        אא                  ñŠàÈÛaë@w§a@éÔÏ@¿@ñŠ•bÈß@òîÜî•dm@tb¡c@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@   א א          א  الطبعة الأولى ١٤٢٩هـ٢٠٠٨/م حقوق الطبع محفوظة© ,ولا يسمح بإعادة نشر هذا الكتاب أو أي جزء منه بأي شكل من الأشكال أو حفظه ونسخه في أي نظام ميكانيكي أو إلكتروني يمكن من استرجاع الكتاب أو ترجمته إلى أي لغة أخر￯ دون الحـصول عـلى إذن خطـي سابق من المؤلف. @ @ñŠàÈÛaë@w§a@éÔÏ@¿@ñŠ•bÈß@òîÜî•dm@tb¡c    א  אא  E٢Fאא @ @âaŠy⁄a@åß@ÝÜznÛaë@Lïã†1⁄2aë@ïØ1⁄2a@⊧a@âbØycë@LâaŠy⁄a@pa‰ìÄa م٢٠٠٨/هـ١٤٢٩ الطبعة الأولى < <٢٠٠٨/١٥٨ رقم الإيداع المطلب الأول :لبس المفصل على مقدار الجسد توطئة مما جاء الشرع به مميزا حال المحرم اللباس ,فقد شرع له لباسا له من الأوصاف ما يحمله على تذكر أحوال الآخرة فيكون ذلك أدعى لتزكية النفس ورجعها إلى االله تعالى. وكذلك منع الناس من المخيط وغيره في الإحرام ليخرجوا عن عادتهم وإلفهم فيكون ذلك مذكرا لهم بما هم فيه من طاعة ربهم فيقبلون عليها والآخرة بمفارقة العوائد في لبس المخيط والاندراج في الأكفان وانقطاع المألوف عن الأوطان واللذات).(١ قال الإمام السالمي ~: والحكمة في منع المحرم من اللباس والطيب أنه يدعو إلى الجماع ,ولأنه مناف للحج; فإن الحاج أشعث أغبر. والقصد أن يبعد الحاج عن الترفه وزينة الدنيا وملاذها ويجتمع همه ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٢٩ المحظورات ,وليتذكر به الموت ولبس الأكفان ,ويتذكر البعث يوم القيامة حفاة عراة ,وليتفاءل بتجرده عن ذنوبه).(١ واللباس الذي شرع للمحرم بينته الأحاديث النبوية في واقعة سأل فيها أحد الصحابة عن اللباس الذي يلبسه المحرم ,فأجابه عما يمتنع المحرم عن لبسه; لأن الأصل في الأمور الإباحة ,والتحريم عارض لذا نبه السائل على ما عرض من المحرمات ,وجعل له أن يلبس ما شاء بعد ذلك من اللباس الذي ليس بممنوع ,وما من شك أن اللباس المباح أكثر من الممنوع. قال القاضي البيضاوي: سئل عما يلبس فأجاب بما لا يلبس ليدل بالالتزام من طريق المفهوم على ما يجوز ,وإنما عدل عن الجواب لأنه أخصر وأحصر. وفيه إشارة إلى أن حق السؤال أن يكون عما لا يلبس; لأنه الحكم العارض في الإحرام المحتاج لبيانه إذ الجواز ثابت بالأصل معلوم ) (١السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.١٨٤ كما في حديث مسدد وأحمد بن حنبل قالا :ثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال :سأل رجل رسول االله ما يترك المحرم من الثياب? فقال :لا يلبس القميص ,ولا البرنس ,ولا السراويل ,ولا العمامة ,ولا ثوبا مسه ورس ولا زعفران ,ولا الخفين إلا لمن لا يجد النعلين ,فمن لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين).(٢ والظاهر أن ذلك شاذ ,وأن الثابت الذي عليه أكثر النقلة من المحتج برواياتهم أن السائل سأل عما يلبس لا عما يترك; إذ الحادثة ما كانت إلا واحدة فاللفظ ما كان إلا واحدا. والاختلاف في لفظ اللبس أو الترك كان من سفيان بن عيينة الذي رو￯ عنه أحمد ومسدد ,فإنه تارة يحدث به كذا وتارة كذا).(٣ والسؤال عما يلبس المحرم جاء من رواية الأكثرين من المحتج برواياتهم ) (١ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٠٢ ) (٢أخرجه أبو داود ,في كتاب :المناسك ,باب :ما يلبس المحرم ).(١٨٢٣ ) (٣العراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص.٣٦ وأولها حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي سعيد الخدري قال :قال رسول االله :لا يلبس) (١المحرم القميص ,ولا العمامة ,ولا السراويلات, ولا البرانس ,ولا الأخفاف. فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما من أسفل الكعبين ,ولا يلبس شيئا من ثياب مسها الزعفران ولا الورس).(٢المحرمً وجاء ذلك من حديث مالك عن نافع عن عبد االله بن عمر } أن رجلا قال :يا رسول االله ,ما يلبس المحرم من الثياب? قال رسول االله :لا يلبس القمص ,ولا العمائم ,ولا السراويلات ,ولا البرانس ,ولا الخفاف ,إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل ) (١قال الإمام السالمي ~ :روي بالرفع على الخبر الذي في معنى النهي ,وروي بالنهي على الجزم .السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.١٨٣ ) (٢أخرجه الربيع ,في كتاب :الحج ,باب :ما يتقي المحرم وما لا يتقي ).(٤٠٦ سئل رسول االله ما يلبس المحرم من الثياب? فقال :لا يلبس القميص ,ولا العمائم ,ولا السراويلات ,ولا البرنس, ولا ثوبا مسه زعفران ولا ورس ,وإن لم يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين).(٢ في الأحاديث السابقة بيان من النبي لملبوسات المحرمين الرجال وهي ضربان: ضرب متعلق بالبدن وضرب متعلق بالرأس ,فالقمص تلبس مغطى بها الجزء العلوي من الجسد ,والسراويل تلبس ساترة الجزء السفلي من الجسد, والعمائم تلبس لتكون غطاء للرأس. ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :ما لا يلبس المحرم من الثياب ),(١٤٦٨ ومسلم ,في كتاب :الحج ,باب :ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح ,وبيان تحريم الطيب عليه ).(١١٧٧ ) (٢أخرجه البخاري ,في كتاب :الحج ,باب :لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين ).(١٧٤٥ الإسلام وهو من البرنس بضم الباء وهو القطن والنون زائدة ,وقيل إنه غير عربي. وقد اتفق علماء الأمة على نهي الرجل عن الملبوسات السابقة ,قال ابن المنذر :وأجمعوا أن المحرم ممنوع من لبس القميص والعمامة والسراويل والخفاف والبرانس ,وأجمعوا على أن للمرأة المحرمة لبس القميص والدروع والسراويل والخمر والخفاف).(٢ وجاء في بعض روايات الحديث زيادة القباء مع الملبوسات السابقة من طريق ابن عمر ,ولها عنه طرق منها من حديث سفيان عن أيوب عن نافع ) (١ابن منظور ,لسان العرب ,ج ,٦ص ,٢٦والزبيدي ,تاج العروس ,ج ,١٥ص,٤٤٨ والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.١٨٤ ) (٢ابن المنذر ,الإجماع ,ص ,١٠٩وابن حزم ,مراتب الإجماع ,ص ,٧٦والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,١٨٣وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص ,١٠٣وابن قدامة, المغني ,ج ,٣ص ,١٣٧وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٠٢ وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن أبي ليلى. وجاء من طريق النضر بن عبد الجبار ثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن القاسم بن محمد عن ابن عمر) ,(٤وهذا ضعيف أيضا لضعف ابن لهيعة. والقباء ممدودا هو الثوب المفرج المضموم وسطه ,وجمعه أقبية ,واشتقاقه من القبو وهو الجمع بالأصابع ,يقال قباه يقبوه قبوا ,ويقال قد تقبيت قباء أي اتخذته).(٥ والوصف الجامع للأحكام السابقة أن الشرع منع المحرم من كل لباس مفصل على قدر الجسد كالقميص أو عضو منه كالسراويل والخفاف ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص ,٤٩وقد قال قبل ذلك عن زيادة "القباء" :وهو صحيح محفوظ من حديث سفيان الثوري عن أيوب اهـ وهو كذلك من حيث سنده. ) (٢العراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص.٣٨ ) (٣الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,٥ص.١٨٩ ) (٤الطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,١٢ص.٢٧٥ ) (٥الحميدي ,تفسير غريب ما في الصحيحين ,ص.٢٧٦ بالقميص على ما فصل للبدن كله أيا كان. ونبه بالعمامة على كل ساتر للرأس معتاد كالقبع والطاقية والقلنسوة ونحو ذلك ,ونبه بالبرنس على المحيط بالرأس والبدن جميعا كالغفارة ونحوها ,ونبه بالسراويل على المفصل على الأسافل كالتبان ونحوه ,ونبه بالخفين على ما في معناهما من الجرموق والجورب والزربول ذي الساق ونحوه).(٢ ومما يؤكد ذلك أن النبي أمر أن يحرم المحرم في إزار ورداء ونعلين كما في حديث الزهري عن سالم عن ابن عمر أن النبي قال :وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين ,فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما ) (١ابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤٠٣ ) (٢الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٦٦والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص,١٨٤ والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٢٦وابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص.١٤١ الخياطة فممكن أن يكون في كل واحد منهما خياط ,كما أنه يمكن أن يستعمل الإزار مشقوق الطرفين ,وممكن استعماله مجموع الطرفين ولو بخياطة; إذ هذا الجمع لا يخرجه عن كونه إزارا وغير مفصل على مقدار الجسد. ولو سلم بأن هذا ليس بإزار فيقال إنه ليس بسراويل ولا يشبه السراويل ,والشرع إنما نهى عن السراويل في قوله :لا يلبس المحرم السراويلات ,ويلحق بالسراويل ما كان مثله مما فصل على مقدار الجزء السفلي من البدن ,أما الثوب الموصول طرفاه فليس هو سراويل ولا في حكم السراويل فيكون على أصل براءة الذمة إذ إن السائل لما سأل عن ما يلبس المحرم أجابه النبي عن الذي لا يلبسه في إشارة إلى أن الأصل الإباحة وأن الممنوع محدود فلا يلحق بالمذكور إلا ما كان مثله. وأما حديث :من لم يجد الإزار فليلبس السروايل فالظاهر أن المنطوق فيه ) (١ابن الجارود ,المنتقى ,ص ,١١١برقم ) ,(٤١٦وأصل الحديث دون محل الشاهد عند الشيخين من الطريق نفسها طريق ابن عمر ,وعند الإمام الربيع من طريق أبي سعيد الخدري كما تقدم تخريجه. والإزار ما يستر أسفل البدن والرداء ما يستر به أعلاه ,وكلاهما غير الأسفل والرداء ما على العاتق ِمخيط ,وقيل :الإزار ما تحت العاتق في وسطهَ والظهر ,وقيل :إن الإزار ما يستر أسفل البدن ولا يكون مخيطا).(١ ومن السابق يظهر أن الارتداء والائتزار قد يكونان بما هو مخيط أصلا كمن لف بدنه بثوب مخيط طاقا أو طاقين أو أكثر فهذا غير داخل في النهي الشرعي; إذ لم يكن الثوب ملبوسا على قدر عضو بل مؤتزر به ولا إشكال في ذلك للسابق).(٢ قال قطب الأئمة :وخرج بلبس المخيط الارتداء به والالتحاف به ) (١الزبيدي ,تاج العروس ,ج ,١٠ص.٤٣ ) (٢الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٦٨والشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٥٠والرافعي ,العزيز, ج ,٣ص ,٤٥٩والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٢٩وابن عبد البر ,الكافي ,ص,١٥٣ وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص ,٤٠٢والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص,١٢٦ والعيني ,عمدة القاري ,ج ,٩ص ,١٦٢وابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص ,٧٨وابن جماعة, هداية السالك ,ج ,٢ص ,٧٠٧وابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص.١٤٤ يعتاد في كل ملبوس. وقد نص جماعة من الفقهاء على أن لبس القباء ممنوع إذا ما أدخل اللابس يديه في الكمين; لأنه بذلك يكون مفصلا على قدر الجسد ,أما إن طرحه دون أن يدخل يديه في كميه فلا بأس فيه).(٢ ونص على الحكم السابق الإمام أبو سعيد الكدمي وأبو المؤثر البهلوي وغيرهما) ;(٣إذ الأمر لا يعدو أن يكون كحال الارتداء بالقميص وليس لبسا لمفصل على مقدار الجسد ,على أن المحرم يلف بدنه بردائه وهذا غير مختلف عنه ,قال السرخسي: لبس القباء إنما يحصل بإدخال اليدين في الكمين فإذا لم يفعل ذلك كان ) (١القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.٧١ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٧٧وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص,١٨ والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٢٩والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٢٥والكاساني, بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٨٤وابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص.١٤٥ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٧٨وص.١٨٢ أما إذا أدخل يديه في كميه فلا يحتاج في حفظه على نفسه عند الاشتغال بالعمل فيكون لابسا للمخيط وكذلك إن زره عليه كان لابسا لأنه لا يحتاج إلى تكلف حفظه عليه بعد ما زره).(١ لكن يبقى أن القباء قد يكون مفصلا على مقدار الجسد وإن كان المحرم لا يدخل يديه فيه وذلك أنه بالنظر إليه يكون مفصلا على مقدار المنكبين فتجده يقبض فيهما دون قابض سو￯ التفصيل على مقدارهما. وقد جرت عادة الكثيرين على لبسه دون إدخال اليدين في الكمين ,لذا فالأولى أن يقال إنه لا يصح أن يلبس كهيئته على المنكبين ولو لم تدخل اليدان في الكمين).(٢ وأجاز جماعة لبسه منكوسا; لأنه والحالة تلك كالرداء فهو غير مفصل على مقدار الجسد ولا عضو منه ,وهذا لا إشكال فيه. وذهب آخرون إلى أنه إن طرح القباء عليه لزمته الفدية وإن لم يدخل ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.١٢٥ ) (٢الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٥٩ عادة لبسه كالقميص).(١ على أن جمعا من الفقهاء نظروا إلى عموم النص في النهي عن لبس القباء في حديث ابن عمر فمنعوا منه بإطلاق).(٢ أما ما يطلقه كثير من الفقهاء من منع المحرم من لبس المخيط) (٣فأمر لا يراد به ظاهره وإنما يراد به المخيط المفصل على قدر الجسد لا الذي فيه مطلق خياطة. ويظهر أن الذي حملهم على هذا الإطلاق كون غالب المفصلات على قدر الجسد مفصلة بالخياطة فلغلبة هذا النوع من المفصلات وشيوعه أطلق ) (١لم أجد هذه الرواية مسندة وقد نقلت عن ابن المنذر ,وقد يكون المراد بها ما تقدم تخريجه من حديث ابن عمر .ابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص.١٤٥ ) (٢العراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص.٤٠ ) (٣الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٦٥والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص ,٤٣٩والقطب, شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,٧١وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص ,١٠٤والكافي, ص ,١٥٣والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٥٩وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص,٤٠٢ وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤٠٣ على منع المحرم من الثوب المنسوج مفصلا على قدر الجسد أو الملصق بعضه ببعض على قدر الجسد أو عضو منه).(١ ثم إن لفظ منع المحرم من المخيط أمر لم يأت في شيء من النصوص الشرعية المحتج بها وأقصى ما أتى الأنواع التي جاءت في حديث ابن عمر وأبي سعيد الخدري سابقي الذكر والتخريج. والعلة الجامعة بينها ليست الخياطة بل التفصيل على قدر الجسد لما ذكرناه من انتقاض علة الخياطة بالإجماع على منع المحرم من غير المخيط إن كان مفصلا على قدر الجسد كالثوب المنسوج. وقد يعترض معترض بأن العلة التي ذكرناها في اللباس الممنوع منقوضة بحديث وكيع عن ابن أبي ذئب عن صالح بن أبي حسان أن النبي أبصر رجلا محرما بحبل أبرق وهو محرم فقال :يا صاحب الحبل ألقه. ) (١ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص ,١٥وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص ,٤٠٣والدمياطي, إعانة الطالبين ,ج ,٢ص ,٣٢٢والنفراوي ,الفواكه الدواني ,ج ,١ص ,٣٦٨والشربيني, الإقناع ,ج ,١ص.٢٥٩ وقد جاء من طريق سعيد بن سالم القداح عن ابن جريج أن رسول االله رأ￯ رجلا محتزما بحبل أبرق فقال :انزع الحبل مرتين).(٣ غير أن هذا لا يثبت لضعف إسناده) (٤المتمثل في القداح الذي ذكرنا مرارا أنه لا يثبت حديثه ,وانقطاعه من جهة أن بين ابن جريج والنبي  مراحل إضافة إلى أن ابن جريج لا يقبل منه إلا التصريح بالسماع ,فضلا عن كونه خلوا من موطن الشاهد وهو أن الأمر كان في حال الإحرام. والعلة السابقة تقضي بأن قليل اللبس المنهي عنه ككثيره ,ولم أجد من فرق بين قليل اللبس المنهي عنه وكثيره بل الكلمة واحدة أن النهي الشرعي شامل للحالين فكما يكون الانتهاك في ملبوس كامل يكون الانتهاك ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٤٠٩ ) (٢أبو داود ,المراسيل ,ص.١٥٦ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص.١٥٠ ) (٤البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٥١ تبين من السابق أن الوصف الجامع للباس الممنوع هو التفصيل على مقدار الجسد أو عضو منه ,وهذا التفصيل قد يكون بالخياطة أو أن ينسج نسجا ,أو يلصق بلصوق ,أو يربط بخيوط ,أو يخلل بخلال ,أو يزر ونحو ذلك مما يوصل به الثوب المقطع حتى يصير كالمخيط فيفصل على مقدار الجسد. وهذا المقدار أمر متفق عليه بين الأمة ,وإن لف المحرم الثوب المخيط أو ما كان مفصلا على مقدار الجسد على جسده واستعماله إياه بهيئة الرداء أمر لا حرج فيه إذ العلة السابقة غير متحققة ولم يكن نهي شرعي عن مثل ذلك).(٢ ولكن ذهب بعض الفقهاء إلى كراهة الارتداء بالثوب المخيط) ,(٣ولعلهم نظروا إلى علة مطلق الخياطة وقد ظهر لك أن علة المنع خلافها ,ولا نهي إلا ما نهى الشرع عنه ولم ينه الشرع عن الارتداء بالمخيط. ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٢٨وابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص.١٤١ ) (٢ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص ,٤٣٥وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص.٣٤ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٤٣٥ عضو منه لعلاج).(٢ وحشوة يحتشي بها صاحب سلس) ,(٣ونظارة يلبسها المحرم ,وسيف يتقلده ,وساعة يد يضبط بها وقته ,وهكذا التعاويذ والحروز ,والخاتم والنعال. وسبب ذلك أن علة التفصيل على مقدار الجسد أو عضو منه غير متحققة فما الأمور السابقة إلا تغطية لعضو على هيئة الارتداء والاتزار وقد تبين بالإجماع أنه لا حرج في السابق بل السنة هي الآمرة بذلك ,وما الأمور التي ذكرناها إلا داخلة في معنى هذه. وذهب بعض الفقهاء إلى المنع من تقلد السيف ونحوه ,وفي هذا المنع نظر من حيث إن هذا التعليق ليس هو بلبس لغة ولا عرفا ,ولا تنطبق عليه ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٦٩وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص,٢٢ والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٢٩والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.١٢٧ ) (٢الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.٤٤٥ ) (٣الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.٤٤٥ محرما يوم عمرة القضية وعندهم السيوف ولم يكن الإحرام مانعا لهم من مثل ذلك. ثم إن هذه الأمور ليست من المنصوص عليه في شيء وقياسها على المنصوص عليها قياس مع الفارق الكبير فلا يصح. ومن السابق أيضا يظهر أنه لا حرج في أن يلف المحرم نفسه بالألحفة القطنية والثقيلة التي تقيه شر البرد إذا ما تعرض له فذلك ليس بلبس بل هو التحاف وبينهما بون ,وقد يكون ارتداء. كما أنه لا حرج عليه إذا ما ادرع عن البرد بالدخول في حقيبة النوم المعروفة بـ) (sleeping bagوذلك لأن العلة التي قلناها في المنع غير متحققة فيها فليست هي شيئا مفصلا على مقدار الجسد أو عضو منه وإنما هي كالثوب الغليظ يلفه المحرم حوله ليجنبه كثيرا من المؤذيات ,فهي كالدخول في الخيمة ولكنها لا تتسع إلا لشخص واحد. ولكن أيصح له أن يدخل في هذه الحقيبة كله ويتغطى جسده جميعه بها أو لا للنهي عن تغطية الرأس? ملامسة الغطاء للرأس ,أما عند عدم الملامسة فلا حرج كما سيأتي. والحال في هذه الحقيبة أن التغطية لا يقصد بها الرأس استقلالا فتمنع بل هي للجسد كله والرأس من الجسد كحال الداخل في الخيمة. ثم إن الذي يلحق الرأس منها قليل ما هو إلا كحال الوسادة يتوسد بها المحرم فتغطي شيئا من رأسه وقد يكون التوسد بعمامة وقد نص الفقهاء على أنه لا مانع يحجر ذلك).(١ وما العلة إلا أن التوسد لا يقصد به التغطية للرأس وإنما هو أمر يراد لغيره مع حصول جزء من التغطية تبعا لا استقلالا. ونص الشيخ أبو نبهان ~ على أنه إن دخل المحرم الخيمة أو العريش أو البيت ومس شيء من ذلك رأسه فلا شيء عليه).(٢ كما أن الفقهاء نصوا على أنه لا حرج على المحرم في حمله متاعه فوق ) (١القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,٧٤والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٥٧وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٢ص.٧٠١ ) (٢الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.٤٤٧ وكذلك نص الفقهاء على أن للمحرم وضع يده على رأسه والانغماس في الماء ,وما العلة إلا عدم قصد التغطية. كذلك يمسح المحرم رأسه في الوضوء والغسل اتفاقا ,وما قصد التغطية أصالة ولكن تحققت تبعا فعفي عنها).(١ ومما يدل على ذلك من السنة المطهرة حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال :اختلفت أنا والمسور بن مخرمة بالأبواء فقلت :يغسل المحرم رأسه ,وقال هو :لا يغسله ,قال ابن عباس: فأرسلت رجلا اسمه عبداالله بن حنين إلى أبي أيوب الأنصاري فوجده الرجل يغتسل بين القرنين وهو يستتر بثوب فسلم عليه فقال له :من هذا? فقال الرجل :أنا رسول ابن عباس إليك يسألك :كيف يغتسل رسول االله وهو محرم? ) (١الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص ,٤٤٦وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص,٣٤ والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٢٧وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص ,٤٠٦وابن مفلح, المبدع ,ج ,٣ص.١٣٩ ثم قال :هكذا رأيته يفعل صلوات االله عليه).(١ والحكم في حقيبة النوم كذلك الأمر إذ الأمر أن التغطية غير مقصودة للرأس أصالة بل هي ملامسة للرأس من طرف واحد اقتضاها أمر الدخول في الحقيبة فكان حكمه الجواز كالأمور التي ذكرناها. واختلف الفقهاء في عقد الثوب للمحرم أهو مما يصح)?(٢ وبإعمال علة النهي نجد أنه لا حرج في ذلك وإن كان الأولى عدم العقد للرداء وذلك لأن الأمة متفقة على جواز عقد الإزار ولم يأت دليل يشرعه بذاته حتى يقال بأنه خاص بالإزار مما يعني أن العقد نفسه غير ممنوع إن كان يصل به بين طرفي ردائه خشية أن يشغله بتفلته. ثم إن العقد للرداء غير داخل في شيء من المنهيات المذكورة في الأدلة ) (١أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :في غسل المحرم ).(٤٠٥ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٤٧والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٢٩وابن قدامة ,المغني, ج ,٣ص ,١٣٩والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٨٥وابن مفلح ,الكافي ,ج,١ ص.٤٠٤ ومن الفقهاء من أجاز عقد الهميان للحاجة ومنعه عند عدمها ,لذا منع هؤلاء المنطقة التي يلبسها المحرم الذي يجد الوجع في ظهره مع إيجابهم الفدية عليه).(١ وأنت خبير أن لف الهميان والمنطقة حول بدن المحرم ليس إلا كلف الإزار في حقويه فما الذي أخرجه من حكمه. ثم إن العلة التي قررناها في منع المحرم من اللباس لا تتناول الهميان ولا المنطقة ولا ما شابهها بنوع من أنواع الدلالة المعتبرة. ومن الفقهاء من قيد جواز لبس الهميان والمنطقة بالحاجة إليه كحفظ المال) ,(٢فإذا ما عدمت الحاجة ارتفع حكم الجواز. ولكن يشكل على هذا −مع عدم الدليل عليه −أن الحاجة لانتهاك محظور ترفع حكم المنع مع إيجاب الفدية كما هو الحال فيمن اضطر إلى حلق شعره لعلة وهو محرم فنص الكتاب العزيز حينها على الفدية شرطا لارتفاع ) (١ابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤٠٤ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٥٠وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٣٩ خلاف السابق).(١ ثانيا :لبس المحرم الخفين حكم لبس الخفين جاء الحديث النبوي آمرا المحرم بلبس النعلين من حيث الأصل ,وفي حال عدم وجدان النعلين يلبس الخفين مع شرط قطعهما أسفل من الكعبين. وعدم الوجدان لهما يكون بأن لا يقدر على تحصيلهما إما لفقدهما ,أو ترك بذل المالك لهما ,وعجزه عن الثمن إن وجد من يبيعه أو الأجرة ,ولو بيع بغبن لم يلزمه الشراء ,أو وهب له لم يجب القبول. واختلف إن وجده بإعارة أيلزمه أخذه أو لا يلزمه ,والأظهر عدم اللزوم خشية الضمان وشبهه بالهبة).(٢ ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص.١٥١ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٣١وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص ,٤٠٣والزرقاني, شرح الموطأ ,ج ,٢ص ,٣٠٧والدمياطي ,إعانة الطالبين ,ج ,٢ص.٣٢٣ والأمر السابق منطبق على الخفين كليهما كما أنه متوجه إلى الخف الواحد إذ الخطاب شامل للأمرين. بعض إلى أن المنع للخفين كليهما وأنه إن لبس واحدا فقط فلاوذهبٌ شيء عليه).(٢ وفي هذا نظر; إذ علة التفصيل على مقدار جزء من الجسد متحققة في الخف ,وكون الشرع أطلق لفظ الخفين فللغالب المعتاد أن لا يقتصر أحد على خف واحد سواء لبس للرجل الثانية نعلا أو لم يلبس شيئا ,ومعلوما أن ما كان إطلاقه للغالب المعتاد فلا مفهوم له. وهذا الأمر بلبس الخفين ليس على سبيل الوجوب بل هو أمر إرشاد أريد به التسهيل على العباد) (٣فلو أن محرما لم يجد النعلين ومضى مؤديا حجه حافيا لم يكن عليه شيء باتفاق من حيث عدم اللبس نفسه إلا إن كان يدخل ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص.١٤٧ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٣١ ) (٣ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٠٣ على أن الأصل وهو لبس النعلين حال الإحرام ليس بواجب من حيث الأصل فلا يكون بدله المشروع للتخفيف على الأمة واجبا. وغير غائب عن النظر أن الشرع يسوي في الترخيص في التكاليف الشرعية بين عدم الوجدان وعدم القدرة على الاستعمال كحال التيمم مثلا لذا فغير الواجد للنعلين وغير القادر على استعمالهما سواء في جواز الانتقال إلى لبس الخفين من غير وجوب فدية على ما مضى ذكره. وعدم القدرة على الاستعمال قد يكون لمرض في قدمه ,أو كونه لم يعتد المشي فيها فإذا مشى تعثر وانقطعت ونحو ذلك ,أو يصيب أصابعه شوك أو حصى ,أو لا يقدر أن يسرع في السير فيخاف فوات الرفقة ,أو يكون عليه عمل لا يمكنه أن يعمله ,وهكذا).(١ لكن ذهب بعض الفقهاء إلى أن على من لم يستطع لبس النعلين فانتقل إلى الخفين الفدية ,وذلك أن النص أثبت الانتقال إلى الخفين عند عدمهما لا ) (١القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,٧٢وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٣٩وابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص.٤٣ في الفروع الفقهية الأخر￯ كتعليق مشروعية التيمم بعدم وجدان الماء في نص الكتاب العزيز ,ومعلوم أن عدم القدرة على الاستعمال حكمها حكم عدم الوجدان كما بينت السنة ذلك في التيمم. ثم إن المقصود من الانتقال إلى الخفين هو عدم التكليف بما لا يطاق بالانتقال إلى الحكم الأخف; إذ إن الأمور إذا ضاقت اتسعت وإذا اتسعت ضاقت ,وحال غير القادر على الاستعمال كحال غير الواجد من حيث عدم إمكان الوصول إلى تطبيق الحكم الشرعي فكان الحكم واحدا لما اتحدت العلة بينهما. لبس النعال المخيطة أمر النبي المحرم بلبس النعلين أمرا عاما ولم يخص النعال المخيطة من غيرها ,وهذا العموم يفيد بظاهره جواز لبس النعلين على كل حال ووصف. وذهب بعض الفقهاء إلى منع المحرم من لبس النعال التي فيها خياطة).(١ ) (١السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,١٨٤وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤٠٥ النقض بالإجماع على تخلفها في بعض الفروع ,وأن الصحيح أن العلة هي التفصيل على قدر الجسد أو عضو منه. على أن الحديث لم يذكر الخياطة ولا غيرها بل عمم الأمر للمحرم في لبس النعلين فتخصيص ذلك بغير المخيطة تحكم لم ينطق به الدليل الشرعي. ثم إن اللبس للنعل شبيه بالارتداء للجسم إذ ليست هي مفصلة على مقدار الجسد كالخف المنهي عنه لذا أبيحت. وكونها بها خياطة في بعض الأحوال لا يغير من الحكم شيئا; لأنهم قد نصوا على جواز الارتداء بالمخيط من قميص وغيره كما تقدم وحال النعل لف للقدم بما فيه خياطة. واختلفوا في النعل يكون لها قيد يحفظ القدم حال المشي) ,(٢فقيل بأن النص أباح النعل بإطلاق دون قيد خلوها من القيد فلذا هي جائزة ,وليس ذلك القيد بمخرج لها عن وصف النعل. ) (١القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.٧٣ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٣٩وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٢ص.٧٠٧ بمؤثر شيئا غير عدم القطع إذ المشروع من القطع غير موجود فانتفى الحكم لانتفائه ,والنص الشرعي أطلق خطابه على المعهود من حال النعال أنها خالية من القيد. قطع الخف وصفة ذلك فرق بعض الفقهاء بين الخف والنعل فقال ما ظهر منه العقب ورؤوس الأصابع يحل مطلقا ,وما ستر الأصابع فقط أو العقب فقط لا يحل إلا مع فقد النعلين).(١ وكأنه يشير إلى أن الخف ما غطى الأصابع والقدم ,والنعل ما لم يكن كذلك ,وبهذا تتحقق علة المنع وهي التفصيل على مقدار الجسد في الخف دون النعل التي حالها لا يعدو كونه لفا على القدم فهي كالرداء والإزار للجسد. وجاءت السنة من طرق مقيدة جواز لبس الخف للمحرم بقطعه أسفل من الكعبين ومن ذلك حديثا أبي سعيد الخدري وابن عمر اللذان تقدم ) (١الدمياطي ,إعانة الطالبين ,ج ,٢ص.٣٢١ الأرسوفي ثنا محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد االله قال :قال رسول االله : من لم يجد إزارا وهو محرم فوجد سراويلا فليلبسه ,ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين فليقطعهما أسفل من الكعبين).(١ كما جاء السابق من حديث إسماعيل بن مسعود قال :حدثنا يزيد بن زريع قال :أنبأنا أيوب عن عمرو عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال: سمعت رسول االله يقول: إذا لم يجد إزارا فليلبس السراويل ,وإذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين).(٢ جاءت رواية هؤلاء الصحابة مقيدة جواز لبسه للمحرم بقطعه أسفل ) (١الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,٩ص ,١٢٨قال الهيثمي :إسناده حسن ,الهيثمي ,مجمع الزوائد ,ج ,٣ص.٢١٩ ) (٢أخرجه النسائي في كتاب :مناسك الحج ,باب :الرخصة في لبس الخفين في الإحرام لمن لا يجد النعلين ).(٢٦٧٩ والعلة في ذلك أن الخف مما فصل على مقدار جزء من الجسد وهو القدم ,أما النعل فلا يعدو حالها أن يكون كحال الارتداء وقد سبق النص أن الارتداء مما لا حرج فيه ,والكعبان في اللغة العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم ,فيكون المقصود من القطع إظهار الكعبين مع بقاء شيء منه تستمسك به رجلاه. ونسب إلى الإمام محمد بن الحسن الشيباني أن الكعب هنا هو العظم الذي في وسط القدم عند معقد الشراك) ,(٢غير أن الحافظ ابن حجر قال إن في هذه النسبة نظرا).(٣ ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٨٧والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٦٧والسالمي, شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,١٨٤والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص,٧٢ والشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٤٧وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص ,٤٠٣والعيني, عمدة القاري ,ج ,٩ص ,١٦٢والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٢٨وابن عبد البر, الاستذكار ,ج ,٤ص ,١٧وابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص.٨٠ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.١٢٧ ) (٣ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٠٣ وغير خفي عن النظر أن هذا القطع للخفين عند هؤلاء إنما هو في حال الخفين اللذين هما أعلى من الكعبين ,وأما إن كانا أسفل من الكعبين فلا قطع حينها لذهاب الحكم بذهاب محله. لكن ذهب آخرون إلى أن للمحرم إن لم يجد النعلين لبس الخفين دون اشتراط قطعهما) ,(٢وقد استدل هؤلاء لما ذهبوا إليه بأدلة منها: أولا :ما في حديث ابن عباس من إطلاق لبس الخفين دون تقييد بقطعهما كما في حديث عمرو بن دينار سمعت جابر بن زيد سمعت ابن عباس } قال :سمعت النبي يخطب بعرفات :من لم يجد النعلين فليلبس الخفين ,ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل للمحرم).(٣ ) (١الفراهيدي ,العين ,ج ,١ص ,٢٠٧وابن سيده ,المحكم ,ج ,١ص ,٢٨٥والعظيم أبادي ,القاموس المحيط ,ص.١٦٨ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٣٨وابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص.٢١ ) (٣أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين ).(١٧٤٤ قبل خروجه فيكون الأول منسوخا والآخر ناسخا. وقالوا أطلق النبي الإذن في لبس الخفين ولم يشترط القطع وهذا كان بعرفات والحاضرون معه إذ ذاك أكثرهم لم يشهدوا خطبته بالمدينة فإنه كان معه من أهل مكة واليمن والبوادي من لا يحصيهم إلا االله تعالى وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع. فدل هذا على أن هذا الجواز لم يكن شرع بالمدينة وأن الذي شرع بالمدينة هو لبس الخف المقطوع ثم شرع بعرفات لبس الخف من غير قطع).(١ قالوا ومما يدل على النسخ وتبدل الحكم حديث عائشة عن النبي أنه رخص للمحرم أن يلبس الخفين ولا يقطعهما ,وكان ابن عمر يفتي بقطعهما, قالت صفية :فلما أخبرته بهذا رجع. ثانيا :القدح في حديث ابن عمر وذلك أن حديث ابن عمر اختلف في وقفه ورفعه ,وحديث ابن عباس لم يختلف في رفعه ,قال ابن قدامة: فقد قيل إن قوله "وليقطعهما" من كلام نافع كذلك رويناه في أمالي أبي ) (١ابن القيم ,الحاشية على سنن أبي داود ,ج ,٥ص.١٩٥ ورو￯ ابن أبي موسى عن صفية بنت أبي عبيد عن عائشة > أن رسول االله رخص للمحرم أن يلبس الخفين ولا يقطعهما ,وكان ابن عمر يفتي بقطعهما قالت صفية :فلما أخبرته بهذا رجع. ورو￯ أبو حفص في شرحه بإسناده عن عبد الرحمن بن عوف أنه طاف وعليه خفان فقال له عمر :والخفان مع القباء? فقال :قد لبستهما مع من هو خير منك يعني رسول االله .(١) ثالثا :في قطع الخفين فساد ,واالله لا يحب الفساد. رابعا :قياس لبس الخفين عند عدم النعلين دون قطع على لبس السراويل عند عدم الإزار إذ لا يؤمر المحرم بحلها. وأجاب الجمهور عن السابق بأمور: أولها أن التعارض بين حديثي أبي سعيد الخدري وابن عمر وجابر بن عبداالله وابن عباس في رواية النسائي وبين حديث ابن عباس الذي استدل به ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٣٨ سعيد الخدري وابن عمر وهو القطع أسفل الكعبين. وغير خفي عن النظر أن المطلق والمقيد هنا متحدان سببا وحكما فيجب الحمل باتفاق اقترنا في الوجود أو تقدم أحدهما على الآخر).(١ قال الإمام السالمي: إن اتحد حكم المطلق والمقيد واتفق سببهما وجب حمل المطلق على المقيد بيانا سواء تقدم أحدهما على الآخر أو تقارنا في الوجود ما لم يتأخر المقيد حتى يعمل بالمطلق فإنه يكون حينئذ يكون المقيد ناسخا لبعض أحكام المطلق).(٢ وقال الإمام الشافعي: أر￯ أن يقطعا; لأن ذلك في حديث ابن عمر وإن لم يكن في حديث ابن عباس وكلاهما صادق حافظ ,وليس زيادة أحدهما على الآخر شيئا لم يؤده ) (١السمعاني ,قواطع الأدلة ,ج ,١ص ,٢٢٨والجويني ,البرهان ,ج ,١ص ,٢٨٩والسبكي, الإبهاج ,ج ,١ص ,٢٠٠وابن قدامة ,روضة الناظر ,ص ,٢٦٠والزركشي ,البحر المحيط ,ج ,٣ص ,٦والبخاري ,شرح التلويح ,ج ,١ص.١١٧ ) (٢السالمي ,طلعة الشمس ,ج ,١ص.٧٨ ومن أهل العلم من اعترض رواية ابن عباس التي هي خلو من الأمر بالقطع بأنها معارضة بما ورد عند النسائي من تقييد لبس الخفين بالقطع لأنه زيادة من ثقة).(٢ وهذا الاعتراض فيه شيء من النظر مع صحة إسناد الرواية ,وذلك أن الأقرب في حكم هذه الزيادة هو الشذوذ لا القبول إذ إنه انفرد بها إسماعيل بن مسعود الجحدري وهو وإن كان موثقا) (٣إلا أن النفس أميل إلى رواية الجماعة الأوثق والأكثر مع اتحاد المخرج ولذا فالاعتراض بذلك فيه شيء من النظر. ثانيها أن قول المانعين من القطع إن حديث ابن عمر معل بالوقف أجيب عن هذا بأنه لم يختلف على ابن عمر في رفع الأمر بالقطع فتلكم روايات ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص١٤٨ ) (٢العيني ,عمدة القاري ,ج ,٩ص.١٦٣ ) (٣ابن حبان ,الثقات ,ج ,٨ص ,١٠٢والمزي ,تهذيب الكمال ,ج ,٣ص ,١٩٥وابن حجر, تهذيب التهذيب ,ج ,١ص.٢٨٨ وإنما الاختلاف كان في أمر الانتقاب ولبس القفازين للمحرمة وهذا غير موطن الشاهد. قال ابن تيمية متعقبا دعو￯ الإعلال بالوقف: وهذا غلط; فإنه لم يختلف أحد من الحفاظ في اتصاله وأن هذه الزيادة متصلة ,وإنما تكلم أبو داود في قوله لا تنتقب المرأة الحرام ولا تلبس القفازين. وذكر أن هذه الزيادة من الناس من وقفها ومنهم من رفعها مع أنه قد أخرجها البخاري وهذا بين في سنن أبي داود فمن توهم أن أبا داود عنى زيادة القطع فقد غلط عليه غلطا بينا فاحشا).(١ على أنه اختلف في حديث ابن عباس أيضا فرواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفا).(٢ ) (١ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص.٢٨ ) (٢ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٤٣٩ واحد من الحفاظ منهم نافع وسالم بخلاف حديث ابن عباس فلم يأت مرفوعا إلا من رواية الإمام جابر بن زيد عنه).(١ وممكن أن يقال بقول الذين رأوا عدم القطع أن لو ثبت أن حديث القطع كان بالمدينة المنورة قبل الخروج ولكن يشكل عليه أنه لم يثبت من طريق صحيح في شيء من الروايات أن ذلك كان بالمدينة بل هي إشارة استفيدت من حديث يزيد أنا محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال: سمعت رسول االله يقول على هذا المنبر وهو ينهى الناس إذا أحرموا عما يكره لهم: لا تلبسوا العمائم ولا القمص ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفين إلا أن يضطر مضطر إليهما فيقطعهما أسفل من الكعبين. ولا ثوبا مسه الورس ولا الزعفران ,قالك وسمعته ينهى النساء عن القفاز والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب).(٢ ) (١ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص , ٤٠٣والعيني ,عمدة القاري ,ج ,٩ص.١٦٣ ) (٢أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,٢ص.٣٢ الباب −يعني بعض أبواب مسجد المدينة −فقال :يا رسول االله ما يلبس المحرم?).(١ كما جاء ما يشير إلى ذلك من حديث حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال :ناد￯ رجل رسول االله وهو يخطب وهو بذاك المكان وأشار نافع إلى مقدم المسجد فقال :يا رسول االله ,ما يلبس المحرم من الثياب?.(٢)... والرواية الأولى التي فيها الإشارة بكون ذلك في المدينة جاءت من طريق ابن إسحاق ,وأنت خبير أن ابن إسحاق مدلس لا يقبل منه غير الذي يصرح بسماعه وهو هنا معنعن مما يعني ضعف روايته. ثم إنا نقول إنه لو صرح ابن إسحاق بالتحديث لما قبلنا انفراده بهذه الزيادة إذ ما حال ابن إسحاق مع الرواة الذين لا قبل له بمعارضتهم ولم يذكروا هذه الزيادة مما يعني أنها غير محفوظة إذ لا يحتمل ابن إسحاق مثل هذه المخالفة وما حق زيادته هذه إلا الشذوذ إن لم نقل النكارة. ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٤٩ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٤٩ ضعيف الحديث مضطرب) ,(١وقال البخاري :ليس بالقوي عندهم) ,(٢وقال النسائي :ليس بالقوي).(٣ وفوق ضعف الرجل هو موصوف بالتدليس قال البخاري :كان يدلس عن ثور الحمصي وأقوام أحاديث مناكير).(٤ ثم إن القول بأن الحكم الإطلاقي في حديث ابن عباس كان بعرفات فيه شيء من النظر. وذلك أن قوله :بعرفات مما اختلف فيه الرواة فقد انفرد شعبة بذكرها وخالفه الجماعة من الرواة فلم يذكروها كما أوضح ذلك الإمام مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح. ) (١العقيلي ,الضعفاء ,ج ,٣ص ,٧٧والمزي ,تهذيب الكمال ,ج ,١٨ص ,٥٠٩والذهبي, الكاشف ,ج ,١ص.٦٧٥ ) (٢البخاري ,الضعفاء الصغير ,ص.٧٧ ) (٣النسائي ,الضعفاء والمتروكين ,ص.٦٨ ) (٤ابن حجر ,طبقات المدلسين ,ص.٤١ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة ح وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم ح وحدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن سفيان. ح وحدثنا علي بن خشرم أخبرنا عيسى بن يونس عن ابن جريج ح وحدثني علي بن حجر حدثنا إسماعيل عن أيوب ,كل هؤلاء عن عمرو بن دينار بهذا الإسناد ولم يذكر أحد منهم يخطب بعرفات غير شعبة وحده).(١ ورواه الشافعي في الأم من طريق سفيان بن عيينة أنه سمع عمرو بن دينار يقول :سمعت أبا الشعثاء جابر بن زيد يقول :سمعت ابن عباس يقول :سمعت رسول االله يخطب وهو يقول :إذا لم يجد المحرم نعلين لبس خفين ,وإذا لم يجد إزارا لبس سراويل).(٢ ومع جلالة حفظ الذاكر للكلمة إلا أن النفس أميل لرواية الجماعة الذين لم يذكروها فتكون روايته من قبيل الشاذ الذي هو ليس بحجة ,ومن ذا الذي ) (١كتاب :الحج ,باب :ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح وبيان تحريم الطيب عليه ).(١١٧٨ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص.١٤٧ المرأة المحرمة لا المحرم) ,(١كما في حديث قتيبة بن سعيد ثنا ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق قال :ذكرت لابن شهاب فقال :حدثني سالم بن عبد االله أن عبد االله بن عمر كان يصنع ذلك يعني يقطع الخفين للمرأة المحرمة ثم حدثته صفية بنت أبي عبيد أن عائشة حدثتها أن رسول االله قد كان رخص للنساء في الخفين فترك ذلك).(٢ وجاء بلفظ أطول منه كما في حديث ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق قال :حدثني نافع وكانت امرأته أم ولد لعبد االله بن عمر حدثته أن عبد االله بن عمر ابتاع جارية بطريق مكة فأعتقها وأمرها أن تحج معه فابتغى لها نعلين فلم يجدهما فقطع لها خفين أسفل من الكعبين. قال ابن إسحاق فذكرت ذلك لابن شهاب فقال :حدثني سالم أن عبد االله كان يصنع ذلك ثم حدثته صفية بنت أبي عبيد أن عائشة حدثتها أن ) (١ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص.٢٨ ) (٢أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :ما يلبس المحرم ).(١٨٣١ المرأة المحرمة ألها أن تلبس الخفين أو ليس لها ذلك وموضعنا هنا في الرجل أيلزمه قطعهما إذا ما اضطر إليهما. من السابق يظهر أن حديث ابن عمر في رواياته الصحيحة المتفق على صحتها لم يعين محل السؤال مما يعني أنه من الممكن أن يكون السماع لأصل النهي واحدا في موقف واحد بعرفات مع ابن عباس إن قلنا إن زيادة "بعرفات" ثابتة وليست بشاذة وقد ظهر لك أن الأظهر فيها الشذوذ كما أشار إلى ذلك الإمام مسلم فتساوت الروايات في عدم ذكر المحل. ومما يؤكد لك ذلك أن أبا سعيد الخدري عند الربيع ,وجابر بن عبداالله عند الطبراني في الأوسط قد رويا تقييد لبس الخفين بقطعهما ولم يأت في الرواية ما يفيد أنه بعرفات ولا غيرها. ومن غير شك أن الأخذ في هذا الحال يكون بواقعة واحدة رو￯ فيها ابن عباس الحديث مطلقا وحفظ ثلاثة من الصحابة غيره أنها رويت مقيدة وقد وقع الاتفاق بين علماء الملة أن المطلق محمول على المقيد في مثل هذا الحال ) (١أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,٦ص.٣٥ المقيد بالقطع من أن ذلك فساد ,لأنا نقول إن جاء نهر االله بطل نهر معقل, وكل قياس عارض النص الثابت كان فاسد الاعتبار واجب الرد. أما القياس على حال السراويل فمقدوح من وجهين: أولهما :أنه فاسد الاعتبار لخلافه للنصوص الشرعية فلا ينظر إليه. ثانيهما :أنه قياس مع الفارق إذ حل السراويل يعني إظهار العورة وإظهار العورة مفسدة لعن من يأتيها ,وعليه فتدرأ مفسدة حل السراويل بلبسها دون حل; إذ ذلك أخف الضررين. أما لبس الخفين المقطوعين فلا يتعلق به أمر من السابق إذ قطعهما لا يوقع في محذور شرعي. ثالثا :لبس الخفين المقطوعين مع وجود النعلين. قيد الحديث جواز لبس الخفين بأمرين :أولهما عدم وجدان النعلين, وثانيهما قطعهما أسفل من الكعبين كما هو صريح قوله :فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ,ولأنه مخيط لعضو على قدره جواز لبس الخفين المقطوعين أسفل من الكعبين وقالوا إن الشرع قد أذن للمحرم أن يلبسهما ,ولأنه لو كان لبسه محرما وفيه فدية لم يأمر النبي  بقطعهما لعدم الفائدة فيه. ولكن يرد عليهم أن الشرع ما أباحهما مطلقين بل بقيد عدم وجود النعلين ,والمقطوعان يصدق عليهما أنهما خفان مع القطع ,والإجازة كانت في حال قيد القطع. وعلى السابق الذي يمنع لبس الخفين المقطوعين مع وجدان النعال ينطبق الحكم على ما كان في معنى الخف المقطوع كالأخفاف التي تصنع من أصلها أسفل من الكعبين كما هو استعمال الناس أغلبهم للأخفاف الآن, ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٣٩ ) (٢السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,١٨٥وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج,٤ ص ,١٧والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٣١وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٣٨وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص ,٤٠٣وابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص.٨٠ جاء الحديث النبوي :فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ,وفي هذا النص الشرعي لم يطلب من المحرم في حال عدم وجدانه النعلين غير أن يلبس الخفين المقطوعين ,لذا قال الجمهور من أهل العلم إنه ليس عليه فدية) (٢إذ إنه أتى فعلا أذن له الشارع أن يأتيه من غير أن يوجب عليه شيئا ,ومعلوم من القواعد الشرعية أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. وذهب من أهل العلم آخرون إلى أن من لبس الخفين المقطوعين ملزم بالفدية) (٣كما هو الحكم في منتهك المحظورات على ما يفيده قوله تعالى⎯uΚsù﴿ : ,(٤)﴾ 77Ý¡èΣ ÷ρr& >πs%y‰|1 ÷ρr& BΘ$uŠÏ1 ⎯ÏiΒ ×πtƒô‰Ïsù ⎯ÏμÅTMù&§‘ ⎯ÏiΒ “]Œr& ÿ⎯ÏμÎ/ ÷ρr& $3ÒƒÍ£∆ Νä3ΖÏΒ tβ%x. والذي يفسره حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى أن كعب بن عجرة حدثه قال: ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٣٩ ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٠٣ ) (٣الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٢ص ,١٣٤وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٣٨ ) (٤سورة :البقرة ,جزء من الآية ).(١٩٦ في نزلت هذه الآية ﴿ ⎯ÏμÅTMù&§‘ ⎯ÏiΒ “]Œr& ÿ⎯ÏμÎ/ ÷ρr& $3ÒƒÍ£∆ Νä3ΖÏΒ tβ%x. ⎯uΚsùقال : َّ ﴾77Ý¡èΣ ÷ρr& >πs%y‰|1 ÷ρr& BΘ$uŠÏ1 ⎯ÏiΒ ×πtƒô‰Ïsùإلى آخرها ,فقال النبي صم ثلاثة أيام, أو تصدق بفرق بين ستة ,أو انسك بما تيسر).(١ والجامع بين الأمرين لإثبات القياس كون كل واحد منهما انتهاكا لمحظور في حال الاضطرار ,ولأن ما وجبت الفدية بلبسه مع وجود الإزار وجبت مع عدمه كالقميص).(٢ والجمهور ذهبوا إلى السابق لكونه نص الشارع في حال الحاجة فليست ثمة حاجة إلى القياس مع وجود النص. ثم إن هناك فرقا بين حلق الرأس ولبس الخفين المقطوعين والفرق بينهما أن أذ￯ الرأس ضرورة خاصة لا تعم فهي رفاهية للحاجة ,وأما لبس الخفين عند عدم النعلين فبدل يقوم مقام المبدل ,والمبدل وهو النعل لا فدية فيه فلا ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :قول االله تعالى ﴿“]Œr& ÿ⎯ÏμÎ/ ÷ρr& $3ÒƒÍ£∆ Νä3ΖÏΒ tβ%x. ⎯uΚsù .(١٧١٩) ﴾ 77Ý¡èΣ ÷ρr& >πs%y‰|1 ÷ρr& BΘ$uŠÏ1 ⎯ÏiΒ ×πtƒô‰Ïsù ⎯ÏμÅTMù&§‘ ⎯ÏiΒ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٣٨ ثم إن ترك واجبات الحج وفعل محظوراته يوجب الفدية إذا فعلت لعذر خاص يكون ببعض الناس بعض الأوقات ,فأما ما رخص فيه للحاجة العامة وهو ما يحتاج إليه في كل وقت غالبا فإنه لا فدية معه ,ولهذا رخص للرعاة والسقاة في ترك المبيت بمنى من غير كفارة لأنهم يحتاجون إلى ذلك كل عام. ورخص للحائض أن تنفر قبل الوداع من غير كفارة; لأن الحيض أمر معتاد غالب فكيف بما يحتاج إليه الناس وهو الاحتذاء والاستتار فإنه لما احتاج إليه كل الناس لما في تركهما من الضرر شرعا وعرفا وطبعا لم يحتج هذا المباح إلى فدية لا سيما وكثيرا ما يعدل إلى السراويل والخف للفقر حيث لا يجد ثمن نعل وإزار فالفقر أولى بالرخصة).(٢ ) (١ابن القيم ,الحاشية على سنن أبي داود ,ج ,٥ص.١٩٤ ) (٢ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص.٤١ نص حديث أبي سعيد الخدري وحديث ابن عمر على نهي المحرم عن لبس السراويل وقد سبق من قبل أن عليه لبس الإزار كما في حديث ابن عباس سابق الذكر ,وقد نقلنا إجماع أهل العلم على الأخذ بهذا النهي وأنه خاص بالرجال دون النساء. حكم من لم يجد غير السراويل الأحكام الشرعية منوطة بالاستطاعة إذ لا يكلف االله العباد ما لا يطيقون ,ومن لم يجد الإزار للإحرام عذره الشارع ولم يلزمه فوق طاقته بل أباح له لبس السراويل كما في حديث عمرو بن دينار سمعت جابر بن زيد سمعت ابن عباس } قال: سمعت النبي يخطب :من لم يجد النعلين فليلبس الخفين ,ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل للمحرم).(١ ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين ).(١٧٤٤ فأبيح لبس السراويل لذلك. وعدم الوجدان في حال السراويل كعدم الوجدان في حال النعال شامل لعدم الوجدان الحقيقي أو عدم القدرة على الشراء أو الاستعمال ,أو يجده يباع وليس معه ثمن فاضل عن حاجاته الأصلية ,وهو كأصل الحج لا يلزمه أخذه بالإعارة ولا العطية بل ينتقل إلى بدله. وإن علم أنه لا يجده حيث الإحرام وكان قادرا على الإتيان به من بلده أو مكان آخر دون مشقة لزمه الإتيان به إذ إن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ما دام في حيز الاستطاعة. والنص النبوي جعل لبس الإزار للرجال في حال الاستطاعة ,ومع عدمها يلبس السراويل ,خلافا للقميص إذ يمكن غير الواجد للرداء مع وجدانه القميص أن يتزر به ويرتدي).(١ وهذا الحكم أمر من الشارع لم يقيد فيه ذلك الفعل بفدية ولا غيرها لذا ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٣١ يتأت فتقه وجعله إزارا ,فإن تأتى ذلك لم يجز لبسه فإن لبسه لزمته الفدية).(٢ وألزم هؤلاء لابس السراويل غير الواجد للإزار الفدية لأن ما وجبت الفدية بلبسه مع وجود الإزار وجبت مع عدمه كالقميص. ويرد على هذا الرأي الأخير خبر ابن عباس سابق الذكر وهو صريح في الإباحة ظاهر في إسقاط الفدية لأنه أمر بلبسه ولم يذكر فدية ,ثم إنه يختص لبسه بحالة عدم غيره فلم تجب به فدية كالخفين المقطوعين).(٣ وروي عن السيدة عائشة أنها أجازت لغلمانها المحرمين أن يلبسوا ) (١القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,٧٣والشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٤٧وابن حجر, فتح الباري ,ج ,٤ص ,٥٧وابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص ,٨٠والشنقيطي ,أضواء البيان, ج ,٥ص.١٥ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٩٠والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٣١والعيني, عمدة القاري ,ج ,٩ص ,١٦٢والزرقاني ,شرح الموطأ ,ج ,٢ص.٣٠٩ ) (٣ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٣٨ حاجة أو معتمرة أخرجت معها عبيدها َّكانت عائشة إذا خرجت يرحلون هودجها فكانوا يشدون بأرجلهم إلى بطن البغلة فأمرتهم أن يلبسوا التبابين).(٢ وهذا أمر إن صح عنها انفردت به; إذ الجمهور من أهل العلم لا يرون التبابين إلا كالسراويل فهي مما يلبس مفصلا على قدر الجسد أو عضو منه).(٣ رابعا :تغطية الرأس حكم تغطية الرأس للمحرم صرح حديث أبي سعيد الخدري عند الربيع وابن عمر عند غيره بنهي المحرم عن لبس العمائم والبرانس ,وهذه من الألبسة المعتادة للرأس ,ويحمل على العمائم كل ما جامعها في الاستعمال كالقلنسوة ونحوها كما تبين من علة ) (١جمعَُّتبان سراويل صغير مقدار شبر يستر العورة المغلطة فقط .الفيروز أبادي ,القاموس المحيط ,ص ,١٥٢٧وابن منظور ,لسان العرب ,ج ,١٣ص.٧٢ ) (٢ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٥ص.١٧٠ ) (٣ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص ,٣٩٧والعيني ,عمدة القاري ,ج ,٩ص.١٥٥ المعتاد كما يفيد ذلك حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن النبي قال :إذا مات المحرم غسل ولا يكفن إلا في ثوبيه اللذين أحرم فيهما ولا يمس بطيب ولا يخمر رأسه).(١ وجاء الحديث مع بيان سببه من حديث أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رجلا وقصه بعيره ونحن مع النبي وهو محرم فقال النبي :اغسلوه بماء وسدر ,وكفنوه في ثوبين ,ولا تمسوه طيبا ,ولا تخمروا رأسه; فإن االله يبعثه يوم القيامة ملبيا).(٢ وفي هذا الحديث ذكر النبي حكم الذي يموت وهو محرم بأنه يكفن في ثوبيه ولا يخمر رأسه ,ثم علل الحكم السابق بقوله في ثاني الروايتين :فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا. فعلة عدم تغطية الرأس هي كونه محرما ملبيا ,ولذا فالحي من المحرمين ) (١أخرجه الإمام الربيع ,كتاب :الحج ,باب :في غسل المحرم ).(٤٠٤ ) (٢أخرجه البخاري ,كتاب :الجنائز ,باب :كيف يكفن المحرم ).(١٢٠٧ جماعة من أهل العلم على أنه يمنع من طلي رأسه بطين أو حناء أو مرهم ونحوها; لأن ذلك من التغطية وإن لم تكن معتادة).(٢ هذا الذي قيل ولا أدري ما يقال في التلبيد وهو أن يعمد إلى غاسول أو صمغ فيعصب به رأسه ويلبد به شعره كما تقدم ذكره فقد ثبت في الحديث أن صاحب الدعوة قد فعله قبل أن يحرم وأحرم ملبدا كما في حديث يونس عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه قال :سمعت رسول االله يهل ملبدا).(٣ ومن ذلك أيضا حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي سعيد الخدري قال :قالت حفصة لرسول االله : ما بال الناس أحلوا بعمرة ولم تحلل أنت من عمرتك? فقال :إني لبدت رأسي ,وقلدت هديي ,فلا أحل ) (١السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,١٨٠والدمياطي ,إعانة الطالبين ,ج,٢ ص.٣٢٠ ) (٢ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٢ص.٧٠٤ ) (٣أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :من أهل ملبدا ) ,(١٤٦٦ومسلم في كتاب: الحج ,باب :التلبية وصفتها ).(١١٨٤ شيء ,ولا يصدق عليه ذلك لغة ولا عرفا; إذ هو مخامر للشعر غير متميز عنه يفيد تسكينه وعدم تشعثه. وذهب بعض الفقهاء إلى أن المحرم إن مات زال إحرامه لكونه كباقي موتى المسلمين ,فلا مانع من تغطية رأسه وتطييبه).(٢ كما استدل لهذا الرأي بحديث عبد الرحمن بن صالح ثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال :قال رسول االله :خمروا وجوه موتاكم ولا تشبهوا بيهود).(٣ كما جاء من طريق حفص بن غياث عن الأعمش عن عبد االله بن مرة ) (١أخرجه الإمام الربيع واللفظ له في كتاب :الحج ,باب :في الهدي والجزاء والفدية ) ,(٤٢٨والبخاري في كتاب :الحج ,باب :التلبيد).(٥٥٧٢ ) (٢السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,١٨٠وابن أبي شيبة ,المصنف ,ج,٣ ص ,٣٠٣وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٥والزرقاني ,شرح الموطأ ,ج,٢ ص ,٣١٣وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٣ص.٥٦٨ ) (٣الدارقطني ,السنن ,ج ,٢ص ,٢٩٧والبيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٣ص,٣٩٤ والطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,١١ص.١٨٣ وأجابوا عن حديث المحرم الذي وقصته الناقة فقالوا إنها واقعة عين لا عموم لها; لأنه علل ذلك بقوله "فإنه يبعث ملبيا" ,وهذا الأمر لا يتحقق في غيره وجوده فيكون خاصا بذلك الرجل ,ولو استمر بقاؤه على إحرامه لأمر بقضاء بقية مناسكه. ولو أريد التحريم في كل محرم لقال فإن المحرم كما قال إن الشهيد يبعث وجرحه يثعب دما).(٢ وفي هذا الرأي نظر لا يخفى ,وذلك أنه من حيث الاستدلال له بقياسه على سائر الموتى مرفوض لكون القياس فاسد الاعتبار إذ هو في مقابل نص شرعي ثابت. أما الرواية التي استدل بها فالرد عليها من وجوه: أولها :أنه ليس فيها تعرض للمحرم من غيره فهي عامة تشمل المحرم وغيره ,وخص منها المحرم بالنهي عن التغطية كما في حديث ابن عباس ) (١أبو نعيم الأصبهاني ,تاريخ أصبهان ,ج ,٢ص.٣١٦ ) (٢السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,١٨٠والزرقاني ,شرح الموطأ ,ج ,٢ص.٣١٣ سفيان عن ابن جريج عن عطاء قال :قال رسول االله :خمروا وجوهكم ولا تشبهوا باليهود).(١ قال البيهقي: وهذا إن صح يشهد لرواية إبراهيم بن أبي حرة في الأمر بتخمير الوجه إلا أن أبا عبد االله الحافظ وأبا سعيد بن أبي عمرو أخبرنا أن أبا العباس محمد بن يعقوب حدثهما ثنا عبد االله بن أحمد بن حنبل ثنا بعض الكوفيين وهو عبد الرحمن بن صالح فذكر هذا الحديث بمثله. قال عبد االله :فحدثت به أبي فأنكره وقال :هذا أخطأ فيه حفص فرفعه, وحدثني عن حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عطاء مرسلا ,قال الشيخ: وكذلك رواه الثوري وغيره عن ابن جريج مرسلا ,ورو￯ عن علي بن عاصم عن ابن جريج كما رواه حفص وهو وهم واالله أعلم).(٢ على أن هذه الأخيرة مع إرسالها ضعيفة السند لا تثبت وحسبك أنها من ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٣٠٣ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٣ص.٣٩٤ مرسل غير متصل. وأنت خبير أن هذا اجتهاد في موضع النص فلا يلتفت إليه إذ الشارع ناص على بقاء الإحرام وحرمة تخمير الرأس. وأما اعتراضهم على الاستدلال برواية المحرم الذي وقصته الناقة فالذي يظهر من سياق النص أن العلة في الحكم الإحرام) (١وذلك لذكر وصف الإحرام في نص كلام الراوي لقول ابن عباس :أن رجلا كان مع رسول االله وهو محرم. فدلالة الإيماء مشيرة إلى أن العلة الإحرام ,وقد أكد ذلك بذكر الأحكام المترتبة على الإحرام من كونه يكفن في ثوبيه ويجنب الطيب ولا يخمر الرأس. وليس ثمة قرينة تفيد أحقية عين الصحابي بخصوصية الحكم بل ما ذكر إلا بوصف الإحرام مما يشعر بأن ذلك هو العلة في الأحكام السابقة وأنه مستصحب إياه يوم القيامة. وأما تخصيصهم ذلك بصاحب الواقعة فتحكم لم يأت به الدليل الشرعي ) (١السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.١٨٠ ) (١ ثم إن الأصل العام المطرد عدم خصوصية الأحكام ما لم يكن ثمة دليل إذ النبي مبعوث للناس كافة وليست أحكامه لأناس دون غيرهم ,وهذا الأصل لا ينتقل عنه إلا بدليل شرعي ولا دليل هنا بل الدليل على خلافه. مقدار الممنوع من تغطية الرأس جاء حديث أبي سعيد الخدري وابن عمر ناهيين المحرم عن لبس العمائم والبرانس ,وهذان مما يلبس عادة في الرأس مغطى بهما الجزء العلوي من الرأس حيث الشعر ولا يغطى بها الوجه. لذلك يحمل قوله في الحديث الآخر "ولا تخمروا رأسه" على الرأس دون الوجه فلا يكون الحديث متعرضا لحكم الوجه بل يكون على أصل الإباحة الشرعية) ;(٢إذ النهي في المحظورات السابقة أمر عارض على الإباحة الأصلية فيقتصر به على مواضع النصوص. فضلا أن الشرع قد عد في الفروع أحكام الرأس غير أحكام الوجه ) (١السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.١٨٠ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٤٩والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٣١ واستدل بعضهم بحديث أبي بكر الشافعي قال :ثنا موسى بن الحسن قال :ثنا القعنبي ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبان بن عثمان عن عثمان بن عفان :كان رسول االله يخمر وجهه وهو محرم. وفي هذا الاستدلال نظر إذ الحديث قد رواه الدارقطني في العلل) (١وأعله بعد روايته بالوقف. )(٢ ونص آخرون على أن للأذنين حكم الرأس فيمنع المحرم من تغطيتهما لحديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد قال :سمعت أن رسول االله قال: الأذنان من الرأس).(٣ وخالف آخرون فقالوا إنهما ليستا من الرأس في هذا الموضع بل هما عضوان مستقلان) (٤لم يتعرض النص الشرعي لهما بشيء وذلك للعلل السابق ) (١الدارقطني ,العلل ,ج ,٣ص.١٣ ) (٢ابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص.١٣٩ ) (٣أخرجه الإمام الربيع في كتاب :الوضوء ,باب :آداب الوضوء ).(١٢٨ ) (٤الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٦٥وابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص.١٣٩ الجزء العلوي والوجه) ,(١واستدلوا لرأيهم هذا بأمرين: أولهما :أن الرأس في اللغة شامل للوجه ,فقوله في حديث الذي وقصته الناقة :ولا تخمروا رأسه ,لم يخص الجزء العلوي منه وقد جاء ذلك عن بعض أصحاب رسول االله كما في حديث مالك عن نافع أن عبداالله بن عمر كان يقول :ما فوق الذقن من الرأس فلا يخمره المحرم).(٢ ثانيهما :أنه قد ورد النص على الوجه في الرواية كما في حديث وكيع عن سفيان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس } أن رجلا أوقصته راحلته وهو محرم فمات فقال رسول االله : اغسلوه بماء وسدر ,وكفنوه في ثوبيه ,ولا تخمروا رأسه ولا وجهه; فإنه ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٦٤والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص,٣٦٦ والشقصي ,منهج الطالبين ,ج ,٤ص ,٥٦٧والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج,٢ ص ,١٨٠وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٣والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص,٢٢٨ والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٥ص.١٤ ) (٢أخرجه الإمام مالك في الموطأ في كتاب :الحج ,باب :تخمير المحرم وجهه ).(٧٣٧ الاستدلال بأن الوجه من الرأس فيشمله النص معارض بأنه ورد من النصوص الشرعية ما أطلق الرأس وخص إجماعا بالرأس دون الوجه كما في قوله تعالى ﴿ (٢)﴾öΝä3ÅTMρâTMãÎ/ (#θßs|¡øΒ$#uρفي حال الوضوء إذ لا يجزي مسح الوجه دون الرأس إجماعا. ثم إن النهي عن العمائم والقلانس وهما من ألبسة الرأس دون الوجه قطعا يجعل المقصود من النهي إنما هو تغطية الرأس دون الوجه. أما الاستدلال بزيادة "وجهه" في الحديث ففيه نظر من حيث إن الظاهر أن هذه الزيادة شاذة والشاذ من قسم الضعيف من الحديث: تقوم حجة ولا الضعيفوليس بالمقطوع والموقوف قال السهيلي :ذكر الوجه فيه وهم من بعض الرواة).(٣ ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :ما يفعل بالمحرم إذا مات ).(١٢٠٦ ) (٢سورة :المائدة ,جزء من الآية ).(٦ ) (٣الرملي ,نهاية المحتاج ,ج ,٣ص.٣٣١ اللفظين فتعين الترجيح ,وما من شك أن ما اجتمع عليه أكثر النقلة أولى بالتقدمة من رواية الأفراد وإن جلت منزلتهم في الحفظ. وقد جاء الحديث دون الزيادة من رواية أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس } أن النبي قال :إذا مات المحرم غسل ولا يكفن إلا في ثوبيه اللذين أحرم فيهما ولا يمس بطيب ولا يخمر رأسه).(١ وهذه أقو￯ ما نقل في الرواية وقد خلت من زيادة الوجه ,وجاءت الرواية من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس } أن رجلا وقصه بعيره ونحن مع النبي وهو محرم فقال النبي :اغسلوه بماء وسدر ,وكفنوه في ثوبين ,ولا تمسوه طيبا ,ولا تخمروا رأسه; فإن االله يبعثه يوم القيامة ملبدا).(٢ كما جاءت من طريق حماد عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس } قال :بينما رجل واقف مع رسول االله بعرفة إذ وقع من راحلته ) (١أخرجه الإمام الربيع في كتاب :الحج ,باب :في غسل المحرم ).(٤٠٤ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الجنائز ,باب :كيف يكفن المحرم ).(١٢٠٨ فإن االله يبعثه يوم القيامة ملبيا).(١ لذا قال الحافظ البيهقي: ورواية الجماعة في الرأس وحده ,وذكر الوجه فيه غريب ,ورواه أبو الزبير عن سعيد بن جبير فذكر الوجه على شك منه في متنه. ورواية الجماعة الذين لم يشكوا وساقوا المتن أحسن سياقة أولى بأن تكون محفوظة ,واالله أعلم).(٢ وقال الإمام البخاري :الصحيح لا تخمروا رأسه) ,(٣ولذا اقتصر عليها في الصحيح ,وقال الحاكم أبو عبداالله: ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الجنائز ,باب :الحنوط للميت ).(١٢٠٧ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٣ص.٣٩٣ ) (٣البغوي ,حديث شعبة ,ص.٢٤ المحفوظ).(٢ ويظهر من السابق أيضا وهم ما تفرد به إبراهيم بن أبي حرة من زيادة النهي عن تخمير الوجه كما جاء من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال :سمعت سعيد بن جبير يقول: سمعت ابن عباس يقول :كنا مع النبي فخر رجل عن بعيره فوقص فمات فقال النبي :اغسلوه بماء وسدر ,وكفنوه في ثوبيه ,ولا تخمروا رأسه. فقال سفيان :وزاد إبراهيم بن أبي حرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي قال :وخمروا وجهه ولا تخمروا رأسه ,ولا تمسوه طيبا; فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا).(٣ ) (١في كلام الحاكم هنا نظر; إذ التصحيف يكون في الأحرف المتشابهة ولا مشابهة بين الوجه والرأس ويشكل عليه أكثر ما جاء في بعض الروايات من جمع الوجه والرأس ,ولعل الأوجه أن يقول وهم لا تصحيف. ) (٢الحاكم ,معرفة علوم الحديث ,ص.١٤٨ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,١ص ,٢٧٠والبيهقي ,معرفة السنن والآثار ,ج ,٣ص.١٢٩ فيقال له إن كان الأمر كما ذكرت −والأصل خلافه −فالأولى أن يقال إن الرأس هو الصحيح ولكن الراوي ذكر الوجه وهما; إذ الرأس ثابت النهي عن تغطيته من أحاديث أخر كحديث أبي سعيد الخدري عند الإمام الربيع, وابن عمر عند الستة وغيرهم ,وهذا الحديث جاء ليفيدنا أن ميت المحرمين كحيهم لا يغطى رأسه. وقد أفاد حديثا أبي سعيد الخدري وابن عمر أن التغطية للرأس بالمعتاد من الأغطية إذ ذكرا العمائم والبرانس ,وذكر هذين لا يدخل الوجه في الحكم من قريب ولا بعيد فلزم أن تتحد أحكام الشارع لذا تترجح رواية الرأس وحده بكثرة رواتها وثقتهم وبكونها موافقة للأحاديث الأخر￯ التي ذكرناها. وبعد ذكرنا للسابق نقول إن تغطية الوجه لها حالان: أولهما أن تكون بمطلق التخمير دون المفصل وهذه لا حرج فيها على السابق وقد ثبت فعل ذلك عن جماعة من أصحاب رسول االله ,والحكم نفسه يقال في حق النساء كما سيأتي. مشمولة بالعلة السابقة التي تقررت في ضابط اللباس الممنوع منه المحرم وهي التفصيل على مقدار الجسد. ولما كان حال النساء مختلفا عن الرجال من حيث جواز لبسهن المفصل على مقدار الجسد كما تحقق الإجماع عليه أراد الشرع أن ينبه أنهن في قضيتين مختلفات عن العموم السابق فيمنعن من لبس المفصل على مقدار الجسد وذلك في القفازين والبرقع كما سيأتي التفصيل فيهما. وبعد الاستطراد السابق نقول إن التخمير للرأس يكون بكل ما صدق عليه أنه تغطية معتادا كان التخمير أو غير معتاد كما يفيد ذلك النهي العام: "ولا تخمروا رأسه" الوارد في حديث المحرم الذي وقصته الناقة. وقال كثير من الفقهاء إن لاصق الجروح والعصابة مما يمنع منه المحرم وإذا ما اضطر المحرم إليه لزمه أن يفتدي ,واختلف في مثل الخيط يجعله لشيء يقصد ستره لغرض ,أو هو كل ما يسمى ساترا للرأس أو بعضه. وفي نفسي نظر من هذه الأمور التي ذكرت كالخيط ونحوه إذ إن الناظر في الدليلين اللذين أخذ منهما حكم المنع من تغطية الرأس يجدهما متوجهين لما كان غطاء لأغلب الرأس ,أما أجزاء يسيرة منه فلم يتوجه الدليلان إليها بل هو من باب القياس مع الفارق وفيه إشكال ظاهر ,وقد يكون الفرق بينهما في الواقع هو علة اختلافهما في الحكم. ثم إن من حزم رأسه بخيط أو نحوه لا يعد في اللغة ولا العرف أنه مغط رأسه ولا ساتره ,ولم أجد دليلا يفيد أن وضع أي شيء في الرأس من لصقة في جزء يسير منه ونحو ذلك يمنع منه المحرم بل الدليل وارد على العمامة ومطلق التخمير وليست مثل هذه الأمور عمامة ولا في معنى العمامة ولا البرانس ولا في معناها. ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٦٦والشقصي ,منهج الطالبين ,ج ,٤ص)٥٦٧ط مسقط( ,والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٢٨والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص,١٢٧ وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٢ص.٧٠٢ ويدلك على هذا مبالغتهم في المنع من مخالطة شيء من المائعات للشعر كما تقدم مع أن ذلك لا يصدق عليه شيء من وجوه الدليلين الشرعيين المذكورين فضلا أنه مخالف لنص فعل النبي الذي فيه أنه لبد شعره عندما أراد الإحرام ولو كان على القواعد السابقة لقيل بأنه من محظورات الإحرام. ومن ذلك منع بعض الفقهاء المحرم من حمل شيء على رأسه مع أنه لا يسمى مخمرا رأسه في العرف ولا اللغة وليس ثمة دليل يخص هذا الفعل بالمنع. وهكذا التشديد في ستر البياض الذي وراء الأذن واللحية) (١وأنه مما تلزم الفدية بمثله ذلك مما لا يظهر له دليل يسنده بل هو باق على أصل الإباحة, لذا يظهر أن الممنوع في غطاء الرأس ما كان مغطيا لأكثر الرأس ويقصد به التغطية وما عداه فليس بممنوع وإن كان الأولى الامتناع عن الجميع خروجا من الخلاف. قال الإمام أبوسعيد ~: ) (١ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٢ص.٧٠٥ ولو نظرت إلى المستثنيات كمسح الرأس في الوضوء واستعمال المحرم للوسادة ولو كانت عمامة أو برنسا وحمله متاعه على رأسه لوجدتها من هذا الباب وأنها مما لا يصدق عليه أنه تخمير لغة ولا عرفا. ومن السابق يظهر لك حكم الكمامات التي يستخدمها كثير من الحجيج في هذا الزمان مغطين بها أنوفهم وقاية من الروائح غير المرغوب فيها كروائح عوادم السيارات الموجودة بكثرة في أرض المشاعر ,إذ إنها قائمة على الوجه بل عضو منه وهو الأنف أو الأنف والفم وتغطية الوجه مما لا حرج فيه للرجال. أما الخيط الذي يمتد منها ممسكا إياها ويدور حول الرأس في أحوال أو الأذنين في أحوال أخر￯ فلا حرج لأن مرور الخيط في الرأس لا يعد سترا للرأس في العرف ولا اللغة لذا فلا حرج فيه. وقد يقول قائل إن الممنوع من اللباس للمحرم ما كان مفصلا على مقدار الجسد أو عضو منه وهذه الكمامات موضوعة للأنف أو للأنف والفم فيلزم ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.١٦٩ هي إلا قطعة من القماش أو البلاستيك موثقة على الأنف أو الأنف والفم بسير يدور حول الرأس أو الأذنين ,وحال هذا السير في حفظه لتلك القطعة كحال الهميان الذي يحفظ به الإزار والمنطقة وسيأتي أنه لا حرج في مثل ذلك. أما استعمال النساء لهذه الكمامات فأمر لا حرج فيه أيضا إذ إنه سيأتي أن المنع في تغطية وجه المرأة إنما هو وارد في حال البرقع المفصل على مقدار الجسد لا مطلق التغطية كما سيأتي بدليله. على أنه رخص كثير من القائلين بمنع المحرم من تغطية وجهه في أن يغطي أنفه إذا ما تعرض لرائحة كريهة).(١ صفة التغطية الممنوع منها المحرم النهي السابق عن لبس العمائم والبرانس بل عن التخمير مطلقا ما يراد ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٦٥والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص,٣٦٦ والشقصي ,منهج الطالبين ,ج ,٤ص) ٥٦٨ط مسقط( ,والصائغي ,لباب الآثار ,ج,٣ ص ,٤٤٢والبيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٥٤ عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن يحيى بن الحصين عن أم الحصين جدته قالت: حججت مع رسول االله حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة).(٢ وفي رواية أوردها مسلم جاءت بلفظ :يظله من الشمس ,وهي نص في موضوعنا ,والفقهاء متفقون على منع الخمار الملامس للأدلة السابقة ,وعلى إباحة نحو الخيمة لحديث جابر أن النبي ضربت له قبة من شعر بنمرة ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٦٤والشقصي ,منهج الطالبين ,ج ,٤ص) ٥٦٧ط مسقط( ,والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,١٨٤والرافعي ,العزيز ,ج,٣ ص ,٤٥٧والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٣٦والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.١٢٩ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا ).(١٢٩٨ وسألت :هل ينصب مظلة وهو محرم أو يجعل ثوبا على عصاه فيرفعه فوق رأسه أو على محمله إذا اشتد الحر? قال :لا بأس به ما لم يمس رأسه).(٢ ) (٣ ويظهر لك من ذلك أنه لا حرج في استعمال المحرم المظلات الشمسية التي شاعت في هذا الزمان لتقيه حرارة الشمس الملتهبة. )(٤ وذهب آخرون إلى أن الفعل السابق مما يمنع منه المحرم وليس بجائز وذلك لأمور: أولها :لقول ابن عمر :اضح) (٥لمن أحرمت له أي ابرز للشمس).(١ ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي (١٢١٨) من حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي . ) (٢الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص.٣٦٦ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٦٥والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص,٤٤٧ والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.٧٤ ) (٤ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٤وابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص.١٤٠ أضح بفتح الألف وكسر الحاء من أضحيت ,قال) (٥قال أبو عبيد :المحدثون يقولونَِْ الأصمعي :اضح بكسر الألف وفتح الحاء من ضحيت ,وهو كما قال الأصمعي; لأنه في حديث جابر بن عبد االله قال :قال رسول االله :ما من محرم يضحى الله يومه يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت بذنوبه فعاد كما ولدته أمه. وفي هذا الرأي نظر مقتض رده ,وحسبه من الضعف أن النبي فاعل خلافه فقد تظلل واجتنب حرارة الشمس ,ولو لم يرد فعله لكان في الأدلة السابقة ما يقضي برده إذ الأصل عدم المنع ,والمنع عارض يقتصر فيه على موضع النص ,والنص ما منع إلا من أشياء ملامسة. ثم إن قولهم هذا ينتقض بالخيمة فقد يدخلها المحرم للاستظلال وهو ترفه في نظر هؤلاء ومع ذلك أجيز للمحرم دخولها اتفاقا. أمره بالبروز للشمس وهو الضح يقال :أضحيت بالمكان أي أقمت به حتى أضحيت, ومنه قول عمر :اضحوا بصلاة الضحى أي لا تصلوها إلى ارتفاع الضحى ,ويدل على صحة ما قلته ما حدثنا به عبدان ...عن عبد االله بن عامر عن أبيه أن النبي قال: ما ضحى مؤمن حتى تغرب الشمس إلا غربت بذنوبه .العسكري ,تصحيفات المحدثين ,ج ,١ص.٣١٩ ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص ,٧٠وقال النووي :إسناده صحيح .النووي, المجموع ,ج ,٧ص ,٢٣٧وشرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص.٤٦ ثم إن إتعاب الجسد بالتعرض للشمس أمر بإهلاكها وعرضها على الأمراض كضربة الشمس ونحوها إذ أرض المشاعر العظام واقعة في البلاد الحارة وكم هم المرضى المصابون بسبب ضربة الشمس وحرارتها فما من لحظة تمر إلا وتدوي صفارة سيارة الإسعاف حاملة هؤلاء ,والشرع ما جاء بتعاليمه إلا لحفظ النفوس في دينها ومعاشها فكيف وهو الذي يقول(Ÿωuρ﴿ : ? ,(١)﴾t⎦⎫ÏΖÅ¡ósßθø9$# =Ïtä† ©!$#̈βÎ) ¡ (#þθãΖÅ¡ômr&uρ ¡ Ïπs3è=öκ−J9$# ’n<Î) ö/ä3ƒÏ‰÷ƒr'Î/ (#θà)ù=èوقالŸωuρ﴿ : ?$Vθù=àßuρ $ZΡ≡uρô‰ãã y7Ï9≡sŒ ö≅yèøtƒ ⎯tΒuρ ∩⊄®∪ $VθŠÏmu‘ öΝä3Î/ tβ%x. ©!$#̈βÎ) 4 öΝä3|¡àΡr& (#þθè=çFø)s .(٢)﴾#·Å¡o„ «!$# ’n?tã šÏ9≡sŒ tβ%Ÿ2uρ 4 #Y‘$tΡ ÏμŠÎ=óÁçΡ t∃öθ|¡sù ثم إن الحفاظ على النفس أصل من أصول الشريعة العامة فلا يأتي فرع من الفروع مناقضا لأصل ثبت بأدلة متعددة يقضى بقطعيتها من حيث الجملة ,قال الإمام المحقق أبوسعيد الكدمي : معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا أنه لا بأس باستظلال المحرم نازلا ) (١سورة :البقرة ,الآية ).(١٩٥ ) (٢سورة :النساء ,الآيتان ) ٢٩و .(٣٠ رفه نفسه الله تبارك وتعالى ليقو￯ على طاعته كمن خشنها له رجاءومنَّ ثوابه ,وليس للعبد أن يحمل نفسه على ما يخاف منه نزول الضرر بها بل يؤمر بإدخال النفع عليها. إلا أن القلوب مختلفة فمنها ما يصلح على الخشونة في ذات االله ,ومنها ما يصلح على التنعم واللين والمرء سائق مطيته ,ومطيته نفسه فليسقها على ما يرجو لها فيه السلامة ولا يحملها على التلف).(١ ثم إن الشرعّبين في أدلة أخر بأن التعرض للشمس وعدم الاستظلال ليس من باب العبادة في شيء ,فقد نهى ذلك الذي نذر أن لا يستظل كما في حديث موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال :بينا النبي يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم ,فقال ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.١٧٤ ولا مسنونا ولا بر فيه. أما الرواية التي سيقت فلا تصح فقد رواها على الوجه المستدل به ابن ماجه من طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا عبداالله بن نافع وعبداالله بن وهب ومحمد بن فليح قالوا :حدثنا عاصم بن عمر بن حفص عن عاصم بن عبيداالله عن عبداالله بن عامر بن ربيعة عن جابر بن عبداالله الحديث).(٢ وفي الإسناد عاصم بن عمر وعاصم بن عبيد االله وكلاهما ضعيف لا تقوم بروايته حجة. فعاصم بن عمر بن حفص قال عنه ابن معين وأحمد وأبو حاتم :ضعيف ليس بشيء ,وقال الترمذي :ليس عندي بالحافظ ,وقال النسائي :متروك, وقال ابن حبان :منكر الحديث جدا ,يروي عن الثقات ما يشبه حديث ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الأيمان والنذور ,باب :النذر فيما لا يملك وفي معصية ).(٦٣٢٦ ) (٢أخرجه ابن ماجه في كتاب :المناسك ,باب :الظلال للمحرم ).(٢٩٢٥ الخطاب العدوي وهو ممن لا يحتج بحديثه فقد قال ابن حبان :كان سيء الحفظ كثير الوهم فاحش الخطأ فترك من أجل كثرة خطئه. وقال عفان :سمعت شعبة يقول :كان عاصم لو قيل له من بنى مسجد البصرة لقال فلان عن فلان عن النبي أنه بناه. وقال أحمد :كان ابن عيينة يقول :كان الأشياخ يتقون حديث عاصم, وقال علي :سمعت عبد الرحمن ينكر حديثه أشد الإنكار ,وقال ابن سعد: كان كثير الحديث ولا يحتج به ,وقال يعقوب بن شيبة :قد حمل الناس عنه وفي أحاديثه ضعف وله أحاديث مناكير. وقال ابن نمير :عاصم منكر الحديث في الأصل وهو مضطرب الحديث ,وقال أبو حاتم :منكر الحديث مضطرب الحديث ليس له حديث ) (١ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٦ص ,٣٤٦وابن عدي ,الكامل ,ج ,٥ص,٢٢٨ والمزي ,تهذيب الكمال ,ج ,١٣ص ,٥١٧وابن حجر ,تهذيب التهذيب ,ج ,٥ص.٤٥ خامسا :ما يخص النساء من اللباس توطئة اتفق الفقهاء على أن النواهي الواردة في حديثي أبي سعيد الخدري وابن عمر خاصة بالرجال دون النساء خلا لبس الثوب الذي مسه الورس والزعفران فهما عامان للرجال والنساء. قال ابن المنذر: وأجمعوا أن المحرم ممنوع من لبس القميص والعمامة والسراويل والخفاف والبرانس ,وأجمعوا على أن للمرأة المحرمة لبس القميص والدروع والسراويل والخمر والخفاف).(٢ ) (١ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٦ص ,٣٤٧وابن عدي ,الكامل ,ج ,٥ص,٢٢٥ وابن حبان ,المجروحين ,ج ,٢ص ,١٢٧والمزي ,تهذيب الكمال ,ج ,١٣ص.٥٠٠ ) (٢ابن المنذر ,الإجماع ,ص ,١٠٧والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٧٧والشماخي, الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٦٩والشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٤٧وابن عبد البر ,التمهيد, ج ,١٥ص ١٠٤وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٠٢ الفروع التالية: تغطية الوجه مما اختلف فيه أهل العلم تغطية المحرمة وجهها ,فذهب جماعة منهم إلى أن المحرمة ممنوعة من مطلق التغطية) ,(١واستدلوا لذلك بحديث الليث حدثنا نافع عن عبد االله بن عمر } قال :قام رجل فقال :يا رسول االله ,ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام? فقال النبي :لا تلبسوا القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين وليقطع أسفل من الكعبين ,ولا تلبسوا شيئا مسه زعفران ولا الورس ,ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين).(٢ والحديث اختلف في رفعه ووقفه من حيث ذكر القفازين والنقاب, ) (١الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٦٩والشقصي ,منهج الطالبين ,ج ,٤ص,٥٦٤ والشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٤٩والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٣١ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة ).(١٧٤١ قال الإمام البخاري عقبه: تابعه موسى بن عقبة وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وجويرية وابن إسحاق في النقاب والقفازين ,وقال عبيد االله :ولا ورس وكان يقول :لا تتنقب المحرمة ولا تلبس القفازين ,وقال مالك عن نافع عن ابن عمر :لا تتنقب المحرمة ,وتابعه ليث بن أبي سليم. وقال الحافظ ابن عبد البر: رفعه صحيح عن ابن عمر رواه ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر مرفوعا ,ورواه ابن المبارك عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر مرفوعا أيضا ,فهذا يصحح ما رواه الليث وحاتم بن إسماعيل ويحيى بن أيوب).(١ وقد جاء الحديث السابق مفردا فيه حكم القفازين والنقاب من رواية صرح فيها ابن عمر بسماعه ذلك من النبي وذلك مما يؤيد رفع الحديث كما في رواية :أحمد بن حنبل ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص.١٠٦ والزعفران من الثياب ,ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفرا أو خزا أو حليا أو سراويل أو قميصا أو خفا).(١ وفي الإسناد ابن إسحاق وهو مدلس لكن صرح بالتحديث مما يجعله مقبول الرواية حسن الحديث ,كما استدل آخرون لهذا الرأي بحديث :إحرام المرأة في وجهها ,وإحرام الرجل في رأسه. واستثنى بعض هؤلاء ما تغطيه من أعلى الرأس من جبهتها خشية انكشاف شعرها فقالوا لا حرج عليها إن غطت).(٢ وقال بعض هؤلاء إن شاءت التغطية فلها بشرط أن لا يلامس الغطاء وجهها لذا قالوا لها أن ترخي على وجهها ثوبا متجافيا عنه بنحو أعواد ولو لغير حاجة ,ولو سقط الثوب على وجهها بلا اختيارها فإن رفعته فورا فلا ) (١أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :ما يلبس المحرم من الثياب ).(١٨٢٧ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٣٤والدمياطي ,إعانة الطالبين ,ج ,٢ص.٣٢٣ حال الإحرام ,وإنما المنع من تغطية الوجه بما هو مفصل على قدره ,أما إن كانت التغطية بأن تسدل ثوبا عليه من جلباب أو نحوه فلا حرج).(٢ قال الحافظ ابن عبدالبر: وأجمعوا أن إحرام المرأة في وجهها ,وأن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها وهي محرمة ,وأن لها أن تسدل الثوب على وجهها من فوق رأسها سدلا خفيفا تستتر به عن نظر الرجل إليها).(٣ وذلك لأمور: أولها :حديث هشيم أخبرنا يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عائشة قالت :كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول االله محرمات فإذا حاذوا ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣١١والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٣٤والسرخسي, المبسوط ,ج ,٤ص ,١٢٨والدمياطي ,إعانة الطالبين ,ج ,٢ص ,٣٢٣والشربيني, الإقناع ,ج ,١ص.٢٦٠ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص.١٤٩ ) (٣ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص.١٥ لأمرين: أولهما :أن مداره على يزيد بن أبي زياد القرشي وهو ليس بحجة في الرواية ,قال الدارقطني :ضعيف يخطىء كثيرا ويتلقن إذا لقن) ,(٣وقال ابن معين :ليس بالقوي).(٤ ثانيهما :أنكر سماع مجاهد عن عائشة جماعة منهم يحيى بن معين ويحيى بن سعيد القطان وشعبة ,وقال أبو حاتم :مجاهد عن عائشة مرسل).(٥ ولكن في هذا الاعتراض نظر من حيث إنه قد ثبت سماعه عنها كما في الصحيحين وغيرهما).(٦ ) (١أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,٦ص.٣٠ ) (٢أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :في المحرمة تغطي وجهها ).(١٨٣٣ ) (٣الدارقطني ,سؤالات البرقاني ,ص.٧٢ ) (٤ابن معين ,تاريخ ابن معين )رواية الدارمي( ,ص.٢٢٨ ) (٥الزيلعي ,نصب الراية ,ج ,٣ص.٩٤ ) (٦أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :كم اعتمر النبي .(١٦٨٥)  أنهن كن يجافين ذلك الثوب الذي غطي به الوجه من أن يلحق بشرتهن ولا يجافينه بأعواد خشية ملامسته لبشرة الوجه كما ذكر ذلك بعض الفقهاء. وغير ممكن في العادة إلا أن يلحقها ,فقول من اشترط للسدل مجافاة الثوب عن البشرة) (١فيه تكلف ظاهر وبعد عن ظاهر النص. ثانيها :جاء النهي عن الانتقاب للمحرمة مقترنا بالنهي عن لبس القفازين ولم يختلف بين أهل العلم أن الممنوع في اليدين ما فصل على مقدارهما ولا يكون بغير القفازين. وقد نصوا أنه لها أن تلف خرقة على كل من يديها وتشدها وتعقدها),(٢ وهذا مقتض أن مطلق التغطية لليدين غير ممنوعة وإنما المفصل على مقدار الجسد ,وهذا يعني أن الحكم في الوجه مثله وذلك أن العلة الموجبة لحرمة لباس الرجل حال الإحرام هي التفصيل على مقدار الجسد كما تقدم ,وأن العلة في المنع من لبس القفازين ليست مطلق التغطية بل التفصيل على مقدار ) (١ابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص ,٤٠٥والدمياطي ,إعانة الطالبين ,ج ,٢ص.٣٢٣ ) (٢الدمياطي ,إعانة الطالبين ,ج ,٢ص.٣٢٣ وقد نص الفقهاء على أنه لها أن تلف خرقة على كل من يديها وتشدها وتعقدها ,وللرجل شدها) (١وهذا دليل على أن المقصود التفصيل على مقدار عضو من الجسد لا مطلق التغطية لذا فيحمل ذلك على الوجه. وحديث السيدة عائشة الذي كان أمام مرأ￯ سيد البشر يفيد أنهن كن يغطين وجوههن في حال قدوم الركب مما يعني أن التغطية نفسها غير ممنوعة منها المحرمة لذاتها ولا تتناقض والإحرام ,لذا كان من المتعين للسابق حمل الحديث على التغطية التي تكون بالمفصل على مقدار الوجه فقط. ثالثها :أن الانتقاب الذي ورد به الحديث غير مطلق التغطية كما يدل على ذلك ما جاء من حديث الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه قال :لتدل المرأة المحرمة ثوبها على وجهها ولا تنتقب).(٢ وإن لم يحتج بالسابق فبلغته في كون الانتقاب غير مطلق التغطية. رابعها :أن مما يفيد صحة التأويل السابق فعل السيدة عائشة وأختها فقد ) (١الدمياطي ,إعانة الطالبين ,ج ,٢ص.٣٢٣ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص.١٤٩ الثياب ما شاءت إلا ثوبا مسه ورس أو زعفران ,ولا تتبرقع ولا تلثم وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت).(٢ ورو￯ الإمام مالك في الموطأ بإسناد صحيح من طريق هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت :كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق).(٣ وهذا يفيد أن التغطية نفسها لا تمنع منها المحرمة وإنما المنع متوجه للمفصل على مقدار الوجه فقط. خامسها :أن الرواية التي فيها أن إحرام المرأة في وجهها كإحرام الرجل في رأسه مما ليس له أصل عن النبي بل هي كلام لمن أوجب عليه اتباع هدي النبوة فلا يكون كلامه حجة يعترض بها بل لا بد من أن يحتج لكلامه حتى يقبل ,وأقصى ما روي في ذلك حديث: ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص.١٠٧ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص ,٤٧وإسناده صحيح. ) (٣مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٢٨ ) (١ ولكن هذا مما لا تقوم بمثله حجة إذ إنه قد رواه ابن عدي في الكامل والبيهقي في الكبر￯) (٢والطبراني في الأوسط) (٣والكبير) ,(٤وأعل بأيوب بن محمد أبي الجمل ,قال البيهقي عقبه: وأيوب بن محمد أبو الجمل ضعيف عند أهل العلم بالحديث; فقد ضعفه يحيى بن معين وغيره ,وقد روي هذا الحديث من وجه آخر مجهول عن عبيداالله بن عمر مرفوعا والمحفوظ موقوف. لبس القفازين القفاز بضم القاف وتشديد الفاء وبعد الألف زاي القفاز بالضم والتشديد لباس الكف وهو شيء يعمل لليدين يحشى بقطن ويكون له أزرار تزرر على الساعدين من البرد تلبسه المرأة في يديها وهما قفازان ,وهو لليد ) (١ابن عدي ,الكامل ,ج ,١ص.٣٥٦ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٤٧ ) (٣الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,٦ص.٧٨ ) (٤الطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,١٢ص.٣٧٠ على قدر الجسد أو عضو منه يظهر أن الرجل ممنوع من القفازين إذ هما مما فصل على مقدار عضو من الجسد وهو اليد. أما المرأة فالأصل أنها غير ممنوعة منهما إذ لها لبس ما فصل على قدر الجسد ,ولكن جاء من الروايات ما يستثني القفازين من الحكم الإباحي للمرأة وأنها ممنوعة منهما كما في حديث: الليث حدثنا نافع عن عبد االله بن عمر } قال :قام رجل فقال :يا رسول االله ,ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام? فقال النبي :لا تلبسوا القميص ,....ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين).(٢ وللفقهاء في حكم لبس المحرمة القفازين خلاف فمنهم من رأ￯ عدم ) (١ابن منظور ,لسان العرب ,ج ,٥ص ,٣٩٦والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج,٢ ص.١٨٣ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة ).(١٧٤١ ,وروي عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يلبس بناته وهن محرمات القفازين).(٢ ولكن الجمهور من أهل العلم على أن المحرمة ممنوعة من القفازين) (٣كما هو ظاهر حديث ابن عمر السابق ,وقد تبين أنه مرفوع إلى النبي .  لبس الحلي بينت الأحاديث السابقة الممنوعات المتوجهة للمرأة إبان الإحرام وقد انحصرت في القفازين وتغطية الوجه ولبس ما مسه الورس والزعفران وقد مر ذكر الخلاف في السابق. لذا فقد ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن لبس الحلي للمرأة إبان الإحرام أمر لا حرج فيه بل هو من الأمور المباحة إن لبس على الوجه المباح ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣١٠والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,٧٢والنووي, المجموع ,ج ,٧ص ,٢٣٤والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.١٢٨ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص.١٠٧ ) (٣الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٦٩وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص.١٠٨ والسوار والحرير إبان الإحرام).(٢ ولا أدري الدليل الذي حملهم على هذا القول ,إذ إن المحظورات مما لا يعلم بغير النصوص ,ولا أعلم نصا ورد في النهي عنها مما يفيد أنها على حكم الإباحة. ولا يمكن الاستدلال بكونها زينة إذ لا ناهي عن الزينة خلا النصوص العامة التي نهت عن الزينة عند غير المحارم وأنت خبير أن ذلك ليس له دخل في المحظورات ,وإلا للزم منه نهيها عنه حال الصيام لكونه من دواعي الوطء والجماع ممنوع منه الصائم والمصلي ولم يقل أحد بمنعها من ذلك. وفوق الأصل الإباحي السابق ورد ما ينص أن الحلي مما يباح للمحرمة ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,٧٠والشقصي ,منهج الطالبين ,ج ,٤ص)٥٦٣ط مسقط(. ) (٢ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣١١والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٤٣وبيان الشرع, ج ,٢٤ص ,٦٩والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٧١والشقصي ,منهج الطالبين ,ج,٤ ص.٥٦٢ النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفرا أو خزا أو حليا أو سراويل أو قميصا أو خفا).(١ والحديث من حيث الإسناد صحيح ولكن أشار أبو داود بعد إخراجه إلى علة في متنه فقال: رو￯ هذا الحديث عن ابن إسحاق عن نافع عبدة بن سليمان ومحمد بن سلمة إلى قوله وما مس الورس والزعفران من الثياب ولم يذكرا ما بعده اهـ. كما جاء الحكم السابق عن السيدة عائشة > كما في حديث سعيد عن ابن جريج قال :أخبرني الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة أنها قالت: كنت عند عائشة إذ جاءتها امرأة من نساء بني عبد الدار يقال لها تملك فقالت لها :يا أم المؤمنين ,إن ابنتي فلانة حلفت أن لا تلبس حليها في الموسم, فقالت عائشة :قولي لها إن أم المؤمنين تقسم عليك إلا لبست حليك كله).(٢ ) (١أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :ما يلبس المحرم من الثياب ).(١٨٢٧ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٥٢ امرأته سألت عائشة :ما تلبس المرأة في إحرامها? قال :فقالت عائشة :تلبس من خزها وبزها وأصباغها وحليها).(١ سادسا :حكم الخنثى لم أجد شيئا من النصوص الشرعية مبينا حال الخنثى ,غير أنه يمكن أن يقال في حق الخنثى إن الأمور التي يشترك فيها الذكر والأنثى من حيث الجواز في الإحرام هي مشروعة للخنثى. والأمور التي يشتركان فيها من حيث الحرمة كالثياب المطيبة وتغطية الوجه عند جماعة من الفقهاء هي ممنوعة للخنثى ,وما عدا ذلك يغلب عليها جانب الإناث فيلبس المفصل من الثياب على مقدار الجسد ,ويغطي رأسه).(٢ وهذا التغليب سببه جانب الترجيح للأنوثة إذ سد الذريعة في ذلك أولى. ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٥٢ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٣٤والدمياطي ,إعانة الطالبين ,ج ,٢ص,٣٢٠ والشربيني ,الإقناع ,ج ,١ص.٢٦٠ إحرامه ,وهذا المنع من خطاب التكليف لا الوضع أي أن إحرام المحرم تام وصحيح مع انتهاك هذا المحظور) ,(١ولكن تبقى أمور: أولها :الإثم إن كان متعمدا انتهاك المحظور دون عذر شرعي لذا يلزم بالتوبة والاستغفار. ثانيها :نزع اللباس المحظور فور العلم به أو زوال العذر ,وهذا النزع يكون بالصورة المعتادة في النزع ولو كان ذلك من طريق الرأس) (٢إذ هو الأصل المتبادر. قال الإمام أبوسعيد الكدمي: ويعجبني أن ينزع القميص والجبة مما يلي رأسه ,وإن أمكنه أن ينزعه مما يلي الرجلين بلا خرق له فلعله أوجب وإلا فلا يقع هذا موقع التغطية إذا كان في حال نزع اللباس).(٣ ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.١٧٧ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٨٥والعيني ,عمدة القاري ,ج ,٩ص.١٦٢ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.١٨٧ قال :ثنا أسد قال :ثنا حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن عطاء بن لبيبة عن عبد الملك بن جابر عن جابر بن عبد االله قال: فقد قميصه من جيبه حتى أخرجه كنت عند النبي جالسا في المسجدَّ من رجليه فنظر القوم إلى النبي فقال :إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن يقلد اليوم ويشعر على كذا وكذا فلبست قميصي ونسيت فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي وكان بعث ببدنه وأقام بالمدينة. وفي هذا نظر إذ النازع ما قصد تخمير الرأس بذلك فيكون واقعا في محذور شرعي وإنما إمرار الجبة لخلعه ,ثم إنه جاء التصريح في بعض روايات يعلى بن أمية بأن خلعه كان من قبل رأسه كما في حديث محمد بن عيسى ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن عطاء عن يعلى بن أمية وهشيم عن الحجاج عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه بهذه القصة قال فيه :فقال له النبي : ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣١٠والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٦٦والشماخي, الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٦٨والطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٢ص ,١٣٩وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص.٣٣ الحديث جاء عند الشيخين وغيرهما من رواية كثير من الحفاظ دون هذه الزيادة مما يوقع في القلب أنها من الأوهام. ) (٢ أما ما استدلوا به من الرواية فأخرجها الطحاوي في شرح معاني الآثار وهي معلة بأمرين :أولهما ضعف الإسناد إذ فيه عبدالرحمن بن عطاء وقد قال ابن عبدالبر: وعبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة شيخ من أهل المدينة رو￯ عنه سليمان بن بلال والدراوردي وداود بن قيس وحاتم بن إسماعيل إلا أنه ممن لا يحتج به فيما ينفرد به فكيف فيما خالفه فيه من هو أثبت منه).(٣ ونص على ضعفه الحافظ ابن حجر في الفتح) ,(٤وأشار إليه الحافظ الطحاوي بعد إخراجه الرواية. ) (١أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :ما يلبس المحرم ).(١٨٢٠ ) (٢الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٢ص.١٣٨ ) (٣ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص.٨٣ ) (٤ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٥٤٦ المؤمنين > فقال :إن عبداالله بن عباس يقول: هديا يحرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه ,وقد ًمن أهد￯ إلي بأمرك ,قال :قالت عائشة:بعثت بهديي فاكتبيَّ بيدي ,ثم َّليس كما قال ابن عباس ,أنا فتلت قليد هدي رسول االله  ً شيئا أحلهقلدها رسول االله ثم بعث بها مع أبي ,فلم يحرم رسول االله  االله له حتى ينحر هديه).(١ وجاء الحديث من رواية :عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة زوج النبي أن عبد االله بن عباس قال: من أهد￯ هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي ,وقد بعثت بهدي فاكتبي إلي بأمرك ,أو مري صاحب الهدي. قالت عمرة :قالت عائشة :ليس كما قال ابن عباس ,أنا فتلت قلائد هدي رسول االله بيدي ثم قلدها رسول االله بيده ثم بعث بها رسول االله ) (١أخرجه الإمام الربيع في كتاب :الحج ).(٤٢٧ وأنه ليس على غير المتعمد على انتهاك محظورات الإحرام فدية ,والدليل على السابق كله حديث همام حدثنا عطاء قال :حدثني صفوان بن يعلى بن أمية يعني عن أبيه أن رجلا أتى النبي وهو بالجعرانة وعليه جبة وعليه أثر الخلوق أو قال صفرة فقال :كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي? فأنزل االله على النبي فستر بثوب ووددت أني قد رأيت النبي وقد أنزل عليه الوحي ,فقال عمر :تعال أيسرك أن تنظر إلى النبي وقد أنزل االله عليه الوحي? قلت :نعم ,فرفع طرف الثوب فنظرت إليه له غطيط وأحسبه قال كغطيط البكر. فلما سري عنه قال :أين السائل عن العمرة? اخلع عنك الجبة ,واغسل أثر الخلوق عنك ,وأنق الصفرة ,واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك).(٢ وذهب ابن حزم إلى أنه يجب عليه أن يحدث إحراما ولا يجزيه الإحرام ) (١أخرجه البخاري في كتاب الحج ,باب :من قلد القلائد بيده ) ,(١٦١٣ومسلم في كتاب: الحج ,باب :استحباب بعث الهدي ).(١٣٢١ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :يفعل في العمرة ما يفعل في الحج ).(١٦٩٧ حبيب القومسي نا يحيى بن سعيد هو القطان نا ابن جريج نا عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه أن رجلا أتى رسول االله وقد أحرم في جبة متضمخ فقال له رسول االله أما الجبة فاخلعها ,وأما الطيب فاغسله ثم أحدث إحراما. ثم قال ابن حزم :نوح ثقة مشهور فالأخذ بهذه الزيادة واجب ,ويجب إحداث الإحرام لمن أحرم في جبة متضمخا بصفرة معا وإن كان جاهلا; لأن رسول االله لم يأمر بذلك إلا من جمعهما).(١ ولكن يشكل على كلام ابن حزم أن الزيادة التي ذكرها شاذة إذ اتفق الرواة على عدم ذكرها غير نوح هذا مما يجعلها غير محفوظة ,قال النسائي: "ثم أحدث إحراما" ما أعلم أحدا قاله غير نوح بن حبيب ,ولا أحسبه محفوظا).(٢ وقال البيهقي :رواه جماعات غير نوح بن حبيب فلم يذكروها ,ولم ) (١ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص.٨٠ ) (٢كتاب :مناسك الحج ,باب :الجبة في الإحرام ).(٢٦٦٨ واتفقوا أنه من فعل من كل ما ذكرنا أنه يجتنبه في إحرامه شيئا عامدا أو ناسيا أنه لا يبطل حجه ولا إحرامه).(٢ المطلب الثاني :استعمال الطيب توطئة مما جاءت الأدلة الشرعية ناهية عنه المحرم الطيب إبان إحرامه ,وإن كان الأصل في التطيب أنه أمر مندوب إليه إذ هو مما تزكو به النفوس وتشيع به الألفة. كما أن للرائحة الطيبة أثرا في حفظ الصحة; فإنها غذاء الروح ,والروح مطية القو￯ ,والقو￯ تزداد بالطيب وهو ينفع الأعضاء الباطنة كالدماغ والقلب) ,(٣لذا كان مما حبب إلى نبينا كما في حديث: عفان بن مسلم قال :نا سلام أبو المنذر عن ثابت عن أنس قال :قال ) (١ابن حجر ,التلخيص الحبير ,ج ,٢ص.٢٧٣ ) (٢ابن حزم ,مراتب الإجماع ,ص.٧٧ ) (٣ابن مفلح ,الآداب الشرعية ,ج ,٣ص.٣٨ وكان النبي يتطيب كما في حديث شيبان بن عبد الرحمن عن عبد االله بن المختار عن موسى بن أنس عن أنس بن مالك قال :كانت للنبي سكة يتطيب منها).(٢ كما جاء عنه أنه كان يكره أن يخرج إلى أصحابه وبه ما يكره من الروائح كما في حديث خداش بن مهاجر عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة } قالت: كان رسول االله يكره أن يخرج إلى أصحابه تفل الريح ,وكان إذا كان من آخر الليل مس طيبا).(٣ لذا لازمته أزكى الروائح وأفضلها كما في حديث سماك عن جابر بن سمرة قال :صليت مع رسول االله صلاة الأولى ثم خرج إلى أهله وخرجت معه فاستقبله ولدان فجعل يمسح خدي أحدهم واحدا واحدا. ) (١أخرجه النسائي في كتاب :عشرة النساء ,باب :حب النساء ).(٣٩٣٩ ) (٢أخرجه أبو داود في كتاب :الترجل ,باب :ما جاء في استحباب الطيب ).(٤١٦٢ ) (٣أبو الشيخ ,أخلاق النبي وآدابه ,ج ,٢ص.٦١ ومما وصف به ما جاء من حديث هاشم بن القاسم حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال أنس :ما شممت عنبرا قط ولا مسكا ولا شيئا أطيب من ريح رسول االله ,ولا مسست شيئا قط ديباجا ولا حريرا ألين مسا من رسول االله .(٢) وما السابق إلا لقصده أفضل الطيب وأزكاه كما في حديث إبراهيم بن يوسف وهو ابن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي عن أبيه عن أبي إسحاق سمع ابن الأسود يذكر عن أبيه عن عائشة > قالت: كان رسول االله إذا أراد أن يحرم يتطيب بأطيب ما يجد ثم أر￯ وبيص الدهن في رأسه ولحيته بعد ذلك).(٣ وقد كان ينهى من عرض عليه طيب أن يرده كما في حديث عبيد االله بن أبي جعفر عن الأعرج عن أبي هريرة قال :قال رسول االله :من عرض عليه ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الفضائل ,باب :طيب رائحة النبي .(٢٣٢٩)  ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الفضائل ,باب :طيب رائحة النبي .(٢٣٣٠)  ) (٣أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :الطيب عند الإحرام )(١٤٦٥ كما في حديث ثمامة بن عبد االله عن أنس أنه كان لا يرد الطيب ,وزعم أن النبي كان لا يرد الطيب).(٢ بعد ذكر تلك الأحوال التي كان عليها النبي في حياته العامة استثنيت حالة المحرم بحج أو عمرة أو كليهما من ندب التطيب فمنع من استعمال الطيب خشية أن يشغله ذلك عن واجب التزكية الذي يقتضي التخلي عن كل الأسباب التي قد تحول دون رقي نفسه وعروجها إلى الملأ الأعلى ,ومن هنا ) (١أخرجه النسائي في كتاب :الزينة ,باب :الطيب ) ,(٥٢٥٩وأبو داود في كتاب :الترجل, باب :في رد الطيب ).(٤١٧٢ ورواه مسلم في كتاب :الألفاظ من الأدب وغيرها ,باب :استعمال المسك )(٢٢٥٩ بالإسناد السابق نفسه ولكن بلفظ "من عرض عليه ريحان فلا يرده" ,قال الحافظ ابن حجر :وأخرجه مسلم من هذا الوجه لكن قال ريحان بدل طيب. ورواية الجماعة أثبت; فإن أحمد وسبعة أنفس معه رووه عن عبداالله بن يزيد المقبري عن سعيد بن أبي أيوب بلفظ الطيب ووافقه ابن وهب عن سعيد عند ابن حبان ,والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد .ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٥ص.٢٠٩ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :اللباس ,باب :من لم يرد الطيب ).(٥٥٨٥ مفهومه المخالف الذي هو استحباب الرائحة الكريهة فما كان هذا هدي سيد الخلق ولا دلت عليه تعاليم الإسلام فقد كان يتطيب قبيل المنع ليستمر عليه الطيب كما هو شأنه في بقية حياته في فترة المنع. وبعد زوال حكم المنع يتطيب مباشرة ليسارع إلى مألوفه من الطيب كما يدل على ذلك حديث عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع أباه −وكان أفضل أهل زمانه −يقول :سمعت عائشة > تقول: بيدي هاتين حين أحرم ,ولحله حين أحل قبل أن َّطيبت رسول االله  يطوف وبسطت يديها).(١ أما حديث محمد بن عباد قال :سمعت عبد االله بن عمر يقول :قام رجل فقال :يا رسول االله ,ما الحاج? قال :الشعث التفل) (٢فأخرجه ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :الطيب عند رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة ) ,(١٦٦٧ومسلم في كتاب :الحج ,باب :الطيب للمحرم ).(١١٨٩ ) (٢قال الزمخشري :التفل ألا يتطيب فيوجد منه رائحه كريهة من تفل الشيء من فيه إذا رمى به متكرها .الزمخشري ,الفائق ,ج ,١ص.١٥١ ولكنه مما انفرد بروايته إبراهيم بن يزيد الخوزي كما قال الترمذي والبزار بعد إخراجه وهو ممن لا تقبل روايته كما تقدم ذكره غير مرة فقد قال ابن معين :ليس بشيء. وقال البخاري :لا يحتجون بحديثه ,وقال في رواية :سكتوا عنه− ,أي هو متروك ,−وقال النسائي :متروك).(٣ وقال الترمذي بعد إخراجه :هذا حديث لا نعرفه من حديث ابن عمر إلا من حديث إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي ,وقد تكلم بعض أهل الحديث في إبراهيم بن يزيد من قبل حفظه اهـ. لذلك يظهر لك أنه لا مانع من أن يستعمل المحرم مزيلات العرق وهذه المزيلات قسمان: ِ الشبة أو غيرها لا رائحة لها أو بها رائحة لكنها أولهما :أملاح كأملاحَّ ) (١كتاب :تفسير القرآن ,باب :من سورة آل عمران ).(٢٩٩٨ ) (٢كتاب :المناسك ,باب :ما يوجب الحج ).(٢٨٩٦ ) (٣ابن عدي ,الكامل ,ج ,١ص.٢٢٦ ثانيهما :مزيلات ذات رائحة عطرية أي بها طيب ,وهذه لا يصح استعمالها بعد الإحرام إلا لمن اضطر إليها مع شرط الفدية. أما استعمالها قبل الإحرام واستدامتها في حال الإحرام فيدخله الخلاف في المسألة وقد مضى بنا الأمر أنه لا حرج في استدامة الطيب في حال الإحرام لذا فلا حرج فيها. أولا :حكم التطيب للمحرم جاءت الأدلة الشرعية متظافرة على منع المحرم من الطيب ومن ذلك حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي سعيد الخدري قال :قال رسول االله :لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة ولا السراويلات ولا البرانس ولا الأخفاف ,فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما من أسفل الكعبين, شيئا من ثياب مسها الزعفران ولا الورس).(١ولا يلبس المحرمً وجاء ذلك من حديث مالك عن نافع عن عبد االله بن عمر أن رجلا قال :يا رسول االله ما يلبس المحرم من الثياب? ) (١أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :ما يتقي المحرم وما لا يتقي ).(٤٠٦ من الكعبين ,ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران أو ورس).(١ وموطن الشاهد في الحديث هو قوله " ولا يلبس المحرمً شيئا من ثياب مسها الزعفران ولا الورس". قال الإمام السالمي: قال العراقي :نبه بالزعفران والورس على ما هو أطيب رائحة منهما كالمسك والعنبر ونحوهما ,وإذا حرم في الثوب ففي البدن أولى).(٢ ومما يفيد الحكم السابق أيضا حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن النبي قال :إذا مات المحرم غسل ولا يكفن إلا في ثوبيه اللذين ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :ما لا يلبس المحرم من الثياب ) ,(١٤٦٨ومسلم في كتاب :الحج ,باب :ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح وبيان تحريم الطيب عليه ).(١١٧٧ ) (٢السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,١٨٥والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج,٤ ص.٩٩ ابن عباس أن رجلا وقصه بعيره ونحن مع النبي وهو محرم فقال النبي :اغسلوه بماء وسدر ,وكفنوه في ثوبين ,ولا تمسوه طيبا ,ولا تخمروا رأسه; فإن االله يبعثه يوم القيامة ملبدا).(٢ ووجه الدلالة من الحديث السابق هو منع المسلمين من تطييب ميت المحرمين لعلة الإحرام كما تقدم ذكره من قبل ,وهذه العلة نفسها تمنع الأحياء من التطيب كما منعت منه الأموات. وللأدلة السابقة نقل إجماع الأمة على منع المحرم من الطيب من حيث الجملة).(٣ وهذا التحريم للطيب وارد في حق استعماله مع غض الطرف عن ) (١أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :في غسل المحرم ).(٤٠٤ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الجنائز ,باب :كيف يكفن المحرم ).(١٢٠٨ ) (٣الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٤٥والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج,٢ ص ,١٨٥وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٩والمغني ,ج ,٣ص ,١٤٧والنووي, المجموع ,ج ,٧ص ,٢٣٩والصنعاني ,العدة ,ج ,٣ص.١١٨٢ شامل لمن يشم ومن لا يشم. ومما يؤكد السابق نهي المسلمين عن تطييب ميت المحرمين ,وهو قطعا ممن لا يشم في ذلك الحال كما في حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن النبي قال :إذا مات المحرم غسل ,ولا يكفن إلا في ثوبيه اللذين أحرم فيهما ,ولا يمس بطيب ,ولا يخمر رأسه).(٢ ثانيا :حكم شم المحرم للطيب جاءت النصوص الشرعية السابقة مانعة من استعمال الطيب في الثوب كما في حديثي أبي سعيد الخدري وابن عمر ويعلى بن أمية ,ومن قربانه مطلقا كما في حديث المحرم الذي وقصته الناقة ,وما من شك أن منفعة الطيب إنما تكون في شم رائحته الزكية فيتعلق النهي بمطلق الشم للطيب. ولكن نبه الشرع على الأمور السابقة لكونها ملازمة للمحرم لا تنفك عنه فأثرها دائم متصل ,أما شم الروائح غير المتصلة فأمر ينهى عنه المحرم إن ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٤١ ) (٢أخرجه الإمام الربيع في كتاب :الحج ,باب :في غسل المحرم ).(٤٠٤ ولكن مما ينبغي لنا أن نستثنيه من المنع في هذا الحال شم الطيب الذي استدامه المحرم عند إحرامه إذ ما استديم إلا والشم متحقق ,ومن البعيد أن يستديمه النبي ولا يشمه ,ثم إن استعمال الطيب حصل في وقت مباح فبقي شم نفس الرائحة فلا يمنع منه).(٢ ثالثا :ضابط الطيب الممنوع جاء الشارع بالنهي عن الطيب مطلقا ولم يحده في أمور بعينها يجتنبها المحرم ,ومعلوم أنه ما كل طيب الرائحة طيبا يمنع منه المحرم وإلا لزم منه أن لا يقصد المحرم إلا كريه الرائحة منتنا إذ ضد الطيب النتن).(٣ وهذا لازم باطل فيبطل ملزومه ,لذا كان حريا بنا أن نبين ضابط الطيب ) (١البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٦٣والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٦٧والشماخي, الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٧٠والجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,١ص ,١٦٦والقطب شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,٨٣والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٣١١ ) (٢الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٩١ ) (٣ابن منظور ,لسان العرب ,ج ,١ص.٥٦٤ ومنه يتبين منع المحرم منها ,ومن ذلك المسك الذي بين فيه النبي أنه أطيب الطيب كما في حديث خليد بن جعفر عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي قال: كانت امرأة من بني إسرائيل قصيرة تمشي مع امرأتين طويلتين فاتخذت رجلين من خشب وخاتما من ذهب مغلق مطبق ثم حشته مسكا −وهو أطيب الطيب −فمرت بين المرأتين فلم يعرفوها فقالت بيدها هكذا).(١ وجاء أن السيدة عائشة > قد طيبت رسول االله عند إحرامه يوم حجة الوداع بالمسك كما في حديث هشيم أخبرنا منصور عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة > قالت :كنت أطيب النبي قبل أن يحرم ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك).(٢ كما جاء النص على العنبر أنه من الطيب الذي كان يتطيب به النبي كما في حديث عبد االله بن عطاء الهاشمي عن محمد بن علي قال :سألت عائشة: ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الألفاظ من الأدب وغيرها ,باب :استعمال المسك ).(٢٢٥٢ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :الطيب للمحرم عند الإحرام ).(١١٩٠ على هيئة البخور كما في حديث ابن وهب أخبرني مخرمة عن أبيه عن نافع قال :كان ابن عمر إذا استجمر استجمر بالألوة غير مطراة وبكافور يطرحه مع الألوة ثم قال :هكذا كان يستجمر رسول االله .(٢) والألوة بضم اللام مع ضم الهمزة وفتحها وتشديد الواو −وحكي كسر اللام ,وحكي تخفيف الواو −وهي ضرب من خيار العود وأجوده) ,(٣وأصل الكلمة فارسي).(٤ السك كما في ومن ذلك ما كانت تتطيب به زوجات النبي وهوُ حديث عمر بن سويد الثقفي قال :حدثتني عائشة بنت طلحة أن عائشة أم المؤمنين > حدثتها قالت: ) (١أخرجه النسائي في كتاب :الزينة ,باب :العنبر ).(٥١١٦ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الألفاظ من الأدب وغيرها ,باب :استعمال المسك ).(٢٢٥٤ ) (٣الزمخشري ,الفائق ,ج ,٣ص ,٣٣٣وابن منظور ,لسان العرب ,ج ,١٤ص.٤٢ ) (٤العوتبي ,الإبانة ,ج ,١ص .١١٣ ومما ورد النص عليه الحناء ,ولكن في آثار لا تصح فمما جاء مفيدا أن الحناء طيب ما أخرجه الطبراني من حديث عبداالله بن لهيعة عن بكير بن عبد االله بن الأشج عن خولة عن أم سلمة قالت :قال رسول االله :لا تطيبي وأنت محرمة ,ولا تمسي الحناء فإنه طيب).(٣ ولكن في الإسناد عبداالله بن لهيعة وهو ضعيف ,قال البيهقي :وهذا إسناد ضعيف ,ابن لهيعة غير محتج به).(٤ وأخرج أبو يعلى من حديث محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا الحسن بن دعامة حدثنا عمر بن شريك عن أبيه عن أنس أن النبي قال :اختضبوا بالحناء; فإنه طيب الريح يسكن الدوخة).(٥ ) (١بضم السين المهملة وتشديد الكاف ,ضرب من الطيب يركب من مسك ورامك. ) (٢أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :ما يلبس المحرم ).(١٨٣٠ ) (٣الطبراني ,المعحم الكبير ,ج ,٢٣ص.٤١٨ ) (٤البيهقي ,معرفة السنن والآثار ,ج ,٤ص.٢٦ ) (٥أبو يعلى الموصلي ,المسند ,ج ,٦ص.٣٠٥ والحديث ضعيف لا يثبت; إذ في إسناده الحسن بن دعامة الراوي عن عمر بن شريك ,وكلاهما مجهول ,قال ابن أبي حاتم الرازي :سألت أبي عنه: ماحال الحسن وعمر? فقال :مجهولان).(٢ وقال في ترجمة عمر بن شريك: عمر بن شريك رو￯ عن أبيه عن أنس ,رو￯ عنه الحسن بن دعامة, سألت أبي عنه فقال :مجهول ,ووجدت غيري يحكي عن أبي أنه قال :هو ضعيف الحديث).(٣ ونص على جهالة الرجلين الذهبي في الضعفاء).(٤ أما ما جاء مثبتا أنه ليس بطيب فحديث كريمة بنت همام أن امرأة أتت ) (١تمام الرازي ,الفوائد ,ج ,١ص .٢٥٦ ) (٢ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٣ص.١٢ ) (٣ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٦ص.١١٥ ) (٤الذهبي ,الضعفاء ,ج ,١ص ,١٥٨وميزان الاعتدال ,ج ,٢ص ,٢٣٤وابن حجر ,لسان الميزان ,ج ,٢ص .٢٠٣ وقد أخرجه أبو داود −واللفظ له ,(١)−والنسائي) ,(٢ولكن كريمة بنت همام الطائية الراوية عن السيدة عائشة مجهولة لا تعرف بتوثيق) (٣لذا قال الحافظ ابن حجر :مقبولة) ,(٤أي عند المتابعة ,ولم يتابعها أحد فالحديث ضعيف لذلك. وكذلك حديث ابن عباس قال :كن أزواج رسول االله يخضبن بالحناء وهن محرمات ,ويلبسن المعصفر وهن محرمات. ووجه الدلالة من ذلك أن هذا الفعل كان بعد الإحرام ,والمحرم ممنوع من الطيب بعد الإحرام اتفاقا كما سيأتي ,فلو كان الحناء طيبا ما استعملنه – رضي االله عنهن −ولكنه زينة مطلقة فيكون فعلهن واردا مورد الإباحة الشرعية لو ثبت. ) (١في كتاب :الترجل ,باب :في الخضاب للنساء ).(٤١٦٤ ) (٢في كتاب :الزينة ,باب :كراهية ريح الحناء ).(٥٠٩٠ ) (٣المزي ,تهذيب الكمال ,ج ,٣٥ص ,٢٩٤وابن حجر ,تهذيب التهذيب ,ج ,١٢ص.٤٧٦ ) (٤ابن حجر ,تقريب التهذيب ,ص.٧٥٢ بن دينار عن ابن عباس قال).(١ وهذا إسناد ضعيف ,يعقوب بن عطاء قال عنه أحمد بن حنبل :منكر الحديث ,وقال ابن معين وأبو زرعة :ضعيف ,وقال أبو حاتم :ليس عندي بالمتين ,يكتب حديثه) ,(٢والرجل متهم أيضا بالتدليس).(٣ ولا يثبت في أمر الحناء من حيث كونه طيبا أو لا شيء ,والواقع الذي نراه أن الناس لا يقصدونه لطلب ريحه بل للتزين فقط ,وهو وإن صاحبته رائحة طيبة للبعض إلا أنها كريهة لآخرين ,وليس كل طيب الرائحة طيبا, ولكن هو زينة باتفاق. وقد نص الشارع على استعماله في غير التطيب كحديث عبد الرزاق ثنا معمر عن سعيد الجريري عن عبد االله بن بريدة عن أبي الأسود الديلي عن أبي ) (١الطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,١١ص.١٠٥ ) (٢ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٩ص ,٢١١وابن عدي ,الكامل ,ج ,٧ص,١٤٣ والعقيلي ,الضعفاء ,ج ,٤ص .٤٤٥ ) (٣ابن حجر ,طبقات المدلسين ,ص.٥١ اختلافهم تباين أعراف البلدان فيه ,ولكن بعد ذهاب ريحه مع بقاء لونه يكون على أصل الإباحة اتفاقا إلا على رأي من يجعل مطلق الزينة من ممنوعات الإحرام كما تقدم ذكره والراجح خلافه لعدم الدليل عليه. والقرنفل نص جماعة أنه من أقسام الطيب) ,(٣ولكن بالنظر إلى عموم الناس الذين نراهم لا نجدهم يقصدون التطيب به فلا يمكن أن نعده على السابق من الطيب إلا إن قصد به التطيب. وقد أشار جماعة من الفقهاء إلى الضابط الذي يميز به الطيب الممنوع ) (١أخرجه أبو داود في كتاب :الترجل ,باب :في الخضاب ).(٤٢٠٥ ) (٢الشقصي ,منهج الطالبين ,ج ,٧ص ,٤٤وقد جزم ثمة بأنه والعصفر ليسا من الطيب, ومالك بن أنس ,المدونة الكبر￯ ,ج ,٢ص ,٤٥٩والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص,٦٨٢ والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٦٦والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٤٥وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص ,٤٤٣والعيني ,البناية ,ج ,٤ص ,١٨٥وعمدة القاري ,ج,٩ ص ,١٥٧والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٥ص.٧٩ ) (٣القلقشندي ,صبح الأعشى ,ج ,٥ص ,٥٩والأبشيهي ,المستطرف ,ج ,٢ص.٢٨١ ومنهم من قال إنه كل شيء له رائحة مستلذة ويعده العقلاء طيبا).(٣ وبذلك يتبين لك حكم كثير من الأمور: أولها :أن هناك ما لا يعرف فيه غير قصد التطيب فيمنع المحرم منها اتفاقا كالنصوص التي ذكرناها ومنها المسك والعنبر والعود والكافور والصندل والغالية ونحوها. ثانيها :الأمور التي تقصد لغير الطيب ولكن يأتي الطيب تبعا لها كحال كثير من المأكولات ذات الروائح الزاكية كالتفاح والأترج ونحوها; إذ لا تقصد إلا للأكل وليس ثمة من يشتريها ليشم ريحها).(٤ ) (١الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٨٢وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٤٧والنووي, المجموع ,ج ,٧ص.٢٤٤ ) (٢الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٦٤ ) (٣نظام الدين ,الفتاو￯ الهندية ,ج ,١ص.٢٤٠ ) (٤أشار كثير من الفقهاء إلى بطلان عقد الإجارة إن كان قائما على شم رائحة تفاحة; لأن المنفعة غير متقومة .النووي ,روضة الطالبين ,ج ,٥ص ,١٧٠والعبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٥ص ,٤٢٢وابن رشد ,بداية المجتهد ,ج ,٢ص.١٦٩ كذلك ,ومن هنا تظهر علة الخلاف بين الفقهاء في عدهم بعض الأمور طيبا يمنع منه المحرم أو ليست بطيب فهي على أصل الإباحة. قال الغزالي: والورد والبنفسج والنرجس والضيمران وهو الريحان الفارسي طيب, وإنما تردد نص الشافعي في الريحان لأنه لا يعد طيبا في بلاده).(١ وهكذا نقلت كتب الآثار عن الإمام الربيع بن حبيب أنه لا ير￯ بالريحان العربي بأسا).(٢ لطيب الرائحةرابعها :يظهر أن القصد لا بد من أن يكون متوجهاِّ وعليه فإن زالت الرائحة وبقيت العين لم يكن ثمة نهي بل يرجع الأمر إلى أصل الإباحة لزوال الحكم بزوال مناطه الذي هو الطيب).(٣ ) (١الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص.٦٨٢ ) (٢الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٤٦والجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,١ص.١٦٦ ) (٣الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص ,٤٤٠والسيابي ,سلك الدرر ,ج ,١ص,٣١٣ والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٦٨وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٤٨والرافعي, اللون. وسئل الشيخ أبو نبهان ~ عن زوال أثر الطيب من الثوب بغير غسل هل يبيح للمحرم استعماله فقال: نعم فيما معي على ذهابهن) ,(١وأما أن أؤدي من حفظي عن أحد من فقهاء المسلمين شيئا فيه فلا أقدر; لأني لا أعلم أنه يحضرني فيه من قولهم شيء فأرفعه. والذي أستدل به على جوازه أن الشيء إذا كان مباحا في الأصل وإنما ) (٢ حجر لعلة عارضة فبارتفاع تلك العلة لا بد وأن عارض التحريم فيزول ويرجع الشيء إلى ما كان عليه من قبل ,ولا يبين لي في هذا المعنى إلا ذلك).(٣ الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٠٠والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٤٠وابن قدامة, الكافي ,ج ,١ص.٤٠٧ ) (١كذا وردت في الأصل. ) (٢كذا وردت في الأصل. ) (٣أبو نبهان ,الحج ,مخطوط ,نسخة منه غير مرقمة ,والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٤ص.٦ وهذا يمنع المحرم منه. ثانيها :ما يتطيب به ولا يتخذ منه الطيب كالنرجس والريحان والآس والورد. وقد اختلفوا في هذا القسم فمنهم من رأ￯ ظاهر القصد منه عند اخضراره وهو التطيب فقال بأنه طيب وعلى هذا الأكثر; إذ العلة التي علق النهي عليها هي التطيب وهو موجود في هذه الأمور مع غض النظر عن المآل لأنه في حال الجفاف يجوز استعماله للمحرم لانفكاك مناط الحكم عنه الذي هو الطيب. ومنهم من رأ￯ أنه لا يمنع المحرم منه فلا يكون طيبا إذ بجفافه تزول ريحه الطيبة).(٢ ) (١البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٦٣والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٦٣ ,٢٢والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٠٨والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٦٥والذهبي ,المغني, ج ,٣ص ,١٤٧والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٤٤والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٣١١ ) (٢عبد الوهاب ,الإشراف ,ج ,١ص.٤٧٣ شمه أو مسه أو علقه ببدنه فلا فدية عليه فيه).(١ وفي زماننا يصنع مثل هذا القسم من الروائح الزاكية ويباع للناس على أنه طيب يقصد به التطيب ,ولا يشتريه المشترون إلا بقصد الطيب ,ومع هذا التوجه لم يكن ثمة محيص عن القول أن هذه بالقصد السابق طيب يمنع منه المحرم. ثالثها :ما يطلب للأكل والتداوي غالبا دون التطيب وإن صاحبته رائحة طيبة كالقرنفل والدارصيني والهيل والفلفل والزنجيل والأبازير ذات الرائحة الطيبة ,وكالسفرجل والتفاح والنارنج والأترج. وهذه ليست بطيب ,اللهم إلا إن كانت تصنع على أنها طيب كما ظهر الآن عطر التفاح والمشمش ,وهذه لا تباع إلا على أنها طيب ,ولا تشتر￯ إلا على أنها طيب ,وهذا الأمر يحتم كونها طيبا يمنع منه المحرم. رابعها :ما ينبت بنفسه من نباتات البراري والصحاري ولا يستنبت كالشيح والقيصوم فلا تعد طيبا إذ ينعدم فيها ضابط قصدها طيبا. ) (١الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,١ص.١٦٦ والكافور والعود والورد والياسمين والنرجس والخيري والزنبق والكاذي, وهذا القسم يمنع منه المحرم. وثانيها :ما كان طيبا ولكن لا يتخذ بعد يبسه طيبا كالريحان والمرزنجوش والشاهين ,وفي هذا خلاف. وثالثها :ما ليس بطيب ولا يتخذ طيبا وإن كان طيب الرائحة. وهذا أنواع ثلاثة: النوع الأول :ما يعد مأكولا كالتفاح والنارنج والليمون والمصطكي والدارصيني والزنجبيل. والنوع الثاني :ما كان يعد معلوما) (٢أو حطبا مثل الشيح والقيصوم والإذخر. والنوع الثالث :ما يعد لزهرته وحسن منظره لا لرائحته كالبهار ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٠٨ ) (٢كذا وردت في الأصل المطبوع من الحاوي ,ولعل الصواب :معلوفا. فقالوا):(١ الأشياء التي تستعمل في البدن على ثلاثة أنواع: نوع هو طيب محض معد للتطيب به كالمسك والكافور والعنبر وغير ذلك ,تجب به الكفارة على أي وجه استعمل حتى قالوا :الوادي عينه بطيب تجب عليه الكفارة. ونوع ليس بطيب بنفسه ولا فيه معنى الطيب ولا يصير طيبا بوجه ما كالشحم فسواء أكل أو دهن أو جعل في شقاق الرجل لا تجب الكفارة. ونوع ليس بطيب بنفسه ولكنه أصل للطيب يستعمل على وجه التطيب, ويستعمل على وجه الدواء كالزيت والشيرج. ويعتبر فيه الاستعمال فإن استعمل استعمال الأدهان في البدن يعطى له حكم الطيب ,وإن استعمل في مأكول أو شقاق رجل لا يعطى له حكم الطيب. ) (١الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٩٠ونظام الدين ,الفتاو￯ الهندية ,ج ,١ص.٢٤٠ ذلك هو المعهود من الاستعمال فتتوجه إليه الأدلة الشرعية) ,(١أما لو حمله وهو محكم الغطاء في آنيته فلا حرج ,ولا يعد متطيبا لغة ولا عرفا ولا شرعا).(٢ وذهب بعض أهل العلم إلى أن التطيب الممنوع هو ما كان في البدن خاصة دون الثوب) ,(٣اللهم إلا إن كان التطيب في الثوب مؤديا إلى أن يردع إلى البدن. وفي هذا الرأي نظر من حيث إن النهي الشرعي قد ورد ذاكرا الاستعمال في الملابس دون أن يفرق بين ما يردع وما لا يردع كما في حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي سعيد الخدري قال :قال رسول االله :ولا شيئا من ثياب مسها الزعفران ولا الورس) ,(٤وعلة النهي ًيلبس المحرم ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٦٣والقطب شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص,٨٢ والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٣٩ ) (٢الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,١ص ,١٧٠والقطب شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.٨٢ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٩٩والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٣٩ ) (٤أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :ما يتقي المحرم وما لا يتقي ).(٤٠٦ في تطييب الطعام كبغيتهم في تطييب اللباس) ,(١لذا يقال في حكمه إن كانت النار لم تستهلك الطيب بل بقي بعد الطهو فيمنع المحرم منه لبقاء علة النهي التي هي الطيب. وإن كانت النار قد استهلكته فيرتفع النهي لارتفاع مناط الحكم وهو الطيب ,قال شيخنا العلامة القدوة الخليلي –حفظه االله −في جواب له: إن كان الطبخ استهلك الطيب في المأكول والمشروب فلا مانع منهما للمحرم ,وإن كان أثرهما ظاهرا فيحرم استعمالها عليه ,واالله أعلم).(٢ واختلف هؤلاء في بقاء الطعم دون الرائحة أو اللون فمنهم من علق الأمر ببقاء اللون ,وفي القولين; نظر إذ العلة الطيب لا اللون ولا الطعم).(٣ ) (١ابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص.٤٧ ) (٢شيخنا الخليلي ,الفتاو￯ ,الكتاب الأول ,ص.٣٦٣ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٦٦وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص,٣٥ والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١١٠وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص,١٥٠ الطيب ,ومنهم من قال إنه بالنار خرج عن كونه طيبا ولحق بالطعام).(٢ وفي هذا نظر; لأن الحكم يدور مع علته ,فإن كانت العلة موجودة وجد معها الحكم ,والعلة هنا الطيب فيلزم دورانها مع الحكم. إنَخ ْل َط الطيب بغيره يأتيوذهب بعض الفقهاء إلى التفصيل فقالوا : َّ على وجوه: أولها :أن يخلط بطعام مطبوخ وهنا لا حكم للطيب سواء كان غالبا أو والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٤٠وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص ,٤٤٢وابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص ,٤٧والبهوتي ,شرح منتهى الإرادات ,ج ,١ص.٥٤١ ) (١البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٦٣والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٦٤والشماخي, الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٧٠والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٤٦ومناسك الحج, ج ,١ص ,١٦٦والثميني ,التاج المنظوم ,ج ,٣ص ,٣٠٧والقطب شرح كتاب النيل, ج ,٤ص ,٨٣وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٣٤والكاساني ,بدائع الصنائع, ج ,٢ص ,١٩١وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص ,٥٤٦والكاندهلوي ,أوجز المسالك ,ج ,٦ص.٤٣٧ ) (٢القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٣١٢ الطيب وجب الدم وإن لم يظهر رائحته ,وإلا فلا شيء عليه غير أنه إذا وجدت معه الرائحة كره. وإن خلط بمشروب فالحكم فيه للطيب سواء غلب غيره أم لا ,غير أنه في غلبة الطيب يجب الدم ,وفي غلبة الغير تجب الصدقة إلا أن يشرب مرارا فيجب الدم. سو￯ بين المأكول والمشروب المخلوط كل منهما بطيبومن هؤلاء منّ مغلوب إما بعدم وجوب شيء أصلا أو بوجوب الصدقة فيهما وتمامه فيه).(١ وقيد بعض هؤلاء الغلبة التي ينبني عليها حكم المنع فقالوا إنه إن وجد ّ من المخالط رائحة الطيب كما في الخلط فهو غالب وإلا فمغلوب ,ومنهم من قيد الغلبة بالأجزاء لا الرائحة).(٢ واختلف فيما إذا كان استعمال الطيب على غير الوجه المعهود من ) (١ابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٥٤٧ ) (٢ابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٥٤٧ مانع من حصول الحظر وهي الرائحة. ومن أنواع الطيب ما يكون استعماله في الوجه المعهود عن طريق التبخير والتجمير كحطب العود ونحوه الذي يعبق شذاه الطيب بإحراقه لذا يمنع المحرم من ذلك إذ هو في عداد المتطيبين بطيب يقصد لطيبه).(٢ ومن الفقهاء من لم ير بأكل العود بأسا للمحرم; لأنه لا يكون مستعملا إياه على الوجه المعهود بل لا يكاد يظهر لذلك رائحة للطيب ,وهذاِّبين عند مراعاة علة المنع إذ العلة مرتفعة هنا. وذهب بعضهم إلى أن التطيب بالتبخير لا مانع منه) ,(٣وهذا أمر مشكل; ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٦٩والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص,١١١ والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٣٩والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٣١٢وابن عابدين, رد المحتار ,ج ,٢ص ,٥٤٦وابن قدامة ,الكافي ,ج,١ص.٤٠٧ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٣٩والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ١٩١وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤٠٧ ) (٣الشاشي ,حلية العلماء ,ج ,١ص ,٤١٧والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٦٨والنووي, المجموع ,ج ,٧ص.٢٤٦ كما يفيد حديث الذي وقصته الناقة أن على المحرم أن لا يقرب طيبا ,فإن علم أنه بمروره على محل العطار أو نحوه يعبق به الريح فعليه أن لا يمر).(١ ومما يتعلق بهذا تقبيل الحجر الأسود أو استلامه واستلام الركن اليماني إن كان بهما شيء من الطيب فإنه إن كان المستلم محرما منع من ذلك) ;(٢إذ الاستلام أمر مسنون −كما سيأتي −في حين أن عدم قربان الطيب أمر واجب فيلزمه الحفاظ على الواجب ,وفي حال إحلاله يستلم الركنين إن شاء إذ لا مانع من الطيب حينها. وقال بعض الفقهاء بجواز لمسهما لعموم البلو￯).(٣ وفي هذا القول نظر ,وذلك أنا لا نسلم كون ذلك من باب عموم البلو￯ ) (١السيابي ,سلك الدرر ,ج ,١ص ,٣١٣وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص,٣٤ والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١١٢وابن قدامة ,المغني ,٣ ,ص ,١٥٢والبهوتي, شرح منتهى الإرادات ,ج ,١ص ,٥٤١والرحيباني ,مطالب أولي النهى ,ج ,٢ص.٣٣١ ) (٢الثميني ,التاج المنظوم ,ج ,٣ص ,٣٠٧والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص,٨٢ والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٩١ ) (٣القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٣١١ وتركه كما سيأتي ,والنهي عن الطيب نهي عن محرم لا ينتهك إلا في اضطرار بشرط فدية. ثانيها أنه من الممكن أن يطوف في حال الإحلال ويأتي بالأمور السابقة. خامسا :الطيب الحديث تفنن الناس في هذا الزمان في استحداث أنواع من الطيب لم تكن معلومة عند الأقدمين ,بل إن بعضها مما نص الأولون على عدم عدها طيبا وتحولت في زماننا إلى أمور لا تقصد إلا لطيبها ولا تباع إلا على أنها طيب كحال طيب كثير من الفواكه كالتفاح والشمام والمشمش وبإعمال ضابطنا في الطيب يتبين أن حكم هذه الأمور هو المنع على المحرم لتحقق علة المنع فيها وهي استعمال الطيب قصدا. ثم إن كثيرا من المنظفات والأدوات التي يستخدمها الناس في زماننا تكون معطرة بأنواع من الطيب الذي يقصد لطيبه كالمسك والورد والبنفسج فيكون حكمها المنع. أما إن كانت بها روائح طيبة ولكن تلك الروائح لا تقصد عرفا ولا ومنها ما يصحبها رائحة صناعية كيماوية ولكنها في استقلالها لا تقصد للتطيب فلا مانع من استعمالها للمحرم. سادسا :منتهى المنع من الطيب للفقهاء خلاف في منتهى وقت المنع من الطيب لمن أحرم بالحج ,فذهب جمع من الفقهاء إلى أنه يحل التطيب بالتحلل الأصغر أي بعد الحلق وقبل طواف الزيارة).(١ قال العلامة أبو المؤثر ~: من رمى جمرة العقبة يوم النحر ثم ذبح ثم حلق فقد حل له الحلال كله لباس القميص والعمامة والخفين والطيب إلا النساء والصيد فإنهما لا يحلان للحاج حتى يطوف بالبيت طواف الزيارة ويركع ويسعى بين الصفا والمروة ثم قد حل له الحلال كله إلا الصيد صيد الحرم وشجره).(٢ ) (١الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص ,٣٠١والجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص,٣١٩ والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٩١والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.٢٢ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.٢٣١ شيء إلا النساء والصيد ,والتحلل الأكبر هو طواف الزيارة; لأنه يحل له كل شيء إلا صيد الحرم فحرام على المحلين والمحرمين).(١ ودليل هؤلاء حديث عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع أباه يقول: سمعت عائشة > تقول :طيبت رسول االله بيدي هاتين حين أحرم, ولحله حين أحل قبل أن يطوف وبسطت يديها).(٢ وقال الترمذي بعد إخراج الحديث: حديث عائشة حديث حسن صحيح ,والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي وغيرهم يرون أن المحرم إذا رمى جمرة العقبة يوم النحر وذبح وحلق أو قصر فقد حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء).(٣ ) (١الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص.٤٣٤ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :الطيب عند رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة ) ,(١٦٦٧ومسلم في كتاب :الحج ,باب :الطيب للمحرم ).(١١٨٩ ) (٣الترمذي ,السنن ,كتاب :الحج ,باب :ما جاء في الطيب عند الإحلال قبل الزيارة ).(٩١٧ والطيب? قال :أما أنا فقد رأيت رسول االله يتضمخ بالمسك أفطيب هو?).(١ والحديث رجاله ثقات غير أنه أعل بعدم سماع الحسن العرني من ابن عباس شيئا كما قال أحمد والبخاري وابن معين) ,(٢ومع ذلك يشهد له من حيث فعل النبي حديث عائشة المتقدم وهو حديث صحيح. ووجه الدلالة من الحديثين ظاهر وهو أن النبي تطيب قبل طواف الزيارة مما يؤذن برفع الحظر عنه. كما استدل آخرون على إباحة التطيب بعد التحلل الأول بكون الطيب أخف حالا من اللباس لجواز استدامة الطيب بعد الإحرام ولحرمة استدامة ) (١أخرجه النسائي في كتاب :مناسك الحج ,باب :ما يحل للمحرم بعد رمي الجمار ) ,(٣٠٨٤وابن ماجه في كتاب :المناسك ,باب :ما يحل للرجل إذا رمى جمرة العقبة ).(٣٠٤١ ) (٢أحمد بن حنبل ,العلل ,ج ,١ص ,١٤٣والبخاري ,التاريخ الأوسط ,ج ,١ص,٢٩٦ وابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٣ص ,٤٥وابن أبي حاتم ,المراسيل ,ص,٤٦ والزيلعي ,نصب الراية ,ج ,٣ص.٧٥ ثم إن استعمال الطيب لا يفسد الإحرام بحال بخلاف النساء فكان قياس سائر المحظورات).(٢ وذهب بعض أهل العلم إلى أن الطيب لا يرتفع عنه حكم الحظر إلا بعد طواف الإفاضة ,وقد حكى هذا الرأي الإمام أبو سعيد الكدمي عن بعض علمائنا ,والعبارة الموجودة في بيان الشرع فيها خطأ طباعي إذ النص في بيان الشرع: معي أنه يخرج في قول أصحابنا أن المحرم إذا رمى جمرة العقبة وذبح وحلق أو قصر حل له الحلال كله إلا النساء والصيد والطيب ,وقال من قال إلا النساء والصيد والطيب).(٣ وصواب العبارة كما في المصنف :إن المحرم إذا رمى الجمرة وذبح وحلق أو قصر حل له الحلال كله إلا النساء والصيد ,وقال من قال إلا النساء ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٩١ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.٢٢ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢٤٦والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.٢٢٦ يفيض فإن فعل فلا شيء عليه).(٢ والإمام مالك لم يلزم المتطيب قبل الإفاضة شيئا في حين أنه ألزم قاتل الصيد قبل الزيارة جزاءه ,وقد علل بعض المالكية نفي الفدية عن المتطيب بالحال السابق أن الإمام مالكا راعى فيه الخلاف).(٣ ولكن يشكل على هذا الرأي أن الخلاف متحقق في الصيد أيضا إذ إن جمعا من الفقهاء يقولون إن الحظر يرتفع عن الصيد بالتحلل الأول, فالمفترض على السابق أن لا يلزم بالجزاء أيضا ,اللهم إلا أن يقال إن الخلاف في الطيب كان بسبب شبهة قوية وهي حديث السيدة عائشة > في تطييب النبي في حين أن محظور الصيد خلو من السابق. ومن الباب السابق ما رواه ابن أبي شيبة من حديث محمد بن فضيل عن أشعث عن نافع عن ابن عمر وعمر أنهما قالا :إذا نحر الرجل وحلق حل له ) (١الكندي ,المصنف ,ج ,٨ص.١٦٧ ) (٢العبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص.١٢٣ ) (٣ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص.٣٣ الزهري عن سالم عن ابن عمر عن عمر قال :إذا رمى الرجل الجمرة بسبع حصيات وذبح وحلق فقد حل له كل شيء إلا النساء والطيب).(٢ كما رو￯ ابن أبي شيبة أيضا القول السابق من طريق ابن أبي عدي عن أشعث عن الحسن قال :إذا رمى جمرة العقبة حل له كل شيء إلا الطيب والنساء والصيد).(٣ ومما قد يستدل به للمنع من الطيب بعد التحلل الأول حديث إبراهيم بن عبد االله أنبأ يزيد بن هارون أنبأ يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عبد االله بن الزبير قال: من سنة الحج أن يصلي الإمام الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والصبح بمنى ثم يغدو إلى عرفة ....ثم يقف بجمع حتى يسفر ويدفع قبل ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٢٣٩ ) (٢ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.٣٠٣ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٢٣٩ والحديث أخرجه الحاكم وقال :هذا حديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه) ,(١وأخرجه ابن خزيمة من حديث يوسف بن موسى ثنا جرير عن يحيى عن القاسم بن محمد عن عبد االله بن الزبير ).(٢ وأعل ابن خزيمة الرواية السابقة بأنها جاءت من طريق محمد بن الوليد ثنا يزيد بن هارون أخبرنا يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال :سمعت ابن الزبير ,ثم ذكر الحديث والمستثنى فيه النساء فقط ورجحه على الأولى لدلالة حديث عائشة الذي فيه أنها طيبت النبي قبل طواف الزيارة).(٣ وقد حكم بشذوذ زيادة الطيب السابقة بعض أهل العلم) ,(٤ومما يؤكد السابق أنه رو￯ ابن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة عن ابن المنكدر أنه سمع ) (١الحاكم ,المستدرك ,ج ,١ص.٦٣٢ ) (٢ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.٢٤٧ ) (٣ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.٢٤٧ ) (٤ابن حجر ,الدراية ,ج ,٢ص ,٢٧والمباركفوري ,تحفة الأحوذي ,ج ,٣ص.٥٦٩ كما اختار الرأي المانع من الطيب قبل طواف الزيارة بعض أهل العلم مستدلين بأن الطيب من دواعي الجماع كالمباشرة) ,(٢واعتذر عن حديث تطيب النبي قبل طواف الإفاضة بادعاء خصوصية النبي بذلك. ويعترض عليه بأن الأصل التشريع وعدم التخصيص ,والقول بالتخصيص يحتاج إلى دليل وليس ثم دليل على ذلك. فإن قالوا :الطيب من مقدمات الجماع والدواعي إليه والنبي يملك إربه بخلاف غيره كما قالت عائشة في حقه في القبلة للصائم وأيكم يملك إربه كما كان رسول االله يملك إربه).(٣ فيرد عليهم على الإلزام السابق بكون الأصل في التطيب الإباحة إلا من خشي على نفسه وليس للمنع منه مدخل في الإحرام إذ جوازه لمن ملك إربه يستلزم كونه ليس من المحظورات. ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٢٣٨ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص ,٢٦١والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٩١ ) (٣العراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص.٦٩ لقيل بجوازه في حقه وذلك ما لم يقل به أحد. ومن السابق كله يظهر لك أن قول من أباح التطيب بعد التحلل الأول وقبل طواف الزيارة هو الأظهر والأقرب للدليل. سابعا :جزاء من استعمل الطيب تبين من السابق أن استعمال الطيب من محظورات الإحرام لا يجوز للمحرم أن يأتيه ,وإن أتاه من غير عذر شرعي فيجب عليه ما يأتي: أولا :التوبة إلى االله والاستغفار; إذ إن ما أتاه معصية. ثانيا :إزالة الممنوع للرجوع إلى الحال المطلوب شرعا فيلزمه أن يزيل الطيب من بدنه قدر جهده ,فإن تمكن أن يزيل الرائحة بغسل أو تتريب أو غيره مع بقاء الثوب عليه أجزاه ذلك ,وإن لم تزل ولم يكن سبيل إلا التخلص من الثوب لزمه إبداله بثوب غير مطيب ما دام مستطيعا. ثالثا :الفدية التي ذكرها االله تعالى في كتابه إذ قال$3ÒƒÍ£∆ Νä3ΖÏΒ tβ%x. ⎯uΚsù﴿ : والجامع بين استعمال الطيب والحلق أن كلا من استعمال الطيب وحلق الشعر محظور على المحرم فيترتب على انتهاكه وجوب الكفارة).(٢ أما إن كان انتهاكه المحظور واستعماله الطيب بسبب اضطرار إليه كعلاج ونحوه فهنا يلزم بالفدية المذكورة قبل ,ومع زوال سبب الاضطرار يرجع الأمر إلى أصل الحكم وهو المنع إذ الضرورة تقدر بقدرها ,ومتى ارتفعت علة الترخيص وهي الاضطرار ارتفع معها الترخيص. أما إن كان الانتهاك جهلا لحرمة ذلك أو جهلا لكونه طيبا أو عن غير تعمد كنسيان أو من ألقي عليه الطيب دون اختياره فتلزم التوبة والاستغفار والإسراع إلى إزالة الممنوع).(٣ ) (١سورة :البقرة ,جزء من الآية ).(١٩٦ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٦٣وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٤٧والقرافي, الذخيرة ,ج ,٣ص.٣١١ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٦٥وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص.٣٣ مما جاءت الأدلة الشرعية ناهية عنه المحرم حلق شعر الرأس فقد قال االله تعالى÷ρr& $3ÒƒÍ£∆ Νä3ΖÏΒ tβ%x. ⎯uΚsù 4 ...ã&©#ÏtxΧ ß“ô‰oλù;$# xè=ö7tƒ 4©®Lym óΟä3yTMρâTMâ‘ (#θà)Î=øtrB ωuρ﴿ : .(١) ﴾4 77Ý¡èΣ ÷ρr& >πs%y‰1 | ÷ρr& BΘ$uŠÏ1 ⎯ÏiΒ ×πtƒô‰Ïsù ⎯ÏμÅTMù&§‘ ⎯ÏiΒ “]Œr& ÿ⎯ÏμÎ/ كما جاء في السنة ما يفيد ظاهره منع المحرم من أخذ شعره وهو حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال :خرج كعب بن عجرة يريد الحج مع رسول االله فآذاه القمل في رأسه فأمره رسول االله أن يحلق رأسه وقال له: صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين مدين لكل مسكين ,أو انسك بشاة ,أي ذلك فعلت أجزاك).(٢ ووجه الاستدلال من الرواية ظاهر إذ الأذ￯ كان من القمل وقتل القمل مما لا حرج فيه كما سيأتي في بحث محظور قتل الصيد ولكن لا يتوصل إلى التخلص من أذ￯ القمل إلا بحلق الشعر فالشعر مسكنه ومأواه لذا أبيح ) (١سورة :البقرة ,جزء من الآية ).(١٩٦ ) (٢أخرجه الإمام الربيع في كتاب :الحج ,باب :في الهدي والجزاء والفدية ).(٤٣٥ وقال بعض الفقهاء إن الفدية كانت لقتل القمل وليست هي لحلق َ القمل إذالشعر ,وفي هذا نظر إذ إنه سيأتي مقررا أنه لا حرج في قتل المحرم ليس ثمة دليل يفيد منع ذلك. وليس القمل من الصيد في شيء ,ثم إن صدر الآية الكريمة سيق في جواب للنهي عن حلق الشعر ولم يكن ثمة ذكر للقمل بل علل الأمر بالأذ￯ الذي بالرأس. ثانيا :الشعر الذي يمنع حلقه الشعر المذكور في الأدلة الشرعية هو شعر الرأس كما في قوله تعالى ﴿ωuρ ⎯ÏiΒ “]Œr& ÿ⎯ÏμÎ/ ÷ρr& $3ÒƒÍ£∆ Νä3ΖÏΒ tβ%x. ⎯uΚsù 4 ...ã&©#ÏtxΧ ß“ô‰oλù;$# xè=ö7tƒ 4©®Lym óΟä3yTMρâTMâ‘ (#θà)Î=øtrB ‘§& ,(١) ﴾4 77Ý¡èΣ ÷ρr& >πs%y‰|1 ÷ρr& BΘ$uŠÏ1 ⎯ÏiΒ ×πtƒô‰Ïsù ⎯ÏμÅTMùوالتحلل من الإحرام لا يكون إلا بشعر الرأس ,لذلك كان النهي عن حلق شعر الرأس هو منطوق الدليل, ومحل إجماع الفقهاء. ) (١سورة :البقرة ,جزء من الآية ).(١٩٦ يحرم المساس بشعر الرأس. قالوا :وقد ذكر في الأدلة السابقة أن المنع كان لشعر الرأس ,وقد كان هذا الذكر لأن أغلب الحاجات يكون في شعر الرأس ولكن غيره من باقي شعر الجسد داخل في الحكم لكونه شعرا أيضا) ,(١ولأنه يتنظف ويترفه به فأشبه حلق الرأس) ,(٢وقص الشعر وقطعه ونتفه كحلقه).(٣ ونسب هذا الرأي إلى الأكثر من أهل العلم ولكن اختلفوا أفدية الجميع واحدة أو يفصل? قال الجمهور منهم إن الفدية واحدة وهي المذكورة في الآية الكريمة; إذ الوصف الجامع بينهما كونهما شعرا. وقال غيرهم إن جزاء شعر الرأس الفدية المذكورة في الآية ,أما شعر ) (١الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٤ص ,١٥والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,٨٨وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٤٩والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٢٢وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٢ص ,٣٤٩والبهوتي ,الروض المربع ,ج ,١ص.٤٧٤ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٥٩والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٢٣والدمياطي, إعانة الطالبين ,ج ,٢ص.٣١٩ ) (٣ابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤٠٣ ثم إنه لم يأت دليل بالدم في هذا الموضع رأسا. وقال بعض الفقهاء من حلق عضوا مقصودا بالحلق من بدنه قبل أوان التحلل فعليه دم ,وإن حلق ما ليس بمقصود فعليه الصدقة وهي نصف صاع من البر ,ومما ليس بمقصود حلق شعر الصدر أو الساق ومما هو مقصود حلق الرأس أو الإبطين. وقال هؤلاء إن حلق الرقبة كلها فعليه دم; لأنه حلق مقصود للراحة العلوية يفعلون ذلك ,واختلفوا في الشارب أيلزم فيه دم أووالزينة فإنََ صدقة لاختلافهم أذلك مقصود بالحلق أو لا).(٢ كما اختلف هؤلاء :هل الرأس والجسد شيء واحد أو هما شيئان)?(٣ ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص ,٢٤٠والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١١٦وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٥٩ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.٧٣ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٣٢٤وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٥٩وابن النجيم, البحر الرائق ,ج ,٣ص ,١٠وابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص.٢٦٠ وعلى الأول تلزم المضطر لحلقهما فدية واحدة ,وإذا ما اجتمع العدد من الاثنين لزمت الفدية ,وعلى الثاني لا تلزم الفدية إلا باجتماع الحد المطلوب من كل واحد منهما حتى تلزم الفدية بحياله. والإلحاق السابق كان بدليل القياس إذ منطوق الأدلة المذكورة شعر الرأس ,ويحتج بالقياس إن اجتمعت فيه شروط القياس الصحيح وخلا من القوادح ولا أراه يسلم بل بين شعر الرأس وباقي المذكورات بون شاسع فيقدح القياس بكونه قياسا مع الفارق. وكثير من الفقهاء ينصون أنه لا يكون التحلل إلا بالأخذ من شعر الرأس دون غيره من شعر الجسد ,وإن كان المنع من الأخذ من الشعر حال الإحرام شاملا لكل شعر الجسد ,والعلة أن التحلل بالحلق أو التقصير ما ورد إلا في شعر الرأس).(٢ ويرد ذلك أن الحظر أيضا من حلق الشعر ما كان واردا إلا في شعر ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٣٢٤وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٥٩ ) (٢الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٢٥ هذا ,والمفترض أنه ليس بمحظور ما دام لا يجزي حلقه للتحلل. وللسابق ذهب آخرون من أهل العلم إلى أن الممنوع حلق شعر الرأس فقط ,وهو الذي يوجب على الحالق الفدية كما هو نص الكتاب العزيز والمستفاد من حديث كعب بن عجرة. أما شعر باقي الجسد فلم تتعرض له النصوص بذكر فيبقى على أصل الإباحة) ,(١ومما يفيد ذلك –كما ذكرنا −اتفاقهم على أنه لا يتحلل المتحلل بحلق غير شعر الرأس. والشعر الذي يتوجه الخطاب إليه هو الشعر الحي ,أما الميت منه الآيل للسقوط فلا تتوجه إليه الأدلة الشرعية) (٢لكونه ميتا فهو في حكم المنفصل; إذ لا رابط بينه والجسد. وقد أجمعت الأمة على منع المحرم ذكرا كان أو أنثى من أخذ شعره ) (١ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص.٢٤٦ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٥٥والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,٩١وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٦١ غير ذلك من سبل إزالته على اختلافها ولو بشرب دواء مزيل للشعر على ما قاله بعض الفقهاء).(٢ ووافق ابن حزم الجمهور في منع المحرم من إزالة الشعر بالنورة ولكنه أباح إزالته بالنتف فقال: فإن نتفه فلا شيء في ذلك; لأنه لم يحلقه والنتف غير الحلق" ,وما كان ) (١الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٤٦ومالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص ,٣٩٥وابن المنذر ,الإجماع ,ص ,٦٤وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٣١٥والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١١٤والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٢٢وابن النجيم ,البحر الرائق, ج ,٢ص ,٣٤٩وابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص.٢٥٨ ) (٢السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,٢٤٨والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج,٤ ص ,٨٨والسيابي ,سلك الدرر ,ج ,١ص ,٣١٣والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص,٣٢٥ وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٥٨وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٢ص,٣٤٩ والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٩٢والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص,٣٠٨ والدمياطي ,إعانة الطالبين ,ج ,٢ص ,٣١٩والبهوتي ,الروض المربع ,ج ,١ص.٤٧٤ وبالنتف إذ المحصلة واحدة ,لذا فقول الجمهور أولى بالأخذ ,إذ دخول حكم النتف في الحكم بالمنع منه إنما كان بدلالة النص المساوية وهي حجة وإن كان ابن حزم لا يراها إذ هي قياس على الأوجه) ,(٢وليست ثمة مناسبة لقصر الحكم على الحلق سو￯ تصريح النص لكون الغالب في أخذ شعر الرأس إنما هو الحلق فأطلق له الحكم. ثالثا :فدية حلق شعر الرأس لا يخلو المحرم الحالق شعر رأسه من أن يكون مضطرا لحلق الشعر كما هو الحال في حديث كعب بن عجرة أو غير مضطر. فإن كان مضطرا لذلك طبق عليه ما جاء في حديث كعب بن عجرة. ) (١ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص.٢١٤ ) (٢هي دلالة اللفظ على الحكم في شيء يوجد فيه معنى يفهم كل من يعرف اللغة أن الحكم في المنطوق لأجل ذلك المعنى ,وتعرف بفحو￯ الخطاب ومفهوم الموافقة. السالمي ,طلعة الشمس ,ج ,١ص ,٢٥٨والبخاري ,التوضيح في حل غوامض التنقيح, ج ,١ص.٢٤٥ أتلزمه الفدية أو الدم أو لا شيء عليه ,والجمهور على وجوب الفدية. ومن كان غير متعمد حلق شعره للانتهاك بل حلقه ناسيا ,أو ظانا تمام النسك وعلم بعدها أنه لم يتم وعاد إلى إحرامه ,أو حلقه جاهلا فهذا لا شيء عليه على الأظهر ,وقيل عليه الفدية أيضا. وأغرب ابن حزم فقال إن حلق رأسه لغير ضرورة أو حلق بعض رأسه دون بعض عامدا عالما أن ذلك لا يجوز بطل حجه; لأن ذلك معصية والمعصية فسوق والفسوق مبطل للحج).(١ ) (١ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص.٢١١ بجامع أن الكل إلقاء تفث ,ولأن قطع الأظفار إزالة جزء يترفه به فحرم كإزالة الشعر ,واالله تعالى يقولöΝèδu‘ρä‹çΡ (#θèùθã‹ø9uρ öΝßγsWxs? (#θàÒø)u‹ø9 ¢ΟèO ﴿ : .(٢) ﴾ È,ŠÏFyèø9$# ÏMøŠt7ø9$$Î/ (#θèù§θ©Üu‹ø9uρ لذا فيمنع المحرم من قص أظفاره ,قال الإمام أبو سعيد الكدمي: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا نحو ما حكي أنه ممنوع قص أظفاره وتقليمها في الإحرام ,وأنه مباح له أن يزيل عن نفسه ما انكسر وآذاه وخرج عن معنى الثبوت ولا فداء عليه فيه).(٣ ) (١الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٧١والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص,٩١ والسيابي ,سلك الدرر ,ج ,١ص ,٣١٤وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٦١والنووي, المجموع ,ج ,٧ص ,٢٢٢والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٩٤والحطاب, مواهب الجليل ,ج ,٣ص ,١٦٢والعبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص,١٥٦ والدمياطي ,إعانة الطالبين ,ج ,٢ص ,٣٢٠والبهوتي ,الروض المربع ,ج ,١ص.٤٧٤ ) (٢سورة :الحج ,الآية ).(٢٩ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.٢٥٧ ودليلهم عدم ورود نص على المنع من تقليم الأظفار ,وما لم يرد دليل فالأمر باق على أصل الإباحة الشرعية بل الندب الأصلي. خامسا :جزاء من حلق شعره أو قص أظفاره مضى الخلاف في حكم منتهك محظور الإحرام على سبيل العمد أو الخطأ وما عليه ,وتقدم أن النبي أذن لكعب بن عجرة في حلق شعر رأسه جميعه بشرط الفدية المذكورة سلفا. ولكن قد يكون القص لشعرة أو شعرتين والحكم هنا أنه قال كثير من أهل العلم إن من قص شعرة أو حلق ظفرا فعليه إطعام مسكين ,ومن قص شعرتين أو قص ظفرين فعليه إطعام مسكينين ,ومن وصل حد الثلاث فصاعدا فيعطى حكم الكل وهو الفدية الكاملة) ,(٣لأن الثلاث جمع فينطلق ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٥٦وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٥٠ ) (٢ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص ,٢٤٦والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٥ص.٤٧ ) (٣الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص ,٣٠٨والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص,٢٤٩ والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٧٢والجناوني ,الوضع ,ص ,٢١٠والقطب ,شرح ما أماط عنه الأذ￯ فليفتد وما عدا ذلك ففيه حفنة من طعام).(٢ ومن الفقهاء من قيد الواحدة بمد من طعام ,والاثنتين بمدين; لأن االله تعالى عدل في جزاء الصيد من الحيوان إلى الطعام فيجب أن يكون هنا مثله, وأقل ما يجب من الطعام مد فوجب ذلك. ومنهم بقبضة من طعام ,ومنهم بإطعام مسكين ,ومنهم بدرهم; لأن إخراج ثلث دم يشق فعدل إلى قميته وكانت قيمة الشاة ثلاثة دراهم فوجب ثلثه ,ومنهم من قيد الشعرة بثلث دم والشعرتين بثلثي دم; لأن في الثلاث دما).(٣ وذهب بعض الفقهاء إلى أن فدية حلق الرأس تلزم بحلق الكثير وما كتاب النيل ,ج ,٤ص ,٩٠والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٣٢٤والبهوتي ,الروض المربع ,ج ,١ص.٤٧٤ ) (١ابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص.٢٥٨ ) (٢القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٣٠٩والعبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص,١٥٦ والحطاب ,مواهب الجليل ,ج ,٣ص ,١٦٣وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٥٩ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٣٢٤وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٦١ وقال القائلون بتحديد الكثير بالربع :لو كان أصلع على ناصيته أقل من ربع الرأس فإنما فيه صدقة ,وكذا لو حلق كل رأسه وما عليه أقل من ربع شعره ,وقالوا إن في إزالته لشعر الرأس أو اللحية إذا كان أقل من الربع نصف صاع ولو كان شعرة واحدة فإنهم قالوا :كل صدقة في الإحرام غير مقدرة فهي نصف صاع من بر).(٤ والحال في الأظفار كالحال في الشعر من حيث الخلاف في العدد والمخرج. وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا يجب الدم إلا بتقليم أظفار يد كاملة; لأنه لم يستكمل منفعة اليد فأشبه الظفر والظفرين. ومن قلم أقل من يد كاملة فعليه صدقة نصف صاع من البر عن كل ) (١العيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٣٣٣والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.٧٣ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.٧٣ ) (٣الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٩٢ ) (٤ابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص.٩ ومنهم من اعتبر مع عدد الخمسة صفة الاجتماع وهو أن يكون من محل واحد).(١ وتعقب النووي القول القائل بأن مقدار الشاة في زمن النبي ثلاثة دراهم فقال: وأما احتجاج المصنف) (٢وغيره لهذا القول بأن الشاة كانت تساوي ثلاثة دراهم فإنما هو مجرد دعو￯ لا أصل لها; فإن أرادوا أنها كانت في زمن النبي تساوي ثلاثة دراهم فهو مردود; لأن النبي عادل بينها وبين عشرة دراهم في الزكاة فجعل الجبران شاتين أو عشرين درهما. وإن أراد أنها كانت تساوي ثلاثة دراهم في زمن آخر لم يكن فيه حجة ولا يلزم اعتماد هذا في جميع الأزمان. وأنكر صاحب التتمة على الأصحاب قولهم إن الشاة كانت تساوي ثلاثة دراهم في زمن رسول االله وقال هذا باطل لأوجه :أحدها أن الموضع ) (١الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٩٤وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٦١ ) (٢يقصد الشيخ أبا إسحاق الشيرازي. والثاني أن الاعتبار في القيمة بالوقت لا بما كان في عهد رسول االله كما في جزاء الصيد فإنه يقوم ما لا مثل له من النعم بقيمة الوقت فكان ينبغي أن يجب ثلث قيمة شاة. الثالث أن الشرع خير بين الشاة والطعام ,والطعام يحتمل التبعيض كما ذكرنا ,قال صاحب التتمة :وأما توجيه القول بأن في الشعرة مدا بأن الشرع عدل الحيوان بالطعام في جزاء الصيد وغيره. وأقل ما يجب في الشرع للفقير في الكفارات مد والشعرة الواحدة هي النهاية في القلة فأوجبنا في مقابلتها أقل ما يوجب في الشرع فهذا التوجيه فيه ضعف; لأنه إذا لم يكن بد من الرجوع إلى الطعام فقد قابل الشرع الشاة في فدية الحلق بثلاثة آصع ,والآصع مما يحتمل التقسيط فكان ينبغي أن يجب في مقابلة الشعرة صاع).(١ ولم أجد دليلا مرفوعا إلى النبي ولا موقوفا على صحابته يدل على هذا التفصيل ,إلا ما جاء عن أبي سعيد ابن أبي عمرو ثنا أبو العباس الأصم ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٣٢٦ وروينا عن الحسن البصري وعطاء أنهما قالا في ثلاث شعرات دم الناسي والمتعمد فيها سواء).(١ ولعله لعدم حجية الدليل السابق وعدم وجود إجماع يكون حجة في الباب قال من قال من الفقهاء إن جزاء انتهاك هذا المحظور يتعلق بالشعرة الواحدة وما زاد; إذ قلع الواحدة أمر محظور باتفاق).(٢ ودليل هذا أن قلع الشعر أمر محظور بلسان الشرع لذا يكون قليله وكثيره سواء إذ يصدق النص على الواحدة وأكثر فينطبق النص الشرعي على الشعرة والمئة ,ثم إن التحديدات السابقة لا بد فيها من نص توقيفي وما قال به من قال ما كان بغير الرأي) ,(٣وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا يتعلق ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٦٢ ) (٢الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٩٢والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٣٢٥ ) (٣ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص.١٦٠ الشعرة كقصها كلها إذ الفدية تجب في الشعرة والظفر سواء طال أو قصر, وليس بمقدر بمساحة فيتقدر الضمان عليه بل هو كالموضحة يجب في الصغيرة منها مثلما يجب في الكبيرة).(٣ ولأن التقصير كالحلق من أصله في حصول التحلل فكذا في الفدية),(٤ وقال بعض يجب بحساب المتلف كالأصبع في أنملتها ثلث ديتها. وقال بعض الفقهاء إذا قلع جلدة عليها شعر أو أصبعا أو رجلا أو يدا عليها شعر أو أظفار فلا فدية عليه; لأنه أزال تابعا لغيره ,والتابع لا يضمن ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٥٠وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص,١٦٠ والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١١٥والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٣٢٧ ) (٢القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,٩٠والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٣٢٥وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٦١والدمياطي ,إعانة الطالبين ,ج ,٢ص.٣٢٠ ) (٣ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٦١ ) (٤النووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٣٢٦ رأسه على وجه الانتهاك دون مسوغ شرعي للحلق موجب ِ المحرمَحلق للفدية ولا إشكال في ذلك ,ولكن اختلاف الحالق والمحلوق له صور: أولها حلق المحرم للمحل أو من هو في حكم المحل كمن أراد الإحلال, وثانيها حلق المحرم للمحرم ,وثالثها حلق المحل للمحرم. أما أولها وهي حلق المحرم للمحل أو من في حكمه فغير ممنوع منه المحرم).(٢ وذهب بعض الفقهاء إلى أن حلق المحرم للمحل أمر لا يشرع لأنه إتلاف شعر آدمي فأشبه شعر المحرم ,واختلف هؤلاء فيما يجب على من فعل ذلك فقيل تلزمه صدقة ,وقيل يتصدق بدرهم).(٣ وفي هذا الرأي نظر لا يخفى إذ إنه شعر مباح الإتلاف فلم يجب بإتلافه ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١١٧وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٦١والنووي, المجموع ,ج ,٧ص ,٢٢٣والدمياطي ,إعانة الطالبين ,ج ,٢ص.٣٢٠ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٢٢ ) (٣ابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص.٩ أما إن كان الحلق لحلال أو لمحرم حان وقت إحلاله أو لمضطر إلى الحلق بمسوغ شرعي فليس الحالق حينها آتيا أمرا محرما بل فعله مباح يؤجر عليه بالنية الصالحة ويصبح قربة من القرب ,إذ ليست العلة للنهي مطلق الحلق بل بقيد الانتهاك للممنوع الشرعي. ثم إن الظاهر أن الذين كانوا مع النبي كلهم محرمون ومع ذلك فتم الإحلال بالحلق مما يعني –على الظاهر −أن هناك من المحرمين من حلق لغيره. قال العلامة ابن جعفر :ولا بأس أن يقصر المحرم للمحرم إذا حل لهما جميعا أن يقصرا).(٢ ونقل عن ابن دينار أنه رأ￯ رجلا محرما قصر لأبي الشعثاء يحلله).(٣ ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٦٠والكافي ,ج ,١ص ,٤٠٣وابن مفلح ,المبدع ,ج,٣ ص.١٣٨ ) (٢ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٤٧والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.٢١٦ ) (٣ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص.٣٤٨ أصحابنا حراما يقصر عن جابر بن زيد يحلله).(١ وقال الشيخ إسماعيل :قال أبو سفيان محبوب ~ :كان أصحابنا لا يرون بأسا أن يحلق الرجل رأس صاحبه بعدما يرمي جمرة العقبة ,وكان أبو المهاجر يضيق على أن يحلق الرجل لصاحبه إذا رمى الجمرة).(٢ ثانيا :حلق المحرم للمحرم ,وهذا الحلق لا يخلو من صورة من صور ثلاث: أولها :حلقه إياه مع كون المحلوق مباحا له الحلق ,فهذا جائز ولا حرج فيه) ,(٣وحكمه كحكم الحلق لمن هو في حكم المحل ,وقد تقدم ذكر الخلاف فيه. ثاني الصور :حلقه مع كون المحلوق ممنوعا من الحلق غير مباح له شرعا ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.١٨٧ ) (٢الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص.٣٠٨ ) (٣شيخنا الخليلي ,الفتاو￯ ,الكتاب الأول ,ص.٣٧٧ وإذا ما حلق فالأمر لا يخلو من أن يكون بأمر الحالق أو بغير أمره ,فإن كان بأمره لزمتهما التوبة جميعا ولزم المحلوق الفدية) ;(٣لأن ذلك بإذنه فأشبه ما لو باشره. ولأنه تعالى أوجب الفدية عليه في حال الاضطرار مع المعلوم أن غيره هو الذي يحلقه ,ولا يحلق الإنسان شعر نفسه في الغالب ).(٤ وإن كان بغير أمره كأن يكون مكرها أو نائما وقت الحلق لزمت التوبة الحالق اتفاقا; لأنه منتهك ,واختلف في الفدية: فقيل هي على الحالق; لأنه هو الحالق وقد أزال ما منع من إزالته لأجل الإحرام فكانت عليه فديته كالمحرم يحلق رأس نفسه).(٥ ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢١٦والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٣١٠ ) (٢سورة :المائدة ,الآية ).(٢ ) (٣ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٦٠والحطاب ,مواهب الجليل ,ج ,٣ص.١٦٢ ) (٤ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٦٠وابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص.١٣٧ ) (٥الحطاب ,مواهب الجليل ,ج ,٣ص.١٦٣ سببه ,والسبب هنا ما نال من الراحة والزينة بإزالة التفث عن بدنه وذلك حصل له فيلزمه الدم).(١ وقيل إن الفدية على الحالق والمحلوق) ,(٢واختلف أصحاب القولين الأخيرين أيرجع المحلوق على الحالق بقيمة الدم أو لا يرجع) ,(٣وهذان الرأيان ضعيفان. وقال بعض الفقهاء إنه إذا حلق الحلال رأس المحرم ولزمت الحلال الفدية فإنه يفتدي بغير الصوم فإن لم يجد فليفتد المحرم ويرجع على الحلال بالأقل إن لم يفتد بالصوم).(٤ وقيل ليس على المحلوق فدية لكونه لم يحلق بإذنه فأشبه ما لو سقط ) (١السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,٢٤٩والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص,٧٣ وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص.١١ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٥٦وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٦١ ) (٣الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٨٨والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٧٣والكاساني, بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٩٣والحطاب ,مواهب الجليل ,ج ,٣ص.١٦٢ ) (٤الحطاب ,مواهب الجليل ,ج ,٣ص.١٦٢ ولا فدية على الحالق لكونه غير مخاطب بها فهو ليس منتهكا لمحظور من محظورات الإحرام بل هو آثم بفعله ذلك فتلزمه التوبة ,وهذا أقو￯ ما قيل به. أما ثالث الصور وهي حلق المحل للمحرم فالأمر لا يخلو من أن يكون ذلك المحرم مأذونا له شرعا في الحلق كالمضطر أو من أراد الإحلال أو غير مأذون له ,فإن كان مأذونا له في الحلق فلا إشكال في جواز الحلق بل الأمر متفق عليه. أما إن كان المحلوق غير مأذون له شرعا فلا يجوز للمحل أن يحلق له; لأن الأمر يكون من باب التعاون على المنكر وقد تقدم ما فيه فيلزم بالتوبة, واختلفوا في الفدية في مثل هذا الحال ,والأظهر أنه لا شيء على الحالق إذ ليس هو من المخاطبين بالفدية. قال الإمام أبو سعيد الكدمي: معي أنه يخرج في قول أصحابنا أن المحل إذا حلق للمحرم بغير أمره ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.٢٥٩ وقد يشبه في معاني قولهم أنه تلزم الفدية; لأنه قد أحل عليه ما تجب به عليه الفدية ,ومعي أن ذلك من طريق الضمان مما يتعلق عليه في المال إذا أتلفه عليه).(١ سابعا :إيذاء الشعر أو الظفر صاحبه المحرم سيأتي القول أن المحرم إن صال عليه الصيد فله قتله دون أن يكون عليه جزاء قاتل الصيد ,والحال في الشعر هنا كذلك فيصح للمحرم أن يزيل ما آذاه منه كالذي يدخل عينيه دون أن يكون عليه شيء).(٢ أما إن كان القص للشعر لأذية غيره ولا يمكن صرف أذية الغير دون حلق الشعر فثمة تجب الفدية كما هو حديث كعب بن عجرة; إذ الأذية كانت من هوام الرأس التي تتناثر عليه ولا سبيل إلى رفع ذلك الضرر إلا بحلق الشعر مع أن الشعر بذاته على ظاهر الحديث غير مؤذ ,ومثله الحكم إذا ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.٢٥٩ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١١٦وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص,١٥٠ والدمياطي ,إعانة الطالبين ,ج ,٢ص.٣٢٠ وجاء السابق في حديث يوسف بن عبد االله بن ماهان ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: المحرم يدخل الحمام وينزع ضرسه ويشم الريحان ,وإذا انكسر ظفره طرحه ويقول :أميطوا عنكم الأذ￯; فإن االله عز وجل لا يصنع بأذاكم شيئا).(٢ قال ابن المنذر :وأجمعوا على أن المحرم ممنوع من أخذ أظفاره ,وأجمعوا على أن له أن يزيل عن نفسه ما كان منكسرا منه).(٣ والأمر السابق تقدر فيه الضرورة بقدرها فلا يصح إزالة فوق ما تدعو إليه الضرورة. أما إن كان قص الظفر لأمر آخر كمن احتاج إلى مداواة قرحة لا يمكنه ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٥٧والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص,١٩٥ وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص ,١٣والحطاب ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص.١٤٣ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٦٢ ) (٣ابن المنذر ,الإجماع ,ص.٦٤ وقال قطب الأئمة ~: وإن بلغ شعر إبطه أو عانته أو شاربه أو ظفره حيث تجب إزالته أزاله وافتد￯ ,والذي عندي أنه لا فداء عليه; لأنه فعل واجبا طاعة. وإنما يلزمه الفداء إن فعل قبل وجوب إزالته فلم يزله حتى كان بعد إحرامه بقدر ما تجب إزالته أزاله ولا فداء عليه عندي; إذ لم يخاطب به قبل بلوغ قدر ذلك. وأما إن بلغ قدر ذلك المقدار قبل إحرامه ولم يزله فأزاله بعد إحرامه فعليه فداء مع لزوم إزالته).(٣ ثامنا :حك المحرم رأسه أو جسده لا مانع من أن يحك المحرم جسده أو رأسه إذ الشعر الحي لا يسقط بالحك المجرد ما لم يكن الحك عنيفا ينقلع معه الشعر من أساسه ,وقد حكي ) (١ابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤٠٣ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٥٠ ) (٣القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.٨٨ عن المحرم أيحك جسده? فقالت :نعم ,فليحككه وليشدد ,ولو ربطت يداي ولم أجد الا رجلي لحككت ).(٢ ) (١الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,١ص ,١٧٤والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٢٤ ) (٢مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٥٨ شاءت الحكمة الإلهية أن يكون الحج تجردا أكمل من المظاهر الدنيوية الأرضية تحقيقا لمبدأ التزكية الذي تحققه هذه العبادة ,لذا جاءت التشريعات الربانية بمنع المحرم من أمور قد تشغل في الجملة عقل المحرم بالحج مما يضعف جانب السير في طريق التزكية المنشودة. وإن من أجل ما يشغل الفكر ويشتت همه عقد النكاح ,قال العلامة الدهلوي: السر منه ]أي منع المحرم من النكاح[ أن النكاح من الارتفاقات المطلوبة أكثر من الصيد ولا يقاس الإنشاء على الإبقاء; لأن الفرح والطرب إنما يكون في الابتداء ولذلك يضرب بالعروس المثل في هذا الباب دون البقاء).(١ لذا سندرس هذا العقد وحكم إنشائه إبان الإحرام وما يتعلق بذلك من مسائل. ) (١الدهلوي ,حجة االله البالغة ,ص.٥٤١ بينهم ضارب بقدمه منذ القرون الفاضلة ,إذ إن من الفقهاء من قال بجواز عقد النكاح للمحرم ولم يره من محظورات الإحرام. فصل فقال إنومنهم من رأ￯ منع المحرم من عقد النكاح ,ومنهم منَّ عقد المحرم النكاح لغيره صحيح; لأنه حرم لكونه من دواعي الوطء ولا يحصل ذلك بكونه وليا. وغير خفي عن النظر أن من قواعد الفقهاء أن الوكيل كالأصيل فيمنع مما يمنع منه) ,(١فلو كان الوكيل بعقد النكاح محرما منع منه على قول المانعين, وهكذا إن عقد الحلال نكاحا لمحرم بأن يكون وكيلا له أو وليا عليه أو عقده على محرمة لم يصح للسابق).(٢ والعبرة في السابق بالعقد ذاته سواء كان التوكيل في أثناء الإحرام أو في حال الإحلال بمعنى أنه يصح للمحرم التوكيل أو التوكل لعقد الزواج في عمال الحاكم وقضاته لهم أن يزوجوا ولو كان الحاكم محرما إذ عملهم ذلك بالولاية لا) (١ َُّ الوكالة. ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٧ص.١٤٠ كان عليه عند التحلل ,وخالف ذلك آخرون فقالوا إن الوكالة تبطل بالإحرام).(٢ أدلة القائلين بجواز الإنكاح دون النكاح ذهب بعض الفقهاء إلى أن المحرم ممنوع من النكاح دون الإنكاح, فيصح أن يزوج وليته أو أن يكون وكيلا عن الولي في التزويج).(٣ ولم أجد لهؤلاء شيئا من النصوص الشرعية يستندون عليه سو￯ توجيه من بعض أهل العلم لهذا القول إذ قالوا إن عقد المحرم النكاح لغيره صحيح; لأنه حرم لكونه من دواعي الوطء ولا يحصل ذلك بكونه وليا).(٤ ومنهم من وجهه بقوله إنه سبب لإباحة محظور لحلال فلم يمنعه ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٥ص ,٧٩وابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص ,١٨٥والبهوتي ,شرح منتهى الإرادات ,ج ,١ص ,٥٤٨والنفراوي ,الفواكه الدواني ,ج ,٢ص.٢٩ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٥٢ ) (٣ابن قدامة ,الكافي ,ج ,٣ص.٥٤ ) (٤ابن قدامة ,الكافي ,ج ,٣ص.٥٤ هو متعارض مع جميعها ,فحديث عثمان الذي سيأتي شامل نهيه للنكاح والإنكاح. وحديث ابن عباس الذي أخذ منه القائلون بالجواز يؤخذ منه إثبات جواز النكاح دون الإنكاح ,أما الاستدلال بالقياس السابق ففاسد الاعتبار إذ هو في مقابل النص الذي هو حديث عثمان. أدلة القائلين بجواز عقد النكاح للمحرم ذهب جماعة من أهل العلم إلى القول بأن المحرم غير ممنوع من عقد النكاح بل هو كسائر الأمور الجائزة التي لا تعارض بينها والإحرام).(٢ وقالوا إنا ذهبنا إلى ذلك ودليلنا الإباحة الأصلية العامة للنكاح كقوله: ) (١ابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص.١٦٠ ) (٢الجناوني ,النكاح ,ص ,١٢٥والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٧٥والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,٩٨والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٩١والطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,١٤ص ,٥٠٩والزيلعي ,تبيين الحقائق ,ج ,٢ص ,١١٠والعيني, عمدة القاري ,ج ,١٠ص.٩٥ الإحرام دليلا شرعيا خاصا به يدل على أنه داخل في عموم الحكم بجواز النكاح مطلقا السابق ودليلنا فيما قلناه الأثر عن سيد البشر فقد ثبت في حديث ضمام بن السائب عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن النبي  تزوج بخالته ميمونة بنت الحارث وهو محرم).(٢ كما جاء ذلك من حديث سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء أن ابن عباس أخبره أن النبي تزوج ميمونة وهو محرم).(٣ وهذه أسانيد كالشمس في رائعة النهار وضوحا في صحتها ولا نعلم قائلا أعلها بما يوجب إسقاط حجيتها ,والسيدة ميمونة بنت الحارث > ) (١سورة :النساء ,جزء من الآية ).(٣ ) (٢أخرجه الإمام الربيع في كتاب :النكاح ,باب :ما يجوز من النكاح وما لا يجوز ),(٥٢٠ ورواه أبو غانم الخراساني في المدونة من طريق أبي عبيدة عن جابر عن ابن عباس .أبو غانم الخراساني ,المدونة ,ص.١٧٧ ) (٣أخرجه مسلم في كتاب :النكاح ,باب :تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته ).(١٤١٠ وأخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :تزويج المحرم ) (١٧٤٠من طريق عبد القدوس بن الحجاج حدثنا الأوزاعي حدثني عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس به. رسول االله إذ جاءت حكاية تزوجه وهو محرم من حديث السيدة عائشة ,وله طرق ثلاث أولها حديث علي بن الحسن ثنا أبو عاصم عن عثمان بن الأسود عن ابن أبي مليكة عن عائشة > أن النبي تزوج وهو محرم).(١ وثانيها من حديث معلى بن أسد ثنا أبو عوانة عن مغيرة عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة > قالت :تزوج رسول االله بعض نسائه وهو محرم ,واحتجم وهو محرم).(٢ وثالثها من حديث مسدد عن أبي عوانة عن مغيرة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة).(٣ كما جاءت حكاية نكاحه ميمونة محرما من حديث أبي هريرة من رواية سليمان بن شعيب الكيساني حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني حدثنا كامل أبو العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة قال :تزوج رسول ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٧ص.٢١٢ ) (٢ابن حبان ,صحيح ابن حبان ,ج ,٩ص.٤٤٠ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٧ص.٢١٢ حكاية ابن عباس ,وعليه فهؤلاء ثلاثة من أصحاب رسول االله أكدوا فعله. قال المجيزون :تلك الآثار قاضية بأن صاحب الدعوة تزوج وهو محرم وما مقام النبي إلا مقام التشريع والبيان للناس ما لم يأت دليل الخصوصية ولا دليل في قضيتنا يعارض عموم الحكم بالجواز. على أن القياس والنظر يفيد ما ذهبنا إلينا أن لو كان لم يرد هذا النص بالزواج في حال الإحرام ,وذلك أنه يجوز النكاح للمحرم; لأنه عقد يملك به الاستمتاع فلم يحرمه الإحرام كشراء الإماء).(٣ كما أن النكاح عقد معاوضة والمحرم غير ممنوع عن مباشرة المعاوضات كالشراء ونحوه ,ولا يمتنع شيء من العقود بسبب الإحرام. ) (١الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,١٤ص ,٥١٢وقال إثره :وهذا مما لا نعلم أيضا عن أبي هريرة فيه خلافا لذلك. ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص.٥٢ ) (٣ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٥٨ابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص. ١٥٩ عقد المنكوحة سابقا لطرو الإحرام; لأن المنافي للعقد يستوي في الابتداء والبقاء كالطارئ على العقد).(١ ومما يفيد استقرار الأمر على ما رسمنا وبينا أن هناك من صحابة رسول االله من أفتى بذلك فقد جاء حديث عبد االله بن محمد بن أبي بكر قال: سألت أنسا عن نكاح المحرم فقال :لا بأس به ,وهل هو إلا كالبيع).(٢ قال الحافظ ابن حجر :وإسناده قوي).(٣ أدلة القائلين بحرمة عقد النكاح للمحرم ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن المحرم ممنوع من عقد النكاح إبان إحرامه ,والذين يشملهم النهي هم الزوج والزوجة والولي فلا يقبل الزوج, ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٩١وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٣ص ,٢٣٢والزيلعي, تبيين الحقائق ,ج ,٢ص.١١٠ ) (٢الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,١٤ص ,٥٢٠وشرح معاني الآثار ,ج ,٢ص.٢٧٣ ) (٣ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٩ص.١٦٦ قال هؤلاء كفى بعقد النكاح شغلا للمحرم عن أداء حق الإحرام المطلوب من الشارع) ,(٢ثم إن الشارع نفسه قد نص بصريح العبارة أن المحرم ممنوع من النكاح كما في حديث: نبيه بن وهب أن عمر بن عبيد االله أراد أن يزوجمالك عن نافع عنُِْ طلحة بن عمر بنت شيبة بن جبير فأرسل إلى أبان بن عثمان يحضر ذلك وهو أمير الحج فقال أبان: سمعت عثمان بن عفان يقول :قال رسول االله :لا ينكح المحرم ولا ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٠٤والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص,٣٧٥ والشقصي ,منهج الطالبين ,ج ,٧ص ,٤٤والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص,٩٨ والشافعي ,الأم ,ج ,٥ص ,٧٨والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٨٨وابن عبد البر, التمهيد ,ج ,٣ص ,١٥٦وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,١١٨وابن مفلح, الفروع ,ج ,٣ص ,٢٨٢والأبي ,الثمر الداني ,ص.٤٦٢ ) (٢قال ابن غنيم النفراوي :إنما جاز النكاح للمعتكف وحرم على المحرم مع أن كلا متلبس بعبادة; لأن المعتكف معه ما يمنعه من الوصول للمرأة بخلاف المحرم ,ولأن فساد الإحرام أشد من فساد الاعتكاف .النفراوي ,الفواكه الدواني ,ج ,٢ص.٢٩ عفان قال :قال رسول االله :لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب).(٢ ومن أدلة هؤلاء أيضا حديث أيوب بن عتبة ثنا عكرمة بن خالد قال: سألت عبد االله بن عمر عن امرأة أراد أن يتزوجها رجل وهو خارج من مكة فأراد أن يعتمر أو يحج ,فقال :لا تتزوجها وأنت محرم نهى رسول االله عنه. والحديث أخرجه أحمد بالإسناد السابق) (٣والدارقطني) (٤إلا أن أيوب بن عتبة ممن لا يصح حديثه ,فقد قال الجوزجاني :ضعيف) ,(٥وقال البخاري :هو عندهم لين) ,(٦وقال النسائي :مضطرب الحديث) ,(٧وقال أبو زرعة :ضعيف, ) (١أخرجه مسلم في كتاب :النكاح ,باب :تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته ).(١٤٠٩ ) (٢أخرجه الإمام الربيع في كتاب :النكاح ,باب :ما يجوز من النكاح وما لا يجوز ).(٥١٩ ) (٣أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,٢ص.١١٥ ) (٤الدارقطني ,السنن ,ج ,٣ص.٢٦٠ ) (٥الجوزجاني ,أحوال الرجال ,ص.١١٥ ) (٦البخاري ,التاريخ الكبير ,ج ,١ص.٤٢٠ ) (٧النسائي ,الضعفاء والمتروكين ,ص.١٥ إبراهيم القوهستاني نا يعقوب بن كاسب نا المغيرة بن عبد الرحمن عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر قال− :لا أعلمه إلا عن النبي − قال :لا ينكح المحرم ,ولا ينكح ,ولا يخطب ,ولا يخطب على غيره).(٢ وجاء من حديث محمد بن يوسف الغضيضي قال :حدثنا عبد االله بن وهب عن عمر بن محمد عن نافع عن ابن عمر أن رسول االله قال :لا ينكح المحرم ولا يخطب).(٣ ومنه أيضا حديث محمد بن علي بن حبيس نا أحمد بن القاسم بن مساور نا القواريري نا محمد بن دينار الطاحي عن أبان عن أنس قال :قال رسول االله :لا يتزوج المحرم ولا يزوج).(٤ وجاء من حديث نفيل عن مسلم بن خالد الزنجي عن إسماعيل عن ) (١ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٢ص.٢٥٣ ) (٢الدارقطني ,السنن ,ج ,٣ص.٢٦١ ) (٣الطبراني ,الأوسط ,ج ,١ص.١٦٢ ) (٤الدارقطني ,ج ,٣ص.٢٦١ الزواج ,وحق لنا أن نقول بعدها قطعت جهيزة قول كل خطيب ,وعجبا لأناس خالفوا قول رسول االله جهرة إنه لا يسع مسلما إلا اتباع نصوص الشارع. قال المانعون :ومع عمدتنا في التحريم النصوص السابقة قد شهد لنا النظر والقياس على ما ذهبنا إليه من منع المحرم من الزواج ,وهذا كاف بنفسه في إثبات الحكم لو لم ترد النصوص فكيف والنصوص كالجبال الرواسي قوة في صحتها. والقياس الذي زعمناه دليلا على ما قلنا أن الإحرام يحرم الطيب فحرم النكاح كالعدة) ,(٢ومن ذلك أن الإحرام يمنع الوطء ودواعيه فمنع عقد النكاح كالعدة).(٣ ) (١الدارقطني ,السنن ,ج ,٣ص ,٢٦٠والعقيلي ,الضعفاء ,ج ,٤ص ,١٥١وأتبعه بقوله: قال الميموني :قال أبو جعفر :هذا حديث منكر ,وهذا رجل ضعيف يعني الزنجي. ) (٢ابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤٠٢ ) (٣البهوتي ,كشاف القناع ,ج ,٢ص.٤٤٢ قبل أن نشرع في الموازنة بين أدلة القولين نبعد منها ما هو غير صالح للاستدلال فالقائلون بالجواز استدلوا بحديث ابن عباس المتقدم وحديث عائشة. أما حديث عائشة فلا يثبت بطرقه الثلاث ,أما أولها فأعلت بالإرسال فقد قال البيهقي نفسه: هكذا رواه جماعة عن أبي عاصم ,وإنما يرو￯ عن ابن أبي مليكة مرسلا وذكر عائشة فيه وهم ,قال أبو عيسى الترمذي :سألت محمد بن إسماعيل البخاري −رحمه االله −عن هذا الحديث فقال :يروون هذا الحديث عن ابن أبي مليكة مرسلا. ورواه عمرو بن علي عن أبي عاصم مرسلا وقال :قلت لأبي عاصم: أنت أمليته علينا من الرقعة ليس فيه عن عائشة! قال :دعوا عائشة حتى أنظر فيه ,قال عمرو :فسمعت بعض أصحابنا يقول :قال أبو عاصم :فنظرت فيه فوجدته مرسلا. أما الطريقان الآخران فأعلا بالإرسال أيضا فقد قال البيهقي: جرير عن مغيرة مرسلا. وحديث أبي هريرة الذي استدل به القائلون بجواز نكاح المحرم فيه كامل أبو العلاء وقد قال ابن حبان عنه :كان ممن يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل من حيث لا يدري فلما فحش ذلك من أفعاله بطل الاحتجاج بأخباره) ,(١وقال ابن معين :ليس به بأس) ,(٢وقال في موضع آخر :ثقة).(٣ أما أدلة القائلين بالمنع ففيها حديث نبيه بن وهب عن أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه وهو حديث صحيح ثابت ,وسماع أبان من أبيه عثمان ثابت كما في هذه الرواية).(٤ وما قاله أحمد مما يفيد عدم سماعه معارض بهذه الرواية التي فيها التصريح بالسماع ,قال الحافظ العلائي: ) (١ابن حبان ,المجروحين ,ج ,٢ص ,٢٢٦والعقيلي ,الضعفاء ,ج ,٤ص ,٨والذهبي, ميزان الاعتدال ,ج ,٥ص.٤٨٥ ) (٢يحيى بن معين ,تاريخ ابن معين )رواية الدوري( ,ج ,٣ص.٣٤١ ) (٣يحيى بن معين ,تاريخ ابن معين )رواية الدوري( ,ج ,٣ص.٤٤٨ ) (٤ابن عساكر ,تاريخ مدينة دمشق ,ج ,٦ص.١٤٧ أنه سأل أحمد بن حنبل :أبان سمع من أبيه? قال :لا ,من أين سمع منه?!).(١ أما باقي الأدلة ففيها نظر; إذ حديث ابن عمر بطرقه الثلاث لا يثبت مرفوعا ,ولكن ثبت موقوفا من قوله) ,(٢قال البيهقي: وروي عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر مرفوعا ,وعن الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر مرفوعا بالشك ,والصحيح عن ابن عمر موقوف).(٣ المقابلة بين أدلة الفريقين الأدلة المذكورة كان منها النصي ومنها القياسي ,ولكن هذه المسألة تعارضت النصوص فيها فلا محل للقياس وإلا كان فاسد الاعتبار. فضلا عن أن الأقيسة عند الفريقين متعارضة ومعارضة بما هو أقو￯ منها كقياس جواز النكاح بشراء الأمة للاستمتاع الذي عورض بأنه قياس ) (١العلائي ,جامع التحصيل ,ص ,١٣٩والعراقي ,تحفة التحصيل ,ص.١٣ ) (٢العقيلي ,الضعفاء ,ج ,٤ص.١٥١ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٧ص.٢١٠ معتبرة في الشراء. وكذلك قد يشتري المرأة التي أرضعته ولا يحل له إصابتها ,ويشتري الجارية وأمها وولدها ولا يحل له أن يجمع بين هؤلاء فأجيز الملك بغير جماع وأكثر ما في ملك النكاح الجماع ولا يصلح أن ينكح امرأة لا يحل له جماعها وقد يصلح أن يشتري من لا يحل له جماعها).(١ والفقهاء يحكون الاتفاق على جواز شراء المحرم الأمة للاستمتاع في غير حال الإحرام).(٢ وأما الأدلة النصية الصحيحة فدليلان أولهما حديث عثمان بن عفان الذي هو دال بنص عبارته على نهي المحرم عن النكاح والإنكاح والخطبة, وهو شامل بظاهر عمومه الذكر والأنثى ,وحديث ابن عباس الذي فيه حكاية فعل للنبي . والواقع أنا لو جعلنا التعارض بين حديث عثمان وحديث ابن عباس ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٥ص ,١٧٩وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٥٨ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٥ص ,٧٩وابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص.١٩٨ للأصل مما يعني تأخره. ومما يؤكد ذلك أنه ثبت عن جماعة من أصحاب رسول االله الحكم بالمنع من نكاح المحرم بل التفريق بين المتناكحين حال الإحرام من ذلك حديث مالك عن داود بن الحصين ان أبا غطفان بن طريف المري أخبره أن أباه طريفا تزوج امرأة وهو محرم فرد عمر بن الخطاب نكاحه).(١ وحديث مالك عن نافع أن عبد االله بن عمر كان يقول :لا ينكح المحرم ولا يخطب على نفسه ولا على غيره).(٢ وحديث يحيى القطان عن ميمون المرائي عن الحسن عن علي قال :من تزوج وهو محرم نزعنا منه امرأته).(٣ وحديث بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا قال :لا ينكح المحرم ) (١مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٤٩ ) (٢مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٤٩ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٦٦ لزيد بن ثابت أنه تزوج وهو محرم ففرق بينهما زيد بن ثابت).(٢ على أن حكاية ابن عباس يظهر أنه قد خالطها شيء من الوهم كما ستأتي الأدلة على ذلك فأنى لها أن تعارض حديث عثمان بن عفان. ومع السابق ذكره وجه القائلون بجواز نكاح المحرم اعتراضات على حديث عثمان: أولها :أنه حديث ضعيف) ,(٣وقال أبو غانم الخراساني )سائلا ابن عبدالعزيز(: قلت :إن هؤلاء يقولون ويروون عن فقهائهم أنه لا يتزوج الرجل وهو محرم? قال :ليس فيما يقولون شيء ,وقد حدثني أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس أنه قال :تزوج رسول االله ميمونة الهلالية وهو محرم. ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٦٦ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٦٦ ) (٣الزيلعي ,تبيين الحقائق ,ج ,٢ص.١١٠ النكاح والإنكاح والخطبة).(١ ثالثها :حمل لفظ النكاح الأول في الحديث على الوطء ,ولفظه الثاني على التمكين من الوطء ,والتذكير باعتبار الشخص أي لا تمكن المحرمة زوجها من الوطء).(٢ وفي هذه الاعتراضات نظر: أما أولها فيرده أن الرواية صحيحة وقد أخرجها مسلم في الصحيح بإسناد صحيح كما تقدم من تخريجه ,على أن ادعاء الضعف دون تقديم الدليل عليه أمر لا يصح ,وهؤلاء لم يأتوا بدليل على تضعيف الحديث. ثم إن كلام ابن عبدالعزيز معارض برواية شيخه الإمام التابعي الكبير أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة فقد رو￯ حديث عثمان بن عفان في نهي النبي عن نكاح المحرم وإنكاحه كما تقدم تخريجه من رواية مسند الإمام الربيع بن حبيب. ) (١ابن الجوزي ,كشف المشكل من حديث الصحيحين ,ج ,١ص.١٧٢ ) (٢ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٣ص.٢٣٤ حكاية الحال ,وقد صحح هذه الرواية جماعة منهم الخطابي).(١ ثانيها :أن صيغة النفي في قوله "لا ينكح ولا ينكح ولا يخطب" يراد بها النهي فهي خبر بمعنى الإنشاء كقوله تعالىŸξsù ¢kptø:$# ∅ÎγŠÏù uÚtsù ⎯yθsù﴿ : ‘.(٢)﴾ 3 Ædkysø9$# ’Îû tΑ#y‰Å_ Ÿωuρ šXθÝ¡èù Ÿωuρ y]sùu أي لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا في الحج ,وإيراد الإنشاء بصيغة الخبر أبلغ من إيراده بصيغة الإنشاء كما هو مقرر في المعاني).(٣ والجمع بين مختلف الأدلة الشرعية أولى من أن يصار إلى إلغاء بعضها, صونا لكلام الشارع. ثالثها :سبب الحديث يفيد أنه وارد مورد النهي أو النفي المفيد للنهي كما يفيده إيراد أبان بن عثمان له. رابعها :أن الأصل في الأدلة الشرعية أن تحمل على تأسيس أحكام ) (١العظيم أبادي ,عون المعبود ,ج ,٥ص ,٢٠٦والقاري ,مرقاة المفاتيح ,ج ,٥ص.٥٨٢ ) (٢سورة :البقرة ,جزء من الآية ).(١٩٧ ) (٣الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٥ص.٢٠ إذ اشتغال المحرم بإحرامه عن عقد النكاح أمر غير مفتقر للتنبيه. أما ثالث الاعتراضات فترده أمور: ِ ِ ْكح " فقوله ولا ينكح ْكح المحرم ولاُينُ أولها :قوله في الحديث " لاَينُ بضم التحتية يتمحض فيها معنى العقد إذ لا قائل بأن الولي المحرم لا يحل له الإذن بوطء وليته لزوجها. ثانيها :قوله في آخر الحديث "ولا يخطب" والمراد خطبة المرأة التي هي طلب تزويجها وذلك قرينة على أن المراد العقد; لأنه هو الذي يطلب بالخطبة وليس من شأن وطء الزوجة أن يطلب بخطبة كما هو معلوم).(١ قال اللكنوي: وأجاب المجوزون عن حديث المانعين بحمل "لا ينكح" على منع الوطء; فإن النكاح يستعمل فيه ,وفيه سخافة ظاهرة; فإن لا يخطب ولا ) (١الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٥ص.٢٥ يحيى بن يحيى قال :قرأت على مالك عن نافع عن نبيه بن وهب أن عمر بن عبيد االله أراد أن يزوج طلحة بن عمر بنت شيبة بن جبير فأرسل إلى أبان بن عثمان يحضر ذلك وهو أمير الحج فقال أبان: سمعت عثمان بن عفان يقول :قال رسول االله :لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب. رابعها :أنه لا يعرف في العربية إطلاق لفظ النكاح على التمكين من الوطء. ومع السابق لا يزال ثمة متسع للجمع بين الحديثين دون أن يطرح أحدها ويصار إلى إلغاء شيء من كلام الشارع ,وقد ذكر أهل العلم عددا من الوجوه التي يجمع بها بين هذين الحديثين أجملها في التالي: أولا :حديث ابن عباس " تزوج ميمونة وهو محرم" لا يتعين معناه بكونه متلبسا بالإحرام الشرعي لحج أو عمرة حتى يستفاد منه جواز النكاح ) (١اللكنوي ,التعليق الممجد ,ج ,٢ص.٣٢٢ ومعلوم أن نكاح النبي للسيدة ميمونة كان في ذي القعدة وهو من الأشهر الحرم عام سبع في عمرة القضاء. كما أن هذه الصيغة تستخدم لكل من كان بمحل فينسب إليه ,فيقال محرم أي داخل الحرم أو داخل الأشهر الحرم كما يقال أنجد لمن دخل نجدا, وأعمن لمن دخل عمان ,وأظلم لمن دخل الظلمة ,وقد دلت الشواهد العربية على ذلك ,ومنه قول زهير: )(١ ومحرم َان منُِّ محلُِِْبالقنِ وكمَ ْوحزنهعنٍَِ يمينََُْالقنَ َانَْ ََ َْ جعلنَ وقول الآخر: ودعا فلم أر مثله مقتــولاعفان الخليفةَُمحرماقتلوا ابنَّ )(٢ شققا وأصبح سيفهم مسلولاعصاهم ُفتفرقت من بعد ذاك قال أبو العباس المبرد :قوله "محرما" يريد في الشهر الحرام ,وكان قتل في ) (١القرشي ,جمهرة أشعار العرب ,ص.٩٠ ) (٢المبرد ,الكامل ,ج ,٢ص.٩١٨ قال الزيلعي: وقال صاحب التنقيح :وقد حمل بعض أصحابنا قول ابن عباس وهو محرم أي في شهر حرام ثم أنشد البيت ثم نقل عن الخطيب البغدادي أنه رو￯ بسنده عن إسحاق الموصلي قال: سأل هارون الرشيد الأصمعي بحضرة الكسائي عن قول الشاعر :قتلوا ابن عفان الخليفة محرما ,فقال الأصمعي :ليس معنى هذا أنه أحرم بالحج ولا أنه في شهر حرام ولا أنه في الحرم ,فقال الكسائي :ويحك فما معناه? قال الأصمعي :فما أراد عدي بن زيد بقوله: فتولى لم يمتع بكفنقتلوا كسر￯ بليل محرما أي إحرام لكسر￯?! فقال الرشيد :فما المعنى? ) (١المبرد ,الكامل ,ج ,٢ص.٩١٨ ) (٢النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص ,١٩٤والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٥ص.٢١ ثانيا :من الممكن أن يفسر قول ابن عباس "وهو محرم" بمذهبه فيمنَّ قلد الهدي بأنه يصير محرما فيكون إطلاقه أنه تزوجها وهو محرم أي عقد عليها بعد أن ق َّلد الهدي وإن لم يكن تلبس بالإحرام وذلك أنه كان أرسل إليها أبا رافع يخطبها فجعلت أمرها إلى العباس فزوجها من النبي (٢) كما تقدم ذكر ذلك عنه في مبحث أنواع النسك. وهذا الحمل جيد إن بني على رأي سليمان بن يسار من أنه تزوجها قبل الإحرام ,ولكن تبين –كما ذكرنا −أن ذلك لا يصح إذ زواجه بها كان بعد الإحلال من عمرة القضية في طريق العودة بسرف ولم يكن ثمة تقليد للهدي ولا إشعار. ثالثا :جمع آخرون بين مختلفي القضية فقالوا تزوجها حلالا وظهر أمر تزويجها وهو محرم ثم بنى بها حلالا بسرف من طريق مكة ونسب إلى ) (١الزيلعي ,نصب الراية ,ج ,٣ص.١٧٣ ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٩ص.١٦٥ وجه وجيه في اللغة كما تقدم ,ولكن الحمل عليها في كلام ابن عباس أمر فيه شيء من البعد بل قال الإمام السالمي ~ إنه بعيد جدا) (٢لما في رواية ابن عباس نفسه من حديث: موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال :تزوج النبي ميمونة وهو محرم ,وبنى بها وهو حلال ,وماتت بسرف).(٣ والمقابلة بين العقد والبناء تمحض الإحرام الأول في إحرام النسك لا نفس الوجود في أرض الحرم; إذ النكاح والبناء كانا في الشهر الحرام. وهذا كله يجعلنا نقول إن رواية ابن عباس غير صحيحة من حيث حكاية التزويج حال الإحرام ,ولذا نقول إن حديث نكاحه وهومحل أولى ) (١الطوسي ,مختصر الأحكام ,ج ,٤ص ,٦٧والتبريزي ,مشكاة المصابيح ,ج ,٢ص,٨٢٢ وابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص.٢٨٣ ) (٢السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٣ص.٣٢ ) (٣أخرجه البخاري في كتاب :المغازي ,باب :عمرة القضاء ).(٤٠١١ كانت حال النكاح محلة غير محرمة) (١كما في حديث يحيى بن آدم حدثنا جرير بن حازم حدثنا أبو فزارة عن يزيد بن الأصم حدثتني ميمونة بنت الحارث أن رسول االله تزوجها وهو حلال ,قال :وكانت خالتي وخالة ابن عباس).(٢ وجاء في حديث محمد بن يحيى قال :ثنا حجاج قال :ثنا حماد عن حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن يزيد بن الأصم ابن أخت ميمونة بنت الحارث عن ميمونة > قالت :تزوجني رسول االله بسرف) (٣ونحن حلالان).(٤ ومعلوم أن صاحب القضية أدر￯ بحاله من غيره المنقول له ذلك ,قال ) (١السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٣ص ,٣٢وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٥٨وابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص.٢٨٣ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :النكاح ,باب :تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته ).(١٤١١ ) (٣بفتح السين وكسر الراء ,موضع معروف من مكة ,يبعد عنها ب ٢٠كم. محمد إلياس ,تاريخ مكة ,ص.١٤٥ ) (٤أخرجه أبوداود في كتاب :المناسك ,باب :المحرم يتزوج ).(١٨٤٣ وقد أخبرت أن النبي تزوجها وهو حلال).(١ وقد تقرر في الأصول أن خبر صاحب الواقعة المروية مقدم على خبر غيره; لأنه أعرف بالحال من غيره ,والأصوليون يمثلون له بحديث ميمونة المذكور مع حديث ابن عباس. قال الإمام السالمي: ومن ذلك ترجيح رواية الراوي بكونه صاحب القصة كقول ميمونة: تزوجني رسول االله ونحن حلال ,فخبرها أرجح من خبر ابن عباس لكونها صاحبة القصة فهي أولى بمعرفة الحال حينئذ).(٢ وقد اعترض على حديث ميمونة) (٣فقال عمرو بن دينار أحد رواة حديث ابن عباس معترضا على الحافظ ابن شهاب الزهري في تقديمه رواية النكاح بعد الإحلال على حديث ابن عباس: ) (١البيهقي ,السنن الصغر￯ ,ج ,٦ص.١٩٩ ) (٢السالمي ,طلعة الشمس ,ج ,٢ص.٢٠٤ ) (٣العيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص.١٩٦ يقدم عليه ابن عباس ,ولكن اعتراض عمرو بن دينار مدفوع بكون يزيد الأصم –وهو محتج به في الرواية −قد رواه عن صاحبة الشأن من كلامها فالتعارض هنا بين كلام صاحبة الشأن وابن عباس وليس هو بين ابن عباس ويزيد).(١ وقال العيني: وأجابوا عن حديث ميمونة بأن عمرو بن دينار قد ضعف يزيد ابن الأصم في خطابه للزهري وترك الزهري الإنكار عليه وأخرجه من أهل العلم وجعله أعرابيا بوالا ً على عقبيه وهم يضعفون الرجل بأقل من هذا الكلام وبكلام من هو أقل من عمرو بن دينار والزهري. ومع هذا فالذين رووا أنه تزوج ميمونة وهو محرم نحو سعيد بن جبير وعطاء وطاووس ومجاهد وعكرمة وجابر بن زيد أعلى وأثبت من الذين رووا أنه تزوجها وهو حلال. وميمون بن مهران وحبيب بن الشهير ونحوهما لا يلحقون هؤلاء الذين ) (١البيهقي ,معرفة السنن والآثار ,ج ,٤ص.٣٦ الفقهي الذي يتبعه وإلا فإن يزيد بن الأصم محتج به في الرواية ولم يقل أحد بالطعن فيه ,وأما كلام عمرو بن دينار فما أراد به سو￯ الموازنة بين ابن عباس ويزيد ,ثم إن المعارضة ليست بمتصورة هنا بينه وابن عباس بل بين ابن عباس وميمونة صاحبة القضية فما الرجل إلا راو. واعترض الطحاوي على حديث ميمونة بقوله: إن رسول االله كان خطبها وفوض أمرها إلى العباس فزوجها إياه فاحتمل أن يكون لما فوض إلى العباس أمرها ما فوضته إليه ذهب عنها الوقت الذي كان من العباس فيه عقد التزويج عليها فلم تعلم بذلك إلا في الوقت الذي كان بنى رسول االله بها فيه ,وعلم ابن عباس أنه كان قبل ذلك من أبيه في عقد التزويج عليها ما لحضوره ذلك منه ولغيبتها عنه).(٢ وهذا من الحافظ الطحاوي على جلالة قدره غريب ,إذ كيف يرد احتمال التوهم على صاحب القضية المباشر لها ويبعد عمن تلقى الخبر عن غيره وكان ) (١العيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص.١٩٦ ) (٢الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,١٤ص.٥١٧ المخلفين الذين عذرهم االله كما في حديث: علي بن عبد االله حدثنا سفيان قال :قال عبيد االله :سمعت ابن عباس  يقول :كنت أنا وأمي من المستضعفين ,أنا من الولدان وأمي من النساء).(١ على أن الحافظ الطحاوي نفسه قد صرح في كتابه "الناسخ والمنسوخ" بتقديم خبر أبي رافع الذي سيأتي ذكره على خبر ميمونة لكونه مباشرا للأمر فليته مضى على ذلك في شرح المعاني والمشكل. قال الزيلعي: وقال الطحاوي في كتابه الناسخ والمنسوخ :والأخذ بحديث أبي رافع أولى لأنه كان السفير بينهما وكان مباشرا للحال وابن عباس كان حاكيا. ومباشر الحال مقدم على حاكيه ألا تر￯ عائشة كيف أحالت على علي حين سئلت عن مسح الخف وقالت :سلوا عليا فإنه كان يسافر مع رسول االله ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الجنائز ,باب :إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه ,وهل يعرض على الصبي الإسلام ).(١٢٩١ الصحابة المهاجرين والمصاحبين للنبي في ذهابه في عمرة القضية وإيابه وقد نص على كون النبي والسيدة ميمونة بنت الحارث عند عقد النكاح حلالين كما في حديث: حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عن أبي رافع قال :تزوج رسول االله ميمونة وهو حلال ,وبنى بها وهو حلال ,وكنت أنا الرسول فيما بينهما).(٢ وقد تقرر في الأصول ترجيح خبر الراوي المباشر لما رو￯ على خبر غيره; لأن المباشر لما رو￯ أعرف بحاله من غيره ,والأصوليون يمثلون له بخبر أبي رافع المذكور ,قال الإمام السالمي ~: ومنها –أي وجوه الترجيح −أن يكون الراوي مباشرا لسبب الرواية ) (١الزيلعي ,نصب الراية ,ج ,٣ص.١٧٣ ) (٢أخرجه الترمذي في كتاب :الحج ,باب :ما جاء في كراهية تزوج المحرم ) ,(٨٤١وابن حبان في صحيحه في كتاب :النكاح ,باب :ذكر البيان بأن المصطفى تزوج ميمونة وهما حلالان ).(٤١٣٠ فرجحت روايته على رواية ابن عباس أنه نكحها وهو حرام أي محرم, والمراد بالنكاح العقد لا الوطء).(١ وغريب من المحقق ابن الهمام أن يجعل التعارض بين حديث ابن عباس وأبي رافع من باب التعارض بين المثبت والنافي) (٢فيحمله ذلك على أن يقدم المثبت للإحرام لكونه أتى بحكم زائد محفوف بالقرائن التي تستدعيها هيئة الإحرام مع أنه يعلم أن ابن عباس ما كان موجودا رأسا عند الواقعة. فضلا أن كلا من ابن عباس وأبي رافع مثبت من جهة ناف من جهة أخر￯ فأبو رافع مثبت للإحلال ناف للإحرام ,وابن عباس مثبت بالواسطة للإحرام ناف للإحلال فلا يصلح الترجيح بينهما من هذا الوجه. والذي يظهر أنه ممكن أن يعترض على خبر أبي رافع هذا بكونه غير حجة من أمور: أولها :في إسناده مطر الوراق وهو عندهم ليس ممن يحتج بحديثه ,فقد ) (١السالمي ,طلعة الشمس ,ج ,٢ص ,٢٠٣وشرح الجامع الصحيح ,ج ,٣ص.٣٢ ) (٢ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٣ص.٢٣٤ حديث مطر الوراق بابن أبي ليلى في سوء الحفظ. قال :فسألت أبي فقال :ما أقربه من ابن أبي ليلى في عطاء خاصة ,وقال الآجري عن أبي داود :ليس هو عندي بحجة ولا يقطع به في حديث إذا اختلف ,وقال الساجي :صدوق يهم ,ولما ذكره ابن حبان قال :ربما اخطأ).(١ ثانيها :أن الحديث معل بالانقطاع بيان ذلك أن سليمان بن يسار ولد سنة أربع وثلاثين ,وقيل سنة تسع وعشرين ,ومات أبو رافع بالمدينة بعد قتل عثمان بيسير ,وكان قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ,وغير جائز ولا ممكن أن يسمع سليمان من أبي رافع فلا معنى لرواية مطر الوراق).(٢ ثالثها :أنه معل بالإرسال; فقد جاء من حديث مالك بن أنس عن ربيعة عن سليمان بن يسار أن رسول االله بعث أبا رافع مولاه ورجلا من الأنصار فزوجاه ميمونة بنت الحارث وهو بالمدينة قبل أن يخرج).(٣ ) (١العيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص.١٩٦ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٣ص ,١٥١والعيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص.١٩٦ ) (٣مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٤٨ هذا حديث حسن ,ولا نعلم أحدا أسنده غير حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة. ورو￯ مالك بن أنس عن ربيعة عن سليمان بن يسار أن النبي تزوج ميمونة وهو حلال رواه مالك مرسلا ,قال :ورواه أيضا سليمان بن بلال عن ربيعة مرسلا. قال الحافظ ابن عبدالبر: حديث مالك عن ربيعة في هذا الباب غير متصل وقد رواه مطر الوراق فوصله رواه حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عن أبي رافع ,وهذا عندي غلط).(١ ومع الإعلال السابق لرواية أبي رافع إلا أنه لا يضر الحكم شيئا; لأنه ثابت عن ميمونة صاحبة القضية. ثم إنا نقول إنه معلوم من حال سليمان بن يسار أنه كان مولى لميمونة ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٣ص.١٥١ وممكن صحيح أن يسمع سليمان بن يسار من ميمونة لما ذكرنا من مولده ,ولأن ميمونة مولاته ومولاة إخوته أعتقتهم وولاؤهم لها. وتوفيت ميمونة سنة ست وستين ,وصلى عليها ابن عباس ,فغير نكير أن يسمع منها ,ويستحيل أن يخفى عليه أمرها وهو مولاها وموضعه من الفقه موضعه).(١ كما أنه جاء ذلك عن صفية بنت شيبة كما في حديث عبد الرزاق أنبأ معمر عن عبد الكريم عن ميمون بن مهران قال :سألت صفية بنت شيبة أتزوج النبي ميمونة وهو محرم? قالت :بل تزوجها وهو حلال).(٢ قال الهيثمي :رواه الطبراني في الكبير والأوسط ,ورجال الكبير رجال الصحيح).(٣ ورو￯ الإمام الشافعي عن مالك عن ربيعة عن سليمان بن يسار أن ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٣ص.١٥١ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٧ص ,٢١١والطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,٢٤ص.٢١ ) (٣الهيثمي ,مجمع الزوائد ,ج ,٤ص.٢٦٨ وفي هذا إشكال إذ الثابت أن الزواج كان بعد الإحلال من الإحرام أي بعد الخروج من المدينة كما هو من كلام ميمونة نفسها وسعيد بن المسيب, وسليمان بن يسار لم يلق النبي وإن كانت ميمونة من قرابته ,ولكن تأول البيهقي هذا القول فقال: ومن قال بالمدينة فيحتمل أنه أراد به إرساله فيِخطبتها بالمدينة ثم النكاح كان بعد ما أحل كما قالت ميمونة واالله أعلم).(٢ والمحصلة في ذلك أن نكاح ميمونة حلالا جاء من طرق عدة تربو على كلام المعترضين فضلا أنها نص صاحبة القضية ,قال الحافظ ابن عبدالبر: الآثار بأن رسول االله تزوجها حلالا أتت متواترة من طرق شتى عن أبي رافع مولى النبي ,وعن سليمان بن يسار وهو مولاها ,وعن يزيد بن الأصم وهو ابن أختها. وهو قول سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وأبي بكر بن عبد الرحمن ) (١مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٤٨ ) (٢البيهقي ,السنن الصغر￯ ,ج ,٤ص.٧٥ ثانيها :في الاستدلال بفعله احتمال بالغ كما تبين أكان حين ذلك محرما أم محلا) ,(٢والدليل إذا طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال ,فكيف إن كان احتمال غير الإحرام هو الراجح ,ولذلك يتعين المصير إلى حديث عثمان. ثالثها :أنه في القضية تعارض الفعل والقول وفي هذا الحال يرجح جانب القول لاحتمال خصوصية الفعل) ,(٣وكونه واقعة حال أما القول فتقعيد وبناء. رابعها :أن ميمونة وأبا رافع كانا بالغين وقت تحمل الحديث المذكور وابن عباس ليس ببالغ وقت التحمل ,وقد تقرر في الأصول ترجيح خبر الراوي المتحمل بعد البلوغ على المتحمل قبله; لأن البالغ أضبط من الصبي لما تحمل. ) (١ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص.١١٧ ) (٢ابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص.٢٨٣ ) (٣السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٣ص ,٣٢والنووي ,شرح صحيح مسلم ,ج,٩ ص.١٩٤ خامسها :كون ذلك –على تقدير صحة حديث ابن عباس −خاصا بالنبي ,وحديث عثمان عام للأمة) ;(١إذ إنه من المعلوم أن النص القولي العام الذي يشمل النبي بظاهر عمومه لا بنص صريح إذا فعل النبي  ً فعلا مخصصا لذلك العموم القولي فيكون ذلك الفعل ًيخالفه كان ذلك الفعل ً خاصا به ,قال البيهقي: فإن صح أنه نكح وهو محرم وقد قال لا ينكح المحرم ولا ينكح فحينئذ يتصور التخصيص).(٢ سادسها :ما قاله جماعة من أهل العلم من أنه يرجح حكاية ميمونة وأبي رافع من كون ذلك في حال الإحلال على حكاية ابن عباس من كونه في الإحرام بالكثرة إذ انفرد ابن عباس بتلك الحكاية من بين سائر الصحابة ولم ) (١السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٣ص ,٣٢وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٩ص,١٦٥ وابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص.٢٨٣ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٧ص ,٥٨والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٥ص,٢٤ والشوكاني ,وبل الغمام ,ج ,١ص.٥٧٠ حكايته زواج النبي من ميمونة حال الإحرام كما في حديث: بشار ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان عن إسماعيل بن أمية عن رجل عن سعيد بن المسيب قال :وهم ابن عباس في تزويج ميمونة وهو محرم).(٢ ولكن يشكل على السابق إبهام الرجل الراوي عن سعيد بن المسيب مما يعني عدم الاحتجاج بالرواية ,ولكن رواه البيهقي عنه بإسناد صحيح).(٣ فتبين من السابق أن الأقرب للصواب هو كون النبي وميمونة محلين حين عقد النكاح. ثانيا : ِخطبة المحرم حكم الخطبة للمحرم الخطبة هي طلب الزواج ,وقد جاء حديث عثمان السابق مانعا المحرم ِ ) (١النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص ,١٩٤وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٩ص,١٦٦ والسيوطي ,شرح سنن النسائي ,ج ,٦ص.٨٧ ) (٢أخرجه أبوداود في كتاب :المناسك ,باب :المحرم يتزوج ).(١٨٤٥ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٧ص. ٢١٢ الثلاث "لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب") ,(١فيكون النهي من الكلمتين الأوليين مستفادا من دلالة الإشارة ,وفي الثالثة بالنص من دلالة العبارة. وهذا النهي عن الخطبة مطلق لخطبة المحرم لنفسه وخطبته لغيره ,ولا يفسد النكاح إذا ما تمت الخطبة في فترة الإحرام والعقد في غير الإحرام; لأن الخطبة لا متعلق لها بالنكاح وقد يخطب ولا يتم النكاح إذا رد الخاطب. وقد يتم نكاح بلا خطبة أصلا لكن بأن يقول لها أنكحيني نفسك فتقول نعم قد فعلت ويقول هو قد رضيت ويأذن الولي في ذلك).(٢ ولكن ذهب فريق آخر من أهل العلم إلى أن الخطبة مكروهة للمحرم كراهة تنزيه وليست بحرام فحكمها مفارفق لحكم النكاح والإنكاح).(٣ قالوا والشرع قد قرن بين أمرين مع أن حكمهما مختلف كما في قوله تعالى: ) (١القاري ,مرقاة المفاتيح ,ج ,٥ص ,٥٨٣وابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص.١٩٨ ) (٢ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص.١٩٨ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٥ص ,٧٨وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤٠٢ الخطبة إبان الإحرام جار على سنن القواعد الشرعية التي تنص أن للوسائل حكم المقاصد ,فالوسيلة إلى أفضل المقاصد هي أفضل الوسائل ,والوسيلة إلى أرذل المقاصد هي أرذل الوسائل).(٢ أما كون الآية جاءت على تفارق حكمين فنقول إن ذلك جائز ولكن خولف فيه الأصل لقرينة الإجماع على عدم وجوب الأكل من الثمر ,أما في دليلنا حديث عثمان فلا قرينة تنقلنا من الأصل إلى خلافه فلذا يبقى الحكم على الأصل).(٣ وذهب أبو علي الفارقي من الشافعية واحتمله اللكنوي في "التعليق الممجد" إلى تفسير الخطبة الواردة في الحديث إلى أنها بضم الخاء خطبة النكاح ) (١سورة :الأنعام ,جزء من الآية ).(١٤٣ ) (٢ابن عبدالسلام ,قواعد الأحكام ,ج ,١ص ,٤٦والشاطبي ,الموافقات ,ج ,٢ص.٢١٢ ) (٣السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٣ص.٣٠ الكلمات أمر لا مناسبة له فهي ذكر من الأذكار والمحرم مطلوب منه أن يذكر االله تعالى في مواطن كثيرة. قال النووي في سياق الرد عليه: وأما قول أبي على الفارقي في كتابه "فوائد المهذب" المراد به الخطبة التي بين يدي العقد وهي الحمد االله إلخ فغلط صريح وخطأ فاحش ,ولا أدري ما حمله على هذا الذي تعسفه وتجسر عليه لولا خوفي من اعتراض بعض المتفقهين به لما استجزت حكايته ,واالله أعلم).(٢ خطبة المحل المحرمة أجاز جماعة من أهل العلم للحلال أن يخطب محرمة مع الكراهة).(٣ قالوا ونفرق بين هذه الكراهة والكراهة التحريمية في حال خطبة المعتدة ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٥١واللكنوي ,التعليق الممجد ,ج ,٢ص,٣٢١ والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٣ص.٣٠ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٥١ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٢٧والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٥٢ تزويجه).(١ ثالثا :حكم رجعة المحرم زوجته بعد البيان السابق وتقرر منع المحرم من النكاح اختلف الفقهاء القائلون بذلك النهي في حكم رجعة المحرم زوجه ,أو رجعة الزوج الحلال الزوجة المحرمة مع الاتفاق على المنع من الزواج بعد انقضاء أمد العدة الشرعية).(٢ والأصل في اختلافهم تباين نظرتهم هل الرجعة زواج جديد أو إمساك لزواج سابق. فإن كانت زواجا جديدا فهي داخلة في النهي الذي جاء به حديث عثمان فيمنع المحرم منها ,أما إن كانت إمساكا لزواج سابق فلا يمنع منها المحرم, ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٢٧ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٠٤والكندي ,المصنف ,ج ,٨ص ,١٢٦والسالمي, جوهر النظام ,ج ,١ص ,١٤١والشافعي ,الأم ,ج ,٥ص ,٧٩وابن عبد البر ,التمهيد, ج ,١٦ص ,٤٧وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,١٢٠وابن حزم ,المحلى ,ج,٧ ص ,١٩٨والغزالي ,الوسيط ,ج ,٥ص ,٧٥وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤٠٢ حقوق الزوجية ولم يجعل بينها وزوجها فاصلا خلا المنع من الوطء فتجوز الخلوة ولها التزين وعليها عدة الوفاة إذا ما توفي زوجها ولها الميراث منه. كما له الميراث منها إذا ما ماتت إبان عدتها ,ويلحقها طلاقه وظهاره وإيلاؤه ,ولو كانت الرجعة عقدا جديدا للزم من ذلك أنها كانت غير زوجة في فترة العدة والآثار الفقهية السابقة ترد ذلك. ثم إن مما يؤكد أن الرجعة ليست بنكاح جديد أنها لا يشرط فيها ما يشرط في أصل العقد من الولي والمهر اتفاقا ,واختلف في اشتراط الإشهاد عليها مع الاتفاق على اشتراطه في حال أصل العقد. والظاهر وجوب الإشهاد دون اشتراطه إذ الدليل الشرعي في قوله تعالى(#ρ߉Íκô−r&uρ 7∃ρã÷èyθÎ/ £⎯èδθè%Í‘$sù ÷ρr& >∃ρã÷èyθÎ/ £⎯èδθä3Å¡øΒr'sù £⎯ßγn=y_r& z⎯øón=t/ #sŒÎ*sù﴿ : (٢)﴾ ¬! nοy‰≈y㤱9$# (#θßθŠÏ%r&uρ óΟä3ΖÏiΒ 5Αô‰tã ô“uρsŒلا يفيد غير الوجوب ,والشرطية حكم زائد لا يدل عليه الدليل المذكور بأي نوع من أنواع الدلالات على ما ) (١ابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص.١٦١ ) (٢سورة :الطلاق ,جزء من الآية ).(٢ الوجوب كمثل وجوب صلاة الجماعة على الأعيان –كما تفيد ذلك ظواهر الأدلة −مع الاتفاق على أنها ليست بشرط ,وغير ذلك كثير. أما القياس على أصل عقد النكاح الذي دل الدليل فيه على اشتراط الإشهاد كما في حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن رسول االله قال :لا طلاق إلا بعد نكاح ,ولا ظهار إلا بعد نكاح ,ولا عتاق إلا بعد ملك ,ولا نكاح إلا بولي وصداق وبينة).(١ فيرده أن هذا القياس قياس مع الفارق إذ إن هناك أمورا تختلف فيها الرجعة عن أصل النكاح بالإجماع منها رضا المرأة والولي والصداق فهذه الأمور لا ينظر إليها في الرجعة مع أنها شروط بل أركان على مذهب جماعة من الفقهاء في حال أصل العقد. على أن وجود هذه الأمور الثلاثة يفيد أن الرجعة مفارق حكمها أصل النكاح مما يفيد عدم صحة القياس عليه فهي إمساك للزوجة −كما عبر الكتاب العزيز −لا ابتداء عقد. ) (١أخرجه الإمام الربيع في كتاب :النكاح ,باب :في الأولياء ).(٥١٠ عن بعضهما من الآثار السيئة عليهما وعلى المجتمع ما لا يخفى لذا توجهت التعاليم إلى الإقلال من تكاليف مصلحة الرجعة وعودة الأمور إلى مجاريها. ولئن كان في الإشهاد ملاءمة في قياسه على أمر فقياسه على الأمور السابقة التي لا تشترط للرجعة كالولي والرضا والصداق أولى من قياسه على أصل العقد إذ هو أقرب إليها من أصل ابتداء العقد. ثم إن الكتاب العزيز عبر عنها بلفظ الإمساك مما يفيد أنها ليست بزواج جديد قال تعالى÷ρr& >∃ρá÷èoÿÏ3 ∅èδθä3Å¡øΒr'sù £⎯ßγn=y_r& z⎯øón=t6sù uTM!$|¡ÏiΨ9$# ãΛä⎢ø) ̄=sÛ #sŒÎ)uρ ﴿ : | ,(١)﴾ (#ρ߉tF÷ètGÏj9 #Y‘#uÅÑ £⎯èδθä3Å¡÷ΙäC Ÿωuρ 4 7∃ρã÷èoÿÏ3 £⎯èδθãmÎhوقال ﴿£⎯ßγn=y_r& z⎯øón=t/ #sŒÎ*sù .(٢)﴾ 7∃ρã÷èyθÎ/ £⎯èδθè%Í‘$sù ÷ρr& >∃ρã÷èyθÎ/ £⎯èδθä3Å¡øΒr'sù وعلى السابق يصح لمن أسلم على أكثر من أربع ثم أراد اختيار بعضهن في حال الإحرام أن يختار; لأنه إمساك واستدامة لعقد سابق وليس هو ابتداء ) (١سورة :البقرة ,الآية ).(٢٣١ ) (٢سورة :الطلاق ,الآية ).(٢ جاءت الأدلة السابقة مانعة المحرم من أمور ثلاثة النكاح والإنكاح والخطبة ولم تتعرض للشهادة بشيء مما يقضي بجوازها لعدم الشاغل للذمة من أدلة الشارع).(٢ وذهب جماعة من أهل العلم إلى منع المحرم من الشهادة على عقد النكاح) ,(٣وقالوا إنه إن شهد المحرم كان ذلك العقد كأن لم يشهد عليه ,وقد نسب إلى هؤلاء الاستدلال بأمرين: أولهما :زيادة في حديث عثمان السابق وهي "ولا يشهد". ثانيهما :القياس على الولي. وفي هذين كليهما نظر ,أما الزيادة في الحديث فقد بحثت كثيرا عن أصلها فلم أجدها مسندة لذا فحالها لا يخلو من أحد أمرين: ) (١البهوتي ,كشاف القناع ,ج ,٢ص.٤٤٢ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٥ص ,٧٨والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٥١وابن الجوزي ,كشف المشكل ,ج ,١ص ,١٧٢وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤٠٢ ) (٣الغزالي ,الوسيط ,ج ,٥ص ,٧٥والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٥١ ثانيهما :أن ترد من طريق مقبول الرواية فتكون شاذة; لأن الرواة المحتج بهم –وهم كثر −ما ذكروها فانفراد هذا الراوي بها دون بقية الرواة يجعل روايته من قبيل الشاذ والشذوذ علة موجبة لترك الاحتجاج بالرواية. أما القياس على الولي فيرده أنه قياس مع الفارق وذلك من وجهين: أولهما :أن الولي متعين كالزوج بخلاف الشاهد. وثانيهما :أن الولي له فعل في العقد بخلاف الشاهد).(١ خامسا :إذن المحرم لعبده بالنكاح معلوم من الحال أن تصرفات العبد دائما مرهونة بموافقة السيد إذ هو المالك له ,وهذا يقودنا إلى القول بأن زواج العبد يشترط لصحته إذن السيد وعليه فهو كولاية التزويج التي تزول عن الإنسان حال الإحرام لقوله  "ولاُين ْكح". لأنه لا يصح نكاحه إلا بإذن سيده وسيده لا يصح تزوجه ولا تزويجه ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٥١ واستشكل بعضهم ذلك بأن فيه نظرا) ,(٢ولست أدري ما ذاك النظر ,إذ سوق التفريع السابق قائمة على أصول صحيحة. سادسا :دخول الحاكم في الحكم السابق لم تفرق الأدلة المانعة بين مكلف وآخر في الحكم السابق بل كان لفظ المحرم عاما ينطبق على كل متلبس بالإحرام رجلا كان أو امرأة ,حاكما أو محكوما ,لذلك ذهب أكثر أهل العلم إلى أن النهي شامل للجميع للعلل السابقة).(٣ لكن ذهب آخرون إلى القول بأن الحاكم له أن يزوج في حال إحرامه; لأن للولاية العامة التي يتمتع بها فضلا على الولاية الخاصة التي هي من حقوق أولياء المرأة).(٤ ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٥٣ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٢٥٣ ) (٣البهوتي ,شرح منتهى الإرادات ,ج ,١ص.٥٤٨ ) (٤النووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٥١وابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص.١٦٠ للمرأة كما يفيده حديث الزهري عن عروة عن عائشة قالت :قال رسول االله : أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل ثلاث مرات ,فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها ,فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له).(١ أو عند تعسف ولي المرأة بعضلها بغير وجه حق فيدخل السلطان بحكم الولاية العامة لرفع الظلم ,وفي الأحوال كلها ما جاء ما يميز ولايته بحكم جواز التزويج حال الإحرام فيبقى على أصل المنع. وينبغي أن يستثنى من الخلاف السابق ما كان فيه تزويج الحاكم بطريق الولاية الخاصة كتزويجه من هو وليهن كابنته وغيرها ,إذ العلة التي رآها المجيزون هي الولاية العامة ومعلوم أن تصرفه في مثل هذا الحال ما كان إلا بالولاية الخاصة والحكم يدور مع علته في وجوده. ونقل القاضي الماوردي وجها ثالثا في القضية وهو أن إنكاح المحرم ) (١أخرجه أبو داود في كتاب :النكاح ,باب :في الولي ).(٢٠٨٣ وقد تبين لك من قبل أن استثناء الإمام نفسه أمر مجانب للدليل على ما يظهر وما بني عليه أعطي حكمه. سابعا :حكم النكاح إن عقده المحرم النهي السابق للمحرم عن ذات النكاح والإنكاح يجعله مسلوب العبارة في عقد النكاح بالوكالة والنيابة والاستقلال في شقي القبول والإيجاب).(٢ ولئن قام به فكأنه قام به من ليس أهلا للقيام به مما يعني بطلان ذلك العقد; إذ النهي يدل على فساد المنهي عنه ,والنهي هنا متوجه إلى ذات المنهي عنه وهو النكاح).(٣ ولحديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال :قال رسول ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٢٧ ) (٢الغزالي ,الوسيط ,ج ,٥ص.٧٥ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٥١وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص ,٤٠٢والحصني, كفاية الأخيار ,ص.٢٢٤ دلت الأخبار أن الصحابة كانوا يفرقون بين من كان نكاحهما أو أحدهما في حال الإحرام ,ولذلك يقال إنه إن دخل بها فأصابها فلها مهر مثلها إلا ما سمى لها ويفرق بينهما).(٣ وينظر في حال إقدامه على الزواج بها في حال إحرامه فإن كان عالما بالنهي الشرعي وأن نكاحه والحال ذلك فاسد فإنها تحرم عليه حرمة أبدية إذ لا يعدو فعله ذلك أن يكون زنا ,ونكاح الزاني بمزنيته أمر لا يجوز عند علمائنا) ,(٤وعلى مذهب من يجيزه فلا حرج. أما إن كان غير عالم بالحكم أو الحال فلا حرج عليه إن تزوجها بعد ) (١ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص ,١٣٩والحديث باللفظ السابق أخرجه الإمام الربيع في باب: في الإمارة ).(٤٩ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٥ص ,٧٨والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٢٥٠وابن عبد البر, الاستذكار ,ج ,٤ص ,١١٨وابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص ,١٩٨وابن قدامة ,الكافي, ج ,١ص.٤٠٢ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٥ص.٧٨ ) (٤السالمي ,جوابات الإمام السالمي ,ج ,٢ص.٤٤٩ وتكون عنده بتطليقات ثلاث إذ لا يعدو السابق أن يكون فسخا) ,(١أما إن نكحها غيره فلا بد من انتهاء عدتها. وإن كانا جاهلين أكان العقد في حال الإحرام أو في غير حال الإحرام ولم يكن ثمة ما يرجح فالأصل أنه في غير الإحرام) (٢إذ الإحرام عارض والأصل الإحلال. ثم إن العقد ثابت بيقين والإحرام ظن عارض فلا يفسد العقد به ,ولكن وصى بعض الفقهاء بالاحتياط فقال إن الورع أن يدع النكاح ويعطي نصف الصداق إن كان سمى ,والمتعة إن لم يكن سمى. ويفرق في ذلك بتطليقة ويقول إن لم أكن محرما فقد أوقعت عليها تطليقة ولا يلزمه في الحكم من هذا شيء; لأنه على إحلال النكاح حتى يعلم فسخه).(٣ ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٥ص.٧٨ ) (٢البهوتي ,شرح منتهى الإرادات ,ج ,١ص.٥٤٨ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٥ص.٧٩ الدخول وكان أقبضها نصف المهر لا رجوع له به. وإن لم يقبضها فلا طلب لها به لتضمن دعواها أنها لا تستحقه لفساد العقد ,وكذا إن عكس فقالت :عقد قبل إحرامك ,وقال بعده فيقبل قوله أيضا; لأنه يملك فسخه فقبل إقراره به لكن يلزم نصف المهر في الثانية; لأن إقراره عليه غير مقبول. وإن قال الزوج تزوجتك وقد حللت ,وقالت بل وأنا محرمة صدق الزوج لما تقدم وتصدق هي في نظيرتها في العدة بأن قال الزوج تزوجتك بعد انقضاء عدتك ,وقالت له بل قبله ولم تمكنه من نفسها فقولها لأنها مؤتمنة على نفسها).(١ وذهب فريق من أهل العلم إلى مراعاة الخلاف في أصل القضية التي هي جواز نكاح المحرم فأمروا بفسخ العقد بطلاق حتى يكون الخروج من العقد متفقا عليه) ;(٢لأن الطلاقُمنٍ ْه لحكم الزوجية باتفاق. ) (١البهوتي ,شرح منتهى الإرادات ,ج ,١ص.٥٤٨ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٥٨ يأتيها إذ يأثم بذلك ويفسد العقد في النكاح والإنكاح ,ولكن لا يجب لارتكاب هذا المحظور شيء من فدية أو غيره لعدم الدليل عليه ,ولأنه عقد فسد للإحرام فأشبه شراء الصيد) ,(١ولعدم حصول المقصود منه وهو الانعقاد بخلاف باقي المحرمات لأنه استمتع بما هو محرم عليه).(٢ تاسعا :أثر الإحرام في نقل ولاية التزويج عن المحرم تبين مما مضى أن المحرم ممنوع من النكاح والإنكاح والخطبة ,ولكن معلوم أن الإنكاح الذي هو ولاية الزواج حق متعلق بالغير ,لذلك فمنع المحرم منه يقتضي منع الغير من الزواج وقد يكون في ذلك من الضرر ما فيه والشرع ما جاء إلا لدفع الضرر عن الناس. وعلى السابق فهل يعد إحرام الولي مسوغا لانتقال الولاية من الولي الأقرب إلى الأبعد منه ,أو أنه ليس بناقل للولاية وإنما هو مانع عن التزويج فيزوج السلطان لبقاء الرشد والنظر ,أو أن الأمر يفرق فيه بين طول فترة ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٥٨ ) (٢الحصني ,كفاية الأخيار ,ص.٢٢٤ الفقهاء تزويج الولي الأقرب مادام موجودا يمكن الاتصال به ولا يكون ثمة ضرر على صاحبة الشأن بانتظاره إلى حين انتهائه من إحرامه. ولي أمر تزويجها من كان أقرب إليها بعد وإن كان ضرر عليها بالانتظارََِ الولي المحرم من بقية أوليائها ,إذ النص الشرعي اشترط لصحة الزواج كونه وليا وأطلق اللفظ دون تقييد بالأقرب كما في حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن رسول االله قال :لا طلاق إلا بعد نكاح ,ولا ظهار إلا بعد نكاح ,ولا عتاق إلا بعد ملك ,ولا نكاح إلا بولي وصداق وبينة).(٢ والولي الأبعد ينطبق عليه مطلق النص الشرعي الذي هو الولاية. على أن للفقهاء خلافا في تزويج الولي الأبعد مع وجود الأقرب إن لم يكن ثمة ضرر ,فمنهم من قال إنه صحيح كان الولي الأقرب أبا أو غيره. ومنهم من قال إنه غير صحيح مطلقا ,ومنهم من قال إنه يفرق بين الولي ) (١الغزالي ,الوسيط ,ج ,٥ص ,٧٦والرملي ,نهاية المحتاج ,ج ,٦ص.٢٤٠ ) (٢أخرجه الإمام الربيع في كتاب :النكاح ,باب :في الأولياء ).(٥١٠ عاشرا :الإحرام الذي يتوجه النهي الشرعي عليه جاء الخطاب الشرعي "لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب" وهذا الإحرام لم يحدد بعمرة ولا حج فهو شامل لهما بل هو منطبق على كل من صدق عليه اسم الإحرام لذا فالمتحلل تحللا أصغر لا يصح له النكاح إذ لا تزال علائق الإحرام به فهو وإن أبيحت له أمور إلا أنه لا يزال ممنوعا من أمور أخر كالوطء. وقد جاءت الأدلة الشرعية رافعة حكم الحظر في الطيب ولبس المخيط ولم يأت ما يرفع حكم الحظر في النكاح فلذا يبقى على الأصل حتى يرتفع حكم الإحرام كله. وذهب بعض الفقهاء إلى أن النهي عن النكاح للمحرم يستمر حتى يتحلل من حجه أو عمرته فإن عقد بعد السعي وطواف الإفاضة وصلاة ركعتي الطواف كان عقدا صحيحا ,وظاهر كلامهم وإن لم يكن رمى جمرة العقبة. ) (١السالمي ,جوابات الإمام السالمي ,ج ,٢ص.٤٠٥ حتى يحلق ويجري مثله في الحج) ,(١ولا أعلم لهؤلاء دليلا يستندون عليه سو￯ أنه يباح للمحرم حينها بعض ما كان ممنوعا منه ,قال ابن حزم: لأن النص إنما جاء بأن لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب فصح أن هذا حرام على المحرم ,ومن حل له لباس القمص والبرانس وحلق الرأس لغير ضرورة فهو حلال لا محرم فالنكاح والإنكاح والخطبة حلال له إذ ليس محرما).(٢ ويرد عليهم أن لا دليل يخرج النكاح من ذلك بل شبهه الوطء أولى والأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت الناقل ولم يثبت ناقل هنا. ثم إن بقاء المنع من الوطء كان بالدليل الأول لا بدليل جديد ,على أن من الفقهاء من يقول إن المنع من النكاح قبل الطواف داخل تحت عموم كلمة النساء الواردة في الدليل :حل له كل شيء إلا النساء كما سيأتي بيانه. ) (١ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص ,١٣٩وأبو الحسن المالكي ,كفاية الطالب ,ج ,٢ص,٩٨ والغزالي ,الوسيط ,ج ,٥ص ,٧٦وزكريا الأنصاري ,فتح الوهاب ,ج ,١ص.٢٥٥ ) (٢ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص.١٣٩ ذكرنا فيما تقدم من الحديث أن المحرم –على أصح ما قيل −ممنوع من عقد النكاح ومن توليه كما جاءت الأدلة الشرعية بذلك. ولئن كان في قضية نكاح المحرم خلاف بين أهل العلم فإننا نجد كلمتهم مجتمعة على نهي المحرم من إتيان المقصود الأعلى من مقاصد الزواج وهو إفضاء كل من الزوجين للآخر حتى يطوف للإفاضة).(١ وهذا الاتفاق دليله قول الحق تبارك وتعالى ﴿⎯yθsù 4 ×M≈tΒθè=÷è ̈Β Ößγô©r& kptø:$# ,(٢)﴾ 3 Ædkysø9$# ’Îû tΑ#y‰Å_ Ÿωuρ šXθÝ¡èù Ÿωuρ y]sùu‘ Ÿξsù ¢kptø:$# ∅ÎγŠÏù uÚtsùوالرفث هنا هو الجماع).(٣ قال الإمام أبو سعيد الكدمي: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا أن الرفث غشيان النساء وهو ) (١ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص.٢٥٧ ) (٢سورة :البقرة ,جزء من الآية ).(١٩٧ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢١٦والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص.١٤٨ بين قال ﴿& ,(٢)﴾4 öΝä3Í←!$|¡ÎΣ 4’n<Î) ß]sù§9$# ÏΘ$uŠÅ_Á9$# s's#ø‹s9 öΝà6s9̈≅Ïméوالرفث في هذه الآيةٌِّ أنه ما أريد به إلا الجماع بدليل ذكر المباشرة بعده).(٣ وقد جاء الدليل المانع مصرحا بالمنع من الرفث لمن فرض الحج ولم يذكر العمرة لكن ألحقت العمرة بالحج في المنع من الرفث بإجماع أهل العلم لعدم الفرق بينهما) (٤مما يؤذن أن علة النهي عن الجماع ليست هي الإحرام بحج ولا الإحرام بعمرة بل هي مطلق الإحرام ,فمتى وجدت هذه الصفة في مكلف وجد معها حكم المنع من الرفث. ثانيا :ضابط الرفث الظاهر الذي عليه كثير من الفقهاء أن الرفث الذي يفسد الإحرام هو ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.٢١٦ ) (٢سورة :البقرة ,جزء من الآية ).(١٨٧ ) (٣السالمي ,معارج الآمال ,ج ,١٨ص ,١١٤وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص,٢٥٧ والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٧٩والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢١٥والقرافي, الذخيرة ,ج ,٣ص.٣٣٩ ) (٤المرداوي ,الإنصاف ,ج ,٣ص.٤٩٧ وهذا الضابط يدخل فيه الوطء الجائز من حيث الأصل كوطء الزوجين والسيد لأمته في موضع الحرث قبلها ,كما يدخل فيه الوطء المحرم كالوطء في الدبر وكوطء الزنا ووطء فاحشة قوم لوط ووطء البهيمة) ,(٢ورائد هذا كله حديث: أبي عبيدة عن جابر بن زيد قال :سألت عائشة :هل كان يغتسل رسول االله من جماع ولم ينزل? قالت :كان رسول االله يصنع بنا ذلك ويغتسل ويأمرنا بالغسل ويقول :الغسل واجب إذا التقى الختانان).(٣ قال الإمام أبو سعيد الكدمي: ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٩ص ,١٢والشماخي ,الإيضاح ,ج ,١ص ,١٧٨وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٥٩وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٦٠ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢١١والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص,١٤٩ والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٨٠والرافعي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٢٤والقرافي, الذخيرة ,ج ,٣ص ,٣٣٩وابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص ,٢٨٧وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٥٥٨ ) (٣أخرجه الإمام الربيع في :باب :فيما يكون منه غسل الجنابة ).(١٣٣ فأولج الحشفة مجامعا وغابت في أي شيء من هذا يريد إنزال النطفة ولم ينزل فهو مجامع رافث مفسد لحجه. وكذلك من عبث بجميع هذا يريد إنزال النطفة وقضاء الشهوة ولو لم يصح عليه الجماع بمغيب الحشفة فهو بمعنى المجامع إذا أنزل في ذلك, والدبر أشد من القبل في زوجته أو غيرها ,والبهيمة فقد ثبت في إتيانها معنى الحكم بالزنا).(١ وقال بعض أهل العلم إن وطء البهيمة ومن لا تشتهى كالميتة والصغيرة لا يفسد الحج وإن أوجب شاة على المبتلى في حال الإنزال; لأنه لا يوجب الحد).(٢ وأثبت هؤلاء البطلان فيما لو استدخلت ذكر حمار أو ذكرا مقطوعا ولو لغير آدمي ,قالوا والفرق بينه وبين ما إذا وطئ بهيمة أن داعي الشهوة في ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.٢١١ ) (٢ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٣ص ,٤٢وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص ,٥٥٨وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٦٠والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٣ص.٤٩٥ السواء ما جاء إلا من فساد الفطرة ولإشباع الشهوة. وقال آخرون إن إتيان فاحشة قوم لوط والوطء في الدبر لا يفسد الحج; لأنه لا يوجب الإحصان. وتعقب هذا بوطء الإماء في القبل; فإنه لا يوجب الإحصان وهو مفسد للحج باتفاق. وقال بعض الفقهاء إذا أولج المحرم ذكره في فرج خنثى مشكل لم يفسد إحرامه سواء أنزل أو لم ينزل; لأنه قد يجوز أن يكون الخنثى رجلا فيكون الفرج منه عضوا زائدا ,والمحرم إذا أولج في غير فرج لم يفسد إحرامه كالمستمتع بما دون الفرج لكن عليه إن أنزل شاة).(٢ أما الوطء الذي لا يوجب الغسل كالوطء فيما عدا الفرج دون إنزال فلا يقع به إفساد للحج وحكي اتفاق الفقهاء عليه) ,(٣وإن كان بعض الفقهاء ) (١ابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٥٥٩ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.٢٣٥ ) (٣ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٦١ واختلفوا في المحرم يلف ذكره بخرقة ثم يولجه في فرج ,فقيل يفسد الحج ويجب الغسل لولوج ذكره في الفرج المباشر. وقيل لا يفسد الحج ولا يجب الغسل; لأن ذكره لم يماس الفرج فكان الفرج كغير المولج. وقيل ينظر للخرقة فالكثيفة منها لا توجب الغسل ولا تنقض الحج والرقيقة توجب الغسل وتنقض الحج).(١ كما اختلفوا في الإنزال دون وطء كالاستمناء والنظر وغيره أيفسد الحج بإتيانه) (٢فقيل هو كالوطء موجب للغسل فيجب به فساد الحج وتتعلق بذمة المكلف بدنة. ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٣٥وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٥٥٨ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٩١والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٤٩وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٦٠والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٨٨والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٢٣وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٦١وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٣ص ,٤٢والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٣٤٤ الموطوء وغير ذلك فالقياس حينها قياس مع الفارق فيبطل ,وهؤلاء اختلفوا فقيل عليه شاة ,وقيل هو آثم ولا شيء عليه. قال في "بيان الشرع": وسألته عن المحرم إذا نظر في فرج امرأته عمدا ,قال :إن خرج منه منيه فعليه شاة ,وإن لم يخرج منه منيه فلا شيء عليه ,وأما إن نظر إلى فرجها خطأ فلا أر￯ عليه بأسا واالله أعلم. وإن وجد شهوة من غير نظر فخرج منه منيه فلا عليه شيء ما لم يعن على نفسه ,فإن أعان على نفسه فأر￯ عليه أن يهريق دما).(١ وقال بعضهم إذا داوم المحرم التذكر للذة أو عبث بذكره أو استدام الحركة على الدابة أو أدام النظر للذة أو باشر حتى أنزل فسد حجه ,فإن لم يداوم النظر ولم يبالغ فأنزل حجه تام وعليه دم).(٢ ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.١٩١ ) (٢القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٣٤٤ واحد من الأمرين تفاصيل نأتيها في فروع: القسم الأول :المجامع عمدا منتهى المنع من الرفث للمحرم يبدأ منع المحرم من الرفث بعد تلبسه بالإحرام ,ويتواصل المنع إلى حين طوافه طواف الإفاضة ,أما بداءة المنع فمعلوم دليلها مما تقدم ,وأما منتهى المنع فدليله حديث: سفيان عن سلمة بن كهيل عن الحسن العرني عن ابن عباس قال :إذا رمى الجمرة فقد حل له كل شيء إلا النساء ,قيل :والطيب? قال :أما أنا فقد رأيت رسول االله يتضمخ بالمسك أفطيب هو).(١ وقد نقل غير واحد من أهل العلم من المذاهب الإسلامية كافة الإجماع على فساد إحرام المجامع عمدا في القبل إن كان جماعه قبل الوقوف بعرفة, ) (١أخرجه النسائي في كتاب :مناسك الحج ,باب :ما يحل للمحرم بعد رمي الجمار ) ,(٣٠٨٤وقد تقدم تخريجه مفصلا. الوقوف بعرفة ,ويفسد العمرة قبل الطواف بالبيت).(٢ وتقييد الأمر السابق بالسعي سببه أن للفقهاء خلافا في الحلق أهو نسك أو تحلل من محظور ,فعلى الأول الذي عليه الجمهور يفسد الإحرام ما دام لم يحلق ,وعلى الثاني لا يفسد الإحرام أن لو كان بعد السعي الصحيح وقبل الحلق. وخالف الحكم السابق القائل ببطلان الحج بالرفث من المتأخرين العلامة الشوكاني فقال: استدل من قال بالفساد بقوله تعالى "فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج" وهذا الاستدلال غير صحيح: أما أولا فللاحتمال في معنى الرفث والمحتمل لا تقوم به حجة. ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٩٥وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص,٢٥٧ والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢١٥وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٥٩وابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص.٢٨٦ ) (٢الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص.١٤٨ الحرام ,فمن أين يلزم بطلان حجه. وأما ثالثا فلو كان الرفث مبطلا للحج لزم أن يكون الجدال مبطلا له واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله. وإذا عرفت أنه لا دليل على أن الجماع عمدا مبطل للحج فكيف يبطل الجماع سهوا أو جهلا?).(١ وللرأي الذي حكي عليه الاتفاق أدلة أخر غير ما ذكر الشوكاني من ذلك حديث أن رجلا من جذام جامع امرأته وهما محرمان فسأل الرجل رسول االله فقال لهما :اقضيا نسككما وأهديا هديا ثم ارجعا حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما تفرقا ولا ير￯ واحد منكما صاحبه. وعليكما حجة أخر￯ ,فتقبلان حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فأحرما وأتما نسككما وأهديا. كما جاء من طريق :ابن وهب أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن حرملة عن ابن المسيب أن رجلا من جذام جامع امرأته ) (١الشوكاني ,السيل الجرار ,ج ,٢ص.٢٢٧ أصبتما فيه ما أصبتما فأحرما وتفرقا ولا ير￯ واحد منكما صاحبه ثم أتما نسككما وأهديا. والحديث الأول أخرجه أبو داود في المراسيل) ,(١ومن طريقه البيهقي في الكبر￯) (٢من حديث أبي توبة حدثنا معاوية بن سلام عن يحيى أخبرني يزيد بن نعيم أو زيد بن نعيم −شك أبو توبة ,−ولكنه معل بأمور: أولها :الإرسال. ثانيها :شك أبي توبة في الرجل جعل أهل العلم يفترقون أهما رجلان أو رجل واحد ,فقال ابن القطان إنهما رجلان أحدهما مجهول والآخر ثقة ولعدم التعيين ضعف الحديث. قال الزيلعي :قال ابن القطان في كتابه :هذا حديث لا يصح; فان زيد بن نعيم مجهول ويزيد بن نعيم بن هزال ثقة. ) (١أبو داود ,المراسيل ,ص.١٤٧ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٦٦ وقال البيهقي إن المذكور رجل واحد هو يزيد بن نعيم الأسلمي بلا شك).(٢ والإجماع المنقول مستفاد من بعض فتاو￯ صحابة رسول االله قال ابن قدامة :ولم نعلم لهم في عصرهم مخالفا).(٣ ومما جاء في ذلك حديث عبد االله بن معاوية الجمحي ثنا حماد عن أيوب عن سعيد بن جبير أن رجلا أهل هو وامرأته جميعا بعمرة فقضت مناسكها إلا التقصير فغشيها قبل أن تقصر فسئل ابن عباس عن ذلك فقال :إنها لشبقة. فقيل له :إنها تسمع ,فاستحيا من ذلك وقال :ألا أعلمتموني ,وقال لها: أهريقي دما ,قالت :ماذا? قال :انحري ناقة أو بقرة أو شاة ,قالت :أي ذلك ) (١الزيلعي ,نصب الراية ,ج ,٣ص.١٢٥ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٦٦ ) (٣ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٥٩ مجاهدا عن المحرم يواقع امرأته فقال :كان ذلك على عهد عمر بن الخطاب فقال :يقضيان حجهما واالله أعلم بحجهما ثم يرجعان حلالا كل واحد منهما لصاحبه ,فإذا كان من قابل حجا وأهديا وتفرقا من المكان الذي أصابهما).(٢ ومن ذلك حديث حفص عن أشعث عن الحكم عن علي قال :على كل واحد منهما بدنة فإذا حجا من قابل تفرقا من المكان الذي أصابهما).(٣ ومن ذلك حديث محمد بن عبيد حدثنا عبيد االله بن عمر عن عمرو بن شعيب عن أبيه أن رجلا أتى عبد االله بن عمرو يسأله عن محرم وقع بامرأة فأشار إلى عبد االله بن عمر فقال :اذهب إلى ذاك فسله. قال شعيب :فلم يعرفه الرجل فذهبت معه فسأل ابن عمر فقال :بطل حجك ,فقال الرجل :فما أصنع? قال :أحرم مع الناس واصنع ما يصنعون وإذا أدركت قابلا فحج واهد. ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٧٢ ) (٢ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.١٦٤ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.١٦٤ إلى عبد االله بن عمرو وأنا معه فأخبره بما قال ابن عباس ثم قال :ما تقول أنت? فقال :قولي مثل ما قالا. والحديث أخرجه الدارقطني) (١والحاكم) (٢والبيهقي) ,(٣وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف) (٤من طريق ابن نمير عن عبيد االله بن عمر عن عمرو بن شعيب. قال الحاكم عقبه :هذا حديث ثقات رواته حفاظ وهو كالآخذ باليد في صحة سماع شعيب بن محمد عن جده عبد االله بن عمرو. وقال البيهقي :هذا إسناد صحيح ,وفيه دليل على صحة سماع شعيب بن محمد بن عبد االله من جده عبد االله بن عمرو. لكن اختلف الفقهاء في الجماع قبل التحلل الأصغر مع اتفاقهم على أنه ) (١الدارقطني ,السنن ,ج ,٣ص.٥٠ ) (٢الحاكم ,المستدرك ,ج ,٢ص.٧٤ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٦٧ ) (٤ابن ابي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.١٦٤ هو الركن الأعظم لحديث: سفيان عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر قال :شهدت رسول االله فأتاه ناس فسألوه عن الحج فقال رسول االله :الحج عرفة فمن أدرك ليلة عرفة قبل طلوع الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه).(٢ فإذا جاء المكلف بهذا الركن فحجه تام كما يفهم من ظاهر الحديث. لم يرتض الجمهور هذا الرأي) (٣وقالوا إن الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج وهو هو في مكانته ولا يعني ذلك عدم وجوب غيره فالأدلة أفادت أن هذا الفعل من محظورات الإحرام ولا يزال الإحرام باقيا. ثم إن هذه القاعدة ما جاء بها دليل شرعي إلا النظر ممن يستدل لكلامه ) (١ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٥٨وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٥٦٠ ) (٢أخرجه النسائي في كتاب :مناسك الحج ,باب :فرض الوقوف بعرفة ),(٣٠١٦ والترمذي في كتاب :الحج ,باب :ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج ) ,(٨٨٩وابن ماجه في كتاب :المناسك ,باب :من أتى عرفة قبل الفجر ).(٣٠١٥ ) (٣الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٤٨وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص,٢٥٨ والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٧٩والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٣ص.٤٩٥ فإنا نجدها لم تفرق بين الجماع قبل الوقوف أو بعده. والجمهور الذين لم يرتضوا القول السابق الذي يحد البطلان بالوقوف بعرفة اختلفوا في منتهى الأعمال التي لا يفسد الحج بعدها بالجماع مع اتفاقهم أن المحرم ممنوع منه إلى أن ينهي طواف الإفاضة. فقال جماعة إن كان المحرم قد تحلل التحلل الأصغر وجامع فلا يفسد حجه) (١وإن كان الفعل الذي أتاه محرما يوجب عليه دما اختلف فيه أشاة أو بدنة. واستدل هؤلاء فقالوا إن المحرم بتحلله التحلل الأصغر يرتفع عنه حظر كثير مما كان ممنوعا منه ,فبالتحلل الأصغر ترتفع محظورات الإحرام أكثرها فالمفصل على مقدار الجسد والطيب وإلقاء التفث والصيد وعقد النكاح تباح ) (١ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٦٥والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٨٩والرافعي, العزيز ,ج ,٣ص ,٤٧٩وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٥٩ وقالوا :إن الجماع مفسد للإحرام والمكلف بعد التحلل الأصغر غير محرم بدلالة ارتفاع الحظر عن محظورات الإحرام كلها خلا الرفث. وكون الرفث محرما لا يعني أنه يفسد أمرا قد انقضى بل آتيه آثم ,وهؤلاء اختلفوا في المجامع بعد التحلل الأصغر وقبل الإفاضة ما يلزمه: فقيل شاة لعدم تعلق فساد الحج به فأشبه المباشرة في غير الفرج ,وقيل بدنة لأنه وطء محظور في الحج فأشبه الوطء قبل التحلل ,وقيل لا يلزم شيء لعدم الموجب الشرعي لكن يأثم من أقدم عليه).(٢ وقال بعض الفقهاء قد فسد بوطئه ما بقي من حجه وعليه قضاء عمرة من التنعيم; لأن الباقي من حجه طواف وسعي وحلاق وذلك عمرة فلذلك ) (١فيما يباح بالتحلل الأول خلاف بين أهل العلم ,وليست المذكورات متفقا عليها اللهم إلا إلقاء التفث ولبس المخيط وتغطية الرأس ,واستعمال الطيب كما هو الثابث من فعل النبي ,وقد ذكر الخلاف في آخر هذا الجزء في مبحث التحلل من الإحرام. ) (٢الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٨٠ الجماع ,ولا يرتفع النهي إلا بطواف الإفاضة ,فكل محرم جامع ولم يطف للإفاضة فحجه باطل كان بعد التحلل الأصغر أو قبله) ;(٢إذ لا دليل مفرق بين حكمه قبل الإحلال وبعده ,وإجماع الأمة قائم أن النهي قائم عن الرفث فما الذي أخرج الحكم وأوجب فرقا جديدا. قال الشيخ أبو طاهر الجيطالي ~ مبينا سبب الخلاف: وسبب الخلاف أن للحج تحللين شبه التسليم من الصلاة أحدهما بعد رمي جمرة العقبة وهو التحلل الأصغر يحل به كل شيء إلا النساء والطيب والصيد فحتى يزور البيت. والتحلل الآخر بعد الزيارة يحل به كل شيء ,فمن اشترط التحللين قال بفساد حجه إذا وطئ قبلهما ,وهو الصحيح عندنا ,ومن لم يشترطهما قال بإباحة الوطء عند التحلل الأول).(٣ ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٣٣٩ ) (٢الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص.١٤٨ ) (٣الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص.١٤٨ الأصغر كما تفيد ذلك الأدلة الشرعية. ثم إن قول الشيخ "ومن لم يشترطهما قال بإباحة الوطء عند التحلل الأول" فيه نظر إذ المنع من الوطء متفق عليه وأنه لا يحل إلا بطواف الإفاضة ,لكن الخلاف في إفساد الحج بالوطء قبل طواف الإفاضة. ومما يدلك على ذلك أن أكثر القائلين بعدم فساد الحج بالوطء بعد التحلل الأصغر يوجبون جزاء على الواطئ وإن اختلفوا في تحديده كما تبين. كما اختلف الفقهاء في الحد الذي يفسد به الإحرام للعمرة) (١فقيل إن طاف أربعة أشواط وجامع بعد ذلك لم يفسد إحرامه ,وهذا الرأي ضعيف; إذ الإحرام باق والنهي مستمر. وقيل إن طاف وسعى ثم جامع لم يفسد إحرامه ,وقيل كل جماع حصل قبل الإحلال بالحلق فهو مفسد لإحرام العمرة. ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٩٩والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٦٤والرافعي, العزيز ,ج ,٣ص ,٤٢٥والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٤٩والقرافي ,الذخيرة, ج ,٣ص.٢٦٩ القول بأنه استباحة محظور فالإحرام منقض ولم يصادف الجماع إحراما. قال الإمام أبو سعيد الكدمي ~: معي أنه يخرج في قول أصحابنا أنه ما لم يحل بالحلق أو التقصير ولو طاف وسعى وأبيح له الحلال فهو حرام. وما أتى من جميع ما هو ممنوع في الحرم كان عليه في حاله ذلك ما على المحرم في الصيد واللباس والفساد في الوطء وغير ذلك من الأشياء الممنوعة ,ولا أعلم في مذهبهم يبين لي غير ذلك).(١ والواقع أن ثمة فقهاء يقولون إن الحلق نسك ومع ذلك لا يفسدون العمرة بالوقاع قبل الحلق وبعد السعي) (٢لدليل خارجي وهو الاستدلال بأثر عن ابن عباس أنه ألزم بالدم ولم يلزم بالإعادة. ولأن التقصير ليس بركن فلا يفسد النسك بتركه ولا بالوطء قبله كالرمي في الحج. ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.١٩٩ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٦ ابن جعفر :من وطئ امرأته ولم يقصر عند إحلاله من العمرة فعليه دم)@ @.(٢ جزاء المجامع عند النظر إلى فتاو￯ الصحابة في قضية جماع المحرم نجد أن منها ما جاء أن عليه دما وفصل بشاة أو بقرة أو بدنة كما هو في فتو￯ ابن عباس ,ومنها ما جاء بالهدي ,ومنها ما جاء بالبدنة. لذلك قال من قال من الفقهاء إن عليه شاة) ,(٣وخالفهم آخرون فقالوا ) (٤ إن الواجب على من انتهك هذا المحظور وجامع في وقت النهي بدنة مستدلين بأنه جماع صادف إحراما تاما فوجبت به البدنة كبعد الوقوف, ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولم يفرقوا بين الوقوف وبعده) ,(٥وقال ) (١الكندي ,المصنف ,ج ,٨ص.١٤٦ ) (٢ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص.٣٤٧ ) (٣ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٥٩وابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.١٦٥ ) (٤ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٥٩ ) (٥الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢١٦وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٦٠ لم يجد بدنة فبقرة ,ومن لم يجد بقرة فسبع من الغنم ,ومن لم يجد ذلك قومت البدنة بالدراهم والدراهم بالطعام وتعطى لأهل مكة ,فإن لم يجد ذلك صام عن كل مد يوما).(٢ وقال آخرون إن عليه شاة إن جامع قبل الوقوف بعرفة ويفسد حجه, وبدنة إن جامع بعد الوقوف بعرفة ويصح حجه. واستدل هؤلاء فقالوا إن الجماع قبل الوقوف بعرفة موجب للقضاء فلم تجب به بدنة كالفوات. رابعا :إتمام إحرامه الفاسد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن على المفسد إحرامه بالجماع أن يمضي ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٠٥وج ,٢٢ص.٢٢٢ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.٢٢٥ وعلل ذلك بعضهم بأن التحلل من الإحرام لا يكون إلا بأداء الأفعال أو الإحصار ولا وجود لأحدهما وإنما وجب المضي فيه مع فساده لما أنه مشروع بأصله دون وصفه ولم يسقط الواجب به لنقصانه).(٢ واختلفوا في المفسد حجه بالجماع يجامع غيره في النسك نفسه ,فقيل إن ذلك موجب للكفارة عليه ,واختلفوا فقيل شاة لأنه محظور لا يتعلق به فساد النسك ,وقيل بدنة كحاله في الجماع الأول. ومنهم من قال موجب للكفارة لكن تتداخل الكفارتان لأن الانتهاك واحد ,ومنهم من قال تتداخل الكفارتان ما لم يطل الزمان بين الجماعين ويختلف المجلس. ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٩٣والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٨٠والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢١٦والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٣٣٩والمرداوي, الإنصاف ,ج ,٣ص.٤٩٥ ) (٢ابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٥٥٩ وذهب آخرون إلى أنه إن فسد الإحرام بالجماع تعلق بذمة المكلف الجزاء وإعادة الحج ولا يلزمه المضي في فاسده) ;(٢إذ الحج فاسد فما فائدة المضي فيه. وقال هؤلاء إن استطاع أن يحرم بالحج في عامه ذلك أحرم كأن يكون الجماع قبل فوات عرفة فيحرم من موضعه ويواصل إحرامه الجديد. قال الإمام أبو المؤثر البهلوي: فيمن أحرم بالحج من الميقات ثم جامع امرأته قبل أن يقف بعرفات فإنه إن أمكنه أن يرجع إلى الميقات فيرجع فيحرم منه ويمضي على حجه ,وحجه تام وعليه بدنة ينحرها بمنى أو بمكة. وإن هو لم يرجع إلى الميقات فيحرم منه فإن هو أحرم من دون الميقات ووقف بعرفات فليقض حجه وعليه شاة يذبحها بمنى أو بمكة وليتصدق بلحمها ولا يأكل منها شيئا. ) (١الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٨٩والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٨١ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٠٧والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٣ص.٤٩٥ بعرفات وقضى مناسك الحج فعليه بدنة وعليه الحج من قابل).(١ خامسا :وجوب القضاء عموم وجوب القضاء للحج الواجب وغير الواجب لا إشكال أنه إن كان الإحرام الفاسد إحراما واجبا كحجة الفريضة أو النذر أو الوفاء باليمين أو العمرة على مذهب من ير￯ وجوبها أنه يلزم المبتلى بالقضاء إذ إن الواجب لا يزال متعلقا بذمته. أما إن كان الإحرام السابق إحراما غير واجب فاختلف أهل العلم في وجوب القضاء عليه ,فقال جماعة من أهل العلم إنه يلزمه أن يقضيه),(٢ واستدلوا بظاهر بعض الآثار المنقولة عن الصحابة في ذلك إذ إنها لم تفصل بين واجب وغيره. وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا يلزم القضاء إن كان الإحرام السابق ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.٢٠٧ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٠٥والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٨٢والمرداوي, الإنصاف ,ج ,٣ص.٤٩٦ فقضاء النفل من الصيام ليس بواجب على ما تفيده الأدلة وإن تسبب صاحبه في الإفساد. الفورية في القضاء اختلف الفقهاء في القضاء للإحرام الفاسد أيلزم على سبيل الفور أي أن عد آثما ,أو يجوز للمكلف أن يتراخى يأتي به المبتلى في أول سني الإمكان وإلاَُّ فيه فلا يأثم إن أخره عاما بعد عام شريطة أن لا يتوفى إلا وهو مؤد ما عليه).(٢ مما استدل به القائلون بالفورية ما جاء في فتاو￯ بعض الصحابة من ذكر الحج من قابل مما يعني الفورية. وأما الآخرون فقالوا إن الحج الركن مختلف فيه أيلزم على سبيل الفورية أو يجوز فيه التراخي ومعلوم من حال هذا أنه أخف مرتبة من أصل الحج. ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢١٩والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٣ص.٤٩٦ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢١٨والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٨٢والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٢١والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٣٤٠وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٥٥٩ واجتهاد. نفقة الموطوءة في حج القضاء إن نفقة المرأة المطاوعة على الجماع محرما كان أو مباحا تكون عليها إذ هي السبب في بطلان حجها ,ولأن القضاء من عبادات الأبدان فالنفقة المتعلقة بها من مال الزوجة لا يتحملها الزوج كحجة الإسلام).(١ لكن يستثنى من ذلك حالة كون الموطوءة أمة وطئت بملك اليمين ولو مطاوعة فالنفقة على السيد الواطئ لأنها لا تملك ما كسبت).(٢ وقيل إن النفقة في القضاء على الواطئ ولو باختيارها ورضاها; لأن القضاء إنما وجب بالوطئ وحقوق الأموال المتعلقة بالوطئ يتحملها الزوج كالمهر).(٣ أما إن كانت مكرهة فعلى من أكرهها ولو طلقها زوجها المكره ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.١٩٦ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٢١والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٣٤٠ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.٢٢١ من قال لا كفارة عليها مطلقا كارهة كانت أو راضية لأنه لا وطء منها).(٢ ولا يغيب عن التنبيه أن الأمر هنا على قول من قال إن الإكراه موجب لفساد الحج ,وقد تبين أن الأظهر خلافه وأن المكره على الجماع دون إرادة منه لا يفسد إحرامه. تفرق الزوجين قال بعض أهل العلم إنه يلزم اللذين ابتليا بالقضاء للجماع أن يتفرقا; كيلا تدعوه الشهوة إلى المعاودة فإن معهد الوصال مشوق).(٣ ومعنى التفرق أن لا يركب معها في محمل ولا ينزل معها في فسطاط ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٢٠والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٨٤والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.٢٢٢ ) (٢ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص ,١٦٥والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٣ص ,٤٩٥وابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص.٢٨٨ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٩٦والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٨٤والقرافي, الذخيرة ,ج ,٣ص.٣٤٠ الإحلال).(١ وقال بعض الفقهاء لا يلزمهما ذلك) ;(٢لأنه لا معنى للتفرق إذ إنه لو وطئها في الصوم ثم دخل في القضاء لم يفرق بينهما ولم يمنعا من الاجتماع في الموضع الذي وطئها فيه. نعم إن كان في اجتماعهما ذريعة إلى الوقوع في المحظور فيلزم سد ذريعة الفساد ,وإن لم يكن فيه محذور −وكل طبيب نفسه −فلا لزوم لذلك التفرق بينهما لعدم الدليل. قال الإمام أبو سعيد الكدمي: وقد كان في نفسي من افتراقهما ولزوم ذلك لهما في أي وجه إذا تابا مما أتيا فلينظر في ذلك إذا كان على وجه اللزوم. ) (١الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٨٤والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٢٢والقرافي, الذخيرة ,ج ,٣ص ,٣٤١والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٣ص ,٤٩٦وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٥٦٠ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢١٨وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٥٦٠ مكان الإحرام في القضاء ذهب بعض الفقهاء إلى أنه ملزم أن يحرم من أغلظ الموضعين عليه من الميقات ,قالوا فإن كان قد أحرم في الأداء قبل الميقات لزمه أن يخرج في القضاء إلى ذلك الموضع; لأن ما بين ذلك الموضع مسافة لزمه قطعها محرما في الأداء فيلزمه مثلها في القضاء ,وإن لم يفعل أراق دما لمجاوزته الميقات الشرعي. وإن كان أحرم بعد الميقات في الأصل مسيئا لزمه الإحرام على الصواب من الميقات ,وإن كان مصيبا في إحرامه بعد الميقات فاختلف أيلزمه الإحرام من الميقات أو يجزيه الإحرام من مكان الإحرام الأصل).(٢ وقال هؤلاء إنه لا يلزم أن يحرم عند القضاء في زمان الأداء بل له التأخير عنه كأن يكون الأداء بشوال والقضاء بأول ذي الحجة. ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢١٨وج ,٢٢ص.٢٢١ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٠١والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٨٣وابن مفلح, الفروع ,ج ,٣ص ,٢٨٩وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٥٥٨ وهذا التعليل ضعيف فيه نظر لذا قال الرافعي بعد إيراده :وظني أن هذا الاستشهاد لا يسلم عن النزاع).(١ وذهب بعض أهل العلم إلى أن عليه أن يحرم للحج والعمرة من حيث أحرم أولا إلا أن يكون الأول أبعد من الميقات كأن يكون أحرم قبله فيحرم من الميقات).(٢ وذهب آخرون إلى أن الجماع لا يوجب حكما في الميقات لعدم الدليل فيحرم وكأنه لم يأت شيئا) ,(٣فإن كان من أهل الآفاق فيحرم من الميقات ,وإن كان ممن بعد المواقيت فيحرم من موضعه. وإن كان من أهل الحرم فيحرم للحج من الحرم وللعمرة من أدنى الحل على ما ذهب إليه أكثر أهل العلم وقد تقدم ,وهذا الرأي أولى بالاعتبار لعدم الدليل الناقل من هذا الأصل سو￯ الغرام بالتشديد والتعلق بالآراء. ) (١الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٨٤ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٠١والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٣٤١ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.٢٢٧ الجماع يفسد إحرام المكره وغير المكره ,والناسي وغير الناسي).(١ وكان دليلهم العموم وعدم التفصيل بين المكره وغير المكره والناسي وغير الناسي من قبل الأدلة المستدل بها. واختلف هؤلاء أعلى المكره بدنة أو ليس عليه بدنة ,فقال بعضهم :ليس المكره بدنة; لأنه جماع يوجب الكفارة فلم تجب به حال الإكراه أكثر من علىَ كفارة واحدة كما في الصيام. المكره; لأنه كان السبب في بطلان الحج,وقيل عليه بدنة لكن يخرجهاِ وقيل بل عليه أن يخرجها بنفسه; لأن الفساد كان لحجه فخوطب هو بها. وفي هذا الرأي القائل بفساد الإحرام مع الخلو من العمدية للانتهاك نظر ) (١الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٥٠وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص,٢٦٠ والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٩٠وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٦٠والقرافي, الذخيرة ,ج ,٣ص ,٣٤١والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٣ص.٤٩٥ وقال في "بيان الشرع": وسألته) (٣عن المحرم بحج إذا جامع ناسيا قبل الوقوف بعرفة ما يلزمه في ذلك? قال :لا أعلم أني سمعت فيه خبرا ,ولا وطئت فيه أثرا ,ويعجبني أن يكون مثل الصائم والواطئ في الصيام فقد قيل إن عليه بدل يومه إن كان ناسيا ,وقيل لا شيء عليه ,ويعجبني أن لا يكون على هذا شيء ويكون حجه تاما ,وإن أهد￯ دما فحسن عندي. قلت له :فإن لم يهد لم يلزمه ذلك? قال :لا يبين لي عليه شيء إذا كان ناسيا ,قلت له :وكذلك إذا وطء بعد الوقوف بعرفة قبل الزيارة أهو مثل ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,١٩٦والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٨٦والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢١٩والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٣ص ,٤٩٥وابن مفلح, الفروع ,ج ,٣ص.٢٨٨ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.١٩٦ ) (٣لم يبين المسؤول والكلام نقل إثر كلام للعلامة أبي المؤثر ,وإن لم يصح أنه لأبي المؤثر فالمشرب مشرب الإمام أبي سعيد الكدمي. معي أنه يخرج في معنى المستكره والنائمة نحو ما حكي من الاختلاف ويشبه فيهما ذلك ,ويعجبني أن لا يكون عليهما من الكفارة ولا في فساد شيء; لأن ذلك عندي زائل عنهما وبخاصة في النائم).(٢ وجميع الفروع الفقهية مرفوعة عن المكره فعقوده غير صحيحة ,وطلاقه لا يثبت ,والحد مرفوع عنه ,والإثم قد تجاوز االله عنه "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان" فلم إثبات بطلان الحج بأمر خارج عن إرادته فيزر هو وزر غيره. فضلا عن أن قاعدتنا العامة في انتهاك محظورات الإحرام التي تدل عليها الشواهد الشرعية كما سيأتي أن شرط الانتهاك الموجب للفدية العمد فلا فدية على الجاهل ولا فدية على المكره ولا فدية على الناسي. وتقييدا للحكم السابق نبين أن للفقهاء خلافا في إمكان تصور الإكراه على الوطء ,إذ إن النافين قالوا إن عمل آلة الوطء لا يتصور إلا وللنفس رغبة فيه أما مع عدم الرغبة فلا عمل لآلة الوطء. ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.٢٠٩ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص.٢٢٦ للشبهة لأن الكفارات كالحدود تدفع بالشبهات على ما قاله بعض أهل العلم. رابعا :مقدمات الجماع جاء النص القرآني بالمنع من الرفث لمن فرض الحج ,لذا اتفق بين علماء الملة على منع المحرم من الرفث ,ومعلوم من الحال أن تحريم أمر يستلزم تحريم كل ما يؤدي إليه وإلا لزم العبث والتناقض. وبهذا يقال في نحو القبلة واللمس والنظر بأنه إن كانت القبلة ونحوها تؤدي بصاحبها إلى الجماع المحرم فلها حكم ما تؤدي إليه إذ للوسائل حكم المقاصد ,وإن كانت لا تفضي إلى الوقوع في المحظور فتبقى على أصل حكمها قبل الإحرام لعدم الناقل).(١ وذهب كثير من الفقهاء إلى المنع من القبلة ونحوها بإطلاق) (٢سدا لذريعة الفساد ,ولأن للوسائل حكم المقاصد ,واختلفوا في الواجب على من ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٠٣والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.٢٢٤ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٢ص ,٢٠٣وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٦١ هذا الذي قيل وفيه نظر لا يخفى إذ الأقوال السابقة عرية عن الدليل ولا حجة في الشرع لكلام من حقه التكليف ,فالقبلة ليست بوطء من قبيل ولا دبير بل بينها والوطء بون شاسع مما يمنع القياس عليه فضلا من أن نقول ببطلان الحج بها. على أن بطلان الحج بالوطء لم يكن بذلك الدليل القوي بل هي أحكام بعض من صحابة رسول االله لم يعرف لهم مخالف فيها مع عدمقضى بهاٌ القطع به ,وحكم الصحابي الصادر من رأيه من حيث الأصل ليس بحجة إذ هو مكلف كغيره. ثم إن الوطء مفسد لعبادة لحج موجب للكفارة كحاله في عبادة الصوم مع اختلاف الكفارتين ,وهذا يعني أن حكم القبلة في العبادتين واحد إذ المفضى إليه في العبادتين واحد وهو إفساد عبادة واجبة ,وإن كانت العبادة في رمضان أشد لتعين الصيام في وقت دون غيره عكس الحج ,وقد جاءت ) (١الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٤٨وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص,٢٥٩ وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٦٢ يقبل وهو صائم? قالت :يصنع بنا ذلك وهو يضحك).(١ ّ وجاء ما يفيد عموم الحكم السابق للنبي وأمته من حديث عمرو بن الحارث عن عبد ربه بن سعيد عن عبد االله بن كعب الحميري عن عمر بن أبي سلمة أنه سأل رسول االله :أيقبل الصائم? فقال له رسول االله :سل هذه لأم سلمة فأخبرته أن رسول االله  يصنع ذلك ,فقال :يا رسول االله ,قد غفر االله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر, فقال له رسول االله :أما واالله إني لأتقاكم الله وأخشاكم له).(٢ وما جاء من الروايات مفيدا نهي الصائم عن القبلة أو الحكم بأنها مفسدة للصيام فلا يثبت حتى لا يتعلق بها في الحج قياسا على الصوم ومن ذلك حديث زيد بن جبير عن أبي يزيد الضني عن ميمونة مولاة النبي  قالت :سئل النبي عن رجل قبل امرأته وهما صائمان قال :قد أفطرا. ) (١أخرجه الإمام الربيع في باب :ما يفطر الصائم ).(٣١٨ ) (٢أخرجه الإمام مسلم في كتاب :الصيام ,باب :بيان أن القبلة في الصيام ليست محرمة على من لم تحرك شهوته ).(١١٠٨ الدارقطني بعد إخراجه :لا يثبت هذا وأبو يزيد الضبي ليس بمعروف. وقال الترمذي: وسألت محمدا عن حديث إسرائيل عن زيد بن جبير عن أبي يزيد عن ميمونة ابنة سعد مولاة النبي سئل عن رجل قبل امرأته وهما صائمان قال: قد أفطرا. فقال :هذا حديث منكر لا أحدث به ,وأبو يزيد لا أعرف اسمه وهو رجل مجهول ,وزيد بن جبير ثقة).(٤ وأعله بعضهم مع العلة السابقة بزيد بن جبيرة وبأنه ليس بحجة إذ قال عنه البخاري :متروك ,وقال أبو حاتم :لا يكتب حديثه ,وقال ابن عدي: ) (١أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,٦ص.٤٦٣ ) (٢كتاب :الصيام ,باب :ما جاء في القبلة للصائم ).(١٦٨٦ ) (٣الدارقطني ,السنن ,ج ,٢ص.١٨٣ ) (٤الترمذي ,العلل ,ص.١١٦ الرجلين بون شاسع فراوي الحديث وهو زيد بن جبير من رجال البخاري محتج به كما قال البخاري. أما ابن جبيرة فكما نقل عنه والذي يروي عن الظبي هو ابن جبير كما في كتب تراجم الرجال. كما جاء حديث عمر بن الخطاب قال :رأيت النبي في المنام وهو لا ينظرني فقلت :يا رسول االله ,مالك لا تنظرني? قال :أنت الذي تقبل وأنت صائم ,فقلت :إني لا أعود أقبل وأنا صائم. والحديث أخرجه الحافظ ابن عدي في الكامل) (٢وفي إسناده عمر بن حمزة قال عبداالله بن الإمام أحمد :سمعت أبي يقول :عمر بن حمزة أحاديثه مناكير رو￯ عنه أبو أسامة ومروان الفزاري ,وقال النسائي :عمر بن حمزة بن عبد االله بن عمر ليس بالقوي. كما جاء مما يفيد النهي المطلق عن التقبيل حديث أبي هريرة قال :نهى ) (١زكريا الباكستاني ,تنقيح الكلام ,ص.٥٨١ ) (٢ابن عدي ,الكامل ,ج ,٥ص.١٩ طريق موسى بن زكريا نا أزهر بن مروان الرقاشي نا الحارث بن نبهان عن معمر بن راشد عن عمار بن أبي عمار. وفي إسناده الحارث بن نبهان وقد تفرد به كما قال الطبراني ,والحارث ليس بحجة في الرواية فقد قال الإمام البخاري :منكر الحديث).(٢ وقال ابن حبان :كان من الصالحين الذين غلب عليهم الوهم حتى فحش خطؤه وخرج عن حد الاحتجاج به ,سمعت الحنبلي يقول :سمعت أحمد بن زهير عن يحيى بن معين قال :الحارث بن نبهان ليس بشيء).(٣ فثبت من السابق أنه لم يثبت في النهي عن التقبيل شيء بل الأحاديث التي فيها الجواز صحيحة وما الحج إلا كالصيام بل نقض الصيام بالجماع ثابت من لفظ الشارع وكفارته ثابتة من نص الشارع المتأيد بالإجماع فما بال المنع في الحج بل إيجاب الدم على المقبل ما هذا إلا تشديد لم تنطق به الأدلة ) (١الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,٨ص.١٨٢ ) (٢البخاري ,التاريخ الكبير ,ج ,٢ص.٢٨٤ ) (٣ابن حبان ,المجروحين ,ج ,١ص ,٢٢٣والعقيلي ,الضعفاء ,ج ,١ص.٢١٧ رسول االله يأتيها كما في حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد قال :بلغني عن عروة بن الزبير يقول :عن عائشة } أنها قالت :يقبلني رسول االله ثم يصلي ولا يتوضأ).(١ ) (١أخرجه الإمام الربيع في باب :ما يجب منه الوضوء ).(١٠٨ مما اتفقت عليه كلمة أهل العلم قاطبة تحريم قتل الصيد والاصطياد على المحرم بعد تلبسه بالإحرام) ,(٢ذكرا كان المحرم أو أنثى ,وكذلك جاءت النصوص الشرعية في الكتاب والسنة فقد قال تعالى: ﴿#Y‰ÏdθyètG•Β Νä3ΖÏΒ ...ã&s#tFs% ⎯tΒuρ 4 ×Πããm öΝçFΡr&uρ y‰øŠ¢Á9$# (#θè=çGø)s? Ÿω (#θãΨtΒ#uTM t⎦⎪Ï%©!$# $pκš‰r' ̄≈tƒ ×οt≈¤x. ÷ρr& Ïπt7÷ès3ø9$# xÎ=≈t/ $Nƒô‰yδ öΝä3ΨÏiΒ 5Αô‰tã #uρsŒ ⎯ÏμÎ/ ãΝä3øts† ÉΟyè ̈Ζ9$# z⎯ÏΒ Ÿ≅tFs% $tΒ ã≅÷WÏiΒ ÖTM!#t“yfsù ô⎯tΒuρ 4 y#n=yTM $£θtã a!$# $xtã 3 ⎯ÍνÍö∆r& tΑ$t/uρ s−ρä‹u‹Ïj9 $YΒ$u‹Ï1 y7Ï9≡sŒ ãΑô‰tã ÷ρr& t⎦⎫Å3≈|¡tΒ ßΘ$yèsÛ ∩®∈∪ BΘ$s)ÏGΡ$# ρèŒ Ö“ƒÍ•tã a!$#uρ 3 çμ÷ΖÏΒ a!$# ãΝÉ)tFΖuŠsù yŠ$tã &Îhy9ø9$# ߉ø‹|1 öΝä3ø‹n=tæ tΠÌhãmuρ ( Íοu‘$§‹¡¡=Ï9uρ öΝä3©9 $Yè≈tFtΒ ...çμãΒ$yèsÛuρ Ìóst7ø9$# ߉ø‹|1 öΝä3s9̈≅Ïmé ) (١لأهل العلم −أعظم االله لهم الأجر −في موضوع الصيد مباحث مطولة وتفاصيل محررة اقتصرنا منها على اليسير فلم تكن الإطالة لنا شعارا لقلة الابتلاء بالصيد في زماننا وضعف الهمة عن الاستيعاب. ) (٢الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٥٠والنووي ,شرح صحيح مسلم ,ج,٨ ص ,١٠٤وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٤٣والعيني ,عمدة القاري ,ج,١٠ ص ,١٦١وابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص ,٢٩٧والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج,١ ص.٤٢٩ أهد￯ رجل إلى رسول االله حمارا وحشيا بالأبواء −يعني موضعا −فرده عليه ,فلما رأ￯ رسول االله الكراهة في وجهه قال :إنا لم نرده عليك إلا أنا محرمون).(٢ كما جاء الحديث السابقة من رواية أخر￯ من حديث مالك عن ابن شهاب عن عبيد االله بن عبد االله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة الليثي أنه أهد￯ لرسول االله حمارا وحشيا وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه ) (٣ رسول االله ,قال :فلما أن رأ￯ رسول االله ما في وجهي قال :إنا لم نرده ) (١سورة :المائدة ,الآيتان ) ٩٥و.(٩٦ ) (٢أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :الصيد للمحرم ).(٤٣٦ ) (٣قال النووي :قال القاضي عياض :رواية المحدثين في هذا الحديث لم نرده بفتح الدال, قال :وأنكره محققو شيوخنا من أهل العربية ,وقالوا هذا غلط من الرواة وصوابه ضم الدال. قال :ووجدته بخط بعض الأشياخ بضم الدال وهو الصواب عندهم على مذهب سيبويه في مثل هذا من المضاعف إذا دخلت عليه الهاء أن يضم ما قبلها في الأمر ونحوه لكل ما يعين الحلال فضلا عن المحرم على الصيد بما قل أو كثر فقد فعل ما لا يجوز له وهذا إجماع من العلماء).(٢ ودليله حديث عبد االله بن أبي قتادة أن أباه أخبره أن رسول االله خرج من المجزوم مراعاة للواو التي توجبها ضمة الهاء بعدها لخفاء الهاء فكان ما قبلها ولى الواو ولا يكون ما قبل الواو إلا مضموما هذا في المذكر. وأما المؤنث مثل ردها وجبها فمفتوح الدال ونظائرها مراعاة للألف هذا آخر كلام القاضي فأما ردها ونظائرها من المؤنث ففتحة الهاء لازمة بالاتفاق ,وأما رده ونحوه للمذكر ففيه ثلاثة :أوجه أفصحها وجوب الضم كما ذكره القاضي ,والثاني الكسر وهو ضعيف ,والثالث الفتح وهو أضعف منه ,وممن ذكره ثعلب في الفصيح لكن غلطوه لكونه أوهم فصاحته ولم ينبه على ضعفه. النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٨ص ,١٠٤وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص,٣٣ والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٦٢ ) (١أخرجه بهذا اللفظ مسلم في كتاب :الحج ,باب :تحريم الصيد للمحرم ),(١١٩٣ وأخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :إذا أهد￯ للمحرم حمارا وحشيا حيا لم يقبل ).(١٧٢٩ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢١ص ,١٥٥وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٤٣ قتادة لم يحرم. فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أتانا فنزلوا فأكلوا من لحمها وقالوا أنأكل لحم صيد ونحن محرمون فحملنا ما بقي من لحم الأتان فلما أتوا رسول االله قالوا: يا رسول االله إنا كنا أحرمنا وقد كان أبو قتادة لم يحرم فرأينا حمر وحش فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانا فنزلنا فأكلنا من لحمها ثم قلنا أنأكل لحم صيد ونحن محرمون فحملنا ما بقي من لحمها. قال :أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها? قالوا :لا ,قال :فكلوا ما بقي من لحمها).(١ المحرم الذي يريد قتل الصيد على ِ الحلالالمحرم أو دلالة ِ المحرمودلالة َ َ الصيد أمر لا يصح; لأنه من باب إعانته على الإثم والعدوان واالله تعالى يقول( ©!$# (#θà) ̈?$#uρ 4 Èβ≡uρô‰ãèø9$#uρ ÉΟøOM}$# ’n?tã (#θçΡuρ$yès? Ÿωuρ ( 3“uθø)−G9$#uρ ÎhÉ9ø9$# ’n?tã (#θçΡuρ$yès?uρ﴿ : ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :لا يشير المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال ).(١٧٢٨ الدلالة والإشارة سبب إلى القتل ,وتحريم الشيء تحريم لأسبابه) ,(١ولا جزاء على الحلال بالدلالة بل يأثم والجزاء على الجاني).(٢ المحرم مع الإثم اختلف في أمر الجزاء فقيل َ ِ المحرمولكن في دلالة يشتركان فعليهما معا جزاء واحد) ,(٣وقيل بل يلزم كل واحد منهما جزاء, وقيل بل الجزاء على الجاني ولا جزاء على الدال وإن كان آثما بدلالته ,وهذا أقرب الأقوال إذ الشرع رتب الجزاء على القاتل والدال ليس بقاتل. الحلال على الصيد فقيل جائز لعدم الدليل َ ِ المحرمواختلفوا في دلالة المانع ,وقيل بل لا يجوز ويدل عليه قوله :أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها ,مما يفيد أنه بالإشارة أو الأمر يمتنع الأكل منها).(٤ ) (١الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٩٧ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٤٤ ) (٣الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.٢٩٤ ) (٤ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢١ص ,١٥٥وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٤٣ وهؤلاء اختلفوا هل على كل واحد جزاء أو جزاء واحد على الجميع).(٢ وقيل لا ضمان عليه بالدلالة; لأن الضمان بالجناية).(٣ وفي الاستدلال بقوله " أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها" في منع الإشارة والدلالة لمن كان محلا نظر من حيث إن الدليل مفيد حكم أكل الصيد في حال الدلالة والإشارة لا عن حكم نفس الدلالة والإشارة. إذ الدليل فيها ساكت وأصل سؤال الصحابة عن الأكل إذ إن جماعة منهم تورعوا عنه فكان تبيين مناط الحكم بالسؤال ,مما يفيد أن الجواب كلوا إن كنتم لم تشيروا أو تعينوا ومفهومه لا تأكلوا إن كنتم أشرتم أو أعنتم. والصحابة لم يسألوا عن حكم الإشارة بل عن الأكل ,وفي حال الإشارة يكون المشير في حكم القاتل وقتل المحرم الصيد يجعله ميتة لأنه مسلوب ) (١ابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص.٢٩٩ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢١ص ,١٥٥وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٤٣ ) (٣ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢١ص.١٥٥ كانت لمن يحل له شرعا قتل الصيد من المحلين ,والنهي ما كان إلا قتل الصيد كما هو نص الكتاب العزيز ,ومنه يظهر لك أنه لا ضمان عليه بالدلالة إذ هو لم يأت جناية بل أتى مباحا من الفعل. كما ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن المحرم ممنوع من تملك الصيد بالبيع والهبة ونحوهما) ,(١بل حكى الحافظ ابن عبد البر الإجماع عليه فقال: وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمحرم قبول صيد وهب له ,ولا يجوز له شراؤه ,ولا اصطياده ,ولا استحداث ملكه بوجه من الوجوه ,لا خلاف بين علماء المسلمين في ذلك).(٢ ومنهم من نص على منع الاستيداع للصيد عند المحرم).(٣ ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,١٧٤والنووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٨ص,١٠٤ وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٧٩وابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص ,٤٠٣والعبدري, التاج والإكليل ,ج ,٣ص ,١٧٢وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤١٠ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٩ص.٥٨ ) (٣العبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص.١٧٢ قبوله هديته لعلة الإحرام. وذهب آخرون إلى أن الصيد لا يملك للمحرم ولو كان سبيل أيلولته إليه الإرث. ولعل هؤلاء يستدلون بحديث الصعب بن جثامة ,ومنع ذلك آخرون لأن الملك بالإرث ليس بفعل من جهته وإنما يدخل في ملكه حكما).(١ وبعد الاتفاق على عدم جواز بيعه اختلفوا فيمن اشتراه) (٢فقيل إن العقد باطل من أساسه إذ المحرم في هذا الحال ممن سلب أهلية التعاقد ,وقيل بل العقد صحيح ولكن عليه أن يرسله. كما اختلفوا في المحرم يحرم وفي ملكه صيد) ,(٣فقيل عليه أن يرسله إن ) (١الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٩٥وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٧٩ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,١٧٣وج ,٢٤ص ,١٧٨والصائغي ,لباب الآثار, ج ,٣ص ,٢٩٦وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٩ص ,٥٩والعبدري ,التاج والإكليل ,ج,٣ ص.١٧٢ ) (٣الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٥٢والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص,١٠٢ وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٩ص ,٥٩والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٩٥وابن قدامة, مطلقا ,إذ المحرم ابتداء الصيد بالتسبب للقتل وليس الاستدامة كالنكاح والطيب. وهذا التحريم للصيد كان ابتلاء من االله تعالى للمحرمين ,وذلك أنه كان من أحب الأمر إليهم الاصطياد ,فجاء ابتلاء التمحيص بالمنع منه فتترك النفس البشرية محبوبها الله تعالى وحده حتى تستكمل حق العبودية ,وقد كان الصيد منهم قريب المأخذ سهل التناول ,قال العلامة السيد محمد رشيد رضا: ووجه الابتلاء بذلك أن الصيد ألذ الطعام وأطيبه وناهيك باستطابته وبشدة الحاجة إليه في السفر الطويل كالسفر بين الحرمين ,وسهولة تناول اللذيذ تغري به ,فترك ما لا ينال إلا بمشقة لا يدل على التقو￯ والخوف من االله تعالى كما يدل عليه ترك ما ينال بسهولة. وقد قيل إن من العصمة أن لا تجد ,وهل يعد ترك الزنا ممن لا يصل إليه المغني ,ج ,٣ص ,١٤٤والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,٢٠٦والعبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص.١٧١ والصيد في الأدلة السابقة جاء لفظا عاما فيشمل صيد البر والبحر لكن جاء النص الشرعي مخصصا صيد البر بالتحريم دون صيد البحر فقد أبيح بنص الكتاب العزيز كما هو في قوله تعالى...çμãΒ$yèsÛuρ Ìóst7ø9$# ߉ø‹|1 öΝä3s9̈≅Ïmé&﴿ : .﴾3 $YΒããm óΟçFøΒߊ $tΒ Îhy9ø9$# ߉ø‹|1 öΝä3ø‹n=tæ tΠÌhãmuρ ( Íοu‘$§‹¡¡=Ï9uρ öΝä3©9 $Yè≈tFtΒ ثم إنه في الآية الأخيرة خص الصيد المحرم تخصيصا متصلا بالإضافة إلى البر مما يعني أن صيد البحر غير محرم على المحرم ,فضلا عن أن صيد البحر حلال مباح بمنطوق أدلة شرعية أخر ولم يأت ما يحرمه فيبقى على أصل الإباحة الشرعية. والأحكام السابقة جلية في ظهورها لكن اختلفوا فيما كان من الصيد يعيش في البر والبحر أيعطى حكم البر فيحرم أم يعطى حكم البر فيحل, فقيل ينظر الغالب من مكان عيشه ويعطى حكمه ,وقيل يغلب جانب التحريم وهو حكم البر).(٢ ) (١رشيد رضا ,تفسير القرآن الحكيم ,ج ,٧ص.١٠١ ) (٢الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.٣٢٩ ما تزهق به الروح إذ هو الإماتة) ,(١وخص الشرع الإماتة بشروط معينة حتى يباح للناس المأكول في طريقة تعرف بالذكاة الشرعية. وفي حال الإحرام منع الشرع المحرم من قتل الصيد ,وهذا النهي يدخل فيه أمر الذكاة الشرعية وغيرها كما تفيده دلالة العموم المأخوذة من الفعل المقترن بالنهي).(٢ وبنهي المحرم عن قتل الصيد تسلب منه أهلية الذكاة فكأنه قال لا يحل للمحرم أن يذكي ,وهذا يجعله مسلوب الأهلية مما يعني عدم تأثير ذلك الذبح على الحيوان المذبوح بل يبقى في حكم الميتة لا يحل أكله لأحد محرما كان أو محلا ,كما هو الحال في ذكاة المشرك إذ هو مسلوب الأهلية أيضا, والقائل (٣)﴾Ïμø‹n=tã «!$# ÞΟóTM$# Ìx.õ‹ãƒ óΟs9 $£θÏΒ (#θè=à2ù's? Ÿωuρ﴿ :هو القائلt⎦⎪Ï%©!$# $pκš‰r' ̄≈tƒ﴿ : TM.(٤)﴾×Πããm öΝçFΡr&uρ y‰øŠ¢Á9$# (#θè=çGø)s? Ÿω (#θãΨtΒ#u ) (١ابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,٢ص.١٧٣ ) (٢العيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص ,١٦٥والعبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص.١٧٧ ) (٣سورة :الأنعام ,الآية ).(١٢١ ) (٤ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٨٣والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص,١٠١ والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص ,٢٩٨ومالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص ,٣٥٤وابن الميتة على الصيد).(١ قال الإمام مالك :يأكل الميتة ,وذلك أن االله تبارك وتعالى لم يرخص للمحرم في أكل الصيد ولا في أخذه في حال من الأحوال ,وقد أرخص في الميتة على حال الضرورة).(٢ وذهب آخرون إلى أنه يأكل من الصيد; إذ قتل الصيد هو المحرم في حال السعة والاختيار ,أما عند الاضطرار فيباح القتل كما هو الحال الدائم في خطاب التكليف الذي منه هذا النهي الشرعي ويكون القتل حينها سبيلا من سبل الوصول إلى حل لحمه وليس هو بميتة وإنما يعطى حكم الميتة إذا ما كان في حال النهي الشرعي أي السعة والاختيار. عبد البر ,التمهيد ,ج ,٩ص ,٥٨والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٩٦وابن قدامة ,المغني, ج ,٣ص ,١٤٦وابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,٢ص ,١٧٣والبيهقي ,السنن الكبر￯, ج ,٥ص.١٩٤ ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣١٢والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,١٧٠والقطب, شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,١٠١والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٥١وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٤٧ ) (٢مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٥٤ الإباحة مقدم على ما كان تحريمه لذاته أصليا. أما القول بأن االله أباح الميتة في حال ولم يبح الصيد في حال فيرده أن العلة التي أبيحت فيها الميتة هي تحقق الاضطرار إليها مما رفع محجور أكلها والانتفاع بها. وهذا الحكم يثبت مثله في الصيد إذ العلة السابقة وهي تعين الاضطرار ترفع حكم منع القتل فتبقى الذكاة الشرعية سبيلا تحل بها اللحوم ,أما الميتة فالرفع فيها لحكم جواز الأكل مع بقائه محرما عليه في حال السعة والاختيار. والاضطرار لأكل الصيد يرفع حكم التحريم عن المحرم ولكن هل يوجب عليه الجزاء أو لا قولان لأهل العلم ,فمنهم من رأ￯ أن اضطراره لقتل الصيد هو اضطرار لانتهاك محظور فيكون حاله الجواز مع ترتب الضمان عليه ,وذهب آخرون إلى أنه والحال ذلك مضطر فالأكل له مباح لذا لا يلزم بالضمان).(١ وسئل الشيخ أبو نبهان ~ عن من لم تستسغ نفسه أكل الميتة ووجد الصيد فقال: ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٦٥ وذهب بعض أهل العلم إلى القول بأن ذبيحته للصيد لا بأس بها فما هي إلا كذبيحة السارق ,وفي هذا نظر إذ المحرم ممنوع هنا عن القتل نفسه مما يعني فساد المنهي عنه وعدم اعتباره ,وأما ذبيحة السارق فليس النهي فيها عن ذبحه بل عن السرقة. وذهب آخرون إلى القول بأن الذبيحة لا تحل للذابح لكن تحل لغيره, وفي هذا نظر إذ إن ذكاته لا تحل له هو أكله إجماعا وإذا كان الذبح لا يفيد الحل للذابح فأولى وأحر￯ ألا يفيده لغيره; لأن الفرع تبع للأصل في أحكامه فلا يصح أن يثبت له ما لا يثبت لأصله).(٢ ) (١الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.٣٠٤ ) (٢ابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,٢ص.١٧٣ أصل الخلقة).(١ وذهب آخرون إلى أن الصيد الذي يجب به الجزاء ويحرم على المحرم قتله هو كل متوحش بري مأكول).(٢ فرق ما بين الأمرين الحل الشرعي للأكل ,وعلى الرأيين السابقين يخرج ما ثبت بالإجماع عدم جواز قتله من كل مأكول اللحم الوحشي كالظبي والغزال والحمار الوحشي ونحو ذلك).(٣ وفي مثل هذا يحصل الابتلاء الذي أشرنا إليه في التوطئة إذ هو مما تتلهف لمثله النفوس وتتطلع إليه الأعين ويسيل له اللعاب فيكون في المنع منه ابتلاء وامتحان يعلم به الصادق من غيره. ) (١الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص ,٣٤٦والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص,١٩٦ والزيلعي ,تبيين الحقائق ,ج ,٢ص ,٦٣وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٤ص ,٩١ونظام, الفتاو￯ الهندية ,ج ,١ص.٢٤٧ ) (٢الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص ,٣٥٣والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص.٦٩٣ ) (٣الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,١ص.٤٢٩ الشارع. وإما أن يكون غير مضر ,وهذا يكون حكم قتله للمحرم كحكمه قبل الإحرام لعدم الناقل الشرعي . المحرم شروطا ثلاثة: وتفصيل الضابط المذكور يتبين أن للصيدَّ أولها :أن يكون وحشيا ,أما غير الوحشي من الأهليات فليست صيدا باتفاق كالأنعام والدجاج والخيول ونحوها; إذ ليست هي من الصيد في شيء) ,(١قال الإمام السالمي ~: هنيالحمــهويأكلنوجائز أن يذبح الأهليا عيانابيضهويأكلنمن نعم أو من دجاج كانا )(٢ لايدخلن في جملة المحدودلأنه ليس من الصيود ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,١٨٤والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص,١٠٤ والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٩٠وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص,٢٦٧ والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٩٦والعبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص.١٧٨ ) (٢السالمي ,جوهر النظام ,ص.١٤٢ ثانيها :أن يكون بريا إذ ثبت بالنص جواز أكل صيد البحر وعليه وقع الاتفاق بين الأمة ,والبحري كل ما يعيش في الماء ملحا كان الماء أو عذبا فراتا. واختلفوا في البرمائيات كالسلاحف والضفادع ونحوها فمنهم من غلب الماء ومنهم من غلب البر).(٢ وهذا الخلاف مقيد بكونه مباح الأكل; إذ المنهي عن أكله في الأصل لا يحل اصطياده وعلى الشرط التالي وهو كونه مباح الأكل لا جزاء فيه. ثالثها :أن يكون مباح الأكل فلا جزاء في كل ما ليس بمأكول كسباع البهائم والمستخبث من الحشرات والطير وسائر المحرمات ,إذ هذه ليست ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٨٠والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,١٨١والغزالي, الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٩٣وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٦٧والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٩٦والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٣١٤ ) (٢الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٧٧والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,١٠٤وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٦٨ القضية ما كانت إلا في مأكول اللحم).(١ قال الشيخ أبو نبهان: قلت له :فإن كان من الأسود أو النمور أو الفهود? قال :االله أعلم ,وأنا لا أدري من قول أهل العلم في هذه أنها من الصيد أهلها وإلا فهي من أنواع جنس ما له ناب يفرسإلا أن يكون على قول منَّ به في الإجماع فلا جزاء على من قتلها في قول من يحرم أكلها).(٢ وهذا الضابط يخرج أمورا: أولها ما ثبت بالنص الشرعي جواز قتله للمحرم وهو الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور ,كما في حديث: أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة زوج النبي قالت :قال رسول االله :خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح الغراب والحدأة ) (١ابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,٢ص.١٧٧ ) (٢الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.٣٤٩ عن سالم قال :قال عبد االله بن عمر } :قالت حفصة > :قال رسول االله :خمس من الدواب لا حرج على من قتلهن الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور).(٢ فالأدلة السابقة نصوص في الموضوع أن المحرم يقتلها ,وقوله في الحديث "خمس" مما لا مفهوم له) (٣إذ ثبت بالنص إباحة قتل غير هذه الخمس ,ومن ذلك حديث عبد االله بن مسعود قال: بينما نحن مع النبي في غار بمنى إذ نزل عليه والمرسلات وإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه وإن فاه لرطب بها إذ وثبت علينا حية فقال النبي : اقتلوها فابتدرناها فذهبت فقال النبي :وقيت شركم كما وقيتم شرها).(٤ ) (١أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :ما يتقي المحرم وما لا يتقي ).(٤٠٧ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :ما يقتل المحرم من الدواب ).(١٧٣١ ) (٣السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,١٨٦وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص,٣٦ والعيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص.١٧٩ ) (٤أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :ما يقتل المحرم من الدواب ).(١٧٣٣ يرد الحصر).(١ وبالسبر والتقسيم نجد العلة التي يمكن أن يعلل بها النص تحتمل أمرين الفسق وحرمة الأكل ,لكن نجد أن الحديث أومأ إلى العلة التي أمر المحرم بسببها بقتل هذه الحيوانات بقوله في الحديث "خمس من الفواسق" والفاسق الخارج من الطاعة المؤذي لغيره) ,(٢قال الخطابي: الفسق الخروج من الحرمة ,يقول :خمس لا حرمة لهن ولا بقيا عليهن ولا فدية على المحرم فيهن إذا أصابهن ,وإنما أباح قتلهن دفعا لعاديتهن; لأنهن كلهن من بين عاد قتال أو مؤذ ضرار).(٣ لذلك قال هؤلاء إن ما لا يعدو منها كالهر والثعلب والضبع وصغار ) (١الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص.٦٩٣ ) (٢ابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,٢ص ,١٧٦وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤١١ ) (٣الخطابي ,غريب الحديث ,ج ,١ص.٦٠٤ ورد العلامة ابن العربي القولين السابقين فقال: ولا وجه لقول من قال إن من يبتدئ الإذاية بخلاف من لا يبتديها; لأن من كانت الإذاية في طبعه فواجب قتله ابتدأ أو لم يبتدئ لوجود فسقه الذي صرح النبي به. ألا تر￯ أن الحربي يقتل ابتدأ بالقتال أو لا لاستعداده لذلك ووجود سببه فيه ,ولا تعجب من )ح() (٢في هذا واعجب من بعض علمائنا حيث يقول إن صغار ما يقتل كباره من هذه الفواسق لا يقتل لأنه لم يؤذ بعد. وكيف تكون الإذاية جبلته وينتظر به وجودها وقد قتل الخضر  الغلام ولم توجد بعد منه فتنة فهذا أولى ,وقد قال االله تعالى في الكفار ﴿)βÎ) y7 ̈ΡÎ ? (٣)﴾#Y‘$¤Ÿ2 #\Å_$sù ωÎ) (#ÿρà$Î#tƒ Ÿωuρ š‚yŠ$t6Ïã (#θ=ÅÒムöΝèδö‘x‹sفكيف في هذه ) (١السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,١٨٧ومالك بن أنس ,الموطأ ,ج,١ ص.٣٥٧ ) (٢يريد الإمام أبا حنيفة إذ هو القائل بذلك. ) (٣سورة :نوح ,الآية ).(٢٧ للمحرم قتل كل محرم الأكل ولا جزاء عليه ,وقالوا إن الصيد لا يعرف في لغة العرب إلا في مأكول اللحم. ولم يأخذ بالعلة السابقة آخرون بل اقتصروا على موارد النصوص فلم يجيزوا للمحرم قتل نحو الأسود والنمور والفهود. وفي هذا القول نظر; إذ من العبث البالغ قصر جواز القتل بالخمس المذكورات ثم يترك ما هو أولى منها ,ولينظر إلى وقائع حياتهم فالصحابة لما رأوا الحية وهم محرمون بل في الحرم ما فهموا أنها من الصيد بل أسرعوا إلى قتلها والنبي أقرهم على ذلك وقال وقيتم شرها ,مما يعني أن الالتفات إنما هو للإضرار والعدوان كما هو المفهوم من قوله "خمس من الفواسق" قال العلامة ابن العربي: ) (١ابن العربي ,القبس ,ج ,٢ص.٥٦٨ ) (٢البيهقي ,معرفة السنن والآثار ,ج ,٤ص ,٢٣٧والنووي ,شرح صحيح مسلم ,ج,٨ ص.١١٤ عليكم أو الطوافات تعلق الحكم بالتطواف وتعد￯ إلى كل طواف. الثاني أنه نبه بالخمسة على خمسة أنواع من الفسق فنبه بالغراب إلى ما يجانسه من سباع الطير وكذلك بالحدأة ,ويزيد الغراب على الحدأة بحل سفر المسافر ونقب حدبهم ,والحدأة تقتصر على ما ظهر. ونبه بالحية على كل ما يلسع وبالعقرب كذلك ,والحية تلسع وتفترس والعقرب تلسع ولا تفترس. ونبه بالفأرة على ما يجانسها من هوام المنازل فيها ,ونبه بالكلب العقور وبقوله السبع العادي على كل مفترس مبتدئ. قال الإمام السالمي معلقا على كلام ابن العربي: صدق من قال ذكر الخمس لينبه بها على خمسة أنواع من الفسق إلخ فهي أصول لأجناس المضار ,وما ذكر من الحية والسبع والذئب والنمر)أي في ) (١كذا في الأصل ,ولعل الصواب فتعد￯. واختلف الفقهاء في إلحاق غيرها بها ,واعجبا لمن يلحق الحصى بالبر في الربا ولا يلحق الفهد والنمر والذيب بهذه. وقد نبه النبي في هذا الحديث على العلة وهي الفسق ولم يتعرض لعلة الربا في البر بتنبيه ولكنه فهم من ذكر الأعيان الأربعة التنبيه على أمثالها فها هنا أولى).(٢ على أن قوله الكلب العقور فسره جماعة من أهل العلم بكل سبع عاد جارح مثل الأسد والنمر والفهد والذئب ولم يقيدوه بالكلب).(٣ قالوا ومما يتأيد به حديث الحارث بن أبي أسامة حدثنا العباس بن الفضل الأنصاري حدثنا الأسود بن شيبان عن أبي نوفل بن أبي عقرب عن ) (١السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.١٨٧ ) (٢ابن العربي ,القبس ,ج ,٢ص.٥٦٨ ) (٣السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,١٨٨ومالك بن أنس ,الموطأ ,ج,١ ص ,٣٥٧وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص ,١٥٧والبيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج,٥ ص ,٢١١وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص.٣٩ كلبك ,فخرج في قافلة يريد الشام فنزل منزلا فقال: إني أخاف دعوة محمد ,قالوا له :كلا فحطوا متاعهم حوله وقعدوا يحرسونه فجاء الأسد فانتزعه فذهب به).(١ ومن ذلك قوله تعالىÇyÍ‘#uθpgø:$# z⎯ÏiΒ ΟçFôθ ̄=tæ $tΒuρ àM≈t6ÍhŠ©Ü9$# ãΝä3s9̈≅Ïmé& ö≅è%﴿ : ﴾Ïμø‹n=tã «!$# tΛôœ$# (#ρãä.øŒ$#uρ öΝä3ø‹n=tæ z⎯õ3|¡øΒr& !$®ÿÊΕ (#θè=ä3sù ( a!$# ãΝä3yθ ̄=tæ $®ÿÊΕ £⎯åκtΞθçΗÍj>yèè? t⎦⎫Î7Ïk=s3ãΒ ).(٢ قالوا فهذا اسم مشتق من الكلب ثم دخل فيه صيد الفهد والصقر والبازي فلهذا قيل لكل جارح أو عاقر من السباع كلب عقور).(٣ ثم إن النص جر￯ على الأمور التي يتعرض لها العرب غالبا في بيئتهم التي ستكون محلا للإحرام الذي يمنع فيه من الصيد ,ولكن ذلك لا يمنع من ) (١الحاكم ,المستدرك ,ج ,٢ص ,٥٨٨وقال إثره :صحيح الإسناد ,وقال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن .ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص.٣٩ ) (٢سورة :المائدة ,جزء من الآية ).(٤ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٢١١ ومن العلة السابقة المبيحة للقتل وهي الإيذاء والعدوان يقال إن الصيد المأكول إن صال على المحرم ليؤذيه فله قتله ولا شيء عليه) ,(١إذ لا يعدو حكمه والحالة تلك حكم الفواسق التي أمر الشرع بقتلها لفسقها ,ثم إنه لو صال عليه آدمي مريدا به شرا فله دفعه دون جزاء عليه ,والآدمي أشد حرمة من الصيد الذي حرم لعارض وهو الإحرام ولم يلزم فيه جزاء فكيف بالصيد. وذهب آخرون إلى أن عليه الجزاء بذلك القتل لأنه قتله لمصلحة نفسه فأشبه ما لو قتله لأكله ,وهذا ضعيف. وبعد السابق اختلفوا في المتولد بين الصيد المأكول وبين غير المأكول ما يغلب عليه هل التحريم فيثبت الجزاء أو لا ,من غلب التحريم قال عند تعارض ما يوجب التحريم وما يوجب الإباحة ولا مرجح يقدم التحريم إذ ) (١الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٩٦وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٦٦والكافي ,ج,١ ص.٤١٢ والقراد والصراصير والجعلان ونحوها ,فهذه لم تتعرض لها النصوص الشرعية من حيث الإحرام بالجواز ولا بالحرمة وليست هي من الصيد في شيء فيلزم فيها الجزاء) (٢فيكون قتلها على أصل الحكم في غير الإحرام ,ولا يلزم القاتل بشيء لعدم الدليل. وقياسها على الصيد المحرم كالظباء والحمير الوحشية قياس مع الفارق الكبير ولا أدري ما وجه الابتلاء في مثل هذه الحشرات حينما تكون في متناول الأيدي والرماح. بل إنه قد يستفاد من النصوص الشرعية جواز أن تقتل دون أن يكون على القاتل شيء كما هو في حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال :خرج كعب بن عجرة يريد الحج مع رسول االله فآذاه القمل في رأسه فأمره رسول االله أن يحلق رأسه وقال له: صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين مدين لكل مسكين ,أو انسك ) (١الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.٣٠٤ ) (٢الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٩٦ وفي بعض الآثار :قلت :أرأيت الذباب والبعوض والقملة وأشباه ذلك بجزاء)?(٢ قال :لا ليس ذلك من الصيد ,قلت :الحلمة والقراد يقتلهما المحرم أو شيئا من ذلك هل في ذلك كفارة? قال :لا ,بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرد بعيره وهو محرم).(٣ قال في "بيان الشرع" :وليس في البعوض والنملة وأشباه ذلك جزاء, جميل السيابي: وليس هو من الصيد) ,(٤وقال الشيخ خلفان بنِّ والقمل والبعوض من إيجابوقيل ما في الذر والذباب )(٥ منها عن الربيع هذا نقلاونحوها فما على من قتلا ) (١أخرجه الإمام الربيع في كتاب :الحج ,باب :في الهدي والجزاء والفدية ).(٤٣٥ ) (٢كذا في الأصل. ) (٣ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص.٣٧٩ ) (٤الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص.١٨٣ ) (٥السيابي ,سلك الدرر ,ج ,١ص.٣١٩ القياس وقد بينا أنه ضعيف جدا على ما يظهر. وخلاصة الأمر في القضية السابقة أن نهي المحرم بسبب الإحرام لا يكون إلا عن الصيد فقط وهو الحيوان المتوحش البري المأكول ,وما عدا ذلك فليس بصيد ولا يتعلق به الجزاء إذ الآية ما كانت إلا في الصيد. ولم يكن ثمة دليل من الكتاب ولا السنة ولا الإجماع يثبت الجزاء في غير الصيد والقياس هنا متعذر ,لذا يقال إن ما عدا الصيد من الحيوان يكون حكم قتله على الأصل فما نهى الشرع عن قتله ينهى عنه في الإحرام وغيره, وقاتله في الإحرام آثم ولكن ليس عليه جزاء. وما لم ينه الشرع عن قتله لم ينه عنه في الإحرام ولا غيره فيبقى على أصل الإباحة واالله أعلم. ) (١البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٨٩والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,١٧٠والشماخي, الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٨١وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص ,١٦٣والعبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص ,١٧٣والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٣١٧وابن قدامة ,الكافي ,ج,١ ص.٤١١ بن جعفر حدثنا شعبة قال :سمعت قتادة يحدث عن سعيد بن المسيب عن عائشة > عن النبي أنه قال: خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم :الحية والغراب الأبقع والفارة والكلب العقور والحديا).(١ وأخذ بهذا الوصف مخصصا عموم لفظ الغراب بوصف الأبقع بعض أهل العلم).(٢ ومنهم من قال بهذه الزيادة في الحديث ولكنه ألحق غير الأبقع مما شاركه في الإيذاء وحرمة الأكل بالأبقع قياسا).(٣ وضعف هذه الزيادة آخرون; لأنها من رواية قتادة عن سعيد وهو ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم ).(١١٩٨ ) (٢السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.١٨٧ ) (٣ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص.١٧٢ الغراب ولم يخص أبقع من غيره فلا وجه لما خالفه; لأنه لا يثبت ).(٢ وقال ابن بطال: وشذت فرقة من أهل الحديث فقالوا :لا يقتل المحرم إلا الغراب الأبقع حديثا عن قتادة ,عن ابن المسيب ,عن عائشة ,عن ًخاصة ,ورووا في ذلك النبي . وهذا الحديث لا يعرف من حديث ابن المسيب ,ولم يروه عنه غير قتادة وهو مدلس ,وثقات أصحاب سعيد من أهل المدينة لا يوجد عندهم ,مع معارضته حديث ابن عمر وحفصة ,فلا حجة فيه. واستثنوا غراب الزرع الذي يأكل الحب وأفتوا بجواز أكله).(٣ والأمر في الأخير ظاهر إذ ليس هو مما يؤذي الغير وليس من ذوات المخالب فأكله جائز ويكون من الصيد فيحرم على المحرم قتله. ) (١ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص.٣٨ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص.١٧٤ ) (٣ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص.٣٨ على المقيد ,ثم إن العدوان لا يكون إلا من الأبقع ,أما غيره فلا يبتدئ بالأذ￯ فلا يباح قتله كالعقعقق وغراب الزرع).(٢ وقد اختلفوا في الجراد أهو من صيد البر الذي يمنع المحرم من قتله أو ليس هو كذلك).(٣ فقال جماعة إنه من صيد البر كما هو الواقع في عيشه) ,(٤وقال آخرون إنه ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص ,١٧٢وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص,٣٨ والمباركفوري ,تحفة الأحوذي ,ج ,٣ص.٤٨٧ ) (٢العيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص.١٨٠ ) (٣الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص ,٣٢٦والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٩٤وابن قدامة, المغني ,ج ,٣ص ,٢٦٨والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٩٦والعيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص ,١٦٤والعبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص ,١٧٣وابن قدامة, الكافي ,ج ,١ص.٤١١ ) (٤الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.٣٢٧ ركب حتى إذا كانوا ببعض الطريق وجدوا لحم صيد فأفتاهم كعب بأكله قال :فلما قدموا على عمر بن الخطاب بالمدينة ذكروا ذلك له فقال :من أفتاكم بهذا? قالوا :كعب ,قال :فإني قد أمرته عليكم حتى ترجعوا ثم لما كانوا ببعض طريق مكة مرت بهم رجل من جراد فأفتاهم كعب أن يأخذوه فيأكلوه فلما قدموا على عمر بن الخطاب ذكروا له ذلك فقال: ما حملك على أن تفتيهم بهذا? قال :هو من صيد البحر ,قال :وما يدريك? قال :يا أمير المؤمنين ,والذي نفسي بيده إن هي إلا نثرة حوت ينثره في كل عام مرتين).(٢ كما استدلوا بحديث زياد بن عبد االله بن علاثة عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن جابر بن عبد االله وأنس بن مالك قالا: ) (١قال الحافظ ابن عبدالبر :ويقال الجراد نثرة حوت أي قذف به من أنفه ,ابن عبد البر, التمهيد ,ج ,١٨ص.٢٢٢ ) (٢مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٥٢ وأرزاقنا إنك سميع الدعاء. قال :فقال رجل :يا رسول االله ,كيف تدعو على جند من أجناد االله بقطع دابره? قال :فقال رسول االله :إنها نثرة حوت في البحر. ولكن في هذين الدليلين نظر ,إذ الأول منهما موقوف يشبه أحاديث أهل الكتاب التي أخذها كعب الأحبار منهم ,وقد أغنانا االله تعالى عنها. أما الثاني فأخرجه الترمذي) (١وابن ماجه) ,(٢وهو منكر المتن لا يشبه لسان الشارع كما أنه مظلم الإسناد ,وقد كفى الترمذي شأنه فقال بعد إخراجه: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ,وموسى بن محمد بن إبراهيم التيمي قد تكلم فيه وهو كثير الغرائب والمناكير ,وأبوه محمد بن إبراهيم ثقة وهو مدني. وقد جاء اللفظ السابق المستدل به ضمن حديث طويل منكر المتن جدا ) (١أخرجه الترمذي في كتاب :الأطعمة ,باب :ما جاء في الدعاء على الجراد ).(١٨٢٣ ) (٢أخرجه ابن ماجه في كتاب :الصيد ,باب :صيد الحيتان والجراد ).(٣٢٢١ يوسف بن يعقوب أبو عمران عن ابن جريج بخبر باطل طويل وعنه إنسان مجهول واسمه محمد بن عبدالرحمن السلمي).(٢ ومما يدل على أن الجراد من صيد البحر حديث حماد بن سلمة عن أبي المهزم عن أبي هريرة قال :خرجنا مع رسول االله في حج أو عمرة فاستقبلنا رجل من جراد) (٣فجعلنا نضربه بسياطنا وعصينا فقال النبي : كلوه; فإنه من صيد البحر. والحديث أخرجه أبو داود) (٤والترمذي) (٥وابن ماجه) (٦ولكنه ضعيف لا يثبت ففيه أبو المهزم يزيد بن سفيان ,قال الترمذي إثر إخراجه :هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي المهزم عن أبي هريرة ,وأبو المهزم اسمه ) (١الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,٧ص.٣٦٠ ) (٢الذهبي ,ميزان الاعتدال ,ج ,٤ص.٤٧٥ ) (٣أي فوج أو طائفة. ) (٤أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :في الجراد للمحرم ).(١٨٥٤ ) (٥أخرجه الترمذي في كتاب :الحج ,باب :ما جاء في صيد البحر للمحرم ).(٨٥٠ ) (٦أخرجه ابن ماجه في كتاب :الصيد ,باب :صيد الحيتان والجراد ).(٣٢٢٢ والحافظ ابن حجر).(٢ ورو￯ أبو داود قبل الحديث السابق حديث محمد بن عيسى حدثنا حماد عن ميمون بن جابان عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي قال :الجراد من صيد البحر).(٣ ولكن تعقب الحديثين بقوله :أبو المهزم ضعيف ,والحديثان جميعا وهم, وقيل بأنه من صيد البر والبحر ,ولا أعرف مستند هؤلاء ,قال الشيخ أبو نبهان: أليس فيه يقال إنه من صيد البحر فلا جزاء على من قتله? قال :بلى ,قد قيل هذا إلا أنه عمن قاله من القوم فاحتج فيه بحديث عن النبي والصحيح أنه من البر; لأنه يعيش فيه فيموت في الماء فأنى يصح ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٢٠٧ ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٩ص.٦٢١ ) (٣أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :في الجراد للمحرم ).(١٨٥٣ له وإن كان يحل لمحل إذ ليس هو كالصيد لا يحل بالذكاة الشرعية بل لو كان الكاسر مشركا حل البيض. ومنهم من قال إنه لا يحل لأحد ,وقد ألزم هؤلاء كاسره الجزاء),(٢ واستدلوا لذلك بأمرين: محمد بن موسى القطان الواسطي ثنا يزيد بن موهب ثنا مروان بن معاوية الفزاري ثنا علي بن عبد العزيز ثنا حسين المعلم عن أبي المهزم عن أبي هريرة أن رسول االله قال :في بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه. وثاني أدلتهم أنه خارج من الصيد يصير منه مثله فهو كالفرخ).(٣ والحديث المستدل به أخرجه ابن ماجه) (١ولكنه من طريق أبي المهزم وقد ) (١الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.٣٢٦ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,١٦٧وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٧٣والكساني, بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,٢٠٣والعبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص ,١٧١وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤١٢ ) (٣ابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤١٢ هذا إسناد ضعيف; علي بن عبد العزيز مجهول ,وأبو المهزم ضعيف, واسمه يزيد بن سفيان).(٢ وقد جاء الحديث السابق من طرق غير هذه لا تخلو أفرادها من الضعف فقد جاء من حديث الوليد بن مسلم ثنا ابن جريج قال :أحسن ما سمعت في بيض النعامة حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول االله  قال :في كل بيض صيام يوم أو إطعام مسكين. والحديث أخرجه البيهقي) (٣ولكنه من طريق الوليد بن مسلم وابن جريج وهما إماما تدليس التسوية ولا إخاله يسلم من شرهما وقد صرح الأول منهما بالتحديث عن شيخه ولكن ابن جريج لم يصرح بالتحديث بل جاء بما يوهم السماع فلا يقبل منه كما هو منصوص القواعد. على أنه قد نص من نص على أن ابن جريج لم يسمع من أبي الزناد شيئا ) (١أخرجه ابن ماجه في كتاب :المناسك ,باب :جزاء الصيد يصيبه المحرم ).(٣٠٨٦ ) (٢البوصيري ,مصباح الزجاجة ,ج ,٣ص.٢١٣ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٢٠٧ ما سمعت في بيض النعامة حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة عن النبي قال :في بيض النعام في كل بيضة صيام يوم أو إطعام مسكين. قال أبي :هذا حديث ليس بصحيح عندي ,ولم يسمع ابن جريج من أبي الزناد شيئا يشبه أن يكون ابن جريج أخذه من إبراهيم بن أبي يحيى).(١ وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي المديني ممن رمي بالكذب ,وقد تقدم بيان حاله).(٢ كما جاء من حديث محمد بن يوسف ثنا أبو قرة عن بن جريج أخبرني زياد بن سعد عن أبي الزناد عن عروة عن عائشة أن النبي حكم في بيض النعام كسره رجل محرم صيام يوم لكل بيضة).(٣ ولكن أعل البيهقي هذه الرواية بعد إخراجها فقال: ) (١ابن أبي حاتم ,علل الحديث ,ج ,١ص.٢٧٠ ) (٢البخاري ,الضعفاء الصغير ,ص ,١٣وابن عدي ,الكامل ,ج ,١ص ,٢١٧وابن حبان, المجروحين ,ج ,١ص ,١٠٥والعقيلي ,الضعفاء ,ج ,١ص.٦٢ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٢٠٧ سعد عن أبي الزناد عن رجل عن عائشة وهو الصحيح قاله أبو داود السجستاني وغيره من الحفاظ. كما رجح قول البيهقي أبو داود في المراسيل) ,(١والرواية التي يذكرها البيهقي عن رجل عن عائشة أخرجها الدارقطني).(٢ وجاء الحديث السابق من حكم الإمام علي بن أبي طالب –كرم االله وجهه −وقد أقره النبي عليه من حديث رجل من الأنصار أن رجلا محرما ِ أدحي نعام فانطلق الرجل إلى علي فسأله عن ذلك فقالأوطأ راحلتهَُّْ علي: عليك في كل بيضة ضراب ناقة أو جنين ناقة ,فانطلق الرجل إلى نبي االله فأخبره ما قال علي فقال نبي االله قد قال علي ما تسمع ,ولكن هلم إلى الرخصة عليك في كل بيضة صيام يوم أو إطعام مسكين. ) (١أبو داود ,المراسيل ,ص.١٤٦ ) (٢الدارقطني ,السنن ,ج ,٢ص.٢٤٩ حدثهم عن رجل من الأنصار. ومطر بن طهمان الوراق ليس بحجة في الرواية) ,(٥وقد اضطرب كثيرا في إسناد هذا الحديث مما يؤذن بسقوطه فقد رواه باللفظ السابق عن معاوية بن قرة عن رجل من الأنصار ,وقال مرة :عن معاوية بن قرة عن رجل من الأنصار من أصحاب النبي .(٦)  وقال مرة :عن معاوية بن قرة أن رجلا أوطأ بعيره) (٧ومعاوية لم يدرك النبي فيكون الخبر مرسلا. ) (١أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,٥ص.٥٨ ) (٢الدارقطني ,السنن ,ج ,٢ص.٢٤٩ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٢٠٧ ) (٤أبو داود ,المراسيل ,ص.١٤٦ ) (٥النسائي ,الضعفاء والمتروكين ,ص ,٩٧وابن عدي ,الكامل ,ج ,٦ص ,٣٩٦والعقيلي, الضعفاء ,ج ,٤ص ,٢١٩والذهبي ,ميزان الاعتدال ,ج ,٦ص.٤٤٤ ) (٦الدارقطني ,السنن ,ج ,٢ص.٢٤٨ ) (٧ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٣٩٠ أبي طالب عن النبي ,(٢)ومثل هذا لا تقوم به حجة).(٣ ومذهب الإمام علي بن أبي طالب في القضية بينته رواية هشيم عن منصور عن الحسن عن علي فيمن أصاب بيض نعام قال :يضرب بقدرهن نوقا ,قيل له :فإن أزلقت منهن ناقة? قال :فإن من البيض ما يكون مارقا).(٤ كما جاء من حديث إبراهيم بن أبي يحيى عن حسين بن عبد االله بن عبيد االله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس عن كعب بن عجرة أن النبي  قضى في بيض نعام أصابه محرم بقدر ثمنه. والحديث أخرجه عبدالرزاق) (٥والبيهقي) (٦وفي إسناده إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي وقد رمي بالكذب كما تقدم ,وقد تفرد برواية هذا الحديث ) (١الدارقطني ,السنن ,ج ,٢ص.٢٤٨ ) (٢الدارقطني ,السنن ,ج ,٢ص.٢٤٨ ) (٣الدارقطني ,العلل ,ج ,٤ص.١٠ ) (٤البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٢٠٨ ) (٥عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٤ص.٤٢٣ ) (٦البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٢٠٨ النبي سئل عن محرم أصاب بيض نعام? قال :فداء عليه في كل بيضة صيام يوم أو إطعام مسكين. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة) (٣وفيه ابن جريج مدلس التسوية ولم يصرح بالتحديث ,وقد رو￯ الحديث عن أبي الزناد عبداالله بن ذكوان وهو ممن لم يدرك النبي فخبره مرسل. كما روي الحكم السابق في بيض النعام عن جماعة من أصحاب رسول االله وجماعة من أئمة التابعين).(٤ وقال بعض أهل العلم لو حلب المحرم صيدا فعليه ما نقصه الحلب; ) (١ابن طاهر ,أطراف الغرائب والأفراد ,ج ,٤ص.٢٧٠ ) (٢البخاري ,الضعفاء الصغير ,ص ,٣٣والنسائي ,الضعفاء والمتروكين ,ص ,٣٣وابن عدي ,الكامل ,ج ,٢ص ,٣٤٩وابن حبان ,المجروحين ,ج ,١ص ,٢٤٢والعقيلي, الضعفاء ,ج ,١ص.٢٤٥ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٣٨٩ ) (٤عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٤ص ,٤٢٠وابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص,٣٨٩ والبيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٢٠٨ رابعا :أكل المحرم ما صاده الحلال مضى بنا القول أن المحرم ممنوع من الاصطياد مطلقا ,وأن ما اصطاده لا يعدو كونه ميتة لا يحل أكلها له ولا لغيره من المحرمين أو المحلين. ولكن اختلف أهل العلم فيما إذا اصطاد من يحل له الاصطياد وهو الحلال غير المحرم وأعطى المحرم شيئا منه أيحل له أن يأكل أو لا? ذهب جماعة إلى أن لحم الصيد محرم مطلقا على المحرم صيد من أجله أو لغيره) ,(٢وقالوا إن الذي دعانا إلى هذا القول هو ظواهر كثير من الأدلة منها قوله تعالى.﴾$YΒããm óΟçFøΒߊ $tΒ Îhy9ø9$# ߉ø‹|1 öΝä3ø‹n=tæ tΠÌhãmuρ﴿ : فحكم التحريم هنا عام لم يفصل فيه طريقة الاصطياد كانت من قبل المحرم أو من قبل غيره ,صيد من أجله أو لغيره ,شارك المحرم أو لو لم ) (١الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.٢٠٣ ) (٢الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٧٦والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص,١٠٢ والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,٢٦٠وابن أبي شيبة ,المصنف ,ج,٣ ص ,٣٠٧وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢١ص.١٥٣ جثامة ما علل الأمر إلا بالإحرام مما يعني أن علة المنع من أكل لحم الصيد هي مطلق الإحرام وذلك بين في حديث: مالك عن ابن شهاب عن عبيد االله بن عبد االله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة الليثي أنه أهد￯ لرسول االله حمارا وحشيا وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه رسول االله ,قال :فلما أن رأ￯ رسول االله ما في وجهي قال :إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم).(١ ومثل هذا التعليل جاء من حديث يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس قال :قدم زيد بن أرقم فقال له عبد االله بن عباس يستذكره: كيف أخبرتني عن لحم صيد أهدي إلى رسول االله وهو حرام? قال :قال :أهدي له عضو من لحم صيد فرده فقال :إنا لا نأكله إنا حرم. ومما يفيد الأمر السابق أيضا حديث ابن عباس عن البراء بن عازب أن ) (١أخرجه بهذا اللفظ مسلم في كتاب :الحج ,باب :تحريم الصيد للمحرم ).(١١٩٣ وممكن أن يستدل بعض هؤلاء بحديث عبدالرزاق عن الثوري عن قيس بن مسلم عن الحسن بن محمد بن علي عن عائشة قالت :أهدي لرسول االله وشيقة ظبي وهو محرم فلم يأكله).(١ وذهب جماعة إلى التفصيل فقالوا إن صاد المحل الصيد للمحرم لم يحل له أكله وإن لم يصد له حل له أكله) ,(٢وترجم في مسند الإمام الربيع للباب بقوله :ما جاء في أكل المحرم لحم الصيد إذا لم يصد من أجله).(٣ ولا أدري أهذا من تبويب الإمام أبي يعقوب الوارجلاني ~ مرتب المسند أو من كلام الإمام الربيع ~ صاحب المسند. وقد استدل أرباب هذا القول لتفصيلهم هذا بحديث جابر بن عبداالله ) (١عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٤ص.٤٢٧ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢١ص ,١٥٤والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٩٦وابن قدامة, المغني ,ج ,٣ص ,١٤٥وابن عبد الهادي ,تنقيح تحقيق أحاديث التعليق ,ج ,٢ص,٤٤٥ وابن القيم ,الحاشية على سنن أبي داود ,ج ,٥ص ,٢١٥والعبدري ,التاج والإكليل, ج ,٣ص ,١٧٧وابن العربي ,عارضة الأحوذي ,ج ,٢ص.٢٨٣ ) (٣السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٦٢ قالوا وبهذا التفصيل يزول التعارض بين الروايات التي فيها أكل النبي من الصيد وبين الروايات التي فيها الامتناع ,وإزالة التعارض والجمع بين الأدلة أمر فيه مكمن الخير. واختلف هؤلاء فيما إذا صاده لمحرم بعينه أيجوز لغيره من المحرمين أن يأكله) ,(٢فقيل بالجواز أخذا من حديث: مالك عن عبد االله بن أبي بكر عن عبد االله بن عامر بن ربيعة قال :رأيت عثمان بن عفان بالعرج في يوم صائف وهو محرم وقد غطى وجهه بقطيفة أرجوان ثم أتي بلحم صيد فقال لأصحابه: كلوا ,قالوا :ألا تأكل أنت? قال :إني لست كهيئتكم إنما صيد من أجلي).(٣ وقد جاء من حديث معمر عن الزهري عن عروة عن يحيى بن عبد ) (١سيأتي تخريجه عند ذكر الاعتراضات الموجهة على هذا القول. ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢١ص ,١٤٥وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٤٦ ) (٣مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٥٤ آكلا? فقال :إني لست في ذاكم مثلكم ,إنما اصطيد لي وأميت باسمي).(١ وقيل بالمنع أخذا من ظاهر حديث محمد بن كثير ثنا سليمان بن كثير عن حميد الطويل عن إسحاق بن عبد االله بن الحرث عن أبيه −وكان الحرث خليفة عثمان على الطائف −فصنع لعثمان طعاما فيه من الحجل واليعاقيب ولحم الوحش. قال :فبعث إلى علي بن أبي طالب فجاءه الرسول وهو يخبط لأباعر له فجاءه وهو ينفض الخبط عن يده فقالوا له :كل ,فقال :أطعموه قوما حلالا; فإنا حرم ,فقال علي أنشد االله من كان ها هنا من أشجع أتعلمون أن رسول االله أهد￯ إليه رجل حمار وحش وهو محرم فأبى أن يأكله? قالوا: نعم).(٢ ومن الممكن أن يستدل لهذا الرأي وإن لم أجد من صرح بذلك حديث ) (١عبدالرزاق ,المصنف ,ج ,٤ص.٤٣٣ ) (٢سيأتي تخريجه وهو ضعيف. عليه فاصطدته فذكرت شأنه لرسول االله وذكرت أني لم أكن أحرمت وأني إنما اصطدته لك فأمر النبي أصحابه فأكلوا ولم يأكل منه حين أخبرته أني أصطدته له. واختلف هؤلاء في المحرم يأكل ما صاده له الحلال أعليه الجزاء ,فقيل عليه الجزاء فيضمنه بمثله من اللحم; لأنه إتلاف ممنوع منه لحرمة الإحرام فتعلق به الضمان. وقيل ليس عليه جزاء لأنه أكل للصيد فلم يجب به الجزاء كما لو قتله ثم أكله) ,(١وذهب آخرون إلى إباحة أكل المحرم الصيد مطلقا إن كان الذي صاده حلالا يباح اصطياده).(٢ قال الإمام السالمي ~ :والاحتياط ترك أكله من غير تحريم).(٣ ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٤٦ ) (٢اللكنوي ,التعليق الممجد ,ج ,٢ص ,٣٣٦والجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,٤ص,١٤٧ والعثماني ,إعلاء السنن ,ج ,٧ص.٢٩٨٧ ) (٣السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٦٠ محمد بن المنكدر عن معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن أبيه قال: كنا مع طلحة بن عبيد االله ونحن حرم فأهدي له طير وطلحة راقد فمنا من أكل ومنا من تورع فلما استيقظ طلحة وفق من أكله وقال :أكلناه مع رسول االله .(١) ومن أدلة ذلك أيضا حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد قال :قال ابن عباس :خرج رسول االله يريد مكة وهو محرم حتى إذا بلغ الروحاء إذا هو بحمار وحش عقير فذكر لرسول االله فقال :دعوه يوشك أن يأتيه صاحبه, وأتى البهزي وهو صاحبه فقال: يا رسول االله ,شأنكم بهذا الحمار فأمر رسول االله أبا بكر فقسمه بين الرفاق ثم مضى حتى إذا كان بالأثاية بين الرويثة والعرج وهي مواضع فإذا بظبي حاقف في ظل وفيه سهم فأمر رسول االله رجلا أن يقف عليه ولا ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :تحريم الصيد للمحرم ).(١١٩٧ أخر منها حديث مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه قال :أخبرني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن عيسى بن طلحة بن عبيد االله عن عمير بن سلمة الضمري عن البهزي أن رسول االله خرج يريد مكة وهو محرم حتى إذا كان بالروحاء إذا حمار وحشي عقير فذكر ذلك لرسول االله فقال: دعوه; فإنه يوشك أن يأتي صاحبه ,فجاء البهزي وهو صاحبه إلى النبي فقال :يا رسول االله ,شأنكم بهذا الحمار. فأمر رسول االله أبا بكر فقسمه بين الرفاق ثم مضى حتى إذا كان بالأثابة بين الرويثة والعرج إذا ظبي حاقف في ظل فيه سهم فزعم أن رسول االله أمر رجلا أن يقف عنده لا يريبه أحد من الناس حتى يجاوزه).(٢ ومما يدل على الحكم السابق أيضا حديث مالك عن ابن شهاب عن سالم ) (١أخرجه الإمام الربيع في كتاب :الحج ,باب :في الصيد للمحرم ) ,(١٤٣٧وقال إثره مبينا :العقير والمعقور والحاقف في ظل المحتقف هو المتعقب في موضع المفازة ,وقوله "لا يريبه" أي لا يمسه بسوء. ) (٢مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٥١ قال :ثم قدمت المدينة على عمر بن الخطاب فسألته عن ذلك فقال :بم أفتيتهم? قال :فقلت :أفتيتهم بأكله ,قال :فقال عمر :لو أفتيتهم بغير ذلك لأوجعتك).(١ وعند إجالة النظر في الأقوال السابقة يظهر أن القول بالمنع الإطلاقي فيه نظر إذ إن الأحاديث الصحيحة التي فيها أكل النبي من الصيد أو إقراره أصحابه على الأكل من الكثرة بمكان بل لم يرد الامتناع عن الأكل إلا من جثامة. واقعة واحدة وهي حادثة حمار الصعب بنََّ ولا يمكن أن تلغى تلك الأدلة إذ هي في أعلى مراتب الصحة وقد اتفق على صحتها ,ولا يمكن أن يصار إلى النسخ إذ إنه لا يثبت بالاحتمال بل لا بد من دليل يدل عليه ,وممكن معارضة الدعو￯ بالدعو￯. أما استدلال المانعين بظاهر قوله تعالى ﴿óΟçFøΒߊ $tΒ Îhy9ø9$# ߉ø‹|1 öΝä3ø‹n=tæ tΠÌhãmuρ ﴾3 $YΒããmففيه نظر من حيث إن لفظة الصيد في الآية مما يحتمل الفعل الذي هو الاصطياد بل هو الأقرب أخذا من أمرين: ) (١مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٥٢ ثانيهما :قوله تعالىtΠ#tptø:$# töꤶ9$# Ÿωuρ «!$# uÈ∝ ̄≈yèx© (#θ=ÏtéB Ÿω (#θãΖtΒ#uTM t⎦⎪Ï%©!$# $pκš‰r' ̄≈tƒ ﴿ : 4 $ZΡ≡uθôÊÍ‘uρ öΝÍκÍh5§‘ ⎯ÏiΒ WξôÒsù tβθäótGö6tƒ tΠ#tptø:$# |MøŠt7ø9$# t⎦⎫ÏiΒ!#uTM Iωuρ y‰Í× ̄≈n=s)ø9$# Ÿωuρ y“ô‰oλù;$# Ÿωuρ .(١) ﴾4 (#ρߊ$sÜô1$$sù ÷Λä⎢ù=n=ym #sŒÎ)uρ وفي هذه الآية الدليل بين أن المنهي عنه في الدليل السابق هو الاصطياد لا أكل نفس الصيد فقد جعلت الإحلال علة جواز الاصطياد ولم تتعرض للأكل. ومن الممكن أن يراد به نفس المصيد فيكون من باب إقامة المصدر مقام المفعول).(٢ وعلى الأول لا دليل يستمسك به في الآية إذ حرمة قتل الصيد من قبل المحرم أمر أجمعت الأمة عليه كما تقدم ذلك. وعلى الاحتمال الثاني يدل الحكم بعمومه على المنع إن لم يصح له مخصص ) (١سورة :المائدة ,جزء من الآية ).(٢ ) (٢القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,١٠٢وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٩ص,٦٠ والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٦ص.٣٢١ قتلتموه ما دمتم حرما. ولك أن تقول إن الاحتمال السابق القائم على تردد العبارة بين الاصطياد والمصيد يسقط به الاستدلال ويوجب الانتقال إلى غيره الذي يزيل الإشكال. ومن الطريف أن نقول إن قوله تعالى ﴿óΟçFøΒߊ $tΒ Îhy9ø9$# ߉ø‹|1 öΝä3ø‹n=tæ tΠÌhãmuρ ﴾ 3 $YΒããmقد استدل به القائلون بالإباحة بإطلاق ووجهوا الصيد هنا إلى الاصطياد الذي هو الفعل ,وقالوا إن الشرع قد حرم الاصطياد ولم يتعرض للصيد فيبقى على أصل الإباحة. وقالوا إن اللحم غير مسمى باسم الصيد بعد الذبح فإن سمي بذلك فإنما يسمى به على أنه كان صيدا ,فأما اسم الصيد فليس يجوز أن يقع على اللحم حقيقة بل هو مجاز فيقدم عليه المعنى الحقيقي للكلمة وهو الاصطياد. ويدل على أن لفظ الآية لم ينتظم اللحم أنه غير محظور عليه التصرف في اللحم بالإتلاف والشر￯ والبيع وسائر وجوه التصرف سو￯ الأكل عند القائلين بتحريم أكله ولو كان عموم الآية قد اشتمل عليه لما جاز له التصرف وأما استدلالهم بحديث ابن عباس عن البراء بن عازب أن النبي نزل ظهر مر فأهدي عضو صيد فرده على الرسول وقال له :اقرأ عليه السلام وقل لولا أنا حرم ما رددناه عليك. فضعيف إذ الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط) (٢والصغير) (٣من حديث أحمد بن الحسين بن هارون بن سليمان بن إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان قال :نا إبراهيم بن راشد الآدمي قال :نا داود بن مهران الدباغ قال: نا حماد بن شعيب الحماني عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس ,وقال إثره: لم يروه عن أبي الزبير إلا حماد بن شعيب تفرد به ابن الدباغ. وحماد بن شعيب ضعيف ليس بحجة في الرواية ,فقد ضعفه ابن معين وغيره ,وقال يحيى مرة :لا يكتب حديثه ,وقال البخاري :فيه نظر ,وقال ) (١الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,٤ص.١٤٧ ) (٢الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,٢ص.٣٦٢ ) (٣الطبراني ,المعجم الصغير ,ج ,١ص.٩٥ عائشة فليس بحجة; إذ الامتناع غير معلل بالإحرام وممكن الامتناع لغير الإحرام. أما القول بالتفصيل فمشكل من حيث دليله الذي استند عليه ,إذ إن الحديث الأول أخرجه أحمد) ,(٢والنسائي) ,(٣وأبو داود) ,(٤والترمذي) (٥من طرق عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن المطلب عن جابر مرفوعا, لكن أعل بأمرين: أولهما :بينه الترمذي بقوله عقب إخراجه :حديث جابر حديث مفسر, والمطلب لا نعرف له سماعا عن جابر. وقال الحافظ ابن عبدالهادي :قال ابن أبي حاتم :المطلب عامة أحاديثه ) (١العقيلي ,الضعفاء ,ج ,١ص ,٣١١وابن حبان ,المجروحين ,ج ,١ص ,٢٥١والذهبي, ميزان الاعتدال ,ج ,٢ص.٣٦٦ ) (٢أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,٣ص.٣٦١ ) (٣كتاب :مناسك الحج ,باب :إذا أشار المحرم إلى الصيد فقتله الحلال ).(٢٨٢٧ ) (٤كتاب :المناسك ,باب :لحم الصيد للمحرم ).(١٨٥١ ) (٥كتاب :الحج ,باب :ما جاء في أكل الصيد للمحرم ).(٨٤٦ وثانيهما :بينه الحافظ أبو عبدالرحمن النسائي بقوله بعد إخراجه :عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي في الحديث وإن كان قد رو￯ عنه مالك. وقد اختلف فيه على المطلب بن أبي المطلب فقد رواه عن أبي موسى الأشعري كما أخرجه الطحاوي).(٢ أما حديث ابن عمر فرواه الحافظ ابن عدي) (٣من حديث صالح بن أحمد بن يونس ثنا الحسين بن أبي زيد الدباغ ثنا عثمان بن خالد العثماني ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال :قال رسول االله :الصيد يأكله المحرم ما لم يصده أو يصد له. ولكنه ضعيف إذ فيه عثمان بن خالد وهو ضعيف الرواية كما أوضح ذلك الحافظ ابن عدي في ترجمته آنفة الذكر. أما حديث معمر عن يحيى أبي كثير عن عبد االله بن أبي قتادة عن أبيه ) (١ابن عبد الهادي ,تنقيح تحقيق أحاديث التعليق ,ج ,٢ص.٤٤٦ ) (٢الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٢ص.١٧١ ) (٣ابن عدي ,الكامل ,ج ,٥ص.١٧٥ أكن أحرمت وأني إنما اصطدته لك فأمر النبي أصحابه فأكلوا ولم يأكل منه حين أخبرته أني أصطدته له. فأخرجه ابن ماجه) (١وابن خزيمة) (٢والبيهقي) (٣ولكنه شاذ لا يقبل إذ انفرد بزيادة " وأني إنما اصطدته لك فأمر النبي أصحابه فأكلوا ولم يأكل منه حين أخبرته أني أصطدته له" −وهي موطن الشاهد −معمر دون غيره من الكثرة الكاثرة من الثقات كما أفاد ذلك ابن خزيمة والبيهقي بعد إخراج الحديث. ثم إن هذه الزيادة تخالف الروايات الأقو￯ المتفق عليها فالروايات الصحيحة مثبتة أن جماعة من أصحابه أكلوا وتحرج آخرون ,وهذا يعارض هذه. ثم إن أكل جماعة منهم دال على أنه لم يكن يريد النبي بذلك الصيد ) (١كتاب :المناسك ,باب :الرخصة في ذلك إذا لم يصد له ).(٣٠٩٣ ) (٢ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.١٨٠ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٩٠ وقال البيهقي بعد إخراجه: هذه لفظة غريبة لم نكتبها إلا من هذا الوجه وقد روينا عن أبي حازم بن دينار عن عبد االله بن أبي قتادة في هذا الحديث أن النبي أكل منها. وتلك الرواية أودعها صاحبا الصحيح كتابيهما دون رواية معمر وإن كان الإسنادان صحيحين ,واالله أعلم).(١ وقال الحافظ ابن عبدالهادي: وهذا الحديث رواه ابن ماجه وفيه :فذكرت أني لم أكن أحرمت, والظاهر أن هذا الذي تفرد به معمر غلط; فإن في الصحيحين أن النبي أكل منه. وفي لفظ لأحمد قال :أطعمونا ,وفي لفظ له :هل العضد شويتها وأنضجتها وطيبتها? قال :فهاتها ,قال :فجئته بها فنهشها رسول االله حتى فرغ ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٩٠ جدا أن يحمل هذا التفصيل على حديث الصعب بنََّ جثامة فيقال إن النبي  قد امتنع عن أخذه لاحتمال أن يكون الصعب قد صاده للنبي . وهذا الاحتمال ضعيف جدا على ما يظهر إذ هو مبني على صحة حديث جابر الذي فيه التفصيل وقد تبين أنه ضعيف ليس بحجة لذا ما كان هذا الاحتمال إلا تفسيرا للحديث بالرأي ,وهذا لا يصح بل تطوع الآراء على ما تدل عليه الأدلة مجتمعة. بعد ذكر الإيرادات السابقة على الرأي المانع بإطلاق والرأي المفصل يتبين أن الرأي المبيح بإطلاق لأن يأكل المحرم صيد الحلال هو الأقرب للصواب وذلك لأن الأدلة القرآنية لا يستفاد منها المنع على ما مضى ذكره, بل فيها نهي المحرم عن قتل الصيد وليس فيها نهي عن أكل لحم الصيد الذي صاده المحل إذ صيد المحل وذكاته حلال باتفاق على غير المحرم ولم يأت دليل يمنع منها فتبقى على أصل الإباحة. ثم إنه بالنظر إلى أول الآيات يتبين أن الابتلاء وارد من االله تعالى في القتل ) (١ابن عبد الهادي ,تنقيح تحقيق أحاديث التعليق ,ج ,٢ص.٤٤٧ .(١)﴾×Λ⎧Ï9r& ë>#x‹tã ...ã&s#sù y7Ï9≡sŒ y‰÷èt/ وهذا الابتلاء بسبب نيل الصيد بالأيدي والرماح غير متصور في أكل اللحم المصيد ممن يحق له الصيد شرعا ,ثم إنه لا اعتداء حينها ,وبينت الآية التالية لهذه أن الممنوع هو القتل وهو الذي يؤكد الحكمة السابقة ويحققها حينما قال تعالى.﴾ ×Πããm öΝçFΡr&uρ y‰øŠ¢Á9$# (#θè=çGø)s? Ÿω (#θãΨtΒ#uTM t⎦⎪Ï%©!$# $pκš‰r' ̄≈tƒ﴿: ذلكم هو منطوق الأدلة من الكتاب العزيز ,أما أدلة السنة فقد جاء فيها إباحة أكل صيد المحل للمحرم كما هو نص حديث أبي قتادة وغيره وهذا القسم لا معارضة بينه والأحكام المستفادة من الكتاب العزيز فيبقى على أصل الإباحة في أكل لحم صيد الحلال. والقسم الثاني حادثة هدية الصعب بن جثامة للنبي وقد جاءت حكايتها من طرق أشهرها وأقواها طريق ابن عباس فقد أخرجها الربيع وغيره كما تقدم ,وقد جاءت على وجهين: أولهما :أن الهدية كانت حمارا وحشيا ,وثانيهما أن الهدية كانت جزءا من ) (١سورة :المائدة ,الآية ).(٩٤ والصحيح من ألفاظه أنه أهدي إلى النبي حمار وحش وامتنع النبي  عن قبوله وليس في هذا دليل على المنع من الذي صاده حلال إذ إنه لن يصل النبي إلى الانتفاع به إلا بعد قتله والمحرم ممنوع من قتله اتفاقا. وليس فيه أكل لحم صيد حتى يؤخذ بمطلق النهي) ,(٢أما حمله على أن النبي عرف أنه قصده بذلك الصيد لذا امتنع فأمر لا دليل عليه كما تقدم. كما أن حكاية أن المهد￯ كان حمار وحش جاءت من حديث محمد بن كثير ثنا سليمان بن كثير عن حميد الطويل عن إسحاق بن عبد االله بن الحرث عن أبيه −وكان الحرث خليفة عثمان على الطائف −فصنع لعثمان طعاما فيه من الحجل واليعاقيب ولحم الوحش. قال :فبعث إلى علي بن أبي طالب فجاءه الرسول وهو يخبط لأباعر له فجاءه وهو ينفض الخبط عن يده فقالوا له :كل ,فقال :أطعموه قوما حلالا; فإنا حرم. ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :تحريم الصيد للمحرم ).(١١٩٣ ) (٢السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,٢٦١وابن العربي ,القبس ,ج ,٢ص.٥٦٦ والحديث أخرجه أبو داود) (١ولكن في إسناده شيخ أبي داود محمد بن كثير وهو للضعف أقرب إذ قال ابن معين :لم يكن بثقة ,وقال :كان في حديثه ألفاظ ,لم يكن لسائل أن يكتب عنه ,وقال ابن قانع :ضعيف).(٢ وقد رو￯ محمد بن كثير هذا الحديث عن أخيه سليمان بن كثير وهو ضعيف أيضا إذ قال ابن معين :ضعيف ,وقال أبو حاتم :يكتب حديثه ,وقال ابن حبان :كان يخطئ كثيرا ,فأما روايته عن الزهري فقد اختلطت عليه صحيفته فلا يحتج بشيء ينفرد به عن الثقات).(٣ وقد رواه عن الإمام علي ابن ماجه) (٤بلفظ أخصر منه من حديث عثمان بن أبي شيبة ثنا عمران بن محمد بن أبي ليلى عن أبيه عن عبد الكريم عن عبد االله بن الحارث عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب قال :أتي النبي بلحم ) (١كتاب :المناسك ,باب :لحم الصيد للمحرم ).(١٨٤٩ ) (٢المزي ,تهذيب الكمال ,ج ,٢٦ص ,٣٣٤وابن حجر ,تهذيب التهذيب ,ج ,٩ص.٣٧١ ) (٣ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٤ص ,١٣٨وابن عدي ,الكامل ,ج ,٣ص.٢٨٨ ) (٤كتاب :المناسك ,باب :ما ينهى عنه المحرم من الصيد ).(٣٠٩١ ضعيف ,وقال النسائي والدارقطني :متروك ,وقال ابن حبان :كان كثير الوهم فاحش الخطأ فلما كثر ذلك منه بطل الاحتجاج به ,وقال ابن عبدالبر: مجمع على ضعفه).(١ ثم إن الراوي عنه هو محمد بن أبي ليلى الفقيه وقد تقدم من قبل أنه ضعيف غير مقبول الرواية ,والراوي عنه ابنه عمران لم أجد من شأن توثيقه شيئا غير أن ابن حبان قد أورده في الثقات) ,(٢لذا قال الحافظ ابن حجر: مقبول) (٣أي عند المتابعة ولم يتابعه أحد فترد روايته. والاحتجاج بمن انفرد ابن حبان بتوثيقه أمر في غاية الإشكال كما حرر ذلك شيخنا إمام السنة والأصول العلامة القنوبي –حفظه االله.(٤)− ) (١ابن عدي ,الكامل ,ج ,٥ص ,٣٣٨والعقيلي ,الضعفاء ,ج ,٣ص ,٦٢والمزي ,تهذيب الكمال ,ج ,١٨ص.٥٢ ) (٢ابن حبان ,الثقات ,ج ,٨ص.٤٩٦ ) (٣ابن حجر ,تقريب التهذيب ,ص.٤٣٠ ) (٤شيخنا القنوبي ,الرأي المعتبر ,ص.٣٦ عضوا من لحم صيد لحما أو عجزا أو نحو ذلك ,فلا يثبت) ,(١قال البيهقي مبينا أن الصحيح رواية أن الإهداء كان حمارا وحشيا: وبهذا المعنى رواه شعيب بن أبي حمزة وصالح بن كيسان والليث بن سعد ومعمر بن راشد وابن أبي ذئب ومحمد بن إسحاق بن يسار ومحمد بن ً وحشيا. ً حمارا عمرو بن علقمة عن الزهري أنه أهد￯ له وكان ابن عيينة يضطرب فيه فرواية العدد الذين لم يشكوا فيه أولى, واختلف فيه على حبيب بن أبي ثابت والحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس والمحفوظ عن حبيب حمار وحش وعن الحكم عجز حمار, وقيل عن حبيب كما قال الحكم).(٢ وقال في "السنن الكبر￯": رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وأخرجه أيضا من حديث صالح بن كيسان ومعمر بن راشد عن الزهري بمعناه. ) (١السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٦١ ) (٢البيهقي ,معرفة السنن والآثار ,ج ,٤ص.١٩٦ وخالفهم ابن عيينة فرواه كما أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي أنا حاجب بن أحمد ثنا عبد الرحيم بن منيب ثنا سفيان عن الزهري عن عبيد االله عن ابن عباس أخبره الصعب بن جثامة أنه أهد￯ إلى النبي لحم حمار وحش فرده فرأ￯ الكراهية في وجهه فقال :ليس بنا رد عليك ولكنا حرم. رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وأبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد عن سفيان وقال في الحديث :أهديت له من لحم حمار وحش ,ورواه الحميدي عن سفيان على الصحة كما رواه سائر الناس عن الزهري).(١ وسفيان مع مخالفته للكثرة اضطرب في روايته ,قال الحميدي :وكان سفيان ربما جمعهما مرة في حديث واحد ,وربما فرقهما ,وكان سفيان يقول حمار وحش ثم صار إلى لحم حمار وحش).(٢ وقد أشار الإمام البخاري إلى ذلك عندما أخرج الحديث بلفظ الحمار وترجم للباب بقوله باب إذا أهد￯ للمحرم حمارا وحشيا حيا لم يقبل ,قال ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٩٢ ) (٢الحميدي ,المسند ,ج ,٢ص.٣٤٤ أنه كان مذبوحا موهمة).(١ كما اختار ذلك الحافظ البيهقي وترجم للباب بقوله :باب المحرم لا يقبل ما يهد￯ له من الصيد حيا).(٢ وقد بين الحافظ أبو القاسم الطبراني في المعجم الكبير وجه ترجيح أن المهد￯ كان حمارا وحشيا وليس جزءا منه).(٣ وقال الإمام الشافعي :حديث مالك أن الصعب أهد￯ للنبي حمارا أثبت من حديث من حدث أنه أهد￯ له من لحم حمار واالله أعلم).(٤ وقال ابن خزيمة في صحيحه بعد إخراج الرواية :وفي خبر ابن جريج قلت لابن شهاب :الحمار عقير? قال :لا أدري. قال أبو بكر )ابن خزيمة( :في مسألة ابن جريج الزهري وإجابته إياه ) (١ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص.٣١ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٩١ ) (٣الطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,٨ص.٨٣ ) (٤الشافعي ,اختلاف الحديث ,ص.٥٤٤ إذ الزهري قد أعلم أنه لا يدري الحمار كان عقيرا أم لا حين أهدي للنبي وكيف يروي أن النبي أهد￯ له لحم حمار أو رجل حمار وهو لا يدري كان الحمار المهد￯ إلى النبي عقيرا أم لا).(١ وقال الترمذي :وقد رو￯ بعض أصحاب الزهري عن الزهري هذا الحديث وقال :أهدي له لحم حمار وحش وهو غير محفوظ).(٢ لذلك فروايات الجزء شاذة ,والشاذ ضعيف فلا حجة فيها. وذهب الحافظ الطحاوي إلى أن الحديث ليس بحجة; لأنه مضطرب).(٣ أما قول النووي إن ذلك باطل إذ أخرج مسلم الرواية بالألفاظ السابقة ) (١ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.١٧٧ ) (٢ذكر ذلك بعد إخراجه للحديث ,كتاب :الحج ,باب :ما جاء في كراهية لحم الصيد للمحرم ).(٨٤٩ ) (٣الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٢ص .١٧٠وممن حكم بذلك الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.٢٠٥ قائم على أن الصحيح من الرواية هو حمار وحشي. وما جاء مصرحا فيه ابن عباس أن الحمار كان مذبوحا فلا يصح ,وقد أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في "معجم شيوخه") ,(٢والخطيب في "تاريخ بغداد") ,(٣وفي الإسناد محمد بن عمر الواقدي وهو كذاب مشهور. ثم إن حديث زيد بن أرقم أخرجه مسلم) (٤وفي إسناده ابن جريج وهو مدلس تدليس التسوية أقبح أنواع التدليس فمن يقبل روايته يقبلها بشرط التصريح بالتحديث في طبقات السند كلها ولم يكن التصريح في الطبقات كلها إذ إسناد مسلم هو يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال :أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس. ولو قيل إن هذه الرواية محفوظة لكانت التقدمة لحديث ابن عباس الذي ) (١النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٨ص.١٠٤ ) (٢الإسماعيلي ,معجم شيوخ أبي بكر الإسماعيلي ,ج ,٢ص.٦٩٠ ) (٣البغدادي ,تاريخ بغداد ,ج ,٩ص.٤٤٩ ) (٤أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :تحريم الصيد للمحرم ).(١١٩٥ أرقم ومن غير شك أن رواية صاحب الواقعة مقدمة على رواية غيره الذي لا يقطع في شأنه أشهدها أو حكيت له).(٢ وحمل بعضهم اختلاف ألفاظ الرواية على تعدد وقوعها ,أو أنه أتاه أولا بالحمار كله فرده ثم أتاه بجزء منه ,ولكن هذا الاحتمال ضعيف إذ لا دليل يسنده فضلا أن الرواية جاءت بلفظ الجزء ولفظ الحمار عن ابن عباس من مخرج واحد وإنما انفرد بعضهم بذلك اللفظ ,ولا دليل يدل على الأمر من ألفاظ كل الروايات. وإن قيل بتعدد الواقعة فيحمل عليها حديث أبي الحسين بن الفضل القطان ببغداد أنا عبد االله بن جعفر بن درستويه ثنا يعقوب بن سفيان حدثني أبو سعيد يحيى بن سليمان الجعفي حدثني ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري عن أبيه أن الصعب بن جثامة أهد￯ للنبي عجز حمار وحش وهو بالجحفة فأكل منه وأكل ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الهبة ,باب :من لم يقبل الهدية لعلة ).(٦٩٥٢ ) (٢السالمي ,طلعة الشمس ,ج ,٢ص.٢٠٤ محفوظا فكأنه رد الحي وقبل اللحم واالله أعلم).(١ وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح).(٢ وذلك أن هذه القصة في الجحفة وممكن تعددها على ذلك إذ مكان الأولى غير هذه وإن كان قريبا منه ,وقد جاء أن الإهداء كان ببطن التنعيم كما رواه الحافظ ابن عدي).(٣ ولكن ذلك منكر لا يصح إذ في الإسناد محمد بن ثابت العبدي ,قال ابن حبان :كان يرفع المراسيل ويسند الموقوفات توهما من سوء حفظه فلما فحش ذلك منه بطل الاحتجاج به).(٤ ووجه الاستدلال من هذه الرواية ظاهر; إذ الصايد محل فأكل النبي  ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٩٣ ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص.٣٢ ) (٣ابن عدي ,الكامل ,ج ,٦ص.١٣٥ ) (٤ابن حبان ,المجروحين ,ج ,٢ص ,٢٥١وابن عدي ,الكامل ,ج ,٦ص ,١٣٥والعقيلي, الضعفاء ,ج ,٤ص.٣٨ أما الاستدلال بحديث عائشة أن النبي رد وشيقة ظبي أهديت له وهو محرم فالحديث أخرجه الحافظ عبدالرزاق) (١وظاهر إسناده الصحة ولكن يشكل عليه أنه مجمل في ذكر سبب الرد إذ لم تبين السيدة عائشة أن الرد كان بسبب الإحرام وجائز أن يكون بسبب آخر).(٢ ومما يدلك على الجواز الإطلاقي أن النبي لما سأله أصحاب أبي قتادة عن الواقعة ما سأل أبا قتادة عن نيته أكان ينوي بذلك الصيد نفسه وحدها أو مع رفقته مما يدل أن فعل أبي قتادة المحل ليس له مدخل في الحكم جوازا وحرمة إذ قد أتى مباحا من الأمر ولكن كان الالتفات الذي أراد النبي به أن يسترعي الانتباه إلى مناط الحكم سؤالهم ألهم اشتراك ومعونة فيكونوا بإعانتهم في حكم القاتلين الصيد فيحرم عليهم ,أو لا فيكونوا على أصل الإباحة كما هو الحال في حديث "أينقص الرطب إذا جف" ,وحديث "أرأيت لو كان على أبيك دين". ) (١عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٤ص.٤٢٧ ) (٢الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٢ص.١٦٨ "هل معكم من لحمه شيء" حتى يزول كل ما في نفوسهم ,بل جاء في رواية عند البخاري أن النبي أكل من الصيد. وعدم استفصال أبي قتادة عن نيته تنطبق عليه القاعدة المشهورة ترك الاستفصال في وقائع الأحوال ينزل منزلة العموم في المقال).(١ على أنه من البعيد جدا أن يسعى أبو قتادة للاصطياد وينوي أن لا يعطي رفقته منها شيئا بل ينفرد بما اصطاد ,إن أخلاقهم التي طبعوا عليها منذ عهد الجاهلية لتأبى عليهم إلا تقديم الصاحب في السفر وغيره على النفس, فكيف والقوم مسلمون تليت عليهم أخلاق الإسلام التي فيها بر الصاحب في السفر وإيثاره على النفس إن ذلك لمن البعيد حقا. على أن في بعض ألفاظ الرواية ما يدل على أنه قصدهم بالاصطياد وذلك حينما قال "وأحبوني لو أني أبصرته").(٢ ) (١السالمي ,معارج الآمال ,ج ,١٨ص ,١١٠والسمعاني ,قواطع الأدلة ,ج ,١ص,٢٢٥ والجويني ,البرهان ,ج ,١ص ,٢٣٧والرازي ,المحصول ,ج ,٢ص.٦٣١ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الهبة ,باب :من استوهب من أصحابه شيئا ).(٢٤٣١ اصطياده. ورو￯ الإمام مالك بإسناد صحيح عن معمر عن هشام بن عروة عن أبيه قال :قال الزبير :لقد كنا نتزود صفائف الوحش ونحن محرمون).(١ وفي هذا إن قيل برفعه دليل على أن التحريم وارد في القتل لا مطلق أكل اللحم ,وقد جاء الحديث السابق مرفوعا من حديث أحمد بن محمد بن شعيب الجلاباذي ثنا سهل بن عمار العتكي ثنا الجارود بن يزيد النيسابوري ثنا أبو حنيفة عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده الزبير بن العوام قال :كنا نأكل لحم الصيد ونتزوده ونأكله ونحن محرمون مع رسول االله . وكذلك رواه إبراهيم بن طهمان عن أبي حنيفة بمعناه) ,(٢ولكن الموقوف أقو￯. ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٤ص.٤٣٤ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٨٩ قتل الصيد ,والقتل كما تقدم هو كل ما يزهق الروح فيشمل الطرق الشرعية المعروفة بالذكاة الشرعية ,كما يشمل غيرها من الأفعال ,لذلك فالأفعال الموجبة للضمان أقسام ثلاثة: المباشرة للقتل والتسبب كحال من حفر بئرا في مكان لا يحق له الحفر فيه كطريق فهنا يلزم بالضمان لأنه هو السبب في القتل وإن كان التردي في البئر هو المباشر. وإن حفره في ملكه فهو غير متعد فيكون الصيد هو الذي ساق نفسه للموت. واختلفوا فيمن نصب شبكة في ملكه فقيل لا يضمن; لأنها في ملكه, وذهب آخرون إلى التضمين إذ إن نصب الشبكة لا يكون إلا للاصطياد, والاصطياد ممنوع منه المحرم في الملك وفي خارجه).(١ ) (١القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,١٠١والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص,٦٩٤ والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,٢٠٣والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص,٣١٨ والعبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص.١٧٤ واختلف القائلون بمنع المحرم من أكل ما صاده الحلال من أجله أيلزمه بأكله جزاء أو لا يلزمه) ,(٢وقد تبين من السابق أنه لا حرج في أكله ولو صيد من أجله ,ولو قيل بالمنع لكان القول بعدم لزوم الجزاء أولى إذ الشرع علق الجزاء بالقتل والآكل ليس بقاتل لغة ولا عرفا ولا شرعا. سادسا :جزاء قتل الصيد تقدم القول أن قتل الصيد في حال الإحرام أمر غير جائز بل كان النهي عنه بنص الكتاب العزيز ,ثم إن الشارع رتب على قاتل الصيد جزاءا بينه بيانا واضحا بقولهãΝä3øts† ÉΟyè ̈Ζ9$# z⎯ÏΒ Ÿ≅tFs% $tΒ ã≅÷WÏiΒ ÖTM!#t“yfsù #Y‰ÏdθyètG•Β Νä3ΖÏΒ ...ã&s#tFs% ⎯tΒuρ﴿ : y7Ï9≡sŒ ãΑô‰tã ÷ρr& t⎦⎫Å3≈|¡tΒ ßΘ$yèsÛ ×οt≈¤x. ÷ρr& Ïπt7÷ès3ø9$# xÎ=≈t/ $Nƒô‰yδ öΝä3ΨÏiΒ 5Αô‰tã #uρsŒ ⎯ÏμÎ/ .﴾$YΒ$u‹Ï1 وهذا الحكم متفق عليه من حيث الجملة بين الأمة ,وقد أوجبت الآية ) (١القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,١٠٢والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص,٣٠١ والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,٢٠٥والعبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص.١٧٤ ) (٢ابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص.٤٠٧ أو كفارة طعام مساكين ,أو صيام بعدل الجزاء والإطعام ويخير بين الأمور الثلاثة يأتي أيها شاء ويكون مجزئا عنه).(٢ ولكن ذهب بعض الفقهاء إلى أن الأمر ليس فيه اختيار للمبتلى بل يلزمه جزاء المثل ,فإن لم يكن فإطعام المساكين ,فإن لم يكن فالصيام) ,(٣واستدلوا بأن جزاء الصيد كفارة نفس محظورة وكفارات النفوس مرتبة لا تخيير فيها).(١ ) (١للفقهاء خلاف في تعريف الأنعام ,ولكنها في باب جزاء الصيد الأصناف الأربعة المذكورة في الأصل اتفاقا. الخليلي ,لطائف الحكم ,٨٥ ,وشيخنا الخليلي ,زكاة الأنعام ,ص ,٨والبسيوي ,الجامع, ج ,٢ص ,٢٨٧والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص ,٣٠٨والماوردي ,الحاوي الكبير, ج ,٤ص ,٢٨٦وج ,٤ص.٢٩٣ ) (٢البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٨٧والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص١٦٢و ج,٢٤ ص ,١٧٣والسيابي ,سلك الدرر ,ج ,١ص ,٣١٧والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص,٦٩٧ والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٩٩والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص,٣٥٩ والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,٢٠٠والعبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص,١٧٩ وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤٢٢ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٣٦٠وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤٢٢ يذكروا غيره فدل أن الواجب على الترتيب).(٢ وفي هذا القول نظر ظاهر إذ هو قياس مخالف للكتاب العزيز فيكون فاسد الاعتبار ,فـ"أو" كما هو مقتضى قواعد اللغة تأتي في الأوامر للتخيير وفي الأخبار للشك ,والحال هنا أمر. أما إفتاء الصحابة بالشاة في الضبع فذلك لبيان المثل من النعم في الضبع إذا ما شاء صاحبه الجزاء بمثل ما قتل من النعم وليس فيه منع المبتلى من الأخذ بالأمرين الأخريين ,ولو صح هذا الأمر لكان ظاهر الكتاب العزيز أولى بالاتباع. الأمر الأول :جزاء المثل وذلك بأن ينظر في حال الصيد المقتول أله مثل من الأنعام فإن كان له مثل في الصورة والخلقة فعلى المبتلى أن يذبح مثله في مكة –شرفها االله −كما قال تعالى "هديا بالغ الكعبة" ولا يجزيه أن يعطيهم إياه غير مذبوح أو في غير ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.٢٩٩ ) (٢الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.٢٠٠ وسواء اتفق البدلان الصيد والمثل في القيمة أو اختلفا إذ الخطاب الشرعي ما جاء في حكمه إلا بالمثلية. والأصل في المثلية أن تكون في الجنس والصورة والشبه ولكن نظرا إلى أن هذا هو الممنوع نفسه أسقط سبحانه المثلية في الجنس وبقيت المثلية في الصورة وجعل مقابل الجنس المقتول من الصيد جنس الأنعام. والشبه في الصورة كشبه البدنة من الإبل بالنعامة وإن كانت القيمة مختلفة ,وشبه الظبي بالغنم ,وشبه الضبع بالكبش وقد نص عليه الدليل الشرعي ,ومما يدل على أن الشبه المنظور إليه هو الشبه في الصورة حديث: إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا ابن جريج عن عبد االله بن عبيد بن عمير عن ابن أبي عمار قال :قلت لجابر :الضبع أصيد هي? قال :نعم ,قال :قلت: آكلها? قال :نعم ,قال :قلت :أقاله رسول االله ?قال :نعم. والحديث أخرجه باللفظ السابق الترمذي) (١وقال :حسن صحيح, وأشار الترمذي بعد ذلك إلى ما أعل به الحديث وهو الوقف على عمر ثم رده ) (١كتاب :الحج ,باب :ما جاء في الضبع يصيبها المحرم ).(٨٥١ الحديث فقال عن جابر عن عمر ,وحديث ابن جريج أصح ,وهو قول أحمد وإسحاق. والحديث بين الدلالة في الموضوع إذ طبق النبي أمر الكتاب العزيز فجعل جزاء الضبع كبشا والكبش من الأنعام مماثل للضبع في الصورة. وذهب بعض الفقهاء إلى النظر إلى القيمة مباشرة دون التفات إلى المثل من الأنعام فيقوم عندهم الصيد بالدراهم أو الدنانير ثم تصرف القيمة لشراء شيء من النعم فيذبح بمكة –شرفها االله ,−قال الكاساني: قيمة الصيد المقتول يقومه ذوا عدل لهما بصارة بقيمة الصيود فيقومانه في المكان الذي أصابه إن كان موضعا تباع فيه الصيود. وإن كان في مفازة يقومانه في أقرب الأماكن من العمران إليه ,فإن بلغت قيمته ثمن هدي فالقاتل بالخيار إن شاء أهد￯ وإن شاء أطعم وإن شاء صام. وإن لم يبلغ قيمته ثمن هدي فهو بالخيار بين الطعام والصيام سواء كان يضمن بمثله فإن لم يكن ضمن بقيمته كما هو الحال في سائر الأموال ,وكذلك قولهم إن الصيد حيوان ممنوع من إتلافه بحرمة الإحرام فوجب أن يجب بقتله قيمته قياسا على ما لا مثل له كالعصفور. واستدلوا بقوله تعالى "فجزاء مثل ما قتل من النعم" ووجه الاستدلال بها أمور):(٢ أولها :أن المثل يتناول من الجنس في الصورة والشبه وهذا مثل لغة وشرعا ,وقد يتناول المثل في القيمة وهذا مثل شرعا لا لغة ,ولكن المثل لا يتناول من غير الجنس لغة ولا شرعا ,ولما بطل المتناول الأول لوجوب نعامة في النعامة وحمار في الحمار تعين الثاني وهو المثل في القيمة. ثانيها :أن قوله تعالى "يحكم به ذوا عدل منكم" مفيد أن المثلية هنا مثلية القيمة إذ هي التي تستلزم حكما ,أما المثلية في الصورة فمقدور عليها من قبل كل أحد; لأنه مما يدرك بالمشاهدة والنظر ولا فرق فيه بين العدل والفاسق. ) (١الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٩٨ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.٢٨ كما في باقي المتلفات أصل من الأصول ولكن ثبت بهذا النص قطعي الورود أن ذلك الأصل غير معمول به هنا بل يكون بالمثل في الصورة. وأما قولهم إن المثلية لا تكون إلا في جنس نفسه أو قيمته فمقابل بأن الشارع نص هنا أن المثلية المعتبرة هي مثلية الشكل والصورة والطرف الثاني هو النعم "فمثل ما قتل من النعم". وقد أكد الحديث الصحيح الذي ذكرناه معنى المثلية المرادة شرعا حينما حكم على صايد الضبع بكبش ,ثم إن فتاو￯ الصحابة تؤكد المعنى المستفاد إذ حكموا بالمثل من النعم. بعد أن يحكم العدلان الخبيران به أو رجل وامرأتان ,ومنهم من قيد جواز حكم الرجل والمرأتين بحال الاضطرار فقط) (١ولم يشترط الفقه بل العدالة فقط والخبرة شرط إذ لا يستطيعان الحكم دونها وهي غير الفقه. ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,١٦٤والضائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص,٣١٣ والسيابي ,سلك الدرر ,ج ,١ص.٣١٧ واختلف الفقهاء في جواز أن يكون المبتلى أحد الحكمين أو أن يكون القاتلان هما الحكمين) (٢فمنهم من قال بالجواز إذ الخطاب منكم راجع للمسلمين والمبتلى بقتل الصيد من المسلمين. كما استدل هؤلاء بحديث إربد وقد قتل صيدا وقد جاء من حديث طارق بن شهاب قال :خرجنا حجاجا فأوطأ رجل منا يقال له أربد ضبا ففزر ظهره فقدمنا على عمر فسأله أربد فقال عمر :احكم يا أربد, فقال :أنت خير مني يا أمير المؤمنين وأعلم. فقال عمر :إنما أمرتك أن تحكم فيه ولم آمرك أن تزكيني ,فقال أربد: أر￯ فيه جديا قد جمع الماء والشجر. فقال عمر :فذاك فيه ,قال :وأصبنا حيات بالرمل ونحن محرمون ) (١الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٧٧والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.٢٩١ ) (٢الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٩٧والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٩١والنووي, المجموع ,ج ,٧ص ,٣٦١وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٦٩ دون جملة الحيات) ,(٣وقال النووي) (٤والحافظ ابن حجر) :(٥إسناده صحيح. ومن قال بالمنع قالوا إنه لا يكون المبتلى حاكما ومحكوما عليه ,ثم إن هذا المتلف كحقوق الآدمين التياجتهاد في بدل متلف فلم يجز الرجوع فيه إلىِ ترجع إلى تقويم المقومين. ومنهم من فرق فقال إن قتلاه عدوانا لم يجز أن يكونا من الحكمين إذ ذلك القتل جاعل القاتل فاسقا وقد اشترط النص الشرعي العدالة ,أما إن كان القتل غير متعمد فلا حرج إن كان القاتل حكما. وإذا حكم أكثر من عدلين كأن يحكم عليه عدلان بمثل ثم يحكم غيرهما بمثل آخر فهو بالخيار بين حكم العدول الحاكمين إذ ينطبق عليه النص ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٨٢ ) (٢عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٤ص.٤٠٢ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص.١٩٤ ) (٤النووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٣٥٧ ) (٥ابن حجر ,التلخيص الحبير ,ج ,٢ص.٢٨٥ بكونه من غير ذوات الأمثال. وفي كبير الصيد كبير مثله ,وفي صغيره صغير مثله ,وفي كل واحد من الصحيح والمعيب مثله ,والذكر بالذكر ,والأنثى بالأنثى ,كما يفيده "فجزاء مثل ما قتل من النعم" ,وإن كان الأولى للمكلف أن يحرص فيما يتقرب به إلى االله على الأكمل والأفضل).(١ وقال بعض الفقهاء إنه لا فرق بين صغير الصيد وكبيره بل فيهما جزاء واحد واالله سماه هديا ويشترط في الهدي ما يشترط في الأضاحي من السن).(٢ كما استدل هؤلاء بأن الأحكام المنقولة عن الصحابة ما كانوا يفرقون بين صغير وكبير بل كانوا يقولون في كذا كذا وعدم تفريقهم دليل استواء الصغير والكبير في الجزاء. ولكن القول الأول أظهر لدلالة ظاهر الآية عليه إذ مثل الصغير صغير ومثل الكبير كبير ,وغاية ما استدلوا به من أفعال الصحابة أنها آثار ساكتة لم ) (١الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص.٦٩٧ ) (٢الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,٢٠٠والعبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص.١٨٢ ومن الفقهاء من لم يلتفت إلى العيب الذي في الصيد بل أوجب في الصيد المعيب صحيحا من النعم. وقد جاءت آثار فيها الحكم على بعض أنواع الصيد بأمثالها من ذلك أن عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن عباس حكموا في النعامة ببدنة. وحكم أبو عبيدة وابن عباس في حمار الوحش ببدنة ,وحكم عمر فيه ببقرة ,وحكم عمر وعلي في الظبي بشاة كما سيأتي تخريج ذلك. الأمر الثاني :كفارة طعام مساكين وذلك بأن ينظر في الصيد كم قيمته فيخرج من قيمته طعام لمساكين الحرم كما هو الحال في المثل إذ حده االله هديا بالغ الكعبة).(١ وذهب آخرون إلى أنه لا يتقيد الإطعام بمساكين الحرم إذ الآية ما قيدته ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٧٧والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٨٧والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص.١٦٠ المقصود بالتعويض الصيد وليس المثل وما المثل إلا تقريب له ليعوض, ويعطى المسكين ما يعطى في الكفارات نصف صاع من الطعام. الأمر الثالث :عدل ذلك صياما. فيجعل مكان طعام كل مسكين صوم يوم ,ولم يقيد االله تعالى الصيام هنا بالتتابع فيصح فيه غير التتابع ,وذهب بعض الفقهاء إلى اشتراط التتابع في الصيام وحكوا الإجماع عليه وقالوا إن فرقه فالصيام باطل).(٣ وفي هذا الرأي وحكاية الإجماع عليه نظر إذ لا دليل يفيد التتابع ,ولو سلم جدلا بوجوب التتابع فمن أين اشتراطه حتى يبطل ما لم يتحقق فيه هذا الشرط ,كما أن الشارع لم يقيد الصيام بمكان دون غيره فيصح في كل ) (١الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٧٨والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.٢٠٠ ) (٢الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٩٧وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٧٥ ) (٣الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.٣٠٦ ذكروا أن رجلا في الطواف ينادي :يا معشر الفقهاء ما تقولون في رجل عليه دم ولا يمكنه دم? إلي يا صاحب المسألة ,فجاء إليه فقال :اذهب إلى الجلابةفقال له الربيع : َّ فاشتر شاة لا شططا في الثمن ولا دون ثم اذهب إلى الحناطة فانظر قيمة الشاة من الدراهم كم يقع لها من الحنطة فصم لكل نصف صاع يوما. وذهب بعض الفقهاء إلى أنه يجب أن ينظر في الصيد فإن كان مما حكم فيه الصحابة فيلزم اتباعهم) ,(٢واستدلوا في ذلك بحديث :أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. وفيما قالوه نظر إذ الكتاب العزيز ما التفت لذلك بل أتى بالحكم وقد خاطب به الأمة كلها. ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٧٧والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٨٧والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص.١٦٠ ) (٢الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٩٧والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٩١وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٦٩ لواحد منهم على الآخر إذ المسألة رأي واجتهاد. أما الحديث المستدل به فلا يثبت عن صاحب الدعوة قال الحافظ ابن الملقن: هذا الحديث رواه عبد بن حميد في مسنده ,والدارقطني في الفضائل من حديث ابن عمر مرفوعا كذلك لكنه قال بدل اقتديتم بأيهم أخذتم بقوله اهتديتم وهو هو ,وروي أيضا من طريق والده عمر بن الخطاب وأبي هريرة وجابر وكلها معلولة. قال البزار وقد سئل عن هذا الحديث فقال :منكر ولا يصح عن رسول االله ,وأما ابن حزم فقال في رسالته الكبر￯ في الكلام على إبطال القياس والتقليد وغيرهما :هذا حديث مكذوب موضوع باطل لم يصح قط).(١ ثامنا :تعدد الكفارة على قاتل الصيد وآكله إن تعدد المقتول من الصيد فيتعدد الجزاء) (٢إذ ينطبق على كل صيد قتل ) (١ابن الملقن ,تذكرة المحتاج ,ص.٦٩ ) (٢الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٧٩والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٠٣ .﴾$YΒ$u‹Ï1 وقال بعضهم لا يلزم بتعدد القتل إلا جزاء واحد أخذا منهم بتداخل الكفارات ,ومنهم من قال إنه يلزم بالجزاء في أول قتل وما بعده فلا شيء عليه فيه).(١ واستدلوا بأن الحق تبارك وتعالى قيد الجزاء بلفظ "من" ولفظ "من" إن علق به الحكم اقتضى المرة الواحدة وذلك كقول القائل من دخل داري فله درهم ,فإن من دخل الدار أعطي درهما وإن دخلها ثانية لم يعط شيئا, وكذلك من قال لنسائه من خرجت من البيت فهي طالق فإن الطلاق يلزم بأول خروج وإن خرجت ثانية لم يلزمها الطلاق. والأظهر من السابق أن كفارة القتل تلزم كل ما يصدق عليه أنه قتل, فتتعد بتعدد المقتول. واختلفوا إن كان المقتول من الصيد واحدا ولكن أكل القاتل منه فقال ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٨٤وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص,٢٧٦ والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,٢٠١وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤١٧ وهذا الذي عليه ظاهر الكتاب العزيز فقد رتب حكم الجزاء على القتل عمدا لا الأكل. ثم إنه قد تبين من السابق أن المحرم نفسه غير ممنوع من أكل الصيد الذي صاده المحل مما يفيد أن العلة ليست الأكل بل القتل عمدا كما هو ظاهر الكتاب العزيز. وإن قلنا إن صيد المحرم يحيل المصيد ميتة لا يحل أكلها كما هو رأي الجمهور فيكون عاصيا لأكله الميتة ولم يرتب الشرع على المحرم الذي يأكل الميتة جزاء. ومن السابق يظهر أنه لو تعدد القاتلون وذلك بأن اشترك فيه جماعة فلا ) (١الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٧٧والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص,١٠١ والسيابي ,سلك الدرر ,ج ,١ص ,٣١٦وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢١ص,١٥٥ والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.٢٠٣ ) (٢مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٥٤ لهذا الرأي: وهذا يوافقه القرآن لأن االله تعالى يقول" :فجزاء مثل ما قتل من النعم" وهذا مثل ومن قال عليه مثلان فقد خالف موافقه معنى القرآن).(٢ ولكن لا يلزم ما قاله الإمام الشافعي إذ قد يتوجه معنى الآية أن كل من شارك عد قاتلا فيلزم كل من قتل مثل واحد. وذهب بعض أهل العلم إلى أن على كل واحد من المشتركين جزاء كاملا) ,(٣ومنهم من فصل فقال إذا قتل جماعة محرمون صيدا فعلى كل واحد منهم جزاء كامل ,وإن قتل جماعة محلون صيدا في الحرم فعلى جماعتهم جزاء واحد) ,(٤قال الحافظ ابن عبدالبر: ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,١٦٩والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٧٧والغزالي, الوسيط ,ج ,٢ص ,٧٠٠والبيهقي ,معرفة السنن والآثار ,ج ,٤ص ,٢١٥وابن قدامة, المغني ,ج ,٣ص ,٢٧٧وابن عبد الهادي ,تنقيح تحقيق أحاديث التعليق ,ج ,٢ص٤٤٥ ) (٢البيهقي ,معرفة السنن والآثار ,ج ,٤ص.٢١٧ ) (٣الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,٢٠٢والعبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص.١٧٥ ) (٤ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢١ص.١٥٥ منهم كفارة).(١ وفيما قاله الحافظ ابن عبدالبر نظر إذ الخلاف في كفارة القتل موجود أعليهم كفارة واحدة يقتسمونها على ما ينوب كل واحد منهم أو على كل واحد كفارة أو يفرق بين العتق والصيام فإن وجدوا ما يعتقون أجزتهم واحدة وإن انتقلوا إلى الصيام صام كل واحد شهرين متتابعين).(٢ تاسعا :حكم قاتل الصيد غير المتعمد لا خلاف بين أهل العلم في أن غير المتعمد كالناسي والمكره لا إثم عليه بقتل الصيد إذ الإثم مرفوع عنهما باتفاق ,وتأثيمهما تكليف لهما بما لا يستطيعانه إذ النسيان والإكراه أمور خارجة عن الإرادة فترتفع عندها التكاليف الشرعية وإلا لزم منه وصف االله تعالى بالظلم تعالى االله عن ذلك علوا كبيرا. أما الجزاء في حال تحقق القتل فاختلف فيه أهل العلم إلى أقوال ثلاثة: ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢١ص.١٥٦ ) (٢شيخنا الخليلي ,الفتاو￯ ,الكتاب الخامس ,ص.١١٠ ثانيها −وهو الأسعد بظاهر الأدلة −قول من قال إن حكم الجزاء لا يلزم إلا المتعمد).(٢ وجماعة من هؤلاء فرقوا بين صيد الحرم وصيد المحرم ,فقالوا إن صيد المحرم في الحل خطأ لا يلزم فيه بالجزاء ,وصيد الحرم يلزم فيه الجزاء مطلقا كان الصيد خطأ أو عمدا. وعلى هذا التفصيل الأخير بعض علمائنا كالإمام الربيع بن حبيب وغيره).(٣ ثالثها –وهو الأقرب للشذوذ −قول من قال إنه لا جزاء على العامد في ) (١القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,١٠٥ومالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص,٣٥٤ والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٩٥والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٨٣وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٦٦والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,٢٠١ونظام, الفتاو￯ الهندية ,ج ,١ص ,٢٤٧وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤١٤ ) (٢ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٧٦والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص,١٦٨ وص.١٧٥ ) (٣ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٨٠والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص.١٧٤ أما القائلون بوجوب الجزاء في الحالين العمد والخطأ فقالوا إن الأصل في أمور الضمانات أنها من قبيل خطاب الوضع الذي لا يفرق فيه بين عامد وغيره فمن اعتد￯ على ملك آخر لزمه الضمان ولو لم يكن مكلفا كصبي فضلا عن الناسي ,واالله تبارك وتعالى ذكر حكم العمد لا ليقيده به بل لأن الغالب من المحرمين أن لا يقتلوا الصيد إلا متعمدين فليس هو بقيد. قال الشيخ عامر :أوجبوا الجزاء في العمد والخطأ ولم يمتثلوا دليل الخطاب في هذه الآية وهو الأشبه في هذا الوجه; لأن الخطأ لا يزيل الضمان بل يزيل الإثم فقط).(١ أما القائلون بأن الجزاء غير لازم في العمد فلا أعلم ما يستندون عليه ولعلهم جعلوا المتعمد في حكم المستحل والمستحل لا يلزم بالضمان. ولكن يرد عليهم نص الكتاب العزيز إذ إنه قيد الجزاء بالقتل عمدا, وهؤلاء يقولون إنه لا جزاء في العمد ,فيظهر من ذلك ضعف هذا القول. أما القائلون بأن حكم الجزاء لا يلزم غير متعمد القتل فأخذوا ذلك من ) (١الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص.٣٧٧ فيها عن الجزاء وتكفي التوبة ما لم يثبت دليل يوجب الجزاء. وحقوق االله تعالى مبنية على المساهلة بخلاف حقوق المخلوقين التي قام أصلها على المشاحة ,وفي قضيتنا جاء الدليل مثبتا الجزاء بقيد العمدية فيبقى غير المتعمد على أصل عدم وجوب الجزاء. فضلا عن أن مفهوم الصفة الذي هو حجة عند الجمهور من العلماء خلا الحنفية يثبت أن القاتل للصيد غير المتعمد ليس عليه جزاء. ثم إنه إذا خصص الشارع موصوفا بالذكر فلا شك أنه لا يحمل تخصيصه على وفاق من غير انتحاء قصد التخصيص ,وإجراء الكلام من غير فرض تجريد القصد إليه يزري بأوساط الناس فكيف يظن ذلك بلسان الشارع. فإذا تبين أنه إذا خصص فقد قصد إلى التخصيص فينبني على ذلك أن قصد الشارع في بيان الشرع يجب أن يكون محمولا على غرض صحيح إذ المقصود العري عن الأغراض الصحيحة لا يليق بمنصب الشارع. فإذا ثبت القصد واستدعاؤه غرضا فليكن ذلك الغرض آيلا إلى مقتضى أن العاري عنها حكمه بخلاف حكم المتصف بها. والذي يعضد ذلك من طريق التمثيل أن الرجل إذا قال :السودان إذا عطشوا لم يروهم إلا الماءُع ّد ذلك من ركيك الكلام وهجره ,وقيل لقائله لا معنى لذكرك السودان وتخصيصهم مع العلم بأن من عداهم في معناهم).(١ لكني لم أتبين علة التفريق بين صيد الحل وصيد الحرم في القضية ,ولعل الأدلة السابقة تفيد عموم الحكم في الأمرين فلا يلزم الاثنان المخطئان بالجزاء. أما قول الموجبين إن الجزاء من باب خطاب الوضع الذي لا يفرق فيه بين عامد وغيره نقول نعم إن ذلك هو الأصل ولكن جاءت الآية الكريمة مستثنية هذه الحالة فلم توجب الجزاء على غير المتعمد. ثم إن الناظر في أحوال الجزاء التي تلزم الناس بانتهاك حقوق االله التي بين الإنسان وربه يجدها مقيدة بالعمد من ذلك كفارة الصيام فقد عفي عن الناسي وأن االله أطعمه وسقاه. ) (١الجويني ,البرهان ,ج ,١ص ٣٠٧بتصرف من كلام للإمام الشافعي. أمية الذي فيه الإحرام في اللباس الممنوع مع الطيب بسبب الجهل والنبي  لم يوجب على هذا شيئا بل أمره بالتخلص من المحظور ومواصلة الحج. وهكذا حال الذين أتوا أعمالا ممنوعة دون شعور منهم أي غير متعمدين فما كان منه إلا أن قال لا حرج كما في حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد قال :بلغني عن عبداالله بن عمرو بن العاص قال في حجة الوداع :إن رجلا جاء إلى رسول االله فقال: يا رسول االله ,لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح ,فقال له :اذبح ولا حرج, فجاءه آخر فقال له :يا رسول االله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ,فقال: ارم ولا حرج ,فما سئل في ذلك اليوم عن شيء إلا قال :ولا حرج).(١ ثم إن آخر الآية الكريمة ختم بعلة عقوبة الجزاء فقال تعالىs−ρä‹u‹Ïj9﴿ : .﴾BΘ$s)ÏGΡ$# ρèŒ Ö“ƒÍ•tã a!$#uρ 3 çμ÷ΖÏΒ a!$# ãΝÉ)tFΖuŠsù yŠ$tã ô⎯tΒuρ 4 y#n=yTM $£θtã a!$# $xtã 3 ⎯ÍνÍö∆r& tΑ$t/uρ وهذا تشديد يتنافى وغير العمد وذلك لأن الإثم مرفوع باتفاق عن ) (١أخرجه الإمام الربيع في كتاب :الحج ,باب :في التمتع والإفراد والقران والرخصة ).(٤٣٥ المتعمد يشمل الناسي للحكم أو الناسي لحالة الإحرام ,أو المخطئ كمن أراد فعلا فتوجه لصيد ولم يكن يقصده بالأذ￯ ,أو كان القاتل غير مكلف كالصبي غير البالغ إذ إن عمد الصبي خطأ كما تقدم غير مرة. قال في "بيان الشرع" :مسألة من تأليف أصحابنا أهل المغرب :واختلف العلماء في قتل الصيد خطأ هل عليه الجزاء أم لا بعد اتفاقهم على العمد? فالذي يعتمد عليه أصحابنا أن العامد والخاطئ سواء ,والنظر يوجب عندي أن لا شيء عليه لقوله تعالى "ومن قتله منكم متعمدا" فدليل الخطاب يسقط عن الخاطئ ,لكن فيه خلافا بين الأصلين) (١هل يجب العمل به أم لا. وقال تعالى "وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم" الآية ,وقال :رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ..الحديث).(٢ كما صحح القطب القول بعدم لزوم الجزاء على من لم يتعمد قتل الصيد).(٣ ) (١كذا في الأصل ولعل الأصوب :الأصوليين. ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص.١٦٨ ) (٣القطب ,الجامع الصغير ,ج ,٣ص.١٦٤ تعارضت ظواهر الأدلة في مبدأ تحريم مكة ,فمنها ما يفيد بظاهره أن التحريم كان منذ خلق االله السماوات والأرض ,ومنها ما يفيد أن التحريم ما كان إلا زمان خليل الرحمن إبراهيم بعد أن سأل االله ذلك حين أسكن ذريته, فالأول منها يفيده حديث: قال النبي يوم افتتح مكة :لا هجرة ولكن جهاد ونية ,وإذا استنفرتم فانفروا; فإن هذا بلد حرمه االله يوم خلق السماوات والأرض ,وهو حرام بحرمة االله إلى يوم القيامة ,وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار. والحديث أخرجه باللفظ السابق الشيخان البخاري) (١ومسلم).(٢ وأما قول إبراهيم فما أراد به تحريم مكة بل هو مقر بذلك فقد وصف البيت الحرام بقولهy7ÏF÷t/ y‰ΨÏã ?íö‘y— “ÏŒ Îöxî >Š#uθÎ/ ©ÉL−ƒÍh‘èŒ ⎯ÏΒ àMΖs3óTMr& þ’ÎoΤÎ) !$uΖ−/§‘ ﴿ : ) (١كتاب :الحج ,باب :لا يحل القتال بمكة ).(١٧٣٧ ) (٢كتاب :الحج ,باب :تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقتطها إلا لمنشد على الدوام ).(١٣٥٣ ‘.(٢)﴾ ∩⊂∈∪ tΠ$oΨô1F{$# y‰ç7÷è ̄Ρ βr& ¢©Í_t/uρ ©Í_ö7ãΨô_$#uρ $YΨÏΒ#uTM t$s#t6ø9$# #x‹≈yδ ö≅yèô_$# Éb>u هذا القول منه ما أراد به سؤال ربه أن يؤمنه من عقوبته وعقوبة يؤمن أهله من الجدوب والقحوط وأن يرزق ساكنهالجبابرة ولكنه سأله أنِّ من الثمرات كما أخبر ربه عنه).(٣ وأما الثاني فيفيده حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن أنس بن مالك أن رسول االله طلع له أحد فقال :هذا جبل يحبنا ونحبه ,اللهم إن ابراهيم حرم مكة وأنا أحرم ما بين لابتيها).(٤ ) (١سورة :إبراهيم ,الآية ).(٣٧ ) (٢سورة :إبراهيم ,الآية ).(٣٥ ) (٣الطبري ,جامع البيان ,ج ,١ص ,٥٤٢والطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج,١٢ ص.٢٨٤ ) (٤أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :في المواقيت والإحرام ) ,(٣٩٧والبخاري من طريق مالك عن عمرو مولى المطلب عن أنس بن مالك في كتاب :المغازي ,باب :أحد يحبنا ونحبه ).(٣٨٥٦ جلية. ومنهم من غلب الأخبار التي فيها التحريم من قبل إبراهيم فالنص النبوي فيها جلي البيان. وتوسط آخرون فجمعوا بين القولين بضروب من التوفيق ,منها أن إبراهيم مبلغ لأوامر ربه ومظهر لأحكامه ,فالحكم بالتحريم على الحقيقة هو الله تعالى أظهره على لسان إبراهيم ,فهو يضاف مرة إلى فاعله الحقيقي ومرة إلى مبلغه. ومنها أن االله قضى يوم خلق السماوات والأرض أن إبراهيم سيحرم مكة ,أو المعنى أن إبراهيم أول من أظهر تحريمها بين الناس وكانت قبل ذلك عند االله حراما ,أو أول من أظهره بعد الطوفان).(٢ ) (١الطبري ,جامع البيان ,ج ,١ص ,٥٤١والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٢ص ,١١٧والنووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص ,١٢٤وابن جماعة ,هداية السالك, ج ,٢ص ,٨٥٣والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص .١٦١ ) (٢ابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص ,١١٩وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص ,٤٣والسالمي, شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص .١٦٢ تحريم منه لها على لسان أحد من أنبيائه ورسله ولكن بمنعه من أرادها بسوء وبدفعه عنها من الآفات والعقوبات وعن ساكنيها ما أحل بغيرها وغير ساكنيها من النقمات. فلم يزل ذلك أمرها حتى بوأها االله إبراهيم خليله ,وأسكن بها أهله هاجر وولده إسماعيل فسأل حينئذ إبراهيم ربه إيجاد فرض تحريمها على عباده على لسانه ليكون ذلك سنة لمن بعده من خلقه يستنون بها فيها ,فلذلك أضيف تحريمها إلى إبراهيم فقال رسول االله: إن االله حرم مكة; لأن فرض تحريمها الذي ألزم االله عباده على وجه العبادة له به دون التحريم الذي لم يزل متعبدا لها به على وجه الكلاء والحفظ لها قبل ذلك كان عن مسألة إبراهيم ربه إيجاب فرض ذلك على لسانه لزم العباد فرضه دون غيره).(١ ) (١الطبري ,جامع البيان ,ج ,١ص ,٥٤٣وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٤٠ نقل غير واحد الإجماع على حرمة صيد مكة) ,(١وهذه الحرمة ليست بخاصة بالمحرم بنسك من المكلفين بل هي شاملة غير المتلبس بوصف الإحرام أيضا).(٢ ومستند الإجماع المذكور حديث أنس بن مالك قال :قال رسول االله :مكة حرام حرمها االله ,لا تحل لقطتها ,ولا يعضد شجرها ,ولا ينفر صيدها ,ولا يختلى خلاها. فقال عمه العباس :إلا الإذخر يا رسول االله ,فقال :إلا الإذخر. وقد رواه باللفظ السابق الإمام الربيع بن حبيب في الجامع الصحيح).(٣ وجاء من حديث عبد االله بن عباس من طريق جرير عن منصور عن مجاهد عن طاوس عنه بلفظ: ) (١ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,١٤٥وابن حزم ,مراتب الإجماع ,ص,٧٨ والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٣٧٢والزركشي ,إعلام الساجد ,ص .١٠٨ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ) ١٧٩طبعة هجر(. ) (٣كتاب :الحج ,باب :المواقيت والحرم ).(٣٩٨ بحرمة االله إلى يوم القيامة. وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار; فهو حرام بحرمة االله إلى يوم القيامة ,لا يعضد شوكه ,ولا ينفر صيده ,ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ,ولا يختلى خلاها. قال العباس :يا رسول االله ,إلا الإذخر; فإنه لقينهم) (١ولبيوتهم ,قال: قال :إلا الإذخر. والحديث تقدم تخريجه من رواية الشيخين مختصرا. وجاء النص أيضا على الجراد أنه من صيد الحرم فلا يصح قتله ,ومن ذلك ما رواه الحافظ عبد الرزاق قال :أخبرنا ابن جريج عن عطاء قال :سئل ابن عباس عن صيد الجراد في الحرم فنهى عنه ,فإما قلت وإما قال الرجل من القوم :فإن قومك يأخذونه وهم محتبون في المسجد? فقال :لا يعلمون).(٢ ) (١القين الحداد ,وقيل كل صانع قين ,والجمع أقيان وقيون. ابن منظور ,لسان العرب ,ج ,١٣ص .٣٥٠ ) (٢عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٤ص.٤٠٩ برأي ,أو دلالة عليه يعد داخلا في النهي. والشرع ما أراد إلا تحقق وصف الأمن في الحرم ,والإشارة والدلالة ذرائع موصلة إلى المنهي عنه فيكون لها حكمه; فإنه من العبث البين النهي عن أمر مع إباحة ما يوصل إليه يقينا أو بظن غالب. ثانيا :شمول التحريم لمن كان خارج الحرم والحكم السابق ليس مخصوصا شأنه بمن كان داخل الحرم بل النهي كان عن تنفير صيد الحرم لحرمة المكان والبقعة من غير التفات من الشارع في خطابه لوصف المنفر أو مكانه ,فينهى عن الفعل السابق من كان داخل الحرم ومن كان خارجه وأراد أن يقتل أو ينفر ما كان من الصيد داخل الحرم. وابن حزم قد خالف الجمهور فقال بعدم جواز قتل صيد الحرم لمن كان خارج الحرم محلا غير أنه لا يلزم بالجزاء لكونه لا يصدق عليه وصف الإحرام بالمكان ولا الحالة والأصل عنده براءة الذمة والقياس على القاتل يقتل من صيد غير الحرم فالأمر لا حرج عليه فيه; فليس النهي هنا لأجل القتل نفسه ولا لتلبس الفاعل بوصفه كحال الإحرام بل لحرمة البقعة وهو لم يتعرض لها بشيء فلا يكون متعرضا للنهي الشرعي. ) (٢ غير أن قوله تعالى﴾×Πããm öΝçFΡr&uρ y‰øŠ¢Á9$# (#θè=çGø)s? Ÿω (#θãΨtΒ#uTM t⎦⎪Ï%©!$# $pκš‰r' ̄≈tƒ"﴿ : يعم أنواع الحرمات كلها الحرمة بالحالة والمكان والزمان ,وقد أخرجت حرمة الزمان بالإجماع الحاصل أنه لا أثر لحرمة الزمان في المنع من الصيد).(٣ والعموم السابق هو المستفاد من مسألة عموم المشترك التي بحثها الأصوليون وإن نفى ذلك الشيخ العثماني) ,(٤وقد مضى سابقا بدليله أن القول ) (١ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص ,٢٣٦والشاشي ,حلية العلماء ,ج ,١ص ,٤٣٥وابن جماعة, هداية السالك ,ج ,٢ص.٨٥٩ ) (٢سورة :المائدة ,جزء من الآية ).(٩٥ ) (٣الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,٤ص ,١٣٠وابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,٢ص,١٧٥ والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٦ص , ,٣٠٥والعثماني ,إعلاء السنن ,ج,٧ ص.٣٤٢٨ ) (٤العثماني ,إعلاء السنن ,ج ,٧ص.٣٤٢٨ كما أن دخول الزمان قد دل الإجماع على عدم دخوله إذ لا يعهد لأحد قول بالمنع من الصيد في الأشهر الحرم مع عدم التلبس بالإحرام ولا الوجود في الحرم).(١ أما حالة المكان فعلى القول بعموم المشترك لأفراده يكون الأصل دخولها فلا يحل لمن كان بالحرم محلا اصطياد ما كان خارج الحرم. وأما من لا يقول بعموم المشترك فالأصل عنده عدم دخول المكان في لفظ الإحرام; إذ الأصل في الإطلاق عند هؤلاء أن لا يكون إلا لفرد من الألفاظ المشتركة ,ودخول ما عدا ذلك الفرد مفتقر إلى الدليل ,وقد ثبت بدليل الإجماع دخول الحالة ,والوقت خارج بالأصل المتأيد بدليل الإجماع على الخروج. وبقي الإحرام بالمكان والأصل على هذا القول عدم دخوله إلى أن يثبت الدليل وليس في المسألة إجماع بل الخلاف بين الفقهاء شائع في حكم من يصيد من الحرم صيدا في الحل أله ذلك أو ليس له ذلك. ) (١الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص .٢٠٧ وبين ونقل الحنابلة عن الإمام أحمد روايتين في القضية المنع وعدمه , َّ المرداوي أن أصح الروايتين هي عدم الضمان ,وهي المذهب عندهم ,وعليها أكثر الحنابلة).(٢ والحنابلة من حيث التأصيل لمسألة عموم المشترك لهم أقوال مختلفة, الصحيح منها والذي عليه أكثرهم −كما يقول ابن النجار −هو القول بعموم اللفظ المشترك للمعاني الداخلة تحته) ,(٣وهذا الأصل مخالف للفرع الذي نناقشه في مسألتنا هذه ولم أجد منهم من علل مخالفة التفريع للتأصيل في هذه القضية. مر السهم بهواء بل قال جماعة إن الصايد والمصيد إن كانا من الحل لكنَّ ) (١مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص ,٣٥٥وابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص.٢٣٦ ) (٢المرداوي ,الإنصاف ,ج ,٣ص .٥٤٩ ) (٣ابن النجار ,شرح الكوكب المنير ,ج ,٣ص.١٨٩ بعد الاتفاق على حرمة التعدي على صيد الحرم ولو بالتنفير اختلف أرباب العلم فيمن فتك بالصيد الحرمي أعليه فوق الإثم جزاء لقتله أو ليس عليه شيء? ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن قاتل الصيد الحرمي مطالب وجوبا بجزاء الصيد الذي قتله ,سواء كان مسلما أو كافرا ,كبيرا أو صغيرا ,حرا أو عبدا).(٢ وخالف الرأي السابق آخرون فرأوا أن لا جزاء على من قتل الصيد الحرمي ,وهذا القول رواية عن الإمام مالك أخذ بها بعض المالكية) ,(٣ونسب ) (١الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٧٠٠والشاشي ,حلية العلماء ,ج ,١ص ,٤٣٥والبيهقي, معرفة السنن والآثار ,ج ,٤ص ,٢١٢والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٣٧٣ ) (٢ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص ,٢٣٥والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٧٠٠وابن قدامة, المغني ,ج ,٥ص ) ١٧٩طبعة هجر( ,والكندي ,المصنف ,ج ,٨ص ,٢١٥والقطب شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,١١٥والعثماني ,إعلاء السنن ,ج ,٧ص.٣٤٨٢ ) (٣ابن العربي ,القبس ,ج ,٢ص .٥٦٨ أولها :قوله تعالى⎯tΒuρ 4 ×Πããm öΝçFΡr&uρ y‰øŠ¢Á9$# (#θè=çGø)s? Ÿω (#θãΨtΒ#uTM t⎦⎪Ï%©!$# $pκš‰r' ̄≈tƒ﴿ : $Nƒô‰yδ öΝä3ΨÏiΒ 5Αô‰tã #uρsŒ ⎯ÏμÎ/ ãΝä3øts† ÉΟyè ̈Ζ9$# z⎯ÏΒ Ÿ≅tFs% $tΒ ã≅÷WÏiΒ ÖTM!#t“yfsù #Y‰ÏdθyètG•Β Νä3ΖÏΒ ...ã&s#tFs% $xtã 3 ⎯ÍνÍö∆r& tΑ$t/uρ s−ρä‹u‹Ïj9 $YΒ$u‹Ï1 y7Ï9≡sŒ ãΑô‰tã ÷ρr& t⎦⎫Å3≈|¡tΒ ßΘ$yèsÛ ×οt≈¤x. ÷ρr& Ïπt7÷ès3ø9$# xÎ=≈t/ .﴾BΘ$s)ÏGΡ$# ρèŒ Ö“ƒÍ•tã a!$#uρ 3 çμ÷ΖÏΒ a!$# ãΝÉ)tFΖuŠsù yŠ$tã ô⎯tΒuρ 4 y#n=yTM $£θtã a!$# وقوله "حرم" يدل على إحرام الحالة وإحرام المكان ,فتكون الآية نصا في وجوب الجزاء على قاتل صيد الحرم. لكن مضى أن ذلك يلزم القائلين بعموم المشترك ,وقد تقدم ما في ذلك. ثانيها :قضاء الصحابة في حمام الحرم بشاة شاة ,ومن هؤلاء عمر وابنه عبد االله وعثمان وابن عباس ,ولم ينقل عن غيرهم خلافهم فيكون ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ) ١٨٠طبعة هجر( ,والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص .١٧٨ ) (٢الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,١ص .٤٥١ المحرم) ,(٢وهو مثل صيد المحرم في التحريم فكان مثله في الجزاء).(٣ وقد اختلف القائلون بالجزاء في الصيد الحرمي إذا ما اجتمع الإحرام بالحالة والمكان أيلزم قاتل الصيد جزاءان أو هو جزاء وحد? الجماهير منهم على أن عليه جزاء واحدا ,وقيل بل يلزمه جزاءان جزاء للحرم وآخر للإحرام).(٤ ولو قيل بالجزاء في صيد الحرم لكان الأظهر قول الجمهور وهو الجزاء الواحد إذ المضمون –وهو الحيوان −واحد فلا يتعدد جزاؤه ,نعم من الجائز أن يتعدد الإثم فيكون إثم لانتهاك كل حرمة. أما القائلون بعدم وجوب الجزاء على قاتل الصيد الحرمي فاستندوا إلى ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٣١٥وابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص) ١٨٠طبعة هجر(. ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ) ١٨٠طبعة هجر(. ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٧ص .٣٧١ ) (٤ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٨٣والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٣ص.٤٨٥ حرمة القتل الذي هو تعرض وزيادة).(١ غير أن وجوب الجزاء لم يأت به شيء من النصوص الشرعية فيبقى الأمر على أصل براءة الذمة وإن توجه للمبتلى واجب التوبة من الفعل المحرم الذي هو القتل عمدا. ثم إن الحرم لو كان مانعا من قتل الصيد موجبا للجزاء فيه لكان مانعا من قتل ما أدخل من الصيد إليه موجبا للجزاء فيه).(٢ وممكن أن يعترض على ثاني الدليلين بأنه استدلال بفرع فيه خلاف وقد لا يسلم الخصم بمقدمته فلا تسلم للمستدل نتيجته. وغير خفي أن هذا الخلاف في وجوب الجزاء في صيد الحرم إنما هو في حال من كان غير متلبس بوصف الإحرام ,أما المحرم الذي يقتل صيدا في الحرم على وجه يلزمه به الضمان أن لو كان خارجه فينبغي أن يخرج من الخلاف. ) (١السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص .١٦٤ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص .٣١٤ اختلف في التعدي على صيد الحرم من الحل ,كأن يرمي من في الحل صيدا في الحرم ,أو يرسل عليه كلب صيد أو نحو ذلك ,اختلف في ذلك أيلزم فاعله بالجزاء أو لا يلزم. قال بعضهم إنه لا يلزمه ضمان بذلك التصرف ,لأن القاتل حلال في الحل ,وذهب جماعة إلى إلزامه بذلك) ,(١لأمرين: أولهما :أن صيد الحرم معصوم بمحله لحرمة الحرم فلا يختص تحريمه بمن في الحرم. ثانيهما :جاء في دليل المسألة "ولا ينفر صيدها" وهذا لم يفرق بين من كان داخل الحرم وخارجه ,والإجماع حاصل على تحريم صيد الحرم وهذا من صيده. وفي هذين الدليلين نظر من جهة أنهما غير واردين على أصل المسألة فإنهما مفيدان حرمة التعرض لصيد الحرم من قبل من كان خارجه. ) (١الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٧٠٠وابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص) ١٨٢طبعة هجر(. الحرم. المسألة الثانية بعد تحقق النهي عن الإشارة والدلالة بالحجة السابقة اختلف الفقهاء أيكون لها حكم المقصود بالنهي أصالة وهو القتل أو لا ,وقد عرضنا لمثل الصيد. َ ِ المحرمذلك في مبحث قتل والأمر هنا الخلاف فيه أقل إذ تقدم أن من الفقهاء من لا ير￯ جزاء على قاتل صيد الحرم إن كان غير محرم ,وعليه فلا يلزم المشير من باب الأولى إذ حاله أقل من المباشر قطعا. أما الذين يرون الجزاء فالأمر مختلف فيه عندهم أيلزم غير المباشر من دال ومشير بالجزاء أو لا يلزم. ٍَّ القائلون بلزوم الضمان قالوا إن الدلالة نفسها أمر محرم فيلزم الضمان بسببها).(١ ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ) ١٨١طبعة هجر(. أما الإثم فلا إثم عليه لعدم تحقق القصد للفعل وهو من أركان الإثم فالرجل ما قصد إلا مباحا من العمل لكن نبا به السهم فأصاب الحرام. أما الضمان فاختلف فيه القائلون بوجوب الضمان على قاتل صيد الحرم, فقال منهم من قال إن الضمان لازم لأنه قتل صيدا حرميا والخطأ كالعمد في وجوب الجزاء).(١ وخالف ذلك آخرون فلم يروا في غير المتعمد جزاءا ,وقد ذكرنا في مبحث قتل الصيد أن هناك من الفقهاء من فرق بين قتل المحرم الصيد في الحل وبين قتل صيد الحرم ,فعذر في الأول بالخطأ ولم يعذر في الثاني. خامسا :أكل صيد الحرم ذكرنا قبل أن المحرم إذا قتل صيدا على وجه محرم في الشرع فإن للفقهاء خلافا في ذلك الصيد ,والجمهور منهم أنه يصبح كالميتة لا يحل الانتفاع به).(٢ ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ) ١٨٣طبعة هجر(. ) (٢مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص ,٣٥٥والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٣٧٢ أما إن كان من صاد حلالا فللفقهاء خلاف في جواز أن يأكله غيره).(١ سادسا :فرق ما بين صيد الإحرام والحرم والقياس الذي قال به الجمهور حتم عليهم حمل تفاصيل صيد المحرم على صيد الحرم ,فكل ما يحرم ويضمن في الإحرام يحرم ويضمن في الحرم. كما أن ضمان صيد الحرم يكون بالدلالة والإشارة كما هو الحال في الإحرام ,وقدر الجزاء في الإحرام هو قدره في صيد الحرم) (٢على ما مضى ذكر أحكامه في المبحث السابق. غير أن ثمة أمورا افترق فيها حكم صيد الحرم عن صيد المحرم: أولها :صيد البحر ,فقد سبق نقل اتفاق علماء المسلمين على أن المحرم حلال له صيد البحر كما هو منطوق الأدلة الشرعية ,غير أن الخلاف في صيد آبار الحرم وعيونه قائم بين الفقهاء ,فجماعة منهم يرون أن هذا الصيد ممنوع ) (١الشاشي ,حلية العلماء ,ج ,١ص .٤٣٥ ) (٢الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٧٠٠والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٣٧٢وابن قدامة, المغني ,ج ,٥ص ) ١٨٠طبعة هجر(. ثانيها :هو صيد غير مؤذ فأشبه الظباء).(١ وخالف آخرون فقالوا بالجواز) ,(٢مستدلين بأمور: أولها :أن الآية التي أفادت حلية صيد البحر هي التي منعت من صيد البر ما دام المكلف محرما وهي قوله تعالى...çμãΒ$yèsÛuρ Ìóst7ø9$# ߉ø‹|1 öΝä3s9̈≅Ïmé& ﴿ : ÏμøŠs9Î) ü”Ï%©!$# ©!$# (#θà) ̈?$#uρ 3 $YΒããm óΟçFøΒߊ $tΒ Îhy9ø9$# ߉ø‹|1 öΝä3ø‹n=tæ tΠÌhãmuρ ( Íοu‘$§‹¡¡=Ï9uρ öΝä3©9 $Yè≈tFtΒ .﴾ šχρç|3øtéB ووجه الدلالة من الآية هو أنه إن قلنا إن قيد "ما دمتم حرما" راجع إلى الجملتين المتعاطفتين كليهما –كما عليه أكثر الأصوليين −فالآية جلية الوضوح أن صيد البحر حلال لمحرم الحالة والمكان. ثانيها :أن إحرام الموضع كإحرام الحالة في الأمور كلها ,فلزم أن يكون مثله في صيد البحر إذ لا دليل مفرق إلا عموم قوله "ولا ينفر صيدها". ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ) ١٨٠طبعة هجر(. ) (٢المجد ابن تيمية ,المحرر ,ج ,١ص ,٢٤٢وابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص ,٢٣٥وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص .٥٦١ مختلف فيه. ثالثها :لا يحرم صيد البحر فأشبه السباع والحيوان الأهلي).(١ وقد رو￯ البيهقي عن أبي الحسن محمد بن أبي المعروف أنا بشر بن أحمد أنا أحمد بن الحسين بن نصر ثنا علي بن المديني ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة أنا ابن جريج قال: سئل عطاء عن بركة القسري)− (٢وهي بركة عظيمة في الحرم −أيصاد? قال :نعم ,ووددت أن عندنا منها الآن).(٣ ثاني الأمور المستثناة :القمل ,فقد سبق البيان أن المحرم قد اختلف أهل العلم في حكم قتله القمل ,لكن إباحة قتل القمل متفق عليها في الحرم ,لأن ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ) ١٨٠طبعة هجر(. ) (٢أمر بإنشائها سليمان بن عبد الملك بن مروان مضاهاة لبئر زمزم ,فقام بالأمر خالد بن عبد االله القسري ,غير أن الناس أصروا على زمزم ,إلى أن قامت دولة بني العباس فأزالها داود بن علي بن عبد االله بن عباس .الأزرقي ,أخبار مكة ,ج ,٢ص.١٠٩ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٢٠٨ الأظفار مما يباح لمن كان بالحرم غير متصف بوصف الإحرام اتفاقا بين أهل العلم).(١ ثالث الأمور :ذهب أبو حنيفة إلى أن الصوم لا يدخل في جزاء صوم الحرم وإن كان داخلا في جزاء صيد المحرم بنص الكتاب العزيز; لأنها غرامة وليس بكفارة فأشبه ضمان الأموال. وهذا لأنه يجب بتفويت وصف في المحل وهو الأمن ,والواجب على المحرم بطريق الكفارة جزاء على فعله; لأن الحرمة باعتبار معنى فيه وهو إحرامه ,والصوم يصلح جزاء الأفعال لا ضمان المحال).(٢ واعترض على السابق بأن قولهم إن قتل صيد الحرم غرامة وليس بكفارة يلزم منه أن يجب على الصبي والمجنون وهم ينصون على أنه لا يلزمهم. ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ) ١٨٠طبعة هجر( ,والحجاوي ,الإقناع ,ج ,١ص.٦٠٥ ) (٢الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,١٢ص ,٢٨٣والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص,١٠٤ وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص ,٤٦والعثماني ,إعلاء السنن ,ج ,٧ص,٣٤٢٨ وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص.١٤٦ كل وجه مقتضاه فلا يدخله الصوم نظرا إلى أنه ضمان محل ,ولا ضمان على الصبي والذمي نظرا إلى شبهه بالجواز. سابعا :صيد البرُيدخل الحرم اختلف فقهاء المسلمين فيمن ملك صيدا بوجه من الوجوه الشرعية في الحل ,أله أن يدخل به الحرم أو ليس له ذلك? ذهب جماعة من الفقهاء إلى القول بأن ذلك أمر ليس فيه من الكراهة شيء بل له أن يدخل به الحرم وينتفع فيه بما شاء فهو كالنعم إذ سبب ملكه إياه مباح له في الشريعة فيحل له أن يتصرف فيه كما يشاء داخل الحرم).(١ ثم إنه قد جاء أن هشام بن عروة قد قال :كان ابن الزبير تسع سنين يراها في الأقفاص وأصحاب النبي لا يرون به بأسا).(٢ ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,١٧٨وص ,١٨٠والغزالي ,الوسيط ,ج,٢ ص ,٧٠٠والكندي ,المصنف ,ج ,٨ص ,٢١٧والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٣٧٢ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص ,٢٠٣وابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص) ١٨١طبعة هجر(. عليه النبي ذات يوم فرآه حزينا فقال :ما شأنه? قالوا :مات نغره ,فقال :يا أبا عمير ما فعل النغير. والحديث باللفظ السابق أخرجه أبو داود) ,(١ووجه الشاهد فيه أنه احتفظ بالنغر −وهو صيد −في المدينة وقد أقره على ذلك. قال الطحاوي :فهذا قد كان بالمدينة ولو كان حكم صيدها كحكم صيد مكة لما أطلق له رسول االله حبس النغير ولا اللعب به كما لا يطلق ذلك بمكة).(٢ غير أن الحديث ليس بنص في الموضوع فقد لا يسلم الخصم بحرمية المدينة ,ولئن سلم فقد يكون الأمر قبل أن يحرم النبي ما بين لابتيها ,ثم إن الحديث ساكت عن محل الشاهد وهو أن هذا النغير قد جيء به من خارج الحرم. وذهب آخرون إلى كراهة إدخال الصيد الحرم ,فمن ملك صيدا في الحل ) (١كتاب :الأدب ,باب :ما جاء في الرجل يتكنى وليس له ولد ).(٤٩٦٩ ) (٢الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٤ص .١٩٥ الصيد إن أدخل الحرم).(١ وهؤلاء لأصلهم السابق قال جماعة منهم بأن المبتلى إن لم يرسل الصيد رد البيع. أو باعه فعليه الجزاء ,وإن كان قائم العين حياُّ والحجة التي يستند عليها أرباب هذا القول هي أن الحرم نفسه سبب محرم الصيد وموجب ضمانه فحرم استدامة إمساكه كالإحرام ,ثم إنه صيد ذبح في الحرم فلزم الجزاء كما لو صاده منه. ومما يؤيد قول الأولين أن الحديث جاء النهي فيه بلفظ :ولا ينفر صيدها ,والذي صيد في الحل لا يصدق عليه في اللغة ولا العرف أنه من صيد الحرم فلا يشمله الحديث. ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٣٢والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,١٧٠والكندي, المصنف ,ج ,٨ص ,٢١٧وابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص) ١٨٠طبعة هجر( ,والشماخي, الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٨٤والقطب شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١١٧ تبين من أحاديث المطلب السابق أن مما حفظ في الحرم تكريما وتشريفا للبيت العتيق الشجر كما في قوله " :ولا يعضد شجرها ,ولا ينفر صيدها, ولا يختلى خلاها". والخلى) (١هو الرطب من الكلأ ,أما الحشيش فهو اليابس منه ,وقد أجمع الفقهاء على الحكم السابق من حيث الجملة).(٢ وبين من النصوص السابقة أن الانتهاك فيها كان لأمور فيها فائدة ِّ ومصلحة لذا فالمذكورات كلها أشجار خضراء ,ومن هنا قال جماعة من الفقهاء −بل حكي الاتفاق عليه −أنه لا بأس بقطع اليابس من الشجر والحشيش; لأنه بمنزلة الميت).(٣ ) (١الذي عليه أكثر الشراح أنه مقصور ,وجاء في رواية أنه بالمد. ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٣٧٧وابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ) ١٨٥طبعة هجر(, والزركشي ,الديباج ,ج ,١ص .٤١٢ ) (٣ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٧٣والكندي ,المصنف ,ج ,٨ص ,٢٢٢وابن قدامة, المغني ,ج ,٥ص) ١٨٦طبعة هجر( ,وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٢ص ,٨٦٦وابن وفرق ما بينه والصيد أن قاتل الصيد مسلوب الأهلية فلا تصح ذكاته, ومنه يكون المذكى ميتة ولا يحل لأحد أكل الميتة).(١ ثانيا :قطع ورق الشجر جاءت النصوص النبوية مانعة من قطع الشجر ولم تتعرض للورق فاختلف الفقهاء فيه ,قال بعضهم يحل أخذه لأنه لا يضر بالشجر) ,(٢وكان عطاء يرخص في أخذ ورق السني يستمشى به ولا ينزع من أصله. أما الآخرون فرأوا أن للورق حكم أصوله من الشجر; لأن ما حرم أخذه حرم كل شيء منه كريش الطائر).(٣ النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص ,٤٦والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص,١٦٥ والقطب شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٢٤ ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,١٧٠وابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص) ١٨٦طبعة هجر(. ) (٢ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٢ص .٨٦٩ ) (٣ابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ) ١٨٧طبعة هجر(, فالشجر منه أقسام: أولها :ما أنبته االله في الموات كالأراك ,وهذا لا يجوز قطعه عند الاختيار باتفاق علماء المسلمين. ثانيها :ما غرسه الآدميون في أملاكهم مما لا ينبت جنسه بنفسه في الحرم كالنخيل والرمان والأترج والكرم ,وقطع هذا مباح كالنعم التي يجوز ذبحها في الحرم. ثالثها :أن يكون الشجر مما أنبته االله في الأملاك دون الموات ,فهذا كالأول لا يجوز قطعه. رابعها :أن يكون الشجر مما أنبته الآدميون لكن في الفلوات لا الأملاك, وفيه وجهان المنع لعموم "ولا يعضد شجرها" ,والجواز لكونه كالحيوان الأهلي. ) (١الشجر من النبات ما قام على ساق ,وقيل الشجر كل ما سما بنفسه دق أوّ جل ,قاوم الشتاء أو عجز عنه .الفيروزأبادي ,القاموس المحيط ,ص ,٥٣٠وابن منظور ,لسان العرب ,ج ,٤ص.٣٩٤ حكمه في الحرم كحكمه خارجه. ثانيهما :ما نبت بغير زراعة الآدميين ,وهذا أقسام: القسم الأول :الإذخر ,وهو جائز الأخذ والقطع بنص الحديث. القسم الثاني :ما كان دواء كالسناء ,وهذا جائز الأخذ والقطع. القسم الثالث :ما كان شوكا ,وهذا جائز القلع أيضا; لأنه مؤذ فشابه البهائم المؤذية كالسباع. القسم الرابع :الحشيش ,وهذا غير جائز القلع لحديث "ولا يختلى خلاها". النابت في الأرض الحرم أنواع اتفق الفقهاء على بعضها من حيث إباحة الأخذ كالإذخر) (١الذي جر￯ النص على جوازه) ,(١كما ذكر غير واحد من ) (١قال قطب الأئمة :الإذخر نبت طيب الرائحة تصنع منه الحصر وتسقف به البيوت ما بين الخشب ,ويسد به أهل مكة الخلل بين اللبنات في القبور ,قضبانه دقاق وأصوله مندفنة, السخبر بلغة أهل عمان ...ويسمونه الأشنان يغسلون بهقال الشيخ إسماعيل :هوََْ أما الشجر البري الذي لم ينبته آدمي بل هو نابت بنفسه ولم يكن من جنس ما ينبته الآدميون فالاتفاق حاصل بين الفقهاء أنه يمنع من أخذه. غير أن الخلاف الحاصل بينهم إنما هو في الشجر الذي ينبته الآدمي وليس نابتا بنفسه في الحرم ,وقد كان خلافهم على أقوال: أولها :يصح قلعه من غير ضمان كالزروع ,وقد نسب هذا القول إلى الجمهور من أهل العلم).(٣ أيديهم .القطب شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,١١٦وابن وصاف ,شرح الدعائم ,ج,١ ص.٣٤٦ ) (١ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٢ص .٨٧١ ) (٢ابن المنذر ,الإجماع ,ص ,٧٨والكندي ,المصنف ,ج ,٨ص ,٢٢١وابن قدامة ,المغني, ج ,٥ص) ١٨٥طبعة هجر( ,والزركشي ,الديباج ,ج ,١ص ,٤١٢والشربيني ,الإقناع, ج ,١ص ,٢٧٠والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.١٦٣ ) (٣السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٠٣وابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص) ١٨٥طبعة هجر(, والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٨٤وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص ,٤٤وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص ,٤٦والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.١٦٣ ثالثها :لا يجوز قلعه بكل حال; إذ هو من شجر الحرم ,وقد جاء الحديث عاما "لا يعضد شجرها").(٢ كما اختلفوا في الشوك أيجوز قطعه ,فقال جماعة لا حرج في قطعه; لأنه يؤذي بطبعه فجاز كما هو الحال في الفواسق تقتل في الحل والحرم) ,(٣وخالف هذا الرأي آخرون فمنعوا من قطعه).(٤ وهذا أولى القولين بالقبول إذ الخبر عن سيد البشر نص في شأنه "ولا يعضد شوكها". والقياس الذي ذكروه مع كونه فاسد الاعتبار هو قياس مع الفارق, وذلك أن الفواسق تؤذي بطبعها وهي تقصد الإيذاء وتنطلق إليه ,أما الشوك ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ) ١٨٥طبعة هجر(. ) (٢البغوي ,شرح السنة ,ج ,٤ص ,٤١٣والصنعاني ,العدة ,ج ,٣ص ,١٢٠٩والزركشي, الديباج ,ج ,١ص ,٤١٢والشربيني ,الإقناع ,ج ,١ص .٢٧٠ ) (٣البغوي ,شرح السنة ,ج ,٤ص ,٤١٢والصنعاني ,العدة ,ج ,٣ص ,١٢٠٩وابن جماعة, هداية السالك ,ج ,٢ص ,٨٦٦والزركشي ,الديباج ,ج ,١ص .٤١٢ ) (٤ابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص) ١٨٦طبعة هجر( ,والحجاوي ,الإقناع ,ج ,١ص.٦٠٦ أن كلامنا في الأصل. كما اختلفوا في تسريح البهائم في مراعي الحرم الجائزة ,فقال جماعة بالجواز) (١واستدلوا بأمور: أولها :حديث عبد االله بن عباس أنه قال :أقبلت راكبا على حمار أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول االله يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك علي أحد. والحديث أخرجه الربيع) (٢والبخاري) (٣ومسلم) ,(١والشاهد فيه أن منى ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٧٥والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,١٩٠والبسيوي, جامع أبي الحسن ,ج ,٢ص ,٢٨٦والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٠٤واللخمي, مختصر خلافيات البيهقي ,ج ,٣ص ,٢٤٣والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٧٠٢وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص ,٤٧وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٢ص ,٨٧١ والقطب شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص .١٢٤ ) (٢كتاب :الصلاة ,باب :في القعود في الصلاة والتحيات ).(٢٤٥ ) (٣كتاب :العلم ,باب :متى يصح سماع الصغير ).(٧٦ ثانيها :أن الهدي كان يدخل الحرم بكثرة في زمن النبي وزمن أصحابه ولم ينقل عن أحد الأمر بسد أفواه الهدي عن الأكل من نبات الحرم).(٢ ثالثها :أن أصل النهي ما كان إلا للحفظ على البهائم والصيود).(٣ رابعها :رفع الحرج عن الزائرين).(٤ خامسها :أنه جر￯ النص من قبل الشارع على أن علف البهائم مستثنى من النهي العام في حرم المدينة النبوية ,وحرمة مكة كحرمة المدينة ,والحكم السابق جاء من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي قال: اللهم إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حرما ,وإني حرمت المدينة حراما ما بين مأزميها أن لا يهراق فيها دم ,ولا يحمل فيها سلاح لقتال ,ولا تخبط فيها ) (١كتاب :الصلاة ,باب :سترة المصلي ).(٥٠٤ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ) ١٨٨طبعة هجر(. ) (٣الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٧٠٢وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٢ص.٨٧١ ) (٤ابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص .٤٧ يرسل عليه ما يتلفه كالصيد) ,(٣وبعموم قوله "ولا يختلى خلاها". كما احتج هؤلاء بحديث حجاج وعبد الملك عن عطاء عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب رأ￯ رجلا يقطع من شجر الحرم ويعلفه بعيرا له, قال :فقال :علي بالرجل ,فأتي به ,فقال :يا عبد االله ,أما علمت أن مكة حرام لا يعضد عضاهها ,ولا ينفر صيدها ,ولا تحل لقطتها إلا لمعرف? فقال :يا أمير المؤمنين ,واالله ما حملني على ذلك إلا أن معي نضوا لي فخشيت أن لا يبلغني أهلي وما معي زاد ولا نفقة , َّ فرق عليه بعدما هم به, وأمر له ببعير من إبل الصدقة موقرا صحيحا فأعطاه إياه ,وقال :لا تعودن أن تقطع من شجر الحرم شيئا).(٤ ) (١أخرجه مسلم ,كتاب :الحج ,باب :الترغيب في سكنى المدينة ).(١٣٧٤ ) (٢الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,٨ص ,١٧٦والكندي ,بيان الشرع ,ج,٢٤ ص.١٦٥ ) (٣الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,٨ص ,١٧٨وابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ,١٨٨ والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,١ص.٤٥٠ ) (٤الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,٨ص .١٧٧ الإذخر من جملة الخلى الذي نص على تحريمه في الحديث وقد طلب هذا الاستثناء لكون حاجة الناس إليه داعية فإنه لقينهم ولبيوتهم كما جاء في الخبر ,ونظرا لهذه الضرورة التي يقع الناس فيها بسبب المنع رخص النبي  في الإذخر. وجاء في بعض روايات تحريم المدينة استثناء علف الدواب كما في حديث :اللهم إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حرما ,وإني حرمت المدينة حراما ما بين مأزميها أن لا يهراق فيها دم ولا يحمل فيها سلاح لقتال ,ولا تخبط فيها شجرة إلا لعلف).(١ ومن السابق اختلف الفقهاء أيقاس على الإذخر غيره أو يقتصر فيه على مورد النص فلا يستثنى إلا ما استثناه الشارع من الأشجار).(٢ الذي يظهر أن إباحة الإذخر من قبل النبي ما كانت إلا بسبب عموم البلو￯ به. ) (١أخرجه مسلم ,كتاب :الحج ,باب :الترغيب في سكنى المدينة ).(١٣٧٤ ) (٢الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص .٧٠١ العمل إلا بمشقة زائدة تقتضي التيسير والتخفيف).(١ والترخيص في مسألة ما عدا الإذخر مما تعم به البلو￯ يكون بأحد أمرين: أولهما :القياس على الإذخر ,والعلة الجامعة هي الحاجة العامة للناس التي أومأ إليها سؤال العباس ,والتخصيص للعموم بالقياس مذهب الجمهور من أهل العلم).(٢ ثانيهما :تخصيص عموم النص بالمصلحة العامة المستندة على أصول كثيرة أفادت قطعية الحكم الذي جاءت به ,ومن تلك الأصول مبدأ دفع الحرج ورفع الضرر ,واعتبار مآلات الأفعال ,والضرورات تبيح المحظورات. والتخصيص بالمصلحة المرسلة وإن كان يورث هاجس خوف عند جماعة إلا أن الواقع أن التخصيص به ما كان لأن المصلحة دليل مستقل بذاته ) (١الدوسري ,عموم البلو￯ ,ص .٦١ ) (٢الرازي ,المحصول ,ج ,٢ص ,١٤٨والسبكي ,الإبهاج ,ج ,٢ص ,١٧٦والزركشي, البحر المحيط ,ج ,٢ص ,٥٠١والسالمي ,طلعة الشمس ,ج ,١ص.١٥٧ المصلحة).(١ والظاهر أنه على الأصل السابق عمل الصحابة فعمر بن الخطاب قد منع الصحابة من التزوج بالكتابيات لمصلحة المسلمات ,ولمصلحة الدولة من خطرهن إذ إنه قد يبقى ولاؤهن لأقوامهن فيكن سببا لخطر قد يداهم الدولة الإسلامية من قبلهن ,وغير خاف أن هذا الاجتهاد منه تخصيص للنصوص العامة المبيحة للزواج منهن ,وغير ذلك من الاجتهادات. وبعض الخلى الذي في الحرم قد يكون من أسباب العسر والمشقة في سبيل تعبيد الطرق وتنظيمها على وجه يدفع عن الناس شر الزحام الذي لا نزال عاما بعد آخر نسمع عن ضحاياه بأنهم مآت من الحجاج. ثم إنه قد مضى القول في الصيد أنه إن كان سببا للتعدي على الإنسان المحرم قتله المحرم ولا جزاء عليه ,وقد جاء النص أن الفواسق تقتل في الحل والحرم ,وما ذلك إلا لكون هذه الفواسق الأصل فيها أن تعدو على الإنسان وتضر به. ) (١الدريني ,المناهج الأصولية ,ص .٤٩١ مصالح أخر يؤدي إهمالها إلى وقوع الناس من حجيج وغيرهم في العسر والمشقة البالغة الموجبة للترخيص فيكون إعمال الأدلة الرافعة للمشقة أولى لثبوتها بأدلة تكاد تفوت الحصر في وقائع مختلفة ,فيزال الخلى بقدر الضرورة, وما خرج عن حد الضرورة لم يجز التعرض له. وتقدير الضرورات وهل هي مما تباح بسببه المحضورات خاصة فيما يتعلق شأنه بعموم المسلمين تعجز جهود الأفراد عن الإحاطة بمقتضياته بل لا بد من تظافر جهود الفقهاء والخبراء في اجتهاد جماعي يكون الوصول فيه إلى الأقرب من مقاصد الشارع الكريم في تشريع أحكامه فتراعى النصوص وتبقى لها قدسيتها ولا تنتهك إلا بقدر ما تحتمه الضرورة التي لا مناص منها. خامسا :تعلق الضمان بشجر الحرم الممنوع سبق ذكر الخلاف في صيد الحرم أيلزم متلفه الضمان أو لا يلزمه, والملزمون −وهم الجمهور −قاسوه على صيد المحرم ,وللناس خلاف فيمن أتلف من شجر الحرم أيلزمه الضمان أو لا مع الاتفاق على حرمة التعمد وقد استدلوا لذلك بأمور: أولها :لم يرد نص شرعي موجب للجزاء في حق من أتلف شيئا من شجر الحرم فيبقى الأمر على أصل براءة الذمة).(٢ ثانيها :المحرم لا يضمنه في الحل فلا يضمن في الحرم. وقال آخرون –وهم الجمهور −إنه يجب الضمان بإتلاف شجر الحرم).(٣ واستدلوا لقولهم بأمور: أولها :حديث :سفيان عن داود بن شابور عن مجاهد أن النبي قال :في ) (١مالك ,الموطأ ,ج ,١ص ,٤٢٠وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٣٩٢والغزالي, الوسيط ,ج ,٢ص ,٧٠٢والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص.٣٧٧ ) (٢السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص .١٦٤ ) (٣ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٧٤والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٨٦والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٣١٣والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٠٣والكندي, المصنف ,ج ,٨ص ,٢٢٢والنووي ,المجموع ,ج ,٧ص ,٣٧٧وابن قدامة ,المغني ,ج,٥ ص ) ١٨٨طبعة هجر( ,والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص .١٦٣ ثانيها :قياس شجر الحرم على الصيد بجامع التحريم والحرمة).(٢ ثالثها :ما روي من آثار عن الصحابة . وقد اختلف القائلون بالجزاء فيه ,فمنهم من قدر الشجرة الكبيرة ببقرة, والصغيرة بشاة والحشيش بقيمته) ,(٣وقال آخرون بل ينظر إلى القيمة فتخرج وليس ثمة مقدار محدود).(٤ ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص .٣١١ ) (٢السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص .١٦٤ ) (٣ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٧٤والبسيوي ,جامع أبي الحسن ,ج ,٢ص ,٢٨٦ والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٧٠٢وابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ) ١٨٩طبعة هجر(. ) (٤العثماني ,إعلاء السنن ,ج ,٧ص .٣٤٨٧ جاءت نصوص نبوية عن جماعة من صحابة رسول االله مفيدة أن للمدينة حرمة كحرمة مكة أمر بها النبي من ذلك حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن أنس بن مالك أن رسول االله طلع له أحد فقال :هذا جبل يحبنا ونحبه ,اللهم إن إبراهيم حرم مكة وأنا أحرم ما بين لابتيها).(١ كما جاء الحكم السابق من حديث عباد بن تميم عن عمه عبد االله بن زيد بن عاصم أن رسول االله قال :إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها ,وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ,وإني دعوت في صاعها ومدها بمثلي ما دعا به إبراهيم لأهل مكة).(٢ وجاء الحكم السابق من حديث أبي بكر بن محمد عن عبد االله بن عمرو بن عثمان عن رافع بن خديج قال :قال رسول االله :إن إبراهيم حرم مكة, ) (١أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :في المواقيت والإحرام ) ,(٣٩٧والبخاري من طريق مالك عن عمرو مولى المطلب عن أنس بن مالك في كتاب :المغازي ,باب :أحد يحبنا ونحبه ).(٣٨٥٦ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :فضل المدينة ).(١٣٦٠ بعد قفول النبي من خيبر) ,(٢لذا ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن للمدينة حرمة كحرمة مكة).(٣ وذهب آخرون إلى عدم حرمية المدينة النبوية) ,(٤وقد استدلوا بأمور: أولها :حديث عمرو بن أمية كان يتصيد بالعقيق. قال ابن حزم :وهذا لا حجة لهم فيه لأنه خبر لا يصح ولو صح لكان ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :فضل المدينة ).(١٣٦١ ) (٢السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص .١٦٠ ) (٣ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص ,٢٣٦والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,١٨١وص,١٨٩ والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٣٢٦وابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص) ١٩٠طبعة هجر( ,والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٦ص ,٣٠٦والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.١٦٢ ) (٤الخطابي ,سنن أبي داود مع معالم السنن ,ج ,٢ص ,٣٦٣والكندي ,بيان الشرع ,ج,٢٤ ص ,١٨٩والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٠٥والسالمي ,جوابات الإمام السالمي, ج ,٢ص .١٧٤ قالا :ثنا أبو نعيم ,قال ثنا يونس بن أبي إسحاق ,عن مجاهد قال :قالت عائشة >: كان لآل رسول االله وحش فإذا خرج لعب واشتد وأقبل وأدبر فإذا أحس برسول االله أنه قد دخل ربض فلم يترمرم كراهية أن يؤذيه. والحديث أخرجه مستدلا به الطحاوي) ,(٢لكن قال ابن حزم :وهو خبر لا يصح ثم لو صح لما كانت فيه حجة لأن الصيد إذا صيد في الحل ثم أدخل في الحرم حل ملكه).(٣ ثالثها :أن الصحابة لم يتحرجوا في المدينة تحرجهم في مكة حتى كانت لهم وقائع وأحوال كثيرة).(٤ رابعها :أن تحريمها مما تعم به البلو￯ لا يكاد مثله يخفى ,وثبت أن من ) (١ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص .٢٣٦ ) (٢الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٤ص .١٩٥ ) (٣ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص .٢٣٦ ) (٤السالمي ,جوابات الإمام السالمي ,ج ,٢ص .١٧٤ دخول الحرم لا يحل لحلال كانت حرمة صيده وشجره كحرمته في نفسه. أما المدينة فالجميع متفقون أنه لا بأس بدخولها للرجل حلالا ,فلما لم تكن محرمة في نفسها كان حكم صيدها وشجرها كحكمها في نفسها ,وكما كان صيد مكة إنما حرم لحرمتها ولم تكن المدينة في نفسها حراما لم يكن صيدها ولا شجرها حراما).(٢ ويعترض على هذا الدليل بأمور: أولها :عدم التسليم بمنع دخول مكة إلا بإحرام ,بل الراجح الذي تفيده الأدلة أن الإحرام يجب على من أراد من دخوله مكة حجا أو عمرة ,أما من لم يرد أحد النسكين فلا يلزمه للدخول إحرام ,وقد تقدم ذلك مقررا بدليله. ثانيها :هذا التقرير من القائلين بعدم حرمية المدينة لا يعدو أن يكون اجتهادا في مقابل النص فيرد. ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٣٢٧والسالمي ,جوابات الإمام السالمي ,ج ,٢ص .١٧٤ ) (٢الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٤ص ,١٩٦والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.١٠٥ المدني ,أما تحريم المدينة فكان بعد الرجوع من خيبر).(٢ وأجاب هؤلاء عن حديث تحريم المدينة بأنه حديث مضطرب ,وبيان ذلك أنه قد جاء بلفظ ما بين جبليها ,وفي رواية :ما بين لابتيها ,وفي رواية: مأزميها).(٣ لكن هذا الجواب فيه ضعف ,وذلك أن الاضطراب المسقط للرواية هو ما لا يمكن معه الجمع بين الروايات أو الترجيح بينها ,والواقع هنا أن الجمع ممكن كما أن الترجيح ممكن ,فلا يعل الحديث بالاضطراب. سابعها :حديث موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه عن أبي سلمة عن سلمة بن الأكوع قال :كنت أرمي الوحش وأهدي لحومها إلى رسول االله قال :وفقدني رسول االله فقال: يا سلمة ,أين تكون? قلت :تباعد علي الصيد يا رسول االله ,وأنا أصيد ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الصلاة ,باب :ابتناء مسجد النبي .(٥٢٤)  ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص .٨٣ ) (٣ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص .٨٣ ووجه الدلالة أن النبي قد دل على الصيد وهو في المدينة ,ولو كانت المدينة حرما لما دل على الصيد وهو فيها كما هو الحكم في مكة المكرمة).(١ ولكن الاستدلال بالحديث السابق يظهر عليه الضعف من وجوه: أولها :ضعف الحديث إذ إنه قد أخرجه الطحاوي) ,(٢والبيهقي) (٣من طريق موسى بن محمد بن إبراهيم ,وهو غير مقبول الرواية إذ إنه قد قال البخاري :في حديثه مناكير) ,(٤وقال النسائي :منكر الحديث) ,(٥وقال ابن حبان :ساقط الاحتجاج).(٦ ثانيها :عدم التسليم بعدم جواز دلالة من يحل له الصيد من قبل من يحرم عليه ,بل الأظهر جوازه لعدم الدليل المانع ,وقد سبق تقرير ذلك بدليله ) (١الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٤ص .١٩٦ ) (٢الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٤ص .١٩٦ ) (٣البيهقي ,معرفة السنن والآثار ,ج ,٤ص.٢٠٦ ) (٤البخاري ,الضعفاء الصغير ,ص.١٠٧ ) (٥النسائي ,الضعفاء والمتروكين ,ص.٩٥ ) (٦ابن حبان ,المجروحين ,ج ,٢ص.٢٤١ النص مع إشارته قدمت عبارة النص لقوتها ,فكيف بك والحال هنا أن الأدلة المفيدة حرمة المدينة في أعلى مراتب الوضوح وهي نصوص في إفادة حكم الحرمية. أما إفادة مثل هذا الدليل نفي حرمية المدينة فإشارية بعيدة غير واضحة فضلا عن أن الكثيرين لا يسلمون بالأصل الالتزامي لها كما تقدم ,وعليه فالأدلة المفيدة للحرمية أولى مما أفاد عدمها. ثانيا :ما استثني من مبدأ حرم المدينة تقدم أنه مما استثنى الشارع من شجر الحرم المكي نبات الإذخر لحاجة الناس إليه ,وبينا حينها أن كل ما تتعين المصلحة في إزالته أزيل ولا حرج فيه على وفق الضوابط. والحال في الحرم المدني كالحال في الحرم المكي إذ الأحكام العامة للشريعة واحدة غير أن أهل مكة كانت حاجتهم في نبات الإذخر فاستثناه الشارع لهم ,وقد تكون حاجة أهل المدينة مختلفة فيراعوا فيما اضطرت إليه أحوالهم. وقال ابن قدامة إن الإمام أحمد رو￯ حديث جابر بن عبد االله أن النبي والعارضة والمسند ,فأما غير ذلك فلا يعضد ولا يخبط منها شيء. والحديث أورده ابن قدامة ومن تابعه من مصنفي الحنابلة منسوبا إلى مسند الإمام أحمد ,وقد بحثت عنه في المسند المذكور فلم أجده لأنظر إسناده. ثالثا :وجوب الجزاء في صيد المدينة تبين من السابق أن مذهب الجمهور من أهل العلم الذي تؤيده أحاديث كثيرة هو القول بحرمة المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى التسليم ,غير أن هؤلاء القائلين بحرمتها مختلفون أيجب على منتهك حرمتها جزاء كما يجب على منتهك حرمة مكة المكرمة. أما ما ذهب إليه بعض العلماء من أن الخلاف في الجزاء مبني على الخلاف في تحريم المدينة ,فمن قال بالتحريم أوجب الجزاء ,ومن لم يقل بالتحريم لم يجب الجزاء عنده) ,(١ففيه نظر; إذ الواقع أنه لا تلازم بين التحريم وثبوت الجزاء في صيد المدينة ,فالجمهور من العلماء قائلون بالتحريم غير موجبين ) (١السالمي ,جوابات الإمام السالمي ,ج ,٢ص .١٧٣ ثم إن الجمهور غير الموجبين للجزاء استدلوا لعدمه بأن المدينة موضع يجوز دخوله بغير إحرام فلم يجب فيه جزاء كصيد وج) ,(٢وبأن حرم المدينة ليس محلا للنسك فلم يكن فيه جزاء) ,(٣ولا يصح قياس المدينة على حرم مكة لأنه لو كان حرم المدينة كحرم مكة ما جاز دخولها إلا بالإحرام فافترقا).(٤ كما استدل النافون لوجوب الجزاء في صيد المدينة بعموم قوله في الصحيح "المدينة حرم ما بين عير إلى ثور ,فمن أحدث فيها حدثا أو آو￯ محدثا فعليه لعنة االله والملائكة والناس أجمعين ,لا يقبل االله منه يوم القيامة ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ) ١٩١طبعة هجر( ,والشربيني ,الإقناع ,ج ,١ص,٢٧٠ والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,١٦٢والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج,١ ص.٤٥٥ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص ) ١٩١طبعة هجر( ,الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,١ص .٤٥٥ ) (٣الشربيني ,الإقناع ,ج ,١ص .٢٧٠ ) (٤ابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,٢ص .٢٠٣ كفارة).(٢ وذهب آخرون إلى وجوب الجزاء في الصيد المدني مستدلين بأنه صرح في الأحاديث الصحيحة المتقدمة بأنه حرم المدينة مثل تحريم إبراهيم لمكة, ومماثلة تحريمها تقتضي استواءهما في جزاء من انتهك الحرمة فيهما).(٣ وجاءت الأخبار عن بعض صحابة رسول االله بأمر في موضوع حرمة المدينة والعقوبة لمنتهكها بأن الجزاء فيه هو أخذ سلب قاتل الصيد أو قاطع الشجر فيه ,كما يدل عليه حديث عامر بن سعد أن سعدا ركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه فسلبه فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم فقال :معاذ ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الجهاد والسير ,باب :ذمة المسلمين وجوارهم واحدة ) ,(٣٠٠١ومسلم في كتاب :الحج ,باب :فضل المدينة ).(١٣٧٠ ) (٢ابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,٢ص ,٢٠٣والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج,٦ ص.٣٠٧ ) (٣السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,١٦٢والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج,١ ص.٤٥٥ ووجه الدلالة منه على المقصود ظاهر ,وقد جاء بلفظ مقارب من حديث سليمان بن أبي عبد االله قال :رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلا يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول االله فسلبه ثيابه فجاء مواليه إليه. والحديث أخرجه أحمد) (٢وأبو داود).(٣ وذهب بعض الفقهاء إلى القول به وأنه حلال سلبه كل ما معه من زينة كمنطقة وسوار وخاتم وجبة وآلة الاصطياد) (٤إلا ما يستر عورته من الثياب).(٥ ) (١كتاب :الحج ,باب :فضل المدينة ).(١٣٦٤ ) (٢أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,١ص.١٧٠ ) (٣كتاب :المناسك ,باب :في تحريم المدينة ).(٢٠٣٧ ) (٤ابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص .٣٦١ ) (٥ابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,٢ص ,٢٠٣وابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص,٢٦٣ والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٣٢٧وابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص) ١٩٢طبعة هجر( ,وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص ,٨٤والشوكاني ,السيل الجرار ,ج,٢ ص ,١٨٩والغمراوي ,السراج الوهاج ,ص.١٧٠ واختلف الآخذون بحديث سعد في المنتهك لحرم المدينة إذا تاب ولم يسلبه أحد أيجزيه الاستغفار بينه وربه ,أم يلزمه الجزاء فوق ذلك).(٢ والجمهور الذين لا يأخذون بما يفيده حديث سعد السابق لهم طرائق في تعليل مأخذهم من ذلك أن منهم من قال إن هذا الحكم خاص بسعد  بدليل قوله :نفلنيه).(٣ ومنهم من قال إن الحديث منسوخ ,وأنه في أول الأمر كان الشارع يعزر العاصين بأخذ المال كما هو الحال في حال مخفي الزكاة فإنها تؤخذ منه وشطر ماله. ثم نسخ ذلك في وقت نسخ الربا فرد الأشياء المأخوذة إلى أمثالها إن كان لها أمثال ,وإلى قيمتها إن كان لا مثل لها ,وجعلت العقوبات في انتهاك الحرم في الأبدان لا في الأموال ,وحديث سعد في أخذ سلب منتهك حرمة المدينة ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٥ص) ١٩٢طبعة هجر( ,والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص .٣٢٨ ) (٢ابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص .٣٦١ ) (٣ابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,٢ص ,٢٠٣والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج,٦ ص.٣٠٧ التوجيهين المذكورين ضعيفان. بيان ذلك أن أولهما وهو التخصيص الذي قيل به في دفع الحكم يتعارض والحديث العام الذي ذكره سعد بن أبي وقاص ,فيكون قوله :نفلنيه تطبيقا للحكم العام فلا يخص به سعد ,إذ الاستدلال بالنص العام لا بقول سعد. أما كون الحكم منسوخا فلا يسلم به إذ الظاهر أن التعزير بالمال أمر مستقر حكمه لولي أمر المسلمين العمل به إذا ما كانت المصلحة متعينة في الأخذ به كما هو الحال الآن في كثير من القضايا. وكون التعزير بالمال منسوخا بحرمة الربا فأمر لا يسلم به من حيث إن أدلة تحريم الربا بنوعيه لا جامع بينها والتعزير بالمال فتلك في عقود المعاوضات ,وهذه لا مكان للمعاوضة فيها فلا جامع بينهما ومنه لا تصلح دليلا للنسخ. على أن من القواعد المتأصلة عند الحنفية وغيرهم أن النسخ لا يثبت بالاحتمال فكيف والحال هنا أن لا احتمال رأسا. والقائلون بظاهر حديث سعد أبانوا أن السلب المراد في الحديث ثياب ) (١الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٤ص.١٩٦ ) (١الهيتمي ,الحاشية على الإيضاح ,ص ,٥٣٣والشوكاني ,نيل الأوطار ,ج ,٥ص ,١٠٥ والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,١ص.٤٥٦ التحلل بكمال أفعال النسك المحرم به ,وثانيها بالإحصار ,وثالثها التحلل بالاشتراط ,ورابعها بفوات الحج ,وخامسها بإفساد الإحرام ,وسنأخذ كل صورة من الصور السابقة في مطلب. المطلب الأول :التحلل بكمال نسك الإحرام هذا هو الأصل في التحلل من الإحرام أن يكون بإكمال النسك الذي أحرم به المكلف ,فالمعتمر يكون تحلله بانتهائه من الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة. أما المحرم بحج قرانا كان إحرامه أو إفرادا فيبقى على إحرامه إلى أن يقف بعرفة ويصبح عليه اليوم العاشر ويرمي وينسك إن كان ممن يجب عليه النسك. وللفقهاء خلاف في الحلق أو التقصير أهو نسك فلا يكون الإحلال إلا بعد تحققه ,أو أنه ليس بنسك بل الإحلال حاصل بإتمام الأعمال وما هو إلا استباحة محظور? أمر فيه خلاف بين العلماء نذكره في الفصل السادس عند ذكر أحكام المحرم قد أتى الأعمال كلها صحيحة وإلا لم يقع إحلاله موقع الصحة. بيان ذلك أن المعتمر إذا طاف وسعى وحلق ثم تبين له أن طوافه غير صحيح فعليه أن يعيد الطواف والسعي والإحلال; إذ عدم صحة الطواف يستلزم عدم صحة السعي ,وعليه فلا يكون الإحلال واقعا موقعه الشرعي; إذ المشروع أن يكون الأمر بادئا بالطواف ثم السعي ثم الحلق ,وحال من وقع في السابق هو أنه بدأ بالحلق ثم الطواف ثم السعي وهو خلاف المشروع. ولو قلنا إن حلقه واقع موقع الصحة لقلنا إنه قد طاف وسعى غير محرم, وهذا لا يقول بمشروعيته أحد. وللعمرة تحللل واحد هو المذكور سابقا ,أما الحج فله –على مذهب الجمهور −تحللان يباح بتحقق الأول أمور دون غيرها وبتحقق الثاني منهما الأمور الأخر￯. وعلل ذلك بعض أهل العلم بكون الحج يطول زمانه وتكثر أعماله بخلاف العمرة فأبيح بعض محضوراته دفعة واحدة وبعضهاِّ أخر. وشبهوا السابق بالحيض والجنابة إذ إنه لما طال زمان الحيض جعل وتحللا الحج أصغر وأكبر ,وكلاهما مرتبط بأعمال اليوم العاشر, والفقهاء مختلفون في سبيل التحلل بأعمال اليوم العاشر فمنهم من قصر التحلل الأول على الحلق والتحلل الثاني على طواف الإفاضة. ومنهم من قال إنه يحصل التحلل الأول بالرمي والحلق أو التقصير),(٢ لقول النبي :إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء. ووجه الدلالة من ذلك أن ترتيب الحل عليهما دليل على حصوله بهما, ولأنهما نسكان يتعقبهما الحل فكان حاصلا بهما كالطواف والسعي في العمرة).(٣ وقيل للحج تحللان يحصل أحدهما برمي جمرة العقبة والآخر بطواف الإفاضة. ) (١الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٢٨ ) (٢البهوتي ,الروض المربع ,ج ,١ص.٥١٥ ) (٣ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٥ غير أوانها وذلك مختص بالحلق) ,(١وأما ذبح الهدي فليس مما يتوقف عليه التحلل. قال الإمام أبو سعيد الكدمي: معي أنه يخرج في قول أصحابنا أنه لا يحل للمحرم شيء من الحلال ولو رمى جمرة العقبة حتى يحلق أو يقصر).(٢ وقيل إن التحلل الأول يحصل بالرمي وحده ,وقيل يحصل التحلل بواحد من رمي وطواف ويحصل التحلل الثاني بالباقي).(٣ ومن الفقهاء من نص على أن المقصود بالتحلل الأول هو الإتيان بنصف أعمال اليوم العاشر وأن المقصود بالتحلل الثاني هو الإتيان بالنصف الثاني من أعمال اليوم العاشر. وهؤلاء يرون أن الذبح لا يتوقف التحلل عليه) ,(٤وعليه فيتوقف ) (١الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٤٠ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,٢٣ ,ص.٢٤٧ ) (٣المرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص.٤١ ) (٤الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٢٨ أو الطواف ,ويكون التحلل الأكبر بالأمر الثاني).(١ أما على رأي الجمهور القائل بكون الحلق نسكا فيكون التحلل منوطا بأعمال يوم النحر خلا الذبح وهي ثلاثة الرمي والحلق والطواف ,وقد ذهب جمع من هؤلاء إلى أن التحلل الأصغر يكون بفعل أمرين من ثلاثة إما الرمي والحلق ,أو الرمي والطواف ,أو الحلق والطواف ,والتحلل الأكبر يكون بفعل الأمر الثالث دون تعيين شيء).(٢ وعلل بعض هؤلاء جعل الأول من التحللين حاصلا بفعل أمرين من ثلاثة بأنه ليس للثلاثة نصف صحيح فنزل الأمر على اثنين وإن كان الأصل التنصيف).(٣ وثمة أقوال أخر على السابق ومنها ما قيل إن دخول وقت الرمي بمنزلة نفس الرمي في إفادة التحلل كما إذا فات وقت الرمي حصل له التحلل الأول وإن لم يرم ).(١ ) (١الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص ,٣١٦والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٢٨ ) (٢الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٢٨والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص.٤١ ) (٣الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣١٦ بدخول وقته كالطواف ,ويخالف إذا فات الوقت فإن بفوات الوقت يسقط فرض الرمي كما يسقط بفعله وبدخول الوقت لا يسقط الفرض فلم يحصل به التحلل).(٢ وقيل إن التحللين يحصلان معا بالحلق والطواف وبالرمي والطواف, ولا يحصل بالحلق والرمي إلا أحدهما ,والعلة لهذا القول أن الطواف ركن فما انضم إليه قوي به بخلاف الرمي والحلق).(٣ وقيل إن أحد التحللين يحصل بالرمي وحده وبالطواف وحده) .(٤وعلى الأقوال كلها نص جمع من الفقهاء على أنه إن كان مما يشرع في طواف الإفاضة سعي فالتحلل يتوقف على الأمرين كليهما إذ إنهما يعدان شيئا واحدا من أسباب التحلل).(٥ ) (١الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٢٨والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٦٢ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٦٢ ) (٣الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٢٨ ) (٤الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٢٩ ) (٥الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣١٨ عن التحلل لامتناع الذبح كما في حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي سعيد الخدري قال :قالت حفصة لرسول االله :ما بال الناس أحلوا بعمرة ولم تحلل أنت من عمرتك? وقلدت هديي ,فلا أحل حتى أنحر).(١فقال :إنيَّلبدت رأسي , َّ ومما يفيد الحكم السابق حديث حماد بن زيد أخبرنا عبد الملك بن جريج عن عطاء عن جابر ,وعن طاوس عن ابن عباس أن النبي قال :لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ,ولولا أن معي الهدي لأحللت).(٢ وهذا الحديث يبين أن علة عدم إحلال النبي ومن معه من صحابته إنما هو الهدي. ) (١أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :في الهدي والجزاء والفدية ) ,(٤٢٨والبخاري في كتاب :الحج ,باب :التلبيد ).(٥٥٧٢ ) (٢أخرجه البخاري ,في كتاب :الشركة ,باب :الاشتراك في الهدي والبدن ).(٢٣٧١ الأقوال الأخر￯ تقدم أنه حديث مضطرب لا حجة فيه. وبعد تحقق السابق نقول إن اتفاق الفقهاء منقول على أن لبس المخيط وستر الرأس وقلم الظفر وحلق الرأس يحصل بالتحلل الأول ,واتفقوا أيضا على أن وطء النساء لا يباح إلا بالتحلل الثاني).(١ واختلفوا فيما عدا السابق فقيل يحل الصيد والطيب والمباشرة فيما دون الفرج فلا يمنع على هذا إلا من وطء النساء في الفرج).(٢ وقيل بل المباشرة فيما دون الفرج مما لا يحل إلا بالتحلل الثاني ويحل كل شيء بعدها) ,(٣وقيل يحل كل شيء إلا النساء والصيد).(٤ وقيل يحل الصيد وعقد النكاح والمباشرة فيما دون الفرج كالقبلة والملامسة; لأنها من المحرمات التي لا يوجب تعاطيها إفسادا فأشبهت الحلق).(١ ) (١الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص ,٣١٨والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٢٩ ) (٢المرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص.٣٩ ) (٣السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.٢٢ ) (٤الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣١٨ بالنساء فيؤخر إلى تمام الإحلال) ,(٣والذين يقولون بالمنع من الوطئ دون غيره يقولون إن تحريم المرأة ظاهر في وطئها ,ولأنه أغلظ المحرمات ويفسد النسك بخلاف غيره).(٤ وقيل يحل كل شيء إلا النساء والطيب والصيد لحديث مكحول عن عمر لأنه قال إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء والطيب. ومع ارتفاع حكم النهي عن وطء النساء بعد الزيارة إلا أن من الفقهاء من استحب تأخير الوطء مطلقا إلى أن تخرج أيام الرمي ليزول عنه اسم الإحرام).(٥ ) (١الشربيني ,مغني المحتاج ,ج ,١ص.٥٠٥ ) (٢المرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص ,٣٩والبهوتي ,الروض المربع ,ج ,١ص.٥١٥ ) (٣المرغيناني ,الهداية ,ج ,١ص.١٤٨ ) (٤ابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص.٢٤٤ ) (٥الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٢٩والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٦٤ فيه ,وعليهَّبوب سعيد بن منصور في سننه باب الرجل يزور البيت ثم يواقع أهله قبل أن يرجع إلى منى).(١ ويشكل على الإشكال السابق أن زيادة "وبعال" لا تثبت بل هي منكرة والحديث صحيح دونها ,أما خبر أم سلمة فجاء من حديث: هارون بن عبد االله ثنا ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: أرسل النبي بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت اليوم الذي يكون رسول االله تعني عندها).(٢ َاليوم ُفأفاضت وكان ذلك وأقل أحوال سنده الحسن كما سيأتي بحثه في الجزء الخامس ,وعليه فالاستحباب السابق باجتناب الوطء المباح في أيام التشريق أمر مشكل من حيث دليله والأولى بقاؤه على أصل الحكم. كما اختلفوا في الطيب أيستباح بالتحلل الأول أو بالتحلل الثاني ,وقد ذكرنا المسألة بأدلتها عند بيان محظور استعمال الطيب في منتهى المنع من ) (١الشرواني ,الحواشي ,ج ,٤ص.١٢٤ ) (٢أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب التعجيل من جمع ).(١٩٤٢ والقائلون بالمنع من الطيب إلى أن يطوف للإفاضة اختلفوا أعليه فدية إذا ما تطيب أو ليس عليه فدية ,مع أن من الذين يسقطون الفدية من يلزم بها أن لو اصطاد قبل أن يطوف ,والفرق بينهما عسير).(١ ورو￯ البيهقي من حديث إبراهيم بن مرزوق ثنا حبان بن هلال ثنا عبد الوارث ثنا ابن أبي نجيح عن عطاء قال :إذا ذبح وحلق وأصاب صيدا قبل أن يزور البيت فإن عليه جزاءه ما بقي عليه من إحرامه شيء قال االله تعالى ﴿.﴾ (#ρߊ$sÜô1$$sù ÷Λä⎢ù=n=ym #sŒÎ)uρ ورو￯ عن ابن أبي أويس ثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن الفقهاء من أهل المدينة كانوا يقولون :من أصاب صيدا وقد رمى الجمرة ولم يفض فعليه جزاؤه).(٢ وخالف ابن حزم الظاهري الجمهور فلم يقل إن للحج تحللين بل ما هو إلا تحلل واحد التحلل الأول فيباح له سائر المحرمات على المحرم إلا الجماع فإنه مستمر التحريم إلى أن يطوف طواف الإفاضة. ) (١العراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص.٦٦ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص ,٢٠٥وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٩ص.٣١٠ الحج شيء فهو يعد في الحج وإن لم يكن محرما).(١ ووقت التحلل عند ابن حزم هو دخول وقت الرمي بطلوع الشمس يوم النحر ,فإذا دخل وقت الرمي حل المحرم سواء رمى أو لم يرم; لأنه صح عنه جواز تقديم الطواف والذبح والرمي والحلق بعضها على بعض فإذا دخل وقتها بطل الإحرام وإن لم يفعل شيئا منها. واعترض على القول السابق بأن الطواف أحد أركان الحج فكيف يزول الإحرام وبعض الأركان باق).(٢ وعلى مذهب الجمهور الناص بالتحللين فالأمور التي تستحل بالتحلل الأول من اللباس المفصل على مقدار الجسد واستعمال الطيب وغيرها تبقى حلالا طاف المتحلل للإفاضة في ذلك اليوم أو لم يطف ,وقد حكي على هذا الحكم الإجماع وأنه لا قائل بخلافه).(٣ ) (١العراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص.٦٧ ) (٢العراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص.٦٧ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص ,والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,والعيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص٦٩ عروة بن الزبير أن من أخر الطواف بالبيت يوم النحر إلى يوم النفر فإنه لا يلبس القميص ولا العمامة ولا يتطيب ,ثم قال :وقد اختلف فيه عن الحسن البصري وعطاء والثوري).(١ ومما جاء دالا على الحكم السابق حديث ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق ثنا أبو عبيدة بن عبد االله بن زمعة عن أبيه وعن أمه زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة يحدثانه جميعا ذاك عنها قالت: كانت ليلتي التي يصير إلي فيها رسول االله مساء يوم النحر فصار إلي ودخل علي وهب بن زمعة ومعه رجل من آل أبي أمية متقمصين فقال رسول االله لوهب: هل أفضت أبا عبد االله? قال :لا ,واالله يا رسول االله ,قال :انزع عنك القميص ,قال :فنزعه من رأسه ونزع صاحبه قميصه من رأسه ثم قال :ولم يا رسول االله? ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.٢٤٦ حرما كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به).(١ وقال النووي: وهذا الإسناد صحيح ,والجمهور على الاحتجاج بمحمد بن إسحاق إذا قال حدثنا ,وإنما عابوا عليه التدليس ,والمدلس إذا قال حدثنا احتج به ,وإذا ثبت أن الحديث صحيح فقد قال البيهقي لا أعلم أحدا من الفقهاء قال به, هذا كلام البيهقي ,قلت :فيكون الحديث منسوخا دل الإجماع على نسخه; فإن الإجماع لا ينسخ ولا ينسخ لكن يدل على ناسخ).(٢ وقال العيني متعقبا الاستدلال بالحديث السابق: حديث أم سلمة هذا شاذ أجمعوا على ترك العمل به ,وقال المحب الطبري :وهذا حكم لا أعلم أحدا قال به وإذا كان كذلك فهو منسوخ, والإجماع وإن كان لا ينسخ فهو يدل على وجود ناسخ وإن لم يظهر).(٣ ) (١أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :الإفاضة في الحج ).(١٩٩٩ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٩٥ ) (٣العيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص.٦٩ تدور معاني الحصر في لغة العرب بين المنع والجمع والحبس كما يقول ابن فارس ,والإحصار أن يحصر الحاج عن البيت بمرض أو نحوه. سو￯ جماعة من أئمة اللغة بين حصرني وأحصرني كما هو حال أبيوقدّ عمرو الشيباني والزجاج والفراء) ,(١والشاهد عليه قول الشاعر: وما هجر ليلى أن تكون تباعدت عليك ولا أن أحصرتك شغول غير أن الأكثر من أهل اللغة على التمييز بين حصرني وأحصرني فالأول منهما للعدو خاصة ,والثاني منهما للمرض والخوف).(٢ وأبان الفخر الرازي أن اختصاص لفظ الإحصار بالعدو دون المرض ) (١الزمخشري ,الكشاف ,ج ,١ص ,٢٦٧وأبو حيان ,البحر المحيط ,ج ,٢ص ,٦٧وابن منظور ,لسان العرب ,ج ,٤ص ,١٩٤والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص.٤٢ ) (٢الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,٣٣٤والزمخشري ,الكشاف ,ج ,١ص ,٢٦٦ والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٢ص ,٣٧٢وأبو حيان ,البحر المحيط ,ج,٢ ص ,٦٨والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,٤٢وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص.٤ في معنى يدخل فيه الإحصار بالعدو كما في الآية الكريمة إذ سبب نزولها الإحصار بالعدو ,ولو كان لفظ الإحصار خاصا بالمرض دون العدو لقال فإن حصرتم ,لذا فلا يبعد أن يكون لفظا الإحصار والحصر بمعنى واحد للاستعمال السابق. ثانيا :تعريف الإحصار في الاصطلاح الشرعي وخلاف الفقهاء فيه ورد لفظ الإحصار بمعنى المنع عن إتمام النسك المحرم به مرة في كتاب االله تعالى وذلك في قوله تعالى ﴿$yθsù öΝè?÷ÅÇômé& ÷βÎ*sù 4 ¬! nοt÷Κãèø9$#uρ ¢kptø:$# (#θ‘θÏ?r&uρ ﴾...ã&©#ÏtxΧ ß“ô‰oλù;$# xè=ö7tƒ 4©®Lym óΟä3yTMρâTMâ‘ (#θà)Î=øtrB Ÿωuρ ( Ä“ô‰oλù;$# z⎯ÏΒ uy£øŠtGóTM$# ولا أعلم أن الإحصار بالمعنى السابق وراد في نصوص السنة ,غير أن الآية التي ورد فيها اللفظ السابق جاءت مبينة الحكم الإلهي يوم حصر النبي وأصحابه عن مكة عام الحديبية في السنة السادسة كما نقل الاتفاق عليه),(٢ ) (١الرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص.١٢٤ ) (٢البيهقي ,معرفة السنن والآثار ,ج ,٤ص ,٢٣٨وابن العربي ,أحكام القرآن ,ج,١ ص.١٧١ والعمرة. وهذا القول عليه الجمهور من أهل العلم) ,(١وخالف بعضهم فقال إنه لا إحصار في العمرة لعدم توقيتها فصاحبها لا يخشى الفوات).(٢ وفي هذا الرأي نظر يقضي بضعفه; إذ الحكم نفسه ما ثبت إلا في العمرة مما يفيد أن دخولهاّأولي فالآية ما نزلت إلا لبيان حكمها ,ويلحق الحج بها اتفاقا لعدم الفارق بل هو أولى بالحكم منها ,ثم إن الحكم −كما تقدم −جاء بعد الأمر بإتمام الحج والعمرة. والرأي السابق جعل علة الإحصار خشية الفوات ,ولا دليل على هذه العلة ,بل الذي عليه الأكثر أن العلة هي رفع الضرر ,وعلة خشية الفوات ) (١أبو سعيد الكدمي ,الجامع المفيد ,ج ,٢ص ,٢٣والبهوتي ,الروض المربع ,ج,١ ص.٥٢٧ ) (٢الطبري ,جامع البيان ,ج ,٢ص ,٢٢٤والرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص,١٢٧ والجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,٣٣٨والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج,٢ ص ,٣٧٦والعيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص ,١٤٢وابن تيمية ,شرح العمدة ,ج,٣ ص.٣٧٧ وقد جاء في الحديث أن ابن عمر ذكر الإحصار في العمرة كما في حديث عبد االله بن يوسف أخبرنا مالك عن نافع أن عبد االله بن عمر حين خرج إلى مكة معتمرا في الفتنة) (١قال: إن صددت عن البيت صنعت كما صنعنا مع رسول االله ,فأهل بعمرة من أجل أن رسول االله كان أهل بعمرة عام الحديبية).(٢ وأما القول بأن العمرة لا يشملها حكم الإحصار فدليله ذكره الحافظ ابن حجر حينما قال :احتج له إسماعيل القاضي بما أخرجه بإسناد صحيح عن أبي قلابة قال :خرجت معتمرا فوقعت عن راحلتي فانكسرت فأرسلت إلى ابن عباس وابن عمر فقالا :ليس لها وقت كالحج يكون على إحرامه حتى يصل إلى البيت).(٣ ) (١فتنة انتهاك الوالي الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي للحرم مبتغيا القضاء على عبد االله بن الزبير. ) (٢أخرجه البخاري ,في كتاب :الحج ,باب :إذا أحصر المعتمر ).(١٧١٢ ) (٣ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص.٥ فإن زال الحصر بعد الحل وأمكنه الحج من عامه فله القضاء فيه ,ولا يتصور القضاء للحج في العام الذي أفسده فيه إلا في هذا الموضع كما يقول ابن قدامة) ,(١وقد ذكرنا في مبحث محظور الرفث أن أولى الأقوال في حكم المجامع محرما والذي يدرك الحج من عامه أن له ذلك. والحصر الذي هو سبب نزول الآية ما كان إلا بالعدو ,وقد نص أئمة الأصول أن سبب النـزول داخل قطعا في عموم العام لكونه واردا لبيان حكمه وهو داخل في عموم لفظه ,وإنما وقع الخلاف في غير صورة سبب النزول أتدخل في عموم اللفظ أو لا تدخل).(٢ وللفقهاء في الإحصار الذي يشرع معه الإحلال أقوال نجملها ثم نأتي على أدلتها واحدا بعد الآخر. القول الأول :الإحصار لا يكون إلا بالعدو فقط ,وما عداه من المرض ) (١ابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص ,٤٦٣والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٢٢٨ ) (٢الزركشي ,البحر المحيط ,ج ,٢ص.٣٧١ الزوجة يمنعها زوجها والعبد يمنعه سيده فيكون حكمهم حكم المحصر بعدو على خلاف بينهم).(٢ واختلف هؤلاء أيجزيه هذا الإحرام للحج في العام القابل أم لا بد من الإحلال بعمرة ثم الإحرام للحج القابل في وقته).(٣ وجماعة من هؤلاء سووا في الحكم بين المكي وغيره من أهل الآفاق ممن مرض ,غير أن بعضهم قال إن المريض من أهل مكة لا بد له من أن يقف بعرفة وإن نعش نعشا استدلالا بقوله تعالى "ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام").(٤ ) (١الطبري ,جامع البيان ,ج ,٢ص ,٢١٤والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,٥٣وابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,١٧٠وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص,١٩٤ والرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص ,١٢٤والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج,٢ ص ,٣٧٤والبهوتي ,الروض المربع ,ج ,١ص.٥٢٧ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص.١٦٣ ) (٣ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص.١٩٧ ) (٤القرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٢ص .٣٧٤ العدو فداخل في اللفظ بالقياس).(٢ وقيل بل دخول العدو في لفظ الإحصار بدلالة الأولى; لأن منع العدو حسي لا يتمكن معه من المضي بخلافه مع المرض إذ يمكن بالمحمل والمركب).(٣ وعارض آخرون فقالوا إن الأولى هو المرض لأنه يملك دفع شر العدو عن نفسه بالقتال فيدفع الإحصار عن نفسه ولا يمكنه دفع المرض عن نفسه).(٤ ) (١الكدمي ,الجامع المفيد ,ج ,٢ص )١٧وقد نسب الكلام لأبي سعيد الكدمي والصحيح أنه لأبي الحسن البسيوي ,البسيوي ,جامع أبي الحسن ,ج ,٢ص ,(٣٠٣والطبري ,جامع البيان ,ج ,٢ص ,٢١٣والجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,٣٣٤والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,٢٩والطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,٢ص ,٧٨و ابن قدامة, الكافي ,ج ,١ص ,٤٦٤وأطفيش ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.٢٤٠ ) (٢الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص .٣٣٤ ) (٣ابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص .٥٧ ) (٤الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص .١٧٥ على المشي فهو محصر; لأنه منع من المضي في موجب الإحرام فكان محصرا كما لو منعه المرض).(١ ومن الفقهاء من قال إن المرأة الحائض إذا لم تطف للإفاضة ووصلت بلدها وهي محرمة عادمة النفقة ولم يمكنها الوصول للبيت الحرام يكون حكمها كالمحصر فتتحلل بذبح شاة وتقصير ونية تحلل).(٢ القول الثالث :الإحصار أمر خاص بالنبي فلا يشرع لمن بعده. القول الرابع :الإحصار يكون بالمرض فقط ,ولا إحصار بالعدو).(٣ أدلة القول الأول: الدليل الأول :قوله تعالى ﴿$yθsù öΝè?÷ÅÇômé& ÷βÎ*sù 4 ¬! nοt÷Κãèø9$#uρ ¢kptø:$# (#θ‘θÏ?r&uρ .(٤) ﴾...ã&©#ÏtxΧ ß“ô‰oλù;$# xè=ö7tƒ 4©®Lym óΟä3yTMρâTMâ‘ (#θà)Î=øtrB Ÿωuρ ( Ä“ô‰oλù;$# z⎯ÏΒ uy£øŠtGóTM$# ) (١الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٧٦والثميني ,التاج المنظوم ,ج ,٣ص .٣٩٥ ) (٢الشربيني ,مغني المحتاج ,ج ,١ص.٥١٠ ) (٣القرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٢ص .٣٧١ ) (٤سورة :البقرة ,الآية ).(١٩٦ وسبب نزول الحكم يخصص عموم لفظه).(١ قال هؤلاء :وأما النقل عن أهل اللغة بإبطال اختصاص معنى الإحصار بالعدو فمعارض بأن ابن عباس وابن عمر { ذهبا إلى أن الإحصار هنا هو بالعدو خاصة ,وهما من أهل اللسان).(٢ وفي الدليل السابق نظر من أوجه: أولها :أن أصحاب هذا القول من قواعدهم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو معلوم) ,(٣فقواعدهم تقضي بأن يكون لفظ الإحصار قاضيا على خصوص سببه. ثانيها :في الإيراد بمذهب ابن عباس وابن عمر وأنهما من أهل اللسان فيه نظر من حيث إن الرجلين يتكلمان في مسألة شرعية تنازعتها أدلة فرجح عندهما هذا الرأي لذا فلا يعدو رأيهما أن يكون حقيقة شرعية في أمر رجحاه ) (١الطبري ,جامع البيان ,ج ,٢ص ,٢١٣والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,١ص .٧٧ ) (٢الرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص .١٢٤ ) (٣السبكي ,الإبهاج ,ج ,٢ص ,١٨٥والزركشي ,البحر المحيط ,ج ,٢ص.٣٨٥ وقال المدخلون للمرض لما كان سبب نزول الآية العدو وعدل الشارع عن استعمال اللفظ الذي هو موضوع أصالة للعدو دل ذلك على أن مراده دخول المرض لوضع أصل الإحصار له. والنبي أمر أصحابه بالإحلال بسبب العدو ليدخل العدو في اللفظ عن طريق المعنى ,ولو كان المراد من الحكم العدو وحده لما عبر الشارع إلا باللفظ الخاص بالعدو وهو الحصر لا الإحصار. قال العز بن عبد السلام: والذي ذكره مالك والشافعي) (١لا نظير له في الشريعة السمحة التي قال االله تعالى فيها ﴿ ,(٢)﴾ 8ltym ô⎯ÏΒ È⎦⎪Ïd‰9$# ’Îû ö/ä3ø‹n=tæ Ÿ≅yèy_ $tΒuρوقال فيها ﴿ a!$# ߉ƒÌム3 ,(٣)﴾ uô£ãèø9$# ãΝà6Î/ ߉ƒÌムŸωuρ tó¡ãŠø9$# ãΝà6Î/وقال,(٤)﴾4 öΝä3Ψtã y#Ïesƒä† βr& a!$# ߉ƒÌム﴿ : ) (١أي أن الإحلال بالإحصار أمر خاص بالعدو دون المرض. ) (٢سورة :الحج ,جزء من الآية ).(٧٨ ) (٣سورة :البقرة ,جزء من الآية ).(١٧٨ ) (٤سورة :النساء ,جزء من الآية ).(٢٨ الصيود والتطيب والادهان وقلم الأظفار وحلق الشعر ولبس الخفاف والسراويلات ,وهذا بعيد من رحمة الشارع ورفقه ولطفه بعباده).(١ الدليل الثاني :أن االله تعالى قال في الآية السابقة "فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج "...الآية ,والأمن هنا هو الأمن من العدو ,ولو كان المرض داخلا لقال برئتم).(٢ واعترض على هذا الدليل بأنه قد جاء إطلاق الأمن من المرض) (٣كما في حديث :الزكام أمان من الجذام ,وحديث :من سبق العاطس بالحمد أمن من الشوص واللوص والعلوص. قالوا :الشوص وجع السن ,واللوص وجع الأذن ,والعلوص وجع البطن. ) (١العز ابن عبد السلام ,قواعد الأحكام ,ج ,٢ص.١١ ) (٢القرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٢ص ,٣٧٣والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج,١ ص.٨٠ ) (٣أبو حيان ,البحر المحيط ,ج ,٢ص ,٨٥والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج,٢ ص.٣٧٢ االله :نبات الشعر في الأنف أمان من الجذام. وقد أخرجه أبو يعلى) ,(١الطبراني في الأوسط) ,(٢وفيه أشعث بن سعيد أبو الربيع السمان ,قال ابن معين :ليس بثقة ,وقال أحمد :ليس بذاك مضطرب. وقال هشيم :كان يكذب ,وقال ابن حبان :يروي عن الأئمة الثقات الأحاديث الموضوعات وبخاصة عن هشام بن عروة كأنه ولع بقلب الأخبار عليه. ورو￯ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي قال :نبات الشعر في الأنف أمان من الجذام ,وهذا متن باطل لا أصل له).(٣ وجاء من طريق عامر بن سيار ثنا علي بن ثابت عن حمزة النصيبي عن أبي الزبير عن جابر قال :قال رسول االله :نبات الشعر في الأنف أمان من الجذام. ) (١أبو يعلى الموصلي ,المسند ,ج ,٧ص.٣٣٢ ) (٢الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,١ص.٢٠٩ ) (٣ابن عدي ,الكامل ,ج ,١ص ,٣٧٦وابن حبان ,المجروحين ,ج ,١ص .١٧٢ وللحديث طرق أخر￯ كلها معلة بالوضاعين والمتهمين) (٢مما يضعف الاحتجاج بالحديث. أما حديث الأمان من الشوص واللوص فلم أجده مسندا مع كثرة البحث والتقصي ولا تكاد ألفاظه تشبه ألفاظ النبوة ,وعلى كل صحت الأحاديث أو لم تصح كما هو الأظهر فإن من المعلوم عند العرب إطلاق لفظ الأمان من المرض).(٣ الدليل الثالث :جاءت آثار عن الصحابة تفيد اختصاص حكم الإحصار بالعدو فقط دون غيره ومن تلك الآثار حديث سليمان بن يسار أن سعيد بن حزابة المخزومي صرع ببعض طريق مكة وهو محرم فسأل من يلي على الماء الذي كان عليه فوجد عبد االله بن عمر وعبد االله بن الزبير ومروان ) (١ابن عدي ,الكامل ,ج ,٢ص .٣٧٦ ) (٢الشوكاني ,الفوائد المجموعة ,ص .٤٧٥ ) (٣الفيروز أبادي ,القاموس المحيط ,ص ,١٤١٧والزبيدي ,تاج العروس ,ج,١٧ ص.٥٩٧ استيسر من الهدي. والحديث أخرجه الإمام مالك من طريق يحيى بن سعيد عن سليمان).(١ ومن ذلك حديث الشافعي عن سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن طاوس عن ابن عباس قال :لا حصر إلا حصر العدو) ,(٢قال ابن حجر:إسناده صحيح).(٣ غير أن الآثار السابقة ليست بحجة; إذ هي اجتهاد في مسألة شرعية للاجتهاد فيها مسرح تختلف عنده الأنظار. ومع ذلك ثبت أن هناك من صحابة رسول االله من قال بغير ذلك فابن مسعود يثبت الإحصار بكل مانع ونص على المرض كما في حديث: عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد االله بن مسعود في الذي لدغ وهو محرم بالعمرة فأحصر فقال عبد االله :ابعثوا بالهدي ,واجعلوا بينكم وبينه ) (١مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص .٣٦٢ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٦٣ ) (٣ابن حجر ,التلخيص الحبير ,ج ,٢ص .٢٨٨ الزبير من الصحابة).(٢ الدليل الرابع :الإحصار على وزن إفعال ,والهمزة في الإفعال تأتي لمعنيين :أولهما :التعدية ,وهو لا يصح هنا. ثانيهما :الصيرورة فيكون المعنى فإذا صرتم محصورين ,والمحصور من الحصر ,وقد نقل أئمة اللغة أن الحصر يكون بالعدو ,وأن الإحصار يكون بالمرض ,فثبت من ذلك أن الآية أرادت العدو فقط).(٣ وهذا أمر فيه نظر إذ الاتفاق قائم بين أهل اللغة أن الإحصار يدخل فيه المرض والخلاف في دخول العدو ,والأكثر من أئمة اللغة على أن الحبس بالعدو حصر وليس بإحصار. الدليل الخامس :الحصر هو المنع ,وإنما يقال للإنسان أنه ممنوع من فعل ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٢٢١وقال الحافظ ابن حجر :أخرجه ابن جرير بإسناد صحيح .ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص .٣ ) (٢الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,٢ص .٧٨ ) (٣الرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص .١٢٤ أما الممنوع بالعدو فهو قادر عليه متمكن منه ولكن تعذر الفعل لأجل مدافعة العدو).(١ وفي هذا من النظر ما يبطله إذ هو مبطل للأصل الذي اتفق عليه بين أئمة اللغة من أن الإحصار الأصل فيه أنه الحبس بالمرض والخلف في الحبس بالعدو. الدليل السادس :أن الحصر هو الحبس والمنع والحصر لا بد له من حابس ومانع ,والمرض لا يصدق عليه أنه حابس أو مانع; لأن الحبس والمنع عقلا; لأن المرض عرض لا يبقى زمانين ًفعل وإضافة الفعل إلى المرض محال فكيف يكون فاعلا وحابسا ومانعا ,أما العدو فيصح فيه ذلك).(٢ وفي هذا الدليل تطويل بغير طائل فهو على شاكلة سابقيه باطل باتفاق أئمة اللغة لأنه مستلزم إبطال المتفق عليه من معنى الإحصار. الدليل السابع :عطف االله تعالى على المحصر حكم المريض بقوله "فمن ) (١الرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص .١٢٥ ) (٢الرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص .١٢٥ أولهما :لأنه لو كان كذلك لما استأنف له ذكرا مع كونه في أول الخطاب, ً داخلا فيه لكان هذا وعليه فلو كان المحصر هو المريض أو من يكون المرض عطفا للشيء على نفسه).(١ ً ثانيهما :أنه لو كان مرادا به لكان يحل بذلك الدم ولم يكن يحتاج إلى فدية).(٢ وفي الدليل السابق نظر يرد الاستدلال به ,وذلك أن هذا العطف ليس عطفا للشيء على نفسه ,إذ الحكم هنا كان لمن يستطيع إتمام نسكه وهو في أرض المشاعر غير أنه يجد عسرا ومشقة ,أما الإحصار بالمرض فحكمه في حق من حال المرض دون إتمام النسك والوصول إلى البيت ,وبينهما بون. ومن الجائز أن يقال إن آية "ولا تحلقوا رؤوسكم" راجعة إلى قوله "وأتموا الحج والعمرة الله" وليست هي لآية الإحصار ,وعليه فهي في عموم ) (١الرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص .١٢٥ ) (٢الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص .٣٣٦ بالعدو فقط وغير شامل للمرض ,وقد ظهر لك أنها لم تسلم من الإيراد عليها مما يؤذن بضعفها. فضلا عن أن في هذا القول منافاة للحنيفية السمحة التي جاءت بالتيسير ,فالمريض الذي يمنعه مرضه من إتمام نسكه قد يستمر معه المرض سنوات عديدة وعلى القول السابق هو ملزم بالبقاء على إحرامه مجتنبا اللباس وتغطية الرأس والجماع بل وعقد النكاح والطيب وإلقاء التفث إلا بفدية, وهذا أمر من العسر بمكان لا تكاد يشبهه شيء من الأحكام الشرعية. القول الثاني: حكم الإحصار المذكور في الآية شامل للعدو الذي هو سبب نزول الآية شمولا أوليا كما أنه شامل للمرض وغيره من العوائق التي تمنع المحرم من إتمام نسكه. ) (١الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص.٣٣٧ يكون بسبب المرض كما هو رأي أكثرهم ,وإما أن يكون بكل مانع من إتمام الإحرام. أما الأول منهما فدخول المرض فيهّبين ,وعليه لا يكون اللفظ نفسه متناولا للعدو لكن يدل عليه بطريق القياس).(١ وأما الثاني منهما فيشمل المرض والعدو; إذ هما مانعان ,وعلى تفسير من فسر الإحصار بالعدو خاصة يدخل المرض فيه بالقياس بجامع دفع الحرج عن الأمة ,وهذا قياس جلي ظاهر).(٢ الدليل الثاني :حديث مسدد ثنا يحيى عن حجاج الصواف حدثني يحيى بن أبي كثير عن عكرمة قال :سمعت الحجاج بن عمرو الأنصاري قال :قال رسول االله :من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل ,قال عكرمة: سألت ابن عباس وأبا هريرة عن ذلك فقالا :صدق).(٣ ) (١الطبري ,جامع البيان ,ج ,٢ص .٢١٤ ) (٢الرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص .١٢٤ ) (٣أخرجه أبو داود ,كتاب :المناسك ,باب :الإحصار ).(١٨٦٣ الإيراد الأول :إن صح الحديث فمعناه أنه يحل بعد فواته بما يحل به من يفوته الحج بغير مرض لما روي عن ابن عباس ثابتا عنه أنه قال :لا حصر إلا حصر عدو).(١ الإيراد الثاني :حمل حله المذكور في الحديث على ما إذا اشترط في إحرامه أنه يحل حيث حبسه االله بالعذر ,ولو كان التحلل جائزا دون شرط كما يفهم من حديث الحجاج بن عمرو لما كان للاشتراط فائدة. وحديث عائشة وابن عباس بالاشتراط أصح من حديث عكرمة عن الحجاج بن عمرو والجمع بين الأدلة واجب إذا أمكن ).(٢ وممكن أن يقال إن أحاديث الاشتراط فائدتها أن لا يكون على المشترط قضاء لذلك الإحرام ,أما أحاديث غيرها ففائدتها جواز الحل مع تعلق القضاء. لكن يجاب عن ذلك بأن القضاء في حال الإحصار قول من أقوال أهل ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٢٢٠ ) (٢الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,١ص .٨٠ عليه دم ,وأما أحاديث الإحلال بالمرض فتسوغ الإحلال بها لكن مع وجوب الدم على من أحل بها. ثم إن أحاديث الحل بالاشتراط تكون في حال السلامة مع خشية عدم القدرة على الإتيان بالنسك ,أما أحاديث الإحلال بالمرض فتكون عند عدم القدرة على إتمام النسك بسبب العذر الطارئ. الدليل الثالث :المرأة في إحرام التطوع إذا منعها زوجها جاز لها الإحلال اتفاقا ,وكذلك من حبس في دين أو غيره فتعذر عليه الوصول إلى البيت, فكذلك يكون حكم المريض).(٢ الدليل الرابع :لم يفرق الشارع في مواضع كثيرة من رخصه بين المرض والعدو بل جعلهما سببا للترخيص ,ومن ذلك أن الخائف له أن يصلي قاعدا أو قائما أو بالإيماء والأمر نفسه في حال المرض. فكذلك المضي في الإحرام واجب أن لا يختلف حكمه عند تعذر ) (١الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,١ص .٨١ ) (٢الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص .٣٣٦ العدو ,وهذا القول منقول عن أكثر أهل اللغة).(٢ دليل القول :دليل هذا القول التفسير للإحصار بالمعنى المعجمي للكلمة إذ إن هناك من أئمة اللغة من قصره على الإحصار بسبب المرض) ,(٣وعمدة هذا الرأي أن العرب تقول حصره العدو وأحصره المرض. وفي هذا القول من النظر ما يكفي لرده إذ إنه قد تقدم أن صورة سبب النزول داخلة في عموم العام دخولا أوليا ,بل إن جماعة من الأصوليين يجعلون دخولها قطعيا ,وما ثمة شك أن سبب نزول الآية هو الإحصار بسبب العدو. وأما النقل اللغوي الذي ذكروه فيسقط الاحتجاج به أمور: أولها :أنه معارض بنقل آخرين من أئمة اللغة سووا بين حصر وأحصر فجعلوه عاما في كل منع بعدو كان المنع أو بمرض كما تقدم عن ابن فارس, ) (١الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,٣٣٦ ) (٢الرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص .١٢٤ ) (٣الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,١ص .٨٠ خاصة به ,ولا ينكر –أن لو سلم بهذا النقل −أن يكون لفظ الإحصار مما نقل عن المرض إلى الإحصار بالعدو خاصة ,أو إلى عموم الحبس بالمرض كان أو بالعدو ,فيكون هذا الاصطلاح حقيقة شرعية ومجازا لغويا ,وتقدم الحقيقة الشرعية على الحقيقة اللغوية ما دام المتحدث هو الشارع. القول الرابع :حكم الإحصار أمر خاص بالنبي ,فلا إحصار لأحد بعده).(٢ الاعتراض على القول: الأصل في الأحكام الشرعية الإحكام لا النسخ ,والانتقال من هذا الأصل لا يكون إلا بدليل ثابت الحجية; إذ النسخ لا يثبت بالاحتمال. ثالثا :وقت التحلل بالإحصار الأصل في المحرم بنسك أن يتم نسكه الذي عليه اتفاقا بين علماء الملة ) (١الرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص .١٢٤ ) (٢الطبري ,جامع البيان ,ج ,٢ص ,٢٢٧والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,١ص .٨٣ المحصر يتحلل من إحرامه ولا يلزمه البقاء عليه ,كما أنه لا يلزمه من حيث الأصل أن يحل فله جوازا أن ينصرف إلى حيث شاء محرما حتى يزول الحاصر ويأتي بنسكه على الوجه الأتم).(١ غير أن التحلل بعد الإحرام أمر الأصل فيه المنع للدليل السابق لذا فالتحلل بالإحصار رخصة يجب أن تقدر بقدرها فلا يتحلل من إحرامه لوهم خامره أنه محبوس عن البيت بل لا بد من اليقين أو الظن الغالب أنه سيحبس عن البيت ,وأن الحابس قادر على الحبس حقا لا وهما).(٢ وإن كان الحابس لا يزول إلا بقتال لم يلزم المحرم قتاله لهذا السبب وحده; لأن فيه إتلافا للنفس ولم يكلف الناس بذلك بل من شرط وجوب الحج نفسه أمن الطريق. والنبي لم يقاتل المشركين حين منعوه عن إتمام نسكه يوم الحديبية بل أحل بالإحصار. ) (١أبو سعيد الكدمي ,الجامع المفيد ,ج ,٢ص .١٦ ) (٢أبو سعيد الكدمي ,الجامع المفيد ,ج ,٢ص ,١٧والثميني ,التاج المنظوم ,ج ,٣ص.٣٩٥ الإحلال بالإحصار).(١ وإن كان الحبس بسبب دين على المحبوس فإن كان حالا وهو قادر على الوفاء ,لزمه الوفاء ولم يجز له أن يحل إذ لا ضرورة هنا. وإن كان معسرا فله أن يحل إذ لا يجوز أن يحبس المعسر بل ينظر إلى حين يسر كما قال االله في كتابه ,(٢)﴾ ;οuy£÷tΒ 4’n<Î) îοtÏàoΨsù ;οuô£ãã ρèŒ šχ%x. βÎ)uρ﴿ :لذا فحبس هذا ظلم).(٣ ثم إنه لا بد من البحث عن مخرج آخر يتيسر بسببه للمحرم إتمام نسكه) ,(٤فإن أمكنه أن يسلك سبيلا آخر يزول فيه الحاصر السابق لزمه أن يأتيه ما دام قادرا عليه دون مشقة بالغة والحج لا يفوت مع سلوكه ,ولا ) (١ابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص .٣٧١ ) (٢سورة :البقرة ,الآية ).(٢٨٠ ) (٣ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص .١٧٣ ) (٤أبو سعيد الكدمي ,الجامع المفيد ,ج ,٢ص .١٧ المحصر حج بيت االله الحرام بأن يفوت الوقوف بعرفة وهو لا يزال محبوسا عن البيت ,أما من كان يعلم من حابسه بيقين أو ظن غالب أنه سيزول قبل فوات النسك فلا يصح له الإحلال).(٢ ومن القاعدة السابقة التي تفيد تقدير الضرورة بقدرها نقول إن أحصر الحاج بعد الوقوف بعرفة الذي هو ركن الحج الأكبر فلا يتحلل بالإحصار; إذ الباقي من أعمال الحج الأمر فيه هين فإن من أدرك عرفة فقد أدرك الحج).(٣ وطواف الإفاضة لم يأت في شيء من نصوص الشارع أن له حدا يفوت الحج إن لم يأت به فيه كما سيأتي تقريره في محله إن شاء االله).(٤ أما العمرة فالسنة كلها وقت لأدائها لكن إن علم بيقين أو ظن غالب أن ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٦٢وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص ,٤٦١والنووي, المجموع ,ج ,٨ص ,٢٢٤والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص .١٨٧ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص .١٩٧ ) (٣أبو سعيد الكدمي ,الجامع المفيد ,ج ,٢ص .٢٣ ) (٤الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,٢٩وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص ,١٩٨ والبهوتي ,الروض المربع ,ج ,١ص .٥٢٧ وإن تطاولت المدة على نحو يدخل عليه العسر والمشقة بسببها فله الإحلال بسبب الإحصار كما هو فعل النبي يوم الحديبية إذ أحلوا بسبب الإحصار مع أن المانع منه سيزول بعد عام منها. ونص بعض أهل العلم على أمر وهو أن التحلل بالإحصار أمر مشروط بعدم علم المحصر بوجود الحاصر أو علمه بوجوده مع ترجح أن لا يصده عن البيت ,أما إن ترجح عنده أنه سيصد عن البيت فقالوا إنه لا يحل من إحصار إلا بعمرة).(١ رابعا :حكم الهدي على المحصر إذا ما أحل نقل بعض الفقهاء الاتفاق على أن المحصر إن ساق الهدي لزمه نحره إجماعا) ,(٢لكن اختلفوا فيه إن كان لم يسقه. والذي عليه الجمهور من أهل العلم أن عليه أن يشتري الهدي ويحل; إذ ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص .١٨٧ ) (٢الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,١ص .٨٣ لظاهر الآية "فما استيسر من الهدي").(٢ والظاهر أنه لا إجماع في القضية ,فقد نقل ابن القاسم عن مالك عدم وجوب الهدي على المحصر تعلقا بأن المحصر لم يكن منه تفريط والهدي على ذي التفريط ,وابن القاسم نفسه أوجب الهدي على المحصر بالمرض دون المحصر بالعدو).(٣ وأما نحر النبي وأصحابه للهدي فتأوله هؤلاء بأنه لم يكن من أجل الصد عن البيت بل كان بسبب أنه هدي ساقوه معهم وقد قلد وأشعر, وخرج الله فلم يجز الرجوع فيه).(٤ غير أنه يعكر على الدليل السابق أن الحجة في إيجاب ما استيسر من الهدي النص في الكتاب العزيز عليها ,وفعل النبي محتمل أن يكون بسبب ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٦١والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٢ص .٣٧٣ ) (٢ابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص .١٧٨ ) (٣ابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,١ص .١٧١ ) (٤ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص .١٩٨ على أن الواقع هنا أن الآية الآمرة بما استيسر من الهدي توجه أن المراد بالهدي الإحصار إذ الحكم معلق على الإحصار مما يؤذن بكونه علة له ,ولم يكن فيها تقييد بسوقه الهدي أو عدم سوقه. ومن الفقهاء من فصل فقال إن كان المنع عن عرفة دون البيت فإنه يتحلل بعمرة ولا هدي عليه; لأن من الجائز أن يحول المحرم بحج إحرامه إلى عمرة ولا شيء عليه) (١كما تقدم ذلك بدليله. والجمهور من الفقهاء قائلون بوجوب الهدي على من أحل بسبب الإحصار) ,(٢والآية في الكتاب العزيز بينة في الدلالة على مذهبهم; فاالله تعالى يقول "فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي" ,والمعنى إذا حللتم فاذبحوا أو انحروا ما استيسر من الهدي على أن يكون الموصول منصوبا ,أو يكون المعنى ) (١البهوتي ,الروض المربع ,ج ,١ص .٥٢٧ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,٣١وابن قدامة ,المغني ,ج ,١٧٣ ,٣والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص.١٨٧ تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي" ,وقد اتفقوا على وجوب الهدي على المتمتع بالآية السابقة) ,(٢وفعل النبي أكد الوجوب السابق. وذهب بعض العلماء إلى أن القارن يلزمه هديان إذا ما أحصر) ,(٣وقد ذكرنا القضية سابقا في حكم القارن يرتكب محظورا من محظورات الإحرام أتلزمه فديتان أو فدية واحدة ,وتبين هناك أنه لا يلزم إلا بواحدة. ومن الفقهاء من قال إن المحرم إن كان قد ساق هديا معه قد قلده فلا يجزيه للإحلال بالإحصار بل عليه غيره; لأن الأول قد كان وجب عليه الله ويجب عليه للإحصار آخر).(٤ ) (١الطبري ,جامع البيان ,ج ,٢ص ,٢١٩والزمخشري ,الكشاف ,ج ,١ص,٢٦٧ والرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص.١٢٦ ) (٢ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص .٣٦٩ ) (٣البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٣٠٤والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,٢٩وابن النجيم, البحر الرائق ,ج ,٣ص ,٥٩وأطفيش ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص .٢٤٢ ) (٤البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٣٠٤والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,٣١والثميني, التاج المنظوم ,ج ,٣ص.٣٩٥ ذهب جماعة منهم إلى أنه لا بدل عنه ,لكن اختلف هؤلاء أله أن يحل ويهدي في حال تمكنه ,أو يبقى محرما على قولين).(١ القائلون بعدم إحلاله حتى يجد هديا قالوا إن ذلك هو الإعمال للنص غيى إباحة الحلق الذي هو كناية عن الإحلال ببلوغ الهدي محله ,وما دامفإنهّ الهدي لم يبلغ محله فالنهي قائم عن الحلق الذي هو كناية عن الإحلال).(٢ ثم إن المحصر منصوص على حكمه ,والبدل الذي قال به البعض منصوص على حكمه وهو التمتع ,والقاعدة أن المنصوصات لا يقاس بعضها على بعض ,ثم إن هذا قياس في شأن الكفارات والكفارات لا تثبت بالقياس).(٣ ويعترض على ذلك أن النص في كل منهما متحقق في حال الوجود, ) (١الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,٣٤٩والرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص,١٢٧ والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٢٢٧وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص .٥٨ ) (٢الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص .٣٤٩ ) (٣الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص .٣٤٩ ثم إن أصل الحكم قائم على التيسير ورفع الحرج عن الناس بالبقاء في إحرام لا يستطيعون ملازمته ,وفي بقائهم محرمين لأنهم لم يجدوا الهدي إبطال لحكمة مشروعية الأصل وهي التحلل بالإحصار إذ تبقى المشقة والعسر على الناس. وأما القائلون بأن للهدي بدلا فاختلفوا في تحديده على أقوال ,أولها الصوم ,ثانيها الإطعام ,وثالثها ,التخيير بين الصوم والإطعام ,ونفصل كل قول بوجوهه. القول الأول :بدله الصوم) ,(١والصوم يأتي بدلا عن الدم في أحوال ثلاثة: أولها حال المتمتع الذي لم يجد الهدي ,فصيامه عشرة أيام ,والجامع بينهما أنه وجب للتحلل كما وجب صوم التمتع للتحلل بين الحج والعمرة في أشهر ) (١الكدمي ,الجامع المفيد ,ج ,٢ص .١٨ فقيل ليس له أن يتحلل حتى يصوم عشرة الأيام كما لا يحل قبل الهدي ,وقيل بل له ذلك للعسر والمشقة).(٢ ثانيها :صوم التعديل في جزاء الصيد ,وقد تقدم بيانه أنه يصوم عن كل نصف صاع يوما بعد النظر في قيمة الدم وكم مدا يطعم بقيمتها. ثالثها :صوم فدية الأذ￯ وهو ثلاثة أيام; لأنه وجب للترفه).(٣ القول الثاني :بدله الإطعام ,والإطعام جاء بدلا عن الدم في الحج في موضعين: أولهما :إطعام التعديل في جزاء الصيد ,ويكون ذلك بأن ينظر في الهدي ) (١الكدمي ,الجامع المفيد ,ج ,٢ص ,١٩والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,٣٧والنووي, المجموع ,ج ,٨ص ,٢٢٧والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,١٨٩والبهوتي ,الروض المربع, ج ,١ص ,٥٢٧وأطفيش ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.٢٤٢ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٢٢٧وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص ,٤٦٢والبهوتي, الروض المربع ,ج ,١ص.٤٨٨ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٨ص .٢٢٧ مسكين منها نصف صاع).(١ خامسا :ما يلزم المحصر من الهدي جاءت الآية الكريمة بذكر ما استيسر من الهدي على المحصر إذا ما أراد الإحلال ,والهدي يشمل النعم الثلاث التي أعلاها الإبل ,وأوسطها البقر, وأقلها الغنم لذا فيشملها النص كلها يتقرب المبتلى بما يتيسر له منها).(٢ وخالف ذلك آخرون فقالوا إن المراد بما استيسر من الهدي الإبل والبقر دون الغنم) ,(٣وابن عمر كان مذهبه فيما استيسر من الهدي بقرة دون بقرة أو بدنة دون بدنة).(٤ وثمة رواية أخر￯ عن ابن عمر وابن عباس وعلي والسيدة عائشة أن ما ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٢٢٧وابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص.٢٧٢ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٥٩والجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,٣٣٨والرازي, مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص .١٢٦ ) (٣الطبري ,جامع البيان ,ج ,٢ص ,٢١٨ ) (٤ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص .١٩٠ قصة الحديبية فإنه لم ينقل عن أحد منهم أنه ذبح في تحلله ذلك شاة وإنما ذبحوا الإبل والبقر).(٢ وهذا ضعيف فالأولى الأخذ بعموم النص الذي لم يثبت له مخصص, وما ذكر لا يخصص به النص إذ لا يعدو ذلك أن لو ثبت أن يكون واقعة حال لأنهم لم يصحبوا معهم الغنم. سادسا :وقت نحر الهدي اتفق الفقهاء على أن من أراد الإحلال بسبب الإحصار عن العمرة ولم يكن قد ساق الهدي أن يذبح هدي الإحصار متى شاء لعدم توقيت العمرة, والنبي يوم الحديبية نحر هديه وهو لا يزال بشهر ذي القعدة. لكن اختلفوا في المحرم بحج أله أن ينحر هديه متى شاء أو يلتزم وقت ذبح الهدي أن لو كان قد أد￯ نسكه? ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص .١٩٠ ) (٢العيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص .١٤١ والدليل على السابق "أن الحج أحد النسكين فجاز الحل منه ونحر هديه وقت حصره كالعمرة. ولأن العمرة لا تفوت وجميع الزمان وقت لها فإذا جاز الحل منها ونحر هديها من غير خشية فواتها فالحج الذي يخشى فواته أولى").(٢ وخالف ذلك آخرون فقالوا إنه ليس للمحصر عن الحج نحر هديه إلا يوم النحر ليتحقق الفوات; لأن للهدي محل زمان ومحل مكان فإن عجز محل المكان فسقط بقي محل الزمان واجبا لإمكانه).(٣ سابعا :محل نحر الهدي للفقهاء خلاف في محل نحر الهدي ,والجمهور منهم أن الهدي ينحره ) (١الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,٣٤٢وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤٦١ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص .١٧٤ ) (٣الكدمي ,الجامع المفيد ,ج ,٢ص ,٢٠وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٧٥و لجيطالي, قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٨٦و القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.١٨٨ عليه نحره فيه لأنه قادر عليه والأصل أنه محل للهدي ,أو لا يجب عليه ذلك; لأن موضع تحلله هو غيره والواجب في موضع تحلله).(٢ وذهب آخرون إلى أن المحرم لا ينحر هديه إلا في الحرم حتى قال من قال منهم إن الحرم كعبة في معنى الهدي ,فيبعثه ويواطىء رجلا على نحره في وقت يتحلل فيه).(٣ واصطفى غيرهم أنه إن استطاع إيصال الهدي الحرم فذلك هو الواجب ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٥٩وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص ,٢١٤والرازي, مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص ,١٢٧والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٢ص,٣٧٩ والبهوتي ,الروض المربع ,ج ,١ص.٥٢٧ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٢٢٦والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,١٨٨وأطفيش ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.٢٤١ ) (٣الكدمي ,الجامع المفيد ,ج ,٢ص ,١٧والجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,٣٣٩ والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,٢٩وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٧٤وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص.٥٨ المراد بمحله هنا هو المحل الزماني ,والآخرون يقولون إن المحل المراد هنا هو المحل المكاني).(٢ كانت للقائلين بالأول من الأقوال حجج أولها فعل النبي فإنه نحر بالحديبية ,وليست هي من الحرم في شيء ,وظاهر الكتاب العزيز يفيد ذلك كما هو في قوله تعالىÏΘ#ty⇔ø9$# ωÉfó¡yθø9$# Ç⎯tã öΝà2ρ‘‰|1uρ (#ρãxx. š⎥⎪Ï%©!$# ãΝèδ﴿ : .(٣)﴾ ...ã&©#ÏtxΧ xè=ö7tƒ βr& $ ̧ùθä3÷ètΒ y“ô‰oλù;$#uρ ولو كان الهدي في الحرم لكان بالغا محله).(٤ وثاني أدلة هؤلاء أن الآية جاءت عامة الحكم غير خاصة بمن أحصر في حل ولا حرم ,فالواجب أن يكون ذبح ما استيسر من الهدي غير خاص بحل ) (١ابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص ,٤٦٢وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص.١١ ) (٢البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٣٠٣والرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص.١٢٧ ) (٣سورة ,الفتح ,جزء من الآية ).(٢٥ ) (٤الرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص ,١٢٧والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,١ص.٨٤ المؤمنين ,والمحصر خارج الحرم غير قادر على الوصول إليه ,فتكليفه بإيصاله إلى الحرم يعود على أصل مقصود الشارع بالإبطال).(٢ والرابع من الأدلة يتلخص في أن الهدي تابع للمهدي ,والمهدي حل بموضعه فالمهد￯ أيضا يحل معه).(٣ أما أرباب القول الثاني وهم القائلون إن المحصر لا ينحر هديه إلا في الحرم فاستدلوا بقوله تعالى$yθsù öΝè?÷ÅÇômé& ÷βÎ*sù 4 ¬! nοt÷Κãèø9$#uρ ¢kptø:$# (#θ‘θÏ?r&uρ ﴿ : .(٤)﴾ ...ã&©#ÏtxΧ ß“ô‰oλù;$# xè=ö7tƒ 4©®Lym óΟä3yTMρâTMâ‘ (#θà)Î=øtrB Ÿωuρ ( Ä“ô‰oλù;$# z⎯ÏΒ uy£øŠtGóTM$# فالآية نص صريح في النهي عن الحلق إلى أن يبلغ الهدي محله ,وما محله إلا الحرم; إذ المحل بكسر عين الفعل اسم المكان. ) (١الرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص .١٢٧ ) (٢الرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص .١٢٧ ) (٣ابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,١٧٥والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج,٢ ص.٣٧٩ ) (٤سورة :البقرة ,جزء من الآية ).(١٩٦ أولها :أن العمرة غير موقتة وهي داخلة في الحكم مما يعني أن المحل الزماني غير مراد ,وذلك يقتضي "أن لا يحل حتى يبلغ مكانا غير مكان الإحصار; لأنه لو كان موضع الإحصار محلا للهدي لكان بالغا محله بوقوع الإحصار ,ولأد￯ ذلك إلى بطلان الغاية المذكورة في الآية. فدل ذلك على أن المراد بالمحل هو الحرم; لأن كل من لا يجعل موضع الإحصار محلا للهدي فإنما يجعل المحل الحرم ,ومن جعل محل الهدي موضع الإحصار أبطل فائدة الآية وأسقط معناها).(١ ثانيها :قوله تعالى ﴿ öΝä3ΨÏiΒ 5Αô‰tã #uρsŒ ⎯ÏμÎ/ ãΝä3øts† ÉΟyè ̈Ζ9$# z⎯ÏΒ Ÿ≅tFs% $tΒ ã≅÷WÏiΒ ÖTM!#t“yfsù ,(٢)﴾ Ïπt7÷ès3ø9$# xÎ=≈t/ $Nƒô‰yδوقوله’n<Î) !$yγ=ÏtxΧ ¢ΟèO ‘wΚ|¡•Β 9≅y_r& #’n<Î) ßìÏ≈oΨtΒ $pκÏù ö/ä3s9﴿ : .(٣)﴾È,ŠÏFyèø9$# ÏMøt7ø9$# وفي الآيات السابقة النص على أن محل الهدي هو البيت العتيق ,أي ) (١الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص .٣٤٠ ) (٢سورة :المائدة ,جزء من الآية ).(٩٥ ) (٣سورة :الحج ,الآية ).(٣٣ لكن يعترض على الاستدلال بالآيتين أن موضوع هذه الآيات غير موضوع الإحصار ,فالجميع مسلمون أن هدي جزاء الصيد يكون في الحرم, ولكن كونه في الحرم لا يستلزم أن يكون هدي الإحصار مثله في المحل. كما استدل هؤلاء أيضا بقياس دم الإحصار على بقية الدماء التي لا تكون إلا في الحرم. وأجيب عن هذا القياس بأن ثمة فرقا بين الأمرين يمنع صحة القياس, بيان ذلك أن دم الإحصار مشروع لإزالة الخوف ,وهذا المقصد غير موجود في غيره) ,(١والنبي وأصحابه أرسلوا بالهدي يوم الحديبية فنحر في الحرم كما يفيد ذلك حديث أحمد بن سليمان قال :حدثنا عبيد االله بن موسى قال: أنبأ إسرائيل عن مجزأة قال :حدثني ناجية بن جندب الأسلمي أنه أتى النبي حين صد الهدي فقال: يا رسول االله ,ابعث به معي فأنا أنحره ,قال :وكيف? قال :آخذ به في أودية لا يقدر عليه ,قال :فدفعه رسول االله فانطلق به حتى نحره في ) (١الرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٥ص .١٢٨ ليس فيه دليل على الوجوب بل ظاهر القصة أن أكثرهم نحر في مكانه وكانوا في الحل وذلك دال على الجواز).(٣ لكن اعترض على هؤلاء استدلالهم بالآية أن جملة "ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله" معطوفة على جملة "وأتموا الحج والعمرة الله" وليست على جملة "فما استيسر من الهدي").(٤ وذهب آخرون إلى القول بالتفصيل ,فالمحرم ينحر هديه في الحرم إذا استطاع ذلك ,وإن لم يستطع ذلك نحره حيث أحصر) ,(٥وهذا أمر حسن في الاحتياط وليس هو ببعيد في الحكم جمعا بين أدلة الشارع. ) (١النسائي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص .٤٥٣ ) (٢ابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,١ص .١٧٥ ) (٣ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص .١١ ) (٤الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,١ص .٨٤ ) (٥الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,١ص .٨٤ جزاء الإحصار ما استيسر من الهدي ,وكان معلوما بالاتفاق بين علماء المسلمين أن الخروج من الإحرام التامة أفعاله لا يكون إلا بالحلق ,لذا اختلف بين الأخذ بظاهر الآية التي لم تذكر الحلق وبين القواعد الأخر￯ التي جر￯ عليها الشارع من أن الخروج من الإحرام لا بد له من حلق. ثم إن المسألة ينبني مأخذها على الخلاف الكائن بين الفقهاء هل الحلق نسك أو أنه تحلل من محظور ,فمن قال إنه نسك مستقل بذاته ألزم به المحصر ,ومن قال إنه ليس بنسك لم يلزم المحصر به بل يصير حلا من إحرامه بنحر الهدي).(١ رجح جماعة الأخذ بظاهر الآية وأنها ما شرطت الحلق للإحلال من الإحرام بل ما استيسر من الهدي فقط ,والأصل براءة الذمة ,ولم يأت ما يشغلها; لذا فليس على المحصر حلق).(٢ ) (١ابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص .٤٦٢ ) (٢الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص , ,٣٤٣وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص,٥٨ والبهوتي ,الروض المربع ,ج ,١ص.٥٢٧ منعهما السيد والزوج لا يؤمران بالحلق إجماعا).(١ كما قال هؤلاء إنه لما سقط عنه بالإحصار جميع المناسك كالطواف والسعي وذلك مما يحل به المحرم من إحرامه سقط عنه سائر ما يحل به المحرم من أجل أنه محصر).(٢ على أن من الفقهاء من فصل فقال إن كان الإحصار في الحرم فيلزم الحلق ,وإن كان الإحصار خارج الحرم فلا حلق; لأن الأمر عند هؤلاء أن الحلق موقت بمكان وهو الحرم –كما سيأتي في محله.(٣)− ومن أدلة هؤلاء أيضا أن السيدة عائشة > عند رفضها عمرة التمتع لم يأمرها النبي بالحلق أو التقصير ,وما العلة في ذلك إلا أنها لم تكمل أعمال العمرة).(٤ ) (١الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص .٣٤٣ ) (٢القرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٢ص .٣٨٠ ) (٣السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.٧١ ) (٤الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص .٣٤٣ الضرورة تقدر بقدرها ,أجابوا عن ذلك بقولهم: إن المحصر لو أمكنه الوقوف بالمزدلفة ورمي الجمار ولم يمكنه الوصول إلى البيت ولا الوقوف بعرفة لا يلزمه الوقوف بالمزدلفة ولا رمي الجمار مع إمكانهما; لأنهما مرتبان على مناسك تتقدمهما ,كذلك لما كان الحلق مرتبا على أفعال أخر لم يكن فعله قبلهما نسكا).(١ وقال آخرون إن الحلق أمر واجب على المحصر وهو من النسك).(٢ واستدلوا بأن الآية ذكرت بعد ذلك أمر الحلق "ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله". ووجه الدلالة من ذلك أنه جعل بلوغ الهدي محله غاية لزوال الحظر, وحكم ما بعد الغاية مخالف ما قبله فيكون التقدير :ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ,فإذا بلغ فاحلقوا ,وذلك يقتضي وجوب الحلق).(٣ ) (١الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص.٣٤٤ ) (٢القرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٢ص.٣٨٠ ) (٣الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص.٣٤٤ كون الأمر بعد الحظر على أصله قبله ,فهو يرجع بالمأمور إلى حاله قبل الحظر أو المنع ,كما يدل على ذلك الاستقراء لجمع من أدلة الشارع).(١ وثاني أدلة المثبتين للحلق أن النبي وأصحابه قد حلقوا يوم الحديبية, بل إنه قد أمرهم بالحلق والأصل في الأمر الوجوب ,ولو لم يكن مرادا بالأمر الشرعي لاكتفى بالنحر ,والرواية التي تفيد ذلك حديث: ...فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول االله لأصحابه :قوموا فانحروا ثم احلقوا ,قال :فواالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات ,فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة: يا نبي االله ,أتحب ذلك? اخرج لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك ,فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم ) (١ينظر في تفاصيل القضية :ابن أمير الحاج ,التقرير والتحبير ,ج ,١ص ,٣٧٨وأمير بادشاه ,تيسير التحرير ,ج ,١ص ,٣٤٥والسالمي ,طلعة الشمس ,ج ,١ص.٤١ قد منع من ذلك كله المحصر ,وقد صد عنه فسقط عنه ما قد حيل بينه وبينه, وأما الحلاق فلم يحل بينه وبينه وهو قادر على أن يفعله ,وما كان قادرا على أن يفعله فهو غير ساقط عنه").(٢ تاسعا :الحلق قبل بلوغ الهدي محله جاءت الآية بالنهي عن الحلق قبل أن يبلغ الهدي محله كما هو صريح النهي في قوله تعالى ﴿ ,﴾...ã&©#ÏtxΧ ß“ô‰oλù;$# xè=ö7tƒ 4©®Lym óΟä3yTMρâTMâ‘ (#θà)Î=øtrB Ÿωuρوالنبي  طبق الآية الكريمة فنحر ثم حلق وأمر الصحابة أن يفعلوا كفعله كما في حديث معمر عن الزهري عن عروة عن المسور أن رسول االله نحر قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك).(٣ ) (١أخرجه البخاري ضمن حديث طويل من طريق عبد االله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر قال :أخبرني الزهري قال :أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا...الحديث ,باب :في الشروط في الجهاد والمصالحة ).(٢٥٨١ ) (٢القرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٢ص .٣٨١ ) (٣أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :النحر قبل الحلق في الحصر ).(١٧١٦ لكن اختلفوا أهو على الوجوب أو لا يرقى إليه فيكون مندوبا ,ذهب جماعة إلى عدم وجوبه فللمحصر أن يحلق قبل أن يبلغ الهدي محله).(٢ والمستند الذي يرجع إليه هؤلاء حديث أن النبي سأله رجل فقال حلقت قبل أن أنحر قال :انحر ولا حرج).(٣ غير أن بعض هؤلاء قالوا إذا حل المحصر قبل أن ينحر هديه فعليه دم ويعود حراما كما كان حتى ينحر هديه. وإن أصاب صيدا قبل أن ينحر الهدي فعليه الجزاء ,وسواء في ذلك الموسر والمعسر لا يحل أبدا حتى ينحر أو ينحر عنه).(٤ ) (١تقدم تخريجه من رواية البخاري في صفة عمرة الحديبية. ) (٢ابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,١ص .١٧٢ ) (٣أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :الذبح قبل الحلق ).(١٦٣٥ ) (٤الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٨٦والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج,٢ ص.٣٧٩ عليه شيء)?(١ قال جماعة إن نفس الإحلال بسبب الإحصار لا يوجب على المحصر قضاء ,لكن يبقى الحكم هل هذا المحصر مؤد للواجب عليه أو لا ,فإن كان قد أد￯ الفرض من الحج فلا يجب عليه شيء بعدها ,ومثله العمرة على قول من ير￯ وجوبها. وإن كان لم يؤد شيئا فالواجب الأول ما زال متعلقا به لا بنفس الإحلال بسبب الإحصار بل بالوجوب الأول).(٢ قال الإمام أبو سعيد الكدمي بعد كلام أبي بكر بن المنذر في الإشراف: يحسن فيما حكى من المعاني ما قال ليس عليه قضاء لما دخل فيه; لأنه قد ) (١الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص .١٨٧ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٥٩وأبو سعيد الكدمي ,الجامع المفيد ,ج ,٢ص ,١٧وابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,١٧٤وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص,١٩٥ والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٢ص ,٣٧٦وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص,٤٦٢ والثميني ,التاج المنظوم ,ج ,٣ص.٣٩٦ بالإحصار الواجب الأصل وهي حجة الإسلام إن كان إحصاره عنها; لأنه وجب عليه الإحرام بالحج وقد فعل جهده ,وأسقط عنه الباقي الحصر فبرئت ذمته والقضاء إنما يجب بأمر جديد ,والأصل عدمه).(٢ واعترض على هذا الرأي بأنه وإن أحرم بها غير أنه ليس المقصود من مشروعية الحج الإحرام به فقط بل المقصود الإتيان بالأركان المختلفة وهذا لا يصدق عليه شرعا ولا لغة أنه حاج ,ولم يأت شيء من الأدلة يفيد سقوط أصل الحج عنه بمجرد الإحرام فتبقى ذمته مشغولة بالأمر الأول. احتج الذين لا يرون وجوب قضاء غير ما كان واجبا في الأصل لقولهم "بأن رسول االله لم يأمر أحدا من أصحابه ولا ممن كان معه أن يقضوا شيئا ,ولا أن يعودوا لشيء ,ولا حفظ ذلك عنه بوجه من الوجوه ,ولا قال في العام المقبل إن عمرتي هذه قضاء عن العمرة التي حصرت فيها ,ولم ينقل ذلك عنه. ) (١أبو سعيد الكدمي ,الجامع المفيد ,ج ,٢ص ,٢١والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص.٣٩ ) (٢القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص .١٨٨ قابل فسميت بذلك عمرة القضية").(١ قال الشافعي: والذي أعقل في أخبار أهل المغازي شبيه بما ذكرت من ظاهر الآية, وذلك أنا قد علمنا في متواطئ أحاديثهم أن قد كان مع رسول االله عام الحديبية رجال معروفون بأسمائهم ثم اعتمر رسول االله عمرة القضية وتخلف بعضهم بالمدينة من غير ضرورة في نفس ولا مال علمته ,ولو لزمهم القضاء لأمرهم رسول االله −إن شاء االله −بأن لا يتخلفوا عنه).(٢ وذهب آخرون إلى وجوب القضاء على المحل بالإحصار ,واختلفوا في الذي يقضيه فقيل يقضي النسك الذي أحل منه بسبب الإحصار فقط إن كان مستطيعا على القضاء) ,(٣فإن أحل من عمرة قضى عمرة فقط ,وإن أحل من ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,٥٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص,٢١٢ والبيهقي ,معرفة السننن والآثار ,ج ,٤ص ,٢٤٠والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن, ج ,٢ص.٣٧٦ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٥٩ ) (٣الكدمي ,الجامع المفيد ,ج ,٢ص .١٧ قضى عمرة ,وإن كان محرما بحج قضى حجة وعمرة ,وإن كان قارنا قضى حجا وعمرتين ,وإن قضى حجا وعمرة في أشهر الحج كان متمتعا وعليه دم التمتع).(٢ وأبو حنيفة من هؤلاء يوجب عليه حجة وعمرة إذا أحل بالدم ثم لم يحج من عامه ذلك ,أما لو حج في عامه ذلك بأن زال سبب الإحصار فأحرم بالحج قبل فوات وقته لم يكن عليه عمرة ,لأن هذه العمرة إنما هي التي تلزم بالفوات وهو لم يفته ,والدم الذي عليه في الإحصار إنما هو للإحلال ولا يقوم مقام العمرة التي تلزم بالفوات وذلك لأنه ليس في الأصول عمرة يقوم مقامها دم).(٣ واستدل هؤلاء لقولهم بالقضاء بأدلة: ) (١الكدمي ,الجامع المفيد ,ج ,٢ص .١٧ ) (٢الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,٣٤٥وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص,٥٩ وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص.٤٦٢ ) (٣الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص .٣٤٥ لكن اعترض على هذا الاستدلال بأن عمرة النبي في العام القابل "قضاها لأن الصلح وقع على ذلك إرغاما للمشركين ,وإتماما للرؤيا, وتحقيقا للموعد ,وهي في الحقيقة ابتداء عمرة أخر￯ وسميت عمرة القضية من المقاضاة لا من القضاء").(١ ثانيها :حديث محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن ميمون قال :سمعت أبا حاضر الحميري يحدث أبي ميمون بن مهران قال: خرجت معتمرا عام حاصر أهل الشام بن الزبير بمكة وبعث معي رجال من قومي بهدي فلما انتهينا إلى أهل الشام منعونا أن ندخل الحرم فنحرت الهدي مكاني ثم أحللت ثم رجعت. فلما كان من العام المقبل خرجت لأقضي عمرتي فأتيت ابن عباس فسألته فقال :أبدل الهدي; فإن رسول االله أمر أصحابه أن يبدلوا الهدي الذي نحروا عام الحديبية في عمرة القضاء. ) (١ابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,١ص .١٧٤ ثالثها :حديث الحجاج بن عمرو الأنصاري قال :سمعت رسول االله  يقول :من عرج أو كسر فقد حل وعليه حجة أخر￯ ,وقد تقدم تخريجه. رابعها :أن االله تعالى قال "وأتموا الحج والعمرة الله" ,وقد اتفق الفقهاء أن من دخل في حج أو عمرة وجب عليه إتمامهما ولو كان أصلهما غير واجب. ولما وجب الحكم بالدخول صار بمنزلة حجة الإسلام والنذر فيلزمه القضاء بالخروج منه قبل إتمامه سواء كان معذورا فيه أو غير معذور; لأن ما قد وجب لا يسقطه العذر ,فلما اتفقوا على وجوب القضاء بالإفساد وجب عليه مثله بالإحصار").(٢ خامسها :أن النبي لما رفضت السيدة عائشة عمرتها يوم حجة الوداع بسبب العذر أمرها أن تقضي مكانها عمرة فصحبها أخوها عبد الرحمن بن أبي بكر. والجواب عن ذلك تقدم في مبحث أنواع النسك وأن عائشة > ما ) (١كتاب :المناسك ,باب :الإحصار ).(١٨٦٤ ) (٢الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص .٣٤٨ طواف واحد كما في قوله " يكفيك طوافك لحجك وعمرتك". ثم إن العمرة الثانية ما كانت قضاء بل هي تطييب لخاطرها خشية أن ترجع بحجة وحدها طافت لها طوافا واحدا وغيرها من زوجاته يرجعن بحجة وعمرة. سادسها :أنه يلزم بالشروع فيصير كالمنذور بخلاف غيره من التطوعات).(١ وقد ذهب جماعة من القائلين بوجوب القضاء على من أحل بسبب الإحصار إلى أنه ليس للمحصر أن يجامع أهله ولا يقتل الصيد إلى أن يقضي النسك الذي عليه ويطوف بالبيت).(٢ وفي هذا الرأي نظر ,إذ ليس هو بمحرم ,ولم يأت من الأدلة الشرعية ما ) (١ابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص .٢٦٨ ) (٢ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٤٠٧والكدمي ,الجامع المفيد ,ج ,٢ص ,١٨والكندي, بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,٢٩والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٨٦وأطفيش, شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.٢٣٨ يحيى بن صالح حدثنا معاوية بن سلام حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عكرمة قال :قال ابن عباس :قد أحصر رسول االله فحلق رأسه, وجامع نساءه ,ونحر هديه ,حتى اعتمر عاما قابلا).(٢ عاشرا :إحلال من كسر أو عرج تقدم الحديث فيمن كسر وقد كان ظاهره الذي انفرد في الأخذ به أبو ثور ,وتابعه داود الظاهري وبعض أصحابه –كما يقول ابن عبد البر ,−وأخذ به الشوكاني) (٣أن إحلاله يكون بنفس الكسر أو العرج).(٤ غير أن الجمهور من العلماء لم يوافقوا أبا ثور في الأخذ بظاهر الحديث بل قالوا إن العرج والكسر نفسه لا يستلزم الإحلال ,بل لا بد من أن يقترن به ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص.٣٨ ) (٢أخرجه البخاري ,في كتاب :الحج ,باب :الحج وجزاء الصيد ).(١٧١٤ ) (٣الشوكاني ,وبل الغمام ,ج ,١ص .٥٨٢ ) (٤ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص ,٢١١والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج,٢ ص.٣٧٧ والحلق على خلاف في الأخير تقدم بيانه. ومن السابق يكون معنى الحديث فقد حل أي حل له أن يحل مما هو فيه من الإحرام ,كما يقال للمرأة بعد انتهاء عدتها بأنها حلت للأزواج أي بعد العقد عليها).(١ والطحاوي بعد أن ذكر الكلام السابق عند كلامه على هذا الحديث رجع عنه في الكتاب نفسه "شرح مشكل الآثار" فأبان أن هذا الحديث كان قبل نزول حكم الإحصار هو وحديث ضباعة بنت الزبير في الاشتراط. وفي كلام الطحاوي نظر ,بيانه أن من المتفق عليه أن حديث ضباعة الذي جعله الطحاوي مع هذا الحديث منسوخا قد وقع في حجة الوداع ,أما آية الإحصار والأمر بإتمام الحج والعمرة فما كان إلا يوم الحديبية في السنة المتأخر? َالمتقدم ُالسادسة للهجرة ,فكيف ينسخ وتكلف ابن قتيبة في التأويل فقال بأن الحديث في الرجل المكي يحرم بالحج منها ويطوف ويسعى ثم يكسر أو يعرج أو يمرض فلا يستطيع ) (١الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,٢ص .٧٩ بالحج من مكة ويكسر أو يصيبه أمر لا يقدر معه على أن يحضر مع الناس المواقف إنه يحل وعليه حج قابل والهدي ,وحمل آية الإحصار على من كان خارج الحرم).(١ وفي هذا الكلام تكلف كما سبق; إذ الآية عامة اللفظ فتقييدها بما قال مفتقر إلى الدليل ,ثم إن حكم الإحصار جاء بيانا لاستثناء من حكم الأمر بالإتمام للحج والعمرة فإنه قد يلحق المكي أيضا. والقائلون بأن المرض ليس من أسباب الإحلال بالإحصار يوجبون أن يكون الإحلال بطواف وسعي ثم تحلل).(٢ ) (١ابن قتيبة ,تأويل مختلف الحديث ,ص.٣٢٥ ) (٢الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,٣٣٥والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج,٢ ص.٣٧٧ يقصد بالاشتراط في هذا الموضع جعل المحرم نفسه في حل من إحرامه إذا ما تحقق عذر علق بعدمه استمراره في نسكه ,كأن يقول بعد التلبية :اللهم إن كانت الحرارة شديدة حللت من إحرامي ,فإن تحقق الشرط السابق على ما نواه شرع له أن يحل من إحرامه ولا يكون عليه بنفس التحلل شيء من دم أو قضاء. وقد اختلف الفقهاء في مشروعية الاشتراط السابق في الإحرام ,فذهب جماعة إلى أنه حكم مشروع فيحل من اشترط بعد تحقق شرطه).(١ وجواز التحلل من الإحرام بالشرط يفيد جواز الاشتراط في أن ينتقل من نسك أعلى إلى نسك أقل كأن يشترط بأنه إن تحقق عذره كان نسكه عمرة بدل الحج) ,(٢أو إفرادا بعد قران ,كما نقل عن السيدة عائشة > :اللهم إني ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٧ص ,١٩٠وابن الجوزي ,التحقيق ,ج ,٢ص ,١٥٥والنووي, المجموع ,ج ,٨ص ,٢٣٥وأطفيش ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص .٢٣٩ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٢٣٦و الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٤٤٠وأطفيش, شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.٢٣٩ يكون مطلقا بأن يقول أحل متى أشاء أو لا يلزمني القضاء إن وجب علي).(١ وسبب الأول أن الأصل الواجب هو إتمام النسك المحرم به لدلالة قوله تعالى "وأتموا الحج والعمرة الله" لكن رفق الشرع بالناس ورفع عنهم الحرج في حال ما يشق عليهم استثناء من الأصل العام السابق ,والأصل في الرخص أن لا يتعد￯ بها مواضعها فلا يصح الإطلاق. كما أن جماعة من هؤلاء نصوا على تقييد فائدة الشرط بما إذا كان مقارنا للإحرام ,أما ما جاء قبله أو بعده فلا ينفع المشترط شيئا).(٢ وعلة السابق أن الأصل في الإحرام الإتمام فإن حصل الإحرام دون قيد الاشتراط كان على أصله. والشرط المتقدم إن لم يستحضر بالنية عند الإحرام كان الإحرام خليا عن قيده ,وهكذا إن كان الاشتراط بعد الإحرام لم يفده شيئا بإجماع الأمة لشغل الذمة بإتمام النسك السابق المستفاد من قوله تعالى "وأتموا الحج والعمرة الله". ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٢٣٧والبهوتي ,شرح منتهى الإرادات ,ج ,١ص.٥٢٩ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص .٢٣٧ يتحلل بعمرة أو يتم النسك الذي عليه ,أو أن يعامل معاملة المحصر على ما مضى من الخلاف فيه ,والمحصلة أن وجود الشرط كعدمه. ونقل عن أبي حنيفة أن الشرط عند الإحرام يفيد سقوط الدم ولا يفيد التحلل ,ونقل عن محمد أنه إن كان قد اشترط الإحلال عند الإحرام إذا حصر جاز له التحلل بغير هدي).(٢ أدلة القائلين بمشروعية الاشتراط ضباعة بنت الزبير) ,> (٣وقد جاءاستدل القائلون بالشرط بحديثََُ من طرق منها طريق السيدة عائشة ,وابن عباس ,وأسماء بنت أبي بكر أو ) (١الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,١٥ص ,١٥١ومختصر اختلاف العلماء ,ج,٢ ص ,٦٩والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٢ص ,٣٧٥والقرافي ,الذخيرة ,ج,٣ ص ,١٩١وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٤١٠والزركشي ,الديباج ,ج ,١ص .٤١٨ ) (٢الكاندهلوي ,أوجز المسالك ,ج ,٧ص .٢٤٩ ) (٣ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب الهاشمية بنت عم النبي ,تزوجها المقداد بن الأسود الكندي. أما طريق السيدة عائشة بنت أبي بكر > فرواه عنها جماعة أولهم عروة بلفظ :عن عائشة قالت :دخل رسول االله على ضباعة بنت الزبير فقال لها: لعلك أردت الحج? قالت :واالله لا أجدني إلا وجعة ,فقال لها :حجي واشترطي قولي :اللهم محلي حيث حبستني. أخرجه البخاري) ,(١ومسلم) (٢من طريق أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه ,وجاء من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أخرجه مسلم) ,(٣وابن الجارود) (٤وغيرهم. وجاء الحديث من رواية ابن عباس وله عنه طرق: أولها :رواه محمد بن بكر أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوسا وعكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس أن ضباعة بنت الزبير بن عبد ) (١كتاب :النكاح ,باب :الأكفاء في الدين ).(٤٨٠١ ) (٢كتاب :الحج ,باب :جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ).(١٢٠٧ ) (٣كتاب :الحج ,باب :جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ).(١٢٠٧ ) (٤ابن الجارود ,المنتقى ,ص .١١٢ وقد أخرجه باللفظ السابق مسلم) ,(١وجاء أيضا من طريق عكرمة عن ابن عباس بلفظ: عكرمة عن ابن عباس أن ضباعة بنت الزبير > أتت النبي  فقالت :يا رسول االله ,إني أريد أن أحج أفأشترط? قال :نعم ,قالت :كيف أقول? قال :قولي :لبيك اللهم لبيك محلي من الأرض حيث حبستني. وقد أخرجه باللفظ السابق ابن الجارود) (٢من طريق زياد بن أيوب قال ثنا عباد −يعني ابن العوام −عن هلال عن عكرمة. وجاء الحديث من طريق أسماء بنت أبي بكر أو سعد￯ بنت عوف أخرجه ابن ماجه من طريق عثمان بن حكيم عن أبي بكر بن عبد االله بن الزبير عن جدته قال :لا أدري أسماء بنت أبي بكر أو سعد￯ بنت عوف أن رسول االله دخل على ضباعة بنت عبد المطلب فقال :ما يمنعك يا عمتاه من الحج? فقالت :أنا امرأة سقيمة ,وأنا أخاف الحبس ,قال :فأحرمي واشترطي ) (١كتاب :الحج ,باب :جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ).(١٢٠٨ ) (٢ابن الجارود ,المنتقى ,ص ١١١برقم ).(٤١٩ الرقي قال :ثنا معلى بن أسعد العمي ثنا عبد الواحد بن زياد عن عثمان بن حكيم عن أبي بكر بن عبد االله).(٢ وأبو بكر بن عبد االله غير مذكور بجرح ولا تعديل).(٣ وأما طريق جابر بن عبد االله فقد رواه عنه أبو الزبير معنعنا ,وجاء عن أبي الزبير من طرق: أولها :من طريق ابن جريج رواه عنه أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد أنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى الآدمي ثنا أبو قلابة ثنا أبو عاصم ثنا ابن جريج).(٤ وجاء من حديث علي بن أحمد بن عبدان أنبأ أحمد بن عبيد نا أبو مسلم نا ) (١كتاب :المناسك ,باب :الشرط في الحج ).(٢٩٣٦ ) (٢الطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,٢٤ص .٣٠٤ ) (٣المزي ,تهذيب الكمال ,ج ,٣٣ص ,١٠١والذهبي ,الكاشف ,ج ,٢ص.١١٠ ) (٤البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٢٢٢ حميد الطويل عن زينب بنت نبيط امرأة أنس بن مالك عن ضباعة بنت الزبير أن النبي قال لها :حجي واشترطي).(٢ وأما حديث سعيد بن المسيب فأخرجه محمد بن محمد بن عبد االله بن جعفر العطار الجيزي ثنا الإمام أبو سهل محمد بن سليمان ثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ثنا عصام بن رواد بن الجراح حدثنا آدم ثنا عبد الوارث ثنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن ضباعة بنت الزبير قالت: يا رسول االله ,إني أريد الحج فكيف أهل بالحج? قال :قولي :اللهم إني أهل بالحج إن أذنت لي به وأعنتني عليه ويسرته لي ,وإن حبستني فعمرة ,وإن حبستني عنهما جميعا فمحلي حيث حبستني).(٣ وللحديث إسناد آخر عن ابن المسيب إذ أخرجه أحمد بن حنبل في العلل ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٢٢٢ ) (٢الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,٧ص ,٦٢والآحاد والمثاني ,ج ,٥ص ,٤٦٤والبيهقي, السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٢٢٢ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٢٢٢ إحرامها فأمرها أن تشترط).(١ وجاء حديث سعيد بن المسيب مع ذكر أن ابن عباس هو الذي حدثه كما في حديث أنس بن سالم الخولاني ثنا أبو الأصبغ عبد العزيز بن يحيى الحراني ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن عطاء الخرساني عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس أن النبي قال لضباعة حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني).(٢ وأما حديث عكرمة فرواه عقبة بن مكرم نا أبو عاصم عن الحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ضباعة بنت الزبير >).(٣ كما استدل القائلون بالمشروعية بأن جواز الاشتراط مروي عن جماعة من أصحاب رسول االله منهم عمر بن الخطاب وعبداالله بن مسعود وعلي ) (١أحمد بن حنبل ,العلل ,ج ,٣ص.٣٣٤ ) (٢الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,٢٤ص.٣٣٢ ) (٣الآحاد والمثاني ,ج ,٥ص .٤٦٤ وقال الحافظ ابن حجر: وصح القول بالاشتراط عن عمر وعثمان وعلي وعمار وابن مسعود وعائشة وأم سلمة وغيرهم من الصحابة ,ولم يصح إنكاره عن أحد من الصحابة إلا عن ابن عمر).(٣ الاعتراض على الدليل القائلون بعدم مشروعية الاشتراط اختلفت نظرتهم إلى حديث ضباعة لتسويغ قولهم بعدم مشروعية الاشتراط ,وقد كان لكل وجهة هو موليها نبينها ذاكرين ما لكل وجهة وما عليها. الوجهة الأولى :تضعيف الحديث ,وقد نقلت كتب التخريج عن ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص ,٣٤٠والبيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص ,٢٢٢وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص.٤١٠ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٢٣٣ ) (٣ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص.٩ بنقل المحتج بروايتهم ,وقد ثبت من أكثر من طريق عن صحابة رسول االله منهم عائشة وابن عباس. الوجهة الثانية :تأويل الحديث ,وقد اختلفت مشاربهم فيه: الرأي الأول :حديث ضباعة صحيح غير أنه منسوخ. ذهب إلى هذا التأويل الحافظ الطحاوي) ,(٢والناسخ عنده هو آية الإحصار إذ هي محكمة كما يقول ,وأيد قوله بالنسخ أنه قد وقع الإجماع على عدم الأخذ بحديث ضباعة بنت الزبير من قبل فقهاء الأمصار كافة. وفي هذا الرأي نظر يقضي بضعفه فيما يظهر ,وضعفه في أصل الدليل وفي مؤيده. أما أصل الدليل فضعفه من جهة أن من المعلوم أن آية الإحصار كانت في السنة السادسة للهجرة ,أما حديث ضباعة فكان في السنة العاشرة ) (١ابن حجر ,التلخيص ,ج ,٢ص .٢٨٨ ) (٢الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,١٥ص.١٥١ ظهر ما يوجب التعارض ,على أن التعارض هنا ممكن التخلص منه بجعل حديث ضباعة بنت الزبير مؤسسا حكما جديدا وهو مشروعية التحلل بالاشتراط دون أن يكون على المتحلل هدي ,وآية الإحصار تفيد مشروعية التحلل مع عدم الاشتراط وأن الحكم حينها وجوب ما استيسر من الهدي. ثم إنه لو سلم بالتعارض بين الحكمين لقيل إن آية الإحصار تفيد بعمومها وجوب الهدي على المتحلل مشترطا كان أو غير مشترط ,وحديث ضباعة أخرج حكم المشترط من العموم السابق بتخصيصه. ودلالة الخاص قطعية على أفراده كما هو الاتفاق بين الأصولين ,أما دلالة العام فظنية على مذهب الجمهور من أهل العلم. وذلك يقتضي تقديم ما كان قطعي الدلالة على ما كان ظنيها فيقدم ما دل عليه الدليل الخاص وإن كان العام قطعي الورود والخاص ظني فما ذلك بضائر ما دام الدليلان حجة متفقا عليها; إذ لا يشرط في الدليل المفيد حكما عمليا القطع بل الظن كاف كما جر￯ عليه عمل الأمة قاطبة اللهم إلا الأمور العقدية فالآحاد ليس بحجة في إثباتها كما هو مذهب الجماهير من علماء فأمر لا يوافق عليه إذ الأخذ بحكم حديث ضباعة بنت الزبير ثابت عن جماعة من أصحاب رسول االله كما تقدم ,وقال به جمع من فقهاء التابعين. الرأي الثاني :حكم الاشتراط خاص بضباعة. قال بهذا التأويل الروياني والطيبي والسهارنفوري) ,(٢ولا أدري مستندهم في قولهم هذا فإن الأصل في الأحكام الشرعية العموم, والخصوص عارض يستلزم للقول به الدليل ولا دليل هنا يفيده ,بل إن فعل الصحابة وفتاواهم بمقتضى حديث ضباعة لغيرها دليل على أنهم لم يفهموا منه الخصوص. الرأي الثالث :محلي حيث حبستني بالموت ,أي إذا مت انقطع إحرامي, قال الجويني: ويتجه حمل الحديث على أمرها بالإهلال وإعلامها أن محلها حيث تتوفى, ) (١الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,١٥ص .١٥٨ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٢٣٨والسهارنفوري ,بذل المجهود ,ج ,٨ص.٣٧٧ جلالة إمام الحرمين كيف قال هذا).(٢ الرأي الرابع :المراد التحلل بعمرة لا مطلقا ,فإنه ليس في الحديث دليل على أن التحلل مطلق ليس على المتحلل بالاشتراط هدي أو ليس عليه تحلل بالعمرة. قال الشيخ العثماني: ونحن معاشر الحنفية لا ننكر الاشتراط بأن لا يجوز التكلم بلفظ :اللهم محلي حيث حبستني ,بل معنى إنكارنا له أنه لا يفيد جواز التحلل) (٣بغير الهدي أو أفعال العمرة. فلا يضرنا صحة حديث ضباعة ,ولا صحة القول بالاشتراط عن بعض الصحابة; فإن القدر الذي صح منه وثبت قد قلنا به ,والذي أنكرنا لم يثبت ) (١الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٤٢٨ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص .٢٣٦ ) (٣في الأصل المطبوع :التعلل ,ولعل ما أثبته في الأصل هو الأصوب. قضية الهدي على مذهب بعضهم وإن كان مرجوحا –كما سيأتي شرحه بدليله.− غير أنا لا نوافقه على أنه ليس في الحديث دليل على عدم العمرة إذ أصل الحديث قائم على أن ضباعة لا تريد الإحرام رأسا لوجعها وخشية أن لا تستطيع المواصلة والإتمام للنسك فرفق بها النبي وبين لها قائلا :محلك حيث حبست ,وهذا في أنها تتحلل من إحرامها حيث تحبس ,وموضع الحبس قد يكون بعد الإحرام وقبل دخول مكة فلها أن تتحل حينها بنص هذا الحديث ,واحتمال العمرة بعيد جدا يأباه لفظ الحديث وسياقه. وأما قوله إن الأمر بالاشتراط كان تطييبا لخاطرها حتى تحرم فيفيد أن في الأمر مخادعة وأنه قد أخبرت ضباعة من قبل النبي بغير الأمر الحقيقي إذ هذا الشرط ليس بنافع لها شيئا ,ونحن ننـزه مقام النبوة عن مثل هذه التصرفات إن كان العثماني يستسيغها. ) (١العثماني ,إعلاء السنن ,ج ,٧ص .٣٥٢٨ أولها :أنه قد ثبت عن عبد االله بن عمر أنه كان ينكر الاشتراط وهو الذي قال :أليس حسبكم سنة رسول االله إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل من كل شيء حتى حج عاما قابلا, ويهدي أو يصوم إن لم يجد).(١ ويعترض على هذا الدليل بأنه قول صحابي في مسألة للاجتهاد فيها مسرح فلا يلزم اتباعه أن لو لم يكن هناك نص نبوي فكيف ودليل السنة قائم ,وقد خالف ابن عمر غيره من صحابة رسول االله وليس قوله مقدما عليهم ,قال البيهقي بعد إخراج كلام عبد االله بن عمر: وعندي أن أبا عبد الرحمن عبد االله بن عمر بن الخطاب لو بلغه حديث ضباعة بنت الزبير لصار إليه ولم ينكر الاشتراط كما لم ينكره أبوه).(٢ الدليل الثاني أن الإحرام عبادة تجب بأصل الشرع فلم يفد الاشتراط ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :الإحصار في الحج ).(١٧١٥ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص ,٢٢٣ومعرفة السنن والآثار ,ج ,٤ص.٢٤٩ فيكون القياس المستدل به هنا فاسد الاعتبار. ثانيا :حكم الاشتراط اختلف القائلون بمشروعية الاشتراط أسبيله الإباحة) (٢أو الندب) (٣أو الإيجاب).(٤ ذهب إلى إباحة الاشتراط جماعة من العلماء ,ونسب إلى الجمهور من أصحاب رسول االله والتابعين ومن بعدهم).(٥ استدل القائلون بالجواز بظاهر أمر النبي والأصل في الأمر الوجوب غير أنه جاء هنا للإباحة لقرينة وهي أنه ترخيص وتوسعة وتخفيف ورفق, ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص .١٩١ ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص .٩ ) (٣ابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص ,٣٩٢المغني ,ج ,٣ص ,١٢٦وابن مفلح ,الفروع ,ج,٣ ص .٢٢٠ ) (٤العراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص ,١٤٤وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٤ص .٩ ) (٥العراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص .١٤٥ أما القائلون بالندب فصرفوه عن القرينة الأصل وهو الوجوب للقرينة السابقة غير أنهم قالوا إنه ليس للإباحة لأنه مصلحة دينية وليست دنيوية وهي الاحتياط للعبادة فإنها بتقدير عدم الاشتراط قد يعرض لها مرض يشعث العبادة ويوقع فيها الخلل فلذا رأوا فيه الندب).(٢ أما القائلون بالوجوب فحملوا الأمر على أصله وهو الوجوب ,غير أنه قد اعترض عليهم فيه أنه لو كان للوجوب عامة لما أخل به النبي  وأصحابه ,فقد نقلت تلبيته وتلبية أصحابه وليس فيها الاشتراط إلا ما جاء من أمره ضباعة ,وتلكم قرينة قوية تصرف الأمر عن أصله الوجوبي. ثالثا :مم يكون الاشتراط كانت ضباعة بنت الزبير تشكو المرض الذي تخشى أن يعوقها عن إكمال النسك فأرشدها إلى الاشتراط ,لكن أيكون غير المرض له حكم المرض فيشرع الاشتراط معه? ) (١العراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص .١٤٦ ) (٢العراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص .١٤٦ ولا تتعد￯ إلى غيرها. وذهب جمهور القائلين بمشروعية الاشتراط إلى أن لغير المرض حكم المرض) ,(١وذلك لأن علة الترخيص في الاشتراط هي الإرفاق بالناس ورفع الحرج عن الأمة ,وقد يكون في غير المرض حرج المرض بل قد يكون في أحيان غير المرض أولى بالحكم من المرض ,فيكون الجواز مستفادا من فحو￯ الخطاب. أما قاعدة الاستدلال بأن الرخص لا يتعد￯ بها مواضعها فيدفعه أن غير المرض مما يدخل المشقة على الناس من مواضع الرخص ,إذ ليس لذكر الشكاية والوجع في الحديث مفهوم. رابعا :لفظ الاشتراط في حديث ضباعة أمر النبي ضباعة أن تقول لفظ الاشتراط وهو اللهم محلي حيث حبستني. ونقل عن ابن مسعود أنه قال :اللهم إني أريد العمرة إن تيسرت لي وإلا ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص .٢٣٦ وقال بعضهم يقول :أريد كذا إن تيسر وإلا فلا حرج علي).(١ وليست الألفاظ السابقة تعبدية لا يسع خلافها بل يصح الاشتراط بكل ما يؤدي إليه; لأن المقصود المعنى ,وإنما اعتبر اللفظ لتأديته له).(٢ والاشتراط عقد بين العبد وربه فيكفي فيه أن ينويه العبد بقلبه دون اشتراط للتلفظ ,والعبارات المنقولة يدل اختلافها على أن الألفاظ في الاشتراط ليست تعبدية توقيفية وإلا لما وسع الاختلاف بل كل ما يؤدي المعنى يصح من قائله. ويفارق الاشتراط التلبية في أن التلبية ذكر متعبد بتكرار ألفاظه المنقولة عن الشارع ,أما الاشتراط فلم يقل أحد بالتعبد بتكراره. ويفارق الاشتراط النذر واليمين اللذين يشترط فيهما التلفظ في كونه تقييداّللفظ المطلق في الإحرام فيجزي فيه القصد القلبي كما هو حال النذر ) (١ابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص .٢٢٠ ) (٢ابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص .٣٩٣ النذر واليمين. وقال بعض الفقهاء باشتراط التلفظ وعدم إجزاء النية القلبية) ,(١ولا أعلم دليلا لهؤلاء سو￯ قول النبي لضباعة :قولي ,لكن هذا الأمر لا يفيد الاشتراط بل الوجوب فقط وبينهما بون. ثم إنه كان للتعليم إذ لم يكن من المعهود عندهم الاشتراط في الإحرام فجاءت هذه الألفاظ لبيان المشروعية لا لاشتراط التلفظ فصار ذلك قرينة صارفة للأمر عن أصله الوجوبي. خامسا :ما يلزم المشترط بالإحلال للمشترط أن يحل من إحرامه بعد تحقق الشرط الذي علق الإحلال عليه ,ومن الفقهاء من يقول يصير حلالا بمجرد تحقق الشرط ,ومنهم من ّفرق بين ما إذا قال إن مرضت تحللت من إحرامي ,وبين ما إذا قال إن مرضت فأنا حلال ,ففي الأولى لا يتحلل إلا بالنية ,وفي الثانية يتحلل بمجرد ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٢٧وابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص ,٢٢١والبهوتي, شرح منتهى الإرادات ,ج ,١ص .٥٢٩ يتحلل المشترط بالحلق كما هو الحال في كل إحرام يعقده المكلف ,غير أن هذا الحلق إنما هو على قول من يراه نسكا ,وإلا فالقائلون بأن الحلق ليس بنسك بل استباحة محظور لا يلزمون به فيكون التحلل عندهم بالنية فقط).(٢ سابعا :لزوم الهدي على المحل بالاشتراط ذهب بعض الفقهاء إلى أنه يلزم بالهدي قياسا على المحصر) ,(٣ولعل هؤلاء رأوا أن حديث ضباعة ساكت عن الهدي ,وجاء دليل آخر وهو القياس موجبا للهدي فيؤخذ به ,والعلة الجامعة بينهما الإحلال من الإحرام بعذر. وقال آخرون إنه ليس على من أحل بالاشتراط هدي) ,(٤والدليل على ما ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٣٦٠والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص,٢٣٧ وأطفيش ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص .٢٣٩ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص .٢٣٧ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٨ص .٢٣٦ ) (٤النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٢٣٦والبهوتي ,شرح منتهى الإرادات ,ج ,١ص.٦٠٠ الفرق بينهما هو علة عدم وجوب الهدي في الاشتراط ووجوبه في الإحصار, وذلك أن الإحصار الأصل فيه وجوب الإتمام وبانتهاكه يلزم الهدي ,أما الإحلال بالشرط فيجعل أصل الإتمام غير واجب مع العذر المشترط خلو الإحرام منه فلا يلزم الهدي لأن أصل الإتمام غير واجب. ليس للعمرة المفردة وقت محدود تفوت بمضيه بل العام كله وقت لأدائها ,غير أن الأمر يختلف في الحج فإن له وقتا لصحة الإحرام به ,كما أن له وقتا يفوت بخروجه فلا يصح أن يأتي شيئا من أفعاله خارجه. وقد ذكرنا من قبل أشهر الحج وأنها تبدأ بدخول شهر شوال كما هو الاتفاق بين علماء الملة ,وأن آخر وقت للحج هو الوقت الذي يسمى فيه صاحبه مدركا للوقوف بعرفة على الخلاف بينهم كما سيأتي شرحه. والذي اقتضته الأدلة أن من وقف بعرفة في اليوم التاسع بعد زوال عد مدركا للحج ,ومنه يكونالشمس أو ليلة العاشر ساعة من ليل أو نهارَُّ الفوات للحج بفوات الوقوف بعرفة. لكن ذكر ابن جزي من المالكية قولا لم أجد أحدا قال به سواه وذلك أن من الأمور التي يفوت بها الحج من أقام بعرفة حتى طلع الفجر من يوم النحر سواء كان وقف بها أو لم يقف. الأصل أنه لا يجوز لإنسان أن يتسبب في فوات الحج عن نفسه بعد أن أحرم به لقوله تعالى "وأتموا الحج والعمرة الله" وعليه فيلزم بكل ما استطاع من حيلة أن يدركه ويحتال على إتمام نسكه كما أمره الشارع. وحكم فوات الحج قد يتلبس به من أحرم بالحج مفردا أو قارنا بأن لا يدرك عرفة إلا بعد فوات وقتها ,وقد يكون فوات الحج بعذر كنوم فلا يأثم صاحبه ,وقد يكون بغير عذر كتفريط واشتغال بغير شاغل سائغ في الشرع فيأثم مع وجوب أحكام الفوات الأخر￯ عليهما. ثالثا :تحلل من فات عليه الحج من الإحرام بعد ثبوت حكم الفوات ما يفعل بالإحرام الذي أحرم به? الذي عليه أكثر الفقهاء بل هو منسوب إلى إجماع الصحابة أنه ليس له ) (١الحطاب ,مواهب الجليل ,ج ,٣ص.١٠١ العام المقبل يكون محرما بالحج قبل أشهره; لأن البقاء على الإحرام كابتدائه).(٢ وخالف الحكم السابق آخرون فقالوا إن له أن يبقى على إحرامه إلى العام المقبل ,وأن حكم التحلل من الإحرام أمر ليس بواجب عليه).(٣ ولعل هؤلاء لا يسلمون بقاعدة أن الاستدامة كالابتداء ,ويقولون إن الإحرام بالحج كان في وقته الصحيح الذي رسمه الشارع. قال الإمام أبو سعيد الكدمي : وأما إذا قام محرما ولم يحل فمعنى الحج عندي منعقد عليه إذا ترك ذلك ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٣ص ,١٦٦والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٧٦والقاضي عبد الوهاب ,الإشراف ,ج ,١ص ,٤٩٠والحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص ,٤١٣وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٤ص .١٤٤٤ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٢١٩وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٤ص.١٤٤٤ ) (٣ابن عبد البر ,الكافي ,ص ,١٦١والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص ,٦٦وابن مفلح, المبدع ,ج ,٣ص ,٢٦٧والثميني ,التاج المنظوم ,ج ,٣ص .٣٠٦ فإن دخلت أشهر الحج وهو محرم أعجبني أن ينعقد عليه الإحرام ولا يكون له محل دون إتمام الحج. ويعجبني أنه ما لم يجدد الإحرام بالحج بعد دخول أشهر الحج أن يكون على معنى التخيير إن شاء أحل بعمرة ,وإن شاء أقام على إحرامه وقضى حجه ويجزيه ذلك عن حج الفريضة عندي).(١ أما من أراد التحلل من إحرامه ذلك فله على قول جماهير العلماء ويسقط عنه ما بعد ذلك من أعمال كالمبيت بمزدلفة والرمي) ,(٢لكن تحلله من الإحرام لا بد من أن يكون بأعمال عمرة أي يطوف بالبيت ويسعى ثم يتحلل) (٣كما يفيد ذلك قول ابن عمر }: ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ١٨و ص ,٢٢وقد ورد الكلام في الموضعين مع اختلاف حاولت الجمع بينهما فيه بما يليق والمعنى الصحيح. ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص .١٨ ) (٣ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣١٨والشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٦٥وابن عبد البر, الكافي ,ص .١٦١ وجاء الحكم السابق عن الخليفة الفاروق من أصحاب رسول االله  كما في حديث مالك عن نافع عن سليمان بن يسار أن هبار بن الأسود جاء يوم النحر وعمر بن الخطاب ينحر هديه فقال :يا أمير المؤمنين ,أخطأنا العدة كنا نر￯ أن هذا اليوم يوم عرفة? فقال عمر :اذهب إلى مكة فطف أنت ومن معك وانحروا هديا إن كان معكم ,ثم احلقوا أو قصروا وارجعوا ,فإذا كان عام قابل فحجوا واهدوا, فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع).(٢ وجاء حكمه السابق في حادثة أخر￯ كما في حديث مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال :أخبرني سليمان بن يسار أن أبا أيوب الأنصاري خرج حاجا حتى إذا كان بالنازية من طريق مكة أضل رواحله وأنه قدم على عمر بن الخطاب يوم النحر فذكر ذلك له فقال عمر: اصنع كما يصنع المعتمر ثم قد حللت ,فإذا أدركك الحج قابلا فاحجج ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :الإحصار في الحج ).(١٧١٥ ) (٢مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص .٣٨٣ أخرجه مالك بإسناد صحيح إلا أنه اختلف فيه على سليمان بن يسار هل هو عن أبي أيوب أو عن هبار بن الأسود).(٢ وما قاله الحافظ محتمل لكن الأرجح منه احتمال كون الروايتين في حادثتين مختلفتين; إذ هذا هو الأصل في أحاديث الثقات ,ولا دليل على أنها رواية واحدة بل سياق الرواية يفيد أنهما روايتان مختلفتان. وقد جاءت روايات مرفوعة تفيد الحكم السابق غير أنها لا تسلم من النقد ,ومن ذلك حديث رحمة بن مصعب أبو هاشم الفراء الواسطي عن ابن أبي ليلى عن عطاء ونافع عن ابن عمر أن رسول االله قال: من وقف بعرفات بليل فقد أدرك الحج ,ومن فاته عرفات بليل فقد فاته الحج فليحل بعمرة ,وعليه الحج من قابل. والحديث أخرجه الدارقطني) (٣غير أن في إسناده رحمة بن مصعب وهو ) (١مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص ,٣٨٣وصححه النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٢١٥ ) (٢ابن حجر ,الدراية ,ج ,٢ص .٤٦ ) (٣الدارقطني ,السنن ,ج ,٢ص .٢٤١ ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه الذي يروي عنه رحمة السابق غير حجة في الرواية بل هو سيئ الحفظ كما تقدم ذكر حاله غير مرة. وجاء اللفظ السابق من حديث:يحيى بن عيسى عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس قال :قال رسول االله :من أدرك عرفات فوقف بها والمزدلفة فقد تم حجه ,ومن فاته عرفات فقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل. والحديث أخرجه الدارقطني أيضا) ,(٢غير أن في إسناده يحيى بن عيسى وهو النهشلي وقد قال الجوزجاني عنه إنه يروي أحاديث ينكرها عليه الناس) ,(٣وقال النسائي :ليس بالقوي).(٤ وقال ابن معين :ليس بشيء ,وفي رواية :ضعيف ,وقال ابن عدي :عامة ) (١العقيلي ,الضعفاء ,ج ,٢ص .٧٠ ) (٢الدارقطني ,السنن ,ج ,٢ص .٢٤١ ) (٣الجوزجاني ,أحوال الرجال ,ص .٦٢ ) (٤النسائي ,الضعفاء والمتروكين ,ص .١٠٨ الأثبات فيما يروي عن الثقات فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج به).(٢ وعلته الثانية ابن أبي ليلى الفقيه وقد تقدم بيان ضعفه. وقال بعض أهل العلم إنه يمضي في الحج الفاسد ويقضيه فيلزمه أن يأتي جميع أفعال الحج; لأن سقوط ما فات وقته لا يمنع وجوب ما لم يفت).(٣ واستدل آخرون بأن فوات بعض الأركان لا يبيح التحلل قبل كمال الأركان جميعها ,والعائد إلى بلده قبل الطواف لا يستبيح الإحلال من إحرامه قبل الطواف ,ومثله تارك الوقوف لا يستبيح التحلل من إحرامه قبل الوقوف).(٤ وظاهر عبارة الشيخ عامر ~ في الإيضاح يؤيد هذا القول إذ قال: ) (١ابن عدي ,الكامل ,ج ,٧ص .٢١٧ ) (٢ابن حبان ,المجروحين ,ج ,٣ص .١٢٦ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ١٨و ص ,٢٢والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص,٢١٦ وابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص .٢٦٧ ) (٤الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.٢٣٧ وتابعه على السابق ملخصه الشيخ الثميني في كتاب النيل).(٢ وتعقب هذا الرأي بأن "االله سبحانه قال;M≈sùttã ï∅ÏiΒ ΟçFôÒsùr& !#sŒÎ*sù ﴿ : ,(٣)﴾( ÏΘ#tysø9$# Ìyèô±yθø9$# y‰ΨÏã ©!$# (#ρãà2øŒ$$sùفأمرهم بالذكر عقب الإفاضة من عرفات فمن لم يفض من عرفات لم يكن مأمورا بالوقوف بالمشعر الحرام ,وما لا يؤمر به من أفعال الحج فهو منهي عنه كالوقوف بعرفة في غير وقته. ولأن الحكم المعلق بالشرط معدوم بعدمه فإذا علق الوقوف بالمشعر الحرام بالإفاضة من عرفة اقتضى عدمه عند عدم الإفاضة من عرفات).(٤ واعترض على القول أيضا بأن الرمي والمبيت من توابع الوقوف بدليل سقوطهما في العمرة لأنه ليس فيها وقوف ,ومن فاته الوقوف سقط عنه ) (١الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص.٤٤٠ ) (٢أطفيش ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.٢٣٦ ) (٣سورة :البقرة ,جزء من الآية )(١٩٨ ) (٤ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص .٦٥٧ لا أراه يتوافق وما اطرد من أحكام الحنيفية السمحة ,فقول الجمهور الذي دلت عليه فتاو￯ صحابة رسول االله أولى بالاعتبار ,وقد نقله الشيخ عامر نفسه عن أئمة الدعوة الأوائل أبي عبيدة والربيع وأبي نوح { إذ قال: وفي الأثر عن الربيع وأبي نوح وأبي عبيدة أنهم قالوا فيمن فاته الوقوف بعرفة قالوا :لا حج له ,وليصنع ما يصنع الناس ,وليجعلها عمرة ثم يحل من إحرامه. وإن كان ذلك في الحج الواجب فعليه الإعادة ,وإن كان في التطوع ثم حل بعمرة فلا إعادة عليه).(٢ على أن النبي يوم أحصر عام الحديبية كان سماح قريش له أن يعتمر وأصحابه بعد عام ومع ذلك نزل حكم الإحصار للتحلل من الإحرام رفعا للحرج والمشقة عن الناس مع أن العمرة لم تفت فكيف يلزم من فات وقت نسكه بالبقاء عليه إلى عام كامل?!. ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص .٢٣٧ ) (٢الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص .٤٤١ غير أن بعض أهل العلم ذهب إلى أنه بالفوات ينقلب إحرامه إلى عمرة) ,(٢وإن اختلفوا أبنفس الفوات يكون التحول أو بإهلال جديد. وقد جاءت رواية تشهد بالإهلال من حديث أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن النبي أن رجلا قدم يوم النحر وهو مهل بالحج فأمره أن يهل بالعمرة ,وجعل عليه الحج من قابل).(٣ وعلى هذا القول الأخير لو قيل إن له أن يبقى على إحرامه إلى عام مقبل يكون قارنا; إذ العمرة هو متلبس بها الآن وما بقي إلا أن يدخل عليها الحج. ولكن في الرأي القائل بانقلاب الإحرام بالحج إلى عمرة نظر من حيث إنه لم ينو ذلك ,ثم إنه لو انقلب الإحرام إلى عمرة لما ألزم من فاته الحج ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .١٧٥ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٧٥وابن الجوزي ,التحقيق ,ج ,٢ص,١٥٧ والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,٢٢٠والحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص, ,٤١٠ والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص .٦٢ ) (٣أبو يوسف ,الآثار ,ص ,١١٩ولكن الحديث ليس بحجة لانقطاعه. الحرم ,ولو انقلب إحرامه للعمرة لكان يلزمه الخروج إلى الحرم; لأنه ميقات إحرام العمرة في حق المكي).(١ رابعا :فوات الحج على القارن مضى القول بأنه لا فوات للعمرة المفردة لعدم توقيتها ,كما أن الفوات قد يكون في الحج المفرد وحكمه التحلل السابق الذي ذكرناه قبل قليل ,ولكن ما الحكم فيمن كان قارنا بين الحج والعمرة وفاته الوقوف بعرفة? اختلفت أنظار أهل العلم في ذلك فقال بعضهم إن عمرة القران متميزة عن حجه فيأتي أفعالها أداء دون أن يتحلل ولا يجب عليه القضاء كما لو كان لم يفته الوقوف بعرفة) ,(٢ثم يطوف طوافا آخر ويسعى ويتحلل لأجل فوات الحج. وأسقط هؤلاء دم القران عن هذا المبتلى; لأن العلة فيه عندهم القران نفسه ,ولا قران هنا فيسقط المعلول الذي هو الدم لعدم تحقق العلة وهي ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٧٥والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.٢٢٠ ) (٢الثميني ,التاج المنظوم ,ج ,٣ص .٣٠٦ إحرام واحد فيقول إنها تفوت بفوات الحج; إذ الإحرام بالقران لا يتبعض, وعليه لهذا قضاؤها ,ومنهم من جعل طوافه وسعيه للإحلال مجزئا عنها. والذين قالوا بقضائها قال جماعة منهم إن عليه القضاء قارنا مع وجوب ثلاثة دماء عليه أما أولها فللفوات ,وأما الثاني فللقران السابق ,وأما الثالث فللقران الجديد).(٢ ومنهم من قال بوجوب دمين عليه دم للفوات ودم للقران الجديد. ولعل العلة عند القائلين بثلاثة الدماء أن دم القران يجب على القارن بنفس الإحرام ,لا تحقق الحج والعمرة مقرونين ,أما القائلون بالدمين فلا يرون السابق قرانا إذ لم يأت صاحبه بالحج ليلزمه الهدي بل عمرة مفردة. والقول الأول الناص على أن العمرة لا تفوت على القارن أسعد بظاهر الأدلة ,إذ مضى سابقا بدليله أن الأصل في العمرة التي مع القران أن تؤد￯ ) (١الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص .٢٢١ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٤٠والنووي ,المجموع ,ج ,٢١٨ ,٨والقرافي, الذخيرة ,ج ,٣ص .٢٩٦ يلجأ إليه إذا ما اضطر الإنسان إليه اضطرارا ,والرسول أجاز ذلك للسيدة عائشة لكونها لا تصل إلى العمرة لمنعها من الطواف بسبب الحيض فأمرت بإدخالها حتى لا يفوت عليها الحج. ولم يأت دليل يبين أن الطواف الأول للقارن ليس هو للعمرة ,بل ظاهر التلبية التي حافظ عليها النبي " لبيك بعمرة وحجة" خلاف ذلك. ثم إن إجزاء طواف الحج عن العمرة في الحال السابق لا يستلزم كون العمرة غير متميزة بل قصاراه أن حكم الإجزاء اضطراري فهو خلاف الأصل. والظاهر أن الصحابة ما كانوا يفهمون من الطواف الأول للقارن أنه للقدوم بل كانوا يرونه أنه للعمرة ولم يكن يصحح لهم فهمهم ذلك مما يفيد إقرارهم عليه ,ومما جاء مفيدا الدليل السابق حديث: أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي سعيد الخدري قال :قالت حفصة لرسول االله :ما بال الناس أحلوا بعمرة ولم تحلل أنت من عمرتك? فقال: الطواف السابق ما كان إلا للعمرة ,ولو لم يكن للعمرة لبين لها النبي ذلك ولما انتقل إلى ما يفيد علة عدم الإحلال. فيكون معنى القول :ما أحللت من العمرة التي أديتها لأني لبدت رأسي وقلدت هديي. وبعد تقرر الحكم السابق يقال إن العمرة متميزة من حيث الأصل عن الحج ولم يفت وقتها فالأصل أن يأتي بها صاحبها لأنه قادر عليها فهو مأمور بإتمامها ,أما الحج ففائت وقته. والأظهر أن طواف عمرة القران وسعيها يسقط عن القارن طواف فوات الحج وسعيه) ;(٢لأن طواف الفوات ليس مشروعا لذاته بل هو مشروع لجواز التحلل إذ إنه لا يصح في أقل أحواله الشرعية المنقولة إلا بعد طواف وسعي ,والطواف والسعي متحققان بعمرة القران. ) (١أخرجه الإمام الربيع −واللفظ له −في كتاب :الحج ,باب :في الهدي والجزاء والفدية ) ,(٤٢٨والبخاري في كتاب :الحج ,باب :التلبيد).(٥٥٧٢ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص .١٨ إن الهدي يلزم بتحقق القران لا بالإحرام به. قال ابن جعفر: ومن أحرم بالحج والعمرة فعرض له شيء يشغله حتى قدم مكة وقد فاته الحج فليقض عمرته وليطف بالبيت وبالصفا والمروة ,وليس لعمرته وحجته هدي. ويجزيه السبوع الواحد في الطواف بالبيت والصفا والمروة أسبوعا واحدا ,وعليه الحج من عام قابل; لأنه قدم مكة والناس يقضون حجهم, ولكنه لم يكن ليحل حتى يطوف لإحرامه طوافين لحجته وعمرته).(١ خامسا :حكم الهدي على من أحل بالفوات لم يأت فيمن أحل بالفوات أعليه هدي أو لا دليل في الكتاب أو السنة, لكن جاءت آثار عن عمر بن الخطاب وابنه عبد االله } تثبت الهدي ,ومن ذلك حديث مالك عن يحيى بن سعيد قال :أخبرني سليمان بن يسار أن أبا ً حاجا حتى إذا كان بالنازية بطريق مكة أضل رواحله وأنه قدمأيوب خرج ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٢٥وفي الكلام سقط ظاهر وتصحيف. ما استيسر من الهدي).(١ وجاء الأمر السابق من حديث مالك عن نافع عن سليمان بن يسار أن هبار بن الأسود جاء يوم النحر وعمر بن الخطاب ينحر هديه فقال: يا أمير المؤمنين ,أخطأنا العدد كنا نظن هذا اليوم يوم عرفة ,فقال له عمر: ً هديا إن كان معكم) (٢ثماذهب إلى مكة فطف أنت ومن معك وانحروا احلقوا أو قصروا ثم ارجعوا ,فإذا كان عام قابل فحجوا وأهدوا فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله).(٣ أما قول ابن عمر فلفظه :إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل من كل شيء حتى يحج عاما قابلا فيهدي أو يصوم ) (١تقدم تخريجه. هديَِْ سيق للحرم فينحر قبل التحلل ,أما هدي ٌ) (٢ليس هذا هو هدي الفوات بل هو الفوات فهو الذي أمر به عند القضاء. ) (٣تقدم تخريجه. من أحل بالفوات ,أما القائلون ببقائه محرما إلى العام المقبل فلا يوجبون عليه الهدي وإن ندب إليه بعضهم).(٢ ذهب جماعة إلى وجوب ما استيسر من الهدي على المحل بالفوات) ,(٣وإن لم يستطعه صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع ,مع خلاف أذلك في عام الفوات أو عند القضاء ,أو الواجب في سنة الفوات وله تأخيره إلى سنة القضاء).(٤ واستدل هؤلاء بفتاو￯ صحابة رسول االله المنقولة إذ فيها الأمر بالهدي ,وبأن الفوات سبب يجب به قضاء النسك فوجب أن يجب به الدم ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :الإحصار في الحج ).(١٧١٥ ) (٢القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص .٢٩٥ ) (٣ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣١٨والشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٦٥والقاضي عبد الوهاب ,الإشراف ,ج ,١ص ,٤٩٠وابن عبد البر ,الكافي ,ص ,١٦١والاستذكار, ج ,٤ص ,٢٦٣والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص .٦٤ ) (٤الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٣٩والشيرازي ,التنبيه ,ص ,٨٠والنووي, المجموع ,ج ,٨ص .٢١٧ واعترض على هذا الأخير بأن العمرة لفائت الحج جعلت شرعا شرطا للتحلل وكانت كالدم في المحصر فلا يجمع بينهما).(٣ وقال آخرون إنه لا يلزم من أحل بالفوات هدي) ,(٤واستدل جماعة من هؤلاء بحديث يحيى بن عيسى عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول االله :من أدرك عرفات فوقف بها والمزدلفة فقد تم حجه ,ومن فاته عرفات فقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل. ووجه الدلالة أن النبي ذكر الإحلال بالعمرة ولم يذكر الهدي حين تبيينه حكم الفوات ,والموضع موضع بيان ,فدل على أنه لا يجب عليه الهدي ) (١القاضي عبد الوهاب ,الإشراف ,ج ,١ص .٤٩٠ ) (٢الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص .٢٢٠ ) (٣ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٣ص .١٣٧ ) (٤ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٢٥والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص,٢٢٠ والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص ,٦٤والثميني ,التاج المنظوم ,ج ,٣ص ,٣٠٦والحلي, تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص ,٤١٠والعيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٤٥٩والعثماني ,إعلاء السنن ,ج ,٧ص .٣٥٣٠ مضى تخريجه. واستدل آخرون بأنه لو كان الفوات سببا للدم لكان على المحصر هديان أحدهما للإحصار والآخر للفوات ولم يقل بذلك أحد).(٢ وأقو￯ ما يدل على أنه ليس على المحل بالفوات هدي هو أصل براءة الذمة وعدم شغلها ,وما قيل من فتاو￯ الصحابة فليس بحجة; إذ المسألة فرعية خلافية وليست مما لا يقال بالرأي. سادسا :لزوم القضاء على من أحل بالفوات لا إشكال أنه إن كان الفوات للحج الواجب أنه يلزم من فاته أن يقضي ذلك الإحرام لتعلق الوجوب الأول برقبته إن استكمل شروط وجوب الحج ,لكن اختلف الفقهاء في الإحلال بالفوات أيوجب على من أحل قضاء النسك الذي فاته أو لا يوجب عليه ذلك? ) (١العثماني ,إعلاء السنن ,ج ,٧ص.٣٥٣٠ ) (٢الحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص.٤١٠ وقال آخرون –وهم الجمهور من أهل العلم −إنه يلزمه القضاء ولو كان النسك الذي فاته نفلا) ,(٢واختلفوا في فورية القضاء على قولين).(٣ استدل القائلون بوجوب القضاء بأن االله تعالى يقول" :وأتموا الحج وحجة الفوت لا تتم والعمرة الله" فأوجب الإتمام على كل أحد غير المحصرََّ إلا بالقضاء فوجب أن يلزمه ذلك).(٤ كما استدلوا بفتاو￯ الصحابة التي فيها الأمر بالقضاء ,وقد تقدم ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٤ص ,١٧و الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٤٤١والحلي, تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص ,٤١١والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص.٦٤ ) (٢مالك بن أنس ,المدونة الكبر￯ ,ج ,٢ص ,٤٠١والشافعي ,الأم ,ج ,٢ص,١٦٥ والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٧٥وابن عبد البر ,الكافي ,ص ,١٦١والمرداوي, الإنصاف ,ج ,٤ص.٦٤ ) (٣البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٣٠٤والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٣٩وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٦٣والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٥٣٦والنووي, المجموع ,ج ,٨ص.٢١٥ ) (٤ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص.٦٦٦ كلامها في إتمام الإحرام إذا ما أحرم به ,أما بعد إحلاله منه فلم تتعرض له بشيء من أنواع الدلالة المعروفة. وحجة القضاء ليست بإتمام للإحرام السابق وإلا لقيل إنه يكفيها ََّ الإحرام الأول ولم يقل بذلك أحد. والأمر بالإتمام للحج والعمرة من باب خطاب التكليف الذي ينظر فيه إلى قدرة المكلف ,فإن كان غير قادر عليه سقط التكليف به عنه ,وهذا أقصى ما تفيده الآية. أما القضاء للفائتة فلا بد لوجوبه من دليل شرعي غير أصل الأمر بالفعل ,قال الإمام السالمي: فوته التواني إن فات أوَّولزم القضا بأمر ثاني أما دليل فتاو￯ الصحابة فعورض بأن ابن عباس كان لا ير￯ وجوب القضاء. عن عمرة الإسلام أم هي غير مجزية).(١ لعل القائلين بالإجزاء يرون أن المطلوب من هذا المكلف عمرة لم تقيد بكونها غير عمرة الفوات ,وهو قد أد￯ مناسك العمرة كلها فتجزيه. وينبغي أن يخرج الخلاف في هذه القضية على قول من قال إن الإحرام ينقلب عمرة بالفوات ,أما القائلون إن الإحرام هو السابق نفسه لكن يتحلل بأن يطوف ويسعى ليكون في حل من إحرامه فلا يقرون بأن هذه عمرة أصلا; إذ لم ينوها عند إحرامه ,وإن لم تكن هذه عمرة شرعية فكيف تجزي عن الأصل الواجب).(٢ أما القائلون بأنها تنقلب عمرة فيسوغونها لأنهم يرونها من باب فسخ الحج إلى عمرة ,وقد مضى مقررا جواز ذلك).(٣ ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٦٥والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢٣٦والمرداوي, الإنصاف ,ج ,٤ص .٦٣ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص .٢١٦ ) (٣ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص .٦٦١ الأصل الذي يقضي بإتمام النسك الذي أحرم به للمصلحة السابقة التي هي أرجح من مفسدة مخالفة أصل النية الذي أسس الإحرام عليه كما تشهد لذلك نصوص الشارع الصحيحة. أما مع عدم وجود المصلحة السابقة التي هي الفوز بأفضل الأنساك فيرجع إلى أصل ما أحرم المكلف به وأسس نيته عليه; إذ إن لكل إنسان ما نو￯ فالأعمال بالنيات ,ولا يصح له أن يغير نيته التي أسس عبادته عليها. ولما تعذر عليه إتمام نيته على ما أسس فيخرج من إحرامه ,ولا خروج من الإحرام إلا بطواف وسعي وحلق; إذ ذلك أقل ما يخرج به الإنسان من إحرامه في نصوص الشارع في غير الإحصار أو الاشتراط ,وقد أيد الأمر اتفاق ما نقل إلينا من فتاو￯ صحابة رسول االله عليه. المبحث الخامس :محظورات الإحرام٥ .......................... المطلب الأول :لبس المفصل على مقدار الجسد٥ ................. شذوذ الروايات التي فيها السؤال عما يترك المحرم من اللباس٧ .. ملبوسات المحرمين ضربان٩ ................................... الوصف الجامع للملبوسات التي ينهى عنها المحرم١١ ............ استعمال الإزار مجموع الطرفين بخياطة١٣ ........................ استعمال القباء )البشت( للرجال١٥ .............................. إطلاق الفقهاء منع المحرم من المخيط١٧ ......................... اللباس الممنوع شامل للقليل منه والكثير اتفاقا١٩ ................ أولا :وصف اللباس الممنوع٢٠ .................................. حكم الهميان والنظارة وساعة اليد وحشوة السلس٢١ ............ جواز استعمال حقيبة النوم للمحرم٢٢ ............................ ثانيا :لبس المحرم الخفين٢٧ ...................................... حكم لبس المحرم للخفين٢٧ .................................... يجيز لبس الخفين للمحرم عدم الوجدان للنعل وعدم القدرة على استعمالها٢٩ ................................................. جواز لبس النعال المخيطة٣٠ ..................................... قطع الخف وصفة ذلك٣٢ ....................................... لبس الخفين المقطوعين مع وجود النعلين٤٧ ...................... ما على المحرم بلبسه الخفين اللذين قطعا٤٩ ....................... ثالثا :لبس السراويل٥٢ .......................................... حكم لبس السراويل٥٢ ......................................... رابعا :تغطية الرأس٥٥ ........................................... حكم تغطية الرأس٥٥ ........................................... مقدار الممنوع من تغطية الرأس٦٢ ............................... لا مانع من تغطية المحرم وجهه٦٥ ............................... لا مانع من استعمال الكمامات للرجال والنساء٧٣ ................ صفة التغطية الممنوعة٧٤ ......................................... ضعف الرأي المانع للمحرم من الاستظلال٧٦ ................... خامسا :ما يخص النساء من اللباس٨٢ ........................... تغطية الوجه٨٣ .................................................. لبس القفازين٩١ ................................................ لبس الحلي٩٣ .................................................... سابعا :حكم من أحرم في محظور من اللباس٩٧ ................... تعقب الرأي الموجب إحراما جديدا على من لبس المحظور١٠٢ ..... المطلب الثاني :استعمال الطيب١٠٣ ................................ من سنن النبي استعمال الطيب وفوائد ذلك١٠٣ ................. النهي عن استعمال الطيب لا يستلزم مفهومه المخالف١٠٧ ......... مزيلات العرق قسمان١٠٨ ........................................ أولا :حكم التطيب للمحرم١٠٩ .................................. منع المحرم من استعمال الطيب مطلق يشم أو لا يشم١١٢ .......... ثانيا :حكم شم المحرم للطيب١١٢ ................................ ثالثا :ضابط الطيب الممنوع١١٣ ................................... الأصناف التي صرح الشارع بكونها طيبا١١٤ ...................... اختلاف الأعراف جعلت الفقهاء يختلفون في الحناء أهو طيب١٢٠ . الاختلاف في الأحكام الشرعية لاختلاف بيئات المكلفين١٢٢ ...... أقسام النباتات ذوات الروائح الزاكية١٢٤ ......................... رابعا :صفة الاستعمال الممنوع للطيب١٢٨ ......................... تقبيل الحجر الأسود إن كان به طيب١٣٣ .......................... خامسا :الطيب الحديث١٣٤ ....................................... سادسا :منتهى منع المحرم من الطيب١٣٥ ......................... ثامنا :جزاء من استعمل الطيب من المحرمين١٤٣ .................. المطلب الثالث :حلق الشعر١٤٥ ................................... أولا :حكم حلق الشعر للمحرم١٤٥ .............................. ثانيا :الشعر الذي يمنع حلقه١٤٦ .................................. رابعا :تقليم الأظفار١٥٤ .......................................... خامسا :جزاء من حلق شعره أو قص أظفاره١٥٥ .................. سادسا :اختلاف الحالق والمحلوق١٦٢ ............................ تقصير المحرم للمحرم١٦٣ ........................................ سابعا :إيذاء الشعر أو الظفر صاحبه المحرم١٦٨ .................... ثامنا :حك المحرم رأسه أو جسده١٧٠ ............................. المطلب الرابع :عقد النكاح١٧٢ ................................... توطئة :حكمة منع المحرم من النكاح١٧٢ .......................... أولا :حكم عقد النكاح للمحرم١٧٣ .............................. أدلة القائلين بجواز الإنكاح دون النكاح١٧٤ ...................... أدلة القائلين بجواز عقد النكاح للمحرم١٧٥ ...................... موازنة بين المذهبين ,أولا :تبيين الضعيف من الأدلة١٨٤ ........... المقابلة بين أدلة الفريقين١٨٦ ...................................... ثانيا :حكمِخطبة المحرم٢١١ ...................................... خطبة المحل المحرمة٢١٤ .......................................... ثالثا :حكم رجعة المحرم زوجته٢١٥ .............................. الرجعة ليست نكاحا جديدا٢١٦ .................................. رابعا :حكم شهادة المحرم عقد النكاح٢١٩ ........................ خامسا :إذن المحرم لعبده بالنكاح٢٢٠ ............................. سادسا :دخول الحاكم في الحكم السابق٢٢١ ....................... سابعا :حكم النكاح إن عقده المحرم٢٢٣ .......................... ثامنا :ما على من انتهك هذا المحظور٢٢٧ .......................... عاشرا :الإحرام الذي يتوجه النهي الشرعي عليه٢٢٩ .............. المطلب الخامس :الرفث٢٣١ ...................................... أولا :حرمة الرفث على المحرم٢٣١ ................................ ثانيا :ضابط الرفث٢٣٢ ........................................... ثالثا :حكم المجامع حال الإحرام٢٣٨ ............................. القسم الأول :المجامع عمدا٢٣٨ .................................. جزاء المجامع٢٥١ ................................................. رابعا :إتمام إحرامه الفاسد٢٥٢ .................................... خامسا :وجوب القضاء٢٥٥ ...................................... عموم وجوب القضاء للحج الواجب وغير الواجب٢٥٥ .......... الفورية في القضاء٢٥٦ ............................................ تفرق الزوجين٢٥٨ ............................................... مكان الإحرام في القضاء٢٦٠ ...................................... القسم الثاني :غير المتعمد للجماع٢٦٢ .............................. رابعا :مقدمات الجماع٢٦٥ ........................................ المطلب السادس :قتل الصيد٢٧٢ .................................. ٢٧٢أولا :حكم قتل الصيد...................................... التفصيل في حكم الدلالة لقتل الصيد٢٧٦ ......................... حكمة تحريم الصيد على المحرم٢٨٠ ............................... التحريم خاص بصيد البر٢٨١ .................................... ثانيا :حكم ما ذكاه المحرم من الصيد٢٨٢ .......................... ثالثا :ضابط الصيد٢٨٦ ........................................... بيان موسع لحال المهد￯ إلى النبي من الصعب بن جثامة٣٣٢ .... خامسا :الأفعال الموجبة للجزاء٣٤٦ ............................... سادسا :جزاء قتل الصيد٣٤٧ ..................................... الأمر الأول :جزاء المثل٣٤٩ ....................................... الأمر الثاني :كفارة طعام مساكين٣٥٧ .............................. الأمر الثالث :عدل ذلك صياما٣٥٨ ............................... ثامنا :تعدد الكفارة على قاتل الصيد وآكله٣٦٠ ..................... تاسعا :حكم قاتل الصيد غير المتعمد٣٦٤ .......................... المبحث السادس :أحكام الحرم المكي٣٧١ .......................... المطلب الأول :مبدأ تحريم مكة٣٧١ ................................ المطلب الثاني :صيد الحرم٣٧٥ ..................................... ثانيا :شمول التحريم لمن كان خارج الحرم٣٧٧ ..................... ثالثا :جزاء قاتل صيد الحرم٣٨١ ................................... رابعا :مسائل على مذهب الموجبين للجزاء في صيد الحرم٣٨٥ ....... خامسا :أكل صيد الحرم٣٨٧ ...................................... سادسا :فرق ما بين صيد الإحرام والحرم٣٨٨ ...................... سابعا :صيد البرُيدخل الحرم٣٩٢ ................................. المطلب الثالث :شجر الحرم٣٩٥ ................................... أولا :حرمة شجر مكة ٣٩٥ ....................................... ثانيا :قطع ورق الشجر٣٩٦ ....................................... ثالثا :أقسام النابت في أرض الحرم٣٩٧ ............................. رابعا :حالات التعرض لخلا الحرم٤٠٤ ............................ المبحث السابع :محظورات الحرم المدني٤١٠ ........................ أولا :الخلاف في حرمية المدينة٤١٠ ................................ ثانيا :ما استثني من مبدأ حرم المدينة٤١٦ ........................... ثالثا :وجوب الجزاء في صيد المدينة٤١٧ ............................ المبحث الثامن :التحلل من الإحرام٤٢٤ ........................... المطلب الأول :التحلل بكمال نسك الإحرام ٤٢٤ .................. وقت تحلل المعتمر٤٢٤ ............................................ للحج تحللان ووقت كل واحد منهما٤٢٥ .......................... المطلب الثاني :التحلل بسبب الإحصار٤٣٨ ........................ أولا :تعريف الإحصار في اللغة٤٣٨ ............................... ثانيا :تعريف الإحصار في الاصطلاح الشرعي والخلاف فيه٤٣٩ ... رابعا :حكم الهدي على المحصر إذا ما أحل٤٦٤ .................... خامسا :ما يلزم المحصر من الهدي٤٧١ ............................ سادسا :وقت نحر الهدي٤٧٢ ..................................... سابعا :محل نحر الهدي٤٧٣ ........................................ ثامنا :لزوم الحلق للإحلال على المحصر٤٨٠ ....................... تاسعا :الحلق قبل بلوغ الهدي محله٤٨٤ ............................ عاشرا :وجوب القضاء على المحصر٤٨٦ ........................... عاشرا :إحلال من كسر أو عرج٤٩٣ ............................... المطلب الثالث :التحلل بالاشتراط٤٩٦ ............................ أولا :مشروعية الاشتراط٤٩٦ ..................................... أدلة القائلين بمشروعية الاشتراط٤٩٨ ............................. ثانيا :حكم الاشتراط٥١١ ......................................... ثالثا :مم يكون الاشتراط٥١٢ ..................................... رابعا :لفظ الاشتراط٥١٣ ......................................... خامسا :ما يلزم المشترط بالإحلال٥١٥ ............................ سادسا :لزوم الحلق على المتحلل بالاشتراط٥١٦ ................... سابعا :لزوم الهدي على المحل بالاشتراط٥١٧ ...................... المطلب الرابع :فوات الحج٥١٨ ......... .......................... أولا :وقت فوات الحج٥١٨ ....................................... ثانيا :حكم من فات عليه الحج٥١٩ ................................ ثالثا :تحلل من فات عليه الحج من الإحرام٥١٩ .................... رابعا :فوات الحج على القارن٥٢٩ ................................. سادسا :لزوم القضاء على من أحل بالفوات٥٣٧ ................... سابعا :إجزاء عمرة الفوات عن عمرة الإسلام٥٤٠ ................