشاعرة . 5 يقول الأشعري أن لكلامه تعالى تعلقا أزليا ءوخالفه عبد الله بن سعيد وطائفة من متقدمى الأشعرية فيها قائلين : ليس لكلامه تعالى تعلقا أزليا ویری الإباضية(1) أن الكلام من حيث هو صفة كمال فهو صفة ذات كالعلم والقدرة . 6 يرى الأشاعرة أن الإيمان بالله تعالى واجب شرا واختلف الشافعية في ذلك على قولين » وذهب أبو منصور الماتريدي إلى أنه واجب عقلا ويتفق الإباضية مع الأشاعرة في هذه المقالة . (1) يقول الإمام بيوض إ[براهيم بن عم ما يلي : «إن مذهب الإباضية وأمامهم جابر بن زيد أن صفة الكلام ذاتية كالحياة والعلم والسمع والبصر وهي عينية لا غيرية أي ليست صفة زائدة عن الذات فهي بذلك قديمة قدم الذات فالله تبارك وتعالى لم يزل حیا علیما قدیرا ممیما بصیرا متکلماء . وبعد شرح وتفصيل قال : «وأنت خبير أن هذا في الكلام النضي الذاتي إذ يجب وصف الله تبارك وتعالى بأنه متكلم فكلامه بمعنى صفة التكلم فيه قديم ولا شك فيه » ولا يجوز القول بخلافه » وأما تكليمه ووضعه للناس كل يقرأ ويكتب ٠ تحوية الصحف وتحفظه الصدور ويتصف بصفات أخرى لا يمكن أن يتصف بها الكلام الذاتي فأمر كلام » وشيء آخر لا يخفي الفرق بينه وبين الكلام الذي هو صفة من صفات الذات العليةء . انتهى المقصود منه . وقال التماريتي في المسلك المحمود ص 152 ما يلي : «وعندنا معشر الإباضية الوهبية أن كلام الله تعالى له معنيان : الأول أنه صفه ذاتية كالعلم والقدرة . منافية للافة مثل الخرس . الثاني : أنه صفة فعلية بمعنى خلق الكلام حيث شاء فمعنى كونه متكلما على الأول ليس بأخرس وعلى الثاني خالق الكلام . انتهى المقصود منه . - 500 - 7 يرى عامة الأشعرية أن الإيمان مخلوق وذهب جمهور الحنفية إلى أنه غير مخلوق ويتفق الإباضية مع الأشاعرة في هذه المقالة . 8 يرى الأشعرية أن الحسن ما حسنه الشرع › والقبيح ما به ء ويذهب الحنية إلى أن للمقل دخلا في التحسين والتقبيح › أي أ في الحكم بالحسن أو القبح على بعض الأشياء ويتفق الإباضية مع الأشعرية في هذه المقالة . 9 يرى الأشاعرة أن الإيمان يزيد وينقص ويرى الحنفية وإمام الحرمين أنه لا يزيد ولا ينقص ويتفق الإباضية مع الأشاعرة في هذه المقالة . - يرى الحنفية أن القدرة تصلح للضدين ٠ ويرى الأشعري ومن تابعه أن لكل واحد من الضدين قدرة على حدة ء ويتفق الإباضية مع الأشعري في هذا أيضاء هذه أمثلة قليلة جدا من الخلافات والخصومات الواقعة بين علماء المذاهب التي يطلق عا لفظ أهل السنة » وهي خلافات في الأصول والفروع كما ریت وقد بلفت الخصومة بين بعضهم احيانا الى التفكير والتفسيق والحكم بالزيغ والجهل المركب والضلال والإضلال » مشل ما يقع بين أصحاب كل مذهب ومخالفيهم من المذاهب الأخرى . ومن حيث حجم الخلاف فلا أحسب أن ما بين أصحاب المذاهب الأربعة في أنفسها أقل مما بينها وبين غيرها » وأحسب أنه لو قام إنسان فقارن بين الإباضية والأشعرية مثلا - في الأصول ‏ لوجدهما أكثر تقاربا واتفاقا من الأشعرية والماتريدية . ولو قارن بين الماتريدية والمعتزلة لربما وجدهما أشد تقاربا من المعتزلة والشيعة . - 501 - أما حتى شدة النقاش وعنف الصراع حتى يبلغ النقاش إلى إلقاء الكلمة الجارحة والاتهام في العقيدة والدين حينا والتكفير التي ستا ى ققد ست بك له . وعد المطالعة بطر لك الكثير جدا » وإذا شئت إن تأخذ نماذج سريعة لهذا الموضوع فعليك بكتب القاضي عياض وابن حزم واين تيمية وأضرايهم › فن ألسنة هؤلاء الحادة قلما يسلم منها إمام أو عالم خالفهم في أصل أو فرع ءوفي كل فرقة علماء وضعوا أنفسهم موضع الدفاع عن ار آراء وعقائد الفرقة يبررون كل مأ عندهم ويدفعون في صدور الأخرين بکل ما يملکون . والقصد من هذا كله أن الخصومة العنيفة والجدال القوي ء والشدة فى مناقشة المخالف أمور واضحة بين كبار العلماء والأئمة › فلم يكن هناك تكتل من مذاهب على مذهب ولم تكن هناك معسكرات دينية تتحالف على معسكر . وإنما كان كل أصحاب مذهب يعملون على الاحتجاج لصحة مذهبهم بما تاح لهم من وسائل » » فإذا علموا أن مذهبا آخر یوافقهہ في ري أو عقيدة تقووا به واعتبروه مقتبسا منهم › ولب ما يحصل الشغب يحصل بين أصحاب المذاهب المتساكنة ُو المتجاورة . ولذلك فقد يثور النقاش الشديد بين الحنفية ُو الشافعية أو بين أحدهما والحنابلة أو بين أحدها وإحدى فرق الشيعة » وأكثر ما تكون هذه الصور في الشرق الإسلامي كالعراق وإيرانٴ وربما سوريا › وقد كانت المعارك في المغرب الإسلامي في العهود العثمانية حامية الوطيس بين الحنفية والمالكية . أو بين المالكية والإباضية » وذلك بسبب ما يثور بين أتباعها المتساكنين او المتجاورين . -502- ومن هذا يتضح أن اعتبار أهل السنة على مذهب واحد يجري بين أتباعه جميعا الوفاق والانسجام دعوى باطلة » هذا بالنظر إلى العهود السابقة . ودعوى إن فرق أهل السنة كتلة واحدة تجتمع بقية المذاهب والفرق على خصومتهم دعوى أشد إيغالا في البطلان › فان فرقة من الفرق الإسلامية سواء ما أشير إليه بأهل السنة أو غيرها كانت لها مصاولات ومحاولات مع من يحتك بهامن الفرق الأخرى ولا شك أن الأشخاص الذين يتولون القيام بتلك المصاولات يختلفون من مكان إلى‌آخر ومن زمان إلى زمان » فلقد يكون الشخص الذي تلتف حوله فرقة ما في زمان ما في مكان ما من كبار علماء الإسلام واسع الأفق فسيح النظرة يعتبر المسلمين كلهم بمختلف مذاهبهم واحدة فيحاول ُن يجمع الكلمة ءويسلم الصف ويرفق بالمخالف حتي يعيش الجمع بسلام » وقد يكون الشخص الذي تلتف حوله فرقة ما في زمان ما في مكان ما من المتعصبين السطحيين ضيق الأفق جامد النظرة محدود المعرفة فيكفر غيره وينابذ مخالفيه وقد يستعدي السلطة فتساعده أو تخذله . وقد استخدمت السلطة أخذا برأي بعض هؤلاء في. تغليب بعض المذاهب على بعض في حوادث مؤسفة تركت ردود فعل مؤلمة بقيت آثارها واضحة في المجتمع الإسلامي أزمنة طويلة . وفي هذا العص بدا التقارب واضحا بين أصحاب المذاهب الأربعة ء وبدأت كلمة أهل السنة تحتل مكانها بدل المذاهب الأربعة أو الأشعرية أو غيرها . وبدأت تختفي تلك المصاولات التي ذكرنا أمثلة لها ء أتباع كل مذخب ينظرون ال أتباع المذهب الآخر نظرة عاد - 503 - أخوية لا تحمل آثار خصومة ولا دواقع صراع » بل أصبحوا مقتنعين أن غيرهم أيضا من أهل السنة . وفي نصف هذا القرن الأخير بدأت الألفة تسري بين جميع المذاهب . وربما كانت هذه هي الخطوة الأولى للتقريب بين وجهات نظر الأمة الإسلامية وإعتبار أن آراء المجتهدين والأئمة هي آراء فردية تحتمل الخطاً والصواب ء وأنه يجب أن ينظر إليهم بأنهم علماء اجتهدوا فقالوا وأن غيرهم أيضا اجتهد فقال . والحقيقة أنه كانت كل فرقة تحاول أن تقف وحدها في الميدان ثم اجتمعت أربع فرق تحت اسم أهل السنة واختفت الأنانية تي كانت تنم با كل فرقة ثم بدا لاتا ق اربع أخرى » وأصبحت تنسجم تدريجيا مع الفرق الأربع الأولى » وربما يأتي يوم ليس ببعيد تندرج فيه الفرق الثمانية تحت لفظ أهل السنة » ويرشح غيرها حتى تضم هذه التسمية جمييع فرق المسلمين › أو تختفي حتى هذه التسمية ولايبقى إلا الاسم الذي اختاره الله لهذه الأمة » بعد هذا كله أحب أن أقول لأخي الدكتور أحمد صبحي إن التشابه والتقارب بين آراء بعض الفرق وبعض ليس مرجعه إلى عداوة أو إلى‌صداقة » وأن العداوة بمعنى شدة النقاش والعنف فيه › والحماس في الجدل › والدفع القوي موجود بين جميع الأطراف عندما يقع الاحتكاك وحتى بين علماء المذهب الواحد . أما المداوة بمعناها اللغوي فلا وجود لها بين فرق المسلمين - وإن جرت على الألسنة أحيانا ‏ إلا حين تستغلها السياسة وتجند لها الجامدين المنفلقين. من أدعياء العلم والدين . النقطة الثانية : اعتبار الأشاعرة ممثلين لمذهب الخلف من أهل السنة أو جعلهم حملة لهذا المذهب نفسه دعوى تحتاج إلى نظر . أخى الدكتور إنك قسمت المسلمين إلى معسكرين يصطف في أحدهما المعتزلة والشيعة والخوارج . ويصطف في الجانب المقابل الأشاعرة الذين اعتبرتهم مذهب الخلف من ُهل السنة » دون أي تفصيل أو تعريف لأهل السنة › واحسب أن هذا لا يستقيم لان فرقا كثيرة تحسب نفسها من أهل السنة » وقد يحسبها غيرها كذلك ولكنها غير مستعدة ُن تنضوي تحت لواء الاشعري › و إذا أردنا أن نضع صورة لأهل السنة على التعميم فإن في إمكاننا أن نعتبر الأشاعرة يقفون موقفا وسطا » ولكن هناك جناحين لهل السنة لا ينطبق عليها موقف الأشاعرة » هما الجناح الأول هو المجموعات التى تعتبر نفسها من أهل السنة ولا ينكر الأشاعرة عليهم ذلك ومع ذلك فهي محافظة إلى حد التزمت بالنص الحرفي ءفلا يقبل تأويل الآيات الوهمية للتشبيه » ويدخل تحت هذا الجناح كل من الظاهرية › والحنابلة . وأتباع اين تيمية › الذي يعتبر إصلاحا أو تطويرا للمذهب الحنبلي ءوقد أطلق بعض العلماء على أصحاب هذا الجناح اسم الأثرية » وقد يقف تحت هذا الجناح بعض المالكية أو الشافعية . فالأثرية ‏ إذا أبحنا لأنفسنا استعمال هذه الكلمة بصورة أعم لدل على المحافظين في جميع المذاهب الذين لايلتجبُون إلى التأويل - يعتبرون أنفسهم من أهل السنة ولكنهم ليسوا أشاعرةء بل هم يسخطون على الأشاعرة . الجناح الثاني هو الجناح الذي تخطى حدود الأشاعرة وقارب في منهجه منهج المعتزلة ء وقال بكثير من أقوالهم » هذا الجناح - 505 - الذي يعتبر غير ملتزم باراء الأشعري والذي يتزعمه بو منصور الماتريدي »هو ما يعرف في كتب علم الكلام الماتريدية › وأكثر الحنفية على ذلك وريما قال ببعض أقواله بعض العلماء من المذاهب الأخرى والماتريدية يحسبون أنفسهم. من أهل السنة › بل.من أوائل أهل السنة ء ولكتهم لا يعرفون أبدا بأن الأشعرية يحملون آراءهم . إذا فالحنابلة سلفهم وخلفهم › والحنفية سلفهم وخلفهم والظاهرية سلفهم وخلفهم ليسوا في الأشعرية أو هم على الاقل - يرون أنهم ليسوا من الاشعرية . فكيف يصح أن نفسر الأشاعرة بأنهم مذهب الخلف من أهل السنة » ومن أهل السنة الحنفية والحنابلة وإلظاهرية »وهم جميعا ليسوا أشعرية كما أوضحنا من قبل » لأن بعضهم أثرية وبعضهم ماتريدية ءوالأثرية لا يقو ن بالتأويل كما تقول الأشاعرة › والماتريدية يميلون.في أغلب الأحوال إلى آراء المعتزلة بل هم في الجملة إلى المعتزلة أقرب وإن لم يعترفوا بذلك . النقطة الثالثة : | سيادة مذهب الخلف.من أهل السنة على جمهرة المسلمين وعلى دار الخلافة منذ أوائل القرن الرايع . أخي الدكتور إن تحديدك لأواخر القرن الرابع .كبداية لسيادةمذهب أهل السنة على المسلمين » وعلى دار الخلاقة وكمبدإ للصراح بينه وبين المعسكرات الأخرى » مما يوحي أن الدافع على الصراع إنما كان من أجل السيادة على الخلافة وعلى الجمهرة , لا يتقي بل إن هذا التحديد لزني ققد يدل على عكس ما تحت . وذلك ك أن الصراع بين المذاهب منذ ذلك التاريخ تقريبا 1 یفتر وبدأت المعسركات إن صح هذا التعبير الذي أستعملناه بكثرة في هذا الفصل - تعود إلى نوع من الهدوء والاستقرار وثبات - 506 - كل على ما هو عليه ءوأصبحت مبادئ كل معسكر واضحة وثابتة هذا بالنظر العام - وبالنظر إلى واقع المعسكرات فان مبادئ الخوارج وأراء المعتزلة قد تقررت بصورة لا تحتاج لى المزيد . ومبادئ الخوارج قد ذكرتها كتب غيرهم بإجمال وتفصيل ٠ وربما بتحريف وتشويه ٠ أما المعتزلة فقد قرروا عقائدهم وآراءهم في كتبهم بأنفسهم وبوضوح وعناية وكذلك الشيعة رأهل السنة والإباضية . هذا من حيث الآراء والعقائد أما من حيث النشاط والتركة : فإن أعظم الكتلتين أثرا على الخصومة وأعنقهما فيها موقفا ‏ وهما الخوارج والمعتزلة » حسب التسمية التى اعتادتها كتب التاريخ والمقالات - كانتا قد انقرضتا أو هما على وشك الانقراض » وفي حالة لا تقوى على خصومة › ولا تدعو إلى تكتل › فالخوارج لم يبق منهم أحد إلى ذلك الحين › فقد اختفوا في الميدان السياسي والعسكري ومنذ اختفائهم من هذين الميدانين اختفت آثارهم الله إلا ما حفظته كتب خصومهم في مقام التشنيع أو مقام النقد والرد . وكذلك كان المعتزلة في أواخر القرن الرابع في حالة همود واتقراض ءواختفت صولتهم في ميادين الحركة ءولم يبق منهم إلا الثروة العلمية التي سجلوها بأيديهم » أو الاسلوب الجدلي الذي اقتبسه منهم غيرهم واستعمله في الرد عليهم » أما الإباضية فقد قرروا الانصراف عن الخصومات بمختلف أنواعها » فاعتزلوا الحركة السياسية والعسكرية اعتزالا كاملا ولم يلجأوا الى الجدل والخصومة الا في مواطن الدفاع والرد . فلا ساس : مطلقا لدعوى التعاون المزعوم بين تلك الفرق الثلاث أمحاصمة هل السنة كما تظن يا أخي الدكتور وكما يحاول المستشرفون أن يصوروا . -507- أما سيادة المذاهب على دار الخلافة في تلك الفترة » فن الخلافة العباسية في ذلك الحين كانت اسما على غير مسمى › وكانت توزع نصف العالم الإسلامي دويلات صغيرة › بعضها يحمل شعارات الدولة العباسية دون أن يخضع لها ء والبعض الآخر كان لا يعترف بها وبفيرها » أما النصف الثاني من العالم الإسلامي فقد كان خاضعا للدولة الفاطمية وهي الأخرى كانت عند ذلك الحين قد بدأت في الاتحدار . ثم توزع العالم الإسلامي دويلات لا تجسر إحداها أن تدعى الخلافة الإسلامية حتى قامت الدولة العثمانية ء وإذا رجعنا إلى دول الخلافة الثلاث الكبرى التي حكمت العالم الإسلامي ء نجد أن الدولة الأموية قد حكمت قبل أن تتكون المذاهب ء ونجد الدولة العباسية كان الحكم فيها في أيام ازدهارها وحلفاؤها معتزلة ثم صاروا فيما بعد يتناوبون : أشعرية ومعتزلة . اما الدولة العثمانية فقد كانت السيادة فيها للمذهب الحنفي طوال مدة حكمها . وبعد الدولة العثمانية أصبحت في كل قطر إسلامي دولة أو دويلة يسود عليها أو يوجهها مذهب ما ء بعضها مالكي كالمغرب وبعضها حنبلي كالسعودية › وبعضها إباضي كعمان وبعضها شيعي كإيران › وبعضها زيدي كاليمن على أن هذه السيادة سيادة أغلبية سكان › وليست سيادة عمل بقانون › لأن أغلب هذه الدول إما أنها تعمل بقوانين وضعية أو قوانين شبه وضعية ء أعني أنها ليس فيها من تلتزم أحكام الإسلام لا على المستوى الإسلامي ولا على المستوى المذهبي . النقطة الرابعة : محاولة إيجاد تفسير للتشابه والتقارب بين المذاهب . يدو لي ُن موقف المستشرقين ومن سار على منوالهم 4 و ريما سبقهم في البحث عن أسباب التشابه والتقارب بين عقائد - 508 - المذاهب وراء الفرق فيه شيئ من الغرابة » أو من عكس الطبيعة › ذلك أن جميع المذاهب الإسلامية منبثقة من أصل واحد هو الإسلام بمصادره التشريعية المختلفة وكان المنطق يقتضي أن تكون هذه المذاهب واحدة أو متحدة › لأنه هو الأصل فإذا حدث خلاف بين بعضها » بحث عن أسباب الخلاف › ولكن القضية عند بعض المفكرين وأغلب المستشرقين أخذت منحى آخر› والقارئ الكريم يرى في الملاحظة السابقة كيف ُن صاحبها محتار فيما يبرر به وجود التشابه بين آراء الشيعة (لا سيما الزيدية والاثني عشر) والخوارج والمعتزلة .| الحقيقة أن الذي يجب أن نبحث عن مبرراته إنما هو اختلاف الآراء والأصول بين مذهب وآخر وطائفة وأخرى » لا التشابه والتقارب › وذلك لان مصدرها واحد » وهي جمیعا تزعم أنها تعود إلى ذلك المصدر› فالاختلاف حادث يبحث عن سببه والدوافع إليه » وليس من الحقيقة في شيء أن نعكس المنطق فنجعل التباعد والتباين بين المذاهب › والفرق هو الأصل . فإذا رأينا تشابها أو تقاربا بين بعضها بحثنا عن السبب والمبرر كما يقول صاحب الملاحظة . ولعل المستشرقين هم الذين ركزوا هذه النظرة واعتبروا الخلاف والخصومة بين المذاهب هي الأصل › فإذا وجدوا تشابها واتحادا بحثوا غن الأسباب 0 افتملوا له المبررات وعلى كل حال والأصل في المذاهب أنها تستقي من مصدر واحد وترجع إلى أصل واحد » والطبيعة فيها أن تكون متشابهة متقاربة فإذا تباعدت كان ذلك على غير الأصل وبحث عن أسبابه ومبرراته ولا يخرچ غالبا عن أصابع السياسة في القديم وعن أصابع الاستعمار في الحديث ء وعن أصابع اليهودية والمسيحية في المدىالطويل › ثم عن الجهود المخلصةالتي يبذلها الجنود المخلصون للاستعمار - 509 - والمسيحية » وهم المستشرقون في العصور الحديثة . . وقبل أن أختم هذا الفصل الذي طال أکٹر مما ينبفي له أحب أن أوضح ‏ ياأخي الدكتور النقطتين الأتيتين ولا : ضياغتك للكلام في الملاحظة السابقة تشعر انك تقرر أن تأثر كل من الأدارسة والإباضية بالمعتزلة حقيقة مؤكدة لا تحتاج إلى تقاش ء وإنما موضوع النقاش هو هل الأدارسة والإباضية قد انحدروا عن المعتزلة › وعندما رجحت عدم اتضدارهما منهم ذهبت تعلل التأثر والتأثير بفرضية أخرى هي أغرب من الأولى » وهذه الفرضية هي اعتبارك أن المعتزلة معسكر وأن الشيعة والخوارج معسكر وء ون هذين المعسكرين قد تحهالفوا على محاربة المعسكر الأقوى الذي يسود على جمهرة المسلمين وعلى دار الخلافة » ويلاحظ أنك في مبدإ الملاحظة جمعت بين الأدارسة والإباضية » ولكنك فيما بعد سقت جميع الشيعة وجميع الخوارج ليكونوا معا معسكرا يتحالف مع معسكر المعتزلة حتى يبدا النزال بينهم وبين المعسكر الثالث ‏ معسكر أهل السنة - وهذا الكلام قد يفيد في إسكات مجموعة من الطلبة المشاغبين الأذكياء فيتخلص المحاضر من مضايقاتهم ءولکنه بعيد جدا عن واف حياة المذاهب الإسلامية ولا داعي إلى تحليله لتبرير أو تصحيح رأي مستشرق . ثانيا : في موضوع التأثر والتأثير بين المذاهب كنت أرجو لو أثنا تركنا آراء المستشرقين جانبا ءوأجرينا مقارنات حقيقية لمعرفة التقارب والتباعد بين الفرق بعضها البعض ء لاباعتبارها معسكرات ضخمة تستعد وتكون الاحلاف للصراع ؛ ولکن باعتبارها فرقا ترجع جميعا إلى .أصول تشريعية هي كلها متفقة عليها ءفترى مثلا -510- ما يتفق فيه الإباضية أو يختلفون مع كل فرقة من المعتزلة ومع المالكية ومع الشافعية ومع الحنابلة ومع كل فرقة من فرق الخوارج وغيرها وكذلك نفعل مع كل فرقة من الفرق المذكورة سابقا » بشرط أن يكون اعتماد المقارنة على مراجع الفرق نفسها . نا على يقين لو أن الدكتور أحمد صبحي أجرى هذه المقارنة بهذا الأسلوب لتفيرت آراؤه في كثير من النظريات وعن كثير من الفرق . ولوجد مثلا أنْ تأثر أهل السنة ‏ أو مذهب الخلف من أهل السنة ‏ كما يحلو له أن يقول قد تأثر تأثرا واضحا بالمعتزلة أكثر بكثير مما تأثر به الإباضية إذا ساغ لتا أن نعتبر المعتزلة دائما هم مصدر التأثير قرب ما يقال في هذا الصدد . إن إمامي. أهل السنة أو الخلف من أهل السنة ء وهما أبو الحسن الأشعري وأبو متصور الماتريدي قد غيرا موقف أهل السنة تغييرا مفاجئا » فلا شك أن ايا الحسن درس في مدارس المعتزلة وتثقف بثقافتهم واصطبغ فكره بعقليتهم » وفي شبه حالة مفاجئة اختفى عن الأنظار أياما ثم ظهر فأعلن في شبه حركة مسرحية أنه لم يعد منهم وتزعم فريق أهل السنة لكن بالقوة التي تفقه بها المعتزلة › وهي استعمال الجدل واستخدام المنطق . ولم يستطع أبو الحسن في الواقع أن يتخلص من كل الفكر الذي تكون لديه وهو يلتهم الثقافة بعقلية المعتزلة » وأقل ما يقال في تأثره بأساتذته وتقله لذلك التأثر إلى مذهبه الجديد هو فكرة التي لم تكن مقبولة عشدهم أيدا › وبها تطور مذهب أهل السنة إلى ما يىمى «مذهب الخلف من اهل السنةء وهي الوثبة التي وثبها أبو الحسن الأشمري ببعض أهل السنة إلى المعتزلة » حتى اتخذوا لهم اسما جديدا هو الأشعرية ء أما أبو منصور الماتريدي الذي يكاد تأثره بالمعتزلة يجعله صاحب فرقة -511- من المعتزلة » وآراؤه في مسائل الاعتقاد أكثر قرنا وأشد ارتباطا بالمعتزلة » ولعل أصدق ما يقال فيه من هذا الموضوع إنه حلقة وسطى أو حلقة اتصال بين المعتزلة والأشاعرة ويبدو لي من القراءات السريعة أن الخلاف بين الماتريدية والأشاعرة في الأصول هو أكثر بكثير من الخلاف بين الإباضية والأشاعرة . وألذي يجب أن ن يقال في هنا الصدد هو أن بعد عن أثقسنا اعتبار مذاهب أهل السنة معسكرا يختص جمهور الأمة ودور الخلافة ء ونه يصارع معسكر المعتزلة الذي تحالف مع الشيعة والخوارج حتى ترك طابعه فيها . إن هذه الصورة؛ صورة خيالية لا ظل لها في الواقع › وقد أثبتنا وجود الصراع بين كل الفرق - وهي تبحث عن الحق والصواب واليقين في عقائدها وآرائها وسلوكها - وأوردنا أمثلة للخلاف الشديد داخل كل معسكر من المعسكرات السابقة ‏ إن جاز هذا التعبير - ولا شك أن كلا من الفرق الإسلامية مؤثر ومتأثر بغيره - ولا قيمة لاعتناق أية دولة - غير ملتزمة بالإسلام وأحكامه ‏ لأي مذهب بما فيها دول الخلافة الثلاث (1) التي أشرنا إليها فيما سبق . ولا يريد أي مذهب احتضان السلطة له أو فرضها له على الناس مرتبة ‎ ›‏ في الصحة أو القرب من الصواب - زائدة على غيره » وكلما تبنت دولة من هذا النوع مذهبا بادر فقهاؤه الجامدون إلى استغلال السلطة في الكيد لغيره من المذاهب ومحاربتها » فتنمكس القضية وتستفل السلطة أولفك الفقهاء فتقربهم إليها وتجعلهم السنة للدين في الدولة » ووسيلة لتخدير الجماهير ء وأداة لإخضاع الناس وحملهم على السمصع والطاعة . ومبررا لاستحلال الإرهاب والقسوة والتنكيل . (1) وهي الأعوية والعباسية والعثمانية ويضاف لها الفاطمية . -512- ويبدو لي لو أن لجنة من علماء الأمة حاولت أن تضع موسوعة في علوم الشريعة على أساس المواد العلمية ‏ أصولا وفروعا - مادة مادة كالسملة عند قراءة الفاتحة ورفع الايدي عند التكبير في الصلاة . وكالحكم على مرتكب الكبيرة وصدق الوعد وتخلف الوعيد » ثم عرضت أقوال العلماء في كل مادة منها باعتبارهم أفرادا من علماء ء الأمة » ولم تراع المذاهب التي ينسبون إليها › لالتقت جميع المذاهب على أغلب المقالات التي تقال في كل مادة › أي انه لو جد علساء من کل معب في کل ماده يقولون بما يقول به مخالفوهم أو يرجحون غير المعمول به في مذاهبهم › ولو تم ذلك لظهر التقاء كل المذاهب الإسلامية على أغلب ما اختلفوا يه وما من رأي في مذحب إلا ويوجد من يقول به أو يرجحه من العلماء المستقلين في المذاهب الأخرى التقاء الخوارج والمعتزلة قال الدكتور صبحي في ملاحظاته على هذا الكتاب : «سع الاختلاف بين رأي الخوارج والمعتزلة بصدد فاعلي الكبيرة » فإن الفريقين يلتقيان في اعتباره مخلدا في التسار ء وكتاب الفرق يعتبرون أن المعتزلة هذه المرة هم الذين تأثروا بالخوارج . وقد شنع هؤلاء الكتاب على المعتزلة في ذلك ء وأطلقوا عليهم تسمية سخيفة (مخانيث الخوارج) بسبب هذا وظاهر. بصدد هذه المسألة. بالذات ‏ فاعل الكبيرة ‏ أن رأي الخوارج كان أول الآراء ظهورا .» أخي الدكتور إن الحكم بأن بعض الفرق أخذ من الفرق ر حکم لا مبرر له ولا سند . ولا شك أن الفرق الإسلامية ثرة بعضها ببعض » قد تأخذ وقد تقتبس ولكنه مع ذلك يصح 33 -513- لأي فرقة أن تكون أخذت من نفس المصدر الذي أخذ منه غيرها ء ضرورة أن مصادر الشريعة الإسلامية متاحة للجميع بقدر متساو . أما موضوع فاعل الكبيرة فلإنه يمكن أن ينظر إليه من عدة زوايا . الزاوية الأولى : فاعل الكبيرة مشرك يعامل في الدنيا معاملة المشركين فيستباح دمه وماله وسبي ذريته وهو في الأخرة خالد في النار . ومن هذه الزاوية ينظر الخوارج حسبما يقال عنهم - لزاوية الثانية :فاسق يعامل في الدنيا معاملة المسلمين وفي الآخرة هو في أصحاب النار خالد فيها إذا لم يتب ٠ ومن هذه الزاوية ينظر المعتزلة . الزاوية الثالثة : فاعل الكبيرة منافق يعامل فى الانيا معاملة المسلمين وفي الآخرة هو في النار خالد فيها إذا لم يتب . ومن هذه الزاوية ينظر الإباضية . الزاوية الرابعة : فاعل الكبيرة مؤمن يعامل في الدنيا معاملة المؤمنين وفي الآخرة يدخل النار إذا لم يتب فيبقى فيها فترة مناسبة لمعصيته ثم يخرج منها وقد لا يدخل التار إذا تناولته المشيئة . ومن هذه الزاوية ينظر أهل السنة . وبالتأمل في هذا يتضح أن اللقاء بين الإباضية والمعتزلة في هذا الموضوع تام › والخلاف بينهم لفظي في إطلاق الاسم . والتقارب بين الإباضية والمعتزلة من جانب واهل السنة من الجانب الآخر واضح أيضا شديد الوضوح ءفالفرق الثلاث ‏ الإباضيةء والمعتزلة وأهل السنة - يرون أن الناس ينقسمون إلى ثلاثة أقسام هي : -514- 1 مؤمنون صادقون موفون وهم في الجنة . 2 ۔ مسلمون (منافقون ُو فساق ُو عصاة) يدخلون النار . 3 مشركون وهم في النار . وقد اختلفت الفرق الثلاث في القسم الثاني من الناس وهم أصحاب الكبائر » فقال المعتزلة والإباضية من دخل النار لا يخرج منها فهم فيها خالدون › وقال اهل السنة يمكثون فيها فترات تتناسب وما ارتكبوه من المعاصي ثم يخرجون . فاللقاء بين هذه الفرق كما ترى واضح في ثلاث خطوات وهي نهم جميعا يعتبرون أصحاب الكبائر في حكم المسلمين › ويعاملون في الدنيا كما يعامل بقية المسلمين . ويعتبرون جميعا أن توبة أهل الكبائر تكفر عنهم ذنوبهم ويدخلون بها الجنة › ويتفقون جميعا أن أهل الكبائر إذا ماتوافي غير توبة يدخلون النار ثم اختلفوا في خلودهم كما . أما الخوارج فهم يقسمون الناس إلى قسمين اثنين فقط : 1 مؤمنون يدخلون الجنة وهم فيها خالدون . 2 مشركون يدخلون النار وهم فيها خالدون . ويعتبرون أصحاب الكبائر من المشركين فيعاملونهم في الدنيا معاملة المشركين › فالمسافة بينهم وبين المعتزلة كما ترى أبعد كثيرا من المسافة بين المعتزلة وأهل السنة . وإذا أردنا أن نستعمل أسلوب الدكتور في التعبير » فإئنا نستطيع أن نقول مع الاختلاف بين المعتزلة وأهل السنة بصدد فاعل الكبيرة فإن الفريقين يلتقيان في اعتباره مسلما فاسقا يعامل في الدنيا معاملة المسلمين ويلتقون مع الإباضية لقاء كاملا . أما قول الدكتور إن آراء الخوارج في فاعل الكبيرة كانت أول الآراء ظهورا » فأحسب أنها دعوی تحتاج إلى دليل وأن الحصول -515- على الدليل في أولية هذا الرأي ُو ذاك في هذه المواضيع ليس الأمر الهين ولا باليسير رأي شخصي هذه الملاحظة وضعها أحدهم : الدكتور احمد صبحي أو غيره في ورقة بين صفحات الكتاب . تقول الملاحظة : «أعتقد أن هذا الفصل يحمل آرا ەك الشخصية أكثر مما يحمل رأي الإباضية . وقد جاء رأيك مبخسا لآرائهم . أعتقد أن هناك نقطتين جديرتين بالاعتبار : 1 إن الإباضية يرون الخروج على أئمة الجور » أما القول متى قدروا على ذلك ٠ أو إِذا لم يخش الفتنة في ذلك ءفذلك قول قد أخذ على الأشعرية لأنه يعني مهادنة أئمة الجور لذين لا يمكن إزاحتهم إلا بسفك الدماء وحوار عمر بن عبد العزيز مع أمراء بني مروان شاهد على ذلك : لماذا تظهر الإباضية كأنهم يتبنون ‎f‏ ‏الأشاعرة فيما هو موضع مؤاخذة على الأشعرية بما في ذلك أكبر هم كالغزالي . 2 إن أهم ما يميز الخوارج بوجه عام والإباضية بوجه خاص عن سائر حرکات. الخروج :إتكار الذات إذ لم يكن لرئيس لهم مطمع في خلافة أو سلطة . لماذا تجد حرجا في إبراز ذلك كأنك تود أن تکسب رضی الاشاعرة أن أقول إن آراء الخوارج السياسية لا سيما المعتدلين منهم - تفوق - فى قيمتها أو ملاءمتها لعصرنا واتجاهاته ‏ آراء الأشاعرة - كانوا أول من جعل الخلافة عامة ٠ وليست مقصورة على قريش ٠ وأول من نادى بجمهورية الحكم ومن أشد الفرق مكافحة لأمراء ر . فلم نبخسهم حقهم» -516- تشتمل هذه الملاحظة علو عدد من النقاط يمكن تلخيصها فيما يلي : الفصل الذي كتبت عنه الملاحظة يحمل آراء شخصية لمؤلف الكتاب وهي حجية لاراء الإباضية . د الإباضية يرون الخروج مهما كانت الظروف لأنهم من الخوارج 4 أما مراعاة الظروف وموازنة النتائج فهو راي الاشاعرة وهو ماخوذ عليهم . اهم ما يميز الخوارج بصفة عامة والإباضية بصفة خاصة هو إنكار الذات . آراء الخوارج السياسية › ولا سيما المعتدلين منهم تفوق - في قيمتها وملاءمتها لعصرنا - آراء الأشاعرة وهم أول من جعل الخلافة عامة . وليست مقصورة على قريش » واول من نادى بجمهورية الحكم . | 5 يتهم مؤلف الكتاب بأن آراءه التي يجد حرجا حين يظهرها كان يود أن يكسب رضى الأشاعرة » ويبرز الإباضية لكأنهم يثبتون آراء الأشاعرة ونعود الأن لمناقشة هذه التقاط واحدة وأحدة . عندما قرأت هذه الملاحظة ذكرت كل ما قلته في المقدمة › وذلك أن بعض الناس » يعتنقون آراء معينة تنسب إلى تلك الفرق › ثم هم لا يتزحزحون عن تلك الآراء أبدا مهما صاح أصحاب الفرقة قائلين أن تلك الآراء ليست لهم » وصاحب الملاحظة قد استقر في ذهنه إلى أن الإباضية من الخوارج › فهو غير مستعد لأن يزحزح هذه الفكرة عن خاطره ۾ مهما قيل . ٹم هو قد وضع في ذهنه اُن الخوارج يوجبون الخروج ولما كان الإباضية - حسبما استقر في ذهنه ‏ مم الخوارج يوجبون الخروج فالإباضية أيضا يوجبون -517- الخروج . وهو غير مستعد أن يتنازل عن هذه الأراء أو هذه الفرضيات مهما كانت الظروف . . حتى لو جاء الإباضية من أولهم إلى آخرهم وقفوا في طابور واحد » له لما سمع منهم ويوجد من هذا النموذج كثيرون › وهم عندما يجري بينك وبينهم حوار لا يحملون أنفسهم مشقة ساع ما تقول ولا فهمه › وإنما يريدون أن تسمع منهم ون تسلم لهم ما يقولون وإلا فأنت والمناقشات والدراسات حين تكون مع هذا الصنف من الناس ثقيلة جدا » وغير ذات جدوى » والامال التي يعلقها الباحث اليوم على ما يقال عنه التحرر الفكري والمنهج العلمي والدراسة الواعية إنما تفيد مع من لم يقرر مسلمات لا .يتحول عنها › وقد تركت الرواسب السابقة في أذهان الطبقات المرتفعة من المثقفين أوهاما في ثياب حقائق هم اشد استمساكا بها وحرصا عليها من العوام على عقائدهم وتقاليدهم » ومع هذا فهاأنا أعود إلى الموضوع لأجري فيه مناقشة أخرى ءوإن كانت خيبة الامل في تقدير الحجة والعزوف عن وفهمها لا تزال تقبض على نفسي . بالنسبة للنقطة الأولى التي يزعم فيها أن الفصل يحمل آراء شخصية في الخروج » وليس آراء الإباضية » أؤكد له أن الآراء التي عرضها الفصل هي آراء ء الإباضية كنت لم أحسن التعبير ‎EF‏ ‏أعوزني الإيضاح » أو غلبت علي العجمة في العرض والتنسييق . فهذا جائز وعلى كل حال فإلى القارئ الكريم ما يلي : أستطيع أن أحدد الموضوع كما حدده بو يعقوب فى ثُلاثة أقوال : ۱ 1 وجوب الخروج عن الأئمة الظلمة . 2 جواز الخروج عليهم . -518- 3 ملع الخروج عليهم . والقول الأول ينسب إلى الخوارج والقول الثاني هو قول الإباضية والقول الثالث هو قول الأشاعرة كما أوضح ذلك أبويعقوب وغيره . وأنا في هذه المناقشة أحاول أن أعرض الموضوع من جانبين : جانب نظرې وجانب عملي . الجانب النظري : أوردت في الفصل السابق كلمة قطب الأئمة الواردة في غير موضع من کٽبه وهي : «ونحن بعد لا تقول بالخروج على سلاطين الجور الموحدين ء ومن نسب إليدا وجوب الخروج فقد جهل مذهبنا» فإذا كان کلامي انا غير واضح او کان رأيا شخصيا لي فماذا یری الأ صاحب الملاحظة في كلام قطب الأئمة وهو إمام الإباضية في عصره ياجماع الإباضية ء فهل هو رأي شخصي للقطب أيضا أم أن صاحب الملاحظة يجهل مذهبهم حسب تعبير القطب . على كل حال هذا كلام أكبر علماء الإباضية في القرن الرابع عشر › وهو واضح وصریح . ويقول أبو يعقوب الوارجلاني في كتابه الدليل : «اعلم ياأخي أن مذهب أهل الدعوة في الخروج على الملوك الظلمة والسلاطين الجورة جائز» وليس كما تقول السنية أنه لا يحل الخروج عليهم ولا قتالهم › بل التسليم لهم على ظلمهم أولي , قالوا وقد اختلفت الأمة في هذه المسألةعلي ثلاثة أقوال : القولة الأولى قولة أهل الدعوة : إنه جالز الخروج عليهم وقتالهم ومناصبتهم » والامتناع من إجراء أحكامهم علينا إذا كنا في غير حكمهم » وأما إذا كنا تحت حكمهم يسما الامتتاع عن کٹیرمن أحكامهم 4 ون أردنا الشراء والخروج جاز لنا » -519- ويقول في موضع آخر من الکتاب ما يلي : «وإن لم نخرج عليهم ورضينا بالكون معهم وتحتهم فجائز لنا ذلك ونعيش في کنفهم .» | ابو يعقوب الوارجلاني من ائمة القرن السادس الهجري وله شهرة واسعة تجاوزت المحيط الإسلامي إلى المحيط الغربي ›ء فاهتم المستشرقون بأثاره وكتبوا عنه وهو عند الإباضية بمثابة أبن رشد عند المالكية 4 وعبارته فيما اظهر صريحة واضحة لا تحتاج إلى شرح او تعليق » فهل نعتبر قوله رايا شخصيا له لا للإباضية ؟ وقد ذكر غير واحد من المؤرخين أن عبد الله بن إياض دعا إلى اجتماع في منارة مسجد البضرة لتنظيم حركة الخروج على الدولة القائمة حينئذ ء فسبقهم إلى المنارة » مكان الإجتماع › وجلس ينتظر حضور أصحابه » وهو يستمع إلى أصوات المؤذنين والمرتلين والذاكرين › فلما حضروا قال لهم : لست منكم في شيئ » أعلى هولاء يجب الخروج والاستعراض › ثم ذهب وتركهم . هذا الرجل هو الذي تنسب إلى اسمه فرقة الإباضية › وهو من أئمة ة القرن الأول الهجري وهو يقول بعدم وجوب الخروج كما ريت » بل هو يستعظم الخروج فهل هذا رأي شخصي له أيضا ؟ إن الذين قالوا هذا من أئمة الإباضية فى مختلف العصور كثيرون › وإنما قصدت أن ‎W‏ ثلاثة شواهد أحدها عند مبدإ تكون الإباضية والثاني في متوسط العصر وآخرها في هذا العصر ء من أئمة لا ترد أقوالهم عند الإباضية » وإذا هم لم يمثلوا الإباضية فلإنه ليس هناك أحد يمثلهم ٠ فالرأي الذي تقول عنه أنه رأي شخصى لى هو رأي الإباضية كما رأيت وليس لي فيه إلا أنى ذكرته من جديد » هذا من الجانب النظري . أما من الجانب العملي فأرجو من القارئ الكريم أن يرافقني فيما يلي : -520- الإمام الأعظم للإباضية كما يقولون ‏ هم أنفسهم بالإجماع - هو ُبو الشعثاء جابر بن زيد ء ثم أصحابه وتلاميذه أمثال ُبي عبيدة أئمة جور في الدولة الأموية أمثال الحجاج وزياد وابن زياد . وقد بقي الإباضية تحت حكمهم بل لقد تولى بعضهم بعض الأعمال لهم ثم تسلسل التاريخ » وجاء بعد غيرهم من الطرفين واستمرت الحياة بالجميع كما كانت › فإذا كان أي جابر بن زيه وأصحابه وجوب الخروج على الظلمة فما الذي أمسك سيوفهم من الحجاج . فهل يوجد عند الإباضية من هو أعظم من جابرء وهل يوجد من الحكام من هو أظلم من الحجاج . وإذا تتبعت تاريخ الإباضية في كل مكان وجدت موقفهم إلى الهدنة والمسالمة أقرب منه إلى الدعوة إلى الخروج على الحكم الظالم . وقد تهيأت لهم أسباب الخروج مع رجحان جانب النجاح ء معروف عند الإباضية جميعا ء وكذلك موقف الإمام يعقوب بن محمد › فقد دعاه النا ُن يسايعوه فرفض ولو كان الخروج واا ر رجعت الى ۳ ان وتشضعت أحداث التاريخ عندهم < تجد أنه قد تمر علييم فترات طويلة ويكون الحكم عليهم جائرا . وهم مع ذلك صابرون ينتظرون الفرصة التي تؤكد لهم تجاح الخروج لهم لا يريدون أن يتسببوا في فتنة تنقسم بسببها أمتهم أو دماء تسفك بغير نتيجة محققة » ويحدث أحيانا أن يخرج متهم شراة ۰ هذا فيما أعتقد أمر واضح لا يحتاج إلى عرض . فإذا بقي مع هذا ناس يقولون إن الإباضية يقولون بالخروج -521- أي يوجبون الخروج - وأن النقاش المتقدم كله راي شخصي لفرد › الناس أن يعتقدوا أو يقولوا ما يشاءون ولكن عقيدتهم الخاطئة وإصرارهم عليها لا تغير من الواقع . ولعلي أستطيع أن ألخص الموضوع كما يلي : إن الإباضية - في هذا الموضوع ‏ قد اتخذوا موقفا وسطا بين من يقال لهم الخوارج ومن يقال لهم أهل السنة ء فهم لا يوجبون الخروج ولا يمنعونه » وإنما يجيزونه › فإذا كانت الظروف مواتية ونتائج النجاح منتظرة والمضار فيه قليلة . فإن الجواز هنا يميل إلى الوجوب »› وإذا كانت الظروف غير مواتية والنتائج غير مؤكدة › والمضار المتوفعة كثيرة فإن الجواز هنا يميل إلى جانب المنع » ومع كل هذا فإن الخروج لا يمنع في أي حال ء والشراء مرغوب فيه على جميع الأحوال ما دام الحكم ظالماً . أحسب أن هذا يكفي لإقناع القارئ المنصف بأن ما قلته في الفصل السابق ليس رأيا شخصيا لي وإنني لم يخس رأي الإباضية بذلك العرض شيئا ومع ذلك فإنه يسرني أن أنقل لصاحب الملاحظة ما قاله التعاريتي في نفس الموضوع › جوابا لمن يزعم أن الإباضية يرون وجوب الخروج . فقد جاء في المسلك المحمود ص 33 وما بعدها ما يلي : «وقولك إنهم في جملة الخوارج باطل إذ لسنا منهم › ولا نقول بالخروج عن سلاطين الجور سواء كانوا من أهل مذهبنا أو من غيرهم › كما هو مصرح به في العقيدة وغيرها › وهذه كتبنا فإنها طافحة بالرد عليهم وبالتبرئة من أقوالهم : بنحو قولنا وقالت الخوارج › في مقابلة قولنا معشر أهل الحق › من ذلك ما ذكره الشيخ الإمام أب بو عمار عبد الكافي في الفوجز بقوله : وقالت الخوارج بتشريك المخطئين من أهل التأويل كمقالتهم في سائر -522- أهل الكبائر » وقد نبأ عن فساد مذهبهم الذي رسمناه عليهم في صدر الكتاب » ويعد أسطر قال : وقال التاج الثماخي في کتابه السير : کان جابر بن زيد يأتي الخوارج فيقول لهم : أليس الله قد حرم دماء المسلمين بدين » فيقولون نعم » وحرم الله البراءة منهم بدين » فيقولون نعم الخ . وقال أيضا رمن (أي من ألمتنا) عبه الله بن إباض المري التميمي إمام أهل الحق كان رحمه الله ممن خرج إلى مكة لمنع حرم الله من مسلم عامل يزيد الملقب بمسرف » وكان يصدر في أمره عن رأي جابر بن زید » وله مناظرات مع الخوارج وغيرهم › انتهى باختصار .» ويقول بعد أسطر : «بل إن للقطب - حفظه الله - رسالة مفردة في الرد عليهم وهي مطبوعة ومجموعة مع رسالتيه : إزالة الاعتراض عن محقى آل إباض ءوالقنوان الدانية فى مسالة الديوان العانية › فراجعها إن شئت ءفمن نسب إلينا الخروح فقد جهل مذهينا 4 كيف وقد كان إمامنا جابر بن زيد رضي الله تعالى عنه من أصحاب ديوان المقابلة لدى الحجاج الظلوم الفشوم الجبار العنيد ء ولم يقل فيما علمت أنه أشار بالخروج عليه يوما ما » ويقول بعد أسطر : «مع أن العلامة الربيع بن حبيب الذي هو أحد أئمتنا المحدثين روى بستده صلى الله عليه وسلم كما في الترتيب (وإلا فعيشوا تحتهم حراثٿین فدادين حتی تلقوني بسوء حال ) ويوضح بطلان قولك أنهم من جملة الخوارج ما ذكرته بعد من أن مرتكب الكبيرة كافركفر نعمة لا ملة » مع أن الخوارج يقولون بشركه » ويستحلون ماله ودمه كما ستأتي الإشارة إلى الرد عليهم في كلام الحضرمي . فالمنع من القعود تحت الجورة مذهب الأزارقة والصفرية لا مذهبنا معشر الإباضية الوهبية » لأن الجور قد ظهر في الأئمة بعد -523- الخلفاء الراشدين ء وكان السلف الصالح من الصحابة والتابعين ينقادون لأوامرهم فيما لم يكن فيه معصية خالقهم › دا يرون الخروج عليهم لقوله عليه الصلاة والسلام : (من رای من أميره شيئا فليصبر ) وبقوله : (عليك بالسمع والطاعة في عسرك ويسرك) ولأنه قد يترتب على الخروج من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم المؤدي إلى تفرق كلمة المسلمين وانكسار شوكتهم وإطماع العدو فيهم» وبعد کلام طويل في الموضوع يقول في الإمامة ما يلي : «ثم أن نصبه (أي الإمام) واجب خلافا للخوارج في الأول وللإمامية والإساعيلية في الثاني › وللمعتزلة والزيدية في الثالث › وهي ليست من أصول العقائد خلافا للشيعة › وتثبت بالنص والاختيار خلافا لأكثرهم أيضاحيث قالوا لا طريق لها إلا النص › ولا يجوز تمدد في مقع متضايق الأقطا ر خلافا للجارودية » أما في المتسع بحيث لا يطيقها إمام واحد فيجوز › وللامة عزله لموجب ب كأن يقع منه ما يخل بأمور المسلمين › فإن أدى عزله إلى الفتنة ارتكب أخف الضررين › وتجوز إمامة المفضول مع وجود الفاضل خلافا لقوم كالإمامية هذا ما عليه أصحابنا » وهو بعينه مذهب الأشاعرة .» لعل صاحب الملاحظة بعد هذا يقتنع أن ما عرضته في هذا الموضوع ليس رأيا شخصيا لي ء وأنني لم أكن أتملق أحدا ولا أسترضيه بما قلته وهذا التعاريتي كما ریت يصرح بوضوح أن ما ذهب إليه الإباضية في موضع الخروج ومراعاة الظروف على عزل الإمام وتجنب الفتنة هو عينه مذهب الأشاعرة , فأنا لم أجمل الإباضية كأنما يتبنون آراء الأشاعرة وإنما هم المتقون مكابرة المكابرين . -524- النقطة الثانية: يقرر صاحب الملاحظة أن الإباضية من الخوارج والخوارج يرون الخروج فالإباضية أيضا يرون الخروج عن الأئمة الجورة دون أي اعتبار » أما القول بمراعاة الظروف فهو قول الأشاعرة وهو مأخوذ عليهم » ومناقشة هذه النقطة تتلخص في تقاط قلائل » ذلك لأننا أوضحنا في الإجابة عن الفقرة السابقة بكلام صريح من أَثمتهم نیم ل يقولون بالخروج ٠ وإنما يجيزونه وكونهم يلتقون مع الأشاعرة أو لا يلتقون لا يشكل بحثا جديدا أو مشكلة خطيرة ء وكأنما يستعظم صاحب الملاحظة أن يقول الإباضية يما يفول به الأشاعرة . وأنا لا أجد فى ذلك أية غرابة » ما دامت الفرقتان تأخذان من مصدر واحد » وقد صرح التعاريتي كما رأيت باتحاد قولهما ٠ والواقع أُنني في هذه الدراسة لست في مجال المقارنة بين الإباضية وغيرها من الفرق . ولذلك فأنا لم أتعرض لما يراه الأشاعرة ءوإنما ذكرت ما عند الإباضية . على أن الذي يفهم من كلام أبي يعقوب الوارجلاني كما أشرت سابقا ء أن في القضية ثلاثة أقوال . قول بوجوب الخروج مطلقا وينسب إلى الخوارج : وقول بجواز البقاء أو الخروج وهو قول الإباضية . وقول بمتع الخروج مطلقا وهو قول السنية حسب تعبير الوارجلاني ء والأشعرية حسب تعبير صاحب الملاحظة . ومن هذا يتضح أيضا أن هناك فرقا واضحا بين الإباضية والأشعرية في هذا الموضوع . لأن الأشعرية يمنعونه مطلقا ء والإباضية يجوزونه › وقد انتقد الوارجلاني الأشعرية بأنهم يمنعون الدروج قولا ويخالفون ذلك سلوكا » واستدل على هذه المخالفة بمجموعة من الحركات التي قامت في الدولة الأموية وغيرها كابن -525- الزبير والتوابين وعبد الرحمن بن الأشعث مع جماعة من الفقهاء وزید بن علي وغيرهم . أحسب أن هذا يكفي لهذه النقطة › أما المناورة اللفظية التي سلكها حتى يدخل الإباضية في الخوارج › ويرتب على ذلك هذه الأحكام فلا تستدعي المناقشة والرد لأنها نوقشت في أكثر من مكان فى هذا الكتاب وفي ذلك مقنع لمن يبحث عن الحق . النقطة الثالثة : يقول فيها صاحب الملاحظة إن هم ما يميز الخوارح بوجه والإباضية بوجه خاص عن حركات الخروج هو انکار الذات ريما کانت هذه النقطة أهم نقطة سيقت من أجلها الملاحظةء وهي التاكيد على ان الإباضية من الخوارج › حتى ولو في سياق المدح . وصاحب الملاحظة بكل اسف رمى جميع ما قيل في اول آلكتاب إلى الآأن جانبا . وجاء هنا يثني على الخوارج عامة › وعلى الإباضية خاصة كانما اصبح اعتبار الإباضية من الخوارج امرا لا مفر منه . والغريب أن الذين يتناولون هذا الموضوع من القوم - مهما ارتفعت بهم وسائل الثقافة - يتشبثون بنوع من التقليد الجاف هو غض النظر عن معرفة الحقائق وإذا عرفت فتجاهلها وغض النظر عن التصريح بها أولى ٠ فهم لا يحبون حتى أن يفهموا ما يقال لهم في الموضوع » وسواء قبلت ما حكموا به عليك أو لم تقبله ءوسواء قلت ما نسبوا أو لم تقله » وسواء اعتقدت ما زعموا أم لم تمتقده . فقد أنتهى الأمر عندهم وموقفك نت غير مهم وإنما المهم موقفهم هم . -526- وقد حكم صاحب النصيحة بأن الإباضية من الخوارج فهو لن يتزعزع ء وليته إذ فعل درس الجزئيات › ولكنه لم يفعل فقد أغمض عينيه عن كل ما قيل ويقال ونظر إلى ما ينسب إلى الخوارج فنسبه إلى الإباضية . وإذا قال أحد الإباضية إن هذا ليس من مقالنا قال له هنذا رأيك الشخصى سبحان الله كيف يتم الوصول إلى الحقائق مع هذه الأحوال . ` النقطة الرابعة : يبدو لى أن النقطة الرابعة فى الملاحظات خارجة عن موضوعنا تماما » فنحن لا نعالج في ذلك الفصل شروط الخلافة وآراءنا فيها » وأحسب أنه خارج بها هنا إلا لذكر الخوارج وإن لإباضية منهم . وصحيح أن الإباضية لا يشترطون القرشية بصحة الخلافة › وإنما تكون القرشية مرجحا إذا تساوت الكفاءات الأخرى › ولم يكن الإباضية أو الخوارج هم أول من قال بهذا » وإنما سبقهم إليه كبار الصحابة عندما ناقشوا أول خليفة في الإسلام . فقد قال بعض الأنصار للمهاجرين منا أمير ومنكم أميرء ولو لم يكن الأتصار يعرفون أنه يجوز أن يتولى الإمارة غير قرشي » لما قالوا ذلك . وقال عمر لو كان سالم مولى حذيفة حیا لبایعته فلو کان غير القرثي لا يصح أن يتولى لما قال غير ذلك › وقال سيدنا أبو بكر إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش فعلّل اختيار القرشي فى ذلك العرب لهم فإذا تغير الحال تغير موضع الاختيار › فليس الإباضية أو الخوارج هم الذين قالوا بهذا بل قال به أصحاب محمد عر ونحن لسنا نعقد مقارنة بين الإباضية والأشاعرة . ولا في مقام المفاضلة بينهما ء وإنما بصدد تحقيق ما ينسب إلى الاباضية وما يصح منه وما لا يصح » على أن هناك موقفين يقف -527- أغلب اا الكتاب موقفا جامدا اثر مقلدا . الموقف الأول ُن ب ُن الإباضية خوارج ٤ وما داموا كذلك فلا بد أن يقولوا بجميع أوقالهم. والموقف الشاني : أنه لا يصح للإباضية أن يقولوا ما يقول به الأشاعرة كأن القضية صارت احتكارا . التقطة الخامسة : تشتمل هذه النقطة على مجموعة الاتهامات الموجهة إلى شخصي وهي : 1 الرأي الذي عرضته عن الحكم في هذا الفصل هو رأيي 2 وهد د الي مه مبخس 5 رائهم . أحاول أن أظهر الإباضية كأنهم يتبنون رأي الأشاعرة فيما 7 عليهم . أجد حرجا في إبراز أن الإباضية كالخوارج جميعا يمتازون 5 بأتتي أبخس حق الخوارج عموما والإباضية خصوصا لأنتي قلت إن الإباضية لا يوجبون الخروج وإنما يجيزونه . 6 أحاول أن أكتسب رضى الأشاعرة . والذي أرد به على‌هذه التهم جميما شيئ يسيرء وذلك أن مبعث هذه الانتقادات كلها ينبني على فكرة متسلطة على ذهن صاحب الملاحظة ء وتلك هي أن الإباضية يجب أن يكونوا من الخوارج ء والخوارج يقولون بوجوب الخروج ء فلا يصح أن يقول الإباضية غير هذا اقول لأن انفصالهم عنهم في هذه النقطة قد يكون واحدا من الاعتبارات التي تبعد الإباضية عن الخوارج وقد برهنت لصاحب الملاحظة على أن الإباضية ليسوا - 528 - من الخوارج ‏ رغم جميع المزاعم التي تزعم ذلك كما برهنت له أن الإباضية يقولون بجواز الخروج وهم بذلك يختلفون عن الخوارج القائلين بالوجوب » وعن الاشاعرة القائلين بالمنع › وقد نقلت له نصوصا من كلام الأئمة في هذا كما رسمت له خطوط سيرتهم التاريخية في هذا الموضوع › وفي هذا مقنع لمن يلتمس الحق أما من يضع في ذهنه صورة أما أنتي أبخس الخوارج آراءهم في موضوع الخروج فما احسبني كذلك › وذلك لانني لم أتعرض لمناقشة اراء الخوارج › وكل ما أشرت إليه أنهم يقولون بالوجوب كما يريد صاحب الملاحظة ء استنادا على ما قاله صاحب الدليل والبرهان فان كان هذا مبخسا لآرائهم فأنا أعتذر لهم ولصاحب الملاحظة ء أما الإباضية فأنا تولیت عرض رايهم في موضوع الخروج وهو كما عرضته » فيان كان هذا الرأي بخسا فعليهم أن يعدلوه على أنتي أستطيع أن ازعم أن هذا الرأي هو الذي سارت عليه الامة المسلمة بجميع أطرافها » من الناحية العملية وإليه رجع الأشاعرة في سلوكهم › فحدث منهم خروج كثير على دول قائمة › وليه رجع الخوارج سلوكا فرضوا بالحكم القائم - وإن كان جائرا - وعاشوا تحته مددا قد تطول وقد تقصر . أما أنني أظهر الإباضية كأنهم يتبنون آراء الأشاعرة » فإن كان هذا يحز في نفسك فأنا على كل حال أرنو إلى التقريب بين وجهات النظر عند جميع المسلين » وعندما يبدو لي تقارب أي فرقتين في ما اسر لذلك وأغتبط ومع ذلك فأنا عندما أعرض ا راء الاأباضية أو عقائدهم فانما أعرضها كما أعرفها عندهم . بقيت هنا لك هذه اللمزة الصغيرة ة وهي أتحرج من .أى الإباضية لأكسب رضى الأشاعرة . فالواقع أننى لست ممن 34 - 529 - يعمل على أن تكون الفرقتان متضادتين (رضى هذه يهيج سخط هذي) » وإنما أعتبر أن الرباط الذي يربط بينهما هو رباط الأخوة الإسلامي ء فإذا اختلفت أنظارهما في جزئية فإنها تتلاقى في الكليات ويهمنا أن تتقارب أنظارهما فى الجزئيات . لو وجدت كل فرقة منهما أقلاما صادقة ومخلصة » تسعى في هذا الاتجاه › ولو تخلصت كل واحدة منها من مواقف المتعصبين المنغلقين الذين لا يرون إلا أنفسهم مهما كثر وقوي الأخرون . وبعد هذا فإنني أقول للاخ صاحب الملاحظة : أنا أعرف بالإباضية وعلمائها المصاصرين › وهم كذلك أعرف بشخصي الضعيف › وأنا - لو حاولت أن أكسب رضى الناس ‏ فان أول رضا أحاول كسبه - بعد رضى الله تعالى - هو رضاهم . ثم هم فيما بعد ليسوا من الغفلة أو الضف في الدرجة التي يقوم فيها شخص ينتسب إليهم فيحرف عقائدهم وآراءهم » وينسب إليهم ما ليس عندهم › ثم هم يسكتون عن ذلك فلا يتكلمون › إن هذه حالة لا تجري في وهم ولا خيال » ومن ظنها جهل طبع الناس » وجهل بصفة خاصة طبع من يعتقد الحق ويعتز به . إنني ياأخي لست أريد أن أكسب رضا أحد » ولكنني أحب أن ألفي تلك المسافات الطويلة التي خلقتها بين فرق الأمة أقلام ا ا » من أختها تمسك يدها تتعاون معها غلى البر والتقوى . ولأصحح بعض تلك الأخطاء اي ارتكبتها الأقلام المدفوعة في غفلة من الزمن ضد فرق من الأمة فقطعت بينها الوشائج » وأفسدت العلاقات وحكمت فيما بينها أهواء الساسة والمتسلطين ثم مكائد المبشرين والمستعمرين . -530- نبذة عن الخوارج تحت هذا العنوان كتب الإمام أبو إسحاق طفيش بحثا قيما في الموضوع » استجابة لطلب الأستاذ إيراهيم محمد عبد الباقي ء وقد وعدنا القارئ الكريم أن ننقل له في هذا الكتاب هذا الفصل القيم ء عساه يلق مزيدا من الضوء على بعض المواضيع التي ناقشناها في الفصول السابقة . يقول أبو إسحاق رحمه الله : الخوارج طوائف من الناس ء من زمن التابعين › رؤوسهم نافع بن الأزرق. ونجدة بن عامر وعبد الله بن الصفار ءومن شايعهم . وسوا خوارج نهم خرجوا عن الحق › وعن الأئمة بالحكم على مرتكب الذنب بالشرك . فاستحلوا ما حرم الله من الدماء والأموال بالمعصية » متأولين قوله تعالى : وإن أطعتموهم إنكم لمشركون فزعموا أن . معنى الآية ون أطعتموهم في أكل الميتة » فأخطأوا في تأويلهم » والحق أن معنى الآية : وإن أطعتموهم في استحلال الميتة والاستحلال لما حرم الله شرك . وحين أخطاو! في التأويل لم يقتصروا على مجرد القول › بل تجاوزوه إلى الفمل »فحكموا على مرتكب المعصيةبالشرك ء واستحلوا دماء المسلمين وأموالهم بالمعصية ء فاستعرضوا النساء والأطفال والشيوخ . وقد كان الإمام الحافظ الحجة الربيع بن حبيب بن عمرو البصري الفراهيدي صاحب المسند الصحيح رحمه الله حين بلغ إليه أمرهم يقول : دعوهم حتى يتجاوزوا القول إلى الفعل ء فإن بقوا على قولهم فخطؤهم محمول عليهم ٠ وإن تجاوزوه إلى الفعل حكمنا عليهم بحكم الله . فلما ظهرت بدعتهم طردهم أصحابنا من مجالسهم . وطاردوهم في كل صوب معلنين البراءة منهم › فلما تجاوزوا القول إلى الفعل -531- أعلنوا الحكم بكفرهم . لأن الكفر في استحلال ما حرم الله نص في كتاب الله قطعي . وقد استشرى فعلهم يومئذ فاشتدوا على أهل التوحيد بفتنتهم فسلوا السيوف على الرقاب بغير ما أنزل الله › فعظمت محنتهم فکانت بلاء عظيما . وقد تولى قتالهم المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني القائد الأموي المشهورء وكان يضع الحديث في استنفار الناس إلى قتالهم فعظمت محنتهم المزدوجة : محاربة المسلمين وانتشار الأحاديث الموضوعة في قتالهم حتى بلفت المدى من الشر فزادت الطامة . ولما كان هؤلاء الخوارج من منكرة التحكيم فقد تولى كثير ممن ينتمون إلى المذاهب المتعصبة إدماج الإباضية في هؤلاء الخوارج ء ظلما وعدوانا › والسبب في ذلك عديد المناهج : 1 أولها : أن أصحابنا الإباضية يرون الملك العضوض لا تجب طاعته » بل الواجب أن يكون الحكم على منهاج الخلفاء الراشدين لما روي عن النبيء عير (اقتدوا بالذين من بعدي بي بکر وعمر) حديث صحيح متفق عليه . ولما روي في عمار بن ياسر رضي الله عنه : (ستقتلك المْئة الباغية) واستشهد بهذا الحديث منكرو التحكيم ولم ينكره الفريق الاخرء فثبت .كنص قاطع ارتضاه الفريقان » ولو اختلفا في تأويله ء إذ الفريق الآخر حمله على معنى غير صحيح ٠ وإنما دعاه الفرض إلى حمله على ما ‎E‏ الهوى . ثانيها : ظهور رأي أصحاب الأهواء في واقعةالنهروان » إِذ زعا أنها لأجل الخروج على علي وهو إمامهم › والحقيقة التي لامرية فيها أن أهل التهروان لم يخرجوا عن علي فقط ء ولكنهم حين أبوا التحكيم » وأصروا عليه » جنح أبو الحسن إلى فريق التحكيم » فرأى منكرو التحكيم » أن البيعة لم تكن في أعناقهم بل -532- هم في حل منھا حيث ا ن التحكيم في شيء معناه غير ثابت الحكم ٠ وإلا فلم التحكيم © فاعتبروا التحكيم تنازلا من الإمام بي الحسن عن البيعة » إِذن فمنكرو التحكيم في حل من أمرهم ٠ لهم الحق أن يختاروا من يشاءون إماما لهم . فاختاروا رجلا من أفضل الناس يومد ومن الصسحابة الكرام : وهو عبد الله بن وهب الراسبي الأدي ٠ فلما بأيعوه بعثوا إلى حابم يومئذ ومنهم الأمام على : أن يدخلوا فى البيعة لمن اختارود أماما | | فراۍ علي ىن ابي طالب أ ن البيعصة حصلت لأزدي لا لقرشي محار بهم قبل أن يتقو أمرهم . فتخرج الإمامة ألى غير قريش ٠ وهدا هو السبب الوحيد لواقعة النهروآن . لهذا دعاهم حين ناظرهم !لى أن يحاربوا عدوهم معاوية ومن معه . ولكن الأمر قد فات . فقد أذ الامر معاوية من الحكمين : عمرو بن ألعصاص ٠ وبي موسی الاشعري 4 في دومة الجندل ء فأصبح المسلمون في حل من أمرهم . لأن بيعة عبد الله ين وهب لم تقع الا بعد حصول النتيجة بوقوع ما حذر مته اولوا البصائر من مفكري التحكيم . وهو أن التحكيم تلاعب بالامر تولى كبر الدعوة إليه الأشعث بن قيس الذي دس على أصحاب علي من معاوية . وليس أذن ما يزعمه محرفو التاريخ » ومتعفنة المذهبية ُن واقعة النهروان كانت بسبب الخروج على علي › لانهم لم يخرجوا والبيعة في أعناقهم ٠ فلينتبه المتبصر من الزلة في هذا المقام ء فلإن الأهواء متغلفلة في أصحابها بما لا خفاء فيه . 3 :أن تسمية الخوارج ل تكن معهودة في ول الأمر › واا هي التشرت بد 2 ستشراء أمر الأزارقة كما قلنا ء ولم تعرف الببة في أصحاب علي المنكر ين للتحكي ُو الراضين به -533- ولعل أول ماظهر هذا اللفظ بعد ثبوت الأمر لمعاوية ء والاستقرار فيه » حين زاره الأحنف بن قيس التميمي » وهو من أهل النهروان فقال له معاوية : لماذا أحبك الناس وأنت من الخوارج ؟ فقال له الأحنف : لو عاب الناس الماء ما شربته » يعني الذين لم يرتضوا بيعته والدخول في أمره . راجع الأمالي لأبي علي القالي . ُتر أن معاوية يصف الأحنف بن قيس بالخارجية لأنه کان معاوية › ولو كان وصف معاوية للاحنف بالخارجية لكونه من أهل النهروان لكان معاوية ومن معه أولى بهذه التسمية › لأنه هو جنح عن بيعة الإمام علي والحال قد بايعه أهل الحل والعقد فأصبحت بيعته حقا » يجب اتباعه والدخول فيه على كل واحد من المسلمين . الرابعة : أن الإباضية لم يسلوا السيوف على أحد من أهل عند اشتداد الأزمة بين الحجاج بن يوسف الثقفي وزياد بن أبيه › فقد اشتدوا في مطاردة المسلمين لعجرد الظنة حتى خرج عليهم التوابون ٠ وعلى رأسهم سعيد بن جبير وإبراهیم يم النخعي › وهما إمامان » وقد قتل الحجاج سعيد بن جبير أحد ئمة التفصير . والعجب كل العجب ن هده المجموعة الكبرى من العلماء الذين حملوا السلاح أمام الجور الذي ظهر بفظاعة من الحجاج . لم يطلق پيدو : سعید بن جبیر » يم الله بن مطرف -534- فان العقل يقف مشدوها مام هذه الفاجعة الكبرى ومع ذلك تمر على القراء بسلام . ولكن الذي يمحص التاريخ بإنصاف وعلم » يرى في إطلاق لفظ الخوارج على الإباضية - وهم من الخوارج براء - مغمزا » وهو هم راُوا الإمامة لا تختص بقرشي ‏ بل هي تصح لکل من اختاره المسلمون لسياسة دولتهم ورئاستها » وهذا هو الحق الذي دل على كمال البصيرة » إذ ليس من الحكمة أن يجعل الله أمر البشر على سائر أجناسه وأممه تابعا لقبيلة واحدة » وسواء أحسنت أو أساءت . والوضع الطبيعي في البثر هو الذي أيد ما ذهب إليه أصحاينا وحملوا عليه الحديث : (الأئمة من قريش) ومن المكابرة ومجانبة الحق أن يزعم الزاعمون اختصاص سياسة الامم بقريش ء ولم يرتضه الانصار وهم أهل الفهم . لما بعث به محمد صلوات الله وسلامه عليه حين قالوا لابي بکر : منا أمير ومنكم أمير ولابي بكر حين رد على الأنصار بقول : «منا الأمراء ومتكم الوزراء» إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي : يعني قريشا › فعلل الحكم بانقياد العرب لقريش › لا لشيئ آخر ء مما يزعم أهل الأهواء السياسية والمذهبية » أترى أن الأمم على سائر أجناسها تنقاد إلى رجل من قريش لمجرد أنه قرشي كلا والله . 5 خامسها : إن الإباضية يبتفون العدل وينشرون العمل بالكتاب والسنة » والسير على مناهج السياسة التي سار عليها الخلفاء الراشدون » وسواء قام بالامر قرشي أو حبشي ٠ » عربي آم أعجمي ٠ كما ورد في أحادیث صحاح ء لهذا ارتضوا سيرة عمر بن عبد العزيزء حيث أرسلوا إليه وفدا من البصرة يتألف من ستة علساء جهابذة : جعقر ين الماك العبدي ء وأو الحر علي ين -535 الحصين العنبري › والحباب بن الكاتب » والحباب بن كليب وأبو سفيان قنبر البصري » وسالم بن ذكوان » ربما كانوا أكثر من هولاء . إلا أن الذين وقفت على هم هؤلاء رحمهم الله جميعا › وحيث ذكر مؤرخو قومنا وفود هؤلاء على عمر بن عبد العزيز ‏ قالوا كعادتهم في الغمزء أرسل إليه الخوارج وفدا › ولم يذکروا ما جری بينهم وبين الخليفة عمر من الحديث › وقبوله مهم کل ما أرادوه منه في نشر العدل . وتطهير البلاد والمنابر من اللعن الذي اتخذه الأمويون «سنة» فإن الوفد قال له : إن المسلمين يلعنون عليا على المنابر فلا بد من الشروع في تغيير المنكر › فأبدل اللعن بقوله تعالى : إن الله يأمر بالعدل والإحسان ء وإيتاء ذي القربى › وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذکرون» لم تسمح نفوس أولشك المؤرخين الذين أعمت بصيرتهم الأهواء » أن يذكروا تلك المناقب التي ظهرت في الأباضية › من نشدان الحق والوقوف في وجه الظلمة بالمساجلة كما فعل الإمام عبد الله بن إياض مع عبد الملك بن مروان › وأبو بلال مرداس بن حدير مع زياد بن أبيه » ولم يسلوا السيف كما فعل الخوارج . بل سلكوا سبيل البيان » معرضين عن السنان ء وأنهم يرون عصمة الدم بالتوحيد (لا إله إلا الله) » وعصة المال كذلك ولم يكن منهم ما کان من اعمال غيرهم في سبیل تأسیس السلطان ء أو حمل الناس على اعتناق مذهبهم بالسيف وقطع العذر . بل تركوا الناس أحرارا في آرائهم » وأعرضوا عن الدنيا إن كانت بغير حلها . بل تركوا لأرباب المذاهب مذهبهم في حرية تامة »ا لا إكراه في الدين€ فالحق ظاهر مقبول فى أي مكان » والباطل مردود على صاحبه محمول عليه » فأهل القبلة عندهم كافة سواسية في الحق › والحرية مكفولة لكل الناس بعد -536- الاعتراف لله بالوحدانية › والحرية هي الأصل في الإنسان › ن . المكاتب عندهم حر من ول وم .وما کاتب به قدين علب بؤديه » ولم يقل بهذا غير اإباضية » نهم أدرکوا من الشريعة ما قوا سواهم » فبان عنهم الخوارج بما ذكرنا في شنائعهم وکبائرهم . 0 تكن لهم صلة بالإباضية حتى يقال إنهم خوارج › ولقد كشف للمتصفين من قومنا هذه الفروق فأدركوا الحق واعترفوا به ء والرجوع للحق فريضة وفضيلة . 6 سادسها : الإباضية يجيزون المناكحة بينهم وبين سائر الموحدين » والخوارج لا يجيزون التناكح مع غيرهم › لانهم يرون سواهم مشركين - كما بينا وأوضحنا - وعلى هذا لا يجوزون أيضا التوارث بينهم وبين من يخالفهم بطبيعة الحال , لأن الشرك الذي منع المناكحة والمصاهرة يمنع الموارثة فهل تعامى عن هذه الفروق اللذين تعفنت نفوسهم وأصيبت بالعشى » ذلك ما يشاهده الذي يقلب أطوار التاريخ في مدونات قومنا » ولم يعتبروا قوله سبحانه إن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا» وقوله تعالى : «لا يجرمنکم شنئان قوم على ألا تعدلوا › اعدلوا هو أقرب إن المسلم ليحار من أمر أولفك المتقولين على أهل الحق والاستقامة (الاباضية) » كيف استساغوا ذلك لأتفسهم لا لشن إلا والشهوة الخفية » نعوذ بالله من الهوى وإتكار الحق . أُولا يتذکرون نه سيلاقون الله بذلك الافك › ّم اعتقاد الخروج من النار هون كل شيء في سبيل الهوی . 7 سابعها › الأباضية اتجهوا إلى خدمة الإسلام علما وعملا منذ ابتدأت الفنة » فاشتغلوا بالتدوين ء فكانوا أول من دون الحديث › فإمامنا جابر بن زيد اول من دون الحديث وأقوال الصحابة فى -537- ديوانه الذي وصفوه بأنه وقر بعير » ثم تلاميذه من بعده وهم حملة العلم إلى المشرق والمغرب . والخوارج جنحوا إلى إراقة الدماء وإخافة السبل › وتعطيل الأحكام » ولم يذكر عن أحد من الخوارج أنه ألف كتابا › والذين يذكرون المؤلفات للخوارج إنما يذكرون الإباضية › وهم دون شك يريدون بهم التشنيع والتشغيب › وما الصفرية والأزارقة والنجدات فلم تذكر لهم رواية ولا تدوين › ولو أنفرد نجدة برواية حديث ونافع بن الأزرق بأسئلة سألها ابن عباس ليس هذا محلها » وأريد أنهم جنحوا إلى الحرب لا إلى التأليف ورواية العلم » وكل من ذكره قومنا من رجال العلم ونسبوهم للخوارج فليسوا الا من الإباضية . ولقد أتى أصحابنا في تدوين العلوم بالعجب العجاب وعرفوا بالصدق والأمانة والورع › ما لم يبلغ شأوه غيرهم › فلجاً بعض الكاتبين من قومنا إلى تشويه الحقائق بالدعاية الفاجرة والبهتان › حين بهرتهم تلك الأنوار الساطعة › وما خلطوا بين الإيباضية والخوارج إلا لطمس معالم الحق والصواب » حسدا من عند أنقسهم ء وأنى لمن اتخذ التشفيب مطية أن يعترف بالحق والصواب ء وقد عميت بصيرته وإنك لترى لهؤلاء من العمل على إخفاء ما يرونه من أصحابنا من الكمال الديني » والعظمة العلمية ما جعله لا يذكرون لهم في موجب الذ کر شیئا . وإنني رأيت مؤلفات دونت في التاريخ والأدب والفروع لبعض قومنا يستوجب المقام ذكر أصحابنا بما لهم فيما دوّن من الضلع » فلا يتورع أن يتجاهل ذكرهم حتى كأنهم لم يكونوا ء وذلك مبالغة وإمعانا في طمس الحق › ولا تجد من أصحابنا من هذا الأسلوب البشع › والحمد لله العلي الكبير . -538- 8 ثامنها : إن قومنا حين جمعوا الحوادث التاريخية ء واقتضت الحال أن يذكروا أصحابنا فشلوا فى قول الصواب › فخلطوا بين الإباضية والخوارج . | فتارة ينسبون الأباضية للخوارج » وتارة ينسبون الخوارج إلى الإباضية : كما يفعل الكثير من المدونين في الأصول والفروع في إضافة أقوال المعتزلة إلى الإباضية والعكس . مما أوجب التخليط والتشويه فيذهب المؤلفون الذين يعتمدون على النقل إلى ما هو أشبه بالتهريج » ولا عذر لهم عندي مطلقا . لأن الذي ينشد الحق يطلبه من ينبوعه › لا أن ينتحله حسب هواه » إنا نجد من يزعم أن ابا بلال مرداس بن حدير من الخوارج وقطري بن الفجاءة من الإباضية › والأمر على عكس ذلك . وآخر يذكر أن الإمام طالب الحق عبد الله بن يحي الكندي هو الإمام عبد الله بن إباض والحق خلاف ذلك . إذ الإمام عبد الله بن إباض توفي آخر أيام عبد الملك بن مروان . وعبد الله بن يحي طالب الحق ظهر أيام مروان الحمار سنة 130 ه . وهكذا يخلط الكاتبون من قومنا هذه الحقائق الهامة تشويها وتشغيبا » وإنظر إلى تاريخ الأندلس الذي يوجد بين أيدينا اليوم . ولا نجد للإباضية ذكرا » والحال أن الإباضية بلغؤا فى الأندلس مبلفا عظيما من العلم والمال » حتى أن جزيرة اليابسة التي هي من الأندلس كانت كلها إباضية الى القرن السادس.» بل إلى نكبة الأندلس الكبرى » وإنك لتقرأً طبقات اين سعد مثلا فلا تجد ذكرا لرجال الإباضية غیر جابر بن زید » فإنه ذکره رغم أنفه لشهرته التي أطبقت الفاق » وهكذا . احق الذي لا ريب فيه » أن وجال كل قوم قومهم أولى بهم › والتاريخ أهله أولى وأعرف بهم من سواهم › والله يقول الحق وهو يهدي السبيل . - 539 - ولقد استوجبت بدعة الخوارج أحكاما شرعية قال المسلمون يجب الفرز بين الكبائرء حتى لا يقع الإنسان في جريمة الخوارج › فالكبائر قسمان : كبائر شرك » وهی كل كبيرة خلت بالاعتقاد » کاستحلال ما حرم الله » أو تحريم ما أحل الله » أو إتكار ما علم من الدين بالضرورة » أو جحود حكم قطعي » كالرجم إلى أمشالها » وكبائر النفاق › وهي كبائر الكفر بنعمة الله › وهي : ما يطلق عليه عند أهل الحديث كفر دون الكفرء وهي كبائر الفسق عند قومنا » وذلك كارتكاب فاحشة من الزنا ء أو الإتيان في الأعجان أو أكل الحرام » أو شهادة الزور» أو عقوق الوالدين › أو ما أشبه ذلك من كبائر عملية » وكترك فريضة من فرائض الله غير مستحل » كل ذلك يسمى عند أصحابنا بكبائر النفاق » وکبائر الكفر بالنعمة . وإذا أطلق أصحابنا الكفر انصرف بالقرينة إلى الحكم فيه » هل هو مما يحل بالعقيدة أن هو من الفمل أو الترك » فيدرك نوع الكفر أهو كفر نفاق أو كفر شرك ؟ على أن أصحابنا لا يكفرون تشهيا » ولا يكفرون أهل القبلة ما دانوا يكلمة الإخلاص › والحق أنه انفردوا بذلك ولو ادعاها أرباب المذاهب . وإذا أدركت هذا علمت أن بين الإباضية والخوارج بونا بعيدا لا يجمع بينهما جامع إلا إتكار التحكيم › وهو الحق الذي لا مرية فيه . والذي يؤيده كتاب الله وسنة رسول الله مَل » وسيرة العمرين » وإجماع المسلمين › فشد يدك على الحق . ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم€ -540- وقد قال بعض أصحابنا وبه قال قومنا إن الخوارج ينكرون الرجم . والذي عندى أن هذا القول غير صحيح إلا إذا نظرنا إلى حكمهم بأن مرتكب الكبيرة مشرك حلال الدم » فإن الزاني عندهم يقتل ردة لا حدا وهذا متفرع عن حكمهم قطعا لا يحتاج إلى دعوى نكران الرجم » ولكن الأمر عندي ليس كما يتوهم » وإنما زعم من زعم من قومنإ أن الخوارج ينكرون الرجم فيه مغمز » لكنه يعود على الزاعمين بطامة : وذلك أن قومنا رووا أنه كان مما يتلى في كتاب الله : «والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة تكالا من الله والله عزيز حكيم » فأكلته العنزة » فيترتب على هذه المقالة أن القرآن وقع فيه نقص والعياذ بالله » وهذه الطامة تلازمهم وإن فروا منها بزعم أنه مما نسح لفظه وبقي حكمه . ولكن أصحابنا يقولون الرجم فرض لا من القرآن ولكن من الحديث › فقد روى الحافظ الحجة الإمام الربيع في صحيحه عن الإمام جابر بن زيد : (الاستنجاء والاختتان والوتر والرجم سنن واجبة) فصان الله الأصحاب من الخطل والحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه . 1 راي عام كبیر مۇرخ قتطفات من فصل كتبه الأستاذ مصطفى الشكمة عن الإباضية ء وقد رأيت أن أضع هذه المقتطفات كما تقلها الأستاذ إبراهيم بين يدي القارئ الكريم بما معها من تعاليق . ‎f‏ ‏قال الاستاذ إبراهيم عبد الباقي في كتابه القيم الدين والعلم الحديث ما يلي : - 541 - فوجدت فيه ما ڀأتي ص 105 : «وأما الإباضية فهم مشهورون بأنهم من فرق الخوارج على الإطلاق لأنهم لا يزالون جتى يومنا هذا يسكنون في وزنجبار وشال إفريقية › الإباضية هم أصحاب عبد الله بن إباض ء وكانت لهم صولة في الجزيرة العربية وعلى الأخص في حضرموت وصنعاء ومكة والمدينة › ولكنهم يصون کثیرا حین يسمعون أحسدا ينسبهم إلى الخوارج ويبرأون من“ تسميتهم بالخوارج › ويقولون نحن كالشافعية والحنفية والمالكية ويقولون إنهم رموا بهذا اللقب لأنهم رفضوا القزشية » أي التزام كون الإمام من قريش . وقد دخل مذهب الإباضية إلى إفريقيا في النصف الأول من القرن الثاني الهجري › وإنتشر مذهبهم بين البربر انتشارا النار في لهشيم حتى أصبح مذهبهم الرسمي » وقد حكم الإباضيون في شيال إفريقيا حكما متصلا مستقلا استمر زهاء مائة وثلاثين سنة حتى أزالهم الفاطميون . وإذا كان الإباضيون أصحاب أمجاد في الماضي فلا يزالون كذلك في عصرنا الحاضر » فهم الذين يخوضون الحرب الباسلة في عمبان ضد الإنجليزء لا يكل لهم عزم › ولا يفت في عضدهم إرهاب » وجماعة منهم يسكنون تونس والجزائر ولا شك أن أرض الجزائر تعتبر في يومنا هذا أرض الصراع والنار لأنها أندلس العصر الحديث ء وأن ما يقترف فيها من أعمال وحشية لا يقل عما ارتكبه الأسبان ضد العرب المسلمين عندما طردوهم من أسبانيا . -542 وعقيدة الإباضية تتفق مع أهل السنة في الكثير ء وتختلف في القليل يعترفون بالقرآن والحديث كمصدر للعلوم الدينية › ولكنهم يقولون بالراي بدلا من القياس والإجماع .» وقد وجدت ما قاله الأستاذ اطفیش مطابقا لما قاله صاحب المؤلف وختم المؤلف حديثه بما ياأتي : ومهما كان"الأمر فقد كان فيهم عزة ومنعة › لعل خير وصمف لهم ما قاله ابو حمزة الخارجي في اصحابه . ردود وتعالیق _ اثناءرجوعي إلى المصادر المختلفة كنت اتصفح بعض النقط التاريخية في كتاب «تحفة ة الأعيان بسيرة ‎E‏ عمان» للامام نور الدين السالمي ٠ وهو من أهم الكتب التي أرخت لعمان » وقد قام بطيع الكتاب القيم حفيدا المؤلف الأديبان : سليمان وأحمد ابنا السالمي . وقام بتصحيحه والتعليق عليه الامام بو إسحاق طفيش . وكانت تمر على كثير من النقط اثناء المطالعة تمس من قريب أو بعيد بعض المواضيع التي ناقشناها في هذا الكتاب ء فرأيت إتماما للصورة التي أردت أن أضعها أمام القارئ أن أثقل إليه بعض المواضيع والتعاليق عليها ا يول السالمي صفحة 82 ما يلي نولا نري قتل الصغير من أعل قبلتنا ولا غيرهم» ويعلق أيو إمحاق على هذا بسا يلي : ٠ حكم الأطفال أنهم من أهل الجنة لقوله ي : (سألت الله 3 اللاهين فأعطانيهم خدما لأهل الجنة) وهذا رد لقول الخوارج إن الأطفال تبع لأبائهم مستدلين على زعمهم بقوله تعالى في قوم نوح : (ولا يلدون إلا فاجرا كفارا) حملا للاية على قاعدتهم . .2 يقول السالمي في ص 114 ما يلي :«فوطئ وارث أثر السلف الصالح من المسلمين » وسار في عمان بالحق . وظهرت 543- دعوة المسلمين بعمان وعز الإسلام . وخمد الكفر» وعلق ابو إسحاق على ذلك بقوله : «المراد كفر النعمة وهو الكفر العملي لا الكفر الذي هو الشرك فتأمل ذلك فيما يأتي من قوله : ولا يسموا بالشرك أهل القبلة إلخ فليتنبه لهذه الدقيقة فإنها مزلة أقدام كثيرة » وهذا رد لعقيدة الخوارج ٠ ورد لما يدعيه قومنا زورا على أصحابنا من انهم يكفرون سواهم » ويريدون بالتكفير الحكم بالشرك › وهذه فرية تهدمها هذه الحقيقة الناصعة . 3 قال السالمي في ص 364 ما يلي : « قال أي ابن بطوطة - ويرضون عن الشقي اللعين بن ملجم ويقولون فيه العبد وعلق أبو إسحاق على هذه الفقرة بقوله : «ابن بظوطة يفتري عن عمد في هذه الأحوال التي أوردها عن عمان ولعله يقصد بذلك تشويه السمعة لأهل-عمان لأنهم يخالفونه مذهبا ء إذ يزعم أن الإباضية يترضون على أبن ملجم ويسمونه قامع الفتنة » ولو صح ما زعمه لوجعناء في كتب أصحابنا › وهم لا يخشون أحدا إلا الله ولو رأوا هذا الذي زعمه لما قال المؤلف لم نسمعها إلا من كلام ابن بطوطة هذا . بل یبین له وجهه کما ارتاوه واعتقدوه « 4 قال السالمي في ص 366 ما يلي : «قال ابن بطوطة - ويؤكل على مائدته لحم الحمار الأني ء ويباع بالسوق › لأنهم قائلون بتحليله . ولكنهم يخفون ذلك عن الوارد عليهم ولا يظهرونه لمحضره . قلت ما سمعنا ان هذا وقع في شيء من الزمان بعمان . رأهل المذهب أجل من ذلك › فإنه وإن كان يوجد قول على الأثر بتحليل ما عدا المحرم في قوله تعالى :لإقل لا أجد فيما اوحی إلى محرما على طاعم يطعمه الاية فإن هذا القول لم يختص بذكره اهل المذهب ء بل هو موجود عندهم وعند -544 - غيرهم من المخالفين ٠ وأكثر الأقوال بتحريم لحوم الحمر لاني وهو المعمول به ٠ وفيه عندنا أثر صحبح عن رسول الله ي وهل المذهب أورع من اُن يستحلوا ما صح عندهم نهي ول الله مي › ثم هو يتقذرون سن سل د قو ا 4 فكيف يجعلونه على موائدهم . ويباع في أسواقهم . «وعلق أبو إسحاق عليه بقوله : هذه الأكذوية على ما فى لاه من کلام هذا الرحالة لكي تتيقن ما نقوله فى تعمده وأمثاله بالاختلاق قصدا للتشويه وسوء السمعة . فتأمل الافتراء ينطق من عبارته إذ يقول : قائلون بتحليله ولكنهم يخفون ذلك عن الوارد ال 4 ولیت شعري کیف يخفونه وهم يقولون بتحليله فيما يزعم . والقول بتحليل الحمر الأهلية هو عند بعض أصحاب المذاهب الأربعة . أما الإباضية فلم يكن عندهم هذا القول معمولا به قط » ولا قال به أحد المحققين من فقهائنا وإنما يحكونه على أنه قول لبعض علماء الأمة . وهو قول لبعض فقهاء قومنا وأصحابنا يحكمون بكراهية التحريم على الحمر الأهلية كما يحكمون بتحريم ذوات الناب من السباع وذوات المخالب من الطير» كما كتب في الديت الصحيح (كل ذي مخلب من الطير فحرام أكله) الحديث . وأما ما ذكره المؤلف في الأمر المحلل لما عدا ما ذكرته الاية : لإقل لا أجد فيما أُوحي إلي الآية. الخ فهو قول مالك وأهل المدينة . وإن قال به بعض أصحابنا فهو متروك العلم عندنا . والله أعلم .» الحقيقة أن قول ابن بطوطة لا يحتاج إلى تكذيب لأنه يكذب نفسه » أو ر بعبارة قد تكون أوضح يحمل شواهد کذبه ممه لا سيما في هذه القضية . فهو من جهة يزعم ُن ُهل عمان يقدمون لحم الحمر على الموائّد ويبيعونه في الاسواق ٠ ومن جهه ة أخری يزعم 545 س 35 أنهم يخفون ذلك على الوارد إليهم ولا يظهرونه بمحضره » كيف يتأتى هذا » شيئ يباع في الأسواق ويقدم على الموائد » كيف يمكن إخفاؤه عن الصنادر والوارد » لا بد أن تكون مهمة الحرس البلدي شاقة في ذلك الحين › فهو يجب أن يقف على رؤوس الازقة والشوارع التي تؤدي الى الأسواق في انتباه حتى إذا: ورد عليهم وارد اصدر أمره إلى الجزارين فأخفوا على الأجانب آذان الحمر وحوافرها › ولكنهم مع ذلك غلبوا على أمرهم وكان ابن بطوطة أذكى منهم وأسرع فعرف بأمرها وأفثى برها » ولعله انتبه إليها على مائدة فاخرة في حفلة تكريم للرحالة العظيم › واعجب من كلام ابن بطوطة الرحالة القديم كلام الرحألة الجديد المحقق الصحفي لمجلة العربي الذي طوى المسافة المكانية بين الكويت وعمان ليصور المشاهد › وطوی المسافة الزمنية التي تفصل بين هذا العصر وعصر اين بطوطة ء ليأخذ منه حقائق العلم » فاكتشف أن أهل عمان يأكلون الحمير كما قال الرحالة الخطير ونقله عنه المحقق الصحفي القدير . والحمد لكه الذي جعل المحقق يسافر إلى جنوب الجزيرة التي لم تدخلها أسباب الحضارة وإلا لاكتثف أن قوما يأ كلون لحم الخنزير » ويسيغونه بأغلى أنواع العصير وهم لا يخفون ذلك عن الوارد والصادر . أحسب أن في هذا كفاية لعرض آراء الإباضية فى هذه النقط وبعضها سبقت مناقشتها فيما مضى » والحمد لله أولا وأخيرا . إجابات وردود وقعت بين يدي مجموعة من الردود على الشيخ محمد كامل ابن مصطفى بن محمود الطرابلسي المنفي فرجعت إلى كتابه القيم الفتاوى الكاملية فوجدت فيها ما يلي : -546- سئلت عن أهل طرابلس الغرب الذين لا يتمذهبون بمذهب من إنهم يتمذهبون بمذهب الإمام عبد الله بن إباض ء وهم إباضية وهم من جملة الخوارج › وقد قسم في المواقف الخوارج إلى سبع فرق إحداها الإباضية › قال إنهم قالوا : مخالفونا من أهل القبلة كفار غير مشركين تجوز مناكحتهم › وعنيمة اموالهم من سلاحهم وكراعهم حلال عند الحرب دون غيره ء ودارهم دار إسلام إلا معسكر سلطانهم » وقالوا تقبل شهادة مخالفيهم » ومرتكب الكبيرة موحد غير مؤمن ء بناء على أن الأعمال داخلة في الإيمان » والاستطاعة قبل الفعل » وفعل العبد. مخلوق لله تعالى » ومرتكب الكبيرة كافر كفر نعمة لا ملة ء وتوقفوا في تكفير أولاد الكفار وتعذيبهم » وتوقفوا في النفاق أهو شرك أم لا ؟ وفي جواز بعثة رسول بلا دليل ومعجزة › وتکليف أتباعه فيما يرمي إليه » أي ترددوأ في أن ذلك جائز أم لا وكفروا عليا وأكثر أصحابه » وافترقوا فرقا أربعا ء أنظرهم في المواقف والله تعالى أعلم . انتشرت هذه الإجابة فيما يبدوء وكان لها رد فعل عنيف وكتبت عليها كثیر من الردود منها رد قطب الأئمة 4 ومنها رد مطول للشيخ سعيد التعاريتي في كتاب سياه «المسلك المحمود في معرفة الردود» ۰ f £ 1 ولعل مما تتم به الصورة أن اررد للقارئ الكريم مقتطفات من الردين . 547 - رد قطب الأئمة أما بعد » فإنه اتصلت من الكاتب محمد بن الحاج يوسف ننيلة مضت من شعبان 1314 ورقة فيها : ثم ذكر الأقوال التي ذكرها كامل بن مصطفى تقلا عن العضد › وتتبعها وإلى القارئ الكريم تلك الردود بنتصوصها مجردة عن الاحتجاج . «لا نحل مال الموحد لا بالكبيرة ولا بالصغيرة في حرب ولا غيرها لا للفني ولا للفقير » ونحن لا نقول بالخروج عن سلاطين الجور الموحدين › ومن نسب إلينا وجوب الخروج فقه جهل مذهبنا » «وأما ما ذكر من القول بأن دار الإسلام غير دار سلطانهم فلا قائل به » فإنه لم تكن دار سلطانهم دار إسلام » فکیف تکون دار غيرهم دار إسلام . وأما كون مرتكب الكبيرة موحدا غير مؤمن فهو مذهبنا : وعليه البخاري والمحدثون › ذكره الشعراني .» «نقبل شهادة مخالفينا ذا كانوا ورعين في دیانتهم.» «ونقول مرتكب الكبيرة كافر كفر نعمة › وكافربالجارحة › وفاسق ومتافق بمعنى مخالفة أفعاله لأقواله › لإقراره بكلمة الشهادة .» «ونقول أفعالنا خلق من الله وكب مناه «منا من توقف في أطفال المشركين » ومنا من يقول إِنهم في الحنة .( «نحن لا تتوقف في النفاق بل نجزم أنه غير شرك ونقطع بذلك .( «نحن ل نقول بجواز بعنه الرسل بلا حجهة ولا معجره.» - 548 - «وأما الاستطاعة فهى عندنا مع الفعل لا قبله.» هذا ملخص رد القطب عن الفتوى السابقة وقد أوردته مجردا من الحجج التي أوردها لتأييد آراء الإباضية في المواضيع السابقة › وقد حرصت أو أورد هذه المقتطفات بنصه . والرسالةمخطوطة ضمن مجموعة من الرسائل والردود عند أستاذنا الفاضل الشيخ سالم بن يعقوب الجربي . رد التعاريتي عندما أصدر الشيخ كامل بن مصطفى هذه الفتوى كما أراد أن يسميها › كان الشيخ سعيد التعاريتي الجربي في جبل نفوسة للدراسة والتعلم › وبلفته الرسالة كما بلغت غيره › فاهتم لها وألف في الرد عليها كتابه المسلك المحمود في معرفة الردود › وهو كتاب يقع في حوالي 270 صفحة متوسطة الحجم مطبوع طبعة حجرية وقد ناقش فيه تلك الفتوى مناقشة مسهبة . والقارئ الكريم لا شك أنه يذكر ما تقلناه عنه في فصل «رأي الإباضية في الصحابة وسوف ننقل هنا بعض المقتطفات لنعطي له صورة عن أسلوب هذا الكتاب القيم . يقول في الإمام ص51 : «وللامة عزله لموجب › كأن يقع منه ما يخل يأمور المسلمين › فإن أدى عزله إلى الفتنة ارتكب أخف الضررين ء ويجوز إمامة المفضول مع وجود الفاضل خلافا لقوم كالإمامية . هذا ما عليه أصحابنا وهو بعينه مذهب الأشاعرة.». ويقول في غنيمة أموال المسلمين في نفس الصفحة ما يلي : «وقولك إنهم قالوا غنيمة أموال مخالفيهم من سلاحهم وكراعهم حلال عند الحرب غير صحيح . إذ تآليف أصحابنا كلها ناطقةبتحر يم أموال هل القبلة في الحرب وغيرها . للغني والفقير» -549- ويقول في صفحة 79 ما يلي : «وأما قولك : وكفروا عليا وأكثر أصحابه فقد علمت ما فيه في صدر الرسالة » وبعد عدة سطور يقول : إذا علمت ما قررنا وانتقش في صحيفة ذهنك ما كتبناه ء وجب عليك الإنصاف وترك التعصب والاعتساف › وليت شعري من أين لك أن ترمي المسلمين بالياطل » وتنسب إِليهم ما هو عن الصحة عاطل › فهل عرفت ذلك بالاطلاع على كتبهم › أو بمباحثة وقعت لك مع علمائهم ‏ أو بلك من بعض الأوباش المتشدقين › وماذا عليك لو عملت بقوله تعالى : لياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنباً فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين » وقوله : إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم .€ وقوله لولا إذ ممعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا » سبحانك هذا بهتان عظيم . أتقولون على الله وأوليائه مالا تعلون » وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. فإن قلت أني لم آت بشئ من عندي » وإنما هو كلام صاحب المواقف لم ينسب ذلك للوهبية المتبعين لهم أهل الجبل الذين جزمت فیهم بما ذکر» ويقول بعد أسطر : «فلو تمهلت وسألت أمر طلبتنا » أو أخذت كتابا من كتبنا » وبعد عدة سطور ينقل كلام التاج السبكي فيقول : «ولعل سبيه عدم التحري في النقل » وهذا دأب كثير من العلماء كما قال التاج السبكي في طبقاته : إن المؤرخين على شفا -550- جرف هار » لأنهم يتسلطون على أعراض الناس › وربما وضعوا في الناس تعصبا أو جهلا أو اعتمادا على نقل من لا به» أحسب أن هذا مع ما تقلناء عنه في فضل الصحابة يكفي لإعطائنا صورة عن أبلوب التعاريتي في مناقشته لبعض المسائل التي تنسب إلى الإباضية وليست في مقالاتهم . -551- كلمة الختام بعد أن أنجزت هذا العمل على الوجه الذي رأيته » مررت عليه مرا سريعا قبل أن أقدمه للنثر › فبدت لي فيه كثير من العيوب والمآخذ . ينها ما يتعلق بالأسلوب › ومنها ما يتعلق بالعرض ء ومنها ما يتعلق بموقفي مع الكتاب الأفاضل الذين ناقشتهم فيما قدموه من أبحاث . وقلت في ن تي ألا يكون من الأحسن أن أتمهل وأن أعيد النظر فيه من جديد وأن أصوغ ما يحتاج منه لإعادة الصياغة على النمط الذي يرضيني ليسلم من تلك العيوب والمآخذ . ولكن سرعان ما أبعدت هذا الخاطر › وأيقنت أنني مهما حاولت أن أصل بعملي إلى درجة من الإتقان أرضى عنها كل الرضا فإن ذلك لا يتحقق . وكلما أعدت العمل وأصلحت ما بدا لي من العيوب تكشفت عيوب جديدة وملاحظات لها حظ من النظر › ولن تنتهي هذه الللة أبدا ولعل هذا الإدراك النفسي من الإنسان لعجزه وقصوره هو من فطرة الله في الإنسان › حتى يعلم أن الكمال لله وحده ء وأن البشر مهما حاول وبذل فهو عرضة للقصور والتقصير › وأنه هو نفسه يدرك ذلك من نفسه قبل أن يدركه الناس فيه › وليت شمري . هل وجد إنسان ما أتجز عملا ما » ثم وقف يفكر فيه . فلم يجد فيه عيبا ولم يقل بینه وبين تفه لیت ؟ أا أن فهنا الموقف لم يمر بي أيدا . وما أنجزت عملا ثم استعرضته فلم أجد فيه من العيوب ما جعلني أردد ليتني فعلت كذا وليتني ترکت کذا . وفي ختام هذه الكلمة يسرني أن أقدم شكري الخالص لكل الإخوة الذين أمدونى بمساعدتهم لإنجازه على هذا الوجه . أخص -552- من بينهم أولمك الذين أتاحوا له أن ينشر خدمة للثقافة الإسلامية ٠ وإيضاحا لاتحاد أوتقارب آراءالمسلمين › بمختلف مذاهبهم إيضاحا يقصي على کید السياسة الماكرة من دول تعتنق الإسلام <« وعلی دسائس دول مستعمرة يهمها أن يموت الإسلام . والله من وراء القصد وهو حسبي ونعم الوكيل -553- دعاء الختام الهم إنك تعلم أني ما قصدت بعملي هذا غير وجهك الكريم › فان كان لك فيه رض ولي فيه أجر وللامة فيه صلاح فيسر لي نشره بين الناس ء ووفقني إلى المزيد من العمل الصالح واجملني ممن يعمل بالحق ويدعو ليه . اللهم إني أضرع إليك أن تأخذ بيدي في منهاج الرشد والتوفيق . وأن تعصني من الانزلاق في مسارب الزيغ والضلال وأن تغفر لي خطئي وعمدي » وإسرافي في أمري ء وكل ذلك عندى . . . أمين . -554- تفسير القوان العظيم مجمع البيان شرح صحیح الربیع بن حبیب وفاء الضمانة الفرق بين الفرق مقالات الإسلاميين الملل والأهواء والتحل التبصير في الدين تاريخ الفرق الاسلامية المذاهب الإسلامية تاريخ المذاهب الاسلامية المذاهب والفرق والأديان المعاصرة الإفريقية مقدمة ديوان أبي بكر الستالي مقدمة خلاصة الوسائل مقدمة الجزء الثالث من شرح المسند الدين والعلم الحديث الدولة العربية يوليوس فلهاوزن الخوارج والشيعة يوليوس فلهاوزن الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي الفردبل “ ماضي إفريقيا ٳميل جوتییه بحوث في المعتزلة کارلو نللينو الكامل أبو الفداء اساعيل بن كثير أبو علي الطبرسي أبو زكرياء النووي نور الدين السالمي عبد القادر البغدادي أبو الحسن الأشعري أبو المظفر الاسفراييني .محمد بو زهره محمد ابو زهرة عبدالقادر شيبة الحمد د. يحیی هويدي عز الدين التنوخي عز الدين التنوخي عز الدين التنوخي محمد إبراهيم عبد الباقي ترجمة أبي ريدة ترجمة عبد الرحمن بدوي ترجمة عبد الرحمن بدوي ترجمة هاشم الحسيني ترجمة عبدالرحمن بدوي أبو العباس المبرد -555-۔ شرح نهج البلاغة إرشاد الفحول شرح النيل اعلام الموقعين طلعة الڈمس شامل الأصل والفرع الموجز'«مخطوط» السؤالات «تخطوط» زاد المعاد كتاب السير طبقات المشائخ الازهار الرياضية كتاب العبر تاريخ الامم والملوك هروج الذهب المسلك المخمود في معرفة الردود قناطر الخيرات ` قواعد الإسلام تحفة الاعيان کاب الديانات ت الفرق 7 ابن خافون الديانات الدعاية الى سبيل المؤمنين النقد الجليل للعتب الجميل عمان تاريخ يتكلم مالا يجوز فيه الخلاف عقيد التوحيد وشروحها الدليل والبرهان إلام بلا مذاهب مالك بن نى قطب الأئمة محمد طفیش ابن القيم الجوزية نور الدين السالمي قطب الأئمة محمد طفيش بو عمار عبد الكافي أبو عمرو عثمان بن خليفة ابن القيم الجوزية ابو العباس الثماخى أبو العباسى الدرجينى سلیمان باشا البارون عبد الرحمن بن خلدون ابو جعفر الطبري أبو الحسن المسعودي سعيد التعاريتي بو طاهر الجيطالي بو طظاهر الجيطالي ور الدين السالمي و عمرو عثمان بن خليقة بو يعقوب يوسف بن خلفون تبفورين الملثبوطي ابو إسحاق طفيش أبو إسحاق طفيش سليمان .أحمد ابنا محمد السالمى عبد الجليل عيسى ۱ عمرو بن جميع يو يعقوب الوارجلاني مصطفى الشكعة ` ` هحمد ابو رهرهة 556 - تاريخ الفتح العربي في ليبيا الطاهر الزاوي علم أصول الفقه عبد الوهاب خلاف دیوان التندميرتي (مع ديوان عمرو بن عيى التندميرتي الباروني) الحلقة الرابعة من فتاوي بيوض بيوض إبراهیم بن عمر متن النيل (تعاليق بكلى) بكلي عبد الرحمن رسالد ًب مهدي ۱ بو مهدي المصعبي رسالة المصعبى محمد بن يوسف المصعبي مجموعة رسائل قطب الائمة محمد طفيش رسالة الجيلاتى أبو الربيع الجيلاتي الجواهر المنتقاة أبو القاسم البرادي سلم العامة والمبتدئين عبدالله يحيى الباروني مختصر تاريخ الإباضية أيو الربيع الباروتي القول المتين أبو الفضل قاسم الثماخي المغرب الكبير محمد علي دبوز الإباضية في موكب التاريخ علي يحي معمر - 557 - الموضوع الصفحة يا أخى من الله ‎TO‏ ‏قيل.عن الإباضية .9 مقدمة ‎I0‏ الباب الأول الإباضية في قفص الاتهام الإباضية في قفص الاتهام ‎IS‏ ‏القمم الاول : مع القدماء ‎ed‏ ‏الإباضية عند الأشعري 23 تشنيعات الأشعري على الإباضية ‎e.‏ 33 مقالات الإباضية عند الأشعري ‏ . . .` 40 البغدادي والإباضية 46 ابن حزم والاباضية 55 أبو المظفر الاسفرايينى والإباضية 64 أبو الفتح الشهرستاني والإباضية 69 الباب الثاني مع المعاصرين القسم الثاني : مع المعاصرين .2 75 مع الاستاذ على مصطفى الغوابي 719 مع الاستاذ بي زهرة ‎98B... EES‏ مع عبد القادر شيبة الحمد. ...114 خلاصة مذهب الاباضية 122 مع الدكتور هويدي ‎TEESE‏ .126 مع الدكتور هويدي أيضا ...134 د. هويدي في تبعية المنتشرقين 43.0[ عز الدين التنوجي ‎WEES‏ ...... .156 مع إبراهيم محمد عبد الباقي ‎e.‏ ...172 مع الأستاذين التنوخي وإبراهيم عبدالباقي .. .176 -558- الباب الغالث المستشرقون القمم الثالث : المستثرقون ‎Le.‏ ‏مع اميل فیلکس جوتییه .218 مع کارلو الفرنسو نيلينو .253 اللقاء بين الإباضية وأهل السنة .. .ا .281 الباب الرابع آراء للإباضية القسم الرابع : آراء للاباضية ...289 فرق الإباضية .292 .304 الخلفية ‎IE‏ ‏الحسينية 34 السكاكية ‎I]‏ ‏الفرئية 318 آراء الإباضية فى الصحابة ‎e.‏ ]32 الحكم في نظر الإباضية ` 333 حكم الدار . .. .340 التعامل بين المتخالفين ‎SE.‏ ‏المنزلة بين المنتزلين 360 مسائل فقهية اجتهادية 370 خلاصة آراء الإباضية .387 الباب الخامس مفاهيم يجب أن تختفي القسم الخامس : مفاهيم يجب أن تختفي - ...3995 أهل السنة وأهل البدعة .397 مفاهیم بجحب أن تختفي ..ء ...404 مكان الإباضية بين المذاهب الإسلامية ...404 مفاهيم يجب ان تختفي .412 -559 - الجدل في اللوازم وليس في أصول العقائد ‎n.‏ .12 مفاهيم يجب يجب أن تختفي 21 فى الاجماع ‎L2‏ ‏مفاهيم يجب أن تختفي ‎EFE‏ .31 الفرق يين الفتنة والخروج .... ,31 مفاهيم يجب ان تختفي ‎A50‏ ‏تأثر المذاهب الدينية بالاتجاهات السياسية ‎e.‏ .451 مفاهيم يجب ان تختفي .462 مقارنة 462 الباب السادس ملحوظات... وتعليقات القمم السادس : ملاحظات وتعليقيات ...467 الخوارج أيضاً .470 وساطة المعتزلة .482 ت ثير المعتزلة ‎RB‏ ‏التقاء الخوارج والمعتزلة ‎S3‏ ‏راي شخصي ‎S15. . e‏ نبدة عن الخوار ج . .]53 رأي عالم كبير مۇرخ .541 ردود وتماليق ‎Cs‏ . . .543 إجابات وردود ‎S46‏ ‏كلمة الختام .552 دعاء الختام ‎S54‏ ‏المراجع .555 ب 560 - ابو صفرة عبد الملك بن أبي صفرة : 29 ابو الحسن الأبدلاني : 30 - 65 افلح بن عبد الوهاب : 30 - 129 - 133 - 274 - 294 295 _ 304 _ 309 ابو عيس الخراساني : 30 ابن قطان : 423 ابو اليقظان بن افلح : 30 ابو منصور الیاس : 30 ۔ 65 ابو شاكر الديصاني الفارىسي : 277 282 ابو خزر یعلی بن ايوب : 30 ابو بکر الرازي : 424 ابو القاسم يزيد بن مخلد : 521 ابو يعلى القاضي : 424 الامدي : 424 ابن النديم : 41 ابو يعقوب يوسف الوارجلاني : 42 - 132 - 278 - 334 346 _ 349 351 - 353 - 356 - 383 - 384 518 519 - 520 _ 525 ابو بكر الصديق (ض) : 51 - 122 - 131 - 388 429 484 485 _ 527 - 532 535 ابو انيسة : 55 56 ابو المظفر : 66 - 562 - ابو حنيفة (الامام) : 67 _ 159 - 283 _ 400 _ 458 - 463 _ 464 491 - 495 _ 496 _ 498 أحمد بن حنبل (الامام) : 67 _ 159 - 160 - 163 - 401 - 458 479 - 463 - 491 - 495 ابو منصور الماثريدي : 283 500 506 511 ابو علي القالي : 534 ابو النضر العماني : 283 ابو قدامة يزيد بن فندین : 298 _ 299 _ 310 ابو العباس الدرجيني : 301 - 361 - 322 - 328 - 444 ابو سليمان يعقوب بن أفلح : 318 أحمد بن الحسين : 381 ابو زياد أحمد بن حبیب الطرابلسي : 314 ابو حنان صالح بن المريان : 318 ابو المهدي : 321 322 326 ابو علي بن الحسين البهلولي : 321 . 326 ابو الربيع سليمان الجيلامي : 323 . 327 328 ابو حفص ٠ عمرو بن عيسى التنذمرتي : 323 328 ابو زكريا . يحي بن يونس القرسطائي : 325 329 ابو سته : 330 ابو بلال مرداس بن ادية : 354 - 431 ۔ 536 539 ابو محمد عبد .الله الصدويكشي : 360 ابو بکر بن عمر : 347 ابن بركة ابو محمد عبد الله : 348 - 563 - ابن المندر : 377: ابو زهرة محمد : 75 - 77 - 98 - 99 - 112 - 122 - 387 - 390 392 - 452 - 453 اسماء بنت ابي بکر : 454 ابو العباس المبرد : 158 - 160 - 186 - 400 - 448 - 449 - 487 ابن ابي ليلى : 463 ابو يوسف : 464 491 ابن المبارك : 491 ابو الحسن القر افي : 491 ابو الحسن الكيداني : 494 ابو الفرج بن الخطيب الحنبلي : 495 ابن حبيب المالكي : 495 _ 496 ابن الحداد : 496 ابن عدلان (القاصي ( : 497 ابن زياد : 431 438 - 444 _ 447 _ 449 521 اب اليسر : 496 الأاشعث بن فيس : 436 - 440 533 ابن العربي : 500 ام نافع بن خليفة : 438 443 444 ابن رشد (الفيلسوف) : 520 ابو الحر علي بن الحصين : 536 ابو سفيان قنبر البصري : 536 الاحنف بن قيس : 534 - 564 - ابو حمزة المختار (الشاري) : 73 - 431 - 543 ابو العباس السفاح : 93 ابو نصر الملوشائي : 275 ابن تيمية : 109 _ 400 _ 405 - 478 _ 497 - 502 - 505 ابراهيم النخعي : 121 - 377 534 ابو يونس وسيم بن سعيد : 128 - 129 - 130 - 131 اہو بکر بن افلح : 128 ۔ 133 ابو زكرياء : 129 - 246 315 ابو يونس سعد بن وسيم : 129 - 130 ۔ 133 ابو قرة اليفرني : 145 149 ابن ابي الحدید : 146 - 437 440 ابن خلدون : 156 ۔ 205 207 216 217 الاوزاعي : 159 - 163 - 463 ابن خيثمة : 159 ابو حاشم الرازي : 159 ابو داود : 160 163 168 ابو موسى الاشعري (ض) : 533 ابن مسعود (ض) : 161 ابن سعد : 539 ابو منصور التميمي : 161 ابو عاص النيال :162 ابو اسحاق ابراهیم بن ناجي : 163 ابن جریر : 163 565 - ابن عبد البر : 163 اپو جعفر المنصور : 163 ابو هريرة : 164 ابو سعيد الخدري : 164 اساعیل بن درار : 164 ابو داود القبلي : 164 اياس بن معاوية : 164 أيوب : 165 _ 405 ابن نبهان : 166 ابن بطوطة : 166 _ 544 _ 545 _ 546 ابو اسحاق الحضرمي : 167 ابن ماجة : 168 الاشتر : 186 الفردبل :: 212 - 218 220 223 ابو عثمان الدجي : 244 ب البغدادي عبد القاهر بن طاهر : 21 - 22 - 46 - 49 51 - 56 _ 64 - 65 - 66 - 79 106 - 462 - 466 البفدادي › الخطيب : 283 بکلي عبد الرحمن (الشيخ) : 91 بيوض » ابراهم (الشيخ) : 92 274 377 375 500 البخاري (الامام) : 157 - 160 - 162 - 169 492 494 497 548 _ - 566 - البيهقى : 168 البكري : 205 209 البافلاني : 499 ت التنوخي › عز الدين : 75 - 78 - 156 - 157 - 160 - 176 - 189 الترمذي : 168 تحية بن عبدين : 310 تبفورين بن داود الملشوطي : 265 362 تاشفين بن علي : 349 غم بن حویص : 405 التحاريتي › ځحود : 498 499 500 - 522 - 524 525 التحاريتى » سعيد : 329 - 494 - 548 - 549 - 552 ٠ ثعلىة : 36 - 37 الوري : 463 ُامة :496 E 159 - 157 - 91 90 45 - 42 - 29 : ‏جابر بن زيد (الامام)‎ 302 - 293 - 278 277 264 263 - 260 - 171 169 536 - 523 - 521 500 - 478 - 459 - 408 - 400 346 541 - 539 _ - 567 - بير : 458 جعفر بن الماك : 29 - 91 - 164 - 344 535 الجويني : 424 الجلنذي بن مسعود :29 جعفر الصادق : 99 جوتییه . اميل فلیکس : 145 - 149 - 191 - 204 215 252 جابر بن عبد الله : 164 الجناوني » ابو زكرياء ييي بن ابي الخیر : 174 جول تسيهر : 79 - 211 215 - 218 - 253 - 254 257 - 389 جرجير : 224 225 جرير : 491 الجاحظ : 496 ح حفص بن الي مقدام : 23 25 26 85 - 131 حارث الأباضي : 24 27 57 85 الججاج بن يوسف : 68 - 183 302 344 _ 346 _ 354 - 473 477 - 521 - 523 - 534 الحارني صالح بن عیسی : 158 حيان الاعرج : 165 405 الحسن البصري (الامام) : 186 260 - 263 278 285 256 _ 377 _ 405 _ 406 - 408 جمزة الكوفي : 293 295 الحارث الحاسى : 464 - 568 - الحسن بن علي (ض) : 91 - 436 - 440 441 _ 458 الحباب: بن کیب : 536 الحباب بن الكاتب : 536 ح خلاد بن یجي : 162 خلف بن المح : 165 - 312 الخروصي » سالم بن راشد : 166 الخليلي › ابو عبد الله عمد : 173 الخروصي ٠ سيف بن ناصر : 174 خديجة (ام المؤمنين) (ض) : 454 ۵ دوزي : 145 _ 148 الدارمي : 136 الدارقطني : 168 داود بن عیسی : 495 ر الربيع بن حبيب : 29 157 - 168 - 293 298 300 333 _ 405 _ 523 - 531 - 541 الرازى ؛ 65 - 66 - 79 - 424 496 - 500 ` الربيع بن صبيح : 160 - 161 رينان (المستشرق) : 217 رست : 236 راشد بن النضر : 344 - 569 - ر زيد بن علي زين المابدين (ض) : 99 - 179 - 183 - 354 401 _ 526 زياد : 183 521 - 534 536 الزبير بن العوام (ض) : 241 - 354 406 - 450 - 472 475 526 480 _ الزركثي : 423 التالي . ابو بكر بن أحمد بن سعید : 156 الساملي » ممد بن عبد الله : 156 - 157 - 173 السالي ٠ سلهان بن ممد بن عبد الله : 156 السالي ٠ احمد بن محمد بن عبد الله : 156 اللالي . نورالدين : 158 - 160 - 166 - 168 - 170 - 294 س _ 295 -_ 333 - 343 - 357 - 377 - 422 - 438 - 543 - 544 سالم بن عبد الله بن عمر : 161 ۔ 377 سالم بن يعقوب الجربي : 549 الفاريني . محمد : 162 سفیان الثوري : 163 سعید بن جبير : 179 - 183 - 354 534 سعيد بن المسيب : 260 - 405 سهل بن صالح : 293 سعد بن ابي يونس النفوىي : 304 305 306 309 سالم مولى حديفة : 527 سالم بن ذکوان : 536 -570- شش الشهرستاني : 19 - 20 - 21 - 72-71-69-65 79-74-73 340 - 281 - 278 80 - شبية الجمد ء عبد القادر : 50 - 75 - 77 - 114 - 124 - 380 - 386 484 - 392 - 390 الشافعي (الامام) : 60 - 67 - 124 - 159 - 161 - 163 - 377 400 - 463 _ 464 _ 492 _ 498 الشماخي ممد بن سعيد بن ابي وسم : 127 - 134 169 ۱ لشنقيطى : 120 الشكعة مصطفى : 173 - 185 - 281 - 541 542 الشماخى » عامر بن على : 254 - 255 - 261 - 265 - 272 275 360 _ الثماخى ابو العباس امد : 265 294 295 الشعبي : 354 الشوكاني : 423 429 الشرازي : 492 ص صحار العبدي :. 29 - 91 - 521 الصلت بن مالك : 30 صالح بن عبد الرحمن : 406 صفية (أم المؤمنين) (ض) : 454 الصفدي : 495 صح د / محمود : 468 - 530 -571- ض ضام بن السائب (ض) : 29 165 - 521 ضار السعيد : 164 طط الطبراني : 168 طفيش ٠ محمد بن يوسف (قطب الاأممة) : 174 - 183 - 326 329 _ 333 - 347 - 519 - 523 - 547 - 548 - 549 طفيش › ابو اسحاتق ابراه : 172 - 173 - 174 - 189 283 325 - 344 - 438 - 465 - 469 - 531 - 543 - 544 - 545 طلحة بن عبيدة (ض) : 183 - 214 - 354 - 400 - 450 - 472 _ 475 _ 480 طلاي ابراهم : 444 ع عياض (العاضي) : 456 - 497 502 عبد الله بن يزيد (الفزاري) : 300 عبد الله بن يجي (طالب الحق) : 29 - 72 - 73 - 93 - 164 539 عطية ؟ : 293 295 عمر بن الفضل : 497 عبد الرحمن بن رست : 30 - 42 - 164 - 236 - 237 - 242 276 _ 298 عبد الرحمن بن عبد ال رمن : 298 - 299 321 عبد الله بن خباب (ض) 473 478 480 عمروس بن فتح : 30 ۔ 265 -572- عیسی بن مير : 315 عبد الجبار بن :36 عبد الكرم بن عجرد : 36 عبد الله ,السكاك اللواتي : 316 عبد الرحمن الاشعث : 354 526 عبد الله بن يزيد : 41 عبد الله بن عبد العزيز : 293 295 - 296 - 331 336 عبد الله بن إباص : 41 - 49 - 59 - 60 - 61 - 74-72-64 - 85 - 90 - 99 120 121 - 160 - 169 - 272 - 336 - 405 _ 448 _ 449 520 523 - 536 - 539 مر بن عبد العزيز : 67 - 516 ب 535 - 536 عكرمة مولی بن عباس : 406 عبد املك بن مد : 72 عبد املك بن مروان : 72 - 93 405 479 - 536 539 عبند الباق ايراهم : 75 - 78 - 104 - 105 - 172 - 173 - 176 186 - 189 - 380 - 391 - 534 - 541 عبد الرحمن بن ملجم : 131 - 440 - 441 544 على بن ابي طالب (ض) : 80 82 83 _ 146 _ 156 183 186 - 325 - 326 - 329 - 331 - 346 406 - 431 - 440 485 - 482 - 479 476 460 454 - 453 - 450 _ 446 534 - 533 - 532 عبد الوهاب خلاف : 421 490 - 573 -۔ عبد الجليل عيسى : 492 عبد الرحمن بن مطرف : 534 عبد الله بن مسعود : 318 عبد الله بن ابي بن سلول : 437 عطاء بن.رباح : 91 260 عثان (ض) : 131 - 183 277 326 - 329 331 - 406 - 432 _ 431 - 435 - 445 - 455 - 471 - 485 مر (ض) : 131 - 173 - 429 - 434 - 484 - 527 532 عروة بن الزبير : 377 عقبة بن نافع : 152 153 214 عبد الرحمن بن حبيب الفهري : 153 عمرو بن العاص : 154 533 عبد الله بن عباس : 157 - 159 - 161 - 169 - 186 - 264 _ 454 472 علقمة : 161 عائشة (أم المؤمنين) (ض) 164 - 183 - 0264 454 علي بن يوسف : 347 عاصم السدراتي : 164 ٠ عبد الله بن عمر (ض) 161 165 171 - 381 عمرو بن دینار : 165 _ 406 'عبه الله بن الزبير (ض) : 179 - 180 183 - 361 _ 454 460 عبید الله بن زياد : 183 عمار بن ياسر (ض) : 186 532 -574- عبد الله بن وهب الراسبي (ض) : 533 عبد الله بن الصفار : 531 عبد الرحمن بدوي : 212 253 مرو بن جميع : 253 264 275 374 غ الغوابي د / مصطفى علي ٠ 75 77 79 - 81 - 96 - 285 - 286 _ 446 _ 455 غالب بن علي : 173 الغا ي . ابو حامد : 287 459 499 516 : 293 296 ف فیدال دي لابلاش : 201 204 الفرجاني هاٹم الممسيني : 215 223 - 233 الغراني عبد الخالق : 265 فخر الدين التهي : 492 (Gs: فتادة : 159 165 _ 405 فصر : 364 قطري بن الفجاءة : 539 الكوثري ممد زاهد : 65 66 الكعى : 72 - 73 الكثاني : 120 - 575 - الكاهنة : 206 _ 209 228 کارل هينرش : 211 212 کسری : 364 اللاوردي : 495 مد بن پانس : 30 حك المواري : 30 محمد بن الصفار : 438 اللهنا بن ضيفر : 30 مؤسی بن علي : 30 مجاهد : 406 اللهلب بن الي صفرة : 443 - 483 532 محمد بن عابد : 30 مد بن حرب : 41 42 محمد حي الدين عبد اميد : 46 مد بن ادریس : 60 اللسعودي : 67 - 68 - 205 209 - 432 - 433 - 434 مروان بن محمد : 72 - 405 - 417 445 539 معاوية ابن الي سفيان (ض) : 81 - 156 - 183 - 346 432 _ 433 - 435 - 441 - 450 - 475 - 480 - 533 مالك ابن : 67 - 137 - 159 - 161 163 - 164 186 _ 293 - 400 - 401 - 406 - 424 _ 458 - 463 - 464 - 491 496 _ -576- مسلم (المحدث) : 157 _ 160 _ 492 _ 494 محمد بن عبد الله الانصاري : 162 المأمون : 183 ماکس : مابرهوف : 207 ماسكوراي : 233 238 247 250 موتيلنىكي : 253 - 274 ` مثبر عبد القادر سلطان : 274 277 مسعود الأندلسي : 298 مخلد بن كيداد اليفرني : 300 301 ممد بن ابي القاسم المصعي : 325 محمد بن زائد : 344 اللنذر بن جارود : 406 محمد بن عبد الوهاب : 406 محمد بن الحسن : 464 محمد بن سبکتکین : 498 محمد بن عقيل العلوي : 325 محمد كامل بن مصطفى الطرابلسي : 546 548 549 ل نافع بن الازرق : 90 - 161 - 431 - 438 447 450 465 476 - 477 - 478 - 513 - 538 نفاث بن نصر : 129 _ 304 308 311 النبهاني : 187 النسائى : 168 ۱ 37 نيرون : 223 ر - 577 نلينو (كارلو) : 191 _ 194 231 253 257 260 276 279 280 281 _ 287 _ 340 _ 389 _ 384 _ 389 عمرو النامي : 294 نوبار (ملك الودان) : 307 ` النووي : 424 نحده بن عامر : 8 - 531 هھ هلال بن عطية الخراساني : 29 هود بن محک : 30 هویدي د / یح : 75 77 - 126 139 155 و الوليد بن عبد املك : 67 68 واصل بن عطاء : 260 263 277 278 478 ي يوسف بن تاشفين : 347 يجي بن عير : 347 يجي بن کامل ::41 42 يزيد بن ابي مسلم : 406 يزيد بن عبد املك : 354 يعقوب بن عا : 521 يجي بن معین : 159 ۔ 160 يزيد بن معاوية : 441 يوسف (عليه السلام) : 328 329 يجي بن زید : 183 354 يوسف بن ميال : 310 جى بن ابي بكر بن الحسن بن نفاث : 3354 يزيد بن أنيسه : 23 - 26 - 835 -578- الفرق والمذاهب ملحوظة : لم نفهرس مادة «إباضية» لكثرتها ولأنمڄا موضوع الكتاب . ا الامامية : 48 _ 424 - 524 _ 549 الأزارفة : 82 142 156 - 169 - 417 - 436 - 444 - 465 523 - 533 - 538 الاثى عشرية : 99 489 الابراهمية : 121 الاشاعرة : 262 269 - 271 - 276 - 286 - 287 - 361 - 390 398 400 - 416 - 407 - 451 - 456 - 460 - 488 - 489 499 _ 500 _ 528 الأثرية : 400 460 500 505 الاسياعلة : 524 ب البيهسية : 121 - 142 البكرية : 463 ت المزينية : 128 130 ت الشعالة : 39 59 61 ج الجهمية : 48 463 الجعفرية : 101 - 109 400 الجر ب : 70 الجارودية : 463 - 524 - 579 ح الجغفصية : 23 73-50-49-25 - 131-126-121-85 _ 495 _ 499 501 502 - 506 الحارثية : 49 - 50 - 73 - 85 - 121 الجنفية : 109 - 138 - 140 - 141 - 151 - 168 - 403 - 424 409 .491 - 492 - 542 المنابلة : 109 - 168 - 287 - 409 - 424 - 425 - 427 - 451 _ 491 _ 495 _ 496 - 502 _ 505 _ 506 - 511 الجسينية : 135 - 297 - 314 - 319 - 362 الحشوية : 495 ۱ ح الخلفية : 297 312 319 320 الحوارج : 18 - 19 - 23 - 39 - 48 - 51 - 53 - 65 - 67 68 .71 - 79 - 80 101 - 110 - 112 - 113 - 126 127 135 .136 - 139 - 140 - 150 - 151 - 156 - 160 - 169 170 171 - 172 - 177 - 190 - 230 - 232 - 233 238 246 247 251 262 271 272 276 - 277 279 285 _ 286 _ 297 313 345 358 360 - 399 400 - 427 519 - 509. 507. 505 490 .- 462 - 457 436 _ 431 _ 522 _ 544 - 547 ر الرافضة : 48 67 - 68 - 71 - 422 - 427 ر الزيديية : 48 - 99 - 101 - 109 - 362 - 385 386 400 524 - 489 _ 486 _ 486 _ 484 _ 424 _ 403 _ -580 - الزاردشتية : 127 - 136 - 139 - 141 الزناتيه : 145 - 148 - 228 - 234 س اللكاكية : 297 - 316 - 319 س الشأفعية : 28 - 109 - 155 - 168 - 483 - 487 - 488 - 491 _ 495 _ 497 502 - 505 - 511 - 542 الشيعة : 100 - 101 - 126 - 131 - 151 - 152 - 155 - 256 257 - 263 - 267 - 268 - 270 - 272 - 288 - 313 - 356 358 - 399 - 400 - 403 - 416 - 427 - 447 - 451 - 460 473 - 482 - 490 501 - 512 - 524 ص الصفرية : 142 - 156 - 169 - 234 - 235 - 238 417 - 438 588 - 523 444 _ الضحاكية : 85 الضرارية : 463 الظاهرية : 109 - 287 399 403 409 416 420 - 427 506 505 _ 451 _ ع العجاردة : 39 العمدية : 315 ف الفرثية : 297 - 318 - 319 320 -581- ق القدرية : 70 - 253 - 423 495 ك الكلفاتية :146 م المعتزلة : 24 - 27 - 46 - 48 - 70 - 71 - 253 - 257.- 260 278 282 287 - 288 293 - 314 360 - 366 - 385 399 - 400 403 - 416 - 420 - 425 - 446 - 447 - 451 _ 455 - 460 - 470 - 474 - 482 - 483 - 484 _ 488 _ 489 _ 490 _ 495 _ 499 _ 500 515 المالكية : 28 - 109 127 - 135 - 141 - 151 - 154 - 155 168 - 250 - 300 - 301 - 403 - 483 - 486 488 - 491 _ 495 - 497 - 498 - 502 505 - 511 - 520 - 524 - 539 542 الجحكجة : 40 - 81 - 82 - 431 - 443 - 447 - 449 - 450 : 48 70 - 384 385 اللشبهة : 51 - 71 - 122 - 386 - 388 447 - 463 الماثريدية : 262 263 269 285 - 287 398 400 - 416 _ 460 _ 429 500 - 501 - 506 - 512 الملرجئة : 285 286 358 - 412 - 495 ن النكار : 41 - 135 - 297 - 298 300 - 301 309 - 310 - 319 _ 386 النجارية : 48 463 -582- النجدات : 82 142 _ 156 169 538 النفوسية : 128 - 130 النفاثية : 297 304 310 319 320 هھ المذلية : 28 الجمشامية : 463 الوقفية : 85 121 الوهبية : 127 :135 - 138 - 142 - 299 - 301 500 - 523 _ 550 الوهابية : 135 - 251 - 252 الواصلية : 277 275 ي الزيدية : 23 - 26 - 49 - 50 - 73 - 121-85 الملطبمة المربية 7 ج طالي أحد غردابة الايداع القانوني رة : # 39 12# / 1987 -583-