‎m+ ee,‏ .ي ‏ا ‏م ‎` Webi ‎E ‎PURER ee Re ‎var ‏ا ‎e‏ ‏ا ‎e e inen ‎: ‎ ‎ ‎- ‏ى‎ ‎hi ‎< ‎Nena ‎7 ‎RR ‎: ‎PAU ‎An ‏ار ار ر ات ‎۰ 2ّ E ARN N E 1 0 : : ‏ا‎ ‎N ‏١‎ 4 ۰ 7 ‎ ‎ ‏س ‏ر ‏ااك ۹٩ ‏کے سے الف زا ‏ارک پو ‎4 ‏س ‎ ‎6 ‎$ ‏1 ‏. ‏۰ ‏, ‏1 ° . : : ا : ٤ ؛ . ‎f‏ ‏١ ‏1 ‏. ٠ ١ :1 ۲ ٧ : . َ۳ ۱ ۱ ۲ ۱ 1 ١ 4 و 4 ٤ ‎e‏ : ( ‎Î ۱‏ ا ۱ . ۱ \ 1 1 ۱ ! ا ‎t‏ ‏١ ا . ۱ ا ُ " :۱ « £ ۱ ۱ 1 ا ; ; , ۲ . ‎e‏ ‏۰ ‏ل ‏, ‏. ‏. ‏۸ ٦ ٠ ` ` . ٧ ٍ 1 . ٢ ۰ ۰ ۰ . ‎N \‏ طبَلڵ نقَِف يلح عَلَى ابال فَيَدمَغه فِا هُوَ زاق «الأنياء ۱۸( الحق الدامغ تأليف سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتى العام لسلطنة عُمان ۹ه المقدمة الحمد لله الذي اصطفى لعباده الدين فوحد به بين قات المؤمنين › وألْف بنظامه بين قلوب الخلصين » سبحانه هو الواحد في ذاته المتقدس في صفاته المتعالى في كبريائه › الخالق لا في أرضه وسمائه ليس كمثله شيء وهو السميع البصيركه «الشورى ١٠» إلا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبيركه «الأنعام ١٠٠» الصادق في الوعد والوعيد › يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد » لا معقب لحكمه ولا تبديل لكلماته » ولا إخلاف في میعاده » أده حمد من امن بجلاله واعترف بكماله › وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لله الحمد في الأولى والاخرة › وله الحكم وإليه ترجعونك «القصص ۸۸» › وأشهد أن سيدنا ونبینا حمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه وصفوته من رسله » ارسله بأصدق البينات وأظهر الآيات وأبهر المعجزات فأكمل به الدين وأتم به النعمة على عباده المؤمتين » صلى الله وسلم تسليما عليه » وعلى اله وصحبه اجمعين › وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين › اما بعد : فإن التباين في أحوال الناس سمة من سمات البشر المعهودة › فلذلك تجدهم متفاوتين في المدارك . مختلفين في المشارب › متعاكسين في الاحاسيس › وإلى ذلك يرجع تعدد مذاهبهم في الامر الواحد » وتباين تصوراتهم في القضية الواحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ٠ ولذلك خلقهمك «هود ۹/۱۱۸ ١1» وكثيرا ما تتأصل الجمية في نفوسهم فلا تلبث مع استمرار الوقت وعوامل الزمن أن تتحول إلى عقيدة راسخة مستحكمة › في العقل والوجدان » مستعصية على الحجة والبرهان › لا تتزعز ع لحرك › ولا تنقاد لداع . احق الدامغ کے ٥ ولذلك كانت دعوات المرسلين عليم السلام تستفر ع مہم الجهد الجهيد » وتستغرق منهم الوقت الطويل » وتظل مع ذلك أفكار أكثر الناس سادرة في غيها » غارقة في عماها › لا تصغى إلى الحجج الصادعة ٠ ولا تتفتح على المعجزات الساطعة › بل كلما إزدادت الحجة بيانا . والمعجزة ظهورا » كانوا أشد تصاما وتعاميا » وأوغل في العناد والشقاق . وقد ابتليت كل أمة بالافتراق فيما بينها والانشقاق على نفسها › ولم تسلم من ذلك أمة حتى أمة محمد عَية التى اختصت ببعث أعظم رسول إلها » وإنزال أجل كتاب عليها ء وحذرت أيما تحذير من الافتراق ودواعيه » وبينت فا عاقبته السيئة في محكم ايات الكتاب الذي اختصت به » قال تعالى ل واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا «ال عمران ٢ وقال سبحانه ولا تکونوا کالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك م عذاب عظم «ال عمران ١٠٠ وقال تولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ریحکم ل «الأنفال ٤ وقال لنبيه عليه أفضل الصلاة والسلام إن الذين فرقوا دينېم وكانوا شيعا لست منہم ئي شيءڳ «الأنعام ٠٠ فإنها مع ذلك كله لم تسلم من هذا الداء العضال الذي أصاب غير ها من الم غير أن الله سبحانه اختصها بان حفظ شا كتابما المنزل عليها من تحريف العابثين وتبديل المناوئين تحقيقا لوعده الصادق طإنا نحن نزلنا الذ كر وإنا له لحافظون؟ «الحجر ۹) » ومكن لا من معرفة الصحيح الثابت من سنة رسوله عليه الصلاة والسلام » وجعل لا مخلصا من الشقاق والنزاع بالاحتکام إلى الله ورسوله حیث قال فان تازعتم ئي شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تويلا «النساء ۹ ©» ولا يكون الاحتكام م إلى الله إلا بالرجوع إلى كتابه فتستلهم منه الحقيقة ويستبان به الحق › و كذلك الاحتكا م إلى رسوله عٍَ لا يعني إلا الرجوع إلى سنته الثابتة الصحيحة . الحق الدامغ ‏ ٦ ومع وجود هذا الخلص الذي أمرنا بأن نفزع إليه من كوارث الاختلاف فإن الخلاف لم يزل » والشقاق لم يستاصل › فقد توول الكتاب تأولات شتى لم تستمد إلا من الوهم » ولم تستلهم إلا من الجوى »› ك أن للناس مواقف متعددة في معرفة الصحيح من غيره من سنته عليه أفضل الصلاة والسلام » وفي معرفة نفس مقاصد السنة الثابتة باتفاق الجميع » ومن هنا نشأً ما نراه بين الأمة من خلاف ونزاع في أصول الدين وفروعه . £ ع £ £ وإن أعظمه ضررا » وأفدحه خطرا » وأعمقه أثرا 9 وأسوأه عاقبة ما كان في أصول الدين › فإنما قواعد الاسلام › بها تقوم أركانه » وعليها يشاد بنيانه » وبقدر ما تكون قوتها تكون متانة الدين نفسه » ولأجل ذلك فإن الأمة كثيرا ما تتسامح في الخلاف الذي يكوت بين فاته في فروع الشريعة ء ولكن يشتد شقاقها ء ويتعمق نزاعها عندما تختلف في الأصول »٠ وبقدر ما يكون من التقارب أو التباعد فيا بين طائفة وأخرى يقدر ما بينهما من التلاقي أو الافتراق › وما مصدر ما حدث ويحدث بين طوائف الأمة من التراشق بالتهم والتنابز بالألقاب › والترامي بالأحكام القاسية إلا الاختلاف في أصول دينها » والتباين في منازع استنادها في معتقداتها بين الافراط والتفريط في التعويل على النقل أو العقل . وليس هذا النزاع في أصول الدين مع وحدة المصدر الذي تنل منه العقول التنازعة إلا نتيجة لتباين المدارك واختلاف التصورات عند أئمة الفرق » ثم يؤصله تعصب الجماهير لأقوال أئمتهم بحيث تجعل كل طائفة قول إمامها أصلا تطوع له الأدلة الخالفة له بكل ما تخترعه من التأويلات الملتكلفة › فتوزعت الأمة شيعا وأحزابا کل حزب جا لديم فرحونه «المؤۇمنون ۳ °» ولست أبالغ إن قلت إن الاباضية ‏ أهل الحق والاستقامة ‏ تاز احق الدامغ ۷ عقيدتهم وتتسم طريقتهم في فهم أصول الّدين بثلاثة أمور : ١ سلامة المنزع » فإنهم جمعوا في الاستدلال على صحة معتقداتهم بين صحيح النقل وصرع العقل › فلم يضربوا بالنصوص الصحيحة عرض الحائط بمجرد تعارضها مع مقتضيات العقل بادى الرأى ا هو شان أصحاب المدرسة العقلية الذين جعلوا العقل أسمى وأقدس ء وأصح وأثبت ما جاء به النبيون عن الله عز وجل » فعولوا عليه في التحسين والتقبيح › والتعليل والنكم › ا أنهم لم يطفئوا شعلة العقل مستاأسرين لظواهر الألفاظ غير مسترشدين به في استكشاف أبعاد معانيما » والغوص على حقائق مراميها » ا هو شأن عبدة الألفاظ الذين لا يأخذون من النص إلا قشوره › لا يتجاوزون شكله إلى جوهره › ولا يتعدون ظاهره إلى مضمونه » بل استمسكوا بالعرى الوثقى من التصوص » واتخذوا من العقل السلم دليلا على فهم مقاصدها ء ومن الاساليب اللغوية شراكا لاقتناص شواردها » ولا غرو فهم منطلقون في ذلك من مراشد القران نفسه » فكم تيد فيه بلايات لقوم يعقلون» و ئلقوم يتفكرون» و «لقوم يعلمون و لاولى الألبابك ك تبد فيه طإنا أنزلناه قرانا عربيا لعلكم تعقلون «يوسف ٩ » فهو وإن سما فوق بلاغة بلغاء العرب والعجم م يخرج عن كونه عربي اللسان والأسلوب » وقد يسره الله للذ كر بتفهم اياته واستجلاء مقاصده › واستلهام مراشده . ٢ عدم التعصب لائمتہم تعصبا يجعلهم يتصاممون عن النقول الصحيحة › ويتعامون عن العقول الصريحة ›ء ك تجد ذلك عند كثير من للتفقهة والمتكلمين » ومن أبشع ما وجدناه في ذلك قول العلامة الصاوي في حاشيته على تفسير الجلالين «ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الاربعة ولو وافق قول الصحابة والحديث الصحيح والاية » فالخارج عن المذاهب الأربعة ضال مضل » ورا أداه ذلك للكفر ‏ لأن الأخذ بظواهر الكتاب احق الدامغ ۸ والسنة من أصول الكفر» ١«١» فقد باين الاباضية هذا المسلك الضيق فقها وعقيدة إلى فسيح النظرة الشمولية للأمة › ولم يسوغوا لأنفسهم أن يرفعوا كلام أحد من أئمتهم إلى درجة كلام الله أو كلام رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام وإِن بلغ في العلم والورع ما بلغ » فهذا الامام نور الدين السالي رحمه الله يقول في كتاب أصول الدين من جوهر نظامه : (۲) وهي أمور تتنى عليا صحة ديننا فمل إلا لا دين للمرء إذا لم يعرف ما كان منه لازما فلتعرف واعتمدن ذلك بالدليل في حالة الاجمال والتفصيل إلى أن قال : ولا تناظر بكتاب الله ولا كلام المصطفى الأواه معناه لا نجعلل له نظيرا ولو يكوت عالا خبيرا ويقول أيضاً : (۳) نقدم الحديث مهما جاء علي قياسنا ولا مراء وترجعن في بيان الحكم عنه إلى إجماع أهل العلم وستجد أخي القارىء الكريم فيما أقدمه إليك ٠ وفيما دونه غيرى من الاباضية » ما يدلك دلالة قاطعة على صحة ما ذكرته لك ٠ من أن آهل الاستقامة «والحمد لَه« بريئون من هذا الأصل الذى رضيه الصاوى بان يكون القاعدة التى يفقوم عليها صرح الاسلام . ا ستجد إن شاء الله ان الصاوى ليس وحيدا في هذا الميدان › فهناك من مشی على نفس هذا النج ك يدل على ذلك مسلكه في النقاش ٠ وستجد ذلك إن شاء (١) حاشية الصاوى على تقسير الجلالين ج ۳ ص ١٠ ط دار إحياء التراث العرني بيروت لبان . (۲) جوهر النظام ج۱ ص ٦ ط ١٠ (۳) المرجع السابق ص ۲٢۲ الحق الدامغ ‏ 4 الله أناءِ مطالعتك لذه الدراسة التى أقدمها إِليك ء ولا يعنى ذلك أن جميع أتباع اللذاهب الأربعة منخمسون فيما انفمس فيه الصاوى وغيره من جما التقليد لبغيض » ورفع آقوال الأئمة إل مستوی أرفع من مستوی كلام الله » و كلام رسول الله عك » وأقوال الصحابة رضوان الله عليبم © كلا فان كثيرا منهم تحرروا من ربقة هذا التقليد الأعمى وانصفوا مخالفیہم في الحكم › ك ستجد ذلك أيضا إن شاء الله في هذه الدراسة «١» ۳ س المرونة والتسامح في معاملة سائر فرق الأمة وإن بلغ الخلاف بينم وبينهم ما بلغ » إذ لم يتجراوا قط على إخراج احد من الملة وقطع صلته هذه الامة مادام يدين بالشهادتين ولا شيئا مما علم من الدين نسج العنكبە وت فحسبه تأويله واقياً ل من اكم عليه عندهم يارو عن حظيرة الأمة ء وخلع ربقة الملة عن عنقه › ومن هذا المنطلق صدر ذلك الاعلان المتنصف الذي رسم مدا الاباضية ف نظر تېم إل الأمة من أشهر قائد إباضى وهو/أبو حمزة الختار بن عوف السليمى ٠ في خطبته التى ألقاها على منبر رسول الله مَك » فأصاخ فا الدهر » وسجلها الزمن » وخلدها التأريخ » إِذ قال فہا رمه الله : «الناس منا وحن منم الا ٹلانه : مشر کا بالله عابد ون٩ او کافرا من آهل کتاب »٤ ُو إماما جائرا» (۲) وقد مشى الاباضية في هذا المج السلم › والتزموا هذا المبدا القوي ف معاملہ ہم لسائر طوائف الأمة 5 یشید بدلا ك التاري 6 ولجد هده المنعرة )۱ )ا الانصماف لیقتضی ذ کر رد العلامة الفاضل الشية/أححد ان حجر ا ل بوطامی القاضى الأول بالمحكمة الشرعية بدولة قطر الشقيقة على كلام الصاوي . . فقد أفرد هذا الرد في كتاب سماد (تنزيه السنة والقرآن عن كونهما مصدر الضلال والكفران) وقد وضع في هذا الرد المقصل على المفصل .. (٣) أبو الفرج لامها الأغاني ‎7d‏ ص ٤ ط . بولاق . الحق الدامغ ‏ ١٠ المنصفة تتر دد ف أصوات فادة الفكر مہم ف الخلف 5 كانت من قبل عند السلف » فهذا الامام نور الدين السالى رمه الله تعالی حدد لنا موقف الاباضية من سائر الأمة بهو له 0\9( وحن لا نطالب العبادا فمن أ بال جملتين قلنا إلا إذا ما نقضوا القالا قمنا نبين الصواب شم فما رايته من التحرير فوڦ شھادتہم اعتقمقادا إخواننا وبالحقوق قمنا واعتقدوا في دینہېم ضلالا وخسبن ذلك من حقهم في كتب التو حيد والتقرير رد مسائل وحل شبه ‏ جاءِ بہا من ضل للمنتبه قمنا نردها ونبدیى الحقا نجهدنا كى لا يضل الخلقا - . 4 . . ۰ . ا وعلى هذه القاعدة بنى الاباضية حكمهم على طوائف الامة التى زاغت عن الحق وجانبت الحقيقة في معتقداتها › فكانوا أشد احتياطا من إخراج احد منم من الله بسبب معتقده مادام مبنيا علي تاول نص شرعي ۽٤ وان م یکن تا یله اساس من الصحة وا ظط من الصو اب ٠)ومن هنا اشد إنكار الامام الاباضى الكبير محبوب بن الرحيل س رحمه الله تعا لی على حبوب ئي دت رسالتين جامعتن ضمہما حححه الداحضة لراي هارون 6 وجه إحداهما إلى إباضية عمان ٠ وثانيتهما إلى إباضية حضرموت «6» › واطبق الرآي الاباضى على تصويبه وتخطئة هارون . ر٢ ) الرسالتان في الجزء الثالث من كتاب سير المسلمين . ونرجو أن يظهر هذا الجزء قريا إن شاء الله بعناية وزارة التراث القومي والثقافة التى أصدرت الجزء الأول منه . ومحبوب هذا هو أحد كبار أئمة العلم في أواخر القرن النانِ المحري . إذ کان واسطة العمقد عند الاباضية مشار قتہم ومغاربتېم . الحق الدامغ .١٠ وسكل المحقق الخليلى رضوان الله عليه عن حكم هولاء المشبية هل هم مشرکون ؟ فکان من جوابه لسائله : «إياك ثم إياك أن تعجل بال حكم على أهل القبلة بالاشراك من قبل معرفة باصوله » فانه موضوع الحلاك والاهلاك» «٠» هذا في حين تمد أتباع الأئمة الأربعة ‏ الذين جعلهم الصاوى مقياسا لمعرفة احق من الباطل دون الكتاب والسنة ‏ يكفر بعضهم بعضا في هذه المسألة » وناهيك با في «السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل» للعلامة السبكى الشافعى › و«تبديد الظلام اخم من نونية ابن القم» للعلامة الكوثرى الحنفى › و«البراهين الساطعة في رد بعض البد ع الشائعة» للعلامة القضاعى الشافعى » وأمثالها من الحكم بإخراج هؤلاء المشبهة عن حظيرة الاسلام ء ك أن أحكام المشبهة أيضا على الاخرين لا تقل صرامة وشدة ء . وناهيك بقول العلامة ابن القم في نونيته : إن المعطل بالعداوة معلن والمشركون أخحف في الكفران وما مراده بالتعطيل إلا رد متشابه الآى والأحاديث الى محكمها › حرصا على التنزيه » و حملا لكلام الله وكلام رسوله عة على ما تقتضيه أساليب البلاغة في كلام العرب » ودفعا لا عسى أن يتوهم منه من التناقض والاختلاف . ولم يقف الأمر عند هذا الحدا بل تجد المتفقهين على مذهب إمام واحد من هوّلاء الأئمة الأربعة يشرك بعضهم بعضا في هذه المسألة أو في غيرها › فهذا الفخر الرازى يسمى كتاب محمد بن اسحاق بن خزيمة ‏ الذي أسماه کتاب التوحيد ‏ كتاب الشرك ١۲» وهما شافعيان فقها › وسوف (١) كتاب تمهيد قواعد الابمان ج ص ٢۲۲ ط وزارة الترات القومي والنقافة . سلطنة عمان . (۲) مفاتيح الغيب . ج ۲۷ ص ١۵٠ ط ۲ طهران احق الدامغ ‏ ١٠ تقف إن شاء الله في المبحث الثالث من هذا الكتاب على نقول حرفية من كلام ابن تيمية في اختلاف الحنابلة في ألفاظ القران وحروفه وأصواته › وتكفير بعضهم بعضا في ذلك › ولا أريد أن أطيل في ضرب الامثلة وتعديد الشواهد في هذا » فإننى لم أرد بما ذكرته التشهير يأحد › وإنما هو أمر اقتضته المقارنة بين احتياط الاباضية في الحكم وحذرهم من الاندفاع » وبين تسرع بعض علماء الأمة الآخرين في إصدار مثل هذه الاحكام التى لا تؤول إلا إلى صدع جدار الامة وتمزيق شملها » وهو آمر والانسجام » ألم يامرها الله بذلك في محكم كتابه بقوله : واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا ‏ نعمة الله عليكم إذ كنم أعداء فالف بین قلوبکم فأصبحم بنعمتە إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فاأنقذ £ مہا »ال عمران ۰۳ ۱» ؟! أ يحذرها من عاقبة التفرق بهو له ولا تازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكمڳ «الاتفال 7٤» ؟! ألم يبعث فيا بيا كرا » ورسولا أمينا يدعو إلى الوحدة دعوته إلى التوحيد فقضرب نيا روع لاال بعر کل ما کان من قل بن قومه من تلاش و نزاع بن القلوب اللتنافرة ك وبين ان هذه الو حدة هى وحدة عميدة وعمل | للمؤمن كالىنيان يشد بعضه بعضا) وقال : (مشل الْؤمنين ف توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا إٍشتکی منه عضو تداعی له سائر الجسد بالحمى والسهر) أليست. هذه و المانية ة الى نادی : رسول ١ ال ع ورفع الحق الدامغ ‏ ۳٠ فأبدها الله بذها عزا » وبضعفها قوة › وبضعتها رفعة » فتمكنت من فتح الدنيا مع قلة عددها وعدتها › و كثرة خحصومها › ووفرة العَدّد عندهم ؟ أوليس ما بليت به من الشقاق هو الذى عكس عليها ما نشهده من اثار سلبية في أوضاعها › فتشتتت بعد الوحدة » وذلت بعد العزة › وضعفت بعد القوة › فازدرتها الأعين التى كانت تکبرھا » وطمعت فیہا الأم التى كانت لا تصطلى بنارها ؟ ليت شعرى ! ألا صحوة بعد هذه السكرة » ويقظة بعد هذه النومة التى غرقت فيا عقول هذه الأمة وفي مقدمتها علماؤها الذين ائتمنهم الله دينه وأخذ عليهم العهد أن يأخذوا بايدى أمتهم إلى سبيل الرشد . يا ساسة الدين علام وهنكم تختلفون الرأى فيما بينكم وحلفكم من يستغل خحلفكم يخالكم كالشاء في مسرحها هلم ثي صدق العزوم إنها يا للضلال أن نضل قصدنا نرتع في غيبوبة من أمل نحس بالالام في أنقفسنا ونغمد السيف عن الخصم ولا أهكذا قالت لنا عقولنا ؟ ّم نہ ليست شا بصيرة ؟ يا حالة قد أفقدتنى عصبی مولای عبد تاه في مرامه فخذ بضبعه وأمة هوت مستفتحين بأياديك الغنى الحق الدامغ ‏ ٤ ١ ونت في عدة وعد ؟ والحال إخفاق ونقض عهد في ونه السمع وسمع الخلد فإن دعاها رئمت لولد سلاح کل أمة وفرد كسادة النادی وشيخ نید ونرتضى من العلى بالوهد لکہا منى على وحدی نقره عن دمنا ئي غمد أم أنها قد أخطات عن قصد ؟ م أنها بصيرة لا تجدى ؟ رمیت فمن کنته بالفقد عن تمجه وأنت مولى العبد تحت الخلافات وبثق السد والعز ٠ والنصر وکل جد فاجمم شتاتنا وأصلح شأننا واقض لنا على ظلوم ند (۱) ولعله مما يفاجىء كثيرا من القراء أن يطلعوا لأول مرة على عناية قادة الفكر من الاباضية بلم شعث هذه الأمة وجمع شتاتها بعدما أثخنتها الخلافات المذهبية » ومزقتها التزعات العصبية › وك تمنوا أن يخس ساثئر أعلام الأمة بمثل أحاسيسهم » ويشاركوهم في هذه الحموم التى تنوء بها صدورهم › وتؤرق ليلهم › وتقض مضجعهم › وقد كانت منہم محاولات للخطو في هذا الطريق والاستعداد لجذه المهمة بنفقات مالية يرصدونها من جیوبہم وجيوب المخلصين من سائر أبناء الأمة » وأصدق مثال على ذلك ما يجده القارىء في هذا السؤال الذى صدر من عالم مفکر وقائد محنك ٩٠ ذلكم هو الشيخ سليمان بن عبد الله بن يحي البارونی » عضو مجلس اللبعوثان بالدولة العغانية » المشهور بسليمان باشا الباروني » وهو من إياضية جبل نفوسة بالقطر الليبي › وقد توجه بسواله هذا إلى عالم الأباضية باللشرق » ومرجعهم في أمور الدين › الامام عبد الله بن حميد السالي › ونص السوال : «هل توافقون على أن من أقوى أسباب اختلاف المسلمين تعدد المذاهب وتباينها ؟ على فرض عدم الموافقة على ذلك فما هو الأمر الأخر اللوجب للتفرق ؟ على فرض الموافقة فهل يمكن توحيدها بالجمع بين أقوالما المتباينة وإلغاء التعدد في هذا الزمن الذي نحن فيه أحوج إلى الاتحاد من كل شيء ؟ وعلى فرض عدم إمكان التوحيد فما الأمر القوى الانع منه في نظر ك » وهل لازالته من وجه ؟ على فرض إمكان التوحيد فى طريق يسهل الحصول على النتيجة المطلوبة ؟ وأى بلد يليق فيه إبراز هذا الأمر ؟ وفي ك سنة ینتج ؟ وک يلزم له من الال تقريبا ؟ وکیف یکون ترتیب (١) من قصيدة لشاعر عمان الكبير الشيخ عبد الله بن علي الخليلي . احق الدامغ ‏ ١٠ العمل فيه ؟ وعلى كل حال فما الحكم في الساعى في هذا الامر شرعا وسياسة ؟ مصلح أم مفسد ؟» .. وكان هذا السوّال في عام ١۱۳۲ه . فكان من جواب ذلك الامام له : «نعم توافق ُن منشاً التشتيت اختلاف المذاهب وتشعب الاراء »ء وهو السبب الاعظم في افتراق الامة عل حسب ما اقتضاه نظر & الو اسع وللتفرف آسباب آخری منبا » التحاسد التبا غض » والتكالب على الحظوظ العاجلة » ومنبا طلب الرئاسة . وجمع الأمة عل الفطرة الاأسلامية بعد تشعب ا خلاف نکن عقفلا مستحيل عادة » وإذا أراد الله أمرا كان لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزیز حکہم 4 «الأنفال ۳« وساي في ا يدعو اس الله لاسلا »ال عمرال ۹« 0 جاب الناس 1 هذه الخصلة العظيمة ذهبت عنهم العصبية المذهبية ولو بعد حين › فيبقى المرء يلتمس الحق لنفسه ويكون الحق أولا عند احاد من الرجال ثم يفشو شيئا فشيعا حتى يرجع إلى الفطرة . وهي دعاية الاسلام التى بعث بها محمد عليه الصلاة والسلام › وتضمحل البدع شيا فشيئا » فيصير الناس إخوانا ومن ضل فاإنما يضل عليہاك «يونس ۸٠١ الاسراء ١٠ » الزمر ١٤ء ولو أجاب الملوك والأمراء إلى ذلك لأسرع الناس في قبولهم » وكفيتم مؤنة المغرم » وإن تعذر هذا من الملوك فالأمر عسير والمغرم كثير . وأوفق البلاد لذه الدعوة مهبط الوحي ومتردد الملائكة » ومقصد الخاص والعام » حرم الله الآمن » لأنه مرجع الكل . الحق الدامغ ‏ ١٠ وليس لتا مذهب إلا الاسلام ›ء فمن ثم تجدنا تقبل الحق ممن جاء به وان كان بغيضا › ونرد الباطل على من جاء به وإن كان حبيبا » ونعرف الرجال بالحق » فالكبير عندنا من وافقه والصغير من خالفه ٠ ولم يشرع لنا ابن إباض مذهبا » وإنما نسبنا إليه لضرورة المييز حين ذهب كل فريق إلى طريق \( وهذا كلام غنى عن التعليق بشىء فإنه إن لم يكن شاهدا عادلا ومعلما واضحا عل نبل فقصد السائل وامجیب ومو فکرهما› وحسن انشودتهما » فليس يصح في الأذهان شيء . الأحاسيس فان الأدب الاباضي قديمه وحديثه طافح بعصارات مشاعر الأ لم أخي القارىء شاهدت صورة من ذلك فيما نقلته لك من قول أديب معاصر فاليك صورة آخری تعکس مشاعر أدیب بار ع وعالم جامع من أدباء هذه الطائفة وعلمائها الغابرين › وهو العلامة الكبير شاعر الاسلام والمسلمين أبو مسلم ناصر ابن سالم البهلاني الرواحى الذى طالا انساب يراعه الموهوب ليصور لنا بعباراته الايمانية مومه وأحاسیسه تجاه أمته ودینه ودونك هذا القطع من فصيدة له بعنوال ( فقوا بني القران) : فيا لبنى القران آين عقولكم وقد عصفت هذى الرياح الزعازع ؟ امسلوبة هذى النبى من صدورنا؟ وهل فقدت أبصارنا والمسامع ؟ ه 1 ‎X‏ ‏فليت بنى الاسلام قرت صفاتهم فما زعزعتها للغرور الزعازع وليتهم ساسوا بنور محمد نمالكهم إِذ باغتتها القواقع .() العقد الثمين من أجوية تور الدين ج١ ص ١۲٠ ؛ ۱۲۷ الطبعة الأول الحق الدامغ ‏ ۷١ وليتهم لم ينحروا بسلاحهم لقد مكن الاعداء منا انخداعنا ومزيق هذا الدين كل لمذهب وما ترك الختار ألف ديانة فيا ليت أهل الدين ل يتفرقوا لو التزموا من عزة الدين شرطها ولو سلت السيفين يمنى اخوة وما صدعة الاسلام من سيف خصمه فکم سيف باغ حز اوداج دینه هراشا على الدنيا وطيشا عل اوی ولو نصع القلبان لم يتباغضا وما نال منها طائلا غير إمها ولو بعدت في النفس منزعة التقى A فما بيعنا الحسنى ومرضاة رينا Xx ‏ولو اشربت منا النفوس تبصرا‎ ‏بل أشر بت داءِ دخیلا اصارها‎ xX نحورهم إٍذ جاش فیہا التقاطع وقد لاح ال ف المهامه لامع لزيد على عمرو وما تم رادع له شيع یما ادعاه تشايع ضلالات أتباع الموى تتقارع ولا جاءِ في القران هذا التنازع لا اتضعت مها الرعان الفوارع وفد جعلت ف نفسها تتقار ع لاكت جبال المعتدين المصارع بأعظم مما بين أهليه واقع بأفظع مما سيف ذى الشرك باخع وذلك سم في الحقيقة ناقع على مسلم إلا من النعي وازع ولا ضام متبوع ولا ضم تابع وأكدارها المستاثرون الأمانع ‎UL‏ نزعت حو الشْمَاق المناز ع ‎X‏ با بيعه یمنی ېا الربح بائع وتذکی فظاظات النفوس المطامع ‎A‏ ا كان منها للشرارة ناقع کمنت في جحرهن الأقارع (۱) (۱) ديوان ایی مسلم ص ٢٠۲ ؛ ۳٠۲ ٠ ط وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان . الحق الدامغ ‏ ١۱ وقد كان من بشائر الجير التى لاحت للأمة مع تباشير إشراقة الصحوة الاسلامية المعاصرة ما كان بادىء ذى بدء ‏ من التعاطف والتواد والتراحم بين الشباب المسلم الذى أشرقت عليه أنوار هذه الصحوة › فقد کانوا في بادیءِ أمرهم لا لتغتون إل الخلافات المذهبية ء ولا يشتغلون بالنعرات الطائفية إلا قليلا منم › وهم الذين لم تصقل اثار تلك الصحوة ما تراكم على قلوبهم من الصداً » وهولاء كانوا مغمورين بالكثرة الكاثرة التى ينصب همها في حيط الاسلام الواسع الذي يجمع ولا يفرق » ويوحُد ولا يشتت ٠ وكادت القضايا الخلافية تلقى في زوايا الامال لتصبح في خبر كان » حتى إذا نضرت هذه الألفة وكادت توت ثمارها الطيبة هاجت عليها أعاصير العصبية العمياء ‏ بعدما حر كتا أحقاد غصت با نفوس ساءتها وحدة الأمة ‏ فلفحتها بسمومها التى أذبلت نضارتها . وقضت على رونقها » فإذا بالتواد تباغض » وبالتعاطف تباعد » وبالترابط تقاطع › وبالرحمة عذاب . وكان أول ضحية هذا التامر البغيض هو الاسلام الحنيف ثم الشبيبة الملسلمة التى كادت تقلب بيجرى التاريخ ء وتعيد إلى حاضر الامة المشرقة ماضيما العريق بضربها أروع الأمثال في الوحدة الاسلامية والترابط الدينى 0 فقد انتزعت انتزاعا من حظيرة الوفاق الاسلامي ليدفع بہا إلى متاهات من الخلاف والشقاق كان لا بد وأى بد من الدخول فیا وال يام في أرجائها . ولیت الأمر وقف عند حدود الجدل والمناظرات › ولم يصل الى التكفير وإصدار الأحكام التعسفية الجائرة على كثير من المسلمين | بإخراجهم من الملة › وتعريتېم من لباس الاسلام . وقد ر الاباضية فيمن لر إلى مضائق هذه الفتنة على كره منم » فقد كانوا في مقدمة المستبشرين بطلائم الوحدة الايمانية بين الأمة » المرتاحين الحق الدامغ ‏ ١٠ فما شعروا إلا ويكفا على رؤوسهم وقود هذه الفتنة وتضرم عليهم نيرانها عا صدر في من أحكام اتصلل رايع والتكفير » واعتبارهم داء عار نقمو | منهم إلا أن يۇمنوا بالله العزيز الحميدک «البروج ۸» اذ ينقموا وما ثبت من سنة نبيه عليه أفضل الصلاة والتسلم . کيو ما ترش طنتيم فی به الاسلام وغيرها و اللضايقات رفو آم دی آش کل فی في ؛ وة ل من انه قلب ٤ كيف ينزل الاباضية آهل ال حق والاستقامة هذه المتزلة مع رسوخ قدمهم ف التوحيد › وصفاء مصدرهم ف العقبدة › وما عر فو ا به بين الخاص والعام من الورع في الدين والخشية من باس الله » وما الذي ارتكبه الأباضية حتى ينزل بهم هذا الحكم » ويعاملوا بهذه الطريقة .؟؟ إن أهم ما تذرع به أولعك الذين أصدروا فيهم تلك الأحكام الرهيبة › وعاملوهم بباتيك المعاملة النكراء ثلاث قضايا كان للاباضية فيها موقف يتفق مع رغبات اولك الحاقدين وب ۾ يقردوا قير دون ن سائر واف اء فم لكر ن الین را الدراسة إن ا فة ما أخذرا : بحجز النتصوص الحق الدامغ ‏ ٠۲ القرانية والسنة الثابتة عن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام .. والقضايا الثلاث هى : أ إنكار رؤية الله تعالى ب القول بخلق القران ج اعتقاد تخليد الفساق في النار وقد اهالت علي أسعلة الطلبة من هنا وهناك عن موقف أصحابنا في هذه القضايا الثلاث . وما يستندون إليه من دليل » ونظرتهم إلى أدلة من يقولون بخلاف قولحم » ولم يكن لطلبتنا من قبل أي إهتام بالقضايا ال خلافية وبحثها ما عدا اللتخصصين متهم في دراستما › وإنما دعاهم إل هذا الالحاح في طلب كشف النقاب عن وجه الحقيقة فيا ما يلقونه من عنت ويواجهونه من إحراج من قوم لا يمهم إلا إثارة شحناء كانت تائمة ٤ و تسعير فتنه كانت خحامدة ٩٤ فدعانی ذلك إل حر یر هده العحالة التى سوف يجد فيا القارىء الكريم إن شاء الله دراسة وافية لكل قضية من هذه القضايا بتلخيص أدلة كل فريق وبثها على ضوء قول الله عز وجل وقول رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام ء مع إستلهام فهم مقاصدهما بالرجوع إلى قواعد اللسان العربي البين › الذي شرفه الله بان جعله وعاءُ للقران الكريم وطبع عليه لسان نبيه الخاتم عليه أفضل الصلاة والتسلم › وستدرك أخي القارىء ‏ إن شاء اله من خلال دراستك لا أقدمه إليك » أن الاباضية لم يستمدوا عقيدتهم من فلسفة اليونان وغيرها من أساطير الاولين ك يلو زعم ذلك للذين يهرفون بما لا يعرفوت › وإنما استمدوها من أصفى ينابيم الحق » وأنور أشعة الحقيقة » فقد احتكموا إلى الكتاب العزيز والسنة المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام › عملا بقوله تعالى تفن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنم تؤمنون بالله واليوم الا خر ذلك خير وأحسن تأ ويلا «النساء ٩ ©» إذا خفيت عن الغبى فعاذر أن لا ترافى مقلة عمياء الحق الدامغ ‏ ٢۲ ران ا أ تكد اله صنره أو تحجب وره . وي تعب من يحسد الشمس ضوءها ويجهد أن يأ لا بضريب ولن يضر هجر المقال إلا قائله دون من قيل فيه » فما الذي ضر للرسلين وأباعهم ما قيل فيم من الافك » ورموا به من التبم » و هي سنة الله في خلقه إن الذين أجرموا كانوا من الذين امنوا يضحكون ٠ وإذا مروا بہم يتغامزون › وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فکهين › وإذا رآوهم قالوا إن هؤلاء لضالون وما أرسلوا عليهم حافظين «المطففين ۳۳/۲۹» إنا وما تلقى لنا من هجائنا ‏ لكالبحر مهما يلق في البحر يغرق ولكنى رجحت جانب الرد على الصمت تبيانا للحق ودفاعا عن الحقيقة » ووقوفا في وجوه الذين يضرمون الفتن ويؤججون الأحقاد بهذه المحاولات » لمزيق شمل الأمة وتفتيت وحدتها › إذ لا يعلم إلا الله عاقبة هذه الفتنة إذا اضطرمت نارها وحمي أوارها والعياذ بالله . ولعمر الحق إن ما تعانيه اليوم أمة الاسلام من محن وفتن وتشتت وضياع لحدير بان يستدر ا عطف عدوها اللدود › ويعتصر نا الرحمة من قلوب خصومها القاسية » فكيف نسمح بمضاعفة بلائها وإنكاء جروحها من جدید » بامثال هذه المهاترات من غير أن نتصدی ها بالرد الملقنع بالحجة والبرهان › لذلك قمت › مع اشتغال البال وترا م الأعمال بتحریر هذه العجالة تبيانا لحجة (الحق الدامغ) واستتصالاً لشبية الباطل الزاهق › والله هو الذي حق احق وييطل الباطل بل نقذف الحق على ابال فيدمغه فذا هو زاق «الأنبياء ۸ .. وقد لخصت هذا الرد الحق الدامغ _ ٢۲ اللبحث الأول في رؤية الله لم ويشتمل على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة الحق الدامغ ‏ ۲۳ الملقدمة في مدلول الرؤية لغة جاء في القاموس وشرحه للزبيدى ما نصه : (الرؤية) بالضم إدراك مرف » وذلك أضرّب بحسب قوى النفس » الأول : (النظر بالعين) التى هى الحاسة وما يجرى محراها » ومن الأخير قوله تعالى لوقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسو لهك «التوبة ١٠٠» » فإنه مما أجرىى يمحرى الرؤية بالحاسة فإن الحاسة لا تصح على الله › وعلى ذلك يراك هو وقبيله من حيث لا ترونهمك «الأعراف ۲۷ » والثاني : بالوهم والتخيل » نحو أرى أن زيدا متطلق » والثالث : بالتفكير . نحو اني رى ما لا ترون «الأنفال ۸٤» » والرابع (بالقلب) أي بالعقل وعلى ذلك قوله تعالى ما كذب الفزاد ما ری «النجم ١٠» ء وعلي ذلك قوله تعالى ولقد راه نزلة أخریڳ «النجم ١١» (١) وقال ابن سيده : الرؤية النظر بالعين والقلب (۲) وهو تفسير للأخص بالأعم فقد تنظر العين مع عدم تحقق الرؤية مثال ذلك ٠ نظرت الحلال فلم أره » فإن النظر هنا هو محاولة للرؤية وليس إياها . والخلاصة أن الرؤية تكون بصرية وغير بصرية » والبصرية تك بحاسة الابصار المعهودة وهى العين فيما كانت فيه عين » وفسرها 3 السالي رحمه الله بقوله «وهي اتصال شعاع الباصرة بالمرفٌ أو انطباع صورة امرف في الحدقة» (۳) وإلى هذا المعنى ذهب أكثر القائلين برؤية اله تعالى » سواء الذين أثبتوا رؤيته في الدنيا والأخرة أو الذين أثبتوها (١) تاج العروس ج ١ ص ۱۳۹ ط : دار مكتبة الحياة . بيروت . لبنان . (٢) لسان العرب ج ۹١٠ ص ۲ء ط : بولاق . (۳) مشارق الأنوار ص ۱۸۹ ط ٢ احق الدامغ ‏ ٢۲ في الآخرة دون الدنيا ء ك قال الشيبانى : ومن قال ف الدنيا يراه بعينه فذلك ‏ زنديق طغی و ردا ولكن يراه ف الجنان عباده جاء في الأخبار نرو یه مسندا وقال اخر : ولله أبصار ترى الله جهرة فلا الضم يغشاها ولا هي تسام (١) (١) من قصيدة أوردها ابن القم في حادى الأرواح ص ۳٠٠ ١٠ ٠ ط : دار الكتب العلمية . الحق الدامغ ‏ ٢۲ الفصل الأول في إختلاف الأمة في إمكان رؤية الله ووقوعها أشتد النراع بين طوائف الأمة في إمكان رؤيته تعالى ووقوعها › فذهبت الطوائف النتسبة إلى السنة من السلفية والاشعرية والماتريدية والظاهرية وغيرهم إلى أنها ممكنة في الدنيا والاخرة » غير أن جمهورهم يثبت وقوعها في الاخرة لا في الدنيا . وذهبت طائفة إلى أنها واقعة في الدنيا والاخرة » وهم مختلفون كذلك » هل هى خاصة في الدنيا برسول الله عَية » أو هي عامة له وللمؤمنين ؟ فأ كترهم على أنها خاصة به » وهو قول الأشعري وغالب أتباعه » نقله عنهم الحافظ ابن حجر (١) وبه قال النووي ولم يقل بوقوعها لغيره عي في الدنيا إلا غلاة الصوفية » وظاهر كلام الألوسى يدل على جنوحه إليه » وقد غالى حتى أجاز له الكيفية تعالى الله عن ذلك » ونص كلامه :..«نقل المناوى أن الكمال بن الحمام سعل عما رواه الدارقطنى وغيره عن أنس من قوله عي (رأيت رى في أحسن صورة) بناء على حمل الرؤية على الرؤية في اليقظة) فاجاب بان هذا حجاب الصورة . إنتهى ٠ قال : وهو التجلى الصورى الشائع عند الصوفية » ومنه عندهم تجلى الله تعالى في الشجرة لموسى عليه السلام وتجليه جل وعلا للخلق يوم يكشف عن ساق » وهو سبحانه وإن تجلى بالصورة لکنه غیر متقید بہا لإوالله من ورائهم حيط والرؤية التى طلبها موسى عليه السلام غير هذه الرؤية » قال : وذكر بعضهم أن موسی کان یری الله تعالى إلا أنه ۾ يعلم ان ما راه هو هو (۱) فتح البارى ج ۸ ص ۸٠ المتلبعة السلفية . ال حق الدامغ ‏ ۲۷ وعلى هذا الطراز يحمل ما جاء في بعض الروايات المطعوت بہا (رایت رى في صورة شاب وفي بعضها زيادة ‏ له نعلان من ذهب) » ومن الناس من حمل الرؤية في رواية الدارقطنى على الرؤية المنامية » وظاهر كلام السيوطى أن الكيفية فيها لا تضر » وهو الذى سمعته من المشاخ قدس الله تعالى أسرارهم والمسألة خلافية . قال : وإذا صح ما قاله المشايخ وأفهمه كلام السيوطى فانا وله تعالى الحمد قد رأيت رى مناما ثلاث مرات » وكانت الرة الثالثة في السنة السادسة والأربعين والائتين والألف بعد الحجرة » رأيته جل شانه وله من النور ما له متوجها جهة المشرق فكلمنى بكلمات أنسيتها حين استيقظت ٠ ورأيت مرة في منام طويل كأنى في الجنة بین يديه تعا ی وبینی وبينه ستر حبيك بلوّلوٌ مختلف ألوانه » فامر سبحانه أن يذهب بى إلى مقام عیسی عليه السلام ثم إلى مقام محمد عة فذهب بى إليهما فرأيت ما رأيت ولله تعالى الفضل والمنة (۱) وهذا كلام تقشعر منه الجلود » وتتصدع به الجبال » فان فيه من الجرأة على الله تعالى ما ليس بعده » كيف وقد أخذت بنى إسرائيل الصاعقة هجرد سوال الرؤية › ونال موسى عليه السلام ما ناله من الصعق لا لشيء غير أنه سالا ليکفکف ۔ ما يات من الرد الحاسم على سؤاله - غلواءهم » ويستأصل شأفة طمعهم » ولم يكد يفيق من الصعق حتى قال سبحانك تبت إليك وأنا أول الملؤمنينك «الأعراف ٤٢ » ولولا فى أردت أن أوقفك أيها القارىء على هذا الخلط العجيب الذى جرا هؤلاء الناس عليه اعتقادهم جواز الرؤية ما نقلتٌ من هذا الكلام حرفا . (۱) روح المعانى ج ٩ ص ۲٠ دار إحياء التراث العرلى . الحق الدامغ ‏ ٢۲ أقطابهم ما هو صر في رد قوله تعالى لموسى تلن ترانى» «الأعراف ٤ء وترجيح هذه الأقوال على هذا النص القراني الصرع › وإليك أيها القارىء الكريم بعض ما جاء به : قال : «وقال الشيخ الا كبر قدس سره إنه راه بعد الصعق وذ كر قدس سره أنه سال موسني عن ذلك فاجايه يما ذكر » والاية عندی غير ظاهرة في ذلك ٠ وإلى الرؤية بعد الصعق ذهب القطب الرازى في تقرير كلام للرخغشرى إلا أن ذلك على احتال أن تفسر على الانتكشاف التام »٠ الذي لا يحصل إلا إذا كانت النفس فانية مقطوعة النظر عن وجودها فضلا عن وجود الغير» إلى أن قال : وذهب الشيخ ابراهيم الكورانى إلى آنه عليه السلام: رأى ربه سبحانه حقيقة قبل الصعق فصعق لذلك 4 ک دك الجبل للتجلى ... الح (۱) کلامه المتناقض الذى اثرت الاعراض عن نقله كله › لانه كثير العناء ولا جدوی . والقائلون برؤيته في الاأخرة مضطربون كذلك لاختلافهم في من يرونه ومتى يرونه » فبيا أكارهم يقولون بان الرؤية خاصة بالؤمنين إذ هى نعمة كن لله بيا عليم يتضاعل مها نيم نة » شم بيرعوت إل الاستدلال .عليہا بحدیث (سترون ربکم) مع أنه يقتضى أن هذه الرؤية ستكون في لوقف » وأنها غير خاصة بالۇمتين » بل المنافقون يشار كونهم فيا لأن من نصوصه (وتبقى هذه الأمة فيا منافقوها فيأتيهم الله تعالى في صورة غير التى يعرفون) وأغرب من هذا ما ذکره ابن کثير في تفسیر قوله تعالی لکلا إنہم عن ربہم يومئذ محجوبونه «المطففين ١٠)» أنه يكشف الحجاب فينظر اليه المؤمنون والكافرون » ثم يحجب عنه الكافرون وينظر إليه المؤمنون كل يوم غدوة وعشية » وعزا إلى ابن جریر آنه رواه عن الحسن (۲) » ولم أجده في تفسير ابن جرير وإنما وجدت فيه رواية عن (۱) المرجع السابق ص ۵۲ | ۳٠ . () تفسير ابن كثير؛ ج ٤ء ص ٦4۸ » دار إحياء الكتب العريية . الحق الدامغ ‏ ٢۲ الحسن أنه قال : «يكشف عنه الحجاب فينظر إليه المؤمنون غدوة وعشية» أو كلاما هذا معناه (١) . ونقل الحافظ القول باشتراك المؤمنين والكفار في رؤيته يوم القيامة عن طائفة من المتكلمين كالسالية من أهل البصرة . وإذا قسنا هذا إلى ما نقله ابن الق في حادى الأرواح من رواية ابن يي حاتم عن الأو زاعی آنه قال : إنى لأرجو أن يحجب الله عز وجل جهما وأصحابه عن أفضل ثوابه الذى وعده أولياءه (۲) ء وجدنا تعارضًا بعيدا بين أقوالجم » وقد سمعت محاضرة مسجلة في شريط لأحد خطباء الجحمعة اللشهورين في إحدى دول الجزيرة العربية استدل فيا على ثبوت الرؤية بقوله تعالى تكلا إنہم عن ربہم يومئذ لمحجوبونك وكان مما قال في الاية «إن الأباضية هم الذين يحجبون عن ربهم فلا يرونه ‏ عندما يراه المؤمنون ولكنهم يرون مالكا خازن النار بسبب إنكارهم للرؤية» أعوذ بالله من نزغات أهل الجهل › ومن عترات أتباع الحوى . وقال ابن القم : فقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن النافقين يرونه تعالى يوم القيامة » بل والكفار أيضا ك في حديث التجلى يوم القيامة › ثم قال : وفي هذه المسالة ثلاثة أقوال لأهل السنة : ء أحدهما : أن لا يراه إلا المؤمنون . « والثاني : يراه جميع أهل الموقف مؤمنهم وكافرهم » ثم يحتجب عن الكفار فلا يرونه بعد ذلك . ء والثالث : يراه المنافقون دون الكفار › والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد وهي لاصحابه (۳ ). هكذا ترى ‏ أيها القارىء الكريم ‏ تضارب أقوال مثبتي الرؤية (۱) تفسیر ابن جریر ج ۴۰ ص ١٠۱ ط : دار الفکر (١) حادى الأرواح ص ٢٤٦۲ ط ۽ )۳( الر جع السابق ص ‎YY‏ ‏احق الدامغ ‏ ۳ في هذه القضية حتى أنہم ينسبون إلى إمام واحد من أئمتهم أقوالً متعارضة ومذاهب متباينة » وناهيك بذلك شاهداً ودلیلا على ضعف القاعدة التي أسسوا عليها معتقدهم » وإلاً فإن الحق لا يحتمل هذا الاختلاف لوضوح حجته واستقامة حجته وصدق الله لإوأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيلهك «سورة الأنعام ية ١١٠» وليت شعرى إذا كانت الرؤية أعظم ثواب أعده الله للمؤّمنين ثم شاركهم فيها الكافرون والمنافقون › ماذا بقى بعدئذ ؟ وكيف لا يشار كونهم في نعم الجنة › مع أن الجنة لا تساوى شيئا بجانب هذا الثواب العظم في زعم هؤلاء القائلين حتى أنهم نسبوا إلى أحد الأئمة أنه لو لم يوقن أنه سيرى ربه يوم القيامة لما عبده (١) وهو يفيد أن قائله يرى أن الله سبحانه لا يستحق من خلقه عباده _ لولا رؤيته التى يرجونما ‏ لا لعظمته ولا لنعمته ولا لثوابه ولا لعقابه » ولعمرى ما أخحطر هذا القول ونسبته إلى عَالم من غُلماء المسلمين » فما اشبهه بقول بني إسرائيل لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة «البقرة 5°« هذا وقد صرح بعض الحنابلة بأن إثبات رؤية الكفار لله يوم القيامة قول باطل مخالف لإجماع الامة » فقد حکى ابن تيمية عن القاضي الي يعلى وغيره من الحنابلة أن مثبتي رؤية الله في الأخرة ومنكريما اتفقوا على أن الكافرين ن لا یرونه ‏ قالوا (فثبت بهذا إجماع الأمة ‏ ممن يقول بجواز الرؤية ومن ينكرها ‏ على منع رؤية الكافرين لله » وكل قول حادث بعد الإجماع فهو باطل مردود) . وحكى عنهم أيضاً ما نصه : الأخبار الواردة في رؤية المؤمنين لله إِنما هي طريق البشارة » فلو شاركهم الكفار في ذلك بطلت البشارة › ولا خلاف بين القائلين بالرؤية في أن رؤيته من أعظم كرامات أهل الجنة . ثم أتبع ذلك قوله . قال أي القاضي ابو يعلى : وقول من قال انما یری نفسه عقوبة لحم وتحسيراً على فوات دوام رؤيته ومتعهم من ذلك بعد علمهم با فيا من الكرامة والسرور ‏ يوجب أن يدخل الجنة الكفار ويريهم ما فيہا من الحور والولدان » ويطعمهم من تمارها ويسقيهم من شرابما » ثم يمنعهم من ذلك ليعرفهم قر ما منعوا منه ويكثر تحسرهم وتلهفهم على منع ذلك بعد العلم (۱) حادي الأرواح (مصدر سابق) ص ٢٦۲ احق الدامغ ۹٢۳ غ قال : والعمده قوله سبحانه ظڑکلا إنہم عن رہم يومئذ حجوبون» فانه يعم حجيبهم عن ربهم في جميع ذلك اليوم › وذلك اليوم يوم يقوم الناس لرب العالمين وهو يوم القيامة » فلو قيل إنه يحجبهم في حال دون حال لكان تخصيصا للفظ بغير موجب » ولكان فيه تسوية بينهم وبين المؤمنين › فإن الرؤية لا تكون دائمة للمؤّمنين والكلام خرج مخرج بيان عقوبتهم بالحجب وجزائهم به فلا يجوز أن يساويهم المؤمنون.في عقاب ولا جزاء سواه .. ال (١) وکفی بهذا الکلام دحضا لا قالوه ونقضا لا شيدوه . وذهب إلى إستحالتها في الدنيا والآخرة أصحابنا ‏ الإأباضية ‏ وهو قول العتزلة والجهمية والزيدية والامامية من الشيعة › وبه قال جماعة من المتكلمين اللتحررين من أسر التقليد كالامام الجصاص في «أحكام القران» » وجتح إليه الأمام الغزالي في بعض كتبه » بل صرح به في بعضها › وهو الثابت عندنا عن سلف هذه الأمة › فقد رواه الأمام الربيع رحمه الله عن أفلح ابن محمد عن أبى معمر السعدى عن علي بن أي طالب كرم الله وجهه » وروا عن جبير عن الضحاك عن اين عباس رضي الله عنهما » ورواء عنه من طريق اپ نعم عن العباس آي إسحاق عن سعيد بن جبير عن نافع بن الأزرق › ورواه ايضا عن عائشة رضي الله عنها ومجاهد › وايراهم النخعى » ومكحول الدمشقى » وعطاء بن يسار وسعيد بن اللسيب وسعيد ين جبير والضحاك بن مزاحم » وأبى صالح صاحب التفسير › وعكرمة ومحمد بن كعب » وابن شهاب الزهرى ومحمد بن المنکدر » وهو مقتضی ما رواه ابن جریر عن ابن عباس رضي الله عنہما أنه قال في قول موسی عليه السلام «وأنا أول المؤمنينك أنه لا يراك أحد ء وما رواه عن السدى أنه قال في قوله تعالى طلا تدركه الأبصار لا يراه شيء وهو يرى الخلائق » وستأتيك ِن شاء الله رواية عبد بن ميد وابن جرير له عن ماهد ٤ ورواية ابن مردویه له عن ابن عمر رضي الله عنهما وعن عكرمة » ورواية ابن جرير وعبد بن حميد أيضا له عن أبى صالح » ونسبه اين حزم أيضاً إلى مجاهد ‏ وتعذر له في ذلك بأن الخير لم يبلغ إليه س وعزاه أيضاً إلى الحسن البصري وعكرمة ثم قال وقد روى عن عكرمة والحسن إيجاب الرؤية له تعالى (۲) وما رواه عن الحسن وعكرمة مما ظنوه إثباتا لرؤية الله تعالى لا ينافي ما ثبت من إنكارها عند فهم مقاصدهما » وسياتى بيان ذلك إن شاء الله . 0 فتاری ابن تيمية المجلد السادس ص ۵8۰۰ ۵۰۱ )۲( الفصل ف اللل والأهواء والنحل ج ٣ ص ۲ احق الدامغ ۳۲ الفصل الغاني ق أدلة المثبتين وهي تنقسم إلى قسمين › أدلة جوازها ٤ وأدلة وقوعها . فاما القسم الاول فمنه عقلى ومنه نقلي : أما العقلى فيتلخص في قياس وجود الحق على وجود الخلق » وذلك أنهم قالوا إن سائر الموجودات مشتركة في جواز الرؤية عليها » وما أن الله مو جود أيضا فان رؤيته ممكنة . وأجيب عن ذلك مما ملخصه أن الوجود إن كان هو العلة في رؤية اللوجودات الرئية » فلا مانع من أن يعتبر علة في خلقها › فيترتب عليه أن يكون الله سبحانه ممكنا أن يشاركها في الخلق کمشارکته ها في الوجود » أما إذا اعتبرنا علة خلقها الحدوث فيجب علينا أيضا أن نعتبره علة في إمكان رؤيتها » وأن ننزه الخالق عن قياسه عليها في الرؤية كا ننزهه عن قياسه عليها في الخلق › على أن دعوى أن كل موجود تجوز رؤيته منتقضة بكثير من الموجودات غير المرئية » كالروح والعقل والوجدان والادراك » ومثلها الأصوات والروائح » والأثير والكهرباء » وفتح باب القياس بين الخالق والخلق يؤدى إلى وصفه سبحانه بكثير مما تواترت الرسالات واتفق العقلاء على استحالته في حقه تعالى » فإن الخلوق لا يمكن تصور وجوده إلا بوجود الزمان والمكان › وقد كان الخالق ولا زمان ولا مكان وهو الان على ما عليه كان › لا يتصف بالعوارض » ولا يدرك بالحواس » ولا يجوز في حقه الاتصال بشيء من الخلوقات ولا الاتفصال عنها » والعقول كيفما تطاولت فمنتهاها أن تقف على عتبة (العجز عن الادراك هو الادراك) و (ما عرف الله من شبهه بشيء من خلقه) وإنما حط رحال الأفكار إدراكها أنه ليس کمثله شيء وهو السميع البصير 4 احق الدامغ ۳۳ «الشورى ١» › وقد صرح السيد السند في شرح المواقف بانقطا ع اللسلك العقلى عن الوصول إلى حجية إمكان رؤيته تعالى (١) وأما النقلي فبعضه من الكتاب وبعضه من السنة » أما من الكتاب فدليلان : (١) سوال موسى الكلم عليه السلام الرؤية بقوله رب أرفى أنظر إليك» «الأعراف ١٤ ١» › ووجه استدلالحم به أنه إما أن يكون ناشعا عن جهل وهو مستحيل لاستحالة أن يجهل الأنبياء ما يستحيل عليه تعالى وهم أعرف بالله وبكبريائه » وما يجب له وما يستحيل عليه » وإما أن يکون مقترنا بعلمه ‏ عليه السلام ‏ أنها مستحيلة وهو باطل أيضا › لأن طلب الحال عمدا ليس من شأن الأبرار فضلا عن جوازه على النبيين » وإنما هو من شأن أهل العتو والشقاق » فنتج عن ذلك أنها جائزة عليه تعالى وأن موسى عليه السلام عالم بجوازها › فلذلك اجتراً على سواما . وأجيب بانه عليه السلام كان عارفا باستحالتها ولم يرد بسؤالا نيل اللستحيل › وإنما أراد ردع قومه الذين جوا في طلبها وعلقوا عليها إيمانهم برسالته › فلعلهم عندما يقرعون بالرد الحاسم باستحالتها يرعوون عن غیہم ويتراجعون عن جراتهم » خصوصا عندما يقترن الرد باية بينة تز جرهم عن مثل هذا التعنت . واعترض بان أولعك القوم إن كانوا مؤْمنين فبحسبهم جواب موسى لهم باستحالتها » فإنه الرسول الأمين المقرونة دعوته بايات بينات لا تدع مجالا للشك في صدق قوله وصحة دعوته » وإن انوا كفارا فلن یجدیہم جوابهم باستحالتها في هذا الموقف شيئا . (۱) نقل ذلك عند الامام السالي في مشارق الأنوار ص ۱۸۷ ط۲ الحق الدامغ ‏ ٢٤۳ ورد هذا الاعتراض بأن القوم لم يكونوا على شيء من الايمان » وكيف ينطبق وصف الايمان على الذين قالوا تلن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة «البقرة ° ©» وإنما أراد عليه السلام أن يقطع دابر شقاقهم ويستاصل شببة عنادهم بجواب حاسم » يأتيهم من قبل الله العزيز الحكم مخالف لوصف خطابه عليه السلام لحم » يتجلى فيه من الايات ما بحسم كل شبهة » ويقضی على كل طمع ي مطلهم المستحيل . ۱ ۱ ومما يۇ كد أن موسى عليه السلام لم يسالا لنفسه وإنما شاا لقومه › ما تكرر في القران من توبيخ الله لحم على هذا السؤال وعدّه من أعظم جرائرهم وأبلغ کفرهم » في قوله سبحانه طإفقد سألوا موسى أکبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة «النساء ١١١) › وقوله طلوإذ قلتم يا موسی لن نۇمن لك حتی نری الله جهرة فأخذتكم الصاعقة ونم تطروت وليقرة ٥09 » واعتذار موسى إلى ريه بعد الرجفة ما حصل » عازیا إياه إلى السفهاء حيث قال عليه السلام ۆرب لو شه شئت آهلکتېم من قبل وإياى أتهلكنا با فعل السفهاء منا إن هى إلا فتنتك تضل بہا من تشاء وتہدی من تشاء نت ولينا فاغفر لنا وار نا وأنت خير الغافرين «الأعراف ٥٥ 1» واعترض على ذلك بامرين 6 أنه عليه السلام لو لم يساها لنفسه لا تاب من سوال . ب أنه لو سأ ا لغيره لم يضفها إلى نفسه › ولقال رب أرهم ينظروا إليك ولم يقل رب أرنى أنظر إليك . وجواب الأول أنه عليه السلام سارع إلى التوبة لشعوره بالتورط بما سال » وإن كانت له نية حسنة يعلمها الله تعالى › وإنا المقام يقتضى الاستعذان من الله قبل الاقدام على مثل هذا السؤال . احق الدامغ 2-۳ وعن الثاني بأن إضافتها إلى نفسه دونهم أبلغ في إقتناعهم باستحالتما عندما يعلمون أنه مع علو مرتبته وصفاء سريرته مما يعلمون انهم متلوثون به س لا تمكن له الرؤية الى هم ملحون في طلبها » وإذا تعذرت عليه فهى عليهم اشد تعذرا . والخلاصة أن موسى عليه السلام ما سال الرؤية طامعا في حصوفا › وإنما سألا ليكون سؤاله وسيلة من وسائل الاقناع الذي يحرص عليه › وأسلوبا من أساليب الدعوة التي يقوم بها » ومثله في ذلك مثل إبراهم عليه السلام الذي قال عندما راى الكوكب والقمر والشمس هذا ري دالأنعام ٢۷ ٤ ۷۷ ۷۸ » فإنه بالقطع ل يرد تألمها › فإن العقل السلم لا يستسيغ محال تاليه امخلوقات » فكيف بعقول النبيين الذين صنعوا على عين الله » واصطفاهم الله عز وجل لأن يكونوا وعاءٌ مدايته وتجسيدا للحق الذي أرسلهم به » بل كيف بعقل الخليل إبراهم الذي أكرمه الله بخلته › واجتباه لأن يكون أبا للنبيين وإماما للحنيفيين ؟ ونما أراد صلوات الله وسلامه عليه با قاله ‏ مما ظاهره كفر وحقيقته إيمان وتوحيد ‏ إقامة الحجة على من حوله من الذين يعبدون الأجرام السماوية » بان هذه الأجرام ما هي إلا كائنات متنقلة » تعتريما الأحوال ويطراً عليها الأفول › وما كان كذلك فهو ليس من الربوبية أو الألوهية في شيء » ويدل عليه قوله تعالى عقب حكاية قصته «ژوتلك حجتنا اتيناها إبراهم على قومه رالأنعام ‎(AY‏ وإذا كان هذا هو حمل کلام إبراهم عليه السلام مع عدم وجود نص في القران يدل على أن قومه كانوا يعبدون هذه الأجرام › فلن يحمل سوال موسى عليه السلام للرؤية على قصد تبكيت قومه أولى » لكثرة التصوص الدالة على أنهم هم الذين سألوها › وهل يعقل أن يسأل موسى عين ما سألوه » وهم الذين أصابهم ما أصابهم من التقريع على ما سألوا › الحق الدامغ ‏ ٢۳ فتالله ما القول بذلك إلا تىظير لموسى بانذال بنى إسرائيل وإنزال له عليه السلام من علياء النبوة التى رفعه الله إليها » واصطفاه من أجلها › إلى دركات الجهل التى انحط إلا أسلاف اليهود » الذين سالوا رؤية الله فحقت عليهم كلمة الله باستحقاق هوان الدنيا وعذاب الاخرة . وبعد ما حررته هنا اطلعت على ما يسند حجته ويجلو وجهه من تحرير للمقام » بقلم شيخ الاسلام الحقق الخليلي رحمة الله عليه » فرأيت أن انقله بتصه لیزدان جید کلامی بسمط كلامه الدري » قال بعد تبیانه مقصود موسى من سؤاله : «وشاهد هذا قوله تعالى حكاية عن إبراهم عليه السلام «فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربى فلما أفل قال لا أحب الآفلين فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربى فلما أفل قال لئن لم بہدنى رى لأكونن من القوم الضالين فلما رآى الشمس بازغة قال هذا رى هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إنی بریء مما تشر کون« فانظر كيف جاز لابراهم عليه السلام أن يتكلم بلفظة الشرك ثلاث مرات نمخبرا بها عن نفسه من غير مندوحة » ولا في موضع تقية على نفس ولا دين ولا مال » وليس هو حبرا على ذلك ولا ماخوذا به » وقد كان له في الاحتجاج بغير هذا جال رحب وسعة » وقد احتج علیهم بغيره في غير مرةء ا صرح به في كتاب الله تعالى › ولكن رأى خطابهم على هذا الاسلوب والجرى معهم على هذه الطريقة أقطع لحجتهم » وأدمغ لكلمتهم » وأبلغ لتبكيتهم » وأوضح لاعجازهم › فاثنى الله عليه بذلك وحکی ما قاله هنالك . وقال تاييدا له إوتلك حجتنا اتیناها إبراهم على قومەك «الأنعام 1 وإذا كانت كلمة إبراهم عليه السلام بالشرك الصريح ‏ لا كانت مسوقة لحدم قواعد الشرك ومقولة لايضاح الحق ‏ لم تسم شر كا لفظا ولا معنى » ولا عقلا ولا حكما › فكيف يصح في مقالة موسی عليه الحق الدامغ ‏ ۳۷ السلام إذا كان مقصودةُ بها تبكيت قومه وإقامة الحجة عليهم بسماع المنع من الله تعالى أن تكون باطلة » وهي نفس الحق البين . فموسى الكلم وإبراهم الخليل في أحكام الحق سواء » و كلمتاهما في أحكام الظاهر ممنوعتان سواء » ولكنهما كانتا مسوقتين لأزهاق الباطل وإثبات الحق » فهما في معنى الجواز سواء أم يجوز الفرق بينېما ؟ ولا فرق عند من عرف الحق » فهما نفس الصواب وحقيقة الجدى › ولا يکاد يصدر مثلهما إلا عن منصب النبوة » ولكن ريبما يخفى ضياء النهار على بعض الأبصار › ولله در من قال : وإذا كنت بالمدارج غرا ثم أبصرت حاذقا لا تار وإذا الم تر املال فسلم لأناس رأوه بالأيصار فإن قلت كيف يسوغ التشبيه والاحتجاج بقصة إبراهم عليه السلام في هذه الآية الشريفة » وقد اختلف المفسرون في تاويلها ؟ قلنا إن آلوجه الحق فيا ما قلناه وهو عمدة المحققين وقول المنصفين ٠ ولكن القوم لا لم يقتدروا على استخراج زبدها قال قائل منهم إن إبراهم عليه السلام قال ذلك في صباه وهذا باطل › لأن حكاية الشرك لا معنى ها عن صبي ولا بالغ لغير فائدة › وأى فائدة في تجهيل الخليل عليه السلام ء وحكاية الشرك عنه في صباه . وقال اخرون إنه قالا على معنى الاستفهام إيهاما لقومه وليس بالقوى . وقال بعض تقديره قال هذا ربى بزعمكمْ » وليس بشىء لعدم الدلالة . وقال بعضهم تقديره يقولون هذا ربى » ولا دليل عليه أيضا » فليس الوجه إلا الاول . (١) (۱) تهيد قواعد الايمان ج ١ ص ۳۸۴ ط وزارة التراث القومى والثقافة بسلطنة عمان. الحق الدامغ ‏ ٢۳ ر۲) قول الله سبحانه للإولكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف ترانىك «الأعراف ١٤١0 » ووجه الاستدلال بالآية » أنه تعالى علق الرؤية على استقرار الجبل »وهو في ذاته بمكن » والمعلق على الممكن بمکن مثله . وأجيب بأنه لا إمكان بعدما حصل من اندكاك الجبل » وانکشف من قضاء الله فيه الذي لا يمكن أن يكون المقضی بخلافه » فانه تعالی لا تبديل لكلماته » وقد كان في علمه تعالى أنه لن يستقر » ولن يتبدل شئي عما كان في علمه ٠ وإنما كان استقراره مكنا بحسب علم الغلوقين القاصر الحدود » قبل أن ینکشف لم باندکاکه ما في علمه تعالى وقضائه » وفي هذا يقول الامام ابن عاشور «ولا كان استقرار الجبل في مکانه معلوما لله انتفاؤه » صح تعليق الأمر المراد تعذر وقوعه عليه بقطع النظر عن دليل الانتفاء » فلذلك لم يكن في هذا التعليق حجة لأهل السنة على المعتزلة تقتضى أن رؤية الله تعالى › جائزة عليه تعا ى خلافا لا اعتاد كثير من علمائنا من الاحتجاج بذلك . وقوله فسوف ترانى ليس بوعد بالرؤية على الفرض ¢ لن سبق قوله لن ترافىك أزال طماعية السائل الرؤية » ولكنه إيذان بان المقصود من نظره إلى الجبل أن يرى رأى اليقين عجز القوة البشرية عن رؤية الله تعا ى بالأحرى مع عدم ثبات قوة الجبل » فصارت قوة الكلام أن الجبل لا يستقر مكانه من التجلى الذى يحصل عليه » فلست أنت بالذى ترانى لأنك لا تستطيم ذلك » فمنزلة الشرط هنا منزلة الشرط الامتناعى الحخاصل بحرف «لو» بدليل قرينة السابق . (١) وأما من السنة فما روى عن جماعة من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم من إثبات رؤيته ع لربه ليلة الاسراء والمعراج » ووجه استدلاشم (۱) التحرير والتوير. ج ۹ء ص ۹۲ء 4۳ء ط الدار التونسية للىشر . الحق الدامغ ‏ ٢۳ بذلك على إمكان الرؤية أا لو لم تكن ممكنة لا قال بوقوعها أحد من الصحابة » وهم أوفر عقلا › وأغزر علما » وأنور بصيرة من جاء بعدهم ¶ ووجه اعتبار هذا الدليل من السنة أنهم رضى الله عنهم لا يقولون شيئا من نحو هذا اعتباطا » ولکن استنادا إل ما علموه من رسول الله ع . وجوابه أن ما روى عنهم من إثبات رؤيته عي لربه لا يخلو إما أن يكون من كذب الرواة عنهم » وإما أن يکون من سوء فهمهم لا رووه » وكيف يمكن أن يقول أحد منهم بان النبي َيه رأى ربه تعالى » وأم اللؤمنين عائشة رضى الله عنها تقطع عذر من قال ذلك باعتباره قد اعظم عل الله الفرية ء ا جاء ذلك عنها بأصح الأسانيد وأضبطها في مسند الأمام الربيع بن حبيب ء وفي صحيحي البخاري ومسلم من طريق مسروق » وإعظام الفرية على الله أكير الكبائر اللى يجب تنزيه اللسلمين عنها ‏ فضلا عن أصحاب البي ع » الذين هم خير القرون » وفي رواية أخرجها البخاري عن مسروق قال : قلت لعائشة رضي الله عنها : يا أمتاه هل رأی محمد عَفة ربه ؟ فقالت : لقد قف شعری ما قلت ۽ وما هو إلا كناية عن هول ما سّمعتٌ › وضيق صدرها منه لاستحالة ذلك على الله سبحانه . وأشهر من روي عنه القول بخلافها ابن عباس رضی الله عنہما » ومن أمعن نظره في نص كلامه المروي » يدرك أنه لم يقصد بالرؤية إلا مزيد المعرفة بالله تعالى الذى حصل لرسول الله عي في تلك الليلة المباركة ما تجلي له من ايات الله » وانکشف له من أسراره ژِ الللكوت 9 لأشع ١ جيم عن وكيال الأشع دتا ومع حدقا عسي م زياد اللحصين أيى جهمة عن أبى العالية عن ابن عباس قال ما كذب احق الدامغ ‏ £ الفؤاد ما رای ولقد راه نزلة أخرى؟ قال راه بفؤاده مرتين »٤ وفيه من طريق عطاء عنه رضى الله تعالى عنه › قال راه بقلبه » وهو من الوضوح بمكان في كون الرؤية قلبية لا بصرية » وأصرح من ذلك في نفى الابصار ما أخرجه ابن مردویه عن عطاء عن ابن عباس رضی الله عنہما أنه قال : م يره رسول الله عك بعينه إنما راه بقلبه » وقد حكى عات بن مندة الدارمي اتفاق الصحابة على أنه لم يره . (۱) فإن قيل إن النبى عييْك أكمل الناس معرفة منذ أكرمه الله بالنبوة شرفه بالر سالة الخاتمة . فكيف يقال إنه عرفه مرتين إن فسرت الرؤية باحعرفة . فجوابه أن العارف بالله تعرض له أحوال من تجليات الحق » فيستغرق في حالة من شهود جلاله و کبریائه کانما يراه سبحانه وتعالی » ولا ریب أنه عليه أفضل الصلاة والسلام ‏ وهو أوفر الناس عقلا وأتمهم معرفة قد أكرمه الله بما هو أبلغ وأعظم مما وصل إليه غيره في طرو مثل هذه الحالات النفسية »ء خصوصا في تلك الرحلة الكريمة التى أزيحت عنه فيا الأستار » فتجلى له من أسرار الملكوت الأعلى ما ل يتجل لغيره » ولعل هاتين المرتين اللتين قصدهما البحر ابن عباس كانت التجليات فما أكمل وأثمل » فعبر عن ذلك ابن عباس رضى الله تعالى عنه برؤية الفؤاد أو القلب . على انا نرجح في تفسير الرؤية في اية النجم بجا ثبت رفعه إلى النبي ع من طريق عائشة رضى الله تعالى عنها في مسند الامام الربيع وصحيحي البخاري ومسلم » فقد قالت : أنا أول هذه الامة سال رسول لله عي عن ذلك فقال (إنما هو جبريل لم أره في صورته التى خلق علا غير هاتين المرتين » رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء (۱) حاسن التأويل للقاسمي › ج ۵ ص ۷٦٥٥ ط عیسی البابی الحلبی وشرکاه . وفتاوي ابن تيمية الجلد السادس ص ۷٥٥ الحق الدامغ ‏ ١£ والأرض) فانه عي أدرى معان القران ومقاصده › ومع ثبوت المرفوع لا يلتفت إلى الموقوف . وقد ثبت عنه ع نفى رؤيته لله تعالى نفيا صريا لا يدع للشك حالا _ ققد أخرج الامام مسلم في صحيحه عن أف ذر رضي اله که أن النبي عه سئل : هل رأيت ربك ؟ فقال : نور نی أراه ؟ وفي قوله : أن أراه استبعادا لأن يتمكر. عليه أفضل الصلاة والسلام من رؤيته تعا لى »٠ وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضى الله عنا أنها قالت : أنا أول من سأل رسول الله مف عن هذا » فقلت يا رسول الله هل رأيت ربك ؟ قال : لا » إنما رأيت جبريل منهبطا › وكیف یظن بابن عباس رضی الله عنه أن يقول : إن النبي عك راه رؤية بصرية مع ما روی عنه من نفی الرؤية في الدنيا والآخرة ء ك ستقف عليه إن شاء الله . وقد نص كثير من مثبتى الرؤية في الاخرة على آنا لم تقع لأحد في . ان . - : الدنيا حتى للنبي عَيٍّ » ولعل هذا هو قول الكثيرين منهم . وأما الْقَسم الثاني وهو : أدلة وقوعها في الأخرة › فهو نقول بعضها ١ قوله تعالى : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربا ناظرة «القيامة ٢۲ › ۳٢ وهو أقوى ما استندوا إليه في هذا الباب ٠ واعترضوا بان النظر أعم من الرؤية » فاإنه يكون بمعنى محاولتما ولو لم تتحقق » لجواز أن يقول قائل نظرت إلى كذا فلم أره » مع عدم جواز أن يقول رأيته فلم أره › ومنظرة » وتَنظارًا تامله بعينه» وفي شرحه للامام الزبيدي نقلا عن البصائر › والنظر أيضا تقليب البصيرة .لادراك الشيء ورؤيته › وقد يراد به التأمل احق الدامغ ‏ ٤٤ ويقال نظرت إلى كذا إذا مددت طرفك إليه رأیته أو لم تره . (۱) وقد شاع النظر بمعنى الانتظار › كقوله تعالى لهل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكةك «البقرة ٠1 6» › وقوله لما ينظرون إلا صيحة واحدةك وقوله يوم يقول النافقون والنافقات للذين امنوا انظرونا نقتبس من نور ك «الحديد ١٠» » وعليه يتعين حمل النظر في هذه الاية لوجوه : إبعاد تأويل القران عن تعارض بعضه مع بعض »٠ فإِن حمل النظر في الاية على الرؤية يتعارض مع أدلة نفيها القطعية » وستات إن شاء الله . ب الانسجام المعهود في اى القران وارتباط بعضها مع بعض ٤ وهو لا يكون إلا بتفسير النظر بالانتظار › فإن الايات قسمت الناس يومئذ إلى طائفتين › إحداهما وجوهها ناضرة ‏ أي مبتبجة مشرقة با ترجوه من واب الله س إلى ربا ناظرة أي منتظرة لرحمته ودخول جنته › والأخرى مباينة لا في أحوالما » فوجوهها باسرة ‏ أي كالحة مكفهرة ما تتوقعه من العذاب ‏ تظن أن يفعل بها فاقرة أي تتوقع أن ينزل با ما يقطع فقار ظهورها › فتضارة هذه الوجوه مقابل ببسور تلك » وانتظار هذه لرحمة الله ودخول جنته مقابل بتوقع تلك للعذاب › ولو فسر النتظر هنا بالرؤية لتقطع هذا الوصل بين الآيات › وتفكك رباطها » وذهب انسجامها » إذ لا تقابل بين الرؤية وما وصفت به تلك من ظنما أمرا يقطع فمارها » ومثل هذه النكت البلاغية لا تفوت البلغاء في كلامهم › منثوره ومنظومه › فما بالكم بكلام الله تعالى الذى هو أدق في التعبير » وأبلغ في التصوير › وأكثر انسجاما › وأشد ترابطا من كل کلام (وکیف لا وهو کلام الله جل ؟) (١) تاج العروس ج ۴ ص ۷۳۴ ط مكتبة الحياة . الحق الدامغ ‏ ٤٤ ج أن هذا التأويل هو الذي يتفق مع.ما في خاتمة عبس ٤ وهو قوله سبحانه وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليہا غبرة ترهقها قترة؛ «عبس ۳۸/١٤) إذ لا فارق بين ما وصفت به وجوه اللؤمنين هنا من الاستبشار » ووصفت به في اية القيامة من النظر بمعنى الانتظار › فان المنتظر للرحمة مستبشر بها والمستبشر منتظر لا استبشر به . د أن تقدي المعمول على عامله يؤذن بقصره عليه › فتقديم إلى ربهاله على «إناظرة يؤذن أنها لا تنظر إلا إليه وهو لا يتفق إلا مع تفسير النظر بالانتظار » فلو كان المراد به الرؤية لاقتضى أنهم لا يرون شيا غيره تعالى مع ما هو معروف عقلا ونقلا من رؤية بعضهم لبعض ٤ ورؤيتهم لا أعد الله حم من النعم . وأنكر الثبتون تفسير النظر بالانتظار من ثلاثة أوجه : أوفا : أن في الانتظار تنغيصا يتناف مع إكرام الله لعباده الأوفياء يوم القيامة . ثانيها : أن انتظار رحمة الله من قبل عباده المؤمنين أمر حاصل في الدنيا › فكيف: يوعدون به في الأخرة . ثالفها : أن تعدية النظر بإلى تمنع من حمله على الانتظار » خصوصا إذا اسند إلى الوجوه . وكل ذلك مردود : أما الأول فلأن الايات تصور لنا الموقف يوم القيامة قبل أن ينتقل الأبرار إلى دار الثواب › والفجار إلى دار العقاب › بدليل السياق في الآيات السابقة » وقوله سبحانه في الاشقياء طلأتظن أن يفعل بها فاقرة يۇ كده فإٍن ذلك قبل دخول النار قطعا إذ لا معنى لظنهم ذلك بعد الدخول وقد لقوا ما لقوه وحلت بهم الفاقرة التى كانوا يتوقعونها » ولا ريب أن الناس في الموقف متباينة أحوالهم » فالأبرار ناضرة وجوههم بانتظارهم رحمة الله التى وعدوها › والفجار على خلاف ذلك ٠ الحق الدامغ ‏ ¦٤ ولا يجوز إنكار هذا الموقف الذي يقفه الأبرار والفجار قبل انتقالحم إلى مقر الجزاء الدائم لأنه ثابت بالكتاب والسنة . وأما الثاني فلبعد ما بين الانتظارين » فشتان بين حال من کان في دار الشهوات والنزغات غير عارف بخامته › ولا متيقن بمصيره › ومن طوی اللراحل وتجاوز العقبات حتى تلقته الملائكة في زمرة السعداء ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنت توعدون» «فصلت ۳۰» وأما الثالث فلثبوت ىء النظر بمعنى الانتظار حال تعديته بإلى بالنقول الثابتة والشواهد البينة ولا عبرة بمن أنكر ذلك : قد تتكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الاء من سقم فمن النقول الملصححة له قول صاحب اللسان «ويقول القائل للمؤۇمل يرجوه إنما ننظر إلى الله ثم إليك » أى إنما أتوقع فضل الله ثم فضلك» (١) ومن شواهده ما رواه الامام الربيم رحمه الله عن سفيان بن عيينة عن الأعمش عن أبى راشد أن مولاة لعتبة بن عمير قالت : إنما أنظر إلى الله وإليك » فقال شا : لا تقولى كذلك ».ولكن قولى إنا أنظر إلى الله ثم إليك . (۲) وقول جميل بن معمر : وإذا نظرت إليك من ملك والبحر دونك زردتنى نعما وقول اخر : إف إليك لا وعدت لناظر نظر الفقير إلى الغني الموسر وقول غيره : (١) لسان العرب ج ۷ ص ۷۲ ص . بولاق (۲) الجامع الصحيح للامام الربيع بن حبيب » ج ۴ ص ٢۲۲ ط دار الفتح . احق الدامغ ‏ © £ كل الخلائق ينظرون سجاله نظر الحجيج إلى طلوع هلال ولا وجه للتفرقة بين كونه مسندا إلى الوجوه أو إلى غيرها » فانه تحكم لا دليل عليه » على أنه جاء بهذا المعنى مع إسناده إلى الوجوه في كلام العرب »٤ ومنه قول حسان : وجوه يوم بدر ناظرات إلى الرحمن ياق بالفلاح وقول البعيث : وجوه بها ليل الحجاز على الهوى إلى ملك كهف الخلائق ناظرة فإن قيل إن الانتظار محله القلوب لا الوجوه ؛ فلذلك تعين حمل النظر في الآية على الرؤية لا على الانتظار › لأن الوجوه محل للأبصار التى هى الة الرؤية » فجوابه » أن الرؤية أيضا لا تكون بالوجوه وإنما تكون بالعيون فإسنادها إلى الوجوه غير وارد إذ لم يعهد قول أحد رأيته بوجهى » ويتعذر جواز ذلك قطعا على رأى الذى ينكر المجاز مطلقا أو في القران خاصة كا هو شأن كثير من مثبتي الرؤية » أما نحن فتحمل الوجوه على أصحابما لأن ذلك معهود عند العرب كقوغم (قصدت وجهك) بمعنى قصدتك › فالاتظار وإن أسند إلى الوجوه لفظا فهو لأصحابما معنى › ولذلك جاز إسناد الظن إليها في قوله لإتظن أن يفعل بها فاقرة «القيامة 6°» › ا جاز إسناد الخشوع والعمل والنصب إليما في قوله تعالى وجوه يومئذ خاشعة 2 عاملة ناصبة «الغاشية 7 › ۳» › ويۇكده قوله من بعد لأتصلى نارا حامية › تسقى من عين أنية › ليس فم طعام إلا من ضريع «الغاشية 4٤ ) فان الصلى غير خاص بالوجوه › والسقى والطعام لأصحاب الوجوه قطعا » ومثله إسناد النعمة والسعى والرضى إلى الوجوه في قوله تعالی وجوه يومئذ ناعمة لسعيبا راضية ل «الغاشية ^ ؛ 6۹ . وبجانب كل ما ذكرته فان تفسير النظر في الآية بالانتظار مروي عن الحق الدامغ ‏ ٦٤ السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم › فقد أخرجه الامام الربيع بن حبيب في مسنده الصحيح عن الامام علي بن أي طالب كرم الله وجهه من طريق أبى معمر السعدى ك أخرجه أيضا عن ابن عباس رضى الله عنما من طريق الضحاك بن قيس ٠ وطریق سعید ابن جبير » وعزاه إلى جاهد ومكحول وإبراهم والزهري وسعيد ابن جبير > وسعید ابن اللسيب (١) ورواه ابن مردويه عن ابن عمر رضی الله عنہما من الصحابة » وعن عكرمة من التابعين › ورواه عن عكرمة عبد بن ميد 5 رواه عن مجاهد وآبی صالح باإسناد صححه الحافظ ابن حجر (۲) . وأخرجه الامام ابن جرير عن مجاهد بخمسة أسانيد وفي كلامه إنكار صر للرؤية » فقد جاء في رواية منصور عنه أنه قال : لا يراه من خلقه شيء » وفي أخرى من طريقه أيضا قال : كان الناس يقولون في حديث (فيرون ربهم) فقلت لمجاهد إن أناسا يقولون إنه یری . فقال يّرى ولا يراه شيء . وفي تفسير الميزان للعلامة الطباطباني (وهو أحد علماء الشيعة الامامية اللعاصرين) ما نصه «وفي العيون في باب ما جاء عن الرضى عليه السلام من أخبار التوحيد باإسناده إلى إبراهم بن آبی محمود قال : قال علي ابن موسى الرضى عليه السلام في قوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربہا اظرة يعنى مشرقة تتتظر ثواب ربها س قال : أقول ورواه في التوحيد والاحتجاج والمجمع عن علي عليه السلام (۳) . ومن أقطع الأدلة وأبين الشواهد على مجىء النظر معدى باإلى » وهو ليس بمعنى الرؤية قوله تعالى : «إن الذين يشترون بعهد الله وايمانهم تنا قليلا أولعك لا خلاق لم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إل )۱( المرجع السابق ص ٢۲۲ ٢۲۲ (۲) فتح البارى ؛ ج ۳٠ ص ٢4۲ , المطبعة السلفية (9) اليزان ج ٢ ص ١۱٠ ٠ ط . مؤسسة الأعلمى للمطبوعات . الحق الدامغ ‏ ۷٤ بوم القيامة «ال عمران ۷۷» فانه لو حمل النظر في الآية على الرؤية لأدى إلى أن الله سبحانه لا يرى هولاء يوم القيامة » وهذا عين الحال › واعتقاده رأس الضلال › فإنه كفر بالله تعالى » ولا وجه لحمل التظر هنا إلا على الرحمة والاحسان » ومن هنا نتبين أن نظر القوى إلى الضعيف هو عطفه ورحمته » وأن نظر الضعيف إلى القوى هو انتظار ذلك منه . هذا وقد اتضح لك ما سبق أن الآية الكريمة تصور لنا حال الناس في الموقف قبل تقل السعداء إلى دار النعم والأشقياء إلى نار الجحم ٠ ولئن كان النظر فيها بمعنى الرؤية وكان الراؤون له تعالى تنضر وجوههم بہذه الرؤية » لزم أن تشمل هذه الحالة منافقي هذه الأمة لأنهم يشتركون مع مؤمنيها في الرؤية حسما يقتضيه حديث أبى سعيد وأبى هريرة عند الشيخين الذي يستند إليه مثبتو الرؤية كا سيأتى ببانه إن شاء الله . وقد أشكل على الثبتين للرؤية إسناد النظر في اية القيامة إلى الوجوه › فترددوا بين القول بان الرؤية بالبصر أو بالوجوه أو بالجسم كله أو بحاسة سادسة » وما هذا الاضطراب إلا دلیل بین علی آنہم غير مستندین إل أصل فيما قالوه › ولو أنهم فهموا الآية الكريمة فهما صحيحا › و حملوها على ما يقتضيه السياق واللغة لسلموا من هذا الاضطراب ٠ وبعدوا عن هذا التيه . وقد أدرك المحققون المتصفون من معتقدى الرؤية ضعف الاستدلال على ثبوت الرؤية بهذه الحجة فصرحوا بذلك › فالسيد محمد رشيد رضا يقول في المنار (وأما رؤية الرب تعالى فربما قيل بادیء الرأى إن ايات النفي فیا أصرح من آیات الاثبات کقوله تعالى تلن ترانى «الأعراف ٤٤ ١© © وقوله تعالى › ئلا تدركه الأبصارك «الأنعام ۳٠ ٠ فهما أصرح دلالة على النفي من دلالة قوله تعالی وجوه يومئذ ناضرة إل ربا ناظر ة4 على الأثبات › فإٍن استعمال النظر بمعنى الانتظار كثير في القران و كلام الحق الدامغ س ۸٤ العرب » كقوله «إما ينظرون إلا صيحة واحدة» «يس 44» › هل ينظرون إلا تأويلهك «الأعراف 5۳» › لهل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكةك «البقرة ٠٠6» › وثبت أنه استعمل بهذا اللعنى متعديا بإلى » ولذلك جعل بعضهم وجه الدلالة فيه على المعنى الأخر وهو توجيه الباصرة إلى ما تراد رؤيته ‏ أنه أسند إلى الوجوه » وليس فيا ما يصحح إسناد النظر إليما إلا العيون الباصرة » وهو في الدقة ا تری) ١۱» وقد سبق بيان ما أشار إليه أخيرا من استدلال حاملي النظر على الرؤية بإسناده إل الوجوه والرد عليه . وقال الامام الحقق ابن عاشور في تفسير الآية «فدلالة الاية على أن ومين يرون بأبصارهم رؤية متعلقة بذات الله على الاجمال دلالة ظنية › لاحت اها تاويلات تاوها المعتزلة بان المقصود رؤية جلاله وبهجة قدسه التى لا تخول رؤيتها لغير أهل السعادة» (۲) (۲) قوله تعالى طإللذين أحسنوا الحسنى وزيادة «يونس 6٦۲)» › فقد فسروا الحسنى بالجنة والزيادة بالرؤية » مستدلين بحديث صهيب عند الشيخين مرفوعا «إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجز كموه . قالوا : ألم تبيضنُْ وجوهنا » وتنجنا من النار › وتدخلنا الجنة » قال : فيكشف الحجاب » قال فوالله ما أعطاهم الله شيعا احب إليهم من النظر إليه» . وأنم ترون أن لفظة الزيادة مبهمة غير دالة على الرؤية وضعا ولا استعمالا ؛ من قريب ولا من بعيد ؛ أما الحديث الذى عولوا عليه في تفسيرها فدلالته على ما قالوه ضعيفة جدا : سے (۱) التار ج ٩ ص ١۱۳ . الطبعة الرابعة (۲) التحرير والتنوير ج ۹ء ص ۳٣۴ ط . الدار التونسية للنشر الق الدامغ ‏ ٩٤ إما أولاً : فلأن النظر لا يلزم أن يكون بمعنى الرؤية كا سبق بيانه في آية القيامة » وكشف الحجاب يجوز أن يكون كناية عن مزيد الا كرام ورفع الدرجات › وفتح أبواب العطاء غير المحدود » وهذا الذي يتعين أن يحمل عليه كشف الحجاب والنظر إلى الله في الحديث ؛ لدفع التعارض بين آيات الله وأحاديث رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام . وإما ثانياً : فلأن حمل الزيادة على هذا المفهوم يتعارض مع ما استندوا إليه من المفهوم الذى عولوا عليه في تفسير اية القيامة › التى استندوا إليها في اثبات الرؤية » فإنه يلزمهم بموجب ذلك الفهوم أن تكون الرؤية حاصلة في الموقف قبل دخول الجنة » مع أنها حسب تفسيرهم لاية يونس وحديث صهيب لا تكون إلا بعد دخول الجنة . وإما ثالث : فلن ذلك يتعارض مع حديث أبى هريرة وأیی سعید رضی الله عنما الذى استندوا إليه في اثبات الرؤية في الموقف . ولو أن الحديث كان نصا صريا في تفسير النظر بالرؤية لا قامت به حجة لأحاديته » ومعارضته لا هو أقوى منه متنا ودلالة من أدلة نفيها › فكيف وهو يعتريه الاحتال › وقد قيل : إن الدليل إذا اعتراه الاحتال سقط به الاستدلال › والقضية قضية عقيدة › فلا يستدل فيا إلا بما كان قطعيا متنا ودلالة . وإما رابعاً : فقد روى عن السلف تفسيرهم الزيادة في الآية بغير الرؤية » فلو كان الحديث نصا صريحا صحيحا على تفسيرها بالرؤية لا كان لهم أن يعدلوا عنه إلى غيره » ومن أمثلة ذلك ما رواه الامامان الربيع وابن جرير (١) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه فسرها بغرفة من لولوة واحدة لها أربعة أبواب » وروی الامام الربيع عن ابن عباس مرفوعا : «إِن (۱) روى ذلك ابن جرير عنه بثلاثة أسانید الحق الدامغ © أهل الجنة لا يزالون متعجبين ما هم فيه حتى يفتح الله لحم باب المزيد فإٍذا فتح م کان لا یاتہم مته شيء إلا وهو أفضل ما في جنتېم» وروی ابن جرير عنه وعن علقمة بن قيس ان الزيادة مضاعفة الحسنة إلى عشر أمثالها ء وهذا رواه الامام الزبيع عنه وعن الحسن . وروى الامام الربيع بإسناده إلى الامام علي بن أي طالب كرم الله وجهه أنه فسر الزيادة بغرفة من لۇلوة واحدة ا أربعة آبواب س کا سبق عن ابن عباس وروی ابن جرير عن الحسن انه فسرها بمغفرة من الله ورضوان » وهو مروى عن مجاهد عند الربيع ›» وروی الربيع عن بى حازم » وابن جریر عن ابن زید آنہا عدم محاسبتهم علي ما اعطاهم في الدنيا . كعب ما يزيدهم الله من الكرامة والثواب (١) . وهذه الأقوال بعضها متباين وبعضها متداخل أو متقارب » وأظهرها أن الزيادة هى ما يمد الله به عباده في الجنة من فيوض عطائه الحسى ويقتضيه حديث صهيب المرفوع عند الشيخين حسب مفهومه الصحيح . (۳) قوله تعالى «ولدينا مزيد «ق ٢۳) بناء على ما روي عن بعضهم أن المزيد هو رؤية الله تعالى . وبسقوط احتجاجهم علا بالزيادة › يسقط احتجاجهم بامزید . (٤) قوله تعالى كلا إنهم عن ربهم يومئذ محجوبون؟ «المطففين ٥(« (١) الجامع الصحيح للامام الربيع بن حبيب ج ۳ ص ۲ ط مكتبة الاستقامة و تفسیر ابن جریر ج ١۱ ص ٢۷۵ ٦۷ ط دار الباز احق الدامغ ‏ ٥o‏ فمفهومه دال على أن المؤمنين يرونه . لأن حجب الكفار عقاب توعدوا به فلا يليق بالۇمنين إلا خلافه . وهو إستدلال ساقط من عدة أوجه : أوها : أن الحجاب في الآية كناية عن الحرمان من رحمته › والابعاد عن دا ر كرامته » ك أن التقرب منه سبحانه لا يكون حسيا وإنما يفسر بامتثال ما أمر به من الطاعات » واجتناب ما تبى عنه من المعاصي › و كذلك تقرب الله من العبد لا يعنى إلا إحاطته برعايته الرحمانية » وغمره بالطافه الربانية » وقد وردا معا في الحديث القدمي الذي أخرجه مسلم من طريق أبى هريرة رضى الله عنه (من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا » ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا) وبهذا المعنى الذى ذكرته فسر قتادة وابن أي مليكة الحجاب في هذه الاية » رواہ عنہما ابن جرير (۱) ثانيهما : أنه أستدلال بمفهوم الخالفة » وهو حجة ظنية اختلف العلماء في الأخذ بها في الأمور العملية الفرعية » فكيف بالقضايا الاعتقادية الأصلية مع أن الأعتقاد ثمرة اليقين » على أن المفهوم هنا أقرب أن يكون مفهوم لقب » وهو أضعف المفاهم بإجماع الأصوليين والفقهاء » وسائر أصحاب فون العلم » حتى أنهم عدوا من أخذ به من الفقهاء في الفروع شاذا . ۹ ی النهما : أنه لو جاز الاستناد إلى هذا المفهوم في إثبات رؤية المؤمنين لله يوم القيامة » لكان أحرى أن يستند إلى مفهوم يفيده التقييد ب يومئذ» في إثبات رؤية الكفار له تعالى قبل ذلك اليوم » فإن الظروف نا حكم الصفات في تقييد النسبة » ومفهوم الوصف من أقوى لمفاهم کا حرره الأصوليون › قال الامام نور الدين السالي رضى الله عنه في شمس الأصول : (۱) تفسير ابن جریر ء ج ۴ ص ١٠٠ ط دار الفکر الحق الدامغ ‏ ۲٥ ومن النوادر التى ينبغي أن تدخر لتسلية الثكالى » ما حكاه ابن اقم في حادى الارواح عن ابن المبارك أن الضمير في قوله تعالى هذا الذى كنم به تكذبونه «المطففين ۷٠» عائد إلى الرؤية (١) ليتسنى حمله على وعيد المنكرين ا » وقد رقص على أنغام هذه الرواية كثير من الذين يقولون ما لا يعلمون ويجترون (كل) ما يلقى إلہم » من بينہم صاحب الحاضرة فقد جاء فيها أن هذا الوعيد واقع بالاباضية الذين أنكروا الرؤية وأنهم للقصودون به » وليت شعري هل هذا القول ناشیء عن هوی اصم صاحبه وأعماه › أو عن جهله باللغة وأساليب الكلام » فإن مما يدركه كل من له معرفة بلغات الناس » أن الاشارة لا تكون إلا إلى مشار إليه سواء كان حاضرا أو في حكم الحاضر لتقدم ذكره » والضمير في الاية عائد إلى اسم الأشارة الذي قصد به ما تقدم ذكره من صلى الجحم › ونو هذا قوله تعالى #إانطلقوا إلى ما كنع به تكذبون › إنطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب 44 «المرسلات ٢۳۱/۲۹» ولو كان الأمر ئ ادعوا لكان ذلك قاضيا بأنهم يرونه سبحانه » فإنك عندما تقول لأحد تبكيتا وتقريعا : هذا الذى كنت لا تصدق به » لا يكن إلا أن تكون مشيرا إلى شىء أوضحته له بعد الخفاء » فقامت بوضوحه الحجة عليه به › ولولا تفاهة قوشم هذا الذى حملوا عليه كتاب الله تعالى غير مبالين بتحريف الكلم عن مواضعه ٤ لسقت نصو ص أقوال الملفسرين في قو له هذا الذى كنت به تكذبونه لاسيما الذين يعتقدون الرؤية منهم › ليتضح خطاً هذا التأويل الفاسد › غير أن فساده أبين من أن يحتاج إلى بيان . (١) حادي الأرواح ص ٢٢٠۲ ط دار الكتب العلمية بيروت ‏ لبنان الحق الدامغ ‏ ۳٥ وليس يصح في الأذهان شي إذا احتاج البار إلى دليل )9©( قو له تعال على الارائك ينظرون االمطففين ‎«voe/YY‏ و استدلال با لا دليل فيه » فإن غاية ما في الاية وصفهم بالنظر من غير ذكر للمنظور إليه » ومن المعلوم قطعا أنهم يتمتعون بالنظر إلى أصناف التعم » وأنواع الغرائب التى تبهج نفوسهم » وتقر عيونهم » ولم يقل أحد من السلف أن المراد بالنظر في الآية رؤية الله » بل روى ابن جرير وعیيره عن ابن عباس وقتادة واخرين أنهم ينظرون إلى أعدائهم في النار ساخرين منہم ٤ وهذا الذي يقتضيه السياق › وعول عليه المفسرون إلا من شذ مم . )٦( الايات الملصرحة بلقا الله » وذلك أنهم فسروا اللقاء بالرؤية › وهو خطا فإن اللقاء أعم منها » فقد يكون فیما لا یری » کا في قوله تعالی طولقد كنم تمنون الوت من قبل أن تلقوە »ال عمران ١١۱ »٤ ولا تلف في جواز قول الأعمى : ایت فلات » ومن ن الكلام المعهود عند أو عسرا أو يسا أو خيرا أو شرا وقد اء ف ال وعد غير لمؤمنين باللقاء › كقوله تعالى إفأعقبهم نفاقا في قلوبم إلى يوم يلقونە «التوبة ۷۷ء وقوله طياأيما الانسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيەك «الانشقاق ١ء فإن قيل بأن الضمير في الأول عائد إلى الفاق © وفي الثاني إلى الكد ح ا إل لله ء قتا وفي هذا أيضا حجة كا على أن اللقاء عم من أن بكرن معي الرؤية ن قان النفاق والكدح لا يریان لأنيما سن الأ وقد فسر لقاء الله بالانتقال إلى الدل الاخرة » لا يتحقق به من وعد سح وجل من آرر شی ١ وه لق عل الوت . مراعاة لذا الحق الدامغ ‏ ٤٥ شرح حديث (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه) المراد بلقاء الله المصير إلى الدار الآخرة وطلب ما عند الله (١) » ويكون اللقاء وعيدا ك يكون وعدا ك في الايتين » وفي حدیث (لقي الله وهو عليه غضبان) (۷) قوله تعالى وإذا ريت م ریت نعيما وملکا کبیرا «الانسان ٠ن استدل به الفخر الرازي في تفسيره لسورة الانعام » مدعيا أن إحدى قراعاتها «مَلِكا» بفتح المم وكسر اللام » وقال : أجمع المسلمون على أن ذلك الْمَلك ليس إلا الله تعالى » وعندي أن السك بهذه الآية أقوى من اهسك بغیرها (۲) وناهيك بقوله بأن اهسك بهذه الآية أقوى من اهسك بغيرها برهانا على ضعف الأدلة التى يتمسكون بها فإن هذا الاستدلال لا يعدو أن يكون كملاحقة لاسراب بقيعة يحسبه الظمان ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا «النور ۳۹» فان القراءة التى ادعاها لم تثبت ٠ فقد راجعت كتب القراءات » وكتب التفسير المعنية بنقل القراءات فلم أجد لا ذكرا » بل م يذكرها الفخر الرازي نفسه في تفسيره ذه الآية » وعندما ذكرها في تفسير سورة الأنعام لم يعزها إلى أحد» ولو سلمنا أنها قراءة واردة فهى من القراءات الشاذة التى قال جمهرة من الحققين بانها لا تكون حجة في المسائل الفقهية الفرعية »ء فكيف تكون حجة في الاعتقاد ؟ وأما من السنة فقد أكثروا من الأحاديث التى حشروها للاستدلال بها » وأشهر وأقوی ما اعتمدوا عليه حديث (سترون ربكم عیانا کا ترون القمر ليلة البدر) » وقد رووه من طريق أي هريرة وألي سعيد الخدري وجرير بالفاظ متعددة › وكثيرا ما يقتصرون في كتب العقيدة على هذا القدر من نصه » وقبل أي تعقيب على الإستدلال أرى أن أنقل بعض ألفاظه وأسانیده . () لسان العرب ج ٢۲ ص ١۱۲ ط بولاق (۲) التفسير الكبير ج ۱۳ ص ١۱۳ ط ٢ احق الدامغ ‏ ٥٥ روى الشيخان ‏ واللفظ للبخارى ‏ في كتاب التوحيد › قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الله » حدثنا إبراهم بن سعد » عن ابن شهاب ٤ عن عطاء بن يزيد الليثى » عن أي هريرة أن الناس قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله عة : هل تضارون في القمر ليلة البدر ؟ قالوا : لا يا رسول الله . قال : فهل تضارون في الشمس لیس دونہا حجاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله 9 قال : فإنکم ترونه كذلك » يجمع الله الناس يوم القيامة › فيقول من كان يعبد شيا فليتبعه › فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس » ويتبع من كان يعبد القمر القمر ء ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت › وتبقى هذه الامة فيا شافعوها أو منافقوها ‏ شك إيراهم ‏ فياتيهم الله فيقول : انا ربكم ٤ فيقولون هذا مکاننا حتی یاتینا ربنا » فَإِْذا جاء ربنا عرفناه » فیأتیهم الله في صورته اللى يعرفون » فيقول هم : أنا ربكم » فيقولون : نت ربنا » فيتبعونه . ال › ورواه مسلم في کتاب الامان عن زهير بن حرب عن يعقوب بن ابراه بالأسناد المذ کور » وفي روایته جزم بقوله (فیها منافقوها) من غير تردد » وزيادة (فياتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التى يعرفون فيقول أنا ربكم . فيقولون نعوذ بالله منك هذا مکاننا حتی یاتینا ربنا .. الحديث) وجاء باألفاظ مختلفة عند الشيخين وغيرهما » ومثله في ذلك حديث ل سعيد عند الشيخين كذلك . وأنت يها القارىء الكريم تدرك يبصيرتك أن الاخذ بظواهر هذه النتصوص يفضى إلى ما يرده العقل ويكذبه البرهان كا هو واضح فيما يل : (١) أنه يترتب عليه تغير ذاته تعالى من صورة إلى غيرها » والتغير سمة من سمات الحدوث فیلزم منه حدوثه تعالى . الحق الدامغ ت (۲) كونه سبحانه مرئيا ذه الأمة مؤمنها ومنافقها في الدنيا رؤية جلية تترك صورته منطبعة في أذهان الرائين » حتى إذا جاءهم في صورة أخرى أتكروا أن يكون ربهم واستعاذوا بالله منه » وإلاً فم عرفوا صورته حتی أنكروه عندما جاءهم ئي غيرها » وعرفوه إِذا انقلب إلیيها » مع أن ذلك هو أول موقف من مواقف يوم القيامة ؟ وقد حصلت مناظرات بيني وبين بعض العلماء في ذلك ٠ ولا ألزمتهمم هذه الحجة أجابوا بان هذه المعرفة بصورته ليست نتيجة رؤية سابقة › ولكنها بسبب ما عرفوه من وصفه لنفسه في كتابه ووصف النبي عه له في سنته » فالزمتهم أن يكون كل من قرا کتاب الله ودرس سنة رسوله مَك عارفا بالصورة الحقيقية التى يرى بها ربه سبحانه وتعا لى » حتى إذا راه في غیرها أنكره » فهلم إلى وصف هذه الصورة ومحديدها لنا ما عرفتموه من قراءتكم للقران › ومطالعتكم لاحاديث الرسول عليه أفضل تاويلهم الذى لجاوا إليه ‏ فرارا من هذا الالزام ‏ غخالفته لصرع ما نص عليه حديث أي سعيد عند الشيخين ٠ ففي البخاري عنه بلفظ (فياتهم الجبار في صورة غير الصورة التى رأوه فيا أول مرة) وأما لفظ مسلم فهو (حتى إِذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر أتاهم رب العالين سبحانه وتعالى في أدفى صورة من التى رأوه فيها) واللفظان صريحان في أن معرفتهم بصورته ما كانت إلا عن رؤية سابقة › ولا محيص ‏ لن أخذ بمذا الظاهر ‏ عن القول بأنه مرف في الدنيا ‏ وقد أنكره أكثرهم › ومن قال به حصر رؤيته في مخصوصين › ولم يقل بشموها الابرار والفجار من هذه الامة ‏ أو القول برؤيته في البرزخ » وهو ما لم يقله قائل من قبل » فضلا عن وجود مستند له . وبعد هذا الذى قررته » رأيت في فتح الباری ما نصه (وقال غيره الحق الدامغ ‏ ۷٥ أى غير الخطايي ‏ في قوله «في الصورة التى يعرفونها» يحتمل أن يشير بذلك إلى ما عرفوه حين أخرج ذرية آدم من صلبه ثم أنساهم ذلك في الانيا » ثم يذكرهم با في الأخرة !) (۱) وهذا القول يحتمل أمرين إما أن يريد به قائله أنبم عندما أخرجوا من صلب ادم رأوا ذات الحق تعالی . وإما ُن یرید اہم حصلت م معرفة ما كانت لم من بعد » والأول باطل لأمرين : أ أنه لم يقل به قائل » ولم يشر إليه نص . ب أنه خالف لا قالوه من علة عدم رؤية الناس لربهم في الدنيا » وهى م يخرجوا عن طور الفناء » والفانى لا يقوى على رؤية الباق › وهل من المعقول أن یکونوا وهم في صلب ادم کامثال الذر أقوى على الرؤية وأجدر بها من موسى الكلم بعد اصطفائه بالرسالة والكلام » وإدنائه في مقام الزلفى . والثاني غير معقول إذ لا يتصور أن يكونوا في تلك اللحظة العابرة أعرف بالله منهم بعد نشأتهم في الانيا » وما من الله به عليهم من العلم والعقل » على أن التصري بأنهم رأوه في حديث أي سعيد يسقط هذا الاحتال » اللهم إلا أن تفسر الرؤية بالعلم » ويلزم منه أن تكون رؤيته تعالی الملقصودة في الحديث هي زيادة المعرفة به . (۳) كون رؤيته تعالى شامله للبر والفاجر والمؤمن والمنافق › وهو مخالف ما نص عليه أکٹرهم » من کونہا ثوابا خاصا بهل الايان . (٤) معارضته لحديث صهيب الذى استدلوا به كذلك على الرؤية ‏ بناء على حملهم .النظر فيه علا فإنه ناص على أن حصول ذلك بعد دخول الجنة » وأنه زيادة على ما حصل لحم من النعم ا سبق بيانه . () فح البارى ج ۳٠ ص 4۲۸ الطبعة السلفية الحق الدامغ ‏ ۸٨٥ (ه) أن غالب معتقدي الرؤية يقولون إنها تحصل بلا كيف » وتشبيبها برؤية القمر في الحديث في قوله ( كذلك ترونه) ينافى هذا القول ء وكذلك ما فيه من ذكر الصورة وإنکارهم ا عندما تتغير عما عهدوها . ولأجل هذا الاشكال في الحديث »٠ هام القائلون بثبوت الرؤية في فهمه » حتى أن ابن بطال نقل عن المهلب قوله : «إن الله ييعث م ملكا لیختبرهم في اعتقاد صفات ربہم الذى ليس کمئثله شيء » فاذا قال لحم أنا ربكم ردوا عليه لا رأوا عليه من صفات اغلوق بقولم ۽ فاِذا جاءِ ربنا عرفناه . أى إِذا ظهر لنا في ملك لا ينبغى لغيره › وعظمة لا تشبه شيئا من مخلوقاته » فحينئذ يقولون انت ربنا» (۱) تایيد فكرة معينة ثبتت أو لم تثبت ٤ ویرده أمران : © أوهما : أن الكذب بغيض إلى الله قبيح عنده » فلم يكن الله ليامر به » فإن الله لا يامر بالفحشاء والمنكر ولكنه یہی عنہما » وإِن أعظم الكذب وأفحشه أن يزعم عبد من عباد الله أنه هو الله » ولم يكن لأحد من ملائكة الله الذين هم أعرف الخلق بحقه ‏ وأخوفهم من عقابه » أن يجترىء على القول بذلك . © انيما : أن تلك الدار دار جزاء وليست دار ابتلاء في اعتقاد ولا غيره » وجزاء الناس إنما هو بحسب ما كانوا عليه في الحياة الدنيا من اعتقاد او عمل » لا بحسب ما يكون منم في الدار الاخرة . وإذا حملت الرؤية. في الحديث على المعرفة انحل الاشكال » وانجلى اللبس ٠ وزال التعارض » اللهم إلا ما يكون من الاشكال في قولحم (نعوذ بالله منك) فإن العياذ من الله لا يتصور أن يكون من موّمن في أى موقف ٠ (١) المصدر السابق الق الدامغ ۲ ولذلك كانت هذه الزيادة بحاجة إلى ميد من التامل › ولعله من باب لمثيل لدهشتهم من هول ما يرونه في الموقف العظم ٠ ا التوبة (اللهم أنت عبدي وأنا ربك) » وتجدد معرفة العبد بربه بما يتر ا ا ا ل بال سیا ل کر ایک ب قو بی أن يكون الحديث تثيلا ا يتفاعل في نفوسهم من الخواطر وهم يشاهدون مشاهد لم يألفوها » وتنجلي شم حقائق ق ل يعرفوها » فلا غرو إذا طراً عليهم من الاضطراب ما يطير ألبابمم » حتى تحط على دوحة الحقيقة ٠ وتقر في قرار اليقين » وما المشاهد التى يرونها والتجليات التى يعاينونها إلا من قبله سبحانه » فهو يقلب الأحوال ا يشاء» وفي کل حال منہا تجليات لجلاله » ومشاهد لكبريائه » عبر عنها بالصور مضافة إليه سبحانه آنا منه وإليه . وقد قارب هذا التفسير جماعة من مثبتي الرؤية » ومن ذلك ما نقله الحافظ ابن حجر بقوله (واختلف من ئت الرؤية في معناها › فقال قوم بحصل للرافٌ العلم بالل تعالى برؤية العين كا في غيره من المرئيات) وهو على وفق قوله في حديث الباب (ك) ترون القمر) إلا أنه منزه عن الجهة والكيفية » وذلك أمر زائد على العلم › وقال بعضهم إن المراد بالرؤية العلم » وعبر عنما بعضهم بانه حصول حالة في الانسان نسبتها إلى ذاته الخصوصة نسبة الابصار إلى المرئيات › وقال بعضهم رؤية المؤمن لله نوع كشف وعلم إلا أنه أتم وأوضح من العلم » وهذا أقرب الى الصواب من الأول )\( وقريب من هذا تفسير الامام الغزالي للرؤية في بعض كتبه : ومجىء الرؤية بمعنى العلم معهود لغة ا سبق نقله عن صاحب القاموس وشارحه » ومن شواهده قوله تعالى ألم تر إلى ربك كيف مد (١) المرجع السابق ص ٢£۲ لحق الدامع ‏ 1٦ الظلك [الفرقان 45] وقوله ألم تر كيف فعل ربك بعاد [الفجر ٦] وتوله ألم تر كيف فعل ريك بأصحاب الفيل [الفيل ١] وقوله أ تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ك [المحادلة ۷] وقوله تألم يروا ك أهلكنا من قبلهم من قرن [الأنعام ٦] وقول الشاعر ب (رأيت الله أكبر كل شيء) فول غ (رآيت الله آهلك قوم عاد) ودعوى أن الرؤية لا تكون بمعنى العلم إلا إذا تعدت إلى مفعولين › مردودة بقوله تعالى توفقد رأيتموه ونم تىظرونڳ [ال عمران ١٤۱] وقوله ألم يروا ك أهلكنا من قبلهم من قرنڳ ولا ريب أن في الجنة من التجليات الر بانية لأصحاب السعادة ما يفوقف ما يكون في مواقف القيامة › فلا غرو إذا عبر عنبا أصدق الانس والجن | وأبلغ ا العرب والعجم بالرؤية » أو نحوها من العبارات تقريبا للأفهام › وقد كان عة يخاطب العرب باللسان العربي البين الذى نشاوا عليه » فعرفوا معانیه » وأدر كوا مراميه › فلا تعجبوا إِذا ل يشكل عليم هذا الخطاب . وإذا كان العبد إذا أخحلص لَه تعالى في هذه الدار الدنيا ‏ مع كثافة حجب طبائعها المادية المظلمة ‏ تتراى له في ذکره ودعائه مشاهد العظمة › ويتكشف له من ايات الجلال ما يجعله غيب عن وجوده » غارقا ئي عالم شهوده › مشغولا عن نفسه با يمده به الحق تعالى من الطاف الأنس » التراسلة من حظائر القدس ء خصوصا في بعض الأحوال كخلوات العبادة » وفي بعض الأزمان › كليالي رمضان » وفي بعض البقاع كالحرمين الشريفين » فما بالكم بالدار الاخرة التى أعدت للمتقين › ترق نفوسهم إلى أوج الكمال الانساني . ولا ينكر هذه المشاهد الأنسية في هذه الدار الدنيا إلا من حرم شفافية الحق الدامغ ‏ ٠٦ الروح ؛ ورقة الشعور والوجدان التى يشعر ما العبد وهو ماثل بين يدى الله تعالی › داعيا أو ذاکرا» حتی یکون کانه من انسه بربه یری ذاته تعالى بام عينيه » من غير أن يتحول تعال عن صفته الذاتية » وهي عدم ادرا که بالأبصار › وقد سمى رسول الله مد هذه المرتبة بالاحسان › وذلك في قوله (الاحسان أن تعبد الله كانك تراه فان لم تکن تراه فانه يراك) فأى عجب إذا حصل للمؤمنين الصادقين في إيمانهم » الخلصين في عملهم ٩ 4 ما هو أيلغ في الدار الأخرة من ذلك من التجليات الجلالية لعقولحم وقلوبهم ؟ وأى بدع إن عبر عن ذلك بالرؤية مع ورود مثله في اللسان العري ؟ وبهذا ي يتضح المراد بالرؤية في الأحاديث › وبه يكن الجمع بينها وبين ایات لتنزيه الناصة على منعها › ومهما يكن فإن هذه الأحاديث احادية › والأحادى لا تہڄض به حجة ي الأمور الاعتقادية لان الاعتقاد عمرة اليقين › واليقين لا يقوم إلا على الأدلة القطعية المتواترة نقلا » النصية دلالة بحیٹ لا تحتمل تاولا اخر ‏ والحديث الاحادي لا يتجاوز ثبوت متنه الظن › فلذلك قال الحققون إنه يوجب العمل ولا يفيد العلم ء وإذا كانت هذه درجة الأحادي في الحجية فكيف إذا عورض بالنتصوص القطعية من القران » ولذلك نحكم بسقوط الروايات الصريحة في تشبيه الخالق با خلق إذا لم تحتمل التأويل › لاستحالة أن يصدر ذلك من رسول الله ميد الذي لا ينطق عن الموى » وذلك كحديث (إذا كان يوم الجمعة نزل على کرسیه نم حف الکرسی بنابر من نور » فیجیء النبیون حتی یجلسوا علیہا .. اتح) فإنه مصادم للعقل والنغل › بل هو مصادم لا يقوله معتقدوا الرؤية أنفسهم من أنه يرى بدون إحاطة » فإنه يلزم أن يكون محاطا به قطعا إذا کان النبيون تحف منابرهم بكرسيه الذى يستوي عليه . وإذا كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم لم يقبل بعضهم ما رواه الحق الدامغ س ٠٠ بعض متهم مما راه مخالفا لما فهمه من مدلول الكتاب العزيز › ا كان من فما بالكم بمن بعدهم › وقد اختلط الحابل بالنابل › وفشا اللبس ٠ وكثر التدليس › وانتشرت البدع › وتعددت الدسائس › وتباعدت العصور عن هذا وقد سمعت فيما سمعت من الحاضرة المسجلة في الشريط ٠ التى أشرت إلها من قبل » سخرية من الحاضر بالاباضية لعدم اعتادهم على الأحاديث المروية في الرؤية لاأحاديتها ». كانه لم يقل بعدم الاأخذ بالأحاديث الأ حادية في الاعتقاد غيرهم » وما هذه إلا سخرية من نفسه › فإنه قد أثبت بذلك عدم معرفته مما قاله المحققون من علمائه » ولا أريد إلا أن أنقل هنا بعض نصوصهم في ذلك ٠ من غير أن أشرك نصا لأحد قال الامامان ابن السبكي في جمع الجوامع والحلي في شرحه (خبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرينة) ك في إخبار الرجل بموت ولده المشرف على الموت »٠ مع قرينة البكاء » وإحضار الكفن والنعش (و) قال (الأكثر لا) يفيده (مطلقا) . (١) وي تنقيح ابن الحاجب وشرحه (التوضيح) ما نصه : (والثالث ‏ ويعنی به الخبر الأحادى ‏ يوجب عليه الظن إذا اجتمع الشرائط التى نذكرها ٳِن شاء الله تعالى ۽ وهي كافية لوجوب العمل لأنه لا يوجب العلم ؛ ولا عمل إلا عن علم س إلى أن قال والعقل يشهد أنه لا e (۱) جع الجوامع لابن السبكى بشرح جلال الدين الحلي مع حاشية ابن قاسم العبادي ج ۳ ص ٢٠۲ احق الدامغ ‏ ۳٠ يوجب اليقين) . (۱) وفي حاشية السعد التفتازانى عليهما أن هذا هو قول الجمهور (۲) شم قال : «بل العمل شاهد بأن خبر الواحد العدل لا يوجب اليقين »٠ وأن احتال الكذب قائم وإن كان مرجوحا» والالزم القطع بالنقيضين عند إخبار العدلين بهما .» (۳) وقال حجة الاسلام أبو حامد الغزالي «إعلم أنا نريد بخبر الواحد في هذا المقام ما لا ينتهي من الأخبار إلى حد التواتر المفيد للعلم › فما نله جماعة من خمسة أو ستة مثلا فهو خبر الواحد ‏ إلى أن قال وإذا عرفت هذا فنقول خبر الواحد لا يفيد العلم » وهو معلوم بالضرورة فإنا لا نصدق بكل ما نسمع ٤ ولو صدقنا وقدرنا تعارض خبرين فکیف نتصدق بالضدين ؟ وما حكي عن المحدثين من أن ذلك يوجب العلم فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم بوجوب العمل إذ يسمى الظن علما › وذا قال بعضهم يورث العلم الظاهر › والعلم ليس له ظاهر وباطن ونما هو الظن» (4) وفي فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت لابن عبد الشكور ما نصه : دالاكئر من أهل الاصول ومنهم الائمة الثلاثة على أن خبر الواحد » إن لم يكن هذا الواحد النخبر معصوما نبيا › لا يفيد العلم مطلقا ۽ سواءِ احتف بالقرائن أو لاس إلى أن قال لو أفاد خبر الواحد العلم لأدى إلى التناقض إذا خير عدلان بمتناقضين ‏ ثم قال وذلك أي إخبار العدلين متناقضين ١) الت م حه 3 )۱( توضيح عل التقيح ص 4/۳ هامش حاشية التلوځ للسعد التفتازالي . مطبعة مكتب صنايع من طرف الشركة الصحافية العثانية شوال من سنة ١۱۳۱م )۲( التلوخ للسعد التفتازالي ص £۳۱ )۳( المرجع السابق ص ٣٣٤ (٤) الستصفي من علم الأصول للامام أبي حامد الغزالي ج ١ ص ١٥٤٠ ط بولاق الحق الدامغ ‏ ٤۹ جائز بل واقع » ‎Y5‏ يخفى على المستقرىء في الصحاح والستن والمسبانيد) «١» وقال الامام محمد عبده في إحدى فتاواه «ولو أراد مبتدع أن يدعو إل هذه العقيدة . فعليه أن يقم عليها الدليل الموصل إلى اليقين إما بالقدمات العقلية البرهانية . أو بالأدلة السمعية المتواترة » ولا يمكنه أن يتخذ حديثا من حديث الأحاد دليلا على العقيدة . مهما قوي سنده › فإن المعروف عند الائمة قاطبة أن أحاديث الآحاد لا تفيد إلا الظن وإ الظن لا يغنى من الحق شیئا (النتجم ٢۲) (۲» وقال العلامة السيد محمد رشيد رضا «إن بعض أحاديث الأحاد تكون حجة عند من ثبتت عنده واطمان قلبه بہا » ولا تكون حجة على غیيره يلزم العمل بها » ولذلك لم يكن الصحابة رضي الله عنم يكتبون جميع ما سمعوه من الأحاديث ويدعون إليهاءمع دعوتهم إلى اتباع القران والعمل به » وبالسنة العملية المتبعة المبينة له إلا قليلا من بيان السنة » كصحيفة عل كرم الله وجهه المشتملة على بعض الأحكام كالدية › وفكاك الأسير › ونحريم المدينة كمكة ›. ولم يرض الامام مالك من الخليفتين المنتصور والرشيد أن يحملا الناس على العمل بكتبه حتى الموطاً » وإنما يجب العمل بأحاديث الأحاد على من وثق بها رواية ودلالة» (۳) وإذا كان هذا موقف حجية الآحادي في الأمور الفرعية العملية فكيف بالاعتقاد » بل كيف تكون حجيته مع معارضته للقطعي التواتر » وقد قال هذا الامام نفسه «وإذا كان من علل الحديث الانعة من وصفه بالصحة e () فواتح الروت بشرح مسلم الثبوت المطبو ع بذيل المستصفي ج ٢ ص ١۱۲ () من فتوى للامام محمد عبده نقلها القاسمي في تفسير سورة الأحزاب من تفسيره حاسن التأويل ج ١٠ ص ١٠۲ ط عيسى اليابى الحلبى وشرکاءه ۳( للتار ج ١ ص ١۱۳ الطبعة الرابعة احق الدامغ ٥1 مخالفة راويه لغيره من الثقات فمخالفة القطعي من القران المتواتر أولى بسلب وصف الصحة عنه) . (۱) وما قاله هنا هو الذى يقتضيه كلام علماء الملصطلح في الاستدلال على وضع الحديث › بل هو الذى يستفاد من صنيع الصحابة رضوان الله عليهم في قبول الروايات أو رفضها كا تقدم › ومع مبالغة أهل الحديث في التعويل على أخبار الأحاد في أمور الدين وإنكارهم على من لم ياحذ بها » نجد البخارى يقيد ذلك بالفروع حيث يقول : «باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الاذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام» . )۲( )۱( اللرجع السابق ص ٢٥۸/٦۸ ۰ . ۳ ) ) صحيح البخاری مع فتح الباری ج ۱۳ ص ۱١ الطبعة السلفية الحق الدامغ م ٠٦ الفصل الثالث في أدلة النافين وهي قسمان ٠ عقلية ونقلية أما العقلية : فتتلخص في أن الله سبحانه كان قبل خلق الوجود كله | ولم تتحول ذاته » أو تتبدل صفاته بعد الخلق عما كانت عليه قبله › فلا تتصل ذاته سبحانه بشیء من مخلوقاتہ ک آنہا لا تنفصل عا لان کل ذلك من صفات الحوادث » ومن ثم كان إدراك کہها مستحیلا عقلا ونقلا » وإنما غاية المعرفة بها الشعور بالعجز عن إدراك كنهها ء ا قيل «العجز عن الاأدراك هو الادراك» والرؤية البصرية المعهودة هي انطباع صورة المرني في حدقة الراي بقوة الذبذبات الضوئية الملتقطة للصور» ولا شروط : أوطا : سلامة الحاسة . انها : أن يكون المرني جائز الرؤية فيخرج بذلك ما كان متنعها كالروح والعقل والروائح والأصوات . ثالثها : مقابلته للباصرة في جهة من الجهات أو انعكاس صورته في شيء مقابل للراني » وتدخل في ذلك الصور المرئية في المرايا أو الشاشات . س رابعها : أن لا يكون دقيقا جدا كالميكروبات التي تعجز الأبصار عن التقاط صورها وإدراك حقيقتها » وذلك يختلف باختلاف حالة البصر 'قوة وضعفا . س خامسها : أن لا يكون في منتهى اللطافة كالنسم . س سادسها : أن لا يكون قريبا جدا فان الالتصاق بالأبصار يحجبها عن الرؤية » ولذلك تحجب الأجفان الأحداق عن رؤيتها . س سابعها : عدم غاية البعد › فان البعيد جدا يضعف البصر عن رؤيته › الحق الدامغ ‏ ۷٦ ولذلك مخفى عن أبصارنا الأجرام السماوية الضخمة لايغاشا ف البعد ©¶© ونختلف الحالة في هذا الشرط باختلاف الأبصار قوة وضعفا واختلاف البصرات صغرا و كيرا . ثامنها : عدم الحجاب الحائل وهو الجسم الكثيف أو ما في حكمه كالضباب الترام . تاسعها : أن يکون مضا بنفسه أو واقعا عليه ضوء عيره . )۱( وقد اعترض على هذا الاستدلال بأن هذه الشروط إِنما هى في رؤية الشاهد › ولا يجوز أن تحمل عليها رؤية الغائب . وأجيب بان الرؤ ية اللعهودة عند الناس هي هذه › ولا فرق في ذلك بين الشاهد والغائب » على أن مثبتى الرؤية أنفسهم قاسوا الغائب على الشاهد في باب الصفات ٠ فما باهم يفرون هنا مما لجاوا إليه هنالك . ولا يرد علي هذا أن الله يرى مخلوقاته من غير أن تكون رؤيته مقيدة بشيء مما ذکر » لأنه سبحانه مخالف نخلوقاته في كل شيء فهو یری لا ك يرون . كا أنه يسمع لا ا يسمعون » ويعلم لا ك يعلمون » ويقدر لا كا يقدرون » ويفعل لا كا يفعلون » واخلوقون ‏ وإن اختلفت أحوالحم لا يتجاوزون حدود الخلوقية » ولا يتصفون بشيء من صفات ال خالق دنيا ولا أخرى . وأما النقلية : فبعضها من الكتاب » وبعضها من السنة . ما من الكتاب فهي کا يل : (۱) قوله تعالى للا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف ابره «الأنعام ٢ ووچه الاستدلال بالاية أنه تعا ل مدح نفسه فیہا بان الأبصار لا تدركه › وإدراكها الرؤية » فتبين منها أن عدم رؤيته (١) مشارق الأنوار ص ١۱۹ نقلا عن المواقف وشرحه مع زيادة وتصرف الحق الدامغ ‏ ٢٦ بالأبصار صفة ذاتية لازمة له تعالى » فإنه لو رؤى للزم زوال مدحه وإذا زال انقلب إلى ضده » وهو الذم تعالى الله عنه » ومن ناحية أخری فانه إخبار من الله سبحانه بوصف من أوصافه » وأخبار الله لا تتبدل ٤ لاما لو تبدلت كان التبدل تكذيبا ا ومن أصدق من الله قيلا واعترض على هذا الاستدلال من خمسة أوجه : أولها : أن الاية نفت الادراك ولم تنف الرؤية » وبينهما فرق » فان الادراك هو الاحاطة بالمدرك من جميع جوانبه وهو مستحيل عليه تعالى » والرؤية لا تستلزمه فهي أعم منه » ونفي الأخص ليس نفيا للأأعم ك أن قوله تعالى ولا يحيطون به علماه [طه ١٠۱] لا ينفى مطلق العلم › فإِن للعباد معرفة به تعالى يخشونه بها ويرجونه » ويطيعونه ويعبدونه › ونما هو ناف للاحاطة بکنه ذاته سبحانه » وهذا أشهر ما عولوا عليه في دفع هذه الحجة › ولذلك سرعان ما تجدهم يهرعون إليه للتخلص متها . انها : أن الآية ليس فيا أكثر من نفي كون جميع الأبصار تراه (وهو لذي يعبر عنه بسلب العموم) وليست نافية أن يكون كل فرد من أفراد جنس الأبصار رائيا له (وهو ما يعبر عنه بعموم السلب) والكل متفقون عل أنه تعالى لا تراه جميع الأبصار وإنما يراه بعضها » وأقل ما يقال بان الاية محتملة لذا المعنى › والدليل إذا طرقه الاحتال سقط به الاستدلال › وقد بالغ بعض غلاتهم المتعصبين فقلب مدلول الاية رأسا على عقب ٠ زاعما أنها أدل على ثبوت الرؤية منها على نفيها » بانيا قوله هذا على أن جملة فلا تدركه الأبصار نافية غير مقيدة بعموم أو خصوص » فتحمل على عدم إدراك بعض الأبصار دون جميعها » وتخصيص البعض بالنفي دال بممهومه على إثبات اللنفي للبعض الأخر . ثالنا : أا وإن عمت في الأشخاص فإنها لا تعم في الأزمان › لأن نغیہا مطلق ولیس مقيدا بدوام الحق الدامغ ‏ 9٦ رابعها : أن الآية تدل على عدم رؤية الأبصار له » لكنها لا تدل على عدم رؤية اللبصرين إياه » لجواز أن تكون نافية للرؤية بالجارحة مواجهة وانطباعا ك هو العادة › فلا يلزم منه نفي مطلق الرؤية › وخلاصة ذلك أن ما في الاية من امتداح إنما هو بنفي البُصَرية لا بنفي الرؤية . (۱) خامسها : أن عمومها مخصص بادلة إثبات الرؤية . (۲) وهذه الاعتراضات كلها مردودة : _أما الأول فهو مخالف لا دَلّ عليه الاستعمال العربيى لكلمة. الادراك ومشتقاتما » فاإنه لا يفهم منه أنه بمعنى الاحاطة › فاقوال أساطين العربية اللهرة وشواهدها الصرية الثابتة دالة على أن الادارك ليس بمعنى الاحاطة بل لكل منهما معنى مستقل عن الأاخر . قال ماتن القاموس وشارحه (الدَرَك محركة اللحاق) وقد (أدركه) إذا لحقه » وهو اسم من الادراك » وفي الصحاح : الادراك اللحوق ٠ يقال مشیت حتی ادر کته » وعشت حتی ادرکت زمانه . ۳( ونص كلام الجوهرى في الصحاح «الادراك اللحوق ٠ يقال مشيت حتی آدرکته » وعشت حتی أدرکت زمانه 9 وأدرکته ببصری ١٤ رایته» (٠) وفي اللسان «الدرك اللحاق ‏ إلى أن قال وتدارك القوم تلاحقوا › وئي التنزيل «إحتى إذا ادارکوا فما (ه) هذه نصوص أساطين اللغة الذين نقلوها إلينا بأمانة » وليس فيا ما (١) محاسن التأويل ج ص ٢٢٥٢۲/٤٥٢۲ ط١ بتلخيص وإيضاح ٠ وراجع المواقف وشرحه ٠ وتفاسير الفخر واللسفى والألوسى في تفسير الاية (۲) الرازی : مفاتيح الغيب ج ۳٠ ص ١۱۲ ط دار الكتب العلمية بطهران () تاج العروس ج ۷ ص ١۲٠ ط دار مكتبة الحياة () الصحاح . ج ص ۱۲ ط دار العلم للملاين س بيروت (9) لسان العرب ج ۳ ص ۱۳۹۳ ط دار المعارف الحق الدامغ ‏ ۷ يدل على ت تفسير الأدراك بالاحاطة . ولا يمكن حمل اللحوق أو اللحاق عليها » لأن قول القائل لحقت الجدار بيدى لا يدل إلا علي مماسته له وهو قول فصيح مقبول وضعا وعرفا » مع تعذر إحاطة اليد بالجدار › ومثل ذلك قولك » أنزلت الحبل في البئر حتى لح الاء › وأمثلة ذلك لا تُخصى ١ ولم أجد مرجعا لغويا فسر الادراك بالاحاطة ٠ وناهيك دليلا على خطاً هذا التفسير عدم تقبل العرف والذوق لقول القائل في الحائط الحيط بالزرع إنه مدرك له » ومثله قول القائل بأن البيت مدرك لن كان وما كان داخله » مع العلم بانه لا يماري أحد في إحاطته با اشتمل عليه . وإذا كان معنى إلا تدركه الأبصارك لا تلحقه فإن مداه قطعا أن القوى البصرية لا تصل إليه حتى يكون مرئيا لا » فإن البصر يطلق على الحاسة ‏ يطلق على الة الابصار وهي العين » وتثيل صاحب الصحاح بقوله «اعشت حتی أدرکت زمانه» شاهد على صحة ما قلته من التباين بين لفظتي الادراك والاحاطة » فإنه مما يدركه كل أحد أن قائل ذلك م یرد أنه عاش حتى أحاط بزمان من أضيف إل ضميره الزمان من أو له إل اخره » إذ لو کان ذلك هو المراد لا جاز لأحد أن يقول في أحد من أصحاب رسول الله عَفك إنه أدرك زمانه عليه الصلاة والسلام إلا إذا كان ذلك الصحابيى قد أحاط بزمنه عَيّْْك منذ الولادة إلى الوفاة . ومن الشواهد الدالة على خطا تفسير الادراك بالاحاطة أنه لا يختلف ئي صحة قول القائل فيمن وقع عليه سهم ادركه السهم › ولو قال أحد أحاط به السهم لا عد قَولهُ عاقل إلا هذيانا . وأصرح من هذه التصوص ما تقدم نقله عن شارح القاموس يانه فسر الرؤية بإدراك لمرن .وف اللسان أرضا «والادراك اللحوف 6 يقال مشت حتی أدر كته › وعشت حتی در کت زمانه › وآدر کته ببصری ای رایته» . (۱) () المرجع السابق ص ١١۱۳ ِ ِ الحق الدامغ ‏ ٢۷ وتصاريف لفظة الادراك دالة على هذا فقوله تعالى حتى إِذا اا رکوا فیا لا يقصد به أن کل فریق منہم حاط بغيره وإنما هو أن کل فریق لحق سابقه . واستشهاد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم على نفى الرؤية بہذه الا ية الكريمة من أوضح الأدلة وأبينها › وأقوى الشواهد وأقطعها بان الادراك إذا أسند إلى الأبصار لا يكون إلا بمعنى الرؤية › فانم رضي الله تعالی عنہم عرب أقحاح طبعوا على فصيح الكلام العرلي بتربيتهم العربية الأصيلة . وزادهم القران الكريم الذي كان ينزل بين ظهرانيمم علما معانيما » وخبرة باستعمالا » فأنّى لحم أن يجهلوا الفرق بين رؤية البصر وإدراکه لو کان بینہما فرق ؟ ونما روى عنهم في ذلك ما أخرجه الامام الربيع في مسنده » والشيخان في صحیحہما عن مسروق قال : «کنت متكئا عند عائشة فقالت : يا با عائشة ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية » من زعم أن محمدا َة رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية » قال : وكنت متكئا فجلست وقلت : يا أم المؤمنين أنظريني ولا تعجليني › ألم يقل الله عز وجل تژولقد راه بالأفق اينه › لإولقد راه نزلة أخرى فقالت : أنا أول هذه الأمة سال عن ذلك رسول الله ع » فقال : إا هو جبريل م أره في صورته التى خلق عليها غير هاتين المرتين » رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض . فقالت : أولم تبمع أن الله يقول بلا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف احبر . احق الدامغ ‏ ٢Y‏ وقد أخرج الامام الربيع رحمه الله عن علي واین عباس رضي الله عنہما أهما استدلا على نفي رؤية الله تعالى بهذه الاية الكريمة . (١) وقد حاول الفخر الرازى دفع كون استدلال عائشة رضي الله تعالى عا بالاية على نفى الرؤية »ء شاهدا على أن الادراك لا يتقيد بالاحاطة حيث قال : «معرفة مفردات اللغة إنما تكتسب من علماء اللغة › فأما كيفية الاستدلال بالدليل فلا يرجع فيه إلى التقليد» . (۲) أوغا : أن العرب الأقحاح ‏ عندما كانوا لا يعتمدون إلا على سليقتهم العربية في نطقهم وفهمهم لممقاصد الكلام ‏ هم أقوى خجة ممن جاء بعدهم من علماء العربية الذين دونوا مفرداتها › وشرحوا معانيہا » فان لاء كانوا يستندون إلى أولعك في فهم مقاصدها» ولم يكن اولك يرجعون إلى هؤلاء في ذلك . س ثانيها : أن ما نقله أئمة العربية عن العرب من معاني الادراك متفق كل الاتفاق مع ما ذغبت إليه عائشة رضي الله تعالى عنها في هذا الاستدلال . الثهما : أن الاستشهاد باستدلالما هذا ليس هو من التقليد في شي ٠ إكا من باب الأخذ بوسائل الفهم للمعاني اللغوية . واعتمد ابن جرير الطبري في التفريق بين الرؤية والادراك على قوله تعا ى إفلما تراى الجمعان قال أصحاب موسى إنا مدركون . قال کلا ِن معی ری سیېدين «الشعراء ۱٦/۲) » حیث نفی موسی ما توقعوه () مسند الامام الربيع ج ۳ ص ٢۲۲۷/۲۲ ط مكتبة الاستقامة )٢( التفسير الكبير «مفاتيح الغيب؛ ج ۳ ص ۲۸ ط ۲ احق الدامغ ‎V۳‏ من إدراك عدوهم مع أن التراق حصل بين الجانبين › وتابعه ابن حزم (۱) » ونقل ذلك الحافظ بن حجر عن القرطبي صاحب المفهم 4 و تعقبه الللجافظ بو له «و هو استدلال عجیب لان متعلق الادراك ف ايه الانعام البصر » فلما نفى كان ظاهره نفى الرؤية بخلاف الادراك الذي في قصة موسى » ولولا وجود الأخبار بثبوت الرؤية ما ساغ العدول عن هذا الظاهر» (۲) . وأضيف إلى ما قاله الحافظ بأن الادراك يتفاوت معناه بحسب تفاوت أتواع المدركات ‏ بالكسر ‏ فإدراك العين رؤيتها للشيء › وإدراك الاذن ماعها للصوت 6 وإدراك اليد مسیسها للجسم 6 وإدراك السيف و قعه علي المضروب » وإدراك السهم إصابته للمرمى ء وإدراك الرمح إصابته للمطعون 6 وإدراك العدو لعدوه مکنه منه وفدرته عل إنزرال السو ء به »٠ فا صحاب موسی عليه السلام ما کانوا يتو فول جرد رو يه عدو هم شم 6 وإنما كانوا يحذرون من تمکنه مهم . وكلام ابن حجر يفيد أنه يرى رأينا في تفسير الآية » غير أنه يستند في معارضته هذا المفهوم بالأخبار الثبتة للرؤية › وقد علمت أخى القارىء ما فى تلك الأخبار المشار إليها من عدم إفادتها ثبوت رؤيته تعالى › ا سبق بيانه فثبتت والحمد لله قطعية حجتنا . وإن من أحسن ما قرأته في تفسير هذه الاية الكريمة قول الامام أي بكر أحمد بن على الرازي الحتفي المشهور بالجصاص في كتابه (أحكام القران) ونصه : ”يقال إن الادراك أصله اللحوق › نحو قولك أدرك زمان اللنصور › وأدرك أبا حنيفة › وأدرك الطعام أي لحق حال النضج ٤ وأدرك الزرع والثمرة » وأدرك الغلام إذا لحق حال الرجال** 0 اففصل في الملل والأهواء والنحل ج ۳ ص ۲ ط مكتبة السلام العالية () فح البارى ج ۸ ص ۷٠٠ » الطبعة السلفية الحق الدامغ ‏ ٤۷ «وإدراك البصر للشيء لوقه له برؤيته إياه › لأنه لا خلاف بين أهل اللغة أن قول القائل أدركت ببصری شخصا معناه رآيته ببصری »٤ ولا يجوز أن يكون الادراك الاحاطة لأن البيت حيط با فيه وليس مدركا له › فقوله تعالى إلا تدركه الأبصارك معناه لا تراه الأبصار » وهذا تمدح بنفى رؤية الابصار › كقوله لا تاخذه سنة ولا نوم » وما تمدح الله بنفيه عن نفسه إثبات ضده ذم ونقص » فغير جائز إثبات نقيضه حال . کا لو بطل استحقاق الصفة ب إلا تأخذه سنة ولا نومه لم يبطل إلا إلى صفةه نقص» ولا يجوز أن يكون مخصوصا بقوله وجوه يومئذ ناضرة إلى ربا ناظرةڳ لأن النظر محتمل لمعان منه انتظار الثواب كا روى عن جماعة من السلف » فلما كان ذلك محتملا للتأويل لم يجز الاعتراض عليه با لا مساغ للتاويل فيه» . «والأخبار المروية في الرؤية إنما المراد بها العلم » لو صحت ٠ وهو علم الضرورة الذى لا تشوبه شبهة » ولا تعرض فيه الشكوك لان الرؤية بمعنى العلم مشهورة في اللغة» (۱) ِ أما الاعتراض الثاني فهو مناقض تمدحه تعالى في الاية بعدم إدراك الأبصار له » فإنه إن حمل على سلب العموم ‏ ا قالوا س لم يبق معنى للامتداح » لأن الخلوقات الرئية كلها مشاركة لله تعالى في هذه الصفة › إذ ما من مخلوق رأته أو تراه جميع الأبصار حتى الشمس التى هي أکثر انکشافا لن على ظهر الکو کب الأرضى جميعا » فان أصحاب العوالم الأخرى لا يرونها لبعدهم عنها 4 ک ننا لا نری ما هو أکبر وآنور منہا ِ من الأجرام النائية السابحة في المجحرات السحيقة ‏ فضلا عن البشر سے (۱) احکام القران ج ۳ ص ٤ ط . دار الكتاب العربى احق الدامغ س ‎Yo‏ وأمثالحم 0 » فان أى إنسان منا لا يمكن أن تراه جميع الأبصار المعاصرة له في هذه الأرض نفسها فضلا عمن مات قبله » أو ياق بعده » أو كان في عوالم أخرى من المبصرين » ومن ناحية أخرى فإن تجويز هذا التأويل في الآية يقتضي جوازه في أمثاا › نحو إن الله لا يحب المعتدين «البقرة ٠ء الائدة ۷ «إنه لا يحب المسرفين «الانعام ١٤١ » الأعراف ۳ إوالله لا حب الظالين »ال عمران ۷٥ ٤ ١١٤ ۱» إن الله لا حب کل ختال فخور «لقمان ۱۸)٠ إِذ لا فارق بینہا فانہا جميعا سيقت مساق المدح له تعالى وهو كاف في اسقاط الاحتال الذى ذكروه . وأما جعل الآية دليلا على جواز الرؤية لأنها نافية غير مقيدة بعموم أو خصوص » فتحمل عل عدم إدراك بعض الأبصار دون جميعها بناء عل أن تخصيص البعض بالنفي دال بمفهومه على إثبات المنفى للبعض الآخر » فهو أضعف من أن يتاج إلى إضعاف » لأن كل من صحا عقله من سكرة الحوى » وسلم ذوقه من فساد الفطرة يدرك بطلانه › فإن التفي في قوله تعال لا تدركه الأبصار ل بخص يعض الأبصار دون بعض .٠ إا يعمها بلفظه الصرع الذى تؤيده القرائن » وذلك أن التعريف في الابصار قاض بعمومها › سواء حملناه علي الجنس أو الاستغراق › فان حملناه على الاستغراق فهو أظهر من أن يتاج إلى بيان › إِذ لا معنى للاستغراق إلا شمول أفراد مدلول اللفظ ›ء وإن حملناه على الجنس فمن حيث أن أي فرد من أفراد جنس ما يوجد مدلول ذلك الجنس ضمنه إثبانا أو نفيا » ولو كان هذا التول صحيحا ما حكم بالحنث على من يقسم الله الأيمان المغلظة أنه لم يزر القبور مع أنه يترد على زيارتها في كل أوقاته › إذ لا يعقل أن يزور جميع القبور في الأرض ء ا أنه يترتب عليه أن يكون من أقسم بانه الم يزن بالنساء س وقد زفى بألوف النساء ‏ صادقا في قوله غير حانث في بينه » لتعذر أن يزنى زان بجميع نساء الأرض ء الحق الدامغ س ٢۷ وكذلك يلزم عدم حنث من حلف بانه لم يسرق الر وقد سرق من الو ما لا يدخل تحت إحصائه ولا إحصاء غيره » بل يلزم على هذه الدعوى أن يكون قول القائل لم أزر القبور منبئا أنه قد زار بعضها وكذا في أمثاله . فإن قيل لعل تعريف الأبصار عند هذا القائل عهدي ليس للجنس ولا للاستغراق » فجوابه أن حمله على العهد مناف لا تدل عليه الآية من ااقدح الذي يقتضيه سياق ما قبلها وما بعدها › والعهد لابد له من معهود ولا معهود » ولو فرضنا ان شمءمعهودا فهل يکن ان يکون نفي شيءِ عن معهود قاضيا بإثباته لغيره ؟ وهل هذا إلا من باب الاحتجاج بفهوم اللقب ٠ الذى لا يعول عليه في الظنيات فكيف بالقطعيات ؟ وأما الاعتراض الثالث ‏ وهو أن النفى المطلق لا يدل على الدوام فهو مرفوض لغة وعرفا وشرعا» فإن كل أحد يدرك أن قول القائل لا أشرب اللبن دال على نفي الشرب في أي وقت من الأوقات › ولولا ذلك لا حنث من حلف أنه لا يزنى ولا يسرق ولا يشرب الخمر ولا يقتل النفس المحرمة بغير حق » إذا أتى أى شيء من ذلك في مستقبل الزمان » بناء على أن النفي المطلق غير شامل للأزمنة . وما لا خلاف فيه أن لبي حكم النفي ولئن ساغ هذا القول ل يبق أمر محجور فيسوغ للناس أن يا كلوا الربا الذي حرمه الله في كتايه » وأ يقتلوا نفس الحرمة بغير حت » وأن يرتكبوا كل فساد في الأرض ء ویاتوا کل منہي ني الاسلام › متذرعين إلى ذلك كله بدعوى أن النبى غير شامل لعموم الأزمنة . وما تقدم تقريره من أن هذه الآية ‏ كسائر الايات التى انتظمت في سلكها » سيقت مساق مدحه تعالى مبطل لذه الدعوى » إِذ لو حمل النفي فيا على الدار الدنيا دون الأخرة لجاز مثله في نظائرها نحو قوله تعالى الحق الدامغ ‏ ۷۷ إلا تأخذه سنة ولا نوم «البقرة ٢٥6» › وقوله ما اذ صاحبة ولا ودا لجن ۳٠ء وقوله لإ يلد وم يولد وم يكن له كفواً أحد «الاأخلاص ‎«o /Y‏ وقوله تولا يظلم ربك أحدا «الكهف ٩£ » ء٠ ولجاز عليه تعالى في الأخرة» ما كان متنعا عليه في الدنيا من السنة والنوم » والصاحبة والولد » والكفء والند » والجور والظلم › تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا . علي أن الواجب على كل مسلم أن يعتقد أن الدنيا والآخرة لا تاثير لحما في ذات الحق تعا ی » فانه سبحانه يستحيل عليه مرور الزمان ء ا يستحيل عليه اكتناف المكان » فهو تعالى خالق الزمان والمكان » لا تتغير ذاته » ولا تتبدل صفاته أزلا وأبدا » وإنما تحول الأحوال بين الدنيا والاخرة لا يتجاوز الخلوقين . هذا أوذكر الامام ضياء الدين عبد العزيز الثمينى رضي الله عنه في معاله بأن القول بأن الدال على عموم الأفراد في الاطلاق لا يدل على عموم الأزمان هو قول لبعض أئمة الأصول كالآمدي والقرافي › والأصفهاني » وهو بمعزل عن التحقيق ٠ والتحقيق في ذلك ما عليه المحققون منم كالفخر وابن دقيق العيد › والسبكي وابنه » و كثير من اللتأخرين » وهو لازم لمدلول الدال على إستغراق الف اد. (۱) وأما الأعتراض الرابع ‎ :‏ وهو أن الا ية نفت إدراك الأبصنار ولم تتف إدارك المبصرين ‏ فيدحضه أن البصر في الاصل هو الطاقة التى تتوصل با العين إلى الابصار › وإطلاقه على العين تجوز › كإطلاق السمع علي الأذن › فلو فرضنا أن أحدا أبصر برأسه أو بأذنيه أو بمنخريه أو بيديه أو برجليه » أو بجميع وجهه أو بجميم جسمه لكانت الطاقة البصرية (١) معام الدين ج ۲ ص ٣۴۹/۳ وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان احق الدامغ ‎VA‏ موجودة فيما أبصر به » وإذا كان المنفي في الاية إدراك البصر فإن كل ذلك داخل في النفي . وأما الاعتراض الخامس ‎ :‏ وهو أن الآية مخصصة بغيرها ‏ فهو مردود بأمرین : © أحدهما : عدم وجود المخصص »› وهو واضح فيما قررناه من إبطال تعلق معتقدي الرؤية بما يتشبثون به مما ظنوه حجة ودليلا . © انما : أن سياق الآية مساق المدح له سبحانه بنفي إدراك الأبصار مانع من التخصيص . فإن قيل إن انتفاء الرؤية عن الله تعالى لا يعد مدحا له سبحانه مشار كة غيره له في. ذلك » كالرياح والأرواح والذرة والكهرباء . فجوابه أن انتفاءها عنه سبحانه لجلاله و كبریائه » وانتفاءها عن غیره ما لا يرى لاخفائه سبحانه عن الأبصار » على أنه يترتب على هذا الاعتراض أن يكون قوله تعالى فلا تأخذه سنة ولا نوم وقوله طلم يتخذ صاحبة ولا ولدا لا يعد مدحا لوجود ما لا ينام ولا ينكح ولا يلد من مخلوقاته › فالملائكة متصفون بذلك كله › والشمس والقمر والارض وسائر الأجرام الفلكية هي أيضا لا تنام . وقسم المحقق الخليلي رضوان الله تعالى عليه الأشياء في هذا على أربعة أقسام فقال ٠ س أحدھما : ما یری س بفتح الياءِ س ولا یری س بضمها س وهو نهاية الشرف وغاية الكمال لاتصافه بالقدرة على رؤية ما سواه وتعاليه عن إدراك عيره إِياه » وليس شيا كذلك إلا سبحانه وتعالى » فهو المنفرد بمطلق الكمال والمتوحد بصفة العز والجلال «[ليس كمثله شيء وهو السميع الصي ر «الشورى ١ » احق الدامغ ۷۹ وٹانیا : قسم رى ويرى س بضم الياء وفتحها ‏ وهو أشرف ما بعده من الأقسام وهو الحيوانات من الملائكة والجنة والناس والطير وسائر الدواب من الأنعام والبائم والسباع وأكثر الحشرات . وثالٹها : رى ولا یری يضم الياء الأولى وفتح الثانية ‏ كالأجساد الكثيفة من الأرض والجبال ء والمعادن والنبات » وما يشاركها في ذلك من الجواهر والأعراض . ورابعها : لا یری ولا یری مما يدرك بالحواس كالشم والذوق ء والصوت المدرك بالسمع أو مما لا يدرك بها كالايمان والكفر › والعقل والعلم › والغضب والحلم › وغيرها من الصفات والأخلاق التى كلف الشر ع با وأثاب وعاقب علیہا . (۱) هذا وقد أف كل من ابن تيمية والفخر الرازي مما يأباه العقل الصحيح ويرفضه الذوق السلم في تأويل قوله تعالى تلا تدركه الأبصار» حيث اتغذا من هذه الاية تكاة لا يدعيانه مما ينافي في مدلولا الصرع ›. فمد عداها من حجج الثبتين للرؤية قلبا لمفهومها وعكسا لمدلوغا . أما ابن تيمية فقد قال : «هى على جواز الرؤية أدل منها على امتناعها ّ ِن الله سبحانه إنما ذکرها في سياق لقدح » ومعلوم أن المدح إنما يكون بالاوصاف الثبوتية » وأما العدم المحض فليس بكمال › ولا يمدح به › وإنpا‏ هدح الرب تبارك وتعال ى بالعدم إذا تضمن أمرا وجوديا كتمدحه بنفي السنة والنوم المتضمن كال القيومية » ونفى الموت الملتضمن كال الحياة › ونفى اللغوب والأعياء التضمن كإل القدرة » ونفى الشريك والصاحبة والولد والظهير المتضمن كال ربوبيته وإلاهيته وقهره › ونقى الاكل والشرب المتضمن كال الصمدية وغناه › ونفي الشفاعة عنده بدون إِذْته (١) تمهيد قواعد الايمان ج ١ ص ۱۸۳ ط وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان احق الدامغ ‏ التضمن كال توحيده وغناه عن خلقه » ونفي الظلم المتضمن كال عدله وعلمه وغناه » ونفي النسيان وعزوب شيء عن علمه المتضمن کال علمه وإحاطته » ونفي المثل المتضمن لكمال ذاته وصفاته › ولذا لم يمتدح بعدم محض لا يتضمن أمرا ثبوتيا » فإن المعدوم يشارك الموصوف في ذلك العدم » ولا يوصف الكامل بامر يشترك هو والمعدوم فيه » فلو كان المراد بقوله طلا تدركه الأبصاركه أنه لا يُرى بحال لم يكن في ذلك مدح ولا كال » لمشاركة المعدوم له في ذلك › فإن العدم الصرف لا يرى ولا نُدركه الأبصار » والرب جل جلاله يتعالى أن يمدح يما يشار كه فيه العدم المحض ٠ فإذا المعنى أنه يرى ولا يدرك ولا يحاط به» (۱) وهو كلام يِشْدَه منه كل من کان يتمتع بشيء من العقل الذي لم يتكدر بتاثير الحوى » فإنه ظاهر البطلان » بين التناقض »٠ وناهيك أنه أثبت في صدره أن الآية ذكرت في سياق اتمدح » ثم أتبع ذلك أن الله لا يمتدح بعدم محض 2 وانتبى به التطواف إلى القول بان العدم الصرف لا يرى ولا تدركه الأبصار » ثم أت بنتيجة ذلك كله وهى أن الله يرى ولا يدرك › وعليه فيلزمه من ذلك أن لا يكون نفى إدراك الأبصار لذاته تعالى مدحا له وأن تكون ذات الله العلية ممكنة الاحاطة بها بناءُ علي ما فسر به الادراك ‏ لأن العدم الصرف لا يدرك أيضا ا نص عليه بنفسه . وبالجملة فإن أعجب ما جاء به ابن تيمية في كلامه هذا » عرضه النصوص القطعية على قاعدة مصطنعة من الخيال والوهم » ليس فا أسس من العقل » ولا دعائم من النقل » مع أن الواجب علينا ‏ معاشر العباد أن نثبت لله ما أثبته لنفسه » وأن ننقي عنه ما نفاه بنفسه » فانه سبحانه أعلم بذاته وصفاته » وليس لا أن نعترض عليه في نفيه أو إثباته . (۱) ابن القم : حادي الأرواح إل بلاد الأفراح ص 0/۲۹ 6 نقلا عن ابن تيمية » وانظر كذلك المنار ج ۹ ص ۱۳۲ ط٤ الحق الدامغ ‏ ١۸8 وإن من أعجب العجاب أن يشتد إنكار الحنابلة ‏ ومن بينم ابن تيمية وابن القم ‏ على المتكلمين من الأشاعرة والمعتزلة وغيرهم فيما هو أولى بالصواب › وأجدر بالحق » وادنى إلى الحقيقة من اسس علم الكلام الجامع بين براهين العقل ونصوص النقل » بين تجدهم يطلقون لخيالحم العنان ف استنتا ج أمتال هذه الاأوهام › ل لغرض یر التهرب من ڦهر ولو سلمنا جدلا لذا المنطق المتداعى لقلنا إن في نفي الرؤية عن الله سبحانه إثباتا لصفة كال له عز وجل وهي الكبرياء » ففي العديث الصحيح نص صر بان كبرياء الله سبحانه مانعة من رؤیته › وذلك فيما الخحرجه الشيخان عن أي موسی الاشعري عن النبى عك أنه قال : (جنتان من فضة انیتہما وما فیہما » وجنتان من ذهب انیتہما وما فیہما » وما بين القوم وبين ان ينظروا إل ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن) فای شكال مع هذا في نفي الله سبحانه أن ترى الابصار ذاته العلية . ومع التسلم المفترض ‏ وهو غير واقع ‏ بان بين الرؤية والادراك فرقا ئي المعنى » فإن ابن تيمية ملزم ‏ حسب هذه القاعدة التى اصطنعها من خياله ‏ بان يكون مثبتا لله تعالى ما نفاه من إدراك الأبصار لذاته . وإن من اخطر الخطر على الدين ان تعصف اأعاصير الجوى بعقول حجه عل خلاف معناه . واما الفخر الرازى فقد قال : «لو لم يكن تعالى جائز الرؤية لا حصل المدح بقوله تلا تدرکه الابصارك ألا ترى أن اللعدوم لا تصح رؤيته › والعلوم + والقدرة » والارادة » والروائح › والطعوم لا يصح رؤية شيء مہا ولا مدح لشيء منہا فی کونہا بحیث لا تصح رؤیتها » فثبت ان قوله تلا تدركه الأبصار يفيد الماح › وثبت أن ذلك إنما يفيد المدح الحق الدامغ ‏ ۸۲ لو كان صحيح الرؤية » وهذا يدل على أن قوله تعالى «ژلا تدرکه الأبصار يفيد کونه تعن جائر ارؤية > وام لمحقيق فيه ان الشيء إذا لشيء » أما إذا كان في نفسه جائز الرؤية ثم إنه قدر عل حجب الأبصا عن رؤيته وعن إدراکه كانت هذه القدرة الكاملة دالة على المدح والعظمة › فثبت أن هذه الاية دالة على أنه تعالى جائز الرؤية بحسب ذاته . وإذا ثبت هذا وجب القطع بأن المؤمنين يرونه يوم القيامة ء والدليل عليه أن القائل قائلان » قائل قال بجواز الرؤية مع أن المؤمنين يرونه » وقائل قال لا يرونه ولا تجوز رؤيته » فاما القول بانه تعالى تجوز رؤيته مع أنه لا يراه أحد من المؤّمنين فهو قول لم يقل به أحد من الامة فكان باطلا › ثبت با ذكرنا أن هذه الاية تدل على أنه تعالى جائز الرؤية في ذاته › يما ذكرنا دلالة هذه الاية على حصول الرؤية » وهذا استدلال لطيف من هذه الاية )۱( وليس بعد هذا القول الذى قاله الفخر الرازى تعليق لأحد › إلا السوال عن عقيدته في وحدانية الله ونفي الولد والشريك عنه › مادام يجعل من نفي الشيء دليلا على إثباته › وموج هذا القول فان للنصارى والملشركين أن ينتزعوا من قوله تعالى لوقل الحمد لله الذى لم يتخذ ولدا و یکن له شريك في املك «الاسراءء ١۱۱» › ديلا قاطعا بان له سبحانه ولدا وشريكا وأن يضيفوا إلى ذلك إثبات الصاحبة له تعالى » بل وإثبات كل ما نفاه عنه من السنة والنوم › والغفلة واللغوب › والظلم والجور » مادام النفى دليلا قاطعا على الامكان وبالتالي على الاثبات . ہے (١) مفاتيح الغيب والتفسير الكبير» ج ۳١ ص ١۲٠ ط ۲ دار الكتب العلمية ‏ طهران احق الدامغ ‏ ۸۲ ون تعجب فعجب أن يكون الفخر الذى اتخغذ من قوله تعالى لا تدر كه الأبصار سلما إلى القطع بثبوت الرؤية قلبا للحقيقة وعكسا للحجة › هو الذى يقول في تاصیلاته بان دلائل الألفاظ على المعانى لا تتجاوز الظن ا هو صري في قوله «دلالة الألفاظ على معانيها ظنية لأنها موقوفة على نقل اللغات ونقل الاعرابات والتصريفات مع أن أول أحوال تلك الناقلين ١ نېم کانوا احادا » ورواية الآحاد لا تفيد إلا الظن ء وأيضا فتلك الدلائل موقوفة على عدم الاشتراك وعدم المجاز وعدم النقل › وعدم الاجمال › وعدم التخصيص »› وعدم المعارض العقلي › فا بتقدير حصو له يجب صرف اللفظ إلى المجازء ولاشك أن اعتقاد هذه المقدمات ظن محض » والموقوف على الظن أولى أن يكون ظنا .» (۱) فانظر كيف يجعل الفخر دلالة الألفاظ على المعاني الموضوعة لا ظنية › مع جعله دلالتها على ضد تلك المعاني قطعية . والخلاصة من كل ما تقدم أن دلالة الآية الكريمة على انتفاء رؤيته تعالي في الدنيا والاخرة دلالة قاطعة . وكل ما تعلق به القائلون غلا ذلك لا يتجاوز أن يكون ضبابا من الوهم » لا یلبث أن یتلاشی باٍشراق شمس الحقيقة » ويؤيد نصيتها على ذلك تذييلها بقوله تعالى وهو اللطيف الخبير فان قوله «اللطيف» كالتعليل لقوله تلا تدركه الأبصار» وقوله فالخبير» كالتعليل لقوله تإوهو يدرك الأبصار والصفتان المذكورتان من صفات ذاته تعالى لا تتبدلان أزلا وأبدا ؛ أما الخبير فکونه من صفات الذات ظاهر انه کالعلم « وأما اللطيف فلانه 5 يقول الامام ابن عاشور : «صفة مشبهة تدل على صفة من صفات ذات الله تعالی » وهی صفة تنزيهه تعالى عن إحاطة العقول بماهيته › أو إحاطة الحواس بذاته E (١) التفسير الكبير ج ١ ص ٢۲ ط ۲ : دار الكنب العلمية ‏ طهران , وقد بين بطلان ما أصله الفخر هنا الامام نور الاين اساي رحمه الله في طلعة الشمس : ج ١ ص ١۴ ط . وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان الحق الدامغ ‏ ٤۸ وصفاته › فيكون اختيارها للتعبير عن هذا الوصف في جانب الله تعالی هو منتى الصراحة والرشاقة في الكلمة لأنها أقرب مادة في اللغة العربية تقرب معنى وصف ذاته تعالى بحسب ما وضعت له اللغة من متعارف الناس» (١۱) (۲) قوله تعالى لموسى عليه السلام تلن ترانى «الأعراف ١٤ ١٠ ٠ فان تفي مطلق غير مقيد بزمان ولا تبديل لكلمات الله فلو حصلت الرفية في أي وفت من أزمان الدنيا أو الآخرة لكان ذلك منافيا لصدق هذ! الخبر » وتتا كد دلالة هذا النص علي هذا المعنى باندكاك الحبل الذى عقت الرؤية علي استقراره اندكاكا هائلا ليكون اية بينة تستاصال طا ت اللتطاولين على الله بطلب أو تمنى ما يستحيل عليه ويتنافی مع كبريائه . وقد وضح لكل ذي عينين صبح الحق بعدم استقرار الجبل فلا مضمع ٿي حصوفا لانها إحدى المستحيلات . وما ألطف وأدق وأروع قول موسى عليه السلام إِثر إفاقته تما حص له من الصعق بعد هذا الحدث سبحانك ت تبت إليك وأنا أول المؤۇمن# «الأعراف ٤ » فد بادر عليه السلام ل إل تنزيه الله سبحانه ىلاز حق ربوبيته واعترافا بالخطاً إعظاما لحق الله » وإن كان قلبه عليه السلا بریئا من قصد ما دل عليه ظاهر قوله بادي الرأي لاه لم یسال ما سال لا لبكيت قومه كا تقدم » ثم أتبع ذلك التوبة التصوح مما وقع فيه تعر ضا منه مغفرته تعال 4 وخ کلامه بانه عليه السلام ول الو متين بن ‎n‏ ‏تعالی لا یری وهو الذی آخرجه ابن جرير عن ابن عباس رضي َ سخبما س وفي هذا من تقرير عقيدة الحق النزهة لل عن درك الأبصار ما لا يخفى علي ذى بصر » فإنه عليه السلام ما قصد بقوله تؤوآنا أون اللؤمنين إلا الاعتذار والتتصل مما يوحي به ظاهر قوله » وإن كات اله 0 (١) التحرير والتتوير ج ۷ ص ۷١١٩ الدار التونسية للنشر الق امم ہے f.0 عز وجل عالما بسریرته » فان مثل ذلك مثل الاستغفار باللسان › والاخبار بالقول عن عقد العزم على عدم العودة إلى المعصية ء مع أن الله علم بالسرائر لا يخفى عليه شيء مما اشتملت عليه حنايا الضمائر . و «لن» تفيد تأ كيد النفي أو تأييده › أو هما معا › فتحصّل من جميع ذلك أن رؤيته تعالى مستحيلة › لأن امتناعها لأمر يتعلق بذاته تعالى وهو كونها غير قابلة لأن ترى › وإلى ذلك الاشارة بالتنزيه الذى صُدر به الاعتذار في قول موسى عليه السلام » ولو كان لأحد مطمع في حصول الرؤية لا ايس الله منها عبده موسى الذى اصطفاه على الناس برسالته وبکلامه واعترض هذا الاستدلال بأن هذا النفي مقيد بالحياة الدنيوية › لأن الأنسان فيا مفطور على الفناء› فلذلك لم يكن أهلا لرؤية الباقي تعالى 9 اعترض بأن الجواب لم يكن بصيغة تفيد أن الله لا یری » لأُن الرؤية لنفية في صيفته أسندت إل موسى عليه السلام فهي لا تفيد عموم النفي بخلاف ما لو کان الجواب لا أرى . قال الألوسي : اومن الحققين من استند في دلالة الآية على إمكانها بغير ما تقدم أيضاء وهو أنه تعال أحال انتفاء الرؤية على عجز اران وضعفه عنما حیث قال له فلن ترا ولو كانت رؤيته تعالى غير جائزة لكان الجواب ست يري » ألا ترى لو قال أرفي أنظر إلى صورتك ومكانك لم يحسن في الجواب أن يقال ل ن تری صورت ولا مکاني » بل الحسن لست بذي صورة ولا مکان» (۱) وعول كثير من مثبتي الرؤية على إنكار تأييد النفي بلن » وما استقر )۱( روح امعان ‎dd‏ ۹ ص ۵۰ دار إحياء التراث العريي الحق الدامغ ‏ ٦۸ في ذاکرني من ذلك ما نقله ۱١ لسيوطى في شرحه لعقود الجحمان عند قوله : ‎TYE‏ نم للتا كيد لن ونفي ما کان حصوله يظن فيل وللتا بيد لکن تر کا وخصه لا ابن خطیب زملکا عن ابن الخطيب الزملكانى أنه فرق بين (لن) و (لا) النافيتين فقال باتقطاع النفى بأولاهما ودوام النفي بأخراهما أخذا من أداء الحرفين في النطق لأن (لن) منقطعة في النطق و (لا) ممدودة وميل لذلك بقوله تعالى في النفي بلن تلن ترانيك وبقوله سبحانه في النفي بلا لا تدركه الأبصار بناء على تفرقتهم بين الرؤية والادراك كا تقدم › وأخذ من ذ ذلك أن نفي الرؤية متقطع لأنه ينتبي بانتهاء الدنيا بخلاف نفي الادراك › وأقوى ما عولوا عليه في نفي تأبيد النفي بلن قوله تعالى في في الود ټولن يتمنوه أبداك «البقرة 045 › مع قوله سبحانه في أهل النار عموما ۋونادوا يا مالك ليقض علينا ربك «الز خرف ۷۷» والجواب أن كون هذا النفى مقيدا بالحياة الدنيا دون الاخرة › دعوى يقم علا دليل » فإن صفات الله لا تتبدل » و كبرياءه لا تتحول » وما سبق من الأدلة على أن رؤيته تعالى منافية لكبريائه كاف في دحض هذا الزعم . وما دعوى أن صيغة الجواب لا تفيد عموم النفى فهي مردودة بان الجواب لم يكون إلا مطابقا للسؤال › وما تدركه العقول أن نفي حصول الرؤية لموسى عليه السلام قاض بنفي حصوفا لغيره » لأنها لو كانت بمكنة لکان أحق بہا لا اختصه الله تعالی به من مزایا واتاہ من مواھب من بینہا اصطفاؤه بالرسالة والتكلم › فهو جواب واضح لا غبار عليه بخلاف لن ترى صورتي أو لن ترى مكاي في جواب أرني صورتك أو أرني مكانك » ما يتضمنه من إثبات الصورة والمكان . الحق الدامغ س ۸۷ وأما التابيد فهو ختلف بحسب اختلاف الأحوال وتفاوت مقامات الخطاب »٠ فيا أن اليهود شغفوا بالحياة الدنيا › وأخلدوا إليها › وكانوا مشفقين من الموت لا يعلمون وراءه من العذاب » فضلا عن حرصهم على ما يقضونه من شهواتهم في هذه الحیاة » کان تایید عدم نيهم منيہم الموت محصورا في الحياة الدنيا» وما أن الله سبحانه وتعالى لا تجرى عل ذاته الأحوال › ولا يجوز على صفاته التبدل والانتقال كان نفي الرؤية المنافية لکبريائه اُزليا ابديا سواءِ نفي بلن أو بغيرها . وأما تفرقة ابن الخطيب الزملكانى بين (لن) و (لا) النافيتين فهي ل تتعدى أن تكون تحكيما لذوقه › واللغات لا تستفاد معانيا من الأذواق وإنما تحكم فيا النقول الثابتة عن ألسنة أصحابما التى هي منابع بيانها ء والشواهد الثابتة من ذلك تدل على خلاف ما قال . و كفي جا جاءِ في القران الكريم من ترادف (لن) و (لا) على منفى واحد كقوله تعالى تۋولن يتمنوە‰@ «البهرة ٥۹« 4 مع قو له ولا يتمنونە» (اللحمعة ۷7 » »© وانتفماء اتيان المشركين بمثل سورة من القران وخلق امتهم للذباب بلن في قوله تعال ولن تفعلوا البقرة £ 07 › وقوله طن الذي تدعون من دوں الله لن يخلقوا ذباباه «الحج ۷۳ء مع أنه معلوم قطعا أن هذا النفي بدي . (۳) قوله تعالى وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ل «الشوری ١ وقد استدلت به عائشة رضي اله تعال عنہا علي امتناع الرؤية ك سبق » ووجه الاستدلال أن الله عز وجل نفى أن يکون لبشر تكلم من الله إلا يما ذكره من الطرق » وقد أكد هذا النفي بإدخاله عا ى (كان) لتأكيد تعذر وقوع النفي » ولا يتقيد هذا النفي بزمن دون زمن کا سبق بيانه في قوله فلا تدركه الأبصارك لأن ذلك هو اللائق جال الله ولو كانت رؤيته تعالى جائزة لكان تکلیمه جائزا بغير هذه صر الحق الدامغ ‏ ۸۸ )٤( م جاءِ ف ايات الكتاب من الانكار البالغ والتقريع الشديد للذدين وقعوا فيه . ومن ذلك قو له تعا لی ب يسالك آهل الكتاب أن تىزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فاأخذتهم الصاعقة «النساء ۳٢ » وقوله تعال وقال الذين في انفسهم وعتوا عتوا کبیرا «الفرقان ٠6» › ثم اتبع ذلك بيان حاشم عندما يرون اللائكة يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا «الفرقان ٢0۲ ١٠ وسكت عن رؤية الله تعال لا في سؤالا من التعنت البالغ والكفر العظم ٠ وقوله طلم تريدون أن تسألوا رسولکم کا سئل موسی من قبل ومن یتبدل الکفر بالاتمان فقد ضل سواء السبيل 4% «البقرة ١١٠0 5 ووجه الاستدلال بذلك ما في هذا الانكار من الدلالة الواضحة على أن الذين سألوها تخطوا جميع الحواجز › واقتحموا كل السدود حتى داسوا حمى محجورا و حاولوا مرا مستحیلا ٤ ولذلك عوقب بنو إسرائيل بالصاعقة على هذا السوال » مع أعهم لم يعاقبوا بمثلها عل مع ما کانوا يا تو نه من الفظائع 6 حى عبادتېم للعجل فإن قيل إن الانكار ليس هو علي السوال ذاته وإنما هو على التعنت . فجوابه نعم أنكر عليهم التعنت في كل شيء » ولکنه جعل سوال الرؤية أكبر من ذلك كله ا في قوله «ؤفقد سألوا موسى أكبر من ‎EF‏ > ِ ج ‎«e‏ ٌِ ِ ۹١1 هو ثابت بالتواتر ‏ ولم تكن عقوبتهم على هذا الطلب كعقوبة بنى إسرائيل ع طلم الرؤية . و حسبکم أن موسی سلام الله عليه صعق بمجرد سؤالا 2 مع أنه لم يقصد به إلا صرفهم عن الباطل وإقناعهم باحق › وما كاد يفيق من صعقته حتى بادر إل التنزيه والتوبة والاعتذار وإعلان عقيدة التتزيه التى كان منطويا عليها . احق الدامغ ‏ ٩۸ وبنو إسرائيل أنفسهم س مع تتابع عنتهم وا صرارهم ع س والتحدي ‏ ل يعاقبوا بمثل هذا العقاب الرهيب إلا على هذا السؤال .. (١) ما رواه الامامان البخاري ومسلم وغير هما غن أي موسى الاشعري عن النبي د أنه قال : (جنتان من فضة آنیتہما وما فہما » وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما » وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن) » ووجه الاستدلال به صراحته في عدم رؤيتہم له لحيلولة رداء الكبرياء بينهم وبين ذلك » والكبرياء صفة ذاتية لله عز وجل لا يمكن أن يتخلي عنها ك لا يتخلى عن القدرة » أو العلم › أو الارادة » أو الحياة › أو السمع » أو البصر» إذ لو تخلى عنما في أي للحظة لكان مُتقلبا عنها إلى ضدها وهو الصغار المنافي لربوبيته تعالى › فمن أدعى مع هذا النفي رؤيته سبحانه لزمه سلب الكبرياء عن الذات العلية . وإضافة الرداء إلى الكبرياء في الحديث من باب إضافة المشبه به إلى اللشبه » كذهب الأصيل ولجين الا في قول الشاعر : والرځ تعبث بالغصون وقد جری ذهب الاصيل على لين الاء وفيها إشارة إلى تشبيه الكبرياء بالرداء بأسلوب التشبيه البليغ حسيا إزاري» » وما معناه إلا أنه تعالى مختص بهما كاختصاص أحدنا بردائه وإزاره » فليس لأحد أن يتطاول فينازعه فيهما » وقد صرح بذلك اخر الحديث وهو قوله : (فمن نازعني فيهما أدخلته النار ولا أبالي) فن قيل ما بالكم حملت النظر في مقام النفي على الرؤية مع حملكم إياه ثي مقام الاثبات على الانتظار ك قلتم في أية القيامة وحديث صهيب . فالجواب أن حمله على الانتظار هناك لأن هذا المعنى هو الذى يتفق الحق الدامغ ‏ ۹۰ مع القرائن العقلية » ويتساوق مع السياق في الآية والحديث » ونحن لا نع أن يفسر النظر بالرؤية عندما تكون مرادة به » فإنه من باب اللفظ الملشترك الذى يصلح لاكثر من معنى » وإنما القرائن هي التى تعين المراد › والمقام هنا يقتضى تفسير النظر بالرؤية › فإن الحديث يفيد أن الاولياء وصلوا في دار كرامة الله من تكريمه إياهم وتقریبه م » ورفعه لدرجاتهم إلى حيث لم يبق شيء ما ألف من أنواع التكريم إلا وقد نالوه » ماعدا الرؤية فإنهم لم يمنعوا منها حرمانا » .ولكن لكونها منافية لصفة الكبرياء الخاصة بجلال الله ء وبهذا يمكن الجمع بين نصوص النفي والاثبات › والوجه هنا بمعنى الذات عند المحققين حتى من مثبتي الرؤية . وقد أشكل ال حديث على معتقدي الرؤية فتكلفوا من أجل الدفاع عن معتقدهم تأويله بما تأباه سلامة الفطرة وينكره الذوق غير الموف ٠ كقول الحافظ ابن حجر في توجيه جواب الكرماني عن هذا الاشكال «إن في الكلام حذفا تقديره بعد قوله إلا رداء الكبرياء .. فإنه يمن عليهم برفعه فيحصل لم الفوز بالنظر إليه» (۱) ولعمر الحق إن اتباع مثل هذه التأويلات البعيدة يفضي إلى عدم الاستقرار على معنى نص من النتصوص لاحتال تقدير ما يحور نفيه إلى الاثبات وإثباته إلى النفي . وقد أجاد السيد العلامة صاحب النار » حيث قال بعد أن نقل هذا التأويل : «وفيه من التكلف ما لا ينبغى لحفاظ السنة الاعتداد به ء وهم ينكرون على الجهمية والمعتزلة مثله » وما هو أمثل منه من تاويلاتهم» (۲) وحمل الحافظ الرداء في هذا الحديث على الحجاب المذ كور في حديث صهيب التقدم › وبعد أخحذ ورد قال : «ومقتضى حديث الباب أن )فح البارى ج ۳٠ ص ٢۳٤ »› المطبعة السلفية (٢) انار ج ٩ ص ۱۳۹ » الطبعة الرابعة . الناشر مكتبة القاهرة احق الدامغ ‏ ۹1 مقتضى عزة الله واستغنائه أن لا يراه أحد لكن رحمته للمؤّمنين اقتضت أن يريهم وجهه الا للنعمة » فإذا زال المانع فعَل معهم خلاف مقتضى الكبرياء ء فكانه رفع عنم حجابا كان يمنعهم» (۱) وقد نقل كلامه هذا صاحب النار › ولم يتعقبه بشيء » مع أنه لا يقل تكلفا عما قبله » فإن الحديث لا يفيد أن امتناع الرؤية عن الله لشيء في نفوس عباده كالحيبة التى تخشع فا أبصارهم وتوجل منہا قلوبهم » ونما يفيد أن امتناعها لامر خاص بالذات الالحية » وهو اتصافه تعالى بالكبرياء وصفات الله تعالى لا تتناقض › ولا تناقضها أفعاله › فقول الحافظ «فعل معهم خلاف مقتضى الكبرياء) قول تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ¢ فحاشى لله سبحانه أن يفعل ما لا تقتضيه صفاته الذاتية » كيف وهى أجل الحامد المقتضية لأعظم المدائح » وقد مر بكم من القول في حديث صهيب ما يغني عن إعادته هنا . (1) ما أخرجه مسلم عن اي موسى الأشعري قال : قام فينا رسول الله عه بخمس كلمات فقال : ا إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام . ب يخفض القسط ويرفعه . ج يرفع إِليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل الثهار قبل عمل الليل : د س خجابه النور س وفي رواية النار ‏ ار ت حرفت سات وجه ما تی إل بصره من لق | يه سبحانه بصر أحد مي الباد » لدت ما أا مات ا ر د عليه إلا تمثيل تعذر وصول عقول البشر إلى كنه الحقيقة ! لذاتية المقدسة › (١) فتح البارى ج ۱۳ ص ۳۳٤ »› الطبعة السلفية الحق الدامغ ‏ ۲٩ ُو امتداد ابصارهم إلیہا » فان الرؤية وسيلة من وسائل الاكتناه عادة ٩ ففسر الحديث تفسيرا ماديا لا یلق بتنزيه الحق تعالى . وخلاصة قوله أنه بما ثبت أخيرا من أن الكه ياء الى راى البشر كثيرا من عجائيا هي الأصل في تكوين مادة الكون كله وأطوارها » وهي نوو أو مصدر النور » والحركة التى يحدثها النور أو تحدثه › وإذا كان الخالق البارىء المنزه عن نقص الخلوقات التى لا يكمل شيء منہا إلا به قد حجب عنها بالنور فلك أن تفهم أن الكهرباء وما جعلها الله أصلا له من تكوين . العالم المادى هى الحجاب المانع من رؤية الرب تعالى فيه › وأن انتكشاف هذا الحجاب لا يكون إلا في الجنة » وأن أنكشافه هو الذى يوصل أهلها إلى أعلى وأكمل درجات المعرفة به تعالى » وهى الرؤية بغير كيف ولا إدراك . (١) وهذا التفسير وإن قال صاحبه إنه المتفق مم طريقة السلف ودلائل العلم الحدیث فانه مدفوع با مرين س أولمما : أنه يقتضي أن الذات العلية مكتنفة بمخلوقاته تعالى › فان الكهرباء من جنس مخلوقاته الخفية وهى موجودة في هذا العالم الأرضى مع أن طائفة من مثبتى الرؤية ‏ ومن بينهم صاحب النار حسب المعتقد الذى صار إليه ‏ يحصرون ذات الحق تعالى في الجهة العلوية ويثبتون استقراره على العرش . ثانيهما : أن كون الكهرباء منشاً للكون ليس حقيقة ثابتة » ونما هي نظرية » والنظريات لا تبنى إلا على الخمين والحدس » فلا يجوز أن تفسر بها النصوص الثابتة » وكفى با في ذلك من خطورة تعريض النصوص للتحول مع تحول هذه النظريات وتناسخها . (١) حاشية انار رقم ١١ء ج 4 ص ۷١۱۸/۱ › الطبعة الرابعة › الناشر مكتبة القاهرة ١ الحق الدامغ ‏ ۳٩ والقول الفصل أن الحديث الشريف ما هو إلا كناية عن عدم إمكان وصول الغلوق إلى حقيقة ذات الخالق بحاسة ولا فكر » وأمثال هذه الكنايات معروفة في كلام الرسول ع » بل وفي كلام الله تعالى » الحديث القدسى (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها » ورجله التى يشي با) فلو تقيدنا بقيود الظواهر وانحبسنا في مضيق الألفاظ من غير أن نسرح أيصارنا وأفكارنا في رحاب اللقاصد وأبعاد الغايات › لزمنا أن نثبت أن الله سبحانه هو نفس سمع العابد المتنفل النحبوب إلى الله » ونفس بصره ويده ورجله » وهذا ما تاباهء عقيدة كل من يؤُمن بالله » وإذا أدركت ذلك علمت أن النور أو النار في حديث أي موسى ليسا حُسيين » وإنما هما كناية عما يتجلى للعارفین به تعالى من صفات جلاله وعظمته التي تجعلهم مبهورين بجمال الجلال » وتجلىي لكمال › وما يعترض السالكين إليه من مخاطر الانحراف والضلال والعياذ الله » ولو جاز مثل هذا التفسير الذي انتهجه صاحب النار لساغ للقائلين بوحدة الوجود أن يفسروا قوله تعال ى الله نور السماوات والأرض4 «النتور ٥ » بان المراد به أن ذاته تعالی هی ما یترای لنا من انوار في العالم العلوي أو السفلي كالشمس والقمر وسائر الأجرام الفلكية فيجعلوا من الا ية سندا لضلالحم » وحجة لكفرهم » تعالى الله عما يقول الأفاكون علوا كيرا . () ١ أخرجه مسلم عن أي فر رضي الله عه أنه عله أفضل الصلاة به أن لبي عه استيعد فيه حصول ازو م أرام) فان أ معني كيف › وهو شاهد على استحالة رؤيته تعالى . الحق الدامغ ‏ 01 و خاتمة ف تہ حه ال ۳ بعد هذا العرض لموضوع رؤية الله تعالى في الدنيا والأاخرة › واستعراض أدلة النافين والمثبتين › وما يتوجه إليها من اعتراض » وما يعقبه من جواب » لا أظنك أيها القارىء الكريم تشك في أن نفاتها لم يأخذوا إلا بالاقوی والاسلم والاحزم » فان ذلك واضح بوضوح حججهم ٤ وناهيك أن ذلك أسعد بمقتضى القاعدة الأصيلة في صفات الله تعالى › وهي عدم مشاببته لخلوقاته ليس كمثله شيء وهو السميع البصيرة وإِن کنت م تقتنع با ذكرته » فلا أقل من أن تقتنع بان أصحاب هذا القول متمسكون بأصل من كتاب الله وسنة رسوله عَفّْ » فلا وجه لتکفیرهم أو تضليلهم وقطع الحبال الواصلة بينهم وبين الأمة الاسلامية › وقبل أن أغادر هذا الملوضوع أود أن أضع بين يديك أمرين اثنين لعلهما يحظيان بتفكيرك وتاملك : أولحما : أنك تجد في كتاب الله ما وعد به المؤمنين في الدار الاخرة من النعم مذ كورا بأصرح العبارات » ومكررا في مواضع شتى لاجل التشويق إليه » بيا لا تجد للرؤية ذكرا إلا ما يتاوله مثبتوها من لفظ الزيادة وأمثالها › وهو لم يذكر إلا جملا » فهل ترى من المعقول ‏ أن لو كانت الرؤية ثابتة وهى أجل من كل نعم في الجنة ‏ أن يكتفى بمجرد هذه الأشارة الطفيفة إليها بيغا تذكر امكل والمشارب » والمساكن والمناكح › والحدائق » والأتهار » وسائر المباهج واللذات الفينة بعد الفينة بعبارات واضحة لا تحتمل التاويل ؟ احق الدامغ ٥۹ ثانيهما : ما ذكره الله في كتابه من قصة عبده وخليله إبراهم عليه السلام › وهو يقم الحجة على قومه الذين كانوا يعبدون الاجرام السماوية › ها ينتزعه من الأدلة على بطلان ألوهيتها من واقع حالما » إذ كانت تتحول من حال إلى حال تظهر تارة وتختفي أخرى » ومن المعلوم آنها لم تكن باختفائها تنعدم أصلا وإنا يواريما الأفق عن الأبصار » أليس في هذا شاهد بأن من يظهر للأبصار ثم يختفي عنها لا يمكن أن يكون حقيقا بالربوبية والألوهية لأن الحقيق بهما لا تجري عليه الأحوال › فلا ينتقل من حال إلى حال ؟ فكيف لنا أن نثبت بعد ذلك لله هذه الصفة التى أنكرها إبراهم عليه السلام في النيرات الولمة محتجا بها على قومه › فنزعم أنه ينكشف لأهل الجنة فيرونه » ثم يحتجب عنهم إلى أن يحين ميقات رؤيته مرة أخری ؟ لا أظنك أخي القارىء إذا تأملت هذين الأمرين » مع ما سبق تحريره في هذا البحث » تشك في استحالة رؤيته تعالى وسلامة معتقد مفكريا › ولا أريد أن أطيل عليك فوق هذا › فإن اللبيب يستجلي الحقائق من ومضاتمها (ومن لم ينفعه قليل الحكمة ضره كثيرها) .. احق الدامغ ٦۹ اللبيحث الغاني فى خلق القران ويشتمل على مقدمة وأربعة فصول وخاتمة الحق الدامغ ‏ ۹۷ الملقدمة في التعريف بالخلق وبالقران والتفرقة بين القران وسائر الكتب النزلة وبين الكلام النفسي الخلق لغة هو الابداع على غير سبق مثال » وفي اصطلاح أصحاب الديانات هو إخراج الشيء من العدم إلى الوجود › وبهذا المفهوم هو فعل من أفعال الله تعالى الخاصة به التي لا يجوز أن تصدر عن غيره » وما ورد في القران الكريم من نحو للوإذ تخلق من الطين كهيئة الطيركه «المائدة ٠ء فهو حكاية لقصة طرأت قبل تخصيص العرف الشرعي معنى الخالقية بالله عز وجل . والقران هو الكلام المنزل بحروفه وكلماته على النبي محمد ع المعجز بتراكيبه ومعانيه المنقول عنه بالتواتر القطعي . فالكلام جنس وما عداه فصل مخرج لغير المقصود » فخرج (بالمتزل) كلام البشر المعتاد منثورا كان أو منظوما » فان الله يخلقه في أدمغتهم ويجريه على ألستتهم » وخرج بقيد (بحروفه وكلماته) ما كان من الأحاديث النبوية فن صوغه من الحروف والكلمات راجع إلى الانبياء الناطقين بتلك الأحاديث › إذ م تنزل عليهم ألفاظها وإنا أنزلت عليهم معانيها » وخرج بقيد تنزيله على النبي محمد عي سائر الكتب السماوية التى أنزلت على غيره من النبيين » كصحف إبراهم وصحف موسى والتوراة والانجيل والزبور » وخرج بقيد الأعجاز الأحاديث القدسية الربانية على فرض نقلها بالتواتر فإنها لم تنزل للاعجاز كالقران » وخرج بقيد النقل التواتري القراءات الشاذة فإنها لا تعطى أحكام القران . وأما الفرق بين الكلام النفسي وبين القران وسائر الكتب المنزلة فهو الق الدامغ ۹۹ بها عنه النقص › ذلك لأن إثبات الكلام نفي لضده وهو الخرس ء ا أن إثبات العلم نفي للجهل وإثبات القدرة نفي للعجز ء وإثبات السمع نفي للصمم » وإثبات البصر نفي للعمى › وإثبات الحياة نفي للموت . وذهبت العتزلة إلى عدم الضرورة إلى إثبات صفة أزلية لله تسمی كلاما اكتفاء منهم في نفي الخرس عنه سبحانه بصفة القدرة › ولعل بعض أصحابنا يرون هذا الرأي » وأصحابنا الذين أثبتوا الكلام النفسي اتفقوا مم الأشعرية في كونه يختلف عن سائر الكلام فهو ليس حروفا ولا أصواتا › ولا جملا ولا كلمات تقوم بذاته عز وجل » إذ ليس المراد به إلا انتفاء صفة الخرس عنه سبحانه . والمعتزلة الذين اكتفوا بإثبات صفة القدرة له تعالى عن اثبات الكلام ازل راعوا أن الصفات الذاتية لا يراد بها إلا نفي أضدادها » وليس كلام ضدا للخرس حتى ينتفي الخرس بإثباته » وإنما ضده السكوت فقد يكون غير المتكلم غير أخرس ولا یکون غير ساکت . وقد أجاد الامام ابن أي نيهان رحمهما الله في تقرير معنى الكلام العاري عن الأصوات والحروف با تستسيغه الأفهام وتستمرئه الأفكار › حيث قال ما حاصله : إذا أردت أن تدرك حقيقة هذا الكلام فانظر إلى سلطان جوارحك وحام جسدك ٤ وهو الجهاز العصبي الذي هو مركز العقل والتديير ‏ تجده يأمر وينى في مملكته ‏ وهي ر جسىدك ‏ بكلام تؤديه الوسائط التي جعلها الله بينه وبين أعضاء الجسم وغْدّده وخلاياه . ولا تكاد حجيرة ؤ في الجسم يصل إلیہا شيء من الأوامر والنواهي إلا وتبادر فورا إلى الامتثال » وذلك لا أودع الله ئي هذا السلطان من قوة غيبية وسر خفي » فإذا كانت هذه الآية تتجلى في مخلوقات الله سبحانه فما بالك بالخلاق العلم الذي لا ينفلت شيء في الكون من فصت ولا تخرج صغيرة ولا كبيرة عن قهره وتدبيره » وذلك الحق الدامغ ‏ ٠٠ هو المراد بقوله سبحانه «إإنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فیکون4 «التحل 0 4» (١) العرب » ومنه قول الاخطل : إن الكلام لفي الفوّاد وإنما جعل اللسان على الاد دليلا وأما الكتب المنزلة فهى كلام منتظم من الحروف الحجائية » مقروء بالألسن » مكتوب في الألواح » محفوظ في الصدور » مسموع بالآذان › اوحاه الله بواسطة الملك إلى من اصطفاه من عباده » ويتميز عن سائر الكلام بكونه لم ينشاً عن ملكات البشر » وإن كان متألفا من نفس الحروف التي يتألف متها كلامهم » ومتركبا من نفس الكلمات التي يتناولونها في خطابهم » لكل جزء منه بداية ونهاية » وقد أودع الله فیہم القدرة على تلاوته وسماعه وكتابته وحفظه » غير أنه لا يجوز مع ذلك کله أن يضاف إليهم أو إلى أحد منم » لأن الله وحده أخرجه بقدرته من العدم إلى الوجود » ثم أنزله بعلمه من اللوح الحفوظ إلى قلوب أنبيائه وأذهان الذين أكرمهم بحفظه من عباده . وقد اختص الله بعضه ‏ وهو القران ‏ با نفخ فيه من روح غيبية › فحارت فيه الألباب » بما تجلی ا فيه من سر ربوبيته تعالى » کا هو شان الله تعالى في خلقه الانسان من تراب » وجعل صنعته تحار منها الألباب › ما أودعه الله من ملكات حسية ومعنوية ترجع إلى هذا السر الغيبي وهو نفخ الله فيه من روحه . )۱( قاموس الشريعة ج ۳ ص ۹ء ط۲ وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان ٩٠ يتصرف وإيضاح الحق: الدامغ ‏ ١.۱ وقد أجاد الامام ابن أي نبہان ر مهما الله ببیانه وجه إضافة هذا الكلام إليه تعالى » حيث قال ما معناه : َرأ لو أن الله تعالى أراد أُن يخاطب عباده بأبلغ الكلام وأصدقه › من غير هذا الذي أنزله عليهم ليس بقادر على أن يتلقه مكتوبا بم درت في اللوح لشفو ويأمر أحد ملاتكت ويأمرهم تلام ته كانه ,الل بمحتواه » لا ريب أن کل من آمن بالله لا يشك في قدرته على ذلك » وإذ تبين لكم إمکان هذا » أرأيم إل من يضاف هذا الكلام ؟ أيقال هو كلام الناس الذين يتلونه أم كلام الرسول فيه » أم كلام القلم الذى كتبه › أم كلام الخالق العظم الذى أخرجه من العدم إلى الوجود ؟ إنه مما يتبادر لكل عاقل أنه لا يجوز أن يضاف حقيقة إلا إليه تعالى» (۱) وجاء شيخ الاسلام الحفق الخليلي رحمه الله تعالى بنحو هذا البيان › وقال في آخره : وأما نسبته إلى الله تعالى مع کونه متلوا لنا من نطق ألسنتنا › باصوات وألحان ونغمات › باحرف وكلمات من ألفاظنا › فالأصل فيه أن کل قول ینسب إلى من قاله لا إلى من قرأه وحن به » وبيانه لو أن أحدا قال في معّلقة امرىء القيس أو قصائذ أبي تمام أو البحتري أو غيزهم إنها من كلامه » ونسبها إلى نفسه إذ قرأها » لكان ذلك منه خطاً فاحشا . أو كا تجد الآثار المنسوبة إلى أهل العلم فتنسبها لقائلها منہم » ولو لم تسمع نطقه بہا » ویحتمل في کاتبہا أنه لم يلفظ بها أصلا ء أو يروى عن المي عه أنه قال لرجل (أنشدق أياتك الى قابا البارحة ولم ينطق بها لسانك ولا سمعتها أذناك) فقال الرجل أنا أشهد أنك رسول الله ولقد قلتها ولم ينطق بها لساني ولا سمعتها أذناي ثم أنشده إياها › (١) الرجع السابق يتصرف وإيضاح الحق الدامغ ۱۰۲ فالقران على أي وجه كان قد أنشاه الله إنشاءا تحدي به البلغاء وأعجز به المصاقع الخطباء فلا ينسب إلا إليه» (۱) ونحن عندما نتحدث عن خلق القران » فإنما تتحدث عن هذا القران المتلو بالألسن المكتوب في المصاحف السابق تعريفه › ولسنا نتحدث عن الكلام النفسي › إذ لم يقم شاهد من الكتاب نفسه ولا من السنة على تسميته قرانا » وإِنما اصطلحت الأشاعرة على تسميته بذلك › ولا مشاحة في الأصطلاح » غير أنهم لم يستندوا ئي اصطلاحهم هذا على شيءِ ثابت سماعه £ فلذلك ل نعول عليه » ونحن نثبت لله صفة الكلام ك قال الامام ضياء الدين عبد العزيز الثميني رحمه الله في معاله : «اعلم أن الكلام يضاف تارة إلى الله تعالى على معنى نفي الخرس فيكون صفة ذات على ما مر في الصفات » وتارة يضاف إليه على معنى أنه فعل له » فيكون فعلا من أفعاله سبحانه » فمعنى كونه متكلما على الأول أنه ليس باخرس › وعلى الثانى أنه خالق الكلام» (۲) وما يجب أن يستقر في الأذهان .عند الحديث عن خلق القران » أنه لا يقصد بالقران علم الله با أنزله من کتبه على رسله » فانه لا ماري أحد ف قدم علمه تعالی بہذه الكتب 6 إلا الذين قالوا بحدوث صفاته سبحانه » ولا يعبا بهم » غير أن قدم العلم لا يقتضي قدم المعلوم › فالله سبحانه علم بكلام البشر علما أزليا › ك أنه علم بكلامه » وعلم بكل خلوقاته » فهو علم بما كان وما يكون وما لم يکن اُن لو کان كيف يكون » ولكن لا يستلزم ذلك قدم شيء من هذه المعلومات بحال » ولذلك قال بعض السلف القران حادث › وعلم الله به قديم › وفي هذا يقول الحقق الخليلي رحمه الله : (۱) تمهيد قواعد الايمان , ج ۲ ص ١٠/۱٠ ٠ ط ١ وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان )1( معالم الدين ج ٢ ص ٩ء ط ١ » وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان الحق الدامغ ‏ ۳٠٠ «وقد كان علم الله الذي هو من صفات ذاته ولا توراة معه ولا إتجيل » ولا زبور ولا صحف ولا قران » وهو الان على ما هو عليه کان ٤ لأن الصفات الذاتية لا يجوز عليها التكثر ولا التبديل › ولا التغير أصلا ›ء وإنما تختلف اثارها ومدلولاتما وتكتر أو تقل بحسب التجدد والحدوث معلوماتها » والآثار كلها مخلوقة › قال الله تعالى ب طلإفانظر إلى اثار رحمة الله کیف یی الأرض بعل موتہا «الروم 0 °» فالكتب النزلة إنما هي في الحقيقة مدلولات علمه الذي هو من صفات ذاته سبحانه وتعالى » لا هي نفس صفة العلم الذي هو صفة لذاته القديمة وإلا لكان التوراة والانجيل والزبور وصحف إ اهم وموسى والقران وجميع الوحي كله قديما موجودا في الأزل مع الله تعالى بهذه الالفاظ الخغلوقة الحدثة علي كثرتها » فيكون كثير من الخلوقات قديما موجودا في الأزل مع الله القدم الازلى ء وهذا باطل إِذ لا قديم سواه » وکل شيء غیره حادث ولا يكن أن يكون القران مثلا قدا معه.بلا وجدان صورته مکتوبا أو متلوا بالفاظه و کلماته › لأنه من القول بوجدان حقيقة لم توجد » وهو محال »٤ فعلم ضرورة أن القدم الذاتي علمه بالقران والتوراة والاتجيل › ك أن علمه بغيرهن من الكائنات قديم أيضا » لأنه صفة ذاتية للقدم الأزلي الواجب الوجود سبحانه وتعا ى › وهذا ما لا يجوز الاختلاف فيه أبدا» (١) وما تقدم يتضح للقارىء الكري الفرق بين الكلام النفسي والكلام اللوحى به إلى العباد » كا يتضح الفرق بين الوحي وعلم الله به » ويتضح كذلك وجه إضافة هذا الكلام الموحى إلى الله تعالى وحده › وعدم جواز إضافته ء إلى غيره تعالى » اللهم إلا أن يكون ذلك تجوزا ك أضافه سبحانه إلى جبريل في قوله ظإنه لقول رسول كر «الحاقة ٠٠ ۽ التكوير ١٠» (۱) تمهيد قواعد الايمان ص ۹/١۱٠ ط . وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان الحق الدامغ ‏ ١٠١٠ الفصل الأول في إختلاف الأمة في قدم الكلام أو حدوته من القضايا التى شغلت بال الأمة وأحدثت بينها شقاقا كبيرا › ووزعت طوائفها عزين ٠ قضية کلام الله تعالى المنزل › هل هو حادث أو قديم ؟ وقد جرهم هذا الخلاف إلى الحديث عن الكلام النفسي والخوض فيه » والتنازع بين إثباته ونفيه » ولست أريد في هذه العجالة أن أحشر أقوال الختلفين › وأسرد ما لكل قول أو عليه من حجة وبرهان ٠ اللهم إلا ما يضطرني إليه اتمهيد لشرح ما نقمه الناقمون على الاباضية من القول بخلق القران المنزل على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام . وقد مر بك أيما القارىء الكريم في مقدمة هذا ليث » أن م طوائف هذه الأمة من ينكر الكلام النفسي رأسا ‏ وهم المعتزلة ‏ تفي الرس عي ل عبات فة رة » ۳ا مر يك أن أصسحاب والأشعرية وجممهور الأمة متفقون على إثباته » ولعلك استوضحت تفرقة أصحابنا بينه وبين القران وسائر الكتب المنزلة » ما نقلته عن صاحب المعالم وعن الامام ابن ابي نبہان › ا أرجو أن تكون قد استوضحت الفرق بينه وبين علم الله به » مما نقلته لك عن الحقق الخليلي . هذا وقد التبست هذه الفروق على كثير من النلس » فأدى بهم ذلك إلى التزاع والشقاق في القرآن » هل هو مخلوق أو غير مخلوق ؟ وقد أشعل نار هذه الفتنة بعض الدخلاء في الأمة الذين تقمصوا الاسلام لحاجات في نفوسهم أرادوا قضاءها » أهمها إذكاء نار الفتنة بين طوائف الأمة › وتقسيمها إلى شيم وأحزاب كل حزب با لديم فرحون ولعل على احق الدامغ ‏ ١٠١٠ رأس هوّلاء أبا شاكر الديصاني الذي قيل عنه إنه یہودی تظاهر بالاسلام 5 کان من سلفه بولس الہودي الذى مزق اتباع اللسيح عليه السلام بما وكان الرعيل الأول من السلف الصالح مضى إلى ربه قبل أن تسمع آذانهم طنينا من القول في هذا الموضوع » وإنا كانوا محمعين على أن الله خالق كل شيء وأن ما سواه مخلوق » وأن القران ‏ كسائر الكتب المنزلة كلام الله ووحيه وتنزيله » وهذا الذى اتفقت عليه كلمة علماء اللسلمين بعمان في عهد الأمام المهنا بن جيفر › بعدما غشيتهم موجة من الخلاف في هذه القضية بعد أن طمى عبابه وهاجت عواصفه بمدينة البصرة الحافلة بمختلف التيارات الفكرية انذاك وكانت للعمانيين صلة وثيقة بها عكم العلاقات الثقافية والاقتصادية التى تربطهم بها » وليتهم وقفوا عند هذا الحد » بل ليت المسلمين جميعا اكتفوا بهذا القدر من الاعتقاد والقول في هذا الموضوع » ولكن استحكمت في القضية أهواء وحُكُمَتْ فیا العواطف الموجاء » التي أشعلت سعير هذه الفتنة الذي اصطلى المسلموت اواره ۰ : ومردٌ ذلك كله إلى الغلو » فإن من شأن المغالاة أن تدعو إلى ضدها › وكانت بداية ذلك منابذة أهل الحديث ومن سار في ركبهم لأصحاب المدرسة العقلية من المعتزلة وغيرهم » واستعداء السلطات عليهم » وتأليب الناس ضدهم » وعندما دالت الدولة للمعتزلة في أواخر أيام المأمون ثم المعتصم انتهزوا فرصتهم للتشفى والانتقام من أهل الحديث » فأسرفوا في التقتيل والتعذيب › فامتلاأت الصدور بالأحقاد » وأخحذت القضية يحرى عاطفيا في البحث » وأخذ كل فريق يندد بالفريق الآخر ويكيل له التهم › ويرميه بالبدعة والانحراف . وما أن أصحابنا أهل الاستقامة لم يشتركوا في شىء من تلك الفتن © الحق الدامغ س ١٠٠ ولم يلتبسوا بهاتيك الاحن » لم يقعوا تحت تأثير العواطف »٠ فكان بحثهم في القضية موضوعيا صرفاً لأنمم انطلقوا فيه من قاعدة الحجة والدليل لا من واقع السخائم والأحقاد . أما أهل مغرب منهم فلبعدهم عن تلك الأحداث ل يترددوا في إعلان القول الصحيح من أول الأمر » إظهاراً للحق › واستنادا إلى الحجة » وأما أهل المشرق فقد حاول إمامهم الأكبر محمد بن محبوب رحمه الله أن يعلن ما أعلنه إخوانه أئمة وأعلام الجناح المغرني غير أن محمد بن هاشم اشتدت معارضته له في ذلك فانثنی عنه واتفقت کلمتهم على ما ذ کرته سابقا عندما اجتمعوا في مدينة دما (السيب حاليا) وهو الاكتفاء بما كان عليه سلف الأمة ء وقصر القول عن التصرع بخلق القرآن أو عدمه . ولا أراهم وقفوا هذا الموقف الصامت إلا سدا للذريعة وتجنبا لمشايعة الظالمين » فاإنهم رحمهم الله من أرسخ مبادئهم وأبرز سماتهم مناهضة الظلم ومصارعة الظالين › من غير التفات إلى من صدر منه الظلم أو من وقع عليه » وكانت الأنباء تترادف إليهم بما يتعرض له أبناء الأمة س من أبشع الظلم وأشنع القسوة ‏ في العاصمة العباسية التي كانوا على مقربة منها › فكانوا كأنما يحسون بأنينهم وسياط الظالين تلذاع ظهورهم وبشهيقهم وصوارمهم » تفصل رؤوسهم عن أجسادهم » فلم یکن لحم وهم دائما ثائرون على الظلم › منابذون للظالين › وقد رقق الايمان قلوبهم وطهر مشاعرهم من الأحقاد ‏ إلا أن يقفوا هذا الموقف لعلا تد السلطة الظالة من قولحم ما يبرر صنيعها » وقد جعلت من الدين جسرا تعبر به إلى ما تهواه من سفك الدماء وإزهاق الأرواح وتعذيب الأجساد › فلله تلك الأنظار الثاقبة » والبصائر النيرة › والسرائر النقية . (۱) (۱) يرى الامام نور الدين السالي أن عدم تصرح سلف أئمة الاباضية المشارقة بخلق القرآن وسائر الكتب النزلة راجع إل فرارهم من مقالة الجهمية بحدوث صفات الله تعالى الذاتية خوفهم ُن تكون هذه المساألة مفرعة على هذا الاعتقاد رتحفة الأعيان ج ١ ص ١١١/۷١۱ ط . وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان) وهو لا ينال ما ذكرته فلا يعد أن يكون إمساكهم عن التصرع بخلقه للاعتبارين معا .. احق الدامغ ‏ ۷١٠ وقد خفي هذا البعد في التفكير عن أبصار الذين جاءوا من بعد هؤّلاء › فحسبوا أن امتناعهم عن التصرع بخلق القران لأجل قدمه › فصر حوا بخلافه وتحاملوا على من قال بخلقه » وأدی بهم ذلك إلى تناقض جيب » بظهر لك دما تقر ما كنب في هذا الموضوع في تلك الق من الزمن » كالجزء الأول من بيان الشرع » والجزء الأول من الكشف والبيان › وديوان الامام ابن التضر . وكثيرا ما تلمس فيما كتبوه أثر ما كان عقب تلك الحنة من ردة فعل عنيفة تبلورت فيما كتبه الكاتبون عنها › وإظهارهم للمنكوبين فیا بأنهم أبطال الامة وشهداء عقيدتها الحقة » الذين حموها بدمائهم وصانوها بتضحياتهم » وقد انعكس أثْر هذا المنطق العاطفي الجياش على کل ما دونه الؤيدون لحم في تلك الوقفة التى وقفوها . سواء كان هؤُلاء المؤيدون من مشارقة الاباضية أو من الأشعرية أو من غيرهم › وقد استمرت هذه الفكرة في الوسط الاباضي المشرقي حتى برز من علماء عمان المتأخرين من فتحوا بتحريرهم أقفال الاشكال » وأزاحوا ببيانهم أستار الشبه فإذا بالموقف المشرقي الإباضي يلتحم مع الموقف المغريي ويتحد . وقد استقريت أسباب اللبس في هذه المسالة » حتى أشتد نكير طائفة من المسلمين على من قال بخلق القران فوجدته يعود إلى آمرين اتن : —_ أو لما : التباس القران المنزل في أفهامهم بالكلام النفسي الذی يراد به نفي الخرس . ثانيهما : التباسه بعلم الله سبحانه وتعالى به » مع أن صفتي الكلام والعلم قديمتان . الحق الدامغ ‏ ١٠١٠ وما مر بك في المقدمة من التفرقة بين الكلام المنزل والكلام النفسي ء وبينه وبين علم الله سبحانه كاف في رفم هذا اللبس وتبديد هذه الشبهة › وأضيف إلى ذلك أن التكلم لغة وعرفا لا يكون إلا بمعنى إحداث الكلام ء فإذا قلت تكلم محمد ل يفد قولك هذا إلا أنه أحدث كلاما في زمن مضى » وإذا قلت يتكلم فلا يدل إلا على إحدائه الكلام في الزمن الحاضر أو المستقبل لأن المضارع صالح لما ء وإذا قلت تكلم يا فلان لم يدل إلا على طلب الخغاطب بإحداث الكلام . ولا يعنى قولك هذا باي صيغة من صيغه الثلاث الاخبار عن كون الكلام صفة قائمة بذات المتكلم أو المطلوب منه التكلم ٠ وإلا فما معنى قولك لغيرك تكلم إن كان الكلام المطلوب قائما به » وهل هذا إلا تحصيل حاصل ؟ وهذا لا يناف استحضاره للكلام قبل أن يتكلم به » لن مفهوم الكلام النفسي يختلف عن مفهوم الكلام اللفظي ٠ وبجانب ذلك فإِن من الواضح بداهة انك إن أخبرت عن أحد بانه تكلم يوم الجمعة أو سيتكلم يوم السبت 5 لم يفد ذلك لغة ولا عرفا أنه كان متكلما بذلك الكلام الذى تكلم به أو سيتكلم به قبل ذلك التوقيت » وقد خاطب الله عباده بلغتهم التي يعرفونها ومفاهيمهم التى يألفونها › فإذا أخبرهم أنه كلم أحدا من خلقه في وقت ما » ل يفد إخباره هذا إلا أنه أحدث التكلم في ذلك الوقت » فلا وجه لجعل ذلك الخطاب الذي سمعه المكلم أو قرأهء صفة أزلية قائمة بذات الله تعالى › نعم هو معلوم لله سبحانه منذ الأزل كعلمه بكلام خلقه حروفه و كلماته » جمله ومفرداته › ألفاظه ومعانيه » مخارجه و مقاطعه » أصواته وصفاته . وأما قول ابن القم «وقد دل القران وصرع السنة » والمعقول و كلام السلف على أن الله سبحانه يتكلم بمشيئته ء ا دل على أن كلامه صفة قائمة بذاته وهي صفة ذات وفعل» . قال تعالى «إنما قولنا لشيء إذا الحق الدامغ ‏ ١٠٠ أردناه أن نقول له كن فیکونه «التحل £0 › وقوله ۆإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون» «يس ۸۲»» فإذا تخلص الفعل للاستقبال › وأن كذلك › و(نقول) فعل دال على الال والاستقبال › واكن) حرفان يسبق أحدهما الآخر › فالذي اقتضته هذه الآية هو الذى في صر العقول والفطر › وكذلك قوله «إوإذا أردنا أن نهلك قرية .. الآيةڳه «الاسراء ١01 » سواء كان الأمر هاهنا أمر تكوين أو أمر تشريع فهو موجود بعد أن لم يكن » وكذلك قوله طلولقد خلقنا کے ثم صورنا ك 2 قلا للملائكة اسجدوا لادم «الاعراف ١ء وإنما قال لم (اسجدوا) بعد خلق ادم وتصويره » وكذلك قوله تعالی مولا جاء موسی ليقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني .. الأيات «الاعراف ١٤١/۷٤١ › فكم من برهان يدل على أن التكلم هو الخطاب إقع في ذلك الوقت › وكذلك قوله «إفلما أتاها نودي من شاطىء الواد الأيمنك «القصص ٠3» › والذي ناداه هو الذي قال له «إننى أنا الله ا إله إلا نا فاعبدني» «طه ٤ 06 » وكذلك قوله «ويوم يناديم فيقول» «القصص 6 › ٥6٦ ١ ٢٤۷) › وقوله تويوم حشرهم جميعا يقول للملائكة أهؤلاء ياك كانوا يعبدون» «سباً ٠ وقوله يوم نقول جهنم .. الأيةك «ق ١۳ء ومحال أن يقول سبحانه ال جهنم هل امتلأت و تقول هل من مزید قبل خلقها ووجودها › وتامل نصوص القران من أوله إلى اخره » ونصوص السنة » ولاسيما أحاديث الشفاعة وحديث المعرا ج » وغيرها کقوله (آتدرون ماذا قال ربكم الليلة) وقوله (إِن لله يمحدٹ من أمره ما يشاء › وان ما أحدث ألا تكلموا في الصلاة) وقوله (ما منكم من أحد إلا سیکلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حاجب) وقد أخبر الصادق المصدوق أنه يكلم ملائكته في الدنيا » فيسألحم الحق الدامغ س ١١٠ كيف تر كم عبادي » ويكلمهم يوم القيامة » ويكلم أنبياءه ورسله وعباده مين يومعذ » ويكلم أهل الجنة في الجنة » ويسلم عليهم في منازم › وأنه كل ليلة يقول : (من يسالني فأعطيه » من يستغفري فاغفر له » من يقرض غير عديم ولا ظلوم) » وقال البي مَك : «إن الله أحيا أباك و كلمه كفاحا» ومعلوم أنه في ذلك الوقت كلمه » وقال له تمن على إلى أضعاف أضعاف ذلك من نصوص الكتاب والسنة» .. الح کلامه (۱) فهو كله حجة لنا على صحة ما قررناه » من أن المراد بتكلم الله سبحانه إحداثه للكلام في الوقت الذي يكون فيه › وإلا فما معنى تقييد تكليمه بالليل أو النهار أو الدنيا أو الأخرة أو غير ذلك من الأزمنة » لو کان هذا الكلام نفسه أزليا . والفارق بين إحداث الله لكلامه ء وإحداث العبد لكلامه أمران : أولحما : ما يفرق به بين أفعال الله وأفعال العباد من حيث إن العبد لا يستقل باإيجاد فعله استقلالا تاما » وإنما له منه جانب الكسب والله هو الخالق له › والثواب والعقاب مترتبان على كسب العبد لا على خلق الخالق 2 فكلام اغلوق كسائر أفعاله ‏ مخلوق لله عز وجل › وليس للمخلوق منه إلا الاكتساب » ولا يستنكر أن يخلق الله للعبد كلاما في نفسه ثم يجريه باختياره على لسانه » ك لا يستنكر أن يخلق الله في العبد كة من الحركات ثم يجريمها باختياره على العضو المتحرك مته » أما كلام الله فهو كسائر أفعاله ‏ من إيجاد وإعدام » وعطاء ومنع » ورفع وخفض » وبسط وقبض » وإحياء وإماتة _ لا دخل لأحد من خلقه فيه . ثانيهما : تفاوت صفتي تكلم الحق وتكلم الخلق » ا تباین أفعاله تعالى أفعال خلقه » كتعليمه سبحانه لعباده » فإنه إما أن يكون إلاما يقذفه في E (١) الصواعق المرسلة ص ٢4۲ ١ ٠4۳ ٠ مطبعة الامامع ۳٠ شارع قرقول . المنشية بمصر . وانظر فتاوى ابن تيمية ج ۲ ص ۲۳۹/٠٢۲ ط١ مطابع الرياض الحق الدامغ ‏ ١١٠ صدور من اختصهم به » ومنه لإوعلم ادم الأسماء كلها «البقرة | ۳» ء و وعلمك ما لم تكن تعلم «النساء ١١) › «علم بالقلم علم اللأنسان ما ل يعلم «العلق £ /5©» ٠ وإما أن يكون وحيا يوحيه بواسطة رسله ٠ وهو داخل في تعلم الانسان ما لم يعلم ؛ وأما تعلم الئاس بعضهم لبعض فهو بالتلقين والتدريب . وكذلك يتفاوت مدلول النصر إذا أسند إلى الله عما إذا أسند إلى العباد ¢ فن نصر العباد بعضهم لبعض بالمؤازرة بالنفس أو المال أو الجند › ونصر الله لعباده هو خلق أسباب انتصارهم وتهیئتها نحم » ومنه قوله تعالى لإولقد نصر الله يبدره «آل عمران ١١۱» وقوله لÇإولينصرن‏ الله من ينصره «الحج ٠4» ومثله العطاء فإنه يسند إلى الله وإلى العباد » ويتفاوت بدلوله في الاسنادين . وبهذا تدرك تفاوت صضفتي التكلم باختلاف إسناده › فاإنه إن أسند إلى الخالق كان له مدلول يختلف عما إذا أسند إلى الغلوقين »٠ فانه إن أسند إل انخلوق المعهود ‏ وهو الانسان ‏ دل على عملية تشترك فیہا مشاعره الظاهرة والباطنة » ودماغه ورئتاه » وقصبته الموائية وشعبه » وحنجرته › وحلقه » ولسانه » وأسنانه وشفتاه مم الطاقة الحوائية المرتفعة من الرئتين ء والدافعة للصوت »› وهو بهذا المفهوم مستحيل على الله سبحانه › فلا يجوز أن يفسر تكليمه تعالى بهذا المعنى » وقد بين لنا تعالى صفة تکليمه لعباده حيث قال «وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من ورای حجاب ٥ أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء» «الشورى ١5» » وناهيك أن سبحانه جعل الوحي تكليما منه » مع أنه ام يختص به تعالى من شاء من عباده » وهو امر متعذر كونه بين إنسان وإنسان اخر مثله › إذ لا مقدرة للبشر على الالام » ولو حصل مثله في الناس لاائطبق عليه معنى التكلم المعهود بيهم لغة ولا عرفا . الحق الدامغ ‏ ١٠١۱ ^ وإذا عرفت ذلك اتضح لك جواز ز أن يكون التكلم من وراءِ حجاب إذا أسند إلى الله » بمعتى خلق صوت مسموع لا يصدر عن شيءِ ۽ ينبو عن مراد الله » ويتلقفه ممع من اختصه الله بالشکلیم » وعلی هذا يحمل تکلم الله لموسى عليه السلام » وهو احد الاحتالين اللذين ذكرهما الامام الاه ابن عاشور ‏ وهو مالكي المذهب أشعري العقيدة س في تکلم الله ملائکته حیث قال : «و کلام الله للملائكة أطلق على ما يفهمون به إرادته » وهو المعبر عنه بالكلام النفسي » فيحتمل أنه كلام سمعوه › فإطلاق القول عليه حقيقة › وإسناده إلى الله لانه خلق ذلك القول بدون وسيلة معتادة › ويحتمل أنه دال اخر على الارادة » فاطلاق القول عليه محاز لأنه دلالة للعقلاء » وامجاز فيه أقوى من المجاز الذي في نحو قول النبي عي (اشتكت لغار إل ربها) وقوله تعالى لإفقال غا وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين» «فصلت ١٠ء ولا طائل في البحث عن تعين أحد الأحتالين» (٠) ومثله قوله ‏ في تعلم ادم الأسماء «وتعلم الله آدم الأسماء إما بطريقة التلقين بعرض المسمى عليه » فإذا راه لقن اسه بصوت تلوق يسمعه .. اح» (۲( وقد اتضح لك ما نقلته سابقا من كلام الاماميين اين أيي نبان وال خليلي رهما الله وجه كون القرآن الكريم وغيره من الكتب النزلة كلام الله مع كونه مخلوقا له سبحانه » وسقوط شبهة القائلين بقدمه المتشبثين بقوله تعالی اجره حتی يسمع کلام اله «التوبة ٦» › وهذا هو الذي استقر عليه اعتقاد أصحابنا الأباضية ء وقال به كثير من الاشعرية » حتى أن المحقق الخليلي رحمة الله عليه قال : «قد اتفقنا نحن والأشعرية أنه مخلوق (١) التحرير والتتوير ج ١ ص ۳۹۷ ط بالدار التونسية للنشر (۲) المرجع السابق ص ١۱٤ الحق الدامة ‏ ۳١۱۱ ب وصرح بذلك الشيخ أبو سعيد › ومحمد بن محبوب رحمهما الله » واتفق عليه أصحابنا المغاربة وفاقا للمعتزلة » ولا منكر لذلك فيما قيل إلا بعض الجنابلة» (۱) ومن صرح بخلقه من الأشعرية الفخر الرازي » وحكى غير مرة اتفاق العقلاء عليه » ومن ذلك قوله في مقدمة تفسيره الكبير : «الكلام الذي هو متركب من الحروف والأصوات » فإنه يمتنع في بديهة العقل كونه قديما لوجهين : _ الأول : أن الكلمة لا تكون كلمة إلا إذا كانت حروفها متوالية › فالسابق المنقضى محدث لأن ما ثبت عدمه امتنم قدمه » والاتي الحادث بعد انقضاء الأول لاشك أنه حادث . ب والثاني : أن الحروف التى منها تألفت الكلمة إن حصلت دفعة واحدة م تحصل الكلمة لأن الكلمة الثلائية يمكن وقوعها على التقاليب الستة › فلو حصلت الحروف معا لم يكن وقوعها على بعض تلك الوجوه أولى من وقوعها على سائرها › ولو حصلت على التعاقب كانت حادئة» (۲) وقال في تفسيره سورة الأعراف : «الناس مختلفون في كلام الله تعالى ء فمنهم من قال كلامه عبارة عن الحروف الوّلفة المنتظمة › ومنهم من قال كلامه صفة حقيقة مغايرة للحروف والأصوات › أما القائلون بالقول الأول فالعقلاء المحصلون اتفقوا على أنه يجب كونه حادثا كائنا بعد أن م يكن » وزعمت الحنابلة والحشوية أن الكلام المركب من الحروف والأصوات قدي › وهذا القول أخس من أن يلتفت العاقل إليه» (۳) ئم ذكر مناظرة له ستأتي بعد قليل إن شاء الله . وبالغ الفخر في تفسيره لسورة الشورى النكير على الحجنابلة القائلين (١) هيد قواعد الايمان ج ۲ ص ١ وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عُمان (٢) المرجع السابق ج ١۱ ص ٢۲۲ احق الدامغ ‏ ٤۱۱ بقدم الحروف القرانية حيث قال : «وهولاء أخس من أن يذ كروا في زمرة العقلاء » واتفق أني قلت يوما لبعضهم » لو تكلم الله بهذه الحروف | إما أن يتكلم بها دفعة واحدة أو على التعاقب والتوالي » والأول باطل لأن التكلم بجملة هذه الحروف دفعة واحدة لا يفيد هذا النظم المركب على التعاقب والتوالي فوجب أن لا يكون هذا النظم المركب من هذه الحروف اللتوالية كلام الله تعالى » والثاني باطل لأنه تعالى لو تكلم بها على التوالي والتعاقب كانت محدثة › ولا سمع ذلك الرجل هذا الكلام قال الواجب علينا أن نقر ونر » يعنى نقر بأن القران قديم ونر على هذا الكلام على وفق ما سمعناه » فتعجبت من سلامة قلب ذلك القائل .» ثم قال الفخر : «قد أطبقوا على أن هذه الحروف والأصوات كائنة بغد أن لم تكن » حاصلة بعد أن كانت معدومة » ٹم اختلفت عباراتهم في أنها هل هي مخلوقة أو لا يقال ذلك بل يقال إنما حادثة أو يعبر عنہا بعبارة أخری ؟» (۱) -____ے (١) المرجع السابق ج ۲۷ ص ۱۸۸/۱۸۷ الحق الدامغ ‏ ١١٠ ونجد الامام ابن عاشور في تفسيره لسورة النساء يقول ‏ بعد حديثه عن کلام الله المنزل بواسطة الملك على الرسل المسمى بالقران › وبالتوارة وبالانجيل وبالزبور ‏ وهذا لا يمترى في حدوثه من له نصيب من العلم في الدين › ولكن أمسك بعض أئمة الاسلام عن التصري بحدوثه أو بكونه مخلوقا في مجالس المناظرة التي غشيتها العامة أو ظلمة المكابرة › والتحفز إلى النبز والأأذى دفعا للايهام وإبقاء على النسبة إلى الاسلام › وتنصلا من غوغاء الطغام» (۱) ومن قول هذين الامامين الأشعريين يتبين لك ثبوت ما قاله المحقق الخليلي من أن موقف الأشعرية من هذا القران المنزل على الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام » المتلو بالألسن › المحفوظ في الصدور » المكتوب في الصحف لا يختلف عن موقفنا وموقف المعتزلة وغيرهم القائلين بخلقه › وهذا الذي يعنيه الامام نور الدين السالي رحمة الله عليه حيث جعل الخلاف بيننا وبينهم لفظيا فحسب . (۲) ثم ظهر لى أن هذا الموقف ل تتفق عليه الأشاعرة أو أنهم لم يستقروا عليه » فإنا نجد في كتبهم وفيما يروى عنهم أن القران الذي نقرۋە › ونسمعه » ونحفظه › ونكتبه ليس هو عين كلام الله سبحاته وتعالى وإنما كلامه تعالى صفة قديمة قائمة بذاته عز وجل › وما هذه الحروف والأصوات إلا عبارة عن ذلك الكلام وهي مخلوقة لأجل إيصال الأفهام بها إلى مقاصد ذلك الكلام اللي › فمئلها كمثل المراة التى تنعكس فيا صور الأشياء فيراها الناظر منها » مع أن الذي يراه ليس إلا يجرد صورة للشبح المنعكس » ونجد الفخر الرازي ‏ وهو من أئمة الأشعرية ‏ يعزو هذا القول إلى الأشعري وأصحايه بعبارة الزعم الدالة على عدم موافقته () التحرير والتوير ج ٦ ص ٣۳ ط١ الدار التونسية للنشر (۲) مشارق الانوار ص ٢٢۲ احق الدامغ ‏ ١١٠ لحم » وينص على أن من عداهم مخالفون لحم في ذلك › ونص کلامه : «أجمعت الأمة على أن الله تعالى متكلم › ومن سوى الأشعري وأتباعه أطبقوا على أن كلام الله هو هذه الحروف المسموعة والأصوات الؤلفة ء وأما الأشعري وأتباعه فإنهم زعموا أن كلام الله تعالى صفة قديمة يعبر عنہا بهذه الحروف والاصوات» (١) والظاهر أن الأشعرية مضطربون في هذه المسألة لأن الفخر الذي يشير إلى تنصله من قوم في كلامه هذا ء قد قال نفسه في مقدمة تفسيره : «إذا قلنا هذه الحروف التوالية والاصوات التعاقبة إنها كلام الله تعالى ء كان المراد أنها ألفاظ دالة على الصفة القائمة بذات الله تعالى فاطلق اسم الكلام عليها على سبيل المجاز ‏ إلى أن قال : وإذا قلنا كلام الله قديم م نعن به إلا تلك الصفة القدمة التي هي مدلول هذه الألفاظ والعبارات ء وإذا قلنا كلام الله معجزة لحمد عي عنينا به هذه الحروف وهذه الأصوات التى هى حادثة » فإن القديم كان موجودا قبل محمد عليه الصلاة والسلام فكيف يكون معجزة له » وإذا قلنا كلام الله سور وايات عنينا به هذه الحروف 5 وإذ قلنا كلام الله فصيح عنینا به هذه الألفاظ › وإذا شرعنا في تفسير كلام الله تعالى عنينا به أيضا هذه الألفاظ» (۲) شم قال : «زعمت الحشوية أن هذه الاصوات التى نسمعها من هذا الانسان عين كلام الله تعالى » وهذا باطل لأنا نعلم بالبدية أن هذه الحروف والأصوات التى نسمعها من هذا الانسان صفة قائمة بلسانه وأصواته » فلو قلنا بأنها عين كلام الله تعالى لزمنا القول بان الصفة الواحدة بعينما قائمة بذات الله تعالى ء وحالة في بدن هذا الانسان وهذا معلوم الفساد بالضرورة › وأيضا فهذا عين ما يقوله النتصارى › من أن أقنوم الكلمة حلت في ناسوت صريح وزعموا أنها حالة في ناسوت () القسير الكبير ج ۲۷ ص ۸۷٠ ط ۲ دار الكتب العلمية بطهران (۲) التفسير الكبير ج ۱ ص ١۳ دار الكتب العلمية بطهران الحق الدامغ ‏ ۷١٠ عيسى عليه السلام » ومع ذلك فهي صفة لله تعالى وغير زائلة عنه » وهذا عين ما يقوله الحشوية من أن كلام الله تعالى حال في لسان هذا الانسان مع أنه غير زائل عن ذات الله تعالى » ولا فرق بين القولين » إلا أن التصارى قالوا بهذا القول في حق عيسى وحده › وهؤلاء الحمقى قالوا بهذا القول الخبيث في حق كل الناس من المشرق إلى المغرب» (١۱) ويفهم من هذا الكلام ونحوه من نصوص أئمة الأشعرية < ام يطلقون اسم القران على الكلام النفسي الذي هو صفة ذاتية لله تعالى › وهو الذي يقصدونه عندما يقولون إن القران غير مخلوق ٠ء وهو الذي عول عليه من قال إن الخلاف بيننا وبينهم لا يعدو أن يكون لفظيا . غير أن هذا المذهب الأشعرى تعرض لنقد شديد من قبل الطائفتين المتعارضتين معا » وهم القائلون بقدم القران المتلو › والقائلون بحدوثه › .يتلخص اعتراض الجانبين في كون الله سبحانه قد سمى هذا الكلام الذي نتلوه قرآنا وفرقانا وكتابا وهدى في آيات كثيرة › منها قوله لإنحن نقص عليك أحسن القصص ما أوحينا إليك هذا القران» «يوسف ۳» وقوله طإن هذا القران يدي للتي هي أقوم «الاسراء 4» وقوله إشهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الحدى والفرقان «البقرة 185» وقوله تإنا أنزلناه قرانا عربياە «يوسف » وقوله «ۆإنا جعلناه قرانا عربياه «الز خرف 3» وقوله تۆتبارك الذي نزّل الفرقان على عبدە «الفرقان ١) وقوله تلك ايات القران وكتاب مبين له «الهل ١ » وقوله تلك ايات الكتاب وقرانٍ مبين «الحجر ١» وقوله طلإذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين «البقرة ١) وقد وصفه الله تعالى بالانزال ا سبق في بعض الايات › ونحوه قوله ۆإنا أنزلناه في ليلة مباركة «الدخان ۳) وقوله کتاب أنزلناه إليك لتخر ج الناس من (١) المرجع السابق ص ۳۲/۳۱ الحق الدامغ ‏ ١۱۱ الظلمات إلى النور «إبراهم ١» وقوله لهو الذي أنزل عليك الكتاب منه آیات محكمات 4 »ال عمران ۷) وقوله نا أنزلناه في ليلة القدره «القدر ١» ووصفه بالتفصيل في قوله إولقد جئناهم بكتاب فصلناه عى علم 4 «الأعراف ٢) » ووصفه به وبالاحکام في قوله كناب أحکمت اياته ٹم فصلت من لدن حکم خير «هود ١۱) » ومیز بين اياته فوصف بعضها بالاحكام وبعضها بالتشابه في قوله هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابہات ووصفه بانه مقروء حيث قال : «لإوإذا قرأت القراآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالاخرة حجابا مستوراڳ» «الاسراء 45» › وقأل لإفاقرأوا ما تيسر من القرانك «المزمل 60» › وقال : لإفاقرأوا ما تيسر منك «المزمل ٠۲» » وقال للإفإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجم له «التحل ۹۸» . ووصفه بأنه محفوظ في الصدور بقوله : «بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم «العنكبوت 44 › وبأنه مكتوب في اللوح حیث قال : بل هو قران مجيد في لوح محفو ظ) «البرو ج ٢۳/۲« ومن لمعلوم قطعا أنه د الايات إلا هذا القران اللعهود › (إذ لم يرد بتسميته غيره قرآنا » وجاء في الأحاديث اليح ع رول ا كله تمي بذاك ۽ كقوله عليه أفضل الصلاة والسلام : (خير م من تعلم القران وعلمه) وقوله : (إن هذا القران مادبة لله) ونهيه ميك أن يسافر بالقران إلى أرض العدو » وهو لا يعني به إلا الصحف . فتبين من ذلك كله أنه لا يقصد بالقران والكتاب والذ كر والحدی إلا هذا الكلام المنزل › وأنه مقروء محفوظ مكتوب منقسم إلى محكم ومتشابه › وجمل ومفصل » وناسخ ومنسوخ » فإنكار قيام هذه الصفات احق الدامغ ‏ ١٠١٠ بالقران إنكار لا صرحت به النتصوص ودل عليه العقل وصدقه الواقع هذا وحكى ابن تيمية وابن القم عن الأشعري أن الكلام عنده صفة قديمة ليست بصوت ولا حرف ولا يتجزاً » فهو عين الأمر والنبي » وار والاستخبار » وهو عين التوراة والاتجيل والقران والزبور » وكونه أمرا ونيا وخبرا واستخبارا صفات لذلك المعنى الواحد » وكونه توراة وإنجيلا وقرآنا وزبورا تقسم لعباراته فإنه إن عبر عنه بالعربية فهو قران وان عبر عنه بالعبرية فهو توراة ›» وإن عبر عنه بالسريانية فهو إنجيل › والعبارات مخلوقة والحقيقة قديمة . (۱) وائن صح هذا الذي نقلاه فإن بطلانه أظهر من أن يحتاج إلى إظهار لا فيه من الجمع بين الاأضداد كجعل الامر هو اللبي › والخبر هو الاستخبار › وليس ذلك جمعا , بين الضدين فحسب بل هو جعل الضد عين ضده » ويترتب عليه أن ترجمة التوراة والاتجيل إلى العربية تجعلهما قرانا » وترجمة القرآن إلى العبرية تجعله توراة » وإلى السريانية تجعله إنجيلا › وهذا عين البطلان » وحسبك أن في القرآن من الحكم والأحكام والقصص والامثال والعلوم والفوائد ما ليس في الكتب السابقة › ك أن تقسيمه وار أن الأشعرية لم يكن لم موقف موحد من هذه المسألة » فهذا ابن رسلان منہم يقول في زبده : كلامه كوصفه القديم لم يحدث المسموع للكلم يكتب في اللوح وباللسان يقرا ك يحفظ بالأذهان فنجده يثبت صفة القدم للكلام الملسموع المكتوب المقروء غير أن (١) الصواعق المرسلة ص ٢8۲ وتكرر ذلك في انجلد الثالي عشر من فتاوى ابن تيمية الحق الدامغ ‏ ١۲٠ شارحه (الفشتي) يحمل قوله هذا على ما يتفق مع الحكي عن الأشعري حیث یقول : «فاتصافه بہذه الأوصاف الأربعة اتصاف له باعتبار وجودات الوجود الأريعة ولیس حال في الملصاحف ولا في القلوب › ولا ف الألسنة بل معنی قائم بذات الله تعالی» (۱) وقال قبل ذلك › «والحق قول أهل الحق أنه تعالی متکلم بکلام قدیم قائم بذاته » فإن عبر عنه بالعربية فالقران أو بالعبرانية فالتوراة أو بالسريانية فالاتجحيل › إلى غير ذلك من الاختلاف في التعبير» (۲) وذکر قبيل قوله هذا أن کلامه تعالی ليس بحرف ولا صوت » لأنهما عرضان حادٹان . (۳) واضطراب هذا الكلام أظهر من أن يحتاج إلى بيان وتحليل ء وقد بالغ ابن حزم وابن تيمية فحکما على قائلیه بالکفر ‏ ولا ریب أنہما يعنيان الكفر الى أما ابن حزم فقال : «وهذا كفر محرد بلا تأويل › وذلك آنا نساحم عن القرآن هو كلام لله م لا ؟ فان قالوا لس هو کلام ا أهو الذي يتلى في المساجد ويكتب في المصاحف ويحفظ في الصدور أم لا؟ فإن قالوا لا كفروا بإجماع الأمة › وإن قالوا نعم تركوا قوشم الفاسد › وأقروا أن كلام الله تعالى في المصاحف ومسموع من القراء وحفوظ في الصدور ك يقول جميع أهل الاسلام» (٤) وأما ابن تيمية فقد نسب إلى عوامهم أنهم أسقطوا حرمة اللصحف ٠ ورجا داسوه ووطئوه › ورا کتبوه بالعذرة و غیرھا ‏ ثم قال فیہم ‏ (۱) مواهب الصمد في حل ألفاظ الزبد ج ١ ص ۲۷ ط الشئون الدينية القطرية () المرجع السابق ص ٢۲ (۳) المرجع السابق (٤) الفصل في الملل والأهواء واللحل . ج ۳ ص ۲۵ مكتبة السلام العالمية الحق الدامغ ‏ ١١٠ وهؤلاء أشد كفرا ونفاقا ممن يقول : الجلد والورق كلام الله » فاإن اولعك آمنوا بالحق وبزيادة من الباطل » وهوّلاء كذبوا بالكتاب وبا أرسل الله به رسله لçأفسوف‏ يعلمون . إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحمم ثم في النار يسجرون؟ «غافر ۷۲/۷۰» (۱) ولست أريد هنا أن أتعدث عن هذا الحكم الذي حكما به على أصحاب هذه المقالة صحة وبطلانا › فإن ذلك يستلزم إطالة في البحث ما كنت أودها » وإنما أريد أن أقول إن ما وقعا فيه من التناقض ليس با قل شناعة مما عاباه على غيرهما ؛ أما ابن حزم فمع تقريره أن القران الكريم هو كلام الله تعا ى نجده يۇ كد أن كلامه سبحانه هو عين ذاته » فعندما حكى عن الأشعرية قوم إذ قال : «وقالت الأشعرية : كلام الله صفة ذات لم تزل غير مخلوقة وهو غير الله تعالى » وخلاف الله تعالى » وهو غير علم الله تعالى » وأنه ليس لله تعالى إلا كلام واحد ‏ أردفه بقوله : واحتج أهل السنة بحجج منها أن قالوا : إن كلام الله تعالى لو كان غير الله لكان لا يخلو من أن يكون جسما أو عرضا .. إلى اخره . وقال أيضا : «وأما الأشعرية فيلزمهم في قوم إن كلام الله غير الله ما ألزمناهم في العلم وفي القدرة سواء سواء » مما قد تقصيناه قبل هذا والحمد لله رب العالمين» (۲) ولا ريب أنه يلزم على هذا أن يكون القران الكريم هو عين ذات الله تعا ی » وأن یکون سبحانه بإنزاله ياه وتفصیله له وإحكامه آياته لم ينزل ويفصل ويحكم إلا ذاته سبحانه › ك يلزمه أن يكون كاتب القران وتاليه وحافظه لا يكتب ولا يتلو ولا يحفظ إلا ذاته تعالى » وأن تكون الذات العلية هى هذه الحروف والأصوات » فتكون متجزئة بتجزء القرآن (١) فاوي ابن تيمية . انجلد الثالي عشر ص ۳۸۲ ط مطابع الرياض » وقد أتى في الرد عليهم بأقذع العبارات الى نزهت هذا الكتاب عن ذكرها فيه ولا يعقل صدور ما نسبه إليهم من أحد يدين بالاسلام () الفصل لي الملل والأهواء والنحل ج ۳ ص 4 ٠ مكتبة السلام العالية لمق الدامغ ‏ ١۱۲ إلى سور وايات وجمل وكلمات وحروف وأصوات » تعالى الله عن ذلك کله علوا کبيرا . وقد أتى ابن حزم في احتجاجه لقدم القران بسفسطة عجيبية لا يتصور العقل صدورها من مثله » مع غزارة علمه وقوة فهمه . (۱) وقد اثرت ضرب الصفح عن إيرادها اكتفاء يما نقضها به الامام شمس الدين أبو يعقوب يوسف بن إبراهم الوارجلاني رمه الله في اخر کتابه العدل والانصاف (۲) وإنما يعجب من عزو الامام أي يعقوب ما قاله ابن حزم إلى الامام أحمد بن حنبل » ولم أجده في شيء من كتب الحنابلة بل ما رأیته فیہا مناقض له . ١ وأما ابن تيمية فسترى إن شاء الله في الفصل التي من نصوص كلامه ما يوقفك على تناقضه واضطرابه . هذا ويظهر لون آخر من الخلاف المعنوي بيننا وبين الأشعرية ومن قال بقدم القران من مشارقة الاباضية › وهو ہم صرحوا پان ما سمعه موسى عليه السلام في مناجاته لربه هو كلام الله النفسي القديم وليس بمخلوق ٠ کا هو مقتضی قول ابن رسلان في زبده » وقالوا نه ليس صوتا ولا حرفا » وقد صرح بهذا الامام ابن عاشور في تفسيره لقوله تعالى وکلم الله موسی تکليماه «النساء £ ١٦ ۱» ونص قوله : «فالتكلم تعلق لصفة الكلام بالخاطب على جعل الكلام صفة مستقلة » أو تعلق العلم بإيصال المعلوم الى المخاطب » أو تعلق الارادة بإبلاغ المراد إلى المخاطب » فالأشاعرة قالوا : تكلم الله عبده هو أن يخلق للعبد إدراكا من جهة السمع يتحصل به العلم بكلام الله دون حروف () المرجع السابق ج ۳ ص ٦/۸ (۲) انظر الكتاب المذكور ج ۲ ص ۷ ١/١۱ ط١ وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان احق الدامغ ‏ ۱۲۳ . ولا أصوات ۽ وقد ورد تمثیله بان موسی سمع مثل الرعد علم مته مدلول الكلام النفسي» (٠) وهو کا ترى يتناقض مع ما سبق نقله عنه » من تفسيره لقول الله للملائكة إني جاعل في الارض خليفة › وتعليمه ادم الاأسماء › فليت شعري كيف يجمع بين ما قاله هنا وما قاله هنالك ؛ على أنه بعد هذا الكلام بها لا يزيد على صحيفة واحدة قال : «وقوله (تكليما) مصدر للتو كيد ء والتوكيد بالملصدر يرجع إلى تاكيد النسبة وتحقيقها مثل قد وإت » ولا يقصد به رفع احقال المجاز › ولذلك أكدت العرب بالمصدر أفعالا لم تستعمل إلا مجازا » كقوله تعالى إا يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهر م تطهيرا «الأحزاب ۳٢) » فانه أُراد آنه يطهر هم الطهارة المعنوية أي الكمال النفسي › فلم يفد التأ كيد رفع المجاز » وقالت هند بنت النعمان بن بشير تذم زوجها روح بن زنباع : بکی الخزمن روح وأنكر جلده وعجت عجيجا من جذام المطارف وليس العجيج إلا مجازا » فالمصدر يؤكد أي يحقق حصول الفعل لموكد على ما هو عليه من المعنى قبل التأكيد .` فمعنی قوله (تکلیما) هنا » أن موسی سمع کلاما من عند الله بحيث لا يحتمل أن الله أرسل اليه جبريل بكلام » أو أوحى إليه في نفسه » وأما كيفية صدور هذا الكلام عن جانب الله فغرض اخر هو محال للنظر بين الفَرّق » ولذلك فاحتجاج كثير من الأشاعرة بهذه الآية على كون الكلام الذي سمعه موسى الصفة الذاتية القائمة بالله تعالى احتجاج ضعيف › وقد حكى ابن عرفة أن المازري قال في شرح التلقين إن هذه الآية حجة على للعتزلة في قولهم أن الله لم يكلم موسى مباشرة بل بواسطة خلق الكلام (١) التحرير والتتوير. ج ٦ ص ۳۷ »› الدار التونسية للنشر الحق الدامغ ‏ ١۲٠ لأنه أكده بالملصدر » وأن ابن عبد السلام التونسي شيخ ابن عرفة رده بان التا كيد بالمصدر لازالة الشك عن الحديث لا عن المحدث عنه »٠ وتعقبه ابن عرفة مما يول إلى تأیید رد ابن عبد السلام» (۱) ولعلنا نستخلص ما قاله هنا وهناك أنه لم يستقر رأيه في هذه المسالة على شيء يعينه » ولعله يرى جواز صحة كل واحد من الرأيين . أما نحن معشر الاباضية القائلين بخلق القران › ومن قال بقولنا من اللعتزلة وغيرهم ‏ فقد اتفقنا مع الجنابلة القائلين بقدم النصوص القرانية › على أن موسى عليه السلام مم من تكلم الله كلاما مركبا من الحروف وأنه كان صوتا » إلا أا اختلفنا في قدمه وحدوثه » فقالوا بقدمه وقلنا بحدوثه » وإنما قلنا إن هذا تكلم حقيقي من الله له » لأنه لم يكن بواسطة بل خلقه الله له حيث شاء فاسمعه إياه من غير أن ينطق به ملك أو مخلوق اخر » وقد قال كثير بانه تعالى خلقه في الشجرة وأسمعه منها ء وهذا الذى نسبه الفخر الرازي إلى الامام أي منصور الاتريدي (۲) ولا يتعين ذلك لعدم ما يدل عليه » وإنما هو أحد الاحتالات الواردة . ونستخلص ما تقدم أن الموقف الأشعري في هذه القضية يختلف عن موقف الطائفتين التباينتين جميعا » وهو صرع فيما سبق نقله عن الفخر الرازي مما نسبه إلى الأشعري وأنباعه من مخالفتهم لغيرهم في مسالة الكلام . ونقل عنهم أنهم قالوا : «و لا يبعد أن تُرى ذات الله مع أنه ليس بحسم ولا في حيز فاى بعد في أن يسمع كلام الله مع أنه لا يكون حرفا ولا صوتا» (۳) وهذا الالزام خاص بثبتي الرؤية » وأما نحن فلا يطرق ‏ وال حمد الله سے ساحتنا . () المرجع السابق ص ۳۹/۳۸ (٢) التفسير الكبير ج ١٤٠ ص ٢۲۳ ط . دار الكتب العلمية بطهران . ونفس المرجع ج ۲۷ ص ۱۸۸ (٢) المرجع السابق ج۲۷۰ ص ۱۸۸ الحق الدامغ ‏ ١١۲٠ الفصل الغالي في تضارب أقوال القائلين بقدم القران إن القول بقدم القران ‏ وإن تباينت مفاهيمه وتشعبت مسالكه بين صفة الكلام الذاتية لله تعالى وبين أثرها » وهو ما آنزل من كتبه على رسله » وأصحاب هذا القول كلهم ملزمون بان يقولوا بقدم الحوادث كلها فانها اثار لصفات الله تعالى » إذ الخلوقات على اختلافها ما هي إلا اثار لقدرته تعالى ولارادته ولعلمه › وکل من هذه صفة ذاتية قدیمه لاستحالة اتصاف الله بأضدادها . ومع اتحاد مصدر هذا القول › تجد بين أصحابه من التنازع والتدافع ما يقضى العجب العجاب » بحيث لا بمكن أن تجتمع أقواشم في طريق واحد ولا ت تتتہي إلى غاية واحدة › ولم يقف الأمر عند هذا اللحد بل تجاوزوه إلى شق ق فيما بينهم بالتجهيل والتبديع » والتقاذف بالتضليل ذا كتا عن والفهم دة وأصخيا إلى ما تقوله طائفة واحدة ل يقة منها ما اختلقوا فيه : ا صوت قاریءِ القران وتلاوته . ب الحروف الحجائية التى تتركب منها كلمات القران وغيره . ج تكلم الله هل هو بمشيئته أو بدونها . الحق الدامغ ‏ ١۱۲ وما أن خلافهم في الحروف والأصوات والتلاوة متداخل » جمع بينها في عرض أقوالحم فيها ونقدها . ۱ ذهب فریق منہم ِل قدم صوت القارىء واعتقاد انه قائ بذات الله تعالى » ومن هوُلاء محمد بن داود البصيصي وابن حامد » وأبو نصر السجزي ٠ والقاضي آبو يعلى › وأنكر علمہم ذلك أبو بكر المروذی واخرون » وحكوا عن امد قوله : «من قال لفظي بالقران مخلوق فهو جهمي ٤ ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع» (۱) وي هذا النص الذى رووه من التناقض ما لا يخفى على عاقل › فانه لا توسط بين الخلق وعدمه » فالشىء إما أن يكون لوقا أو غير مخلوق ٠ فإن كان مخلوقا فلماذا يضلل من قال بخلقه ؟ وإن کان غير مخلوق فلماذا يدع من قال بعدم خلقه ؟ وقال ابن تيمية : «لا تكلموا ‏ أى الحنابلة ‏ في حروف المعجم صاروا بين قولين ٠ طائفة فرقت بين الم اثلين فقالت احرف حرفان » هذا قدم وهذا مخلوق . کک قال ابن حامد والقاضي ابو يع وابن عقيل وغيرهم » فأنكر ذلك عليهم الأكترون » وقالوا : هذا مخالفة للحس والعقل » فإن حقيقة هذا الحرف هي حقيقة هذا الحرف » وقالوا الحرف حرف واحد » وصنّف في ذلك القاضي يعقوب البرزيني مصنفا خالف به شيخه القاضى أبا يعلى إلى أن قال وذكر القاضي يعقوب في مصنفه أن ما قاله قول أبي بكر أحمد بن المسيب الطبري » وحكاه عن جماعة من أفضل أهل طبرستان » وأنه مع الفقيه عبد الوهاب بن حلبة قاضي حران : يقول هو مذهب العلوي الحراني وجماعة من اهل حران ٤ وذكره أبو عبد الله بن حامد عن جماعة من اهل طبرستان ممن ينتمي ال (١) الصواعق المرسلة ص ٠44 ٠ مطبعة الامام ۳٠ شارع قرقول المنشية بمصر احق الدامغ ‏ ١۱۲ مذهبنا كأبي محمد الكشفل » واسماعيل الكاوذري » في خلق من أتباعهم أنها قديمة) «قال القاضي أبو يعلى وكذلك حكى لى عن طائفة بالشام أا تذهب إلى ذلك متهم النابلسى وغيره » وذكر القاضي حسين ان باه رجع ئي آخر عمره إلى هذا » وذكروه عن الشريف ابي علي بن ابی موسى ٠ وتبعهم في ذلك الشيخ أبو الفرج المقدسي وابنه عبد الوهاب › وأبو الحسن بن الزاغونى وأمثاله .» وذكر القاضي يعقوب أن كلام أحمد يحتمل القولين » وهؤلاء تعلقوا بقوله لا قيل له إن سريا السقطي قال : لا خلق الله الأحرف سجدت له إلا الألف فقالت لا أسجد حتى أؤمر » فقال أحمد : هذا كفر › وهؤلاء تعلقوا من قول أحمد : «كل شيء من الخلوقين على لسان الخلوقين فهو خلوق ٠ وبقوله : لو كان كذلك ا تمت صلاته بالقران ‏ لا تتم بغيره من كلام الناس » وبقول أحمد لأحمد بن حسن الترمذي : ألست لوقا ؟ قال : بل ٠ قال : اليس كل شيء منك لوقا ؟ قال : بلي . قال : فكلامك منك وهو خلوق .» (۱) وفي هذه الروايات من التناقض ما ليس بعده ‏ وإن ادعى ابن تيمية عدم تناقضها ‏ فانظر إلا أخي القارىء الكريم بعين الاستقلال الفكري التى تستجلي الحقائق وتكتشف الدقائق › لا بعين التقليد الأعمى التى تجعل من السراب ماء » ومن الخيال حقيقة » تجد أولاها تدل على منتبى الانكار على القول بخلق الحروف الحمجائية » التى يتركب منها الكلام » ويتخاطب بها الناس » حتى بلغ إلى إلحاقه بالكفر والعياذ بالله » ومقتضى ذلك أنها في القدم كالذات العلية » وتجد في أخراها ما يدل على أن كل شيء من () فتارى ابن تيمية الجلد الثالي عشر ص ۸۵/۸۳ ٠ ط ١ مطابع الرياض الحق الدامغ ‏ ١۱۲ الخلوقين على لسان الخغلوقين فهو مخلوق » فاى القولين أحق باحق وأسعد بالصواب › فإن كان الأول لزم أن يكون الثاني كفرا » وإن كان الأخر فكذلك »› لا في حديث أي ذر رضي الله عنه عند مسلم (وهن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله » وليس كذلك إلا حار عليه . وأما اعتذار ابن تيمية عنه بقوله : «وأحمد أنكر قول القائل › إن الله ما خلق الحروف أنه قال : من قال أن حرفا هن حروف المحجم مخلوق فهو جهمى » لأنه سلك طريقا إلى البدعة » ومن قال : إن ذلك مخلوق ٤ فقد قال إن القرآن مخلوق» (۱) » فهو اعتذار لا يجدي فيلا ۽ فان إنکار خلق ما علم أنه مخلوق بضرورة العقل وتواتر النقل وإلحاقه بالله تعالى في القدم ‏ مع الاعراض عن النتصوص القرانية القاطعة بان كل شيء سوى الله مخغلوق . كقوله تعالى لçإخالق‏ کل شيءچ دالأنعام ١٠ ١/الرعد ١٠/الزمر ١١/غافر ١0ء وقوله وخلق كل شيء فقدره تقديراك «الفرقان ۲ » لا يسوغ بحال » فكيف والدافع إليه ليس إلا خشية سطوع شمس الحقيقة وتبخر ضباب الأوهام » التي أرادوها أن تكون ستارا بين العقول ودر كها الحقائق : والأشد هن ذلك ۽ عدم الا كتفاء بإنكار الحقيقة فحسب بل تجاوزوا ذلك إلى الحكم على من قالا بالجهمية والتبديع والتكفير › فإنا لله وإنا إليه راجعون ۽ ما أضيع الاسلام إذا فسىر هذه المفاهم المتناقضة !! وما أحير أصحابه إن لم يعرفوه إلا بها !! وإن أردت المزيد من تناقضهم فاسمع إلى ها يقوله ابن تيمية أيضاً : «أما القول بأن المداد المكتوب قديم › فما علمنا قائلا معروفا قال به › وما رأينا ذلك في كتاب أحد هن المصنفين » لا من أصحاب أي حنيفة ولا مالك ولا الشافعي ولا أحمد » بل رأينا في كتب طائفة من المصنفين من أصحاب مالك والشافعى وأحمد إنكار القول بان المداد قديم وتكذيب (١) المرجع السابق ص ۸۵ احق الدامغ س ۱۹ من نقل ذلك » وفي كلام بعضهم ما يدل على أن في الملصحف حرفا قدیما ليس هو المداد .» «ئم منهم من يقول ۽ هو ظاهر فيه ليس بال ۽ ومنہم من يقول هو حال » وفي كلام بعضهم ما يقتضي أن يكون ذلك هو الشكل » شكل الحرف وصورته › لا مادته التي هى مداده » وهذا القول ايضا باطل › أن القول بان شيئا من أصوات الادميين قديم هو قول باطل ۽ وهو قول قاله طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد ء وجمهور هؤلاء ينكرون هذا القول › وكلام أحمد وجمهور أصحابه في إنكار هذا القول مشهور . ولا ريب أن من قال إن أصوات العباد قديمة فهو مفتر مبتدع له حكم أمثاله › ك أن من قال إن هذا القران ليس هو كلام الله فهو مفتر مبتدع له حكم أمثاله» (۱) أنظر إلى هذا التضارب في الأقوال والتحزب في الآراء » من غير دليل يستند إليه إلا تبرير ما يتصوره كل من هؤلاء القائلين أنه الحق › وإلا فما هي الحجة على ذلك من برهان العقل أو صحيح النقل ؟ واضْمُم إلى ما تقدم قوله أيضا ‏ بعد أن ذكر كلام المثبتين ل خلق القران ‏ «فقابلهم قوم أرادوا تقوم السنة فوقعوا في البدعة » وردوا باطلا بباطل » وقابلوا الفاسد بالفاسد › فقالوا تلاوتنا للقران غير مخلوقة › وألفاظنا به غير مخلوقة لأن هذا هو القران » والقران غير مخلوق › ولم يفرقوا بين الاسم المطلق والاسم المقيد في الدلالة ء وبين حال المسمى إذا كان جردا وحاله إذا كان مقرونا مقيدا › فأنكر الامام أحمد أيضا على من قال إن تلاوة العباد وقراءتهم وألفاظهم وأصواتهم غير مخلوقة » وأمر بېجران (١) المرجع السابق ص ۱۷۹ الحق الدامغ ‏ ١۳٠ هوّلاء › كا جهم الأولين وبدعهم » والنقل عنه بذلك من رواية اينه عبد لله وصالح والمروذي وفوران وأيي طالب وأُبي بكر بن صدقة » وخلق كثير من أصحابه وأتباعه .) «وقد قام أخص أتباعه أبو بكر المروذي بعد مماته في ذلك » وجمع كلامه وكلام الائمة من أصحابه وغيرهم مثل عبد الوهاب الوراق › والأثرم » وأيي داود السجستاني » والفضل بن زياد › ومثنى بن جامع الأنباري › ومحمد بن اسحاق الصنعاني › ومحمد بن سهل بن عسكر »٤ وغير هؤلاء من علماء الاسلام › وبين بدعة هوّلاء الذين يقولون إن تلاوة العباد وألفاظهم بالقران غير مخلوقة» «وقد ذكر ذلك الخلال في كتاب السنة وبسط القول في ذلك › قال الخلال : أخبرني أبو بكر المروذي قال بلغ أبا عبد الله عن أي طالب أنه كتب إلى أهل نصيبين : (إن لفظي بالقران غير مخلوق) » قال أبو بكر : فجاءنا صالح بن أحمد فقال : قوموا إلى أي فجئنا فدخلنا على آبى عبد الله فإذا هو غضبان شديد الغضب قد تبين الغضب في وجهه › قال : اذهب فجئني بأيي طالب ٤ فجئت به فقعد بين يدي آي عبد الله وهو يرعد » فقال : كتبت إلى أهل نصيبين تخبرهم عني اني قلت لفظي بالقران غير مخلوق ؟ فقال : إنما حكيت عن نفسي »› قال فلا يحل هذا عنك ولا عن نفسي » فما سمعت عالا قال هذا » قال أبو عبد الله القران كلام الله غير مخلوق كيف تصرف ؟ فقيل لاي طالب أخرج وآخبر ان آبا عبد الله قد نبى أن يقال لفظي بالقران غير مخلوق » فخرج أبو طالب فلقي جماعة من الحدثين فأخبرهم أن أبا عبد الله هاه أن يقول لفظي بالقران غير مخلوق» «ومع هذا فكل واحدة من الطائفتين الذين يقولون لفظنا بالقران غير مخلوق ٠ والذين يقولون لفظنا وتلاوتنا مخلوقة تنتحل أبا عبد الله وتحعكي الحق الدامغ ‏ ١۱۳ قوا عنه » وتزعم أنه كان على مقالتها » لأنه إمام مقبول عند الجميع »٠ ولأن الحق الذى مع كل طائفة يقوله أحمد › والباطل الذى تنكره كل طائفة على الأخرى يرده أحمد » فمحمد بن داود اللصيصي أحد علماء الحديث وأحد شيوخ يي داود ‏ وجماعة في زمانه كأبي حاتم الرازي وغيره يقولون : لفظنا بالقران غير مخلوق » وتبعهم طائفة على ذلك ٠ كأبي عبد الله بن حامد وألي نصر السجزي » وألي عبد الله بن منده » وشيخ الاسلام أي اسماعيل الأنصاري » وأبي العلاء الحمداني » وأبى الفرج القدسي » وغير هوُلاء يقولون إن ألفاظنا بالقران غير مخلوقة » ويروون ذلك عن أحمد » وأنه رجع إلى ذلك ك ذكره أبو نصر في كتابه الابانة › وهي روايات ضعيفة بأسانيد يمجهولة » لا تعارض ما تواتر عنه عند خواص أصحابه وأهل بيته والعلماء الثقات » لاسيما وقد علم أنه في حياته خطا أبا طالب في النقل عنه حتى رده أحمد عن ذلك ٠ وغضب عليه غضبا شدیدا .» وقد رأيت بعض هولاء طعن في تلك النقول الثابتة عنه » ومنهم من حرّفها لفظا 9 وأما تحريف معانيها فذهب إليه طوائف »٠ فأما الذين أثبتوا النقل عنه ووافقوه على إنكاره الأمرين ٠ وهم جمهور أهل السنة ومن انتسب الم من أهل الكلام كأبي الحسن الأشعري وأمثاله » فإنه ذكر في مقالات أهل السنة والحديث أنهم ينكرون على من قال لفظي بالقران مخلوق » ومن قال لفظي به غير مخلوق »٠ وأنه يقول بذلك .» «لكن من هولاء من تأول كلام أحمد وغيره في ذلك ۽ بأنه منع ان يقال إن القران يلفظ به » وهذا قاله الاشعري وا بن الباقلاني › والقاضي أبو يعلى وأتباعه كأبى الحسن بن الزاغوني وأمثاله .» وغم هوّلاء الذين تأولوا كلامه على ذلك » منهم من قال : المعنى الذى أتكره أحمد على من قال لفظى بالقران مخلوق ك فعل ذلك الاشعري الحق الدامغ ‏ ۱۳۲ وأتباعه » ومنهم من قال : بل المعنى الذى أنكره أحمد على من قال لفظى به غير مخلوق ا فعل ذلك القاضي وابن الزاغوني وأمثالحما » فإن أحمد وسائر الأئمة ينكرون أن يكون شيء من كلام الله خلوقا حروفه أو معانيه » أو أن يكون معنى التوراة هو معنى القران » وأن كلام الله إذا عبر عنه بالعربية يكون قرآنا » وإذا عبر عنه بالعبرانية يكون هو التوراة » وينكرون أن يكون القران المنزل ليس هو كلام الله » أو أن يطلق القول على ما هو كلام الله بأنه مخلوق » وأحمد والائمة ينكرون على من يجعل شيئا من أفعال العباد أو أصواتهم غير مخلوق فضلا عن أن يكون قديما › وكلام أحمد في مسالة التلاوة والايمان والقران من نحط واحد » منع إطلاق القول بأن ذلك غخلوق ٠ لأنه يتضمن القول بان من صفات الله ما هو مخلوق » ولا فيه من الذريعة » ومنع أيضا إطلاق القول بانه غير مخلوق ما في ذلك من البدعة والضلال .» (١) تقلت لك أخي القارىء الكريم هذه الفقرات بنصها وفصها من كلام ابن تيمية » لتقف أولا على ما بيهم من خلاف في هذه المسالة يفضي ِل التبديع » ثم خلو كلامهم ما يجوز الاستناد إليه من أدلة القران ُو السنة أو براهين العقل » ما عدا ما ينقلونه عن الامام أحمد ويتصرفون في تأويله بحسب ما يحلو لكل فريق من التأولين » وتجدهم ینزلون کلام الامام أحمد في الحجية منزلة كلام الله وكلام رسوله ع » بحيث يجعلونه الأصل الذى يرجع إِليه كل فريق منهم » مع نهم دائما يرددون بالسنتهم وأقلامهم دعوى عدم التقليد واتباع أقوال الأئمة من غير دليل » وتامل ما جاء في اخر هذه الفقرات » من اعتبار التلاوة والايمان فضلا عن القران من صفات الله تعالى » وكيف يتقبل عقل أحد اتاه الله نورا في عقله » بان يكون الايمان الذي في قلوب الؤّمنين والتلاوة الجارية على ألسنة التالين من صفاته تعالی الأزلية . (١) فتاوى ابن تيمية الجلد الثاني عشر ص ٢٢٣۳۹۳/۳ ٠ مطابع الرياض الحق الدامغ ‏ ۱۳۳ ونجد ابن تيمية ينقل عن أحمد والبخاري وجماعة من أصحاب امد كعبد الوهاب الوراق » والأثرم » والمروذي » ومحمد بن بشار » وآلي ا حسين الطوسي » وغيرهم » أنهم كانوا ينكرون أشد الانكار على من قال إن لفظ العبد بالقران أو صوته به أو غير ذلك من صفات العباد المتعلقة بالقران غير مخلوقة » ويامرون بعقوبته باشجر وغیيره .) (۱) وأتبع ذلك نقل بعض القصص التى وقعت لاصحاب أحمد عند بسبب نسبتهم إليه أن لفظ العبد بالقران غير مخلوق . (۲) فانظر كيف يمكن جعل التلاوة تارة من صفات العبد فيمتنع القول بقدمها » وتارة من صفات الله فيمتنم القول بخلقها › مع أن الكائنات بأسرها أجسامها وأعراضها إما أن تكون محدثة » وكل محدث مخلوق ٤ وإما أن تكون قديمة » وذلك ما لا يجوز أن يوصف به غير الله تعالى الأول والاخر » الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا » والحدوث والقدم نقيضان لا يكن ارتفاعهما عن موجود بعينه ك لا يمكن اجتاعهما » فکیف ینفیان معا عن شيء بعينه ويضلل من قال فيه باحدهما . وقد بلغت بهم الحيرة إلى الوقوف عن القول في المداد بخلقه أو قدمه › إن كتب به القران . (۳) ثم تراجع ابن تيمية عن ذلك إلى التصري بخلقه حيث قال : «وكذلك ما يكتب في المصاحف من كلامه فهو كلامه مكتوبا في المصاحف ٠ و کلامه غير مخلوق » والمداد یکتب به کلامه وغیير کلامه مخلوق .» (٤) نم إن ابن تيمية فرق بين الحروف التى يتالف منها القران ٠ وال روف (١) المرجع السابق ص ٢۲ ۽ (۲) المرجع السابق ص ٢٢٢٤/۲۷ ۽ (۴) المرجع السابق ص ١١١ (4) المرجع السابق ص ٥٤ ٥/ەە الحق الدامغ س ١۱۳ التى يتألف منها سائر الكلام » حيث قال : «من قال إن حروف المعجم كلها مخلوقة وأن كلام الله مخلوق فد قال قولا مخالفا للقول المعقول الصريع والمنقول الصحيح › ومن قال : نفس أصوات العباد أو مدادهم ٠ أو شيغا من ذلك قدي فقد خالف أيضا أقوال السلف وكان فساد قوله ظاهرا لكل أحد » وكان مبتدعا قولا لم يقله أحد من المسلمين ولا قالته طائفة كبيرة من طوائف السلمين » بل الأئمة الأريمة وجمهور أصحايم بريون من ذلك » ومن قال : إن الحرف المعين أو الكلمة المعينة قديمة العين فقد ابتدع قولا باطلا في الشرع والعقل » ومن قال إن جنس الحروف التى تكلم لله بها بالقرآن وغيره ليست مخلوقة » وأن الكلام العربي الذى تكلم به ليس مخلوقا » والحروف المنتظمة منه جزء منه ولازمة له » وقد تكلم الله بها فلا تكون مخلوقة فقد أصاب» (۱) وتجد في هذا الكلام من الغرابة نك بيا تجد فيه أن من قال إن الحخرف المعين أو الكلمة المعينة قديمة العين فقد ابتدع قولا باطلا في الشرع والعقل وهو حق في ذاته ‏ تيد بعده ما ينقضه وهو أن الحروف التى انتظم منها القران والكلمات التى تركب منها ليست مخلوقة فكيف يكون الشيء الواحد مخلوقا وغير مخلوق » وبجانب ذلك ينقل ابن تيمية نفسه عن الامام أحمد أن من قال إن حرفا من حروف المعجم خلوق فهو جهمي (۲) على أن الظاهر من كلامه التفرقة بين الحروف والكلمات إن جاءت في كلام الله أو جاءت في كلام الخلق فهي ‏ بحسب هذا الظاهر ‏ في كلام الله غير مخلوقة وفي كلام خلقه مخلوقة » فيلزم من ذلك أن تكون أسماء النبيين وغيرهم وسائر الأسماء المذكورة في القران إن وردت في القران فهي قديمة وإن وردت في غيره فهى حادثة » ويترتب على ذلك ان يکون لکل منہا حکمان متضادان . () المرجع السابق ص ٥۸ الحق الدامغ ‏ ١۳٠ وأصرح من كلام ابن تيمية قول تلميذه ابن القم : «وإذا قيل إن حروف المعجم مخلوقة أو غير مخلوقة » فجوابه أن الحرف حرفان » قال حرف الواقع في كلام الخلوقين مخلوق › وحروف القران غير مخلوقة» (7) ومع ما سبق نقله من كلام ابن تيمية الذى ينص بأن موقف الامام أحمد وأكثر أصحابه أنهم اشتد إنكارهم على الذين قالوا بان تلاوة العباد وألفاظهم بالقران غير مخلوقة » وحكموا عليهم بالبدعة » وأمروا بېجرهم › نجد ما يخالف ذلك في كلامه بنفسه حيث يقول : «وأما الحروف هل هى مخلوقة أو غير مخلوقة ؟ فالخلاف في ذلك بين الخلف مشهور » فام السلف فلم ينقل عن أحد متهم أن حروف القران وألفاظه وتلاوته مخلوقة ٠ ولا ما يدل على ذلك » بل قد ثبت عن غير واحد منہم الرد على من قال إن ألفاظنا بالقران مخلوقة وقالوا هو جهمي » ومنہم من كفره » وق لفظ بعضهم تلاوة القران › ولفظ بعضهم الحروف » ومن ثبت عنه ذلك أحمد ين حنبل وأبو الوليد الجارودي صاحب الشافعى » وإسحاق بن راهويه » وال حميدي › ومحمد بن اسلم الطوسى » وهشام بن عمر » وأحمد ابن صالح الملصری» (۲) ولا داعى إلى التعليق على هذا الكلام » فإذا كانت تلاوة التالى _للقرات غير مخلوقة مع أتها فعل من أفعاله » والتالي نفسه مخلوق ٠ و كل أفعاله كائنة بعد أن لم تكن فحسبي الله » آمنت به سيحانه ربا لا شريك له في خلقه » ولا ند له في ربوبيته » ولا مشابه له في صفاته . وقال ابن تيمية أيضا .. وهناك ثلائة أشياء : أحدها : حروف القران التي هي لفظه قبل أن ينول بها جبريل » وبعد ما تزل بها » فمن قال إن هذه مخلوقة فقد خالف إجماع السلف فاته لم (١) الصواعق المرسلة ص ٢43 › مطبعة الامام ۳٠ شارع قرقول المنشية بمصر (۲) فتاوى ابن تيمية › الجلد الثالي عشر ص ١۵۷ » مطايع الرياض الحق الدامغم ‏ ١۱۳ يكن في زمانهم من يقول هذا إلا الذين قالوا إن القران مخلوق ء فإن أولعك قالوا با خلق للألفاظ ألفاظ القران » وأما ما سوى ذلك فهم لا يقرون بثبوته لا مخلوقا ولا غير مخلوق » وقد اعترف غير واحد من فحول اهل الكلام بهذا » منهم عبد الكريم الشهرستاني مع خبرته بالملل والتحل › فإنه ذكر أن السلف مطلقا ذهبوا إلى أن حروف القران غير مخلوقة » وقال : ظهور القول بحدوث القران محدث › وقرر مذهب السلف في كتابه اللسمى بنهاية الكلام . الثاني : أفعال العباد » وهي حركاتهم التى تظهر عليا التلاوة › "فلا خلاف بين السلف أن أفعال العباد مخلوقة › وغذا قيل إنه بدع أ کٹرهم من قال لفظي بالقران لوق (١) لان ذلك قد يدخل فيه فعله . الغالث : التلاوة الظاهرة من العبد عقيب حركة الآية › فهذه منهم من يصفها بالخلق » وأول من قال ذلك فیما بلغنا ‏ حسين الكرابيسي وتلميذه داود الأصبباني (۲) » وطائفة » فأنكر ذلك عليهم علماء السنة في ذلك الوقت › وقالوا فيم كلاما غليظا » وجمهورهم ‏ وهم اللفظية عند السلف ‏ الذين يقولون لفظنا بالقران مخلوق ء أو القران بالفاظنا مخلوق 5٠ ونحو ذلك . وعارضهم طائفة من أهل الحديث والسنة كثيرون » فقالوا : لفظنا بالقرآن غير مخلوق » والذي استقرت عليه نصوص الامام أحمد وطبقته من أهل العلم أن من قال لفظي بالقران مخلوق فهو جهمي . ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع » هذا هو الصواب عند جماهير أهل السنة أن لا يطلق واحد منهما ك عليه الامام أحمد وجمهور السلف »٠ لان كل واحد من الاطلاقين يقتضي إيهاما خطاً » فإن أصوات العباد محدثة بلاشك › (١) كذا فيما وجدناه في الفتاوى المطبوعة والظاهر أن الصواب (غير مخلوق) ليتفق مع نسق الكلام ومع ما ذکره في غير هذا المقام ا)۲( كذا ف الفتاوى والصواب بو داود بحق الدامغ __ ۱۳۷ وإن كان بعض من نصر السنة ينفي الخلق عن الصوت المسموع من العبد بالقران » وهو مقدار ما يكون من القران المبلغ . وغيره من أئمة ا دی ٩٠ وقال النبي د : «زينوا القران باصواتکم) . «و أما التلاوة في نفسها التى هى حروف القران والفاظه فهى عير خلوقة » والعبد إنما يقرا كلام الله بصوته » كا أنه إذا قال قال النبي ءَي : «إنما الأعمال بالتيات ..) فهذا الكلام ل لفظه ومعناه إنما هو کلام رسول الله مكلك » وهو قد بلغه بحر كته وصوته » كذلك القران لفظه ومعناه كلام الله تعالى » ليس للمخلوق فيه إلا تبليغه وتاديته وصوته » وما يخفى على لبيب الفرق بين التلاوة في نفسها قبل أن يتكلم بها الخلق وبعد أن يتكلموا ا » وبين ما لبد في تلاوة القرات من عمل ركسب ١ وإنما غلط يعض دوت سروف اران ما دل عل حدوت اقتال الاو ) وما توه عي وهذا أقيح الفط » وليس في الحجج العقلية ولا السمعية ما يدل على حدوث نفس حروف القران إلا من جنس ما يحتج به على حدوث معانيه › والجواب عن الحجج مثل الجواب عن هذه لن استہدی اله فهداه» (۱) وكلامه هذا لا يختلف عن سائر ما سبق نقله عنه . مما يدل على تضارب اقوالحم وتناقض حججهم › فهو لا يتاج إلى تعليق من هذه الحيثية » وإغا أردت "أن أضع بين يدي القارىء الكري النقاط التالية : ١ أن ابن تيمية حكى في صدر هذا الكلام المنقول أن من قال بان حروف القران مخلوقة فهو مخالف للاجماع › وأی إجماع هذا؟ فان السلف الصالح من الصحابة والتابعين لم يثيروا مسألة خلق القرآن › وإنما () المرجع السابق ص ۷۲٥/٧٥۷٥ الحق الدامغ ‏ ۱۳۸ اکتفوا باعتقاد انه تنزيل من حكم ميد ۽ وأُن الله خالق کل شيءِ » وما سواه مخلوق كائنا ما كان » أما بعد ما أثيرت المسالة ونجم الخلاف فيا بين طوائف الأمة فلا وجه لأن يُعَدٌ قول طائفة متها إجماعا » اللهم إلا قول المستندين إلى الأدلة القاطعة من الكتاب أو السنة الصحيحة المتواترة › أو الأصول المجمع عليها » وهذا إنما يعرف بتمحيص الأقوال وبحث أدلتها › وسياتيك إن شاء الله من ذلك في هذا المبحث ما يثلج صدرك ويشرحه بالحق الذي لا مرية فيه . ۲ أنه فرق بين أفعال العباد ‏ وهي حر كاتهم التى تظهر عليها التلاوة فحكى أنه لا خلاف بين السلف أن أفعال العباد مخلوقة » وبين التلاوة الظاهرة من العبد عقيب حر كة الآية » فحكى عن علماء السنة أنهم أنكروا على من قال بخلقها مع أنه من المعلوم قطعا أن ما يظهر من العبد عندما يتلو القران من الحركة ما هو إلا فعله المعبر عنه بالتلاوة » وكيف يكون فعل العبد غير مخلوق مع أن نفس الفاعل مخلوق . ۳ س أنه فرق بين التلاوة في نفسها قبل أن يتكلم بها الخلق وبعد أن يتكلموا بها » وبين ما للعبد في تلاوة القران من عمل و كسب » وادعى أن الفرق بينهما لا يخفى على لبيب » مع أن التلاوة ‏ ك قلت قبل قليل ليست إلا نفس فعل التالي » فكيف يفرق بين فعل العبد وبين ماله فيه من عمل وكسب ؟ وهل مثل هذا إلا كمثل التفرقة بين الضرب الصادر من الضارب »› والصوم الكائن › من الصائم › وبين كسب العبد فيهما ؟ وما هو في الحقيقة إلا تفريق بين الشيء ونفسه . ٤ أنه ادعى أنه ليس في الحجج العقلية ولا السمعية ما يدل على حدوث نفس حروف القرآن » وليس هذا جواب إلا أن يقال : وليس يصح في الأذهان شي إذا احتاج التهار إلى دليل احق الدامغ ۱۳۹ وستوافيك إن شاء الله هذه الحجج في الفصل الأخير المعقود لذلك من هذا المبحث . وهاك نصا آخر عن ابن تيمية في تنازعهم في هذه اللسالة قال ٠ «والقول بان اللفظ غير مخلوق نسب إلى محمد بن يحيى الذهلي ٠ وأبي حاتم الرازي » بل وبعض الناس ينسبه إلى أي زرعة أيضا ويقول إنه هو وأبو حاتم هجرا البخاري » لا هجره محمد بن يحيى الذهلي › والقصة في ذلك مشهورة .» (او بعد موت أحمد وقع بين بعض أصحابه وبعضهم وبين طوائف من غيرهم بهذا السبب . وكان أهل الثغر مع محمد بن داود والملصيصي شيخ ِي داود يقولون بهذا فلما ولي صالح بن أحمد قضاء الثغر طلب منه أيو بكر المروذي أن يظهر لأهل الثغر مسألة أي طالب فإنه قد شهدها صالح وعبد الله ابنا أحمد » والمروذي وفوران » وغيرهم » وصنف المروذي كتابا في الانكار على من قال إن لفظي بالقران غير مخلوق » وأرسل في ذلك إلى العلماء بمكة والمدينة والكوفة والبصرة » وخراسان وغيرهم › وقد ذكر ذلك أبو الخلال في كتاب السنة ‏ وبسط القول في ذلك .» دومع هذا فطوائف من النتسبين إلى السنة وإلى اتباع أحمد كأبي عبد الله بن منده » وألي نصر السجزي » وأِي اسماعيل الأنصاري » وأبي العلاء الحمداني وغيرهم يقولون لفظنا بالقران غير مخلوق › ويقولون إن هذا قول أحمد › ويكذبون ‏ أو منہم من يكذب ‏ برواية اي طالب ويقولون إنها مفتعلة عليه » أو يقولون رجع عن ذلك › ك ذكر ذلك أبو نصر السجزي في كتابه ’’الابانة““ المشهور .» «وليس الأمر كا قال هوّلاء » فإن أعلم الناس بأحمد وأخص الناس وأصدق الناس في النقل عنه هم الذين رووا ذلك عنه » ولكن أهل خراسان لم يكن لم من العلم بأقوال أحمد ما لأهل العراق الذين هم الحق الدامغ ‏ ١١٠ أخص به ٩ وأعظم ما وقعت فتنة اللفظ بخراسان › وتعصب فیہا على البخاري ‏ مع جلالته وإمامته ‏ وإن كان الذين قاموا عليه أيضا أئمة أجلاء © )\( وهذا النص يفيد أنهم م يکتفوا بالاختلاف في الرأي والاعتقاد بل جاوزوه إلى تكذيب بعضهم لبعض في الروايات التى يُسْيْدُوتَهَا إلى أحمد ویستندون إلیہا . وذكر ابن تيمية عقب هذا النص أنه وجد بخط بعض الشيوخ الذين غم علم ودين يقول : مات البخاري بقرية خرتنك فارسل احمد لی اهل القرية يامرهم أن لا يصلوا عليه لأاجل قوله في مسالة اللفظ . وتعقبه ابن تيمية بأن هذا من أبين الكذب على أحمد والبخاري »٠ وأن كاذبه جاهل بحالما لأن موت أحمد سابق على موت البخاري بخمسة عشر عاما إذ كانت وفاته سنة إحدى وأربعين بينا وفاة البخاري كانت سنة ست و مسين .) (۲) وهذه صورة واضحة من صور التعصب المقيت الذى كان بينم في هذه المسألة » وناهيك أن ابن تيمية ينسب هذا الكذب إلى من له علم ودين منہم » فكيف بن خلا مهما أو من أحدما » وي دين یبقی لن يسوغ لنفسه أن يكذب في أمور الدين › ولست أرى هذه الاستساغة للكذب إلا أثرا من اثار اعتقاد العفو عن أهل الكبائر » أو أنهم يعذبون بمقدار ثم يخرجون من النار . هذا وذ کر ابن تيمية أنه رأى بخط القاضي اب يع قال : « من اخر كتاب الرسالة للبخاري في أن القراءة غير المقروء ء وقال وقع عندي عن أحمد ابن حنبل على انين وعشرين وجها كلها يخالف بعضها () المرجع السابق ص ۸/۲۰۷٠۲ () المرجع السابق ٢۹/۲۰.پ الحق الدامغ ‏ ١١٠ بعضا » والصحيح عندي أنه قال : ما معت عالا يقول لفظي بالقران غير مخلوق » قال : وافترق أصحاب أحمد بن حنبل على نحو من خمسين» )۱( وهم في هذا التنازع لا يرجعون إلى أصل من کتاب أو سنة › ونما کل مستندهم ما يروونه عن الامام مد ویتاولونه من کلامه › فکانهم جعلوا كلامه أصلا من أصول الدين المستند إلا . فاين هم من قوله تعالى لفان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك حير وأحسن تأويلا «النساء ٩0)5 › وقد أغمضوا أعينهم عن كل ما جاء عن الله والرسول مما يجلو وجه الحق ویکشف سدول الجهل عن حقيقته في هذه المسالة مما ستقف عليه في الفصل الأخير إن شاء الله » ومع هذا لا تزال تسمم دعاوى عدم التقليد وعدم التقيد إلا با ثبت عن الله والرسول فاين الواقع من الدعوى ؟!! اوقد بلغ الاصرار بيعضهم إل التزام كل ما يترتب على القول بقدم القران حتى أصر بعضهم على أن كلام امخلوقين غير مخلوق لمشابېته كلام الله في حروفه و كلماته . ا ذکره القاضى ابن عقيل من الحنابلة ‏ ونقله عنه ابن تيمية (۲) وقال إثره :٠ «هذا الذى حكى عنه ابن عقيل من بعض الأصحاب الذكورين منهم القاضي يعقوب البرزيني » ذكره في مصنفه فقال : دليل عاشر وهو أن هذه الحروف بعينها وصفتها ومعناها وفائدتها هي التي في كتاب الله تعالى وفي أسمائه وصفاته » والكتاب بحروفه قدي وكذلك هاهنا) قال : «فإن قيل لا نسلم إن تلك لا حرمة وهذه لا حرمة ا » قيل ا نسلم بل ها حرمة » فان قيل لو كان ا حرمة لوجب أن تمنع الحائض (١) المرجع السابق ص ٢۴۱ (۲) المرجع السابق ص ۸۸ لحق الدامغ ‏ ٤٤ ١ والنفساء من مسها وقراعتها » قيل قد لا تمنع من مسها وقراءتها ويکون لها حرمة كبعض اية تمنع من قراعتها وا حرمة وهى قديمة » وإنما لم تمنع من قراعتها ومسها للحاجة إلى تعليمها › ؟ يقال في الصبي يجوز له مس الصحف على غير طهارة للحاجة إلى تعليمه . فإن قيل : فيجب إذا حلف با أن تنعقد يمينه » وإذا خالف يممينه أن يحنث » قيل له : ك في حروف القران مثله نقول هنا . فإن قيل : أليس إذا وافقها في هذه المعاني دل على نها هي ؟ ألا تری أنه إذا تكلم متكلم بكلمة يقصد بہا خطاب ادمي فوافق صفتها صفة ما في كتاب الله تعالی » مثل قوله يا داود » يا نوح ۽ يا یی ٤ وغير ذلك فإنه موافق لحذه الأسماء التى في كتاب الله » وإن كانت في كتاب الله قديمة . وفي خطاب الادمي محدثة ؟ «قيل كل ما كان موافقا لكتاب الله في لفظه ونظمه وحروفه فهو من کتاب الله وإن قصد به خطاب ادمی »٤ فان قیل : فیجب إذا راد بہذه الأسماء آدميا وهو في الصلاة أن لا تبطل صلاته » قيل له : كذلك نقول » وقد ورد مثله عن علي وغيره » إذ ناداه رجل من الخوارج طلئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين 4 «الزمر ٥ » قال : أجابه علي وهو في الصلاة «cإفاصبر‏ إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقتونك «الروم ٠ وعن ابن مسعود أنه استاذن عليه بعض أصحابه فقال : ت ادخلوا مصر إن شاء الله امنين (يوسف ٩۹۹» قال : فإن قيل : أليس إذا قال ليا يحيى خذ الكتاب بقوة» ونوى به خطاب غلام اسمه يحيى يكون الخطاب لوقا › وان نوی به القران يكون قديما ؟! قيل له : في كلا الحالين يكون قديما » لأن القديم عبارة عما كان موجودا فيما لم يزل » وامحدث عبارة عما حدث بعد أن لم يكن » والنية لا تجعل المحدث قديا › ولا القدم محدثا . قال : ومن قال الحق الدامغ ‏ ١٤١١ ا هد س ي یل والخطا . چ س ل شوه رد يال عه اروف تشه خورف القران فهي غيرها .» (۱) وبعد ما نقل ابن تيمية كلامه أردفه بقوله : «هذا كلام القاضي يعقوب وأمثاله مع أنه أجل من تكلم في هذه اللسالة ء ولا کان جوابه أئمة اذهب الذين هم أعلم به» (۲) وبعد أن حكى رد ابن عقيل عليه أتبعه بقوله «فهذا الذى قاله ابن عقيل أقل خط مما قاله البرزيني فإن ذلك الف للنص والاجماع والعقل مخالفة ظاهرة )۳( من تكلم في هذه المسألة لق لص والاماع والمقل عالفة ‏ طاهرة ‏ ولم بریء اهن عقيل الذي يعټره أعلم منه بالذهب من الخطا « وإن عد خطاه أقل من خطاً البرزيني ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تجده ينقل عن ا متهم تكفير من قال قول البرزيني » فقد نقل عن ماد بن زید آنه سثل عمن قال كلام الناس ليس بمخلوق . فقال : هذا كلام أهل الكفر . كا نقل عن المعتمر بن سليمان أنه قال : هذا كفر . ولم يعلق عليہما ابن تيمية يمية إلا بما يقتضى تأييدهما . (٤) وما تحجده من خلاف حاد بينهم في هذه المسألة بحيث يتعذر الجمع بين أقوالحم تدرك أنهم لم (١) المرجع السابق ص ١۱/۸٩ (۲) المرجع السابق ص ۱٩ (۳) المرجع السابق ص ٢۳۲ )٤( المرجع السابق ص ۳٩ الحق الدامغ ‏ ١٤١٤٠ يتقيدوا فيا بضوابط » ولذلك أرسل بعضهم فا عنان القول حتى زعم أن جلد المصحف والوتد الذى يعلق به وما حول الوتد من الحائط ء كل ذلك من كلام الله فهو غير مخلوق في زعمهم » وهو وإن عزاه ابن تيمية لى جهلتهم (١) فما أدراك لعل أولعك يعدون معارضيهم هم الجهلة ويزعمون أيضا مثلهم نهم أسعد هذهب الامام أحمد . وبهذا تدرك أخي القارىء خطورة هذه العقيدة وما جرته على الاسلام من بلاء › فإن إضفاء صفة القدم (۲) على ما لا يمارى عاقل ولا يکابر حس في حدوثه » كالجلود » والأوتاد » والحوائط › أمر لا ييقى بعده إلا إثبات قدم العالم بأسره وإنكار الألوهية رأسا ء وإلا فكيف يمكن إقرار صفات الألوهية والربوبية والوحدانية لله سبحانه مع إثبات صفة القدم لغيره عز وجل بنفي أن يكون لوقا له تعالى » على أن تفرده تعالى بالقدم كتفرده بالألوهية سواء بسواء» فاإذا جاز لأحد أن يشاركه في إحدی الصفتين جاز ذلك في الأخرى » وفي هذا ما يكشف لكل ذي عينين أن إثارة بحث هذه القضية في الوسط الاسلامي لم يكن إلا مؤامرة دبرها أعداء الاسلام لصرف المسلمين عن عقيدة التوحيد الخالصة » وتمزيق شملهم بذه الأقوال التباينة والمذاهب التعارضة . وقد أدرك ذلك أحد العلماء المتأخرين الذين تاثروا بعقيدة الحنابلة › تأثرا أفضى به إلى التعصب الذي يجب على الباحث المسلم أن يكون بعیدا عنه ٩ وهو الا مام الشو كاي الذي ترك عقيدته الزيدية واعتنق ما يسمى بالعقيدة السلفية › فقد قال في تفسيره المشهور : «ولقد أصاب أئمة السنة بامتناعهم من الاجابة إلى القول بخلق القران وحدوثه وحفظ الله هم أمة نبيهم عن الايتداع » ولكنهم رحمهم الله جاوزوا ذلك إلى الجزم (۱) المرجع السابق ص ۳۸۱ (۲) ماداموا ينکرون خلق هذه الأشياء فلا ریب انا عندهم قدعمة احق الدامغ ‏ ٥٤۱ بقدمه › ولم يقتصروا على ذلك حتى كفروا من قال بال حدوثٹ ٠ بل جاوزوا ذلك إلى تكفير من قال لفظي بالقران مخلوق › بل جاوزوا ذلك إلى تكفير من وقف » وليتهم لم يجاوزوا حد الوقوف وإرجاع العلم إلى علام الغيوب 5 فإنه لم يسمع من السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إل وقت قيام الحنة وظهور القول في هذه المسالة شيءِ من الكلام » ولا نقل عنم كلمة في ذلك » فكان الامتناع من الأجابة إلى ما دعوا إليه » والهسك باذيال الوقف »٠ وإرجاع علم ذلك إلى عاله هو الطريقة اللي » وفيه السلامة والخلوص من تكفير طوائف من عباد الله › والأمر لله سبحانه .» (۱) ولا يخفى على ذي عقل ما في كلامه هذا من الاعتراف بالحقيقة مع التعصب للذين نسب إليهم أن الله وق بهم الامة شر الابتداع › بجانب ما ذكره من أنهم أتوا به من غير حجة ولا دليل » واجترأوا على تکفير طوائف من عباد الله بغير صحة ولا برهان ۽ واي ابتدا ع أخحطر على الأمة من ذلك ؟ وأما اختلافهم في تعلق مشيئة الله بكلامه فقد نص عليه ابن تيمية حيث قال : «وأحمد قد صرح هو وغيره من الأئمة أن الله م يزل متكلما إذا شاء » وصرح أن الله يتكلم بمشيئته » ولكن اتباع ابن كلاب کالقاضي وغیره تاولوا کلامه عل أنه أ راد بذلك إذا شاء الأسما ع « لا زه عندهم م يتكلم بمشيئته وقدرته . وصرح أحمد وغيره من السلف أن القران كلام الله غير مخلوق » ولم يقل. أحد من السلف إن الله تكلم بغير مشيئته وقدرته › ولا قال أحد مہم إن نفس الكلام المعيّن كالقران و ندائه موسى أو غير ذلك من کلامه المعين إنه قدي أزلي لم يزل ولا يزال . وأن الله قامت به حروف معينة » () فتح القدير ج ۳ ص ٤۴ء ط . مطبعة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر . الحق الدامغ ‏ ١٤٠ أو حروف وأصوات معينة قديمة أزلية لم تزل ولا تال » فان هذا لم يقله ولا دل عليه قول أحمد ولا غيره من أئمة المسلمين » بل كلام أحمد وغيره من الأئمة صري في نقيض هذا » وأن الله يتكلم بمشيئته وقدرته » وأنه م يزل يتكلم إذا شاء مع قوم إن كلام الله غير مخلوق وإنه منه بدا ليس بمخلوق ابتداً من غيره » ونصوصهم بذلك كثيرة معروفة في الكتب الثابتة عنهم » مثل ما صنفه أبو بكر الخلال في كتاب السنة وغيره » وما صنفه عبد الرحمن بن أي حاتم من كلام أحمد وغيره » وما صنفه أصحابه کابنيه صالح وعبد الله » وحنبل › واي داود والسجستائي صاحب السنن › والأثرم » والمروذى » وأبي زرعة » وأبي حاتم » والبخاري صاحب الصحيح › وعغان بن سعيد الدارمي » وإبراهم الحربي » وعبد الوهاب الوراق » وعباس بن عبد العظم العنبري » وحرب بن اسماعيل الكرماني › ومن لا يحصى عدده من أكابر أهل العلم والدين وأصحاب أصحابه ممن جمع كلامه وأخباره كعبد الرحمن ابن أي حاتم » وآبي بكر الخلال وبي الحسن البناني الأصبهاني › وأمثال هؤّلاء » ومن كان أيضا ياتم به وبامثاله من الأئمة في الأصول والفروع كأبي عيسى الترمذي صاحب الجامع › واي عبد الرحمن النساني › وامثالحما . ومثل الي محمد ابن قتيبه وأمثاله» (١) وأنت تدري أن الذين ذهبوا إلى أن كلام الله بغر مشيئته منہم ٤ بنوا قولحم هذا على ما يستلزمه جعل كلامه الحرفى صفة قديمة قائمة بدذاته عز وجل » فإن القديم بقدمه لا تسبقه مشيئة كالعلم والقدرة › والحياة وأمثاا من صفاته تعالى › فكما لا يقال إن الله قادر بمشيئته » وحي بمشیئته ٤ وعلم بمشيئته لعلا يسېق إل الاأفهام حدوثٹ هذه الصفات یلزم القائلين بقدم تكلمه تعالى أن يقولوا إنه غير معلق بمشيئته » وعندما أَحسَ ابن تيمية (۱) فتاوی ابن تيمية المجلد الثالی عشر ص ٢۸۷/۸۵ ٠ مطابع الرياض ط ١ احق الدامغم ‏ ١٤١ بوقوعه في هذا الفخ لجا إلى هدم كل ما بناه » ونقض كل ما أصله في هذه المسالة » حيث قال : «ولا قال أحد منم أي السلف ‏ إن نفس الکلام المعين كالقران أو ندائه لموسى » أو غير ذلك من كلامه المعين إنه قدي الي لم يزل ولا يرال » وأن الله قامت به حروف معينة او حروف وأصوات معينة قدمة أزلية لم تزل ولا تزال › فن هذا لم يقله ولا دَل عليه قول أحمد › ولا غيره من أئمة المسلمين » بل کلام أحمد وغیيره من الأئمة صري في نقيض هذا» (۱) وإذا كان الامر ك قرره هنا ففم إذا هذا الضجيج ؟ ولاذا يقال إن القران غير مخلوق ؟ مع إنکاره أن يقول أحد من السلف بازليته . فن قيل إن مرادهم بإنكار خلق القران › والانكار على من قال ذلك لم يريدوا به إلا إنکار کونه ناشغا عن غیره تعالی . کا یفیده قول ابن تيمية س فیما سبق نقله عنه س «مع قوم أن کلام الله غير مخلوق وإنه مته بدأ ليس بمخلوق ابتداً من غیره» (۲) فال جواب أن وصف شي بانخلوقية لا يعني بحال آنه صادر عن غير الله تعاى ٤ فالسماوات والأرض وما فیہما ومن فیہما م تنشاً من غیره تعالى ۽ فهل يسلب شيءِ ء منها صفة الخلوقية لأجل ذلك » و أن مبداً القران من الله ا نص عليه ابن تيمية ‏ فإٍن مبداً الكون منه تعالى فرأمن يبدا الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أله مع الله قل هاتوا برهانکم إن كنم صادقينڳ «المل ٤٠» . وما أعجب التناقض والاضطراب في قول ابن تيمية : «إن كلام الله غير مخلوق وإنه منه بدأ ليس بمخلوق ابتداً من غيره» » حيث نفى الخلق عن الكلام وأثبت له البداية » وهل البداية إلا خلق › وقوله في آخره : () الرجع السابق ص ٢۸ (۲) المرجع السابق الحق الدامغ ‏ ١٤٠ «ليس بمخلوق ابتداً من غيره » إن كان مراده به أن كل مخلوق ابتدأً من غير الله فهو مردود بادلة العقل والنقل ؟ هو واضح ثا ذكرته قبل قليل › وإن کان مراده به نفي اجتاع الصفتين ئي کلامه تعالی ‏ وما خلقه وابتداؤه من غيره ‏ فلا معنى لذلك إلا أن يحمل ابتداؤه من غيره على أته وصف مقيد للخلق المنفي ء وهذا ‏ ورب الكعبة ‏ هو عين ما يقوله القائلون بخلق القرآن » إِذ لا قائل منهم بأنه ابتدأً من غيره سبحانه » فإن الكل ميمحجمعون على أنه كلامه عز وجل ووحیه وتنزیله . فإن قيل لعل في هذا النص الذي نقلته عن ابن تيمية خطا مطبعيا ادى إلى هذا اللبس ؟ فجوابه أن تم نصوصا أخرى تدل على نفس المعنى »٠ فاحتال الخطاً فيه احتال بعيد يكاد يكون متعذرا ›ء ومن هذه النتصوص : ا «إن السلف قالوا : القران كلام الله المتزل غير مخلؤق » وقالوا لم يزل متكلما إذا شاء » فبينوا أن كلام الله قديم » أي جنسه قدي لم يزل » ولم يقل أحد منهم إن نفس الكلام المعين قديم » ولا قال أحد منهم القران قدي › بل قالوا إنه كلام الله المنزل غير مخلوق » وإذا كان الله قد تكلم بالقران بمشيئته كان القران كلامه وكان منزلا منه غير مخلوق ٠ ولم يكن مع ذلك أزليا قديما بقدم الله » وإن كان الله لم يزل متكلما ذا شاء فجنس کلامه قدم .» (۱) ب وكا ل يقل أحد من السلف إنه مخلوق فلم يقل أحد منهم إِنه قديم ٠ م يقل واحدا من القولين أحد من الصحابة ولا التابعين لحم باإحسان › ولا من يعدهم من الان الأربعة ولا غيرهم » بل الأثار متواترة عنهم نهم كانوا يقولون القران كلام الله » ولا ظهر من قال إِنه مخلوق قالوا ردا لکلامه » إنه غير خلوق (۲) (١) المرجع السابق ص ٤٥ (۲) المرجع السابق ص ۳۰۱ الحق الدامغ ‏ ١٤٠ م يزل الله تعالى متكلما إِذا شاء فاذا قیل کلام قد معن أنه م يصر متکلما بعد أن لم یکن متکلما ولا کلامه ارق ) ولا ممنی واحد قدیم قم بذاته » بل لم یزل متکلما ذا شا » ول يقل أحد من السلف إن نفس الكلام المعين قديم (ه) ¢ وكانو يقولون : كلام الله امنزل غير مخلوق منه بدا وإليه يعود » ولم يقل احد ماهم إن القران قد ولا قالوا إن کلامه معنی واحد قائ بداته ٤ و قالوا إن حروف القران أو حروفه واصواته قديمة أزلية قائمة بذات الله › وإن كان جنس الحروف م يزل الله متكلما ہا إذا شاء » بل قالوا ٳِن حروف القران غير مخلوقة » وأنكروا على من قال إن الله خلق الحروف» (۱) ويستخلص من كلامه هذا ما بى : ١ تفسير قدم كلامه تعالى بكونه سبحانه قد كان في الأّزل متكلما أى غير عاجز عن الكلام وهو كذلك فیما لا یزال ‏ وهذا آمر غير ختلف فيه بيننا وبيهم » فإنا جميعا نثبت له سبحانه صفة الكلام أزلا بهذا اللعنى › وهو مفهوم من كثير من نصوص علمائنا » وقد تقدم عن صاحب لمعالم رحمه الله تعالى أنه نقل الاجماع عليه . ١ أن ابن تيمية وجميع علماء سلفه الذين يعتمد عليهم لا يقولون في القران المتزل على نبينا عي أنه قديم العين › ك لا يقولون ذلك في شيء من الكتب النزلة › ولا أي كلام ينسب إليه تعالى كالذي كلم به موسى عليه السلام » ولا يقولون في شيء من ذلك إنه صفة قديمة » أو إنه قائم بذات الحق تعالى » وهذا لا خلاف بيننا وبينهم فيه ونا هو مخالف لا نص عليه كثير من الأشعرية والكلابية (۲) أو الحنابلة أنفسهم ؛ من كون القران موصوفا عينه بالقدم › وأنه صفة لله قائمة بذاته عز وجل › وكذلك (ء) في الأصل قديما (۱) نفس امرجع ص ۷٦۵ ا ۱ ١ (۲) هم آصحاب عبد الله بن سعيد بن كلاب وذكر ابن تيمية انه آول من صرح بقدم القران . راجع فتاواه الحلد الثالي عشر ص ۴۱ وذكر أنهم أختلفوا لي ذلك إختلافا بنا . احق الدامغ ‏ 0\ سائر الكتب النزلة وكل كلام ينسب إليه تعالى › وقد سبق نقل بعض هذه التصوص . ٢ أنهم مع اعترافهم بعدم قدم القران وسائر الكتب النزلة » ينفون عنها صفة الخلوقية » ويضللون أو يكفرون من قال بخلقها » وهذا حط العجب 5 وموضع الاستغراب » فإن الكائنات بأسرها إما أن تكون قديمة أزلية لم يسبق وجودها عدم » وإما أن تكون حادثة كانت بعد أن لم تكن ٥ وهى في هذا الكون بحاجة إلى من أخرجها من العدم إلى الوجود » وهذا هو معنى الخلق ‏ سبق في مقدمة هذا الملبحث » ولا أدل على وجود الخالق سبحانه وتعالى من حدوث ملوقاته » ولذلك نجد في القران التعجيب من حال أولعك الذين ينكرونه تعالى » أو يشكون فيه مع قيام هذه الشواهد الدالة عليه من خلقهء ك تجد ذلك واضحا في قوله سبحانه طلأفي الله شك فاطر السموات والأرضك4 «إبراهم ١١) › فان غير القديم الأزلِ يتعذر عليه أن يخرج بنفسه من العدم الى الوجود لتعذر أن تكون للمعدوم قدرة أو إرادة أو غير ذلك من الصفات التي يتوقف عليها هذا الخروج » ولو جاز ذلك في القران أو نحوه من الكلام الولف من الحروف » المنتظم من الكلمات والجمل الدالة على المعاني لأمكن في سائر الأعراض › ولو أمكن في الأعراض لأمكن في الأجسام لعدم الفارق ولئن فتح باب تجویز وجود شی بعد عدمه من غير خلق ٤ فلن یقف شی في وجه الملاحدة الذين يعون أن حدوث الكون ونظامه لم يكن إلا بالصدفة العمياء من غير أن يبدعه خالق أو يدبره مدبر » وإن أشد ما يدعو إل الاستغراب أن يعترف أحد بوجود شيءِ بعد عدمه ٿم ينفي مع ذلك أن يكون الله تعالى خلقه » مع النصوص القرانية القاطعة بأن الله خلق الأشياء كلها › كقوله تعالى طلالله خالق كل شيء «الرعد ١ ٠» احق الدامغ ‏ ١١۱ وقوله وخلق کل شيء فقدره تقديرا «الفرقان 6» › فن هذا النفي يستلزم إما إنکار وجود ما نفی خلقه رأسا » وهذا عين اعتقاد الذين قالوا يما أنزل ل الله عل بشر من شيء (الأنعام ١ء وإما إنكار هذه النصوص ا سياق بيانه إن شاء الله في الفصل الرابع من هذا اللبحث . وقد يتبادر أن الخلاف بيننا وبينهم لا يعدو أن يكون لفظيا › ماداموا يعترفون بحدوثه » وإنما أمسكوا عن القول بخلقه الذى أقدمنا عليه . واللجواب يمكن أن يكون كذلك لو أنهم اكتفوا بالامساك » ولم يضللوا أو يكفروا من أطلق القول بموجب ما أفادته نصوص القران المشار إليها » أما مع ما صدر متهم من تكفير وتبديع وتضليل أولي البصائر الذين م يجترئوا على الدخول في هذه المداخل › ولم يقَدموا على سلوك هذه المسالك إلا ببينة من نصوص القران التي بصرتهم بمواطىء ادام وصائتهم عن مزالق الأفهام › فلا وجه لاعتبار الخلف لفظيا » على أن منع ما صرح به القران لا وجه له » لأن القران حجة في التعبير ا آنه حب في التعيد » وإن كنا نقنع في القضية باعتقاد أن القران كلام الله ووحيه وتنزيله › ون ما عدا الله مخلوق ولو يخصَ القران باعتقاد خحلقه لاأندراجه في العموم › وهذا الذى مضى عليه السلف من الصحابة فمن بعدهم قبل نشوب فتنة الخلاف في القضية » وعليه مضى المتقدمون الستابقون من علماء عمان كا سبق » وقد صرح ابن تيمية نفسه فیما مضی أنه لم يقل أحد من الصحابة ولا التابعين بقدمه . (۱) وإذا كانوا لم يقولوا بقدمه فمن أين لحم أنہم اوا بشي خاته ا ع أن هذه القضية يكر بحثها إلا بعد انطواء عصورهم ؟ ومن المعلوم قطعا (١) المرجع السابق ص ٢۳۰ الحق الدامغ _ ١١۱ ی أن الصحابة رضوان لله عليهم ما كاتوا لينفوا صفة المخلوقية عن شيء غير الله سبحانه مع هذه النتصوص القرانية القاطعة بان الله خالق کل شيء » ومع إجماع العقلاء أن ما ل يکن قدا فهو حادث »٠ وأن کل حادٹث لايد له من محدث أحدثه » أي أخرجه من العدم إلى الوجود » وهذا هو عين الخلق . وبالجملة فإنك إذا استقريت ما كتبوه في هذه المسألة وجدتهم يقعون على ما منه يحذرون › ويعذلون على ما فيه يعذرون ۔ وهذا قليل من كثير من الاضطراب الذي وقع فيه القائلون بقدم القران وغيره من كلام الله المنزل على أتبيائه ورسله . ولم أرد به إلا التتبيه › ومن ار اد استقصاء ذلك فلیرجع إلى مؤلفات أصحاب هذا القول كفتاوى ابن تيمية المجلد الثاني عشر » الذى بلغت صفحاته ستائة صفحة » لا تكاد تتقل منہا من موضوع إلی غیره حتی تشاهد من تناقض کلامه ما يکقيك حجة ودليلا على أن القاعدة التى أسسوا علييا هذا المعتقد متداعية من أسسها » وما كان أغناهم عن الدخول في هذه المتاهات » لو نهم اقتصروا على ما درج عليه السلف من من القول السليم في القران والخلق › وهو أُن القران كتاب الله ووحيه وتنزیله » وآن كل ما سوى الله مخلوق » وإذا م يكن بد من تجاوز هذا الاجمال إلى التفصيل فالواجب يحتم أن يكون الأصل الذي يرجع إليه ما دل عليه صرع الكتاب العزيز والسنة الصحيحة مما ستقف عليه إن شاء الله في اخر فصل من هذا اللبحث » لا أن يعوّل على قول أحد بعينه » ويجعل هو مدار الاحتجاج فان كلا يخطىء ويصيب » ولا يجوز اتباع أحد يدون دلیل إلا من کان قوله نفسه دلیلا » وهو المحفوف بالعصمة الذي وصفه العلي الأعلى بقوله وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحی «التجم ۳ » أا من عداه قکل منہم وإن علا قدره وارتفع شاوه راد ومردود عليه واخذ وماخوذ عليه . الحق الدامغ ‏ ١١٠ الفصل الثالث في أدلة النَافين لخلق القران سبق في صدر هذا الملبحث بيان الشبهة التى نشا عنما القول بعدم خلق القران وسائر الكلام المنزل › وهي التباسه عند قائلى ذلك بصفة الكلام التى يراد بها نفي الخرس » وبالعلم الذاتي لأن الله محيط به علما › وعلمه أزلي غير حادث › وتقدم جلاء هذا اللبس با لا يدع مالا للشك والحمد لله › وبجانب ما ذكرته تعلق أصحاب هذا القول بامور : أحدها : أن الله تعالى امتن على عباده بتعليمه القران لا بخلقه حيث قال ارهن علم القران «الرحمن ١/» . وهو كا ترى احتجاج سلبي با لا ينص على عدم الخلق ›. ولا يفهم مته ذلك بحال » فإن الامتنان بالتعلم لو كان دليلا على عدم اخلق لاقتضى ذلك أن يكون البيان كله غير مخلوق » لقوله سبحانه إثر ذلك لخلق الانسان علمه البيانك «الرحمن ۲ ولم يقل خلق له البيان » ونا لامتتان في اموضعين کان بالتعلم لا بالخلق لأنه منشاً الانتفاع بهما » وقد متن الله على عباده بتسخير الخلوقات لحم حيث قال «إوسخر لكم ما ف السمادات وما في الأرض جميعا منە «الجاثية ١۱» » فهل يقال بان ذلك حجة على عدم خلق ما فى السماوات وما فى الأرض مما سخره الله للعباد » بحجة امتنانه تعالى بتسخیره دون خلقه . س ٹانیہا : قوله تعالى ب تله الخلق والأمر «الأعراف ٤) وموضع استدلاهم به » عطف الأمر على الخلق » وذلك أنهم قالوا إن الخلق هو المخلوق والأمر كلامه تعالى الذى هو غير مخلوق › وهو قوله (كن) إا أمره إذا أراد شيئا أن يقول له کن فیکون ايس ۸۲) وفي هذه التفرقة الحق الدامغ ‏ ١٤١٠ بين الخلق والأمر دليل على فساد قول من قال بخلق القران » إذ لو كان كلامه الذى هو أمر لوقا لكان قد قال ألا له الخلق والخلق وذلك غث من الكلام » ومستغث ومستهجن › روي ذلك عن ابن عيينة » وذ کره غير واحد من المفسرين منهم ابن أي حاتم والقرطبي والقاسمي . وفساد قولحم هذا آبين من أن يتاج إلى بیان » فقد استدلوا بغیر دلیل ٤ وتعلقوا بغير متعلق › وهو إن دل على شيء فلا يدل إلا على الافلاس من الحجة » والحيرة عن الحقيقة › وإنني لفيى شك مريب في صحة نسبة هذا الاستدلال إلى ابن عيينة مع رسوخ قدمه في العلم » وطول باعه في الفهم ٠ فقد اشتهر بين أقرانه بحسن الرواية وعمق الدراية › ولئن كان ذلك ثابتا عنه فهى عثرة لا لعا لاء وكبوة لا ثورة بعدها » كيف وهو استدلال منتقض بنیانه › متداعية أرکانه من وجوه شتی : » أولها : أن سياق هذا الكلام غير خارج عن القول في انفراد الله تعالى بإيجاد الحادثات وتصريفها وفق مشيئته » فإن نص الاية كلها ’إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النبار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين؟ «الأاعراف ٤ 5» » وغاية ما تدل عليه أن الله سبحانه وتعالى ‏ انفرد بإيجاد الكون من العدم فهو منفرد بتصريفه » لا مشارك له في خلقه ولا في تدبيره » إذ ليس لأحد غيره شيء من الخلق أو التدبير» بل له تعالى وحده الخلق والأمر › والمراد به هنا التدبير ا هو واضح » وليس في ذلك ما يشير إلى قدم القران أو حدوثه ولو من بعيد . ء ثانيها : أن العطف لا يقتضى التغاير من كل وجه » بل يكفى فيه أن يكون التغاير اعتباريا كتغاير الخصوص والعموم » والأطلاق والتقييد › وتغاير الصفات مع وحدة الموصوف ء ومن امثلة ذلك قوله تعالى الحق الدامغ ‏ ١٥٠ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطىك «البقرة ۲۳۸» ء فان الصلاة الوسطى ل تخرج عن كونها من جنس الصلوات التي أمر بالمحافظة علیہا » وقوله تعالى طمن كان عدو لله وملائکته ورسله وجبريل وميكال .. الآيةك «البقرة ۹۸» » ولا قائل بخروج جبريل وميكال من جنس اللائكة » وقوله جل وعلا تلك آيات الكتاب وقران مبين» (الجحجر ١) وقوله تلك ايات القران وكتاب مبين 4 ««التمل ١» › والكتاب فما عين القران › وليس تغايرهما إلا اعتباريا » وقوله عز من قائل إن الله يمر بالعدل والاحسانك «التحل ٠ ولا ماري عاقل في كون العدل إحسانا والاحسان عدلا . » ثالثها : أن أمر الله تعالى ذكر في القران مقرونا بما يدل على خلقه › فقد قال عز وجل طإوكان أمر الله مفعولاك «الأحزاب ۳۷» . وقال لçإليقضي‏ الله أمرا كان مفعولاك «الأنفال 7٤0 › والمفعول وامقضي لا يكونان إلا حادثين لتعذر سبقهما على الفعل والقضاء › وقال تعالى و كان أمر الله قدرا مقدورا «الأحزاب ۳۸» » وكيف يكون المقدور أزليا › وقال سبحانه طإيدبر الأمر من السماء إلى الأرضك «السجدة 6° › واللدبر حادث » وقال ثوما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبص ر «القمر ٠ » وقال لهل ينظرون إلا أن تأتهم اللائكة أو يأتي أمر ربك «التحل ۳۳» » وهو دليل على أنه لم يقع بعد عند نزول الاية لانه منتظر وقوعه » وقال تعالى لحتى إذا جاء أمرنا وفار التتورك (هود ٠£ ) › وليس الراد به هنا إلا ما عاقب به قوم نوح من الغرق » والعقل والتقل قاضيان بحدوث ذلك . « رابعها : أن أمره تعالى قد يراد به في موضع من القران غير ما أريد به في موضع اخر » فهو في قوله تعالى للإحتى إذا جاء أمرنا وفار التتور غير المراد به في قوله عز وجل لأت أمر الله فلا تستعجلوە «النحل الحق الدامغ ١١۱ ١ » وقوله هل ينظرون الا أن تأتیہم الللائكة أو يات مر ربك4 ء خامسها : أن حمل الأمر في هذه الآيات التى أوردناها على القران غير مستساع ٩٤ لزه من المعلوم قطعا أنه ليس هو المراد بمو له أو يات أمر ربك وقوله أت أمر الله وقوله طcلحتى‏ إذا جاء أمرنام وقوله ل«إليقضي الله أمر كان مفعولا وقوله للوكان أمر الله قدرا مقدوراه فكيف يحمل في قوله طْله الخلق والأمري على القران » والسياق دال على خلافه . وقد تنبه أئمة التفسير الحاذقون لفساد هذا القول ٠ فرفقضوه من أساسه حت اوعك القائلون : م م قران » قمهم من ۾ يعرج عليه راسا ر الله فأطعن أمره ل ف لای عله 9 ولان الذي لا يخالف ولا يرد أمره دون ما سواه من الأشياء كلها » ودون ما عبده المشر كون من الالحة والاوثان التى لا تضر ولا تنفع › ولا تخلق ولا تامر › تبارك الله معبودنا الذي له عبادة كل شيء رب العالمين . حدثني الثنى قال : ثنا إسحاق » قال : ثنى هشام أبو عبد الرحمن › قال : ثا بقية بن الوليد » قال : ثي عبد الفقار بن عبد العزيز الأنصاري كه :ممن ا مد ا عل م عمل من عمل سالج » ود تقس قل شکره ٠ وحبط عمله » ومن زعم أن الله جعل للعباد من الأمر شيعا فقد كفر مما أنزل الله على أنبيائه › لقوله طله الخلق والامر تبارك الله رب العالمين ك ( (۱) ابن جریر الطبرى : جامع البيان عن تأويل آي القرآن ج ۸ ص ٢٠۲ ط . دار الفكر س بيروت ‏ لينان احق الدامغ ‏ ۷١٠ ومنهم من أشار إليه وأنكره كالألوسي » فإنه بعدما ذكر ما نسب ِل ابن عيينة أتبعه بقوله (وليس بشيء) (۱) وقال الفخر ‏ بعد أن حكى عن أصحابه احتجاجهم بهذه الاية على أن كلام الله قديم وما رد به عليہم ‏ قال القاضي : أطبق المفسرون على أنه ليس المراد بهذا الأمر كلام التنزيل بل المراد به نفاذ إرادة الله تعالى ء لأن الغرض بالآية تعظم قدرته » وقال اخرون لا يبعد أن يقال : إلا وإن كان داخلا تحت الخلق إلا أن الأمر بخصوص كونه أمرا يدل على نوع اخر من الكمال والجلال » فقوله له الخلق والأمركه معناه له الخلق والايجاد في المرتبة الأولى » ثم بعد الايجاد والتكوين فله الأمر والتكليف في المرتبة الثانية › ألا ترى أنه لو قال له الخلق وله التكليف وله الغواب والعقاب كان ذلك حسنا مفيدا » مع أن الثواب والعقاب داخلان تحعت الخلق » فكذا هاهنا › وقال آخرون : معنى قوله ألا له الخلق والأمرك هو أنه إن شاء خلق وإن شاء لم يخلق › فكذا قوله طإوالأمر يجب أن يكون معناه إنه إن شاء أمر وإن شاء لم يأمر » وإذا كان حصول الأمر متعلقا بمشيئته لزم أن يكون ذلك الأمر مخلوقا › ك أنه لا كان حصول الخلوق متعلقا بمشيئته كان مخلوقا » أما لو كان أمر الله قديما لم يكن ذلك الأمر بحسب مشيئته بل كان ذلك من لوازم ذاته » فحيتعذ لا يصدق عليه أنه إن شاء أمر وإن شاء لم يأمر» وذلك ينفى ظاهر الآية . (۲) (١) الآلوسى : روح المعالى ج ۸ ص ۱۸۳ ٠ ط . دار احياء التراث العربى (١) التفسير الكبير : مفاتيح الغيب ج ١٠ ص ١۱۲۳/٤۲٠ ٠ ط۲ س دار الكتب. العلمية الحق الدامغ ‏ ١١٠ وهو وإن اعترضه بقوله «إنه لو كان الأمر داخلا تحت الخلق كان إفراد الامر بالذ كر تكريرا محضا ء والاصل عدمه › أقصى ما في الباب أنا تحملنا ذلك في صور لاجل الضرورة إلا أن الأصل عدم التكرير» )۱( فان اعتراضه هذا ساقط ما تقدم من کلامه وما ذکرته في صدر الرد على هذا الاستدلال . ونسب أبو حيان هذا الاستدلال بالاية إلى النقاش وغيره › وأتبعه بقوله «وهذا استدلال ضعيف إذ لا يتعين حمل اللفظ على ما ذكر بل الأظهر خلافه .» (۲) وقال ابن کثير ف تفسير الا ية اي الجميع تحت فهره وتسخيره ومشيئته . ولٰذا قال منہا طلاألا له الخلق والأمر أي له الملك والتصرف . (۳) ونقل جمال الدين القاسمي عن العلامة البقاعي أنه قسم الممكنات با لحواس الظاهرة › ویسمیى ف عرف هل الشرع › الشهادة وا خلق عقولحم خالصة عن الوهم والوساوس . (٤) وفسر السيد رشيد رضا الامر بقوله «وهو التشريع والتكوين والتصرف والتدبير» (٥) وقال الامام ابن عاشور «الخلق إيجاد الموجودات والامر تسخیر ها للعمل الذي خلقت لأجله» (١) المرجع السابق ص ١۱۲ (۲) البحر المحيط ٠ ج 4٠ ص ١۳۱٠ ط . مكتبة ومطابع النصر الحديثة ‏ طهران س الرياض (۴) تفسير ابن كثير ج ١ ص١۲۲ ط . دار إحياء الكتب العربية . (4) القامي . محاسن التأويل . ج۳۴ ص ۳۵۷ ٠ ۲ . دار إحياء الكتب العربية (9) امار ج ۸ ص ٤٥4 . ط ٤ الحق الدامغ ‏ ١١٠ قصر جنس الخلق وجنس الأمر على الكون في ملك الله تعالى » فليس لغيره شيء ومن مثل هذا الجنس » معناه ليس لاطتهم شيء من الخلق ولا من الأمر» ۱( ثالثها : قوله تعالى لوما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا باحق د«الحجر ٥۸ ووجه استدلا شم به أن المراد (بالحق) الذي خحلقها الله به قوله ا (كن) » فلو كان هذا القول خلوقا لا صح أن يخلق به الخلوقات لأن الخلق لا يخلق بمخلوق . (۲) وجوابه من أوجه : ہے آنا لا نسلم أن المراد (بالحق) هنا ما ذکرتموه فان أولى ما فسر به رآ القران نتفه لقطعية حجته › وقوة بیانه » واناد مصدره » وقوله تعالى إربنا ما خلقت هذا باطلا «ال عمران ١۹٠» دال دلالة قاطعة على أن المراد (بالحق) في الآية ضد الباطل » وأن المقصود باتصاف الله تعالى به قي خلق السماوات والأرض وها بينهما انتفاء العبث عن الله تعالی في أفعاله . وهو رد على ما يظنه الكفار من العبث في أفعاله تعالى ا هو صريڅ في قوله تعالى وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا «ص اية ٧ وقوله وما خلقنا السماء والأرض وما بینهما لاعبين لو أردنا أن نتخذ فوا لاتخذناه من لدنا إن کنا فاعلين «الأنبياء ۷/۹« وقوله توما خلقنا السماوات والأرض وما بینہما لاعبين ما خلقناما إِلاً بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمونك «الدخان ۳۹/۳۸ أن المراد ب (كن) في نحو قوله تعالى مإإنما قولنا لشيء إذا أردناه ن أن نقول له كن فيكوڻڳ «التحل ٠٠) التعلق التنجيزي لارادته تعالى التحرير والتتوير ج ۸ ص ۹ .٠ الدار التونسية للىشر (٢) القرطبي . الجامع لأحكام القران ج ۷ض ۲۲۲ . ط . دار الكاتب العربى للطباعة والنشر ‏ القاهرة احق الدامغع ‏ ١1۱۹ بأي شىء من الممكنات » إيجادا أو إعداما » ويبين ذلك قوله تعالى إإذا ردنا أى إذا تعلقت به إرادتنا تعلقا تنجيزيا فيما لا يزال بعدما تعلقت به تعلقا تقديريا في الأزل › فإن (إذا) من الظروف الزمانية الدالة على الاستقبال › وي كده قوله «أن نقول له» بصيغة المضارع المقترنة بأن الدالة على الاستقبال أيضا » ومن المعلوم قطعا أن ما كان أزليا لا تتعلق به الارادة للزومه وعدم تقدم شيء عليه » كعلمه تعا ى وقدرته وحياته › ا يۇكدە أيضا قوله (فيكون) المقترن بالفاء المفيدة للترتيب والتعقيب › وبهذا تعلم أن قوله تعالى کن فيکونڳ ينا جاء ما هو إلا كناية عن سرعة انفعال الأشياء له سبحانه حسب تعلق إرادته بها › وإلا فليس هناك نطق بكاف ونون نطقا حقيقيا . ج لو سلمنا ذلك فإِن كلامنا في الكلام المنزل كالقران لا في الكلام رابعها : الاستعاذة بكلمات الله التامات ك جاء في حديث (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) » ووجه الاستدلال أن كلماته لو كانت مخلوقة لا جازت الاستعاذة بها . وجواب ذلك أن هذه الاستعاذة في حقيقتها هي بالله سبحانه لأنه رب الكلمات »٠ وإنما أدرجت الكلمات فيا لا جعل الله فيها من البركة والخير » وهذا من باب الجاز (١) › وقد وردت في الحديث الصحيح : الاستعاذة بأفعاله تعالى ك في دعائه عليه أفضل الصلاة والسلام (ومعافاتك من عقويبتك) والمعافاة فعل من أفعاله تعا لى وهى حادئة قطعا وإنما جازت الاستعاذة بها لأنها لا تصدر إلا عن الله . س خامسها : ما رواه أبو القاسم اللالكاني عن الامام علي بن أي طالب (١) انظر في ذلك جواب الحقق الخليلي على مؤال من سأله عن حديث راللهم إن أعوذ برضاك من سخطك .. اح) س تمهيد قواعد الايمان ج ۳ ط . وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان الحق الدامغ ‏ ١١٠ كرم الله وجهه أنه قال لا قیل له حکمت رجلین ‏ (ما حکمت مخلوقا » ما حكمت إلا القران) وجوابه أن نفيه لتحكم الخلوق بتحكم القران لأن القران من عند الله تعالى » فكل ما فيه من أمر ونبي وإباحة وحظر واقرار ورد ۽ هو من عند الله تعالی ٤ » فتحكيمه تحكم له سبحانه الذي أنزله بعلمه » وأسنذ أحكامه إلى نفسه حیث قال تومن أحسن من الله حكما4 «المائدة . °» س سادسها : ما روي عن ابن عباس رضي الله عنہما آنه آنکر على رجل له : رب القران . والجواب أن هذه الرواية لو صحت لا كانت فيا حجة » لأنها موقوفة على صحاني » فكيف والأدلة ظاهرة على عدم صحتها » منا أن الله سبحانه أضاف الرب إلى صفة ذاتية وهى (العزة) حيث قال لإسبحان ربك رب العزة عما يصفون «الصافات ٠ء فكيف ینم ابن عباس رضي الله عنهما إضافته إلى القران ولو على تقدير صحة القول الذى ذهبوا إليه › ومنها أنه ورد في الحديث المرفوع (اللهم رب طه ويس) » ومنہا أن العرب تسمي سيد الشىء ومالکه ربا له » ا في قولحم رب الأسرة » ورب البيت » فكيف يمنع مثله في القران إذا أضيف إلى رب العالين ؟ بهذا كله يتبين عدم صحة هذه الرواية عن ابن عباس رضي الله عنہما › ومع تقدیر صحتها يحتمل أن يكون إنكاره مبنيا على أنه يرى أن أسماء الله توقيفية › فلا يدعى سبحانه إل با شرع من الأسماء » وهو رأي مشهور عند الأمة . الحق الدامغ ‏ ١٦۱ الفصل الرابع في أدلة القائلين بخلق القران بعدمًا ممعت أخي القارىء ما في هذه المسألة من خلاف وتبين لك باللقارنة الدقيقة » الاضطراب الواضح في أقوال الذين أثبتوا للقران وغيره من کتب الله المنزلة صفهة ادم 6 وتبين لك ضعف ما یتشبتوں به » أعرض عليك حجج الفريق الأخر » وهم القائلون بأنه مخلوق . ي سم ل سی ا و ١ أن ‎WF‏ تعدد القدماء مناف للوحدانية » التي هى أخص صفاته تعا لی لآنه يفضي إل جواز تعدد الالحة فإن الاله الحق سبحانه وتعالى إا استحق الألوهية لسبقه على كل شيء في الوجود » فلو کان له مقارن في الأزلية لجاز لذلك المقارن أن يشاركه في الألوهية » إذ لا يمنع مانع من کونه خالقا رازقا مدیرا حکیما . فإن قيل : إن الله سبحانه وتعالى تيز عن القران وغيره من الكلام القديم بصفات استحق بها الانفراد بالألوهية والربوبية جير قدمه كالعلم فجوابه أن اختصاص الله سبحانه بهذه الصفات دون مُقارنه في القدم ترجيح له عليه » والترجيح لابد له من مرجح . فإن قيل إن الكلام نفسه هو إحدى هذه الصفات التى استحق الله بها الانفراد با خلق والأمر › قلنا إن تلك الصفات غير منفصلة عنه الحق الدامغ ‏ ١٦٠ مسمو ع بالاذان » متلو بالاألسن › مکتوب بالأقلام £ مسطور في الألواح ء فهو مخالف لجميع تلك الصفات . ۲ أن کل ما ثبت قدمه استحال عدمه » فان وجود القديم وجود ذائي واجب لا يفتقر الى مرجح » بخلاف وجود الجائز فيستحيل أن يكون لغيره سلطان عليه » إثباتا أو إزالة » إنزالا أو رفعا » إبقاء أو إذهابا › والله تعالى يقول : لإولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إِليك «الأسراء © 8» ۳ أن اثار الصنعة بادية عليه » فإن كل حرف منه يفتقر إلى غيره لتتالف منها كلماته » وكل كلمة منه بحاجة إلى أخواتما لتت ركب منہا جمله » وهي في ذلك متغايرة غير مستغن بعضها عن بعض » فالباء غير السين والسين غير الميم » وبتركيب هذه الثلاثة الأحرف تتولد كلمة (بسم) » والتركيب صنعة دالة على الصانع › والصانع لابد أن يتقدم المصنوع » فثبت بهذا المذكور من تباين هذه الحروف واختلافها واتلافها في التركيب أن أحدا باين بينها وضعاً إذا جعل كلا متها مخالفا لسواه » و ركببا بهذه الصنعة التأليفية فوجد منها هذا الكلام البليغ . ٤ جواز تعليله كا تعلل سائر أفعاله تعالى » فيقال كلم الله موسی ليصطفيه على غيره بهذه المزية » وكلم الله عباده بالقران ليقم عليهم حجته ويهديهم سبله » وجعل القران المكي أكثر عناية بقضايا العقيدة منه بالعبادات والأحكام لعتو قريش وجهلها » وجعل القران المدني أكثر عناية بالعبادات والأحكام لتاصل العقيدة بما أنزله من القران في مكة ء وذلك غير جائز ئي سائر صفاته تعالی ۽ » 5 لا يجوز تعليل ذاته عز وجل » فلا يقال قدر الله على كذا لأجل كذا ولا علم كذا من أجل كذا ؛ ولا أبصر كذا بسبب كذا »ء وهكذا في سائر الصفات . اقترانه بالزمان نحو قولك كلم الله موسى عندما ذهب إلى الطور › احق الدامغ ‏ ١١٠ وقد تقدم في صدر البحث ما يدل عليه من نصوص القران والسنة › وصفاته عز وجل سابقة على الأزمنة فلا يجوز اقترانما بها . ١ أن حروف القران هى نفس الحروف التى ينتظم منها كلام العروب © نثره ونظمه » سجعه ومرسله » رجزه وقصیده » ویشار که فیہا سائر کلام البشر . فان كان القران قدما لزم قدم کلام الناس لتر کب كلامهم من هذه الحروف بعينها » ويلزم من ذلك كون الكلام سابقا على المتكلمين وإلا فكيف يتالف القديم من ال حوادث ؟ وإن قيل بقدمها في القران وسائر كلام الله دون كلام البشر لزم مته أن تجتمع في کل حرف منہا صفتان متتاقضتان » الحدوث والقدم » وهل هذا إلا جمع بين النقيضين . (۱) فإن قيل إن هذه الحجة غير ملزمة لأن ابن تيمية وابن الق فرقا بين حروف القران وسائر كلام الله تعالى » وبين حروف كلام البشر » بانها وإن اتحعدت فالوحدة بينها جنسية وليست عينية . فجوابه أن قولما مردود من وجهين : س ألما : أنا لا نسلم أن هذه الوحدة يلمت عينية » إِذ لو كان كذلك للزم تعدد احرف الواحد بتعدد الناطقين به أو كاتبيه » وأن تتغاير الأحكام فيه بحسب هذا التعدد . ٹانیہما ٠ ُن ال جنسية لا تجمع اللحادث والقديم . وأما النقلية فبعضها من القران وبعضها من السنة . أما من القران فكثيرة وإنما أقتصر منها على ما يلي : ١ قوله تعالى لإخالق كل شيء «الأنعام ١٠٠/الرعد ١٠ /الزمر (١) هذه الحجج ملخصة س مع زيادة وهذيب س من رسالة الأمام محمد ابن أفلح بن عبد الوهاب الرستمي رمه الله تعالى ‏ في خلق القرآن , وهى موجوذة في كتاب الجواهر للامام البرادي . انظر الجواهر المنتقاة ص ۲۳ء ص ١۹۲/۱۹١ ط . المطابع البارونية بمصر عام ١٠۱۳ه احق الدامغ ‏ ٥٦۱ ۲/غافر ١1 ووجه الاستدلال به أن القران إما أن يكون شيعا أو لا شيء » فإن لم يكن شيا فعلامٌ الاختلاف إن كان المختلف عليه مبعدوما ؟ وما الذي أنزله الله وفصّله وأحكمه إن كان ذلك غير واقع على شيء ؟ وإن كان شيا فما الذي يخرجه من هذا العموم ؟ فإن قيل إن إجراء عموم الآية على كل شيء يستلزم أن يكون الله خالقا لذاته وصفاته 9 فجوابه أنه استحال عقلا ونقلا دخول الذات العلية في هذا العموم › وقد عد الأصوليون هذا التخصيص من باب التخصيص العقل » وصفاته تعالى كذاته في ذلك › لاستحالة عدمها لِمَا يترتب عليه من وجود أضدادها تعالى الله عن ذلك . فإن قيل والكلام صفة من هذه الصفات فلماذا لم تستثنوه ‏ استثنيتموها من عموم الاية . أجيب بأن كلامنا ليس في الكلام النفسي الذي هو صفة ذاتية لله عز وجل والذى تثبت بثبوته قدرته تعالى على الكلام ٠ وإنما كلامنا في کلام منزل مت رکب من الحروف تتلوه الألسن وتسمعه الأذان وتعيه العقول ونختزنه الأذهان › ويدون في الصحف وهل لذلك مثيل من صفاته تعالى الذاتية ؟ ٢ قوله تعالى وخلق کل شيء فقدره تقديراك «الفرقان ٢» » وهذا الوصف ظاهر في القران فإنه مقدرة سوره واياته وجمله وكلماته › وحروفه وحرکاته » وتلاوته ومعانيه » وحكمه وأحكامه › وأخباره › وأمثاله . ۳ قوله تعا ی ت انا کل شيء خلقناه بقدر «القمر ٤٤» وهو کالذى قبله . :ن انا جعلناه قرانا عربيا لعلكم تعقلون4 «الز خرف ۳» ٠ والاستدلال به عل حلقه من وجهين : الحق الدامغ ‏ ١١۱ أولحما : الاخبار عنه أنه يمجحعول والمجعول هو المُصيّر من حال إلى حال ›» وهذا لا يكون إلا في الخلوق . ٹانہما : تعليل جعله عربيا بقصد عقل الخاطبين له . ومثل هذه الاية سائر الآيات الناصة على أنه يجعول كقوله تعالى ولکن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادناه «الشوری ٢٥» وقد شرح حجية الجعل على ثبوت الخلق الامام محمد بن أفلح رضي الله عنه بقوله «إن الامة اجتمعت على أن كل فاعل قبل فعله » وأن الجاعل قبل المجعول وأن الصانع قبل صنعه » وأن الجاعل غير المجعول » فلما ثبت بينهما التغاير والقبْل صح أنهما شيئان › وأن الأول المتقدم هو الجاعل القديم » والثاني المجعول هو الحادث الكائن بعد أن لم يكن» (١) واستدل على أن الجعل إذا أسند إلى الله كان بمعنى الخلق بكثير من الآيات الدالة عليه كقوله تعالى لإوجعل الظلمات والنوركة «الأنعام ١© © وقوله الأوجعل منبا زوجها «الأعراف ۱۸۹) › وقوله لهو الذى جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنبار مبصرا «يونس 67» » وقوله امن جعل الارض قرارا وجعل خلاا أنهارا › وجعل فا رواسي وجعل بين البحرين حاجزاكه «امل ١6) › وقوله لGإوجعل‏ لكم من الجبال أكناناڳ «التحل . ١ء وقوله لÇوجعل‏ لكم من الفلك والأنعام ما تركبون» «الزخرف ۲ء وقوله «وجعل الشمس سراجا «نوح ٦ » وقوله بو جعلنا الليل والتبار ايتين 4 «الأسراء ۲ )۲( ومثلها في ذلك قوله ألم نجعل الأرض كفاتاە «المرسلات ٥6» وقوله طلألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا وخلقنا ك أزواجا وجعلنا (١) المرجع السابق ص ١۱۸ (۲) المرجع السابق ۱۸۷ الحق الدامغ ‏ ۷١٦۱ نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشاڳه «النباً ١/١٠0 إلى غيرها من الآيات . قال الامام أبو اليقظان محمد بن أفلح رحمه الله «فمعنى جعلنا في هذه المواضع التى ذكرنا » خلقنا » وكذلك عند المعارض غير ما ذكرناه في القران فإنه زعم أن الجعل فيه غير الخلق › ولو جاز له وساغ ذلك لجاز لعارض أن يعارضه ويقول وكذلك قوله في غير القرآن من الجعل الذي اتفقنا وإياك عليه أنه بمعنى الخلق هو بمعنى اخر غير الخلق » وإلا فما الفرق بين الجعلين ؟ فيكون الله عز وجل خاطب العرب ما لا يعقلونه من كلامهم ولا يعرفونه من لغتهم › وما جوز شم فه الشك «والطعن والارتياب » فيكون جعل في موضع خلق واحدث ودبر » وفي موضع معنى اخر لا نفهمه ولا ندزيه ›» وهذا لا يوصف الحكم به( فما اتفقنا وهم على أن لجل في قوله «إوجعل الشمس سىراج «نوح ١٠» وقوله تإنا جعلنا ما على الأرض زينة فاه «الكهف ۷» وفي قوله لجعل لكم من أنفسكم أزواجاه «الشورى ١٠» وفي قوله وجعل الظلمات والنورهه بمعنى الخلق . صار الجعل كله إذا كان من الله عز وجل بعنى الخلق فيدخل في ذلك القران وغيره » وإلا بطلت الناظرة ولم يصح الشاهد . فان عارضوا بقول الله عز وجل لما جعل الله من بحيرة .. الآية «المائدة ١٠٠ فيقال نعم لم يخلق الله البحيرة بحيرة ك زعمتم ولا السائبة سائبة ك زعمتم » وإنما نفى عن نفسه ما لم يفعله كا زعم المشركون فذمُهُم بابتداعهم › ومعناه ما خلقنا كا وصفع » إا خلقنا على غير ما وصفم › فوقع النفي هنا على نفس الوصف لا على نفس الخلق . وكذلك قوله « الي جاعلك للناس إماما «البقرة ١۲٠» أى خالق الحق الدامغ ‏ ١۸١٦۱ فيك الصفة التى لم تكن فيك والمعنى الذى لم يوجد فيك › ولم أكن فعلته بك قبل ذلك › فمعنى جعل أينا وجد ء خلق ودبر » وأحدث وانشاً › وفعل وصتع .ء وكل ذلك بعتى واحد › وان اختلفت الفاظه» (١۱) هذا كلامه رحمه الله في الجعل » وأضيف إليه أنني تتبعت الجعل المسند إلى الله في القران » فوجدته لا يخرج عن أمرين » إما أن یکون تکوینیا » وإما أن يكون تشريعيا » وفي كل منهما إنشاء» لا لم يكن » فالجعل التكويني نحو قوله تعالى ل إوجعل منبا زوجها «الأعراف ۱۸۹» وقوله لإوجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون «الزخرف ١٠» وقوله وجعل الشمس سراجاكه «نوح ١٠0 ومعنى الاحداث فيه ظاهر . والجعل التشريعي نحو قوله الي جاعلك للناس إماما «البقرة ٤ 61۲ وسنه الجعل في في قوله تعلى ما جل الله من بيرق آي ما شرع برها » ومن الجعل التشريعي قوله تعالى وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيەم «البقرة ١٤ ٠» والفرق بين الجعلين أن أولما هو إحداث ذات الشيء المجعول أو صفة قائُمة به م تكن موجودة من قبل » وذلك يقتضي إخراج امجعول من حالة إلى أخرى أو من صفة إلى غيرها » وهذا حاصل فيما إِذا سند الجعل إل الانسان وكان بمعنى الّصيير » نحو جعلتٌ العجينَ خُبْرا ء والدقيق عجيناً » فاته في كلما نقل للمجعول من حالة إلى حالة لم يكن علا من قبل » فالدقيق قبل ان يجعل عجينا م يکن عجينا » والعجين قبل ان يجعل خبزاً لم يکن خبزا » ولا يفهم منه إلا أن المجعول تحول بعد الجعل عما كان عليه قبله . لے () المرجع السابق ص ۱۸۸/۱۸۷ الحق الدامغ ‏ ۹٦٠ والثاني إحداث شرع ينقل امجعول من حكم إلى اخر ككون البيت الحرام قبلة للمسلمين بعد ما كان بيت المقدس قبلتهم . وجعل القران عربيا هو الجعل التكويني لأنه إحداث لعنى فام بالقران » وهو عربيته » ولا يخلو ذلك إما أن يكون تويلا له من وصف إلى اخر » وذلك بأن يكون أولا غير عربي ثم أحدث الله فيه هذه الصفة ٠ وإما أن يكون إنشاء له على هذه الصفة من أول الأمرء ك أنشا الله الشمس متلبسة بوصف كونها سراجا » و أنشا الله الليل متلبسا بوصف كونه لباسا » وأنشاالنهار متلبسا بوصف كونه معاشا » وهذا هو المتعين في القران » لعدم ما يدل على أنه كان غير عربي من قبل ثم نقله الله إلى العربية . أما أن يكون كلاما عربيا منذ الأزل ويتعدى إليه فعل الجعل فهو غير جائز عقلا ولا لغة » لأن الجعل فعل والفعل سايق على المفعول › سابق على امجعول قطعا . ومٹل ذلك يقال في قوله سبحانه تژولکن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا «الشورى 7 °» وهذا يظهر بداهة لمن أمعن نظره في معنى الجعل » وفكر في صفات الله تعالى الأزلية الواجبة » وعدم إمكان تعدي الجعل إليها فإنه من المستحيل عقلا الممتنع شرعا أن يقول قائل جعل الله علمه حيطا بكل شيء » أو قدرته شاملة لكل شيء » أو جعل الله وجوده أُزليا أبديا » او جعل سمعه مدركاً لجميع الأصوات » أو جعل بصره حيطا بكل المرئيات » لا في هذه العبارات من اقتضاء أن يكون الله محدثا لذه الصفات . واعترض على الاستدلال بجعل القران عربيا على خلقه بأن ال جعل يكون بمعنى غير ال خلق › 4 ك في قوله عز وجل «إويجعلون لله البنات سبحانە «النتحل ‎(o۷‏ وقوله تو جعلوا اللائكة الذين هم عباد الرجمن ن¿ إناناپه الحق الدامغ ‏ ١۷٠ «الزخرف ١١ وقوله و تجعلون رزقكم أنكم تكذبونك «الواقعة ۸۲» وجوابه شتان بين الجعلين وبين الجاعلين › فالجحعل فیما نحن بصدده فعل ثابت مسند إلى الله تعالى من أنكره أو أنكر أثرهُ فقد كفر » والمجعول وهو عربية القران ونورانيته وهدايته ‏ حقيقة قائمة من أنكرها فقد كفر » وال جعل فيما اعترضوا به هو قول باطل مسند إلى الكفار » والمجعول وهو أنوثة الملائكة ‏ ليس بشىء بل يكفر من يثبته » ولا شكال في اتحاد حروف الفعل في كلا الاسنادين ‏ وهي الحم والعين واللام ‏ فان الفعل يسند إلى الله فیکون له معنی » ویسند إلى غیره فیکون له معنى اخر مع عدم التفاوت في اللفظ › ومثل ذلك قوله تعالى }الذي خلقكم والذين من قبلكم «البقرة ١ ) › وقوله لأوالله خلقكم وما تعملون «الصافات 2)56 وقوله طإولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين «اللؤمنون ١١ء وقوله «لقد خلقنا الانسان في أحسن تقوم «التين 4» › ونحوها من الآيات المسند فيها الخلق إلى الله عز وجل › فهو جميعا بمعنى الاخراج من العدم إلى الوجود » وتجد هذا الفعل بلفظه ونفس حروفه مسندا الى الكفار › وله معنى لا يليق بعباد الله الصالحين فضلا عن جوازه على الله تعالى رب العالمين › وذلك في قوله سبحانه و تخلقون إفكام «العنكبوت ۷١» » فهل من وجه لحمله في أحد الموضعين على معناه في الموضع الآخر ؟ أو أن المقارنة بين الفعلين مستحيلة كاستحالة المقارنة بين الفاعلين ؟ ٥ س قولہ تعالی ما یاتیہم من ذکر من ربہم حدث إلا استمعوه وهم يلعبون» «الأنياء 7» › ومثله قوله وما ياتيهم من ذكر من الر هن محدث إلا کانوا عنه معرضين ل «الشعراء ©) › ووجه الاستدلال بالايتين وصف الذكر فيهما بالاحداث وهو الخلق » ولا ريب أن الذكر لم يقصد به فيهما غير القران بدليل قوله تعالى وما هو إلا ذكر للعالمين «القلم احق الدامغ ‏ ١۱۷ ٢ › وقوله ظ إن هو إلا ذكر للعامين 4 «يوسف ١١۱/ص ۸۷ء وقوله إا نحن نزلنا الذكر «الحجر 4» › وقوله «إوإنه لذكر لك ولقومك «الز خرف £ £» › وقوله إوالقران ذي الذكرڳه «ص ١» ٠ وقوله طإن هو إلا ذكر وقران مبين» فيس 61۹ › وقوله لژوهذا ذكر مبارك أنزلىاە «الأنبياء 5( . والقائلون بقدم القران سلكوا طريقين في ردهم استدلال القائلين بخلقه بايتي الأنبياء والشعراء › فالقائلون منهم بقدم حروفه وكلماته ذهبوا إلى أن المراد بالاحداث فيهما هو إحداث التنزيل متى شاء الله ذلك ا تقتضيه حكمته » ومعنى ذلك أن المحدث تنزيل الكتاب لا ذات الكتاب ٠ وعير بعضهم عنه بأن المراد بالاحداث تجدده » والمفرقون منهم بين القران وما يتل ويدون في المصاحف من الأحرف والكلمات قالوا : إن المحدث هو الأحرف والكلمات » وهى عبارة عن القرآن الذي هو صفة أزلية قائمة ` بذاته عز وجل وحكاية له » وكلا القولين مردود . أما الأول فييطله أن المحدث هو الذى وقع عليه فعل المحدث بالكسر ‏ ويشترط فيه أن يكون مسبوقا بالفاعل والفعل › والاحداث هو الايجاد بعد العدم » وحمل الاحداث على أنه بمعنى الانزال خروج عن الظاهر لغير داع سوى جعل ما في نفس القائل من الفكرة هو الأصل الذى ترد اليه النصوص وتحمل عليه الأدلة » وما أعظمها من مصيبة في الدين على أنا تقول إن نفس الانزال إحالة للمتزل من حال إلى حال ء وهي دالة على الحدوث لامرين : أولهما : أن القديم لا يتحول عن أصله ولا تعتريه العوارض . ثانيهما : أنه لا يكون لأحد عليه سلطان » لأنه غير معلول بعلة ولا وأما الثاني فيرده أن إثبات صفة لله تعالى تسمى قران غير ما انزل الحق الدامغ ‏ ١۷١ عل الشارع الأمين عليه أفضل الصلاة والتسلم دعوی غ يقم علیہا برهان » وقد اعترض الامام أبو اليقظان رحمه الله تعالى دعواهم هذه بقوله : (لا تخلو الحكاية من أن تكون مخالفة للمحكي أو موافقة له › فإن كانت موافقة له فكيف يكون شان متفقان » واحد مخلوق والاخر غير مخلوق » وقد اجتمعت الامة على أن ما جاز في الشيء جاز في نظيره وإلا بطل ما اجتمعت عليه الأمة إذا ء وإن قال إن الحكاية غير المحعكي وهي خلاف له » فهذا أغرب وأبعد ما يكون من الصواب › وذلك خروج من لسان الأمة وجميع الأم » لأن الحكاية لا تكون حكاية للشيء إلا وهي مثل المحكي معبرة عنه با هو به » ولو آمکن خلاف ما نقول من أن الحكاية غير المحكى لوجب على كل الأخبار الكاذبة أن تكون صادقة » وعلى الأخبار الصادقة أن تكون كاذية » ويكون الشعر أيضا حكاية القران › والقران حكاية الشعرء والمدح حكاية الذم » والذم حكاية المدح » ولا ينبغي أن ننكر خبرا ونكذب نبرا » ونرد حکاية آو نتكر مقالة » وإذا أمكن هذا وجاز فمن أين كان الصدق صدقا والكذب كذبا ؟ ولعمري لعن كانت الحكاية حلاف الحكي لينبغي أن يكون الصدق هو الكذب والكذب هو الصدق ء فكما بطل هذا وفسدء صح أن الجكاية لا تكون خلاف الحكي) . وأيضا أخبرونا حیث كانت الحكاية غير المحعكي فما القران أهو الحكاية م المحكي ؟ فإن كان القرآن الذى أنزله الله على قلب محمد عي » ونزل به الروح الامين إليه هو هذه الحكاية وهو مخالف فإنا لم يقع كلامنا معهم إلا على القران الذي نزل به الروح الامين على قلب محمد › وهو الذى قال فيه طلإفإٍذا قرأناه فاتبع قرانه . ثم إن علينا بيان «القيامة ۹/۱۸« ¢ وإن كان القران هو الحكي » وهو القائم بذاته عز وجل › فهو لم ينزل َ‫ ن صان بعد › ضاهوا بذلك قول ابن صوریا حیث قال لرسول الله ع (ما ازل ف عل شر سن شي» لکروا ول ارآ وع حب لرن و مح __ وقد وقع الاجتاع منا ومنهم أن ما في الدنيا وما نقرا من من القران هو مثال مما قرا رسول الله ع ۽ هي قراءته وقرآناه على الموافقة له » ولو كان خلافه ‏ قالوا من أن الحكاية غير اجکی لكان ابی ع قد اق بخلاف ما أت به جبريل عليه السلام » وكذلك جبريل فيما أت به میکائيل » وكذلك میکائیل عن إسرافیل » فیکون کل واحد منہم قد اق بخلاف ما أن به غيره . وإذا قلت إن الحكاية خلاف المحكي فما نقول فيما نقله محمد عن جبريل ؟ هذا هو هذا ؟ ام هذا غير هذا ؟ فلابد من هذا هو هذا » آو هذا مشل هذا » فكيف يجوز في الشيء ما لا يجوز في مثله ؟ آم لا يجوز فى الشيء ما جاز في مثله » وأي تناقض أعظم وأفحش من هذا ؟ نعوذ باله من العمى وال خذلان › ونساله العون والتوفيق .» (۱) ٠ قوله تعا ى : لإكتاب أحکمت آياته ثم فصلت من لّدن حکم خبير؛ه «هود ١) › ووجه الاستدلال به أن الله وصفه فيه بالاحكام والتفصيل » وكل منهما أثر صادر عن مؤثر » ولا يجوز أن يکون الأثر قديما أزليا لضرورة أن يكون مؤثره سابقا عليه › والمسبوق حادث لأنه بداهة ‏ كائن بعد أن لم یکن . ولا يخلو هذا القران إما أن تكون كينونته مقرونة بالاحكام والتفصيل من أول أمره » وإما أن يكونا وصفين أوجدهما الله فيه بعد أن كان عاريا مهما » وكلا الأحتالين مقتض لخلقه وحدوثه . أما الأول فلكون وجود الشيء مقترنا بوصف حادث من أول أمره دليلا على حدوثه › وما أن الاحكام والتفصيل فعلان صادران عن الله سبحانه فلا مرية ي حدوثهما › وإلا لا جاز إسنادهما إليه عز وجل : وعليه فليس إحكامه وتفصيله إلا بمعنى إيجاده محكما ومفصلا . (۱) المرجع السابق ص ۱۹۰/۱۸۹ الحق الدامغ ‏ ٤۱۷ وأما الثاني فاقتضاؤه ذلك من حيث إن الاحكام والتفصيل أثران واقعان عليه » والاثر ناتج عن الؤْثر شاهد على تحول ما وقع عليه من حال إلى حال » وهو مستحيل على القديم › لعدم إمكان أن يكون لأحد عليه سلطان » ولذلك يستحيل أن يقال أحكم الله قدرته أو فصّلها › أو أحكم علمه أو فصّله لأن هذه العبارة قاضية بحدوث قدرته تعالى وعلمه › جل الله عن ذلك » والأول هو الذى يتعين المصير إليه » لعدم ما يدل على أن القران أحكم بعد أن كان عاريا عن الاحكام » وفصّل بعد أن كان خاليا من التفصيل . ۷ قوله تعالى ل إولقد جئناهم بكتاب فصّلناه على علم «الأعراف ٢) › ووجه الاستدلال به على حدوث القران ثلانة امور : أولا : أن المجئی به نقل له من حال إلى حال ؛ وهو مستحيل في القديم ک سبق بيانه . ثانيها : للاخبار عنه أنه مفصل وقد سبق نظيره . ثالثها : أن تفصيله ناش عن علمه سبحانه ؛ والناشى عن الشي لابد من اُن يكون مسبوقا به . ۸ قوله تعالى : لما ننسخ من آية أو ننسها نت بخير منها أو مغلها «البقرة ١٠٠» » ووجه الاستدلال به أن الله سبحاته أخبر عن نسخ بعض آياته ببعض والنسخ هو الحو والازالة ء وهو مستحيل على القديم ٠ واستحالته فيما إذا كان لفظيا أشد » وقد أثبته جمهور العلماء ء وفيهم القائلون بقدم القران . ٩ قوله تعالى للإشهر رمضان الذي أنزل فيه القران «البقرة ۸5 ۱» › ووجه الاستدلال به أنه متزل » والانزال نقل من مکان ِل اخر » وهو مستحيل على القديم لتعذر أن يكون لأحد عليه سلطان » أو أن يكون متغير الأحوال » ومثله في ذلك قوله تعالى ل نزّل عليك الكتاب باحق الحق الدامغ ‏ ٢٥۷ مصدقا ما بين يديه وأنزل التوراة والانحجيل من قبل «ال عمران ‎L/Y‏ ¢ وقوله هو الذى أنزل عليك الكتاب منه ايات محكمات .. الأية «ال عمران ۷» » وقوله لإوأنزلنا إِليك الذكر لتبين للناس ما نزل إلهم التحل £ £» » وقوله طإإنا أنزلناه في ليلة مباركة «الدخان ©» ء وفي تنزيله دلالة أخرى على حدوئه . وهي أنه نزل نجوما فهو منقسم »٩ والانقسام مستحيل على القديم . ٠ قوله تعالى طلإنا نحن نزلنا الذ كر وإنا له لحافظون؟ «الحجر 6۹ › ووجه الاستدلال به أن الله أخبر عنه بانه محفوظ له » ولا يكون الحفوظ إلا. مخلوقا لاستغناء القديم عن حفظ الحافظين » ولذلك لا يجوز أن يقال حفظ الله حياته » أو وجوده » أو قدرته » أو سمعه » أو بصره » أو علمه مع جواز أن يقال حفظ الله كلامه إن قصد به الكلام المنزل لا الكلام النفسي » والاية دليل على جوازه » وأما حديث (احفظ الله يحفظك ..) فالمراد به المحافظة على طاعته تعال ى أمرا ونهيا » فلا يرد على ما ذکرته . ١ قوله تعالى لإمنه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابہات «ال عمران۷» » ووجه الاستدلال به أنه منقسمة أياته إلى قسمين › محكمات ومتشابهات › وأن المحكمات أم ‏ أي أصل ‏ للمتشابمات يرجع بها إِليها في التأويل » وهو مستحيل فيما كان قديما » فلا يجوز أن يقال إن وجوده تعالى ام لحياته » أو إن حياته م لقدرته » أو إن قدرته أم لارادته أو نحو ذلك » لا يقتضيه هذا القول من حدوث الصفات › تعال الله عنه . ١ قوله تعالى : ئإبل هو ايات بينات في صدور الذين أوتوا العلم» «العنكبوت ۹٤ ء ووجه الاستدلال به أن صدور العلماء حادثة › والحادث لا يكون وعاء للقديم » فلا يكون أحد من خلق الله حلا لحياة الله » أو قدرته » أو علمه » أو وجوده » أو سمعه ۽ أو بصره » أو أي الحق الدامغ ‏ ١۱۷ صفة من صفاته »'وإنما تكون الخلوقات » أوعية لمعلومات الله ومقدوراته › ومرئياته › لانها مخلوقات مثلها . ۳ قوله تعالی بل هو قران مید في لوح حفوظڳ «البروج ٢٠٤ ٠ والاستدلال به من وجهين : أولما : أن اللوح مخلوق » وانخلوق لا يكون وعاء لغير اغلوق › ا ثانيهما : أن هاتين الآيتين سيقتا للتنويه بالقران وبيان عظم شانه وعلو قدره › ولا يشك شاك أن ذلك يكون أكثر وضوحا وأقوى حجة لو أخبر أنه قائم بذاته تعالى » فلو كان ليا قائما به سبحانه لكان الأحرى أن يقال بل هو قران محيد قائم بالعزيز ال حميد » أو نحو ذلك مما يدل على ما ذکرته . ٤٠ قوله تعالى : «إوأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لا بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه «المائدة 4۸8 » ٠ ووجه الاستدلال به أنه أئيت كونه مسبوقا بغيره » والمسبوق لا يكون إلا حادثا » وأنه مهيمن على سابقه » والمحيمنة دليل على أن المهيمن عليه حادث » وإذا کان ما قبله حادثا ٥ قوله تعالی وقرانا فر قناه لتقرأه على الناس على مكث ونزّلناه تىزيلا ك «الاسراء ٠ » ووجه الاستدلال به أن الله أخبر عنه بانه مفروق » والمفروق مصنوع » والمصنوع لا يكون إلا حادثا » فهذه نماذج من الأدلة القرانية على حدوثه . وأما الأدلة من السنة فكثير من الروايات › وإنما نقتصر منہا على ما بل : ً £ ۱ س أخرج الامام أحمد » والبخاري » وابو داود عن ألمي سعيد بن المعلى قال كنت أصلي في المسجد فدعانى رسول الله عَيكٍ فلم أجبه » فقلت الحق الدامغ ‏ ۱۷۷ يا رسول الله إنى كنت أصلي » فقال : «ألم يقل الله واستجيبوا لله وللرسول إذا دعاك ؟ ثم قال : «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في لقرآن قبل أن ترج من مسجد م اعد بيدي فلا اراد ن ترج قات له : ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القران ؟ قال ل : الحمد لله رب العالمين ٠ هي السبع المغانى والقران العظم الذي أوتيته» . ١ روى الامام الربيع بن حبيب في مسنده عن أبي عبيدة عن جاير ابن زيد عن أي سعيد الخدري رضی الله عنہم أن رجلا سمع رجلا يقرا «(قل هو الله أحد الله الصمد م يلد ول يولد وم يكن له كفوا أحد ويرددها › فلما أصبح غدا على رسول الله عد فذكر ذلك له فكان الرجل يتقللها › فقال رسول الله عد : (والذي نفسي بيده لانها لتعدل ثلث القران) » وأخرجه الامام البخاري من طريق أي سعيد بلفظ (والذي نفسي بيده إنها تعدل ثلث القران) . ٢۲ روى البخاري عن أي سعيد أيضا› قال : قال رسول الله مد لأصحابه : (أيعجز أحدك أن يقرا ثلث القران في ليلة) فشق ذلك عليهم › وقالوا أينا يطيق ذلك يا رسول الله ؟ فقال : (اللّة الواحد الصمد ثلث القران) . ٤ س روى الامام أحمد عن أي سعيا. كذلك قال بات قتادة ابن النعمان يقرا الليل كله ب ب قل هو الله أحد » فذكر ذلك للنبى ع › فقال : «والذي نفسي بيده إنها لتعدل نصف القران ‏ ُو ثلثه» وأخرج نحوه مسلم والترمذي من طريق أي هريرة رضي الله عنه » ونحوه عند الامام أحمد والترمذي والنساني من طريق أي أيوب الأنصاري » وقال الترمذي : وفي الباب عن أل الدرداء » وأبي سعيد » وقتادة بن النعْمان » وأي هريرة » وأنس » وابن عمر » واي مسعود » وروی مثله الامام أحمد والنساني من طريق أبي بن كعب » والامام أحمد والنسايٌ كذلك من طريق الحق الدامغ ‏ ۱۷۸ يي مسعود » وأم كلثوم بنت عقبة بن أي معيط مرفوعا » ورویاه مع مسلم من حديث ِي الدرداء عن النبى د . ٥ روى احمد ومحمد بن نصر والطبراي بسند صحيح عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن النبي ميك قال : (البقرة سنام القران وذروته نزل القيوم» من تحت العرش فوصلت بها» ٦ اخرح ابو يعلى وابن حبان » والطبرائي ۽ والبيمقي عن سهل بن سعد الساعدي قال » قال رسول الله عَيْكُ : (إِن لكل شيء سناما وسنام القران سورة البقرة من قراها في بیته نہارا لم يدخله الشيطان ثلائة أيام) . ووجه الاستدلال بهذه الاحاديث على خلقه » أنها ناصة على أن بعضه أعظم من بعض وأفضل ٠ وأُن بعضه سنام لسائره › ون بعضه کان مفصولا عن غيره ثم وصل به » وكل ذلك غير جائز على القدم ٠ الا ترى أنه لا يجوز تفضيل بعض صفات الله على بعض »٤ فلا يقال إن علمه أفضل من قدرته أو العكس › ولا يقال إن حياته أعظم من سمعه ۽ او بصره أو قدرته » أو إرادته » وإذا امتنع ذلك في محموع الصفات › فلان متنع في الصفة الواحدة أحرى › فلا يبعض علم الله فيفضل بعضه على بعض » ولا تجزاً قدرته فيجعل منها أعظم من غيره » کا لا يکن ان يکون جزءا من صفة منفصلا عنہا ثم یوصل بہا . الحق الدامغ ‏ ۱۷۹٠ ی ي خاعمة ف نتيجحة ما تقدم لست برتاب أخي القارئ انك بعد اطلاعك على ما احتواه هذا البحث من أخذ ورد » واجتذاب ودفع » في مسألة خلق القران › تدرك أن الصواب والسلامة في اعتقاد أنه كسائر الموجودات 5٠ غير الله عز وجل » كائن بعد أن لم يكن » وما كان كذلك فهو خلوق قطعا ء ا تدرك أن القول بقدمه يفتح الباب على مصراعيه لمن يقول بجواز تعدد القدماء حتى يفضي الأمر إلى القول بقدم العالم » وقد رأيت أثر ذلك فيما نقلته لك من كلام المنتصرين ‏ للقول بقدمه › والمتشددين على القائلين بحدوثه › فقد أفضى الحال ببعضهم إلى القول بقدم سائر الكلام › ا بينهما من التشابه في أصول الأحرف والكلمات التي ينتظم منها كل منهما › وأفضى ببعضهم إلى القول بقدم الجلد والوتد وما حوله من الجدار » وما الذي ينع بعد ذلك من الانجرار وراء هذا التسلسل غير المحدود » حتى ينتبي إلى القول بقدم كل شيء » أو إلى فلسفة وحدة الوجود والعياذ بالله . وقد أدركتَ ضعف الشبهات التي تعلقوا بها وتناقض كلامهم واضطراب استدلاهم » فان أقوی ما استندوا إليه في نفي الخلق عنه أنه كلام مضاف إلى الله تعالى في نحو قوله سبحانه اجره حتى يسمع كلام اللهك «التوية ©7» ¢ وقد غفلوا عن کونہم بهذا الاستدلال يعطون النصارى حجة فيما يعتقدونه من أن المسيح عليه السلام ابن لله او جزء منه » لاخباره تعالى عنه أنه ل كلمته ألقاها إلى مرج وروح منه «النساء ١6۷ ومع هذا کله فإنتي کنت اود أن ا أتعرض هذه للسالة بإييجاب ولا الأمة » وحرصا عل عدم إثارة أي جدل يزعح أحدا من السلمين » ولكني احق الدامغ ‏ ١۱۸ ماذا أصنع والألسنة ل مهدا والأقلام لم تتوقف عن إثارة هذا الموضوع بغير هدى ولا دليل » ولم يقف الأمر عند هذا الحد » بل تجاوزه إلى تکفير من قال كلمة الحق أو دعا إليه » فرأيتني بسبب ذلك ملزما أن أقول كلمة هادئة هادفة ‏ ليس لي وراءها من قصد إلا رضی الله سبحانه ‏ تکشف بيد الحجة ستار الشبهة عن وجه الحقيقة المشرقة سائلا الله تعالى توفيقه في القول والعمل . ومن قرا ما قلته بإنصاف يجده أبعد ما يکون عن التائر بالعوامل النفسية والاندفاع وراء العواطف الرعناء › إِذ لم يسلس قيادة إلا للحجة ولم يقتنع إلا بالموضوعية المحضة ء والله من وراء القصد وهو حسبي وتعم الوكيل .. احق الدامغ ‏ ١۱۸ اللبحث الغالث في خلود هل الكبائر في النار وهو يشتمل عل مقدمة ونلانه فصول وخاتمة الحق الدامغ ۱۸۳ المقدمة في تعريف الخلود والكبائر اما الخلود فهو البقاء الدائم › قال صاحب اللسان : «الخلد دوام البققاء في دار لا يخرج منها » حَلَدَ/يَخُلد/ُلْداً وخلودا بقي وأقام » ودار الخلد الاخرة لبقاء أهلها فيها » وخلده الله وأخلده تخليدا وقد أخلد الله أهل دار ال خلد فیہا وخلدهم .) (۱) ومنه قوله تعالى طلوما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مث فهم الخالدون4 «الأنبياء ٢٤ 3» و کلام صاحب. اللسان يدل على أن الخلد موضوع لغة للدوام الأبدي » وهو مذهب الزمخشري وابن عطية والقرطبي والشوكاني من الفسرين » واتتصر له أثم الانتصار العامة البطاشي رحمة الله تعالى عليه : واستعمال الخلود في المكث الطويل » كقول لبيد في معلقته : صم خوالد ما يين كلامها وقول الأعشى : لن تزالوا كذالكم ثم لازلد ت لكم خالدا خلود الجبال محمول عند هولاء على التجوز . ۱ ِ وذهب الفخر الرازي وأبو حيان وأبو السعود وقطب الائمة إلى أنه موضوع للمكث الطويل؛ مع قطع النظر عن دوامه أو انقطاعه » فهو عند هولاء من باب المشترك الذي يتعين ما يراد به بالقرينة الدالة عليه » وجعل هوّلاء دوام الثواب والعقاب بالدلائل الأخرى من الكتاب والسنة غير لفظة cD (١). لسان العرب ج ۲ ص ٢۲۲٠ ط . دار المعارف س ۱۱۱۹ كورنيتشى اليل , القاهرة ج . م. ع احق الدامغ ‏ ١۸٠ الخلود › كاقترانه بالأبد في قوله تعالى ‏ في اللذين امنوا وعملوا الصالحات ‏ إجزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تتا الأنهار خالدين فيها أبداكه «البينة ۸8 › وقوله ومن يعص الله ورسوله. فان له نار جھنم خالدین فیہا بدا «الجن ۲۳) » وما يستفاد من الأحاديث الصحيحة الصريحة في خلود أهل الدارين فهما › وإجماع الأمة إلا من لا يعتد به على عدم فنائهما . وهؤلاء نظروا إلى إطلاق الخلود على المكث المنقطع في كلام العرب كبيتي لبيد والأعشى » وأن الحقيقة هي الأصل في الاستعمال . وتعقبهم العلامة البطاشي بقوله «) أخذت العرب من الد قولحم للأحجار (خوالد) فقد أخذوا من الأبد قولحم للوحوش (أوابد)» (١) وقال أيضا : «إن العرب ك أخحذت أيضا من الخلد خوالد الأحجار فقد أخحذت من الأبد أوابد وحوش القفار » وهذه الأوابد أقل بقاء من تلك الخوالد في الاعتبار» (۲) وحمل العلامة البطاشى ما جاء في الشعر العرني من إطلاق وصف الخلود على الجمادات ذات العمر المديد › على عقيدة الجاهلية في اعتقاد عدم فناءِ الكون » واستدل له بقول زهير ابن أي سلمى : ألا لا أرى على الحوادث باقيا ‏ ولا خالدا إلا الجبال الرواسيا وإلا السماء والنجوم وربنا وأيابه معدودة واللياليا قال : «فلو لم یکن مرادہ من ا خلود معنی الدوام لا غالی حتی اشر کھا في الدوام مع الله سبحانه › بخلاف القول في التابيد ؛ فاإن انقطاعه بالاضافة إلى الدنيا ليس عنه محيد» (۳) (١) رسالة في الخلود للشيخ العلامة سلطان بن محمد البطاشي مدرجة في تمهيد قواعد الايمان ج ١ء ص ١۱ ١ .. وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان (۲) المرجع السابق ٴ( اللرجع السابق ص ۲۰ الحق الدامغ ‏ ١۱۸ ومحسب هذا المفهوم ‏ وهو الدوام الأبدي ‏ كان اختلاف الأمة في خلود المجرمين في النار ک سياق بيانه إن شاء الله . على ارتكابما وعيد في القران أو السنة الصحيحة » سواء شرع نا حد في الدنيا كالزنا والسرقة وقذف المحصنات » أم لم يشرع كأ كل الربا والميتة والدم ولحم الخنزير . ابلح الدامغ م ۱۸۷ الفصل الأول في اختلاف الناس ف خلود الحنة والنار اقتضت مشيئة الله سبحانه أن تكون الحياة في الدار الدنيا حياة محدودة حتى لا يشارك الخالق في صفة البقاء » ولم يخالف في ذلك أحد من الناس لأن تناهي الأعمار فيها أمر لا يتفاوت الناس في معرفته » وقد جعلها الله سبحانه مرحلة من مراحل العبور التى يجتازها الانسان › والناس فيا متفاوتون في الراحة والتعب والنعم والبؤس » ولا يعود تفاوتهم هذا إلى قدر تفاوتهم في النفع والضر ء والاستقامة والانحراف . والطاعة والعصيان » فرب ذي سريرة طاهرة وخلق مستقم › ومسارعة إلى الخير يقضي احياته كلها في نكد وبؤس › ومعاناة وحرمان » ورب ذي سريرة خبيثة » وشراسة في الأخلاق › وسوء في المعاملة يتسنًّى له ما يريده › وتتوفر له أسباب الراحة ». وتجتمع له أنواع الللاذ » وفي هذا ما يجعل الانسان يعتقد اعتقادا جازما أن النعمة والبؤس في الدنيا ليسا جزاءٌ على ما يقدمه العبد من خير أو شر» مع القطع بأن الناقد بصير › والحاك عدل » فلذلك كانت النفوس تتطلع بفطرتها إلى حياة بعد هذه الحياة يجني فیہا كل عبد ما غرس » ويحصد ما زرع » ویجد ما قدم » وقد تعاقبت الرسالات الالحية مبشرة ومنذرة بتلك الحياة » ولم يختلف المؤمنون بها في كونها تختلف عن الحياة الدنيوية النصرمة › فهي حياة خلود ودوام إلا من شذ فزعم أنها متناهية وإن كانت أطول مدة وأوسع أمدا من الحياة الأول . وهولاء الشاذون طائفتان : أولاهما : محسوبة على هذه الأمة وهى الجهمية نسبة إلى جهم ابن صفوان . ثانيتهما : لا صلة لا بالامة المحمدية لعدم إيمانما بالكتاب › وبنائها الحق الدامغ ‏ ۱۸۸ أفكارها على أسس مادية بحتة . ٠ الأول أن دوم الوقن مناف لاتصاف ا بالأخرية » قان سن آساه الله الأول والاخر› ومعنیى أوليته سبقه على کل موجود » وهكذا یلزم أن یکون معنی اخريته بقاوه بعد کل موجود . » الثانية : أن أنفاس أهل الدارين لا تخلو إما أن تكون معلومة له تعالى وهو يستلزم حصرها » وحصرها لا يتفق مع دوامهم › وإما أن تكون غير معلومة » وهو لا يتفق مع وصفه آنه بكل شيء علم . وأجيب عن الأولى » بأن دوام حياة امخلوقين في الدار الآخرة لا يناي اخريته تعالى › لاختلاف دوامهم عن دوامه » فان دوامه ذاني ودوامهم بإدامته إياهم » فلذلك كان حقيقا بصفة الأخرية دونهم . وعن الثانية أن أستمرار أنفاسهم لا يناي أن يكون علمه تعالی حيطا بها فن علمه علم ذاتي لا يجوز أن يقاس على علم الخلوقين . * وأما الطائفة الثانية فقد استدلت لمذهبما بفلسفة مادية » مبنية على النظر في طبائع الأشياء الحسوسة » وملخصها أن بقاء الأجسام متعذر لأنها مؤلفة من الأجز اء المتضادة في الكيفية » فهي معرضة للاستحالات المؤدية إلى الانحلال . وأجيب بان اعتقاد قدرة الله تعال على کل شيءِ ينفي هذا الاشكال من صله إذ لا يمتنع أن تعاد الأبدان بطبيعة أخرى لا تتحلل معها › أو أن تكون كلما تحلل منها شيء غُوضت عنه با يخلفه . وإيقان المؤمنين أن الله على كل شيء قدير لا يدع هذه الشبهة أدنى أثر في نفوسهم فان الله سبحانه الذي طبع الأجسام في هذه الدار الدنيا بها طبعها به » من التضاد بين أجزائها المركبة » لا يعجزه أن يطبعها يوم احق الدامغ ‏ ٩۱۸ القيامة بطبيعة أخرى مغايرة لا هي عليه في الدنيا › ولعالم الغيب طباتع تكوينية خاصة تختلف كل الاختلاف عن طبائع عالم الشهود › فلا يجوز قياس أحدهما على الآخر ء ك أن للبقاء المطلق أحوالا تيزه عن البقاء المحدود . وإذا أدركت أن الحياة في الدار الاخرة لا تتصرم لأا حياة مصيرية وليست حياة مرحلية » وحياة جزاء لا حياة كسب » فاعلم أن جزاء‌ها جزاء أبدي ٤ سعادة کان أو شقاء » إِذ لا فرق بین ثوابہا وعذابہا » وان ذهبت طوائف من الناس إلى التفرقة بينهما » وفي مقدمة هولاء اليهود › الذين حكى الله عنهم هذا القول في سلسلة تعداد مثالبهم » وأنكره عليهم › وطالهم بدليل يستندون إليه فيه » وبين بأصرح عبارة أن الحق خلاف ما يقولون » وذلك حيث قال : «إوقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أَتخْذةم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون . بى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فیہا خالدون4 «البقرة ۰0 ۱/۸8 8» وبہذا تعلم خي القارىء أن القول بتحول الفجار من العذاب إلى الثواب ما هو إلا أثر من أثار الغزو اليهودي للفكر الاسلامى › وقد تنبه ك لط ال سيد محمد رشيد راء فقال في مقدمة ضيرم لسورة البقرة من المنار : ’القاعدة السادسة أن الجزاء على الايمان والعمل معا لان دين | يان وعمل . ومن الغرور أن يظن المنتمي إلى دين نبي من الأنبياء أنه ينجو من الخلود في النار بمجرد الانجاء › والشاهد عليه ما حکاه ا ا عن بي اسرائیل من غرورهم بی » وما رد به عله ی لا نتبع ستنهم فيه » وهو وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة «اية ٠ ) وما حكاه عن عن اليهود والنصارى جميعا من قوم ۋوقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك آمانيهم .. ال الايتين 1/1 > ولكتنا قد اتبعنا سنتهم شبرا پشبر وذراعا بذراع › مصداقا ما ورد في الحديث الصحيح » وإنما نحتاز عليهم بأن المتبعين لحم بعض الأمة لا كلها » وبحفظ نص كتابنا كله » وضبط سنة نبينا في بيانه » وين حجة هل العلم واهحدې منا قائمة إلى يوم القيامة'“ (۱) وإذا كنا نُسَر بإماطة هذا العلامة الكبير لحجاب التقليد عن عينيه حتی أبصر اللحقيقة واضحة » فارسل لقلمه العنان لتسجيلها بهذه العبارة الواضحة هنا . وتقريرها مرة بعد مرة ئي تفسیره لايات من سور البقرة وال عمران وهود » فان ) نتاسف عا ب وقوعه نفسه في هذه الأحبولة حتى تردد ف هذه المسالة 6 مال تاره بالهییز بس عصاة الموحدين وغیرهم 6 ك في تفسيره لسورة يونس » وذهب تارة أخری إلى القول بانقطاع عذاب النار على الاطلاق متأثرا بقول ابن القم الموافق للجهمية في ذلك ك في تفسیره لسورة الأنعام .. وسانقل إِليك أي القارى ما يمكننى نقله من ومن خلال هذا الذي ذكرته هنا تعلم اخي القارىء أن ابن الق قد أذ في هذه القضية بشطر من مذهب الجهمية كا سياتي بيانه إن شاء الله . وذهب الأشعرية › ومن حذا حذوهم من الطوائف المنتسبة إل السنة › إل خحلود الدارين ء وعدم انقطا ع واب الأبرار 6 وعذاب عير اللوحدين من الفجار › أما الموحدون › فقالوا : إنهم يعذبون إلى مد ثم يخرجون من النار ويدخلون الجنة فيتتعمون ويخلدون فيا مع الابرار وعقيدتنا معشر الاباضية أن كل من دخل النار من عصاة الموحدين والمشركين مخلدون فيا إلى غير أمد› ك أن من دخل الجنة من عباد الله الأبرار لا يخرجون منها » إذ الداران دار خلود » ووافقَنًا على ذلك العترلة يحكمون على كل معصية تؤدى الى العذاب بالشرك النخرج من الملة › فخالفوا بذلك نصوص الكتاب والسنة وإجماع الامة . () اتاراج ١ ص ١١٠ الطبعة الرابعة س دار انار الحق الدامغ ‏ ١۱۹ الفصل الغاني في أدلة القائلين بانقطاع العذاب وقد علمت أن هوّلاء طائفتان » طائفة تقول بانقطاع عذاب كل من في النار من موحد ومشرك » وهم جهم وأصحابه ومن سار في رکابہم کابن القم ٠ وطائفة تقول بانقطاع عذاب الموحدين دون عذاب اللشكرين . أما الطائفة الأول فقد تعلقت بايات من القران » ورواية عن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ‏ وببعض النظريات الفلسفية . أما الايات فهي ك يلي : ١ قوله تعالی يقال النار مثواك خالدين فيا إلا ما شاء الله إن ربك حکم عل 4 «الأنعام. ۱۸( ١ قوله تعالى فما الذين شقوا ففي النار شم فيها زفير وشهيق . خالدين فيها مادامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال 1 يريد («هود ٦١۰ ۷/۱١۱» ووجه الاستدلال بالايتين ما فيهما من استثناء مشيئة الله تعالى مع ما في اية هود من جعل بقائهم في النار منوطا بدوام السماوات والارض مع العلم أن السماوات والارض فانية » والمعلق وجوده على وجود الفاني فهو فان . وأجيب عن الأول بأجوبة متعددة أقواها أن الاستثناء لا يدل على الانقطاع » لأن الاستثناء بمشيئة الله يرد في كلام الله للتنبيه على أن الخبر عنه کائن بمشيئته عز وجل » فلو شاءِ خلافه لكان » وذلك ا في قوله تعالى إسنقرئك فلا تسى إلا ما شاء اف4 «الأعلي ٠٦/۷» مع القطع بعدم نسيانه عَيْكٌ شيعا مما أوحاه الله إليه وأقرأه إياهء » ومثل ذلك تعليق احق الدامغ ‏ ۱۹۲ وعده تعالى الجحازم بمشیئته ا في قوله سبخانه لتد خلن ال مسجد ارام إن شاء الله آمتين 4 «الفتح ۲۷» مع ما ععهد من كوت (إِن) تدخل على الشرط غير المقطوع به وهو هنا لأ يجوز قطعا لنافائه لتا كيد وعد الدخول بلام القسم ونون التأكيد مع ما سبقه من قوله سبحانه لقد صدق الله رسوله الرؤيا باحق وأجيب عن الثاني باجوبة متعددة كذلك أولاها بالأعتاد عليه أن السماوات والارض المقصودة في هذه الايات ليست سماوات الدنيا وأرضها وإنما المراد بها ما أَظلهم وما أقلهم من ماوات الأخرة وأرضها › لان دخول الجنة الذي وك به الأبرار ء ودخول التار الذي توعد به الفجار لا يكون مع بقاء السماوات والأرض الدنيوية ‏ لن ميقاتېما ينهي بعدما تتداعى أجزاءِ الكون ي نشأته الأولى » وياٿي ما وعد الله به في قوله يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ‹إبراهم 48» ولا يخفی على ذي بال أن الاستدلال على انقطا ع عابت ُهل التار بالاستتناء الذي في آيتي الأتعام وهود ء والتعليق بدوام السماوات والأرض في أية هود يُلزمهم أن يقولوا مثل ذلك في ثواب المؤّمنين في الجنة » 4 لان أيه هود ثحت بقوله تعالى لإوأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيا مادامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك «هود ۸٠٠ » فالاستثناء كالاستشناء » والتعليق كالتعليق › وهذا الالزام م خاص بابن القم ومن نحا تحوه من المفرقين بين الثواب والعذاب دون الجهمية لانم يقولون بانقطا ع کل منہما . ولا مخلص لأولعك بقوله تعالى في خاتمة آية السعداء لإعطاء غير نجذوذ 4 (غود 4۱۰۸ء م قوله فيما قبلها ان ربك فعال ‎u‏ یرید شو د ۷ )» لأُن القران س وان تباعدت ایاته ف الترتيب أو النزول احق الدامغ ے ۱۹۴ يصدق بعضه بعضا » و دل قوله #عطاء غير مجذوذ على استمرار النعم . دل قوله وما هم بخارجين من السار «البقرة ۷١٦۱» › وقوله إلا يقضی علیہم فيموتوا ولا يخفف عنم من عذابهاه «فاطر ۳۲)٤ وقوله كلما أرادوا أن يخرجوا منبا أعيدوا فياه «السجدة 0 6» › وقوله إن عذابها كان غراما . إنها ساءت مستقرا ومقاما» «الفرقان ٥ » وقوله ليريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجین منہا وم عذاب مقمك «المائدة 2)۳۷ وقوله ظلوما هم عا بغائبين «الانفطار ١١) › وقوله ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياطك «الأعراف ٠٤ » على استمرار العذاب وحرمان أهله من نعم الجنة » وكفى بهذه النتصوص دللا على أن الله لم يشا بهم إلا العذاب . والملشيعة في هذه الآيات مجملة لم بين » والايات المصرحة بدوام العذاب كالتي أوردتها صريحة ليس على دلالتها غبار » والامور العقائدية تتوقف على النصوص الصرية فلا تستسقى علومها من الأدلة الاجمالية ء فكيف يلجا إل المجملات مع وجود التفصيل » والتناسخ في أخبار الشارع لا يجوز بال » لأنه سبحانه لا تبدو له البدوات » ولا يجهل شيا مما يكون » ولا يوحي إلا بالصدق › فلا معنی لا رواه ابن جرير وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه أنه قال في هذه الآية ‏ أي اية هود تأتي على القران كله إِذ لم يكن للقران أن يكذب بعضه بعضا › وما كان لجابر س وهو الصحابي الجليل المتخرج من مدرسة النبوة ‏ أن يجرو على مثل هذا القول » وإنما هو من افتراءات أهل الأهواء وتلفيقات اصحاب الغرور . ولصاحب النار في تفسير اية هود تحرير وضع فيه المقصل على اللفصل › ونصه : «خالدين فيہا مادامت السماوات والأرض » أي ماکٹین فیہا مکث الحق الدامغ ‏ ۱۹ بقاء وخلود لا يبرحونما مله دوام السماوات التي تظلهم والأرض التى تقلهم » وهذا بمعنى قوله في ايات أخرى #ەخالدین فیہا أبداڳه › فان العرب تستعمل هذا التعبير بمعنى الدوام › وغلط من قالوا : المراد مده دوامها في الدنيا » فان هذه الأرض تبدل وتزول بقيام الساعة › وسماء كل من أهل النار وأهل الجنة ما هو فوقهم » وأرضهم ما هم مستقرون عليه وهو تحتهم » قال ابن عباس لكل جنة أرض وسماء » وروی مثله لإإلا ما شاء ربك أي أن هذا الخلود الدائم هو امعد لحم في الأخرة المناسب لصفة أنفسهم الجهول الظالمة التي أحاطت بها ظلمة خطيئاتها وفساد أخلاقها ك فصلناه مرارا إلا ما شاء ربك من تغيير هذا النظام في طور اخر فهو إنما وضعه بمشيئته وسيبقى في قبضة مشيئته › وقد عهد مثل هذا الاستثناء في سياق الأحكام القطعية للدلالة على تقييد تابيدها بمشيئته تعالى فقط لا لافادة عدم عمومها كقوله تعالى : طقل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الل (۷ : ۱۸۸) أى لا أملك شيغا من ذلك بقدرتي وإرادتي إلا ما شاء الله أن بملکنیه منه بتسخیر اسبابه وتوفيقه » ومثله في (١٠ : ٩٤) مع تقديم الضّر » وقوله : Çسنقرئك‏ فلا تنسى إلا ما شاء الله (۸۷ : ٢٦۷) على أن الاستثناء لتا كيد النفي أي إنه تعالى ضمن لنبيه حفظ هذا القران الذي يقرئه إياه بقدرته › وعصمه أن لا ينسي منه شلعا.بمقتضى الضعف البشرى › فهو لا يقع إلا أن يكون بمشيئة الله › فهو وحده القادر عليه . إن ربك فعال لا يريد › فهو إن شاء غير ذلك فعله . ما شاءِ کان وما لم يشا لم يكن » وإنما تتعلق مشيئته با سبق به علمه » واقتضته حكمته » وما كان كذلك لم يكن إخلافا لشيء من وعده ولا من وعیده ٤ كخلود أهل النار فيها » فإن هذا الوعيد مقيد بمشيئته » وهي تجري بمقتضی الحق الدامغ ‏ ١۹٠ علمه وحكمته .» (۱) ۳ _ قوله تعالى : تۈلابثين فہا أحقابا «التباً ٢ » ووجه استدلا شم به أن الأحقاب متناهية » ومادام لبهم فيا مقدرا بقدرها فهو متناه أيضا . وجوابه أنه ك لا تتناهى الأنقاس في الدار الأخرة مع أنه لا قسية بينها وبين الأحقاب في مقدار ما تستغرقه من الزمن » فالأحقاب أبعد عن التاهي » على أن لفظة الأحقاب مأخوذة من أحقب إذا أردف قهي أدل على الترادف المستمر الذي لا انقطا ع له . وقد أحسن الفخر الراي حيث قال في تفسير الاية : «فقإت قيل : قوله (أحقابا) وإن طالت إلا أنه متتاهية » وعذاب أهل التار غير متتاه ء بل لو قال لايئين فيا الأحقاب لم يكن هذا السؤال واردا ء وتظير هذا السوّال قوله في أهل القبلة إلا ما شاء ربك قلتا الجواب من وجوه : _ الأول : أن لظ الأحقاب لا يدل على مضى حقب له تهاية . وإِغا الحقب الواحد متناه › والمعنى أتهم يليثو ن فيا أحقابا » كلما مضی حقب تبعه حقب اخر . والثاتى : قال الزجاج المعنى أتيم يلبثون فيها أحقابا لا يذوقوت فى الأحقاب بردا ولا شرابا » فهذه الأحقاب توقیت لتوع من العذاب »٠ وهو أن لا يذوقوا بردا ولا شرايا إلا حميما وغساقا » ثم يبدلون بعد الأحمقاب عن الحمم والغساق من جنس اخر من العذاب . وثالثها : هب أن قوله (أحقابا) يفيد التناهى لكن دلالة هدا على الخروج دلالة المفهوم ء والمتطوق دل على أتهم ل يخرجون » قال تعالی لإيريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منا وم عذاب مقم «الائدة ۳۷ › ولا شك أن النطوق راجح . وذكر صاحب الكشاف في الاية وجها اخر » وهو أن يكون أحقابا (۱) انار ج ١۱ ص ١/5 الطبعة الرابعة › دار انار الحق الدامغ ‏ ١۱۹ من حَقَب عامُتا إذا قل مطره وخيره ء وحقب فلان إذا اخطاه الرزق فهو حَقَب وجمعه أحقاب » فینتصب حالا عنہم بمعنی لابٹین فیہا حقبين مجدیین › وقوله ٍلا یذوقون فیہا بردا ولا شرایاګ تفسیر له ۔ (۱) يذوقون .. اح حال من فاعل (لايشين) وفسروا ذلك اُنہم یلبثوت فیہا أحقايا وهم لا يذوقون فيہا يردا ولا شرايا إلا ما ذكر » ثم ينتقلون إلى لون اخر من العذاب وهو تعذيبهم ببرد الزمهرير » الذي يتمتوت أن ينفكوا عنه يالعودة إلى جهنم والعياذ يالله » وعلى هذا فلا إشكالٌ ولو ياعتبار الاأحقاب منتاهية ء ومهما يكن فإتهم لم يستدلوا بتص يفيد ما ادعوه › وإتما بتأويلات تقابل ما يبطلها › والأمور العقائدية ‏ ك قلت لابد وأما الرواية فحديث عبد الله بن عمرو بن العاص (لياتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس قيہا أحد) ولا يتم به اللاستدلال لأنه قبل کل سشيء حديث احادي لا تنبض به حجة في القطعيات قضلا عما في متنه وإسناده من تُكاره » ولو قدرتا صحته لكان الواجب تاويله با يتفق مع قواطع النصوص ء وهو أن أهلها ينتقلون عنما إلى الزمهرير ء ومع ضعف الحديث لا داعى إلى مثل هذا التاويل . وأما النظريات الفلسفية فمنها ما تقدم تقله عن الجهمية › ومنها ما ويتلخص ف أن الرحمن الرحم ء البر الكرم › العزيز الحم 4 أجل من أن يلق يَشا للشر دون الخير ء وللعذاب دون الرحمة ء وأن فطرة (۱) التفسير الكبير للفخر الرازى . ج ٣۳ ص ۳١/4٠ ط ۲ داز الكتب العلمية بطهران (۲) أنظر الصواعق المرسلة ص ٢۲/٠۲4 »٠ مطيعة الامام .. وحادي الأواح ص ٢/۷ دار الكتب العلمية احق الدامغ ‏ ۹۷١ الله في الانسان هي التوحيد والتقوى والاخلاص غير أنها تتكدر با کدار من العصيان متفاوتة » منها ما تصقله الدعوة › ومنها ما يصقله العذاب الموقوت بامد قل » ومنها ما يتاج صقله إلى فترة أطول في العذاب ٠ وأن الغاية من ذلك أن يدرك الانسان ضعفه بين يدي ربه وافتقاره إلى رحمته » واضطراره إلى لطفه › وعدم طاقته على تحمل نقمته مع إدراکه قوة الله وبطشه » وأنه عظم المن والاحسان إلى خلقه › فإذا أدرك العبد ذلك وانجلت فطرته من صدا العصيان › وتراجع إمانه بعدما طار به طائر الكفران لم يبق معنى لتعذيبه » لأن الله تعالى منزهة أفعاله عن التجرد من الحكمة › ولا حكمة في العذاب الدائم › وقد وزع ابن القم ما استنتجه من هذه الفلسفة وتاوله من القران » واستند إليه من الأثار إلى خمسة وعشرين وجها . وقد أورد صاحب النار نص كلامه في حادي الأرواح » وأتبعه من عبارات الاعجاب والثناء ما يدل على أنه منجذب إليه › وذلك في تفسير آية المشيئة من سورة الأنعام » (١) وهو مخالف لا سبق نقله عنه في تفسير الاستثناء بالمشيئة في اية هود › ك أنه مخالف لا نقلناه عنه من كلامه في مقدمة تفسيره لسورة البقرة » وما سننقله إن شاء الله عنه من النصوص الأخحرى ويدحض هذه النظريات أن الله تعالى لا تتقيد أفعاله بأنظمة تحكمها عقول البشر › ولا ترتبط بنوامیس تستوحی من خيالات الناس › ونما يفعل جل شأنه ‏ ما يشاء ويحكم ما يريد › لا يسأل عما يفعل وهم يساألون »٠ وعلينا أن نعتقد أن عقولنا الحدودة أكل وأعجز وأحسر من أن تحيط بحكمه تعالى في أفعاله » أو تكتنه أسراره في خلقه › وما أوتيم من العلم إلا قليلاك «الاسراء ٥8» (١) انظر النار ج ۸ ص 4۹/۹۸ »› الطبعة الرابعة س دار انار الحق' الدامغ ‏ ۱۹۸ وما علينا إلا أن نسلم تسليما لأخبار اله التي لا تيدل » ومن ي أخبار الوعيد لقطينا أن الله عز وجل لا يقول إلا الصدق › ك أنه لا يأمر إلا به ومن أصدق من الله قيلاڳه «النساء ١١٠» ولو فتحنا هذا الباب » وأسندنا إلى عقولنا الحكم على أخبار الله › ا كانت لذلك نتيجة إلا رد كثير من التصوص بل أكترها » لأن الشيطان لا يزال يوسم هذه الثغرات ويوا ى » توجيه طعنات التشكيك في اللصوص »٠ لحمل الناس على ردها أو على تاويلها بمختلف التأويلات الباطلة المغالفة لا يراد بتلك التصوص › على أن نصوص تابيد عذاب النار كتصوص تابيد نعم الجنة » فإٍذا جاز تاويل تلك فما الذي نع من تاويل هذه ؟ ومن دواعي العجب أن يلجا ابن القم إلى المدرسة العقلية في تعليل أفعاله تعالى مستندا إلى ما يوحي به العقل من التحسين والتقبيح › مع أنه هو الاثري المتعصب الذي بنع كل المنع تأويل الآيات المتشابمات با يتفق مع معاني أمهاتها الحكمات › ويستلزمه تنزيه الله تعالى عن مشابمة خلقه › وتسوغه اللغات وأعرافها › وتقتضيه القرائن السمعية والعققلية › فما ابعد البون ما بين الموقفين . وقد أعرضت عن سرد كلامه وتتبعه بالنقض 5٠ مكتفيا بإيراد هذا الللخص وإتباعه با ذكرته » توفيرا للوقت وإراحة للقارىء من مزيد عناء › في قضية أصبحت الآن من المسلمات عند الأمة ء إذ لم يبق فيما أخسب ‏ من يذهب مذهب ابن القم في التفرقة بين بقاء النعم والعذاب على الاطلاق . وأما الطائفة الثانية ‏ وهم الذين يفرقون بين عصاة الموحدين وغيرهم من أهل النار في مدة العذاب ‏ فهم يستدلون كذلك بايات من الكتاب وروايات من السنة » واستدلال عقلي لا ذهبوا إليه » أما الأيات فقد تعلقوا الحق الدامغ ‏ ۹۹٠ منها بما تعلقت به الطائفة الأول » وكفى يما سبق من النقض لاستدلال أوكك ردا على دعوى هؤّلاء » على أن تلك الآيات ليس فيا ما يدل باي وجه على تفرقة بين عصاة الموحدين وغيرهم › ولا هى ئي وعيد جميع أهل النار والعياذ بالل » اللهم إلا ما في سورة النبا » فإن ما وليه من ذم لمتوعدين قاض باهم متكرون للبعث » وذلك قوله تعالى : انهم کانوا لا يرجون حسابا . وکذبوا بایاتنا کذاباه فلو کان مطمع في خروجهم يلوح من قوله تإلابئين فيا أحقاباك لكان أولى به المتكرون للبعث اللكذبون بالكتاب › ولكن أ ذلك وقد اختم هذا الوعيد بقوله فذوقوا فلن نزید ك إلا عذاباڳ «النباً ٢٠ وتعلقوا أيضا بما لا يشير إلى ذلك من قريب ولا من بعید » کقوله تعالى ترما يود الذين كفروا لو .انوا مسلمين «الحجر 6» › ووجه تعلقهم به أن ودهم ذلك يكون عندما يرون عصاة المسلمين يخرجون من النار مع بقائهم فيا . وهذا تاويل لا يقتضيه لفظ الآية » ولم يقم عليه شاهد من غيرها » لان ودهم ذلك يحتمل أن يکون عندما يرون قوة الاأسلام: ضاربة في الأرض وسلطانه مهيمنا على الأنم » وكلمته نافذة بين الناس » فيودوا لو كانوا سايقين إليه » ويحتمل أن يكون عندما تنتزع أرواحهم » ويشهدون من طلائع أهوال الدار الاخرة ما ل ية يحتسبوه » ويحتمل أن يكون عندما يبعثوں من قبورهم ويواجهون الفزع الأكبر ویدر کون أنه لا منحاة بونذ إلا لن اعتصم ميل الاسلام وزی إل رنه وسات بعروته » و کل واحد من هوُلاء الوجوه مروي عن جماعة من مفسري السلف وال خلف ٠ فلم يق مجال للاستدلال بالاية على ما لم تكن نصا عليه ولا ظاهرة فيه . وأما الروايات فهى متعددة ولكن تقابلها روايات لا تقل عنها جودة ولا كارة » سأذكر بعضها إن شاء الله في اخر الفصل الآتي على أن الحق الدامغ ‏ روایات الخروج من النار معأرضةه لتصوص القرات › وروایات الخلود فہا تفقة معها » ويتعين المصير في مثل هذه الحالة إلى ما اتفق مع القران لا إلى ما خالقه . وأما الاستدلال العقلي فهو أنه لو تساوى عصاة الموحدين مع اللشركين في الخلود لا بقى لكلمة التوحيد أثر» ولا لأعمال الير فائده . وجوابه أنهم وإن تساووا في الخلود فهم غير متساوين في العذاب › 5 أن الأيوار لا يتساوون في التو اب بل يتفاو تون يتفاوت الاعمال 4 واتار در ت 5 أن اة در جات . اق الدامغ. 1.34 الفصل الغالث في أدلة القائلين بخلود هيع مرتکبي الكبائر في النار وهي قسمان » بعضها من الكتاب وبعضها من السنة : أما من الكتاب فكثيرة نذ کر متها ما يل : ١ قوله تعالى «إوقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أَتَعْذةم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون . بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولعك أصحاب النار هم فیہا خالدون؟ «البقرة 8۱/۸۰) › ودلالته عليه من وجوه : أولا : أن هذه العقيدة يهودية المنبت ك هو ظاهر من هذا النص وقد ذكرت في مساق التنديد بهم والتشهير بضلالمم . ثانيها : ما فيه من الاستنكار لذا القول الوارد مورد الاستفهام المقصود به التحدي » والتقرير بأنهم لم يستندوا في مقالتهم هذه إلى عهد من الله › وإما هي من ضمن ما يتقولونه عليه تعالى بغير علم » وناهيك بذلك ردعا عن التاسي بهم فيما يقولون » والخوض معهم فيما يخوضون . وأحاطت به خطيئته لعدم تخفلصه منها بالتوبة التصوح أنه خالد في النار مع الخالدين › وهو رد على هذه الدعوى يستأصل أطماع الطامعين في النحاة مع الاصرار عل الاثم . , ما أجدر العاقل بأخذ الحيطة وعدم الاغترار بهذه الأماني التي تشبث بها آهل الكتاب » وحذر الله هذه الامة من التشبث بها ك تشبثوا حيث دون الله ولیا ولا نصیراڳ «النساء ۱۲۳» الحق الدامغ ‏ ٢۲۰ واعترض على الاستدلال به بأمرين : أولما : أن السيئة هنا هي الشرك ا روي عن طائفة من المفسرين وإذا كان هذا الوعيد للمشركين فهو لا ر يعم الموحدين . انيما : أن الخلود م يرد به التأبيد وإنما أريد به الملكث الطويل . ويرد الاعتراض الأول أن حمل السيعة على الشرك وحده خروج بالاية عما يقتضيه لفظها › فإن لفظ (سيئة) نكرة مطلقة في سياق الشرط ٠ والتكرات إذا وردت في الشرط فهي محمولة على العموم لأن الشرط كالنفي › وحكم النكرة في سياق النفي عمومها . وإن أردت مزيد البيان في ذلك فانظر في قول القائل لعبيده : من جاءنى بعملة فهو حر »› فانه يعتق بقوله هذا من جاءه باي شيء يصدف عليه أنه عملة » سواءِ کان درھما أو دینارا او ریالا او جنیہا » أو غيرها ؛ وكذلك لو قال م من أتاني بثوب فهو حر فان هذا الحكم يصدق على من جاء بما يصدق عليه اسم الثوب . قميصا كان أو إزارا » أو سيئ وقد زف ۽ أو سرق ٤ أو شرب الخمر» أو عق والديه » أو أكل ربا » أما يعد خالا بقسمه هذا ! موم فيا . كلك لأا ول إن عد حلص من العصية توي الصو يجعلها محيطة بصاحبما › مستولية عليه كالاأخذ بناصيته الممسك بتلابيبه › بمخلاف ما إذا تخلص متها باللجوء إلى التوبة النتصوح » وهذا معنى ما روي عن السلف ودونكم بعض النصوص الروية في ذلك . احق الدامغ ‏ ۳٢٠۲۰ عن الأعمش عن أي روق عن الضحاك وأحاطت به خطيئتە قال : مات بدنيه . حدئنا ايو كريب قال ٹنا جابر بن توح » قال تنا الأعمش عن أي رزين عن الربيع بن يخم ت لوأحاطت به خطيتتە قال مات علمہا . حدثنا این حمید قال تنا سلمة » قال أخيرتي اين اسحاق ۽ قال حدثتي محمد ابن ِي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس وأحاطت به خطيكتەك قال : يحيط كفره با له من حسنة ‏ والكقر يعم الكبائر كلها لأتها من كرات التعم ‏ حدئتي محمد بن عمرو قال ٿنا ابو عاصم ۽ قال حدئتي عیسی عن اين أي نجيح عن مجاهد تو أحاطت به حطیئتە قال : ما أوجب الله فيه التار . حدثا يشر قال تنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة طلوأحاطت به خحطيئتەك قال : أما الخطيئة قالكبيرة الموجبة . حدتنا اللحسن قال أخبرنا عبد الرزاق عن قتادة لو أحاطت به حطیئتە قال : الخطيعة الكبائر . حدثني انی قال ثنا اسحاق قال ثنا وکیع وییی بن ادم عن سلام بن مسکین » قال سال رجل الحسن عن قوله .لوأحاطت به خطيئتە فال : ما تدرى ما الخطعة ؟ یا بتی اتل القرات فكل اية وعد الله علہا التار فهي الخطيئة . حدثنا أحمد بن اسحاق الأهوازي قال تنا أبو أحمد الزبيري قال تنا سيان عن متصور عن مجاهد ئي قوله ت وبلى من كسب سيعة وأحاطظت به خطيئتە» قال كل ذتب حيط فهو ما وعد الله عليه النار . حدثنا أحمد بن أسحاق قال ثنا أبو أحمد الزبيري ۽ قال ٹا سفيات الحق الدامغ ‏ ٢٤۲۰ عن الاعمش عن اي رزین و أحاطت به خحطیتته 4 قال مات حدثنى الثنى قال ثنا أيو تعم قال تنا الاعمش قال تنا مسعود ايو رزين عن الربيع بن خيثم في قوله لۋواحاطت به خطيئتە قال هو الذي يموت على خطيئته قيل أن يتوب . حدئنا القاسم قال تنا الحسين قال قال وكيع : معت الأعمش يقول في قوله «وأحاطت به خطيئتە» مات بذتويه . و أحاطت په وم خحطیئتە 4 الكبير ة اللوجبة . ل أحاطت به خطيئتە فمات ولم يتب . (۱) وهذا الذى تقله الامام اين جرير عن سلف الأمة في معنى الآية الكريمة » هو الذي ذهب زليه الامام الحقق محمد عبده يعد دقة إمعانه وتسريح فكره فيما يراد. بالسيئة وبإحاطة الخطيئة ء وها ما جاء عته في المتار : «للسيئة هنا إطلاقها وخصها مفسرنا «الجحلال» وبعض المفسرين بالشرك ء ولو صح هذا ما كان لقوله تعلل م وأحاطت به خطيئتە معتى » فان الشرك أكير السيئات ء وهو يستحق هذا الوعيد لذاته كيف ما كان ء ومعتى إحاطة الخطيئة هو حصرّها لصاحبها وأخذها بجوانب إحساسه ووجدانه کاته یوس فما » لا جد لنفسه مخرجا متہا » یری تفسه حرا طليقا وهو أسير الشهوات وسجين الموبقات ورهين الظلمات › ونما تكون الاحاطة بالاسترسال في الذنوب واتمادي على الاصرار ء قال تعال ت کلا بل ران على قلوبہم ما کانوا يکسبون4 «الطقفين ٤ ١» أى (۱) جامع البيان عن تاويل آي القرآت ج ١ ص ٣۴۳۸۷/۴۸ء عط دار الفكر. احق الدامغ ‎Y.o‏ من الخطايا والسيئات › ففي كلمة يكسبون معنى الاسترسال والاستمرار » ران عليه غطاه وستره » اي ان قلوبہم قد اصبحت ئي غلف من ظلمات المعاصي حتى لم يبق منفذ للنور يدخل إليها منه » ومن احدث لكل سيئة يقع فيا توبة نصوحا وإقلاعا صحيحا لا حيط به الخطايا › ولا يرين على قلبه السيئات ٠ روى أحمد والترمذي والحا ك وصححاه والنساني وابن ماجة وابن حبان وغيرهم من حديث أبي هريرة أن النبي عد قال : (إن العبد إذا أذنب ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء » فان تاب ونزع واستغفر صقل قلبه » وإن عاد زادت حتى تعلو قلبه فذلك الران الذي ذكر الله تعالى في القران فلكلا بل ران على قلوبہم ما کانوا يكسبون؟ ..) » لثل هذا كان السلف يقولون (المعاصي بريد الكفر) (١) ويرد اعتراض الثاني أن حمل الخلود هنا على المكث الطويل دون التابيد يستتبع حمله على ذلك في نظيره » وهو الخلود الموعود به الذين امنوا وعملوا الصالحات في الجنة إذ لا دليل على الفرق بينهما . وقد تحدث عن ذلك الامام محمد عبده فقال : «ومن المفسرين من ترك السيئة في الاية على إطلاقها › ؤم يوا بالشرك ولكنهم أولوا جزاءها » فقالوا إن المراد بالخلود طول مدة المكث » لأن المؤمن لا يخلد في النار وإن استغرقت المعاصي عمره » وأحاطت الخطايا بنفسه فانمك فيها طول حياته » أولوا هذا التاويل هروبا من قول العتزلة إن أصحاب الكبائر يخلدون في النار» وتأييدا لمذهبهم أنفسهم الخالف للمعتزلة › والقران فوق المذاهب › يرشد إلى أن من تحيط به خطيئته لا يكون أو لا يبقى مۇمنا .» وقال عقبه السيد محمد رشيد رضا : «إن فتح باب تأويل الخلود رى )۱( المنار ج ۱ ص ۳۳ الطبعة الرابعة ٠ دار المنار الحق الدامغ ‏ ٢٠۲ أصحاب استقلال الفكر في هذا الزمان على الدخول فيه » والقول بأن معنى خلود الكافرين في العذاب طول مكنهم فيه » لأن الرحمن الرحم الذى سبقت رحمته غضبه ما كان ليعذب بعض خلقه عذابا لا نهاية له › اللنفعة › وإذا كان التقليد مقبولا عند الله ك يرى فاتحو الباب › فقد وضح عذر الأكثرين لأنمم مقلدون لعلمائهم .. الح ما يتكلم به الناس ولاسيما في هذا العصر › فإن هذه المسالة قديمة » وهي أكبر مشكلات الدين › نعم إن العلماء يحتجون عليهم بالاجماع ولو سكوتيا » ولكن التأويل باب لا یکاد يسده متی فتح شي» (۱) وكلامه هذا يشير إلى ما ذکرته قبل » من أن تاویل ا خلود بالکٹ الطويل دون التابيد إذا قيل به في وعيد طائفة لزم منه أن يحمل عليه ما جاء من الخلود في وعيد غيرها » بل يترتب عليه تسويغ مثله في وعد اللؤمنين بال خلود في الجنة » وقد أشار إلى مثل ذلك في تفسير سورة النساء › (۲) وبهذا ينتقض على قول من يحصر الخروج من النار في الموحدين مذهبهم للزوم أن يقولوا مثله في المشركين » وأن يقولوا بانتهاء نعم الجنة إل أمد . ٢ س قوله تعالى للإفمن جاءه موعظة من ربه فانتبى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيا خالدون» «البقرة ٢6۷» 5ء ووجه الاستدلال بالآية أنها وعيد لأكلة الربا وهم غير مشركين » لأن الآية في معرض التحذير من أكل الربا بعد تحريمه . واعترض بأن هذا الوعيد ليس على أكل الربا بل هو على استحلاله › بدليل ما جاء في صدرها من حكاية قوم المعارض لحكم الأسلام في الربا == سے (١) المرجع السابق ص ۳٣۳/٤۳۱ (۲) المرجع السابق ج ٥ ص ٤٢٣۳ ج ال حق الدامغ ‏ ۷٠۲ إن البيع مثل الربا «البقرة ٥6۷ ء والمُسَحل 1 جرم الله بالئص والجواب أن حمل الوعيد على الاستحلال دون الأكل يمون من وقع أوامر الله تعالى وتواهيه في نفوس العباد » ويقلل من أهمية حكم الحرمة في الحظورات , على أن سياق ما قبل وما يعد هذه الاية ٳنما هو. حظر الربا ۽ وتغليظ أمره على الناس ٠ وليس ذكر ما يقوله مستحلوه مخرجا هذا الوعيد عما يقتضيه السياق » وإلا لما كانت فائدة في شيء ما ذكر قبلها أو بعدها , وقد تفطن لذلك الامام محمد عيده فأ في كشف اللثام عن مخدرات معاني الآية للأفهام با قصه صاحب النار حيث قال ‎O‏ دأي ومن عاد إل ما كان ياكل من الريا الحرم بعد تحريمه فاولعك البعداء عن الاتعاظ بموعظة ربهم الذي لا يتهاهم إلا عما يضر بهم في أقرادهم أو جميعهم ء هم أهل التار الذين يلازموتيا ك يلازم الصاحب صاحیه فیکونون خالدین فیا . وقد أول الخلود المفسرون لتتقق الآية مع المقرر في العقائد والفقه من كون المعاصي لا توجب الخلود في النار » فقال أكثرهم إن المراد ومن عاد إلى تحليل الربا واستباحته اعتقادا ء ورد بعضهم بأن الكلام في أكل الريا ء وما ذكر عنهم من جعله كالبيع هو بيان لرأيهم فيه قبل التحريم » فهو ليس بمعنى استباحة الحرم » فَإِدًا كان الوعيد قاصرا على الاعتقاد بحله لا يكون هناك وعيد على أكله يالفعل . والحق أن القرآن قوق ما كع التكلمون والققهاء ء يب إرجاع كل قول في الدين اليه ۽ ولا يجوز تاويل شيء مته ليواقق كلام التاس ء وما الوعيد با خلود هنا إلا كالوعيد بالخلود ئي ية القَتَل العمد ء وليس هناك شبہة في اللفظ على إرادة الاستحلال . احق الدامغ ‏ ٢٠۲ ومن العجيب أن بجبعل الرازي الآية هنا حجة على القائلين يخلود مرقكب الكبيرة في التار اتتصارا لأصحابه الأشاعرة ء وخير من هذا التأويل تأويل بعضهم للخلود بطول المكث . أما تحن فنقول ما كل ما يسمى إيمانا يعصم صاحبه من الخلود في النار ء الايمان إمائان » إمان لا يعدو التسلم الاجمالي بالدين الذي نشا فيه الرء أو نسب إليه » ومجاراة أهله » ولو بعدم معارضتهم فيما هم عليه › وإيمان هو عبارة عن معرفة صحيحة بالدين على يقَين بالايمان متمكنة في العمل بالبرهان » موّثرة في النفس بمقتضى الاأذعات › حاكمة على الارادة اللصرفة للجوارح في الأعمال ء بحيث يكون صاحبيا خاضعا لسلطاتما في كل حال إلا ما لا يخلو عنه الانسان من غلية جهالة أو نسيات › وليس اثريا من المعاصي التي تنسى ء أو تغلب النفس عليما خفة الجهالة والطيش كالحدة وثورة الشهوة ء أو يقع صاحبما متها في غمرة التسيان ء كالغيبة والتظرة ء فهذا هو الامان الذي يعصم صاحبه بإذن الله من الخلود في سخط الله ء ولكنه لا يجتمع مع الاقدام على كيائر الاثم والفواحش عمدا إيثاوا لحب الال واللذة على دين الله وما فيه من الحكم والمصالح ۽ وما الايمان الأول فهو صوري فقط › فلا قيمة له عند للله تعالى لاه تعالى لا يتظر إلى الصور والأقوال ولكن ينظر إلى القلوب والأعمال ك ورد في الحديث » والشواهد على هذا الذي قررناه في كتاب الله تعالى كثيرة جدا ء وهو مذهب السلف الصاح وت جهله كثير مئ يدعون لتياع السنة » حتى جرأوا الاس على هدم الديى يناء على أن مدار السعادة على الاعتراف بالدين › وإِنْ ن يعمل به » حتى صار التاس يتبجحون يإرتكاب الوبقات مع الاعتراف يأنها من كبائر ما حرم ء کا بلغنا عن يعض کبرائنا أنه قال إتتي لا أنكر أتتي اكل الربا ولکنتى مسلم أعترف بانه حرام « وقد فاته باته يلزمه بهذا القول الاعتراف يانه من آهل هذا الوعيد ء وباته احق الدامغ ‏ ۲.4 يرضى أن يكون ماربا لله ولرسوله » وظانما لنفسه وللناس › ا سياني في اية أخرى › فهل يعترف بالملزوم أم ينكر الوعيد المنصوص فيؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض ؟ نعوذ بالله من الخذلان .» (۱) وكلامه صرح في أن مذهب السلف الصالح هو ما عليه أهل الاستقامة والحمد ۳ ل قوله تعالى ل(ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دینېم ما کانوا يفترون «ال عمران ٤۲» » ووجه الاستدلال به ما سبق في نظيره من إثبات أن هذه العقيدة من عقائد الهود » وانها جرأتهم على معصية الله » وقادتهم إل الاعراض عن كتابه » وذكرت في معرض تفنيد ضلاهم وتبكيتهم على عيوبهم » ولصاحب النار في تفسيره هذه الاية كلام جاءِ فيه : «لعل المراد بعبارة الاأية أً: نېم كانوا يعتقدون أن الاسرائيلي إذا عوقب فان عقوبته لا تكون إل قلي 4 کا هو اعتقاد أكثر الملسلمين اليوم » إذ يقولون إن المسلم المرتكب لكبائر الاثم والفواحش إما أن تدركه الشفاعات وإما أن تنجيه الكفارات »٠ وإما أن يمنح العفو والمغفرة بمحض الفضل والاحسان › فان فاته كل ذلك عذب على قدر خحطيئته ثم يخرج من النار ويدخل الجنة » وأما المنتسبون إلى سائر الأديان فهم خالدون في النار كيفما كانت حالم › ومهما كانت أعماشم ٤ والقران لا يقم للانتساب إلى دين ما وزنا » وإنا ينوط أمر النجاة من النار والفوز بالنعم الدائم في دار القرار بالايمان الذي وصفه وذكر علامات أهله وصفاتهم » وبالاعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة » مع التقوى وترك الفواحش ما ظهر منها وما بطن . ِ وأما المغفرة فهي خاصة في حكم القران بمن لم تحط به خطيئته ٠ وآما من أحاطت به حتی استغرقت شعوره ورانت علي قلبه فصار همه حصورا في إرضاء شهوته » ولم يبق للدين سلطان على نفسه فأ ولىك أصحاب النار هم فيا خالدوني ذا يحكم هذا الكتاب الحكم بأن من )۱( الملرجع السابق ج ۴ ص ۹۹/۹۸ الحق الدامغ ‏ ٢٠٠۲ يجعل الدين جنسية وينوط النجاة من النار بالانتساب إليه ُو الاتكال على من أقامه من السلف فهو مغتر بالوهم مفتر يقول على الله بغير علم ٤ ا قال هنا ت وغرهم في دینہم ما کانوا يفترون4 «ال عمران ٤ أى بها زعموا من تحديد مدة العقوبة للأمة في يحموعها › وهذا من الافتراء الذى كان منشا غرورهم في دينهم » ومثله لا يعرف بالرأي ولا بالفكر ما يؤيده › ولا يوثق به إلا بعهد من الله عز وجل » ولا عهد بهذا › وإنما عهد الله هو ما سبق في سورة البقرة › طلإوقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما فيا خالدون › والذين امنوا وعملوا الصالحات أولئعك أصحاب الجنة هم فيا خالدونك «البقرة ۰ 8۲/۸» (۱) نم تناول تفسير قوله تعالى للإفكيف إذا ججعناهم ليوم لا ريب فيه ووفیت کل نفس ما کسبت وهم لا يظلمونه «ال عمران ٢۲) وعندما تكلم على جملة وهم لا يظلمون» قال : «وقد قال المفسرون في هذه الجملة كلمة أحب التنبيه على ما فيها › قالوا فيا دليل على أن العبادة لا تحبط » وأن المؤّمن لا يخلد في النار لأن توفية جزاء إيمانه وعمله لا تكون في النار ولا قبل دخولا › فإ ذا هي بعد الخلاص متها ء والعبارة خاصا بالعبادة والامان » بل هو عام وشامل لكل ما عمله العبد من خير وشر » فإذا أرادوا أن الآية تدل على أنه لابد من الجزاء على الكسب ا يوجد أحد من البشر لا يحسن عملا قط وجب ان یجازی عليه » وهم () المرجع السابق ص ۷٦۲۹۸/۲ احق الدامغ ‏ ۹٢۲ لا يقولون بذلك » ولذلك خحصصوا وأخرجوا الآية عن ظاهرها › وإڌا تحن جمعتا بين هذه الآية التى وردت ردا لقول الذين زعموا أنهم لن تمسهم التار إلا أياما معدودة ء واية البقرة التى وردت في ذلك أيضا » وعلمتا أن مراد الله ق الحزاء عل كسب الانسات حسيه ٤ وهو أن العبرة بتا یر العمل في النفس قإذا كان أثره السيىء قد أحاط بعلمها وشعورها ء واستغرق وجداتها كانت خالدة في التارء لأن العمل السيىء لم يدع للايمان أثرا صالخا فا يعدها لدار الكرامة » يل جعلها من أهل دار الحوات بطبعها » وإذا لم يصل إلى هذه الدرجة بأن غلب عليما تأثير العمل الصاح أو استوى الأمرات فکانت بین بین جوزیت على کل بحسب درجته کا فررتا انتما) (۷) هذا كلامه ولا يذ مما سبق أو لحق مته أن غير المؤّمن بملة الاسلام ينجيه شي من عمله من عذاب النار » لأته بفقدانه الايمان الي هو أساس العمل يحرم جنى عرات إحسانه فيما عمل » لان الايمان شرط لصحة الأعمال وقبوا » قال تعالى : لçإفمن‏ يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كابوت «الأنبياء 44» ء وقال ومن يعمل من الصا حات وهو مؤّمن فلا يخاف ظلما ولا هضما «طه ١۱ء فترى أن الامان قيد لصحة العمل . واستدلال القائلين بخروج آهل الكبائر من التار بقوله تعالل و هم لا يظلمون» ‏ بانب كونه مستلزما لا قاله العلامة السيد رشيد رضا من اشتراك الكفار في ذلك مع المؤمتين ‏ يقتضي أن اليهود هم أولى بهذا الحكم لأن الآية تزلت فهم .. والتحقيق أن العبرة بخواتم الأعمال » قمن خم له بالعقيدة الصحيحة والعمل الصالح كان سعيدا عند الله مهما عمل من قبل » قَإن التوبة تمحو (١) المرجع السابق ص ٢٦6۹/۲ احق الدامغ ‏ ٢¥ الأثام وتطهر صاحبما من الحوب » ومن حع له يالاصرار على الآثام لم تخد أعماله السابقة شيعا لأنها محبطة بإصراره » والله تعالى يقول تما يتقبل الله من المتقين ك «المائدة ٢۲» والتقوى لا تجامع الأصرار . ٤ س قوله تعالى : تومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا قیہا وله عذاب مهين 4 «التساء ١ ١» ¢ ووجه الاستدلال به أنه جاء بعد تبيان أحكام المواريت ء والنص على أتها من حدود الله » ووعد من يطيع الله ورسوله بالخلد في جنات تجري من تحتها الأنهار » فثبت من ذلك يان من جاوز حكما من أحكام الله صدق عليه هذا الوعيد » وقد تحدث قي تفسير هذه الاية كل من الأمام محمد عبده والسيد رشيد رضا يا يريد كلامهما السابق . (۲) ٥ قوله تعال ومن يقتل مؤّمنا متعمدا قجزاؤه جهنم خالدا فيا وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيماك «التساء 0۹۳ ء ووجه الاستدلال بالاية أن الله تعالی توعد فیہا قاتل اومن قیما توعده به بالخلود في النار مع أن القتل كبيرة دون الشرك . وقد حاولوا التخلص ما دل عليه هذا التص بضرؤب من التأويلات التي أتكر فيا بعضهم على بعض ٠ ولم يتفقوا منها على شي . قال الفخر : «وزعم الواحدي أن الأصحاب سلوا في اللجواب عن هذه الآية طرقا كثيرة » قال : وأنا لا أرتضى شيا منها » لان التي ذكروها إما تخصيص وإما معارضة وإما إضمار › واللفظ لا يدل على شي من ذلك قال والذي أعتمده وجهان ٩ (الأول) إجماع المفسرين على أن الا ية نزلت ف کافر قتل مۇمتا غ ذ کر تلك القصة 5٠ (والغاني) أن قو له لۆفجزاۋه جهنم معناه الاستقبال » أى أنه سيجزي بجهنم . وهذا () المرجع السايق ج ٤ ص ٢٤٢٤/۳۳؛ الحق الدامغ ‏ ۳٠۲ وعيد المؤمنين ء فهذا حاصل كلامه الذي زعم أنه خير مما قاله غيره .» وبعدما أورد الفخر هذا الكلام أخذ ينقضه مع ما عرف عنه من التعصب للقول بخروج أهل الكبائر من النار » وهذا نص كلامه : «أما الوجه الأول فضعيف »٠ وذلك أنه ثبت في أصول الفقه أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ٠ فإذا ثبت أن اللفظ الدال على الاستغراق حاصل فنزوله في حق الكفار لا يقدح في ذلك العموم › فيسقط هذا بالكلية » ثم نقول ك أن عموم اللفظ يقتضي كونه عاما في كل قاتل موصوف بالصفة المذكورة فكذا هاهنا وجه اخر ينع من تخصيص هذه الاية بالكافر › وبيانه من وجوه : * الأول : أنه تعالى أمر المؤمنين بامجاهدة مع الكفار ثم علمهم ما يحتاجون إليه عند اشتغالحم بالجهاد » فابتداً بقوله وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطاك «النساء ۹» » فذكر في هذه الآية ثلاث كفارات › كفارة قتل المسلم في دار الاسلام ء وكفارة قتل المسلم عند سكونه مع آهل الحرب » وكفارة قتل المسلم عند سكونه مع أهل الذمة وأهل العهد › ثم ذكر عقيبه حكم قتل العمد مقرونا بالوعید » فلما کان بیان حکم قتل الخطاً بيانا لحكم اختص بالمسلمين كان بيان حكم قتل العمد الذى هو كالضد لقتل الخطاً وجب أن يكون أيضا مختصا بالمؤمنين فإن لم يختص بم فلا آقل من دخوفم فيه . * الثاني : أنه تعالى قال بعد هذه الآية يابا الذين امنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبینوا ولا تقولوا لمن من ألقى إليكم السلام لست مۇمنا وأجمع الفسرون على أن هذه الآيات إا نزلت في حق جماعة من المسلمين لقوا قوما فأسلموا فقتلوهم » وزعموا أنهم إما أسلموا من الخوف »٠ وعلى هذا التقدير فهذه الاية وردت ثي نبي الؤمنين عن قتل الذين يظهرون حق الدامغ ‏ ٢٠۲ الايمان » وهذا أيضا يقتضي أن يكون قوله ومن يقتل مؤمنا متعمدا 0 نبي الؤّمنين عن قتل المؤمنين حتى يحصل التناسب › فثبت با كرنا أن ما قبل هذه الآية وما بعدها جنع من كونب خصوصة بالکفار . الثالث : أنه ثبت في أصول الفقه أن ترتيب الحكم على الوصف المناسب له يدل على كون ذلك الوصف علة لذلك الحكم » وبهذا الطريق عرفنا أن قوله إوالسارق والسارقة فاقطعوا أيدهماك «المائدة ۳3۸» › وقوله «الزانية والزالي فاجلدوا كل واحد منهماكه «النور » » الملوجب للقطع هو السرقة والموجب للجلد هو الزنى , فكذا هاهنا وجب أن يكون اللوجب غذا الوعيد هو القتل العمد › لأن هذا الوصف مناسب لذلك الحكم » فلزم كون ذلك الحكم معللا به » وإذا كان الأمر كذلك لزم أن يقال أينا ثبت هذا المعنى فإنه يحصل هذا الحكم » وبهذا الوجه لا يبقى لقوله : اللاية مخصوصة بالكافر وجه . الوجه الرابع : أن المنشاً لاستحقاق هذا الوعيد إما أن يكون هو الكفر أو هذا القتل الخصوص ۾› فإن كان منشاً هذا الوعيد هو الكفر كان الكفر حاصلا قبل هذا القتل » فحيعذ لا يكون هذا القتل أثر البتة في هذا الوعيد » وعلى هذا التقدير تكون هذه الاية جارية محرى ما يقال إن من يتعمد قتل نفس فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه » لأن القتل العمد لا لم يكن له تأثير في هذا الوعيد جرى مجرى النفس » ويجحرى سائر الأمور التى لا أثْر ها في هذا الوعيد » ومعلوم أن ذلك باطل ٠ وإن كان منشاً هذا الوعيد هو کونه قتلا عمدا فحينعذ يلزم أن يقال أيا حصل القتل يحصل هذا الوعيد » وحينعذ يسقط هذا السوّال » فثبت بجا ذكرنا أن هذا الوجه الذى ارتضاه الواحدي ليس بشيء . واما الوجه الثاني من الوجهين الذين اختارهما فهو في غاية الفساد › لان الوعيد قسم من أقسام احبر » فإذا جوز على الله الف فيه » ققد الحق الدامغ ‏ ١٠ جوز الكذب على الله ء وهذا خطاً عظم » بل يقرب من أن يكون كوا ء قان العقلاء أجمعوا على أنه تعالى متزه عن الكذب ء ولانه إذا جوز الكذب على الله في الوعيد لأجل ما قال إن الخلف في الوعيد كرم فلم لا يجوز الخلف أيضا في وعيد الكفار ؟ وأيضا فإذا جاز الخلف في الوعيد لغوض أن فتح هذا الباب يفضي إلى الطعن في القوات ء وكل الشريعة » فثيت وحكى القفال في تفسيره وجها اخر هو الجواب » وقال : الآية تدل على أن جزاء القتل العمد هو ما ذكر ء لكن ليس فيا أنه تعالى يوصل هذا الجزاء إليه أم لاء وقد يقول الرجل لعيده جراؤك أن أفعل بك كذا وكذا إلا أنى لا أفعله ء وهذا الجواب أيضا ضعيف لأنه ثيت ببذه اليه أن جراء لقتل العمد هو ما ذكر ء وثبت يسائر الايات أنه تعالى يوصل الجراء إل المستحقين › قال تعالى من يعمل سوءا جز يەك «النساء ۳ ء وقال «الیوم تجزی کل نفس تما کسیتکه «غافر ۱۷٩ ء وقال لفمن يعمل منقال ذرة خيرا یره ۔ اومن يعمل متقال ذرة شرا یره دالرلرلة ا/۸» ء يل إنه تعالى ذكر في هذه الاية ما يدل على أنه يوصل إلهم هذا الجزاء ء وهو قوله «وأعد له عذايا عظيما فان بيان أن هذا جزاۋە حصل يقوله قجزاۋه جهنم خالدا قيہا فلو كان قوله توعد له عذابا عظيماك إخيارا عن الاستحقاق كان تكرارا » فلو حملناه على إلى المشكل › ومن اليقين إلى الشك حيث قال : « واعلم أنا تقول : هذه الا ية مخصوصة في موضعين » أحدهما أن يکون المتل العمد غير عدوان » (3) اللفسير الكيير لخر اراي ج ١ ص ٢7۳۹/۲۳ ط ۲ دار الكتب العلمية ‏ طهراتة الحق الدامق ‏ ٢٢۲ ج في القصاص فإنه لا يحصل فيه هذا الوعيد البتة » والثاني القتل العمد العدوان إِذا تاب عنه فاته لا يحصل فيه هذا الوعيد » وإِذًا ما يت دخحول التخصيص فيه في هاتين الصورتين فتحن تخصص هذا العموم فيما إذا حصل العفو » بدليل قوله تعالى ل إويغفر ما دون ذلك لمن يشاء «النساء ۸ » وأيضا في هذه الاية إحدى عمومات الوعيد › وعمومات الوعد اكد من عمومات الوعید» (۱) وحن لا ننازع الفخر في كون هذا الوعيد لا يشمل القاتل غير المعتدي كالمقتص › ولا التائب من قتله مع استيفاء شرو ق التوبة » ولكنا نتازعه في تخصيصه بحصول العفو لغير التائب ء وبطلان ذلك ظاهر من وجهين : أولحما : أن هذا التخصيص إما أن يكوت مُقتضيا إبطال وعيد قاتل العمد بالخلود في النار رأسا » ويترتب عليه ما ذكزه الفخر بنفسه › وهو دخحول الكذب في أخبار الله تعالى › وقد تقل نفسه أن العقلاء محجمعوتن على عدم جوازه » وإما أن يكون يقتضي حصول العفو عن بعض القتلة دون بعض »٠ وعلیه فلايد من أن يخلد في النار بعض الموحدين » وإقرار ذلك يوقعهم فيما فروا منه » فان هذه المحاولات الختلفة في تأويل هذه الاية وأمثالا لم يقصدوا بها إلا التهرب ما تدل عليه من خلود عصاة اللوحدين غير التائبين في النارء على أن العفو عن بعض العصاة دوت بعضهم مع اتحاد جريتهم مناف لعدل الله تعالی وحکمته » کا أنه يستلزم إقرار ما تفاه الفخر من إخلاف الله خبره لآأن الوعيد لم يخص بعضا دوت ثانيهما : أن قوله تعالى «(ويغفر ما دون ذلك لن يشاء لا يدل بحال على العفو عن أصحاب الكبائر دون الشرك مع الاصرار عليها 4 ذلك لان هذه .الا ية جاءت في موضعين من سورة النساء في مقام التحضيض على ١( الرجع السابق ص ٢٢٤ احق الدامغ ‏ ۲۱۷ دخول من لم يسلم في الاسلام » فهى في الموضع الأول مسبوقة بقوله تعالى طإياأيما الذين أوتوا الكتاب با نرّلنا مصدقا لا معكم من قبل أن نطمس وجوها فتردها على أدبارها أو نلعنبم ك لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولاك «النساء 47) › ثم تلا ذلك قوله سبحانه إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فيفهم من هذا السياق أن المراد بالاية أن الله لا يغفر لمن بقي على شر که غير نازع عنه إلى التوحيد » ولو تاب من سائر اثامه فإن توبة المشرك لا تكون إلا بالتوحيد الذي هو أساس الصالحات › وعور البرء ك أن الشرك أم الفجور › وقوله لإويغفر ما دون ذلك لن يشاء» أي ما دون الشرك من معاصي المشركين لن شاء أن يوفقه للتوبة من شرکه منہم » فان الاسلام جب لا قبله » وكل من أسلم مخلصا لله تعالی خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه » ولم تلحقه تبعة » ولا يعلق به ثم ما قارفه في جاهليته من أنواع العصية › وهو معنى قوله تعالى قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لحم ما قد سلف «الأنفال ۳۸» » ولا خلاف بين الأمة في ذلك › وتفسير هذه الآية بغير هذا يخرجها عما يقتضيه سياقها . وأما الموضع الثاني فقد سُبِقَت فيه بقوله تعالى للإومن يشاقق الرسول سن بعد ما تبين له الحدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نُوَلَه ما تولتى ونصله جهنم وساءت مصيرامه «النساء ١١٠ » فحملها على غير ما ذکرته من تفسيرها مخرج ا عما يدل عليه أيضا سياق ما قبلها » فان قوله تعالی إن الله لا يغفر أن يشرك به تقرير فيه معنى التعليل لقوله ومن يشاقق الرسول .. ال الآيةك وقوله «إويغفر ما دون ذلك لن يشاء وعد لن أسلم من المشر كين بغفران ما تقدم من خطایاهم بعد ما تقدمه من وعيد لمن أصر على شركه » وبهذا يتبين وجه إعادة لفظ الآية مرة أخرى مع عدم اختلاف إلا في الفاصلة › فقد فصلت أولا بقوله تعالى ب ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما «النساء 4۸ ) › وفصلت الحق الدامغ ‏ ٢٠۲ ثانيا بقوله ومن يشرك بالل فقد ضل ضلالا بعيداك «النساء ١٠ » › وبهذا يمكن الجمع ما بينهما وبين ايات الوعيد القاطعة بإنجازه كالوعد . وأما ما ذكره الفخر من أن اية قتل العمد هى إحدى عمومات الوعيد وعمومات الوعد أكثر من عمومات الوعيد .` فجون. أنه لا تائ بين هذه وتلك حت يرجح جاب سيا عل جانب » لأن عمومات الوعيد في المصرّين » وعمومات الوعد في التائبين والكل من عند اله تعال الذى لا إخلاف ليعاده» ولا تيديل لكلمانه ٠ ولا معنى لترجيح بعض أخبار الله على بعض مع استحالة الكذب في جميع أحباره تعالى » وإنما يجب أن يوضع كل موضعه » ويول بتأويله . وقال صاحب المنار ‏ بَعْدمًا تحدث في تفسير الآية ‏ «قد استکبر الجمهور خلود القاتل في النار ء وأوله بعضهم بطول المكث فيا › وهذا يفتح باب التأويل خلود الكفار » فيقال إن المراد به طول المكث أيضا › وقال بعضهم إن هذا جزاؤه الذى يستحقه إن جازاه الله تعالى » وقد يعفو عنه فلا يجازيه . رواه ابن جرير عن أي مجلز» وفيه أن الأصل في كل جزاء أن يقع لاستحالة كذب الوعيد كالوعد › وأن العفو والتجاوز قد يقع عن بعض الأفراد لأسباب يعلمها الله تعالي › فليس في هذا التأويل تفص من خلود بعض القاتلين في النار › والظاهر أنهم يكونون الأكثرين › لأن الاستثناء إِنما يكون في الغالب للأقلين › وقال بعضهم إن هذا الوعيد مقيد بقيد الاستحلال › والمعنى ومن يقتل مؤّمنا متعمدا لقتله مستحلا له فجزاؤه جهنم خالدا فيا .. الح » وفيه أن الآية ليس فيا هذا القيد › ولو أراده الله تعالى لذكره ك ذكر قيد العمد وأن الاستحلال كفر › فيكون الجزاءِ متعلقا به لا بالقتل » والسياق يابيى هذا › وقال بعضهم إن هذا نزل في رجل بعينه فهو خاص به » وهذا أضعف التأويلات لا لأأن العبرة بعموم اللفظ دون خصوص السبب فقط ء بل لأن نص الآية على الحق الدامغ ‏ ٢٠۲ محيئه بصيغة العموم (من الشرطية) جاء يفعل الاستقبال فقال رومن يقتل) ء ولم يقل (ومن قتل) ۽ وقال اخرون : إن هذا الجراء حم إلا من تاب وعمل من الصالحات ما ي يستحق به العفو عن هذا الجزاء كله أو بعضه © وفيه أنه اعتراف بخلود غير التائب المقيول التوية في النار» (۱1) وبعڊما قطع شوطا في الكلام على توية قاتل العمد : تقل عن الامام محمد عبده ما يو كد أن عقيدته في قاتل العمد إذا لم يتب أنه مخلد في النار والعياذ بالل (۲) د قوله تعالى لإللذين أحسنوا الحستى وزيادة ولا يرهق وجوههم قر ولا ذلة أوللك أصحاب الجنة هم فيا خالدون . والذين كسبوا السيئات. جراء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما حم من الله من عاصم كاأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولمك أصحاب النار هم فيبا خالدونه ء «يونس ٢۲۷/۲ » والاستدلال به من وجوه : أوطا : أن الله وعد بالجتة الذين أحسنوا وحصرها فم بقوله : إأولعك أصحاب الجنةك فَعرّف المسند والمسند إليه » ووسّط بينهما ضمير الفصل لتا كيد الحصر . انيما : أته أخبر عنهم أتهم لا يصيبهم قتر ولا دَلة » ولا يعمل أن يصلى أحد النار ولو لمدة ثوائي فلا يرهقه فيها قتر ولا ذلة . التهما : أنه توعد الذين عملوا السيئات بالنار مخلدين فيا › وهذا الحكم يصدق على من أتى أي سيئة ء فان السيئات جنس غير محصورة أفراده » وما كان. كذلك فحكمه يصدق على كل فرد من أفراده سلبا وإيجايا » ألا ترى أن قول القائل تزوجت التساء لا يعني أنه ترو ج جميع أفراد النساء » بل يصدق على ما لو تزوج ولو واحدة متهن » ولو حلف (۱) الار ج ٥ ص ٢٢۳/٤٢٤۴ . الطبعة الرابعة , شار المنار (٢) المرجع السابق ص ٢٤٢٤٣/٥٢٤۴ احق الدامغ س ٢۲۲ أنه لم يتزوج النساء » وقد تزوج واحدة كان في قسمه حانثا . فان قيل : إن الله و ل احسنن بال حجتة › وکل من ق حسنه فمد أحسن » على أن المفسرين من فسر الحستين هنا يالموحدين لان التوحيد اس الجسنات . فجوابه لو كان الأمر كذلك لم يكن داع إلى أمر أو ني في کتاب و سنه مادام الملطلوب هو التو حيد وحده › ولتساقطظت جميع ايات الوعيد عل ما دون السشرك من المعصية 4 كترك الصلاة › ومتع الر كاة ( وکل الريا » وعقوق الوالدين » وقطيعة الوحم ء وقتل النقس احرمة بغير حق › والرق » وسائر أعمال الفجور » ولاستلزم ذلك أت يكوت القتلة ‏ والوناة ء واللصوص ء وسائر أهل الكبائر في تعداد الحسنين ماداموا يلو كون كلمة التو حيد بالسىنتېم › وان من أعجب العجب ان يفسر الاحسان با ذكر ولو مع مقارقة هذه الفواحش وأمثاها » والتبي عة يقسر الاحسان بقوله (أن تعبد الله كاتك تراه » فن لم تكن تراه فاته يرك) ۷ قوله تعالى «إوالذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما «الفرقات ١1» ء فان وصفه يالغرام يدل على عدم انقطاعه 4 قال ق اللسان 9 «والغرأم ۳ اللازم من العذاب والشر الائ واليلاء » والحب والعشق وما لا يستطاع أن يُتفصَّى منه» . وقال الزجاج : هو أشد العذاب في اللغة › قال الله عز وجل تلات عذابيا كان غراما وقوله عز وجل إن عذابما كان غراماك ى ملحا دائما ملازما » وقال ابو عبيدة «اى هلاك ولزاما ل حم» (١) وقال شارح القاموس : «والغرام (١) لسان العرب ج ١٠ ص ٣4۳ ء, ط داز صادق للطباعة والتشر س دار بيروت للطباعة والدشر . بيروت افق الدامغ ‏ ٢٢۲ ما لا يستطاع أن يُتفصّى منه » وأيضا المح الدائم اللازم» (١) قوله تعالى «إوالذين لا يدعون مع الله إا آخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا باحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما › يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيا مهانا «الفرقان ۸٦/6۹» فد توعد لله فيه قاتل النفس الحرمة بغير الحق » والزاني با توعد به من دعا مع الله إلا اخر من الخلود في النار . واعترض بأن هذا الوعيد خاص بمن جمع بين الكبائر الثلاث دون من اق واحدة ما . 2 وأجيب بأن هذا يعني أن من أشرك مم الله إلا اخر ولم يجمع مع شركه بين الزنا وقتل النفس الحرمة لم يُصْدّق عليه هذا الوعيد ء وهذا لا يقوله أحد منكم » فان قيل إن خلود المشرك ثبت بنصوص أخرى دلت على أن شركه كاف في استحقاقه هذا العذاب › فالجواب أن النصوص لم تفرق بين الشرك وغيره في الخلود » بل دلت على خلود غير الملشرك بالنص على بعض الكبائر كالقتل تارة والتوعد به على مطلق المعصية تارة أخرى ك في الاية الاتية . ٩ قوله تعالى تومن يعص الله ورسوله فان له نار جهنم خالدين فيہا أبدا «الجن ۲۳» » ولا ماري أحد يؤمن ما أنزل الله أن مقارفة الكبيرة معصية لله ولرسوله › فإن قيل إن هذا الوعيد خاص بالمعصية الكبرى وهي الاشراك بالل تعال . قلنا هذه مخالفة لصرع اللفظ بدون داع . فإن قيل إن الداعي إلى ذلك حمل هذا الوعيد على ما :جاء من وعيد اللشركين بهذا الجزاء . قلنا إن ورود الحكم العام في بعض أفراد مدلولاته لا يخصص عمومه › (١) تاج العروس › ج 8٠ ص 4 | ط . دار مكتبة الحياة الحق الدامغ ‏ ٢۲۲ وكا توعد المشركون بهذا الجزاء توعد سائر أصحاب الكبائر به في تصوص أخری کا سبق بیانه . ٠ قوله تعالى إن الأبرار لفي نعم . وإِن الفجار لفي جحم يصلونها يوم الدين وما هم عنہا بغائبين 4 «الانفطار 1/۳ ١ ووجه الاستدلال به ما فيه من تقسم الناس إلى طائفتين › أبرار وفجار » وتقسم جزائهم إلى مصيرين » نعم وجحم » مع النص على عدم غياب أصحاب الحم عنها » وذلك على حد قوله تعالى #إفريق ي الجنة وفريق في السعير «الشورى ۷( واعترض بأن اراد بالفجار الكاملون في الفجور الذين وصفهم الله بقوله أولئك هم الكفرة الفجرة «عبس ٤» › حتى أن الفخر الرازي قال «لا نسلم أن صاحب الكبيرة فاجر» (١) ويرد هذا الاعتراض انهم ملزمون على قوشم هذا أن يكون الزناة › ومن عمل عَمَل قوم لوط » وأكلة الربا » وقتلة الانفس بغير حق ٤ ومانعو الزكاة » وسائر أهل الكبائر ما عدا الشرك في تعداد الابرار الموعودين بالنعم » ورضوان من الله أكبر » ولعمر الله ما من وسيلة لدم قواعد الدين واستعصال الفضائل ء وإشاعة الفحشاء » ونشر الرذائل » أبلغ من هذا وفي سنة رسوله عي من وعيد لأهل الكبائر » وناهيك أن يكون الزنى › واللواط » ,وشرب الخمور » والدياثة » وسائر المنهيات من أعمال البر لان مرتكبيا في صفوف الأبرار . وأما من السنة فكثير من الروايات الصحيحة التي لا يمكنني جمعها إلا بعد جهد جهيد » وإنما اقتصر منہا على ما يانى : (۱) التفسير الكبير ج ۳۱ ص ٤۸ء ط ۲ دار الكتب العلمية ‏ طهران الحق الدامغ ‏ ۲۲۳ ١ روى البخاري ومسلم وغيرهما من طريق ابن عمر رضي اللہ عنہما ُن لبي عه قال : (يدخل أهل الجنة الجنة ء وأهل النار النار ثم يقوم مَوّذْن ب ينهم يا أهل النار لا موت » ويا أهل الجنة لا موت » کل هو خالد قيما هو فيه) وروی مثله البخاري من طريق أي هريرة رضي الله عنه » والطبراني والحام ‏ وصححه من طريق معاد رضي الله عنه » ودلالته على صحة عقيدة القائلين بخلود أهل الكبائر في النار لا غبار عليها » فإنه ايفيد أن ذلك يعقب دخول الطائفتين في الدارين . ٢ س أخرج الطبراني وآبو نعيم وابن مردویه عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي عه قال : «لو قيل لأهل النار إنكم ماكثون فى النار عدد كل حصاة في الدنيا لفرحوا بها » ولو قيل لأهل الجنة إنكم ماكٹون فما عدد كل حصاة نوا ولكن جل م ايده . ۳ س روى أحمد والبزار وال حا والنسالي عن ابن عمر رضي الله عنہما أن النبي عَيّْْةٍ قال : «لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن حمر» وفي رواية «ثلاثة قد حرم الله علهم الجنة » مدمن الخمر » والعاق لوالديه والديوث › وهو في الدنيا حرمها في الأخرةه وهو كتاية عن حرمانه م خول الجنة »٠ لأن أهل الجنة حم فيها ما تشتبيه أنفسهم وتلذ أعينهم فلا يحرمون من شيء . س أخرج البخاري عن رسول الله عد أنه قال : «من. استرعاه الله عية ثم لم يحطها بنتصحه إلا حرم الله عليه الجنة) ٦ روی الامام الربيع في مسنده الصحيح عن أي عبيدة عن جابر ابن زد عن آنس بن مالك رضي الله عنم عن رسول اله عه قال : (من الح الدامغ ‏ ٢۲۲ وإن كان شيعا قليلا يسيرا يا رسول الله ؟ فقال رسول الله عَّْهٍ : «وان كان قضيبا من أراك» » ورواه الامام مالك في موطمئه › ومسلم في ۷ أخرج الشيخان وغيرهما من طريق أي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله عك : «من قتل نفسه بحديدة فحدیدته فی یدہ یتوجا بہا في بطنه في نار جهنم خالدا فیہا أبدا » ومن قتل نفسه بسح فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا فیا بدا » ومن نزل من جبل فقتل نفسه فهو ينزل في نار جهنم خالدا مُحَلْدًا فیا أبدا» ۸ س روی مسلم في صحيحه عن رسول الله عد أنه قال : «صنفان من أهل النار لم أرهما ء قوم معهم سياط كاذناب البقر يضربون بہا الناس 5ء ونساء كاسيات عاريات مائلات يلات رؤوسهن كاسنمة البخت الائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريها › وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا و كذا .» ٩ روى البخاري ومسلم عن حذيفة بن المان رضي الله عنه عن النبي عد «لا يدخل الجنة نمام وفي رواية قتّات» ٠ روى الشيخان عن سعد وأيكرة رضي الله عنهما عن النبي عة (من ادعى إل غير ابيه وهو يعلم أنه غير ابيه فالجنة عليه حرام) والروايات ‏ ك قلت في ذلك كثيرة » تارة تدل على ال خلود بالنص عليه » وتارة بال جمع بينه وبين التأبيد » وأخرى بالتوعد بحرمان الجنة أو حرمان شم ريحها » ومحصلها واحدا وإن اختلفت الفاظها › فان حرمان الجنة يناي دخوها في أي وقت من الأوقات ٠ ك أن نفي دخوفا يعم جميع الأزمنة . وقد تقدم تحرير ذلك في نظيره . ۲Yo غمادلا ‏احق‎ ب - خاعة في نتيجة البحث لا ريب أخي القارىء الكريم ‏ أنك بعد هذا التطواف بين هذه الأدلة وفحصك إياها بعين البصيرة أدركت أن عقيدة القائلين بخلود أصحاب الكبائر في النار » التى أنكرها من أنكرها عليهم وحکم علیهم من جلها بالكفر › هي العقيدة ای نطق با القران › ودعمتها الأحاديث الصحيحة الصريحة عن النبي ع › فهي العقيدة التي يجب على المسلم أن يعتصم : بحبلها وأن يلقى الله عليها › ¢ كيف وقد عزا القران الكريم ما يخالفها إلى يهود » وأنکره عليهم » وقرر أنه منشاً انحرافهم عن الحق حيث قال : ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات «ال عمران ‎ey‏ ¢ ومن أمعن النظر في أحوال الناس يتبين له أن اعتقاد انتهاء عذاب العصاة إلى أمد » واتقلابهم بعده إلى النعم جرا هذه الامة ‏ ك جرا المهود من قبل _ على انتباك حرم الدين › والتفصي عن قیود الفضيبلة › والاسترسال وراء شهوات النفس » واقتخام لحج أهوائها . الفحشاء › ویجلیہا للقراء والسامعين ف أقبح صورها وأبشع مظاهرها « وقد اتشر هذا الادب ف اوساط القائلين العفو عن آهل الكبائر » او والعقد الفريد » حتى كاد ا یکن عنوانا على سوء ا وقد صان الله من ذلك أدب أصحاب العقيدة الحقة › الذين رسخ ف نفوسهم ما جاءِ به القران من أبدية عذاب هل الکبائر المصرين 6 لحق الدامغ ‏ ٢۲۲ كأبدية ثواب المطيعين المحسنين ›ء ا صان الله سلوكهم › وطهر باحكامه الزاجرة « ولو قلبت صفحات ادبہم لوجدتهم _ ف شعرهم ونثرهم ‏ ا يقول الاستاذ أحمد أمين «لا يعرفون مرا ولا يجونا › فلا تجد في أدبم مرا ولا مجونا» (۱) واسمح لي أخي القارىء الكريم أن أقول كلمة ‏ والالم يعتصر قلبي والأسف يلهب وجداني ‏ إن مما يضاعف المصيبة ويكتّف البلاء أن توجد صور من الخلاعة المستهترة › والمجون الساقط مثبتة في تراجم رجال يعدون بمثله والاعتزاز بادابه › وقد ضربت صفحا عن الاشارة إل بعض هولاء بالأسماء أو الكنى جرصا على السلامة من مزالق القول » وصونا لأعراض وإنني لابرا من إقرار ما نسب إلیہم » فان من مبادئنا احترام حرمات جميع المسلمين ٠ خواصهم وعوامهم ٤ فضلا عن علمائهم الذين زادهم نسبة هذه السفاسف إلى أعلام الأمة إجرام لا يستهان به في حقها وحقهم › م ينشاً إلا من الاستخفاف بأوامر الله الناتج عن الاستخفاف بوعيده الذي يتمثل في دعوى أن الموحد لا يعذب » وإن غُذب لم يخلد في العذاب . ولست أنسى ما قاله لي الداعية الكبير العلامة اللنصف الشيخ عبد المعز عبد الستار «لو أن الأمة أحعذت بعقيدتكم في خلود صاحب الكبيرة ف العذاب ء لكان لا شان في الصلاح والاستقامة والنزاهة والعفاف غير ما نراها عليه» (۲) . (١) ضحى الأسلام ج ۳ ص ٢٤۳ ط . مكتبة النبضة المصرية (1) وفال لي مل هذا الشيخ محمد بن زكي بن إبراهيم رائد العشيرة المحمدية بمصر : ليسا أخذنا بآرائهم في اعبار الغيبة وانغيمة مفطرة للصوم ناقضة للوضوء › وقد أشرت إلى ذلك لي كتابي «الولاية والبراءة» .. أ ه مراجعه › أبو الحسن . الحق الدامغ ‏ ۲۲۷ خاتمة الكتاب معذرة أخي القارىء الكريم » لم يكن في حسباني أن ألتقي بك على هذه الصفحات حول هذه اللوضوعات التي شغلت قلمي وأحذت من وقتك ٠ فإنتي أحرّصُ على أن ألتقي بك وأنا أتعدث إليك من خلال اللسطور في موضوعات هي أحرى بان تصرف إليها عناية الكتّاب والقراء › فان الوقوف في وجوه الزحوف المتنتوعة المجتمعة على صعيد واحد لغزو الاسلام › وتشتيت أمة الاسلام » سياسيا وفكريا » أجدر بكل مسلم داعية من الاشتغال بخلاف عقائدي بين طوائف الأمة الاسلامية الواحدة › مضت عليه قرون وقرون » وتناولته بالتحرير والبحث اقلام شتى هي رأيت سكوني في هذا الموقف قد یزیده تازما » فقد تروق دعایات المغرضين لمن يدرس أبعاد أما تتعرض له من القضايا الخلافية التى انطلقت متها في الحكم على جزء من جسم الامة الاسلامية بفصله عنها › ولم يطلع على ما عند هذه الفئة من هذه الأمة من أدلة تستنير بها في مواقفها من هذه القضايا » فإن مما تداولته الألسن وتناقلته الأقلام : الحكمة التى قيلت قديما (المرء عدو ما جهل) وي معناها الشعر الذي قيل حديثا : والجهل بالشيء ئي عين البصير عمى فمن هذا المنطلق قمت بتحرير هذه الصفحات موضحا فيها الحق بالدليل » محكما الحجة الثابتة من الكتاب والسنة والبرهان العقلى دون الرجال . ومن تامل کلامي متجردا عن العواطف يجده منصفا للطوائف الختلفة › فقد حرصت على إيراد حجة كل طائفة ›. ودليل كل قول ٤ مناقشة هذه الأدلة نقاشا موضوعيا بعيدا عن كل الؤثرات » ومن خلال الحق الدامغ ‏ ٢۲۲ ذلك أرجو أن يدرك إخوتي القراء صدق نيتي » وسلامة طويتي . ولا يفوتني ‏ ونحن أمام قضية تتعلق بوحدة الأمة الاسلامية جمعاء _ أن أناشد من وصل إليه كتالي هذا من علماء المسلمين بان يمعن فيه نظره » مخلصا نيته لله سبحانه . ثم يعلن كلمة الحق غير هياب من أحد » ولا مجامل على حساب الحق والحقيقة » ولست أعني بذلك أننى أطالب الناس بان يرجعوا عن معتقداتهم » وأن يوافقوني فيما قلت ٠ فإن العقائد لا ملك أحد أن يفرضها على العقول فرضا » وإنما هي نتيجة اقتناع بالفكرة سواءِ کان ناشعا عن اجتهاد ونظر » او عن تقليد واتباع » ونما مرادي أن على علماء المسلمين. ‏ وهم مسئولون عن هذا الدين الحنيف وعن أمة الاسلام ‏ أن تكون لم في مثل هذه المواقف التي تهدد بانصداع الامة ‏ وقفة إيجابية في وجه الذين يحبون إثارة الشغب والهاترات التي لا تعقبها إلا المصائب والويلات بين أمتنا الاسلامية وأن يرشدوا جمهور الناس إلى ما يفرضه الاسلام من التساح › والتعاطف » والتعاضد بين اللسلمين . وأعلن للذين لا يرون إلا حسم الخلاف في هذه القضايا حتى تتفق فيها عقيدة الأمة » بأتنى لا أستنكف من الحوار الموضوعي المادىء المادف » الذي لا ينشد به إلا الحق › ولا يفضي إلا إلى جلي الحقيقة وظهور برھانها » لا يؤۇدي إلا إلى الألفة والمودة بين المسلمين › وإنما أشترط أن يكون هذا الحوار مدروسا من كل الجوانب لتفادي التشنج والانفعالات التى لا تؤؤدي إلا إلى عاقبة سيئة » وليس من شانمها إلا تشويه وجه الحقيقة » وطمس نور الحق » ومحاولة تغطية محاسته » والحيلولة بينه وبين البصائر . احق الدامغ ‏ ۲۲۹ شكر وعرفان إن الواجب ليفرض علي والوفاء ليقتضيني أن لا أنسى ‏ في وسط هذه الضجة التى أثارتها تلك الأصوات الصّاخبة ضد الاباضية ‏ أصواتا هادئة ارتفعت من ألسنة صادقة › وانبعشت من نوايا طيبة » لتسجل ثناءها ااصادق على هذه الطائفة التى حافظت على الاسلام الحق » ودافعت عنه بأعز ما تلك من نفس ومال » واستقامت على الصراط المستقم الذي كان عليه رسول الله عٌَّْ » وخلفاؤه الراشدون » وأصحابه المهديون رضي الله تعالى عنم » ولم تختلبهم الدنيا بزهرتها الفاتنة عندما كان الجحم الغفير من الناس يتهالكون علا فيتساقطون في أشراكها . لقد قيض الله هذه الاصوات لتنير درب الحقيقة لطلابها » وتمزق ما نسجته الأحقاد من الافتراءات التي لم تقم على أساس من الواقع » ضد هذه الفعة المؤّمنة التى اشتهرت في أوساط المؤمنين وغيرهم بلقب الاباضية › ولست الان في مقام الاحصاء اتيك الاصوات ومصادرها › فإن الفرصة لا تسمح لي بذلك » وإما أكتفى بأن أسجل لأصحابما عموما أجمل الثناء وأطيب الدعاء › وأود ُن شير إل بعض هو لاء الملنصفين لأعورض عل القارىء الكريم صورا من إنصافهم لذا المذهب ورجاله › وإلى القارىء مشاهد من هذه الصور : ١ العلامة الجليل عز الدين التنوخي : عضو المجمع العلمى بدمشق سابقا » الذي سجل بيراعه المنصف صفحات مشرقة بفضائل أهل الاستقامة » حتى قال في متهميهم بالزيغ : «كل من يتهم الأباضي بالزیغ والضلال فهو ممن فرقوا دینہم وکانوا شيعا » ومن الظالين الحهال» (١) (١) عز الدين التوخي › مقدمة (خلاصة الوسائل في ترتيب المسائل) ص حا ط۱١ . المطبعة العمومية بامشق الحق الدامغ ‏ ۲۳۰ ٢ العلامة الكبير السيد عبد الحافظ عبد ربه : من علماء الأهر الشريف ء جاء في كلامه عن الاباضية : «لقد استنبطوا مذهبمم من القران الكريم » واقتبسوه من السنة المطهرة › وسلكوا في مسيرتهم إلى عبادة الله نفس الطريق التي سلكها الصحابة › وارتضاها الاجماع › وحرصوا كل الحرص على أن تكون خطواتهم على ذات الدرب › وفي نفس الطريق › وفوق «افريز» الشارع › ومع السبيل الي قطعها الرسول صلوات الله وسلامه عليه في مشواره الطويل وشوطه البعيد جيئة وذهوبا ء على مدى مسيرته المباركة » ورسالته الميمونة عبر الثلاثة والعشرين عاما »ء ومع تحريهم الصدق » وحتمية الحق » ومحاهدة النفس » وريادة المعاناة » والرياضة والترويض على المشقة والمقاساة حتى استبان لحم الأمر » ووضح أمامهم الطريق ٠ وتبيّن للعالم أجمعم ‏ أو الخلصين المنصفين ‏ أن هوّلاء هم (أهل الاستقامة) أو هم في الواقعم ‏ وعلى الحقيقة (الفرقة الناجية) التى أخبر عنما الصادق المعصوم . والتي أمر الله رسوله أن يختارها وينتهجها سبيلا يوصل إلى عبادته ومرضاته في قوله تعالى طقل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشرکين «يوسف ۰۸٠» واللذهب الاباضى ليس عجيبا في الدنيا ولا غريبا عن الحياة » وإنما هو العملة الصحيحة التي يجب تداوها وتناولها » والتعامل بها في شتى الأنحاء» وفي جميع المناخات والأجواء» وهى بعون الله عملة لا يناما التزييف أو التلبيس » ولا يطوفا الوضع أو التدليس » ولا يجوز في منطقها العمل بين بين » ولا التتكر في وجهين » ولا لمشي على الحبلين » فالحق عندها واحد لا يتجزاً » وكل لا يتوزع» (۱) وقال أيضا : «وعموما ‏ وبعد استقصاء واستحصاء › ودرس () السيد عبد الحافظ عبد ربه ‏ الاباضية مذهب وسلوك › ط ١ء القاهرة ۵/۱۱/۱۸٥۸ ص ۲۳/۲۲ الحق الدامغ ‏ ٢۲۳ وبحث » وتحليل وتعليل ‏ تبين أن الاباضية هي الطريقة المثلى في الأداء الاسلامي » وفي تعاطي الحياة » وفي التعامل مع الناس .. وأئمتها ودعاتها هم الذين واجهوا مواكب النفاق » وناهضوا أعاصير الشرك وعواصف الالحاد » وتحدوا ‏ بكل صرامة وشدة وباس تلك الافاعيل الحوجاء التكراء التى تتبدى في سلوك المبطلين أو المستهترين من الحكام والباطشين سواء على المستوى الدينى أو التعامل الدنيوي بين أفراد وجماعات الأمم والشعوب تُشيا مع منطق الدين › واستجابة لدعاءاته › ونداءاته › ومتطلباته . وما أحوج الدنيا اليوم إلى هذا اللون المتميز في الفقه الاسلامى . ما أحوج الدنيا إلى دعاة الاباضية وأئمتها الذين من مهمتهم ‏ ومن أولى وظائفهم إصلاح امسار الديني › ومواخذة التسيب والقبض بشدة على خناق الاستهتار والانحراف واللاأخلاقيات › وإعادة الانضباط في شتى السلوكيات إلى هذه الحياة» (۱) وقال أيضا ب «فالاباضية أصبحوا في الواقم ‏ وفي نفس الأمر ‏ وعلى الحقيقة هم اللغة الصحيحة ‏ الفصيحة » والصيغة المشرقة الوضاءة بين الله والناس › والغدة النشطة السليمة التى تفرز للدنيا ماهيات الدين › وتقدم على موائد الانسانية ما لذ وطاب من طعوم الحق ٠ وطيبات اليقين › فهم الفرقة الناجية التي أخبر عنما النبي عَيّْة في كل أحاديثه ومروياته › وكان وجود هذا الصنف ‏ أو النوع ‏ من البشر ضرورة ملحة أو حتمية مقتضية استقطبت رحمة الله بعباده › واستوجبت منهم مقابلة هذه الرحمة بألوان شتى من العبادات والقربات › وأوها الشكر الخالص › والعبودية الصافية › والاحتفاء بنعم الله » والاحتفال بالائه » وترجمة ذلك كله إلى السلوك الذي يبه اله ورسوله » وكان من مظاهر رحمة ا )۱( المرجع السابق ص ۲۳۷ الحق الدامغ ‏ ٢۲۳ لفياضة الحانية أنه لم يترك عباده هكذا . في هذه الدنيا ‏ ضياعا أوزاعاء أو هملا » أو كميات هابطة ساقطة تحت ركامات الشك » وأنقاض الفتنة » وخرائب التيه » وأطلال الحيرة والقلق › والتخبط والاضطراب . وما كان من حتمية الوجود الانساني ‏ لتنا كد فاعليته وينمو وجوده وتستمر معه الحياة ‏ أن يعبر الطريق » ويجتار الجسر من الحاضر إلى للضي » ويصاحب التاريخ » ويرافقه في كل خطواته » ومع أيرز العناصر التى أثرت فيه بالايجاب والسلب »› والثبوت والنفى › كان حتا مقضيا أن يصطحب الانسان مع التأريخ تلك الفعة المادئة المهدية التي حملت أرواحها على راحاتها » وحياتها على أسلحتها » وهبت وقت الفزع والروع مطالبة بإنسانية الانسان » وكينونته البشرية في نطاق ما شرع الله » وفي الاطار الذي خطته يد القدرة » وحبك نسيجه الشرع ٠ وتكفلت به عناية الاسلام . وعمل على ترجمته وتطبيقه سلوك محمد عليه الصلاة والسلام ‏ وهل هناك من هو أتقى وأنقى » وأبر وأوفى » في تادية هذا الدور العظم › وللقيام بهذه الرسالة الكبيرة الخطيرة غير الأباضيين ؟ وهل هناك مذهب يتلاحم في هذا الترقي الروحي أو يتلاءم مع ذلك السمو التشريعى الفقهى غير المذهب الاباضي. ء والاباضية عموما ؟ وهل هناك فوق ظهر الارض وفي جيوب وبين طيات وطبقات الحياة من يمكنه أن يستوعب هذه التعالم الالحية › أو يستطيع أن يستقطب تلك المواجيد الكونية السماوية غير إنسان إباضي ‏ صادق الأباضية ‏ مصدره من الله ومورده إلى الله › وحياته بين المصدر والمورد » ودائما مع الله ؟» (۱) (۱) المرجع السابق ص ٤٢۷/۲٢٤۲ الحق الدامغ ‏ ۲۳۳ ۲ _ الكاتب المنصف العالم الزيتوني الأستاذ عبد العزيز المجدوب : جاء في كلامه عن الاباضية «وأبرز ما يتصف به الاباضيون تمسكهم الشديد بالدين › بأداء فروضه وتجنب نواهيه ‏ إلى حد الغلو ‏ وبغضهم اللفرط لأصحاب الظلم والفساد » ويفضل هاتين الصفتين استطاعوا أن يحققوا لانفسهم عزا دينيا » ومجدا سياسيا » خلد ذكرهما في التارخ» (۱) وقال أيضا : «حافظوا على صفاء الرسالة المحمدية في أصول مذهبهم › ولم يتحرفوا عن النهج القوم الذي كان عليه رسول الله عَيْكْكُ وصحابته البررة في سلوكهم وأمور معاشهم . ولا اقترف ولاتهم إا » ولا مارسوا في قیادت تهم ظلما » ولا أي لون من ألوان العسف التي لم يبرا منها إلا القليل من الولاة سواهم . بل إن الظلم في حقهم كان مستحيلا › لا لكونهم معصومين ٠ بل لان رجل الدين عندهم ورجل السياسة واحد » والقائم بامر الناس فيهم هو الامام نفسه » وتلك هي قاعدة الاسلام في الحكم التى سار عليها الخلفاء الراشدون › وعليما حافظوا ودونها نافحوا » فمن الطبيعى أن ينتشر مذهب هذا شأنه » وأن يقبل على اتباعه الناس ببلاد لغرب ليجدوا في أكنافه الأمن والكرامة » وهم من سئموا حياة الاضطراب والظلم على أيدي الكثير من عمال بني أمية وبني العباس» (۲) ثم قال «ولعل أول داعية إباضي قدم هذه البلاد ... هو سلمة بن سعد الذي عرف كيف ينتقل بالبلاد وأي الشعاب يسلك حتى يامن ظلم الظالمين » ويضمن لعمله التوفيق ولرسالته الانتشار » فاختار الطرق الجحبلية البعيدة عن الصحراء القاحلة وأهوالما ء وعن المناطق الساحلية الخاضعة لسلطة الولاة ›» وبحجبال نفوسة ودمّر » ونفزاوة وما والاها من المرتفعات (١) الصراع المذهبي بافريقية الى قيام الدولة الزبيرية ص ١٠٠ ٠ الدار التونسية للنشر (۲) المرجع السابق ص ١٠۱/١٠٠ الحق الدامغ ‏ ٢۲۳ والجبال » وكلها مناطق اهلة بالسكان كثيرة العمران » أمكن له أن يستقر » ويقوم في صفوف البربر بالدعوة » موضحا للأأذهان الصورة الصحيحة للاسلام في الاعتقاد والعبادة والمعاملة » وهى غير الصورة التى شاهدها الناس في الحاكمين وأتباعهم في ذلك الوقت »› فالتف من حوله الناس مستجيبين لدعوته ‏ وراح يتنقل من مکان إلى خر وما ارتحل من موضع إلا خلف فيه أتباعا تكاثروا مع مرور الأيام والأعوام » حتى صار لم شان » وأضحوا بمثلون قوة يقرا ا الف حساب . ومن أفريقية انطلق شابان إباضيان ‏ بعد أن تلقيا المبادىء الأولى للاين والمذهب على يد سلمة بن سعد انطلقا الى العراق ضمن بعثة تضم عددا من الاباضيين سواهما » فقضيا سنين في طلب العلم على يد إمام المذهب في ذلك الوقت » أي عبيدة مسلم بن أي كريمة » فالطالب الأول من القيروان وهو عبد الرحمن بن رستم ¿ أما الثاني فهو أبو داود من الجنوب » ولا أتما الطلب واكتمل عندهما العلم › واطمان لنباهتهما إمامهما أوصاهما خيرا ثم سرحهما عائدین إلى موطنہما » فکان لبي داود شان في عالم الاصلاح › إذ تفرغ للجهاد الديني والعلمي فانشا بجهة نفزاوة وسواها من جهة الجنوب جيلا إسلاميا فاضلا في خلقه ودينه › كان البذرة الصاحة لا تبعته من أجيال تمسكت بالسنة والفضيلة › وقاومت البد ع والرذيلة» (۱) وعندما تكلم عن مقاومة الاباضية بقيادة إمامهم أي الخطاب العافري لظلم قبيلة ورفجومة الصفرية التي كانت متمكنة في القيروان › وانتزاعهم مدينة القيروان مہا قال : «هذا هو أبو الخطاب عبد الاعلى بن السمح المعافري وجه إليه عبد الرحمن بن رستم من صور له بشاعة ما يجري بالقيروان فهب لأداء الواجب الذي يفرضه عليه التعاطف الأخوي » ويحتمه مبداً من أهم سے ےه (١) المرجع السابق ١٠٠/١٠٠ احق الدامغ ‎Yo‏ البادذىء لمذهبه › ألا وهو مقاومة أولي الأمر بالسيف واستباحة دمائهم إذا تعدوا حدود الله » ومالوا في أحكامهم إلى الحوى » وقدم أبو الخطاب في جيش عظم تطوع لاقامة العدل وحق الفساد والظلم الذي اقترفه عاصم الورفجومي وأتباعه » فكان له التصر . ثم بعد أن أمُن الناس حافظا أرزاقهم وأعراضهم » ولى على القيروان عبد الرحمن ابن رستم ورجع إلى طرابلس » ودامت ولاية ابن رستم سنتين اثنتين ذاق المسلمون فيهما بالقيروان وبافريقية كلها طعم الامن › وعرفوا معنى العدل » وأدركوا لأول مرة تقرييا طعم العيش الكريم في ظل الحكم الاسلامي النظيف» (٠۱) غ تحدث عن دور الاباضية عموما في بلاد المغرب فقال : «والواقع أن الاباضية قد تمكنت من فرض وجودها التاريخى فحققت عزا دينيا ذا بال بقيت آثاره إلى اليوم في أتباعه الذين يعيشون بيننا » التزموا خدمة الدين ومقاومة البدع والرذيلة » حازمين في أمرهم بالمعروف ونيهم عن لكر » ا حققت مدا سياسيا كان له شأن في تاريخ الاسلام بالمغرب العري» (۲) ۱ ٤ الاستاذ الفاضل الشيخ محمد شحاته أبو الحسن الذي يقول : «أنا لا أحابي أحدا في موقفي هذا ء ولكني أقول إن أصحاب هذا اذهب الذي تى عليه البعض »٠ أكثر منا تسامحا واستجابة لأمر الله سبحانه بالتالف » فقد عشت بين أظهرهم ٤ قوم بتدريس مادة التفسير في معهد القضاء الشرعي ما يزيد على اثني عشر عاما لم أجد ما يكدر الصفو ٠ ولا ما يحملنى على قول بعينه دون دليل » رغم الاأختلاف في بعض المسائل » وكنا أنا وطلابي والعلماء الأجلاء في المذهب نتبع الدليل الاقوی» )۳( )۱( الملرجع السابق ۹/۸١۱ (۴) المرجع السابق ص ١١٠ () رسالة بعنوان (بيان للناس) لم تزل بخط المؤلف لم تطبع ص £ الحق الدامغ ‏ ٢۲۳ وبعد هذه الجولة التى قضيتها معي أخي القارىء الكريم ‏ فى هذه الصفحات بين أنحاء هذه القضايا ‏ بحكم الظروف التى فرضتها علينا › وتطوافنا بين هذه المعالم التى أرجو أن تكون الحقيقة طالعتك متها فشاهدتها رأى العين 5 استودعك الله تعالى مبتبلا إلى الله سبحانه أن يوفقنا للقاء مرات ومرات تحت مظلة الاسلام الحنيف » وقد التام شمل المسلمين ٠ وتوحدت كلمتهم › وتلاشت فقاقيم الخلاف التى تبدو فوق صفاء وحدتهم » ا أبتهل إليه سبحانه أن يأخذ بأيدينا وأيدي هذه الأمة كلها إلى ما يحبه ويرضاه من صا العمل وخالصه › وصادق القول وزاكيه › ون يتور بصنائرنا › ويطهر سرائرنا » ویکتب لنا السعادة ويباعدنا عن أسباب الشقاء »ء وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين لçإسبحان‏ ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمينك والسلام عليك أيها القارىء الكريم ورحمة الله وبركاته £؛ أخحوك في الله سلطنة غُمان . مسقط | ٢۲۹ شعان ١١١٤۱ه الحق الدامغ ‏ ۲۳۷ الفهرس الموضوع مقدمة المبحث الأول : في رؤية الله «مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة» المقدمة : في مدلول الرؤية لغة الفصل الأول : في اختلاف الأمة في إمكان رؤية الله ووقوعها الفصل الثاني : في أدلة المثبتين الفصل الثالث : في أدلة النّافين، وهي قسمان عقلية ونقلية خاتمة : في نتيجة البحث البحث الثاني : في خلق القرآن «مقدمة وأربعة فصول وخاتمة» المقدمة : في التعريف بالخلق وبالقران والتفرقة بين القران وسائر الكتب المنزلة وبين الكلام النفسي .. الفصل الأول : في اختلاف الأمة في قدم الكلام أو حدوثه الفصل الثاني : في تضارب أقوال القائلين بقدم القران الفصل الثالث : في أدلة النّافين خلق القران الفصل الرابع : في أدلة القائلين بخلق القران خاتمة : في نتيجة ما تقدم المبحث الثالث : في خلود أهل الكبائر في النار «مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة» المقدمة : في تعريف الخلود والكبائر الفصل الأول : في اختلاف الناس في خلود الجنة والنار الفصل الثاني : في أدلة القائلين بإنقطاع العذاب الفصل الثالث : في أدلة القائلين بخلود جميع مرتكبي الكبائر في النار خاتمة : في نتيجة البحث خاتمة الكتاب شكر وعرفان ١۱ ١۱ ۱۹ ١۳ ٢۳ ١۹ ٦۹ ١٥۱ ۱١۱۹ ٢۰ ۲۱۸ ۲Yo Y۸ ۲Y۸ ١۱ ٥۱ ۹٠۱ ٧۱۷ ١۱ ٢۲ ١۱ ٦١۱ ١۱ رقم الإيداع : دار اعتراض أوتوا الكتاب ما نزلنا وأيكرة السطور ن يدرس ۸4/0۸۱ صواب . £ بان موضع الملشرق عبادة فط تتراأًی منکربہا دارا الأعتراض أوتوا الكتاب امنوا بما نزلنا وأيي بكرة هذه السطور لن لم يدرس