      אא                  ñŠàÈÛaë@w§a@éÔÏ@¿@ñŠ•bÈß@òîÜî•dm@tb¡c@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@   א אא      א   ) (١ الطبعة الأولى ١٤٢٩هـ٢٠٠٨/م حقوق الطبع محفوظة© ,ولا يسمح بإعادة نشر هذا الكتاب أو أي جزء منه بأي شكل من الأشكال أو حفظه ونسخه في أي نظام ميكانيكي أو إلكتروني يمكن من استرجاع الكتاب أو ترجمته إلى أي لغة أخر￯ دون الحـصول عـلى إذن خطـي سابق من المؤلف. )( ١ @ @ñŠàÈÛaë@w§a@éÔÏ@¿@ñŠ•bÈß@òîÜî•dm@tb¡c    א  אאא @ @Õܧaë@ïÈÛaë@ÒaìİÛa م٢٠٠٨/هـ١٤٢٨ الطبعة الأولى ٢٠٠٨/١٥٨ رقم الإيداع @ @oîjÛbi@ÒaìİÛa@ZsÛbrÛa@Ý–ÐÛa @ @òÏŠ’1⁄2a@òjÈØÛaë@Òbİ1⁄2a@Ñ•ë@ZÞëþa@szj1⁄2a @ @@@@âaŠ§a@†v1⁄2a@Þì...@la...e@ZïãbrÛa@szj1⁄2a @ @éÜšÏë@ÒaìİÛa@òîÇ늒ß@ZsÛbrÛa@szj1⁄2a @ @ÒaìİÛa@Êaìãc@ZÉiaŠÛa@szj1⁄2a @ @émbjuaëë@ÒaìİÛa@Â늑@Zßb ̈a@szj1⁄2a @ @ÒaìİÛa@pbië†äß@Z...bÛa@szj1⁄2a @ @ÒaìİÛa@pbybjß@ZÉibÛa@szj1⁄2a @ @ÒaìİÛa@bnÈ׉@ZåßbrÛa@szj1⁄2a يؤتى ,لذا كان من الحسن أن نصف المكان ونصوره بشيء من الاختصار قبل بيان الأحكام الشرعية. المطلب الأول :تاريخ الكعبة المشرفة أفاد الكتاب العزيز أن الكعبة هي أول بيت وضع للناس كما قال االله تعالى في كتابهt⎦⎫Ïθn=≈yèù=Ïj9 “Y‰èδuρ %Z.u‘$t7ãΒ sπ©3t6Î/ “Ï%©#s9 Ä ̈$ ̈Ψ=Ï9 yìÅÊãρ ;MøŠt/ tΑ ̈ρr&̈βÎ)﴿ : ∪∉®∩ kÏm Ä ̈$ ̈Ζ9$# ’n?tã ¬!uρ 3 $YΨÏΒ#uTM tβ%x. ...ã&s#yzyŠ ⎯tΒuρ ( zΟŠÏδ≡tö/Î) ãΠ$s) ̈Β ×M≈uΖÉit/ 7M≈tƒ#uTM ÏμŠÏù .(١)﴾ ∩®∠∪ t⎦⎫Ïθn=≈yèø9$# Ç⎯tã ;©Í_xî ©!$#̈βÎ*sù txx. ⎯tΒuρ 4 Wξ‹Î6yTM Ïμø‹s9Î) tí$sÜtGóTM$# Ç⎯tΒ ÏMøt7ø9$# وجاءت نصوص السنة الثابتة بالحكم السابق مع بيان ما تلاه من البيوت كما في حديث أبي ذر قال :قلت :يا رسول االله ,أي مسجد وضع في الأرض أول? قال :المسجد الحرام ,قال :قلت :ثم أي? قال :المسجد الأقصى? قلت: كم كان بينهما? قال :أربعون سنة ,ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصله فإن ) (١سورة :آل عمران ,الآيتان ).(٩٧−٩٦ عوادي الزمن هدمت بنيانها وقوضت أركانها; إذ هي وسط واد غير ذي زرع كما وصفها إبراهيم ,#وما بقي منها إلا موضعها الذي طمرت الرمال أسسه. ثم أمر إبراهيم #برفع قواعدها هو وابنه إسماعيل ,#وقد حكى ابن عباس } القصة كاملة كما ثبت عنه في الحديث الصحيح فنسوقها كما هي لعظم فوائدها ,قال ابن عباس: أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء. ثم قفي إبراهيم منطلقا فتبعته أم إسماعيل فقالت: يا إبراهيم ,أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الأنبياء ,باب :يزفون النسلان في المشي ).(٣١٨٦ فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه فقال©ÉL−ƒÍh‘èŒ ⎯ÏΒ àMΖs3óTMr& þ’ÎoΤÎ) !$uΖ−/§‘ ﴿ : š∅ÏiΒ Zοy‰Ï↔øùr& ö≅yèô_$$sù nο4θn=¢Á9$# (#θßθ‹É)ã‹Ï9 $uΖ−/u‘ ÇΠ§ysßθø9$# y7ÏF÷t/ y‰ΨÏã ?íö‘y— “ÏŒ Îöxî >Š#uθÎ/ “ ).(١)﴾tβρãä3ô±o„ óΟßγ ̄=yès9 ÏN≡tyθ ̈W9$# z⎯ÏiΒ Νßγø%ã—ö‘$#uρ öΝÍκös9Î ü ÈθöκsE Ä ̈$ ̈Ζ9$# وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلو￯ −أو قال: يتلبط −فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل تر￯ أحدا فلم تر أحدا. فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ,ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل تر￯ أحدا فلم تر أحدا ففعلت ذلك سبع مرات. قال ابن عباس قال النبي :فذلك سعي الناس بينهما ,فلما أشرفت على ) (١سورة :إبراهيم ,الآية ).(٣٧ فبحث بعقبة −أو قال بجناحه −حتى ظهر الماء فجعلت تحوضه وتقول بيدها هكذا وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف. قال ابن عباس :قال النبي :يرحم االله أم إسماعيل لو تركت زمزم −أو قال لو لم تغرف من الماء −لكانت زمزم عينا معينا. قال :فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك :لا تخافوا الضيعة; فإن ها هنا بيت االله يبني هذا الغلام وأبوه ,وإن االله لا يضيع أهله ,وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله. فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم −أو أهل بيت من جرهم −مقبلين من طريق كداء فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائرا عائفا فقالوا :إن هذا الطائر ليدور على ماء لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء فأرسلوا جريا أو جريين فإذا هم بالماء فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا ,قال :وأم إسماعيل عند الماء فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك? فقالت :نعم ,ولكن لا حق لكم في الماء قالوا :نعم ,قال ابن عباس :قال العربية منهم وأنفسهم وأعجبهم حين شب فلما أدرك زوجوه امرأة منهم. وماتت أم إسماعيل فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه فقالت :خرج يبتغي لنا ,ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت :نحن بشر ,نحن في ضيق وشدة فشكت إليه ,قال :فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه. فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا فقال :هل جاءكم من أحد? قالت: نعم ,جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك فأخبرته وسألني كيف عيشنا فأخبرته ّأنا في جهد وشدة. قال :فهل أوصاك بشيء? قالت :نعم ,أمرني أن أقرأ عليك السلام غير عتبة بابك. ويقول : ّ قال :ذاك أبي ,وقد أمرني أن أفارقك ,الحقي بأهلك فطلقها وتزوج منهم أخر￯ فلبث عنهم إبراهيم ما شاء االله ثم أتاهم بعد فلم يجده فدخل على امرأته فسألها عنه فقالت :خرج يبتغي لنا ,قال :كيف أنتم? وسألها عن عيشهم وهيئتهم ,فقالت :نحن بخير وسعة ,وأثنت على االله. كان لهم دعا لهم فيه ,قال :فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه. قال :فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ,ومريه يثبت عتبة بابه. فلما جاء إسماعيل قال :هل أتاكم من أحد? قالت :نعم ,أتانا شيخ حسن الهيئة وأثنت عليه ,فسألني عنك فأخبرته ,فسألني: كيف عيشنا فأخبرتهّأنا بخير ,قال :فأوصاك بشيء? قالت :نعم ,هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك. قال :ذاك أبي ,وأنت العتبة أمرني أن أمسكك ,ثم لبث عنهم ما شاء االله ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد ,ثم قال: يا إسماعيل ,إن االله أمرني بأمر ,قال :فاصنع ما أمرك ربك ,قال: وتعينني? قال :وأعينك ,قال :فإن االله أمرني أن أبني ها هنا بيتا وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها. قال :فعند ذلك رفعا القواعد من البيت فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه وهو قال :فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولانö≅¬7s)s? $uΖ−/u‘﴿ : .(١)﴾ ÞΟŠÎ=yèø9$# ßìŠÏθ¡¡9$# |MΡr& y7 ̈ΡÎ) ( !$ ̈ΨÏΒ وذلك كما حكى االله تعالى عنه إذ قال﴿ z⎯ÏΒ y‰Ïã#uθs)ø9$# ÞΟ↵Ïδ≡tö/Î) ßìsùötƒ øŒÎ)uρ .(٢)﴾ ∩⊇⊄∠∪ ÞΟŠÎ=yèø9$# ßìŠÏθ¡¡9$# |MΡr& y7 ̈ΡÎ) ( !$ ̈ΨÏΒ ö≅¬7s)s? $uΖ−/u‘ ã≅ŠÏè≈yθóTMÎ)uρ ÏMøt7ø9$# ومنذ ذلك اليوم عظم العرب البيت العتيق ,وناد￯ إبراهيم في الناس بحجه حتى توافدوا إليه فوجا بعد آخر معظمين. وما زال الحال بالعرب على ذلك إلى أن جاء عام تأثر فيه بنيان الكعبة جمرت ,والسيل العظيم الذيبسببَت َو ُّهن ِها من الحريق الذي أصابها حينُِّ دخلها وصدع جدرانها بعد توهنها بالحريق) ,(٣فقررت قريش إعادة بنائها وكان رسول االله حينها شابا شارك في البناء مع أعمامه).(٤ ) (١أخرجه البخاري ,في كتاب :الأنبياء ,باب :يزفون النسلان في المشي ).(٣١٨٤ ) (٢سورة :البقرة ,الآية ).(١٢٧ ) (٣الفاسي ,شفاء الغرام ,ج ,١ص .١٩٩ ) (٤أخرجه البخاري ,في كتاب :الحج ,باب :فضل مكة وبنيانها ).(١٥٠٥ قواعد إبراهيم #فنقصوا منها جزءا ولم يصلوه بالبيت وهو ما يعرف بالحطيم بعد أن كان من أصل الكعبة ,كما يفيد ذلك حديث: عبد االله بن عمر عن عائشة زوج النبي أن رسول االله قال لها :ألم تري أن قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم? فقلت :يا رسول االله ,ألا تردها على قواعد إبراهيم? قال :لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت. فقال عبد االله :لئن كانت عائشة > سمعت هذا من رسول االله  ما أر￯ رسول االله ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم).(١ وفوق نقصهم أضافوا أمورا ما كانت موجودة على البناء قبل أن يهدموه من ذلك رفعهم الباب ,ويبين ذلك حديث الأسود بن يزيد عن عائشة > قالت :سألت النبي عن الجدر أمن البيت هو? قال :نعم ,قلت :فما لهم لم ) (١أخرجه البخاري ,في كتاب :الحج ,باب :فضل مكة وبنيانها ).(١٥٠٦ فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا. ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وأن ألصق بابه بالأرض).(١ كما أنه كان للكعبة على قواعد إبراهيم بابان ,وأهل قريش اقتصروا على واحد منهما كما يفيد ذلك حديث عروة عن عائشة > أن النبي قال لها: يا عائشة ,لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية لأمرت بالبيت فهدم فأدخلت فيه ما أخرج منه ,وألزقته بالأرض وجعلت له بابين بابا شرقيا وبابا غربيا فبلغت به أساس إبراهيم).(٢ واستمر حال الكعبة المشرفة على ما بناه أهل قريش طيلة حياة النبي  وخلفائه الأربعة ,ثم إنه لما ملك بنو أمية نواصي المسلمين انتهكت حرمة البيت زمن يزيد بن معاوية بسبب الخلاف بينه وعبد االله بن الزبير ,فرماها الشاميون بالمنجنيق. ) (١أخرجه البخاري ,في كتاب :الحج ,باب :فضل مكة وبنيانها ).(١٥٠٧ ) (٢أخرجه البخاري ,في كتاب :الحج ,باب :فضل مكة وبنيانها ).(١٥٠٩ لتنقض من أعلاها إلى أسفلها ,ويقع الحمام عليها فتتناثر حجارتها).(١ وكان نظر عبد االله بن الزبير أن يهدم ذلك البناء منشئا بناء يؤسسه على قواعد إبراهيم كما كان النبي يريد إذ الموانع التي أحجم النبي لأجلها قد انتهت ,فبناه ابن الزبير على قواعد إبراهيم كما يفيد ذلك الحديث الصحيح الآتي: عطاء قال :لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية حين غزاها أهل الشام فكان من أمره ما كان تركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم يريد أن يجرئهم أو يحر بهم على أهل الشام فلما صدر الناس قال: يا أيها الناس أشيروا علي في الكعبة أنقضها ثم أبني بناءها ,أو أصلح ما وهى منها? قال :ابن عباس :فإني قد فرق لي رأي فيها أر￯ أن تصلح ما وهى منها وتدع بيتا أسلم الناس عليه وأحجارا أسلم الناس عليها وبعث عليها النبي . ) (١الأزرقي ,أخبار مكة ,ج ,١ص ,٢٠٣والفاسي ,شفاء الغرام ,ج ,١ص.٢٠١ فلما مضى الثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها فتحاماه الناس أن ينـزل بأول الناس يصعد فيه أمر من السماء حتى صعده رجل فألقى منه حجارة فلما لم يره الناس أصابه شيء تتابعوا فنقضوه حتى بلغوا به الأرض. فجعل ابن الزبير أعمدة فستر عليها الستور حتى ارتفع بناؤه وقال ابن الزبير :إني سمعت عائشة تقول إن النبي قال: لولا أن الناس حديث عهدهم بكفر وليس عندي من النفقة ما يقو￯ على بنائه لكنت أدخلت فيه من الحجر خمس أذرع ولجعلت لها بابا يدخل الناس منه وبابا يخرجون منه. قال :فأنا اليوم أجد ما أنفق ولست أخاف الناس ,قال :فزاد فيه خمس أذرع من الحجر حتى أبد￯ أسا نظر الناس إليه فبنى عليه البناء. وكان طول الكعبة ثماني عشرة ذراعا فلما زاد فيه استقصره فزاد في طوله عشر أذرع وجعل له بابين أحدهما يدخل منه والآخر يخرج منه).(١ ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :نقض الكعبة وبنيانها ).(١٣٣٣ الزبير من عائشة وأمر واليه أن يهدم الكعبة ويبنيها على ما كانت عليه من بناء قريش فهدمت الكعبة وبنيت مرة أخر￯).(١ وفي عهد هارون المعروف بالرشيد رأ￯ أن ينقض الكعبة ويعيد بناءها على ما بناه ابن الزبير فسأل الإمام مالك بن أنس الأصبحي فأجابه بقوله: ناشدتك االله يا أمير المؤمنين ألا تجعل هذا البيت لعبة للملوك لا يشاء أحد إلا نقضه وبناه فتذهب هيبته من صدور الناس).(٢ وبقيت الكعبة على بناء الحجاج بن يوسف إلى عهد السلطان مراد العثماني فرممت ترميما شاملا سنة ١٠٤٠هـ١٦٣١/م ,ثم رممت ترميما شاملا في عهد الملك فهد بن عبد العزيز سنة ١٤١٧هـ١٩٩٦/م ,فتمت تقوية الأساسات وإصلاح الشاذروان والحلقات ,وصقل الجدران الخارجية وسد ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :نقض الكعبة وبنيانها ).(١٣٣٣ ) (٢ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,١٨٨والنووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص,٨٩ والفاسي ,شفاء الغرام ,ج ,١ص ,٢٠٧والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج,٢ ص.١٩٦ ارتفاع الكعبة ١٤م ,وطولها من جهة الملتزم ١٢.٨٤م ,وطولها من جهة الحطيم ١١.٢٨م ,والركن اليماني والحطيم ١٢.١١م ,وبين الركنين ١١.٥٢م. المطلب الثاني :وصف داخل الكعبة وصف المتقدمون داخل الكعبة كما وصفه المتأخرون ,لذا ننقل نصا عن المتقدمين وآخر من المحدثين. وصفت أرض الكعبة وجدرانها من داخلها بأنها مرخمة برخام ملون, وفيها ثلاث دعائم من ساج على ثلاثة كراسي ,وفوقها ثلاث كراسي ,وعلى هذه الكراسي ثلاث جوائز من ساج. ولها سقفان بينهما فرجة ,وفي السقف أربع روازن نافذة من السقف الأعلى إلى السقف الأسفل للضوء ,وفي ركنها الشامي درجة من خشب يصعد منها إلى سطحها ,وعدد الدرج التي فيها ثمان وثلاثون مرقاة. ) (١محمد إلياس ,تاريخ مكة المكرمة ,ص.٤٢ أخشاب فيها حلق من حديد يربط بها كسوة الكعبة. وبابها من ظاهره مصفح بصفائح فضة مموهة بالذهب ,وكذلك فياريز الباب وعتبته العليا مطلية بالفضة).(٢ أما الوصف الحديث الذي استقر عليه أمر الكعبة بعد آخر ترميم) (٣لها فبين أن للكعبة ثلاثة أعمدة خشبية تحمل سقفها بقطر ٤٤سم ,والمسافة بين كل عمودين ٢.٣٥م ,وفي مقابل باب الدخول محراب بني في مكان صلاة النبي داخل الكعبة. وعلى يمين الداخل درج يؤدي إلى سطح الكعبة المشرفة ,وعليه باب وقفل ,ويعرف بباب التوبة وعليه ستارة ,وجدران الكعبة من داخلها مؤزرة برخام ملون مزركش بنقوش لطيفة. ) (١معرب يعني الجدار الصغير .ابن منظور ,لسان العرب ,ج ,٥ص .٣٩١ ) (٢الفاسي ,شفاء الغرام ,ج ,١ص .٢١٧ ) (٣باسلامة ,تاريخ الكعبة المعظمة ,ص ,١٧٧ومحمد إلياس ,تاريخ مكة المكرمة ,ص٥٣ وما بعدها. y7 ̈ΨuŠÏj9uθãΨn=sù ( ÏTM!$yθ¡¡9$# ’Îû y7Îγô_uρ |==s)s? 3“ttΡ ô‰s% ﴿ ,(١)﴾∩®∉∪ t⎦⎫Ïθn=≈yèù=Ïj9 “Y‰èδuρ %Z.u‘$t7ãΒ ,(٢)﴾ ÏΘ#tysø9$# ωÉfó¡yθø9$# tôÜx© y7yγô_uρ ÉeΑuθsù 4 $yγ9|Êös? \'s#ö7Ï%يا حنان يا منان يا ذا الجلال والإكرام. ارتفاع الستارة السابقة ٧.٥م ,وتغير ما بين ٥−٣سنوات ,وفي داخل الكعبة صندوق ضخم تحفظ فيه بعض مقتنياتها. وللكعبة الآن سقفان أعلى وأدنى كما هو حالها قبل ,وسطحها محاط بإفريز ارتفاعه ٨٠سم ,وعليه أعواد غليظة تربط فيها كسوة الكعبة ,وفي أعلى السطح فتحة بأبعاد ١.٢٧م× ١.٠٤م ,مصنوعة من الزجاج القوي لتساعد على الإضاءة داخل الكعبة. في عام ١٣٩٩هـ١٩٧٩/م جدد باب الكعبة وباب التوبة الذي بداخلها فصنعا من الذهب الخالص ,وقد كان وزنهما ٢٨٠كغم ,والهيكل الإنشائي للبابين متألف من قاعدة خشبية من خشب التيك ,وثبتت عليها صفائح ) (١سورة :آل عمران ,الآية ).(٩٦ ) (٢سورة :البقرة ,جزء من الآية ).(١٤٤ المطاف ٢.٢٥م ,أما باب التوبة فطوله ٢.٣٠م ,وعرضه ٠.٧٠م. أما قفل الكعبة فمفتاحه عند ممثل العهدة من بني شيبة ,وهذا الشرف قد حفظه لهم النبي منذ يوم الفتح وإلى أن يرث االله الأرض ومن عليها. وذلك أن قصي بن كلاب جد النبي لما آل إليه أمر الكعبة من حجابة وسقاية ورفادة أتمها حتى إذا كبر في السن أعطى السدانة وهي حجابة الكعبة ودار الندوة لابنه عبد الدار والسقاية والرفادة لابنه عبد مناف. وولي عبد الدار حجابة البيت وولاية دار الندوة واللواء فلم يزل يليه حتى هلك ,وجعل عبد الدار الحجابة بعده لابنه عثمان بن عبد الدار ,وجعل دار الندوة إلى ابنه عبد مناف بن عبد الدار. لم تزل بنو عبد مناف بن عبد الدار يلون الندوة دون ولد عبد الدار أمر فتحها لهم عامر بن هاشم بن عبد فكانت قريش إذا أرادت أن تشاور فيٍ مناف بن عبد الدار أو بعض ولده أو ولد أخيه. ولم تزل بنو عثمان بن عبد الدار يلون الحجابة دون ولد عبد الدار ,ثم وليها عبد العز￯ بن عثمان بن عبد الدار ,ثم وليها أبو طلحة عبد االله بن عبد أيديهم وفتح الكعبة ودخلها ثم خرج رسول االله من الكعبة مشتملا على المفتاح فقال له العباس بن عبد المطلب: بأبي أنت وأمي يا رسول االله أعطنا الحجابة مع السقاية فأنزل االله عز وجل على نبيه ﴿ ).(١)﴾ $yγÎ=÷δr& #’n<Î) ÏM≈uΖ≈tΒF{$# (#ρ–Šxσè? βr& öΝä.ããΒù'tƒ ©!$#̈βÎ فتلاها النبي ثم دعا عثمان بن طلحة فدفع إليه المفتاح وقال :غيبوه, ثم قال :خذوها يا بني أبي طلحة بأمانة االله سبحانه واعملوا فيها بالمعروف خالدة تالدة لا ينزعها من أيديكم إلا ظالم).(٢ والمفتاح لا يزال عند ممثل العهدة من بني شيبة وطولها ٤٠سم ,وتحفظ في الحقيبة الحريرية المطرزة بالذهب الخالص والتي يجهزها مصنع الكسوة سنويا ومكتوب عليها.(٣)﴾ $yγÎ=÷δr& #’n<Î) ÏM≈uΖ≈tΒF{$# (#ρ–Šxσè? βr& öΝä.ããΒù'tƒ ©!$#̈βÎ) * ﴿ : ) (١سورة :النساء ,جزء من الآية ).(٥٨ ) (٢الأزرقي ,أخبار مكة ,ج ,١ص.١١٠ ) (٣سورة :النساء ,جزء من الآية ).(٥٨ النبي وخلفاؤه الراشدون بعده وهكذا أمراء بني أمية وبني العباس. وبعد دولة بني العباس كانت الكسوة تأتي من مصر أو اليمن ,ثم استقر الحال أن تأتي الكسوة من مصر ,ووقف الملك الصالح قلاوون ثلاث قر￯ بنواحي القاهرة لصالح الكسوة ,ثم أضاف إليها السلطان سليم خان العثماني سبع قر￯ أخر￯ سنة ٩٤٧هـ١٥٤٠/م. بعد ذلك أنشأ محمد علي مصلحة حكومية لصالح الكسوة ,فتولت الحكومة المصرية أمر صناعة الكسوة وإرسالها سنويا إلى عام ١٣٤٣هـ١٩٢٤/م إذ توقف لظروف طرأت. بعدها قام الملك عبد العزيز آل سعود بكساء الكعبة وأمر بإنشاء مصنع للكسوة بمكة المكرمة أنتج أول كسوة سنة ١٣٤٦هـ١٩٢٧/م. والكسوة تنسج من الحرير الطبيعي الخالص المصبوغ باللون الأسود, وزنة الحرير المستخدم ٦٧٠كغم ,وتتكون الكسوة من خمس قطع ,أربع منها تغطي الجهات الأربع للكعبة المشرفة حسب مقاس كل منها ,والخامسة هي الستارة التي توضع على الباب ,وفي الثلث الأعلى من الكسوة حزام كتبت عام هجري).(١ المطلب الرابع :الحجر الأسود هو الحجر المثبت في الركن الجنوبي للكعبة على ارتفاع ١.١٠م من أرض المطاف ,طوله نحو ٢٥سم ,وعرضه نحو ١٧سم ,وهو مغروس في جدار الكعبة ,وكان قطعة واحدة وتكسر إلى ثماني قطع صغار مختلفة الحجم أكبرها بقدر التمرة الواحدة. والحجارة مغروسة في حجر آخر كبير عليه طوق من فضة ,والحجارة الثماني هي المقصودة بالتقبيل وليس الحجر الذي حوله).(٢ ويصف الأزرقي مبدأ الحجر الأسود بقوله: وكان إبراهيم يبني وينقل له إسماعيل الحجارة على رقبته ,فلما ارتفع البنيان قرب له المقام فكان يقوم عليه ويبني ويحوله إسماعيل في نواحي البيت ) (١محمد إلياس ,تاريخ مكة المكرمة ,ص.٦١ ) (٢محمد إلياس ,تاريخ مكة المكرمة ,ص.٤٢ فذهب إسماعيل يطلب له حجرا ورجع وقد جاءه جبريل بالحجر الأسود وكان االله عز وجل استودع الركن أبا قبيس حين غرق االله الأرض زمن نوح ,وقال :إذا رأيت خليلي يبني بيتي فأخرجه له ,قال :فجاءه إسماعيل فقال له :يا أبه ,من أين لك هذا? قال :جاءني به من لم يكلني إلى حجرك, جاء به جبريل).(١ وتعرض الحجر الأسود للسرقة من قبل القرامطة عام ٣١٧هـ٩٣٠/م, وقد رو￯ المؤرخون قصة ذلك ونذكرها على سبيل الاختصار ,قال ابن فهد في حوادث عام ٣١٧هـ: فيها دخل صاحب البحرين أبو طاهر سليمان بن أبي ربيعة القرمطي مكة ,وحضر عمر بن الحسن بن عبد العزيز لإقامة الحج خليفة لأبيه ,فلم يشعر الناس يوم الاثنين وهو يوم التروية إلا وقد وافاهم أبو طاهر القرمطي في ٩٠٠رجل من أصحابه فدخلوا المسجد الحرام وأبو طاهر سكران راكب فرسا له وبيده سيف مسلولّ فصفر لفرسه فبال عند البيت. ) (١الأزرقي ,أخبار مكة ,ج ,١ص .٦٥ بالمسجد الحرام ١٧٠٠وهم متعلقون بأستار الكعبة وردم بهم زمزم حتى ملؤوها ,وصعد باب الكعبة وهو يقول: يخلق الخلق وأفنيهم أناأنا باالله وباالله أنا وضرب بعض أصحابه الحجر الأسود فتكسر ,ولم يقف أحد ذلك العام بعرفة ,وأخذ أبو طاهر أموال الناس وحلي الكعبة وهتك أستارها وقسم كسوتها بين أصحابه ,ونهب دور مكة وقلع باب الكعبة. ثم عاد على الحجر الأسود فقلعه جعفر بن أبي علاج البنا المكي بأمر القرمطي بعد صلاة العصر من يوم الاثنين ١٤من ذي الحجة ,ثم انصرف إلى بلده هجر حاملا معه الحجر الأسود ,وظل موضع الحجر خاليا يضع الناس فيه أيديهم للتبرك. وفي سنة ٣٣٩هـ٩٥١/م وافى سنبر بن الحسن القرمطي مكة ومعه الحجر الأسود ,ولما صار بفناء الكعبة ومعه أمير مكة أظهر الحجر وعليه ضباب فضة قد عملت من طوله وعرضه تضبط شقوقا حدثت عليه بعد اقتلاعه ,وأحضر معه جصا يشد به فوضع سنبر الحجر بيده وشده الصانع رد الحجر الأسود في موضعه قبل حضور الناس لزيارة الكعبة يوم النحر, وكانت مدة بقائه عند القرمطي وأصحابه اثنتين وعشرين سنة إلا أربعة أيام).(١ المطلب الخامس :الركن اليماني مضى بنا الكلام أن الركنين المؤسسين على قواعد إبراهيم #هما ركن الحجر والركن اليماني ,وقد مضى ذكر ركن الحجر الأسود. وأما الركن اليماني فهو الركن الجنوبي الغربي الذي يسامت ركن الحجر من قبل يمين الحجر فهو على يسار من يستقبل الحجر ,وقد سمي هذا الركن باليماني لكونه على جهة بلاد اليمن. والآن في الركن اليماني فتحة في ستار الكعبة المشرفة بارتفاع قامة الإنسان ليتمكن الطائفون من استلامه إذ ذلك سنة كما سيأتي. ) (١ابن كثير ,البداية والنهاية ,ج ,١١ص ,١٦٠والفاسي ,شفاء الغرام ,ج ,١ص ,٣٦٣ وباسلامة ,تاريخ الكعبة المعظمة ,ص.١٩٠ شك أن ذلك الذي نقصوه من أصل الكعبة فيكون له حكمها ,والكعبة الآن قد استقر بناؤها على ما بناه أهل الجاهلية ,وهو شمال الكعبة مكشوف على شكل نصف دائرة له مدخلان ,كل مدخل عند أحد الركنين الشامي والعراقي. والسابق يسمى حطيما كما قد يسمى حجرا ,فتسميته بالحجر على معنى أنه حجر من البيت أي منع منه ,وتسميته بالحطيم على معنى أنه محطوم من البيت أي مكسور منه فعيل بمعنى مفعول كقتيل بمعنى مقتول. وقيل بل فعيل بمعنى فاعل أي حاطم كالعليم بمعنى عالم ,وبيانه فيما جاء في الحديث من دعى على من ظلمه فيه حطمه االله تعالى).(١ وإليك بعضا من المعلومات التي تصف أطواله: ارتفاع جدار الحطيم١.٣٢ :م ,وعرضه ١.٥٥م ,والمسافة بين مدخليه ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١١والعيني ,البناية ,ج ,٤ص .١٩٦ بل بعضه من بناء إبراهيم وبعضه ليس من بناء إبراهيم ,وأهل تاريخ مكة المكرمة ينصون على أن إبراهيم #جعل بعد الكعبة التي رفع قواعدها عريشا إلى جانبها الشمالي ,وكان زربا لغنم إسماعيل .(٢)# وأورد كثير من المؤرخين أن إسماعيل #قد دفن في الحجر عند قبر أمه هاجر).(٣ غير أن هؤلاء الذين ذكروا مدفن إسماعيل لم يذكروا لذلك دليلا مرفوعا أو له حكم الرفع بل هي حكاية فقط مما يجعل أمر الأخذ بها عسيرا).(٤ وعلى كل الحجر نفسه من حيث الأصل ليس من البيت الذي أسسه إبراهيم ,غير أن قريشا نقصت من البيت شيئا فأدخلته في الحجر. ) (١باسلامة ,تاريخ الكعبة المعظمة ,ص ,١٩٩ومحمد إلياس ,تاريخ مكة المكرمة ,ص.٤٩ ) (٢الأزرقي ,أخبار مكة ,ج ,١ص.٦٥ ) (٣الطبري ,تاريخ الطبري ,ج ,١ص ,١٨٩وابن هشام ,السيرة النبوية ,ج ,١ص,١١١ وابن الجوزي ,المنتظم ,ج ,١ص ,٣٠٥والأزرقي ,أخبار مكة ,ج ,١ص.٨٦ ) (٤باسلامة ,تاريخ الكعبة المعظمة ,ص .٢٠٨ قريش. وقد اختلفت الروايات في مقدار ما نقصته قريش من البيت وأدخلته مع الحجر ,فأفادت روايات بظاهرها أن الحجر كله من البيت كما في حديث الأسود بن يزيد عن عائشة > قالت :سألت النبي عن الجدر أمن البيت هو? قال :نعم ,قلت :فما لهم لم يدخلوه في البيت? قال :إن قومك قصرت بهم النفقة).(١ ومما يفيد الحكم السابق أيضا أن السيدة عائشة > سألت النبي أن تصلي في الكعبة فأمرها بالصلاة في الحجر لأنه من البيت ,وقد جاء الحديث السابق من طرق: أولها :من طريق علقمة عن أمه عن عائشة قالت :كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه فأخذ رسول االله بيدي فأدخلني الحجر فقال :إذا أردت دخول البيت فصلي ها هنا; فإنما هو قطعة من البيت ولكن قومك اقتصروا حيث بنوه. ) (١أخرجه البخاري ,في كتاب :الحج ,باب :فضل مكة وبنيانها ).(١٥٠٧ لكن يشكل على كلام الترمذي أمور: أم علقمة الراوية عن السيدة عائشة اسمها مرجانة ,وثقها ابن حبان),(٤ ونقل الحافظ ابن حجر عن العجلي أنه قال :تابعية مدنية ثقة) (٥ولم أجد ذلك لغيرهما. وقد رو￯ عنها ابنها علقمة وبكير بن الأشج. ثانيها :عبد العزيز بن محمد الدراوردي اختلف في توثيقه ,فوثقه جماعة وضعفه آخرون) ,(٦ولعله ممن يحسن حديثه. تنبيه :جاء في رواية الأزرقي من طريق إبراهيم بن محمد الشافعي حدثنا ) (١كتاب :مناسك الحج ,باب :الصلاة في الحجر ).(٢٩١٢ ) (٢كتاب :المناسك ,باب :الصلاة في الحجر ).(٢٠٢٨ ) (٣كتاب :الحج ,باب :ما جاء في الصلاة في الحجر ).(٨٧٦ ) (٤ابن حبان ,الثقات ,ج ,٥ص .٤٦٦ ) (٥ابن حجر ,تهذيب التهذيب ,ج ,١٢ص .٥٠٠ ) (٦المزي ,تهذيب الكمال ,ج ,١٨ص ,١٨٧وابن حجر ,تهذيب التهذيب ,ج ,٦ص.٣١٥ نسخ النسائي عن علقمة عن أبيه عن أمه عن عائشة).(٢ ثاني طرق الحديث :أحمد بن سعيد الرباطي قال :حدثنا وهب بن جرير قال :حدثنا قرة بن خالد عن عبد الحميد بن جبير عن عمته صفية بنت شيبة قالت :حدثتنا عائشة قالت :قلت :يا رسول االله ,ألا أدخل البيت? قال: ادخلي الحجر; فإنه من البيت. والحديث أخرجه باللفظ السابق النسائي في المجتبى) ,(٣ونسبه الحافظ ابن حجر إلى أبي داود) ,(٤ولم أجد الرواية في سنن أبي داود بعد البحث ,وعلى كل ظاهر إسناد النسائي الصحة. أما ثالث طرق الحديث فهي :حسن ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن عائشة أنها قالت :يا رسول االله ,كل أهلك قد ) (١الأزرقي ,أخبار مكة ,ج ,١ص .٣١٢ ) (٢المباركفوري ,تحفة الأحوذي ,ج ,٣ص .٥٢٤ ) (٣كتاب :مناسك الحج ,باب :الصلاة في الحجر ).(٢٩١١ ) (٤ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص .٤٤٣ ما استطعنا فتحه في جاهلية ولا إسلام بليل ,فقال النبي :صلي في الحجر; فان قومك استقصروا عن بناء البيت حين بنوه. أخرجه أحمد) ,(١غير أن فيه عللا تقصر به مفردا عن الاحتجاج: أولها :سعيد بن جبير على علو منزلته لم يسمع من السيدة عائشة).(٢ ثانيها :أعله الهيثمي في المجمع باختلاط عطاء بن السائب) ,(٣وقد صححوا سماع عطاء بن السائب من حماد بن سلمة قبل اختلاطه. وجاء ما يفيد أن سعيد بن جبير سمع هذا الحديث من ابن عباس عن عائشة مما يعني زوال الانقطاع وذلك لما رو￯ الطبراني من طريق محمد بن نصر بن حميد قال :حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الترجماني قال: حدثنا شعيب بن صفوان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ) (١أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,٦ص .٦٧ ) (٢أحمد بن حنبل ,العلل ومعرفة الرجال ,ج ,٣ص ,٢٨٤والعلائي ,جامع التحصيل, ص ,١٨٢وابن حجر ,تهذيب التهذيب ,ج ,٤ص .١٢ ) (٣الهيثمي ,مجمع الزوائد ,ج ,٣ص .٢٩٣ وقال الطبراني عقبه :لم يرو هذا الحديث عن عطاء بن السائب إلا شعيب بن صفوان. وجاء الحديث بسياق أطول من طريق محمد بن عبد االله بن بكر السراج نا إسماعيل بن إبراهيم الترجماني نا شعيب بن صفوان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عائشة قالت: قلت :يا رسول االله ,كل نسائك قد دخل البيت غيري ,قال :فاذهبي إلى ذي قرابتك إلى شيبة فليفتح لك الباب فادخليه. فأرسلت إليه إن نبي االله قد أذن لي أن تفتح لي الباب فأدخله ,قال :نبي االله أمرك بذاك? قلت :نعم. فأخذ المفاتيح فأتى النبي فقال :يا رسول االله ,أمرت عائشة أن يفتح لها الباب? قال :نعم ,قال :لا واالله ما فتحته في جاهلية ولا إسلام بليل قط, قال: ) (١الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,٥ص .٢٢٤ قصرت بهم النفقة فتركوا طائفة من البيت. والحديث أخرجه أبو بكر الإسماعيلي) (١والطبراني وقال عقبه :لم يرو هذا الحديث عن عطاء بن السائب إلا شعيب بن صفوان).(٢ ومع تفرد شعيب بن صفوان بالرواية هو ممن لا يحتمل التفرد فضلا عن مخالفة الثقات ,فقد قال ابن معين :ليس بشيء ,الترجماني يروي عنه وليس يبالي عمن رو￯ ,وقال أبو حاتم :يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن عدي :عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد) ,(٣ومع ذلك فقد أورده ابن حبان في الثقات وقال :يخطئ) ,(٤وقول من ذكرنا من الجارحين مقدم على كلام ابن حبان. ومن السابق تكون رواية من رو￯ دون ذكر السيدة عائشة أولى فيعل ) (١الإسماعيلي ,معجم شيوخ أبي بكر الإسماعيلي ,ج ,١ص.٤٤٣ ) (٢الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,٧ص .١٣٨ ) (٣ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٤ص .٣٤٨ ) (٤ابن حبان ,الثقات ,ج ,٦ص.٤٤٠ سعيد بن جبير عن عائشة وفيه أنها أرسلت إلى شيبة الحجبي ليفتح لها البيت بالليل فقال :ما فتحناه في جاهلية ولا إسلام بليل. وهذه الروايات كما رأيت مطلقة تفيد أن الحجر كله من البيت ,وبذلك كان يفتي ابن عباس كما في حديث عبد الرزاق عن أبيه عن مرثد بن شرحبيل قال :سمعت ابن عباس يقول :لو وليت من البيت شيئا لأدخلت الحجر فيه كله فلم يطف من ورائه).(١ غير أنه جاءت روايات تفيد أنه لم يكن الحجر كله من البيت ,وقد اختلفت في التقدير ,ففي رواية عن السيدة عائشة أنها خمس أذرع) ,(٢وقد تقدم لفظ الرواية. وجاء في رواية ستة أذرع كما في حديث يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة > أن النبي قال لها: ) (١عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص .٥٧ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :نقض الكعبة وبنيانها ).(١٣٣٣ وبابا غربيا فبلغت به أساس إبراهيم. فذلك الذي حمل ابن الزبير على هدمه. قال يزيد :وشهدت ابن الزبير حين هدمه وبناه وأدخل فيه من الحجر, وقد رأيت أساس إبراهيم حجارة كأسنمة الإبل ,قال جرير :فقلت له :أين موضعه? قال :أريكه الآن ,فدخلت معه الحجر فأشار إلى مكان فقال :ها هنا ,قال جرير :فحزرت من الحجر ستة أذرع أو نحوها).(١ وجاء الحكم السابق دون الشك الذي في آخره من حديث محمد بن حاتم حدثني ابن مهدي حدثنا سليم بن حيان عن سعيد بن ميناء قال: سمعت عبد االله بن الزبير يقول :حدثتني خالتي −يعني عائشة −قالت: قال رسول االله :يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض ,وجعلت لها بابين بابا شرقيا وبابا غربيا ,وزدت ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :فضل مكة وبنيانها ).(١٥٠٩ سمعت عبد االله بن عبيد بن عمير والوليد بن عطاء يحدثان عن الحارث بن عبد االله بن أبي ربيعة ,قال عبد االله بن عبيد: وفد الحارث بن عبد االله على عبد الملك بن مروان في خلافته فقال عبد الملك :ما أظن أبا خبيب −يعني ابن الزبير −سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمعه منها. قال الحارث :بلى أنا سمعته منها ,قال :سمعتها تقول ماذا? قال :قالت: قال رسول االله : إن قومك استقصروا من بنيان البيت ,ولولا حداثة عهدهم بالشرك أعدت ما تركوا منه ,فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه فأراها قريبا من سبعة أذرع).(٢ وللسابق حكم جماعة باضطراب الرواية وذهبوا إلى أن الحجر كله من ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :نقض الكعبة وبنيانها ).(١٣٣٣ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :نقض الكعبة وبنيانها ).(١٣٣٣ ولم يأت أنه أو أحد من أصحابه كانوا يطوفون بعد الستة أذرع أو السبعة المذكورة مما يفيد أن الحجر كله من البيت).(١ ويعترض على هؤلاء في استدلالهم السابق بأن الاضطراب الذي يقضي بطرح الرواية هو الذي لا يمكن معه الجمع بين الروايات المختلفة ,أما مع إمكان الجمع بينها فلا يصح أن يصار إلى إلغاء أدلة الشارع. وقد جمع بين مختلف الروايات السابقة بأمر وهو أن الروايات جاءت بلفظ ليس فيه قطع وقد تفاوتت بين الستة أذرع وسبعة فيقال إن المسافة هي كذلك ,غير أن النص النبوي للمسافة كان ستة أذرع ,وما بقي فتخمين من الرواة. ومما يؤيده أن الذراع يختلف من شخص لآخر ,كما أن التخمين والحدس أمر لا ينضبط بضابط فيكون من السائغ فيه الاختلاف اليسير كما هو الحال في الروايات السابقة. ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٢٧وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.٩٣٨ أما رواية خمسة الأذرع فهي حقا تعارض رواية الستة لذا حكم بعض الأئمة بشذوذها) ,(١وذلك ما لا محيص من القول به. وجمع الحافظ ابن حجر في الفتح بين هذه الرواية وغيرها من الروايات فقال: ظهر لي لرواية عطاء وجه وهو أنه أريد بها ما عدا الفرجة التي بين الركن والحجر فتجتمع مع الروايات الأخر￯; فإن الذي عدا الفرجة أربعة أذرع وشيء. ولهذا وقع عند الفاكهي من حديث أبي عمرو ابن عدي بن الحمراء أن النبي قال لعائشة في هذه القصة: ولأدخلت فيها من الحجر أربعة أذرع ,فيحمل هذا على إلغاء الكسر, ورواية عطاء على جبره ,ويجمع بين الروايات كلها بذلك ولم أر من سبقني ) (١ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص .٤٤٣ قائلين مختلفين ,لكن يعكر عليه أن القائل واحد وفي موضع واحد مما يستلزم أن يكون اللفظ المقول واحدا ,وما عداه لم يقل مما يعني شذوذه على أقل تقدير. نعم يمكن القول به في الروايات الأخر￯ التي اختلف المقدرون فيها أما رواية عطاء فهي نفسها رواية سعيد بن ميناء عن عبد االله بن الزبير مما يجعل من العسير الأخذ بجمع الحافظ ابن حجر. وأما رواية الفاكهي التي فيها أربعة أذرع فأخرجها في أخبار مكة ولكنها غير مسندة).(٢ أما الدليل الآخر الذي استدل به القائلون بأن الحجر كله من الكعبة لأن النبي طاف خارجه ولم يدخله في شيء من طوافه فيرده أن ذلك لا يستلزم كونه كله من الكعبة إذ قد يطوف خارجه وهو غير داخل في الكعبة ولا مانع من ذلك في الشرع ولا العقل. ) (١ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص .٤٤٣ ) (٢الفاكهي ,أخبار مكة ,ج ,٥ص .٢٢٨ ذلك حرجا كبيرا جدا ,وقد خرج من الكعبة كارها خشية أن تدخل المشقة على الأمة بدخولهم فيها; لأن من الفعل الذي قام به هو دخولها. وفوق التوجيهات السابقة يكون تعارض الأدلة المذكورة بين عبارة نص الرواية التي فيها بيان أن الذي من الكعبة ستة أذرع وبين إشارة نص الرواية التي فيها أن النبي طاف خارج الحجر. ومعلوم من الاتفاق أن دلالة العبارة مقدمة على دلالة الإشارة; لأن دلالة الإشارة هي دلالة اللفظ على معنى أو حكم غير مقصود للشارع لا أصالة ولا تبعا لكنه لازم عقلي ذاتي متأخر للمعنى الذي سيق أو شرع النص من أجله. ومنه يقدم الحكم الثابت بالعبارة على الثابت بالإشارة; لأن الحكم الثابت بالعبارة يكون هو المقصود أولا وبالذات ,والكلام قد سيق لأجله أصالة أو تبعا ,أما الحكم الثابت بالإشارة فلم يسق الكلام لأجله لا أصالة داخل الكعبة فمجمل بينه حديثها الذي فيه النص على أن الذي من البيت هو ستة أذرع فقط أو تزيد قليلا ,ومعلوم من الاتفاق أن المبين من الأدلة مقدم على المجمل. ولو كان حديث سعيد بن جبير عن عائشة –الذي سبق ذكره −ثابتا لكان فيه دليل قوي على أن الحجر ليس كله من البيت فإنه قال :فإن طائفة من الحجر من البيت ,والمفهوم المخالف لذلك أن طائفة أخر￯ منه ليست من البيت ,ولكن يشكل عليه ضعفه الذي بيناه مما يسقط حجيته. ومن السابق يتبين أن الجدار المعمول الآن لحجر إسماعيل ليس كله من البيت بل بعضه من البيت وهو مقدار ستة أذرع ,وما بقي فهو من حجر إسماعيل الذي نقلنا عن المؤرخين قصة مبدئه. وقد اختلف الفقهاء أيصح طواف من خلى بينه والبيت سبعة أذرع أو لا يصح) ,(٢وهذا أمر نعرض له عند الحديث عن واجبات الطواف وشروطه إن ) (١الدريني ,المناهج الأصولية ,ص.٣٧٢ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٤٠وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص,٤٤٨ القطب ,كشف الكرب ,ج ,٢ص ,١١٢والزرقاني ,شرح الموطأ ,ج ,٢ص.٤٠٢ هو البناء المسنم بأسفل جدار الكعبة مما يلي أرض المطاف ما عدا جهة الحطيم) ,(١وما كان منه في جهة الحطيم يسمى عتبة الحطيم. وحجارة الشاذروان من الرخام القوي الصلب من أنفس حجارة المرمر ,وقد ثبتت فيها ٤٣حلقة نحاسية لربط حبال كسوة الكعبة).(٢ وللفقهاء خلاف هل الشاذروان المذكور من أصل الكعبة أو ليس هو من أصل الكعبة. قال جماعة :إن الشاذروان من أصل الكعبة ,وقد نقصه مشركو قريش من الكعبة المشرفة مع ما نقصوا من جهة الحطيم) ,(٣وقد تقدم بيان ذلك. ) (١النووي ,تهذيب الأسماء واللغات ,ج ,٣ص ,٦٢وابن الضياء ,البحر العميق ,ج,٢ ص ,١٢٢٥والقطب ,كشف الكرب ,ج ,٢ص .١١٢ ) (٢محمد إلياس ,تاريخ مكة المكرمة ,ص .٥١ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٧والمزني ,المختصر ,ص ,٦٧خليل بن إسحاق ,مختصر خليل ,ص ,٧٦والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٢٥وابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص الذي يسمى بالشاذروان).(١ وذهب آخرون إلى أن الشاذروان ليس من أصل الكعبة فلا حرج في الطواف عليه).(٢ ودليل هذا القول الأخير أنه لم يأت شيء من النصوص الشرعية يحكم بكون الشاذروان من أصل الكعبة ,وأن ما جاء من ذلك ناص على أن المشركين ما نقصوا إلا من جهة الحجر فقط وبمقدار ستة أذرع كما تقدم ذكر الروايات المختلفة في ذلك ,فقول القائلين إنه من البيت دعو￯ ليس لهم ما يسندها من النصوص الشرعية; لذا يسقط دليلهم الذي استدلوا به. ثم إن من المعلوم –كما تقدم −أن ابن الزبير لما بنى الكعبة بناها على ,٥٩٤والعبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص ,٧٠والبهوتي ,كشاف القناع ,ج ,٢ص ,٤٨٢والقطب ,كشف الكرب ,ج ,٢ص .١١٢ ) (١الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص .٣٩١ ) (٢ابن تيمية ,مجموع الفتاو￯ ,ج ,٢٦ص ,١٢١وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص,٤٩٤ وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص ,٩٤٠وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص ,١٢٢٦وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص .٤٩٦ الموجودة في زمن الناس هذا على ما تركها الحجاج. وهذا يفيد أن البيت الآن من حيث أركانه −إلا ركن الحطيم −من البيت على قواعد إبراهيم ,وما من شك أن الشاذروان خارج من البيت الآن مما يعني أنه ليس من الكعبة التي أسست على قواعد إبراهيم .(١)# ثم إن كون الشاذروان من البيت أمر تستدعي الأحوال أن ينبه النبي  عليه; إذ إن الوقوع فيه أو المرور عليه ولو بهوائه أمر تعم به البلو￯ خاصة في ركن الحجر الأسود الذي يأتيه الناس عند كل طوفة. وذلك يستلزم كونهم مروا ببعض أجسادهم في الكعبة مما يجعل طوافهم غير صحيح ,ولو كان الأمر كما ذكر لنبه النبي عليه ,ولما لم ينبه ظهر أن الشاذروان ليس من أصل الكعبة).(٢ ومن المستقر كذلك –كما تقدمت الإشارة إليه −أن الركنين اليمانيين الحجر واليماني مما أسس على قواعد إبراهيم ,فمكانهما هو نفسه الذي كان في ) (١ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص ,٩٤٠ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص.١٢٢٧ ) (٢ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص .٩٤٠ وقد يعترض على ذلك بأنهما من الكعبة التي بناها إبراهيم #وإن تزحزح إلى الوراء قليلا. ويرد على ذلك بأن ذلك هو الحال في الركنيين الشامي والعراقي ,وقد تقدم من قبل أن ابن عمر استنبط علة عدم تقبيل الركنين الشامي والعراقي من كونهما مبنيين على غير قواعد إبراهيم #مع أنهما من البيت اتفاقا. المطلب الثامن :مقام إبراهيم ورد ذكر مقام إبراهيم في الكتاب العزيز والأمر بأن يتخذ مصلى وذلك في قوله تعالىzΟ↵Ïδ≡tö/Î) ÏΘ$s) ̈Β ⎯ÏΒ (#ρä‹ÏƒaB$#uρ $YΖøΒr&uρ Ä ̈$ ̈Ζ=Ïj9 Zπt/$sWtΒ |MøŠt7ø9$# $uΖù=yèy_ øŒÎ)uρ ﴿ : ,(١)﴾( ’~?|ÁãΒكما قرر الكتاب العزيز أن مقام إبراهيم من الآيات البينات كما في قوله تعالى’n?tã ¬!uρ 3 $YΨÏΒ#uTM tβ%x. ...ã&s#yzyŠ ⎯tΒuρ ( zΟŠÏδ≡tö/Î) ãΠ$s) ̈Β ×M≈uΖÉit/ 7M≈tƒ#uTM ÏμŠÏù ﴿ : Ç⎯tã ;©Í_xî ©!$#̈βÎ*sù txx. ⎯tΒuρ 4 Wξ‹Î6yTM Ïμø‹s9Î) tí$sÜtGóTM$# Ç⎯tΒ ÏMøt7ø9$# kÏm Ä ̈$ ̈Ζ9$# ) (١سورة :البقرة ,الآية ).(١٢٥ إبراهيم هو الحرم كله ,ومنهم من قال إنه عرفة والمزدلفة والجمار. ومنهم من قال إنه الحج كله ,وأشهر الأقوال التي أخذ بها أكثر أهل العلم واستقر الرأي عليها هو أن مقام إبراهيم هو الحجر الذي فيه أثر قدمي إبراهيم .(٢)# ومما يدل على السابق مع دليل استقرار الاجتهاد عليه أن النبي سماه مقام إبراهيم كما في حديث جابر بن عبد االله في وصف حجة النبي إذ قال: ....حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ" :واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" فجعل المقام بينه وبين البيت).(٣ ) (١سورة :آل عمران ,الآية ).(٩٧ ) (٢الطبري ,تفسير الطبري ,ج ,١ص ,٥٣٥والزمخشري ,الكشاف ,ج ,١ص,٢١٢ والرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٤ص ,٤٤والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج,٢ ص ,١١٢وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٤ص .١٤٨٦ ) (٣أخرجه مسلم ,في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  وللعوادي التي مرت به كما يقول من رآه).(١ وقال بعض الفقهاء إن الحفر التي تظهر الآن على مقام إبراهيم ليست بأثر للقدمين; لأن المعروف من الناحية التاريخية أن أثر القدمين قد زال منذ أزمنة متطاولة ,ولكن حفرت هذه أو صنعت للعلامة فقط ,ولا يمكن أن نجزم بأن هذا الحفر هو موضع قدمي إبراهيم عليه الصلاة والسلام).(٢ وقد اختلفت الروايات في مبدئه فجاء بعضها مفيدا أنه الحجر الذي كان يقوم عليه إبراهيم عند بناء الكعبة كما يقول ابن عباس إنه جاء إبراهيم فوجد إسماعيل قاعدا تحت دوحة إلى ناحية البئر يبري نبلا له فسلم عليه ونزل إليه فقعد معه وقال :يا إسماعيل إن االله قد أمرني بأمر. قال إسماعيل :فأطع ربك فيما أمرك ,قال إبراهيم :أمرني أن أبني له بيتا, ابن ,قال ابن عباس :فأشار له إبراهيم إلى أكمة بين يديهقال إسماعيل : ِِْ مرتفعة على ما حولها يأتيها السيل من نواحيها ولا يركبها. ) (١الطبري ,جامع البيان ,ج ,١ص ,٥٣٧وابن كثير ,تفسير القرآن العظيم ,ج ,١ص.١٧١ ) (٢ابن عثيمين ,مجموع الفتاو￯ ,ج ,٢٢ص.٤١١ وإسماعيل يحمل الحجارة على رقبته والشيخ إبراهيم يبني ,فلما ارتفع البنيان وشق على الشيخ تناوله قرب إليه إسماعيل هذا الحجر فجعل يقوم عليه ويبني ويحوله في نواحي البيت حتى انتهى. يقول ابن عباس :فذلك مقام إبراهيم وقيامه عليه).(١ ومن الروايات ما يفيد أنه الحجر الذي كانت زوجة إسماعيل وضعته تحت قدم إبراهيم حين غسلت رأسه فوضع إبراهيم رجله عليه وهو راكب فغسلت شقه ثم دفعته من تحته وقد غابت رجله في الحجر فوضعته تحت الشق الآخر فغسلته فغابت رجله أيضا فيه فجعلها االله من شعائره).(٢ موضع المقام من البيت العتيق استقر موضع مقام إبراهيم الآن خارجا من الكعبة في جهة بابها ,لكن للعلماء خلافا في موضع المقام في زمان النبي ,وهذا الخلاف ما هو إلا ) (١الطبري ,جامع البيان ,ج ,١٣ص ,٢٣٢وعبدالرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص,١١٠ والأزرقي ,أخبار مكة ,ج ,٢ص .٣٢ ) (٢الطبري ,جامع البيان ,ج ,١ص .٥٣٧ المقام منذ زمن إبراهيم #في الموضع الذي هو عليه الآن ,وقد احتمله سيل زمن الفاروق فرده إلى موضعه السابق. ويدل على السابق حديث كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي عن أبيه عن جده قال: كانت السيول تدخل المسجد الحرام من باب بني شيبة الكبير قبل أن يردم عمر بن الخطاب الردم الأعلى ,وكان يقال لهذا الباب باب السيل. قال :فكانت السيول ربما دفعت المقام عن موضعه ,وربما نحته إلى وجه الكعبة حتى جاء سيل في خلافة عمر بن الخطاب يقال له سيل أم نهشل, وإنما سمي بأم نهشل أنه ذهب بأم نهشل ابنة عبيدة بن أبي أحيحة سعيد بن العاصي فماتت فيه فاحتمل المقام من موضعه هذا فذهب به حتى وجد بأسفل مكة ,فأتي به فربط إلى أستار الكعبة في وجهها. وكتب في ذلك إلى عمر فأقبل عمر فزعا فدخل بعمرة في شهر رمضان وقد عفاه السيل فدعا عمر بالناس فقال :أنشد االله عبدا عنده علم في هذا المقام? باب الحجر ,ومن موضعه إلى زمزم بمقاط وهو عندي في البيت. فقال له عمر :فاجلس عندي وأرسل إليها فأتى بها فمدها فوجدها مستوية إلى موضعه هذا فسأل الناس وشاورهم فقالوا :نعم هذا موضعه, فلما استثبت ذلك عمر وحق عنده أمر به. والحديث أخرجه الأزرقي في أخبار مكة) ,(١وقال الحافظ ابن حجر والمباركفوري :أسانيده صحيحة).(٢ ومما يؤيد ذلك قول جابر بن عبداالله يوم وصف حجة النبي : ....حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ" :واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" فجعل المقام بينه وبين البيت).(٣ وثاني الروايات يقضي بأن المقام كان ملصقا بالكعبة غير أن عمر بن ) (١الأزرقي ,أخبار مكة ,ج ,٢ص.٣٣ ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,١ص ,٤٩٩والمباركفوري ,تحفة الأحوذي ,ج ,٣ص.٥٠٨ ) (٣أخرجه مسلم ,في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  ورو￯ عبد الرزاق عن ابن جريج قال :سمعت عطاء وغيره من أصحابنا يزعمون أن عمر أول من رفع المقام فوضعه موضعه الآن ,وإنما كان في قبل الكعبة).(١ ورو￯ الفاكهي عن الزبير بن أبي بكر قال :ثنا يحيى بن محمد بن ثوبان عن سليم عن ابن جريج عن عثمان بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير أنه قال: كان المقام في وجه الكعبة ,وإنما قام عليه إبراهيم حين ارتفع البنيان فأراد أن يشرف على البناء ,قال :فلما كثر الناس خشي عمر بن الخطاب أن يطئوه بأقدامهم فأخرجه إلى موضعه هذا الذي هو به اليوم حذاء موضعه الذي كان به قدام الكعبة).(٢ وقال الحافظ ابن حجر :أخرج البيهقي عن عائشة مثله بسند قوي ولفظه أن المقام كان في زمن النبي وفي زمن أبي بكر ملتصقا بالبيت ثم أخره عمر ,وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن مجاهد أن النبي هو ) (١عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص .٤٨ ) (٢الفاكهي ,أخبار مكة ,ج ,١ص .٤٥٤ قام الشيخ محمد طاهر الكردي )ت١٤٠٠هـ١٩٨٠/م( بوصف لمقام إبراهيم حين فتح له المقام سنة ١٣٦٧هـ فقال واصفا :لقد وجدنا حجر مقام إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام مثبتا فوق قاعدة صغيرة من الرخام المرمر بقدر قياس نفس المقام الشريف طولا وعرضا. وأما ارتفاعها فثلاثة عشر سنتيمترا ,وأما مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام فهو حجر لونه ما بين الصفرة والحمرة ,وهو إلى البياض أقرب, ويمكن أن يحمله أضعف الرجال ,وهو حجر وليس بصوان. وأما حجم حجر المقام الكريم فهو يشبه المكعب ,ارتفاعه عشرون سنتميترا ,وطول كل ضلع من أضلاعه الثلاثة من جهة سطحه ستة وثلاثون سنتيمترا ,وطول ضلعه الرابع ثمانية وثلاثون سنتيمترا ,فيكون مقدار محيطه من جهة السطح ١٤٦سنتيمترا. وفي هذا الحجر الشريف غاصت قدما خليل االله إبراهيم عليه الصلاة ) (١ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٨ص .١٦٩ والفضة ٢٧سم ,وعرض كل واحدة منهما ١٤سم. أما قياسهما من باطن القدمين من أسفل الفضة النازلة فيهما فطول كل واحدة منهما ٢٢سم ,وعرض كل واحدة منهما ١١سم ,وما بين القدمين فاصل مستدق نحو ١سم. وحجر المقام كله ملبس بالفضة الخالصة فلا تظهر حقيقة الحجر لكن هيئة أثر القدمين واضحة بينة لم تتغير ولم تتبدل وتبقى كذلك –واالله أعلم− إلى يوم القيامة).(١ ومقام إبراهيم السابق موضوع ضمن صندوق فضي ,وبني عليه مقصورة بمساحة ٦م×٣م ,أي ١٨م ,٢وهذا البناء في وسط المطاف يعوق الحركة ويسبب زحاما ,فقامت رابطة العالم الإسلامي بدراسة تقترح بها إزالة المقصورة السابقة ووضع غطاء زجاجي فوق المقام لإفساح مكان أكبر للطائفين. ونفذ الاقتراح السابق بعد موافقة ملكية بتاريخ ١٣٨٧/٧/١٨هـ ) (١سائد بكداش ,فضل الحجر الأسود ومقام إبراهيم ,ص .١١٨ والذي يكون ٢.٣٤م ,٢وعليه تكون المساحة التي توفرت للمطاف ١٥.٦م. ٢ وجددت المقصورة في عهد الملك فهد بن عبد العزيز فغير الهيكل المعدني إلى هيكل نحاسي جديد ,وشبكه الداخلي مطلي بالذهب ,ومن الخارج زجاج شفاف مقاسه ١٠مم مقاوم للحرارة والكسر ,وتم تغيير كسوة القاعدة الخرسانية من الجرانيت الأسود إلى رخام أبيض محلى بجرانيت أخضر ليماثل أرضية المطاف بتاريخ ١٤١٨/١٠/٢١هـ).(١ ) (١محمد إلياس ,تاريخ مكة المكرمة ,ص .٧٥ الأرواح باريها ,ولمنزلتها العظمى في الشريعة الإسلامية جعل لها من الأحكام ما يميزها عن غيرها. والمسجد الحرام يتأدب فيه بما يتأدب به في عموم المساجد إلا أن له آدابا خاصة به يشرع لمن دخله أن يأتيها ,ونحن هنا نبين عموم الآداب في المساجد كلها بشيء من الاختصار ,ثم نعرج على تفصيل الآداب الخاصة بالمسجد الحرام فنذكرها مبينين أدلة كل أدب. المطلب الأول :الآداب العامة الأدب الأول :تقديم الرجل اليمنى عند الدخول ولا أعلم للسابق نصا خاصا به من الكتاب أو السنة ,غير أن الاتفاق حاصل على القول به).(١ وعلته أن التيامن مستحب في كل أمر شريف كما هو معلوم من مجموع أحوال النبي وتصرفاته ,وقد قالت السيدة عائشة > :كان النبي  ) (١ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص ,٩٠٦والسالمي ,معارج الآمال ,ج ,٦ص .٧٦ باليمنى من الرجلين من السنة الثابتة عن النبي بل هي داخلة في عموم تفضيل التيامن في معالي الأمور. وقال جماعة من الفقهاء إنه يشرع لمن خرج من المسجد أن يقدم رجله اليسر￯ ,ولا أعلم دليلا يسوغ القول بهذا غير الذكر السابق من قبل الفقهاء. والذي يتوجه أن الخروج من المسجد ليس هو من أسافل الأمور حتى تقدم الشمال عند الخروج منه ,أفلا جعلوه كالبيت تقدم اليمنى من الرجلين فيه دخولا وخروجا ,خاصة إن علمنا أنه ليس هناك نص شرعي في القضية. والتقديم السابق لليمنى يشرع عند دخول المسجد الحرام) ;(٢إذ هو مسجد يستحب له ما يستحب لبقية المساجد. وهذا الدخول باليمنى يكون عند أول باب يدخل منه المسجد على ما استقرت عليه آخر التوسعات للمسجد الحرام. ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الوضوء ,باب :التيمن في الوضوء والغسل ).(١٦٦ ) (٢الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٤ص.٤٢ الآن داخل المسجد فدخوله فيه بيمناه أو يسراه سيان ,وهم قالوا بذلك في زمانهم قبل أن يوسع المسجد الحرام ويكون باب بني شيبة من المسجد لا حدا له. الأدب الثاني :ذكر االله والدعاء عند دخول المسجد والخروج منه يشرع لمن دخل المسجد ذكر االله تعالى ,وقد وردت ألفاظ كان النبي  يذكر بها ربه عند دخوله المسجد أو أنه كان يأمر بها ,ومن ذلك حديث: عبد الملك بن سعيد بن سويد قال :سمعت أبا حميد أو أبا أسيد الأنصاري يقول :قال رسول االله :إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي ,ثم ليقل :اللهم افتح لي أبواب رحمتك ,فإذا خرج فليقل :اللهم إني أسألك من فضلك).(١ وجاء ذكر آخر من حديث :حيوة بن شريح قال :لقيت عقبة بن مسلم فقلت له :بلغني أنك حدثت عن عبد االله بن عمرو بن العاص عن النبي  ) (١أخرجه أبو داود في كتاب :الصلاة ,باب :فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد ).(٤٦٥ الرجيم ,قال :أقط ,قلت :نعم ,قال :فإذا قال ذلك قال الشيطان حفظ مني سائر اليوم).(١ الأدب الثالث :صلاة ركعتين قبل أن يجلس وهاتان الركعتان شرعتا تعظيما للمسجد ,وتمييزا له عن سائر بقاع الأرض ,وقد جاء الأمر بهما أو النهي عن الجلوس قبل إتيانهما في غير حديث ,ومن ذلك حديث: عمرو بن سليم الزرقي سمع أبا قتادة بن ربعي الأنصاري قال :قال النبي :إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين).(٢ وهذا النهي يفيد أن المكلف إن دخل المسجد ولم يبق وقت يصلي فيه تحية المسجد فإنه ينهى عن الجلوس حتى يصليهما فيبقى واقفا ,ولا ضير عليه في ذلك ما دام ملتزما أوامر محمد بن عبد االله . ) (١أخرجه أبو داود في كتاب :الصلاة ,باب :فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد ).(٤٦٥ ) (٢أخرجه البخاري في باب :ما جاء في التطوع مثنى مثنى ).(١١١٠ يخطب الناس يوم الجمعة فقال :أصليت يا فلان? قال :لا ,قال :قم فاركع ركعتين).(١ وهذا يفيد أن الإنسان يشرع له أن يأتي بركعتي تحية المسجد ولو جلس خلافا لما يقوله جماعة من الفقهاء إن وقتهما يفوت بالجلوس. وهاتان الركعتان يستثنى منهما المسجد الحرام فالمستحب لمن دخل المسجد أن لا يعرج على شيء قبل الطواف بالبيت) ,(٢اقتداء برسول االله  فإنه كان يفعل ذلك كما يفيده حديث جابر بن عبد االله إذ قال واصفا حالهم مع النبي يوم حجة الوداع :حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا).(٣ ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الجمعة ,باب :إذا رأ￯ الإمام رجلا جاء وهو يخطب أمره أن يصلي ركعتين ).(٨٨٨ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٢٦وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٨٢والعيني, البناية ,ج ,٤ص .١٩٠ ) (٣أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  فأخبرتني عائشة > أنه أول شيء بدأ به حين قدم أنه توضأ ثم طاف بالبيت).(١ لكن إن كان لا يريد الطواف أو لا يمكنه حينها أو شغلت ذمته بأمر أولى من الطواف حال تزاحمهما على الذمة شرع له أن يركع ركعتي تحية المسجد الواردة في هذا الحديث كما سيأتي تفصيل ذلك. المطلب الثاني :الآداب الخاصة بالمسجد الحرام ذكرنا فيما تقدم من المطلب الأول طرفا من الآداب التي تشرع لكل داخل إلى المساجد ومنها المسجد الحرام ,وثمة آداب أخر شرعت خاصة بالمسجد الحرام نذكرها بأدلتها. الأدب الأول :الدخول من باب بني شيبة مما يستحب للداخل إلى المسجد الحرام −على رأي جماعة من الفقهاء− ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :الوضوء في الطواف ).(١٥٦٠ وباب بني شيبة الآن غير موجود ,وموضعه في السابق كان مقابلا لركن الحجر الأسود قريبا من البيت ,وليس هو في الواقع بابا بل هو ممر بين البيوت يوصل إلى جهة الحجر الأسود من البيت العتيق ,فيكون المراد بذلك الجهة لا حقيقة الباب ,وقد جعل بابا حقيقيا في عمارة المهدي).(٣ وقبل سنين خلت من الآن وضع مكان الجهة المذكورة باب كبير في وسط المطاف وقد يطوف الناس خلفه ,ولكن أزيل في التوسعات الأخيرة التي شملت أرض المطاف والكعبة المشرفة ,ويقابله الآن من أبواب دخول المسجد الحرام تقريبا باب السلام. ) (١الجناوني ,الوضع ,ص ,٢١٥والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٣٣والرافعي, العزيز ,ج ,٣ص ,٣٨٦وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٨١والكاساني ,بدائع الصنائع, ج ,٢ص ,١٤٦والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٤ص ,٥١والقطب ,شرح كتاب النيل, ج ,٤ص.١٢٦ ) (٢العيني ,البناية ,ج ,٤ص .١٩٠ ) (٣ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص ,٩٠٦والفاسي ,شفاء الغرام ,ج ,٢ص ,٥٢٢وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص.١٠٩٣ &.(١)﴾$yγÎ/≡uθö/r ثم إن كل مقصود سبيله أن يؤتى من قبل وجهه لا من ظهره).(٢ وقد استدل أيضا لاستحباب الدخول من الباب المذكور بأحاديث منها حديث: حماد بن سلمة وقيس وسلام كلهم عن سماك بن حرب عن خالد بن عرعرة عن علي قال :لما انهدم البيت بعد جرهم بنته قريش فلما أرادوا وضع الحجر تشاجروا من يضعه فاتفقوا أن يضعه أول من يدخل من هذا الباب. فدخل رسول االله من باب بني شيبة ,فأمر بثوب فوضع الحجر في وسطه ,وأمر كل فخذ أن يأخذ بطائفة من الثوب فيرفعوه وأخذه رسول االله فوضعه. ) (١سورة :البقرة ,جزء من الآية ).(١٨٩ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٣٣ وسماك بن حرب قال عنه ابن حبان :يخطىء كثيرا) ,(٤وكان شعبة يضعفه ,وقال ابن المبارك :ضعيف الحديث. وقال أحمد :مضطرب الحديث ,وقال ابن خراش :في حديثه لين ,وقال النسائي :إذا انفرد بأصل لم يكن حجة; لأنه كان يلقن فيتلقن).(٥ ووجه الدلالة منه أن النبي دخل منه قصدا لا اتفاقا; فإنه لم يكن على طريقه وإنما كان على طريقه باب إبراهيم .(٦)# وفي الاستدلال به نظر من جهة أن الحديث واقعة حال لم يقصد به الدخول للنسك حتى يكون سنة فيه ,ثم إنه كان قبل بعثة النبي فلا يكون ) (١الطيالسي ,المسند ,ص.١٨ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٧٢ ) (٣الضياء المقدسي ,الأحاديث المختارة ,ج ,٢ص.٦٠ ) (٤ابن حبان ,الثقات ,ج ,٤ص .٣٣٩ ) (٥ابن عدي ,الكامل ,ج ,٣ص ,٤٦٠والعلائي ,المختلطين ,ص ,٤٩والذهبي ,ميزان الاعتدال ,ج ,٣ص ,٣٢٦و ذكر من تكلم فيه وهو موثق ,ص.٩٥ ) (٦الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص .٣٨٦ حديث أبي بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه أنبأ أبو محمد عبد االله بن محمد بن جعفر أبو الشيخ الأصبهاني ثنا محمد بن يحيى بن منده ثنا أبو كريب ثنا عبد الرحيم بن سليمان. ثنا عبد االله بن عثمان بن خثيم ثنا أبو الطفيل ثنا ابن عباس أن النبي لما قدم في عهد قريش دخل النبي مكة من هذا الباب الأعظم ,وقد جلست قريش مما يلي الحجر. والحديث بالإسناد السابق أخرجه البيهقي) ,(١وصحح النووي إسناده),(٢ وهو كما قال سو￯ كلام في عبد االله بن عثمان بن خثيم فقد لمزه جماعة فقال ابن حبان :كان يخطئ) ,(٣وقال ابن معين مرة :أحاديثه ليست بالقوية).(٤ لكن قد يعترض عليه أن الدخول من الباب المذكور اتفاقي لا مقصود. ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٧٢ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١١ ) (٣ابن حبان ,الثقات ,ج ,٥ص.٣٤ ) (٤ابن عدي ,الكامل ,ج ,٤ص ,١٦١والعقيلي ,الضعفاء ,ج ,٢ص.٢٨١ دخل رسول االله ودخلنا معه من باب بني عبد مناف −وهو الذي يسميه الناس باب بني شيبة ,−وخرجنا معه إلى المدينة من باب الحزورة وهو باب الخياطين. والحديث أخرجه بالإسناد السابق الطبراني ,وقال إثره :لم يرو هذا الحديث عن مالك إلا عبد االله بن نافع تفرد به مروان بن أبي مروان).(١ والحديث إسناده غير محفوظ كما يقول البيهقي) ,(٢فعبد االله بن نافع وهو المعروف بالصائغ ليس بحجة في الرواية فقد قال أحمد عنه :لم يكن صاحب حديث ,كان ضيقا فيه ,ولم يكن في الحديث بذاك ,وقال :تعرف حفظه وتنكر).(٣ ومروان بن أبي مران متكلم فيه).(٤ ) (١الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,١ص.١٥٧ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٧٢ ) (٣ابن عدي ,الكامل ,ج ,٤ص ,٢٤٢والعقيلي ,الضعفاء ,ج ,٢ص.٣١١ ) (٤الذهبي ,ميزان الاعتدال ,ج ,٦ص.٤٠٢ قوم من الناحية التي تلي ميقاتهم التي منها يحرمون على طريقهم كما أن إحرامهم من ميقاتهم إذا سلكوا عليه. وعلى السابق يدخل من باب الحناطين أو باب إبراهيم إن كان من أهل المغرب ,وإن كان من أهل العراق فليدخل من باب بني شيبة).(١ الأدب الثاني :رفع اليدين عند رؤية البيت ذهب إلى هذا الأدب جماعة من الفقهاء) ,(٢مستدلين بحديث سعيد بن سالم عن ابن جريج قال :حدثت عن مقسم مولى عبد االله بن الحرث عن ابن عباس عن النبي أنه قال: ترفع الأيدي في الصلاة ,وإذا رأ￯ البيت ,وعلى الصفا والمروة ,وعشية عرفة ,وبجمع ,وعند الجمرتين ,وعلى الميت).(٣ ) (١الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص .٢٣٣ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٦٩والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٣٣وابن قدامة, المغني ,ج ,٣ص.١٨١ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٦٩ اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة ,وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا).(١ كما استدل هؤلاء بأن الدعاء مستحب عند رؤية البيت ,وقد أمر برفع اليدين عند الدعاء).(٢ وقال آخرون إنه لا يشرع رفع اليدين عند رؤية البيت) ,(٣لحديث محمد بن جعفر قال :حدثنا شعبة قال :سمعت أبا قزعة الباهلي يحدث عن المهاجر المكي قال :سئل جابر بن عبد االله عن الرجل ير￯ البيت أيرفع يديه? قال :ما كنت أظن أحدا يفعل هذا إلا اليهود ,حججنا مع رسول االله  فلم نكن نفعله. والحديث أخرجه النسائي) ,(٤وأبو داود) (١وحسنه النووي).(٢ ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٦٩ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص .١٨١ ) (٣القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٣٦وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٤٩٢ ) (٤كتاب :مناسك الحج ,باب :ترك رفع اليدين عند رؤية البيت ).(٢٨٩٥ والقول الثاني القائل بعدم مشروعية رفع الأيدي عند رؤية البيت أسعد بالأدلة ,وبيان ذلك أن أدلة رفع اليدين عند رؤية البيت كلها معلة بأمور: أولها :عبد الملك بن جريج ليس بحجة في الرواية ما لم يصرح بالتحديث كما مر ذكره غير مرة ,وهو في حديث مقسم لم يصرح بل أبهم من حدثه ,وفي الحديث الثاني رفع الحديث إلى النبي فأعضله ,وعليه فترد روايته. ثانيها :سعيد بن سالم هو القداح شيخ الشافعي ,قال العجلي :كان ير￯ الإرجاء ليس بحجة) ,(٤وأورده البخاري في الضعفاء الصغير وقال :كان ير￯ الإرجاء).(٥ ) (١كتاب :مناسك الحج ,باب في رفع اليدين إذا رأ￯ البيت ).(١٨٧٠ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٠ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٠ ) (٤العجلي ,معرفة الثقات ,ج ,١ص.٣٩٩ ) (٥البخاري ,الضعفاء الصغير ,ص.٥٠ الاحتجاج به ,وقال ابن معين :ليس بشيء).(٢ وعليه فلا يثبت استحباب رفع اليدين عند رؤية البيت ,لأصل براءة الذمة. وأما حديث المهاجر المكي الذي أخرجه النسائي وأبو داود فالمهاجر الذي في إسناده هو مهاجر بن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشي ,ولم أجد أحدا وثقه غير أن ابن حبان أورده في الثقات) (٣وليس ذلك بحجة في التوثيق كما تقدم من ذكر قاعدته في توثيق المجاهيل. وقال أبو حاتم :لا أعلم أحدا رو￯ عن المهاجر بن عكرمة غير يحيى بن أبي كثير ,والمهاجر ليس بالمشهور ,وقال الخطابي :ضعف الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق حديث مهاجر في رفع اليدين عند رؤية البيت; لأن مهاجرا ) (١ابن عدي ,الكامل ,ج ,٣ص.٣٩٧ ) (٢ابن حبان ,المجروحين ,ج ,١ص ,٣٢٠والعقيلي ,الضعفاء ,ج ,٢ص .١٠٨ ) (٣ابن حبان ,الثقات ,ج ,٥ص .٤٢٨ ذكر االله أمر ينبغي أن لا يعزب عن المسلم أنى كان ,لكنه يتأكد في دور العبادة التي كان الأصل في وضعها وإقامتها ذكر االله ,وحج بيت االله الحرام ما شرع إلا لذكر االله وعبادته كما في حديث: عبيد االله بن أبي زياد ثنا القاسم بن محمد عن عائشة > قالت :قال رسول االله :إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر االله).(٢ والذكر يأتي الإنسان فيه ما يفتح االله له من الأذكار والأدعية شريطة أن لا تصدر من قلب غافل لاه ,بل تصدر ممن وعاها قلبه ,واتصل بخالقه جنانه. وقد جاءت بعض الآثار أفادت أن النبي كان يأتي أذكارا معينة عند ) (١الخطابي ,معالم السنن )مطبوع بحاشية سنن أبي داود( ,ج ,٢ص ,٣٠٠وابن حجر, تهذيب التهذيب ,ج ,١٠ص.٢٨٦ ) (٢أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :في الرمل ) ,(١٨٨٨والترمذي في كتاب: الحج ,باب :ما جاء كيف ترمى الجمار ) ,(٩٠٢وقال :حسن صحيح. والإنسان قد يأتي بالأذكار التي سنذكر ضعفها لما فيها من فائدة شريطة عدم اعتقاد أنها من لسان الشارع. أما الأحاديث التي جاءت بالسابق فأولها حديث محمد بن موسى الأبلي قال :نا عمر بن يحيى الأبلي قال :نا عاصم بن سليمان الكوزي عن زيد بن أسلم عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد أبي سريحة الغفاري أن النبي  كان إذا نظر إلى البيت قال: اللهم زد بيتك هذا تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا ومهابة ,وزد من شرفه وعظمه ممن حجه أو اعتمره تعظيما وتشريفا وتكريما وبرا ومهابة. والحديث أخرجه الطبراني في الأوسط والكبير) ,(١وقال عقبه مشيرا إلى ضعفه :لم يرو هذا الحديث عن زيد بن أسلم إلا عاصم بن سليمان تفرد به عمر بن يحيى ,ولا يرو￯ عن أبي سريحة إلا بهذا الإسناد تفرد به عمر. ) (١الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,٦ص ,١٨٣والمعجم الكبير ,ج ,٣ص.١٨١ الموضوعات عن الأثبات لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب).(٣ كما جاء الذكر السابق من حديث سعيد بن سالم عن ابن جريج أن رسول االله كان إذا رأ￯ البيت رفع يديه وقال :اللهم زد هذا البيت شرفه ممن حجه واعتمرهتشريفا وتكريما وتعظيما ومهابة وبرا ,وزدَم ْنَّ تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا. وللسابق قال جماعة من الفقهاء باستحباب الدعاء المذكور) ,(٤غير أن حال الأول كما شرحنا ,وأما الحديث الثاني ففيه علل تقصر به عن رتبة الاحتجاج بيناها قبل قليل في الأدب الثاني. ونقلت كتب فقه الحنفية عن عطاء أن رسول االله كان إذا لقي البيت ) (١النسائي ,الضعفاء والمتروكين ,ص.٧٨ ) (٢ابن عدي ,الكامل ,ج ,٥ص.٢٣٧ ) (٣ابن حبان ,المجروحين ,ج ,٢ص.١٢٦ ) (٤ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٨٢والعيني ,البناية ,ج ,٤ص.١٩١ ثابتة عن لسان الشارع ,وقد يدعو بما فيها من شاء شريطة عدم نسبتها للسان الشارع. ومن الفقهاء من لم يعين لمشاهد الحج شيئا من الأدعية أو الأذكار, وعلتهم أن التوقيت في الدعاء يذهب رقة القلب ,فاستحبوا أن يدعو كل واحد بما يحضره ليكون أقرب إلى الخشوع ,وإن تبرك بما نقل عن رسول االله فهو حسن).(٢ الأدب الرابع :أن لا يعرج على شيء قبل البدء بالطواف وهذا الأدب مأخوذ من السنن العام الذي كان النبي يحافظ عليه, فالمروي عنه أنه يقصد الحجر الأسود لافتتاح الطواف ,وقد ذكرنا في آداب دخول المسجد الأدلة عليها ومنها حديث جابر بن عبد االله إذ قال ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٨والعيني ,البناية ,ج ,٤ص ,١٩١والزيلعي ,تبيين الحقائق ,ج ,٢ص ,١٥وشيخ زاده ,مجمع الأنهر ,ج ,١ص.٣٩٩ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٩والعيني ,البناية ,ج ,٤ص ,١٩١وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٤٩٢ كما جاء وصف السابق من كلام السيدة عائشة > كما في حديث محمد بن عبد الرحمن بن نوفل القرشي أنه سأل عروة بن الزبير فقال :قد حج النبي فأخبرتني عائشة > أنه أول شيء بدأ به حين قدم أنه توضأ ثم طاف بالبيت).(٢ قال الشيخ محمد بن إبراهيم الكندي: وإذا دخلت المسجد فلا تتوان في شيء عن طوافك ,فامض حتى تستلم الحجر إن وجدت سبيلا).(٣ غير أن البدء السابق بالطواف استحبابه إنما هو في حال عدم اشتغال ذمة المكلف بأمر أوكد منه ,فإن شغلت ذمته بما هو أولى من المستحب السابق أتى به قبل الطواف. ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :الوضوء في الطواف ).(١٥٦٠ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٢٦ قال الشيخ محمد بن إبراهيم الكندي: ومن طاف ستة ثم أدركته الصلاة صلى ثم بنى على طوافه).(٢ وهذا الدخول واجب لحديث أبي عبيدة بن جابر بن زيد قال :بلغني أن رسول االله جلس ذات يوم في مجلسه رجل يسمى محجنا فأقيمت الصلاة, قال فقام رسول االله فصلى فلما فرغ من صلاته نظر إلى محجن وهو في مجلسه فقال له رسول االله : ما منعك أن تصلي مع الناس ,ألست برجل مسلم? قال :بلى يا رسول االله ,ولكن قد صليت في أهلي ,فقال له رسول االله : إذا جئت والناس يصلون فصل معهم وإن كنت قد صليت في أهلك).(٣ ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٠والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٣٩والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٣٨والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٣٧وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص ,٤٤٨والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص.٤ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٣٩ ) (٣أخرجه الربيع في كتاب :الصلاة ,باب :الإمامة والخلافة في الصلاة ).(٢١٩ جابر بن يزيد بن الأسود العامري عن أبيه قال :شهدت مع رسول االله صلاة الفجر في مسجد الخيف فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في آخر علي بهما فأتي بهما ترعد فرائصهما فقال:القوم لم يصليا معه ,قال : َّ ما منعكما أن تصليا معنا? قالا :يا رسول االله ,إنا قد صلينا في رحالنا, قال :فلا تفعلا ,إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم; فإنها لكما نافلة).(١ والروايات السابقة تثبت أحقية الصلاة بالدخول فيها دون البدء بالطواف ,على أن الطواف نفسه يقطع إن أقيمت الصلاة فلأن يبدأ بها أولى).(٢ ) (١أخرجه النسائي –واللفظ له−في كتاب :الإمامة ,باب :إعادة الفجر مع الجماعة لمن صلى وحده ) ,(٨٥٨وأبو داود في كتاب :الصلاة ,باب :من صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم ) ,(٥٧٥والترمذي ,في كتاب :أبواب الصلاة ,باب :ما جاء في الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة ) ,(٢١٩وقال الترمذي :حسن صحيح. ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٦٩وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٨٢ ومن أهل العلم من نص على أنه لو طاف والجماعة تصلي فإن طوافه ذلك لا يصح; إذ الجماعة تقطع الطواف عند الإحرام بها).(١ لكن قد يعترض على السابق بحديث عروة بن الزبير عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة > زوج النبي قالت :شكوت إلى رسول االله أني أشتكي ,فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ,فطفت ورسول االله حينئذ يصلي إلى جنب البيت ,وهو يقرأ "والطور وكتاب مسطور").(٢ قال الإمام السالمي :وفيه جواز الطواف حال صلاة الجماعة إذا لم يؤذ بعضهم بعضا).(٣ ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٥٥ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :طواف النساء مع الرجال ) ,(١٥٤٠وأخرجه الإمام الربيع من طريق أبي عبيدة بلاغا عن عروة في كتاب :الحج ,باب :في الكعبة والمسجد والصفا والمروة ).(٤١٤ ) (٣السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٠٨ من صلاتهن في مسجد الجماعة. ثم إن أم سلمة كانت تشتكي كما جاء في الرواية مما يعني أن الحكم المستنبط في الحديث لا بد من أن يقيد بالمشتكي لا بعموم الناس ,فالعلة للترخيص بالطواف خلف الناس حال الصلاة هي الاشتكاء كما يفيد ذلك إيماء النص ,وفي هذا جمع بين الأدلة الشرعية دون أن يطرح بعضها. فإن دخل والأذان قد أذن لكن لم تقم الصلاة نظر فإن كان الوقت ضيقا انتظر وركع ركعتين تحية للمسجد ,وإن كان الوقت متسعا طاف).(١ أما إن جاء والإمام يخطب لصلاة الجمعة فله أن يطوف; لأن الطواف تحية المسجد الحرام ,والنبي أمر سليكا الغطفاني بركعتين تحية للمسجد قبل أن يجلس حينما دخل والنبي يخطب ,فيحيي الداخل المسجد الحرام بتحيته وهو الطواف بالبيت. لكن قد يقال إن تحية المسجد الحرام غير متعينة في الطواف بل قد يحييه ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص .١٣٩ وهذا أولى من السابق. والحكم المذكور يشمل صلوات السنن التي يفوت وقتها بقصد الطواف ولا يمكن الجمع بين الأمرين منهما كركعتي الفجر أو الوتر إن خاف فوتهما, وهكذا الجنازة; لأنها سنة يخاف فوتها والطواف لا يفوت).(١ ورو￯ الشافعي عن سعيد بن سالم عن ابن جريج قال :قلت لعطاء :ألا أركع قبل تلك المكتوبة إن لم أكن ركعت ركعتين? قال :لا إلا ركعتي الصبح إن لم تكن ركعتهما فاركعهما ثم طف; لأنهما أعظم شأنا من غيرهما).(٢ وقال بعض الفقهاء إذا خاف فوت سنة الظهر أو المغرب بعدها فيقدم الطواف).(٣ ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٠والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٤٢وابن قدامة, المغني ,ج ,٣ص ,١٨٢وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص .٤٤٨ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٧٠ ) (٣ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص.٤١٩ والعلة في ذلك أن صلاتها حال تذكرها أمر متعين عليه لحديث أنس بن مالك قال :قال رسول االله :من نام عن صلاة أو نسيها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها).(٢ وأما الطواف فغير متعين أن يطوف في ذلك الوقت إذ لا يفوت وقته بذلك اتفاقا ,فيقدم المتعين على غير المتعين. كما أنه يصح أن يؤخر الطواف بالبيت إن كان به عذر يرهقه ,كأن يكون مريضا ,أو عنده مريض يبتغي له علاجا أو مكانا لراحته ,أو اضطر لارتياد مسكن ,أو نحو ذلك من الأمور التي تضطره لتأخير الطواف بالبيت مع دخول مكة).(٣ والسابق أمر حسن ,وذلك لأن المطلوب من العبادة أن تؤدي جانب التزكية ,وأنى لنفس أن تتزكى وبها ما يشغلها عن التفكر في العبادة ,إن هذا ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٣٩ ) (٢ابن الجارود ,المنتقى ,ص ٢٣٩برقم ) ,(٢٣٩وإسناده صحيح. ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص .١٣٩ العبادة وتنفر نفسه منها. فيكون الواقع أنه يتعارض أمران أولهما الطواف حال الوصول وهو فضيلة والخشوع وتحصيل مقصد الشارع من العبادة وهو واجب قدر الاستطاعة فيقدم الواجب على الفضيلة. وقد جاء النص على مثل ذلك في عبادة الصلاة كما في حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة > أنها قالت :قال رسول االله :إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم; فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب يستغفر االله فيسب نفسه).(١ ومما جاء مراعيا المقصد الأصلي للعبادة دون فضيلة أول الوقت حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي قال :إذا أقيمت بالعشاء; لئلا تدعو أحدكم نفسه إلى الطعامالعشاء فابدؤواَالصلاة وحضرَ ) (١أخرجه الربيع في كتاب :الصلاة ,باب :السهو في الصلاة ) ,(٢٥٠وأخرجه البخاري من طريق عبد االله بن يوسف قال :أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة في كتاب: الوضوء ,باب :الوضوء من النوم ).(٢٠٩ إلا أن يكون عليه فائتة فيقدم الفائتة على التحية; لأن الدخول إلى المسجد قبل المضي فيبدأ بالأسبق فالأسبق).(٢ وفي هذا الرأي نظر إذ هو مخالف لما كان عليه النبي من أنه كان يبدأ بالطواف. ) (١أخرجه الربيع في كتاب :الصلاة ,باب :السهو في الصلاة ).(٢٤٩ ) (٢ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص.٤١٧ حيث الجملة; إذ النص بالأمر بها كان في الكتاب العزيز فاالله تعالى يقول في )(١ كتابه﴾È,ŠÏFyèø9$# ÏMøŠt7ø9$$Î/ (#θèù§θ©Üu‹ø9uρ öΝèδu‘ρä‹çΡ (#θèùθã‹ø9uρ öΝßγsWxs? (#θàÒø)u‹ø9 ¢ΟèO﴿ : وجاءت نصوص تبين فضل الطواف بالبيتُن َخ ِّرج بعضها مبينين الصحيح منها من السقيم. أول تلك الروايات ما أفاد أن الطواف بالبيت يكون أجره كعدل عتق رقبة كما في حديث عطاء بن السائب عن عبد االله بن عبيد بن عمير أنه سمع أباه يقول لابن عمر :مالي لا أراك تستلم إلا هذين الركنين الحجر الأسود والركن اليماني? فقال ابن عمر :إن أفعل فقد سمعت رسول االله يقول :إن استلامهما يحط الخطايا ,قال :وسمعته يقول :من طاف أسبوعا يحصيه وصلى ركعتين كان له كعدل رقبة. قال :وسمعته يقول :ما رفع رجل قدما ولا وضعها إلا كتبت له عشر ) (١سورة :الحج ,الآية ).(٢٩ عطاء ,وهشيم بن بشير ممن سمع من عطاء بن السائب بعد الاختلاط فالأصل في روايته عدم الحجية. غير أنه قد توبع في روايته هذه من قبل الثوري ,والثوري ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط كما نص على ذلك ابن معين والعجلي والنسائي وأبو حاتم).(٢ وباقي رجال الإسناد ممن يحتج بروايتهم. ورواية الثوري التي أشرنا إليها جاءت من حديث :معمر والثوري عن عطاء بن السائب عن عبد االله بن عبيد بن عمير عن أبيه عن ابن عمر أن النبي قال :إن مسح الركن اليماني والركن الأسود يحط الخطايا حطا. ) (١أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,٢ص .٣ ) (٢البخاري ,التاريخ الكبير ,ج ,٦ص ,٤٦٥وابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج,٦ ص ,٣٣٣وابن عدي ,الكامل في ضعفاء الرجال ,ج ,٥ص ,٣٦١والعلائي, المختلطين ,ص.٨٢ قتيبة قال :حدثنا حماد عن عطاء عن عبد االله بن عبيد بن عمير أن رجلا قال: يا أبا عبد الرحمن ,ما أراك تستلم إلا هذين الركنين. قال :إني سمعت رسول االله يقول :إن مسحهما يحطان الخطيئة, وسمعته يقول :من طاف سبعا فهو كعدل رقبة. والحديث أخرجه النسائي في المجتبى).(٢ ومما يشهد لحكم الحديث السابق حديث الفضل بن دكين عن حريث بن السائب عن محمد بن المنكدر عن أبيه قال :قال رسول االله :من طاف بالبيت أسبوعا لم يلغ فيه كان كعدل رقبة يعتقها. أخرجه ابن أبي شيبة) ,(٣ورجاله محتج بهم غير كلام يسير في حريث بن السائب لا يؤثر في رد حديثه. ) (١عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص .٢٩ ) (٢كتاب :مناسك الحج ,باب :ذكر الفضل في الطواف بالبيت ).(٢٩١٩ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص .١٢٣ عباس قال :قال رسول االله :من طاف بالبيت خمسين مرة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. والحديث بالإسناد السابق أخرجه الترمذي) ,(١وقال ابن طاهر المقدسي: تفرد به شريك عن أبي إسحاق عن عبد االله عن أبيه مرفوعا ,وتفرد به يحيى بن اليمان عن شريك).(٢ غير أنه لا يثبت لعلل: أولها :أبو إسحاق هو السبيعي ,فقد أعله المباركفوري بأنه مدلس اختلط بآخره فلا تقبل روايته ,وقد عنعن ولم يصرح بالتدليس) ,(٣والظاهر أن إعلال الحديث ليس من قبل أبي إسحاق السبيعي فالأكثر على الاحتجاج بروايته. ) (١كتاب :الحج ,باب :ما جاء في فضل الطواف ).(٨٦٦ ) (٢ابن طاهر المقدسي ,أطراف الغرائب والأفراد ,ج ,٣ص.١٧١ ) (٣المباركفوري ,تحفة الأحوذي ,ج ,٣ص ,٥١٣والحلبي ,التبيين لأسماء المدلسين, ص ,١٦٠والعلائي ,المختلطين ,ص ,٩٣والمزي ,تهذيب الكمال ,ج ,٢٢ص .١٠٢ الرواية فقد قال النسائي :ليس بالقوي),(٣وقال يعقوب بن شيبة :صدوق وأنكروا عليه كثرة الغلط ,وقال ابن معين :ليس بالقوي ,وقال العقيلي :لا يتابع على حديثه).(٤ رابعها :إعلال الرواية بالوقف ,قال الترمذي بعد إخراجها :سألت محمدا عن هذا الحديث فقال :إنما يرو￯ هذا عن ابن عباس قوله. وقد رو￯ هذا الحديث الحافظ عبد الرزاق عن ابن المبارك عن شريك عن أبي إسحاق عن عبد االله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس من قوله) ,(٥وهذا الإسناد خير من ذاك إلا أنه ضعيف كمثله فشريك سيء الحفظ ) (١ابن عدي ,الكامل ,ج ,٤ص ,٦والعقيلي ,الضعفاء ,ج ,٢ص ,١٩٣وابن حجر, طبقات المدلسين ,ص.٣٣ ) (٢ابن الجوزي ,العلل المتناهية ,ج ,٢ص.٥٧٤ ) (٣النسائي ,الضعفاء والمتروكين ,ص.١٠٨ ) (٤ابن عدي ,الكامل ,ج ,٧ص ,٢٣٥والعقيلي ,الضعفاء ,ج ,٤ص ,٤٣٤والعلائي, المختلطين ,ص.١٣٢ ) (٥عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص.٥٠٠ أبي شيبة من طريق حميد بن عبد الرحمن الرواسي عن الحسن بن صالح عن مطرف عن أبي إسحاق عمرو بن عبد االله بن عبيد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس من قوله).(١ واختلفوا في المفاضلة بين الطواف بالبيت والوقوف بعرفة من أركان الحج فقال بعض أهل العلم إن الطواف بالبيت خير من الوقوف بعرفة مستدلين بأن الطواف قربة في نفسه وجعله الشارع بمنزلة الصلاة التي هي أعظم عبادات البدن بعد الإيمان بخلاف الوقوف. وقالوا الطواف مشتمل على الصلاة ,وهو في نفسه شبيه بها ,والصلاة أفضل من الحج فيكون أفضل الأركان).(٢ أما من فضل الوقوف بعرفة على الطواف فقال الوقوف أفضل لخبر "الحج عرفة" ,ولهذا لا يفوت الحج إلا بفواته ,ثم إنه ورد في الوقوف بعرفة من الرغائب والفضل العظيم ما لم يرد في الطواف. ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.١٢٣ ) (٢القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.١٧٥ ركنا للحج لفواته به وتوقف صحته عليه واختصاصه به).(١ وظاهر أن قول من فضل الوقوف على الطواف من حيث الظاهر أولى لكثرة ما ورد من فضائله ,إلا أني لا أدري ما الثمرة العملية للخلاف السابق فالأمران كلاهما ركن في عبادة الحج ولا تصح هذه العبادة دون أن يؤتى بهما كليهما ,فغض الطرف عن الخلاف السابق أولى. ) (١الرملي ,نهاية المحتاج ,ج ,٣ص ,٢٩٢والحطاب ,مواهب الجليل ,ج ,٢ص.٥٣٨ وهو من أركان الحج) (١يأتي به الحاج صباح يوم النحر بعد أن يتحلل التحلل الأصغر ,وقدُذكر هذا الطواف −دون غيره −في الكتاب العزيز وذلك في قوله تعالى ﴿ÏMøŠt7ø9$$Î/ (#θèù§θ©Üu‹ø9uρ öΝèδu‘ρä‹çΡ (#θèùθã‹ø9uρ öΝßγsWxs? (#θàÒø)u‹ø9 ¢ΟèO .(٢)﴾È,ŠÏFyèø9$# وقد نقل غير واحد الاتفاق على أن الطواف المقصود في هذه الآية هو طواف الإفاضة).(٣ ولا يصح أن يراد بهذا الطواف طواف القدوم فقد عبرت الآية بـ)ثم( ) (١المشهور عند الحنفية –كما سيأتي −أن الركن أربعة أشواط منه ,وما بقي من الأشواط واجبة. ) (٢سورة :الحج ,الآية ).(٢٩ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢١١وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٢٦وابن رشد, بداية المجتهد ,ج ,١ص ,٢٥٠والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٤٦والقرطبي, الجامع لأحكام القرآن ,ج ,١٢ص .٥٠ عن عائشة > قالت :إن صفية بنت حيي زوج النبي حاضت فذكرت ذلك لرسول االله فقال :أحابستنا هي? فقيل :إنها أفاضت ,قال :فلا إذن).(٢ ووجه الدلالة من ذلك أنه لو لم يكن ركنا لا يجوز تركه لم تكن حابسة له) ,(٣ثم إن الحج أحد النسكين فكان الطواف فيه ركنا كالعمرة).(٤ ولهذا الطواف أسماء أخر يستعملها بعض أهل العلم من ذلك طواف الركن لكونه من أركان الحج ,ومن ذلك طواف الفرض لفرضيته ,ومن ذلك طواف الزيارة لزيارة البيت يوم العاشر إذ مكان الحاج المشروع في تلك الأيام خارج مكة ,فيأتي لزيارة البيت ثم يرجع إلى منى. ) (١الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,٥ص .٧٤ ) (٢أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :ما تفعل الحائض في الحج ).(٤٤١ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٩٢ ) (٤ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٦ الزيارة).(٢ الصدر ,ومع البعد عن الاصطلاحومن ذلك يطلق عليه أيضا طوافََ الخاص بهذا الطواف نقول إنه قد اتفق على مشروعيته بل وجوبه بين علماء الأمة كافة).(٣ ويوم هذا الطواف هو العاشر من ذي الحجة ,واتفق الفقهاء أن أفضل أوقاته يوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق كما فعل نبي الهد￯ . لكن الفقهاء مختلفون في مبدأ وقته فمنهم من قال إن وقته يبدأ بعد نصف الليل من ليلة النحر) ,(٤ومنهم من قال إن أول وقت طواف الإفاضة ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٧ص.٢٦٧ ) (٢ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص.٢١٠ ) (٣السالمي ,جوابات الإمام السالمي ,ج ,٢ص ,٢٠١والصائغي ,لباب الآثار ,ج,٣ ص.١٧٩ ) (٤الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٩٢وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص,٢٢٧ والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص.٤٣ والواقع أن أول وقت طواف الإفاضة يتجاذبه أمران أولهما مسألة وجوب الترتيب بين أعمال اليوم العاشر ,وثانيهما أول وقت الرمي فإن من يقول إن أول وقت الرمي هو نصف الليل من ليلة النحر ولا يقول بوجوب الترتيب بين أعمال اليوم العاشر فإنه يقول إن أول أوقات جواز الرمي هو نصف الليل الآخر. ومن هؤلاء من جعل وقت الطواف هو وقت الرمي لعلة أن الجميع من أسباب التحلل) ,(٢لكن يشكل على هذا أنهم جعلوا أسباب التحلل من العمرة الطواف والسعي والحلق ولم يقل أحد بجواز الحلق قبل الطواف, والجمهور –وقد حكي عليه الإجماع −على عدم جواز السعي قبل الطواف. ومن يقول إن أول أوقات الرمي هو طلوع الفجر من غير لزوم الترتيب فإنه يقول إن وقت طواف الإفاضة هو طلوع الفجر وهكذا. أما من يقول إن وقت الرمي من حيث الأصل هو طلوع الشمس –كما ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٧ ) (٢زكريا الأنصاري ,أسنى المطالب ,ج ,١ص.٤٩٣ أما آخر وقت طواف الإفاضة فأمره محل خلاف بين الفقهاء ,غير أن من الفقهاء من نص على أن من فعله في أيام التشريق أجزاه ولا دم عليه بالإجماع).(١ فإن أخره إلى ما بعد أيام التشريق وأتى به بعدها فاختلف في حكمه),(٢ والظاهر أنه لا إجماع إذ إن من الفقهاء من قال إن من أخر طواف الإفاضة عن يوم النحر ملزم بدم).(٣ والاختلاف قائم في آخر وقته ,والفقهاء منهم من قال إنه ليس لطواف الإفاضة وقت محدود من حيث آخره بل العمر كله وقت لأدائه) ,(٤قال القطب ~ :ولا حد له ما لم يصب النساء وبه قال أصحابنا).(٥ ) (١ابن المنذر ,الإجماع ,ص.٧٥ ) (٢النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص ,٥٨والمرغيناني ,الهداية ,ج ,١ص.١٤٩ ) (٣المرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص.٤٣ ) (٤الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٢٨وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٧ ) (٥القطب ,الجامع الصغير ,ج ,٣ص.١٥٠ ومن الفقهاء من قال إن آخر وقت طواف الإفاضة هو آخر أيام النحر, ومن أخر طواف الإفاضة عن أيام النحر أجزاه طوافه لعدم الموقت وعليه دم ,واعترض على ذلك من لا يقولون بالدم بأن وقته المسنون يوم النحر ولا يلزمه الدم بتأخيره إلى أيام التشريق; لأنه في كلا الوقتين مسقط لغرض الطواف بفعله. ولأنه ركن أخره عن وقته المختار إلى وقت يسقط عنه الفرض بفعله فوجب أن لا يلزمه دم بتأخيره قياسا على تأخير الوقوف بعرفة من زمان النهار إلى زمان الليل).(١ ومنهم من قال إنه طاف فيما بعد أيام النحر طوافا صحيحا فلم يلزمه دم كما لو طاف أيام النحر فأما الوقوف والرمي فإنهما لما كانا موقتين كان لهما وقت يفوتان بفواته وليس كذلك الطواف فإنه متى أتى به صح).(٢ ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٩٢ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٧ الوقت بالضبط أقبل الزوال –كما هو الأرجح −أو بعد الزوال كما في رواية أقرب للشذوذ ,والفقهاء أكثرهم على أن أيام التشريق كلها أيام طواف يكون فيها مؤد￯ لا مقضيا. والخلاف فيما بعد أيام التشريق والأولى بالحازم اللبيب أن لا يؤخره عنها فرارا من الشك إلى اليقين ,وإن اضطرته الظروف التي لا يجد عنها محيصا فأخره عن أيام التشريق عملا بمذهب من لم يحد له حدا أخذا بسكوت الأدلة فعسى أن لا يكون عليه حرج. −٢طواف العمرة وهذا الطواف هو ركن العمرة المتفق عليه ,يأتي به المحرم بعمرة ,وليس له وقت محدد من السنة لعدم توقيت العمرة ,ويسن فيه كل ما يسن في طواف القدوم إذ هو قدوم من حيث الأصل. −٣طواف الوداع الص َدر أيضا لأنه عند صدور الناس منومن الفقهاء من يسميه طوافَ ومع اتفاق الكلمة في هذا الطواف أنه مشروع لمن حج بيت االله الحرام اختلف في حكمه أواجب هو أو ليس بواجب,من غير أهل مكة إلا أنه قدُ كما اختلف في مشروعية أن يكون للعمرة طواف وداع ,وسيأتي مزيد بيان للسابق نختم به مباحث الكتاب في آخر الجزء الخامس إن شاء االله عسى االله أن يختم بالصالحات أعمالنا. −٤طواف النفل وهو الطواف المطلق من سبب فإنه مندوب وردت في فضله آثار سبق بيان بعضها ,وقد اتفق على مشروعية هذا الطواف من حيث الجملة. وذكر الإمام السالمي أنه لا يجوز قطع طواف النفل بعد البدء به لقوله تعالى "ولا تبطلوا أعمالكم". وقد أجاب بذلك ~ سؤال سائل عن حكم قطع الطواف لمن استأذ￯ ) (١البسيوي ,مختصر البسيوي ,ص ,١١١والجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص,٩٦ والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٥٣وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص,٢٣٧ والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.٢٠٠ أولا :مشروعية طواف النفل حال خطبة الجمعة ذهب جماعة إلى الجواز مستدلين بحديث :أبي الزبير قال :سمعت عبد االله بن باباه يحدث عن جبير بن مطعم أن النبي قال :يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار).(٢ والحديث دال على جواز الطواف في عموم الأوقات بدلالة الإشارة; إذ عبارة النص النهي عن المنع من الطواف في أي ساعة ,والإشارة جواز الطواف في أي ساعة ,ووقت خطبة الخطيب يشملها العموم السابق للأوقات. غير أنه يظهر أن في هذا الرأي نظرا وأن الأولى منه القول بعدم جواز ) (١السالمي ,جوابات الإمام السالمي ,ج ,٢ص.٢٠٢ ) (٢أخرجه النسائي في كتاب :المواقيت ,باب :إباحة الصلاة في الساعات كلها بمكة ) ,(٥٨٥وأبو داود في كتاب :المناسك ,باب :الطواف بعد العصر ) ,(١٨٩٤والترمذي في كتاب :الحج ,باب :ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف ),(٨٦٨ وقال :حسن صحيح. الطواف أمران أولهما جواز الطواف المأخوذ بدلالة الإشارة السابق ذكرها. وثانيهما وجوب الإنصات لخطبة الخطيب وترك الاشتغال بكل ما هو من غير خطبة الخطيب المأخوذ بدلالة النص من الأدلة الشرعية الأخر￯, وقد اتفقت الأمة على الأخذ به من حيث العموم ,والاتفاق حاصل بين أهل العلم على أن دلالة الإشارة تقصر بها رتبتها عن معارضة دلالة النص كما مضى تقرير ذلك مرارا. وعليه فتقدم أدلة وجوب استماع الخطبة الدالة بنصها على دليل جواز الطواف الدال بإشارته. ثانيا :المفاضلة بين طواف النفل والتطوع بالصلاة في المسجد للفقهاء خلف في المفاضلة بين طواف النفل وصلاة النفل ,وفي كل واحد من الفعلين ثبت حض الشارع ,فذهب جماعة من الفقهاء إلى أن الإكثار من الطواف أفضل من الإكثار من صلاة التطوع).(١ ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٣٤والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٥٨ الصلاة").(١ وأما من قال بأفضلية الطواف على الصلاة فاستدلوا بحديث :عطاء عن ابن عباس قال :قال رسول االله :ينزل االله تعالى على هذا البيت في كل يوم عشرين ومائة رحمة ,ستون منها للطائفين ,وأربعون للمصلين ,وعشرون للناظرين. والحديث السابق وجدته من طريقين كلاهما ضعيف أولهما ما أخرجه الأزرقي إذ قال الأزرقي :حدثني جدي عن سعيد بن سالم وسليم بن مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال :قال رسول االله :ينزل االله عز وجل على هذا البيت كل يوم وليلة عشرين ومئة رحمة ,ستون منها للطائفين, وأربعون للمصلين ,وعشرون للناظرين).(٢ والحديث ليس بحجة ,فالقداح سعيد بن سالم تكرر كثيرا في كتابنا وأنه ليس بحجة في الرواية. ) (١ابن حبان ,صحيح ابن حبان ,ج ,٣ص.٣١١ ) (٢الأزرقي ,أخبار مكة ,ج ,٢ص.٨ ليس بثقة ,وقال أبو زرعة :ليس بقوي) ,(١وقال النسائي :متروك الحديث),(٢ وقال ابن عدي :عامة ما يرويه غير محفوظ).(٣ وقال ابن ما كولا :ضعفوه واتهموا دينه).(٤ وقد رويا الحديث عن ابن جريج ولم يصرح بالسماع فلا يقبل منه ,وعليه فالحديث ضعيف لا يصح. وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده من حديث أحمد بن يزيد من أهل كرمان ثنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال :قال رسول االله :ينزل االله عز وجل كل يوم مئة رحمة ,ستون منها للطائفين, وعشرون منها لأهل مكة ,وعشرون منها لسائر الناس).(٥ ) (١ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٤ص.٣١٤ ) (٢النسائي ,الضعفاء والمتروكين ,ص.٤٧ ) (٣ابن عدي ,الكامل ,ج ,٣ص.٣٢٠ ) (٤ابن ماكولا ,الإكمال ,ج ,٤ص.٣٣٠ ) (٥الحارث بن أبي أسامة مسند الحارث )زوائد الهيثمي( ,ج ,١ص.٤٦٥ وأخرجه ابن عدي من طريق بهلول بن إسحاق بن بهلول حدثني محمد بن معاوية ثنا محمد بن صفوان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول االله :ينزل االله عز وجل في كل يوم مئة وعشرين رحمة ستون منها للطائفين ,وأربعون للمصلين ,وعشرون للناظرين).(١ وأعله ابن عدي عقبه بمحمد بن معاوية وقال :الضعف يتبين على رواياته ,وقد حكم على الحديث السابق بعد روايته بأنه منكر. ومن السابق لا يثبت هذا الحديث فيسقط الاحتجاج به. ومن الفقهاء من فرق فقال إن المستحب لأهل مكة الإكثار من الصلاة, أما غيرهم فالأفضل لهم الطواف بالبيت).(٢ والعلة للتفرقة السابقة أن عبادة الطواف معدومة عند غير أهل مكة فيبغتونها ,بخلاف أهل مكة فإنها متيسرة ثم طول سنتهم فلا حاجة تدعوهم إلى مزاحمة الناس في الموسم).(٣ ) (١ابن عدي ,الكامل ,ج ,٦ص.٢٧٨ ) (٢الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٤ص.٧١ ) (٣الحطاب ,مواهب الجليل ,ج ,٢ص.٥٣٩ لحج ولا عمرة ولا وداع ,فهو بمنزلة صلاة تحية المسجد لغير المسجد الحرام لذا اختلفوا في تأخيره بعد وصول المحرم إلى مكة أيفوت بذلك التأخير أو لا يفوت).(١ واستثنى جماعة المرأة الجميلة أو الشريفة التي لا تبرز فيستحب لها تأخير الطواف إلى الليل إن دخلت نهارا ,وهذا من باب تخصيص العموم بالعادات. لكن يرده أن زوجات النبي كن في قمة الشرف ومع ذلك ما نقل عنهن إلا أنهن طفن معه ضحوة نهار الرابع من ذي الحجة خلا السيدة عائشة لحيضها ,وكن إذا جاء الركب سدلن الخمر على وجوههن كما تقدم ذكر الحديث وتخريجه. وكذا من خاف فوت مكتوبة أو جماعة مكتوبة أو مؤكدة أو فائتة فإن ذلك كله يقدم على طواف القدوم كما تقدم ذكر ذلك. ) (١ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص .٤٧٩ العهد بالبيت).(١ وللقيود السابقة لا يتصور هذا الطواف إلا في حق المفرد والقارن اللذين أحرما من خارج مكة وقصدا مكة ولم يذهبا إلى غيرها كمنى أو عرفات).(٢ وأبان بعض الفقهاء أن طواف القدوم مشروع في حق المفرد والقارن إلا الحائض والنفساء والمجنون والمغمى عليه والناسي).(٣ ونقل بعضهم الاتفاق على أن طواف القدوم يفوت بالذهاب إلى عرفات).(٤ ولو أن من وجب عليه طواف العمرة نواه للقدوم ,أو من وجب عليه طواف الإفاضة نواه للقدوم قيل إن طوافه ينقلب للطواف الواجب ,ويجزيه ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٣٤والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص,١٣٤ والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,١٢وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٤٩٤ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص .١٢ ) (٣عليش ,منح الجليل ,ج ,٢ص .٢٤٩ ) (٤علي القاري ,مرقاة المفاتيح ,ج ,٥ص .٤٨٧ وفي هذه القضية خلاف والأولى –كما سيأتي −أن ذلك لا يجزيه عن العمرة ما لم ينوها; لأن الأعمال بالنيات. والإمام أحمد بن حنبل قال بمشروعية طواف القدوم للمتمتع ,وذلك بعد الرجوع من منى فيطوف طوافين أحدهما للزيارة والآخر للقدوم ,ومثله في الحكم المفرد والقارن إن لم يطوفا للقدوم أول الأمر).(٢ والحال هنا −كما يقول ابن قدامة −أنه لا يوافق أحمد بن حنبل على رأيه السابق أحد من السلف) (٣ولا الخلف. والنبي وأصحابه لم يفعلوا ما قاله أحمد ,بل سنته ظاهرة أنه وأصحابه ما طافوا بعد الرجوع من منى إلا طواف الزيارة ,والوداع حين خرجوا من مكة. والحنفية القائلون بأن طواف القارن الأول إنما هو طواف العمرة لا ) (١ابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص ,٤٥٦والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٢ ) (٢الخرقي ,مختصر الخرقي ,ص .٦١ ) (٣ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص .٢٢٨ وابن الهمام تعقب السابق بأن طواف القدوم ليس مشروعا لذاته بل هو تحية للبيت ,وبنى على السابق أن الطواف الثاني الذي قال به الحنفية ليس هو للقدوم بل هو طواف شرع لأجل أن يسعى بعده من شاء تقديم سعي الزيارة على وقته; لأن من شروط صحة السعي الطواف الصحيح قبله),(٢ ومعلوم أن السعي الأول إنما هو للعمرة. وما كان أغنى الكمال ابن الهمام عن مثل هذا التأويل المتكلف وهو الخريت الماهر بشؤون الروايات وأنها ثابتة كالشمس في رائعة النهار أن النبي وطلحة وعليا من أصحابه كانوا قارنين لسوقهم الهدي ومع ذلك لم يطوفوا الطواف المذكور. وهم أيضا لم يسعوا بعد طواف الإفاضة لإجزاء طواف العمرة عنه كما ثبت ذلك بصحيح الروايات عند مبحث أنواع النسك في الجزء الثاني. وما طاف النبي في حجة الوداع كلها إلا ثلاث مرات مرة للعمرة, ) (١ابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٢ص .٣٥٧ ) (٢ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٣ص.١٢٣ ومرة يوم العاشر من ذي الحجة للزيارة ولم يسع بعد هذا الطواف كما أثبتنا ذلك من قبل ,وثالثة للوداع قبل فجر اليوم الرابع عشر من ذي الحجة. ومن السابق يظهر لك جليا أن هذا الطواف الذي قال به أحمد والحنفية ليس بمشروع وقد نطقت السنة بخلافه. والإمام مالك وأصحابه يرون أن طواف القدوم إذا وصل بالسعي يجزي عن طواف الإفاضة لمن تركه جاهلا أو لسنة ولم يؤده حتى رجع إلى بلده ,وعليه الهدي).(١ وذكر القرطبي أنه رو￯ ابن القاسم وغيره عن مالك فيمن طاف طواف الإفاضة على غير وضوء أنه يرجع من بلده فيفيض إلا أن يكون تطوع بعد ذلك. ثم قال :وهذا مما أجمع عليه مالك وأصحابه وأنه يجزيه تطوعه عن الواجب المفترض عليه من طوافه ,وكذلك أجمعوا أن من فعل في حجه شيئا ) (١ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,١٧٣وابن رشد ,بداية المجتهد ,ج ,١ص.٢٥١ فإذا كان التطوع ينوب عن الفرض في الحج كان الطواف لدخول مكة أحر￯ أن ينوب عن طواف الإفاضة إلا ما كان من الطواف بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر أو بعده للوداع).(١ ولا دليل للمالكية يؤيد قولهم السابق غير مجرد النظر ,فطواف الإفاضة ثابت وجوبه بأدلة خاصة به ,وإسقاط هذا الوجوب بإجزاء غيره عنه لا يصح إلا بدليل يكون حجة في سوق المناظرة ,ثم إن الإفاضة لم يدخل وقته بعد ,والمالكية يقولون بوجوب الترتيب بين أعمال اليوم العاشر كما سيأتي. وقد اختلف القائلون بمشروعية طواف القدوم على النحو السابق من الخلاف في حكمه ,فقال الأكثر منهم إنه سنة وليس بواجب ,فلا يلزم تاركه شيء).(٢ ) (١القرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,١٢ص.٥١ ) (٢الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,٩٦وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٨ص,٢٣٤ والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,١٣والقرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,١٢ص,٥١ السعي أو شوطا منه حتى رجع إلى بلده ثم ذكره فإن لم يكن أصاب النساء رجع إلى مكة حتى يطوف بالبيت ويركع ويسعى بين الصفا والمروة ثم يهدي ,وإن أصاب النساء رجع فطاف وسعى ثم اعتمر وأهد￯).(٢ ونقل أن هناك من قال من الفقهاء بركنية طواف القدوم) ,(٣وهذا القول على إطلاقه لا دليل يسنده إلا إن كان صاحبه يريد بالقدوم كل طواف طافه صاحبه أول ما يقدم على البيت فيدخل فيه طواف العمرة ,وطواف الزيارة لمن لم يأت مكة قبل ذلك. وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص ,٤٧٩وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٢ص,٣٥٧ والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص ,٦١والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٤ص.٥١ ) (١الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,٩٦وعبد الوهاب ,التلقين ,ج ,١ص ,٢٣١وابن عبد البر ,الكافي ,ص١٣٥و ,١٦٥والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,١٣والقرطبي, الجامع لأحكام القرآن ,ج ,١٢ص ,٥١والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٧٣والمرداوي, الإنصاف ,ج ,٤ص.٦١ ) (٢القرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,١٢ص.٥١ ) (٣عليش ,منح الجليل ,ج ,٢ص .٢٢٢ بذلك ,وأي فعل فعله النبي فالأصل فيه الوجوب; لأن فعله مبين لمجمل واجب هو قوله تعالى ﴿ Ïμø‹s9Î) tí$sÜtGóTM$# Ç⎯tΒ ÏMøt7ø9$# kÏm Ä ̈$ ̈Ζ9$# ’n?tã ¬!uρ TM.(١)﴾4 Wξ‹Î6y وقوله :خذوا عني مناسككم ,وقوله :حجوا كما رأيتموني أحج, وهذا الدليل يستلزم وجوب كل فعل فعله النبي في حجه إلا ما خصه دليل).(٢ وفي كلام الشوكاني تهويل في العبارة إذ مقدمته قائم سوقها على أن النبي طاف أول الطواف للقدوم ,ولا أدري من أين للشوكاني أن ذلك الطواف كان لعلة القدوم ,إن الأدلة لتثبت أن ذلك الطواف كان لعمرة القران ,وعليه فتسقط كل النتائج لسقوط المقدمة. أما إن أراد بطواف القدوم أول ما يقدم مع غض الطرف عن العمرة فنعم ولكن لا يقال بالركنية إذ إنه أسقطه عن السيدة عائشة لحيضها, ) (١سورة :آل عمران ,الآية ).(٩٧ ) (٢الشوكاني ,السيل الجرار ,ج ,٢ص ,١٩٠ونيل الأوطار ,ج ,٥ص.١١٠ واحد فلازمه عدم وجوب الطواف الأول ولا السعي الأول. واستدلال الشوكاني بأن النبي قال :حجوا كما رأيتموني أحج ,رد عليه; إذ ليس لهذا اللفظ أصل عن النبي ,وقد بحثت عنه فلم أجده. استدل الأكثر القائلون بعدم وجوبه بأنه تحية فلم يلزم تاركه شيء كتحية المسجد).(١ كما أن االله أمر بالطواف مطلقا ,والأمر لا يقتضي التكرار ,وطواف الزيارة واجب بالاتفاق فلم يكن ما قبله واجبا).(٢ وفي هذا الدليل نظر ,وذلك لأنه إن كان الاستدلال على طواف القدوم بآية الأمر بالطواف فالأصل أنها إما أن تفيد الوجوب للجميع أو لا تفيده إلا لواحد. أما أن يؤخذ منها وحدها وجوب الزيارة وسنية القدوم فذلك مما لا ) (١ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢١٧والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص,٣٤ والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٤ص.٤٠٤ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .٣٤ واستدل لسنية طواف القدوم بأنه ثبت بالإجماع أن الطواف الذي هو ركن في الحج موقت بيوم النحر حتى لا يجوز قبله فما يؤتى به قبل يوم النحر لا يكون واجبا; لأنه يؤتى به في الإحرام ولا يتكرر ركن واحد في الإحرام واجبا كالوقوف بعرفة فكان سنة ,بخلاف طواف الوداع فإنه يؤتى به بعد تمام التحلل ولو جعل واجبا فإنه لن يؤدي إلى تكرار الطواف الواجب في الإحرام).(١ كما استدل آخرون على عدم وجوب طواف القدوم بإجماع العلماء على سقوطه عن المكي وعن المراهق الخائف فوت عرفة واالله قد افترض الحج على المكي وغيره إذا استطاعه فلو كان طواف القدوم فرضا لاستو￯ فيه المكي وغيره كما يستوون في طواف الإفاضة).(٢ أما القائلون بالوجوب فاستدلوا أول ما استدلوا حديث محمد بن عبد الرحمن بن نوفل القرشي أنه سأل عروة بن الزبير فقال :قد حج النبي  ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .٣٤ ) (٢ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص .٢١٧ وهذا الفعل منه الأصل فيه الوجوب لحديث "لتأخذوا عني مناسككم". كما استدل بعضهم بأن المقصود زيارة البيت للتعظيم فالنسك الذي يكون عند ابتداء الزيارة يكون واجبا بمنزلة الذكر عند افتتاح الصلاة وهو التكبير).(٢ واعترض هذا الأخير بقياس أولى منه وذلك أن الطواف في الحج بمنزلة ثناء الافتتاح في الصلاة; لأن التلبية عند الإحرام هنا كالتكبير هناك ,وكما أن ثناء الافتتاح الذي يؤتى به عقيب التكبير سنة فكذلك الطواف الذي يؤتى به عقيب الإحرام سنة).(٣ واستدل آخرون على الوجوب بأن السعي الذي بعد هذا الطواف ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :الوضوء في الطواف ).(١٥٦٠ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .٣٤ ) (٣السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .٣٤ يتصور إلا في حق المفرد أو القارن ,والنظر الذي يظهر يتبين بكل حالة من المذكورات. أما القارن فلا يخلو الأمر فيه من أحد حالين: أولهما :أن يطوف ويسعى قبل طواف اليوم العاشر. ثانيهما :أن لا يطوف ولا يسعى إلا في اليوم العاشر ,وهذه الحالة الثانية لا يكون فيها طواف قدوم مستقل كما تدل على ذلك السنة وقد مر ذكرها. والسيدة عائشة > منعها الحيض من الطواف الأول فكانت قارنة ,ولم يأت أنها طافت للقدوم بل طافت مع زوجها وزوجاته صباح اليوم العاشر للإفاضة ,وبين لها أن هذا الطواف الأخير يجزيها عن طواف العمرة والحج. ولو كان مشروعا لمن هذا حاله أن يطوف للقدوم لأمرت به > ,ولما لم تأمر ولا غيرها دل ذلك على انعدام المشروعية. ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .٣٤ يكون في غير حال الاختيار ,أما حال الاختيار فيكون فيه طواف العمرة متميزا عن طواف الحج كما هو ظاهر الأدلة ,وعلى ذلك فلا يكون طواف قدوم. وقال الصنعاني :لا خفاء في أنه ليس في العمرة طواف قدوم ,بل هو طواف العمرة ,ولا يتصور طواف القدوم إلا في حق الحاج إفرادا).(١ وجماعة من أهل العلم يرون طواف القارن الأول طواف العمرة ولا يقولون باختلاط طواف الحج بالعمرة غير أنهم استحبوا للقارن أن يطوف للقدوم بعد طواف العمرة ,ويكون على هذا الأخير أول وقته حين دخوله مكة ,وآخره من وقوفه بعرفة ,فإذا وقف فقد فات وقته ,وإن لم يقف فإلى طلوع فجر النحر).(٢ قال ابن النجيم: يأتي بأفعال العمرة أولا من الطواف والسعي بين الصفا والمروة والرمل ) (١الصنعاني ,العدة ,ج ,٣ص.١٢٢٧ ) (٢المرغيناني ,الهداية ,ص ,١٥٤وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٤٩٤ وهذا الترتيب أعني تقديم العمرة في أفعال الحج واجب).(١ وقد بينا ضعف هذا الرأي قبل قليل بما يغنينا عن إعادته هنا. وأما المفرد الذي يدخل مكة مع قدرته على الطواف فتقدم البيان عند ذكر أنواع النسك أنه يلزمه أن يحل بعمرة ليكون متمتعا كما هو مذهب ابن عباس } وجماعة من التابعين وعليه علماء الإباضية إن طاف وسعى, والإمامية مطلقا ,وانتصر له ابن حزم من الظاهرية ,وابن القيم من علماء الحنابلة وغيرهم كما تقدم ذكر ذلك ,وهو ظاهر السنة ومقتضى الأدلة ,وعليه فلا محل لطواف القدوم في حال المفرد; لأنه يلزمه أن يحل بعمرة ليكون متمتعا فطوافه طواف العمرة لا القدوم. ولو لم يقل بالسابق وأخذ برأي الجمهور المخير بين الأنواع الثلاثة من أقسام الإحرام لما وجد دليل يفيد أن المفرد يسن له أن يطوف للقدوم ,إذ تقدم سلفا أنه لم يكن من بين أصحاب النبي الذين طافوا أول الأمر معه من هو مفرد. ) (١ابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٢ص .٣٨٦ للمفرد ,وقد مضت المسألة مقررة عند مبحث أنواع النسك. وتقدم أن من الفقهاء من يستدل بفعل النبي وأصحابه وذلك أنه بدأ أول ما بدأ لما قدم مكة يوم حجة الوداع بالطواف بالبيت) ,(١ومن ذلك قول السيدة عائشة > :إن أول شيء بدأ به حين قدم النبي أنه توضأ ثم طاف).(٢ وهذا من حيث الوقوع لا إشكال فيه أنه بدأ بالطواف لكنا نقول إن هذا الطواف كان طواف نسك العمرة سواء كانت عمرة القران كما هو فعل النبي ومن وافقه ممن ساق الهدي معه ,أو عمرة التمتع كما هو حال أكثر الصحابة الذين كانوا معه ,ولم يكن لهذه القسمة ثالث. وليس في قول جابر بن عبد االله } :حين قدم ,دليل على مشروعية طواف القدوم على وجه الاستقلال ,لأن ذلك الوصف يصح في الغالبية من أصحابه الذين تمتعوا ومع ذلك نص القائلون بطواف القدوم أنه لا يشرع ) (١النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٨ص ,٢١١وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٧٩ ) (٢أخرجه البخاري ,كتاب :الحج ,باب :من طاف بالبيت إذا قدم مكة ).(١٦١٤ يلقى فيه البيت العتيق فلا إشكال في الجواز إذ القضية لا تعدو الاصطلاح, وقد ثبت أن النبي كان يبدأ بالطواف أول ما يبدأ عند دخول مكة. وعلى هذا يشمل مصطلح طواف القدوم القارن والمتمتع والمعتمر حينما يكونون في طوافهم الأول. ومن الفقهاء) (١من استدل لإثبات طواف مستقل للقدوم بحديث إسماعيل بن أبي خالد عن وبرة قال :كنت جالسا عند ابن عمر فجاءه رجل فقال :أيصلح لي أن أطوف بالبيت قبل أن آتي الموقف? فقال :نعم ,فقال :فإن ابن عباس يقول :لا تطف بالبيت حتى تأتي الموقف ,فقال ابن عمر :فقد حج رسول االله فطاف بالبيت قبل أن يأتي الموقف ,فبقول رسول االله أحق أن تأخذ أو بقول ابن عباس إن كنت صادقا).(٢ ) (١النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٨ص .٢١٧ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :ما يلزم من أحرم بالحج ثم قدم مكة من الطواف والسعي ).(١٢٣٣ طواف النسك بل ابن عباس يلزم بذلك. لكن نهي ابن عباس عن الطواف هنا إنما كان لأجل أنه ير￯ وجوب التمتع بالحج إن طاف المحرم ولا خير في الإفراد حينها ولا القران إلا إن كان سائقا الهدي ,فمن أراد الإفراد لم يشرع له الطواف لأنه بطوافه يجب عليه أن يتحلل بعمرة. ومن السابق كله نقول إن طواف القدوم الذي مضى ذكره وتترتب عليه أحكام خاصة به دون غيره من الطواف غير مشروع لذات القدوم بل للنسك المحرم به فالمتمتع يطوف للعمرة ,والقارن يطوف للعمرة. والمفرد الذي لم يأت البيت يطوف في اليوم العاشر للإفاضة ,ولم يأت شيء من الأدلة يفيد أنه يطوف للقدوم طوافا مستقلا ,ويظهر أن قول من قال به في هذا الموضع عري عن الدليل. ومما يؤيد السابق الذي فيه أن مشروعية الطواف السابق للنسك المحرم به لا لذات القدوم أنه قد تخلف الحكم السابق وهو مشروعية الطواف مع تحقق الوصف وهو القدوم كما في حديث: الحجبة حتى أناخ في المسجد فأمره أن يأتي بمفتاح البيت ففتح ودخل رسول االله ومعه أسامة وبلال وعثمان فمكث فيها نهارا طويلا. ثم خرج فاستبق الناس ,وكان عبد االله بن عمر أول من دخل فوجد بلالا وراء الباب قائما فسأله :أين صلى رسول االله ?فأشار له إلى المكان الذي صلى فيه ,قال عبد االله :فنسيت أن أسأله كم صلى من سجدة. الحديث أخرجه البخاري) ,(١وفيه بيان متفق عليه بين أهل السير أن النبي قد دخل مكة يوم الفتح ولم يطف للقدوم. ولو كان للبيت طواف خاص اسمه القدوم لما تخلف هنا; إذ الوصف قائم وهو القدوم من الآفاق ومع ذلك تخلف الحكم مما يؤذن بعدم صلاحيته ليكون علة للحكم إذ من أوصاف العلة الانضباط وإلا لما كانت علة, والواقع أن الأمر الذي ينضبط في هذا المجال ويدور مع الحكم مطلقا هو النسك لا غير فلا طواف يشرع بغير النسك إلا طواف النفل المطلق. ) (١كتاب :المغازي ,باب :دخول النبي من أعلى مكة ).(٤٠٣٨ أما القارن فقول من قال فيه بطواف القدوم إنما هو لأنهم لا يقولون بأن طوافه الأول هو للعمرة بل هو للقدوم ,وقد تبين من قبل أن هذا القول فيه ضعف بل طوافه الأول للعمرة. وقد استدل بعض الفقهاء لإثبات طواف القدوم بحديث "من أتى البيت فليحيه بالطواف").(١ وهذا الحديث ليس له أصل بهذا اللفظ عن النبي ,ولربماُِْ أورد بلفظ "تحية البيت الطواف" وكلاهما ليس له أصل عن النبي . وقد بحثت عنه كثيرا لأجد له إسنادا فلم أجد ,وما كان هذا حاله فليس بحجة في إثبات أمر شرعي).(٢ ) (١المرغيناني ,الهداية ,ص ,١٤١والزيلعي ,تبيين الحقائق ,ج ,٢ص ,١٩وابن الضياء, البحر العميق ,ج ,٢ص ,١٠٩٧وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص.٤٥٧ ) (٢الزيلعي ,نصب الراية ,ج ,٣ص ,٥١وابن حجر ,الدراية ,ج ,٢ص ,١٧وابن الهمام, فتح القدير ,ج ,٢ص ,٤٥٧وعلي القاري ,المصنوع ,ص .٧٩ خاص بمن أراد أن يحرم بالحج يوم التروية من مكة ,يطوف ويسعى ثم يحرم بالحج عقيب ذلك).(٣ ونص هؤلاء على أنه إن أحرم قبل أن يطوف فقد أساء ويمضي إلى منى ولا يطوف بعد الإحرام. واختلفوا في وجوب الدم على من أحرم بالحج ولم يطف هذا الطواف فمنهم من أوجبه ومنهم من لم يوجبه لأنه بخروجه غير مفارق للبيت وإنما خرج ليعود إليه ,مع الاتفاق على تلويم من لم يأت هذا الطواف).(٤ ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٢٥والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص ,١٩٩وج,٤ ص.٧٩ ) (٢البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص.٢٦٩ ) (٣ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٢٠والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٦٩والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦٧وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,٢٠٥والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص ,١٩٩والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص.٢٥ ) (٤البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٦٩والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص,١٦٧ والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.٢٠٠ وهذه العلة –على هذا الرأي −تجعله مشروعا لكل من أراد الخروج من الحرم ولو كان مفردا أو قارنا كما نصوا على ذلك).(٢ ولا أعلم لهؤلاء دليلا مرفوعا أو له حكم الرفع يستندون عليه في الطواف السابق غير موقوف على ابن عمر من فعله كما في حديث أبي خالد ُ رسوله عند عن ابن جريج قال :قلت لنافع :متى كان ابن عمر يروح? قال: الإمام ,فإذا راح راح ,عجل أو أخر ,قال: وكان لا يخرج حتى يطوف سبعا ,وكان يحب أن لا يصلي الظهر إلا بمنى ,قال :وأخر الإمام يوما فصلى دون منى).(٣ والظاهر أن السنة بخلاف ذلك ,فالنبي لم يأمر أصحابه بالطواف بالبيت قبل إحرامهم بالحج صباح اليوم الثامن ,ولا جاء شيء من الروايات ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦٧والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٤ص,٧٩ والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٧٧والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص.٢٥ ) (٢الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٤ص.٧٩ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٣١٤ فأهلوا بالحج وركب رسول االله فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر).(١ وظاهر هذا أنهم لم يطوفوا في هذا اليوم ,قال الشيخ إسماعيل :وليس في الأخبار ما يدل على أنهم ودعوا البيت بالطواف ,ولكن استحب ذلك العلماء).(٢ ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  ) (٢الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص.١٦٠ سبق أن بينا في الفصل الأول من هذا الكتاب أن عبادة الحج تعبدية محضة ,لذا فمناط وجوبها على الناس هو العقل والاستطاعة عليها ,ومعدم العقل لا يتوجه إليه الخطاب بالحج اتفاقا بين أهل العلم. والطواف بالبيت من شعائر هذه العبادة فيشرط لصحته العقل ,وغير العاقل لا يصح طوافه ,فالمغمى عليه ومن زال عقله لعارض لا يصح طوافهم ولو حملهم غيرهم).(١ والخلاف بين الفقهاء فيمن شرع في الطواف لكن عرض عليه عارض زال معه عقله حينا ثم رجع أيستأنف طوافه من جديد أو يبني على السابق? ذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه يستأنف طوافه من جديد سواء طال الفاصل أو قصر).(٢ ومن الذين يشترطون النية من قال إن الشرط أن لا يصرف النية إلى غير ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٧٨ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٧٨ ثانيا :نية الطواف الأعمال في صحتها رهينة النوايا الصالحة ,ودون النية لا يكون للعمل نفع ولا عائد ,والطواف كباقي العبادات يشترط لصحته النية الصالحة التي تميز الدوران لأجل العبادة المقصودة والسعي المراد من مطلق الدوران. والإنسان قد يدور حول الكعبة بحثا عن شيء ,أو وصولا إلى مكان دون أن يكون له نية في الطواف المراد به العبادة فهذا لا يجزيه فعله السابق عن طواف العبادة ,بل لا بد من أن يخلص المقصد في الطواف حتى يجزيه).(٢ قال الشيخ محمد بن إبراهيم الكندي: ومن طاف ولم ينو بطوافه فرضا ولا تطوعا لم يجزه ذلك لما ثبت عن النبي أنه قال :الأعمال بالنيات ,وإنما لكل امرئ ما نو￯ ,وكل عمل يعر￯ من النية فغير محتسب به لعامله ,والطواف عمل فلا يجوز إثباته إلا بقصد ونية ) (١الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣١٣ ) (٢الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٦والزركشي ,الديباج ,ج ,١ص ,٣٨٩والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص ,٢٢٦وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.٩٢٨ ينوي طواف العمرة إن كان للعمرة ,أو طواف الزيارة إن كان يوم العاشر وهو في الحج دون أن يقصده واجبا أو سنة فإنها تجزي المكلف. قال الإمام أبو سعيد الكدمي: ولا تصح الأعمال إلا بالنيات ,وعندي إذا قصد إلى الطواف اللازم في حجته أو عمرته ولو لم يعلم أنه فرض أن ذلك يجزيه ,وليس على الناس أن يكونوا فقهاء إذا عملوا) (٢بما يلزمهم مع القصد إلى تأديته).(٣ وذهب بعض الفقهاء إلى أن النية غير واجبة في الطواف; لأن الطواف في الحج والعمرة أحد الأعمال فيكفي فيه نية النسك في الابتداء. وعليه فمن وجب عليه طواف فنواه لغيره انقلب إلى الطواف الواجب) ,(٤ومن طاف للوداع ولم يكن قد طاف للإفاضة وقع طوافه عن ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٢٩ ) (٢في الأصل "علموا" ولعل الصواب ما أثبت. ) (٣الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.١٨٥ ) (٤الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٦والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٥١ لبيك عن شبرمة .قال :من شبرمة? قال :أخ لي أو قريب لي ,قال :حججت عن نفسك? قال :لا ,قال :حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة. ووجه الدلالة منه أن الرجل قد لبى عن غيره مع اشتغال ذمته بحجه هو فكان الإحرام إحراما له لا عن شبرمة. وقد تقدم ذكر الحديث في الجزء الأول من هذا الكتاب وأنه لا يثبت )(٢ مرفوعا إلى النبي كما ذهب إلى ذلك جماعة منهم ابن المنذر النيسابوري فلا يكون حجة. ثالثا :الطهارة من الحدث ذهب الجماهير من أهل العلم إلى أن المبتلى بالحدث الأكبر لا يجوز له دخول المسجد ,وقد جاء الحكم السابق في حال الجنب في قوله تعالى$pκš‰r' ̄≈tƒ﴿ : ωÎ) $·7ãΨã_ Ÿωuρ tβθä9θà)s? $tΒ (#θßθn=÷ès? 4©®Lym 3“t≈s3ßTM óΟçFΡr&uρ nο4θn=¢Á9$# (#θç/tø)s? Ÿω (#θãΨtΒ#uTM t⎦⎪Ï%©!$# ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٥٨ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٥١ مبتلى بحدث أكبر جنابة كان أو حيضا أو نفاسا أن يدخله تعظيما لحرمته ,بناء على قول الجماهير من أهل العلم السابق ذكره. ومن المتفق عليه بين الفقهاء جواز دخول صاحب الحدث الأصغر المسجد وعدم اشتراط الوضوء لمن أراد دخول المسجد إلا إن شاء الصلاة, فالشرط إنما هو للصلاة وليس هو لدخول المسجد. والمسجد الحرام كغيره في هذا الجانب لا يشترط لجواز دخوله الطهارة من الحدث الأصغر بل يصح لمن لم يكن على وضوء أن يدخله ويمكث فيه ما دام خلوا من وصف الحدث الأكبر. والقدر السابق متفق عليه من حيث الجملة وفي حال السعة والاختيار بين الفقهاء ,لكن اختلفوا في اشتراط الطهارة من الحدث الأصغر للطواف على أقوال ثلاثة: أولها الوضوء شرط لصحة الطواف ,وثانيها الوضوء واجب للطواف ) (١سورة :النساء ,جزء من الآية ).(٤٣ القول الأول :الوضوء شرط صحة للطواف) ,(١ومن انتقض وضوؤه أثناء طوافه لزمه أن يعيد الوضوء ليصح له طوافه. وهؤلاء اختلفوا أهو شرط مطلقا ,أو أنه شرط في حال الذكر دون النسيان) ,(٢الأكثرون منهم على أنه شرط مطلقا. واختلف هؤلاء فيمن أحدث أثناء طوافه فقال جماعة إنه يعيد الوضوء ويستأنف الطواف من جديد كما هو حال الصلاة إذ لم يأت دليل يفرق بين ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٣وابن رشد ,بداية المجتهد ,ج ,١ص ,٢٥٠والغزالي, الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٤٢وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٠٦والطوسي, الخلاف ,ج ,٢ص ,٣٢٢والنووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٨ص ,٢٢٠والمجموع, ج ,٨ص ,١٥وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص ,٤٣٣والمغني ,ج ,٣ص ,١٨٦والحلي, مختلف الشيعة ,ج ,٤ص ,١٩٩والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٣٨والجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص ,٢٤٥وقواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٥٥والقطب ,شرح كتاب النيل, ج ,٤ص.١٣١ ) (٢ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٠٦وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.٩١٦ النصف ,وإن لم يزد أعاد الطواف من أوله).(٢ ومنهم من علق الأمر بطول الفصل فإن طال الفصل أعاد ,وإن لم يطل الفصل بنى على الطواف السابق. ومنهم من قال إنه يبني مطلقا −وعليه جمهورهم ,−والعلة في ذلك أن الطواف عبادة تصح مع التفريق اليسير فوجب أن تصح مع التفريق الكثير كسائر أفعال الحج والزكاة طردا والصلاة عكسا).(٣ ونبه بعض هؤلاء على أن هذا البناء والخلاف فيه واقع في المتعمد نقض ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٤٣والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٤٨ والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٣٩٠والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٤٩والزركشي, الديباج ,ج ,١ص ,٣٨٨القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص .١٣٢ ) (٢الطوسي ,الخلاف ,ج ,٢ص .٣٢٣ ) (٣ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٢١والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٦٩والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٤٨والزركشي ,الديباج ,ج ,١ص.٣٨٨ الأسود توضأ فبدأ الشوط الذي بعده من الحجر الأسود ,أما إن كان انتقاض الوضوء في أثناء شوط من الأشواط فلهم أقوال: أولها أنه يبني على ما مضى مطلقا; لأنه لما استو￯ حكم التفريق اليسير في الطوفة الواحدة والأطواف وجب أن يستوي حكم التفريق الكثير في الطوفة الواحدة والأطواف. وثاني الأقوال أنه يستأنف ذلك الشوط من جديد; لأن التفريق بين أعداد الأطواف جائز; إذ لكل طوفة حكم نفسها ,وليس كذلك الطوفة الواحدة فإنه لا يستوي حكم جميعها فجاز أن يبني على أعدادها ,ولم يجز أن يبني على أبعاض آحادها).(٢ ومن هؤلاء من قال إذا بلغ الطائف في الشوط الذي انتقض الركن اليماني بنى عليه ,أما إن لم يبلغه فلا يبني عليه وليبدأ من ركن الحجر وليهمل ) (١الزركشي ,الديباج ,ج ,١ص ,٣٨٨والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٤٣ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص .١٤٨ معي أنه يخرج في قول أصحابنا أن الطواف بالبيت لا يجوز إلا بالطهارة بمنزلة الصلاة ,وأنه من طاف على غير وضوء كمن لم يطف ,ولا أعلم بينهم اختلافا في مثل هذا. ومعي أنه من قولهم أنه إذا انتقض وضوؤه وهو في الطواف توضأ وبنى على طوافه; لأن الطواف ينعقد معهم بما تنعقد به الصلاة ,ولا ينحل كانحلالها).(٢ وقال المشترطون للوضوء في الطواف إن الأفعال التي لا تبطل الصلاة لكن الوضوء هي نفسها تبطل الوضوء دون الطواف ,فمن قاء أو رعف أعاد وضوءه وبنى على طوافه من حيث خرج الحدث لانتقاض الوضوء هناك).(٣ والأصل للسابق القياس على الصلاة ,وقد نص الشارع على حكم الصلاة في المسألة كما في الحديث الصحيح: ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٤٣ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٤٨ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٩القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٣٢ صلاته).(١ والقول بأن الطواف لا ينتقض بالقيء والرعاف متوجه من حيث دليل القياس على الصلاة للحديث السابق ,غير أن قولهم بالبناء في بقية الأحداث على الخلاف بينهم فيه بالغ الضعف إذ ليس له من دليل يسنده. فهم قد بنوا اشتراط الطهارة في الطواف على القياس في الصلاة, والصلاة لا بناء فيها في غير الأحداث التي جاء بها الحديث −على خلاف فيه ,−فالظاهر أنه إما أن يقولوا بعدم اشتراط الوضوء في الطواف رأسا ,وإما أن يقولوا بنقضه بالأحداث التي لا يبنى بسببها في الصلاة ,اللهم إلا إن كانوا يعدون كل حركة في الطواف أمرا مستقلا لا يصح إلا بطهارة, والأظهر أن الطواف عبادة واحدة. أدلة القائلين باشتراط الوضوء للطواف الدليل الأول :أن النبي بدأ قبل الطواف بالوضوء ثم طاف كما في ) (١أخرجه الربيع في كتاب :الطهارة ,باب :ما يجب منه الوضوء ).(١١٣ قالوا :وأفعاله في الحج الأصل فيها الوجوب لحديث "لتأخذوا عني مناسككم") ,(٢ثم إن فعله السابق كان بيانا لمجمل واجب) (٣وهو قول االله تعالى ,(٤)﴾È,ŠÏFyèø9$# ÏMøŠt7ø9$$Î/ (#θèù§θ©Üu‹ø9uρ öΝèδu‘ρä‹çΡ (#θèùθã‹ø9uρ öΝßγsWxs? (#θàÒø)u‹ø9 ¢ΟèO﴿ :وما كان بيانا لمجمل واجب فهو واجب. الدليل الثاني :قالوا :ومما يدل على وجوب الوضوء للطواف أيضا حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة > أنها قالت :قدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ,فشكوت ذلك إلى رسول االله فقال :افعلي ما يفعل الحاج ,غير أنك لا تطوفي بالبيت حتى تطهري).(٥ ) (١أخرجه البخاري ,كتاب :الحج ,باب :من طاف بالبيت إذا قدم مكة ).(١٦١٤ ) (٢النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٨ص .٢٢٠ ) (٣الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٤ص .٣٩٧ ) (٤سورة :الحج ,الآية ).(٢٩ ) (٥أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :ما تفعل الحائض ).(٤٤٠ هي الحدث ,ومسلك هذه العلة هنا هو الإيماء. ثانيهما :أن النبي أمرها في غير هذه الرواية أن تردف الحج على العمرة فتكون قارنة بعد التمتع ,ولو كان الطواف مع عدم الطهارة جائزا لأباح لها الطواف).(١ ومن الباب السابق في الاستدلال أيضا حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة > قالت :قلت لرسول االله :إن صفية بنت حيي قد حاضت ,فقال لها رسول االله :لعلها حابستنا ,ألم تكن قد طافت معكن بالبيت? قلت :بلى ,قال :فاخرجن).(٢ ووجه الاستدلال من هذا الحديث كالسابق. الدليل الثالث :استدل القائلون باشتراط الوضوء للطواف بحديث عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي قال: ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص .٢٣٨ ) (٢أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :ما تفعل الحائض ).(٤٣٩ ووجه الاستدلال من الحديث أن الشارع جعل الطواف بالبيت صلاة فيشترط له ما يشترط للصلاة إلا ما أخرجه دليل خاص كالمشي فيه والانحراف عن القبلة والكلام ونحو ذلك).(١ ومن شروط الصلاة الطهارة لحديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي قال :لا إيمان لمن لا صلاة له ,ولا صلاة لمن لا وضوء له, ولا صوم إلا بالكف عن محارم االله).(٢ فيكون من شروط الطواف الطهارة; لأنه لم يأت دليل يخرج الطهارة بل جاء ما يفيد بقاء اشتراطها كما ذكرنا ذلك في الأدلة السابقة. الدليل الرابع :كما استدل هؤلاء بقول ابن عباس :الطواف بالبيت صلاة ,وقالوا إنه تحصل به الدلالة مع أنه موقوف لأنه قول لصحابي انتشر, ) (١الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,١٤ص ,٢٠١والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج,٤ ص ,١٤٥وعبد الوهاب البغدادي ,الإشراف ,ج ,١ص ,٤٧٥والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٤ص.٤٠٠ ) (٢أخرجه الربيع في كتاب :الطهارة ,باب :في آداب الوضوء وفرضه ).(٩١ متوضئ إذ هما صلاة والصلاة لا تصح دون وضوء).(٢ الدليل السادس :الطواف عبادة متعلقة بالبيت فكانت الطهارة والستارة فيها شرطا كالصلاة ,وعكس ذلك الوقوف).(٣ الدليل السابع :قرن االله تعالى بين الطواف والصلاة في كتابه ,فإذا كانت الصلاة تشترط لها الطهارة فكذلك الطواف ,بل إن تقديم الطواف على الصلاة يدل على أن الطهارة فيها أولى. والقران المذكور هو في قوله تعالىβr& Ÿ≅‹Ïè≈yθóTMÎ)uρ zΟ↵Ïδ≡tö/Î) #’n<Î) !$tΡô‰Îγtãuρ﴿ : .(٤)﴾ÏŠθàf¡9$# Æì2”9$#uρ š⎥⎫ÏÅ3≈yèø9$#uρ t⎦⎫ÏÍ←!$©Ü=Ï9 z©ÉLø‹t/ #tÎdγsÛ واعترض على ذلك بأن دلالة الاقتران لا يسلم بها جمهور أهل العلم ) (١النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٨ص ,٢٢٠والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج,٤ ص.٤٠٠ ) (٢الشوكاني ,السيل الجرار ,ج ,٢ص.١٩١ ) (٣ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٨٧والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٣٨ ) (٤سورة :البقرة ,جزء من الآية ).(١٢٥ أولهما :الاعتكاف مما ورد في الآية والإجماع قائم بين أهل العلم على أنه لا يشرط للاعتكاف الوضوء. ثانيهما :خالف الطواف الصلاة في أغلب الأحكام ,والمفترض من دلالة الاقتران التسوية بينهما لكن وقع الإجماع من أهل العلم على أنه ليس فيه تسليم ولا دعاء استفتاح ولا استقبال قبلة ولا تجب له قراءة الفاتحة. وله قطع الطواف لحضور الجماعة ثم البناء على الطواف السابق ,كما أنه لا يحتاج إلى تسوية الصفوف ولا تأخير النساء إلى آخر الأمور الفارقة بين الصلاة والطواف بل الظاهر أنهما لا يجتمعان إلا في قضية الطهارة على خلاف واسع بين أهل العلم فيها. القول الثاني :الوضوء واجب وليس بشرط ,فيجبر بالدم ويصح الطواف إن تركه من تركه; لأنها عبادة لا يشترط فيها الاستقبال فلم يشترط ومع ذلك هم يفضلون لمن طاف على غير وضوء أن يعيده ,وإن لم تمكن الإعادة كان عليه دم. وفصلوا في الدم فقالوا شاة إن كان على غير وضوء ,وبدنة إن كان الطواف مع وصف الجنابة; لأن الحال في الجنابة أشد منه في الحدث الأصغر فالمبتلى بالجنابة ممنوع من أمرين :الطواف بالبيت ودخول المسجد ,أما المحدث حدثا أصغر فالمنع كان من أجل الطواف وحده).(٢ والسابق كله في طواف الزيارة الذي هو ركن في الحج ,غير أنهم نصوا أن طواف العمرة لا يكون على المبتلى بالطواف مع وصف الجنابة بدنة; لأنه لا يلزم في العمرة كلها بدنة فلا يلزم هنا بالبدنة في جزء منها. كما نص الحنفية أيضا على أن طواف الوداع −الذي يصطلحون على ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٣٨وابن قدامة ,الكافي ,ج ,١ص ,٤٣٤والمغني ,ج,٣ ص ,١٨٦وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص ,١٩وابن مفلح ,المبدع ,ج ,٣ص .٢٢١ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٣٨والمرغيناني ,الهداية ,ج,١ص .١٦٥ إظهار التفاوت ,ولو طاف جنبا فعليه شاة; لأنه نقص كثير ثم هو دون طواف الزيارة فيكتفى بالشاة).(١ وقد اختلف الحنفية في المعتبر من طوافيه إذا ما أعاد الطواف من طاف وهو محدث ,فمنهم من قال إن الطواف الأول مع الحدث هو المعتبر ,وما الثاني من طوافيه إلا جبر للأول. ودليل ذلك أنه لا شك في وقوع الأول معتدا به حتى حل به النساء, وتقرير ما علم شرعا باعتداده حال وجوده أولى).(٢ ثم إنه لو طاف لعمرته جنبا في رمضان ثم أعاد طوافه في أشهر الحج وحج من عامه ذلك لا يكون متمتعا ,فلو كان المعتبر هو الطواف الثاني لكان متمتعا يلزمه ما يلزم المتمتعين).(٣ وذهب آخرون منهم إلى أن المعتد به من طوافيه هو الثاني ,ولعل ذلك ) (١المرغيناني ,الهداية ,ج ,١ص .١٦٩ ) (٢ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٣ص .٥٣ ) (٣السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٣٩وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٣ص.٥٣ الدليل الأول :أن االله تعالى أمر بالطواف بالبيت في كتابه أمرا مطلقا دون قيد الطهارة ,فاشتراط الطهارة فيه زيادة على النص ,والزيادة على النص نسخ ,ولا يصح نسخ المتواتر بالآحاد ,وأحاديث اشتراط الطهارة آحاد فلا ترقى لنسخ المتواتر الذي هو آية القرآن الكريم).(١ وممكن أن يعترض على هذا بأن قوله تعالى "وليطوفوا بالبيت العتيق" يجوز أن يكون أمرا بأصل الطواف ويكون بيان شروطه موكولا إلى الرسول ,فيكون قوله بيانا وتخصيصا للعموم لا نسخا فإنه نقصان من النص لا زيادة على النص; لأن عموم النص يقتضي إجزاء الطواف بطهارة وغير طهارة فأخرج خبر الواحد أحد القسمين من لفظ القرآن فهو نقصان من النص لا زيادة عليه. ويحتمل أن يكون رفعا إن استقر العموم قطعا ,وبيانا إن لم يستقر ,ولا ) (١المرغيناني ,الهداية ,ج ,١ص ,١٦٥والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٢٩وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٣ص.١٩ اشتراطها بقوله: الطواف اسم للدوران حول البيت وذلك يتحقق من المحدث والطاهر فاشتراط الطهارة فيه يكون زيادة على النص ,ومثل هذه الزيادة لا تثبت بخبر الواحد ولا بالقياس; لأن الركنية لا تثبت إلا بالنص. فأما الوجوب فيثبت بخبر الواحد; لأنه يوجب العمل ولا يوجب علم اليقين ,والركنية إنما تثبت بما يوجب علم اليقين ,فأصل الطواف ركن ثابت بالنص ,والطهارة فيه تثبت بخبر الواحد فيكون موجب العمل دون العلم فلم تصر الطهارة ركنا ولكنها واجبة ,والدم يقوم مقام الواجبات في باب الحج).(٢ الدليل الثاني :الإحرام −وهو ركن من أركان الحج −يجوز بغير طهارة, وكذلك الطواف بالصفا والمروة ,ويستحب أن يكون على طهارة فكذلك ) (١الغزالي ,المستصفى ,ص ,٩٥والآمدي ,الإحكام ,ج ,٣ص.١٩١ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .٣٨ الأصل المتفق عليه أن الإهلال بالحج وبالعمرة قد أمر الناس أن لا يفعلوا ذلك إلا وهم طاهرون ,كما أمروا أن لا يطوفوا بالبيت إلا وهم كذلك ,وكان من أحرم بالحج وهو غير طاهر إما بالجنابة به أو لأنه على غير وضوء أنه مسيء فيما يفعله من ذلك ,وأن إساءته تلك لا تمنعه من أن يكون إحرامه به فيها إحراما قد دخل به في الذي أحرم به. فلما كان ذلك كذلك في الإحرام كان في الطواف أيضا كذلك ,وكان من طاف بالبيت على ما ذكرنا مما استحق به الإساءة مذموما على ما فعل ,ولا يمنعه ذمه أن يكون بطوافه ذلك طائفا طوافا يجزيه. وكذلك وجدناهم لا يختلفون فيمن وقف بعرفة أو بات بمزدلفة وهو جنب أو على غير وضوء أن ذلك يجزيه مع الإساءة التي قد لزمته في فعله ما فعل على خلاف ما أمره االله تعالى به أن يفعله عليه).(٢ ) (١ابن رشد ,بداية المجتهد ,ج ,١ص ,٢٥٠وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٨ص,٢١٥ والاستذكار ,ج ,٤ص .٢٠٧ ) (٢الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,١٥ص .٢٣١ فيستدعي الطهارة كالصلاة. وما يتردد بين أصلين يوفر حظه عليهما فلشبهه بالصلاة تكون الطهارة فيه واجبة ,ولكونه ركنا من أركان الحج يعتد به إذا حصل بغير طهارة).(١ )(٢ القول الثالث :الوضوء سنة في الطواف وليس بشرط دليل هذا القول لم ينقل أحد عن النبي أنه أمر المسلمين بالطهارة للطواف لا فيَُِ عمره ولا في حجته مع كثرة من حج معه واعتمر ,وكثيرون منهم حديثو عهد بالإسلام ,ويمتنع أن يكون ذلك واجبا ولا يبينه للأمة ,وتأخير البيان عن وقته ممتنع).(٣ والأدلة التي استدل بها الموجبون والمشترطون كلها لم ترق للدلالة بل ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .٣٨ ) (٢ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص ,١٧٩وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص,٢٠٧ والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .٣٨ ) (٣ابن القيم ,الحاشية على سنن أبي داود ,ج ,١ص .٦٦ عن أبي بشر عن عطاء قال :حاضت امرأة وهي تطوف مع عائشة أم المؤمنين, فأتمت بها عائشة سنة طوافها).(١ قال ابن حزم :فهذه أم المؤمنين لم تر الطهارة من شروط الطواف).(٢ واعترض الذين لا يقولون بوجوب الوضوء للطواف ولا باشتراطه على أدلة المشترطين للوضوء في الطواف بأمور: أولها :أن الاستدلال بفعله أنه توضأ قبل أن يطوف مع قوله "لتأخذوا عني مناسككم" يرده أن النبي قد فعل أمورا كثيرة ولم يقل أحد من الأمة كافة بوجوبها لدلالة الحديث العام السابق. فالرمل والاضطباع مما فعله في الطواف وهما غير واجبين بل إنه ثبت أنه فعل الرمل والاضطباع في عمرة القضية والجعرانة وعمرة حجة الوداع ) (١نقل ذلك عن سعيد بن منصور جماعة ,والسنن مفقود جزء كبير منها .ابن حزم ,المحلى, ج ,٧ص ,١٨٠وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص ,٩١٩وابن الهمام ,فتح القدير, ج ,٣ص.٥١ ) (٢ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص.١٨٠ على هذا الدليل إذ وضوء النبي قبل الطواف ما رواه إلا صحابي واحد وفي طواف واحد فقط هو طواف العمرة يوم حجة الوداع ,وبقيت أكثر أطوفة النبي لم يرو فيها الوضوء السابق. ولا يقال إن عدم وجوب هذين الأمرين كان للإجماع على عدم الوجوب; لأنه لا إجماع في الحقيقة فثمة قائلون بالوجوب ,بل منهم من ألزم الدم في حال ترك الطائف الرمل مع مشروعيته له كما سيأتي. وثمة أمور أخر￯ لم يقل أحد بوجوبها للفعل المجرد منه ,ومن ذلك الغسل فمن الثابت أنه اغتسل عند دخوله مكة ,وللفقهاء خلاف هل اغتساله ذلك كان لدخول مكة أو للطواف بالبيت) ,(١ولم يقل أحد بوجوبه لهذا الحديث. ومن السابق المبيت بمنى ليلة عرفة ,والخروج بعد طلوع الشمس منها, والإقامة بنمرة قبل الزوال ,والصلاة والخطبة بوادي عرنة ,وخطب الحج الأربع ,والتحريك بوادي محسر ,ونحر مئة من الإبل ,والركوب عند رمي ) (١الحطاب ,مواهب الجليل ,ج ,٣ص.١٠٤ ومنها يتبين أن حديث "لتأخذوا عني مناسككم" يأمر أن يفعل المسلمون كالوجه الذي فعله دون التفات إلى حكم ذلك الشيء ,وهذا هو أولى ما يفسر به الحديث ,وستكون لهذا التفسير آثار في الترجيح في مسائل كثيرة يأتي ذكرها).(١ أو يقال إن قوله "خذوا عني مناسككم" من حيث المشروعية لا وجوب كل شيء فعله فإن هذا أمر قد اتفق على ترك الأخذ بظاهره. ثم إن قول الراوي إن النبي توضأ لا يدل على وجوب الطهارة قطعا لاحتمال أن يكون وضوؤه عليه الصلاة والسلام على وجه الاستحباب),(٢ خاصة إن علمنا أنه كان يحافظ على الوضوء في مختلف أوقاته ,بل الأصل عنده الوضوء لكل صلاة ,كما أنه تيمم لرد السلام كما في حديث: جعفر بن ربيعة عن الأعرج قال :سمعت عميرا مولى ابن عباس قال: أقبلت أنا وعبد االله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي حتى دخلنا على أبي ) (١ابن القيم ,الحاشية على سنن أبي داود ,ج ,١ص .٦٦ ) (٢العيني ,عمدة القاري ,ج ,٩ص .٢٨٥ حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام).(١ ثم إنه سيتبع الطواف ركعتا الطواف وهما صلاة باتفاق الجميع فيدخلان في عموم قوله " لا صلاة بغير وضوء" فمن المحتمل أن يكون الوضوء لهما. ومع هذه الاحتمالات كلها تكون قاعدتنا إن الدليل إن طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال. ثم إن الوضوء ليس بداخل في عموم المناسك حتى يقال إنه بيان لقوله "خذوا عني مناسككم").(٢ أما استدلال المشترطين بأن الطواف مجمل بينه النبي بفعله فيكون الوضوء واجبا لكون النبي قد توضأَف ُر َّد بعدم التسليم بإجمال الطواف, وذلك لأن الطواف معلوم عند العرب وهو الدوران ,وقد كانوا يفعلونه ) (١أخرجه البخاري في كتاب :التيمم ,باب :التيمم في الحضر ).(٣٣٠ ) (٢الشوكاني ,وبل الغمام ,ج ,١ص.٥٤٥ إجمال فيه. أما الأدلة التي فيها منع الحائض من الطواف فلا يسلم للمشترطين بها, وذلك لأن من الجائز أن يكون المنع لأجل الحيض –وهو الحدث الأكبر −لا لأجل الحدث الأصغر فلا يكون في الحديث دليل على اشتراط الوضوء. وليست كل عبادة يشترط فيها الطهر من الحيض من شرطها الطهر من الحدث الأصغر فالصوم مشروط لصحته الطهر من الحدث الأكبر دون الأصغر).(٢ ومعلوم –كما تقدم −أن الحائض ممنوعة من دخول المسجد فتحمل الأحاديث السابقة عليها ,ويكون معنى الحديث حتى تطهري من الحيض. قال الشوكاني: ولا يدل على هذا الوجوب منعه للحائض أن تطوف بالبيت; فإن ) (١العيني ,عمدة القاري ,ج ,٩ص .٢٨٥ ) (٢ابن رشد ,بداية المجتهد ,ج ,١ص .٢٥٠ بانتظار انقطاع حيضها ولم يأمرها بأن تتوضأ للطواف).(١ وأما جواب من أجاب عن الإلزام السابق بأن قوله حتى تطهري, وفي رواية حتى تغتسلي ,دليل على أنه أراد الحدث إذ لو أراد المسجد لقال حتى ينقطع الدم) ,(٢فغريب لأن من الجائز أن تطهر المرأة وإن لم تتوضأ ,ومن الجائز اتفاقا أن تغتسل المرأة دون أن تتوضأ ,فالأظهر أن تكون هذه الإجابة دليلا للقائلين بعدم شرطية الوضوء للطواف. وثاني الأمرين من هذا الدليل وهو قولهم إن الطهارة لو لم تكن شرطا لأمرها النبي بالطواف فيرده أن المنع كان لمفسدة دخول الحائض المسجد, وهذه المفسدة يمكن أن لا تنتهك بجعل النسك قرانا وهو الأمر الذي شهد الشرع له بالجواز. ولو أمرها بالطواف لكان هناك انتهاك لمفسدة نهى الشرع عنها في الوقت ) (١الشوكاني ,السيل الجرار ,ج ,٢ص .١٩١ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٨ص ,٢١٥والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,١٩والشنقيطي, أضواء البيان ,ج ,٤ص .٣٩٨ الحائض المسجد. أما الاستدلال بحديث "الطواف بالبيت صلاة" فاعترض عليه بوجوه: أولها :عدم التسليم بصحة الحديث ,بل هو موقوف على الصحابي كما سيأتي بيانه مفصلا ,وهذا الموقوف كان في فرع فقهي للاجتهاد في تحقيقه مسرح فلا يكون حجة. ثانيها :التشبيه لا عموم له ,ولهذا لا ركوع فيه ولا سجود ,ولو كان حقيقة لكان احتاج إلى تحليل وتسليم ,والمشبه بالشيء لا يستدعي المشاركة معه في كل شيء ,ومما يدل على ذلك هنا أن جواز الأكل والشرب في الطواف مجمع عليهما مع عدم جوازهما في الصلاة من غير نزاع ,وما ورد دليل خاص ثابت يجيزهما).(١ قال الكاساني: ومعناه الطواف كالصلاة إما في الثواب أو في أصل الفرضية في طواف ) (١العيني ,عمدة القاري ,ج ,٩ص ,٢٨٥وعلي القاري ,مرقاة المفاتيح ,ج ,٥ص.٤٨٧ ومن الحنفية من حمل قوله "الطواف صلاة" بأن الطواف يشبه الصلاة وليس بصلاة حقيقة ,فمن حيث إنه ليس بصلاة حقيقة لا تفترض له الطهارة ,ومن حيث إنه يشبه الصلاة تجب له الطهارة عملا بالدليلين بالقدر الممكن).(٢ والأمر السابق مبني على التقعيد الأصولي الحنفي الذي يفرق بين الفرض الذي ثبت بدليل قطعي ,والواجب الذي ثبت بدليل ظني ,والفرض هنا يفيد الشرطية ,والواجب لا يفيدها. ثالثها :قوله "الطواف صلاة" مجازي وليس بحقيقة) ,(٣وما دام كذلك فلا يشرط فيه ما يشرط في الأصل بل قد يكون له نوع علاقة بالأصل في باب دون غيره فأطلق عليه لفظ الصلاة. والاستعمال السابق ليس بغريب على الشرع إذ أطلق لفظ الصلاة على ) (١الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص .١٢٩ ) (٢الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص .١٢٩ ) (٣العيني ,عمدة القاري ,ج ,٩ص .٢٧٢ فأنت في صلاة وإن كنت في السوق. ومنه قوله :إن أحدكم في صلاة ما دام يعمد إلى الصلاة).(١ والصلاة التي يشرط لها الوضوء بينها النبي بقوله "مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم" ,فكل ما كان فيه السابق اشترط له الوضوء لصحته ,والطواف خلو من السابق فلا يشرط لصحته الوضوء).(٢ على أنا إن نظرنا إلى الفوارق بين الطواف والصلاة لوجدناها أكثر من الجوامع; فإنه يباح فيه الكلام والأكل والشرب والعمل الكثير ,وليس فيه تحريم ولا تحليل ولا ركوع ولا سجود ولا قراءة ولا تشهد ,ولا تجب له جماعة ,وإنما اجتمع هو والصلاة في عموم كونه طاعة وقربة ,وخصوص كونه متعلقا بالبيت ,وهذا لا يعطيه شروط الصلاة كما لا يعطيه واجباتها وأركانها).(٣ ) (١ابن القيم ,الحاشية على سنن أبي داود ,ج ,١ص .٦٦ ) (٢ابن تيمية ,مجموع الفتاو￯ ,ج ,٢٦ص .١٢٣ ) (٣ابن القيم ,إعلام الموقعين ,ج ,٣ص .٢٧ ويحتمل أنه يسمى صلاة شرعا −وإن كان لا يسمى في اللغة صلاة ,−فهو مجمل بين هذه الجهات ولا ترجيح).(١ وغير خفي عن النظر أن الاعتراض السابق الذي قال به الغزالي مبني على ترجيح رجحه في مسألة اختلف فيها الأصوليون ورجح الغزالي فيها خلاف قول الجمهور. والمسألة هي إذا تعذر حمل اللفظ على المعنى الشرعي ولم يمكن الرد إليه إلا بضرب من التجوز ,فهل يحمل على اللغوي ,أو يكون مجملا ,أو يرد إلى المعنى الشرعي? وتصوير المسألة في قضيتنا أن حديث "الطواف بالبيت صلاة" تعذر فيه مسمى الصلاة شرعا فيرد إليه بتجوز بأن يقال كالصلاة في اعتبار الطهارة والنية ونحوهما ,أو يحمل على المسمى اللغوي وهو الدعاء بخير لاشتمال الطواف عليه فلا تعتبر فيهما ذكرا).(٢ ) (١الغزالي ,المستصفى ,ص .١٨٩ ) (٢العطار ,حاشية حسن العطار على جمع الجوامع ,ج ,٢ص .٩٨ تعرف إلا من جهته لا لتعريف ما هو معروف لأهل اللغة فوجب حمل اللفظ عليه لما فيه من موافقة مقصود البعثة).(١ واعترض على ذلك بأن الحمل على الأصل اللغوي موافق للبراءة الأصلية−وفي مسألتنا عدم اشتراط الطهارة ,−بخلاف الحمل على المعنى الشرعي. ورد هذا بأن الحمل على المعنى اللغوي تكون فائدة النص الشرعي عنده التأكيد ,أما حمله على المعنى الشرعي فيكون فائدة النص الشرعي التأسيس وهو أولى من التأكيد).(٢ أما دليل كون الطواف معقوبا بركعتي الطواف اللتين يشرط فيهما الوضوء اتفاقا فليس بحجة لأن هذا لا يوجب الوضوء لذات الطواف بل هو لغيره ,ثم إن جماعة من الفقهاء لا يشرطون الموالاة بين الطواف ) (١الآمدي ,الإحكام ,ج ,٣ص ,٢٦والزركشي ,البحر المحيط ,ج ,٣ص ,٦٢وبادشاه, تيسير التحرير ,ج ,١ص .١٧٤ ) (٢الآمدي ,الإحكام ,ج ,٣ص .٢٦ كالصلاة فترده أمور: أولها :لا دليل على أن علة اشتراط الوضوء لصحة الصلاة هي التعلق بالبيت ,بل إن هذه العلة قد تخلفت في مواضع ولا يزال الوضوء مشروطا للصلاة ,ولو كان علة للحكم لدارت معه. ومن أمثلة تخلف العلة مع بقاء المعلول الذي هو اشتراط الوضوء أن شرط الوضوء كان قائما والصحابة مستقبلون المسجد الأقصى. ثم إن صلاة الخوف يشرط فيها الوضوء مع القدرة عليه والمصلي غير متوجه إلى البيت. والنبي كان يصلي في السفر على راحلته أينما توجهت وكان يتوضأ. ثم إنه لم يقل أحد بأن من تيقن عدم استقباله القبلة ,وكان غير قادر على الاستقبال أنه يسقط عنه الوضوء ,لذا فالأولى أن يقال إن علة الوضوء هي الصلاة نفسها لا الاستقبال; لأن علة الصلاة أضبط ,وتدور مع معلولها. ومما يبين أن العلة السابقة غير منضبطة أن ثمة عبادات متعلقة بالبيت ولم يشرط أحد له الوضوء).(١ ومن رأ￯ الطواف في هذه الأزمان خاصة للحج وجد أنه أمر عسير يكلف الناس جهدا جهيدا لشدة الزحام في أرض المطاف ,واشتراط الوضوء مع الحال السابق يضاعف المشقة ,خاصة إن علمنا أن أحوالا كثيرة يفسد فيها وضوء الإنسان بسبب غيره فيضطر إلى أن يعيد وضوءه ويستأنف طوافه. والحال أن خروجه من أرض المطاف يكلفه عنتا للجموع الكثيرة ,ثم إن الوضوء مكانه ليس باليسير بل الوصول إلى أماكن الوضوء أمر عسير. ثم الدخول إلى أرض المطاف مع تلك الألوف المؤلفة من البشر ,ثم استئناف الطواف من جديد مع احتمال انتقاض الوضوء مرة أخر￯ ,والمشقة يدريها من كابدها. وهي حرية بالترخيص إن تعينت المشقة –والحال كما ذكر −أن لو كانت ) (١ابن تيمية ,مجموع الفتاو￯ ,ج ,٢٦ص .٢١٣ والاعتراض ,وأقو￯ الأدلة ضعيف لا يثبت مرفوعا ,وما بعده غير صريح في مقابل مشقة يجمع عليها كل من طاف بالبيت أيام موسم الحج أو رمضان. على أن جمهور المشترطين للوضوء في الطواف –كما تقدم −يقولون إنه يتوضأ ويبني على طوافه السابق ,ولا دليل يفيد هذا. ومن السابق يظهر أنه عسير القول باشتراط الوضوء للطواف ,على أن أدلة المشترطين −إلا حديث ابن عباس −لو سلم بها لكانت مفيدة الوجوب دون الشرطية ,وقد بينا من قبل عند ذكر محظورات الإحرام أن ثمة بونا بين الوجوب والشرطية ,فصلاة الجماعة واجبة على الأعيان كما هو ظاهر الأدلة الشرعية لكنها ليست بشرط فتصح صلاة من صلى منفردا ,وقد حكي الإجماع على ذلك. ولكن مع السابق كله ينبغي الاحتياط في أمر الطهارة إذا ما طاف الإنسان طوافا واجبا وأن لا يلجأ إلى الطواف دون وضوء إلا في أقسى الظروف أخذا بالاحتياط في الدين إذ القائلون باشتراط الوضوء في الطواف كثرة من أهل العلم. يحرم إلا على الحائض فقط; لأن رسول االله منع أم المؤمنين إذ حاضت من الطواف بالبيت. وولدت أسماء بنت عميس بذي الحليفة فأمرها بأن تغتسل وتهل ولم ينهها عن الطواف ,فلو كانت الطهارة من شروط الطواف لبينه رسول االله  كما بين أمر الحائض. ولا فرق بين إجازتهم الوقوف بعرفة والمزدلفة والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمرة على غير طهارة وبين جواز الطواف على غير طهارة إلا حيث منع منه النص فقط).(١ سو￯ويرد على كلام ابن حزم على قول المشترطين للطهارة أن الشرعّ بين الأحداث الثلاثة في الأحكام كلها ,ولم يفرق ,والمسكوت عنه يحمل على المنطوق. لكن هذا لا يرد على ابن حزم إذ إنه لا يقول بالقياس أصلا ,فلا يلزمه ما ) (١ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص .١٧٩ لأجل الطواف بل النهي قائم عن دخول المسجد مع وصف الحدث الأكبر, والأدلة المانعة لهؤلاء من دخول المسجد ما فرقت بين المسجد الحرام ولا غيره ,فلو لم يرد حديث عائشة أصلا لقلنا بالمنع من دخول الجنب والحائض والنفساء المسجد. الحائض والطواف بالبيت جاء النص صحيحا عن النبي أنه أمر السيدة عائشة > بأن تفعل ما يفعل الحاج غير أن لا تطوف بالبيت ,وهذا الأمر قد اتفق عليه أهل العلم وأن الحائض ممنوعة من الطواف بالبيت ما دام الحال في السعة والاختيار).(١ وأفتى بعض أهل العلم بجواز طواف الحائض للإفاضة مع وصف الحيض في حال أن تعين عليها الرجوع إلى البلد ,مع عدم إمكان الطواف للإفاضة في الحال ولا المآل ,وبنوا قولهم على أن الطواف لا تشترط له الطهارة فهي إما أن تكون واجبة له أو سنة. ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٧ص.٢٦٥ كقراءة الحائض للقرآن إن استوحشت ولمُي َس ِّكنها غيره. وهكذا لو خافت العدو أو من يستكرهها على الفاحشة أو أخذ مالها ولم تجد ملجأ إلا دخول المسجد جاز لها دخوله مع الحيض).(١ والرأي السابق كان في ظرف عارض وزمان خاص وليس هو على سبيل العموم ,فمن حيث الاختيار لا يجوز اتفاقا طواف الحائض بالبيت ,وهو مع ذلك مخصوص بالإفاضة وحدها لأنه يتصور فيها العسر ,أما طواف عمرة التمتع فالضرورة مدفوعة فيه بالقران كما هو فعل السيدة عائشة >. ثم إن الأمور في أزماننا قد افترق فيها الحال كثيرا مما يردنا إلى الأصل ولا يسوغ الأخذ بالرأي السابق اتفاقا ,فالمسافات التي كانت تطو￯ في الأشهر العديدة ما تزيد في زماننا على يوم أو بعض يوم في وسائط آمنة لا عسر فيها ولا مشقة. ثم إن الرأي الذي تدل عليه السنة أن المكاري الذي يحمل المرأة لأداء ) (١ابن القيم ,إعلام الموقعين ,ج ,٣ص.١٤ ﴿©!$#̈βÎ) ( ©!$# (#θà) ̈?$#uρ 4 Èβ≡uρô‰ãèø9$#uρ ÉΟøOM}$# ’n?tã (#θçΡuρ$yès? Ÿωuρ ( 3“uθø)−G9$#uρ ÎhÉ9ø9$# ’n?tã (#θçΡuρ$yès?uρ ©.(٢)﴾É>$s)Ïèø9$# ߉ƒÏ‰x على أنه قد ورد به النص الشرعي وهو حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة > قالت :إن صفية بنت حيي زوج النبي حاضت فذكرت ذلك لرسول االله فقال :أحابستنا هي? فقيل إنها أفاضت ,قال: فلا إذن).(٣ قال الإمام السالمي في معرض ذكر فوائد الحديث السابق: واستدل به على أمور منها أن أمير الحج يلزمه أن يؤخر الرحيل لأجل من تحيض ممن لم تطف للإفاضة.... الجمال للحائض إذا لم تطف طواف الزيارة; فإنهم قالواومنها حبسّ يحبس لها إلى انقضاء أكثر مدة الحيض ,وكذا على النفساء ,زاد أبو سعيد  ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٧١والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.١٨٧ ) (٢سورة :المائدة ,جزء من الآية ).(٢ ) (٣أخرجه بهذا اللفظ الربيع في كتاب :الحج ,باب :ما تفعل الحائض في الحج ).(٤٤١ ونص كلام أبي سعيد في القضية: معي أنه يخرج في قول أصحابنا أن جمال الحائض يحبس إذا ثبت عليها الكراء في حملها ,وليس له أن يخرج ويدعها; لأن تركه لها مما يضر بها ,ولأن هذا مما لا يتعر￯ إن ثبت معناه في شرطها ولو لم يشترطه ,ولأن ذلك معروف في النساء ,وفي تركها الطواف للزيارة معنى فساد حجها والضرر عليها ,ولا أعلم في قولهم أن له تركها والخروج عنها).(٢ والمسألة مختلف فيها بين أهل العلم هل يحبس الجمال إلى أن تطهر وتطوف للإفاضة أو لا يحبس ,فمنهم من قال بما قدمناه وهو أن الجمال يحبس ,ومنهم من قال إنه لا يحبس الجمال مطلقا بل يفسخ عقد الإجارة. ومنهم من قال إذا أفضى الحال إلى ضرر بالجمال بأن تحبسه أكثر من عشرة أيام فينفسخ العقد لمكان الضرر ,وإن أفضى الحال إلى حبسه عشرة أيام ) (١السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٧١ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.٥٩ جنازة فليس له أن ينصرف حتى تدفن أو يأذن أهلها ,والمرأة تحج أو تعتمر مع قوم فتحيض قبل طواف الركن فليس لهم أن ينصرفوا حتى تطهر أو تأذن لهم. وقد جاء السابق مرفوعا من طريق أبي هريرة) (٢وجابر بن عبد االله),(٣ ولكن أسانيده كلها معلة لا تثبت كما يقول جمع من الأئمة).(٤ على أنه إن لم تتحقق الأمور السابقة كلها جاز للحائض استعمال حبوب لقطع الحيض ما دامت لا تضر بصحتها ,إذ لا مانع شرعا من ذلك. وإذا ما انقطع الحيض كانت طاهرة فيصح لها دخول المسجد) ;(٥لأن ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٤٨والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,٢١٤وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٤ص.١٣٧٦ ) (٢العقيلي ,الضعفاء ,ج ,٣ص.٢٢٩ ) (٣أبو نعيم ,تاريخ أصبهان ,ج ,٢ص.٤٩ ) (٤الدارقطني ,العلل ,ج ,١١ص ,١٨٣والهيثمي ,مجمع الزوائد ,ج ,٣ص ,٢٨١وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص ,٥٩٠والعيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص.٩٩ ) (٥السالمي ,جوابات الإمام السالمي ,ج ,٢ص.١٧٥ تطهر بالقصة البيضاء كانت أو بالجفاف كما في حديث عائشة قالت :قال النبي :إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ,وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي).(١ وعلى السابق كله لا يتصور الوقوع في الضرورة بل يبقى الدليل الشرعي على ظاهره فتفعل الحائض ما يفعل الحاج غير أن لا تطوف بالبيت. تخريج حديث الطواف بالبيت صلاة جاء حديث "الطواف بالبيت صلاة" مرفوعا إلى النبي من ثلاث طرق أولها عن ابن عباس ,وثانيها عن ابن عمر ,وثالثها عن رجل أدرك النبي . كما جاء الحديث موقوفا على ابن عباس من قوله. أما أول الطرق فالتي رواها ابن عباس ,وقد رواه عن ابن عباس طاوس وسعيد بن جبير. ) (١أخرجه البخاري ,في كتاب :الحيض ,باب :إذا رأت المستحاضة الطهر ).(٣٢٤ وذلك لأنه رواه إبراهيم بن ميسرة وعبد االله بن طاوس والحسن بن مسلم المكي وحنظلة بن أبي سفيان عن طاوس عن ابن عباس موقوفا. أما رواية إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس موقوفا فقال فيه: الطواف بالبيت صلاة فأقلوا به الكلام. والحديث أخرجه النسائي) ,(١والبيهقي).(٢ وأما رواية ابن طاوس عن أبيه فرواها عبد الرزاق أنبأ معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال :الطواف صلاة فأقلوا فيه من الكلام).(٣ كما رواه الحارث بن منصور عن سفيان الثوري عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال :الطواف من الصلاة فأقلوا فيه الكلام).(٤ عطاء بن السائب على ما رواه ُورو￯ الموقوف أيضا من تلامذة طاوس ) (١النسائي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص .٤٠٦ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٨٧ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٥٨ ) (٤البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٨٧ ابن عباس مرفوعا كما سيأتي ,ولعل مرد ذلك إلى التخليط الذي ابتلي به عطاء وقد ذكرناه آنفا في مباحث سبقت. أما المرفوع إلى النبي فجاء من طرق عن طاوس ,أولها ليث بن أبي سليم عنه ,وثانيها عطاء بن السائب عن طاوس ,وثالثها الحس بن مسلم عنه ,ورابعها إبراهيم بن ميسرة ,وخامسها حنظلة بن أبي سفيان. وأول الرواة عن عطاء هو ليث بن أبي سليم).(٢ وليث ضعيف في الرواية فقد قال النسائي ويحيى بن معين :ضعيف, وقال ابن حبان :اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يحدث به فكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل ويأتي عن الثقات بما ليس من أحاديثهم كل ذلك كان منه في اختلاطه. تركه يحيى القطان وابن مهدي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين).(١ ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٨٥ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٨٧ وثاني الروايتين المرفوعتين رواية عطاء بن السائب عن طاوس ,وقد رواه عنه جماعة عن طاوس عن ابن عباس مرفوعا منهم فضيل بن عياض كما في حديث سعيد بن منصور عن فضيل بن عياض عن عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس عن النبي قال: الطواف بالبيت صلاة ,ولكن االله أحل لكم فيه النطق فمن نطق فلا ينطق إلا بخير. والحديث أخرجه ابن الجارود واللفظ له) ,(٢والدارمي) ,(٣وابن حبان),(٤ والحاكم). (٥ ) (١ابن حبان ,المجروحين ,ج ,٢ص ,٢٣١وابن عدي ,الكامل ,ج ,٦ص ,٨٧والعقيلي, الضعفاء ,ج ,٤ص.١٤ ) (٢ابن الجارود ,المنتقى ,ص .١٢٠ ) (٣الدارمي ,سنن الدارمي ,ج ,٢ص .٦٦ ) (٤ابن حبان ,صحيح ابن حبان ,ج ,٩ص .١٤٣ ) (٥الحاكم ,المستدرك ,ج ,٢ص .٢٩٣ كما رواه عن عطاء مرفوعا أيضا موسى بن أعين) (٣وجرير بن عبد الحميد) ,(٤وسفيان بن عيينة).(٥ وعطاء بن السائب لا قبل له بمخالفة من هو أوثق منه ممن وقف الحديث على ابن عباس ,إذ هو ضعيف. وثالث الرواة عن طاوس هو الحسن بن مسلم بن يناق المكي ,وقد أخرج روايته عبد الرزاق عن ابن جريج قال :أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس عن رجل أدرك النبي .(٦) وابن جريج هنا صرح بالتحديث عن الحسن بن مسلم ,والشرط في ) (١الحاكم ,المستدرك ,ج ,١ص .٦٣٠ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٨٧ ) (٣الدارمي ,السنن ,ج ,٢ص ,٦٦والبيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٨٧ ) (٤أخرجه الترمذي في كتاب :الحج ,باب :ما جاء في الكلام في الطواف ) ,(٩٦٠والبيهقي, السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص ,٨٧وابن عدي ,الكامل ,ج ,٥ص.٣٦٤ ) (٥الحاكم ,المستدرك ,ج ,١ص.٦٣٠ ) (٦عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص.٤٩٥ ثم إن عبد الرزاق قد خولف في روايته هذه فقد رواه اثنان عن ابن جريج ولم يصرح فيه بالتحديث عن الحسن بن مسلم ,مما يصم رواية عبد الرزاق بالشذوذ إذ الشذوذ يأتي الألفاظ والأسانيد كما يأتي صيغ التحمل. والرواية المعارضة لرواية عبد الرزاق أخرجها النسائي وقال :أنبأ يوسف بن سعيد قال :حدثنا حجاج عن ابن جريج ,والحارث بن مسكين قراءة عليه عن ابن وهب قال :أخبرني ابن جريج عن الحسن بن مسلم. وعلى السابق تعل رواية الحسن بن مسلم بابن جريج لأنه لم يصرح بالتحديث. ورابع الرواة عن طاوس هو إبراهيم بن ميسرة ,وقد أخرج روايته الطبراني من طريق عبد االله بن أحمد بن حنبل ثنا محمد بن عبد الوهاب الحارثي ثنا محمد بن عبد االله بن عبيد بن عمير عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس عن النبي .(١) ) (١الطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,١١ص.٤٠ معين :ليس حديثه بشيء ,وقال ابن حبان :كان ممن يقلب الأسانيد من حيث لا يفهم من سوء حفظه ,فلما فحش ذلك منه استحق مجانبته).(٢ وخامس الرواة حنظلة بن أبي سفيان عن طاوس ,وقد أخرج حديثه الطبراني حدثنا محمد بن أبان نا أحمد بن ثابت نا أبو حذيفة موسى بن مسعود ثنا سفيان عن حنظلة عن طاوس عن ابن عمر لا أعلمه إلا عن النبي  قال :الطواف صلاة فأقلوا فيه الكلام).(٣ وفي هذه الرواية جعل الكلام من حديث ابن عمر مرفوعا ,وهذا خطأ, إذ الحديث من مسند ابن عباس كما عليه أكثر الرواة. ومن السابق يظهر أن أصح ما روي عن طاوس عن ابن عباس هو الرواية الموقوفة ,أما الرواية المرفوعة فالأظهر أنها معلة بالنكارة. ) (١البخاري ,التاريخ الأوسط ,ج ,٢ص.١٨٠ ) (٢ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٧ص ,٣٠٠وابن حبان ,المجروحين ,ج,٢ ص ,٢٥٨وابن عدي ,الكامل ,ج ,٦ص.٢٢٠ ) (٣الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,٧ص.٢٣٥ مرفوعا إلا من حديث عطاء بن السائب. وقد روي الحديث مرفوعا من غير طريق عطاء كما تقدم من رواية ليث بن أبي سليم. أما حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا فجاء من طريقين: أولهما ما أخرجه الحاكم من حديث أبي عمرو عثمان بن أحمد بن السماك ببغداد عن مكرم البزاز حدثنا يزيد بن هارون أنبأ القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال االله لنبيه :طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود, فالطواف قبل الصلاة ,وقد قال رسول االله الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة إلا أن االله قد أحل فيه المنطق ,فمن نطق فلا ينطق إلا بخير).(١ وهذه الرواية صححها جماعة منهم الحاكم على شرط مسلم بعد ) (١الحاكم ,المستدرك ,ج ,٢ص.٢٩٣ شرط مسلم ولم يخرجاه ,وإنماُيعرف هذا الحديث عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير. وقال مثل ذلك الذهبي في التلخيص. وأورد الحاكم بعد السابق الإسناد الصحيح للحديث :الحسن بن موسى الأشيب حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال االله تعالى لنبيه :طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود, فالطواف قبل الصلاة. والحافظ ابن حجر أشار إلى علة أخر￯ في الحديث السابق إذ قال :بعد تصحيحها :إلا أني أظن أن فيها إدراجا).(٣ ) (١ابن الملقن ,خلاصة البدر المنير ,ج ,١ص .٥٧ ) (٢ابن حجر ,التلخيص الحبير ,ج ,١ص .١٣١ ) (٣ابن حجر ,التلخيص الحبير ,ج ,١ص.١٣١ روايته شاذة إن قيل إنه سمع من عطاء قبل الاختلاط ,وإلا فإن جماعة يرون أنه ما سمع منه إلا بعد الاختلاط وهذه علة رابعة في الحديث ,مما يقصيه عن الثبوت. ثاني الطرق ما أخرجه الحاكم عن الحسين بن الحسن بن أيوب حدثنا عبد االله بن أحمد بن أبي ميسرة حدثنا عبد االله بن الزبير الحميدي حدثنا فضيل بن عياض عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي قال :الطواف بالبيت صلاة إلا أن االله أحل فيه النطق ,فمن نطق فيه فلا ينطق إلا بخير).(١ وقد خولف عبد االله بن أحمد بن أبي ميسرة في الحديث من قبل من هو أقو￯ منه حفظا وهو الدارمي إذ إنه رواه عن الحميدي ثنا الفضيل بن عياض عن عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس مرفوعا).(٢ وهذه أرجح من حيث الإسناد ,كما أنها موافقة لرواية أكثر أصحاب ) (١الحاكم ,المستدرك ,ج ,٢ص.٢٩٣ ) (٢الدارمي ,سنن الدارمي ,ج ,٢ص.٦٦ بن مسلم عن طاوس عن رجل أدرك النبي أن النبي قال :الطواف صلاة فإذا طفتم فأقلوا الكلام. والحديث أخرجه النسائي) ,(١والبيهقي) ,(٢وقد تقدم الكلام فيه وفي حديث ابن عمر. وفي إسناد الحديث ابن جريج وقد رو￯ الحديث معنعنا وهو ممن لا يقبل منه غير التصريح بالرواية عند من قبل روايته كما تقدم ذكر ذلك. ثم إن النسائي قد أعل الرواية السابقة بأنه قد خولف الحسن بن مسلم فيها فقد رواه حنظلة بن أبي سفيان عن طاوس عن عبد االله بن عمر من قوله).(٣ والظاهر أن هذه الرواية لا تعدو ابن عباس فالكلام فيها قد تقدم ) (١النسائي ,المجتبى ,كتاب :مناسك الحج ,باب :إباحة الكلام في الطواف ),(٢٩٢٢ والسنن الكبر￯ ,ج ,٢ص .٤٠٦ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٨٧ ) (٣النسائي ,المجتبى ,كتاب :مناسك الحج ,باب :إباحة الكلام في الطواف ).(٢٩٢٣ فيها مدلس تدليس التسوية. وعليه فالحديث موقوف لا يثبت فيه الرفع ,وقد اختار ذلك جماعة من أهل العلم بالحديث منهم النسائي والبيهقي وابن الصلاح والمنذري والنووي).(١ قال الحافظ ابن حجر: وإذا تأملت هذه الطرق عرفت أنه اختلف على طاوس على خمسة أوجه, فأوضح الطرق وأسلمها رواية القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فإنها سالمة من الاضطراب إلا أني أظن أن فيها إدراجا واالله أعلم).(٢ وقد تقدم أن في رواية القاسم بن أبي أيوب عللا تضعفها. ) (١البيهقي ,معرفة السنن والآثار ,ج ,٤ص ,٦٨والنووي ,شرح صحيح مسلم ,ج,٨ ص ,٢٢٠والمجموع ,ج ,٢ص ,٨٣وابن الملقن ,البدر المنير ,ج ,٢ص ,٤٨٧وابن حجر ,تلخيص الحبير ,ج ,١ص.١٢٩ ) (٢ابن حجر ,التلخيص الحبير ,ج ,١ص.١٣١ سمعوا منه بعد الاختلاط ,فلا تكون روايتهم حجة ,وعليه فرجح رواية الرجل الذي أدرك النبي على الرواية الناصة بذكر ابن عباس. ثم عمد الطحاوي إلى رواية الرجل الذي أدرك النبي وردها بأنه من الممكن إدراك هذا الرجل النبي دون لقياه كأن يكون في زمانه فلا تكون روايته حجة ,وبذلك يسقط الاحتجاج بالحديث على اشتراط الطهارة في الطواف).(١ وفي المسلك الذي سلكه الحافظ الطحاوي نظر من وجوه: أولها أنه فرض الرواية عن عطاء وحده ,والصحيح كما تبين من قبل أنه قد شارك عطاء في الرواية غيره ممن يحتج بحديثهم كابن طاووس وإبراهيم الذين ذكرناهم من قبل. ولو سلم بما قاله الطحاوي من تفرد عطاء بالرواية لم يسلم له بأنه لم يروه أحد ممن سمع منه قبل الاختلاط إذ إن حماد بن سلمة ممن سمع من عطاء ) (١الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,١٥ص .٢٢٨ ما لم يثبت سماعه لا يسلم له به ,بل الثابت أن الرأي الذي عليه الجماهير قبول مثل هذه الرواية ,وذلك لأن الحال لا يخلو من أحد أمرين أن يكون قد سمع الرواية أو لم يسمع ,فالأولى لا كلام فيها. والثانية يكون الحال فيها أنها من مراسيل الصحابة والجماهير على قبول مراسيل الصحابة بل حكي عليه الإجماع كما تقدم ذكر ذلك في هذا الكتاب, على أن الأظهر في هذا الراوي أنه ابن عباس كما تقدم ذكر ذلك. رابعا :ستر العورة من الأمور المتفق عليها بين الفقهاء أن ستر العورة من الأخلاق العامة التي جاء بها التشريع الإسلامي ,وهي واجبة فلا يجوز إظهار شيء من العورات عند من لا يحل له النظر إليها دون ضرورة تسوغ ذلك الإظهار. ومما جاء بالحكم السابق حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عنه عليه السلام قال :ملعون من نظر إلى فرج أخيه −أو قال إلى عورة ) (١الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,١٥ص .٢٢٨ وهو في سبيل االله فيكتب لعبادته القبول. والفقهاء متفقون على وجوب ستر العورة عند الطواف بالبيت ,وقد كان في أهل الجاهلية من يطوف بالبيت عاريا رجلا كان أو امرأة فنزل الكتاب العزيز ناهيا عن ذلك في قوله تعالىy‰ΖÏã ö/ä3tGt⊥ƒÎ— (#ρä‹è{ tΠyŠ#uTM û©Í_t6≈tƒ ﴿ : ,(٢)﴾∩⊂⊇∪ t⎦⎫ÏùÎô£ßθø9$# =Ïtä† Ÿω ...çμ ̄ΡÎ) 4 (#þθèùÎô£è@ Ÿωuρ (#θç/uõ°$#uρ (#θè=à2uρ 7‰Éfó¡tΒ Èe≅ä.كما يفيد ذلك حديث: غندر حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :كانت المرأة تطوف بالبيت وهى عريانة فتقول: من يعيرني تطوافا تجعله على فرجها ,وتقول: أحلهفلامنهبداومااليوم يبدو بعضه أو كله فنزلت هذه الآية ﴿ {.(٣)﴾ 7‰Éfó¡tΒ Èe≅ä. y‰ΖÏã ö/ä3tGt⊥ƒÎ— (#ρä‹è ) (١أخرجه الربيع ,باب :في المحرمات ).(٦٣٨ ) (٢سورة :الأعراف ,الآية ).(٣١ ) (٣أخرجه مسلم في كتاب :التفسير ,باب :في قوله خذوا زينتكم عند كل مسجد ).(٣٠٢٨ العاشر وتكون كل مظاهر الشرك قد أعدمت كما في حديث: حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن أبا هريرة قال :بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين يوم النحر نؤذن بمنى ألا لا يحج بعد العام مشرك ,ولا يطوف بالبيت عريان. قال حميد بن عبد الرحمن :ثم أردف رسول االله عليا فأمره أن يؤذن بـ براءة ,قال أبو هريرة :فأذن معنا علي في أهل منى يوم النحر :لا يحج بعد العام مشرك ,ولا يطوف بالبيت عريان).(١ وجاء الحديث من طريق أبي عبيدة قال :سئل علي بن أبي طالب بأي شيء بعثك رسول االله إلى أبي بكر في حجة عام تسع? قال :بأربع خصال :ألا يطوف بالبيت عريان ,ولا تدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ,ولا يجتمع مسلم ومشرك في الحرم بعد عامهم هذا ,ومن كان له عند ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الصلاة ,باب :ما يستر العورة ).(٣٦٢ يصح الطواف بل يكون باطلا ,وهذا الذي عليه أكثر الأمة).(٢ لكن ذهب بعض أهل العلم إلى أن من طاف بالوصف السابق لم يفسد طوافه لكن يلزمه دم وهو شاة هنا إن رجع إلى أهله وهو لم يعده).(٣ لكن في هذا الرأي نظر; إذ الاستدلال على الفساد هنا كان بالخبر الناهي عن الطواف مع وصف العري ,أما في الطهارة للطواف فلم يكن هناك نهي شرعي عن الطواف مع وصف الحدث. وابن حزم نص على أن وصف العري يزول عن المكلف بتغطية القبل ) (١أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :في الكعبة والمسجد والصفا والمروة ).(٤١٢ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٤٤والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٤٧وابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص ,١٧٩والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٣٨والجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص ,٢٤٥والزركشي ,الديباج ,ج ,١ص ,٣٨٨والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص .٢٠٠ ) (٣السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٣٩والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٢٩وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٢ص.٢٠ انكشفت عورته دون قصد منه كزحام أو لعلاج أو غير ذلك ,إذ الخطاب تكليفي ,والناس لا يكلفون بأمر هو فوق طاقتهم ,وإن كان للعلماء خلاف في الصلاة أستر العورة فيها شرط لصحتها أو هو واجب فقط. والشارع –في هذا الدليل −علق الأمر بالعري لرد حال كان عليه المشركون زمان تنزل الحكم فلا يفيد التقييد والقول بمفهومه المخالف وأن ما لا ينطبق عليه الوصف الوارد في الدليل مباح لا يضر الطواف شيئا. بل الأدلة الأخر￯ التي تفيد وجوب تغطية العورة كلها سواء كانت عورة امرأة أو رجل –على الخلاف في تحديدها −داخلة في هذا النهي فلا يحل لطائف إبداء شيء من عورته ,وإن تعمد ذلك دون مسوغ شرعي فسد طوافه ,ولزمه أن يعيده على الوصف المشروع. خامسا :وقت الطواف ذكر غير واحد من أهل العلم الإجماع على أن الطواف في الأوقات كلها ) (١ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص .١٧٩ وأجمعوا أن الطواف في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها جائز ,ولولا الإجماع لم يجز; لأن الطواف صلاة).(١ وقد نقل الكلام السابق –دون نسبة −العلامة محمد بن إبراهيم الكندي ولم يتعقبه بشيء).(٢ كما نقل الإجماع السابق العبدري من أئمة الشافعية وتابعه عليه جماعة منهم النووي) ,(٣وابن جماعة) ,(٤وابن الضياء الحنفي).(٥ ومما يدل على الإجماع السابق أن كتب أهل العلم من المذاهب الإسلامية كافة لم تذكر النهي السابق عن الطواف في الأوقات المنهي عنها. ومما يستند عليه الإجماع السابق حديث أبي الزبير قال :سمعت عبد االله ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص .٣٢٦ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص .١٣٦ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٨ص .٦٢ ) (٤ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٠٠٥ ) (٥ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص.١٢٣٥ فعبارة النص في هذا الحديث تفيد نهي بني عبد مناف عن منع أحد من الطواف بالبيت أو الصلاة فيه في أي ساعة من ليل أو نهار. وإشارة النص تفيد إباحة الطواف لكل أحد في الأوقات كلها ,وهذه الإشارة ما عارضها شيء أقو￯ منها يفيد المنع في بعض الأوقات دون بعض, فيكون الحكم المأخوذ بها وهو إباحة الطواف في الأوقات كلها محكما. وأغرب ابن رشد المالكي فذكر خلافا في الطواف في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها إذ قال: وأما وقت جوازه فإنهم اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال: أحدها إجازة الطواف بعد الصبح والعصر ومنعه وقت الطلوع والغروب ,وهو مذهب عمر بن الخطاب وأبي سعيد الخدري ,وبه قال مالك ) (١أخرجه النسائي في كتاب :المواقيت ,باب :إباحة الصلاة في الساعات كلها بمكة ) ,(٥٨٥وأبو داود في كتاب :المناسك ,باب :الطواف بعد العصر ) ,(١٨٩٤والترمذي في كتاب :الحج ,باب :ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف ),(٨٦٨ وقال :حسن صحيح. والغروب ,وبه قال سعيد بن جبير ومجاهد وجماعة. والقول الثالث إباحة ذلك في هذه الأوقات كلها ,وبه قال الشافعي وجماعة. وأصول أدلتهم راجعة إلى منع الصلاة في هذه الأوقات أو إباحتها).(١ وقد تابع ابن رشد على الحكاية السابقة العلامة الجيطالي في قواعد الإسلام) ,(٢وأضاف إليه بعد نقل نص عبارته :والقول الأول هو المعمول به عند أصحابنا).(٣ وتابع الشيخ الجيطالي على نسبة القول الأول إلى علمائنا الشيخ الثميني في كتاب النيل ,وقطب الأئمة في شرحه) ,(٤والشيخ محمد بن شامس البطاشي في ) (١ابن رشد ,بداية المجتهد ,ص .٢٥٦ ) (٢الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص.١٥٧ ) (٣مصطلح يريد به علماء المذهب الإباضي كما تقدمت الإشارة إليه من قبل. ) (٤القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٤٤ والصحيح الذي عليه كتب أهل العلم مع اختلاف مذاهبهم أن الخلاف المذكور إنما هو في ركعتي الطواف لا في الطواف نفسه ,ولم أجد أحدا من علماء المذاهب الفقهية المذكورة يقر كلام ابن رشد. اللهم إلا ما ذهب إليه بعض المالكية من كراهية الطواف بعد العصر وبعد الفجر فقط ,وهذه الكراهية −كما صرحوا −لم تكن لأجل ذات الطواف وتعلقه بالأوقات المنهي عن الصلاة فيها بل كانت لأجل ركعتي الطواف; إذ الطائف سيضطر إلى ركوعهما مع أن الحديث ورد بالنهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الفجر. ومما يدل على ذلك أن الإمام مالك بن أنس رو￯ عن أبي الزبير المكي أنه كان ير￯ البيت يخلو بعد العصر وبعد الصبح ما يطوف به أحد).(٢ فعلق الإمام محمد بن الحسن الشيباني تلميذ الإمام مالك على السابق في الموطأ بروايته: ) (١البطاشي ,عقد الجواهر شرح إرشاد الحائر ,ج ,١ص.٤٠٩ ) (٢مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص .٣٦٩ ترتفع الشمس وتبيض كما صنع عمر بن الخطاب ,أو يصلي المغرب وهو قول أبي حنيفة رحمه االله تعالى).(١ وعلق العلامة اللكنوي في شرحه على الموطأ المذكور برواية محمد بن الحسن بقوله :قوله "فلا بأس بأن يطوف" تصريح بعدم كراهة الطواف في هذه الأوقات التي كرهت فيها الصلاة).(٢ وقال العلامة ابن عابدين :لا يكره الطواف في الأوقات التي تكره فيها الصلاة كما صرح به في الفتح ,قال إلا أنه لا يصلي ركعتيه فيها بل يصير إلى أن يدخل ما لا كراهة فيه).(٣ وهؤلاء من أئمة المذهب الحنفي بعضهم من المتقدمين على ابن رشد, وبعضهم الآخر من المتأخرين يصرحون بأن الحنفية لا يكرهون الطواف بعد العصر كما نسب إليهم ذلك ابن رشد. ) (١الشيباني ,موطأ الإمام مالك برواية محمد بن الحسن الشيباني ,ج ,٢ص.٣٢٥ ) (٢اللكنوي ,التعليق الممجد ,ج ,٢ص.٣٢٥ ) (٣ابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٤٩٢ العصر فإنه يصلي مع الإمام ثم يبني على ما طاف حتى يكمل سبعا ثم لا يصلي حتى تطلع الشمس أو تغرب ,وإن أخرهما حتى يصلي المغرب فلا بأس بذلك. قال مالك :ولا بأس أن يطوف الرجل طوافا واحدا بعد الصبح وبعد العصر لا يزيد على سبع واحد. ويؤخر الركعتين حتى تطلع الشمس كما صنع عمر بن الخطاب ويؤخرهما بعد العصر حتى تغرب الشمس ,فإذا غربت الشمس صلاهما إن شاء وإن شاء أخرهما حتى يصلي المغرب لا بأس بذلك. وهذا بين الدلالة أن الأحكام المذكورة ما كانت مراعية إلا ركعتي الطواف خشية أن تؤديا في وقت النهي. وبين الحافظ ابن عبد البر –وهو من كبار أئمة المالكية −علة كراهية من كره الطواف بعد العصر إذ قال: من سنة الطواف أن تصلى بعده ركعتان بلا فصل ,ولا تؤخر الركعتان بعد الفراغ من الطواف إلا عن عذر ,فإذا لم تكن الصلاة جائزة لم يكن وقول عمر بن الخطاب الذي نسب إليه ابن رشد القول بالمنع ما كان لأجل الطواف بل كان لأجل الركعتين كما تصرح الروايات الصحيحة عنه أنه أخر الركعتين لما رأ￯ الشمس لما تطلع بعد ,ثم صلاهما بعد طلوعها كما في حديث مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عبد القارئ أخبره أنه طاف بالبيت مع عمر بن الخطاب بعد صلاة الصبح فلما قضى عمر طوافه نظر فلم ير الشمس طلعت فركب حتى أناخ بذي طو￯ فصلى ركعتين).(٢ والحافظ ابن حجر لما ذكر قول البخاري" :باب الطواف بعد الصبح والعصر" علق بقوله في الشرح :أي ما حكم صلاة الطواف حينئذ).(٣ وقال العيني في الموضع السابق :يقدر هكذا باب في بيان حكم الصلاة ) (١ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص .٢٠٩ ) (٢مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٦٨ ) (٣ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص .٤٨٨ في كل وقت جمهور الصحابة ومن بعدهم ,ومنهم من كره ذلك أخذا بعموم النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر ,وهو قول عمر والثوري وطائفة, وذهب إليه مالك وأبو حنيفة).(٢ ومعلوم أن رأس مراجع ابن رشد إنما هو كتاب ابن المنذر ,وابن المنذر بين كلامه أنه ما أراد إلا الركعتين لا الطواف نفسه. وابن حزم في المحلى مع ذكره لكل خلاف في القضايا التي يعرضها ,ومع اهتمامه البالغ برأي أئمة السلف من الصحابة والتابعين إلا أنه قطع في هذه المسألة دون أن يذكر أي خلاف فيها فقال :والطواف بالبيت في كل ساعة جائز ,وعند طلوع الشمس ,وعند غروبها).(٣ أما ما يتعلق بكلام الشيخ الجيطالي ومن تابعه ممن نسب القول بمنع الطواف إلى علمائنا فيرده حكاية الإجماع التي قال بها العلامة ابن جعفر – ) (١العيني ,عمدة القاري ,ج ,٩ص.٢٧١ ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص .٤٨٨ ) (٣ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص .١٨١ كما صرح بجواز الطواف في الأوقات الثلاثة عند الطلوع والغروب واستواء الشمس بعض المتأخرين ففي لباب الآثار: هل يجوز الطواف بالبيت في وقت لا تجوز فيه الصلاة ,ومتى يركع للطواف? الجواب :يجوز الطواف في الوقتين ,ويجوز ركوع الطواف إن كان فرضا فيهما على قول).(١ وجواز صلاة ركعتي الطواف في أوقات النهي مذهب جماعة من أهل العلم ,وسنذكر ذلك عند ذكر أحكام الركعتين. ومما يؤكد أن علماءنا لا يقولون بالنهي عن الطواف في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها أن من طالع الأسفار وجد الآثار مطبقة على عدم ذكر هذا النهي بل على العكس من ذلك صرح كثير منهم بالجواز كما نقلنا حكاية الإجماع السابقة. ) (١الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.١٩٣ ركعتي الطواف أينهى عن صلاتهما في أوقات النهي ,أو أن لهما ميزة خاصة فتصليا ,دون أن يتعرض للطواف ولا للنهي عنه بشيء ,ونص كلامه: ويكره الطواف قبل طلوع الشمس وبعد العصر ,إلا أن يطوف أسبوعا واحدا ثم يدع الركعتين حتى ترتفع الشمس فيصليهما. وإذا صلى المغرب صلاهما أيضا ,ولا يصليهما بعد العصر ,وقيل إن شاء صلاهما قبل المغرب).(١ وهذا المذكور هو الموافق لأصل المسألة كما يذكرها أهل العلم ,وبذلك يقول علماء المذهب الإباضي ,والشيخ الجيطالي في كتاب مناسك الحج غير متابع لابن رشد فسلم من الوهم الذي سر￯ إليه في القضية. ونص ~ أيضا في القناطر على ما يذكره كثير من علمائنا على أن من أراد أن يطوف بعد العصر والفجر فليطف طوافا واحدا ,ويصلي ركعتي الطواف بعد الشروق أو بعد الغروب).(٢ ) (١الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص.٢٥١ ) (٢الجيطالي ,قناطر الخيرات ,ج ,٢ص.٧٧ وبيان الشرع من استحباب طواف النفل بعد العصر ولو طاف أكثر من مرة وأنه يقرن ركعتي الطواف للسابق بعد المغرب إذ قالا :أحب أن يقرن بعد العصر وبعد الصبح ولا يهجر البيت).(١ ولو كان حال الطواف كالصلاة لامتنع لأن الأمر المستقر في الفقه الإباضي كراهية الصلاة بعد العصر والفجر إلا إن كانت الصلاة لسبب ,أما التنفل المطلق فلا يصح).(٢ ومما يفيد السابق أيضا ما في لباب الآثار: وإذا طاف بالبيت بعد صلاة الفجر والعصر متى يركع ركعتي الطواف? قال :يركعهما بعد طلوع الشمس وبعد غروبها ,ولا يشتغل بشيء فيما بين الطواف وركوعهما).(٣ وقال ابن جعفر :وأما الطواف بعد صلاة الفجر والعصر فليس عندي ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٢٤والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٥٧ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,١٠ص ,٩١والشماخي ,الإيضاح ,ج ,١ص ,٤٠١والسالمي, معارج الآمال ,ج ,٦ص ,٢٠٦والبهلاني ,نثار الجوهر ,ج ,٤ص.٤٨٤ ) (٣الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.١٩٥ وقال أيضا :ومن طاف بعد العصر فإن له أن يركع إذا غربت الشمس إن شاء قبل صلاة المغرب وإن شاء بعدها).(٢ وقال صاحب فواكه البستان :ومن طاف بعد صلاة العصر أو الفجر أخر ركوعهما إلى بعد غروب الشمس أو طلوعها وصلاهما بعد ذلك).(٣ ومن السابق كله يظهر لك أنه لا مانع من الطواف في الأوقات المنهي عنها باتفاق أهل العلم ,وأن ما ذكره ابن رشد ومن تابعه عليه من الخلاف في ذات الطواف وهم سر￯ إليه من الخلاف في ركعتي الطواف في أوقات النهي. سادسا :البدء بالحجر الأسود بدأ النبي طوافه بالحجر الأسود ,وقد اتفقت الأمة على أن المشروع في الطواف إنما هو البدء بالحجر الأسود).(٤ ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص.٣٤٠ ) (٢ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص.٣١٩ ) (٣المحيلوي ,فواكه البستان ,ج ,١ص.٣٩٦ ) (٤الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٠وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص ,٦٨وابن قدامة, أشواطه. وهكذا من بدأ طوافه قبل ركن الحجر لم يعتد بذلك القدر حتى ينتهي إلى الحجر).(١ وقال المالكية إن ابتدأ الطائف طوافه من بين الحجر والباب بالشيء اليسير أجزاه ,وإن بدأ بباب البيت إلى الركن لم يعتد به).(٢ وذهب بعض الحنفية إلى أن من بدأ طوافه قبل ركن الحجر فإنه يعتد به وإن كان مكروها).(٣ وقال ابن عابدين :وأما الابتداء من غيره فهو حرام أو مكروه تحريما أو تنزيها بناء على الأقوال عندنا من أن الابتداء بالحجر فرض أو واجب أو المغني ,ج ,٣ص ,١٨٣والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص.١٥٣ ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٠وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص ,٦٨وابن قدامة, المغني ,ج ,٣ص ,١٨٣والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص.١٥٣ ) (٢القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٤٠ ) (٣السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .٤٦ مطلق الدوران ,وهذا الذي بدأ قبل الحجر حقق مطلق الدوران حول البيت فيصح طوافه).(٢ ولكن هذا الرأي ليس هو المفتى به عند الحنفية بل الأكثر منهم قائلون بأن الطائف إن لم يبدأ بركن الحجر لم يعتد بطوافه ذلك. وعلة هذا الرأي مع كونه مخالفا لأصلهم الذي يقضي بسنية الترتيب دون وجوبه ما قاله السرخسي من أن محمد بن الحسن ذكر أنه لا يعتبر طوافه إلى الحجر لا لترك الترتيب ولكن لأن مفتاح الطواف من الحجر الأسود على ما روي أن إبراهيم صلوات االله وسلامه عليه قال لإسماعيل ~ :ائتني بحجر أجعله علامة افتتاح الطواف. فأتاه بحجر فألقاه ثم بالثاني ثم بالثالث فناداه قد أتاني بالحجر من أغناني عن حجرك ,ووجد الحجر الأسود في موضعه فعرفنا أن افتتاح الطواف منه ) (١ابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٤٩٣ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .٤٦ ولا يصح نسخ القطعي بالظني لخبر لم يستكمل شرائط الصحة فضلا أن يكون قطعيا ,والقول الأقل عندهم أشبه بقواعدهم ,وإن كانت هذه القواعد التي أصلوها محل نظر كما هو معلوم في الأصول. سابعا :استقبال الركن في أول الطواف مما تبين سابقا أن النبي بدأ طوافه بقصد الحجر الأسود وتقبيله ,وكان يأتيه في كل شوط بالاستلام أو الإشارة ,والفقهاء مختلفون أذلك الاستقبال منه للحجر واجب في الطواف أو ليس بواجب. قال جماعة من الفقهاء إن استقبال الركن مفتتح أول شوط من الطواف أمر واجب ولا يجزي المرور عليه دون استقبال).(٢ واستدل هؤلاء بأن النبي قال لعمر :إن وجدت خلوة فاستلمه ,وإلا فاستقبله وهلل وكبر. ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .٤٦ ) (٢ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج.٤٣٧ ,٣ ذكر ذلك والأدلة عليه عند ذكر مندوبات الطواف. ثامنا :محاذاة الحجر الأسود بالبدن عند أول شوط سبق البيان أن الطواف يبدأ من الحجر الأسود ,وعلى الطائف أن يستوعب البيت بالطواف فلا يصح أن يكون شيء من البيت لم يطف به بجميع بدنه من شاء الطواف. وهذا الوجوب السابق مستدع أن يكون مبدأ طواف الطائف من الحجر نفسه إن كان قريبا منه ,أو مما يوازيه ببدنه كله فلا يكون شيء منه خارجا عن محاذاة الحجر الأسود إلى الجهة التي فيها باب الكعبة).(١ وقد اختلفت عبارات الفقهاء في بيان صفة المحاذاة المرادة هنا. فمنهم من قال إن المحاذاة أن يأتي عن يمين الحجر من ناحية الركن اليماني ثم يجتاز بجميعه على يمين نفسه; لأن كل ما قابلك كان يمينك حذاء يساره ويسارك حذاء يمينه; لأن السنة أن يبتدئ بالطواف بالحجر الأسود, ) (١سبيل ,ثلاث رسائل فقهية ,ص.١٤٩ بجميع بدنه على جميع الحجر ,وذلك بأن يستقبل البيت ويقف على جانب الحجر الذي إلى جهة الركن اليماني على وجه يصير به جميع الحجر عن يمينه ويصير منكبه الأيمن عند طرف الحجر. ثم ينوي الطواف الله تعالى ,ثم يمشي مستقبل الحجر مارا إلى جهة يمينه حتى يجاوز الحجر ,فإذا جاوزه انفتل وجعل يساره إلى البيت ويمينه إلى خارج).(٢ وقال بعضهم عليه أن يحاذيه بيديه).(٣ وقال آخرون إن صفة الطواف أن يحاذي جميعه جميع الحجر الأسود, فيمر بجميع بدنه على جميع الحجر ,وذلك بأن يستقبل البيت ويقف على جانب الحجر الذي إلى جهة الركن اليماني على وجه يصير به جميع الحجر عن يمينه ويصير منكبه الأيمن عند طرف الحجر. ) (١ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج.٤٣٨ ,٣ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٤ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٣٤ خارج).(١ وقد قال بهذه الصفة بعض الشافعية منهم أبو حامد والقاضي أبو الطيب وابن الصلاح والنووي).(٢ غير أن الصفة السابقة يظهر عليها أن السنة بخلافها ,وقد لاقت معارضة من بعض علماء الشافعية أنفسهم ,قال ابن جماعة: ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر أن رسول االله لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ,ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا. فمن بدأ بالطواف مستقبلا الحجر إلى أن جاوزه ثم انفتل فقد خالف السنة ومضى جزء من طوافه والبيت ليس على يساره ,ولم ينقل ذلك عن سيدنا رسول االله المبين عن االله ولا عن الصحابة {مع توفر الدواعي على النقل. ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٤ ) (٢ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.٩١٢ الأولى وكراهتها لما قدمنا. ولأن ارتكابها قد يوقع في الأذ￯ ,وأنا ممن تأذ￯ بها; فإن بعض فقهاء الشافعية عمل بها وأنا معه في الطواف وكنت وراءه حين مشى مستقبل الحجر قبل أن يجاوزه ,ولم أدر به فانفتل عند مجاوزته الحجر ولم يرني فداس رجلي برجله وآذاني بدوسته).(١ وقد اختلف الفقهاء في حكم محاذاة الحجر الأسود عند أول الطواف فمنهم من قال إن ذلك واجب ,والطواف لا يعتد به إن لم تتم المحاذاة).(٢ وهذا لا محيص من القول به; لأن المتقرر عند الجماهير من أهل العلم أن الطواف مشروطة صحته بالبدء من الحجر الأسود ,ومن لم يبدأ من الحجر الأسود لم يعتد بذلك الشوط اللهم إلا إن كان البدء بالطواف قبل الحجر فيعتد بما حاذ￯ الحجر دون ما قبله كما تقدم. وتقدم النقل عن بعض الحنفية أنهم يرون إجزاء الطواف إن لم يكن من ) (١ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.٩١٢ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٠والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص .١٢٥ والقائلون بالوجوب مختلفون في عدم تحقق المحاذاة كلها كأن يكون المحاذي بعض البدن لكل الحجر ,أو كل الحجر لبعض البدن أيجزيه ذلك).(١ قال الشافعي :وإذا حاذ￯ الشيء من الركن ببدنه كله اعتد بذلك الطواف).(٢ وقال المالكية إن ابتدأ الطائف طوافه من بين الحجر والباب بالشيء اليسير أجزاه ,وإن بدأ بباب البيت إلى الركن لم يعتد به).(٣ ومن الفقهاء من جعل المحاذاة المذكورة من كمال الطواف).(٤ وفي سنة ١٤٠٢هـ تمت الموافقة على وضع خط يشير إلى الحجر الأسود في صحن المطاف ,وهو عمودي على الحجر الأسود يعين الناس على تحقيق أمر محاذاة الحجر الأسود. ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٣٤وابن تيمية ,شرح العمدة ,ج.٤٣٨ ,٣ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٧٠ ) (٣القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٤٠ ) (٤ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج.٤٣٧ ,٣ ولكن في السنتين الأخيرتين من كتابة هذه الأوراق رأ￯ أناس أن هذا الخط يسبب زحاما شديدا عنده لتوقف الناس في الخط المذكور فكان ذلك مفسدة يجب أن ترفع. وقد نصت آخر دراسة أجراها معهد خادم الحرمين الشريفين ,الذي يتخذ من مكة المكرمة مقرا له على صواب اتخاذ هذا القرار ,ودوره في تسهيل الحركة خلال الطواف. وأوضح الدكتور أسامة البار عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج أن المعهد أعد دراسة بحثية ميدانية ,للوقوف على الآثار الإيجابية المترتبة على إزالة خط بداية الطواف بصحن الكعبة ,وانعكاس ذلك على انسيابية حركة الطائفين. وتقوم الدراسة على المقارنة بين انسيابية الحركة حاليا ,عما كانت عليه عند وجود الخط ,مشيرا إلى أن الآثار الإيجابية ظاهرة حاليا ,وقصد المعهد من الدراسة الوصول إلى نسبة مئوية تبين مد￯ الانسيابية. مرحلة الكثافة المنخفضة نسبيا ,والتي تم تنفيذها خلال أشهر الصيف الماضي ,ثم مرحلة الكثافة المتوسطة التي تم تنفيذها نهاية شهر رجب إلى منتصف شهر شعبان الماضيين ,وأخيرا مرحلة الكثافة العالية التي يتم تنفيذها هذه الأيام وفي موسم الحج القادم. وأضاف أن الدراسة بدأت في شهر جماد￯ الأولى الماضي ,حيث استعان المعهد بمجموعة من الباحثين والمصورين والطلاب لهذا الغرض ,مشيرا إلى أنه جر￯ توثيق الدراسة بالتصوير بالفيديو من خلال منصات التصوير بالمسجد الحرام في أوقات معينة. إضافة إلى قيام مجموعة من الطلاب والباحثين ,بتسجيل أزمنة ومواقع الطائفين في صحن المطاف بأجهزة تحديد المواقع الآلية ,إضافة إلى توزيع ٢٠٠٠استمارة استبيان على الطائفين. وبين أن المؤشرات من تحليل الصور والأفلام ,أثبتت صواب القرار ّ المتخذ بتغطية الخط ,حيث تمت ملاحظة زيادة انسيابية الطائفين في المنطقة وللدراسة السابقة أزيل الخط السابق وجعل مكانه رخام أبيض لا يختلف عن رخام أرض المطاف ,وكانت الموافقة على ذلك في شهر شوال من سنة ١٤٢٦هـ. وعلة ذلك أنه للدراسة السابقة يقال إنه يرد الناس إلى ما فيه المصلحة ودفع مفسدة الزحام ,خاصة إن علمنا أن أرض المطاف زمان النبي كانت أقل مما هي عليه الآن بمرات كثيرة ,وأن الذين حجوا معه يربو عدهم على مئة ألف حاج ,ولم يأت أن النبي كان ينبه الناس على المحاذاة المذكورة مع احتمال المخالفة مما يبين أن في الأمر سعة. وفي هذا الحال يسعى الطائف إلى تحقيق المحاذاة على الغالب على ظنه وذلك يجزيه ,وقد أجز￯ من قبله النبي وأصحابه الذين طافوا بالبيت ولم يكن لهم خط يشير إلى موازاة الحجر الأسود. ) (١جريدة الشرق الأوسط ,السعودية ,الجمعة ١٦من شوال ١٤٢٦هـ الموافق ٢٠٠٥/١١/١٨م ,العدد ).(٩٨٥٢ العراقي ثم الشامي ثم اليماني فالحجر الأسود مكملا بذلك شوطا ,وهذا يفيد أن البيت كان على يساره ,وهو الحكم المشروع من حيث الأصل اتفاقا بين علماء الأمة).(١ لكن إن طاف منكسا بأن جعل البيت على يمينه فالجمهور من أهل العلم على أن طوافه غير صحيح ولا يجزيه وعليه إعادته; لأنه كمن لم يطف, وفعله منابذ لغرض الشرع).(٢ وقال بعضهم إن من طاف ثلاثة أشواط منكوسة ثم رأ￯ الناس كيف يطوفون فطاف أربعة أشواط كما يطوفون –وهذا في طواف الواجب −ثم ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٦والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٣٩٢وابن عبد البر, التمهيد ,ج ,٢ص ,٦٨والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٥٣والزركشي ,الديباج, ج ,١ص.٣٨٨ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٦والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٣٦وابن عبد البر, التمهيد ,ج ,٢ص ,٦٨وعبد الوهاب البغدادي ,الإشراف ,ج ,١ص ,٤٧٦والجيطالي, قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٥٥والزركشي ,الديباج ,ج ,١ص ,٣٨٨القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٣١ فإن رجع إلى أهله قبل الإعادة فعليه دم).(٢ واستدل هؤلاء لقولهم بأن الثابت بالنص الدوران حول البيت وذلك حاصل من أي جانب أخذ ولكن بفعل رسول االله حين أخذ على يمينه على باب الكعبة تبين أن الواجب هذا فكانت هذه صفة واجبة في هذا الركن بمنزلة شرط الطهارة. وذلك لأن تركه عند هؤلاء لا يمنع الاعتداد به ولكن يمكن فيه نقصانا يجبر بالدم ,وهذا لأن المعنى فيه معقول وهو تعظيم البقعة وذلك حاصل من أي جانب أخذ فعرفنا أن فعل رسول االله في البدء بالجانب الأيمن لبيان صفة الإتمام لا لبيان صفة الركنية بخلاف أركان الصلاة).(٣ وفي هذا الرأي من الضعف البالغ ما يقضي برده ,إذ لم يشهد لقاعدة ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٢٦والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٣٦ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٤٤والعيني ,البناية ,ج ,٤ص ,١٩٥وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص .٤٥٣ ) (٣السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .٤٤ كالآحاد ,والأمر بالطواف وإن كان مجملا في القرآن من حيث التيامن فيه والتياسر إلا أن السنة بينت أن الطائف ييمن في طوافه على الصفة التي ذكرنا اتفاق أهل العلم على أنها هي الأصل في الطواف ,وحسبهم لرد طواف المنكس حديث: أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال :قال رسول االله :من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).(١ ولأهل العلم خلاف فيمن لم يجعل البيت على يمينه لكن استقبله بوجهه وطاف معترضا ,ومثله من ولى الكعبة شقه الأيمن ومر القهقر￯ نحو الباب).(٢ والقول الفصل في ذلك والذي ذهب إليه جماهير أهل العلم عدم إجزاء طواف من طاف بالصورتين السابقتين; لأنه خلاف المشروع المنقول عن النبي . ) (١أخرجه الربيع ,باب :في الولاية والإمارة ).(٤٩ ) (٢الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٣٩٢ لكن يعلم كل من طاف بالبيت أنه لا يمكنه أن يحافظ عليه في طوافه كله خاصة في فترات ذروة الزحام إذ يستحيل عندها الحفاظ على جعل البيت على يسار الطائف من مبدأ الطواف إلى منتهاه بل لا بد من انحراف قد يحصل فيستقبل معه الطائف البيت وقد يستدبره وقد يجعله عن يمينه لكن هذا ليس بأصل له بل الأصل ما ذكرناه من جعل البيت على يسار الطائف. لذا فالحكم يؤسس على الأصل العام الذي بني الطواف عليه ,ويعذر الطائف مما قد يحصل دون اختياره مما ينافي شرط جعل البيت على يساره ,إذ إن الطائف لا يطوف وحده بل مع ألوف من الطائفين. ثم إن النبي قد حج معه أكثر من مئة ألف من المسلمين وأرض المطاف الآن أكبر مما كانت عليه زمن النبي بأضعاف مضاعفة ,مما يجعل من المستحيل واقعا أن يحافظ كل طائف على جعل البيت على يساره دون انحراف من أول طوافه وإلى حين ينتهي منه. من مخالفات الناس الآن كثير من عوام الناس الآن يدخلون المناسك وكأنهم داخلون أرض والولدان فيطوفون بهم حول البيت إلى أن تكمل الأشواط السبعة. وفي هذا من المخالفات الشرعية الآتي: أولا :المكونون للحلقة –وهم ممن يريد الطواف −لا يجعلون البيت على يسارهم ,بل في أحيان قد يستدبرونه ,وفي أحيان يستقبلونه بأيمانهم أي يمشون القهقر￯ ,وقد يستقبلونه بوجوههم ,وهم يؤسسون طوافهم من الأصل على ذلك ولا يأتون بالصفة الصحيحة في كل طوافهم. وهذا مخالف للهدي المنقول عن النبي والشرط الذي أجمع عليه أئمة الإسلام أنه الواجب حال السعة والاختيار ,وقد مضى ذكره. ثانيها :أن هذا يجر إلى الإضرار بالآخرين فإنا قد رأينا كثيرا من هؤلاء لا يلوون على شيء بل يأتون على كل من مروا عليه فيؤذونه ,وقد يداس تحت أقدامهم ,وحاشا شرع االله أن يتمثل في تصرفات هؤلاء الناس إن هم إلا مخالفون وعاصون بين يدي بيت االله. ثالثها :الأصل في طواف النساء أن يكون بعيدا عن البيت ما دام في القرب رجال أو أذية لهن ,والنبي أمر أم سلمة > أن تطوف خلف شكوت إلى رسول االله أني أشتكي ,فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ,فطفت ورسول االله حينئذ يصلي إلى جنب البيت ,وهو يقرأ "والطور وكتاب مسطور").(١ وقد رو￯ الشافعي أن السيدة عائشة > اشتد نكيرها على النسوة اللائي زاحمن الرجال لأجل تقبيل الحجر الأسود كما في حديث سعيد بن سالم عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن منبوذ بن أبي سليمان عن أمه أنها كانت عند عائشة أم المؤمنين > فدخلت عليها مولاة لها فقالت لها: يا أم المؤمنين ,طفت بالبيت سبعا ,واستلمت الركن مرتين أو ثلاثا, فقالت لها عائشة :لا أجرك االله ,لا أجرك االله ,تدافعين الرجال? ألا كبرت ومررت ).(٢ ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :طواف النساء مع الرجال ) ,(١٥٤٠وأخرجه الإمام الربيع من طريق أبي عبيدة بلاغا عن عروة في كتاب :الحج ,باب :في الكعبة والمسجد والصفا والمروة ).(٤١٤ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٦٩ مما اتفقت عليه الكلمة بين الفقهاء أن من الواجب الذي لا يتم الطواف دونه استيعاب الكعبة بالطواف ,فيطوف بكل جسده حول الكعبة كلها ,ولا يجوز أن يخرج شيء من الكعبة فلا يشمله الطواف حوله ,وإن خرج لم يتم ذلك الشوط).(١ والأصل للسابق أن االله تعالى في كتابه أمر بالطواف بالبيت إذ قال¢ΟèO﴿ : ,(٢)﴾È,ŠÏFyèø9$# ÏMøŠt7ø9$$Î/ (#θèù§θ©Üu‹ø9uρ öΝèδu‘ρä‹çΡ (#θèùθã‹ø9uρ öΝßγsWxs? (#θàÒø)u‹ø9وإنما يكون طائفا به إذا كان خارجا عنه وإلا فهو طائف في البيت).(٣ والذي يبدو من واقع الناس في الأزمنة الحاضرة أنه لا يتصور إدخال شيء من الكعبة إلا في موضعين حجر إسماعيل والشاذروان. ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٦والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٣٩٣وعبد الوهاب البغدادي ,الإشراف ,ج ,٢ص ,٤٧٧والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص.١٥٥ ) (٢سورة :الحج ,الآية ).(٢٩ ) (٣الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٣٩٣ قريشا أخرجت من بناء الكعبة شيئا لقصور نفقتها ,والكعبة في زماننا مؤسسة على بنيان قريش لا على قواعد إبراهيم~ الأولى. ومنه يلزم الطائف أن يدخل ما أخرج من الكعبة في طوافه إذ هو بعض الكعبة إجماعا).(١ والحنفية مع قولهم إن من الواجب الطواف خارج حجر إسماعيل لكونه من الكعبة إلا أنهم يرون أنه إذا طاف الطواف الواجب في الحج والعمرة في جوف الحطيم قضى ما ترك منه إن كان بمكة ,وإن كان رجع إلى أهله فعليه دم. وعلة قولهم هذا أن المتروك هو الأقل فإنه إنما ترك الطواف على الحطيم فقط ,ولو ترك الأقل من أشواط الطواف فعليه إعادة المتروك ,وإن لم يعد فعليه الدم ,فهذا مثله. ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٣٧وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,١٨٨والعيني, البناية ,ج ,٤ص ,١٩٦و الجناوني ,الوضع ,ص.٢١٨ قواعدهم أن الترتيب في الطواف مسنون وليس هو بواجب).(١ ومن الفقهاء من قال إن من مر في الحجر في طوافه فعليه دم).(٢ ولا أدري المقصود بهذا القول هل عليه دم من غير إعادة ,أو أن عليه دما لمجرد المخالفة مع السكوت عن حكم ذلك الشوط. ولكن مضى مقررا أنه ليس كل ما أحاط به الجدار من حجر إسماعيل من الكعبة بل الذي منها ستة أذرع فقط ,وما بعد الستة ليس من الكعبة في شيء فالأصل أن الطواف يشمل الستة فقط ,وما بعد الستة ليس من الكعبة فلا حرج في إدخاله في الطواف. لكن مع الأصل السابق للفقهاء خلاف فيمن طاف بعد ستة الأذرع من الكعبة لكن داخل جدار حجر إسماعيل أيصح طوافه أو لا يصح).(٣ ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .٤٦ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص .١٢٩ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٤٠وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص ,٤٤٨ القطب ,كشف الكرب ,ج ,٢ص ,١١٢والزرقاني ,شرح الموطأ ,ج ,٢ص .٤٠٢ الحجر جائزا لبينه النبي . وقال آخرون إن طاف بعد المسافة التي هي من الكعبة فطوافه صحيح) ,(٢قال الشيخ محمد بن إبراهيم الكندي حكم ما بعد السبعة الأذرع حكم خارج الكعبة: وليصل في المسجد حيثما شاء إلا الحطيم ,وقال غيره :يكره له ذلك ,فإن صلى في الحطيم خلف سبعة أذرع فلا بأس ولا يلزمه شيء).(٣ ودليل ذلك أن الواجب إدخال الكعبة كلها في الطواف ,وهذا قد أدخلها كلها في الطواف ولا يجب عليه شيء فوق ذلك لعدم الموجب. أما الحديث الذي استدل به الموجبون إدخال الحجر كله في الطواف فصحيح غير أن دلالته على المطلوب قاصرة فإنه يرده أن ذلك لا يستلزم كونه يجب إدخاله كله في الطواف إذ قد يطوف خارجه مع جواز أن يدخله في ) (١الزركشي ,الديباج ,ج ,١ص.٣٨٩ ) (٢الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٣٩٤ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٤٠وابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص.٣٢٢ فكيف إن علمنا أن فعله تشريع تمضي عليه الأمة بعده ,لا شك بأن في ذلك حرجا كبيرا جدا ,وقد خرج من الكعبة كارها خشية أن تدخل المشقة على الأمة بدخولهم فيها; لأن من الفعل الذي قام به هو دخولها. الموضع الثاني :الشاذروان سبق في المبحث الأول من هذا الفصل بيان الشاذروان وصفته ,وقد تقدم ثمة أن أهل العلم مختلفون أهو جزء من الكعبة نقص منها أو ليس هو من الكعبة ,وكان نتاج الدراسة هناك أن الشاذروان ليس من الكعبة في شيء. والفقهاء مختلفون فيمن أدخل جسده أو بعضا منه في هواء الشاذروان أيجزيه طوافه ذلك أو لا يجزيه. القائلون بعدم الإجزاء قائلون بأن الشاذروان من أصل الكعبة ,إذ من طاف فيه أو مر شيء من جسده في هوائه لا يتحقق فيه شرط طواف كل الجسد حول كل الكعبة وعليه فلا يجزيه).(١ ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٦والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٤٩ لأنه طاف وبعضه في هواء الشاذروان. كما قالوا إنه ينبغي أن يحترز الشخص في حال استلامه الحجر الأسود والركن اليماني من ذلك فإنه إذا مشى في حال استلامه أو تقبيله لزحمة أو غير ذلك ولو بعض خطوة لم يصح طوافه. بل الواجب −عندهم −أن يقر قدميه حال الاستلام والتقبيل إلى أن يفرغ من ذلك ,ثم يعتدل قائما في مكانه ثم يمشي ,وإن مشى في حال الاستلام والتقبيل فليرجع إلى مكانه الأول قبلهما ثم يمشي ليكمل له الطواف خارج البيت. والأمر السابق –كما يقول ابن جماعة −لو كان معتبرا لنبه الرسول  عليه أصحابه لكونه مما تمس الحاجة إليه).(١ وثمة قائلون بأن الشاذروان من أصل الكعبة غير أنهم يرخصون في صحة طوافه لأن معظم بدنه خارج ,وحينها يصدق عليه أنه طائف ) (١ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.٩٤٠ الشاذروان أو مر بعض جسده في هوائه إذ ليس هو من الكعبة. وهذا القول هو الأسعد بظاهر الأدلة الشرعية والأقرب للصواب ,وقد مضى تحرير القضية عند وصف الشاذروان في المبحث الأول من هذا الفصل. العلو على الكعبة في الطواف ثم إن مما اختلفوا فيه طواف من علا على الكعبة أيجزيه أو لا يجزيه? قال جماعة من الفقهاء إن ذلك لا يجزيه; لأن المقصود بالطواف البناء نفسه لا الجهة كما في قوله تعالى ﴿(#θèù§θ©Üu‹ø9uρ öΝèδu‘ρä‹çΡ (#θèùθã‹ø9uρ öΝßγsWxs? (#θàÒø)u‹ø9 ¢ΟèO ,(٢)﴾ ∩⊄®∪ È,ŠÏFyèø9$# ÏMøŠt7ø9$$Î/ومن علا الكعبة لم يكن طائفا بالبناء نفسه فلا يجزيه).(٣ واالله سبحانه قال ﴿ $\↔ø‹x© ’Î1 ñ‚Îô3è@ ω βr& ÏMøt7ø9$# šχ%s3tΒ zΟŠÏδ≡tö/\} $tΡù&§θt/ øŒÎ)uρ ) (١الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٤٤والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٣٩٤ ) (٢سورة :الحج ,الآية ).(٢٩ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٤٩والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٤١ إنما هو متعلق بالبيت ,والبيت أو الكعبة لا يكون اسما إلا للبناء. أما الهواء فليس هو بيتا ولا كعبة ,وأيضا فلو كان استقبال هواء العرصة والطواف به كافيا لم يجب بناء البيت ,ولم يحتج إليه فلما أمر االله إبراهيم خليله ببناء بيته وبدعاء الناس إلى حجه حينئذ ,وكان من أشراط الساعة خراب هذه البنية علم أن دين االله منوط ببنية تكون هناك ,وأن لا يكون وجودها وعدمها سواء).(٣ والأمر في الصلاة مختلف إذ المقصود جهة البيت لا البيت نفسه كما في قوله تعالى ﴿ ÉeΑuθsù 4 $yγ9|Êös? \'s#ö7Ï% y7 ̈ΨuŠÏj9uθãΨn=sù ( ÏTM!$yθ¡¡9$# ’Îû y7Îγô_uρ |==s)s? 3“ttΡ ô‰s% .(٤)﴾...çνtôÜx© öΝä3yδθã_ãρ (#θ—9uθsù óΟçFΖä. $tΒ ß]øŠymuρ 4 ÏΘ#tysø9$# ωÉfó¡yθø9$# tôÜx© y7yγô_uρ قال شيخنا القدوة العلامة الخليلي –حفظه االله:− ) (١سورة :الحج ,الآية ).(٢٦ ) (٢سورة :المائدة ,جزء من الآية ).(٩٧ ) (٣ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٤ص.٤٩١ ) (٤سورة :البقرة ,الآية ).(١٤٤ له في حال الزحام أن يطوف ويسعى في الطابق الوسط).(١ وعلة استثناء الوسط هي محاذاته لبعض الكعبة; إذ البيت مستغرق للمطاف الأرضي ,وبعضه يحاذي المطاف الوسط ,أما المطاف العلوي الذي هو سقف الطابق الأول فلا تقابله الكعبة بل هواؤها. وقال آخرون إن ذلك يجزيه) ,(٢وأوردوا على القول السابق أنه يلزم من قولهم إذا انهدمت الكعبة –والعياذ باالله −لم يصح الطواف حول عرصتها).(٣ الحادي عشر :إكمال سبعة أشواط طاف النبي سبعة أشواط حول البيت ,والأمة بمذاهبها كافة قالت إن هذا هو المشروع والمأمور به لمن أراد أن يطوف بالبيت).(٤ ) (١الخليلي ,الفتاو￯ ,الكتاب الأول ,ص.٣٦٨ ) (٢الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٣٩٥والزركشي ,الديباج ,ج ,١ص ,٣٨٩وابن عثيمين, مجموع الفتاو￯ ,ج ,٢٢ص.٢٩٢ ) (٣الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٣٩٥وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.٩٣٦ ) (٤الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٣٦ ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن ذلك الطواف لا يجزيه ,ولو كان الناقص عن السبعة خطوة واحدة).(١ استدل هؤلاء لقولهم بأن النبي ما طاف إلا سبعة أشواط ,والطواف الذي هو مجز سبعة أشواط ,فمن طاف أقل من ذلك لم يصدق عليه أنه طاف الطواف الشرعي. وعليه فلا يجزيه طوافه ذلك).(٢ ثم إن الستة من الأشواط مخالفة للهدي النبوي ,والرسول يقول: "كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد" وقد قال "لتأخذوا عني مناسككم". وقال الحنفية إن الواجب على من أراد الطواف أن يطوف سبعة أشواط, غير أن الطواف يتحقق بأكثر الطواف ,ومنها قالوا إن إكمال سبعة الأشواط واجب يجبر إن نقص العدد عنه بدم ,لكن الركن الذي لا يتم الحج أو العمرة ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٨وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص ,٦٩وعبد الوهاب البغدادي ,الإشراف ,ج ,١ص ,٤٧٦والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص.١٥٧ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص.٦٩ وثلثا شوط).(١ ومما فرعوه على السابق أن قالوا إن طاف الأقل من طواف الزيارة وطاف للوداع في آخر أيام التشريق يكمل طواف الزيارة من طواف الوداع; لأن استحقاق الزيارة عليه أقو￯ فما أتى به مصروف إلى إكماله وإن نواه عن غيره ,وعليه لتأخير ذلك دم. ثم قد بقي من طوافه للوداع ثلاثة أشواط فصار تاركا للأكثر من طواف الوداع وذلك ينزل منزلة ترك الكل فعليه دم لذلك. وإن كان المتروك من طواف الزيارة ثلاثة أشواط أكمل ذلك من طواف الوداع وعليه لكل شوط منه صدقة بسبب التأخير عن وقته; لأنه لا يجب في تأخير الأقل ما يجب في تأخير الكل. ثم قد بقي من طواف الصدر أربعة أشواط فإنما ترك الأقل منها فيكفيه ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٤٥وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٢ص ,٣٥٣ونظام الدين ,الفتاو￯ الهندية ,ج ,١ص ,٢٣٢وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٤٦٧ وهذا مبني على أصل تفرقتهم بين الواجب والفرض كما ذكرنا ذلك عند ذكر اشتراط الوضوء للطواف ,وهو الأمر الذي لا يوافقهم عليه الجمهور. ومن شك في عدد أشواط طوافه فلا يخلو الحال فيه أن يترجح عنده أمر أو يستوي الأمران المشكوك فيهما. فإن ترجح بغالب الظن أمر أخذ به ,وإن لم يترجح شيء بنى على الأقل من الأمرين المشكوك فيهما ,فإن شك أهو في ثالث الأشواط أو رابعها بنى في هذا الحال على الأقل وهو ثالث الأشواط).(٢ وحكى ابن المنذر الإجماع على أن من شك في طوافه بنى على اليقين).(٣ والأصل للسابق القياس على حال الصلاة فقد نص الشارع فيها على حكم المسألة كما في حديث أبي سعيد الخدري قال :قال رسول االله :إذا ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.٤٣ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٩والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٧٢و ابن جماعة, هداية السالك ,ج ,٣ص ,٩٣٣وشيخنا الخليلي ,الفتاو￯ ,ج ,١ص.٣٦٥ ) (٣ابن المنذر ,الإجماع ,ص.٧٠ فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته ,وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان).(١ ومن الفقهاء من قال إنه يبني على ما استيقن ثم بعد ذلك يعيد الطواف من أصله ,ومنهم من قال إنه يتم أربعة عشر شوطا ثم يركع ثم يبتدئ طوافا جديدا).(٢ والقول الأول الناص على الاجتزاء بالبناء على غالب الظن إن كان وإلا فبما استيقن أولى بالقبول من القول الآمر بطواف آخر ,لما نص عليه من حكم في الصلاة ,وهو يفيد أن غلبة الظن في أمر جعل له الشارع حدا معينا في عبادة غير معقولة المعنى تجزي الإنسان. أما إن لم يعلم في أي الأشواط هو ,ولم يكن ثمة قرينة على شيء فإنه يستأنف طوافه من جديد; لأنه لا يقين لديه حتى يبني عليه. ) (١أخرجه مسلم في كتاب :المساجد ,باب :السهو في الصلاة والسجود له ).(٥٧١ ) (٢البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص .٢٦٩ الطواف ,قياسا على الصلاة).(١ وذهب بعض الفقهاء إلى التفريق فقالوا إن من طاف ثمانية أشواط في النفل ركع ركعتين ثم يطوف ستة أشواط ثم يركع ركعتين. وأما إن كان الطواف فريضة فعليه أن يعيد الطواف مع الفعل السابق الذي فعله عند النفل).(٢ أي أن من نسي بزيادة أو نقصان في الطواف فلا يجزيه ذلك الطواف, والواجب عليه −على قول هؤلاء −أن يطوف طوافا آخر يصلح فيه خطأ الطواف الأول. فإن كان الخلل في الأول النقصان طاف الطواف الثاني سبعة مع زيادة النقص الذي طرأ على الأول كأن يطوف ثمانية إن كان الأول ستة. زيادة طاف الطواف الثاني ناقصا بمقدار الزيادة التي ًوأما إن كان الخلل ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٢٠والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٦٩وابن عبد البر, الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٠٥والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٧٤ ) (٢البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٦٩والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٧١ ذمته. وهذا التفصيل فيه من العسر والمشقة ما فيه فضلا عن أنه لا دليل يدل عليه ,والسنن العام الذي جر￯ عليه الشارع −كما هو الحال في الصلاة −أولى بالأخذ ,فيكون من طاف أكثر من سبعة أشواط غير متعمد ذلك يقف حال تذكره أو علمه ويركع ركعتين للطواف. أما من علم النقص في طوافه فإنه يزيد ما نقص ما لم يتطاول الفصل أو يعرض عن الطواف بالاشتغال بغيره فحينها يلزمه أن يستأنف الطواف من جديد. ومما يفيد ذلك حديث عبد االله بن مسعود أن النبي صلى الظهر خمسا ,فلما سلم قيل له :أزيد في الصلاة? قال :وما ذاك? قالوا :صليت خمسا, فسجد سجدتين).(١ وجاءت رواية تفيد أن الصحابة تفاوتت أشواطهم والنبي أقرهم على ) (١أخرجه مسلم في كتاب :المساجد ومواضع الصلاة ,باب :السهو في الصلاة والسجود له ).(٥٧٢ طفنا مع رسول االله فمنا من طاف سبعا ,ومنا من طاف ثمانيا ,ومنا من طاف أكثر من ذلك ,فقال رسول االله :لا حرج. والحديث أخرجه أحمد) ,(١لكنه لا يثبت وفيه علتان: أولاهما :الحجاج هو ابن أرطأة ضعيف مدلس لا تقبل روايته كما تقدم. ثانيهما :مجاهد بن جبر لم يسمع من سعد بن مالك فروايته عنه مرسلة).(٢ ومن كان مبتلى بآفة النسيان فلا مانع من أن يتخذ لنفسه ما يذكره بعدد الأشواط التي يطوفها ,وهذه الوسيلة مشروعة لغاية حسنة فلا حرج فيها. كما أنه قد يتذكر الإنسان بقول غيره الذي صحبه إن اطمأن إلى كلامه, ورجحه على ما استقر في نفسه ,وإلا فقوله أولى بالتقدمة من قول غيره. وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا ينتفع بقول صاحبه إن أخبره بذلك).(١ ) (١أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,١ص .١٨٤ ) (٢العلائي ,جامع التحصيل ,ص ,٢٧٣وابن حجر ,تهذيب التهذيب ,ج ,١٠ص,٤٠ وأبو زرعة العراقي ,تحفة التحصيل ,ص.٢٩٤ الشارع ,والمعتمد على غيره متحصل على الأمور المرادة من الشارع. الثاني عشر :أن يكون الطواف داخل المسجد يشترط لصحة الطواف أن يكون داخل المسجد) ,(٢قال العلامة ابن جعفر :وأجمعوا على أن الطواف خارج من المسجد لا يجوز) ,(٣وحكى الإجماع السابق ابن المنذر أيضا).(٤ ولا حرج بالحائل فيه بين الطائف والبيت كالسقاية والسواري ,ويجوز في أخريات المسجد ,وأروقته ,وعند باب المسجد من داخله) ,(٥لكن اختلفوا في الطواف في مناطق في أرض المطاف. ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص .١٢٩ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٩والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٢٨والرافعي, العزيز ,ج ,٣ص ,٣٩٥والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.٤٩ ) (٣ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٢٦ومثله :الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٣٦ ) (٤ابن المنذر ,الإجماع ,ص.٧١ ) (٥النووي ,روضة الطالبين ,ج ,٣ص.٨١ فمن طاف في المسجد من دون السقاية وزمزم أو من ورائهما أو وراء سقايات المسجد التي أحدثت فحف بها المسجد حتى يكون الطائف من ورائها كلها فطوافه يجزي عنه; لأنه في موضع الطواف ,وأكثر الطائفين محول بينهم وبين الطواف بالناس الطائفين والمصلين).(١ وحكى ابن المنذر الإجماع على إجزاء الطواف من وراء السقاية).(٢ قال الشيخ أبو الحسن البسيوي :ومن طاف خلف زمزم في ظلة المسجد من غير زحام فإنه يجزيه ,وإن طاف خلف حيطان المسجد فإنه لا يجزيه).(٣ وذهب بعض الفقهاء إلى أن من طاف من وراء زمزم وفي سقائف المسجد من زحام أجزاه ,وإن طاف في السقائف لغير زحام لحر أو برد أعاد; لأن اتصال الزحام يصير الجميع متصلا بالبيت كاتصال الزحام بالطرقات ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٧والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص .١٢٨ ) (٢ابن المنذر ,الإجماع ,ص.٧١ ) (٣البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧٠والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٢٨وأصل النص من جامع ابن جعفر ,ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص .٣٢٢ ومن هؤلاء من منع الطواف خلف زمزم).(٢ ولا أعلم دليلا يسوغ الآراء السابقة بل قول الجمهور الناص على صحة الطواف في المسجد كله أولى بالأخذ. ومما جد في الأيام المتأخرة بعد التحديثات الأخيرة للمسجد الحرام أن أرض المسعى من جهة الصفا اختلط أمرها بالمسجد فلا يكاد يظهر فرق بينهما ,على أنه في سقف الطابق العلوي لا يكاد يتميز المسعى من أرض سقف المسعى شيئا من طوافهم. ُالمطاف وتجد بعض الناس يأخذ وقد اختلفوا ألتلك الأرض حكم المسجد الحرام فيصح الطواف فيها وتمنع الحائض منها ,أو أنها على ما كانت عليه من قبل أرض للسعي? الذي يظهر أن المسعى أمر مستقل بذاته لا يطوله المسجد الحرام ,وكون المسجد بعد التحديثات الأخيرة ألصق بالمسعى ذلك لا يأخذ من أرض ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٤١ ) (٢القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٤١ على أن التصاق أرض المسعى بأرض الطواف إنما هو في منطقة يسيرة مفصولة بجدار وبعدها تنفصل تماما عن المسجد ,وليس المكانان مختلطين. وقد نص على عدم دخول أرض المسعى في حكم المسجد قرار مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة).(١ ومن السابق يظهر أنه يصح للحائض والجنب دخول أرض المسعى وسعيهما فيها ,كما أنه لا يصح للمعتكف في المسجد الحرام المكث في أرض المسعى. ومنه أيضا لا يصح الطواف في أرض المسعى وعلوها من المساعي الثلاثة ,والناس يقعون كثيرا في المسألة في سقف المسجد الحرام إذ إن مطاف السقف يضيق إلى ستة أمتار فيضطر الناس إلى الخروج لسقف المسعى).(٢ ) (١الجيزاني ,فقه النوازل ,ج ,٢ص.٣٤٥ ) (٢ابن عثيمين ,مجموع الفتاو￯ ,ج ,٢٢ص.٢٨٩ جماعة من الفقهاء إلى أنه لا يجوز لمن طاف بالبيت أن يقطع طوافه إلا لعذر لا يستطيع له دفعا كإقامة الصلاة أو زحام ونحو ذلك ,حتى قال قائلهم إنه ليس في الطواف ذمام يدع الرجل صاحبه ويختلف عنه ويستلم الأركان).(١ وروي عن الحسن البصري أن من أقيمت عليه الصلاة وهو في الطواف فقطعه فإن عليه أن يستأنفه ولا يبني على ما مضى ,ولكن خالفه الجمهور رأي الجمهور).(٢ ِ الأخيرِ ِ الرأي ُ الاتفاق على هذا فقالوا يبني ,بلُذ ِك َر وبناء على الأصل السابق القائل بوجوب الموالاة فإنه لا يقطع الطائف طوافه إلا بأمر واجب يفوق في وجوبه أمر الموالاة ,أما السنن والواجبات غير المتعينة عليه كصلاة الجنازة فلا يصح أن يقطع بها طوافه. وخطبة الجمعة –على هذا الرأي −لا يقطع الطائف بها طوافه ,إذ الشارع التفت فيها إلى أمر غير واجب فأجازه وهو ركعتا تحية المسجد على رأي ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٩وابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٣٣والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٣٦وابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص ,١٨٠والقرافي ,الذخيرة ,ج,٣ ص.٢٣٩ ) (٢ابن المنذر ,الإجماع ,ص ,٧٠وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٨٤ وهذا الأمر في حق من بدأ الطواف وخطب الخطيب بعد بدئه ,وقد ذكرنا من قبل حكم من دخل المسجد الحرام ولم يطف القدوم والخطيب يخطب. وذهب آخرون إلى أن الموالاة ليست بشرط ولا أمر واجب في الطواف وإن كانت من حيث الأصل الأفضل والأكمل في الأجر).(١ ثم إن من الفقهاء من توسع في شأن الموالاة في الطواف فأجاز قطعه لأجل صلاة الجنازة ,أو للحاجة تعرض للطائف ثم يبني على طوافه على خلاف مشهور بينهم في قطعه بالجنازة) ,(٢ومن ذلك حديث: سعيد بن منصور حدثنا هشيم حدثنا عبد الملك عن عطاء أنه كان يقول في الرجل يطوف بعض طوافه ثم تحضر الجنازة يخرج فيصلي عليها ثم يرجع فيقضي ما بقي عليه من طوافه).(٣ ومن قطع طوافه لعذر وصح له أن يبني عليه –على الخلاف السابق− ) (١الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٣٩٧ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٤٨وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٨٤ ) (٣ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٨٤ عند البناء من الحجر الأسود. كما أن منهم من استحب أن يكون الوقوف عند وتر لا شفع من الأشواط كالثالث أو الخامس ما أمكنه ذلك; لأن االله وتر ويحب كل وتر).(٢ ورو￯ عبد الرزاق عن الأسلمي عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال :من طاف بالبيت فبدت له حاجة فلينصرف على وتر وليركع ركعتين ولا يعد لبقية سبعه).(٣ ورو￯ الربيع بن حبيب عن ضمام بن السائب عن أبي الشعثاء جابر بن زيد قال :لا ينصرف الرجل عن طوافه إلا عن وتر).(٤ ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٧٩ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص .١٣٩ ) (٣عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص.٥٥ ) (٤الخروصي ,من جوابات الإمام جابر بن زيد ,ص.٧٢ تعظيم الحجر الأسود وأنه مما يتقرب به إلى االله تعالى أمر قد اتفقت عليه الأمة قاطبة) ,(١فهو من شعائر االله تعالى ﴿ ⎯ÏΒ $yγ ̄ΡÎ*sù «!$# uÈ∝ ̄≈yèx© öΝÏjàyèム⎯tΒuρ y7Ï9≡sŒ ? ,(٢)﴾ ∩⊂⊄∪ É>θè=à)ø9$# ”uθø)sولا غرو في ذلك فقد ثبت عن صاحب الدعوة الغراء تعظيمه. قال الإمام أبو طاهر الجيطالي :وأجمعوا على أن تقبيل الحجر الأسود لمن قدر عليه أنه من سنن الطواف).(٣ وماُخ ِرق الاتفاق السابق على تعظيم الحجر الأسود إلا من قبل نابتة العقليين التي ابتلي بها الفكر الإسلامي ,فقد أثاروا شبهات مفادها أن الأحاديث التي فيها تعظيم الحجر الأسود تنافي دعوة الإسلام للتوحيد ونبذ الأوثان. ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢٢ص ,٢٥٧والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص.١٥٤ ) (٢سورة :الحج ,الآية ).(٣٢ ) (٣الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص .١٥٤وممن نص على الاتفاق على استلام الحجر الأسود ابن حزم الظاهري .ابن حزم ,مراتب الإجماع ,ص.٧٨ تقبيل الحجر الأسود واستلامه أمران ثابتان بالسنة الصحيحة عن رسول االله الذي لم نعرف الإسلام إلا عن طريقه ,ولذلك فرض االله تعالى علينا اتباعه وجعله من مقتضيات الإيمان حيث قال سبحانه: ﴿ äοuzσø:$# ãΝßγs9 tβθä3tƒ βr& #·øΒr& ÿ...ã&è!θßTMu‘uρ a!$# ©|Ós% #sŒÎ) >πuΖÏΒ÷σãΒ Ÿωuρ 9⎯ÏΒ÷σßθÏ9 tβ%x. $tΒuρ .(١) ﴾∩⊂∉∪ $YΖÎ7•Β Wξ≈n=|Ê̈≅|Ê ô‰s)sù ...ã&s!θßTMu‘uρ ©!$# ÄÈ÷ètƒ ⎯tΒuρ 3 öΝÏδÌøΒr& ô⎯ÏΒ وقالtΠöθu‹ø9$#uρ ©!$# (#θã_ötƒ tβ%x. ⎯yθÏj9 ×πuΖ|¡ym îοuθóTMé& «!$# ÉΑθßTMu‘ ’Îû öΝä3s9 tβ%x. ô‰s)©9 ﴿ : .(٢)﴾∩⊄⊇∪ #ZÏVx. ©!$# tx.sŒuρ tÅzFψ$# وقد انعقد إجماع الأمة على مشروعية تقبيل الحجر ولمسه ,وعليه فدعواه أن ذلك ينافي دعوة الإسلام لنبذ الأوثان ضلال وكفر فشتان ما بين من يأتي ذلك طاعة الله ورسوله –وهو معتقد أن الحجر لا ينفع ولا يضر −وبين من يقدس الأوثان التي نهى االله عن الاقتراب منها. ) (١سورة :الأحزاب ,الآية ).(٣٦ ) (٢سورة :الأحزاب ,الآية ).(٢١ لا لها ,فاالله هو الآمر بذلك. وأما الوثني فيأتي ما يأتيه من غير شرع من االله ,ولا لقصد عبادته بل لعبادة الوثن الذي يعتقد أنه بإمكانه أن يضره أو ينفعه أو أن يقربه إلى االله).(١ ونص بعض الفقهاء على أن استلام الحجر للطواف بمنزلة التكبير للصلوات فيبدأ به طوافه).(٢ وقد كانت للنبي أفعال يأتيها عند الحجر الأسود تختلف مراتبها بقدر الاستطاعة عليها دون إضرار بالنفس ولا بالآخرين. وهذا التصرف منه يجعل في الأمر فسحة يمنع معها الإصرار على فعل دون آخر من الهيئات التي ثبتت عن إمام الأتقياء محمد .(٣) ) (١شيخنا الخليلي ,الفتاو￯ ,الكتاب الأول ,ص.٣٦٥ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.٩ ) (٣ذكرنا عند مبحث محظورات الإحرام أن المباشرة للحجر الأسود والركن اليماني مشروعة مطلقا إلا إن كان المباشر محرما وعلم أن في الركنين طيبا يصيبه وهو محرم فحينها لا يشرع له مباشرتهما. استلام وتقبيل وإشارة من سنن الطواف فلا تشرع إلا في الطواف فقط).(١ ومما يؤكد السابق أن المنقول من تقبيل الحجر الأسود هو التعبد فقط ,كما يظهر من قول عمر بن الخطاب في حديث عابس بن ربيعة عن عمر أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله فقال :إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي يقبلك ما قبلتك).(٢ وما دام أصل الأمر مبنيا على التعبد كان مما ينبغي فيه الاقتصار على مورد النص لعدم المعرفة بعلة الحكم ,والنصوص ما جاءت إلا بالتعظيم حال الطواف. وخالف السابق بعض أهل العلم فقالوا إنه لا بأس باستلامه بغير طواف ,بل استحب بعضهم ندب ذلك عقب الصلاة وكل عبادة فعلت ) (١الهيتمي ,حاشية على الإيضاح ,ص ,٢٧٤وابن عثيمين ,مجموع الفتاو￯ ,ج,٢٢ ص.٣٢٦ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :ما ذكر في الحجر الأسود ).(١٥٢٠ صحابة رسول االله ,ومن ذلك أن ابن عمر كان لا يخرج من المسجد مطلقا حتى يقبله ,وأن مغيرة رو￯ عن إبراهيم قال: كانوا يستحبون أن يستلموا الحجر كلما دخلوا المسجد وخرجوا منه, وكان عبد االله بن الزبير أول من استلمه قبل الصلاة وبعدها).(٢ ورواية عبد االله بن عمر رواها ابن أبي شيبة من طريق عبدة بن سليمان عن عبيد االله عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يخرج من المسجد حتى يستلم كان في طواف أو في غير طواف).(٣ وأما رواية المغيرة عن إبراهيم فرواها الحافظ عبد الرزاق في المصنف, وسياقها مختلف وليس فيها دلالة على المراد فقد قال الحافظ عبد الرزاق: عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال :إن استطعت أن تستلم الركن وإلا فاستقبله وهلل وكبر ,وكان يحب أن يفتتح بالحجر ,ويختم به في الطواف ) (١العبدري ,التاج والإكليل ,ج ,٣ص ,١٠٨والهيتمي ,حاشية على الإيضاح ,ص.٢٧٤ ) (٢الهيتمي ,حاشية على الإيضاح ,ص.٢٧٤ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٢١٥ ويختم به) ,(١ورواه عبد الرزاق قبل السابق من حديث الثوري عن منصور عن إبراهيم قال: كانوا يستحبون أن يهجروا إلى منى ,وكانوا يحبون أن يستلموا الحجر حين يقدمون وحين يطوفون وحين يختمون ويوم النحر ويوم النفر).(٢ والإجمال الذي قد يفهم من رواية الثوري عن منصور هذه بينه التفصيل الذي رواه هشيم عن مغيرة ,والهيئات السابقة ما كانت إلا في طواف. وجاء السابق عند ابن أبي شيبة من طريق ابن إدريس عن أبيه عن حماد عن إبراهيم قال: كلما دخلت المسجد الحرام طفت بالبيت أو لم تطف فاستلم الحجر حين تريد أن تخرج من المسجد ,أو استقبله فكبر وادع االله).(٣ ) (١عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص.٣٢ ) (٢عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص.٣١ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٢١٥ وظاهر الإسناد السابق الصحة غير أن فعل طاووس ليس بحجة في الشريعة ,بل هو رأي يراه قد يخالفه فيه غيره. وقد سألت شيخنا الخليلي –متعنا االله والمسلمين بحياته −عن ذلك فقال بأنه ما وجد دليلا يفيد مشروعية تقبيل الحجر واستلامه في غير طواف, ولكن النفس تطمئن إليه. وأول الهيئات التي يعظم بها الحجر الأسود وأولاها استلامه) (٢وتقبيله, وقد حكي اتفاق علماء الإسلام على مشروعية السابق) ,(٣ومما جاء بالأمر السابق حديث زيد بن أسلم عن أبيه قال :رأيت عمر بن الخطاب  َّقبل ) (١عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص.٤٣ ) (٢قال ابن قتيبة :استلام الحجر هو افتعال في التقدير مأخوذ من السلام وهي الحجارة, واحدتها سلمة ,تقول :استلمت الحجر إذا لمسته من السلمة كما تقول :اكتحلت إذا أخذت من الكحل ,وادهنت إذا أصبت من الدهن .ابن قتيبة ,غريب الحديث ,ج,١ ص.٢٢١ ) (٣ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٤ص ,٢٠١وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٨٢والسرخسي, المبسوط ,ج ,٤ص.١٠ خالد بن مخلد قال :حدثني سليمان بن بلال قال :حدثني شريك بن عبد االله بن أبي نمر عن عيسى بن طلحة عن رجل رأ￯ النبي وقف على الركن فقال: إني لأعلم أنك حجر ما تضر وما تنفع ثم قبله. قال :ثم حج أبو بكر فوقف عليه فقال :إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول االله يقبلك ما قبلتك ثم قبله. ثم حج عمر فوقف عليه فقال :واالله إني لأعلم أنك حجر ما تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول االله يقبلك ما قبلتك ثم قبله).(٢ وظاهر إسناده الصحة إلا كلاما يسيرا في شريك بن عبد االله بن أبي نمر. وجاء الأمر السابق من حديث الزبير بن عربي قال :سأل رجل ابن عمر عن استلام الحجر فقال :رأيت رسول االله يستلمه ويقبله ,قال :قلت: ) (١أخرجه البخاري ,كتاب :الحج ,باب :تقبيل الحجر ).(١٥٣٢ ) (٢المروزي ,مسند أبي بكر ,ص .١٨٥ وبعض الروايات أفادت أن النبي كان يقبل الحجر الأسود إذا لم يكن مر دون أن يقبل كما في حديث عمرو بنعنده زحام ,فإن كان عنده زحامَّ عثمان قال :حدثنا الوليد عن حنظلة قال :رأيت طاووسا يمر بالركن فإن وجد عليه زحاما مر ولم يزاحم ,وإن رآه خاليا قبله ثلاثا ,ثم قال: رأيت ابن عباس فعل مثل ذلك ,وقال ابن عباس :رأيت عمر بن الخطاب فعل مثل ذلك ثم قال :إنك حجر لا تنفع ولا تضر ,ولولا أني رأيت رسول االله قبلك ما قبلتك ,ثم قال عمر :رأيت رسول االله فعل مثل ذلك. والحكم المانع من الضرر الذي أفادته الرواية وإن صح لكون الإضرار بالآخرين مفسدة يجب أن ترفع وقد ثبت تأصيلها بأدلة كثيرة تكاد تربو على العد إلا أن الرواية لا تثبت من حيث قواعد قبول الروايات. وذلك لأنه رو￯ الحديث السابق النسائي) ,(٢وفي إسناده الوليد بن مسلم ) (١أخرجه البخاري ,كتاب :الحج ,باب :تقبيل الحجر ).(١٥٣٣ ) (٢كتاب :مناسك الحج ,باب :كيف يقبل ).(٢٩٣٨ ومن الروايات ما أفاد أن النبي كان يبكي عند تقبيل الحجر الأسود, بل حض عمر بن الخطاب على البكاء كما في حديث محمد بن عون عن نافع عن ابن عمر قال :استقبل رسول االله الحجر فاستلمه ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا فالتفت فإذا هو بعمر يبكي فقال :يا عمر ,ها هنا تسكب العبرات. والحديث أخرجه ابن خزيمة) (١وابن ماجه) (٢غير أنه ضعيف جدا لا يثبت ,وعلة ضعفه أن في إسناده محمد بن عون ,وقد قال البخاري عنه :منكر الحديث ,وقال ابن معين :ليس بشيء ,وقال النسائي :متروك الحديث. وقال أبو حاتم :ضعيف الحديث منكر الحديث رو￯ عن نافع حديثا ليس له أصل ,وقال أبو زرعة :ضعيف الحديث ليس بقوي).(٣ ) (١ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص .٢١٢ ) (٢كتاب :المناسك ,باب :استلام الحجر ).(٢٩٤٥ ) (٣ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٨ص ,٤٧وابن حبان ,المجروحين ,ج ,٢ص,٢٧٢ وابن عدي ,الكامل في ضعفاء الرجال ,ج ,٦ص ,٢٤٤والعقيلي ,الضعفاء ,ج,٤ ثم دخل المسجد فبدأ بالحجر فاستلم وفاضت عيناه بالبكاء ,فذكر الحديث وقال :ورمل ثلاثا ومشى أربعا حتى فرغ ,فلما فرغ قبل الحجر ووضع يديه عليه ثم مسح بهما وجهه. وللحديث استحب بعض الفقهاء مسح الوجه باليدين بعد استلام الحجر بهما).(١ والحديث جاء من طريق نعيم بن حماد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا محمد بن إسحاق عن أبي جعفر وهو محمد بن علي عن جابر بن عبد االله ,وقد رواه ابن خزيمة) ,(٢والحاكم) ,(٣ومن طريقه البيهقي).(٤ والحديث ليس بحجة بل هو ضعيف لا يثبت لأمور: ص.١١٢ ) (١ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص .٤٥١ ) (٢ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص .٢١٢ ) (٣الحاكم ,المستدرك ,ج ,١ص .٦٢٥ ) (٤البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٧٤ ثانيها :نعيم بن حماد ,قال النسائي :ضعيف ,وقال أيضا :كثر تفرده عن الأئمة المعروفين بأحاديث كثيرة فصار في حد من لا يحتج به ,وقال الدولابي: نعيم بن حماد يروي عن ابن المبارك ضعيف ,قاله أحمد بن شعيب. قال ابن حماد :وقال غيره :كان يضع الحديث في تقوية السنة وحكايات عن العلماء في ثلب أبي حنيفة كذب ,قال ابن عدي :وابن حماد متهم فيما يقوله لصلابته في أهل الرأي. وقال صالح بن محمد الأسدي الحافظ بعد حديث ذكره :وليس لهذا الحديث أصل ,ولا يعرف من حديث ابن المبارك ,ولا أدري من أين جاء به نعيم ,وكان نعيم يحدث من حفظه وعنده مناكير كثيرة لا يتابع عليها. قال :وسمعت يحيى بن معين سئل عنه فقال :ليس في الحديث بشيء, ولكنه كان صاحب سنة ,وقال أبو عبيد الآجري عن أبي داود :عند نعيم بن حماد نحو عشرين حديثا عن النبي ليس لها أصل).(١ ) (١ابن عدي ,الكامل ,ج ,٧ص ,١٦والمزي ,تهذيب الكمال ,ج ,٢٩ص ,٤٦٦والذهبي, وذهب بعض الفقهاء إلى أن من استلم الحجر الأسود فعليه أن لا يعلوه بيده بل يمسحه من جانب أو من تحت ,وهكذا لا يعلوه بفيه إذا قبله) ,(١ولا أعلم دليلا يسند هذا القول فيبقى عريا عن المشروعية ,لأن المستحب ما استحبه الشارع. ونص بعض الفقهاء على أنه يستحب تخفيف القبلة على وجه لا يظهر لها صوت) ,(٢وقال آخرون إنه يستحب أن يستلمه أولا ,ثم يقبله ,ثم يضع جبهته عليه) ,(٣ولم أجدا دليلا يؤيد هذين الرأيين. والاستلام السابق للحجر الأسود مشروع عند كل مرور به أثناء الطواف ,ومن ذلك نهاية الشوط السابع) ,(٤ودليل السابق أن الراوي –كما ميزان الاعتدال ,ج ,٧ص.٤١ ) (١الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص ,٢٣٦والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٢٧ ) (٢ابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص .١٩١ ) (٣ابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص .١٩١ ) (٤السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .١٢ ومما جاء صحيحا مشروعية استلام الحجر الأسود بعد ركعتي الطواف وقبل الذهاب للسعي بين الصفا والمروة) (١كما في قول جابر بن عبد االله : حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ,ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ ﴿ .﴾’~?|ÁãΒ zΟ↵Ïδ≡tö/Î) ÏΘ$s) ̈Β ⎯ÏΒ (#ρä‹ÏƒaB$#uρ فجعل المقام بينه وبين البيت فكان أبي يقول ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي كان يقرأ في الركعتين قل هو االله أحد وقل يا أيها الكافرون. ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا).(٢ وحكى ابن المنذر الإجماع على مشروعية الاستلام السابق الوارد في الحديث).(٣ ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٢٩٢والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٦٨وابن عبد البر, الاستذكار ,ج ,٤ص ,١٩٧والعيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٠١وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٠٢٤ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  ) (٣ابن المنذر ,الإجماع ,ص.٧١ وكل طواف ليس بعده سعي لا يعود إلى استلام الحجر فيه بعد الصلاة; لأن الطواف الذي ليس بعده سعي عبادة قد تم فراغه منها حين فرغ من الركعتين فلا معنى للعود إلى ما به بدأ الطواف. فأما الطواف الذي بعده سعي فكما يفتتح طوافه باستلام الحجر فكذلك السعي يفتتح باستلام الحجر فلهذا يعود إلى الحجر فيستلمه).(١ وقد يستدل لهذا التعليل –ولم أجد من ذكره −بأن النبي ثبت عنه من وصف جابر بن عبد االله أنه استلم الحجر بعد ركعتي طواف القدوم الذي سعى بعده. أما بعد طواف الإفاضة فلم يأت فيه –كما سيأتي −أنه صلى ركعتي الطواف ,كما لم يأت فيه أنه استلم الحجر الأسود بعد الطواف ,ومعلوم مما ثبت عنه أنه لم يسع بين الصفا والمروة بعد طواف الإفاضة بل اجتز￯ بما سعاه بعد طواف أول قدومه. ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٢وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص ,٥٠٠وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٥٣ ومن الفقهاء من قال إن السر في استلام الحجر في طرفي الطواف هو أنه أقيم عند افتتاح الطواف مقام المصافحة بين الناس عند اللقاء والرجوع, والمصافحة تكون عند اللقاء والرجوع فكذا الاستلام).(٢ ومن الفقهاء من قال إنه يستحب له إذا فرغ من ركعتي الطواف استلام الحجر الأسود ليكون آخر عهده بالاستلام كما افتتح طوافه به).(٣ والعلة السابقة تجعل الاستلام مشروعا لكل طواف بعد ركعتيه ,سعى الطائف بعد طوافه أو لم يسع ,فيدخل فيه طواف القدوم والإفاضة والوداع بل حتى النفل على العلة السابقة وإن لم ينصوا على الأخير ,وهذا قول ارتضاه جمع من أهل العلم).(٤ ولو التزم الطائف بالمنصوص عليه كان حسنا; إذ العلل السابقة ) (١ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٥٣ ) (٢ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٥٣ ) (٣الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٠٧ ) (٤ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص ,٤٤٩وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٠٢٦ الإفاضة والوداع ,فالراوي لم يذكر الاستلام فيها بعد ركعتي الطواف ,بل إن الركعتين نفسهما لم تذكرا بتصريح ولا إشارة. الأمر المشروع الثاني :الاقتصار على الاستلام باليد كما يفيد ذلك قول جابر بن عبد االله :حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام).(١ وجاء صحيحا ما يفيد أنه يشرع له في هذا الحال أن يقبل يده بعد استلامه بها كما في حديث الحسن بن سفيان قال :حدثنا محمد بن عبد االله بن نمير قال :حدثنا أبو خالد الأحمر عن عبيد االله عن نافع عن عبد االله بن عمر أنه استلم الحجر ثم قبل يده وقال :ما تركته منذ رأيت رسول االله يقبله).(٢ وجاءت روايات مفيدة أن جمعا من أصحاب النبي كانوا يقبلون أيديهم بعد استلام الحجر الأسود ,ومما جاء في ذلك حديث عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج قال :قلت لعطاء :أرأيت تقبيل الناس أيديهم إذا استلموا ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  ) (٢ابن حبان ,صحيح ابن حبان ,ج ,٩ص .١٣٢ هريرة ,إذا استلموا قبلوا أيديهم. قال :قلت :فابن عباس? قال :وابن عباس حسبت ,قال :قلت :أفتكره أن تدع تقبيل يدك إذا استلمت? قال :نعم ,فلو استلم إذا لو قبل) (١وأنا أريد بركته. والحديث بالإسناد السابق أخرجه عبد الرزاق) ,(٢وظاهر إسناده الصحة على مذهب من يحتج برواية ابن جريج إن صرح بالتحديث ,وهو هنا قد صرح ,بل رو￯ عن من هو من أخص شيوخه. كما أخرجه الدارقطني من طريق مخلد نا إسحاق بن إبراهيم البغوي نا ) (١كذا في الأصل المطبوع ,واستظهر محقق الكتاب حبيب الرحمن الأعظمي أن يكون ِ ِ أقبل.فلمََُْ أستلم إذا لمِّالصواب : َ صرح به في رواية الفاكهي عن عبد الرزاق ,وذكره ابن جماعة. وما قاله محقق الكتابُّ الفاكهي ,أخبار مكة ,ج ,١ص ,١٥٦وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.٩٧٣ ) (٢عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص .٤٠ لعطاء).(٢ ورواه ابن أبي شيبة من طريق ابن إدريس عن ابن جريج عن عطاء).(٣ ورواه البيهقي من طريق أبي عبد االله الحافظ وأبي سعيد بن أبي عمرو قالا :ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا يحيى بن أبي طالب أنبأ عبد الوهاب بن عطاء أخبرني ابن جريج عن عطاء).(٤ والأدلة السابقة نصوص ظاهرة في مشروعية تقبيل اليد بعد استلام الحجر الأسود ,وإلى ذلك ذهب الجمهور من أهل العلم).(٥ وقد خالف آخرون الحكم السابق فقالوا إنه لا يشرع تقبيل اليد بعد ) (١الدارقطني ,السنن ,ج ,٢ص .٢٩٠ ) (٢الشافعي ,مسند الشافعي ,ص.١٢٦ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص .٣١٣ ) (٤البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٧٥ ) (٥السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٠وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٧٣ مس الحجر ,فأما التقبيل فإنه مسنون في الحجر دون غيره).(٢ ويرد هذا القول الأدلة الصحيحة السابقة فإنها نصوص صريحة في تقبيل اليد بعد استلام الحجر بها ,والاعتلال بكون ذلك تعبدا مدفوع بأن تقبيل اليد ثابت بالنص من الشارع. وقال بعض أهل العلم إنه يقبل يده أولا ,ثم يستلم الحجر الأسود بها, ثم يقبلها ثانيا بعد استلامه).(٣ ولا أدري على ما بني هذا ,والذي في الروايات السابقة أن النبي  وأصحابه كانوا يستلمون الحجر بأيديهم ثم يقبلون أيديهم بعد الاستلام فقط ,وهذا أولى بالأخذ لظاهر الدليل. ومن الفقهاء من قال إن استلام الحجر الأسود يتأكد في كل وتر من ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٣٧والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص.٦ ) (٢عبد الوهاب البغدادي ,الإشراف ,ج ,١ص ,٤٧٥وابن حجر ,فتح الباري ,ج,٣ ص.٤٧٣ ) (٣ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص.٢٠١ أنه كان لا يكاد أن يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل وتر من طوافه, وحديث سفيان عن ابن أبي نجيح عن طاوس أنه قال :استلموا ,هذا لنا خامس. والحديثان أخرجهما الشافعي) ,(٢وهما آراء لبعض أئمة التابعين ,لكن لا ترقى إلى التأكيد الشرعي; لأن ظاهر الروايات أن النبي كان يأتي بتعظيم الحجر الأسود في كل شوط يطوف به. ونقل الحافظ ابن عبد البر عن بعض العلماء أن الاستلام للحجر الأسود لا يكون إلا في كل وتر من الطواف).(٣ وهذا ضعيف لا يصح إذ لا دليل يسنده ,بل الاستلام في كل شوط كما هو ظاهر فعل النبي ,إذ الراوي عبر عن السابق بقوله كلما التي تفيد تكرار الفعل عند كل إتيان للحجر في الأشواط كلها. ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص.١٧١ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٧١ ) (٣ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص .٢٠٠ وأي ذلك صنع فحسن ,قال :وقد سمعته قبل ذلك يقول يستلم بيمينه وإن كان أشل).(١ ونقل الإمامية عن الإمام علي بن أبي طالب أنه سئل عن استلام الحجر لمقطوع اليد فقال :يستلم حيث قطع ما لم تقطع من المرفق ,فإن قطعت من المرفق استلم بشماله).(٢ المشروع الثالث استلام الحجر بأداة في اليد وتقبيل الأداة مما يشرع عند المرور بالحجر الأسود استلامه بأداة في اليد إن كانت اليد لا تصل إلى الحجر الأسود ,والنبي استلمه بعصا في يده في طواف الإفاضة يوم حجة الوداع لأنه كان راكبا ,كما يفيد ذلك حديث عبيد االله بن عبد االله عن ابن عباس قال :طاف النبي في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن).(٣ ) (١عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص.٤٤ ) (٢الحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص.١٠٣ ) (٣أخرجه البخاري ,كتاب :الحج ,باب :استلام الركن بالمحجن ).(١٥٣٠ وقد اختلف الفقهاء أيشرع له أن يقبل الأداة التي استلم بها أو لا يشرع له تقبيل الأداة).(٢ غير أنه قد جاء صحيحا ما ينص على أن النبي كان يقبل المحجن الذي استلم به الحجر ,ومن ذلك حديث محمد بن المثنى حدثنا سليمان بن داود حدثنا معروف بن خربوذ قال :سمعت أبا الطفيل يقول :رأيت رسول االله يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن).(٣ قال الحافظ ابن حجر: وبهذا قال الجمهور إن السنة أن يستلم الركن ويقبل يده ,فإن لم يستطع ) (١النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص ,١٨وابن منظور ,لسان العرب ,ج,١٣ ص ,١٠٨والزبيدي ,تاج العروس ,ج ,٣٤ص.٣٩٩ ) (٢ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٣٣والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٠والجيطالي, مناسك الحج ,ج ,٢ص ,٢٥٤وابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص ,٢٢٠والمرداوي, الإنصاف ,ج ,٤ص ,٦والصنعاني ,العدة ,ج ,٣ص ,١٢٣٣والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص .١٣١ ) (٣أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :جواز الطواف على بعير وغيره ).(١٢٧٣ وخالف بعضهم فلم يقولوا بمشروعية التقبيل).(٢ وهؤلاء محجوجون بما صح من الروايات التي فيه النص على أن النبي قد قبل ,والصحابة كانوا يستلمون الحجر بشيء في أيديهم إن لم تدركه أيديهم مباشرة كما في حديث: الربيع بن سليمان نا عمار بن نوح أبو سهل نا شعبة عن زيد بن جبير قال: سمعت ابن عمر يقول :كنا إذا لم نقدر على الحجر قرعناه بالعصا. والحديث رواه أبو عوانة في مسنده) (٣من طريق الربيع بن سليمان السابق ومن طريق بحر بن نصار عن عمار بن نوح بزيادة :وكنا لا نأكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث. ورو￯ عبد الرزاق عن الثوري وغير واحد عن الحسن بن عبد االله عن ) (١ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٧٣ ) (٢النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص .١٥ ) (٣أبو عوانة ,المسند ,ج ,٢ص .٣٦٠ ويكون هذا الفعل في الحال الذي لا يمكن الإنسان فيه أن يستلم الحجر الأسود بيده مباشرة ولا بأداة ,والأمر غير واجب).(٢ وفي هذا الحال لا يقبل يده إذا أشار إليه بالاستلام من غير استلام; لأن التقبيل إنما هو للحجر أو لما مس الحجر ,وأما رفع اليد فهو مسنون عنده).(٣ وذهب بعض الفقهاء إلى أنه يقبل يده إذا أشار إليه).(٤ ولا أعلم دليلا لهذا بل الأولى السابق وهو أن التقبيل لا يكون إلا للحجر أو ما مس الحجر كما تفيد ذلك ظواهر الأدلة الصحيحة. وجاء عن عمر بن الخطاب أنه كان يلتزم الحجر الأسود لكون النبي يعظمه كما في حديث وكيع عن سفيان عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال :رأيت عمر بن الخطاب قبل الحجر والتزمه وقال :كان ) (١عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص .٧٢ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .١٠ ) (٣ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج,٣ص ,٤٣٠والقطب ,شرح كتاب النيل,ج ,٤ص.١٣١ ) (٤الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٣٦وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.٩٧٠ الأعلى عن سويد بن غفلة قال :رأيت عمر بن الخطاب يقبل الحجر ويقول: واالله إني لأعلم أنك حجر ولكن رأيت أبا القاسم بك حفيا).(٢ وجاء ما يفيد أن النبي وأصحابه كانوا يسجدون على الحجر حين استلامه ,ومن ذلك حديث حميد بن عبد الرحمن عن حنظلة عن طاوس أن عمر قبل الحجر ثلاثا وسجد عليه لكل قبلة وذكر أن النبي فعله).(٣ والحديث إسناده صحيح غير أن به علة وهي أن طاوس بن كيسان – على علو منزلته −لم يسمع من عمر بن الخطاب ,قال أبو زرعة :طاوس عن علي وعن معاذ وعن عمر كل ذلك مرسل).(٤ ) (١أخرجه ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص .٣٤٢وأخرجه من طريق ابن أبي شيبة مسلم في كتاب :الحج ,باب :استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف ).(١٢٨١ ) (٢عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص .٧٢ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص .٣٤٢ ) (٤ابن أبي حاتم ,المراسيل ,ص ,١٠٠وأبو زرعة العراقي ,تحفة التحصيل ,ص,١٥٨ والعلائي ,جامع التحصيل ,ص ,٢٠١وابن حجر ,تهذيب التهذيب ,ج ,٥ص.٩ ّقبله وسجد عليه ,فقال ابن عباس :رأيت عمر بن الخطاب قبله وسجد عليه ,ثم قال عمر :لو لم أر رسول االله قبله ما قبلته. والحديث أخرجه أبو داود الطيالسي عن جعفر لكن نسبه لجده عثمان),(١ وأخرجه الحاكم وصححه) ,(٢ومن طريقه البيهقي).(٣ والحاكم رواه بلفظ عن جعفر بن عبد االله وفسره بلفظ :ابن الحكم. والصواب رواية الطيالسي فالمروي عنه شيخه. وقال البزار بعد إخراجه من الطريق السابقة :وهذا الحديث لا نعلمه يرو￯ عن عمر إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد).(٤ وجعفر المذكور قال العقيلي عنه :في حديثه وهم واضطراب).(٥ ) (١الطيالسي ,المسند ,ص.٧ ) (٢الحاكم ,المستدرك ,ج ,١ص.٦٢٥ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٧٤ ) (٤البزار ,مسند البزار ,ج ,١ص.٣٣٣ ) (٥العقيلي ,الضعفاء ,ج ,١ص.١٨٣ محمد بن عباد عن أبي جعفر أنه رأ￯ ابن عباس جاء يوم التروية مسبدا رأسه, قال :فرأيته قبل الركن ثم سجد عليه ثم قبله ثم سجد عليه ثم قبله ثم سجد عليه).(٢ وجاء الفعل السابق موقوفا من فعل ابن عباس من رواية وكيع عن ابن جريج كما في حديث وكيع عن ابن جريج عن محمد بن عباد بن جعفر قال :رأيت ابن عباس جاء يوم التروية فقبل الحجر ثم سجد عليه فعل ذلك ثلاثا).(٣ ورواه ابن أبي شيبة من طريق وكيع عن سفيان عن حسين بن عبد االله عن عكرمة أن ابن عباس سجد عليه).(٤ وجاء الأمر السابق من حديث أبي الحسن علي بن أحمد بن عبدان أنبأ ) (١العقيلي ,الضعفاء ,ج ,١ص.١٨٣ ) (٢عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص.٣٧ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص .٣٤٢ ) (٤ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص .٣٤٢ رأيت النبي يسجد على الحجر .قال سليمان :لم يروه عن سفيان إلا ابن يمان وابن أبي حسين عبد االله بن عبد الرحمن بن أبي حسين).(١ ويحيى بن يمان غير مقبول الرواية ,فقد قال محمد بن عبد االله بن نمير: ابن يمان سريع النسيان) ,(٢وقال العقيلي :لا يتابع على حديثه) ,(٣وقال أبو بكر بن عياش :ذاك ذاهب الحديث ,وقال ابن معين والنسائي :ليس بالقوي).(٤ وللسابق ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن من المشروع السجود على الحجر الأسود بوضع الجبهة عليه) ,(٥بل حكى ابن المنذر الإجماع عليه إلا ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص .٧٥ ) (٢ابن عدي ,الكامل ,ج ,٧ص.٢٣٥ ) (٣العقيلي ,الضعفاء ,ج ,٤ص.٤٣٣ ) (٤الذهبي ,ميزان الاعتدال ,ج ,٧ص.٢٣٠ ) (٥ابن المنذر ,الإجماع ,ص ,٦٩وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٠٢والرافعي, العزيز ,ج ,٣ص ,٣٩٩والنووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص ,١٦وابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص ,٤٣٠والعيني ,البناية ,ج ,٤ص.١٩٣ لكن يرد عليهم أن الفعل نفسه ثابت عن جمع من صحابة رسول االله . ومن الفقهاء من استحب رفع اليدين قبل استلام الحجر الأسود كما يرفعان عند افتتاح الصلاة لكن حذو منكبيه ,وقيل حذو أذنيه ثم يرسلهما ثم يسلم).(٣ وقال الكمال ابن الهمام ويمكن أن يلحق بقياس الشبه لا العلة ويكون باطنهما في هذا الرفع إلى الحجر كهيئتهما في افتتاح الصلاة).(٤ واستدل هؤلاء لقولهم بأن النبي قال :لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن وذكر من جملتها استلام الحجر).(٥ ) (١ابن المنذر ,الإجماع ,ص.٦٩ ) (٢النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص ,١٦وابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص ,١٩١وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص ,٤٥٠وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٤٩٣ ) (٣الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٤٦والعيني ,البناية ,ج ,٤ص.١٩٢ ) (٤ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص .٤٤٩ ) (٥العيني ,البناية ,ج ,٤ص .١٩٢ فيكون الرفع المذكور هنا غير مشروع لضعف مستنده. وجلي مما صح من الروايات السابقة أنها أطلقت الركن دون الحجر ,وقد ذهب بعض أهل العلم للدليل السابق إلى أن مما يشرع ندبا استلام ركن الحجر كله مع استحباب استلام الحجر نفسه وإن كان الجمهور يخصون الاستلام بالحجر الأسود نفسه لا جميع الركن).(١ وفي الأحوال كلها استلام الحجر الأسود وتقبيله وغير ذلك مما ثبت عن النبي إتيانه أمر ليس بالواجب فلا يأثم من تركه) ,(٢لكن حري بطالب العلا من الجنة أن لا يهمله ,وقد حرص على تعظيمه من غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فكيف بمن لم يتحقق فيه ذلك ولم تكتب له العصمة. وإن من رحمة االله بالعباد أن أعطى المؤمنين بالنيات الصالحة أجور من ) (١ابن دقيق العيد ,الإحكام ,مطبوع مع العدة للصنعاني ,ج ,٣ص ,١٢٣١وابن الملقن, الإعلام ,ج ,٦ص .١٩١ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧١والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٤٦وابن عبد البر, الاستذكار ,ج ,٤ص .١٩٨ الهمم عن التعظيم والتقرب إلى االله تعالى. وقد جاءت بعض الروايات مفيدة عدم وجوب استلام الركن ومن ذلك حديث الحسين بن محمد بن أبي معشر قال :حدثنا عبد الجبار بن العلاء قال :حدثنا بشر بن السري قال :حدثنا الثوري عن هشام بن عروة عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال لي النبي :كيف صنعت في استلام الحجر? فقلت :استلمت وتركت ,قال :أصبت).(١ المزاحمة على استلام الحجر الأسود اختلف أهل العلم في المزاحمة لاستلام الحجر الأسود ,والذي يظهر – وعليه الجمهور من أهل العلم −أن المزاحمة لا تشرع لاستلام الحجر الأسود. وذلك لأن النبي كانت له هيئات متعددة يأتي الطائف منها ما يتيسر له ,فمن لم يتيسر له التقبيل استلمه باليد ,ومن لم يتيسر له الاستلام باليد ) (١ابن حبان ,صحيح ابن حبان ,ج ,٩ص .١٣١ عباس أنه قال :إذا وجدت على الركن زحاما فانصرف ولا تقف. ورو￯ أيضا عن سعيد بن سالم عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن منبوذ بن أبي سليمان عن أمه أنها كانت عند عائشة أم المؤمنين > فدخلت عليها مولاة لها فقالت لها :يا أم المؤمنين ,طفت بالبيت سبعا واستلمت الركن مرتين أو ثلاثا. فقالت لها عائشة :لا أجرك االله ,لا أجرك االله ,تدافعين الرجال? ألا كبرت ومررت. ورو￯ أيضا عن سعيد بن سالم عن عثمان بن مقسم الريي عن عائشة بنت سعد أنها قالت :كان أبي يقول لنا :إذا وجدتن فرجة من الناس فاستلمن وإلا فكبرن وامضين).(١ وذهب بعض الفقهاء إلى استحباب المزاحمة على الحجر الأسود),(٢ ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٦٩ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٣٦وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.٩٦٨ وروي عن طلحة بن يحيى بن طلحة قال :سألت القاسم بن محمد عن استلام الركن فقال :استلمه يا ابن أخي وزاحم عليه; فإني رأيت ابن عمر يزاحم عليه حتى يدمى).(١ والرأي الأول القاضي بعدم مشروعية المزاحمة على الحجر الأسود أولى, ومع القول الثاني لا بد من أن يشرط أمر وهو أن المزاحمة التي قيل بها لا بد من أن تقيد بعدم الإضرار بالآخرين ,أما إن كان هناك إضرار بالآخرين فيقال بمنعها قولا واحدا ,وأن من يزاحم عندها ويتسبب في الإضرار بالآخرين عاص وآثم. المندوب الثاني :استلام الركن اليماني مما ثبت من فعل النبي أنه كان يستلم الركن اليماني بيده ,ومما جاء مبينا الحكم السابق حديث سالم بن عبد االله بن عمر عن أبيه قال :لم أر ) (١الأزرقي ,أخبار مكة ,ج ,١ص ,٣٣٣والفاكهي ,أخبار مكة ,ج ,١ص.١٣٠ مشروعية استلام الركن اليماني).(٣ واستدل هؤلاء بأن كل ركن يكون استلامه مسنونا فتقبيله كذلك مسنون كالحجر الأسود ,وبالاتفاق تقبيل الركن اليماني ليس بمسنون فكذا الاستلام).(٤ وهذا الرأي حسبه من الضعف مصادمته لما ثبت عن النبي ,قال الإمام السالمي: على قياسنا ولا مراءانقدم الحديث مهما جاءا ثم إنه لا يسلم لهم بأنه لا يسن تقبيل الركن اليماني بالاتفاق فثمة قائلون ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين ).(١٥٣١ ) (٢البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٤٥والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٣٧والنووي, شرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص ,١٦والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص,١٥٣ والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢١٤ ) (٣السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.٤٩ ) (٤السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .٤٩ والقائلون بمشروعية استلام الركن اليماني اختلفوا فيما يشرع عند استلامه فقيل يستلم ولا يقبل ,وقيل يستلم ويقبل ,وقيل يستلم وتقبل اليد).(١ ذهب بعضهم إلى أنه يشرع تقبيله مع استلامه) ,(٢وهؤلاء استدلوا بحديث إسرائيل بن يونس عن عبد االله بن مسلم بن هرمز عن مجاهد عن ابن عباس قال :كان رسول االله يقبل الركن اليماني ويضع خده عليه. والحديث أخرجه عبد بن حميد) ,(٣وأبو يعلى) ,(٤والدارقطني) ,(٥من الطريق المذكور ,غير أن أبا يعلى رواه من طريق عبد االله بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٠والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٣٧وابن تيمية, شرح العمدة ,ج ,٣ص.٤٤٦ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٨٨والنووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص.١٦ ) (٣عبد بن حميد ,المسند ,ص.٢١٥ ) (٤أبو يعلى ,المسند ,ج ,٤ص.٤٧٢ ) (٥الدارقطني ,سنن الدارقطني ,ج ,٢ص.٢٩٠ يستلم الركن اليماني ويضع خده عليه).(١ والحديث ضعيف فعبد االله بن مسلم بن هرمز غير حجة في الرواية ,قال ابن معين :ضعيف ليس حديثه عندهم بشيء كان يرفع أشياء لا ترفع ,وقال أحمد :ضعيف ليس بشيء ,وقال ابن حبان :ممن يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات فوجب التنكب عن روايته عند الاحتجاج به).(٢ ومما يدلك على ضعفه اضطرابه فيه فرواه عن مجاهد عن ابن عباس, ورواه عن مجاهد عن النبي ,ورواه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. والذين قالوا باستلامه باليد وتقبيل اليد بعده استدلوا بحديث محمد بن أحمد بن أبي العوام الرياحي ثنا يزيد بن هارون أنبأ عمر بن قيس المكي عن عطاء عن جابر بن عبد االله أن رسول االله استلم الحجر فقبله واستلم الركن اليماني فقبل يده. ) (١الأزرقي ,أخبار مكة ,ج ,١ص.٣٣٨ ) (٢ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٥ص ,١٦٤وابن حبان ,المجروحين ,ج ,٢ص,٢٦ وابن عدي ,الكامل ,ج ,٤ص ,١٥٧والعقيلي ,الضعفاء ,ج ,٢ص.٣٠٢ وعند النظر إلى نصوص السنة نر￯ أن استلام الركن اليماني جاء منصوصا عليه بالأسانيد الصحيحة كما هو حال حديث ابن عمر السابق ,أما بقية الأفعال فما جاء ما يفيد المشروعية فيها من طرق محتج بها في الشريعة. وذهب بعض الفقهاء إلى مشروعية الإشارة إلى الركن اليماني إن لم يمكن استلامه) ,(٢ولا أعلم دليلا يفيد السابق بل الدليل –كما تقدم −مقتصر على الاستلام فقط. ولا يصح القياس على ركن الحجر إذ ركن الحجر متميز بأمور عن اليماني منها كون الحجر الأسود فيه ,ويبدأ منه الطواف. وإعمال القياس هنا يكون من باب قياس الأدنى على الأعلى أي القياس مع قادح الفارق مع أنه قد تكون الأمور الفارقة بينهما هي علة اختلاف الحكمين من حيث الإشارة وعدمها. ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٧٦ ) (٢الصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٤ص.٤٥ وذهب بعضهم إلى أفضلية الركن اليماني على أركان الكعبة كلها ,ومن ذلك ما نقله البحراني من الإمامية عن أبي الفرج السندي أنه كان يطوف مع أبي عبد االله فسأله :أي هذا )أي البيت الحرم( أعظم حرمة? فقال السندي :جعلت فداك ,أنت أعلم بهذا مني ,فأعاده عليه فقال: داخل البيت ,فقال أبو عبد االله: الركن اليماني على باب من أبواب الجنة مفتوح لشيعة آل محمد صلى االله عليه وآله ,مسدود عن غيرهم ,وما من مؤمن يدعو بدعاء عنده إلا صعد دعاؤه حتى يلصق بالعرش ما بينه وبين االله تعالى حجاب).(١ وهذا الأمر دعو￯ من صاحبه لم يشهد لها الشرع فهي رد عليه إن صحت عنه ,وما أكثر مثيلاتها. ) (١البحراني ,الحدائق الناضرة ,ج ,١٦ص.١٣٣ اختلف أهل العلم في استلام ما بقي من أركان الكعبة أيشرع أو لا يشرع. أفادت الأدلة أن النبي كان يستلم الركنين اليمانيين فقط ولم يكن يستلم شيئا غيرهما كما في حديث عبد االله بن عمر قال :لم أر النبي  يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين).(٢ ثم إن للكعبة أركانا أربعة أولها وهو ركن الحجر له فضيلتان كونه مؤسسا على قواعد إبراهيم~ ,وكون الحجر الأسود فيه. أما الثاني وهو الركن اليماني فله فضيلة تأسيسه على قواعد إبراهيم~, أما الركنان الباقيان فلا مزية لهما على غيرهما لذا قال من الفقهاء إن لركن الحجر مزيتين فشرع تقبيله واستلامه. أما اليماني فله مزية واحدة فشرع استلامه فقط ,ولا شيء للركنين ) (١النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص.١٤ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين ).(١٥٣١ التي لا تستلم فهما ليسا بركنين على حقيقة بناء إبراهيم; لأن ركن الشيء ناحيته وهما في وسط البيت; إذ الحطيم من البيت).(٢ قال الطحاوي: إن الركنين اليمانيين هما مبنيان على منتهى البيت مما يليهما ,والآخران ليسا كذلك; لأن الحجر وراءهما وهو من البيت ,وقد أجمعوا أن ما بين الركنين اليمانيين لا يستلم; لأنه ليس بركن للبيت فكان يجيء في النظر أن يكون كذلك الركنان الآخران لا يستلمان; لأنهما ليسا بركنين للبيت).(٣ وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن من المشروع استلام أركان الكعبة ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٠والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٤٩والنووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص ,١٤والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٤٨والجيطالي, قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٥٤والصنعاني ,العدة ,ج ,٣ص ,١٢٣٣والسالمي, جوابات الإمام السالمي ,ج ,٢ص.١٩٩ ) (٢ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,١٨٦والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٤٨ ) (٣الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٢ص.١٨٤ والاستلام لأركان الكعبة كلها مع تأكيد الركنين اليمانيين مذهب الشيعة الإمامية ,وقد رو￯ إبراهيم بن أبي محمود أنه سأل الرضا :أستلم اليماني والشامي والغربي? فقال الرضا :نعم).(٤ وعلة هؤلاء أنه ليس شيء من البيت مهجورا ,فالبيت كله معظم, وليست جهة منه بأولى بالتعظيم من أخر￯. وقد كان على رأس القائلين بالسابق بعض صحابة النبي . غير أنه اعترض على السابق أن استلام بعض أركان الكعبة دون بعض آخر لا يدل على أن ما لم يستلم من الأركان مهجور; لأن الباعث على استلام ما استلم كان الاتباع لهدي النبي ,ولو ثبت عنه استلام غير اليمانيين ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٨١وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٧٤ ) (٢عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص ,٤٦والبخاري ,الجامع الصحيح ,كتاب :الحج ,باب: من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين ,وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.٩٨٠ ) (٣النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص .١٤ ) (٤الحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص.١٠٥ الأركان هجرا أيضا ولا قائل به).(١ ولعلة عدم تأسيس الركنين الشاميين على قواعد إبراهيم رأ￯ بعض أهل العلم أنهما لو أسسا على قواعد إبراهيم ~ لاستلمهما كما يستلم الركنين اليمانيين).(٢ وقد روي عن عبد االله بن الزبير أنه كان يستلم أركان الكعبة كلها ,وقد رجع بعض أهل العلم استلام عبد االله بن الزبير للأركان كلها إلى السبب السابق فقال إنه بناها على قواعد إبراهيم ,فكان الركنان الشاميان على القواعد الأولى فشرع استلامهما. ومن الغريب ما نقله ابن خليل المكي عن الشافعي أنه إذا بلغ الطائف الركن العراقي والشامي لم يستلم واحدا منهما وكفته الإشارة إليهما بيده ,وقد علق ابن جماعة على السابق بأنه نص غريب لم يقف عليه إلا في كلامه).(٣ ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧١والصنعاني ,العدة ,ج ,٣ص .١٢٣٣ ) (٢ابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص .٢٢٤ ) (٣ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.٩٨٢ العدو, والرمل −بالتحريك −الهرولة ,وهو دون المشي وفوقَْ َالرمل ْ يقال رمل الرجل إذا أسرع في مشيته وهز منكبيه).(١ وقد ثبت الإسراع السابق في المشي عند الطواف عن صاحب الدعوة , فإنه يوم عمرة القضية أشاع المشركون قالة سوء مفادها أن المسلمين قد فحض َّأوهنتهم حمى المدينة ,فأراد النبي أن يثبت خلاف ما قالوا الصحابة على الرمل دفعا للإشاعة المغرضة; إذ الموهن بالحمى لا يستطيع الرمل. وقد أفاد الحكم السابق أحاديث منها حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :قدم رسول االله وأصحابه فقال المشركون :إنه يقدم عليكم وقد وهنتهم حمى يثرب وأمرهم النبي أن يرملوا الأشواط الثلاثة ,وأن يمشوا ما بين الركنين ,ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم. ) (١الفيروزأبادي ,القاموس المحيط ,ص ,١٣٠٢وابن منظور ,لسان العرب ,ج,١١ ص ,٢٩٥والزبيدي ,تاج العروس ,ج ,٢٩ص.٩٨ من قبل قعيقعان).(١ وجاء الحديث السابق عن ابن عباس بلفظ: قدم رسول االله وأصحابه مكة وقد وهنتهم حمى يثرب قال المشركون: إنه يقدم عليكم غدا قوم قد وهنتهم الحمى ,ولقوا منها شدة فجلسوا مما يلي الحجر وأمرهم النبي أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا ما بين الركنين لير￯ المشركون جلدهم. فقال المشركون :هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم? هؤلاء أجلد من كذا وكذا ,قال ابن عباس :ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم).(٢ والأمر السابق ظاهر منه أنه معلل بعلة هي في الأصل خاصة بالذين كانوا مع النبي إذ الحكم كان لإغاضة المشركين ورد دعواهم المغرضة, ) (١أخرجه البخاري في كتاب :المغازي ,باب :عمرة القضاء ).(٤٠٠٩ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :استحباب الرمل ).(١٢٦٦ والحكم السابق وهو تعليق سنية الرمل بالعلة السابقة مذهب جماعة من أهل العلم) ,(١وقد قال بذلك جماعة من كبار التابعين منهم عطاء ومجاهد وطاوس والحسن وسالم والقاسم وسعيد بن جبير) ,(٢وهو ظاهر ما نقل عن الحبر ابن عباس كما في حديث: عبد الواحد بن زياد حدثنا الجريري عن أبي الطفيل قال :قلت لابن عباس :أرأيت هذا الرمل بالبيت ثلاثة أطواف ومشي أربعة أطواف أسنة هو; فإن قومك يزعمون أنه سنة? قال :فقال :صدقوا وكذبوا. قال :قلت :ما قولك صدقوا وكذبوا? ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢١٠وابن النضر ,الدعائم ,ص ,٧٢والجيطالي, قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٥٣ومناسك الحج ,ج ,٢ص ,٢٥٤والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص .٢٠٤ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص ,٧٠وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص,٤٧١ والصنعاني ,العدة ,ج ,٣ص .١٢٢٦ رسول االله أن يرملوا ثلاثا ويمشوا أربعا).(١ والصدق الذي أراده ابن عباس إنما هو في النقل أن النبي رمل, والكذب أراد به ثبوت كون ذلك سنة تقتفى مع زوال العلة التي رمل من أجلها).(٢ كما احتج بعض هؤلاء بحديث الحجاج بن أرطاة عن أبي جعفر وعكرمة عن ابن عباس قال: لما اعتمر رسول االله بلغ أهل مكة أن بأصحابه هزلا فلما قدم مكة قال لأصحابه :شدوا ميازركم وارملوا حتى ير￯ قومكم أن بكم قوة ,ثم حج رسول االله فلم يرمل).(٣ غير أن هذا الحديث لا يثبت بل هو منكر ,فالحجاج بن أرطأة −كما تقدم مرارا −ضعيف مدلس ,فضلا عن مخالفته لعامة الناس الذين أثبتوا رمل ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :استحباب الرمل ).(١٢٦٦ ) (٢الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص .٢٥٥ ) (٣ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص.٧٢ لد￯ المثبت زيادة علم فيقدم على النافي ,فتكون رواية من رو￯ إثبات رمل النبي أولى من رواية من نفى) ,(١وهذا لو سلم بثبوت رواية المثبت ,والحال أنها ضعيفة. وقد يحتج من ير￯ مشروعية الرمل خاصة بالعمرة التي قاضى فيها النبي المشركين بحديث يحيى الحماني قال ثنا قيس عن العلاء بن المسيب عن الحكم عن مجاهد عن ابن عمر أن النبي رمل في العمرة ومشى في الحج. والحديث أخرجه الطحاوي) ,(٢غير أن هذا الدليل لا يغنيهم شيئا ,إذ هو منكر خالف رواية أكثر الصحابة الذين أثبتوا رمله يوم حجة الوداع, فضلا عن أن ابن عمر قد ثبت عنه أن النبي قد رمل في حجة الوداع. وفوق النكارة السابقة يحيى الحماني وهو ابن عبد الحميد الراوي عن قيس بن الربيع متهم بالكذب فقد قال أحمد بن حنبل :كان يكذب جهارا, ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص.٧٥ ) (٢الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٢ص.١٨٠ ثم إن أكثر الثقات قد رو￯ هذا الحديث موقوفا على ابن عمر).(٢ والحكم القائل بإدارة الحكم مع العلة ظاهر دليله غير أن الذي يشكل عليه أن النبي قد ثبت عنه الرمل مع عدم تحقق العلة السابقة. فقد رمل في العمرة ويوم حجة الوداع مما يؤذن أن العلة السابقة لم يجعلها مناطا للحكم بعد ذلك ,بل نسخت وجعل للحكم علة أخر￯ يدور معها, ومعلوم أنه يؤخذ بالأحدث من أموره ,لذا ذهب الأكثرون من الأمة إلى أن الرمل حكم مشروع ومحكم).(٣ وقد جاءت روايات عن صحابة رسول االله تثبت أنه قد رمل في ) (١ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٩ص ,١٦٨والمزي ,تهذيب الكمال ,ج,٣١ ص ,١١٩والذهبي ,ميزان الاعتدال ,ج ,٧ص.١٩٨ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص.٧٥ ) (٣الشافعي ,الأم ,ح ,٢ص ,١٧٤وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص ,٦٩والسرخسي, المبسوط ,ج ,٤ص ,١٠والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٤٧وشيخنا الخليلي, الفتاو￯ ,ج ,١ص .٣٦٦ يمشي أربعة ثم يصلي سجدتين ثم يطوف بين الصفا والمروة).(٢ ويوم حجة الوداع رو￯ جابر بن عبد االله في حديثه الطويل الذي وصف فيه حجة الوداع أن النبي قد رمل وذلك في قوله :حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا).(٣ وجاء ما يفيد الحكم السابق وأنه مع علة دفع قالة السوء من المشركين إلا أن الحكم ثابت مأخوذ به لعلة الاتباع لهدي النبي كما في حديث زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال للركن :أما واالله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ,ولولا أني رأيت النبي استلمك ما استلمتك فاستلمه. ) (١قال الحافظ ابن حجر) :في الحج والعمرة( أي حجة الوداع وعمرة القضية; لأن الحديبية لم يمكن فيها من الطواف ,والجعرانة لم يكن ابن عمر معه فيها ,ولهذا أنكرها ,والتي مع حجته اندرجت أفعالها في الحج فلم يبق إلا عمرة القضية. ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٧١ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :استحباب الرمل ).(١٢٦١ ) (٣أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  كما ثبت رمل النبي في عمرة الجعرانة –وهي بعد عمرة القضية −بعد أن سلمت قريش الأمر للنبي ودخلت في الإسلام ,وأصبحت مكة من معاقل المسلمين كما في حديث: حماد عن عبد االله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول االله وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم قد قذفوها على عواتقهم اليسر￯).(٢ وقد يقال إن الأصل في العلة التي تعبد بها من كان مع النبي يوم عمرة القضاء هي أن يروا المشركين منهم الجلد والقوة ,أما بعد ذلك فكانت العلة هي الاتباع لهدي النبوة ,فالأولى من العلل منسوخة وبقيت الثانية. وقد اختلف الفقهاء في حكمة الرمل ,فمنهم من قال إنه التعبد ,ومنهم من قال إن حكمة الرمل تذكر الوقائع الماضية للسلف الكرام ,وفي طي تذكرها مصالح دينية; إذ يتبين في كثير منها ما كانوا عليه من امتثال أمر االله ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :الرمل في الحج والعمرة ).(١٥٢٨ ) (٢أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :الاضطباع في الطواف ).(١٨٨٤ الأولين).(١ والمشروعية السابقة للرمل خاصة بالذكور ,أما النساء فما عليهن رمل في الطواف بل هو غير مشروع لهن كما هو الاتفاق والإجماع بين أهل العلم).(٢ وعلة عدم مشروعية الرمل للنساء أن في الرمل تعارضا مع ما أمرت به المرأة من الستر وترك كل ما قد يثير كامن الفتن. واستثنى بعضهم فقال لو كانت المرأة تطوف ليلا في خلوة لم يمنع استحباب الرمل لها كما قيل بمثله في السعي).(٣ وهذا استثناء حسن; إذ الحكم يقبل بإقبال علته ويدبر بإدبارها ,وإذا ) (١ابن دقيق العيد ,إحكام الإحكام ,مطبوع مع حاشيته العدة للصنعاني ,ج ,٣ص,١٢٢٨ وابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص ,٢٠٧وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص .٤٧٢ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٦وابن المنذر ,الإجماع ,ص ,٧٠وابن عبد البر ,التمهيد, ج ,٢ص ,٧٨والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٥٤وابن الملقن ,الإعلام ,ج,٦ ص ,٢٠٩والصنعاني ,العدة ,ج ,٣ص .١٢٢٧ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٣٦وابن الملقن ,الإعلام ,ج.٢٠٩ ,٦ بل لا يكاد يتحقق. وذهب بعض أهل العلم إلى أن الرمل حكم مشروع لغير المكيين ,أما المكيون المنشئون حجهم من مكة فلا يشرع لهم ذلك).(١ وينبغي أن يخرج هذا الخلاف في المكيين على الخلاف في الطواف الذي يشرع معه الرمل ,فعلى القول بأنه يشرع في طواف القدوم محرما فإنه لن يشرع في حق المكيين إن كان إحرامهم بالحج; لأنه لا قدوم لهم. أما إن كان إحرامهم بالعمرة من أدنى الحل فيشرع حينها لهم الرمل).(٢ أما على القول بأن الرمل مشروع في الطواف الذي يعقبه سعي فإنه يشرع لهم أن يرملوا في طواف الإفاضة إن سعوا بعده كما سيأتي بيان ذلك بعد قليل. وقد جاء عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا قدم مكة رمل بالبيت ثم ) (١ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,١٩٦والصنعاني ,العدة ,ج ,٣ص.١٢٢٧ ) (٢شيخنا الخليلي ,الفتاو￯ ,الكتاب الأول ,ص .٣٦٦ وفي هذا الحديث عن ابن عمر أنه كان يرمل في الحجة إذا كان إحرامه بها من غير مكة ,وكان لا يرمل في حجته إذا أحرم بها من مكة).(١ والرمل المشروع يأتي به الطائف على قدر وسعه متى أمكنه ذلك ,ومن كان راكبا حرك راحلته على سيرها المعتاد قدر الوسع شريطة أن لا يلحق الضرر بغيره فإن الإضرار بالغير أمر لا يجوز. ومثل الراكب في الحكم الحامل لغيره للطواف فإنه يشرع له أن يحرك في سيره على الأصل المعتاد) ,(٢اللهم إلا إن كان المحمول ممن لا يشرع له الرمل أصالة كالنساء فإن الحامل له لا يرمل به).(٣ وبعد أن ثبتت مشروعية الرمل نقول إنه مع المشروعية السابقة غير واجب ,فمن تركه عامدا أو غير عامد ليس عليه شيء) ,(٤لكن غير لائق ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص.٧٦ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٧٥ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٧٦ ) (٤الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٤والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٨٢والسرخسي, النافي وجوب الدم أولى بالأخذ لعدم الدليل على وجوب الدم. ثانيا :الطواف الذي يشرع معه الرمل باستقراء النصوص التي رمل فيها النبي يظهر أن النبي رمل في طواف طافه بالكعبة محرما بنسك ,وقد طاف النبي وأصحابه في طواف العمرة سواء كان لعمرة مفردة كما هو الحال في عمرة القضية والجعرانة ,أو كان الطواف لعمرة مقرونة بالحج كما في حجة الوداع إذ رمل النبي في طواف عمرة القران. وللسابق يقال إن مشروعية الرمل إنما هي في طواف المحرم للنسك ,أو كما قال بعض أهل العلم يشرع الرمل في طواف يحصل به طواف القدوم لكونه للقدوم أو للفرض واندرج فيه لوروده فيه).(٢ وهؤلاء اختلفوا في شرط تحقق وصف الإحرام في الطائف ,القائلون إن المبسوط ,ج ,٤ص .٤٦ ) (١الكندي ,المصنف ,ج ,٨ص ,١١٦وابن العربي ,عارضة الأحوذي ,ج ,٢ص.٢٩١ ) (٢الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٢والزركشي ,الديباج ,ج ,١ص.٣٩١ وعليه فلا يشرع الرمل لمن طاف محلا أو لم يكن طوافه لنسك بل كان تنفلا مطلقا ,ومنه فلا رمل في طواف الإفاضة ولا طواف الوداع ولا في طواف النفل).(١ وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن علة الرمل هي عقبان السعي بين الصفا والمروة للطواف ,فكل طواف كان بعده سعي يرمل فيه ,وما لم يعقبه سعي فلا رمل فيه).(٢ ويجتمع الرأيان في أمور أولها أنه لا رمل في طواف الوداع ,وثانيها أنه يرمل في طواف العمرة ,وثالثها أن الذين يشترطون طواف القدوم دون وصف الإحرام والذين قالوا بالطواف الذي يعقبه سعي يقولون إنه يشرع الرمل لمن دخل مكة بعد الوقوف. ) (١ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص .١٩٠ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٥والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٠والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٤٠وابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص ,٢٠٨وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٧٢ وقد رو￯ الإمام الربيع بن حبيب عن ضمام عن أبي الشعثاء جابر بن زيد { أنه لم ير بأسا أن يرمل بالبيت يوم النحر).(٢ ثالثا :أشواط الرمل لم يكن ثمة خلاف بين الفقهاء أن مشروعية الرمل ما كانت إلا في الأول فقط) ,(٣والأدلة التي نقلناها عند بيان مشروعية الرملالأشواط الثلاثةَُ بينة في دلالتها على أن صاحب الدعوة ما كان يرمل إلا في الأشواط الثلاثة الأولى. غير أنه قد حكي عن ابن الزبير القول بأن الرمل مشروع في الأشواط السبعة كلها) ,(٤ولئن صح عنه ذلك فهو محجوج بثبوت الرمل في الأشواط ) (١الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٠٣ ) (٢الخروصي ,من جوابات الإمام جابر بن زيد ,ص.٧٢ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٤وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص ,٦٨وابن قدامة, المغني ,ج ,٣ص.١٨٥ ) (٤النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٦٣وابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص.٢٠٧ الرمل فيها وتذكر بعدها لم يشرع له أن يتدارك ذلك بل يكون محل الرمل قد فاته) ,(١إذ المشروع في الأشواط الأربعة الأخيرة المشي. الأول أتى به في الأربعة الأخيرة لكان قدفلو أن الناسي للرمل في الثلاثةَُ فوتُسن َّتين الأولى الرمل في الثلاثة الأول ,والثانية المشي والسكينة في الأربعة الأخر. ومعلوم أنه يشرع للإنسان أن يتدارك سنة في غير موضعها إن لم يكن هناك تضييع لأخر￯ ,أما الحال هنا أن تدارك الرمل في الأشواط الأخيرة مستلزم ترك سنة السكينة فيها فلا يشرع القضاء فيها. ولأن الرمل هيئة فات موضعها فسقطت كالجهر في الركعتين الأوليين).(٢ لكن لمن نسي الرمل في الأشواط الثلاثة الأول وتذكر قبل أن يفرغ منها ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٤٩وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٧٢ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٨٥ الجهر في إحد￯ الركعتين الأوليين لا يسقطه في الثانية).(١ غير أن الأدلة السابقة اختلفت في أمر وهو أكان النبي يستوعب الثلاثة من الأشواط بالرمل أو لا? الرمل المنقول يوم عمرة القضاء أفادت أدلته أن النبي ما كان يرمل بين الركنين اليماني والحجر كما يفيده قول ابن عباس :وأمرهم النبي أن يرملوا الأشواط الثلاثة ,وأن يمشوا ما بين الركنين. والمشي بين الركنين كان لأجل أن المشركين لا يرونهم ثمة ,والأمر ما كان إلا لإغاظتهم. وقد قال بظاهر الحديث السابق بعض الفقهاء فنصوا على أن مشروعية الرمل لا تشمل ما بين الركنين اليماني والحجر بل يمشي الطائف في الموضع المذكور ويكون رمله محصورا بالحجر الأسود إلى الركن اليماني).(٢ ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٨٦ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١١والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٢وابن الملقن, الإعلام ,ج ,٢٠٩ ,٦وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٧٢ بالطواف ,مما يفيد أن استقرار الأمر به كان على استيعاب الأشواط الثلاثة ِ فعليه منسوخا ,والآخر ناسخا فيفيد هوبالرمل ,فيكون الأول منَْْ المشروعية).(١ ومن الروايات التي أفادت استيعاب الأشواط الثلاثة بالطواف حديث عبد االله بن عمر بن أبان الجعفي حدثنا ابن المبارك أخبرنا عبيد االله عن نافع عن ابن عمر قال :رمل رسول االله من الحجر إلى الحجر ثلاثا ,ومشى أربعا).(٢ كما جاءت الحكاية السابقة عن جابر بن عبد االله كما في حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن جابر بن عبد االله قال :رأيت رسول االله  رمل إلى الحجر الأسود حتى انتهى إليه في ثلاثة أطواف).(٣ ) (١ابن دقيق العيد ,إحكام الإحكام ,مطبوع مع حاشيته العدة للصنعاني ,ج ,٣ص,١٢٢٧ وابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص .٢٠٢ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :استحباب الرمل ).(١٢٦٢ ) (٣أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :في الكعبة والمسجد والصفا والمروة ).(٣١٤ ثلاثة أطواف).(١ واستيعاب الرمل للأشواط الثلاثة كلها هو مذهب جماهير القائلين بمشروعية الرمل).(٢ وقد كان ابن عمر يمشي بين الركنين ولا يرمل ,وقد أجاب نافع عن ذلك بأنه يمشي ليكون أيسر له في استلام الحجر الأسود كما في حديث مسدد حدثنا يحيى عن عبيد االله عن نافع عن ابن عمر قال :ما تركت استلام هذين الركنين في شدة ولا رخاء منذ رأيت النبي يستلمهما. قلت –عبيد االله −لنافع :أكان ابن عمر يمشي بين الركنين? قال :إنما كان يمشي ليكون أيسر لاستلامه).(٣ وعلق الحافظ ابن حجر على السابق بأن الذي قاله نافع إن كان استند فيه إلى فهمه فلا يدفع احتمال أن يكون ابن عمر فعل ذلك اتباعا للصفة الأولى ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :استحباب الرمل ).(١٢٦٣ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٠والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٤٧ ) (٣أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :الرمل في الحج والعمرة ).(١٥٢٩ المطاف إذ إنه آخر الأمرين منه ,وقد حكاه ابن عمر نفسه ,والأولى ما قيل إنه كان لا يرمل ثمة ليتيسر له أمر استلام الحجر لما عرف من مذهبه في المزاحمة لاستلام الحجر وقد تقدم. رابعا :حكم من ترك الرمل الذي عليه الفقهاء أكثرهم أن الرمل ليس بواجب ولا شرط ,فمن تركه لم يكن عليه شيء).(٢ وللسابق أدلة منها أن من ترك الرمل ما كان تاركا لعمل بل لهيئة مخصوصة كرفع الصوت بالتلبية فمن لبى خافضا صوته لم يكن تاركا للتلبية بل لصفتها فلا شيء عليه).(٣ وقال آخرون إن الرمل شيء مختلف فيه هل هو سنة أم لا ,وإيجاب الدم ) (١ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص .٤٧٢ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص ,٧٧وابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص.٢٠٧ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٥وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص ,٧٨والصنعاني, العدة ,ج ,٣ص.١٢٢٧ أما الإمام مالك بن أنس وأصحابه فاختلف قولهم فيمن ترك الرمل في الطواف والهرولة في السعي ثم ذكر الرمل وهو قريب فمرة قال يعيد ,ومرة قال لا يعيد ,وبه قال ابن القاسم من أصحابه. واختلف قول مالك أيضا فيمن ترك الرمل ولم يلزمه الإعادة أعليه دم أو ليس عليه شيء ,وقال ابن القاسم هو خفيف ولا نر￯ فيه شيئا. وكذلك رو￯ ابن وهب في موطئه عن مالك أنه استخفه ولم ير فيه شيئا, ورو￯ معن بن عيسى عن مالك أن عليه دما ,قال ابن القاسم رجع عن ذلك ,وقال عبد الملك بن الماجشون عليه دم ).(٢ وروي وجوب الدم بإطلاق على من ترك الرمل عن الحسن البصري والثوري وابن الماجشون).(٣ ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص.٧٧ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢ص ,٧٧والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٤٦والصنعاني, العدة ,ج ,٣ص .١٢٢٦ ) (٣ابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص .٢٠٨ المندوب الخامس :الاضطباع أولا :تعريفه ومشروعيته الاضطباع هو أن يجعل وسط الرداء تحت كتفه اليمنى ,ويرد طرفيه على كتفه اليسر￯ ,ويبقي كتفه اليمنى مكشوفة ,وهو مأخوذ من الضبع وهو عضد الإنسان افتعال منه ,وكان أصله اضتبع فقلبوا التاء طاء; لأن التاء متى وضعت بعد ضاد أو صاد أو طاء ساكنة قلبت طاء).(١ والاضطباع بالمعنى السابق مما ثبت فعله عن صاحب الدعوة الغراء  وأصحابه ,وقد جاءت روايات صحيحة تثبته ,ومن ذلك حديث: حماد عن عبد االله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول االله وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم قد قذفوها على عواتقهم اليسر￯).(٢ ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٨٣ ) (٢أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :الاضطباع في الطواف ).(١٨٨٤ والحديث أخرجه أبو داود) ,(١وفيه عنعنة ابن جريج ,وقد مضى أن ما عنعن فيه ابن جريج فليس بحجة. ومن ذلك حديث :محمد بن سليمان الأنباري ثنا يحيى بن سليم عن ابن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس أن النبي اضطبع فاستلم وكبر ثم رمل ثلاثة أطواف. وكانوا إذا بلغوا الركن اليماني وتغيبوا من قريش مشوا ثم يطلعون عليهم يرملون تقول قريش كأنهم الغزلان ,قال ابن عباس :فكانت سنة).(٢ وللأدلة السابقة قال أكثر أهل العلم بمشروعية الاضطباع وكونه سنة من سنن الطواف ,ولكنه ليس بواجب فما على من تركه شيء) ,(٣وخالف ) (١كتاب :المناسك ,باب :الاضطباع في الطواف ).(١٨٨٣ ) (٢أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :في الرمل ).(١٨٨٩ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٤والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٤٠والكاساني, بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٤٧وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص ,٤٧٢والعيني, البناية ,ج ,٤ص ,١٩٥وشيخنا الخليلي ,الفتاو￯ ,الكتاب الأول ,ص.٣٦٧ الرمل وقد تقدم ,والقائلون بمشروعية الاضطباع ينصون أنه يشرع في الطواف الذي يشرع معه الرمل ,وقد تقدم).(٣ ثانيا :وقت الاضطباع للفقهاء خلاف في وقت مشروعية الاضطباع ,فقال جماعة إنه يبدأ قبل أن يستلم الحجر الأسود ,وقال آخرون يشرع له الاضطباع بعد أن يستلم الحجر الأسود).(٤ وحديث أبي الطفيل عن ابن عباس الذي تقدم ذكره ناص على أن النبي وأصحابه اضطبعوا قبل استلام الحجر الأسود ,ورملوا بعد استلام الحجر الأسود. ) (١العيني ,البناية ,ج ,٤ص .١٩٥ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢١٠وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٨٤ ) (٣الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٠٤ ) (٤ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص .٤٢٢ فقط ,فلا يشرع أن يضطبع أحد في غير طواف بالبيت ,وعليه فلا اضطباع – على رأي هؤلاء −في صلاة الطواف ولا في السعي بين الصفا والمروة).(١ ودليل السابق ظاهر; إذ إنه لم ينقل عن النبي الاضطباع إلا في الطواف فقط ,فيبقى ما عدا الطواف على أصل المنع; لأن الأصل في العبادات عدم المشروعية إلى أن يثبت الدليل. لكن فارق القول السابق آخرون فقالوا بل يسن الاضطباع في السعي بين الصفا والمروة; لأن السعي أحد الطوافين).(٢ كما اختلف هؤلاء أيشرع الاضطباع في ركعتي الطواف لأنهما كسائر أعمال الطواف ,أو لا يشرع لكراهية الاضطباع في الصلاة).(٣ والقائلون بأن الاضطباع أمر خاص بالطواف وحده لهم خلف في ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٨٤العيني ,البناية ,ج ,٤ص .١٩٥ ) (٢الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٤والزركشي ,الديباج ,ج ,١ص.٣٩١ ) (٣الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٥والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢١٠وابن قدامة, المغني ,ج ,٣ص.١٨٤ وقال آخرون إنما يضطبع في الأشواط الثلاثة التي يرمل فيها ,وقد اختار هذا الرأي شيخنا القدوة العلامة الخليلي –حفظه االله ;(١)−لأن الاضطباع إنما هو معونة على الرمل ,وإنما فعل تبعا له فإذا لم يرمل لم يضطبع).(٢ وعلى القولين كليهما من نسي الاضطباع في شيء من أشواط الطواف تداركه فيما بقي من الأشواط التي يشرع فيها الاضطباع ,وإن لم يتذكره إلا بعد أن خرج محل مشروعيته لم يشرع له الاضطباع حينها).(٣ ومن نسي الاضطباع أو تعمد تركه فلا شيء عليه إذ ليس هو بواجب من حيث الأصل ,لكن لا ينبغي لطالب الآخرة التهاون في أمر حرص من غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر على المواظبة عليه).(٤ ) (١شيخنا الخليلي ,الفتاو￯ ,ج ,١ص .٣٦٧ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٨٤وابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص ,٤٢٣والمرداوي, الإنصاف ,ج ,٤ص.٥ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٤والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٤٠ ) (٤الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص.١٧٤ الأصل السابق ,ومن فروع الأصل السابق أنه ينبغي أن يصحب الحاج الذكر في أحواله كلها فيرقى بروحه عارجا في سماء القدس فلا تستهويه العوارض الأرضية صارفة فكره عن أصل العبادة التي يتقرب بها. والطواف بالبيت من أنساك الحج فيشرع فيه ما يشرع في بقية العبادة من ذكر الله عز وجل ,وقد جاءت أدلة شرعية نصت على بعض الأذكار التي ينبغي للطائف أن يأتيها للقربى من ربه ,نبينها ذاكرين ما صح منها فيكون حجة وما لم يصح منها فلا يكون حجة. مما يشرع للطائف بالبيت ندبا على قول الجماهير من أهل العلم التكبير كلما أتى الحجر الأسود ,وهو أمر ثابت عن النبي كما في حديث عكرمة عن ابن عباس قال :طاف النبي بالبيت على بعير كلما أتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده وكبر).(١ ) (١أخرجه البخاري ,كتاب :الحج ,باب :التكبير عند الركن ).(١٥٣٥ وقد أطلق التكبير والأصل فيه أنه تكبيرة واحدة ,وقال آخرون إن التكبير في أول الطواف واجب لا يتم الطواف دونه ,أما بعد ذلك فغير واجب ولكنه مندوب إليه).(٢ وجاء عن ابن عمر أنه كان يضيف إلى التكبير البسملة كما في حديث عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع أن ابن عمر كان إذا استلم الركن قال :بسم االله واالله أكبر).(٣ وذهب بعض الفقهاء إلى أنه مما يندب أن يقوله من يستلم الحجر الأسود :باسم االله واالله أكبر إيمانا باالله وتصديقا بما جاء به رسول االله .(٤) واستدل هؤلاء لقولهم هذا بحديث سعيد بن سالم عن ابن جريج قال: أخبرت أن بعض أصحاب النبي قال :يا رسول االله ,كيف نقول إذا ) (١البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص .٢٦٨ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص .١٢٨ ) (٣عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص .٣٣ ) (٤الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٧٠ والحديث أخرجه الشافعي) (١من الطريق المذكور ,وهو لا يثبت فلا يكون حجة; إذ ابن جريج ممن لا يقبل إرساله ,وسعيد بن سالم ضعيف كما تقدم ذكر علل هذا الإسناد. ومن الفقهاء من قال إنه يستحب أن يقول عند استلام الحجر الأسود: بسم االله ,واالله أكبر ,اللهم إيمانا بك ,وتصديقا لكتابك ,ووفاء بعهدك, واتباعا لسنة نبيك محمد .(٢) وأيد هؤلاء قولهم السابق بأنه جاء عن النبي ,ولم أجد شيئا ثابتا عن النبي ينص على السابق. وجاء أنه أمر عمر بن الخطاب بالتهيلل مع التكبير عند استقبال الحجر كما في حديث وكيع ثنا سفيان عن أبي يعفور العبدي قال :سمعت شيخا بمكة في إمارة الحجاج يحدث عن عمر بن الخطاب أن النبي قال له :يا عمر ,إنك رجل قوي ,لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف ,إن ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٧٠ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٣والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٣٦ عمر ,فيضعف الحديث بسببه. ومما يندب للطائف أن يقوله –على رأي جماعة من الفقهاء −ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ,وهذا الذكر يقال بين الركنين اليماني والحجر ليكون ختاما للشوط ,وقد قال بذلك جماعة من أهل الفقه).(٢ واستحب بعض الفقهاء أن يؤتى بهذا الذكر في الطواف كله).(٣ واستدل من استحب الذكر السابق بحديث يحيى بن عبيد عن أبيه عن عبد االله بن السائب قال :سمعت رسول االله يقول ما بين الركنين!$oΨ−/u‘ ﴿ : TM.﴾Í‘$ ̈Ζ9$# z>#x‹tã $oΨÏ%uρ ZπuΖ|¡ym ÍοtÅzFψ$# ’Îûuρ ZπuΖ|¡ym $u‹÷Ρ‘‰9$# ’Îû $oΨÏ?#u والحديث أخرجه باللفظ السابق أبو داود) ,(١وأخرجه بلفظ قريب عبد ) (١أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,١ص.٢٨ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٣والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٥٤والقطب, شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٣٠ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص .١٧٣ عبيد ,لم أجد أحدا وثقه غير ابن حبان).(٦ والقاعدة التي مضينا عليها عدم قبول توثيق ابن حبان إذا انفرد به إذ هو معروف بتوثيق كل من لم يجد فيه جرحا ,مع أن بين المجروح والثقة منزلة المجهول ,وهو ممن لا يحتج بروايته فمن يدري لعله مجروح ,ومن السابق يكون الحديث ضعيفا غير حجة في الندب المذكور. ومن حيث الأصل العام ثبت أن النبي كان يكثر من هذا الدعاء كما في حديث عبد الوارث عن عبد العزيز عن أنس قال :كان النبي يقول: ) (١كتاب :المناسك ,باب :الدعاء في الطواف ).(١٨٩٢ ) (٢عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص.٥٠ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٤٤٣ ) (٤المقدسي ,الأحاديث المختارة ,ج ,٩ص.٣٩٠ ) (٥النسائي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص.٤٠٣ ) (٦ابن حبان ,الثقات ,ج ,٥ص.١٣٩ حرب حدثنا إسماعيل بن علية عن عبد العزيز بن صهيب قال :سأل قتادة أنسا :أي دعوة كان يدعو بها النبي أكثر? قال :كان أكثر دعوة يدعو بها يقول :اللهم ﴿ TM’Îûuρ ZπuΖ|¡ym $u‹÷Ρ‘‰9$# ’Îû $oΨÏ?#u ,﴾ Í‘$ ̈Ζ9$# z>#x‹tã $oΨÏ%uρ ZπuΖ|¡ym ÍοtÅzFψ$#قال :وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها ,فإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه).(٢ وجاء أن النبي أرشد بهذا الذكر المريض كما في حديث قتيبة بن سعيد قال :حدثنا ابن أبي عدي عن حميد ,وأخبرنا محمد بن المثنى قال :حدثنا خالد بن الحارث قال :حدثنا حميد عن أنس قال: عاد رسول االله رجلا قد صار مثل الفرخ فقال له :هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه? قال :كنت أقول :اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة ) (١أخرجه البخاري في كتاب :التفسير ,بابZπuΖ|¡ym $u‹÷Ρ‘‰9$# ’Îû $oΨÏ?#uTM !$oΨ−/u‘ ãΑθà)tƒ ⎯ ̈Β Οßγ÷ΨÏΒuρ ﴿ : .(٤٢٥٠) ﴾ Í‘$ ̈Ζ9$# z>#x‹tã $oΨÏ%uρ ZπuΖ|¡ym ÍοtÅzFψ$# ’Îûuρ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ,باب :فضل الدعاء بـ: اللهم ﴿ TM.(٢٦٩٠) ﴾ Í‘$ ̈Ζ9$# z>#x‹tã $oΨÏ%uρ ZπuΖ|¡ym ÍοtÅzFψ$# ’Îûuρ ZπuΖ|¡ym $u‹÷Ρ‘‰9$# ’Îû $oΨÏ?#u حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .في حديث قتيبة قال :فدعا االله فشفاه اللفظ لابن المثنى. أخرجه النسائي في الكبر￯) ,(١وإسناده صحيح. وجاء ذكر آخر فيه أن النبي كان يقوله بين الركنين من حديث سعيد بن زيد ثنا عطاء بن السائب ثنا سعيد بن جبير قال: كان ابن عباس يقول :احفظوا هذا الحديث −وكان يرفعه إلى النبي , وكان يدعو به بين الركنين :−رب قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف على كل غائبة لي بخير. والحديث أخرجه الحاكم باللفظ السابق) ,(٢وابن خزيمة) ,(٣وليس هو بحجة ,فعطاء بن السائب ضعيف اختلط كما تقدم غير مرة ,ثم إن روايته عن سعيد بن جبير أكثر سقما فإنه يرفع عنه ما ليس بمرفوع كما تقدم. ) (١النسائي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٦ص.٢٦٠ ) (٢الحاكم ,المستدرك ,ج ,١ص.٦٢٦ ) (٣ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.٢١٧ والنسائي :ليس بالقوي. وقال الجوزجاني :يضعفون حديثه وليس بحجة ,وقال ابن حبان :كان صدوقا حافظا ممن كان يخطئ في الأخبار ويهم حتى لا يحتج به إذا انفرد, وقال الدارقطني :ضعيف).(١ وقد خولف سعيد بن زيد في الحديث فرواه ابن أبي شيبة عن أسباط بن محمد عن عطاء عن سعيد بن جبير قال :كان من دعاء ابن عباس الذي لا يدع بين الركن والمقام أن يقول :رب قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف على كل غائبة لي بخير).(٢ وجاء بالإسناد السابق خلوا من محل الشاهد كما في حديث عبد الرحمن بن عبد االله الدشتكي ثنا عمروة بن أبي قيس عن عطاء بن السائب عن يحيى بن عمارة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول االله كان يدعو: ) (١ابن حبان ,المجروحين ,ج ,١ص ,٣٢٠وابن عدي ,الكامل ,ج ,٣ص ,٣٧٦والعقيلي, الضعفاء ,ج ,٢ص.١٠٥ ) (٢ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٤٤٣ عياش ثنا حميد بن أبي سويد قال :سمعت ابن هشام يسأل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني وهو يطوف بالبيت فقال عطاء :حدثني أبو هريرة أن النبي قال: وكل به سبعون ملكا ,فمن قال :اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ,ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قالوا آمين. فلما بلغ الركن الأسود قال :يا أبا محمد ,ما بلغك في هذا الركن الأسود? فقال عطاء :حدثني أبو هريرة أنه سمع رسول االله يقول :من فاوضه فإنما يفاوض يد الرحمن ,قال له ابن هشام :يا أبا محمد ,فالطواف? قال عطاء :حدثني أبو هريرة أنه سمع رسول االله يقول :من طاف بالبيت سبعا ولا يتكلم إلا بسبحان االله والحمد الله ولا إله إلا االله واالله أكبر ولا حول ولا قوة إلا باالله محيت عنه عشر سيئات ,وكتبت له عشر حسنات, ) (١المقدسي ,الأحاديث المختارة ,ج ,١٠ص.٣٩٥ الماء برجليه. والحديث أخرجه ابن ماجه) ,(١وقال الطبراني بعد إخراجه :لم يرو هذا الحديث عن عطاء إلا حميد بن أبي سويد تفرد به إسماعيل بن عياش).(٢ والحديث ضعيف لا يثبت فلا يندب ما فيه من أذكار إلا أن يأتي بها الطائف على أنها أذكار عامة دون أن يعتقد ثبوت شيء منها ,وللحديث علتان: أولاهما :حميد بن أبي سويد ,قال الذهبي :له مناكير) ,(٣وقال ابن عدي بعدما أسند هذا الحديث في ترجمة حميد في الكامل :وهذه الأحاديث عن عطاء غير محفوظات).(٤ ثانيهما :إسماعيل بن عياش ,كان من أرو￯ الناس عن الكذابين ,وهو في ) (١كتاب :المناسك ,باب :فضل الطواف ).(٢٩٥٧ ) (٢الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,٨ص.٢٠٢ ) (٣الذهبي ,المغني في الضعفاء ,ص.١٩٤ ) (٤ابن عدي ,الكامل ,ج ,٢ص.٢٧٤ فلما كبر تغير حفظه ,فما حفظ في صباه وحداثته أتى به على جهته ,وما حفظ على الكبر من حديث الغرباء خلط فيه وأدخل الإسناد في الإسناد ,وألزق المتن بالمتن ,وهو لا يعلم. ومن كان هذا نعته حتى صار الخطأ في حديثه يكثر خرج عن الاحتجاج به فيما لم يخلط فيه).(١ وأورد الماوردي) (٢حديثين في أذكار تقال في الطواف غير أني ما وجدتهما إلى الآن مسندين مع كثرة البحث والتقصي ,فلا حجة فيهما إلى أن يثبتا مسندين من طريق صحيح ,والحديثان: أولهما :عبد الأعلى التيمي أن خديجة بنت خويلد > قالت :يا رسول االله ما أقول إذا طفت البيت? فقال :قولي :اللهم اغفر لي خطاياي وعثراتي وإسرافي في أمري ) (١الجوزجاني ,أحوال الرجال ,ص ,١٧٤وابن حبان ,المجروحين ,ج ,١ص ,١٢٥وابن عدي ,الكامل ,ج ,١ص ,٢٩١والعقيلي ,الضعفاء ,ج ,١ص.٨٨ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٤٢ الطواف فلقيني شاب نظيف الثوب حسن الوجه فقال :يا علي ,ألا أعلمك دعاء تدعو به? قلت :بلى ,قال :قل :يا من لا يشغله سمع عن سمع ,يا من لا يغلطه السائلون ,يا من لا يتبرم بإلحاح الملحين أسألك يد عفوك وحلاوة رحمتك. قال علي :فقلتها ثم أخبرت رسول االله بها فقال :يا علي ذاك الخضر. ومما أورد الماوردي أيضا ذكر يقال عند محاذاة ميزاب الكعبة مستدلا لذلك بحديث جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي كان يقول إذا حاذ￯ ميزاب الكعبة وهو في الطواف :اللهم إني أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب).(١ والحديث أخرجه أبو الوليد الأزرقي قال :حدثني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج عن جعفر بن محمد عن أبيه).(٢ ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٥ ) (٢الأزرقي ,أخبار مكة ,ج ,١ص.٣١٩ إبراهيم بن عبد االله الخاطبي عن عطاء عن ابن عباس قال :صلوا في مصلى الأخيار ,واشربوا من شراب الأبرار. قيل لابن عباس :ما مصلى الأخيار? قال :تحت الميزاب ,قيل :وما شراب الأبرار? قال :ماء زمزم).(١ ورو￯ الأزرقي أيضا عن محمد بن سليم حدثنا الزنجي مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال :من قام تحت ميزاب الكعبة فدعا استجيب له وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه).(٢ وهذا الإسناد الأخير ليس بحجة فالزنجي مسلم بن خالد لا تصح روايته ,وابن جريج عنعن في روايته ولا يقبل منه سو￯ التصريح. ) (١الأزرقي ,أخبار مكة ,ج ,١ص.٣١٨ ) (٢الأزرقي ,أخبار مكة ,ج ,١ص.٣١٨ منه ما لم يكن ثمة زحام فيؤذي غيره أو يتأذ￯ بنفسه فيخرج إلى حيث أمكنه).(١ ولا أعلم نصا يفيد ذلك غير أن بالقرب يتيسر للطائف أمر استلام الحجر الأسود والركن اليماني. وأضاف بعضهم أنه يتحقق بالقرب من البيت مع السابق أمران أولهما أن البيت أشرف البقاع فالقرب منه أفضل ,وثانيهما أن القرب من البيت في الصلاة أفضل من البعد).(٢ وإن تعارض القرب من البيت مع الرمل بأن كان لا يستطيع الرمل بقرب البيت لازدحام الناس هناك فهذا له حالان: أولهما :أن يعلم أنه إن وقف يسيرا وجد فرجة وأمكنه الرمل من غير أن ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٥وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٨٥والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٤١وابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص ,٤٤٢والقرافي ,الذخيرة, ج ,٣ص ,٢٤٥وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص.٤٥٥ ) (٢ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.٩٦٢ الوقوف مضرا به فهذا الأولى له الرمل ولو بعد عن البيت) ;(١إذ الرمل منصوص عليه وهو مقصود لذاته ,أما القرب فغير منصوص عليه وهو مقصود لتحقيق غيره. ثم إن الرمل هيئة في نفس العبادة ,أما القرب فهيئة في مكانها ,وما كان هيئة في نفس العبادة أولى مما كان هيئة في مكانها).(٢ ومثل السابق الصلاة بالجماعة في البيت أفضل من الانفراد في المسجد).(٣ وذهب بعض الفقهاء إلى أن القرب أولى من تحقيق الرمل; لأن الرمل هيئة فهو كالتجافي في الركوع والسجود ,ولا يترك الصف الأول لأجل ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٤والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٤١والقرافي, الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٤٥وابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص ,٤٤٢وابن الملقن, الإعلام ,ج ,٦ص.٢٠٨ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٤١وابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص,٤٤٢ وابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص.٢٠٨ ) (٣الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٠٣ قيل إن من لم يرمل لزمه دم ,أما الطواف في حاشية المطاف فلا يكره بخلاف التأخر إلى الصف الثاني في الصلاة فإنه مكروه كراهة شديدة بل قيل بعدم جوازه رأسا للأدلة التي أمرت بتسوية الصفوف وإتمامها. والفرق بين الصف الأول وبين داخل المطاف أن المصلين في صلاة واحدة ومن سنة الصلاة إتمام الصف الأول بخلاف الطائفين فإن كل واحد يطوف منفردا في الحكم فنظير ذلك أن يصلي منفردا في قبلي المسجد مع عدم إتمام هيئات الصلاة فإن صلاته في مؤخره مع إتمامها أولى. وأيضا فإن تراص الصف وانضمامه سنة في نفسه فاغتفر في جانبها زوال التجافي بخلاف ازدحام الطائفين فإنه ليس مستحبا وإنما هو بحسب الواقع, وأيضا فإن فضيلة الصف الأول ثبتت بنصوص كثيرة بخلاف داخل المطاف).(٢ وذهب ابن حزم الظاهري إلى أنه لا يجوز التباعد عن البيت عند الطواف ) (١ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج.٤٤٢ ,٣ ) (٢ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج.٤٤٣ ,٣ ولا أدري من أين أخذ ابن حزم أن النبي كان قريبا من البيت حتى يعد البعد عن البيت أمرا لا يجوز ,فإن كان من استلام النبي الحجر بيده فذلك ليس بدليل لأن الاستلام في جزء من الطواف وليس في الطواف كله, فقد يقرب من البيت عند إرادة استلام الحجر. ثم إنه ثبت عنه أنه أشار إليه ,والإشارة إلى الحجر دون استلامه تفيد بظاهرها أنه كان بعيدا عنه لا قريبا منه ,واختلاف الأحوال المنقولة عنه في ذلك بينة الدلالة على أنه ما كان يلتزم أمرا واحدا من حيث القرب والبعد عن البيت. المندوب الثامن :السواك نص على ذلك بعض الفقهاء بل قال إنه لو قيل بتأكد استحباب السواك لم يبعد; لأنه عبادة مشبهة بالصلاة).(٢ ) (١ابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص .١٨١ ) (٢ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.٩١٢ مضت سنة الناس على أن الطواف بالبيت يكون بالمشي بالأقدام دون الركوب ,وفي ذلك من المصالح ما لا يخفى على متأمل ,وهو الغالب من أفعال النبي وأصحابه. غير أنه قد ثبت عن صاحب الدعوة أنه طاف مرة راكبا في طواف الإفاضة يوم حجة الوداع كما في حديث عبيد االله بن عبد االله عن ابن عباس قال :طاف النبي في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن).(١ غير أن هذا على خلاف الأصل الذي كان النبي يأتيه في أكثر طوافه, وقد كانت العلة للطواف راكبا هي أن الناس قد غشوه وتزاحموا عليه فطاف للسابق راكبا كما يفيد ذلك حديث أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد االله يقول: طاف النبي في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليشرف وليسألوه; فإن الناس غشوه).(٢ ) (١أخرجه البخاري ,كتاب :الحج ,باب :استلام الركن بالمحجن ).(١٥٣٠ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :جواز الطواف على بعيره ).(١٢٧٣ مسدد ثنا خالد بن عبد االله ثنا يزيد بن أبي زياد عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول االله قدم مكة وهو يشتكي فطاف على راحلته كلما أتى على الركن استلم الركن بمحجن ,فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين. والحديث أخرجه أبو داود) (١غير أنه ليس بثابت عن النبي لضعف إسناده; فإن يزيد بن أبي زياد ليس بحجة في الرواية ,قال الدارقطني :ضعيف يخطىء كثيرا ويتلقن إذا لقن) ,(٢وقال ابن معين :ليس بالقوي).(٣ وفي الرواية علة أخر￯ وهي أن ظاهرها أن ركوب النبي كان في طواف القدوم يوم طاف للعمرة ,وهذا لا يصح ,فالثقات من الرواة متفقون على أن طوافه راكبا ما كان إلا في طواف الزيارة كما تقدم ,فيكون الحديث لذلك منكرا. وللفقهاء رأيان في الركوب في الطواف ,منهم من رأ￯ الجواز لعذر كان ) (١كتاب :المناسك ,باب :الطواف الواجب ).(١٨٨١ ) (٢الدارقطني ,سؤالات البرقاني ,ص.٧٢ ) (٣ابن معين ,تاريخ ابن معين )رواية الدارمي( ,ص.٢٢٨ طاف النبي بالبيت على ناقته ,واستلم الأركان لحجته ,وسعى بين الصفا والمروة على ناقته ,والإنسان مخير بين أن يطوف راجلا أو راكبا; لأن االله لم يشترط في الطواف المشي).(٢ قالوا :ومما يؤكد الجواز أيضا طواف أم سلمة > راكبة كما في حديث عروة بن الزبير عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة > زوج النبي  قالت :شكوت إلى رسول االله أني أشتكي ,فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ,فطفت ورسول االله حينئذ يصلي إلى جنب البيت ,وهو يقرأ "والطور وكتاب مسطور").(٣ ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٣والطبري ,تهذيب الآثار)مسند علي( ,ج ,١ص,٧٢ وابن حزم ,المحلى ,ج ,٧ص ,١٨٠والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٤٧والرافعي, العزيز ,ج ,٣ص ,٣٩٨والجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص.٢٥٣ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٣٤ ) (٣أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :طواف النساء مع الرجال ) ,(١٥٤٠وأخرجه الإمام الربيع من طريق أبي عبيدة بلاغا عن عروة في كتاب :الحج ,باب :في الكعبة وحجة هؤلاء أن الطواف بالبيت صلاة ,وقد أجمع الناس على أن الصلاة المكتوبة لا يجزي من قدر على أدائها قائما أداؤها قاعدا ,وأنه إن صلاها قاعدا لغير عذر يعذر به في القعود منها فعليه إعادتها ,وكذلك الطواف بالبيت عندهم إذ هو بمنزلة الصلاة المكتوبة).(٢ وممن ذهب إلى القول بالمنع من الطواف راكبا من قال إن طوافه وكذا أم سلمة كان قبل أن يحوط المسجد ,ووقع في حديث أم سلمة :طوفي من وراء الناس ,وهذا يقتضي منع الطواف في المطاف ,وإذا حوط المسجد امتنع داخله إذ لا يؤمن التلويث فلا يجوز بعد التحويط بخلاف ما قبله فإنه كان لا يحرم التلويث كما في السعي. ومن الفقهاء من عد طوافه راكبا من خصائصه ,ومنهم من قال يحتمل أيضا أن تكون راحلته عصمت من التلويث حينئذ كرامة له فلا يقاس والمسجد والصفا والمروة ).(٤١٤ ) (١ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢١٣والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٤٦ ) (٢الطبري ,تهذيب الآثار )مسند علي( ,ج ,١ص.٧٢ لأن الوجوب تعلق عليه أن يفعله بنفسه لأنه طاف ماشيا ,ثم إنه فعل قربة يفتقر إلى مشاهدة فوجب ألا يفعل راكبا مع القدرة على النزول كالصلاة ,وإذا ثبت ذلك ثبت أنه إذا تركه فقد ترك نسكا واجبا فكان عليه الدم).(٢ وعلق ابن العربي على قول المالكية بلزوم الدم على من طاف راكبا بقوله: مما صعب علينا قول علمائنا أن من طاف راكبا عليه دم).(٣ والحنفية على أصلهم السابق قالوا إن كان الطواف راكبا لغير عذر أعاده ما دام بمكة ,فإن رجع إلى أهله فعليه الدم) ,(٤وعلة ذلك أن الفرض إنما هو مطلق الدوران بالبيت ,أما المشي فواجب. ) (١ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص ,٤٩٠والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج,٢ ص.٢٠٨ ) (٢عبد الوهاب البغدادي ,الإشراف ,ج ,١ص .٤٧٧ ) (٣ابن العربي ,عارضة الأحوذي ,ج ,٢ص.٢٩٤ ) (٤السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص .٤٥ القول الأول أن الطواف يكون عن الحامل دون المحمول; لأنه أصل والمحمول تبع. القول الثاني :يكون الطواف عن المحمول دون الحامل; لأن الحامل قد صرف عمله إلى معونة المحمول. القول الثالث :يكون الطواف عن الحامل والمحمول جميعا ,واختاره قطب الأئمة استدلالا بأنه لو حمله بعرفة أجزاهما عن وقوفهما فكذلك في الطواف يجزيهما عن طوافهما. القول الرابع :لا يجزي عنهما جميعا).(١ وأظهر الأقوال الثلاثة المذكورة القول الثالث إذ لا مانع من اعتبار الطواف يجزي الحامل والمحمول ما دامت نية الطواف متحققة من الاثنين, أما إن لم ينو الحامل أو المحمول الطواف فلا يجزيه. ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٥٢والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٦والقرافي, الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٤٧والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٥٤ ثانيا :الكلام في الطواف مما وقع الاتفاق عليه بين الفقهاء جواز مباح الكلام في الطواف) ,(٢غير أن الاشتغال بالعبادة والتفكر فيها مما يورث النفس خشوعا وإخباتا الله تعالى فلم يكن ثمة خلاف أن الصوم عن الحديث الدنيوي −ما لم تكن ضرورة− خير من الكلام ,فالمقام مقام ذكر وتبتل الله تعالى. وقد كان الإمساك عن الكلام أثناء الطواف هدي الرعيل الأول من السلف الصالح فقد قال عطاء بن أبي رباح :طفت خلف ابن عمر وابن عباس فما سمعت واحدا منهما متكلما حتى فرغ من طوافه).(٣ قال الإمام أبو المؤثر البهلوي: ) (١ابن المنذر ,الإجماع ,ص.٧٠ ) (٢الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٣وابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٢٣والبسيوي ,الجامع, ج ,٢ص ,٢٦٩والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٤٤والسرخسي ,المبسوط ,ج,٤ ص ,٤٨والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٤٤ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص.١٧٣ بغير ذلك فهو مكروه له ,ولا يبلغ له إلى إبطال طوافه).(١ وللسابق أرشد بعض أهل العلم من ضحك في الطواف أو لغا إلى أن يصنع معروفا للفقراء مع الاستغفار).(٢ والسابق يقال به في حال عدم كون الكلام أولى ,أما إن تعين الكلام لأمر بمعروف أو نهي عن منكر أو كان في الكلام مصلحة راجحة أو رد لسلام سلم به عليه غيره فحينها يتكلم الطائف ولا حرج عليه بل يحتسب الأجر على االله بكلامه ذلك. وقد ثبت الكلام أثناء الطواف عن النبي لتغيير منكر كما في حديث إبراهيم بن موسى حدثنا هشام أن ابن جريج أخبرهم قال :أخبرني سليمان الأحول أن طاوسا أخبره عن ابن عباس : أن النبي مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان ربط يده إلى إنسان بسير أو ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٤٢وفي المنقول كلام يظهر أن به خللا لكن هكذا ورد في الأصل. ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٤١ منصور عن خالد بن سعد عن أبي مسعود سئل النبي وهو في الطواف: أحلال هو أم حرام? قال :حلال .يعني النبيذ. والحديث أخرجه البيهقي) ,(٢وابن عدي) ,(٣وهو لا يثبت فقد تقدم الكلام حول ضعف يحيى بن يمان ,وقد قال البيهقي بعد إخراجه: قال علي بن عمر :هذا حديث معروف بيحيى بن يمان ,ويقال إنه انقلب عليه الإسناد ,واختلط بحديث الكلبي عن أبي صالح ,والكلبي متروك, وأبو صالح ضعيف. ثم إن قراءة القرآن الكريم أثناء الطواف أمر فيه من الخير ما فيه لعظم الذكر والمكان والحالة فهو أفضل من الأذكار غير المسنونة في هذا الموضع, فحسن بالطائف أن يشتغل به وغيره من الأذكار مع التأكيد على ما ثبت ) (١أخرجه البخاري ,في كتاب :الحج ,باب :الكلام في الطواف ).(١٥٤٠ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٨ص.٣٠٤ ) (٣ابن عدي ,الكامل ,ج ,٧ص.٢٣٥ كان يقرأ بين الركنين اليمانيين ﴿‘ZπuΖ|¡ym ÍοtÅzFψ$# ’Îûuρ ZπuΖ|¡ym $u‹÷Ρ‘‰9$# ’Îû $oΨÏ?#uTM !$oΨ−/u ,(٢)﴾∩⊄⊃⊇∪ Í‘$ ̈Ζ9$# z>#x‹tã $oΨÏ%uρوهذا من القرآن).(٣ واستدل بعض الفقهاء باستدلال غريب على استحباب قراءة القرآن في الطواف فقال إن النبي قال :الطواف صلاة ,ثم كانت القراءة واجبة في الصلاة ,فوجب أن تكون مستحبة في الطواف).(٤ ومن الفقهاء من نص على جواز قراءة القرآن في الطواف وعدوا قراءة القرآن أشرف الأذكار إلا أنهم كرهوا رفع الصوت بقراءة القرآن في الطواف; لأن الناس يشتغلون فيه بالذكر والثناء فقلما يستمعون لقراءته. وترك الاستماع عند رفع الصوت بالقراءة من الجفاء فلا يرفع صوته ) (١الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٣وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢١٩والرافعي, العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠١والجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص.١٥٤ ) (٢سورة :البقرة ,الآية ).(٢٠١ ) (٣ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٨٧ ) (٤الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٤٣ الصلاة كما في حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال :خرج رسول االله ذات يوم فوجد الناس يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: إن المصلي يناجي ربه فلينظر ما يناجيه به ,ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن فيشغلهم عن صلاتهم).(٢ ومن الفقهاء من كره قراءة القرآن أثناء الطواف) ,(٣واستدلوا لذلك بأن القراءة ليست من عمل السلف).(٤ ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٣٥والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٤٨والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص .١٥٢ ) (٢أخرجه الربيع في كتاب :الصلاة ,باب :في القراءة في الصلاة ).(٢٢٧ ) (٣ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢١٩والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٤٤والجيطالي, قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٥٤وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٨٣ ) (٤القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٤٤ النعلان أو الخفان طاهرين) ,(١واستدلوا بأن الأصل الجواز لعدم المانع الشرعي. ثم إن الشارع شهد بجواز ذلك في الصلاة كما في حديث سعيد بن يزيد الأزدي قال :سألت أنس بن مالك :أكان النبي يصلي في نعليه? قال: نعم).(٢ ومنهم من كره الطواف بالخفين إن كانا طاهرين) ,(٣وفي هذا القول نظر إذ الكراهة لا بد لها من دليل ,ولم يأت القائلون بها هنا بدليل. ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٤٨والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٤٨وشيخنا الخليلي, الفتاو￯ ,ج ,١ص .٣٦٧ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الصلاة ,باب :الصلاة في النعال ).(٣٧٩ ) (٣الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص.٢٥٥ لم يأت دليل شرعي يمنع من الأكل أو الشرب أثناءه ,وهكذا أن يستريح من تعب في الطواف. ولذا قال جماعة من الفقهاء إنه مع كون الأصل مواصلة الطواف على ما جاء به الشارع إلا أن للطائف إن احتاج الأكل أو الشرب كان له أن يأكل ويشرب ,كما أن له أن يستريح إذا ما أعياه الطواف).(١ وقد حكى ابن المنذر الإجماع على جواز شرب الماء في الطواف).(٢ وممكن أن يستدل على مشروعية الشرب في الطواف بحديث هارون بن عيسى بن السكين ببلد قال :حدثنا عباس بن محمد بن حاتم قال :حدثنا أبو غسان قال :حدثنا عبد السلام بن حرب عن شعبة عن عاصم عن الشعبي عن ابن عباس أن النبي شرب ماء في الطواف. ) (١عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص ,٥٥وابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٢٣والبسيوي, الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧٠والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٤١والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٣١ ) (٢ابن المنذر ,الإجماع ,ص.٧٠ الإسناد ,وأنا خائف أن يكون عبد السلام أو من دونه وهم في هذه اللفظة أعني قوله في الطواف. والأظهر أن زيادة "في الطواف" شاذة لا تصح فقد رواه عن عاصم جماعة من الثقات وما ذكروها بل ذكروا أن شربه من زمزم كان واقفا, ومن هؤلاء الفزاري) ,(٤وأبو عوانة والثوري وشعبة وهشيم ,وعبد االله بن المبارك والحسن بن صالح) ,(٥وغيرهم. ورواية هؤلاء خير من رواية عبد السلام فتكون روايته شاذة ,ولا يصح حديثه. ورو￯ عبد الرزاق عن الثوري قال :أخبرني جميل بن زيد أنه رأ￯ ابن ) (١ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.٢٢٦ ) (٢ابن حبان ,صحيح ابن حبان ,ج ,٩ص.١٤٤ ) (٣الحاكم ,المستدرك ,ج ,١ص.٦٣١ ) (٤أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :ما جاء في زمزم ).(١٥٥٦ ) (٥أخرجه مسلم في كتاب :الأشربة ,باب :في الشرب من زمزم قائما ) ,(٢٠٢٧والحميدي, مسند الحميدي ,ج ,١ص ,٢٢٥وابن حبان ,صحيح ابن حبان ,ج ,٩ص ,١٤٦وأبو عوانة ,المسند ,ج ,٢ص.٣١٩ غير أن جميل بن زيد ليس بحجة في الرواية عن ابن عمر بل هو متهم فيه ,قال ابن حبان: يروي عن ابن عمر ولم يره ,رو￯ عنه الثوري ,دخل المدينة فجمع أحاديث ابن عمر بعد موت ابن عمر ثم رجع إلى البصرة ,ورواها عنه ,وقال يحيى بن معين :جميل بن زيد يروي عن ابن عمر ليس بثقة).(٢ وقال الحافظ العلائي :لم يسمع من عبد االله بن عمر ,قال أبو بكر بن عياش :قلت لجميل بن زيد :هذه الأحاديث أحاديث ابن عمر ,قال :أنا ما سمعت من ابن عمر شيئا ,إنما قالوا لي :إذا قدمت المدينة فاكتب أحاديث ابن عمر ,فقدمت المدينة فكتبتها).(٣ ) (١عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص .٥٦ ) (٢ابن حبان ,المجروحين ,ج ,١ص ,٢١٧وابن عدي ,الكامل ,ج ,٢ص ,١٧١والعقيلي, الضعفاء ,ج ,١ص.١٩١ ) (٣العلائي ,جامع التحصيل ,ص.١٥٥ المطلب الأول :مشروعية صلاة الطواف وحكمها لم يكن ثمة خلاف بين الفقهاء أنه يشرع لمن طاف بالبيت أن يصلي بعد طوافه ركعتين ,قال ابن المنذر :وأجمعوا أن من طاف أسبوعا وصلى ركعتين أنه مصيب) ,(١كما حكى الإجماع السابق غيره من أهل العلم).(٢ ومستند الإجماع السابق ما ثبت بالنصوص من فعل النبي أنه قد صلى ركعتين بعد طوافه ,كما في قول جابر بن عبد االله }: حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ,ثم نفذ إلى مقام إبراهيم~ فقرأ ,﴾’~?|ÁãΒ zΟ↵Ïδ≡tö/Î) ÏΘ$s) ̈Β ⎯ÏΒ (#ρä‹ÏƒaB$#uρ ﴿ :فجعل المقام بينه وبين البيت فكان أبي يقول ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي كان يقرأ في الركعتين قل هو االله أحد وقل يا أيها الكافرون ,ثم رجع إلى الركن فاستلمه ) (١ابن المنذر ,الإجماع ,ص.٧٠ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢٤ص ,٤١٤والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٥٦والجيطالي, قواعد الإسلام ,ج ,٢ص ,١٥٦والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٤ص.٤١٠ فطاف بالبيت سبعا ثم صلى خلف المقام ركعتين وطاف بين الصفا والمروة).(٢ وظاهر من الأحوال السابقة المنقولة عن النبي أنه ما صلى صلاة الطواف إلا منفردا مع وجود جمع من أصحابه قد طافوا معه ,وهذا يفيد أنه لا تشرع الجماعة في صلاة الطواف بل يصلي كل طائف وحده دون أن يقتدي بغيره. وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لو طاف رجلان كل واحد منهما أسبوعا فاقتد￯ أحدهما بالآخر في ركعتي الطواف لم يصح اقتداؤه بمنزلة اقتداء الناذر بالناذر).(٣ وهذا ذكره الحنفية بناء على مذهبهم المانع من اقتداء المفترض بالمتنفل. وصلاة الناذر بالناذر تكون فيها صلاة الإمام نفلا بالنسبة إلى المقتدي; لأن التزامه إنما يظهر عليه فقط إلا إذا نذر أحدهما عين ما نذره الآخر فاقتد￯ ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,صلى النبي لسبوعه ركعتين ).(١٥٤٤ ) (٣ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص.١٢٤٢ طواف هذا غير طواف الآخر وهو السبب فهو اقتداء الواجب بالنفل).(١ ومن أهل العلم من استحب لمن انتهى من طوافه وتوجه لمقام إبراهيم لصلاة ركعتي الطواف أن يتلو قوله تعالى ﴿ ﴾’~?|ÁãΒ zΟ↵Ïδ≡tö/Î) ÏΘ$s) ̈Β ⎯ÏΒ (#ρä‹ÏƒaB$#uρ كما فعل النبي . وعلتهم في الاستحباب السابق مع فعل النبي أنه يقول ذلك ليشعر نفسه أنه إنما تقدم إلى هذا المقام ليصلي خلفه امتثالا لأمر االله حتى يشعر بالعبادة والتذلل الله .(٢) وهو أمر حسن بالنية السابقة ,وأصل الفعل منه محتمل للتشريع, ومحتمل للتعليم ,ولا دليل يرجح واحدا من الأمرين فيؤخذ بالاقتداء به لأن الأصل في أفعاله عند الخلو من القرائن أن تكون للتشريع. ومن الفقهاء من رأ￯ السنة في صلاة الطواف عدم إطالتها; لأن النبي  قرأ فيها الكافرون والإخلاص ,وهاتان سورتان قصيرتان. ) (١ابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,١ص ,٣٨٣وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,١ص.٥٨٠ ) (٢ابن عثيمين ,مجموع الفتاو￯ ,ج ,٢٢ص.٤٠٦ غير الصواب القول بأن السنة الإطالة فيهما ,وإن كان الرواة من الصحابة ينبهون في الغالب على إطالة النبي إن أطال. ومن أهل العلم من جعل اتصال الطواف بركعتيه من سنن الطواف; لأنها صلاة تضاف إلى عبادة فكان من سنتها أن تتصل بها).(١ على أن النبي قد ثبت عنه اتصال طوافه بركعتيه ولم يفصل بينهما شيء كما في فعله في طواف عمرة القران يوم حجة الوداع. ومع الاتفاق على مشروعية صلاة الطواف من حيث الجملة للفقهاء خلاف في حكمها ,فذهب جماعة منهم إلى أن صلاة الطواف سنة).(٢ ونسب هذا القول إلى الجمهور) ,(٣واختلفوا :أهي مؤكدة).(٤ ) (١الكاندهلوي ,أوجز المسالك ,ج ,٧ص.٣٩٠ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٤٠والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٣٩٨وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩١والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٥٦والحجاوي ,الإقناع, ج ,٢ص ,١٣والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.٢٠٥ ) (٣الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٤ص.٤١٠ ) (٤ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩١وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص,١٠٠٧ كما أنه لسنية هذه الصلاة لا يجب قضاؤها إن تركها الطائف عمدا كان الترك أو عن غير عمد).(٢ والشيخ الجيطالي مع قوله بأن صلاة الطواف سنة مؤكدة إلا أنه ألزم من تركها حتى خرج من الحرم أن يركعها وأن يهرق دما).(٣ ودليل هؤلاء على قولهم بأن صلاة الطواف سنة النصوص الشرعية المصرحة بعدم وجوب شيء غير الصلوات الخمس المكتوبة كما في حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد قال :بلغني عن طلحة بن عبيد االله قال :جاء رجل إلى رسول االله من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه قوله حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال له رسول االله : خمس صلوات في اليوم والليلة ,قال :هل غيرها? قال :لا ,إلا أن تطوع.... والجيطالي ,قناطر الخيرات ,ج ,٢ص.٧٧ ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٤ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٤ ) (٣الجيطالي ,قناطر الخيرات ,ج ,٢ص.٧٧ ووجه الدلالة من السابق أن النبي نفى الوجوب عن ما عدا الصلوات الخمس ,وصلاة الطواف ليست من الصلوات الخمس فكانت غير واجبة. ومما يفيد أن صلاة الطواف سنة وليست بأمر واجب حديث أحمد بن القاسم بن الفرج بن مهدي البغدادي ثنا أبو عبيد االله بن عبدة القاضي ثنا إبراهيم بن الحجاج السامي ثنا عدي بن الفضل عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر قال :سن رسول االله لكل أسبوع ركعتين. ووجه الدلالة من السابق أن النص الصريح من ابن عمر أن النبي  سنها ولم يجعلها فريضة. والحديث أخرجه تمام الرازي) ,(٢غير أنه لا يصح الاحتجاج به لأمرين: أولهما :قوله "سن" لا يراد به الحكم المقابل للوجوب ,بل سن هنا ) (١أخرجه الربيع في باب :الإيمان والإسلام والشرائع ) ,(٥٥وأخرجه البخاري من طريق إسماعيل قال :حدثني مالك بن أنس عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد االله يقول ,في كتاب :الإيمان ,باب :الزكاة من الإسلام ).(٤٦ ) (٢تمام الرازي ,الفوائد ,ج ,٢ص.١٧٧ ويدلك على ذلك النصوص الكثيرة من صحابة رسول االله التي عبروا فيها بمصطلح السنة مع أن تلك الأمور واجبة. ثانيهما :الحديث لا يثبت; فإن عدي بن الفضل الراوي عن إسماعيل بن أمية هو التيمي أبو حاتم البصري لا يثبت حديثه بل هو ضعيف جدا ,قال ابن معين عنه :ليس بثقة ,وقال أبو حاتم :متروك الحديث ,وقال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن حبان :ممن كثر خطؤه حتى ظهرت المناكير في حديثه فبطل الاحتجاج بروايته).(١ كما استدل آخرون على أنهما سنة وليستا واجبتين بحديث ابن عمر  قال :سمعت رسول االله يقول :من طاف أسبوعا وصلى ركعتين كان له كعدل رقبة).(٢ ووجه الدلالة من ذلك أن الشارع أخرج صلاة الطواف مخرج الفضل, ) (١ابن حبان ,المجروحين ,ج ,١٨٧ ,٢وابن عدي ,الكامل ,ج ,١٧٣ ,٥والمزي ,تهذيب الكمال ,ج ,١٩ص.٥٣٩ ) (٢تقدم تخريجه موسعا في أول الفصل ,وهو حديث محتج به من حيث ثبوته. ومما يفيد عدم وجوب صلاة الطواف أنها صلاة لم تشرع لها جماعة فلم تكن واجبة كسائر النوافل).(٢ واستدل آخرون لعدم وجوب صلاة الطواف بأمرين: أولهما :لو وجبت هذه الصلاة للزم شيء لتركها كالرمي ,والواقع أنه لا يلزم من تركها بشيء. ثانيهما :لو وجبت لاختص فعلها بمكة ,ولا يختص بل يجوز في بلده وأي موضع شاء).(٣ واعترض على هذين الدليلين ,أما أولهما فأورد عليه أركان الحج إذ إنها واجبة ولا تجبر بشيء. على أن الجبر بالدم يكون عند فوات المجبور ,وهذه الصلاة لا تفوت – على رأي الجمهور −إلا بأن يموت ,وحينئذ لا يمتنع جبرها بالدم. أما ثانيهما فلا مانع من أن تكون واجبات الحج منقسمة إلى ما يختص ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج.١٥٣ ,٤ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩١ ) (٣الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٣٩٦ وهؤلاء مختلفون فأكثرهم على أنها واجبة إن كان الطواف واجبا ,أما إن كان الطواف غير واجب فتأخذ الركعتان حكمه. ومن الفقهاء من ذهب إلى الوجوب مطلقا واجبا كان الطواف أو غير واجب لإطلاق الأدلة ,إذ إنه لا مانع من أن يشترط في النفل ما يشترط في الفرض كالطهارة وغيرها. كما أنه يجوز أن يكون الشيء غير واجب من حيث الأصل ويقتضي واجبا كالنكاح يقتضي وجوب النفقة والمهر).(٣ وقال بعض هؤلاء إن الواجب قسمان واجب بإيجاب االله تعالى ,وواجب ) (١الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٣٩٦ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٣٧والكندي ,المصنف ,ج ,٨ص ,١٢٢وابن حمزة الطوسي ,الوسيلة ,ص ,١٧٤والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٥٦وابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,٦٠والعيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٠٠وابن الضياء ,البحر العميق, ج ,٢ص ,١٢٣٧والحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص ,٩٤والقرافي ,الذخيرة ,ج,٣ ص ,٢٤٢والمحروقي ,الدلائل ,ص.١٢١ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٥٧وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص.١٢٣٨ وعلى القول بوجوب هذه الصلاة أورد بعض أهل العلم وجهين في صلاة الطائف لها جالسا مع قدرته على الصلاة قائما: أولهما :يجزيه ذلك; لأنهما من أحكام الطواف وتبعه ,فلما جاز أن يطوف راكبا ومحمولا مع القدرة على المشي جاز أن يصلي ركعتي الطواف قاعدا مع القدرة على القيام. ثانيهما :لا يجزيه ذلك لأنه مخالف فعل النبي فقد طاف راكبا للإفاضة ولكنه نزل لصلاة الركعتين ,فلو جاز فعلهما جالسا لأجزاه فعلهما راكبا ,فلما نزل وصلاهما على الأرض دل على أن فرضها القيام كسائر الصلوات الواجبات).(٢ ومع الوجوب السابق اختلف القائلون به فيمن ترك هذه الصلاة فقال بعض هؤلاء لا يلزم بترك الركعتين دم) ,(٣ودليلهم القياس على الصلاة ) (١ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص.١٢٣٨ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٥٤ويحيى بن سعيد الحلي ,الجامع للشرايع, ص.٦٤ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٥٤وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص.١٢٣٨ وخالفهم آخرون فقالوا إنهما يجبران بدم) ,(٢أخذا من قاعدة وجوب الدم بترك الواجبات. استدل القائلون بالوجوب بالأمر الوارد في قوله تعالى ﴿ ⎯ÏΒ (#ρä‹ÏƒaB$#uρ ,﴾’~?|ÁãΒ zΟ↵Ïδ≡tö/Î) ÏΘ$s) ̈Βووجهه أن الأصل في الأمر الوجوب ,والنبي لما ممتثلا بذلك الأمر, ًطاف قرأ هذه الآية الكريمة ,وصلى ركعتين خلف المقام وقد قال :خذوا عني مناسككم).(٣ وتكون تلاوته للآية مع الفعل السابق تنبيها أن صلاته كانت امتثالا لأمر االله تعالى ,وأمره للوجوب).(٤ ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢٤ص.٤١٥ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٣٧وعبد الوهاب البغدادي ,التلقين ,ج,١ ص ,٢٣٠وابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,٦٠والقرافي ,الذخيرة ,ج,٣ ص.٢٤٢ ) (٣العيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٠٠والحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص ,٩٤وابن الضياء, البحر العميق ,ج ,٢ص ,١٢٣٧والشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٤ص.٤١٠ ) (٤العيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٠١وابن زهرة الحلبي ,غنية النزوع ,ص.٧٥ الطواف ثم عطف عليه قوله ﴿ ,﴾’~?|ÁãΒ zΟ↵Ïδ≡tö/Î) ÏΘ$s) ̈Β ⎯ÏΒ (#ρä‹ÏƒaB$#uρوهو أمر ظاهره الإيجاب دل ذلك على أن الطواف موجب للصلاة).(١ وقال آخرون استدلالا للسابق إن فعله حينما صلى الركعتين إما أن كل دليل على الوجوب).(٢يكون بيانا أو ابتداء شرع ,وفيٍ واعترض على هذا بأن أمر الآية ليس بالصلاتين حتى يقال بوجوبهما, بل أمرها كان باتخاذ مقام إبراهيم مصلى ,وبينهما فرق. لكن رد هذا بأن حمل الآية عليه لا يصح لأنه كان لا يصلى قبله ,ولأن اتخاذ البقعة ليس إلينا إنما إلينا فعل الصلاة فلا يجوز حمله عليه).(٣ ثم إن عمر قضى ركعتي الطواف بذي طو￯ ,والقضاء دليل الوجوب).(٤ كما أن هذه الصلاة عبادة بعد الطواف فتجب كالسعي).(٥ ) (١الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص.٩١ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٣ ) (٣العيني ,البناية ,ج ,٤ص.٢٠١ ) (٤العيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٠٠وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص.١٢٣٧ ) (٥القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٤٢ واعترض هؤلاء على حديث الأعرابي الذي نفى وجوب غير الصلوات الخمس بأن الأمر بصلاة ركعتي الطواف خلف المقام وارد بعد قوله :لا إلا أن تطوع).(٢ ثم إن هذا الحديث قد ترك ظاهره فصلاة العيدين والجنازة واجبة).(٣ كما اختلف الفقهاء القائلون بوجوب صلاة الطواف أحكمها مستقل أو أنها جزء من الطواف).(٤ وعلى القول بأنهما جزء من الطواف نص جماعة على أنه يشترط بقاء الطائف على وضوئه إلى أن يركعهما ,وإن انتقض أعاد الطواف والصلاة كما هو مذهب المالكية).(٥ قال الإمام مالك: ) (١العيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٠٠وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص.١٢٣٧ ) (٢الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٤ص.٤١٠ ) (٣ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص.١٢٣٧ ) (٤الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٣٧والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٥٦ ) (٥القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٤٤ فإن انتقض وضوؤه قبل أن يركع وقد كان طوافه هذا طوافا واجبا فليرجع حتى يطوف بالبيت ويركع الركعتين; لأن من انتقض وضوؤه بعد الطواف قبل أن يصلي الركعتين رجع فطاف; لأن الركعتين من الطواف يوصلان بالطواف).(١ غير أن الإمام مالكا قيد الفعل السابق بما إذا لم يتباعد عن مكة ,أما إن تباعد عنها فيصلي الركعتين مطلقا ولأي طواف ,ويهدي دما).(٢ من قال إنهما جزء من الطواف يفرع عليه أن التحلل من الإحرام لا يتم دونهما ,فيبقى محرما إلى أن يأتي بهما).(٣ وقال العلامة ابن جعفر :إن من طاف وسعى ووطئ ولم يركع فعلى قياس قول جابر بن زيد ~ أنه يركع ويرجع يسعى وعليه دم).(٤ وقال الشيخ أبو بكر الكندي :إن من ترك ركعتي الطواف فإن عليه دما ) (١مالك بن أنس ,المدونة الكبر￯ ,ج ,٢ص ,٤٠٧وابن زرب المالكي ,الخصال ,ص.٨٩ ) (٢مالك بن أنس ,المدونة الكبر￯ ,ج ,٢ص.٤٨٩ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٣٧والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٥٩ ) (٤ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٢٢وص.٣٣٤ حاضت قبل أن تركع أنها تسعى بين الصفا والمروة ثم تخرج إلى مصرها فإذا طهرت صلت الركعتين).(٢ ومن قال إن صلاة الطواف أمر مستقل وليست هي من الطواف نص على أنه يحصل التحلل دونهما ,بل لا علاقة لهما بالتحلل إذ هما عبادة منفردة).(٣ وقال الشيخ إسماعيل :من طاف بالبيت ونسي الركعتين حتى فرغ من سعيه فليصلهما ولا بأس ,وإن ذكرهما وهو في السعي فليقطعه ويصليهما ويستأنف السعي أحب إلي).(٤ وأولى الأقوال السابقة بالاعتبار قول من قال إن صلاة الطواف سنة وليست هي بواجبة ,أما دليل كونها سنة ففعل النبي الذي أجمع على مشروعيته للأمة كلها. ) (١الكندي ,المصنف ,ج ,٨ص.١٢٢ ) (٢ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص.٤٠٦ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٥٩ ) (٤الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص.٢٥٢ عن غير الصلوات الخمس بعمومه ,ولم يأت دليل يصلح للحجية يدفع ظاهر الحديث السابق. وأما قول الموجبين إنه متروك الظاهر فيرد عليهم أن الأصل الاحتجاج به إلا إن قام دليل يمنع ,وفي الأمثلة التي ذكروها الخلاف فيها وارد ,ومع القول بالوجوب فما كان إلا لدليل خارجي خص به عموم حديث الأعرابي. والحال في ركعتي الطواف أنه ما ورد دليل يخص عموم الحديث السابق فيبقى أمرها على ظاهره. أما حديث "لتأخذوا عني مناسككم" فقد سبق القول فيه أنه وارد لبيان صفة المناسك لا حكمها ,وإلا فإن هناك أمورا كثيرة لم يحكم بوجوبها مع كونها لم يأت فيها دليل يدفع عموم "خذوا عني مناسككم" كالرمل والاضطباع ومع ذلك الجماهير من الأئمة على أنهما غير واجبين. وآية الأمر بجعل مقام إبراهيم مصلى تقدم ما فيها من الإيرادات. وأما قضاء عمر بن الخطاب لصلاة الطواف فليس فيه دليل للوجوب من جهات أولها كونه رأيا لصحابي ,وثانيها أن قضاء السنن غير الواجبة أمر دلت على مشروعيته نصوص من لسان الشارع. وأما الحديث الذي استدلوا به وفيه "وليصل الطائف لكل طواف ركعتين" فقد سعيت إلى أن أجد إسنادا له فلم أظفر بمطلوبي مما يدل على أنه ليس له أصل عن النبي ,وقد نص على ذلك جمع من الأئمة).(١ على أنه مع السابق كله ما جاء صريحا في صلاة النبي لركعتي الطواف إلا يوم القدوم في حجة الوداع كما في حديث جابر بن عبد االله سابق الذكر. وكما في حديث إبراهيم بن المنذر حدثنا أبو ضمرة أنس ,حدثنا موسى بن عقبة عن نافع عن عبد االله بن عمر أن رسول االله كان إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم سعى ثلاثة أطواف ومشى أربعة ثم سجد سجدتين ثم يطوف بين الصفا والمروة).(٢ كما جاء ذكر صلاة الطواف –على الظاهر −يوم عمرة القضية كما في حديث ابن نمير حدثنا يعلى حدثنا إسماعيل قال :سمعت عبد االله بن أبي أوفى قال :كنا مع النبي حين اعتمر فطاف فطفنا معه ,وصلى فصلينا معه, ) (١العيني ,البناية ,ج ,٤ص.٢٠٠ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته ثم صلى ركعتين ثم خرج إلى الصفا ).(١٥٣٧ كما في قول جابر :ثم ركب رسول االله فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم.(٢)... وما جاء مفيدا التصريح بكونه صلى ركعتين للطواف لا يثبت كما في حديث مسدد ثنا خالد بن عبد االله ثنا يزيد بن أبي زياد عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول االله قدم مكة وهو يشتكي فطاف على راحلته كلما أتى على الركن استلم الركن بمحجن فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين. والحديث أخرجه أبو داود) ,(٣وتقدم قبل أنه ضعيف لا يثبت لضعف يزيد بن أبي زياد أحد رواته. وطاف النبي للوداع ولم يأت تصريح ولا ظاهر يفيد أنه ركع ركعتين للطواف ,إلا ما يحتمله أمر صلاة النبي الفجر عند الكعبة بعدما طاف للوداع فتكون صلاة الفجر مجزية له عن ركعتي الطواف. ) (١أخرجه البخاري في كتاب :المغازي ,باب :غزوة الحديبية ).(٣٩٥٢ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  ) (٣كتاب :المناسك ,باب :الطواف الواجب ).(١٨٨١ فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت ثم يمشي أربعة ثم يصلي سجدتين ثم يطوف بين الصفا والمروة).(١ قال الحافظ ابن حجر) :في الحج والعمرة( أي حجة الوداع وعمرة القضية; لأن الحديبية لم يمكن فيها من الطواف ,والجعرانة لم يكن ابن عمر معه فيها ,ولهذا أنكرها ,والتي مع حجته اندرجت أفعالها في الحج فلم يبق إلا عمرة القضية).(٢ نعم إن عدم الذكر لا يستلزم عدم الوقوع لكنه يضعف القول بالوجوب خاصة مع عدم وجود شيء يفيده ,فكيف ونحن نشترط الوقوع الذي لا يحكم به إلا بعد ثبوته بالدليل ,والعدم هو الوارد على الأصل. وبعد ثبوت حكم سنية صلاة الطواف يقال حينها إنه لا يلزم من تركها بشيء ,كما أن سعي من تركها صحيح. ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :استحباب الرمل ).(١٢٦١ ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص .٤٧١ طوافه بصلاة فيصليها وهو لم يصل الصلاة المقصودة للطواف أصالة. أصل بعض أهل العلم أن القائلين بوجوب صلاة الطواف قائلون بأنه َّ لا يجزي عنها غيرها فلا تسقط بفعل فريضة ولا غيرها بل تبقى ذمة الطائف مشغولة بها كما تبقى الذمة مشغولة بصلاة العصر ولو صلى المصلي في وقتها صلاة الظهر; إذ صلاة الطواف مقصودة لذاتها. أما من قال إن صلاة الطواف سنة فإنه يقول إنها تجزي عنها صلاة الفريضة كتحية المسجد).(١ ومما احتج به من اجتز￯ بالمكتوبة عن ركعتي الطواف أنهما ركعتان شرعتا للنسك فأجزأت عنهما المكتوبة كركعتي الإحرام).(٢ ومن الفقهاء من قال إن صلاة الفريضة تجزي عن ركعتي طواف ) (١مالك بن أنس ,المدونة الكبر￯ ,ج ,٢ص ,٤٠٦وابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص,٢٤٩ وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩١والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٥٧والقرافي, الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٤٣وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص ,١٢٤٤والحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص ,٩٧والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٣٣ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩١ الطواف طواف فريضة ,أو كان طواف نفل).(١ وغني عن التنبيه أن الإجزاء السابق على قول من قال به إنما هو في حال كون الفريضة بعد الانتهاء من الطواف ,أما إن كان أداء الفريضة قبل الانتهاء من الطواف فلا تجزيه. ومما قيل تفريعا على الحكم السابق ما قاله الشيخ محمد بن إبراهيم الكندي إن من قدم آخر يوم من شهر رمضان وطاف بعد أن صلى العصر فلا يركع حتى يدخل الليل ,فإذا غربت الشمس ركع ثم سعى وهو متمتع. فإن طاف وركع قبل أن يصلي العصر ولم يسع فليس بمتمتع إذا ركع قبل صلاة العصر).(٢ إلا أن جماعة ممن يقولون بأن صلاة الطواف جزء من الطواف يصرحون ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٢٢والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٦٨والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٣٩والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٣ص.٢٢٦ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٤٠وأصل الأمر عند ابن جعفر .ابن جعفر ,الجامع, ج ,٣ص.٣٣٣ فالأولى أن يفرد الإنسان لها صلاة خاصة وأن لا يجتزي بغيرها عنها وإن صلى فريضة غيرها أو سنة. نعم إن ذلك ليس على سبيل الوجوب بل سبيله الندب والتوسع في الفضل; لأنا قائلون إن أصل صلاة الطواف ليست بواجبة ,فلو تركها لم يأثم ,لكن الخير أجمعه في الاقتفاء بهدي من غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وتقدم قبل قليل أن النبي لم يأت النقل عنه بصراحة ولا ظهور يوم طاف للوداع أنه صلى ركعتين خاصتين بالطواف ,لكن يؤخذ من الأخبار أنه صلى الفجر بعد طوافه حينما طافت أم سلمة راكبة من وراء الناس) ,(٢فإن لم يكن صلى فلعله اكتفى بالفجر عن إحداث صلاة خاصة تكون عقب الطواف. ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٥٩ ) (٢سيأتي بيانه مخرجا آخر الجزء الخامس عند ذكر أحكام طواف الوداع. المشرفة مقام إبراهيم ~ مع تلاوته قوله تعالى ﴿ zΟ↵Ïδ≡tö/Î) ÏΘ$s) ̈Β ⎯ÏΒ (#ρä‹ÏƒaB$#uρ .(١)﴾’~?|ÁãΒ ومنه أخذ الفقهاء كافة أن الأفضل في صلاة الطواف أن تصلى في الموضع المذكور ,وأن ذلك يجزي من صلى ,وأنه قد أتى بفعله السابق على الوجه الشرعي).(٢ ورو￯ البحراني الإمامي عن أبي بلال المكي قال :رأيت أبا عبد االله طاف بالبيت ثم صلى ما بين الباب والحجر الأسود ركعتين فقلت له :ما رأيت أحدا منكم صلى في هذا الموضع? فقال :هذا المكان الذي تيب على آدم فيه).(٣ وهذا الكلام لا دليل عليه من القرآن ولا السنة ,فضلا عن أن شرع من مضى شرع لنا –على مذهب من يقول به −إن لم يصح في شرعنا ناسخ له, ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  ) (٢البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٦٨والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٥٨والعيني ,البناية, ج ,٤ص ,٢٠٠والحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص.٩٤ ) (٣البحراني ,الحدائق الناضرة ,ج ,١٦ص.١٣٨ منطقة ما خلف المقام أفضل لصلاة الطواف هو الأقو￯ والأولى. ومعلوم أن الحال السابق قد يتيسر للإنسان في أحوال السعة والاختيار, أما أيام الزحام كرمضان ومواسم الحج فإنه قد يعسر على الإنسان الصلاة في الموضع المذكور; إذ الزحام الشديد يخلص المنطقة المذكورة للطواف فقط, ومن يصلي ثمة −والحال كما ذكر −يعرض نفسه للخطر ويؤدي بغيره إلى الأذ￯ ,وهو مما لا يجوز بل يرجع صاحبه بسببه بالإثم. والمصلي منهي عن الصلاة مع مدافعة الأخبثين في صلاته لئلا تذهب مدافعته تلك بخشوعه ,فكيف به وهو يدافع الألوف المؤلفة من الناس. ثم إن الأصل في المطاف أنه للطواف إذ إنه لا يجزي الطواف في غير المسجد ,أما الصلاة فتصح في غيره. لذا ذهب الجماهير من أهل العلم إلى أن من لم يتيسر له أمر الصلاة في الموضع المذكور صلى الركعتين بحذاء المقام ولو كان في معزل عنه. وإن لم تتيسر المحاذاة صلى في أي موضع من المسجد ,ولا حرج عليه ,بل قد يحوز أجر النية الصالحة إذا ما نو￯ الصلاة خلف المقام لولا ما بين يديه على أحد جانبيه; لأن الحسين بن عثمان قال :رأيت أبا الحسن موسى عليه السلام يصلي ركعتي الفريضة بحيال المقام قريبا من الظلال).(٢ على أن ظواهر بعض الأدلة تفيد أن صلاة الطواف تجزي الإنسان ولو صلاها خارج المسجد ,بل ولو كان خارج الحرم ,كما في حديث مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عبد القارئ أخبره أنه طاف بالبيت مع عمر بن الخطاب بعد صلاة الصبح فلما قضى عمر طوافه نظر فلم ير الشمس طلعت فركب حتى أناخ بذي طو￯) (٣فصلى ركعتين).(٤ ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٤٠والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٣ص ,٣٩٣وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص.١٢٤٢ ) (٢الحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص ,٩٦و البحراني ,الحدائق الناضرة ,ج ,١٦ص.١٤١ ) (٣واد من أودية مكة , ُع ِمر كله اليوم بأحياء سكنية ,انحصر اسمه الآن في بئر بجرول تسمى بئر طو￯ .محمد إلياس ,تاريخ مكة ,ص.١٣٩ ) (٤مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٦٨ أم سلمة > زوج النبي أن رسول االله قال وهو بمكة وأراد الخروج ولم تكن أم سلمة طافت بالبيت وأرادت الخروج فقال لها رسول االله : إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون ,ففعلت ذلك فلم تصل حتى خرجت).(٢ قال العيني: أي فلم تصل ركعتي الطواف حتى خرجت من الحرم أو من المسجد ثم صلت ,فدل هذا على جواز تأخير ركعتي الطواف إلى خارج الحرم ,وأن تعيينها بموضع غير لازم; لأن التعيين لو كان شرطا لازما لما أقر النبي أم سلمة على ذلك).(٣ ومما استدل به لتأكيد السابق أن صلاة الطواف ليست بأوكد من ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٥٥والعيني ,عمدة القاري ,ج ,٩ص ,٢٦٩والبغوي, شرح السنة ,ج ,٤ص.٣٠٩ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :من صلى ركعتي الطواف خارجا من المسجد ).(١٥٤٦ ) (٣العيني ,عمدة القاري ,ج ,٩ص.٢٦٩ ثم إنه قد ذكر ابن المنذر الإجماع على أنه يجزي الطائف أن يصلي الركعتين حيث شاء).(٢ وقال العلامة ابن جعفر: ومن طاف لفريضة ثم سعى ولم يركع لطوافه ثم رجع إلى منى فإنه يركع بمنى ولا شيء عليه).(٣ ونقل الشيخ الجيطالي عن أبي عيسى من فقهائنا أن من طاف بالبيت ثم أتى بلده فذكر أنه لم يركع لطوافه ركع في بلده ولا شيء عليه).(٤ وقال بعض الفقهاء إن المستحب أن يصليها خلف المقام ,فإن لم يفعل ففي الحجر تحت الميزاب ,وإلا ففي المسجد ,وإلا ففي الحرم).(٥ ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٥٤وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢٤ص.٤١٥ ) (٢ابن المنذر ,الإجماع ,ص.٧١ ) (٣ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣١٩ومثله لأبي الحسن البسيوي .البسيوي ,الجامع ,ج,٢ ص.٢٦٨ ) (٤الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص.٢٥٢ ) (٥النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٥٨والزركشي ,الديباج ,ج ,١ص.٣٩٢ وعلة ذلك أنهم يمنعون من الصلاة مطلقا داخل الكعبة ,والحجر من الكعبة. واستثنى علماؤنا الإباضية موضع سبعة أذرع من الحجر فتصح الصلاة فيه; لأن ما دون ذلك من الكعبة ,قال الشيخ محمد بن إبراهيم الكندي: وليصل في المسجد حيثما شاء إلا الحطيم ,وقال غيره :يكره له ذلك ,فإن صلى في الحطيم خلف سبعة أذرع فلا بأس ولا يلزمه شيء).(٢ وقد مضى بنا القول أنه لا مانع من الصلاة داخل الكعبة فقد فعل ذلك النبي وكفى بذلك حجة. ثم إن الصلاة في الحجر منصوص عليها بذاتها فقد ثبت –كما تقدم −أن النبي أشار على السيدة عائشة > بالصلاة في الحجر لما أرادت الصلاة في الكعبة. ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢٤ص ,٤١٤والبحراني ,الحدائق الناضرة ,ج ,١٦ص,١٣٦ والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٤ص.٤٦ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٤٠وابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص.٣٢٢ وهذا الأمر رد عليه ,ففعل النبي صريح في صلاتها خلف المقام ,بل إن الأئمة من المذاهب الإسلامية كافة قبل الإسنوي وبعده مطبقون على أفضلية أن تصلى ركعتا الطواف خلف مقام إبراهيم. والقاضي حسين من الشافعية حكى الخلاف فيمن وصل وطنه وهو لم يصل ركعتي الطواف على قول من يقول إنهما سنة أيصليها فيه أو لا ,وقال إن هذا الخلاف منبن على الخلاف في قضاء النوافل إذا فاتت. غير أن النووي تعقبه بقوله :وهذا الذي قاله شاذ وغلط ,بل الذي نص عليه الشافعي وأطبق عليه الأصحاب الجزم بأنه يصليهما حيث كان ومتى كان).(٢ قال الشيخ الجيطالي: وسئل بعض علمائنا عمن طاف أسبوعا واجبا أو تطوعا وأخر ركعتيه حتى يخرج من مكة هل يضره ذلك? ) (١الشربيني ,مغني المحتاج ,ج ,١ص.٤٩١ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٥٨ ركعتين).(١ وروي عن الثوري أن صلاة الطواف لا تصح إلا خلف مقام إبراهيم).(٢ وذهب إلى القول السابق جماعة من علماء الشيعة الإمامية على خلاف بينهم) ,(٣قال الصادق: وليس لأحد أن يصلي ركعتي طواف الفريضة إلا خلف المقام لقول االله تعالى ﴿ ,﴾’~?|ÁãΒ zΟ↵Ïδ≡tö/Î) ÏΘ$s) ̈Β ⎯ÏΒ (#ρä‹ÏƒaB$#uρفإن صليتهما في غيره فعليك إعادة الصلاة).(٤ والحكم السابق عند هؤلاء القائلين خاص بطواف الفريضة ,وقد صرحوا أن ركعتي طواف غير الفريضة يمكن أن تصليا في أي موضع من المسجد).(٥ ) (١الجيطالي ,مناسك الحج ,ج.٢٥١ ,٢ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٦٨ ) (٣الحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص.٩٦ ) (٤الحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص.٩٦ ) (٥الحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص.٩٥ جانبيه).(١ وأئمة في المذهب الإمامي ,ولكن مع ذلك نجد ٍمراجعتلكم هي أقوال َ كثيرا من الإمامية يصرون على الصلاة خلف المقام ولو كان الحال قد بلغ مداه في شدة الزحام فيورثون بذلك ضررا كبيرا على ما رأيته ,والأمر واسع جدا عند علمائهم فمالهم يضيقونه ويسببون الضرر على الآخرين ويجتلبون بذلك قالة السوء لهم. ثم إنه كان يأتيني أن من يفعل ذلك عوام لا دراية لهم بالأحكام الفقهية فلا يعجب من تصرفاتهم ,إلى أن رأيت بعض المرشدين والمطوفين منهم يصرون على الفعل السابق بل يضربون حولهم إلى أن يفرغوا من الصلاة في الموضع المذكور جدارا بشريا صادا يدفع كل من يقترب من المصلي ,وقد كنت ممن تأثر بجدار الصد هذا حتى آذاني. فنصحي أن يراعي هؤلاء طبيعة المكان الذي هم فيه ,ثم إني لا أطالبهم باتباع أقوال غيرهم من علماء المسلمين إن كانوا لا يريدون ذلك بل ليرجعوا ) (١العاملي ,مدارك الأحكام ,ج ,٨ص.١٤١ بل إن منهم من لم ير وجوب الصلاة عند مقام إبراهيم بل جعل أمر الصلاة ثمة مستحبا كما هو مذهب الجماهير من علماء الأمة).(١ المطلب الرابع :صلاة الطواف في أوقات النهي ثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي نهى عن الصلاة في خمسة أوقات ,عند طلوع الشمس وعند غروبها وحال استوائها في كبد السماء, وبعد الفجر حتى تطلع الشمس ,وبعد العصر حتى تغرب الشمس. أما الأوقات الثلاثة الأولى فدل على النهي عن الصلاة فيها حديث موسى بن علي عن أبيه قال :سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول :ثلاث ساعات كان رسول االله ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا. حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ,وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس ,وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب).(٢ أما بعد العصر والفجر فدليله حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ) (١البحراني ,الحدائق الناضرة ,ج ,١٦ص.١٣٥ ) (٢أخرجه مسلم في باب :الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها ).(٨٣١ وقد صح أن النبي أذن بالصلاة بعد العصر والفجر كما هو في حال من جاء المسجد وقد صلى في رحله وأدرك الجماعة يصلون المكتوبة. وأخذ كثير من الفقهاء من ذلك جواز الصلوات ذوات الأسباب بعد العصر والفجر ,والأوقات الثلاثة الأخر￯ يكون النهي فيها على أصله لعدم المخصص فلا تباح الصلاة فيها بإطلاق. وهذا الأمر يقال به في صلاة الطواف إذ هي صلاة ذات سبب فيجوز أن تؤد￯ بعد العصر وهكذا بعد الفجر ,لكنه لا يجوز أن تؤد￯ حين طلوع الشمس ولا حين غروبها ولا حين استوائها في كبد السماء).(٢ ومن الفقهاء من يمنع من الصلاة مطلقا بعد العصر وبعد المغرب وفي الأوقات الثلاثة ولم يستثن ذوات السبب ,وهم هنا قائلون إن صلاة الطواف لا تصلى في الأوقات الخمسة المنهي عنها).(٣ ) (١أخرجه الربيع في كتاب :الصلاة ,باب :جامع الصلاة ).(٢٩٥ ) (٢الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٢ص ,١٨٨والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج,٣ ص ,١٣٣وشيخنا الخليلي ,الفتاو￯ ,الكتاب الأول ,ص.٢٦٧ ) (٣الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٢ص ,١٨٧والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص,١٣٨ وإن طاف أخرها إلى حين الجواز ,واختلفوا فيمن يطوف قبل المغرب بأيهما يبدأ أبصلاة المغرب أو ركعتي الطواف مع اتفاقهم على التخيير; إذ لم يتبين أي الوجهين أفضل ,أتعجيل المغرب لأول وقتها أو اتصال الطواف بالركعتين).(٢ وذهب بعض الفقهاء إلى إجازة أن تصلى صلاة الطواف في الأوقات كلها بلا كراهة ,سواء الأوقات المنهي عنها بالأحاديث السابقة وغيرها).(٣ وقد استدلوا لإثبات قولهم هذا بأمور: أولها :حديث أبي الزبير قال :سمعت عبد االله بن باباه يحدث عن جبير بن مطعم أن النبي قال :يا بني عبد مناف ,لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٤٣ ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٣٨والكندي ,المصنف ,ج ,٨ص.١٢٢ ) (٢ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص.٣١٩ ) (٣ابن قدامة ,المغني ,ج ,١ص ,٤٢٥وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص ,١٠٠٧وابن الجوزي ,التحقيق ,ج ,١ص ,٤٤٥والحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص ,٩٥والمرداوي, الإنصاف ,ج ,٢ص.٢٠٥ ليل أو نهار ,ودلالة الإشارة تفيد أنه تجوز الصلاة في الأوقات كلها. ثانيها :جاءت أدلة تفيد استثناء مكة من عموم النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة فتصح الصلاة فيها بإطلاق كما في حديث مجاهد قال :قدم أبو ذر مكة فأخذ بعضادتي الباب فقال :من عرفني فقد عرفني ,ومن لم يعرفني فأنا جندب أبو ذر سمعت رسول االله يقول: لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ,ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس ,إلا بمكة إلا بمكة إلا بمكة. وقد اعترض على الدليلين كليهما ,فالأول منهما ينازعون فيه من حيث دلالته على الحكم الذي استنبطوه منه ,والثاني منهما لا يصح عن النبي . أما الأول منهما فنوزعوا في دلالته بوجوه: أولها :أن إباحة الصلاة في الأوقات جميعها المستفاد من حديث جبير بن ) (١أخرجه النسائي في كتاب :المواقيت ,باب :إباحة الصلاة في الساعات كلها بمكة ) ,(٥٨٥وأبو داود في كتاب :المناسك ,باب :الطواف بعد العصر ) ,(١٨٩٤والترمذي في كتاب :الحج ,باب :ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف ),(٨٦٨ وقال :حسن صحيح. دلالة العبارة ,فالعبارة مقدمة عليها. ثانيها :أن في الأدلة المانعة من الصلوات في الأوقات المنهي عنها, وحديث جبير بن مطعم عموما وخصوصا من وجه. بيان ذلك أن أحاديث النهي عن الصلاة عامة في المكان فيشمل مكة وغيرها ,وهي خاصة في أوقات النهي ,أما حديث جبير بن مطعم فعام في أوقات النهي وغيرها ,وهو خاص في المكان فلا يكون إلا في مكة. فتختص أحاديث النهي بأوقات النهي في غير مكة ,ويختص حديث جبير بالأوقات التي لا ينهى عن الصلاة فيها بمكة ,ويجتمعان في أوقات النهي في مكة. فعموم أحاديث النهي يشمل مكة وغيرها ,وعموم إباحة الصلاة في جميع الزمن في حديث جبير يشمل أوقات النهي وغيرها في مكة ,فيظهر التعارض في أوقات النهي في مكة فيجب الترجيح. وأحاديث النهي أرجح من حديث جبير من وجهين: أولهما :أنها أصح منه. ثانيهما :ما تقرر في الأصول أن النص الدال على النهي يقدم على النص جبير بن مطعم فقال: إن ما أباح رسول االله فيها وأمر بني عبد المطلب أو بني عبد مناف أن لا يمنعوا أحدا منه من الطواف والصلاة هو الطواف على سبيل ما ينبغي أن يطاف والصلاة على سبيل ما ينبغي أن تصلى. فأما على ما سو￯ ذلك فلا ,ألا تر￯ أن رجلا لو طاف بالبيت عريانا أو على غير وضوء أو جنبا أن عليهم أن يمنعوه من ذلك; لأنه طاف على غير ما ينبغي الطواف عليه. وليس ذلك بداخل فيما أمرهم رسول االله أن لا يمنعوا منه من الطواف. فكذلك قوله لا تمنعوا أحدا يصلي هو على ما قد أمر أن يصلى عليه من الطهارة وستر العورة واستقبال القبلة في الأوقات التي قد أبيحت الصلاة فيها. فأما ما سو￯ ذلك فلا ,وقد نهى رسول االله نهيا عاما عن الصلاة عند ) (١الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٤ص.٤١٤ أما حديث أبي ذر الذي فيه استثناء مكة من النهي فمدار طرقه على رواية مجاهد عن أبي ذر ,ولتلك الرواية طرق: أولها الشافعي وسعيد بن سليمان عن عبد االله بن المؤمل عن حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد عن أبي ذر ,وقد رواه البيهقي).(٢ وفي هذا الإسناد علل تقصر بالحديث عن مراتب الاحتجاج: العلة الأولى :مجاهد لم يسمع من أبي ذر) ,(٣فحديثه عنه منقطع. العلة الثانية :أعله البيهقي بحميد مولى عفراء فقال :ليس بالقوي).(٤ ولم أجد أحدا سبق البيهقي إلى التضعيف السابق إلا رواية عن أحمد بن ) (١الطحاوي ,شرح معاني الآثار ,ج ,٢ص.١٨٦ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص.٤٦١ ) (٣البزار ,مسند البزار ,ج ,٩ص ,٤٦١وابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص,٢٢٦ وابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٣ص ,٤٥والبيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص,٤٦١ والعلائي ,جامع التحصيل ,ص.٢٧٣ ) (٤البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص.٤٦١ نفسه في روايات عدة ,والرجل من رجال الشيخين).(٢ ولعل البيهقي اختلط عليه الأمر بحميد بن عطاء الأعرج ,وهذا ضعيف لا يحتج به).(٣ العلة الثالثة :عبد االله بن المؤمل ,قال يحيى بن معين :ضعيف ,وقال أحمد :أحاديث عبد االله بن المؤمل مناكير ,وقال أبو حاتم وأبو زرعة :ليس بقوي ,وقال ابن حبان :كان قليل الحديث منكر الرواية لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد ).(٤ وخالف السابق سعيد بن سالم القداح وعبد االله بن محمد الشافعي ) (١ابن عدي ,الكامل ,ج ,٢ص ,٢٧١والمزي ,تهذيب الكمال ,ج.٣٨٤ ,٧ ) (٢الكلاباذي ,رجال صحيح البخاري ,ج ,١ص ,١٧٩وابن منجويه ,رجال مسلم ,ج,١ ص.١٦٤ ) (٣ابن حبان ,المجروحين ,ج ,١ص ,٢٦٢وابن عدي ,الكامل ,ج ,٢ص.٢٧٢ ) (٤ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٥ص ,١٧٥وابن حبان ,المجروحين ,ج ,٢ص,٢٨ وابن عدي ,الكامل ,ج ,٤ص.١٣٥ ثانيها إبراهيم بن طهمان ثنا حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد قال :جاءنا أبو ذر).(٢ وفي هذا انقطاع إن صح إسناده. ثالثها :محمد بن يونس العصفري ثنا محمد بن موسى الحرشي حدثني اليسع بن طلحة القرشي من أهل مكة قال :سمعت مجاهدا يقول :بلغنا أن أبا ذر. أخرجه ابن عدي) ,(٣والبيهقي).(٤ وفي هذا علتان: أولاهما :الانقطاع ,وقد تقدم بيانها. ثاني العلتين :اليسع بن طلحة القرشي ضعيف لا يثبت حديثه ,قال ابن حبان :منكر الحديث يروي عن عطاء مالا يشبه حديثه ,لا يجوز الاحتجاج ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص.٤٦١ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص.٤٦١ ) (٣ابن عدي ,الكامل ,ج ,٧ص.٢٨٩ ) (٤البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص.٤٦٢ عن النبي ,وقد حكم بذلك جماعة من أهل العلم).(٢ ومنه يرجع الحكم إلى الأصل العام الذي يفيد المنع من الصلاة في الأوقات الثلاثة التي فيها النهي نهي تحريم وهي الطلوع والغروب وعند الاستواء في كبد السماء. أما بعد العصر وبعد الفجر فتصلى في هذين الوقتين الصلوات ذوات السبب ,وصلاة الطواف منها ,فتصلى بعد العصر وبعد الفجر. ومن الفقهاء من فرق في الأمر بين طواف النافلة وطواف الفريضة ,فقال إن صلاة الطواف تصلى بعد الفجر والعصر إن كان الطواف فريضة ,أما إن كان الطواف نافلة فيؤخر الصلاة إلى ما بعد وقت النهي).(٣ ) (١ابن حبان ,المجروحين ,ج ,٣ص ,١٤٥وابن عدي ,الكامل ,ج ,٧ص ,٢٨٩والعقيلي, الضعفاء ,ج ,٢ص.٢٢٧ ) (٢ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٣ص ,٤٥وابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج,٤ ص ,٢٢٦والبيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص.٤٦١ ) (٣يحيى بن سعيد الحلي ,الجامع للشرايع ,ص.١٩٩ قل هو االله أحد وقل يا أيها الكافرون) ,(١وللسابق استحب جماهير أهل العلم لمن صلى ركعتي الطواف أن يقرأ في الأولى منهما الفاتحة وسورة الكافرون, وفي الثانية منهما الفاتحة وسورة الإخلاص).(٢ ورأ￯ آخرون استحباب تكرار سورة الإخلاص في الركعة الثانية ثلاثا) ,(٣ولم أجد دليلا لهذا القول بل ظاهر فعل النبي أنه ما قرأها إلا واحدة. وذهب بعض الفقهاء إلى أنه يقرأ في الأولى من ركعتي الطواف سورة الإخلاص ,وفي الثانية منهما سورة الكافرون بعد الفاتحة).(٤ ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٣٧والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٥٨وابن جماعة, هداية السالك ,ج ,٣ص ,١٠١٢وابن زهرة الحلبي ,غنية النزوع ,ص ,٩٧والجيطالي, قناطر الخيرات ,ج ,٢ص ,٧٧وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص ,١٢٤٣والحطاب, مواهب الجليل ,ج ,٣ص.١١١ ) (٣القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٣٣ ) (٤الحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص ,١٠٠والبحراني ,الحدائق الناضرة ,ج ,١٦ص,١٣٤ وقال بعضهم إنه يشرع لمن صلى الركعتين أن يجهر بالقراءة ليلا ,وأن يسر بها نهارا كصلاة الكسوف).(٢ ويرد على هذا أن النبي صلى صلاة الطواف في النهار يوم قدومه في عام حجة الوداع ,ومع ذلك نص جابر على السورتين ,مما يفيد ظاهره الجهر بهما ولو قليلا لتعليم أصحابه. وقال آخرون بل يسمع القراءة نفسه في الليل والنهار) ,(٣وهذا أولى من حيث الدليل لعدم الدليل المفرق بين الأمرين. والفقهاء من المذاهب الفقهية المختلفة يذكرون استحباب قراءة السورتين السابقتين في صلاة الطواف لفعل النبي ,ولكن للمحدثين خلاف في السورتين المذكورتين في حديث جابر بن عبد االله هل لهما حكم والحطاب ,مواهب الجليل ,ج ,٣ص.١١١ ) (١الحطاب ,مواهب الجليل ,ج ,٣ص.١١١ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٥٨وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص,١٠١٢ والزركشي ,الديباج ,ج ,١ص.٣٩٢ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٣٧ وعبد العزيز بن عمران وحفص بن غياث وسليمان بن بلال والإمام مالك. وأما من رواه عن جعفر وصرح بأنه ليس من كلام الرسول إما لكونه رواه مرسلا أو أنه صرح بعدم رفع هذا الجزء من الحديث فسفيان الثوري وأبو أويس وابن جريج وابن الهاد وسفيان بن عيينة ووهيب بن خالد وروح بن القاسم ويحيى بن سعيد. المطلب السادس :القران في الطواف الأصل الذي عليه الاتفاق أنه يجزي الإنسان أن يركع الطائف ركعتين بعد كل أسبوع ,وهذا هو الأفضل ,لكن اختلف فيمن يطوف شوطين أو أكثر ويؤخر صلاة كل طواف ,وبعد انتهائه من الطواف يصلي ركعتين لكل طواف. فإن طاف طوافين صلى أربع ركعات كل اثنتين على حدة ,وإن طاف ثلاثة صلى ستا وهكذا. ذهب جماعة من الفقهاء إلى أن ذلك جائز ,ولا حرج فيه مع كون الفضل بركعتين فقط. وحمل هذا القول على أنه على قول من يقول إن الركعتين سنة وليستا واجبتين).(٢ ومما جاء مؤيدا الرأي السابق حديث إبراهيم بن فراس بمكة ثنا أحمد بن علي ثنا أحمد بن جناب ثنا عيسى بن يونس عن عبد السلام بن أبي الجنوب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: طاف النبي بالبيت ثلاثة أسباع جميعا ثم أتى المقام فصلى خلفه ست ركعات يسلم في كل ركعتين يمينا وشمالا ,قال أبو هريرة :أراد أن يعلمنا).(٣ ومما جاء أيضا حديث محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق ثنا أحمد بن جناب ثنا عيسى بن يونس عن عبد السلام بن أبي الجنوب عن الزهري عن سالم بن عبد االله عن أبيه قال: ) (١ابن الجوزي ,التحقيق ,ج ,٢ص ,١٤٥وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩١والنووي, المجموع ,ج ,٨ص.٥٩ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٥٩ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١١٠ أقرن).(١ والحديثان ضعفهما النووي وابن عبد الهادي) ,(٢ونص ابن جماعة على ضعف حديث أبي هريرة).(٣ وعلة ضعفهما عبد السلام بن أبي الجنوب ,قال أبو حاتم :شيخ مديني متروك الحديث ,وقال أبو زرعة :ضعيف).(٤ وقال ابن حبان :منكر الحديث ,يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات ,لا يعجبني الاحتجاج بخبره لمخالفته الأثبات في الروايات) ,(٥وقال ابن عدي :بعض ما يرويه لا يتابع عليه ,منكر).(٦ ومن الفقهاء من استدل لذلك بحديث عبد الرزاق عن ابن عيينة عن ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١١٠ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٦٨وابن عبد الهادي ,تنقيح التحقيق ,ج ,٢ص.٤٦١ ) (٣ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٠١٥ ) (٤ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٦ص.٤٥ ) (٥ابن حبان ,المجروحين ,ج ,٢ص.١٥٠ ) (٦ابن عدي ,الكامل ,ج ,٥ص.٣٣٢ والحديث أخرجه عبد الرزاق) ,(١غير أن أم محمد بن السائب لم يوثقها أحد فلا حجة في روايتها. ورواه عبد الرزاق قبل السابق من فعل عائشة قال فيه عبد الرزاق عن ابن جريج قال :حدثت أن عائشة ,وابن جريج أرسله عن عائشة فلا حجة في روايته أيضا. وذهب بعض الفقهاء إلى المنع ,فقالوا لكل طواف ركعتان بعده ,ولا يصح القران في الطواف).(٢ وعلى السابق يقطع من قرن طوافين أو أكثر طوافه ويصلي ,إلا أن بعضهم استثنى ما إذا أتم الطواف الثاني فيصلي لكل طواف ركعتين ,مراعيا بذلك الخلاف في المسألة).(٣ ) (١عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص.٦٦ ) (٢مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص ,٣٦٧وابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٢٤والكندي, بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٥٧وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٢ص ,٣٥٦والفاضل الهندي ,كشف اللثام ,ج ,٥ص ,٤٢٦وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص.١٢٤٥ ) (٣مالك بن أنس ,المدونة الكبر￯ ,ج ,٢ص.٤٠٧ سبوعا قط إلا صلى ركعتين).(١ والحديث وصله عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال :قيل له :إن الصلاة المكتوبة تجزي من ركعتين على السبع? فقال :ما طاف رسول االله سبعا إلا صلى عليه ركعتين).(٢ لكن قد يعترض على هذا أن صلاة الفريضة كالفجر يصدق عليها أنها ركعتان ,غير أنه يرد هذا أن السياق مبني على ذكر حكم الفريضة فتدخل فيه فريضة الفجر).(٣ وقالوا إنه لو طاف أسبوعا ثم شرع في أسبوع آخر ناسيا فطاف شوطا أو شوطين منه ثم تذكر فإنه يتم الأسبوع الذي دخل فيه ,وعليه لكل أسبوع ركعتان. وسبب السابق أنه إن قطع الأسبوع الثاني للصلاة أخل بأمرين الصلاة لكونه قد تأخر عنها ,والطواف الثاني لكونه قطعه ,لكن لو واصله لم يخل إلا ) (١أخرجه البخاري معلقا في كتاب :الحج ,باب :صلى النبي لسبوعه ركعتين. ) (٢عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص.٥٩ ) (٣ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٨٥ ما دون الشوط كما دون الركعة من الصلاة يحتمل الرفض).(١ ومما عليه السابق أن من الفقهاء من أجاز الطواف بعد العصر والفجر مرة واحدة فقط ,والعلة في التقييد بالمرة الواحدة أنه لا يصح له –عندهم− الصلاة في ذلك الوقت ,كما لا يصح له القران في الطواف ,فيطوف مرة ويؤخر صلاة الطواف إلى حين خروج وقت النهي. قال الإمام مالك بن أنس: ولا بأس أن يطوف الرجل طوافا واحدا بعد الصبح وبعد العصر لا يزيد على سبع واحد. ويؤخر الركعتين حتى تطلع الشمس كما صنع عمر بن الخطاب ويؤخرهما بعد العصر حتى تغرب الشمس).(٢ ومن الفقهاء من قال لا بأس بالقران في الطواف إذا انصرف الطائف ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٤٣وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص ,٤٥٧وابن الضياء, البحر العميق ,ج ,٢ص.١٢٤٧ ) (٢مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص .٣٦٩ ومن الفقهاء من أجاز القران في الطواف في الأوقات التي ينهى فيها عن الصلاة ,وسبب ذلك أنه لا يتوقف عن عبادة الطواف ويؤخر ركعتي كل طواف إلى الوقت الذي لا تكره فيه الصلاة; لأن الطواف −كما تقدم −يجوز في الأوقات كلها. وفي كتابي جامع ابن جعفر وبيان الشرع: أحب أن يقرن بعد العصر وبعد الصبح ولا يهجر البيت).(٢ المطلب السابع :صلاة الطواف للنائب عن غيره ذكر بعض أهل العلم أن صلاة الطواف هي وحدها من الصلوات التي تقبل النيابة عن الغير).(٣ وقد ذكرنا سلفا في الجزء الأول من هذا الكتاب أن العبادات البدنية الخالصة لا تقبل النيابة ,كما بينا أن الرأي الصحيح أن النيابة في الحج لا تشرع ) (١ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص ,١٢٤٥والعثماني ,إعلاء السنن ,ج ,٧ص.٣٠٤٦ ) (٢ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٢٤والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٥٧والعثماني, إعلاء السنن ,ج ,٧ص.٣٠٤٦ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٥٩وابن العربي ,أحكام القرآن ,ج ,٣ص.٢٢١ تسقطان عن المنوب عنه وتبرأ ذمته بفعل النائب عنه. لكن اختلف الفقهاء أتقع صلاة الطواف هذه عن النائب أو المنوب عنه, القائلون بوقوعها عن المنوب عنه قالوا إنها من جملة أعمال الحج والحج كله واقع عن المنوب عنه فتقع هذه عنه).(١ أما الآخرون القائلون بوقوعها عن النائب فمستمسكون بالأصل المانع من النيابة في الأعمال البدنية الخالصة. المطلب الثامن :حكم من لم يصلهما ذكرنا سابقا أنه قال جمع من الفقهاء إنه لا يتعين لصلاة الطواف موضع دون غيره بل يصليها متى شاء وأينما شاء مع كون الفضل والخير في المسجد الحرام لفعل النبي . وللتأصيل السابق قال هؤلاء إن صلاة الطواف لا تفوت على الإنسان ما دام حيا ,وعليه فلا يجبر تأخيرها بدم ,إذ لا يزال فعلها أداء).(٢ ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٥٩ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٥٨والعيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٠١وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٢ص.١٢٤٣ بالمنع تحريما من القران في الطواف).(١ غير أن بعض الفقهاء من القائلين بسنية صلاة الطواف ذهب إلى أن من لم يصل صلاة الطواف حتى رجع إلى بلده صلاها وأراق دما استحبابا).(٢ والقائلون بوجوب هذه الصلاة مختلفون في وجوب الدم بتركها كما تقدم ذكر ذلك عنهم ,ومنهم من نص على أنها مع وجوبها من شروط صحة الطواف فلا يصح السعي دونها ,ومن تذكر في سعيه أنه لم يصلها قطع سعيه وصلاها. وإن ذكرها بعد السعي أعاده ,وإن تطاول به النو￯ ورجع إلى بلده ركعهما مكانه في سائر الطوافات في الحج والعمرة ويهدي وطئ النساء أو لم يطأ).(٣ قال الحافظ ابن عبد البر :قال مالك :إن صلى صلاة الطواف الواجب في الحجر أعاد الطواف والسعي بين الصفا والمروة ,وإن لم يركعهما حتى بلغ ) (١ابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٢ص.٣٥٦ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٥٨ ) (٣القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٤٢ السعي قطع السعي وعاد إلى المقام فصلى الركعتين ثم عاد فتمم السعي).(٢ والحجة لمن أوجب الدم لترك ركعتي الطواف قول ابن عباس من ترك نسكا أهرق دما. وحكى جماعة عن الثوري أنه قال :إن قضاء الركعتين في غير الحرم لا يجزي).(٣ وقد رو￯ السابق عبد الرزاق عن الثوري أنه قال :اركعهما حيث شئت ما لم تخرج من الحرم).(٤ ونقل مثل السابق عن الإمام أبي عبد االله محمد بن محبوب).(٥ ورو￯ ابن أبي شيبة عن مجاهد وطاوس أن من صلى خارج الحرم أهرق ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٢٤ص ,٤١٤والاستذكار ,ج ,٤ص.١٨٩ ) (٢الحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص.١٠٠ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٤ ) (٤عبد الرزاق ,المصنف ,ج ,٥ص.٦٠ ) (٥الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٣٨والكندي ,المصنف ,ج ,٨ص.١٢٣ إبراهيم فيجب على من ترك صلاة الطواف أن يرجع إليه فيصليها عنده ,وإن لم يمكن صلاها حيث يستطيع ,وإن لم يمكنه حتى توفي قبل أن يصليها صلاها عنه وليه).(٢ ومما ينبغي لنا بيانه أن صلاة الطواف مستثناة من عموم الصلوات; إذ إن كل صلاة تفوت في زمن الحيض لا تقضى إلا ركعتي الطواف كما هو مذهب جماعة من أهل العلم).(٣ المطلب التاسع :الدعاء بعد ركعتي الطواف استحب بعض أهل العلم لمن صلى ركعتي الطواف أن يدعو بعدهما خلف المقام بما أحب من أمر الآخرة والدنيا).(٤ وقد استدل هؤلاء لاستحبابهم السابق بما روي عن جابر أن النبي  ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٣١٧ ) (٢يحيى بن سعيد الحلي ,الجامع للشرايع ,ص.١٩٩ ) (٣النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٤ص ,٢٦والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,١ص.٣٤٦ ) (٤النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٦٠وابن عبد البر ,الكافي ,ص ,١٤٧والحلي ,تذكرة الفقهاء ,ج ,٨ص ,٩٥والرحيباني ,مطالب أولي النهى ,ج ,٢ص.٤٠٠ عبدك ابن أمتك ,أتيتك بذنوب كثيرة وخطايا جمة وأعمال سيئة ,وهذا مقام العائذ بك من النار ,فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم. اللهم إنك دعوت عبادك إلى بيتك الحرام ,وقد جئت طالبا رحمتك علي بذلك فاغفر لي وارحمني إنك على كلمبتغيا مرضاتك وأنت مننتَّ شيء).(١ والحديث بالسياق السابق مذكور في كتب الفقه ولم أجده مسندا إلى الآن ,ولا أظنه يصح إذ أقل ما فيه الشذوذ ,فرواية العالم لحديث جابر بن عبد االله خلو منه بهذا السياق. ومما جاء أيضا ما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن يعلى بن عبيد قال :حدثنا محمد بن سوقة عن نافع قال: كان ابن عمر إذا قدم حاجا أو معتمرا طاف بالبيت وصلى ركعتين, وكان جلوسه فيها أطول من قيامه ثناء على ربه ومسألة فكان يقول حين يفرغ من ركعتيه وبين الصفا والمروة: ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٦٠ الصالحين. اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك ورسلك. اللهم آتني من خير ما تؤتي عبادك الصالحين في الدنيا والآخرة ,اللهم يسرني لليسر￯ وجنبني العسر￯ ,واغفر لي في الأخر￯ والأولى. اللهم أوزعني أن أوفي بعهدك الذي عاهدتني عليه ,اللهم اجعلني من أئمة المتقين ,واجعلني من ورثة جنة النعيم واغفر لي خطيئتي يوم الدين).(١ وجاء حديث قد يؤخذ منه استحباب دعاء بعد ركعتي الطواف وهو حديث عبد االله بن المنهال عن سليمان بن قسيم عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال :قال رسول االله : ً سبوعا ,وصلى حذاء المقام ركعتينلما أهبط آدم إلى الأرض طاف بالبيت ثم قال :اللهم أنت تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي ,وتعلم حاجتي ً إيمانا يباهي قلبي,فأعطني سؤلي ,وتعلم ما عندي فاغفر لي ذنوبي ,أسألك ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي ,ورضني بقضائك, ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٦ص.١٠٨ ذريتك من بعدك إلا استجبت له ,وغفرت له ذنبه ,وفرجت همه وغمومه, واتجرت له من وراء كل تاجر ,وأتته الدنيا راغمة وإن كان لا يريدها. والحديث أخرجه البيهقي في الدعوات) ,(١ومن طريقه الحافظ ابن عساكر) ,(٢ولكنه لا يثبت ففيه علل تقصر به عن رتبة الاحتجاج منها سليمان بن قسيم أبو الصباح النخعي الكوفي ,قال البخاري :ليس بالقوي عندهم).(٣ وقال الفسوي :ضعيف) ,(٤وقال يحيى بن معين :ليس بشيء ,وقال ابن حبان :يأتي بالمعضلات عن أقوام ثقات) ,(٥وعليه فلا يقال باستحباب السابق بل المستحب بعد ركعتي الطواف استلام الحجر الأسود ثم قصد المسعى كما هو فعل النبي ,نعم يقال إن الدعاء ثمة جائز لكن من غير استحباب ولا كراهة; إذ الأمران لم يقم عليهما دليل. ) (١البيهقي ,الدعوات الكبير ,ص.١٧٠ ) (٢ابن عساكر ,تاريخ مدينة دمشق ,ج ,٦ص.٤٢٨ ) (٣البخاري ,التاريخ الكبير ,ج ,٤ص.٤٢ ) (٤الفسوي ,المعرفة والتاريخ ,ج ,٣ص.١٦٤ ) (٥ابن حبان ,المجروحين ,ج ,١ص ,٣٢٩وابن عدي ,الكامل ,ج ,٣ص.٢٧١ @ @ ñëŠ1⁄2aë@bЖÛa@ ́i@ïÈÛa@ZÉiaŠÛa@Ý–ÐÛa óÈ1⁄2a@‰cë@ñëŠ1⁄2aë@bЖÛa@ïÜju@Ñ•ë@ZÞëþa@szj1⁄2a ñëŠ1⁄2aë@bЖÛa@ ́i@ïÈÛa@òîÇ늒ß@ZïãbrÛa@szj1⁄2a ïÈÛa@áØy@ZsÛbrÛa@szj1⁄2a émbjuaëë@ïÈÛa@Â늑@ZÉiaŠÛa@szj1⁄2a ïÈÛa@åä@Zßb ̈a@szj1⁄2a bj×a‰@ïÈÛa@Z...bÛa@szj1⁄2a óÈ1⁄2a@|İ@ÖìÏ@ïÈÛa@ZÉibÛa@szj1⁄2a الصفا والمروة جبلان صغيران بمكة ,والأول منهما مرتفع عند باب المسجد الحرام ,وهو قطعة من جبل أبي قبيس) (٢في الجهة الجنوبية مائلا إلى الشرق على بعد نحو ثلاثين ومئة متر )١٣٠م(. وأما المروة فجبيل صغير منخفض عن الصفا من حجر المرو−الأبيض الصلب ,−قطعة من جبل قعيقعان) ,(٣وهو في الجهة الشرقية الشمالية على بعد نحو ثلاث مئة متر )٣٠٠م( من الركن الشامي للكعبة المشرفة).(٤ ) (١كتبت هذا الوصف قبل توسعة الحرم الأخيرة )١٤٢٧هـ( ,وآثرت أن أبقيه على ما هو عليه ولا أتعرض للتوسعة المذكورة; لأن أمرها لم يستقر بعد في زمان كتابة هذه الأوراق. ) (٢هو الجبل المشرف على الصفا والمسجد الحرام ,وارتفاعه نحو ٤٢٠م من سطح البحر, وهو أحد أخشبي مكة .الفاسي ,شفاء الغرام ,ج ,١ص ,٤٩٥ومحمد إلياس ,تاريخ مكة ,ص.١٣٠ ) (٣بضم القاف وفتح العين ,جبل ضخم مشرف على المسجد الحرام من الشمال والشمال الغربي والممتد من حارة الباب إلى الشامية ,وهو الجبل الثاني من أخشبي مكة ,وارتفاعه نحو ٤١٠م من سطح البحر .محمد إلياس ,تاريخ مكة ,ص.١٣١ ) (٤الطبري ,جامع البيان ,ج ,٢ص ,٤٣والفاسي ,شفاء الغرام ,ج ,٢ص ,٥٣٨واللكنوي, كان يقع بالمسعى ,مما جعل الساعين يجدون مشقة أثناء السعي لازدحام الناس على حوانيت الباعة. ثم حدثت التجديدات السعودية ,فأضحى المسعى متكونا من طابقين بطول ثلاث مئة وتسعين وخمسة أمتار ) ٣٩٥م( ,وعرض عشرين مترا )٢٠م(. ارتفاع المسعى الأرضي اثنا عشر مترا إلا ربع المتر )١١.٧٥م( ,وارتفاع الطابق العلوي ثمانية أمتار ونصف المتر )٨.٥م(. وفي مكاني السعي السفلي والعلوي حاجز يقسم المسعى إلى طريقين: أحدهما مخصص بالسعي من الصفا إلى المروة ,والثاني من المروة إلى الصفا ,وبين ممري السعي ممر ضيق ذو اتجاهين ,خاص بالعاجزين عن السعي بأقدامهم ,فكان الممر سبيلا خاصا بعربات تقلهم وتقي الساعين بأقدامهم خطرها. وللمسعى ستة عشر بابا في الجهة الشرقية للمسعى والمسجد الحرام, التعليق الممجد ,ج ,٢ص ,٣٧٣ومحمد إلياس ,تاريخ مكة.٧٩ , والآخر عند باب السلام. وفي عام ١٤١٧هـ تمت تسوية المروة بمستو￯ الساحة الشمالية المقابلة لها ,وأقيمت ثمة أبواب تيسر خروج من أكمل سعيه بالمروة).(١ وفي هذا العام ١٤٢٨هـُشرع في توسعة أرض المسعى توسعة عرضية عادلت ضعف المنطقة السابقة ,حتى أضحت المنطقة السابقة كلها طريقا لمن سعى من المروة إلى الصفا ,والمنطقة الجديدة طريقا لمن سعى من الصفا إلى المروة. وقد أثارت التوسعة السابقة كلاما كثيرا وخلافا حادا حتى بالغ بعض النافين لمشروعيتها في القول فمنعوا من العمرة ومنهم من ألزم الدم من تحلل بطواف وسعي لعدم صحة السعي ,والقائلون بمشروعيتها علماء كبار وأدلتهم لها وجاهتها ,والمسألة لا تعدو الاجتهاد ,وقد أخذ من بيده الأمر في تلك الديار بالقول المجيز فنفذت التوسعة وكان ذلك التصرف حسما للنزاع, وقد حمد الناس التوسعة السابقة ووجدوا فائدتها فقد خلصت الساعين من ) (١محمد إلياس ,تاريخ مكة ,ص ٧٩وما بعدها. وقد قال بمشروعية التوسعة السابقة شيخنا العلامة قدوة الأنام وبدر الزمان أحمد بن حمد الخليلي أطال االله في عمره ونفع به العالمين ,وإن القول ما قال. كذلك وقد ثبت بالنص من الكتاب العزيز ما يقضي بمشروعيته كما في قول االله تعالىyy$oΨã_ Ÿξsù tyθtFôã$# Íρr& |MøŠt7ø9$# ¢kym ô⎯yθsù ( «!$# ÌÍ←!$yèx© ⎯ÏΒ nοuρöyθø9$#uρ $x¢Á9$#̈βÎ)﴿ : .(١)﴾íΟŠÎ=tã íÏ.$x© ©!$#̈βÎ*sù #Zöyz tí§θsÜs? ⎯tΒuρ 4 $yθÎγÎ/ š’§θ©Ütƒ βr& Ïμø‹n=tã وقد كان بعض صحابة رسول االله يتحرجون من السعي بينهما للعوائد التي كانوا يأتونها أيام الجاهلية ,والإسلام نابذ عادات أهل الشرك والأوثان كما في حديث الزهري قال عروة :سألت عائشة > فقلت لها: أرأيت قول االله تعالى: ﴿)Ïμø‹n=tã yy$oΨã_ Ÿξsù tyθtFôã$# Íρr& |MøŠt7ø9$# ¢kym ô⎯yθsù ( «!$# ÌÍ←!$yèx© ⎯ÏΒ nοuρöyθø9$#uρ $x¢Á9$#̈βÎ & ﴾íΟŠÎ=tã íÏ.$x© ©!$#̈βÎ*sù #Zöyz tí§θsÜs? ⎯tΒuρ 4 $yθÎγÎ/ š’§θ©Ütƒ βrفواالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة. قالت :بئس ما قلت يا ابن أختي ,إن هذه لو كانت كماَّأولتها عليه كانت لا جناح عليه أن لا يتطوف بهما ,ولكنها أنزلت في الأنصار كانوا قبل أن منَََّ أهليهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل ,فكانَْيسلمواُُِّ ) (١سورة :البقرة ,الآية ).(١٥٦ نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة فأنزل االله تعالى⎯ÏΒ nοuρöyθø9$#uρ $x¢Á9$#̈βÎ)﴿ : ©tí§θsÜs? ⎯tΒuρ 4 $yθÎγÎ/ š’§θ©Ütƒ βr& Ïμø‹n=tã yy$oΨã_ Ÿξsù tyθtFôã$# Íρr& |MøŠt7ø9$# ¢kym ô⎯yθsù ( «!$# ÌÍ←!$yèx .﴾íΟŠÎ=tã íÏ.$x© ©!$#̈βÎ*sù #Zöyz قالت عائشة > :وقد سن رسول االله الطواف بينهما ,فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما. ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن فقال :إن هذا لعلم ما كنت سمعته, ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يذكرون أن الناس −إلا من ذكرت عائشة −ممن كان يهل بمناة كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة فلما ذكر االله تعالى الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن قالوا: يا رسول االله ,كنا نطوف بالصفا والمروة ,وإن االله أنزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا فهل علينا من حرج أن نطوف بالصفا والمروة? فأنزل االله تعالى ﴿)yy$oΨã_ Ÿξsù tyθtFôã$# Íρr& |MøŠt7ø9$# ¢kym ô⎯yθsù ( «!$# ÌÍ←!$yèx© ⎯ÏΒ nοuρöyθø9$#uρ $x¢Á9$#̈βÎ .﴾íΟŠÎ=tã íÏ.$x© ©!$#̈βÎ*sù #Zöyz tí§θsÜs? ⎯tΒuρ 4 $yθÎγÎ/ š’§θ©Ütƒ βr& Ïμø‹n=tã قال أبو بكر :فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا بالجاهلية بالصفا والمروة ,والذين يطوفون ثم تحرجوا والدليل من قولها الأول > لعروة −كما يقول القرافي −أن نفي الحرج إثبات للجواز ,وثبوت الجواز لا ينافي الوجوب ,بل الجواز من لوازم الوجوب ,فلو نفي الحرج عن الترك أبطل الوجوب).(٢ وتحريرها السابق > من دقيق علمها وفهمها الثاقب وكبير معرفتها بدقائق الألفاظ; لأن الآية الكريمة ما دل لفظها إلا على رفع الجناح عمن يطوف بهما ,وليس فيه دلالة على عدم وجوب السعي ولا على وجوبه).(٣ ومما جاء مفيدا سبب نزول الآية حديث أحمد بن محمد أخبرنا عبد االله أخبرنا عاصم قال :قلت لأنس بن مالك :أكنتم تكرهون السعي بين الصفا والمروة? قال :نعم; لأنها كانت من شعائر الجاهلية حتى أنزل االله ﴿)$x¢Á9$#̈βÎ ) (١أخرجه باللفظ السابق البخاري في كتاب :الحج ,باب :وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر االله ) ,(١٥٦١وأخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :في الكعبة والمسجد والصفا والمروة ) (٤١٦من طريق أبي عبيدة قال :بلغني عن عروة بن الزبير بسياق مختصر. ) (٢القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥٠ ) (٣النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٩ص.٢١ وذكر الحافظ ابن حجر أنه رو￯ النسائي بإسناد قوي عن زيد بن حارثة قال :كان على الصفا والمروة صنمان من نحاس يقال لهما أساف ونائلة كان المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما).(٢ وقد سعيت إلى أن أجد الرواية السابقة في سنن النسائي الصغر￯ منهما والكبر￯ فلم أجد إلا رواية في السنن الكبر￯ وهي خلو من الشاهد إذ جاءت دون ذكر الصفا والمروة ولفظها :وكان صنمان من نحاس يقال لهما إساف ونائلة).(٣ بل ظاهرها متفق مع روايات كثيرة تنص على أن الصنمين المذكورين كانا في المطاف لا على الصفا والمروة. وعلى الأحوال كلها قد تواترت الأخبار بما يفيد علم اليقين أن النبي  قد سعى بين الصفا والمروة من حيث الجملة ,مما يفيد مشروعية السعي, ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :ما جاء في السعي بين الصفا والمروة ).(١٥٦٥ ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٥٠٠ ) (٣النسائي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٥٤ بأحوال السالفين الذين صدق توكلهم على االله كما في حديث ابن عباس إذ قال: وجعلت أم إسماعيل ]بعدما تركها إبراهيم وابنها بواد غير ذي زرع[ ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلو￯ −أو قال :يتلبط −فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل تر￯ أحدا فلم تر أحدا. فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ,ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل تر￯ أحدا فلم تر أحدا ففعلت ذلك سبع مرات. قال ابن عباس :قال النبي :فذلك سعي الناس بينهما).(١ )(٢ والسعي مع مشروعيته السابقة إلا أنه غير مشروع بالإطلاق للتنفل ) (١أخرجه البخاري ,في كتاب :الأنبياء ,باب :يزفون النسلان في المشي ).(٣١٨٤ ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص ,٤٩٩والعيني ,البناية ,ج ,٤ص.٢١٠ وذكر بعض الفقهاء هنا مسألة المفاضلة بين الصفا والمروة ,فقال إن مما فضلت به المروة على الصفا أن الساعي يزورها من الصفا أربعا ,أما الصفا فيزورها من المروة ثلاثا ,وما كانت العبادة فيه أكثر كان أفضل).(١ والقائلون بأفضلية الصفا قالوا لأنها تقصد بالذكر والدعاء أربع مرات بخلاف الصفا فإنما تقصد ثلاثا).(٢ وهذا الأخير مبني على رأي من لم يقل بمشروعية الدعاء في آخر الشوط السابع على المروة ,وسيأتي ذكر ذلك وأن في المسألة خلافا. على أنه قد تفضل الصفا على المروة بكونها أقرب إلى البيت من المروة ,ثم إنه يبدأ بها في الطواف ,وبدأ االله بها في الذكر ,والبداءة بالشيء عنوان تشريف وشارة تفضيل. واعترض السابق بأن البداءة بالصفا لبيان الترتيب وضرورته فلا إشعار في تقديمها بأفضليتها ,وبأن البداءة بالشيء لا تستلزم أفضلية المبدأ على ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥٢ ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٥٠٣ قبل نظيره وعدم الاعتداد بمباشرة نظيره قبله يكون أفضل لأنه الأصل وغيره تابع له والضرورة قاضية بتفضيل المتبوع ,وقد بان بالسابق أن الصفا هي الأصل إذ لا يعتد بالمروة قبلها فتكون تابعة لها صحة ووجوبا فكانت الصفا أفضل).(٢ وقد تعقب الخلاف السابق بأنه لا ثمرة له ,والعبادة المتعلقة بهما لا تتم بأحدهما دون الآخر).(٣ ثم إنه لم يدل دليل ظاهر على تفضيل أحد الجبلين على الآخر ,فالسكوت عن هذه المسألة أولى ,على أن منزلتهما ليست في ذاتهما ,بل هما حجران لا يجلبان نفعا ولا يدفعان ضرا ,لكن منزلتهما لما تعبدنا من السعي بينهما. وقد استنبط بعض أهل العلم حكمة لمشروعية السعي وقال إن لهذه الحكمة وجهين: أولهما موافقة هاجر فجعل من شعائر الحج لبقاء الذكر على ما قال ) (١الرملي ,نهاية المحتاج ,ج ,٣ص.٢٩٢ ) (٢الرملي ,نهاية المحتاج ,ج ,٣ص.٢٩٢ ) (٣السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٠٩ تنفيرا).(٢ والناظر لهذه العبادة وكونها قائمة على التردد بين جبلين مشيا حينا لكنِ ْه العقول حقيقتهاوهرولة حينا آخر سبع مرات يدرك أنه لا مجالُِ وعوائدها ولكن َّه التسليم المطلق لأوامر الشارع وما من باعث على الفعل إلا الالتزام بما أراد الخالق والتقرب إليه بما أمر: ﴿ äοuzσø:$# ãΝßγs9 tβθä3tƒ βr& #·øΒr& ÿ...ã&è!θßTMu‘uρ a!$# ©|Ós% #sŒÎ) >πuΖÏΒ÷σãΒ Ÿωuρ 9⎯ÏΒ÷σßθÏ9 tβ%x. $tΒuρ )(٣ ﴾∩⊂∉∪ $YΖÎ7•Β Wξ≈n=|Ê̈≅|Ê ô‰s)sù ...ã&s!θßTMu‘uρ ©!$# ÄÈ÷ètƒ ⎯tΒuρ 3 öΝÏδÌøΒr& ô⎯ÏΒ فما على الساعي بعد ذلك –كما قال بعض أهل العلم −إلا أن يتفكر حال تردده بين الصفا والمروة مشيا وسعيا في علو عظمة االله تعالى وتكليفه العباد بهذه الطاعة التي لا يهتدي إلى درك معناها عقل ,ولا يعرف لها في مألوف العبادة نظير ولا مثل ,فكل عبادة غيرها للعقل في فهم معناها مجال. ) (١سورة :الشعراء ,الآية ).(٨٤ ) (٢ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٧٦ ) (٣سورة :الأحزاب ,الآية ).(٣٦ الطباع بل تستنكف منه ,ويعد الفاعل له في غير ذلك الوقت مجنونا. ثم إن النفوسَت َلت ُّذ بفعله في ذلك الحال ويأخذها إذا لابسته شبه الطرب ,ولا يفتر أحد من الرؤساء أو الملوك ,بل يكابد في فعله مجاهدة نفس ولا تجد له كراهية ,ثم إذا انقضى وقته وتم فعله لو بذل لآحاد هؤلاء بذل على أن يأتي بمثل ذلك الفعل ولو في ذلك المحل بعينه منفكا عن النسك ومجردا عن الإحرام لم يصغ إلى ذلك ,فسبحان من أذعنت النفوس لعزته, وانقادت العقول في عنان عبوديته).(١ ومن أهل العلم من قال إن حكمة السعي بين الصفا والمروة أن هاجر أم إسماعيل > سعت بينهما السعي المذكور وهي في أشد حاجة وأعظم فاقة إلى ربها; لأنها تنظر إلى ثمرة كبدها إسماعيل وهو يتلو￯ من العطش في بلد لا ماء فيه ولا أنيس. وهي أيضا في جوع وعطش في غاية الاضطرار إلى خالقها جل وعلا, وهي من شدة الكرب تصعد على هذا الجبل فإذا لم تر شيئا جرت إلى الثاني ) (١ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٧٣ خالقهم ورازقهم كحاجة تلك المرأة وفقرها في ذلك الوقت الضيق والكرب العظيم إلى خالقها ورازقها. وليتذكروا أن من كان يطيع االله كإبراهيم ~ لا يضيعه ولا يخيب دعاءه ,وهذه حكمة بالغة ظاهرة دل عليها حديث صحيح).(١ ) (١الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٤ص ,٤٨١والرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٤ص.١٤٤ تقدم في المبحث السابق أن السعي بين الصفا والمروة أمر قد اتفقت الكلمة على مشروعيته من حيث الجملة لكن للفقهاء خلاف في حكمه على أقوال ثلاثة ,والخلاف شامل للسعي في الحج والعمرة ,ولم يفرق أحد من المختلفين بينها ,وأغرب ابن العربي فقال إن كون السعي ركنا في العمرة محل اتفاق بين أهل العلم).(١ القول الأول :ذهب جماعة من الفقهاء إلى أن السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج والعمرة لا يتم الحج ولا العمرة إلا به ,ولا يجبر بدم).(٢ فإن ترك منه شوطا واحدا بل ذراعا من شوط واحد كان على إحرامه − ) (١لم أجد ذلك فيما بين يدي من كتب العلامة ابن العربي ,لكن نسب إليه ذلك الحافظ ابن حجر .ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٤٩٩ ) (٢ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص ,٢٨١والطبري ,جامع البيان ,ج ,٢ص ,٥٠وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٢٠والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٥٥وعبد الوهاب البغدادي ,الإشراف ,ج ,١ص ,٤٧٨والجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص,٣٠٢ والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٨١وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩٤وابن العربي, القبس ,ج ,٢ص.٥٤٥ لو أن رجلا ترك السعي بين الصفا والمروة متعمدا لرأيت عليه الحج من قابل; لأنه من المشاعر ,وقد صنعه رسول االله والمهاجرون من بعده).(٢ والإلزام بالحج من قابل سببه توقيت السعي بزمان لا يصح تأخيره عنه, ومن أخره عنه كان تاركا له ,وهو ركن فيكون تاركه مبطلا لحجه فيلزمه القضاء ,وهذا التوقيت قول لبعض أهل العلم ,ومنهم من لا ير￯ له وقتا. كما رجح هذا القول الشيخ خلفان بن جميل السيابي إذ إنه ذكر القول المشهور في المذهب وهو الوجوب مع إجزاء الدم عنه إن ترك ,ثم ذكر القول الثاني القاضي بالركنية ثم قال: وحجه يتم لا ينهدمتاركه عليه قد قيل دم حج لمن يتركه تعمداوقيل فرض لا يتم أبدا وذهب الأكثر للإيجابوأول القولين للأصحاب لما به عن النبي ينقلوإنني إلى الوجوب أميل ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٥ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٩٢ الدليل الأول :أن االله قد نص صريحا بكونه من شعائر االله إذ قال ̈βÎ)﴿ : ,﴾ «!$# ÌÍ←!$yèx© ⎯ÏΒ nοuρöyθø9$#uρ $x¢Á9$#وشعائر االله تعالى واجبة) ,(٢قال االله تعالى: ﴿.(٣)﴾«!$# uÈ∝ ̄≈yèx© (#θ=ÏtéB Ÿω (#θãΖtΒ#uTM t⎦⎪Ï%©!$# $pκš‰r' ̄≈tƒ الدليل الثاني :فعل النبي (٤)فقد نص جابر بن عبد االله على ذلك يوم حجة الوداع كما في حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن جابر بن عبد االله قال :رأيت رسول االله رمل إلى الحجر الأسود حتى انتهى إليه في ثلاثة أطواف ,فإذا وقف على الصفا كبر ثلاثا ويقول: لا إله إلا االله وحده لا شريك له ,له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. ويصنع على المروة مثل ذلك ثلاثا ثلاثا ,وإذا نزل من على الصفا مشى حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى يخرج منه ,ونحر بعض ) (١السيابي ,سلك الدرر ,ج ,١ص.٣٢٣ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٦ ) (٣سورة :المائدة ,جزء من الآية ).(٢ ) (٤القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥٠ طارق بن شهاب عن أبي موسى قال :بعثني النبي إلى قوم باليمن فجئت وهو بالبطحاء فقال :بم أهللت? قلت :أهللت كإهلال النبي . قال :هل معك من هدي? قلت :لا ,فأمرني فطفت بالبيت وبالصفا والمروة ,ثم أمرني فأحللت).(٢ الدليل الرابع :حديث رسول االله :أيها الناس اسعوا; فإن االله قد كتب عليكم السعي. قالوا :وهذا إخبار عن وجوبه بأبلغ ألفاظ الوجوب وآكدها وهو كونه مكتوبا).(٣ لكن الاستدلال بهذا الحديث فيه شيء من النظر ,فالحديث به من الاضطراب في إسناده ومتنه ما يقضي بضعف الاستدلال به. ) (١أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :في الكعبة والمسجد والصفا والمروة ).(٣١٤ ) (٢أخرجه البخاري ,في كتاب :الحج ,باب :من أهل في زمن النبي كإهلال النبي  ).(١٤٨٤ ) (٣عبد الوهاب البغدادي ,الإشراف ,ج ,١ص.٤٧٨ قالت :كانت لنا صفة في الجاهلية قالت: فاطلعت من كوة بين الصفا والمروة فأشرفت على رسول االله وإذا هو يسعى ويقول لأصحابه: اسعوا; فإن االله تعالى كتب عليكم السعي ,قالت :رأيته في شدة السعي يدور الإزار حول بطنه حتى رأيت بياض إبطيه وفخذيه. أخرجه الحاكم من طريق الخليل بن عمر عن ابن أبي نبيه) ,(١وأخرجه ابن خزيمة من طريق الخليل بن عثمان قال :سمعت عبد االله بن بنيه عن جدته صفية بنت شيبة عن جدتها بنت أبي تجزأة قالت).(٢ وهذه الطريق ليست بحجة إذ خليل بن عمر أو عثمان مجهول ,كما أن عبد االله بن نبيه لا يعدو حاله حال سابقه ,فيسقط الاحتجاج بهذه الطريق. وجاء من حديث يونس بن محمد المؤدب ثنا عبد االله بن المؤمل المكي عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن حدثني عطاء بن أبي رباح عن حبيبة بنت أبي ) (١الحاكم ,المستدرك ,ج ,٤ص.٧٩ ) (٢ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.٢٣٢ الصفا والمروة وهو يسعى يدور به إزاره من شدة السعي وهو يقول لأصحابه :اسعوا; فإن االله كتب عليكم السعي).(١ وهذه الطريق ضعيفة لا تثبت فعبد االله بن المؤمل ممن ليس بحجة في الرواية ,فقد قال أحمد عنه :أحاديث عبد االله بن المؤمل مناكير ,وقال أبو حاتم :ليس بذاك ,وقال يحيى بن معين :ضعيف ,وقال أبو زرعة :ليس بقوي).(٢ وقال ابن حبان :كان قليل الحديث منكر الرواية لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد).(٣ وللنكارة السابقة التي تكتنف أحاديث عبد االله بن المؤمل اضطرب فيه كثيرا جدا ,فقد أسقط في الإسناد السابق صفية بنت شيبة التي روت الحديث عن حبيبة. كما أنه جاءت روايات عنه بإسقاط شيخه ابن محيصن كما عند أحمد من ) (١الحاكم ,المستدرك ,ج ,٤ص.٧٩ ) (٢ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٥ص ,١٧٥وابن عدي ,الكامل ,ج ,٤ص.١٣٥ ) (٣ابن حبان ,المجروحين ,ج ,٢ص.٢٨ ورواه الطبراني بإسقاط عطاء كما في حديث عبد االله بن المؤمل عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن عن صفية بنت شيبة قالت :حدثتنا حبيبة بنت أبي تجراة).(٢ كما جاء من طريق عبد الرزاق أخبرنا معمر عن واصل مولى أبي عيينة عن موسى بن عبيدة عن صفية بنت شيبة أن امرأة أخبرتها أنها سمعت النبي بين الصفا والمروة يقول :كتب عليكم السعي فاسعوا. والاضطراب السابق –على أنا لم نستقصه −يضعف الحديث ويقصيه عن مراتب القبول ,لذا قال الحافظ ابن القطان ممثلا على اضطراب ابن المؤمل: فهذا اضطراب بإسقاط عطاء تارة ,وابن محيصن أخر￯ ,وصفية بنت شيبة أخر￯ ,وإبدال ابن محيصن بابن أبي حسين أخر￯ ,وجعل المرأة عبدرية تارة ,ومن أهل اليمن أخر￯ ,في الطواف تارة وفي السعي بين الصفا والمروة أخر￯).(٣ ) (١أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,٤ص.٤٢١ ) (٢الطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,٢٤ص.٢٢٥ ) (٣نقل ذلك عنه الزيلعي ,نصب الراية ,ج ,٣ص.٥٥ وهذه الطريق بها موسى بن عبيدة الربذي ذكرناه سابقا وقلنا إنه ليس بحجة في الرواية ,وأحاديثه لا تثبت. كما جاء الحديث من طريق مهران بن أبي عمر ثنا سفيان ثنا المثنى بن الصباح عن المغيرة بن أبي حكيم عن صفية بنت شيبة عن تملك قالت: نظرت إلى رسول االله وأنا في غرفة لي بين الصفا والمروة وهو يقول :إن االله كتب عليكم السعي فاسعوا. وقد أخرجه الطبراني) ,(٣والمثنى بن الصباح ذكرناه من قبل وقلنا إنه ليس بحجة في الرواية. وفي هذا الإسناد علة أخر￯ وهي مهران بن أبي عمر وهو الرازي العطار ,قال البخاري :في حديث اضطراب).(٤ نص على اضطرابه فيها مما يزيد الحديثورواية مهران عن الثوري قدَُّ ) (١أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,٦ص.٤٣٧ ) (٢ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.٢٣٣ ) (٣الطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,٢٤ص.٢٠٦ ) (٤البخاري ,التاريخ الكبير ,ج ,٧ص ,٤٢٩والضعفاء الصغير ,ص.١١١ شيخا مسلما كتبت عنه وكان عنده غلط كثير في حديث سفيان).(٢ الدليل الخامس :حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت لعروة :ما أتم االله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة ,وفي رواية أخر￯ قالت :فلعمري ما أتم االله حج من لم يطف بين الصفا والمروة, والروايتان أخرجهما مسلم).(٣ ووجه الدلالة من السابق أن عائشة > لا تقسم على ذلك وتقطع به إلا أن معنى الآية غير محتمل ,والتأويل فيها غير سائغ).(٤ واعترض بأنه لو كان لقول السيدة عائشة > حكم الرفع لكان خير دليل على الركنية ,ولكن يشكل عليه خلاف غيرها لها مما يعني أنه رأي لها استنبطته وقد يخالفها غيرها فيه. ) (١العقيلي ,الضعفاء ,ج ,٤ص.٢٢٩ ) (٢ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٨ص.٣٠١ ) (٣أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به ).(١٢٧٧ ) (٤الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٦ بينهما على قولها قد سن رسول االله الطواف بينهما وهو صريح في أن قولها ليس لأحد أن يترك الطواف بينهما لأجل أنه سن الطواف بينهما. ودل هذا الترتيب بالفاء على أن مرادها بأنه سنة أنه فرضه بسنته كما جزم به ابن حجر في الفتح مقتصرا عليه مستدلا له بأنها قالت :ما أتم االله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة. فقولها إن الن َّبي سن الطواف بينهما ,وترتيبها على ذلك بالفاء ,وقولها فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما ,وجزمها بأنه لا يتم حج ولا عمرة إلا بذلك دليل واضح على أنها إنما أخذت ذلك مما سنه رسول االله لا برأي منها).(١ الدليل السادس :حديث عبد العزيز بن محمد عن عبيد االله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال :قال رسول االله : من أحرم بالحج والعمرة أجزاه طواف واحد وسعي واحد عنهما حتى يحل منهما جميعا. ) (١الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٤ص.٤٢٢ والحديث أخرجه الترمذي) ,(٢وابن ماجه) ,(٣وهو صحيح الإسناد عن ابن عمر ,ولكن تعارض فيه الرفع والإرسال ,وقد ذكرناه سابقا في الجزء الثاني من هذا الكتاب عند بحث أنواع النسك ,وقد تقدم أن الأرجح فيه الوقف على ابن عمر ,والرفع شذوذ فيضعف الحديث بسببه. لكن جاء في حديث إبراهيم بن نافع حدثني عبد االله بن أبي نجيح عن مجاهد عن عائشة > أنها حاضت بسرف فتطهرت بعرفة فقال لها رسول االله :يجزي عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك).(٤ الدليل السابع السعي مشي ذو عدد سبع فوجب أن يكون ركنا في الحج كالطواف).(٥ الدليل الثامن :السعي مشي نسك يتنوع نوعين فوجب أن يكون ركنا ) (١الشنقيطي ,أضواء البيان ,ج ,٤ص.٤٢٨ ) (٢الترمذي ,كتاب :الحج ,باب :ما جاء أن القارن يطوف طوافا واحدا ).(٩٤٨ ) (٣ابن ماجه ,كتاب :المناسك ,باب :طواف القارن ).(٢٩٧٥ ) (٤مسلم في كتاب :الحج ,باب :بيان وجوه الإحرام ).(١٢١١ ) (٥عبد الوهاب البغدادي ,الإشراف ,ج ,١ص.٤٧٨ كالإحرام).(٢ الدليل العاشر :أن السعي نسك في الحج والعمرة ,فوجب أن يكون ركنا من شرائطها كالإحرام والطواف ,ولا يدخل عليه الحلق; لأنه ليس بنسك على أحد القولين).(٣ الدليل الحادي عشر :السعي أشواط شرعت في بقعة من بقاع الحرم ,أو يؤتى به في إحرام كامل فكان جنسها ركنا كطواف الزيارة ,ولا يلزم طواف الصدر; لأن الكلام للجنس لوجوبه مرة).(٤ القول الثاني :السعي بين الصفا والمروة واجب ليس بركن ,وعليه فهو يجبر بالدم).(٥ ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٦ ) (٢عبد الوهاب البغدادي ,الإشراف ,ج ,١ص.,٤٧٨ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٥٦وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٤ ) (٤الرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٤ص.١٤٥ ) (٥ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص ,٢٨١والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧١والكندي, بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٩٨والجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,١١٨وابن العربي, أما من ترك أقل السعي فلا يلزمه دم عندهم بل يطعم عن كل شوط مسكينا نصف صاع من حنطة ,أو صاعا من تمر أو شعير إلا أن يبلغ ذلك دما فينقص منه ما شاء. وهذا كله إذا رجع إلى بلده ,أما إن لم يرجع إلى بلده فما دام بمكة فإنه يسعى ,فإذا رجع فالدم أحب إلى أبي حنيفة من الرجوع إلى مكة. وعلة تفضيل الدم على الرجوع هي أنه إذا رجع كان مؤديا السعي في إحرام آخر غير الإحرام الذي أد￯ به الحج ,وإن أراق دما انجبر به النقصان الواقع في الحج. ولأن في إراقة الدم توفير منفعة اللحم على المساكين فهو أولى من الرجوع للسعي).(١ القبس ,ج ,٢ص ,٥٤٥وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩٤والعيني ,البناية ,ج,٤ ص ,٢٠٧والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,١٤٦وشيخنا الخليلي ,الفتاو￯, الكتاب الأول ,ص ٣٧٥وقد نسبه لأكثر علماء المذهب الإباضي. ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.٥٢ حال الإحرام ,لما علم من أن الساعي لو سعى بعد الإحلال والجماع لأجز￯ عنه ,وكذلك بعد أشهر الحج; لأنه غير موقت. ولهم أدلة على القول السابق منها الآية التي احتج بها من يقولون إن السعي سنة وليس بواجب ولا ركن ,وقالوا إن رفع الجناح يستعمل للإباحة ,وما دام مستعملا للإباحة فينفي الركنية والوجوب. واختلفوا في سبب العدول عن الإباحة إلى الإيجاب ,منهم من قال بحديث "إن االله كتب عليكم السعي فاسعوا" ,وقد تقدم تخريجه في أدلة القائلين بالركنية. ومنهم من قال إن العدول إلى الإيجاب كان بأول الآية وهو قوله "إن الصفا والمروة من شعائر االله"; لأن الشعائر جمع شعيرة ,وهي العلامة, وذلك يكون فرضا ,ومنهم من قال إن العدول كان بسبب الإجماع).(٢ الدليل الثاني :أن فرض الحج مجمل في كتاب االله; لأن الحج في اللغة ) (١ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٨٢ ) (٢العيني ,البناية ,ج ,٤ص.٢٠٨ حكم المجمل وهو الوجوب. ذلكم دليل كونه واجبا ,أما دليل كونه ليس بركن فحديث الشعبي عن عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام الطائي قال :أتيت رسول االله  بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت: يا رسول االله ,إني جئت من جبلي طيء أكللت راحلتي ,وأتعبت نفسي, واالله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه. فهل لي من حج فقال رسول االله :من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد أتم حجه وقضى تفثه).(١ ووجه الدلالة من السابق أن النبي لم يذكر السعي ,ولو كان ركنا لما وسعه إلا ذكره; لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع).(٢ ومما يدل على الوجوب حديث طارق بن شهاب عن أبي موسى قال: ) (١أخرجه الترمذي في كتاب :الحج ,باب :ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج ) ,(٨٩١وقال :حسن صحيح. ) (٢الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص.١١٩ قال :هل معك من هدي? قلت :لا ,فأمرني فطفت بالبيت وبالصفا والمروة ,ثم أمرني فأحللت فأتيت امرأة من قومي فمشطتني أو غسلت رأسي).(١ ووجه الدلالة منه أن النبي أمره بالسعي ,والأصل في الأمر أنه للوجوب. وتتوجه الاستدلالات السابقة على مذهب الحنفية المفرقين بين الفرض والواجب ,والسعي بين الصفا والمروة جاء بالأدلة السابقة وهي غير قطعية فيكون واجبا لا فرضا. ومن قواعدهم أن الواجب يجبر بالدم ,والفرض لا يقوم الدم مقامه كما ذكرنا ذلك من قبل. أما من قال بوجوبه دون ركنيته من غيرهم كابن قدامة من الحنابلة فاستدل بأن الأدلة التي استدل بها القائلون بالركنية تفيد مطلق الوجوب, ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :من أهل في زمن النبي كإهلال النبي  ).(١٤٨٤ ورو￯ ابن أبي شيبة عن يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال :إن شاء سعى بين الصفا والمروة ,وإن شاء لم يسع ,كما رو￯ عدم الوجوب عن عطاء).(٣ وقد احتجوا لقولهم هذا بأدلة: أولها :قوله تعالىÍρr& |MøŠt7ø9$# ¢kym ô⎯yθsù ( «!$# ÌÍ←!$yèx© ⎯ÏΒ nοuρöyθø9$#uρ $x¢Á9$#̈βÎ)﴿ : .﴾íΟŠÎ=tã íÏ.$x© ©!$#̈βÎ*sù #Zöyz tí§θsÜs? ⎯tΒuρ 4 $yθÎγÎ/ š’§θ©Ütƒ βr& Ïμø‹n=tã yy$oΨã_ Ÿξsù tyθtFôã$# ووجه الدلالة منه أن رفع الجناح في الطواف بهما يدل على أنه مباح لا واجب).(٤ كما جاء في بعض القراءات الشاذة أن لا يطوف بهما وهي نص في الباب, ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٤ ) (٢ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص ,٢٨١والطبري ,جامع البيان ,ج ,٢ص ,٤٩وابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٢٢٢وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٤ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٢٨١ ) (٤النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٨٢وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٤ لركن من أركان الحج لم يكن ركنا في الحج كالمبيت بمزدلفة لما كان تبعا للوقوف بعرفة لم يكن ركنا في الحج).(٢ الدليل الثالث :السعي يتكرر وليس من شرطه المسجد ,فوجب أن لا يكون ركنا كرمي الجمار).(٣ الدليل الرابع :أنه نسك ذو عدد لا يتعلق بالبيت فلم يكن ركنا كالرمي).(٤ وقد اعترض على الاستدلال بالآية بما ذكرته السيدة عائشة > من سبب النزول ,وقد تقدم ذكره. ثم إن اللفظ الدال على القدر المشترك بين الأقسام لا دلالة فيه على ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٥٥والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٨٢وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٤ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٦ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٦ ) (٤ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٤ أما القراءة الشاذة المحتج بها فأخرجها الطحاوي) (٢والطبري) (٣من حديث يوسف بن يزيد قال :حدثنا حجاج بن إبراهيم قال :حدثنا عيسى بن يونس عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن ابن عباس أنه كان يقرأ: "إن الصفا والمروة من شعائر االله ,فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما. واعترض على الاستدلال بالقراءة أنها شاذة ولا حجة فيها).(٤ وبيان ذلك أن لأهل العلم خلافا في القراءة الشاذة أهي حجة في التشريع أو ليست بحجة) ,(٥وعلى القول بحجيتها تقيد هذه الحجية بما لم تعارض القراءة المتواترة; لأن القراءة المتواترة حجة بالاتفاق. ) (١الرازي ,مفاتيح الغيب ,ج ,٤ص.١٤٥ ) (٢الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,١٠ص.٨٩ ) (٣الطبري ,تفسير الطبري ,ج ,٢ص.٤٩ ) (٤الطبري ,جامع البيان ,ج ,٢ص ,٥١والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٤٧ ) (٥الجويني ,البرهان ,ج ,١ص ,٤٢٧والإسنوي ,التمهيد ,ص ,١٤١والزركشي ,البحر المحيط ,ج ,١ص ,٣٨٣وبادشاه ,تيسير التحرير ,ج ,٣ص.٩ لكن يجب علينا العمل بالمنقول الغير المتواتر في المواضع التي لم يعارض المتواتر).(١ والحال هنا أن التعارض بين القراءة المتواترة والشاذةِّبين جلي ,فأي تعارض أكبر من التعارض بين النفي والإثبات ,وهذا يقضي ببطلان الاحتجاج بالقراءة الشاذة المذكورة في هذا الدليل. ثم إن من الجائز أن تكون )لا( زائدة أو على الصلة كما يسميها كثير من أهل العلم ,وعليه فيرجع معنى الآية على التأويل الذي ذكرته السيدة عائشة > ,وتتفق بذلك القراءتان. وكون الأحرف قد تزيد في الكتاب العزيز لمعنى أراده االله أمر شائع, ومن ذلك قوله تعالى⎯ÏiΒ &TMó©x« 4’n?tã tβρâ‘ωø)tƒ ωr& É=≈tGÅ6ø9$# ã≅÷δr& zΟn=÷ètƒ ξy∞Ïj9 ﴿ : )(٢ ﴾ ∩⊄®∪ ËΛ⎧Ïàyè9ø $# È≅ôÒxø9$# ρèŒ a!$#uρ 4 âTM!$t±o„ ⎯tΒ Ïμ‹Ï?÷σム«!$# ωu‹Î/ Ÿ≅ôÒxø9$#̈βr&uρ «!$# È≅ôÒsù والشاهد هنا هو قوله لئلا مع أن المراد ليعلم أهل الكتاب كما هو معلوم ) (١السالمي ,طلعة الشمس ,ج ,١ص.٣١ ) (٢سورة :الحديد ,الآية ).(٢٩ والمعنى أنهم يرجعون فزاد )لا(. ومن الباب السابق قوله تعالىtΑ$s% ( y7è?ós∆r& øŒÎ) y‰àfó¡n@ ωr& y7yèuΖtΒ $tΒ tΑ$s% ﴿ : &.(٢)﴾∩⊇⊄∪ &⎦⎫ÏÛ ⎯ÏΒ ...çμtGø)n=yzuρ 9‘$ ̄Ρ ⎯ÏΒ ©Í_tFø)n=yz çμ÷ΖÏiΒ ×öyz O$tΡr والمعنى المراد ما منعك أن تسجد ,فزاد )لا( في السياق).(٣ وبالتحرير السابق تتفق القراءة الشاذة مع القراءة المتواترة صحيحة المعنى. وأما ثاني أدلتهم فيرده أن طواف الإفاضة لا يجوز إلا بعد الوقوف ,وهو ركن كالوقوف).(٤ أما ثالث الأدلة وهو قياسهم على الرمي ,فالمعنى في الرمي أنه تابع ) (١سورة :الأنبياء ,الآية ).(٩٥ ) (٢سورة :الأعراف ,الآية ).(١٢ ) (٣الطحاوي ,شرح مشكل الآثار ,ج ,١٠ص ,٩٠والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج,٤ ص ,١٥٧وأبو حيان ,البحر المحيط ,ج ,١ص ,٦٣١وابن حجر ,فتح الباري ,ج,٣ ص ,٤٩٩والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٤٧ ) (٤الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٧ يكن السعي تابعا كان ركنا).(١ ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٧ وقد تقدم الكلام فيها من قبل عند الكلام على نية الطواف ,فمن مشى بين الجبلين دون نية السعي لم يصح سعيه; إذ الأعمال بالنيات كما نص على ذلك النبي . والنية مشروطة للسعي كله فلو أعرض عن نية السعي ومشى مسافة ثم رجع إليها لم يجزه ما قطعه دون نية السعي ولزمه أن يسعى. المطلب الثاني :كون السعي بعد طواف صحيح وعلى السابق من لم يصح طوافه وسعى كان سعيه غير صحيح) ,(١وقد نقل غير واحد الإجماع على السابق) ,(٢قال الشيخ محمد بن إبراهيم الكندي: ومن سعى بين الصفا والمروة قبل أن يطوف فهو بمنزلة من لم يسع ,وإن كان بمكة فعليه أن يعيد ,وإن كان قد أتى بلده فعليه دم يهرقه بمكة شرفها ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٩١والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٩والنووي, المجموع ,ج ,٨ص ,٧٧وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩٤والقرافي ,الذخيرة ,ج,٣ ص.٢٥٢ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٥٧والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٧٧ قول من قال إن السعي واجب يجبر بالدم. وقد تقدم قبل أن الحنفية يعتدون بأكثر الطواف ,فلذا يقيدون الأمر هنا بعد أكثر الطواف ,ولا يشترطون كله).(٢ ودليل السابق أن النبي ما سعى إلا بعد الطواف كما لم يسجد إلا بعد ركوع ,وقد قال "لتأخذوا عني مناسككم". ولو جاز السعي من غير أن يتقدمه طواف لفعله ولو مرة ليدل به على الجواز).(٣ كما أن الطواف بالبيت نسك لا يقع إلا الله عز وجل فجاز فعله متفردا, والسعي بين الصفا والمروة قد يفعل الله عز وجل ولغير االله عز وجل وهو أن يسعى بينهما في حاجة عارضة أو أمر سانح فافتقر إلى طواف يتقدمه; ليمتاز ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.٢٠٢ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٥١وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص,١٢٨٧ والعثماني ,إعلاء السنن ,ج ,٧ص.٣٠٥٣ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٧ عارض ,وقد ذكر الفقهاء ذلك كما نقلنا عنهم في فصل الطواف. واستدل بعضهم للسابق بأن السعي شرع لإكمال الطواف وأنه تبع; فإن االله تعالى شرع السعي عقيب الطواف لا قبله فقال تعالى: ﴿)Ïμø‹n=tã yy$oΨã_ Ÿξsù tyθtFôã$# Íρr& |MøŠt7ø9$# ¢kym ô⎯yθsù ( «!$# ÌÍ←!$yèx© ⎯ÏΒ nοuρöyθø9$#uρ $x¢Á9$#̈βÎ &.(٢)﴾ íΟŠÎ=tã íÏ.$x© ©!$#̈βÎ*sù #Zöyz tí§θsÜs? ⎯tΒuρ 4 $yθÎγÎ/ š’§θ©Ütƒ βr ووجه الدلالة من السابق أن االله ذكر بحرف الفاء وأنها للتعقيب فكان تبعا ,والتبع لا يتقدم على المتبوع).(٣ ومما قد يدل على السابق وأن السعي لا يصح إلا بعد طواف صحيح – ولم أجد من ذكره −فعل السيدة عائشة > في حضرة النبي إذ إنها لم تطف بالبيت لحيضها ,ولم تسع أيضا مع أن النبي نص لها أنها غير ممنوعة مما يفعله الحاج كله إلا من الطواف بالبيت ,ولو كان السعي يصح لطافت أخذا ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٧ ) (٢سورة :البقرة ,الآية ).(١٥٨ ) (٣ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٨٧ تفترض في أمور ثلاثة: أولها رغبتها عن السعي ,وثانيها الحيض الذي تلبست به ,وثالثها كونها لم تطف. أما أول الأمور فلا يصلح مانعا; لأنه ثبت بالنص أن النبي دخل عليها وهي تبكي لعدم قدرتها على الطواف بسبب الحيض ,وهذا يفيد أنها راغبة في السعي لا راغبة عنه. أما ثاني الأمور فلا يصلح مانعا كذلك لأنه ذكر غير واحد من أهل العلم الإجماع –كما سيأتي −على أن السعي لا يشترط له الطهارة بل للحائض أن تسعى ,ومع ذلك لم تسع السيدة عائشة ,وليس لذلك من سبب إلا أنها لم تطف. فضلا عن أن ظاهر الحديث لم يمنعها من السعي بل أفاد بعمومه جوازه. وقد ثبت عنها > بالنص جواز السعي بين الصفا والمروة مع التلبس بالحيض كما في حديث أبي الأحوص عن طارق قال :طافت امرأتي وصلت ركعتين ثم حاضت قبل أن تطوف بين الصفا والمروة فأمرتها أن تطوف بين الصفا والمروة فسمعتني امرأة وأنا آمرها بذلك فقالت: الصفا والمروة).(١ وعليه فلا يبقى من العلل إلا كونها لم تطف طوافا صحيحا. وكونها > لم تسع يفيده تصريحها كما في حديث عبد االله بن يوسف أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة > أنها قالت: قدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ,قالت: فشكوت ذلك إلى رسول االله ,قال :افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري).(٢ وخالف بعض الفقهاء فقالوا بجواز تقدم السعي على الطواف) ,(٣ومن ذلك ما رواه ابن أبي شيبة عن محمد بن جعفر عن أشعث عن الحسن قال :لا يعتد به ,يطوف بالبيت ثم يطوف بين الصفا والمروة. ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٢٩٩ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت ).(١٥٦٧ ) (٣أحمد بن حنبل ,المسائل برواية عبد االله ,ص ,٢١٦والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص,٧٧ وابن مفلح ,الفروع ,ج ,٣ص ,٣٧٣وابن عثيمين ,مجموع الفتاو￯ ,ج ,٢٣ص.٢٠٥ فلا حرج عليه).(٢ ومنهم من قيد جواز تقديم السعي قبل الطواف بطواف الحج ,أما العمرة فلا يصح).(٣ وقد استدل هؤلاء لقولهم بحديث عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير عن الشيباني عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال: خرجت مع النبي حاجا فكان الناس يأتونه فمن قال :يا رسول االله, سعيت قبل أن أطوف ,أو قدمت شيئا أو أخرت شيئا فكان يقول: لا حرج لا حرج ,إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم فذلك الذي حرج وهلك).(٤ ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٢٥١ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٤ ) (٣ابن عثيمين ,مجموع الفتاو￯ ,ج ,٢٣ص.٢١٠ ) (٤أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :باب فيمن قدم شيئا قبل شيء في حجه ).(٢٠١٥ ولا أدري من يريد الشوكاني بقوله السابق. لكن أشار بعض المحدثين إلى شذوذ لفظة "سعيت قبل أن أطوف" ,قال الدارقطني :ولم يقل سعيت قبل أن أطوف إلا جرير عن الشيباني).(٤ وقال البيهقي: هذا اللفظ سعيت قبل أن أطوف غريب تفرد به جرير عن الشيباني ,فإن كان محفوظا فكأنه سأله عن رجل سعى عقيب طواف القدوم قبل طواف الإفاضة فقال :لا حرج).(٥ وبيان السابق أنه أخرجه دون ذكر الشاهد المذكور جماعة منهم عيسى بن يونس قال :حدثنا عثمان بن حكيم عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٨٣ ) (٢ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٠٤٨ ) (٣الشوكاني ,السيل الجرار ,ج ,٢ص.١٩٨ ) (٤الدارقطني ,السنن ,ج ,٢ص.٢٥١ ) (٥البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٤٦ علاقة عن أسامة بن شريك).(٢ ورواه إسحاق بن يوسف قال :ثنا مسعر عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك).(٣ ورواه الإمام أحمد قال :ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك).(٤ ورواه محمد بن محمد التمار ثنا سهل بن بكار قالوا ثنا أبو عوانة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك).(٥ ورواه أبو بكر بن أبي شيبة وهشام بن عمار قالا ثنا :سفيان بن عيينة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك).(٦ ) (١ابن حبان ,صحيح ابن حبان ,ج ,٢ص.٢٣٦ ) (٢ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.٣١٠ ) (٣النسائي ,السنن الكبر￯ ,ج.٣٦٨ ,٤ ) (٤أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,٤ص.٢٧٨ ) (٥الطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,١ص.١٧٩ ) (٦أخرجه ابن ماجه في كتاب :الطب ,باب ما أنزل االله داء إلا أنزل له شفاء ).(٣٤٣٦ ورواه ابن أبي شيبة حدثنا أسباط بن محمد عن الشيباني عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك أن النبي سئل عن رجل حلق قبل أن يذبح قال :لا حرج).(٢ ورواه ابن أبي شيبة عن ابن عيينة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك).(٣ ورواه ابن الجعد عن شيخه علي عن زهير ثنا زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك).(٤ ورواه عيسى بن يونس عن عثمان بن حكيم عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك).(٥ ورواه النعمان بن عبد السلام حدثنا مالك بن مغول عن زياد بن علاقة ) (١الطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,١ص.١٨٢ ) (٢ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج.٣٦٣ ,٣ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج.٣٦٣ ,٣ ) (٤ابن الجعد ,المسند ,ص.٣٧٨ ) (٥الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج,٦ص.٢٦٨ شريك).(٢ ومع السابق يبقى في الاستدلال باللفظة السابقة نظر ,وما بقي إلا الاستدلال بعموم ترخيصه في التقديم والتأخير وقوله لا حرج. والواقع أن هذا العموم لم يقل أحد بظاهره في الأحوال كلها ,لأنه لم يقل أحد بإجزاء طواف من طاف للإفاضة قبل الإحرام بالحج أو قبل يوم التاسع. كما لم يقل أحد بتأخير وقوف عرفة أو تقديمه عن يومه لعموم الحديث القاضي بترخيص النبي في التقديم والتأخير وأنه لا حرج. وحديث أسامة بن شريك كان في عرفات كما يظهر من جمع طرقه السابقة فقد نص عليه في حديث سليمان بن حرب قال :نا شعبة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال :أتيت النبي بعرفات).(٣ وفيه الترخيص العام في التقديم والتأخير قبل اليوم العاشر ,وعليه فهو ) (١الطبراني ,المعجم الصغير ,ج ,١ص.٣٣٧ ) (٢الطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,١ص.١٨٠ ) (٣الضياء المقدسي ,الأحاديث المختارة ,ج ,٤ص.١٦٨ شريك يدفعه أن الحديث كان في اليوم التاسع مما يعني أن السؤال كان عن طواف العمرة إذ لم يبدأ الناس بطواف الإفاضة بعد فكيف يسأل عنه. وما دام الحال كما ذكر فمذهب الجماهير من أهل العلم القاضي باشتراط الطواف لصحة السعي هو الأولى والأقرب للدليل; إذ أدلته التي ذكرناها أظهر من دليل القول الذي يرخص في تقديم السعي على الطواف. ومع القول بشذوذ اللفظة السابقة وأنه لا حجة فيها فالجمهور القائلون باشتراط الطواف الصحيح لصحة السعيّأولوها بأن قوله "قبل أن أطوف" أي سعيت بعد طواف القدوم وقبل طواف الإفاضة).(١ قال الخطابي: وأما قوله "سعيت قبل أن أطوف" فيشبه أن يكون هذا السائل لما طاف طواف القدوم قرن به السعي فلما طاف طواف الإفاضة لم يعد السعي فأفتاه بأن لا حرج; لأن السعي الأول الذي قرنه بالطواف الأول قد أجزاه. فأما إذا لم يكن سعى إلى أن أفاض فالواجب عليه أن يؤخر السعي عن ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٨٣وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٥٠٥ وأبو المؤثر من أئمة القرن الهجري الثالث قال إن الأصل الطواف ثم السعي ولا يجوز خلافه ,لكن من سعى ثم طاف فعليه أن يعيد السعي ,ومن لم يعد حتى رجع إلى بلده فأقل ما يلزمه دم ,واستحب هو البدنة).(٢ والرأي السابق محتمل لأن يكون الدم المراد قائما على مذهب من ير￯ وجوب السعي وهذا لم يسع فيجب عليه. كما أنه محتمل لأن يكون السعي قد أجز￯ الساعي لكنه ألزم بالدم للإخلال بواجب الترتيب بين النسكين ,وهذا أظهر الأمرين كما صرح به في خاتمة جوابه ~ إذ قال: والذي أقول به أنا أنه يعيد السعي ,فإن لم يعد السعي حتى يخرج من مكة أن عليه دما; لأنه قدم نسكا قبل نسك).(٣ وللشرط السابق يتصور السعي بعد طواف القدوم للمفرد ,وطواف القدوم للقارن على مذهب من ير￯ أن طواف القدوم ليس بطواف عمرة, ) (١الخطابي ,معالم السنن ,حاشية سنن أبي داود ,ج ,٢ص.٣٥٤ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٩٣ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٩٤ القدوم; لأن السعي واجب لا يليق أن يكون تبعا للسنة ,بل يؤخره إلى طواف الزيارة; لأنه ركن واللائق للواجب أن يكون تبعا للفرض).(٢ ويرد هذا القول فعل النبي فإنه سعى بعد أول طواف طافه بعد ما قدم. وقال بعض الفقهاء يجوز لمن أحرم بالحج من مكة إذا طاف للوداع لخروجه إلى منى أن يقدم السعي بعد هذا الطواف; لأنه إذا جاز ذلك لمن أحرم من خارج مكة جاز للمحرم منها).(٣ وقد تقدم من قبل عند ذكر أنواع الطواف أن هذا الطواف غير مشروع من أصله; إذ لا دليل يسنده ,وعليه فالسعي لا يتجاوز الأنواع التي ذكرناها من قبل. ونص بعض الفقهاء على أن السعي لا يتأقت بكونه عقب طواف ) (١تقدم في مبحث أنواع النسك التفصيل في مشروعية سعي المفرد والمتمتع والقارن ,وهل على القارن والمتمتع سعيان أو سعي واحد. ) (٢ابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٢ص.٣٥٨ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٧٧ طواف الإفاضة رأسا فكيف يتأقت السعي به ,ولم يأت صريحا أن الصحابة الذين حجوا مع النبي قد سعوا بعد طواف الإفاضة. غير أن كون السعي يجزي ولو كان بعد طواف نفل محل نظر ,وذلك لأن الأمر تعبدي علته خافية ,ولا يعلم لم كان سعي النبي بعد القدوم ولم يكن بعد الإفاضة ,فهل العلة كون السعي بعد طواف ,أو العلة كون السعي بعد القدوم. ومن غير شك أن طواف النفل أدنى مرتبة من طواف القدوم الذي قد يكون طواف عمرة ,وقد قيل بوجوبه بل ركنيته كما هو قول عند المالكية وقد تقدم ,لذا ستكون المسألة من باب قياس الأدنى على الأعلى فيقدح فيه بالفارق. والتفاوت بينهما في الحكم الشرعي قد يكون هو علة الاختلاف بينهما في الإجزاء من عدمه ,والمسألة محتملة; لذا كان الأولى أن يقتصر على مورد النص فيقال إجزاء السعي إنما هو في كونه بعد طواف القدوم أو الإفاضة ) (١الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣٠٣ ليسع عقب طواف القدوم ,فإن كان مراهقا) (١فعقيب ِ والمالكية قالواََْ طواف الإفاضة) ,(٢ولو أخره غير المراهق عقيب الإفاضة لزمه الدم عند ابن القاسم منهم. ولو أخره عقيب طواف الوداع أجزاه عند مالك. وقال ابن القاسم :إذا قدم مكة فطاف ولم ينو به حجا ثم سعى لا أحب له سعيه إلا بعد طواف ينوي به الفرض ,فإن رجع إلى بلده أو جامع رأيته مجزيا عنه وعليه دم وأمر الدم خفيف).(٣ وأصلهم السابق أن السعي من سننه أن يكون بعد طواف واجب),(٤ ولهم خلاف فيمن سعى بعد طواف غير واجب كما يظهر من المنقول السابق. غير أن مسألة كون السعي يجزي بعد طواف الوداع أمر فيه من الحرج ما قدمناه أنه لا دليل عليه بل طواف النبي وأصحابه للوداع لم يكن إثره ) (١المراهق عند المالكية من يصل مكة متأخرا ويخشى فوات عرفة. ) (٢واختار هذا الرأي الشيخ أبو طاهر الجيطالي .الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص.٢٥٩ ) (٣القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥٢ ) (٤القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥٣ ثم إنه لو قيل بسعيه عقب طواف الوداع ما كان ذلك الطواف وداعا; لأن الرسول أمر بجعل آخر عهد الناسك بالبيت ,ومن سعى بعد الوداع كان آخر عهده بالمسعى لا بالبيت فلا يكون ممتثلا الأمر النبوي ,ويلزمه طواف آخر للوداع ليكون آخر عهده بالبيت ,وقد ذهب لذلك بعض أهل العلم) ,(١وقال الزركشي: شرط السعي وقوعه بعد طواف ما فرضا أو نفلا ,فإن قلت :هل يصح بعد طواف الوداع? قلت :هذا مغالطة; لأن طواف الوداع لا يصح قبل إتمام المناسك فكيف يصح قبل السعي اهـ) ,(٢وهو أمر ظاهر دليله ,جلي تعليله. إلا أن من الفقهاء من اغتفر السابق لكون السعي من توابع الطواف وما هو بأمر مستقل).(٣ وهذا التعليل ليس بشيء ,إذ لا دليل على أن السعي تابع للطواف ,بل هو شعيرة مستقلة بذاتها لها أحكامها التي لا يجمعها بالطواف شيء سو￯ أنها ) (١العيني ,عمدة القاري ,ج ,٩ص.٢٩٠ ) (٢الزركشي ,المنثور في القواعد ,ج ,٣ص.٤٠٤ ) (٣ابن عثيمين ,مجموع الفتاو￯ ,ج ,٢٢ص.٤٣٨ يقدح في صحة الأصل السابق; لأن عدم صحتها إلا بعد طواف صحيح ليس لذات الطواف بل لأمر خارج وهو وجوب الترتيب بين المناسك ,لذا فالأولى قول من قال إن الفعل السابق لا يجزي وأن صاحبه ملزم بطواف وداع آخر ليس بعده نسك. قال الشيخ أبو طاهر الجيطالي :وعندي إذا نو￯ طواف الوداع للزيارة أن يجزيه ويلزمه للوداع دم).(١ وبالسابق يظهر لك أن فعل كثير من الناس المتمتعين الذين يؤخرون طواف الإفاضة إلى ما بعد المناسك ويجمعونه وسعيه مع طواف الوداع باعتبار أن آخر العهد بالبيت هو طواف الإفاضة فيجزي عن الوداع أمر فيه نظر من وجهين: أولهما :هو مخالف للسنة فصاحبها جعل للإفاضة طوافا وللوداع غيره ,وهؤلاء ما طافوا إلا طوافا واحدا ,وزيادة الأعمال والنَ َصب في المشروعات تستلزم زيادة الأجور ,إذ الأجر على مقدار النصب كما أخبر ) (١الجيطالي ,قواعد الإسلام ,ج ,٢ص.١٦٨ ظاهر السنة ,ومشروعيته ليكون آخر عهد الناسك بالبيت باتفاق العلماء وبنص الحديث ,لذا فلا يأتيه مريده إلا بعد أن ينهي أعمال نسكه كلها. والمتمتع على مذهب الجماهير من العلماء –كما تقدم −يشرع له السعي بعد طواف الإفاضة وذلك السعي نسك باتفاق ,فإيقاع الوداع المجزي قبله ثم الإتيان بنسك بعده يمحض الوداع واقعا قبل وقته فلا يجزي. ويلزم من فعل السابق طواف آخر للوداع لا يلتفت بعده إلى نسك بل الرحيل فقط. ذلك ما كتبته أولا ثم إني رأيت بعض ألفاظ حديث السيدة عائشة وأن النبي كان ينتظرها ليلة الحصبة إلى أن تنهي عمرتها مع أخيها عبد الرحمن, وظاهر الرواية أنها قد اجتزت بطواف العمرة الذي يعقبه من حيث الأصل سعي ,والسابق جاء من حديث أبي نعيم حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة > قالت: .....نفرنا من منى فنزلنا المحصب فدعا عبد الرحمن فقال :اخرج بأختك الحرم فلتهل بعمرة ثم افرغا من طوافكما أنتظركما ها هنا ,فأتينا في غير أن هذه الرواية من حيث الظاهر لا تسلم من الإعلال ,فإن الأظهر كما تفيد ذلك الروايات الأخر للحديث أنه انتظر السيدة عائشة إلى أن أنهت عمرتها ثم أذن للناس بالرحيل وطاف بالبيت للوداع ثم نفر كما يفيد ذلك حديث إسحاق بن سليمان عن أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة > قالت ..... :ونزل رسول االله المحصب فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال :اخرج بأختك من الحرم فلتهل بعمرة ثم لتطف بالبيت فإني أنتظركما ها هنا. قالت :فخرجنا فأهللت ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة فجئنا رسول االله وهو في منزله من جوف الليل فقال :هل فرغت? قلت :نعم ,فآذن في أصحابه بالرحيل فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة).(٢ وجاء السابق من رواية أبي بكر الحنفي عن أفلح عن القاسم عن عائشة ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :المعتمر إذا طاف طواف العمرة ثم خرج هل يجزئه من طواف الوداع ).(١٦٩٦ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :بيان وجوه الإحرام ).(١٢١١ في أصحابه بالرحيل فارتحل فمر بالبيت قبل صلاة الصبح فطاف به حين خرج ثم انصرف متوجها إلى المدينة).(١ كما جاء السابق من حديث وهب بن بقية عن خالد عن أفلح عن القاسم عن عائشة > قالت :أحرمت من التنعيم بعمرة فدخلت فقضيت عمرتي وانتظرني رسول االله بالأبطح حتى فرغت وأمر الناس بالرحيل ,قالت: وأتى رسول االله البيت فطاف به ثم خرج).(٢ ومن السابق كله يظهر أن فيما جاء في الرواية من قولها "فارتحل الناس ومن طاف بالبيت قبل صلاة الصبح" تحريفا كما يقول الحافظ ابن حجر وأن صواب العبارة :فارتحل الناس ثم طاف بالبيت) ,(٣فضلا عن الركة التي في العبارة إذ الناس هم الذين طافوا بالبيت والأصل في العطف أن يدل على التغاير. ) (١أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :طواف الوداع ).(٢٠٠٦ ) (٢أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :طواف الوداع ).(٢٠٠٥ ) (٣ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص ,٦١٣والعيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص ,١٢٦وابن القيم ,زاد المعاد ,ج ,٢ص.٢٩١ وبعد ذكر مسألة الاعتداد بالطواف الذي يسبق الطواف لا بد من التنبه إلى أن السعي لا بد من أن يكون في أشهر الحج ,فلو طاف طوافا قبل أشهر الحج وسعى بعد الطواف السابق قبل أشهر الحج ما كان ذلك السعي يجزيه عن سعي الحج إذ هو واقع قبل وقته فلا يجزيه).(١ والسابق نبه عليه بعض أهل العلم ,ولم أهتد إلى حال يمكن فيه أن يسعى سعي الحج بعد طواف خارج أشهر الحج. وبيان ذلك أن الطواف الذي يجزي السعي بعده عن سعي الحج في مجمل أقوال أهل العلم مع الخلاف فيها إما أن يكون بعد طواف القدوم للمفرد أو القارن أو العمرة للمتمتع. وفي الأحوال السابقة كلها لا يتحقق الإحرام بنسك من الأنساك السابقة إلا في أشهر الحج ,وإن أحرم بشيء منها خارج الأشهر لم يعتد بإحرامه على رأي الجماهير من العلماء وهو الذي تشير إليه الأدلة ,وإن اختلفوا أيكون عمرة أو لا يعتد به رأسا كما هو الأظهر. ) (١أبو البركات ,المحرر في الفقه ,ج ,١ص.٢٤٣ المذكور من الأصل غير مشروع فالرسول لم يسع إلا بعد طواف نسك. وإلحاق طواف النفل بطواف النسك إلحاق مع الفارق بينهما ,ثم إنه قد تكون علة الإجزاء هي كونه بعد نسك ,وعليه فلا يصح السعي رأسا ,ومنه يتبين أنه لا حاجة بنا إلى هذا الشرط ,اللهم إلا على قول من سوغ السعي بعد أي طواف كان وقد تبين ضعفه. المطلب الثالث :الترتيب ويتصور الترتيب المراد هنا في الأشواط ,بأن يكون الشوط الأول من الصفا إلى المروة ,والشوط الثاني من المروة إلى الصفا ,وهكذا الأشواط الفردية كلها يشترط لها أن يكون بدءها من الصفا ,وختمها بالمروة. أما الأشواط الزوجية فيشترط لها أن يكون بدءها من المروة وختمها بالصفا. ومما يقتضيه شرط الترتيب أن الشوط الثاني لا يصح إلا بعد أن يصح الشوط الأول ,والشوط الثالث لا يصح إلا بعد أن يصح الشوط الثاني وهكذا. وهذا يفيد أن عدم صحة شوط من الأشواط يجر معه عدم صحة كل ما الصفا إلى المروة ,ثم خرج من المسجد ودخل المسعى من جهة الصفا وطاف شوطه الثاني من الصفا إلى المروة أيضا فإنه لا يحسب له إلا شوطه الأول من الصفا إلى المروة ,أما الشوط الثاني فليس له من أمر الصحة شيء. وإن أراد التصحيح فما عليه إلا الرجوع إلى المروة ليبدأ من عندها شوطه الثاني إلى الصفا إلا في وجه شاذ عند الشافعية اعتد بشوطه الثاني من الصفا إلى المروة).(٢ ومن بدأ طوافه من المروة إلى الصفا ,ألغى أول الأشواط التي أداها, وحسب له طوافه من الصفا إلى المروة شوطا أول ,وهكذا).(٣ ومن الفقهاء من قال إن من بدأ بالمروة وختم بالصفا وقصر فعليه دم ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢٠٠والجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص,١٢٣ والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٧٥وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩٣والقرافي, الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٥٠وشيخنا الخليلي ,الفتاو￯ ,الكتاب الأول ,ص.٣٧٦ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٧٥ ) (٣الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص ,٢٦٠والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٧٥وابن قدامة, المغني ,ج ,٣ص ,١٩٣والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥١ والدم السابق المذكور هو لحلق الشعر حال الإحرام وقبل موضعه. ومن أهل العلم من قال إن من بدأ سعيه بالمروة صح أداء ذلك الشوط لكن لا يعتد به; لأنه لم يأت به بوصف الوجوب فكأنه لم يأت به فيجب أن يعيده بعد ستة من الصفا ,ولو لم يعده فعليه دم ,لترك واجب البداءة بالصفا).(٢ ولو تصور أن ثمة نسيانا في السعي أد￯ إلى إخلال بالترتيب السابق كان حكمه كما ذكرنا. وعلة السابق فعل النبي الذي قال" :لتأخذوا عني مناسككم" ,وكل عمل ليس عليه أمر الشرع فهو رد ,والأمر تعبدي محض فيقتصر به على مواضع النصوص ,والنصوص ما جاءت إلا بالسابق. ثم إن النبي لما بدأ بالصفا جاء عنه أنه قال "ابدءوا بما بدأ االله به", والأصل في الأمر الوجوب).(٣ ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٤٦والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٩٩ ) (٢العثماني ,إعلاء السنن ,ج ,٧ص.٣٠٥١ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٨ رويت بألفاظ أشهرها "أبدا" ,و"نبدأ" ,ورويت بلفظ "ابدءوا" ,وكون الأمر واقعة واحدة يتعين معه أن اللفظ الذي نطق به النبي واحد ,وما عداه شاذ لا يثبت. والخلاف في الألفاظ السابقة كان بين الرواة عن جعفر بن محمد الذي رو￯ الحديث عن أبيه عن جابر بن عبد االله. وبيان ذلك أن حاتم بن إسماعيل المدني رواه بلفظ "أبدأ" كما أخرج الرواية مسلم) ,(١وابن حبان) ,(٢وجاء عند ابن الجارود) ,(٣والنسائي) (٤من طريق حاتم بن إسماعيل بلفظ "ابدءوا". وأما رواية "نبدأ" فرواها جماعة منهم الإمام مالك في الموطأ) ,(٥وسفيان ) (١أخرجه مسلم ,في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  ) (٢ابن حبان ,صحيح ابن حبان ,ج ,٩ص.٢٥٣ ) (٣ابن الجارود ,المنتقى ,ص.١٢١ ) (٤النسائي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص ٤١٣من طريق إبراهيم بن هارون البلخي حدثنا حاتم. ) (٥مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٧٢ ومنهم وهيب بن خالد كما رواه عنه تلميذه الطيالسي) ,(٥وإسماعيل بن جعفر كما عند النسائي) ,(٦وابن الهادي كما عند النسائي) ,(٧وابن جريج كما عند أبي عوانة).(٨ كما رواه بلفظ "نبدأ" عبد االله بن محمد النفيلي وعثمان بن أبي شيبة وهشام بن عمار وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقيان قالوا :ثنا حاتم بن إسماعيل ,رو￯ ذلك عنهم كلهم أبو داود في السنن) ,(٩وأخرج رواية هشام ) (١أخرجه الترمذي في كتاب :الحج ,باب :ما جاء أنه يبدأ بالصفا قبل المروة ) ,(٨٦٢وقال: حسن صحيح. ) (٢أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,٣ص.٣٢٠ ) (٣ابن الجارود ,المنتقى ,ص.١٢١ ) (٤النسائي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص.٤١١ ) (٥الطيالسي ,المسند ,ص.٢٣٢ ) (٦النسائي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص.٤٠٩ ) (٧النسائي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص.٤١٢ ) (٨أبو عوانة ,المسند ,ج ,٢ص.٣٦٣ ) (٩أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :صفة حجة النبي .(١٩٠٥)  ومن السابق يظهر أن رواية الأمر بالبدء بما بدأ االله به رواية شاذة وهي ليست بحجة في الاستدلال. والأمر بالترتيب وعدم الاعتداد بخلافه هو الذي عليه الجماهير من أهل العلم ,بل إن ثمة من أهل العلم من ذكر الإجماع على أن من بدأ بالمروة إلى الصفا أن ذلك لا يجزيه).(٣ لكن روي عن عطاء ما يخالف السابق فقال :إن بدأ الساعي بالمروة أجزاه سعيه).(٤ كما ذهب آخرون إلى أن ترتيب البدء بالصفا ثم المروة سنة وليس بشرط, فمن بدأ سعيه بالمروة ثم يمر إلى الصفا اعتد بذلك الشوط مع الكراهة لما فيه من خلاف للسنة).(٥ ) (١أخرجه ابن ماجه في كتاب :المناسك ,باب :حجة رسول االله .(٣٠٧٤)  ) (٢ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٣٣٤ ) (٣العيني ,البناية ,ج ,٤ص.٢٠٧ ) (٤العيني ,البناية ,ج ,٤ص.٢٠٧ ) (٥الجصاص ,أحكام القرآن ,ج ,١ص ,١٢٣وابن الضياء ,البحر العميق ,ج,٣ ووجه هذا القول عند القائلين به من الحنفية أنه أتى بأصل السعي وإنما ترك الترتيب فلا تلزمه الإعادة كما لو توضأ في باب الصلاة فترك الترتيب).(٢ ومنهم من يقول بسنية الترتيب لا اشتراطه لكن لا يعتد بذلك الشوط المنكس; لأن الواجب صعود الصفا أربعا والمروة ثلاثا).(٣ ومع قول عطاء السابق الجميع متفقون على أن من بدأ بالصفا وختم أسبوعه بالمروة أنه مصيب للسنة).(٤ المطلب الرابع :قطع المسافة بين الصفا والمروة جميعها مما اتفقت عليه الكلمة بين الفقهاء أن الساعي يجب عليه أن يقطع ما بين الصفا والمروة من المسافة جميعها) ,(٥ولا يصح له أن يبقي شيئا من تلك المسافة غير مقطوع. ص ,١٢٨٩والعثماني ,إعلاء السنن ,ج ,٧ص.٣٠٥٠ ) (١العثماني ,إعلاء السنن ,ج ,٧ص.٣٠٥٠ ) (٢ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٨٩ ) (٣ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٨٩ ) (٤ابن المنذر ,الإجماع ,ص.٧١ ) (٥النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٧٤وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩٢والقرافي, فلم يصح ,وعليه لن يصح ما بعده. ونبه جمع من الفقهاء على أن من طاف راكبا اشترط أن يسير دابته حتى تضع حافرها على الجبل ,أو إليه حتى لا يبقى من المسافة شيء تحقيقا للشرط السابق).(١ والحال الآن أنه لا يسعى أحد بالبيت على الدواب والله الحمد ,لكن يؤخذ منه حكم الساعين ركبانا على عجلات الضعفة فيتنبه ويقطع بهم مسافة السعي كلها. وسيأتي أن من سنن السعي صعود الجبلين عند بداءة كل شوط ,ومن لم يصعد ذهب جمع من الفقهاء إلى أنه يلزمه أن يلصق في الابتداء والانتهاء رجله في الجبل على وجه لا يبقى معه فرجة بين رجله والجبل. وعليه فيلزمه أن يلصق العقب بأصل ما يذهب منه ,ويلصق رؤوس أصابع رجليه بما يذهب إليه) ,(٢وكل هذا أصله وجوب قطع المسافة بين الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥١ ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٧٥ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٧٥وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٢ المسافة المرادة جميعها فقال بوجوب أن يصعد إلى الجبلين قليلا على وجه يستيقن معه أنه قد قطع المسافة بين الجبلين كلها. والسابق نفسه قيل به في حال الوضوء إذ يلزم غاسل وجهه غسل جزء من رأسه مع وجهه ليستيقن إكمال الوجه).(١ وقد اعترض على السابق بأن النبي سعى راكبا ,ومعلوم أن الراكب لا يصعد).(٢ كما أن السعي قد اشتهر من غير رقي كما روي عن عثمان وغيره من الصحابة).(٣ ثم إن قولهم إنه لا يمكنه استيفاء ما بينهما إلا بالصعود عليه لا يصح; إذ قد يمكنه ذلك بإلصاق عقبه بالصفا ,ثم يسعى فإذا انتهى إلى المروة ألصق ) (١الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٩والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٧٥ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٧٥ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٥٩والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٩والقرافي, الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥١ عليه إلصاق الكعبين بالجبلين بل يبلغه من غير تحديد).(٢ ومنطقة السعي بعد التحديثات الأخيرة التي شملت المسجد الحرام والمسعى مبلطة ,وعند الجبلين اللذين يرقى إليهما جعل نوع من الرخام الصغير ليعلم أن ثمة يكون الرقي الذي يذكره الفقهاء. ومن علماء بلاد الحرمين من نص على أن منتهى منطقة السعي هو نهاية طريق دراجات العجزة; لأن الذين وضعوا طريق الدراجات السابقة وضعوه على منتهى ما يجب السعي فيه).(٣ فيكون السابق هو المنطقة التي يلزم السعي فيها ولا يجوز للإنسان أن ينقص شيئا منها ,ويكون رقي الجبلين مسنونا فيما عدا هذه المنطقة. على أن رؤية البيت الآن ممكنة من الصفا دون المروة ومن منطقة عالية في الصفا ,وفي ظني أنها أعلى مما كانت الرؤية ممكنة عنده زمان النبي . والنبي رقي الجبل إلى أن رأ￯ البيت فيسن هذا الرقي ولو كان أعلى ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٩ ) (٢القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥١ ) (٣ابن عثيمين ,مجموع الفتاو￯ ,ج ,٢٢ص.٤٣٧ والطابق العلوي للمسعى ليس به جبل رأسا ,فيكون منتهى السعي الواجب فيه هو آخر الطريق الذي ذكرناه ,وأما الدوران بالقبة المقامة على هواء الصفا أو المروة فليس بواجب; لأنه بعد منتهى مكان السعي الواجب. والإخلال بواجب قطع مسافة المسعى يتصور فيمن لا يصل إلى أول منطقة السعي عند الصفا ,أو من لا يصل إلى آخرها عند المروة في الأشواط الفردية ,وهكذا العكس في الأشواط الزوجية. كما قد يتصور فيمن ينتقل من منطقة الأشواط الفردية إلى منطقة الأشواط الزوجية ,ليقلل المسافة على نفسه ,وهذا أمر يفعله بعضهم كما يظهر فيقطعون الطريق من وسطها وينقلبون إلى المسعى المقابل دون وصول إلى منتهى السعي من كل شوط. ولا أدري من يخادع هؤلاء بفعلهم السابق ,والمشكلة تظهر فيمن هم ليسوا من أهل الأمانة ,وينوبون بالأجرة عن غيرهم –على مذهب من أجاز ذلك −ويقومون بالفعل السابق واالله المستعان. كما قد يتصور الإخلال فيمن يدخل من الأبواب الجانبية للمسعى ويقطع جزءا من المسافة خارج منطقة المسعى متجنبا بذلك الزحام في منطقة منطقة بعد المنطقة التي وقف عندها ,فيكون جزء لم يقطعه. وهذه الصور كلها لا تصح ومما يقع فيها كثير من الناس ,فتدخل النقص في سعيهم. والنقص السابق في شيء من الأشواط يتصور في حالات ثلاث: أولها :أن يكون من أول الشوط ,كمن نقص من الشوط الثالث بأن بدأ بعد الصفا بقليل وخلف جزءا من المسافة غير مقطوع. وهذا يمحض ذلك الشوط ناقصا ,وإذا لم يتم ذلك الشوط وواصل سعيه كان ما بعده غير صحيح; لأن صحة الشوط الرابع رهينة صحة الشوط الثالث ,وصحة الخامس رهينة صحة الرابع ,وهكذا. وعلى السابق فمن نقص بعض شوط من أوله وأنهى سعيه أو كان لم ينهه بعد يلزمه أن يرجع إلى منطقة النقص فيبدأ من أول الصفا ثم يواصل سعيه حتى يتم الثالث ثم الرابع وهكذا. الحالة الثانية :أن يكون النقص من بعد أول الشوط كأن يقطع جزءا من أول منطقة السعي أي بعد الجبل مباشرة ثم يحصل له النقص بعد ذلك ,فهذا يلزمه أن يتم النقص بأن يسعى من المنطقة التي دخله فيها النقص وما بعدها النقص وما بعدها إلى أن يأتي على الأشواط جميعها).(١ المطلب الخامس :إكمال سبع مرات فيحسب سعيه من الصفا إلى المروة شوطا ,ومن المروة إلى الصفا شوطا ثانيا ,ومن الصفا إلى المروة شوطا ثالثا ,ومن المروة إلى الصفا شوطا رابعا وهكذا. وهذا رأي الجمهور من أهل العلم).(٢ والدليل للسابق أن النبي بدأ بالصفا وختم بالمروة ,ولا يكون ذلك مكملا سبعة أشواط إلا أن يحسب من الصفا إلى المروة مرة ومن المروة إلى الصفا مرة ثانية ,قال جابر بن عبد االله :  ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ ﴿)nοuρöyθø9$#uρ $x¢Á9$#̈βÎ ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦٠ ) (٢البسيوي ,جامع أبي الحسن ,ج ,٢ص ,٢٧٣والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص,٢٠٠ والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٥٩والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٧٦وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩٣والعيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٠٥والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٠٦ وكبره وقال: لا إله إلا االله وحده لا شريك له ,له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ,لا إله إلا االله وحده ,أنجز وعده ,ونصر عبده ,وهزم الأحزاب وحده. ثم دعا بين ذلك ,قال مثل هذا ثلاث مرات ,ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا ,حتى إذا كان آخر طوافه على المروة).(٢ ولو زاد فطاف أربع عشرة مرة فقال بعضهم عليه أن يعيد ,وقيل يجزيه).(٣ ومن الفقهاء من اغتفر الزيادة إن لم يتعمدها الزائد لكن ألزموه أن تكون نهايته عند المروة ,فمن نسي وسعى ثمانية أشواط منتهيا عند الصفا ألزم أن ) (١قال ابن الجوزي :وقوله فرقي عليه القاف مكسورة والمعنى صعد وارتفع ,فإذا فتحت القاف كان من الرقية ,وعوام المحدثين يفتحونها جهلا باللغة. ابن الجوزي ,كشف المشكل من أحاديث الصحيحين ,ج ,٣ص.٦٤ ) (٢أخرجه مسلم ,في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص ,٤٠٣وابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص.٣٤٧ أربعة عشر شوطا لا يخلو حاله من أحد أمور ثلاثة: أولها :أن يكون غير متعمد ,لكن نسي الأمر ,أو لبس عليه أو غير ذلك, فهذا يجزيه فعله ,ولا إثم عليه. ثانيها :أن يكون متأولا ,بمعنى أنه ير￯ السعي مشروعا أربعة عشر شوطا ,وأن مقتضى الأدلة ذلك −كما سيأتي ذكر هذا القول ,−فهذا له أمر اجتهاده ,وهو في نفسه مصيب ,بل يحتسب أجره الله; إذ المسألة واسع فيها الاجتهاد. ثالثها :أن يكون قاصدا خلاف السنة بفعله ,وأسس سعيه من مبدئه على معارضة المشروع ,فهذا يأثم بنيته الفاسدة ,ولا يتم له سعيه بل يطالب بالإعادة لحديث "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". ومن أهل العلم من ذهب إلى أن سعي الساعي من الصفا إلى المروة ثم من المروة إلى الصفا يعد مرة واحدة ,وعلى الساعي أن يكرر السابق سبع ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٤٦والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص.٢٧٢ الجيطالي إذ قال: يبتدئ بالصفا حتى يصل إلى المروة ,فيعود إلى الصفا فيعد ذلك شوطا واحدا ,ولا يعد الرجوع إلى الصفا شوطا ,ولكن يعد من الصفا إلى المروة ثم إلى الصفا شوطا حتى يتم سبعة).(٢ وعلق عليه قطب الأئمة في شرح النيل قائلا: وليست المغاربة تقول بما قال الشيخ إسماعيل في مناسكه ,وإنما قول شذ به ,وإنما يقولون من الصفا إلى المروة شوط ,ومنها إلى الصفا شوط ,وتوهم أبو عبد االله محمد بن عمرو بن ابن ستة) (٣أن المغاربة تقول بما ذكر الشيخ في مناسكه).(٤ والسابق −عندهم −كحال الطواف من الحجر إلى الحجر ,وهكذا مسح ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٧٦والعيني ,البناية ,ج ,٤ص.٢٠٦ ) (٢الجيطالي ,قناطر الخيرات ,ج ,٢ص ,٧٨واختار ذلك في مناسك الحج ,ج ,٢ص,٢٥٨ ولكنه اقتصر على ذكر مذهب الجمهور في قواعد الإسلام ,ج ,٢ص.١٥٩ ) (٣كذا في الأصل المطبوع. ) (٤القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٥١ وتعقب القياس السابق بأن الطواف لا يحصل فيه قطع المسافة كلها إلا بالمرور من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ,وأما في السعي فيحصل قطع المسافة بالمرور من الصفا إلى المروة ,ولو رجع إلى الصفا مرة أخر￯ لكان فعله مرتين).(٢ وأما حال الوضوء فالذي عليه الإجماع أن مسحه من المقدمة إلى المؤخرة يجزيه اتفاقا ,وليس رجوعه إلى المقدمة واجبا اتفاقا بل هو سنة ,وهم يقولون إن رجوعه إلى المروة واجب لا تتم إلا به المرة من السعي. كما اعترض بأن السعي أمر مستفيض في الشرع ينقله الخاصة والعامة خلف عن سلف ,ليس بينهم فيه تنازع أنهم يبدؤون بالصفا ويختمون بالمروة وأن الذهاب مرة والإياب مرة أخر￯ فكان ذلك إجماعا منهم كالإجماع على أن الظهر أربع والعصر أربع).(٣ ومما رد به السابق أن الساعي في كل مرة طائف بهما فينبغي أن يحتسب ) (١الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٩والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٧٦ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٥٩والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٧٧ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٥٩والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٠٩ هذا القول; لأن السعي على مذهبهم ينتهي عند الصفا).(٢ وذهب آخرون إلى أن السعي ما هو إلا من الصفا إلى المروة ,أما الرجوع فليس بشيء ,فالطائف تعد له مرة إذا ذهب من الصفا إلى المروة, أما رجوعه من المروة إلى الصفا فليس بشيء فلا يحسب له ,وإنما هو توصل إلى الصفا ليسعى المرة الثانية ,فلو عاد إلى الصفا بأي سبيل كان ولو من المسجد لم يضره ذلك شيئا).(٣ واحتج من قال بهذا القول أن النبي لما رقي على الصفا قال "نبدأ بما بدأ االله به" ,وأراد به قوله تعالى ﴿ ) (٤)﴾ «!$# ÌÍ←!$yèx© ⎯ÏΒ nοuρöyθø9$#uρ $x¢Á9$#̈βÎفيفهم منه أن يبدأ بالصفا في كل شوط; لأن الحديث مطلق فيه يبدأ به كل شوط, فإن كانت البداءة في كل شوط من الصفا يكون المضي من الصفا إلى المروة, ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٢ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٣ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٧٧والعيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٠٦وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص ,٤٥٩وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٨٤ ) (٤سورة :البقرة ,جزء من الآية ).(١٥٨ أخصها لعدم الأولوية ,فيكون التقدير عندئذ :نبدأ كل شوط من الأشواط بما بدأ االله به وهو الصفا) ,(١وقد تعقب العيني الدليل السابق بأن فيه نظرا; لأن المفعول في الحقيقة غير محذوف; إذ هو حرف الجر وما دخل عليه فيكون التقدير نبدأ بابتداء االله أو بالذي بدأ االله به).(٢ ولا جديد في كلام العيني بل هو ترديد للحجة السابقة; لأن المحذوف الذي عليه الدليل السابق الشوط الأول أو الأشواط كلها فيكون معنى الكلام الذي قام عليه الدليل هو الاحتمال القائم بين نبدأ الشوط الأول بما بدأ االله به ,أو نبدأ الأشواط كلها بما بدأ االله به. وهم أخذوا بالدليل الأعم; لأن فيه إدخالا للدليل الأخص ,أما الدليل الأخص فالأخذ به أخذ ببعض الدليل الأعم وترك لأكثره ,فيكون الأخذ بالدليل الأعم أولى من الأخذ بالدليل الأخص ,وهو حجة ظاهرة من حيث هو مع غض النظر عن الأدلة الأخر￯ التي ترجح أحد الاحتمالين. ) (١العيني ,البناية ,ج ,٤ص.٢٠٦ ) (٢العيني ,البناية ,ج ,٤ص.٢٠٦ النبي ,وظاهر الحديث أنها سعت سبع مرات من الصفا إلى المروة ,ولم يذكر أنها سعت من المروة إلى الصفا ,كما في قول ابن عباس: فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل تر￯ أحدا فلم تر أحدا. فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ,ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل تر￯ أحدا فلم تر أحدا ففعلت ذلك سبع مرات).(١ فقوله "ففعلت ذلك سبع مرات" اسم الإشارة فيه لا يرجع إلا إلى السعي من الصفا والمروة إذ لم يذكر غيره ,فيرجع اسم الإشارة إليه وحده. عد الذهاب مرة والإياب أخر￯ هو الذي استقروقول الجمهور الذيَّ عليه العمل فلا تكاد تجد قائلا بالقولين الآخرين ,وذلك من المرجحات فيعول عليه مع هذا الإشكال والتكافؤ بين الأدلة. )(١ والشرط إكمال المرات السبع لصحة السعي ,فلو شك بنى على الأقل ) (١أخرجه البخاري ,في كتاب :الأنبياء ,باب :يزفون النسلان في المشي ).(٣١٨٤ فيشك أشوطه هذا الثالث أو الخامس ,كما قد يشك أشوطه هذا الخامس أو السابع. أو يكون شكه أهذا الثاني أو الرابع ,أو أهذا الرابع أو السادس ,وعلى الأحوال كلها يبني على الأقل ويأتي بما بعده إن لم يكن ثمة ظن غالب ,فإن كان هناك ظن غالب بنى على غالب ظنه كما ذكرنا ذلك بأدلته عند ذكر أحكام الطواف. ) (١الكندي ,المصنف ,ج ,٨ص ,١٤٥والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤١٠ الموالاة المرادة هنا تأتي على أمرين: أولهما الموالاة بين الطواف والسعي ,فلا يفصل بينهما بشيء إلا اليسير الذي لا بد منه. والنبي ذكرنا حاله من قبل أنه لم يشتغل بعد ركعتي الطواف بشيء إلا استلام الحجر الأسود ثم قصد المسعى بعده مباشرة. وقد ذهب أكثر الفقهاء إلى أن الموالاة السابقة سنة) ,(١ونص بعضهم على السابق طويلا كان الفصل أو قصيرا ,غير أنهم اشترطوا أن لا يتخلل بين الطواف والسعي الوقوف بعرفة. ومنهم من قال أن لا يتخلل بينهما ركن ,فإن تخلل شيء من السابق لم يجز أن يسعى بعده وقبل طواف الإفاضة ,بل يتعين السعي بعد طواف الإفاضة).(٢ ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٩١والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص,١٥٧ والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٧٨وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩٤والقرافي, الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٥٢وشيخنا الخليلي ,الفتاو￯ ,الكتاب الأول ,ص.٣٧٥ ) (٢الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص ,٣٠٣والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٩والنووي, ويظهر أن علة السابق هي الإعراض عن السعي –وهو ركن عندهم− بالدخول في ركن آخر ,وذلك يجعل أعمال الحج واردة على غير الصورة الشرعية فكأن من أتى الفعل السابق طاف ثم وقف ثم سعى ,ومن غير شك أن الشرع لم يأت بالسابق فيكون مردودا ويسعى بعد الإفاضة لكونه عندهم مشروعا. ويلزم أن يقال بالأمر السابق أيضا في حق من شرع له السعي بعد الإفاضة ولم يسع بل رجع منى وفصل بأعمال التشريق من رمي الجمار والمبيت بمنى ,غير أن من أهل العلم من اغتفر الفصل السابق) ,(٢ولا أدري علة التفريق السابق بين الوقوف والإتيان بأعمال منى. ومما هو تفريع على الأصل السابق وهو عدم وجوب الموالاة ما نص عليه بعض الفقهاء أن من طاف للزيارة ولم يسع ثم رجع إلى منى وبعدها المجموع ,ج ,٨ص.٧٨ ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٩٢ ) (٢الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣٠٣ الطواف والسعي ركنان في عبادة وأمكن الموالاة بينهما فصارا كاليد مع الوجه في الوضوء).(٢ بعد ما بين الطواف والسعي لم يجزه; لأن السعي لما افتقر إلىكما إنه إنَُ تقدم الطواف عليه ليمتاز عما لغير االله تعالى افتقر إلى فعله على الفور ليقع به الامتياز عما لغير االله تعالى; لأن الامتياز يوجد بفعله على الفور ,ولا يوجد بفعله على التراخي).(٣ وقد ذكرنا ضعف هذا الاستدلال قبل بما يغني عن ترداده هنا. وثاني ما تتصور الموالاة فيه الموالاة بين مراتب السعي ,وقد ذهب الأكثر من الفقهاء إلى أن الموالاة بين مراتب السعي سنة وليس أمرها بواجب ,فلو تخلل فصل يسير أو طويل لم يضر ,وإن كان شهرا أو سنة أو أكثر ,مع كون ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٤٦والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧٢والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٩٩ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٧٩ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٧ قطع).(٢ ثم إنه لا بأس على الساعي أن يستريح في سعيه إذا ما أعياه) ,(٣ونص جمع من فقهائنا على أن له أن يذهب إلى منزله يستريح ثم يرجع يبني على سعيه السابق).(٤ ومن الفقهاء من قال إن العبرة في البناء على السعي السابق الذي قطعه الساعي هي قطع النية من عدمها ,فإن خرج من سعيه بنية الإعراض عن السعي السابق فلا بد من أن يستأنف سعيه من جديد ,وإن خرج لحاجته بنية الرجوع فليواصل سعيه بانيا على ما بدأه من قبل).(٥ ) (١البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧٣والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٩٢والنووي, المجموع ,ج ,٨ص.٧٨ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٩٤ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص ,٣٦٤والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص,١٩٢ والثميني ,التاج المنظوم ,ج ,٣ص.٣٦٧ ) (٤الثميني ,التاج المنظوم ,ج ,٣ص.٣٦٧ ) (٥ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٤٩والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٩٢والكندي, وذهب آخرون إلى التفريق فقالوا إن الفصل اليسير لا حرج فيه ,غير أن الفصل الطويل لا يجوز إن كان بغير عذر فيلزم الاستئناف. أما مع العذر فلا حرج وذلك كالصلاة المكتوبة والخروج للطهارة وعليه فيبني على الطواف السابق).(١ ومن الفقهاء من نص على أن من تذكر وهو في سعيه أنه لم يصل ركعتي الطواف قطع سعيه وصلاهما ثم بنى على سعيه).(٢ ومنهم من أوجب الاستئناف مطلقا مع الفصل الطويل بعذر كان الفصل أو بغير عذر ,أما الفصل اليسير للصلاة ,أو الوضوء لها مع عدم الاشتغال بغيره ,أو لأخذ قسط من الراحة يعود به النشاط إلى الساعي فلا حرج فيه).(٣ وهذا هو الأولى بالقول; لأن الفصل الطويل بمنزلة الإعراض عن المصنف ,ج ,٨ص.١٤٥ ) (١الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص ,٢٦١والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥١ ) (٢ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص.٣٤٧ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.٧٨ وهو الذي كان يدعى من قبل باب بني مخزوم ,وهو أقرب الأبواب إلى الصفا وأقصدها).(١ وقال الشيخ أبو طاهر الجيطالي :هو الباب الذي بحيال الحجر في مقابلته ويسمى باب الجنائز).(٢ ونص جمع من أهل العلم على أنه في محاذاة الضلع السهيلي الذي بين الركن اليماني وركن الحجر).(٣ وقال الشيخ أبو بكر الكندي تمضي إلى الصفا من باب الصفا تخرج من بين الساريتين المذهبتين).(٤ وعلى السابق جماهير أهل العلم وقالوا إنه سنة) ,(٥وقال آخرون بل هو ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٥٨والعيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٠٣والفاسي, شفاء الغرام ,ج ,٢ص.٥٢٢ ) (٢الجيطالي ,قناطر الخيرات ,ج ,٢ص ,٧٧ومناسك الحج ,ج ,٢ص.٢٥٦ ) (٣الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص ,٣٠٢والصائغي ,لباب الآثار ,ج ,٤ص.٤٧ ) (٤الكندي ,المصنف ,ج ,٨ص.١٦ ) (٥البسيوي ,جامع أبي الحسن ,ج ,٢ص ,٢٧٤والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص,١٩١ الأمر سنة ,أو أنه خرج اتفاقا فيكون مندوبا –عند من فرق بينهما −لأنه أقرب الأبواب إلى الصفا).(٢ والواقع أنه لا دليل يفيد واحدا من الأمرين السابقين القصد أو الاتفاق ,وما دام الأمر أنه لا دليل يعين فالأصل أن تحمل أفعاله على التشريع; لأن ذلك هو الغالب فيها ,وهو الأصل من بعثة النبي . وإرادة غير التشريع أمر عارض لا يقال به إلا مع الدليل المقارن ,فكيف والحال هنا حال عبادة. ولو أنه خرج من باب غيره فلا حرج عليه ,فالمقصود بالأصالة الوصول إلى الصفا ,والخروج من الباب أمر ثبت عن النبي .(٣) والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٥٨والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص,٤٠٧ والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٧٩وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٢ ) (١العيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٠٣وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٩٧ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,١٢والعيني ,البناية ,ج ,٤ص.٢٠٥ ) (٣الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٤٠٣والعيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٠٤والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٤٨ عند الفقهاء ,ضعيف لا دليل له. ودليل مشروعية الخروج من باب الصفا ظاهر حديث جابر بن عبد االله الذي تقدم ذكره ,وقد ثبت الفعل السابق من حديث: محمد بن بشار قال :حدثنا شعبة عن عمرو بن دينار قال :سمعت ابن عمر يقول: لما قدم رسول االله مكة طاف بالبيت سبعا ثم صلى خلف المقام ركعتين ,ثم خرج إلى الصفا من الباب الذي يخرج منه فطاف بالصفا والمروة. قال شعبة :وأخبرني أيوب عن عمرو عن ابن عمر أنه قال سنة).(٢ كما جاء من حديث أبي أسامة عن ابن جريج عن عطاء أن النبي خرج إلى الصفا من باب بني مخزوم. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة) ,(٣وهو مرسل ,كما أنه من عنعنة ابن ) (١القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٥٣ ) (٢أخرجه النسائي في كتاب :مناسك الحج ,باب :ذكر خروج النبي إلى الصفا من الباب الذي يخرج منه ).(٢٩٦٦ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.١٩١ قال :حدثنا عبد الرحمن بن عبد االله بن عمر عن أبيه وعبيد االله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي خرج إلى الصفا من باب بني مخزوم. أخرجه الطبراني في الكبير) (١والأوسط وقال :لم يرو هذا الحديث عن عبيد االله إلا عبد الرحمن).(٢ وعبد الرحمن الذي تفرد بهذا الحديث ممن ليس تقوم بحديثه حجة فقد قال أبو حاتم :متروك الحديث أضعف من أخيه القاسم كان يكذب. وقال أبو حاتم :سئل أبو زرعة عن عبد الرحمن بن عبد االله العمر￯ فقال :هو متروك الحديث ,وترك قراءة حديثه في مسند ابن عمر ولم يقرأه علينا. وقال أحمد عنه :ليس بشيء ,وقد سمعت أنا منه ثم مزقته ,وكان يقلب حديث نافع عن ابن عمر يجعله عبد االله بن دينار عن ابن عمر).(٣ وقال ابن حبان :كان ممن يروي عن عمه ما ليس من حديثه ,وذاك أنه ) (١الطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,١٢ص.٣٧٢ ) (٢الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,٣ص.١٨٧ ) (٣ابن أبي حاتم ,الجرح والتعديل ,ج ,٥ص.٢٥٣ وللسابق قال الحافظ ابن حجر :إسناده ضعيف جدا).(٢ كما جاء السابق من فعل ابن عمر كما في حديث أبي خالد عن حميد عن بكر قال :كان ابن عمر إذا قدم فطاف بالبيت وصلى ركعتين خرج إلى الصفا من باب الذي يلي السقاية).(٣ وباب الصفا الذي نتحدث عنه ليس له وجود في زماننا بعد التوسعة الأخيرة ,ولكن جهته معلومة ,وفيها ممر يوصل إلى جبل الصفا ,فعسى أن يكون من قصده مع نية تحري السنة ممن يحوز أجرها. وهذا الذهاب إلى المسعى خروج من المسجد الحرام لذا نبه بعض الفقهاء على آداب الخروج من المسجد كتقديم اليسر￯ من القدمين في الخروج, والإتيان بالأذكار التي تقال عند الخروج من المسجد) ,(٤وقد ذكرناها أول ) (١ابن حبان ,المجروحين ,ج ,٢ص.٥٣ ) (٢ابن حجر ,الدراية ,ج ,٢ص.١٧ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.١٩١ ) (٤الكندي ,المصنف ,ج ,٨ص ,١٦والعيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٠٣وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص ,١٠٢٧وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٥٦ السابق فقد اختلطت أرض المسجد بأرض المسعى ,وليس ببعيد أن يقال إن أول منطقة يشرع فيها السعي الآن هي آخر المسجد. والنبي ثابت عنه أنه قرأ قوله تعالى ﴿)﴾ «!$# ÌÍ←!$yèx© ⎯ÏΒ nοuρöyθø9$#uρ $x¢Á9$#̈βÎ لما دنا من الصفا أي بعد خروجه من أرض المطاف وقبل صعود الصفا كما قال جابر بن عبد االله :ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ ﴿) ﴾ «!$# ÌÍ←!$yèx© ⎯ÏΒ nοuρöyθø9$#uρ $x¢Á9$#̈βÎأبدأ بما بدأ االله به. والفقهاء مختلفون أكان ذلك القول منه للتشريع أو لبيان الحكم الشرعي وأن البداءة يجب أن تكون من الصفا ,فعلى الأول –وإخاله قول الجمهور من أهل العلم −يندب لكل من سعى أن يأتي بالآية وأن يقول بعدها :نبدأ بما بدأ االله به. وقد ذكرنا علة السابق عند ذكر مسنونات الطواف ,وبينا حينها أن مسنونية ترديد السابق أمر متوجه وله حظ من النظر. وعلى هذا الرأي لا يشرع ترديد الآية السابقة مع كل صعود إلى الجبل بل لا تقال إلا قبيل أول صعود إلى الصفا أول مرة بعد ركعتي الطواف ,والنص ما جاء إلا بذلك ,فليس ثمة دليل يسوغ فعل من يردد قراءة الآية عند كل ووجهه أنه أراد بذلك الاستشهاد على نقطة البدء كما يفيد ذلك حديثه القولي بعده ,والاستشهاد للسابق يفيده الجزء المذكور دون بقية الآية ,وعليه فالمشروع الإتيان بالآية على الوجه المنقول عن النبي . ومن المحتمل أن يكون قرأها النبي كلها واقتصر الراوي على أولها بيانا لها ,إلا أن هذا الاحتمال فيه شيء من البعد والأولى منه الظاهر السابق. ومن الفقهاء من نص على أن القول السابق ما كان لتشريع أن يقال السابق بل كان لتعليم الناس أن البداءة من الصفا ,والتعليم انتهى ببيانه  ذلك فلا يشرع القول السابق بل ينطلق من ينطلق إلى الصفا مباشرة. واحتمال إرادة التعليم وارد ولكنه ليس بتلك القوة التي تخصص عموم مشروعية الاقتداء به في أفعاله كلها ,خاصة أن لقراءة الآية منفعة أخروية يستفيدها من يقرأها وقد بيناها قبل عند سنن الطواف. ثالثا :الطهارة مما ذهب إليه جماعة من أهل العلم أنه يستحب لمن أراد السعي بين النبي سعى طاهرا; لأنه توضأ قبل الطواف ,وصلى ركعتيه ثم سعى. وقد يستفاد الندب السابق من كون الحفاظ على الوضوء سنة في الأوقات جميعها ,وتتأكد عند العبادات ,والسعي عبادة منها. ومع السابق يصح السعي مع الحدثين الأصغر والأكبر; إذ لا دليل يمنع )(٢ بل جاء ما يفيد بظاهره لعمومه جواز السعي مع حدث أكبر وهو الحيض كما في حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة > أنها قالت :قدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ,فشكوت ذلك إلى رسول االله فقال: افعلي ما يفعل الحاج غير أنك لا تطوفي بالبيت حتى تطهري).(٣ والسعي مما يفعله الحاج فلا تمنع منه الحائض ,وكالحيض النفاس ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٩٤والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص,١٥٨ والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٧٩والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥٣ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٩٤ ) (٣أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :ما تفعل الحائض ).(٤٤٠ وجاءت رواية حديث السيدة عائشة السابق وفيها النص على المنع من السعي بين الصفا والمروة مع الطواف بالبيت إلا أنها رواية شاذة; إذ الرواة الذين رووا الحادثة اقتصروا على المنع من الطواف بالبيت ولم يذكروا المنع من السعي. وانفرد يحيى الليثي عن مالك فذكرها كما في حديث يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت :قدمت مكة وأنا حائض فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول االله فقال: افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى تطهري).(١ قال الحافظ ابن عبد البر: هكذا قال يحيى عن مالك في هذا الحديث غير أن لا تطوفي بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى تطهري ,وقال غيره من رواة الموطأ :غير أن لا تطوفي ) (١مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٤١١ يحيى فيما علمت وهو عندي وهم منه واالله أعلم).(١ وقد ذكر ابن المنذر الإجماع على أن من سعى بين الصفا والمروة على غير طهر أن ذلك يجزيه إلا ما يرو￯ من انفراد الحسن أنه إن ذكر قبل الحلق كونه سعى من غير طهارة فعليه أن يعيد السعي).(٢ لكن يعارض كلام ابن المنذر السابق الناص على الإجماع ما رواه ابن أبي شيبة عن أبي معاوية عن عبيد االله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال :تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة).(٣ وظاهر هذا الإسناد الصحة ,وقد حكم عليه بذلك الحافظ ابن حجر).(٤ كما رو￯ ابن أبي شيبة عن ابن فضيل عن عاصم قال :قلت لأبي العالية: تقرأ الحائض القرآن? قال :لا تقرأ القرآن ,ولا تقبل ,ولا تطوف بالبيت ,ولا بين الصفا ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٩ص.٢٦١ ) (٢ابن المنذر ,الإجماع ,ص.٧٢ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٢٩٦ ) (٤ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٥٠٥ وهذان يقدحان في الإجماع المذكور ,والمروي عن أبي العالية أنص في الموضوع ,لأن قول ابن عمر جائز المنع فيه من السعي لكون الحائض لم تطف لا لحيضها ,وقد جاء عنه النص بسعيها ما دامت قد طافت وصلت الركعتين كما في حديث: عبد الوهاب الثقفي عن عبيد االله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال :إذا طافت بالبيت ثم حاضت قبل أن تسعى بين الصفا والمروة فلتسع بين الصفا والمروة. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة) ,(٢غير أن ثمة خلافا في عبد الوهاب الثقفي بين موثق ومضعف ,والأكثر على الاحتجاج بروايته ,وتضعيف من ضعفه ما كان إلا لاختلاط رمي به آخر حياته).(٣ ومع ذلك فمذهب الجماهير من أهل العلم أولى للأدلة المذكورة ,وما نقله ابن أبي شيبة لا يعدو أن يكون رأيا لمن رآه. ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٢٩٦ ) (٢ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٢٩٩ ) (٣العقيلي ,الضعفاء ,ج ,٣ص ,٧٥وابن حجر ,لسان الميزان ,ج ,٤ص.٨٨ المناسك فالطهارة ليست بواجبة لها كالإحرام والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمار والذبح والحلق).(١ والدليل السابق معتمد على الاستقراء التام ,وهو حجة عند الكثيرين, لكن تقدم ذكر عدم التسليم بكون الطواف داخل المسجد هو الموجب للطهارة فيه. وقد ذكرنا في أحكام الطواف أن الأظهر في أرض المسعى بعد التحديثات الجديدة أنها ليست من المسجد ,وعليه فلا حرج في سعي الحائض فيها أو مكوثها بها. وقال أبو المؤثر إن من طاف وركع لفريضة فلا أحب أن ينام حتى يسعى بين الصفا والمروة ,فإن نام فأصابته جنابة ثم قام يسعى بين الصفا والمروة وهو جنب رأيت سعيه تاما ,وأحب إلي أن يغتسل من الجنابة ثم يسعى بين الصفا والمروة).(٢ ) (١العثماني ,إعلاء السنن ,ج ,٧ص.٣٠٥٢ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.١٩٧ وأجزاه).(١ رابعا :أن يرقى على الصفا وعلى المروة وقد ثبت عن النبي أنه رقي على الصفا إلى أن رأ￯ البيت كما في حديث جابر بن عبد االله) ,(٢وقال بذلك جماهير أهل العلم).(٣ ومنهم من أورد فيه احتمالين أهو سنة أو مندوب).(٤ والرقي الآن يكون بقطع منطقة ما بعد منتهى سير العربات التي تنقل العجزة ,إلا أن رؤية البيت من الصفا لا تتحقق إلا بالرقي إلى منطقة قريبة ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥٢ ) (٢أخرجه مسلم ,في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص ,٤٣٠والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧١والكندي, بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٩٨والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٧والنووي ,المجموع, ج ,٨ص ,٨٠وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩٢والعيني ,البناية ,ج ,٤ص,٢٠٤ والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٥١والسالمي ,جوابات الإمام السالمي ,ج ,٢ص,٢٠٤ وشرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,٢٠٦وشيخنا الخليلي ,الفتاو￯ ,الكتاب الأول, ص.٣٧٦ ) (٤العيني ,البناية ,ج ,٤ص.٢٠٣ وهو حد منضبط ,أما تحديد مكان رقي النبي ومنتهاه فلم يثبت بحجة شرعية. والرقي المسنون السابق أمر يشكل على الذين يطوفون في الطابق العلوي أو سطحه إذ لا جبل ثمة حتى يكلفوا أنفسهم مؤنة رقيه بل سعيهم نفسه فوق الجبل ,وعسى أن يكتب لهؤلاء أجر امتثال السنة السابقة مع النية الصالحة والوصول إلى ما يحاذي منطقة الرقي من الطابق الأرضي. وللفقهاء خلاف هل الرقي لرأس الصفا والمروة معلل بعلة أو ليس بمعلل. ذهب بعض الفقهاء إلى أن الرقي ليس مقصودا في الحج ,ولكن لا يأمن المنتهي لو لم يرق أن يكون ما انتهى إليه من الدرج المستحدثة ,وإلا فالانتهاء إلى أصل الجبل كاف وفاقا).(١ وفي السابق نظر من وجهين: أولهما أن الخلاف موجود في المسألة إذ إن ثمة فقهاء قائلين بوجوب ) (١الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣٠٢ من المسعى يبطله أن النبي قد رقي على الجبلين ولم تكن حال رقيه درج, بل هي مستحدثة بعده. وقال بعض الفقهاء إن المقصود بهذا الرقي هو استقبال البيت) ,(١لذا استحبوا الرقي بمقدار ما ير￯ الساعي الكعبة).(٢ والواقع أن استقبال البيت ممكن لو لم يكن رقي ,والأولى أن يقال إن المقصود بالصعود هو رؤية البيت ,ومع ذلك في هذا الأخير ضعف; إذ الاتفاق قائم على أن الصعود مندوب ولو لم تكن ثمة رؤية للبيت. كما أن الصعود مندوب اتفاقا في المروة ورؤية البيت تتعذر منها الآن ومنذ أزمنة طويلة ,بل لم أجد ما يفيد أن الكعبة كانت تر￯ من المروة إلا كلاما صدره ابن جماعة بقوله: وقيل إن الكعبة كانت تر￯ من أعلى المروة فحالت الأبنية بينها وبين المروة).(٣ ) (١العيني ,البناية ,ج ,٤ص.٢٠٤ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٩٨والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥١ ) (٣ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٠٢٧ وظاهر الحديث أن النبي رآها من المروة ,فالأولى من ذلك أن يقال إن الرقي سنة قائمة بنفسها والنظر سنة ,فلا تسقط إحداهما لسقوط الأخر￯. والأمر السابق يخاطب به الرجال دون النساء فلا يشرع في حقهن رقي الجبلين) (٢إلا إن كان المحل خاليا من غير المحارم ,ولا أظن ذلك يحصل. وعدم مشروعية رقي النساء أمر تواطأت عليه المذاهب الفقهية خشية انكشاف شيء من العورة حال صعودها الجبلين ,إلا أن الشوكاني من المتأخرين خالف في الحكم السابق فقال بمشروعية رقي النساء الجبلين ,لأنه لم يثبت دليل يخص الرجال بالحكم ,والأصل في الأحكام شمولها الجنسين).(٣ وفي هذه الأزمان بعد التوسعات التي استقر عليها أمر المسعى يظهر أن العلة التي رآها الجمهور مانعة النساء من رقي الجبلين منتفية ,إذ يمكن المرأة ) (١الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣٠٥ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩٢وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص,١٠٣٨ والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٥١والسالمي ,جوابات الإمام السالمي ,ج ,٢ص,٢٠٤ وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٧٣ ) (٣الشوكاني ,السيل الجرار ,ج ,٢ص.١٩٩ وبانتفاء المانع السابق ترجع الأحكام إلى أصل العموم للجنسين إذ لم يثبت في شيء من نصوص الشارع تخصيص الرجال برقي الجبلين دون النساء. والحال الآن أن النساء قد استقر عندهن الأمر أنهن يرقين الجبلين ,بل لا يستطعن الانتقال إلى المسعى الآخر إلا مع شيء من الرقي إذ الحاجز بين خطي الذهاب والإياب والذي هو ممر العربات التي تحمل العجزة لا ينتهي إلا عند أصل الجبل. خامسا :الذكر والدعاء ثبت عن النبي أنه كان يقول أذكارا عند رقيه الجبلين ,وهذه الأذكار ثابتة في حجة الوداع ,ولم أجد أحدا من أهل العلم مفرقا بين الحج والعمرة في هذا الشأن بل العمرة يسن لمن رقي الجبلين أن يقول فيها ما يقال في الحج من الأذكار التي سنبينها بعد قليل. وقد يدل للسابق قول النبي ليعلى بن أمية :واصنع في عمرتك كما ومن الفقهاء من أمر بالوقوف حال الذكر والدعاء) ,(٢ومنهم من كره الذكر قاعدا).(٣ ولم يأت وصف أن النبي دعا قائما أو قاعدا ,لكن الأقرب أن دعاءه كان واقفا على الأصل من طوافه وما سيكون من سعيه بعد هذا الذكر, والجلوس خلاف الأصل فيلزم له الدليل ولا دليل. ومما جاء في بيان أذكار النبي قول جابر بن عبد االله : ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ ﴿)nοuρöyθø9$#uρ $x¢Á9$#̈βÎ ﴾ «!$# ÌÍ←!$yèx© ⎯ÏΒأبدأ بما بدأ االله به. فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأ￯ البيت فاستقبل القبلة فوحد االله وكبره وقال: لا إله إلا االله وحده لا شريك له ,له الملك وله الحمد وهو على كل شيء ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :يفعل في العمرة ما يفعل في الحج ).(١٦٩٧ ) (٢المحروقي ,الدلائل ,ص.١٢٢ ) (٣القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥١ انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا ,حتى إذا كان آخر طوافه على المروة).(١ وجاء في بعض الروايات الثابتة النص على أن النبي كبر ثلاثا وأنه زاد يحيي ويميت بعد قوله :له الملك وله الحمد ,كما في حديث أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن جابر بن عبد االله قال :رأيت رسول االله رمل إلى الحجر الأسود حتى انتهى إليه في ثلاثة أطواف. فإذا وقف على الصفا كبر ثلاثا ويقول :لا إله إلا االله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ,ويصنع على المروة مثل ذلك ثلاثا ثلاثا ,وإذا نزل من على الصفا مشى حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى يخرج منه ,ونحر بعض هديه بيده ونحر بعضه غيره).(٢ كما رو￯ التكرار ثلاثا محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد ثنا جعفر حدثني ) (١أخرجه مسلم ,في كتاب :الحج ,باب :حجة النبي .(١٢١٨)  ) (٢أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :في الكعبة والمسجد والصفا والمروة ).(٣١٤ أن رسول االله كان إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثا ويقول: لا إله إلا االله وحده لا شريك له ,له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ,يصنع ذلك ثلاث مرات ,ويدعو ويصنع على المروة مثل ذلك).(٢ كما ثبت التكبير ثلاثا من فعل ابن عمر .(٣) وصورة السابق أن يأتي بالذكر الوارد في الحديث ثم يدعو بما أحب ,ثم يعود للذكر ثم يدعو بما أحب ,ثم يعود للذكر السابق. واختلفوا أيأتي بالدعاء هنا بعد الذكر الثالث أو لا) ,(٤وظاهر حديث جابر عند مسلم أن التكرار ثلاثا كان للذكر والدعاء ولم يفرق بينهما فالأولى التكرار ثلاثا. وعليه يكون التكبير تسعا والتهليل ستا والدعاء مرتين ,وعلى القول ) (١ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.٢٣٠ ) (٢مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٧٢ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٣١١ ) (٤الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٧والنووي ,روضة الطالبين ,ج ,٣ص ,٨٩وابن تيمية, شرح العمدة ,ج ,٣ص.٤٥٥ على التكبير سبع مرات) ,(٢وهو خلاف ظاهر الحديث إذ وصف جابر أن النبي كرر ذلك ثلاث مرات. نعم قد يستفاد ذلك من حديث عبد االله بن نمير عن عبيد االله عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا صعد على الصفا استقبل البيت ثم كبر ثلاثا ثم قال: لا إله إلا االله وحده لا شريك له ,له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير يرفع بها صوته ,ثم يدعو قليلا. ثم يفعل ذلك على المروة حتى يفعل ذلك سبع مرات ,فيكون التكبير واحدا وعشرين تكبيرة فما يكاد يفرغ حتى يشق علينا ونحن شباب).(٣ غير أن الأظهر في هذه الرواية أن السبع موصوف بها مجموع الأذكار عند كل صعود جبل لا في المرة الواحدة. لكن جاء ما يفيد السابق صريحا عن عمر بن الخطاب كما في حديث ابن فضيل عن زكريا عن الشعبي عن وهب بن الأجدع أنه سمع عمر يقول: ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥١ ) (٢البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص.٢٧١ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٣١١ غير أن التأسي بالنبي أولى ,وقد ثبت صريحا عنه التكرار ثلاث مرات. ومن الفقهاء من استحب أن يصلي على النبي خاتمة دعائه) ,(٢وهذا مأخوذ من عموم ما استحب من ختم الدعاء بالصلاة والسلام على النبي ,وإلا فظاهر الأدلة السابقة خلو من الصلاة إلا من فعل عمر بن الخطاب ,لكن الدعاء السابق ليس بمعزل عن آداب الدعاء الأخر￯ بل هو منها يسن له ما يسن في غيره من الأدعية. ومنهم من نص على الاستغفار لنفسه وللمسلمين والمسلمات).(٣ والدعاء لم يأت في النصوص تحديده بل أطلق الراوي أن النبي قد دعا ,فالأمر فيه كما قيل لا يتحدد بأمر دون غيره ,بل يدعو الداعي بما يستطيع من مهمات دينه ودنياه ,ومن غير شك أن الاستغفار من أهم المهمات ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٣١١ ) (٢البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧١والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٩٨والقرافي, الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٥١وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٦٢ ) (٣البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص.٢٧١ والنص جار في المرة الأولى من الأشواط وينسحب حكمه عند كل مرة يصعد فيها الساعي أحد الجبلين ولو كان في الشوط الأخير عند المروة; إذ ظاهر الحديث لم يستثن ذلك ولم يأت ما يفيد أن الشوط الأخير لا يقال فيه عند صعود المروة الذكر السابق. نعم قد يفيد ذلك فعل ابن عمر كما في حديث ابن نمير عن عبد االله عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا صعد على الصفا استقبل البيت ثم كبر ثلاثا ثم قال: لا إله إلا االله وحده لا شريك له ,له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير يرفع بها صوته ,ثم يدعو قليلا. ثم يفعل ذلك على المروة حتى يفعل ذلك سبع مرات ,فيكون التكبير واحدا وعشرين تكبيرة فما يكاد يفرغ حتى يشق علينا ونحن شباب).(٢ فقول الراوي "حتى يفعل ذلك سبع مرات" أي يأتي بالأذكار السابقة ) (١البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧٢والجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص ,٣٠٥والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٥٨ ) (٢ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٣١١ ومما يؤيد ذلك من النظر أيضا احتمال أن الذكر على كل جبل جعله الشرع فاتحة لكل شوط لا خاتمة له وذلك أمر ليس بالبعيد وإن لم يكن له نص ظاهر ,فالرسول قاله أول شوط ليكون فاتحة سعيه من الصفا إلى المروة ,وقاله في الشوط الثاني على المروة ليكون فاتحة سعيه من المروة إلى الصفا ,وهكذا. أما رقي المروة في المرة الأخيرة فليس بفاتحة لشوط بل هو ختام السعي. وليس في الرواية السابقة التي فيها وصف فعل النبي أنه كان يقول دعاء بعينه بل أطلق الراوي ,لذا نص جمع من الفقهاء على أنه ليس في السعي دعاء موقت ,فيدعو الداعي بما شاء).(١ وقد استحب بعض الفقهاء رفع الصوت بالذكر السابق) ,(٢وهو ثابت عن ابن عمر كما قدمنا من رواية ابن أبي شيبة. ونقل عن الإمام أبي الشعثاء جابر بن زيد أنه كان إذا رقي على الصفا ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص ,٣١٠والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥١ ) (٢الشقصي ,منهج الطالبين ,ج ,٧ص ,٢٠٧وابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٥٠٠ بالرجل ,أما المرأة فالمشروع في حقها خفض الصوت. ثم إن رفع الصوت بالذكر مأخوذ من فعل النبي ,إذ لو لم يجهر به لما سمعه جابر وغيره ,وأما الدعاء فالسنة فيه الإسرار فلذا لم يسمع من النبي .(٢) ومما جاء واستحبه بعض الفقهاء أن يقول الساعي بين الجبلين :رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم وأنت الأعز الأكرم ,اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).(٣ والسابق ثابت من قول ابن عمر كما رو￯ ذلك عنه ابن أبي شيبة من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن شقيق قال :كان عبد االله إذا سعى في بطن ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢٠١والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج,٢ ص.٢٠٥ ) (٢ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص.٤٦٠ ) (٣البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧١والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٩٥والرافعي, العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٨والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٨٠وابن قدامة ,المغني ,ج,٣ ص.١٩٣ ) (٣ لذا فقول إمام الحرمين إنه قد صح عن النبي أنه كان يقوله في سعيه مما لا يوافق عليه).(٤ وقد روي السابق من قول الرسول من حديث إبراهيم بن الحجاج السامي قال :حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال :حدثنا ليث بن أبي سليم عن أبي إسحاق عن علقمة عن ابن مسعود أن النبي كان إذا سعى في بطن المسيل قال :اللهم اغفر وارحم وأنت الأعز الأكرم. أخرجه الطبراني وقال إثره :لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا ليث تفرد به عبد الوارث).(٥ وليث بن أبي سليم ممن لا يثبت حديثه كما ذكرنا ذلك عنه من قبل. كما جاء السابق من قول النبي في حديث الفاكهي من طريق يعقوب ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٤٢٠ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٩٥ ) (٣الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣٠٥ ) (٤ابن الملقن ,البدر المنير ,ج ,٦ص ,٢١٦وابن حجر ,التلخيص الحبير ,ج ,٢ص.٢٥١ ) (٥الطبراني ,المعجم الأوسط ,ج ,٣ص.١٤٨ يقول وهو يسعى مما يلي الوادي :رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم).(١ لكن الحديث لا يثبت أيضا ففيه إبراهيم بن يزيد الخوزي ,قال :أحمد: متروك الحديث ,وقال يحيى بن معين :ليس بثقة وليس بشيء ,وقال أبو زرعة وأبو حاتم :منكر الحديث ضعيف الحديث ,وقال أبو بشر الدولابي عن البخاري :سكتوا عنه ,قال الدولابي :يعني تركوه ,وقال النسائي :متروك الحديث).(٢ ومما استحبه بعض الفقهاء) (٣ما كان يدعو به ابن عمر من قوله: اللهم اعصمني بدينك وطاعتك وطاعة رسولك ,اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك ورسلك وعبادك الصالحين ,اللهم آتني من خير ما تؤتي عبادك الصالحين ,اللهم اجعلني من الأئمة المتقين ,واجعلني من ورثة جنة النعيم ,واغفر لي خطيئتي يوم الدين).(٤ ) (١الفاكهي ,تاريخ مكة ,ج ,٢ص.٢١٩ ) (٢المزي ,تهذيب الكمال ,ج ,٢ص.٢٤٣ ) (٣الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٠٨وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٢ ) (٤أبو نعيم ,حلية الأولياء ,ج ,١ص.٣٠٨ إذا قدم حاجا أو معتمرا طاف بالبيت وصلى ركعتين ,وكان جلوسه فيها أطول من قيامة ثناء على ربه ومسألة فكان يقول حين يفرغ من ركعتيه وبين الصفا والمروة ,ثم ساق الدعاء السابق).(١ وفي كل يرفع يديه) ,(٢ولم يأت في النص الشرعي أن النبي خفضهما حال الذكر ورفعهما حال الدعاء ,بل الظاهر أن الرفع استوعب الجميع ولا مانع منه من حيث الشرع. بل على العكس مما ثبت أن النبي رفع يديه حال الذكر كما في حديث أبي هريرة أن النبي لما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد االله ويدعو بما شاء أن يدعو).(٣ وكثير من الناس الآن من يشير إلى البيت حال رقيه الجبلين ,والظاهر أن النبي رفع يديه حال رقيه الجبلين رفع دعاء لا رفع إشارة إلى البيت ,وعليه ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٦ص.١٠٨ ) (٢العيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٠٣وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص ,١٠٣١وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٢ص ,٣٥٨وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٥٧ ) (٣أخرجه مسلم في كتاب :الجهاد والسير ,باب :فتح مكة ).(١٧٨٠ والإمام مالك هنا على أصله لا يستحب رفع اليدين إلا حال الصلاة).(١ واستحب بعض أهل العلم للحاج أن يلبي بعد الذكر الأول ثم يدعو بما أحب) ,(٢وقد تقدم في الجزء الثاني من الكتاب أن التلبية غير مشروعة في حال الطواف. والنبي نقلت عنه أحواله وأذكاره على الجبلين ولم يكن من بينها التلبية بل ظاهر قول ابن عمر –كما تقدم −أنه قطع التلبية عند أدنى الحرم, ثم إنه هنا ذكر ما كان يقوله على رأس الصفا ولم يكن من بين ما ذكره التلبية. ثم إن التلبية مشروعة في عموم الإحرام ,ولهذا المكان ذكر يخصه فلم يزاحم بغيره ,وأيضا فإن التلبية شعار المجيب للداعي فشرع له ما دام يسير ويسعى إلى المقصد فإذا بلغ مكانا من الأمكنة التي دعي إليها فقد وصل إلى المقصد فلا معنى للتلبية ما دام فيه فإذا خرج منه وقصد مكانا آخر لبى).(٣ ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥١ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٥٨وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص,١٠٢٨ وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٥٧ ) (٣ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص.٤٦١ أبو عمرو بن مطر ,ثنا أبو خليفة ,ثنا محمد بن كثير ,أنبأ سفيان عن منصور عن أبي وائل عن مسروق قال: مسلما على عائشة > وصحبت عبد االله بن مسعود حتى دخلجئتَُّ في الطواف فطاف ثلاثة رملا وأربعة مشيا ثم إنه صلى خلف المقام ركعتين ثم إنه عاد إلى الحجر فاستلمه. ثم خرج إلى الصفا فقام على الشق الذي على الصفا فلبى فقلت :إني نهيت عن التلبية? فقال :ولكني آمرك بها; كانت التلبية استجابة استجابها إبراهيم ,فلما هبط إلى الوادي سعى فقال :اللهم اغفر وارحم وأنت الأعز الأكرم. والحديث أخرجه البيهقي وقال إثره :وهذا أصح الروايات في ذلك عن ابن مسعود).(١ وبعض أهل العلم على أن التلبية على الصفا والمروة تشرع للحاج ,أما ) (١البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.٩٥ ولعل علة السابق عموم أن النبي لبى حتى رمى الجمرة ,وطواف الإفاضة يكون بعد رمي الجمرة فمن هنا لم يستحبوا إلا في السعي بعد طواف القدوم. ولكن حديث ابن مسعود سابق الذكر لم يكن فيه تقييد بالحج بل ظاهره أنه في العمرة ,ثم إن العلة التي احتج بها عامة للحج والعمرة. والأولى من ذلك كله عدم مشروعية التلبية على الصفا والمروة وحال الطواف للأدلة التي قدمناها ,وهي بينة جلية. ومن الفقهاء من فضل قراءة القرآن في السعي بين الصفا والمروة).(١ والتفضيل السابق حسن في غير حال رقي الجبلين ,أما عند الرقي فالأفضل ما ثبت في السنة ,وإن كان ذكر االله بقراءة القرآن خيرا من حيث الأصل العام إلا أنه في هذا الموضع الأولى ما نص عليه الشارع. وقال بعض الفقهاء لم يأمر النبي بالدعاء في الطواف; لأنه يشبه بالصلاة ,والدعاء يؤتى بعد الفراغ منها ,والسعي تتمة ذلك فأشبه آخر ) (١ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٠٣٦ ومما جاء في ذلك حديث أبي هريرة أن النبي لما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد االله ويدعو بما شاء أن يدعو).(٢ غير أن الذي يشكل على السابق أنه كان يوم فتح مكة ,ورقيه المذكور ما كان في نسك فقد اتفق الجميع على أنه ما دخل مكة يوم الفتح محرما, فطوافه ورقيه ما كان للنسك. ولعل رقيه كان لأنه أمر فرق جيشه بالاجتماع عند جبل الصفا فيكون دعاؤه في مكان الاجتماع دعاء شكر وحمد لا نسك ,وعليه فدلالته على استحباب التوجه للبيت حال النسك ضعيفة. ثم إن السابق ليس بنص في أن النبي استقبل البيت حال الدعاء, وليس من لازم الرؤية الاستقبال ,لكن أيد القائلون بمشروعية استقبال البيت حال الذكر السابق بأمور منها: ) (١ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٦٦ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الجهاد والسير ,باب :فتح مكة ).(١٧٨٠ ومنها أن الوقوف بالمشاعر نوع من الصلاة ,ولأن المناسك هي حج البيت فكان استقبال البيت وقت فعلها تحقيقا لمعنى حج البيت وقصده. ولأن جميع العبادات البدنية من القراءة والذكر والدعاء والصلاة والاعتكاف وذبح الهدي والأضحية يسن استقبال الكعبة فيها فما تعلق منها بالبيت أولى).(١ سابعا :الهرولة بين العلمين الأخضرين والعلمان الأخضران جعلا علامة على موضع السعي الذي سعى فيه النبي ببطن الوادي ,وليس ثمة الآن بطن واد ولا له أثر).(٢ وفي زماننا نصب مصباح أخضر ليكون علامة على مبدأ منطقة السعي ومنتهاها من الوجهين. ودليل الأمر السابق حديث عبيد االله عن نافع عن ابن عمر أن النبي كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول يخب ثلاثة أطواف ويمشي أربعة, ) (١ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص.٤٥٣ ) (٢العيني ,البناية ,ج ,٤ص.٢٠٥ ابن عباس حدثه أن ابن عباس قال :ليس السعي ببطن الوادي بين الصفا والمروة سنة ,إنما كان أهل الجاهلية يسعونها ويقولون لا نجيز البطحاء إلا شدا).(٢ وذكر بعض أهل العلم أنه لا يريد أنه لا يسن السعي في بطن الوادي وإنما أراد أنه ليس بسنة أنشأه النبي بل كانت من عمل الجاهلية فأقرها النبي على ما كانت عليه فصارت سنة بالتقرير ,وغيرها من السنن أنشأ فعلها).(٣ ويشكل على التوجيه السابق أن الطواف بالبيت وكثيرا من مناسك الحج كانت معروفة عند أهل الجاهلية وأقرها النبي ولم يقل أحد فيها ما قاله ابن عباس. على أنه ثبت عنه − كما قدمنا −أن أصل السعي ببطن الوادي هو فعل ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته ثم صلى ركعتين ثم خرج إلى الصفا ).(١٥٣٨ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :مناقب الأنصار ,باب :القسامة في الجاهلية ).(٣٦٣٤ ) (٣ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٧٢ الوجوب عن السعي كله ,فيكون حكمه تطوعا).(١ وفي هذا التوجيه نظر; إذ كلام ابن عباس ما كان إلا في السعي ببطن الوادي ,والموجهون كلامهم في السعي كله ,ثم إنه لو قيل بظاهر كلام ابن عباس لأفاد عدم المشروعية رأسا ,وهو ما لا يقول به أحد. ولعل ابن عباس لا ير￯ مشروعية الهرولة بين العلمين كمذهبه في الرمل في طواف القدوم إن صح هذا المنقول عنه كما هو الظاهر. ونبه بعض أهل العلم على أن الساعي يسعى سعيا شديدا قبل الميل الملصق بجدار المسجد بنحو ستة أذرع ,وهكذا عند رجوعه من المروة إلى الصفا يواصل سعيه الشديد بعد الميل الأخضر بستة أذرع محاذيا لمكان سعيه من الصفا إلى المروة).(٢ وعلة ذلك أن الميل كان موضوعا على المكان الذي منه ابتداء السعي فكان السيل يهدمه ويحطمه ,فرفعوه إلى أعلى ركن المسجد ولم يجدوا على ) (١ابن الجوزي ,كشف المشكل ,ج ,٢ص ,٣٩٨والعيني ,عمدة القاري ,ج ,١٦ص.٢٩٨ ) (٢الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص ,٣٠٤والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص,١٥٨ والعيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٠٥والجيطالي ,قناطر الخيرات ,ج ,٢ص.٧٨ بطن الوادي الذي سعى فيه نبي الإسلام ,وسعت فيه من قبل أم إسماعيل هاجر –رحمها االله ,−فلا داعي للتقديم السابق بل يلتزم موضع العلامة في المبتدأ والمنتهى. وقد تقدم ذلك من فعل النبي كما وصف جابر بن عبد االله. والهرولة السابقة ليست مشروعة إلا في بطن الوادي منطقة السعي بين العلمين ,فلا يصح السعي في المسعى كله كما يفعل جماعات من السعاة الآن, ولكن مع هذه الإساءة التي يتعرض لها هؤلاء نص من نص من أهل العلم على أنه ليس عليهم شيء).(٢ ولا أظن متعمد المخالفة مع العلم بالمشروع سالما من الإثم. وقال بعض أهل العلم إن من سعى راكبا أو محمولا أسرع حامله بقدر الإرمال بين العلمين ,ولو دابة يسرعها راكبها أو سائقها).(٣ والجمهور من الفقهاء على أن هذا السعي سنة وليس بواجب ,فمن ) (١الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص ,٣٠٥والعيني ,البناية ,ج ,٤ص.٢٠٥ ) (٢ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٤٧والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص.٢٧٣ ) (٣القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٥٣ فقد رأيت رسول االله يسعى ,وإن أمش فقد رأيت رسول االله يمشي, وأنا شيخ كبير. ولأن ترك الرمل في الطواف بالبيت لا شيء فيه فبين الصفا والمروة أولى).(٢ وحديث ابن عمر الذي استدل به الجمهور ,روي عنه من طرق: أولها عطاء بن السائب عن كثير بن جمهان عن ابن عمر. وقد رو￯ الحديث عن عطاء جماعة منهم الثوري كما أخرج ذلك النسائي من حديث محمود بن غيلان المروزي قال :حدثنا بشر بن السري, قال :حدثنا سفيان عن الثوري عن عطاء بن السائب عن كثير بن جمهان قال: رأيت ابن عمر ...الحديث).(٣ ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢٠٧والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٨٠وابن قدامة, المغني ,ج ,٣ص ,١٩٣والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٤٠٣والقرافي ,الذخيرة ,ج,٣ ص.٢٥٣ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٤ ) (٣النسائي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص ,٤١٤والمجتبى ,باب :المشي بينهما ).(٢٩٧٦ ورواه الترمذي من طريق يوسف بن عيسى حدثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن كثير بن جمهان قال :رأيت ابن عمر...الحديث ,وقال :حسن صحيح).(٢ ورواه ابن ماجه من طريق علي بن محمد وعمرو بن عبد االله قالا :ثنا وكيع ثنا أبي عن عطاء بن السائب عن كثير بن جمهان عن ابن عمر).(٣ وصححه ابن خزيمة بإخراجه إياه).(٤ ورواه ابن خزيمة عن أبي موسى ثنا عقبة ثنا الضحاك عن سفيان عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن جبير عن ابن عمر نحوه).(٥ ورواه النسائي من طريق محمد بن رافع النيسابوري قال :حدثنا عبد الرزاق قال :أنبأ الثوري عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن جبير قال: ) (١أبو داود ,كتاب المناسك ,باب :أمر الصفا والمروة ).(١٩٠٤ ) (٢الترمذي ,كتاب :الحج ,باب :ما جاء في السعي بين الصفا والمروة ).(٨٦٤ ) (٣ابن ماجه ,كتاب :المناسك ,باب :السعي بين الصفا والمروة ).(٢٩٨٨ ) (٤ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.٢٣٧ ) (٥ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.٢٣٧ ومن مجموع السابق يظهر أن حديث ابن عمر صحيح حجة ,بل بعض طرقه صحيحة بذاتها. ورو￯ ابن خزيمة عن محمد بن يحيى حدثنا المغيرة ثنا سعيد بن بشير حدثني قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي سعى عاما ومشى عاما).(٢ ومنهم من استحسن له أن يهدي إن تركه في سعيه كله. ومن الفقهاء من نص على كونه سنة إلا أنه ألزم تاركه الدم ,ومنهم من قال يعيد ما دام في مكة فإن فات أهد￯ ,ومنهم من قال لا يعيد وعليه دم).(٣ والظاهر أن بعضهم يعلقون وجوب الدم بالعمد ,أما الناسي للهرولة فلا شيء عليه).(٤ ) (١النسائي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص ,٤١٤والمجتبى ,كتاب :مناسك الحج ,باب :المشي بينهما ).(٢٩٧٧ ) (٢ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.٢٣٧ ) (٣القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٥٣والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٠٦ ) (٤السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٠٦ للترك كالناسي يتذكر وهو بمكة فله أن يعيد ويسقط الدم عنه. وإن كان المتروك رمل أقل من أربعة أشواط فيلزم بترك رمل كل شوط بإطعام مسكين).(١ وحكى الإمام السالمي وقطب الأئمة عن الأبدلاني من علماء الإباضية المغاربة أنه ألزم من لم يهرول إعادة السعي ,والدم مع الإعادة إن كانت الإعادة بعد الحلق).(٢ وقال ابن جعفر: ومن ترك الرمل في شوط أو شوطين فليعد الشوطين ,وإن قصر قبل أن يعيد) (٣وكان قد ترك الأكثر من الهرولة –أربعة أو أكثر −فعليه دم).(٤ ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٤٦والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٩٥والسعدي, قاموس الشريعة ,ج ,١٩ص.٢٩٧ ) (٢السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,٢٠٦والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج,٤ ص.١٥٣ ) (٣في الأصل :يعود ,والأظهر المثبت في الأصل. ) (٤ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص.٣٤٦ ومنهم من قال يرجع إليه ما لم يجاوزه بثلاث خطوات).(١ ومنهم من أطلق الأمر بالرجوع دون تقييد بعدد الخطوات).(٢ والتفصيلات السابقة يعوزها الدليل ,وحديث ابن عمر الذي فيه أن النبي سعى ومشى ظاهر في نفي الوجوب عن الهرولة بين العلمين. والأمر السابق خاص بالرجال ,وقد اتفق العلماء على أنه إن كان الازدحام موجودا لم يشرع للمرأة السعي بين العلمين بل تمشي مشيها المعتاد).(٣ ومن الفقهاء من أمرها بالإسراع شيئا يسيرا عن المشي المعتاد).(٤ ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٤٦والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢٠٦والسالمي, شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٠٦ ) (٢البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص.٢٧٢ ) (٣الشافعي ,الأم ,ج ,٢ص ,١٧٦والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧٣وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص ,١٠٣٨وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص ,١٢٧٣والسالمي, شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٠٦ ) (٤ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٤٧والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص.٤٠٣ المشي).(١ فيكون الإجماع مخصصا لعموم النصوص الشرعية التي الأصل فيها أن يتعبد بها الجنسان الذكور والإناث. واختلف في حال خلو المسعى من الرجال أيشرع لها أن تسعى بين العلمين أو لا يشرع لها ذلك) ,(٢وذهاب علة المنع يرد إلى أصل عموم أحكام الشريعة للجنسين إذ لا مانع من الهرولة إلا العلة المذكورة. ومن أهل العلم من رأ￯ مشروعية السعي للنساء لولا الإجماع السابق فإن مبدأ السعي كان سعي امرأة وهي هاجر أم إسماعيل ,فالأصل أن تدخل في المشروعية بالأولى بل على سبيل القطع على ما يذهب إليه بعض العلماء, ولكن لورود الإجماع يقال بما أفاده الإجماع).(٣ ثم إن فعل هاجر كان في حال الخلوة ولم يكن ثمة رجال يسعون معها ) (١الخروصي ,من جوابات الإمام جابر بن زيد ,ص.٧٢ ) (٢الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤١٠والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٨٠وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٠٣٨ ) (٣ابن عثيمين ,مجموع الفتاو￯ ,ج ,٢٢ص.٤٣٠ خلو المسعى من الرجال غير المحارم. والمشكلة التي قد تحول دون تطبيق السنة السابقة أن من الرجال من يسعى بين الصفا والمروة ويكون معه من لا يشرع له السعي كالنساء وغيرها من الضعفة غير القادرين على السعي ,والمرأة –في أحيان كثيرة −ضعيفة لا تكاد تقوم بشأنها فيخشى عليها من يعنى بشأنها لرفقتها الضياع خاصة أيام المواسم كالحج ورمضان فيكون حاله دائرا بين أمرين شرف الامتثال لسنة النبي وخشية إضاعة من تحت يديه والتفريق فيهما مر. ويقال في حق مثل من هذا حاله إن مفسدة ضياع المرأة وسط تلك الجموع الغفيرة من ضيوف الرحمن أمر بالغ الضرر ,وتطبيق السنة أمر ليس بالواجب المحتم ,فعلى القواعد التأصيلية يقدم دفع المفسدة على جلب المصلحة فيرعى شؤونها. ولعل ذلك أأجر له في مثل حاله ذاك; إذ التزام الواجب أشرف من الحرص على المندوب إن لم يمكن الجمع بينهما ,بل التضييع في الواجبات المتحتمة لأجل تحصيل المندوبات أمر يعد صاحبه آثما. ومع السابق يمكن الرجل السابق حاله أن يجمع بين الخيرين فيرعى من أجر العملين; إذ نية المؤمن خير من عمله ,ويشهد له حديث: أنس بن مالك أن رسول االله رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال :إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم. قالوا :يا رسول االله ,وهم بالمدينة?! قال :وهم بالمدينة حبسهم العذر).(١ وإن كان ثمة مجال لسعي الرجل في الأحوال التي فيها الزحام ليس ببالغ ,أو كانت المرأة ممن يستطيع أن يرعى نفسه في تلك المنطقة اليسيرة رمل الرجل ومن يشرع له أن يرمل وانتظر المرأة عند آخر منطقة الرمل ليصطحبا بعد ذلك إن لم يسبب وقوفه إحداث ضرر بالناس; إذ لا مانع منه. وإن سبب ذلك فالأولى انتهاك الرمل بعدم إتيانه لا إحداث الضرر بالآخرين. والقائلون بوجوب الهرولة بين العلمين منهم من نص على وجوب أن يهرول عن المرأة التي عنده ولا ينتظرها ,ومن ذلك أن أبا المؤثر البهلوي سئل: ) (١أخرجه البخاري في كتاب :المغازي ,باب :نزول النبي الحجر ).(٤١٦١ قال :لا بأس أن يمشي على مشيها. قيل :فتمسك به? قال :نعم ,لا بأس أن تمسك به إلا أن تشغله عن الهرولة بين العلمين, فإن شغلته فليسع وحده وهي وحدها. قيل :فينظرها عند العلم? ,قال :لا).(١ غير أن عدم الانتظار هنا لا بد من أن يقيد بما قيدناه سابقا. وأغرب ابن حزم بما لم يسبق إليه ولم يتابع عليه فقال: واتفقوا أن من طاف بين الصفا والمروة سبعا يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ثلاثة خببا وأربعة مشيا فقد سعى).(٢ ونص على السابق في حجة الوداع) ,(٣وكلامه غير صحيح بل الاتفاق قائم بين أهل العلم على أن الرمل بين العلمين الأخضرين أمر مشروع في الأشواط كلها كما ثبت ذلك عن صاحب الدعوة ,إلا ما قال به مثله ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.٢٠٥ ) (٢ابن حزم ,مراتب الإجماع ,ص.٧٨ ) (٣ابن حزم ,حجة الوداع ,ص.١١٧ كذلك فمن ضرورته طرف من الاقتصاد).(٢ ومن الفقهاء من قال إن من أهل بالحج من أهل مكة لم يكن عليه سعي بين العلمين كما لا رمل عليه في الطواف).(٣ ولا أعلم دليلا لهذا ,والأصل في السعي أنه مشروع للاقتداء بأم إسماعيل هاجر ,وهذا الأصل يستوي فيه أهل مكة وغيرهم. ثم إن النبي قد حج معه أناس من أهل مكة ولم ينقل أنه فرق في المشروعية السابقة بينهم وغيرهم ,ولو كان ثمة تفريق لاشتهر إذ البلو￯ تعم به. والرمل في الطواف لم يقل به لأهل مكة لأنهم يحرمون في الحج من موضعهم فلا طواف قدوم لهم ,أما في حال إحرامهم بالعمرة من أدنى الحل –على مذهب الجمهور −فذكرنا الخلاف فيهم ,وتبين أنهم متعبدون بما تعبد به غيرهم. ) (١ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٩٣ ) (٢الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣٠٥ ) (٣ابن تيمية ,شرح العمدة ,ج ,٣ص ,٤٦٦وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٠٣٦ إذا فرغ من السعي يستحب له أن يدخل فيصلي ركعتين ليكون ختم السعي كختم الطواف كما ثبت أن مبدأه بالاستلام كمبدئه عنه عليه الصلاة والسلام).(٢ وقد اختلفوا في الاستدلال له فمنهم من قال إن في ذلك زيادة طاعة وإن كان الأمر لم يثبت عن النبي . ومنهم من استدل بالقياس على الطواف ,وقد تقدم نقل ذلك عن ابن الهمام. ومنهم من رأ￯ أن الساعي إذا فرغ من السعي دخل المسجد وصلى ركعتين) ,(٣لحديث أبي بكر بن أبي شيبة ثنا أبو أسامة عن ابن جريج عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي عن أبيه عن المطلب قال: رأيت رسول االله إذا فرغ من سبعه جاء حتى يحاذي بالركن فصلى ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٨٠وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٠٥٤ ) (٢ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص.٤٦٠ ) (٣ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص ,٤٦٠وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٣٠١ الضياء) ,(٣بل سبعه وهذا يراد به سبعة الأشواط في الطواف لا السعي ,وقد ترجم لذلك ابن ماجه بقوله باب الركعتين بعد الطواف. ثم إن الحديث ضعيف لا يثبت; ففي إسناده ابن جريج ولم يصرح بالتحديث. وفي الحديث علة أخر￯ وهي أن كثيرا لم يسمع الحديث من أبيه ولكن من بعض أهله).(٤ ورأ￯ آخرون أن الفعل السابق غير مشروع بل من الفقهاء من صرح بكراهة هاتين الركعتين; لأنه ابتداع شعار) ,(٥وهذا القول أولى. ) (١أخرجه ابن ماجه في كتاب :المناسك ,باب :الركعتين بعد الطواف ).(٢٩٥٨ ) (٢ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص.٤٦٠ ) (٣ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٣٠١ ) (٤العلائي ,جامع التحصيل ,ص.٢٥٨ ) (٥النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٨٠وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٠٥٥ اتفق الفقهاء على أن السعي ماشيا أولى من السعي راكبا ,لكن اختلفوا في كراهة السعي راكبا ,فمنهم من قال إن السعي راكبا خلاف الأولى لكنه ليس بمكروه ,فلا يلزم من سعى راكبا شيء).(١ ومن الباب السابق رو￯ محمد بن فضيل عن الأحوص قال :رأيت أنسا يطوف بين الصفا والمروة على حمار).(٢ كما رو￯ وكيع عن قيس بن عبد االله عن أبي إدريس قال :رأيت عائشة تسعى بين الصفا والمروة على بغل).(٣ وذهب آخرون إلى أن السعي راكبا مكروه إلا من ضرورة).(٤ ومنهم من قال إن السعي راكبا لا يجوز إلا من عذر فلا يجزي من سعى ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,١٩١والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤١٠والنووي, المجموع ,ج ,٨ص ,٨١والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص.٤٠٤ ) (٢ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.١٧٠ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.١٧٠ ) (٤الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.٢٠٣ طاف على ظهر إنسان لم يجزه; لأنه حينئذ لا يكون طائفا وإنما الطائف الحامل ,وإذا طاف على بعير يكون هو الطائف).(٢ وآخرون قالوا إن لزوم الدم لمن طاف راكبا يلزم من ركب أكثر السعي, أما إن كان ركوبه أقل السعي بغير عذر فعليه صدقة نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير).(٣ ومع الخلاف السابق جاء ما يفيد أن النبي سعى راكبا كما في حديث أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد االله يقول :طاف النبي في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليشرف وليسألوه; فإن الناس غشوه).(٤ كما جاء ما يفيد الأمر السابق وهو حديث موسى بن إسماعيل ثنا حماد ثنا أبو عاصم الغنوي عن أبي الطفيل قال :قلت لابن عباس :يزعم قومك أن ) (١القرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٢ص ,١٨٤والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥٣ ) (٢القرطبي ,الجامع لأحكام القرآن ,ج ,٢ص.١٨٤ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,٨١وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٢٩٠ ) (٤أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :جواز الطواف على بعيره ).(١٢٧٣ طاف رسول االله بين الصفا والمروة على بعيره. وكذبوا ليس بسنة; كان الناس لا يدفعون عن رسول االله ولا يصرفون عنه فطاف على بعير ليسمعوا كلامه وليروا مكانه ولا تناله أيديهم).(١ والحديث في ظاهره مشكل جدا ,وذلك لأن الثابت أن النبي طاف وسعى يوم قدومه في حجة الوداع ماشيا ولم يركب ,وما كان ركوبه –كما تقدم −إلا في طواف الإفاضة ,ومعلوم أنه ما سعى بعد طواف الإفاضة فضلا عن أن يكون سعى راكبا. ذهب بعض أهل العلم إلى أن سعيه راكبا كان في عمرة القضاء لا في حجة الوداع لما رو￯ أبو داود أنه عليه الصلاة والسلام طاف في عمرة القضاء راكبا ليسمعوا كلامه ويروا مكانه ولا تمسه الأيدي; لأن الناس كانوا لا يدفعون عنه).(٢ ) (١أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :في الرمل ).(١٨٨٥ ) (٢القاري ,مرقاة المفاتيح ,ج ,٥ص.٤٦٤ انصب به بعيره فقد انصب كله وانصبت قدماه أيضا مع سائر جسده, وكذلك ذكر الرمل يعني رمل الدابة براكبها).(١ حل الإشكال السابق أن النبي بدأ سعيه يوم القدوموالأظهر فيِّ ماشيا ,ولما غشاه الناس وتزاحموا ركب ,والسابق مأخوذ من حديث فضيل بن حسين الجحدري حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا الجريري عن أبي الطفيل قال :قلت لابن عباس :أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا أسنة هو; فإن قومك يزعمون أنه سنة? قال :صدقوا وكذبوا ,قال :قلت :وما قولك صدقوا وكذبوا? قال :إن رسول االله كثر عليه الناس يقولون :هذا محمد ,هذا محمد, حتى خرج العواتق من البيوت ,قال :وكان رسول االله لا يضرب الناس بين يديه ,فلما كثر عليه ركب ,والمشي والسعي أفضل).(٢ وأورد القرافي سؤالا مفاده كيف يصح عنه أنه ركب في السعي وأنه ) (١ابن حزم ,حجة الوداع ,ص.١٥٧ ) (٢أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :استحباب الرمل في الطواف والعمرة وفي الطواف الأول من الحج ).(١٢٦٤ والشيخ أبو ساكن عامر بن علي الشماخي ~ استدل لجواز السعي راكبا بخبر سعي النبي راكبا وبأن السعي هو الإسراع في المشي والسعي الركوب كما قال االله تعالى ﴿ ﴾ «!$# Ìø.ÏŒ 4’n<Î) (#öθyèóTM$$sùقال :وأجمعت الأمة أنهم لو سعوا إلى الصلاة ركبانا لكانوا قد امتثلوا ما أمروا به ,قال الشاعر: سعيت إليها والرماح تنوشني )(٢ وطرفي يخوض الموت والقلب ثابت وخلاصة الأمر أن سعي النبي راكبا دليل جواز من حيث الأصل العام ولكنه ليس دليل أفضلية بل سننه العام في السعي راجلا مقدم عليه فضلا عن أنه بدأ سعيه راجلا وما ركب إلا لعلة. والركوب في هذا الزمان متصور في حق العجزة الذين تقلهم عربات للسعي بين الجبلين ,وينبغي للإنسان أن يكون راجلا في سعيه إلا إذا ما ألحت عليه ضرورة للركوب. ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٥٣ ) (٢الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص.٤٠٤ اختلف الفقهاء المعاصرون في السعي فوق سطح المسعى ,والذي عليه أكثر الفقهاء المعاصرين أن ذلك جائز ولا حرج فيه. وممن نص على ذلك شيخنا العلامة الخليلي ,والشيخ ابن عثيمين إذ قال: ومحل السعي ثلاثة :الأرض والسطح الذي فوقها ,والسطح الأعلى ,ولو بنوا سطحا رابعا فلا حرج ,كما أنه لو قدر أنه فتح قبو على طول المسعى فإنه يجزي السعي فيه).(١ كما أفتى بجواز السعي فوق سقف المسعى هيئة كبار العلماء بالسعودية في دورتها الرابعة المنعقدة ما بين ٢٩من شوال إلى ١٢من ذي القعدة سنة ١٣٩٣هـ) (٢الذي يوافقه ١٩٧٣/١١/٢٤م إلى ١٩٧٣ /١٢/٦م. واختلفوا في التعليل للجواز فمنهم من قال إن الجواز; لأن الهواء تابع للقرار).(٣ ومنهم من أخذ الجواز من أمور: ) (١ابن عثيمين ,مجموع الفتاو￯ ,ج ,٢٢ص.٤٢٩ ) (٢أبحاث هيئة كبار العلماء ,ج ,١ص.٨ ) (٣ابن عثيمين ,مجموع الفتاو￯ ,ج ,٢٢ص.٤٢٩ والاختصاص ونحوهما ,وعلى ذلك يمكن أن يقال إن السعي فوق الطابق الذي جعل سقفا لأرض المسعى له حكم السعي على أرض المسعى. ثانيها :تشبيه السعي في سطح المسعى بالسعي راكبا; إذ الكل غير مباشر للأرض في سعيه خاصة إن علمنا أنه لم يرد في السعي ما يلحقه بالصلاة في حكمها بل إنه أولى من الطواف راكبا بالإجزاء ,فإذا صح الطواف راكبا لعذر صح السعي فوق سقف المسعى لعذر ,والزحام عذر. ثالثها :من صلى على مكان مرتفع عن سطح الكعبة مستقبلا ما فوق سطحها من هواء صحت صلاته إجماعا ,وعليه يقال إذا كان استقبال ما فوق الكعبة من هواء في الصلاة كاستقبال بنائها فالسعي فوق سقف المسعى في حكم السعي على أرض المسعى. رابعها :ثبت أن النبي قد رمى الجمرة راكبا ,وقد اتفق الفقهاء على جواز رمي الجمرة راكبا من حيث الأصل ,ومنه يقال إنه إذا جاز الرمي راكبا جاز السعي فوق سقف المسعى; فإن كلا منهما نسك أدي من غير مباشرة مؤديه للأرض التي أداه عليها. بل السعي في سقف المسعى أقرب من أداء أي شعيرة من شعائر الحج أو لذلك بأمور: الأمر الأول :أن الأمكنة المحددة من قبل الشرع لنوع من أنواع العبادات لا تجوز الزيادة فيها ولا النقص إلا بدليل يجب الرجوع إليه من كتاب أو سنة. الأمر الثاني :أن الأمكنة المحددة شرعا لنوع من أنواع العبادات ليست محلا للقياس; لأنه لا قياس ولا اجتهاد مع النص الصريح المقتضي تحديد المكان المعين للعبادة. ولأن تخصيص تلك الأماكن بتلك العبادات دون غيرها من سائر الأماكن ليست له علة معقولة المعنى حتى يتحقق المناط بوجودها في فرع آخر حتى يلحق بالقياس ,فالتعبدي المحض ليس من موارد القياس. الأمر الثالث :أن الصفا والمروة كلاهما علم لمكان معين ,وهو علم شخص لا علم جنس ,و لا نزاع في أن العلم يعين مسماه −أي يشخصه ,فإن كان علم شخص كما هنا شخص مسماه في الخارج ,بمعنى أنه لا يدخل في ) (١أبحاث هيئة كبار العلماء ,ج ,١ص.٨ الصفا وشخص المروة ,ولا يدخل شيء آخر البتة في ذلك لتعين المسمى بعلمه الشخصي دون غيره كائنا ما كان ,سواء كان الفراغ الكائن فوق المسمى المشخص بعلمه أو غير ذلك من الأماكن الأخر￯. والمسعى الجديد الكائن فوق السقف المرتفع الذي فوق المسعى النبوي المبين بالسعي فيه معنى القرآن غير المسعى النبوي المذكور ,ومغايرته له من الضروريات; لأنه مما لا نزاع فيه أن المتضايفين اللذين تستلزمهما كل صفة إضافية متباينان تباين المقابلة لا تباين المخالفة ,ومعلوم أن المتباينين تباين المقابلة بينهما غاية المنافاة لتنافيهما في حقيقتيهما واستحالة اجتماعهما في محل آخر. الأمر الرابع :أن السعي في المسعى الجديد خارج عن مكان السعي الذي دلت عليه النصوص; لأن النبي بين أن الظرف المكاني للسعي بالنسبة إلى الصفا والمروة هو ظرف المكان الذي يعبر عنه بلفظة بين ,وأما المسعى العلوي فظرفه المكاني بالنسبة إلى الصفا والمروة هو لفظة فوق. ومعلوم أن لفظ )بين( ولفظ )فوق( وإن كانا ظرفي مكان فمعناهما مختلف ,ولا يؤدي أحدهما معنى الآخر لتباين مدلوليهما ,فالساعي في المسعى وبين من السابق أن أدلة القائلين بعدم إجزاء السعي في الطابق العلوي ِّ للمسعى أقو￯ من حيث الدلالة وإن كانت للأقوال الأخر￯ وجاهة ,ولكن جر￯ العمل من الناس كافة عامهم وعالمهم ذكرهم وأنثاهم على السابق, وفيه تنفيس للسعاة ,وأخذ بمذهب الجمهور. ) (١من مقال للشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي. @ @@ @ @ @ @ @–ÔnÛa@ëc@Õܧbi@ÝÜznÛa@Zßb ̈a@Ý–ÐÛa âaŠy⁄a@åß@ÝÜznÛa@òîÇ늒ß@ZÞëþa@szj1⁄2a cŠÛa@åß@éÔÜy@ëc@ê–Ôm@âŒÜí@bß@ZïãbrÛa@szj1⁄2a –ÔnÛaë@Õܧa@ ́i@òÜTMbÐ1⁄2a@ZsÛbrÛa@szj1⁄2a æbØ1⁄2aë@æbߌÛbi@Õܧa@oÓìm@ZÉiaŠÛa@szj1⁄2a –ÔnÛa@ëc@Õܧa@Ú‰bm@áØy@Zßb ̈a@szj1⁄2a @@–ÔnÛa@ëc@Õܧa@pbië†äß@Z...bÛa@szj1⁄2a المبحث الأول :مشروعية التحلل من الإحرام يشرع لمن أنهى أعمال عمرته وهو يريد التمتع التحلل من إحرامها بالحلق أو التقصير ,ومثله من كانت عمرته مطلقة لحديث سالم بن عبد االله أن ابن عمر قال :قال رسول االله :من كان منكم أهد￯ فإنه لا يحل لشيء حرم منه حتى يقضي حجه ,ومن لم يكن منكم أهد￯ فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل).(١ والتحلل السابق لا يكون إلا بالأخذ من شعر الرأس دون غيره من شعر الجسد ,وإن كان المنع من الأخذ من الشعر حال الإحرام شاملا لكل شعر الجسد ,والعلة أن التحلل بالحلق أو التقصير ما ورد إلا في شعر الرأس).(٢ وقد بينا في المجلد الثاني من هذا الكتاب أن مشروعية التحلل من إحرام عمرة التمتع إنما هو حكم خاص بمن لم يسق الهدي ,أما من ساق الهدي ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :من ساق البدن معه ) ,(١٦٠٦ومسلم في كتاب: الحج ,باب :وجوب الدم على المتمتع ).(١٢٢٧ ) (٢الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٢٥ استحب جمع من أهل العلم أن لا يؤخر التحلل بل يعقب بالانتهاء من السعي ,ولكن من أخر فقد أساء ولا شيء عليه).(١ ومع الإجماع الحاصل بين أهل العلم على مشروعية الحلق السابق) (٢إلا أن لهم خلافا في توصيفه أهو نسك من الأنساك يجب على المحرم أن يأتي به. أو هو إطلاق من محظور فيكون الإحلال بالانتهاء من السعي الصحيح المجزي في حال العمرة ,وبرمي الجمرة أو الذبح لمن تعبد به في حال الحج, والحلق أو التقصير ما هو إلا علامة على أن الإحرام قد انتهى. ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن الحلق نسك يؤمر المتلبس بالإحرام أن يأتي به فهو كالطواف والسعي ,وعليه فهو واجب).(٣ ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٥ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٥ ) (٣ابن عبد البر ,الاستذكار ,ج ,٤ص ,٣١٣وعبد الوهاب ,الإشراف ,ج ,١ص,٤٧٩ والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦١والنووي ,شرح صحيح مسلم ,ج,٨ ص ,٢٠٩والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٤٠والجيطالي ,قواعد الإسلام, ص ,١٧٠والمرداوي ,الإنصاف ,ج ,٤ص ,٤٠والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج,٤ ثم بين آية كلامه وهو أنه مع الحكم بوجوبه لا يقوم الفداء مقامه حتى لو فرض اعتلال في الرأس يعسر معه التعرض للشعر ولكنه كائن فلا بد من التريث إلى إمكان الحلق ولا تقوم الفدية مقامه. وإن لم يكن شعر فلا حلق; لأن الحلق للنسك هو حلق شعر اشتمل الإحرام عليه ,فإذا لم يكن على الرأس شعر في وقت الحلق لم يتحقق ما ذكر).(١ وقد تابع إمام الحرمين على ذلك مختصر النهاية تلميذه الإمام الغزالي),(٢ وشارح المختصر الرافعي) ,(٣وقال العراقي إن عليه أكثر الشافعية).(٤ ولا أدري وجه الاتفاق الذي ذكره إمام الحرمين; إذ إن الآخرين يفرقون بين كونه واجبا وركنا أنه في حال الوجوب دون الركنية لو جامع المحرم بعد السعي وقبل الحلق اختلف في بطلان إحرامه أو يلزمه دم ولا ص ,١٩٦والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٨٠ ) (١الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣٠٩ ) (٢الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص.٦٦٤ ) (٣الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٢٥ ) (٤العراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص.٩٧ واجب أو ركن).(١ وابن جماعة ذكر القول بالركنية ثم قال :ومذهب الثلاثة أنه نسك وعدوه من الواجبات).(٢ والعيني نقل عن شيخه العراقي في شرح الترمذي أنه أورد في الحلق خمسة أوجه أصحها أنه ركن لا يصح الحج والعمرة إلا به ,والثاني أنه واجب ,والثالث أنه مستحب ,والرابع أنه استباحة محظور ,والخامس أنه ركن في الحج واجب في العمرة).(٣ استدل القائلون بأنه نسك بأدلة متعددة: الدليل الأول :أن الأمر بالحلق أو التقصير ثابت في نصوص الشارع, والأصل في الأمر أن يكون للوجوب ,ولم يأت دليل يصرف هذا الأصل. ومن النصوص التي جاء الأمر فيها بالحلق حديث سالم بن عبد االله أن ابن عمر قال :قال رسول االله :من كان منكم أهد￯ فإنه لا يحل لشيء ) (١علي القاري ,مرقاة المفاتيح ,ج ,٥ص.٥٥٥ ) (٢ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٢٩٣ ) (٣العيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص.٦٢ ومن ذلك حديث جابر بن عبد االله أنه حج مع النبي يوم ساق البدن معه وقد أهلوا بالحج مفردا فقال لهم: أحلوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة وقصروا ثم أقيموا حلالا حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة).(٢ الدليل الثاني :إن االله تعالى وصف به المسلمين يوم الحديبية بقوله سبحانه ,(٣)﴾ z⎯ƒÎÅ_Çs)ãΒuρ öΝä3yTMρâTMâ‘ t⎦⎫É)Ïk=ptèΧ ﴿ :ولو لم يكن من المناسك لما وصفهم به كاللبس وقتل الصيد).(٤ ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :من ساق البدن معه ) ,(١٦٠٦ومسلم في كتاب: الحج ,باب :وجوب الدم على المتمتع ).(١٢٢٧ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :التمتع والإقران والإفراد بالحج وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي ).(١٤٩٣ ) (٣سورة :الفتح ,جزء من الآية ).(٢٧ ) (٤الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦١والجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص ,٣٠٦وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٤ وهو دخولهم محلقين ومقصرين ,وذلك متعلق باختيارهم ,وقد يوجد وقد لا يوجد فلا بد من الدخول ليكون الوجوب حاملا لهم على التحصيل فيوجد المخبر به ظاهرا وغالبا. فالاستثناء على هذا التأويل يكون على طريق التيمن والتبرك باسم االله تعالى ,أو يرجع إلى دخول بعضهم دون بعض لجواز أن يموت البعض أو يمنع بمانع فيحمل عليه لئلا يؤدي إلى الخلف في الخبر).(١ الدليل الثالث :أن النبي ترحم على المحلقين ثلاثا وعلى المقصرين مرة ولو لم يكن من المناسك لما دخله التفضيل كالمباحات).(٢ ثم إن الشرع لما ميزه عن الطيب واللباس في الدعاء لفاعله والتنبيه على فضيلته وجعل ثواب الحالق أكثر من ثواب المقصر على أنه مخالف لسائر المباحات بعد الحظر فثبت أنه نسك).(٣ ) (١الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٤١ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦١والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٦٣وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٤ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦١ ُيخ ِّلوا به ولو لم يكن نسكا لما داوموا عليه بل لم يفعلوه; لأنه لم يكن من عادتهم فيفعلوه عادة ,ولا فيه فضل فيفعلوه لفضله).(٢ الدليل الخامس :حديث ابن عباس قال رجل للنبي :زرت قبل أن أرمي ,قال :لا حرج ,قال :حلقت قبل أن أذبح ,قال :لا حرج ,قال: ذبحت قبل أن أرمي ,قال :لا حرج).(٣ ووجه الدلالة منه أنه لو لم يكن نسكا لما جاز تقديمه على الرمي) ;(٤إذ إنه سيكون انتهاكا لمحظور. الدليل السادس :لا خلاف بين أهل العلم في أنه مستحب يلزم بالنذر في الحج).(٥ ) (١النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٥١ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٤ ) (٣أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :الذبح قبل الحلق ).(١٦٣٥ ) (٤ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٢٩٣ ) (٥الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص.٦٦٣ عن عمرة عن عائشة قالت :قال رسول االله :إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب والثياب وكل شيء إلا النساء. ووجه الدلالة من الحديث أن الشارع علق الحل بالحلق كما علقه بالرمي).(٢ والحديث أخرجه أحمد) (٣وابن خزيمة) ,(٤من الطريق المذكور. وذكره الدارقطني مجملا من طريق الحجاج عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي مثله).(٥ إلا أن الرواية التي أجمل لفظها الدارقطني خلو من موطن الشاهد وهو ذكر الحلق فقد رو￯ أبو داود عن الحجاج عن الزهري عن عمرة عن عائشة ) (١عبد الوهاب ,الإشراف ,ج ,١ص.٤٧٩ ) (٢الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٢٥ ) (٣أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,٦ص.١٤٣ ) (٤ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.٣٠٢ ) (٥الدارقطني ,السنن ,ج ,٢ص.٢٧٦ أرطأة ,وقد ذكرناه مرارا وأنه ضعيف مدلس روايته ليست بحجة. والحجاج خلط في الحديث كثيرا في إسناده ومتنه ,وسنعرض لذلك عند ذكر أعمال اليوم العاشر. ومن علل السابق أن الحجاج لم ير الزهري ,قال أبو داود إثر روايته السابقة: هذا حديث ضعيف; الحجاج لم ير الزهري ولم يسمع منه. الدليل التاسع :إطباق الناس على التشوف إليه حتى لا يخلو منقطع نسك عنه).(٣ وذهب آخرون إلى أن الحلق إطلاق من محظور كان محرما عليه بالإحرام ,أو قل :هو محظور نسك أبيح ,فأطلق فيه عند الحل كاللباس ) (١كتاب :المناسك ,باب :في رمي الجمار ).(١٩٧٨ ) (٢البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص ,١٣٦والعراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص ,٦٨وابن حجر ,التلخيص الحبير ,ج ,٢ص ,٢٦٠والعيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص.٩٣ ) (٣الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣٠٦ وقد اختار هذا الرأي الإمام أبو سعيد الكدمي إذ قال: وإنما الحلق للإحلال إباحة وخروج من الإحرام بمنزلة التسليم عند الفراغ من الصلاة ,فإن سلم فقد أتى بالمأمور به ,وإن لم يسلم فإنما التسليم إذن وإباحة وخروج من حد الصلاة. ويحلو في نفسي هذا القول للمحرم أنه إذا جاز له الحلق للإحلال كان مباحا له جميع ما للمحل كما أبيح له الحلق ,وقد كان محجورا عليه في إحرامه).(٣ والشيخ عامر بن علي الشماخي قال :وأما الحلق فهو سنة) ,(٤ولا أدري ما يريد بالسابق هل أصل المشروعية كان بالسنة مع أنه وارد الذكر في الكتاب العزيز ,أو أن الحكم أنه سنة فيكون ممن ير￯ الحلق إطلاقا من محظور ولا ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢١٥والجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص ,٣٠٦وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٣ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦١ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.٢١٥ ) (٤الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص.٤٠٥ والسعي دون أن يذكر فيها الحلق ومن ذلك حديث طارق بن شهاب عن أبي موسى الأشعري قال :بعثني النبي إلى قوم باليمن فجئت وهو بالبطحاء فقال: بم أهللت? قلت :أهللت كإهلال النبي ,قال :هل معك من هدي? قلت :لا ,فأمرني فطفت بالبيت وبالصفا والمروة ثم أمرني فأحللت).(١ وممكن الاعتراض على هؤلاء في هذا الدليل بأنه دليل على أن الحلق نسك وليس إطلاقا من محظور إذ الأصل –على قولهم −خروجه من إحرامه بمجرد السعي بين الصفا والمروة ,والواقع في الحديث أنه أمر آخر وإلا لما كانت ثمة مهلة زمنية ولما أمر به بل يكون الحال أنك حلال بالسعي. أما قولهم إنه لم يذكر حلق ولا تقصير فالواقع أن الحل هنا ما أريد به إلا الحلق والتقصير للقرائن السابقة. ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي  ).(١٤٨٤ االله ,اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم ,فقال :إن االله تعالى قد أدخل عليكم في حجكم هذا عمرة ,فإذا قدمتم فمن تطوف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد حل إلا من كان معه هدي).(١ والدليل الثاني الذي عولوا عليه لإثبات أن الحلق ليس بنسك هو أن ما كان محرما في الإحرام إذا أبيح كان إطلاقا من محظور كسائر محرماته).(٢ واعترض على هذا أنه لا دليل على أنه يمتنع الحل من العبادة بما كان محرما فيها; إذ السلام منهي عنه في الصلاة ولكنه يحصل به التحلل منها).(٣ كما استدل هؤلاء بقوله تعالىß“ô‰oλù;$# xè=ö7tƒ 4©®Lym óΟä3yTMρâTMâ‘ (#θà)Î=øtrB Ÿωuρ ﴿ : ,(٤)﴾ ...ã&©#ÏtxΧووجه الدلالة من السابق أن الشارع حظر الحلق وجعل لحظره غاية وهو التحلل فلم يجز أن يكون نسكا يقع به التحلل).(٥ ) (١أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :في الإقران ) ,(١٨٠١وظاهر إسناده الصحة. ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٣ ) (٣ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٤ ) (٤سورة :البقرة ,جزء من الآية ).(١٩٦ ) (٥الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦١ نسكا كالطيب واللباس وتقليم الأظفار ,وينعكس بالرمي والطواف والسعي من حيث كان نسكا في وقته ,لم تجب فيه الفدية بتقدمه قبل وقته, فلما كان الحلق موجبا للفدية قبل وقته ثبت أنه ليس بنسك في وقته).(٢ وعبر آخرون عن الدليل السابق بقولهم :إن كل ما فعله قبل وقته لزمته الفدية فإذا فعله في وقته كان استباحة كالطيب واللبس ,وهذا لأنه يريد أن يتحلل فيتناول بعض ما حظر عليه كما يتطيب).(٣ والأمر كما قيل قد استقر على كون الحلق أو التقصير من أنساك الإحرام فلا يخرج المحرم من إحرامه إلا بهما ,وحسبك أن النبي ما خرج من إحرام إلا بواحد منهما ,ولم يأت عن أحد من أصحابه الذين كانوا معه أو حجوا بعده الاقتصار على السعي أو الرمي دون حلق أو تقصير بل هو شعار الحاج. وللخلاف في تكييف الحلق أهو نسك أو إطلاق من محظور تترتب فروع فقهية منها: ) (١ابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص.٣٦٨ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦١ ) (٣الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٢٤ إطلاقا من محظور فلا شيء عليه; إذ الخروج من إحرام العمرة معهم يكون بالسعي الصحيح).(١ وقد عرضنا المسألة في الجزء الثالث من هذا الكتاب وذكرنا أن فيها خلافا إذ ثمة فقهاء ممن يقولون بأن الحلق نسك ينصون على أن الإحرام لا يفسد بذلك ولكنه يلزمه دم لبعض الآثار عن الصحابة التي منها رأي ابن عباس . ثانيا :القائلون بكون الحلق إطلاقا من محظور يمنعون منه قبل الطواف في العمرة والرمي في الحج إذ الإطلاق من المحظور لا يكون إلا بعدهما ,أما القائلون بكونه نسكا فلهم خلاف في تقديمه على الرمي للخلاف في حكم الترتيب بين أعمال اليوم العاشر وسنرجئ ذكره إلى أن يأتي موضعه –إن شاء االله.− وبعد ثبوت كون الحلق أو التقصير من أنساك الحج وأعماله نقول إنه ليست ثمة طريقة دون غيرها تكون سبيلا للحلق أو التقصير ,بل المراد إلقاء ) (١الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص.٦٦٤ كما قد يزال بنحو النورة من المواد ,وقد تكون إزالته بالنتف ,وبالقرض وباليد) ,(١كما قد يكون بالإحراق).(٢ ومن الفقهاء من منع من إزالة الشعر بالنورة).(٣ إلا أن الحلق بالموسى أحب وأفضل لموافقته فعل النبي ,ولأن إطلاق اسم الحلق يقع على الحلق بالموسى).(٤ ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٤٩والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢٢٠والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦٣والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٧٠وابن قدامة, المغني ,ج ,٣ص ,١٩٦والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٤٣٣والقرافي ,الذخيرة ,ج,٣ ص.٢٧٠ ) (٢الغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص ,٦٦٤والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٢٦وابن الملقن, الإعلام ,ج ,٦ص.٣٧٢ ) (٣العراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص.١٠٠ ) (٤ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٤٨والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٧٠والكاساني, بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٤١والجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص.٣٠٦ القائلون بوجوبه لكونه نسكا هل الوجوب متعلق بشعر الرأس كله? ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن من الواجب على من أراد التحلل أن يعمم رأسه بالحلق أو التقصير) ,(١ومن هؤلاء الفقهاء القائلين بالاستيعاب من اجتز￯ بأكثر الرأس; لأنه بذلك يسمى حالقا).(٢ وحد الرأس معلوم ,ومن جهة الجوانب حده العظمان اللذان عند منقطع الصدغ من الوجه ,بجانب الأذن) ,(٣والشعر الذي تحويه الأذنان لا مدخل له في الإحلال. قال العلامة الكندي: وأجمعوا أن من كان على أذنيه شعر كثير فأخذ منهما لم يكن محلا بذلك, ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢٢٩وعبد الوهاب ,الإشراف ,ج ,١ص ,٤٧٨وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩٦والجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص ,٣٠٦وأبو البركات, المحرر في الفقه ,ج ,١ص ,٢٤٤والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٦٩والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص ,١٩٥وعلي القاري ,مرقاة المفاتيح ,ج ,٥ص.٥٥٢ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢٣١والشقصي ,منهج الطالبين ,ج ,٧ص.٢٢٢ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦٢وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٤ وآية هذا القول أن الأدلة ما جاءت مفرقة بل هي تناولت الرؤوس مطلقا فاالله تعالى يقول ﴿ ,(٢)﴾z⎯ƒÎÅ_Çs)ãΒuρ öΝä3yTMρâTMâ‘ t⎦⎫É)Ïk=ptèΧوهذا عام في جميع الرأس ,والنبي حلق جميع رأسه تفسيرا لمطلق الأمر به فيجب الرجوع إليه ,ولأنه نسك تعلق بالرأس فوجب استيعابه به كالمسح).(٣ ولم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام قط أنهم اكتفوا بحلق بعض الرأس أو تقصيره بل ورد النهي عن القزعة حتى للصغار وهي حلق بعض الرأس وتخلية بعضه).(٤ ثم إن الحكمة في قوله محلقين بصيغة المبالغة وفي قوله ولا تحلقوا بدونها أن الفعل ينبغي أن يكون مستوعبا ,وأن النهي عنه يشمل القليل والكثير ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢٢١والشقصي ,منهج الطالبين ,ج ,٧ص,٢٢٠ والثميني ,التاج المنظوم ,ج ,٣ص.٣٧٢ ) (٢سورة :الفتح ,جزء من الآية ).(٢٧ ) (٣عبد الوهاب ,الإشراف ,ج ,١ص ,٤٧٨وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٦ ) (٤علي القاري ,مرقاة المفاتيح ,ج ,٥ص.٥٥٢ وقال ابن المنذر :يجزيه ما يقع عليه اسم التقصير لتناول اللفظ له).(٢ وقال بعض الفقهاء :إن أقل ما يجزي للحلق هو قص ثلاث شعرات; إذ هو أقل الجمع ,وما دونه لا ينطلق عليه أنه شعر بل شعرة أو شعرتان).(٣ ونص بعض أهل العلم على أن الأقل المجزي نسكا هو الذي تكمل الفدية فيه إذا جر￯ محظورا وهو ثلاث شعرات).(٤ وهؤلاء اختلفوا فيمن قص جزءا من شعرة ,وبعد فترة قص جزءا آخر منها نفسها ,ثم قص جزءا ثالثا منها بعد مدة أيجزيه ذلك للتحلل ,بعد الاتفاق منهم على عدم الإجزاء إن كان القص في زمان واحد).(٥ ومن الفقهاء من قال ربع الرأس أقل ما يجزي; لأن كل حكم تعلق ) (١علي القاري ,مرقاة المفاتيح ,ج ,٥ص.٥٥٢ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٦ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢٣١والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص,١٦٣ والكندي ,المصنف ,ج ,٨ص ,١٧٤والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٥٥ ) (٤الكندي ,المصنف ,ج ,٨ص ,١٧٤والجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣٠٨ ) (٥الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣٠٩ الاكتفاء بهذا المقدار; لأن النبي حلق جميع رأسه وأمرنا بالاقتداء به فما كان أقرب إلى موافقة فعله فهو أفضل. ولأنه إنما يفعل هذا ضنة منه بشعره ,وفيما هو نسك تكره الضنة فيه بالمال والنفس فكيف بالشعر).(١ ومن الفقهاء من لم يحدد المقدار المجزي بل أطلق الأمر بأن يأخذ شيئا من الرأس ولو لم يستوعب).(٢ والأقوال السابقة في إجزاء حلق بعض الرأس مبنية على قياس المقدار المجزي في الحلق أو التقصير بالمقدار المجزي في مسح الرأس عند الوضوء, ومن أهل العلم من استشكل القياس السابق; لأنه قياس بلا جامع يظهر أثره. وذلك لأن حكم الأصل على تقدير القياس وجوب المسح ومحله المسح, وحكم الفرع وجوب الحلق ومحله الحلق للتحلل ,ولا يظن أن محل الحكم ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٧٠والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٤١ ) (٢ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص.٣٤٨ إذ لا اثنينية. ولأجل السابق يرجع في حكم كل صورة إلى أدلتها الخاصة بها ,فحكم المسح ليس فيه معنى يوجب جواز قصره على الربع وإنما فيه نفس النص الوارد فيه وهو قوله تعالى "وامسحوا برؤوسكم" بناء إما على الإجمال المبين بالسنة التي فيها أن النبي اقتصر على مسح بعض الرأس في الوضوء. أو يقال إن النص يفيد التبعيض من ذاته لما في حرف الباء من خلف بين الفقهاء; إذ منهم من رآها للتبعيض ,ومنهم من رأ￯ الباء مفيدة إلصاق اليد كلها بالرأس; لأن الفعل حينئذ يصير متعديا إلى الآلة بنفسه فيشملها وتمام اليد يستوعب الربع عادة فتعين قدره ,ومنهم من رآها زائدة فأوجب الكل).(١ أما الحلق فليس فيه إلا حلق الرأس وهو واضح يفيد بعموم لفظه تعميم الشعر كله ﴿ .(٢)﴾z⎯ƒÎÅ_Çs)ãΒuρ öΝä3yTMρâTMâ‘ t⎦⎫É)Ïk=ptèΧ ) (١ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص.٤٩٠ ) (٢سورة :الفتح ,جزء من الآية ).(٢٧ رؤوسهم كلها. وقول من قال بالاجتزاء بالشعرات الثلاث أو بالربع أو غير ذلك ضعيف; إذ إنه أسقط العمل ببعض أفراد العام دون دليل مسوغ ,والأصل العمل بالعام ما لم يخصص ,وليس هنا مخصص ,فيبقى أن الحلق لا يجزي فيه إلا أن يكون من الرأس كله. وبيان ذلك أن الأصل حلق الرأس أي شعر الرأس ,والاجتزاء ببعضه مناف لحكم العام ,نعم لو طلب الشرع حلق شعر فيجتز￯ فيه بشعرات ثلاث إذ هي أقل الجمع على رأي الأكثر من الأصوليين. أما التقصير من الرأس من حيث مقدار المقصر من كل شعرة فالأمر فيه كما قال الإمام أبو سعيد الكدمي ~ وغيره ليس فيه حد محدود) ;(١إذ آخذ القليل من كل الشعر والكثير منه يصدق عليه في اللغة أنه مقصر ,ولم يأت دليل يحدد مقدار الذي يؤخذ من الشعر فيبقى على الأصل السابق. ) (١الكندي ,المصنف ,ج ,٨ص ,١٧٥وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩٦والنووي, المجموع ,ج ,٨ص.١٤٩ إلا أن ثمة فقهاء يوجبون على من أراد الإحلال بالتقصير أن يأخذ أكثر من الأنملة; لأن الواجب هو قدر الأنملة من أطراف الشعر جميعه ,وأطراف جميع الشعر لا يتساو￯ طولها عادة بل تتفاوت. فلو قصر قدر الأنملة لا يصير مستوفيا قدر الأنملة من جميع الشعر بل من بعضه فوجب أن يزيد عليه حتى يستيقن باستيفاء قدر الواجب فيخرج عن العهدة بيقين).(٢ ومنهم من قال إنه يأخذ من شعره مما علا المشط) ,(٣ومنهم من قال إن المقصر يجز شعره من أصوله).(٤ ) (١الرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٢٥والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٤١ والأنملة بتثليث الميم والهمزة تسع لغات ,وزاد بعضهم أنمولة بالواو ,وهي التي فيها الظفر من المفصل الأعلى من الإصبع ,جمع أنامل وأنملات وهي رؤوس الأصابع .ابن منظور ,لسان العرب ,ج ,١١ص ,٦٧٩والزبيدي ,تاج العروس ,ج ,٣١ص.٤١ ) (٢الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٤١وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٢ص.٣٧٢ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦٣ ) (٤البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧٢والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢١٩والقرافي, وبين ابن جماعة أن موقوف ابن عمر روي مرفوعا من طريقه عند سعيد بن منصور في سننه) (٢ولكني لم أجده. ويذكر عن عائشة > أنها قالت :كنا نحج ونعتمر فما نزيد على أن نطرف قدر أصبع ,ويذكر عن عطاء أنه قال :تأخذ من عفو رأسها).(٣ وقال ابن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى عن هشام عن حفصة ابنة سيرين في تقصير المرأة من شعرها قالت :إنه يعجبني أن لا تكثر المرأة الشابة ,وأما التي قد دلت فإن شاءت أخذت أكثر فإن فعلت فلا تزيد على الربع).(٤ ومن أهل العلم من قدر أن تأخذ المرأة مثل الأنملة عند الإحلال لكن اختلفوا هل قدر الأنملة من ربع الرأس أو من الشعر كله).(٥ الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٧٠ ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.١٤٦ ) (٢ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٢٨٢ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٠٤ ) (٤ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.١٤٧ ) (٥العيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٤٧وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٧٩٧ العمرة عرض ثلاث أصابع وفي الحج أربع أصابع).(٢ ومن الفقهاء من قال إن المرأة تقصر من رأسها قدر طول راحتها).(٣ وأبو المؤثر فصل فقال إن كان شعر المرأة يجاوز شحمة أذنيها فإنها تقصر منه أصبعا ,وإن كان شعرها يبلغ أكثر من ذلك قصرت أصبعين ,وإن كان طويلا قصرت ثلاث أصابع. وقال أيضا :إن من كان شعرها قصيرا لا يبلغ شحمة الأذن فليس عليها تقصير ,بل إن ذبحت من بعد رمي جمرة العقبة فقد أحلت ولا تقصير عليها).(٤ والأمر في الحلق لا إشكال فيه من حيث استيعاب الرأس بالحلق ,لكن الإشكال في التقصير إذ من العسير −بل قد يكون من غير الممكن −استيعاب كل شعرة بالتقصير لذا فيجزي من عمم شعره بالتقصير في ظاهر الأمر ولو ) (١البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص.٢٧٣ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.٢١٨ ) (٣ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص.٣٤٨ ) (٤الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.٢٣٢ يفوتها شيء فيجزي التقصير بها بل هي الأولى من غيرها. ومن كان شعره مظفورا مسترسلا ولو لم يحاذ بشرة الرأس أجزاه إن شاء التقصير أن يأخذ من أطراف ظفائره).(٢ وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا يجزي إلا تقصير ما لم يخرج عن حد الرأس من الشعر ,كما لا يجزي إلا مسح ما لم يخرج عن حد الرأس في الوضوء).(٣ وفي هذا القول نظر إذ إن القياس المذكور قياس لا يصح; لأن أصل العبادة في الوضوء قائم على مسح الرأس نفسه لذا لم يقل أحد إن الأصلع يسقط عنه مسح الرأس إذ لا يجوز فيما خرج عن حد الرأس. أما التحلل فأصل العبادة فيه قائم على الشعر نفسه ,والمسترسل عن الرأس شعر فأجز￯ الأخذ منه).(٤ ) (١ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٦ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦٣وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٦ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦٣ ) (٤الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦٣والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص.٤٢٦ حيث إن صاحبه لم يلتزم الأمر الشرعي الذي يفيد تعميم الرأس فلا يجزيه على الأظهر من أقوال أهل العلم بل يلزم وجوبا بالتعميم للأدلة السابقة. الأصل إن كان منهيا للأعمال التي يقتضيها نسكه ,والاتفاق حاصل على السابق ,وحكى ابن المنذر عن الحسن البصري أنه كان يقول يلزم الحلق في أول حجة ولا يجزيه التقصير).(١ قال النووي إثره :وهذا إن صح عنه باطل مردود بالنصوص وإجماع من قبله).(٢ وقد ثبت عن الحسن خلاف ما نقله ابن المنذر فقد رو￯ ابن أبي شيبة عن عبد الأعلى عن هشام عن الحسن في الذي لم يحج قط إن شاء حلق وإن شاء قصر).(٣ لكن رو￯ ابن أبي شيبة القول السابق عن حفص بن غياث قال :حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم النخعي قال :إذا حج الرجل أول حجة حلق, فإن حج مرة أخر￯ إن شاء حلق وإن شاء قصر والحلق أفضل ,وإن اعتمر الرجل ولم يحج قط فإن شاء حلق وإن شاء قصر ,فإن كان متمتعا قصر ثم ) (١ابن المنذر ,الإجماع ,ص.٧٥ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٥٣ ) (٣ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٢١٩ وأول عمرة).(٢ ومما ينبغي أن يخرج من أصل التخيير بين الحلق والتقصير ما لو تعذر أحدهما لعدم إمكان الآخر كمن استطاع التقصير ولم يقدر على الحلق ,أو استطاع الحلق ولم يمكنه التقصير فهنا يرتفع حكم التخيير ويتعين عليه وجوبا ما استطاعه من الأمرين).(٣ وذكر بعض أهل العلم أنه مما يتعين على العبد التقصير ,ولا يحلق إلا بإذن من سيده; لأن الحلق ينقص قيمته).(٤ ونسك الحلق أمر أتاه النبي في الإحلال من الحج كما أتاه عند إحلاله من إحرام العمرة ,مما يفيد مشروعيته في النسكين ,ومما جاء في ذلك حديث موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أن رسول االله حلق رأسه في حجة ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٢١٩ ) (٢ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص.٢١٩ ) (٣ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص ,٤٩٠وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٢ص,٣٧٢ والعثماني ,إعلاء السنن ,ج ,٧ص.٣١٦٧ ) (٤الحجاوي ,الإقناع ,ج ,٢ص.٢٤ في حديث عكرمة قال :قال ابن عباس :قد أحصر رسول االله فحلق رأسه وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر عاما قابلا).(٢ وأما مشروعية الاقتصار على التقصير فهي مع الإجماع عليها ثابتة بأمر النبي بها كما في حديث جابر بن عبد االله أنه حج مع النبي يوم ساق البدن معه وقد أهلوا بالحج مفردا فقال لهم :أحلوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة وقصروا ثم أقيموا حلالا حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة).(٣ وللسابق نص بعض الفقهاء على استحباب الجمع بين الحلق والتقصير لحيازة أجرهما كأن يقص شعره ثم يحلقه) ,(٤ولم أجد لهذا دليلا بل الحرص ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :تفضيل الحلق على التقصير وجواز التقصير ).(١٣٠٤ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :إذا أحصر المعتمر ).(١٧١٤ ) (٣أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :التمتع والإقران والإفراد بالحج وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي ).(١٤٩٣ ) (٤القطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.١٩٥ إن الأولى منهما هو الحلق من حيث الأصل العام) ,(١وقد ذكر جماعة من أهل العلم الإجماع عليه).(٢ ويفيد هذا التفضيل أمور: المرجح الأول :أنه الثابت من فعل النبي − كما تقدم −في حجه وعمرته ,وقد حافظ عليه مع إقراره التقصير. ولكن جاء ما يفيد أنه قصر كما في حديث الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس عن معاوية بن أبي سفيان قال :قصرت عن رسول االله  بمشقص).(٣ ورواية معاوية باللفظ السابق ليست بنص في أنها كانت في نسك الحج ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢١٨والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٢١والجويني, نهاية المطلب ,ج ,٤ص ,٣٠٧والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٢٥والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٤٠و القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٦٩ ) (٢ابن حزم ,مراتب الإجماع ,ص ,٧٨وابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص ,٣٦٨والعيني, البناية ,ج ,٤ص.٢٤٧ ) (٣أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :الحلق والتقصير عند الإحلال ).(١٧٣٠ إليه حديث عمرو الناقد حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاوس قال :قال ابن عباس :قال لي معاوية :أعلمت أني قصرت من رأس رسول االله عند المروة بمشقص. فقلت له :لا أعلم هذا إلا حجة عليك).(١ وكون السابق يشير إلى أنه في عمرة مأخوذ من أن الأصل في الإحلال من الحج أن يكون في منى كما هو الاتفاق من فعل النبي ,والإحلال من العمرة يكون في مكة عند المروة. وقد جاء التصريح بذلك في بعض روايات الحديث كما في رواية محمد بن المثنى عن يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال :أخبرني الحسن بن مسلم أن طاوسا أخبره أن عباس أخبره عن معاوية أنه قصر عن رسول االله  بمشقص في عمرة على المروة).(٢ وبعد السابق نقول إنه لم يكن للنبي غير عمرة حجته إلا عمرتان ) (١أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :التقصير في العمرة ).(١٢٤٦ ) (٢أخرجه النسائي في كتاب :مناسك الحج ,باب :أين يقصر المعتمر ) ,(٢٩٨٧والنسائي, السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص.٤١٦ لأنه ما كان إلا من مسلمة الفتح ,فالرجل يوم عمرة القضية مشرك لم يثبت إسلامه ,فكيف يقصر للنبي وهم يومها أشد أعدائه بل هم قادة الناس وعليهم تدور رحى حرب النبي . على أنه قد جاء في روايات عمرة القضية –إن صحت −أن النبي قد حلق رأسه ولم يكن مقصرا).(١ قال النووي: فلا يجوز حمل تقصير معاوية على حجة الوداع ولا يصح حمله أيضا على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع من الهجرة; لأن معاوية لم يكن يومئذ مسلما, إنما أسلم يوم الفتح سنة ثمان هذا هو الصحيح المشهور. ولا يصح قول من حمله على حجة الوداع وزعم أنه كان متمتعا; لأن هذا غلط فاحش فقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة السابقة في مسلم وغيره أن النبي قيل له :ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت? ) (١أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :أمر الصفا والمروة ) ,(١٩٠٣والبيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٠٢ وبعد سقوط كون التقصير السابق في عمرة القضية ما بقي –إن صح الحديث −إلا احتمال أن يكون التقصير في عمرة الجعرانة. والأظهر في عمرة الجعرانة أن معاوية لم يكن فيها مع النبي − كما حرر ذلك الحافظ ابن حجر −إذ إن النبي ركب من الجعرانة بعد أن أحرم بعمرة ولم يستصحب أحدا معه إلا بعض أصحابه المهاجرين فقدم مكة فطاف وسعى وحلق ورجع إلى الجعرانة فأصبح بها كمن بات فيها حتى خفيت عمرته على كثير من الناس. ولم يعد معاوية فيمن صحبه حينئذ ,ولا كان معاوية فيمن تخلف عنه بمكة في غزوة حنين حتى يقال لعله وجده بمكة بل كان مع القوم وأعطاه مثل ما أعطى أباه من الغنيمة مع جملة المؤلفة).(٢ وبعد سقوط احتمال أن يكون معاوية يريد بتقصيره السابق شيئا من عمر النبي التي اعتمرها مستقلة ,ما بقي إلا أن يكون مريدا بذلك العمرة ) (١النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٨ص.٢٣١ ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٥٦٦ حجة الوداع أنه جاء في بعض ألفاظ حديثه أن ذلك التقصير كان في العشر مما يعين كونه يوم حجة الوداع لأنه لم يعتمر في العشر قط إلا يوم حجة الوداع عمرته التي قرنها مع حجة الإسلام كما في حديث محمد بن منصور الطوسي قال :ثنا الحسن بن موسى قال :حدثنا حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء عن معاوية قال: أخذت من أطراف شعر رسول االله بمشقص كان معي بعدما طاف بالبيت وبالصفا والمروة في أيام العشر).(١ وهذا الإسناد صحيح وإن كان المتن باطلا; إذ روايات الأكثرين من الصحابة أنه ما قصر يوم حجته ,وللسابق قال قيس بن سعد في آخر روايته التي أخرجها النسائي :والناس ينكرون هذا على معاوية. وقد جاء التصريح بإسناد صحيح أن تقصير معاوية كان في الحج من حديث الحسن بن علي ثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه ) (١أخرجه النسائي في كتاب :مناسك الحج ,باب :كيف يقصر ) ,(٢٩٨٩والنسائي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٢ص.٤١٦ ورو￯ أبو عوانة عن حجاج عن ابن جريج قال :أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن ابن عباس عن معاوية أنه لما حج فطاف بين الصفا والمروة قال :إيه يا ابن عباس ما تقول في التمتع بالعمرة إلى الحج? فقال :أقول ما قال االله وعمل رسول االله وقريش عنده ,قال معاوية: أما إني معه وقصرت عنده بمشقص أعرابي. فقال ابن عباس :يا أمير المؤمنين فلا شهيد أقرب منك ولا أعدل. فقال معاوية :إنه لو عاد عدنا ,فقال ابن عباس يا أمير المؤمنين فالأولى من رسول االله ضلالة ,قال معاوية :أعوذ باالله ,فقال ابن عباس :فكيف).(٢ ومما يظهر أن المقصود السابق من حديث معاوية هو الحج حديث سفيان قال :ثنا هشام بن حجير عن طاوس قال :سمعت ابن عباس يقول :هذه حجة على معاوية قوله :قصرت عن رسول االله بمشقص أعرابي عند المروة ,يقول ابن عباس حين نهى عن المتعة).(٣ ) (١أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :في الإقران ).(١٨٠٣ ) (٢أبو عوانة ,المسند ,ج ,٢ص.٣٠١ ) (٣الحميدي ,المسند ,ج ,٢ص.٢٧٥ محيص حينها من حمل قول معاوية أنه كان يريد الحج. ومما يفيد السابق أن المقصود بالتقصير يوم حجة الوداع حديث منصور عن كلاب بن علي الوحيدي من بني عامر عن ابن أخي جبير بن مطعم عن أبيه قال :رأيت النبي على المروة في عمرته وهو يقصر من شعره وهو يقول :دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة).(١ غير أن كلاب بن علي وشيخه منصور وابن أخي جبير ممن لا يعرفون بتوثيق معتبر. ومما هو نص أن المراد في حجة الوداع حديث محمد بن إسحاق عن الحارث بن عبد الرحمن عن مجاهد عن ابن عباس قال :قال لي معاوية :أرأيت من تمتع وساق الهدي هل يمس من شعره شيئا? فقلت :لا ,قال :فإني أشهد لأخذت من رسول االله من شعره عند المروة حين فرغ من طوافه بمشقص من كنانته).(٢ ) (١ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص ,٢١٨والبزار ,المسند ,ج ,٨ص ,٣٦٩والطبراني, المعجم الكبير ,ج ,٢ص.١٣٧ ) (٢الطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,١٩ص.٣١٠ قال :قصرت عن رسول االله عند المروة بمشقص في حجته).(١ ومما يشهد للسابق أن تقصير معاوية أراد به أنه كان في حجة الوداع حديث أحمد بن حنبل ثنا يونس بن محمد ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا ليث عن طاوس عن ابن عباس قال :تمتع رسول االله حتى مات ,وأبو بكر حتى مات ,وعمر حتى مات ,وعثمان حتى مات ,رضي االله عنهم. وكان أول من نهى عنها معاوية ,قال ابن عباس :فعجبت منه وقد حدثني أنه قصر عن رسول االله بمشقص).(٢ وبعد تبين أن أولى ما يحمل عليه قول معاوية هو عمرة حجة الوداع نقول إن ذلك غير مقبول منه ,فالروايات عن الصحابة والاتفاق من الأمة قائم على أنه ما أحل من عمرة حجة الوداع بل بقي على إحرامه كما ظهر ذلك في المجلد الثاني من هذا الكتاب ,وحينها فلا محيص من الحكم بشذوذ هذه الرواية وأنها لا تثبت كما حكم بذلك بعض أهل العلم).(٣ ) (١الطبراني ,المعجم الكبير ,ج ,١٩ص.٣٠٩ ) (٢أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,١ص.٢٩٢ ) (٣علي القاري ,مرقاة المفاتيح ,ج ,٥ص.٥٥٢ وقال الكمال بن الهمام: الأحاديث الدالة على عدم إحلاله جاءت مجيئا متظافرا يقرب القدر المشترك من الشهرة التي هي قريبة من التواتر كحديث ابن عمر السابق وما تقدم في الفتح من الأحاديث وحديث جابر الطويل الثابت في مسلم وغيره. ولو انفرد حديث ابن عمر كان مقدما على حديث معاوية فكيف والحال ما أعلمناك فلزم في حديث معاوية الشذوذ عن الجم الغفير ,فإما هو خطأ أو محمول على عمرة الجعرانة; ...وعلى هذا فيجب الحكم على الزيادة التي في سنن النسائي وهو قوله في أيام العشر بالخطأ ولو كانت بسند صحيح إما للنسيان من معاوية أو من بعض الرواة عنه).(١ ومن أهل العلم من تكلف في توجيه كلام معاوية فقال بعضهم يحتمل أن يكون في قول معاوية قصرت عن رسول االله بمشقص حذف تقديره قصرت أنا شعري عن أمر رسول االله . وقال آخرون يحتمل أن يكون معاوية قصر رأس رسول االله بقية شعر ) (١ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص.٥٢٠ ثم إن الناظر في الحديث يتبين له أن في ألفاظه اضطرابا ,وذلك أن لفظ البخاري قصرت عن رسول االله بمشقص دون ذكر الموضع ولا النسك, ولفظ مسلم أنه قال مخاطبا ابن عباس: أعلمت أني قصرت من رأس رسول االله عند المروة بمشقص ,فقلت له :لا أعلم هذا إلا حجة عليك. وجاء في بعض رواياته التصريح بالعمرة ,وفي روايات أخر التصريح بالمروة ,ثم إن الروايات اختلفت أكان ذلك في العمرة أو الحج فبعضها لم يقيد بشيء من السابق ,وبعضها نص على الحج ,وبعضها نص على العشر وبعضها نص على العمرة. كما اختلفت الروايات في موضع التقصير فبعضها نص على كونه عند المروة ,وبعضها لم يتعرض لموضع التقصير. ثم إن الروايات اختلفت في المقصر فأكثرها على أن المقصر هو معاوية نفسه ,وفي بعضها أنه رأ￯ من يقصر شعر النبي . ) (١العيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص.٦٧ اختلاف الرواة ,−ودلالة الإشارة السابقة تفيد تفضيل الحلق على التقصير, وقد جاء السابق من حديث: مالك عن نافع عن عبد االله بن عمر أن رسول االله قال :اللهم ارحم المحلقين ,قالوا :والمقصرين) (١يا رسول االله .قال :اللهم ارحم المحلقين ,قالوا :والمقصرين يا رسول االله .قال :والمقصرين).(٢ كما جاء من طريق أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة > قالت :قال رسول االله :اللهم ارحم المحلقين ,قالوا :يا رسول االله ,والمقصرين ,قال: والمقصرين).(٣ وسمعت شيخنا إمام السنة والأصول العلامة القنوبي –حفظه االله− يذكر أنه جاء في بعض نسخ المسند ذكر الحديث على الوجه المشهور وهو ) (١قال الحافظ ابن حجر :والواو في قوله والمقصرين معطوفة على شيء محذوف تقديره قل والمقصرين ,أو :قل وارحم المقصرين ,وهو يسمى العطف التلقيني. ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص.٥٦٢ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :الحلق أو التقصير عند الإحرام ).(١٦٤٠ ) (٣أخرجه الربيع في كتاب :الحج ,باب :في فضل الحج والعمرة ).(٤٤٤ أتى به بداءة دون تنبيه وسكت عن التقصير ,والتقصير جيء به متأخر الرتبة اللفظية فيتأخر في المنزلة فضلا عن أنه جيء به بعد تنبيه وإلا فالأصل عدم ذكره وقصر الترحم على المحلقين وحدهم. وقد اختلف أهل العلم في الوقت الذي دعا فيه النبي بهذا الدعاء فقال جماعة إنه كان يوم الحديبية ,ومنهم من قال إنه كان يوم حجة الوداع).(١ ولا يبعد في النظر أن يكون الدعاء مما قاله النبي في الموضعين الحديبية والوداع كليهما ,بل الأصل في التعامل مع الأدلة ذلك. أما الحديبية فيدل عليها حديث يزيد بن هارون قال :قال محمد بن إسحاق :حدثني عبد االله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال: حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون فقال رسول االله :يرحم االله المحلقين ,قالوا :يا رسول االله ,والمقصرين ,قال :يرحم االله المحلقين ,قالوا :يا رسول االله ,والمقصرين ,قال :يرحم االله المحلقين. ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,١٥ص ,٢٣٣وابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص ,٣٦٥وابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص ,٥٦٣والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص,٢٧٨ والصنعاني ,العدة ,ج ,٣ص.١٢٧٨ رسول االله .(١) وأما كونه قال ذلك أيضا في حجة الوداع فيدل عليه حديث وكيع وأبي داود الطيالسي عن شعبة عن يحيى بن الحصين عن جدته أم الحصين الأحمسية أنها سمعت النبي في حجة الوداع دعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة. ولم يقل وكيع في حجة الوداع).(٢ ولعله يفهم من التعليق الأخير غمز في محل الشاهد وأن الطيالسي قد )(٣ انفرد بها ,غير أن لفظة "في حجة الوداع" محفوظة إذ رواها مع الطيالسي إسحاق بن راهويه عن النضر نا شعبة عن يحيى بن أم الحصين).(٤ وعلة الترحم في الحديبية أشار إليها حديث ابن عباس وهو تردد الصحابة في الرجوع دون عمرة يوم الحديبية ,فالذين حلقوا بادروا ولم يكن ) (١أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,١ص.٣٥٣ ) (٢ابن أبي شيبة ,المصنف ,ج ,٣ص ,٢٢٠وعنه مسلم في كتاب :الحج ,باب :تفضيل الحلق على التقصير وجواز التقصير ).(١٣٠٣ ) (٣الطيالسي ,المسند ,ص.٢٣٠ ) (٤إسحاق بن راهويه ,المسند ,ج ,٥ص.٢٤٤ منهم من قال إن أكثر من أحرم مع النبي لم يكن معهم هدي ,وكان النبي قد ساق الهدي ,ومن معه هدي فإنه لا يحلق حتى ينحر هديه ,فلما أمر من ليس معه هدي أن يحلق ويحل وجدوا في أنفسهم من ذلك وأحبوا أن يأذن لهم في المقام على إحرامهم حتى يكملوا الحج. وكانت طاعة النبي أولى لهم ,فلما لم يكن لهم بد من الإحلال كان التقصير أخف في نفوسهم من الحلق فمال أكثرهم إليه ,وكان فيهم من بادر إلى الطاعة وحلق ولم يراجع فلذلك قدم المحلقين وأخر المقصرين).(٢ وقال آخرون إن التعليل السابق ضعيف; لأن المتمتع يستحب في حقه أن يقصر في العمرة ويحلق في الحج إذا كان ما بين النسكين متقاربا وقد كان ذلك في حقهم كذلك ,والأمر بالتقصير دون الحلق كان من النبي نفسه. والأولى في التعليل عند هؤلاء أن يقال إن عادة العرب أنها كانت تحب توفير الشعر والتزين به وكان الحلق فيهم قليلا وربما كانوا يرونه من الشهرة ) (١السالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص ,٢٧٨والصنعاني ,العدة ,ج ,٣ص.١٢٧٨ ) (٢الخطابي ,معالم السنن مع سنن أبي داود ,ج ,٢ص ,٣٤٢وابن الأثير ,النهاية ,ج,١ ص ,٤٢٧والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٧٩ لم أر من شفى الغليل ببيان وجه الاقتصار على الدعاء للمحلقين ابتداء, وبيان وجه الإعراض عمن قال له والمقصرين مرة أو مرتين الدال على أن المحلقين هم الجديرون بالثناء ,وكل ما قالوا في توجيهه مدخول. والذي يظهر لي أنه لما كان الإحرام يمنع التطيب والتدهن مع كثر الشعث كان الحلاق عقب الفراغ من الحج أنقى للرأس وأقطع للقمل والوسخ ,والنظافة مقصد شرعي فدعا رسول االله للذين أتوا بأقصاها تنبيها على فضلها كما في قوله تعالى ﴿a!$#uρ 4 (#ρã£γsÜtGtƒ βr& šχθTM7Ïtä† ×Α%y`Í‘ ŸÏμ‹Ïù †.(٢)﴾ š⎥⎪ÌÎdγ©Üßθø9$# =Ïtä ولما رام المقصرون أن لا تفوتهم بركة دعائه لقنوه طلب الدعاء لهم فأعرض عنهم أولا إظهارا لفضل الحلق ,ثم شركهم في الدعوة بعد كيلا يحرمهم من بركته).(٣ ) (١ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص ,٥٦٤والعيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص,٦٤ والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٧٩ ) (٢سورة :التوبة ,الآية ).(١٠٨ ) (٣ابن عاشور ,كشف المغطى ,ص.٢٠٨ ‘ ,(٢)﴾ z⎯ƒÎÅ_Çs)ãΒuρ öΝä3yTMρâTMâوتقديم الشيء على غيره عنوان شرفه ودليل أفضليته ,والعرب تبدأ بالأهم والأفضل).(٣ المرجح الخامس :الإجماع من قبل علماء الأمة كافة أن الحلق خير من التقصير).(٤ المرجح السادس :المأمور به بعد الذبح قضاء التفث قال االله تعالى¢ΟèO﴿ : (٥)﴾öΝßγsWxs? (#θàÒø)u‹ø9وهو في الحلق أتم والتقصير فيه بعض الحلق فلهذا كان الحلق أفضل).(٦ المرجح السابع :في الحلق تقصير وزيادة ,ولا حلق في التقصير أصلا ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦٢ ) (٢سورة :الفتح ,جزء من الآية ).(٢٧ ) (٣السرخسي ,المبسوط ,ج ,٢١ ,٤والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٤٨ ) (٤النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٤٨ ) (٥سورة :الحج ,جزء من الآية ).(٢٩ ) (٦السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.٧٠ صدق النية ,والذي يقصر يبقي على نفسه شيئا مما يتزين به بخلاف الحالق فإنه يشعر بأنه ترك ذلك الله تعالى ,وفيه إشارة إلى التجرد ومن ثم استحب الصلحاء إلقاء الشعور عند التوبة).(٢ المرجح التاسع :الشعر زينة ,والمحرم مأمور بتركها; فإنه أشعث أغبر).(٣ لكن اعترض على هذا الأخير بأن الأمر بترك الزينة إنما هو في حال الإحرام ,أما التحلل فخارج صاحبه عن الإحرام بل مما أبيح له إتيان النساء والتطيب ,والنبي قد تطيب بعد إحلاله من الحج. ومع الأفضلية السابقة للحلق في حالي الحج والعمرة إلا أنه ثمة أحوال تكون الأفضلية فيها للتقصير دون الحلق: الحال الأول :جاء ما يفيد أن النبي أمر أصحابه بالتقصير عند إحلالهم من عمرة التمتع يوم حجة الوداع ولم يأمرهم بالحلق ,مما يؤذن ) (١الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٤٠ ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,٣ص ,٥٦٤والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج,٢ ص ,٢٨٠والسهارنفوري ,بذل المجهود ,ج ,٩ص.٢٩٤ ) (٣ابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص.٣٦٨ وليحلل).(١ ومنه حديث جابر بن عبد االله أنه حج مع النبي يوم ساق البدن معه وقد أهلوا بالحج مفردا فقال لهم :أحلوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة وقصروا ثم أقيموا حلالا حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة).(٢ وبالسبر والتقسيم يظهر أن العلة في هذا الأمر بالتقصير بقاء شيء من الشعر ليحلق في الحج; فإن الحلق في تحلل الحج أفضل من تحلل العمرة).(٣ وقال بعضهم; لأنهم أرادوا أن يبقى شعر يحلق في الحج فلو حلقوا لم يبق شعر فكان التقصير هنا أحسن ليحصل في النسكين إزالة شعر).(١ ) (١أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :من ساق البدن معه ) ,(١٦٠٦ومسلم في كتاب: الحج ,باب :وجوب الدم على المتمتع ).(١٢٢٧ ) (٢أخرجه البخاري في كتاب :الحج ,باب :التمتع والإقران والإفراد بالحج وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي ).(١٤٩٣ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢٣٣وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص ,١٩٥والنووي, شرح صحيح مسلم ,ج ,٨ص ,٢٠٩والعيني ,عمدة القاري ,ج ,١٠ص.٣٢ كان قد قرب الحج قصر).(٢ ومما يؤيد العلة السابقة أنه ما كان بين الإحلالين من العمرة والحج إلا أيام خمسة ,فقد دخل النبي مكة ضحى اليوم الرابع من ذي الحجة, والتحلل من الحج كان صباح العاشر من الشهر نفسه ,والمدة قصيرة لا يكاد ينبت فيها شعر. وبعد ثبوت العلة السابقة للتقصير نقول إن التقصير يكون أفضل من الحلق في حال أن يعقب مريد الحلق نسك آخر لا يكون الفاصل بينهما من الزمان كافيا لنبات الشعر بقدر يحلق فيه ,كحال المتمتع الذي يحل من عمرته في وقت قريب من وقت الإحرام بالحج كما هو حال الصحابة. أما إن كان إحلال المتمتع من عمرته في زمن يمكن للشعر أن يتوفر فيه فيحلق في الحج فيرجع الأصل السابق وهو فضيلة الحلق على التقصير. ومثل السابق يقال في حق من يكرر العمرة في أوقات متقاربة ,فيشرع له ) (١النووي ,شرح صحيح مسلم ,ج ,٨ص.١٨٠ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.٢٢٠ الحال الثاني :النساء والخناثى المشروع في حقهن التقصير ,وقد حكى غير واحد الإجماع على السابق).(١ قال ابن المنذر :وأجمعوا أن ليس على النساء حلق).(٢ بل ثمة فقهاء صرحوا بحرمة حلق النساء شعرهن).(٣ وقال الشيخ إسماعيل :وأما المرأة فالسنة في حلقها التقصير دون الحلق; إذ هو تشويه لها ,ولا تحلق رأسها; فإن ذلك معصية).(٤ وقد استدل الفقهاء للسابق بأدلة: الدليل الأول الحلق للنساء فيه مثلة ,وقد نهي عن المثلة ,ولهذا لم تفعله ) (١ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٤٨والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧٣وابن عبد البر, التمهيد ,ج ,٧ص ,٢٦٧والنووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,١٥٠وابن حجر ,فتح الباري, ج ,٣ص ,٥٦٥والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٤١والسالمي ,شرح الجامع الصحيح ,ج ,٢ص.٢٧٩ ) (٢ابن المنذر ,الإجماع ,ص.٧٥ ) (٣ابن الملقن ,الإعلام ,ج ,٦ص ,٣٧١وابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٢٨١ ) (٤الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص.٣٠٦ على النساء حلق إنما على النساء التقصير. والحديث روته صفية بنت شيبة بن عثمان قالت :أخبرتني أم عثمان بنت أبي سفيان عن ابن عباس ,وقد جاء من طرق عن صفية: أولها محمد بن الحسن العتكي ثنا محمد بن بكر ثنا ابن جريج قال :بلغني عن صفية بنت شيبة).(٢ وفي الإسناد ابن جريج ولم يصرح بالسماع بل كان تحمله بلاغا ولا يقبل منه ذلك) (٣فتضعف هذه الطريق بسببه. ثانيها أبو يعقوب البغدادي ثنا هشام بن يوسف عن ابن جريج عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة عن صفية).(٤ وفي هذه الطريق ابن جريج أيضا وذكر الراوي عنه إلا أنه لم يصرح ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦٤والجيطالي ,قناطر الخيرات ,ج ,٢ص,٨٤ والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٤١ ) (٢أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :في رمي الجمار ).(١٩٨٤ ) (٣السهارنفوري ,بذل المجهود ,ج ,٩ص.٣٠٣ ) (٤أخرجه أبو داود في كتاب :المناسك ,باب :في رمي الجمار ).(١٩٨٥ ابن جريج أخبرني عبد الحميد).(١ ثالثها أبو بكر بن عياش عن يعقوب بن عطاء عن صفية).(٢ والحديث حسنه جمع من أهل العلم منهم النووي والحافظ ابن حجر).(٣ الدليل الثالث :نهي النبي عن حلق المرأة رأسها ,وقد جاء هذا النهي من طرق عدة عن النبي من ذلك حديث أبي داود الطيالسي قال :حدثنا همام عن قتادة عن خلاس عن علي نهى رسول االله أن تحلق المرأة رأسها. والحديث أخرجه النسائي) (٤والترمذي) ,(٥ورواه الترمذي عقب السابق من طريق أبي داود عن همام عن خلاس نحوه ولم يذكر فيه عن علي) ,(٦وأعله بعد ذلك بالاضطراب. ) (١الدارمي ,السنن ,ج ,٢ص.٨٩ ) (٢الدارقطني ,السنن ,ج ,٢ص ,٢٧١والبيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٠٤ ) (٣النووي ,المجموع ,ج ,٨ص ,١٤٧وابن حجر ,التلخيص الحبير ,ج ,٢ص.٢٦١ ) (٤كتاب :الزينة ,باب :النهي عن حلق المرأة رأسها ).(٥٠٤٩ ) (٥كتاب :الحج ,باب :ما جاء في كراهية الحلق للنساء ).(٩١٤ ) (٦كتاب :الحج ,باب :ما جاء في كراهية الحلق للنساء ).(٩١٥ الدستوائي وحماد بن سلمة فرواه عن قتادة مرسلا عن النبي والمرسل أصح).(١ وجاء الحديث من طريق عبد االله بن يوسف الثقفي قال :نا روح بن عطاء بن أبي ميمونة قال :حدثني أبي عن وهب بن عمير قال :سمعت عثمان يقول :نهى رسول االله أن تحلق المرأة رأسها. أخرجه البزار) (٢وأعله بعده بقوله: ووهب بن عمير لا نعلم رو￯ إلا هذا الحديث ,ولا نعلم حدث عنه إلا عطاء بن أبي ميمونة ,وروح فليس بالقوي. وجاء الحديث من طريق معلى بن عبد الرحمن الواسطي ثنا عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة > أن النبي نهى أن تحلق المرأة رأسها. والحديث أخرجه البزار وقال عقبه :ومعلى بن عبد الرحمن الواسطي ) (١الدارقطني ,العلل ,ج ,٣ص.١٩٥ ) (٢البزار ,المسند ,ج ,٢ص.٩٢ ولو لم تلتزم التقصير بل حلقت أجزاها لكنها أساءت بخلافها للمشروع).(١ وجاء ما يفيد أن إحد￯ زوجات النبي قد حلقت في الحج كما في حديث وهب بن جرير حدثني أبي عن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم أن رسول االله تزوج ميمونة وهو حلال وبنى بها وهو حلال فماتت بسرف فحضرت جنازتها فدفناها في الظلة التي فيها البناء. فدخلت أنا وابن عباس −وهي خالتي −قبرها فلما وضعناها في اللحد مال رأسها فجمعت ردائي فجعلته تحت رأسها فأخذه ابن عباس فرمى به ووضع تحت رأسها كذانه ,وكانت قد حلقت رأسها في الحج ,وكان محمما. والحديث رواه عن وهب إسحاق بن راهويه) ,(٢وهو حجة في موطن الشاهد الذي نريده. أما إن نذرت الحلق سبيلا لتحللها فلا يلزمها الوفاء بذلك وعليها ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦٤ ) (٢إسحاق بن راهويه ,المسند ,ج ,٤ص.٢٢٣ ونقل العراقي عن الإسنوي أنه قال :يتجه تقييد كراهة حلق المرأة بثلاثة شروط أن تكون كبيرة حرة خلية عن الأزواج ,فإن كانت صغيرة لم تنته إلى سن يترك فيه شعرها فالمتجه أنها كالرجل في استحباب الحلق. وإن كانت أمة فإن منعها السيد من الحلق حرم بلا نزاع وتعدل إلى التقصير; لأن الشعر ملكه ,ولأنه قد يقصد الاستمتاع بها أو بيعها والحلق ينقص القيمة. وإن لم يمنع ولم يأذن فالمتجه التحريم أيضا ,ثم المتجه فيما إذا قصرت امتناع الزيادة على ثلاث شعرات إلا بإذن إن كانت حرة إلا أنها متزوجة جاز لها تقصير الجميع ,وإن منع الزوج; لأن لها غرضا في حصول هذه السنة ولا ضرر على الزوج فيه).(٢ ومع ثبوت التخيير العام بين الحلق والتقصير إلا أنه قد ينصرف عن هذا الأصل العام بصارف خارجي فيلزم أحدهما دون غيره ,ويتصور السابق في ) (١الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص ,٣٠٨والغزالي ,الوسيط ,ج ,٢ص.٦٦٤ ) (٢العراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص.٩٨ أن للفقهاء خلافا أيلزمه الإحلال بالحلق فلا يجزيه التقصير ,أو لا يلزمه فيجزيه أن يقصر ,وقد تبين هناك أنه باق على أصل التخيير بين النسكين, وليس التلبيد لذاته سببا موجبا لتعين الحلق. ثانيها :من نذر الحلق سبيلا للتحلل تعين عليه أن يفي بنذره) ;(١إذ في نذره زيادة طاعة ,والقاعدة المنصوص عليها أن من نذر أن يطيع االله فليطعه, لكن إن أحل بالتقصير أجزاه تحلله وأثم بعدم إيفائه بنذره فيلزمه ما يلزم المفرط في الوفاء بنذره. والحلق الذي يلزم هذا الناذر هو الحلق المعهود بالموسى في اللغة والعرف ,فمن استأصل بشيء غيره أو نتف أو أزاله بالنورة ,أو أمر الموسى من غير استئصال للشعر لم يكن موفيا بنذره) (٢إلا إن خصصت العرف نية مقارنة تدخل الطرق السابقة في تحقيق النذر. ) (١الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص.٣٠٩ ) (٢الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣٠٨ لم يكن خلاف بين الفقهاء أن المشروع للمعتمر الحلق بعد إتمام السعي, وأن المشروع للحاج الحلق في صباح العاشر بعد ذبح النسك إن كان ممن يشرع في حقه ذبح النسك ,أو بعد رمي جمرة العقبة إن لم يلزمه ذبح النسك على خلاف بين الفقهاء في وجوب الترتيب نأتي لذكره لاحقا. ولأئمة الحنفية أبي حنيفة وأبي يوسف وزفر ومحمد خلاف في توقت الحلق للحج بالزمان والمكان ,فمنهم من قال إن الحلق يتوقت بالزمان وهي أيام النحر وبالمكان وهو الحرم ,فإن أخل بواحد منهما لزمه دم ,كمن يحلق خارج الحرم أو أيام النحر. ومنهم من قال إن الحلق للحج لا يتوقت بالزمان ولا المكان ,ومنهم من قال إنه يتوقت بالمكان وهو الحرم دون الزمان ,ومنهم من قال إنه يتوقت بالزمان دون المكان. أما القائلون بالمكان والزمان فقاسوه على طواف الإفاضة فهو عندهم لا يصح إلا في المسجد ولا يصح إلا في أيام النحر ,إلا أنهم اعتدوا به في خارج المكان لأن محل فعله الرأس دون الحرم فيحصل به التحلل ولكنه جان بتأخيره عن مكانه فيلزمه دم بالتأخير عن المكان كما يلزمه بتأخيره عن وقته. قربة ,وما خالف هذا لا يتحقق فيه معنى القربة فيلزمه الجبر فيه بالدم. وأما القائلون بعدم التوقت بالمكان ولا الزمان فقالوا الحلق الذي هو نسك في أوانه بمنزلة الحلق الذي هو جناية قبل أوانه فكما أن ذلك لا يختص بزمان ولا مكان فكذلك هذا لا يختص بزمان ولا مكان. وعلة السابق أنه لو اختص بزمان ومكان لم يكن معتدا به في غير ذلك المكان ولا في غير ذلك الزمان كالوقوف بعرفة فسواء أخره عن أيام النحر أو خرج من الحرم فحلق لا يلزمه شيء. وأما القائلون بالزمان دون المكان فقالوا إن التحلل عن الإحرام معتبر بابتداء الإحرام ,وابتداء الإحرام موقت بالزمان غير موقت بالمكان حتى يكره له أن يحرم بالحج في غير أشهر الحج ولا يكره له أن يحرم بالحج في أي مكان شاء قبل أن يصل إلى الميقات فكذلك التحلل عنه بالحلق. كما أن النبي حلق يوم الحديبية خارج الحرم. أما من لم يوقت الزمان فاحتج بأن النبي قال لا حرج لمن حلق قبل أن فلو أخره إلى أجل ولو طويل لم يلزمه شيء ,لكن اختلفوا في التوقت بالمكان للعلة السابقة ,فذهب الجمهور من أهل العلم إلى أنه لا يتوقت بالمكان فيصح الحلق في أي مكان. وذهب آخرون إلى أنه يتوقت بالمكان فلا يصح الحلق خارج الحرم ,ومن حلق خارج الحرم لزمه دم).(٢ ونقل الإمام أبو سعيد الكدمي الخلاف فيمن نسي الحلق حتى مضت أيام منى ,فقول عليه دم إن طاف للزيارة ولم يحلق ,وقول إنه ليس للحلق حد ,وعلق على هذا القول بقوله: ويعجبني ذلك ما لم يخرج من الحرم ,فإذا خرج من الحرم وحدوده ولم يحلق أعجبني أن يكون عليه دم ,ويحسن عندي إذا قالوا :انقضت) (٣أيام منى ) (١السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٧١والكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص ,١٤١وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٧٩٨ ) (٢السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.٧١ ) (٣كذا في الأصل. المقصود إماطة الشعر ,واختلفوا في الميقات الزماني فقيل زمان الرمي ,وقيل أشهر الحج).(٢ قال القرافي :فإن أخر الحلاق لبلده جاهلا أو ناسيا حلق أو قصر وأهد￯).(٣ ) (١الكندي ,المصنف ,ج ,٨ص.١٧٤ ) (٢القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٦٩ ) (٣القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٦٨ تقدم من قبل أن القائلين بكون الحلق استباحة محظور وليس بنسك لا يوجبون واحدا من الأمرين من حيث الأصل ,فمن تركه على قولهم فليس عليه شيء. أما الجمهور القائلون بكون الحلق نسكا فهم فرقتان في مسألتنا هذه, الأولون منهم القائلون بأنه ركن لا يتوقت بالزمان ولا المكان فهؤلاء يقولون إنه لا يتصور ترك الحلق إذ هو لازم لا يأتيه وقت يفوت به لذا فهذه المسألة غير واردة معهم. أما القائلون بوجوبه وتوقته سواء بالمكان أو الزمان وأنه واجب فيوجبون دما على من تركه. ومن به عذر يمنعه من الحلق يصبر إلى أن يزول ذلك العذر إن كان مما يرجى برؤه منه في وقت جواز الحلق. وإن كان لا يرجى برؤه منه مطلقا أو في وقته فيصير حلالا كالذي لا يقدر على مسح رأسه في الوضوء لآفة).(١ ) (١ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص ,٤٩٠وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٢ص.٣٧٢ وابن العجمي من الحنفية قال إن من لم يقدر على الحلق ولا على التقصير لوجع به يجب عليه شاة)@ @.(٢ ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٦٩ ) (٢ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٧٨٩ أولا :البداءة بالشق الأيمن قال بذلك الجماهير من أهل العلم) ,(١وإن كان شق المحلوق هو الجانب الأيسر للحالق) ,(٢لعموم فضل التيامن ,فضلا عن أن في هذا دليلا خاصا به فالنبي بدأ بشق رأسه الأيمن كما في حديث: محمد بن سيرين عن أنس بن مالك أن رسول االله أتى منى فأتى الجمرة فرماها ,ثم أتى منزله بمنى ونحر ,ثم قال للحلاق :خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس).(٣ قال ابن عبد البر: وعلى العمل به جماعة المسلمين إلا ما كان من قسم الشعر فإن ذلك ) (١البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧٢والماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦٢وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.١٩٦ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦٢ ) (٣أخرجه مسلم في كتاب :الحج ,باب :بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق, والابتداء في الحلق بالجانب الأيمن من رأس المحلوق ).(١٣٠٥ فيبدأ الحالق بالجانب الأيمن له وإن كان هو الأيسر من رأس المحلوق).(٢ والسابق المعتبر للمحلوق أولى لظاهر الخبر الذي فيه أنه أعطى الحالق شق رأسه الأيمن ,ثم إن اعتبار يمين صاحب النسك أولى من اعتبار الحالق; لأن النسك في رأسه دون رأس الحالق).(٣ والقول بأن الاعتبار بيمين الحالق لا المحلوق منقول عن أبي حنيفة ,وقد نص بعض الحنفية على رجوعه عنه بعد أن اطلع على خبر النبي .(٤) ثانيا :إمرار الموسى على الرأس للأصلع وقد قال بذلك الجماهير من أهل العلم) ,(٥بل قد ذكر الإجماع على ) (١ابن عبد البر ,التمهيد ,ج ,٧ص.٢٦٧ ) (٢الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦٢وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص.٤٨٩ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦٢ ) (٤علي القاري ,مرقاة المفاتيح ,ج ,٥ص.٥٥٥ ) (٥ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٤٨والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧٣والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦٢والسرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص ,٧٠وابن قدامة, المغني ,ج ,٣ص ,٢٢٤والشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٤٣٣والقرافي ,الذخيرة ,ج,٣ قال العراقي :وأنكره أبو بكر بن داود وهو محجوج بالإجماع قبله).(٢ ومن الفقهاء من علل السابق بكونه تشبها بمن يحلق; لأنه وسع مثله والتكليف بحسب الوسع ,والسابق كحال الأخرس يؤمر بتحريك الشفتين عند التكبير والقراءة في الصلاة فينزل ذلك منه منزلة قراءة الناطق فهذا مثله).(٣ ومنهم من قال إنه إذا عجز عن تحقيق الحلق فلم يعجز عن التشبه بالحالقين وقد قال النبي :من تشبه بقوم فهو منهم).(٤ والأصل للسابق حديثان ,أولهما حديث يحيى بن يحيى وعلي بن خشرم قالا :ثنا عيسى بن يونس عن ابن جريج أخبرني موسى بن عقبة عن نافع أن ابن عمر أخبره أن النبي حلق رأسه في حجة الوداع. ص.٢٦٩ ) (١ابن المنذر ,الإجماع ,ص ,٧٥والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.٢٢٩ ) (٢العراقي ,طرح التثريب ,ج ,٥ص.١٠٠ ) (٣السرخسي ,المبسوط ,ج ,٤ص.٧٠ ) (٤الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٤٠ والحديث أخرجه ابن خزيمة) (١والحاكم) (٢وقال إثره :هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وثانيهما حديث يحيى الجاري عن عبد العزيز عن عبيد االله عن نافع عن ابن عمر في الأصلع يمر الموسى على رأسه. أخرجه الدارقطني والبيهقي) ,(٣وقد ضعفه غير واحد بسبب يحيى الراوي عن عبد العزيز).(٤ وجاء الحديث من طريق عبد الكريم بن روح عن عنبسة بن سعيد نا عبد االله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال في الأصلع يمر الموسى على رأسه, قال عبد الكريم :وجدت في كتابي رفعه مرة إلى رسول االله ومرة لم يرفعه).(٥ ) (١ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.٣٣٨ ) (٢الحاكم ,المستدرك ,ج ,١ص.٦٥٤ ) (٣الدارقطني ,السنن ,ج ,٢ص ,٢٥٦والبيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,٥ص.١٠٣ ) (٤النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٤٧ ) (٥الدارقطني ,السنن ,ج ,٢ص.٢٥٦ ومع السابق قد يمكن نبت الشعر لو صبر الأصلع إلى حين لكن لم يلزمه أحد بالانتظار; لأنه متعبد بالتحلل حينها ,فإن لم يكن محل لم يكن مخاطبا به).(٣ واستحب الشافعي لمن لم يكن على رأسه شعر أن يأخذ من شعر لحيته وشاربيه ليضع من شعره شيئا الله).(٤ وليس له في هذا من دليل بل عموم النهي عن حلق اللحية والأمر بتوفيرها أولى فلا يجوز معه أخذ شيء من شعر اللحية. والإمرار السابق مشروعيته في حق من لم يكن به شعر ولا زغب ,أما من كانت به شعرة أو شعرتان فيلزمه أن يقصر منهما أو يحلقهما ,لقاعدة إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم).(٥ ) (١البيهقي ,معرفة السنن والآثار ,ج ,٤ص.٩٢ ) (٢النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٥٤ ) (٣الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص ,٣٠٦والنووي ,روضة الطالبين ,ج ,٣ص.١٠١ ) (٤البيهقي ,معرفة السنن والآثار ,ج ,٤ص.٩٢ ) (٥النووي ,المجموع ,ج ,٨ص.١٤٩ ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الإمرار السابق واجب على الأصلع; لأن الواجب شيئان إجراؤه مع الإزالة فما عجز عنه سقط دون ما لم يعجز عنه).(١ فلو كان ذا شعر وجب عليه إزالته وإمرار الموسى على رأسه ,فإذا سقط أحدهما لتعذره وجب الآخر).(٢ كما استدلوا بقوله تعالى ﴿ ,(٣)﴾ z⎯ƒÎÅ_Çs)ãΒuρ öΝä3yTMρâTMâ‘ t⎦⎫É)Ïk=ptèΧووجه الدلالة من ذلك أنه علق الحلق بالرأس فلم يسقطه ذهاب الشعر).(٤ إلا أن الجمهور من أهل العلم لم يرتضوا السابق فقالوا إن الإمرار ليس ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢١٦وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص,٤٨٩ والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص ,٢٦٩وابن النجيم ,البحر الرائق ,ج ,٢ص ,٣٧٢وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص ,١٧٨٥والشقصي ,منهج الطالبين ,ج ,٧ص.٢١٦ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٤ ) (٣سورة :الفتح ,جزء من الآية ).(٢٧ ) (٤الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦٣ وجوب غسل العضو في الوضوء بفقده. كما أن الإمرار السابق على رأس الأصلع لو أتاه الأصلع في حال إحرامه دون أن يزيل شعرا لم يجب عليه به دم فلم يجب عند التحلل كإمراره على الشعر من غير حلق).(٢ ثم إنه لو كان على رأسه شعر فأمر الموسى على رأسه من غير حلق الشعر لم يجزه ,ولو أزال الشعر من غير إمرار الموسى على رأسه أجزاه ,وإذا كان حكم الحلق متعلقا بالشعر سقط الحكم بزوال الشعر).(٣ وحكم الحلق يتعلق بوجود الاسم ,ولا يسمى حالقا بإمرار الموسى على رأسه من غير حلق الشعر بدليل أنه لو حلف لا يحلق رأسه فأمر الموسى على رأسه لم يحنث ,وإذا انتفى عنه اسم الحلق انتفى عنه حكم الحلق).(٤ كما أن من القواعد المتفق عليها أن الوسائل يسقط اعتبارها عند تعذر ) (١الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦٢وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٤ ) (٢ابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٤ ) (٣الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦٣ ) (٤الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦٣ قوله −وهي أنه لو اعتمرت المرأة أياما وقصرت من شعرها كل يوم حتى بقي من شعرها قدر أنملة ,فإن حلقت شعرها وقعت في الحرمة أو الكراهة, وإن لم تحلق فلا تحل ,ثم أجاب عن ذلك بقوله تجري المقص على رأسها كما يجري الأصلع الموسى على رأسه ولعل ذلك يكفيها).(٢ ثالثا :الأخذ من الشارب وقلم الأظفار والسابق أمر استحبه بعض أهل العلم) ,(٣وقال بعضهم من أخذ من لحيته وشاربه وأظفاره ولم يأخذ من شعر رأسه وجامع أهله فليأخذ من شعر رأسه وقد خالف السنة ولو كان ذبح كان أفضل وأوثق).(٤ ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٧٠ ) (٢السهارنفوري ,بذل المجهود ,ج ,٩ص.٣٠٤ ) (٣ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٤٨والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧٣والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦٣والرافعي ,العزيز ,ج ,٣ص ,٤٢٦وابن قدامة ,المغني, ج ,٣ص ,٢٢٤والجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص ,٣٠٦والجناوني ,الوضع ,ص,٢٢٦ والقرافي ,الذخيرة ,ج ,٣ص.٢٦٨ ) (٤ابن جعفر ,الجامع ,ج ,٣ص ,٣٤٨والبسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧٣والكندي ,بيان والذي معنا أنه يأخذ من عرضها أكثر من طولها).(١ وقال ابن المنذر :ثبت أن رسول االله لما حلق رأسه قلم أظفاره).(٢ وقد وجدت رواية تقليم النبي أظفاره من حديث عبد الصمد بن عبد الوارث قال :ثنا أبان العطار قال :ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن محمد بن عبد االله بن زيد أن أباه حدثه أنه شهد النبي على المنحر ورجلا من قريش وهو يقسم أضاحي فلم يصبه منها شيء ولا صاحبه. فحلق رسول االله رأسه في ثوبه فأعطاه فقسم منه على رجال ,وقلم أظفاره فأعطاه صاحبه ,قال :فإنه لعندنا مخضوب بالحناء والكتم يعنى شعره. أخرجه أحمد) (٣والحاكم وصححه) ,(٤وابن خزيمة) ,(١وأبو عوانة),(٢ الشرع ,ج ,٢٣ص.٢٢٠ ) (١الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢١٩والقطب ,شرح كتاب النيل ,ج ,٤ص.٢٢٥ ) (٢الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢٢٥وابن قدامة ,المغني ,ج ,٣ص.٢٢٤ ) (٣أحمد بن حنبل ,المسند ,ج ,٤ص.١٩ ) (٤الحاكم ,المستدرك ,ج ,١ص.٦٤٨ ذلكم دليل قلم الأظفار وهو ثابت كما يظهر ,أما أخذ شيء من اللحية فقال الماوردي والدلالة عليه رواية ابن عمر أن النبي أمر الحالق أن يأخذ من لحيته طولا وعرضا).(٥ ولم أجد الرواية التي ذكرها الماوردي مسندة وما أظنها تصح; إذ روايات أكثر الثقات بينة وهي خلو من الشاهد الذي ذكره الماوردي وعليه فلا يخلو حالها من شذوذ أو نكارة فيضعف الحديث بسببها. لكن ثبت عن ابن عمر } أخذه شيئا من شاربه ولحيته عند الإحلال من العمرة كما في حديث الإمام مالك عن نافع أن عبد االله بن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه).(٦ ) (١ابن خزيمة ,صحيح ابن خزيمة ,ج ,٤ص.١٩ ) (٢أبو عوانة ,المسند ,ج ,٢ص.٣١٢ ) (٣البيهقي ,السنن الكبر￯ ,ج ,١ص.٢٥ ) (٤الهيثمي ,مجمع الزوائد ,ج ,٤ص.١٩ ) (٥الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦٣ ) (٦مالك بن أنس ,الموطأ ,ج ,١ص.٣٩٦ ﴿ ,(١)﴾ z⎯ƒÎÅ_Çs)ãΒuρ öΝä3yTMρâTMâ‘ t⎦⎫É)Ïk=ptèΧوخص ذلك من عموم قوله "وفروا اللحى" فحمله على حالة غير حالة النسك).(٢ إلا أنه قد اعترض السابق بأن ابن عمر كان لا يخص هذا التخصيص بالنسك بل كان يحمل الأمر بالإعفاء على غير الحالة التي تتشوه فيها الصورة بإفراط طول شعر اللحية أو عرضه).(٣ ومنهم منّأول فعل ابن عمر } بأنه كان اتفاقا لا قصدا).(٤ وخالف ذلك آخرون فقالوا إنه لا يجوز أن يأخذ من شعر لحيته شيئا لأمر النبي بتوفير اللحية).(٥ ولأن الواجب حلق الرأس بالنص ,واللحية ليست من الرأس ,ولأن حلق اللحية من باب المثلة; إذ االله تعالى زين الرجال باللحى والنساء ) (١سورة :الفتح ,جزء من الآية ).(٢٧ ) (٢ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,١٠ص ,٣٥٠والعيني ,عمدة القاري ,ج ,٢٢ص.٤٧ ) (٣ابن حجر ,فتح الباري ,ج ,١٠ص.٣٥٠ ) (٤العيني ,البناية ,ج ,٤ص.٢٤٧ ) (٥الماوردي ,الحاوي الكبير ,ج ,٤ص.١٦٣ الشارب واللحية وتعقبه بقوله :ولست أر￯ لهذا وجها إلا أن يكون أسنده إلى أثر).(٢ وعليه فيكون الأخذ من اللحية عند التحلل من الإحرام محرما لا يجوز على ما هو الأصل في شعرها لعدم الناقل ,وأما الأخذ من الشارب عند حلق الرأس فأمر مباح لا يرقى إلى الندب لعدم الدليل. رابعا :استقبال القبلة والتكبير عند الفراغ من الحلق ودفنه. قال بذلك بعض أهل العلم) ,(٣ومنهم من استحب أن يقول :الحمد الله على ما هدانا وأنعم علينا. ) (١الكاساني ,بدائع الصنائع ,ج ,٢ص.١٤١ ) (٢الجويني ,نهاية المطلب ,ج ,٤ص.٣٠٦ ) (٣البسيوي ,الجامع ,ج ,٢ص ,٢٧٢والكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص ,٢١٩والماوردي, الحاوي الكبير ,ج ,٤ص ,١٦٢والجيطالي ,قناطر الخيرات ,ج ,٢ص ,٨٣والرافعي, العزيز ,ج ,٣ص ,٤٢٦وابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص ,٤٩٠والحجاوي ,الإقناع, ج ,٢ص.٢٤ وللمحلقين والمقصرين يا واسع المغفرة آمين. وإذا فرغ فليكبر وليقل :الحمد الله الذي قضى عنا نسكنا اللهم زدنا إيمانا ويقينا. ويدعو لوالديه والمسلمين) ,(١بل قال بعض الفقهاء إنه يستحب أن يكثر من الدعاء عند الحلاق; فإن الرحمة تغشى الحالق عند حلاقه).(٢ ومنهم من استحب أن يقول :اللهم أقلني عثرتي ,وتقبل مني).(٣ ومنهم من استحب أن يقول: اللهم بارك لي في تفثي ,واغفر لي ذنبي واشكر لي حلقي ,ويكثر من قول: الحمد الله رب العالمين ,رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ,وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم).(٤ ) (١ابن الهمام ,فتح القدير ,ج ,٢ص.٤٩٠ ) (٢الجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص ,٣٠٥وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٨٢٣ ) (٣الكندي ,بيان الشرع ,ج ,٢٣ص.٢٣٠ ) (٤الشماخي ,الإيضاح ,ج ,٢ص ,٤٣٣والجيطالي ,مناسك الحج ,ج ,٢ص,٣٠٥ والجناوني ,الوضع ,ص.٢٢٥ في ثلاثة أشياء :لما أن جلست قال :استقبل القبلة ,وناولته الجانب الأيسر فقال :ابدأ بالأيمن ,فلما أردت أن أذهب قال :ادفن شعرك فرجعت ودفنته).(٢ وجاءت القصة أطول مما ذكر فقد رواها ابن جماعة والعيني وابن الضياء الحنفي عن ابن الجوزي في كتابه مثير الغرام الساكن فقال :قال أبو حنيفة: أخطأت في ستة أبواب من المناسك علمنيها حجام ,وذلك أني حين أردت أن أحلق رأسي وقفت على حجام فقلت له :بكم تحلق رأسي? فقال لي :أعراقي أنت? فقلت :نعم ,فقال :النسك لا يشارط عليه ,اجلس, فجلست منحرفا عن القبلة فقال لي :حول وجهك إلى القبلة. فحولته وأردت أن يحلق رأسي من الجانب الأيسر ,فقال لي :أدر الشق الأيمن من رأسك فأدرته ,وجعل يحلق وأنا ساكت فقال لي :كبر ,فجعلت أكبر حتى قمت لأذهب فقال لي :أين تريد? ) (١القرافي ,الذخيرة ,ج ,١٣ص.٢٨١ ) (٢ابن عابدين ,رد المحتار ,ج ,٢ص.٥١٧ ومن هذه القصة أخذ بعضهم استحباب ركعتين بعد الحلق).(٢ ومنهم من علل دفن الشعر بكونه صيانة له).(٣ وقال المستحبون للدفن إنه إن ألقاه فلا بأس عليه ,ولكن يكره إلقاؤه في الكنيف والمغتسل; لأنه يورث المرض) ,(٤ونص بعضهم على أن دفن الشعر الحسن آكد لئلا يؤخذ للوصل).(٥ والحق في هذه القضية من حيث استقبال القبلة والتكبير ودفن الشعر وصلاة الركعتين مع أبي حنيفة إن صحت القصة وفي النفس منها شيء ,إذ لا يليق ذلك بحال الإمام أبي حنيفة مع علو منزلته. وعلى كل لا أعلم دليلا يؤيد السنن المذكورة من دعاء وتكبير واستقبال ودفن للشعر ,وليس بحجة في الندب والاستحباب إلا ما ثبت بلسان ) (١ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص ,١٢٨٨والعيني ,البناية ,ج ,٤ص ,٢٤٨وابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٨٢٠ ) (٢ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٨٢١ ) (٣ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٨٢٢ ) (٤ابن الضياء ,البحر العميق ,ج ,٣ص.١٨٢٢ ) (٥زكريا الأنصاري ,أسنى المطالب ,ج ,١ص.٤٩٢ قال ابن جماعة بعد نقل الاستحباب السابق: وأسقط النووي في الروضة ذلك ,ولعمري إنه معذور في إسقاطه; فإن السنة لم تأت به ,واستحبابه بخصوصيته من أجل هذا الفعل بدعة).(١ ) (١ابن جماعة ,هداية السالك ,ج ,٣ص.١٢٨٦ الفصل الرابع :الطواف بالبيت٥ .................................... ٦المبحث الأول :وصف المطاف والكعبة المشرفة.................... المطلب الأول :تاريخ الكعبة المشرفة٦ ............................... ١٢تجديد قريش للكعبة.............................................. كان للكعبة على قواعد إبراهيم بابان١٤ ............................... قصة بناء ابن الزبير للكعبة١٤ ........................................ بناء الحجاج بن يوسف للكعبة١٧ .................................... مقاسات الكعبة التي استقرت عليها في الترميم الأخير١٨ ............. ١٨المطلب الثاني :وصف داخل الكعبة............................... قصة الحجابة والسقاية٢١ ............................................ المطلب الرابع :الحجر الأسود٢٤ ..................................... القرامطة والحجر الأسود٢٥ .......................................... المطلب الخامس :الركن اليماني٢٧ ..................................... المطلب السادس :حجر إسماعيل )الحطيم( ٢٨ ........................ ليس كل حجر إسماعيل من الكعبة وبيان ذلك٢٩ ..................... المطلب السابع : َ شاذروان الكعبة٤٤ .................................. الخلاف في كون الشاذروان من الكعبة٤٤ ............................. ٤٧المطلب الثامن :مقام إبراهيم...................................... موضع المقام من البيت العتيق٥٠ ..................................... ما استقر عليه أمر المقام حديثا٤٥ ..................................... المبحث الثاني :آداب دخول المسجد الحرام٥٧ ......................... الأدب الأول :تقديم الرجل اليمنى عند الدخول٥٧ .................. الأدب الثاني :ذكر االله والدعاء عند دخول المسجد والخروج منه٥٩ .... الأدب الثالث :صلاة ركعتين قبل أن يجلس٦٠ ........................ ٦٢المطلب الثاني :الآداب الخاصة بالمسجد الحرام................... الأدب الأول :الدخول من باب بني شيبة٦٢ .......................... ٦٨الأدب الثاني :رفع اليدين عند رؤية البيت......................... الأدب الثالث :الذكر والدعاء٧٢ ..................................... الأدب الرابع :أن لا يعرج على شيء قبل البدء بالطواف٧٥ ............ المبحث الثالث :مشروعية الطواف وفضله٨٥ ......................... المبحث الرابع :أنواع الطواف٩٢ ..................................... طواف الإفاضة٩٢ ................................................... طواف الوداع٩٨ ..................................................... طواف النفل٩٩ ...................................................... أولا :مشروعية طواف النفل حال خطبة الجمعة١٠٠ .................... ثانيا :المفاضلة بين طواف النفل والصلاة في المسجد١٠١ ................. طواف القدوم١٠٥ ..................................................... طواف الصدر١٢٤ ..................................................... المبحث الخامس :شروط الطواف وواجباته١٢٧ ........................ أولا :العقل١٢٧ ....................................................... ثانيا :نية الطواف١٢٨ .................................................. ثالثا :الطهارة من الحدث١٣٠ .......................................... أدلة القائلين باشتراط الوضوء للطواف١٣٦ ............................ القول الثالث :الوضوء سنة في الطواف وليس بشرط١٤٧ ............... قوادح الاستدلال بحديث الطواف بالبيت صلاة١٥٤ ................... الحائض والطواف بالبيت١٦٣ .......................................... تخريج حديث الطواف بالبيت صلاة١٦٨ .............................. رابعا :ستر العورة١٨١ ................................................. خامسا :وقت الطواف١٨٥ ............................................. سادسا :البدء بالحجر الأسود١٩٧ ...................................... سابعا :استقبال الركن في أول الطواف٢٠٠ ............................. ثامنا :محاذاة الحجر الأسود بالبدن عند أول شوط٢٠١ .................. إنشاء خط بدء الطواف وإزالته٢٠٥ ..................................... تاسعا :جعل البيت على يسار الطائف٢٠٩ .............................. عاشرا :استيعاب الكعبة بالطواف حولها٢١٥ ........................... العلو على الكعبة في الطواف٢٢١ ....................................... الحادي عشر :إكمال سبعة أشواط٢٢٣ .................................. الثاني عشر :أن يكون الطواف داخل المسجد٢٣١ ....................... الثالث عشر :الموالاة في الطواف٢٣٥ ................................... المبحث السادس :مندوبات الطواف٢٣٨ ............................... أولا :تعظيم الحجر الأسود بتقبيله واستلامه والإشارة إليه٢٣٨ ......... الخلاف في استلام الحجر وتقبيله في غير طواف٢٤١ ..................... المزاحمة على استلام الحجر الأسود٢٦٩ .................................. المندوب الثاني :استلام الركن اليماني٢٧١ ................................ المندوب الثالث :استلام أركان الكعبة كلها٢٧٧ ........................ أولا :مشروعية الرمل٢٨١ ............................................. ثانيا :الطواف الذي يشرع معه الرمل٢٩٢ ............................... ثالثا :أشواط الرمل٢٩٤ ................................................ رابعا :حكم من ترك الرمل٢٩٩ ........................................ المندوب الخامس :الاضطباع٣٠١ ...................................... أولا :تعريفه ومشروعيته٣٠١ .......................................... ثانيا :وقت الاضطباع٣٠٣ ............................................. ثالثا :موضع الاضطباع٣٠٤ ............................................ المندوب السادس :الذكر والدعاء٣٠٦ .................................. المندوب السابع :القرب من البيت عند الطواف٣١٩ .................... تعارض القرب من البيت مع الرمل٣١٩ ................................ المبحث السابع :مباحات الطواف٣٢٣ .................................. أولا :الطواف راكبا٣٢٣ ............................................... ثانيا :الكلام في الطواف٣٢٩ ........................................... ثالثا :الانتعال في الطواف٣٣٤ .......................................... رابعا :الأكل والشرب والاستراحة٣٣٥ ................................ المبحث الثامن :ركعتا الطواف٣٣٨ ..................................... المطلب الأول :مشروعية صلاة الطواف وحكمها٣٣٨ .................. المطلب الثاني :إجزاء غيرها عنها٣٥٧ ................................... المطلب الثالث :موضع صلاة الطواف٣٦٠ ............................. المطلب الرابع :صلاة الطواف في أوقات النهي٣٦٩ ..................... المطلب الخامس :ما يستحب أن يقرأ فيهما٣٧٩ .......................... المطلب السابع :صلاة الطواف للنائب عن غيره٣٨٧ .................... المطلب الثامن :حكم من لمّ يصلهما٣٨٨ ................................. المطلب التاسع :الدعاء بعد ركعتي الطواف٣٩١ ........................ الفصل الخامس :السعي بين الصفا والمروة٣٩٥ ......................... المبحث الأول :وصف جبلي الصفا والمروة وأرض المسعى٣٩٧ .......... المبحث الثاني :مشروعية السعي بين الصفا والمروة٤٠١ .................. المفاضلة بين الصفا والمروة٤٠٦ ......................................... المبحث الثالث :حكم السعي٤١١ ...................................... المبحث الرابع :شروط السعي وواجباته٤٣٣ ............................ المطلب الأول :النية٤٣٣ .............. ................................. المطلب الثاني :كون السعي بعد طواف صحيح٤٣٣ ..................... المطلب الثالث :الترتيب٤٥٥ ...... .................................... المطلب الرابع :قطع المسافة بين الصفا والمروة جميعها٤٦١ ............... منتهى منطقة السعي هو نهاية طريق دراجات العجزة٤٦٤ ............... صور النقص من أشواط السعي٤٦٦ ................................... المطلب الخامس :إكمال سبع مرات٤٦٧ ................................. من يسعى أربعة عشر شوطا لا يخلو حاله من أحد أمور ثلاثة٤٦٩ ....... ذهب بعض العلماء إلى أن السعي الواحد من الصفا إلى الصفا٤٦٩ ....... قيل إن السعي من الصفا إلى المروة ,أما الرجوع فليس بشيء٤٧٢ ........ الشك في عدد الأشواط٤٧٤ ............................................ المبحث الخامس :سنن السعي٤٧٦ ..................................... أولا :الموالاة٤٧٦ ...................................................... ثالثا :الطهارة٤٨٧ ...................................................... رابعا :أن يرقى على الصفا وعلى المروة٤٩٣ .............................. خامسا :الذكر والدعاء٤٩٧ ............................................ سادسا :استقبال البيت٥١٢ ............................................ سابعا :الهرولة بين العلمين الأخضرين٥١٣ ............................. ثامنا :صلاة ركعتين عند المروة بعد الانتهاء من السعي٥٢٧ .............. المبحث السادس :السعي راكبا٥٢٩ ..................................... المبحث السابع :السعي فوق سطح المسعى٥٣٤ ......................... الفصل السادس :التحلل بالحلق أو التقصير٥٣٩ ....................... المبحث الأول :مشروعية التحلل من الإحرام٥٤١ ...................... الخلاف في تكييف الحلق أهو نسك أو إطلاق من محظور٥٤٢ ............ المبحث الثالث :المفاضلة بين الحلق والتقصير٥٦٧ ...................... ضعف حديث أن معاوية قصر رأس النبي بمشقص٥٧٠ ............. المبحث الرابع :توقت الحلق بالزمان والمكان٥٩٦ ....................... المبحث الخامس :حكم تارك الحلق أو التقصير٦٠٠ ..................... المبحث السادس :مندوبات الحلق أو التقصير٦٠٢ ...................... أولا :البداءة بالشق الأيمن٦٠٢ ........................................ ثانيا :إمرار الموسى على الرأس للأصلع٦٠٣ ............................ ثالثا :الأخذ من الشارب وقلم الأظفار٦٠٩ ............................. رابعا :استقبال القبلة والتكبير عند الفراغ من الحلق ودفنه٦١٣ ..........