OGó`Ñà°S’G ¬oàn¡ n LGnƒoeh √oô gp ɶn en أشرف على نشر هذه المادة عبر شبكة المعلومات موقع بصيرة ا لالكتروني موقع ب صيرة يأتي بناء هذا الموقع الإلكتروني على الشبكة العالمية من منطلق مواكبة التطورالتقني « الإنترنت » للمعلومات المتسارع فيما يخدم الدين الإسلامي الحنيف، ويعود بالنفع والخير على الأمة الإسلامية جمعاء. وهو يتضمن موسوعة دينية لسماحة الشيخ العلامة بدر الدين أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان، تشتمل على ثلاث ُ مكتبات مرئية وسمعية ومقروءة وتضم المكتبة المرئية دروس التفسير لسماحة الشيخ بجامع السلطان قابوس بروي، ودروس العقيدة والفكر بجامعة السلطان قابوس، وحلقات برنامج سؤال أهل الذكر الذي يتم بثه مساء كل يوم أحد على التلفزيون العماني ويوميا خلال ليالي شهر ُ رمضان المبارك، هذا بالإضافة إلى المحاضرات العامة وخطب الجمعة والندوات التي يشارك بها سماحته. www.baseera.net OGó`Ñà°S’G ¬ào ¡LGƒeh √ôo gɶn e nnno pn تأليف »Π«ΠîdG óªM øH óªMC G áeÓ©dG ï«°ûdG áMɪ°S مان عُ لسلطنة العام المفتي الطبعة ا لأولى ١٤٣٤ ه/ ٢٠١٣ م g srqponmlkjih ﴿ ﴾ wvut [ [سورة هود/ الآية ١١٣ ¿ÉaôYh ôμ°T¿ÉaôYh ôμ°T إن (من لم يشكر الناس لم يشكر الله) فالشكر لمن أسدى يدا واجب شرعي وأخلاقي وعليه فإنني ألهج بشكر كل من شارك بخدمة أو ملاحظة من أجل إنجاز مشروع تأليف هذا الكتاب سواء عرفته أو لم أعرفه وأخص من بين هؤلاء بكل شكر وتقدير شيخنا العالم الرباني حمود بن حميد الصوافي حفظه الله تعالى ورعاه الذي تكرم مشكورا بمراجعة هذا الكتاب من أوله إلى آخره وأهداني من الملاحظات السديدة ما زاده بهاء ونورا، وكذلك أخونا الفاضل الشيخ الأديب اللبيب أحمد بن سعود السيابي الذي تكرم بقراءة الكتاب كله، ووضع عليه بصماته بما أبداه من الملاحظات، وإليه يرجع الفضل في تسميته بعد توفيق الله تعالى، كما أشكر من قام بطبعه إبان إملائه من أول حرف منه إلى آخر حرف وهو الابن العزيز الشاب الموهوب أحمد بن حمد بن راشد الذهلي الذي لم يقتصر دوره على الطباعة فحسب وإنما كان لي عينا ويدا فقد كان بخبرته الواسعة في المجال الإلكتروني رائدا لي في اكتشاف كثير من الفوائد العلمية من المراجع المختزنة في المكتبات الإلكترونية كما كان عونا لي في تخريج الأحاديث من مراجعها. وأشكر كذلك الشيخ الدكتور الدراكة الولد العزيز سلطان بن محمد الحراصي الذي قام بمراجعة الكتاب والتنبيه على كثير من الملاحظات ه ت ه اج و ه وم ر اِه ظ م الاستبداد ٦َ القيمة، والشكر كذلك موصول للابن العزيز الباحث الموهوب سلطان بن مبارك الشيباني على قيامه بمراجعة الكتاب والتصحيح لكثير من أخطائه المطبعية والتنبيه على كثير من القضايا ا لمهمة. وأخيرا وليس آخرا أشكر جميع أبنائي البررة الذين أعانوني بجهدهم وخدمتهم على إنجاز هذا المشروع ولم يألوا جهدا في تنبيهي على ما كنت غافلا عنه وأخص بالذكر، من بينهم بعد عمومهم ابني سليمان الذي هيأ لي المكان المناسب للقيام بهذا العمل وفتح لي مكتبته وأتاح لي إنجاز المشروع في جو هادئ لطيف، كما أهداني من بنات فكره ما كان لي مددا في هذا العمل المبارك، وكذلك ابني أفلح الذي ما فتئ من أول خطوة في هذا العمل جاهدا في تذليل الصعاب للوصول إلى منتهاه، فقد أدنى لي المراجع البعيدة وفتح لي الأبواب المغلقة وذلل لي المسائل المستعصية بثاقب فكره وعمق درايته إلى آخر خطوة في هذا ا لقصد. فجزى الله الجميع خيرا ووفقني وإياهم لما يحبه ويرضاه. وبعد إنجاز المشروع امتدت يد كريمة سخية لنشره فقد أبت همة وسماحة سليل الأمجاد ذي المحتد الأصيل والشرف الباذخ الشيخ سعود بن علي الخليلي إلا أن يكون وحده القائم على طبعه ونشره من حر ماله فجزاه الله خيرا ووفقه للمسارعة إلى البر والمنافسة في كل خير. والله ولي ا لتوفيق المؤلف áeó≤ªdGáeó≤ªdG الحمد لله الذي يأمر بالعدل والإحسان، وينهى عن الجور والطغيان،  سبحانه أنزل كتابه بالحق ليقوم الناس بالقسط، وأرسل رسوله ليرسم منهاج العدل، وليحدد موازين البر ومعايير الإحسان، ﴿ [^ \ _` edcba ﴾ [الأنفال: ٤٢ ]، وأشهد أن لا إله إلا الله هو مالك ِ ونبينا سيدنا أن وأشهد بقوته، يشاء من ويذل بعزته، يشاء نْ مَ ز ع يُ الملك، عبده ورسوله، أرسله رحمة للعالمين وحجة على الخلق أجمعين، أفضل من  حكم فعدل، وأصدق من قال فبر، وأوفى من وعد فأنجز، صلى الله وسلم َّ عليه وعلى آله وصحبه البررة الأخيار، وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم وضع الموازين ا لقسط. أما بعد؛ فقد شهدت الساحة العربية في العامين الأخيرين أحداثا هيأها ت وّانهد عروش، فتزعزعت مداها، بلغت حتى المقدور وساقها القدر شمخت طالما أنوف، الرغام في تْ غَ ر مَ وَت أنظمة، وتساقطت صروح، بكبريائها وتعالت في شممها، وتحطمت رؤوس ما كانت تحسب أن صروف الدهر ستدور عليها، أو أن عوادي الزمن ستمتد يدها إليها، وقامت من تحت الأنقاض شعوب كم ديست بمناسم الجور، وكبست بوطأة الظلم، فانطلقت ٌ كأنما حلت من عقالها مستهدفة ظالميها تطلب الإثئار ممن سقاها كؤوس الذل وجرعها غصص ا لهوان. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٨ وما من شك في كون العدل المنشود والحق المبتغى مطلبا فطريا للنفس البشرية، فإن الله خلقها حرة، وكرمها بما جللها به من سوابغ الإحسان، ﴿ _ kjihgfedcba` التي ƒ الإسراء: ٧٠ ]، وما أعظم كلمة الفاروق ] ﴾onml متى استعبدتم الناس وقد » : حفظها الدهر ورواها، وسجلها الزمن ووعاها (١)« ا ولدتهم أمهاتهم أحرار . ً ما وعى إذ بفحواها، ا مًؤمن كان لأنه قلبه، أعماق من الفاروق قالها نعم؛ أنزل الله على نبيه صلوات الله وسلامه عليه، وتدرج في أطوار التربية النفسية بمدرسة النبوة الخاتمة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، حتى كان في الرعيل الأول ممن وعوا معارفها واستقوا علومها، فحرص مع إخوانه الخلفاء الراشدين على تطبيق محتواها، فكانت خلافتهم عدلا وإحسانا، ِ والاستقرار، والأمن والكرامة بالحرية الظليل الوارف ظلها في الإنسان م ع وَن َ وكان في مأمن أن تمتد إليه يد فتسلبه حقا من حقوقه التي منحه الله إياها، أو أن يلفحه هجير من العسف والظلم. ولكن ليت شعري؛ هل ظلت الأمة تتمتع بهذه الحقوق كاملة غير منقوصة كما كانت في أيام الخلافة الراشدة، أو أنها ابتزت منها حقوقها هذه بعدما انطوت تلك الحقبة الزاهرة، ونشبت فيها مخالب الجور وأنيابه، ومهدت الطريق لبطش الجبابرة المستكبرين وقهر الظلمة المستبدين بتذليل .!!!؟« وإ نْ ضرب ظهرك وأخذ مالك » ، الرقاب وطأطأة الرؤوس للظالم ١) ينظر: فتوح مصر وأخبارها، أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله عبد الحكم بن أعين ) القرشي المصري (ت: ٢٥٧ ه/ ٨٧١ م)، ج ١، ص ٢٩٠ ، دار الفكر، بيروت، ١٤١٦ ه/ ١٩٩٦ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمد الحجيري، وينظر: ربيع ا لأبرار، أبو القاسم . محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله، (ت: ٥٣٨ ه)، ج ١، ص ٢٨٩ المقدمة ٩ المعايير أن يدرك وإمعان بتدبر التأريخ صفحات يقلب نْ مَ ل نُ ك إ انقلبت رأسا على عقب بعد انطواء حقبة الخلافة الراشدة، وتحول الحكم  في الإسلام إلى نظام كسروي قيصري يستلهم من عسف الفراعنة وجور الأكاسرة وبطش القياصرة نهجه الذي يسير عليه، فكابدت الأمة من الظلم والعسف ما كابدته الأمم الغابرة التي عاشت تحت نير الظالمين وبطش المستبدين، وقد مالأ الفقهاء الرسميون أولئك الظلمة وساندوهم على بطشهم وظلمهم، ووطأوا لهم الأكناف وهيأوا النفوس لتقبل هذا الوضع ِ هذا أنكر نْ م ل كُ م ص ت التي الفتاوى وأصدروا عنه، والرضى له والرضوخ َُ الوضع ولم يتقبله بالمروق والفتنة، وعززوا ذلك بروايات اختلقوها أو تأولوها وفق هواهم وأشاعوها بين الدهماء حتى صخت منها الأسماع وعميت بها البصائر والأبصار.  وظل هذا الفكر بما فيه من الزيغ هو الذي يسود العقول ويهيمن  على السواد الأعظم من الناس، وتتوارثه الأمة أبا عن جد جيلا بعد جيل، ِ أن أٌحد أراد لو بحيث قبول، لسواه يعد لم حتى السياسي الفقه هُ قَ فْ و وصيغ يعيد فيه النظر لكان عرضة لسهام التضليل والتبديع من غير مرحمة. فَ رِ عُ ما رياح ت هب عندما تسمع أن هذا بعد ب جَ عْ تَ أَف » العربي الربيع ب « ُّ فتاوى تدين الذين يريدون أن يتحرروا من ربقة الظلم ويتخلصوا من بطش الظلم، برفع للمطالبة السلمي الاحتجاج مجرد حتى م ر حَ وُت الظالمين، وتفرض عليهم أن يطأطئوا رؤسهم للظلم ويحنوا ظهورهم للظالمين، ويستكينوا للبطش ويستمرئوا الجور، ويتقربوا إلى الله تعالى بطاعة الجائرين والذل للمستبدين، فإن هذا هو الذي فرضته العقيدة التي فرضت على الأمة فتوارثتها قرنا بعد قرن منذ انطوى الحكم الراشدي، ونشأ في الأمة حكم جاهلي يستمد شرعيته من النظام الكسروي القيصري وإن كان ينتسب زورا ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٠ إلى الإسلام ويتزيى بلبوسه ويتحلى بحليته، ويدعم وجوده باسمه ويقاوم كل من تصدى له بشعاره، فكان بخبثه ودهائه يحارب الإسلام بسيف الإسلام ويتوقى سيوف أبناء الإسلام بمجنه ودروعه.   وهذا أيضا ما فرضه الفقه السياسي الذي صيغ بعقول نشأت في هذا المحيط الذي يسوده الظلم والاستبداد تحت شعار الإسلام، وتغذت بفكره وتوجهت بإرادته، فكانت لأولي الهيمنة القابضين على أزمته أتبع من الظل وأخنع من ا لنعل. للناس وبينت دتها نَ ف أخرى بفتاوى عورضت الفتاوى هذه كانت وإذا منافاتها لروح الإسلام الحق الذي جاء ليرفع عن الإنسانية وطأة الظلم أصحابها قدرة عُدم ها صَوت وأخفت ها حَجت أوهن فإنها الظالمين، وهيمنة على التحرر من عقدة الماضي والتعلق به والدفاع عن الذين حملوا فيه لواء الظلم وسنوه في هذه الأمة، فكانوا أسوة لكل ظالم يأتي من بعدهم إلى قيام الساعة، فإن هؤلاء أنفسهم هم الذين تجردوا للدفاع عن الظالمين فنصبوا من أنفسهم محامين عنهم، يبررون ظلمهم ويدفعون في صدور الذين تصدوا لبطشهم، وحاولوا أن يخلصوا منهم الأمة، إذ إن أصحاب هذه الفتاوى أنفسهم هم الذين رشقوا الذين سعوا في التأريخ الغابر إلى تخليص الأمة من الظلم والبطش بسهام التهم، ونبزوهم بالألقاب، وكالوا لهم الذم كيلا، فأتت فتاواهم هذه تناقض ما بنوه من فكر وتعاكس ما ساروا عليه من خطى، فانقلبت عندهم الموازين وازدوجت ا لمعايير. ومن البدهيات التي لا تسوغ المماراة فيها أن النظرة إلى الحاضر لا تستقيم إلا باستقامة النظرة إلى الماضي، ووضع كل شيء منه في نصابه السليم وإعطائه حكمه الشرعي استهداء بكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من المقدمة ١١ بين يديه ولا من خلفه، واتباعا لهدي رسوله ژ الذي ترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. إلى وموصلة الغرض لهذا مؤدية الدراسة هذه تكون أن أُردت لذلك قسمين: في ها جُعلت وقد شديد، باختصار كانت وإن البغية، هذه اد. دَ ب الاست ر اه ظ م الأول: القسم ِ اد. دَ ب ت الاس ة هَ اَج و م الثاني: القسم ويشتمل كل قسم على موضوعات شتى، لكل موضوع عنوانه. :∫hC ’G º°ù≤dG OGóÑà°S’G ôgɶe ono rt :¬d ¢SÉædG ∫ƒÑbh ºe’GC »a ºΠ¶dG QÉ°ûàfG on po إن المتأمل في أحوال الأمم يجد أن انتشار الظلم فيها ورضوخها له كان نتيجة زيغ العقول وانحراف الأفكار عن الفطرة وانقلاب الموازين في تلك الأمم، بحيث ترى القبيح حسنا والحسن قبيحا والجور عدلا والعدل جورا، حتى تستمرئ جماهير الناس الذل وتستعذب الهوان وتتقبل كل ما تلقاه من بطش وتعانيه من حرمان، فلا تفكر في حق تطالب به أو حرية تتمتع بها في الحياة، لأنها رضيت لنفسها حياة العبودية، فلا تزال مستخذية للظالم تتقرب إليه بكل ما يريده منها. إذ الحق في موازينها إنما هو للسلطة الظالمة، وما للشعوب إلا أن تستكين وتذل وتنقاد عن طواعية لرغبات الظالمين ونزوات المتكبرين، وترضى أن يتحكم الجبابرة في أرواحهم وأجسادهم وأموالهم وأعراضهم، لأن لهم الأرض وما أقلت والسماء وما أظلت! وليست إرادتهم إلا من إرادة الله! وحسب الإنسان أن يسمحوا له بالحياة وأن ينعموا عليه بشظف العيش! فيكفيه أن يقتات مما يتساقط في الثرى أو يساق إلى المزابل مما يفضل عن حاجاتهم ا لمعيشية. فمن نال ذلك فعليه أن يشكر هذه النعمة لمن سمح له بها!! ومن حرم ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٤ منها فعليه أن يصبر وأن لا يلابسه حرج في نفسه من هذا الحرمان، إذ لا يعدو أن يكون كالخشبة المقطوعة من الشجرة توقد تارة بها النار وتشق تارة لأغراض أخرى وهي لا تملك أن تدفع عن نفسها، لأن ذلك هو قدرها!!. :ºΠ¶dG GƒΠÑ≤à«d πLódÉH ¢SÉædG ≈ΠY á«MhôdG äGOÉ« p C t q ≤dG ô«KÉJ tn من المعلوم أن للقيادات الروحية والسلطات الدينية دورا فاعلا في ترسيخ هذه المفاهيم في نفوس الناس حتى يتقبلوها ويرضخوا لظلم الظالمين، فما كانت القيادات السياسية الجائرة لتصل إلى أغراضها إلا على جسور يهيؤها القادة الروحانيون، لا فرق في ذلك بين ما كان في الأمم السابقة وما رزئت به هذه الأمة، وإليك صورا من ذلك. ِ ة: نَ اع ر اَلف ١ َ لا يخفى على ذي بال ما نكبت به شعوب مصر وما حولها من بطش الفراعنة وظلمهم، ناهيك ما ذكر في القرآن من فساد فرعون موسى وعتوه ¡ ¦¥¤£¢ وعلوه كما في قوله تعالى: ﴿ ~ے ² ± ° ¯® ¬ « ª © ¨ § القصص: ٤، والمستقرئ للتاريخ يجد أنهم إنما وصلوا إلى ﴾ ³ مبتغاهم من إذلال الناس والبطش بهم والتحكم في أرواحهم وأموالهم وأعراضهم بما كان للكهنة من دور تضليلي لعقول ا لجماهير. وإليك شاهدا من ذلك مما ذكره الدكتور موسى الموسوي في بعض كان قال: حيث مؤلفاته » ( في عاش الذي (أمفسيس) للفرعون طًبيبا (سنوحي القرن العاشر قبل الميلاد، وقد كتب مذكراته عن حياة هذا الفرعون وعن الشعب المصري الذي كان يعاني استبداد (أمفسيس). واكتشف علماء الآثار القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٥ هذه المذكرات ضمن ما خلفته السنون بين الكتب الهيروغليفية، وترجمت  مذكرات هذا الطبيب التي كتبها بأسلوب رائع وبديع إلى اللغات العالمية الحية، وطبعت أكثر من مرة، وهي الآن بين أيدينا يستطيع القراء قراءتها كل بلغته واستخلاص دروس العجب منها. يقول (سنوحي) في مذكراته: كنت أمشي في شارع من شوارع مصر، ِ وإذا بالرجل الوجيه الشريف الثري المعروف (إخناتون) ملقى على الأرض وليس أنفه، وجدعت خلاف من ورجلاه يداه قطعت وقد بدمائه، مًضرجا في بدنه مكان إلا وفيه طعنة رمح أو ضربة سوط وهو قاب قوسين أو أدنى من لإنقاذه عًظيما جهادا وجاهدت المرضى دار إلى فحملته الموت، من الموت، وبعد شهرين أو أكثر وعندما أفاق من غيبوبته قص علي قصته :ً قائلا المفجعة المحزنة لقد أمرني الفرعون (أمفسيس) أن أتنازل له عن كل شبر أرض أملكه، » وأن أهبه أزواجي وعبيدي وكل ما أملك من ذهب وفضة، فاستجبت لما أراد، بشرط أن يترك لي داري التي أسكن فيها ومعشار ما أملكه من الذهب والفضة لأستعين بها على أودي، فاستثقل فرعون هذا الشرط واستولى على كل ما كان عندي، ثم أمر بأن يفعل بي تلك الأفاعيل الشنيعة، وأن أطرح الإله أوامر يخالف لمن عبرة لأكون عًاريا الشارع في .«( (أمفسيس ودارت الأيام، و(إخناتون) المسكين يعاني الفقر والحرمان، وكل أمله في هذه الدنيا هو القصاص من الفرعون الظالم ولو على يد غيره. ومات الفرعون، وحضرت مراسيم الوفاة بصفتي كبير الأطباء، فكان الكهنة يلقون خطب الوداع مطرين الراحل العظيم، وكانت الكلمات التي يا يقولون: كانوا فقد ، جًيدا أتذكرها زلت لا يرددونها » لقد مصر، شعب ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٦ من فيها وما مصر يحب كان كًبيرا قلبا بينهما وما والسماء الأرض فقدت أخا وللشعب عًونا وللفقراء أًبا للأيتام كان وجماد، ونبات وحيوان إنسان  ذهب مصر. لشعب حًبا وأكثرهم وأرحمهم الآلهة أعدل كان . مًجدا ولمصر .« (أمفسيس) لكي ينضم إلى الآلهة الكبار وترك الشعب في ظلام وبينما كنت أصغي إلى كلام الكهنة ودجلهم في » :( ويضيف (سنوحي القول، وأندب حظ مصر وشعبها المسكين الذي يرزح تحت سياط الفراعنة  على منهم فرد كل لقي التي المحتشدة الجماهير كانت وبينما ، مًعا والكهنة رًجلا سمعت بالبكاء: تجهش وًعذابا أذى وسياطه فرعون بطش من حدة يبكي كما تبكي الثكلى، وصوت بكائه علا الأصوات كلها، ويردد عبارات غير مفهومة، فنظرت مليا، وإذا صاحب البكاء هذا هو (إخناتون) المعوق العاجز  فقد الشيء، بعض لأهدئه إليه وأسرعت حمار، ظهر على مًشدودا كان الذي الموت حد إلى ظلمه ظالم وفاة على وًابتهاجا سرورا يبكي أنه ظننت بالتعذيب، ولكن (إخناتون) خيب آمالي عندما وقع نظره علي، وأخذ يصرخ يا بقوله: عاليا » ( وًبارا وعظيما عادلا كان (أمفسيس) أن أعلم أكن لم (سنوحي بشعبه إلى هذه المرتبة العظيمة إلا بعد أن سمعت ما قاله كهنتنا فيه. وها أنا من بًدلا العظيم الإله هذا على حًقدا قلبي في حملت لأنني (سنوحي) يا أبكي ضلال في كنت لقد اً حق عديدة، سنوات طوال والإجلال الحب .« كبير ويقول (سنوحي): وعندما كان (إخناتون) يكرر هذه الكلمات بإيمان راسخ، كنت أنظر إلى أعضائه المقطوعة وصورته المشوهة وأنا حائر فيما لقد » : أسمع، وكأنه قرأ ما يدور في خلدي، وإذا به يصرخ في بملء شدقيه ّ كان (أمفسيس) على حق فيما فعله بي؛ لأنني لم أستجب إلى أوامر الآلهة، وهذا هو جزاء كل من يعصي الإله الذي خلقه وأحبه، وأي سعادة أعظم .« للمرء من أن ينال جزاء أعماله الذي يستحق على يد الإله لا على يد غيره القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٧ من (أمفسيس) هذا؟ فرعون من فراعنة مصر، حكمها بالنار والحديد طوال عشر سنوات، دخل في حرب خاسرة مع بلاد النوبة الجارة، قتل فيها خمس إياهم مًتهما مصر شباب وأباد الأشجار، وقطع المزارع خرب مصر، شعب بالهزيمة في الحرب التي شنها ضد النوبة، أحرق العاصمة في إحدى ليالي مجونه كما فعل بعده (نيرون) بسبعة قرون الذي أحرق روما عاصمة ا لرومان. لقد كان عهد (أمفسيس) أسوأ عهد عرفته مصر في تاريخ الفراعنة الذين حكموها مبتدئا من الأسرة الأولى حتى الأسرة الخامسة التي كان (أمفسيس) أول أفرادها. بكته هذا كل ومع ، مًمزقا وشعبا شاملا خرابا وترك (أمفسيس) مات الجماهير المحتشدة متأثرة برثاء الكهنة وخطبهم، ومن بين تلك الجماهير .(١)« (إخناتون) ا لمسكين نعم؛ هكذا يفعل التضليل بعقول الناس عندما يصدر من أفواه قوم يتظاهرون بالدين ويرفعون شعاره، ويتولون قيادة الأمم إليه وحل رموزه وإيضاح مبهماته لهم، فلا تلبث العقول أن يطغى عليها التضليل، فيعمي بصائرها ويطمس شعاعها، فتنقلب عندها الموازين حتى ترى الطغيان عدلا وإحسانا وتحسب البطش بها برا ومرحمة. هُ دُ م حَ لِ اف حَ م اْل في ى لَ تْ يُ وَ يء س يُ ما ال ظَ نِ ي اَلع ة يَ ؤْ رُ اء دَ ل تَ قَْ أ وَ ٢ أباطرة ا لرومان. لم يكن خافيا على من اطلع على التأريخ ما كان لأباطرة الرومان من وطأة لا تطاق على الشعوب التي وقعت تحت نير قهرهم، إذ كانت وما . ١٠ - ١) يا شيعة العالم ا ستيقظوا، موسى الموسوي، ص ٧ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٨ تملك ملكا للأباطرة يتحكمون فيه كما شاؤوا، فكانوا يتحكمون في أرواح الناس وأعراضهم وممتلكاتهم من غير أن يكون لأحد رأي أو حرية، وعندما اعتنقوا النصرانية لم يلبث البابوات أن اتحدوا معهم؛ فروضوا لهم الجامح وذللوا لهم الصعب، طمعا في رفدهم وحبا في اقتناص ما يسنح من دنياهم. ويصور الأستاذ سيد قطب في كتابه القيم (العدالة الاجتماعية في الإسلام) الواقع المؤلم الذي كان في أوروبا النصرانية نتيجة تلاقي مصلحتي البابوات والأباطرة واجتماعهم على إذلال الجماهير واستغلالها حتى قيل: إن الدين مسخر لإخضاع الملايين للمستبدين ورجال الدين، لأنه هكذا كان .( عند ا لأوروبيين!!( ١ وقد كان للتعاليم التي تقدمها الكنيسة النصرانية دور بارز في ترسيخ استبداد الأباطرة، وتطويع الشعوب لهم، حتى غدت كقطيع من الحيوان يتحكمون فيها كما شاءوا، فقد أعطت القياصرة حقا إلهيا يفرض على عامة الناس طاعتهم على أي حال ولو حرموهم من أدنى حقوق ا لإنسانية. وقد كان لهذا التحالف البابوي الإمبراطوري تأثير على عقلية الشعوب، إذ كانت تعتقد أن القيصر من نسل الآلهة وأن الله هو الذي أعطاه هذا الحق ٢) المقدسة لسلالته وأورثه وًشرعا قدرا ) . ٣ أباطرة ا لفرس: لم يكن الشعب الفارسي والشعوب الأخرى التي كانت واقعة تحت ١) العدالة الاجتماعية في ا لإسلام، سيد قطب، ص ٩، دار الشروق، القاهرة، ١٤١٣ ه/ ) . ١٩٩٣ م، ط ١٣ ٢) انظر: مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة، سفر الحوالي. بحث منشور في موقع سفر ) الحوالي ١٤٢٢ ه/ ٢٠٠٢ م. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٩ نفوذ الأباطرة الساسانيين أحسن حالا من الشعوب التي كانت تحكم من قبل أباطرة الرومان، إذ لم تكن للإنسان قيمة في حكمهم، إلا ما هو للحيوان الأعجم والجماد الميت، وكانت ثرواتهم تعتصر ليتدفق خيرها على خزائن الأباطرة، ناهيك بما ذكره الطبري عمن كان يعد أرحمهم قلبا وأرقهم شعورا حتى كان يعرف بالملك العادل وهو كسرى أنو شروان، فقد فكر أن يمسح أرض ممالكه ويفرض ضريبة ثابتة على كل ما فيها من زرع وغرس وعين ونهر كل بقدره، فعرض ذلك على فئات من طبقات الناس يستشف رأيهم فيما عزم عليه. فلم يشر عليه أحد منهم فيه بمشورة ولم ينبس بكلمة، » : قال الطبري فكرر كسرى هذا القول عليهم ثلاث مرات، فقام رجل من عرضهم وقال لكسرى: أتضع أيها الملك عمرك الله الخالد من هذا الخراج على الفاني من كرم يموت وزرع يهيج ونهر يغور وعين أو قناة ينقطع ماؤها، فقال له كسرى: يا ذا الكلفة المشؤوم من أي طبقات الناس أنت؟ قال: أنا رجل من الكتاب، فقال كسرى: اضربوه بالدوى حتى يموت، فضربه بها الكتاب خاصة تبرؤا منهم إلى كسرى من رأيه وما جاء منه حتى قتلوه، وقال الناس: .(١)« نحن راضون أيها الملك بما أنت ملزمنا من خراج فانظر كيف يستشيرهم ثم يأمر بقتل من أشار بخلاف رأيه!! وإذا كان هذا أرقهم قلبا وألطفهم معشرا وأعدلهم حكما، فما بالك بغيره؟!. ومع هذا؛ فقد كان الأكاسرة يعدون عنصرا مقدسا عند المجوس، حيث كانوا يرسخون في الفكر العام أن دماءهم أطهر الدماء وأزكاها، وطبائعهم ١) تاريخ الطبري، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت: ٣١٠ ه)، ج ١، ص ٤٥١ ، دار ) الكتب العلمية، بيروت. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٠ تتميز على سائر طباع الخلق لأنهم متسلسلون من عنصر موصول بالذات ما خلال من ذلك دُ د ر وي تأليههم، على الناس يحملون كانوا بل الإلهية، َُ يتلى من النشيد في تمجيدهم، ومن أمثلة ذلك ما كانوا يقولونه في تمجيد  (خسرو) الإمبراطور الذي عاصر بعثة النبي ژ ، حيث فرض على الناس أن يقولوا فيه: في الآلهة إنسان غير فان، وفي البشر إله ليس له ثان، علت كلمته » .(١)« وارتفع مجده، يطلع مع الشمس بضوئه، وينير الليالي المظلمة بنوره وقس على ذلك ما كان عند سائر أهل الديانات من خدمة حملة الدين للسياسة القائمة، وتطويع الأمم لها وتبرير كل ما يصدر عنها من إذلال وقهر، وإضفاء صفة القداسة على رؤساء السلطة ا لمتنفذين. :áªdɶdG ègÉæªdGh áÄWÉîdG QÉμaC √ò¡d ΩÓ°Sr ’Gp r f s p ’Gpp E ∞o °ùn عندما ظهر الإسلام نسف هذه الأفكار كلها، وأتى على هذه النظم، وأقام الناس على قدم المساواة، وكان على القوي حتى يأخذ الحق منه، ومع الضعيف إلى أن يأخذ الحق له، وجعل الميزة للتقوى؛ فمن كان أوفر حظا منها كان أولى بالتقدير والاحترام، فإن الناس جميعا ينحدرون من أصل واحد؛ فكلهم من (آدم) و(حواء) وهما من التراب، وكان مما اشتمل عليه الكتاب العزيز هذا الأصل الأصيل في مفاهيمه الصادقة وموازينه العادلة، فقد E PONMLKJIHGF ﴿ : قال تعالى الحجرات: ١٣ ]، وجعل الحكم لله ] ﴾ ZYXW VUTSRQ ١) السيرة النبوية، العلامة الداعية الحكيم أبو الحسن علي الحسني الندوي (ت ١٤٢٠ ه)، ) . ص ٢٩٨ ، دار القلم، دمشق، نقلا عن إيران في عهد الساسانيين، ص ٦٠٤ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢١ وحده، وما القائم بالحكم إلا منفذ لشرع الله، وحكمه عليه أن يكون أسرع  الناس انقيادا لأمر الله وخضوعا لحكمه واتباعا لشرعه، وعلى من حوله أن X ^]\[ZY ﴿ يعينوه ما أقام شرع الله واتبع أمره _`ba jihgfedc .[ ﴾ [يوسف: ٤٠ وقد كان الحكم عقدا وصفقة بين الحاكم والمحكومين، وعلى كلا  الطرفين الالتزام بما تحمله من عهد والخضوع والانقياد للشرع من غير أن يتطاول الحاكم على المحكوم، أو يذل المحكوم للحاكم، وعلى كل من تولى الحكم أن ينصف الجميع، من غير أن يحابي قريبا أو حبيبا، أو يبخس    بعيدا أو بغيضا، قال تعالى: ﴿ #$%&') " 76543210/.-,+*) HGFEDCBA@?>=<;:98 x }|{zy ﴿ : النساء: ١٣٥ ]. وقال سبحانه ] ﴾ I ¢ «ª©¨§¦¥¤£ ¡ ~ے ¬¯®°³²± ´¶μ .[ المائدة: ٨ ] ﴾ ¸ وقد كان النبي ژ أعلى مثل في اتباع ذلك وتطبيقه، على أنه أتى إلى الدنيا وهي بجميع أرجائها تئن تحت وطأة الظلم ونير الاستعباد والاستبداد: ص في م ن ع لا إِ م هِِ ب فَ الناس و تََ أ م ن هام د ق ىَ ص ل رَّ م ى لا ت ض و يت م كِ حَت مُ لِق اَلخ في ةٍ يَ طِاغ ل ِك ل ةٌ رَ خ سَ مُ ورا جَ ةٌ مَلوء مَ رض الأ وَ مِ ع م ص أ بٍر ن ك م اِلروم ر يص قَ و ه ت ي ع ر في بغي ي رِس الف ر يط س م فشمر ژ عن ساعديه، وقاوم الجور في الحكم كما قاوم الضلال في الاعتقاد، حتى استطاع أن يقيم دولة الحق، وينصب معالم العدل، ويذيق الناس طعم الإنصاف، ويقيم بينهم موازين القسط، ويرفع عنهم وطأة الظلم ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٢ والاستبداد، ويحرر رقابهم من العبودية لغير الله، فلم يقبضه الله إليه إلا وغدت الجزيرة العربية واحة ينعم فيها الإنسان بالحرية، بعدما فكت عنها أغلال العبودية لغير الله، على أنها كانت قبل ذلك كغيرها من بلاد العالم يلفحها هجير الظلم والجور، وتكبلها قيود الاستعلاء والاستكبار. وعندما قبضه الله إليه قامت خلافة راشدة كان هديها امتدادا لهدي نبوته ژ ، فعمرت الأرض بالعدل والإحسان، وفتحت آفاقها لتنعم أطرافها بهذه النعمة، ولتتمتع الإنسانية بحريتها وكرامتها، وليقوم الناس جميعا على قدم المساواة، لا يتقدم أحد أحدا إلا بقدر ما يقدمه عمله وإخلاصه وتقواه، وكان الخليفة كواحد من الرعية يحاسب من خاصتها وعامتها كما يحاسب الأجير ممن أتجره. ولكن لم تكد تنطوي الخلافة الراشدة حتى انطوى معها العدل، وذهبت معها حرية الإنسان وقيمته وكرامته، فقد عادت الجاهلية بشراستها لتحكم الناس بالعسف والاستبداد، ولتسلبهم حقوقهم، ولتذيقهم من الهوان أمره، وتجرعهم من الذل أغصه، ويصور الداعية الكبير العلامة أبو الأعلى المودودي هذا الواقع الذي كان حلوا أوله ومرا آخره بقلمه الموهوب، فقد قال بعد وصف إنجاز ا لنبي ژ ما أنجزه: كل هذا أتمه خاتم النبيين سيدنا محمد ژ في مدة ٢٣ سنة، ثم قدر الله » للأمة زعيمين عظيمين؛ أبا بكر الصديق وعمر الفاروق ^ ، واصلا عمله عثمان سيدنا إلى بعدهما الأمر انتقل ثم ونواحيه، شعبه بجميع كًاملا ƒ وبقي على ما أقامه ا لنبي ژ إلى عدة من السنين في صدر ذلك العهد، رقعة لاتساع تًبعا الأيام مضي على والتقدم السعة إلى آل الخلافة أمر ولكن الدولة الإسلامية بسرعة، والخليفة الثالث الذي ألقي عليه عبء هذا العمل الجليل كان لا يتصف بتلك الخصائص التي أوتيها العظيمان اللذان سبقاه، ووجدت الجاهلية سبيلها إلى النظام الاجتماعي الإسلامي، وأن تيارها القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٣ الجارف وإن حاول عثمان سده ببذل نفسه ومهجته إلا أنه لم ينكف، ثم خلفه علي كرم الله وجهه ، واستفرغ جهده لمنع هذه الفتنة، وصيانة ّ السلطة السياسية للإسلام من تمكن الجاهلية منها، ولكنه لم يستطع أن يدفع هذا الانقلاب الرجعي المركوس حتى بذل نفسه، فانتهى بذلك عهد الخلافة على منهاج ا لنبوة، وحل محلها الملك العضوض، وبدأ الحكم يقوم الإسلام. قواعد من بًدلا الجاهلية، قواعد على ولما أصبح الحكم إلى الجاهلية جعلت عدواها تسري إلى الحياة الاجتماعية، وتدب فيها دبيب السرطان في الجسم الحي، ولا غرو فقد كانت مقاليد السلطة بيدها لا بيد الإسلام، وكان الإسلام بعد أن فقد قوة  الحكم لا يمكن أن يمنع أثرها من النفوذ، وسلطانها من ا لامتداد. وآفة الآفات أن الجاهلية لم تمثل بين يدي القوم في حقيقتها العارية المكشوفة، بل واجهت الناس لابسة قناع الإسلام، ملونة بلونه، ولو كان إزاء الإسلام قوم من الملاحدة والكفار والمشركين الصرحاء لهان الخطب بالتوحيد، الإقرار علانيتهم كانت قًوما كانوا ولكنهم الكفاح، وسهل والإيمان بالرسالة، والمحافظة على الفرائض، والاستشهاد بكتاب الله وسنة الرسول، وفي باطن أمرهم كانت الجاهلية تعمل عملها من وراء حجاب، وإذا اجتمعت الجاهلية والإسلام على هذا الوجه في كائن واحد فلابد أن تحدث المشكلات والمعضلات التي تكون معالجتها أصعب وأشق ألف مرة من مقاومة الجاهلية المحضة، فإنك إن قمت تحارب الجاهلية الصريحة التف من حولك مئات الألوف من المجاهدين ينصرونك عليها، ولم يتجرأ أحد من المسلمين أن يساعدها عليك، ولكنك إن خرجت تحارب هذا الممزوج بين الجاهلية والإسلام، لم يستعد للذب عنها المنافقون وحدهم، بل انبرى كثير من المسلمين المخلصين وأقبلوا عليك يلومونك ويتهمونك. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٤ ومن الحق لعمر الله أن اعتلاء المسلم سرير الحكم الجاهلي، وتقلده زعامة السياسة الجاهلية، وأن شغل المسلم وظيفة المعلم في معهد التعليم الوقوع من يسلم من قّل خادعة لخدعة الجاهلية، المشيخة وتوليه الجاهلي في حبائلها. وكان أشد وأخطر ما في هذا الانقلاب المركوس، أن جاءت الجاهلية بأنواعها الثلاثة لابسة لباس الإسلام، وجعلت تتأصل في المجتمع العربي فأما الأيام، مرور على اًنتشارا تزداد آثارها وغدت فيه، وتتمشى الإسلامي الجاهلية المحضة فعمدت إلى الدولة والحكومة فهيمنت عليها وانقلبت الخلافة قيصرية جاء الإسلام بقطع دابرها، ولم تبق فيها من الخلافة إلا وتبوأ الملوك « السلطان ظل الله » اسمها، احتالوا بأخذهم بالأثر المروي والأمراء بهذه الحيلة منزلة المطاع التي هي خاصة للإله، واسترسل الأمراء والحكام والولاة ورجال الجيش والمترفون إلى الجاهلية المحضة في هذه الملكية، وتأثرت حياتهم في قليل أو كثير بوجهة نظرها، وفسدت أخلاقهم ومعيشتهم بعاهتها. وكان من الطبيعي أن يصحب ذلك كله رواج فلسفة الجاهلية وآدابها وفنونها، فتدون العلوم والمعارف على طرازها، إن هذه الأمور تتطلب رعاية لم الجاهلية، استيلاء تحت هاتان كانت ولما الحكومة، من وًإشرافا الدولة تلك على أًيضا استيلائها من بد يكن « ١) الأمور ) . وقد اتضح من كلامه هذا ما رزئت به الأمة في تلك الحقبة التأريخية السوداء المظلمة، من فقد خصائص دين الإسلام التي جاء بها النبي ! وطبقت في الخلافة الراشدة، ومن أهمها العدل، واستقامة القمة والقاعدة، . ٤٣ - ١) موجز تاريخ تجديد الدين وإحيائه، طبع دار السعودية للنشر والتوزيع، ص ٤٠ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٥ وحرية التعبير، ومحاسبة الخليفة على كل ما يصدر عنه والرجوع عند الاختلاف في كل شيء إلى الله ورسوله؛ فقد أصبح الحكم مطلقا في يد شخص واحد، تساعده بطانة من جنسه، تتزلف إليه بكل شيء من غير مبالاة بسخط الله 4 ، وتسفك لأجله الدماء، وتنهب لإرضائه الأموال، وتنتهك كل حرمة من الحرمات، وتنشر بين الناس فكرة الطاعة المطلقة له، من غير أن يكون لهم أن يطالبوا بحق، أو أن يدفعوا عن كرامة، أو أن يحموا حرمة، أو يتمتعوا بحرية في شيء. وبناء على هذا؛ كان ذلكم الفرد المتسلط هو المالك المطلق لثروة ً الأمة، يسخرها في شهواته، ويبذرها في ملذاته، من غير أن يحسب حسابا للجماهير المحرومة التي تتضور جوعا، وتعاني من حرمان أقل حقوقها وأدنى ما يعيش عليه المرء من شظف العيش ونكد الحياة، وقد صور الداعية الكبير العلامة المفكر أبو الحسن الندوي في كتابه القيم (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) هذه الحالة التي عانتها الأمة في تلك الحقبة من الدهر، ورسم بيراعه السيال الموهوب تلك الصورة الشوهاء لذلك التأريخ المحلولك البغيض أبدع رسم حيث قال: لقد أتى على العالم العربي عهد في التاريخ كانت الحياة فيه تدور » حول فرد واحد وهو شخص الخليفة أو الملك أو حول حفنة من الرجال الفرد لذلك شًخصيا ملكا تعتبر البلاد وكانت الملك وأبناء الوزراء هم أموالهم في ويتحكم والعبيد، المماليك من فًوجا كلها والأمة السعيد وأملاكهم ونفوسهم وأعراضهم، ولم تكن الأمة التي كانت يحكم عليها إلا لحياته. امتدادا إلا حياتها تكن ولم لشخصه ظًلا لقد كانت الحياة تدور حول هذا الفرد بتاريخها وعلومها وآدابها وشعرها وإنتاجها، فإذا استعرض أحد تاريخ هذا العهد أو أدب تلك الفترة من الزمان ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٦ وجد هذه الشخصية تسيطر على الأمة أو المجتمع، كما تسيطر شجرة باسقة على الحشائش والشجيرات التي تنبت في ظلها وتمنعها من الشمس والهواء، كذلك تضمحل هذه الأمة في شخص هذا الفرد وتذوب فيه وتصبح أمة هزيلة لا شخصية لها ولا إرادة، ولا حرية لها ولا كرامة. وكان هذا الفرد هو الذي تدور لأجله عجلة الحياة، فلأجله يتعب الفلاح ويشتغل التاجر ويجتهد الصانع، ويؤلف المؤلف وينظم الشاعر، ولأجله تلد الأمهات، وفي سبيله يموت الرجال وتقاتل الجيوش، بل ولأجله تلفظ الأرض خزائنها ويقذف البحر نفائسه وتستخرج كنوز الأرض خيراتها. وكانت الأمة وهي صاحبة الإنتاج وصاحبة الفضل في هذه الرفاهية كلها تعيش عيش الصعاليك، أو الأرقاء المماليك، وقد تسعد بفتات مائدة وقد فتصبر، أًيضا ذلك حرم تُ وقد فتشكر، حاشيته عن يفضل وبما الملك الفرص. وانتهاز التزلف في تتسابق بل شًيئا تنكر فلا الإنسانية فيها تموت هذه حياة في رواسب وترك طًويلا الشرق في ازدهر الذي العهد هو هذا باقية آًثارا ف وّخل واجتماعها، وأخلاقها وشعرها، أدبها وفي ونفوسها الأمة في المكتبة العربية، ومن هذه الآثار الناطقة كتاب (ألف ليلة وليلة) الذي في الملك أو بغداد في الخليفة كان يوم ، بًارعا تصويرا العهد ذلك يصور دمشق أو القاهرة هو كل شيء، وبطل رواية الحياة ومركز الدائرة، إن هذا العهد الذي يمثله كتاب (ألف ليلة وليلة) بأساطيره وقصصه، وكتاب الأغاني يرضاه فلا ،ً معقولا طبيعيا عهدا ولا ، إًسلاميا عهدا يكن لم وأدبه، بتاريخه الإسلام ولا يقره العقل، بل إنما جاء الإسلام بهدمه والقضاء عليه، فقد كان ّ هذا هو العهد الذي بعث فيه محمد ژ فسماه الجاهلية ونعى عليه وأنكر على ملوكه ككسرى وقيصر وعلى أثرتهم وترفهم أشد ا لإنكار. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٧ إن هذا العهد غير قابل للبقاء والاستمرار في أي مكان وفي أي زمان ولا سبيل إليه إلا إذا كانت الأمة مغلوبة على أمرها أو مصابة في عقلها أو فاقدة الوعي والشعور أو ميتة النفس والروح. إن هذا الوضع لا يقره عقل، ومن الذي يسوغ أن يتخم فرد أو بضعة أفراد ّ أن يسوغ الذي ومن ومسغبة؟! جًوعا آلاف ويموت والشراب الطعام بأنواع يعبث ملك أو أبناء ملك بالمال عبث المجانين، والناس لا يجدون من القوت ما يقيم صلبهم ومن الكسوة ما يستر جسمهم، ومن الذي يسوغ أن يكون حظ طبقة وهي الكثرة الإنتاج وحده والكدح في الحياة والعمل المضني الذي لا نهاية له، وحظ طبقة وهي لا تجاوز عدد الأصابع إلا التلهي بثمرات تعب الطبقة الأولى من غير شكر وتقدير وفي غير عقل ووعي، ومن الذي يسوغ أن يشقى أهل الصناعة وأهل الذكاء وأهل الاجتهاد وأهل المواهب وأهل الصلاح، وينعم رجال لا يحسنون غير التبذير ولا يعرفون صناعة غير صناعة الفجور وشرب الخمور ؟! ومن الذي يسوغ أن يجفى أهل الكفاية وأهل النبوغ  ُ وأهل الأمانة ويقصوا كالمنبوذين ويجتمع حول ملك أو أمير فوج من خساس النفوس وسخفاء العقول وفاقدي الضمائر ممن لا هم لهم إلا ابتزاز الأموال والإطراء التملق غير الدنيا فنون من فًنا يحسنون ولا الشهوات، وإرضاء والمؤامرة ضد الأبرياء، ولا يتصفون بشيء غير فقدان الشعور وقلة ا لحياء. . أًعواما يبقى أن عن فًضلا يوما يبقى أن ينبغي لا شاذ وضع إنه إنه إن سبق في عهد من عهود التاريخ وبقي مدة طويلة فقد كان ذلك على غفلة من الأمة أو على الرغم منها، وبسبب ضعف الإسلام وقوة الجاهلية، ولكنه خليق بأن ينهار ويتداعى كلما أشرقت شمس الإسلام .(١)« واستيقظ الوعي وهبت الأمة تحاسب نفسها وأفرادها ٢٩٠ ، ط. دار الكتاب - ١) ماذا خسر العالم بانحطاط ا لمسلمين، أبو الحسن الندوي، ص ٢٨٨ ) العربي، بيروت. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٨ وبعد هذا التصوير الرائع البديع لمشاهد أحوال الأمة في تلك الفترة الزمنية من تأريخها، أخذ يحذر أولئك الذين يعيشون على الأحلام التي سيطرت على عقول حكام تلك الحقبة وحواشيهم، ويحذرهم من مغبة المصير الأسود الذي ستنتهي بهم إليه هذه الأحلام الكاذبة، فقال: فالذين لا يزالون يعيشون في عالم (ألف ليلة وليلة) إنما يعيشون في » عالم الأحلام، إنما يعيشون في بيت أوهن من بيت العنكبوت، إنما يعيشون في بيت مهدد بالأخطار لا يدرون متى يكبس، ولا يدرون متى تعمل فيه معاول الهدم، وإن سلموا من كل هذا فلا يدرون متى يخر عليهم السقف من فوقهم فإنه بيت قائم على غير أساس متين وعلى غير دعائم قوية. ألا إن عهد (ألف ليلة وليلة) قد مضى فلا يخدعن أقوام أنفسهم ولا ّ يربطوا نفوسهم بعجلة قد تكسرت وتحطمت، إن الملوكية مصباح إن جاز هذا التعبير قد نفد زيته واحترقت فتيلته، فهو إلى انطفاء عاجل ولو لم تهب عاصفة. إنه لا مجال في الإسلام لأي نوع من أنواع الأثرة، إنه لا محل فيه للأثرة الفردية أو العائلية التي نراها في بعض الأمم الشرقية والأقطار الإسلامية ولا محل فيه للأثرة المنظمة التي نراها في أوربا وأمريكا وفي روسيا، فهي في أوربا أثرة حزب من الأحزاب، وفي أمريكا أثرة الرأسماليين، وفي روسيا قلة آمنت بالشيوعية المتطرفة وفرضت نفسها على الكثرة وهي تعامل العمال والمعتقلين بقسوة نادرة ووحشية ربما لا يوجد لها نظير في تاريخ السخرة ا لظالمة. إن الأثرة بجميع أنواعها ستنتهي وإن الإنسانية ستثور عليها وتنتقم منها الوسط العادل السمح للإسلام إلا العالم في مستقبل لا إنه ، شًديدا انتقاما القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٩ وإن طال أجل هذه (الأثرات) وأرخي لها العنان وتمادت في غيها وطغيانها مدة من ا لزمان. إن الأثرة فردية كانت أو عائلية أو حزبية أو طبقية غير طبيعية في حياة الأمة وإنها تتخلص منها في أول فرصة إنه لا محل لها في الإسلام ولا محل لها في مجتمع واع بلغ الرشد ولا أمل في استمرارها؛ فخير للمسلمين وخير للعرب وخير لقادتهم وولاة أمورهم أن يخلصوا أنفسهم منها ويقطعوا (١)« صلتهم بها قبل أن تغرق فيغرقوا معها .  وأنت ترى كيف نفى عن ذلك العهد أن يكون عهدا إسلاميا، وسواه بالعهد الذي كان قبل إشراق نور الإسلام بدعوة نبيه المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، ووصمه بأنه عهد جاهلي، وأنه لا ينبغي أن يقر ويبقى في هذه الأمة يوما واحدا فضلا عن أن يبقى أعواما أو قرونا. ونجد العلامة الندوي يعمم هذا الحكم على العهد الأموي والعباسي الذي أقام موازين القسط وأعاد إلى ƒ ولا يستثني إلا عمر بن عبد العزيز ولكن من الأسف ومن سوء حظ العالم » : الأمة حقوقها المسلوبة فقد قال ع ِ البشري أن تولى هذا المنصب الخطير رجال لم يكونوا له أكفاء، ولم ي دوا له عدة، ولم يأخذوا له أهبة، ولم يتلقوا تربية دينية وخلقية كما تلقى الأولون وكثيرون في عصرهم وجيلهم، ولم يسيغوا تعاليم الإسلام إساغة تليق بقيادة الأمة الإسلامية والاضطلاع بزعامتها، ولم تنق رؤوسهم ولا نفوسهم من بقايا التربية القديمة، ولم يكن عندهم من روح الجهاد في سبيل الإسلام ومن قوة الاجتهاد في المسائل الدينية والدنيوية ما يجعلهم يضطلعون بأعباء الخلافة الإسلامية وهذا الحكم عام يشمل خلفاء بني أمية وبني العباس، . ١) ماذا خسر العالم بانحطاط ا لمسلمين، ص ٢٩١ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٠ .(١)« حاشا الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز ويسهب الأستاذ سيد قطب في تشخيص الأمراض التي سرت في حياة الأمة في هذا العهد الذي تلا عهد الخلافة الراشدة، وكيف انحرفت السياسة حتى هوت في هوة سحيقة من الفساد وهوت معها الأمة، وكان مما قاله في ذلك: لقد اتسعت رقعة الإسلام فيما بعد، ولكن روحه انحسرت بلا جدال، » ولولا قوة كامنة في طبيعة هذا الدين، وفيض عارم في طاقته الروحية، ُ لكانت أيام (أمية) كفيلة بتغيير مجراه الأصيل، ولكن روحه ظلت تقاوم وتغالب، وما تزال فيها الطاقة الكامنة للغلب والانتصار. غير أنه منذ (أمية) أتاحت حدود بيت مال المسلمين، فصار نهبا ومباحا  للملوك والحاشية والمتعلقين، وتخلخلت قواعد العدل الإسلامي الصارم، فأصبح للطبقة الحاكمة امتيازات، ولأذيالها منافع، ولحاشيتها رسوم، وانقلبت الخلافة ملكا، وملكا عضوضا، كما قال عنه رسول الله ژ في وثبة من وثبات الاستشفاف الروحي ا لعميق. وعدنا نسمع عن الهبات للمتملقين والملهين والمطربين، فيهب أحد ملوك (أمية) اثني عشر ألف دينار لمعبد، ويهب هارون الرشيد من ملوك العباسيين إسماعيل بن جامع المغني في صوت واحد أربعة آلاف دينار، ومنزلا نفيس الأثاث والرياش... وتنطلق الموجة في طريقها لا تقف إلا فترة .(٢)« بين الحين والحين على أنه من المعلوم قطعا أن الفساد لم يكن في السياسة المالية فحسب، . ١) المصدر السابق، ص ١٢٨ ) . ٢) العدالة ا لاجتماعية، ص ١٦٤ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣١ بل شمل جميع مرافق حياة الأمة فنخر جميع جوانبها، وأول انحراف كان في طريقة الحكم، فبعد أن كان مبنيا على الشورى والانتخاب الحر للخليفة الشرعي الذي تبايعه الأمة عن طواعية، بعد أن تختاره لما تجد فيه من خصال الورع والتقوى، وشدة الخوف من الله تعالى، والنصح للأمة، وإيثار مصالحها على مصلحته الشخصية، وما يتمتع به من خصائص قيادية تؤهله لإمساك زمامها والسير بها في دروب السلامة، لتسلم في دنياها وتسعد في عقباها تحول الأمر إلى النقيض من ذلك، فأصبح الحكم يؤخذ عنوة، ويستلب من أهله بالسيف، ويفرض على الجماهير بقوة الحديد والنار، ولا يبقى لأحد من الأمة في ذلك رأي أو اختيار، وإنما عليها أن تسلم وتخضع وتنقاد وتسلب كل إرادة، حتى تغدو كالآلات الصماء التي تتحرك بالضغط على ا لأزرار. q nro nn rpro on :ájOGóÑà°SG ám £Π°S ≈dGE Im ón °TGp Q ám aÓNp øep ºμëdG ∫É≤àfGp إن أعظم بلاء على الأمة ومصيبة في الدين تحول نظام الحكم، الذي كان يسود الأمة من أقصاها إلى أقصاها، من منهج رباني يقوم على العدل، والشورى، ومحاسبة النفس، والخوف والرجاء من الله، وينبني على عقد بين الأمة والخليفة يكون الخليفة؛ بموجبه أجيرا للأمة تحق لها مراقبته ومحاسبته على القليل والكثير، كما يحق لها مع انحرافه عن الجادة أن ترده إليها بالنصح والتقويم، فإن أبى كان لها عزله ولو بالقوة إلى منهج شيطاني، يقوم على الجور والاستبداد، وإعطاء النفس شهواتها في البطش بالأمة، وسلبها جميع حقوقها المادية والمعنوية، وإطلاق يد المتسلط للعبث بأموالها وسفك دمائها، ومعاملتها كقطيع من السوائم لا تجتلب لنفسها نفعا ولا تدفع ضرا. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٢ وقد كان هذا بلا ريب حدا فاصلا بين عهدين في حياة الأمة، عهد القوة والعزة والكرامة وعهد الضعف والذلة والمهانة، كما أوضح ذلك أمران » : قال أحد الأدباء » : المفكر الكبير السيد أبو الحسن الندوي في قوله لا يحدد لهما وقت بدقة، النوم في حياة الفرد، والانحطاط في حياة الأمة، إنه لحق في قضية أكثر الأمم، ولكن ،« فلا يشعر بهما إلا إذا غلبا واستوليا الأمم حياة في منه أوضح الإسلامية الأمة حياة في والانحطاط ي اّلتدل بدا الأخرى، ولو أردنا أن نضع إصبعنا على الحد الفاصل بين الكمال والزوال، لوضعنا على ذلك الخط التاريخي الذي يفصل بين الخلافة الراشدة .(١)« والملوكية العربية أو ملوكية ا لمسلمين فقد كانت مسؤولية الأمة في العهد الأول تعود إلى من تختاره لقيادتها، ويكون أتقاها لله، وأقواها على إدارة دفة أمرها، إذ لا تنتخب لتحمل هذا العبء إلا من توفرت فيه خصلتان، حددهما القرآن في الأجير فيما حكاه عن أمته الصالحة اللبيبة ابنة عبده الصالح ﴿ ~ے ¢£ ¡ ¤ ﴾ [القصص: ٢٦ ]، وهذه الصفات كانت متوفرة في جميع القائمين على الأمر، الذين يتحملون المسؤوليات السياسية والعسكرية والمدنية، أو الذين يدلون إليهم بالرأي والمشورة، وفي هذا يقول السيد أبو الحسن الندوي: كان زمام القيادة الإسلامية والعالمية بالواسطة بيد الرجال الذين » وًخلقا وعملا وعقيدة إًيمانا ، ژ لمحمد جليلة معجزة منهم فرد كل كان صاغهم لقد ،ً واعتدالا وكمالا سيرة، وسمو نفس وتزكية وًتهذيبا وتربية أنفسهم يشبهون لا فعادوا ، صًبا الإسلام قالب في وصبهم ، صًوغا ژ النبي إلا في الأجسام لا في الميول والنزعات، ولا في الرغبات والأهواء، ولو الإسلام روح ينافي جًاهليا مأخذا وأخلاقهم سيرتهم في رأى لما مدقق دقق . ١) ماذا خسر العالم بانحطاط ا لمسلمين، ص ١٢٤ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٣ كأحدهم. يكون أن على زاد لما بًشرا الإسلام تمثل ولو الإسلامية، والنفسية وكانوا كما قلنا أمثلة كاملة وأقيسة تامة للدين والدنيا والجمع بينهما، فكانوا أئمة يصلون بالناس، وقضاة يفصلون قضاياهم، ويحكمون بينهم الجيوش يقودون وًقوادا وخزنتهم، المسلمين لأموال وأمنة والعلم، بالعدل ويحسنون تدبير الحروب، وأمراء يباشرون إدارة البلاد ويشرفون على أمور المملكة ويقيمون حدود الله، وكان الواحد منهم في آن واحد تقي اً زاهد اً . مًحنكا وسياسيا حازما وأميرا مجتهدا وفقيها ، فًهما وقاضيا ، مًجاهدا وبطلا فكان الدين والسياسة يتمثلان في شخص واحد وهو شخص الخليفة وأمير المؤمنين، حوله جماعة ممن تخرجوا إن صح التعبير في هذه المدرسة، المدرسة النبوية، أو المسجد النبوي، أفرغوا في قالب واحد ويستعين الخليفة يستشيرهم واحدة، تربية وتلقوا واحدة، رًوحا يحملون ونظام المدنية في روحهم فسرت يشهدوه حتى بال ذا أًمرا يقطع فلا بهم، الحكم وحياة الناس واجتماعهم وأخلاقهم، وانعكست ميولهم ورغباتهم في المدنية وظهرت خصائصهم فيها، فلا عداء بين الروح والمادة ولا صراع بين الدين والسياسة ولا تفريق بين الدين والدنيا، ولا تجاذب بين المصالح والمبادئ ولا تزاحم بين الأغراض والأخلاق، ولا تناحر بين الطبقات، ولا .(١)« تنافس في ا لشهوات نعم؛ كان جميع المسئولين في الدولة الإسلامية الأولى من هذا الطراز، فكل منهم يعد أمة في رجل ورجلا في أمة، يحمل في نفسه هم الدين والدعوة إليه وهم الأمة بل البشرية بأسرها، لأنه يحس من أعماق نفسه أنه مسئول عن إصلاحها وتربيتها، وإخراجها من الظلمات إلى النور . ١) المرجع السابق، ص ١٢٥ ) ه ت ه اج و ه وم ر اِه ظ م الاستبداد ٣٤َ ومن الضلال إلى الهدى ومن الجهل إلى العلم ومن الجاهلية إلى دين الإسلام ا لحق. وهو مع نوئه بهذه الهموم، يحمل هم الدار الآخرة ووعدها ووعيدها، فيتزاحم في قلبه عاملا الخوف والرجاء، ففي خوفه ما ينهنهه ويصده عن كل سوء ويحجزه عن إعطاء نفسه رغباتها، وفي رجائه ما يبعث في نفسه همم الخير، ويؤجج عزائم ا لإيمان. وبانحلال ذلك العقد وانطواء ذلك العهد وبروز عهد جديد طوي عن الأمة كل ما كانت تعهده في العهد الماضي من المزايا الخيرة، فغارت ينابيع الخير، وتحول روضها النضير إلى قفر يباب منطمس المعالم موحش للناظر. وقد بدأت هذه المرحلة المشئومة في حياة الأمة بوثوب معاوية بن أبي سفيان على دولة الخلافة؛ لابتزاز السلطة من الخليفة الشرعي الذي بويع بإجماع أهل الحل والعقد، ليحولها إلى ملك عضوض ونظام استبدادي، لا يصلح إلا أن يكون امتدادا للنظام المتبع عند القياصرة والأكاسرة، ولم يكن معاوية يخفي أنه أخذ السلطة عنوة، و أن الناس له كارهون؛ فعندما دخل المدينة المنورة بعد استيلائه على الأمر خطب في أهلها قائلا: أما بعد؛ فإني والله ما وليتها بمحبة علمتها منكم، ولا مسرة بولايتي، » ولكني جالدتكم بسيفي هذا مجالدة، ولقد رضت لكم نفسي على عمل ابن أبي قحافة، وأردتها على عمل عمر، فنفرت من ذلك نفارا شديدا، وأردتها مثل ثنيات عثمان فأبت علي، فسلكت بها طريقا لي ولكم فيه منفعة؛ مؤاكلة حسنة ومشاربة جميلة، فإن لم تجدوني خيركم فإني خير لكم ولاية. والله لا أحمل السيف على من لا سيف له، وإن لم يكن منكم إلا ما يستشفى به القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٥ القائل بلسانه؛ فقد جعلت ذلك له دبر أذني وتحت قدمي، وإن لم تجدوني أقوم بحقكم كله فاقبلوا مني بعضه، فإن أتاكم مني خير فاقبلوه؛ فإن السيل إذا زاد عنى وإذا قل أغنى، وإياكم والفتنة فإنها تفسد المعيشة وتكدر .(١)« النعمة ما قاتلتكم لتصوموا ولا لتصلوا ولا » : وخطب في أهل الكوفة فقال لتحجوا ولا لتزكوا قد عرفت أنكم تفعلون ذلك، ولكن إنما قاتلتكم لأتأمر .(٢)« عليكم، فقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون وأنتم ترون ما في كلامه هذا من كشف الستار عما في خبيئة نفسه في قتاله، فإنه لم يقاتل لغرض ديني أو لإحقاق حق، وإنما قاتل ليتوصل إلى التسلط على الرقاب والتحكم في الناس، وقد قاوم بهذا خلافة شرعية بنيت على الشورى الإسلامية لتقويض بنيانها، فصفا له الجو وهدمها كما أراد، وحول الحكم إلى ملك عضوض. ١) العقد ا لفريد، أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي (ت: ٣٢٨ ه)، ج ٤، ص ٧٦ ، دار ) إحياء التراث العربي، بيرو، لبنان، ١٤٢٠ ه/ ١٩٩٩ م، الطبعة: الثالثة، وينظر: جمهرة خطب العرب، أحمد زكي صفوت، ج ٢، ص ١٨٢ ، المكتبة العلمية، بيروت، والبداية والنهاية، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي أبو الفداء، (ت: ٧٧٤ ه)، ج ٨، ص ١٣٢ ، مكتبة المعارف، بيروت. ٢) المعرفة والتاريخ، أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي (ت: ٢٧٧ ه)، ج ٣، ص ٣٢٧ ، دار ) الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٩ ه/ ١٩٩٩ م، تحقيق: خليل المنصور، وانظر: تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من ا لأماثل، لأبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي (ت: ٥٧١ ه)، ج ٥٩ ، ص ١٥٠ دار الفكر، بيروت، ١٩٩٥ م، تحقيق: محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري، ومختصره (مختصر تاريخ دمشق)، محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري (ت: ٧١١ ه)، ج ٧، ص ٣٣٩ ، والبداية . والنهاية، ج ٨، ص ١٣١ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٦ : á«l p án ÄnØdG p pgn ¿C íjo ôp°üdG s ZÉH p √ò qG ≈ΠY s ¢üt ædG لقد أنذر النبي ژ بهذا العهد المشئوم وما يقع فيه من نقض عرى الإسلام، ووصف هذه الفئة بالبغي؛ فعن عكرمة، قال لي ابن عباس ولابنه علي: انطلقا إلى أبى سعيد فاسمعا من حديثه. فانطلقنا فإذا هو في حائط يصلحه، فأخذ رداءه فاحتبى، ثم أنشأ يحدثنا حتى أتى ذكر بناء المسجد، فقال: كنا نحمل لبنة لبنة، وعمار لبنتين لبنتين، فرآه ا لنبي ژ فينفض التراب ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى » : عنه، ويقول تقتل » : ١)، وعن أبي سعيد أيضا )« أعوذ بالله من الفتن » : قال يقول عمار .« النار تقتله الفئة » : ٢) وعن أم سلمة أن ا لنبي ژ قال في عمار )« عمارا الفئة ا لباغية عمار » : ٣)، وعن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول ا لله ژ يقول )« الباغية فقال معاوية: لا تزال تنزع في مبالك نحن قتلناه، إنما « تقتله الفئة الباغية قتله الذين أخرجوه.( ٤) وعن أبي هريرة قال: كان رسول ا لله ژ يبني المسجد، فإذا نقل الناس حجرا نقل عمار حجرين، وإذا نقلوا لبنة نقل لبنتين، فقال أبشر عمار » : ٥)، وعنه بلفظ )« ويح ابن سمية تقتله الفئة ا لباغية » : رسول ا لله ژ ١٠٣٥ ، رقم ٢٦٥٧ ) وابن حبان / ٩٠ ، رقم ١١٨٧٩ ) والبخاري ( ٣ / ١) أخرجه أحمد ( ٣ ) .( ١٦٢ رقم ٢٦٥٣ / ٥٥٤ ، رقم ٧٠٧٩ )، والحاكم في مستدركه ( ٢ /١٥) ٥٥٢ ، رقم ٣٧٨٧٥ )، وأحمد / ٢) أخرجه ابن أبي شيبة من طريق خزيمة بن ثابت: ( ٧ ) ٨٥ ، رقم ٣٧٢٠ )، قال / ٢٥٩ )، والطبراني ( ٤ / ٢١٤ ، رقم ٢١٩٢٢ )، وابن سعد ( ٣ /٥) ٤٤٨ ، رقم ٥٦٩٧ )، ومن طريق عمرو بن حزم: أخرجه / ٢٤٢ )، والحاكم ( ٣ / الهيثمي ( ٧ ،١٦٨/ ١٢٣ ، رقم ٧١٧٥ )، والحاكم ( ٢ / ١٩٩ ، رقم ١٧٨١٣ )، وأبو يعلى ( ١٣ / أحمد ( ٤ .( ٢٤٥ رقم ١٦٢ / رقم ٢٦٦٣ ) وقال: صحيح على شرط الشيخين، وابن الجعد ( ١ .( ٣٦٣ رقم ٨٥٢ ورقم ٨٥٣ / ٣) المعجم الكبير: ( ٢٣ ) .( ١٥٧ رقم ٨٥٥ / ٤٤ رقم ٧٩٠٨ )، والنسائي في الكبرى ( ٥ / ٤) الطبراني في الأوسط: ( ٨ ) .( ٤٠٣ رقم ٦٥٢٤ / ٥) أبو يعلى في مسنده ( ١١ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٧  تقتل » : ١)، وعن عمرو بن العاص قال: قال رسول ا لله ژ )« تقتلك الفئة ا لباغية ٢)، وعن عثمان قال: سمعت رسول الله ژ يقول لعمار )« عمارا الفئة الباغية ٣)، وعن ابنة هشام بن الوليد بن )« تقتل عمارا الفئة الباغية » : رحمة الله عليه المغيرة وكانت تمرض عمارا قالت: جاء معاوية إلى عمار يعوده، فلما خرج من عنده، قال: اللهم لا تجعل منيته بأيدينا فإني سمعت رسول الله ژ ٤)، وعن أبي اليسر، قال: سمعت رسول )« تقتل عمارا الفئة الباغية » : يقول تقتل : ژ الله رسول قال أو ژ الله » الفئة عمارا « وَب ي أ أبي عن ، ( ٥) الباغية ٦)، وعن حنظلة ابن خويلد )« تقتل عمارا الفئة ا لباغية » : قال: قال رسول ا لله ژ العنزي قال: إني لجالس عند معاوية، إذا أتاه رجلان يختصمان في رأس عمار، كل واحد منهما يقول: أنا قتلته، قال عبد الله بن عمرو: ليطب به ،« تقتله الفئة الباغية » : أحدكما نفسا لصاحبه، فإني سمعت رسول ا لله ژ يقول قال معاوية فما بالك معنا؟ قال: إني معكم ولست أقاتل، إن أبي شكاني ،« أطع أباك ما دام حيا ولا تعصه » : إلى رسول الله ژ ، فقال رسول الله ژ ٧)، وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن )« فأنا معكم ولست أقاتل أبيه، قال: دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص، قال: قتل عمار، وقد فدخل عمرو على معاوية، فقال: قتل « تقتله الفئة الباغية » : قال رسول الله ژ عمار، فقال معاوية: قتل عمار، فماذا؟ قال: سمعت رسول الله ژ يقول: .( ٦٦٩ رقم ٣٨٠٠ / ١) الترمذي في سننه: ( ٥ ) .( ٣٢٧ رقم ٧٣٤٢ / ٥٥٢ رقم ٣٧٨٧ ) وأبو يعلى في مسنده ( ١٣ / ٢) ابن أبي شيبة ( ٧ ) .( ٣١٢ رقم ٥١٦ / ٢٣٢ رقم ٢٨٣ )، والطبراني في الصغير ( ١ / ٣) أبو يعلى في معجمه ( ١ ) .( ٣٥٣ رقم ٧٣٦٤ / ٤) أبو يعلى في مسنده ( ١٣ ) .( ٤٠٨ رقم ١٥٣٢ / ١٧٠ رقم ٣٨٢ )، والشاشي في مسنده ( ٣ / ٥) الطبراني في كبيره ( ١٩ ) .( ١٦٨ رقم ٤٠٣٠ / ٦) الطبراني في كبيره ( ٤ ) .( ٥٤٨ ، رقم ٣٧٨٤٥ / ١٦٤ رقم ٦٥٣٨ )، وابن أبي شيبة ( ٧ / ٧) أخرجه أحمد في مسنده: ( ٢ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٨ قال: دحضت في بولك، أنحن قتلناه؟! إنما قتله علي ،« تقتله الفئة الباغية » .(١)« وأصحابه والحديث ظاهر كما ترى لا غبار على دلالته، فهو يدل على أن أهل الشام الخارجين على الإمام الشرعي بغاة وعلى رأسهم قائد فئتهم معاوية، وتجد من بين رواته أهل الشام أنفسهم، فقد رواه عن النبي ژ معاوية وعمرو بن العاص وابنه، وذلك مما يوثق ثبوته ويقوي سنده، على أنه بلغ حد الشهرة بكثرة طرقه وتنوع أسانيده حتى كاد يدنو من التواتر، وقد ألحقه وهذا خبر مقبول من طريق التواتر حتى أن » : الجصاص بالمتواتر، حيث قال معاوية لم يقدر على جحده لما قال له عبد الله ابن عمرو، فقال: إنما قتله من .(٢)« جاء به فطرحه بين أسنتنا تواترت » : ونقل الحافظ ابن حجر عن الحافظ ابن عبد البر، أنه قال فيه وفي » : ٣)، وكذلك قال الذهبي )« الأخبار بذلك وهو من أصح الحديث هذا » : ٤)، ومثله قول السيوطي )« الباب عن عدة من الصحابة فهو متواتر الحديث متواتر رواه من الصحابة بضعة عشر كما بينت ذلك في .( ٣٣٠ رقم ٧٣٤٦ / ١) أبو يعلى في مسنده: ( ١٣ ) ٢) أحكام القرآن، أحمد بن علي الرازي الجصاص أبو بكر (ت: ٣٧٠ ه)، ج ٥ ص ٢٨٠ ، دار ) إحياء التراث العربي، بيروت، ١٤٠٥ ه ، تحقيق: محمد الصادق قمحاوي. ٣) تلخيص الحبير في أحاديث الرافعي ا لكبير، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني ) (ت: ٨٥٢ ه)، ج ٤، ص ٤٣ ، المدينة المنورة، ١٣٨٤ ه/ ١٩٦٤ م، تحقيق: السيد عبد الله هاشم اليماني ا لمدني. ٤) سير أعلام النبلاء، محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي أبو عبد الله (ت: ٧٤٨ ه)، ) ج ١، ص ٤٢١ ، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤١٣ ه ، الطبعة: التاسعة، تحقيق: شعيب الأرناؤوط ، محمد نعيم ا لعرقسوسي. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٩ ١)، ونص على تواتره أيضا الصنعاني في )« الأحاديث ا لمتواترة (٢)« توضيحه » . :≥q ëdGn ¢VÉp Mn OrEp πp p ál dnOÉn én eo ’ WÉÑdÉH مع وضوح دلالة هذا الحديث وقوته جادلت فيه طائفة من الناس، فمنهم من طعن في أصله، فقد نقل ابن الجوزي في (العلل المتناهية) عن ذكر أن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبا خيثمة والمعيطي » : الخلال أنه فقالوا فيه: ما فيه حديث ،« تقتل عمارا الفئة الباغية » ذكروا هذا الحديث ثمانية « تقتله الفئة الباغية » صحيح، وأن أحمد قال: قد روي في عمار ٣) وقد علمت أن غير واحد من ).« وعشرون حديثا ليس فيها حديث صحيح أئمة الحديث عده في المتواتر، وتعقب الحافظ ابن حجر هذا الذي رواه الخلال بما تقدم من كون ابن عبد البر ذكر أنه متواتر، ثم قال: وقال ابن (٤)« لا مطعن في صحته ولو كان غير صحيح لرده معاوية وأنكره » : دحية . وقد أشار ابن تيمية إلى عدم صحته، مع حمله على معنى آخر يتفق مع وأما الحديث الذي روي عن ا لنبي ژ أنه قال لعمار: » : هواه، حيث قال فبعضهم ضعفه، وبعضهم تأوله، فقال بعضهم: معناه « تقتلك الفئة الباغية » ١) الخصائص الكبرى، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ) (ت: ٩١١ ه)، ج ٢، ص ٢٣٩ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٥ ه/ ١٩٨٥ م. ٢) توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار، محمد بن إسماعيل الأمير الحسني الصنعاني ) (ت: ١١٨٢ ه)، ج ٢ ص ٤١١ : المكتبة السلفية، المدينة المنورة، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد. ٣) العلل المتناهية في الأحاديث ا لواهية، عبد الرحمن بن علي بن الجوزي (ت: ٥٩٧ ه)، ج ٢ ) ص ٨٤٨ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٣ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: خليل ا لميس. . ٤) تلخيص ا لحبير، ج ٤، ص ٤٣ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤٠ وبعضهم ،« نبغي ابن عفان بأطراف الأسل » : كما قالوا ƒ الطالبة لدم عثمان أنه قال لما ذكر له هذا الحديث: أونحن قتلناه!! ƒ قال ما يروى عن معاوية .(١)« إنما قتله علي وأصحابه حيث ألقوه بين أسيافنا وهذه مجادلة ناشئة عن العصبية للباطل وتسفيه الحق، فقد علمت بأن الحديث أجمعت الأطراف المتنازعة على صحته، وأن من رواته معاوية نفسه وصاحبه عمرا وابنه، فلو كان غير ثابت لما رووه مع علمهم بأنه حجة لخصمهم عليهم. نبغي » : وأما تأويله بأن الباغية بمعنى الطالبة لدم عثمان كما قال الشاعر يدعوهم » : فهو مردود بنص الحديث نفسه، ففيه « ابن عفان بأطراف الأسل وهو نص على أن دعوتهم باطلة وأنها تفضي « إلى الجنة، ويدعونه إلى النار قال ابن الملك: اعلم » : إلى النار والعياذ بالله ، وقد قال ملا علي القاري عًمارا لأن الحديث؛ بهذا باغين طاغين فكانوا وفئته، معاوية قتله عًمارا أن .(٢)« كان في عسكر علي وهو المستحق للإمامة، فامتنعوا عن بيعته وأما دعوى أن قتلته هم الذين أخرجوه للقتال، فهي مكابرة للحقيقة وإنكار للحق، إذ لو كان الأمر كذلك للزم أن يكون النبي ژ هو الذي قتل عمه حمزة بن عبد المطلب، وقتل أصحابه الذين استشهدوا في بدر وأحد وفي جميع المشاهد، فيكون هو الذي يبوء بتبعة قتلهم كما رد بذلك الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عندما بلغته هذه الدعوى من معاوية.   ١) منهاج السنة النبوية، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس (ت: ٧٢٨ ه)، ) ج ٤، ص ٤٠٥ ، مؤسسة قرطبة، ١٤٠٦ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. محمد رشاد سالم. ٢) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي بن سلطان محمد القاري (ت: ١٠١٤ ه)، ) ج ١١ ، ص ١٧ ، دار الكتب العلمية، لبنان، بيروت، ١٤٢٢ ه/ ٢٠٠١ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: جمال عيتاني. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٤١ ومن العصبية للباطل، قول ابن بطال بأن هذا إنما هو في مشركي مكة ولا يمكن أن يتأول » : الذين عذبوا عمارا وحاولوا فتنته عن دينه!!.. قال هذا الحديث في المسلمين البتة؛ لأنهم قد دخلوا دعوة الله، وإنما يدعى دليل أيضا « ويدعونه إلى النار » : إلى الله من كان خارجا من الإسلام. وقوله ًً على ذلك؛ لأن المشركين أهل مكة إنما فتنوه وطالبوه أن يرجع إلى .(١)« دينهم، فهو ا لنار وهو تأويل عجيب لا ينبئ إلا عن تأصل العصبية في النفوس، فإن من استجاب للدعوة العامة للإسلام بحيث أتى بالشهادتين لا تسقط دعوته إلى الحق، بل يؤمر أن يلتزم ما اقتضته الشهادتان من اتباع الحق وترك الباطل، والائتمار بأمر الله والازدجار عن أمر الشيطان، والقيام بجميع التكاليف الشرعية فعلا وتركا، إذ لا تسقط التبعة عن أحد بمجرد نطقه بالشهادتين، فلو كان كذلك لما وجب فرض على من أتى بهما ولا حظر شيء عليه، @?> =<;: وأين هذا من قوله تعالى: ﴿ 9 ﴾ NMLKJIH GFE DCBA ﴾IHGFEDCB ﴿ : [النساء: ١٢٣ ]، وقوله [التوبة: ١١٩ ]، وقوله: ﴿ [^ \ _`edcba qponmlkjihgf ،[ ﴾ [البقرة: ٢٥٤ u }|{zyxwv ﴿ : وقوله ~ے ¢ ¡ £¤§¦¥ ٢٧٩ ]، وقوله: - البقرة: ٢٧٨ ] ﴾ ¬«ª©¨ º ÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼» ﴿ ١) شرح صحيح البخاري، أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال البكري ) القرطبي (ت: ٤٤٩ ه)، ج ٥، ص ٢٧ ، مكتبة الرشد، السعودية، الرياض، ١٤٢٣ ه/ ٢٠٠٣ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤٢ ÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆ ١٣٢ ]، وقوله: ﴿ :; 9 - آل عمران: ١٣٠ ] ﴾ ÒÑ FEDCBA@?>=< UTSRQPONMLKJIHG ﴾` _ ^ ] \ [Z Y X W V ('&%$#" ٣٠ ]، وقوله: ﴿ ! - [النساء: ٢٩ 76543210/.-,+*) HGFEDCBA@?>=<;:98 ~ ¬ x }|{zy ﴿ : النساء: ١٣٥ ]، وقوله ] ﴾I ¢ «ª©¨§¦¥¤£ ¡ ے المائدة: ٨]، وقوله: ] ﴾¸ ¶μ´³²±°¯® D PONMLKJIHGFE ﴿ \[ZYXWVUTSRQ gfedcba`_^] srqponmlkjih ﴾ ÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º ﴿ : ٣٩ ]، وقوله - Õ Ô Ó Ò Ñ ÐÏ Î Í Ì Ë Ê É È Ç Æ Å [التوبة: ٣٨ ä ã â á à ß Þ ÝÜ Û Ú Ù Ø ×Ö 0/.-,+*)('&%$#"! ?>=<;:987654321 m qpon ﴿ : ١٢ ]، وقوله - الحجرات: ١١ ] ﴾ CBA@ }|{zyxwvutsr ¬«ª©¨ ¡ §¦¥¤£¢ ے ~ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٤٣ »º¹¸¶μ´³²±°¯® .[١١ - المنافقون: ٩ ] ﴾ ÄÃÂÁÀ¿¾½¼ فكم تجد من نصوص قرآنية فيها دعوة للذين آمنوا إلى اتباع الحق والائتمار بأوامر الله والازدجار عن نواهيه، مع وعدهم على امتثال ذلك لا يمكن أن يتأول هذا الحديث في » : ووعيدهم على مخالفته، فكيف يقال المسلمين البتة؛ لأنهم قد دخلوا دعوة الله، وإنما يدعى إلى الله من كان فليت شعري ألم يكن ما تضمنته هذه الآيات دعوة ..!؟» خارجا من الإسلام ً لمن دخل في الإسلام إلى الالتزام بما يعنيه الإسلام من فعل أوامر الله f hg ﴿ : تعالى وترك نواهيه، وماذا يقول ابن بطال في قوله تعالى utsrqponmlkji ے ¢£ ¡ ~}|{zyxwv ±°¯®¬«ª©¨§¦¥¤ ¿¾½¼»º¹¸¶μ´³² ÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ $#"!ÕÔÓÒÑÐÏÎÍ 3210/.-,+*)('&% A@?>=<;:987654 QPONMLKJIHGFEDCB `_^]\[ZYXWVUTSR onmlkjihgfedcba }|{zyxwvutsrqp ¡ ¯® ¬«ª©¨§¦¥¤£¢ ے ~ ½¼»º ¹¸¶μ ´³²±° ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤٤ ÍÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾ ÜÛÚÙØ×ÖÕÔÓÒÑÐÏÎ ﴾è ç æ å ä ã â á à ß Þ Ý .[٣٨ - [الإسراء: ٢٣ هل يعفى من استجاب لدعوة الإسلام من كل ما في هذه الآيات من أوامر ونواهي، ما عدا أولها وهو عدم عبادة غير الله سبحانه؟! فكيف يتجاهل أن الدعوة للذين استجابوا وآمنوا بتوحيد الله 8 قائمة إلى الالتزام بما يقتضيه التوحيد من حسن الطاعة له سبحانه وترك محظوراته؟! أوليس من محظوراته سفك دماء الأمة بغير حق، والخروج على خليفتها الشرعي، وشق عصا طاعة من أوجب الله طاعته من أولياء الأمر القائمين بالقسط ؟!. على أن الأمر واضح لا غبار عليه، فمن الذي قتل عمارا حتى يتعسف في تأويل ا لحديث؟!. تبعا للمهلب، إنما يصح » : وذكر الحافظ ابن حجر عن ابن بطال أنه قال هذا في الخوارج الذين بعث إليهم علي عمارا يدعوهم إلى الجماعة، ولا .(١)« يصح في أحد من الصحابة، وتابعه على هذا الكلام جماعة من ا لشراح وفي هذا أيضا من قلب الحقائق ما لا يخفى على ذي بصر، حتى أن وفيه نظر من أوجه، أحدها أن الخوارج إنما » : الحافظ نفسه تعقبه بقوله خرجوا على علي بعد قتل عمار بلا خلاف بين أهل العلم بذلك، فإن ابتداء أمر الخوارج كان عقب التحكيم، وكان التحكيم عقب انتهاء القتال بصفين، ١) فتح الباري شرح صحيح ا لبخاري، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني ) الشافعي، (ت: ٨٥٢ ه)، ج ١، ص ٥٤٢ ، دار المعرفة، بيروت، تحقيق: محب الدين الخطيب. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٤٥ وكان قتل عمار قبل ذلك قطعا، فكيف يبعثه إليهم علي بعد موته؟!. ٌ ثانيها: أن الذين بعث إليهم علي عمارا إنما هم أهل الكوفة، بعثه يستنفرهم على قتال عائشة ومن معها قبل وقعة الجمل، وكان فيهم من الصحابة جماعة كمن كان مع معاوية وأفضل، وسيأتي التصريح بذلك عند المصنف في كتاب (الفتن)، فما فر منه المهلب وقع في مثله مع زيادة .(١)« إطلاقه عليهم تسمية الخوارج وحاشاهم وأنت ترى كيف اتخذوا من سموهم (خوارج) شماعة لتعليق كل سوء بهم ونسبة كل باطل إليهم!!!... وأين هذا مما أمر الله تعالى به من الشهادة بالقسط في الأقربين والأبعدين من غير التفات إلى شنآن أو مقة، على أن فإن قيل: كان قتله » : الحافظ نفسه أغرب في شرحه الحديث حيث قال بصفين وهو مع علي والذين قتلوه مع معاوية وكان معه جماعة من الصحابة، فكيف يجوز عليهم الدعاء إلى النار؟ فالجواب: أنهم كانوا ظانين أنهم يدعون إلى الجنة، وهم مجتهدون لا لوم عليهم في اتباع ظنونهم، فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها وهو طاعة الإمام، وكذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة علي وهو الإمام الواجب الطاعة إذ ذاك، وكانوا هم .(٢)« يدعون إلى خلاف ذلك، لكنهم معذورون للتأويل الذي ظهر لهم فليت شعري؛ لو كانوا معذورين بهذا وكان ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد فكيف تكون دعوتهم له إلى النار؟! مع أن المجتهد الحق حيث يسوغ الاجتهاد مثاب على اجتهاده بأي حال، فلا يمكن أن يكون اجتهاده مؤديا إلى النار والعياذ بالله، على أن الاجتهاد لا يسوغ في موارد النصوص ١) المرجع ا لسابق. ) ٢) المرجع ا لسابق. ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤٦ الشرعية حيث يخالف المجتهد الحق الذي لا غبار عليه، ولو ساغ أن يحمل هذا الكلام على هذا المحمل لاحتمل مثله فيما حكاه الله من قول مؤمن آل فرعون: ﴿ " $%& # ')( ﴾* [غافر: ٤١ ]، لأن المدعو إليه واحد في القضيتين، وقد ذكر بعبارة واحدة في القرآن والحديث. ولو كانت القضية اجتهادية لما ساغ للإمام علي قتالهم لأنهم متعلقون أما والله لقد » : بعذر شرعي، مع أنه قال فيما أخرجه عنه ابن عساكر وغيره ضربت هذا الأمر ظهرا لبطن أو ذنبا ورأسا؛ فوالله إن وجدت له إلا القتال أو .(١)« الكفر بالله فلو كانت القضية للاجتهاد فيها مجال لما قال إن ترك قتالهم كفر، إذ لا يكون الكفر إلا بارتكاب محرم شرعي، فإن كان غير مخرج من الملة، فهو كفر نعمة كما سيأتي إن شاء الله وإن كان مخرجا منها فهو كفر ملة، وأنت تدري أن التكفير في القضايا الفرعية الاجتهادية ما كان واردا عند السلف الصالح، ولا يجوز في الإسلام بحال، وإلا لساغ أن يكفر كل أحد ، ١) تاريخ دمشق، ج ٤٢ ، ص ٤٥٧ ، وص ٤٧٤ ، وانظر: مختصر تاريخ دمشق، ج ٥، ص ٤٢٤ ) وشرح نهج البلاغة، ج ٢، ص ١٢٣ ، وج ٢، ص ١٨٦ ، وذخائر العقبى في مناقب ذوي ، القربى، محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري، (ت: جمادى الآخرة / ٦٩٤ ه)، ص ١١٢ دار الكتب المصرية، مصر، ووقعة صفين، نصر بن مزاحم بن سيار المنقري، (ت: ٢١٢ ه)، ص ٤٧٤ . والمعرفة والتأريخ، ج ١، ص ٣٤٣ وج ٣، ص ٤٣ ، والأخبار الطوال، أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري، (ت: ٢٨٢ ه)، ص ٤٣ ، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ١٤٢١ ه/ ٢٠٠١ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. عصام محمد الحاج علي، ، ونثر الدر في المحاضرات، أبو سعد منصور بن الحسين الأبي، (ت: ٤٢١ ه)، ج ١ ص ٢٢٣ ، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ١٤٢٤ ه/ ٢٠٠٤ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: خالد عبد الغني محفوط. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٤٧ من خالفه في الرأي، وإذا كان ترك قتالهم كفرا بسبب ما ارتكبوه من الفساد في الأرض الذي يوجب جهادهم، فكيف بهم وبصنيعهم، فإنه بلا ريب أوغل في الكفر وأعمق في الضلال، فأنى يسوغ أن يعدوا فيه مجتهدين وهم  بسبب ذلك معذورون؟!!. على أن معاوية نفسه اعترف لأهل الكوفة أنه ما قاتلهم إلا ليتأمر عليهم كما سبق ذكره عنه، ومعنى ذلك أنه ساع إلى العلو في الأرض، وقد قال ¹ ÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º ﴿ : تعالى ÇÆ .[ ﴾ [القصص: ٨٣ واعترف أيضا أن معروفه منكر بالنظر إلى من قبله، فقد قال لأهل فاقبلونا بما فينا، فإن ما وراءنا شر لكم، وإن معروف زماننا هذا » : المدينة لم زمان مُعروف زماننا ر كَ نْ وم ضى، م زمان ر نَك م .« النزعة يخف ولم ( ١) يأت القيصرية الكسروية في حكمه وتسلطه، إذ تصور كما كانوا يتصورون أنه ٍ أوتي ملك الأرض، وأنه لا حق لأحد أن يسأله عن شيء أو يحاسبه على الأرض لله، وأنا خليفة الله، فما أخذت فلي، وما » : تصرف، فكان من قوله .( ٢)« تركته للناس فبالفضل مني ١) العقد الفريد، أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي، (ت: ٣٢٨ ه)، ج ٤، ص ٧٦ ، دار ) إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ١٤٢٠ ه/ ١٩٩٩ م، الطبعة: الثالثة، وينظر: أنساب الأشراف، أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، (ت: ٢٧٩ ه)، ج ٢، ص ٨٦ ، والبصائر ، والذخائر، أبو حيان علي بن محمد بن العباس التوحيدي، (ت: ٤١٤ ه)، ج ٤، ص ١٩٩ دار صادر، بيروت، لبنان، ١٤١٩ ه/ ١٩٩٩ م، الطبعة: الراجعة، تحقيق: د. وداد القاضي، وينظر: نثر الدر في المحاضرات، ج ٣ ص ٩، وربيع الأبرار، ج ١، ص ٨٦ ، وجمهرة خطب العرب، أحمد زكي صفوت، ج ٢، ص ١٨٣ المكتبة العلمية، بيروت. ٢) أنساب الأشراف، ج ٢، ص ٨٣ ، وينظر: مروج الذهب، أبو الحسن علي بن الحسين بن ) على المسعودي، (ت: ٣٤٦ ه)، ج ١، ص ٣٦٧ ، ونثر الدر، ج ٢، ص ١٤٢ ، والتذكرة ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤٨ وهذا يعني أنه لو حرم الناس من أرزاقهم من بيت مال المسلمين لكان ذلك له حقا مشروعا، وليس لهم حسابه على ذلك، لأنه منعهم ما يملك لا ما يملكون!.. وإن آتاهم شيئا من ذلك فهو لا يعدو أن يكون فضلا منه، لأنه له التصرف المطلق وله الحق في كل شيء دونهم، وأين هذا من نهج النبوة الصادقة في عهد رسول الله ژ ، حيث كان ژ يقسم المال بالسوية، ويقول: ما لي من هذا المال إلا مثل ما لأحدكم، إلا الخمس، وهو مردود » ١)، وبين ژ أنه لا يقسم بين الناس إلا كما أمر، من غير أن يجعل )« عليكم ما قال: فقد والمنع، العطاء في أًثرا وهواها نفسه لرغبة » ولا أعطيكم .(٢)« أمنعكم، أنا قاسم أضع حيث أمرت شهدت » : بل أين هذا من نهج الخلفاء الراشدين، فعن ابن عمر قال جلولاء، فابتعت من المغنم بأربعين ألفا، فلما قدمت على عمر، قال لي: أرأيت لو عرضت علي النار، فقيل لك: افتدني أكنت مفتدي؟ فقلت: والله ما ّ من شيء يؤذيك إلا كنت مفتديك منه، فقال: كأني شاهد الناس حين تبايعوا، فقالوا: عبد الله بن عمر صاحب رسول ا لله ژ وابن أمير المؤمنين وأحب الناس إليه: وأنت كذلك، فكان أن يرخصوا عليك بمائة أحب إليهم من أن يغلوا عليك بدرهم، وإني قاسم مسئول، وأنا معطيك أكثر ما ربح تاجر من قريش، لك ربح الدرهم درهم. قال: ثم دعا التجار، فابتاعوا منه بأربعمائة ألف، فدفع إلي ثمانين ألفا، وبعث بالبقية إلى سعد بن أبي وقاص، فقال: ، الحمدونية، ابن حمدون محمد بن الحسن بن محمد بن علي، (ت: ٦٠٨ ه)، ج ٧ ص ١٦٩ دار صادر، بيروت، لبنان، ١٩٩٦ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: إحسان عباس، بكر . عباس، وجمهرة خطب العرب، ج ١، ص ٤٤٥ .( ٢٥٩ ، رقم ٦٤٩ / ١٢٧ ، رقم ١٧١٩٤ )، والطبراني ( ١٨ / ١) أخرجه أحمد ( ٤ ) .( ١١٣٤ ، رقم ٢٩٤٩ / ٢) أخرجه البخاري ( ٣ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٤٩ .(١)« اقسمه في الذين شهدوا الوقعة، ومن كان مات منهم فادفعه إلى ورثته فانظر كيف كان احترازه حتى في تجارة أولاده التي تكون بتراض بينهم وبين من يعاملونهم، خشية أن يكونوا جاملوهم وتساهلوا معهم من أجله. بل كان شديدا حتى على أطفاله خشية أن تمتد أيديهم إلى شيء من فعن » ، مال المسلمين العام، فلم تمنعه عاطفته تجاههم أن يردعهم بشدة عيسى بن معمر قال: نظر عمر بن الخطاب عام الرمادة إلى بطيخة في يد بعض ولده، فقال: بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين، تأكل الفاكهة وأمة محمد ژ هزلى، فخرج الصبي هاربا وبكى، فأسكت عمر بعدما سأل عن ذلك، .(٢)« فقالوا: اشتراها بكف من نوى أن أعط الناس أعطيتهم وأرزاقهم الذي أفاء الله » : وكتب إلى حذيفة .(٣)« عليهم، ليس هو لعمر ولا لآل عمر، اقسمه بينهم يا أمير المؤمنين، لو وسعت على نفسك في النفقة من » : وقال له رجل مال الله تعالى، فقال له عمر: أتدري ما مثلي ومثل هؤلاء، كمثل قوم كانوا في سفر فجمعوا منهم مالا وسلموه إلى واحد ينفقه عليهم، فهل يحل لذلك .( ٤)«!؟ الرجل أن يستأثر عنهم من أموالهم ١) كتاب الأموال، أبو عبيد القاسم بن سلام، (ت: ٢٢٤ ه)، ج ١، ص ٣٣١ ، دار الفكر، ) بيروت، ١٤٠٨ ه/ ١٩٨٨ م، تحقيق: خليل محمد هراس. ٢) الطبقات الكبرى، محمد بن سعد بن منيع أبو عبد الله البصري الزهري، (ت: ٢٣٠ ه)، ) ج ٣، ص ٣١٥ ، دار صادر، بيروت، وينظر: فتوح البلدان، أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، (ت: ٢٧٩ ه)، ج ١، ص ٤٣٩ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٣ ه ، تحقيق: رضوان محمد رضوان. . ٣) المرجع السابق، ج ٣، ص ٢٩٩ ) ٤) السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحران، ) (ت: ٧٢٨ ه)، ص ٢٩ ، دار ا لمعرفة. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٥٠ أن صهرا لعمر بن الخطاب قدم على عمر، » : وعن محمد بن سيرين فعرض له أن يعطيه من بيت المال، فانتهره عمر وقال: أردت أن ألقى الله .(٥)« ملكا خائنا، فلما كان بعد ذلك أعطاه عمر من صلب ماله عشرة آلاف ومع شدة محاسبته لنفسه ما كانت رعيته تهمل حسابه، فكان كل منهم له بالمرصاد، يحاسبه حتى على الشيء الدقيق البسيط، فقد قال العتبي: بعث إلى عمر بحلل فقسمها فأصاب كل رجل ثوبا، فصعد المنبر وعليه » حلة، والحلة ثوبان، فقال: أيها الناس ألا تسمعون. فقال سلمان: لا نسمع. قال: حلة. وعليك ، ثًوبا ثوبا علينا قسمت لأنك قال: الله؟ عبد أبا يا ولم قال: لا تعجل يا أبا عبد الله. ثم نادى: يا عبد الله. فلم يجبه أحد، فقال: يا عبد الله بن به زرت اّت الذي الثوب بالله، نشدتك قال: المؤمنين. أمير يا لبيك قال: عمر. .(٦)« أما الآن، فقل نسمع : ƒ هو ثوبك؟ قال: اللهم نعم. فقال سلمان وقدم عبد الله بن زمعة على علي كرم الله وجهه في خلافته وكان إن فقال: ،ً مالا منه فطلب شيعته من » وإنما لك، ولا لي ليس المال هذا هو فيء للمسلمين وجلب أسيافهم، فإن شركتهم في حربهم كان لك مثل .(٧)« حظهم، وإلا فجناة أيديهم لا تكون بغير أفواههم يا أمير المؤمنين إني محتاج، وإني فقير » : وأتاه أخوه عقيل فقال ٥) تهذيب الآثار وتفصيل الثابت عن رسول الله من الأخبار، أبي جعفر محمد بن جرير بن ) يزيد الطبري، (ت: ٣١٠ ه)، ج ١، ص ١١٤ ، مطبعة المدني، القاهرة، تحقيق: محمود محمد شاكر. . ٦) عيون الأخبار، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت: ٢٧٦ ه)، ص ٢٣ ) ٧) ربيع الأبرار، ج ١، ص ٢٩٠ ، وينظر: أحكام أهل الذمة، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن ) أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، (ت: ٧٥١ ه)، ج ١، ص ٣٦٨ ، رمادى للنشر، دار ابن حزم، الدمام، بيروت، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٧ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: يوسف أحمد البكري، شاكر توفيق ا لعاروري. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٥١ فأعطني، قال: اصبر حتى يخرج عطائي مع المسلمين فأعطيك معهم، فألح هذه دّق فقل: السوق أهل حوانيت إلى به فانطلق بيده خذ لرجل: فقال عليه، الأقفال وخذ ما في هذه ا لحوانيت. المؤمنين: أمير يا فقال: إليه، فرجع ، سًارقا يتخذني أن علي يريد قال: آخذ أن ، سًارقا تتخذني أن أردت والله أنت قال: ، سًارقا تتخذني أن أردت أموال الناس فأعطيكها دونهم، قال: لآتين معاوية، قال: أنت وذاك، فأتى ّ .(١)« معاوية فسأله، فأعطاه مائة ألف هكذا كانت سيرة الخلفاء الراشدين تبعا للمنهج الذي سار عليه النبي ! ، لم تكن فيها محاباة لقريب ولا حرمان لبعيد، وإنما كان بعدها الانحراف المعاكس فكان الملك المسمى بالخليفة هو الذي يستأثر بالمال  ويؤثر به من شاء ويحرم منه من يشاء، ويتخذه وسيلة لابتياع الضمائر وابتزاز الحقوق وسفك الدماء وإضاعة الحرم، فعظمت مصيبة الدين واشتدت غربة الإسلام، ولله الأمر من قبل ومن بعد. π«Π°†àd ôHÉæªdG ≈ΠY ¬p æp ©dhn »Yô°ûdG áØ«ΠîdG Ö°ùH á≤«≤ëdG áo £n dÉn ¨n e rqqn o :¢SÉædG ∫ƒ≤o Yo بجانب هذه الحرب المسلحة التي شنها معاوية على الدولة الإسلامية ١) تاريخ دمشق، ج ٤١ ، ص ٢٢ ، وينظر: مختصره، ج ٥، ص ٣١٢ ، وتاريخ الخلفاء، ) عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، (ت: ٩١١ ه)، ص ٢٠٤ ، مطبعة السعادة، مصر، ١٣٧١ ه/ ١٩٥٢ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، والصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة، أبو العباس أحمد بن محمد بن علي ابن حجر الهيثمي، (ت: ٩٧٣ ه)، ج ٢، ص ٣٨٦ ، مؤسسة الرسالة، لبنان، ١٤١٧ ه/ ١٩٩٧ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الله التركي، كامل محمد ا لخراط. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٥٢ وخليفة الأمة الذي بايعته عن طواعية، وقدمته عليها ليؤمها في الحق وينهج بها سبيل الرشد شن حربا إعلامية على الخليفة الشرعي لتضليل عقول الناس، فقد سن لعن علي بن أبي طالب على المنابر، وجعله سنة ينشأ عليها الصغير ويموت عليها الكبير، وكان يدعو الصحابة رضي الله عن عامر بن سعد بن أبي » تعالى عنهم إلى ذلك فضلا عن دهماء الناس، ف وقاص، عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا، فقال: ما منعك أن تسب أبا التراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله ژ فلن أسبه، عن » إلخ( ١)، و ...« لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم سهل بن سعد أن رجلا جاءه، فقال: هذا فلان، أمير من أمراء المدينة، يدعوك .(٢)« لتسب عليا على ا لمنبر الشيباني، عن أبي الحباب الكندي، عن أبيه، أن » : وقال ابن عبد ربه معاوية بن أبي سفيان بينا هو جالس وعنده وجوه الناس، إذ دخل رجل من أهل الشام، فقام خطيبا، فكان آخر كلامه أن لعن عليا، فأطرق الناس، وتكلم الأحنف، فقال: يا أمير المؤمنين، إن هذا القائل ما قال آنفا، لو يعلم أن رضاك في لعن المرسلين لعنهم، فاتق الله ودع عنك عليا، فقد لقي ربه، وأفرد في قبره، وخلا بعمله، وكان والله ما علمنا المبرز بسبقه، الطاهر خلقه، الميمون نقيبته، العظيم مصيبته، فقال له معاوية: يا أحنف لقد أغضيت العين على القذى، وقلت ما ترى، وأيم الله لتصعدن المنبر، فتلعننه طوعا أو كرها، فقال له الأحنف: يا أمير المؤمنين، إن تعفني فهو خير لك، وإن تجبرني على ذلك فوالله لا تجري فيه شفتاي أبدا، قال: قم فاصعد المنبر، قال الأحنف: أما والله مع ذلك لأنصفنك في القول والفعل. .( ٦٣٨ رقم ٣٧٢٤ / ١٢٠ رقم ٦٣٧٣ )، والترمذي ( ٥ / ١) أخرجه مسلم ( ٧ ) .( ٣٦٨ رقم ٦٩٢٥ / ٢) أخرجه ابن حبان ( ١٥ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٥٣ قال: وما أنت قائل يا أحنف إن أنصفتني؟ قال: أصعد المنبر، فأحمد الله بما هو أهله، وأصلي على نبيه ژ ، ثم أقول: أيها الناس، إن أمير المؤمنين معاوية أمرني أن ألعن عليا، وإن عليا ومعاوية اختلفا فاقتتلا، وادعى كل واحد منهما أنه بغي عليه وعلى فئته، فإذا دعوت فأمنوا رحمكم ا لله. ثم أقول: اللهم العن أنت وملائكتك وأنبياؤك وجميع خلقك الباغي منهما على صاحبه، والعن الفئة الباغية، اللهم العنهم لعنا كبيرا، أمنوا رحمكم الله، يا معاوية لا أزيد على هذا ولا أنقص منه حرفا ولو كان فيه ذهاب نفسي، فقال معاوية: إذا نعفيك يا أبا بحر، وقال معاوية لعقيل بن أبي طالب: إن عليا قد قطعك ووصلتك، ولا يرضيني منك إلا أن تلعنه على المنبر، قال: أفعل فأصعد، فصعد، ثم قال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: أيها الناس، إن أمير المؤمنين معاوية أمرني أن ألعن علي ابن أبي طالب، فالعنوه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ثم نزل، فقال له معاوية: إنك لم تبين أبا يزيد من لعنت بيني وبينه، قال: والله لا زدت حرفا، ولا .( اه( ١ .« نقصت آخر، والكلام إلى نية ا لمتكلم حدثني محمد بن علي بن الحسن، قال: حدثنا » : وقال التميمي عبد الله بن محمد بن علي الدغشي، عن أبيه، عن خاله تميم بن مالك القرشي قال: كتب معاوية بن أبي سفيان إلى زياد، ابعث إلي خطباء أهل العراق وابعث إلي بصعصعة بن صوحان، فقدموا على معاوية، فخطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: قدمتم على إمامكم، وهو جنة لكم، ،٢٩ - ١) العقد الفريد، أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي، (ت: ٣٢٨ ه)، ج ٤، ص ٢٨ ) دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ١٤٢٠ ه/ ١٩٩٩ م، الطبعة: الثالثة، وينظر: المختصر في أخبار البشر، أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي (ت: ٧٣٢ ه)، . ص ١٣٥ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٥٤  وقدمتم أرض المقدسة المحشر والمنشر، يعطيكم مسألتكم؛ ولا يتعاظم في كبير ولا يحقر لكم صغيرا، ثم قال: لو أن أبا سفيان ولد الناس لكانوا أكياسا، ثم قال: يا صعصعة، قم فاخطب، فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ذكرت أنا قدمنا على إمامنا وهو جنة لنا، فكيف بالرعية إذا احترقت الجنة؟.. وذكرت أنا قدمنا أرض المقدسة وأن الأرض لا تقدس العباد، وإنما تقدسهم أعمالهم، وذكرت أنا قدمنا أرض المحشر والمنشر، ألا وإن المحشر والمنشر لا يضر بعدهما مؤمنا ولا ينفع قربهما كافرا، وذكرت أن أبا سفيان لو ولد الناس لكانوا أكياسا، فقد ولدهم من هو خير من أبي سفيان آدم فولد الأحمق والكيس، قال: اسكت لا أرض لك، قال: على الأرض ولدت، قال: اسكت، لا أم لك، قال: الأم ولدتني، قال: اسكت، لا أب لك، قال: الأب ولدني، قال: أما والله لأحرمنك عطاءك، قال: إن رازقي حي لا يموت، قال: أما والله لأقتلنك، ثم لأكفننك، قال: ما يحل لك إن كنت مسلما أن تقتلني، ْ ولا يحل لك إن كنت كافرا أن تكفنني، قال: انطلقوا به إلى العراق، فأمروه ُ أن يلعن عليا، وإلا فافعلوا به كذا، قال: فلما قدم به العراق، وجمع له الناس، صعد على المنبر، فقال: أيها الناس، إني أتيتكم من عند رجل قدم خيره وأخر شره، أمرني أن ألعن عليا، فالعنوه لعنه الله، قال: فقيل لهم: ما سب غيركم، فقيل له: اصعد المنبر الثانية، فقال: أيها الناس، إنهم قد أبوا علي إلا لعن من لعن الله، ولعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه ، فسكرت داره، ومنع عطاؤه، فجمع له سبعون ألفا، فاشتكى صعصعة، . ( اه( ١ .« فأوصى أن يرد إلى كل ذي حق حقه ١) المحن، أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم بن تمام التميمي، (ت: ٣٣٣ ه)، ٩٤٤ م، ) ٣٥١ ، دار العلوم، الرياض، السعودية، ١٤٠٤ ه/ ١٩٨٤ م، الطبعة: الأولى، - ص ٣٥٠ تحقيق: د عمر سليمان ا لعقيلي. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٥٥ حدثنا أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان » : وقال الحاكم في المستدرك الصيرفي بمرو من أصل كتابه، حدثنا أبو محمد عبيد بن قنفذ البزار، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، حدثنا سفيان ابن عيينة، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، قال: كان حجر بن قيس المدري من المختصين بخدمة فقال له علي يوما: يا حجر، إنك ، ƒ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب تقام بعدي فتؤمر بلعني، فالعني ولا تبرأ مني، قال طاوس: فرأيت حجر المدري وقد أقامه أحمد بن إبراهيم خليفة بني أمية في الجامع، ووكل به ليلعن عليا أو يقتل، فقال حجر: أما إن الأمير أحمد بن إبراهيم أمرني أن .(١)« ألعن عليا، فالعنوه لعنه ا لله قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن » : وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق حمزة، عن أبي بكر الخطيب، أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، نا أبو حامد بن جبلة النيسابوري، نا أبو العباس السراج، حدثني محمد ابن مسعود، نا عبد الرزاق، أنا أبي، عن عبد الملك بن خشك، عن حجر المدري، قال: قال لي علي كيف بك إذا أمرت أن تلعنني؟ قلت: أوكائن ذلك؟ قال: نعم، قلت: فكيف أصنع؟ قال: العن ولا تتبرأ مني، فأقامه محمد بن يوسف إلى جنب المنبر يوم الجمعة، فقال له: العن عليا، فقال: إن الأمير محمد بن يوسف أمرني أنا ألعن عليا، العنوه، لعنه الله، قال: فلقد تفرق أهل المسجد وما فهمها إلا رجل واحد. رواها خلف بن سالم، عن عبد الرزاق، عن أبيه أنا حجر المدري، ولم يذكر عبد الملك بن خشك. أنبأنا بها أبو غالب شجاع بن فارس الذهلي، أنا محمد بن علي العشاري، نا أبو القاسم عمر ابن ثابت بن القاسم، نا علي بن أحمد بن علي بن أبي قيس، نا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني خلف ابن سالم عن . ١) المستدرك على الصحيحين، ج ٢، ص ٣٩٠ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٥٦ عبد الرحمن، عن أبيه، أن حجر المدري قال: قال لي علي كيف بك إذا أمرت أن تلعنني، قلت: وكائن ذلك؟! قال: نعم، قلت: فكيف أصنع؟ قال: العن ولا تتبرأ مني، قال: فأمره محمد بن يوسف أن يلعن عليا، فقال: إن الأمير أمرني أنا ألعن عليا محمد بن يوسف فالعنوه لعنه الله، قال: فعماها على أهل المسجد، قال: فما فطن لها إلا رجل واحد. أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنا أبو الحسين بن الطيوري، أنا أبو الحسن العتيقي وأبو عبد الله السلماسي، وأنا أبو عبد الله البلخي، أنا أبو المعالي ثابت بن بندار، أنا أبو عبد الله السلماسي، قالا: أنا الوليد بن بكر، أنا علي بن أحمد الهاشمي، نا صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي، حدثني أبي، قال: حجر المدري يماني تابعي ثقة، وكان من خيار التابعين، دعاه محمد بن يوسف وهو أمير اليمن، فقال: إن أخي الحجاج بن يوسف كتب إلي: أنا أقيمك للناس، فتلعن علي بن أبي طالب، فقال: اجمع لي الناس، فجمعهم، فقام فقال: ألا إن الأمير محمد بن يوسف أمرني بلعن .( اه( ١ .« علي، فالعنوه، لعنه ا لله ٣١١ ، وينظر: معرفة الثقات من رجال أهل العلم - ١) تاريخ مدينة دمشق، ج ٥٦ ، ص ٣١٠ ) والحديث ومن الضعفاء وذكر مذاهبهم وأخبارهم، لأبي الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي الكوفي نزيل طرابلس الغرب، (ت: ٢٦١ ه)، ج ١، ص ٢٨٨ مكتبة الدار، المدينة المنورة، السعودية، ١٤٠٥ ه/ ١٩٨٥ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: عبد العليم عبد العظيم البستوي، والسلوك في طبقات العلماء والملوك، بهاء الدين محمد بن يوسف بن يعقوب الجندي الكندي، (ت: قبل سنة ٧٣٢ ه)، ج ١، ص ١١٠ ، مكتبة الإرشاد، صنعاء، ١٩٩٥ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي، وتاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، (ت: ٧٤٨ ه)، ج ٦، ص ٤٧٠ ، دار الكتاب العربي، لبنان، بيروت، ١٤٠٧ ه/ ١٩٨٧ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري، ولسان الميزان، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، (ت: ٨٥٢ ه)، ج ٤، ص ١٢٢ ، مؤسسة الأعلمي = القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٥٧ فأنت ترى كيف كان معاوية وأتباعه يحملون الناس بالترغيب والترهيب على لعن علي الخليفة الشرعي، الذي خرج عليه معاوية باغيا وابتز منه السلطة بغير حق، وما ذلك إلا لأجل إدحاض الحق وقلب الموازين في عقول الناس، ليروا المحق مبطلا والمبطل محقا، وليتقبلوا الباطل ويرضخوا : له، وفي هذا يقول الإمام ا لسالمي 5 ألا أدلكم على أصلهم أصلهم هم الذين ظلموا وقاتلوا في البغي مع معاوية وشتموا أهل الهدى علانية .( سن لهم إمامهم لعن علي في كل منبر وكل محفل( ١ وقد استمر على ذلك حكام بني أمية وعمالهم، وكانوا يحملون الناس على ذلك قسرا، فقد ذكر ابن سعد في ترجمة عطية بن سعد بن جنادة العوفي أنه خرج مع ابن الأشعث على الحجاج، فلما انهزم جيش ابن الأشعث هرب عطية إلى فارس، فكتب الحجاج إلى محمد بن القاسم الثقفي أن ادع عطية، فإن لعن علي بن أبي طالب، وإلا فاضربه أربعمائة سوط، واحلق رأسه ولحيته، فدعاه فأقرأه كتاب الحجاج، فأبى عطية أن .( يفعل، فضربه أربعمائة وحلق رأسه ولحيته( ٢ وشددوا على الناس حتى في الرواية عن علي، حرصا منهم على تناسي = للمطبوعات، بيروت، ١٤٠٦ ه/ ١٩٨٦ م، الطبعة: الثالثة، تحقيق: دائرة المعرف النظامية، الهند، وزاد المسير في علم التفسير، عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي، (ت: ٥٩٧ ه)، ج ٥، ص ٣٦٣ ، المكتب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٤ ه ، الطبعة: الثالثة. ١) ينظر: مفتاح السعادة إلى صحيح العبادة، (أنوار العقول، مدارج الكمال، كشف الحقيقة)، ) نور الدين عبد الله بن حميد السالمي، ص ٢٠٠ ، السيب، محافظة مسقط، الطبعة ا لأولى. ٢) الطبقات الكبرى، ج ٦، ص ٣٠٤ ، وينظر: المنتخب من ذيل المذيل، محمد بن جرير بن ) . يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (ت: ٣١٠ ه)، ص ١٢٨ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٥٨ اسمه، فكانت الرواية عنه تعد من الجرائم التي لا تغتفر، ودليل ذلك ما وروى محمد بن موسى » : ذكره ابن رجب في (شرح علل الترمذي) في قوله الحرشي، عن ثمامة بن عبيدة، ثنا عطية بن محارب، عن يونس، قال: سألت يا أبا سعيد، إنك تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى » : الحسن، قلت كل شيء سمعتني أقوله: قال رسول الله صلى » : قال .«؟ آله وسلم ولم تدركه الله عليه وعلى آله وسلم، فهو عن علي بن أبي طالب، غير أني في زمان لا عًليا أذكر أن أستطيع .« ١) الحجاج عمل في وكان ) . وإنما قطع دابر هذه البدعة عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه لما ولي الأمر، إذ منع من ذلك ولاته ورعيته، وكان ذلك من الإصلاح العظيم ونكث عمر أعمال أهل بيته، وسماها » : الذي قام به في عهده، قال اليعقوبي ١) شرح علل الترمذي، زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن، السلامي، ) َ البغدادي، ثم الدمشقي، الحنبلي (ت: ٧٩٥ ه)، ج ١، ص ٥٣٨ ، مكتبة المنار، الزرقاء، الأردن، الطبعة: الأولى، ١٤٠٧ ه/ ١٩٨٧ م، الدكتور همام عبد الرحيم سعيد، وينظر: تهذيب الكمال، ج ٦، ص ١٢٤ ، مغاني الأخيار، أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفي بدر الدين العيني (ت: ٨٥٥ ه)، ج ١، ص ٢١٠ ، تدريب ، الراوي في شرح تقريب النواوي، عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، (ت: ٩١١ ه)، ج ١ ص ٢٠٤ ، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، الحاوي للفتاوي في الفقه وعلوم التفسير والحديث والأصول والنحو والإعراب وسائر الفنون، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، (ت: ٩١١ ه)، ج ٢ ص ٩٦ ، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ١٤٢١ ه/ ٢٠٠٠ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: عبد اللطيف حسن عبد الرحمن، الفتاوى الحديثية، أحمد شهاب الدين ابن حجر الهيتمي المكي، (ت: ٩٧٣ ه)، ص ١٢٦ ، دار الفكر، السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، (ت: ١٠٤٤ ه)، ج ٢، ص ٢٨٩ ، دار المعرفة، بيروت، ١٤٠٠ ه ، قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث، محمد جمال الدين القاسمي، (ت: ١٣٣٢ ه)، ص ١٤٣ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٣٩٩ ه/ ١٩٧٩ م، الطبعة: الأولى، تحفة . الأحوذي، ج ٤، ص ٥٧١ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٥٩ مظالم، وكتب إلى عماله جميعا: أما بعد؛ فإن الناس قد أصابهم بلاء وشدة وجور في أحكام الله، وسنن سيئة سنتها عليهم عمال السوء، قلما قصدوا قصد الحق والرفق والإحسان، ومن أراد الحج فعجلوا عليه عطاءه حتى يتجهز منه، ولا تحدثوا حدثا في قطع وصلب حتى تؤامروني، وترك لعن .(١)« علي بن أبي طالب على ا لمنبر ومع ذلك، فقد ظل الموالون للسلطات الأموية السابقة تغلى صدورهم حقدا على علي ابن أبي طالب، فيجري على ألسنتهم من بذاءة القول في حقه ما هو شاهد على اعتقادهم فيه، ومن ذلك ما ذكره ابن عساكر في أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي وأبو السعود أحمد » : قال « تاريخ دمشق » ابن علي بن محمد بن المجلي، قالا: أنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصريفيني، أنا أبو القاسم الصيدلاني، نا علي بن محمد الكاتب، نا أبو الحسن علي بن الحسين الطويل، حدثني أحمد بن محمد السكري، حدثني ابن عمي أبو يحيى السكري، قال: دخلت مسجد دمشق فرأيت في مسجدها خلقا، فقلت: هذا بلد قد دخله جماعة من أصحاب رسول الله ژ وعليهم، وملت إلى حلقة في المسجد، في صدرها شيخ جالس، فجلست إليه فسأله رجل ممن بين يديه، فقال: يا أبا المهلب من علي بن أبي طالب؟ قال: خناق كان بالعراق، اجتمعت إليه جميعة، فقصد أمير المؤمنين يحاربه، فينصره الله عليه، قال: فاستعظمت ذلك وقمت، فرأيت في جانب المسجد شيخا يصلي إلى سارية حسن السمت والصلاة والهيئة فقعدت إليه، فقلت له: يا شيخ أنا رجل من أهل العراق جلست إلى تلك الحلقة وقصصت عليه القصة، فقال لي: في هذا المسجد عجائب، بلغني أن بعضهم يطعن على ١) تاريخ اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح اليعقوبي، ) (ت: ٢٩٢ ه)، ج ٢، ص ٣٠٥ ، دار صادر، بيروت. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٦٠ . (١)«؟ أبي محمد حجاج ابن يوسف، فعلي بن أبي طالب من هو وحسبك من هذا، أنهم يرونه لا يقارن في الفضل بطاغية ثقيف الحجاج بن يوسف، الذي سفك الدماء واستباح ا لحرم. ومع تقادم العهد، بقي ابن تيمية مع محاولته طي ما في نفسه عن الناس تنفلت منه عبارات، تشي عما يعتمل بين حناياه من الحقد على أبي ثم يقال » : السبطين كرم الله وجهه حتى أنه شبهه بفرعون، حيث قال لهؤلاء الرافضة، لو قالت لكم النواصب: علي قد استحل دماء المسلمين سباب » : وقاتلهم بغير أمر الله ورسوله على رياسته، وقد قال ا لنبي ژ ولا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم » : وقال « المسلم فسوق وقتاله كفر فيكون علي كافرا لذلك، لم تكن حجتكم أقوى من حجتهم، « رقاب بعض لأن الأحاديث التي احتجوا بها صحيحة، وأيضا فيقولون: قتل النفوس فساد، فمن قتل النفوس على طاعته كان مريدا للعلو في الأرض والفساد، وهذا ¿¾½¼»º¹ ﴿ : حال فرعون، والله تعالى يقول ÇÆÅÄÃÂÁÀ ﴾ [القصص: ٨٣ ] فمن أراد العلو في .(٢)« الأرض والفساد لم يكن من أهل السعادة في ا لآخرة بأنه كان باغيا ظالما ƒ وأما الرافضي، فإذا قدح في معاوية » : وقال أيضا قال له الناصبي: وعلي أيضا كان باغيا ظالما لما قاتل المسلمين على إمارته، وبدأهم بالقتال وصال عليهم، وسفك دماء الأمة بغير فائدة لهم، لا في دينهم ولا في دنياهم، وكان السيف في خلافته مسلولا على أهل الملة . (٣)« مكفوفا عن ا لكفار . ١) تاريخ دمشق، ج ١، ص ٣٦٥ )   .٥٠٠ - ٢) منهاج ا لسنة النبوية، ج ٤، ص ٤٩٩ ) . ٣) المرجع السابق، ج ٤، ص ٣٨٩ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٦١ وهو بهذا يتجاهل الفرق بين القتالين، فإن معاوية إنما كان يقاتل لأجل العلو في الأرض والفساد، وتحويل الخلافة إلى ملك عضوض، والاستبداد بالسلطة دون المسلمين، وجعلها ميراثا يورثه أعقابه الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وكفى شاهدا على ذلك إكراهه خيار المهاجرين والأنصار على قبولهم استخلافه ليزيد ابنه، مع ما كان عليه من الانحراف والفساد، وما تبع هذا الاستخلاف من استباحة دماء المؤمنين، وانتهاك حرم الإسلام، وهتك أعراض المؤمنات في حرم رسول ا لله ژ كما سيأتي إن شاء ا لله. وأما علي، فكان قتاله امتثالا لأمر الله سبحانه، الذي يأمر بقتال الفئة xwvutsrq ﴿ : الباغية بنص صريح في قوله الحجرات: ٩]، وقد علمت تواتر الروايات عن ا لنبي ژ ] ﴾ }|{zy فشتان لعمر الله بين ا لقتالين. ، ƒ ببغي الفئة التي قتلت عمارا فلا رأي أعظم ذما من رأي أريق به دم ألوف مؤلفة من » : وقال أيضا المسلمين، ولم يحصل بقتلهم مصلحة للمسلمين لا في دينهم ولا في .(١)« دنياهم، بل نقص الخير عما كان، وزاد الشر على ما كان كان عاجزا عن قهر الظلمة من العسكرين، ولم تكن ƒ وعلي » : وقال أعوانه يوافقونه على ما يأمر به، وأعوان معاوية يوافقونه، وكان يرى أن .(٢)« القتال يحصل به المطلوب، فما حصل به إلا ضد ا لمطلوب إن الله قد أخبر أنه سيجعل للذين آمنوا وعملوا الصالحات ودا، » : وقال وهذا وعد منه صادق، ومعلوم أن الله قد جعل للصحابة مودة في قلب كل . ١) المرجع السابق، ج ٦، ص ١١٣ ) . ٣٨٤ - ٢) المرجع السابق، ج ٤، ص ٣٨٣ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٦٢ مسلم، لا سيما الخلفاء @ لا سيما أبو بكر وعمر، فإن عامة الصحابة والتابعين كانوا يودونهما وكانوا خير القرون، ولم يكن كذلك علي، فإن .(١)« كثيرا من الصحابة والتابعين كانوا يبغضونه ويسبونه ويقاتلونه إنه كان مخذولا حيث » : وحكى عنه الحافظ ابن حجر أنه قال في علي ما توجه، وإنه حاول الخلافة مرارا فلم ينلها، وإنما قاتل للرئاسة لا للديانة، وإنه كان يحب الرئاسة، وإن عثمان كان يحب المال، وإن أبا بكر أسلم شيخا يدري ما يقول، وعلي أسلم صبيا؛ والصبي لا يصح إسلامه .(٢)« على قول وحسبك من هذا، أنه كان يشكك في صحة إسلام علي، لأنه أسلم في صباه، وهو كلام لا ينبئ إلا عن مرض عضال في نفس قائله، والله ا لمستعان. :QÉ°üfC ©n eo o ’Gh øjôLÉ¡ªdG ºZQ ≈ΠY ójõ«d ájhÉ ±Óîà°SG نزا معاوية على السلطة فابتزها بمكره وخداعه، وبشنه حربا باغية ممن هو أحق بها وأهلها، على أن الأمة كانت إبان حكمه لا يزال فيها عدد كبير من المهاجرين والأنصار، الذين كانت لهم سابقة نصرة الدين ورفع مناره، والجهاد من أجل توطيده وتعميم هدايته، وتذليل العقبات التي تعترضه، وهم بلا ريب كانوا أحق بهذا الأمر وأولى، فعن عمر بن هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد، ثم في أهل » : قال ƒ الخطاب . ١٣٧ - ١) المرجع السابق، ج ٧، ص ١٣٦ ) ٢) الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، الحافظ شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن ) محمد العسقلاني، (ت: ٨٥٢ ه/ ١٤٤٩ م)، ج ١، ص ١٨١ ، مجلس دائرة المعارف العثمانية، صيدر اباد، الهند، ١٣٩٢ ه/ ١٩٧٢ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: مراقبة / محمد عبد المعيد ضان. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٦٣ أحد ما بقي منهم أحد، وفي كذا وكذا، وليس فيها لطليق، ولا لولد طليق، (١)« ولا لمسلمة الفتح شيء . وقد كانت مقولة عمر هذه أمام جمهرة من المهاجرين والأنصار، ولم ينكر عليه أحد، فكان ذلك إجماعا منهم على رأيه، ولكن الواقع آل إلى ثوه من بعدهم لأعقابهم، ولا يخفى خلاف ما رأوا، فابتز الأمر الطلقاء، وور أن نية التوريث كانت راسخة في نفس معاوية، وإن واراها عن الناس إلى  حين مواتاة الفرصة لإظهارها وفرضها عليهم، وإن صح ما ذكر من أن المغيرة بن شعبة تقدم إلى معاوية بهذا الاقتراح، تزلفا إليه عندما علم أن من نية معاوية أن يعزله عن الكوفة ويولي مكانه سعيد ابن العاص، فإن ذلك لا يعدو أن يكون فتحا لباب كان معاوية يتحين فتحه، فلم يلبث أن أظهر ما كان مكنونا في نفسه، فطرح فكرة استخلاف ابنه يزيد، وفرضها بالإرهاب والقوة على المهاجرين الذين رفضوها وقاوموها، ولكن لم يلق لمعارضتهم بالا، بل أسكت ألسنتهم بإشهار السيف في وجوههم لقطعها إن لم تخرس، بل لحز رقابهم ونهب حياتهم، فقد كتب معاوية إلى مروان أن يبايع ليزيد جئتم بها هرقلية وفوقية، » : ابن معاوية، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر (٢)«! يبايعون لأبنائكم . ١) الطبقات الكبرى، ج ٣، ص ٣٤٢ ، تاريخ دمشق، ج ٥٩ ، ص ١٤٥ ، أسد الغابة في معرفة ) ، الصحابة، عز ا لدين بن الأثير أبي الحسن علي بن محمد الجزري، (ت: ٦٣٠ ه)، ج ٥ ص ٢٢٤ ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ١٤١٧ ه/ ١٩٩٦ م، الطبعة: الأولى، . تحقيق: عادل أحمد الرفاعي، فتح الباري، ج ١٣ ، ص ٢٠٧ ٢) تاريخ مدينة دمشق، ج ٣٥ ص ٣٥ ، وينظر: مختصره ج ٤، ص ٤٨٤ ، الكشف والبيان (تفسير ) الثعلبي)، أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري، (ت: ٤٢٧ ه)، ١٠٣٥ م، ج ٩، ص ١٣ ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ١٤٢٢ ه/ ٢٠٠٢ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: الإمام أبي محمد بن عاشور، مراجعة وتدقيق الأستاذ نظير الساعدي، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، أبو القاسم = ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٦٤ كذبت والله يا مروان وكذب معاوية، ما الخير » : وذكر أنه رد عليه بقوله أردتما لأمة محمد، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية، كلما مات هرقل .(١)« قام هرقل قام مروان على المنبر، فدعا إلى بيعة » : وقال عبد الله بن نافع بن ثابت يزيد، فكلمه الحسين ابن علي وعبد الله بن الزبير بكلام، موضعه غير هذا، وقال له عبد الرحمن بن أبي بكر: أهرقلية؟ إذا مات كسرى كان كسرى (٢)« مكانه، لا نفعل والله أبد اً . ما » : واحتج عليه بإباء الخلفاء الراشدين أن يستخلفوا أولادهم قائلا .( ٣)«!؟ لأبي بكر لم يستخلفني؟ وما لعمر لم يستخلف عبد الله = محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي، (ت: ٥٣٨ ه)، ج ٤، ص ٣٠٧ ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي، (ت: ٦٠٤ ه)، ج ٢٨ ، ص ٢٠ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٢١ ه/ ٢٠٠٠ م، الطبعة: الأولى، النهاية في غريب الحديث والأثر، أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري، (ت: ٦٠٦ ه)، ج ٥، ص ٢٥٩ ، المكتبة العلمية، بيروت، ١٣٩٩ ه/ ١٩٧٩ م، تحقيق: طاهر أحمد الزاوى، محمود محمد الطناحي، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج ٣ ص ٤٨٢ ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ١٤١٧ ه/ ١٩٩٦ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: عادل أحمد الرفاعي، الجامع لأحكام القرآن، ج ١٦ ، ص ١٩٧ ، تفسير النسفي، النسفي، (ت: ٧١٠ ه)، ج ٤، ص ١٣٩ ، الإجابة لإيراد ما ، استدركته عائشة على الصحابة، الإمام بدر الدين الزركشي، (ت: ٧٩٤ ه)، ص ١٢٩ المكتب الإسلامي، بيروت، ١٣٩٠ ه/ ١٩٧٠ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: سعيد الأفغاني، . فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ج ٣، ص ٤٧٤ ١) الكامل في التاريخ، أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم ) الشيباني، (ت: ٦٣٠ ه)، ج ٣، ص ٣٥١ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٥ ه ، الطبعة: ط ٢، تحقيق: عبد الله القاضي. . ٢) مختصر تاريخ دمشق، ج ٤، ص ٤٨٤ ) . ٣) المصدر السابق، ج ٤، ص ٤٨٥ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٦٥ إن هذه الخلافة ليست » : واحتج بهذا أيضا عبد الله بن عمر ^ قائلا بهرقلية ولا قيصرية ولا كسروية يتوارثها الأبناء عن الآباء، ولو كان كذلك .(١)« كنت القائم بها بعد أبي ولكن معاوية لم يلتفت إلى هذه المعارضة ولم يلق لها بالا، بل كان مصمما على تنفيذ ما أراده من توريث ولده أمر الأمة وهي له كارهة، بل عمد إلى القوة والبطش لتحقيق ما يهواه من ذلك. عبد الرحمن بن أبي بكر، » : وذكر ابن كثير أنه امتنع عن موافقة معاوية وعبد الله بن عمر، والحسين بن على، وعبد الله بن الزبير، وابن عباس، فركب معاوية إلى مكة معتمرا، فلما اجتاز بالمدينة مرجعه من مكة استدعى كل واحد من هؤلاء الخمسة، فأوعده وتهدده بانفراده، فكان من أشدهم عليه ردا وأجلدهم في الكلام عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وكان ألينهم كلاما عبد الله بن عمر ابن الخطاب، ثم خطب معاوية، وهؤلاء حضور تحت منبره، وبايع الناس ليزيد، وهم قعود ولم يوافقوا، ولم يظهروا خلافا لما تهددهم .(٢)« وتوعدهم وأنت ترى أن هذه البيعة أخذت عنوة تحت طائلة البطش ممن بقي من صحابة رسول الله ژ وهم كارهون لها، فكيف تكون بيعة مشروعة مع أنه أمر يرتبط به مصير أمة محمد ژ ؟!، وقد علمت من هدي السلف الذين بايعوا الخلفاء الراشدين أنهم لا يختارون لهذا الأمر إلا من كان أورعهم وأنقاهم وأتقاهم، والعقود لا تثبت بالإكراه، فكيف يثبت به عقد يناط به أمر الأمة بأسرها، بل يغدو مرهونا به دينها ودنياها؟!. ، ١) الإمامة والسياسة، أبو محمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري، (ت: ٢٧٦ ه)، ج ٤ ) ص ٤٨٥ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٧ م.، تحقيق: خليل ا لمنصور. . ٨٠ - ٢) البداية والنهاية، ج ٨، ص ٧٩ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٦٦ وقد صور الأستاذ عبد الكريم محمد مطيع الحمداوي هذا الواقع المرير، الذي انقلبت به حياة الأمة إلى عهد مظلم موحش في تقديمه ل: (تحفة تربع معاوية على أريكة الملك » : الترك فيما يجب أن يعمل في الملك) فقال الذي أسموه خلافة، وتخلص من مناوئيه بالسيف تارة، وبالرشوة أخرى؛ وشفى غيظ قومه باضطهاد آل البيت، وتسميم أعيانهم، ولعنهم على المنابر. ثم جمع الأتباع على بيعة ولده الفاسق (يزيد)، وأكره كرام الصحابة على الذي بايعه وبايع ƒ ذلك تحت بارقة السيف؛ بل حتى عبد الله بن عمر يزيد، قتله الحجاج بن يوسف غيلة بأخس ما تتفتق عنه ذهنية شيطان. قتل وواصل بالفاحشة، وجاهر الخمر فشرب يزيد، ه وُلد معاوية وخلف آل البيت واضطهاد الصحابة، واستباحة الحرمين الشريفين مكة والمدينة بالأمة، وماجت هاجت التي الصماء للفتنة بًابا أمية بني عهد بذلك فكان ؛ وما زالت تعيث فيها إلى عصرنا الحاضر، وفيما يستقبل إن لم يتداركنا الله .(١)« بالرشد، ويهدنا للعودة إلى نبع القرآن ا لكريم على أن هذه المعارضة لم تتوقف بوقوع هذه البيعة الإكراهية في عهد معاوية لابنه يزيد وإنما تجددت بموته، كما تجددت مظاهر البطش الذي أخذ به الناس ليوطئوا أكنافهم، فقد كتب يزيد إلى عامله بالمدينة الوليد بن أما بعد، فخذ حسينا وعبد الله بن عمر » : عقبة في صحيفة كأنها أذن الفأرة وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا، .(٢)« والسلام أرى أن تدعوهم قبل أن » : وقد استشار الوليد في ذلك مروان فقال ١) تحفة الترك فيما يجب أن يعمل في الملك، إبراهيم بن علي بن أحمد بن عبد الواحد ابن ) . عبد المنعم الطرسوسي، نجم الدين، (ت: ٧٥٨ ه)، ص ٥ . ١٤٦ - ٢) البداية والنهاية، ج ٨، ص ١٤٥ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٦٧ .(١)« يعلموا بموت معاوية إلى البيعة، فإن أبوا ضربت أعناقهم وهكذا كانت هذه البيعة لا تقوم إلا بضرب الأعناق وسفك الدماء، إذ لم تبق في موازينهم قيمة للإنسانية، أو وزن لدماء أصحاب رسول الله ژ وأنفسهم، في سبيل تحقيق التسلط في الأرض والعلو فيها، ومع هذا البطش الشديد فإن من هؤلاء من تخلص من هذه البيعة بالاحتيال حتى تسنى له أن يعلن الثورة على الطاغية الجديد، كما كان من حسين سبط رسول ا لله ژ الذي اتجه نحو العراق التي دعته إليها لنصرته ثم خذلته، فتمكن منه جند الطاغية، فحملوا إليه رأسه وقد أبين عن جسده، كما هي العادة في شفاء نفوس ا لطغاة. وكذلك ابن الزبير، فقد أبى بيعة يزيد وثار عليه، فاستقل بمكة المكرمة وما دخل في حكمه من الأقطار والبلدان. وثارت المدينة المنورة بمن فيها من بقايا المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان على هذا الطاغية الجديد بقيادة عبد الله بن حنظلة الغسيل الأنصاري، فما كان منه إلا أن جرد حملة من الوحوش الضارية بقيادة مسلم بن عقبة، الذي عرف من بعد بمسرف بن عقبة لعظم جرائمه التي ارتكبها في حرم رسول الله ژ بإيعاز من يزيد الطاغية نفسه! فاستباح المدينة ثلاثة أيام، وأطلق لجيشه العنان في انتهاك الحرم، حتى بلغ عدد العذارى اللائي رزئن في عفتهن ألف عذراء! وقد روى ذلك البيهقي بإسناده حيث قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب ابن سفيان، حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا جرير عن مغيرة، قال: أنهب . ١) المرجع السابق، ج ٨، ص ١٤٧ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٦٨ .( مسرف بن عقبة المدينة ثلاثة أيام، فزعم المغيرة أنه افتض فيها ألف عذراء( ١ وقد دون المؤرخون هذه الفظائع التي ارتكبها هذا الجيش المجرم بمدينة رسول الله ژ وذكروا استعظام أصحاب رسول الله ژ ، لهذا العمل وأما جابر بن عبد الله » : الموحش، وكان مما ذكره العاصمي في ذلك ما نصه الأنصاري فخرج في ذلك اليوم يطوف في أزقة المدينة، وهو أعمى، والبيوت تنتهب، وهو يعثر في القتلى، ويقول: تعس من أخاف رسول الله، من » : فقال له قائل: ومن أخاف رسول الله؟ فقال: سمعت رسول الله يقول فحملوا عليه ليقتلوه فأخذه منهم « أخاف المدينة فقد أخاف ما بين جنبي مروان بن الحكم وأدخله بيته، وقتل في ذلك اليوم من وجوه المهاجرين والأنصار ألف وسبعمائة رجل، وقتل من أخلاط الناس عشرة آلاف، سوى النساء والصبيان، ونهبوا وأفسدوا واستحلوا الحرم وعطلت الصلوات في مسجده، ولم يبق في المسجد إلا سعيد بن المسيب، جعل نفسه ولهانا خبلا ، ١) دلائل النبوة، للبيهقي، (ت: ٤٥٨ ه)، ج ٦، ص ٤٧٥ ، وينظر: مختصر تاريخ دمشق، ج ٧ ) ص ٢٨٣ ، سير أعلام النبلاء، ج ٣، ص ٣٢٣ ، تاريخ الإسلام، ج ٥، ص ٢٦ ، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن تغري بردى الأتابكي، (ت: ٨٧٤ ه)، ج ١، ص ١٦١ ، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، مصر، التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة، الامام السخاوي، (ت: ٩٠٢ ه)، ج ١، ص ٤٤ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٤ ه/ ١٩٩٣ م، الطبعة: الأولى، الخصائص الكبرى، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن أبي بكر السيوطي، (ت: ٩١١ ه)، ج ٢، ص ٢٤٠ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٥ ه/ ١٩٨٥ م، تاريخ الخلفاء، عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، (ت: ٩١١ ه)، ص ٢٠٩ ، مطبعة السعادة، مصر، ١٣٧١ ه/ ١٩٥٢ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، علي بن برهان الدين الحلبي، (ت: ١٠٤٤ ه)، ج ١، ص ٢٦٧ ، دار المعرفة، بيروت، ١٤٠٠ ه ، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، عبد الملك بن حسين بن عبد الملك الشافعي العاصمي المكي، (ت: ١١١١ ه)، ج ٣، ص ٢٠٣ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٩ ه/ ١٩٩٨ م، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، علي محمد معوض. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٦٩ فتركوه، وكان يقول: كنت أسمع عند مواقيت الصلاة همهمة من الحجرة المطهرة، وافتض فيها ألف عذراء، وإن مفتضها فعل ذلك أمام الوجه الشريف، والتمس ما يمسح به الدم فلم يجد، ففتح مصحفا قريبا منه، ثم أخذ من أوراقه ورقة فتمسح بها، نعوذ بالله، ما هذا إلا صريح الكفر وأنتنه. ومن ذلك، أن امرأة من الأنصار دخل عليها رجل من أهل الشام وهي ترضع ولدها وقد أخذ ما كان عندها، قال لها: هاتي الذهب، وإلا قتلتك وقتلت ابنك. فقالت: ويحك إن قتلته فأبوه أبو كبشة صاحب رسول الله، وأنا من النسوة اللاتي بايعن رسول الله، وما خنت الله في شيء بايعت رسوله عليه فأخذ الصبي من حجرها وثديها في فيه، وضرب به الحائط حتى انتثر دماغه في الأرض، والمرأة تقول: لو كان عندي شيء أفديك به يا ابني لفديتك، قال: فما خرج من البيت حتى اسود نصف وجهه، وصار .(١)« مثلة في ا لناس ليت شعري؛ ما الذي أبقاه هؤلاء من الحرم لم ينتهكوه، فقد انتهكوا حرمة مسجد رسول ا لله ژ بارتكابهم الجرائم العظام بين جنباته، وانتهكوا سائر حرمه بسفكهم الدماء، وإزهاقهم الأرواح، وانتزاعهم النساء لا سيما العذارى من بين أهلهن، وترويعهم الساكنين فيه، وانتهكوا حرمة القرآن الكريم إذ دنسوا المصاحف بمسحهم آثار جرائمهم بأوراقها التي كتبت عليها آياته تعالى، وانتهكوا حرمة الدين إذ ضربوا بتعاليمه عرض الحائط وداسوها بأقدامهم، وانتهكوا حرمة الإنسانية التي عظمها الله في كتابه حيث قال: ﴿ !" $%& # ')( *,+ -.543210/ ،[ ﴾ [المائدة: ٣٢ فكيف بقتل هذه الألوف من خيار أهل الأرض، وانتهكوا حرمة خير أمة . ٢٠٣ - ١) سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، ج ٣، ص ٢٠٢ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٧٠ أخرجت للناس بإبادة خيارها وقتل معنوياتها وتمريغ وجهها في أوحال الذل والهوان؟!!.  ومع هذا كله، فقد فرض الأحمق المغرور المتسلط مسرف بن عقبة على أهل المدينة العبودية المطلقة ليزيد الطاغية، حيث طلبهم أن يبايعوه على أن يكونوا له عبيدا أرقاء!!. وكان مسلم بن عقبة، بعد ما أوقع بأهل المدينة يوم الحرة » : قال الزبيري فكان المدينة؛ أهل من بقوم أتي ، ثًلاثا وأنهبها معاوية، ابن يزيد إمرة في تبايع أمير المؤمنين يزيد » : أول من قدم إليه محمد بن أبي جهم، فقال له بل، » : قال محمد ،« على أنك عبد قن فإن شاء أعتقك، وإن شاء استرقك فقتل، ثم قدم إليه ؛« اضربوا عنقه » : فقال ،« أبايع على أني ابن عم كريم حر يزيد بن عبد الله بن زمعة، فقال له مثل ذلك؛ فأجابه مثل جواب محمد بايع أمير المؤمنين » : فقدمه، فقتله، ثم قدم إليه سعيد بن المسيب، فقال له لا أبايع » : قال سعيد ،« على أنك عبد قن فإن شاء أعتقك، وإن شاء استرقك فقال حًرا ولا عًبدا » في ثقل حتى فخنقاه والله!؛ مجنون به: أتيا للذين مسلم ،« لا والله لا والله » : أيديهما، فظنا أنه قد مات، فأرسلاه فسقط ثم أفاق، فقال فتقدم إليه مروان بن الحكم، وعمرو بن عثمان؛ فشهدا أنه مجنون، فقال: قد » ذلك، ظننت « مروان فلحقه المدينة؛ إلى رًاجعا فانصرف أرسلاه فقال: ،« الحمد لله الذي سلمك يا أبا محمد » : وعمرو بن عثمان، فقالا له اذهبا إليكما عني، أتشهدان بالزور وأنا أسمع، وتنفسان علي الشهادة؟ والله » (١)« لا أكلمكما أبد اً . ، ١) نسب قريش، أبو عبد الله المصعب بن عبد الله بن المصعب الزبيري، (ت: ٢٣٦ ه)، ج ١٠ ) ص ٣٧١ ، دار المعارف، القاهرة، تحقيق: ليفي بروفسال، وينظر: المنمق في أخبار قريش، محمد بن حبيب البغدادي، (ت: ٢٤٥ ه)، ص ٣١٦ ، عالم الكتب، بيروت، لبنان، = القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٧١ فانظر كيف أخذت البيعة من أهل مدينة رسول الله ژ للطاغية على يدي قائد جنده الذي أوعز إليه أن يستبيح حرم رسول الله ژ على أنهم أرقاؤه، يتصرف فيهم تصرف المالك في رقيقه، وهل هذا إلا دليل على أن هذه الدولة قامت باستعباد العباد ونقل عبوديتهم عن كونها لله 8 خالصة، لتصبح عبوديتهم لطائفة من البشر تتحكم فيهم كما يملي عليها هواها، فأين متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم » : ƒ هذا من مقولة عمر .!؟« أحرارا وأين هذه البيعة من بيعة الخلفاء الراشدين التي كانت على كتاب الله وسنة رسول ژ ، فقد كان ذكر الكتاب العزيز والسنة الطاهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وإرادة البيعة وفق مقتضاهما عند هؤلاء جريمة يعاقب عليها بالقتل، فعندما أراد يزيد بن عبد الله بن زمعة بن الأسود ابن ربيبة رسول الله ژ بنت أم سلمة أن يبايع على كتاب الله وسنة رسوله ژ .( أمر الطاغية بضرب عنقه( ١ ولا عجب، إذ كيف يقرون البيعة على كتاب الله وسنة رسوله ژ ، وهم إنما قاموا من أجل حربهما وطمس معالمهما، بل بلغ الأمر بالقائد الطاغية أن ينتهك أعظم حرمة من حرمات الله في حرم رسوله ژ حول ضريحه الطاهر المطهر، ويمسح أثر الدم الذي خلفه الانتهاك بأوراق من المصحف الشريف، فكيف يتصور بعد ذلك أن يقروا بيعة أساسها كتاب الله وسنة رسوله ژ ؟!.. ١٤٠٥ ه / ١٩٨٥ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: خورشيد أحمد فارق، جمهرة نسب قريش = ، وأخبارها، الزبير بن بكار بن عبد الله (ت: ٢٥٦ ه)، ص ٩٧ ، أنساب الأشراف، ج ٢ ص ١٩٤ ، تاريخ اليعقوبي، ج ٣، ص ٢٥١ ، جمهرة أنساب العرب، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، (ت: ٤٥٦ ه)، ج ١، ص ١١٩ ، دار الكتب العلمية، . بيروت، لبنان، ١٤٢٤ ه/ ٢٠٠٣ م، الطبعة: الثالثة، تاريخ دمشق، ج ٥٤ ، ص ١٨٢ . ٢٨٨ - ١) أنساب الأشراف، ج ٣، ص ٢٨٧ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٧٢ ولم يخف الطاغية الأكبر يزيد ما كان يعتمل بين حنايا قلبه من الفرحة والابتهاج والسرور بشفاء غيظه مما أصاب بقايا المهاجرين والأنصار من هذه الحملة الوحشية، إذ عد ذلك من الأخذ بالثأر منهم، نتيجة ما فعلوه مع رسول الله ژ بأجداده الكفرة الطغاة في يوم بدر، فقد أعرب عن بهجته هذه بإنشاده قصيدة ابن الزبعرى التي يقول فيها: ٍ ( ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع ا لأسل( ١ ويقال بأن إنشادها كان عندما وضعت بين يديه الرؤوس التي حزها .( قائده المسرف بالمدينة المنورة وبعثها إليه( ٢ وأنشدها أيضا عندما جيء برأس سبط رسول ا لله ژ ، فكان يعبث بثناياه . ( بقضيب في يده وينشد هذه القصيدة إعجابا وغرورا( ٣ ، ١) المرجع السابق، ج ٢، ص ١٩٦ ، وينظر: تاريخ الطبري، ج ٥، ص ٦٢٣ ، العقد الفريد، ج ٤ ) ص ٣٦٥ ، وج ٥، ص ٧١ ، الأخبار الطوال، ج ١، ص ٣٩٥ ، الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة، محمد بن أبي بكر الانصاري التلمساني المعروف بالبري (ت: ٦٤٤ ه)، ص ٢٩ ، غرر الخصائص الواضحة، أبو إسحق برهان الدين محمد بن إبراهيم بن يحيى بن علي المعروف بالوطواط (ت: ٧١٨ ه)، ج ١، ص ١٨٨ ، نهاية الأرب في فنون الأدب، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري، (ت: ٧٣٣ ه)، ج ٢٠ ، ص ٣١٠ ، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ١٤٢٤ ه/ ٢٠٠٤ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: مفيد قمحية وجماعة، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، عبد الحي بن أحمد بن محمد العكري الحنبلي، (ت: ١٠٨٩ ه)، ج ١، ص ٦٩ ، دار بن كثير، دمشق، ١٤٠٦ ه ، الطبعة: ط ١، تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط، محمود الأرناؤوط، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، أبو العباس أحمد بن خالد بن محمد الناصري، (ت: ١٣١٥ ه)، ج ٦، ص ٣٩ دار الكتاب، الدار البيضاء، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٧ م، تحقيق: جعفر الناصري/ محمد ا لناصري. . ٢) العقد الفريد، ج ٤، ص ٣٦٥ ، غرر الخصائص الواضحة، ص ١٨٨ ) ٣) مقاتل الطالبيين، أبو الفرج الاصفهاني، علي بن الحسين (ت: ٣٥٦ ه) ص ٣٤ ، نثر الدر ) في المحاضرات، ج ٤، ص ١٧ ، البدء والتاريخ، وهو المطهر بن طاهر المقدسي، = القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٧٣ وقد خرج القائد المسرف من مدينة رسول ا لله ژ بهجا مسرورا بما فعله بأهلها وارتكبه في حرمها، وتوجه إلى مكة المكرمة ليعيد الكرة فيها بجرائمه المنكرة ووحشيته الضارية وهو يتميز غيظا عليها وعلى أهلها، إلا أنه هلك بالمشلل، وتبعه من بعد يزيد، عاملهما الله بما يستحقان. هذه هي سيرة يزيد الذي اختاره معاوية ليخلفه في أمر الأمة، فيا ترى هل يبرأ معاوية من تبعة أفعال يزيد؟ مع أنه تربى على يديه وصنع على عينه، فخبر طواياه واكتشف خباياه، وقد كان إقدامه على هذه الخطة بإرغام بقايا المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، وقد علمت أنهم كانوا معترضين عليه فلم يلق لهم بالا، وإنما هددهم بالقتل والإبادة إن لم يخضعوا ويستكينوا، ولنسمع إلى ما ذكره شيخ المفسرين والمؤرخين ابن جرير الطبري، نقلا من الكتاب الذي أمر المعتضد العباسي بنشره في معاوية وجرائره، ابتداء من انتزاعه الخلافة ممن هو أتقى وأنقى وأبر وأكرم وأعلم وأحلم، وتحويلها إلى ملك عضوض، ومنها أخذه البيعة ليزيد قسرا، وهاك بعضا مما تضمنه بنصه: ثم مما أوجب الله له اللعنة قتله من قتل صبرا من خيار الصحابة » والتابعين وأهل الفضل والديانة، مثل عمرو بن الحمق وحجر بن عدي، فيمن قتل من أمثالهم في أن تكون له العزة والملك والغلبة، ولله العزة = (ت: ٥٠٧ ه)، ج ٦، ص ١٢ ، مكتبة الثقافة الدينية بورسعيد، المنتظم في تاريخ الملوك ، والأمم، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج، (ت: ٥٩٧ ه)، ج ٥ ص ٣٤٣ ، دار صادر، بيروت، ١٣٥٨ ه ، الطبعة: الأولى، التذكرة الحمدونية، ابن حمدون محمد بن الحسن بن محمد بن علي، (ت: ٦٠٨ ه)، ج ٦، ص ٢٦٢ ، دار صادر، بيروت، لبنان، ١٩٩٦ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: إحسان عباس، بكر عباس، الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة، محمد بن أبي بكر الانصاري التلمساني المعروف بالبري . (ت: ٦٤٤ ه)، ج ١، ص ٢٩ ، البداية والنهاية، ج ٨، ص ١٩٢ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٧٤ c ﴿ : والملك والقدرة والله 8 يقول fed qponmlkjihg .[ النساء: ٩٣ ] ﴾ r ومما استحق به اللعنة من الله ورسوله ادعاؤه زياد بن سمية جرأة على الأحزاب: ٥]، ورسول ] ﴾ lkjihg ﴿ : الله، والله يقول ،(١)« ملعون من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه » : الله ژ ، يقول ٢) فخالف حكم ا لله 8 وسنة نبيه ژ )« الولد للفراش وللعاهر ا لحجر » : ويقول جهارا، وجعل الولد لغير الفراش والعاهر لا يضره عهره، فأدخل بهذه الدعوة من محارم الله ومحارم رسوله في أم حبيبة زوجة النبي ژ وفي غيرها من سفور وجوه ما قد حرمه الله، وأثبت بها قربى قد باعدها الله، وأباح بها ما قد حظره الله مما لم يدخل على الإسلام خلل مثله ولم ينل الدين تبديل شبهه. ومنه إيثاره بدين الله، ودعاؤه عباد الله إلى ابنه يزيد المتكبر الخمير صاحب الديوك والفهود والقرود، وأخذه البيعة له على خيار المسلمين .( ١٨٦ ، رقم ١٧٦٩٩ / ١٩١ ، رقم ٥٠٥٧ )، وأحمد ( ٤ / ١) أخرجه الطبراني ( ٥ ) ،( ٧٢٤ ، رقم ١٩٤٨ / ٢) أخرجه من طريق عائشة الربيع (ص ٢٤٠ رقم ٦٠٩ )، والبخاري ( ٢ ) ،١٨٠/ ٢٨٢ ، رقم ٢٢٧٣ )، والنسائي ( ٦ / ١٠٨٠ ، رقم ١٤٥٧ )، وأبو داود ( ٢ / ومسلم ( ٢ ٦٤٦ ، رقم ٢٠٠٤ )، ومن طريق أبي هريرة أخرجه البخاري / رقم ٣٤٨٤ )، وابن ماجه ( ١ ،٤٦٣/ ١٠٨١ ، رقم ١٤٥٨ )، والترمذي ( ٣ / ٢٤٩٩ ، رقم ٦٤٣٢ )، ومسلم ( ٢ /٦) ،٦٤٧/ ١٨٠ ، رقم ٣٤٨٢ )، وابن ماجه ( ١ / رقم ١١٥٧ ) وقال: حسن صحيح. والنسائي ( ٦ ،١٧٧/ ٢٥ ، رقم ١٧٣ )، وأبو يعلى ( ١ / رقم ٢٠٠٦ )، حديث عمر أخرجه أحمد ( ١ ٦٤٧ ، رقم ٢٠٠٧ )، ومن طريق / رقم ١٩٩ ). ومن طريق أبي أمامة أخرجه ابن ماجه ( ١ ٨٧ ، رقم ١٢٠٤ )، وابن عساكر / ٨٣ رقم ٢٠١ )، وتمام ( ٢ / واثلة أخرجه الطبراني ( ٢٢ ٧٣١ ، رقم ٦٦٥١ )، ومن طريق ابن / ٣٢ ) ومن طريق ابن حذافة أخرجه الحاكم ( ٣ /٢٧) .( ١٨٣ ، رقم ١١٤٣٤ / عباس أخرجه الطبراني ( ١١ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٧٥ بالقهر والسطوة والتوعد والإخافة والتهدد والرهبة، وهو يعلم سفهه ويطلع على خبثه ورهقه ويعاين سكرانه وفجوره وكفره، فلما تمكن مما مكنه منه ووطأه له وعصى الله ورسوله فيه طلب بثأرات المشركين وطوائلهم عند المسلمين؛ فأوقع بأهل الحرة الوقيعة التي لم يكن في الإسلام أشنع منها ولا أفحش مما ارتكب من الصالحين فيها، وشفى بذلك حقد نفسه وغليله، وظن أن قد انتقم من أولياء الله وبلغ النوى لأعداء الله، فقال مجاهرا بكفره ومظهرا لشركه: جزع الخزرج من وقع الأسل h ليت أشياخي ببدر شهدو قد قتلنا القوم من ساداتكم وعدلنا ميل بدر فاعتدل فأهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تسل لست من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل ولعت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل هذا هو المروق من الدين، وقول من لا يرجع إلى الله ولا إلى دينه ولا .(١)« إلى كتابه ولا إلى رسوله، ولا يؤمن بالله ولا بما جاء من عند ا لله... إلخ هذا؛ ونجد من أئمة التابعين من يسجل على معاوية أربع قضايا يعد كل واحدة منهن مهلكة، فضلا عن اجتماعها، فعن الحسن البصري أنه قال: أربع » وهي: موبقة، لكانت وٌاحدة إلا فيه تكن لم لو معاوية، في كن خصال ٍ أخذه الخلافة بالسيف من غير مشاورة، وفي الناس بقايا الصحابة وذوو ويضرب الحرير يلبس خًميرا سكيرا وكان يزيد، ابنه واستخلافه الفضيلة. الولد : ژ الله رسول قال وقد ، أًخا زيادا وادعاؤه بالطنابير. » وللعاهر للفراش . ٦٢٣ - ١) تاريخ الطبري، ج ٥، ص ٦٢٢ ) (١)« الحجر وأصحاب حجر من له وًيلا فيا وأصحابه، هُ تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٧٦ . وقتله حجر بن عدي  . (٢)« حجر :¿Ghôe ∫B E C B C G ≈`dG ¿É«Ø°S »HG ∫G øe á«eG »æH »a ºμëdG ∫ƒëJ لم يمهل الله تعالى يزيد بعد هذه الجرائم كما لم يمهل قائده مسرف بن عقبة، إذ أخذهما أخذ عزيز مقتدر، ولم يكن بين هلاكهما زمن مديد، وبهلاك يزيد كاد عهد بني أمية ينطوي وينتقل الحكم إلى غيرهم، وقد دان كثير من الأقطار لابن الزبير، كما استعرت شرارة الثورة في أقطار أخرى، إذ الناس كانوا متبرمين من الظلم الذي حاق بهم والخسف الذي أخذوا به، ولكن كان من أسباب فشل هذه الثورات أنها لم تنتظم في جبهة واحدة، وراء قيادة لا تبتغي إلا إحقاق الحق وإزهاق الباطل ونصرة المظلومين وإغاثة الملهوفين وإقامة شريعة الله وبسط عدله بين عباده، فقد تعددت النزعات وتباينت الاتجاهات، فسادت فوضى ثورية، أدت إلى أن يكشر الباطل من جديد عن أنيابه العصل؛ فيقضم الأمة وحقوقها، متمثلا في حكم مروان وذريته التي لم تكن أقل ضراوة ولا ألين عريكة من يزيد وبطشه، الذي خرج عن هذا النظام فعاد إلى نهج ، ƒ حاشا عمر بن عبد العزيز ١) سبق تخريجه. ) ٢) تاريخ الطبري، ج ٣، ص ٢٣٢ ، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ج ٥، ص ٢٤٣ ، الكامل ) في التاريخ، ج ٣، ص ٣٣٧ ، شرح نهج البلاغة، ج ٢، ص ١٥٤ ، المختصر في أخبار البشر، أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي (ت: ٧٣٢ ه)، ج ١، ص ١٢٩ ، نهاية الأرب في ، فنون الأدب، ج ٢٠ ، ص ٢١٣ ، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، ج ١، ص ١٤١ ، خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، عبد القادر بن عمر البغدادي، (ت: ١٠٩٣ ه)، ج ٦ ص ٥١ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٩٩٨ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمد نبيل طريفي/ اميل بديع ا ليعقوب. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٧٧ الخلافة الراشدة، واحتذى في حكمه النهج الراشد الذي كان عليه من قبل فكان أمة وحده ونسيجا لا يلتقي ، ƒ جد أمه المصونة عمر بن الخطاب مع بني أمية في سدى ولا لحمة، إذ كان العرق العمري هو الذي غلب على طبعه؛ فصنع منه فاروقا ثانيا، ما كان له هم إلا أن يحيي ما أميت من سيرة الفاروق السابق، كما قال رسول آل مروان إليه في رده على آل مروان. يا معشر بني أمية عمدتم إلى صاحبكم فزوجتموه بنت ابن عمر، » .(١)« فجاءتكم بعمر ملفوفا في ثيابه، فلا تلوموا إلا أنفسكم أما سائر الحكام من هذه الأسرة، فما كانوا إلا امتدادا لبني عمهم من الأسرة السفيانية التي حولت الخلافة إلى ملك عضوض، وأذاقت أمة محمد ژ ما لم تذقه من الأكاسرة أو القياصرة من أنواع الذل وصنوف الهوان. وكان أول من تسنم مطاها منهم مروان بن الحكم، ابن طريد رسول الله ژ ، ولم يلبث أن عهد بها من بعده إلى ابنه عبد الملك، الذي تلقفها ليعلن عهدا جديدا ليس له من هم إلا امتصاص دماء الأمة ونهب ثرواتها وسلب حرياتها، ليكون الناس له ولأولاده خولا، وأموالهم لهم دولا، فقد أعلن للناس بمدينة ا لرسول ! أن سياسة المداجاة التي عهدوها في معاوية لن يبقى لها أثر، وأنه لن يتخذ سياسة لتوطيد ملكه إلا القمع والإبادة أما بعد؛ فإني لست » : وإشاعة الرعب بين الجميع، فقد قال في خطابه بالخليفة المستضعف يعني عثمان ، ولا بالخليفة المداهن يعني معاوية ، ولا بالخليفة المأفون يعني يزيد ، ألا وإني لا أداوي هذه الأمة ١) سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الإمام مالك بن أنس وأصحابه، أبي محمد ) عبد الله بن عبد الحكم، (ت: رمضان، ٢١٤ ه)، ص ٥٠ عالم الكتب، بيروت، لبنان، ١٤٠٤ ه/ ١٩٨٤ م، الطبعة: السادسة، تحقيق: أحمد عبيد. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٧٨ إلا بالسيف، حتى تستقيم لي قناتكم، وإنكم تحفظون أعمال المهاجرين الأولين ولا تعملون مثل أعمالهم، وإنكم تأمروننا بتقوى الله وتنسون ذلك من أنفسكم، والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه، .(١)« ثم نزل ومعنى ذلك الإعلان بأن دولته لا مكان لتقوى الله فيها، وإلا ما كان ƒ ليأنف أن يؤمر بالتقوى، أين هذا الاستكبار والعلو من تواضع الفاروق لا خير فيكم إذا لم تقولوا لنا، ولا خير » : في قبوله لكلمة الحق، حيث قال . (٢)« فينا إذا لم نسمع منكم، رحم الله امرأ أهدى إلى أخيه عيوبه ١) الكامل في التاريخ، ج ٤، ص ١٥٠ ، وينظر: تاريخ خليفة بن خياط، خليفة بن خياط الليثي ) العصفري أبو عمر، (ت: ٢٤٠ ه)، ص ٢٧٣ ، دار القلم، مؤسسة الرسالة، دمشق ، بيروت، ١٣٩٧ ه ، الطبعة: الثانية، تحقيق: د. أكرم ضياء العمري، البيان والتبيين، الجاحظ، ، (ت: ٢٥٥ ه)، ص ٣٣٤ دار صعب، بيروت، تحقيق: فوزي عطوي، أنساب الأشراف، ج ٢ ص ٤٤٣ ، العقد الفريد، ج ٤، ص ٨٣ ، وص ٣٧٥ ، أحكام القرآن، ج ١، ص ٨٨ ، الأوائل للعسكري، أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري ، (ت: نحو ٣٩٥ ه)، ص ٧٦ ، البصائر والذخائر، ج ٧، ص ١٤٧ ، نثر الدرر، ج ٣، ص ٣٣ ، تاريج دمشق، ج ٣٧ ، ص ١٣٥ ، ومختصره، ج ٥، ص ٨٦ ، وشرح نهج البلاغة، ج ٦، ص ١١ وتاريخ الإسلام، ج ٥، ص ٣٢٥ ، الوافي بالوفيات، ج ١٩ ، ص ١٤٠ ، فوات الوفيات، محمد بن شاكر بن أحمد الكتبي، (ت: ٧٦٤ ه)، ج ٢، ص ٢٥ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ٢٠٠٠ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: علي محمد بن يعوض الله، عادل أحمد عبد الموجود، والبداية والنهاية، ج ٩، ص ٦٤ ، وتاريخ الخلفاء، ص ٢١٨ ، جمهرة خطب . العرب، ج ٢، ص ١٩٢ ، ٢) أصول السرخسي، محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي أبو بكر، (ت: ٤٩٠ ه)، ج ١ ) ص ٣٠٧ ، دار المعرفة، بيروت، وينظر: كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي، علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري، (ت: ٧٣٠ ه)، ج ٣ ص ٣٤٦ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٧ م.، تحقيق: عبد الله محمود محمد عمر، التقرير والتحرير في علم الأصول، ابن أمير الحاج، (ت: ٨٧٩ ه)، ج ٣، ص ١٣٧ ، دار الفكر، بيروت، ١٤١٧ ه/ ١٩٩٦ م، وتيسير التحرير، محمد أمين المعروف بأمير بادشاه، (ت: ٩٧٢ ه)، القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٧٩ وهي سيرة جميع الخلفاء الراشدين، الذين كانوا أطوع للحق وأشوق إلى أن يؤمروا به ويوجهوا إليه، وإنما هذه نعرة أهل الجهل والحمية a ihgfedcb ﴿ : الجاهلية، كما قال تعالى nmlkj ﴾ [البقرة: ٢٠٦ ]، على أنه لم يقتصر على إبائه قبول الأمر بالتقوى، وإنما كان جزاء قائلها قتله، ليلجم الأفواه عن قولة ولم يكن في العرب ولا آل مروان » : الحق، كما قال أبو بكر الرازي عنه أظلم ولا أكفر ولا أفجر من عبد الملك، ولم يكن في عماله أكفر ولا أظلم ولا أفجر من الحجاج، وكان عبد الملك أول من قطع ألسنة الناس في الأمر .(١)« بالمعروف والنهي عن ا لمنكر وقد تحمل عماله تبعة ترسيخ طاعته في النفوس وتقديمها على طاعة أبو » : الله، ولو اقتضت هتك أعظم حرمات الله تعالى، فقد قال البلاذري يقول القسري الله عبد ابن خًالدا سمع انه قيس بن عمر عن النبيل عاصم حين أخذ سعيد بن جبير وطلق بن حبيب بمكة: كأنكم أنكرتم ما صنعت، يعني لفعلت حًجرا حجرا أنقضها أن المؤمنين أمير إلي كتب لو والله .(٢)« الكعبة أهل كان ما التي الله، مِ ر ح على اجترأوا هؤلاء أن هذا من وحسبك َُ ج ٣، ص ٢٤٨ ، دار الفكر، بيروت. . ٨٨ - ١) أحكام القرآن، ج ١، ص ٨٧ ) ٢) أنساب الأشراف، ج ٣، ص ١٦٧ ، وينظر: المتوارين الذين اختفوا خوفا من الحجاج بن ) يوسف الثقفي، عبد الغني بن سعيد الأزدي أبو محمد، (ت: ٤٠٩ ه)، ص ٦٠ ، دار القلم ، الدار الشامية، دمشق ، بيروت، ١٤١٠ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: مشهور حسن محمود سلمان، تاريخ دمشق، ج ١٦ ، ص ١٦١ ، ومختصره، ج ٣، ص ٢٦ ، وبغية الطالب في تاريخ حلب، كمال الدين عمر بن أحمد بن أبي جرادة، (ت: ٦٦٠ ه)، ج ٧، ص ٣٠٨٥ ، دار . الفكر، تحقيق: د. سهيل زكار، سير أعلام النبلاء، ج ٥، ص ٤٢٩ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٨٠ الجاهلية يجترئون على هتكها، فقد كانوا على ما بهم من جهل وشرك يعظمون بيت الله الحرام، ولا يرضون أن تنتهك له حرمة، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على دقة وصف أبي حمزة الشاري لبني أمية، حيث قال أصابوا إمرة ضائعة وقوما طغاما جهالا لا يقومون لله » : فيهم وفي أتباعهم بحق ولا يفرقون بين الضلالة والهدى، ويرون أن بني أمية أرباب لهم، فملكوا الأمر وتسلطوا فيه تسلط ربوبية، بطشهم بطش الجبابرة، يحكمون بالهوى، ويقتلون على الغضب، ويأخذون بالظن، ويعطلون الحدود بالشفاعات، ويؤمنون الخونة، ويقصون ذوي الأمانة، ويأخذون الصدقة في . (١)« غير وقتها على غير فرضها، ويضعونها في غير موضعها ¬JOÉYE C CGh QƒédG øe á«eG ƒæH ¬°ù°SG ɪd ƒ õjõ©dG óÑY øH ôªY ¢†≤f :∫ó©dG »a Ió°TGôdG áaÓîdG QhO استمر عهد بني أمية مطبوعا بطابع الظلم والقسوة والبطش والفساد في الأرض، ما عدا عهد عمر بن عبد العزيز كما قلنا ، فقد نقض ما بنوه وشاد ما نقضوه، ففطمهم عن شهواتهم التي كانوا يخوضون فيها خوضا ويعبونها عبا، وقطع أيديهم أن تمتد إلى أي أحد، وأنزلهم منازلهم التي أخبرنا محمد قال » : قال « سيرته » يستحقونها، ودونك ما ذكره الآجري في حدثنا أبو عبد الله محمد ابن مخلد العطار، قال: حدثني سهل بن عيسى المروزي، قال: حدثني ا لقاسم بن محمد بن الحارث المروزي، قال: حدثنا سهل بن يحيى بن محمد المروزي، قال: أخبرني أبي عن عبد العزيز سليمان ابن عمر بن عبد العزيز، قال: لما دفن عمر بن عبد العزيز سليمان بن ، ١) الأغاني، ج ٢٣ ، ص ٢٥٥ ، شرح نهج البلاغة، ج ٥، ص ٦٥ ، جمهرة خطب العرب، ج ٢ ) . ص ٤٧٣ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٨١ عبد الملك، وخرج من قبره، سمع للأرض هدة أو رجة، فقال: ما هذه؟ فقيل: هذه مواكب الخلافة يا أمير المؤمنين، فقربت إليه بغلته فركبها، فجاءه صاحب الشرط يسير بن يديه بالحربة، فقال: تنح عني مالي ولك، إنما أنا رجل من المسلمين، فسار وسار معه الناس حتى دخل المسجد، فصعد المنبر، واجتمع الناس إليه، فقال: أيها الناس، إني قد ابتليت بهذا الأمر عن غير رأي كان مني فيه، ولا طلبة له، ولا مشورة من المسلمين، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي فاختاروا لأنفسكم، فصاح الناس صيحة والبركة، باليمن أمرنا فِل ورضيناك، المؤمنين أمير يا اخترناك قد واحدة: فلما رأى الأصوات قد هدأت ورضي الناس به جميعا، حمد الله وأثنى عليه، وصلى على ا لنبي ژ فقال: تقوى من وليس شيء كل من ، فٌ لَ خَ الله تقوى فإن الله، بتقوى أوصيكم وتعالى تبارك الله كفاه لآخرته عمل من فإنه لآخرتكم، فاعملوا فٌ لَ خَ 8 الله أمر دنياه، وأصلحوا سرائركم يصلح الله الكريم علانيتكم، وأكثروا ذكر الموت وأحسنوا الاستعداد قبل أن ينزل بكم فإنه هادم اللذات، وإن من لا يذكر من آبائه فيما بينه وبين آدم ‰ أبا حيا لمعرق له في الموت، وإن هذه الأمة لم تختلف في ربها 8 ولا في نبيها ژ ولا في كتابها، وإنما اختلفوا في ... حًقا أحدا أمنع ولا باطلا أحدا أعطي لا والله وإني والدرهم، الدينار ثم رفع صوته حتى أسمع الناس، فقال: يا أيها الناس، من أطاع الله فقد وجبت طاعته ومن عصى الله فلا طاعة له أطيعوني ما أطعت الله 8 فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم، ثم نزل، فدخل فأمر بالستور فهتكت، والثياب التي كانت تبسط للخلفاء فحملت وأمر ببيعها وإدخال أثمانها في بيت مال المسلمين، ثم ذهب يتبوأ مقيلا، فأتاه ابنه عبد الملك بن عمر، فقال: يا أمير المؤمنين ماذا تريد أن تصنع؟ قال: أي بني أقيل، قال: تقيل ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٨٢ ولا ترد المظالم؟! فقال: أي بني قد سهرت البارحة في أمر عمك سليمان، فإذا صليت الظهر رددت المظالم، قال: يا أمير المؤمنين، من لك أن تعيش إلى الظهر؟! قال: ادن مني أي بني فدنا منه فالتزمه وقبل بين عينيه، وقال: ، يْقل ولم فخرج ديني، على يعينني من صلبي من أخرج الذي لله الحمد وأمر مناديه أن ينادي: ألا من كانت له مظلمة فليرفعها. فقام إليه رجل ذمي من أهل حمص أبيض الرأس واللحية، فقال: يا أمير المؤمنين أسألك كتاب ا لله 8 ، قال: وما ذاك؟ قال: ا لعباس بن الوليد بن عبد الملك اغتصبني أرضي والعباس جالس ، فقال له: يا عباس ما تقول؟ قال: أقطعنيها يا أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك، وكتب لي بها سجلا؟ فقال عمر: ما تقول يا ذمي؟ قال: يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله 8 ، فقال عمر: كتاب الله أحق أن يتبع من كتاب ا لوليد بن عبد الملك، فاردد عليه يا عباس ضيعته، فرد عليه، فجعل لا يدع شيئا مما كان في يديه وفي يدي أهل بيته من المظالم إلا ردها مظلمة مظلمة، فبلغ ذلك عمر بن الوليد بن عبد الملك، فكتب إليه: إنك أزريت على من كان قبلك من الخلفاء، وعبت عليهم، وسرت » بغير سيرتهم، بغضا لهم وشنآنا لمن بعدهم من أولادهم، قطعت ما أمر الله به أن يوصل إذ عمدت إلى أموال قريش ومواريثهم فأدخلتها بيت المال جورا وعدوانا، فاتق الله يا ابن عبد العزيز وراقبه أن شططت، لم تطمئن على منبرك حتى خصصت أول قرابتك بالظلم والجور، فو الذي خص محمدا ژ بما خصه به، لقد ازددت من الله 8 بعدا في ولايتك هذه؛ إذ زعمت أنها عليك بلاء، فأقصر بعض ميلك، واعلم أنك بعين جبار وفي قبضته ولن .« تترك على هذا، اللهم فسل سليمان بن عبد الملك عما صنع بأمة محمد ژ فلما قرأ عمر بن عبد العزيز 5كتابه، كتب إليه: القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٨٣ بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عمر بن » الوليد، السلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، أما بعد: فقد بلغني كتابك، وسأجيبك بنحو منه، أما أول شأنك يا ابن الوليد كما زعم فأمك بنانة أمة السكون، كانت تطوف في سوق حمص، وتدخل في حوانيتها، ثم الله أعلم بها، اشتراها ذبيان ابن ذبيان من فيء المسلمين فأهداها لأبيك، فحملت بك، فبئس المحمول وبئس المولود، ثم نشأت فكنت جبارا عنيدا، تزعم أني من الظالمين إذ حرمتك وأهل بيتك فيء الله 8 ، الذي فيه حق القرابة والمساكين والأرامل، وإن أظلم مني وأترك لعهد الله من استعملك صبيا سفيها على جند المسلمين، تحكم بينهم برأيك، ولم تكن له في ذلك نية إلا حب الوالد لولده، فويل لك وويل لأبيك، ما أكثر خصماءكما يوم القيامة، وكيف ينجو أبوك من خصمائه؟! وإن أظلم مني وأترك لعهد الله من استعمل الحجاج ابن يوسف على خمس العرب، يسفك الدم الحرام ويأخذ المال الحرام، وإن أظلم مني وأترك لعهد الله من استعمل قرة بن شريك أعرابيا جافيا على مصر، وأذن له في المعازف واللهو والشرب، وإن أظلم مني وأترك لعهد الله من جعل لعالية البربرية سهما في خمس العرب، فرويدا يا ابن بنانة، فلو التقت حلقتا البطان ورد الفيء إلى أهله، لتفرغت لك ولأهل بيتك فوضعتكم على المحجة البيضاء، فطالما تركتم الحق وأخذتم في بنيات الطريق، وما وراء هذا من الفضل ما أرجو أن أكون رأيته بيع رقبتك، وقسم ثمنك بين اليتامى والمساكين والأرامل فإن لكل فيك حقا، .(١)« والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، ولا ينال سلام الله ا لظالمين ، ٦٣ ، وينظر: تاريخ دمشق ج ٤٥ ، ص ٣٥٩ - ١) أخبار أبي حفص عمر بن عبد العزيز، ص ٥٥ ) ومختصره، ج ٦، ص ٩٦ ، صفوة الصفوة، عبد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج، (ت: ٥٩٧ ه)، ج ٢، ص ١١٧ ، دار المعرفة، بيروت، ١٣٩٩ ه/ ١٩٧٩ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: . محمود فاخوري، د. محمد رواس قلعه جي، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ج ٧، ص ٣٤ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٨٤ من إحقاق الحق ونصرته، وإزهاق ƒ فهذه صورة تعكس ما كان عليه عهده الباطل وإماتته، لم يحاب قريبا لقرابته ولم يجامل حبيبا لمودته، وإنما وضع بين يديه ميزان القسط ومعايير الحق، فأعطى كل ذي حق حقه، غير مبخوس ولا منقوص، وأخذ الحق لأمة محمد ژ من كل غاشم جبار، ولم يفكر فيما عسى أن يواجه من مؤامرات الجبارين وأعوانهم، وما يلقاه من كيدهم وبطشهم، لأنه امتلأ إيمانا بالله، فوجل قلبه بذكره، وشغله خوفه عن كل خوف، ورجاؤه عن كل رجاء، وجعل الدار الآخرة نصب عينيه، فلم يحفل بالحياة الدنيا وزخرفها، إذ لم تزن شيئا في موازين عقله بجانب الآخرة، وناهيك من ذلك ما ذكره الآجري أيضا من خطبه التي كان يعظ بها رعيته، حيث قال: أخبرنا محمد، قال: حدثنا الفريابي، قال ثنا عمرو بن علي. قال: حدثنا » سفيان بن خليد الضبي، عن سالم بن نوح العطار، عن بشر بن السري، قال عمرو، ثم لقيت سالم بن نوح فحدثني به عن بشر بن السري، ثم حججت فقيل لي بمكة أن بشر بن السري بمكة فأتيته فسألته، فحدثني بشر ابن السري، قال: حدثنا ابن سليم الهذلي، قال: خطب عمر بن عبد العزيز فقال: أما بعد؛ فإن الله 8 لم يخلقكم عبثا، ولم يدع شيئا من أمركم سدى، من وخسر فخاب بينكم، والقضاء الحكم فيه 8 الله لُ زِ نْ يُ معادا لكم وإن خرج من رحمة الله، وحرم الجنة التي عرضها السماوات والأرض، فاشترى قليلا بكثير وفانيا بباق وخوفا بأمان، ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين، وسيخلفها بعدكم الباقون، كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين، في كل يوم وليلة تشيعون غاديا ورائحا إلى الله 8 ، قد قضى نحبه وانقضى أجله، حتى تغيبوه في صدع، ثم تدعوه غير ممهد ولا موسد، قد خلع الأسباب، وفارق الأحباب، وسكن التراب، وواجه الحساب، مرتهنا بعمله، فقيرا إلى ما قدم، غنيا عما ترك، فاتقوا الله قبل نزول ا لموت. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٨٥ وأيم الله، إني لأقول لكم هذه المقالة، وما أعلم عند أحد منكم من الذنوب ما أعلم عندي، وما يبلغني عن أحد منكم حاجة، إلا أحببت أن أسد من حاجته ما قدرت عليه، وما يبلغني أن أحدا منكم لا يسعه ما عندي، إلا وددت أنه يمكنني تغييره؛ حتى يستوي عيشنا وعيشه، وأيم الله، لو أردت غير ذلك من الغضارة والعيش، لكان اللسان مني به ذلولا عالما بأسبابه، ولكن سبق من الله 8 كتاب ناطق وسنة عادلة، دل فيها على طاعته ونهى فيها عن معصيته.... إلخ. ثم وضع طرف ردائه على وجهه، فبكى وشهق، وبكى الناس، فكانت .(١)« آخر خطبة خطبها وكان يؤكد في خطبه ومخاطباته أن الطاعة إنما هي لله وحده، وأنه لا أخبرنا محمد، قال: » : يطاع من عصاه، ومن ذلك ما ذكره الآجري قائلا حدثنا عمر بن أيوب السقطي، قال: ثنا أبو همام الوليد بن شجاع، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا عبد الله بن يونس الثقفي، عن سيار أبي الحكم، قال: كان أول ما علم من عمر بن العزيز، أنه لما دفن سليمان بن عبد الملك، أتي بدابة سليمان التي كان يركب، فلم يركب، وركب دابته التي جاء عليها، فدخل القصر، وقد مهدت له فرش سليمان التي كان يجلس عليها، فلم يجلس عليها، ثم خرج إلى المسجد، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ٦٥ ، وينظر: سيرة عمر بن عبد العزيز، ص ١١٧ ، حلية الأولياء - ١) المرجع السابق، ص ٦٤ ) ، وطبقات الأصفياء، أبو نعيم أحمد ابن عبد الله الأصبهاني، (ت: ٤٣٠ ه)، ج ٥، ص ٢٩٤ ، دار الكتاب العربي، بيروت، ١٤٠٥ ه ، الطبعة: الرابعة، صفة الصفوة، ج ٢، ص ١٢٤ الفتوحات المكية في معرفة الأسرار الملكية، محيي ا لدين بن علي بن محمد الطائي ٦٣٨ ه)، ج ٤، ص ٥٢٤ ، دار إحياء التراث العربي، لبنان، /٤/ الخاتمي، (ت: ٢٢ . ١٤١٨ ه/ ١٩٩٨ م، الطبعة: الأولى، البداية والنهاية، ج ٩، ص ١٩٩ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٨٦ أما بعد؛ فإنه ليس بعد نبيكم ژ نبي، ولا بعد الكتاب الذي أنزل عليه  كتاب ألا ما أحل الله 8 حلال إلى يوم القيامة وما حرم الله حرام إلى يوم القيامة، ألا لست بقاض ولكني منفذ، ألا وإني لست بمبتدع، ولكني متبع ألا أنه ليس لأحد أن يطاع في معصية ا لله 8 ، ألا إني لست بخيركم ولكني .(١)« رجل منكم، غير أن الله جعلني أثقلكم حملا، ثم ذكر حاجته هذه قَ و طُ أنه الأمر ولي بعدما ألقاها التي خطبته من تبين وقد المسؤولية على كره منه، ولم يكن على علم بذلك وإنما كانت مفاجئة له، ِ وقد رد الأمر إلى المسلمين، ليختاروا لأنفسهم من يرضونه، ليلي أمرهم َ ويوجه سفينتهم، لكن أطبقت كلمتهم على اختياره دون سواه، ولا غرو؛ فإن الناس إنما ينشدون العدل والحرية والمساواة في الحقوق والواجبات، وما كانوا ليعدلوا عنه وقد وجدوا في شخصه القائد الرباني المخلص الذي تهمه أمته لا نفسه، وتستبد بتفكيره آخرته لا دنياه، وكان عزوفه عن الدنيا وقد عرضت له بزينتها وزخرفها، وراودته عن نفسه بكل ما حوته مما ينشده عشاقها منها، فضرب صفحا عنها، ولم يعرها بالا ولم يقم لها وزنا، فما أجدره أن تضع الأمة فيه ثقتها وأن تقلده أمانتها، وهو القوي ا لأمين. وهذا ما عبر عنه عبد الله بن الأهتم، الخطيب العربي، عندما وفد عليه فيمن وفد، فخطب بين يديه بدون استئذان، واستعرض في خطبته دعوة النبي ژ ، وما لقيه من قومه، وما كان من بعد من خلفائه، ثم خاطب عمر بقوله: ثم إنك يا عمر ابن الدنيا، ولدتك ملوكها وألقمتك ثديها، فلما وليتها » ألقيتها وأحببت لقاء الله وما عنده، فالحمد لله الذي جلا بك حوبتنا، وكشف . ١) أخبار أبي حفص عمر بن عبد العزيز، ص ٦٣ ، الطبقات الكبرى، ج ٥، ص ٣٤٠ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٨٧ بك كربتنا، امض ولا تلتفت، فإنه لا يغني عن الحق شيء، أقول قولي هذا، (١)« وأستغفر الله لي ولكم وللمؤمنين وللمؤمنات . ومن الظاهر بداهة أن عمر بن عبد العزيز ما كان لينقم على آبائه وبني عمومته حقا أتوه، ولا أنكر عليهم عدلا قاموا به، إذ لو فعل ذلك لكان جبارا عنيدا وشيطانا مريدا، فإنه لا ينقم الحق إلا المبطل، ولا ينكر العدل يونس: ٣٢ ]، وإنما رأى في سيرتهم ] ﴾ÓÒÑÐÏ ﴿ ، إلا القاسط عسفا وظلما، واضطهادا للمحقين، وتأييدا للمبطلين، ومحقا للعدل، وإحياء للجور، فأخذ على نفسه عهد الله ورسوله أن ينقض بنيانهم من أساسه، وأن يرد إلى الأمة ما فقدته من الحرية والإنصاف، ويلبسها ما ابتز منها من العزة والكرامة. ولربما يقول قائل: أين كان عمر، وهو يروح ويغدو في مراتع بني أمية، وبين ظهرانيهم، وتحت ألوية حكمهم، قبل أن يلي أمر الخلافة والحكم؟ ما باله لم ينقم عليهم ما كانوا فاعليه؟!.. والجواب: أن هذا لو كان صحيحا لكن هو في فسيح العذر، ما دام أمكنه عندما فرصة يفوت ولم جهدا يُأل ولم كيف التغيير، عن عاجزا التغيير، وعلى رغم تطاول عهدهم في استئصال شأفة الحق، وإعمال معاولهم في اجتثاث أسسه ونقض صرحه، ومع قصر عهده؛ فإنه أتى على بوه من الحق فأعاده روضا  ما عمروه من الباطل فتركه دكا دكا، وإلى ما خر نضيرا وربعا عامرا، على أنه مع هذا لم يهمل الإنكار عليهم، إبان أوج طغيانهم واستفحال عتوهم، فقد ذكر ابن عبد الحكم أنه: ، ١) العقد الفريد، ج ٤، ص ٨٦ ، نثر الدرر، ج ٦، ص ١١ ، التذكرة الحمدونية، ج ٦، ص ٢٨٦ ) . جمهرة خطب العرب، ج ٢، ص ٤٢١ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٨٨ كلم عمر بن عبد العزيز سليمان بن عبد الملك في ميراث بعض بنات » عبد العزيز من بني عبد الملك، فقال له سليمان بن عبد الملك: إن عبد الملك كتب في ذلك كتابا منعهن ذلك، فتركه يسيرا، ثم راجعه فظن سليمان أنه اتهمه فيما ذكر من رأي عبد الملك في ذلك الأمر، فقال سليمان لغلامه: ائتني بكتاب عبد الملك، فقال له عمر: أبالمصحف دعوت يا أمير المؤمنين؟ فقال أيوب بن سليمان: ليوشكن أحدكم أن يتكلم الكلام تضرب فيه عنقه،  فقال له عمر: إذا أفضى الأمر إليك فالذي دخل على المسلمين أعظم مما .(١)« تذكر، فزجر سليمان أيوب، فقال عمر: إن كان جهل فما حلمنا عنه وكان لا تفوته فرصة موعظتهم في الموقف الذي يبعث العبرة والذكرى،  فقد ذكر ابن عبد الحكم أيضا أن سليمان بن عبد الملك خرج ومعه عمر بن عبد العزيز إلى الحج، فأصابهم مطر شديد ورعد وبرق، فقال سليمان: هل رأيت مثل هذا يا أبا حفص؟ فقال: يا أمير المؤمنين: هذا في حين رحمته،  .( فكيف به في حين غضبه؟( ٢ وبالجملة؛ فإن حكم عمر بن عبد العزيز كان رحمة من الله لهذه الأمة، ولطفا أراده بها، بعدما أرهقها جور من كان قبله، وما كان أسعد ذلك العهد وأهنأه لو أنه امتد به الزمن وطالت حقبته، ولكن الحياة لا تصفو حتى تتكدر والدهر لا يعطي حتى يسلب، فالمنح تعقبها المحن، ولله في خلقه شئون: وَ ن صًِ ها رُيد تُ نَت أ وَ كٍدر لى تَ ع عَِ ب ط فوا م الأقذاء الأكدار نِار ذوة جَ الماء في ب ل ط تَ مُ ها باع ط د ض يام اَلأ ف ل كَ مُ وَ فقد انطوت أيامه التي ازدهرت بالحق وازدهر بها، وازدانت بالعدل . ١) سيرة عمر بن عبد العزيز، ص ٣٠ ) ٢) المرجع ا لسابق. ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٨٩ واستوسق فيها، ليعقبها ليل بهيم موحش، تفري وحوشه الضارية وذئابه المسعورة أديم الأمة وأوصالها، لتشبع نهمها وتطفئ سعارها وتشفي غيظها من الحق وأهله، فعاد الأمر أسوأ مما كان، إذ اعتلى منصة الحكم بنو مروان مرة أخرى؛ بكبرهم وبطرهم وبطشهم الشديد ونقضهم لعرى الإسلام ونسفهم لأحكامه وانتهاكهم لحرمه، وتلك هي حكمة الله في خلقه وسنته ،[ محمد: ٤ ] ﴾ponmlkjih ﴿ في أرضه فكم طالت في الأمم أحقاب الجاهلية والجهل وامتدت آماد الظلم والجور، وإنما تتخللها فترات الخير، ببعث الله تعالى من شاء من رسله، ومن هيأه لنصرة الحق من عباده ا لصالحين. :ø«ªdɶdG Qƒéd ø«bQɪdG ihÉàa IófÉ°ùe إن جور بني أمية وفسادهم عززهما وقوف المخذولين، ممن يظهرون بمظاهر العلم والحكمة بجانبهم، إذ كانوا يشجعونهم على ما يشيعونه من جور ويرتكبونه من فساد، طمعا في دنياهم، ورغبة في الانتفاع بما يستحصلونه من متع الحياة بتبرير ما يتلبسون به من باطل وما يأتونه من منكر، ولا غرو؛ فإن النبي ژ أنذر هذه الأمة أنها لن تكون بمنأى عن أحوال الأمم من قبلها، الذين أضاعوا ما عهد الله إليهم من حق وما أنزله لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر » : ! عليهم من كتاب، فقد قال وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه، قالوا يا رسول الله: (١)« اليهود والنصارى؟ قال: فمن . ،٨٤/ ١) أخرجه الطيالسي من حديث أبي سعيد: (ص ٢٨٩ ، رقم ٢١٧٨ )، وأحمد ( ٣ ) ٢٠٥٤ ، رقم ٢٦٦٩ )، وابن / ١٢٧٤ ، رقم ٣٢٦٩ )، ومسلم ( ٤ / رقم ١١٨١٧ )، والبخاري ( ٣ ،١٨٦/ ٩٥ ، رقم ٦٧٠٣ )، ومن حديث سهل بن سعد أخرجه الطبراني ( ٦ / حبان ( ١٥ = ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٩٠ وقد سبق أن هذا مما عهد عند جميع أصحاب الأديان، كما علمت من شأن الكهنة، الذين كانوا يضفون على أعمال الفراعنة من الظلم والعسف، والاستبداد وسلب الناس أموالهم، وابتزاز حرياتهم وسفك دمائهم ما يزينها في قلوب الناس، حتى ينطبع في نفوس المظلومين أن ذلك هو العدل والبر والإحسان، وأن كل من استنكر منه شيئا فهو جدير بكل شر، حري بكل شنآن، وقد ذكر الله تعالى من شأن الأحبار والرهبان من هذا، ما يدل على رسوخ ذلك في حياة الأمم، حيث قال تعالى: ﴿ 7 98 GFEDCBA@?>=<;: البقرة: ٧٩ ]، وقال: ﴿ ! ] ﴾ ONMLKJIH ,+*)('&%$#" ;:9876543210/. < . [ = ﴾ [آل عمران: ٧٨ وقد تغلغل ذلك في حياة هذه الأمة الفكرية؛ برسوخ الظلم في نظمها ما الباطلة الفتاوى عززت فكم أمرها، سدة على أمية بني السياسية منذ ترب  ع ارتكبوه من ظلم، وصورته للناس بأنه عين الحق وسواء الرشد، بل بلغ الأمر بهؤلاء أنهم لم يقتصروا على تبرير ظلم الظلمة، بل كانوا هم الذين يشجعونهم على الظلم ويدفعونهم إلى الفساد، حتى أن من حاول منهم أن يرعوي عن غيه، ويقلع عن فساده، ويتبع مسالك الرشد لم يلبثوا أن يثنوه عن ذلك ويزينوا له الفساد ويسوغوا له الظلم، ناهيك بهذه القصة التي تناقلها = ٢١٨ ، الروياني ا: أًيض وأخرجه ٥٩٤٣ ). رقم / هريرة أبي حديث ومن ١٠٧٣ )، رقم ( ٢ ٩٣ ، الحاكم أخرجه / ابن ا: أًيض وأخرجه مسلم. شرط على صحيح وقال: ١٠٦ )، رقم ( ١ ١٨٠ ): هذا إسناد صحيح، وجاء بلفظ: / ١٣٢٢ ، رقم ٣٩٩٤ )، قال البوصيرى ( ٤ / ماجه ( ٢ ٢٦٠ ): فيه / ١٣ ، رقم ٣)، قال الهيثمي ( ٧ / عند الطبراني ( ١٧ « لتسلكن سنن من قبلكم » .( ٢١٩ ، رقم ٤٤٥ / كثير بن عبد الله وهو ضعيف. وعند الحاكم ( ١ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٩١ الرواة وحفظتها الدواوين، عن الذين ثنوا يزيد بن عبد الملك أن يسير سيرة أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن » : فقد قال ابن عساكر ، ƒ عمر بن عبد العزيز عبد الملك، أنا أبو طاهر ابن محمود، أنا أ بو بكر بن المقرئ، نا أ بو العباس بن قتيبة، ثنا حرملة، أنبأ ابن وهب، نا عبد الرحمن ابن زيد ابن أسلم، قال: لما توفي عمر بن عبد العزيز، وولي يزيد بن عبد الملك، قال: سيروا بسيرة عمر، .(١)« قال: فأتي بأربعين شيخا فشهدوا له ما على الخلفاء حساب ولا عذاب وقد أشيعت هذه العقيدة الباطلة في عهد بني أمية في أوساط الناس، فكان عليها السواد الأعظم منهم، وقد نص على ذلك ابن تيمية مع تعصبه المقيت، لهم واستماتته في الدفاع عنهم وتبرير ضلالهم وذلك في قوله: وأيضا، فكثير من أتباع بني أمية أو أكثرهم، كانوا يعتقدون أن الإمام لا » حساب عليه ولا عذاب وأن الله لا يؤاخذهم على ما يطيعون فيه الإمام بل تجب عليهم طاعة الإمام، في كل شيء، والله أمرهم بذلك، وكلامهم في ذلك معروف كثير، وقد أراد يزيد بن عبد الملك أن يسير بسيرة عمر ابن عبد العزيز، فجاء إليه جماعة من شيوخهم، فحلفوا له بالله الذي لا إله إلا هو، أنه إذا ولى الله على الناس إماما، تقبل الله منه الحسنات وتجاوز عنه .( ٢)« السيئات ١) تاريخ مدينة دمشق، ج ٦٥ ، ص ٣٠٤ ، وينظر: مختصر تاريخ دمشق، ج ٨، ص ٢٤٣ ، سير ) ، أعلام النبلاء، ج ٥، ص ١٥١ ، تاريخ الإسلام، ج ٧، ص ٢٨٠ ، مرآة الجنان، ج ١، ص ٢٢٤ ، البداية والنهاية، ج ٩، ص ٢٣٢ ، تاريخ الخلفاء ص ٢٤٦ ، شذرات الذهب، ج ١، ص ١٢٨ ، فيض القدير شرح الجامع الصغير، عبد الرؤوف المناوي، (ت: ١٠٣١ ه)، ج ١، ص ٣٥٤ وج ٢، ص ٤١٩ ، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، ١٣٥٦ ه ، الطبعة: الأولى، المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال، أبو عبد الله محمد بن عثمان الذهبي، (ت: ٧٤٨ ه)، ج ١، ص ٤١١ ، تحقيق: محب الدين ا لخطيب. . ٢) منهاج السنة، ج ٦، ص ٤٣٠ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٩٢ ٍ ولعمر الحق، إن هذا الفكر هو أعظم خطر رزئ به الإسلام، فقد كان أعمل المعاول في دك صرحه وأحد الحراب في قطع أوصاله وتمزيق أديمه، وما أشبهه بما ذكره الله تعالى عن بني إسرائيل، في قوله: ﴿ { ~ ﮯ ®¬«ª©¨§¦¥¤£¢¡ º ¹ ¸ ¶ μ ´ ³ ² ±° ¯ ﴾ ¾½ ¼ » .[ [الأعراف: ١٦٩ وما أبعده من فكر عن عقيدة الإيمان التي جاء بها القرآن، فإن الله تعالى بقوله: الأرض في استخلفه نًبيا يخاطب ﴿ ÍÌËÊÉ ÝÜÛÚÙØ×ÖÕÔÓÒÑÐÏÎ ص: ٢٦ ]، بل نجد في ] ﴾ çæåäãâáàßÞ القرآن الكريم خطاب الله للنبي ژ الذي أرسله رحمة للعالمين، وفضله على الخلق أجمعين، بما يتوعده أشد الوعيد أن لو خرج قيد شعرة عن حد À ÅÄÃÂÁ ﴿ : صراطه المستقيم، فقد قال له تعالى ÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆ V ZYXW ﴿ : ٧٥ ]، وقال فيه - الإسراء: ٧٤ ] ﴾ ÕÔÓÒ `_^]\[ ﴾jihgfedcba ٤٧ ]، وفي قضية أسارى بدر، شدد الله تعالى في خطابه للنبي - [الحاقة: ٤٤ « ﴿ : والمؤمنين، في قوله μ´³²±°¯®¬ ÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹¸¶ ÍÌËÊÉÈÇÆÅ ﴾ [الأنفال: ٦٧ .[ ٦٨ - ª « ﴿ : وقال له تعالى °¯®¬ ﴾³²± [الأنعام: ١٥ ]، فإذا كان النبي ژ ، مع عظم قدره وقربه من الله تعالى، يخشى من المعصية أن ينقلب إلى العذاب العظيم، فكيف بالظلمة المجرمين، القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٩٣ الذين يعيثون في الأرض فسادا ويعبثون بحقوق الأمة وينهبون خيراتها، بأي  حجة، وأي برهان، يقال بأنهم في مأمن من الحساب والعقاب؟؟!! وإذا كان الله تعالى يتوعد بمس النار، على الركون إلى أهل الظلم، g kjih ﴿ : فكيف بممارسة الظلم؟! فقد قال تعالى wvtrom ﴾ u sqp nl والسلام، الصلاة أفضل صاحبها على ة، اّلنبوي ة ن الس ملئت وقد ، ١١٣ ] [هود: بالوعيد الشديد لمن ولي من أمر الناس شيئا فلم يتق الله فيهم، ولمن شايع ما من » : الظالمين وأعانهم وصدقهم، فقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام ١)، وقال: )« عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة   ما من عبد يسترعيه الله، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته؛ إلا حرم الله »   ما من عبد استرعاه الله رعية، فلم يحطها بنصيحة؛ إلا » : ٢) وقال )« عليه الجنة . (٣)« حرم الله عليه ا لجنة  اسمعوا، إنه سيكون عليكم أمراء، فلا تعينوهم على ظلمهم، ولا » : وقال تصدقوهم بكذبهم، فإنه من أعانهم على ظلمهم، وصدقهم على كذبهم، فلن اسمعوا، هل سمعتم؟ إنه سيكون بعدي أمراء، » : ٤)، وقال )« يرد علي الحوض ولست ي ن م فليس ؛ م ه م ل ظ على م ه اَن عَ أ ، و م ه ب ذ كَ ب م ه قَ د ص فَ عليهم دخل فمن ٍِ ِ منه، وليس بوارد على الحوض، ومن لم يدخل عليهم، ولم يعنهم على .( ٢٦١٤ رقم ٦٧٣١ / ١) أخرجه البخاري ( ٦ ) .( ١٤٦٠ ، رقم ١٤٢ / ٢٦١٤ ، رقم ٦٧٣١ )، ومسلم ( ٣ / ٢) أخرجه البخاري ( ٦ ) .(٣٧٥/ ٣) أخرجه ابن عساكر ( ٤٥ ) ،٥١٨/ ١١١ ، رقم ٢١١١١ )، وابن حبان من طريق أبي يعلى ( ١ / ٤) أخرجه أحمد ( ٥ ) ٢٤٨ ): رجاله رجال / ٥٩ ، رقم ٣٦٢٧ ) وقال الهيثمي ( ٥ / رقم ٢٨٤ )، والطبراني ( ٤ ١٥١ ، رقم ٢٦٢ ) وقال: صحيح / الصحيح خلا عبد الله بن خباب، وهو ثقة. والحاكم ( ١ على شرط مسلم. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٩٤ « (١) . الحوض علي وارد وهو منه، وأنا ي ن م فهو ؛ م ه ب ذ كَ ب م ه قْ د ص ي ولم ظلمهم  أعيذك بالله يا كعب بن عجرة من أمراء يكونون بعدي؛ فمن » : وقال  غشي أبوابهم فصدقهم في كذبهم، وأعانهم على ظلمهم؛ فليس مني ولست   ِ منه، ولا يرد علي الحوض، ومن غشي أو لم يغش فلم يصدقهم في كذبهم،  (٢)«  ولم يعنهم على ظلمهم، فهو مني وأنا منه، وسير دُ علي الحوض . ََ إنه سيكون عليكم أمراء يكذبون، ويظلمون، فمن صدقهم بكذبهم » : وقال  ِ وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ولا ي ر دُ على الحوض، ومن لم يصدقهم (٣)« بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم؛ فهو مني وأنا منه، وسيرد علي الحوض . َ إنها ستكون عليكم أمراء من بعدي، يعظون بالحكمة على منابر، فإذا » : وقال نزلوا اختلست منهم، وقلوبهم أنتن من الجيف، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم   ِ على ظلمهم فليس مني ولست منه، ولا ير دُ علي الحوض، ومن لم يصدقهم «ِ (٤) بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم؛ فهو مني وأنا منه، وسير دُ علي الحوض . ََ أيما راع استرعي رعية، فلم يحطها بالأمانة والنصيحة؛ ضاقت » : وقال من ولى ذا قرابة، محاباة، » : ٥)، وقال )« عليه رحمة الله التي وسعت كل شيء .( ٦)« وهو يجد خيرا منه؛ لم يجد رائحة ا لجنة ٥٢٥ ، رقم ٢٢٥٩ ) وقال: صحيح / ١٦٠ ، رقم ٤٢٠٨ )، والترمذي ( ٤ / ١) أخرجه النسائي ( ٧ ) .( ٥١٢ ، رقم ٢٧٩ / غريب. وابن حبان ( ١ ،١٠٥/ ٥١٢ ، رقم ٦١٤ ) وقال: حسن غريب. والطبراني ( ١٩ / ٢) أخرجه الترمذي ( ٢ ) .( رقم ٢١٢ .( ١٦٧ ، رقم ٣٠٢٠ / ٣٨٤ ، رقم ٢٣٣٠٨ )، والطبراني ( ٣ / ٣) أخرجه أحمد ( ٥ ) ٢٣٨ ): رجاله ثقات. / ١٦٠ ، رقم ٣٥٦ ). قال الهيثمي ( ٥ / ٤) أخرجه الطبراني ( ١٩ ) .(١٢٦/ ٥) أخرجه الخطيب ( ١٠ ) .(٢٤٥/ ٦) أخرجه ابن عساكر ( ٦٥ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٩٥ كل هذه الأدلة تدحض هذه المقولة الكاذبة، وترد هذه الشهادة المزورة، ولكن روج لهذا الفكر، وروج من أجله لعقيدة الإرجاء اليهودية التي أنكرها ¤ §¦¥ ﴿ : الله أشد الإنكار على اليهود، في قوله ¨ الأعراف: ١٦٩ ]، وبين أنها سبب إضاعتهم الكتاب وتبديلهم ] ﴾ ª© أحكامه، إذ قال: ﴿ ! ,+*)('&%$#" :9876543210/. =<; . [٢٤ - آل عمران: ٢٣ ] ﴾EDCBA@?> كما روج لعقيدة الجبر، وبه فسر القدر، من أجل تبرير ما يصدر منهم وإن أمر يزيد قد كان قضاء » : من ظلم وعسف وجور، ومن ذلك قول معاوية ١)، والقصد بهذا تخدير الناس، )« من القضاء وليس للعباد خيرة من أمرهم وتهوين الجرائم التي ترتكب، والحرم التي تنتهك. :…ôjôÑàdG »°SÉ«°ùdG ¬≤ØdG »a ájƒeC C ’G á°SÉ«°ùdG ôKG لقد كان لتوجه بني أمية إلى تعميق سلطتهم، وتبرير مخالفاتهم للأحكام الشرعية، أثر كبير على مواقف الفقهاء ومحاولتهم تبرير المواقف السياسية للسلطات الظالمة، ناهيك ما سبق ذكره، من أنهم بلغ بهم الأمر أن يسقطوا عمن يسمونهم الخلفاء أي مسئولية أمام الله تعالى، وأن يسجلوا لهم أمانا من أي عقاب من لدنه، مهما ارتكبوا من جرائم وعاثوا في الأرض فسادا، فقد ارتقوا بهم في ذلك إلى مقام لم يصله ملك مقرب ولا نبي مرسل، وهكذا كانت الفتاوى تصدر لتزيين باطلهم وإقرار ظلمهم، بل أولئك الفقهاء هم الذين كانوا يدفعونهم إلى الباطل دفعا، وقد استمر أثر ذلك في الفقه السياسي عبر القرون، وإليك أمثلة من ذلك: . ١) الإمامة والسياسية، ص ١٥١ ، جمهرة خطب العرب، ج ٢، ص ٢٥٧ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٩٦ ١ إضفاء الشرعية على السلطة المأخوذة عنوة. كان من أثر هذه الفتاوى إشاعة الفوضى السياسية، بفتح الأبواب وتهيئة الفرصة لمن أراد أن يبتز السلطة بالقوة ممن كانت في يده، فإن الغالب بموجب هذه السياسة المعززة بالفتاوى هو الأولى بالشرعية، وهو الذي تحق له الطاعة المطلقة من الأمة، فلا يحل الخروج عليه، مهما أتى من جرائم في حق الأمة أو تبديل لمعالم الدين، وإنما على الأمة أن تطأطئ له رأسها، وتحني لمقامه ظهرها، وتكون طوع أمره. ولو خرج رجل على الإمام، فقهره، وغلب » : فنجد ابن قدامة مثلا، يقول الناس بسيفه، حتى أقروا له، وأذعنوا بطاعته، وبايعوه، صار إماما يحرم قتاله، والخروج عليه؛ فإن عبد الملك ابن مروان، خرج على ابن الزبير، فقتله، واستولى على البلاد وأهلها، حتى بايعوه طوعا وكرها، فصار إماما .(١)« يحرم الخروج عليه من خرج على أمتي، » : ويدخل الخارج عليه في عموم قوله 8 » : ثم قال .(٢)«« وهم جميع؛ فاضربوا عنقه بالسيف، كائنا من كان وأنت ترى ما في هذا الحكم من الاضطراب، فهم مع كونهم يحرمون خروج أحد عن طاعة الظالم الجائر المبدل لحكم الله الناكث لعهده، يرون أن لو خرج أحد باغيا ظالما على إمام شرعي، حتى تمكن منه، فأباده واستحل بيضته؛ كان هو الإمام الشرعي الذي تجب له الطاعة ويحرم الخروج عليه، مع أنه بنفسه توصل إلى الإمامة بالخروج على من قبله!! ١) المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي ) أبو محمد، (ت: ٦٢٠ ه)، ج ٩، ص ٥، دار الفكر، بيروت، ١٤٠٥ ه ، الطبعة: الأولى. ٢) المرجع ا لسابق. ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٩٧ فليت شعري؛ كيف يكون البغي والظلم وسيلة إلى حق، وطريقا إلى استحقاق الطاعة؟! وحسبك من هذا النص الفقهي، أن يجعل من تصرف عبد الملك بن مروان الباغي الطاغية، مصدرا للتشريع، وأصلا لحكم يرتبط © ª ¨ ﴿ : به مصير الأمة، متجاهلين في ذلك قول الله تعالى { }| zyxw ﴿ : البقرة: ١٢٤ ]، وقوله ] ﴾ « ¯®¬ ~ ¡ «ª©¨§¦¥¤£¢ ے من عمل عملا ليس عليه أمرنا، فهو » : °﴾ [الرعد: ٢٥ ]، وقول ا لنبي ژ ٢)، وكيف )« من أحدث في أمرنا هذا، ما ليس منه، فهو رد » : ١)، وفي رواية )« رد تكون الفتنة والظلم والبغي من أمر الله أو رسوله، وقد بين لنا الله سبحانه ما K QPONML ﴿ : يأمر به وينهى عنه، في قوله Z Y XW V U T S R ¨ § ﴿ : ] ﴾ [النحل: ٩٠ ]، ونزه نفسه عن الأمر بالفحشاء في قوله ¯®¬«ª© °³²± .[ الأعراف: ٢٨ ] ﴾ ´ وقد تبين لك فساد هذا الرأي، من خلال النظر لما فيه من التناقض الفاضح والاضطراب البين، وإذا جئنا إلى الأثر، فإننا نجد أن بينه وبين المأثور عن السلف الصالح بعد المشرقين، فهو أبعد عنه من بعد الثريا عن اعقل » : ^ أنه قال لابن عباس ƒ الثرى، والعرش عن الفرش، فعن عمر من بايع رجلا، عن غير » : ƒ ٣)، وقال )« عني ثلاثا: الإمارة شورى... إلخ ،١٣٤٣/ ١٤٦ ، رقم ٢٥١٧١ )، ومسلم ( ٣ / ١) أخرجه الربيع (ص ٣٩ رقم ٤٩ )، وأحمد ( ٦ ) .(٢٢٧/ ١٧١ ، رقم ٦٤٠٩ )، والدارقطني ( ٤ / رقم ١٧١٨ )، وأبو عوانة ( ٤ ١٨٤ رقم ٢٦٩٧ )، ومسلم / ١٥٧ رقم ٢٦٠٣٣ ) والبخاري ( ٣ / ٢) أخرجه أحمد ( ٤٣ ) ،( ٢٠٨ رقم ٢٦ / ٧ رقم ١٤ )، وابن حبان ( ١ / ١٣٤٣ رقم ١٧١٨ )، وابن ماجه ( ١ /٣) .( ٤٠٢ رقم ٤٥٣٤ / ٢٠٤ رقم ٢٠٣٧١ )، والدارقطني ( ٥ / والبيهقي ( ١٠ .( ٢٧٧ ، رقم ١٣١٥٥ )، وأبو عبيد في الأموال (ص ١٧٨ رقم ٣٦١ / ٣) أخرجه عبد الرزاق ( ٧ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٩٨ ١)، وقد )« مشورة من المسلمين؛ فلا يبايع هو ولا الذي بايعه، تغرة أن يقتلا قال ذلك في خطبة خطبها بين المهاجرين والأنصار، قال الدكتور حاكم وهذه الخطبة من أشهر خطب عمر وأصحها، وقد كانت بمحضر » : المطيري الصحابة @ ، فكان إجماعا منهم على أن حق اختيار الإمام هو للأمة، وأنه يحرم غصبها هذا الحق، وأن من بايع رجلا دون شورى المسلمين، فقد .(٢)« عرض نفسه للقتل فمن تأمر منكم، على غير مشورة من المسلمين؛ » : للستة ƒ وقال عمر ٣)، وخطب الناس إبان رجوعه من الحج بالمدينة المنورة، )« فاضربوا عنقه ٤)، وقال )« إنه لا خلافة إلا عن مشورة » : فكان مما قاله في خطبته بعد أن استشار المسلمين فيمن يختارونه خليفة ƒ عبد الرحمن بن عوف يا علي، إني قد نظرت في أمر الناس، » : عليهم، حتى النساء في خدورهن .(٥)« فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلن على نفسك سبيلا حدثني جعفر بن عبد الله المحمدي، قال: حدثنا » : وقال الطبري عمرو بن حماد وعلي ابن حسين، قالا حدثنا حسين، عن أبيه، عن عبد الملك بن أبي سليمان الفزاري، عن سالم بن أبي الجعد الأشجعي، فقام فدخل ، ƒ عن محمد بن الحنفية، قال: كنت مع أبي حين قتل عثمان منزله، فأتاه أصحاب رسول الله، فقالوا: إن هذا الرجل قد قتل، ولا بد للناس من إمام، ولا نجد اليوم أحدا أحق بهذا الأمر منك، لا أقدم سابقة، .( ٣٠٢ رقم ١٩٤ / ١٦٨ رقم ٦٨٣٠ ) والبزار ( ١ / ١) أخرجه البخاري ( ٨ ) ٢) الحرية أو الطوفان، دراسة موضوعية للخطاب السياسي الشرعي ومراحله التأريخية، بقلم ) د. حاكم المطيري، ص ٣١ ، سنة النشر ٢٠٠٣ م. . ٣) الطبقات الكبرى، ج ٣، ص ٣٤٤ ) .( ٢٧٣ رقم ٧١٥٤ / ٤٣١ رقم ٣٧٠٤٢ )، والنسائي ( ٤ / ٤) مصنف ابن أبي شيبة، ( ٧ ) . ٧٨ رقم ٧٢٠٧ ) والبيهقي في الاعتقاد، ص ٣٦٥ / ٥) البخاري ( ٩ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٩٩ ولا أقرب من رسول الله، فقال: لا تفعلوا، فإني أن أكون وزيرا خير من أن أكون أميرا، فقالوا: لا والله، ما نحن بفاعلين، حتى نبايعك، قال: ففي المسجد، فإن بيعتي لا تكون خفيا، ولا تكون إلا عن رضا المسلمين، قال: سالم بن أبي الجعد، فقال عبد الله بن عباس: فلقد كرهت أن يأتي المسجد، مخافة أن يشغب عليه، وأبى هو إلا المسجد فلما دخل دخل المهاجرون .(١)« والأنصار فبايعوه، ثم بايعه ا لناس حدثني جعفر قال: حدثنا عمرو وعلي، قالا: حدثنا » : وقال الطبري أيضا حسين، عن أبيه، عن أبي ميمونة، عن أبي بشير العابدي، قال: كنت واجتمع المهاجرون والأنصار فيهم طلحة ، ƒ بالمدينة حين قتل عثمان والزبير فأتوا عليا، فقالوا: يا أبا حسن هلم نبايعك، فقال: لا حاجة لي في أمركم، أنا معكم فمن اخترتم فقد رضيت به، فاختاروا والله، فقالوا: ما مرارا، ثم أتوه في ƒ نختار غيرك، قال: فاختلفوا إليه بعد ما قتل عثمان آخر ذلك، فقالوا له: إنه لا يصلح الناس إلا بإمرة، وقد طال الأمر، فقال لهم: إنكم قد اختلفتم إلي وأتيتم، وإني قائل لكم قولا إن قبلتموه قبلت أمركم، وإلا فلا حاجة لي فيه، قالوا: ما قلت من شيء قبلناه إن شاء الله، فجاء فصعد المنبر، فاجتمع الناس إليه، فقال: إني كنت كارها لأمركم، فأبيتم إلا أن أكون عليكم، ألا وإنه ليس لي أمر دونكم، إلا أن مفاتيح مالكم معي، ألا وإنه ليس لي أن آخذ منه درهما دونكم، رضيتم؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد عليهم، ثم بايعهم على ذلك، قال أبو بشير: وأنا .(٢)« يومئذ عند منبر رسول الله، قائم أسمع ما يقول وقد بلغ تشدد ابنه الحسن عليه أنه كان لا يرى أن يبايع، حتى يأتيه . ١) تاريخ الطبري، ج ٢، ص ٦٩٦ ، المنتظم، ج ٥، ص ٦٣ ، شرح نهج البلاغة، ج ١١ ، ص ٦ ) . ٦٩٧ - ٢) تاريخ الطبري، ج ٢، ص ٦٩٦ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٠٠ أهل الأمصار جميعا فيبايعوه، وقد اعتذر إليه، بأن قبوله بيعتهم قبل مجيء .(١)« أهل الأمصار إنما كان خشية أن يضيع ا لأمر هذا هو نهج السلف الصالح، وأين هو مما أقره من بعدهم من أخذ الحكم عنوة، من غير مشورة من أحد؟!. على أن هؤلاء لم يكتفوا بنقض منهج السلف، وحل عرى الإسلام في أمر الحكم، بل جاوزوا ذلك، فجعلوا طاعة الظالم من طاعة الله سبحانه!!، وغلوا حتى جعلوا طاعته أعظم من طاعة الله، كما روي عن الحجاج أنه قال: w yx ﴿ : طاعتنا أوجب من طاعة الله، لأنه شرط في طاعته، فقال » ﴾ ÐÏÎ ﴿ : التغابن: ١٦ ]، وأطلق في طاعتنا، فقال ] ﴾ z .(٢)«[ [النساء: ٥٩ ولم يكن ذلك أمرا نظريا، وإنما كان منهجا تطبيقيا ساروا عليه، كما علمت من قصة خالد ابن عبد الله القسري، الذي أعلن في خطبته أنه لو أمره عبد الملك بهدم الكعبة البيت الحرام لنقضها حجرا حجرا، ومعنى ذلك أنه لا يبالي بسخط الله تعالى، إن رضي عنه سيده عبد الملك!. ٢ تحريم القيام عليهم لدفع ظلمهم وأخذ الحق منهم. تلقف الفقهاء الرسميون هذه السياسة منذ عهد بني أمية، فوطأوا لهم الأكناف، وأوجبوا طاعتهم، ولو بالغوا في الفساد، وأسرفوا في الجور، وأتوا ١) المرجع السابق، ج ٣، ص ١١ ، وينظر: الفتنة ووقعة الجمل، سيف بن عمر الضبي الأسدي، ) (ت: ٢٠٠ ه)، ص ١٢٠ ، دار النفائس، بيروت، ١٣٩١ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: أحمد راتب عرموش. ، ٢) الكشاف، ٤، ص ٩٧ ، وينظر: تفسير السراج المنير، محمد بن أحمد الشربيني، ج ٣ ) . ص ٣٣٨ ، دار الكتب العلمية، بيروت، وفيض القدير شرح الجامع الصغير، ج ٢، ص ٤١٩ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٠١ عظائم الأمور، وحرموا الخروج عليهم وعدوه مروقا من الدين، وانتهاكا لحرمه، وزعموا أن الإجماع انعقد عليه( ١)، بل نسبوا ذلك إلى رسول ا لله ژ ، اسمع وأطع للأمير الأعظم، وإن ضرب ظهرك وأخذ » : فرووا عنه أنه قال ٢)، ورووا في هذا العديد من الروايات التي لم تثبت، كما أنهم تأولوا )« مالك ÈÇ ﴿ : معاني ما ثبت منها وفق هواهم، وحملوا على ذلك قوله تعالى .[ النساء: ٥٩ ] ﴾ ÐÏÎÍÌËÊÉ وأنت تدري، أن الله إنما أرسل رسله وأنزل كتبه لإحقاق الحق وإزهاق سلما التوحيد كلمة لِ ع وج الظلمة، طاعة وترسيخ الظلم، لإقرار لا الباطل، َْ لهم إلى أكل أموال الناس، وابتزاز حقوقهم، وسلب حرياتهم، على أنه من أضل الضلال وأبلغ الانحراف في التصور والفكر ما زعمه الحجاج، من أن طاعة أولي الظلم، أوجب من طاعة الله!، فيا سبحان الله، كيف يسوغ أن يقال ذلك فتكون طاعة رب السموات والأرض مؤخرة عن طاعة أعدائه X ]\[ZY ﴿ ..؟ الظالمين؟!.. وهل الحكم إلا حكمه والعبادة إلا له ^_`jihgfedcba ﴾ .[ [يوسف: ٤٠ ونحن إن أمعنا النظر في آية النساء، التي تشبثوا بها في إلزام طاعتهم ، ١) حاشية الشيخ سليمان الجمل على شرح المنهج (لزكريا الأنصاري)، سليمان الجمل، ج ٥ ) ص ١١٤ ، دار الفكر، بيروت غاية البيان شرح زبد ابن رسلان، محمد بن أحمد الرملي الأنصاري، (ت: ١٠٠٤ ه)، ص ١٥ دار المعرفة، بيروت، تحفة الحبيب على شرح الخطيب (البجيرمي على الخطيب)، سليمان بن محمد بن عمر البجيرمي الشافعي، (ت: ١٢٢١ ه)، ٩٢ دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ١٤١٧ ه/ ١٩٩٦ م، - ج ٤، ص ٢٦٨ ، وج ٥، ص ٩١ الطبعة: ا لأولى. ،( ١٩٠ ، رقم ٢٨٩٣ / ١٤٧٦ ، رقم ١٨٤٧ )، والطبراني في الأوسط ( ٣ / ٢) أخرجه مسلم ( ٣ ) ٥٤٧ ، رقم ٨٥٣٣ ) وقال: صحيح ا لإسناد. / والحاكم ( ٤ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٠٢ على الإطلاق، وجدنا في سياقها ما يناقض دعواهم من عدة وجوه: أولها: أن الخطاب في صدر الآية لأهل الإيمان، وقد ابتدئ فيها بالأمر بطاعة الله، ثم ثني بالأمر بطاعة الرسول، وذكرت طاعة أولي الأمر مدرجة مع طاعة الرسول ولم تذكر استقلالا، وهو يعني أن طاعتهم لا بد من أن تكون مقيدة بطاعة الله ورسوله؛ لأنها تبع لطاعتهما. ثانيها: أن أولي الأمر في الآية الكريمة مقيدون بكونهم من أهل الإيمان، النساء: ٥٩ ]، ولا ريب أنه لا يدخل في ] ﴾ ÐÏÎ ﴿ : فقد قال تعالى ذلك الظلمة والفسقة، إذ لم يكن الله تعالى ليشرف هؤلاء بعطفهم على نفسه والمراد » : وعلى رسوله، وقد أجاد الزمخشري حيث قال في تفسير الآية بأولي الأمر منكم أمراء الحق؛ لأن أمراء الجور الله ورسوله بريئان منهم، فلا يعطفون على الله ورسوله في وجوب الطاعة لهم، وإنما يجمع بين الله ورسوله والأمراء الموافقين لهما في إيثار العدل واختيار الحق والأمر بهما والنهي عن أضدادهما، كالخلفاء الراشدين ومن تبعهم بإحسان. وكان الخلفاء يقولون: أطيعوني ما عدلت فيكم، فإن خالفت؛ فلا طاعة .(١)« لي عليكم وهم أمراء الحق «: وتبعه في ذلك أبو السعود، حيث قال في تفسير الآية وولاة العدل، كالخلفاء الراشدين ومن يقتدى بهم من المهتدين، وأما أمراء الجور فبمعزل من استحقاق العطف على الله تعالى والرسول ژ في وجوب .( ٢)« الطاعة لهم . ١) الكشاف، ج ١، ص ٥٥٦ ) ٢) إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم، لأبي السعود محمد بن محمد العمادي، ج ٢ ) ص ١٩٣ ، دار إحياء التراث العربي، بيروت. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٠٣ فأما أولو الأمر؛ فالنص يعين من هم » : وقال الأستاذ الشهيد سيد قطب [أولي الأمر.. منكم..]، أي: من المؤمنين.. الذين يتحقق فيهم شرط الإيمان وحد الإسلام المبين في الآية.. من طاعة الله وطاعة الرسول؛ وإفراد الله سبحانه بالحاكمية وحق التشريع للناس ابتداء؛ والتلقي منه العقول فيه تختلف فيما أًيضا إليه والرجوع عليه نص فيما وحده والأفهام والآراء، مما لم يرد فيه نص؛ لتطبيق المباديء العامة في المنصوص عليه. أنه بما كذلك أًصلا رسوله وطاعة ؛ً أصلا الله طاعة يجعل والنص رسوله. وطاعة الله لطاعة تًبعا منكم.. الأمر.. أولي طاعة ويجعل منه مرسل فلا يكرر لفظ الطاعة عند ذكرهم، كما كررها عند ذكر الرسول ژ ليقرر أن بقيد « منكم » طاعتهم مستمدة من طاعة الله وطاعة رسوله بعد أن قرر أنهم الإيمان وشرطه.. وطاعة أولي الأمر.. منكم.. بعد هذه التقريرات كلها، في حدود المعروف المشروع من الله، والذي لم يرد نص بحرمته؛ ولا يكون من المحرم عندما يرد إلى مباديء شريعته، عند الاختلاف فيه.. والسنة تقرر حدود هذه الطاعة، على وجه الجزم واليقين. .(١)« إنما الطاعة في ا لمعروف » : في الصحيحين من حديث الأعمش السمع والطاعة على المرء المسلم. » : وفيهما من حديث يحيى القطان ١٤٦٩ ، رقم ١٨٤٠ )، وأبو داود / ٢٦١٢ ، رقم ٦٧٢٦ )، ومسلم ( ٣ / ١) أخرجه البخاري ( ٦ ) ،٤٢٩/ ١٥٩ ، رقم ٤٢٠٥ )، وابن حبان ( ١٠ / ٤٠ ، رقم ٢٦٢٥ )، والنسائي ( ٧ /٣) ،( ٨٢ ، رقم ٦٢٢ / ٥٤٣ ، رقم ٣٣٧٠٦ )، وأحمد ( ١ / رقم ٤٥٦٧ ). وابن أبي شيبة ( ٦ ١٣٢ ، رقم ٤٦٢٢ ) وقال: صحيح ا لإسناد. / والحاكم ( ٣ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٠٤ فيما أحب أو كره. ما لم يؤمر بمعصية. فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا .(١)« طاعة ولو استعمل عليكم عبد. يقودكم » : وأخرج مسلم من حديث أم الحصين .(٢)« بكتاب الله. اسمعوا له وأطيعوا على أًمينا رسوله. وسنة الله شريعة على أًمينا فرد كل الإسلام يجعل بهذا والآخرة.. الدنيا في مصيره على أًمينا وعقله. نفسه على أًمينا ودينه. إيمانه ولا يجعله بهيمة في القطيع؛ تزجر من هنا أو من هنا فتسمع وتطيع! فالمنهج واضح، وحدود الطاعة واضحة. والشريعة التي تطاع والسنة التي .(٣)«! تتبع واحدة لا تتعدد، ولا تتفرق، ولا يتوه فيها الفرد بين ا لظنون ومن المفسرين، من فسر [أولي الأمر] في الآية الكريمة بعلماء الأمة، الذين ينعقد بهم الإجماع فيما يحدث من نوازل، فإنهم إن أجمعوا على حكم في نازلة ولم يختلفوا فيها كان ذلك شرعا ربانيا، يجب على من بعدهم أن يتبعوه ولا يخالفوه، ولذلك كان الإجماع هو الأصل الثالث في   الأدلة الشرعية، بعد الكتاب العزيز والسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم، وعلى هذا عول الفخر الرازي، وجعل الآية أصلا في حجية الإجماع، وهاك نص قوله: ٢٦١٢ ، رقم ٦٧٢٥ )، ومسلم / ١٤٢ ، رقم ٦٢٧٨ )، والبخاري ( ٦ / ١) أخرجه أحمد ( ٢ ) ،٢٠٩/ ٤٠ ، رقم ٢٦٢٦ )، والترمذي ( ٤ / ١٤٦٩ ، رقم ١٨٣٩ )، وأبو داود ( ٣ /٣) ،٩٥٦/ ١٦٠ ، رقم ٤٢٠٦ )، وابن ماجه ( ٢ / رقم ١٧٠٧ ) وقال: حسن صحيح. والنسائي ( ٧ ، ٥٤٣ ، رقم ٣٣٧٠٧ )، وابن الجارود (ص ٢٦٠ / رقم ٢٨٦٤ ) وابن أبي شيبة ( ٦ ،( ١٢٧ ، رقم ٥١١٧ / ٤٠٤ ، رقم ٧١٠٨ )، والبيهقي ( ٣ / رقم ١٠٤١ )، وأبو عوانة ( ٤ .( ٣٤٦ ، رقم ٣٥٦٨ / والديلمي ( ٢ .( ١٤٦٨ ، رقم ١٨٣٨ / ٢) أخرجه مسلم ( ٣ ) ٣) في ظلال القرآن، تفسير سيد قطب، ج ٥، ص ٦٩١ ، دار ا لشروق. ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٠٥ يدل عندنا على أن إجماع الأمة ﴾ ÐÏÎ ﴿ : ”اعلم أن قوله حجة، والدليل على ذلك أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية، ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لا بد وأن يكون معصوما عن الخطأ، إذ لو لم يكن معصوما عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته، فيكون ذلك أمرا بفعل ذلك الخطأ، والخطأ لكونه خطأ منهي عنه، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد، وأنه محال، فثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم، وثبت أن كل من أمر الله بطاعته على سبيل المذكور الأمر أولي أن قًطعا فثبت الخطأ عن معصوما يكون أن وجب الجزم في هذه الآية لا بد وأن يكون معصوما، ثم نقول: ذلك المعصوم إما مجموع الأمة أو بعض الأمة، لا جائز أن يكون بعض الأمة؛ لأنا بينا أن الله تعالى مشروط قًطعا طاعتهم وإيجاب ، قًطعا الآية هذه في الأمر أولي طاعة أوجب بكوننا عارفين بهم قادرين على الوصول إليهم والاستفادة منهم، ونحن نعلم بالضرورة أنا في زماننا هذا عاجزون عن معرفة الإمام المعصوم، عاجزون عن الوصول إليهم، عاجزون عن استفادة الدين والعلم منهم، وإذا كان الأمر كذلك علمنا أن المعصوم الذي أمر الله المؤمنين بطاعته ليس بعضا من أبعاض الأمة، ولا طائفة من طوائفهم. ولما بطل هذا وجب أن يكون ذلك أهل الحل والعقد من الأمة، ﴾ ÏÎ ﴿ : المعصوم الذي هو المراد بقوله .( اه( ١ .« وذلك يوجب القطع بأن إجماع الأمة حجة وروى الطبري أن أولي الأمر هم الفقهاء، عن جماعة من السلف منهم . ( مجاهد، وعطاء، والحسن، وأبو ا لعالية( ٢ . ١) التفسير الكبير، ج ١٠ ، ص ١١٦ ) . ١٥٠ - ٢) تفسير الطبري ج ٥ ص ١٤٨ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٠٦ d kjihgfe ﴿ : ويتعزز ذلك بقوله تعالى onml .[ ﴾ [النساء: ٨٣ ونحن نرى أن أولي الأمر وصف ينطبق على من اضطلع بأمانة الله، وأخذ بيد الأمة إلى سبيل الرشد وذب عن حرماتها ووفاها حقوقها، فأنصف كل مظلوم وقبض على كل ظالم، وكان على القوي حتى يأخذ الحق منه ومع الضعيف حتى يأخذ الحق له، وأن من تبديل شرع الله أن يكون هذا الوصف وما يتبعه من وجوب الطاعة لأولي الظلم، الذين ابتزوا الحكم وأضاعوا الحق وأشاعوا الفساد، وأمروا بالمنكر ونهوا عن المعروف، فإنهم أهون على الله من أن يجعل لهم على عباده طاعة ويدرجهم فيها مع نفسه ورسوله. هذا؛ وقد بين الله تعالى أن الظالمين لا نصيب لهم من عهده، حيث © «ª ¨ ﴿ : قال ﴾ [البقرة: ١٢٤ ]، وبين العلماء أن الإمامة والقيادات الدينية هي من عهد الله الذي لا نصيب فيه لظالم، قال ابن خويز وكل من كان ظالما لم يكن نبيا ولا خليفة ولا حاكما ولا مفتيا ولا » : منداد إمام صلاة ولا يقبل عنه ما يرويه عن صاحب الشريعة ولا تقبل شهادته في .(١)« الأحكام أراد أن الظالم لا يكون إماما، وعن ابن عباس » : وقال أبو بكر الرازي وقال ،« لا يلزم الوفاء بعهد الظالم، فإذا عقد عليك في ظلم فانقضه » : أنه قال الحسن: ليس لهم عند الله عهد يعطيهم عليه خيرا في الآخرة، قال أبو بكر: جميع ما روي من هذه المعاني يحتمله اللفظ، وجائز أن يكون جميعه مراد الله تعالى، وهو محمول على ذلك عندنا، فلا يجوز أن يكون الظالم نبيا، . ١) تفسير القرطبي، ج ٢، ص ١٠٩ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٠٧ ولا خليفة لنبي، ولا قاضيا ولا من يلزم الناس قبول قوله في أمور الدين من مفت، أو شاهد، أو مخبر، عن النبي ژ خبرا، فقد أفادت الآية أن شرط جميع من كان في محل الائتمام به في أمر الدين العدالة والصلاح، وهذا يدل أيضا على أن أئمة الصلاة ينبغي أن يكونوا صالحين غير فساق ولا ظالمين، لدلالة الآية على شرط العدالة لمن نصب منصب الائتمام به في أمور الدين؛ لأن عهد الله هو أوامره، فلم يجعل قبوله عن الظالمين منهم، وهو ما أودعهم من أمور دينه وأجاز قولهم فيه وأمر الناس بقوله منهم D IHGFE ﴿ : والاقتداء بهم فيه، ألا ترى إلى قوله تعالى QPONMLKJ ﴾ [يس: ٦٠ ] يعني أقدم إليكم الأمر به، C HGFED ﴿ : وقال تعالى ﴾ [آل عمران: ١٨٣ ]، ومنه عهد الخلفاء إلى أمرائهم وقضاتهم إنما هو ما يتقدم به إليهم ليحملوا الناس عليه ويحكموا به فيهم، وذلك، لأن عهد الله إذا كان إنما هو أوامره لم يخل قوله: © «ª ¨ ﴿ ﴾ من أن يريد أن الظالمين غير مأمورين، أو أن الظالمين لا يجوز أن يكونوا بمحل من يقبل منهم أوامر الله تعالى وأحكامه ولا يؤمنون عليها، فلما بطل الوجه الأول لاتفاق المسلمين على أن أوامر الله تعالى لازمة للظالمين، كلزومها لغيرهم، وأنهم إنما استحقوا سمة الظلم لتركهم أوامر الله ثبت الوجه الآخر، وهو أنهم غير مؤتمنين على أوامر الله تعالى وغير مقتدى بهم فيها، فلا يكونون أئمة في الدين، فثبت بدلالة هذه الآية بطلان إمامة الفاسق، وأنه لا يكون خليفة، وأن من نصب نفسه في هذا المنصب وهو فاسق لم يلزم الناس اتباعه ولا طاعته، وكذلك قال ا لنبي ژ : ١)، ودل أيضا على أن الفاسق لا يكون )« لا طاعة لمخلوق في معصية ا لخالق » ٥٠١ ، رقم ٥٨٧٠ ) وقال: صحيح / ٦٦ ، رقم ٢٠٦٧٢ )، والحاكم ( ٣ / ١) أخرجه أحمد ( ٥ ) .(٢٢/ ١٦٥ ، رقم ٣٦٧ ). وأخرجه أيضا الخطيب ( ١٠ / الإسناد. والطبراني ( ١٨ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٠٨ حاكما، وأن أحكامه لا تنفذ إذا ولي الحكم، وكذلك لا تقبل شهادته، ولا خبره إذا أخبر عن ا لنبي ژ ، ولا فتياه إذا كان مفتيا، وأنه لا يقدم للصلاة، ¨ ﴿ : وإن كان لو قدم واقتدى به مقتد كانت صلاته ماضية؛ فقد حوى قوله «ª© .(١)« ﴾ هذه المعاني كلها استدل جماعة من العلماء بهذه الآية، على أن الإمام » : وقال القرطبي يكون من أهل العدل والإحسان والفضل مع القوة على القيام بذلك، وهو الذي أمر ا لنبي ژ ألا ينازعوا الأمر أهله، على ما تقدم من القول فيه. فأما © ª ¨ ﴿ : أهل الفسوق والجور والظلم فليسوا له بأهل، لقوله تعالى ولهذا خرج ابن الزبير والحسين بن علي @ . وخرج خ يار أهل ،﴾« العراق وعلماؤهم على الحجاج، وأخرج أهل المدينة بني أمية وقاموا .(٢)« عليهم، فكانت الحرة التي أوقعها بهم مسلم بن عقبة وقد يعترض معترض بدعوى أن الظلم الذي لا ينال أهله عهد الله هو  A CB ﴿ : الشرك وحده، لأنه أعظم الظلم، كما قال تعالى .[ لقمان: ١٣ ] ﴾ D ويرد بأن الظلم في الآية على إطلاقه؛ لأن التعريف يقتضي العموم، َُ وضع الشيء في غير » : فكل من تلبس بظلم لم ينله عهد الله، لأن الظلم لغة ما نصه: « اللسان » و « النهاية » ٣) وعلى ذلك جرى المفسرون( ٤)، وفي )« موضعه . ١) أحكام القرآن، ج ١، ص ٨٦ ) . ١٠٩ - ٢) تفسير القرطبي، ج ٢، ص ١٠٨ ) ٣) تهذيب اللغة، ج ١٤ ، ص ٢٧٤ ، المخصص، ج ٣، ص ٤٠٥ ، المحكم والمحيط الأعظم، ) ج ١٠ ، ص ٢٣ ، ، ج ١٢ ، ص ٣٧٣ وص ٣٧٦ ، مقاييس اللغة، ج ٣، ص ٤٦٨ ، المحيط في . اللغة، ج ١٠ ، ص ٣٢ ، المفردات في غريب القرآن، ص ٣١٥ ، ٤) تفسير الطبري، ج ١، ص ٢٣٤ ، المحرر الوجيز، ج ١، ص ٣٠٨ ، التفسير الكبير، ج ٨ ) ص ١٧١ ، تفسير السمرقندي، ج ١، ص ١٩٣ ، تفسير الثعلبي، ج ١، ص ١٨٢ ، تفسير = القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٠٩ وأصل الظلم الجور ومجاوزة الحد، ومنه حديث الوضوء: فمن زاد أو نقص » فقد أساء وظلم أي أساء الأدب بتركه السنة والتأدب بأدب الشرع، وظلم (١)« نفسه بما نقصها من الثواب بترداد المرات في ا لوضوء . ونصوص القرآن شواهد قاطعة، على أن الظلم يصدق على كل خروج t vu ﴿ : عن حكم الله ومخالفة لأمره، ومن ذلك قوله تعالى ~}|{zyxw ے ¢£ ¡ ¯®¬«ª© ¨§¦¥ ¤ ﴾ ° [التوبة: ٣٦ ]، ولا ريب أن النهي عن الظلم فيهن يصدق على كل مخالفة لأمر ÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º ﴿ : الله، ومثله قوله تعالى Õ Ô Ó Ò Ñ ÐÏ Î Í Ì Ë Ê É È Ç Æ Å ﴾ äãâáàßÞÝÜÛÚÙØ×Ö [الحجرات: ١١ ]، وقوله: ﴿ , 543210/. / 76 ﴾ [البقرة: ٢٣١ ]، وقوله: ﴿ 543210 DCBA@?>=<;:9876 .[ الطلاق: ١ ] ﴾E وحكى عن آدم وحواء عليهما السلام، أنهما قالا: ﴿ " %$# '& : )(*+, ﴾ [الأعراف: ٢٣ ]، وقال في يونس 8 h l kji ﴿ srqp onm = ، القرطبي، ج ١، ص ٣٠٩ ، تفسير القشيري، ج ٢، ص ٨، تفسير السمعاني، ج ١، ص ٦٨ تفسير البغوي، ج ١، ص ٦٣ ، أحكام القرآن لابن العربي، ج ٣، ص ٢٧٧ ، تفسير النسفي، . ج ٣، ص ٦٨ ، تفسير غرائب القرآن، ج ١، ص ٢٨٧ ، البحر المحيط، ج ١، ص ٣٠٦ ١) النهاية في غريب الأثر، ج ٣، ص ١٦١ ، لسان العرب، ج ١٢ ، ص ٣٧٣ ، وينظر: عمدة ) . القاري، ج ١٢ ، ص ٢٨٣ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١١٠ W [ZYX ﴿ : الأنبياء: ٨٧ ]، وذكر عن موسى 8 أنه ] ﴾ t ]\ .[ ﴾ [القصص: ١٦ وقد تضافرت الأحاديث عن رسول الله ژ دالة على صدق معنى الظلم ١)، وروي )« مطل الغني ظلم » : على كل مخالفة لأمر الله، ومن ذلك قوله إن «: مطل الظلم من بلفظ « الم وروي ، ( ٢) الغني » من طرف كُ عْ « ٣) الظلم ) ، أعظم الظلم » : ٤)، وقال )« هذا الوضوء، من زاد أو نقص فقد ظلم وأساء » : وقال لا تكونوا إمعة » : ٥)، وقال )« ذراع من الأرض، ينتقصه المرء من حق أخيه تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن أساءوا أسأنا، ولكن وطئوا أنفسكم، إن .(٦)« أحسنوا أن تحسنوا، وإن أساءوا أن لا تظلموا ÖÕÔÓÒ ﴿ : ثالثها: أن الآية الكريمة اختتمت بقوله تعالى ﴾ äãâáàßÞÝÜÛ ÚÙØ × [النساء: ٥٩ ]، ومعنى ذلك بلا ريب أن أولي الأمر ومن يلون أمرهم، عليهم جميعا أن يحتكموا إلى الله ورسوله عند التشاجر والخلاف، وهو دليل ٣١٦ ، رقم ١٥٣٥٥ )، والبخاري / ٦٧٤ ، رقم ١٣٥٤ )، وعبد الرزاق ( ٨ / ١) أخرجه مالك ( ٢ ) ،( ٢٤٧ ، رقم ٣٣٤٥ / ١١٩٧ ، رقم ١٥٦٤ ) وأبو داود ( ٣ / ٧٩٩ ، رقم ٢١٦٦ ) ومسلم ( ٣ /٢) ،٨٠٣/ ٣١٧ رقم ٤٦٩١ )، وابن ماجه ( ٢ / ٦٠٠ ، رقم ١٣٠٨ ) والنسائي ( ٧ / والترمذي ( ٣ .( ٤٨٧ ، رقم ٥٠٩٠ / رقم ٢٤٠٣ )، وابن حبان ( ١١ ٣١٥ ، رقم ٨١٦٠ )، وأبو عوانة / ٣١٦ ، رقم ١٥٣٥٥ ). وأحمد ( ٢ / ٢) أخرجه عبد الرزاق ( ٨ ) .( ٣٤٨ رقم ٥٢٤٥ /٣) .( ١٧ ، رقم ٣٥١٦ / ٣) أخرجه الطبراني ( ٤ ) ٨٢ ، رقم ٨٩ )، وابن خزيمة / ٣٣ ، رقم ١٣٥ )، والنسائي في الكبرى ( ١ / ٤) أخرجه أبو داود ( ١ ) .( ٧٩ ، رقم ٣٧٨ / ٣٣ )، والبيهقي ( ١ / ٨٩ ، رقم ١٧٤ )، والطحاوى ( ١ /١) ١٧٥ ): إسناده حسن. والطبراني / ٣٩٦ ، رقم ٣٧٦٧ ). قال الهيثمي ( ٤ / ٥) أخرجه أحمد ( ١ ) .( ٢١٦ رقم ١٠٥١٦ /١٠) .( ٣٦٤ ، رقم ٢٠٠٧ / ٦) أخرجه الترمذي ( ٤ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١١١ الإيمان بالله واليوم الآخر، فمن أبى ذلك وأراد أن يمضي على الآخر هواه، فقد خرج عن مقتضيات الإيمان بالله واليوم الآخر، وهو ظالم لنفسه فلا وعن أبي حازم: أن مسلمة بن عبد الملك قال له: ألستم أمرتم » ، يناله عهد الله قال: أليس قد نزعت منكم إذ خالفتم ؟﴾ÐÏÎ ﴿ : بطاعتنا في قوله .(١)«[ النساء: ٥٩ ] ﴾ ÙØ×ÖÕÔÓÒ ﴿ : الحق بقوله أما الحديث، فلو صح لوجب حمله على محمل صحيح، يتواءم مع روح الإسلام ومقاصد الشرع، وهو أن طاعة ولي الأمر تجب، إن لم تكن عند من يلي أمره حجة شرعية أنه تعدى عليه وبخسه حقه، أما مع ثبوت ظلمه وقيام الحجة عليه بذلك فإن طاعته لا يعود لها مكان في شرع الله تعالى، أو أنه يحمل على ما إذا أخذ ماله وضرب ظهره بحكم شرعي له فيه من الله برهان، وهذا الذي ذهب إليه ابن حزم، حيث قال: فإنما ذلك بلا شك إذا تولى الإمام ذلك بحق، وهذا ما لا شك » فيه، أنه فرض علينا الصبر له، وإن امتنع من ذلك، بل من ضرب رقبته إن وجب عليه؛ فهو فاسق عاص لله تعالى، وأما إن كان ذلك بباطل فمعاذ الله ¿ ﴿ : أن يأمر رسول الله ژ بالصبر على ذلك، برهان هذا قول ا لله 8 ÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ ﴾ [المائدة: ٢]، وقد علمنا أن + , ﴿ : كلام رسول الله ژ لا يخالف كلام ربه تعالى، قال الله 8 543210/. O QP ﴿ ٤]، وقال تعالى - ﴾ [النجم: ٣ XWVUTSR ﴾ [النساء: ٨٢ ]، فصح أن كل ما قاله ، ١) تفسير البحر المحيط، ج ٣، ص ٢٩٠ ، تفسير الكشاف، ج ١، ص ٥٥٦ ، تفسير النسفي، ج ١ ) ص ٢٢٩ ، مختصر تاريخ دمشق، ج ٥٨ ، ص ٤٢ ، مختصره، ج ٧، ص ٢٧٤ ، بدائع السلك، ابن الأزرق(م)، (ت: ٨٩٦ ه)، ج ١، ص ٧٨ ، وزارة الإعلام، العراق، الطبعة: الأولى، . تحقيق: د.علي سامي النشار، مرقاة المفاتيح، ج ٧، ص ٢٥١ ، فيض القدير، ج ٦، ص ٤٣٢ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١١٢ رسول الله ژ فهو وحي من عند ا لله 8 ، ولا اختلاف فيه ولا تعارض ولا ِ أخذ أن مسلم كل يدري فيه، شك لا يٍن ق ي ب فَ كذلك، هذا كان فإذا تناقض، َ مال مسلم أو ذمي بغير حق؛ وضرب ظهره بغير حق؛ إثم وعدوان وحرام،  ١). فإذ لا )« إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم » : قال رسول الله ژ شك في هذا ولا اختلاف من أحد من المسلمين، فالمسلم ماله للأخذ ظلما وظهره للضرب ظلما، وهو يقدر على الامتناع من ذلك، بأي وجه أمكنه؛ .(٢)« معاون لظالمه على الإثم والعدوان، وهذا حرام بنص ا لقرآن قلت: إن مما يعضد ما ذهب إليه ابن حزم في تأويل الحديث ما كان عليه الخلفاء الراشدون، من إعلان أن الطاعة إنما تجب حال التزام الإمام عن معمر قال » : بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله ژ ، فقد أخرج عبد الرزاق وحدثني بعض أهل المدينة قال خطبنا أبو بكر فقال: يا أيها الناس أني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن ضعفت فقوموني وإن أحسنت فأعينوني الصدق أمانة والكذب خيانة الضعيف فيكم القوي عندي حتى أزيح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم الضعيف عندي حتى آخذ منه الحق إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالفقر ولا ظهرت أو قال شاعت الفاحشة في قوم إلا عمهم البلاء، أطيعوني ما أطعت الله . (٣)« ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم ،٤٢٢/ ٣٠ ، رقم ٢٠٣٥١ )، والنسائي ( ٢ / ٣٣٧ ، رقم ١٨٩٨٦ ) و( ٥ / ١) أخرجه أحمد ( ٤ ) ،٣٤/ ٧، رقم ٣٤٧٨ ) و( ٤ / ٢٥٠ ، رقم ٢٨٠٨ )، والطبراني ( ٤ / رقم ٤٠٠٢ )، وابن خزيمة ( ٤ .(٥١/ ٣٦٣ ، رقم ٩١٢ )، وابن سعد ( ٧ / رقم ٣٥٧٢ )، و( ٢٢ ٢) الفصل في الملل والأهواء والنحل، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري أبو محمد، ) (ت: ٥٤٨ ه)، ج ٤، ص ١٣٣ ، مكتبة الخانجي، ا لقاهرة. ، ٣) المصنف، أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني، (ت: ٢١١ ه)، ج ١١ ، ص ٢٠٧٠١ ) المكتب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٣ ه ، الطبعة: الثانية، تحقيق: حبيب الرحمن ا لأعظمي. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١١٣ حدثني علي بن هاشم بن البريد عن هشام بن عروة عن » : وقال أبو عبيد فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإني ƒ أبيه قال خطب أبو بكر وليت أمركم ولست بخيركم، ولكنه نزل القرآن وسن النبي وعلمنا فعملنا عبيد أبو شك التقى، قال أو الهدى، الكيس أكيس أن الناس، أيها ن م لَ واع  قال: وأكثر ظني أنه التقى وأن أعجز العجز الفجور وأن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه، وأن أضعفكم عندي القوى حتى آخذ منه الحق، يا أيها الناس، إنما أنا متبع ولست بمبتدع، فإن أنا أحسنت فأعينوني، .(١)« وإن أنا زغت فقوموني فلو كانت الطاعة لهم مطلقة لما كان له أن يأمرهم بأن يقوموه إذا اعوج، وأن يعلن لهم أن لا طاعة له عليهم إن عصى الله ورسوله، لما في ذلك من عندما رأى ،« لا سمع » : ^ تبديل حكم الله، وقد سبق أن سلمان قال لعمر عليه حلة، وقد أعطى كل واحد منهم ثوبا، حتى شهد له ابنه عبد الله أنه أعطاه ثوبه مع ثوبه، فكانت له بهما حلة، فما كان لسلمان لو كانت الطاعة  واجبة على الإطلاق أن يعترض على الفاروق، وما كان للفاروق أيضا أن يقر سلمان على هذا الاعتراض، ولكن ذلك دليل على أن هديهم كان منسجما مع روح الإسلام ومقاصد الشرع، في تحقيق العدل وترسيخ الحق، وأن إقرار الطاعة المطلقة لهم، ولو عصوا وبغوا، مناف لذلك وناقض لعرى الدين. عمر نص وقد ƒ كما اعوج، إن الخليفة م و قَ تُ أن الرعية على أن على أن عليه أن يقومهم إن اعوجوا، فقد أخرج ابن شبة في (تاريخ المدينة) بإسناده إلى عفيف بن معدي كرب، أنهم خرجوا من الكوفة إلى المدينة، واليه بالكوفة سعد بن أبي وقاص، ويطلبون منه عزله، ƒ يشكون إلى عمر . ١) كتاب الأموال، ص ١٢ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١١٤ فعزله عنهم، مع سابقته في الإسلام وارتباط نسبه ورحمه بالنبي ! ، أخبروني عما أسألكم عنه إذا كان الإمام عليكم فجار » : ثم قال لهم عمر عليكم ومنعكم حقوقكم وأساء صحبتكم ما تصنعون به؟ قلنا: يا أمير المؤمنين ما نصنع به؟ إن رأينا خيرا حمدنا الله وقبلنا، وإن رأينا جورا وظلما صبرنا حتى يفرج الله منه، قال: أما هو إلا ما أسمع؟ قالوا: لا والله ما عندنا إلا ما قلنا لك، قال: فضرب بيده على جبهته، ثم قال: لا والله الذي لا إله إلا هو، لا تكونون شهداء في الأرض، حتى تأخذوهم كأخذهم إياكم، .(١)« وتضربوهم في الحق كضربهم إياكم، وإلا فلا وهو كلام غني عن التعليق، فإنه شاهد على أن الشهادة على الناس، التي هي وظيفة هذه الأمة، لا تكون إلا بردع الخلفاء عن الباطل، وردهم إلى الحق بكل وسيلة، كما يردع الخلفاء العامة عن الباطل، ويردونهم إلى الحق بالقوة. وقد علق الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وجوب طاعة الإمام على الرعية على أمرين اثنين، وهما حكمه بما أنزل الله وأداؤه الأمانة، فقد أخرج أبو عبيد القاسم بن سلام عنه ذلك، قال: وحدثنا عبد الله بن إدريس، وأبو إسماعيل إبراهيم بن سليمان المؤدب والأشجعي واسمه عبيدالله ابن عبيد الرحمن كلهم عن إسماعيل ابن أبي خالد عن مصعب بن سعد قال: قال علي بن أبي طالب 8 كلمات أصاب فيهن الحق، قال: يحق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله وأن يؤدي الأمانة فإذا ، ١) تاريخ المدينة المنورة، أبو زيد عمر بن شبة النميري البصري، (ت: ٢٦٢ ه)، ج ٢، ص ٢٠ ) دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٧ ه/ ١٩٩٦ م، تحقيق: علي محمد دندل وياسين سعد الدين بيان. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١١٥ .(١)« فعل ذلك فحق على الناس أن يسمعوا له ويطيعوا ويجيبوه إذا دعا أنه رفع صوته في ، ƒ وقد تقدم فيما ذكرته عن عمر بن عبد العزيز يا أيها الناس من أطاع الله فقد وجبت » : خطبته حتى أسمع الناس، فقال طاعته، ومن عصى الله فلا طاعة له. أطيعوني ما أطعت الله 8 ، فإذا عصيت .« الله فلا طاعة لي عليكم لا طاعة لأحد في » : ! وأحاديث الرسول ژ شاهدة بهذا، فقد قال ٢)، واستكانة الإنسان في أخذ ماله )« معصية الله، إنما الطاعة في المعروف وجلد ظهره بغير حق، إنما هي طاعة في غير معروف، بل في جور وظلم، فما كان رسول ا لله ژ ليأمر بها. هذا؛ ومن أولويات الدين ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنهما من أقوى عرى الإسلام التي تشد المؤمنين والمؤمنات بعضهم إلى a gfedcb ﴿ : بعض، فقد قال تعالى onmlkjih ﴾{z x utsr y wv qp [التوبة: ٧١ ]، ومعنى هذا، أن معقد الترابط بين شرائح الأمة ما ذكر في الآية الكريمة، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وطاعة الله ورسوله، فإذا ذهب شيء من ذلك انحلت الرابطة، وقد بدأ بالأمر ١٢٨٦ ، رقم ٦٥١ )، وابن أبي شيبة / ١) المرجع السابق، ص ١٣ ، وأخرجه سعيد بن منصور ( ٤ ) (٣٥/ ١٤٥ )، وابن زنجويه في الأموال ( ١ / ٤١٨ ، رقم ٣٢٥٣٢ )، وابن جرير ( ٥ /٦) .( ١٠٩ رقم ٥١ / والخلال في السنة ( ١ ١٤٦٩ ، رقم ١٨٤٠ )، وأبو داود / ٢٦١٢ ، رقم ٦٧٢٦ )، ومسلم ( ٣ / ٢) أخرجه البخاري ( ٦ ) ،٤٢٩/ ١٥٩ ، رقم ٤٢٠٥ )، وابن حبان ( ١٠ / ٤٠ ، رقم ٢٦٢٥ )، والنسائي ( ٧ /٣) ،( ٨٢ ، رقم ٦٢٢ / ٥٤٣ ، رقم ٣٣٧٠٦ )، وأحمد ( ١ / رقم ٤٥٦٧ ). وابن أبي شيبة ( ٦ ١٣٢ ، رقم ٤٦٢٢ ) وقال: صحيح ا لإسناد. / والحاكم ( ٣ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١١٦ بالمعروف والنهي عن المنكر قبل غيرهما، لأنهما يصان بهما الدين، وتحفظ بهما الحقوق، وينصف بهما المظلوم من ظالمه. وهما بلا ريب يشملان جميع طبقات الناس من حكام ومحكومين ورعاة ورعايا، فعلى الرعية أن تأمر راعيها بالمعروف وتنهاه عن المنكر، كما من رأى منكم » : أن على الراعي ذلك في رعيته، ويدل عليه قول النبي ژ منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع أن يغيره بيده فبلسانه، فإن لم يستطع ٣)، فقد أطلق الأمر بهذا في كل من رأى )« فبقلبه، وذلك أضعف ا لإيمان منكرا، و(من) من أدوات العموم؛ فيصدق ذلك على الراعي والرعية، ويؤكد والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن » : هذا قول ا لنبي ژ الله ليضربن أو ، أًطرا الحق على ولتأطرنه الظالم، يد على ولتأخذن المنكر، . (٤)« قلوب بعضكم على بعض، وليلعننكم كما لعنهم إذا رأيت أمتي تهاب، فلا تقول للظالم يا ظالم، فقد تودع » : وقال ژ .(٥)« منهم وبالجملة؛ فإن الله تعالى يأبى على رسوله ژ أن يكون داعية إلى إقرار الظلم والاستكانة للجور والفساد، ويأبى على دينه الإسلام أن يكون سلما ٤٩ ، رقم ١١٤٧٨ )، وعبد بن حميد / ٣) أخرجه الطيالسي (ص ٢٩٢ ، رقم ٢١٩٦ )، وأحمد ( ٣ ) ،( ٢٩٦ ، رقم ١١٤٠ / ٦٩ ، رقم ٤٩ ) وأبو داود ( ١ / (ص ٢٨٤ ، رقم ٩٠٦ ) ومسلم ( ١ ،( ١١١ ، رقم ٥٠٠٨ / ٤٦٩ ، رقم ٢١٧٢ ) وقال: حسن صحيح. والنسائي ( ٨ / والترمذي ( ٤ ١٣٣٠ ، ماجه وابن / ٥٤١ ، حبان وابن ٤٠١٣ )، رقم ( ٢ / ا: أًيض وأخرجه ٣٠٧ ). رقم ( ١ ٩٠ ، رقم ١٩٩٦٦ )، وأبو نعيم في الحلية / ٢٨٩ ، رقم ١٠٠٩ )، والبيهقي ( ١٠ / أبو يعلى ( ٢ .(٢٨/١٠) ،( ٣٩١ ، رقم ٣٧١٣ / ١٤٦ رقم ١٠٢٦٧ )، وأحمد ( ١ / ٤) أخرجه الطبراني في الكبير ( ١٠ ) ٢٥٢ ، رقم ٣٠٤٧ )، وقال: حسن غريب. / والترمذي ( ٥ ١٠٨ رقم ٧٠٣٦ ) وصححه ووافقه ا لذهبي. / ٥) أخرجه الحاكم ( ٤ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١١٧ للظالمين يصلون به إلى أهوائهم ويحققون به مآربهم، كيف؛ وهو تعالى لم يرسل رسله وينزل كتبه، إلا لرفع الظلم وبسط العدل بين عباده، وأن يكون ¡ §¦¥¤£¢ له وحده الحكم، فقد قال تعالى: ﴿ ~ے ¨ X ^]\[ZY ﴿ : الأنعام: ٥٧ ]، وقال ] ﴾ © _`cba jihgfed ﴾ [يوسف: ٤٠ ]، فكيف يجعل سبحانه في شرعه العادل ودينه المحكم سلطانا للمبطلين على المحقين، وهيمنة للقاسطين على المقسطين، مع أنه تعالى هو أحكم ا لحاكمين؟!! وقد علمت أن الطاعة المطلقة إنما هي له وحده ولرسوله ژ ، لأنه ! لا ينطق عن الهوى، فقد صانه تعالى من الزلل، وعصمه عن المؤثرات النفسية والخارجية، فلا يأمر إلا بطاعة الله ولا ينهى إلا عن معصيته، أما من عداه فليس هو من ذلك في شيء، لذلك كان تقييد طاعة من تجب لهم الطاعة بأن تكون في حدود طاعة الله تعالى ورسوله أمرا لا مناص منه، وما كان الله تعالى ليرفع إلى مقام رسوله الأمين المتسلطين على عباده من غواة ¢ §¦¥¤£ ﴿ : المجرمين، الذين قال فيهم ¨ ¬°²± . [ ﴾ [الأنعام: ١٢٣ ¯® «ª© لم يخل إسناده ،« وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك » : ومع هذا، فإن حديث من مقال، فهو عند مسلم من رواية زيد بن سلام عن جده أبي سلام عن قال » : حذيفة، ولم يثبت سماع أبي سلام من حذيفة، فقد قال أبو زرعة العلائي: روى عن حذيفة وأبي مالك الأشعري وذلك في صحيح مسلم، . (١)« وقال الدارقطني: لم يسمع منهما ١) تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل، ولي الدين أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين أبي ) زرعة العراقي، ج ١، ص ٣١٦ ، مكتبة الرشد، الرياض، ١٩٩٩ م، تحقيق: عبد الله نوارة. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١١٨ وقد تشبث الذين رسخوا في الأمة طاعة الظلمة الفجرة، وجعلوهم من : ژ النبي عن عباس ابن بحديث البررة، كالعدول » شًيئا أميره من رأى فميتته فمات شًبرا الجماعة فارق من فإنه فليصبر، يكرهه « وليست ، ( ١) جاهلية لهم في هذا حجة، فإن غاية ما في الحديث أن من كان تحت إمرة أحد يقوده، فوقع بينهما خلاف، فإن على المقود أن يصبر، ولا يثأر لنفسه بتمزيق الصف وتشتيت الكلمة وإثارة الفتنة بين المسلمين حتى يجعل الله له  مخرجا، بحيث يجد الحجة في مرافعة خصمه ومقاضاته إلى من يحكم بينهما، ولا يعني ذلك بحال الصبر على انتهاك المحارم، وإشاعة الفساد، وانتشار الظلم، إذ لو كان الحديث دالا على وجوب الصبر، وعدم الخروج على الإطلاق، لشمل ذلك ما لو ا رتد الأمير ونبذ الإسلام وراء ظهره، فلما تعذر ذلك بالإجماع، وجب حمله على هذا المعنى الصحيح، الذي يساير روح التشريع، ويتفق مع مقاصد ا لدين. وتعلقوا بجانب ما تقدم بأدلة أخرى، منها قوله تعالى فيما حكاه عن o {zyxwvu tsrqp ﴿ : ابن آدم }| ¥ §¦ ¤ £ ¢ ¡ ~ے ¨© ¯®¬«ª ٢٩ ]، وذلك أنهم رأوا سريان - ° ﴾ [المائدة: ٢٨ هذا الحكم فيما يكون بين المتسلط الظالم وبين مظلوميه. تلك شريعة أخرى غير » وقد أجاب ابن حزم عن هذا الاستدلال، بأن ٢٥٨٨ ، رقم ٦٦٤٦ )، ومسلم / ٣١٠ ، رقم ٢٨٢٦ )، والبخاري ( ٦ / ١) أخرجه أحمد ( ١ ) ،١٤٧٧/ ٢٣٤ ، يعلى وأبو ١٨٤٩ )، رقم ( ٣ / الطبراني ا: أًيض وأخرجه ٢٣٤٧ ). رقم ( ٤ ،١٥٧/ ٣١٤ ، رقم ٢٥١٩ )، والبيهقي ( ٨ / ١٦٠ ، رقم ١٢٧٥٩ ) والدارمي ( ٢ /١٢) .( ٤٢٣ ، رقم ٧١٧٨ / رقم ١٦٣٩٣ )، وأبو عوانة ( ٤ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١١٩ j onmlk ﴿ : شريعتنا، وقد قال ا لله 8 .(١)«[ ﴾ [المائدة: ٤٨ قلت: قد يعترض معترض على هذا الجواب، بأن دعوى أن ذلك من خصوصيات تلك الشريعة مدفوع بذكره في القرآن، فلو لم يكن مشروعا لنا لم يذكر، وجوابه أن كثيرا مما ذكر في القرآن من أخبار الأمم الغابرة والنبوات السابقة هو غير مشروع لنا، ناهيك برؤيا إبراهيم 8 ، أنه يذبح الله عناية لولا امتثاله، في عَ ر وش بذبحه، أمرا ذلك عد وقد إسماعيل، ابنه َ التي تداركتهما، ولو كان مثله مشروعا لنا لوجب على كل من رأى في منامه أنه يذبح ولده أن يفعل ذلك، إلا أن يفدى بذبح عظيم، كما فدي إسماعيل 8 ، وما أبعد ذلك عن الفهم الصحيح لمقاصد القرآن، فإن اعترض معترض بأن الحديث دل على وجوب التأسي بخير ابني آدم في مثل هذا، وذلك في حديث سعد بن أبي وقاص، عن النبي ژ في هذا الحديث، قال: فقلت: يا رسول الله، أرأيت إن دخل على بيتي وبسط يده o qp ﴿ وتلا .« كن كابني آدم » : ليقتلني، قال: فقال رسول الله ژ الآية. .. ﴾r فجوابه: أن الحديث الآحادي ولو صح سنده، يترك العمل به لخمسة خًبرا المأمون الثقة روى ”وإذا قوله: في البغدادي، الحافظ ذكرها أسباب متصل الإسناد رد بأمور: ِ دُ ر ي إنما الشرع لأن بطلانه، فيعلم العقول، موجبات يخالف أن أحدها: بمجوزات العقول، أما بخلاف العقول فلا. والثاني: أن يخالف نص الكتاب أو السنة المتواترة، فيعلم أنه لا أصل له أو منسوخ. . ١) الفصل في الملل، ج ٤، ص ١٣٣ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٢٠ والثالث: أن يخالف الإجماع، فيستدل على أنه منسوخ، أو لا أصل له، خلافه. على الأمة وتجمع منسوخ غير صًحيحا يكون أن يجوز لا لأنه والرابع: أن ينفرد الواحد برواية ما يجب على كافة الخلق علمه، فيدل ذلك على أنه لا أصل له؛ لأنه لا يجوز أن يكون له أصل وينفرد هو بعلمه من بين الخلق ا لعظيم. والخامس: أن ينفرد برواية ما جرت العادة بأن ينقله أهل التواتر، فلا .(١)« يقبل لأنه لا يجوز أن ينفرد في مثل هذا بالرواية وأنت تدري أن الأدلة القرآنية صريحة في جواز دفع عدوان المعتدي، فقد قال تعالى: ﴿ \[^ ] _`dcba gfe ± ³² °¯ ﴿ : ﴾ [البقرة: ١٩٤ ]، وقال ´¶μ الشورى: ٤١ ]، ومع هذا انعقد الإجماع أيضا على جواز دفع الصائل، ] ﴾ ¸ والأخذ بظاهر هذا الحديث وبقصة ابني آدم يمنع من دفع الصائل، وقد جاءت أيضا أحاديث أخرى دالة على مشروعية قتال الإنسان عن نفسه وماله من قتل دون » : ٢)، وقوله )« من قتل دون ماله فهو شهيد » : وأهله، منها قوله ژ ١٣٣ ، دار الكتب - ١) الفقيه والمتفقه؛ الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي؛ ج ١ ص ١٣٢ ) العلمية بيروت. ،١١٦/ ٢٨٤ ، رقم ٢٢٩٩ )، والنسائي من طريق علقمة ( ٧ / ٢) أخرجه الضياء من طريق أنس ( ٦ ) ١١٦ ، رقم ٤٠٩٣ ). وأخرجه أيضا / رقم ٤٠٩٣ )، ومن طريق أبي جعفر مرسلا ( ٧ ،٢٢٣/ ١١٣ ، رقم ١٨٥٦٢ )، وأحمد ( ٢ / عبد الرزاق من طريق عبد الله بن عمرو ( ١٠ ١٢٤ ، رقم ١٤١ )، والترمذي / ٨٧٧ ، رقم ٢٣٤٨ )، ومسلم ( ١ / رقم ٧٠٨٤ )، والبخاري ( ٢ ١١٥ ، رقم ٤٠٨٧ )، ومن طريق / ٢٩ ، رقم ١٤١٩ ) وصححه الألباني، والنسائي ( ٧ /٤) :(٢٤٥/٦) ،(١٧٦/ ٢٩٢ ، رقم ٧١٧٠ ). قال الهيثمي ( ٤ / شداد بن أوس أخرجه الطبراني ( ٧ فيه قزعة بن سويد، وثقه ابن معين في رواية، وابن عدي، وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ٣٢٩ )، ومن طريق ابن مسعود أخرجه = / ثقات، ومن طريق أبي هريرة أخرجه الخطيب ( ٢ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٢١ ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، من قاتل دون ماله حتى يقتل فهو » : ١)، وقوله )« ومن قتل دون أهله فهو شهيد من قاتل دون نفسه حتى يقتل فهو شهيد، ومن قتل » : ٢)، وفي رواية )« شهيد دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله حتى يقتل فهو شهيد، ومن قتل في ٣)، وفيه مشروعية القتال للدفاع عن النفس والمال )« جنب الله؛ فهو شهيد والأهل. هذا؛ ويحتمل أن يكون حديث سعد بن أبي وقاص كان إبان أمر X Y ﴿ : المسلمين بكف أيديهم عن القتال، كما أشار إلى ذلك قوله تعالى ^]\[Z _ ﴾ [النساء: ٧٧ ]، وكانت هذه مرحلة أراد الله سبحانه ٢٤٤ ): فيه عبيد بن محمد المحارمى / ٢٠١ ، رقم ١٠٤٦٣ ). قال الهيثمي ( ٦ / = الطبراني ( ١٠ ،١١٦/ وهو ضعيف، وأخرجه عبد الرزاق أيضا من طريق عمر بن عبد العزيز ( ١٠ ٥٩٠ )، ومن طريق ،٧٨/ رقم ١٨٥٦٩ )، وأخرجه أحمد من طريق السيد الحسين ( ١ ،( ٧٨ ، رقم ٥٩٠ / ١٤٦ رقم ٦٧٧٥ ). وأحمد ( ١ / علي بن أبي طالب أخرجه أبو يعلى ( ١٢ ٢٨ ، رقم ١٤١٨ ) وقال حسن صحيح، وابن / ومن طريق سعيد بن زيد أخرجه الترمذي ( ٤ ،١٥٢/ ١١١ ، رقم ٤٧٩٠ )، والطبراني ( ١ / ٨٦١ ، رقم ٢٥٨٠ )، وابن حبان ( ١١ / ماجه ( ٢ ٢٤٦ ، رقم ٤٧٧٢ )، وابن عساكر / ٣١٣ )، وأبو داود ( ٤ / رقم ٣٥٢ ). والشافعي ( ١ ٢١٧ )، ومن طريق سويد بن مقرن / ٢٢٣ )، ومن طريق جابر أخرجه الخطيب ( ١١ /٥) ٢٨٨ )، عساكر ابن أخرجه / عساكر ابن أخرجه ا مًع كريز وابن الزبير ابن طريق ومن ( ٢١ ،(١٢٥/ ٤٠٨ رقم ٥٦٧ )، وابن قانع ( ٢ / ٢٤٨ ). وابن أبي عاصم في الآحاد ( ١ /٢٩) .( ٧٤١ ، رقم ٦٦٩٧ / ٩٣ ، رقم ٨٠٦٩ )، والحاكم ( ٣ / والطبراني في الأوسط ( ٨ ١٩٠ ، رقم ١٦٥٢ )، وعبد بن / ١١٤ ، رقم ١٨٥٦٥ )، وأحمد ( ١ / ١) أخرجه عبد الرزاق ( ١٠ ) ،٣٠/ ٢٤٦ ، رقم ٤٧٧٢ )، والترمذي ( ٤ / حميد (ص ٦٦ ، رقم ١٠٦ )، وأبو داود ( ٤ ،٢٤٨/ ١١٦ ، رقم ٤٠٩٥ )، وأبو يعلى ( ٢ / رقم ١٤٢١ ) وقال: حسن صحيح. والنسائي ( ٧ ٢٩٢ ، رقم ١٠٩٢ ) وقال: إسناده / ٢٦٦ ، رقم ٥٨٥٨ )، والضياء ( ٣ / رقم ٩٤٩ )، والبيهقي ( ٣ حسن. .( ١١٥ ، رقم ٤٠٩١ / ١٥٢ ، رقم ٣٥٢ )، والنسائي ( ٧ / ٢) أخرجه الطبراني ( ١ ) .( ١١٦ ، رقم ١٨٥٧٠ / ٣) أخرجه عبد الرزاق ( ١٠ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٢٢ بها ترويض المسلمين على الصبر، على البلاء وأن تكون معاملتهم للمشركين بالسياسة والحكمة، فلما تهيأت الظروف للجهاد أذن لهم به قال مجاهد: كان الفرض » : وأمرهم بالجهاد، وقد ذكر ذلك القرطبي في قوله عليهم حينئذ ألا يستل أحد سيفا، وألا يمتنع ممن يريد قتله، قال علماؤنا: وذلك مما يجوز ورود التعبد به، إلا أن في شرعنا يجوز دفعه إجماعا، وفي وجوب ذلك عليه خلاف، والأصح وجوب ذلك لما فيه من النهي عن .(١)« المنكر ستكون أمراء فتعرفون » : واستدلوا أيضا بما روي عن النبي ژ من قوله وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: .(٢)« أفلا نقاتلهم، قال: لا، ما صلوا وجوابه: أنه لا يخلو من ضعف حسب معايير علماء النقد، لأن في إسناده قتادة، وقد رواه بالعنعنة، وهو مدلس مشهور، قال الحافظ ابن حجر: وكان مدلسا على قدر فيه، وقال البخاري: لا يشبه أن قتادة سمع من » بشر بن عائذ، لأنه قديم الموت ولا نعرف له سماعا من ابن بريدة، وقال في موضع آخر: ما أرى سمع قتادة من بشير بن نهيك، وقال علي: ما أرى قتادة سمع من أبي ثمامة الثقفي ولم يسمع من أبي عبد الله الجدلي، وقال البزار: لم يسمع من طاوس ولم يسمع من الزهري وقد روى عنه ثلاثة أحاديث، وقال الحاكم في علوم الحديث: لم يسمع قتادة من صحابي غير أنس، وقد ذكر ابن أبي حاتم عن أحمد بن حنبل مثل ذلك، وزاد: قيل له فابن سرجس، . ١) تفسير القرطبي، ج ٦، ص ١٣٦ ) ٢٤٢ ، رقم ٤٧٦٠ ) وابن أبي شيبة / ١٤٨٠ ، رقم ١٨٥٤ )، وأبو داود ( ٤ / ٢) أخرجه مسلم ( ٣ ) ،٤١٦/ ٣٠٢ ، رقم ٢٦٦١٩ )، أبو يعلى ( ١٢ / ٤٦٩ ، رقم ٣٧٢٩٦ )، وأحمد ( ٦ /٧) .( ١٥٠ ، رقم ٣٨٠ / رقم ٦٩٨٠ )، ونعيم بن حماد ( ١ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٢٣ فكأنه لم يره سماعا، قال أحمد: ولم يسمع من عبد الله بن الحارث الهاشمي، ولا من القاسم، ولا سالم، ولا سعيد بن جبير، ولا عبد الله ابن مغفل، وقال البرديجي: لم يصح له سماع من أبي سلمة بن عبد الرحمن، ولم يسمع من الشعبي، ولا من عروة بن الزبير، وقال ابن معين: لم يسمع من ابن أبي مليكة، ولا من حميد بن عبد الرحمن الحميري، ولا من مسلم بن يسار، ولا من رجاء بن حيوة، ولا من حكيم بن عفان، ولا من عبد الرحمن مولى أم برثن، وقال في رواية ابن الجنيد: لم يلق سعيد بن جبير، ولا مجاهدا، ولا سليمان ابن يسار، وقال يحيى بن سعيد: لم يسمع سماعه من معاذة، وقال أبو حاتم: قتادة عن أبي الأحوص مرسل، وأرسل عن أبي موسى وعائشة وأبي هريرة ومعقل بن يسار، وقال أبو داود: حدث قتادة عن ثلاثين رجلا .( اه( ١ .« لم يسمع منهم قال أبو بكر بن أبي خيثمة، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا » : وقال الباجي سليمان بن داود، قال: قال شعبة: كنت أعرف إذا جاء ما سمع قتادة مما لم يسمع، كان إذا جاء ما سمع يقول: حدثنا أنس حدثنا الحسن حدثنا سعيد حدثنا مطرف، وإذا جاء ما لم يسمع، يقول: قال سعيد بن جبير، قال أبو قلابة، قال أبو بكر: حدثنا أبي حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي، قيل له: رأيت قتادة؟ قال: نعم، رأيته كحاطب ليل، قال أبو بكر: حدثنا محمد بن عبد الله الرازي، حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبي عمرو بن العلاء، قال: كان . (٢)« قتادة وعمرو بن شعيب لا يغث عليهما شيء، يأخذان عن كل أحد . ١) تهذيب التهذيب، ج ٨، ص ٣١٨ ) ٢) التعديل والتجريح، لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح، سليمان بن خلف بن ) سعد أبو الوليد الباجي، ج ٣ ص ١٠٦٦ ، دار اللواء للنشر والتوزيع، الرياض، ١٤٠٦ ه/ ١٩٨٦ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. أبو لبابة حسين. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٢٤ .(١)« وكان مدلسا » : وقال ابن حبان وهو رواه عن الحسن، عن ضبة بن محصن، بالعنعنة، وقد يعل من حيث إن الحسن أيضا رواه عن ضبة، معنعنا، مع أن الحسن عند أهل النقد روى عن أبي بن كعب » : يعد في المدلسين، فقد قال الحافظ ابن حجر وسعد بن عبادة وعمر بن الخطاب ولم يدركهم، وعن ثوبان وعمار بن ياسر .(٢)« وأبي هريرة وعثمان بن أبي العاص ومعقل بن سنان ولم يسمع منهم وكان يرسل كثيرا ويدلس، قال البزار: كان يروي عن جماعة » : وقال أيضا لم يسمع منهم فيتجوز ويقول حدثنا وخطبنا يعني قومه الذين حدثوا .(٣)« وخطبوا بالبصرة والحديث جاء أيضا عن الحسن، عند أبي داود من غير طريق قتادة، فقد أخرجه عنه من طريق ا لمعلى بن زياد، وهشام بن حسان عنه، وهما ضعيفان، قال يحيى: ليس بشيء ولا يكتب » : قال ابن الجوزي في المعلى بن زياد .(٤)« حديثه، وقال ابن عدي: لا أرى بروايته بأسا وأنت تدري أن الجارح مقدم على الموثق، وأما هشام بن حسان، فقد وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال، لأنه قيل كان » : قال الحافظ ابن حجر .(٥)« يرسل عنهما دعانا النبي ژ » : قال ƒ واستدلوا أيضا بما روي عن عبادة بن الصامت . ١) الثقات، ج ٥، ص ٣٢٢ ) . ٢) تهذيب التهذيب، ج ٢، ص ٢٣١ ) ٣) تقريب التهذيب، تقريب التهذيب، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، ) ص ١٦٠ ، دار الرشيد، سوريا، ١٤٠٦ ه/ ١٩٨٦ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمد عوامة. . ٤) الضعفاء والمتروكين، ج ٣، ص ١٣١ ) . ٥) تقريب التهذيب، ص ٥٧٢ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٢٥ فبايعناه، فقال: فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا .(١)« كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان ووجه استدلالهم به أن عصيان من ولي الأمر لا يجوز، إلا إن كان مرتكبا كفرا بواحا، وهو ما يخرجه من ملة ا لإسلام. وجوابه: أن الكفر أعم من أن يكون كفر ملة مخرجا من الملة، أو كفر نعمة يصدق على من ركب معصية وأصر عليها، فإن الكفر لغة: بمعنى F JIHG ﴿ : التغطية، ومنه قوله تعالى ،[ ﴾ [الحديد: ٢٠ فإن المراد بالكفار فيه الزراع، لأنهم يكفرون البذر بما يغطونه به من التراب، ومن شواهده قول لبيد: ها مُام غَ جوم اُلن رَ فَ كَ ة يَل يَ ل ف ر وات تَ مُ ها تن مَ ة رَيق طَ علو ي ومن لم يقابل نعمة المنعم بما تستحقه من الشكر فقد كفرها، فلذلك كان الكفر نقيض الشكر، لأن الشاكر مظهر للنعمة بقيامه بحقها، ونعمة الله تعالى إنما يتحقق شكرها بتسخيرها في طاعته، ومن استخدمها في معصيته والكفر: كفر النعمة، وهو نقيض الشكر. » :« اللسان » فقد كفرها، قال في .(٢)« والكفر: جحود النعمة، وهو ضد ا لشكر Å ÉÈÇÆ ﴿ : ودليل ذلك من الكتاب قوله تعالى ËÊ > A@? = ﴿ : ﴾ [الإنسان: ٣]، وقوله HGFEDCB ﴾ [إبراهيم: ٧]، وقوله في قصة p |{zyxwvutsrq ﴿ : سليمان 8 .( ١٤٧١ رقم ١٧٠٩ / ٢٥٨٩ رقم ٦٦٤٧ )، ومسلم ( ٣ / ١) أخرجه البخاري ( ٦ ) . ٢) لسان العرب، ج ٥، ص ١٤٤ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٢٦ ¡ ¦¥¤£¢ {~ے ﴾ [النمل: ٤٠ ]، فقد دلت هذه الآيات الكريمة على أن الكفر والشكر نقيضان، فمن لم يكن شاكرا فهو كافر ولا منزلة بينهما، والشكر لا يكون إلا بأداء حق المنعم من الطاعة وعدم الشكر: مقابلة النعمة بالقول » :« اللسان » استخدام نعمته في عصيانه، قال في والفعل والنية، فيثني على المنعم بلسانه ويذيب نفسه في طاعته ويعتقد أنه ١)، ومن شواهد ذلك قول ا لشاعر: )« موليها أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير ا لمحجبا  Á À ﴿ : كما استدل على أن العمل من الشكر بقوله تعالى سبأ: ١٣ ]، ودل على أن ترك طاعته تعالى كفر كثير من النصوص ] ﴾ à N XWVUTSRQPO ﴿ : القرآنية، منها قوله آل عمران: ٣٢ ]، وقوله: ﴿ { | ] ﴾ Y ~ے ¢£¤ ¡ t u ﴿ : آل عمران: ٩٧ ]، وقوله ] ﴾ ®¬ ¨ «ª© §¦¥ |{zyxwv ﴾ [المائدة: ٤٤ ]، وهو في ذلك كله ليس كفرا مليا، فلا يخرج المتلبس به من ملة الإسلام، وإنما هو ظالم لنفسه كافر بنعمة ربه مستحق لوعيده، يصدق عليه وصف الفسوق والضلال، وقد حكى صاحب المنار عن شيخه الإمام محمد عبده، أنه حمل على ذلك قوله gfedcb a ` ﴿ : تعالى tsrqponmlkjih النساء: ١٨ ]، كما قرر أنه مذهب جماعة من العلماء ] ﴾ xwvu الأعلام، وذلك في قوله: واختار شيخنا أن المراد بالكفر هنا: ما هو دون الشرك، وعدم تصديق » . ١) المصدر السابق، ج ٤، ص ٤٢٥ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٢٧ دعوة النبوة، وهو استعمال معروف في القرآن، وصرح به بعض العلماء الأعلام، وقالوا: إنه يوجد كفر دون كفر، وبه فسر أبو حامد الغزالي الحديث لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين » : الصحيح .( اه( ٢ .«(١)« يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن وقد تعزز إطلاق الكافر على ما دون المشرك، بكثير من نصوص الصلاة على موتى أهل القبلة، المقرين » : الحديث الشريف، منها قوله ژ .(٣)« بالله ورسوله واليوم الآخر، واجبة، فمن تركها فقد كفر . (٤)« لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض » : ! وقوله ،٧٧/ ٤١٦ ، رقم ١٣٦٨٦ )، ومسلم ( ١ / ١) أخرجه من طريق أبي هريرة عبد الرزاق ( ٧ ) ١٥ ، رقم ٢٦٢٥ ) وقال: حسن / ٢٢١ ، رقم ٤٦٨٩ )، والترمذي ( ٥ / رقم ٥٧ )، وأبو داود ( ٤ ٢٤٩٧ ، رقم ٦٤٢٥ )، وابن / ٤٧٩ ، رقم ١٠٢٢٠ )، والبخاري ( ٦ / صحيح غريب. وأحمد ( ٢ ٢٦٠ ، رقم ٤٤١٢ ) وأخرجه من طريق أبي سعيد أخرجه عبد بن حميد / حبان ( ١٠ ٢٧٤ )، ومن طريق أم المؤمنين عائشة # ذكره / (ص ٢٨٨ ، رقم ٩١٩ )، والحكيم ( ١ .(٢٦٩/ الحكيم ( ١ . ٢) تفسير المنار، ج ٤، ص ٣٦٩ ) .( ٣) أخرجه الربيع، (ص ٢٩٧ رقم ٧٧٧ ) ٤) أخرجه من طريق أبي زرعة بن عمرو: الطيالسي (ص ٩٢ ، رقم ٦٦٤ )، وابن أبي شيبة ) ،( ٥٦ ، رقم ١٢١ / ٣٦٣ ، رقم ١٩٢٣٧ )، والبخاري ( ١ / ٤٥٥ ، رقم ٣٧١٧٦ )، وأحمد ( ٤ /٧) ،١٣٠٠/ ١٢٧ ، رقم ٤١٣١ )، وابن ماجه ( ٢ / ٨١ ، رقم ٦٥ )، والنسائي ( ٧ / ومسلم ( ١ ،( ٢٦٨ ، رقم ٥٩٤٠ / ٩٥ ، رقم ١٩٢١ )، وابن حبان ( ١٣ / رقم ٣٩٤٢ )، والدارمي ( ٢ ،٨٥/ ٤٥٥ ، رقم ٣٧١٧٤ )، وأحمد ( ٢ / وأخرجه من طريق ابن عمر: ابن أبي شيبة ( ٧ ،( ٢٢١ ، رقم ٤٦٨٦ / ٢٥١٨ ، رقم ٦٤٧٤ )، وأبو داود ( ٤ / رقم ٥٥٧٨ )، والبخاري ( ٦ ١٣٠٠ ، رقم ٣٩٤٣ )، ومن طريق أبي / ١٢٦ ، رقم ٤١٢٥ )، وابن ماجه ( ٢ / والنسائي ( ٧ ١٢٧ ، رقم ٤١٣٠ )، ومن / ٢٥٩٣ ، رقم ٦٦٦٧ )، والنسائي ( ٧ / بكرة: أخرجه البخاري ( ٦ ،٤٨٦/ ٦١٩ ، رقم ١٦٥٢ )، والترمذي ( ٤ / طريق ابن عباس: أخرجه البخاري ( ٢ = ،٣٧/ رقم ٢١٩٣ ) وقال: حسن صحيح، ومن طريق أبي سعيد: أخرجه الطبراني ( ٦ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٢٨ أريت النار، فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن. قيل: أيكفرن » : وقوله ژ بالله؟ قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان إن أحسنت إلى إحداهن الدهر .( ١)« ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيرا قط ِ ث وقوله: » في والطعن النياحة، كفر: بهم وهما الناس، في ان تَ نْ « ٢) النسب ) . .(٣)« العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر » : وقوله ليس بين «: ٤) وفي لفظ ).« ليس بين العبد والكفر إلا تركه الصلاة » : وقوله بين العبد وبين الكفر » : ٥) وفي آخر ).« العبد وبين الكفر إلا أن يدع صلاة مكتوبة لا ترغبن » : ٧)، وقوله )« سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر » : ٦)، وقوله )« ترك الصلاة ١٣٧ ، رقم ٧٦١٩ )، ومن طريق / = رقم ٥٤٤٢ )، ومن طريق أبي أمامة: أخرجه الطبراني ( ٨ .( ١٥٥ ، رقم ١٠٣٠١ / ٤٠٢ ، رقم ٣٨١٥ )، والطبراني ( ١٠ / ابن مسعود: أخرجه أحمد ( ١ ،٦٢٦/ ١٩ ، رقم ٢٩ )، ومسلم ( ٢ / ١٨٦ ، رقم ٤٤٥ ) والبخاري ( ١ / ١) أخرجه مالك ( ١ ) رقم ٩٠٧ ) من طريق ابن عباس. ، ٢) ينظر: المنة الكبرى شرح وتخريج السنن الصغرى، محمد ضياء الرحمن الأعظمي، ج ٣ ) ص ١٠٧ مكتبة الرشد، الرياض، ١٤٢٢ ه. ٣٤٦ ، رقم ٢٢٩٨٧ )، والترمذي / ١٦٧ ، رقم ٣٠٣٩٦ )، وأحمد ( ٥ / ٣) أخرجه ابن أبي شيبة ( ٦ ) ٢٣١ ، رقم ٤٦٣ )، وابن / ١٣ ، رقم ٢٦٢١ )، وقال: حسن صحيح غريب. والنسائي ( ١ /٥) ،٤٨/ ٣٠٥ ، رقم ١٤٥٤ )، والحاكم ( ١ / ٣٤٢ ، رقم ١٠٧٩ )، وابن حبان ( ٤ / ماجه ( ١ ٣٦٦ ، رقم ٦٢٩١ ). وأخرجه أيضا: ابن أبي / رقم ١١ )، وقال: صحيح الإسناد. والبيهقي ( ٣ ،( ٩٢ ، رقم ٤٢٥٧ / ٥٢ )، والديلمي ( ٣ / ١٦٧ ، رقم ٣٠٣٩٦ )، والدارقطني ( ٢ / شيبة ( ٦ ٨٧٩ ، رقم ٨٩٦ )، وعبد الله بن أحمد في السنة / والمروزي في تعظيم قدر الصلاة ( ٢ ٣٩٥ ): قال العراقي: حديث صحيح. / ٣٥٨ ، رقم ٧٦٩ ) قال المناوي ( ٤ /١) .( ٤) أخرجه الربيع ( ١٢٥ رقم ٣٠٣ ) ١٢٤/ ٥) أخرجه عبد بن حميد (ص ٣١٨ ، رقم ١٠٤٣ )، وعبد الرزاق في مصنفه ( ٣ ) .( رقم ٥٠٠٦ .( ٣٨٩ ، رقم ١٥٢٢١ / ١٦٧ ، رقم ٣٠٣٩٤ ) وأحمد ( ٣ / ٦) أخرجه ابن أبي شيبة ( ٦ ) = ،( ٢٧ ، رقم ٤٨ / ٣٨٥ ، رقم ٣٦٤٧ )، والبخاري ( ١ / ٧) أخرجه أحمد من طريق ابن مسعود ( ١ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٢٩ ليس من رجل ادعى لغير » : ١)، وقوله )« عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه فهو كفر أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى ما ليس له فليس منا، وليتبوأ مقعده من النار، ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه، ولا يرمي رجل .(٢)« رجلا بالفسق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك وهو الذي عول عليه حذاق الشراح للحديث الذي نحن بصدده في فقد قال الإمام النووي في شرحه ،« إلا أن تروا كفرا بواحا » : شرح قوله ژ والمراد بالكفر هنا المعاصي، ومعنى عندكم من الله فيه » : على صحيح مسلم .(٣)« برهان أي تعلمونه من دين الله تعالى وقد حكاه عنه العلامة السيد محمد رشيد رضا في تفسيره المنار، ثم .« ومثله كثير » : قال ٣٥٣ ، رقم ١٩٨٣ ) وقال: حسن صحيح. / ٨١ ، رقم ٦٤ )، والترمذي ( ٤ / = ومسلم ( ١ ،٢٦٥/ ٢٧ ، رقم ٦٩ ). وابن حبان ( ١٣ / ١٢٢ ، رقم ٤١٠٨ )، وابن ماجه ( ١ / والنسائي ( ٧ ٥٨ ، رقم ١٠٤ )، ومن طريق أبي هريرة: أخرجه أبو نعيم في / رقم ٥٩٣٩ )، والحميدي ( ١ ،١٢٩٩/ ٣٧٩ ، رقم ٤٠٠ )، وابن ماجه ( ٢ / ٣٥٩ ). وإسحاق ابن راهويه ( ١ / الحلية ( ٨ ١٦٦ ): هذا إسناد حسن، ومن طريق سعد: أخرجه ابن / رقم ٣٩٤٠ ) قال البوصيري ( ٤ ١٦٦ ): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. / ١٣٠٠ ، رقم ٣٩٤١ )، قال البوصيري ( ٤ / ماجه ( ٢ ١٣ ، رقم ١١٧٢ )، والبخاري في الأدب المفرد (ص ١٥٤ ، رقم ٤٢٩ )، ومن / والبزار ( ٤ ٢٢٣ ، رقم ٧٣٤ ) قال / طريق عبد الله بن مغفل: أخرجه أيضا: الطبراني في الأوسط ( ١ ٧٣ ): فيه كثير بن يحيى وهو ضعيف، ومن طريق عمرو بن النعمان: أخرجه / الهيثمي ( ٨ ٧٣ ): رجاله رجال الصحيح غير أبي خالد / ٣٩ ، رقم ٨٠ ) قال الهيثمي ( ٨ / الطبراني ( ١٧ .( الوالبي وهو ثقة. وابن أبي الدنيا في الصمت (ص ٢٧٠ ، رقم ٥٩٠ ٨٠ ، رقم ٦٢ ) من طريق أبي هريرة. / ٢٤٨٥ ، رقم ٦٣٨٦ )، ومسلم ( ١ / ١) أخرجه البخاري ( ٦ ) ١٢٩٢ ، رقم ٣٣١٧ )، ومسلم / ١٦٦ ، رقم ٢١٥٠٣ )، والبخاري ( ٣ / ٢) أخرجه أحمد ( ٥ ) ٧٩ ، رقم ٦١ ) من طريق أبي ذر. /١) ٣) صحيح مسلم بشرح النووي، أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي، (ت: ٦٧٦ ه)، ) ج ١٢ ، ص ٢٢٩ ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ١٣٩٢ ، الطبعة ا لثانية. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٣٠ وظاهر الحديث أن منازعة الإمام الحق في إمامته لنزعها » : ثم قال منه لا يجب، إلا إذا كفر كفرا ظاهرا، وكذا عماله وولاته، وأما الظلم والمعاصي فيجب إرجاعه عنها، مع بقاء إمامته وطاعته في المعروف دون المنكر، وإلا خلع ونصب غيره. ومن هذا الباب خروج الإمام الحسين سبط الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على إمام الجور والبغي الذي ولي أمر المسلمين بالقوة والمكر، يزيد ابن معاوية خذله الله وخذل من انتصر له من الكرامية والنواصب؛ الذين لا يزالون يستحبون عبادة الملوك الظالمين على مجاهدتهم لإقامة العدل .« والدين وقد صار رأي الأمم الغالب في هذا العصر وجوب الخروج » : وقال بعده .(١)« على الملوك المستبدين ا لمفسدين إلا أن يكون معصية لله » : ويتعزز تفسير الكفر بالمعاصي، بأنه جاء بلفظ ووقع في رواية حيان أبي النضر المذكورة » : قال الحافظ ابن حجر ،« بواحا ٢)، وعند أحمد من طريق عمير بن هانئ عن )« إلا أن يكون معصية لله بواحا » ٣)، وفي رواية إسماعيل بن عبيد عند أحمد )« ما لم يأمروك بإثم بواحا » جنادة سيلي أموركم من بعدي » : والطبراني والحاكم من روايته عن أبيه عن عبادة رجال، يعرفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن ٤)، وعند أبي بكر بن أبي شيبة، من طريق أزهر بن عبد الله، عن )« عصى الله . ١) تفسير المنار، ج ٦، ص ٣٠٤ ) .( ٤٢٨ ، رقم ٤٥٦٦ / ٢) أخرجه ابن حبان ( ١٠ ) .( ٣٢١ رقم ٢٢٧٨٩ / ٣) أخرجه أحمد ( ٥ ) ٤٠١ ، رقم ٥٥٢٨ ) وقال: صحيح الإسناد. وأخرجه أيضا: أحمد / ٤) أخرجه الحاكم ( ٣ ) .( ١٩٠ ، رقم ٢٨٩٤ / ٣٢٥ ، رقم ٢٢٨٢١ )، والطبراني في الاوسط ( ٣ /٥) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٣١ سيكون عليكم أمراء، يأمرونكم بما لا تعرفون، ويفعلون ما » عبادة، رفعه .(٢)«(١)« تنكرون، فليس لأولئك عليكم طاعة فإن أمر بمعصية فلا تجوز طاعته في تلك » : وقال أبو العباس القرطبي المعصية قولا واحدا، ثم إن كانت تلك المعصية كفرا: وجب خلعه على المسلمين كلهم. وكذلك: لو ترك إقامة قاعدة من قواعد الدين، كإقام الصلاة، وصوم رمضان، وإقامة الحدود، ومنع من ذلك. وكذلك لو أباح شرب الخمر، والزنى، ولم يمنع منهما، لا يختلف في وجوب خلعه. فأما لو ابتدع .(٣)« بدعة، ودعا الناس إليها؛ فالجمهور: على أنه يخلع وحمل ابن حزم ما دل من الروايات على منع القيام على الجائر على أنه وأما الأحاديث، فقد » : منسوخ بالروايات الدالة على خلافه، وذلك في قوله من رأى منكم منكرا فليغيره بيده إن استطاع، فإن لم » : صح عن رسول ا لله ژ يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان، ليس وراء ذلك لا طاعة في معصية، إنما » : ٤)، وصح عن رسول الله ژ )« من الإيمان شيء الطاعة في الطاعة وعلى أحدكم السمع والطاعة ما لم يؤمر بمعصية، فإن أمر .( ٤٦٩ ، رقم ٣٧٢٩٦ / ١) أخرجه ابن أبي شيبة ( ٧ ) ٢) فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني ) الشافعي، (ت: ٨٥٢ ه)، ج ١٣ ، ص ٨، دار المعرفة، بيروت، تحقيق: محب الدين ا لخطيب. ٣) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ج ١٢ ، ص ٨٩ ، ا لشاملة. ) ٤٩ ، رقم ١١٤٧٨ )، وعبد بن حميد / ٤) أخرجه الطيالسي (ص ٢٩٢ ، رقم ٢١٩٦ )، وأحمد ( ٣ ) ،( ٢٩٦ ، رقم ١١٤٠ / ٦٩ ، رقم ٤٩ ) وأبو داود ( ١ / (ص ٢٨٤ ، رقم ٩٠٦ ) ومسلم ( ١ ،( ١١١ ، رقم ٥٠٠٨ / ٤٦٩ ، رقم ٢١٧٢ ) وقال: حسن صحيح. والنسائي ( ٨ / والترمذي ( ٤ ٥٤١ ، رقم ٣٠٧ ). وأخرجه أيضا: / ١٣٣٠ ، رقم ٤٠١٣ )، وابن حبان ( ١ / وابن ماجه ( ٢ ٩٠ ، رقم ١٩٩٦٦ )، وأبو نعيم في الحلية / ٢٨٩ ، رقم ١٠٠٩ )، والبيهقي ( ١٠ / أبو يعلى ( ٢ .(٢٨/١٠) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٣٢ من قتل دون ماله فهو شهيد، » : ١)، وأنه 8 قال )« بمعصية فلا سمع ولا طاعة لتأمرن » : ٢)، وقال 8 )« والمقتول دون دينه شهيد، والمقتول دون مظلمة شهيد عند « لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف » ١) لم أجده بهذا اللفظ، وإنما بلفظ ) ،١٥٧٧/ ٥٤٣ ، رقم ٣٣٧٠٦ )، والبخاري ( ٤ / ٨٢ ، رقم ٦٢٢ )، وابن أبي شيبة ( ٦ / أحمد ( ١ ٤٠ ، رقم ٢٦٢٥ )، والنسائي / ١٤٦٩ ، رقم ١٨٤٠ )، وأبو داود ( ٣ / رقم ٤٠٨٥ )، ومسلم ( ٣ ،٤٠٥/ ٣٠٩ ، رقم ٣٧٨ )، وأبو عوانة ( ٤ / ١٥٩ ، رقم ٤٢٠٥ )، وأبو يعلى ( ١ /٧) .( ٤٢٩ ، رقم ٤٥٦٧ / رقم ٧١١٢ )، وابن حبان ( ١٠ من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو » : ٢) لم أجده بهذا اللفظ، ولفظ الحديث ) أخرجه عبد الرزاق « شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد ، ١٩٠ ، رقم ١٦٥٢ )، وعبد ابن حميد (ص ٦٦ / ١١٤ ، رقم ١٨٥٦٥ )، وأحمد ( ١ /١٠) ٣٠ ، رقم ١٤٢١ ) وقال: حسن / ٢٤٦ ، رقم ٤٧٧٢ )، والترمذي ( ٤ / رقم ١٠٦ )، وأبو داود ( ٤ ٢٤٨ ، رقم ٩٤٩ )، والبيهقي / ١١٦ ، رقم ٤٠٩٥ )، وأبو يعلى ( ٢ / صحيح. والنسائي ( ٧ ٢٩٢ ، رقم ١٠٩٢ ) وقال: إسناده حسن. / ٢٦٦ ، رقم ٥٨٥٨ )، والضياء ( ٣ /٣) فقد روي من طرق عديدة، فروي عن أنس « من قتل دون ماله فهو شهيد » : وأما قوله ژ ،١١٦/ ٢٨٤ ، رقم ٢٢٩٩ ). ومن طريق علقمة: أخرجه النسائي ( ٧ / عند الضياء ( ٦ ١١٦ ، رقم ٤٠٩٣ )، وذكر أن / رقم ٤٠٩٣ )، ومن طريق أبي جعفر المرسل عند النسائي ( ٧ الموصول خطأ والصواب المرسل، ومن طريق عبد الله بن عمرو: أخرجه عبد الرزاق ،٨٧٧/ ٢٢٣ ، رقم ٧٠٨٤ )، والبخاري ( ٢ / ١١٣ ، رقم ١٨٥٦٢ )، وأحمد ( ٢ /١٠) ٢٩ ، رقم ١٤١٩ ). وأخرجه / ١٢٤ ، رقم ١٤١ )، والترمذي ( ٤ / رقم ٢٣٤٨ )، ومسلم ( ١ ١١٥ ، رقم ٤٠٨٧ ). ومن طريق شداد بن أوس: أخرجه الطبراني / أيضا: النسائي ( ٧ ٢٤٥ ): فيه قزعة بن سويد، وثقه ابن /٦) ،(١٧٦/ ٢٩٢ ، رقم ٧١٧٠ ). قال الهيثمي ( ٤ /٧) معين في رواية، وابن عدى، وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات. ومن طريق أبي هريرة: ،٢٠١/ ٣٢٩ ). ومن طريق ابن مسعود: أخرجه الطبراني ( ١٠ / أخرجه الخطيب ( ٢ ٢٤٤ ): فيه عبيد بن محمد المحارمى وهو ضعيف. ومن / رقم ١٠٤٦٣ ). قال الهيثمي ( ٦ ١١٦ ، رقم ١٨٥٦٩ ). ومن طريق السيد / طريق عمر بن عبد العزيز: أخرجه عبد الرزاق ( ١٠ ٥٩٠ ). ومن طريق علي بن أبي طالب: أخرجه أبو يعلى ،٧٨/ الحسين: أخرجه أحمد ( ١ ٧٨ ، رقم ٥٩٠ ). ومن طريق سعيد بن / ١٤٦ رقم ٦٧٧٥ ). وأخرجه أيضا: أحمد ( ١ /١٢) ٨٦١ ، رقم ٢٥٨٠ )، وابن حبان / ٢٨ ، رقم ١٤١٨ )، وابن ماجه ( ٢ / زيد: أخرجه الترمذي ( ٤ = ١٥٢ ، رقم ٣٥٢ ). وأخرجه أيضا: الشافعى / ١١١ ، رقم ٤٧٩٠ )، والطبراني ( ١ /١١) = القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٣٣ ١)، فكان )« بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليعمنكم الله بعذاب من عنده ظاهر هذه الأخبار معارضا للآخر، فصح أن إحدى هاتين الجملتين ناسخة للأخرى، لا يمكن غير ذلك، فوجب النظر في أيهما هو الناسخ، فوجدنا تلك الأحاديث التي منها النهي عن القتال موافقة لمعهود الأصل، ولما كانت الحال فيه في أول الإسلام بلا شك، وكانت هذه الأحاديث الأخر واردة بشريعة زائدة وهي القتال، هذا ما لا شك فيه، فقد صح نسخ معنى تلك الأحاديث ورفع حكمها، حين نطقه 8 بهذه الأخر بلا شك، فمن المحال المحرم أن يؤخذ بالمنسوخ ويترك الناسخ، وأن يؤخذ الشك ويترك اليقين، ومن ادعى أن هذه الأخبار بعد أن كانت هي الناسخة فعادت منسوخة فقد ادعى الباطل، وقفا ما لا علم له به، فقال على الله ما لم يعلم، وهذا لا يحل، ولو كان هذا لما أخلى ا لله 8 هذا الحكم عن دليل وبرهان يبين به رجوع ،[ النحل: ٨٩ ] ﴾ DCB ﴿ : المنسوخ ناسخا لقوله تعالى في القرآن nmlkji ﴿ : وبرهان آخر وهو أن الله 8 قال الحجرات: ٩]، لم ] ﴾ zyxwvutsrqpo يختلف مسلمان في أن هذه الآية التي فيها فرض قتال الفئة الباغية محكمة غير منسوخة، فصح أنها الحاكمة في تلك الأحاديث، فما كان موافقا لهذه ٢٢٣ ). ومن طريق جابر: / ٢٤٦ ، رقم ٤٧٧٢ )، وابن عساكر ( ٥ / ٣١٣ )، وأبو داود ( ٤ /١) ،(٢٨٨/ ٢١٧ ). ومن طريق سويد بن مقرن: أخرجه ابن عساكر ( ٢١ / أخرجه الخطيب ( ١١ ٢٤٨ ). وأخرجه أيضا: ابن / ومن طريق ابن الزبير وابن كريز معا: أخرجه ابن عساكر ( ٢٩ ١٢٥ )، والطبراني في الأوسط / ٤٠٨ رقم ٥٦٧ )، وابن قانع ( ٢ / أبي عاصم في الآحاد ( ١ ٢٤٥ ): رواه عنهما / ٧٤١ ، رقم ٦٦٩٧ ). قال الهيثمي ( ٦ / ٩٣ ، رقم ٨٠٦٩ )، والحاكم ( ٣ /٨) الطبراني في الأوسط، ورواه الكبير، عن ابن الزبير وحده. وكذلك رواه البزار، وفيه عبد الله ابن مصعب الزبيري، وهو ضعيف. .( ٧، رقم ٣٠ / ١) أخرجه أحمد ( ١ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٣٤ .( اه( ١ .« الآية فهو الناسخ الثابت، وما كان مخالفا لها فهو المنسوخ ا لمرفوع قلت: من الواضح بداهة أن الإسلام الحنيف جاء بالشريعة العادلة السمحة، التي تعطي كل أحد حقه وتنزل كل أمر منزله، وتبني حياة الأمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإحقاق الحق وإزهاق الباطل، ولكنه تدرج في تشريع أحكامه من الأدنى إلى الأعلى، فكان الملائم لحال الأمة في بداية أمرها وما كانت عليه من ضعف وقلة، وعدم اجتماع شتاتها، وائتلاف نظامها أن لا تحمل على الأشد في ذلك، حتى يستوسق أمرها ويقوى عضدها ويشتد ساعدها، كما هو واضح في عدم مشروعية القتال لها إلى أن كانت الهجرة، وولدت دولة الإسلام، ووقف على قدميه، فتسنى له أن يتحدى عدوه، ومن ناحية أخرى فإن في حمل الأمة على الصبر بادئ ذي بدء اختبارا لحالها، وترويضا لها على ممارسة أمرها بنفس طويل، حتى يتسنى لها التصدي لما يعنيها والتحدي لمن يناوئها، فتبين بهذا صواب ما ذهب إليه ابن حزم، من كون أدلة المنع سابقة منسوخة وما عداها متأخرا ناسخا، لأنه الملائم لروح ا لإسلام. ثم تعرض ابن حزم لدعوى من ادعى أن هذه الحجج، التي عدها ناسخة، إنما هي في اللصوص دون الجبابرة المتسلطين، وتعقبها بقوله: وهذا باطل متيقن، لأنه قول بلا برهان، وما يعجز مدع أن يدعي في » تلك الأحاديث أنها في قوم دون قوم وفي زمان دون زمان، والدعوى دون برهان لا تصح، وتخصيص النصوص بالدعوى لا يجوز، لأنه قول على الله تعالى بلا علم، وقد جاء عن رسول ا لله ژ أن سائلا سأله عن من طلب ماله قال: فإن ،« قاتله » : قال: فإن قاتلني؟ قال ،« لا تعطه » : بغير حق، فقال 8 . ١) الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج ٤، ص ١٣٤ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٣٥ ١) أو كلاما )« فأنت في ا لجنة » : قال: فإن قتلني؟ قال « إلى النار » : قتلته؟ قال المسلم أخو المسلم، لا يسلبه، ولا » : هذا معناه، وصح عنه 8 أنه قال من سألها على وجهها فليعطها، » : ٢)، وقد صح أنه 8 قال في الزكاة )« يظلمه ٣) وهذا خبر ثابت رويناه من طريق )« ومن سألها على غير وجهها فلا يعطها الثقات، عن أنس بن مالك، عن أبي بكر الصديق، عن رسول الله ژ ، وهذا يبطل تأويل من تأول أحاديث القتال عن المال على اللصوص، فإنهم لا يطلبون الزكاة، وإنما يطلبها السلطان، فاقتصر 8 معها إذا سألها على غير ما أمر به 8 ، ولو اجتمع أهل الحق ما قاواهم أهل الباطل، نسأل الله .( اه( ٤ .« المعونة والتوفيق وقد اشتد إنكار الشوكاني على الذين جمدوا على ظواهر هذه الروايات، فحكموا على خيار المسلمين بالبغي، لقيامهم على أئمة الجور الفسقة المجرمين، وهم لم يقوموا عليهم إلا إنكارا لجورهم، واستنكارا لطمسهم لا ينبغي لمسلم أن يحط » : معالم الإسلام، وانتهاكهم حرمه، فقال في ذلك على من خرج من السلف الصالح من العترة وغيرهم على أئمة الجور، فإنهم فعلوا ذلك باجتهاد منهم، وهم أتقى لله وأطوع لسنة رسول الله من جماعة ممن جاء بعدهم من أهل العلم، ولقد أفرط بعض أهل العلم ١) لم نجده. ) ٧١ ، رقم ٢٠٧٠٨ )، ومسلم / ٢٧٧ ، رقم ٧٧١٣ ) و( ٥ / ٢) روي بألفاظ متعددة عند أحمد ( ٢ ) .( ٩٢ ، رقم ١١٢٧٦ / ١٩٨٦ ، رقم ٢٥٦٤ )، والبيهقي ( ٦ /٤) ،٩٦/ ٥٢٧ ، رقم ١٣٨٦ )، وأبو داود ( ٢ / ١١ ، رقم ٧٢ )، والبخاري ( ٢ / ٣) أخرجه أحمد ( ١ ) ٩٤ ، رقم ٣٤٢ )، وابن / ١٨ ، رقم ٢٤٤٧ )، وابن الجارود ( ١ / رقم ١٥٦٧ ) والنسائي ( ٥ ،١١٣/ ٥٧ ، رقم ٣٢٦٦ )، والدارقطني ( ٢ / ١٤ ، رقم ٢٢٦١ )، وابن حبان ( ٨ / خزيمة ( ٤ .( ٨٥ ، رقم ٧٠٣٨ / ٥٤٨ ، رقم ١٤٤١ )، والبيهقي ( ٤ / رقم ٢)، والحاكم ( ١ . ٤) الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج ٤، ص ١٣٤ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٣٦ كالكرامية ومن وافقهم في الجمود على أحاديث الباب، حتى حكموا بأن وأرضاه باغ على الخمير السكير الهاتك لحرم الشريعة ƒ الحسين السبط المطهرة، يزيد بن معاوية، لعنهم الله، فيالله، العجب من مقالات تقشعر منها .( اه( ١ .« الجلود، ويتصدع من سماعها كل جلمود وأما دعوى الإجماع على وجوب الخضوع والطاعة للظلمة، فقد نقضها ابن حزم، بما يدل أن نهج السلف شاهد على خلافها، فإن مواقفهم وأقوالهم دالة على أن انحراف الإمام عن نهج الحق مسقط لحقه في وجوب الطاعة، وكل من معه من ƒ وهذا قول علي بن أبي طالب » :( قال في (الفصل الصحابة، وقول أم المؤمنين عائشة # وطلحة والزبير وكل من كان معهم من الصحابة، وقول معاوية وعمرو والنعمان بن بشير، وغيرهم ممن معهم من الصحابة @ أجمعين، وهو قول عبد الله بن الزبير، ومحمد والحسن بن علي، وبقية الصحابة من المهاجرين والأنصار، والقائمين يوم الحرة رضي الله عن جميعهم أجمعين، وقول كل من قام على الفاسق الحجاج ومن والاه من الصحابة @ جميعهم كأنس بن مالك، وكل من كان ممن ذكرنا من أفاضل التابعين كعبد الرحمن ابن أبي ليلى، وسعيد بن جبير، وابن البحتري الطائي، وعطاء السلمي الأزدي، والحسن البصري، ومالك بن دينار، ومسلم بن بشار، وأبي الحوراء، والشعبي، وعبد الله بن غالب، وعقبة ابن عبد الغافر، وعقبة بن صهبان، وماهان، والمطرف بن المغيرة بن شعبة، وأبي المعد، وحنظلة ابن عبد الله، وأبي إسحاق الهنائي، وطلق بن حبيب، والمطرف بن عبد الله بن الشخير، والنصر بن أنس، وعطاء بن السائب، وإبراهيم ابن يزيد التيمي، وأبي الحوسا، وجبلة بن زحر، وغيرهم، ثم من ١) نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار، محمد بن علي بن محمد ) الشوكاني، (ت: ١٢٥٥ ه)، ج ٧، ص ٣٦٢ ، دار الجيل، بيروت، ١٩٧٣ م. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٣٧ بعد هؤلاء من تابعي التابعين، ومن بعدهم، كعبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر، وكعبد الله ابن عمر ومحمد بن عجلان، ومن خرج مع محمد بن عبد الله بن الحسن، وهاشم بن بشر، ومطر ومن خرج مع إبراهيم بن عبد الله، وهو الذي تدل عليه أقوال الفقهاء كأبي حنيفة، والحسن بن حيي، وشريك ومالك والشافعي وداود وأصحابهم، فإن كل من ذكرنا من قديم وحديث إما ناطق بذلك في فتواه، وإما فاعل لذلك بسل ( اه( ١ .« سيفه في إنكار ما رآه منكرا . رهم أحق بالكفر منهم،  عن ابن مجاهد البصري الطائي أنه ادعى « مراتب الإجماع » وذكر في الإجماع على عدم الخروج على أئمة الجور، وتعقبه بقوله: فاستعظمت ذلك، ولعمري إنه عظيم أن يكون قد علم أن مخالف » الإجماع كافر فيلقي هذا إلى الناس، وقد علم أن أفاضل الصحابة وبقية الناس يوم الحرة خرجوا على يزيد بن معاوية، وأن ابن الزبير ومن اتبعه من خيار المسلمين خرجوا عليه أيضا، رضي الله عن الخارجين عليه، ولعن قتلتهم، وأن الحسن البصري، وأكابر التابعين خرجوا على الحجاج بسيوفهم، أترى هؤلاء كفروا؟!! بل والله من كف  ولعمري لو كان اختلافا يخفى لعذرناه، ولكنه أمر مشهور، يعرفه أكثر العوام في الأسواق، والمخد رات في خدورهن لاشتهاره، فلقد يحق على المرء أن يخطم كلامه وأن يزمه إلا بعد تحقيق وميز، وأن يعلم أن الله تعالى بالمرصاد، وأن كلامه محسوب مكتوب، مسئول عنه يوم القيامة، وعن كل ( اه( ٢ .« تابع له، إلى آخر من اتبعه عليه وزره . . ١) الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج ٤، ص ١٣٤ ) ٢) مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ) الظاهري أبو محمد، (ت: ٤٥٦ ه)، ص ١٧٨ ، دار الكتب العلمية، بيروت. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٣٨ ونقل ما قاله في (الفصل) الأستاذ إبراهيم العسعس أبو الهدى، وأتبعه والعجب بعد هذا البيان ممن يلقب القائلين بجواز الخروج بالخوارج!! » : قوله تشويها لسمعتهم وتنفيرا عنهم، وهو فعل باطل وقياس فاسد، يدل إما على جهل وإما على فساد طوية، فليختر القائل بهذا أحلاهما إليه!! إلى أن قال: أما إن كانوا خوارج لأنهم يرون الخروج على الحاكم المتسلط الظالم فأكرم بها من تهمة، وما الضير في تبني قول الخوارج إن كان قولهم موافقا .(١)«!!؟ للدليل، فكيف إذا كان قولهم موافقا لقول جمهور السلف أيضا وقد أوضح الحافظ ابن حجر أن السلف كانوا يرون الخروج على الظلمة، وإنما ترك من بعد ذلك خشية أن ينفتح من أبواب الشرور ما هو وهذا مذهب للسلف قديم، » : أنكى وأشد على الأمة، فقد ذكر الخروج وقال لكن استقر الأمر على ترك ذلك، لما رأوه قد أفضى إلى أشد منه، ففي وقعة .(٢)« الحرة ووقعة بن الأشعث وغيرهما عظة لمن تدبر وأنت، إن استقريت ما كان عليه الصحابة والتابعون، وما جرى عليه العلماء المحققون المتحررون من العصبية للباطل والتقليد الأعمى، تدرك بلا ريب أن نهجهم كان على خلاف هذا الإجماع المزعوم، الذي يعزز جور الجورة وبطش الظالمين ومكر أكابر المجرمين، بتسويغ إجرامهم في الأمة وحرمان الأمة من انتزاع حقوقها منهم، ناهيك أن الله سبحانه بين أن مكرهم ¢ §¦¥¤£ ﴿ : لا ينقلب إلا عليهم، إذ قال ¨ «ª© ¬¯® °²± ﴾ [الأنعام: ١٢٣ ]، فأنى يكون شرعه المحكم معززا لإجرامهم! وخاذلا لأهل الصلاح والتقوى عن دفعه ودحره؟!! . ٢٩ - ١) الأمة والسلطة، ص ٢٨ ) . ٢) تهذيب التهذيب، ج ٢، ص ٢٥٠ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٣٩ على أن القرآن الكريم واضح في كون فسادهم إن لم يقبض على أيديهم ويردعوا عنه هو الذي يترتب عليه هلاك الأمم ودمار الأمصار، فقد Á ÌËÊÉÈÇÆÅÄà﴿ : قال تعالى .[ الإسراء: ١٦ ] ﴾ÎÍ كما أنه واضح في عدم استواء البررة والفجرة في الأحكام، فقد قال 4 <;: تعالى: ﴿ 98765 => @? μ ¶ ´³²± ﴿ : ﴾ [ص: ٢٨ ]، وقال ÂÁÀ¿ ¾½¼»º¹¸ Äà ÂÁÀ¿¾ ﴿ : الجاثية: ٢١ ]، وقال ] ﴾ à ٣٦ ]، فلا يستوون في أحكام الدنيا، كما أنهم لا يستوون - القلم: ٣٥ ] ﴾ Å في المآل الأخروي، ولكل مقامه وقدره وحكمه. ٣ رد الروايات ولو صحت أسانيدها عندما تتعارض مع هذه ا لسياسة: انتهى الأمر ببعض الأئمة إلى رسوخ هذا الفكر في أذهانهم، واستيلائه على ألبابهم، حتى تجرأوا أن يردوا الروايات، ولو ثبتت أسانيدها، عندما تعارض موقفهم هذا من الظلمة، بل إلى شطبها رأسا حتى لا يبقى لها أثر؛ فهذا ابن حنبل اعترض على حديث أبي هريرة عن النبي ژ ، أنه قال: يهلك أمتي هذا الحي من قريش، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: لو أن » ١)، مع أنه ثابت عند الشيخين وغيرهما، بل رواه أحمد )« الناس اعتزلوهم نفسه؛ فقد قال ابنه عبد الله قال أبي في مرضه الذي مات فيه: اضرب على اسمعوا » : هذا الحديث، فإنه خلاف الأحاديث عن ا لنبي ژ ، يعني قوله ١٣١٩ ، رقم ٣٤٠٩ )، ومسلم / ٣٠١ ، رقم ٧٩٩٢ )، والبخاري ( ٣ / ١) أخرجه أحمد ( ٢ ) .( ٢٢٣٦ ، رقم ٢٩١٧ /٤) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٤٠ ومثله إنكاره حديث ابن مسعود: أن رسول الله ژ قال: ،« وأطيعوا واصبروا ما من نبي، بعثه الله في أمة قبلي، إلا كان له من أمته حواريون، وأصحاب » يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك ١)؛ وهو عند مسلم وغيره، فقد حكى عنه النووي، )« من الإيمان حبة خردل هذا الحديث غير محفوظ، قال: وهذا الكلام لا يشبه كلام بن » : أنه قال هذا، وأنت تدري أن « اصبروا حتى تلقوني » : مسعود، وابن مسعود يقول الحديثين لا غبار عليهما، فهما يعتضدان بنصوص القرآن الدالة على وجوب تغيير المنكر، ويتفقان مع روح الإسلام، الذي يأبى أن يقر أتباعه المنكر ممن كان، كما يدل على صحتهما منهج ا لصحابة @ ، وقيامهم على الظلمة كما فعلوا في الحرة وغيرها، وليس إنكارهما إلا ناشئا من تغلغل الفكر الذي رسخ في حياة الأمة، بتأثير السياسة الأموية عليها، وأنت تدري أن   سياسة البشر يجب أن تحاكم إلى القرآن والسنة، لا أن يحاكما إليها. ومما هو واضح بداهة، أن هذا منهج اختطه الأمويون في نقد الروايات وردها عندما تعاكس سياستهم، ودليل ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه، قال: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب عن الزهري، قال: كان محمد ابن جبير بن مطعم يحدث: أنه بلغ معاوية وهو عنده في وفد من قريش أن عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث أنه سيكون ملك من قحطان، فغضب معاوية، فقام فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد؛ فإنه بلغني أن رجالا منكم يتحدثون أحاديث، ليست في كتاب الله تعالى، ولا تؤثر عن ،٩٠/ ٦٩ ، رقم ٥٠ ). والبيهقي ( ١٠ / ٤٥٨ ، رقم ٤٣٧٩ )، ومسلم ( ١ / ١) أخرجه أحمد ( ١ ) .( ٣٤٥ ، رقم ١٨٣ / رقم ١٩٩٦٥ )، وابن منده ( ١ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٤١ رسول الله ژ ؛ فأولئك جهالكم، فإياكم والأماني التي تضل أهلها، فإني إن هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلا » : سمعت رسول ا لله ژ يقول فتراه كيف سارع إلى إنكار هذه الرواية، ؛« كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين خشية أن تتهيأ النفوس لتقبل سلطة تخرج عن محيطه القبلي، كأنما الإسلام جاء ليعزز سلطة طائفة من البشر في الأرض، لا ليقيم سلطان الله فيها، X ^]\[ZY ﴿ : وتكون الحاكمية له! كما قال 8 `_ ﴾ ba [يوسف: ٤٠ ]، وهم بهذا يتجاهلون أن الناس سواسية بين يدي الله تعالى، لا يتفاضلون في موازين الحق إلا بالتقوى، لا بالأنساب والأحساب كما قال E QPONMLKJIHGF ﴿ : تعالى ZYXWVUTSR ﴾ [الحجرات: ١٣ ]؛ فليس بين الله تعالى وبين أحد من خلقه نسب، ولا بينه وبينهم سبب إلا التقوى، على أن ما ذكره معاوية عن رسول ا لله ژ إن صح ليس بمجديهم شيئا؛ فإن بقاء  الأمر فيهم إنما هو مشروط بإقامتهم الدين، ولا يخفى على ذي دين وعقل أن بني أمية بدلوا الدين، منذ قيام معاوية على السلطة الشرعية، وانتزاع الأمر من الخليفة الشرعي وجعله ميراثا يتوارثه الفجرة، الذين نبذوا أحكام الله، وطمسوا معالم الحق، واتخذوا عباد الله خولا، وماله دولة بينهم؛ فليت شعري هل إصلاته السيوف على رقاب المهاجرين والأنصار، من أجل أن يقبلوا استخلافه يزيد مع علمه بعربدته وفجوره ؛ هو من إقامة الدين؟ وهل ما فعله يزيد بالمهاجرين والأنصار في دار الهجرة، وما انتهكه من حرم، هو من إقامة الدين؟ وهل قصف الكعبة المشرفة بالمجانيق هو من إقامة الدين؟ وهل ترويع المسلمين، وتهديدهم بقطع رؤوسهم إن قالوا كلمة الحق، وأمروا بالتقوى، هو من إقامة الدين؟ وهل إشاعة أن الخليفة لا حساب عليه ولا عقاب، مهما ارتكب هو من إقامة الدين؟!.. كلا وإنما كل ذلك هد لصرحه وطمس لمعالمه، ولولا أن الله سبحانه حفظ كتابه ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٤٢ العزيز كما وعد وآتى ذوي البصائر من العلم بما صح من سنة ا لنبي ژ ؛ لما بقي للدين من أثر مع هذه الحرب الضروس التي شنت عليه. ٤ إسقاط حرمات دماء الأمة في سبيل تعزيز السلطة وإبقائها. كان من أثر هذه السياسة الرعناء أن يسترسل الفقهاء في تسويغ سياسة الإبادة لجماهير الأمة، في سبيل تعزيز السلطة ودعمها، مع أنه من المعلوم أن الدماء لها حرمات عظيمة في الإسلام، لا يجوز انتهاكها إلا بمسوغ شرعي، فقد قال تعالى: ﴿ ! )('&%$#" 543210/.-,+* 9876 :;> ﴾ [المائدة: ٣٢ ]، وقال تعالى: ! ﴿ .-,+*)('&%$#" <;:9876543210/ = ٦٩ ]، وحسبك من هذا قرن قتل النفس - الأنعام: ١٤٨ ]، وقوله: ] ﴾ VUTSRQPONML ! ﴿ /.-,+*)('&%$#" @?>=<;:9876543210 النحل: ٣٥ ]، وتوعد أولئك شر الوعيد ووصفهم بأسوأ ] ﴾ BA W ^]\[ZYX ﴿ : الأوصاف في قوله `_ ﴾ kjihg fe dcba .[ [الأنعام: ١٤٠ وإذا كان هذا في تحريم الحلال، فما بالك بتحليل الحرام؟! فإن محارم الله تعالى هي حماه، الذي يجب الحذر من الحوم حوله، كما قال النبي ژ : ن وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمها كثير من الناس،   الحلال بين والحرام بي » فمن اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك (١)« حمى، ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه . وقد يكون التحريم خاصا بجنس من البشر، لما في ذلك من الحكمة الربانية في إنزال كل شيء منزله وإعطاء كل أمر حكمه، وذلك كتحريم ،١٢١٩/ ٢٨ ، رقم ٥٢ )، ومسلم ( ٣ / ٢٧٠ ، رقم ١٨٣٩٨ )، والبخاري ( ١ / ١) أخرجه أحمد ( ٤ ) ،٥١١/ ٢٤٣ ، رقم ٣٣٢٩ ، رقم ٣٣٣٠ )، والترمذي ( ٣ / رقم ١٥٩٩ )، وأبو داود ( ٣ ،١٣١٨/ ٢٤١ ، رقم ٤٤٥٣ )، وابن ماجه ( ٢ / رقم ١٢٠٥ ) وقال: حسن صحيح. والنسائي ( ٧ ،٢٦٤/ ٣١٩ ، رقم ٢٥٣١ )، والبيهقي ( ٥ / رقم ٣٩٨٤ )، وأخرجه أيضا: الدارمي ( ٢ .( رقم ١٠١٨٠ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٤٨ الذهب والحرير على الرجال دون النساء، لأجل ما طبع عليه الله تعالى الرجال من الخشونة والقوة المنافيتين للبس الحرير والتحلي بالذهب، وقد أحل الذهب والحرير لإناث أمتي، وحرم على » : نص على هذا قوله ژ .(٢)« إن هذين حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم » : ١)، وقوله )« ذكورها وقد شدد النبي ژ في التختم بالذهب، فعن ابن عباس: أن رسول عمد أحدكم » : الله ژ رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه، وقال ٣)، وعن علي ابن أبي طالب قال: )« إلى جمرة من نار، فيجعلها في يده نهاني رسول ا لله ژ عن لبس القسي، وعن لبس المعصفر، وعن خاتم » .(٤)« الذهب، وعن قراءة القرآن في الركوع والسجود غير أن الفقهاء، الذين كانوا يسيرون في ركب السلطات الجائرة، أبوا إلا . ( أن يتدخلوا في هذا، فيحلوا لأولي السلطة التختم بالذهب ولبس ا لحرير( ٥ ١٦١ ، رقم ٥١٤٨ )، والبيهقي / ٣٩٢ ، رقم ١٩٥٢١ )، والنسائي ( ٨ / ١) أخرجه أحمد ( ٤ ) ٤٢٥ ، رقم ٤٠٢٠ ) والطيالسي (ص ٦٩ ، رقم ٥٠٦ )، وعبد الرزاق عن معمر في الجامع /٢) .( ٤٤٦ ، رقم ٥٩٠ / ٦٨ ، رقم ١٩٩٣٠ )، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه ( ١ /١١) ،١٦٠/ ٥٠ ، رقم ٤٠٥٧ )، والنسائي ( ٨ / ٩٦ ، رقم ٧٥٠ )، وأبو داود ( ٤ / ٢) أخرجه أحمد ( ١ ) .( ٤٢٥ ، رقم ٤٠١٩ / ١١٨٩ ، رقم ٣٥٩٥ )، والبيهقي ( ٢ / رقم ٥١٤٤ )، وابن ماجه ( ٢ ١٠٢ ، رقم ٨٨٦ )، وأبو / ١٥٢ ، رقم ٢٤٦٥٩ )، والبزار ( ٣ / وأخرجه أيضا: ابن أبي شيبة ( ٥ .( ٢٤٩ ، رقم ٥٤٣٤ / ٢٣٥ ، رقم ٢٧٢ )، وابن حبان ( ١٢ / يعلى ( ١ ١٩٢ ، رقم ١٥ )، والبيهقي / ١٦٥٥ ، رقم ٢٠٩٠ )، وابن حبان ( ١ / ٣) أخرجه مسلم ( ٣ ) .( ٤٢٤ ، رقم ٤٠١٤ /٢) . ٤) أخرجه الربيع ص ٩٨ رقم ٢٣١ ) ٥) ينظر: الاعتصام، أبو إسحاق الشاطبي، (ت: ٧٩٠ ه)، ج ٢، ص ٨٢ ، المكتبة التجارية الكبرى ) مصر. والفروق أو أنوار البروق في أنواء الفروق (مع الهوامش)، أبو العباس أحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي، (ت: ٦٨٤ ه)، ج ٤، ص ٣٥٣ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٨ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: خليل المنصور، والسلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي، محمد سعيد رمضان البوطي، ص ٤٧ ، دار الفكر المعاصر، بيروت، لبنان. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٤٩ وكان تعليل هذه الإباحة كما ذكر الدكتور البوطي أن المسلمين فتحوا أعينهم على ما يمتاز به حكام العالم وملوكه، من مظاهر الهيبة والأبهة، في الملبس والمسكن والحياطة والحجابة، فاتجهت الأنظار إلى الأخذ بذلك كله أو شيء منه، واقتنع أكثر الناس، وفي مقدمتهم العلماء والباحثون، بأن الخليفة لم يعد يصلحه للنهوض بواجباته تجاه الأمة إلا أن يعيش وسط هالة من الهيبة والأبهة والحماية، وإنما يكون ذلك من خلال المظهر الذي يبدو فيه، والمسكن الذي يستقبل فيه شتى فئات الناس، .( والحماية التي يجب أن تحيط به( ١ ومعنى ذلك، أن أولئك الحكام حرصوا على أن ينقلوا إلى حياتهم ما وجدوه أو عرفوا عنه في حياة الأكاسرة والقياصرة، من البذخ والإسراف، والتلاعب بأموال الأمة، وعدم الاكتراث بما تكون عليه العامة من البؤس والفقر والحرمان، فلم يكونوا يهتمون إلا بشهواتهم ولا يلتفتون إلا إلى ملذاتهم، وقد سايرهم الفقهاء الرسميون، فجادوا عليهم بالفتاوى السخية التي تبرر ذلك، ولا غرو؛ فإن هؤلاء هم الذين سخوا عليهم، بالتشجيع على ارتكاب المظالم والانغماس في المحارم، مسولين لهم أن لهم عند الله وضعا خاصا بسبب تسلطهم في الأرض، فلا حساب عليهم ولا عقاب!!! كما شهد بذلك الأربعون ليزيد بن عبد الملك، وبهذا تدرك أخي القارئ الكريم أن هذه الفتاوى إنما بدأت في هذه الأمة في مرحلة مبكرة من حياتها، عندما ابتز بنو أمية الحكم وساسوه حسب هواهم، فأباحوا لأنفسهم ما لم يحله الله ٍ تعالى لنبي مرسل ولا لص دّيق رضي. لتتبعن سنن » : ولم تكن هذه الفتاوى الشاذة إلا تصديقا لقول ا لنبي ژ الذين من قبلكم، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب . ١) السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي، ص ٤٦ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٥٠ ١)، وعن )« لسلكتموه، قالوا يا رسول الله: اليهود والنصارى؟، قال: فمن يا » : عدي بن حاتم، قال: أتيت النبي ژ ، وفي عنقي صليب من ذهب، فقال ¨ ﴿ وسمعته يقرأ في سورة براءة .« عدي اطرح عنك هذا الوثن «ª© ¬¯® أما إنهم لم » : ﴾ [التوبة: ٣١ ]، قال يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا . (٢)« عليهم شيئا حرموه ١) سبق تخريجه. ) .( ٣٥٤ رقم ٣٣٧٨ / ٢) أخرجه الترمذي ( ١١ ) :∫hC ’G º°ù≤dG OGóÑà°S’G ôgɶe oo :zÉLPƒk ªf IõªM »Ho CGh ≥ëdG ÖdÉW IQƒK{ áq «s en G »æH ≈ΠY áC es ’GC ΩÉo «n bp لما فشا في الأمة الطغيان الأموي، وحاد حكامهم عن شرعة الله، وبنوا سلطتهم على الهوى، واتخذوا عباد الله خولا وماله دولا، لم تتلكأ الأمة في القيام عليهم، ومحاولة استرداد الحق منهم، وانتزاع السلطة من أيديهم، وردهم إلى حكم الله كارهين، فكل من أمكنه القيام عليهم هب إليه، مستجيبا لداعي الله، الذي يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى ®¬ «ª© ﴿ : عن الفحشاء والمنكر والبغي، الذي قال في كتابه ،[ النساء: ٥٨ ] ﴾ º¹ ¸¶μ ´³²±°¯ فتجرد للقيام بذلك من سنحت له الفرصة، من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، وكان ممن قام عليهم الحسين بن علي، سبط رسول ا لله ژ ، وقد انتهت به محاولته إلى الاستشهاد، في وقعة كربلاء الشهيرة، وقد اجتمع حوله لفيف من ا لمسلمين. وسار على نهجه من بعده، حفيده زيد بن علي، الذي هب للجهاد، في عصر هشام بن عبد الملك الأحول، وانتهى به الأمر إلى مصير جده. كما هب أهل المدينة المنورة، بمن كان فيهم من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، إلى تحدي كبريائهم، ودفع بطشهم وجورهم ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٥٢ بالسيف، عندما قاموا في وجه الطاغية يزيد ابن معاوية، وقائده العنيد مسرف بن عقبة، فكانت وقعة الحرة المشهورة، وثار عليهم ابن الزبير بمن التف حوله من الصحابة والتابعين، وتمكن حقبة من الدهر من تحرير بعض البلاد، التي كانت واقعة تحت حكمهم، منهم ومن بينها الحرم الشريف صانه الله وحماه إلى أن انتهى حكمه بالإجهاز عليه في عهد عبد الملك بن مروان، بقيادة عامله الطاغية ا لحجاج بن يوسف، ولم يبال الطغاة في هتك حرمة الحرم الشريف، وقصف بيت الله الحرام بالمجانيق، لتحقيق مناهم، من بسط سلطتهم والانتقام من خصمهم. وقام عليهم جماعة من المسلمين، بقيادة عبد الرحمن بن الأشعث، وكان فيهم سعيد بن جبير من أئمة التابعين وخيارهم، وعرفت هذه الثورة بثورة التوابين، إلى أن تمكن الطغاة من إخمادها وإبادة رجالها، بالأسلوب الذي عرفوا به من البطش الشديد والمبالغة في ا لانتقام. وما من ريب، أن هذه الحركات جميعا كانت تهدف إلى مقاومة ظلمهم  ودفع بطشهم وإخماد فسادهم، ولكن نظرا إلى أن معظم هذه الثورات أجهز عليها قبل أن تصل إلى غاياتها، من إقامة العدل وبسط المعروف وإزهاق الباطل، ما عدا حركة ابن الزبير، التي تمكنت من الحكم برهة من الزمن، رأيت أن أعرض هنا الثورة التي قادها الإمام عبد الله بن يحيى الكندي، وقائده أبو حمزة المختار ابن عوف الشاري، للاعتبارات ا لآتية: ١ أن هذه الثورة تمكنت من دحر قوى الباطل ولو لفترة قصيرة من الزمن، وأماكن محدودة من الأرض ، فتيسر لها أن تجسد النموذج الحي للحكم الإسلامي النظيف، حيث يظهر لكل ذي عينين البون الشاسع بالمقارنة بين ممارساتها العادلة وممارسات عدوها ا لجائرة. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٥٣ ٢ أنها تنتمي إلى مدرسة، تمكنت في عهود لاحقة أن تحقق هذه الغاية المنشودة في بقاع من بلاد الإسلام، فكانت صورة حية للحكم العادل، والنموذج الأمثل لإحياء الخلافة الراشدة، ولو في بقاع محدودة. ٣ كثرة لغط الحاقدين في حقها، وحق قادتها ورجالها، وبروز شهادات صادقة من قوم منصفين، فندوا ما قاله الحاقدون وما حبكه ا لمغرضون. ومن المعلوم، أن قيام عمر بن عبد العزيز بنقض ما شاده بنو أمية من الباطل، وعمارة ما هدموه من الحق، يعد ثورة عليهم وعلى حكمهم، وإن كانت سلمية، لم يصل إلى مبتغاه فيها بإشهار سلاح أو تكوين جيش، وإنما سيق إليه الخير بعناية الله تعالى. .≥ëdG ÖdÉW IQƒK ¬«a âYôYôJ …òdG ó¡ªdG جاءت ثورة طالب الحق ثمرة من ثمار الممارسات الدعوية، التي تولاها قادة الدعوة في مرحلة الكتمان، بعد صبر ومصابرة وعنت ومعاناة، فقد أنشأ الإمام أبو الشعثاء جابر بن زيد 5 مدرسة خاصة، تعنى بإعداد رجال يحملون مع الفقه في الدين، والبصيرة في العمل، وجهاد النفس هموم الأمة ومحاولة إصلاح ما فسد من أمرها، وبما أن السلطة الظالمة يزعجها هذا الاتجاه، فقد كانت هذه الحركة مواراة بستار الكتمان، خشية أن تمتد إليها يد العدو فتئدها. ومع تكتم الإمام أبي الشعثاء على أمره، لم يسلم من مضايقة الطغاة، وكان نفيه من البصرة إلى عمان، حلقة في سلسلة المضايقات التي لقيها، ُ ولا يخفى على مطلع أن جابرا 5كرع من معين العلم الصافي، من أصحاب رسول الله ژ الذين أدركهم بالحجاز وبالعراق، فأخذ الدين من ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٥٤ معدنه، وتلقى الفقه من حملته الأمناء، الذين لم تستهوهم مطامع الدنيا ولم يرق لهم بريقها الخلاب، فكانت بسبب هذا مدرسته التي أنشأها بعيدة عن التأثر بالسياسة السائدة، التي انحرفت بأتباعها، فكانوا أبواقا لدعايات الباطل وتبرير الظلم وتسويغ الفساد، كما سبق في شأن الأربعين، الذين شهدوا أن الخليفة لا حساب عليه ولا عقاب. وتميزت هذه المدرسة، بأنها كانت خطاها نتيجة دراسة عميقة وفهم واع وتخطيط سليم، إذ لم تكن اندفاعا بتأثير عاطفة ملتهبة وحماس متأجج، كما كانت حركات الخوارج، التي أجهز عليها قبل أن تحقق رجاء وتصل إلى غاية، وإنما كان من طبيعتها طول النفس وقوة الصبر، ولذلك لم يندفع الإمام أبو الشعثاء، وراء رغبة النفس في الثورة على الباطل ومحاولة استئصال شأفته، قبل أن يعد لذلك عدته. ولهذا عني بإعداد الرجال، الذين يجمعون بين عمق التصور وإحكام الخطى، وبين الهمم العالية والصبر الشديد، ويخلصون لله تعالى أقوالهم وأعمالهم، وينذرون له حياتهم، ويسخرون في نصرة دينه طاقاتهم، فأعد لفيفا من الرجال، الذين يعد كل منهم أمة في رجل ورجلا في أمة، وقد لقي الله تعالى قبل أن تتحقق أمنيته في الإثئار للحق والانتصار من الباطل، وإنما سلم القيادة من بعده لتلميذه العملاق، القائد المحنك أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي بالولاء، الذي قاد السفينة بحنكة الربان الماهر وخبرة الرائد الحصيف، وكان عزمه وإخلاصه لله تعالى وابتغاؤه ما عنده قوته وعتاده، وصبره على الشدائد والمكاره درعه الواقي وحصنه ا لحصين. فقد ابتلاه الله تعالى فصبر وشكر، واجتاز مراحل البلاء بنجاح وتوفيق، ومن ذلك تسلط الحجاج عليه، وإلقاؤه في غياهب السجون مع أخيه وحميمه ضمام بن السائب، وإهمالهما حتى كانا يجزان شاربهما بأسنانهما، القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٥٥ وقد تفنن الطاغية في إيذائهما، حتى استشار طبيبا مجوسيا فيما يطعمهما من طعام يعذبهما، فأشار عليه أن يطعمهما الزيت والكراث، وربما ضاق ضمام .( ذرعا من ذلك، فيقول له أبو عبيدة: على من تضيق؟( ١ وذكر البدر الشماخي 5أن رجلا من المسلمين يسمى أبا سالم سجن اشو لنا دجاجة، وآتنا » : معهما، ذكر أنهم يوما قالوا لرجل ممن يدخل عليهم بأربعة أرغفة، وصانع عليها صاحب السجن، فلما أوصلها واقتسمناها، فإذا بجلبة نحو البيت الذي نحن فيه، فخفنا أن يكون فطن بنا، فرمينا بالجميع في الكنيف، فإذا لم يفطن بنا، فكان طرحنا لها أشد علينا مما مر .(٢)« للمعاينة وهي قصة تنبئ عن معاناتهم في السجن، حيث كانوا يحرمون من الطعام المألوف ويطعمون ما لم يؤلف، وتشدد عليهم الرقابة، غير أن أبا عبيدة وضماما صبرا على هذا كله، حتى أتاهما الفرج بهلاك الحجاج، ومع شدة الرقابة التي فرضت عليهما بعد إطلاق سراحهما أبى أبو عبيدة إلا أن يقوم بدوره الريادي في إبلاغ رسالة الحق وتبصير الناس بالإسلام، وإعداد جيل من المؤمنين يحمل الأمانة إلى آفاق ا لأرض. وقد عمد إلى سرداب في الأرض، فجعله مدرسة له، يربي فيها رجالا يعرفون كيف يحملون الأمانة ويؤدونها، وكيف يصبرون على المكاره، ويضحون بالنفس والنفيس في سبيل الحق، وكان يظهر للعامة أنه وتلامذته يعتنون في ذلك السرداب بصنع القفاف ولذلك اشتهر بالقفاف ، وقد وضع على باب السرداب سلسلة تتحرك بالضغط على ما حولها في المرور، ( التراث وزارة مان عُ سلطنة ص ٨١ ، ج ١، الشماخي، سعيد بن لأحمد السير، كتاب ينظر: ( ١ القومي والثقافة، ١٤٠٧ ه ، تحقيق أحمد بن سعود السيابي. . ٢) ينظر: المرجع السابق، ص ٨٩ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٥٦ فإذا تحركت عرفوا أن أحدا قادم عليهم، فيمسكون عن الدرس، ويقبلون .( على صنع القفاف، حتى يطمئنوا إلى الداخل، فيعودوا إلى ا لدرس( ١ وبهذه الطريقة ربى قادة وهيأ رادة، كانوا نجوما في الأرض هادية إلى الحق وإلى الصراط المستقيم، فكان من تلامذته حملة العلم إلى المغرب، وهم: أبو الخطاب المعافري اليمني، وعبد الرحمن بن رستم، وإسماعيل بن درار الغدامسي، وأبو داود القبلي النفزاوي، وعاصم السدراتي، وقد عقدت والاستقامة للعدل مًثالا فكانا المغرب، ببلاد منهم للأولين الظهور إمامة والبذل والتضحية، وقد سبقهم إلى المغرب من تلامذته وجنده، سلمة بن سعد، الذي كان الرائد الأول لهذه الدعوة ببلاد المغرب، فقد خرج من البصرة في العام الرابع من القرن الثاني الهجري، بعدما وصلت الأنباء إلى أبي عبيدة، بما كان يعانيه المغرب الإسلامي، من ظلم ولاة بني أمية وبطشهم وانتهاكهم الحرم، فجرد تلميذه هذا لمهمة الدعوة هنالك، فخرج إليها وهو يقول عندما كان يودع قائده وشيخه: وددت لو ظهر هذا الأمر، ولو يوما واحدا بالمغرب، ثم لا أبالي أن تضرب عنقي. ولم تكن قولته هذه شقشقة جرت على لسانه، وإنما كانت عقيدة راسخة في قرارة نفسه وعمق وجدانه، وقد صدقها بفعله، إذ شق بعزمته من أرض المغرب العزيزة جبالها الوعرة الشاهقة، وطوى وهادها الفسيحة المترامية، فبث الدعوة بين قبائل البربر من سرت إلى تلمسان، مع أنه أتى قوما غرباء من غير جنسه، ولا يتحدثون بلسانه، ولا يتطبعون بطبعه، فاستطاع بإخلاصه وهمته وحنكته أن يتغلغل في أعماق نفوسهم ويصل إلى سويداء قلوبهم، ١) ينظر: المرجع السابق، ص ١٠١ ، الإباضية في موكب التاريخ الحلقة الأولى (نشأة المذهب ) مان، عُ سلطنة والتوزيع، للنشر الضامري مكتبة ص ١٢٠ ، معمر، يحيى علي الإباضي)، السيب، الطبعة الثالثة، ١٤٢٩ ه/ ٢٠٠٨ م. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٥٧ فكان لدعوته فيهم أثر الشمس في الفضاء، والماء في الثرى، حتى تحقق ما .( كان يصبو إليه من خير( ١ وكان من تلامذة أبي عبيدة رادة الدعوة في اليمن وعمان وخراسان، ُ وقد عقدت الإمامة لاثنين منهم بأرض المشرق، هما طالب الحق الذي بويع باليمن، والجلندى بن مسعود الذي بويع بعمان، وقد تربى كل من ُ طالب الحق اليمني المنبت وأبي حمزة الشاري العماني المولد والمنشأ في ُ مدرسة أبي عبيدة، فتلقيا منه عقيدة الإيمان والفقه في الدين ومناهج الدعوة، فكانت هموم دعوة الحق وإحيائه هي نبض أفئدتهما ومطمح أبصارهما. ومن خلال هذا، يتبين للقارئ الكريم أن طالب الحق وأبا حمزة غصنان نبتا في دوحة واحدة، سرت فيهما جميعا خصائصها، فكانت طبيعتهما واحدة ومنزعهما واحدا، إذ باعا جميعا دنياهما بأخراهما، فآثرا شظف العيش والجهاد في سبيل الله على الدعة وراحة الدنيا، وقد امتلك ألبابهما حب الله تعالى، والرغبة في التقرب إليه ببذل النفس والنفيس في نصرة دينه، وإقامة شرعه وإحياء تعاليم كتابه ونهج رسوله ژ ، وإغاثة الملهوفين ونصرة المظلومين من عباده وتحدي كبرياء أعدائه، وإعزاز ما أذلوه من الحق وإذلال ما أعزوه من الباطل، وقد خبر كل منهما صاحبه بنفسه، ولم يكن أمرهما كما تصور بعض المراجع أنهما التقيا لقاء عفويا، فاتفقا على ا لثورة. :≥ëdG ÖdÉW ΩÉ«b ÜÉÑ°SCG لا يخفى على من درس سيرة بني أمية، واطلع على ما ذكرناه من نقضهم عهد الله، وحربهم لدينه، وإهانتهم لعباده، واستعلائهم في أرضه، ١٤٦ - ١) ينظر: المرجع السابق، ص ١٤٥ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٥٨ وإفسادهم فيها أن أعمالهم جميعا كانت مبررة للقيام عليهم، كيف وقد أمر الله بالقيام بالقسط، وفرض على الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد سبق فيما نقلناه من كلام مفكري الأمة أن عهد بني أمية لم يكن عهدا إسلاميا، فقد وصفه الإمام المودودي بأنه عهد جاهلي كما تقدم ، وقال لا ينبغي أن يبقى يوما واحدا، فضلا عن أن يبقى » فيه العلامة الندوي بأنه وقد ،« أعواما، وأن بقاءه إنما كان على غفلة من الأمة أو على الرغم منها كان ذلك في ضعف الإسلام وقوة الجاهلية كما سبق ذلك عنه، وتقدم قول ولولا قوة كامنة في طبيعة هذا الدين، وفيض عارم في » : الشهيد سيد قطب  ُ .« طاقته الروحية، لكانت أيام أمية كفيلة بتغيير مجراه ا لأصيل في هذه الظروف الكالحة المكفهرة، التي كشرت فيها الجاهلية عن أنيابها العصل لقضم ما تبقى من الإسلام، كانت الحركة التصحيحية التي قادها طالب الحق، وقد اتفقت المراجع على أنه رأى باليمن ما لا يطاق، وهاك ما قاله ا لبلاذري: رأى » فقال قبيحة، الناس في وسيرة شًديدا وعسفا جورا باليمن لأصحابه: لا يحل لنا المقام على ما نرى، ولا يسعنا احتماله والصبر عليه، فكتب إلى أبي عبيدة مسلم كودين مولى بني تميم، وإلى غيره من إباضية وًاحدا يوما تقيم ألا استطعت إن إليه: فكتبوا الخروج، في يشاورهم البصرة، فافعل، فإن المبادرة بالعمل الصالح أفضل، فإنك لا تدري متى يبلغ أجلك، إًكراما بالشهادة ويخصهم دينه، لنصر شاء إذا يبتعثهم عباده من خيرة ولله .(١)« لهم بها إن خضوع اليمن وحضرموت هذه » : ويقول الأستاذ مهدي طالب هاشم . ١) أنساب الأشراف، أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، ج ٣، ص ٢٣٦ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٥٩ الحقبة الطويلة، يرافقه الظلم والتعسف، وروح الاستعلاء البغيض المبني على أساس التعصب القبلي، المخالف لروح الشريعة الإسلامية، التي جعلت الإخاء أساسا للروابط الاجتماعية في المجتمع الإسلامي، والتقوى أساس التفاضل فيه؛ مكنت الدعوة الأباضية من قيادة الحركة السياسية في اليمن، لتصحيح الانحرافات العديدة، التي مارسها الخلفاء الأمويون . (١)« وولاتهم في ا ليمن  ت زَعم الدعوة الإباضية في » : وأكد هذا الدكتور عوض خليفات بقوله حضرموت طالب الحق السالف الذكر، الذي يبدو أنه كان يتمتع بمؤازرة قبيلته كندة، وأصبحت السند القوي للدعوة الأباضية في تلك المنطقة، وقد ساعدت الأحوال السيئة التي كان يعاني منها السكان المهمة التي كان يقوم بها طالب الحق وأعوانه من أهل دعوته، وتؤكد المصادر السنية والأباضية والشيعية على رغبة الناس في التخلص من عسف الولاة الثقفيين، الذين حكموا البلاد بيد من حديد، وبروح قبلية حاقدة مخالفة للمبادئ .(٢)« الإسلامية وقد جسد طالب الحق ما يعتمل بين حنايا قلبه من مشاعر الحزن والأسى، لهول ما يلقاه المستضعفون من عسف الظلمة وجورهم، بقوله: كوى بالأسى قلبي وأبكى نواظري بكاء اليتامى وابتسام الجبابر وكلفني حمل القواضب والقنا وسفك الدما إسراف أهل ا لكبائر ٩٤ ، دار الحكمة، - ١) الحركة الإباضية في المشرق العربي، مهدي طالب هاشم، ص ٩٣ ) لندن. ، ٢) نشأة الحركة الأباضية، عوض خليفات، ص ١٧٣ ، دار الحكمة لندن، ط ١ ) ١٤٢٨ ه/ ٢٠٠٧ م. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٦٠ كما بين أبو حمزة الشاري، في إحدى خطبه التي ألقاها في المدينة أتعلمون يا أهل المدينة، أنا » : المنورة، ما دعاهم إلى هذه الحركة، حيث قال لم نخرج من ديارنا وأموالنا، أشرا ولا بطرا ولا عبثا ولا لهوا، ولا لدولة ملك نريد أن نخوض فيه ولا ثأر قديم نيل منا، ولكنا لما رأينا مصابيح الحق قد عطلت، وعنف القائل بالحق، وقتل القائم بالقسط، ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وسمعنا داعيا يدعو إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن، ﴾ ` _^] \ [ Z Y X ﴿ فأجبنا داعي الله .(١)«[ [الأحقاف: ٣٢ وتحكي المراجع الأباضية أن طالب الحق كتب إلى أبي عبيدة 5 حاكيا له ما وجده باليمن بعد عودته إليها من العسف والجور مستشيرا في القيام، فأمره بالقيام وكتب إليه: (إنا بعثنا إليك برجل إنجيله في صدره)،  وهو يعني بهذا أبا حمزة الشاري، وأرسل إليه ببلج بن عقبة الأزدي، وكتب ( إليه: (إنا بعثنا لك اثني عشر رجلا وألفا) ويعني بالألف بلج بن عقبة( ٢ الذي كان يعد بألف بطل، وقد قيل إن عمره كان ثمانية عشر عاما، وخلد له هذا الوصف في الأدب الإباضي، فقد قال فيه الإمام أبو إسحاق الهمداني الحضرمي. سل من غزا وادي القرى بالصيلم بلج الذي لألف قرن ينتمي وقال فيه الإمام ابن ا لنضر: أو كالفتى بلج الهمام البطل في الحرب من جحجاح ليث ا لجحفل عن ألف قرن في الوغى لا ينجلي . ١) الأغاني، ج ٢٣ ، ص ٢٤٩ ) . ٢) السير للشماخي، ج ١، ص ٩١ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٦١ وذكر أبو الفرج الأصفهاني أن إباضية البصرة كتبوا إلى طالب الحق إذا خرجتم فلا تغلوا، ولا تغدروا، واقتدوا بسلفكم الصالحين، » : ومن معه وسيروا سيرتهم، فقد علمتم أن الذي أخرجهم على السلطان العيب .(١)« لأعمالهم وهو كلام لعمر الحق لا يدل إلا على سلامة المنهج وصحة العقيدة واستقامة الفكر، والحمد لله. وشتان لعمر الله بين هذه الوصية ووصايا بني أمية لعمالهم، أن يبيدوا الأخضر واليابس، ويهلكوا الحرث والنسل، ناهيك أن طالب الحق تمكن من والي حضرموت لبني أمية إبراهيم بن جبلة بحضرموت أولا، فلم يتعرض له بسوء، بل تركه ينصرف إلى الوجهة التي يختارها، مع إدراكه أن له مأوى يرجع إليه، وهو عامل بني أمية بصنعاء، ثم تمكن منه بصنعاء ثانيا، وقد أخذه هذه المرة وهو يقاتل مع والي بني أمية عليها ا لقاسم بن عمر الثقفي، فلم يزد على حبسه أياما لا للانتقام ولكن لكف العامة عنه، ثم منحه الحرية مرة أخرى، لينصرف حيث شاء. ودخل عبد الله بن يحيى صنعاء، فأخذ » : قال أبو الفرج الأصفهاني الضحاك بن زمل وإبراهيم بن جبلة بن مخرمة فحبسهما، وجمع الخزائن والأموال فأحرزها، ثم أرسل إلى الضحاك وإبراهيم فأرسلهما، وقال لهما: حبستكما خوفا عليكما من العامة، وليس عليكما مكروه، فأقيما إن شئتما، .(٢)« أو اشخصا فخرجا فليت شعري؛ ماذا عسى أن يكون لو أن بني أمية وولاتهم ظفروا بأحد . ١) الأغاني، ج ٢٣ ، ص ٢٣٤ ) . ٢) المرجع السابق، ج ٢٣ ، ص ٢٣٦ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٦٢ في الحرب مرتين، أتراهم يعفون عنه، أم أنهم يعدون له المقصلة ثم المصلبة، كما هو ديدنهم؟!. ولم يكن هم طالب الحق ورجاله إلا الوصول إلى نصرة الحق، وكف الظلم عن الأمة، وإيتاء اليتامى والمساكين والأرامل وذوي الحاجات حقوقهم المشروعة من مال الله تعالى، ناهيك أنهم عندما فتحت عليهم الدنيا، وتمكنوا ِ أجلها من وا يُل س ي ولم يدا، إليها يمدوا ولم عينا، عليها يفتحوا لم متاعها، من ُ لعابا، بل تساوى في موازينهم تبرها وترابها وعذبها وعذابها. كأن حطام الأرض من لحم ميتة فهم عنه في عليائهم قد ترفعوا ............... تمثلت لهم الدنيا فما جهلوا حقيقة الأمر أن العيش ثعبان فعندما أقبلوا إلى حضرموت، ثم منها إلى صنعاء، كانوا من الحاجة فأقبلنا من قبائل شتى، » : والفقر كما يصف أبو حمزة الشاري وضعهم بقوله .(١)« النفر منا على بعير واحد، عليه زادهم وأنفسهم، يتعاورون لحافا واحدا ففتح الله عليهم بلاد اليمن الفسيحة، ودخلوا عاصمتها صنعاء، فوجدوا خزائن الأموال، التي جباها ا لقاسم بن عمر الثقفي من أهل صنعاء، فلم يستحلوا شيئا منها لأنفسهم، وإنما وزعها طالب الحق بين أهل صنعاء أنفسهم، لأنها جبايات أخذت منهم بغير حق، فهم أولى بأن ترد إليهم. وقسم ما وجد من مال على فقراء » : قال البدر الشماخي في السير صنعاء، قصد إليه ابن خيران وعبد الله بن مسعود وغيرهما من المسلمين، فأتوا به من الخزانة إلى المسجد فقسمه عبد الله على فقراء صنعاء، ولم يأخذ . (٢)« منه شيئا ولم يستحل منه لأصحابه متاعا . ١) المرجع السابق، ج ٢٣ ، ص ٢٤٩ ) . ٩٢ - ٢) السير، ج ١، ص ٩١ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٦٣  وقال الإمام ا لسالمي: وطالب الحق بصنعا حكما بجعله في أهلها واحتشما لم يأخذن عند مضيق يومه شيئا لنفسه ولا لقومه تعففا منهم ومن كمثلهم أكرم بهم من عصبة أكرم بهم ( كانوا يموتون على ما أبصروا من الهدى ما بدلوا وغيروا( ١ كانت أولى الإجراءات التي قام بها » : وقال الأستاذ مهدي طالب هاشم عبد الله بن يحيى (طالب الحق) بعد أن استولى على الخزائن والأموال، أمر بتوزيعها بين الناس بالسوية، ليؤكد لأهل اليمن عهدا جديدا قائما على أساس العدل والمساواة دون مراعاة للاتجاهات المذهبية إلى أن قال: وبسبب هذه الإصلاحات والسياسة المرنة مع أعدائه، أجمع المؤرخون كافة على حسن سيرته وسياسته، ولم نجد فيهم من يطعن في عدالته، كما أحبه .(٢)« المتدينون من أهل اليمن، بسبب تمسكه بالشريعة ا لإسلامية وتعرض الأستاذ مهدي طالب هاشم للمنهجية السياسية التي سار عليها طالب الحق عندما انتصر على أعدائه، إذ لم يكن همه شفاء غيظه، بحز رؤوسهم وصلب جثثهم والتنكيل بهم، ولكنه عاملهم بالرأفة والرحمة، وسوى بين الصديق والعدو والقريب والبعيد في العدل والإنصاف، ملتزما الشريعة الإسلامية بخلاف سيرة بني أمية الذين لم يجد الناس منهم إلا البطش الشديد والعسف والجور والحرمان من أدنى حقوقهم، وكان مما قاله الأستاذ في هذا: ١) جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، نور الدين أبو محمد عبد الله بن حميد بن سلوم ) السالمي العماني، تحقيق أبو إسحاق إبراهيم اطفيش، ج ٢، ص ٣٥٧ ، دار الفاروق للطباعة ُ والنشر والتوزيع. . ١٠٦ - ٢) الحركة الأباضية في المشرق العربي، ص ١٠٥ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٦٤ كانت سياسة عبد الله بن يحيى (طالب الحق) مصداقا للالتزام بالشريعة » الإسلامية، في معاملة المخالفين له مذهبيا، واستطاع أن يوفق بين النظرية والتطبيق، دون أن يسمح لحكم العواطف في اللحظات الحرجة، كلحظات ومواقف القتال التي تثور فيها العواطف الجياشة وحب الانتقام، فعندما طلب قائده أبرهة بن الصباح الحميري الإجهاز على المحاربين وقتلهم منعه، مع أن طالب الحق كان قد تمكن منهم على ما يبدو من رواية البلاذري، لأن الإباضية لا تجوز الإجهاز ولحوق المدبر في الحرب، وهذا يدل على الطابع المعتدل لسلوك هذه الفرقة حتى في حالة الحرب، ولو قارنا بينهم وبين الأمويين لوجدنا بونا شاسعا في هذه الناحية، فقد ظهرت في حروب الأمويين الوحشية والطابع البدوي والخروج على القيم الإسلامية في حروبهم للإباضية. ونستطيع أن نتلمس الصدق في هذه السلوكية، في الإجراءات التي اتخذها طالب الحق حيال العمال والولاة الأمويين، فعندما دخل صنعاء حبس الضحاك بن زمل الذي تركه القاسم بن عمر واليا على صنعاء بعد خروجه لطالب الحق وإبراهيم بن جبلة الكندي الذي وقع في الأسر للمرة الثانية بعد طرده من حضرموت، وحبسهما لمدة قصيرة وأطلق سراحهما، إنما حبستكما مخافة من العامة عليكما، وليس عليكما مكروه، » : وقال فطلبا الخروج من ا ليمن. ،« فأقيما، أو اشخصا وفي أًولا حضرموت في الحق طالب اتخذها التي الإجراءات، هذه إن صنعاء ثانيا أراد أن يبرهن بها لأعدائه والمسلمين عامة صدق التطبيق، ومحو الصورة المشوهة التي رسخت في أذهان المسلمين، نتيجة للممارسات السياسية السابقة للحركات الخارجية، كالأزارقة والنجدات على . (١)« سبيل ا لمثال . ١٠٣ - ١) المصدر السابق، ص ١٠٢ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٦٥ هذا؛ وقد تضمنت خطبة طالب الحق التي ألقاها بصنعاء معالم دعوته، وبرزت فيها مزايا سياسته، فقد ذكر البلاذري في أنساب الأشراف أن مما  أيها قوله: خطبته تضمنت » وخوفتم ، عًظيما حذرتم إنكم الناس  ، لا جًسيما تبلغه الصفات، ولا تحيط به الأوهام، العذاب الأليم جهنم، وسعير ولظى والهاوية والحامية، وسقر التي لا تبقي ولا تذر، نسأل الله مولانا ولي الإحسان أن يجيرنا من عذابه الذي خوفنا، أيها الناس إنا نخيركم بين ثلاث قال إما لنفسه: الخيار أخذ امرأ الله رحم لأنفسكم، فخذوا شئتم أيها خصالً امرؤ بقولنا، ودان بالدين الذي دنا، فحملته نيته على أن يجاهد معنا بنفسه، فيكون له من الأجر ما لأفضلنا، ومن قسم الفيء ما لبعضنا( ١)، أو قال هذا القول ثم أقام في داره، فدعا الناس إليه بقلبه ولسانه ف عله ألا يكون ذلك َُ أخس منازله، أو كرهنا فليخرج بأمان إلى ماله وأهله، ويكف عنا يده ولسانه، فإن ظفرنا لم يكن عرض لنا نفسه، ولم يحملنا على سفك دمه، .ً قليلا إلا بعدنا يعمر ألا وعسى مؤونتنا، كفي قد كان قتلنا وإن ندعو: إلى الله، وإلى كتابه، وسنة نبيه ژ ، ونجيب من دعا إليها، الإسلام ديننا ومحمد نبينا والكعبة قبلتنا والقرآن إمامنا، رضينا بالحلال الله وإلى بالله، إلا قوة ولا ، ثًمنا به نشتري ولا ،ً بدلا به نبغي لا حًلالا المشتكى وعليه ا لمعول. ندعو: إلى فرائض بينات محكمات، وآثار مقتدى بها، ونشهد أن الله صادق فيما وعد، عدل فيما حكم. ١) مراده بالفيء هنا إما أن يكون ما يفيء الله عليهم في ما لو تمكنوا من الجهاد خارج بلاد ) الإسلام لنشر الدين فأفاء الله عليهم من أرض المشركين، أو يكون مراده به ما يستحقه المسلمون من بيت المال الذي فيه حق لكل واحد منهم، ولا يعني به غنيمة من مال موحد، فإنهم لم يكونوا يستحلونها بحال. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٦٦ ندعو: إلى توحيد الرب، واليقين بالوعيد، وأداء الفرائض، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والولاية لأهل ولاية الله، وإن من رحمة الله أن جعل في كل فترة بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون على الألم في حب الله، يقتلون في سالف الدهر، فما نسيهم ربهم ِ وما » ي س نَ ربك كان ،« وكلكم ما على القيام وحسن الله بتقوى أوصيكم ا ّ أمره في حًسنا الله قابلوا به، بالقيام « ١) وزجره ) . ولا يخفى على متأمل كلماته هذه ما ضمنها من دعوته إلى توحيد الله  تعالى وإخلاص العمل له، وحسن الرجاء لوعده، والحذر من وعيده، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وحسن الموعظة، بالتذكير باليوم الآخر، وما ينتظر الفجار فيه من عقابه تعالى، وأن الأمر أعظم من أن تتصوره الأفهام أو تتخيله الأوهام، فما على الإنسان إلا أن يعد عدته لذلك اليوم، بتوطين النفس على التقوى، وتحري مرضاة الله تعالى في الفعل والترك، والقبول والرفض والمكره والمنشط. وقد تجلت سياسته ودقته في العدل والإنصاف فيها، إذ خير الناس بين انضمامهم إليه وإلى أصحابه والجهاد معهم، أو البقاء في كنفهم وإن لم يشاركوهم الجهاد، أو الخروج لمن كره البقاء إلى حيث شاء آمنا مطمئنا، على أن لا يتعرض لما يؤدي إلى سفك دمه بممارسته من الأعمال العدائية ما يسوغ ذلك شرعا وإلا فلا يلومن إلا نفسه، على أنه قد يصل إلى مبتغاه منهم، إن دارت عليهم الدائرة، ولو لم يمد يده إليهم بسوء، ويحملهم على مواجهة صنيعه بمثله. وهي سياسة نابعة من شرع الله، فيها تعظيم حرمات الله وإنصاف عباده، . ١) أنساب الأشراف، ج ٣، ص ٢٣٧ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٦٧ إذ لم تكن سياسة من تعطش لسفك الدماء، وإذلال الناس وحرمانهم من َْ الحقوق المشروعة، كسياسة بني أمية وولاتهم، الذين لم يقيموا وزنا   لحرمات الله ولم يرعوا إلا ولا ذمة في عباده، وإنما كانوا ظمأى إلى دمائهم يسفكونها، غرثى إلى لحومهم ينهشونها، ولا يبالون مع ذلك بهتك الأعراض ونهب الأموال وإهدار الحقوق، وبهذا يتضح الفرق بين الفئتين،  ويظهر البون بين الفكرين، كما قال ا لشاعر:  ح طَ أب م بالد سال م ت ملك ا فلم ةً جي ا س من و فْ الع فكان نا لْك م  ح وَنصف عف ى ن ر الأس عن نا دو غَ ما وَطال الأسارى قتل م ت لْ ل وح ٍِ ِ فحس م هذا التفاوت بك  بيننا وكل إناء بالذي فيه ينضح   :RÉéëdG ≈dE G ≥ëdG ÖdÉW ácôM OGóàeG كانت حركة طالب الحق وأبي حمزة الشاري تهدف إلى تغيير الأوضاع من الفساد إلى الصلاح، وتحرير الأمة من الجور الذي طوقته من بني أمية وولاتهم، لتنعم بالعدل والإنصاف، ولتتبوأ مكان العزة والكرامة بعدما رزحت مكبلة بقيود الذلة والمهانة ردحا من الزمن، فهي من حيث المبدأ حركة عالمية وليست إقليمية لا تهتم إلا بتحرير اليمن، كيف وهدفها الأسمى إعادة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة موازين القسط بين الناس، ورفع كابوس الظلم الذي جثم على صدر ا لأمة. ومن المعلوم، أن أولى البقاع بذلك البقاع المقدسة التي فيها بيت الله العتيق وحرمه الآمن، وإليها تهوي أفئدة المؤمنين، ومن أرجائها انطلقت دعوة الله إلى سائر أرجاء الأرض، وفيها كان مثوى رسول الله ژ ، فهي بلا ريب أحق البقاع بتطهيرها من رجس الظلم ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٦٨ والاستبداد، وإمتاعها بنعمة تطبيق شريعة الله ا لعادلة. وما كان فتح اليمن السعيد قبل ذلك إلا تهيئة لهذه الأمنية الغالية والغاية المنشودة، على أن الأجواء في اليمن كانت أكثر تهيؤا لنجاح هذا الأمر، إذ كانت أرض اليمن تضم عددا أكبر من الذين يحملون هذا الهم ويحلمون بهذه الغاية، لاقتناعهم بهذا الفكر، على أن أرض الحجاز مع طهرها وقداستها رزئ أهلها بدسائس السياسة الأموية المنحرفة، فكانت خططها محكمة في تمييع سكان الحجاز، وإغراقهم في اللهو والمجون، وتحبيب الخلاعة إليهم، وتنويم ضمائرهم، وتخدير عزائمهم، فما كانت مع هذه الحالة لتستجيب لهذا الداعي وتتقبل هذه الحركة، وقد وضح ذلك جليا عندما أتاهم أبو حمزة الشاري، وصدع بينهم بكلمة الحق وجلجل صوته بعزائم ا لإيمان. ومن المعلوم، أن الغزو الفكري والخلقي يسري أثره في النفوس عندما يحبب إليها الشهوات ويزين لها الفساد سريان النار في الهشيم، وقد وضح ذلك جليا في انقلاب البيئة بالحجاز نتيجة هذا المخطط الرهيب إلى أن تكون مناخا للغناء واللهو، وأن يشتهر فيها أمثال طويس ودلال ومعبد وابن عائشة وسلامة القس، وأن تحفل كتب الأدب من أخبارهم وترهاتهم بما يندى منه الجبين، ويطير منه اللب، ويبعث على الحسرة والأسى. وإذا كانت حركة طالب الحق تهدف إلى تحقيق الحق، غير لاوية على شيء، فإنه ولا ريب كان من أهم أهدافها إعادة الحرمين الشريفين إلى قداستهما، وتطهيرهما من حياة الخنا والخلاعة والمجون، ليظلا قلعتين للإسلام وحمى منيعا للدين، ومركزين يشعان في العالم نورا وهداية. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٦٩ ومع ذلك، فإن تعريف الناس بمبادئ هذه الحركة وأهدافها على منابر الحرمين الشريفين مدعاة لوصول صوتها إلى آفاق الأرض، وذلك بسبب تزاحم وفود الرحمن عليهما ووجود الحجيج في عراصهما، وقد كان هذا سببا لانتشار خطب أبي حمزة الشاري وتناقل الناس لها، وهو مكسب دعوي يعود على الدعوة بالربح، ولو بعد أمد بعيد. لأجل هذا كله؛ جرد طالب الحق حملة إلى الحجاز بقيادة أبي حمزة الشاري، الرجل الذي وصفه قادة الدعوة بالبصرة بأن إنجيله في صدره، وقد كانت شخصية أبي حمزة جامعة للمؤهلات القيادية، التي تفتقر إليها الحركات الإسلامية، إذ كان يجمع بين سلامة الفكر، وصفاء الذهن، وحسن  العبادة، وعمق التصور، وجمال الأداء، وملكة التعبير، وقوة الحجة، ودربة اللسان، وحصافة الرأي، والتفوق في الشجاعة والإقدام، والإخلاص لله تعالى في القول والعمل، والزهد في الدنيا، والرغبة فيما عند ا لله. وكان مصداقا للالتزام بالشريعة الإسلامية في سلمه وحربه، وترجمة حية للعدل والإنصاف مع صديقه وعدوه، حتى كان يؤثر الحزم في الدين على الحزم في السياسة، كما سيتجلى ذلك واضحا في مواقفه، وهو وإن خرج إلى مكة في جيش مدجج بالسلاح، يتراوح عدده بين سبعمائة رجل وألف ومائة رجل لم يكن يهدف إلى قتال في الحرم الشريف وفي الشهر الحرام، فهو أرعى لحرمات الله تعالى، وإنما كان ذلك من باب (الاستعداد للحرب يمنع الحرب)، وكان اختياره لمكة للاعتبارات التي ذكرناها، كما اختار موسم الحج لأجل هذا الغرض نفسه، على أنه حرص على مفاجأة الوالي الأموي على الحجاز، عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك، بدخوله يكون لا حتى للحرب، الاستعداد فرصة عليه ت و فَ لي الموسم، في الحرم ُ بينهما صدام في ا لحرم. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٧٠ ويسجل الأستاذ مهدي طالب هاشم في أطروحته هذه الملاحظات بقوله: وقد كان اختيارهم لموسم الحج اختيارا موفقا لدخول مكة، إذ » سيمكنهم من ناحية دعائية، في عرض أفكار وأهداف الحركة السياسية التي انطلقت من اليمن، لتقضي على الخلافة الأموية، لا سيما وأن الحجاج قد اجتمعوا من كافة الأقاليم الإسلامية، ومن ناحية أخرى سوف لا يمكنون عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك والي الحجاز لمروان بن محمد من الاستعداد لحربهم، إلا بعد الاستيلاء على مكة، وبذلك سوف يحرم من القوة البشرية والاقتصادية في مدينة مكة، وتجنيدها لحرب الإباضية، ولهذا كان موقف عبد الواحد بن سليمان ضعيفا من الناحية العسكرية، فعقد اتفاقا بينه وبين أبي حمزة المختار بن عوف الأزدي، وقد توسط بين الطرفين مجموعة من أحفاد الصحابة، ترأسهم عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وأمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، وعبد العزيز ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وسألوا أبا حمزة الكف عن الحرب حتى ينتهي الناس من مناسك الحج، على أن يترك عبد الواحد بن سليمان مكة لأبي حمزة بعد الانتهاء من مناسك الحج، فقبل أبو حمزة هذا الاتفاق، ووقف وشيعته بعرفة، في حين تجمع عبد الواحد في منطقة منى ليؤم كل منهما جماعته، وقد تم ذلك فعلا بعد الحج مباشرة حيث غادر عبد الواحد مكة في العاشر من ذي الحجة، ليدخلها أبو حمزة بغير قتال يذكر، وكان لا بد لأبي حمزة أن يعرض مبادئ الحركة الإباضية، ككل الحركات التي تبدأ بدايات جديدة في الحكم، ولهذا الغرض ألقى أبو حمزة خطبته البليغة، التي خلدت ذكره . (١)« كواحد من أبرز خطباء ا لعصر . ١١٧ - ١) الحركة الإباضية في المشرق العربي، ص ١١٦ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٧١ هذا؛ وقد انضم إلى أبي حمزة الشاري من أهل مكة أربعمائة رجل، على رأسهم أبو الحر علي ابن الحصين، الذي كان مقيما بمكة، وكان من  أهل اليسار، تأتيه غلته من البصرة، فينفقها بمكة فيما يقربه إلى الله، قال عن عيسى بن علقمة، قال: كان أبو الحر موسرا، وتأتيه » : البدر الشماخي غلته من البصرة إلى مكة نقرة واحدة ذهبا، ويقسمها نصفين، فيفرق نصفها في فقراء المسلمين، وربعا في نفقته، وربعا يحبسه ليهيئه لمن يمر به من .(١)« المسلمين وفي معاونتهم وقبل أن يأتي أبو حمزة تعرض الوالي الأموي لأبي ا لحر 5فحمله مكبلا بالحديد إلى مروان بن محمد ومعه أحد الشيعة المقيمين بمكة، غير أن من كان هنالك من جماعة المسلمين خلصوا الرجلين معا من رجال بني أمية، ففكوا عنهما الأصفاد وأطلقوا سراحهما، قال أبو العباس الدرجيني في ا لطبقات: وقال أبو سفيان، أدركت عيسى بن عمر وهو شيخ كبير، يحدثنا أن » الحديد، في د فش خذ فُأ بمكة، كان إذ الحر أبي إلى بعث محمد بن مروان وأخذ رجل من الرافضية يقال له أصفر، فشد في الحديد، ثم ساروا بهما نحو مروان، قال عيسى: فخرجنا في أربعة عشر رجلا من المسلمين نتبعه، قال: فلما مشينا أياما أرسلنا إليه أنا نأتيكم الليلة، قال: فقال لا تفعلوا، مكة منكم قريبة والطلب سريع، فسرنا على طريق الساحل، وغلامه يأتينا بخبره، ويأتيه بخبرنا، فما زلنا نطلب إليه، ونسأله يدعنا حتى نخلصه من أيديهم، قال فكان يأبى ذلك علينا حتى جاوزنا المدينة بمراحل، فأرسلنا إليه أنا قد قربنا من الشام وقراها فدعنا نأتيهم الليلة، قال: فأبى، قال: فأرسلنا إليه أنا نأتيكم على كل حال، فتباطأ في وضوئك، حتى لا تعجل الرحيل، لنقعد . ١) السير، ج ١، ص ٩٣ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٧٢ مقاعدنا، قال: ففعل، فتقدمنا فنزلنا عن رواحلنا وعقلناها بعيدا من الطريق، ثم جئنا أمامه إلى الطريق، فجثمنا عليه، فلما دنوا منه سرنا في وجوههم بالتحكيم، والسيوف في أيدينا مصلتة، فألقوا بأيديهم وقالوا: الأمان، الأمان، قال: فبادر رجل منا، فأعطاهم الأمان، فشق ذلك على أبي الحر، قال: أما إذا فعلتم فلا تختلجوا، ولا تهيبوا منهم أحدا، قال: فأسرناهم، فأخرجنا بهم الطريق حتى أبعدناهم، خلينا سبيلهم واحتملنا صاحبنا وفككنا عنه جامعته، .(١)« وفككنا عن ا لرافضي وهذه القصة إن دلت على شيء، فإنها تدل على أمرين: أولهما: أن هدف هذه الحملة رفع الظلم عن المظلومين، من غير تحيز إلى أحد أو تمييز بين مظلوم وآخر، فأنتم ترون أن أصحاب أبي الحر لم يقتصروا على فكاك صاحبهم، وإنما حرصوا أيضا على فكاك الشيعي الذي كان مأسورا معه. ثانيهما: التزامهم بالعهد، من غير أن يسمحوا لأنفسهم أن يخيسوا فيه لأي سبب من الأسباب، فعندما أعطى أحدهم الأمان للطغمة المجرمة التي أسرت أبا الحر التزموا تنفيذه، على الرغم من كون أبي الحر نفسه ساءه أن يعطوا لهم الأمان، ولكنه أمرهم أن يلتزموا ما أعطوهم، فأطلقوا سراحهم مع أنهم كانوا قادرين عليهم. هذا؛ وقد سجل البدر الشماخي انضمام أبي الحر إلى أبي حمزة وأقام أبو حمزة بمكة أربعين » : وأصحابه وما اكتنف ذلك من أحداث، فقال يوما، فلما التأم إليه أصحابه ودخلوا مكة يحكمون، قال أبو الحر علي بن ّ الحصين: هذا صوت غريب في أرض الحرم، وخطب في مكة خطبا، وأقام . ٢٦٣ ، وينظر: السير للشماخي، ج ١، ص ٩٢ - ١) طبقات المشايخ، للدرجيني، ج ٢، ص ٢٦٢ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٧٣ بها ما شاء الله أن يقيم وهو يكاتب أبا يحيى، وكان أبو الحر علي بن الحصين العنبري من علماء المسلمين وفقهائهم أقام بمكة. عن عيسى بن أبي عمرو، قال أبو سفيان: أدركته شيخا كبيرا، بعث من رجل مع الحديد في وّشد بمكة، كان إذ الحر أبي إلى محمد بن مروان الرافضة اسمه أصفر، ثم ساروا بهما، فخرج عيسى في أربعة عشر رجلا من المسلمين، فخلصوه منهم بعدما جاوزوا المدينة بمراحل، ثم رجعوا حتى دخلوا مكة مستخفين فخرجوا إلى منى وإلى عرفات، وكانوا ينتظرون قدوم أبي حمزة، فعند الرواح فاجأهم أبو حمزة في نواصي الخيل قد طلعت، فلما ّ رآهم أبو الحر، قال: أحرموا، فاغتسلنا وأحرمنا، ودخلنا في عسكر أبي حمزة، فأرسل عبد الواحد إلى أبي حمزة الخطباء فأفحمهم، فتهادنوا، فوقفنا ر مّؤخ في فنزلنا منى، ثم جمع إلى وأفضنا « ١) منى ) . أن أبا حمزة الشاري لما راسله « الأغاني » وذكر أبو الفرج الأصبهاني في نحن بحجنا أضن، وعليه » : عبد الواحد بن سليمان في الهدنة، رد بقوله إنك قد أخطأت » : غير أن جمهور الناس لاموا عبد الواحد، وقالوا له « أشح فراسلهم بنقض ،« فيهم ولو حملت عليهم الحاج ما كانوا إلا أكلة رأس العهد الذي بينه وبينهم، فلما سمع ذلك بلج وإبراهيم، وكانا قائدين له قالا: فأقبل عليهما أبو حمزة، وقال: معاذ الله أن ننقض العهد أو « الساعة الساعة » نخيس به والله لا أفعل ولو قطعت رقبتي هذه، ولكن تنقضي هذه الهدنة .(٢)« بيننا وبينكم، فلما أبى عليهم خرجوا فابلغوا عبد الواحد ومن هذين الموقفين المتباينين يتضح لكل ذي عينين من هو المحق أو . ١) السير، ج ١، ص ٩٢ ) . ٢٣٩ - ٢) الأغاني، ج ٢٣ ، ص ٢٣٨ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٧٤ المبطل من الطائفتين، طائفة لا تبالي أن تنتهك حرمات الحج، والمناسك العظام في البلد الحرام والشهر الحرام، مؤلبة العامل الأموي على أن يحمل الحجيج على مقاتلة من جاء للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة حجة الله على عباده، والدعوة إلى تطبيق شرعه في أرضه، مسولين لأنفسهم أن هؤلاء لن يكونوا إلا أكلة رأس لقلتهم بين السواد الأعظم، فلم يروا حرجا في إبادتهم عن بكرة أبيهم ولو كانوا ملبين محرمين، كافين أيديهم أن تمتد بالسوء إلى الحجيج أو غيرهم، وطائفة تأبى أن تنقض العهد أو تخيس فيه ولو قطعت رقابها، فشتان لعمر الله بين الهدى والضلال وبين الورع والفجور. وقد شاء الله تعالى أن يوجف الحق قلب عبد الواحد، فلم يلبث أن غادر مكة في اليوم العاشر من ذي الحجة، فارا بجلده غير لاو على شيء، فتمكن أبو حمزة من إقامة موازين، القسط فيها والصدع بكلمات الحق لتجلجل في جنباتها، من خلال خطبه التي ألقاها على منابرها، فأخذت بمجامع الألباب، ووعتها قلوب، واعية فخلدها التأريخ وتناقلتها الألسن، وكعادة أسلافه لم ينزع إلى التشفي والإثئار من أي أحد، وإنما كان التسامح شيمته، كما هي سجيته وسجية من يحمل فكره. :∞FÉ£dÉH ájÉæ©dG وجه أبو حمزة الشاري بعد استتباب الأمر بمكة المكرمة عنايته إلى الطائف، فجهز إليها جماعة من أصحابه، وقد ظن أهل الطائف أنهم جاؤوهم لسفك دمائهم ونهب أموالهم، كما جرت العادة في حروب بني أمية، فقلقوا على أنفسهم، وغادر رجالهم بلدهم وتركوها للنساء، ولما دخلها جند أبي حمزة كانوا كعادتهم مثالا للتسامح وحسن المعاملة، فما وجدت النساء منهم إلا البر والإحسان، وبسطوا الأمان لمن رجع، القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٧٥ ،( فآب إليها رجالها ليجدوا ما تطمئن إليه نفوسهم من العدل والإنصاف( ١ وذكر البلاذري أن منادي أبي حمزة نادى أربعة أيام، في كل يوم: الناس ( آمنون إلا من حاربنا( ٢ . وقد كان تصرف أهل الطائف هذا مثار سخرية واستهجان من القرشيين الذين كانوا بالمدينة، حتى قال قائلهم: لو شاء أهل الطائف لكفونا أمر هذه المارقة، أما والله لئن ظفرنا لنسبين أهل الطائف. من يشتري مني سبي أهل الطائف؟ فلما التقوا بقديد، حين التقوا، وانهزم أهل المدينة قال لخادمته: ٣) خلفه أنهم يرى أيام أربعة بعد وذلك ، دًهشا الباب أغلقي يريد باق، غاق ) ، ( فلقبه أهل المدينة، بعد ذلك غاق باق( ٤ . ولعمري؛ إن من قلب الحقائق أن يطلق لقب المارقة على هذه الفئة المؤمنة، الحريصة على تطبيق شرع الله، واتباع كتابه، والاقتداء برسوله ژ ، وينسى قائل ذلك أن أولى الناس بالمروق من عطل كتاب الله، وانتهك حرمه، وأفسد على الناس دينهم، ناهيك بما كان يتهدد به أهل الطائف من سبيهم، وليت شعري؛ بأي وجه استباح سبيهم؟ فهل سبي من قال (لا إله  إلا الله) مشروع في الإسلام؟!! وهل كان ما ينويه هو من صميم ما تعلمه من الدين، والمروق هو فيما كان من تسامح أبي حمزة وأصحابه؟!!. من خلال هذا، تدرك أخي القارئ الكريم إلى أي مدى وصل انحراف بني أمية بفكر هذه الأمة، وفي أي هاوية سحيقة من الضلال رموا بها. . ١) ينظر: أنساب الأشراف، ج ٣، ص ٢٣٧ ) ٢) المرجع ا لسابق. ) . ٣) المرجع السابق، ج ٤، ص ٣٩ ، والأغاني، ج ٢٣ ، ص ٢٤٢ ) . ٤) الأغاني، ج ٢٣ ، ص ٢٤٢ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٧٦ :ójó≤H áæjóªdG πgC C C G ™e πeÉ©àdG »a ¬HÉë°UGh IõªM »HG á«dÉãe عندما غادر عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك مكة المكرمة توجه إلى المدينة المنورة، ليحمس أهلها على قتال أبي حمزة وجنده، وسجل في الديوان الخاص بالمقاتلين أسماءهم، وزاد في أعطياتهم، ليلهب حماسهم لأداء هذه المهمة، فخرج نحو ثمانية آلاف مقاتل بقيادة أحد ا لأمويين. وعندما نما ذلك إلى علم أبي حمزة آثر الخروج من مكة، ليكون لقاؤهم خارجها، وذلك لأكثر من مغزى، فمن ناحية راعى حرمات البيت والحرم، وأراد أن يكون الصدام خارج حدود الحرم، ومن ناحية أخرى رأى أن الخروج أنجح له في التخطيط العسكري، إذ لعل المكيين الذين تشربوا الفكر الأموي وهيمنت على ألبابهم العصبية لبني أمية، لا يلبثون إذا دخلت جموع أهل المدينة مكة أن ينضموا إليهم، فتقوى بذلك شوكتهم، ويكون الأمر أشق على أبي حمزة وأصحابه. لهذا خرج أبو حمزة بنفسه، ومعه فئة من أصحابه، بعدما استخلف أحدهم على مكة المكرمة، ولم يكن لأبي حمزة وأصحابه في هذه الحركة غرض إلا إحقاق الحق وإخماد الباطل، إذ لم يكونوا أهل عصبية لعنصر معين أو طائفة من البشر، لذلك كانت مجموعتهم نسيجا يجمع أشتاتا من الناس، فكان بعضهم من اليمن، وبعضهم من عمان، وآخرون من البصرة ُ والموصل، والبعض الآخر من الحجاز، وأهل الحجاز بعضهم من خزاعة، والبعض الآخر من قريش، وكان أبو بكر محمد بن عبد الله ابن عمرو من .( القرشيين أحد قواد أبي حمزة الشاري في هذه ا لمعركة( ١ ١) ينظر: طبقات المشايخ، ج ٢، ص ٢٦٥ ، وتاريخ اليعقوبي، ج ٢، ص ٣٣٩ ، ونسب قريش، ) أبو عبد الله المصعب بن عبد الله ابن المصعب الزبيري، (ت: ٢٣٦ ه)، دار المعارف، القاهرة، تحقيق: ليفي بروفسال، جمهرة أنساب العرب، أبو محمد علي بن أحمد ابن = القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٧٧ وعندما التقى الفريقان في قديد أبى أبو حمزة الشاري أن يشرع في القتال كعادته ، حرصا على صون الدماء أن تسفك، والحرمات أن تهتك، فأصر على إقامة الحجة على أهل المدينة، وهذا ما اتفق عليه المؤرخون، وأرسل المختار إليهم بلج بن عقبة ليدعوهم، فأتاهم في » : قال البلاذري إلى يسيروا حتى عنهم أيديهم يكفوا أن وسألهم الله، فذكرهم ، رًاكبا ثلاثين مروان وقال: خلو لنا سبيلنا لنلقى من ظلمكم وجار في الحكم عليكم ولا تجعلوا حدنا بكم، فإنا لا نريد قتالكم، فشتمهم أهل المدينة وقالوا: نخليكم وندعكم تفسدون في الأرض، فقالت الخوارج: يا أعداء الله، ونحن نفسد في الأرض؟ وإنما خرجنا لنكف الفساد، ونقاتل من استأثر بالفيء عليكم، فانظروا لأنفسكم، واخلعوا من لم يجعل الله له طاعة، فإنه لا طاعة لمن .(١)« عصى الله، وادخلوا في السلم وعاونوا أهل ا لحق وبعد حوار بين الجانبين، قال القائد الأموي لبلج: ارجع إلى أصحابك فليس بيننا إلا السيف، فرجع إلى أبي حمزة وأخبره بنتيجة الحوار، وقد كان هذا بلا ريب إيذانا ببدء القتال، ولكن أبا حمزة الرجل المتسامح الذي لم يكن متعطشا إلى الدماء، ولا من ديدنه التشفي والانتقام أبى أن يناجزهم حتى يبدأوا بالقتال، فأمر أصحابه أن يكفوا أيديهم عنهم، وما هي إلا هنيهة من الوقت فإذا بوابل من السهام يمطرهم بها أهل المدينة، وهنا ما كان مفر لأبي .( ٢)« دونكم فقد حل الآن قتالهم » : حمزة وأصحابه من مناجزتهم، فقال لأصحابه = سعيد بن حزم الأندلسي، (ت: ٤٥٦ ه)، ج ١، ص ١٥٠ ، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ١٤٢٤ ه/ ٢٠٠٣ م، الطبعة: الثالثة، تحقيق: لا يوجد، الحركة الإباضية في المشرق العربي، . ١٢٢ - ص ١٢١ ١) أنساب الأشراف، ج ٣، ص ٢٤٠ ، وينظر: الأغاني، ج ٢٣ ، ص ٢٤٣ ، وشرح نهج البلاغة، ) . ج ٥، ص ٦١ ، تاريخ بن خياط، ص ٣٩٢ ٢) ينظر: المراجع ا لسابقة. ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٧٨ وهو موقف إن دل على شيء فإنما يدل على الاحتراز من الولوغ في الدماء، والحرص على وزن الخطى بموازين الشرع والتحكم في جيشان العواطف حال الاستفزاز من الطرف الآخر، ولم يمض إلا قليل من اليوم حتى انكشف أهل المدينة بعدما جندل عدد لا يستهان به من جنودهم قيل وولوا الجرحى من كًثرة خلفوا كما ، ( ١) رجلا وثلاثين ومائتين ألفين بلغوا إنهم كما حمزة، أبي جند أضعاف كانوا إذ هم، د دَ عُ ة رَ فْ وَو هم د دَ عَ كثرة مع هاربين أنهم كانوا بحوزتهم من العتاد ما لم يكن عند أبي حمزة وأصحابه، إلا أن أولئك إنما كانوا يقاتلون ليلقوا الله، فلذلك ثبتوا في الميدان ثبوت ا لرواسي. وقد جال الأستاذ مهدي طالب هاشم في بحث الأسباب التي أدت إلى انتصار جند أبي حمزة، الذين لم يكونوا يتجاوزون ألف مقاتل، على القائد الأموي وجنده، الذين كانوا بلغوا ثمانية آلاف مقاتل، وبعد استعراض عدد كان العامل الأساسي في انتصار الإباضية » : من الأسباب المفترضة، قال حبهم الاستشهاد في سبيل المبادئ التي يعتنقونها، وقد امتازوا بصلابتهم وصمودهم في مسرح القتال، ويشير الشماخي إلى أنه لا يمكن للإباضي أن يفر من ساحة المعركة إلا أن يكون متحيزا إلى فئة، لأن الفرار من الزحف (٢)« كبيرة لا تغتفر لدى الشراة ا لإباضية . ولعمري؛ إن ما عزاه إليهم لا يعكس إلا تعاليم القرآن على سلوكهم في السلم والحرب، ومواقفهم في المكره والمنشط، فالفرار من الزحف كبيرة © «ª ﴿ : توعد عليها القرآن في قوله تعالى ¯®¬ ¼»º¹¸¶μ´³²±° ÉÈÇ Æ Å Ä ÃÂÁ À ¿¾½ . ١) الأغاني، ج ٢٣ ، ص ٢٤٥ ، شرح نهج البلاغة، ج ٥٦٢ ) . ٢) الحركة الإباضية في المشرق العربي، ص ١٢٧ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٧٩ ËÊ ١٦ ]، وهو وإن نص على الذين كفروا، فإن - ﴾ [الأنفال: ١٥ حكمه لا ينحصر في لقاء المشركين، إذ القياس في إلحاق لقاء البغاة الذين  أذن الله بقتالهم بهذا الحكم قياس جلي، على أن وصف الذين كفروا يصدق على كفار الملة وكفار النعمة، كما سبق تحرير ذلك. وحسبك ما مضى ذكره، من جرائم بني أمية وأشياعهم، وهتكهم لحرم الإسلام، ونبذهم كتاب الله، مسوغا شرعا لقتالهم وملحقا لهم بفئة الذين كفروا، فإنهم إن كانوا تعصمهم كلمة التوحيد عن إدراجهم في أهل كفر الشرك، فقد شهدت أفعالهم بأنهم من أهل كفر النعمة، والله ا لمستعان. هذا؛ وأبى أبو حمزة الشاري أن يتبع مدبرهم ويذفف على جريحهم، ١)، مع أنه أفتاه )« لا أفعل، ولا أخالف سيرة أسلافنا » : وقال كلمته المشهورة أبو الحر علي بن الحصين من كبار فقهاء الشراة ، واقترح عليه بأن يفعل ذلك، نظرا إلى أن أولئك كان لهم مأوى يرجعون إليه، وهو رأس البغاة بالشام، فما كانوا مقطوعين من قوة يحتمون بها، وهو مما يسوغ شرعا اتباع هذه الخطة الوقائية في مثل هذا الظرف، وقد بين له ذلك أبو الحر، حيث فإن هؤلاء أشر علينا من أهل الشام، فلو جاؤوك غدا لرأيت من » : قال له ٢)، وقد وقع فعلا ما كان يحذره أبو الحر منهم، ولهذا عزز )« هؤلاء ما تكره الإمام السالمي 5رأي أبي الحر، حيث قال: ولأبي الحر مع المختار حث على القتل مع الإدبار يوم قديد إذ لهم جبار ردء وما ساعفه المختار وكان فيها لأبي الحر النظر لأنه مارسهم وقد نظر . ١) الأغاني، ج ٢٣ ، ص ٢٤٤ ، شرح نهج البلاغة، ج ٥، ص ٦١ ) ٢) نفس ا لمرجعين. ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٨٠ ولعل هذا الإجراء يعد خطأ عسكريا من أبي حمزة، ولكنه كان صورة حية للمثالية التي يتسم بها، وقد أعجبت جهابذة العلماء المنصفين الذين تحدثوا عن ذلك بإكبار، ومن بين هؤلاء المجاهد البطل العلامة الكبير وهذه مثالية لا تعرف إلا لمثل أبي » : الشيخ عبد المعز عبد الستار، الذي قال . (١)« حمزة 5 :IQƒæªdG áæjóªdÉH …QÉ°ûdG IõªM »HC G Ö£N ظل أبو حمزة الشاري يصدع بكلمة الحق على منبر رسول الله ژ بالمدينة المنورة، بعد أن دخلها منصورا بإذن الله، وقد شرح مبادئه وأفكاره وأسباب هذه الحركة التحريرية التي قادها، في خطبه التي سارت بها الركبان وحفظها الرواة، ورددتها الألسن، وعدت نماذج للبلاغة العربية، وفصاحة التعبير في الخطابة، وقد رواها أهل المدينة فيمن رووها، كان من بينهم خطبنا أبو حمزة خطبة شكك فيها » : الإمام مالك الذي ذكروا عنه أنه قال ٢)، وكان مما قاله في هذه ا لخطبة: )« المستبصر وردت ا لمرتاب أوصيكم بتقوى الله وطاعته، والعمل بكتابه وسنة نبيه ژ ، وصلة » الرحم، وتعظيم ما صغرت الجبابرة من حق الله، وتصغير ما عظمت من الباطل، وإماتة ما أحيوا من الجور، وإحياء ما أماتوا من الحقوق، وأن يطاع الله ويعصى العباد في طاعته، فالطاعة لله ولأهل طاعة الله، ولا طاعة لمخلوق ١) تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية في المواقف العسكرية، بحث مقدم إلى ندوة الاحتفال ) بالإمام المختار أبي حمزة الشاري 5 ، التي أقامتها دار الإفتاء ورعاية الشباب سنة ١٤١٠ ه ، بسلطنة عمان، عبد المعز عبد الستار، ص ٥١ تعليق رقم ١، دار الطباعة والنشر ُ الإسلامية، مدينة نصر، القاهرة، ٢٠٠١ م. . ٢) العقد الفريد، ج ٤، ص ١٣٢ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٨١ في معصية الخالق، ندعو إلى كتاب الله وسنة نبيه، والقسم بالسوية والعدل في الرعية، ووضع الأخماس في مواضعها التي أمر الله بها، إنا والله ما خرجنا أشرا ولا بطرا، ولا لهوا ولا لعبا، ولا لدولة ملك نريد أن نخوض فيها، ولا لثأر قد نيل منا، ولكنا لما رأينا الأرض قد أظلمت، ومعالم الجور قد ظهرت، وكثر الادعاء في الدين، وعمل بالهوى، وعطلت الأحكام، وقتل القائم بالقسط، وعنف القائل بالحق، سمعنا مناديا ينادي إلى الحق وإلى طريق مستقيم، فأجبنا داعي الله، فأقبلنا من قبائل شتى قليلين مستضعفين في الأرض، فآوانا الله وأيدنا بنصره، فأصبحنا بنعمته إخوانا، وعلى الدين أعوانا. يا أهل المدينة، أولكم خير أول وآخركم شر آخر، إنكم أطعتم قراءكم وفقهاءهم، فاختانوكم عن كتاب غير ذي عوج، بتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين، فأصبحتم عن الحق ناكبين، أمواتا غير أحياء وما تشعرون، يا أهل المدينة، يا أبناء المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، ما أصح أصلكم وأسقم فرعكم، كان آباؤكم أهل اليقين، وأهل المعرفة بالدين، والبصائر النافذة والقلوب الواعية، وأنتم أهل الضلالة والجهالة، استعبدتكم الدنيا فأذلتكم، والأماني فأضلتكم، فتح الله لكم باب الدين فسددتموه، وأغلق عنكم باب الدنيا ففتحتموه، سراع إلى الفتنة، بطاء عن السنة، عمي عن البرهان، صم عن العرفان، عبيد الطمع حلفاء الجزع، نعم ما ورثكم آباؤكم لو حفظتموه، وبئس ما تورثون أبناءكم إن تمسكوا به، نصر الله آباءكم على الحق، وخذلكم على الباطل، كان عدد آبائكم قليلا طيبا، وعددكم كثير خبيث، اتبعتم الهوى فأرداكم، واللهو فأسهاكم، ومواعظ القرآن تزجركم فلا تزدجرون، وتعبركم فلا تعتبرون، سألناكم عن ولاتكم هؤلاء، فقلتم: والله ما فيهم الذي يعدل، أخذوا المال من غير حله، ووضعوه في غير حقه، وجاروا في الحكم، فحكموا بغير ما أنزل الله، واستأثروا ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٨٢ بفيئنا، فجعلوه دولة بين الأغنياء منهم، وجعلوا مقاسمنا وحقوقنا في مهور النساء، وفروج الإماء، وقلنا لكم تعالوا إلى هؤلاء الذين ظلمونا وظلموكم، وجاروا في الحكم فحكموا بغير ما أنزل الله، فقلتم: لا نقوى على ذلك، ووددنا أنا أصبنا من يكفينا، قلنا نحن نكفيكم، ثم الله راع علينا وعليكم، إن ظفرنا لنعطين كل ذي حق حقه، فجئنا فاتقينا الرماح بصدورنا والسيوف بوجوهنا، فعرضتم لنا دونهم، فقاتلتمونا فأبعدكم الله، فوالله لو قلتم لا نعرف الذي تقول ولا نعلمه لكان أعذر، مع أنه لا عذر للجاهل، ولكن أبى الله إلا أن ينطق بالحق على ألسنتكم ويأخذكم به في ا لآخرة. ثم قال: الناس منا ونحن منهم، إلا ثلاثة، حاكما جاء بغير ما أنزل الله، .(١)« أو متبعا له، أو راضيا بعمله وهي كلمات إن لم تكن دالة على صفاء الطوية، وصحة المعتقد، ونقاء الفكر، واعتدال المسلك، وسلامة الهدف؛ فليس يصح في الأذهان شيء، فإن كل جملة منها يشع من مفرداتها نور الإيمان، وتعبر عما يعتمل بين حنايا قائلها من الغيرة على حرمات الله، والحرص على طاعته، والنصح لعباده، وكل ما دعا إليه فيها هو من صميم الدين، له أصل أصيل في كتاب الله المبين، وسنة نبيه الهادي الأمين، صلوات الله وسلامه عليه، وهو عين ما دعا إليه السلف الصالح وتمسك به. وقد أبان فيها أنه لم يكن الهدف من قيامه وقيام أصحابه حاجة في نفوسهم، أو غرضا دنيويا يحققونه، أو إثئارا ممن أصابهم بسوء، وإنما كان همهم كله في إقامة الدين الذي اندرس، وتحكيم الكتاب الذي عطل، وإحياء السنة التي أميتت، والحفاظ على الحقوق التي أهدرت، وصون . ١٣٣ ، وينظر: جمهرة خطب العرب، ج ٢، ص ٤٧٦ - ١) المرجع السابق، ج ٤، ص ١٣٢ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٨٣ الحرمات التي انتهكت، وإعزاز الحق الذي أذل، وإذلال الباطل الذي أعز، ورفع مقامات أولياء الله وخفض أقدار أعدائه، وأن تكون الطاعة لله ولمن أطاعه، وأن تكون القسمة بالسوية شاملة جميع طبقات ا لرعية. وأبان أن خروجهم إنما كان استجابة لداعي الرحمن لما دعا، وأنهم أتوا من قبائل شتى تشد بعضهم إلى بعض رابطة الإيمان وصلة التقوى، وقد آواهم الله فقواهم بعد الضعف وأعزهم بعد ا لذل. وتضمنت خطبته تذكير أهل المدينة بما كان لهم من سابقة في الخير وأعراق في الفضيلة، فآباؤهم المهاجرون والأنصار، الذين شدوا أزر رسول الله ژ ، ونصروا الدين فنصرهم الله، وكيف انقلبوا على أعقابهم فانحرفوا عن ذلك النهج ونكصوا عن تلكم الوجهة، وهي كلمات تعرب عن الأسى والحسرة لما وصلت إليه مدينة رسول الله ژ ، إذ أصبحت بؤرة للغناء والفساد، وقد ألهى ذلك أهلها عن القيام بالحق، والوقوف في وجه بني أمية الذين ساموا الناس الخسف وجرعوهم كؤوس الهوان، على أن أعمالهم بالمدينة المنورة لم تكن من هؤلاء ببعيد، فإن جرائمهم في واقعة الحرة لا تزال مشاهدها الأليمة منطبعة في ذاكرتهم، وصورها الموحشة مرتسمة في خيالهم، فما بالهم مع ذلك يعضدونهم على باطلهم؟!!. على أن الخطبة تنم عن حوار سبق بينه وبينهم، صرحوا فيه أن بني أمية يحكمون بالهوى ويقتلون بالظنة، وأنهم مستأثرون بالفيء دونهم، وقد جعلوه دولة بين الأغنياء منهم وسخروه في شهواتهم، وأن أبا حمزة عرض عليهم القيام فاعتذروا بالعجز عن ذلك! فوعدهم أن يكفيهم بمن عنده مؤونة ذلك، وأن يكون الحكم بعد ذلك إلى شريعة الله العادلة، وأن يتولاه من يزن بموازين القسط ويسير في منهج العدل، ولكنهم عندما قاموا لذلك عرضوا لهم دونهم وأبوا إلا أن يقاتلوهم، فآثروا أن يكونوا شادين على ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٨٤ عضد الظلمة، الذين أخذوا الحكم عنوة بغير حق، وعاثوا في الأرض فسادا. هذا؛ وقد تضمنت بعض روايات الخطبة أنه دعاهم إلى حكم القرآن وطاعة الرحمن، قبل التلاحم بين الطرفين، ودعوه إلى خلاف ذلك، فكان ثم لقينا رجالكم بقديد، فدعوناهم إلى طاعة » : مما تضمنه هذا النص قوله الرحمن وحكم القرآن، ودعونا إلى طاعة الشيطان وحكم مروان وآل مروان، شتان لعمر الله ما بين الغي والرشد، ثم أقبلوا يهرعون ويزفون، قد ضرب الشيطان فيهم بجرانه وغلت بدمائهم مراجله وصدق عليهم ظنه، وأقبل أنصار الله عصائب وكتائب بكل مهند ذي رونق، فدارت رحانا واستدارت رحاهم، بضرب يرتاب منه المبطلون، وأنتم يا أهل المدينة، إن تنصروا مروان وآل مروان يسحتكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا، ويشف صدور .(١)« قوم مؤمنين يا أهل المدينة، سألناكم عن ولاتكم هؤلاء، فأسأتم لعمر » : وقال أيضا الله فيهم القول، وسألناكم: هل يقتلون بالظن؟ فقلتم: نعم، وسألناكم: هل يستحلون المال الحرام، والفرج الحرام، فقلتم: نعم، فقلنا لكم: تعالوا نحن وأنتم فنناشدهم الله أن يتنحوا عنا وعنكم، ليختار المسلمون لأنفسهم، فقلتم: لا تفعلون، فقلنا لكم: تعالوا نحن وأنتم، نلقاهم فإن نظهر نحن وأنتم نأت بمن يقيم فينا كتاب الله وسنة نبيه، وإن نظفر نعمل في أحكامكم ونحملكم على سنة نبيكم ونقسم فيئكم بينكم فأبيتم، وقاتلتمونا .(٢)«.. دونهم وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على تردده عليهم ولعل ذلك في . ١) الأغاني، ج ٢٣ ، ص ٢٤٩ ) . ٢) نفس المرجع، ج ٢٣ ، ص ٢٤٨ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٨٥ مواسم الحج ، لتذكيرهم بحقوقهم المهدرة، ووجوب القيام عليهم لنصرة الحق كما نصره آباؤهم الأقدمون، ولكنه لم يعيروه إلا آذانا صما، لذلك صب عليهم قوارع الإنكار في كلامه، وقد أقام عليهم الحجة بتذكيرهم بحق يا أهل المدينة، أخبروني » : الله تعالى فيما بأيدي الناس من المال، حيث قال عن ثمانية أسهم، فرضها الله تعالى في كتابه على القوي للضعيف، فجاء التاسع وليس له منها ولا سهم واحد، فأخذ جميعها لنفسه مكابرا محاربا .(١)«!؟ لربه، ما تقولون فيه وفيمن عاونه على فعله ولم يزل وهو ثاو في المدينة يستنفر من أهلها نخواتهم، ويحرك أوتار مشاعرهم وشعورهم، بتذكيرهم ما هم عارفوه من سيرة أسلافهم، ومقارنة يا أهل المدينة، مالي رأيت رسم » : ذلك بسيرتهم، وكان مما قاله في ذلك الدين فيكم عافيا وآثاره دارسة، لا تقبلون عليه عظة ولا تفقهون من أهله حجة، قد بليت فيكم جدته وانطمست عنكم سنته، ترون معروفه منكرا والمنكر من غيره معروفا، إذا انكشفت لكم العبر وأوضحت لكم النذر، عميت عنها أبصاركم وصمت عنها أسماعكم، ساهين في غمرة لاهين في غفلة، تنبسط قلوبكم للباطل إذا نشر، وتنقبض عن الحق إذا ذكر، مستوحشة من العلم مستأنسة بالجهل، كلما وقعت عليها موعظة زادتها عن الحق نفورا، تحملون منها في صدوركم كالحجارة أو أشد قسوة من الحجارة، أو لم تأن لكتاب الله الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية ا لله. يا أهل المدينة، ما تغني عنكم صحة أبدانكم إذا سقمت قلوبكم، إن الله قد جعل لكل شيء غالبا يقاد له ويطيع أمره، وجعل القلوب غالبة على الأبدان فإذا مالت القلوب ميلا كانت الأبدان لها تبعا، وإن القلوب لا تلين لأهلها إلا بصحتها، ولا يصححها إلا المعرفة بالله وقوة النية ونفاذ البصيرة، ولو . ٢٥٢ - ١) نفس المرجع، ج ٢٣ ، ص ٢٥١ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٨٦ استشعرت تقوى الله قلوبكم لاستعملت بطاعة الله أبدانكم، يا أهل المدينة، داركم دار الهجرة ومثوى رسول ا لله ژ ، لما نبت به داره وضاق به قراره وآذاه الأعداء وتجهمت له، فنقله إلى قوم لعمري لم يكونوا أمثالكم، متوازرين مع الحق على الباطل ومختارين للآجل على العاجل، يصبرون للضراء رجاء ثوابها، فنصروا الله وجاهدوا في سبيله، وآووا رسول الله ژ ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه، وآثروا الله على أنفسهم ولو كانت بهم خصاصة، قال الله ÖÕÔÓÒÑ ﴿ تعالى لهم ولأمثالهم ولمن اهتدى بهداهم الحشر: ٩]، وأنتم أبناؤهم ومن بقي من خلفهم، تتركون أن ] ﴾ × تقتدوا بهم أو تأخذوا بسنتهم، عمي القلوب صم الآذان، اتبعتم الهوى فأرداكم عن الهدى، وأسهاكم فلا مواعظ القرآن تزجركم فتزدجروا، ولا تعظكم فتعتبروا، ولا توقظكم فتستيقظوا، لبئس الخلف أنتم من قوم مضوا قبلكم، ما سرتم بسيرتهم ولا حفظتم وصيتهم ولا احتذيتم مثالهم، لو شقت عنهم .(١)« قبورهم فعرضت عليهم أعمالكم لعجبوا كيف صرف العذاب عنكم وكل هذه العبارات المتدفقة بالحجج إنما كانت تنبعث من الحسرة والأسى على ما أصاب الدين من التبديل، وما لقيت الأمة من الظلم، وما شاع بين الناس من الاستخذاء والاستكانة للظالمين، فزادهم ذلك جرأة على ركوب الظلم والإغراق فيه، وكثيرا ما كان يتعرض لبيان الظلم الذي وقعت فيه الأمة، أكلوا مال الله » : والفساد الذي انحطت إليه، كقوله في تعداد مثالب بني مروان أكلا، ولعبوا بدين الله لعبا، واتخذوا عباد الله عبيدا، يورث ذلك الأكبر منهم الأصغر، فيالها أمة ما أضيعها وأضعفها والحمد لله رب العالمين، ثم مضوا على .( ٢)« ذلك من أعمالهم واستخفافهم بكتاب الله تعالى، قد نبذوه وراء ظهورهم . ٢٥٠ - ١) نفس المرجع، ج ٢٣ ، ص ٢٤٩ ) . ٢) نفس المرجع، ج ٢٣ ، ص ٢٥٤ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٨٧ ثم ولي يزيد بن عبد الملك، غلام «: وفي استرساله في ذكر طغاتهم قال ضعيف سفيه، غير مأمون على شيء من أمور المسلمين، لم يبلغ أشده ولم ½ ÃÂÁÀ¿¾ ﴿ : يؤانس رشده، وقد قال الله 8 ﴾ [النساء: ٦] فأمر أمة محمد في أحكامها وفروجها ودمائها أعظم من ذلك كله، وإن كان ذلك عند الله عظيما، مأبون في بطنه وفرجه، يشرب الحرام ويأكل الحرام ويلبس الحرام، ويلبس بردتين، قد حيكتا له وقومتا على أهلهما بألف دينار وأكثر وأقل، قد أخذت من غير حلها وصرفت في غير وجهها، بعد أن ضربت فيها الأبشار وحلقت فيها الأشعار، واستحل ما لم يحل الله لعبد صالح ولا لنبي مرسل، ثم يجلس حبابة عن يمينه وسلامة عن شماله، تغنيانه بمزامير الشيطان ويشرب الخمر الصراح المحرمة نصا بعينها حتى إذا أخذت مأخذها فيه، وخالطت روحه ولحمه ودمه، وغلبت سورتها على عقله، مزق حلتيه، ثم التفت إليهما، فقال: أتأذنان لي أن أطير؟ نعم، فطر .(١)« إلى النار، إلى لعنة الله وناره، حيث لا يردك ا لله وهي شهادة أدلى بها أمام الجمهور، بما كان يرتكب من قبل المتسلطين من محارم الله تعالى، وما كانوا يتلاعبون به من ماله الذي جعل فيه حقوقا لعباده، ومن المعلوم أن أهل المدينة الذين كان يخاطبهم بهذا كانوا عارفين بجرائم أولئك المتسلطين، وقد أراد أبو حمزة بهذا أن يقيم الحجة عليهم، بأنه لا يسوغ لهم أن يكونوا مع هذه الفئة بعدما انكشفت جرائرها، ووضح لذي عينين ما كانوا يأتونه جهارا من نقض عرى الدين وهتك حرماته. ولم يكن أبو حمزة مع صبره وصلابته وقوته وجلادته بعيدا عن تأثير العاطفة على نفسه، فقد كان وهو بالمدينة المنورة يدور في ذاكرته شريط ذكريات صاحب الرسالة العظمى، التي أشرق نورها على العالم كله . ٢٥٥ - ١) نفس المرجع، ج ٢٣ ، ص ٢٥٤ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٨٨ من خلال دعوته الصادقة في تلك الأرض الطهور، فلم يكن يملك عينيه وهو تجيش في نفسه هذه الذكريات العزيزة، وتستأثر بقلبه تلك المواقف العظيمة، ويقارن بين حال المدينة عندما كانت مأرز الإسلام وقلعته الصلبة وحماه المصون، وما آلت إليه عندما تولى شأنها المفسدون كما تولوا شأن الأمة جميعا ، فاجتمع فيها الخنا والمجون وعادت مسرحا للهو والغناء، ومظهرا للانحلال والميوعة، عندما عد من أعلامها دلال وطويس وأمثالهما. فعندما أتى أبو حمزة منبر رسول ا لله ژ ، وضع جبهته في الموضع ها، » : الذي كان رسول الله ژ يضع قدمه فيه، وبكى فاشتد بكاؤه، ثم قال ورسوله؛ الله رضى على هواها مؤثرة الله، كتاب بغير عاملة لله، عاص دم قَ م كَ ْ .« قد وطئت موضع قدم رسول ا لله ژ بأبي هو وأمي ثم استهل خطبته العصماء بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على ٍِ إن قاله: مما وكان ، ! مناقبه من ف ر طَ رِ كْ وذ ، ژ نبيه » أنزل ژ الله رسول َ عليه الكتاب وبين له فيه السنن وشرع له فيه الشرائع، وبين له فيه ما يأتي وما يذر، فلم يكن يتقدم إلا بأمر الله ولا يحجم إلا عن أمر الله، يمده بملائكته ويضمن ظفر عاقبة الأمور، وأمر بالجهاد فصدع بأمر الله ومضى فيما أمره من مجاهدة أعدائه، ثم قبضه على منهج أنبيائه بعد تبليغه الرسالة وإنذاره وقيامه بالحجة، وقد أعلم الناس معالم دينهم، وأدى الذي عليه من الحق لهم، ولم يذرهم في لبس ولا شبهة من أمر دينهم، ثم قبضه ژ وقد . (١)« أدى الذي عليه، لم يدعكم من أمركم في شبهة ١) كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة، سرحان بن سعيد الأزكوي، ج ٥، ص ٢٢ ، تحقيق ) ١٤٣٣ ه/ ٢٠١٢ م. ، وتقديم أ. د. محمد حبيب صالح، د. محمود بن مبارك السليمي، ط ١ وينظر: المجاهد أ بو حمزة الشاري، مجموعة بحوث، ندوة من أعلامنا الثانية، عن المجاهد ١٤١٠ ه/ ١٩٨٩ م. روي، مان، عُ سلطنة العالمية، المطابع ص ١٠٣ ، الشاري، حمزة أبي القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٨٩ ومن المعلوم، أن معظم الناس ركنوا إلى الباطل واستساغوا المنكرات وعافوا المعروف، ولهذا كانت نظرتهم إلى أبي حمزة الشاري وأصحابه ولم سلبية، نظرة الحق جادة إلى ويردوهم عودهم وا م و قَ لي جاؤوا الذين ُُ يجدوا ما يحطون به أقدارهم إلا أن سوادهم الأعظم كان من فئة الشباب!! هؤلاء شباب » : فرشقوهم بسهام الاتهام أنهم أهل طيش وسفه، فكانوا يقولون وقد شاع ذلك حتى نما إلى مسامع أبي حمزة، ،« أغمار سفيهة أحلامهم فوقف في بعض خطبه منبريا للدفاع عن هؤلاء الشباب، مؤكدا أنهم وإن كانوا في مرحلة الشباب فإنهم يجللهم الوقار، ويحليهم الإيمان وتستأثر بهم  عبادة الله، ويحدوهم إليه الشوق الملح، فهم رهبان بالليل ليوث بالنهار، وقد أقام الحجة على خصومهم بأن أصحاب ا لنبي ژ كانوا أيضا شبابا.  وقد ألبس هؤلاء الشباب من حلية الأوصاف التي صاغتها عباراته المستأثرة بالألباب، المدهشة للعقول، ما عد مثالا حيا لما يجب أن يكون عليه الشباب الصالح، ويتصور أن يرقى إليه من مدارج الكمال ومعارج ا لشرف. وقد اختلف الكاتبون فمنهم من ذهب إلى أن هذا الانتقاص كان يا أهل المدينة، بلغني أنكم » : بالمدينة المنورة، فدافع عنهم أبو حمزة قائلا تنتقصون أصحابي قلتم شباب أحداث وأعراب جفاة، ويلكم يا أهل المدينة، وهل كان أصحاب رسول الله ژ إلا شبابا؟!.. شباب والله مكتهلون في شبابهم، غضية عن الشر أعينهم ثقيلة عن الباطل أقدامهم، قد باعوا ا لله 8 أنفسا تموت بأنفس لا تموت، قد خالطوا كلالهم بكلالهم، وقيام ليلهم بصيام نهارهم، منحنية أصلابهم على أجزاء القرآن، كلما مروا بآية خوف شهقوا خوفا من النار وإذا مروا بآية شوق شهقوا شوقا إلى الجنة، فلما نظروا إلى السيوف قد انتضيت والرماح قد شرعت وإلى السهام قد فوقت وأرعدت الكتيبة بصواعق الموت؛ استخفوا وعيد الكتيبة، لوعيد الله 8 ، ولم ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٩٠ يستخفوا وعيد الله لوعيد الكتيبة فطوبى لهم وحسن مآب فكم من عين في منقار طائر فاضت في جوف الليل من خوف الله 8 ، وكم من يد زالت عن مفصلها طالما اعتمد بها صاحبها في سجوده لله، وكم من خد عتيق وجبين رقيق فلق بعمد الحديد، رحمة الله على تلك الأبدان، وأدخل أرواحها الجنان، أقول قولي هذا وأستغفر الله من تقصيرنا وما توفيقي إلا بالله عليه .(١)« توكلت وإليه أنيب يا أهل » : ومنهم من عزاه إلى أهل مكة، وذكر أن أبا حمزة خاطبهم بقوله مكة تعيروني بأصحابي، تزعمون أنهم شباب، وهل كان أصحاب رسول الله ژ إلا شبابا؟!.. أما إني عالم بتتابعكم فيما يضركم في معادكم، ولولا اشتغالي بغيركم ما تركت الأخذ فوق أيديكم، نعم شباب مكتهلون في شبابهم، ثقال غبية عن الشر أعينهم، بطية عن الباطل أرجلهم، قد نظر إليهم في جوف الليل، منثنية أصلابهم بمثاني القرآن، إذا مر أحدهم بآية فيها ذكر الجنة بكى شوقا إليها، وإذا مر بآية فيها ذكر النار شهق شهقة كأن زفير جهنم في أذنيه، قد وصلوا كلالهم بكلالهم، كلال ليلهم بكلال نهارهم، قد أكلت الأرض جباههم وأيديهم وركبهم، مصفرة ألوانهم ناحلة أجسامهم من طول القيام وكثرة الصيام، مستقلين لذلك في جنب الله، موفون بعهد الله منجزون لوعد الله، إذا رأوا سهام العدو فوقت ورماحهم قد أشرعت وسيوفهم قد انتضيت وأبرقت الكتيبة وأرعدت بصواعق الموت استهانوا بوعيد الكتيبة لوعيد الله، مضى الشاب منهم قدما حتى تختلف رجلاه عن عنق فرسه، قد رملت محاسن وجهه بالدماء، وعفر جبينه في الثرى، ٣٣٠ ، الأغاني، ج ٢٣ ، ص ٢٥٠ ، وص ٢٥٦ ، الكامل في - ١) تفسير الطبري، ج ٤، ص ٣٢٩ ) التأريخ، ج ٥، ص ٥٠ ، شرح نهج البلاغة، ج ٥، ص ٦٣ وص ٦٦ ، نهاية الأرب في فنون . الأدب، ج ٢١ ، ص ٣٥ ، جمهرة خطب العرب، ج ٢، ص ٤٧٥ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٩١ وأسرعت إليه سباع الأرض، فكم من عين في منقار طائر طال ما بكى صاحبها من خشية الله، وكم من كف قد بانت بمعصمها طالما اعتمد عليها صاحبها في سجوده في جوف الليل لله، وكم من خد رقيق وجبين عتيق قد .(١)« فلق بعمد الحديد، رحمة الله على تلك الأبدان، وأدخل أرواحها ا لجنان ولعل هؤلاء وهؤلاء نزعوا هذا المنزع في الاستخفاف بهذه الفئة المؤمنة، التي كان شبابها جمالا لها ووقارا، لأنهم من الصنف الذي قال فيه ٢)، فهم موعودون بأن يظلهم الله )« وشاب نشأ في عبادة الله » : رسول الله ژ بظله يوم لا ظل إلا ظله، وقد انبرى قائدهم أبو حمزة يدفع في صدور متهميهم بهذه الحجج الدالة على أن شبابهم لم يكن عارا عليهم، وإنما كان شرفا وفخارا، إذ لم يكونوا من جنس الشباب اللاهي الذي لا هم له إلا أن يتسكع في الطرقات، وأن يغازل الحسان ويحسو الخمور وينغمس في أوحال الرذيلة، ولكنهم كانوا شبابا يتزاحم في قلوبهم خوف الله ورجاؤه، فنذروا لله حياتهم وقدموا إليه مهجهم، ودفعوا في حياتهم ضريبة العرق والأرق والدمع والدم ثمنا لجنة عرضها السموات والأرض. ونجد الناس مبهورين ببلاغة أبي حمزة، مأخوذين بطلاوة أسلوبه وقوة سبكه في عباراته، ولذلك صارت خطبه من بين الخطب المشهورة في العالم، وصار معدودا من أبرز خطباء العرب، وتصدرت خطبه النصوص الأدبية التي تدرس في فن الأدب، لا سيما المقطع الذي فيه وصف أصحابه . ١) تاريخ ابن خياط، ص ٣٨٦ ، أنساب الأشراف، ج ٣، ص ٢٣٩ ، العقد الفريد، ج ٤، ص ١٣١ ) ،٢٣٤/ ٤٣٩ ، رقم ٩٦٦٣ )، والبخاري ( ١ / ٢) أخرجه الربيع، ص ٣٩ رقم ٤٨ ، وأحمد ( ٢ ) ،( ٤٦١ ، رقم ٥٩٢١ / ٧١٥ ، رقم ١٠٣١ )، والنسائي في الكبرى ( ٣ / رقم ٦٢٩ )، ومسلم ( ٢ ٣٣٨ ، رقم ٤٤٨٦ ). ابن خزيمة / ٥٩٨ ، رقم ٢٣٩١ )، وابن حبان ( ١٠ / والترمذي ( ٤ .( ١٨٥ ، رقم ٣٥٨ /١) هُ تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٩٢ والدفاع عنهم، والحق أن أبا حمزة كان علما في بلغاء العرب، وكانت في قوة تأثير عباراته من جواهر الكلمات التي تزين العربية، ولكن السر  عباراته وامتلاكها الألباب، ليس في كلامه فحسب، وإنما هو في الروح الحية الدافقة السارية في كل كلمة من كلماته، وهي روح الصدق والإيمان، والإخلاص لله تعالى والتفاني في نصرة الحق، فلم تكن كلماته تصنعا أو تجملا ليلفت انتباه الناس إليه ويشدهم إلى شخصيته، وإنما كانت نابعة من ِِ صميم قلبه وعمق فطرته، بل كانت نبضات قلبه وإيحاءات مشاعره وأحاسيسه، وقد صدقها عمله، وزكاها إخلاصه، وزينها صدقه وأمانته، Ä ÌËÊÉÈÇÆÅ ﴿ : فكانت كما قال تعالى '&%$#"!ÓÒÑÐÏÎÍ ,+*)( ٢٥ ]، فهي - -﴾ [إبراهيم: ٢٤ كلمات لا تنم إلا عن الحقيقة، ولا تحكي إلا ا لصدق: ِ إ و َ أن تَ قائل إ َ ن  ولم يكن وصفه لأصحابه اعتباطا، وإنما كانت أعمالهم وأحوالهم ترجمة حية لما قاله فيهم. أشع َ ر بيت ه قَال ي يت ب ذا أ ن شَ دت ه ص دَقا :ΩÉ°ûdG πgC C C G á¡LGƒe »a ¬HÉë°UGh IõªM ƒHG ما كان للطغاة في الشام أن يسكتوا عن هذا الأمر الجلل، الذي وقع باليمن والحجاز، فأقلقهم وأقض مضجعهم، فإنهم بلا ريب يدركون أن طالب الحق وأبا حمزة لم يكونا ليدعاهم يمرحون في غيهم ويسرحون في هواهم، وإنما قاموا لينتزعوا هذا الأمر من يد الظلم، ويرفعوا عن الناس وطأة العسف والجور، ويعيدوا الحق إلى نصابه، ويحيوا ما أميت من حكم الله ويميتوا ما أحيي من حكم الطاغوت، لهذا أعد مروان الطاغية لمواجهة القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٩٣ هذه الفئة عدته، وأغرى أتباعه بما أجراه عليهم من المال وما زودهم به من العطايا، وكان على رأس جنده عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي، يا أهل المدينة، إنا خارجون لحرب » : وودع أبو حمزة أهل المدينة قائلا مروان، فإن نظهر نعدل في أحكامكم ونحملكم على سنة نبيكم ونقسم .(١)« بينكم، وإن يكن ما تمنون لنا فسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون وهو بهذا يؤكد الهدف الأسمى الذي خرج من أجله، وهو العدل بين الناس، وحملهم على سنة النبي ا لمصطفى ژ ، والقسمة بينهم بالسوية. هذا؛ مع عدم الذهول عن الغاية الكبرى التي ينشدها هو وأصحابه، وهي الشهادة في سبيل الله، للفوز برضوان الله والانقلاب إلى جنة عرضها السموات والأرض، وعندما التقى الزحفان تجلى الصبح لذي عينين، فوضح ذكر ابن » لكل أحد ما يحمله كل فريق من فكر ويسعى إليه من هدف، فقد الماجشون أن ابن عطية لما التقى بأبي حمزة، قال أبو حمزة لأصحابه: لا تقاتلوهم حتى تختبروهم، فصاحوا فقالوا: يا أهل الشام، ما تقولون في القرآن والعمل به؟ فقال ابن عطية: نضعه في جوف الجوالق، قالوا: فما تقولون في اليتيم؟ قالوا: نأكل ماله ونفجر بأمه، في أشياء بلغني أنهم سئلوا .(٢)« عنها، فلما سمعوا كلامهم قاتلوهم حتى أمسوا نعم؛ إن الفرق لواضح وإن البون لشاسع بين الفئتين، فأبو حمزة ومن معه إنما يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، وما ، ١) الأغاني، ج ٢٣ ، ص ٣٦٢ ، جمهرة خطب العرب، ج ٢، ص ٤٨١ ، شرح نهج البلاغة، ج ٥ ) . ص ٦٨ ، ٢) تاريخ الطبري، ج ٤، ص ٣٣١ ، المنتظم، ج ٧، ص ٢٧٨ ، الكامل في التاريخ، ج ٥، ص ٥١ ) نهاية الأرب في فنون الأدب، ج ٢١ ، ص ٣٢٥ ، شرح نهج البلاغة، ج ٥، ص ٦٨ ، الأغاني، . ج ٢٣ ، ص ٣٦٢ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٩٤ لهم من هم إلا تطبيق القرآن، واتباع هدي الرسول عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام ، وإنصاف المظلومين، ورعاية اليتامى والمساكين، وإحياء البر وإماتة الفجور، أما ابن عطية ومن معه ممن بعثهم الطاغوت الأكبر بالشام فإن قدر القرآن عندهم أن يلقوه في جوف الجوالق، إذ لا شأن لهم بهدايته ولا أثر له في نفوسهم، فهم حرب عليه وعلى حزبه، وما خرجوا إلا لطمس معالمه والصد عن هدايته والحيلولة بين الناس وبينه، وما حق اليتيم عندهم إلا أن يأكلوا ماله ويفجروا بأمه، وما ذلك إلا لأنهم كذبوا بالدين وسهوا عن الصلاة وغرقوا في شهوات أنفسهم، فلم يحسبوا للآخرة حسابا ولم يقيموا للدين وزنا، ﴿ 6 :987 FEDCBA@?>=<; RQPONMLKJIHG .[٧ - الماعون: ١ ] ﴾ TS وهل بعد هذا كله، يبقى في نفسك أيها القارئ الكريم ريب أو التباس في الفئة المحقة والفئة المبطلة من هاتين الفئتين، ﴿ 4 65 >=<;:987 ﴾@? .[ [ص: ٢٨ وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل وترى أن أبا حمزة الشاري وأصحابه لم يستبيحوا قتال أهل الشام إلا بعد إقامة الحجة عليهم، مع أنهم بلا ريب آتون لحربهم، وقد سألوهم أولا عن كتاب الله الذي هو الميزان الحق والحكم العدل والقول الفصل، وكان ردهم عليهم ما علمت، وسألوهم عن اليتيم فردوا عليهم ذلك الرد الوقح، الذي لا يدل إلا على غاية الصلف ومنتهى الاستكبار، وهل تبقى بعد هذا لهم من حرمة تمنع من قتالهم؟.. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٩٥ وما كان هذا الموقف الحذر من أبي حمزة ومن معه إلا إمعانا في الحذر من إراقة قطرة دم، إلا بحجة بينة وبرهان من الله تعالى، وليت شعري؛ أي حرمة لدماء هؤلاء تبقى، بعد هذه البذاءة في الكفر والمجاهرة بالفساد والغلواء في العناد؟!.. ولا أعجب إلا ممن استمات في الدفاع عنهم، وتسفيه خصومهم وتضليلهم، بعد قيام هذه الحجج وانكشاف خباياهم، ولله الأمر من قبل ومن بعد. وبعد ما أبلى أبو حمزة وأصحابه الشراة بلاء حسنا، أكرمهم الله تعالى بالشهادة، ليجمع لهم كلتا الحسنيين، فقد أكرمهم الله أولا بالنصر والتمكين، لتقوم بأعمالهم الحجة وتتضح بسلوكهم المحجة، ولتشع كلماتهم التي ترددت في الحرمين الشريفين نورا، إذ كانت شهبا تجمع بين سناء النور ولهيب النار، فهي نور يهدي إلى الحق والحقيقة، ونار تشتعل في قلوب الحاقدين، وقد حفظتها ذاكرة التأريخ ووعاها قلب الزمن، لتكون حجة في كل جيل، يهتدي بها المهتدون وينكص عنها الناكصون، وأكرمهم بعد ذلك بالشهادة ليفوزوا برضوانه، ويبوؤا إلى جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا. بايع صحبه على الشرا وما طال زمانه إلى أن أكرما نالوا الشهادة التي قد طلبوا وبرضى الرحمن فيها انقلبوا وعندما انقلبوا إلى الله تعالى خفت صوت الحق، الذي كان يجلجل من ألسنتهم بالدعوة إلى الله، وإقامة حجته على عباده، وإيضاح المحجة الصحيحة لهم، إذ عاد الفساد برمته إلى الحرمين الشريفين، فبرز المغنون والمفسدون من جديد، فتجددت حياة الترف والمجون التي امتلأت بها دواوين القصص والأدب ككتاب (ألف ليلة وليلة)، و(الأغاني)، و(محاضرات الأدباء)، و(العقد ا لفريد). ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٩٦ وبعد أن عادت الكرة لحزب الباطل، أعادوا سيرتهم في التشفي والانتقام وهتك حرمات الإنسانية، فقد حزوا الرؤوس وقدموها إلى الطاغية في الشام، ولم يكتفوا بقتل خصومهم وإنما كانوا يصلبونهم، فظل شهداء الحق مصلوبين، إلى أن آل الأمر إلى بني العباس، فأنزلوهم ودفنوهم. ومع حسن معاملة أبي حمزة لأهل المدينة، وصفحه عنهم، وعدم مؤاخذتهم بجريرة مقاتلتهم له بعد أن وضعت الحرب أوزارها، ما كان منهم بعد أن بلغهم مصرعه إلا أن انقضوا على أصحابه يقتلونهم تقتيلا، حتى من اقتنع بدعوته من أهل المدينة أنفسهم كان جزاؤه ا لقتل. فكان من بين الذين قبلوا دعوته من أهل المدينة بشكست النحوي، وقد كان » : فانقلب عليه أهل داره وقتلوه فيمن قتلوا، قال ابن الماجشون اتبعه على رأيه قوم من أهل المدينة وبايعوه، منهم بشكست النحوي، فلما جاءهم قتله وثب الناس على أصحابه فقتلوهم. وكان ممن قتلوه بشكست النحوي، طلبوه فرقي في درجة دار، فلحقوه فأنزلوه، وقتلوه وهو يصيح: يا .(١)« عباد الله، فيم تقتلونني وهذا مما يعزز نظرة أبي الحر علي بن الحصين عندما اقترح على أبي حمزة أن يؤاخذ أهل المدينة بعد فرارهم ويجهز على أسراهم، لأنهم أخذوا فإن هؤلاء أشر علينا من » : وهم يقاتلون، ولهم مأوى يرجعون إليه، وقال .(٢)« أهل الشام، فلو جاؤوك غدا لرأيت من هؤلاء ما تكره وهذا الذي وقع فعلا، ولكن أبا حمزة كان أحرص على الاحتياط في ١) ينظر: شرح نهج البلاغة، ج ٥، ص ٦٨ ، ومختصر تاريخ دمشق، ج ٥، ص ٦٥ ، الأغاني، ) . ج ١، ص ٢٨١ وج ٢٣ ، ص ٢٦٢ . ٢) الأغاني، ج ٢٣ ، ص ٢٤٤ ، شرح نهج البلاغة، ج ٥، ص ٦١ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٩٧ لا أفعل، » : دينه منه على الحزم في سياسته، ولذلك رد على أبي الحر بقوله وقد سجل كل واحد من الفريقين بفعله صفحته ،« ولا أخالف سيرة أسلافنا فكانت صفحة أبي حمزة والحمد لله بيضاء نقية، بينما كانت صفحات خصومه سوداء معتمة. (øjóbÉëdG äGAGôàaGh ø«Ø°üæªdG äGOÉ¡°T ø«H) …QÉ°ûdG IõªM ƒHCG من شأن الناس أن يتباينوا في المواقف، بين شاهد بالحق وجاحد له، وهذه هي سنة الله في خلقه، فهؤلاء رسله المصطفون الأخيار لم يسلم أحدهم من قادح حرص على تشويه سمعته وتسفيه دعوته، وحسبنا نبينا ژ الذي وصفه من وصفه بالسحر والكهانة، ووصموه بالجنون، واتهموه بافتراء الكذب، مع معرفتهم بصدقه وأمانته، وبروز معجزته التي أخفقت محاولاتهم أن يطمسوا نورها ويخفتوا صوتها، فلا غرو مع هذا إذا وجدنا الناس في أمر ٍ حركة طالب الحق وأبي حمزة الشاري بين معجب بها شاهد بأنها كانت  على ذروة الحق، وآخر حاقد عليها لا ينطق لسانه فيها إلا بما يغص به صدره من السخيمة والحقد، ولا نريد أن نتعرض للذين سبقوا وتحدثوا عن هذا من أبناء القرون الخالية، وإنما نذكر نماذج وأمثالا مما قاله معاصرون. شهداء ا لقسط: لقد شهد لهؤلاء شهداء لم يرعوا في شهادتهم إلا أمانة الكلمة، وصدق الحديث والاعتراف بالحقيقة، وأداء ما فرض الله عليهم من القيام بالقسط والشهادة بالحق، وهذه أمثلة من هؤلاء: ١ المجاهد البطل العلامة الصدوق الشيخ عبد المعز عبد الستار، الذي وجه إلي رسالة عندما دعوته للمشاركة في ندوة أبي حمزة الشاري، التي ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ١٩٨ عقدت في عام ١٤١٠ ه بمسقط عاصمة سلطنة عمان، وقد احتوت رسالته ُ تطبيق » ما هو جدير بأن يقال في أبي حمزة، وقد صدر بها بحثه المعنون ب المبادئ الإسلامية في المواقف العسكرية، بحث مقدم إلى ندوة الاحتفال ولأهمية هذه الرسالة أنقلها إلى القارئ ،« بالإمام أبي حمزة الشاري 5 الكريم، بنصها وفصها: بسم الله الرحمن ا لرحيم » تحية.. وتهنئة.. وتقدير الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه. سماحة الأخ الجليل العلامة الشيخ أحمد الخليلي مفتي عمان حفظه ُ الله.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعلى آلكم وعامة الأحبة عندكم، حفظكم الله وزودكم التقوى، وجمعنا وإياكم على خير ما يحب ويرضى. تلقيت بكل اعتزاز وتقدير هذه الدعوة الكريمة، للمشاركة ببحث عن تطبيق الشريعة في المواقف العسكرية، في الندوة التي تقيمها السلطنة الفتية الرشيدة، بلفتة من القائد الموفق السلطان قابوس حفظه الله، احتفالا بذكرى . البطل الجاهد المجاهد المختار أبي حمزة ا لشاري 5 وقد سرني هذا الاتجاه الكريم الموفق في السلطنة ورجالها وقادة الشباب فيها لبعث أمجادنا واستعادة تاريخنا وإحياء السير العطرة لرجالنا وأعلامنا، فذلك أمر طبيعي فيكم منتظر منكم، لما جبلكم الله عليه من الوفاء لدينكم والاعتزاز بإسلامكم والتمسك بعقائده وأحكامه وفضائله وآدابه، وما عرف به أسلافكم من الدعوة والجهاد، وهو أهم ما نحتاج إليه اليوم. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٩٩ إن شبابنا اليوم في حاجة شديدة لمثل هذا الولاء لسلفهم، والتعرف على أمجادهم وتاريخهم واتخاذ الأسوة الحسنة منهم، فنحن في زمن قل ƒ ( فيه الهداة بيننا، فما بد أن نطلبهم من تاريخنا، وقد كان (ابن مسعود  .« من كان مقتديا فليقتد بمن مات؛ فإن الحي لا تؤمن عليه ا لفتنة » : يقول وقد كان أكثر ما سرني أن تختار الندوة شخصية المختار أبي حمزة  الشاري 5 ، أصدق من آمن بحق وعمل به ودعا إليه وجاهد في سبيله ونذر حياته لجهاد الطغاة وشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله، حتى قتل فيه وصلب وقتلت معه زوجه في ميدان البطولة والفداء. إن الشباب بحاجة إلى أن يتعرفوا إلى أبي حمزة وأمثاله في صدق الإيمان وتطبيق القرآن وقوة البيان وتحدي الجبارين وجهاد الظالمين أًعلاما صاروا حتى دم، من قطرة آخر إلى والسنان والسيف والبيان بالحجة للبطولة والفداء والمقاومة والتحدي. وما أكثر هذه المثل الرفيعة عند الإباضية والخوارج، وإن كان كثير من الإباضية يرفضون أن يعدوا فرقة من الخوارج، وهذا صحيح إن أريد بالخوارج من عداهم من وا كُ وشر وا ر كف ممن شاكلتهم على ومن والنجدات الأزارقة ُ المسلمين، واستحلوا دماءهم وأموالهم وذرياتهم وديارهم، وانقلبوا كالإعصار المدمر والريح العقيم التي ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم. ولكن هؤلاء كانوا شذوذا في القاعدة وفسادا في التطبيق، فلذلك ما أسرع ما انتهوا وبادوا. وبقي الإباضية يمثلون الوجه الجميل للخروج على الطغاة والجهاد في سبيل الله، يرتقون قمة الكمال الإنساني في تصنيف البشر، فما لهم في الناس من نظير. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٠٠ فالناس ثلاثة أصناف كما قسمهم ا لعلماء: ١ صنف يفنى في ذاته وملذاته وأنانيته وشهواته، ثم لا يبالي إن وسع داره أن يهدم جاره، وهم يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم، وهذا صنف هالك نعوذ بالله منه ولا حديث لنا عنه. ٢ وصنف صلح في ذات نفسه واشتغل بعبادة ربه وتحصيل رزقه، ومن بيته لمسجده ولا شأن له بغيره، وهذا لا بأس به فقد أصلح أمره وعزل عن الناس شره. ٣ وصنف اشتغل بإصلاح نفسه وكسب رزقه كسابقه، لكنه لم يكتف بهذا، بل اشتغل بإصلاح غيره تطوعا واحتسابا، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، وهذا صنف يعتبر بأرفع درجات الكمال الإنساني، الذي يتبوأ ذروته النبيون والمؤمنون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود ا لله. L SRQPONM ﴿ : وهم ينطبق عليهم قوله تعالى فصلت: ٣٣ ]، ولا نعلم قوما انتدبوا لمثل هذا ] ﴾ XWVUT العمل واحترفوا مقاومة الطغيان واحتسبوا تغيير المنكر بالسيف والسنان مثل الخوارج، أو على الأصح الإباضيين، منهم فهم الذي أخذوا أنفسهم بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهاجا وتطبيقا بكل إخلاص وقوة، وألزموا أنفسهم الجد والزهد والجهاد في سبيل الله والمستضعفين احتسابا وقربى، في زمان فتحت على الناس فيه الدنيا بزينتها وفتنها كما يدخل الليل على النهار فأزلتهم وأذلتهم، إلا هؤلاء الشراة الذين اعتصموا بالله، فقد بقوا على فطرتهم وثباتهم وصلابتهم، شاكي ليس في الفرق كلها » : أسلحتهم كلما سمعوا هيعة طاروا لها. قال ابن عبد ربه .« أشد بصائر من الخوارج، ولا أشد اجتهادا ولا أوطن أنفسا على الموت منهم القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٠١ ونحن في فتنة الدنيا وبريق الحضارة التي دخلت على المسلمين اليوم بحاجة إلى مسة منهم تكسينا حصانة ومناعة، وتجعل من أبنائنا امتدادا حاضرهم ونربط مآثرنا ظهم حف نُ أن لذلك وسبيلنا الأولين، آبائنا لحياة بماضينا، ورضي الله عن سعد بن أبي وقاص فقد كان يقول: إن كنا لنروي لأبنائنا مغازي رسول الله وسيرته كما نحفظهم السورة من ا لقرآن.  ويقيني أن ما أمسك أبا حمزة وأضرابه على الحق والمقاومة إلا روح القرآن  والنبي ژ وأصحابه، وإنما ابتليت هذه الأمة بالوهن وحب الدنيا وكراهية الموت، لما انقطعت من نبيها وسلفها، وابتليت بمن شوهوا تاريخها وأمجادها، : وصنعوا لأعدائها أمجادا كاذبة وبطولات زائفة، فكانوا كما قال شوقي 5 مثل القوم نسوا تاريخهم كلقيط عي في الحي انتسابا فلذلك نحن نستبشر خيرا ونؤمل في جيل جديد من الأباة والحماة والشراة الصادقين، يقفون سدا منيعا في وجه الغزو المادي والمعنوي، ويعيدون لهذه الدعوة مدها وللأمة مجدها، بفضل جهودكم والرجال الصادقين المخلصين من أمثالكم، ونسأل الله أن يزيدكم ثباتا في الخير وعزيمة على ا لرشد. وهو سبحانه ولي المحسنين، ويتولى الصالحين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وأصحابه، ومن دعا بدعوته وعمل بسنته ونصح لأمته وجاهد في الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. من محبكم عبد المعز عبد الستار .« القاهرة غرة صفر ١٤١٠ ه ٭ ٭ ٭ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٠٢ هذه كلماته التي تترجم ما في حنايا نفسه وطوايا ضميره، من الإعجاب والتقدير لشخصية أبي حمزة وجهاده وسلامة فكره وحسن طويته واستقامة منهجه، وأنه كان مثال صدق للتعلق بالقرآن والتزام خطته، والارتواء من معينه والاستهداء بنوره، وهي بعض من كل من شهاداته الصادقة لهذه الشخصية المؤمنة وأصحابها المؤمنين، وكان لبحثه في الندوة ومداخلاته في وقائع الندوة وأعمالها أثر في إبراز الحقيقة التي يجادل فيها كثير من الناس فيما يتعلق بأبي حمزة وفكره. وقد تولى طبع هذا البحث على حسابه، وقدمه هدية إلى الشباب العماني عامة، بمناسبة افتتاح جامع السلطان قابوس الأكبر في شهر صفر ١٤٢٢ ه ، وأدلى بتصريح لتلفزيون سلطنة عمان ربط فيه بين المآثر ُ الحاضرة والأمجاد الماضية، وأشاد بدور أبي حمزة التأريخي مذكرا به الشباب الحاضر ليتخذ منه قدوة صالحة وأسوة حسنة.  ٢ الداعية المخلص المجاهد الشيخ الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني، الذي أعد بحثا تضمن دراسة تحليلية لخطب أبي حمزة الشاري، وقدم بين إن الدارس لخطب أبي حمزة الشاري يجد جذوة » : يدي هذه الدراسة ما نصه من وهج العقيدة ونورها، ثبتت للخطوب جميعا واستعصت على الأحداث جميعا، تخاطب المؤمن بإيمانه وتستثير ساكن وجدانه، وتذكر في قلبه معاني قرآنه، وتهتف به أن ينصر الحق كما نصره أصحاب رسول ا لله ژ ، وتتخذ من آيات الكتاب وسيرة المصطفى ژ وسير أصحابه رضوان الله عليهم منطلقات للدعوة، وحججا للداعية يظهر بها الحق وتبطل الباطل، وتواجه الحكام الظالمين بظلمهم وتعلن منذ ذلك العصر أن السيادة للشرع، والسلطان للأمة المطالبة بإقامة أحكام الله، فإذا ما خرج الحاكم عن حكم الله تعالى، وجب على الأمة صاحبة السلطان التي فوضت الحاكم بالإمامة أوالخلافة عزله. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٠٣ وحتى تعرف الأمة حقها وتدافع عنه وتضحي من أجله، لا بد أن يقوم العلماء ورجال الأدب والفكر بالتوعية الإيمانية، التي يوظفون فيها الأدب . لخدمة الدعوة، وهذا ما نجده في خطب أبي حمزة 5 والدارس لخطب أبي حمزة دراسة متدبرة يمكن أن يجد الخصائص التالية: ١ جذوة متوقدة تحملها خطبه المستعرة بهموم المجتمع الإسلامي، لم تخمد ولم تمالئ ولم تهادن، ولم تقبل بأنصاف ا لحلول. ٢ استثارة مبادئ العقيدة وقيمها من أجل التوعية والإعداد لمقاومة الظالمين، فمبادئ التوحيد والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن . المنكر معالم واضحة في خطبه 5 ٣ حسن الاستشهاد بالنصوص القرآنية وحوادث التأريخ لنصرة الحق ومقاومة ا لباطل. ٤ الحوار مع الشعب من أجل تبصيره بقضاياه وتوعيته للمطالبة بحقوقه. ٥ تصوير الظلم والاستبداد بأبشع صوره. ٦ مواجهة الحكام الظالمين بجرائمهم. ٧ مواجهة الشعب بأمراضه، ومنها سكوته على الظالمين، في سبيل بعث الوعي الثوري في نفوس ا لجماهير. هذا أبو حمزة وهذه خطبه: جذوة مضطرمة يختلف عليها الليل والنهار، وتتعاقب عليها السنون وهي متوقدة لا تخبو نارها، ولا يضعف وهجها، هذه الجذوة المضطرمة التي استعصت على الموت لأن الفكر الذي حملها فكر حي، والقلب الذي حملها قلب خافق بمعاني العقيدة الحية، والدماء التي ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٠٤ سالت من أجلها لا تزال فوارة في قلوب المؤمنين تمدها بأسباب ا لحياة. فكتب الله الخلود لخطب أبي حمزة الشاري، ولا تزال الأجيال تتلوها وتعيش معها حرارة المواجهة مع الباطل ونار المعركة ودروس الإيمان والصبر في مواجهة الظلام والظالمين، هذه الجذوة الخالدة هي التصوير الصادق لأدب أبي حمزة الشاري وخطبه وحياته. إنه القلب الموصول بالله.. الموصول بكتابه، المتلظي بهموم دعوته المستعلي على الباطل وبهرجته وطغيانه وسلطانه وجنده، الذي يجعل من الخطوب المتلاحقة والهموم الثقال، والبأساء والضراء تنتابه وتنتاب أخوانه؛ وسيلة كريمة لإذكاء روح المقاومة والجهاد، ليمس بها قلوب الناس ومشاعرهم ويستثير بنارها هممهم وعزائمهم. وإذا أعطت خطبه وآثاره في حياته عطاءها، فإنها بقيت بعد موته تشهد بحياة أصحابها، كما يشهد هذا الملتقى الفكري بحياته بعد قرابة نيف وثلاثة عشر قرنا، وما أجل تعبير شهيد الإسلام سيد قطب 5عن هذا إن كلماتنا عرائس من الشمع، إذا متنا في سبيلها أضاءت » : المعنى بقوله .« ودبت فيها ا لحياة اقرأ هذه الخطب.. كأنها بنت عصرنا هذا، تقرأها حية جديدة خصبة معطاءة متصلة تصور صاحب العقيدة صلبا لا يعرف المرونة، ماضيا لا يعرف التردد ثابتا في الحق لا يعرف لينا، لا يتلون تلون الحرباء حسب .« الظروف والمناسبات ويلبس لكل عهد لبوسه ولكل حكم جبته ثم أضاف إلى ذلك قائلا: ويحسن وصف شخصية أبي حمزة الشيخ أبو العباس أحمد بن سعيد » أما أبو حمزة، فأسد في الحرب، المستعد للطعن » : الدرجيني 5فيقول القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٠٥ والضرب، ليث في الهيجاء إن ركب وغيث في الآراء إذا وهب، وبحر عجاج إذا وعظ واختطب، الحصر يعدوه قصر أو أسهب، ذو رفق ولين لأولياء الله المتقين، وذو غلظة على الشاقين، وجميع إخوانه على هذه الطرائق متخلقون بمحمود الخلائق، ليس من الكل إلا جاهد أو مجاهد محالف الأرق ساهد، قاطع ليله في الهجود، بالركوع والسجود، وتلاوة القرآن والضراعة إلى الرحمن، والحراسة في سبيل الله، وكف أعداء الله، منفذ أيام العمر في إحياء العلوم وإنجاد المظلوم ومحو ما ارتسم للباطل من الرسوم، هاجروا في سبيل الله الأوطان والمال وربوا بأنفسهم عن اتخاذ النشب والمال، وآثروا أولياء الله وقاتلوا أولياء الشيطان، وشرفوا أنفسهم ابتغاء الرضوان، فلم يلتفتوا إلى زهرة الحياة الدنيا، حتى فارقوا ثوب .« المحيا، فودع كل منهم حميدا ويبين لنا من هذا النص الصفات ا لتالية: ١ التقوى والعبادة. ٢ كرم النفس والرفق واللين لأولياء ا لله. ٣ الشدة والحزم في مواجهة أعداء ا لله. ٤ الجهاد في نصرة الدعوة والهجرة في سبيل الله والتضحية بالنفس والمال. ٥ إفناء سني عمره في إحياء العلوم وإنجاد المظلوم ومحو ما ارتسم للباطل من ا لرسوم. ونجد صفات أبي حمزة هذه نموذجا كريما للشخصية الإسلامية التي وصفها الله بقوله: ﴿ !" $%& # ',+*)( -. ;:9876543210/ . [ ﴾ [الفتح: ٢٩ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٠٦ كما نجد أبا حمزة في خطبته التي وصف فيها أصحاب النبي الكريم. وكان أبو حمزة بهذه الأخلاق أهلا لأن يقود جماعته، وتكون خطبه صادرة من قلب صادق مخلص محترق بهموم المسلمين، وما خرج من القلب دخل إلى القلب بغير استئذان، وهكذا كانت خطب أبي حمزة في حرارتها ووهجها وصدقها صورة ناطقة عن قلبه المحروق، ونفسه الملتهبة وعطشه لنصرة الحق، وإقامة معالمه. ولعل هذه الأبيات التي أنشدها أبرهة بن الصباح الحضرمي رفيق أبي حمزة وعضده في مواجهة جيش عبد الله بن عطية، تصور تصويرا رائعا عظم المواجهة وحرارة الموقف التي عاشها أصحاب العقيدة في نصرة ا لحق: أنا الغلام الحضرمي ا لشاري مهذب لا يصطلي بناري جوركم جنبني قراري وجاء بي من وطني وداري ( اه( ١ .« حب جلاد القوم في الصحاري وهي شهادة حق ما أريد بها إلا وجه الله من قلب مفعم بحب الحق، ولسان ناطق بالصدق، جسدت الواقع وصورته كما ينبغي أن يتصور، وبددت ما نسجته أحقاد المغرضين من الصورة الكاذبة المشوهة لهذه الشخصية المؤمنة ا لفذة. ٣ العالم المفكر الكاتب المخلص الشيخ الدكتور عبد العزيز أبو » المجدوب (من علماء جامع الزيتونة بتونس الخضراء) أعد بحثا بعنوان جاء فيه ما نصه: ،« حمزة الشاري حركته وأبعادها وأسباب انحسارها إن أبا حمزة الشاري من أصدق أسلافنا إيمانا وأخلصهم عملا، » . ١) المجاهد أبو حمزة الشاري، ص ٢٧ ٣٠ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٠٧ وأخشاهم لله في خلقه وأشدهم عطفا وغيرة على الناس، ومن أكثرهم حرصا على إنقاذهم مما يعنتهم، وما كانوا يرزحون تحته من ظلم النفس وظلم الإخوان وظلم السلطان، أو هو كما وصفته بعض المصادر: ليث في الهيجاء إذا ركب، وغيث في الآراء إذا وهب، وبحر عجاج إذا وعظ واختطب، ذو .(١)« رفق ولين لأوليائه المتقين، وغلظة على ا لشاقين إن هذه الثورة في واقع » : ثم قال مبينا ظروف ثورة أبي حمزة ودوافعها أمرها تعد امتدادا لثورات متتابعة أو لكفاح متواصل لم ينقطع منذ قامت الدولة الأموية إلى أن انقرضت، فهي حركة تصحيحية أو إصلاحية كان لا بد أن تظهر، وقيض لها الله من يشري نفسه ابتغاء مرضاته، وبيد الأقدار بعد .« ذلك وقبله أن تنجح أو تفشل قامت دولة بني أمية على غير ما يرضي الله ورسوله » : وأضاف إلى ذلك وألغت الخلافة وما فيها من مبدأ الشورى وحولتها إلى ملكية بل قيصرية أو كسروية، تسلم فيها يزيد مقاليد الأمور من بعد أبيه، وهو من سقط المتاع!! ومن أحقر الناس خلقا وسلوكا!! ثم كان من بعده آل مروان تداولوا الحكم فيها واحدا من بعد آخر، إلى آخر خليفة فيهم مروان بن محمد، الذي على يديه دالت دولتهم، وقامت على أنقاضها الدولة العباسية، وعليه وعلى ولاة الأمر لديه كانت ثورة أبي حمزة. وأهم ما كان سببا في قيام أبي حمزة وخروجه ما أمست عليه الأحوال في ذلك العهد، فقد ساءت على المستوى الديني والخلقي والاجتماعي، وبعد ما بينها وما كانت عليه في فجر الإسلام وفي زمن ا لرسول ! ، يؤكد ذلك التأريخ، وقد ألح في وصفه أبو حمزة في سائر خطبه ويلمسه كل من . ١) المصدر السابق، ص ١٣ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٠٨ يعود إلى خطبه التي ألقاها بمكة أو بالحرم النبوي بالمدينة أو بغير هذين .(١)« الموضعين، وكل من يقف على محاوراته مع خصومه أو مع عموم ا لناس في حمزة أبي كلام من ومضات مقتبسا حًيا تصويرا الواقع صور ثم خطبه، ثم عاد وأثبت أن الناس رأوا في حكم طالب الحق باليمن وأبي حمزة الشاري أسلوبا جديدا في تدبير الأمور وفي سياسة الرعية وأضاف: هذا الأسلوب الذي عرفته الأمة في ظل الخلافة الراشدة ثم اختفى، أمن » الناس فيه على أنفسهم وأموالهم، ونال فيه المستضعف حقه ولقي فيه .(٢)« الظالم جزاءه ثم أخذ يصف كيف اشترى بنو أمية ضمائر الناس حتى صرفوهم عن الحق، فلم تجد فيهم موعظة أبي حمزة البليغة وحجته الدامغة، ولم يؤثر فيهم لطف معاملته لهم وحسن تصرفه في شؤونهم، وكان مما قاله في هذا: إن من اشترى بنو أمية هممهم وامتلكوا قلوبهم حتى أضحوا يعتبرون » الشراة أعداء لله لا يمكن أن يقنعوا أن أعداء الله هم الذين لم يجعل الله لهم طاعة على الخلق، فاستبدوا وظلموا. والناس بمقتضى سياسة بني أمية ألفوا الخضوع والاستكانة واستمرأوا حياة الاستسلام واللامبالاة، وطاب لهم عيش اللذائذ ومقارفة المعاصي... كل ذلك أمسى في اعتقادهم قدرا لازما ما دام حكام البغي وأعوانهم وعمالهم قد علموهم أن الجبر حكم الأقدار، وأنه لا حرية للعبد ولا اختيار، وطبيعي فيمن كان هذا شأنهم أن لا يغيروا ما بأنفسهم، لذلك حرص أبو حمزة أن يجوس خلال النفوس ويحاول أن يبعث فيها حافز الخير . ١٥ - ١) المصدر السابق، ص ١٤ ) . ٢) المصدر السابق، ص ١٨ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٠٩ والإحساس بالواجب، ويحيي فيها الشعور بالمسؤولية، فطالب وهو بمكة وبالمدينة في شخص واليه، كل فرد من أفراد الأمة بأن يرعى الأوامر والنواهي الدينية، وأن يؤمن بأنه حر ومسؤول عما يفعل، وأن لا يستمع لدعوى أن الله يكلف عبده ما لا طاقة له به، وتؤكد الآثار المكتوبة أن الأحوال تحسنت تحسنا واضحا ملموسا، وأن عمل الصالحين المصلحين قد أثمر رغم قلة عدد المتعاطفين، وما كان للأغلبية إلا أن تخضع وتظهر الطاعة، وإن هي أخفت حقدا دفينا وعداء ظهرت آثاره يوم خروج الإباضية من المدينة ثم من مكة، فيما أظهروا من شماتة وما ألحقوا بهم من ألوان .(١)«!! التنكيل والتقتيل ثم عرج على الأسباب التي أدت إلى تقويض دولة الشراة مع ما كانوا يتصفون به من حسن السياسة مع الشجاعة النادرة والتضحية في جهاد الأعداء، وحصر الأسباب فيما يلي: عن الناس أبعد الشراة أن المصادر وأثبتته الأخبار به شهدت ما :ً أولا العدوان والظلم، وأبعدهم كذلك عن الانتقام لا في حرب ولا قتال ولا في حالة السلم، شأنهم التسامح والعفو والتزام سيرة السلف الصالح في ذلك، وما يستلزمه التعاطف الأخوي في الدين، كل هذا وإن كان مكرمة بل واجبا فهو لا يقابل من قبل اللئام إلا بالاستخفاف من إضمار الحقد وتحين فرصة الغدر، جاء في كتب الشراة التي قدم بها أبو حمزة على عبد الله بن يحيى هذه الوصية: إذا خرجتم فلا تغلوا، واقتدوا بسلفكم الصالحين، وسيروا سيرتهم، فقد » ولما انهزم أهل ،« علمتم أن الذي أخرجهم على السلطان العيب لأعمالهم جمع الخزائن » صنعاء أراد أبرهة بن الصباح اتباعهم فمنعه طالب الحق الذي بدل تبذيرها وإضاعتها. وأرجع عامل مروان على المدينة « والأموال وأحرزها . ١) المصدر السابق، ص ١٩ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢١٠ ارجع إلى » : رسول أبي حمزة وقد جاءه واعظا داعيا إلى الخير قائلا له كفوا » : فما زاد أبو حمزة على أن قال « أصحابك فليس بيننا وبينهم إلا السيف وموقف عنهم مأثور ومنهم معروف ،« عنهم ولا تقتلوهم حتى يبدأوكم بالقتال وهو أنهم لم يقاتلوا إلا من يبدأ بمقاتلتهم، وألح علي بن الحصين على أبي حمزة أن يأذن له بملاحقة أهل العدوان منهم ومعاقبتهم فأبى أبو حمزة رغم إن هؤلاء شر علينا من أهل الشام، فلو قد جاؤوك غدا لرأيت من » : قوله له لا أفعل ولا أخالف » : فما كان جواب أبي حمزة إلا أن قال ،« هؤلاء ما تكره بل إنه هم أن يطلق سراح بعض الأسرى لولا أن منعه ابن ،« سيرة أسلافنا إن لكل أهل زمان سيرة، وإن هؤلاء لم يؤسروا وهم هراب، » : الحصين وقال له وإنما أسروا وهم يقاتلون، ولو قتلوا في ذلك الوقت لم يحرم قتلهم وكذلك وبعد الهزيمة بسبب مكر أهل مكة وتعاونهم مع جيش « الآن قتلهم حلال مروان، ذكر ابن الحصين إمامه أبا حمزة بأن هذا ما كان ليحدث لو أنه مارس  الشدة مع من أخذهم باللين، بل إنه قد كان حذره من شرهم من قبل المعركة، إني قد أشرت عليك اليوم أن تضع السيف في هؤلاء، فإنهم كفرة فجرة، » : قال لا أرى ذلك لأنهم قد » : ولو قدم عليك ابن عطية لكانوا أشد عليك منه، فقال دخلوا في الطاعة وأقروا بالحكم، ووجب لهم حق الولاية. قال: إنهم سيغدرون . فقال: أبعدهم الله ﴿ ,- / 10 . [ ﴾ [الفتح: ١٠ الغدر، هو الحقيقة في الأول عن بمنفصل وليس الثاني السبب : ثًانيا وقد كان لا بد من توقعه وتوقيه من أهل المكر ممن ألفوا الرياء. كان هذا سببا واضحا لحصول الهزيمة وفشل ا لجماعة. بعض في قال الخطر، استشعار رغم بالعهد حمزة أبي وفاء : ثًالثا معاذ الله أن ننقض العهد أو » المواقف التي يضعف فيها الرجال ويخونون .« نخيس، والله لا أفعل ولا أفعل ولو قطعت رقبتي هذه القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢١١ الرابع: لجوء الأعداء من الأمويين إلى شتى الوسائل التي يمكن أن تحقق أهدافهم، من ذلك ما يبذلون من رشاوى بلا حساب لاصطناع الجيش .« واشتراء همم ا لناس الخامس: وهو سبب محتمل، يمكن استنتاجه من خبر أورده (فلهوزن)، وفحواه أن الشراة قد سمحوا لغير الإباضية من الفرق والطوائف الأخرى أن يدخلوا في زمرتهم ليكونوا أعوانا على الأمويين، إن صدق هذا الخبر فإن من بين الداخلين في زمرة الشراة من قد يكون من طبعه الغدر والمخادعة؛ الأمر الذي ربما ساهم فيما أصاب الجماعة وفي حصول ما حصل، لا سيما لكن هذا مبدأ سياسي ولا يتفق مع مذهب » : إذا أدركنا مقصد الباحث بقوله فإذا « من ليس ضدنا فهو معنا » ويشير بذلك إلى المبدأ الذي يقول « الخوارج لم يشأ أبو حمزة أن » ما سلمنا بذلك وأضفنا إليه قوله في نفس الموضع يتخذ إجراءات شديدة لحماية نفسه من غدر أهل مكة، ولهذا كانت مقاومته فإنه يمكن القول بأن أبا حمزة وإن كان مقاتلا مقداما وفارسا مغوارا « عبثا فإنه ليس عسكريا بالمعنى المستحدث أي أنه لم يكن سفاحا يستعذب التقتيل، تواقا إلى اضطهاد الناس، وأن ثورته لم تكن حركة ثورية تمردية اعتسافية، لا من حيث دوافعها ولا من حيث أهدافها، بل إنه ليس من الخطأ إذا قلنا مع من قال إن هذه الثورة أقل أهمية من سابقاتها من الناحية السياسية ولكنها أقرب إلى مذهب الخوارج، وهو يعني أنها ثورة ثقافية إن جاز هذا التعبير، لهذا كان من اللازم أخذ الاحتياطات، بل إن من العصمة .(١)« حماية مثل هذه الثورات بما ينبغي لها من وسائل الحماية ا لمادية وأحسب أنه يحق لي القول: إن الشراة إلى جانب » : ثم أضاف إلى ذلك ما سجلوا من نتائج باهرة على المستوى الإصلاحي دينيا وخلقيا واجتماعيا.. . ٢٢ - ١) المصدر السابق، ص ٢٠ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢١٢ فإنهم أقاموا ولو لمدة وجيزة دولة إباضية وسعت الحجاز ومعظم أطراف الجزيرة، وهذا غنم سياسي يضاف إلى قائمة ما استطاعوا أن يقيموا من دول بالمشرق والمغرب، وهو كذلك غنم لا يوصف إذا ما استحضرنا أن بزوال هذا الحكم قد زال حكم بني أمية، وهو الهدف الأساسي من قيام هذه الثورة .( اه( ١ .« وما سبقها منذ قامت دولتهم وهي كسابقاتها من الشهادات الصادقة صدرت من قلب يؤمن بما يقول من الحق، فلم يبال إن رضي الناس عما يقوله أو سخطوا، وإنما المهم هو رضى الله 8 <;: تعالى القائل: ﴿ 9 .[ الأنعام: ١٥٢ ] ﴾BA@?>= ٤ الشيخ الفاضل الوفي محمد شحاته أبو الحسن (من جمهورية مصر أبو » العربية) المدرس بمعهد القضاء الشرعي سابقا، وقد أعد بحثا بعنوان وبحثه من أوله إلى آخره « حمزة الشاري المختار بن عوف القائد الداعية مليء بذكر مناقب أبي حمزة وصدق لهجته وإخلاصه في دعوته، وحرصه على نصرة الحق، وهو مليء كذلك بذكر جرائم الطرف الآخر الذي قام عليه أبو حمزة، وإمامه طالب الحق، وكان مما قاله: فمن لنا بأبي حمزة وأمثاله... » يوقظ الهمم ويوحد الجهد ويدعو الأمة إلى ما أراده الله لها خير أمة أخرجت للناس، تحمل تكاليف دينها راضية، وتقف في وجه تيارات الإلحاد التي سلبت البشرية كل فضيلة، وتجاهد في سبيل الله ليكون الدين كله لله. إن المتأمل في خطب أبي حمزة يجد أنها تتميز بالدعوة إلى منهج الله، . (٢)« وهي تتسم بهذه السمات في جميع مراحلها واتجاهاتها . ١) المصدر السابق، ص ٢٣ ) . ٢) المصدر السابق، ص ٨٣ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢١٣ إن المتأمل في نهج أبي حمزة الشاري الذي بينه وأعلنه » : وقال أيضا على منبر رسول ا لله ژ يجد أن حديثه لم يكن خطبة منبرية، ولا نصا أدبيا يتناوله النقاد بالدراسة، ويستعرضون ما فيه من بلاغة وقوة تعبير. لقد كانت خطبته عرض منهج يشرح فيه بصدق وأمانة الدافع الذي أخرجه وصحبه من ديارهم وأموالهم، إنهم لم يخرجوا طلاب دنيا أو ملك يخوضون فيه. إنهم طلاب حق يعلمون أنهم قلة، وكذلك أتباع الحق في كل زمان ومكان، وما مدح الله الكثرة في أي موقف، وهل كان أصحاب الأنبياء والصالحين إلا T YXWVU ﴿ قلة، وقد قال الله في أصحاب طالوت edcba `_^]\[Z onmlk jihgf tsrqp  .[٢٥١ - ﴾ [البقرة: ٢٤٩ وقد ثبت رسول الله ژ دعائم الدين بالمؤمنين القلائل الذين واجه بهم ِِ ومعهم في قلة من الع دَد وضعف من الع دَد قوى الشرك على تنوعها َُ وملأوا الدنيا بكلمة ا لتوحيد. وكما قال عبد الله بن الزبير: أما بعد.. فإنه لم يعز من كان الباطل معه، ولو كان معه الأنام طرا، ولم يذل من كان الحق معه، ولو كان فردا. حقا أرأيتم بلج بن عقبة، معه ستمائة من أمثاله فتوة وعقيدة يقابلون جيشا يأكل الفضائل ويطمس معالم الحق ولا تأخذه لومة لائم، فيقابلونهم غير هيابين لا تهمهم النتائج، فهي بين يدي الله يفعل بهم ما يشاء، إنها الفئة المؤمنة في كل وقت وزمان تواجه الباطل لا يعنيها انتفاشه وبطره وفجوره، بل يعنيهم أداء الواجب على أحب ما يريد ا لله. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢١٤ قال مالك بن أنس 5 : خطبنا أبو حمزة خطبة شكك فيها المستبصر وردت ا لمرتاب.  قال: أوصيكم بتقوى الله وطاعته والعمل بكتابه وسنة نبيه ژ وصلة الرحم وتعظيم ما صغرت الجبابرة من حق الله وتصغير ما عظمت من الباطل، وإماتة ما أحيوا من الجور وإحياء ما أماتوا من الحقوق وأن يطاع الله ويعصى العباد في طاعته، فالطاعة لله ولأهل طاعة الله، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه ژ والقسم بالسوية والعدل في الرعية، ووضع الأخماس (الزكاة) في المواضع التي أمر الله بها. إنها الدعوة إلى منهج الله الذي يحيي هذه الأمة، إنه إعلان المبادئ الذي يعلنه أبو حمزة الشاري من فوق منبر رسول الله ژ ، تلقاه من طالب الحق وعاهده على أن يدعو إليه حياته. أين هذا القول الخاشع الصادق من قلب يخاف الله ويتقيه ويدعو إلى تصورات الإسلام الصحيحة ويوصي بالتقوى وطاعة الله ورسوله والعمل وكذلك ،« فالطاعة لله ولأهل طاعة الله » : بكتاب الله وسنة نبيه ژ مثل قوله .« لا طاعة لمخلوق في معصية ا لخالق » أين هذا الموقف الكريم من صاحب دعوة تعشقها؟!. أين تلك الوصية التي تفيض بمعاني الإيمان وحبه من فجور بلغ حدته، ومن أمراء خانوا الأمانات وضيعوا حلاوة التطبيق لكل ما جاء به الإسلام من خير؟! إن مخازيهم مزرية... بلغ هشام بن عبد الملك أن ابنه سعيد يزني ويسكر، فأشخصه وقال له: يا ابن الخبيثة (هكذا!!) تزني وأنت ابن أمير المؤمنين!! ويلك! أعجزت أن القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢١٥ تفجر فجور قريش!! أوتدري ما فجور قريش لا أم لك؟ قتل هذا وأخذ مال هذا؟، أرأيتم هذه واحدة من مفاسد هشام. هل هذه وصية خليفة يربي ابنه على أن يفجر فجور قريش؟ أن يقتل نفوسا حرم الله قتلها إلا بالحق، وأن يسلب الناس أموالهم. أما مخازي الوليد بن يزيد بن عبد الملك فلا تقل جرأة على حدود الله عمن سبقه، فقد كان أشد على الأمة من فرعون على قومه. تعشق سعدى وسلمى ابنتي سعيد بن عمرو بن عثمان بن عفان، عكف على البطالة وحب القيان والملاهي ومعاشقة ا لنساء. وإن المرء ليستحيي مما تذكر كتب التاريخ من مخازيه (عدو الله)... ذكر ابن عبد ربه قال: قال إسحاق بن محمد الأزرق: دخلت على منصور بن جمهور الكلبي بعد قتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك وعنده جاريتان من جواري الوليد، فقال لي اسمع من هاتين الجاريتين ما تقولان، قالتا: قد حدثناك، قال: بل حدثاه كما حدثتماني، قالت إحداهما: كنا أعز جواريه عنده، فنكح هذه وجاء المؤذنون يؤذنونه بالصلاة فأخرجها وهي سكرى جنبة متلثمة فصلت بالناس. نستغفر الله العظيم، ونعوذ به من فعل هذا ا لفرعون. هذا الذي دفع أبا حمزة الشاري وأصحابه إلى أن يتحملوا مسؤولياتهم .(١)« فجزاهم الله عنا وعن الأمة أجزل ا لثواب وبعد تطواف طويل في أحوال بني مروان وما عانته الأمة منهم، عرج على خطب أبي حمزة المختار يحلل جواهر كلمها، ويكشف عن القيم . ١١٢ - ١) المصدر السابق، ص ١١٠ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢١٦ يمكننا » : الإيمانية التي احتوت عليها، وعندما جاء إلى خطبة له قصيرة قال أن نعتبر هذه الخطبة ذات اتجاه في الدعوة غايته أن يعد الداعية ويربي نفسه تربية إيمانية تشعر المؤمن بتبعاته وواجباته نحو عقيدته ودينه، إنه يفتح بصيرة المجاهد من فتيانه على ما يحيط به من خروج على الحق وانتشار الفتنة، حتى طال ظلام ليلها وملأت شدتها صدور المؤمنين هموما، أين المخرج وكيف الخلاص، ولقد تجبر أهل الباطل فقادوا الناس إلى مهاوي الهلاك حتى أعمت أعينهم وصموا، فغفلوا عما أوقعهم فيه غلاتهم ولم يستبينوا النصح لا ضحى الغد ولا بعده... لأن القائم ألقى شباكا معقدة أحكم رتاجها على أصحاب الحق، يراقبهم ويعد خطواتهم ويتأول أفعالهم وأقوالهم بما يجد فيه مبررا لإحكام القبضة ونشر الباطل حتى ساد الظلام ودب اليأس في ا لنفوس.... ثم قال: ولله في خلقه شؤون وهو سبحانه مدبر الأمر، بيده تدمير كل جبار عنيد، يهد أعمدة الظلم وينزع أوتاد الباطل ويقيض بفضله وكرمه من يحمي حماها ويهب نفسه لنشر ضياء الإسلام في ربوعها، يتصل بالله اتصال عزة، ويستمد منه العون على حمل الأمانات، يفاصل بين منهج حياته وحياة المشايعين للباطل. إنها منهاج تربية ونظام حياة لعبد اصطفاه الله ليكون هو الذي ينقذ الأمة مما تقاسيه، ما أحوجنا لهذا النوع من عباد الله الذي يمن بهم على أمة نبيه ليجددوا الأمل في أن تتبوأ مكانتها وتتسلم قيادة البشرية إلى نور الله سبحانه. إنها كلمة، رغم إيجازها، كبيرة القدر كثيرة المعاني عميقة الإخلاص، أما بعد.. فإنك في ناشئ فتنة وقائم ضلالة، قد طال جثومها واشتدت » : قال عليك همومها وتلوت مصائد عدو الله منها، وما نصب من الشرك لأهل الغفلة عم في عواقبها، يهد عمودها. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢١٧ ولن ينزع أوتادها إلا الذي بيده ملك الأشياء وهو الرحمن الرحيم، ألا ِ شبهها، على أهلها يشايعوا ولم ا ه م لَ ظُ في يتحيروا لم عباده من بقايا لله وإن َ مصابيح النور في أفواههم تزهو وألسنتهم بحجج الكتاب تنطق، ركبوا منهج السبيل وقاموا على العلم الأعظم، هم خصماء الشيطان الرجيم، بهم يصلح .(١)« الله البلاد ويدفع عن العباد، طوبى لهم وللمستصبحين بنورهم واختتم بحثه بذكر المعاني السامية التي يتحلى بها عباد الله المؤمنون كل هذه المعاني السامية الرفيعة، والمثل العليا تشربها وعاشها » : ثم قال وتلقاها القائد الفقيه الداعية من إمامه طالب الحق الإمام عبد الله بن يحيى. لقد التقيا على طريق الحق، وتوحد هدفهما من أول ا لطريق. أبو حمزة الشاري رضع مبادئ الحق والعدل والمساواة من تربته المعطاء، في مركز الإشعاع الإسلامي في ذلك الزمن الفتي الناضج، في ذلك الموضع الوضيء المبارك بالبصرة فتربى... وربى: تربى على يد أبي عبيدة وأصحابه، يتلقى منهم ومعهم معنى البذل والتضحية في سبيل المبدأ، ويتعلم كيف يحمل الحق وينفح عنه، وكان من ثمرات هذا التلقي؛ أن أبا حمزة عشق الحق، وباع نفسه لله يكافح عن دينه، ويدفع عن المسلمين مظالم بني مروان، ولم يقف عند حد الدعوة النظرية بالكلمة ينادي بكلمة الحق في بيئته كما يفعل الناس، ممن وجدوا مسئوليتهم تقفز عند حد ا لقول. لا لم يفعل ذلك وحده. كان يوافي في كل » ولكنه تدرج مع المنهج الحركي للإسلام ومراحله « سنة في موسم الحجيج يدعو إلى خلاف مروان بن محمد وآل مروان . ١٢٤ - ١) المصدر السابق، ص ١٢٣ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢١٨ وظل على هذه المرحلة الحركية حتى أراد الله أن تتحول إلى كفاح مسلح بالسيف. ولم يقف عند هذا ا لحد. بل إلى جانب تلقيه وتربيته على يد علماء المذهب بالبصرة كان يربي، يربي فتيته فيمزج القيم والمبادئ والمثل العليا، بالعمل والجهد والصبر، كما قال. « مكتهلون » وتحمل الشدائد، ونشأ شباب وإنك لتمتلئ نفسك اعتزازا بفعل الإسلام في هذه النفوس، الفتى فيهم بألف، هيأهم أبو حمزة جميعا لتحمل أمانة الأمة، يزيحون عنها ركام سني طغاة آل مروان، مهمة شاقة ومواجهة غير متكافئة.... ماذا يفعل فتية قليلو العدد والعدة في مواجهة متعددة الاتجاهات، أمة متخاذلة، وتبلدت عقول أبنائها وشمل التنازع كل حياتهم. وولاة لا يخافون الله في الأمة ولا يرقبون إلا ولا ذمة، سلطوا عبيدهم وجبابرتهم المأجورين على الناس فساموهم سوء ا لعذاب. . طًالبا للحق تقدم سبحانه الله إرادة كانت الحضرمي الجانب وعلى وألهم الله سبحانه بفضله ومنه وكرمه عبد الله بن يحيى الكندي أحد بني عمر ابن معاوية المجاهد العابد الزاهد، وانتدبه الله سبحانه لأمر وكان يقول قبل أن يخرج: لقيني رجل، فأطال النظر إلي، وقال: » . جلل ممن أنت؟ فقلت: من كندة... قال: والله لتملكن، وتبلغن خيلك وادي القرى... فذهبت أتخوف ما قال، وأستخير الله، فرأيت باليمن جورا وظلما وعسفا شديدا وسيرة في الناس قبيحة، قال: ما يحل لنا المقام على ما نرى، ولا يسعنا الصبر عليه. والتقى الداعيان؛ طالب الحق الإمام، أمكنه الله من طغاة الولاة باليمن، القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢١٩ وتلميذه طالب عدل الإسلام، بعثه أبو عبيدة وأصحابه في رجال من الإباضية حيث بايعوه، وشاركوه جهاده، فخلصوا اليمن من سيطرة آل مروان. وإنك لتجد في مثل هذا العمل، اتجاه الدعوة، وأسلوبها، مما يجعل كل تصرفاتهم دعوة إلى الله، وهذه النصوص تؤيد: ١ ينصح أبو عبيدة وأصحابه طالب الحق وقواده فيقولون: إن استطعت أن لا تقيم يوما واحدا فافعل، فإن المبادرة بالعمل الصالح أفضل، ولست تدري متى يأتي عليك أجلك، ولله خيرة من عباده يبعثهم إذا شاء لنصرة دينه، ويخص بالشهادة منهم من يشاء. ٢ منذ وضع أبو حمزة ورجاله بيعتهم بين يدي إمامهم طالب الحق، ووجهتهم الجهاد، يزيلون به كل الحواجز والمظالم والسخائم التي طمس بها آل مروان رونق هذا الدين، وبهجته وسماحته وضياءه. ساروا في طريق التضحية إلى أن كتب الله لهم مع إمامهم الشهادة. لم تثن عزيمتهم كثرة الجراح، ولا إعراض البلهاء، ولا فجور المرتزقة الذين بثهم مروان في كل ثنية وشعب. ٣ إن الداعية يضع الدعوة إلى الله والحق والعدل في الدرجة الأولى من اهتماماته، لأنه يرضي ربه بجهاده. ِ وفهمه الحق، طالب إمامهم وفهمه وفتيانه، الشاري حمزة أبو ذلك م هَ ف مستشاروه من علماء الإباضية في البصرة، يقولون له ولهم في كتب أحضرها إذا خرجتم فلا تغلوا ولا تغدروا، واقتدوا بسلفكم الصالحين » : أبو حمزة وسيروا سيرتهم، فقد علمتم أن الذي أخرجهم على السلطان، العيب لأعمالهم. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٢٠ وكذلك الإمام طالب الحق، أبى أن يتبع أهل صنعاء بعد انهزامهم. ودعا الناس إلى كتاب الله وسنة نبيه ژ وإجابة من دعا إليهما، وقد أحسن السيرة في الناس وألان لهم جانبه، ومارس الدعوة إلى الله على أوفى ما تكون. وكذلك فعل أبو حمزة: اتقى الله في الناس، ودعاهم بالحسنى وتجنب البطش بهم رغم استحقاقهم ولم يبدأ مرة بقتال، ولم يغفل عن ذكر الله أكثروا ذكر الله تعالى وتلاوة » : تعالى وتلاوة القرآن، وكان يوصي رجاله وعندما التقى الجمعان تحرج أن يقاتل « القرآن ووطنوا أنفسكم على الصبر القوم قبل أن يدعوهم، ويوضح لهم هدفه، وقد أرسل قائده بلج بن عقبة ليدعوهم: فذكرهم بلج الله، وسألهم أن يكفوا عنهم، وقال لهم: خلوا سبيلنا لنسير إلى من ظلمكم وجار عليكم في الحكم، ولا تجعلوا حدنا بكم، فإنا لا نريد قتالكم، نحن إنما خرجنا لنكف أهل الفساد، ونقاتل من قاتلنا واستأثر بالفيء، فانظروا لأنفسكم، واخلعوا من لم يجعل الله له طاعة، فإنه لا طاعة لمن عصى الله، وادخلوا في السلم، وعاونوا أهل ا لحق. ولما لم يقبل أهل المدينة النصح وأصروا على القتال قال أبو حمزة: فرمى رجل من أهل ...« كفوا عنهم ولا تقاتلوهم حتى يبدأوكم بالقتال » شأنكم الآن، فقد » : المدينة بسهم جرح رجلا في معسكر أبي حمزة فقال .« حل قتالهم وعندما نصحه علي بن الحصين أن يتبع المنهزمين ويجهز على .« لا أفعل ولا أخالف سيرة أسلافنا » : الجرحى، قال إنهم دعاة، همهم أن يسمع المدعو القضية، ويتدبر تفاصيلها ويدرك غاياتها، إنها الإسلام. إنه منهج الله يريد به الطغاة شرا، والناس منهم في القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٢١ أحد مواقف ثلاثة: أن يشارك الشراة في الدعوة إلى تطبيق الإسلام على الوجه الذي كان عليه في سيرته الأولى، أو يقيم في داره، أو ثالث يكف نفسه عن الوقوف في وجه دعاة ا لحق. لقد أحسن أبو حمزة السيرة في أهل المدينة، حتى سمع الناس له وأدركوا غايته، وعلموا صدقه، علموا أنه ممن عاهدوا الله سبحانه، وأن هذا العهد بيعة لا يبقى للمؤمن بعدها شيء في نفسه ولا في ماله، دون الله، ودون الجهاد في سبيله، لتكون كلمة الله هي العليا، وليكون الدين كله لله. علموا من سيرته وأصحابه، أنهم يتصفون بصفات تتصل بذوات أنفسهم، فهم لم يصلوا إلى تلك الدرجة السامية، إلا بعد أن حققوا ما يجعلهم أهلا للاستشهاد أو النصر، هذا بالإضافة إلى صفات تختص بتكاليف البيعة، والدعوة إلى تحقيق دين الله في ا لأرض. فهم تائبون؛ ولو دون ذنب ا قترفوه. وهم عابدون واصلوا كلال ليلهم بنهارهم. وهم حامدون لأن الله انتدبهم لمهمة مقدسة. وهم سائحون خرجوا من ديارهم مستضعفين وقد استجابوا لمنادي الحق وطريق مستقيم. وهم صائمون؛ صاموا عن مخازي الدنيا وملذاتها وانشغلوا بالمهام العظام التي كلفوا بها. لقد صدق في وصف فتيانه: ينظر الله إليهم في جوف الليل، منحنية أصلابهم على أجزاء القرآن ا لكريم.. والسؤال ا لآن.......... ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٢٢ هل خسر أبو حمزة وإمامه وأصحابه، وهم يجودون بأنفسهم، في مواجهة باطل مروان وزبانيته؟. هل يضار الحق وأصحابه عندما يتكالب عليهم الغوغاء المأجورون، يحاولون طمس معالم الحق، وإبادة أصحابه؟!. هل تضيع الدماء الزكية التي جاد بها أصحابها في ميدان الشرف والكرامة يجاهدون في سبيل ا لله؟.. هل ينتصر أصحاب الباطل بحيلهم ومكرهم وأموالهم التي يشترون بها الذمم، ويعبئون جيوش المرتزقة ضد أصحاب الدعوة الإسلامية في كل زمان؟ كلا كلا .   لقد أعلن أبو حمزة عن نهجه ونهج إمامه، في كل تحركاته يحض الناس ويدعوهم إلى إعزاز ا لدين. وكذلك أعلن عبد الملك بن محمد بن عطية خادم مروان وصنيعته؛ الذي اشتراه ورجاله ليقابلوا أصحاب الحق في عدد وعدة تفوقهم أضعافا كعادة بني مروان، يوجهون فيء ومال المسلمين في محاربة من يقف في وجه طغيانهم، ويحاول تخليص الأمة من مفاسدهم. أعلن ابن عطية عن وجهته ووجهة سيده، عندما سأله أبو حمزة عن سلوكهم ونهجهم في سياسة حياة ا لأمة. قال أبو حمزة لرجاله: لا تقاتلوهم حتى تختبروهم، فصاح بهم: ما تقولون في القرآن الكريم والعمل به؟ فصاح ابن عطية: نضعه في جوف الجوالق!! يا سبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله!! القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٢٣ هكذا تكون الجرأة على الله، وعلى كتابه الكريم، وهكذا يظهر هدف ابن عطية وأسياده، إنهم يحادون الله ورسوله وكتابه، ومن ينتسب إليهم، ويؤمن بهم ويلهج بالدعوة إليهم. قال أبو حمزة: ما تقولون في مال ا ليتيم؟.. قال ابن عطية: نأكل ماله، ونفجر بأمه. هكذا تضيع قيم الإسلام ومبادئه بين أيدي هؤلاء الفجرة. فعل يخالف كل تصور وأمر وخلق يدعو إليه هذا الدين الحنيف. هل بقي في ابن عطية ذرة من دين، وهو ينطق بكلمة الكفر ويعلن فجوره؟. يقول الله تعالى: ﴿ !" $%& # '*)( T XWVU ﴿ : +, ﴾ [الأنعام: ١٥٢ ]، ويقول سبحانه _^]\[ZY .[ النساء: ١٠ ] ﴾ a` وابن عطية يفجر ويتجبر ويعلن عن سلوك أميره، ويعترف بما يفعلون Z ^]\[ ﴿ : في يتامى الأمة ومال الأمة. ويقول سبحانه _ .[ الإسراء: ٣٢ ] ﴾ba` وابن عطية يعلن الفجور، ويبين سلوكهم مع الحرائر المحصنات المؤمنات ا لغافلات. لقد وضحت غاية الفريقين، ووضح الصبح لذي عينين. لقد أدى المؤمنون المجاهدون ما عليهم من عهد، ووفوا وراحت أرواحهم إلى بارئها راضية، مطمئنة إلى وعد ربها وجزائه ا لحسن. وراح أصحاب الباطل إلى دنياهم، فبئس البيع، خالفوا بدنياهم أمر ربهم، وخانوا عهدهم مع أمتهم، وأكلوا مال اليتيم ظلما، وسلبوا الناس ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٢٤ أموالهم واعتدوا على أعراضهم، وأهانوهم في كرامتهم، وقتلوا الأبرياء، وأزهقوا أرواح الشهداء، واستحلوا الحرمات.... و. و. و. و. ولم يتمتعوا بدنياهم، لأن الله من ورائهم محيط، لقد لقي ابن عطية حتفه وتجرع كأس الموت في حسرة من أصحابه في سفره، ومنعة عن جنده، وقتل مغلوبا حقيرا. أما سيده مروان بن محمد بن مروان، فقد جعل الله على يده إدبار بني عنه ابناه عبيد الله وعبد الله. وهاموا في مروان وبني أمية، وقتل مروان وفر  بلاد النوبة، والسودان، وتفرقوا في الشعاب، وضاعت دولة بني مروان كما ضاعت دولة أبناء عمومتهم. وتركت لنا فيها العبرة والعظات... فماذا خسر أبو حمزة؟ كلا لقد خسر هنالك المبطلون، أما هؤلاء المجاهدون فهم في الحالة التي وصفهم فيها ربنا 8 في كتابه العزيز: d rqponm lkjihgfe ﴿ ~}|{zyxwvuts ﮯ ®¬«ª©¨§¦¥¤£¢¡ ³²±°¯ . [١٧١ - آل عمران: ١٦٩ ] ﴾ ´ ألا رحم الله تلك الأرواح ا لطاهرة. ورحم الله أرواح المجاهدين في سبيله في كل زمان ومكان. وأسكن أصحابها الجنان، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ( اه( ١ .« وحسن أولئك رفيقا . . ١٣٢ - ١) المصدر السابق، ص ١٢٦ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٢٥ هذا كلامه، وهو ينبئ عن إيمان كاتبه بالحق، وحرصه على شهادة الصدق، فلم يؤثر الباطل على الحق ولا الكذب على الصدق، وإنما سجل بيده شهادة يلقى بها الله يوم القيامة، فنعمت الشهادة ونعم ا لشاهد. ٥ الأستاذ المربي البصير كرامة مبارك سليمان بامؤمن في كتابه القيم: .« الفكر والمجتمع في حضرموت » وكان » : فقد سجل في كتابه هذا عدة شهادات لهذه الفئة، وكان مما قاله من أهم قادة وأئمة الإباضية جابر بن زيد الأزدي البصري وأبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي الذي وافق شيوخ الإباضية في البصرة على قيام الثورة الإباضية المسلحة ضد بني أمية، واختير عبد الله بن يحيى الكندي الحضرمي إماما للثورة الإباضية التي أعلنت من حضرموت، ولقب .« بطالب ا لحق كان الجو مهيأ في اليمن كله لالتفاف » : ثم أضاف إلى ذلك قوله اليمنيين حول الثورة المسلحة التي أعلنها عبد الله بن يحيى الكندي من حضرموت نتيجة الظلم والقهر والمعاناة التي عومل بها اليمنيون من قبل الولاة الأمويين المتغطرسين، والذين أثقلوا كاهل الشعب اليمني بالضرائب المضاعفة المأخوذة منهم من غير وجه حق، ونتيجة للمعاملة السيئة التي مارسها الخليفة الأموي مروان بن محمد ضد اليمنيين جميعا في الدولة الإسلامية الأموية، وتفضيل القيسية عليهم. وجه عبد الله بن يحيى الكندي رسالة إلى إمام الإباضية في البصرة أبي عبيدة مسلم وبقية شيوخ الإباضية فيها، يستشيره في إعلان الإمامة والخروج إن » : على بني أمية، فجاء الرد سريعا بالتحرك في أقرب وقت ممكن قائلا له استطعت أن لا تقيم يوما واحدا فافعل، فإن المبادرة بالعمل الصالح أفضل، ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٢٦ لست تدري متى يأتي عليك أجلك، ولله خيرة في عباده يبعثهم إذا شاء كما أوصاه بالسيرة الحسنة ،« لنصرة دينه، ويخص بالشهادة منهم من يشاء إذا خرجتم فلا تغلوا ولا تغدروا، واقتدوا » : والسلوك الطيب قائلا له بأسلافكم الصالحين، وسيروا سيرتهم، فقد علمت أن الذي أخرجهم عن .(١)« السلطان العيب لأعمالهم أرسل أبو عبيدة وبقية مشايخ الإباضية بالبصرة الرجال والأموال والسلاح إلى حضرموت لمؤازرة عبد الله بن يحيى الكندي وكان من أبرز الإباضية الذين جاؤوا من البصرة إلى حضرموت بلج بن عقبة الأزدي وأبو .« حمزة ا لمختار بن عوف الأزدي انطلقت الثورة الإباضية من حضرموت عام ١٢٩ ه » : وأتبع ذلك قوله بقيادة عبد الله بن يحيى الكندي واستولت على حضرموت دون مقاومة تذكر من قبل إبراهيم بن جبلة بن مخرمة الكندي، فتم القبض على إبراهيم بن جبلة ثم أطلق سراحه لكسب عشيرته الكندية، وللتعبير عن سماحة الثورة، وبعد سقوط حضرموت في أيدي الثوار الإباضيين، كاتب عبد الله بن يحيى الكندي إباضية صنعا يخبرهم بقدومه ويحثهم على الاستعداد واليقظة، واستخلف على حضرموت عبد الله بن سعيد الحضرمي وتوجه نحو صنعاء ومعه مستشاروه من القادة الإباضيين البصريين، كأبي حمزة الإباضي، وفي ألتقى الجيش الإباضي البالغ عدده نحو ألفي مقاتل بالجيش الأموي « أبين » البالغ عدده نحو ثلاثين ألف مقاتل تحت قيادة الوالي الأموي ا لقاسم بن عمر الثقفي، وانهزم الجيش الأموي وعاد قائده إلى صنعاء، فلحق به عبد الله بن يحيى الكندي وألحق به هزيمة أخرى اضطر بعدها ا لقاسم بن عمر الثقفي إلى العودة إلى الشام مع بقية جيشه، ودخل الإمام الإباضي ١) الخطوط من وضع المؤلف كرامة مبارك سليمان بامؤمن. ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٢٧ عبد الله بن يحيى الكندي صنعاء منتصرا عام ١٢٩ ه ، وفي صنعاء التف اليمنيون حول الثورة الإباضية وعامل طالب الحق الناس معاملة حسنة ورفع المظالم وأجزل العطاء مما قد غنم وثبت السلطة الإباضية في اليمن، وفي جامع صنعاء ألقى القائد المنتصر خطبته المشهورة التي أورد فيها سياسته وأفكاره الإباضية ا لمعتدلة. وفي موسم الحج من عام ١٢٩ ه وجه طالب الحق قائده أبو حمزة المختار على رأس جيش الإباضية إلى الحجاز وانضم إليه عبد الله بن الحصين مع رجاله في الحجاز، والذي كان من دعاة الإباضية المتسترين في الحجاز وفوجئ والي مكة والمدينة عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بظهور رجال أبي حمزة في عرفات بعمائمهم السوداء، وعارضهم لكنه لم يفلح واستولى الجيش الإباضي على مكة في اليوم العاشر من ذي الحجة ١٢٩ ه دون قتال، وفي شهر صفر من عام ١٣٠ ه توجه أبو حمزة الإباضي إلى المدينة المنورة مستخلفا على مكة إبراهيم بن الصباح الحميري، وتمكن من هزيمة الجيش الأموي ودخل المدينة المنورة منتصرا ومن على .(١)« منبر رسول ا لله ژ وفي مسجده ألقى أبو حمزة خطبته المشهورة وأخذ بعد ذلك يحلل الخطب التي ألقاها طالب الحق باليمن وأبو حمزة الشاري بالحجاز ويستخرج منها المبادئ القيمة التي قامت عليها هذه الثورة، وما انبثق منها من منهج قرآني على هدي النبي ژ وخلفائه .( الراشدين، سار عليه رجال الثورة حتى لقوا الله تعالى( ٢ إذا تم القضاء على دولة الإباضية كدولة ونظام » : ثم أضاف إلى ذلك قوله ،١٢٩ - ١) الفكر والمجتمع في حضرموت، كرامة مبارك سليمان بامؤمن، ص ١٢٧ ) الجمهورية اليمنية، الطبعة ا لأولى. . ١٤١ - ٢) ينظر: المصدر السابق، ص ١٣٢ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٢٨ سياسي، فإنه ليس من السهل بمكان محو الفكر الإباضي من معتقد الناس بنفس السهولة وبنفس السرعة والزمن، ولا سيما أن هذا الفكر يحمل قيما إنسانية من (١)« ة عدل ومساواة وعقائد توحيدية أساسها القرآن الكريم والسنة النبوي . ّ   وهذه الشهادة كسابقاتها، تسجل لطالب الحق وأبي حمزة وأصحابهما أطيب الثناء على قيامهم بالحق، ومقاومتهم للبغي والظلم، ونشرهم للعدل والتزامهم له في الحكم وعدم حيفهم على أحد، بخلاف ما كان عليه الوضع عند الجبابرة المتسلطين، الذين ساموا الناس الخسف وسقوهم كؤوس الهوان، وأنت ترى في هذه الشهادة ما يدلك على أن الفكر الذي كان عليه   هؤلاء الشراة كان يحمل قيما إنسانية، من عدل ومساواة وعقائد توحيدية، أساسها القرآن الكريم والسنة النبوية، وماذا عسى يبتغى من المسلم إلا ّ التحلي بهذه القيم والتزام هذا ا لنهج؟! وبالجملة؛ فإن هذه الشهادات جميعا إنما تدل على طيب معدن الشهداء الذين أدلوا بها، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا، فجزاؤهم عند الله وحده، وإنما الذي نملكه لهم هو طيب الثناء وحسن ا لدعاء. الناس و الله ين ب رف الع ب ذَه لا ي هُ يَ واز م ج عد لا ي ير اَلخ ل فَع نَ ي م افتراءات ا لحاقدين: الافتراء من أنواع نسج في العنان، لخيالهم الحاقدون أطلق ما كًثيرا الكاذب على أهل الحق، فحاولوا أن يشوهوا سمعة أبي حمزة وأصحابه، وأن يدنسوا عرضه بما عزوه إليه من الأكاذيب، كما حاولوا أن يجعلوا مما قاله من الحق باطلا، وإليك نماذج من ذلك: . ١) ينظر: المصدر السابق، ص ١٤١ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٢٩ إسعاف » وهو رجل مجهول علق على كتاب ،« الإسعاف » ١ محشي للشيخ سالم بن حمود السيابي، الذي طبع « الأعيان في أنساب أهل عمان ُ قبل نحو نصف قرن على نفقة أمير قطر الأسبق الشيخ أحمد بن علي آل ثاني، وقد أساء في تعليقاته على هذا المشروع الخيري، وشوهه بما أودع عباراته من الأكاذيب التي افتراها، بإملاء من حقده الدفين على الحق ورجاله، وكان مما ادعاه أن هؤلاء الشراة خرجوا على الدولة الإسلامية وهاجموا الحرمين الشريفين، وقتلوا كثيرا من المسلمين بمكة والمدينة، .( وممن قتلوا عدد من التابعين غير قليل( ١ كما أضاف إلى هذا: أن أهل الحرمين عرفوا أبا حمزة وأصحابه حين هاجم الحرمين الشريفين وقتل من أهل الحرمين من قتل، وأن الإمام مالك بن أنس عرفه كما عرفه أهل الحرمين ضالا عن طريق المسلمين باغيا .( عليهم( ٢ وهذا هذر، يكفي لفضحه أن يعرف القارئ الكريم ما هي الدولة الأموية التي يعزوها إلى الإسلام، وما هي أفعالها في الأمة، وأن يعرف ما هو الدور الذي قام به أبو حمزة وأصحابه في الحرمين وغيرهما. أما الدولة الأموية فإن نسبتها إلى الإسلام خزي وعار يلصق بالإسلام وهو منه براء، فهل من الإسلام ما فعله عاملها مسرف بن عقبة من انتهاك حرمة حرم النبي ژ ، وقتله أكثر من عشرة آلاف من سكان المدينة المنورة من بقايا المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان؟! وهل من الإسلام انتهاك هذا المسرف المجرم حرم نساء المدينة، من بنات المهاجرين والأنصار، وافتراع ( المكتب منشورات السيابي، حمود بن سالم مان، عُ أهل أنساب في الأعيان إسعاف ( ١ ١٣٨٤ ه. ، الإسلامي، ص ٩٣ ، تعليق رقم ٢ . ٢) نفس المصدر، ص ٩٥ تعليق رقم ١ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٣٠ نحو ألف عذراء منهن؟!! وهل من الإسلام أخذ البيعة من أهل المدينة قسرا للطاغية يزيد، على أنهم مماليك أرقاء له يتصرف فيهم كيف يشاء، ومن أبى ذلك أو قال إنه يبايع على كتاب الله وسنة نبيه ژ قطع رأسه فورا؟!!! وهل من الإسلام أن يشمت الطاغية يزيد بضحايا قائده، عندما أرسل إليه رؤوسهم فأخذ ينكت فيها بعصاه، وينشد أبيات ابن الزبعرى جذلا مسرورا بتمكنه من أخذ ثار طواغيت الكفر الذين قتلوا في يوم بدر؟!. وهل من الإسلام قتلهم لسبط رسول الله ژ ، وتمثيلهم به وإرسال رأسه إلى الطاغية، لينكت فيه بعصاه وينشد أيضا أبيات ابن ا لزبعرى؟! وهل من الإسلام هتك حرمة البيت الحرام، وشنهم الحرب في الحرم الآمن من أجل التسلط في الأرض، وقصف الكعبة المشرفة بالمجانيق، وأخذهم الناس بالبطش الشديد في حمى الحرم ا لشريف؟! وهل من الإسلام تأله أولئك الطغاة في الأرض، وتسلطهم على الناس تسلط ربوبية، حتى يعلن عاملهم بأنه لو علم أن رضاهم في هدم البيت لنقضه حجر اً حجرا؟! ،« اتق الله » : وهل من الإسلام أن يتوعد عبد الملك بن مروان من يقول له بقطع رأسه؟! وهل من الإسلام أن ترسخ في الناس عقيدة أن الطغاة مهما فعلوا لا حساب عليهم ولا عقاب، وأنه يباح لهم ما لم يبح لنبي مرسل ولا لولي صالح؟! وهل من الإسلام أن يرموا بكتاب الله في جوف الجوالق، وأن يأكلوا مال اليتيم ويفجروا بأمه كما أعلن ذلك قائدهم ابن عطية؟! وهل من الإسلام التمثيل بالقتلى وحز رؤوسهم وصلبها؟! القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٣١ وهل من الإسلام إبادتهم للرجال والنساء والأطفال، وسبيهم نساء الأمة وأطفالها واغتصابهم أموالها في حروبهم؟! وهل من الإسلام اتخاذهم عباد الله خولا وماله دولا وتبذيرهم الأموال في شهواتهم الدنيئة، وشربهم الخمور وإتيانهم الفجور، وتحويلهم الحرمين الشريفين إلى مسرح للهو والغناء، وبؤرة للفساد والانحراف؟! ليت شعري؛ هل يرى هذا المعلق المأفون أن هذا هو الإسلام الذي جاء به القرآن، ونادى به الرسول عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام ودعا إليه وورثه خلفاءه وأصحابه؟! إن هذه كلها حقائق سبق بيانها وتوثيق مراجعها، ولم تكن هذه المراجع بأقلام الشراة ومن على فكرهم، وإنما هي بأقلام الذين يحسبون على تيار  السياسة الأموية نفسها، فماذا عسى أن يقولوا فيها؟! أما ما عزاه إلى أبي حمزة وأصحابه من البغي ومهاجمة الحرمين الشريفين وقتله أهلهما، فيكفي في بيان إفكه ما سبق من الشهادات التأريخية التي سجلها المؤرخون من أصحاب المدارس الأخرى، أنه ما خرج إلا للإصلاح ونصرة الحق، وإغاثة الملهوفين والقبض على أيدي الظلمة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحياء ما أماتته الجبابرة من الحق وإماتة ما أحيوه من الباطل، ناهيك بما فعلوه في صنعاء من توزيع الأموال بين أهلها، وما كان منهم بالحرمين من تفادي القتال وكف الأيدي عمن تصدى لهم، حتى بعد إقامة الحجة عليه إلى أن يبدأ الطرف الآخر بالقتال، وأنهم لم ينتقموا ممن قاتلهم بعدما وضعت الحرب أوزارها، مع أنهم متمكنون من رقابهم قادرون على إنفاذ ما شاءوا فيهم، وأنهم آثروا الاحتياط في الدين على الحزم في الحرب، فكانوا مثالا للتسامح مع خصومهم. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٣٢     هذا هو نهج أبي حمزة ومن معه، الذين يصفهم المعلق بالبغي ويلصق بهم تلك الجرائم التي افتراها، وذلك هو نهج خصومه بني أمية الذين يصف المعلق دولتهم بالإسلام!! وكفى بالتأريخ الصادق الأمين حكما بين ا لفئتين. ٢ الفقيهي الحشوي الذي اتخذ من مقولة أبي حمزة التي جاءت في يا أهل المدينة الناس منا ونحن منهم إلا مشركا عابد » : كتاب الأغاني بنص ١) سهما مسموما حاول أن )« وثن أو كافرا من أهل الكتاب أو إماما جائرا يصمي به أبا حمزة وفكره وأصحابه، استنكارا منه أن يلز بالإمام الجائر مع المشرك والكافر من أهل الكتاب في قرن، من حيث البراءة منهم. وقد يعجب الإنسان من استنكار المسلم الذي يعترف بالقرآن وبالسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام البراءة من الإمام الجائر، ولكن ّ يتلاشى عجبه عندما يدرك أن مستنكر ذلك هو صاحب فكر نشأ في أحضان الجور ونبت في تربة الظلم، وسقي بسفك الدماء البريئة بدءا بدماء الصحابة والتابعين في واقعتي صفين والحرة وغيرهما، فما بعدها من دماء المسلمين الأبرياء، وتعزز بهتك حرماتهم ونهب أموالهم، فهو لا ريب يستهين بالحق ويستخف بالعدل ويقدس الظلم والظلمة، وليس اعترافه بالقرآن والسنة إلا خداعا للذين آمنوا، وإلا فمنهج القرآن واضح وسنة رسول الله ژ لا غبار عليها في ذلك. °ùdG ád’O jƒÑædG á q æs »ÑædG IAGôH ≈ΠY á ژ øe :áªΠ¶dG t دونك طائفة من الروايات التي جاءت بهذا منها قوله ژ : اسمعوا، هل سمعتم؟ إنه سيكون بعدي أمراء، فمن دخل عليهم » . ١) الأغاني، ج ٢٣ ، ص ٢٤٩ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٣٣ فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه وليس بوارد على الحوض، ومن لم يدخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم ولم يصدقهم إنها ستكون » : ١)، وقوله )« بكذبهم فهو مني وأنا منه وهو وارد على ا لحوض بعدي أمراء يكذبون ويظلمون، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، وليس بوارد على الحوض، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه، وهو وارد على تكون أمراء يظلمون ويكذبون، يغشاهم غواش من » : ٢)، وقوله ژ )« الحوض الناس، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم؛ فليس مني ولست منه، ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على يا عبد الرحمن، أعاذك الله من » : ٣)، وقوله ژ )« ظلمهم؛ فهو مني وأنا منه أمراء يكونون بعدي، من دخل عليهم فصدقهم، وأعانهم على جورهم، فليس يا كعب بن عجرة، أعاذك الله من » : ٤)، وقوله )« مني ولا يرد علي الحوض إمارة السفهاء أمراء يكونون من بعدي، لا يقتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، فمن دخل عليهم وصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم؛ فأولئك ليسوا مني، ولست منهم، ولا يردون علي حوضي، ومن لم يدخل عليهم، ولم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم، فأولئك مني، وأنا منهم، إنه سيكون عليكم أمراء يكذبون » : ٥)، وقوله )« وسيردون على حوضي ٥٢٥ ، رقم ٢٢٥٩ ) وقال: صحيح / ١٦٠ ، رقم ٤٢٠٨ )، والترمذي ( ٤ / ١) أخرجه النسائي ( ٧ ) .( ٥١٢ ، رقم ٢٧٩ / غريب. وابن حبان ( ١ .( ١٦٥ ، رقم ١٦٤٤٥ / ٢٤٣ ، رقم ١٨١٥١ )، والبيهقي ( ٨ / ٢) أخرجه أحمد ( ٤ ) ٤٦٥ ، رقم ١٢٨٦ )، وابن حبان / ٢٤ ، رقم ١١٢٠٨ )، وأبو يعلى ( ٢ / ٣) أخرجه أحمد ( ٣ ) .( ٥١٩ ، رقم ٢٨٦ /١) .(١٠٩/ ١٤١ ، رقم ٧١٦٢ ) وقال: صحيح الإسناد. والخطيب ( ١٢ / ٤) أخرجه الحاكم ( ٤ ) ٢٤٧ ): رواه أحمد والبزار / ٣٢١ ، رقم ١٤٤٨١ ) قال الهيثمي ( ٥ / ٥) أخرجه أحمد ( ٣ ) = ،٤٠٩/ ورجالهما رجال الصحيح. وعبد بن حميد (ص ٣٤٥ ، رقم ١١٣٨ ) والدارمي ( ٢ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٣٤  ويظلمون؛ فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني، ولا أنا منه، ولن يرد على الحوض، ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم؛ فهو مني وأنا منه، وهو وارد على .(١)« الحوض وإذا كان هذا في الداخل على الظلمة ومن أعانهم، فكيف بالظلمة أنفسهم؟! على أن هذه الأحاديث صريحة في براءته ژ ممن دخل على الظلمة وأعانهم، فما بالك بمن ارتكب الظلم كيف تبقى له ولاية عند المسلمين!! والقرآن الكريم شاهد على أن من تولى أحدا فله حكمه فقد قال تعالى / في اليهود والنصارى: ﴿ 3210 ﴾ [المائدة: ٥١ ]، ونص على أنه لا يتولى الظلمة إلا الظالمون، فقد قال تعالى: ﴿ {~ ﮯ ¦¥¤£¢¡ ﴾ [الجاثية: ١٩ ]، وقد بين النبي ژ مصير من ظلم لا يسترعي الله عبدا رعية فيموت يوم يموت وهو لها غاش، » : رعيته بقوله لا يسترعي الله عبدا رعية، قلت أو » : ٢)، وقوله )« إلا حرم الله عليه الجنة كثرت، إلا سأله الله عنها يوم القيامة، أقام فيهم أمر الله أم أضاعه، حتى يسأل ٢٣٠ ): رجاله رجال / ٤٧٥ ، رقم ١٩٩٩ ) قال الهيثمي ( ١٠ / = رقم ٢٧٧٦ )، وأبو يعلى ( ٣ ،٣٧٢/ الصحيح غير إسحاق بن أبي إسرائيل وهو ثقة مأمون. وابن حبان ( ١٠ ٤٦٨ ، رقم ٨٣٠٢ ) وقال: صحيح الإسناد. والطبراني / رقم ٤٥١٤ )، والحاكم ( ٤ ٢٤٧ )، والبيهقي في شعب الإيمان / ١٤١ ، رقم ٣٠٩ )، وأبو نعيم في الحلية ( ٨ /١٩) .( ٤٦ ، رقم ٩٣٩٩ /٧) .( ٣٨٤ ، رقم ٢٣٣٠٨ / ٥٢٥ ، رقم ٢٢٥٩ )، وأحمد ( ٥ / ١) الترمذي ( ٤ ) ،٢٠٢/ ١٢٥ ، رقم ١٤٢ )، والطبراني ( ٢٠ / ٢٥ ، رقم ٢٠٣٠٦ ) ومسلم ( ١ / ٢) أخرجه أحمد ( ٥ ) .( رقم ٤٥٧ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٣٥ ما من عبد يسترعيه الله يموت يوم يموت » : ١)، وقوله )« عن أهل بيته خاصة (٢)« وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه ا لجنة . وقد تبين بهذا من هو على منهج رسول الله ژ ، بين الفقيهي الأفاك المتعصب للظالمين الموالي لهم، وبين أبي حمزة الشاري المتبرئ منهم، فليهنأ الفقيهي أن يكون مصيره مع الظالمين يوم القيامة ويحشر مع أئمة الجور. g ﴿ : وإذا كان الركون إلى الظلمة موجبا لعذاب النار، كما قال تعالى utsrqponmlkjih هود: ١١٣ ]، فما بالك بموالاتهم، بل ما بالك بأهل الظلم ] ﴾ wv أنفسهم، كيف لا يستحقون البراءة من ا لمؤمنين. :Iô«Ñc ÖμJQG øe πc øe ژ ¬JAGôH äƒÑK نجد في النصوص الشرعية ما يدل على براءة ا لنبي ژ من كل من ،(٣)« من سل علينا السيف فليس منا » : ارتكب كبيرة وأصر عليها، فقد قال ژ ولا فرق في هذا بين أن يكون حاكما أو محكوما، فمن سل السيف على المسلمين بغير حق فهو ليس من الله في شيء، وتجب على المؤمنين البراءة منه اقتداء برسول ا لله ژ . ألا ومن غشنا فليس منا، ومن لم يرحم صغيرنا ولم يوقر » : وقال ژ .( ١٥ ، رقم ٤٦٣٧ / ١) أخرجه أحمد ( ٢ ) .( ١٤٦٠ ، رقم ١٤٢ / ٢٦١٤ ، رقم ٦٧٣١ )، ومسلم ( ٣ / ٢) أخرجه البخاري ( ٦ ) ،٩٨/ ٣١٥ ، رقم ٢٥٢٠ )، ومسلم ( ١ / ٤٦ ، رقم ١٦٥٤٧ )، والدارمي ( ٢ / ٣) أخرجه أحمد ( ٤ ) .( ٦١ ، رقم ١٥٩ / ٤٤٨ ، رقم ٤٥٨٨ )، أبو عوانة ( ١ / رقم ٩٩ )، وابن حبان ( ١٠ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٣٦ ١)، وجاء في رواية أن ا لنبي ژ مر )« كبيرنا فليس منا، يعني ليس بولي لنا بسوق المدينة على طعام أعجبه، فأدخل يده في جوف الطعام، فأخرج شيئا ليس بالظاهر فأفف رسول ا لله ژ بصاحب الطعام، ثم نادى: أيها الناس، لا ما هذا يا صاحب » : ٢)، وفي رواية )« غش بين المسلمين، من غشنا فليس منا .(٣)« الطعام؟! أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس، من غش فليس مني وإذا كان هذا في مطلق الغش، فكيف بمن غش الأمة كلها؟!.. بظلمه إياها وتبديل حكم الله تعالى في معاملتها، وحرمانها مما لها من الحقوق المالية والسياسية والاجتماعية كما جرى ذلك في حكم الجبابرة الظلمة المستبدين، الذين جعلوا مال الله دولا واتخذوا عباده خولا، والله ا لمستعان. ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا » : وقال ژ (٥)« ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا » : ٤) وفي لفظ )« حقه ليس » : ٦)، وفي رواية )« ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا » : وفي آخر . ١) مسند الربيع، ص ٢٣١ رقم ٥٨٢ ) ٢٢٨ ، رقم ٣٥١ )، وابن عدي / ٣٢٣ ، رقم ٢٥٤١ )، والقضاعي في الشهاب ( ١ / ٢) الدارمي ( ٢ ) .( ٦٣ ، رقم ٢٤٩٠ / ٥٠ ، رقم ٥١١٣ )، والطبراني في الأوسط ( ٣ / ٢٠٧ )، وأحمد ( ٢ /٧) ٣٩٩ ، رقم ٦٥٢٠ )، وابن حبان / ٩٩ ، رقم ١٠٢ ). وأبو يعلى ( ١١ / ٣) أخرجه مسلم ( ١ ) ،٣٢٠/ ٦١٦ ، رقم ٥٥١ )، والبيهقي ( ٥ / ٢٧٠ ، رقم ٤٩٠٥ )، وابن منده ( ٢ /١١) .( رقم ١٠٥١٤ ٦٤ ): إسناده حسن. والحكيم / ٣٢٣ ، رقم ٢٢٨٠٧ )، قال المنذري ( ١ / ٤) أخرجه أحمد ( ٥ ) ٢١١ ، رقم ٤٢١ ) وقال مالك بن خير الزيادي مصرى ثقة وأبو / ١٨٧ )، والحاكم ( ١ /١) ،( ٣١٢ ، تررجمة ١٣٢٩ / قبيل تابعي كبير. وأخرجه أيضا: البخاري في التاريخ الكبير ( ٧ .( ٣٦١ ، رقم ٤٤٥ / ١٧٦ ) والضياء من طريق الطبراني ( ٨ / والرافعي ( ٤ ٣٢٢ ، رقم ١٩٢٠ ) وقال: حسن / ٢٢٢ ، رقم ٧٠٧٣ )، والترمذي ( ٤ / ٥) أخرجه أحمد ( ٢ ) ١٣١ ، رقم ٢٠٩ ) وقال: صحيح على شرط مسلم. / صحيح. والحاكم ( ١ .( ٣٢١ ، رقم ١٩١٩ / ٦) أخرجه الترمذي ( ٤ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٣٧ ،(١)« منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويأمر بالمعروف وينه عن ا لمنكر . (٢)« من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا، فليس منا » : وفي أخرى ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، » : وقال ژ ٣) وهذا مما اجتمع في بني أمية وحزبهم، )« وليس منا من مات على عصبية ٤) وفي )« ليس منا من خبب امرأة على زوجها، أو عبدا على سيده » : وقال ژ ليس منا من أجلب على الخيل يوم الرهان، وليس منا من خبب عبدا » : رواية من خبب » : ٥)، وفي أخرى )« على سيده، وليس منا من أفسد امرأة على زوجها (٦)« خادما على أهلها فليس منا، ومن أفسد امرأة على زوجها فليس هو منا ليس منا من خصى، أو اختصى، ولكن صم ووفر شعر » : وروي عن ا لنبي ژ ٨)، وفي )« ليس منا من سلق، ومن حلق، ومن خرق » : ٧)، وقال ژ )« جسدك ليس منا من » : ٩)، وقال ژ )« أنا برىء ممن حلق، وسلق، وخرق » : رواية ٣٢٢ ، رقم ١٩٢١ ) وقال: حسن / ٢٥٧ ، رقم ٢٣٢٩ )، والترمذي ( ٤ / ١) أخرجه أحمد ( ١ ) ،٤٥٨/ ٧٢ ، رقم ١١٠٨٣ )، والبيهقي في شعب الإيمان ( ٧ / غريب. والطبراني ( ١١ .( رقم ١٠٩٨٠ ١٩٧ ، رقم ٧٣٥٣ ) وقال: صحيح / ٢٨٦ ، رقم ٤٩٤٣ )، والحاكم ( ٤ / ٢) أخرجه أبو داود ( ٤ ) الإسناد. .( ٣٣٢ ، رقم ٥١٢١ / ٣) أخرجه أبو داود ( ٤ ) ٢١٤ ، رقم ٢٧٩٥ ) وقال: صحيح / ٢٥٤ ، رقم ٢١٧٥ )، والحاكم ( ٢ / ٤) أخرجه أبو داود ( ٢ ) .( ٣٦٧ ، رقم ٥٤٣٣ / على شرط البخاري. والبيهقي في شعب الإيمان ( ٤ . ٥) المطالب العالية، ج ٩، ص ٣٨٣ ، نيل الأوطار، ج ٨، ص ٢٤٤ ) .( ١٣ ، رقم ١٥٥٩١ / ٣٩٧ ، رقم ٩١٤٦ )، والبيهقي ( ٨ / ٦) أخرجه أحمد ( ٢ ) .( ١٤٤ ، رقم ١١٣٠٤ / ٧) أخرجه الطبراني ( ١١ ) ٢١ ، رقم ١٨٦٥ )، أخرجه الطبراني / ١٩٤ ، رقم ٣١٣٠ )، والنسائي ( ٤ / ٨) أخرجه أبو داود ( ٣ ) .( ١٧٥ ، رقم ٤٢٩ /٢٥) ،٥٠٥/ ٢١ ، رقم ١٨٦٦ )، وابن ماجه ( ١ / ١٠٠ ، رقم ١٠٤ )، والنسائي ( ٤ / ٩) أخرجه مسلم ( ١ ) .( ٤١٦ ، رقم ١٩٧٤٤ )، والطيالسي (ص ٦٩ ، رقم ٥٠٧ / رقم ١٥٨٦ ) وأحمد ( ٤ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٣٨ ليس منا من تشبه بالرجال » : ١)، وقال ژ )« انتهب، أو سلب، أو أشار بالسلب إن الله » : ٢)، وجاء عنه ژ أنه قال )« من النساء، ولا من تشبه بالنساء من ا لرجال حرم عليكم شرب الخمر وثمنها، وحرم عليكم أكل الميتة وثمنها، وحرم عليكم الخنازير وأكلها وثمنها، فقصوا الشوارب وأعفوا اللحى، ولا تمشوا .(٣)« في الأسواق إلا وعليكم الإزار، إنه ليس منا من عمل سنة غيرنا والروايات في هذا كثيرة، أغلبها صحيح، والضعيف منها يعتضد بالصحيح، وهي دالة على براءته ژ ممن فعل ذلك، مع أن الجرائر المذكورة فيها لا تصل إلى جريرة من انتزى على الحكم فسلبه أهله، وتمادى في عتوه وجبروته وعلوه وفساده، ينهب الأموال وينتهك الحرم ويعطل الشريعة، ويسلب الناس حرياتهم وحقوقهم المشروعة، ويأتي محارم الله تعالى، فهل ينكر البراءة منه إلا من كان فاسد العقيدة مظلم الفكر منحرف السلوك متعفن الفطرة؟! وكفى بهذا شاهدا أن أبا حمزة 5إنما هو متبع سبيل النبي ژ Á ÈÇÆÅÄà﴿ : وسبيل المؤمنين، وقد قال تعالى ÑÐÏÎÍÌËÊÉ .[ ﴾ [الأحزاب: ٢١ أما من أنكر عليه ذلك وشنع عليه قوله فهو مشاقق للرسول ومتبع لغير > EDCBA@? ﴿ : سبيل المؤمنين، وقد قال تعالى Q PO N M L K J I H G F . [ النساء: ١١٥ ] ﴾R ١٤٧ ، رقم ٢٦٠٥ ) وقال: / ١٠٧ ، رقم ١٢٦١٢ )، والحاكم ( ٢ / ١) أخرجه الطبراني ( ١٢ ) .( ٥٥٣ ، رقم ٥٤٦ / صحيح. والضياء ( ٩ .( ١٩٩ ، رقم ٦٨٧٥ / ٢) أخرجه أحمد ( ٢ ) ،١٦٢/ ١٥٢ ، رقم ١١٣٣٥ ). وفي الأوسط ( ٩ / ٣) أخرجه الطبراني في الكبير ( ١١ ) .( رقم ٩٤٢٦ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٣٩ »ÑædG ø©d äƒÑK ژ G ¢†©Ñd C :ôFÉÑμdG πg لم يقف النبي ژ في حدود البراءة من مرتكب الكبيرة فحسب، وإنما ثبت عنه لعن كثير من مرتكبي الكبائر، ولا يخفى على ذي بصيرة أن اللعن اللعن: الإبعاد والطرد من » : هو الطرد من رحمة الله تعالى، ففي اللسان لعن الله » : ١)، وكم من كبيرة صرح النبي ژ بلعن آتيها من ذلك قوله )« الخير لعن الله آكل » : ٢)، وفي رواية )« آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه هم فيه سواء لعن الله الخمر، » : ٣)، وقال ژ )« الربا، ومؤكله، وكاتبه، ومانع الصدقة وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، لعن الله من لعن والديه، ولعن » : ٤)، وقال ژ )« والمحمولة إليه، وآكل ثمنها الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من أوى محدثا، ولعن الله من غير منار لعن الله من والى غير مواليه، لعن الله من غير تخوم » : ٥)، وقال ژ )« الأرض الأرض، لعن الله من كمه أعمى عن الطريق، ولعن الله من لعن والديه، ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من وقع على بهيمة، ولعن الله من عمل عمل . ١) لسان العرب، ج ١٣ ، ص ٣٨٧ ) .( ١٢١٩ ، رقم ١٥٩٨ / ٣٠٤ ، رقم ١٤٣٠٢ )، ومسلم ( ٣ / ٢) أخرجه أحمد ( ٣ ) .( ١٤٧ ، رقم ٥١٠٣ / ١٠٧ ، رقم ٨٤٤ )، والنسائي ( ٨ / ٣) أخرجه أحمد ( ١ ) ،٣٢٦/ ٢٤٦ رقم ٦٢٥ ) من طريق ابن عباس، وأخرجه أبو داود ( ٣ / ٤) أخرجه الربيع، ( ١ ) ،١٢/ ١٦٠ ، رقم ٧٢٢٨ ) وقال: صحيح الإسناد. والبيهقي ( ٦ / رقم ٣٦٧٤ )، والحاكم ( ٤ ،( ٥٨٩ ، رقم ١٢٩٥ / رقم ١٠٨٢٨ ) من طريق ابن عمر، وأخرجها أخرجه الترمذي ( ٣ ١١٢٢ ، رقم ٣٣٨١ ) من طريق أنس، وأخرجه الطبراني في / وقال: غريب. وابن ماجه ( ٢ ٢٤٣ ، رقم ٤٠٩٠ ) من طريق عثمان بن أبي / ٥٨ ، رقم ٨٣٨٧ ). وفي الأوسط ( ٤ / الكبير ( ٩ العاص، وروي بألفاظ أخرى عند أخرجه الطيالسي (ص ٢٦٤ ، رقم ١٩٥٧ )، والبيهقي في .( ٢٧١ ، رقم ٣٦٠٠٠ / ٤، رقم ٥٥٧٠ )، أخرجه ابن أبي شيبة ( ٧ / شعب الإيمان ( ٥ ،٢٣٢/ ١٥٦٧ ، رقم ١٩٧٨ )، والنسائي ( ٧ / ١٥٢ ، رقم ١٣٠٦ )، ومسلم ( ٣ / ٥) أخرجه أحمد ( ١ ) .( رقم ٤٤٢٢ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٤٠ قوم لوط، ولعن الله من عمل عمل قوم لوط، ولعن الله من عمل عمل قوم لعن الله الراشي، والمرتشي، والرائش الذي يمشي » : ١)، وقوله ژ )« لوط لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين » : ٢)، وقال ژ )« بينهما لعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة، » : ٣)، وجاء بلفظ )« من الرجال بالنساء ،(٥)« لعن الله الرجلة من النساء » : ٤)، وبلفظ آخر )« والمرأة تلبس لبسة الرجل لعن الله الواشمة والمتوشمة، والواصلة والمستوصلة، والنامصة » : وقال ژ لعن الله » : ٦)، وقال )« والمستنمصة، والواشرة والمستوشرة، والمانع الصدقة ٢١٨ ، رقم ١١٥٤٦ )، والحاكم / ١٠٨ ، رقم ٨٥٥ )، والطبراني ( ١١ / ١) أخرجه أحمد ( ١ ) .( ٢٣١ ، رقم ١٦٧٩٤ / ٣٩٦ ، رقم ٨٠٥٢ )، وقال: صحيح الإسناد. والبيهقي ( ٨ /٤) ٩٣ ، رقم ١٤١٥ )، والبيهقي في / ٢٧٩ ، رقم ٢٢٤٥٢ )، والطبراني ( ٢ / ٢) أخرجه أحمد ( ٥ ) ٤٦٣ ، رقم ٥٤٣٨ )، أخرجه الحاكم / ٣٩٠ ، رقم ٥٥٠٣ ) والديلمي ( ٣ / شعب الإيمان ( ٤ .( ١١٥ ، رقم ٧٠٦٧ /٤) ٣٣٠ ، رقم ٣٠٦٠ )، وأبو داود / ٢٠٤ ، رقم ١١٥٠٢ )، وأحمد ( ١ / ٣) أخرجه الطبراني ( ١١ ) ١٠٥ ، رقم ٢٧٤٨ )، وقال: حسن صحيح. وابن ماجه / ٦٠ ، رقم ٤٠٩٧ )، والترمذي ( ٥ /٤) .(١٠٣/ ٦١٣ ، رقم ١٩٠٣ ). والطبراني كما مجمع في الزوائد ( ٨ /١) ،( ٦١٤ ، رقم ١٩٠٤ /١) ٢١٥ ، رقم ٧٤١٥ )، وقال: صحيح / ٦٠ ، رقم ٤٠٩٨ )، والحاكم ( ٤ / ٤) أخرجه أبو داود ( ٤ ) على شرط مسلم. .( ٦٠ ، رقم ٤٠٩٩ / ٥) أخرجه أبو داود ( ٤ ) ٣٣٩ ، رقم ٨٤٥٤ )، والبخاري / ٦) أخرجه الربيع (ص ٢٧٢ رقم ٩٧٥ ) مرسلا، وأحمد ( ٢ ) ،( ٢١ ، رقم ٤٧٢٤ / ٢٢١٦ ، رقم ٥٥٨٩ ) من طريق أبي هريرة، وأخرجه أحمد ( ٢ /٥) ،٧٧/ ١٦٧٧ ، رقم ٢١٢٤ )، وأبو داود ( ٤ / ٢٢١٨ ، رقم ٥٥٩٦ )، ومسلم ( ٣ / والبخاري ( ٥ ١٨٧ ، رقم ٥٢٤٩ )، وابن / ٢٣٦ ، رقم ١٧٥٩ ) والنسائي ( ٨ / رقم ٤١٦٩ )، والترمذي ( ٤ ،٢٥٧/ ٦٣٩ ، رقم ١٩٨٧ ) من طريق ابن عمر، وأخرجه أخرجه أحمد ( ٦ / ماجه ( ١ ،( ١٦٧٧ ، رقم ٢١٢٣ / ٢٢١٧ ، رقم ٥٥٩٠ )، ومسلم ( ٣ / رقم ٢٦٢٤٩ )، والبخاري ( ٥ ،( ١١١ ، رقم ٢٤٨٤٨ / ١٤٦ ، رقم ٥٠٩٧ ) من طريق عائشة، وأخرجه أحمد ( ٦ / والنسائي ( ٨ ،١٨٧/ ١٦٧٦ ، رقم ٢١٢٢ )، والنسائي ( ٨ / ٢٢١٨ ، رقم ٥٥٩٧ )، ومسلم ( ٣ / والبخاري ( ٥ ٦٣٩ ، رقم ١٩٨٨ ) من طريق أسماء بنت أبي بكر، وأخرجه = / رقم ٥٢٥٠ )، وابن ماجه ( ١ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٤١ (٢)« الجالب مرزوق والمحتكر ملعون » : ١)، وقال ژ )« المحلل، والمحلل له ٣) وفي رواية: ).« لعن الله من أحدث في الإسلام حدثا، أو آوى محدثا » : وقال فمن أحدث حدثا، أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، » (٤)« لا يقبل منه عدل ولا صرف . والروايات في هذا كثيرة يشد بعضها بعضا، ومن المعلوم قطعا أن اللعنة ٍ إن صدرت من أحد لأحد لا يمكن أن تجامعها مودته، فكيف يمكن أن للاعنه؟!! يكون الملعون متولى pno n tn oooo :Iô«ÑμdG Öμp Jôe ør ep IAGôÑdG ܃Lh ≈ΠY ∫óo J ¿GôB ≤dG ¢Uƒ°üf rn  = أصر ممن البراءة وجوب على ا أًيض القرآن نصوص دلت وقد هذا؛ ،٢٠٤/ ١٣٠ ، رقم ٧٥٩٥ ) من طريق أبي أمامة. وأخرجه الطبراني ( ١١ / أخرجه الطبراني ( ٨ رقم ١١٥٠٢ ) من طريق ابن عباس. ٤٢٧ ، رقم ١١١٩ ) من طريق جابر بن عبد الله وأخرجه ابن أبي شيبة / ١) أخرجه الترمذي ( ٣ ) ،( ٢٢٧ ، رقم ٢٠٧٦ / ٨٧ ، رقم ٦٦٠ )، وأبو داود ( ٢ / ٢٩٢ ، رقم ٣٦١٩٣ )، وأحمد ( ١ /٧) ،٢٠٨/ ٦٢٢ ، رقم ١٩٣٥ )، والبيهقي ( ٧ / ٤٢٧ ، رقم ١١١٩ )، وابن ماجه ( ١ / والترمذي ( ٣ ٤٤٨ ، رقم ٤٢٨٣ )، وابن أبي شيبة / رقم ١٣٩٦٢ ) من طريق علي، وأخرجه أحمد ( ١ ٤٢٨ ، رقم ١١٢٠ )، وقال: حسن صحيح. والنسائي / ٢٩٢ ، رقم ٣٦١٩٠ )، والترمذي ( ٣ /٧) ٢٠٨ ، رقم ١٣٩٦٣ ) من طريق عبد الله بن مسعود، / ٣٢٥ ، رقم ٥٥٣٦ )، والبيهقي ( ٧ /٣) ٢٩٢ رقم ٣٦١٩٢ ) بزيادة والمحللة. / وأخرجه ابن أبي شيبة ( ٧ ٧٢٨ ، رقم ٢١٥٣ ) والبيهقي في / ٣٢٤ ، رقم ٢٥٤٤ )، وابن ماجه ( ٢ / ٢) أخرجه الدارمي ( ٢ ) .( ٥٢٥ ، رقم ١١٢١٣ / ٣٠ ، رقم ١٠٩٣٤ )، وفي شعب الإيمان ( ٧ / السنن الكبرى ( ٦ .( ٣) أخرجه الربيع (ص ٣٦ رقم ٤٢ ) ،١١٦٠/ ٢٦٣ ، رقم ١٧١٥٣ )، والبخاري ( ٣ / ٢٦ ، رقم ١٨ )، وعبد الرزاق ( ٩ / ٤) أخرجه الطيالسي ( ١ ) ٢١٦ ، رقم ٢٠٣٤ )، والترمذي / ٩٩٤ ، رقم ١٣٧٠ )، وأبو داود ( ٢ / رقم ٣٠٠٨ )، ومسلم ( ٢ ،( ٢٣٩ ، رقم ٤٨١٢ /٣ : ٢٢٨ ، رقم ٢٦٣ )، وأبو عوانة ( ١ / ٤٣٨ ، رقم ٢١٢٧ )، وأبو يعلى ( ١ /٤) .( ١٩٦ ، رقم ٩٧٣١ / ٣٢ ، رقم ٣٧١٧ )، والبيهقي ( ٥ / ١٩١ )، وابن حبان ( ٩ / والطحاوى ( ٤ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٤٢ على الكبيرة، ناهيك من ذلك قوله تعالى لنوح 8 في ابنه: ﴿ $% #  9876543210/.-,+*)('& : ﴾ [هود: ٤٦ ]، فإن قوله: ﴿ #$%&[لا يعني إلا أنه يجب أن Ó Ô ﴿ : يتبرأ منه، وقد جاء هذا الرد الحاسم من الله تعالى على كلمة نوح  ÝÜÛÚÙØ×ÖÕ ﴾ [هود: ٤٥ ]، وأنت ترى أن تعليل هذا الحكم إنما كان مبنيا على عمله غير الصالح، وهو دليل قاطع  على أن كل من عمل غير صالح فهذا حكمه، لأن الجملة المصدرة ب(إن) إن وليت جملة فيها حكم فهي علة لذلك الحكم، وهذا ما دلت عليه الشواهد وقع دَه أهل ا لبلاغة. ُ روي » :( قال إمام البلاغة عبد القاهر الجرجاني في كتابه (دلائل الإعجاز  عن الأصمعي أنه قال: كنت أسير مع أبي عمرو بن العلاء وخلف الأحمر. وكانا يأتيان بشارا فيسلمان عليه بغاية الإعظام، ثم يقولان: يا أبا معاذ ما  أحدثت ؟ فيخبرهما وينشدهما، ويسألانه ويكتبان عنه متواضعين له، حتى  يأتي وقت الزوال. ثم ينصرفان. وأتياه يوما فقالا: ما هذه القصيدة التي أحدثتها في سلم ابن قتيبة؟ قال: هي التي بلغتكم. قالوا: بلغنا أنك أكثرت فيها من الغريب. قال: نعم بلغني أن سلم ابن قتيبة يتباصر بالغريب، فأحببت أن أورد عليه ما لا يعرف. قالوا: فأنشدناها يا أبا معاذ. فأنشدهما، من ا لخفيف: ِِ يِر ك بْ الت في َاح جَ الن ذاك ن إِ ير جِ اَله ل بْ قَ ي بَ اح صَ را ك بَ حتى فرغ منها، فقال له خلف: لو قلت يا أبا معاذ مكان (إن ذاك النجاح في التبكير): (بكرا فالنجاح في التبكير)؛ كان أحسن. فقال بشار: إنما بنيتها أعرابية وحشية، فقلت: (إن ذاك النجاح في التبكير)، كما يقول الأعراب البدويون. ولو قلت: (بكرا فالنجاح) كان هذا من كلام المولدين، القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٤٣ ولا يشبه ذاك الكلام، ولا يدخل في معنى القصيدة. قال: فقام خلف فقبل .(١)« بشارا بين عينيه واعلم أن من شأن (إن) إذا جاءت على » : وقال الإمام عبد القاهر أيضا هذا الوجه أن تغني غناء الفاء العاطفة مثلا، وأن تفيد من ربط الجملة بما قبلها أمرا عجيبا. فأنت ترى الكلام بها مستأنفا غير مستأنف، مقطوعا موصولا معا. أفلا ترى أنك لو أسقطت (إن) من قوله: (إن ذاك النجاح في التبكير)؛ لم تر الكلام يلتئم؟ ولرأيت الجملة الثانية لا تتصل بالأولى، ولا تكون منها بسبيل حتى تجيء بالفاء فتقول: بكرا صاحبي قبل الهجير، فذاك النجاح في التبكير؟ ومثله قول بعض العرب، ا لرجز: الحداء الإبل غناء إّن الفداء لك وهي ها ن غَ فَ ُ فانظر إلى قوله: إن غناء الإبل الحداء، وإلى ملاءمته الكلام قبله، وحسن تشبثه به، وإلى حسن تعطف الكلام الأول عليه. ثم انظر إذا تركت (إن)  فقلت: فغنها وهي لك الفداء، غناء الإبل الحداء؛ كيف تكون الصورة؟ وكيف ينبو أحد الكلامين عن الآخر؟ وكيف يشئم هذا ويعرق ذاك حتى لا تجد حيلة في ائتلافهما، حتى تجتلب لهما الفاء فتقول: فغنها وهي لك الفداء، فغناء الإبل الحداء؟ ثم تعلم أن ليست الألفة بينهما من جنس ما .( اه( ٢ .« كان، وأن قد ذهبت الأنسة التي كنت تجد، والحسن الذي كنت ترى ولهذا شواهد كثيرة من القرآن الكريم، لو تتبعناها لبلغت المئات، من P [ZYXWVUTSRQ ﴿ : ذلك قوله تعالى ٢١٢ ، دار الكتاب - ١) دلائل الإعجاز، الإمام عبد القاهر الجرجاني، (ت: ٤٧١ ه)، ص ٢١١ ) العربي، بيروت، ١٤١٥ ه/ ١٩٩٥ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. التنجي. . ٢) المرجع السابق، ص ٢١٢ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٤٤ تعليل لقولهم: ،﴾\[ZY ﴿ \ ﴾ [البقرة: ٣٢ ]، فإن قولهم ﴾ ÛÚÙ Ø ×ÖÕ ﴿ : وقوله ،﴾XWV U T S R ﴿ وقوله ﴾ ×ÖÕ ﴿ : تعليل لقوله ﴾ ÛÚÙØ ﴿ : [البقرة: ٣٧ ]، فإن قوله تعالى فيما يحكيه عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: ﴿ (*+, ) 9876543210/.GFEDCBA@?>=<;: SRQPONMLKJIH ١٢٩ ]، فإن قولهما: ﴿ , - البقرة: ١٢٧ ] ﴾T - ./ ﴾ تعليل تعليل ،﴾BA@? ﴿ : لقولهما: ﴿ )(*+﴾، وقولهما تعليل لقولهما: ﴾ TSRQ ﴿ : لقولهما: ﴿ >=<﴾، وقولهما D NMLKJIHGFE ﴿ .﴾O ﴾ jihgfedcba` ﴿ : وقوله تعليل لقوله: ﴿ ` ﴾ jihgf ﴿ : [البقرة: ١٤٣ ]، فإن قوله dcba Å Ë Ê É ÈÇÆ ﴿ : ﴾، وقوله تعليل لقوله: ﴾ ÌËÊÉ ﴿ : البقرة: ١٥٣ ]، فإن قوله ] ﴾ Ì Á ÆÅÄà﴿ : وقوله تعالى ،﴾ÇÆÅ ﴿ تعليل لقوله: ﴾ ÉÈÇÆ ﴿ : البقرة: ١٦٨ ]، فإن قوله ] ﴾ ÉÈÇ i ponmlkj ﴿ : وقوله ،﴾ÄÃÂÁ ﴿ ﴾ vuts ﴿ : البقرة: ١٧٣ ]، فإن قوله ] ﴾ vutsrq .﴾qpo ﴿ : تعليل لقوله ﴾ ÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁ ﴿ : وقوله Æ ÉÈÇ ﴿ : تعليل لقوله ﴾ ÏÎÍÌ ﴿ : [البقرة: ١٨١ ]، فإن قوله القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٤٥ وقوله: ﴿ !" $%& # ،﴾Ê '+*)( 10/.-, . ﴾ [البقرة: ١٨٢ ]، فإن قوله: ﴿ / 10 ﴾ تعليل لقوله: ﴿ +,- * Ç ÍÌËÊÉÈ ﴿ : ﴾، وقوله É ÎÍÌËÊ ﴿ : البقرة: ١٩٠ ]، فقوله ] ﴾ Î ﴾ Ç È ﴿ : تعليل لقوله .﴾ z }|{ ﴿ : ومثل ذلك قوله ~ے ﴾ [البقرة: ١٩٥ ]، وقوله: Ä ÌËÊÉÈÇÆÅ ﴿ j lk ﴿ : ﴾ [آل عمران: ٨]، وقوله qponm ﴾ [آل عمران: ٢٦ ]، وقوله: ﴿ ' (*+,-. ) 10/ ¥ «ª© ¨§¦ ﴿ : ﴾ [آل عمران: ٣٨ ]، وقوله ¬ ¥ © ¨§¦ ¤ ﴿ : آل عمران: ١١٩ ]، وقوله ] ﴾ ® ﴾ ¬«ª A JIH G FE DCB ﴿ : [آل عمران: ١٥٥ ]، وقوله ﴾ Ç ÏÎÍÌËÊÉÈ ﴿ : [آل عمران: ١٥٩ ]، وقوله .[ ﴾ [آل عمران: ١٩٤ 3 < ; : وقوله: ﴿ 987654 ﴾ >= I RQPONMLKJ ﴿ : [النساء: ١]، وقوله ،[ ﴾ [النساء: ٢ > HGFEDCBA@? ﴿ : وقوله ﴾ B LKJIHGFEDC ﴿ : [النساء: ١٦ ]، وقوله PONM A EDCB ﴿ : ﴾ [النساء: ٢٤ ]، وقوله LKJIHGF Y [Z ﴿ : ﴾ [النساء: ٣٤ ]، وقوله _^]\ `dcba N O ﴿ : ﴾ [النساء: ٣٥ ]، وقوله VUTSRQP ﴾ [النساء: ٧٦ ]، وقوله: ﴿ "#$ ! &% .[ ') ﴾ [النساء: ١٠٦ Z ^]\[ ﴿ : وقوله `cba ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٤٦ rqponmlkjihgfed ،[ ﴾ [المائدة: ١ ¢ §¦¥¤£ ﴿ : وقوله µ ´ ﴿ : المائدة: ٤]، وقوله ] ﴾ ¨ ¼»º¹¸¶ D FE ﴿ : ﴾ [المائدة: ١٣ ]، وقوله LKJIHG / ﴾ [المائدة: ٣٩ ]، وقوله: ﴿ 543210 :9876 A DCB ﴿ : ﴾ [المائدة: ٥١ ]، وقوله RQPONMLKJIHGFE  ﴾ n zyxwvu tsrqpo ﴿ : [المائدة: ٧٢ ]، وقوله  . [ } ﴾ [المائدة: ١١٦  ،[ وفي الآية قراءتان، فقد قرأ الجمهور: ﴿ )(*+﴾ [هود: ٤٦ مرفوع على أنه « غير » و ،« إن » على أنه مصدر مرفوع خبرا ل « عمل » بفتح ميم ََ بكسر ﴾ + ر ي غَ لَ مِ عَ ) ﴿ السبعة: من وهو الكسائي وقرأ لعمل، وصف ِ ع ميم »َ م « غ ونصب ماض، فعل لأنه الفتح على وبنائه ل »َ ر ي « مفعول أنه على َْ له، وبهذا قرأ يعقوب وهو من العشرة، وهي مروية عن أربعة من الصحابة وهم علي وعائشة وابن عباس وأنس @ ، وكلتا القراءتين مفادهما واحد، وإنما قراءة الجمهور خارجة مخرج المبالغة كما قالت ا لخنساء: ِ دُبار إ وَ قٌبال إ ي ه ما ن إَ ف ت ر كَ اد ذا ى إ تّ حَ تْ عََ ت رَ ما عَُ رَت ت ََ كأنما ابن نوح نفسه كان عملا غير صالح، وتفسر ذلك قراءة الكسائي، ِ كما معه الركوب إلى دعاه عندما لأبيه عصيانه صالح غير ل م عَ أنه ومعنى .( هو مروي عن سعيد بن جبير( ١ وإذا كانت الجملة المصدرة بإن تفيد تعليل ما قبلها فإن هذا مما يفيد القطع على أن هذا الحكم إنما منشؤه عمل ابن نوح الذي لم يكن صالحا، . ١) تفسير ا لطبري، ج ١٢ ، ص ٥٢ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٤٧ w yx ﴿ : وهو أنه عصى أباه إذ لم يمتثل لأمره عندما قال له ﴾ ¡ ¦¥¤£¢ ﴿ : [هود: ٤٢ ]، ورد عليه بقوله ،[ ﴾ [هود: ٤٣ ولم تشر الآية من قريب ولا بعيد إلى أنه كان كافرا برسالة أبيه، ولو أنه كان متلبسا بذلك لم يكن معنى لتعليل هذا الحكم بما هو أدنى منه، إذ لا يترك السبب الأكبر ويعدل عنه إلى ما هو أصغر منه، ومن المتبادر للذهن أن نوحا 8 لو علم من ابنه أنه كان كافرا برسالته لما دعاه إلى الركوب معه، ¿ ÆÅÄÃÂÁÀ ﴿ : مع أنه بنفسه قال ﴾ [نوح: ٢٦ ]، وبناء على زعم من يزعم أن الكبيرة التي هي دون الشرك لا توجب البراءة لا يبقى ِ بكل ظهر بهذا، علل ولما صالح. غير ل م عَ بأنه الحكم هذا لتعليل وجه َ وضوح أن العمل غير الصالح عندما يصدر من أحد فهو موجب للبراءة قطعا. ولا يقال بأن هذا مما يرجع إلى الشرائع السابقة على شريعة نبينا ژ ، فلسنا متعبدين به، لأننا نقول إن هذا من الأصول الثابتة التي تشترك فيها جميع شرائع الله، ولا يصح النسخ فيها كالتوحيد ومكارم الأخلاق، لأن هذا من الغيرة على دين الله والغضب لانتهاك محارمه والتعدي على أوامره ونواهيه، فلا يسوغ التساهل في ذلك في أي شريعة من شرائعه، وهذا مما أمرنا أن نقتدي فيه برسل الله المصطفين الأخيار ومواقفهم الصلبة الناشئة ¾ ÃÂÁÀ¿ ﴿ : عن غيرتهم على الدين، كما قال تعالى الأنعام: ٩٠ ]، على أن القرآن الكريم جاءت نصوصه متوائمة مع هذه ] ﴾ Ä القاعدة التشريعية التي تستفاد من قصة نوح مع ابنه، فقد قال تعالى: ﴿ ! -,+*)('&%$#" .543210/ ﴾ [المجادلة: ٢٢ ]، ويا ترى أليس الإمام الجائر الذي عاث في الأرض فسادا، وبدل أحكام الله، وانتهك حرمه، وظلم عباده؛ محادا لله تعالى ولرسوله. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٤٨ والنبي ژ نفسه أخبر عن قطع الصلة بقرابته غير الصالحين، حيث قال: .(١)« ألا إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، إن ما وليي الله، وصالح ا لمؤمنين » وقد تعزز هذا بما في القرآن الكريم من التشديد في موالاة الفساق والرضا a edcb `_^] ﴿ : عنهم، فقد قال تعالى التوبة: ٩٦ ]، وأنت ترى أن الله تعالى لم يقل: فإن الله لا يرضى عنهم، ] ﴾ f a fedcb ` ﴿ : وإنما قال ﴾، لأجل التنصيص على أن علة عدم رضاه عنهم إنما هي الفسوق الذي تلبسوا به، وهذا يرجع إلى ما قاله الأصوليون وغيرهم من أن الحكم على المشتق يؤذن بأن أصل ذلك الاشتقاق عنهم. الرضى عن التحذير سياق في وٌق س م النص وهذا ، ( ٢) الحكم لذلك علة ١٩٧ ، رقم ٢١٥ ). وأخرجه أيضا: / ٢٢٣٣ ، رقم ٥٦٤٤ )، ومسلم ( ١ / ١) أخرجه البخاري ( ٥ ) .( ٩٠ ، رقم ٢٧٦ / ٢٠٣ ، رقم ١٧٨٣٧ )، وأبو عوانه ( ١ / أحمد ( ٤ ، ٢) المستصفى في علم ا لأصول، محمد بن محمد الغزالي أبو حامد، (ت: ٥٠٥ ه)، ج ١ ) ص ٣٢ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٣ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمد عبد السلام عبد الشافي، المحصول في علم ا لأصول، محمد بن عمر بن الحسين الرازي، (ت: ٦٠٦ ه)، ج ٢، ص ٩٠ ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ١٤٠٠ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: طه جابر فياض العلواني، رفع الحاجب عن مختصر ابن ا لحاجب، ، تاج الدين أبي النصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، (ت: ٦٤٦ ه)، ج ٣ ص ١٣٥ ، عالم الكتب، لبنان، بيروت، ١٤١٩ ه / ١٩٩٩ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: علي ، محمد معوض، عادل أحمد عبد الموجود، الفروق أو أنوار ا لبروق، ج ٣، ص ٣٥٦ والإبهاج في شرح المنهاج على منهاج الوصول إلى علم الأصول للبيضاوي، علي بن عبد الكافي السبكي، (ت: ٧٥٦ ه)، ج ١، ص ٣٧٤ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٤ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: جماعة من العلماء، والكوكب الدري فيما يتخرج على الأصول النحوية من الفروع ا لفقهية، عبد الرحيم بن الحسن الأسنوي أبو محمد، (ت: ٧٧٢ ه)، ص ٣٠٨ ، دار عمار، عمان، الأردن، ١٤٠٥ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. محمد حسن ُ عواد، التمهيد في تخريج الفروع على ا لأصول، عبد الرحيم بن الحسن الأسنوي أبو محمد، (ت: ٧٧٢ ه)، ص ٢٨٥ ، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٠ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. محمد حسن هيتو، حواشي الشرواني على تحفة المحتاج بشرح ا لمنهاج، = القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٤٩ والفسوق وصف يشتمل على كل خروج عن طاعة الله ففي (اللسان)، ما ِ الفسق: العصيان والترك لأمر الله 8 والخروج عن طريق الحق. فسق » : نصه ِِ رواه قال: فجر، أي اللحياني، عن الضم ق س وَف سوقا وُف قا س ف ق س ف وي ق س ف ي عنه الأحمر، قال: ولم يعرف الكسائي الضم، وقيل: الفسوق الخروج عن الدين، وكذلك الميل إلى المعصية كما فسق إبليس عن أمر ربه. وفسق عن أمر ربه أي جار ومال عن طاعته، قال الشاعر: فواسقا عن أمره جوائرا، الفراء إذا تقول والعرب ربه، طاعة من خرج ، ﴾ هِ ب رَ رِ م أ نْ عَ قَ س فَ فَ ﴿ :8 قوله في َْ خرجت الرطبة من قشرها. قد فسقت الرطبة من قشرها، وكأن الفأرة إنما  سميت فويسقة لخروجها من جحرها على الناس. والفسق: الخروج عن .(١)« الأمر. وفسق عن أمر ربه، أي خرج ونصوص القرآن الكريم شاهدة على شمول الفسوق لكل معصية يتلبس Ø×ÖÕÔ ﴿ : بها الإنسان ويصر عليها، من ذلك قوله تعالى = عبد الحميد الشرواني، ج ١، ص ٢٠ ، دار الفكر، بيروت، شرح فتح ا لقدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي، (ت: ٦٨١ ه)، ج ٢، ص ٣٥٨ ، دار الفكر، بيروت، الطبعة: الثانية، الكليات معجم في المصطلحات والفروق ا للغوية، أبو البقاء أيوب ابن موسى الحسيني الكفومي، (ت: ١٠٩٤ ه)، ج ١، ص ١٠٥٣ ، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤١٩ ه/ ١٩٩٨ م، تحقيق: عدنان درويش، محمد المصري، حاشية رد المحتار على الدر ، المختار شرح تنوير الأبصار في فقه أبي حنيفة، ابن عابدين، (ت: ١٢٥٢ ه)، ج ٦ ، ص ١٢٠ ، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، ١٤٢١ ه/ ٢٠٠٠ م، البحر المحيط، ج ٤ ص ٢٩٥ ، حاشية ا لعطار، حسن ابن محمد العطار، (ت: ١٢٥٠ ه)، ج ٢، ص ٤٤٣ ، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع ا لمثاني، لأبي الفضل شهاب الدين السيد محمود الألوسي البغدادي، (ت: ١٢٧٠ ه)، ج ٢٣ ، ص ٢٤٨ ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، إجمال الإصابة في أقوال ا لصحابة، خليل بن كيكلدي العلائي، ص ٦١ ، جمعية إحياء التراث الإسلامي، الكويت، الطبعة الأولى، ١٤٠٧ ه ، تحقيق: د. محمد سليمان الأشقر. . طلعة ا لشمس، عبد الله بن حميد بن سلوم السالمي، ج ٢، ص ٢٧٣ . ١) لسان ا لعرب، ج ١٠ ، ص ٣٠٨ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٥٠ P TSRQ ﴿ : الحجرات: ١١ ]، وقوله ] ﴾ ÜÛÚÙ الأنعام: ١٢١ ]، وقوله في الذين يرمون المحصنات: ] ﴾ YXWVU \ ^] ﴿ ihgfedcba`_ yxwvutsrqponmlkj .[٥ - النور: ٤ ] ﴾{z وقد بين الله تعالى في كتابه أن رابطة الولاية التي تشد المؤمنين والمؤمنات بعضهم إلى بعض لها مقومات لا بد منها، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله، فقد قال a ﴿ : تعالى hgfedcb qponmlkji التوبة: ٧١ ]، فلا بد من ] ﴾ {zyxwvutsr استجماع هذه الخصال كلها لاستحقاق الولاية، ومن أخل بشيء منها لم ¶ ﴿ : يكن من ولاية المؤمنين في شيء، وهو ما يدل عليه قوله تعالى ¸ .[ المائدة: ٥٥ ] ﴾ÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹ على أن المسلم لا يتولى إلا من تولاه الله ورسوله، وقد علمت براءة الرسول ژ من أهل الظلم والفساد، ونص القرآن على أن ولاية الله إنما هي ،[ الجاثية: ١٩ ] ﴾ ¦¥¤ ﴿ : للمتقين وحدهم، كما في قوله تعالى وقوله: ﴿ / 210 ﴾ [الأنفال: ٣٤ ]، ومثله قوله: ﴿ ! $#" %&')(* ﴾ [الأعراف: ١٩٦ ]، فهو نص على أن ولايته تعالى للصالحين، ويدل بمفهومه على أن من عداهم وهم المفسدون ليس لهم من ولايته من شيء. § ﴿ : وقد سبق ما قاله المحققون من المفسرين في قوله تعالى ©¨ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٥١ البقرة: ١٢٤ ]، وتقدم أن من تولى ظالما فله حكمه لقوله ] ﴾ «ª تعالى: ﴿ { ~ .[ الجاثية: ١٩ ] ﴾ ¦¥¤£¢¡ ے هذا؛ وإن من طبع المؤمن أن يحب الإيمان ويكره الفسوق والكفر VUTSRQPON ﴿ : والمعصية كما قال تعالى الحجرات: ٧]، ومن أحب ] ﴾ ^]\[ZYXW شيئا من الأعمال أحب فاعله ومن كرهه كره فاعله، فلا يكون الإنسان مؤمنا حقا حتى يحب المؤمنين ويكره الكفار والفساق والعصاة، وهكذا يكون الترابط بين فئة المؤمنين؛ فإنها تتواد بما يكون بينها من علاقة التقوى والإيمان، وتكون المفاصلة بينها وبين أهل الكفر والفسوق والعصيان، والله ا لمستعان. ومما يؤسف له أن يندفع في هذا التيار، فيتجنى على أبي حمزة ومن معه؛ من كان جديرا بأن يقول كلمة الحق ولا يبغي بها بديلا، بما آتاه الله تعالى من علم وفقه وحنكة، وسوف نعرض لكلامه فيما يأتي إن شاء ا لله. á°SÉ«°ùdG »a Iõn ªM ƒHGhC ≥q ëdG ÖdÉW É¡«dEG »ªàæj »àdG áp °SQór ªdG ôKn GC u rn no nnno á«eÓ°SE’G q إن المدرسة التي خَ  ر على نهجهما هي مدرسة عريقة في الإسلام، تستمد نهجها من كتاب الله الخالد وسنة نبيه المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، وقد أخذت على عاتقها إحياء ما أميت من الحق وإماتة ما أحيي من الباطل، فبذلت الكثير من أجل بعث العدل والإنصاف، وإقامة شرع الله تعالى حكما عادلا بين الأمة، من غير محاباة لقرابة قريب أو محبة حبيب، ومن غير حيف أو انتقاص حق بسبب شنآن بغيض أو بعد بعيد. سار نْ وَم وأصحابهما حمزة وأبا الحق طالب تْ جَ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٥٢ بذلك واعترف ممارساتها، على واطلع بها اتصل من كل عنها فَ ر عَ وقد َ وشهد به كل من آتاه الله تعالى حبا للخير وإنصافا لأهله ومنحه التوفيق  لشهادة القسط بين الناس، وفيما تقدم ذكر صور من شهادة القسط لهذه المدرسة ورجالها ممن وفقهم الله لذلك، وإليك مع ذلك نموذجا لهذه ً الشهادات فيما كتبه شاهدان، أحدهما بالمغرب وثانيهما بالمشرق. ِ بِ: ر غْ اَلم نَ م ةٌ اَد هَ شَ كتب الأستاذ الدكتور الشيخ العالم الجليل عبدالعزيز المجدوب أحد المذهبي اع رَ الص ( القيم كتابه في الشقيقة التونسية بالجمهورية الزيتونة علماء وأبرز ما يتصف به الإباضيون » : بإفريقية إلى قيام الدولة ا لزيرية) ما يلي تمسكهم الشديد بالدين بأداء فروضه وتجنب نواهيه إلى حد الغلو، وبغضهم المفرط لأصحاب الظلم والفساد، وبفضل هاتين الصفتين استطاعوا أن يحققوا لأنفسهم عزا دينيا ومجدا سياسيا خلد ذكرهما التأريخ، وسنحاول الكشف عن ذلك قاصرين الحديث على الدور الذي لعبته هذه الفرقة في أخص. وجه على وبإفريقية عًموما المغرب بلاد بعد نشوء هذه الفرقة وتركز قواعدها على يد صاحبها الأول في مطلع القرن الثاني ظهر منها أئمة أفذاذ برزوا في العلم والدين حتى بلغوا درجة الاجتهاد، فسنوا لحزبهم مبادئ وقواعد خاصة، وشرعوا له فقها وأصولا في العبادات والمعتقدات، تحولت به من حزب سياسي ومن مجرد فرقة دينية إلى مذهب سني، وذلك لأن أتباعه حافظوا على صفاء الرسالة المحمدية في أصول مذهبهم، ولم ينحرفوا عن النهج القويم الذي كان عليه رسول ا لله ژ ، ولا إثما هم لاُت و اقترف ولا معاشهم، وأمور سلوكهم في البررة وصحابته ُ مارسوا في قيادتهم ظلما، ولا أي لون من ألوان العسف التي لم يبرأ منها إلا القليل من الولاة سواهم. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٥٣ بل إن الظلم في حقهم كان مستحيلا لا لكونهم معصومين، بل لأن رجل الدين عندهم ورجل السياسة واحد، والقائم بأمر الناس فيهم هو الإمام نفسه، وتلك هي قاعدة الإسلام في الحكم، التي سار عليها الخلفاء الراشدون وعليها حافظوا ودونها نافحوا. فمن الطبيعي أن ينتشر مذهب هذا شأنه، وأن يقبل على اتباعه الناس ببلاد المغرب ليجدوا في أكنافه الأمن والكرامة، وهم من سئموا حياة (١)« الاضطراب والظلم على أيدي الكثير من عمال بني أمية وبني ا لعباس . هذه هي شهادته لهذه المدرسة، وهي شهادة صادقة نابعة من إيمانه بسلامة مبادئ هذه الطائفة الدينية والسياسية، وتطابقها مع كتاب الله وسنة رسوله ژ ، وحرص أصحابها على الخروج بهذه المبادئ من حيز التنظير إلى حيز التطبيق، بحيث لا يشذ شيء في واقع حياتهم العملية وممارساتهم السياسية والدينية عن مثالية مبادئهم ومعتقداتهم، لذلك حرصوا على التمسك بالدين بأداء فروضه واجتناب نواهيه، ولا يعد شيء من ذلك غلوا، وإن تسامح الشاهد العدل في تعبيره فسماه عفى الله عنه غلوا، إذ الدين لم يشرع إلا ليطبق بحذافيره من غير تفريط في اتباع أوامره أو الازدجار عن نواهيه، لأنه منهج الله الذي يجب أن يتبع، ﴿ ! &%$#" 6543210/.-,+*)(' 987 ﴾ [الأحزاب: ٣٦ ]، وكذلك بغض أهل الظلم والفساد لا يعد إفراطا ما دام في حدود العدل ولم يتجاوزه إلى الجور والحيف، لا في القول ولا في ا لعمل. ١٠٥ - ١) الصراع المذهبي بإفريقية إلى قيام الدولة ا لزيرية، عبد العزيز المجدوب، ص ١٠٤ ) ١٩٧٥ م. / الدار التونسية، الحركة الوطنية للنشر والتوزيع، ١٣٩٥ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٥٤ ولعل أول داعية إباضي » : ثم أضاف الكاتب الكريم إلى ما تقدم قوله قدم هذه البلاد فارا من قبضة ملاحقيه هو سلمة بن سعد؛ الذي عرف كيف يتنقل في البلاد وأي الشعاب يسلك حتى يأمن ظلم الظالمين، ويضمن لعمله التوفيق ولرسالته الانتشار، فاختار الطرق الجبلية البعيدة عن الصحراء القاحلة وأهوالها، وعن المناطق الساحلية الخاضعة لسلطة الولاة وبجبال نفوسة ودمر ونفزاوة وما والاها من المرتفعات والجبال، وكلها مناطق آهلة بالسكان كثيرة العمران... أمكن له أن يستقر ويقوم في صفوف البربر بالدعوة، موضحا للأذهان الصورة الصحيحة للإسلام في الاعتقاد والعبادة والمعاملة، وهي غير الصورة التي شاهدها الناس في الحاكمين وأتباعهم في ذلك الوقت، فالتف من حوله الناس مستجيبين لدعوته، وراح يتنقل من مكان إلى آخر وما ارتحل من موضع إلا خلف فيه أتباعا... تكاثروا مع مرور الأيام والأعوام .(١)« حتى صار لهم شأن وأضحوا يمثلون قوة يقرأ لها ألف حساب ولا ريب أيها القارئ الكريم أنك اطلعت في كلامه هذا على ما يدلك على أن هذه المدرسة إنما مهمتها تصحيح طريق الإسلام بعدما حرفت، وتحسين صورته بعدما شوهت، لأجل ذلك كانت مغامرة ذلك الداعية العظيم سلمة بن سعد في تلك الأماكن الوعرة والديار ا لسحيقة. وأرجو أن يأذن لي الكاتب الكريم بتصحيح جزئية يسيرة من كلامه الصادق الأمين، وهي أن انطلاق سلمة بن سعد إلى بلاد المغرب لم يكن فرارا من ملاحقة خصومه بالمشرق، وإنما كان مسؤولية تحملها بنفسه، لبث الدعوة في تلك البلاد بعدما تعرضت للاضطهاد والقسوة البالغة والتمييز العنصري من قبل ولاة بني أمية، الذين لم يدخروا وسعا في إهانة العنصر البربري الذي هو المواطن الأصلي في تلك الديار، وبما أنهم يرفعون شعار . ١) المرجع السابق، ص ١٠٥ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٥٥ الإسلام زورا وبهتانا خيل لبعض البربر أن دين الإسلام ما جاء إلا ليهين الشعوب ويسخرها لشهوات الحكام الطائشة ونزعاتهم الجائرة، فكادوا يثورون ثورة عنصرية، ونما هذا الخبر السيء إلى عميد هذه المدرسة وقائدها الملهم وإمامها الرباني أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي، فلم يتردد في بعث من ينقذ الموقف، ويصحح الفكرة ويوجه النفوس الثائرة الوجهة الصحيحة التي ترضي الله تعالى، ولعمق خبرته بأصحابه اختار لهذه المهمة الجلى سلمة بن سعد، فاضطلع بها على أحسن وجه كما سبقت الإشارة إليه فيما تقدم. ومن إفريقية انطلق شابان » : ثم أضاف الكاتب الكريم إلى ما تقدم قوله إباضيان بعد أن تلقيا المبادئ الأولى للدين والمذهب على يد سلمة بن سعد انطلقا إلى العراق ضمن بعثة تضم عددا من الإباضيين سواهما، فقضيا سنين في طلب العلم على يد إمام المذهب في ذلك الوقت أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة. فالطالب الأول من القيروان، وهو عبد الرحمن بن رستم، أما الثاني فهو أبو داود من الجنوب، ولما أتما الطلب، واكتمل عندهما العلم، واطمأن لنباهتهما إمامهما أوصاهما خيرا، ثم سرحهما عائدين إلى موطنهما، فكان لأبي داود شأن في عالم الإصلاح، إذ تفرغ للجهاد الديني والعلمي، فأنشأ بجهة نفزاوة وسواها من جهات الجنوب جيلا إسلاميا فاضلا في خلقه ودينه، وكان البذرة الصالحة لما تبعته من أجيال تمسكت بالسنة والفضيلة، وقاومت البدع والرذيلة. أما عبد الرحمن بن رستم فقد نبغ في العلم والاجتهاد درجة بهرت أبا عبيدة أستاذه حتى أجاز له حق الفتوى بما سمع منه وما لم يسمع، وبذلك . (١)« كان اختياره لإمامة المذهب وريثا وحافظا . ١) المرجع السابق، ص ١٠٦ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٥٦ وبعد هذا عرج الكاتب الكريم على الملابسات والأحداث التي عايشت هذه الدعوة في تلك الديار، ووضع النقاط على الحروف، مبينا انحراف الولاة الأمويين نتيجة انحراف قادتهم الذين تربعوا على عرش الملك باسم الخلافة، وما نتج عن ذلك من حروب وثورات وكيف كان دور هذه لكن شاءت الأقدار » : المدرسة الإيجابي في خضم هذه الأحداث، فقال والأحداث السياسية أن يجمع عبد الرحمن بن رستم إلى جانب ذلك مهمة الاضطلاع بأعباء الحكم والسياسة، ذلك أن ظلم الولاة قد اشتد بإفريقية بعد ابن أبي المهاجر المولى من قبل الخليفة عمر بن عبد العزيز، وأكثر رجالهم من السلب والنهب، واستباحوا الحرمات، حتى ثارت القبائل البربرية في وجوههم ثورات عديدة، اشتد ساعدها بنزوح الخوارج من الصفرية إليهم، فانقلبت إلى حروب حقيقية طاحنة، خاضها العمال أنفسهم، وقادوا جيوشها ضد الخوارج بأقصى المغرب وأوسطه دون جدوى، إذ كانت الهزائم تلاحقهم حيثما هجموا وأينما حلوا. وقد كان المسؤول الأول عن هذه الفتن، وموقد نيرانها العامل عبيد الله بن الحبحاب المولى من قبل هشام بن عبد الملك، يقول ابن عذاري: وكان السبب في ثورة البربر وقيام ميسرة (المدغري) أنها أنكرت على عامل ابن الحبحاب سوء سيرته كما ذكرنا، وكان الخلفاء بالمشرق يستحبون طرائف المغرب، ويبعثون فيها إلى عامل إفريقية، فيبعثون لهم البربريات السنيات، فلما أفضى الأمر إلى ابن الحبحاب مناهم بالكثير، وتكلف لهم أو كلفوه أكثر مما كان فاضطر إلى التعسف وسوء السيرة.. اه ، وإذا أضفنا إلى هذا ما قام به عامله بطنجة من تخميسه للبربر زاعما أنهم فيء للمسلمين، عرفنا السبب الذي من أجله ثار البربر يقدمهم الصفري ميسرة ا لمدغري. وتتابعت الحروب بين البربر وولاة القيروان عنيفة شديدة، أزهقت فيها  القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٥٧ أرواح مئات الآلاف من المسلمين، وانتهكت فيها الحرمات واستبيحت النساء من الطرفين المتقابلين حتى كأن القوم ما عرفوا الإسلام، ولا طرقت أسماعهم مبادئ الإخاء والتناصح، والأمر بالتناصر والتسامح في كتاب الله وسنة نبيه ا لهادية. ٧٤٩ فتنهار الدولة الأموية لتقوم على أنقاضها دولة / وتأتي السنة ١٣٢ بني العباس، ولئن تغيرت أوضاع الحكم والسياسة بالقيروان، فأصبح الولاة يفدون إلى أفريقية من العراق بعد أن كانوا يعينون من قبل السلطة بالشام؛ فإن الأغراض السياسية بقيت على ما هي عليه والنوايا نحو مسلمي المغرب باتت على حالها لم يتغير منها شيء، ونتيجة لذلك تواصلت المقاومة البربرية، وتتابعت الثورات أشد ضراوة. وما كان لها أن تتوقف وقد أضحت حروبا لا ضد الظلم المسلط وكفى بل حروبا عنصرية يرمي الجنس البربري من ورائها إلى القضاء على الجنس العربي، وعلى حكم القرشيين خصوصا. ٧٥٥ لنربطها بالأحداث التي / وننتقل بالأحداث سريعا إلى سنة ١٣٨ تعنينا والتي لها علاقة بأصل موضوعنا، زحفت في هذه السنة بعض القبائل الصفرية على إفريقية، فتغلبوا عليها، واستولوا على مدينة القيروان، وربطوا دوابهم في المسجد الجامع، وقتلوا كل من كان من قريش، وعذبوا أهلها وأساءت ورفجومة لأهل القيروان سوء ا لعذاب... والغريب في الأمر أن أهل القيروان أنفسهم هم الذين بعثوا إلى الورفجومية يستعدونهم على الوالي حبيب بن عبد الرحمن بن حبيب الفهري الذي طغى، وأطلق يد أعوانه وجنده يسلبون وينهبون ويسومون الناس سوء العذاب. ولما حصل لهم على يد الورفجومية ما جعلهم يندمون استنجدوا بأبي جعفر المنصور حسب بعض الروايات، وبأبي الخطاب المعافري إمام الإباضية بطرابلس استنادا إلى رواية أخرى. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٥٨ والظاهر أن أهل القيروان وقد ضاع عنهم رشدهم وانخرمت صفوفهم بفقدهم لقيادة شعبية يقوم بها شخص منهم فيوجههم إلى أقوم السبل، ويجنبهم الارتجال والتصرفات الطائشة التي تعود عليهم بالوبال؛ الظاهر أنهم قد وجدوا في شخص عبد الرحمن بن رستم قائدا رشيدا وزعيما بصيرا في هذا الظرف الخطير من حياتهم. كان عبد الرحمن متباعدا عن السياسة منكبا على التعليم والتبصير بالدين، فحركته هذه الأحداث، وهزته النكبة التي حلت بالقيروان هزا عنيفا فنهض لمحق الظلم وتطهير الأرض من إثم الحاكمين وعبث ا لمفسدين... فبادر يستنجد بزميل له في حلقات الدروس بالبصرة سابقا، قاوم ظلم الولاة من بني العباس بطرابلس فدانت له البلاد، واختارته إماما عليها لعدله واستقامته. هذا هو أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري، وجه إليه عبد الرحمن بن رستم من صور له بشاعة ما يجري بالقيروان، فهب لأداء الواجب الذي يفرضه عليه التعاطف الأخوي ويحتمه مبدأ من أهم المبادئ لمذهبه ألا وهو مقاومة أولي الأمر بالسيف، واستباحة دمائهم إذا تعدوا حدود الله ومالوا في أحكامهم إلى الهوى. وقدم أبو الخطاب في جيش عظيم تطوع لإقامة العدل ومحق الفساد والظلم الذي اقترفه عاصم الورفجومي وأتباعه... فكان له ا لنصر. ثم بعد أن أمن الناس حافظا أرزاقهم وأعراضهم، ولى على القيروان عبد الرحمن بن رستم ورجع إلى طرابلس. ودامت ولاية ابن رستم سنتين اثنتين ذاق المسلمون فيها بالقيروان وبإفريقية كلها طعم الأمن وعرفوا معنى العدل، وأدركوا لأول مرة تقريبا طعم العيش الكريم في ظل الحكم .( ١)« الإسلامي ا لنظيف . ١٠٩ - ١) المرجع السابق، ص ١٠٦ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٥٩ وأنت ترى في كلامه هذا كيف وصل العسف بولاة الأمويين أن يستبيحوا من البربر أموالهم وأنفسهم على رغم استجابتهم لداعي الحق ودخولهم في دين الإسلام، ولم يكتفوا بسلب الأموال، وإنما تجاوزوه إلى انتهاك الأعراض، فبالله عليكم بأي وجه شرعي استباحوا تخميس البربر وانتقاء الجواري الحسان منهم لإرسالهن إلى المشرق ليستمتع بهن الخلفاء وحواشيهم؟!!.. أي إهدار لحقوق الإنسانية، وأي انتهاك لحرماتها أعظم مما وقع فيه هؤلاء!! أولا يكون هذا كله مسوغا لقيام العنصر البربري ضدهم وامتشاقه السيف لاسترداد حقه المغصوب، واسترجاع كرامته المسلوبة وصون حرماته المنتهكة؟!.. ومن حيث إن الأحلام كثيرا ما تطيش في مثل هذه المواقف الحرجة، التي تثور فيها الحفائظ وتتأجج فيها المشاعر؛ استجاب كثير من البربر للدعوة الصفرية المغالية رغبة منهم في الانتقام من ظالميهم وتخليص أنفسهم وذويهم من سلطاتهم، ولا ريب أن الحركة الصفرية كحركات الخوارج الأخرى لا تتقيد بالضوابط الشرعية في تعاملها مع الطرف الآخر، لذلك حصلت تجاوزات عديدة، ولكن دعوة أهل الحق والاستقامة أتت على أثر ذلك لترد الحق إلى نصابه، ولتنتصف لكل مظلوم من أي ظالم، فكانت حركة أبي الخطاب وعبد الرحمن بن رستم رحمهما الله مثالا حيا لذلك، وقد مهدت لحركتهما دعوة الرائد الأول لأهل الاستقامة في بلاد المغرب، ذلكم الداعية العظيم سلمة بن سعد 5 . وقد طبقت مبادئ أهل الحق والاستقامة التي تجسد هدي القرآن وهدي ة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام في التعامل مع قضية ّ   السن القيروان وغيرها، فتبين للناس الحق من الباطل وميزوا بين الزيف ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٦٠ والصحيح، وقد جاءت هذه الشهادة العادلة من الكاتب الكريم لتقرر هذه الحقيقة، ولترسم هذه الصورة الإيجابية المثالية لمنهج أهل الحق والاستقامة. والواقع أن الإباضية قد تمكنت من » : وبعد كلام أضاف إلى ذلك قوله فرض وجودها التأريخي فحققت عزا دينيا ذا بال، بقيت آثاره إلى اليوم في أتباعه الذين يعيشون بيننا، التزموا خدمة الدين ومقاومة البدع والرذيلة حازمين في أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، كما حققت مجدا سياسيا .( اه( ١ .« كان له شأنه في تأريخ الإسلام بالمغرب ا لعربي قِ: ر شْ الم من ةٌ اَد ه شَ ََ إذا كانت هذه الشهادة من الكاتب الكريم الشاهد العدل تصور واقعا تأريخيا ببلاد المغرب قامت به هذه الفئة المنتسبة إلى هذه المدرسة، فإن هنالك شهادة من أحد أبناء المشرق جاءت لترسم على لوحة التأريخ صورة واقعية مثالية من دور أبناء هذه المدرسة ببلاد المشرق، ذلكم هو الأستاذ الديمقراطية مان عُ ( القيمة أطروحته في غباش حسين الدكتور الفاضل الإسلامية، تقاليد الإمامة والتاريخ السياسي ا لحديث)، وكتابه هذا من أوله إلى آخره هو رسم لهذه الصورة الإيجابية للدور السياسي الذي قامت به هذه المدرسة ببلاد المشرق، وكان مما قاله: حركة فريدة نشأت وازدهرت على خلفية مذهب إسلامي أقلي، هو » المذهب الإباضي وانطبعت هذه الحقبة بالسعي إلى تشييد إمامة عادلة وناجحة وفق النموذج الإباضي للدولة الإسلامية، ولقد وجدت الحركة الإباضية هويتها العقائدية والفكرية في زمن مبكر، ومن خلال محافظتها . ١) المرجع السابق، ص ١١٠ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٦١ على مبدأي الشورى والانتخاب الحر للأئمة ومبدأ الإجماع والتعاقد، يمكن أن تعد وأن تعد نفسها الوريث الحقيقي لتقاليد نظام الخلفاء   الراشدين ١١ ه/ ٦٣٢ م ٤٠ ه/ ٦٦١ م، وبشكل خاص الفترة الأولى منه، فترة أبي بكر وعمر بن الخطاب. تعد دولة الخلافة هذه الفترة المثالية والنموذجية للدولة الإسلامية بعد وفاة الرسول (ص) وتمثل هذه الفترة بالنسبة للإباضيين وغيرهم المرجعية الإسلامية الوحيدة، ومنها استمدت الحركة الإباضية رؤيتها وشرعيتها ومبادئها وقوانينها الدستورية وكل ذلك في سبيل إقامة الدولة والمجتمع .(١)« الإسلاميين المثاليين من خلال تشييد نظام ا لإمامة الدستور الإباضي هو الأول من نوعه في العالم العربي » : ثم قال والإسلامي بل ومن الأوائل في العالم كله، فالأسس الأولى لهذا الدستور وضعت في النصف الثاني من القرن الهجري الأول (السابع الميلادي)، .(٢)« ويعتقد أنه كتب ثم أغني أكثر في القرنين الخامس والسادس للهجرة استطاعت الحركة الإباضية بفضل حملة العلم من إطلاق » : وقال أيضا ١٢٩ ه/ ٧٤٧ م امتدت من - أول ثورة في جنوب شبه الجزيرة العربية ١٢٨ حضرموت وصنعاء إلى مكة والمدينة، ولكن هذه الثورة انتهت بعد حوالي سنتين، وفي المغرب لعب الإباضيون العمانيون بعد الفتح الإسلامي دورا ُ راجحا في هذه البلدان واستقرارها، وتدل كتابات الإباضية بشكل خاص على أن سلمة بن سعد كان أول من نقل إليها المذهب ا لإباضي. ( ١٥٠٠ ه/ الحديث السياسي والتاريخ الإمامة تقاليد الإسلامية، الديمقراطية مان عُ ( ١ ) . ١٩٧٠ م)، ص ١١ . ٢) المصدر السابق، ص ٢٢ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٦٢ وقد توصلت الحركة الإباضية خلال النصف الأول من القرن الثاني للهجرة ومن خلال ثورات عديدة إلى تأسيس ثلاث إمامات في القيروان وطرابلس زالت جميعها إثر صراعات دموية، قدم فيها الإباضيون العديد من الشهداء، ولقد توج عملهم السري في وقت ما بقيام الدولة الرستمية .(١)« ١٤٤ ه/ ٧٦١ م إلى ٢٩٦ ه/ ٩٠٩ م الفكر الإباضي عميق الجذور في الفكر الإسلامي، إذ يعود » : وقال أيضا إلى دولة الخلفاء في النصف الثاني من القرن الأول للهجرة، وخلافا للمذهبين الرئيسيين الآخرين السني والشيعي، فإن الإباضية هو المذهب الوحيد الذي حافظ بإصرار عبر القرون وعن طريق نظام الإمامة على تطبيق .(٢)« مبدأ الإجماع والتعاقد ومن بين المبادئ الأساسية التي حددتها هذه الحركة وتميزت » : وقال بها، نشير هنا إلى ثلاث مبادئ هامة: محاكمتها في أساسي كمبدأ الاعتدال على أكدت الإباضية أن :ً أولا للأمور ورفضت خلافا لجماعات أخرى مبدأ الخروج، وبعبارة أخرى رفضت مهاجمة أية جماعة أخرى أو الدخول في حرب ضد أي طرف آخر، إلا في حال تعرضها لاعتداء. كما أقرت بالمقابل المبدأ المعروف في ذلك الحين باسم (القعود) وفضلت العمل السلمي والسري غالبا لنشر المذهب الإباضي. أن شريطة القائمين، الحكام على الثورة بعدم الحركة تمسكت : ثًانيا يكونوا عادلين وأن يراعوا الشرائع الإسلامية، وبالمقابل التزمت الحركة . ٤٣ - ١) المصدر السابق، ص ٤٢ ) . ٢) المصدر السابق، ص ٥١ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٦٣ مذهبيا بإعلان إمامة الظهور لإسقاط حاكم مستبد وإحلال الإمامة محله. نقاء على للمحافظة هامة كمرحلة الكتمان مرحلة الحركة، أقرت : ثًالثا العقيدة وسلامة الحركة ضد ا لاضطهاد. ويعتقد أنه خلال هذه الحقبة التي امتدت أكثر من نصف قرن، أقر العلماء الإباضيون مراحل الإمامة أو حالاتها الأربع: الكتمان، الشراء، الظهور، والدفاع، التي تعرف أيضا بمسالك الدين والتي لم تلبث أن تحولت إلى قواعد ثابتة في الدستور ا لإباضي. امتدت مرحلة البناء العقدي والفكري والتنظيمي أكثر من نصف قرن، وعلى هذا النحو تميزت الحركة الإباضية منذ بداياتها بالتنظيم والتخطيط والانضباط، وتميزت أيضا دون شك بالمرونة والاعتدال، وهما صفتان لازمتا الثقافة ا لعمانية حتى ا ليوم. ُ ويجب أن نشير إلى أن جابر بن زيد كان يتمتع بمكانة بارزة بين علماء كما العقائدي، وبنائها الحركة تنظيم في أساسيا دًورا لعب وقد الفترة، تلك في انتشارها. ولدى وفاته علق أنس بن مالك أحد أصحاب ا لنبي ژ وأحد .(١)«« اليوم مات أعلم أهل ا لأرض » : شيوخه قائلا إن مسارا أصيلا يميز السياسة والثقافة » : وقال في خاتمة كتابه القيم والتاريخ العماني. ومفتاح هذه الأصالة هو دون ريب الفكر الإباضي ُ وتجربته، فالإباضية وهي المثل الأعلى للأيام الأولى ولأزمنة الشدة ولتجربة الحكم في عمر النضج تتماهى مع تاريخ عمان وتمتزج به. ثلاث نتائج ُ هامة يمكن استخلاصها من دراسة التطور السياسي لعمان: . ٦١ - ١) المصدر السابق، ص ٦٠ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٦٤ فأما الأولى فتدور على النموذج الأصيل للدولة الإسلامية الذي قدمه المذهب الإباضي منذ الأزمنة الأولى. وأما الثانية فلبها ديمومة (الأسطورة) ومتانة التجربة الإباضية عبر التاريخ السياسي للبلاد. وأما الثالثة فهي عمق التراث الديمقراطي الذي خلفته الإباضية للثقافة ا لعمانية اليوم. ُ إن مبدأي الشورى والبيعة الإجماع والتعاقد مضافا إليهما قيم المساواة الاجتماعية والمساواة أمام القانون ومبادئها تمثل ركائز الديمقراطية الإسلامية في عمان، وفلسفة الثقافة الاجتماعية والسياسية لدولة الإمامة، ُ وقد كان الشغل الشاغل للحركة الإباضية المتصفة بمثابرة غير عادية هو تشييد دولة ومجتمع إسلاميين على مثال دولة ا لخلافة. على أن إحدى الخصائص الأولى لنظام الإمامة الإسلامي أنه لا يمكن اختزاله إلى نظام ثيوقراطي (حكومة دينية أو بالأحرى حكومة كهنوتية) قائم على الحق الإلهي، كما هو الحال في أوروبا المسيحية، فلم يكن الإمام إلا الممارسة شكلت وقد منها. شرعيته يستمد للأمة، وممثلا مًنتخبا قائدا الإباضية بمحافظتها على مبدأ الانتخاب الحر للإمام الذي تكرسه البيعة، مجموعة قيم وأسس ديمقراطية، قريبة جدا من حيث الجوهر مما يسمى اليوم بالديمقراطية. لقد دخلت الديمقراطية (ديمقراطية الشورى) إلى عمان مع المذهب ُ الإباضي أي مع الدين، إنها إذا روح الثقافة السياسية العمانية، ومن ثم ُ الديمقراطية العمانية القائمة على الانتخاب الحر للأئمة لا تمثل نموذجا ُ سياسيا قط، بل هي فوق ذلك، سلوك اجتماعي وثقافي وقيمي. وبفضل قانونا بل ماني، الع للمجتمع ثًابتا تقليدا بحق أصبحت الطويلة ممارستها ُ للحياة الجماعية وللدولة. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٦٥ وعلى مر القرون وبفضل هذه الديمقراطية استطاع العمانيون تحقيق ُ مبادئ العدل والمساواة، وكذلك السلام الأهلي والوحدة الوطنية، وفضلا عن ذلك أتاحت هذه الممارسة بلوغ صورة انسجام عالية بين الأمة وقادتها. وهكذا يستنتج أن تطبيق الديمقراطية الإسلامية العمانية ضمن استمرار نظام ُ الإمامة طوال أكثر من ألف عام، وبدوره ضمن نظام الإمامة استمرار هذه الديمقراطية. وعلى الرغم من أن لمنصب الإمام بصورة أساسية صبغة روحية فإن وظائف الإمام لا تقتصر أبدا على الممارسات الدينية، بل تشمل كل شؤون الدولة السياسية والعسكرية والمالية، علما أن الإمامة لم تكن حكرا على العلماء، فقد شغل هذا المنصب، في قسم كبير من تاريخ الإمامة العماني، ُ شخصيات وطنية مستقلة لا تنتمي إلى جماعة ا لعلماء. إن الحرية وسيادة الشعب هي في أساس الثقافة السياسية العمانية، ُ فسلطة الإمامة السياسية تقوم على مبدأ مشاركة الشعب بمجموعه في الحياة السياسية، وذلك على كل المستويات، المحلية والإدارية، من خلال ممثليه كالعلماء والشخصيات ا لقبلية. وكذلك قامت دولة الإمامة على مبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، على الرغم من أنه لا تمييز صريحا بين الاثنين، ويجدر بنا أن نشير إلى أن العلماء مثلوا (مجلسا تشريعيا دائما) طوال التاريخ الإمامي لعمان، ومن جهة أخرى فإن تفويض السلطة في مختلف المناطق إلى ولاة تساندهم مجالس إقليمية استشارية وقضاة مستقلون كان يعطي هذه المناطق استقلالا إداريا واسعا، ولم تكن هذه البنية اللامركزية للإمامة سوى التعبير الفعلي عن مبدأ مشاركة المواطنين الفاعلة في الحياة ا لسياسية. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٦٦ ويستخلص بوضوح من التاريخ العماني أن العلماء أهل الحل والعقد ُ ضمير المجتمع وممثليه لعبوا دورا مركزيا في تخليد نظام الإمامة والحركة الإباضية. وفضلا عن دورهم كمرشدين روحيين للمجتمع وكقضاة وكحراس لتطبيق مبدأي الشورى والعدالة الاجتماعية إلى غير ذلك، يعود إليهم أيضا أمر التشريع في إطار مبدأ الاجتهاد في كل مستجدات الحياة، وخاصة في الشؤون التجارية والعلاقات الخارجية. وبما أنهم كانوا الأمناء المتميزين على ثقافة بلادهم السياسية، فقد حرصوا على أن يكونوا أيضا من خلال أعمالهم النظرية والفقهية والتاريخية ذاكرة هذه الثقافة السياسية، بل ذاكرة الحضارة ا لعمانية ثقافة وهوية. ُ وللحركة الإباضية، وريثة تقاليد دولة الخلافة الرشيدة وصاحبة الرؤية الخاصة والخبرة بما يجب أن تكون عليه الدولة الإسلامية المثالية، لهذه الحركة وجهة نظر حول مسألة الخلافة تبدو لنا غاية في الأهمية إلى حد لا يمكن معه لأحد ادعاء معرفة التاريخ الإسلامي بعمق دون أخذها بعين الاعتبار. يبقى أن الممارسة الثابتة لمبدأي الاجتماع والتعاقد على مدى اثني عشر قرنا في حين كانت هذه الممارسة قد ألغيت أو علقت في المجتمعات الإسلامية الأخرى منذ الدولة الأموية أي منذ القرن الثاني الهجري الثامن الميلادي قد سمحت باستقرار المجتمع وسلامة نظام الإمامة واستمراره. وبالفعل فإن هذه الثقافة كانت مطبوعة بقيمها السلمية. ولسنا نجد خارج الخلافات ذات الطبيعة القبلية، سوابق تمرد على إمام شرعي، من هنا يمكن القول أيضا إن السلام كان ضمانة للسيادة. أما مبدأ المساواة الاجتماعية والمساواة أمام القانون فمن الأعمدة الرئيسية للثقافة السياسية الإباضية التي تؤكد دون شك مكانة الإنسان القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٦٧ كإنسان من خلال حرصها على مصلحة المجتمع العامة، مصلحة الأمة. ذلك أنه لم يكن ممكنا لكرامة الإنسان أن تبلغ كاملة، في نظر هذه الثقافة، إلا من خلال تحقيق كرامة الأمة الجماعية. وفعلا كان الإسهام في الحياة الاجتماعية بصورة مباشرة أو غير مباشرة يقوي مواطنة الإنسان العماني ُ ويوطدها. وهنا تبرز سمة أخرى من سمات هذه الديمقراطية ا لأصيلة. وأخيرا، فقد كشف المجتمع العماني بمركباته القبلية عن كونه منظما ُ وذا بناء متماسك ولا ينبغي أن ننسى أن هذه القبائل المتصفة بالنزوع الحاد إلى الحرية أسهمت في توطيد لامركزية نظام الإمامة، أي تأكيد الديمقراطية العمانية. ُ وإذا أضفنا إلى هذه المركبات بنى اقتصاد مفتوح يستند خاصة إلى نشاط بحري هام نتبين أن الحركة الإمامية الإباضية لم تتسبب لأي ضرر على مستوى نمو البلاد بل على العكس من ذلك فقد كانت عمان خلال ُ مرحلة الإمامة العكس الكامل، فثقافتها السياسية القائمة على مسؤولية المواطنين وقادتهم تجعل منها أمة ذات سيادة ومحترمة معا، بالإضافة إلى .(١)« كونها مستقرة ومسالمة أن التجربة الإباضية تبقى ميراثا وتراثا وطنيا لا » : وأضاف إلى ذلك يقدر بثمن، لا بالنسبة للإباضيين وحدهم بل أيضا وبالتأكيد لمجموع العمانيين، إباضيين كانوا أو غير إباضيين، وتبقى كذلك تجربة عربية ُ .(٢)« وإسلامية رائدة هذه هي شهادته لهذه المدرسة ورجالها، وهي دالة على نجاح تجربتها . ٣٤٨ - ١) المصدر السابق، ص ٣٤٥ ) . ٢) المصدر السابق، ص ٣٤٩ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٦٨ في المجال الديني والسياسي معا، وأنها أخذت على نفسها في كل عصر أن توائم بين التطبيق الدقيق للشريعة الإسلامية، والاستمساك الأقوى بعروة الدين، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة المطلقة الشاملة لجميع شرائح المجتمع، وبين المواكبة في كل زمان للعصر وتطوراته ا لحضارية. وقد رأيت من خلال هذه الشهادة المشرقية وما سبقها من الشهادة المغربية أن هذه المدرسة كانت مثالية في متانة مبادئها، وعمق فكرها، وسلامة أهدافها، وأصالتها في الإسلام، لأنها ارتبطت كل الارتباط بعصره الذهبي عصر النبوة الهادية والخلافة الراشدة، وأنها أولت كل من كان داخل عهدتها حقه في المساواة والعدل والإنصاف كاملا غير منقوص. وبجانب هاتين الشهادتين العادلتين، هناك شهادات صادقة في القديم والحديث، ممن خبروا هذه المدرسة ورجالها، وسبروا مبادئها وغاياتها، واكتشفوا في خزائن تاريخها نفائس الأدوار التي قام بها أئمتها العدول، وقادتها الجهابذة، وحسبي أن أشير إلى شهادتين أخريين، شهادة ترجع إلى نهاية القرن الثالث الهجري، من شاهد عيان للسيرة النيرة التي سارها هؤلاء الأئمة والقادة، وهو ابن ا لصغير الذي أرخ للأئمة الرستميين فأبدى إعجابه بممارساتهم العادلة وسيرتهم المستقيمة، رغم ما كان يطفح به من عداوة وكره لهم، بدافع عصبية مذهبية لم يستطع إخفاءها، وسأوافيك أيها القارئ الكريم إن شاء الله بنصها. وشهادة ترجع إلى عصرنا الحاضر بطلها المغوار وشاهدها العدل هو الدكتور الفاضل حسين مؤنس الذي سجل في كتابه القيم (دستور أمة الإسلام)، بيراعه الصادق البليغ أن أمة الإسلام بعد انطواء عهد النبوة الهادية والخلافة الراشدة فقدت الحكم الإسلامي النظيف العادل إلا عند أصحاب هذه المدرسة، وأن كل ما دون فيما يعود إلى السياسة الشرعية إنما كان القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٦٩ لأجل ترسيخ سلطات الحكام المستبدين على حساب الحقوق الشرعية ( للأمة إلا ما دون بأقلام أصحاب هذه ا لمدرسة( ١ . á«dÉq ãn ep Ql ƒn °Uho ál «s Mn êo PÉp ªn fn á°SQóªdG √òg AÉæHCG óær Yp áp «YɪàL’G áp dGn ó©dG ≈ΠY ¢UôëdGp øn ep nnrn pnq nn pr لقد ضرب الأئمة الذين اختيروا لقيادة الأمة ممن ينتمون إلى هذه المدرسة أروع الأمثال في العدل والإنصاف والتضحية بالنفس وبراحة الدنيا ونعيمها، من أجل مبادئ العدل والإنصاف وإضفاء الاستقرار والأمن على البلاد والعباد، فقد كانوا يتعبون ليستريح الناس، ويجوعون ليشبعوا، ويعرون ليكتسوا، كما كانوا مثالا للانقياد لداعي الحق والاستجابة لمطلب الأمة في التزحزح عن سدة الأمر وتسليم القياد إليها، ودونكم هذه ا لأمثلة: ود: عُ سْ مَ بن ى دَ نْ لَ اُلج الإمام ١ الذي نصب إماما بعمان سنة إحدى وثلاثين ومائة، فسار سيرة العدل ُ وأنصف من نفسه ومن أسرته، وأرى الناس من نفسه الزهد في المنصب، والرغبة في إقامة الحق والعدل، فعندما بغى بعض أسرته لم يتردد في الإنصاف منهم، فقد بغى جعفر وابناه النضر وزائدة وهم من أسرة الإمام فما كان منه إلا أن مكن المسلمين من رقابهم فضربت أمام الجمهور، وقد سرت الرحمة إلى قلبه مما وقع بهم ففاضت عيناه بالدموع، فأنكر المسلمون ذلك عليه، وقالوا له: أعصبية يا جلندى؟! فرد عليهم: لا، ولكنها الرحمة. فقالوا له: اعتزل أمرنا، فرد إليهم الإمامة عن طواعية. وظل يغدو ويروح في ١) ينظر: دستور أمة الإسلام، دراسة في أصول الحكم وطبيعته وغايته عند ا لمسلمين، حسين ) ٤٢ ، دار ا لرشاد. - مؤنس، ص ٣٩ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٧٠ معسكر المسلمين، كأنه واحد من جنودهم، ولم يؤثر ذلك الموقف الصلب الذي وقفوه منه شيئا في نفسه، فلم يجد حرجا في قلبه أن يدع القيادة لغيره، ويكون واحدا من الأتباع يؤمر فيأتمر ويدعى فيستجيب ويقاد فينقاد، فلما تبين منه المسلمون حسن نيته وصفاء طويته ردوه إلى مكان القيادة، على .( الرغم، منه مع كثرة اعتذاره إليهم( ١ وفي أيامه خرج إلى عمان شيبان الصفري الخارجي، فتصدى له ُ الجلندى إلى وآل الحملة، هذه في شيبان تل وُق رجاله، وشرد فهزمه الجلندى وأصحابه سيفه وخاتمه، فلم يستبيحوهما لأنهم لا يستحلون أموال أهل التوحيد، ولو كانوا بغاة مارقين يأكلون مال الموحدين ويسفكون دماءهم، إذ من مبادئهم أنهم لا يعاملون المخطئ بمثل خطئه ولا يدفعون الشر بالشر، وإنما يقابلون الخطأ بالصواب والشر بالخير، وقد احتفظوا بالسيف والخاتم أمانة في أيديهم إلى أن يجدوا ورثة شيبان، وجاء على أثر شيبان إلى عمان خازم بن خزيمة قائد السفاح، فطلب من الجلندى وأصحابه تسليم الخاتم والسيف إليه، فأبوا ذلك، فقاتلهم فتصدوا لقتاله، حتى قتل من كان مع الجلندى جميعا، ولم يبق إلا هو وهلال بن عطية الخراساني، فتقدما وقاتلا .( الجيش وحدهما، حتى استشهدا، ولحقا بأصحابهما( ٢ وسجل هذه القصة الإمام نور الدين السالمي في جوهره نظما، فقال: قاتله جيش بني العباس في سيف شيبان الفتى ا لدعاس يطلبه المعروف باسم خازم في أخذ سيفه وأخذ الخاتم قالوا له ذلك للوراث وأنت لست من ذوي التراث ( مكتبة ص ٩٠ ، ج ١، السالمي، حميد بن الله عبد الدين نور مان، عُ أهل بسيرة الأعيان تحفة ( ١ الإمام السالمي، السيب، ٢٠٠٠ م. . ٢) المرجع السابق، ج ١، ص ٩٤ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٧١ وانتشبت بينهم الحرب فلم ينشب إلى أن قتلوا فما ا نهزم وقد بقي هلال والإمام فردين لم يغشهما انهزام قال الإمام لهلال ما ترى قال تقدم وأنا فيمن جرى تقدم الإمام حتى قتلا وقتل القاضي وراه مقبلا كان لهم كأسد في الصولة وكعقاب الجو عند الجولة تعجب الخصم ومن رآه في ذلك الحال بما أبداه أبدى ثقافة تحير الذهنا مع بسالة عليها يثنى فاستشهدوا وقد حوت جلفار مشهدهم جاءت بذا الأخبار ( عليهم الرحمة والرضوان من ربنا والعفو والغفران( ١ فسار الجلندى بن » : وقد ذكره العلامة أبو الحسن في سيرته، فقال أهل يد من الدولة وأخذ به، وعمل الحق فأظهر مان عُ في 5 مسعود الجور وبرئ من الجبابرة وأشياعهم ، ودان بقتال أهل البغي ولم يستحل غير من بالقتل اًستعراضا ولا ذرية، سبي ولا غنيمة ذلك مع « ٢) دعوة ) . وذكره العلامة منير بن النير الجعلاني رحمة الله عليه، فوصفه وأصحابه لم يأخذوا الصدقة بغير حقها ، ولم يضعوها في غير مواضعها ، ولم » : بقوله يستحلوها من الناس على غير الإثخان في الأرض والحماية والكفاية والمكافحة عن حريم المسلمين، بل أخذوا بحقها بعد إحكام الأمور التي تعنيهم في دين الله وحفظ الرعية، ثم وضعوها في مواضعها، وقسموها على .« أهلها بحكم القرآن، فريضة من الله، والله عليم حكيم . ١) جوهر ا لنظام، ج ٣ ص ٤٧٩ ) . ٢) تحفة ا لأعيان، ج ١، ص ٨٥ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٧٢ ثم بلغنا عنهم فيما استقام عليه رأيهم أن يرفضوا صدقة البحر إلا » : قال ما طاب بأنفس الناس أن يبذلوه لهم ، وذلك لما يتخوفون من الدخل عليهم في سبيل الله إذ لم يحموه، قال: ولا يولون أمرهم ولا يبعثون في حوائجهم ولا يستعملون على صدقاتهم وأهل رعيتهم ولا يستقضون على أهل ولايتهم، إلا أهل الثقة وأهل العلم والفهم والورع والتحرج المعروفون بالفضل الموصوفون بالخير من أهل البيوتات من قومهم، غير سقاط ولا أدعياء ولا متهمين ولا مقترفين. منهم موسى بن أبي جابر والحسن بن عقبة والوليد بن خالد وموسى بن سعيد وجعفر ابن بشر ومعين بن عمر ولوط بن سام وحميم بن المغيرة والهمام بن المغلس والنير بن عبد الملك وعبد الله ابن أبي وعمارة بن همام ومحمد بن عبد الله بن سلوم وعمر بن يحيى وحميد بن عبد الله ويحيى بن زيد وعمر بن عبد الله، وضرباؤهم من الناس لا يتعلق عليهم بالسباب ولا يلجأ إليهم القبيح، ولا يتهمون في دينهم، مرضيون في إخوانهم متبع رأيهم، معروف فضلهم معروفون به ، قد أحكمت آراؤهم في قوة الحق وإحكام .(١)« أمور ا لدين وكانوا أهل فقه وأهل علم وحلم وتؤدة وتودد ووقار » : وقال أيضا وسكينة ولب وعقل وبر ومرحمة وصدق ووفاء وتخشع وعبادة؛ وورع وتحرج وصلة ونصيحة وظاهرة مقبولة؛ لا يطمعون بمطامع السوء ولا يتعاطون من الناس الحقوق ولا يدخلون في خصومات الناس؛ ولا يتعجلون على استخراج الحقوق ولا يسترشون على طلب الحوائج التي تعنيهم من أمر الرعية؛ ولا يستفضلون في الرزق على الشبعة؛ ولا يغتاب بعضهم بعضا ليس من شأنهم الغيبة ولا البغي ولا الحسد ولا التقاطع ولا التدابر ولا . ٨٧ - ١) المرجع السابق، ج ١، ص ٨٦ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٧٣ البغضة؛ ولا شيء من أخلاق أهل الريبة ، يحرصون على معادهم في الدين ومع أهل الدين، ويكرهون العيوب ويهجرون أخلاق الفجور والمعاصي؛ هم أنواء في الأرض وغرباء في الناس يعرفون بسيماهم، وكيف لا يكون كذلك من باع لله نفسه ينتظر حتفها صباحا ومساء وليس له في شيء من الأمور؛ ولا لأحد من الناس دنت رحمه أو بعدت أو عظم خطره أو صغر، (١)« أو ارتفع شأنه أو تواضع هوى إلا ما وافق ا لحق . هذا بعض ما وصفهم به، وهو الثقة الأمين، وقد جاء في وصفهم بالعجب العجاب، من غير ما أوردناه من كلامه، حتى أنه ذكر أنه كان يرزق أحدهم من بيت مال المسلمين في الشهر سبعة دراهم لنفقاته في شهره، فكان يحرص على القناعة باليسير، ولربما فضل منها درهم أو درهمان، فيرد ما فضل إلى بيت مال ا لمسلمين. اب المعافري:  ٢ الإمام أبو الخط الذي عقدت له الإمامة بطرابلس الغرب في شمال إفريقيا، في عام مائة وأربعين للهجرة، فأقام في الناس موازين القسط وعدل بين الرعية، وقسم بينهم بالسوية وأبى أن يعامل الخصم بمثل صنيعه، فقد استنجدته امرأة من أهل القيروان على ورفجومة وهي قبيلة صفرية كانت تحكم القيروان في عصر الإمام أبي الخطاب وكانت هذه المرأة تعرضت لظلم قاس من هذه القبيلة، وبما كان وصل إليها من سيرة أبي الخطاب وعدله استنجدته على أولئك، فخرج لنصرتها على رأس جيش من أصحابه، فحذر جيشه من أن يمد أحدهم يده إلى شيء من ممتلكات خصمه، لأن أموالهم معصومة بتوحيدهم لله تعالى ولو كانوا بغاة، وكونهم يستحلون أموال الموحدين . ٨٩ - ١) المرجع السابق، ج ١، ص ٨٨ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٧٤ حسب اعتقادهم الباطل لا يسوغ أن يعاملوا بالمثل فتستباح أموالهم، وإن أباح بغيهم قتالهم بعد إقامة الحجة عليهم. وقد اعترض على أبي الخطاب أحد أصحابه وهو خالد اللواتي جنوحا منه إلى معاملتهم بالمثل، ولعله بنى رأيه على ما تراءى له من معنى في قوله تعالى: ﴿ { | ~ے ﴾ [الشورى: ٤٠ ]، وقوله: ﴿ ] ^`fedcba ،[ ﴾ [البقرة: ١٩٤ _ ]\ ولكن أبا الخطاب أبى ذلك لأنهم لم يخرجوا عن دائرة الملة، ومهما كان ضلالهم وبغيهم فإن كلمة التوحيد تعصم أموالهم، فلما قال له: نأكل من أموالهم كما يأكلون من أموالنا. قال أبو الخطاب: حقيق على الله أن يدخلنا / : معهم النار، ﴿ 9876543210 HGFEDCBA@?>=<; KJI .[ ﴾ [الأعراف: ٣٨ وبناء على هذا المبدأ القويم، حذر أبو الخطاب أصحابه أن تمتد أيديهم إلى شيء من أسلاب خصومهم، وكان الناس قد عهدوا من قبل في هذه الحروب نهب الأموال وتخريب الأمتعة التي يتعذر أو يتعسر نهبها، وكانوا يتوقعون أنهم إذا وضعت الحرب أوزارها وخرجوا من بيوتهم، سيلقون زروعهم وثمارهم قد حصدت أو خربت، وأسواقهم قد نهبت، وأملاكهم قد أتلفت، ولكن المفاجأة كانت غريبة بالنسبة إليهم، إذ وجدوا كل شيء على حاله كما تركوه، إلا ما تأثر من أمتعتهم بآثار الطبيعة نحو الغبار أو وهج الشمس، وعجبت امرأة مرت على جثث القتلى في الميدان فوجدت كلا منهم بعدته لم يؤخذ من أسلابهم شيء، فقالت: كأنهم رقود، فسميت تلك البقعة (رقادة)، وما زالت تحتفظ بهذه الاسم حتى ا ليوم. وتفقد أبو الخطاب القتلى فوجد واحدا منهم مسلوبا، فنادى مناديه: من القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٧٥ أخذ من القتلى شيئا فليرده، ولما أيس من الرد دعا على من أخذ السلب أن يفضحه الله على رؤوس الأشهاد، وحق لمثله أن يكون مستجاب الدعاء عند الله، فلما رجع قافلا إلى طرابلس أطلقوا الأعنة لخيلهم لتستبق ابتهاجا بالنصر والظفر بإقامة الحق، فانقطع حزام جميل السدراتي وهو أحد جنود الإمام وسقط، فظهر السلب تحت سرجه، فلم يمهله الإمام وإنما أدبه على صنيعه. وكان هذا الموقف منه سببا لحنق السدراتي عليه، إذ لجأ إلى بني العباس وكان ذلك في أول دولتهم فألبهم على الإمام فباغتوه بجيش عرمرم، ولكن الإمام تصدى لهم بمن كان عنده من المؤمنين، وهزمهم هزيمة نكراء، فما انتصروا عليه إلا بعد أن كادوا له مكيدة؛ حيث أظهروا له أنهم راجعون على أعقابهم، ولما اطمأنوا أن نصراءه تفرقوا عنه بعد أن أذن لهم أن ينصرفوا  إلى أعمالهم، أعادوا الكرة عليه فتمكنوا من قتله وقتل كثير ممن كان هب  لنصرته، وقد ذهبت أرواح أولئك الشهداء ضحية المحافظة على المبادئ  وعدم التفريط فيها، إذ لم يكن لهم في الحياة هدف إلا أن يقيموا موازين . ( القسط فيها ويسجلوا سطور العدل والإنصاف على صفحات تاريخها( ١ ون: ي م تُ س الر ة م ئ الأ ٣ ْ الذين بويعوا بالإمامة بأرض المغرب فامتد نفوذهم في المغربين الأدنى والأوسط، فبسطوا العدل بين الناس حتى انتشر في آفاق الأرض طيب ذكرهم، فأقبل الناس عليهم من ديار شتى لما سمعوا من عدلهم وحسن سيرتهم، وقد شهد بهذا كله من لم يكن يخفي ما يعتمل في نفسه من عداوتهم وكرههم وهو ابن الصغير، وسيأتي إن شاء الله نص شهادته، (والحق ما شهدت به ا لأعداء). ١١٨ - ١) ينظر: السير ل لشماخي، ج ١، ص ١١٦ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٧٦ ب: عْ كَ بن ث اِر اَلو ام اَلإم ٤ الذي بويع في عمان في عام مائة وتسعة وسبعين للهجرة، فشمر عن ُ ساعديه وجد في تطبيق العدل، ناهيكم مثالا على ذلك، أنه سجن جماعة من الناس بموجب حكم الشرع في مكان قريب من الوادي فسال الوادي جارفا وخشي أن يغرق السجناء بسيله العرم، فأمر بإطلاقهم، فلم يجرؤ السجانون على قطع الوادي إليهم، فقال: هم أمانتي وسأذهب إليهم بنفسي، فذهب إليهم ومعه من آزره على حفظ أمانته، فاجتاحهم الوادي، وكانوا ضحية الحفاظ على العهد ورعاية ا لأمانة. وقد سجل التأريخ هذه المأثرة العظيمة لهذا الإمام العادل، ففي (تحفة لم يزل الوارث إماما حسن السيرة » : الأعيان) للإمام السالمي 5ما نصه قائما بالعدل، حتى اختار الله له ما لديه، فكان سبب موته أنه غرق في سيل وادي كلبوه من نزوى، وغرق معه سبعون رجلا من أصحابه؛ وسبب ذلك أن حبس المسلمين كان عند سوقم مائل وكان ناس محبوسين، فسال الوادي جارفا؛ فقيل للإمام إن الوادي سيلحق المحبوسين فأمر بإطلاقهم، فلم يجسر أحد أن يمضي إليهم خوفا من الوادي ، فقال الإمام: أنا أمضي إذ هم أمانتي وأنا المسئول عنهم يوم القيامة؛ فمضى إليهم وتبعه ناس من أصحابه؛ فمر .(١)« بهم الوادي فحملهم مع ا لمحبوسين جوهره: في أًيضا وقال ووارث بن كعب الخروصي فاز هنا بفضله المخصوص كان له في السجن قوم، فجرى سيل عليهم رآه خطرا سار إليهم بنفسه وقد قال أمانتي فسار وقصد . ١) تحفة ا لأعيان، ج ١، ص ١١٨ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٧٧ فزاد ذاك السيل حتى غرقا ومن غدا وراءه منطلقا ( سبعون مؤمنا مع الإمام ماتوا لأجل الحفظ للذمام( ١ : دّي مَ حْ اَلي الله عبد بن ان س غَ الإمام ٥ الذي بويع بالإمامة على أثر موت الإمام ا لوارث بن كعب باجتياح الوادي له، فشمر عن ساعديه، وواصل ليله بنهاره في حماية بيضة الإسلام ورفع منار الدين وإقامة موازين القسط بين الناس، بالقبض على يد القوي حتى يأخذ الحق منه، والأخذ بيد الضعيف حتى يسلمه حقه كاملا غير منقوص، من غير مراعاة لآصرة قربى أو شنآن بغيض، وقد أرقته عادة كانت متبعة في أرض الباطنة من عمان التي تسقى جنانها بالسواني، وكان الملاك ُ يعتمدون على عبيدهم الأرقاء في استخراج المياه والسقي بها، وكان نظام  السقي قائما على السني بالليل دون النهار، لأن ذلك أنسب براحة العمال نهى » : الذين يجهدهم العمل بالنهار تحت وهج الشمس، مع أن النبي ژ .(٢)« عن استعمال العبيد بعد صلاة ا لعتمة وللعلماء قولان فيما لو عوضوا بالراحة في النهار بقدر العمل بالليل، منهم من رخص في ذلك مراعاة للظروف، ومنهم من منع أخذا بظاهر الرواية، وقد حاول الإمام غسان 5أن يغير هذه العادة حتى لا يرزأ الأرقاء حقهم الذي عينه لهم رسول ا لله ژ ، ولكن بناء الحياة العملية في البلاد كان وفق هذه العادة، فعجز عن تغييرها، وقد وجد من ذلك غصة في نفسه، .( ٣)« عدلنا إلا في عبيد ا لباطنة » : فكان يقول . ١) جوهر ا لنظام، ج ٣ ص ٤٨٨ ٤٨٩ ) .( ٢) أخرجه الربيع (ص ٢٦٧ ، رقم ٦٨٧ ) . ٣) تحفة ا لأعيان، ج ١، ص ١٢٩ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٧٨ وهو راجع إلى شدة خوفه من الله وإحساسه بالتقصير عن الوفاء بحق العدل، وقد بين هذا الخلاف الإمام ا لسالمي 5 ، مع ذكر تحرج الإمام من ذلك في قوله: فما له بعد العشا يستخدمه وجاز إن أراحه مقدارا كذاك قيل ولأهل الباطنة ( فإنهم بالليل يزجرونا( ١ ووقع الريب بهذا الحال سليل عبد الله غسان الفتى وأن عدله ملا أماكنه  وذاك منه رضي الإله أو أنه لم ير نفس الرخصة ِ ك: ال مَ بن ت لْ الص ام اَلإم ٦ إلا بطيب نفسه إذ يكرمه خدمته أراحه نهارا في هذه الرخصة نفس ساكنة وبالنهار الزجر يتركونا على الإمام الكامل المفضال إذ ذكر العدل وما به أتى ولم ينل منه عبيد الباطنه عنه مقام الخوف ما أعلاه ( فرأيه الأخذ بقول الشدة( ٢ الذي حكم عمان بالعدل منذ بويع في عام مائتين وسبعة وثلاثين، ُ واستمر حكمه إلى عام مائتين وثلاثة وسبعين للهجرة، وسار في الناس سيرة جمع فيها بين الحزم والأخذ بأسباب القوة، والاحتياط في الدين والحرص على إنصاف كل أحد حتى الخصوم الألدين، ففي وقته غدر نصارى سقطرى بواليه فيها، فقتلوه واستولوا على البلاد وعاثوا فيها فسادا، ولعل نصارى الحبشة شجعوهم على ذلك وأمدوهم بالسلاح والرجال، وقد صورت هذه ١) أي يسنون أخذا من زجر الدابة عند السني، وهو اصطلاح عند ا لعمانيين. ) . ٢) جوهر ا لنظام، ج ٢ ص ٢٥١ ٢٥٢ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٧٩ الواقعة الأليمة امرأة مسلمة كانت تعيش في سقطرى، في قصيدة بثت فيها مشاعرها المحزنة وأرسلتها إلى الإمام هذا نصها: قل للإمام الذي ترجى فضائله وابن الجحاجحة الشم الذين هم أمست سقطرى من الإسلام مقفرة مغتبطا صار وّهلا حي وبعد ّ لم تبق فيها سنون المحل ناضرة  واستبدلت بالهدى كفرا ومعصية وبالذراري رجالا لا خلاق لهم جار النصارى على واليك وانتهبوا إذ غادروا قاسما في فتية نجب مجندلين صراعا لا وساد لهم وأخرجوا حرم الإسلام قاطبة قل للإمام الذي ترجى فضائله كم من منعمة بكر وثيبة تدعو أباها إذا ما العلج هم بها وباشر العلج ما كانت تضن به وحل كل عراء من ملمتها وعن فخوذ وسيقان مدملجة قهرا بغير صداق لا ولا خطبت أقول للعين والأجفان تسعدني ابن الكرام وابن السادة النجب كانوا سناما وكانوا سادة ا لعرب بعد الشرائع والفرقان والكتب في ظل دولتهم بالمال والحسب من الغصون ولا عودا من ا لرطب وبالأذان نواقيسا من الخشب من اللئام علوا بالقهر والغلب من الحريم ولم يألوا من ا لسلب عقوى مسامعهم في سبسب خرب للعاديات لسبع ضاري كلب يهتفن بالويل والإعوال والكرب بأن يغيث بنات الدين والحسب من آل بيت كريم الجد والنسب وقد تلقف منها موضع ا للبب على الحلال بوافي المهر والقهب عن سوءة لم تزل في حوزة ا لحجب وأجعد كعناقيد من العنب إلا بضرب العوالي السمر والقضب يا عين جودي على الأحباب وانسكبي ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٨٠ ما بال صلت ينام الليل مغتبطا وفي سقطرى حريم باد بالنهب يا للرجال أغيثوا كل مسلمة ولو حبوتم على الأذقان والركب حتى يعود عماد الدين منتصبا ويهلك الله أهل الجور والريب وثم يصبح دعا الزهراء صادقة بعد الفسوق وتحيا سنة الكتب ُ ثم الصلاة على المختار سيدنا خير البرية مأمون ومنتخب فأنجدها الإمام من عمان بأسطول يتكون من مائة سفينة وسفينة، وجعل إمرة ُ الجيش إلى رجلين ممن يطمئن إلى عدالتهم وأمانتهم في الدين، وهما محمد بن عشيرة وسعيد بن شملال، وكتب في هذا عهدا سلمه إليهما فيه من الدقة في الأحكام الحربية في الإسلام، ومراعاة حقوق البشرية ما تحار منه الألباب،  وجدير بهذا العهد أن يعد نظاما إسلاميا تأخذ به الأمة في ممارساتها ا لعسكرية. وقد اطلع أخونا العزيز (الدكتور محمد علي ا لبار) عليه، فشده ما فيه من الدقة المتناهية في التعامل مع المعتدين بالعدل والإنصاف، اللذين كثيرا ما يذوبان حتى يتلاشيا بوهج الحماس، الذي تؤججه عزيمة الحرب، خصوصا عندما تكون على معتدين من أصحاب ملة أخرى، وقد دعاه ذلك إلى كتابة مقال عن هذه القضية، ونشره في العديد من الصحف داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، أبدى فيه إعجابه البالغ بهذا الإنصاف للخصم في مثل هذا الموقف الثائر، الذي يؤدي إلى فقدان التوازن في التفكير، كما أعرب فيه عن سمو هذا العهد فوق كل التنظيرات التي احتوتها المواثيق الدولية في القضايا ا لحربية. وعندما ألف كتابا بعنوان (معاملة غير المسلمين، الحوار والتسامح في الإسلام، شواهد من ا لتأريخ) أشاد بهذا العهد وتناول جانبا منه بالتعليق، وقد تحقق للإمام الصلت ما أراد، فنصر الله 4 جنده وأعز » : وكان مما قاله القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٨١ دينه، وهزم الفئة الباغية الناقضة للعهود من نصارى الحبشة ومن شايعهم من نصارى سقطرى، وعادت راية الإسلام عالية وارتفع ذكر الله من المآذن، وحقق الله لعباده الذين اصطفى النصر والعز والتمكين، وانتشرت بذلك عدالة السماء في الأرض، ودخل الناس في دين الله أفواجا، لما رأوه من الأخلاق الربانية التي لم تعهد لبشر من قبل حيث قابل المسلمون الإساءة بالإحسان، والغدر بالوفاء والثبات عند اللقاء، فتم بذلك نصر الله والفتح، .« وانتشر دين الله في آفاق ا لأرض وتعتبر وصية الإمام الصلت وثيقة من أرقى الوثائق في الشؤون » : ثم قال الدولية، وخاصة في كيفية محاربة الأعداء والإنذار إليهم، ومعاملتهم بالحسنى إن هم استجابوا لنداء الحق وتابوا وثابوا، رغم ما فعلوه من جرائم فظيعة بالمسلمين من قتل وسفك دماء واعتداء على الحرمات، فهم إخواننا لهم ما لنا وعليهم ما علينا، فإن أبوا ذلك، دعوناهم للعودة إلى العهد والاستمساك به، وأداء الجزية، ومعاقبة الناكثين والتفريق بين من نكث العهد وبين من لم ينكث، وأن لا يؤخذ بريء من هؤلاء النصارى بجريرة وجريمة القتلة والسفاكين منهم، فإذا انتصرنا عليهم وجبت المعاملة بالحسنى، وتسليم الأمر إلى الإمام وأن تعود الأمور إلى سابق عهدها. وهذا بالفعل ما أدى إلى عودة نصارى سقطرى إلى حظيرة العدل وإلى دخول بعضهم في دائرة الإسلام، ومن بقي منهم على دينه كفلت له الدولة المسلمة الحرية التامة في أداء دينه وشعائره، وبقوا على ذلك حتى الغزو البرتغالي عام ١٥٠٧ م الذي أدى في النهاية إلى محاربة أهل سقطرى من .(١)« النصارى للبرتغاليين وإلى الدخول في دين الإسلام داخرين ١) معاملة غير المسلمين، الحوار والتسامح في الإسلام، شواهد من ا لتأريخ، للدكتور محمد ) ٩٨ ، دار القلم دمشق، الدار الشامية بيروت. - علي البار، ص ٩٦ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٨٢ كانت هذه شهادة عادلة من الدكتور البار لهذا الموقف العادل من الإمام الصلت الذي عامل النصارى بسقطرى هذه المعاملة الطيبة، رغم نكثهم العهود وسفكهم الدماء وانتهاكهم الحرمات، وقد ترك لهم حرية المعتقد والدين كما جاء في القرآن الكريم، وإذا قارن المنصف بين هذه المعاملة ومعاملة البرتغال لهم، وجد البون الشاسع بين المعاملتين على رغم أنهم جميعا نصارى، وكفى من ذلك أن البرتغال لم يتركوا أهل سقطرى من النصارى على ما كانوا عليه من المذهب الأرثوذكسي، بل أجبروهم على الانتقال عنه إلى المذهب الكاثوليكي الذي هم عليه وعمدوهم من جديد كرها، وهذا ما ذكره القائد البرتغالي البوكيرك الطاغية المجرم السفاح في .( مذكراته( ١ وجدير أن لا ننسى ذكر عهد الإمام إلى قائدي جنده الذين حرروا سقطرى من أيدي المحتلين، وما اشتمل عليه من الوصايا بتقوى الله تعالى والتزام عبادته، والعدل بين عباده وإنصاف الأعداء، وعدم تجاوز الأحكام الشرعية في التعامل معهم، غير أنه عهد طويل قد نثقل على القارئ الكريم عندما نأتي به بحذافيره، وإنما ندع الميدان لأخينا الأستاذ الدكتور محمد علي البار ليجول فيه ببيانه المنصف وشهادته العادلة فيما يتعلق بهذا العهد، فقد أورد منه فقرات في كتابه القيم بنصها، واكتفى بالإشارة إلى فقرات أخرى، مع ما كان يورده من عبارات تنم عن عظيم إكباره لهذا الموقف العادل من الإمام مع ألد الأعداء وأنكى الخصوم، فقد قال ما نصه: بسم » : يبدأ الإمام الصلت عهده العظيم بذكر الله وتوحيده، حيث يقول » الله الرحمن الرحيم: إني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ومقاليد ١) ينظر: سجلات أفونسو دلبوكيرك. ترجمة: د. عبد الرحمن عبد الله الشيخ. هيئة أبوظبي ) . للسياحة والثقافة، الإمارات. الطبعة الثانية ١٤٣٣ ه/ ٢٠١٢ م. ص ٥٩ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٨٣ كل شيء عنده، الواحد، الأحد العلي الجد، الذي ليس لعظمته حد ولملكه عد، ولا لقدره صاد ولا لأمره راد، ولا له نظير ولا مضاد تفرد بفطر الخلق ونصر الحق ورتق الفتق، وعلا فدنا ودنا فنأى وسمع ورأى وأعلم وأحصى .« وقدر وقضى وأعز وأذل ثم صلى على المصطفى وآله وكيف أقام الله به الحجة وتبر به الأوثان، وشرع به شرائع الإيمان، ودفع به حزب الشيطان. ثم أمر قواده وجنوده بإخلاص التوبة لله، والمبادرة بإخلاص العمل لله: والزموا تقوى الله في الغيوب، وداووا بها داء العيوب، وتجهزوا للقاء » الله بالطهارة من الذنوب، فإن الله يغفر لمن يحوب... فتوبوا إلى الله من سيء ما مضى، وأصلحوا فيما بقي بما عنكم به يرضى، وصونوا دينكم ولا تبيعوا دينكم بدنياكم ولا بدنيا غيركم، وقفوا عن الشبهات وأحرموا عن محارم الشهوات، وغضوا أبصاركم عن مواقعة الخيانة، واحفظوا فروجكم عن الحرام، وكفوا أيديكم وألسنتكم عن دماء الناس وأموالهم وأعراضهم بغير الحق، واجتنبوا قول الزور، وأكل الحرام ومشارب الحرام، وجماعة السوء، ومداهنة العدو، وأدوا الأمانات إلى أهلها، وإن قلتم فاعدلوا ولو كان ذا .« قربى، وبعهد الله أوفوا، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون وأمرهم طويلا بإقامة الصلاة في أوقاتها، والخشوع فيها وكيفية صلاة واعلموا إني وليت عليكم يا معشر الشراة » : الحرب، وعند الخوف، ثم قال أي الذين شروا أنفسهم والمدافعة على جميع سقطرى أهل السلم منها وأهل الحرب؛ وعلى الصلاة، وقبض الزكاة والجزية، والمصالحة والمسالمة والمحاربة لأهل النكث من النصارى أو من حاربكم من المشركين في سفركم أو في مستقركم على الأمر والنهي، وإعطاء الحق ومنع الباطل، وإنصاف المظلوم من الظالم، ووضع الأمور في مواضعها، وإعطاء كل ذي ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٨٤ حق نصيبه من العدل من قريب الناس وبعيدهم، وقسم ثلث الصدقات على أهلها؛ وتزويج النساء التي لا يصح لهن أولياء في مواضعهن بمن رضين به أقل الصداق يكون ولا قات، اُلصد من به تراضوا ما على كفؤا لها كان إذا من أربعة دراهم، وإقامة الوكلاء لليتامى والأغياب الذين لا أوصياء لهم ولا وكلاء في أموالهم، وفرض الفرائض لليتامى في أموالهم، وللنساء النفقات على أزواجهن بالعدل والمعروف. (وليت عليكم) محمد بن عشيرة وسعيد بن شملال فاسمعوا لهما وأطيعوا لهما، في طاعة الله وفيما دعياكم إليه من حق الله، ومجاهدة أعدائه مجتمعين أو متفرقين في بر أو بحر، ولتصدق نياتكم وتحسن رعايتكم .«... وتلووا على الحق قلوبكم، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ثم ذكرهم بآيات الله، والنصح لمن وليهم وأن ينتصحوا ولا يتباغضوا ولا يغش بعضهم بعضا، ولا يتفاخروا في الأحساب ولا الأنساب وأن يكونوا يدا واحدة على كلمة واحدة كالبنيان يشد بعضه بعضا، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وذكرهم بأنهم خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ثم وقد بغى هؤلاء النصارى وطغوا ونقضوا عهدهم ونرجو أن يديل الله » : قال عليهم.. فإذا سرتم أو نزلتم فأكثروا ذكر الله فإن بذكر الله تطمئن القلوب.. وشدوا على ربابنة السفن أن لا يتفرقوا ولا يسبق بعضهم بعضا.. حيث يسمع بعضهم دعاء بعض، فإن عناهم معنى تكيفوا ووازر بعضهم بعضا إن شاء الله، فإذا أقدمكم الله الجزيرة فتناظروا وتشاوروا، وأرجوا أن لا يجمعكم .«... الله على ضلال ثم أمرهم بأن يقتربوا من القرية الناكثة، فيحاصروها ويرسلوا إلى أهل فأعلموهم أنهم آمنون على أنفسهم » .. العدل الذين لم ينقضوا عهدهم القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٨٥ ودمائهم وحريمهم وذراريهم وأموالهم، وأنكم وافون لهم بالعهد والذمة والجزية على الصلح الذي يقوم بينهم وبين المسلمين فيما مضى؛ ولا ينقض ذلك ولا يبدله، وأمروهم بإحضار جزيتهم إليكم، واختاروا إليهم رجالا من خيارهم، من يثبت إلى الصلاح منهم، فوجهوهم إلى هؤلاء الناقضين لعهدهم الناكثين على المسلمين ببغيهم، واجعلوا ممن توجهون رجلين صالحين ممن يوثق بهم من أهل الصلاة، فإن لم يمكنكم بعث اثنين صالحين من أهل الصلاة فواحد، فتأمروهم أن يصلوا إلى الذين نقضوا العهد فتدعوهم عن لساني وألسنتكم إلى الدخول في الإسلام وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة مع حقوق الله والانتهاء عن معصيته، فإن قبلوا ذلك فهي أفضل المنزلتين لهم؛ وذلك يمحو ما كان من حدثهم.. وإن كرهوا أن يقبلوا الإسلام ويدخلوا فيه، فلتدعوهم إلى الرجعة عن نكثهم والتوبة من حدثهم إلى الدخول في العهد الأول الذي كان بينهم وبين المسلمين، على أن لهم وعليهم الحق بحكم القرآن وحكم أهل القرآن من أولي العلم بالله وبدينه من أهل عمان ممن نزل إليهم أمر المسلمين، فإن أجابوا وتابوا فلتقبلوا ُ ذلك منهم ولتأمروهم بترك ما في أيديهم وأيدي أصحابهم من أهل الحرب من نساء مسلمات، ثم لا يتزوج رسلكم من عندهم حتى يقدم معهم رؤساء أهل الحرب ويسلموا إليهم النساء المسلمات اللاتي سبوهن؛ واجعلوا لرسلكم أجلا في رجعتهم لمن أجابهم، وبالسبايا إلى ذلك الأجل، أن لا يظلموهم ولا يخادعوهم ولا يماكروهم بالمطل والتواني في ذهاب الأيام، فإن وصلوا إليكم بمن أجابهم من أهل الحرب وقد استسلموا وتابوا من حدثهم وجاءوا بالنساء المسلمات فاقبلوا ذلك منهم، ولا تعرضوا لأحد ممن جاءكم تائبا مستأمنا مستسلما بسفك دمه ولا انتهاك حرمته ولا سبي .« ذريته ولا غنيمة ماله، وليكونوا مثلكم آمنين ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٨٦ يا الله!! هذه القمة السامقة في معاملة قوم غدروا وفجروا، وقتلوا الأبرياء، ونقضوا العهد، وأخذوا أشراف المسلمين ونساءهم سبايا، وقد أمرهم الإمام الصلت أن يدعوا أولا القوم الذين لم ينكثوا العهد ولا يخلطوا بين الفريقين، بل يعاملوا الباقين على العهد بالأمان والوفاء، ثم يختاروا من هؤلاء القوم أرشدهم ويبعثوا منهم رسلا إلى الناكثين مع اثنين أو واحد من أهل الصلاة (أي أهل الإسلام)، لينذروا الناكثين ويدعوهم إلى الإسلام، فإن هم أجابوا فذلك يمحو حدثهم وقتلهم المسلمين، وهم إخوة للمسلمين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم. ولهم بعد ذلك المنزلة العلا عند الله ويتوبوا ويتوب الله على من تاب، فإن هم أبوا إلا البقاء على دينهم فلهم ذلك ولكن يطالبونهم بالعودة والوفاء بالعهد الذي كان وأن يسلموا السبايا من المسلمات، فإن ولا يضاروا ولا ينتقم منهم، بل إن طلبوا » : أجابوا لذلك فعفا الله عما سلف .« أجلا للنظر في هذه الأمور فأعطوهم الأجل وحددوا لهم ا لزمن وفي تلك الفترة حذرهم أشد التحذير من الخديعة والظلم والكذب. بل لا بد أن يحترم المسلمون أجلهم ومدتهم، فإن رضي هؤلاء الكفار الناكثون للعهد الذين سفكوا الدماء وسبوا نساء المسلمين وذراريهم بإحدى الحسنيين: الإسلام أو العودة للعهد، فقد أمرهم بقبول ذلك منهم والعفو عما سلف من جرائمهم، وأن يؤمنوا على أموالهم وأنفسهم وذراريهم، ويوفى لهم العهد، وإن أبوا إلا القتال، قد أمرهم بمقاتلتهم والاحتساب والصبر، بعد التيقن والتثبت وعدم الاستعجال والتأكد أنهم مصرون على النكث ونقض ا لعهد. وقد أمرهم بعدم قتل النساء والأطفال والشيوخ والذين لا يقاتلون، وأن لا يقاتلوا موليا إلا أن يقاتلهم، فإن » . والزمنى والمرضى والقسس .« استأسر أخذوه ولم يقتلوه القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٨٧ وأمرهم بالصبر والمصابرة والثبات عند اللقاء، وذكر لهم في ذلك من آيات الله في كتابه الكريم وما جاء على لسان نبيه ورسوله من أجر المجاهدين والصابرين. ثم أعلمهم بما يفعلون في الغنيمة مذكرا بقول الله تعالى: ﴿ ! " .-,+*)('&%$# 0 ﴾ [الأنفال: ٤١ ]، ونهاهم عن الغلول، وأن تقسم أربعة أخماس / الغنيمة على المقاتلة بالسواء، ويعزل الخمس للإمام (الدولة) وأما السلاح والنساء والذرية ممن ولدوا بعد نقض العهد، فيحملون إلى الإمام ليرى فيهم رأيه. وأما من ولد من هؤلاء الكفار من النساء والذرية قبل نقض العهد فلا سبيل عليهم ولا يحملون إلى الإمام، بل يبقون في بلدتهم: وإذا التحمت الحرب بينكم وبينهم، فلا تقتلوا صبيا صغيرا ولا شيخا » كبيرا ولا امرأة.. ومن قتلتموه عند المحاربة فلا تمثلوا به، فإن رسول الله ژ .« نهى عن ا لمثلة ثم لا تغفلوا عن الحرس في » : وأمرهم بالمحافظة على الصلوات والذكر الليل، واجعلوه نوائب بينكم في كل ليلة حول قريتكم، فإنه يقال إن الله يباهي بنفر من عباده من أهل أرضه ملائكته، منهم مقدمة القوم إذا حملوا .« (أي على العدو) وحاميهم إذا انهزموا، وحارسهم إذا ناموا وذكر لهم كيف يؤدون الصلاة في الحضر والسفر وفي الأمان والخوف وعند اشتداد القتال. ووجه القادة إلى منع مجالسة اللهو والخمر والطرب فمن شرب الخمر أقيم عليه الحد إلا من تاب منهم واستغفر فاقبلوا توبته، لا يحل لأحد من المسلمين نكاح » : وأقيلوا عثرته وردوا عليه نفقته ورزقه نساء النصارى من أهل سقطرى، ولا نساء من أهل العهد منهم، ولا نساء ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٨٨ ذلك لأن من لا يقرأ « أهل الحرب إلا نساء الذين يقرؤون الإنجيل.. منهم الإنجيل فقد بعد بهم العهد عن النصرانية وأشبهوا المشركين من غير أهل فلا يحل نكاح نسائهم ولا أكل » : الكتاب في ذلك، فلذا أخذوا حكمهم .« ذبائحهم ولا طعامهم لا تختلفوا في آرائكم » : ثم ينهي الإمام الصلت وصيته مرة أخرى بقوله ولا في سلمكم ولا في حربكم، وليكن رضاكم واحدا وغضبكم واحدا ووليكم واحدا وعدوكم واحدا.. فإني أسأل الله أن يهديكم للائتلاف وأن يؤمنكم ويؤمن بكم من المخاوف، فإنه يعيذكم ويعيذ بكم من الارتجاف ..« والاختلاف، وأن يكسيكم كل خلق واف وكل علم كاف وكل عمل صاف وقد تحقق للإمام الصلت ما أراد، فنصر الله 4 جنده وأعز دينه وهزم الفئة الباغية الناقضة للعهد من نصارى الحبشة ومن شايعهم من نصارى سقطرى، وعادت راية الإسلام عالية وارتفع ذكر الله من المآذن وحقق الله لعباده الذين اصطفى النصر والعزة والتمكين.. وانتشرت بذلك عدالة السماء في الأرض، ودخل الناس في دين الله أفواجا لما رأوه من الأخلاق الربانية التي لم تعهد لبشر من قبل، حيث قابل المسلمون الإساءة بالإحسان والغدر بالوفاء والثبات عند اللقاء، فتم بذلك نصر الله والفتح، وانتشر دين الله في .(١)« آفاق ا لأرض هذا ما أورده الدكتور حفظه الله من عهد الإمام، وما أتبعه من خواطره وأحاسيسه تجاه هذا العهد، والحق أن هذا العهد يعد تأليفا مستقلا حافلا بأحكام الحرب وما يجب على المسلمين التحلي به من مكارم الأخلاق في مواجهة العدو؛ لتكون أخلاقهم رسل دعوة إلى دينهم الحق . ٩٧ - ١) المصدر السابق، ص ٨٨ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٨٩ تقنع عدوهم بصحة هذا الدين، وتكشف له محاسنه وفضائله. وإذا كانت هذه وصية الإمام ا لصلت بن مالك إلى من عهد إليهم بحرب الكفار الناكثين، الذين ارتكبوا الجرائم، فسفكوا الدماء، واغتصبوا النساء ونهبوا الأموال؛ فما ظنك بوصيته إلى من يوليهم أمر المسلمين، وقد حفظ لنا التاريخ عهده إلى أحد ولاته وهو غسان بن جليد عندما ولاه بعض البلاد التي كانت تحت نفوذ إمامته، وقد جاء في عهده له ما نصه: أني أوصيك بتقوى الله في سرك وجهرك، وأن تكون على أمر الله حدبا » وفي مرضاته راغبا، وأن تعمل بالعدل في الرعية، وأن تقسم بينهم بالسوية ، وأن تأمر بالمعروف وتحث أهله عليه، وتنهى عن المنكر وترده على من عمل به، وتنزل كل ذي حدث حيث أنزله حدثه، وأن تقيم فيهم كتاب الله وتحيي فيهم سنة نبي ا لله ژ ، وتسير فيهم بسيرة أئمة الهدى في حد الغضب منك والرضا؛ ولا يخرجك غضبك من الحق ولا يدخلك رضاك في الباطل؛ ولا تتعاط من الناس عند قدرتك عليهم ما لم يأذن الله به لك فيهم، ولا تخف في الله لومة لائم. واجعل الناس عندك في الإنصاف سواء، واحذر أن يستميلك إلى أحد منهم هوى، ولا تركن إلى أهل الجهل والباطل والطمع والغي، فإن الله قد µ ¶ ´ ﴿ : حذر نبيه محمدا صلى الله عليه وآله وسلم فقال ¸½¼»º¹ g kjih ﴿ : ﴾ [المائدة: ٤٩ ]. وقال wvtrom ﴾ usqp nl g ponmlkjih ﴿ : [هود: ١١٣ ]، وقال }|{zyxwvutsrq ~ ﮯ ¦¥¤£¢¡ . [١٩ - ﴾ [الجاثية: ١٨ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٩٠ ولا تتخذ من الأصحاب إلا الأمناء، الذين تؤمنهم على ما يغيبون به عنك من أمانتك فيما يرفعونه إليك عن رعيتك؛ فإني قد ائتمنتك على أمانتي ووثقت بك على حمايتي بالقيام بالقسط في رعيتي؛ والمساعدة لي على ما أنا قائم لسبيله من أمر ربي ، وكن كما رجوت فيك وعند ظني بك فإنك عين لي على ما غاب عني، والله شهيد عليك وعلي وناظر إليك وإلي؛ ّّ وسائلك وسائلني فلست بمغن لك من الله ولا أنت بدافع ولا نافع لي عند الله إلا بحفظ أمانته، ورعاية حقوقه والصدق عليه، فبالله فاكتف ومنه فاستحي  .(١)« وإياه فاتق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم... إلخ وهو عهد لا يدل إلا على رسوخ الإيمان ومتانته في نفس من عهد، وعلى عمق خشيته من الله وحسن تعلقه به سبحانه. ِ وب: ب حْ مَ بن د م حَ مُ بن دالله ب عَ بن يد ع س الإمام ٧ وهو من أسرة قرشية مخزومية عريقة في العلم، بويع بالإمامة في عام ثلاثمائة وعشرين للهجرة، فأحيى السنن وأمات البدع ونصر الحق وأخمد الباطل، وكان حريصا على العدل مع القريب والبعيد والقاصي والداني، لا يتجاوز في نصرته للحق حدود ما أذن به الله، وقد جاء إلى الحكم بعد أن سيطر على عمان ردحا من الزمن عمال بني العباس، فأساؤوا فيها السيرة ُ وخربوا البلاد وأشاعوا فيها الفساد، فأنقذها الله ببيعة هذا ا لإمام. وكان من عدله في خصومه أنه افتتح مركزا كانوا يسيطرون عليه فأدال الله له منهم، وشكا إليه أحد جنودهم أنه فقد حلقة حديدية من باب، فحرص الإمام 5على البحث عنها حتى وجدها فردها إلى صاحبها، ولم يستبحها بسبب ما ارتكبوه في الناس من الظلم والعسف، وإنما وسعهم بعدله ووكل . ١٨٢ - ١) تحفة ا لأعيان، ج ١، ص ١٨١ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٩١ جزاءهم على جورهم إلى الله تعالى.( ١) وعاقب قوما بالحبس على منكر ( ارتكبوه فرآهم في الشمس وغضب من ذلك، وقال: أمانتي في الشمس؟!( ٢ لأنه يشعر بالمسؤولية أمام الله لو عاقبهم بأكثر مما يستحقون. ِِ دي مَ حْ اَلي يد ع سَ بن د اش رَ الإمام ٨ : الذي بويع بالإمامة بين عام ٤٤٢ ه ٤٤٥ ه ، فأقام موازين القسط وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، ووجه نصائحه إلى عماله كما نصح من وجه إليه خطابه من المسلمين حتى في بلاد الهند، وهذا نموذج من نصائحه لعماله، وجهه إلى أبي المعالي قحطان بن محمد بن أبي القاسم، جاء فيه ما نصه: إني أوصيك يا أبا المعالي قحطان بن محمد بن أبي القاسم بطاعة الله » وطاعة رسوله ژ والانتهاء عما حرم الله عليك في زواجره والعمل بما أمرك الله به من أوامره فيما ساءك أو سرك، أو نفعك أو ضرك، وأن تأمر بالمعروف وتعمل به؛ وتنهى عن المنكر وتقف عن فعله، ولتحذر من خدائع الشيطان ومن يوازره على ذلك من الأعوان، احذرهم ونفسك وهواك، وشهوتك ودنياك، فقد قال الله تعالى: ﴿ & 0/.-,+*)(' 21 ﴾ [يوسف: ٥٣ ]، وقال: ﴿ ! )('&%$#" -,+* ﴾ 9876543210/. [الجاثية: ٢٣ ]، وقال: ﴿ & ,+*)(' ﴾ - 8 <;: [النساء: ٢٧ ]، وقال: ﴿ 9 @?>= NMLKJIHGFEDCBA . ١) المصدر السابق، ج ١، ص ٢٧٦ ) . ٢) المصدر السابق، ج ١، ص ٢٧٨ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٩٢ ]\[ZYXWVUTSRQPO .[ الحديد: ٢٠ ] ﴾a`_^ واذكر حق الله عليك واشكر نعمته لديك، ولا تذهب بك حمية، ولا تمنعك تقية أن تساوي في الحق بين وضيع الناس وشريفهم، وقويهم وضعيفهم، وبغيضهم وحبيبهم، وبعيدهم وقريبهم، وقد جعلت حماية صحار وما يتصل بها من العفة إلى صلان إليك وعولت فيها عليك، فقم فيما وليتك من ذلك حق القيام، واستفرغ الطاقة منك بالجهد التام، وشمر فيه عن ساق الجد، واحسر معه عن ذراع الشد، من غير أن تتعدى في ذلك محظورا أو تركب فيه منكرا، أو تقترف فيه ظلما، أو تكسب فيه حوبا وإثما، إلا ما تعتمده من منع ظالم في  حال عداوته من غير أن تعاقبه بشيء على عصيانه؛ بل ترفعه إلى القاضي .(١)« بصحار، حتى يحكم عليه بما يلزمه من فعله ويعاقبه بما يستحقه على فعله وهو يدل على الدقة المتناهية في إنزال كل شيء منزله، فقد ولى أبا المعالي ما يتعلق بالجانب الإداري والمالي والعسكري، لما رآه فيه من الكفاءة والخبرة والشجاعة، مع اطمئنانه إلى أمانته وثقته، لكن لم يكل الأحكام إليه، فلم يسوغ له أن يعاقب أحدا إلا بحكم من القاضي الشرعي حذرا من الخطأ، إذ لم يكن بمكان من العلوم الشرعية يتمكن به من القضاء بين الناس، وفي هذا ما يدل على أن الجانب السياسي والإداري إنما يخضع للحكم الشرعي، وليس للمسؤول عنه أن يقضي فيه بموجب ما يراه من ا لمصلحة. : يّ وِص رُ اَلخ اب ط اَلخ بن ر مَ عُ الإمام ٩ الذي بويع بالإمامة في عام ثمانمائة وخمسة وثمانين للهجرة، اجتمع . ٣١٢ - ١) المصدر السابق، ج ١، ص ٣١١ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٩٣ عليه العلماء والفضلاء، فحملوه تبعة الإمامة من جهاد المعتدين وقطع أيديهم عن الفساد في الأرض وسفك دماء الأبرياء ونهب أموالهم وانتهاك حرماتهم، وهو من ذرية الإمام الصلت بن مالك الخروصي الذي بويع بالإمامة في القرن الثالث ا لهجري. وكانت بلاد عمان قبله ترزح تحت نير الجور؛ إذ تسلط عليها الجبابرة ُ من بني نبهان الذين علوا في الأرض وأشاعوا فيها الفساد واستباحوا دماء الأبرياء وأموالهم، فلما بويع هذا الإمام كان أول إجراء اتخذه هو جهاد الجبابرة واسترداد الحقوق المسلوبة من أيديهم ومصادرة ما بأيديهم من  أموال؛ لأن مظالمهم استغرقت كل ما تحت أيديهم، وكان هذا عن رأي علماء عصره الذين حكموا بهذا الحكم وحملوا الإمام مسؤولية تنفيذه، على أن يرد كل مال مغصوب إلى صاحبه عندما يكون معروفا، وإن لم يعرف صرف في مصالح المسلمين، وكتبوا في ذلك وثيقة قضاء حررها الشيخ .( علي بن محمد بن علي بن عبد الباقي وأمضاها غيره من ا لعلماء( ١ الذي رد ما أخذ من الأموال ƒ وهو بهذا ناهج نهج عمر بن الخطاب بغير حق إلى بيت مال المسلمين، فكان له شرف التشبه بالفاروق في اسمه : وفعله، وفي هذا يقول الإمام ا لسالمي 5 وفي بنى اليحمد من أسد ا لشرى إمام صدق كان يدعى عمرا كذا أبوه يدعى بالخطاب مساميا لعمر الصحابي من نسل شاذان وذاك العلم دوخ أهل الظلم حين ظلموا فقد قضى على بني نبهانا جبابرا كانوا على عمانا قضى بأن مالهم لمن ظلم من العمانيين لكن ما علم . ١) المصدر السابق، ج ١، ص ٣٧٩ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٩٤ فجعلوا ذلك بيت مال لجهلهم بمالك الأموال وكان ذا يعرف بالتغريق ما أشبه الفاروق بالفاروق ( شابهه في الاسم والتصلب على أولي الظلم فلا تستعجب( ١ شَد: م بن ر ر م ن ا اص اَلإم ١ِِ٠ الذي بويع بالإمامة في عام ألف وأربعة وثلاثين للهجرة وهو ابن عشرين عاما، وكانت بيعته في وقت عصيب إذ توزعت ولايات عمان إلى ُ إمارات، على رأسها جبابرة لا يرعون حقا لله ولا حرمة لعباده، وكان من بين هؤلاء أسرة الإمام التي تحكم الرستاق، فبدأ أولا بتحرير الرستاق من قبضة عمه الذي كان أحد الجبابرة، ثم والى الفتوحات التي شملت أنحاء عمان ُ حتى امتدت إلى الساحل الذي كان واقعا تحت السيطرة الحديدية للدولة البرتغالية التي كانت سيدة البحار، وكانت كالإعصار المدمر تأتي على كل شيء حيثما نزلت، وقد انتزع الله الرحمة من قلوب أهلها، فما كانوا يرقون ما أقصى يعانون الناس عوا دَ ي أن همهم كل إذ شيء، على يبقون ولا لأحد َ يتصور من الشر والدمار، ويكابدون أقسى ما ينزل عليهم من قبلهم من هلاك وإبادة. وقد شرع هذا الإمام في الهجوم عليهم، وبعدما كانوا يتصورون أنهم قوة لا تقهر وقضاء لا يرد؛ شعروا أمام زحف جند الحق أنهم في مواجهة مع قدر إلهي لا صاد له ولا راد، فأرجفت الأرض تحت أقدامهم وأوجفت منهم قلوب كانت أثبت من الراسيات وأقسى من جلاميدها الصلدة، فلم يجدوا إلا أن يطلبوا من الإمام ممثلا في قائده العالم التقي الشيخ مسعود بن رمضان أن يصالحهم على ما تبقى في أيديهم من القلاع، بعدما . ١) جوهر ا لنظام، ج ٢ ص ٣٥٨ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٩٥ انتزع من قبضتهم أكثرها فغادرها قاعا صفصفا، فوافقهم على الصلح إلى أمد، واشترط عليهم فك ما بأيديهم من أموال المسلمين، وكان من بينها أموال ا لشيعة( ١) بصحار. وفي هذا أكثر من درس للأمة، فهو يدل: ذلك في تميز ولا الأمة، جميع حقوق ترعى المدرسة هذه أن على :ً أولا بين مدارسها المختلفة، فمهما كان من اختلاف في الفكر والاعتقاد أو في الفقه والاجتهاد بين أبناء هذه المدارس، فإن الهم يجب أن يكون واحدا، وأن لا يقسمهم ذلك إلى طوائف عزين، تسعى كل طائفة إلى دمار ا لأخرى. كل ينال وأن مظلوم، لكل الظالم من يكون أن يجب الانتصاف أن : ثًانيا مظلوم حقه غير مبخوس، فإن العدل واجب مقدس يرعاه الذين يخشون الله ويتقونه، وكل الناس في موازينه سواء. ضرورة متنوعا كان ما كيف المجتمع نسيج على المحافظة أن : ثًالثا اجتماعية لتماسك هذا النسيج وتكامله وشد بعضه أزر بعض. وقد شاء الله تعالى أن تكون هذه بداية لدحر قوى الكفر في ذلك العهد وزعزعة معاقله وهشم يافوخه الطافح بالغرور، ثم توالت بعد ذلك الفتوحات العظيمة على أيدي خلفاء هذا الإمام من الأئمة العظام، الذين لم يقفوا دون أن يغزوا البرتغاليين الجبابرة المتكبرين في معاقلهم، التي كانت قواعد انطلاقهم لغزو الشعوب وتدمير الأمم، إذ لم يأل هؤلاء الأئمة جهدا في جهادهم بكلمة الله حتى أنزلوهم من صياصيهم أذلة، وأخرجوهم من مستعمراتهم في شواطئ أرض الهند والشرق الإفريقي، فذاقت الشعوب المنكوبة بهم طعم العدل، وتفيأت ظلال الكرامة، ورفرفت على رؤوسها رايات ا لعز. . ١) تحفة ا لأعيان، ج ٢، ص ١٠ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٩٦ وللإمام ناصر بن مرشد 5 عهود حررها إلى ولاته الذين حملهم تبعة القيام بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنصاف المظلومين والانتصاف من الظالمين، وبسط العدل والإحسان في الأرجاء التي ولاهم فيها وائتمنهم عليها، وعهوده جميعا تدور حول هذا المحور، فهي وإن اختلفت ألفاظها تتحد معانيها، لذلك نقتصر على نموذج منها يدل على سائرها، فها هو ذا عهده للشيخ أبي سعيد صالح بن سعيد المعمري الذي ولاه شرقية عمان من إبرا إلى صور، فقد كتب إليه ما نصه: ُ بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله الذي أوضح شهاب الحق بالبراهين » المنيرة والدلائل المستنيرة، ودمر دعوة المظالم بالآيات الواضحة والحجج الباهرة اللائحة، وأعز دولة نبيه بالأنوار الساطعة والأسنة القاطعة، أحمده على ما أضاء نور ديننا بأفق كتابه وبين لنا غرائب مشتبهاته من معاني كلامه وخطابه، وأشكره شكر من أناب وخضع وسجد وركع، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة ثابتة بالجنان مكررة باللسان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله إلى كافة الثقلين وطهره من الدرن والشين، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار الأتقياء الأخيار ما غرد عندليب على غصون الأشجار وأناب منيب بغياهب ا لأسحار. أما بعد: فهذا ما يقول المعتصم بالله المتوكل عليه إمام المسلمين ناصر بن مرشد بن مالك إلى الشيخ الوالي أبي سعيد صالح بن سعيد المعمري 5 ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، وأوصيك ونفسي وجميع المسلمين بتقوى الله واللزوم على طاعته، فأقول لك يا أبا سعيد إني قد وليتك على بلدة صور وإبرا وما اشتمل عليهما من الأماكن والقرى، على أن تظهر دين الله 8 في هذه البلدان والقرى وتحيي سنة نبيه القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٩٧ محمد ژ ، حتى تأخذ من الظالم للمظلوم حقه، وتوفي من مال الله لكل فقير نصيبه ورزقه، وتأمر من بهذه القرى والبلدان، حضرهم وبدوهم؛ بالمعروف والإحسان وتنهاهم عن الفجور والبهتان، وتعلمهم أن من ظلم أحدا مثقال ذرة أو أقل منها أو أكثر فاقتد في عقابه بآثار الأئمة الفضلاء الذين جعلهم الله ورثة الأنبياء، يقودون الناس إلى الخيرات وأفضل منازل .[ الأنعام: ٩٠ ] ﴾ÄÃÂÁÀ¿¾ ﴿ الدرجات وأن توالي في الله وتعادي في الله ولا تأخذك بهما رأفة في دين الله، ولا تخف لومة لائم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم؛ وعلى أن تجتهد في إصلاح أهل ولايتك، وإصلاح دينهم، وعمارة مساجدهم، والرأفة بهم، والتجاوز عن مسيئهم، وحسن السياسة لأمورهم، والصبر في نفسك على أذاهم ما وسعك من ذلك. وإياك يا أبا سعيد والعجلة في أمورك، وكن حذرا وقورا صابرا شاكرا على العطاء، ساترا عيوب من أخطأ غافرا زلة من عثر رءوفا بمن أناب واستغفر قابلا لمن رجع إليك واعتذر، مدمدما على من أصر واستكبر، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، هينا لينا لمن آخيته من جميع الشراة، لا بفظ ولا غليظ، واصبر وما صبرك إلا بالله وتوكل على الله حق التوكل واجتهد في ذلك ولا تكن من ا لغافلين. وأوصيك يا أبا سعيد أن تختص من خيار إخوانك أن يسيروا في البلاد ويردوا الظلم عن العباد، ويصرفوا عنهم المناكر والفساد ويسوسوهم إلى الصلاح والرشاد، ويقبضوا الزكاة من أغنيائهم ويعطوها فقراءهم فيواسوهم من مال الله بما يسد جوعهم ويستر عورتهم؛ ولا تدعهم يتكففون إليك حزنين باكين، وابعث إلى كل بلدة وقرية ثقة أمينا ورعا يتحسس عن المكثر والمقل، ليأخذ من المكثر زكاة الله ويواسي منها المقل، لأن كثيرا من ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٢٩٨ الأغنياء لم ينصف من نفسه في أداء الزكاة، وكثيرا من الفقراء لم تحمله نفسه ليجيء إليك. فاجتهد يا أبا سعيد في الأخذ من هذا والعطاء لهذا؛ فإن لهم علينا حقا q tsr ﴿ : واجبا أوجبه الله 8 في كتابه لقوله }|{zyxwvu ~ ﮯ §¦¥¤£¢¡ التوبة: ٦٠ ]، فإذا أردت ] ﴾ ©¨ المسير إلى بلدة صور من قرية إبرا، فاترك في قرية إبرا من يحفظ أمانتك ويخاف الله حق الخوف من ذات نفسه، وأنت لا تجاوز بلدة ولا غبرة ولا مزرعا ولا عجوزا في عنة ولا بدويا بغار إلا وأخذت من الظالم للمظلوم وواسيتهم من مال الله ما وسعك من ذلك؛ فإن مات أحد جوعا أو مظلوما فهو في رقبتك دون رقبتي وأنت المأخوذ به دوني. فإني أعزني الله بالإسلام، ونيتي أنني لو قدرت أن أملأ الأرض عدلا وصلاحا، وإرادتي أن أدمر كل ظالم وأشتت كل جماعة اجتمعوا على المناكر والفجور، والخوض في أفاحش الأمور؛ فإنه لا أثرة عندي لظالم ولا حيف لمسلم، وقد جعلت لك أن تتصرف في جميع أمور المسلمين ما يجوز لي أن أتصرف فيه، فإن خالفت إلى غير ذلك فأنا ومال المسلمين بريئان منك وأنت الرهين به؛ والسلام عليك ورحمة الله وبركاته؛ والحمد لله حق حمده، والصلاة على خير خلقه محمد ژ ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .(١)« العلي ا لعظيم وهو عهد غني عن التعليق والشرح، فعباراته تكشف طواياه وتزيح الستار عن محتوياته، وهو مبني على تقوى الله يلزم بها الإمام واليه كما التزمها، مع . ٣٥ - ١) المرجع السابق، ج ٢، ص ٣٢ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٢٩٩ رعاية حقوق الله تعالى وحقوق عباده في حملهم على طاعته وكفكفتهم عن معصيته، والإنصاف بين قويهم وضعيفهم ورد مبطلهم إلى الحق، وإنصاف مظلومهم بالعدل وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وتعهد ضعفائهم بإيتائهم ما لهم من حقوق في بيت مال المسلمين وفي أموال أغنيائهم، والاستهداء في كل أمر بكتاب الله المبين وسنة نبيه الأمين عليه أفضل الصلاة والتسليم، واتباع سيرة السلف الصالح، مع التذكير بالله واليوم الآخر، والتحذير من التفريط فيما أمر الله به أو الاجتراء على ما نهى عنه. وبالجملة؛ فهو عهد يجسد ما يعتمل بين حنايا قلب عاهده من خوف الله ورجائه، والرغبة في نصرة دينه وإصلاح عباده وإحقاق كل حق وإزهاق كل باطل، لم يكن هم عاهده الجبايات التي تساق بالباطل إلى قصور المتسلطين الغارقين في شهواتهم إلى الأذقان، وإنما همه أن يلقى الله سبحانه خفيف الظهر من الأوزار، مبيضة صحيفته بالبر والتقوى، وأن يعيش حياته مرهقا لنفسه لأجل راحة غيره، يجوع ليشبعوا، ويعرى ليكتسوا، وينصب ليطمئنوا، ويخاف ليأمنوا، وهكذا كان شأن الأئمة البررة ممن سبقه أو جاء بعده، سواء من ذكرنا منهم ومن لم نذكر. ١١ الإمام عزان بن قيس بن عزان بن قيس بن الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي. بويع بالإمامة في عام ألف ومائتين وخمسة وثمانين، وكان عمره خمسة وعشرين عاما، وقد بايعه أهل الحل والعقد، وتولى صياغة البيعة شيخ ، ƒ المسلمين وقدوتهم في الدين الإمام المحقق سعيد ابن خلفان ا لخليلي بسم الله الرحمن الرحيم: قد بايعناك على طاعة الله ورسوله، » : وهذا نصها وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ونصبناك إماما علينا وعلى الناس ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٠٠ على سبيل الدفاع وعلى شرط أن لا تعقد راية؛ ولا تنفذ حكما ولا تقضي أمرا إلا برأي المسلمين ومشورتهم؛ وقد بايعناك على إنفاذ أحكام الله تعالى، وإقامة حدوده، وقبض الجبايات وإقامة الجمعات ونصرة المظلوم؛ وإغاثة حتى ضًعيفا القوي تجعل وأن لائم، لومة الله في تأخذك لا وأن الملهوف تأخذ منه حق الله، والعزيز ذليلا حتى تنفذ فيه حكم الله، وأن تمضي على سبيل الحق، وأن تفني روحك فيه؛ وأن تعطينا على ذلك عهد الله، وميثاقه .(١)« لنا، ولجميع ا لمسلمين ومهما يكن من » : ويعلق الدكتور غباش على هذا النص في البيعة بقوله أمر فمن المهم أن نشير إلى أن شروط هذه البيعة لا تقلل من موقع الإمام بل على العكس تعززه، كما تعزز نظام الإمامة ذاته، لأن الرجوع إلى مجلس الشورى ضمانة أساسية للمشاركة في الحكم ولتطبيق مبدأ الإجماع، وجملة الممارسة هذه هي التي يقوم عليها التقليد الديمقراطي ا لعماني، وهي التي ُ .(٢)« تمنحه قيمته كان مجلس الشورى مؤلفا من قادة الثورة، » : ويضيف إلى ذلك قوله وكانت السلطة الاستشارية والتنفيذية العليا مركزة في هذا المجلس، وكان إلى جانب الإمام رئيس الحكومة وقائد الجيش والمسؤول عن بيت المال، ثلاث شخصيات تاريخية، الأولى شخصية سعيد بن خلفان الخليلي الذي كان مرشد الثورة ومنظمها ومرجعها التشريعي والقانوني ورئيس القضاة، بل السلطة الأخلاقية العليا وأبا للثورة، فضلا عن قيامه بمنصب حاكم العاصمة مسقط. . ١) المرجع السابق، ج ٢، ص ٢٦٠ ) ( ٩ ٢١ ، ص الحديث السياسي والتاريخ الإمامة تقاليد الإسلامية، الديمقراطية مان عُ ( ٢ - ٢٠ ٢ . القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٠١ كان الخليلي على غرار أسلافه، يسعى منذ شبابه إلى بناء إمامة مماثلة لإمامة الجلندى ابن مسعود أو لإمامتي الصلت بن مالك وناصر بن مرشد في القرن السابع عشر. تمثلت الشخصية الثانية بصالح بن علي الحارثي، قائد قبيلة الحرث، وصالح هذا من تلامذة الشيخ الخليلي، وقد انخرط في الثورة منذ بدايتها، كان عضوا في حكومة عزان، ولكن تأثيره على القرار السياسي كان محدودا نسبيا. أما الشخصية الثالثة فالعالم محمد بن سليم الغاربي وهو عضو نافذ في ّ قبيلة آل سعد المقيمة على ساحل ا لباطنة. كان لآخرين سوى هؤلاء أدوار لا يستهان بها في الحكومة، كإبراهيم بن قيس شقيق الإمام، وهو شخصية عسكرية بارزة، وهلال بن سعيد البوسعيدي، ولكن الأمر الأهم هو أن المحرك الأساسي لهذه المجموعة كان المثل الإباضي للدولة الإسلامية، وهذا ما جعل القوة الأخلاقية لهذه (١)« الشخصيات القليلة وإيمانها وتضامنها يطبع النظام الجديد بطابع نادر .  وقد وفى الإمام رضي الله تعالى عنه بنصوص هذه البيعة، إذ أسلس قياده لعلماء الأمة وصدق في عهده، فلم يد خر وسعا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة حدود الله على من تجب عليه، وبسط شرعه بين عباده وإنفاذ حكمه على القوي والضعيف والقاصي والداني، فلم يحاب قريبا لقرابته ولم يقص بعيدا لأجل بعده، وشمر عن ساعديه، فاتصل كلاله بكلاله وليله بنهاره في الجهد والجهاد والجد والاجتهاد، فأمن البلاد بعد خوفها وحررها من ربقة الظالمين وبطش المستبدين، وكان الربان الماهر . ٢٢١ - ١) المصدر السابق، ص ٢٢٠ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٠٢ والقائد الأمين لسفينة المسلمين بين أمواج الأحداث العاتية، حتى لقي ربه شهيدا وعمره لم يتجاوز سبعة وعشرين عاما. وكان في جميع حركاته وغزواته يحرص على ضبط جنده بضوابط الشرع وكف أيديهم عن إيذاء أي أحد لا علاقة له بهذا الأمر، سواء كان من يبقى أن » : المواطنين أو من الغرباء المقيمين بينهم، يقول الدكتور غباش قوات الثوار أظهرت على الرغم من مركباتها القبلية انضباطا مدهشا، فهجومها الأخير على مطرح ومسقط لم يسبب أي ضرر أو ضحية بين السكان العمانيين أو الأقليات الهندية، ويذكر السالمي أن عزان بن قيس ُ أعطى في خطابه أمام الجيش قبل الهجوم النهائي أوامر مشددة للجنود .(١)« ومنعهم أن يمسوا أموال السكان وأملاكهم ومما يذكر من الانضباط العجيب في جيشه أنه خرج في بعض غزواته إلى أرض الجو مرورا بصحار، فبات بفلج القبائل وقال في بلدة العوهي، وهي مشهورة بجودة فاكهة الأمبا (المانجو) حتى أن ا لعمانيين يضربونها ُ مثلا في الجودة وحسن الطعم، وحال قيلولتهم بها تساقطت هذه الفاكهة بكثرة على فرشهم، فما مد أحد منهم يده ليأخذ شيئا منها، وإنما خلفوها وراءهم عندما أخذوا فرشهم حال ذهابهم، ما عدا رجلا واحدا أخذ حبة واحدة فأكلها، فأوسعه الإمام 5تقريعا وتوبيخا، وإنما كف عنه العقاب لأنه لم يقطفها من الشجرة وإنما أخذها ساقطة على الأرض( ٢)، وما هذا الانضباط إلا دليل الورع في هذا الجيش، وهو من أقوى الأدلة على استقامة قائده وزهده في الدنيا ومراقبته لله تعالى في إقدامه وإحجامه وفعله . ١) المصدر السابق، ص ٢١٨ ) . ٢) تحفة ا لأعيان، ج ٢، ص ٢٧٢ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٠٣ ،( عففت فعفت ا لرعية( ١ » : ƒ وتركه، كما قال علي كرم الله وجهه لعمر .(٢)« ولو رتعت لرتعوا ١٢ الإمام سالم بن راشد بن سليمان الخروصي: بويع بالإمامة في عام ١٣٣١ ه وعمره المبارك لم يتجاوز العقد الثالث، ولم يكن قبل مبايعته يشار إليه بالبنان أو معنيا بطموح إلى قيادة أو منصب، وإنما كان من هذه الناحية رجلا عاديا، ولكن كانت ميزته بما يتأجج بين جوانحه من الغيرة على حرمات الله وشدة الخوف من التقصير في جنبه، وكان وقته موزعا بين العناية بطلب العلم والقيام بالعبادات، إذ عرف منذ طفولته البريئة بحب العبادة والاجتهاد فيها والاحتراز في المعاملات من كل الشبهات، وقد صدق واصفه بقوله: يطوي عزائم بالتقوى وينشرها كأنهن لخصم الله نيران أصاره علمه بالله محض هدى وغير بدع هدى يذكيه عرفان لم يترك العلم منه موضعا كدرا يمثل الشمس منه الذات والشان ما زال تمحصه التقوى ويمحصها فسره ملك والشخص إنسان ( حتى تمحض نورا لا يكدره خير وشر وأغيار وأغيان( ٣ وقد اختاره أهل العلم والفضل لتحمل هذا المنصب، وعلى رأسهم ١) تاريخ ا لطبري، ج ٢، ص ٤٦٦ ، فضائل الصحابة للدارقطني، ص ٢٠ ، الحجة في بيان ا لمحجة، ) ج ٢، ص ٣٨٥ ، الكامل في ا لتاريخ، ج ٢، ص ٣٦٢ ، البداية والنهاية، ج ٧، ص ٦٧ ، مختصر تاريخ دمشق، ج ٦، ص ٣٩ ، والإكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء، أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي الأندلسي، (ت: ٦٣٤ ه)، ج ٤، ص ٢٧٥ ، عالم الكتب، بيروت، ١٤١٧ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. محمد كمال الدين عز الدين علي. . ٢) شرح نهج ا لبلاغة، ج ١٢ ، ص ١٠ ، مجموع فتاوى ابن ت يمية، ج ٢٨ ، ص ٢٦٨ ) ٣) ديوان أبي مسلم، ناصر بن سالم بن عديم الرواحي، ص ٣٠٥ ، دار المختار، ١٩٨٦ م. ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٠٤ الإمام المجدد علامة المعقول والمنقول نور الدين عبد الله بن حميد وكان اختياره له بعدما خبر حقيقته واستشف سريرته، لأنه ، ƒ السالمي تربى في بيته وتغذى بمعارفه وتكيف وفق منهجه، وقد جرب فيه صلابة إرادته وعفة جيبه وزهده في الدنيا وتعلقه بالله والدار الآخرة، ولم يكن بحال يتطلع إلى قيادة يتبوأها أو منصب يتبجح به، لأن الدنيا كلها لا تساوي في . شًيئا عينه  لذلك عندما وقع عليه الاختيار ونودي باسمه في الحضور خر صريعا على الأرض، لهول الأمر الذي سيكلفه وثقل المسؤولية التي سيطوقها، وقد اعتذر بكل المعاذير فلم تقبل منه للإجماع عليه، حتى آذنوه بقتله إن لم يتقبل، لأن رفضه تشتيت للكلمة بعدما اجتمعت، وتفريق للشمل بعدما في أمر الستة الذين أوصى إليهم أن يختاروا ƒ توحد، كما أوصى الفاروق الخليفة من بعده، وقد سل الحسام في وجهه فلم يثنه ذلك عن موقفه، حتى تبين له أنه إن قتل سيكون في براءة المسلمين، فهاله ذلك، وتحملها كارها وهو يسفح دموعه على خديه.( ١) ولسان حال القدر السعيد يناديه: يا (سالم) الدين والدنيا ابن راشد خذ أمانة الله والأقدار أعوان أنت الضليع بها حملا وتأدية إذ كل أمرك تدبير وإتقان احدر وأصعد وأيقن أن صاحبها سيف من الله لا تحويه أجفان يسوسها مؤمن بالله معتصم وخير ما دبر الأملاك إيمان ( للاستقامة في تقديره قبس فظنه تحت نور الله إيقان( ٢ وقد كان في رضاه وسخطه ومكرهه ومنشطه وسلمه وحربه مثالا ( بيروت. الجيل، دار ص ١٢٤ ، مان، عُ بحرية الأعيان نهضة السالمي، حميد ابن ينظر: ( ١ . ٢) ديوان أبي مسلم، ص ٣٠٦ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٠٥ لتحقيق العدالة والحرص عليها، بلا تمييز بين بعيد وقريب وبغيض وحبيب. حدثني أحد جلسائه ورجال دولته أنه كان بسمائل، وقد نزل بها تاجر من الشيعة الإمامية وكان الوحيد من بين سكان سمائل على المذهب الشيعي وأخذ يمارس التجارة في سوقها، فاقتحم متجره بعض اللصوص وسرقوا بعض المتاع، فحضر إلى الإمام شاكيا بحضور شيخ المسلمين العلامة المحقق نور الدين السالمي وحضور والي سمائل آنذاك السيد الفاضل الغيور سعود بن حمد البوسعيدي، فتحركوا جميعا وأولوا قضيته كل اهتمامهم إلى أن توصلوا إلى المجرم، فشدوا عليه حتى رد إلى الشيعي كل ما سرق منه .( واستوفى حقه غير مبخوس، وأنزلوا بالسارق العقاب ا لشرعي( ١ وكفى بهذه القصة وأمثالها شاهدا على أن هذه المدرسة التي ينتمي إليها هؤلاء القادة هي فذة في مراعاة حقوق الله وحقوق عباده، وإنصاف أي مظلوم من أي ظالم، من غير التفات إلى الفكر الذي يعتنقه والنهج الذي يتبعه، وإنما المعيار هو ميزان القسط، فكل ضعيف عندهم قوي حتى يؤخذ الحق له وكل قوي ضعيف حتى يؤخذ الحق منه. وكان أيضا مثالا للثقة بالله ووعده والتوكل عليه في العسر واليسر والخوف والأمن، ناهيك بجوابه لممثل الدولة البريطانية الميجر ناكس الذي تلقى منه تهديدا باسمها وكانت بريطانيا في ذلك الوقت سيدة البحار وأنتم معشر هذه الدولة يجب » : ومالكة القرار بلا منازع فكان من جوابه له عليكم أن تكفوا عن أمر المسلمين، ويلزمكم أن لا تعتدوا علينا ومن اعتدى علينا فالله يعيننا عليه، وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ومن كان مع الله كان الله معه، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إن ١) قصة سمعها المؤلف أكثر من مرة من الشيخ أبي بشير محمد ابن نور الدين ا لسالمي. ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٠٦ ،(١)« الله بالغ أمره قد جعل لكل شيء قدرا، وإن ينصركم الله فلا غالب لكم i qponmlkj ﴿ : وقد صدر جوابه بقوله تعالى .[ الإسراء: ٨١ ] ﴾r ِِ : يلي ل اَلخ سعيد بن الله د ب عَ بن د م حَ م الإمام ١٣ الذي بويع بالإمامة بعد استشهاد الإمام سالم بن راشد 5 في عام ١٣٣٨ ه ، فبقي في الإمامة أكثر من ثلث قرن من الزمن، لا يدخر وسعا في الإصلاح ورتق الفتق، وتأليف القلوب ونشر العدل، وإغاثة الملهوفين ونصرة ا لمظلومين. وكان على قدر من الثراء لأن آباءه كانوا من الأثرياء، فانتقل إليه بالإرث من تركتهم ما كان يعد به من كبار أثرياء عصره في مصره، فسخر ثروته كلها  في مصالح الأمة، وأخذ يقتطع منها في كل نائبة تنزل بها ما يقدمه بين يديه يقرضه الله قرضا حسنا، وعندما نقله الله إليه ما كان يملك من ثروة الدنيا شيئا، وإنما كانت نظرته إلى الدار الآخرة، وقد اجتمع فيه من غزارة العلم وحصافة الرأي وحسن التدبير بجانب الورع والتقوى ما فاق به أقرانه. في ضحى يوم الثالث » : يقول المؤرخ الأمين الشيخ أبو بشير السالمي عشر والجمعة من شهر ذي القعدة من سنة ١٣٣٨ ثمان وثلاثين وثلاثمائة وألف، اجتمع العلماء والأعيان وأرباب الحل والعقد بجامع نزوى، وأجمعوا على مبايعة الإمام محمد بن عبد الله الخليلي لعلمهم أنه أفضل الموجودين اليوم بعمان وأعلمهم، وأنه جمع الشروط الشرعية التي تتوافر في القائد، ُ وأنه القادر بإذن الله على عبء ما سيتحمله، وذلك بعدما امتنع من القبول لأمرهم وإصرارهم على إلزامه، ولم يأخذوا عليه تعهدا ولا شروطا . ١) نهضة ا لأعيان، ص ١٧٧ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٠٧ كما كانت تؤخذ على الإمام الضعيف، إذ كان يحظى 5بالثقة المطلقة قبل انتخابه، مأمون الجانب على تقاليد الإمامة، وكان أعلم الجماعة الذين .(١)« معه بل أعلم من العاقدين عليه وقد كانت بيعته لما للشمل ورأبا للصدع، فقد كاد الزمام ينفلت والبنيان يتصدع، والخطى تتعثر، وإنما كان تدارك الموقف بتقليد هذه المسؤولية في عنقه وتتويج هامته بها، وكأنما لسان حال الدهر كان يناديه: محمد ما كنت الضليع بشأنها لتهنأ بها بل كي تكون لها ا لوقا دعيت إليها بعد ما جد جدها وكادت عصا الإسلام أن تتشققا متخلقا بالتقى فيها الله إلى صًامدا الصبر مستحقب لها فقمت وأعملت أنضاء القوى في سبيلها سرى فحمدت الحال صبحك مشرقا وشيدت مبناها وحطت كيانها وأسقيت مغناها فطاب وأورقا وأنفقت فيها النفس لله جاهدا فلله من أضحى وللنفس منفقا (٢)« وجمعت شمل المسلمين بسوحها وكنت لشمل المال فيهم مفرقا وكانت أعماله وأقواله ترجمة حية لثقته بالله وتعويله عليه دون الناس، وإنما كان يحرص على محاسبة النفس ومجاهدتها حتى تستقيم على صراط الله، فكان أخوف ما نخافه شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ولا » : مما كتبه إلى بعض إخوانه .( ٣)« يضرنا كيد من كاد، ولا اعتمدنا على بشر، فنحن نعلم ضعفنا وضعف هؤلاء . ١) المصدر السابق، ص ٣٠١ ) ٢) من قصيدة لابن أخيه الشاعر الكبير الشيخ عبد الله بن علي الخليلي يرثيه بها، ينظر: ) ١٤١٠ ه/ ١٩٩٠ م. ، ديوانه وحي ا لعبقرية، ص ٤٤٣ ، ط ٢ ، ٣) الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، جمع وترتيب سالم بن حمد الحارثي، ص ٢ ) طبع بإشراف عز الدين التنوخي، مجمع العلمي العربي بدمشق، ١٣٨٥ ه/ ١٩٦٥ م، الطبعة العمومية بدمشق. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٠٨ والعدو لا نستحقره من قلة، ولا نستعظمه من كثرة، إنما » : وكتب أيضا النظر إلى نصرة الدين وإغاثة الملهوفين وتقويم الحائدين، والله نسأله العون .(١)« والتمكين وهو حسبنا ونعم ا لوكيل بلغني تفرقكم، وتلك » : وكتب نصيحة إلى إحدى العشائر، جاء فيها عقوبة البغي وهي أول العقوبات، فالمراد أن تراجعوا دينكم وتتراجعوا، وتؤدوا الحقوق فيما بينكم وفيما بينكم وبين الخصم، وتتوبوا إلى الله من خيانة العهود، وكونوا يدا واحدة على الحق إلى أن قال ونحن إن شاء الله لا نجد بدا عن مناصرة الدين، والله 8 نستمده النصر والتأييد والتوفيق .(٢)« والتسديد، وهو حسبنا ونعم ا لوكيل أرى أن بغيكم قد تناهى، وكل أمر ينتهي يرجع، ولا » : وكتب لهم أيضا يهمنا أمر البغاة ولا نستعظم شأنهم، فإن على الباغي تدور الدوائر، هذا ونسأل الله أن نكون ممن ينصره، والله ناصر من ينصره لا محالة، ولا حول .(٣)« ولا قوة إلا بالله ونعلم يقينا أن كثيرا من الناس لا يحبون » : وكتب لعشيرة أخرى ذلك، وليس من يكره الحق يعطى سؤله، نحن علينا مناصرة الحق ولا نصرنا الله إن لم ننصر الحق، والله لم يضيع المسلمين في موطن، نصرهم في مواطن على ضعفهم، فنحن على يقين أن الله ينصر من ينصره، وما النصر إلا من عند الله، إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده، وإن جندنا لهم الغالبون، اللهم اجعلنا من . ١) المصدر السابق، ص ١٤ ) . ١٣ - ٢) المصدر السابق، ص ١٢ ) . ٣) المصدر السابق، ص ١٣ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٠٩ . (١)« جندك الموقنين بوعدك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي ا لعظيم وقد كان 5مثالا في سعة الصدر واحتمال الأذى من رعيته، لذلك اعلم أن من دخل » : كان يوصي بهذا ولاته وعماله، فقد كتب إلى أحد ولاته في أمر لا بد من أن يتحمل، والناس سيقولون ويقدحون، ولو كان المرء كالقدح المقوم لقال الناس فيه وفيه، وبشدة القلب تتلقى الكلمة العوراء .(٢)« ويصفح عن قائلها، فلا تكن ضيق ا لقلب وحدثني جماعة من معاصريه أنه باع بعيرا له لبدوي ليسد بثمنه بعض حاجات المسلمين، وذهب البدوي لإحضار الثمن فأطال الغيبة وكان الإمام في شيخوخته، وقد تزاحمت عليه هموم النفس وكثرة الأشغال فباع البعير لمشتر آخر، لأنه نسي بيعته السابقة، وبعد برهة من الزمن حضر البدوي وبيده الثمن فلم يجد البعير، فأغلظ القول على الإمام وحاول بعض من حوله أن يسكته، فقال الإمام: دعوه فإن لصاحب الحق مقالا، وتركه حتى أفرغ كنانته وسكنت جائشته، فقال له: إني ما بعت البعير لأغمطك حقك، وإنما بعته وقد عزب عن ذهني ما كان بيني وبينك، والخيار في هذا الأمر راجع إليك، فإن شئت الصلح بيني وبينك، فأنا على استعداد أن أرضيك وإن شئت أن تقاضيني فما علي حرج أن أدين بكل ما يقضى به لك علي، فجنح البدوي إلى مقاضاته، فرفع قضيته إلى أحد القضاة، فما كان من الإمام إلا أن وقف بجانب البدوي موقف الخصم أمام القاضي، فلما رأى خصمه ذلك نزل عن دعواه، فأكرمه الإمام بما سر خاطره وذهب بما في نفسه. . ١) المصدر السابق، ص ١٨ ) . ٢) المصدر السابق، ص ١٩ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣١٠ وهو موقف يدل على هضم النفس وإنصاف الخصم والدينونة بالحق، ومما اشتهر عنه أنه كان في بعض أسفاره وحوله عدد من الناس كل على راحلته، فرأى بين الركب فقيرا عليه ثياب رثة يمشي على قدميه ولم يعرض عليه أحد الركوب على راحلته، فما كان من الإمام إلا أن نزل عن راحلته ودعا ذلك الفقير ليركب عليها، وهناك بادر الركب كل يعرض راحلته ليركب عليها الفقير، فأبى الإمام إلا أن يركب على راحلته ويغبر الإمام قدميه بالمشي. وكان مع كثرة صيامه معتادا تأخير طعام عشائه حتى يطمئن إلى الكل أنه أتاه رزقه، فإن وجد من لم يصب عشاء آثره برزقه، واكتفى بالتمر والماء ً أو مع السمك المجفف، كما قال راثيه: تناول فيهم بلغة القوت راضيا بميسوره إذ كان في الله أخلقا .( تبيت خميص البطن زهدا وتتقي برزقك بطن الدهر أن يتعمقا( ١ وبجانب هذه الدماثة في الأخلاق واللين في المعاملة، فقد كان شديدا على كل من خالف الحق من قريب أو بعيد. ومن ذلك أنه أغلظ القول في بعض رسائله على عشيرة كانت لها سابقة في نصرة الدولة، ولكن عزم على الانتصاف منها لأنها حادت عن نهج ولا قريب » : الحق، فكان مما كتبه في حقها بعد الدعوة إلى القيام عليها .(٢)« ولا بعيد ولا بغيض ولا حبيب، إلا الاستقامة أو عدمها وقد أجمل القول في وصفه راثيه حيث قال: تخلقت بالخلق العظيم تأسيا بأحمد لما شئت أن تتخلقا . ١) وحي ا لعبقرية، ص ٤٤٣ ) . ٢) فتح ا لجليل، ص ٤٦ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣١١  إذا أغلقت أبواب كسرى وقيصر فبابك دون الناس لم يلف مغلقا ُ وإن ساد بالسلطان والعنف معشر فبالعدل والإحسان قد سدت مطلقا مرتقى الطول لذي تترك فلم وطلت مًوضعا الحلم لذي تترك فلم حلمت مملقا الناس من تترك فلم وجدت آًمنا الأرض على تترك فلم وصلت ورضت فذللت الخطوب وكيدها وقلت فبرزت الحقيقة مفلقا وألبست من نسج التواضع حلة وكنت بموضون الهدى متمنطقا إذا الأمر أعيى الناس رأي اً وخبرة سللت له من نير الفكر أبرقا ( وإن ذاب من حر الوغى قلب ماجد فقلبك أقوى صخرة أن يفلقا( ١ وكان مع هذا كله يتمنى أن لو وجد فرصة لتسليم زمام الأمر إلى غيره، وحل ما بعنقه لتطويقه عنق غيره، فقد توفي في عهده واليه على مدينة الرستاق وتوابعها، فأراد الإمام بمشورة من بعض أعيانها أن يولي من بعده شبل الوالي الراحل، ولكن طلبة العلم الذين كانوا يدرسون على الشيخ العلامة الضرير محمد بن حمد الزاملي اتفقوا مع شيخهم على عدم قبولهم أن يولى عليهم نجل الوالي السابق، فأدلوا برأيهم إلى الإمام، فقال لهم: إنكم لم تجربوه حتى تعدو عليه ما يعيب سيرته أو يخل بأمانته أو يهون من جده في القيام بمسؤوليته، فما عليكم إلا أن تجربوه فإن ثبت عليه ما يقتضي عزله عزلناه إن شاء ا لله. ولكن الطلبة مع شيخهم الزاملي أصروا على موقفهم، وكان الشيخ هو الذي يخاطب الإمام باسمهم، وقد عرف بحدته البالغة، فما كان منه إلا أن خاطب الإمام بشدة وجرده من لقبه، قائلا له: يا محمد إن المسلمين لن يتركوا الأمر لتتصرف فيه كما تريد، وإن كنت لا تعير خطابنا اهتماما فسلم . ١) وحي ا لعبقرية، ص ٤٤٢ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣١٢ إلينا السيف الذي بيدك، وهو يعني به سيف الإمامة الذي يحمله من ناء بمسؤليتها، فما كان من الإمام إلا أن قال له: دونكم السيف وما يتبعه، فابتدر أحد طلاب العلم وقال: ما هذا الذي أردنا، ولا حدثتنا أنفسنا أن نجردك من مسؤليتك، إذ لا نجد لها من هو أكفأ منك، وإنما نرجو أن لا تخيبنا فيما نرى، فرجع الإمام عن رأيه إلى رأي طلاب العلم وخيرهم في الوالي الذي يريدونه، فرشحوا له من توسموا فيه الأمانة والجد، فأحله الإمام محل الوالي ا لمفقود. هذه أمثلة شاهدة على سلامة الفكر واستقامة المنهج واعتدال الرأي للمدرسة التي أنجبت طالب الحق وأبا حمزة، وكم فيها من نماذج تصور لنا اقتصرت وإنما يا، لْ الع ومثله الرفيع وخلقه واعتداله جماله في الصحيح الإسلام ُ على ما ذكرته من الأمثلة تفاديا لطول الحديث وسآمة القارئ، وإننا بحمد الله لا نزال هنا بسلطنة عمان نتفيأ ظلال هذه المدرسة، وتنعكس على سكان ُ والإنصاف بالعدالة الكل يحظى المواطنين نسيج تنوع فمع لها، ثُ م آثار السلطنة ُ من غير تمييز، كما أن الوافدين أيضا على تنوع مشاربهم يتمتعون بهذا الخير وينعمون بهذا الاستقرار، وهذا ما شهدت به ألسنتهم وخطته أقلامهم. r oo or :ΣƒΠ°ùdG hGC ôp μØdGp »a ƒΠ¨Πd á°SQóªdG √òg ¢†aQ tu n مع ما تميزت به هذه المدرسة من شدة التمسك بالدين، والاعتصام بحبله المتين، وعدم تساهلها في شيء من حدوده وواجباته؛ تأبى كل الإباء أن تغلو في أمر الدين، وأن تتجاوز حدوده التي رسمها الشارع الحكيم، لذلك كانت في سلمها وحربها مثالا للتسامح وعدم الاستقصاء في تعاملها مع غيرها في السلم والحرب، والمكره والمنشط، والسعة والضيق، والشدة والرخاء. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣١٣ وقد تبينت أيها القارئ الكريم كيف كان سلوك أبنائها عندما يتعرضون لعدوان أو يواجهون خصومة، فإنهم يحرصون على الاحتراز وضبط النفس والتحكم في العواطف الثائرة والمشاعر الهائجة، حتى لا تدفعهم إلى الحماقة والخروج عن حدود الاعتدال، وفيما ذكرته من الأمثلة أعظم شاهد على ذلك، وكم تجد من شهادة عادلة على هذا النهج من أهل الصدق والأمانة من المنتسبين إلى المدارس ا لأخرى. وبسبب هذا؛ كان البون سحيقا بينهم وبين الغلاة الذين حكموا على أهل ملة التوحيد بأحكام المشركين، فاستباحوا منهم سفك الدماء وغنم الأموال وسبي الذراري، وقد كان استنكارهم لهذا الغلو منذ بداية بروزه، ناهيكم أن الإمام أبا الشعثاء جابر بن زيد 5الذي كان رائد هذه المدرسة ومنظرها، كان يحتج على أولئك الغلاة، فقد ذكر البدر الشماخي في سيره كان جابر يأتي الخوارج، فيقول لهم: أليس قد حرم الله » : عن ضمام أنه قال دماء المسلمين بدين؟ فيقولون: نعم، وحرم الله البراءة منهم بدين؟ فيقولون نعم، فيقول: أوليس قد أحل الله دماء أهل الحرب بدين بعد تحريمها بدين، فيقولون: بلى، فيقول: وحرم الله ولايتهم بدين بعد الأمر بها بدين؟ فيقولون (١)« نعم، فيقول: هل أحل ما بعد هذا بدين؟ فيسكتون . ( وذكر أيضا أن عبدالله بن إ باض كانت له مناظرات مع ا لخوارج( ٢ . خرج من بعدهم ابن الأزرق وأصحابه،  وبسط سالم بن ذكوان ا لهلالي وهو من أعلام هذه المدرسة في نهاية القرن الأول وبداية الثاني الحجج الدامغة التي أتت على شبه هؤلاء الغلاة ثم » : القيمة، حيث قال « سيرته » في . ١) السير ل لشماخي، ص ٧٢ ) . ٢) المرجع السابق، ص ٧٣ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣١٤    فمكثوا ما شاء الله، يسيرون بسيرة من كان قبلهم من الخوارج، ثم إنهم   جرمهم شنآن قومهم أن أنزلوهم بمنازل عبدة الأوثان، فقطعوا الميراث منهم  ى هًد ذلك يكن فإن ووارثهم، يتولون من ناكحهم وقد مناكحتهم، وحرموا  ِ وعمل به من يتولون فقد خالفوهم فيه ودانوا اليوم بالبراءة ممن عمل به به. عمل من بتوليهم وا ضّل ضلالة ذلك يكن وإن ذراريهم وقتل أموالهم وخمس نسائهم واستنكاح قومهم سبي وا وّاستحل فإن قومهم، من ذلك من ا شًيئ يستحلون يتولون من يكن ولم واستعراضهم،   يكن الذي عمل به من يتولون من قومهم هدى فقد خالفوهم. وأبوا أن يجيروا من استجارهم من قومهم حتى يسمع كلام الله وهم يشهدون أنهم ¹ ¼»º ¸ ﴿ : بمنازل عبدة الأوثان، وقال الله لنبيه ÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½ . [ ﴾ [التوبة: ٦  فقالوا: قد سمع قومنا كلام الله فلا نجيرهم، وقد سمع المشركون الذين x }|{zy ﴿ : أمر الله بجوارهم كلام الله، فقالوا ~ے ﴾ ¡ §¦¥¤£¢ [الأنفال: ٣١ ]، ﴿ {~ے ﴾ ¨ . [فصلت: ٢٦ ]، وقالوا: ﴿ ,- / 10 ﴾ [يونس: ١٥ ]، ثم أجارهم ِ نبي الله كما أمره وجعلوا للقوم محنة، وأبوا أن يقبلوا ممن أتاهم إقامة ّ الصلاة وإيتاء الزكاة وإقرارهم بحكمهم، وهم يزعمون أنه حكم الله. وقال الله © «ª ¨ ﴿ : لنبيه ¬³²±°¯® ´ .[ التوبة: ٥ ] ﴾ μ وكفروا بالرجم، وقد رجم رسول الله رجلا من أسلم ومضت به السنة، وبرئوا من كل أعرابي، وإن كان يتولاهم ويشهد لهم بالنجاة، ويسأل الله أن ° ¯ ﴿ : يرزقه مثل الذي رزقهم من جهاد أعدائه، وقد قال الله ½¼»º¹¸¶μ´³²± القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣١٥ ÍÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾  ﴾  يتهم وَلا وا مُ وحر وأموالهم م دُماءه وا واستحل قعدتهم وا رُ وكف ، ٩٩ ] [التوبة: والاستغفار لهم، وتولوا قوما كانوا يتولون قعدتهم ويحرمون دماءهم  وأموالهم ويستحلون مواريثهم والاستغفار لهم، وقد علموا ذلك منهم، فإن فيه. خالفوهم فقد ون يّتول من به عمل هدى ذلك يكن فقد كًافرا تولى يتولون من يكن وإن عليه، اليوم يتولى من وكفروا  يكفرون أنما فزعموا فار اّلك ي تّول على اهم إي لايتهم بو هم وكفروا كفروا،  قعدتهم بكتمهم إيمانهم ودينهم وقد أمرهم الله أن يثبتوا. َ يردد فلم إيمانه كًاتما يمكث ن أ الله شاء ما فرعون آل مؤمن مَكث فقد الله: قَال وقد إياه، بكتمانه عليه الله ﴿ ¬ ¯® °³²±   ¶μ´ ¸ÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹ ﴾ ار الكف المؤمنون قي يت وكيف قية، اّلت على اَلمؤمنين الله فّحرض ، ٢٨ ] عمران: [آل  كانوا خرجوا إذا هم أّن مع دينهم، ويكتموهم يحبون ما لهم وا يظهر ن أ ب إلا ِ أكتم ما كانوا قط لدينهم، وذلك الرجل يأتيهم فيقول: اعرضوا علي دينكم في ا مم ا شًيئ خطأ أ فإن به، نَت ا أ أَخبرن ولكن نكفر، إذا إنا ، :َ لا فيقولون ّ استحلال من تحصى ها كّل ليس المعاصي أمور من شيء في قتلوه أنفسهم َ أن ويشهدون اَلمؤمنون بها وفى وأ بها، بالوفاء الله أمر التي الأمانات أكل َ يغفر الله أن وَيشهدون ا مًنافق يكون أن يستطيع اَ لا أحد وأن فع ر قد النفاق ِ للزاني والسارق إن يكونا منهم، ولو كانت صحابة تجير من النفاق أجارت ِ صحابة نبي الله إن قبلوا ما دعاهم إليه من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهو ُ ّ ? JIHGFEDCBA@ ﴿ الإسلام . [ آل عمران: ٨٥ ] ﴾ K ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣١٦ ثم كان من بعدهم أهل اليمامة نجدة وأصحابه، فشهدوا على قومهم أنهم بمنزلة عبدة الأوثان، ثم استحلوا من نكاح نسائهم وأكل ذبائحهم ما حرم الله من نساء المشركين وذبائحهم، فإن قالوا: إنا ننزل قومنا بمنازل أهل الكتاب الذين أحل الله لنا طعامهم ونساءهم، فإنهم يحرمون أخذ الجزية N TSRQPO ﴿ : منهم بعد قول الله للمؤمنين a`_^]\[ZYXWVU ihgfedcb ﴾ [التوبة: ٢٩ ]، وأوفوا بعهد قومهم في أهل الذمة وهم يشهدون بالشرك عليهم، فإن يكن وفاء بعهودهم حقا فليس يحل لهم أن ينزلوهم بمنازل عبدة الأوثان، وإن يكونوا بمنازل عبدة الأوثان يضلوا بوفائهم بعهدهم، وذلك أن المسلمين لو وجدوا عبدة الأوثان قد عاهدوا اليهود والنصارى والمجوس لم يوفوا بعهد أحد منهم، وزعموا أن عليهم هجرة من دار قومهم كهجرة النبي وأصحابه من مكة، وقد انقطعت الهجرة عام الفتح، وصار الأمر إنما هو جهاد. ،(١)« لا هجرة بعد اليوم ولكن جهاد ونية » : بلغنا أن رسول ا لله ژ قال فزعموا أنها حق عليهم هجرة بعد هجرة، وهو على هجرة لا من فتنة يصيبونها تبطل هجرتهم الأولى، فهذا من أمرهم ورأيهم مختلف، وقال الله: O XWVUTSRQP ﴿ ﴾ [النساء: ٨٢ ]، واستحلوا فعل سبي قومهم وقتل ذراريهم وخمس أموالهم واستعراض وقطع الميراث ١) الحديث مروي بلفظ: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا“ أخرجه ) ٤٠٨ ، رقم ٣٦٩٣٢ ) من حديث عائشة. / ١٤٨٨ ، رقم ١٨٦٤ )، وابن أبي شيبة ( ٧ / مسلم ( ٣ ١٤٥ ، رقم ٤١٦٩ )، من حديث / ٤٠١ ، رقم ١٥٣٤١ )، والنسائي ( ٧ / وأخرجه أحمد ( ٣ ،( ٤٠٧ ، رقم ٣٦٩٣٠ / ٢٢٦ ، رقم ١٩٩١ )، وابن أبي شيبة ( ٧ / صفوان، وأخرجه أحمد ( ١ .( ١٤٦ ، رقم ٤١٧٠ / ١٤٨ ، رقم ١٥٩٠ ) وقال: حسن صحيح. والنسائي ( ٧ / والترمذي ( ٤ ٣، رقم ٢٤٨٠ ) من حديث ابن عباس. / ١٠٢٥ ، رقم ٢٦٣١ )، وأبو داود ( ٣ / والبخاري ( ٣ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣١٧ لهم، ولم يحكم من يتولون من المسلمين يوم قتلوا عثمان ويوم الجمل ومن يتولون من الخوارج الأولى بشيء من هذه الأحكام، فإن يكن الذي عمل به من يتولونهم هدى فقد خالفوهم فيه ورغبوا عن سبيلهم وكفروا من اقتدى بهداهم، وإن يكن غير هدى فقد تولوهم عليه. فإن قالوا: إن أولياءنا إنما تركوا سبي قومهم أنهم كانوا أمنوا أحياءهم، فإنهم لم يسبوا ذرية من قتلوا منهم، ولم يستنكحوا نساءهم، ولم يخمسوا أموالهم، ولم يحكموا في عثمان ومن قتلوا معه بشيء مما تقولون. فإن قالوا: إن أولياءنا تنزهوا عن ذلك واستألفوا الناس به. فإن المسلمين لم يكونوا ليتنزهوا عن أن ينفذوا حكم الله الذي أمرهم به، وقد علموا أنما يقتدي من يقتدي من أوليائهم في ذلك بفعلهم، فلم يكونوا ليستألفوا الناس بأحكام هي ضلالة لهم، ولمن اقتدى بهم من بعدهم من أتباعهم. ونعلم بحمد الله أنهم لو كانوا يستحلون سبي قومهم وخمس أموالهم ما تركوا سهمان مساكين فقراء بهم حاجة وفاقة إلى أنصبائهم، ولا سهمان أبناء سبيل بعيدي الشقة لم يمروا عليهم فيحملوهم منها فيأذنوا لهم فيها، ولا سهمان يتامى صغار لم يعقلوا فيأذنوا لهم في سهمانهم. وقد أمرهم الله أن يوفروا على اليتامى أموالهم، وأن يحسنوا ولايتهم، فمن قال منهم: كان ذلك بهم جهالة وقصر بصر لا يضلنا إن توليناهم. فكيف يزعمون أنه لا يضلهم تولي قوم يبرأون اليوم من قوم يعملون بمثل عملهم، ويشهدون عليهم بالشرك، وتولوا الزاني والسارق وشارب الخمر وقاذف المحصنة، وقاتل النفس التي حرم الله بغير الحق متعمدا، وآكل أموال اليتامى والربا على علم، وتارك الصلاة، وقد علم حكم الله فيها، والحاكم بغير ما أنزل الله في كتابه، وآكل الميتة والدم ولحم الخنزير ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣١٨ وما أهل لغير الله به عن غير ضرورة، وهو يعلم أن الله قد حرمه، وناكح أمه وابنته وأخته وعمته وخالته وأمه التي أرضعته وأخته من الرضاعة، وهو يعلم أن الله قد تقدم الحكم منه في ذلك، وسبقت منه الموعظة في أشياء كثيرة، وليس كلها تحصى في أدلة المال واستحلال أكل الأمانة ومحنة الرجال، وتحريم ملك الأناثي من نساء قومهم، والتقرير بالنفاق لمن ثقل منهم عن القتال، فإن أقر به أمن عليه عندهم وحرموا دمه، وإن برئ من النفاق وزعم أنه مسلم استحلوا دمه فأمن عندهم بالذي كان يخاف به عند رسول الله، ويحل به دم من فعله، وخاف عندهم الذي كان يأمن به عند رسول الله ويحرم به دم من فعله، لقلة علمهم بالله وبجهالتهم بكثير من أمره. ومنها تكفيرهم الراجع منهم واستحلالهم دمه وماله، وتكفير من تولاه منهم، ثم رجعوا هم بعد ذلك إلى ولايته، فزعموا أنهم يوم برئوا منه وكفروا من تولاه منهم واستحلوا دمه وماله، ويوم رجعوا إلى ولايته وبرئوا ممن كفره منهم واستحلوا دمه وماله، مهتدون في المنزلتين كلتيهما، وقد مضى منهم ناس كثير وهم يبرأون منه. وفارقوا الدنيا على ذلك، ونعلم بحمد الله أنهم لو كانوا مهتدين يوم برئوا واستحلوا دم من تولاه منهم وماله لكانوا اليوم ضلالا برجوعهم إلى ولايته، وأنهم لو كانوا اليوم مهتدين برجوعهم إلى ولايته وبتكفيرهم من يتولاه منهم لكانوا ضلالا بتوليهم إياه، وشهادتهم أنهم كانوا يبرأون منه ويستحلون دم من تولاهم منهم مهتدون ولضل من مات وهو يبرأ منه يوم فارقه. ثم فارقه داود وأصحابه، وعطية وأصحابه، وأبو فديك وأصحابه، في أمور نقموها عليه وزعموا أنه قد ضل بها، وليس الذي فارقوه فيه بأكثر من الذي جامعوه عليه، من سبي أهل القبلة وقتل ذراريهم واستنكاح نسائهم وخمس أموالهم واستعراضهم وقطع الميراث منهم، فكلهم بحمد الله ضال القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣١٩ تارك للحق متبع لهواه بغير هدى من الله. وهم في ذلك معترفون فيما بينهم. ويجمع ابن الأزرق وأصحابه، ونجدة وأصحابه، وداود وأصحابه، وعطية وأصحابه، وأبا فديك وأصحابه فيما تعارفوا من الضلالة مخالفتهم إلى ما ينهون عنه، وعملهم بما يكفرون عليه. ويضلهم مع ذلك تحريفهم في قومهم كلام الله 8 عن مواضعه، وشنآن قومهم، ويضلهم خلاف سنة نبيهم فيهم وتركهم في قومهم سيرة قوم يتولونهم، ويضلهم تفرقهم بينهم، ويضلهم ما أحدثوا من البدع في قومهم بعد أوليائهم. ومن بدعتهم قطعهم الميراث من قومهم إذا خرجوا وأظهروا أمرهم، وقد كانوا يستحلون موارثتهم ما كانوا بين أظهرهم، ويضلهم موارثة قوم يستحلون خمس أموالهم، ويضلهم خمس أموال قوم يحرمون موارثتهم، ويضلهم نكاح نساء قوم مشركين لا يأخذون منهم جزية وأكل ذبائحهم، ويضلهم ترك الجزية في قوم مشركين يستنكحون نساءهم، ويضلهم أيضا وفاؤهم بعهود قوم مشركين فكل هذا من بدعهم مضلهم، ويضلهم إن كانوا غير مشركين كما يقولون لهم، ويضلهم إن كانوا غير مشركين شهادتهم بالشرك عليهم، ويضلهم سباؤهم ويضلهم قتلهم ذراريهم، ويضلهم استنكاح نسائهم، ويضلهم ا ستعراضهم. ويضلهم خمس أموالهم، ويضلهم انتحال الهجرة من دارهم وقد مات فيها طوائف من أصحاب نبيهم بعد أن كفروا قومهم، يرونهم ماتوا على هجرتهم منهم: عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود وأبو ذر وناس كثير من المسلمين. فإن يكن أولئك ماتوا على هجرتهم فليس تحل لهم الهجرة من ديارهم، وإن يكونوا ضلوا فقد ضلوا هم بتوليهم على ضلالهم، فكان هذا من بدعهم مضلهم، ويضلهم إن كانوا غير مشركين ما ابتدعوا من السر فيهم، ويضلهم أن لو كان شركهم ظاهرا فأحدث طائفة منهم مثل ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٢٠ أحداث قومهم اليوم، إن سيرتهم اليوم في قومهم وإن سيرهم هذه المفترقة وبدعهم المحدثة إنما أضلهم فيها شهادتهم بالشرك على قومهم ثم انتقاضهم . ( اه( ١ .« شهادتهم بعد في سيرتهم وعني في زمانه ومن بعده قادة الفكر والرأي من أبناء هذه المدرسة بنقض فكر هؤلاء الغلاة وتفنيد شبههم وتسفيه رأيهم، حتى جاء الإمام المجدد العلامة الرباني أبو نبهان 5 ، فعني بنقض هذا الفكر والنداء عليه ألا فاتقوا الله بأداء ما » : بالضلال في كثير من مؤلفاته، وكان مما قاله في هذا أمر والانتهاء عما عنه زجر، ولا تركنوا إلى من دعاكم إلى متالف الردى تاركين لما كان عليه أئمة الهدى، فإنهم أقرأ منكم للتنزيل وأعلم بالتأويل وأدل بالطريقة المثلى إلى منازل ا لعلا. وقد ضربوا في منارها الصوى فبصروا من العمى وأمروا بالتقوى ونهوا عن متابعة الهوى، وأوضحوا لكم في دين الله ما لا مزيد عليه من الهدى، فدلوكم على المحجة البيضاء التي كان عليها سيد الأنبياء، فعرفوكم ما تأتونه فرضا ونفلا، وما تذرونه نية وقولا وفعلا، وبينوا لكم من زاغ عنها من أهل الجهالة، فجادلوا أهل الزيغ بالتي هي أحسن لما بها من دلالة على صحة ما هو به وعليه وفساد ما عداه، حتى ظهر الحق وبطل ما خالفه من دعوى العماة، فأنى يكون الشك فيما هم به ودعوا إليه. وقد زال الالتباس فلا عذر لمن خالف من الناس، أولئك هم أولو الألباب الذين هداهم الله لدينه الذي ارتضاه لعباده من فضله، فلم يغيروه عن أصله بل اتبعوا فيه أثر ا لنبي ! ، ومن بعده أبا بكر وعمر وغيرهما من ٣٧٢ ، مكتبة الاستقامة، مسقط، - ١) منهج الدعوة عند ا لإباضية، محمد صالح ناصر، ص ٣٦٥ ) ١٤١٨ ه/ ١٩٩٧ م. مان، عُ سلطنة القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٢١ الصحابة والتابعين صفوة الأنام، فجاهدوا عن أمر الله من كان من المشركين حتى يسلم، أو يقتل على إصراره، أو يعطي الجزية عن يد لصغاره، إلا من لا يقبل منه إلا الدخول في الإسلام أو القتل على حال، وقاتلوا من بغى من المنافقين في إقراره حتى يفيء إلى أمر الله أو تفنى روحه في أوزاره، فبذلوا الأموال في جهادهم وجادوا بالأرواح لإزالة فسادهم. فلم يستحلوا من هؤلاء الباغين في قتالهم سبي ذرية ولا غنيمة مال لحرامهما في أهل القبلة شرعا، وهذا ما لا يجوز أن يختلف في المنع من جوازه قطعا، وإنما أجازهما نافع بن الأزرق خلافا في دين الله لمن قبله جزاه الله شرا على ما ابتدعه، ما أضله! حتى انتحل الهجرة وشرك أهل القبلة ّ واستعرض الناس بالسيف على غير دعوة، فاستحل السبي والغنيمة في أهل  .( اه( ١ .« الإقرار بالجملة وأزل من اتبعه فصار مثله وبين محجة الحق في هذا الإمام نور الدين ا لسالمي 5حيث قال: ومال أهل البغي لا يحل وإن يكن قوم له استحلوا خوارج ضلت وصارت مارقة من دينها صفرية أزارقة فحكموا بحكم المشركينا جهلا على بغاة المسلمينا فعرضوا للناس بالسيف كما قد استحلوا المال منهم مغنما وأمة المختار فارقتهم وضللتهم وفسقتهم ووردت فيهم عن المختار جملة أخبار مع الآثار ( وفيهم المروق يعرفنا ومنهم لاشك نبرأنا( ٢ ولا نرى استعراض قومنا بالسيف ما داموا يستقبلون القبلة، » : وقال أيضا ١) من مخطوطة لأبي نبهان يحذر فيها من الحكم على أهل القبلة بأحكام ا لمشركين. ) . ٢) جوهر ا لنظام، ج ٣ ص ٥١٢ ٥١٣ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٢٢ ولا نرى قتل الصغير من أهل قبلتنا ولا غيرهم، ولا نستحل فرج امرأة رجل تزوجها بكتاب الله وسنة نبيه حتى يطلقها زوجها أو يتوفى عنها ثم تعتد عدة المطلقة أو المتوفى عنها زوجها. ولا نرى انتحال الهجرة من دار قومنا لهجرة النبي وأصحابه من دار  قومه، ولكن يخرج من خرج منا مجاهدا في سبيل الله على طاعته، فإن رجع .(١)« إلى دار قومه توليناه إذا كان قائما بحق الله في نفسه وماله الخوارج طوائف » : وقال شيخنا الإمام العلامة أبو إسحاق إطفيش 5 من الناس في زمن التابعين وتابع التابعين، رؤوسهم نافع بن الأزرق، ونجدة بن عامر، وعبد الله بن الصفار ومن شايعهم. وسموا خوارج لأنهم خرجوا عن الحق وعن الأمة؛ بالحكم على ُ مرتكب الذنب بالشرك فاستحلوا ما حرم الله من ا لدماء والأموال بالمعصية  b edc ﴿ : متأولين قوله تعالى ﴾ [الأنعام: ١٢١ ]، فزعموا أن معنى الآية وإن أطعتموهم في أكل الميتة، فأخطأوا في تأويلهم، والحق أن معنى الآية: وإن أطعتموهم في استحلال الميتة، والاستحلال لما حرم الله شرك. وحين أخطأوا في التأويل لم يقتصروا على مجرد القول، بل تجاوزوه إلى الفعل، فحكموا على مرتكب المعصية بالشرك، فاستحلوا دماء المسلمين وأموالهم بالمعصية، فاستعرضوا النساء والأطفال والشيوخ. وقد كان الإمام الحافظ الحجة الربيع بن حبيب بن عمرو البصري الفراهيدي الإباضي، صاحب المسند الصحيح 5حين بلغ إليه أمرهم يقول: دعوهم حتى يتجاوزوا القول إلى الفعل، فإن بقوا على قولهم فخطؤهم محمول عليهم، وإن تجاوزوه إلى الفعل حكمنا فيهم بحكم ا لله. . ١) تحفة ا لأعيان، ج ١، ص ٧٩ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٢٣ فلما ظهرت بدعتهم طردهم أصحابنا من مجالسهم، وطاردوهم في كل صوب، معلنين البراءة منهم. فلما تجاوزوا بالقول إلى الفعل أعلنوا الحكم بكفرهم لأن الكفر في استحلال ما حرم الله نص في كتاب الله قطعي، وقد استشرى فعلهم يومئذ فاشتدوا على أهل التوحيد بفتنتهم، فسلوا السيوف ( اه( ١ .« على الرقاب بغير ما أنزل الله، فعظمت محنتهم، فكانت بلاء عظيما . وفي هذه النصوص التي نقلناها ما يكفي شاهدا على أن هذه المدرسة ٍ لم تخرج عن خط الاعتدال، فلم تستبح في يوم من الأيام غنيمة مال موحد ولا سبي ذريته أو أهله مهما كان فجوره، وإذا بغى فإنما يقتصر في رد بغيه بمقاتلته بعد إقامة الحجة عليه من غير أن يعامل معاملة أهل الشرك في شيء، فلا يقطع التوارث بينه وبين المسلمين، ولا يحرم إنكاحه النساء المسلمات، كما لا يحرم تزوج من كانت على نهجه من ا لنساء. وقد امتلأت كتبهم بشرح ذلك، والنكير على الخوارج الغلاة الذين حادوا عن هذا النهج، فأنزلوا بأهل القبلة من الأحكام ما يخرجهم من الملة ويلحقهم بأهل الشرك، والعياذ بالله. :É¡ær ep ós H ’ ±Ém °üfr GE áo ªΠp cn n o npn  عتهم وضللتهم، وكان الإباضية في  لا يرتاب ذو بصيرة أن الخوارج الغلاة بغلوهم فيما أنزلوه من الأحكام بأهل القبلة باينوا النهج السليم الذي جاء به القرآن ودلت عليه سنة المصطفى ! ، ودرج عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، لذلك تشددت الأمة في محاكمتهم على جرمهم فبد ، ١) الفرق بين الإباضية والخوارج، تأليف الشيخ العلامة أبي إسحاق إبراهيم إطفيش، ص ١٢ ) مكتبة الضامري للنشر والتوزيع، سلطنة عمان، السيب. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٢٤ مقدمة الأمة إذ وقفوا منهم هذا الموقف الصارم، وأخذوا على أنفسهم نقض أباطيلهم وتفنيد شبههم، كما أنهم لم يترددوا في دفع شرهم بالسيف عندما اقتضى الأمر ذلك، كما كان هذا بالمشرق بقيادة الجلندى بن مسعود، وبالمغرب بقيادة أبي الخطاب المعافري رحمهما ا لله. ومع تصويبنا لهذا الموقف في تعرية ضلالهم ودفع شرهم، أرى أن من الضرورة بمكان أن تكون لنا كلمة إنصاف في غمرة هذا الصراع، فإن الواجب يقتضينا أن لا نقتصر في الحكم على ردود الأفعال ونغمض العين عن أسبابها التي أدت إليها، فإن العلاج يجب أن لا يكون للنتائج مع إهمال المقدمات وعدم الاكتراث بالتوقي منها. ومن المعلوم، أن من نظر نظرة فاحصة في أسباب هذا الغلو يجد أنهم لم يغالوا إلا بسبب ما قاسوه من الظلم والجور في ظل الحكم الأموي الجائر، ناهيك بما كان من اختيار حكام بني أمية لعمالهم من بين أكثر الناس شرورا وأقساهم قلوبا وأجرئهم على الله وأنساهم لعهده وأظلمهم لعباده، كمسرف بن عقبة وزياد بن أبيه وابنه عبيد الله والحجاج وأضرابهم، وكانت وصاياهم لهم أن لا يبالوا بسفك الدم الحرام ونهب الأموال وهتك المحارم، فإن هذه الأعمال بلا ريب أورثت أولئك عقدا نفسية أدت بهم إلى الإفراط في الاتجاه المعاكس، فحكموا على هؤلاء بأحكام أهل الشرك واستباحوا منهم ما لا يستباح إلا من ا لمشركين. وما هي إلا ردة فعل عنيفة لما كانوا يلقونه من العسف والجور ِ َُ من ذلك على أدل ولا وا، فُ ص نْ لأ المعاملة في وا فُ ص نْ أ أنهم ولو والاستبداد، َ كف أيديهم عن القتال عندما وجدوا الإنصاف في عهد عمر بن إذ لم يكن منهم إلا مسالمته لما وجدوه من عدله، وهذا ، ƒ عبد العزيز لما بلغت الخوارج سيرة عمر » : الذي حفظه لنا التأريخ، فقد قال الآجري القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٢٥ .(١)« وما رد من المظالم، اجتمعوا فقالوا: ما ينبغي لنا أن نقاتل هذا ا لرجل فكيف يشك مع هذا، أنهم لو وجدوا هذه السيرة من غيره وأنصفوا من قبل أولئك لكانوا أنصفوا من أنفسهم وحدوا من غلوائهم، وكفوا أيديهم عن مقاتلة أهل القبلة وأخذ أموالهم، ولكن العنف يولد العنف، والشر لا يعقبه إلا الشر، وقليلا ما يوجد العقلاء الذين يتحكمون في عواطفهم، ويسيطرون على حفائظهم عندما تغلى مراجل الغضب، فيتمكنون من الوقوف على خط الاعتدال، كما فعل ذلك طالب الحق وأبو حمزة وسائر القادة الذين ينتسبون إلى مدرستهم، وهذا من توفيق الله تعالى. : m C m ¡n Ñr °T øY QÉà°ùdGu áMGn RGp á«îjQÉJá o o n E قد يقول قائل: بأن هذا الغلو متأصل عند أصحاب هذا الفكر، لأن المحكمة الأولى عزي إليهم ما يثبت غلوهم.  وجوابه: أن المحكمة كانوا أكثر الناس دقة في تطبيق تعاليم الإسلام السمحة، وتجنب ما يؤدي إلى الغلو، وإنما ألصق بهم ما ألصق من الدعايات المغرضة تشويها لسمعتهم، وترويجا للسياسة القائمة على انتهاك الحرمات وبث الظلم، فإن بني أمية كانوا يرون في فكر المحكمة ما يزعزع استقرارهم ويهد أركانهم، لذلك لم يبالوا في نسبة العظائم إليهم وهم منها براء، كما لم يبالوا في وضع الأحاديث الكثيرة عن ا لنبي ژ ، للتشهير بهم .( بما هم أبعد ما يكونون عنه( ٢ . ١) أخبار أبي حفص عمر بن عبدالعزيز، ص ٦٣ ) لناصر بن سليمان السابعي، فقد تتبع « الخوارج والحقيقة ا لغائبة » ٢) ينظر: في هذا كتاب ) الروايات التي عزيت إلى ا لنبي ژ في أمر المحكمة، وبين عدم صحة أي شيء منها، كما زيف ما عزاه المؤرخون إليهم من الأحداث التي تشيب منها الرؤوس مع براءتهم منها. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٢٦ ومما يؤكد أن المحكمة الأولى كانوا أبعد ما يكونون عن الغلو والعدوان على الأنفس والأموال، ما كان عليه بقاياهم الذين سلموا من القتل في واقعة النهروان، كأبي بلال المرداس ابن حدير وأخيه عروة من الاحتياط الشديد في تعاملهم حتى مع ألد خصومهم، فعندما فعل زياد ابن أبيه فعلته النكراء في البلجاء رحمها الله إذ قطع يديها ورجليها ورمى بها إن الإقامة على الرضا بالجور » : في السوق، مر بها أبو بلال، فقال لأصحابه لذنب، وإن تجريد السيف وإخافة الناس لعظيم، ولكن نسير في أرض الله ولا نجرد سيفا، وإن أرادنا قوم بظلم امتنعنا منهم، فقالوا له: أنت سيد المسلمين وبقيتهم، فخرج في ثلاثين، فلقيه عبد الله بن رياح عامل عبيد الله على الجسر وكان صديقا لأبي بلال، وفي كتاب الأعلام: كان فاضلا، فراودهم على الرجوع فأبوا، فأتوا الأهواز فأصابوا أموالا تحمل إلى ابن  زياد، فأخذوا عطيتهم وردوا الباقي، فبلغ عبيد الله خروجهم، فوجه إليهم أسلم بن زرعة في ألفين. كْ بآس اً ب ر دَ فدخلنا خراسان، نريد جيش في خرجنا أرقم: بن يونس قال فيه ثلاثة أخبية، فإذا هو أبو بلال في ستة وثلاثين رجلا، فقال ابن عمي: السلام عليكم، قالوا: وعليك أمن هذا الجيش الذين يريدون قتالنا، قلنا: لا، قال: سلمكم الله أبلغوا من لقيتم أنا لم نخرج لنفسد في الأرض ولا نقاتل إلا من أكرهنا على قتاله، ولا نأخذ من الفيء إلا أعطيتنا، فبلغهم أسلم بآسك وهم في أربعين رجلا، فقالوا له: اتق الله، فإنا لا نريد قتالا، فما تريد؟ قال: أردكم إلى ابن زياد، قال: يقتلنا وتشاركه في دمائنا، قال: نعم دماؤكم حلال، وهو محق قالوا: اللهم إن كان كاذبا فانصرنا عليه، قال حريث بن حجل: يا عدو الله أمحق وهو يطيع الفجرة، ويقتل بالظنة، ويخص بالفيء، ّ ويجور في الحكم؟!!.. فرموا رجلا من المسلمين فقتلوه، قال أبو بلال: القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٢٧ جاهدوا ولتكن إلى الله رغبتكم، واستعينوا بالله واصبروا، فحملوا .( اه( ١ .« فانهزم وقد كان للفكر الإرجائي الذي بثه بنو أمية وروجوا له بين الناس دفع قوي لترويج هذه الروايات الكاذبة من أجل تحقيق المكاسب السياسية، وقد خلت الساحة من منافس لهم، فتمكنوا من ترويج ما شاؤا من الأكاذيب وطمس ما شاؤا من الحقائق، وقد انساقت دهماء الناس وراء هواهم فلم يزعهم من القرآن وازع مع كونه يتلى بينهم، وقد حفظ الله نصوصه أن يتطاولوا عليها بالتحريف والتبديل، ناهيكم بتجاهلهم نصوص القرآن الصحيحة واجترائهم على زعم أن الخلفاء لا حساب عليهم ولا عقاب، وتواطؤ العدد الكبير منهم على الإدلاء بهذه الشهادة المزورة من غير حساب لافتضاحهم بما يدحضها من نصوص القرآن.. أويبقى في نفسك أيها القارئ الكريم اشتباه بعد هذا في أن ما روج له من شائعات تشوه حقيقة تلك الفئة وسلوكها إنما كان من نتاج هذه السياسة ا لجائرة؟! وإذا كان عصرنا هذا مع ما فيه من تنافس الأطراف، وعدم خلو الساحة لفئة بعينها، وتقارب العالم فيه بما تيسر من وسائل الإعلام والاتصال تجد ذوي الأغراض من مراض القلوب لا يبالون فيه أن يزوروا الحقائق ويقلبوها رأسا على عقب، فيبرئوا المجرم ويجرموا البريء تحت سمع العالم وبصره من غير مبالاة بتعري الحقائق وانكشاف الخفايا، فما بالك بذلك العصر الذي سادت فيه العالم الإسلامي قوة سياسية واحدة، تزلفت إليها الأمة إما لاتقاء بطشها وإما للطمع في دنياها؟ أوتعجب بعد هذا إن حاولت هذه القوة أن تشوه صورة الأبرياء الذين تحذر أن تنكشف للناس حقيقتهم الناصعة، فيتأثروا بها، وتعزو إليهم كل ساقطة من ا لدنايا؟!! . ١) كتاب السير ل لشماخي، ج ١، ص ٧٠ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٢٨ إن العاقل بلا ريب يقيس الأمور بعضها ببعض، فيستنتج من أقيسته الحقائق: وللشيء على الشيء مقاييس وأشباه وإلى القارئ الكريم شاهدين مما ذكرته من الافتراء البين، وإلصاق الجرم بالبريء وتبرئة المجرم منه. الشاهد ا لأول: عندما قام شباب من غلاة الحشوية، وعلى رأسهم جهيمان العتيبي، باقتحام المسجد الحرام في غرة المحرم عام ١٤٠٠ ه ، حاول الحشوية أن يستروا فضيحتهم هذه وأن يلصقوا هذا الأمر زورا وبهتانا بالإباضية أهل الحق والاستقامة، على رغم انكشاف عوارهم واشتهار فضيحتهم، فقد ١٩٧٩ م /١٢/ نشرت جريدة (الدستور) الأردنية في عددها ٤٤١٢ ، بتاريخ ٢٢ صرح فيه: جاء البياضية)، من (متزمتون عنوان تحت مًقالا » سعودي مصدر في باريس، أن أعضاء الجماعة التي احتلت المسجد الحرام، فجر أول شهر عام ١٤٠٠ ه هم من طائفة الخوارج، وهذه الطائفة متعصبة ومتزمتة، ويبلغ عددهم ستمائة ألف، وهم من البياضية، يسكنون الجزائر ومسقط وأفريقيا !!« وتونس وليبيا وعمان ُ فلينظر العاقل إلى هذا الكذب، كيف اجترأوا على صياغته وإخراجه في هذه الصورة!! مع أن الحقائق أظهر من أن تستر، إذ لا يمكن أن تواريها الأهواء، كما لا تواري أكف المغرضين ضياء الشمس عن الأبصار في رابعة النهار، فالعالم كله يدرك أن القائمين بهذه الجريمة هم من أصحاب هذه الدعوة أنفسهم، ورغم وجود دعوتهم في هذه البلاد التي ذكروها فإنه لم يشترك منها أحد قط في ارتكابها، ومعظم مرتكبيها هم من حشوية المملكة القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٢٩ العربية السعودية، وفيهم من بعض البلاد الأخرى غير البلاد التي ذكروها، وكان الرأس المدبر لهذه الجريمة هو جهيمان العتيبي الذي ذكرته، وهو من قبيلة عتيبة المشهورة عندهم، فكيف سوغوا لأنفسهم أن يظهروا بهذه الفرية من غير استحياء من الخالق ولا الخلق، وكفى بذلك شاهدا على عدم تورعهم أو استحيائهم من مواراة الحقائق وتجريم البريء بما لم يكن منه على بال. الشاهد ا لثاني: كتب محمد بن سعد الشويعر كتابا، سماه (تصحيح خطأ تأريخي حول الوهابية)، حاول فيه أن يلصق جرائم الوهابية وفضائحها التي سارت بها الركبان وتناقلتها الألسن والأقلام بالإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن كنت قد » : رستم وأصحابه، مبرئا أصحابها منها، وكان مما قاله في هذا يقع في ،« تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية » أخرجت كتابا صغيرا، باسم ١١٠ صفحات تقريبا، وطبع للمرة الأولى بتطوان بالمغرب عام ١٤٠٧ ه ، وطبعته دار المعارف بالرياض الطبعة الثانية عام ١٤١٣ ه ، أوضحت فيه بأن خصوم دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأعداء دين الله الحق، من أرباب المصالح الدنيوية ممن يريد إطفاء نور الله، والتصدي لمن يريد أن يحقق التوحيد الذي أمر به الله، وأرسل به رسله من أولهم إلى آخرهم: دعوة وتطبيقا وتنقية من مداخل ا لشرك. فوجدوا دعوة خارجية إباضية في شمال إفريقيا، نشأت في القرن الثاني الهجري، باسم الوهابية، نسبة إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم الخارجي الإباضي، ووجدوا فتاوى من علماء المغرب والأندلس ممن عاصرها، أو جاء بعدها، فأرادوا شيئا عاجلا يحقق الغرض وينهض الهمم ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٣٠ لإسكات الدعوة الجديدة، خوفا من توسع الدائرة الإسلامية، حيث قامت الدولة السعودية الأولى مناصرة للدعوة التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب فتصافحت يدا الإمامين: محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب رحمهما الله في عام ١١٥٧ ه ، على القيام بهذه الدعوة، نصرة لدين الله وأداء لأمانة التبليغ. فوفق الله، ولقيت الدعوة قبولا وتأييدا حيث امتدت إلى العالم الإسلامي كله، وتأثر بها العلماء والحجاج، وبدأوا في نشرها ببلادهم.. فخاف المنتفعون دنيويا من آثارها، ووجدوا الضالة في الوهابية الرستمية المدفون خبرها في سجلات التأريخ، فنبشوا في فتاوى العلماء حولها.. وكانت فرصة بإلباس الثوب القديم للدعوة الجديدة، ووجدت الإشاعة صدى في النفوس؛ لأن أرباب المنافع الدنيوية جهدوا في التمويه والتشويه، والناس عادة يتلقفون الكذب أكثر من اهتمامهم وتحريهم للصدق. ولذا فإن للإشاعات دورا كبيرا في تغيير المفاهيم، ووضع تصورات تغاير الواقع.. بحسن نية أو سوء فهم.. وفي حدود ١٤٠٧ ه كان نقاش علمي مع أحد علماء المغرب حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب 5حقق نتيجة   مرضية وصحح مفهوما تأريخيا سائدا، وقد رغب إلي أكثر من أخ كريم، ذكر لمن حية تبقى حيث ، كًتابيا الرسالة تلك تأليف سبب .«... ١) اه يريدها ) . وقد ضمن كتابه هذا من الافتراء وتزوير الحقائق ما يأباه كل لبيب أن ينسب إليه، غير مبال بانكشاف فضيحته، ولا عجب؛ فإن الحياء فطرة لا تكون إلا في الأسوياء، أما من تعفنت فطرته وانطمست بصيرته فلا يعجب إن مما أدرك » : إن حرم من نعمة الحياء، وقد صدق رسول الله ژ القائل ١) تصحيح أثر تأريخي حول ا لوهابية، محمد بن سعد الشويعر، ص ٩، الطبعة: الثالثة، ) ١٤١٩ ه. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٣١ ١)، فإن الحياء )« الناس من كلام النبوة الأولى، إذا لم تستحي فاصنع ما شئت إنما يحجز العقلاء من التلطخ برجس الزور والفحشاء. وقد كان العرب في جاهليتهم يربأون بأنفسهم أن يسجل عليهم كذب اتقاء لعاره، وإن كانوا غير مؤمنين بالله واليوم الآخر، ناهيك أن أبا سفيان عندما كان يجيب هرقل عما يسأله عنه من أحوال ا لنبي ژ أبى أن يكذب، لا خشية أن يكذبه قومه، ولكن خشية أن يعثروا على كذب في كلامه فوالله، لو قد كذبت ما ردوا علي، ولكني كنت » : فيحفظوه عنه، كما قال امرءا سيدا أتكرم عن الكذب، وعلمت أن أيسر ما في ذلك، إن أنا كذبته، .(٢)« أن يحفظوا ذلك عني، ثم يتحدثوا به، فلم أكذبه ونجد السموأل اليهودي يستهجن تحريف الحقائق، لأنه عاش في بيئة عربية، فتخلق بأخلاقها لذلك قال: إنا إذا مالت دواعي الهوى وأنصت السامع للقائل لا نجعل الباطل حقا ولا نلظ دون الحق بالباطل نخاف أن تسفه أحلامنا فنخمل الدهر مع الخامل وإذا كان هذا شأن أهل الجاهلية، فما بالك بالذي يتقمص الإسلام ويدعي بأنه يؤمن بالله واليوم الآخر لا يبالي بتحريف الحقائق في كتاب ينشر ويطبع ويتناقل جيلا بعد جيل، مع أن الحقيقة تأبى أن يواريها الإفك ويطمسها الهوى، كما لا توارى الشمس في رابعة النهار بأكف ا لجاحدين. .( ٢٥٦ ، رقم ٢٨٣٥ / ٣٨٣ ، رقم ٢٣٣٠٢ ). والبزار ( ٧ / ١) أخرجه أحمد من طريق حذيفة ( ٥ ) ٢٧ ): رجاله رجال الصحيح. ومن طريق أبي مسعود: أخرجه أحمد / قال الهيثمي ( ٨ ،٢٥٢/ ٢٢٦٨ ، رقم ٥٧٦٩ )، وأبو داود ( ٤ / ١٢١ ، رقم ١٧١٣١ )، والبخاري ( ٥ /٤) .( ١٤٠٠ ، رقم ٤١٨٣ / رقم ٤٧٩٧ )، وابن ماجه ( ٢ . ٢) فتح ا لباري، ج ١، ص ٣٥ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٣٢ ِ ولست بصدد تتبع ترهاته التي ملأ بها كتابه، وف ضحها ببيان زيفها، فإن َْ هذا أمر تكفل به ما في الكتاب نفسه من زيف، ولو أردت ذلك لعنيت بالرد عليه منذ بروز تلفيقاته في كتابه، ولكني أردت التنبيه على الحقائق التي تجاهلها، وهي أظهر من أن يتجاوزها الجهل أو التجاهل، فقد تولى  الرد على الوهابية منذ بداية ابتلاء الأمة بها علماء، سجلوا كلمة الحق وكشفوا ما تنطوي عليه هذه النحلة من انحراف شوه صورة الإسلام، وهم أكثر من أن يحصوا. في الوهاب عبد بن سليمان الدعوة هذه رائد أخو هؤلاء لَ أو كان وقد ّ كتابه المشهور (الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية)، وقد نادى فيه على ومما » : أتباع هذه النحلة بالجهل الفاضح والانحراف البين، وكان مما قاله يدل على بطلان مذهبكم ما في الصحيحين، عن أبي هريرة رضي الله تعالى ١)، وفي رواية )« رأس الكفر نحو ا لمشرق » : عنه، عن ا لنبي ژ ، أنه قال ٢)، وفي )« الإيمان يماني، والفتنة من هاهنا حيث يطلع قرن الشيطان » الصحيحين أيضا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه، عن النبي ژ ، أنه قال اللهم » : ٣)، وللبخاري عنه مرفوعا )« إن الفتنة هاهنا » وهو مستقبل المشرق قالوا: أوفي ،« بارك لنا في شامنا ويمننا، اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا ،٧٢/ ١٢٠٢ ، رقم ٣١٢٥ )، ومسلم ( ١ / ٩٧٠ ، رقم ١٧٤٣ )، والبخاري ( ٣ / ١) أخرجه مالك ( ٢ ) ،٢٢٦/ ٥٠٦ ، رقم ١٠٥٨٧ )، وأبو يعلى ( ١١ / رقم ٥٢ ). وأخرجه أيضا: أحمد ( ٢ .( رقم ٦٣٤٠ ٢٢٢٩ ، رقم ٢٩٠٥ ). وأخرجه أيضا: / ١٢٩٣ ، رقم ٣٣٢٠ )، ومسلم ( ٤ / ٢) أخرجه البخاري ( ٣ ) .( ٢٣ ، رقم ٤٧٥١ / ٤٠٧ ، رقم ٣٢٤٤٠ )، وأحمد ( ٢ / ابن أبي شيبة ( ٦ ١٢٩٣ ، رقم ٣٣٢٠ )، ومسلم / ٩٧٥ ، رقم ١٧٥٧ )، والبخاري ( ٣ / ٣) أخرجه مالك ( ٢ ) ١٢١ ، رقم ٦٠٣١ )، وأبو نعيم في / ٢٢٢٨ ، رقم ٢٩٠٥ ). وأخرجه أيضا: أحمد ( ٢ /٤) .(٣٤٨/ الحلية ( ٦ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٣٣ قالوا: وفي نجدنا؟ قال ،« اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا » : نجدنا؟ قال ١)، ولأحمد من )« هناك الزلازل، والفتن، ومنها يطلع قرن ا لشيطان » : الثالثة اللهم بارك لنا في مدينتنا وفي صاعنا وفي مدنا » : حديث ابن عمر مرفوعا ،« هاهنا يطلع قرن الشيطان » : ثم استقبل مطلع الشمس، فقال « ويمننا وشامنا ٢). اه )« من هاهنا الزلازل، والفتن » : وقال أقول القائل سليمان بن عبد الوهاب : أشهد أن رسول الله ژ لصادق، فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، لقد أدى فالمشرق عن مدينته ژ شرقا، » : الأمانة وبلغ الرسالة، قال الشيخ تقي الدين ومنها خرج مسيلمة الكذاب، الذي ادعى النبوة وهو أول حادث حدث بعده، اه ، وجه الدلالة من هذا الحديث .« واتبعه خلائق، وقاتلهم خليفته الصديق من وجوه كثيرة نذكر بعضها. منها: أن النبي ژ ذكر أن الإيمان يماني والفتنة تخرج من المشرق، ذكرها مرارا. ومنها: أن ا لنبي ژ دعا للحجاز وأهله، وأبى أن يدعو لأهل المشرق لما فيه من الفتن، خصوصا نجد. ومنها: أن أول فتنة وقعت بعده ژ وقعت بأرضنا، ونقول: هذه الأمور التي تجعلون بها المسلم كافرا بل تكفرون من لم يكفره ملأت مكة ٣٥١ ، رقم ٩٩٠ )، والترمذي / ١١٨ ، رقم ٥٩٨٧ )، والبخاري ( ١ / ١) أخرجه أحمد ( ٢ ) ،٢٩٠/ ٧٣٣ ، رقم ٣٩٥٣ ) وقال: حسن صحيح غريب. وأخرجه أيضا: ابن حبان ( ١٦ /٥) .( رقم ٧٣٠١ ٣٥١ ، رقم ٩٩٠ )، والترمذي / ١١٨ ، رقم ٥٩٨٧ )، والبخاري ( ١ / ٢) أخرجه أحمد ( ٢ ) ،٢٩٠/ ٧٣٣ ، رقم ٣٩٥٣ ) وقال: حسن صحيح غريب. وأخرجه أيضا: ابن حبان ( ١٦ /٥) .( رقم ٧٣٠١ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٣٤ والمدينة واليمن من سنين متطاولة، بل بلغنا أن ما في الأرض؛ أكثر من هذه الأمور في اليمن والحرمين، وبلدنا هذه هي أول ما ظهر منها الفتن، ولا نعلم في بلاد المسلمين أكثر من فتنها قديما وحديثا، وأنتم الآن مذهبكم، أنه يجب على العامة اتباع مذهبكم وأن من اتبعه ولم يقدر على إظهاره في بلده وتكفير أهل بلده وجب عليه الهجرة إليكم، وأنكم الطائفة المنصورة، وهذا خلاف هذا الحديث، فإن رسول ا لله ژ أخبره الله بما هو كائن على أمته إلى يوم القيامة، وهو ژ أخبر بما يجري عليهم، ومنه فلو علم أن بلاد المشرق خصوصا (نجد) بلاد مسيلمة أنها تصير دار الإيمان وأن الطائفة المنصورة تكون بها، وأنها بلاد يظهر فيها الإيمان ويخفى في غيرها، وأن الحرمين الشريفين واليمن تكون بلاد كفر تعبد فيها الأوثان وتجب الهجرة منها، لأخبر بذلك ولدعا لأهل المشرق خصوصا (نجد)، ولدعا على الحرمين واليمن وأخبر أنهم يعبدون الأصنام وتبرأ منهم إذ لم يكن إلا ضد ذلك. فإنه ژ عم المشرق وخص (نجدا) بأن منها يطلع قرن الشيطان، وأن منها وفيها الفتن، وامتنع من الدعاء لها وهذا خلاف زعمكم، وأن اليوم عندكم الذي دعا لهم الرسول ژ كفار، والذين أبى أن يدعو لهم وأخبر أن منها يطلع قرن الشيطان وأن منها الفتن هي بلاد الإيمان تجب الهجرة إليها، وهذا بين واضح من الأحاديث إن .( اه( ١ .« شاء الله فليت شعري؛ هل يرى الشويعر أن سليمان بن عبد الوهاب يرد بكلامه هذا على عبد الوهاب ابن عبد الرحمن بن رستم؟! وهل كان هذا بأرض نجد حتى يقول فيه ما قال، أو أن الهوى يعمي ويصم؟!. ،٤٤ - ١) الصواعق الإلهية في الرد على ا لوهابية، سليمان بن عبد الوهاب النجدي، ص ٤٣ ) الطبعة الثالثة، المكتبة التخصصية في الرد على ا لوهابية. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٣٥ ولسليمان بن عبد الوهاب أيضا كتاب آخر بعنوان (فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب). وقد توالت الردود على هذه الفئة وما بثته في الأرض من فتنة عمياء حيث حكمت على أبناء الإسلام الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا ژ رسول الله، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويصومون رمضان ويحجون البيت بأحكام المشركين فاستباحت دماءهم وأموالهم بغير حق، بل جاهروا بتشريكهم، وخلع ربقة الإسلام عن أعناقهم، ولم يرعوا حقا لكلمة التوحيد ولا لإقامة شعائر الدين، وإليك طائفة من الذين أنكروا فتنتهم وحاربوا دعوتهم: ١ السيد أحمد زيني دحلان مفتي الحرم الشريف في كتابه (الدرر السنية في الرد على الوهابية)، وفي كتابه: (فتنة الوهابية) وفي كتابه (خلاصة الكلام في أمراء البلد ا لحرام). ٢ صائب عبد الحميد في كتابه (الوهابية في صورتها ا لحقيقية). ٣ جميل حليم في كتابه (جلاء الظلام في الوهابية التي ضللت ا لعوام). ٤ سعيد الرحمن التيراهي في كتابه (الحبل المتين في اتباع السلف ا لصالحين). ٥ غيث الغالبي في كتابه (وقفات وإيضاحات مع كشف ا لشبهات). ٦ إسماعيل التميمي المالكي التونسي، في كتابه (رد على محمد بن عبد الوهاب). ٧ الفقيه الحنبلي عبد المحسن الأشقري في كتابه (الرد على ا لوهابية). ٨ الشيخ إبراهيم بن عبد القادر الرياحي التونسي المالكي في كتابه: (رد على ا لوهابية). ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٣٦ ٩ الشيخ سلامة القضاعي الشافعي في كتابه (البراهين الساطعة في رد بعض البدع ا لشائعة). ١٠ مالك داود في كتابه (الحقائق الإسلامية في الرد على الوهابية بأدلة الكتاب والسنة النبوية). ّ   ١١ الشيخ محمد بن عبد الرحمن الحنبلي في كتابه (تهكم المقلدين بمن ادعى بتجديد ا لدين). ١٢ الشيخ إبراهيم الراوي في كتابه (الأوراق البغدادية في الحوادث النجدية). ١٣ الخواجه السرهندي في كتابه (الأصول الأربعة في ترديد ا لوهابية). ١٤ الأستاذ حسيني حلمي أيشيق في كتابه (علماء المسلمين والوهابيون). ١٥ الشيخ داود بن سليمان البغدادي في كتابه (صلح الأخوان في الرد على من قال بالشرك والكفران). ١٦ الشيخ جميل صدقي الزهاوي في كتابه (الفجر ا لصادق). ١٧ الشيخ أبو حامد مرزوق في كتابه (السيف الباتر لعنق المنكر على الأكابر). ١٨ الشيخ إبراهيم بن عثمان السمنودي، في كتابه (سعادة الدارين في الرد على الفرقتين الوهابية ومقلدة ا لظاهرية). ١٩ الشيخ إبراهيم حلمي في كتابه (جلال الحق في كشف أحوال شرار ا لخلق). ٢٠ محمد عطاء الله في كتابه (الأقوال المرضية في الرد على ا لوهابية). ٢١ شاه فضل رسول القادري في كتابه (سيف الجبار المسلول على أعداء الأبرار). القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٣٧ ٢٢ السيد محسن أمين في كتابه (كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبد الوهاب). وغير هؤلاء كثير أكثر من أن يحصوا، بل الردود عليهم لم تتوقف منذ نشأتهم إلى وقتنا هذا، فهل يرى الشويعر أن هؤلاء قصدوا بردودهم الإباضية أصحاب عبد الوهاب بن عبد الرحمن ابن رستم، وإنما أخطأ الفهم فظن الناس أنهم يردون على وهابية نجد!! مع أننا نجد النصوص واضحة في كونهم استهدفوا بردودهم الدعوة التي قام بها محمد بن عبد الوهاب في   نجد، فقد نص على ذلك كل هؤلاء الذين ردوا عليهم وأنكروا فتنتهم ٍ وفضحوا بدعتهم، وقد نص غير واحد على أنهم امتداد لغلاة الخوارج الذين استعرضوا أهل القبلة بالسيف، واستباحوا أموالهم وأعراضهم وحكموا عليهم بأحكام ا لمشركين. ودونك ما قاله في هذا، الصاوي في حاشيته على الجلالين، بعدما ذكر ? HGFEDCBA@ ﴿ : ما قيل في قوله تعالى LKJI وقيل، الآية نزلت في الخوارج » : ﴾ [فاطر: ٦]، ثم قال الذين يحرفون تأويل الكتاب والسن ة، ويستحلون بذلك دماء المسلمين وأموالهم، كما هو مشاهد الآن في نظائرهم، وهم فرقة بأرض الحجاز يقال Ê ﴿ ، لهم الوهابية، يحسبون أنهم على شيء، ألا إنهم هم الكاذبون ÙØ × ÖÕ ÔÓÒ Ñ ÐÏÎ ÍÌ Ë ( اه( ١ .« المجادلة: ١٩ ]، نسأل الله الكريم أن يقطع دابرهم ] ﴾ Ú . كما وقع في زماننا في أتباع » : ومثله قول ابن عابدين في حاشيته ١) حاشية الصاوي على ا لجلالين، ج ٣، ص ٢٥٥ ، دار إحياء الكتب العربية، لأصحابها عيسى ) البابي الحلبي وشركائه. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٣٨ عبد الوهاب، الذين خرجوا من نجد، وتغلبوا على الحرمين، وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة، لكنهم اعتقدوا أنهم هم المسلمون، وأن من خالف ة وقتل علمائهم، حتى  اعتقادهم مشركون، واستباحوا بذلك قتل أهل ا لسن كسر الله تعالى شوكتهم وخرب بلادهم، وظفر بهم عساكر المسلمين عام  ( اه( ١ .« ثلاث وثلاثين ومائتين وألف . ونحن نتفق مع هؤلاء الرادين عليهم في إنكار غلو هؤلاء الوهابية واستعراضهم الناس بالسيف واستباحتهم من أهل القبلة ما لا يستباح إلا من المشركين، وإن كنا لا نتفق مع كل ما اشتملت عليه هذه الردود من الآراء والاتجاهات، ولكل وجهة هو موليها، وإنما المهم الإنصاف في النظرة إلى كل وجهة وصاحبها، بحيث لا يتجاوز فيها حدود العدالة التي شرعها الله x {zy ﴿ : بين الناس وفرضها على المؤمنين بقوله ~}| ¢ ©¨§¦¥¤£ ¡ ے ¶μ´³²±°¯®¬«ª ﴾ ¸ .[ [المائدة: ٨ :á«HÉgƒdG IƒYódG ÉjGƒW ∞°ûc »a á« p E ªΠY QhO sn n r s n n s°VÉH’G AÉ nno orn لقد شارك الإباضية إخوانهم المسلمين في إنكار هذا الباطل وتسفيه هذا الضلال، وكان ممن عاصر نشأة هذه الدعوة العلامة الكبير الإمام أبو نبهان 5 ، فألف العديد من الرسائل والكتب في تحذير الأمة من فتنة إن هي إلا فتنة ابن الأزرق في » : هذه الدعوة، وكان مما قاله في ذلك ١) حاشية رد المختار على الدر المختار شرح تنوير ا لأبصار، محمد علاء الدين بن محمد ) أمين بن عمر، المدعو ابن عابدين، ج ٤، ص ٢٦٢ ، دار الفكر للطباعة والنشر، ١٤٢١ ه/ ٢٠٠٠ م، بيروت. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٣٩ الأولين، أحياها محمد بن عبد الوهاب في الآخرين، فوازره على بثها من قد  أظهرها فدعا إليها وقاتل عليها، فهي هي ما أكبرها من غير ما شك عند من أبصرها، طوبى لمن أعرض عنها فاعتزلها والويح لمن دخلها أو رضي عمن فعلها أو قدر أن يمحو أثرها فتركها وضررها، إلا لما به يعذر لأنها من أنواع جنس الباطل في الإجماع، لا جواز لها في دين ولا رأي أحد من ا لمسلمين. أولا تسمع بالذي بين الصحابة قد جرى يوم الدار والجمل وصفين، وما بعدها من الوقائع في التابعين؟ فإن فيه دليلا لمن يرى أنهم لا يشركون أهل قبلتهم، لأنهم لم يجاوزوا في قتالهم لمن بغى في دينونة أو انتهاك لما دان بتحريمه، ما قد أحله الله منهم إلى ما زاد عليه في المشركين من سبي ذرية ولا غنيمة مال ولا قطع موارثة ولا منع مناكحة ولا تحريم ذبيحة ولا إباحة ذات بعل، كلا بل اقتصروا على ما أذن به مولاهم 8 فأمرهم به حتى يفيئوا إلى أمره تعالى، لا غيره، في موضع فرض ولا نفل لبقاء ما لهم ِِ من حكم الإقرار، المقتضي في كونه لوجود بعدهم من الإنكار، الداعي إلى ُْ شرك الجحود وما به يكون الشرك من أنواع الكنود، لولا هذا لما استجازوا منهم ما لا يجوز من المشركين حال المحاربة أو قبلها أو بعدها ولا جاز لهم أن يبطلوا ما لغيرهم من الغنيمة في الحق فيضيعوا، ألا وإن من حقهم أن يحاشوا من هذا كله لعدم عدله. ومن العجب في هؤلاء المتوهبين أنهم من جهلهم يشركون الناس قبل المعرفة بالذي هم عليه، وإذا جاز هذا لهم فأي مانع من جوازه لغيرهم فيهم قبل أن يصح معهم إسلامهم، فإن أبوا فهي المكابرة تحكما لعدم الفرق أن لو جاز، ولكنه لا يجوز بالحق لأن من حكم بمثل هذا على الغيب في شيء فلا مخرج له من العيب على حال، في نفس ولا مال. أوليس قد كان على عهد النبي ژ أناس من أهل المعاصي في نفاق ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٤٠ أخبره الله بهم، فلم يخرجهم في شيء من حكم المقرين، وإن لم يكن لهم ولاية في الجملة ولا عند من ظهر له وصح معه ما هم به، بلى؛ إلا ما خص به فيهم من النهي له أن يصلي على من مات منهم أو أن يقوم على قبره دون غيره من المسلمين، لأن لهم في الحقوق والحدود مثلهم من غير فرق بينهم ولو أنهم قد بلغ بهم إلى الشرك لأفردهم بما لأهله من الخصوص من حكم في دين الإسلام، ولمنعهم النبي ژ بعد عام تسع من الهجرة وعلى قول آخر سنة حجة الوداع من أن يقربوا المسجد الحرام، وكل هذا لم يكن على عهده ژ ، فأنى يجوز أن يصح جوازه من بعده، وإن كانوا في محل البراءة نازلين، أم جاز ونحن لا نعلم أن يأمره الله به فعلا فيتركه أو أن يظهره قولا فيكتمه، قل هاتوا برهانكم يا معشر الوهابيين إن كنتم على ما تدعون من هذا صادقين. ألا وإن من عجائبكم يا هؤلاء أنكم على الخوارج تنكرون وأنتم بدين المارقة في هذا دائنون، وعلى الله في تحليله تفترون، إنهم على مروقهم لإخوانكم في الدين، فلم لهم تكفرون ما لكم كيف تحكمون؟ لو شئنا أن نورد على ما به من قول الله تختصمون لأتينا فيه بما يدل على أنكم في تأويله عن طريق الرشد ناكبون، إني لأراكم عن بصيرة قوما تجهلون، بدليل ما بأقوالكم من بعد عن الصواب في عين من له أدنى بصر نافذ، أفلا تعقلون؟ فاتقوا الله أن تقولوا ما لا تعلمون، من ذا الذي قد أجاز هذا قبلكم فاستدل على تجويزه خطأ بمثل ما به قد استدللتم غير ابن الأزرق؟! فلم يوافقه على ما أحدثه في أيامه أحد من الفرق، لأنه في باطله أظهر من أن يخفى على من له قلب يبصر، والحمد لله على ما هدى وله الحمد على كل .( اه( ١ .« حال في الآخرة والأولى ١) من مخطوطة بيد ا لمؤلف، لأبي نبهان في الرد على ا لوهابية. ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٤١ يا قومنا مالي أراكم قد أظهرتم اللجاج في دعاء الناس إلى » : وقال أيضا هذا المنهاج، فأكثرتم من التلبيس على الضعفاء لما به من الحجاج، أفترونه صراطا مستقيما ونحن نراه ظاهر الاعوجاج، إذ قد شركتم من كان على غير ما به أنتم متأولين من قول الله رب العالمين ما لم تحيطوا به علما، فسفكتم دماءهم عدوانا وظلما وأكلتم بالباطل أموالهم غنما، واستحللتم سبي ذراريهم واتخذتم ولدانهم عبيدا، ووطئتم فروج نسائهم سفاحا، فأتيتم منه عظيما، وزعمتم أن الحق في أيديكم فأطلقتم محظورا وحجرتم مباحا، أما آن لكم أن ترجعوا إلى سماع من ينهاكم عن هذا الفساد؟ يريد لكم النجاة فيهديكم إلى سبيل الرشاد، ويحثكم إلى الرجوع إلى ربكم خوفا من عذابه .( اه( ١ .« الأليم في الجحيم، وطمعا فيما عنده من النعيم ا لمقيم ألا وإن الوهابية كأنها تزعم في مذهبها أنها حنبلية!! » : وقال أيضا وليست كذلك، لأن لهم في تشريك أهل القبلة واستحلال قتالهم وسبي ذراريهم وغنيمة مالهم، شوبا من الأزارقة، وفي هذا ما دل على أنهم لا من الحنابلة ولا الأزارقة بالكلية، فإن كانوا خلطوه من هذا وذلك، فاتخذوه من .( اه( ٢ .« بينهم مذهبا لهم، فعسى أن يكون كذلك وممن اعتنى بالرد عليهم تلميذ الإمام المذكور وابن ابن أخيه، الشيخ العلامة منصور بن محمد بن ن اصر بن خميس ا لخروصي، ومن تآليفه في هذا رده الواسع على كتاب الشبهات، الذي ألفه رائد هذه الدعوة محمد بن عبد الوهاب. وقد اشتهرت الوهابية فيما مضى عندنا بعمان بالأزارقة، لعدم الفرق ١) المرجع ا لسابق. ) ٢) المرجع ا لسابق. ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٤٢ بينهم وبين الأزارقة في استعراض المسلمين بالسيف، واستباحة ما لا يستباح وتعرفهم العامة » : إلا من أهل القبلة منهم، وفي هذا يقول الإمام ا لسالمي 5 بالأزارقة، لأنهم شابهوا الأزارقة في تشريك أهل القبلة، فلم تفرق العامة بينهم وبين الأزارقة، وهم إنما أخذوا من الأزارقة مسألة التشريك، ومن الحنابلة مسألة التشبيه؛ وأخذوا من كل مذهب أغثه، وقالوا قد أصبنا دينا كما . (١)« صنعت الصابئة، وكان اعتقاد الوهابية في المسلمين أسوأ ا عتقاد :É¡FɪΠY ¢Uƒ°üfo »a áΠn Ñ p C «HÉgs ƒdG ∂jô°ûr Jn äƒo ÑKo o p o r≤dG πg’ áq n p o هذا؛ ولم يكن ما نسب إليهم من تشريك أهل القبلة وإخراجهم من ملة الإسلام وإلحاقهم بعبدة الأوثان دعوى ألصقت بهم من غير أن يقوم عليها برهان، فإن مؤلفاتهم طافحة بالنصوص الجلية الدالة على أن هذا هو اعتقادهم في هذه الأمة، فكم تجد في مراسلاتهم من إطلاق وصف الشرك على أهل التوحيد، ومن ذلك ما جاء في رسالة عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى حمد بن عتيق، التي قال فيها: وبعد ذلك: أتانا النبأ الفادح الجليل، والخطب الموجع العظيم، الذي » طمس أعلام الإسلام؛ ورفع الشرك بالله وعبادة الأصنام، في تلك البلاد، التي كانت بالإسلام ظاهرة، ولأعداء الملة قاهرة، وذلك بوصول عساكر الأتراك، واستيلائهم على الأحساء والقطيف، يقدمهم طاغيتهم (داود بن جرجيس) داعيا إلى الشرك بالله، وعبادة إبليس. فانقادت لهم تلك البلاد، وأنزلوا العساكر بالحصون والقلاع، ودخلوها بغير قتال ولا نزاع، فطاف بهم إخوانهم من .(٢)« المنافقين، وظهر الشرك برب العالمين، وشاعت مسبة أهل التوحيد والدين . ١) تحفة ا لأعيان، ج ٢، ص ٢٧٨ ) . ١٤١٧ ه/ ١٩٩٦ م، ط ٦ ، ٢) الدرر السنية في الأجوبة ا لنجدية، علماء نجد الأعلام، ج ٨، ص ٣٩٣ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٤٣ وسئل محمد بن عبد اللطيف وسليمان بن سحمان وصالح بن عبد العزيز ومحمد بن إبراهيم ابن عبد اللطيف وكافة علماء العارض عن العجمان والدويش ومن تبعهم، حيث خرجوا من بلدان المسلمين يدعون أنهم مقتدون بجعفر بن أبي طالب وأصحابه @ ، حيث خرجوا من مكة هؤلاء الذين ذكرهم السائل، وهم العجمان » : مهاجرين إلى الحبشة، فأجابوا والدويش ومن تبعهم، لا شك في كفرهم وردتهم، لأنهم انحازوا إلى أعداء الله ورسوله، وطلبوا الدخول تحت ولايتهم، واستعانوا بهم، فجمعوا بين الخروج من ديار المسلمين، واللحوق بأعداء الملة والدين، وتكفيرهم لأهل الإسلام، واستحلال دمائهم وأموالهم. إلى أن قال: وأما قول السائل: إنهم يدعون أنهم رعية الأتراك، ومن الأتراك السابقين، وأنهم لم يدخلوا تحت أمر ابن سعود وطاعته، إلا .(١)« مغصوبين، فهذا أيضا من أعظم الأدلة على ردتهم، وكفرهم وأما الدهينة، والخضري، وولد فيصل بن » : وجاء في جوابهم أيضا حميد، وأتباعهم، الذين قدموا من عند ولد الشريف، يدعون إلى ولايته، فهؤلاء لا شك في ردتهم والحال ما ذكر، لأنهم دعاة إلى الدخول تحت ولاية المشركين، فيجب على جميع المسلمين جهادهم وقتالهم، وكذلك من .(٢)« آواهم ونصرهم، فحكمه حكمهم وهي نصوص دالة بلا ريب على أنهم يعدون من خالفهم من أهل الشرك، ولو أتى بأركان الإسلام الخمسة، وحافظ على شعائره، ناهيك بما جاء من النص على أن رائد هذه الدعوة إنما قاتل من قاتله لأجل ترك . ١) المرجع السابق، ج ٨، ص ٣٩٣ ) . ٢) المرجع السابق، ج ٨، ص ٢١٤ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٤٤ والشيخ محمد بن عبد الوهاب قاتل من » : الشرك، ففي الدرر السنية ما نصه .(١)« قاتله، ليس لكونهم بغاة، وإنما قاتلهم على ترك الشرك وإزالة ا لمنكرات فلقد ظهر هذا الشيخ المجدد المجتهد » : وهذا ما نص عليه أحدهم بقوله يعني محمد بن عبد الوهاب في وقت كان أهله شرا من حال المشركين، وأهل الكتاب في زمن البعثة، من شرك وخرافات، وبدع وضلالات، وجهالة غالبة؛ فدعا إلى عبادة الله وحده، والرجوع إلى أصل الإسلام، فأعاد نشأة .(٢)« الإسلام كما كانت وهو ظاهر في كونهم يعتقدون أن جميع الناس كانوا على الشرك قبل أن تظهر دعوتهم!!. إذا علمت هذا، وعلمت ما عليه أكثر الناس، علمت أنهم » : وقال غيره ژ الله رسول قاتلهم الذين المشركين، من وًشركا كفرا أعظم « (٣) . n q upn q oprn :É¡d º¡dÉàb »a áeC’G ≈ΠY Σô°ûdG πgr CG ΩÉμMG áC «HÉgs ƒdG ≥«Ñ£J rn لم يقتصر الوهابية في إطلاق حكم الشرك على أهل القبلة على التنظير فحسب، وإنما طبقوا عليهم أحكام أهل الشرك في مقاتلتهم لهم، إذ لم يقتصروا على استباحة دمائهم، بل استباحوا مع ذلك أموالهم، فعدوها غنائم توزع على مقاتلتهم، كما توزع الغنائم المأخوذة من أموال المشركين بعد تخميسها، وقد عدوا هذا من أمجادهم التي رفعوا عقيرتهم بالمفاخرة بها، فقد ألف أحد رجالهم الذين يعدونهم من علمائهم وهو عثمان بن عبد الله بن . ١) المرجع السابق، ج ١٢ ، ص ٩ ) . ٢) المرجع السابق، ج ١، ص ١٨ ) . ٣) المرجع السابق، ج ١، ص ١٤٨ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٤٥ بشر النجدي الحنبلي الذي عاصر كثيرا من أحداثهم كتابا مشتملا على أنباء ثوراتهم، سماه: (عنوان المجد في تأريخ ن جد) يجد فيه القارئ من الجرأة على سفك الدماء ونهب الأموال باسم الدين ما يذهب بلبه. وإلى القارئ الكريم مقتطفات من نصوص هذا الكتاب، تبرز حقائق فأول جيش غزا سبع ركائب، فلما » : اعتقادهم في الأمة، من ذلك قوله ركبوها وأعجلت بهم النجائب في سيرها سقطوا من أكوارها، لأنهم لم .(١)«!! يعتادوا ركوبها، فأغاروا أظنهم على بعض الأعراب فغنموا ورجعوا وذكر عن شيخه محمد بن عبد الوهاب أنه قضى من دينه أربعين ألف وكان لا يمسك على درهم ولا دينار، وما » : محمدية من غنائم الرياض!! قال أتى إليه من الأخماس والزكاة يفرقه في أوانه، وكان يعطي العطاء الجزيل، .(٢)« بحيث إنه يهب خمس الغنيمة العظيمة لاثنين أو ثلاثة وفيها غزا عبد العزيز السدير، وعدا على جلاجل، وأخذ سوارح » : وقال ثم غزا » : ٣) وقال ).«!! غنمهم، وحصل بينهم قتال، فقتل منهم ستة رجال عبد العزيز إلى الخرج، فأوقع بأهل الدلم، وقتل من أهلها ثمانية رجال!! فقصد الدلم والخرج وقاتل » : ٤) وقال أيضا ).« ونهبوا فيها دكاكين فيها أموال ٥) وقال ).«!! أهلها وقتل من فرع أهل البلد سبعة رجال، وغنم عليهم إبلا كثيرة .(٦)« وفيها سار على بلد الزلفى فأخذ غنمهم!! ولحقه الفزع وتركها لهم » : أيضا ، ١) عنوان المجد في تأريخ نجد، عثمان بن عبد الله بن بشر النجدي الحنبلي، ج ١، ص ٤٦ ) مطبوعات دارة الملك عبد العزيز، الطبعة الرابعة، الرياض ١٤٠٢ ه/ ١٩٨٢ م. ٢) المرجع ا لسابق. ) . ٣) المرجع السابق، ج ١، ص ٧٨ ) . ٤) المرجع السابق، ج ١، ص ٨٣ ) ٥) المرجع ا لسابق. ) . ٦) المرجع السابق، ج ١، ص ٨٥ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٤٦ وفيها أغار عبد العزيز على مساعد بن فياض وعربانه » : وقال أيضا المعروفين بالنبطة من سبيع، فأخذهم وهم بالموضع المعروف بالعتك، بين السدير والمحمل وقتل منهم عشرة رجال منهم القروي وأولاده!! وأخذ .(١)« أثاثهم وغنم المسلمون منهم ثمانين ذودا!! من الإبل وجميع أمتعتهم وذلك أن عبد العزيز سار بالمسلمين إليهم، ومعه غزو من أهل » : وقال أيضا الرياض مع دواس بن دهام، فأغار عليهم وهم على جراب (الماء المعروف .(٢)« قرب السدير) فاستأصل جميع أموالهم، وقتل منهم نحو ثلاثين رجلا فسابقهم عبد العزيز وأهل الدرعية، وقاتلوهم أشد القتال، » : وقال ٣) وقال: ).« وأخرجوهم منها قسرا، وقتلوا منهم رجالا، وأخذوا منهم فرسا وذلك أن عبد العزيز سار غازيا إلى بلد ثرمدا، فلما وصلها جعل له كمينا، » وأغار على البلد، وأخذ أغنامهم واستاقها، فخرجوا عليه، فلما التحم القتال خرج عليهم الكمين، فانهزم أهل البلد، وقتل منهم نحوا من عشرين رجلا، .(٤)« منهم راشد وحمد أبناء إ براهيم بن سليمان وإمام أهل البلد محمد بن عيد فانظر كيف استباحوا سفك دماء أهل البلد واستياق أغنامهم، مع أنهم مسلمون يؤمهم في صلاته إمام منهم وهو نفسه لم يسلم من القتل، وإذا كان النبي ژ ينهى عن قتل رهبان النصارى فما بالك بأئمة الصلاة عند المسلمين؟!. ٥) وقال ).« فأخذ منهم عبد العزيز إبلا كثيرة وأغناما وأمتعة » : وقال أيضا ١) المرجع ا لسابق. ) . ٩٣ - ٢) المرجع السابق، ج ١، ص ٩٢ ) . ٣) المرجع السابق، ج ١، ص ٩٧ ) . ٤) المرجع السابق، ج ١، ص ١٠١ ) . ٥) المرجع السابق، ج ١، ص ١٠٥ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٤٧ وفيها سار عبد العزيز بجنود المسلمين، وقصد آل حبيش من » : أيضا العجمان، وهم في صبحا المعروفة قرب سدير، فأغار عليهم وأخذ عليهم إبلا كثيرة، وقتل من الأعراب عدة رجال، وفيها سار سعود إلى الرياض (١)« فأخذ سارحة أغنام . وحاز عبد العزيز » : وذكر غزو عبد العزيز للرياض بعد فرار أهلها منها، فقال ٢) وقال: ).« ما فيها من أموال الهاربين، من السلاح والطعام والأمتعة وغير ذلك وفيها » : ٣) وقال أيضا ).« واستولى عبد الله على ما فيها (القصيم) من ا لأموال » (أي سنة ١١٩١ ه) استنفر عبد العزيز جميع رعاياه، يريد الخرج، فاجتمعوا معه في الدرعية، ومعهم غزو أهل بلدة خرمة فأمر عبد العزيز بالمسير مع أسفل الوادي إلى ناحية الخرج، فصعد عثمان بن عبد الله أمير حرمة إلى الشيخ وعبد العزيز، وقال: كيف تسيرون إلى أهل الخرج وبلدنا خرمة قد ظهرت منهم أمارات الردة ونقض العهد؟ وأنا لا أقدر آمر فيهم بمعروف، ولا أن أستقر عندهم على هذه الحال، إلا إن ضعضعتموهم وأمسكتم منهم رهائن تجعلونهم عندكم في الدرعية، حتى يركد جأشي وأصدع بالدين في البلد وآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ولا أحاذر. ر  فلم يزل بعبد العزيز حتى نكس الجيش معه إلى ناحية منيخ، فثو المسلمين، وسار بهم عبد الله ابن محمد بن سعود، فأدلجوا بالليل والنهار، وسار مسيرهم على الحيسية مع الحمادة لتعمى عنهم الأخبار حتى يبغتوهم في بلادهم، فوصلوا بلد حرمة بالليل وهم هاجعون، ففرق عبد الله رجالا في بروج البلد والبروج التي على السور وعلى الدور وعلى بيبان القلعة . ١) المرجع السابق، ج ١، ص ١١٨ ) . ٢) المرجع السابق، ج ١، ص ١٢٠ ) . ٣) المرجع السابق، ج ١، ص ١٢٧ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٤٨ والجموع في متارسها، فلما انبلج الصباح، ونادى أذان الفجر (حي على الصلاة)، أمر كل صاحب بندق يثور ما في بطنها، فثوروا البنادق دفعة واحدة فارتجت البلد بأهلها وأسقط شيء من الحوامل، ففزعوا، فإذا البلاد .(١)« قد ضبطت عليهم، وليس لهم قدرة ولا مخرج وهو كلام غني عن التعليق، فانظر كيف يحكمون بالارتداد على قوم ينادي مناديهم إلى الصلاة!! ويباغتونهم في صلاتهم بما يرعبهم حتى تسقط حواملهم ما في أرحامهن!!. على أن هذا إنما كان بسبب دعوى ادعاها على هؤلاء القوم عاملهم على بلادهم، فلم يرعوا حرمة للصلاة التي نودي إليها، ولم يبالوا أن يداهموهم جميعا في حال غرتهم فيفجأوهم بهذا الحادث الجلل، وليت شعري؛ إن كان القوم مرتدين كما يزعمون فما هي جريمة الأجنة في أرحام النساء حتى تعرض للإسقاط، مع التفاخر بهذا الأمر، وعده من عناوين ا لمجد؟!. أنه قال: ƒ أين هذا الصنيع من هدي رسول ا لله ژ ، فقد ثبت عن أنس إن النبي ژ كان لا يغير حتى يصبح، فيستمع، فإن سمع أذانا أمسك، وإن » .( ٢)« لم يسمع أذانا أغار . ١٣٢ - ١) المرجع السابق، ج ١، ص ١٣١ ) ،( ١٠٧٧ رقم ٢٧٨٥ / ٣١٧ )، والبخاري في صحيحه ( ٣ / ٢) أخرجه الشافعي في مسنده: ( ١ ) ٢٨٨ ، رقم ٣٨٢ )، وابن أبي شيبة في مصنفه / ورقم ( ٢٧٨٤ )، ومسلم في صحيحه (ج ١ ٣٨٨ رقم ١٢٩٩ )، وأحمد في / ٣٩٣ رقم ٣٦٨٧٦ ) وعبد بن حميد في مسنده: ( ١ /٧) ٢٢٩ رقم: ١٣٤٢٣ )، وابن / ٢٥٣ رقم ١٣٦٧٧ )، و( ٣ / ٢٣٦ رقم ١٣٥٠٦ )، و( ٣ / مسنده ( ٣ ،( ٦١ رقم ٤٧٥٣ / ٢٠٨ رقم ٤٠٠ )، وابن حبان في صحيحه ( ١١ / خزيمة في صحيحه ( ١ ٨٠ رقم ١٧٨٧٧ )، والطحاوي في / ٤٠٥ رقم ١٧٦٢ )، و( ٩ / والبيهقي في سننه الكبرى ( ١ ٢٠٨ ) وغيرهم. / شرح معاني الآثار ( ٣ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٤٩ وهكذا كان صنيعه ژ حتى مع يهود خيبر، وقد كان من هديه ژ رعاية حرمات الأجنة ولو تكونت بسفاح، لأن لكل نسمة خلقها الله تعالى حقا فلا يجوز العدوان عليها بجريرة غيرها، فعن عبد الله بن أبي مليكة أن امرأة جاءت إلى رسول الله ژ ، فأخبرته أنها زنت وهى حامل، فقال لها رسول فلما وضعت جاءته، فقال: لها رسول الله ژ : .« اذهبي حتى تضعي » : الله ژ قال: .« اذهبي فاستودعيه » : فلما أرضعته جاءته، فقال .« اذهبي حتى ترضعيه » .( فاستودعته، ثم جاءت، فأمر بها، فرجمت. اه( ١ بعدما رجع عبد الله إلى الدرعية سار بالمسلمين إلى ناحية » : وقال أيضا .(٢)« الخرج، فأوقع بهم وقتل منه ستة رجال وعقر عليهم إبلا وأغناما اجتمع قبائل الظفير وغيرهم مع محسن بن خلاف رئيس » : وقال أيضا السعيد وقبيلته ودهام أبا ذراع وقبيلته من الصمدة وغيرهم والجميع نحو سبعة آلاف، ونزلوا على مبائض الماء المعروف قرب السدير، فسار سعود إليهم بالجنود المنصورة من الحاضرة والبادية، فلما أشرف عليهم سعود استكثرهم فرجع إلى أرض بلد نمير، واستنفر أهل سدير ركبانا ومشاة، فنفروا إليه مسرعين، فنازل تلك العربان على مائهم وتقاتلوا قتالا شديدا، فأدال الله المسلمين منهم وانهزم تلك العربان فولوا مدبرين، وغنم المسلمون منهم غنائم عظيمة، واستأصل سعود أكثر أموالهم وحازها!!! فالأغنام نحو سبعة عشر ألفا، والإبل خمسة آلاف، والخيل خمسة عشر فرسا، وأخذ جميع ما في محلتهم والأمتعة وغير ذلك، وقتل منهم قتلى كثيرة من الفرسان ،( ٣٢٤ ، رقم ١٣٣٤٥ / ١١٩ رقم ١٥٠٧ )، وعبد الرزاق ( ٧ / ١) أخرجه مالك في موطئه: ( ٥ ) ٢٥٩ رقم ٤٤٤٤ ) ومسلم من / وأخرجه الترمذي من طريق عبد الله بن بريدة عن أبيه ( ٤ .( ١٢٠ رقم ٤٥٢٩ / طريق عمران بن حصين ( ٥ . ٢) عنوان المجد في تاريخ ن جد، ج ١، ص ١٣٣ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٥٠ والرجال منهم دهام أبا ذراع وثواب ابن حلاف وغيرهم، وأخذ سعود خمس .(١)« الغنيمة وقسم الباقي في المسلمين للراجل سهم وللفارس سهمان سار سعود بالجنود المنصورة، وقصد عالية نجد، وأغار على » : وقال الصهبة من عربان مطير، وهم على المستجدة المزرع المعروف عند جبل شمر، فصبحهم عليها وأخذ إبلهم وأغنامهم وحلتهم وأثاثهم وأخذ عشرا من الخيل، وقتل رجالا من رؤسائهم وفرسانهم منهم دخيل الله ابن جاسر الفغم سار سعود بالمسلمين » : ٢) وقال ).« وابن عمه خلف الفغم، ثم رجع إلى وطنه وقصد ناحية الأحساء وصبح أهل العيون ولم يبلغهم عنه خبر، وأخذ كثيرا .(٣)« من الحيوانات، وأخذ من بيوتها أزوادا وأمتعة سار سعود بجنود المسلمين إلى جهة الخرج، فذكر له في أثناء «: وقال طريقه أن قافلة حافلة من أهل الخرج وغيره ظاهرة من الأحساء، فرصد لهم سعود على الثليما، المعروفة قرب الخرج، فأقبلت القافلة، وكانت على ظمأ وقدموا لهم ركابا ورجالا إلى الماء، فأغار عليهم سعود فقتلهم، ثم أناخت  الحدرة، فنازلهم سعود واستمروا ساعة في جدال وقتال واقتتلوا قتالا شديدا، قتل بينهم قتلى كثيرة، والقافلة قريب ثلاثمائة رجل، فحمل عليهم المسلمون وأخذوا جميع ما معهم من الأموال والقماش والمتاع والإبل وغير ذلك، .(٤)« وقتل منه قريب من سبعين رجلا سار سعود بن عبد العزيز بالجيوش المؤيدة المنصورة من حاضرة » : وقال نجد وباديها، وقصد جهة الشمال، فوافق ثويني في ديرة بني خالد من أرض . ١٤٦ - ١) المرجع السابق، ج ١، ص ١٤٥ ) . ٢) المرجع السابق، ج ١، ص ١٥٢ ) . ٣) المرجع السابق، ج ١، ص ١٥٤ ) . ٤) المرجع السابق، ج ١، ص ١٥٥ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٥١ الصمان وذلك بعدما خرج من البصرة كما ذكرنا، ومعه قطعة من المنتفق سار سعود قبل » : ثم قال « وآل شبيب فنازلهم سعود وأخذ محلتهم وأثاثهم هذه الغزوة بجنود المسلمين الحاضرة والبادية وقصد بني خالد، فوجدهم مجتمعين بأرضهم فنازلهم نحو يومين، ثم رحل وانصرف عنهم ولم يقع قتال، لأن سعودا خاف من خيانة بعض الأعراب الذين معه من بني خالد، ونزل على قراياهم التي في الطف، فأخذ ذخائرهم التي فيها من الطعام (١)« وغيره . سار سعود بجنوده المنصورة والخيل العتاق المشهورة، واستلحق » : وقال معه عربان الظفير وعربان العارض ومعه زيد بن عريعر وجلوية بني خالد، وقصد بني خالد ورئيسهم يومئذ عبد المحسن بن سرداح وابن أخيه ونويحس بن عريعر وهم نازلون عند غريميل المعروف عند الأحساء، فعدا عليهم ونازلهم ووقع القتال بينهم ثلاثة أيام، ثم انهزم بنو خالد وأتباعهم، المسلمون في ساقتهم يقتلون ويغنمون، وحاز سعود من الإبل والغنم فكر  والأمتعة والأثاث ما لا يعد ولا يحصى، وقتل عليهم قتلى كثيرة، وأخذ (٢).« خمس الغنيمة وقسم باقيها في المسلمين، للراجل سهم وللفارس سهمان وفي أثناء ذلك أمر عبد العزيز على حسين بن مشاري ومعه أناس من » : وقال (٣)« العربان بالمغزا، فأغار على عربان الشريف فأخذ منهم إبلا . لما انصرف الشريف من الشعرى أمر سعود محمد بن معيقيل، » : وقال يتبع أثره بجماعة من المسلمين ويغير عليه من خلفه، فسار محمد خلفهم، وأغار على فريق من قحطان فأخذ عليهم إبلا كثيرة، وفزع عليه منهم خيل . ١٦٨ - ١) المرجع السابق، ج ١، ص ١٦٧ ) . ٢) المرجع السابق، ج ١، ص ١٧٠ ) . ١٧٥ - ٣) المرجع السابق، ج ١، ص ١٧٤ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٥٢ فحصل جدال خيل بين الفرسان وأخذ المسلمون منهم خمسة عشر فرسا من عتاق خيل الأصايل، ثم رحل سعود وقصد عربان مطير، رئيسهم حسن الدويش، فأغار عليهم وحصل قتال شديد بين الرجالة والفرسان، فقتل من وغنم » : ١) إلى أن قال ).« الأعراب نحو العشرين وأخذوا بعض الإبل المسلمون منهم غنائم كثيرة، من الإبل والغنم والأثاث والأمتعة، وأخذ وتبعهم المسلمون وأخذوا جميع أموالهم » : وقال بعد ذلك « جميع محلتهم من الإبل والغنم والأمتعة، وقاموا في أثرهم يومين، يأخذون الأموال ويقتلون الرجال، وحاز سعود جميع الغنائم، الإبل أحد عشر ألف بعير، والغنم أكثر من مائة ألف، وعزل الخمس وقسم باقيها في المسلمين، .(٢)« للراجل سهم وللفارس سهمان سار سعود غازيا بالجنود المنصورة من البادي والحاضر، وقصد » : وقال القطيف وحاصر أهل سيهات، وتسور المسلمون جدارها وأخذوها عنوة، وأخذوا ما فيها من الأموال وغير ذلك مما لا يعد ولا يحصى، وأخذوا عنوة، وقتل منهم خمسمائة رجل، ثم سار إلى القديح وأخذه عنوة، وأخذ .(٣)« منهم كثيرا من الأموال، وقتل عليهم رجالا غزا هادي بن قرملة رئيس عربان قحطان بأمر عبد العزيز بن » : وقال سعود، وسار معه عربان قحطان وأغار على عربان من مطير، وهم على الحنابل، الماء المعروف في عالية نجد، فحصل بينهم قتال شديد، فانهزم غزا سليمان » : ٤) وقال بعد ذلك ).« المطران وأخذ منهم ثلاثة آلاف بعير . ١) المرجع السابق، ج ١، ص ١٧٦ ) . ١٧٨ - ٢) المرجع السابق، ج ١، ص ١٧٧ ) . ٣) المرجع السابق، ج ١، ص ١٧٨ ) . ٤) المرجع السابق، ج ١، ص ١٧٩ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٥٣ ابن عفيصان بأمر عبد العزيز بجيش من أهل الخرج وغيرهم، وقصد قطر المعروف بين عمان والبحرين، فصادف غزوا منهم خمسين مطية، ُ فنازلهم وقاتلهم فانهزموا، ولحقهم سليمان وجنوده فقتلوهم إلا قليلا، .« وأخذ ركابهم وفيها كانت غزوة الشقرة، وذلك أن سعودا سار بجنوده » : ثم قال المنصورة من البادي والحاضر، وقصد ناحية جبل شمر، وكان قد ذكر له قبائل كثيرة مجتمعة من عربان مطير وعربان حرب وغيرهم على الماء المعروف بالشقرة، قرب جبل شمر فأغار عليهم، وصبحهم فيها وأخذهم جميعهم وحاز منهم أموالا عظيمة من الإبل والغنم والأمتعة والأزواد، وأخذ منهم أكثر من عشرين فرسا، ثم رحل سعود بجميع الغنائم وأخرج خمسها، .(١)« وقسم باقيها غنيمة في المسلمين للراجل سهم وللفارس سهمان فأرسل سعود إلى رؤساء المسلمين، واستشار في النفير أو » : وقال الحضير، فقال له الرؤساء العربان: انهض وشن الغارة على أهليهم، وخذ فلم يلبثوا » : ٢) وقال ).« أموالهم ومواشيهم ومحلهم، فليس دونها صاد ولا راد إلا أن أقبلت عليهم جموع بني خالد واردين، كأنها قطع الليل، فنهض المسلمون فرسانا وركبانا، فلم يثبتوا لهم ساعة واحدة حتى انهزموا لا يلوي أحد على أحد ولا والد على ما ولد!! فتبعهم المسلمون في ساقتهم! يقتلون ويغنمون واستأصلوا تلك الجموع قتلا ونهبا، وانهزم براك بن عبد المحسن ومعه شرذمة قليلة من الخيالة إلى المنتفق، وهلك من بني خالد في هذه الوقعة بين القتل والظمأ خلائق كثيرة، قيل إنهم أكثر من ألف رجل، وأخذ جميع ركابهم وخيلهم وأذوادهم وأمتاعهم وفرشهم وجميع ما معهم والخيل . ١٨٠ - ١) المرجع السابق، ج ١، ص ١٧٩ ) . ٢٠١ - ٢) المرجع السابق، ج ١، ص ٢٠٠ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٥٤ أكثر من مائتي فرس، وحاز سعود تلك الغنائم وأخذ خمسها، وقسم الباقي .(١)« في المسلمين، للراجل سهم وللفارس سهمان وأرسل خلفهم سعود بن غيث ومعه جيش من «: وقال بعد ذلك المسلمين، يترصدون للهارب من الأحساء، فصادفوا غزوا من أهل عمان ُ .(٢)« ومعهم خيل وإبل فقتلوهم، وأخذوا ما معهم وهم يزيدون على ا لمائة وسارت الجنود إلى بلاد ابن بطال، فوقع فيها قتال فانهزم أهلها » : وقال وقتل منهم عدد كثير، وأخذ سعود ما فيها من الأمتعة والطعام والحيوان والأموال، ثم ساروا إلى بلدان الشرق، فحصل فيها قتال وجدال، وارتجف أهل الشرق وجميع البوادي الذين مع سعود وغيرهم، يدمرون في الأحساء، ويصرمون النخيل ويأخذون من التمر ويبيعونه أحمالا ويأكلون ويطعمون .(٣)« رواحلهم من الحاضر والبادي واجتالوا جميع البوادي من الأحساء نهبا سار محمد بن معيقيل بأهل الوشم والسدير، سار معه كثير من » : وقال عربان قحطان ومطير وبني حسين وكثير من الدواسر والسهول وغيرهم، فسار بهم محمد إلى عالية نجد فأغار على عربان بني هاجر، ورئيسهم يومئذ ناصر بن شري وهم نازلون في الحزم الراقي بين الذنائب والثعل، ونازلهم فوقع بينهم قتال شديد، وانهزم بنو هاجر وقتل منهم عدة قتلى منهم رئيسهم ناصر المذكور، وأخذ جميع أموالهم من الإبل والغنم والأمتعة والأزواد، ما يخرج عن العدد والإحصاء، وعزل محمد ابن معيقيل خمس الغنيمة وأرسلها .( ٤)« إلى عبد العزيز وقسم باقيها في غزوه للراجل سهم وللفارس سهمان . ٢٠٢ - ١) المرجع السابق، ج ١، ص ٢٠١ ) . ٢) المرجع السابق، ج ١، ص ٢٠٢ ) . ٣) المرجع السابق، ج ١، ص ٢٠٥ ) . ٢٠٨ - ٤) المرجع السابق، ج ١، ص ٢٠٧ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٥٥ سار سعود بالجنود المنصورة والخيل العتاق المشهورة من » : وقال نواحي نجد وعربانها، وقصد جهة الشمال، فأغار على عربان كثيرة مجتمعة من آل ظفير وغيرهم وهم بالحجرة المعروفة، فهزمهم، وقتل منهم رجالا كثيرة وأخذ منهم ألفا وخمسمائة بعير وجميع أغنامهم ومحلتهم وأثاثهم .(١)« وذلك في شعبان، ثم قفل راجعا بعدما قسم ا لغنائم أمر عبد العزيز على جيش من أهل الخرج وغيرهم، وسار بهم » : وقالإبراهيم بن عفيصان وقصد بهم ناحية قطر، وأغار على أهله وأخذ إبلا كثيرة .(٢)« وأموالا من عربانهم، وأقبل بهم وباعها في ا لأحساء سار سعود بجنوده المنصورة وأغار على عربان مجتمعة من عتيبة » : وقال ومطير وهم في الحرة المعروفة في الحجاز، ورئيسهم أبو محيور العتيبي، فدهمهم فيها وهربوا في الحرة وحصل قتال شديد، فأخذ عليهم نحو مائة بعير وأغناما كثيرة، وكثيرا من الأمتعة والأزواد، وقتل أبو محيور المذكور .(٣)« والقدح من رؤساء مطير نحو ثلاثين قتيلا فحمل هادي ومن معه على جنود الشريف، فولوا منهزمين » : وقال وانحرفوا على أعقابهم هاربين، فلحقهم أولئك البوادي والجنود يقتلون ويغنمون!! ومنحهم الله أكتافهم وأموالهم، فقتل نحو ثلاثمائة رجل وغنم منهم هادي وجنوده إبلا كثيرة وغير ذلك، وأخذوا خيمة الشريف ومدفعه، وانهزم ومن معه إلى أوطانه وتفرقت أعوانه وعربانه، وعزلت الأخماس وأرسلوها إلى عبد العزيز، وكان عبد العزيز قد بعث محمد بن معيقيل ردءا لابن قرملة وعمونا فانفض الأمر وانقضى عند مجيئهم، فحث محمد بن . ٢١١ - ١) المرجع السابق، ج ١، ص ٢١٠ ) . ٢) المرجع السابق، ج ١، ص ٢١١ ) . ٣) المرجع السابق، ج ١، ص ٢١٣ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٥٦ معيقيل السير في أثر الشريف وعربانه وأدرك بني هاجر وهم على الماء المعروف بالقنصلية قرب بلدة تربة، فشن عليهم الغارة وقاتلهم، فانهزموا بن مبارك غزا وفيها أموالهم، جميع وأخذ رًجلا أربعين عليهم فقتل هادي بن قرملة إلى ناحية نجران، فأغار على عربانه فحصل قتال وطعان، فانهزمت البوادي وقتل منهم ثلاثين رجلا، وأخذ جميع أموالهم، ومن .(١)« الخيل أربعة عشر فرسا وعزل الأخماس وأرسلها إلى عبد العزيز سار بالجيوش المنصورة والخيل العتاق المشهورة وقصد ناحية » : وقال الأحساء فلما وصل إليه نزل قرب الرقيقة وهي مزارع معروفة لأهل الأحساء، وبات تلك الليلة وأمر مناديه ينادي في المسلمين أن يوقد كل رجل نارا وأن يثوروا البنادق عند طلوع الشمس، فلما أصبح الصباح رحل سعود بعد صلاة الصبح، ثور المسلمون بنادقهم دفعة واحدة فأرجفت الأرض وأظلمت السماء وثار عج الدخان في الجو وأسقط كثير من الحوامل في ا لأحساء!!. ثم نزل سعود في الرقيقة المذكورة فسلم له وظهر عليه جميع أهل الأحساء على إحسانه وإساءته فأمرهم بالخروج فخرجوا فأقام في ذلك المنزل مدة أشهر يقتل من أراد قتله ويجلي من أراد جلاءه ويحبس من أراد حبسه ويأخذ من الأموال ويهدم من المحال، ويبني ثغورا ويهدم دورا، وضرب عليهم ألوفا من الدراهم، وقبضها منهم إلى أن قال في وصف ما كان: فهذا مقتول في البلد وهذا يخرجونه إلى الخيام ويضرب عنقه عند خيمة سعود حتى أفناهم إلا قليلا وحاز سعود من الأموال في تلك الغزوة . (٢)« ما لا يعد ولا يحصى . ١) المرجع السابق، ج ١، ص ٢١٤ ) . ٢١٧ - ٢) المرجع السابق، ج ١، ص ٢١٦ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٥٧ q p ’G ∫ɪYC sn nrn nn no :á«°VÉHE Gh á«HÉgƒdG ∫ɪYCG ø«`H áfQÉ≤e هذه أيها القارئ الكريم قطرات من بحر خضم مما سجله هذا الكاتب بقلمه في وصف أعمال هذه الطائفة، التي حاول الشويعر أن يلصق جرائرها بطائفة بريئة من هذه الأعمال، متجاهلا ما ارتكبه هؤلاء الذين يدافع عنهم، من إجرام في الأمة والدين، وانتهاك لحرمات الإنسانية بسفك الدماء ونهب الأموال بغير حق، حتى أن الأجنة في الأرحام لم تكن في مأمن من شرهم المستطير. ولو أنني تتبعت ما كتبه ابن بشر مفاخرا به من أعمالهم لطال كتابي هذا، ولكن كفى ما أوردته شاهدا على مبدأ هذه الطائفة، واعتقادها في الأمة، وتطبيقها عليها أحكام أهل الشرك، على أن المشركين لا يباغتون بالقتال، حتى تقام عليهم الحجة، ويدعوا إلى الحق، كما كان عليه رسول الله ژ ، وأصحابه @ ، فكيف بأهل القبلة؟! وقد رأيت أيها القارئ الكريم كيف كان شغفهم بقتل الأنفس ونهب الأموال، مع ما جعل الله للنفس البشرية من حرمة، فضلا عن النسمة الموحدة، وما جعله الله للأموال من حرمات. هذا؛ وإذا قارنت بين هذا التأريخ الذي سجلته أقلامهم وحفظته مدوناتهم، وتأريخ الإباضية، الذين حاول الشويعر أن يلصق بهم هذا الإجرام لوجدت بونا شاسعا، أبعد من ما بين نجوم السماء وتخوم الثرى، فحسبك ما سبق لك ذكره من تأريخ الإباضية في حروبهم، كيف كانوا دقيقين في مراعاة الأحكام الشرعية، والمحافظة على حقوق البشر عامة، وحقوق أهل القبلة خاصة، فما كانوا يشهرون السيف إلا بعد أن يقيموا الحجة ويتعنت كانوا وما وغيرها، يد دَ قُ في ذلك وقع كما دمهم، بسفك هو ويبدأ الخصم يستحلون قتل المدبر ولا الأسير، بخلاف هؤلاء الذين كانوا يفاخرون باتباع ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٥٨ المدبرين لقتلهم ونهب أموالهم، ويسوقون الأسارى والمستسلمين إلى الميادين العامة لضرب أعناقهم أمام الجماهير، لما يجدونه من اللذة في القتل والمتعة في ا لتنكيل. أما فيما يتعلق بالأموال، فإن الإباضية أبعد ما يكونون عن استحلال مال موحد مهما كان ضلاله، بل كانوا من الورع أنهم لم يستبيحوا أن يأخذوا لأنفسهم ما وجدوه في خزائن أهل الظلم من الأموال التي جبوها من الأمة، وإنما حرصوا على ردها إلى من أخذت منهم، كما كان ذلك من طالب الحق عندما دخل صنعاء، فوزع على أهلها ما وجده من أموال جبيت قبله، مع ما كان عليه هو وأصحابه من فقر مدقع وحاجة ملحة إلى ما يقيم أودهم، إلا أنهم لم تشرئب أعناقهم أو يسل لعابهم إلى ما وجدوه في ا لخزائن: تعففا منهم ومن كمثلهم أكرم بهم من عصبة أكرم بهم كانوا يموتون على ما أبصروا من الهدى ما بدلوا وغيروا وإن عدنا إلى الأئمة الرستميين ومن بينهم الإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن، الذي رد إليه الشويعر نسبة الوهابية وجرائمها فإننا لسنا بحاجة إلى أن نبرز الوجه المشرق من سيرتهم الغراء وعدلهم المثالي مما كتبه أتباعهم وأصحاب دعوتهم، وإنما يكفينا من ذلك ما كتبه أحد معاصريهم من خصومهم الذين لم يخفوا ما يعتمل بين حنايا صدورهم من شنآن لهم، وهو وإن كنا للقوم مبغضين، » : ابن الصغير الذي قال في تأليفه الخاص بأخبارهم ولسيرهم كارهين، ولمذاهبهم مستقلين، فنحن وإن ذكرنا سيرهم على ما اتصل .(١)« بنا، وعدلهم فيما ولوه؛ فلسنا ممن تعجبه طلاوة أفعالهم ولا حسن سيرهم ١) أخبار الأئمة الرستميين لابن ا لصغير، ص ٣١ ، تحقيق وتعليق د. محمد ناصر، أ. إبراهيم ) بحاز، دار الغرب ا لإسلامي. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٥٩ وهو يدل على عصبيته العمياء ضدهم، وما تأصل في نفسه من كرههم، ليس أحد » : ولكنه اعترف بحسن سيرتهم وعدلهم في رعيتهم، حيث قال ينزل بهم من الغرباء إلا استوطن معهم، وابتنى بين أظهرهم، لما يرى من رخاء البلد، وحسن سيرة إمامه وعدله في رعيته، حتى لا ترى دارا إلا قيل: هذه لفلان الكوفي، وهذه لفلان المصري، وهذه لفلان القروي، وهذا مسجد .(١)« القرويين ورحبتهم، وهذا مسجد البصريين، وهذا مسجد ا لكوفيين وهاك شهادة ممن نشأ في المحيط الوهابي وخبره، فعرف طواياه كظواهره، ودرس المذهب الإباضي بعمق، وهو الدكتور حسين غباش الذي فالحركة الوهابية التي كانت تقدم نفسها بوصفها موحدة، لم تتردد في » : قال استعمال كل الوسائل لفرض مذهبها ومد نفوذها، وهو ما يؤكده المؤرخون السعوديون أنفسهم. وبالفعل، فإن المؤرخين الوهابيين (مثل ابن بشر) ذكروا الهجمات السعودية التي شنت ضد مدن الخليج والعراق الثرية. ووصفوا بروح الفخر الغنائم التي استولوا في هذه الغزوات. لن نتطرق هنا لمسألة الخلافات العقائدية بين الإباضية وهي مدرسة فكرية خاصة ولدت في حضن الدولة الإسلامية الأولى، وذات تقاليد عريقة وبين الوهابية وهي .(٢)« فرقة حديثة... إلخ ومن المعروف بداهة، أن لكل مقدمة نتيجة ولكل علة معلولا، ومن المعلوم لكل ذي بصيرة أن ما عم العالم الإسلامي اليوم من مصائب التكفير والتفجير ليس هو إلا نتيجة هذا الفكر المنحرف الذي يدافع عنه الشويعر، وإذا كان استطاع أن يكابر الحقيقة ويتعامى عنها، فيقلب الأمر . ١) المرجع السابق، ص ٣٦ ) ( ١٥٠٠ ، الحديث السياسي والتاريخ الإمامة تقاليد الإسلامية الديمقراطية مان عُ ( ٢ ) ،(١٩٧٠ . ١٥٤ - ص ١٥٣ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٦٠ حتى يجعل المجرم بريئا والبرئ مجرما بالنظر إلى أحداث الماضي فماذا عسى أن يقول في أحداث الساعة، التي ضجت منها الدنيا بأسرها ولاكها إعلامها، مما يرتكبه الشباب الذي فرخهم هذا الفكر، ونشرهم في العالم من التكفير والتفجير، هل هؤلاء تربوا على الفكر الإباضي، أو على الفكر الوهابي الحشوي؟! إن الحقيقة أظهر من أن تحتاج إلى بينة أو تسند بدليل: وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل وليت شعري؛ هل الشويعر لم يعرف الذين حكموا عليه بالشرك، فراح يفتش عنهم في خبايا التأريخ فخيل له أنهم الإباضية؟!! كلا؛ إنما هم الوهابية النجديون الذين يدافع عنهم، ودونك شهادة على ذلك، ممن عاصر حركاتهم وتعاطف معها، حتى صار أعقابهم يعتزون بما كتبه عنهم وفيه وصل ثلاث دوات » : وينشرونه، وهو الجبرتي في تأريخه الذي قال فيه من جدة إلى ساحل السويس فيها أتراك وشوام وأجناس آخرون، وذكروا أن الوهابي نادى بعد انقضاء الحج أن لا يأتي إلى الحرمين بعد هذا العام من / يكون حليق الذقن، وتلا في المناداة قوله تعالى: ﴿ 10 <;:98765432 ﴾ .(١)« [التوبة: ٢٨ ] وأخرجوا هؤلاء الواصلين إلى مصر وهو كلام غني عن التعليق، فتراهم لم يقتصروا في تشريك أهل القبلة على من خالفهم في القضايا العقدية، بل أدخلوا الأعمال في ضمن القضايا الشركية، ولم يكن ذلك أمرا نظريا فحسب، بل طبقوه في الواقع فأقصوا الوافدين إلى البيت الحرام ممن كانوا حالقي الذقون وأخرجوهم إلى مصر، وهل يرى الشويعر والمروجون لكلامه أن الإباضية أصحاب عبد الوهاب بن ١) تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، عبد الرحمن بن حسن الجبرتي، ١٢٣٧ ه ، ) ج ٣، ص ١٩٣ دار الجيل، بيروت. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٦١ عبد الرحمن بن رستم هم الذين حكموا مكة المكرمة في عهد الجبرتي، حتى يسوغ له أن يلصق بهم التهم الشائعة عن الوهابية، أو أن الهوى يعمي ويصم؟!!. وإن عجبت فاعجب أن يرى هؤلاء أن حلق الذقون ينزل بأصحابه إلى حضيض الشرك، ولا يروا حرجا في ظلم الظالمين وبطشهم بالأمة وانتهاكهم في والإهانة بالقتل ، ژ الله رسول أصحاب على وعدوانهم دينها، مَ ر حُ المدينة المنورة التي حرمها صاحبها ! ، كما حرمت قبلها مكة، كما لم يروا حرجا في أفعال الذين انتهكوا حرمة الحرم المكي نفسه، فقصفوا الكعبة المشرفة بالمجانيق، وحالوا بينها وبين الطائفين والعاكفين، فما هذه التناقضات الغريبة في المفاهيم، وما هذا الاضطراب في ا لفهم؟؟!! هذا؛ مع غض النظر عن جرائمهم التي ارتكبوها بأنفسهم من قتل الأبرياء ونهب أموالهم، وتخريب ديارهم وتشريدهم منها. :áMQÉp ÑdÉH án Πn «ΠdGs ¬n Ñ°Tr CG Ée nn rnn إذا أدركت أيها القارئ الكريم مدى هذه الجرأة في الشاهدين اللذين ذكرتهما من هؤلاء القوم على دفع الجرائر التي يرتكبونها عن أنفسهم، وإلصاقها بالأبرياء الذين لا صلة لهم بها قط لا في قبيل ولا دبير، أدركت بكل وضوح أن ما عزي إلى المحكمة الأولى من الغلو والإقدام على سفك الدماء ليس هو من الحقيقة في شيء. فإذا كانوا اجترأوا على طمس الحقيقة وقلبها رأسا على عقب الآن مع تقارب العالم، ويسر الاطلاع على حقيقة الأحداث، واكتشاف الخفايا من خلال وسائل الإعلام، وانفتاح الشعوب بعضها على بعض فما بالك بذلك العهد ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٦٢ الذي كان العالم الإسلامي فيه واقعا تحت سلطة استبدادية واحدة، وقد انساقت وراءها الدهماء إلى حد أن يجتمع أربعون شيخا فيشهدوا أن الخليفة لا حساب عليه ولا عقاب، مهما ارتكب من الموبقات وأتى من الظلم، متجاهلين نصوص القرآن والسنة القطعية في دلالاتها وثبوتها، أيبقى في نفسك شك أن القوة السياسية المستبدة كانت وراء حبك هذه الفرية وإلصاقها بالأبرياء وترويجها عنهم وهي تخشى كل الخشية أن تشيع في الناس أفكارهم التي تأبى أن يروج في الناس الظلم ويطأطئوا معه رؤوسهم للظالمين ا لمستبدين؟!! إن العاقل بلا ريب لا يهمل قياس القضايا بعضها على بعض، وإذا كان ما » : فإن القياس يقتضي أن يقال ،« ما أشبه الليلة بالبارحة » : مما قيل قديما وقد كانت عقيدة الإرجاء التي تمثلت في قولهم: ،« أشبه الماضي بالحاضر © ª ﴿ ﴾ و﴿ :;> 9 =< ﴾ أقوى دافع لهم على  اختلاق الإفك وقلب الحقائق، كما كان ذلك ممن سبقهم إلى هذه الأماني  فأزلتهم عن سواء الصراط، ورمت بهم في مهامه سحيقة من ا لباطل. AóH ≈ΠY Ol ƒr Yn بعد هذا الاستطراد الطويل نعود إلى أصل حديثنا فيما صاحب الثورات العربية من تضارب في الآراء وازدواجية في المعايير لدى فقهاء العصر، فإن منهم من عارض هذه الثورات بشدة مهما عانت الشعوب من ظلم وإعنات وبطش وحرمان، وقد وجدنا من هؤلاء من كان موقفه صارما، حتى في المسيرات السلمية للمطالبة بالحقوق، وأعطوا الحكام الذين انبنى حكمهم على نظام انتخابي إلى زمن موقوت ولو كان صوريا أن يخرجوا بالحكم عن نظامه الأساسي، ويحولوه إلى نظام وراثي يتسلسل في أعقابهم من بعدهم، كما جاء في هذه الفتوى التي صدرت من الشيخ: محمود لطفي القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٦٣  عامر، رئيس جمعية أنصار السنة المحمدية، المشجعة للرئيس المصري  السابق حسني مبارك أن يورث الحكم لابنه جمال، الذي قال:  إن فتواه ليست ابتداعا أو اجتهادا جديدا، وإنما هي وفق ما استقر عليه » السلف الصالح، وهم خير القرون الثلاثة الأولى المفضلة من تاريخ أن التوريث » : ووصف الرئيس مبارك بأنه (أمير المؤمنين)، وأضاف ،« الإسلام بدأ في عهد معاوية ولم يعترض غالبية الصحابة، وعلى رأسهم ابن عمر وعد هذا الأمر اجتهادا من الخليفة معاوية، ولعدم شق « ^ وابن عباس عصى الجماعة وافق المسلمون على ذلك، واستمر الحال قرونا باستخلاف ولي للعهد، ولم ينكر هذا الصنيع أي إمام من أئمة أهل السنة والجماعة من » : وانتقد الشيخ عامر ،« كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل   إن ورث » : وقال ،« يثيرون الناس على مسألة توريث جمال مبارك الحكم مبارك ابنه فقد ورث من هو خير منه قبل ذلك، ولم يعترض عليه الصحابة، وأكد بأن الفتوى ،« وهو معاوية كاتب الوحي، فماذا تقولون وبماذا تعترضون جاءت لدرء فتنة الصراع على السلطة، فإن » التي قالها بجواز التوريث شرعا تولاها جمال مبارك، فإننا معشر السلفيين سنسمع ونطيع في المعروف إن عقيدة السلفيين تحذر العلمانيين » : وتابع حديثه قائلا ،« لجمال مبارك والإسلاميين من هذا الصراع، فتقر هذه القاعدة التي نص عليها الإمام أحمد في أصول السنة، وهي السمع والطاعة لأمير المؤمنين سواء كان أميرا ببيعة أو بغلبة، وعدم جواز الخروج عليه، فهذه عقيدة الإسلام تجاه الحاكم، سواء كان بارا عادلا أو غير ذلك، وسواء جاء للحكم ببيعة وشورى أو جاء بغلبة . ( اه( ١ .« وسيطرة، ودانت له المؤسسات العسكرية والمدنية ١) ينظر: تطور الفكر السياسي السني نحو خلافة ديمقراطية، ص ١٩ ، نقلا عن العربية نت، ) ٢٠٠٨ م. /٢/ القاهرة، ٢٥ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٦٤ وتجده في فتواه هذه وبنائها على صنيع معاوية، يتجاهل ما كان من اعتراض على صنيعه ممن بقي من أصحاب رسول ا لله ژ ، ومن بينهم ابن عمر وابن عباس اللذان ذكرهما، وقد سبق بيان ذلك بما فيه كفاية، وليس استدلاله بهذا إلا تصامما عن إنكار من أنكر على معاوية، وتعاميا عن الحقيقة التي هي أوضح من أن تحتاج إلى برهان. غير أن هؤلاء أنفسهم، عندما قامت الحركات وتحققت غاياتها، كانوا أسرع الناس إلى جني ثمارها وإحراز غنائمها، ومن المعلوم أن ما بني على الباطل فهو باطل، فإن كانت هذه الحركات في ذاتها محرمة فإن ثمارها أيضا تكون محرمة عليهم، فكيف يستبيحونها؟! على أن أصحاب هذا الفكر لم يألوا جهدا في إثارة الشغب والتحريض عليه في كثير من البلاد التي تحسنت فيها الأوضاع بعد الثورات، ونالت شعوبها حقوقها أو بعضا منها. هذا؛ ومن الفقهاء المعاصرين من تشجع وأفتى بشرعية القيام على الظلمة المستبدين وانتزاع السلطة من أيديهم، حتى ولو كان ذلك باستخدام السلاح ضدهم، ولكنه مع ذلك ظل متمسكا بتأييد الذين سنوا الظلم في هذه الأمة، وابتزوا الحكم عنوة من يدها، وحولوه إلى نظام كسروي قيصري! لا يرعى للدين حرمة، ولا يرقب في الناس إلا ولا ذمة، وجعلوه من بعدهم حكرا على أعقابهم، يتوارثون الأمة وما لها من حقوق كما يتوارثون المتاع والأنعام، فكان من هؤلاء من ينادي بأنه وكيل عن بني أمية، يدافع عنهم مع ما علمت من جرائرهم التي ارتكبوها في الإسلام والمسلمين، حتى كانت الأمة أهون من البهائم العجماء وكانت حرماتها أرخص من ا للقا. وقد علمت مما تقدم، ما الذي سفكوه من دماء خيار الأمة، وما الذي انتهكوه من حرماتها، ولم يبالوا بالبيت الحرام الذي كان معظما حتى عند الجاهلية الجهلاء، فقد قصفوه بالمجانيق ولم يرعوا لحرم الله حرمة. وإذا القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٦٥ كانت الأمة عانت من الاضطهاد والظلم، فإنهم هم الذين علموا من بعدهم ومن » ، من الحكام الظلم، وسنوا لهم البطش، وجرأوهم على انتهاك الحرم سن في الإسلام سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من شًيئ أوزارهم من ينقص أن غير « ولا بعدهم من على القيام يسوغ فكيف ( ١) ا يسوغ عليهم، وهم السابقون إلى كل مظلمة ارتكبت أو فساد أشيع؟!! على أن هذا الذي أيدهم على ما ارتكبوه من ظلم وقارفوه من فساد لم يكتف بالدفاع عنهم وتزيين صورتهم للناس، وإنما جاوز ذلك إلى كيل أسوأ التهم والحكم بأعنف الأحكام على من ثار بالحق عليهم، وتجرد لنصرة المستضعفين ورد الحق إلى نصابه الشرعي، وإقامة دين الله في أرضه وتحكيم شرعه بين عباده، فقد وجدنا هذا الذي نصب نفسه وكيلا للدفاع عن بني أمية الظلمة المستبدين ينعت أبا حمزة الشاري وأصحابه بأبشع الأوصاف، ويزعم أنهم لم تغن عنهم عبادتهم من الله شيئا!!! ولست أدري من أين أعطى نفسه هذا الحق الإلهي، حتى يحكم بإسقاط عبادات أداها من أداها لله تعالى، وقد استقام على الشرع الإلهي في سلمه وحربه، ورضاه وسخطه، ومكرهه ومنشطه، حتى ذهبت روحه في سبيل الله؟!! وليت شعري؛ متى كان في الإسلام لأحد من الناس منصب البابوية، فيعطي لمن شاء صكوك الغفران ويصدر فيمن شاء قرارات الحرمان، مع أن الله تعالى يخاطب نبيه ژ وهو أرفع الناس منزلة وأعلاهم قدرا في قوم ،( ١) جزء من حديث مرفوع أخرجه من طريق جرير بن عبد الله الطيالسي (ص ٩٢ ، رقم ٦٧٠ ) ،٤٣/ ٢٠٥٩ ، رقم ١٠١٧ )، والترمذي ( ٥ / ٣٥٧ ، رقم ١٩١٧٩ )، ومسلم ( ٤ / وأحمد ( ٤ ٧٤ ، رقم ٢٠٣ )، وابن حبان / ٧٥ ، رقم ٢٥٥٤ )، وابن ماجه ( ١ / رقم ٢٦٧٥ )، والنسائي ( ٥ ١٠١/ ٣٥٠ ، شيبة أبي ابن ا: أًيض وأخرجه ٣٣٠٨ ) رقم ( ٨ / والطبراني ٩٨٠٣ )، رقم ( ٢ ( ١٧٥ رقم ٧٥٣٠ / ٣٤٣ ، رقم ٢٤٣٧ )، والبيهقي ( ٤ /٢) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٦٦ w }|{zyx ﴿ : خالفوا دينه وأعرضوا عن أمره بقوله ~ ے ¢£ ¡ .!!!؟ [ ﴾ [آل عمران: ١٢٨ وإني لأعجب من هذا الدفاع المرير عن بني أمية، هل هو من أجل أنهم ابتزوا الحكم من الخليفة الشرعي وحولوه إلى ملك عضوض، أو لأنهم سنوا لعن الخليفة على منابر الجمعة وغيرها، وعدوه عبادة يتقربون بها إلى الله   ويحملون الناس عليها، أو لأنهم استباحوا مدينة رسول الله ژ فقتلوا من بها من بقايا المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، واستباحوا أعراض نسائها، ففعلوا ما لم يفعله حتى اليهود في حروبهم مع المسلمين، أو لأنهم هددوا كل من يأمرهم بتقوى الله بضرب عنقه، أو لأنهم أعطوا لأنفسهم من المكانة ما لم يكن لنبي مرسل ولا لملك مقرب، إذ زعموا أنهم لا حساب عليهم ولا عقاب مهما أتوا من الجرائم، أو لأجل ما فعلوه بالأمة وما رزأوها به من المصائب في دينها ودنياها، أو لأن قيمة القرآن عندهم أن يطمروه في جوف الجوالق ومن حق اليتيم أن يأكلوا ماله ويفجروا بأمه، ليت شعري بأي شيء من ذلك استحقوا أن يستمات في الدفاع عنهم؟!! Q ZYXWVUTSR ﴿ ^]\[ _`ba .[ ﴾ [النساء: ١٠٩ كما أنني أعجب من دعواه أن أبا حمزة وأصحابه لم تغن عنهم عبادتهم من الله شيئا، هل ذلك لأنهم أنضوا أجسامهم بخوف الله تعالى ورجائه، ووصلوا كلالهم بكلالهم في عبادته وطاعته، وباعوا أنفسهم من أجل نصرة دينه، وترفعوا عن الدنيا وحطامها حتى سووا تبرها بترابها، وزهدوا في نعيمها حتى عدلوا عذبها بعذابها، واحترزوا من سفك الدماء فلم يشهروا سيفا إلا بعد الاستقصاء في النصيحة وإقامة الحجة وبدء الخصم بشن الحرب عليهم وسفك دمهم؟!! القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٦٧ ليت شعري؛ أهذا حكم مبني على تعاليم القرآن وهدي ا لرسول ! ، أم أنه ناشئ عن عصبية عمياء تصم وتعمي عن الحق، حتى لا يبالي صاحبها بما يصدر عنه، ولا يفكر فيما يفوه به، ولا يبقى عنده تمييز بين الحق والباطل والضلالة والهدى والصلاح والفساد؟!! أما آن لهذه الأمة التي نكبت في تفكيرها، ورزئت في تصورها، أن تصحو من سكرة الهوى، وتثوب إلى رشدها، وتراقب الله، فيما تعمل أو تقول؟!!! :Égô«jÉ©e ÜGp ôn £°VGh Égn Qp ƒt °ün J »a áeC …ƒq en ’G ¿ÉC «n ¨£dG ôo KC p r n ’G ≈ΠY rt nGn كانت الحقبة التي حكم فيها بنو أمية كافية لترسيخ فكرة قبول الظلم والرضوخ له، والاستسلام للظالمين ورفع مراتبهم بين الخلق، بحيث يبوأون في الناس مكانا لم يصل إليه في حكم الله ملك مقرب ولا نبي مرسل، ناهيك أنهم أسقطوا عنهم الحساب والعقاب، مع ما علمته من تشديد القرآن الكريم خطابه للنبي ژ ، وهو أكرم الخلق على الله، بشدة الوعيد ما لو مال عن الحق شيئا قليلا، فما بالك بهؤلاء الذين هم، في حكم الله تعالى، أحقر ( من الذر كما جاء في الحديث ا لشريف( ١ . وكان لنفوذ سلطانهم وقوة بطشهم واستيلائهم على أزمة الأمور ومقاليدها، وممالأة الفقهاء الرسميين لهم؛ تأثير بالغ على عقلية الجماهير من الناس لقبول هذه الأفكار المنحرفة، فترسخ في ألباب الناس تقديس ١) جاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال ) الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان يساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس تعلوهم نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال“، أخرجه أحمد ٦٥٥ ، رقم ٢٤٩٢ ) وقال: حسن صحيح. وأخرجه / ١٧٩ ، رقم ٦٦٧٧ )، والترمذي ( ٤ /٢) ٢٧٢ ، الحميدي ا: أًيض / ٥٥٧ ). رقم (ص ١٩٦ ، المفرد الأدب في والبخاري ٥٩٨ )، رقم ( ٢ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٦٨  الظلمة وتعظيمهم وتحقير كل من لم يسر في اتجاه سياستهم، وقد استمر أثر ذلك في عقلية أكثر الناس، ولذلك عندما دالت الأيام لبني العباس واكفهرت في وجوه بني أمية وأعرضت عنهم، انساق الناس وراء السياسة العباسية، فنالوا من الأمة ما كان لبني أمية من التقديس والتعظيم، وعدوهم حماة الإسلام وأنصاره وخلفاء نبيه ! ، وتحولوا عن الحمية للأمويين إلى الحمية للعباسيين. ولم يبالوا أن يجمعوا بين الأضداد!! كيف وهم بالأمس القريب كانوا يرمون كل من ثار على بني أمية بالمروق من الدين والخروج عن الجماعة!! ويتهمونه بالسعي إلى الفساد في الأرض، ولكن بما أن الدنيا أقبلت بزهرتها وزخرفها على بني العباس كانوا معها، على الرغم مما ارتكبه بنو العباس في بني أمية من إبادة أحيائهم وإزعاج أمواتهم. فقد أسرف السفاح في تقتيلهم، ولم يشف ذلك غيظه حتى قام إلى قبورهم فنبشها وأحرق ما تبقى من رفاتهم، وهذا ما سجله لنا التأريخ، قال ابن ا لوردي: دخل سديف على السفاح، وعنده سليمان بن هشام بن عبد الملك، وقد » فأمر السفاح بسليمان، فقتل. ودخل شبل بن عبد الله مولى بني هاشم أمنه وأكرمه، فأنشد: لا يغرنك ما ترى من رجال إن بين الضلوع داء دويا فضع السيف وارفع الصوت حتى لا ترى فوق ظهرها أمويا ِ ِ على عم السفاح عبد الله ابن علي، وقد اجتمع عنده من بني أمية نحو تسعين رجلا، فأنشد: أصبح الملك ثابت الأساس بالبهاليل من بني العباس طلبوا وتر هاشم فشفوها بعد ميل من الزمان وباس القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٦٩ لا تقلين عبد شمس عثارا واقطعن كل رقلة وغراس ذلها أظهر التودد منها وبها منكم كحد ا لمواسي ولقد ساءني وساء سواي قربهم من نمارق وكراسي أنزلوها بحيث أنزلها الله بدار الهوان والإتعاس واذكرا مصرع الحسين وزيدا وقتيلا بجانب المهراس والقتيل الذي بحران أضحى ثاويا بين غربة وتناسي فأمر عبد الله بهم، فضربوا بالعمد حتى وقعوا، وبسط عليهم الأنطاع، ومد عليهم الطعام، وأكل الناس الطعام وهم يسمعون أنينهم حتى ماتوا ِ جميعا، وأمر عبد الله بنبش قبور بني أمية بدمشق، وتبع قتل بني أمية فلم يفلت إلا رضيع أو من هرب إلى الأندلس. وقتل سليمان بن علي ابن عبد الله بن عباس بالبصرة جماعة من بني أمية، وألقاهم في الطريق تأكلهم .( الكلاب، فتشتت من بقي منهم واختلفوا في ا لبلاد( ١ ، ١) تاريخ ابن ا لوردي، زين الدين عمر بن مظفر الشهير بابن الوردي، (ت: ٧٤٩ ه)، ج ١ ) ص ١٨٣ ، دار الكتب العلمية، لبنان، بيروت، ١٤١٧ ه/ ١٩٩٦ م، الطبعة: الأولى، وينظر: تاريخ دمشق، ج ٤٦ ، ص ٤٥٣ ، وج ٥٣ ، ص ١٢٧ ، ومختصره، ج ٧، ص ٢، البداية والنهاية، ج ١٠ ، ص ٤٥ ، تاريخ ا ليعقوبي، ج ٢، ص ٣٥٦ ، مروج ا لذهب، ج ١، ص ٤٣٨ ، الجماهر في معرفة الجواهر، أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني، (ت: ٤٤٠ ه)، ص ٣٠ ، شرح نهج ا لبلاغة، ج ٧، ص ٧٨ ، تاريخ مختصر الدول، غريغوريوس بن اهرون الملطي، المعروف بابن العبري (ت: ٦٨٥ ه)، ج ١، ص ٦٤ ، المختصر في أخبار ا لبشر، أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي، (ت: ٧٣٢ ه)، ج ١، ص ١٤٧ ، نهاية الأرب في فنون ا لأدب، ج ٢٢ ، ص ٣٣ ، مآثر الإنافة في معالم ا لخلافة، أحمد بن عبد الله القلقشندي، (ت: ٨٢١ ه)، ج ١، ص ١٦٨ ، مطبعة حكومة الكويت، الكويت، ١٩٨٥ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: عبد الستار أحمد فراج، محاضرات الأدباء، ومحاورات الشعرء والبلغاء، أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل الأصفهاني، (ت: ٥٠٢ ه)، ج ٢، ص ٥٥٧ ، دار القلم، بيروت، ١٤٢٠ ه/ ١٩٩٩ م، تحقيق: عمر الطباع، صفة جزيرة الأندلس منتخبة من كتاب = ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٧٠ فليت شعري أين الرحمة من قلوب هؤلاء، وأين الاستهداء بهدي إن القائل: ، ژ النبي » فأحسنوا م تُ لْ تَ قَ فإذا شىء كل على الإحسان كتب الله ِِ حْ رِ ي وْل هَُ ت ر فْ شَ أحدكم د ح ي لْ وَ الذبح، فأحسنوا م تُ حْ بَ ذَ وإذا ةَ لَ تْ ق اْل .« ١) ذبيحته ) وما لهم وللأموات في قبورهم، فإنهم أفضوا إلى ربهم، وهو الذي يتولى حسابهم وجزاءهم، ولكن الإنسان إذا لم يتقيد بمنهج الله خلع عنه كل ما زينه الله به من فطرة سوية وقيم مثلى.  وإذا كان بنو العباس قادهم الحقد الأسود إلى أن يفعلوا ببني أمية هذه الأفاعيل النكراء فإن العجب إنما من أولئك الذين محضوا بني أمية ولاءهم وعدوهم عدة الإسلام وقوته، كيف انقلبوا مع خصومهم الألدين، فمحضوهم من الولاء ما محضوا أولئك، ورفعوهم إلى المقام الأعلى في مراتب الدين، وجمعوا بين الفريقين في الحب والولاء، ونشروا من الدعايات لهم ما لا يقبله العقل ولا يصدقه الواقع، حتى زعموا أن أحد أكابر مترفيهم كان يحج .( عاما ويغزو عاما!!( ٢ = الروض المعطار في خبر الأقطار، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد المنعم الحميري، (ت: بعد ٨٦٦ ه)، ص ٢٣١ ، وص ٤٧٣ دار الجيل، بيروت، لبنان، ١٤٠٨ ه/ ١٩٨٨ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: إ. لافي بروفنصال. ١٢٣ ، رقم ١٧١٥٤ )، والدارمي / ١) أخرجه الطيالسي (ص ١٥٢ ، رقم ١١١٩ )، وأحمد ( ٤ ) ،١٠٠/ ١٥٤٨ ، رقم ١٩٥٥ )، وأبو داود ( ٣ / ١١٢ ، رقم ١٩٧٠ )، ومسلم ( ٣ /٢) ٢٣ ، رقم ١٤٠٩ ) وقال: حسن صحيح. وابن أبي شيبة / رقم ٢٨١٥ )، والترمذي ( ٤ ٤٨٢ ، رقم ١١٠٧١ ). والنسائي / ٤٥٥ ، رقم ٢٧٩٢٩ )، والبيهقي في شعب الإيمان ( ٧ /٥) ،٢٧٤/ ١٠٥٨ ، رقم ٣١٧٠ )، والطبراني ( ٧ / ٢٢٧ ، رقم ٤٤٠٥ )، وابن ماجه ( ٢ /٧) .( ١٧٣ ، رقم ٦٤٨ / ٣٩٤ ، رقم ٣٤٦٨ )، والديلمي ( ١ / رقم ٧١١٤ )، والبزار ( ٨ ٢) ينظر: أسماء الخلفاء والولاة وذكر مددهم، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ) الأندلسي، (ت: ٤٥٦ ه)، ج ٢، ص ١٤٩ ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، لبنان، ١٩٨٧ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: د. إحسان عباس، وجوامع السيرة، نفس المؤلف، = القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٧١ والكل يعلم أنه يستحيل أن يغزو بلادا يحكمها، وقد كانت رقعة دولته تمتد إلى آفاق من الأرض، لو حاول أن يصل إلى أطرافها في ذلك الوقت لاستغرق زمنا غير يسير، فكيف يمكنه أن يغزو في كل عامين مرة، على أنه لو كان يحج عاما ويغزو عاما كما قالوا لتعذر عليه أن يبقى في تخت مملكته ليديرها؟!! مع ورعه البالغ، وشدة حرصه ƒ ومن المعلوم أن عمر بن الخطاب على الطاعات لم يحج في خلافته إلا حجة واحدة، ولم يخرج من المدينة المنورة لغزو إبان حكمه، إلا عندما خرج إلى الشام لاستلام بيت المقدس من الروم، كل ذلك من أجل حرصه على حسن إدارته لأمر المسلمين من مقر حكمه. أمطري حيث شئت » : وقد عدوا من مناقب العباسي، أنه قال لسحابة ١)، مع أن ذلك لو عقلوا ليس من المنقبة في شيء، )« فسيأتيني خراجك = ص ٣٦٩ ، وترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي الأندلسي، (ت: ٥٤٤ ه)، ج ١، ص ١٧٠ ، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٨ م، الطبعة: الاولي، تحقيق: محمد سالم هاشم، ونور ، القبس، أبو المحاسن يوسف بن أحمد بن محمود اليغموري (ت: ٦٧٣ ه)، ص ٤٩ الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، إبراهيم بن علي بن محمد بن فرحون اليعمري المالكي، (ت: ٧٩٩ ه)، ص ١٣١ ، دار الكتب العلمية، بيروت، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، عبد الملك بن حسين بن عبد الملك الشافعي العاصمي المكي، (ت: ١١١١ ه)، ج ٣، ص ٤٠٣ ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٩ ه/ ١٩٩٨ م، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، علي محمد معوض، شذرات الذهب في أخبار من . ذهب، ج ١، ص ٢٩٦   ١) شرح أصول اعتقاد أهل ا لسنة، محمد حسن عبدالغفار، دروس صوتية قام بتفريغها موقع ) الشبكة الإسلامية. الدرس ٦١ ، المكتبة الشاملة، شرح تفسير ابن كثير، عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن الراجحي، الدرس ٢٦ ، المكتبة الشاملة، شرح سنن أبي داود، = ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٧٢ فإنه لا يدل إلا على أن همه كان في الخراج، وقد ذهل هؤلاء عن مقولة ١)، وإن )« إن الله بعث محمدا داعيا، ولم يبعثه جابيا » ƒ عمر بن عبد العزيز كانوا يعدونه من المفاخر لأنه دليل على سعة النفوذ، فقد كانت بريطانيا إبان أوج قوتها وانتشار استعمارها أكثر نفوذا من ذلك، إذ لم تكن الشمس تغيب عن مستعمراتها، فهل هذا يعد من مفاخرها؟! إنما فخر أمة الإسلام ليس بامتداد رقعة حكمها من غير أن تقيم حكم الله فيها، ولكنه في تطبيق شرع الله، وإغاثة الملهوفين، ونصرة المظلومين، والضرب على أيدي المفسدين، وقطع يد الجبارين، وحسن الدعوة إلى الله بالقول والعمل، وبسط العدل للقريب والبعيد والصديق والعدو، فإن اتفق ذلك مع اتساع رقعة الحكم فما أحسنه، وإلا فإن انحصار النفوذ في رقعة محدودة مع توفر هذه المناقب هو أولى بالافتخار، فإن الحكم الإسلامي في عهد رسول ا لله ژ لم يتجاوز جزيرة العرب، وأي فخر للأمة يساوي فخرها في ذلك ا لوقت؟!! إنما فخر الأمة أيها الناس ليس هو بما يساق من الخراج من أطراف الأرض إلى خليفتها لينعم به هو وحاشيته، الذين يتملقون له ويزينون له المنكرات، مع أن السواد الأعظم من الناس يقاسون الحرمان، ويكابدون مشقة الجور والظلم، ويفرض عليهم الذل والهوان، وإنما فخرها الذي لا يسامى عندما تنشر بينها هداية ربها ويسودها العدل والإنصاف، وتنطلق من بينها دعوة الحق، التي تشع نورا يشرق على الأرض فيطوي منها سجاف الظلام، ويبدد هداه حنادس ا لضلال. = عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر، دروس صوتية قام . بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية، درس ٤٨٦ ١) الطبقات ا لكبرى، ج ٥، ص ٣٨٤ ، أنساب الأشراف، ج ٣، ص ٦٤ ، أحكام القرآن ل لجصاص، ) . ج ٤، ص ٢٩٧ ، سير أعلام النبلاء، ج ٤، ص ٢٩٧ ، البداية والنهاية، ج ٩، ص ١٨٨ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٧٣ ما  ومن المعلوم أن بني العباس لم تقف خصومتهم لبني أمية عند حد فعلوا بأحيائهم وأمواتهم وإنما كانوا حراصا على تشويه صورتهم بالحق والباطل، إذ نسبوا إليهم من الجرائم فوق ما ارتكبوا، وعزوا إلى رسول الله ژ ما لم يقله فيهم. ناهيك؛ بالكتاب الذي كتبوه فيهم لنشر مثالبهم وتقبيح صورتهم، وقد وأولهم في كل حرب » : مر ذكر بعضه، وهاك ما احتواه من غير ما تقدم ومناصبة، لا يرفع على الإسلام راية إلا كان صاحبها وقائدها ورئيسها، في كل مواطن الحرب، من بدر وأحد والخندق والفتح أبو سفيان ابن حرب وأشياعه من بني أمية، الملعونين في كتاب الله، ثم الملعونين على لسان رسول الله في عدة مواطن، وعدة مواضع، لماضي علم الله فيهم وفي أمرهم، ونفاقهم وكفر أحلامهم، فحارب مجاهدا، ودافع مكابدا، وأقام منابذا حتى قهره السيف، وعلا أمر الله وهم كارهون، فتقول بالإسلام غير منطو عليه، وأسر الكفر غير مقلع عنه، فعرفه بذلك رسول ا لله ژ والمسلمون، وميز له المؤلفة قلوبهم، فقبله وولده على علم منه، فمما لعنهم الله به على لسان I ONMLKJ ﴿ : نبيه ژ ، وأنزل به كتابا قوله SRQP ﴾ [الإسراء: ٦٠ ]، ولا اختلاف بين أحد أنه أراد بها بني أمية. ومنه قول الرسول ژ ، وقد رآه مقبلا على حمار، ومعاوية يقود به، ويزيد ابنه يسوق به: لعن الله القائد والراكب والسائق ومنه ما يرويه الرواة من قوله: يا بني عبد مناف تلقفوها تلقف الكرة، فما هناك جنة ولا نار، وهذا كفر صراح يلحقه به اللعنة من الله كما لحقت ﴿ ;> : IHGFEDCBA@?>= المائدة: ٧٨ ]، ومنه ما يروون من وقوفه على ثنية أحد بعد ذهاب ] ﴾ J ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٧٤ بصره، وقوله لقائده: هاهنا ذببنا محمدا وأصحابه، ومنه الرؤيا التي رآها A CB ﴿ : النبي ژ فوجم لها، فما رئي ضاحكا بعدها، فأنزل الله HGFED ﴾ [الإسراء: ٦٠ ]، فذكروا أنه رأى نفرا من بني أمية ينزون على منبره، ومنه طرد رسول الله ژ الحكم بن أبي العاص لحكايته إياه، وألحقه الله بدعوة رسوله آية باقية حين رآه يتخلج، فقال له: كن كما أنت، فبقي على ذلك سائر عمره، إلى ما كان من مروان في افتتاحه أول فتنة كانت في الإسلام، واحتقابه لكل دم حرام سفك فيها أو أريق بعدها. ومنه . ما أنزل الله على نبيه في سوره القدر: ﴿ - / 210 ﴾ .( ١)« [القدر: ٣]، من ملك بني أمية... إلخ  وهو كتاب حافل بخصومة لبني أمية غير منضبطة بضوابط الشرع، وقد تناول حكامهم فردا فردا بالهجوم العنيف الذي يخرجهم عن دائرة الإسلام رأسا، وقد قيل إن المعتضد العباسي هم بنشر هذا الكتاب والأمر بقراءته من العلويين إلى الناس لمال ذلك فعل لو أنه فَ و خُ أنه لولا المنابر، على بني عمومتهم لما فيه من تمجيدهم، فترك ذلك مراعاة لهذا الجانب السياسي. ولا يخفى على من تأمل هذا الكتاب ما اشتمل عليه من تحريف التأويل لبعض آيات الكتاب، والافتئات على ا لنبي ژ فيما يدرك بداهة عدم صدوره عنه، كدعوى أنه ژ لعن أبا سفيان ومعاوية ويزيد، عندما رأى أبا سفيان راكبا ومعاوية يقود به ويزيد يسوق به، مع أنه لم يكن ليزيد وجود في عهده ژ قط. هذا؛ ولم يكن جور بني العباس في الحكم وفسادهم في الأمة أقل مما . ٦٢٢ - ١) تاريخ ا لطبري، ج ٥، ص ٦٢١ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٧٥ كان من بني أمية، فإنهم لم يتورعوا عن سفك الدماء حتى دماء بعضهم البعض!! وعن اللعب بثروة الأمة وخيراتها في ملذاتهم وشهواتهم، بل أصاب بني عمومتهم من العلويين من بطشهم ما جعلهم يستقلون معه بطش بني أمية، ويستعذبون عذابهم المر، ويتطلعون إلى عهدهم المشؤوم على كثرة ما كابدوه منهم، حتى قال قائلهم:  (١)ِ . النار في اس ب اَلع ي ن بَ لَ دْ عَ ن وأ لنا عاد ان وَ ر ىَ م ن بَ رَ و جَ تَ ي ا ل ي ومع هذا، فإن انبهار الناس بما يتخيلونه من أمجاد للمستكبرين في الأرض، دفعهم إلى أن يهيلوا الثناء لبني العباس كما كان منهم لبني أمية!!! وأن يعدو دولتيهم دولتين إسلاميتين أعز الله بهما دينه، وحفظ بهما كتابه!!،  وأن يعدو من أمجادهم ما كان من مظاهر ترفهم وفجورهم. هذا؛ والمتتبع لأحوال هؤلاء القوم يجد أنهم لا يبقون على وجهة سياسية واحدة، وإنما يتقلبون سلبا وإيجابا بحسب ما تتجه الأحداث من   إقبال على أحد أو إدبار عنه، فلا يلبثون أن يتحولوا من عداوة من يعادون وسبابه إلى ولايته وإطرائه إذا دالت له الأيام وأقبلت عليه الدنيا، وحسبكم هذه القصة التي أوردها جماعة من ا لمؤرخين: ٍِ ذكر ه شَام بن محمد، عن أبي مخنف، أن حصيرة بن عبد الله وأبا زهير » َُ العبسي حدثاه أن الأزارقة والمهلب، بعد ما اقتتلوا بسولاف ثمانية أشهر أشد القتال، أتاهم أن مصعب بن الزبير قد قتل، فبلغ ذلك الخوارج قبل أن ، ١) الشعر والشعراء، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت: ٢٧٦ ه)، ص ١٦٥ ) أنساب ا لأشراف، ج ٢، ص ١٢ ، المحاسن والمساوئ، إبراهيم بن محمد البيهقي، (ت: بعد ٣٢٠ ه)، ص ١٨٦ ، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ١٤٢٠ ه/ ١٩٩٩ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: عدنان علي، الأغاني، ج ١٧ ، ص ٣٣٣ ، محاضرات ا لأدباء، ج ١، ص ٢٢٣ ، شرح . نهج ا لبلاغة، ج ٩، ص ٣٠ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٧٦ يبلغ المهلب وأصحابه، فناداهم الخوارج: ألا تخبروننا ما قولكم في مصعب؟ قالوا: إمام هدى، قالوا: فهو وليكم في الدنيا والآخرة؟ قالوا: نعم، قالوا: وأنتم أولياؤه أحياء وأمواتا؟ قالوا: ونحن أولياؤه أحياء وأمواتا، قالوا: فما قولكم في عبد الملك بن مروان؟ قالوا: ذلك ابن اللعين، نحن إلى الله منه برآء، هو عندنا أحل دما منكم، قالوا: فأنتم منه برآء في الدنيا والآخرة؟ قالوا: نعم كبراءتنا منكم، قالوا: وأنتم له أعداء أحياء وأمواتا؟ قالوا: نعم، نحن له أعداء كعداوتنا لكم، قالوا: فإن إمامكم مصعبا قد قتله عبد الملك ابن مروان، ونراكم ستجعلون غدا عبد الملك إمامكم، وأنتم الآن تتبرأون منه، وتلعنون أباه! قالوا: كذبتم يا أعداء الله، فلما كان من الغد تبين لهم قتل مصعب، فبايع المهلب الناس لعبد الملك بن مروان فأتتهم الخوارج، فقالوا: ما تقولون في مصعب؟ قالوا: يا أعداء الله، لا نخبركم ما قولنا فيه، وكرهوا أن يكذبوا أنفسهم عندهم، قالوا: فقد أخبرتمونا أمس أنه وليكم في الدنيا والآخرة، وأنكم أولياؤه أحياء وأمواتا، فأخبرونا ما قولكم في عبد الملك؟ قالوا: ذاك إمامنا وخليفتنا ولم يجدوا إذ بايعوه بدا من أن يقولوا هذا القول قالت لهم الأزارقة: يا أعداء الله، أنتم أمس تتبرأون منه في الدنيا والآخرة، وتزعمون أنكم له أعداء أحياء وأمواتا، وهو اليوم إمامكم وخليفتكم، وقد قتل إمامكم الذي كنتم تولونه! فأيهما المحق، وأيهما المهتدي، وأيهما الضال! قالوا لهم: يا أعداء الله، رضينا بذاك إذ كان ولي أمورنا، ونرضى بهذا كما رضينا بذاك، قالوا: لا والله ولكنكم إخوان .( اه( ١ .« الشياطين، وأولياء الظالمين، وعبيد ا لدنيا ، ١) تاريخ ا لطبري، ج ٣، ص ٥٢٧ ، أنساب ا لأشراف، ج ٣، ص ٩، نثر ا لدرر، ج ٥، ص ١٥٢ ) الكامل في ا لتاريخ، ج ٤، ص ١١١ ، شرح نهج ا لبلاغة، ج ٤، ص ١٠٠ ، نهاية الأرب في . فنون ا لأدب، ج ٢١ ، ص ٧٧ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٧٧ فتراهم يرقصون على كل وتر، ويهيمون في كل واد، وينقادون لكل طاغية، ويسبحون بحمد كل من أقبلت عليه الدنيا، فقد كانت في أعناقهم بيعة لمصعب بن الزبير ولم يلبثوا أن يتحولوا إلى عدوه وقاتله، فيصبحوا له أولياء!! لأن ميلولتهم إنما هي إلى الدنيا، وركونهم إلى حطامها، ولا يحسبون حسابا للآخرة، ولا يقيمون وزنا لقيم الدين، والله ا لمستعان. :GOÉéeG Çn hÉ°ùªdG ∫n ƒM áeC RGƒe ÜÓ≤fGp k nrC p nn s ’G øj pnn o إن الإنسان ليعجب من أمة أوتيت القرآن، وعرفت هدي النبي ! ، ونهج خلفائه الراشدين، كيف تنقلب موازينها، فتعد المساوئ أمجادا، وتلحقها بصميم الدين، وترفع عقيرتها مفاخرة بها بين ا لناس. كنت في زيارة للقطر العراقي العزيز، وكان مما تسنى لي زيارته مدينة سامراء، وكنت مع لفيف من رجال الفكر والفقه والسياسة والأدب، فاطلعنا في سامراء على آثار لبني العباس اكتشفت تحت الأنقاض، من بينها بركة للسباحة، لا أذكر أنني رأيت قبلها مثلها في سعتها وعمقها، وتحتها خنادق لإيقاد النار لتسخين مائها إبان الشتاء، وهي من آثار المتوكل، فأثارت رؤيتها ما هذه » : إعجاب المشاهدين، وأخذت الأريحية أحد الفقهاء، فقال باعتزاز .«!! العظمة للإسلام فعجبت من هذا التفكير في أن عظمة الإسلام تتمثل في هذه البركة، حيث كانت تتراقص الجواري العاريات، بشهود المتوكل أو غيره ممن أخلدوا إلى هذا الترف، واغتروا بهذا النعيم!!! فقلت: أين إذا عظمة الإسلام في عهد رسول الله ژ وفي عهد خلفائه الراشدين، إذ لم يكن لأحد منهم مثل هذه البركة أو ما يدانيها من مظاهر الترف؟! ولو كانت عظمة الإسلام في مثل هذه الآثار لكان أسبق إليها زمنا وقدرا، أولئك الذين نعتهم القرآن ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٧٨ بالفساد والعلو في الأرض، من الفراعنة والأكاسرة والقياصرة، وما كان منها لرسول ا لله ژ حظ أو نصيب. إن عظمة الإسلام أيها الناس في الاعتصام بأمر الله والتسمك بدينه والعدل بين عباده، والترفع عن حطام الدنيا، والرغبة فيما عند الله، وتتجلى يوم كان خليفة المسلمين يأوي إلى كوخ متواضع، وقد فتحت له خزائن الأرض، وجاءته كنوز كسرى وقيصر، فلم يفتح عليها عينه، ولم يسل من أجلها لعابه، ولم ينبهر بسببها عقله، وكانت تهتز من هيبته عروش الأكاسرة والقياصرة. يا من رأى عمرا تكسوه بردته والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقا من بأسه وملوك الروم تخشاه ss :∞Πn àdGh ±ôn àdG øà`H ábÓ©dG من العجب أن يعجب مسلم بمظاهر الترف، ويعدها من أمجاد الإسلام ومن عنوان عظمته في التأريخ، ويتجاهل ما ذكره القرآن في الترف a fe dcb ﴿ ، والمترفين، وكيف كان مآلهم محمد: ٢٤ ]، فالقرآن صريح ظاهر في دلالته بأن الترف يؤدي إلى ] ﴾ g عذاب الدنيا والآخرة، فقد ذكر الله تعالى أصحاب الشمال ووصفهم أول ما ﴾ À¿¾½¼ ﴿ : وصفهم بالترف، حيث قال بعد وعيدهم [الواقعة: ٤٥ ]، وقد سبق أن مثل هذا التعبير إنما يدل على تعليل الحكم الذي سبقه، فالترف إذا علة ما آلوا إليه من العذاب، وقرن عذاب الدنيا أيضا بالترف في قوله: ﴿ ! )('&%$#" 6543210/.-,+* <;:987 ١٣ ]، وقال سبحانه: - = ﴾ [الأنبياء: ١١ .[ المؤمنون: ٦٤ ] ﴾ YXWVUTSR ﴿ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٧٩ وبين أن فساد المترفين هو الذي يؤدي إلى هلاك الأمم عندما تدعهم وشأنهم، ولا تقبض على أيديهم لمنعهم من الانغماس في الترف، وذلك في Á ÍÌËÊÉÈÇÆÅÄà﴿ : قوله الإسراء: ١٦ ]، وبين في آيات عديدة أن الترف هو الذي يصد عن ] ﴾ Î a`_ Y ^]\[Z ﴿ : الإيمان بالرسل، منها قوله onmlkjihgfedcb }|{zyxwvutsrqp ¬«ª©¨ ¡ §¦¥¤£¢ ے ~ ½¼»º¹¸¶μ´³²±°¯® .[٣٨ - المؤمنون: ٣٣ ] ﴾ ÄÃÂÁÀ¿¾ وهو دليل على أن ترفهم هو الذي جعلهم يستكبرون على دعوات الحق ونداء المرسلين، وأن إخلادهم إلى ما هم فيه من شهوات الحياة الدنيا W ﴿ : أعماهم عن التفكير في الدار الآخرة فكفروا بها، وكذلك قوله تعالى ،[ سبأ: ٣٤ ] ﴾ dcba `_^]\[ZYX وقد كان منشأ ذلك غرورهم بما هم فيه من النعيم وما أوتوه من الأموال f lkjihg ﴿ : والأولاد، كما دل عليه قوله سبأ: ٣٥ ]، وأتبع ذلك من تقريعهم في الخطاب ما يدل على أن ما ] ﴾ m أوتوه من الأموال والأولاد ليس مما يبشرهم بالخير، إذ لا يقربهم من الله o }|{zyxwvutsrqp ﴿ «ª©¨ ¡ §¦¥¤£¢ ے ~ . [٣٧ - سبأ: ٣٦ ] ﴾ μ ´³²±°¯®¬ +*)('&%$#" ومثل ذلك قوله: ﴿ ! .[ 543210 ﴾ [الزخرف: ٢٣ /. -, ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٨٠ وكذلك شأن المترفين أن يعترضوا دعوات الخير في الأمم ممن يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، كما يعترضون على دعوات المرسلين، ´ ﴿ : وشاهد ذلك قوله تعالى ½¼»º¹¸¶µ ËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾ .[ هود: ١١٦ ] ﴾ ÏÎÍÌ وإذا كانت للحروف التي يتركب منها الكلم إيحاءات من خلال تركيبها فيما تدل عليه الكلمات من المعاني، فإن التقارب اللفظي بين كلمتي الترف والتلف يوحي بما بينهما من الترابط السببي والتآخي المعنوي، فالترف طريق للتلف وسبب يدفع إليه، وهذا لأن الانغماس في شهوات الحياة الدنيا ª « ﴿ ، منشأ البطر ومن بطر نعمة الله أهلكته ¯®¬ ´³²±° ﴾¾½¼»º¹¸¶μ . [ [القصص: ٥٨ :É«n fr ódG ≈dG ¿ƒp co ôdGt øe ¿Gô≤dGo ôjo òër Jn tE Bp إن إخلاد النفس إلى الحياة الدنيا والتعلق بزخرفها يجتذب النفس بلا ريب إلى شهواتها ويعميها عن الدار الآخرة ونعيمها وجحيمها، لذلك ¤ §¦¥ ﴿ : ضرب الله الأمثال في هذه الدنيا، فقال ©¨ ¹ ¸¶μ´³²±°¯®¬«ª ÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º ÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅ يونس: ٢٤ ]، ولأجل تنبيه العقول من غفلتها أتبع الله ذلك دعوته ] ﴾ Ñ Ó ÚÙØ×ÖÕÔ ﴿ : عباده إلى دار السلام، حيث قال . [ يونس: ٢٥ ] ﴾ ÝÜÛ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٨١ ثم أتبع ذلك بيان منقلب الناس في الدار الآخرة إلى النعيم أو الجحيم '&%$#" بحسب ما قدموا في الدنيا في قوله: ﴿ ! 6543210/.-,+*)( FEDCBA@?>=<;:987 ﴾ TS R QPONMLK JIHG ÖÕÔÓÒÑ ﴿ : ٢٧ ]، ومثل ذلك قوله تعالى - [يونس: ٢٦ ã âá à ß Þ Ý Ü Û Ú Ù Ø × $#" الكهف: ٤٥ ]، وأتبعه قوله: ﴿ ! ] ﴾ èçæåä . [ . ﴾ [الكهف: ٤٦ -,+*)('&% ?>= 8 <;: وكذلك قوله تعالى: ﴿ 9 MLKJIHGFEDCBA@ \[ZYXWVUTSRQPON الحديد: ٢٠ ]، وأتبع ذلك دعوته لعباده بأن ] ﴾a `_^] c ﴿ : يتسابقوا إلى ما أعده للصالحين منهم في الدار الآخرة، حيث قال onmlkjihgfed ﴾ }|{ z yx w v u t s rqp .[ [الحديد: ٢١ والقرآن الكريم، بين مآل من تعلق بالدنيا ومن تعلق بالآخرة، فقد قال G SRQPONMLKJIH ﴿ : تعالى ba`_^]\[ZYXWVUT %$#" ١٦ ]، وقال: ﴿ - هود: ١٥ ] ﴾ fedc ! 3210/.-,+*)('& >=<;:987654 ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٨٢ ? ﴾ [الإسراء: ١٨ e lkjihgf ﴿ : ١٩ ]، وقال - {zyxwvutsrqponm ﴾ ® ¯ ﴿ : [الشورى: ٢٠ ]، وقال °³²± ´º¹¸¶µ ﴾ÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼» .[٤١ - [النازعات: ٣٧ كل هذا بلا ريب شاهد ودليل على أن الاغترار بما كان فيه أولئك المترفون من النعيم، والانبهار بمعالم الترف التي خلفوها من بعدهم، إنما هو دليل على عدم رسوخ معاني القرآن في أذهان الناس، وإلا فإن مشاهدة تلك المشاهد هي في ذاتها داعية إلى حسن الاعتبار وباعثة على كثرة لا تدخلوا » : مر رسول الله ژ بالحجر، قال » الاستعبار، فقد روي أنه لما مساكن الذين ظلموا أنفسهم، إلا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم مثل الذي .(١)« ثم قنع رسول ا لله ژ رأسه، وأسرع السير، حتى أجاز ا لوادي ،« أصابهم فما أجدر العاقل أن يعتبر ويستعبر، عندما يرى أي مشهد من هذه j rqponmlk ﴿ ، المشاهد، لا أن يباهي ويفتخر }|{zyxwvuts ~ ﮯ §¦¥¤£¢¡ .[ الأنعام: ٦ ] ﴾©¨ والقرآن الكريم شاهد ودليل على أنه لولا لطف الله بعباده، وأنه لم يرد لهم أن يكونوا جميعا أمة واحدة في الكفر، لفتح الدنيا على أعدائه الكفرة فتحا يؤدي بالناس إلى الاغترار بهم، والانسياق وراء كفرهم، لما يرونه لا » : ١٤٩ رقم ٣٣٨٠ ) بلفظ / ٤١٥ ، رقم ١٦٢٤ )، ورواه البخاري ( ٤ / ١) أخرجه عبد الرزاق ( ١ ) تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا ٢٢٨٦ رقم ٣٩ ) بلفظ قريب. / وعند مسلم ( ٤ « عليهم، لا يصيبكم ما أصابهم القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٨٣ È ÊÉ ﴿ : عندهم من زينة الحياة الدنيا، ناهيك من ذلك قوله تعالى ÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌË &%$# "! ÙØ×Ö -,+*)(' ﴾ 43210/. . [٣٥ - [الزخرف: ٣٣ o ¿B √o ôcP Ée ÉgÉn °ùfG ¢Vp Qr C es C ÜÉp én Yr Gp ñƒ°So Qo Gô≤dG n n C ’G »a øjôÑμà°ùªdÉH á ’G E o nn :º¡«a إن مما يدعو للأسف على هذه الأمة أن يترسخ فيها الإعجاب بالمستكبرين في الأرض، من عهد بني أمية فمن بعدهم، حتى أدى بها ذلك أن تعجب بالمستكبرين من الأمم السابقة، الذين ملأوا الأرض فسادا، وتطاولوا على الله فادعوا أنهم أرباب من دونه، فكم نجد من الثناء العاطر على هؤلاء المتكبرين، تنشق به حناجر ممن يحسبون على الإسلام، ويعدون معالم بارزة في تأريخ الأمة، كأنما لم تقرع آيات القرآن مسامعهم بما وصمت به هؤلاء المتكبرين من نعوت ا لفساد. ناهيك أن شاعرا فحلا يعد من الشعراء الإسلاميين، تشرف بمشاركة الذين مدحوا النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، نجده يندفع إلى الثناء على الفراعنة، ووصفهم بأحسن الأوصاف، وتحليتهم بأجمل النعوت، عادا ما كانوا فيه من العلو في الأرض مجدا تأريخيا لا يسامى، ومدافعا عنهم فيما وصفوا به من الظلم إلى حد أن يقول: ف كانوا ال شُه بَ حي نَ الأ لَ رض ي لٌ وَحي نَ النا سُ ل ضَ مُ الم وادي لى عَ    جد لينا ثينا أ ت س ب قَ م ه نوار أ ن م و روما رض الأ في م ه نار م ت ب شَ م ج ِ ملو كُ ال دَهر بالوادي أقاموا لوك مح بينا ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٨٤ ٍِ دينا ف ص م لوك الم ه لَ ساق تُ ت كَان وَ م نه م د ف ص م ب ر ف   هينا ر ه ب وان ج لى ع ل ح و يد قَ ير غَ ب راب اُلت في َد ي ق ت  َ قينا نط م ة جار لح ل يسوا لَ أ م فيه حر الس كان الله عالى ت ِِ رَاحوا و بقى ي ما بَنون ا ي و د غَ وَراء الآبدات مخلدينا   تينا الم لق الخ و تقان الإ ها لَ وا د ع أ ةٍ أثر مِ ل دوا مِ اَ ع ذ إِ  لينا الجاه فاه ش ن م ذُ ؤَخ تُ وَ ى قّ تَل ة بََ رت مَ لد الخ يس لَ وَ قينا ب ها ر صاد م ت ب ه اَ ذ ذ إ بار ك م م ه هى نَت م ن ك لَ و ِ نونا الف وَ ع نائ الص م ظ نَت ي فَ سري ي حين ة ي ر بَق اَلع ر س وَ مينا الحاك ير خَ التاريخ لى إ ت ناه ا ت ذ إ جال الر آثار وَ عَ م في ك رك ت ناء ث نيا الد ن ف م ك خذ أ و  نينا ا ط ه سام وَُ م  ِ نينا بَ لى إ و لُ اُلغ ب د ح قَ فَ غالي الصيد نيك بَ في غالي فَ    إلى أن قال: مينا وَ خوفو ه زات ر خَ ن م وَ سيتى بن ا ه د رائ ف ن م تٍاج وَ دينا ن ي أ ث واد الح في َع ف رََ ت نفا أ وَ ٌر عَ صَ ه ب اً ّد خَ لا عَ ١) طينا اَلق دوا لَ وَ ج أ راء جَ اُلأ لى عَ جاروا وَ موا لَ ظَ لٍ قائ ب ست لَ وَ ) فانظر كيف يغالي في مدح هؤلاء الجبارين وينفي عنهم الظلم والجور Ð ÔÓÒÑ ﴿ : مع أن الله تعالى قال !"$# 0/ .-,+ *)('&% 54321 ٩٩ ]، وقال تعالى: ﴿ ~ے ¢ ¡ - ﴾ [هود: ٩٧ ص ٦٣٥ ٦٣٦ ، تعليق د. يحيى شامي، دا الفكر العربي، « الشوقيات » ١) ديوان شوقي ) مؤسسة ثقافية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان. القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٨٥ ¬«ª©¨§¦¥¤£ G JIH ﴿ : القصص: ٤]، وقال ] ﴾ ³²± °¯® WVUTSRQPONMLK cba`_^]\[ZYX onmlkjihgfed y x w v ut s r q p ¥¤ ے ¢£ ¡ ~}|{z ²±°¯®¬«ª©¨§¦ ba`_ ٤٢ ]، وقال: ﴿ [^ \ - القصص: ٣٨ ] ﴾³ mlkjihgfedc zyxwvutsrqpon h kji ﴿ : ٣٧ ]، وقال - ~ ﴾ [غافر: ٣٦ }|{ xwvutsrqponml .[٤٦ - غافر: ٤٥ ] ﴾ {zy فليت شعري؛ أين يدع هذه الآيات عندما يثني على هؤلاء الطغاة هذا الثناء ويدافع عن ظلمهم وطغيانهم، على أنه لم يقف به الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى أن يخاطب أحد الفراعنة بما لا يجوز أن يخاطب به نبي مرسل ولا ملك مقرب لأنه خطاب يدل على تأليه المخاطب، وذلك قوله: رمسيس فطر ةً وتعالى ة أن يقوده السف هاء ُ  ل َ راء ظَ اُلن وَ مثال الأ له ن ي م لَ ا كًان مَ نال فَ لا لِع ل ما س وَ حياء الأ ه حت ت ن م ٌواء ل وَ ا لًك مَ رض الأ ب ضَن نََه ي يٌوش جُ وَ ِ ماء كَ الح و ضُاة اُلق قول ا ي م فيه ول اَلق و ساس ي جٌود و و شيع ج ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٨٦ ٍ قاء الب وَ هُ مر عُ نال و لَ د ل الخ د و يَ ناء ى ب ل إ ناء ب وَ راء َع الش و لاد الب خر فَ هور نتا ب وَ لاد الب حي تُ لوم عُ وَ وُ ي صف نال سيزوست طراء الإ غ بَُل أ ا وم ي و ال يَ ماذا ريس إَيه سماء الأ و لقاب الأ ناها ثَ صي ح نُ ت أ ة ي ل اَلع ك ذُات ت ر ب كَ  آباء حى اُلض وَ مس الش وَ ُر ُب ك اَ ي ذ إِ ُلال اِله وَ آُمون ك لَ داء اِلر وَ ا يًِ عال رش اَلع وَ صر مِ تاجا وَ عيد الص وَ الريف كَ لَ وَ (١) ُماء الس وَ هُ رُض أ ر اَلب كَ لَ وَ حر بَ ل كُ في ُآت نش الم كَ لَ وَ  وهذا كلام غني عن التعليق، فليت شعري ما الذي تركه لله من صفات  الكمال بعد ما جمع هذه الأوصاف للفرعون الذي مجده وتغنى بعلاه، وما  الذي أبقاه لله في هذا الكون بعدما جعل الأرض والسماء وما حوتا لذلك الفرعون؟؟!! وإن من أعجب العجب أن يمر هذا الكلام بسلام بين رجال العلم والفكر ودعاة الخير والإصلاح في الأمة، ولا نجد من بينهم من ينبس ببنت شفة أو يسطر حرفا استنكارا لما جاء فيه، فهل هذه كلها غفلة عما احتواه من الفظائع التي تقشعر منها الجلود، وتجف منها القلوب، وتنهد منها الجبال، وتميد بها الأرض وتنفطر منها السماء، أو أن ذلك إنما هو راجع إلى ما وقر في النفوس من تعظيم الجبابرة وتوقيرهم، من عهد بني أمية فمن بعدهم، فسرى منه هذا التوقير والتعظيم لمن كان قبلهم؟!! إن كل من تأمل هذا الأمر بإمعان يدرك بداهة، أن ما كان من تلك التربية التي ربي بها فكر الأمة في العهد الأموي فما بعده؛ هو الذي جر هذه الضلالات إلى الأمة فألفتها وهانت عليها، فلم تجد استنكارا ولا استهجانا، وما ذلك إلا لأن التربية القرآنية والنبوية عطلت بقوة نفوذ . ١) المرجع السابق، ص ١٩ ٢٠ ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٨٧ الجبارين حتى غدت صورا محنطة في متاحف التأريخ، ولو أن الأمة جعلت القرآن والهدي النبوي نصب أعينها ودرستهما دراسة اليقظ الواعي، من أجل الاستبصار بنورهما والاستهداء بهما في مسالك الحياة الفكرية والعملية، لكان لها شأن غير ما نراها عليه. وإني لأرجو من قادة الفكر ورواد الإصلاح في هذه الأمة أن يعودوا بها إلى هذا المنهج الرشيد، ويرتفعوا بها عن هذا الحضيض الذي تدنت إليه من المقامات العالية التي ارتقت إليها في عهد النبوة الهادية والخلافة ا لراشدة. Oƒp «≤dG √òg øe Égô«μØJ Qôëj ɪH áeC’G √òg ¿hOÉæj ìÓ°UE’G ∫ÉLQ ∫ÓZC oo n uo q orponp ’Gh  إن دعاة الإصلاح، ورادة التفكير السليم في أمتنا، هدتهم الفطرة السليمة إلى دعوة أمتهم أن تتحرر من ربقة أفكار تلك الحقبة، التي امتدت في الأمة ردحا من الزمن، منذ نكبت بالقضاء على الخلافة الراشدة، وقد سبق ذكر نماذج من أفكارهم في أول هذا الكتاب وأضم إلى ما ذكرته عنهم هنالك، ما نادى به من قبلهم المفكر المصلح عبد الرحمن الكواكبي الذي توفي في عام ١٣٢٠ ه ، الأفكار العقيمة « طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد » فقد فند في كتابه القيم التي نكبت بها الأمة، فأعمتها عن الحق وصدتها عن الرشد، وكان مما قاله: وقد » ى حّت فذكروا عدالتهم، لسقوط شهادتهم ل قب تُ لا من الفقهاء د عّد َ قوا فس ي أن أنساهم الاستبداد شيطان ولكن الأسواق؛ في مًاشيا يأكل من ُّ وا فّيرد الظالمين الأمراء « ١) شهادتهم ) . ِ ( يلقب بي اك و اَلك مسعود بن أحمد بن الرحمن عبد الاستعباد، ومصارع الاستبداد طبائع ( ١ َ بالسيد الفراتي (ت: ١٣٢٠ ه) ص ٣٧ ، المطبعة العصرية، حلب، الطبعة: طبعة جديدة منقحة ومضافة بقلم ا لمؤلف.. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٨٨  وكل هذه المسميات المثبطات تهون عند ذلك السم » : وقال بعد ذلك ّ القاتل، الذي يحول الأذهان عن التماس معرفة سبب الشقاء، فيرفع ّ عاتق على بل والقدر، القضاء عاتق على ويلقيها ين، اّلمستبد عن المسؤولية   الخواص، وبله العوام، فهم ، السم بهذا وأعني أنفسهم. المساكين سراء اُلأ ّ ،« اخضعوا للسلطان، ولا سلطة إلا من الله » : لما ورد في التوراة من نحو الحاكم » أهل من للانتقام مقام إنه ، جًزافا السيف د يّتقل لا و ،« صاغ وقد الشر  ،« السلطان ظل الله في الأرض » : وعاظ المسلمين ومحدثوهم من ذلك قولهم ّ هذا وكل ما .« الملوك ملهمون » و ،« الظالم سيف الله ينتقم به، ثم ينتقم منه » و  ورد في هذا المعنى إ نْ صح فهو مقيد بالعدالة أو محتمل للتأويل بما يعقل، ّ   Ë ﴿ : وبما ينطبق على حكم الآية الكريمة التي فيها فصل الخطاب، وهي  ÏÎÍÌ Q UT SR ﴿ ﴾ [هود: ١٨ ]، وآية ﴾ . [ [البقرة: ١٩٣  وقال أيضا: التربية علم وعمل. وليس من شأن الأمم المملوكة شؤونها، عند يرى لا الباحث أن حتى ها. م ل ع ي من ولا التربية م لَ ع ي من فيها يوجد أْن العمل، ا أم الأذهان. عن فًضلا الكتب في مًدفونا التربية في عًلما الأسراء ّ فكيف يتصور وجوده بلا سبق عزم، وهو بلا سبق يقين، وهو بلا سبق علم. ُ الني الأثر في ورد وقد » سابقة ة .« إن الحديث: في وورد العمل »ّ الأعمال ما ١) . بناء عليه؛ ما أبعد الناس المغصوبة إرادتهم، المغلولة أيديهم، )« بالنيات ١) أخرجه الربيع من طريق ابن عباس (ص ٢٣ ، رقم ١) وأخرجه مالك في رواية محمد بن ) ،٢٥/ الحسن من طريق ابن عمر (ص ٣٣٨ ، رقم ٩٨٣ طبعة دار ابن خلدون)، وأحمد ( ١ ١٥١٥ ، رقم ١٩٠٧ )، والترمذي / ٣، رقم ١)، ومسلم ( ٣ / رقم ١٦٨ )، والبخاري ( ١ ،١٥٨/ ٢٦٢ ، رقم ٢٢٠١ )، والنسائي ( ٦ / ١٧٩ ، رقم ١٦٤٧ )، وأبو داود ( ٢ /٤) ،( ٦٢ ، رقم ١٨٨ / ١٤١٣ ، رقم ٤٢٢٧ ). وابن المبارك ( ١ / رقم ٣٤٣٧ )، وابن ماجه ( ٢ = ،(٩٦/ ٤١ ، رقم ١٨١ )، والطحاوي ( ٣ / ١٦ ، رقم ٢٨ )، والبيهقي ( ١ / والحميدي ( ١ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٨٩  نافع عٍمل إلى الجسم توجيه أو كالتربية، مفيد مقصد إلى الفكر توجيه عن كتمرين الوجه على الحياء والقلب على ا لشفقة.   أيها المسلمون: إني نشأت وشبت وأنا أفكر في شأننا » : ثم قال  الاجتماعي، عسى أهتدي لتشخيص دائنا، فكنت أتقصى السبب بعد السبب، ُّ ق فأتعم اء، اّلد جرثومة هو هذا لعل أقول: ، عًاما ه أظن ما على وُقعت إذا حتى   هو الفكر في قام ما أن عن التحقيق فينكشف ،ً تحليلا له وأحل تمحيصا فيه سبب من جملة الأسباب، أو هو سبب فرعي لا أصلي، فأخيب وأعود إلى الاستقصاء، في الفكر أجهد وُأصبحت أمسيت وطالما والتنقيب. البحث  ما إلى أهتدي أن عسى الآراء، ذوي آراء لأستطلع وُسافرت سعيت ما وًكثيرا يشفي صدري من آلام بحث أتعبني به ربي. وآخر ما استقرت عليه سفينة  فكري هو: أن جرثومة دائنا هي خروج ديننا عن كونه دين الفطرة والحكمة، دين  ،(١٦٦/ ٢٤٤ )، وابن عساكر ( ٣٢ / ١٧ ، رقم ٤٠ )، والخطيب ( ٤ / = والطبراني في الأوسط ( ١ ،( ٢٠٥ ، رقم ٤٨٣ / ٣٦٣ ، رقم ٢٠١ )، وتمام في الفوائد ( ١ / وابن منده في الإيمان ( ١ ٧٣ ، رقم ١٤٢ )، والدارقطني / ١١٧ )، وابن خزيمة ( ١ / والصيداوي في معجم الشيوخ ( ١ ٣٨٠ ، رقم ٢٥٧ )، وهناد / ٤٨٧ ، رقم ٧٤٣٨ )، والبزار ( ١ / ٥٠ )، وأبو عوانة ( ٤ /١) ١٣١ ، رقم ٢٤١ )، والحسن بن سفيان في / ٤٤٠ ، رقم ٨٧١ )، والبيهقي في الزهد ( ٢ /٢) ،( ٥٦ ، رقم ١٣ )، وابن منده في مسند إبراهيم بن أدهم (ص ٢٤ ، رقم ١٣ / الأربعين ( ١ وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (ص ٣٥ ، رقم ٢٠ )، والحسن بن على العامرى في الأمالى والقراءة (ص ٣٤ ، رقم ٢٦ )، والسلفى في مشيخة ابن الحطاب ٣٩ ، رقم ١)، والديلمي / (ص ١٠٢ رقم ١٥ )، والهروي في الأربعين في دلائل التوحيد ( ١ ١١٣ ، رقم ٣٨٨ ). ومن / ٣٥ ، رقم ١)، وابن حبان ( ٢ / ١١٨ ، رقم ٤٠١ )، والقضاعي ( ١ /١) ١٩٦ ، رقم ١١٧٣ ) وابن / طريق أبي سعيد الخدري: أخرجه القضاعي في مسند الشهاب ( ٢ ٢١٩ )، وللحديث أطراف أخرى / ٢٣٥ )، وعن أنس أخرجه ابن عساكر ( ٧ / عساكر ( ٦٢ منها: "يا أيها الناس إنما الأعمال بالنيات“ وفي مسند عمر من عدة طرق.. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٩٠   النظام والنشاط، دين القرآن الصريح البيان، إلى صيغة أنا جعلناه دين الخيال ِ  وقد الإجهاد. دين والتشديد، ع دَ الب دين والتشويش، الخلل دين والخبال،   حتى شؤوننا،  كل في ر وأث فينا ن فتمك عام، ألف منذ المرض هذا فينا دب    بلغ فينا استحكام الخلل في الفكر والعمل أننا لا نرى في الخالق جل     ٍ  نطالب ولا أمر، فيما نظاما قضى، فيما نظاما صف، ات فيما نظاما شأنهً  ومثابرة. راد واط وترتيب بنظام مأمورنا أو آمرنا عن فًضلا أنفسنا     وهكذا أصبحنا واعتقادنا مشوش، وفكرنا مشوش، وسياستنا مشوشة، ومعيشتنا مشوشة. فأين منا والحالة هذه؛ الحياة الفكرية، الحياة العملية،  .«!؟ الحياة العائلية، الحياة الاجتماعية، الحياة ا لسياسية  يا قوم: قد ضيع دينكم ودنياكم ساستكم الأولون وعلماؤكم المنافقون، »   إلى أرشدكم ي وّإن  جنبي بين أليس :ً عملا ولا عًلما فيه حرج لا إفرادي عٍمل  ٍ  كل  فرد منكم  تًمييزا ولو المنكر من والمعروف ، الشر من الخير يميز وجدان الصلاة أفضل عليه الكريم نبيكم الخير م معل قول بلغكم أما ؟ إًجماليا لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليسلطن الله عليكم » : والتسليم من رأى منكم منكر اً » : ١)، وقوله )« شراركم، فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم فليغيره بيده، وإن لم يستطع فبلسانه، وإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف !؟(٢)« الإيمان وأنتم تعلمون إجماع أئمة مذاهبكم كلها على أن أنكر المنكرات بعد » الكفر هو الظلم الذي فشا فيكم، ثم قتل النفس، ثم، وثم،... وقد أوضح بناء الله. في بًغضا فيه س المتلب بغض هو بالقلب المنكر تغيير أن العلماء ١) سبق تخريجه. ) ٢) سبق تخريجه. ) القسم الأول: مظاهر الاستبداد ٣٩١  عليه؛ فمن يعامل الظالم أو الفاسق غير مضطر، أو يجامله ولو بالسلام،  .« يكون قد خسر أضعف الإيمان والعياذ بالله ولا أظنكم تجهلون أن كلمة الشهادة، والصوم والصلاة، والحج والزكاة »  ٍ عائر، اّلش بهذه حينئذ القيام يكون إنما الإيمان، فقد مع شًيئا تغني لا ها كّل ٍ .« قيام اً بعادات وتقليدات وهوسات تضيع بها الأموال والأوقات  بناء » ؛ كنتم إن مكم لِز تُ والحكمة مسلمين، كنتم إن فكم يكل فالدين عليه   هذا في أّقل ولا جهدكم، المنكر عن وتنهوا بالمعروف تأمروا أن عاقلين: الباب من إبطانكم البغضاء للظالمين والفاسقين، وأظنكم إذا تأملتم قليلا    مما لإنقاذكم يكفي منكم إٍنسان ترون هذا الدواء السهل المقدور لكل   تشكون. والقيام بهذا الواجب متعين على كل فرد منكم بنفسه، ولو أهمله أنتم ما إلى وصلتم لما به قاموا الأولين أجدادكم أن ولو المسلمين. ة كّاف  الجمع، به يدين ما لا الفرد به يدين ما ين وّالد دينكم، فهذا الهوان. من عليه ِ دينكم قواعد من أليس الأذهان. في فٌظ وح علم لا وعمل، يقين والدين ٍ .«!؟ فرض الكفاية وهو أن يعمل المسلم ما عليه غير منتظر غيره فأناشدكم الله يا مسلمين: أن لا يغركم دين لا تعملون به وإن كان خير » دين، ولا تغرنكم أنفسكم بأنكم أمة خير أو خير أمة، وأنتم المتواكلون ِ المقتصرون على شعار: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ونعم الشعار لا معنى حًقا تعرف ةً أم أمامي أرى لا إني هم؟ أين ولكن؛ المؤمنين، شعار عبادة خبلتها ةً أم أرى بل الله، إلا إله .«! ١) اه الظالمين ) . وهو كلام طب ماهر خبير، عرك الأحداث وعركته، وسبر الناس فعرف طبائعهم، لذلك وضع في كلامه المقصل على المفصل، وإن كان لم يخل . ١٤٨ - ١) المصدر السابق، ص ١٤٦ ) ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٩٢ من مبالغة عندما شدد في السلام على الفاسق، مع أن السلام شعار أمة الإسلام يشترك فيه البر والفاجر، وقد كانت كلماته هذه نفثة مصدور من صدر تزاحمت فيه الأفكار، وتراكمت عليه الهموم من النظر في حال الأمة، والتطلع إلى مآل لها تنجلي فيه الغمة، وتتقشع فيه الغيوم حتى تغدو الحقيقة  نصب عيني كل فرد من أفرادها، ولكن مع دويها الهادر خفت صوتها وسط ضجيج أصوات الباطل الصاخبة، التي أبت إلا أن تروج للباطل الذي تنصره وتطمر الحق الذي تحاربه، فلذلك لم يستجب لهذه الدعوة إلا من يعد بين طوبى » : الناس من الشواذ الغرباء، الذين يصدق عليهم قول ا لنبي ژ للغرباء، طوبى للغرباء، قيل: من الغرباء؟ قال: ناس صالحون قليل، في ناس . (١)« سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ( ٢٥٩ ). الزوائد مجمع في كما الطبراني أخرجه ( ١ / ٢٢٢ ، أحمد ا: أًيض وأخرجه ( ١٠ /٢) :(٢٥٩/ ١١٦ ، رقم ٢٠٣ ) قال الهيثمي ( ١٠ / رقم ٧٠٧٢ )، والبيهقي في الزهد الكبير ( ٢ رواه أحمد والطبراني في الأوسط والكبير... وله في الكبير أسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح. ÜÉ nà pμdG á n ª pJÉ nN ÜÉ nà pμdG á n ª pJÉ nN  ِ وقد الكريم القارئ أخي معي ها قَضيت التي ة ي ن ض الم الجولة هذه بعد َُْ عرجت بنا على منحنيات هذه القضايا المهمة بين أحداث الحاضر وتأريخ الماضي، وغاصت بنا في خضم مسائل تعاركت فيها الألباب واختصمت فيها الفهوم، وتنازعت الحق والحقيقة فيها أطراف كل يدعي أنه استأثر بهما عمن سواه. ا اَك ذ م ب هُ لَ ر قِ تُ لا وليلى ى لَ يْ بَل لا صْ وَ ي عِ دَ ي ل وُك بعد هذا كله، أدعك لراحة البال، وأستودعك الله تعالى، راجيا أن نلتقي في  جولة أخرى، أدعى إلى السلم والوفاق والألفة والتصافي، بعد أن يتضح الصبح  لكل ذي عينين، وتنكشف الحقيقة، وقد توارت عنها أغشية اللبس وحجب ا لتدليس. وقبل أن أدع القلم، لا بد لي أن أسجل، بأن ما بثثته في هذه الدراسة لم يكن لي فيه هدف إلا إرضاء الله تعالى، والحرص على أن تصل الحقيقة إلى الأمة بوجهها الوضاء وجلالها المهيب وصورتها الناصعة المشرقة، فلست منحازا إلى فئة من الأمة، وإنما أحمل هم الأمة كلها، ولا أدعو أحدا إلى رأي طائفة من الناس، وإنما أدعو إلى كتاب الله تعالى، والصحيح الثابت من سنة رسوله ژ ، والاستهداء بهدي السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ونبذ العصبية إلا للحق، وعدم الكراهية إلا للباطل W V U T S R Q P O N M L K J I ﴿ i h g fe d c b a ` _ ^ ] \ [ Z Y X ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٩٤ ٣٢ ]، وما أعظم فرحتي عندما تجتمع الأمة على كلمة - الأحقاف: ٣١ ] ﴾ j سواء، تحكم كتاب ربها وسنة نبيها عليه أفضل الصلاة والسلام، عملا بقوله ÞÝÜÛ ÚÙØ ×ÖÕÔÓÒ ﴿ : تعالى .[ النساء: ٥٩ ] ﴾ äãâáàß كما أدعو الجميع إلى التفاني في نصرة الحق ودفع الباطل، فإن الحق أحق أن يتبع، ولو جاء به أبغض الناس، والباطل أولى أن يدفع ويزهق، ولو تلبس به أقرب الناس، وأن يعرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال. ولا يظنن ظان أن ما قلته ناشئ عن حقد على طائفة بعينها من الناس، سواء بنو أمية أو بنو العباس أو غيرهما، فنحن إنما مشكلتنا مع الجور والظلم والفساد في الأرض، لا مع هؤلاء ولا هؤلاء، فمن حكام بني أمية وقد توليناه وواليناه عندما حكم فعدل، وقسم ، ƒ عمر بن عبد العزيز فساوى، واتقى الله في سره وعلانيته، فكان مثالا للحاكم المسلم الذي يخشى الله ويتقيه، ويحمل هم عباده.  أما بنو العباس، فإنهم ينحدرون نسبا من حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس ^ ، الذي نعده نجما من ألمع نجوم الهداية في الأمة، وقد أخذ أسلافنا عنه الفكر والفقه وتربى أئمتهم على يديه فاستبصروا ببصيرته ، ƒ واهتدوا بهداه، ومن قبله أبوه عم رسول ا لله ژ العباس ابن عبد المطلب أما شعرت أن عم الرجل صنو » : الذي عده رسول ا لله ژ بمثابة الأب، وقال ١) فلم نقف منهم موقفا سلبيا لأنهم بنو العباس، ولكن بما قارفوه من )« أبيه ،٦٧٦/ ٥٣٤ ، رقم ١٣٩٩ )، ومسلم ( ٢ / ٣٢٢ ، رقم ٨٢٦٧ )، والبخاري ( ٢ / ١) أخرجه أحمد ( ٢ ) ٣٣ ، رقم ٢٤٦٤ ). وأخرجه / ١١٥ ، رقم ١٦٢٣ )، والنسائي ( ٥ / رقم ٩٨٣ )، وأبو داود ( ٢ ١٨ ، الرزاق عبد ا: أًيض / ١٢٣ )، والدارقطني ٦٨٢٦ )، رقم ( ٤ / ٦٧ ، حبان وابن ( ٢ /٨) .( ١١١ ، رقم ٧١٦٠ / رقم ٣٢٧٣ )، والبيهقي ( ٤ ٣٩٥ اب ت ةِ الك مَ اِت خَ الجور ورزأوا به الأمة من الظلم، ولا يشفع لهم أنهم ينحدرون من تلك السلالة الطيبة الطاهرة، فقد قيل لنوح 8 في ابنه: ﴿ $%&') # +*) .(١)« ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه » ،[ ﴾ [هود: ٤٦ وأخيرا أعتذر إلى القارئ الكريم إذ لم أجعل خطة كتابي هذا شارحة لجميع دقائق موضوعاته التي أتناولها في البحث، فإني لم يكن في مخيلتي أنه سيتسع إلى حد ما وصل إليه، وإنما شرعت فيه على أنه بحث محدود في قضية معينة وقتية، غير أن اليراع استرسل حتى أتى على قضايا عدة غابرة وحاضرة جر بعضها بعضا، ولم أرد أن أكبح نشاطه أو أقيد سيره وإنما أطلقت له العنان، فطاف في هذه الأرجاء، وأرجو أن لا يكون في أمر ما تجاوز حدود الحق إلى الباطل، وما أردت بهذا كله إلا أن أجلي الحقيقة Ä ÌËÊÉÈÇÆÅ ﴿ ، المغيبة وأنصر الحق المهضوم ÓÒÑÐÏÎÍ .[ ﴾ [هود: ٨٨ وأسأل الله تعالى أن يوفقني وجميع المسلمين، للاعتصام بحبل الله المتين، واتباع نوره المبين، وسلوك صراطه المستقيم، وأن يهيئ الله لنا من أمرنا رشدا. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وسلام على عباد الله ا لصالحين تونس ا لخضراء ٥ صفر الخير ١٤٣٤ ه أحمد بن حمد ا لخليلي ،( ٢٠٧٤ ، رقم ٢٦٩٩ / ٢٥٢ ، رقم ٧٤٢١ )، ومسلم ( ٤ / ١) حديث شريف، أخرجه أحمد ( ٢ ) ،٨٢/ ١٩٥ ، رقم ٢٩٤٥ )، وابن ماجه ( ١ / ٢٨٧ ، رقم ٤٩٤٦ )، والترمذي ( ٥ / وأبو داود ( ٤ .( ٢٩٢ ، رقم ٥٣٤ / رقم ٢٢٥ )، وابن حبان ( ٢ ™LGôªdGh QOÉ°üªdG ™LGôªdGh QOÉ°üªdG ،« نشأة المذهب الإباضي » ١ الإباضية في موكب ا لتاريخ؛ الحلقة الأولى علي يحيى معمر، مكتبة الضامري للنشر والتوزيع سلطنة عمان ُ السيب، الطبعة الثالثة، ١٤٢٩ ه/ ٢٠٠٨ م. ٢ الإبهاج في شرح المنهاج على منهاج الوصول إلى علم ا لأصول؛ للبيضاوي، علي بن عبد الكافي السبكي الوفاة: ٧٥٦ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٤ ه ، الطبعة: الأولى. ٣ إجمال الإصابة في أقوال الصحابة، خليل بن كيكلدي العلائي، جمعية إحياء التراث الإسلامي، الكويت، الطبعة الأولى، ١٤٠٧ ، تحقيق: د. محمد سليمان الأشقر. ٤ أحكام القرآن، أبو بكر محمد بن عبد الله ابن العربي، دار الفكر للطباعة والنشر، لبنان، تحقيق: محمد عبد القادر عطا. ٥ أحكام القرآن، أحمد بن علي الرازي الجصاص أبو بكر الوفاة: ٣٧٠ ه ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ١٤٠٥ ، تحقيق: محمد الصادق قمحاوي. ٦ أحكام أهل ا لذمة، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي الوفاة: ٧٥١ ه ، رمادى للنشر، دار ابن حزم، الدمام، بيروت، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٧ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: يوسف أحمد البكري، شاكر توفيق ا لعاروري. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٣٩٨ ٧ أخبار الأئمة الرستميين لابن ا لصغير، تحقيق وتعليق د. محمد ناصر، أ. إبراهيم بحاز، دار الغرب ا لإسلامي. ٨ الأخبار الطوال، أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري الوفاة: ٢٨٢ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت/لبنان، ١٤٢١ ه/ ٢٠٠١ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. عصام محمد الحاج علي. ٩ إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن ا لكريم، لأبي السعود محمد بن محمد العمادي، دار إحياء التراث العربي، بيروت. ١٠ الاستقصاء لأخبار دول المغرب ا لأقصى، أبو العباس أحمد بن خالد بن محمد الناصري الوفاة: ١٣١٥ ه ، دار الكتاب، الدار البيضاء، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٧ م، تحقيق: جعفر الناصري/ محمد ا لناصري. ١١ أسد الغابة في معرفة ا لصحابة، عز ا لدين بن الأثير أبي الحسن علي بن محمد الجزري الوفاة: ٦٣٠ ه ، دار إحياء التراث العربي، بيروت / لبنان، ١٤١٧ ه/ ١٩٩٦ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: عادل أحمد الرفاعي، . فتح الباري، ج ١٣ ، ص ٢٠٧ السيابي، حمود بن سالم ، مان عُ أهل أنساب في الأعيان إسعاف ١٢ منشورات المكتب الإسلامي، ١٣٨٤ ه. ١٣ أسماء الخلفاء والولاة وذكر مددهم، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي الوفاة: ٤٥٦ ه ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت / لبنان، ١٩٨٧ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: د. إحسان عباس. ١٤ أصول السرخسي، محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي أبو بكر الوفاة: ٤٩٠ ه ، دار المعرفة، بيروت. المصادر والمراجع ٣٩٩ ١٥ الاعتصام، أبو إسحاق الشاطبي الوفاة: ٧٩٠ ه ، المكتبة التجارية الكبرى، مصر. ١٦ الأغاني، أبو الفرج الأصبهاني، دار الفكر للطباعة والنشر، لبنان، تحقيق: علي مهنا وسمير جابر. ١٧ الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة ا لخلفاء، أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي الأندلسي الوفاة: ٦٣٤ ه ، عالم الكتب، بيروت، ١٤١٧ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. محمد كمال الدين عز الدين علي. ١٨ الإمامة والسياسة، أبو محمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري الوفاة: ٢٧٦ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٧ م.، تحقيق: خليل ا لمنصور. . ١٩ أنساب الأشراف، أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري الوفاة: ٢٧٩ ٢٠ دستور أمة ا لإسلام، دراسة في أصول الحكم وطبيعته وغايته عند المسلمين، حسين مؤنس، دار ا لرشاد. ٢١ انهيار الدولة ا لعثمانية، المكتبة ا لشاملة. ٢٢ الأوائل للعسكري، أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفي: نحو ٣٩٥ ه). ٢٣ البدء والتاريخ، المطهر بن طاهر المقدسي الوفاة: ٥٠٧ ه ، مكتبة الثقافة الدينية، بورسعيد. ٢٤ البداية والنهاية، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي أبو الفداء الوفاة: ٧٧٤ ه ، مكتبة المعارف، بيروت. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤٠٠ ٢٥ بدائع السلك، إبن الأزرق، الوفاة: ٨٩٦ ه ، وزارة الإعلام، العراق، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. علي سامي النشار. ٢٦ البرهان في أصول الفقه، عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني أبو المعالي الوفاة: ٤٧٨ ه ، الوفاء، المنصورة، مصر، ١٤١٨ ه ، الطبعة: الرابعة، تحقيق: د. عبد العظيم محمود الديب. ٢٧ البصائر والذخائر، أبو حيان علي بن محمد بن العباس التوحيدي الوفاة: ٤١٤ ه ، دار صادر، بيروت/لبنان، ١٤١٩ ه/ ٩٩٩ م، الطبعة: الراجعة، تحقيق: د. وداد القاضي ٢٨ بغية الطلب في تاريخ حلب، كمال الدين عمر بن أحمد بن أبي جرادة الوفاة: ٦٦٠ ه ، ج ٧، ص ٣٠٨٥ ، دار الفكر، تحقيق: د. سهيل زكار. ٢٩ تاريخ ابن ا لوردي، زين الدين عمر بن مظفر الشهير بابن الوردي الوفاة: ٧٤٩ ه ، دار الكتب العلمية، لبنان / بيروت، ١٤١٧ ه/ ١٩٩٦ م، الطبعة: ا لأولى. ٣٠ تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي الوفاة: ٧٤٨ ه ، دار الكتاب العربي، لبنان/ بيروت، ١٤٠٧ ه/ ١٩٨٧ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمرى. ٣١ تاريخ الخلفاء، عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الوفاة: ٩١١ ه ، ص ٢٠٩ ، مطبعة السعادة، مصر، ١٣٧١ ه/ ١٩٥٢ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد. ٣٢ تاريخ الدولة العلية ا لعثمانية، فريد بك المحامي، المكتبة ا لشاملة. ٣٣ تاريخ الطبري، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري الوفاة: ٣١٠ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت. المصادر والمراجع ٤٠١ ٣٤ تاريخ المدينة ا لمنورة، أبو زيد عمر بن شبة النميري البصري الوفاة: ٢٦٢ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٧ ه/ ١٩٩٦ م، تحقيق: علي محمد دندل وياسين سعد الدين بيان ٣٥ تاريخ اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح اليعقوبي الوفاة: ٢٩٢ ه ، دار صادر، بيروت. ٣٦ تاريخ خليفة بن خياط، خليفة بن خياط الليثي العصفري أبو عمر الوفاة: ٢٤٠ ه ، دار القلم ، مؤسسة الرسالة، دمشق، بيروت، ١٣٩٧ ه ، الطبعة: الثانية، تحقيق: د. أكرم ضياء العمري، ٣٧ البيان والتبيين، الجاحظ الوفاة: ٢٥٥ ه ، دار صعب، بيروت، تحقيق: فوزي عطوي. ٣٨ تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، عبد الرحمن بن حسن الجبرتي، ١٢٣٧ ه ، دار الجيل، بيروت. ٣٩ تاريخ مختصر الدول، غريغوريوس بن اهرون الملطي، المعروف بابن العبري المتوفى: ٦٨٥ ه ،. ٤٠ تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من ا لأماثل، أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة ا لله بن عبد الله الشافعي الوفاة: ٥٧١ ه ، دار الفكر، بيروت، ١٩٩٥ م، تحقيق: محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري، ٤١ التحبير شرح التحرير في أصول ا لفقه، علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي الحنبلي الوفاة: ٨٨٥ ه ، مكتبة الرشد، السعودية / الرياض، ١٤٢١ ه/ ٢٠٠٠ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. عبد الرحمن الجبرين، د. عوض القرني، د. أحمد السراح. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤٠٢ السالمي، حميد بن الله عبد الدين نور مان، عُ أهل بسيرة الأعيان تحفة ٤٢ مكتبة الإمام نور الدين السالمي، السيب، الحيل. ٢٠٠٠ م. ٤٣ تحفة التحصيل في ذكر رواة ا لمراسيل، ولي الدين أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين أبي زرعة العراقي، مكتبة الرشد، الرياض، ١٩٩٩ م، تحقيق: عبد الله نوارة. ٤٤ تحفة الترك فيما يجب أن يعمل في ا لملك، إبراهيم بن علي بن أحمد بن عبد الواحد ابن عبد المنعم الطرسوسي، نجم الدين الوفاة: ٧٥٨ ه. ٤٥ تحفة الحبيب على شرح ا لخطيب (البجيرمي على الخطيب)، سليمان بن محمد بن عمر البجيرمي الشافعي الوفاة: ١٢٢١ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت/ لبنان، ١٤١٧ ه/ ١٩٩٦ م، الطبعة: ا لأولى. ٤٦ التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة ا لشريفة، الإمام السخاوي الوفاة: ٩٠٢ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٤ ه/ ١٩٩٣ م، الطبعة: الأولى. ٤٧ تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الوفاة: ٩١١ ه ، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف. ٤٨ التذكرة الحمدونية، ابن حمدون محمد بن الحسن بن محمد بن علي الوفاة: ٦٠٨ ه ، دار صادر، بيروت/لبنان، ١٩٩٦ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: إحسان عباس، بكر عباس. ٤٩ ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي الأندلسي الوفاة: ٥٤٤ ه ، دار المصادر والمراجع ٤٠٣ الكتب العلمية، بيروت / لبنان، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٨ م، الطبعة: الاولي، تحقيق: محمد سالم هاشم. ٥٠ تصحيح أثر تأريخي حول الوهابية، محمد بن سعد الشويعر، الطبعة الثالثة ١٤١٩ ه. ٥١ تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية في المواقف ا لعسكرية، بحث مقدم إلى ندوة الاحتفال بالإمام المختار أبي حمزة الشارى 5 ، التي أقامتها دار الإفتاء ورعاية الشباب سنة ١٤١٠ ه، بسلطنة عمان، عبد المعز عبد الستار، دار الطباعة والنشر الإسلامية، مدينة نصر القاهرة ٢٠٠١ م. ٥٢ تطور الفكر السياسي السني نحو خلافة ديمقراطية، أحمد الكاتب، مؤسسة الانتشار ا لعربية. ٥٣ التعديل والتجريح، لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح، سليمان بن خلف بن سعد أبو الوليد الباجي، دار اللواء للنشر ١٩٨٦ ، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. أبو ، والتوزيع، الرياض، ١٤٠٦ لبابة حسين. ٥٤ تفسير البحر ا لمحيط، محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي، دار الكتب العلمية، لبنان/ بيروت، ١٤٢٢ ه/ ٢٠٠١ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض، شارك في التحقيق: د. زكريا عبد المجيد النوقي/ د. أحمد النجولي الجمل. ٥٥ تفسير البغوي، البغوي، دار المعرفة، بيروت، تحقيق: خالد عبد الرحمن العك. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤٠٤ ٥٦ تفسير السراج ا لمنير، محمد بن أحمد الشربيني، دار الكتب العلمية بيروت. ٥٧ تفسير السمرقندي المسمى بحر ا لعلوم، نصر بن محمد بن أحمد أبو الليث السمرقندي، دار الفكر، بيروت، تحقيق: د. محمود مطرجي. ٥٨ تفسير القرآن الحكيم (تفسير ا لمنار)، محمد رشيد بن علي رضا بن محمد بن محمد بهاء ا لدين بن منلا علي خليفة القلموني الحسيني (المتوفى: ١٣٥٤ ه)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٩٠ م. ٥٩ تفسير القشيري المسمى لطائف ا لإشارات، أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري النيسابوري الشافعي، دار الكتب العلمية، بيروت /لبنان، ١٤٢٠ ه/ ٢٠٠٠ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: عبد اللطيف حسن عبد الرحمن تفسير السمعاني. ٦٠ التفسير الكبير أو مفاتيح ا لغيب، فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي الوفاة: ٦٠٤ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٢١ ه/ ٢٠٠٠ م، الطبعة: ا لأولى. ٦١ تفسير النسفي، أبي البركات عبد الله ابن أحمد بن محمود النسفى. الجامع الكبير ا لإلكتروني. ٦٢ تفسير غرائب القرآن ورغائب ا لفرقان، نظام الدين ا لحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري، دار الكتب العلمية، بيروت / لبنان، ١٤١٦ ه/ ١٩٩٦ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: الشيخ زكريا عميران. ٦٣ تقريب التهذيب، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، دار الرشيد، سوريا، ١٤٠٦ ه/ ١٩٨٦ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمد عوامة. المصادر والمراجع ٤٠٥ ٦٤ التقرير والتحرير في علم ا لأصول، ابن أمير الحاج. الوفاة: ٨٧٩ ه ، دار الفكر، بيروت، ١٤١٧ ه/ ١٩٩٦ م. ٦٥ تلخيص الحبير في أحاديث الرافعي الكبير، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الوفاة: ٨٥٢ ه ، المدينة المنورة، ١٣٨٤ ه/ ١٩٦٤ م، تحقيق: السيد عبد الله هاشم اليماني ا لمدني. ٦٦ التمهيد في تخريج الفروع على ا لأصول، عبد الرحيم بن الحسن ، الأسنوي أبو محمد الوفاة: ٧٧٢ ه ، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٠ الطبعة: الأولى، تحقيق: د. محمد حسن هيتو. ٦٧ تهذيب الآثار وتفصيل الثابت عن رسول الله من ا لأخبار، أبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري الوفاة: ٣١٠ ه ، مطبعة المدني، القاهرة، تحقيق: محمود محمد شاكر. ٦٨ تهذيب التهذيب، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، دار الفكر، بيروت، ١٤٠٤ ه/ ١٩٨٤ م، الطبعة: ا لأولى. ٦٩ تهذيب الكمال، يوسف بن الزكي عبد الرحمن أبو الحجاج المزي ١٩٨٠ م، الطبعة: ، الوفاة: ٧٤٢ ه ، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٠ الأولى، تحقيق: د. بشار عواد معروف. ٧٠ تهذيب اللغة، أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري الوفاة: ٣٧٠ ه ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ٢٠٠١ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمد عوض مرعب. ٧١ توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار، محمد بن إسماعيل الأمير الحسني الصنعاني الوفاة: ١١٨٢ ه ، المكتبة السلفية، المدينة المنورة، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤٠٦ ٧٢ تيسير التحرير، محمد أمين المعروف بأمير بادشاه الوفاة: ٩٧٢ ه ، دار الفكر، بيروت. ٧٣ الثقات، محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي، دار ١٩٧٥ ، الطبعة: الأولى، تحقيق: السيد شرف الدين ، الفكر، ١٣٩٥ أحمد. ٧٤ جامع الاحاديث (ويشتمل على جمع الجوامع للسيوطى والجامع الأزهر وكنوز الحقائق للمناوى، والفتح الكبير للنبهانى)، الحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، الوفاة: ١٩ /جمادى الاولى / ١٤١٤ ه ، ضبط نصوصه وخرج أحاديثه: ، ٩١١ ه ، دار الفكر، ١٩٩٤ فريق من الباحثين بإشراف د. على جمعة (مفتي الديار المصرية)، طبع على نفقة: الأستاذ الدكتور حسن عباس زكى. الطبعة الأولى، ١٤٢٣ ه/ ٢٠٠٢ م. جميع تخريجات الأحاديث بناء على تخريجات هذا ا لكتاب. ٧٥ جامع البيان عن تأويل آي القرآن، محمد بن جرير بن يزيد بن خالد . الطبري أبو جعفر الوفاة: ٣١٠ ه ، دار الفكر، بيروت، ١٤٠٥ ٧٦ الجامع الصحيح مسند الإمام ا لربيع بن حبيب، الربيع بن حبيب بن عمر الأزدي البصري، دار الحكمة، مكتبة الاستقامة، بيروت، سلطنة عمان، ١٤١٥ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمد إدريس، عاشور بن يوسف. ٧٧ الجامع الكبير لكتب التراث الإسلامي والعربي، ١٤٢٨ ه ، ١٤٢٩ ه الإصدار الرابع، المراجع بحسب ترتيب هذا الجامع، الذي يزيد في بعض الأحيان بصفحة عن ا لمطبوع. المصادر والمراجع ٤٠٧ ٧٨ الجامع لأحكام ا لقرآن، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، دار الشعب، ا لقاهرة. ٧٩ الجماهر في معرفة الجواهر، أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني الوفاة: ٤٤٠ ه. ٨٠ جمهرة أنساب العرب، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي الوفاة: ٤٥٦ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت / لبنان، ١٤٢٤ ه/ ٢٠٠٣ م، الطبعة: ا لثالثة. ٨١ جمهرة خطب ا لعرب، أحمد زكي صفوت، المكتبة العلمية، بيروت. ٨٢ جمهرة نسب قريش وأخبارها، الزبير بن بكار بن عبد الله (المتوفي: ٢٥٦ ه). ٨٣ جوامع السيرة، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي الوفاة: ٤٥٦ ه. ٨٤ الجواهر الحسان في تفسير القرآن، عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت. ٨٥ جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، نور الدين أبي محمد عبد الله بن حميد بن سلوم السالمي ا لعماني، تحقيق أبو إسحاق ُ إبراهيم اطفيش، دار الفاروق للطباعة والنشر والتوزيع. ٨٦ الجوهرة في نسب النبي وأصحابه ا لعشرة، محمد بن أبي بكر الأنصاري التلمساني المعروف بالبري (المتوفي: ٦٤٤ ه). ٨٧ حاشية الشيخ سليمان الجمل على شرح ا لمنهج (لزكريا الأنصاري)، سليمان الجمل، دار الفكر، بيروت. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤٠٨ ٨٨ حاشية الصاوي على ا لجلالين، طبع بمطبعة دار إحياء الكتب العربية لأصحابها عيسى البابي الحلبي وشركاءه. ٨٩ حاشية العطار، حسن بن محمد العطار، المتوفى: ١٢٥٠ ه.  ٩٠ حاشية رد المحتار على الدر ا لمختار شرح تنوير الأبصار في فقه أبي  حنيفة، ابن عابدين. الوفاة: ١٢٥٢ ه ، دار الفكر للطباعة والنشر.، بيروت.، ١٤٢١ ه/ ٢٠٠٠ م. ٩١ الحاوي للفتاوي في الفقه وعلوم التفسير والحديث والأصول والنحو والإعراب وسائر الفنون، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الوفاة: ٩١١ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت / لبنان، ١٤٢١ ه/ ٢٠٠٠ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: عبد اللطيف حسن عبد الرحمن. ٩٢ الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل ا لسنة، أبو القاسم اسماعيل ابن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني، دار الراية، السعودية / الرياض، ١٤١٩ ه/ ١٩٩٩ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: محمد بن ربيع بن هادي عمير ا لمدخلي. ٩٣ الحركة الإباضية في المشرق ا لعربي، مهدي طالب هاشم، دار الحكمة، لندن. ٩٤ الحرية أو ا لطوفان، دراسة موضوعية للخطاب السياسي الشرعي ومراحله التأريخية، بقلم د. حاكم المطيري، سنة النشر ٢٠٠٣ م. ٩٥ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني الوفاة: ٤٣٠ ه ، دار الكتاب العربي، بيروت، ١٤٠٥ ، الطبعة: ا لرابعة. ٩٦ حواشي الشرواني على تحفة المحتاج بشرح ا لمنهاج، عبد الحميد الشرواني دار الفكر، بيروت. المصادر والمراجع ٤٠٩ ٩٧ خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، عبد القادر بن عمر البغدادي الوفاة: ١٠٩٣ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٩٩٨ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمد نبيل طريفي/إميل بديع ا ليعقوب. ٩٨ الخصائص الكبرى، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن أبي بكر السيوطي الوفاة: ٩١١ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٥ ه/ ١٩٨٥ م. ٩٩ الخوارج والحقيقة ا لغائبة، لناصر بن سليمان السابعي، الطبعة الأولى، ١٤٢٠ ه/ ١٩٩٩ م. ١٠٠ الدرر السنية في الأجوبة ا لنجدية، علماء نجد الأعلام، . ١٤١٧ ه/ ١٩٩٦ م، ط ٦ ١٠١ الدرر الكامنة في أعيان المائة ا لثامنة، الحافظ شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن محمد العسقلاني الوفاة: ٨٥٢ ه/ ١٤٤٩ م، مجلس دائرة المعارف العثمانية، صيدر اباد/ الهند، ١٣٩٢ ه/ ١٩٧٢ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: مراقبة / محمد عبد المعيد ضان. ١٠٢ دلائل الإعجاز، الإمام عبد القاهر الجرجاني الوفاة: ٤٧١ ه ، دار الكتاب العربي، بيروت، ١٤١٥ ه ١٩٩٥ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. التنجي. ١٠٣ دلائل النبوة، للبيهقي الوفاة: ٤٥٨ ه. باقي البيانات لا يوجد (الجامع الكبير، القرص الصلب ا لإلكتروني). ١٠٤ دولة الخلافة ا لعثمانية (عصر الفاتحين، السقوط والانهيار، الإسلاميون الجدد)، رضا الطيب، المكتبة ا لشاملة. ١٠٥ الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء ا لمذهب، إبراهيم بن ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤١٠ علي بن محمد بن فرحون اليعمري المالكي الوفاة: ٧٩٩ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت. ١٠٦ ديوان أبي مسلم، ناصر بن سالم بن عديم الرواحي، دار المختار، ١٩٨٦ م. تعليق د. يحي شامي، دار الفكر العربي، « الشوقيات » ١٠٧ ديوان شوقي مؤسسة ثقافية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان. ١٠٨ ذخائر العقبى في مناقب ذوي ا لقربى، محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري الوفاة: جمادى الآخرة / ٦٩٤ ه ، دار الكتب المصرية، مصر. ١٠٩ ربيع الأبرار، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله، الوفاة: ٥٣٨ ه. ١١٠ رفع الحاجب عن مختصر ابن ا لحاجب، تاج الدين أبي النصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي الوفاة: ٦٤٦ ه ، عالم الكتب، لبنان، بيروت، ١٩٩٩ م، ١٤١٩ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: علي محمد معوض، عادل أحمد عبد الموجود. ١١١ روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع ا لمثاني، لأبي الفضل شهاب الدين السيد محمود الألوسي البغدادي الوفاة: ١٢٧٠ ه ، دار إحياء التراث العربي، بيروت. ١١٢ زاد المسير في علم ا لتفسير، عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي الوفاة: ٥٩٧ ه ، المكتب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٤ ، الطبعة: ا لثالثة. ١١٣ السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إ سلامي، محمد سعيد رمضان البوطي. دار الفكر/ دمشق. المصادر والمراجع ٤١١ ١١٤ السلوك في طبقات العلماء والملوك، بهاء الدين محمد بن يوسف بن يعقوب الجندي الكندي الوفاة: قبل سنة ٧٣٢ ه ، مكتبة الإرشاد، صنعاء، ١٩٩٥ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: محمد بن علي بن الحسين الأكوع ا لحوالي. ١١٥ سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، عبد الملك بن حسين بن عبد الملك الشافعي العاصمي المكي الوفاة: ١١١١ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٩ ه/ ١٩٩٨ م، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، علي محمد معوض. ١١٦ السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني الوفاة: ٧٢٨ ه ، دار المعرفة. ١١٧ سير أعلام ا لنبلاء، محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي أبو عبد الله الوفاة: ٧٤٨ ه ، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤١٣ ، الطبعة: التاسعة، تحقيق: شعيب الأرناؤوط ، محمد نعيم ا لعرقسوسي. القومي التراث وزارة مان عُ سلطنة الشماخي، سعيد بن لأحمد السير، ١١٨ والثقافة، ١٤٠٧ ه ، تحقيق أحمد بن سعود السيابي. ١١٩ السيرة الحلبية في سيرة الأمين ا لمأمون، علي بن برهان الدين الحلبي . الوفاة: ١٠٤٤ ه ، دار المعرفة، بيروت، ١٤٠٠ ١٢٠ السيرة النبوية، العلامة الداعية الحكيم أبو الحسن علي الحسني الندوي (ت ١٤٢٠ ه)، دار القلم، دمشق. ١٢١ سيرة عمر بن عبدالعزيز على ما رواه الإمام مالك بن أنس وأصحابه، لأبي محمد عبد الله بن عبد الحكم الوفاة: رمضان ٢١٤ ه ، عالم الكتب، بيروت، لبنان، ١٤٠٤ ه/ ١٩٨٤ م، الطبعة: السادسة، تحقيق: أحمد عبيد. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤١٢ ١٢٢ شذرات الذهب في أخبار من ذهب، عبد الحي بن أحمد بن محمد العكري الحنبلي الوفاة: ١٠٨٩ ه ، دار بن كثير، دمشق، ١٤٠٦ ه ، الطبعة: ط ١، تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط، محمود ا لأرناؤوط. ١٢٣ شرح أصول اعتقاد أهل ا لسنة، محمد حسن عبد الغفار، دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية. الدرس ٦١ ، المكتبة ا لشاملة. ١٢٤ شرح تفسير ابن كثير، عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن الراجحي، الدرس ٢٦ ، المكتبة ا لشاملة.   ١٢٥ شرح سنن أبي داود، عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر، دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة . الإسلامية، درس ٤٨٦ ١٢٦ شرح صحيح ا لبخاري، أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال البكري القرطبي الوفاة: ٤٤٩ ه ، مكتبة الرشد، السعودية / الرياض، ١٤٢٣ ه/ ٢٠٠٣ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم. ١٢٧ شرح علل ا لترمذي، زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن، السلامي، البغدادي، ثم الدمشقي، الحنبلي (المتوفى: ٧٩٥ ه) َ مكتبة المنار، الزرقاء، الأردن، الطبعة: الأولى، ١٤٠٧ ه/ ١٩٨٧ م، الدكتور همام عبد الرحيم سعيد. ١٢٨ شرح فتح ا لقدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي الوفاة: ٦٨١ ه ، دار الفكر، بيروت، الطبعة: ا لثانية. ١٢٩ شرح معاني ا لآثار، أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة أبو جعفر الطحاوي، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٣٩٩ ، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمد زهري ا لنجار. المصادر والمراجع ٤١٣ ١٣٠ الشعر والشعراء، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: ٢٧٦ ه). ١٣١ صحيح مسلم بشرح ا لنووي، أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري ، النووي الوفاة: ٦٧٦ ه ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ١٣٩٢ الطبعة ا لثانية. ١٣٢ الصراع المذهبي بإفريقية إلى قيام الدولة ا لزيرية، عبد العزيز المجدوب، الدار التونسية، الحركة الوطنية للنشر والتوزيع، ١٩٧٥ م. /١٣٩٥ ١٣٣ صفة جزيرة الأندلس منتخبة من كتاب الروض المعطار في خبر الأقطار، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد المنعم الحميري الوفاة: بعد ٨٦٦ ه ، دار الجيل، بيروت / لبنان، ١٤٠٨ ه، ١٩٨٨ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: إ. لافي بروفنصال. ١٣٤ صفوة الصفوة، عبد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج، الوفاة: ١٩٧٩ ، الطبعة: الثانية، تحقيق: ، ٥٩٧ ه ، دار المعرفة، بيروت، ١٣٩٩ محمود فاخوري، د. محمد رواس قلعه جي. ١٣٥ الصواعق الإلهية في الرد على ا لوهابية، سليمان بن عبد الوهاب النجدي، الطبعة الثالثة، المكتبة التخصصية في الرد على ا لوهابية. ١٣٦ الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة، أبو العباس أحمد بن محمد بن علي ابن حجر الهيثمي الوفاة: ٩٧٣ ه ، مؤسسة الرسالة، لبنان، ١٤١٧ ه/ ١٩٩٧ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الله التركي، كامل محمد ا لخراط ١٣٧ كتاب الضعفاء والمتروكين، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤١٤ النسائي، دار الوعي، حلب، ١٣٩٦ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمود إبراهيم زايد. ١٣٨ كتاب الضعفاء والمتروكين، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٦ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: عبد الله القاضي. ١٣٩ طبائع الاستبداد ومصارع ا لاستعباد، عبد الرحمن بن أحمد بن مسعود ِ ال كَواكبي يلقب بالسيد الفراتي (المتوفى: ١٣٢٠ ه)، المطبعة العصرية، َ حلب، الطبعة: طبعة جديدة منقحة ومضافة بقلم ا لمؤلف. ١٤٠ الطبقات الكبرى، محمد بن سعد بن منيع أبو عبد الله البصري الزهري الوفاة: ٢٣٠ ، دار صادر، بيروت. ١٤١ طبقات المشايخ، للدرجيني... ١٤٢ طلعة الشمس، عبد الله بن حميد بن سلوم السالمي. ١٤٣ العدالة الاجتماعية في ا لإسلام، سيد قطب، دار الشروق، القاهرة، . ١٤١٣ ه/ ١٩٩٣ م، ط ١٣ ١٤٤ العقد الفريد، أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي الوفاة: ٣٢٨ ه ، دار إحياء التراث العربي، بيروت /لبنان، ١٤٢٠ ه/ ١٩٩٩ م، الطبعة: ا لثالثة. ١٤٥ العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الوفاة: ٥٩٧ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٣ ، الطبعة: الأولى، تحقيق: خليل ا لميس. السياسي والتاريخ الإمامة تقاليد الإسلامية، الديمقراطية مان عُ ١٤٦ ١٩٧٠ ). د. حسين غباش. ، الحديث ( ١٥٠٠ المصادر والمراجع ٤١٥ ١٤٧ عمدة القاري شرح صحيح ا لبخاري، بدر الدين محمود بن أحمد العيني، دار إحياء التراث العربي، بيروت. ١٤٨ عنوان المجد في تأريخ ن جد، عثمان بن عبد الله بن بشر النجدي الحنبلي، ج ١، ص ٤٦ ، مطبوعات دارة الملك عبد العزيز، الطبعة الرابعة، الرياض ١٤٠٢ ه/ ١٩٨٢ م. ١٤٩ عيون الأخبار، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفي: ٢٧٦ ه). ١٥٠ غاية البيان شرح زبد ابن رسلان، محمد بن أحمد الرملي الأنصاري الوفاة: ١٠٠٤ ه ، دار المعرفة، بيروت. ١٥١ غرر الخصائص الواضحة، أبو إسحق برهان الدين محمد بن إبراهيم بن يحيى بن علي المعروف بالوطواط (المتوفي: ٧١٨ ه). ١٥٢ غياث الأمم والتياث الظلم، عبد الملك بن عبد الله بن يوسف ، الجويني أبو المعالي الوفاة: ٤٧٨ ه ، دار الدعوة، الاسكندرية، ١٩٧٩ الطبعة: الأولى، تحقيق: د. فؤاد عبد المنعم، د. مصطفى حلمي. ١٥٣ الفتاوى الحديثية، أحمد شهاب الدين ابن حجر الهيتمي المكي الوفاة: ٩٧٣ ه ، دار الفكر. ١٥٤ فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي الوفاة: ٨٥٢ ه ، دار المعرفة، بيروت، تحقيق: محب الدين ا لخطيب. ١٥٥ الفتح الجليل من أجوبة الإمام أبي خليل، جمع وترتيب سالم بن حمد الحارثي، طبع بإشراف عز الدين التنوخي، مجمع العلمي العربي بدمشق ١٣٨٥ ه/ ١٩٦٥ م، الطبعة العمومية بدمشق. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤١٦ ١٥٦ الفتنة ووقعة الجمل، سيف بن عمر الضبي الأسدي الوفاة: ٢٠٠ ه ، دار النفائس، بيروت، ١٣٩١ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: أحمد راتب عرموش. ١٥٧ فتوح البلدان، أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري الوفاة: ٢٧٩ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٣ ، تحقيق: رضوان محمد رضوان. ١٥٨ فتوح مصر وأخبارها، أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله عبد الحكم بن أعين القرشي المصري الوفاة: ٢٥٧ ه/ ٨٧١ م، دار الفكر، بيروت، ١٤١٦ ه/ ١٩٩٦ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمد الحجيري. ١٥٩ الفتوحات المكية في معرفة الأسرار ا لملكية، محيي الدين بن ٦٣٨ ه ، دار إحياء /٤/ علي بن محمد الطائي الخاتمي الوفاة: ٢٢ التراث العربي، لبنان، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٨ م، الطبعة: ا لأولى. ١٦٠ الفرق بين الإباضية والخوارج، تأليف الشيخ العلامة إبي إسحاق إبراهيم إطفيش، ص ١٢ ، مكتبة الضامري للنشر والتوزيع، سلطنة عمان، السيب. ١٦١ الفروق أو أنوار البروق في أنواء الفروق، أبو العباس أحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي الوفاة: ٦٨٤ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٨ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: خليل ا لمنصور. ١٦٢ السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إ سلامي، محمد سعيد رمضان البوطي، ص ٤٧ ، دار الفكر المعاصر، بيروت، لبنان. ١٦٣ الفصل في الملل والأهواء والنحل، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري أبو محمد الوفاة: ٥٤٨ ه ، مكتبة الخانجي، ا لقاهرة. المصادر والمراجع ٤١٧ ١٦٤ فضائل الصحابة، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار البغدادي الدارقطني (المتوفى: ٣٨٥ ه). ١٦٥ الفقيه والمتفقه؛ الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي؛ دار الكتب العلمية، بيروت. ١٦٦ الفكر والمجتمع في حضرموت، كرامة مبارك سليمان بامؤمن، الجمهورية اليمنية، الطبعة ا لأولى. ١٦٧ فوات الوفيات، محمد بن شاكر بن أحمد الكتبي الوفاة: ٧٦٤ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ٢٠٠٠ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: علي محمد بن يعوض الله/عادل أحمد عبد الموجود. ١٦٨ الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد ا لقيرواني، أحمد بن غنيم بن سالم النفراوي المالكي الوفاة: ١١٢٥ ه ، دار الفكر، بيروت، .١٤١٥ ١٦٩ في ظلال ا لقرآن، تفسير سيد قطب، دار ا لشروق. ١٧٠ فيض القدير شرح الجامع الصغير، عبد الرؤوف المناوي الوفاة: ١٠٣١ ه ، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، ١٣٥٦ ه ، الطبعة: الأولى. ١٧١ قواعد التحديث من فنون مصطلح ا لحديث، محمد جمال الدين القاسمي الوفاة: ١٣٣٢ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٣٩٩ ه/ ١٩٧٩ م، الطبعة: ا لأولى. ١٧٢ الكامل في التاريخ، أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني، الوفاة: ٦٣٠ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٥ ه ، الطبعة: ط ٢، تحقيق: عبد الله القاضي. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤١٨ ١٧٣ كتاب الأموال، أبو عبيد القاسم بن سلام الوفاة: ٢٢٤ ه ، دار الفكر، بيروت، ١٤٠٨ ه/ ١٩٨٨ م.، تحقيق: خليل محمد هراس. ١٧٤ كتب ورسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن ت يمية، أحمد عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، مكتبة ابن تيمية، الطبعة: الثانية، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي ا لنجدي. ١٧٥ الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه ا لتأويل، أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي الوفاة: ٥٣٨ ه ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، تحقيق: عبد الرزاق المهدي. ١٧٦ كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام ا لبزدوي، علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري الوفاة: ٧٣٠ ه.، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٧ م.، تحقيق: عبد الله محمود محمد عمر. ١٧٧ كشف الغمة الجامع لأخبار ا لأمة، سرحان بن سعيد الأزكوي، تحقيق ، وتقديم أ. د. محمد حبيب صالح، د. محمود بن مبارك السليمي، ط ١ ١٤٣٣ ه/ ٢٠١٢ م. ١٧٨ الكشف والبيان (تفسير ا لثعلبي)، أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري الوفاة: ٤٢٧ ه/ ١٠٣٥ م، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ١٤٢٢ ه/ ٢٠٠٢ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: الإمام أبي محمد بن عاشور، مراجعة وتدقيق الأستاذ نظير ا لساعدي. ١٧٩ الكليات معجم في المصطلحات والفروق ا للغوية، أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفومي الوفاة: ١٠٩٤ ه ، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤١٩ ه/ ١٩٩٨ م، تحقيق: عدنان درويش، محمد ا لمصري. ١٨٠ الكوكب الدري فيما يتخرج على الأصول النحوية من الفروع ا لفقهية، المصادر والمراجع ٤١٩ عبد الرحيم بن الحسن الأسنوي أبو محمد الوفاة: ٧٧٢ ه ، دار عمار، عمان، الأردن، ١٤٠٥ ، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. محمد حسن عواد. ١٨١ لسان العرب، محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، دار صادر، بيروت، الطبعة: ا لأولى. ١٨٢ لسان الميزان، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي ، الوفاة: ٨٥٢ ه ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، ١٤٠٦ ١٩٨٦ ، الطبعة: الثالثة، تحقيق: دائرة المعرف النظامية، ا لهند. ١٨٣ مآثر الإنافة في معالم الخلافة، أحمد بن عبد الله القلقشندي الوفاة: ٨٢١ ه ، مطبعة حكومة الكويت، الكويت، ١٩٨٥ ، الطبعة: الثانية، تحقيق: عبد الستار أحمد فراج. ١٨٤ ماذا خسر العالم بانحطاط ا لمسلمين، أبو الحسن الندوي، دار الكتاب العربي، بيروت. ١٨٥ كتاب المتوارين الذين اختفوا خوفا من ا لحجاج بن يوسف ا لثقفي، عبد الغني بن سعيد الأزدي أبو محمد الوفاة: ٤٠٩ ه ، دار القلم ، الدار الشامية، دمشق، بيروت، ١٤١٠ ه ، الطبعة: الأولى، تحقيق: مشهور حسن محمود سلمان. ١٨٦ المجاهد أبو حمزة ا لشاري، مجموعة بحوث، ندوة من أعلامنا الثانية، عن المجاهد أ بو حمزة الشاري، المطابع العالمية، سلطنة عمان، ُ روي، ١٤١٠ ه/ ١٩٨٩ م. ١٨٧ المحاسن والمساوئ، إبراهيم بن محمد البيهقي الوفاة: بعد ٣٢٠ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت/ لبنان، ١٤٢٠ ه/ ١٩٩٩ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: عدنان علي. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤٢٠ ١٨٨ محاضرات الأدباء، ومحاورات الشعرء والبلغاء، أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل الأصفهاني الوفاة: ٥٠٢ ه ، دار القلم، بيروت، ١٤٢٠ ه/ ١٩٩٩ م، تحقيق: عمر ا لطباع. ١٨٩ المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي، دار الكتب العلمية، لبنان، ١٤١٣ ه/ ١٩٩٣ م، الطبعة: الاولى، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمد. ١٩٠ المحصول في علم ا لأصول، محمد بن عمر بن الحسين الرازي الوفاة: ٦٠٦ ه ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ١٤٠٠ ، الطبعة: الأولى، تحقيق: طه جابر فياض ا لعلواني. ١٩١ المحكم والمحيط الأعظم، أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي الوفاة: ٤٥٨ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ٢٠٠٠ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: عبد الحميد هنداوي. ١٩٢ المحن، أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم بن تمام التميمي الوفاة: ٣٣٣ ه / ٩٤٤ م، دار العلوم، الرياض، السعودية، ١٤٠٤ ه / ١٩٨٤ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: د عمر سليمان ا لعقيلي. ١٩٣ المحيط في ا للغة، الصاحب الكافي الكفاة أب القاسم إسماعيل ابن عباد بن العباس بن أحمد بن إدريس الطالقاني الوفاة: ٣٨٥ ه ، عالم الكتب، بيروت / لبنان، ١٤١٤ ه/ ١٩٩٤ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: الشيخ محمد حسن آ ل ياسين. ١٩٤ مختصر تاريخ دمشق، محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري الوفاة: ٧١١ ه. ١٩٥ المختصر في أخبار ا لبشر، أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي (المتوفي: ٧٣٢ ه). المصادر والمراجع ٤٢١ ١٩٦ مخطوطة لأبي ن بهان يحذر فيها من الحكم على أهل القبلة بأحكام المشركين. ١٩٧ مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات، علي بن ، أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري أبو محمد الوفاة: ٤٥٦ ه ، ص ١٧٨ دار الكتب العلمية، بيروت. ١٩٨ مرقاة المفاتيح شرح مشكاة ا لمصابيح، علي بن سلطان محمد القاري الوفاة: ١٠١٤ ه ، دار الكتب العلمية، لبنان/ بيروت، ١٤٢٢ ه/ ٢٠٠١ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: جمال عيتاني. ١٩٩ مروج الذهب، أبو الحسن على بن الحسين بن على المسعودي الوفاة: ٣٤٦ ه. ٢٠٠ المستصفى في علم الأصول، محمد بن محمد الغزالي أبو حامد الوفاة: ٥٠٥ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٣ ، الطبعة: الأولى، تحقيق: محمد عبد السلام عبد الشافي. ٢٠١ المصنف، أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني الوفاة: ٢١١ ه ، المكتب الإسلامي، بيروت، ١٤٠٣ ، الطبعة: الثانية، تحقيق: حبيب الرحمن ا لأعظمي. ٢٠٢ معاملة غير المسلمين، الحوار والتسامح في الإسلام، شواهد من التأريخ، للدكتور محمد علي البار، دار القلم دمشق، الدار الشامية بيروت. ٢٠٣ معجم مقاييس ا للغة، أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا الوفاة: ٣٩٥ ه ، دار النشر: دار الجيل، بيروت، لبنان، ١٤٢٠ ه/ ١٩٩٩ م، الطبعة: الثانية، تحقيق: عبد السلام محمد هارون. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤٢٢ ٢٠٤ معرفة الثقات من رجال أهل العلم والحديث ومن الضعفاء وذكر مذاهبهم وأخبارهم، لأبي الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي الكوفي نزيل طرابلس الغرب الوفاة: ٢٦١ ه ، مكتبة الدار، المدينة ١٩٨٥ ، الطبعة: الأولى، تحقيق: عبد العليم ، المنورة، السعودية، ١٤٠٥ عبد العظيم البستوي. ٢٠٥ المعرفة والتاريخ، أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي الوفاة: ٢٧٧ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٩ ه/ ١٩٩٩ م، تحقيق: خليل المنصور. ٢٠٦ مغاني الأخيار، أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفي بدر الدين العينى (المتوفي: ٨٥٥ ه). ٢٠٧ المغني في فقه الإمام أ حمد بن حنبل الشيباني، عبد الله بن أحمد بن ، قدامة المقدسي أبو محمد الوفاة: ٦٢٠ ه ، دار الفكر، بيروت، ١٤٠٥ الطبعة: ا لأولى. ٢٠٨ مفتاح السعادة إلى صحيح ا لعبادة، (أنوار العقول، مدارج الكمال، كشف الحقيقة)، نور الدين عبد الله بن حميد السالمي، السيب، الحيل الجنوبية، محافظة مسقط، الطبعة ا لأولى. ٢٠٩ المفردات في غريب ا لقرآن، أبو القاسم الحسين بن محمد الوفاة: ٥٠٢ ه ، دار المعرفة، لبنان، تحقيق: محمد سيد كيلاني. ٢١٠ المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، المكتبة ا لشاملة. ٢١١ مقاتل الطالبيين، أبو الفرج الاصفهاني، علي بن الحسين (المتوفي: ٣٥٦ ه) ٢١٢ المنة الكبرى شرح وتخريج السنن ا لصغرى، محمد ضياء الرحمن الأعظمي، مكتبة الرشد، الرياض، ١٤٢٢ ه. المصادر والمراجع ٤٢٣ ٢١٣ المنتخب من ذيل ا لمذيل، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفي: ٣١٠ ه). ٢١٤ المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج الوفاة: ٥٩٧ ه ، دار صادر، بيروت، ١٣٥٨ ، الطبعة: ا لأولى. ٢١٥ المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال، أبو عبد الله محمد بن عثمان الذهبي الوفاة: ٧٤٨ ه ، تحقيق: محب الدين ا لخطيب. ٢١٦ منح الجليل شرح على مختصر سيد خليل، محمد عليش. الوفاة: ١٢٩٩ ه ، دار الفكر، بيروت، ١٤٠٩ ه/ ١٩٨٩ م.  ٢١٧ المنخول في تعليقات ا لأصول، محمد بن محمد بن محمد الغزالي  أبو حامد الوفاة: ٥٠٥ ه ، دار الفكر، دمشق، ١٤٠٠ ، الطبعة: الثانية، تحقيق: د. محمد حسن هيتو. ٢١٨ المنمق في أخبار قريش، محمد بن حبيب البغدادي الوفاة: ٢٤٥ ه ، عالم الكتب، بيروت / لبنان، ١٤٠٥ ه/ ١٩٨٥ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: خورشيد أحمد فارق. الحراني تيمية بن الحليم عبد بن أحمد ة، اّلنبوي ة ن الس منهاج ٢١٩ أبو العباس الوفاة: ٧٢٨ ه ، مؤسسة قرطبة، ١٤٠٦ ، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. محمد رشاد سالم. ٢٢٠ منهج الدعوة عند ا لإباضية، محمد صالح ناصر، مكتبة الاستقامة، مسقط، سلطنة عمان، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٧ م. ٢٢١ موجز تاريخ تجديد الدين وإحيائه، طبع دار السعودية للنشر والتوزيع. ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤٢٤ ٢٢٢ نثر الدر في المحاضرات، أبو سعد منصور بن الحسين الأبي الوفاة: ٤٢١ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت /لبنان، ١٤٢٤ ه/ ٢٠٠٤ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: خالد عبد الغني محفوط. ٢٢٣ النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن تغري بردى الأتابكي الوفاة: ٨٧٤ ه ، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، مصر. ٢٢٤ نسب قريش، أبو عبد الله المصعب بن عبد الله بن المصعب الزبيري الوفاة: ٢٣٦ ه ، دار المعارف، القاهرة، تحقيق: ليفي بروفسال. ، ٢٢٥ نشأة الحركة ا لأباضية، عوض خليفات، دار الحكمة لندن، ط ١ ١٤٢٨ ه/ ٢٠٠٧ م. ٢٢٦ نهاية الأرب في فنون ا لأدب، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري الوفاة: ٧٣٣ ه ، دار الكتب العلمية، بيروت / لبنان، ١٤٢٤ ه/ ٢٠٠٤ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: مفيد قمحية وجماعة. ٢٢٧ النهاية في غريب الحديث والأثر، أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري الوفاة: ٦٠٦ ه ، المكتبة العلمية، بيروت، ١٣٩٩ ه/ ١٩٧٩ م، تحقيق: طاهر أحمد الزاوى، محمود محمد ا لطناحي. سلوم بن حميد بن الله عبد حميد، ابن مان، عُ بحرية الأعيان نهضة ٢٢٨ السالمي، دار الجيل، بيروت. ٢٢٩ نور القبس، أبو المحاسن يوسف بن أحمد بن محمود اليغموري (المتوفى: ٦٧٣ ه). ٢٣٠ نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار، محمد بن . علي بن محمد الشوكاني الوفاة: ١٢٥٥ ه ، دار الجيل، بيروت، ١٩٧٣ المصادر والمراجع ٤٢٥ ١٤١٠ ه/ ١٩٩٠ م. ، ٢٣١ وحي العبقرية، عبد الله بن علي الخليلي، ط ٢ ٢٣٢ وقعة صفين، نصر بن مزاحم بن سيار المنقري الوفاة: ٢١٢ ه. ٢٣٣ يا شيعة العالم ا ستيقظوا، موسى ا لموسوي. øjhÉæ©dG ¢Sô¡a   شكر وعرفان ......................................................................................................................................... ٥ المقدمة ...................................................................................................................................................... ٧ القسم الأول: مظاهر الاستبداد ١٣ ...................................................................... له الناس وُل بُ وَق م مَ اُلأ في مِ لْ الظ انتشار ِ ١٤ ........................... لم الظ ليتقبلوا جل بّالد الناس على وحية الر ادات ي الق تأثير  ِ ١٤ ................................................................................................................................. ة نَ اع ر اَلف ١   ٢ أباطرة ا لرومان.................................................................................................................. ١٧ ٣  أباطرة ا لفرس.................................................................................................................... ١٨  ٢٠ ..................................... المة الظ ج والمناه الخاطئة الأفكار ه لهذ لام سِ الإ فُ س نَ ٣١ ........................................ ة اّستبدادي ة ط ل سُ إلى ة دَ اش رَ ة لاف خ نْ م مِ ك اُلح ال قَ انت ٣٦ ...................................................................... يٌة باغ ةَ ئَ الف ه ذ هَ أّن على يُح رِ الص ص الن ِ ٣٩ .......................................................................................... قّ اَلح اض حَ دِْ لإ لِ بالباط ةٌ لَ اَد جَ مُ ِِ ه ن عْ وَل الشرعي الخليفة بّ بَس الحقيقة ةُ طَ اَل غَ مُ ٥١ ............................................................................. الناس ول قُ عُ لتضليل المنابر على ٦٢ ................................. والأنصار المهاجرين رغم على ليزيد اوية عَ مُ استخلاف تحول الحكم في بني أمية من آل أبي سفيان إلى آل مروان................... ٧٦ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤٢٨ لما أسسه بنو أمية من الجور ƒ نقض عمر بن عبد العزيز وإعادته دور الخلافة الراشدة في ا لعدل................................................................. ٨٠ مساندة فتاوى المارقين لجور ا لظالمين........................................................................ ٨٩ أثر السياسة الأموية في الفقه السياسي ا لتبريري................................................... ٩٥ ١ إضفاء الشرعية على السلطة المأخوذة عنوة................................................. ٩٦ ٢ تحريم القيام عليهم لدفع ظلمهم وأخذ الحق منهم........................... ١٠٠ ٣ رد الروايات ولو صحت أسانيدها عندما تتعارض مع هذه ا لسياسة......................................................................................................... ١٣٩  ٤ إسقاط حرمات دماء الأمة في سبيل تعزيز السلطة وإبقائها.......... ١٤٢ ٥ إباحة المحرمات لذوي ا لسلطة....................................................................... ١٤٦ القسم الثاني: مواجهة الاستبداد  ثورة ةي مَ أ بني على ة م الأ ام يَ ق » اّلحق طالب وذج نُم حمزة وأبي « ١٥١ ........................................................................................................ ا المهد الذي ترعرعت فيه ثورة طالب ا لحق......................................................... ١٥٣ أسباب قيام طالب ا لحق....................................................................................................... ١٥٧ امتداد حركة طالب الحق إلى ا لحجاز...................................................................... ١٦٧ العناية بالطائف............................................................................................................................ ١٧٤ مثالية أبي حمزة وأصحابه في التعامل مع أهل المدينة بقديد........... ١٧٦ خطب أبي حمزة الشاري بالمدينة ا لمنورة........................................................... ١٨٠ أبو حمزة وأصحابه في مواجهة أهل ا لشام.......................................................... ١٩٢ فهرس العناوين ٤٢٩ أبو حمزة الشاري (بين شهادات المنصفين وافتراءات ا لحاقدين)..................... ١٩٧ شهداء ا لقسط.......................................................................................................................... ١٩٧ افتراءات ا لحاقدين............................................................................................................... ٢٢٨ دلالة ا لسنة النبوية على براءة ا لنبي ژ من الظلمة......................................... ٢٣٢ ّ ثبوت براءته ژ من كل من ارتكب كبيرة.......................................................... ٢٣٥  ثبوت لعن ا لنبي ژ لبعض أهل ا لكبائر.................................................................. ٢٣٩ ٢٤١ ................ الكبيرة ب ك تَ ر مُ نْ م اءة رَ اَلب وجوب على ل دُ تَ رآن الق وص صُ نُ ِ قّ اَلح طالب إليها ينتمي التي ة سَ رَ دْ اَلم رُ أَث    ٢٥١ ......................................................................... ة الإسلامي ياسة الس في ة زَ مْ حَ وأبو     ِ ٢٥٢ ........................................................................................................ ب ر غْ الم ن م ةٌ اَد ه شَ ِ شَه  َ َاد   من ةٌَ  اَلمَ ٢٦٠ ........................................................................................................ ق ر شْ صِ رْ الح نَ م ة اّلي ثَ م رٌ وَ وُص ةٌ ي حَ جُ اذ مَ نَ ٢٦٩ّ ........................................ ة سَ رَ دْ اَلم هذه أبناء دَ نْ ع ة الاجتماعي ة ال دَ اَلع على ٢٦٩ ............................................................................ ود ع س م بن ى دَ ن لَ الج الإمام ١ ٢ الإمام أبو ال خَطاب المعافري....................................................................... ٢٧٣ ِِ َ ٢٧٥ ................................................................................................. ون ي م تُ س الر ة م ئ الأ ٣ ْ ٢٧٦ ................................................................................... ب ع كَ بن ث اِر الو ام الإم ٤ ٢٧٧ ............................................................ دّي مَ حْ اَلي الله عبد بن ان س غَ الإمام ٥ ِ ٢٧٨ .................................................................................. ك ال م بن ت لْ الص ام الإم ٦ ِ ٢٩٠ ................................. وب بُ حْ مَ بن د م حَ مُ بن دالله بْ عَ بن يد ع سَ الإمام ٧ ه تَ ه اج و هُ وم رُ اِه ظَ مَ الاستبداد ٤٣٠ ِِ ٨ الإمام راشد بن سعيد اليحمدي................................................................ ٢٩١ ِ ٩ الإمام عمر بن ال خَطاب ال خَروصي......................................................... ٢٩٢ ِِ ٢٩٤ ................................................................................... د ش ر م بن ر اص مَ ن ا الإم ١٠ ١١ الإمام عزان بن قيس بن عزان بن قيس بن  الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي....................................................... ٢٩٩    ١٢ الإمام سالم بن راشد بن سليمان الخروصي................................ ٣٠٣ ِِ ٣٠٦ ..................................... يلي ل اَلخ سعيد بن الله د ب ع بن د م ح م الإمام ١٣   ِ ٣١٢ ............................................... لوك الس أو رِ كْ الف في و لُ لُلغ المدرسة هذه ضُ فْ رَ     ٍِِ ٣٢٣ ..................................................................................................... ا هَ نْ م د لاُ ب اف صَ نِْ إ ةُ مَ ل كَ    ٍٍ ٣٢٥ ..................................................................................... تأريخية ة هَ ب شُ عن تار الس ةُ اَح زَِ إ   الشاهد  الأول.................................................................................................................... ٣٢٨  الشاهد ا لثاني................................................................................................................... ٣٢٩ ٣٣٨ ................................. ابية ه اَلو ة وَ عْ الد ايا وَ طَ كشف في ةي اِلإباض اء مَ لَ عُ رُ وْ دَ َُِِِ ٣٤٢ ........................... لمائها عُ وص صُ نُ في ةل ب الق لأهل ة ابي ه اَلو يك ر شْ تَ وُت ب ث ٣٤٤ ................. ها لَ قتالهم في ة الأم على ك ر الش لِ أه أحكام ة ابي ه الو يق ب طْ تَ ٣٥٧ ..................................................... ة يّ اِلإباض وأعمال ابية ه اَلو أعمال نَ ْي ةَ ب نَ اَر قَ مُ ٣٦١ .......................................................................................................... ة حَ اِر بَالب ةَ لَ يْ الل هَ بَ أش ا مَ ٣٦٢ ............................................................................................................................... بدء على دٌ وْ عَ ٣٦٧ ......... معاييرها اب رَ طِ وْاض ا هَ رِ و صَ تَ في الأمة على وّي اَلأم ان يَ غْ الط رُ ثَ أَ ٣٧٧ ......................................................... ا اًد جَ أْم ئَ اِو سَ اَلم لَ حو الأمة ين اِز وَ مَ لاُب اِنق فهرس العناوين ٤٣١ ٣٧٨ ................................................................................................ ف لَ والت ف ر الت بتن العلاقة ٣٨٠ ........................................................................... ا يَ نْ الد إلى وِن كُ الر من رآن اُلق ير ذِ حْ تَا اَه أَنس ضِ اْلأر في بالمستكبرين ة م اُلأ اب جَ عِْ إ وُخ سُ رُ ٣٨٣ ......................................................................................................... فيهم القرآن هُ رَ كَ اَ ذ م ها تفكير ر حر يُ بما ة اّلأم هذه نادون حُ ي لا صِْ الإ اُل جَ رِ َ  ِ ٣٨٧ ................................................................................................ والأغلال ود ي اُلق هذه من ِِ ٣٩٣ ................................................................................................................................ اب تَ الك ة م ات خَ  المصادر والمراجع ....................................................................................................................... ٣٩٧  فهرس ا لعناوي ن.............................................................................................................................. ٤٢٧   