‫من عيون التراث العماني‬ ‫تأليف‬ ‫حميد بن محمد بن رزيق بن بخيت النخلي العماني‬ ‫(‪١٢٩١-١١٩٨‬ه_‪١٨٧٤-١٧٨٣/‬م(‏‬ ‫تحقيق وتقديم‬ ‫د‪ .‬محمود بن مبارك السليمي‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد حبيب صالح‬ ‫ا‪ .‬د‪ .‬علآل الصديق الغازي‬ ‫الجزء الرابع‬ ‫الطبعة الأولى‬ ‫‏‪ ١٣٠4‬ه‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪ ٢٠٠٩‬م‬ ‫حقوق الطبع محفوظة‬ ‫لوزارة التراث والثقافة‬ ‫سلطنة عمان‬ ‫ص‪.‬ب‪٦٦٨:‬‏ الرمز البريدى‬ ‫| رقم الإيداع‪‎:‬‬ ‫‏‪ ١١٣:‬مسقتط‬ ‫‪| ٢٠٠٩ /١٠‬‬ ‫سعيد بن أحمد بن مبارك الكندي‪:‬‬ ‫الشيخ العالم العلامة سعيد بن أحمد بن مبارك الكندي النزوي‪ ،‬صاحب الأسرار‬ ‫الشهيرة والبراهين الوفيرة الشافي‪ ،‬زمن بلعرب بن حمير اليعربي‪ ،‬وقتل في زمانه‬ ‫ظلماًى وحمل إلى قبره على فردة باب من خشب فكانوا يسمونه بعد ذلك صاحب‬ ‫الغفردة‪ ،‬لما كان من تأثير تلك الفردة‪ ،‬بعدما دفن‪ ،‬في من أراد بها سو ع ‪ ،‬أو من‬ ‫يمسها‪ ،‬وهو غير طاهر‪ .‬كان الشيخ سعيد بن أحمد بن مبارك المذكور بحرا زاخرا‬ ‫في علم الفقه‪ ،‬وفي سائر العلوم‪ ،‬ويحكى عنه أنه أتاه رجل من أهل نزوى يشكو له‬ ‫قلة المال‪ ،‬وكثرة الأولاد والعيال‪ ،‬فكتب له كتابا وطوالا وقال له‪ :‬لا تتشر{ إلا‬ ‫بعدما تدخل مسجدأ من مساجد الغنتق من نزوى‪ ،‬عددهن أربعة‪ ،‬فلما مضى الرجل‬ ‫عنه ودخل مسجدأ من مساجد الغتنق‪ ،‬كما أمره‪ ،‬نشر الكتاب‪ ،‬فدخل عليه رجل في‬ ‫صورة بشر فسلم عليه‪ ،‬ورد عليه السلام‪ ،‬‏[‪ ]٥٤٧‬ثم قال‪ :‬له أعطاك الشيخ هذا‬ ‫الكتاب؟ قال نعم‪ :‬فقال ادفعه لي وغرضك ليقضى إن شاء الله فلما دفعه لهف أعطاه‬ ‫كيساً فيه ألف درهم‪ ،‬ففرح الرجل بالمال‪ ،‬ومضى إلى بيته‪ ،‬واستبشر وأهله بثرائه‪،‬‬ ‫فلما رأه الشيخ بعد مدة‪ ،‬قال له‪ :‬أفعلت ما أمرتك به؟ قال‪ :‬نعم فقال له‪ :‬كم أعطاك‬ ‫ذلك الرجل؟ فقال‪ :‬ألف درهم في كيس» فقال له‪ :‬وأين الكتاب الذي كتبته لك؟ فقال‬ ‫له‪ :‬أعطيته إياه وقبضت الدراهم المذكورة منه‪ ،‬فقال له‪ :‬لو تركت الكتاب معك‪،‬‬ ‫لأعطاك ذلك الرجل مما أعطاك في كل يوم فأصاب الرجل من ذلك ضيق شديد‬ ‫فقال له‪ :‬لا تيأس على ما فاتك‪ ،‬فما أتاك كفاك فاقتنع به‪ ،‬فما لبث الشيخ سعيد‬ ‫المذكور بعد ذلك الا أياما قلائل‪ ،‬حتى قتل‪ ،‬رحمه الله‪ ،‬وأخباره شهيرة‪ ،‬ومناقبه‬ ‫كثيرة‪.‬‬ ‫سعيد بن أحمد بن سعيد الكندي‪:‬‬ ‫الشيخ الجهبذة العالم سعيد بن أحمد بن سعيد الكندي النزوي‪ ،‬معلم الشيخ جاعد بن‬ ‫خمس الخررصي < كان‬ ‫ز هده‪،‬‬ ‫أنه‬ ‫صحب‬ ‫في‬ ‫الز هد‬ ‫و العلم فريد عصر‬ ‫الىىيد الوكيل خلفان بن محمد‬ ‫ه‪٥‬۔‪،‬‏‬ ‫وقطب مصر‬ ‫البورسعيدي ذات‬ ‫سنة‬ ‫‏‪ 6٥‬فمن‬ ‫أخبار‬ ‫إلى الحج ۔ فلما‬ ‫رجع‪ ،‬شمر للرجوع إلى نزوى وودع السيد خلفان‪ ،‬فقال له‪ :‬ثم بعد هذا الفراق‬ ‫الذي لا نهواه‪ ،‬وقال له‪ :‬إن شاء الله‪ ،‬فلما رجع أكرم السيد خلفان مثواه‪ ،‬وأرسل‬ ‫اليه رسو ل‬ ‫ومعه‬ ‫در ‏‪ ١‬هم وكتاب ‪ 0‬يخبر‬ ‫مع كل و احد در ‏‪ ١‬هم وكتاب مشعر‬ ‫كل و احد منهم وكتابه تحت‬ ‫و احد منهم وكتابه مع الكتاب‬ ‫البساط‬ ‫عن‬ ‫عن‬ ‫جملتها‪،‬‬ ‫جملة العدد‪،‬‬ ‫الذ ي‬ ‫وتتابعت رسل السادة‬ ‫فكان‬ ‫الشيخ سعيد‬ ‫أو لاده‪6‬‬ ‫يصع عطبة‬ ‫يجلس عليه في الذ ار ‘ ولم يجمع عطية كل‬ ‫الثاني و عطيته ‪ ،‬فلما‬ ‫عزم‬ ‫على اللغز لوطنه ۔ بعث‬ ‫رسولا إلى السيد خلفان ومعه كتاب‪ ،‬يقول له فيه‪ :‬إن تحت البساط الذي كنت أجلس‬ ‫عليه في الدار دراهمكم والكتب التي بعثتموها إلي‪ ،‬خذوها‪ ،‬فلا حاجة لي فيها‪.‬‬ ‫جزيتم خيرا‪ ،‬ووقيتم ضيرا‪ ،‬فلما فض السيد خلفان ختم كتابه وقرأ‪،٫‬‏ مضى إلى‬ ‫البيت الذي كان فيه الشيخ المذكور‪ ،‬وأمر بطي البساط الذي كان يجلس عليه‪ ،‬فوجد‬ ‫عطية كل و احد منهم وكتابه « غير مضافة‬ ‫تلك الدراهم شيء ‘ وكل جزء‬ ‫منها فوق‬ ‫لفريد دهره في علمه وزهده وفخر‬ ‫إلى عطية‬ ‫خط باعثك‬ ‫وكلهم فاه بالحمد‬ ‫الثاني وكتابه ‘ ولم ينقص من‬ ‫فقالوا كلهم ‪ :‬لله در‬ ‫اليه والثناء‬ ‫الشيخ‬ ‫انه‬ ‫عليك‪ ،‬و أخبرني‬ ‫الشيخ القاضي مبارك بن عبد الله النزوي‪ ،‬قال‪ :‬زرت ذات سنة الشيخ العالم العلامة‬ ‫الرئيس أبا نبهان جاعد بن خميس‪ ،‬فجلست ذات يوم معه في مسجد الحشاة‪ ،‬الذي‬ ‫هو بالعليا‪ .‬ومعه الشيخ العالم الزاهد سعيد بن أحمد الكندي‪ ،‬فحان وقت الظهر‬ ‫فأتى مؤذن‪ ،‬فأذن وقت الصلاة‪ ،‬ولم يخلع نعليه من رجليه‪ ،‬فقال له الشيخ‪ :‬من نعليه‬ ‫أحب لك لو أنك خلعت نعليك من رجليك قبل الأذان‪ ،‬فأذنت‪ ،‬وأنت خالع لهما‪ ،‬فقال‬ ‫له الشيخ الزاهد سعيد بن أحمد‪ ،‬ما تقول إذا أذن مؤذن وهو جنب“ إنما ققلت له‪.‬‬ ‫على طريق التأدب والتعظيم لله ‏[‪ ]٥٤٨‬عند الأذان‪ ،‬فإن الله تعالى يقول في كتابه‬ ‫‪٢‬‬ ‫الكريم لنبيه عليه السلام‪ ،‬موسى الكليم‪ ،‬في مكان القدس مناجاة الإنس للفاخلع‬ ‫نعليك؛('أ‪ ،‬ومن المعلوم أن نعلي موسى عليه السلام‪ ،‬طاهرتان ما بهما نجاسة‪.‬‬ ‫ولكن في موضع القدس ومناجاة الإنس‪ ،‬يجب أن يكون ذلك كذلك‪ .‬فقال له الشيخ‬ ‫سعيد‪ :‬أحسنت‪ ،‬فإنني دونك في العلم الفهم‪ ،‬فقال له الشيخ أبو نبهان‪ :‬لا وإنك في‬ ‫العلم أنت المنتهي‪ .‬وأنا المبتدي‪ ،‬وشتان بينهما‪ ،‬انتهى كلام الشيخ القاضي مبارك‬ ‫المذكور‪.‬‬ ‫وقيل للشيخ سعيد أحمد الكندي‪ :‬ما معنى قول لمسلمين فيما اختلفوا فيه؟ فقال‬ ‫بعضهم‪ :‬يجوز‪ ،‬وقال بعضهم لا يجوز‪ ،‬أو هالك أو حرام‪ ،‬وفي أصله أنه اختلاف‬ ‫رأي‪ ،‬ما معنى قول من قال‪ :‬هالك مع عدمه باختلاف الرأي‪ ،‬قال‪ :‬إن قول القائلل‬ ‫هالك وحرام أولا يجوز‪ ،‬إنما ذلك في رأيه‪ ،‬والهلاك له معنيان‪ :‬هلاك بإجماع‪.‬‬ ‫فصاحبه هالك في الآخرة‪ ،‬وما يقع عليه اسم الهلاك في الر أي‪ ،‬فذلك ليس يهلك‬ ‫صاحبه ما أخذ برأي من آراء المسلمين۔ إذا رآه عدلا ممن يبصر ذلك قال الشيخ‬ ‫الرئيس جاعد بن خميس‪ :‬لا يبين لي ما قال الشيخ أن الهلاك له معنيان في الأصل‪،‬‬ ‫ومعي أن الهلاك إنما هو واحد‪ ،‬ومعنى قول من قاله إنه هالك‪ ،‬فذلك لعلة معه‪.‬‬ ‫وفي رأيه من غير قطع‪ ،‬ولا يعجبني أن يحكم عليه من خالفه بالهلاك في موضع‬ ‫الرأي‪ ،‬إلا أن يرى العدل في شيع۔ فيخالفه إلى ما لا يراه‪ ،‬كذلك من نزل بمنزلته‪،‬‬ ‫والله أعلم‪.‬‬ ‫ء‬ ‫مسالة‪:‬‬ ‫ومن كلام الشيخ سعيد بن أحمد بن سعيد الكندي‪ ،‬إلى من كتب إليه من الأخوان‬ ‫المتعلمين‪ ،‬يحضه على التعليم‪ ،‬ويحرضه عليه‪ ،‬فقال‪ :‬وإني أحثك أيها الولد على‬ ‫التعليم‪ ،‬لأن الله تبارك وتعالى تعبدك بحمل أمانة عرضها الله على السموات‬ ‫و ‏‪ ١‬لأرض‬ ‫و الجبال‘‪ ،‬فأبين أن يحملنها و أشفقن‬ ‫() سورة طه‪ .‬الآية ‏‪.١١‬‬ ‫منها‬ ‫وحملها‬ ‫‏‪ ١‬لإنسان ‘ انه كان‬ ‫ظلوما‬ ‫جهولا‪ ،‬ليعذب الله من خان أمانته‪ ،‬ولم يراعها حق رعايتها‪ ،‬ولم يحافظ عليها‪.‬‬ ‫وضيعها وأهملها من المنافقين والمنافقات‪ ،‬والمشركين والمشركات‪ ،‬ويتوب الله على‬ ‫المؤمنين والمؤمنات‪ ،‬المؤدين لأمانتهم‪ ،‬المراعين لها‪ ،‬المحافظين عليها‪ ،‬ولم يكن‬ ‫لنا ولا لك تخيير أن نحملها أو نتركها‪ ،‬ولم نقدر على حملها وحفظها ورعايتها‪ ،‬إلا‬ ‫بالعلم‪ ،‬لأنا خلقنا جاهلين بالأشياء كلها‪ ،‬ولم يكن لنا علم إلا بالتعليم‪ ،‬والتعليم يحتاج‬ ‫إلى اجتهاد ومواظبة‪ ،‬وتدريس لاثار المسلمين الصحيحة وبون عظيم فيما يصير‬ ‫إليه المطيع والعاصي من المنزلة‪ ،‬ومن مات على أحدهما‪ ،‬لعلة فهو لا برجى له‬ ‫انتقال في الأبد‪ ،‬ولا له غاية ولا نهاية فشمر أيها الولد عن ساق‪ ،‬فإنا في أمر‬ ‫عظيم‪ ،‬إن لم تتداركنا‪ ،‬رحمة الله‪ ،‬فلا شك إنا هالكون معذبون بنار جهنم‪ ،‬أعاذنا الله‬ ‫وإياك وجميع المسلمين الصالحين من النار‪ ،‬ومن كل قول وعمل‪ ،‬أو نية تؤدي إلى‬ ‫النار‪ ،‬فإن حكم الله علينا بالخلود في النار بعدله ‏[‪ .]٥٤٩‬فما حالنا وما حال حياتتا‬ ‫وغبطتنا بهذه الحياة الفانية المنقبضة على القرب‪ ،‬فإنا لله وإنا إليه راجعون‪ ،‬وإني‬ ‫أعلم يقيناأ‪ ،‬وأشهد به‪ ،‬وأدين لرتي أني لو عبدت الله تعالى مثلا مائة سنة‪ ،‬لم أعص‬ ‫الله تعالى في عبادتي‪ ،‬إلا فيى حرف واحد من حروف الدين‪ ،‬الذي لا يسع مخالفته‬ ‫في دين الله بهوئ‪ ،‬أو عمي لحكم الله على بعدله صاغرأ بسكون التار‪ ،‬ولأحبط الله‬ ‫أعمالي كلها‪ ،‬وإذا كان الأمر هكذا‪ ،‬ولا شك ولا ريب أنه كذلك‪ ،‬فما حال اشتغالنا‬ ‫بهذا الفاني عنا‪ ،‬ولم نحتفل بما هو مقبل علينا وملازمنا‘ وما فرحنا بهذا الحطام‬ ‫الفاني إلا جنون‪ ،‬إلا ما كان لله تعالى‪ ،‬فهذا ما يسر الله أيها الولد‪ ،‬وقد أشغلت نفسي‬ ‫به طمعا منك أن تشفع به وتكون من الذين يحيون من دين الله‪ ،‬إماتة أعداء الله‬ ‫ونميت من البدع ما أحياه الظالمون‪ ،‬وأكون شريكك في الثواب والأجر‪ .‬هكذا نيتي‬ ‫واعتقادي‪ ،‬وأرجو منك القبول‪ ،‬وكن كما ظننت فيك ومنك“ ولا تهمل ما يصلك من‬ ‫اللصيحةة ولا تنبذه وراء ظهرك ولي ثواب نيتي ن رزقتها‪ .‬وسلمت من الآفات‬ ‫إلى الممات‪ .‬وقد وصى مولانا بالتعاون على البر والتقوى‪ ،‬وهذا من التعاون()‪.‬‬ ‫ومن كلام له آخر إلى من كتب إليه ومحبتي السلامة من الخمول في هذا الزمان‬ ‫وخلطتنا للناس ضرورة‪ ،‬وإن في قلبي حياء لأهل العلم والتعليم والورع‪ ،‬لعدمهم في‬ ‫هذا الزًمان‪ ،‬وإن الشيطان اللعين جر أكثر في‬ ‫الأرض‬ ‫لعبادته دون عبادة الله‬ ‫تعالى‪ ،‬والله غني عنهم‪ ،‬ومن استغنى عنه فالله غني عنه‪ ،‬والكتب النافعة‪ ،‬فلم أجد‬ ‫في الشريعة تصنيفا مثل بيان الشرع وفي الأصول م كتاب الإستقامة والمعتبر‬ ‫ومن التفاسير مش‪ :‬كتاب شرح الحكم‪ ،‬تأليف بن عطاء۔ بارك الله لنا في الكتب التي‬ ‫أثرها لنا أسلافنا وساداتنا‪ .‬نسأل الله اللحاق بالصالحين‪ ،‬وأن يرزقنا الاهتداء‬ ‫بالهدى وأن يرحمنا من العذاب في الدنيا والآخرة‪ ،‬إنه أرحم الراحمين وأشور‬ ‫عليك يا ولدي‪ ،‬أن تبذل حالك ومالك‪ ،‬وشبابك وحياتك لطلب العلم طلبا للنجاة‪ ،‬فإن‬ ‫الأمر ليس بهين‪ ،‬وخذ من الدنيا بلاغك منها‪ ،‬واتركها وأهلها‪ ،‬والخروج منها لا‬ ‫يدري به قريب أم بعيد‪ ،‬وقال مولانا‪« :‬إولا تموتوا إلا وأنتم مسلمون»"أ‪ ،‬ولا‬ ‫تستغن بقشر العلم عن لبابه يا ولدي‪ ،‬ارحم نفسك واهجر عادتها‪ ،‬واعبد ربّك‪،‬‬ ‫حتى يأتيك اليقين‪ ،‬ودبر لأمر دينك ودنياك فإنك لا زلت بخير‪ ،‬ما دست حافظا‬ ‫لخصلتين‪ :‬درهمك لمعاشك‪ ،‬ودينك لمعادك‪ ،‬ولا تنازع كلاب الدنيا فأي فائدة للك‬ ‫في شيء لا يبقى لك؟ وإن بقي فأنت لا تبقى له‪ ،‬وأن اجتهد في طلب الباقي‪ ،‬وادبر‬ ‫عما دبر عنك وهو في الدنيا مما فيها‪ ،‬واقبل على ما ليس لك عنه مفرً‪ ،‬وهو أمر‬ ‫الآخرةة ولا تقل إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا "أ‪ ،‬وما يهلكنا إلا الدهر‪.‬‬ ‫وتوقع الرواح مساء وصباحاًش ‏[‪ ]٥٥٠‬ولا تحمل ما لا يلزمك حمله‪ .‬ولا تزداد به‬ ‫(‪ (١‬الخروصي ۔ جاعد‬ ‫عمر ان‪،‬‬ ‫‪ (٢‬سورة‬ ‫آل‬ ‫)‪ (٣‬سورة‬ ‫الجاثية‬ ‫بن خميس ‪ :‬المصدر نفسك‬ ‫الآية‪‎‬‬ ‫الآية‪‎‬‬ ‫‪.٢٤‬‬ ‫‪959‬‬ ‫صل‪‎‬‬ ‫‪.٤٦٩‬‬ ‫قربة إلى مولاك‪ ،‬فإنك في عقبه كود‪ .‬والمخف أخف وأقوى على اقتحامها من‬ ‫المثقلين‪ ،‬والاشتغال بما لا معنى له‪ ،‬اشتغال عن معنى‪ ،‬وقد أشغلت نفسي بهذا‬ ‫الكتاب‪ ،‬ابتغاء ما عند الكه‪ ،‬لأني أرجو منك القبول‪ ،‬وأن تكون مستعدا لتقوية‬ ‫الإسلام وأهله‪ .‬وقد بلغني عنك‪ ،‬أن الله رزقك من المال ما يغنيك عن الاكتساب‬ ‫وأنت مشعل نفسك بتعليم الأولاد الصغار‪ ،‬فيا عجبا ممن يشغل نفسه بتعليم من ليس‬ ‫بمتعبد به عن تعليم نفسه‪ ،‬وهو محتاج إلى إنقاذها من الهلاك القائم‪ ،‬وكيف ناصحك‬ ‫انقطع في التعليم وقت الشباب على تمر وقاشع بلا خبز مدة من الزمان‪ .‬وعنده‬ ‫زوجة قائم لها بتمام معاشها‪ ،‬وهذا كشفته لك بلا فخر‪ ،‬ولا مَنً‪ ،‬لكن لتهيج لك إلى‬ ‫طلب العلم‪ ،‬فافهم ذلك‪ ،‬والله أعلم('أ‪.‬‬ ‫ومن تفسير الثعالبي قوله تعالى‪ :‬لمن قتل نفسا بغير نفس‪ ،‬أو فساد في الأرض‬ ‫فكأنما قتل الناس جميعأً‪"4‬أ‪ ،‬وقد قيل‪ :‬من قتل نبش أو إماما عدلأش فكأنما قتل الناس‬ ‫جميعأ‪ ،‬ومن ش على عضد نبي‪ ،‬أو إمام عدل‪ ،‬فكأنما أحيا الناس جميعاش قال الشيخ‬ ‫سعيد بن أحمد الكندي‪ :‬وعلى هذا من ربى‬ ‫متعلماً وأعانه بنفسه وماله على تعليمك‪،‬‬ ‫وأنفق عليه من ماله‪ ،‬وأعانه على نفقته وكسوته‪ ،‬وما يحتاج له في دنياه‪ .‬حتى صار‬ ‫عالما فقيها مباركا نقاعا للناس ‪ 3‬معلما لهم دينهم‪ ،‬منقذهم من الهلاك إلى الستلامةة‬ ‫فكأنما أحيا الأمة التي هو إمام فيها جميعا ومظه في إعانة الإمام العدل‪ ،‬لأن العالم‬ ‫والإمام العدل رايَانىً الأمة وهما مفضلان على عالمي زمانهما‪ ،‬وكذلك من قتل‬ ‫أخاً في الدين‪ ،‬أو إمامأ منصوب عادلا مستقيما‪ ،‬يهدي الناس إلى الطريقة المشى‪،‬‬ ‫فكأما قتل الناس جميعاً‪ ،‬الذي هو إمام لهم‪ ،‬فافهم هذا المعنى الجليل‪ .‬وكذلك من‬ ‫قتل جبارأ عنيدأ بحجة حق وأنقذ الناس من ظلمه ومضربته‪ ،‬فكأنما أحيا الناس‬ ‫(‪ (١‬الخرورصي < جاعد بن‬ ‫خميس ‪:‬‬ ‫)" سورة المائدة‪ ،‬الآية‪.٣٢ ‎‬‬ ‫المصدر‬ ‫نفسه “ ص‪‎‬‬ ‫‪.٤٧٠‬‬ ‫جميعا‪ ،‬الذي هو متجبر عليهم‪ ،‬يسفك دمائهم‪ ،‬ويستهلك أموالهم‪ ،‬ويخرب ديارهم‪.‬‬ ‫ويهتك حرمهم بغير حق ظلما وعدوانأأ')‪.‬‬ ‫كما قيل‪ :‬إن سئل عالم عن أفضل الجهاد‪ ،‬فقال‪ :‬قتل خردلةش ولعله كان جبارا‬ ‫بزمانهم‪ .‬وسئل الشيخ أبو سعيد عن الجبابرة الذين هم في وقته‪ ،‬قيل له‪ :‬أمثل‬ ‫خردلة؟ فقال ‪ ,‬أشة من خردلة۔ وكذلك قيل‪ :‬إن العالم المتجبر أش على الناس من‬ ‫ألف لص""ا‪.‬‬ ‫رجع‪ ،‬ومنه قال النبي‪ ،‬صلى ا له عليه وسلم‪ :‬ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكون‬ ‫تاجرا‪ ،‬ولكن أوحي إلي سبح بحمد ربك وكن من الساجدين‪ ،‬واعبد ربك حتى‬ ‫يأتيك اليقين»("'‪ .‬قال الشيخ سعيد بن أحمد‪ :‬ولا ليجمع العلم لغير العمل“ا‪.‬‬ ‫ومنه سمعت أحدا يقول‪ :‬الإنسان لا يقدر أن يذهب بذهبه إلى القبر‪ ،‬فقيل‪ :‬بل يمكنه‬ ‫ذلك‪ ،‬فإنه إذا أنفقه في طلب الرضوان الأكبر‪ ،‬فقد ذهب به إلى القبر‪ ،‬وإلى‬ ‫القيامة(أ‪.‬‬ ‫قال الشيخ سعيد بن أحمد الكندي‪[ :‬الله] يمكن الإنسان إلى مصاحبة جميع ما خوله‬ ‫الشك من نعمة إلى الآخرة ولا يترك شيئا ممًَا خوله الله وراء ظهره‪ .‬وهو إذا‬ ‫‏[‪ ]٥٥١‬بضد من ذمهم‪ ،‬ألله وقال فيهم‪:‬‬ ‫استعمل نعم الله تعالى في طاعته‪ ،‬فيكون‬ ‫ولقد جئتمونا فرادى»‪.)١‬‏ تمام الآية(")‪.‬‬ ‫رجع‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪ :‬قالوا‪ :‬يا صالح قد كنت فينا مرجَوأ قبل هذا»(ا وفيه‬ ‫وجوه الأول‪ ،‬إنه لسا كان رجلا قوي الخاطر‪ ،‬وكان من قبيلتهم قوي رجاءهم في أن‬ ‫) الخزوصي‪ ،‬جاعد بن خميس‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‬ ‫"( المصدر نفسه ص ‏‪.٢٨٧‬‬ ‫"( سورة الحجر الآية ‏‪.٩٩-٩٨‬‬ ‫‏‪.٢٨٧‬‬ ‫‏)‪ (٤‬الخروصي جاعد بن خميس‪ :‬المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٢٨٧‬‬ ‫)( المصدر نفسه ص ‏‪.٢٨٨‬‬ ‫"( سورة الأنعام‪ ،‬الآية ‏‪.٩ ٤‬‬ ‫)"( الخزوصي‪ ،.‬جاعد بن خميس‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‬ ‫‏(‪ (٨‬سورة هود‪ ،‬الآية‬ ‫‏‪.٦٢‬‬ ‫‪٧‬‬ ‫‏‪.٢٨٨‬‬ ‫ينصر دينهم‪ ،‬ويقوي مذهبهم‪ ،‬ويعزز طريقتهم‪ ،‬لأنه متى خلق رجل فاضل في قوم‪،‬‬ ‫طمعوا به في هذا الوجه‪ ،‬قال الشيخ سعيد بن أحمد الكندي‪ :‬ومنفعة السلطان‬ ‫للرعية‪ ،‬إذا كان مرهوبأ معهم‪ ،‬وإلا كان فتنة عليهم(')‪.‬‬ ‫ومنه قوله تعالى‪ :‬فلولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم‪ ،‬إنما يريد الله أن يعذبهم بها‬ ‫في الدنيا۔ وتزهو أنفسهم وهم كافرون‪"!%‬ا‪ .‬اعلم أنه قال‪ :‬لما قطع في الآية الأولى‬ ‫رجاء المنافقين عن جميع منافع الآخرة بيّن أن الأشياء التي تظنونها من باب‬ ‫المنافع في الدنيا‪ ،‬وإنه تعالى جعلها أسباب تعذيبهم في الدنيا‪ ،‬وأسباب اجتماع المحن‬ ‫والآفات عليهم‪ ،‬ومن تأمل في هذه الآيات‪ .‬إنها مرتبة على أحسن الوجوه۔ فإنه‬ ‫تعالى لما بين قبائح أفعالهم وفضائح أعمالهم‪ ،‬بين ما لهم في الآخرة من العذاب‬ ‫الشديد‪ ،‬وما لهم في الدنيا من وجوه المحن والبلية ثم بين بعد ذلك‪ ،‬إن ما يفعلونه‬ ‫من أعمال البر لا ينتفعون به في القيامة البتةش ثم بين هذه الآية‪ ،‬إنما يظنون أنه‬ ‫من منافع في الدنيا‪ ،‬فهو في الحقيقة سبب تعذيبهم وبلاءهم لعلة‪ ،‬ويجلب‬ ‫المحنة‬ ‫عليهم‪ ،‬وعند هذا يظهر أن النفاق جالب لجميع الآفات في الدين والدنيا‪ ،‬ومبطلل‬ ‫لجميع الخيرات في الدين والدنيا‪ ،‬وإذا وقف الإنسان على هذا الترتيب‪ ،‬عرف أنه لا‬ ‫يمكن ترتيب الكلام على وجه أحسن من هذا‪ ،‬ومن الله التوفيق(")‪.‬‬ ‫قال الشيخ سعيد بن أحمد الكندي‪ :‬وإذا كانت الأموال والأولاد تصير سبب عذاب‬ ‫أهل الدنيا‪ ،‬فكيف طلب السلطنة والجاه لمن يبتغي في طلبها ومعاناتها‪ ،‬ومعاناة‬ ‫عمالها‪ ،‬ومقاساة حروبها‪ ،‬ومنازعة أهلها‪ ،‬وإذا ثبت هذا كان عمل المنافق‬ ‫للطاعات تصديقا لقوله تعالى‪:‬لإفأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدأ في الدنيا‬ ‫(‪ ()١‬الخروصي ‘ جاعد بم خميس ‪ :‬المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.٢٨٨‬‬ ‫"( سورة التوبة الآية ‏‪.٥٥‬‬ ‫)‪ (٣‬الخروصي ذ جاعد بن‬ ‫خميس‪:‬‬ ‫المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪٨‬‬ ‫‪٢٨٨‬‬ ‫‪.٢٨٩‬‬ ‫والآخرة‪'(4‬أ‪ ،‬وقد قال تعالى‪« :‬إولا تمن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا»"ا الآية‪.‬‬ ‫وقال مخرج على قومه في زينته إلى تمام قصتته(")‪.‬‬ ‫رجع‪ ،‬ومنه قال عليه السلام‪( :‬من كثر بيعه كثرت شياطينه)‪ ،‬قال الشيخ سعيد بن‬ ‫أحمد الكندي‪ :‬وكيف إذا كثرت حصونه ومعاقله ومملكته لرؤوس القبائل والمدن()‪.‬‬ ‫رجع‪ ،‬ومنه قوله عليه السلام‪( :‬هلك المكثرون) ‪ ،‬وقال‪ :‬من أراد من سلطان قربا‬ ‫ازداد من الله بعدا‪ .‬قال الشيخ سعيد‪ :‬وكيف إذا كان هو السلطان بنفسه‪ ،‬ويريد به‬ ‫الدنيا‪ ،‬فكيف بعده من ربه؟ وكيف يعذبه الله بمقاساته؟("ا‪.‬‬ ‫ومنه أيضاً‪ ،‬والمعصية مع الانكسار أقرب إلى الخلاص من الطاعة مع الافتخار(")‪.‬‬ ‫ومنه قال بعض المحققين‪ :‬الموجودات بحسب القسمة العقلية على أربعة أقسام‪:‬‬ ‫الأول‪ ،‬الذي يكون أزلباً أبديا وهو الله جل جلاله والثاني‪ :‬الذي لا يكون أزلباً ولا‬ ‫أبديه وهو في الدنيا‪ .‬والثالث‪ :‬الذي لا يكون أزليَاً‪ ،‬ولا ‏[‪ ]٥٥٢‬يكون أبديه وهذا‬ ‫محال الوجود‪ ،‬لأنه يثبت بالدليل أن ماثبت قدمه امتنع عدمه‪ .‬والرابع‪ :‬الذي يكون‬ ‫أبديّا‪ ،‬ولا يكون أزلنه‪ 4‬وهو الآخرة وجميع المكلفين‪ ،‬فإن الآخرة لها أول‪ ،‬لكن لا‬ ‫سواء كان محا ‪ 3‬أو كان عاصيا ؤ فلحياته أول لا آخر‬ ‫أخرة لهاێ وكذلك المكلف‬ ‫لها‪ ،‬فإذا ثبت هذا ثبت أن المناسبة الحاصلة بين الإنسان المكلف وبين الآخرة‪ ،‬أشد‬ ‫من المناسبة بينه وبين الدنيا‪ ،‬ويظهر من هذا أن خلق للآخرة لا للدنيا‪ ،‬فينبغي أن لا‬ ‫(‪ (١‬سورة‬ ‫أل‬ ‫عمر ان‪،‬‬ ‫الآبة‪‎‬‬ ‫‪.٥٦‬‬ ‫ا" سورة طه۔ الآية ‏‪.١٣١‬‬ ‫‏)‪ (٣‬الخروصي‪ .‬جاعد بن خميس‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‬ ‫)( المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٢٨٩‬‬ ‫)( المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٢٨٩‬‬ ‫)‪ (٦‬المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.٢٩‬‬ ‫‏‪.٢٨٩‬‬ ‫يشتد عجبه بالدنيا‪ ،‬ولا يميل قلبه إليها وإن المسكن الأصلي له هو الآخرة لا‬ ‫الدنيا('أ‪.‬‬ ‫أما قوله إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الحياة الدنيا إما لكونه سببا للعذاب في‬ ‫الدنياه فمن الوجه الأول‪ :‬أن كل من كان حبه للشيء أش وأقوى۔ كان حزنه وتألم‬ ‫قلبه علي فواته أعظم وأصعب‪ .‬فالذين حصلت لهم الأموال الكثيرة والأولاد‪ ،‬وكانت‬ ‫تلك الأشياء باقية عندهم‪ ،‬كانوا في ألم الخوف الشديد من فواتها‪ ،‬وإن كانت هلكت‪،‬‬ ‫كانوا في ألم الحزن الشديد بسبب فواتها‪ ،‬فثبت أن حصول موجب الستعادات‬ ‫الجسمانية لا تنفك عن تألم القلب‪ ،‬إما بسبب خوف من فواتها("ا‪.‬‬ ‫وإما بسبب الحزن من وقوع فواتها‪ .‬والثاني‪ :‬إن هذه تحتاج في اكتسابها وتحصيلها‬ ‫إلى تعب شديد‪ ،‬ومشقة عظيمة ثم عند حصولها‪ ،‬تحتاج إلى متاعب أشة وأشق‬ ‫وأصعب وأعظم في حفظها‪ ،‬فكان حفظها بعد حصوله أصعب من اكتسابه‬ ‫والمشغوف بالمال والولد أبدأ في تعب الحفظ والصون عن هلاكه‪ .‬ثم إنه لا ينتشع‬ ‫إلا بالقليل من تلك الأموال‪ ،‬فالتعب كثيرة والنفع قليل("أ‪.‬‬ ‫والثالث‪ :‬إن الإنسان إذا أعظمه حبه لهذه الأموال والأولاد‪ ،‬فإما أن تبقى عليه هذه‬ ‫الأموال والأولاد إلى آخر عمره۔ أو لا يبقى‪ ،‬بل يهلك ويبطل فإن كان الأول‪ ،‬فعند‬ ‫الموت يعظم حزنه‪ ،‬وتشتد حسرته‪ ،‬لأن مفارقة المحبوب شديدة‪ ،‬وترك المحبوب‬ ‫على يد الأعداء أشد وأشق‪ ،‬وإن كان الثاني‪ ،‬وهو أن هذه الأشياء تهلك وتبطل حال‬ ‫‏) ‪ (١‬المصدر‬ ‫نفسك‬ ‫ص‬ ‫"( المصدر نفسه ص‬ ‫‏)‪ (٣‬المصدر‬ ‫نفسك‬ ‫ص‬ ‫‏‪.٢٩‬‬ ‫‏‪.٢٩٠-٢٨٩‬‬ ‫‏‪.٢٩٠‬‬ ‫حياة الإنسان‪ ،‬عظم أسفه عليها‪ ،‬ويشتد تألم قلبه بسببها‪ ،‬فثبت أن حصول الأموال‬ ‫والأولاد سبباً لحصول العذاب في الدنيا('أ‪.‬‬ ‫الرابع‪ :‬إن الدنيا حلوة خضرة والحواس مائلة إليها‪ ،‬فإذا كثرت وتوالت‪ ،‬استغرقت‬ ‫فيها‪ ،‬وانصرفت بكليتها إليها‪ ،‬فيصير ذلك سببأ لحرمانه عن ذكر الله‪ ،‬ثم إنه يحصل‬ ‫في قلبه نوع من قسوة وقوة وقهر‪ ،‬وكلما كان المال والجاه أكثر‪ ،‬كانت تلك القسوة‬ ‫أقوى‪ ،‬وإليها الإشارة بقوله‪«« :‬كلا إن الإنسان ليطغي إن رآه استغنى»"أ فظهر أن‬ ‫ثرة الأموال والأولاد سبب قوي في زوال حب الله وحب الآخرة عن القلب‪ ،‬وفي‬ ‫حصول حب الدنيا وشهواتها في القلب‪ ،‬فعند الموت‪ ،‬كأن الإنسان ينتقل من البستان‬ ‫إلى السجن‪ ،‬ومن مجالسة الأقرباء والأحياء إلى موضع الغربة والكربة‪ ،‬فيعظم‬ ‫تألمه‪ ،‬ويقوى حزنه‪ ،‬ثم عند الحشر حلالها حساب‪ ،‬وحرامها عقاب‪ ،‬فثبت أن كشر‬ ‫الأموال والأولاد سبب بحصول العذاب في الدنيا والآخر ة(")‪.‬‬ ‫قال الشيخ سعيد بن أحمد الكندي‪ :‬وينبغي أن يقاس جميع الأموال والأولاد والسعي‬ ‫في تحصيلهما بحصيل السلطنة وحفظها بحفظها‪ ،‬فإن السلطنة أكثر عذابأ في الدنيا‬ ‫من التعذيب بالأموال والأولاد‪ ،‬وكل ما ذكره هنا في الأموال والأولاد‪ ،‬فينبغي أن‬ ‫يتخذ أصلا للسلطنة ليعلم أن السعي في تحصيل السلطنة ‏[‪ ]٥٥٣‬وحفظها ومقاساتها‬ ‫ومعاناة أهلها‪ ،‬أكثر عذاباأ من مقاسات الأموال والأولاد‪ ،‬إذا كانت لله تبارك وتعالى‪،‬‬ ‫فإن ذلك لايسمى عذابأ‪ ،‬بل ذلك يكون رحمة‪ ،‬إذا كانت إرادته إظهار الحق‪ ،‬وخمود‬ ‫الباطل‪ ،‬والأخذ على يد السفهاء("ا‪.‬‬ ‫فما الفائدة في تخصيص‬ ‫رجع ومنه قيل‪ :‬هذا المعنى حاصل للكل‬ ‫هؤلاء المنافقين‬ ‫بهذا العذاب؟ قلنا‪ :‬المنافقون يخصون بزيادات في هذا الباب‪ ،‬أحدها أن الرجل إذا‬ ‫() المصدر نفسه ن ص‬ ‫‏‪.٢٩٠‬‬ ‫ا" سورة العلق‪ ،‬الآية ‏‪.٧ ٦‬‬ ‫"ا الخزوصي‪ ،‬جاعد بن خميس‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‬ ‫)( المصدر نفسه‪ ،‬ص‬ ‫‏‪.٢٩٠‬‬ ‫‏‪١١‬‬ ‫‏‪.٢٩٠‬‬ ‫آمن بالله واليوم الآخر‪ ،‬علم أنه خلق للآخرة لا للدنيا‪ ،‬فهذا العلم نفير حبه للدنياذ‬ ‫والمنافق لما اعتقد أنه لا سعادة إلا في هذه الخيرات العاجلة عظمت رغبته فيها‪.‬‬ ‫واشتد حبه لها‪ ،‬فكانت الآلام الحاصلة‪ ،‬بسبب فواتها أكثر في حقه‪ ،‬وتقوى عند‬ ‫قرب الموت بظهور علاماته‪ ،‬فهذا النوع من العذاب حاصل لهم في الدنيا بسبب‬ ‫الأموال والأو لاد('أ‪.‬‬ ‫قال الشيخ سعيد بن أحمد الكندي‪ :‬والمؤمن يقل حزنه على فوات الأموال‪ ،‬من قبل‬ ‫أن يرجو بذلك ثوابا في الآخرة‪ ،‬فيعلم في الحقيقة أنه ليس بغائب ذلك عنه‪ .‬إذا كان‬ ‫يرجو ثوابه‪ ،‬والمنافق بمعزل عن ذلك‪ .‬فالعاقل بقدر ما يقل فرحه بالدنيا‪ .‬يقل حزنه‬ ‫عليها‪ ،‬فالمصائب عنده فوائد‪ .‬وقد قال الله تعالى‪ :‬قل هل تربصون بنا إلا إ(جدى‬ ‫الحسنيين‪ ،‬ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا »("'‪ ،‬فالفعل‬ ‫واحد‪ ،‬وكله مؤلم في الظاهر‪ .‬واختلف معناهما‪ ،‬واسمهما‪ ،‬وأخذ الزكاة‪ .‬وتسليمها‬ ‫عند المؤمنين مغنم‪ ،‬وعند من عداهم مغرم وكذلك قال الله تعالى‪ :‬وإنها لكبيرة إلا‬ ‫على الخاشعين»("أ‪ ،‬وقال‪« :‬لإولا ينفقون إلا وهم كار هون«“() } ()‪.‬‬ ‫رجع‪ ،‬ومنه وثانيها‪ :‬إن النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬كاد أن يكلفهم إنفاق تلك‬ ‫الأموال في وجوه الخيرات‪ ،‬ويكلفهم إرسال أولادهم للجهاد والغزو‪ ،‬وذلك يوجب‬ ‫تعريض أولادهم للقتل‪ ،‬والقوم كانوا يعتقدون أن محمدا ليس بصادق في كونه‬ ‫رسول‪ .‬وأن إنفاق تلك الأموال تضييع لها من غير فائدةش وأن تعريض أولادهم‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٢٩١-٢٩٠‬‬ ‫"ا سورة التوبة الآية ‏‪.٥٢‬‬ ‫"ا سورة البقرة‪ ،‬الآية ‏‪.٤٥‬‬ ‫)( سورة التوبة الآية ‏‪.٥ ٤‬‬ ‫"ا الخروصي جاعد بن خميس‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‬ ‫‏‪١٢‬‬ ‫‏‪.٢٩١‬‬ ‫للقتل إلزام لهذا المكروه الشديد من غير فائدةش ولا شك أن هذا يشق على القلب‬ ‫جداش فهذه الزيادة من التعذيب كانت حاصلة للمنافقين(')‪.‬‬ ‫وثالثها‪ :‬إنهم كانوا يبغضون محمدا عليه السلام بقلوبهم‪ ،‬ثم كانوا يحتاجون إلى بذل‬ ‫أموالهم وأولادهم ونفوسهم في خدمته‪ ،‬ولا شك أن هذه الحالة شاقة شديدة")‪.‬‬ ‫ورابعها‪ :‬إ نهم كانوا خائفين من أن يفتضحوا‪ ،‬ويظهر نفاقهم وكفرهم ظهورأ تامأ۔‬ ‫فيصيرون أمثال سائر أهل الحرب من الكفار‪ ،‬وحينئذ يتعرض لهم الرسول بالقتل‬ ‫وسبي الأولاد ونهب الأموال‪ ،‬وكلما نزلت آية‪ ،‬خافوا من أنه ربما وقف على وجه‬ ‫من وجوه مكرهم وخبثهم‪ ،‬وكل ذلك مما يوجب تألم القلب‪ ،‬يزيد العذاب""ا‪.‬‬ ‫وخامسها‪ :‬إن كثيرأ من المنافقين‪ ،‬كان لهم أولاد أتقياء‪ ،‬كحنظلة بن أبي عامر‬ ‫غسيل الملائكةش ‏[‪ ]٥٥٤‬وعبد الله بن عبد الله بن أبي‪ ،‬شهيد بدرس وكان من الله‬ ‫بمكان‪ ،‬وهم خلق كثير‪ ،‬ومنزهون عن النفاق‪ ،‬وهم كانوا لا يرتضون طريقة أبائهم‬ ‫في النفاق‪ ،‬ويقدحون فيهم‪ ،‬ويعترضون عليهم‪ ،‬والابن إذا كان هكذا‪ ،‬عظم تأنب الأب‬ ‫فيه واستيحاشه منه فصار حصول تلك الأولاد سببا لعذابهم("ا‪.‬‬ ‫وسادسها‪ :‬إن فقراء الصحابة وضعفاءهم‪ ،‬كانوا يذهبون في خدمة الرسول إلى‬ ‫الغزوات‪ ،‬ثم يرجعون مع الاسم الشريفت والثناء العظيم‪ ،‬والفوز بالغنائم‪ ‘،‬وهؤلاء‬ ‫المنافقون مع الأموال الكثيرةظ والأولاد الأقوياء‪ ،‬كانوا يبقون في زوايا بيوتهم أشباه‬ ‫الزمنا والضعفاء من الناس‪ .‬ثم إن الخلق ينظرون إليهم بعين المقت والازدراع‪،‬‬ ‫والتسمية بالنفاق‪ ،‬فكانت كثيرة الأموال‪ ،‬والأولاد تصير سببأ لحصول هذه الأحوال‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٢٩١‬‬ ‫("ا المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٢٩١‬‬ ‫"( المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٢٩١‬‬ ‫)( المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٢٩١‬‬ ‫‏‪١٣‬‬ ‫فثبت بهذه الوجوه أن كثرة أموالهم وأولادهم صارت سببا لمزيد من العذاب في‬ ‫الدنبا('أً۔‬ ‫ومنه قيل‪ :‬لسا اطلع المشركون فوق الغار أشفق أبو بكر على رسول‪ ،‬الله صلى الله‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬وقال‪ :‬إن تصب اليوم ذهب دين الله‪ .‬قال الشيخ سعيد بن أحمد الكندي‪:‬‬ ‫يدل إشفاقه على ذهاب دين الله من أرضه وفي هذا دليل على أن موت المؤمن‬ ‫مصيبة في الأرض والسماء‪ ،‬عند كل مؤمن وملك لقوله تعالى‪ :‬ظلإفما بكت عليهم‬ ‫يدل على أن من سواهم تبكي عليهم السماء والأرض‪،‬‬ ‫السماء والأرض‪)""4‬۔‬ ‫ويستغفران‪ ،‬ومن فيهما له حيا وميتأ‪ ،‬بارك الله لنا في الإيمان الحقيقي إذا حصل‬ ‫وسلم من الآفات("'‪.‬‬ ‫رجع‪ ،‬ومنه وعن آرام كمتوم"ا أنه قال لرسول الله‪ :‬أعلى أن أنفر؟ قال‪ :‬ما أنت إلا‬ ‫خفيف‪ .‬أو ثقيل‪ ،‬فرجع إلى أهله ولبس سلاحه‪ ،‬ووقف بين يديه‪ ،‬فنزل قوله إليس‬ ‫على الأعمى حجر»(")‪ .‬قال غيره‪ :‬تحسن هذه الأوصاف المجاهدة النفس‪ ،‬ويدخل‬ ‫في ذلك طلب العلم والعمل بما فيه كما قال‪ :‬لوجاهدوا في الله حق جهاده“»(")](")‪.‬‬ ‫(‪ )١‬المصدر نفسه ص‪‎‬‬ ‫‪.٢٩٢-٢٩١‬‬ ‫ا" سورة الدخان الآية ‏‪.٢٩‬‬ ‫"ا الخروصي‪ .‬جاعد بن خميس‪ :‬المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٢٩٢‬‬ ‫‏)‪ (٤‬أآرم كمتوم‪ :‬لم يرد ذكره في معاجم الصحابة‪.‬‬ ‫() سورة النور‪ ،‬الآية ‏‪.٦١‬‬ ‫)‪ (٦‬سورة الحج الآية‪.٧٨ ‎‬‬ ‫(‪ (٧‬الخروصي‪ ٠ ‎‬جاعد بن‬ ‫خميس ‪:‬‬ ‫المصدر‬ ‫نفسك‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪١ ٤‬‬ ‫‪.٩٢‬‬ ‫رجع" ومنه قوله تعالى‪ :‬لإعفا الله عنك لما أذنت لهم‪ ،‬حتى يتبين لك الذين صدقوا‬ ‫وتعلم الكاذبين“('أ‪ ،‬دلت هذه الآية على وجوب الاحتراز عن العجلة‪ ،‬ووجوب‬ ‫التشبث والتأني‪ ،‬وترك الاعتزاز بظواهر الأمور‪ ،‬والمبالغة في التفّقص‪ ،‬حتى‬ ‫يمكنه أن يعامل كل فريق بما يستحقه من التقرب والإبعاد("أ‪.‬‬ ‫ومنه سمن كلبك يأكلك‪ .‬ومنه ثم الآتي بالصدقة النافلة‪ ،‬قد يكون غنيأ‪ ،‬فيأتي بالكثير‬ ‫لعبد الرحمن بن عوف“‪ ،‬وعثمان‪ ،‬وقد يكون فقيرأ۔ فيأتي بالقليل‪ ،‬وهو جهد المقل‪،‬‬ ‫ولا تفاوت بين الناس في استحقاق الثواب لأن المقصود من الأعمال الظاهرة كيفية‬ ‫النية والاعتبار حال الدواعي والصوارف“ وقد يكون القليل الذي يأتي به الفقيرة‬ ‫أكثر موقعا عند الله تعالى من الكثير الذي يأتي به الغني)‪.‬‬ ‫ومنه رأيت في بعض الكتب‪ ،‬عن بعض الحكماء‪ ،‬أنه قال‪ :‬حكمة الروم في‬ ‫أذمغتهم‪ ،‬وذلك لأنهم يقدرون على التركيبات العجيبة وحكمة الهند في أوهامهم‪،‬‬ ‫وحكمة اليونان في أفئدتهم‪ ،‬وذلك لكثرة مالهم من المباحث العقلية وحكمة الرب‬ ‫‏[‪ ]٥٥٥‬في ألسنتهم وذلك لحلاوة ألفاظهم‪ ،‬وعذوبة عباراتهم(ُا‪.‬‬ ‫ومنه وأما الذين في قلوبهم مرض» يدل على أن الروح لها مرض‪ ،‬ومرضها الكفر‬ ‫والأخلاق الذميمة وصحتها العلم والأخلاق الفاضلة‪ .‬قال الشيخ سعيد بن أحمد‬ ‫الكندي‪ :‬ومنفعة السلطان للرعية‪ ،‬إذا كان مرهوباً معهم تقيَأ وإلا كانت فتنة‬ ‫علنمه()‪.‬‬ ‫() سورة التوبة الآية ‏‪.٤٣‬‬ ‫)‪ (٢‬الخروصي‪ .‬جاعد بن خميس‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪‎‬‬ ‫"ا المصدر نفسه ص‪.٢٩٢ ‎‬‬ ‫() المصدر نفسهێ ص ‏‪.٢٩٣ - ٢٩٢‬‬ ‫)( المصدر نفسه ص ‏‪.٢٩٣‬‬ ‫‪١ ٥‬‬ ‫‪.٢٩٢‬‬ ‫رجع‪ ،‬ومنه فإن قيل قوله‪ :‬لوأصنع الفلك‪'"4‬ا أمر إيجاب أو أمر إباحة؟ قلنا‪:‬‬ ‫الأظهر أنه أمر إيجاب‪ .‬لأنه لا سبيل إلى صون روح نفسه وأرواح غيره عن‬ ‫الهلاك‪ .‬إلا بهذا الطريق‪ ،‬وصون النفس عن الهلاك واجب‪ .‬وما لا يتم الواجب إلا‬ ‫به‪ ،‬فهو واجب‪ .‬وقيل‪ :‬كان طول السفينة ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعا‪.‬‬ ‫وطولها في السماء ثلاثون ذراعا‪ ،‬وقيل بأكثر من ذلك‪ ،‬والله أعلم(")‪.‬‬ ‫واعلم أن أمثال هذه المباحث لا يعجبني‪ .‬لأنها أمور لا حاجة إلى معرفتها البتة‪ ،‬ولا‬ ‫تتعلق بمعرفتها فائدة أصلا‪ ،‬فكان الخوض فيها من باب الفضول‪ ،‬لا سيما على‬ ‫القطع‪ ،‬لأنه ليس هاهنا ما يدل على الجانب‪ .‬والذي نعلمه على أنها كانت إن كان‬ ‫في السعة‪ ،‬بحيث تتسع للمؤمنين من قومه‪ ،‬ولما يحتاجون إليه‪ ،‬فأما يقين ذلك القدر‬ ‫فغير معلوم‪ ،‬قوله جل وعلا «إبسم الله مجراها ومرساهاأ"أ‪ ،‬قيل مثل قوله تعالى‬ ‫لإأنزلنيى منزلا مباركأ‪ ،‬وأدخلني مدخل صدق‪ ،‬وأخرجني مخرج صدق»'“ا‪ .‬قال‬ ‫ابن عباس‪ :‬يريد أنها تجري بسم الله وقدرته‪ ،‬وترسو بسم الله وقذرته‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫فإاركبوا بسم الله“‪"١‬أ‪،‬‏ وقيل ابدأوا بالك وقيل بسم الله إجرائها وإرسائها‪ ،‬قوله‬ ‫تعالى‪ :‬وهي تجري بهم في موج كالجبال“»("أ‪ .‬الأمواج العظيمة‪ :‬هي ما تحدث‬ ‫عند الرياح القوية الشديدة العاصفةة فهذا يدل على أنه حصل في ذلك الوقت رياح‬ ‫() سورة هود‪ ،‬الآية ‏‪.٣٧‬‬ ‫(‪ (٢‬الخروصي‪ .‬جاعد بن خميس‪ :‬المصدر نفسه ص‪.٢٩ ٤ ‎‬‬ ‫"ا سورة هود‪ ،‬الآية‪‎‬‬ ‫‪.٤١‬‬ ‫( سورة المؤمنين الآية ‏‪ + ٢٩‬سورة الإسراء الآية ‏‪.٨٠‬‬ ‫اا سورة هود‪ ،‬الآية ‏‪.٤١‬‬ ‫(‪ (٦‬سورة هود‪ .‬الآية‪‎‬‬ ‫‪.٤٢‬‬ ‫‪١٦‬‬ ‫عاصفة شديدة‪ ،‬والمقصود منه بيان شدة الهول والفزع‪ .‬قال الشيخ سعيد بن أحمد‬ ‫الكندي‪ :‬لعله يختبر الثبت في دينه من المتزلزل(')‪.‬‬ ‫ومن غير الكتاب‪ .‬قال الشيخ سعيد بن أحمد الكندي‪ :‬قوله تعالى‪ :‬قل أحل لكم‬ ‫الطيبات وما علمتم من الجوار ح»"أ۔ تمام الآية فانظروا إلى آياته الباهرة في تعليم‬ ‫الجوارح‪ ،‬وهي حيوان‪ ،‬فتصير متأدبة بتعليم معلمها‪ .‬قال مولانا العليم‪ :‬طإفكلوا ممَا‬ ‫أسكن عليكم ("أ‪ ،‬فكيف تصير مأمونة لحفظ صيدها لصائده‪ ،‬انظروا ما فيها من‬ ‫الشره والحاجةة والشهوة إلى أكله وربما الإنسان أتب ولده وهو مركن فيه عقل‪،‬‬ ‫ومتوجه عليه الوعد والوعيد وربما لم يتأنب كمش ذلك السبع عن الخيانة فسبحان‬ ‫من سخر لنا هذا وما كتا له مقرنين‪ ،‬وانظر إلى قوله تعالى واذكروا نعمة الله‬ ‫عليكم»(ُ)‬ ‫‏[‪ ]٥٥٦‬إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم‪ ،‬فكف أيديهم عنك(")‪.‬‬ ‫رجع ومنه‪ :‬واعلم أنه تعالى لما حكى عن هود عليه السلام‪ ،‬أنه دعا قومه إلى‬ ‫أنواع من التكاليف‪ ،‬فالنوع الأول‪ :‬إنه دعاهم إلى التوحيد‪ ،‬فقال‪:‬ثليا قوم اعبدوا الله‬ ‫ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون‪" »4‬أ‪ .‬وفيه سؤالات السؤال الأول‪ :‬كيف‬ ‫دعاهم إلى عبادة الله تعالى‪ ،‬قبل أن أقام الدلالة على ثبوت الإله تعالى؟ قلنا‪ :‬دلاثلل‬ ‫وجود الله تعالى ظاهرة‪ ،‬وهي دلائل الأفئدة والأنفس‪ ،‬وقل ما يوجد في الدنيا طائفة‬ ‫ينكرون وجود الإله‪ ،‬ولذلك قال الإله تعالى في وصفه الكفار‪ :‬ولئن سألتهم من‬ ‫(‪ (١‬الخروصي‬ ‫جاعد بن خميس‪:‬‬ ‫المصدر نفسه ص‪‎‬‬ ‫‪.٢٩٤‬‬ ‫"( سورة المائدة الآية ‏‪.٤‬‬ ‫"( سورة المائدة الآية ‏‪.٤‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة البقرة‪ ،‬الآية‪‎‬‬ ‫‪.٢٣١‬‬ ‫(‪ (٥‬الخروصي‪ .‬جاعد بن خميس‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ (٦‬سورة هود الآية‪‎‬‬ ‫‪.٥٠‬‬ ‫‪١ ٧‬‬ ‫‪.٢٩٥ - ٢٩٤‬‬ ‫خلق السموات والأرض ليقولن الله؛()‪ .‬قال مصنف الكتاب محمد بن عمر‬ ‫الرازي""أ‪ :‬دخلت بلاد الهند‪ ،‬فرأيت أولئك الكفار مطبقين على الاعترافف بوجود‬ ‫الإله‪ ،‬وأكثر بلاد الترك أيضا كذلك‪ ،‬إنما الشأن في عبادة الأوثان‪ ،‬فإنها آفة عسّت‬ ‫أطراف الأرض"‪.‬‬ ‫قال الشيخ سعيد بن أحمد الكندي‪ :‬وفي أهل القبلة عمّت الأهوية باتخاذهم لها آلهة‬ ‫مع الله تعالى‪[« .‬أفرأيت من اتخذ إلهه هواه»أأأ‪ .‬وإن تفكرت في عباد الأصنام‬ ‫فكذلك إنما يعبدون أهوائهم‪ ،‬فاتفقت عبادة المشركين والمنافقين على عبادة‬ ‫أهوائهه(ا‪.‬‬ ‫رجعغ وبالجملة إن الشيخ سعيد بن أحمد الكندي لمن العلماء الأعلام والزاهدين‬ ‫الشائع فضلهم في الأنام‪ ،‬عاش نقيا‪ .‬ومات زكياً‪ ،‬نسأل الله لنا وله عفو رب‬ ‫العالمين‪ .‬وهو أرحم الراحمين‪.‬‬ ‫الشيخ الرئيس جاعد بن خميس الخروصي (أبو نبهان)‪:‬‬ ‫أبو نبهان الشيخ الرئيس‪ ،‬العالم العلامة‪ ،‬الحبر الفهامة القطب‬ ‫المجتهد الجهبذةة‬ ‫جاعد بن خميس بن مبارك‪ ،‬بن يحيى بن عبد الله بن ناصر بن محمد‪ ،‬بن حيا۔‬ ‫ا سورة الزمر الآية ‏‪.٣٨‬‬ ‫)" محمد بن عمر الرازي‪ :‬محمد بن عمر بن الحسن بن الحسن التميمي البكري‪ ،‬أبو عبدالله‬ ‫فخر الدين الرازي‪ :‬الإمام المفستر‪ .‬أوحد زمانه في المعقول والمنقول وعلوم الأوائل‪ .‬وهو قرشي‬ ‫الننب‪ ،‬أصله من طبرستان‪ ،‬ومولده في الري وإليها ينس‪ ،‬ويقال له‪ " :‬ابن خطيب الري " توفي‬ ‫في هراة سنة ‪٦٠٦‬ه‏ ‪ /‬‏‪ ١٢١٠‬مغ له مؤلفات كثيرة منها‪ " :‬مفاتيح الغيب " في ثماني مجلدات "‬ ‫ومعالم أصول الدين " و " المسائل الخمسون في أصول الدين‪ .‬وله شعر بالعربية والفارسية‪ .‬انظر‬ ‫الزركلي ‪ ،‬خير الدين‪ :‬الاعلام‘ ج‬ ‫‏‪ ،٦‬ص‬ ‫‪٣١٣‬۔‏‬ ‫‏)‪ (٣‬الخروصي‪ .‬جاعد بن خميس‪ :‬المصدر نفسه‪ ‘،‬ص‬ ‫‏‪.٢٩٥‬‬ ‫)( سورة الفرقان‪ ،‬الآية ‏‪.٤٣‬‬ ‫‏(‪ (٥‬الخروصي‪ .‬جاعد بن خميس‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‬ ‫‪١٨‬‬ ‫‏‪.٢٩٥‬‬ ‫بن زيد‪ ،‬بن منصور وقيل‪ :‬إن منصور بن وردة بن الإمام العادل الخليل بن‬ ‫شاذان‪ ،‬بن الإمام الحلاحل الصلت بن مالك الخليلي الخروصي‪ ،‬اليحمدي‪ ،‬الغساني‪،‬‬ ‫الأزدي‪ ،‬القحطاني۔ من العرب العرباع‪ ،‬العلياء وطنا ‪ 4‬والعمانيى مسكنا‪ ،‬والمحبوبي‬ ‫الإباضي مذهباً‪ ،‬ولد سنة ألف ومائة وسبع وأربعين‪ ،‬وتوفي سنة ألف ومائتين وسبع‬ ‫وثلاثين‪ ،‬في بلدة العليا‪ ،‬وقبره بها مشهور‪ .‬بلغ من السن تسعين سنة‪ ،‬وتوفي في‬ ‫نصف النهار‪ ،‬من يوم الخميس‪ .‬ثالث يوم من شهر الحج سنة ألف ومائتين وسبع‬ ‫وثلاثين كما ذكرنا‪.‬‬ ‫فمن كلامه رحمه الله تعالى‪ :‬والذي على غير دين الله‪ ،‬كهؤلاء الظلمة الجَوَرةة‬ ‫والظلمة الكفرة‪ ،‬والفسقة الفجَرَة‪ ،‬الذين في الآفاق‪ ،‬مروا على النفاق‪ ،‬فلزموا‬ ‫الصياصي وعملوا بالمعاصي‪ .‬فجاروا على العباد‪ ،‬وأظهروا في البلاد أنواع‬ ‫الفساد‪ ،‬وأدالوا مال الله بين الأداني والسفهاء‪ ،‬على سبيل التتطح في مخالفة الفقهاء‪،‬‬ ‫ومالوا في قسمة إلى إجابة داعي الشهوات في كل حين‪ .‬فوزعوه بين ما تشتهي‬ ‫النفن‪ ،‬وتستلذ العين‪ ،‬وأهملوا كل تقي من الفقراء‪ ،‬ولم يبالوا بعمد ولا خطأ‪ .‬ولا‬ ‫بقول الزور‪ ،‬ولا بركوب المحجور‪ ،‬في واحد من الأمور‪ ،‬ولم يألوا جهدأ في جمع‬ ‫المال‪ ،‬من الحلال والحرام؛ فقالوا شططاش ‏[‪ ]٥٥٧‬وكان أمرهم فرطأ‪ ،‬عمدأ وغلط‪.‬‬ ‫همج رعاع‪ ،‬صم بكم‪ ،‬فلا استماع لما به يؤمرون‪ ،‬ولا إقلاع عما عنه ينهون‪،‬‬ ‫فيزذجرون‪ ،‬ولا مخافة مما منه تحذرون‪ ،‬كأن على قلوبهم أكنة أن يفقهوه‪ ،‬وفي‬ ‫آذانهم وقر إن يسمعوه‪ ،‬وعلى أبصارهم غشاوة أن ينظروه‪ ،‬فلا يقبلون نهياأ ولا‬ ‫أمرأ‪ ،‬لا يزدادون إلا كفرأ‪ .‬سواء عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم‪ ،‬لا يؤمنون إلا أن‬ ‫يكون إقرار باللسان‪ ،‬ومع تضييع العمل بالأركان‪ ،‬على طول الزمان‪ ،‬أولئك أعداء‬ ‫الرحمن‪ ،‬وإخوان الشيطان‪ ،‬وأعوان السلطان‪ ،‬على الإثم والعدوان‪ ،‬فلهم اللعنة‪.‬‬ ‫ولهم سوء الدار‪ ،‬جهنم يصلونها وبئس القرار‪ ،‬إلا من رجع فتاب إلى ربه‪ ،‬من سوء‬ ‫ذنبه ودان لما يلزمه لله ولعباده مما جناه‪ ،‬وإلا فلا ب من التار‪ ،‬لن يموت على‬ ‫الإصرار‪ ،‬فكيف يجوز الآن لهم ي حق في مال الله‪ ،‬حتى يجوز لأن يتعمل لهم فيما‬ ‫‪١٩‬‬ ‫يجمع لهم؟ إنه على هذا من أمرتهم لأجدر‪ ،‬أن يقضي من الإجازة فيحذر‪ ،‬وإن أكثر‬ ‫الصيام‪ ،‬وصلى بالليل والناس نيام‪ ،‬وحج إلى بيت الله الحرام‪ ،‬فزار المصطفى في‬ ‫كل عام‪ ،‬فإن ذلك كله ليس بشي»۔ لأنه هباء‪ ،‬فإن يكون له من عمله إلأ العفاء‬ ‫والكدً والشقاء‪ ،‬لأن العلى العظيم الغني‪ ،‬لا يقبل الشركة‪ ،‬فكيف يجوز عليه أن‬ ‫يرضي من العمل مشوبا صالحا وحوبأ‪ ،‬وليس من شأنه‪ ،‬إلا أن يقبل‪ ،‬إلا ما كان‬ ‫خالصا لوجهه الكريم‪ ،‬من كل ذي بال سليم‪ ،‬وهؤلاء في الورى‪ ،‬كما تسمع أو‬ ‫ترى‪ ،‬فاحذروا أن يكون كذلك‪ ،‬والله الموفق‪ ،‬فلينظر في ذلك(')‪.‬‬ ‫وقال في موضع آخر‪ :‬نعم إن لله دارأ خلقها‪ ،‬فأعدها لأعدائه‪ ،‬وسماها جهنم‘ هي‬ ‫نار الله الموقدة‪ ،‬التي تطلع على الأفئدة‪ ،‬حرًها شديد وقعرها بعيد‪ .‬وطرقها وعرة‬ ‫وهذه واحدة منها‪ ،‬فإن تردها فانهج‪ ،‬تجدها فتلهج بالعويل والزفير‪ ،‬والويل والثبور‪،‬‬ ‫وعند الوصول يكون الدخول‪ .‬وليس بعد الولوج من سبيل للخروج‪ ،‬هي دار‬ ‫الخلود‪ ،‬لمن طغى من العبيد‪ ،‬طعامها الزقوم‪ ،‬وشرابها الصديد‪ ،‬عليها ملائكة غلاظ‬ ‫شداد‪ ،‬كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها مق رنين فذي الأصفاد ‪ .‬تغخشي‬ ‫وجوههم النار‪ ،‬لا يزالون في ذل وصغار وأما غيرها في هذاك فلا أعرفها فلله‬ ‫عليها‪ .‬ولن أصفها‪ ،‬لقد كان ينبغي من طريق الواجب على من أعطى من الدنيا‬ ‫قسما وافرأ۔ أن يبذله فيما يقربه إلى الله زلفى‪ ،‬لعسى أن يعوض عليه في الآخرة‬ ‫حظا فاخرأ۔ وهؤلاء لما ارتفع قدرهم عند أرباب العمى عن رؤية الحقائق‪ .‬وما‬ ‫اتضح وسادوا۔ فحادوا عن أمرتكم الطريق إلى الجانب المضيق‪ ،‬حتى دخلوا من‬ ‫المهالك‪ ،‬في أضيق المسالك‪ ،‬وإن دعوا إلى الرجوع‪ .‬عادوا‪ ،‬فزادوا۔ كأنهم قد‬ ‫أمروا بما قد نهو ا عنه‪ ،‬ولربما أورثهم العداوة لمن يعرفهم بما هم به من البغي‪،‬‬ ‫ويأمرهم بالرجوع عن البغي في الرواح والغدو‪ ،‬والظن فيه بأنه هو العدو عمى‬ ‫() الغزذوصي‪ ،‬جاعد بن خميس‪ :‬الدقاق في دق أعناق أهل النفاق‪ ،‬مخطوط (في وزارة الثقافة‬ ‫والتراث العمانية) ص‬ ‫في البصائر لخبث السرائر‪ .‬ولو أنهم نظروا في حقيقة أمره‬ ‫‏[‪ ]٥٥٨‬وأمرهم‬ ‫لأبصروا أنه قد نصح فما بدا إليهم أنصح ولكنهم عموا عن رؤية الحق‪ ،‬وصمَوا‬ ‫عن سماع الصدق‪ ،‬إنها لا تعمي الأبصار‪ ،‬ولكن تعمي القلوب‪ ،‬التي في الصدور‪،‬‬ ‫عن درك ما تؤول إليه العواقب في الأمور‪ ،‬يعلمون ظاهرأ من الحياة الدنياه وهم‬ ‫عن الآخرة غافلون‪ ،‬لقد زل من مولاهم‪ ،‬وضل من والاهم‪ ،‬والله يقضي بالحق بين‬ ‫الخلق‪ ،‬وغداً يكون الحساب“ ولا يظلم ربك أحدأ‪ ،‬ولن تجد من دونه ملتحدأ‪ ،‬ولا‬ ‫تمن منك عيناً إلى ما متعوا به‪ ،‬من الزينة حسنأ‪ ،‬فتغير بما به وعليه هؤلاء‬ ‫الأوباش‪ ،‬من حسن الرياش‪ ،‬وطيب المعاش‪ ،‬وكثرة المال‪ ،‬ورفع القدر مع الرجال‪،‬‬ ‫فإن السعد أن يكون منهم في غاية البعد‪ ،‬بالمكان الأقصى من هؤلاء الأرذال‪ ،‬وأن‬ ‫تذع الطمع في غير مطمع فإنه عند من كشف عن بصره الغطاء‪ .‬بالإضافة إللى‬ ‫من رزق الطاعة نزرا من العطاء‪ ،‬لأنه على الحقيقة‪ ،‬كأنه ليس بشي‪ .‬أو ليس‬ ‫كذلك‪ ،‬ولا شك فيه بأنه حائل‪ ،‬وعن قليل زائل‪ ،‬فإن يك من الحلال فحسنا به ذويل‪،‬‬ ‫وإن يكن من الحرام‪ ،‬فعقابه غير قليل‪ ،‬فكيف يرضى به عاقل بدلأ من الآجل؟ ولا‬ ‫يبقى في خمار الجهالة يرفل في برد الضلالة‪ ،‬داخلا في عمار أولئك المعتدين‬ ‫مختار إله حتى يموت على ما به من الباطل‪ ،‬فأبى أن يرجعغ فينبغي له أن يعذر‬ ‫لما سمع من لسان من يقول فيه بأنه‪ :‬عن عصي الجبار‪ ،‬فهو من أهل النار‪ ،‬لأنه‬ ‫من عمل الفجار الموجب في كفره لخروجه عن داره شكره‪ .‬وعلى من صح معه‬ ‫كون الحديث على هذا من ظلمه‪ ،‬وما يبلغ به في إثمه‪ ،‬أن يبرأ لله منه وكفى في‬ ‫حق من علم وقدر فيه على أن يحكم عليه بما به أنزل نفسه في حالة من المنازل‪،‬‬ ‫وليس له في السلامة نصيب على هذا إلى يوم القيامة إن مات في وزره‪ ،‬الذي‬ ‫حمل على ظهره‪ ،‬بجهل أو علم‪ ،‬في الواسع والحكم(')‪.‬‬ ‫(‪ (١‬المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪٨٣‬‬ ‫‪٢١‬‬ ‫[تفسير فاتحة الكتاب]‪:‬‬ ‫ومما قاله رحمه‬ ‫ألله تعالى في تفسير فاتحة‬ ‫الكتاب ‪ :‬بسم‬ ‫الله الرحمن‬ ‫الرحيم ‪ .‬الحمد‬ ‫لله الذي أنزل الفرقان على عبده‪ ،‬بواسطة الأمين جبريل‪ ،‬مصتقاً لما بين يديه من‬ ‫التوراة والإنجيل‪ ،‬ليكون للعالمين نذيرا‪ ،‬وليخرج الناس من الظلمات إلى النورة‬ ‫مهدي إلى التي هي أقوم من الأمورة ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن‬ ‫لهم أجرا كبيرا‪ ،‬وأن الذين لا يؤمنون بالآخرةة واستكملوا في الكفر من العمر آخره‬ ‫[أبو من] الانقياد سيّد عون ثبورا غدأ في المعاده وسيصلون سعير‪ .‬أنزله بعلمه‬ ‫للإفادة كما ز اده‪،‬‬ ‫مسامع‬ ‫السن‬ ‫فأخرجه من‬ ‫ائر ‪ ...‬من‬ ‫ألراب‬ ‫عالم الغيبة‬ ‫أولى‬ ‫إلى عالم الشهادة ‘ ففر ع‬ ‫النهي و البصائر ‘ تشويق‬ ‫وتخويفا‬ ‫بله‬ ‫أسما ع‬ ‫وتحذير ا “ و أود ع‬ ‫في طي خزائن غوامض دقائق عويصات أنوار أنهاره‪ ،‬ودائع مكنون لآلئ بجار‬ ‫حقائق مصونات‬ ‫أسر ار‬ ‫أثمار ه‪ ،‬فهدى بالكشف‬ ‫الى ذلك من بنوره ينظر‪.‬‬ ‫فكان‬ ‫بصيرأ‪ ،‬وحلى كمال شياعة بلاغة مطالع كلامه‪ ،‬بحلي جمال براعة مقاطع ختامه‪.‬‬ ‫فكفى به خبيرا‪ ،‬وجلي بطلوع [لوامع] جوازم قواطع صوارم جوامع أحكامه سد في‬ ‫ليال الجهالات تنويرأ‪ ،‬وأبان عن معالم صراط الهدى ‏[‪ ]٥٥٩‬وأماكن مغانم التقى‪،‬‬ ‫ومكامن‬ ‫مظالم الهو ى بطهور‬ ‫سطو ع أدلة أنو ‪5‬‬ ‫منارة ومجامع أسر ار معاني أذكار‬ ‫أخباره‪ ،‬لمن أراد أن يذكر [أو] أراد شكورأ ‪ .‬وحرس أبواب مغاني سماء مثاني‬ ‫إياته عن اشتراق شيء بالنقص‬ ‫أو المزيد في ذاته وكان المعيار الصحيح‬ ‫والمعبار] النجيح محكم الآيات مجردا في النظام عن الخلل في الكلام‪ ،‬لا يقبل الئلل‬ ‫في الأحكام أو في شيء من الأحوال‪ ،‬ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا‬ ‫كثيرا‪ .‬على أنه في تأليف كلامه وعجيب نظامه لغرابة تراكيب ألفاظه العجيبةة‬ ‫وعدم تناهي معانيه الغريبة وشدة إيجازه‪ ،‬قد اقتضى كون إعجازه من رام هظما۔‬ ‫أن يعارضه نظما ‘ فتحدى لذلك جميع العالمين أن يأتو ا بمظك‬ ‫أو سورة‬ ‫في صورة‬ ‫شكله‪ ،‬وأنى لهم بذلك‪ ،‬ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا‪ .‬والصلاة والسلام على نبي‬ ‫الرحمة‪ ،‬هادي الأمة محمد النبي الأمي الذي أراد الله بجوده هالة هلال وجوده في‬ ‫‏‪٢٢‬‬ ‫قبة سماء بهجة الدين من حيث أن جعله في الناس قمرا وسراج منيرا‪ .‬وعلى آله‬ ‫المطهرين من القبائح‪ ،‬من جميع العالمين تطهيرا‪ ،‬أما بعد فقد انكشف بنور الحق‬ ‫البررهان‪ ،‬وصار الأمر ظاهر العيان‪ ،‬لأنه لا سبيل إلى الوصول إلى الله‪ ،‬والفوز في‬ ‫لقاءه بالسعادة الأبدية‪ ،‬والتنعّم باللذاذات السرمدية‪ ،‬إلا بوجود الرعاية‪ .‬والسير إليه‬ ‫في منار الهداية على أنوار العلم‪ ،‬في عنان الحلم‪ .‬لأنه من لم يكن له نور من ربه‬ ‫فما له من نور يستدل به‪ ،‬وذلك هو العلم النافع‪ .‬فالعلم هو الدليل على قصد السبيل‬ ‫إلى الملك الجليل‪ ،‬والعلم كله القر آن‪ ،‬وهو التنزيل‪ ،‬وما بعده من العلم تفسير له‬ ‫وتأويل‪ ،‬فهو الهدى والنور والشفاء لما في الصدور من أمراض الغرور‬ ‫وأدواء‬ ‫الفجور‪ .‬طوبى لمن كان على عرفات أذكاره واقفأ‪ ،‬وبكعبة أسراره طائفأ‪ .‬فإنه‬ ‫العروة الوثقى‪ ،‬والسبب الأوفى‪ ،‬الذي من تعلق به نجا‪ ،‬ومن تركه ضل فغوى‪،‬‬ ‫وهلك فترى‪ .‬نعم لكن على غير معرفة بتأويله‪ ،‬لا يصح أن يكون تابعا لدليله‪.‬‬ ‫حتى يكون في حقه كذلك‪ .‬كلا بل نخاف عليه على غير ذلك‪ ،‬أن تغميه أسراره‬ ‫وتحرقه أنواره‪ ،‬وتغرقه بحاره‪ ،‬فمهما لم يكن في عمومه ذا مرة‪ ،‬واقتحم مخاض‬ ‫لجَته على غرة‪ ،‬وإذا كان الأمر في ذا‪ ،‬لا شك أنه هكذا‪ .‬ولم تكن هذه التفاسير الثى‬ ‫هي عن المخالفين لأهل الاستقامة في الدين لغير الحق في ذلك جالية‪ .‬صار كأن‬ ‫صرف العناية إلى ذلك من أكبر الغنايةظ لا سيما إذا لم نجد لأهل العدل من‬ ‫أصحابنا تفسيرأ يرجع بالحق إليه ويقتفى أثره‪ ،‬فنعول عليه‪ :‬وهانحن في هذا‬ ‫المنهاج لكثرة الطلب بالإلحاح من بعض إخواني في ا له علي ومراجعته في ذلك‬ ‫إلي‪ ،‬مع كوني ممن قعد به القصور في حضيض‬ ‫الضعف عن الارتقاء في ذروة‬ ‫هذا المرقى الشريف الباذخ‪ ،‬‏[‪ ]٥٦٠‬العالي الشامخ المنيف‪ ،‬في همة الشروع منه‪.‬‬ ‫لفتح ميادين على سبيل التوسط‪ ،‬قصدا بين الإقلال المخل‪ ،‬وهو الإسهاب الممل‪.‬‬ ‫فن الاستيفاء لجميع معانيه حتى يؤتى على أقاصيه‪ ،‬لا مطمع لذي بال فيه‪ ،‬لكونه‬ ‫قد كان لحوم الأذكار‪ ،‬وعوم الأفكار‪ ،‬وغوص الأبصار للبحر‪ .‬الذي لا ساحل لله‬ ‫ولا قعر‪ .‬وكيف لا وهو الميدان الفسيح لمجال الاعتبار‪ .‬المستوفي على الصحيح‬ ‫‪٢٢٣‬‬ ‫لجميع الأعمال‪ ،‬قبل البلوغ إلى آخره‪ .‬نعم ثم لا يؤتى على عابره مهلأ وإني فيه‬ ‫أورد من علم اللسان‪ ،‬ما لا بد منه للبيان‪ .‬ومن القراءات كل معمول به وشاذة‪،‬‬ ‫ليكون للقاريء على نسبة اللحن والخطأ كالملاذ‪ .‬وأسميه إن من الله علي بتمامه‬ ‫وفضله وإكرامه مقاليد التنزيل‪ ،‬لإدراكه حقائق بالتأويل‪ .‬وأنا به سبحانه أتوسّل‪،‬‬ ‫وله ربي أسأل‪ ،‬أن يفتح لي بابه‪ ،‬وأن يهجم بي في القول والعمل على الإصابة‬ ‫وألجأ إليه ملجأ من توكل عليه‪ ،‬وأتضرعڵ فأناديه بالإعالة من عناد الرأي وباديه‪.‬‬ ‫وهو الموفق لا غيره وبه التوفيق‪ .‬وهذا خير الابتداء ربي يستر لا تمامها‪ ،‬إنك‬ ‫سميع الدعاء‪ ،‬فعال لما تشاء(')‪.‬‬ ‫سورة فاتحة الكتاب‪ ،‬وتسمى أم القرآن والأساس» وفاتحة كل شيء‪ .‬أوله وأمه‬ ‫أصله وأساسه مبدأه وما أحقها بهذا لافتتاح الكتاب بها‪ ،‬وانطواءها في سياق الثناء‬ ‫على الصفات والأسماء الدالة على كيفية التوحيد‪ ،‬وكمية التغريد‪ ،‬واحتوائها على‬ ‫نسج مدارج الوصول إلى اله على معارج العلم‪ ،‬والعمل الصالح‪ ،‬وكون التلمّح‬ ‫أمرأ بالإقامة على طريق الاستقامة‪ ،‬التي ليس شيء في الوجود‪ ،‬إلا لأجلها‬ ‫موجود‪ .‬مع ما اشتملت عليه من القصص أخبارا عن حال الفريقين من المالك‬ ‫والآخر الهالك‪ ،‬وما في خلال ذلك التصريح‪ .‬من خصال التلويح بالوعد والوعيد‬ ‫لمن لجأ بها ولمن ضلً‪ ،‬وعن حقيقة الاستقامة ذل‪ ،‬وعلى الجملة فهي كالجملة في‬ ‫مباينتها وما عداها‪ ،‬فكل التفصيل لمعانيها‪ ،‬فهي المبداً‪ ،‬وذلك منها ينشأ‪ .‬وتسمى‬ ‫الكافية والواقية والشافية‪ ،‬لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم‪( :‬هي شفاء من كل‬ ‫داء) وسورة الحمد والشكر والدعاء والصلاة لاشتمالها على ذلك‪ .‬وتسمى السبع‬ ‫المثاني‪ ،‬لأنها تثنى في كل صلاة‪ ،‬بل في كل ركعة منها‪ ،‬ويكفي في الركعات‬ ‫السرية وحدها‪ ،‬ولا يكفي غيرها عنها‪ ،‬إذ كل صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتابة‬ ‫فهي خداج‪ .‬ولها أسرار عظيمة‪ ،‬حتى أنه يروى عن محمد الغزالي ‪ ،‬أنه ذكر أن‬ ‫() الخروصي‪ .‬جاعد بن خميس‪ :‬مقاليد التنزيل‪ ،‬وإدراك حقائق التأويل‪ ،‬ص‬ ‫‏‪٢٤‬‬ ‫‏‪.١‬‬ ‫فيها من الخواص ألفاً ظاهرة‪ ،‬وألفاً باطنة وهي سبع آيات بالاتفاق‪ ،‬مكية على‬ ‫الأصح وقيل‪ :‬مكية ومدنية‪ ،‬لأنها نزلت مرتين‪ ،‬مرة بمكة يوم فزضت الصلاة‬ ‫ومرة بالمدينة حيث حولت القبلة‪ ،‬لم يشد عنها شيء من الحروف الأبجديةظ التي‬ ‫عليها مدار العربية إلا سبعة لا غيرها(أ‪.‬‬ ‫واختلف الناس على أقو ال في‪ :‬بسم الله الرحمن الرحيم‪ ،‬هل هي آية منها أم لا؟‬ ‫‏[‪ ]٥٦١‬وأنها آية منها‪ ،‬وأن الصلاة لا تصح على العمد لتركها‪ ،‬ومختلف في‬ ‫النسيان لها‪ ،‬ولا تنازع في أنها من كلام الله إجماعأ‪ .‬والباء فيها للاستعانة لكن‬ ‫اختلف القول في العبارة عنها في التسمية لها‪ ،‬فسموًَها باء إضافة‪ ،‬وباء استعانة‬ ‫وباء إلصاق‪ .‬أي يلصق الأفعال بالأشياء‪ ،‬وقيل فيها‪ :‬إنها للمصاحبة‪ ،‬وهي حرف‬ ‫جر يخفض ما بعده‪ ،‬ولا تصح عند أهل اللسان بها‪ ،‬ولذلك قالوا‪ :‬إنها مناطة بضمير‬ ‫أبدأ‪ ،‬وقيل‪ :‬إقراء‪ ،‬وقد أجمع الكل فيما نعلم على حذف الهمزة لاشتهارها في‬ ‫القراءة دوماً للخفة‪ ،‬وإنما طولت الباء فيما قيل عوضا منها‪ ،‬لتكون كالدليل عليها‪.‬‬ ‫وكان في ذلك وفي م السين تعظيم لشأن المبدأ به‪ ،‬والاسم هو المسمى‪ ،‬وقيل غيره‬ ‫أنه صفة له وتعريف لا غيره‪ ،‬والمسمى هو المعنى الذي أريد به الاسم‪ ،‬والقول‬ ‫الثالن‪ ،‬لاهو ولا غيره‪ ،‬والأول أصح‪ .‬لكن على شريطة إيراده الذات المسمى لا‬ ‫اللفظ نفسه مجردا عن نفس المراد‪ .‬فإن ذلك لا شك فيه أنه غيره لترادفه وتحرفه‬ ‫وتغايره في الكيفيات‪ ،‬وتعداده وتقطعه حروفا في الأصوات‪ .‬واختلافه في‬ ‫الاتجاهات‪ .‬وكأنه في نفس البداية بالبسملة تشويق المريدين‪ ،‬وترويح لقلوب‬ ‫الخائفين‪ ،‬وتطميع لأنفس المشتاقين واستحثاث للمسالكين‪ ،‬وتنشيط للمقبلين‪،‬‬ ‫واستدعاء للمدبرين‪ ،‬واستعطاف للمذنبين‪ ،‬وإشارة لطيفة من الله‪ ،‬لأهل الألباب‪،‬‬ ‫على أن الرحمة قريبة ممن يتعرض لنفحاتها‪ ،‬أو استنشاق لمباديها‪ ،‬رجاء أن يعمر‬ ‫بأقاصيها قائلا في مقاعد شكره‪ ،‬ومعاهد ذكره‪ ،‬الحمد لله رب العالمين‪ ،‬فالحمد‬ ‫(‪ (١‬المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.٣٢‬‬ ‫عبارة عن الثناء كالمدح‪ ،‬لكن الفرق بينهما‪ ،‬أن الحمد يكون على الأمور الاختيارية‬ ‫المجردة عن شائبة الإخلال‪ ،‬لنقض أو فساد على حال‪ ،‬والمدح إطلاق الثناء على‬ ‫الجميل بلا تخصيص۔ فكأنه أعمً‪ ،‬والحمد أخص‪ .‬وقيل‪ :‬هما مترادفان على مسمى‪،‬‬ ‫وكلاهما بمعنى‪ ،‬والتعريف فيه للعهد‪ ،‬ويحتمل أن يكون لاستغراق الجنس" لأن‬ ‫حمده مستغرق كل حمد لغيره‪ ،‬إذ ما بكم من نعمة فمن الله‪ ،‬ليس للمريد فيه موضع‪،‬‬ ‫ولا للنقض فيه مقزع‪ .‬والجملة وإن كانت كأنها في معرض الخبر صورةة فإنها‬ ‫لمن الواجبات في حقه على العبد المكلف بها عند نزول البلية بها‪ ،‬أو شيء منها‪.‬‬ ‫وكأن نوع من الشكر‪ .‬إلا أنه من وظائف اللسان‪ ،‬والشكر عام لأركان مقامات‬ ‫الإيمان ودرجات الإحسان‪ .‬وفي الحديث‪ :‬الحمد رأس الشكر‪ ،‬ولا خلاف في الحمد‬ ‫لمن لم يكن له من الآداب الشرعيةة والخلق الرحمانية خلاق‪ ،‬كلاش وليس المجرد‬ ‫عن النقائص إلا الاله جل جلاله‪ .‬وكلما كان بغيره فمن حمده‪ ،‬بل ليس ذلك يكون‬ ‫كدره فمن صفات مجده‪ ،‬ونعوت حمده وكانه بالإضافة إلى حمده كاد أن يستحق‬ ‫أن يسمى حمدا لنقصه وقصوره عن كمالات الحمد‪ ،‬محتاجا للتكميل إلى إدامة‬ ‫التصقيل‪ ،‬فلا مضاها من حيث المناسبة بين الحمدين حزما‪ .‬والك من حتت له‬ ‫العبادة وثبت له محض السيادة وهو‬ ‫‏[‪ ]٥٦٢‬الذي يفرط الاحتياج إليه تأله كل‬ ‫المألوهات إليه بحالها إيجادأ من العدم‪ ،‬وإمداداً بالنعم‪ ،‬وحده لا شريك له‪ .‬ولما كان‬ ‫هو الإله‪ ،‬وما عداه مألوهأ‪ ،‬لم يجز أن يطلق على غيره نعَم‪ ،‬وكذلك كاد أن لا‬ ‫يستأهل غيره أن يحمد فضلاش أن يُعبد‪ ،‬وإني أميل إلى أن هذا هو الاسم الأعظم‬ ‫لذاته‪ ،‬لأنه كالجامع لكل الصفات العليا‪ ،‬وإليه تتضاف جميع الأسماء الحسنى‪ ،‬حتى‬ ‫أنه يمكن بالفهم إخراج جميع التوحيد من مفهومات معانيه وقد قيل في اشتقاقه‪:‬‬ ‫أقوال أكثرها أولى أن يترك لانحطاطه عن رتبة الصحيح لعلل تشعر فيها بخلل‪.‬‬ ‫وفي قول الخليل بن أحمد وجماعته‪ :‬إنه اسم علم لا اشتقاق له وعن ابن عباس‪،‬‬ ‫رحمه الله‪ ،‬أن الله ذو الألوهية وهو الذي تألَه الخلق إليه وتفخيم لامه الثاني سنة‬ ‫وحذف ألفه ومدها ومزيد الواو في هائه وإشباع الضمة بحيث إنها تصير واوأ‪ ،‬كل‬ ‫‪٢٦‬‬ ‫واحد منهما لحن في الإحرام‪ ،‬تفسد به الصلاة‪ .‬والرب في كلام العرب المالك‬ ‫والسيد والمصلح‪ ،‬وحري بالنصب على المدح‪ ،‬والكسر أصح‪ .‬والله مطاع رب‬ ‫الكل‪ ،‬قاهر ماعداه‪ ،‬ومالك لما سواه‪ ،‬تفرد بالألوهية‪ ،‬وتوحد بالربوبيةف وذلك من‬ ‫صفاته وأسماء ذاته‪ ،‬فلا يجوز أن يطلق التعريف فيه ولا التجريد له لغيره عن‬ ‫التقييد‪ .‬ولكن ربك وربه ورب كذا في أمثال ذلك‪ .‬والعالمين‪ :‬جمع عالم‪ ،‬بفتح اللام‬ ‫كخاتم‪ ،‬قيل فيه عن ابن عباس“ رحمه الله‪ :‬إنهم الجن والإنس‪ ،‬لقوله تعالى‪ :‬ليكون‬ ‫للعالمين نذيرا؛("أ‪ ،‬والقول الثاني‪ ،‬عن أبي عبادة‪ :‬إنهم أربع أمم‪ ،‬الملائكة‪ ،‬والإنس‪،‬‬ ‫والجن‪ ،‬والشياطين‪ .‬والقول الثالث‪ ،‬جميع المخلوقين‪ .‬لقوله تعالى‪ :‬وما رب‬ ‫العالمين‪ ،‬قال رب السموات والأرض وما بينهما»(") وهذا شائع‪ ،‬لأن كل جنس‬ ‫على الأصح عالم في نفسه على حدة‪ ،‬وكون الجميع فيه بالواو والنون‪ ،‬تغليبأ لبن‬ ‫يعقل‪ .‬وعلى هذا فقد اختلف في حصرهاء۔ فقيل‪ :‬ألف عالم۔ ستمائة في البجر‪،‬‬ ‫وأربعمائة في البر‪ ،‬وقيل ثمانية عشر ألف‪ ،‬عالم الدنيا عالم منها‪ ،‬وما العمران في‬ ‫الخراب إلا كفسطاط في صحراء‪ .‬وقيل‪ :‬ثمانون ألف عالم‪ :‬أربعون ألف في البحر‪،‬‬ ‫وأربعون ألفأ في البر‪ .‬والقول الرابع‪ :‬لا يحصى عدد العالمين إلا الله‪ ،‬لقوله تعالى‪:‬‬ ‫لوما يعلم جنود ربك إلا ه"و"أ وكان عليه من التأويل هو الأوجه فيه‪ .‬والكائنات‬ ‫كلها شاهدة له‪ ،‬لأنه ربها‪ ،‬إذ كل شيء منها ينادي بمقاله‪ .‬على لسان حاله في‬ ‫حدثه‪ ،‬إن له محدثا أحدثه‪ ،‬لوجود شدة الحاجة منها في إيجادها‪ ،‬وتوالي إمدادها إلى‬ ‫واجد واجب لذاته‪ ،‬الوجود الذي لا يقبل الحدث في القدم‪ .‬نعم وكان هذا الدليل‬ ‫القاطع على وجود الصانع‪ .‬المتولي أمرها إيداعأً‪ ،‬وتدبيرأ واختراعأً‪ ،‬وتقديرا على‬ ‫مقتضى المشيئة‪ ،‬تقدير أ صار المقتضى لظهور الحياة والقدرة والعلم والإرادة‬ ‫والحكمة والقوة والعزة والقدم والبقاء والإحاطة بالأشياء‪ ،‬وإنه ليس كمثله شي‬ ‫() سورة الفرقان‪ ،‬الآية ‏‪.١‬‬ ‫"( سورة الشعراع۔ الآية ‏‪.٢٤‬‬ ‫ا" سورة المدثر الآية ‏‪.٣١‬‬ ‫‏‪٢ ٧‬‬ ‫لاستحالة مماثلة الصناعة ‏[‪ ]٥٦٣‬للصانع لها عقلا‪ .‬إلى غير هذا مما لا يحصى من‬ ‫المعاني في الصفات له الخالق لكل شيء')‪.‬‬ ‫الرحمن الرحيم‪ ،‬من أسماء ذاته [قيل] فيهما أنهما بمعنى‪ ،‬والفرق أوسع وأنه‬ ‫لأقرب الأسماء إلى اسم الله لقوله تعالى‪« :‬إقل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن‪"%‬ا‬ ‫وكذلك في البسملة‪ ،‬يرى ولا يُرى‪ ،‬إنه يطلق الرحيم على الغير‪ ،‬ولا يسمى للرحمن‬ ‫غيره في الأشهر‪ .‬وقيل‪ :‬جائز‪ ،‬والأول أكثر‪ .‬فكأنه فيه لزيادة الثناء‪ ،‬مبالغة عن‬ ‫الرحيم في العبارة عن متسع الرحمة وفسيح الكرامة‪ .‬كما روي عن ابن عباس‪،‬ؤ‬ ‫رحمه الف‬ ‫أنه قال ‪ :‬رحمن‬ ‫الدنيا والآخرة‬ ‫‪,‬ورحيم الاخرة ()‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬الرحمن بالبر‪ ،‬والفاجر في الدنيا‪ ،‬والرحيم بالمؤمنين في الاخرة‪ ،‬وقال قوم‪:‬‬ ‫الرحمن بجميع الخلق‪ .‬والرحيم بالمؤمنين‪ ،‬وهذا في المتعبدين ممكن‪ ،‬من حيث‬ ‫الاقتصار في النظر على المعاني الظاهرة من النعم ‪ 4‬أن يكون فيضان الرحمة شاملا‬ ‫للكل بغماره‪ ،‬وهو كذلك‪ ،‬لكن في المجاورة لها إلى ما تولاها من اللباب‪ ،‬باعتبار‬ ‫الحقيقة في المرجع‪ .‬فالرحمة الإلهية في الدنيا والآخرة خصوصية‪ .‬لكونها مناطضة‬ ‫بالإيمان‪ ،‬كائنة حيثما كان‪ .‬لأن البلايا في حق المؤمن عطايا‪ ،‬والنعم في حق من لم‬ ‫يشكرها نقم‪ ،‬بلى وكأنه فيهما أكبر إشارة إلى إيجاب قرع باب الرحمة‪ ،‬فاستدامة‬ ‫شكر النعمة‪ ،‬في مقامات الخدمة والتعلق به بالمهمات كلها‪ ،‬فإنه رحمن‪ .‬والرجوع‬ ‫إليه بالتوبات‪ ،‬والإقبال إليه بكنه الهمة في سبيل الطاعات» فإنه رحيم يقبل التوبةة‬ ‫ويعفو عن السيئات لا محالة وإياكم والإياس‪ ،‬يعرف بهذا بدليل المعنى البارز من‬ ‫ا الخنزذوصي‪ ،‬جاعد بن خميس‪ :‬مقاليد التنزيل‪ ،‬وإدراك حقائق التأويل ص‬ ‫‏‪.٥-٤-٣‬‬ ‫"( سورة الإسراء۔ الآية ‏‪١١٠‬‬ ‫)‪ (٣‬الخروصي‪ .‬جاعد بن خميس‪ :‬مقاليد التنزيل‪ ،‬وإدراك الحقائق التأويل‪ ،‬ص‪‎‬‬ ‫‪٢٨‬‬ ‫‪.٥‬‬ ‫مفهوم الفحوى(')‪.‬‬ ‫وقد قيل‪ :‬إن أبا عمرو كان يدغم الميمين‪ ،‬ميم الرحمن‪ ،‬في ميم مالك يوم الدين‪ ،‬يوم‬ ‫القضاء والحساب للجزاء وما قيل‪ :‬إنه يوم الطاعة ويوم القهر‪ ،‬فداخل فيه جار‬ ‫ومجرور‪ ،‬بإضافة اسم الفاعل إليه تنزيلا [له] منزلة المفعول به‪ .‬قرأ عاصمة‬ ‫ويعقوب‪ ،‬ومالك‪ ،‬والكسائي لمالك [يوم الدين]‪ )"(»4‬بالألف بعد الميم‪ .‬وقد قيل‪ :‬إنه‬ ‫قرأ كذلك بالرفع مضافا ومنونا‪ ،‬على أنه خبر لمبتداأ محذوف وبالنصب على‬ ‫الحال‪ ،‬أو المدح منونأ‪ ،‬وقرأ ملك من غير ألف بالجر والرفع والنصب‪ ،‬وبتسكين‬ ‫لامه مخففا‪ ،‬وبلفظ الفعل الماضي واختلف الناس في معناهما‪ ،‬فقيل‪ :‬واحد‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫مالك أجمع لأن كل مالك لشيء ملكه‪ ،‬وليس كل ملك لشيء مالكه‪ ،‬وقيل‪ :‬ملك‬ ‫أوسع‪ ،‬لأن كل ملك مالكة وليس كل مالك ملك‪ .‬وكأنه أرجح لما فيه من المزيد‬ ‫على المالك واحتوائه عليه‪ ،‬لأن الملك‪ :‬من له الأمر والنهي في الرعية النافذ فيهم‬ ‫حكمه‪ ،‬كيف أراد‪ ،‬لأنه لهم مالك‪ ،‬لكونهم تحت ملكه‪ ،‬فكأنه عامَ‪ ،‬والمالك خاصا‪.‬‬ ‫يخرج من معناه‪ ،‬ألا ترى أن اسم المالك يطلق على من كان له أدنى ملك لشيء من‬ ‫الأعيان المملوكة على إرادة ذلك في المعنى‪ ،‬وإن كان ليس بملك بعد‪ ،‬ولذلك سمي‬ ‫القلب سلطان الجوارح‪ .‬لأنه كالملك القاهر لها‪ ،‬وهي له كالرعية‪ ،‬يتصرف فيها‬ ‫بقدرة إلهية تصرف‬ ‫المالك كيف شاء‪ ،‬فيما شاء۔ وعلى ما شاء‪ ،‬فهي منقادة لا‬ ‫تطيق عناده‪ ،‬لأنها مجبولة على طاعته‪ ،‬ولله الملك من قبل ومن بعد‪ ،‬وهو المالك‬ ‫لما كان في الوجود من شيعة أو يكون‪ .‬لا تصادف حكمه ولا قدره وقضاء‬ ‫‏[‪]٥٦٤‬‬ ‫غير ملكه‪ ،‬كلا بل تجري الأمور في الخلق من الملك الحق على عنان المقادير‬ ‫بأزمة التدابير‪ .‬على مقتضى الحكمة‪ ،‬ووفق المشيئة‪ .‬في الدارين الآخرة والأولى‪،‬‬ ‫(‪ (١‬المصدر‬ ‫نفسك‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.٦١-٥‬‬ ‫"( سورة الفاتحة الآية‪.٤ ‎‬‬ ‫‪٢٩‬‬ ‫وإنما جرى التخصيص ليوم الدين‪ ،‬لكشف الغطاء‪ ،‬حين النداء‪ ،‬لمن الملك اليوم لله‬ ‫الواحد القهار‪ .‬مقالأ بالصدق‪ ،‬واعترافأ بالحق‪ ،‬لظهور العيان‪ ،‬المستغني عن‬ ‫البلررهان‪ ،‬على سلب الأعيان‪ ،‬ورجوع العوادي من الملك المجازيخ إلى الملك‬ ‫الحقيقي‪ ،‬ذي الملك السرمدي» والتتصيص لنفس اليوم‪ ،‬اكتفاء به عن ذكر الله‪ ،‬لأنه‬ ‫كالمستلزم له في اشتماله في صرفه عليه على ما جرت به العادة في عرف اللغة‬ ‫وذلك نوع تنزيه على الأعمال الصالحة‪ ،‬واجتناب الطالحة‪ ،‬لأن باختصاص التسمية‬ ‫له باللين من بين سائر ما يسمى دلالةش على أنك كما تدين تدان‪ ،‬فانظر في ذلك يا‬ ‫ذا الغفلة لنفسك أيام المهلة وكأنه في هذه الجملة أبلغ تنبيه على حقارة الدنيا‪ ،‬وأشد‬ ‫تحذيراً منها‪ ،‬وتزهيداً فيها‪ ،‬لكونها مطلوبة‪ ،‬وفي الآخرة مسلوبة فآثروا ما يبتى‬ ‫على ما يفنى‪ ،‬فالباقيات الأعمال‪ ،‬والنيّات والأقوال الصالحات‪ .‬لا غير‪ ،‬فارعوها‬ ‫حق رعايتها‪ ،‬إن كنتم موقنين‪ ،‬وانظروا فيها‪ ،‬وإلى هذه الخمسة الأسماء العظيمةة‬ ‫والصفات البالغة الجسيم فإن تحت كل اسم وصفة بحرأ من المعاني لا ساحل له‪.‬‬ ‫ومن كان كذلك حاله في أوصافه فكيف لا يكون لمخص الحمد أهلاأ؟ كلا إنه‬ ‫لواجب الحمد‪ .‬ويدلك على هدايته‪ ،‬فاحمدوه حمد من يستوجب لإخلالصه في حمده‬ ‫الحمد والزلفة بحمده‪ .‬واعلم أن الحمد في اللسان لاجدوى له‪ ،‬حتى يكون نتيجة قلب‬ ‫شاكر الأركان‪ ،‬رحل فسرى من الملك الأدنى إلى الملكوت الأعلى على جواد‬ ‫الاجتهاد‪ .‬حتى وصل فناخ على الرضا بفناء حضرة الربوبية‪ ،‬فينزل منزل‬ ‫العبودية فغاب عن الأغيار شهود الملك الجبار‪ ،‬وطفق ما قدر الله على الالتفات‪،‬‬ ‫لا حضر لمولاه العظيم‪ ،‬وربه الكريم قد أقبل بشر أشره إليه‪ ،‬لما نظر بعين اليقين‬ ‫إليه‪ ،‬بقول من خالص باله بلسان حاله وصدق مقاله('أ‪.‬‬ ‫إياك نعبد وإياك نستعين؛"أ‪ ،‬قرأ بفتح الهمزة والكسر أكثره‪ ،‬وقلبها بعض القرَاء‬ ‫هاء والأول أشهر‪ ،‬وكان هذا لما يصفح ألواح صفحات عالم الشهادة على‬ ‫ا الغزوصي جاعد بن خميس‪ :‬مقاليد التنزيل‪ ،‬وإدراك حقائق التأويل‪ ،‬ص ‏‪.٧-٦‬‬ ‫"( سورة الفاتحة الآية ‏‪.٥‬‬ ‫الوحدانية وتلمح معاني صفحات الإلهية مجلى له من لوائح الغيب‪ ،‬أنوار أسرار‬ ‫الحق على الحقيقةش فعلم يقينا أنه المستحق لأن يحمد‪ ،‬ويسبح ويوحد ويطاع‬ ‫فيعبد‪ ،‬هو لا غيره فقال تحت الاستعانة والامتثال والتضرع في الخدمة والابتهال‬ ‫على التخصيص‪ ،‬إياك نعبد لا غيرك‪ .‬ثماستدل بأنوار البرهان‪ ،‬على معارج‬ ‫العرفان‪ ،‬فرقا من مدارج أسرار العيان‪ ،‬فأدهشه عن ملاحظته الأكوان‪ ،‬حتى غاب‬ ‫عن الحس في جنان القدس‪ ،‬وفني في أحواله عن مشاهدة أعماله وعمي‬ ‫عن‬ ‫الخلق‪ ،‬بشهود الملك الحق‘ وانطوى في شهوده‪ ،‬عن دائرة وجوده‪ ،‬فقال‪ :‬وإياك‬ ‫نستعين على أداء شكرك‬ ‫و القيام بحقوقك وأمرك بل في المهمات كلها‬ ‫‏[‪]٥٦٥‬‬ ‫هرباً من اللجاء إلى غيره ضربا من الجور‪ ،‬والقوة والطور‪ ،‬وإقرارأ بالعجز عن‬ ‫نفسه‪ ،‬وعلى غيره من أبناء جنسه‪ ،‬وللمولى بالقدرةة لما أيقن أن لا طاقة له على‬ ‫الليوض بأعيانها‪ ،‬إلا به لا غيره‪ ،‬ترك الالتفات إلى غيره‪ ،‬وأقبل عليه بالكلية حين‬ ‫لم تبق فيه لغيره بقيةظ لأن إياك نعبد‪ ،‬مقام الإخلاص في العبادة‪ ،‬وإياك نستعين‬ ‫مقام الصدق في الإرادةة فالأول لله‪ ،‬والثاني بالله والضمير في الكاف المتصل ثايبا‬ ‫فيها‪ .‬من المتكلم للمخاطب المكلم‪ ،‬والله معكم أينما كنتم والكسر له لحن تفسد به‬ ‫الصلاة وكانه في نفس الخطاب دليل على تقديم العلم على العمل لقوله إياك صادر‬ ‫عن معرفة به مزايلة الاضطراب لامرئية فيه‪ ،‬ثم نفي بقوله نعبد لما نظر إليه بعين‬ ‫اليقين‪ ،‬فعرفه بالإلهية ونفسه وأمثاله بالعبودية‪ ،‬فكأن وجود العلم يستدعي وجود‬ ‫العمل‪ ،‬فالعلم إمام‪ ،‬والعمل تابعه‪ ،‬ولذلك حمده‪ ،‬وأثنى عليه‪ ،‬فعُبد‪ ،‬وبه استدل على‬ ‫أنه ينبغي ألا يكون نظره{‪ ،‬إلا إليه حين العبادة‪ ،‬إلا من حيث أنها من هداياه وجزيل‬ ‫عطاياه‪ ،‬بلى‪ ،‬ولكون هذه الخصلة تسبب الوصلة ذلك لئلا يكون فيه نسوب لغيره‬ ‫فإنه لا يقبل الشركة‪ ،‬وكون التكرير له فيما قيل للتنبيه على أن العبادات‪ ،‬لا يمكن‬ ‫القيام بها‪ ،‬ولا تتأتى لمريدها‪ ،‬إلا بالمعونة من الله فهي في الحقيقة منه إليه ذلك‬ ‫فضل الله‪ ،‬يؤتيه من يشاء‪ ،‬وقيل في الواو‪ :‬إنها الحال‪ ،‬أي نعبدك مستعينين بك‬ ‫وكأنه يحتمل فايلفعلين أن يكون إيرادهما بلفظ الجمع تفخيماً لشأن المخلصين‬ ‫وسعي العابدين‪ ،‬ومناجاة المضطربين‪ ،‬وسؤال المتبتلين‪ ،‬أو إنه أراد به نفسه‬ ‫‪٣١‬‬ ‫وجماعة المؤمنين تبركا بهم‪ ،‬ورجاء أن يعم بمنح الإجابة بذكرهم‪ ،‬والتوسل بهمة‬ ‫وقرًاء النون منهما بالكسر‪ ،‬على لغة تميم‪ ،‬والفتح أظهر‪ ،‬وبتقديم العبادة على‬ ‫الاستعانة في النص عليهما‪ ،‬استدل على أن طلب الحاجة المرادة عن مقدمة العبادةة‬ ‫العى إلى الإجابة والعبادة أنواع‪ ،‬وأي شيء أطيع الله به‪ ،‬فهو منها وكأنها في‬ ‫الجملة تدور على أربعة أركان‪ ،‬لقاعدتين هما‪ :‬العلم والعمل‪ ،‬لا يشذ شيء منهما‬ ‫عنهما‪ ،‬لكن العلم على ضربين‪ :‬بالله‪ ،‬وبأمر الله‪ ،‬والعمل لله على وجهين‪ :‬ظاهر‪.‬‬ ‫وباطن‪ ،‬وكل واحد منهما على قسمين‪ :‬فعل‪ ،‬وترك‪ ،‬ثم كل واحد منهما أيضاً على‬ ‫حالين‪ :‬فرض» ونفل‪ ،‬والفرض على معنيين‪ :‬أداء اللوازم ‪ .‬واجتناب المحارم‪.‬‬ ‫وتخليص معاني ذلك ليستدعي مجلدات‪ ،‬ثم لا يستقصى۔ إذ ‏‪ ١‬لا ينحصر فذ صى ّ‬ ‫والاستعانة روم المعونة على تحصيل المراد من جلاب‪ ،‬أو دفعخ أو ماكان من‬ ‫المطالب‪ .‬وأمراع أقران الاختيارية والاضطرارية‪ ،‬وتفصيل كل شيء منها‪ ،‬تذكرة‬ ‫على حدة فايلتنويع لها‪ ،‬ما لا يدخل تحت الحصر حزماش ولكن الجامع لها أمران‪،‬‬ ‫لذ لا بد أن يكون المطلوب دنياوياً وآخرويأ‪ ،‬وميزان ذلك‪ : :‬ماكان له فآخرويأ‪ ،‬وما‬ ‫كان للنفس‪ ،‬أو الشيطان فدنياوي‪ ،‬‏[‪ ]٥٦٦‬وقد نص في‬ ‫الشرع على كثير من ذلكظ‬ ‫في بيانه عن أهل العلم من المسلمين ونهى في الحقيقة استمداده‪ ،‬والمعونة إمداده‪6‬‬ ‫وحصولها من وجهين في الجملة‪ ،‬إما لواسطة أو غيرها‪ ،‬يكون قد حسب ما جرى‬ ‫من سنة الله بهذا في أشياء‪ ،‬وبالآخرة في الأخرى ‪ ،‬وفايلجنس الواحد منها‪ ،‬كذلك‬ ‫مرة توسط ع بتوسط‪ ،‬ومرة بغير توسط ولن تجد لسنة الله تبديل والوسائط ما لا‬ ‫تحصى‪ ،‬لكنها لا بد وأن تكون روحانية‪ ،‬أو جسمانية‪ ،‬وليس الفاعل لشيء علني‬ ‫الحقيقة‪ ،‬إلا الله خالق كل شيع‪ ،‬وهو على كل شيء قدير‪ ،‬وكأنه في محو الخطايا‬ ‫دليل على الأمر بها‪ ،‬لكن في سبيل الله على تسهيل أبوابه‪ ،‬وتيسير أسبابه رجاء‬ ‫العطاء ومع الإلجاج في الدعاء والوسيلة إلى الشيء بشيء من الشيء‪ ،‬فمن عكس‪،‬‬ ‫هوي فانتكس۔ ولذلك نسأله هداء العارف المرتد‪ ،‬ماعلإقامة على الاستقامة بجق‬ ‫المريد‪ ،‬مخافة الانقطاع عن الوصول إلى مطلوبه‪ .‬فقال‪ :‬اهدنا الصراط‬ ‫‪٣٢‬‬ ‫المستقيم»('أ‪ .‬طريق الوصلة إلى محبوبه‪ ،‬لأن الصراط في اللغة‪ :‬هو الطريق قربا‬ ‫بالراء والسين والصاد‪ ،‬والصاد أشهر‪ .‬والقراءة به أكثر‪ .‬وقد كان حمزة يقرأ بإتمام‬ ‫الراء فيما عنه يروى‪ ،‬وسمي صراطا‪ ،‬لأنه كان يسرط السابلة‪ ،‬والمراد به العبادة‬ ‫عن الطريق الدين في الإسلام‪ ،‬إلى الملك العلام‪ ،‬على أبلغ وجه في التشبيه له‬ ‫بالطريق‪ ،‬تصويرا يدركه العقل‪ ،‬من حيث أنه للمسافرين‪ ،‬إلى الله في المعنى‬ ‫كالطريق للسيارة وجميع المارة‪ ،‬والمستقيم المستوي صفة له۔ لأنه المنهاج المجرد‬ ‫عن الميل‪ ،‬لا يقبل الاعوجاج‪ .‬والدين منتظم من ثلاثة‪ :‬علم‪ ،‬وحال‪ ،‬وعمل‪ ،‬فالحال‪:‬‬ ‫فرع العلم‪ ،‬والعمل‪ :‬ثمرة الحال‪ ،‬والهداية‪ :‬إرشاد في غاية اللطف‪ ،‬ومخارج أسبابها‬ ‫على الجملة أربعة لأصلين‪ :‬عقلي‪ ،‬ومكتسب شرعي‪ ،‬فالأول على قسمين‪ :‬أحدهما‬ ‫ضروري» وذلك ما يتأذى إليه من المعلومات‪ ،‬والكشف عن محض سر الحق من‬ ‫نور العقل المطلع بالأنوار القدسية على الأسرار الملكوتية‪ ،‬الواردة على الحدس‪،‬‬ ‫من جناب القدس‪ .‬على سبيل الإلهام في اليقظة كالملائكة‪ ،‬أو في المنام۔ وفيضان‬ ‫ذلك من ينابيع العقل‪ ،‬إلى الجوارح الظاهرة‪ ،‬بواسطة النفس القاهرة‪ ،‬وعلى العكس‬ ‫فيما يستمده من الجنس في معنى التادي من الظاهر إلى الباطن‪ ،‬وإليه يرجع الأمر‬ ‫كله في الحكم على المواقع النظرية‪ ،‬في المواضع العقلية‪ ..‬والثاني‪ :‬المكتسب‬ ‫الشرعي على قسمين‪ ،‬وكلاهما يتأديان إلى الغريرة وإلى نور البصيرة في الناس‪،‬‬ ‫من مداخل الحواس لكن أحدهما الوحي‪ .‬والمتلقي له من الموحى إليه‪ ،‬والكتاب‬ ‫والسنة والإجماع‪ ،‬والآثار عن أهل العلم من المسلمين الأبرار‪ ،‬والقياس المجرد عن‬ ‫الإحساس‪ ،‬فإنه نوع هدي‪ ،‬وإن الإمامية من الشيع أنكرته أصلاًش وأبطلته جهلا‪.‬‬ ‫فهو حق لأنه نتائج ذلك‪ ،‬فالأول‪ :‬رتبة الرسل من الأنبياء والوسطى درجة‬ ‫الصحابة الفهماء‪ ،‬والثالثة ‏[‪ ]٥٦١٧‬الأخرى‪ :‬مبلغ التابعين من العلماء‪ ،‬والقياس‪:‬‬ ‫يختص به أهل الفطنة من الفقهاء‪ ،‬والثاني‪ :‬من وراء هذا من المواد الحسيّة‬ ‫الاختيارية والاضطرارية‪ ،‬التي لها يكتسب العقل بالمائة ويستمدها لحياته مما‬ ‫سطرته يد القدرة الربانيةة بالأقلام النورانية من الحكم الإلهية على صفحات ألواح‬ ‫() سورة الفاتحةة الآية ‏‪.٦‬‬ ‫‏‪٣٣‬‬ ‫عالم الملك‪ ،‬المؤدى من به اهتدى‪ ،‬فإن به أدلة تغمس المستدل بها في داء ماء أنوار‬ ‫الإيمان اليقين بالغيب‪ ،‬وتخرجه من وحي هيكل هيولى ذاته ويسقيه شربه من‬ ‫رحيق المعرفة التوحيدية تبرئة من العيب‪ ،‬وقد تعافى من كل داء دفين في الباطن‬ ‫المقتضى لوجود الصحة في الظاهر‪ .‬وتبرد غليل القلب من حر العمى ونار‬ ‫الهوى‪ ،‬فلا يظماً بعدها أخرى أبدى وتجلى صدى الشك وغشاوة النفاق‪ ،‬وظلمة‬ ‫الشرك فيضي ع القلب لمزيد نور العقل‪ ،‬بنور سر المعرفة منه لربه ونفسه ودنياء‬ ‫وآخرته زيادة تقيده إشراقا بنسج مدلهمات ظلم النفس الأمارة بالسوء‪ ،‬ويصقل‬ ‫مرآته‪ ،‬فتتنجلي صورة الملكوت فيه‪ ،‬وتعرج مهما يعلو بأسبابه المتدلية إلى عالم‬ ‫الشهادة‪ ،‬فيرقى في درجات الكسبيّة إلى المنازل العقلية لكن ثم ينادي من شاطئ‬ ‫الواد الأيمن من وراء حجابي فاخلع نعلي صفاتك‪ ،‬وكن موسي الصفات‪ ،‬فتجرد‬ ‫من مسح الهوى‪ ،‬والبس خلع الاداب الملكية‪ ،‬والملابس الروحانية وتدرع رياش‬ ‫الحلم والتقى‪ ،‬إنك بواد الأسرار الحقيقية المقدس طوى‬ ‫واقصد في مشيك‬ ‫واغضض من صوتك‪ ،‬واثبت لما ترى‪ ،‬واستمع لحن الخطاب وأحسن رد الجواب‪،‬‬ ‫فليس بينك وبين الملكوت الأعلى غير قاب قوسين أو أدنى‪ ،‬فبفضل الله وبرحمته‪.‬‬ ‫فافرح‪ ،‬ودع قلبك في برزخ أنوار المعارف الإلهية يسر حض وباستدامة الأذكار تتنجال‬ ‫فيه الأنوار‪ ،‬حتى تعلوا في الملأ الأعلى ذكره‪ ،‬لما انشرح بنور الله صدره‪ ،‬وتفتح‬ ‫له مفاتيح الكشف الحقيقي باب المحبة والأنس والرضى بأنواع القضى» فيتيه في‬ ‫عرصات الشوق إلى الله تعالى‪ ،‬حتى يتخطى الملك إلى الملكوت‪ ،‬فيسبح في فسيح‬ ‫بيداء[أسراره] الإلهيات‪ ،‬ويغوص في أدنى بحارها‪ ،‬فيبصر بعين البصيرةة لا إللى‬ ‫غوامض أنوار الحقائق الغيبيات‪ ،‬ويفتح لأسماعه باب الاستماع فيهيم في عياض‬ ‫رياض الوجد‪ ،‬بسماع نغمات تسبيح الجمادات‪ ،‬حتى يغيب عن الممالك إلى المالك‬ ‫فلا يجد ماسواه‪ ،‬ولا ينظر ما عداه‪ ،‬فهذه هي الأسباب الأربعة('أ‪.‬‬ ‫لكن في بعض‬ ‫ضروري‬ ‫المعلومات ما هو على الصحيح في البداية لشيء‪ ،‬وفي النهاية‬ ‫وكذلك يتولد في بعض الضروريات أنواع من المعاني‪ ،‬يستفيدها العقل‬ ‫() الخزذوصي‪ ،‬جاعد بن خميس‪ :‬مقاليد التنزيل‪ ،‬وإدراك حقائق التأويل ن صت‬ ‫‏‪٣٤‬‬ ‫‏‪.٩-٨-١٧‬‬ ‫بالكسب لها منها‪ ،‬فتكون من الكسبي‪ ،‬وكلها رسل الله‪ ،‬لمن أراد الله أن يرفع قدره‪،‬‬ ‫ويشرح بنور الإسلام صدره‪ ،‬أو يقطع بالحجة البينة عذره بعد قيام الحجة بهاء أو‬ ‫بشيء منها في شيء من دينه‪ .‬نعم وبأي وجه من ذلك في القدر‪]٥٦٨[.‬‏ اقتدي إلى‬ ‫الله اهتدي‪ .‬ومن نازع الحجة التي بالهداية منها أتته‪ ،‬وقد خالف الله شططأ‪ ،‬وعصى‬ ‫سبيله واتبع هواه وكان أمره فرطا‪ ،‬والمعنى في اهدنا الصراط‪ :‬أي أرشدنا إليه‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬ثبتنا عليه وكلاهما في النظر حق“ لكون طريق الاستقامة في غاية الخفى‪،‬‬ ‫أحد [من السفرةظ وأدق] من الشعرة على عقبة‪ ،‬كزود صعبة المشكل‪ ،‬إلا على كثير‬ ‫زمن‪ ،‬ليس بذي عمر‪ ،‬كثيرة الموانع‪ ،‬شديدة المقاطع‪ ،‬فكم سائر ضل‪ ،‬وكم قدم ذل‪،‬‬ ‫وليس لأهل التكليف من حول به‪ ،‬ممن تعس‪ ،‬فهوى في القرار‪ ،‬هلك في النار‪ ،‬ومن‬ ‫حاز فقد فاز‪ ،‬لأن من وراء هذه الكلفة أعظم زلفة‪ ،‬وأنت ترى أكثر الناس في هذه‬ ‫الدنيا كالفراش فيها يتهافتون ومن ذروة هذا الصراط يهوون‪ ،‬وبعضهم ينزللق‪،‬‬ ‫فيرجع فيعلق‪ ،‬فالتثبيت عليه لإغنائه عنه‪ ،‬ولكونه يتمادى إلى أخر العمر‪ .‬ولذلك‬ ‫اختلفت أحوال الناس في قطعة من لحظة إلى خمسين عامأ‪ ،‬فما فوقهاء أو ما‬ ‫بينهما۔ حسب مدة الأعمار في هذه الدار‪ ،‬فالإرشاد في كل خطوة لا بد منه وهذا‬ ‫هو الصراط الدقيق الخفي‪ .‬لا الذي ظنه عمي القلوب اتباع المذهب الردي‪ ،‬ولن‬ ‫ينجو منه إلا من نجاه الله بفضله وهداه‪ ،‬نعم وكأنه في نفس الخطاب دليل من الهدي‬ ‫لأولي النهى‪ ،‬على أن الهدى لا يتناهى‪ ،‬وإنه لا سبيل إليه مع المطلوب منه قيامه‬ ‫والمسؤول عن يوم القيامة‪ ،‬إلا بالله تعالى‪ ،‬فينبغي أن لا يكون له بهم إلا فيه‪ .‬ولا‬ ‫إقبال إلا عليه فإن الكمال الروحاني في الجنس الإنساني في التعلق الاضطراري‬ ‫والانقطاع الكلي في كل نفس وحال مع المبادرة إلى السؤال‪ .‬والتذلل والتخشع‬ ‫والأخيار في الأعمال والتبتل في التضرع والابتهال‪ ،‬بل فيه إشعار صريح‪ ،‬بأن‬ ‫العارف لا يقر قراره‪ ،‬ولا يزال مع الله اضطراره‪ ،‬ولذلك تراه مع كونه من السائلة‬ ‫فيه‪ ،‬يطالبه أن يرشده‪ ،‬فيدله عليه رغبة في الوصال‪ ،‬ورهبة من الانقطاع في‬ ‫المال‪ .‬بأسباب الضلال» لكن زاده على طريق البذل تأكيدا له‪ ،‬وبيانأ لما رآه بالقلب‬ ‫‪٣٥‬‬ ‫عيانا‪ ،‬أن عليه وله إليه برهانا‪ ،‬فقال‪ :‬صراط الذين أنعمت عليهم بالهداية منك في‬ ‫السير فيه إليلك‪ ،‬على ضياء العلم في مطي العمل والحلم‪ ،‬والبلوغ بالتوفيق‪ ،‬إللى‬ ‫مقاعد التحقيق‪ ،‬في قواعد التصديق" لماله تجلى من خزائن الغيب نور برهان حلية‬ ‫الهدى‪ ،‬فجلا من القلب دجارين العمى‪ ،‬وفاض على النفس تقوى قاهرة الهوى‪.‬‬ ‫وسرى إلى الجوارح يجرها بأزمة الإيمان في ميادين الإحسان حتى وصلوا‬ ‫بالنعمة الإسلامية إلى النعمة الأبديةة من الأنبياء والمرسلين‪ ،‬والشهداء والصالحين‪.‬‬ ‫اللين ذاقوا لذة المعرفة‪ ،‬وياسروا روح اليقين فاستغرقوا في المناجاة لا غيرهم‪ ،‬لو‬ ‫كانوا في هذه الدنيا محاويج فقراع‪ ،‬قد فقدوا الغنى‪ ،‬ومزقهم البلاء في الحال‪،‬‬ ‫باعتبار المال‪ ،‬وكيف لا‪ ،‬وهم بمزية الكشف لقناع الوهم‪ ،‬بسر العلم عن الدارين في‬ ‫بهجة رياض الرضي» والسكون تحت مقراض القضاء‪ ،‬والارتقاء من أرض‬ ‫الحظوظ إلى سماء الحقوق‪ ،‬في مناص ‏[‪ ]٥٦٩‬مقام الإخلاص‪ ،‬قد فتح لهم‪ ،‬لغناء‬ ‫النفس في مجالس الأنس باب الاستراحة‪ ،‬بالسماع لغرائب ألحان مقال لسان الحال‪،‬‬ ‫بأن ذلك من أجل هداياه‪ ،‬والنظر إلى عجائب ما أودع فيه من ودائع أسباب ذرائلع‬ ‫الوصول إليه بعطاياه‪ ،‬فهانت بذلك عليهم عند ذلك مصائب الدنيا‪ ،‬واستلذوا مراد‬ ‫الحق فيهم‪ ،‬من حيث أنه لم يبق لهم اختيار‪ ،‬إلا مالهم يختاروهم على منازل‪،‬‬ ‫واتباعهم منهم‪ ،‬ولكل درجات مما عملوه‪ ،‬والتخصيص لقوم موسى وعيسى‪ .‬عليهما‬ ‫السلام‪ ،‬قبل أن يغيروا دينهم ضعيفت وقيل‪ :‬هم الرسول‪ ،‬وأبو بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬رضي‬ ‫الل عنهما‪ ،‬وقيل‪ :‬هم النبي ومن معه‪ ،‬وقيل‪ :‬هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه‬ ‫وسلم‪ .‬وكون النصب له على البدل من الأول المشتمل على البيان والتكرير والثناء‬ ‫والتعظيم والدلالة على أن المستقيم طريق المهتدين‪ .‬من أولى الاستقامة في الدين‪،‬‬ ‫على أبلغ [وجه]‪ ،‬وأوجز عبارة وقرأ حمزة بضم الهاء‪ ،‬فيما يروى‪ ،‬والأكثرون‬ ‫بالكسر لها‪ ،‬والضم للتاء‪ ،‬والكسر لها لحن نفسد به الصلاة‪ ،‬وكأنه في نفس الخطاب‬ ‫والتلويجح‪ ،‬يدل على التنبيه للمنعم على إيجاب شكر المنعم عليه بالنعم‪ ،‬نعم كذلك‪،‬‬ ‫ونعم المولي في الآخرة والأولى متعددة لا تحصى ولا تعد‪ ،‬فتستقصى‪ .‬ولكن‬ ‫‪٣٦‬‬ ‫المرادة عين المراد في هذا الموضع‪ ،‬بالذكر لها في معرض‬ ‫الامتنان‪ ،‬هي النعمة‬ ‫الدينية على الخصوصيةة وإن ورائها تبع لها‪ ،‬لمن قيدها بعقال الشكر لها‪ ،‬لأن في‬ ‫مقابلتها بالكفر لها تعرضاً لزوالها‪ ،‬نعم إنها تنقلب في حقه تلك النعم بالإضافة إليه‬ ‫من أشد النعم والدليل على هذا قوله‪ :‬للإغير المغضوب عليهم ولا الضالين»(''‪ ،‬فإنه‬ ‫من التأكيد بالمدح لوصف أولي الهدى في معرض القدح بالذم لذوي الردى بأسباب‬ ‫الأعراض وذوي الأمراض بالزيغ الشديد‪ ،‬عن الطريق السديد المقتضى لوجود‬ ‫الإخراج لها عن مطلق النعمة‪ .‬ولا دراج تحت النعمة فكأنه نوع استثناء‪ ،‬لمزيد‬ ‫الكشف عن احتمال لبس عوارض الأشكال ولعله لذلك‪ ،‬قرأ الراء بالنصب فيما‬ ‫يروى‪ ،‬عن ابن كثير‪ ،‬وللحال من الضمير في أنعمت‪ ،‬بمقدار أعني وكأنه من‬ ‫واضح الأدلة في الخطاب‪ ،‬على أن من كان كذلك حاله فليس على نعمة ولو‬ ‫أعطي‪ ،‬الدنيا كلها‪ .‬وعوفي في بدنه‪ ،‬حتى انبسط في لذاتها‪ ،‬يتبؤ فيها على فراغ‬ ‫قلب كيف يشاء‪ ،‬لأنه في هيكل ذاته أعمى مكبل بشهواته‪ ،‬أصم محصور في سجن‬ ‫يستجيب مجرورأ بمراس هفواته‪.‬‬ ‫هواه ۔ معكوس مكب على وجهه منكوس‬ ‫مردودأ إلى أسفل السافلين‪ .‬فكأنه في العذاب المهين‪ ،‬ولعذاب الآخرة أشد وأبقى"ا‪.‬‬ ‫ولما كان الغضب غالبه‪ ،‬يكون على أهل العناد‪ ،‬احتمل أن يكونوا هم المجاهرين‬ ‫بالشر وأنواع الفساد‪ .‬والضالين ساكن الألف من غيرهم وقرئ بالهمزة فيما يروى‬ ‫هربا من التقاء الساكنين هم الملحدين عن جهالة عن الشروع في هذا المقصد‬ ‫والمشروع عبادة‪ ،‬لأن الضلالة ميل في غوى‪ ،‬لكونها مصدر ضل عن الشيء إذا‬ ‫أخطاه لعمى‪ .‬وتخصيص اليهود والنصارى‬ ‫‏[‪ ]٥٧٠‬بالغضب دون غيرهم من‬ ‫الراكبين كبائر ما تنهون عنه من المشركين والمنافقين ينتفض بأنه اللعان‪ ،‬و التعمد‬ ‫على القتل ظلماً‪ ،‬وكأنما في الظاهر لوجود الواو العاطفة المقتضية للشركة مع‬ ‫اختلاف الصفة فريقان‪ .‬لكن الغضب كأنه لهما شامل بالنسبة والمعني والضلالةة‬ ‫() سورة الفاتحة الآية‬ ‫)‪ (٢‬الخروصي‪ ٠ ‎‬جاعد بن‬ ‫خمبس ‪ :‬مقاليد‬ ‫التنزيل ؤ و ادراك‬ ‫‪٣٧‬‬ ‫حقائق‬ ‫التأويل ‪ ،‬ص‪‎‬‬ ‫‪-٩‬‬ ‫‪.١٢١٢-١١-١٠‬‬ ‫كذلك لكون الغضب على من عصي الله‪[ ،‬ولا يعصي الله] إلا من ضل‪ ،‬نعم ولا‬ ‫يضل إلا من قامت عليه الحجة‪ ،‬فعصى‪ .‬والغضب واقع على من ضل لا محالة‬ ‫لأنه عاص جزما‪ ،‬بدليل أن غضب الله عبارة من عقابه بأليم عذابه جزاءأً لمن‬ ‫عصاه‪ ،‬واتبع هواه‪ .‬فكأنهما بمعنى لأنهما مترادفان على مسمى‪ ،‬إذ ليس أهل‬ ‫التكليف‪ ،‬أجمع إلا فريقان وإن اختلفت الأحوال منهم في المعاصي والطاعات‪ ،‬فريقا‬ ‫هدي لله‪ ،‬وفريقأ حق عليهم الضلالة‪ ،‬والتقسيم في التسمية لهؤلاء تبوع من التعريف‬ ‫في الظاهر على قسمين‪ ،‬يحتمل أن يكون للإشعار بأن بعض الضلالات فحش‪،‬‬ ‫وأشد وأوحش من بعض‬ ‫وكلها في المآل مودي إلى شر حال‪ ،‬لكن كما أن للجنة‬ ‫درجات‪ .‬فكذلك النار دركات وما منهم إلا له على مقدار الكفر والإيمان مقام معلوم‬ ‫منهما‪ ،‬ولا يظلم ربك أحدا‪ ،‬والعياذ بالك من غضب الجبار‪ ،‬ومن المصير إلى دار‬ ‫البوار‪ ،‬جهنم يصلونها وبئس القرار‪ ،‬فانظر بعين البصيرة كيف على الصحيح‬ ‫إسدار أساس جميع العبادات كلها‪ ،‬من العمل“ والعلم‪ ،‬واللذين لم تكن الموجودات إلا‬ ‫لأجلهما‪ ،‬قدار جملة واحدة تحت الحمل في هذه السورةة‪ ،‬فكانت هي المدارس لجميع‬ ‫الكتب السماوية والمصنفات الأثرية‪ ،‬حتى أنها لم تكن إلا كالتفسير لها‪ ،‬والتفضيل‬ ‫لجملها‪ ،‬والظن أن هذا الاعتبار‪ .‬قال علي بن أبي طالب فيما عنه يحكى‪ :‬لو شئت‬ ‫لأوقرتت سبعين بعيرأ من تفسير فاتحة الكتاب‪ ،‬ولا غرو فإن في الحنيث يروى عن‬ ‫النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أنه قال‪ :‬أنا مدينة العلم وعلي بابها‪ ،‬والله أعلم‪ ،‬وبه التوفيق(أ‪.‬‬ ‫مسألة‪:‬‬ ‫ومن جوابه رحمه الله تعالى وسئل عن قول الشيخ أبي محمد‪ :‬والقياس لا يصح إلا‬ ‫على أصل متفق عليه‪ ،‬وعن قول من زعم في اختلاف الرأي‪ ،‬وإن صح‪ ،‬فخرج‬ ‫على ظاهر العدل‪ ،‬فالحق لا يكون إلا في واحد‪ ،‬وما سواه خطأ عند الله("أ‪.‬‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫‪ (٢‬المصدر نفسه‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‏‪.١٢‬‬ ‫‪.٤٧٣‬‬ ‫‪٣٨‬‬ ‫قال‪ :‬ما حمل من الفروع في القياس على أصل صحيح ثابت نجيح من الكتاب‪ ،‬أو‬ ‫السنة أو الإجماع لعلة جامعة بينهما فيه معنى حكمه‪ ،‬وكان بمعناه‪ .‬فإن أشبه‬ ‫أصلين متنافيين في الحكم‪ ،‬فالذي هو أقرب إليه شبهاً كان أولى به أن يخرج حكمه‬ ‫فيه وإن كان من الآخر التشبه لا يتعرى‪ ،‬وإن لم ينزحج إلى أحد الجانبين صح‬ ‫فيه على التساوي حكم المعنيين جميعا وكان القياس فيه بهما من كل منهما‪ ،‬على‬ ‫أصل صحيح متفق في الإجماع عليه‪ ،‬وكذلك مهما وقع الاختلاف فيه على هذا بين‬ ‫القائلسين‪ ،‬إذا كان قد تعلق كل منهم بأصل يصح له التعلق به منهما‪ .‬والقياس على‬ ‫ما قيس فرع لفرع‪ ،‬الأصل المقايس له‪ ،‬من متفق فيما دون الإجماع ذلك الفرع‬ ‫عليه‪ ،‬أو مختلف بالرأي فيه‪ ،‬لأنه بالنسبة ‏[‪ ]٥٧١‬عن التتبع راجع إليه‪ ،‬والاتفاق‬ ‫نوعان‪ :‬أحدهما‪ :‬الإجماع‪ ،‬والثاني‪ :‬ما حصل الترافق على التواطي في القول عليه‬ ‫من غير إجماع من القابلين [له]‪ ،‬ولا يكون ذلك‪ ،‬وإن لم يشبه الإجماع على حال‪،‬‬ ‫كان الإجماع وما أشبه الإجماع‪ ،‬فحكمه منه‪ ،‬وإن كان بعينه لم يجمع عليه‪ ،‬فهو‬ ‫مثله‪ ،‬وما اختلف بالرأي فيه وصحح أو صح فيه بالمعنى جوازه‪ ،‬فالقياس به لما‬ ‫أشنبهه من السكوت عنه شائع‪ ،‬وإن كان على أصل مختلف فيه في الأصل‪ ،‬وكيف‬ ‫لاه والفروع النظرية البارزة من العزيزة عن نور البصيرة‪ ،‬من الرأي‪ ،‬ثابت‬ ‫برهانها في الحق‪ ،‬وعند أولي الألباب جرما‪ .‬وإن لم يكن مقاسه على أصل من تلك‬ ‫الثلاثة‪ ،‬إذا لم يكن في العقول ما يجليها‪ ،‬ولا في الأصول ما يزيلها‪ ،‬وقد تظاهر‬ ‫أهل الرأي على القول في العمل بها‪ .‬وأثبتوها في أبواب العلم الشرعي ألا وإن بابها‬ ‫لأوسع۔ الأربعة المخارج الفقهيلت مخرجاً‪ ،‬وأكثرها مولجا ‪ 4‬نعم وكأنه الأصل‬ ‫لوجود الإجماع‪ ،‬والاتفاق على ماخرج من حجة العقل‪ 0‬إلى صحيح النقل‪ ،‬ومن‬ ‫هنالك‪ .‬ينشأ الرأي والاختلاف في الرأي بين أهل الرأي‪ ،‬وص ذلك في الأثز‪ ،‬عن‬ ‫أهل العلم والبصر‪ ،‬حتى في تأويل الرأي والإخبار والإجماع والآثار‪ ،‬ألا ترى إلى‬ ‫ما جاء من التأويل باختلاف في بعض أوائل السور كالم وآلم وإخوانهما‪ ،‬كذلك في‬ ‫أسماء الأفعال أنها قديمة للبالري‪ ،‬أو محدثة‪ ،‬فترى أن لتلك الآراء دليل غير العقل‬ ‫‪٣٩‬‬ ‫الناظر بعين الاعتبار‪ ،‬إلى حقائق الأسرار‪ ،‬كلا وأمثال ذلك في الأحكام والأديان۔‬ ‫والمعاني المناطة بالأموال والأبدان‪ .‬مما لا في الكتاب ولا في السنة عليه دليل‪،‬‬ ‫لكن قد جعل الله لألباب أهل العلم السبيل‪ ،‬وأجمع أهل الفقه على القول والعمل على‬ ‫ذلك‪ ،‬فوقع الإجماع على أشياء من ذلك‪ .‬والاختلاف بالرأي في أخرى‪ ،‬وذلك ما‬ ‫كان لا يحصى نقلا‪ .‬أفترى أهل الحق أن يجمعوا على باطل‪ ،‬والحق في أيديهم‪،‬‬ ‫وهم الحجة على من سواهم؟ كلاش والمدعي إن كل ما لم ينصب عليه من الرأي‬ ‫الدليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع نصا في شي»‪ ،‬فليس شيء مبطل لما صدر‬ ‫من القول في العمل في الرأي غير حجة العقل‪ ،‬إن لم يكن هنالك علة مشروعة‬ ‫يطلب بها الدلالة من أحد الأصول الثلاثة‪ ،‬وذلك عند أهل النظر والرأي‪ ،‬غير‬ ‫مسموع ولا مقبول‪ ،‬ولا متبوع ولا به أبدأ معمول‪ ،‬لأنه المقتضى لخرق الرأي‪،‬‬ ‫والإجماع الكائن في الأصل عن الرأي‪ ،‬ذلك لا يجوز في متفق في الحق عليه‪ ،‬ولا‬ ‫في مختلف بالرأي فيه‪ ،‬لأن حجة العقل‪ ،‬إذا لم تخالف الأصول الثلاثة حجة‪.‬‬ ‫وأصل نعم" لأنها عنها وخارجة في الحقيقة منها مجملا ومفصلاً‪ ،‬والقياس على ما‬ ‫لم يصع الاتفاق من ذلك عليه لا يقال‪ :‬إنه على أصل متفق عليه بالر أي‪ ،‬بالإضافة‬ ‫إلى أصل الرأي‪ ،‬ومع أهل الرأي‪ ،‬ومع ذلك قد استحازوه‪ ،‬واستعمله في محل‬ ‫القياس كل لبيب ذي عزيزة‪ ،‬يقدر بها على استفتاح الدقائق الفرعية‪ .‬واستخراج‬ ‫‏[‪ ]٥٧٢‬الحقائق الشرعيةة بالمقابلة على سبيل المقايسة بعضها لبعض والتشبيه فيما‬ ‫لما لم يلق له في حكمة صحيح خبره‪ ،‬ولا صحيح عن صريح أثره بالمنصوص في‬ ‫الآثار عن المسلمين تذكرة‪ ،‬ولاسيما الشيخ أبو سعيد رحمه الله فيما وجدناه عنه‬ ‫في غير موضع من جواباته وعجيب مصنفاته ويقول في كثير ما نراه من الفروعظ‬ ‫شبه المختلف فيه من الفروع في القياس في ذلك‪ ،‬وكذلك من غيره من أهل العلم‬ ‫من المسلمين‪ ،‬صح فعل ذلك‪ ،‬وكفي بأبي سعيد‪ ،‬رحمه الله حجة ودليل‬ ‫لمن أراد‬ ‫أن يتخذ لنفسه الحق سبيلا لأنه أعلم من يعلم من الأخيار‪ ،‬وآثاره أصح الآثار‪ ،‬لا‬ ‫على سبيل محض العصبيّة‪ ،‬ولكن لظهور أنوار الحق في أقواله المرضية ألا وإن‬ ‫‪٤ ٠‬‬ ‫ذلك عن محل الاتفاق بعد‪ ،‬بل هو نوع قياس من الشبه‪ ،‬على أصل مختلف فيه في‬ ‫الأصل‪ .‬فانظر في ذلك وإلى ظاهر كلام هذا أبي محمد‪ ،‬فإنه يقتضي من ذلك‬ ‫المنع‪ ،‬ويوجب إبطالهما [مهما] لم يصح الاتفاق على المقاس به‪ ،‬ولاسيما على قوله‬ ‫فيما صح فيه بالرأي الاختلاف في الرأي‪ ،‬ونحن في قوله‪ ،‬وما اختلف فيه‪ ،‬فلا‬ ‫يكون أصلاًة ولا يقاس عليه على خلافه في القياس به لمعاني ما يثبت ذلك‪ ،‬حتى‬ ‫يصح الصواب لنا في قوله فنرجع إليه‪ ،‬وإلا فإنا بتجويزذ حمل الفروع على‬ ‫أصول والفروع‪ .‬إن لم تشبه الأصول في صحيح المعقول‪ ،‬وذلك كله شائع معنا‬ ‫فايلنظر‬ ‫عقلا ‪ ،‬لعدم وجود المانع نقلا‪ ،‬في نص‬ ‫الكتاب‪ .‬أو السنة أو الإجماع‬ ‫أصلا‪ .‬أو ما أشبه ذلك‪ ،‬أو من أش حق عند واحد من أهل العلم من المسلمين فيما‬ ‫نعلم‪ ،‬بل إنه قد صح كون القياس للفرع بالأصل والفرع من متفق عليه‪ ،‬أو مختلف‬ ‫فيه وكله جائز‪ .‬والذي لا يجوز‪ ،‬حمل الأصول على الفروع‪ .‬أو الأصضول» ولا‬ ‫نعلم في ذلك اختلافا وقول القائل في المختلف فيه على قولين بالرأي‪ ،‬لا شك أن‬ ‫أحدهما خطأ عند الله وكذلك ما زاد على ذلك كأنه يذهب إلى أن الحق في [واحد]‬ ‫من الآراء‪ ،‬وإن ما عداه لا يكون إلا خطأ في الحقيقة‪ ،‬وهذا‪ ،‬وإن كان به قيل في‬ ‫بعض الكتب المغربية فلا نراه ولا نعمل به في صحيح الر أي‪ ،‬ولا في شيء من‬ ‫الآراء بجائز في الرأي وإن كان شيء منها أعدل من الإجماع‪ .‬أو حجة العقل‪،‬‬ ‫وإلا فكل من رأى رأيأ في محل الرأي من رأيه‪ ،‬فله القول به والعمل عليه‪ ،‬بعد أن‬ ‫يراه عدلا‪ ،‬وعليه ذلك في موضع اللازم‪ ،‬ولا يجوز له أن يعدل عنه إلى مالا يراه‬ ‫حتى يراه مثله أو منه في العدل أعدل وكذلك قال أهل العلم من المسلمين‪ ،‬ولو كان‬ ‫الأمر في ذلك كما يظنه هذا القائل‪ ،‬لكان المبتلي الذي عليه في الحق عند أهل‬ ‫الحق‪ ،‬كذلك أن يعمل بما يراه أعدل‪ ،‬وكان ذلك الذي رآه ولزمه العمل به هو‬ ‫الخطأ عند الله‪ ،‬والحق خلافه كان‪ .‬لكونه في الحق يتقرب إلى ربه في ذلك‪ ،‬بما هو‬ ‫الخطأ في الحقيقة‪ ،‬ويكون ذلك في القربة مفرع إجابته‪ ،‬لأنه في القول والعمل‬ ‫موضع إصابته‪ ،‬وإذا صح هذا‪ ،‬صح أن الباطل في الباطن‪ ،‬هو الحق في الظاهرة‬ ‫‪٤ ١‬‬ ‫والحق في الظاهر الباطل في الباطن‪ ،‬فقام الحق بالباطل‪ .‬‏[‪ ]٥٧٣‬والهدى بالضلال‪،‬‬ ‫والصواب بالخطأش ولكنه لا يصحح لتنافيه صراحة في معانيه‪ ،‬لأن الخطأ للحق في‬ ‫القول والصواب فيه أحدهما غير الآخر في الحق ومن المحال أن يكون الصواب‬ ‫خطأً۔ والخطأ للحق صوابا في الحقيقة‪ ،‬وماخرج عن الصواب عند الله‪ ،‬لم يكن في‬ ‫الصحيح عنده خطأ۔ وماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون» فانظر في ذلك‬ ‫فإنا نقول عن رأي منا فيه كذلك من غير أن يشرع في الحكم عليه بالتخطئة له في‬ ‫الدين على ذلك‪ ،‬من قوله إن كان يقول على أثر قوله‪ :‬إن يحق في واحد‪ .‬ولا‬ ‫يضيق على الناس خلافه وإن كان يقول في ذلك من يقول‪ :‬إن الحق في واحدة‬ ‫فمن وافقه أصاب الحق‪ ،‬ومن أخطأ لم يعذر‪ ،‬وكان عند الله ماثواه‪ ،‬فما أبعده من‬ ‫الحق والصواب وكان فيه مع الأمر بالاعتبار‪ ،‬في موضع لزوم الاجتهاد في‬ ‫الرأي‪ ،‬لاستخراج الحق في النار له تكليف ما لا يطاق‪ ،‬إن لو ثبت فصح‪ ،‬لكن ذلك‬ ‫لا يجوز على حال لأن ذلك كذلك في الدين‪ ،‬وهذا معنا في الرأي‪ ،‬والرأي غير‬ ‫الدين‪ ،‬والدين غير الرأي لأن الدين لما جاء في الكتاب‪ .‬أو السنة‪ ،‬أو الإجماع‪.‬‬ ‫حكمة‪ ،‬والرأي‪ :‬ما كان فرعأ لهذه القواعد الثلاث من الدين‪ ،‬فإنها الأصول‪ ،‬وما‬ ‫أشبه الأصول‪ ،‬فهو مثلها‪ ،‬وجاز عليه حكمها في معانيها‪ ،‬وما لم يشبه الأصول من‬ ‫الفزوع‪ ،‬فليس من الأصول فيما قيل‪ ،‬ولا خلاف أنه لا يجوز أن يحكم بالفرع في‬ ‫موضع الأصل ولا بالأصل في موضع الفرع ولا بشيء من الأصول في موضع‬ ‫غيره‪ ،‬بل يجب أن يقر كل أصل في موضعه‪ ،‬وبحر كل فرع إلى مرجعه وليس‬ ‫من الواسع في الدين والرأي بدين ولا برأي‪ ،‬إلا هذا حتمأ‪ ،‬إذ لا يجوز الدين في‬ ‫الرأي‪ ،‬ولا الرأي في الدين حزما فإن قال قائل‪ ،‬واحتج لذلك القول على وجه‬ ‫التعصب له محتج مجادل‪ ،‬فقال‪ :‬أرأيتم أربعة من النفر ضمتهم الصحبة في السفر‬ ‫وحضرت الصلاة الجميع فلزمهم فرض الأداء لها‪ ،‬لكن على الكل عميت القبلةة‬ ‫وخفيت الأدلةش فنزلوا إلى التحري لها‪ ،‬فوقع الاختلاف فيما بينهم فيها‪ .‬وصلى كل‬ ‫واحد إلى جهة أخرى على حده فهل يمكن كلهم قد أصابوا التوجه شطر المسجد‬ ‫‪٤ ٢‬‬ ‫الحرام؟ كلا بل لابد أن يكون المصيب أحدهم والمخطئ لها ما عداه كذلك‬ ‫الاختلاف في الرأي‪ ،‬يكون في القياس على هذا الحال‪ ،‬فيقال له‪ :‬نعم في أنه لم‬ ‫يصب التوجه إلى الكعبة‪ ،‬التي هي قبلة لأهل المسجد الحرام‪ ،‬والمسجد الحرام الذي‬ ‫هو قبلة لأهل الحرم‪ ،‬والحرم الذي هو قبلة لأهل الآفاق‪ ،‬والنائية والأرض القاصيةة‬ ‫إلا في واحد من الأربعة على هذه الصفة وذلك صحيح في مقابلته الإجابة في‬ ‫الرأي من بعض أهل الرأي‪ .‬والجاري على سبيل الغلط أو الخطأ من قوم آخرين‪.‬‬ ‫وأما الصحيح والرأي الثابت في العدل من الاختلاف في الرأي‪ ،‬فكأنه في موازنة‬ ‫حقيقة القبلة في حق هؤلاء الذين ذكرت‪ ،‬لو أنك أبصرت‪ ،‬ولكنك بعد في معزل‬ ‫الطريق الظاهر‪ .‬من المثاني عن منزل طرائق الباطن من المعاني‪ ،‬فانظر في ذلك‬ ‫‏[‪ ]٥٧٤‬بعين البصيرة في الكعبة‪ ،‬أليس المراد منها في هذا المعنى من العبادات‬ ‫القبلة؟ بمعنى الاستقبال لها لأداء فرض الصلاة لله‪ ،‬لا غير ذلك منها‪ ،‬امتثالاً لأمر‬ ‫الل لأن المطلوب نفس الكعبة بعينها لا لأن يعبد لله من دون الله‪ ،‬ولا مع الله ولا‬ ‫بد من أن نضيف على هذا إلا أن يعترف فيقول‪ :‬بلى‪ ،‬لأن الكعبة غير مطلوبة‬ ‫لذاتها بل لغيرها‪ ،‬وإذا كان ذلك وكانت الصلاة مشروطة بالقبلة‪ ،‬وقد اشتق للقبلة‬ ‫اسم القبلة من قبل الاتفاق عليها والاستقبال لها‘ وكان على هؤلاء في الإجماع في‬ ‫هذا الموضع‪ .‬أن يتوجه كل واحد الجهة التي يتحرى الكعبة البيت الحرام‪ ،‬فإن‬ ‫تركها على سبيل التعمد لغير ضرورةة‪ ،‬فقد ترك القبلة وضيّع فرض الاستقبال لها‬ ‫في الصلاة‪ ،‬أليس على هذا قد صارت عند ذلك الجهات الأربع كلها قبلة ثم في‬ ‫الحقيقة بالمعنى والتسمية كل واحدة‪ ،‬بالإضافة إلى من تحرى الكعبة بها هي له‬ ‫القبلة في حقه‪ ،‬ولا بد من نعم لقوله تعالى‪ :‬ظ فأينما تولوا فثم وجه الله(" '‪ ،‬وإذا‬ ‫كان ذلك كذلك وقال كل واحد في القبلة للكعبة‪ .‬على سبيل التحري للكعبة‪ :‬إنها‬ ‫هي الجهة التي تحراها بها۔ وصلى الصلاة على ذلك أليس قد أصاب الحق‬ ‫سورة البقرة الآية‪‎‬‬ ‫‪.١١٥‬‬ ‫‪٤ ٣‬‬ ‫والمراد ووفق للصدق والسداد‪ ،‬في القول والعمل على الحقيقة في القبلة عند الله‪،‬‬ ‫بلى نعم‪ ،‬لأنها هي القبلة التي عليه أن يستقبلها‪ ،‬لأداء فضه جزماً‪ ،‬وغيره من‬ ‫أولئك مظه‪ ،‬فلا فرق وإن اختلفت الأقوال‪ ،‬ووقعت المضادة في الاستقبال‪ ،‬فكل‬ ‫ذلك حق في الحقيقة‪ ،‬ليس في شي ء منها خطأ عند الك لأنهم على الحق‪ ،‬والحق‬ ‫شيء واحد‪ .‬لا اختلاف فيه‪ ،‬ألا ترى أن على هذا كذلك كل بالإضافة إليه فيحال‬ ‫التحري والاستقبال‪ ،‬فلا فرق‪ .‬وإن كانوا في ظاهر الفرق في لزوم التعبد‪ ،‬بالتوجه‬ ‫من نحو الجهات لا جرم المنازل تتفاوت‪ ،‬والأحوال تتباين‪ ،‬والأحكام تختلفت‬ ‫بالإضافة إلى الخلق باختلاف المنازل والأحوال لا الخلق‪ ،‬وهؤلاء وإن كانوا في‬ ‫الظاهر في صورة الافتراق‪ ،‬فإنهم في الباطن على حقيقة الاتفاق‪ ،‬وليس لهم أن‬ ‫يتفقوا على التوجه إلى جهة في هذا الوجه‪ ،‬فإن فعلوا‪ ،‬صار الاتفاق في الظاهر في‬ ‫الحقيقة غير الافتراق‪ ،‬إذ قد تعبد الله كلأ منهم في ظاهر نفس التعبد في التوجه بما‬ ‫لم يتعبد به الآخر وألزمه ما لم يلزم الآخر‪ ،‬وعلى كل القيام بما ألزمه وليس له‬ ‫أن يضيع لازمه۔ ولا القيام في هذا الموضع بما لزم غيره‪ ،‬فإذا عمل كل واحد منهم‬ ‫بقول الآخر‪ ،‬فلا شك في أنهم يكونون على اجتماع في موضع النزاع‪ ،‬وذلك لأنهم‬ ‫قد صاروا على الباطل متفقين‪ ،‬وإن كانوا في القول والعمل مفترقين‪ ،‬فانظر في‬ ‫دقيق هذه المعاني‪ ،‬كيف كان في حكم دين الله الحق‪ 0‬في حق كل واحد من القول‪،‬‬ ‫والعمل الباطل في حق الآخر‪ .‬قال به أو عمل له كان على وجه الصحيح من‬ ‫القول حكاية من الغير‪ ،‬وعلى العكس في العكس" لأنها من مسائل الانعكاس‪ ،‬وليس‬ ‫ذلك لاختلاف الأحوال في الناس‪ ،‬وإلا فالحق في نفسه واحدت والباطل كذلكة‬ ‫ويختلفان في الجميع في الأصل على حال ألا ترى أنهم متى خلوا في حاله‪ ،‬كانوا‬ ‫‏[‪ ]٥٧٥‬فيها في الحكم على سواء‪ ،‬كذلك الرأي في العدل من الاختلاف في الرأي‬ ‫على هذا الحال‪ ،‬فإن قال‪ :‬هذا أكد في الرأي‪ ،‬وتصويب الصحيح منه على تفاوته‬ ‫من حجة العقل‪ ،‬فهل لك دليل على ما صح من الاختلاف بالرأي في الظاهر عدله؟‬ ‫إنه كله على تضاده‪ ،‬له حق عند الله من جهة النقل‪ ،‬وهل يمكن ويجوز أن يكون‬ ‫‪٤ ٤‬‬ ‫أشياء مختلفة في شيء واحد‪ ،‬وكلها حق في الحقيقة‪ ،‬وكذلك في جواز القياس على‬ ‫أصل مختلف بالرأي فيه هل جاء به الأثر عن أهل العلم والبصر ثقل هنتوا‬ ‫برهانكم إن كنتم صادقين»('أ‪ ،‬فيقال له‪ :‬نعم قول الله تعالى‪:‬لإ فمن كان منكم‬ ‫مريضا أو به أذى من رأسه ففدية وصيام أو صدقة أو نسك»"ا‪ .‬فهو بين أحد‬ ‫ثلاث خلال مختلفة الأحوال‪ ،‬أيها شاء‪ ،‬فله أن يختار‪ ،‬وكلها عند الله حق والبرهان‬ ‫الثاني‪ :‬ما نصته الله تعالى في سورة المائدة على كفارة الأيمان المرسلة من‬ ‫التخيير‪:‬‬ ‫إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير‬ ‫رقبة‪ ،‬فمن لم يجد‪ ،‬فصيام ثلاثة أيام‪ ،‬ذلك كفارة أيمانكم“!"أ‪ ،‬ولا يجوز على حال‬ ‫أن يكون على تفاوتها في الظاهر إلا عدلا كل واحد على الانفراد في حكمها‪ ،‬لأنها‬ ‫كلها في الحق‪ ،‬على الحقيقة متفقة وفي حكم دين ا له أبدأ غير مفترقة‪ ،‬وإن هي في‬ ‫صورة التباين من وجه الظاهر في الحق فيما يثبتها۔ كانت في المقال‪ ،‬فكلها عدل‪،‬‬ ‫ليس شيء منها أعدل من شيء۔ فانظر في ذلك‪ ،‬وفي معاني هاتين الآيتين ملهمأً‬ ‫فهما‪ ،‬بر هانان من ربكم عن ما قبلهما من البيان الصادر عن الهديان‪ .‬والبرهان‬ ‫الثالث‪ :‬قوله‪ ،‬عليه السلام‪( :‬ما رآه المسلمون حسنا‪ ،‬فهو عند الله حسن)‪ ،‬وذلك‬ ‫خاص ما قد رآه بالنظر الصحيح والرأي النجيح‪ ،‬والعقل الرجيح‪ ،‬صح فيه الجماع‬ ‫والاختلاف‪ ،‬أو وقع عليه الاتفاق‪ ،‬كله مقتضى الرواية‪ .‬حسن في الحق وقول‬ ‫الصدق‪ ،‬وجملة الاختلاف بالرأي في موضع الرأي مما قد استحسنه أهل العلم من‬ ‫المسلمين‪ ،‬وإذا كان ذلك‪ ،‬كذلك الحسن عند الله ما قد رواه من بصر بالعدل في‬ ‫الر أي عدلاأة لا لم يحز أن يكون خطأ عند الله بعد قوله عليه السلام‪ ‘،‬فهو حسن‬ ‫عند اللك‪ ،‬لأن الخطأ للحق ليس بحسن والحسن في الحق ليس بخطأ‪ .‬إذ ليس على‬ ‫الصحيح من الحسن في شيع أبدأ‪ ،‬إلا ما وافق العدل حقاً‪ ،‬وطابق الصدق صدقا‪.‬‬ ‫() سورة البقرة الآية ‏‪.١١١‬‬ ‫"( سورة البقرة‪ ،‬الآية ‏‪.١٩٦‬‬ ‫ا" سورة المائدة الآية ‏‪.٨٩‬‬ ‫‪٥‬‬ ‫والخطأ للحق‪ ،‬كأنه على خلاف ذلك‪ .‬والبرهان الرابع‪ :‬إجماع أهل الاستقامة في‬ ‫الدين وكذلك أهل الخلاف لدين المسلمين» إلا قليلا منهم من المبطلين على القول‬ ‫بالرأي والعمل على الرأي‪ ،‬وقد جرى من الاختلاف بينهم في ذلك في مواضع‬ ‫الرأي بالرأي في أمور لا تحصى وكفى بإجماع أهل الحق عند ذلك حجة في ذلكظ‬ ‫لأنهم الأمة‪ ،‬والله لا يجمع أمة محمد‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬على ضلال ولا خطا‪.‬‬ ‫وما خرج عن الضلالة بالحق‪ ،‬فلا يكون إلا حقاًة كما لا يكون ما خرج عن الحق‪،‬‬ ‫إلا ضلالاة لذ ليس بينهما منزلة ثالثة‪ ،‬ولذلك لا يستقيم أن يكون في الحق صو ابا‬ ‫وخطأً۔ ولا في الباطل حق وصواب‪ ،‬لأنهما أبدأ ضدان لا يجتمعان‪ ،‬فكيف في‬ ‫العدل من الرأي ‏[‪ ]٥٧٦‬جاز أن يكونا‪ ،‬وقد صح في الحق في الإجماع على الحق‬ ‫جوازه‪ ،‬وإياحته من بدنه‪ ،‬بلى‪ ،‬وإن في موضع لزومه لفريضةة وقد يصح أن يكون‬ ‫الله يلزم بعض عباده في شيء من التعبد شيئا من العبادات‪ ،‬في شيء من الأقوال‬ ‫والنێات‪ ،‬أو الأعمال في حال من الأحوال بما هو خطأ في حكمه‪ ،‬أو يندب إلى‬ ‫شيء في الظاهر‪ .‬يكون باطلا معه‪ ،‬أو يبيح لأولي العقول ما لم يكن في الحقيقة‬ ‫صوابا من القول‪ ،‬هذا مالا يجوز في أحكام دين الله على الله أبدا‪ ،‬بل هو لو كان‬ ‫كذلك‪ ،‬لا يكون الحق إلا في واحد‪ ،‬كما قال ع كما كان ذلك في الدين كذلك‪ ،‬إذا لما‬ ‫جاز أن يقال في آراء المسلمين الخارجة على الحق في الظاهر‪ .‬إنها على حق في‬ ‫الباطن‪ ،‬كلا ولا في شيء منها أنه صواب على الإطلاق في الخطأ ع ولا بالخطأ‪.‬‬ ‫لأنه يحتمل في كل رأي أن يكون هو الخطأ‪ ،‬كما يحتمل أن يكون هو الحق‪،‬‬ ‫ويكونان في الر أي‪ ،‬وفيما فيه الاختلاف بالر أي من الرأي‪ ،‬كالشكوك فيه أنه أيهما‬ ‫أولى‪ ،‬لكونهما في الشيء الواحد على الحال الواحد محال في ألباب أولي النهي‬ ‫والقطع بالحكم على شيء منها بأحدهما‪ ،‬وإن كان لا بد على قوله من أن يكون إما‬ ‫خطأش وإما صوابأ إن لم تكن خارجة عن الحق والصواب‪ ،‬كلها غيب‪ ،‬لا يدري‬ ‫لمعنى احتمالها الأمرين‪ ،‬ومن حكم أمثال هذا بالغيب‪ ،‬فلا مخرج له من الغيب‪ ،‬لكن‬ ‫ليس الأمر كذلك فإن آراء أهل العلم من المسلمين الخارجة على معاني الصواب‬ ‫‪٤٦‬‬ ‫كلها عدل‪ ،‬وإنما الخطأ ما لم يكن له أصل حتى يكون عليه‪ ،‬ولم يكن له محتمل في‬ ‫كساده لظهور فساده‪ ،‬بدليل الأصول وحجج العقول‪ ،‬وليس الكلام الآن في ذلك‪ ،‬لكن‬ ‫في الصحيح من الرأي الرجيح النجيح الواضح في العدل بيانه‪ ،‬والثابت في أصل‬ ‫الحق برهانه‪ ،‬إنه كله على اختلافه الظاهر‪ ،‬عدل ليس في شيء منه خطأ ولا‬ ‫باطل‪ .‬لمعاني ما بينت لك فيما مضى‪ ،‬والبرهان الخامس‪ :‬الأثر كقول الشيخ أبي‬ ‫سعيد‪ ،‬رحمه الله في المعتبر‪[ :‬وأما إذا كان القول يجوز فيه الرأي وكان فيه‬ ‫اختلاف‪ ،‬يخرج في الرأي كله صواب“ ولا يخالطه شيء في إحكام الرأي ع أراد‬ ‫الدين‪ ،‬وكل ذلك في الأصل صواب‬ ‫خارج في الإجماع صوابه‪ ،‬انتهى ما أرانا من‬ ‫كلامه بنقله('أ‪.‬‬ ‫وإذا كان ذلك يخرج كذلك‪ .‬لم يحر أن يكون فيه خطأ لكون الإجماع لا يكون إلا‬ ‫حقأ عند الله تعالى‪ ،‬لاستحالة كون إمكان قبوله الخطا قطعا وكفى بهذا شاهدأ بالحق‬ ‫في الحجة لنا على من رام الكسر لقولنا‪ ،‬ولكنا نريد أن نزد فيه لمزيد شاهد دليل‬ ‫آخر مما نرجو أن فيه عنه رحمة الله وذلك أنه قيل له‪ :‬فآراء المسلمين التي‬ ‫صحت‬ ‫لهم بينهم‪ ،‬وثبتت كلها عدل؟ قال‪ :‬هكذا عندي العلماء منهم إلا ما قالوه في‬ ‫الغلط‪ ،‬قول الشيخ أبي محمد‪ :‬وأما العالم الذي يجوز له أن يفتي بالر أي‪ ،‬فلا ضمان‬ ‫عليه إن أخطأ‪ ،‬ومأجور إن أصاب فيما يكون الحق في اثنتين‪ ،‬وأما ما يكون الحق‬ ‫في واحد فهنالك بالخطأ‪ ،‬ومن عمل به انتهى لفظه وهذا‬ ‫‏[‪ ]٥٧٧‬كأنه محتمل للنظر‬ ‫تأويلاش لأنه كذلك‪ ،‬يخرج فيما أخطأ الحق كذلك إذا لم يكن له في خطئه ذلك من‬ ‫اللين عدلة لأن الدين لا يجوز أن يكون الحق فيه‪ ،‬إلا في واحد‪ ،‬وإن اختلف القول‬ ‫من المختلفين بالر أي‪ ،‬أو الدين فيه وما عدا الدين إلى الرأي‪ ،‬فذالك الذي يمكن أن‬ ‫يكون الحق في اثنين‪ ،‬فما فوقهما‪ ،‬وما أرجوه من قول الشيخ أبي سعيد‪ ،‬رحمه الل‬ ‫فلا أزيد عليه‪ ،‬ألا وإنه على الإطلاق صحيح ونحن به نقول‪ ،‬لأنه كذلك في‬ ‫ا الغذوصي‪ ،‬جاعد بن خميس‪ :‬مقاليد التتزيل‪ ،‬وإدراك حقائق التأويل ص ‏‪.٤٧٩-٤٧٣‬‬ ‫‏‪٤٧‬‬ ‫الجملة وعلى الشريطة في التفصيل‪ ،‬بإضافة كل رأي إلى من رآه وكان له‪.‬‬ ‫وعليه أن يكون في القول والعمل عليه‪ ،‬لأنه قد صح بالحق‪ ،‬أن على كل من رأى‬ ‫الحق في عدل بشيء من الآراء‪ ،‬أن يعمل به عند لزوم العمل له به أو إرادة‬ ‫الاستعمال له‪ ،‬ولا يجوز له‪ ،‬أن يجاوزه إلى غيره‪ ،‬مما لا يرى عدله‪ ،‬أو أعدل في‬ ‫العدل منه‪ ،‬أو أفضل‪ ،‬لأنه الحق في حقه‪ .‬وقد قالوا‪ :‬إن تارك الأعدل عن بصيرة‬ ‫منه تارك للعدل‪ ،‬والعامل على خلافه آخذ بالجوز‪ ،‬فكأنه على هذا بالإضافة في‬ ‫معنى المجتمع عليه في حقه في حاله ذلك في العمل لما في الدينونة إذا كان لا‬ ‫يرى‪ ،‬إلا ذلك حتى يرى غيره مثظه‪ ،‬أو أصح منه‪ ،‬ولولا ذلك ما كان يتركه ملومأ۔‬ ‫ولا في الحق على ذلك مأثومأ‪ ،‬وكذلك غيره مثله‪ ،‬يكون فيما يرى» وإن رأى‬ ‫الأعدل في خلاف ما رآه ذلك أعدل‪ ،‬كان الحق العدل في حق كل واحد منهما‪.‬‬ ‫بالإضافة إليه في ذلك بالعكس» لأن لكل من الناس أن يرى‪ ،‬وعليه في موضع‬ ‫اللازم أن يرى‪ ،‬ويناظر من يرى‪ ،‬إذا كان لا يرى‪ ،‬ويتبع من ذلك الأعدل‪ ،‬وله أن‬ ‫يأخذ الأفضل‪ ،‬فإن لم يكن له نظر ولا قدر على من يدله من أهل البصر‪ ،‬تحرى‬ ‫العدل‪ ،‬ليأخذ به بمبلغ ما قدر على أصح ما جاء به في ذلك‪ ،‬لا على الإهمال ولا‬ ‫علي سبيل الاتكال على شيء من الأقوال‪ ،‬أو رأي من آراء الرجال‪ .‬في هذا‬ ‫المجال‪ ،‬على كل حال‪ ،‬لكونه عند فقد المعبر العبارة والعرين لله ذلك بمثابة‬ ‫المتحّير في القبلة‪ ،‬النازل إلى التحري لها‪ ،‬لأداء فرض الصلاة‪ ،‬كما أمر الله بها‪،‬‬ ‫والمستدل بغيره على الرأي‪ ،‬والأعدل في الرأي كالمستدل على القبلة وكما أنه‬ ‫ليس له أن يقتدي بمتحيّر يتحرى مثله فكذلك ليس له في الرأي‪ ،‬ولا في العدل في‬ ‫الأري‪ ،‬وإنما يتبع الأعمى البصير القوي‪ ،‬وليس البصير بهما كالحيران فيهما في‬ ‫معاني ارتفاع‪ ،‬نازلة الشك‪ ،‬بالنظر إلى نفس الحق‪ ،‬لما بنور العلم نظر إليه فرأهص‬ ‫وكان بالعدل له ولغيره يرضاه‪ ،‬وهذا في تحريه غير بارز في حقيقة نفس الشك في‬ ‫نفس العدل‪ ،‬لأن ذلك كله كالأخبار في حقه‪ ،‬قد صار‪ .‬وليس فيما عدا الشهرة‬ ‫يكون الخبر كالخبرة‪ ،‬ولا السماع بالأعيان كالعيان‪ ،‬كما بها من قبح وبهاء‪ ،‬وكأنه‬ ‫‪٤٨‬‬ ‫في المعنى‪ ،‬إذا سمع‪ ،‬وذلك المستضيئ بنور العلم‪ ،‬يكون في رومه له‪ ،‬كالطالب‬ ‫فيما يرى‪ ،‬بقصد ما يرى في الحقيقة‪ ،‬على قصد الطريقة من غير أن يشك فيها‪.‬‬ ‫ولا فيما يرى‪ ،‬والمتحير في ذلك النازل إلى التحري» كالطالب لما لا يرى‬ ‫والملتمس لما لا يرى‪ ،‬يرجو ‏[‪ ]٥٧٨‬في التماسه أن ينال ما طلب‪ ،‬لا يزايله الشك‬ ‫في حقيقة ذلك أينما ذهب فإن في إصابته في الحق على الحقيقة لا شك‪ ،‬لقيامه به‬ ‫في محل ما له أو عليه ولا شك كالمصلي ذلك على التحري‪ ،‬وإن كان من الشكر‬ ‫في أنه أصاب الكعبة أولأ في استقباله لا يتحرى‪ ،‬ففي إصابته الحق الذي عليه في‬ ‫القبلة لا شك هو الحق عند الله في حقه‪ ،‬وهل المطلوب غير الموافقة للحق لله‪0‬‬ ‫والحق في حق كل واحد ما رآه من ذاته عن بصر أو بغيره من أولي النظر أو‬ ‫نزل في الرأي التحري‪ ،‬فتحراه بالعدل أعدل‪ ،‬وأهدي والحمد‪ ،‬ومهما وقع التساوي‬ ‫بين الآراء في شيء معه‪ ،‬فهي في الحكم بالحق في حقه على سواء‪ ،‬لكونها في‬ ‫رأيه في العدل متفقة‪ ،‬وإن كانت بالإضافة إلى غيره مفترقة في القول والعمل‪ ،‬في‬ ‫الظاهر وفي الأثر‪ ،‬عن الشيخ أبي المؤثرة وأبي سعيد‪ ،‬وأبي محمد‪ ،‬أن له أن يأخذ‬ ‫بأيها شاء‪ ،‬ونحن كذلك نقول‪ ،‬ولا نعلم فيه من القول اختلافا‪ .‬وليس من الجائز فيه‬ ‫إلا نلك‪ ،‬ما كان على ذلك وليس في الحكم يكون الإثم على تارك العدل مختارأ في‬ ‫العمل دليل على أن نفس ذلك الرأي المخالف له الذي عمل به خطأ عند الله‪ ،‬إذ لو‬ ‫كان ذلك كذلك‪ ،‬لكان الذي رآه أعدل‪ ،‬بالإضافة إلى من لا يراه‪ ،‬ويرى الأعدل‬ ‫غيره خطأ عند الله‪ ،‬فإنه على الأصح۔ يأثم بالعمل تركأ منه لذلك الغير‪ ،‬الذي رآه‬ ‫عن بصيرة منه أعدل‪ ،‬فصار كلا القولين‪ ،‬فما فوقهما خطا‪ ،‬ولم يكن في شيء‬ ‫منها‪ ،‬حتى إن لو ثبت هذا في الحق‪ ،‬وليس ذلك كذلك‪ .‬فإن آراء المسلمين من أهل‬ ‫العلم الثابتة في الصحيح‪ .‬كلها خارجة على معاني الصواب‪ ،‬لمن رآها وبأيبها‬ ‫اقتدى على هذا الوصف اهتدى‪ ،‬إلا ما كان منها مخالفا للحق‪ ،‬وإنما يأثم التارك‬ ‫لأعدلها عن بصيرة منه بها‪ ،‬إذ هو فرضه الذي عليه‪ ،‬عند لزومه له في العمل‬ ‫إذ‬ ‫يعمل به‪ ،‬والعامل على خلافه‪ ،‬الذي لا يراه ويراه‪ ،‬غيره مهملا لفرضه‪ ،‬مستقبلا‬ ‫‪٤٩‬‬ ‫بفزض غيره لهوئ۔ أو حجاب عمئَ‪ ،‬وكذلك ربما كان كل واحد يأثم بعمله على ما‬ ‫يراه الأخر‪ .‬إذا كان كل منهما لا يرى ما الآخر يرى‪ ،‬ويرى ما لا يرى‪ ،‬فيعسل‬ ‫على ما يرى لأمر‪ ،‬حيث أنه لا يكون الحق‪ ،‬إلا في واحد منهما‪ ،‬ألا ترى أنهما‬ ‫يكونان مسلمين سالمين وفي حكم دين المسلمين محقين‪ ،‬غانمين‪ ،‬في حال ما يقول‬ ‫كل واحد منهما‪ ،‬بخلاف ما يقوله الآخر‪ .‬ويعمل على خلاف ما يعمل عليه الآخر‪.‬‬ ‫بلا خلاف نعلمه في الرأي يصح حزما إذا اعتمد كل واحد منهما على ما قد رآه‬ ‫بالحق أصوب ي والولي على وجود هذا التضاد ولي‪ ،‬والعداوة من أجل هذا محرمة‬ ‫والوقوف كذلك‪ ،‬فكيف هذا؟ ولم كانا‪ ،‬وكانا على هذا في الحكم أهل الحق فايلحق؟‬ ‫ولما كان الموافق لغير الحق على قول هذا القائل في قول المسلمين مأجور أً؟ ولم‬ ‫يكن على فهلا لفت للحق ما دون‪ ،‬ورآه افترى أن الله قد أباح التقرب إليه بغير‬ ‫حق‪ ،‬وجعل قيام الطاعة ‏[‪ ]٥٧٩‬بالباطل‪ .‬أو فزض على خواص من عباده في‬ ‫الظاهر ما هو الخطأ في الباطن‪ .‬أو أعد الثواب على القيام به وتوعد على تركه‬ ‫بالعقاب‪ ،‬كلا إن هذا لمن أصح دليل على أوضح سبيل بأن ما رآه أهل العلم من‬ ‫المسلمين بالحق حقا ‪ 4‬فهو الحق‪ ،‬وإن اختلفت في الرأي الأقوال‪ ،‬وافترقت لذلك‬ ‫الأحوال‪ ،‬فالعدل يجمعها‪ ،‬وإلى الحق مرجعها‪ ،‬ومن الحق مصدعها‪ ،‬لولا ذلك ما‬ ‫جاز العمل بها‪ ،‬إذ ليس بعد الحق إلا الضلال وما خالف الحق لم يجز أن يعمل‬ ‫في حال من الأحوال‪ ،‬وإذا كان هذا حالها وإليه بالحق ما لها‪ ،‬فكيف لا يجوز أن‬ ‫يكون الر أي والمختلف فيه بالر أي أصلا للقياس فايلشر عظ لما أشبهه من الفرع ما‬ ‫لم يكن هنالك موجب للمنع منكتاب الله المبين‪ ،‬ه سنة رسول الله الأمين‬ ‫أو‬ ‫إجماع المحقين‪ ،‬من أهل الاستقامة في الدين‪ ،‬أو ما يشبه ذلك‪ ،‬أو حجة عقل‪ ،‬شهد‬ ‫لها الحق بالصواب“ ولا نعلم في شيء منها أصلا يحجز ذلك في الجملة أصلا‪ ،‬كلا‬ ‫ن ذلك لسائغ في العقل‪ ،‬وثابت صحيح النقل‪ ،‬ألا ترى إلى ما قيل في اختلاف‬ ‫الزوج وأب المرأة في الصداق قبل الدخول‪ ،‬إن القول قول الأب‪ ،‬والزوج بالخيار‪،‬‬ ‫إن شاء طلق‪ ،‬وأعطى نصف ما قال‪ ،‬وإن شاء الدخول وأعطى ما قال الأب ولما‬ ‫‪٥ ٠‬‬ ‫سئل أبو علي عنها‪ ،‬قال‪ :‬ما له لا يكون القول قوله‪ ،‬وقاسها بالبيع‪ ،‬و لا شك في ذلك‬ ‫مما قد اختلف بالرأي فيه على أربعة أقوال‪ ،‬إذا اختلف البائع والمشتري في الثمن‬ ‫والسلعة قائمة في يد البائع‪ ،‬وكذلك الشيخ أبو سعيد‪ ،‬رحمه الله‪ ،‬كيف قاس المخاط‬ ‫بالبزاق في إزالة النجاسات من البدن أو الثياب‪ ،‬وأجرى ما جرى من الاختلاف في‬ ‫البزاق على المخاط تشبيها له به‪ ،‬وأمثال هذا يتسع‪ ،‬فلا يحصى‪ ،‬وإنما أتيتك بهاتين‬ ‫الصورتين‪ ،‬عن باب الأديان والأحكام‪ .‬لتعلم وجه الإجازة لذلك في كلا الوجهين‬ ‫جميعا على الدوام‪ ،‬والقول بالمنع في ذلك من الشيخ أبي محمد‪ ،‬لا يتوجه لي في‬ ‫هذا وجه صوابه‪ ،‬سيما إذ قد صح ذلك وجوده في الأثر‪ ،‬عمن هو أعلم منه من أهل‬ ‫البصر فكأن لا وجه له۔ اللهم إلا أن يكون أراد بأن الاختلاف في الرأي أصل‬ ‫متفق عليه في الأصل‪ ،‬لوجود الإجماع من أهل الاستقامة عنده بدليل الكتاب‬ ‫والسنة على أنه حق وصواب“ ونور‪ .‬وهدي‪ .‬وشفاء لما في الصدور‪ .‬والحق في‬ ‫نفسه‪ ،‬لا يختلف‪ ،‬ولا يجوز عليه الاختلاف لأنه شيء واحد‪ ،‬وأصل واحد‪ ،‬ومعنى‬ ‫واحد‪ ،‬وما خالف الحق‪ ،‬فلا شك أنه باطل‪ ،‬لأنهما شيئان لا ثالث لهما جرماأ‪ ،‬هذا ما‬ ‫لا يجوز في دين الله عند أهل الألباب سواه‪ .‬لكن قد أتي من صريح مقالة‪ ،‬الفصيح‬ ‫في غير موضع تارة قبل قوله ذلك‪ ،‬وتارة بعد ما يستدل به عليه أنه ما هذا ما‬ ‫قصد ولا عليه اعتمد‪ ،‬وإنما هو على ما سبق في الظاهر إلى النفوس معناه‪ ،‬وكفى‬ ‫بنفسه حجة على نفسه في المخلد بالحجة عليه‪ ،‬رجوعه بالعدل ‏[‪ ]٥٨٠‬ضرورة إلى‬ ‫ما قد نفاه‪ ،‬حيث قال‪ :‬إنا وجدنا أصل التحريم في العصير‬ ‫إنما هو يتعلق بالشدة‬ ‫يوجد بوجودها‪ ،‬ويرتفع بارتفاعها‪ ،‬فإذا رأينا هذه الشدة في غير مخمر‪ ،‬ألحقناه بها‬ ‫للعلة الجامعة بينهماێ وهذا غير خارج في صحيح النظر عن صحيح القياس‪ ،‬ولكنه‬ ‫مختلف فيه‪ ،‬لا على اتفاق‪ ،‬ولا إجماع‪ ،‬وإنما هو على قول‪ ،‬لأن تحريم المصير‬ ‫بنفس الشدة دون إرادة مخمر به فما قد اختلف فيه بالرأي أمل الرأي من‬ ‫المسلمين حتى يجتمع فيه الشدة والإرادة‪ ،‬ولا يشبه أن يكون على حال ما حلت به‬ ‫هذه الشدة من الحلال على غير ظلك الإرادة‪ ،‬إلا كالعصير المجرد عنها‪ ،‬ويلحقه ما‬ ‫‪٥١‬‬ ‫لحقه من الاختلاف‪ .‬لأن ما أشبه الشيء فهو مظه‪ ،‬وكذلك في تحليل ماانحال من‬ ‫الشدة عنه من مخمر خلاش فما قد اختلف فيه‪ ،‬وقياسه في ارتفاع حرمته‪ ،‬لذلك بجلد‬ ‫الميتة بعد الدباغ‪ ،‬كذلك قوله في جلد الميتة‪ :‬إنه أصل متفق‪ ،‬فليس بصحيح فيه من‬ ‫بعد الدباغ الذي لزم به القياس‪ .‬لأنه من المختلف فيه بالرأي والرواية وقد حكى‬ ‫في غير هذا الموضع الاختلاف عن أصحابنا فيه بنفسه‪ ،‬فكيف هذا؟ أليس هذا من‬ ‫صريح التناقض في القول؟ بلا كل واحد من قوله نقيض يقتضي الاخر من قوله‪،‬‬ ‫لأن المختلف في الرأي فيه غير المتفق عليه من الدين‪ ،‬وإن كان الخارج منه‪ ،‬فإن‬ ‫لأصله فرع‪ ،‬وليس في القياس في هذا وأمثاله المقصود‪ ،‬ثم من الخل نفس الخلة‬ ‫ولا من الجلد نفس الجلد‪ ،‬ليكون كل منهما المتفق في ذاته عليه في الجلد‪ ،‬إنه جلدظ‪،‬‬ ‫ولا في الخل إنه خل ولا المطلوب منهما في المقايسة بينهما‪ .‬يشابه مجوهرين‬ ‫وتقايس الذاتين‪ ،‬فإن ذلك لا متشابهة فيما بينهما فيه‪ ،‬وإنما المطلوب من ذلك‬ ‫والمراد كون التمال في المعنيين‪ ،‬ويساوي الحكمين في الحل والطهارة‪ ،‬و لارتفاع‬ ‫عارض النجاسة عنهما‪ ،‬وموجب الحرمة فيهما‪ ،‬كلا بل يخصه منهما وكأنهما‬ ‫لتشابه المعانى على سواء في الحكم‪ ،‬لكنه ما دام العارض في الإجماع بهما‪ ،‬فكل‬ ‫منهما أصل قائم بنفسه في حكمه فلا قياس‪ ،‬وإنما القياس منهما بالآخر‪ .‬بعد الدباغ‬ ‫بالجلد الميتة‪ ،‬وزوال الشدة من نبيذ الخمرة‪ ،‬لأنهما فرع‪ ،‬ولكنه على مختلف فيه‪.‬‬ ‫من حيث كان كون المقابلة والمناظرة لهما بعضهما بعض ولا مرد لأحدهما‬ ‫فحال ما يختلف فيه عن الآخر‪ ،‬في حال ما ينفق بالإجماع عليه في حال ما أجمع‬ ‫عليه على الآخر في حال مايختلف منه بوجود ما به ۔ كان الرأي والاختلاف‬ ‫بالرأي يكون في أحدهما في الحل والطهارة دون الآخر‪ .‬هنالك لكون الانقلاب‬ ‫بالانقلاب في العين في ذا‪ ،‬أو من مزيد الدباغ في هذا الذين هما‪ ،‬بمعنى الزكاة‬ ‫فيهما على رأي‪ ،‬وكون بقائه‪ ،‬ثم على الأصل في الحجر والنجاسةة لا يكون إلا‬ ‫على قول‪ .‬ولا يجوز أن يحكم بالاختلاف في موضع الإجماع‪ ،‬لا بالإجماع في‬ ‫موضع الاختلاف وكذلك لم أجد المخرج لهذا الشيخ في كلامه من المناقضة في‬ ‫‪٥٢‬‬ ‫أحكامه‪ ،‬وكأنه لم يكن ذلك منه على معنى الرجوع عن أحدهما‪ ،‬صح عليه ‏[‪]٥٨١‬‬ ‫أنه في الظاهر على المنع‪ ،‬مما هو على الحقيقة فيه في الباطن عنه‪ ،‬الظاهر لغيره‬ ‫ولعله من حيث لا يدري والله أعلم('أ‪.‬‬ ‫وكأنه لدعوى الاتفاق منه في ما فيه الاختلاف بالرأي يبن أهل الرأي في موضع‬ ‫الرأي‪ ،‬يقرب من وذلك‪ ،‬وكل ذلك ليس بشيء۔ لأنه البضطربس إلا ما وافق‪،‬‬ ‫والآثار المسلمين طابق‪ ،‬وكان من أوضح الأدلة عليه‪ ،‬بأنه متردد في غير سبيل‬ ‫هدى في ذلك‪ ،‬ما كان من دعواه‪ ،‬بعد الاختلاف الذي في دم الرعاف عن القوم‬ ‫حكاه في قوله‪ ،‬وكل قد قاس على أصل متفق عليه وهي الاستحاضة‪ ،‬وأي أصل‬ ‫لمن قال بطهارته‪ ،‬يصح له في الاستحاضة القياس‪ ،‬فإن كان لطهارة دم الاستحاضة‬ ‫فيه الأصل معه۔ وإنما عارضته النجاسة بالمخرج عنه لأنه خارج من مخرج‬ ‫النجاسات‪ ،‬فكان المخرج هو العلة لنجاسته‪ ،‬فذلك مثله في الأصل» ولكنه خرج من‬ ‫موضع ظاهر فكان على أصله من الطهارة فذلك باطل‪ ،‬لأنه إنما هو نجس لذاته‬ ‫لا لغيره من المنجسات‪ ،‬لما عارضته من الطهارات“‪ ،‬والرعاف كذلك‪ ،‬ولا أعلم في‬ ‫هذا بين أهل الحق من القول اختلافأ‪ ،‬وإنما الاختلاف فيهما‪ ،‬أعلمه في أنهما من‬ ‫المسفوح أولا‪ ،‬وقد قيل فيهما بهذا وهذا جميعا‪ .‬وأما في القول بالطهارة فلا‪.‬‬ ‫والمشابهة فيما بينهما‪ ،‬يخر ج‪ ،‬فلا ترد في القياس‪ ،‬لكن القول في دم الاستحاضة أنه‬ ‫نجس بالمخرج‪ ،‬طاهر الاحتباس‪ ،‬وكأنه بالعدل مردود‪ ،‬لأنه باطل» وأي أصل‬ ‫لباطل يصح القياس به‪ ،‬لمن رامه من الناس كلا على‪ ،‬إذ لا وجود لفرع بغير‬ ‫أصل‬ ‫ولا قيام لبناء على غير أساس» والباطل لا أصل له والقياس به كأنه قياس‬ ‫غير شيء‬ ‫لأنه كاسمه‪ ،‬بل لو كان الاختلاف في دم الاستحاضة من القوم كله‪.‬‬ ‫لايخرج من الصواب لما كان القياس به إذ الدم الرعاف على قوله إلا على أصل‬ ‫مختلف فيه في هذا‪ ،‬لأنه وإن كان في نفسه واحدأ‪ ،‬وكان المجمع عليه في الاسم‪،‬‬ ‫)( المصدر نفسه ص‪‎‬‬ ‫‪.٤٨٣ - ٤٧٩‬‬ ‫‪٥٢٣‬‬ ‫فإنما يلحق ذلك في التسمية له بالمتفق عليه‪ ،‬أو المختلف فيه من طريق الحكم ألا‬ ‫وإنه لهو المطلوب منهما في هذا الموضعخ لأنهما مهما جردا من الإضافة‪ ،‬كانا‬ ‫على مسمى في التسمية لهما‪ ،‬وكأنه لم يبق في النظر معنا في المراد من المقايسة‬ ‫بينهما‪ .‬غير استخراج الحكم بالطهارة‪ ،‬أو النجاسة فيهما‪ ،‬وأهل الخلاف في طهارته‬ ‫ونجاسته‪ ،‬على خلاف فيما يروى‪ ،‬إن صح ما يروى‪ ،‬وأبو محمد هذا‪ ،‬كان على‬ ‫التخطئة لمن قال فيهما بالطهارة‪ ،‬وذلك صحيح۔ بدليل الكتاب‪ .‬والسنة‪ ،‬والإجماع‬ ‫على ذلك‪ ،‬ولكن كيف له بمعنى قوله‪ ،‬في قول من يقول في دم الرعاف بالطهارةظ‬ ‫المخرج قياسأ على أصل دم الاستحاضةء إنه قياس على أصل متفق عليه‪ ،‬فأي‬ ‫أصل حق لحكمة في الأصل‪ .‬والأصل مراد الحكمة‪ ،‬ليس يحكم به فيما أشبهه من‬ ‫شيء لعله جامعة بينهما‪ ،‬وأي قياس لحكمه۔ والحكم باطل‪ ،‬والعلة فاسدة‪ ،‬والحجة‬ ‫داحضته‪ ،‬وما أشبه الباطل» فلا يكون إلا باطلاً‪ ،‬وأي اتفاق في النظر فيه‪ ،‬بالإضافة‬ ‫إليهم في الظاهر‪ ،‬وقد ‏[‪ ]٥٨٢‬حكى الاختلاف بينهم في حكمه بنفسه عنهم‪ ،‬حتى‬ ‫يكون قد قاس كل منهم به‪ ،‬ثم على أصل متفق عليه في النظر بالحق عليه‪ ،‬قد صح‬ ‫له معه على أصل متفق عليه عنده‪ ،‬إذ هذا القول مختلف بهذا‪ ،‬ولأنه كان القياس‬ ‫على أصل واحد متفق على حكمه‪ ،‬خرج فيه معنى الاتفاق ولم يصح فيه معنى‬ ‫خروج الاختلاف به وحده لأن الحكم الواحد في الأصل‬ ‫ولا يجوز‬ ‫لأن ينقلب‬ ‫اثنين في الفرع‪ ،‬وبهذا كله علم‪ ،‬إن قوله ذلك غير مستقر بعد على قاعدة في‬ ‫العدل‪ ،‬ولعله المراد من الاستحاضة نفس الاستحاضة لا غيرة وأي فائدة يطلب‬ ‫بالمقايسة بها منها دون إرادة‪ ،‬والحكم فيها لأن‪ ،‬تجري فيما أشبهها في نجاستها‪ ،‬أو‬ ‫طهارتها‪ ،‬كلا إن ذلك هو المطلوب والمراد‪ ،‬والصحيح من القول في دم‬ ‫الاستحاضة والرعاف‪ ،‬قول من يقول منهم بنجاستهما في الأصل وكان على‬ ‫الاتفاق بالأصل الحق من أصحابنا وكأنهما أصل واحد وما أشبهه‪ ،‬وخرج بالقياس‬ ‫فيه معنى حكم بذلك قياس على أصل متفق عليه في حكمه يكون به لوجود الحكم‬ ‫بنجاسته في ذاته جسماًش ليس للاختلاف فيه معهم مدخل نعلمه أصلاة وإذا كان‬ ‫‪٥٤‬‬ ‫القول فيهما هكذا‪ ،‬يخرج بالحق في دين أهل الحق لا غير والقول بالطهارة‪ ،‬فأين‬ ‫موضع الحق في القول بطهارة المقاس به في اتفاق واختلاف رأي؟ والقول فيه‬ ‫بالطهارة‪ ،‬لا خلاف بين أهل الحق في أنه باطل؟ أروني إياه‪ ،‬فإني لا أراهه وهل‬ ‫صح في الحق أن أحدأ من أهل الحق في اتفاق‪ ،‬واختلاف بالحق رآه؟ كلاش لا نعلم‬ ‫ذلك‪ ،‬وليس المراد نفي المقايسة بين الجسدين‪ ،‬ولا المشابهة بين‬ ‫الدمين‪ ،‬ولا‬ ‫المساواة بين الحكمين‪ ،‬فإنهما على سواع‪ ،‬ولكن في النجاسةة وإنما المراد نفي الحق‬ ‫في الطهارة‪ ،‬والحكم في الحكم بحكمه‪ ،‬فيما قيس عليه بأنه فاسد‪ ،‬لأنه إذا كان حكم‬ ‫الشيء هو المراد‪ ،‬ليس يجري فيما أشبهه من شيء بالقياس‪ ،‬فيما يجوز فيه القياس‬ ‫وكان في الحكم باطلاً‪ ،‬لم يجر التعلق به فيه على حال‪ ،‬لأنه باطل‪ ،‬ومن الباطل أن‬ ‫يحكم بشيء بالباطل‪ ،‬وقد صح ذلك بالعدل باطله‪ ،‬فلا حكم له‪ ،‬ولا قياس به‪ ،‬لأنه‬ ‫على الحقيقة‪ ،‬كأنه لا شيء‪ ،‬إذ هو زاهق على كل حال‪ ،‬لأن الباطل كان زهوقأ‪.‬‬ ‫ولذلك لا أعلم فيه لقول أبي محمد في الحقيقة معنى في نلك‪ ،‬يقرب بالعدل من‬ ‫الصواب والله أعل('أ‪.‬‬ ‫فانظر في هذا كله‪ ،‬ولا تأخذ إلا ما اتضح لك نور عدله‪ ،‬وانكشف لك صحيح‬ ‫فضله والتوفيق بالله‪ ،‬والسلام عليك ورحمة الله وبركاته‪ .‬من المحب الفقير إلى الله‬ ‫جاعد خميس بن مبارك بن يحيى الخروصي ")‪.‬‬ ‫قال الشيخ سعيد بن أحمد الكندي في قول الشيخ أبي محمد‪ :‬والقياس لا يصح إلا‬ ‫على أصل متفق عليه‪ ،‬فإن كان معناه في الفروع الخارجة من الدين على معاني‬ ‫الرأي والاجتهاد‪ ،‬التي لم يسبق فيها قول من أهل الرأي‪ ،‬أو سبق فيها قول‪ ،‬لكن لم‬ ‫يصح مع المبتلي بتلك الحادثةش ‏[‪ ]٥٨٣‬وصح معه قول من أهل الرأي في مثلها من‬ ‫النوازل بمعنى‪ ،‬أو صفة‪ ،‬أو علة‪ ،‬فلا يبين لي أن يمنع القياس لمن رامه‪ ،‬إذا كان‬ ‫() المصدر نفسه ص ‪٤٨٥-٤٨٣‬۔‏‬ ‫‏(‪ (٢‬المصدر نفسفك‪،‬‬ ‫ص‬ ‫‏‪.٤٨٥‬‬ ‫‪٥ ٥‬‬ ‫مما يجوز فيه القياس‪ ،‬كما أنه إذا لم تشبه تلك النازلة شيئا مما يسبق فيه القول‬ ‫بالرأي‪ ،‬وكان مما يجوز فيه الرأي‪ ،‬والمبتلي به ممن يجوز له القول بالرأي جاز له‬ ‫أن يقول فيه بالرأي‪ .‬إذا أبصر وجه الرأي فيه‪ ،‬وبان له صوابه‪ ،‬وانشرح له‬ ‫صدره‪ ،‬واطمأن إليه قلبه فكيف إذا قاسه على ما هو مظه؟ وقد جاء الأثر أنه يقاس‬ ‫ما لم يستوفيه قول من أهل العلم على أقرب الأشياء إليه وكفى حجة وشاهدأ‪ ،‬قياس‬ ‫بعض العلماء بعض الفروع‪ ،‬التي لم يسبق فيها قول قبل القائسين لها‪ ،‬على رأي قد‬ ‫سبق فيه قول من أهل الرأي فيما لا يحصى وأرجو أن لا يغيب عليك ذلك‪ ،‬إن‬ ‫شاء الله وما أشبه الشيء فهو مثله‪ ،‬هكذا جاء الأث‪ ،‬وما قد ذكرت في قول من‬ ‫يقول ما اختلف فيه بالرأي‪ ،‬لا شك أن أحدهما خطأ عند الله‪ ،‬وكذلك ما زاد على‬ ‫ذلك‪ ،‬لا يكون الحق‪ ،‬إلا في واحد‪ ،‬ولو كانت في الظاهر كلها عدلا لم ببين لي‬ ‫معنى ما أراد هذا القائل‪ ،‬وكان القول بنقض بعضه بعضا‪ ،‬وكان معناه يخرج على‬ ‫بطال الرأي من الدين وإبطال قول النبي‪ ،‬عليه السلام‪( :‬أصحابي كالنجوم‪ ،‬بأيهم‬ ‫اقتديتم‪ ،‬اهتديتم)‪ ،‬فيكف يكون مهتدياً في الظاهر‪ ،‬مخطئا في الحقيقة عند الله؟ وقد‬ ‫قال الله تعالى‪ :‬وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذا نقشت فيه غنم القوم وكنا‬ ‫لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان»(اأ‪ ،‬ثم قال مدحاً للجميع المخطي والمصيب‬ ‫وكلا آتينا حكمأً وعلما( "أ فهذا في الخطأ في الرأي ‪ ،‬فكيف إذا كانوا كلهم‬ ‫مصيبين‪ ،‬أرأيت إذا اختلف عشرة أنفس في حادثة وكان مما يجوز فيها القول‬ ‫بالر أي‪ ،‬وكانوا كلهم من أهل الرأي وأهل علم وفقه ونظر وبصر‬ ‫وقال كل واحد‬ ‫منهم باجتهاد نظره۔ لم يتفق اثنان منهم على معنى واحد‪ .‬بل اختلفوا كلهم‪ ،‬وكانت‬ ‫أقاويلهم كلها خارجة على معنى العدل متساوية‪ ،‬فهل يجوز أن يكون العامل بها‪ ،‬أو‬ ‫بشيء منها‪ ،‬مخطئاً عند الله؟ وقد قال الله تعالى‪ :‬فمن شرح الله صدره للإسلام‬ ‫(سورة الأنبياء‪ ،‬الآية‬ ‫"سورة‬ ‫الأنبياء‪،‬‬ ‫الآية‬ ‫‏‪.٧٩٧٨‬‬ ‫‏‪.٧٩‬‬ ‫‏‪٥٦‬‬ ‫فهو على نور من ربه»(أ فكيف من كان على نور ربه مخطيا عنده في الحقيقة‪.‬‬ ‫وقد قال الله تعالى‪ :‬ظلفمن يرد الله أن يهديه‪ ،‬يشرح صدره للإسلام»("'‪ .‬وبيان عدل‬ ‫الأقاويل انشراح الصدر لها‪ ،‬وقد قال النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ .‬في قوله لو‬ ‫أبصر وقد سأله عن البر‪ ،‬فكان على حسب قوله (ما اطمأن إليه القلب عن القلب‪،‬‬ ‫فهو البر وما حاك في الصدر‬ ‫فهو الفجور) وقد قال بعض أهل العلم‪ :‬والقلب لا‬ ‫يطمئن إلى البر‪ ،‬وهو منكر‪ .‬والمعروف تعرفه القلوب‪ .‬والمنكر تنتكره القلوب‬ ‫فكيف تعرف القلوب ما هو منكر عند الله؟ أو تنكر ما هو معروف عند الله؟ ومن‬ ‫الحجة علي إبطال هذا القول‪ ،‬قول الله تعالى‪:‬طل فإن لم يأتوا بالشهادة فأولئك عند الله‬ ‫هم الكاذبون»"أ فكيف صاروا بشهادتهم بالصدق كاذبين‪ ،‬لمخالفتهم الحجة الظاهرة‪.‬‬ ‫إذا لم يتعبد ‏[‪ ]٥٨٤‬الله عبادة‪ ،‬إلا أظهرلهم‪ ،‬ولم يتعبدهم بالسرائر‪ ،‬وفي حسابي أنه‬ ‫لا يغيب عليكم أمثال هذه المعاني‪ ،‬ومن الحجة في الآراء الخارجة على معني‬ ‫الاجتهاد والنظر لإصابة الحق‪ .‬أنها كلها حق عند الله تعالى‪ ،‬وليس فيها شيء يكون‬ ‫خطأ عند الله تعالى‪ ،‬إن المجتهد لإصابة العدل منها‪ ،‬مطيع لله‪ ،‬غير عاص بامتثال‬ ‫لأمره‪ ،‬لقوله تعالى‪ :‬ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم“»(ُأ‪ ،‬لعلمه‬ ‫اللين يستنبطون منهم‪ ،‬فمن علم منهم ما علمه منه فلا شك أن الحق في حقه‪.‬‬ ‫ببلوغ‬ ‫علمه اياه‬ ‫عنك‪ ،‬وما ضاق‬ ‫وانشراح‬ ‫صدره‬ ‫به صدر ه‪ ،‬فلا شك‬ ‫لك‬ ‫وإن كان‬ ‫في حق‬ ‫غير باطل ‪ .‬لضيق صدره‬ ‫أنه باطل في حقه‪ ،‬ومحال‬ ‫أن يأمر الله بغير‬ ‫العدل‪ ،‬لقوله تعالى‪ :‬هان الله يأمر بالعدل والإحسان“»("أ والخطأ إنما هو من‬ ‫الشنيطان‪ ،‬لقوله‪:‬‬ ‫‏(‪ (١‬سورة‬ ‫الزمر‪،‬‬ ‫إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الل ما لا‬ ‫الآية‬ ‫‏‪.٢٢‬‬ ‫"ا سورة الانعام‪ ،‬الآية ‏‪.١٢٥‬‬ ‫‏)‪ (٣‬سورة‬ ‫النور‪،‬‬ ‫الآية‬ ‫‏‪.٣‬‬ ‫) سورة‬ ‫النساء‬ ‫الآية‬ ‫‏‪.٨٢٣‬‬ ‫اا سورة‬ ‫النحل الآبة‬ ‫‏‪.٠‬‬ ‫‏‪٥٧‬‬ ‫تعلمون»(')‪ .‬ومن القول بما لا نعلمه عدولنا إلى غير العدل من الآراء‪ ،‬وذلك ليعدل‬ ‫إلى ما ضاقت به أنفسنا‪ ،‬ولم تنشرح به صدورنا‪ ،‬والعمل بشيء من ذلك غير‬ ‫تحري منا لإصابة العدل‪ ،‬وهو ما انشنرحت به صدورنا على سبيل الهوى والعمى‪،‬‬ ‫فقد تعبدنا الله تبارك وتعالى‪ ،‬بعمل ما انشرحت له صدورنا من الآراء والأقوال‬ ‫المختلف منها بالر أي‪ ،‬وإن ضاقت به صدور غيرنا‪ ،‬لأن الله تبارك وتعالى قد‬ ‫تعبدنا بذلك‪ ،‬فيكون ذلك حقا‬ ‫في حقنا‪ .‬وإن كان باطلا في حق من ضاق صدره‬ ‫فيكون ما تعبدنا الله تبارك وتعالى به بخلاف ما تعبد به غيرنا منها۔ وكذلك قد‬ ‫تعبدنا الله بترك ما ضاقت به أنفسنا‪ ،‬ولم تنشرح له صدورنا‪ ،‬وإلا فيكون في حقنا‬ ‫باطلاش وإن كان حقأ في حق غيرنا‪ ،‬لأن الله تبارك وتعالى وينهانا عنه‪ ،‬وإن كان‬ ‫أمر به غيرنا‪ .‬وقد يجوز في علم الله أن يأمرنا بما نهى عنه غيرنا‪ ،‬ونهانا عما به‬ ‫أمر غيرنا‪ ،‬وليس لنا إلا الامتثال والنهي والانتهاء عن معصيته‪ ،‬تبارك وتعالى(")‪.‬‬ ‫وما قد ذكرناه في كتابنا هذا‪ ،‬لسنا متعاطين لعلم الغيب“ ولكن التماسأً لموافقة الحق‬ ‫في ذلك بالدلائل التي دللنا عليها‪ ،‬والشواهد التي استشهدنا بها‪ ،‬أو نظير فيما كتبتة‬ ‫لك‪ ،‬ولا تقبل منه إلا ما وافق الحق"ا‪.‬‬ ‫فهذا ما قال الشيخ سعيد بن أحمد الكندي بعينه‪ ،‬لم أغير ولم أبدل منه شيئأ‪ ،‬سوى ما‬ ‫قدمت في الكلام‪ ،‬وأخرت في آخر الرقعتين‪ .‬لأنه وصل كتابه إلي مرتين‪ ،‬أحدهما‬ ‫قبل الأخرى بعد ما وقف‪ ،‬رحمه الله تعالى‪ ،‬على ما ألفته أنا في هذه المسألة‪ ،‬فزاد‬ ‫في قوله‪ ،‬وأرسل الزيادة إلي في رقعة أخرى‪ ،‬فأحببت تقديم ما هو أولى أن يقد‪٥‬م‏‬ ‫من المعاني فيهما‪ ،‬وتأخير ما هو أحق بالتأخير منهما‪ ،‬وذلك إذ قد أمرني الشيخ‬ ‫بنفسه أن أدخل الزيادة حيث أريد العلم وأنا الذي ألفت ذلك فيها سألته ليكون‬ ‫جوابه لما قلته كالشاهد لي‪ ،‬وكأن هذين الجوابين كل واحد منهما يشهد للآخرة‬ ‫() سورة البقرة‪ ،‬الآية ‏‪.١٦٩‬‬ ‫)" الغزوصي» جاعد بن خميس‪ :‬مقاليد التنزيل وإدراك حقائق التأويل‪ ،‬ص ‏‪.٤٨٧ - ٤٨٥‬‬ ‫"ا المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٤٨٧‬‬ ‫‏‪٥٨‬‬ ‫فالحمد لله على ذلك“ وله الحمد في كل حال‪ .‬والسلام من المحب الفقير ‏[‪ ]٥٨٥‬إلى‬ ‫ال جاعد من خميس من مبارك الخروصي(")‪.‬‬ ‫مسألة‪ :‬ومن جوابه رحمه الله‪ ،‬أن سأل سائل عن قول الشيخ أبي محمد في جامعه‪:‬‬ ‫والقياس لا يصح إلا على أصل متفق عليه‪ ،‬وما اختلف فيه‪ ،‬فلا يكون أصلا۔ ولا‬ ‫يقاس عليه(")‪.‬‬ ‫وعن قول من يقول في اختلاف الرأي وإن صح فخرج في ظاهر العدل فالحق لا‬ ‫يكون إلا في واحد‪ ،‬وما سواه خطأ عند الله‪ .‬فيقال له‪ :‬إن القياس في الأصل عبارة‬ ‫عن مقايسة بين معلومين‪ .‬والمراد به في النوع الفقهي‪ :‬استخراج حكم المجهول‬ ‫بالمعلوم‪ ،‬وهذا حكم القياس الفلسفي في النوع المنطقي‪ ،‬يؤلفونه عن مقدمتين وأكثر‪،‬‬ ‫ليخرج من بينهما النتاج بعد الازدواج‪ ،‬فيظهر ولا شك عند أولي الألباب في نتائجه‬ ‫أنها حق‪ ،‬والعمل بها كذلك مهما أحكم وحرس في الوزن عن الخطأش فسلم لكونه‬ ‫في المثال كالميزان صحيح البر هان‪ ،‬يطلع به على ظاهر‪ .‬وظاهر حكم‬ ‫ويكون‬ ‫على حسب المراد الذي أراموه من السداد يعرفه كذلك من أبصره‪ ،‬ومن عمى عنه‬ ‫فأنكره‪ .‬والقول على توزيع أقسامه‪ ،‬وتفريع أحكامه يتسع‪ ،‬وليس المقصود منه في‬ ‫هذا الموضع‪ .‬غير الوجه الذي نحن بصدده من نوع الفقه‪ ،‬وخروج حكم المعلوم‬ ‫المنصوب للقياس في المجهول» الذي به يقاس كيف ما كان‪ ،‬وعلى أي حالة كان‪،‬‬ ‫فيكونان على سواء للعلة الجامعة لهما‪ ،‬الموجب حكم الاشتراك بينهما في جميع ما‬ ‫اسسها فيه من شيء۔ ما لم يمنح من جريانها فيه مانع لها به‪ ،‬معلوم لعلته‪ ،‬والقياس‬ ‫بالشيهة على وجوه عدة‪ ،‬وكله على تجرده من العلة كذلك غير جائزة والعلة أنواع‬ ‫والمستنبطة نوع منها‪ ،‬وهي الجملة على ضربين‪ :‬متفق عليه‪ .‬ومختلف فيه‪.‬‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٤٨٧‬‬ ‫"( المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٤٨٧‬‬ ‫‏‪٥٩‬‬ ‫والمعلومات النظرية المستخرجة بالرأي كذلك‪ .‬لو أجمع أهل العلم على الر أي‪،‬‬ ‫والقول بالر أي‪ ،‬والعمل على الرأي‪ ،‬في موضع [الرأي]‪ ،‬فوقع الاتفاق على أشياء‬ ‫نعمة‪ .‬والاختلاف في الأخرى رحمة‪ .‬ولا نعلم أن أحدأ من أهل العلم والتقى‬ ‫والحلم‪ ،‬أنكر في الدين على قائلهين وحكم في الدين بالخطأ على فاعله من لدن‬ ‫الصحابة وهلم جرى إلى زماننا هذا‪ ،‬والحمد لله حمدأ يوافي نعمة على كل حال‪.‬‬ ‫ولو لا أنه حق وصواب‪ ،‬لما اجتمعت الأمة عليه‪ ،‬قولأًش وفعلا وحكماً‪ ،‬وعملا‬ ‫وعلما‪ ،‬وعلى ذلك الكتاب والسنة‪ ،‬وذلك لأن ما فيه إذا برهان‪ .‬وإذا كان الأول‬ ‫كذلك‪ ،‬وكان القول بالرأي فايلحوادث‪ ،‬يصح ويجوز في موضع الرأي ويلزم في‬ ‫مواضع لزومه‪ ،‬على من قد يأتي فيه قولا برأي أحد ذي رأي‪ .‬وأقاويل لم يأت فيها‬ ‫شيء۔ فكله سواء‪ ،‬فكيف يمنع القياس لما أشبه من شيع لأن يجري حكمه فيما‬ ‫أشبُ فساواه فيه‪ .‬وإن كان في الظاهر على العدل‪ ،‬فكأني لا أرى هذا‪ ،‬ولا أعلمه‪.‬‬ ‫ولا يبين إلا جوازه‪ ،‬وإباحته ولزومه في مواضع فرضه‪ .‬وخروج حكمه فيما‬ ‫أشبهه كان المتفق عليه في الحق‪ .‬والمختلف فيه بالعدل‪ ،‬فلا فرق‪ ،‬وكله سواء في‬ ‫رجيح المعقول وصحيح‬ ‫‏[‪ ]٥٨٦‬المنقول‪ .‬بأن ما أشبه الشيء‪ ،‬فهو مه‪ .‬وقد دلت‬ ‫النصوص في الآثار عن المسلمين الأخيار في مواضع شتى وأماكن الشيع۔ إذ لا‬ ‫تحصي أنهم قد فعلوا ذلك‪ ،‬وقاسوا على هذا أو ذا جميعأ‪ ،‬ولم يقل أحد‪ :‬نعلمه بالمنع‬ ‫منه في مواضع الاختلاف إلا أبا محمد هذا‪ ،‬والله أعلم بحقيقة مراده ما هي‪ ،‬وكيف‬ ‫هي في مطلق قوله على المتفق عليه‪ ،‬فإن كان ما قد وقع عليه يوافق آراء المسلم‬ ‫في شيء من غير الإجماع مأنهلها عليه‪ ،‬وإلا فكيف له بالمنع من القياس على ما‬ ‫قد اختلف فيه وهما على سواء‪ ،‬ولا فرق بينهما؟ يكون ذلك ما يحتمل الوجوه بعدظ‬ ‫ويمكن فيه النظر‪ ،‬فلا يُمنع‪ ،‬ويجوز فيه القول بالر أي ؤ فلا يدفع‪ ،‬كما أن في‬ ‫هذا‬ ‫كذلك‪ ،‬وإن كان أراد به الإجماع فكيف له بما أورده في نجاسة سور الفأر من‬ ‫‪٦ 4‬‬ ‫القول‪ ،‬وقوله فيه عمن رآه من الناس‪ ،‬أنه عده عنده من السباع بالقياس‪ ،‬وكذلك‬ ‫جملة الحمام الأهلي على الدجاج في نجاسة طرحه وكلاهما عن احتمال النظر في‬ ‫الرأي ودخول معاني الاختلاف فيهما بالرأي غير مجردين إلا ما لا ينقاس الفأر به‪،‬‬ ‫من أنواع السباع التي اتفق على نجاسة أسوارها‪ .‬وهذا كان في مراده‪ ،‬ما هو من‬ ‫هذين الأمرين موضع ليس لعدم العبر في قوله‪ ،‬وكان على ظاهر قوله‪ ،‬يشتمل على‬ ‫المعنيين جميعاً‪ ،‬وفي كليهما‪ ،‬لا يخرج له عن المناقضة بين الحالين‪ ،‬ولولا هذا‬ ‫ربما كان يعد ر أيا منه ثانيا في القياس عنه‪ ،‬لكن هدمه لأساسه بقياسه وجزمه‪ ،‬لام‬ ‫رأسه بفأسكك دل عليه على أنه لا بد من الاغلوطة في أحد أمرين‪ ،‬والظن بها‬ ‫والعلم عند الله أنه جزم هنالك على الاتفاق‪ .‬والذي لا يحتمل الاختلاف جزمأ في‬ ‫ذلك‪ ،‬إذ قد صرح به في مدبوغ جلد الميتةظ فكأنه نوع غلط‪ ،‬وذلك قد مضى في‬ ‫المسألة الأولى‪ ،‬على كل حال‪ ،‬فلا بد منه من أحد أمريه للأساس الذي أصله‪.‬‬ ‫والقياس الذي فصله‪ ،‬لأن كل واحد منهما نقض الآخر‪ .‬وفي هذا إشكال على أهل‬ ‫الضعف والعمى‪ ،‬فلا بد من الكشف فيهما للذي بان‪ ،‬يقال‪ :‬إنه لما كان قياسه ذلك‪،‬‬ ‫وإن كان على مختلف فيه غير خارج في النظر من معاني الصواب في الحق‪ ،‬لا‬ ‫سيما إذا كان موافقأ لما جاء في الأثر‪ ،‬عن أهل العلم والبصر‪ .‬لا جرم» فالفساد‬ ‫بالأصل أولى‪ ،‬وترك العمل به أحجى‪ ،‬حتى يشهد له الحق والصواب‪ .‬فانظروا في‬ ‫هذا‪ ،‬يا أولي الألباب‪ ،‬ومن بان له غير هذا‪ ،‬وانفتح له بابه‪ ،‬وانكشف له بالحق‬ ‫صوابه‪ ،‬فليقل فيه‪ ،‬وليأت عليه من التبيين بسلطان مبين‪ .‬يقتضي الجمع بين‬ ‫الأمرين وينفي المنافاة بين الحالين‪ ،‬فإنا لقوله نسمع ولأحسنه نتبع‪ .‬والحق له‬ ‫برهان‪ ،‬ولا ينكره إلآ عمي الجنان‪ ،‬أو من كان من أهل الفساد‪ ،‬على سبيل المكابرة‬ ‫والعناد‪ ،‬ينكر الشمس‪ ،‬ومضى أمس" لأنه لا يبرز من حيث يزرع وإلا عليه كسوة‬ ‫أنواره‪ ،‬فلا يخفى على أحد من نوي الأبصار‪.‬‬ ‫‪٦١‬‬ ‫‏[‪ ]٥٨٧‬ولكن فإني له بهذا في هذا‪.‬‬ ‫وحصول تحصيل الوصول إلى وصال الاتصال‪ ،‬في الغدو والأصال‪ .‬لمحصول‬ ‫منال ما لا ينال‪ ،‬على كل حال إلا أن يحول إليه بمحال المحال‪ ،‬فسعى إليه من‬ ‫غير قدم‪ ،‬في ميادين العدم‪ ،‬أن كان كون ذلك يمكن في الكون أن يكون‪ ،‬فسألوهم إن‬ ‫كانوا ينطقون‪ .‬لقد عز الرفيق والطريق فلا دليل ولا حجة ولا محجة‪ ،.‬فما إليه من‬ ‫سبيل‪ ،‬كلا لا خير ولا أثر ولا نظر‪ .‬فلا وزر غير الاعتراف بالعجز والإقرار‬ ‫بالحق لأهله إن هذا شيء جليَ‪ ،‬وأوضح لا خفي‪ ،‬فاشهدوا وأنا معكم من‬ ‫الشاهدين‪ ،‬ولا تلبسوا الحق بالباطل‪ ،‬وتكتموا الحق وأنتم تعلمون‪ ،‬أقيموا الشهادة للكه‪،‬‬ ‫فإنها نوع عبادةظ واتقوا المقالة في يوم لا ترجون فيه الإقالة وانصروا أخاكم‬ ‫مظلوماً كان أو ظالماً‪ ،‬ولا تأخذكم في الله لومة من كان لائماًة وإياكم والحمية‬ ‫الجاهلية‪ ،‬أو أن يصدنكم عن الحق والكون معه‪ ،‬حيث كان أهل البغي والعدوان‪ ،‬أو‬ ‫لميل إلى الهوى‪ ،‬ومسامحة النفس إلى ما تهوى‪ ،‬وإن حلا في اللهي مذاقه‪.‬‬ ‫فالصواب فراقه‪ .‬فإنه دبى وغبه ‪ ،‬وعليكم بالصدق في اتباع الحق‪ ،‬فإنه المأكل‬ ‫الني والمشرب المري‪ ،‬وإن كان في الفم والمذاق‪ ،‬فبادروه عن قريب تحمدوه‪ ،‬أين‬ ‫المراعي‪ ،‬أطيب المراعي‪ ،‬والساعي إلى أحسن المساعي‪ ،‬فقد حكم الداعي‪ ،‬وناداكم‬ ‫المنادي في كل نادي‪ ،‬فقال‪ :‬طليا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين“»('أ۔‬ ‫فليسمع منكم من كان منكم ذا مسمع وليؤد الذي ائتمن أمانته‪ ،‬وليتق الله ربه‪ ،‬ولا‬ ‫يأب الشهادة إذا ما دعوه‪ ،‬إن كنتم لهذا تعوا‪ ،‬ومن يكتمها فإنه أثم قلبه وخصمه‬ ‫ربه‪ ،‬وإذا قلتم‪ ،‬فاعدلوا‪ ،‬ولو كان ذا قربى‪ ،‬فإن حق المولى أولى‪ ،‬ولا يحرمنكم‬ ‫شنان قوم على أن لا تعدلوا‪ ،‬اعدلوا هو أقرب للتقوى‪ ،‬أليس هذا بالحق عن أبي‬ ‫محمد يحكى‪ ،‬وكأنه لامحيص لأهل الحجى۔‪ ،‬إلا أن يقولوا مع هذا بلى‪ ،‬ولربما أنه‬ ‫كل من كان لقوله المعصب من قبل‪ .‬وعليه يقاول‪ ،‬فيحاول‪ ،‬وله لإثباته يزاول‪،‬‬ ‫() سورة التوبة الآية ‏‪.١١٩‬‬ ‫‏‪٦٢‬‬ ‫فيناصل“ يغر كذلك مع ذلك‪ ،‬إن كان من ذوي العقول‪ ،‬حسبي من هذا دونه‪ ،‬وكفى‪،‬‬ ‫لأنه فيه لأهل النهى شفاء عن العمى‪ ،‬وبلاغأ من الهدى‪ .‬على أن أبا محمد تعة فيما‬ ‫عنه نهى‪ ،‬ولا ندري إن كان ذلك مبلغ علمه أو أنه في القول سهى‪ ،‬ولكنا على‬ ‫سبيل الاسترشاد إلى سبيل الرشاد‪ ،‬نسألكم قصد الشروع في الكشف البين عن هذه‬ ‫الآراء المختلفة في الفروع‪ ،‬هل هي حق كلها عند الله؟ أم لا؟ وما قول الناس فيها؟‬ ‫فيقال له‪ :‬إن للناس في هذا ثلاثة أجوبة وأقوال‪ ،‬أحدها‪ :‬إن الحق في واحد منهيا‪.‬‬ ‫فمن أصابه بالدليل الذي نصبه الله عليه‪ ،‬وإلا كان مقطوع العذر‪ ،‬وهذا في الرأي‬ ‫فاسد الجذر‪ ،‬ولعله رأي أهل الخلاف لدين المسلمين‪ ،‬فدعه‪ ،‬ولا عمل عليه‪ .‬ولا‬ ‫اهتبال به‪ ،‬لأن فيه مع الأمر في الشرع للقول والعمل بالفرع تكليف ‏[‪ ]٥٨+‬ما لا‬ ‫يدخل في الواسع‪ ،‬نعم وكأنه موجب الفساد‪ ،‬كل مختلف بالرأي فيه‪ ،‬فليس بصحيح‪.‬‬ ‫ولو كان كون الاختلاف بين القائلين في الدين‪ ،‬لكان الأمر في ذلك كما قالوه‪ ،‬وأما‬ ‫في الرأي فلا‪ ،‬والقول الثاني‪ :‬إن الحق في واحد‪ ،‬وما سواه عند الله خطأً‪ ،‬لكن مع‬ ‫هذا قولوا‪ :‬ولا يضيق على الناس خلافه‪ ،‬وكان هذا أقرب من الأول قليلا واحتج‬ ‫قائلوه عليه بما جرى لابن قحافة مع النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬في عبارة الرؤيا‬ ‫عن مثله‪ ،‬وسأله عن قوله فيها‪ ،‬فأخبره أنه أصاب في شيعة وأخطأ في آخر‪ .‬على‬ ‫مجاز معنى الرواية وقول أبي بكر‪ ،‬رضي الله عنه‪ ،‬في الكلالة‪ :‬أقول فيها برأي‪،‬‬ ‫فإن أصبت فمن الله‪ ،‬وإن أخطأت‪ ،‬فمني ومن الشيطان‪ ،‬وكذلك عن عمر بن‬ ‫الخطاب‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬رضي الله عنهما‪ ،‬يروى أنهما قالا في شيء۔ قالاه بأريهما‬ ‫نحو هذه المقالة وليس في شيء من هذا كله دليل على ما قالوه‪ ،‬لأن الرؤيا لا‬ ‫تحتمل الوجوه‪ ،‬فيصح الاختلاف كله في تأويلها‪ ،‬إذ ليس لها إلا وجهأ واحدأ‪ ،‬فمن‬ ‫أصابه على الحقيقة‪ ،‬وإلا أخطأه‪ ،‬وكذلك ما كان من أولئك الصحابة‪ ،‬من يقول في‬ ‫الخطأ للحق في القول ولا دليل‪ ،‬لأنه إنما يخرج ذلك في بادئ الرأي الخارج عن‬ ‫‪٦٣‬‬ ‫الصواب في الدين أو الرأي‪ ،‬بل في جمع ما خرج على وجه الخطأ المخالف للحق‬ ‫والصواب في الرأي مما يكون من همزات الشيطان‪ ،‬وخيالات نفس الإنسان‪ ،‬على‬ ‫وجه الجهل والنسيان‪ ،‬لا في العدل من الاراء‪ ،‬ولا في الصواب منها‪ ،‬لوجود‬ ‫الإجماع على القول‪ ،‬والعمل لله مما كان صوابا لأمر الله لهم به‪ ،‬وأن يكون على‬ ‫كل ما هو مخصوص بعلمه فيه‪ ،‬وهذا لا شك فيه‪ ،‬أنه من رحمة الله لعباده ولطفهة‬ ‫لا من النفس‪ ،‬ولا من الشيطان‪ ،‬لأنه حق‪ ،‬وهما لا يكون عنهما‪ ،‬ولا يخرج منهما۔‬ ‫غير السوء والباطل والفحشاء ومحض الضلال إلا ما شاء ربك ذو الجلال‪ ،‬فانظر‬ ‫كم بينهما من الفرق‪ ،‬فإن الحق خليق بأن يدفع ويؤش‪ ،‬ليتبع‪ ،‬فيؤخر على ذلك قائلة‬ ‫لله‪ ،‬وقائلة إن صدقت بينهما فيه وعلى العكس الباطل لأنه ضده‪ ،‬فهو حقيقي بأن‬ ‫يوضع‪ ،‬ويخالف فيه‪ ،‬فلا يسمع فضلا عن أن يؤثر أثرأ‪ ،‬ويسير في الأرض سيرا‪.‬‬ ‫إلا أن يؤتى عليه من التعيير مما ما يدفعه من بحق على سبيل النكير‪ ،‬إن لم يحز‬ ‫من حكمه عليه‪ ،‬كأسمه لذهاب رسمه‪ ،‬حتى لا يبقى أثره‪ ،‬ولا يسمع خبرة غيره في‬ ‫اك وإنكار أ له فيه وإليه تنمحي فيه الفساد‪ ،‬من أرض الله وبلاده‪ ،‬ولئلا ينخدع به‬ ‫عن سدادة منهج رشاده‪ ،‬من لا بصيرة له‪ ،‬فإن أوليس من هذا فيه لانتشاره‬ ‫وظهور آثاره كان الر أولى‪ ،‬لكونه للناس أهدى‪ ،‬هذا وكأني أرى هذه المقالة منهم‪،‬‬ ‫رضي الله عنهم نوع تأدب وتودع‪ ،‬وعن الإعجاب بالنفس في الرأي وجه نزوع‬ ‫وترفع‪ ،‬وينبغي لمن كان من أهل العلم أن يكون مع ذلك‬ ‫‏[‪ ]٥٨٩‬كذلك كأولئلكة‬ ‫وأن لا يحتمل الناس في غير موضع الحكم على رأيه‪ ،‬أو لأي من رأى رأيه جبرأء‬ ‫وأن لا يضيق عليهم ذلك الواسع للأخذ بخلافه فإن على كل في الحق أن يكون‬ ‫ناظرا لنفسه عاملا بما يراه أعدل‪ ،‬فتفهم هذا‪ ،‬وأعلم أنه ليس لأحد من أهل الرأي‬ ‫ذلك‪ ،‬والقول الثالث‪ :‬إن الحق في جميع ما كان منها في الحق صوابأ‪ ،‬والصواب‬ ‫في الحق هو الحق‪ ،‬واستدل من قاله ورآه على قوله من الكتاب‪ ،‬تشعر في الحق أنه‬ ‫‪٦٤‬‬ ‫على هدي‪ ،‬كالتعجيل في النقر في الثاني‪ ،‬والتأجيل إلى الثالث من أيام منى‪،‬‬ ‫وكلاهما أحق‪ ،‬وهما في الظاهر ضدان‪ ،‬ومثل التحيير في كفارة الإيمان‪ ،‬المرسلة‬ ‫بين الإطعام والكسوة والتحرير‪ ،‬وهذا صحيح على ما يروى‪ ،‬ونحن به نقول‪ ،‬لأن‬ ‫النظر يوجبه‪ ،‬ومعاني الكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬والإجماع تؤيده‪ ،‬ولا ترى من قدر على أن‬ ‫يري له أن يرى‪ ،‬ويقول بما يرى وأنه في موضع اللازم‪ ،‬وذلك عليه لازم‪ ،‬بل لا‬ ‫شك في أنه به مأمور‪ ،‬وإذا كان في هذا بالحق هكذا‪ ،‬فكيف يؤمن بغير الحق أو‬ ‫يأثم بترك خلاف الحق‪ ،‬أو يجوز القول‪ ،‬ويصح العمل لله بغير الحق‪ ،‬بل كيف‬ ‫يجوز أن يكون في الحق في الظاهر الذي تعبد الله به عباده إليه وألزمهم إياه‬ ‫وأمرهم به وحثهم عليه‪ ،‬غير الحق في الباطل الذي معه على الحقيقة هذا ما لا أراه("أ‪.‬‬ ‫ولما كانت هذه المعاني كالمستلزمة للقول الثاني‪ ،‬لم أره كمن أراه‪ ،‬لكنا على حال‪،‬‬ ‫وإن كنا لا نراه فلا نخطيًَ في الدين من يزعم عن رأي منه أنه يراه‪ ،‬لا سيما إذا‬ ‫كان القول على أثر قوله‪ :‬إن الحق في واحد‪ ،‬ولا يضيق على الناس خلافه‪ ،‬ولأنه‬ ‫قول لأصحابنا أهل المغرب رأيأ‪ ،‬ولقد رفع الشيخ أبو يعقوب السدراتي عن الشيخ‬ ‫الربيع أبي سليمان بن يحلف‪ ،‬وهذا مقالأث وحكى فيه لأهل الرأي الثالث جدالا‪ ،‬لكنه‬ ‫قد أتى في خلاله ماأورده عنه بكلام‪ ،‬يوفي فيه إلى تضعيف حجج أستدل بها‪ ،‬سيما‬ ‫إذ قد صرح فيها في كل موضع منها أنها تلزم القوم‪ ،‬ولعله أراد بهم المخالفين‪.‬‬ ‫والقائلين إن الحق في جميعها وإنا على قصد الرجوع إلى ما قالوه متى‪ ،‬بأن لنا بما‬ ‫نحن عليه قوية وأصوب وأهدى۔ فإن قال قائل‪ :‬إنكم قد قلتم والمقلب لما أدت إليه‬ ‫حاسة السمع من هذه الأقوال على هذه المذاهب الثلاثة قد وهي‪ ،‬لكن كل واحد قال‪:‬‬ ‫إن القول قوله‪ ،‬فادعى وعلي الصحيح فليس الأصح والأقوى تتبين فتصح‬ ‫بالذلعوى‪ ،‬وإنما هو بإقامة الحجة المشعرة بفضله على غيره‪ ،‬لقوته بدليل الكتاب‪.‬‬ ‫أو السنة‪ ،‬أو الإجماع‪ .‬أو الرأي غير نظر العقل وصحيح القياس‪ ،‬ونحن الآن على‬ ‫اا الخنزوصي» جاعد بن خميس‪ :‬مقاليد التنزيل وإدراك حقائق التأويل‪ ،‬ص ‏‪.٤٩٢ - ٤٨٨‬‬ ‫‏‪٦٥‬‬ ‫وجه المطالبة لكم بها نسألكم أيها المدعون‪ ،‬أن اسم الحق في اختلاف الرأي واسعض‬ ‫ودخول جميع ما خرج منه على العدل فيه سائغ‪ ،‬كما كان ذلك في الظاهر كذلك‬ ‫أمامة برهان الصدق‪ .‬ويتضح الحق‪ .‬فيركن إليه‪ .‬ويعول في العمل عليه‪ ،‬متى‬ ‫انجلى‪ ،‬فتنجلي للعيان بنور البرهان‪ ،‬وظهر بين الناس مجرد عن الالتباس‪ .‬كما‬ ‫انقلق من الفسق والعلق‪ ،‬ثم استنار‪ ،‬فأنار‪ ،‬حتى انجلت ظلمة الليل ‏[‪ ]٥٩٠‬بضوء‬ ‫النهار ا )‪.‬‬ ‫وأخبرونا هل يمكن ويجوز على الله ويصح في أحكام دينه‪ .‬أن يكون الشيء‬ ‫وضده حقا عندهف وصوابأ في الحقيقة معه‪ ،‬وأخبرونا فإن هناك كونه لو كان كأنه‬ ‫يقتضي نفس المتضادة فايلشي ء المختلف فيه بالحق حلالا وحرامأ في الحق‬ ‫وحلالاً وأمثال هذه المضادة في جميع ما اختلف فيه بالر أي فسح في شيء واحد‪،‬‬ ‫على حال واحد‪ ،‬وزمان واحد‪ ،‬جائز لا يجوز‪ .‬ليس هذا في حق الله محال لأن‬ ‫أحكامه لا تختلف‪ ،‬ولا يجوز فيها ولا عليها الاختلاف‪ ،‬فهي إما حلال وإما حرام‬ ‫فأين موضع قولكم على صحة مذهبكم؟ دلونا عليه‪ ،‬وأهدونا إليه‪ ،‬فيقال له‪ :‬نعم‪ ،‬إن‬ ‫أحكام الله كذلك‪ ،‬وهذا صحيح‪ .‬والقول فيها ولا شك فيه‪ ،‬لكن بهذا المقال يستدل‬ ‫عليك أولوا النظر والاستدلال‪ ،‬بأنك بعد بالموضع الأقصى عن المنهج الذي نحن‬ ‫فيه‪ ،‬لأنا في قسم سحر الحكم‪ ،‬وأنت في رسم مضيق الاسم‪ ،‬وبينهما بون بين قريب‬ ‫في بعده على الفطن اللبيب‪ ،‬بعيد في قربه على البليده فكأنه في قربه صعب في‬ ‫بعده‪ ،‬هيّن القول في الشيء غير الشيء نفسه‪ .‬وكأنك تريد أن تلزمنا أن نسمي‬ ‫الشيء الواحد باسمين متضادين‪ ،‬ينتفي باستحالة ذلك‪ ،‬وذلك أن يظهر للناس فساد‬ ‫قول مخالفك‪ ،‬ونحن أردنا أن نجمع بين الحكمين على مسمى واحد‪ ،‬لنثبت به‬ ‫فؤادك فأي بون أبين في الحق للناظرين من هذا الفرق؟‬ ‫ولا شك عن ماننفتح له‬ ‫الباب الحقيقي في ضروب فنون أنواع العلم من النوع الشرعي والفن الفلسفي‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٤٩٢‬‬ ‫‏‪٦٦‬‬ ‫والضرب اللغوية إن مرادنا شائع لبالغة وشرعا فلسفة وطبعأ‪ ،‬فأنى ينكر‪ ،‬والحق‬ ‫فيه أظهر‪ .‬وقد سألت أيها السائل‪ ،‬فاستمع الآن ما أنا به قائل‪ ،‬فلعمري ليت شعري‪،‬‬ ‫هل يجوز لأهل الرأي في الرأي الإدعاء على الله فيما قالوه بالرأي‪ ،‬فزعم أحدهم‬ ‫أن الله حرم ما حرمه‪ ،‬ويدعي المخالف له بالرأي‪ ،‬أن الله أحل ما أحله ليس هذا‬ ‫من المحجور‪ ،‬لكونه من عظم الزور بلا خلاف فيه ولا نزاع‪ ،‬بلى‪ ،‬لأن ذلك معنئ‬ ‫في الدين‪ ،‬وهذا في الرأي‪ ،‬ولا يجوز أن يوضع أحدهما في موضع الآخر بإجماع‬ ‫ولما تبين في الحق وصح وعلم أن أحدهما غير الآخر‪ ،‬فصح۔ وإن كان الرأي في‬ ‫الأصل نوع فرع لأصل الدين‪ ،‬لخروجه منه وصدوره عنه‪ ،‬فإن حكمهما مختلفظ‬ ‫لأن الدين ما لا يحتمل الوجوه فيه الرأي والرأي على العكس من هذا‪ ،‬لكونه ما‬ ‫يحتمل الوجوه‪ ،‬وينساغ فيه النظر‪ ،‬ويجوز فيه وعليه الاختلاف بالرأي‪ ،‬ويصح‪.‬‬ ‫وإن كان قد يكون بينه البين في الظاهر فعلى الحقيقة كله راجع إلى شيء واحدظ‬ ‫بمسمى واحد‪ ،‬وهو الحقة وإذا كان كذلك بالحق حكمه‪ ،‬فكيف يسوغ عليه التحري‬ ‫بين الأضداد‪ ،‬التي لا تجتمع في شيء‘ ويكون الجمع بينهما فيه في الحال الواحد‬ ‫حراماً كالحق والباطل والصواب والخطأً‪ ،‬والهدى والضلال‪ ،‬وأمثال ذلك‪ ،‬وقد تبين‬ ‫في الحق على الحقيقة‪ ،‬أنه كله على اختلافه شيء واحد‪ ،‬وهو من المنكر‪ ،‬ويرى‬ ‫من السداد اجتماع الأضداد في جميع الأشياء‪ ،‬أو في الواحد منها وحده‪ ،‬كلا لا كان‬ ‫ذلك‪ ،‬ولا يكون‪ ،‬لأنه من المستحيل في العقل‪ ،‬‏[‪ ]٥٩١‬وما لا يصح جوازه في‬ ‫صحيح النقل‪ ،‬وإذا كان هذا حاله وهكذا ماله‪ ،‬لم يكن من المستنكر‪ ،‬والرأي في‬ ‫الرأي أن يكون الشيء الواحد حراماً عند الله على من رآه حراما وحلالاً عنده لمن‬ ‫رآه بالحق عن رأي منه حلالأأ وعلى العكس في العكس‪ .‬مهما رجع كل واحد عن‬ ‫رأيه إلى ما قد رآه الآخر‪ ،‬فإن في الناس من مسائل الانعكاس‪ ،‬وليس ذلك من تلك‬ ‫الأضداد المحرم جمعها في شيء‘ لكونه لم يكن في حق شخصه واحد على حال‬ ‫واحد لوجه واحد‪ .‬وإنما كان كذلك لاختلاف الوجوه والأحوال في الأشخاص وهذا‬ ‫ما ليس فيه حيرة‪ ،‬إلا على أعمى البصيرة‪ ،‬لما قد مضى مكررأ في القول عليه‪ ،‬إن‬ ‫‪٦٧‬‬ ‫لكل من أحل الرأي أن يرى‪ ،‬ويقول ما يرى ويعمل على ما يرى‪ ،‬بل ذلك عليه‬ ‫في موضع لزومه والحق في حق كل واحد‪ ،‬بالإضافة إليه ما قد رآه بالعدل أعدل‪،‬‬ ‫ولا يجوز له أن يجاوزه إلى غيره مما لا يراه قولأ ولا عملا لذا كان لا يراه في‬ ‫رأيه عدلاً‪ ،‬إلا ما كان على وجه الحكاية وسبيل الرواية صدقاً‪ .‬فلا بأس إذا لم يكن‬ ‫كذلك قد سبق حكمه وإن ترد الوقوف على هذا بيانأ‪ ،‬ليراه بعين البصيرة عيانا‪.‬‬ ‫فانظر إلى هذا الفرع وفائدته‪ ،‬على اختلاف أغصانه‪ ،‬من رأي شيء كان له المبتدأ‪.‬‬ ‫وإلى أي شيء كان منه المنتهى‪ ،‬فإنك تجده والحمد لله قد ولج من حيث خرج‪.‬‬ ‫لكونه عن مقتضى الحق‪ ،‬كان في الوجود‪ ،‬وإليه بعد كون وجوده يعود‪ ،‬من رجع‬ ‫الأمر فيه عودأ إلى ما بدش لو لا هذا ما كان المضيع له في موضع فرصة‬ ‫لإخراجه أو العمل به بعد استخراجه ظالماً‪ ،‬وإذا كان الأمر بالحق في ذلك‪ ،‬كذلك‬ ‫صح بالحق أن العدل من الرأي كله على اختلافه حق عند الله ليس في شيء منه‬ ‫خطأ لأن التارك لخلاف الحق‪ ،‬والمضيع له في الة‪ ،‬مستحق في كرم الله أن‬ ‫يؤجر‪ ،‬فأنى يؤزر‪ ،‬ويكون لذلك هالكأ آثمأ(')‪.‬‬ ‫وهكذا القول في كل شيء يحتمل الوجوه والنظر‪ ،‬لمن كان من أهل النظر‪ .‬وأبا‬ ‫الأمور التى لا تحتمل إلا وجها واحدأً‪ ،‬فالاختلاف فيها [حق] شيء دون شي»۔‬ ‫ويمكن باطله كله‪ ،‬وإما صواب فلا يكون‪ ،‬ولكن لا ير‪٦‬‏ منه‪ ،‬إلا ما بان خطأه‬ ‫وصح باطله بدليل قطعي‪ ،‬لا يحتمل الشك‪ ،‬وإلا فأهله أولى به في الصدق و الكذبض‬ ‫والحق والباطل‪ ،‬والصواب والخطأً‪ ،‬وهذا شيء كأنه بعمومه‪ ،‬يشتمل على الدين‬ ‫وغيره‪ ،‬وعلى كل حال‪ ،‬لا يجوز لأن يتعلق في شيء من الدين‪ ،‬إلا ما كان حقا‬ ‫عند الله والحق في الحقيقة في الباطن هو الحق الذي أظهره في الظاهر لعباده‬ ‫على لسان نبيه في كتابه وسنة رسول الله‪ ،‬عليه السلام‪ ،‬وإجماع الأمة لا غيره‬ ‫لا يختلف بإجماع ولو كثر فيه الاختلاف والنزاع‪ ،‬لأنه واحد والقول فيه واحدة‬ ‫(‪ (١‬المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪٣‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪.٢٩٤‬‬ ‫‪٦٨‬‬ ‫فمن أصابه ملك ومن أخطأه هلك والعياذ بالله‪ ،‬وذلك لكونه على مخالفة أضيق‬ ‫فرسم الخياط على جثة الجمل والرأي في الفرعية من المسائل الشرعية‪ ،‬أوسع من‬ ‫الدهناء لراعي الإبل‪ ،‬وعلى كل حال‪ ،‬فلا عذر في اتباع غير الحق في ضيق‪ ،‬ولا‬ ‫سعة في دين‪ ،‬ولا رأي بدين ولا رأي‪ ،‬وما اختلف فيه بالرأي في موضع الأري‪ ،‬لم‬ ‫يجز أن يدان به ‏[‪ ]٥٩٢‬ولو أجمع أهل عصر على العمل بقول لم يكن ذلك مزيلا‬ ‫لما ثبت فيه من الاراء‪ ،‬بل هو جار على حكم ما جرى فيه إلى يوم الدين‪ ،‬وقد‬ ‫مضى أن على كلة أن يكون فيه على ما يراه أرجح وأهدى وأنجح‪ ،‬وذلك على‬ ‫وجه الإتباع للحق‪ ،‬والانقياد فيه بالذي هدى إليه‪ ،‬وأرشده من عدله‪ ،‬حيث بان له‬ ‫أمره‪ ،‬وانشرح إليه صدره‪ ،‬لا على الدينونة ولا على سبيل الهوى ولا التقول فيه‬ ‫على الله بالدعوة‪ ،‬وذلك أنه الحق في حقه عند الله لا غيره‪ ،‬إذ قد تعبد الله به وألزمه‬ ‫إياه في مواضيع لزومه‪ ،‬وأباحه له في موضع الفضل ولا يجوز على الله أن يلزم‬ ‫في شيء أحدأ من عباده‪ ،‬أو يسمح له في الحق ما ليس بحق في خصوص ولا‬ ‫عموم‪ ،‬وما عدا الحق من شي»۔ فهو الباطل والضلال والكفر حزمأً والله لا‬ ‫يرضى لبعاده الكفر فكيف به يأمر‪ .‬وله يقبل‪ ،‬وعليه‬ ‫يأجر‪ .‬فلا أمر ربي بالقسط‬ ‫وسبحان الله وتعالى عن هذا وجل‪ ،‬له ما في السموات‪ ،‬وما في الأرض وما‬ ‫بينهما۔ وما تحت الثرى‪ ،‬لا إله إلا هو المستحق للعبادة عالم الغيب والشهادة‪ ،‬وإن‬ ‫تجهر بالقول‪ ،‬فإنه يعلم السر وأخفى رب كل شيء‪ ،‬وخالق ومصوره ومالكه‪.‬‬ ‫وقاهره‪ ،‬ومديره‪ ،‬ذلكم الملك الحق المتصرف بما شاء في الخلق‪ ،‬ولا يسمى ظالما‬ ‫في كل شيے‪ ،‬كان فيه حاكما‪ ،‬فالخلق خلقه‪ ،‬والأمر أمره‪ ،‬والعبيد عبيده‪ ،‬والكل‬ ‫ملكه‪ ،‬وله أن يتصرف فيما شاء لما شاء وأراد‪ ،‬كيف شاء‪ ،‬وإن أراد لا را لأمره‬ ‫ولا معقب لحكمه‪ ،‬يفعل ما يشاء‪ ،‬ويحكم ما يريد‪ ،‬لا يسأل عما يفعل‪ ،‬وهم يسألون‪.‬‬ ‫عدل فقضى وحكم فأمضى‪ ،‬ونعمه لا تحصى‪ ،‬خلف فرزق‪ ،‬وأمر وزجر‪ ،‬ووعد‬ ‫وأوعد‪ ،‬لا خلف لوعده‪ ،‬ولا لوعيده‪ ،‬ولا اختلاف في حكمه‪ ،‬ولا جور في قسمه‬ ‫قوله واحد‪ ،‬ودينه واحد‪ .‬لأنه واحد‪ ،‬يضع عن هذا فرض ما ألزمه غيره‪ ،‬ويكون‬ ‫‪٦٩‬‬ ‫الفزض على هذا نفلا في حق الآخر‪ ،‬عن حكمه‪ ،‬والحرام عن هذا حلالا لآخر‪،‬‬ ‫وعلى العكس في هذه القضايا وأمثالها الاختلاف في دينه وحكمه‪ ،‬ولكن لتفاوت‬ ‫المنازل‪ ،‬وتباين الأحوال" ألم تعلم أنهم يكونون على سواءع‪ ،‬فما كانوا من كل الوجوه‬ ‫وعلى منزلة واحدة‪ ،‬وهذا شيء موجود في جميع فنون العبادات‪ ،‬ظاهر‬ ‫الأمر‬ ‫مبصر عند أهل العلم والعقل‪ ،‬لا ينكره إلا أهل العتاوة والجهل‪ ،‬ومن ذلك الر أي‪،‬‬ ‫والقول بالرأي‪ ،‬في موضع الرأي والعمل عليه‪ ،‬والاختلاف فيه‪ ،‬لولا أن ذلك كذلك‬ ‫فيه لمن يعمل على صواب“ ما بان له صوابه‪ ،‬ويكون هو الحق والصواب في‬ ‫حقه‪ ،‬لو خولف فيه‪ ،‬وغيره مثله ما لم يقع الاتفاق على شيء‪ ،‬فيكونون فيه على‬ ‫سواء‪ ،‬لتجرده عن الفائدة في مواضع الاختلاف‪ ،‬يكن له معنى‪ .‬فانظر في هذا‪ ،‬إن‬ ‫كنت ممن يرى الرأي‪ ،‬ولم تكن له من المنكرين‪ ،‬فإن أبى من الرجوع‪ ،‬وقال‪ :‬إني‬ ‫اكتفي بهذا المرجوع‪ ،‬وطلب الغرار‪ ،‬فطال ولج في المقال‪ ،‬ونادى النزال أيها‬ ‫الرجال‪ ،‬فإني لكم منازع‪ ،‬وبنو حنظل الجدل في حومات المحاورة مقارع‪ ‘،‬حتى‬ ‫تظهر حلية الحق‪ ،‬شاهدة لكم بحقيقة الصدق‪ ،‬فتنجلي الغمة عن هذه المهمة‪ ،‬فيقال‬ ‫لقوله هذا‪ :‬يا خيل الله اركبي‪ ،‬وله فاطلبي‪ ،‬وفي غيره لا ترغبي‪ ،‬فقد آن النزال في‬ ‫‏[‪ ]٥٩٣‬ميادين الجدال‪ ،‬وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان‪ ،‬فيا رجال الله انجزوا‬ ‫وله فأبرزوا‪ ،‬وفي القول‪ :‬وجزوا وأعدوا ما استطعتم من قوة‪ ،‬ولا تجادلوا إلا بالتي‬ ‫هي أحسن‪ .‬وهي العدل في المقال‪ ،‬وإياكم في التعصب في شيء من الباطل‪،‬‬ ‫والإنفة عن شيء من قبول الحق كيف كان‪ .‬من أي وجه كان‪ ،‬فإنه الضلال‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك فاحذروا المباراة وسبيل المماراةة فليس في الحق مداراة وبالجملة‪ ،‬فيكون‬ ‫المراد بهذا منكم الكشف عن الحق‪ ،‬لتأخذوه متى شهر‪ ،‬من حيث ظهر ولإرشاد‬ ‫من أراد الله هدايته به‪ ،‬وإرشاده لله وفي الله‪ ،‬لا غيره ولا لغيره واسألوا الك من‬ ‫فضله الثبات عن الذلل‪ ،‬والسلامات من أفات الجدل‪ ،‬ولا تعزموا على الخروج ولو‬ ‫كنتم فوق السروج إلا بعد إحكام هذه المقدمات‪ .‬فإنها جسيمةة والمذلة فيها عظيمة‬ ‫وبعدها لا تبدؤه‪ ،‬إلا بلين الخطاب» واقسموا عليه أن يقبل الحق ولا يردّه‪ ،‬ويرضى‬ ‫‪٧ ٠‬‬ ‫بالصواب‪ ،‬فإذ هو من هذا أبى ونأى بجانبه عنه‪ ،‬فنبا‪ ،‬فالإعراض عنه على وجه‬ ‫الالتفات إلى غيره۔ فما فيه الفائدة أولى‪ .‬وإن أنعم بالإجابة إللى هذا المطلوبة‬ ‫فقولوا‪ :‬إنا على وجه المساهلة لك‪ .‬حتى حين المساعلة نسألك‪ ،‬ياهذا عن قولك‪ ،‬في‬ ‫هذا بالقول الثاني‪ ،‬إن كنت على هذا‪ ،‬ممن يراه‪ ،‬ولم تكن من السائلين‪ ،‬وهذا كأنه‬ ‫يراه لأنك عليه من المجادلين‪ ،‬وعلى أي حال‪ ،‬أنت فيه على هذا من الحال‪ ،‬فأخبرنا‬ ‫عن جوابك‪ ،‬ماذا يكون لمن قال لك‪ :‬إذا كان الحق في اختلاف الرأي‪ ،‬لا يكون إلا‬ ‫في واحد عند الله فما حكم ما عداه فيه معه على ظاهر ما أبداه للناس من حكمه‬ ‫إذا كان في حكم الحق عدلا‪ ،‬أحق هو أم باطل‪ ،‬أم لا حق ولا باطل‪ ،‬ولا خطأ ولا‬ ‫صواب؟ ولعله لا يدعي هذا‪ ،‬إذ لا يقدر أن يقوله‪ ،‬إلا ما قوى الدماغ أو من كان‬ ‫في قوله مكاثرأ‪ ،‬ولفعله على سبيل العناد مكابرأ‪ ،‬لكونه بين العباد ظاهر الفساد‬ ‫لكن لا بد من أن تقول لأحد الأمرين الأولين‪ ،‬لأنهما شيئان على الضدية متقابلان‪،‬‬ ‫ليس بينهما منزلة ثالثةظ أما ذا وأما هذا‘ لا محيص عن ذلك أنه لا ملتحد له‬ ‫عنهما‪ ،‬فإن قال الحق‪ ،‬فهو مرادنا‪ ،‬وانقطع الجدال‪ .‬فليس من ورائه فائدة في‬ ‫المقال‪ ،‬وإن قال باطل قيل له ولمن رآه وعليه في محل لزومه له أن يقوله ويعمل‬ ‫به وهل لمن اطلع عليه ورآه عدلا كما رآه‪ ،‬أن يعمل عليه‪ ،‬ويلزمه العمل به‪ ،‬في‬ ‫المعنى الذي قيل به فيه‪ ،‬مهما نزل عليه هنالك بليّة العمل به أم لا؟ وكيف وجه‬ ‫الحق في القول‪ ،‬والعمل بالرأي‪ ،‬ولا سيما في موضع ذلك الاختلاف على هذا۔ إذا‬ ‫كان عند الله لا يدري‪ ،‬أو أنه يمسك حتى يعلم علم الله فيه‪ ،‬فإن قال‪ ،‬فليس عليه‬ ‫ذلك‪ ،‬ولا له على حال خوف عليه أن يقع في الخطأ من حيث لا يدري كذبة‬ ‫الإجماع‪ ،‬فكفى به حجة في ذلك لخصمه عليه‪ ،‬وإن قال حتى يطلع على علم الله‬ ‫فيه‪ ،‬قيل له‪ :‬ومتى ذلك؟ وإلى متى؟ إلى أن يوحى إليه وحتى يسمع كلام الله فيه‪.‬‬ ‫بواسطة من يوحى إليه‪ ،‬وهل هذا لا محال كونه‪ ،‬والمحال ضلال ح لأن ذلك أمر قد‬ ‫طواه ‏[‪ ]٥٩٤‬الله‪ ،‬وكان هذا منك شيء في الحقيقة يوفي في المعنى بيدي إشارات‬ ‫المعاني‪ ،‬إلى إبطال الرأي‪ ،‬وما عليه إجماع أهل الرأي في الرأي‪ ،‬من القول به‬ ‫‪٧١‬‬ ‫والعمل عليه‪ ،‬لأن سماع كلام الله فيه بعد محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬محال‪ ،‬إذ‬ ‫ليس ثمة رسالةش فترجى ذلك ولا نبوةظ فدع أيها الجادل هذه المطاولة بهذه‬ ‫المجاوزة الفاسدة‪ ،‬فليس تحتها طائل‪ ،‬ومن ورائها فصل الخطاب لو كان ذلك‬ ‫كذلك‪ .‬لما أمكن الرأي والاختلاف في ذلك‪ ،‬فصح لأنه الدين بعينه‪ ،‬الذي يسمع فيه‬ ‫أنه لا يسع الخلاف له بدين‪ ،‬ولا رأي بعلم ولا جهل‪ ،‬والمخالف على كل حال‬ ‫هالك‪ ،‬وإن قال له ذلك‪ ،‬وعليه لبس‪ ،‬يلزمه فيه من علم الغيب شيء قيل له‪ :‬نعم‪،‬‬ ‫لأنه لا يطلع عليه‪ ،‬ولا يظهره إلا من ارتضى من رسول‪ ،‬وذلك شيء قد مضى‪،‬‬ ‫فلا سبيل إليه ولا يحاط بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات‬ ‫والأرض» ولكن فما حال القائل‪ ،‬والقائل يكون إن مما لم يوافقا ذلك الحق الواحد‬ ‫على قولك‪ ،‬أهما سالمان على هذا أم هالكان؟ فإن حكم عليهما بالهلالك‪ ،‬نكص على‬ ‫عقبيه مرة أخرى‪ ،‬فافسد ما كان أصلح‪ ،‬وضل عن حال فما أفلح‪ ،‬لأنه إن كان‬ ‫المراد هنالك‪ ،‬بأن الأمر في جملة الرأي كذلك‪ ،‬خرق الإجماع على الرأي ولحق‬ ‫بأصحاب القول الأول‪ ،‬وإن كان قد خص رأيأ دون غيره من الآراء في الرأي‬ ‫والاختلاف بالرأي‪ ،‬في موضع الرأي في شيء‪ ،‬فقد أنزل الرأي بمنزلة الدين‬ ‫مخالف الإجماع في هذا‪ ،‬وهذا جميعأ‪ ،‬وليس له عن الهلكة في الحالين ملجأ‪ ،‬إللى‬ ‫التوبة إلى اللكه‪ ،‬والرجوع عن الدينونة بالرأي والحكم على الناس بحكم الدين في‬ ‫موضع الرأي‪ ،‬ومن العجب ما كان من حكمه على مقدمة رسمه وإن تعجب‪ ،‬فمن‬ ‫المحال كيف يجوز في بال‪ ،‬فعجب أن يحكم عليهما بالهلاك في موضع ما لهما‬ ‫وعليهما ولعل هذا ما لا يقدر على دعواه‪ ،‬لأن فساده أشهر‪ ،‬من أن يحتاج إلى بيان‬ ‫ليظهر‪ ،‬وإنما أردناه لقطع كل مناط يتعلق به‪ ،‬وقد حضرت عليه الآن المدارج‪،‬‬ ‫وضاقت المخارج‪ ،‬حيث أنه لم يبق له في حاله إلا أن يغالب على ضلاله‪ ،‬أو يقول‬ ‫ضرورة سلامتهما‪ ،‬إن أراد الخروج منه إلى غيره‪ ،‬إذ لا سبيل بين السبيلين‪ ،‬كلا‬ ‫ولا من ورائهما‪ ،‬وقد تبين في الأولى باطله‪ ،‬فإن بقي على المغالبة فيها‪ ،‬فهو‬ ‫المغلوب المصروعخ المكبوب الموضوع المبطل‪ ،‬صريع الباطظل وكفاه باطله‬ ‫‪٧٢‬‬ ‫جرمأً۔ فدعه‪ ،‬وإن رجع عنها في حكم ذلك عليها‪ ،‬وقال‪ :‬هما سالمان‪ ،‬قيل له‪:‬‬ ‫وكيف جاز فايلجواب أن يسلما على غير الحق‪ ،‬وغيره الباطل لا غير؟ فإن قال‪:‬‬ ‫لإباحة الله لهما إياه في موضع نقله وفي موضع لزوم فرض ذلك عليهما‪ ،‬فلتعبده‬ ‫إياهما به على ظاهر حكمه بإجماع أهل الرأي على ذلك‪ ،‬وكون الإجماع لا يكون‬ ‫باطلا ولا ضلالاًة لأنه لا يجوز عليه الخطأ۔ قيل له‪ :‬نعم هذا صحيح‪ ،‬وإن قلت‪:‬‬ ‫أي وربي إنه لحق فذلك كذلك“ وإذا كان في حكمه كذلك‪ ،‬يكون فيها لإباحته في‬ ‫مواضع نقله في حال التعبد لموضع فرضه‪ .‬فهل يجوز أن الحق ‏[‪ ]٥٩٥‬في خلافة‬ ‫الباطل عند اله فيكون حقاً في الظاهر معه في خلقه باطلا في الباطن على الحقيقة‬ ‫في حكمه‪ .‬فإن قال‪ :‬نعم‪ ،‬قيل له‪ :‬إنه لهو الزور المنكر في الصدور‪ ،‬كيف يجوز‬ ‫أن يصدر عن مقتضى الحكمة الربانية مل هذا الأمور‪ ،‬وهي عين الفحش والحكم‬ ‫الورحش‪ ،‬ما هذا إلا نفس البديآ‪ ،‬ومه عن واجب الحكمة الإلهية لا يصدر لأنه‬ ‫تعالى يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم‪ ،‬ليحق الله الحق‪ ،‬ويبطل الباطظل“ ولو‬ ‫كره المجرمون‪ ،‬حزب الشيطان الرجيم‪ ،‬بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه‪ ،‬فإذا‬ ‫هو زاهق‪ ،‬فكيف كان هذا منك في حقه‪ ،‬أليس هو على خلاف هذا‪ ،‬وإنه لمن جمع‬ ‫المستحيل جمعه عن الحكمة في شيء من الأضداد‪ ،‬فلأي شيء وقع التخصيص‬ ‫عليه دون غيره‪ ،‬وهما اسمان وشيء واحد‪ ،‬وحق وباطل‪ ،‬وإن قلت حق وضلال‬ ‫الضدان على الأبد لا يجتمعان في شيء‪ .‬ولا على شيء في مسمى واحد‪ .‬حتى‬ ‫يسمى بهما‪ ،‬لكونه على الصحيح حقأ وباطلاأ وعلى العكس في القضية باطلا حقا‬ ‫معه في حقه وحكمه‪ .‬في خلقه تعالى الله عن ذلك‪ ،‬وينبغي أن يحاشى عن‬ ‫هذا‬ ‫وأمثاله فضلا عن أن يوصف به‪ ،‬ويجوز عليه‪ ،‬فكيف كان هذا التجاسر منك على‬ ‫مولاك بهذا المقال الفاسد‪ ،‬أليس هذا مع ظهور قبح فحواه من العجب في دعواه؟‬ ‫واللسان داء الإنسان‪ ،‬فدع هذا الهذيان وعن أمثاله فازدجره‪ ،‬وأعلم بأنك مغلوب‬ ‫فانتصر‪ ،‬ولا تستحسن إلا عدول الأجناد‪ ،‬على الصافنات الجياد‪ ،‬وإلا فلا تشك في‬ ‫أنك منموم‪ ،‬وجندك مهزوم فتبقى وحدك مخذو ل محسورا‬ ‫‪٧٣‬‬ ‫مذموما مدحورا۔‬ ‫وتكونوا قومأ بورأ‪ ،‬ويصبح سعيكم هباء منثورأ‪ ،‬لأن في هذا الميدان الصعب على‬ ‫لتأييد‪ ،‬قوما أولي بأس شديدة لا ينازلهم جاهل رعديد‪ ،‬ولا يقاتلهم إلا فتم صنديد‪،‬‬ ‫قد لبس الدروع النبويةظ وتقلد الصوارم الإلهية‪ ،‬وقام في موضع النزاع على ساق‬ ‫الإجماع‪ .‬قد اعتقل المردينيات العقلية وتنكب الذرق اللغوية‪ ،‬معروف بشدة‬ ‫المراس‪ ،‬محكم لقواعد القياس‪ ،‬فارس كمي متفرس لوذعي‪ ،‬خبير بصير‪ .‬راكب‬ ‫بين العباد على جواد الاجتهاد‪ ،‬له قلب جريء وساعد قوي‪ ،‬يستفرق في نزع قوس‬ ‫الجدال الواسع بالواسع‪ ،‬حتى لا يبقي في المنزع مهزع‪ ،‬وعندها يرمي عنها بسهام‬ ‫النيات الجلية في المجادلات لإيضاح كل خفية‪ ،‬بالحق عن أوتار الصدق‪ ،‬فإن تك‬ ‫كذلك كأولئك‪ ،‬وإلا فالسلم أسلم‪ ،‬فإن أبى من الرجوع‪ ،‬والكون في هذا المشروعظ‬ ‫وركن إلى الفرار‪ ،‬فولأكم الأدبار‪ ،‬على الإصرار‪ ،‬فنادوه بصوت فصيح‪ :‬إلى أين‬ ‫الفرار؟ ولا مفر كلا لا وزر‪ ،‬لا مفر إلا هذا المستقر‪ ،‬يُنبوً الإنسان يومئذ بما قدم‬ ‫وأخر ليعلم عجيب شأنه‪ ،‬الذي أظهره الله على لسانه۔ فيا أيها المجادل‪ ،‬ألست‬ ‫بسلامتهما القائل؟ بما لم تجد لها مقرعأ‪ ،‬ولم تر للمهالك للهلاك موضعا‪ ،‬وقلت مع‬ ‫ذلك‪ :‬إنه كذلك لوجود الإجماع على الإباحة والفرض‬ ‫‏[‪ ]٥٩٦‬كل في محله منهيما‪،‬‬ ‫وهو الحق والصواب‪ ،‬وبعده الاستفهام على سبيل الإنكار‪ ،‬هل يجوز على هذا أن‬ ‫يبيح لهما‪ ،‬أو يفض عليهما بحق ما ليس بحق؟ ومن ورائه تكون المثوبةة أو‬ ‫العقوبة‪ ،‬ألم نقل فيه في الإباحة والفرض بأنهما على الإجماع كانا‪ ،‬والإجماع لا‬ ‫يكون عند الله إلا حقأ‪ ،‬لكونه لا يقبل الخطأ صدقا؟ أليس على هذا صار الرأي‬ ‫والعدل من الاختلاف في الرأي كله من أمر الله وإذنه؟ ولا يستقيم أن يأمر بشيء لا‬ ‫يرضاه والله غير الحق لا يرضى ولا أن يأذن في شيء لا يقبله وغير العدل لا‬ ‫يقبل‪ ،‬فصح بهذا الاعتبار فيه‪ ،‬أنه على اختلافه كله حق في مجمله ليس في شيء‬ ‫منه خطأ عند الله إلا ما كان على وجه الغلط في القول للعدل من القائلين في الرأي‬ ‫في مواضع الرأي بالرأي مما يجري على لسان الإنسان على خيالات النفس بلا‬ ‫علم‪ ،‬أو من وسواس الشيطان؟ فانظر في هذا‪ ،‬وتدبر معاني ما قلت في الله من قبل‬ ‫‪٧٤‬‬ ‫على الغرة‪ ،‬وما أنت قائله في هذه المرةة تعلم إن كنت من أهل الفهم‪ ،‬إنك أشرعت‬ ‫الكرة فعدت ضرورة إلى الإقرار بما أنت تنكر‪ ،‬وصرت في الوالج في هذه‬ ‫الموالج‪ ،‬وأنت في خلال ذلك قد أبديت من التناقض في الكلام ما لا خفاء فيه على‬ ‫ذي لب سليم‪ ،‬وهذا نفس الولوج فيما يزاول عنه الخروج وعنده‪ ،‬فأنت خليق في‬ ‫الجدال‪ ،‬بأن يقال لك كفى بك حجة في المأخذ بالحجة منك عليك والحمد لله فإن‬ ‫هو أقبل‪ ،‬فقال‪ :‬إني لم أقنع بما مضى عليه المقال‪ ،‬حتى تخبروني بالرأي‬ ‫والاختلاف فيه بالرأي‪ ،‬لم الأمر بالناس للناس فيه بالنظر على معنى الاجتهاد‬ ‫ولمعرفة الأعدل في القول منها ليعمل‪ .‬وإن يجهدوا في ذلك حسب الطاقة بجهدهم‪،‬‬ ‫كما في النوازل التي لم يأت رأي ولا قول برأي‪ ،‬ومن كان لا يرى‪ ،‬فليستدل على‬ ‫ذلك بمن يرى» فإن أعدمه۔ فلا بد له من التحري لأعدلها‪ ،‬ليأخذ به على أصح‬ ‫المذاهب‪ ،‬ولأي فائدة ومعنى في هذا‪ ،‬إذا كانت كلها على قولكم على اختلافها حقا‬ ‫عند الله‪ ،‬أليس في هذا الأمر بالمسارعة في الطلب رجاء الوصول إلى إصابة العدل‬ ‫بالأعدل‪ ،‬دليل على أن الحق المطلوب هنالك‪ .‬هو ذلك الواحد الفرد‪ ،‬ولو كان كما‬ ‫تقولون‪ ،‬إذأ لما كان شيء منها أعدل من شيعة وأي شيء عمل به۔ فهو الحق عند‬ ‫الك وكفى إذ ليس الاطراد غيره وقد أصابه‪ ،‬فصار وما فوقه من الاجتهاد في‬ ‫الاراء بالنظر على قدر لا معنى له‪ ،‬ولتجرده عن الفائدة يكون نوع عبث محرم‪.‬‬ ‫والأمر به على حال باطلاً‪ ،‬فيقال له‪ :‬قد مضى من القول في هذا ما دونه لأهل‬ ‫الألباب مقنع‪ ،‬وأنت بكل هذا يا هذا لم تقنع‪ ،‬ولقد قيل في الحكمة‪ ،‬وهو صحيح من‬ ‫لم يقنع بقليل الحكمة‪ ،‬ضره كثيرها‪ .‬وها نحن نجيب عما نسأل‪ ،‬قيل‪ :‬أو لم يقبل‬ ‫رجاء لأن يهتدي به من بعد وقف عليه‪ ،‬فأبصر عدله‪ ،‬وتبين فضله‪ ،‬فيقول فيه‪:‬‬ ‫ليكون نوع إعانة على البر والتقوى‪ ،‬ليس الأمر في ذلك على ما يظن» فإن كون‬ ‫الأمر على العباد‪ ،‬في الرأي والاجتهاد‪ ،‬لأن يكون كل منهم في الرأي‬ ‫‏[‪]٥٩٧‬‬ ‫والاختلاف في الرأي‪ ،‬والرأي بالرأي‪ ،‬على ما هو مخصوص به من علمه فيه‪.‬‬ ‫لأنه فرضه الذي عليه فيه‪ ،‬وليس له في موضع فرضه أن يضيع فرض ما لزمه‬ ‫‪٧٥‬‬ ‫فرضه‪ .‬لعدم لزومه لغيره‪ ،‬ولا يلزم نفسه ما لا يلزمه‪ .‬للزومه لغيره۔ ولا أن‬ ‫يستبيح في موضع نفله ما لا يراه مباحأ‪ ،‬وعليه أن يؤدي فرضه الذي عليه فيه‬ ‫ويقوم لله كما أمره به‪ ،‬لا يجاوزه إلى غيره‪ ،6‬تركا له إلى ما ليس له‪ ،‬أو موضع‬ ‫لزومه إلى غير شيء ومتى أراد أن يقول بالرأي فيه عن رأي منه‪ ،‬أو يعمل عليه‬ ‫واستتنصح فيه‪ ،‬فالفزض عليه‪ ،‬على حال أن يقول بما يرى‪ ،‬ويعمل على ما يرى‪،‬‬ ‫ولا يجاوزه إلى غيره مما لا يرى إلا في مواضع يكون له فيها الاختيارات لله‬ ‫هكذا الحق في هذا على ما أرى‪ ،‬لأن الحق في كل واحد بالإضافة إليه عند الك ما‬ ‫رآه بالعدل أعدل‪ ،‬لأنه موضع فرضه الذي أوجبه عليه وتعبده به‪ ،‬فلذلك كان ما‬ ‫كان‪ ،‬لأنه لا يكون العدل في اختلاف الرأي عنده إلا في واحد‪ ،‬ولو كان الأمر كما‬ ‫يقول‪ ،‬لاحتمل في كل رأي أن يكون في نفسه هو الخطأً‪ ،‬كما يحتمل أن يكون هو‬ ‫الحق‪ ،‬وإن كان المختلف فيه غير منفك في الحقيقة عن أحد ما نص عليه لكونه لا‬ ‫يعدو إلى غير ما قيل فيه‪ ،‬وإن كان المحتملات لغيرها من الوجوه‪ ،‬احتمل أن تكون‬ ‫الآراء كلها فيما هي فيه غير الحق الذي مع الله‪ ،‬والحق في ذلك غيرها‪ ،‬لم يصب‬ ‫بعد‪ ،‬ويستمر على مر الزمان على هذا الممر من أشكال الاحتمال‪ ،‬ويحكم بها الحكم‬ ‫على هذا في ذلك‪ ،‬هكذا دأبأ إلى يوم القيامة‪ ،‬ولو بولغ فيه الجهد لإزالته بكل حيله‬ ‫لما زال‪ ،‬لأنه لا يكون‪ ،‬لو كان في حكم المستلزم لها فيى كل حال والمستصحب لها‬ ‫على كل حال‪ .‬لأن علم الله غيب لا يطلع على شي ء منه۔ إلا ما دل عليه الوحي‬ ‫والوحي الصريح قد انقطع بعد محمد‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فيما يزول عنه‪،‬‬ ‫فيخرج منه‪ ،‬وبأي حيلة يدفع عنها على هذا لن صح فيرفع‪ ،‬لقد عزت الحيل‪،‬‬ ‫وانقطعت السبل‪ ،‬فبقي على قوله القائل بالرأي والعامل به محصور في مضائق‬ ‫الشك في أمره وسلوكه إلى ربه‪ ،‬حيران في الأللض» أعمى تائها في بيداء جهله‪.‬‬ ‫يسعى فلا يدري على هدي‪ .‬أو في ضلال» يروم الممالك‪ ،‬فيخطي المسالك‪ ،‬فيقتع‬ ‫في المهالك‪ ،‬لا محالة عن ذلك‪ ،‬لأنه لا يسلم من أن تجري فيما لا يعلم‪ ،‬هيهات أن‬ ‫يكون ينساغ جواده في حق أولي النهى‪ ،‬من أهل الله أهل الهدى ذوي الأفئدة‬ ‫‪٧٦‬‬ ‫المبصرة‪ ،‬والبصائر المستبصرة‪ ،‬فمن كان على بينة من ربه‪ ،‬كمن هو أعمى‪ ،‬كلا‬ ‫هل يستوي الأعمى والبصير؟ أم هل تستوي الظلمات والنور؟ إنما يتذكر أولو‬ ‫الألباب على أنهما لا يستويان‪ ،‬بلى‪ ،‬ولأن في تجويزه على عدل الاختلادف من‬ ‫الرأي‪ ،‬ما يقتضي تسويغ الضلال‪ ،‬والعمل لله في الباطل على الحقيقة بالباطل‪ ،‬فأي‬ ‫شيء في العقول أقبح من تجويز هذا في الله أن يكون منه على أمره لعباده به إليه‪.‬‬ ‫والله بغير العدل والحق والصواب والهدي لا يأمر‪ .‬أتقولون على الله ما لا تعلمون‪،‬‬ ‫فإن قال‪ :‬فإذا كان غير الل لا يدري ودعواه لا تجوز كما ذكرتم‪،‬‬ ‫‏[‪ ]٥٩٨‬فلم‬ ‫تقولون ذلك في الصواب من الرأي‪ ،‬وفي العدل من الاختلاف من أهل الرأي‪ ،‬ليس‬ ‫هذه من ذلكم واحدة؟ قيل له‪ :‬نعم۔ صحيح إن علم الله غيب‘ لا يدري كما قد مضى‬ ‫والله لا يحاط بشيء من علمه إلا بما شاء‪ ،‬وأظهره للناس‪ ،‬أو نصب عليه الأدلة‬ ‫المزيلة لقناع الالتباس‪ ،‬فليس من ذلك في شيء والرأي في موضع الرأي‪ ،‬مما قد‬ ‫فوض الله أمره إلى عباده العلماء‪ ،‬الذين جعلهم في الخلق سادة‪ .‬وللناس أئمة وقادة‬ ‫وأوضح لهم من علامات مبادئ منارة‪ ،‬وأنار قلوبهم بأنوار معارف أسراره‬ ‫وهداهم إليه بهداه‪ ،‬ودلهم في الكتاب عليهم بفحواه‪ ،‬فوقع الخوض في وقته عن أمره‬ ‫وإذنه‪ ،‬والله لا يأمر بما عنه ينهى‪ ،‬ولا يأذن بما ليس يرضى“ وصح لهذه الأدلة‬ ‫والعبارات الملة أنها حق كلها‪ ،‬إلا ما أخرجته بينه الحق منها غير العدل‪ ،‬ولئن‬ ‫قلت‪ :‬إن الله أمرهم ليقولوا ذلك الواحد الحق‪ ،‬فأخطاؤه بغيرها لا واحد منهم‪ ،‬فكيف‬ ‫جاز العمل عليه بمن رآه‪ ،‬وليس في شيء غيره غير الباطل؟ وقد أجمعت الأمة‬ ‫والحمد لله على القول به‪ ،‬والعمل عليه‪ ،‬والله لا يجمع أمة محمد‪ ،‬صلى الله عليه‬ ‫وسلم‪ ،‬على ضلال ولا خطأً‪ ،‬وقد دل هذا كله على أن القول كذلك فيه ليس من‬ ‫الدعوى عليه فيه‪ ،‬ولا من الغيب‪ .‬الذي لا يطلع عليه‪ ،‬وإنما الدعوى المحرمة عليه‬ ‫فيه‪ ،‬أن يدعي على الله فيه كل ذي رأي إن الله قال‪ :‬ذلك الذي قاله برأيه هذا الذي‬ ‫به يقول في هذا ويراه‪ ،‬فإن هو أجاز إليه‪ ،‬فنعم المراد‪ ،‬وإن أبى من قبوله‬ ‫وأعرض عنه وعليه بالنكير‪ ،‬نادى ولم يزل يتمادى‪ ،‬عكس عليه القول بالسؤال له‬ ‫‪٧٧‬‬ ‫عن قوله‪ :‬إن الحق في واحد وما سواه خطأ عنده‪ ،‬أليس هو من ذلك على هذا‬ ‫كذلك اطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدأ۔ فواحدة من كل الوجوه بواحدة لو لم‬ ‫يكن على مطلق قوله أن يكون الكل عند الله خطأ على قيادة‪ ،‬وإن كان لا ‪ ،‬فهو من‬ ‫الأوضح على فساده‪ ،‬لأنه إذا احتمل ذلك في الواحد‪ ،‬فكذلك فيما زاد عليه‪ ،‬لأنه كما‬ ‫يجوز في اختلاف الرأي الخطأ على أحدهم‪ ،‬جاز على الثاني‪ ،‬والثالث‪ ،‬والرابعة‬ ‫كذلك فيما يجوز ويحتمل‪ .‬وإن صح ذلك كله على ظاهر العدل‪ ،‬فما يخرج على‬ ‫قاعدة مذهبه‪ ،‬وعلى هذا‪ ،‬فليت شعري على هذا قوله في العدل من اختلاف الأري‪،‬‬ ‫ما الحق والهدي والصواب وما الباطل والضلال والخطأ منه‪ ،‬أخبرني على هذا إن‬ ‫كان قد ظهر‪ ،‬لك أمر منه بيانأ‪ ،‬فاطلعت على علم فيه عيانا‪ ،‬واهدنيى في الكشف‬ ‫عن هذا صراطك السوي الرضي الهادي على الحقيقة إلى العلم الحقيقي‪ ،‬فإن قال‪:‬‬ ‫الله أعلم به‪ ،‬وأنا لا أذلري‪ ،‬حتى أعلم به‪ ،‬فأذلري ولكني أعلم أن أحدها حق عند الل‬ ‫لأنه لا بد أن يكون إحدى القائلين‪ ،‬قد أصاب وجه الحق على الحقيقة فيه‪ ،‬لأن الأمة‬ ‫تجتمع أقاويلها على خطأ ولا ضلال‪ ،‬ولا يصح أن يكون كلها حقا‪ ،‬لأنها أضداد‪،‬‬ ‫قيل له‪ :‬وما علمك بذلك‪ ،‬إنه على الحقيقة كذلك‪ ،‬إن كنت لا تدري؟ أليس هذا من‬ ‫نفس الظن المجرد عن العلم؟ وقد صح فيه أنه لا يغني من الحق ‏[‪ ]٥٩٩‬شيئا‪ ،‬إذا‬ ‫كان كذلك؟ وكيف لاش ومن المحال أن يعلم ما لا يدري‪ ،‬أو يدري ما لا يعلم؟ فأي‬ ‫شيء من هذه أوضح في المتناقضات وأقبح؟ فارجع القهقرى عن هذا إلى ورى‬ ‫ولا تقف ما ليس لك به علم‪ ،‬ولا تماد فيه إلا مرادأ ظاهرأش فإن أبى الرجوع عنه‬ ‫مجاهرأ‪ ،‬فحسبه جهله فإن أمره الفاضح لواضح‪ ،‬وإن رجع‪ ،‬فعين على شيء من‬ ‫الآراء دون غيره من الاختلاف بالرأي في شيء‪ ،‬فهي دعوى‪ ،‬وعليه من الله فيه‬ ‫قوله‪ ،‬ولغيره من المخالفين في قوله مثل ماله في كل وجه‪ ،‬فلا حجةة وكأنه في هذا‬ ‫الموضع لشدة المضايقة له فيه لا يقدر على الكون فيه‪ ،‬إلا لمحض الدعوى‪ ،‬وليس‬ ‫ذلك بشيع‪ ،‬حتى تقيم البينة من الله على دعواه‪ ،‬وإني له بها على قوله في حال‪.‬‬ ‫والعدم لا ينال‪ ،‬فانظر في هذا‪ ،‬تعلم أنه ليس في هذا الفصل من وجه يلتجيعء إليك‪،‬‬ ‫‪٧٨٠‬‬ ‫غير هذين المعنيين‪ ،‬وكلاهما على قاعدة مذهبه ليس بشيعء۔ فإن بقي‪ ،‬يبقى على‬ ‫غير شيء‪ ،‬وإن أراد الخروج فلا سبيل إلى موضع القول فيها على قوله‪ ،‬إلا أنها‬ ‫كلها على دائرة الأشكال المحيطة به‪ ،‬لمعنى الاحتمال فيما يمكن على قوله‪ ،‬ويجوز‬ ‫لن صح مجازه‪ ،‬ولكننا بعد لم نقطع فيه على تجويزه لنا‪ ،‬لأننا لا نرى‪ ،‬فنقول لما‬ ‫يرى في العدل منها‪ ،‬أنه كله حق وصواب عند الله لا باطل ولا خطأ‪ ،‬لأنه في‬ ‫الظاهر كله حق في حكمه‪ ،‬ولا يجوز أن يكون في الباطن الحق في حقنا غيره فيه‪.‬‬ ‫لأنا تعبدنا فيه في الظاهرة وأمرنا ولم يكن لنا أن نتعاطى من الغيب ما لم يأذن الله‬ ‫لنا به فيه فلهذا صح معنا أن الحق في الظاهر معنا‪ ،‬هو الحق في الباطن عند الله‬ ‫في حقنا‪ ،‬لما كان لا يجوز على الله تعالى‪ ،‬أن يكون بغير الحق والصواب‪ ،‬يأمرنا‬ ‫هذا هو الصحيح‪ ،‬فلا تكن في فريّة منه فإنه الحق وسأضرب لك على هذا مثلا‪:‬‬ ‫رجلان ادعى أحدهما على الآخر منهما حقأ‪ ،‬ونزلا إلى الحاكم على هذا‪ ،‬فأقام البينة‬ ‫العادلة على دعواه‪ ،‬فقضى له عليه به‪ ،‬والله يعلم كذب المدعي وصدق‬ ‫المنكر في‬ ‫ذلك‪ ،‬أليس الحكم نفسه يكون على هذا من الحاكم في موضع ماله‪ ،‬وعليه لموضع‬ ‫قيام الحجة معه فيما بها قد ظهر معه بالحجةة التي هي في الظاهر حجة‪ .‬وإن‬ ‫كانت هي في السريرة مبطلة‪ ،‬وفي قولها كاذبة هو الحق عند الله‪ ،‬وإن كان وقوعه‬ ‫في نفس الشيء الذي فيه الدعوى‪ ،‬على خلاف ما في علم الله فيه خبث‪ ،‬أنه قام ما‬ ‫ألزم إياه فيه‪ ،‬ولم يكن عليه فيه من علمه شيء‪ ،‬فصارت نفس هذه المفارقة في‬ ‫الحكم بما عند الله من العلم‪ ،‬هي الموافقة لحق ما عنده من الحق على الحقيقة‪ ،‬وفي‬ ‫حكم الظاهر أيضأ بلا شك‪ ،‬فإن هو ضيّع فرض ما ألزمه في هذا الموضع فرضه‬ ‫صار من الهالكين‪ ،‬وإن عكس فيها الحكم‪ ،‬واعتقد على الغيب صدق أحدهما في‬ ‫الجزم‪ ،‬انعكس وضل» فانتكس‪ ،‬وكان من الخاسرين“ ولو وافق في الحقيقة علم الله‬ ‫فيه‪ ،‬فهو المخالف لما ألزمه أن يقضي به من الحكم بالظاهر ويكون في الحق تلك‬ ‫الموافقة على الحقيقة وفي الظاهر ‏[‪ ]٦٠٠‬هي الموافقة‪ ،‬ولا شك بمجاوزته في‬ ‫الظاهر‪ ،‬هو الحق في الباطن نفسه‪ ،‬لا غير مكيف ما كان العدل منه على حالة‬ ‫‪٧٩‬‬ ‫وإن هي اختلفت الآراء والأقوال‪ ،‬فكلها ترجع إلى الحق في المال‪ ،‬فكلما ببت منه‬ ‫غالبة تعود‪ ،‬لأن كل واحد منهما بالإضافة إلى ما رآه وتعَبّدَ به يكون كذلك في‬ ‫حكمه‪ ،‬ولا يجوز له أن يستجيز المجاوزة إلى غيره مما لا يراه فن فعل ضل‬ ‫ولو كان ذلك أيضا بالإضافة إلى غيره ممن رآه حقاً عند الله في حقه‪ ،‬لأنه لا يجوز‬ ‫له أن يتعدى ما لزمه في الظاهرة إلى ما لا يؤذن له به‪ ،‬فإن الحجة له وعليه قد‬ ‫كفى بكذب صدق القاذاف في موضع حجرة عند من يدين بتحريمه حجة في هذاا‬ ‫لأنه لم يأت بالشهادة على قوله كما هي‪ ،‬وإلا كان في موضع صدقه‪ ،‬الذي يعلمه‬ ‫الك ويعلمه من نفسه عن حكم الله كاذبأ‪ ،‬لمخالفته إلى ما نهى عنه‪ ،‬ولم يؤذن له‬ ‫فيه وعلى هذا دار الأمر في الآراع‪ ،‬فأدارها حتى حضرها جملة‪ ،‬بالإضافة لها إلى‬ ‫كافة أهلها من المسلمين على الحقيقة في دارة الاجتماع وأنزلها بعد الجميع لها‬ ‫منزلة واحدة بعيد يعبر عنها بالحق‪ .‬وهو المنهج الذي نصب الباري عليه الأدلة‬ ‫والمعالم المدلةف حتى ينتهي بأهله إلى الحق‪ ،‬وهو المشار إليه بصراط الذين أنعمت‬ ‫عليهم بالعلم والمعرفة واليقين‪ ،‬من الأنبياء والمرسلين‪ .‬أو من كان من الأولياء‬ ‫الصالحين‪ ،‬المنتهى في المنتهى بدونه إلى جنات النعيم‪ ،‬ذلك فضل الله يؤتيه من‬ ‫يشاء‪ ،‬والله ذو الفضل العظيم‪ .‬فانظر في هذا‪ ،‬فإن في دونه كفاية‪ ،‬وبلاغأ من القول‬ ‫وهداية لمن ألقى السمع وهو شهيد فإن قال هذا القائل‪ :‬زدني بيانأى وهاتتي مع‬ ‫التبيان برهانأ‪ ،‬ليندفع الإشكال‪ ،‬ى فينقطع الجدال‪ ،‬وأوحدني مع الشرعي الدليل العقلي‪،‬‬ ‫و أفر ج أحدهما بالآخر‪ .‬ولا تمنن تستكثر ‪ .‬ولربك فاصبر‪ .‬فيقال له مخبرأ عني مني‬ ‫في تبياني بياني من لساني‪ ،‬بأني‪ :‬ليس لي في هذه المقدرة من قدرة‪ ،‬إلا أن يشاء‬ ‫الحق خالق الخلق‪ ،‬أن تنطق لساني بالحق فإنه على ما يشاء قدير(')‪.‬‬ ‫وأما أنا فلا أملك لنفسي نفعأ ولا ضرأً ولا خيرأً ولا شرأ‪ ،‬فدع مقالي‪ ،‬واسمع لسان‬ ‫حالي‪ ،‬فهي الحق مخبرا عني" بأني لا حول لي في شي»‪ ،‬ولا قوة لي على شيء‬ ‫من الأمور‪ ،‬إلا باك مولاي‪ ،‬نعم المولى‪ ،‬ونعم النصير‪ ،‬فيا من له الخلق والأمر ‪،‬‬ ‫(‪ (١‬المصدر‬ ‫نفسه ‪ 4‬ص‪‎‬‬ ‫‪٥‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪.٥٠٣‬‬ ‫ملكوت‬ ‫وبيده‬ ‫كل شيء ‪ .‬زدني علما “ؤ و أجدني‬ ‫فهما ؤ و اجعل لي لسان‬ ‫صدق‬ ‫‪ .‬وبيان‬ ‫حق‪ ،‬حتى أقول لقائل يترجم عني لهذا السائل‪ ،‬فيقول له فيما قد مضى من القول في‬ ‫هذا‪ ،‬وانقضى لأهل الألباب مقنع‪ ،‬وبه إن يكن من أولئك القوم فاقنع‪ ،‬فإن أبي فرجض‬ ‫و على هذا‬ ‫السلام ۔ من‬ ‫لج فعندهما‪،‬‬ ‫القول‬ ‫الاختلاف‬ ‫قد كفى بالذي‬ ‫على داود‬ ‫جرى‬ ‫بينهما في القضية منهما ‪ 0‬بين‬ ‫من‬ ‫وابنه سليمان ّ عليهما‬ ‫له الغنم ‘ وصاحب‬ ‫الحرث ذ‬ ‫إذ نفشت فيه غنم القوم‪ ،‬قال الله تعالى‪ :‬‏[‪ ]٦٠١‬طإوكنا لحكمهم شاهدين»('أ‪ ،‬ففهمناها‬ ‫سليمان‪ ،‬وكلا أتينا حكما وعلما حجة في هذه الآية‪ ،‬وإن كان حكم سليمان أقضى۔‬ ‫وأقوى‪ ،‬وأمضى‪ ،‬فإنه لم يحكم بالخطأ على داود في حكمه وإن كان قد ظن الناس‬ ‫ذلك فقالوا‪ :‬إنه إذا كان الصواب مع سليمان‪ ،‬فبالضرورة الخطأ مع داود‪ ،‬وإلا فأي‬ ‫فائدة في قوله‪ :‬ففهمناها سليمان‪ ،‬فليس الأمر على ما فهموه‪ ،‬وكلاهما صواب‬ ‫وإنما‬ ‫فهم سليمان الأصوب والأصح وقد يكون في الصواب شيء أقوى من شي‪.‬‬ ‫و أصح و أصوب‬ ‫‪6‬‬ ‫وليس‬ ‫هذ ‏‪ ١‬عناد‬ ‫في‬ ‫و ل‪`١‬‏ تناقض‬ ‫و ل‪`١‬‏ تضاد ‪6‬‬ ‫لأنه‬ ‫شيء‬ ‫و أحد “‪ 4‬و لن‬ ‫كان قائلا للتحري في ظاهره فإنه في الحقيقة واحد‪ ،‬وراجع إلى مسمى واحدة‬ ‫وإنما المضادة العنادية يكون هذا بين الخطأ والصواب‬ ‫لا كما قالوه‪ :‬ولو كان‬ ‫كذلك ما قال الله لكلا أتينا حكما علما(") فلعمري ليت شعري في الخطأ للحمق‪،‬‬ ‫هل يجوز أن يسمى حكما على الإطلاق‪ ،‬وعلما يستحق قائله المدحة عليه وفاعله‪،‬‬ ‫كما كانت لهما كذلك من الله على ذلك‪ ،‬إني لا أدري ذلك‪ .‬لأنه ما خرج عن الحق‬ ‫فهو‬ ‫الباطل ؤ و لا يسمى كذلك‬ ‫لكونه كاسمه ؤ و إن كان‬ ‫أحد ذا قد يرى‪،‬‬ ‫فلبركشف عنه‬ ‫حتى نرى‪ ،‬ومهما وضح وبان واتضح أنه الأصوب والأقوى‪ ،‬فالرجوع إليه أولى‬ ‫بنا‪ ،‬لأنا‪ ،‬وإن كنا نرى ذلك الذي نرى فإنا عن رأي لا دينونة فيه نراه{‪ ،‬لأنه‬ ‫موضع‬ ‫ر أي “ ونحن‬ ‫بالدين‬ ‫في موضع الدين ‘ في غير موضع الدين ل‪١‬‏ ندين ‪ ،‬وفي‬ ‫() سورة الأنبياء‪ ،‬الآية ‏‪.٧٨‬‬ ‫‏(‪ (٢‬سورة‬ ‫الأنبياء‪،‬‬ ‫الآبة‬ ‫‏‪.٩‬‬ ‫‏‪٨١‬‬ ‫الحديث عنه عليه السلام‪ ،‬أنه قال‪( :‬أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم‪ ،‬فاهتديتم) وقد‬ ‫اختلف الصحابة‪ ،‬وجرى بينهم الاختلاف بالرأي في أمور شتى‪ ،‬وجرى في الخلف‬ ‫على منهاج السلف فيما كاد أن لا يحصى ولا يؤتى له على أقصى‪ ،‬إلا ما شاء‬ ‫الف وعلى هذا وقع الإجماع فلم تجر على الصحيح‪ .‬إلا أن يكون من اهتدى بمعالم‬ ‫الهيدى على هدى محق للحقيقة غير مخطئ للحق في الظاهر‪ ،‬ولا عند الله في‬ ‫الباطن‪ ،‬لأن الحق شيء واحد‪ ،‬لا يختلف‪ ،‬ولا يجوز عليه الاختلاف فالحق حقة‬ ‫والباطل باطلة كيف كانا‪ ،‬وأينما كانا‪ ،‬ومن أين كانا‪ ،‬فهما طريقان لا غير‪ ،‬من لم‬ ‫يكن في هذه‪ ،‬ففي الأخرى لا محالة فكيف يجوز أن يهتدي على هذا من أخطأ‬ ‫الحق يقتفى وبأهله يقتدى‪ ،‬وعليه يقول‪ ،‬وبه يعمل(')‪.‬‬ ‫وليس في مقابلة الهداية غير الضلالة‪ ،‬إنك على هدئ أو في ضلال مبين‪ ،‬أو أنه‬ ‫في العدل‪ ،‬يجوز أن يقوم الحق بالباطلس والهدى بالضلالس والصواب بالخطأً‪ ،‬في‬ ‫حال يمكن‪ ،‬ويستقيم فيجوز ويصح أن يكون المتبوع مخطئا للحق‪ ،‬والتابع له فيه‬ ‫مصيبا‪ ،‬فأي شيء في هذه المضادة أبين من هذه المعاندة‪ ،‬ألم تعلم أن الحق هو‬ ‫صراط الله لأوليائه‪ ،‬وسبيله الذي قد عليه بدوا‪ ،‬وعد عليه الثواب بالجنة‪ ،‬ونهى عما‬ ‫سواه من سبيل الشيطان المضلة لأهلها‪ ،‬وهي الباطل‪ ،‬وتوعد على ذلك فقال‪:‬‬ ‫يومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصير أ»(")‪.‬‬ ‫لأنها الحق‪ ،‬وما بعدها إلا الضلال‪ ،‬وقد وقع الإجماع من المسلمين على الر أي‪،‬‬ ‫وإباحة الاختلاف بالرأي‪ ،‬واتخذوه في الحق سبيلا ‏[‪ ]٦٠٢‬إلى الحق بالحق‪ ،‬ليكون‬ ‫الإجماع‪ ،‬فكيف على هذا يصح أن يكون المتبع لهم بها مخطئا لها‪ ،‬والمهتدي بهم‬ ‫فيها ضالاً عنها‪ ،‬فيكون بدخوله فيها بارزأ منها‪ ،‬وإذا كان هذا الاينساع‪ ،‬فيجوز‬ ‫عليه بإتباعه سنة المسلمين في الرأي والاختلاف وفيه بالرأي على وجه ما يسعه‬ ‫() الخروصي‪ ،‬جاعد بن خميس‪ :‬مقاليد التنزيل‪ ،‬وغدراك حقائق التأويل ص‬ ‫‏(‪ (٢‬سورة‬ ‫النساء‬ ‫الآية‬ ‫‏‪.١١٥‬‬ ‫‏‪٨٢‬‬ ‫‏‪.٥٠ ٤-٥ ٠٣‬‬ ‫فأين موضع الخطأ منه له يكون في حال كونه فيه أليس هذا من تنافي المعاني‪،‬‬ ‫وما لا يجوز في العقول السالمة من الآفات على حال بدا؟ أم ترى الحقيقة في هذا‬ ‫المعنى يخالف الشريعة‪ ،‬حتى يمكن في الحق أن يكون في شيء ما هو الباطل في‬ ‫الحقيقة عند الله الحق الذي أمر به في الظاهر؟ ما هذا إلا نفس حال المحال على‬ ‫حال‪ ،‬ولئن قلت‬ ‫و هلة في العقل‪،‬‬ ‫فيه في الرأي أنه خطأً۔ ولا حق ولا باطل‪ ،‬فهي البديهة من أول‬ ‫يعلم فساد‬ ‫فلا متابعة‬ ‫ل‪١٫‬‏ جرم ۔ فلا يحتا ج فره إلى مناز عة “ ومن‬ ‫الدليل الواضح على البرهان الراجح‪ .‬أن هذه الآراء الخارجة على العدل كلها دلالة‬ ‫والأعمال بها وسائل‪ ،‬كما كان ذلك في غيرها من العلوم والأعمال كذلك‪ ،‬ومن ظن‬ ‫أن العلم من العبادة فلا نقص في عقله ورأيه‪ ،‬نعم وكل شيء يقبله منك‪ ،‬ويبلغ به‬ ‫رضاه عليك‪ ،‬فلا شك فيه أنه حق عنده‪ ،‬وقد صح في عدل الرأي على اختلافه‪ ،‬أنه‬ ‫كذلك في الجملة بإجماع في حق من أراد الله به‪ ،‬وعلى التفصيل أيضا‪ ،‬لكن على‬ ‫شريطة التخصيص فيها بإضافة كل واحد منهما إلى من رآه وعمل به لله‪ ،‬بعد أن‬ ‫يراه‬ ‫]_ ء‬ ‫ويستدل‬ ‫عليه بغيره‪6‬‬ ‫أو يتحر اه على وجود‬ ‫۔۔‬ ‫الطاقة من‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ذلك درجات ‘ وعلى هذا‬ ‫ّ‬ ‫فكانها صارت كلها على الحقيقة مهما اريد بها وجهة موصلة إليه ومن وصل فلا‬ ‫ضلة ومن أخطأ وجه الطريقة‪ ،‬فلم يصبها على الحقيقة‪ ،‬انقطع فضل تائها في‬ ‫جهلاء‪ ،‬حيران في بيداء جهله‪ ،‬ولم يصل‪ ،‬وأنى له الوصول‪ ،‬على هذا مادام فيه لم‬ ‫يرجع عنه‪ ،‬وهو يزداد في كل لحظة عن بلوغ المطلوب بعدا‪ ،‬فإن قال قائل‪ :‬إن‬ ‫للمعارض‬ ‫بعد في المحاورة سؤالا ومناظر ة‬ ‫لا بد من‬ ‫إيد ائهما إليك في معرص‬ ‫السؤال‪ ،‬وإيرادهما عليك بمعنى الجدال سواء لأن وإن كان قد كان عليك في المسألة‬ ‫الخوض في المجادلة فكن فسيح اللبان‪ ،‬عريض الجنان‪ ،‬ولا تسأم المخاطبةة ولا‬ ‫تملن المجاوبة لكثرة المطالبة حتى ترتفع الشبهة من كل وجها فتنجلي سرف الغمة‬ ‫عن هذه المشكلة المدلهمةظ ثم لا سيكون لوضوح المحجة للمعارض ملجأ عن التزام‬ ‫الحجة وقد بقي له أن يقول‪ :‬إذا كان الأمر في هذا كما يقول في الرأي الصحيح‪.‬‬ ‫والقول المختلف الصريح‪ .‬فما معنى قولهم في الرأي في حق أهل الرأي أن‬ ‫‪٨٢٣‬‬ ‫المصيب فيه منهم للحق مأجور‪ .‬والمحظيء له معذور‪ ،‬أما في هذا الأثر إحدى‬ ‫الكبر من الأدلة لأولي النظر‪ ،‬على أن الحق في اختلاف الرأي من الفقهاء ما لا‬ ‫يكون‪ ،‬إلا في واحد من الآراء‪ ،‬وإلا فكيف يجوز عليه الخطأ۔ إذا كان كله على‬ ‫اختلافه حقا عند الله تعالى؟ بل هل يمكن ويجوز أن يكون حكم الشيء المختلف فيه‬ ‫كذلك معه في علمه‪ ،‬حتى يكون صوابأ كله عنده في حكمه؟ ألا فاهدني للصواب‬ ‫فيه‪ ،‬فإنه في معانيه دقيق في مبانيه‪ ،‬عويص في معانيه فقل ما أنت فيه قائل‪ ،‬فإني‬ ‫لك عنه سائل‪ ،‬وهذا آخر العهد ‏[‪ ]٦٠٣‬مني لمالي وأما علي وأنت في ذلك يا هذا‬ ‫كذلك‪ ،‬وعلى كل منا أن يقول الصدق‪ ،‬ويرجع إلى الحق‪ ،‬وأنا أرجو أن يكون بهذا‬ ‫القلب لي‪ .‬لأني أظن أن الحق في يدي لقولك كأنه مفارق‪ ،‬ولقولي مطابق‪ ،‬هكذا بما‬ ‫أزى في هذا أرى‪ ،‬فقل فيه بما ترى ليعلم أي القولين أقوم قيلا‪ .‬والهدى إلى الحق‬ ‫سبيلاش فيرجع إليه‪ .‬ويعمل عليه‪ ،‬فيقال له‪ :‬إن إمارة الصدق في طلب الحق قبوله‬ ‫من حيث صدر‬ ‫والكون معه حيث ظهر‪ .‬وترك التعصب لما سواه‪ .‬ولو كان من‬ ‫رأي نفسه أبداه‪ ،‬وعلى حال فبظهوره تفرح‪ ،‬ولو كان على لسان مخالفة لم تبرحض‬ ‫فإن طالب الحق كمنشد الضالة‪ ،‬لا فرق معه بين أن يجدها بنفسه‪ ،‬أو يدله غيره‬ ‫عليها‪ ،‬أو يهديه إليها‪ ،‬لأن الحكمة ضالة المؤمن‪ ،‬فمن حيث وجدها أخذها‪ ،‬ألا وإنه‬ ‫مع ذلك يقبل عليه‪ ،‬ويشكره على ما أهداه إليه ومن سلك التنطع والإعراض ‪،‬‬ ‫استولت على قلبه الأمراض وعمى فكان من الجاهلين‪ ،‬وهلك مع الهالكين‪ ،‬وهاأنا‬ ‫أبتدئ آخذا في تأويل ما سألت عنه جوابا لك‪ ،‬فأقول فيه على ما أرى‪ ،‬أن ليس في‬ ‫هذا المقول دليل لأهل العقول‪ ،‬على ما يقول لأن الخطأ غير لازم وكذلك في‬ ‫مختلف فيه بالرأي لاختلاف الرأي‪ ،‬ولو داخل معمومه فيه على حال‪ ،‬حتى يكون‬ ‫ذلك كذلك‪ ،‬بل قد يمكن أن يكون فيه الاختلاف كله صوابأ‪ ،‬ويمكن كون العكس فيه‪.‬‬ ‫ويمكن أن يكون فيه في أشياء في هذا وهذا جميعأ‪ ،‬والمصيب الحق في الرأي من‬ ‫قد هدى إليه بالدليل عليه‪ ،‬يوافق عليه الرأي من الناظرين‪ .‬أو اختلف القول بالرأي‬ ‫فيه من القائلين‪ ،‬وكله في الظاهر‪ ،‬وعلى الحقيقة في الباطن هدئً في رسمه‪ ،‬حق‬ ‫‪٨٤‬‬ ‫في حكمه ألا ترى أن أهل العلم من المسلمين يقولون‪ :‬لا خلاف نعلمه‪ ،‬إن كل قول‬ ‫المسلمين صواب‪ ،‬وإنه معمول به‪ ،‬لأنه في الأصل كله على اختلافه عدلا لما ما‬ ‫كان على وجه الغلط كونه وذلك هو للخطأ للحق‪ .‬والمخطئ له في الظاهر‪ ،‬من‬ ‫استدل عليه بغير الدليل المدل عليه وذلك قد يكون‪ ،‬وكونه في الرأي من الممكنات‪.‬‬ ‫لأنه على أهل الرأي في الرأي من الجائزات‪ ،‬ولذلك يؤمر فيه من أراد استعماله‬ ‫بالنظر‪ ،‬ولو صح معه أنه من قول لأهل البصر لما قد يجوز على المجتهد فيه أن‬ ‫يخطئ على جهل منه لإصابته فيى موضع ما أجيز له أو ألزمه‪ ،‬لوجود القدرة عليه‬ ‫في محل لزومه‪ ،‬فيكون في مبادرته إليه إرادة يقصد‪ ،‬فأخطأ على غير عمد فلهذا‬ ‫كان المعذور‪ .‬في هذا الموضع المعذور ولكونه المطيع لله به في موضع ما له‪،‬‬ ‫وعليه لم يحرم أجر اجتهاده‪ ،‬لصدقه في مراده هذا‪ ،‬وإنه لمحق في الحقيقة لإرادته‪،‬‬ ‫وإن وافق في الظاهر غير المراد في مجاهرته‪ ،‬لا فرق بينه وبين من بالأدلة إصابة‬ ‫على حقيقته‪ ،‬إذا لم يكن غير ذلك من طاقته‪ ،‬ألا ترى أن المصلي إلى غير الكعبة‬ ‫عند فقده لمشاهدتها‪ ،‬أوعدمة الأدلة عليها‪ ،‬ونزوله إلى التحري لها‪ /‬مصيب في‬ ‫الحقيقة القبلة‪ ،‬وإن أخطأ في الظاهر الكعبة‪ ،‬لا فرق بينه وبين من أصاب التوجه‬ ‫شطرها‬ ‫‏[‪ ]٦٠٤‬في الحق‪ ،‬والمخطئ في الأري‪ ،‬إذا كان من أهل الرأي‪ ،‬كذلك في‬ ‫حكم اللين حكمه يكون لكونه في الحق غير خارج منه في الدين وفقأ‪ ،‬ولو أن ذلك‬ ‫فايلر أي كذلك‬ ‫لما كان المخطئ في الظاهر فايلر أي إلا ضال عن الحق في‬ ‫لدين ‪ 3‬هالك أبدأ ‪ 4‬ولايدين‪ ،‬لأن غير الحق هو الضلال لا غير‪ ،‬في حكم رب‬ ‫العالمين‪ ،‬وإذا كان حال المخطئ فايلر أي في الظاهر كذلك في الحقيقة يكون‬ ‫فكيف بمن أصابه بالدليل‪ ،‬وخر ج على ظاهر العدل‪ ،‬قوله في التأويل‪ :‬أليس أحرى‬ ‫أن يكون قد أصاب وجه الحق على الحقيقة عند الله مظه‪ ،‬ولو كثر النزاع‪ ،‬ولم‬ ‫يصح على شي ء هنالك الإجماع؟ إذا كان ذلك الاختلاف كله ثابتأ على قاعدة‬ ‫الصواب في الحق‪ ،‬وإن احتج بقولهم‪ :‬إن على كل أن يكون على ما قد يراه إللى‬ ‫الحق أقرب فليعلم أن الصواب كله حق‪ ،‬والأدنى إلى الحق في حق كل واحد منهم‪،‬‬ ‫‪٨ ٥‬‬ ‫بالإضافة إليه على ما قد يراه من الرأي أصوب‪ ،‬لأنه اللازم له المتعبد به دون ما‬ ‫لم يره صوابأ‪ ،‬وإن كان في حق غيره ممن يراه حقأأ كما كان ذلك في حقه‪ .‬ولا‬ ‫يجوز على ا له أن يتعبد أحدأ من خلقه‪ ،‬إلا بما هو الحق في علمه‪ ،‬والصواب معه‬ ‫في حكمه‪ .‬ولو كان الحق في اختلاف الرأي‪ ،‬لا يكون إلا في واحد‪ .‬لكان‬ ‫بالضرورة ما خالفه لا محالة باطلا‪ ،‬والمتعبد به عند لزوم الضرورة للعمل به‬ ‫متعبد بالباطل‪ ،‬والمستبيح له في حالة الإباحة‪ ،‬كذلك تسبيح للباطل‪ ،‬أترى هذا يمكن‬ ‫فيستقيم‪ ،‬في الألباب المبصرة‪ ،‬كلا لا أرى هذا إلا نفس المحال‪ ،‬وما لا يجوز على‬ ‫اله في حال‪ ،‬على أنه لو كان حكم الرأي والاختلاف فيه بالرأي كذلك لا يكون‬ ‫الحق إلا في واحد‪ ،‬وعلى كل من المتعبدين بشيء منه طلب الحق" ثم لم يحل أن‬ ‫يكون عليهم فيه طلب ذلك الواحد الحق بعينه‪ .‬للقول به والعمل عليه‪ ،‬فيكون فيه‬ ‫تكليف ما لا يقدر على البلوغ إليه حينأ‪ ،‬ولو تمادى المكلف في التماسه عمره كله‪،‬‬ ‫فيبقى في غمرة الجهالة يقينا‪ ،‬لأنه لا يدري أصابه على الحقيقة ام أخطأ‪ ،‬لأن ما‬ ‫عند الله فيه لا يدري‪ ،‬ولو أنه يدري ويطلع عليه‪ ،‬لما كان في الرأي مدخل فيه‪ ،‬ولا‬ ‫يقطع النظر‪ .‬لأنه نفس الدين والرأي في الدين لا يجوز‪ ،‬وهذا ما لا يصح‪ .‬فكيف‬ ‫إلزام ما لا يستطاع الوصول إليه بحيلة يقدر بها عليه وإن كان‪ ،‬إنما عليهم طلب‬ ‫الحق في الرأي جملة في الرأي في موضع الرأي‪ ،‬لا بنفس ذلك الواحد‪ ،‬فإني‬ ‫بالطلب في شي‪ ،‬ليس بشيء يعلم به الطالب‪ ،‬فيدري أنه وصل إليه فالذي ما‬ ‫لزمه كما عليه أولى‪ ،‬أليس على هذا لو كان الأمر في هذا على اليقين هكذا كأن‬ ‫يكون نفس العلم بالرأي عين الجهل فيه بعينه على الحقيقة‪ ،‬وفي الظاهر أيضا‬ ‫ويصير الأعمى والبصير والجاهل في منزلة واحدةة لا فرق بينهما‪ .‬لأن ذلك لا‬ ‫يعلم‪ ،‬وهذا لا يدري أصابه أم لاش فأي فرق بينهما‪ ،‬وهما في الجهالة فيه بأمر هما‬ ‫على سواء بينهما‪ ،‬وإذا ثبت في الرأي وصح‪ ،‬لم يكن له فائدة وبطلان يسى علما۔‬ ‫أو أن يكون في شيء حكما فصار لا معنى له ‏[‪ ]٦٠٥‬إذ لا فائدة فيه‪ ،‬لتساوي‬ ‫العالم والجاهل‪ .‬ثم وكونهما في ذلك على سواء‪ ،‬ولو كان ذلك‪ ،‬ولكن الأمر ليس‬ ‫‪٨٦‬‬ ‫كذلك‪ ،‬وإنما هو ما قد حكيناه عن المسلمين‪ ،‬وأثبتناه في قول المسلمين‪ :‬إنه كله‬ ‫عدل‪ ،‬إلا ما كان على وجه الغلط من فقهاء الورى‪ ،‬وقع التساوي بين الآراء في‬ ‫العدل‪ ،‬أو كان في شيء منها في الظاهر أقوى من شي ء منها برهانأ‪ ،‬وأظهر بيانأك‬ ‫وأرجح ميزانه فإنهما في الجملة على سواء في الحقيقة‪ ،‬لأن كل من رأى العدل في‬ ‫شيء منها دون شيء‪ ،‬فهو الحق في حقه‪ .‬كما هو في نفسه‪ ،‬لأنه فرضه الذي عليه‬ ‫لربه وعلى سواء في حق من راها متساوية نعم‪ ،‬ومن عمل في شيء منها‪ ،‬بعد‬ ‫أن يراه صوابأ‪ ،‬أو يستدل عليه بغيره ممن يبصره‪ ،‬إن كان لا يراه‪ ،‬أو أن عدمهما۔‬ ‫فيتحراه‪ ،‬فهو سالم لا محالة غانم‪ ،‬ولا يجوز أن يكون في شيء منها غانمأً۔ ولا‬ ‫من الهلكة سالماً۔ إلا والحق يتبع ‪ ،‬وبه يهتدي‪ ،‬وله يسمع‪ ،‬وقد مضى القول في هذا‬ ‫فيما مضى وإن الحق في الظاهر هو الحق في الباطن على الحقيقة عند الله لا‬ ‫غيره ولا يجوز أن يكون غيره‪ ،‬والغيب لله لا لغيره‪ ،‬فهو المعبود حقأ‪ ،‬ونحن‬ ‫العبيد رقى ليس لنا ولا لغيرنا في العبادة أن نتعاطى في علم الغيب والشهادة من‬ ‫علمه جل اسمه‪ ،‬إلا ما علمنا به وهدانا إليه بالأدلةش وألزمنا إياه وتعبدنا به وذلك‬ ‫عنده في حقنا هو الحق‪ ،‬وافق في حكمه ماعنده أو خالفه فلا فرق‪ ،‬وقد ضربت لك‬ ‫فيما مضى المش‪ ،‬كي أوضح لك المنهج المعتدل‪ ،‬وأهديك بالبرهان الأكمل على‬ ‫الصراط الأعدل‪ ،‬فله فاسمع‪ ،‬ولعدله فاتبع‪،‬‬ ‫ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع‬ ‫والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولأ»('أ‪ ،‬وإن ترد المزيد فيه من التوضيح‬ ‫قولا فدونك مثلا آخر‪ ،‬في رجلين علم أحدهما‪ ،‬فقامت عليه حجة العلم في الدين‪،‬‬ ‫لمعرفة شيء من المحرمات التي على ظاهر الحكام من ضروب‬ ‫الحلال في‬ ‫حكمها‪ ،‬لمن لم تقم عليه الحجة فيها‪ ،‬بموجب التحريم يقينا في دين الإسلام‪ ،‬وكان‬ ‫ذلك في الأصل من المحللات‪ ،‬وإنما وقع في المسألة عليه التحريم بعلة فصار بها‬ ‫في يد من هو في يده على وجه حرام من الكتاب‪ ،‬أو السنة أو الإجماع‪ ،‬ولم يعلم‬ ‫() سورة الإسراء۔ الآية ‏‪.٣٦‬‬ ‫‪٨٧‬‬ ‫الآخر منهما به كعلمه‪ ،‬أليس يصير على هذا كل واحد منهما في القول‪ ،‬وغيره في‬ ‫حكمه مخصوصأ فيه بعلمه؟ بلى‪ ،‬وإن وقع منهما به الابتلاء على بقية في علته‬ ‫الموجبة لحرمته‪ ،‬كان على من علم حرامه حرامأ‪ ،‬ولمن لم يعلم حرامه‪ ،‬ولا قامت‬ ‫عليه الحجة فيه بالتحريم حلالاش إلا في الظاهر في الحقيقة‪ ،‬وعلى الحقيقة عند ا له‬ ‫كما تكون الحرمة في ذلك على من علمها‪ ،‬كذلك فإن هو في القول على الغيب‬ ‫بتحريمه حرم‪ ،‬وبه على نفسه أو غيره ممن ترك بمنزلته حكم‪ ،‬أخطأ الطريق‪ ،‬فزل‬ ‫عن الحق والصواب ضل وإن رجع الآخر عن علمه في علمه بغير حجة في‬ ‫حكمه‪ .‬أو أنه خالف في ذلك الحجة التي هي في الظاهر حجة في موضع قيامها‪.‬‬ ‫عليه بالحجة في الحرمة هلك‪ .‬وإن وافق في الباطن عنه لكذب الحجة في شهادتها‬ ‫ما عند الله فيه فلا عذر له ‏[‪ ]٦٠٦‬فيما سلك وذلك لمجاوزته بغير حق‬ ‫فيما له أو‬ ‫عليه في الظاهر بحق إلى ما ليس له في الحق‪ .‬لأن الحق في حقه‪ ،‬ما قامت به‬ ‫عليه في الظاهر حجة الحق في حكمه‪ ،‬ولا يجوز له أن يجاوزه على الغيب إلى‬ ‫غيره بغير حجة‪ ،‬وإن كان ممكن فيجوز لأن يكون ذلك الغير في علم الله كذلكظ‬ ‫وما قامت به عليه حجة الحق في الظاهر على خلاف ما في علم أمة‪ ،‬فهو غيب لا‬ ‫يدري‪ .‬والحكم في الإثبات والاتباع له في حال علي الظن المجرد عن العلم باطل‪،‬‬ ‫لا يجوز‪ ،‬والله أعله('أ‪.‬‬ ‫فانظر في دقيقات هذه المعاني‪ ،‬تعلم أن الحق في كل واحد منهما ما قد خص‬ ‫به‬ ‫لقيام الحجة به في الظاهر له‪ ،‬أوعليه في الباطل في حقه مما قد عداه‪ ،‬مما لم يؤذن‬ ‫له به وإن كان حقا في حق غيره‪ ،‬وافق في الوجهين في الباطن علم الله في ذلك‪،‬‬ ‫أو خالفه كله سواء ولو لا أن ذلك كذلك‪ ،‬لم يجز أن يهلك المخالف لما عليه في‬ ‫الظاهر على الموافقة لعلم الله فيه ولا أن يسلم الموافق في الظاهر على المخالفة‬ ‫لعلم الله في الباطن عنه أبدأ‪ ،‬كذلك الرأي في صوابه واختلاف القول والعمل به‬ ‫في بابه على هذا الحال‪ ،‬يكون الحق في حق كل واحد ما قد بان له عدله‪ ،‬وظهر‬ ‫() الخزوصي۔ جاعد بن خميس‪ :‬مقاليد التنزيل وإدراك حقائق التأويل‪ ،‬ص‬ ‫‏‪٨٨‬‬ ‫‏‪.٥٠٩ - ٥٠٥‬‬ ‫له حقه‪ ،‬فاطمأن إليه قلبه‪ ،‬وانشرح إليه صدره‪ ،‬فكان فيه على نور من ربه دون ما‬ ‫عداه‪ ،‬فما حاك في صدر{‪ ،‬فأنكره‪ ،‬ونظر إليه فلم يره‪ ،‬وإن كان حقأ في حق غيره‬ ‫فمن أبصره عند الله وعند نفسه وعلى كل حال في هذا أن يقوم به بما عليه وله‬ ‫أن يستبيح فيه ما قد أبيح له في الظاهر‪ ،‬وليس عليه‪ ،‬ثم من علم الله في الغيب في‬ ‫شيء‪ ،‬ومتى كان على شيء منه‪ ،‬ثم ضاق عنه صدرأ‪ ،‬وانكشف له بالعدل في‬ ‫غيره‪ ،‬فليرجع لله عن ذلك للعدل شكرأ‪ ،‬على هذا يكون في الرأي‪ ،‬وإنه في سبيله‬ ‫إلى ربه‪ ،‬حتى يلقاه مريدأ لرضاه‪ ،‬وقد مضى القول في ذلك‪ ،‬كذلك مهما بان له‬ ‫الخطأ منه فيما هو عليه فيه‪ ،‬فليتركه لله في المستقيل في القول والعمل به‪ ،‬فإن لم‬ ‫يفعل‪ ،‬فهو كمن ضيّع فرض القبلة فصلى عمدأ إلى غير الكعبة من غير عذر‬ ‫يكون من الضالين‪ ،‬وإنه في الآخرة لمن الخاسرين‪ ،‬والسلام على من اتبع الهدى‬ ‫وتجنب الهوى‪ ،‬ولم يتبع خطوات الشيطان إلى الردى‪ ،‬وعلى الله المعذرة فيما وقع‬ ‫عليه التكوين من المعاني في الخطاب‪ .‬لأنه لأجل إتمام الفائدة في كل موضع كان‬ ‫عليه السؤال وجرى عليه في المجاورة الجدال‪ ،‬إظهاراً في الجواب‪ ،‬لحقيقة المق‬ ‫والصواب بل ربما كان لسهو وجماح فيه من الكلام‪ ،‬حتى رجع به الزمام‘ لا‬ ‫بقصد تعمد في كل ذلك‪ ،‬فإني لم أر في شيء منها جوابأ‪ ،‬إلا بعد ما أراه صوابأء‬ ‫اللهم فلن كان ذلك كما أرى‪ ،‬فثبتني عليه‪ ،‬وزدني منه‪ ،‬وإن كان الأمر بخلاف ذلكظ‬ ‫فأنت تعلمه‪ ،‬فأرني إياه حتى أراه كما هو عليه‪ ،‬فأرجع إليه‪ ،‬فإنك تقدر ولا أقدر‪،‬‬ ‫وتعلم ولا أعلم‪ ،‬إلا ما مننت به عليش فعلمتني به‪ ،‬إنك أنت العليم الحكيم‪ ،‬الرحمن‬ ‫الرحيم‪ ،‬وأنا أعزم على من وقف على قولي في هذا وغيره أن لا يأخذ به ولا‬ ‫بشيء منه حتى يعرف عدله ‪ ،‬ويرى بالحق فضله۔ فإني لا أبريء نفسي من‬ ‫الخطأ العمى وحب الهوى‪ ،‬إن النفس لأمارة ‏[‪ ]٦٠٧‬بالسوع‪ ،‬ميالة إلى الشر في‬ ‫العلانية والسر‪ .‬إلا ما رحم ربيخ وأنا أستغفر الله مما خالفت فيه الحق والصواب‪،‬‬ ‫وإليه من ذلك أتوب‪ ،‬والسلام عليك ورحمة الله هذا من الفقير إلى ا له جاعد بن‬ ‫خميس بن مبارك الخروصتي(")‪.‬‬ ‫(‪ (١‬المصدر‬ ‫نفسه‪،‬‬ ‫صت‪‎‬‬ ‫‪٥٠٥٠٩‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪.٥١٠‬‬ ‫‪٨٩‬‬ ‫ء‬ ‫مسالة‪:‬‬ ‫ومن جوابه رحمة‬ ‫فرع له ليس بأصل؟‬ ‫فيه يخرج إلى حال‬ ‫لما جرى منا الكلام‬ ‫الله وعما أشبه الإجماع أهو فرع له أو مظه؟ وهل قيل‪ :‬إنه‬ ‫قال‪ :‬لا أعلم أنه قيل فيه بأنه فرع له‪ ،‬كلاش ولا يشبه أن يكون‬ ‫إلا أنه مثله‪ ،‬وكذلك بأنه أصل وأنه لصحيح من القول‪ ،‬ولكن‬ ‫في هذه المسألة‪ ،‬وكنا نحن القائلين‪ :‬إنه مش الإجماع قال‬ ‫بعض الحاضرين‪ :‬إنه فرع الإجماع‪ ،‬ولما عارضناه بما جاء في الأثر عن أهل‬ ‫العلم من المسلمين‪ ،‬أنه ما أشبه الشيء‪ ،‬فهو مه بإجماع‪ ،‬قال ذلك خاص‬ ‫وأي‬ ‫مخصوص له عن هذا في باطنه عن ظاهره فيه المراد منه به‪ ،‬نعم‪ ،‬وإن كان ليس‬ ‫شيء في الدين أو الرأي‪ ،‬إلا وله خصوص وعموم‪ ،‬فإن هذا من خصوصه‪ .‬وداخل‬ ‫تحت عمومه‪ .‬ولا يعلم فيه من القول اختلاف ومن الحجة لنا على هذا أيضا قول‬ ‫الشيخ أبي سعيد رحمه الله‪ ،‬والأصول في الدين ما جاء حكمه في فن من فنون‬ ‫العلم‪ ،‬من كتاب“ أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أو من إجماع المحقين‪،‬‬ ‫الين جعلهم الله حجة في الدين‪ ،‬من الأولين والآخرين‪ .‬أو ما أشبه ذلك‪ ،‬أو شيئا‬ ‫منه وما خرج على معناه‪ ،‬ووقع موقعه‪ ،‬فهذا من أصول الدين الذي لا يجوز‬ ‫خلافها بعلم ولا يجهل برأي‪ ،‬ولا بدين مع كلام له كثير أبان فيه الإبجلام عن‬ ‫غو امض‬ ‫الأحكام‪ .‬وهذا ما أردنا من كلام نقله‪ ،‬ونحو هذا يوجد في المعتبر عنده‪،‬‬ ‫رحمة الله فانظر فيه تجد ما فيه كفاية عن جوابي لك في هذا وهذا‪ ،‬وإن كان عندك‬ ‫شيء غير هذا يؤخذ ولما خالفه يؤيد‪ ،‬فالمراد الكشف له منك‪ ،‬فإنا نحب أن نطلع‬ ‫عليه‪ ،‬لنعمل به‪ ،‬إن بان لنا صوابه فإن الحق أحق أن يستمع‪ ،‬وأولى أن يتبعظ‬ ‫والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل‪ ،‬ولا حرج ولا عيب ولا لائمة‬ ‫على من رأى الحجة‪ ،‬على إيضاح المحجة‪ ،‬ليدع الأرذل‪ ،‬ويأخذ الأعدل‪ ،‬ويستعمل‬ ‫الأفضل ونحن نلتمس الحق من حيث وجدناه أخذنا ولا نزضى به بدلاء ولا‬ ‫نبتغي عنه حولا وجزى الله خيرأ كل من بصرنا‪ ،‬وأهدى على غير المعاب لنا‬ ‫عيوبنا‪ ،‬وقال الله‪ :‬طليا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين“أ‪ ،‬ولا‬ ‫() سورة التوبة الآية ‏‪.١١٩‬‬ ‫تكونوا كالذي وصفه الله وإذ قال‪ :‬طإوإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم‘ فحسبه‬ ‫جهنم ولبئس المهاد؛("أ‪ ،‬فلا جعلنا الله كذلك‪ ،‬ولا على سبيل أولئك‪ ،‬ولكن ممن‬ ‫يستمع القول فيه فيتبع أحسنه‪ .‬أولئك الذين هداهم الله‪ ،‬وأولئك هم أولوا الألباب‪،‬‬ ‫والله أعله("أ‪.‬‬ ‫مسألة‪ :‬ومن عنده‪ ،‬رحمة الله مسألة عن الشيخ جاعد بن خميس الخروصي فيمن‬ ‫استفتى أحداً من فقهاء المسلمين‪ ،‬من أهل الاستقامة في الدين‪ ،‬ممن شهر له اسم‬ ‫العلم والورع والفضل عن مسألة‪ ،‬فأفتاه هذا العالم المشهور بشيء‪ ،‬خالف فيه حكم‬ ‫الكتاب والسنة والإجماع‪ ،‬فجهله هذا السائل‪ ،‬ولم يبلغ علمه إلى تمييز ذلك‪ ،‬‏[‪]٦٠٨‬‬ ‫فعمل به‪ ،‬فضيّع به حقا‪ .‬أو أبطل به حكماأش أو عطل به فرضأ على الجهل منه‬ ‫بذلك‪ ،‬ومع ذلك دائن لله عماء بما يلزمه من جميع الأشياء كلها۔ من حقوق الله‬ ‫وحقوق عباده‪ ،‬ومع ذلك معتقد أن لا يأتي من الأشياء‪ ،‬إلا ما يسعه في دين الله‬ ‫خالفته ومعتقد السؤال عنه وأداء ما يلزمه أداؤه من جميع الأشياء كلها ولم يقصر‬ ‫هذا السائل في شيء مما يلزمه‪ ،‬وبلغ إليه علمه‪ ،‬إلا من طريق جهله بما أفتاه هذا‬ ‫المفتي‪ ،‬وقصور عمله عن بلوغ ما يلزمه من حكم ما ارتكبه‪ .‬ومضى على ذلك‬ ‫طول عمره‪ ،‬ومات على هذه الدينونة‪ ،‬أيكون سالما بذلك أم هالكا؟(")‪.‬‬ ‫قال‪ :‬إن الذي في هذا يبين لي في النظر وأراه صوابأ من القول على قياس ما ورد‬ ‫في الأثر عن المسلمين من أهل العلم والبصر فيما يكون من هذا بلوغ الحجة به‬ ‫من وجه حجة السماع لعبارة من يكون له حجة أو عليه‪ ،‬وله حجة دون خطر البال‪،‬‬ ‫أنه على هذا إذا اعتقد مع ذلك السؤال عنه‪ ،‬والتوبة إلى الله منه إن كان مخالفا‬ ‫للصواب المبين في أحكام دين المهتدين‪ ،‬ودان بأداء ما يلزمه فيه بعينه متى بلغ‬ ‫إلى علم لزومه‪ ،‬وقدر على أدائه أن هدى إلى ذلك فيه‪ ،‬وفي جملة ما يلزمه من‬ ‫(‪ (١‬سورة‬ ‫البقرةظ‪،‬‬ ‫الآية‪‎‬‬ ‫‪.٠٦‬‬ ‫"ا الغزوصي‪ ،‬جاعد بن خميس‪ :‬مقاليد التنزيل وإدراك حقائق التأويل‪ ،‬ص‪‎‬‬ ‫() المصدر نفسه‪ ،‬ص‬ ‫‏‪.٤٥٢‬‬ ‫‏‪٩١‬‬ ‫‪.٥١٠‬‬ ‫جملة اعتقاده في الجملة‪ ،‬إن لم يهدني ذلك فيه‪ ،‬ولا إلى شيء منه‪ ،‬ولم يكن كون‬ ‫ذلك على سبيل الدينونة قد كان‪ ،‬فأرجو أن يكون سالمأ من الهلكة من هذا القبيل‬ ‫يكون على بعض القول‪ ،‬وكذلك أرجو أنه نحو هذا يوجد في الآثار‪ ،‬مما أرجو أنه‬ ‫عن الشيخ أبي سعيد وكان معنى ما يستدل به عن الشيخ أبي عبد الك محمد بن‬ ‫روح ‪ ،‬وعندي‪ .‬أن ذلك كذلك على معاني الصواب في الحق‪ ،‬يخرج لا على غيره‬ ‫من الباطل» كلاش ولا يخرج في صحيح النظر معنا والتأويل المجمل‪ ،‬ما جاء من‬ ‫القول في الحكم بالهلاك حزماأ‪ ،‬على من خالف في العمل ما جاء حكمه في الكتاب‪.‬‬ ‫أو السنة أو الإجماع‪ .‬أو ما أشبه ذلك‪ ،‬وخرج بمعناه في السنة والدين‪ ،0‬الذي لا‬ ‫يجوز خلافه بعلم‪ ،‬ولا بجهل برأي‪ ،‬ولا بدين في غيره موضع التعمد قصدا إليه في‬ ‫العلم مع العلم أوالجهل على غير مبالاة به كيف ما كان في ارتكابه له على سبيل‬ ‫الانتهاك والاستحلال» لكن بما به ما للرأي الفاسد‪ ،‬الضعيف الكاسد‪ ،‬أو الإتباع له‬ ‫من هذا العامل‪ ،‬بقول هذا القائل‪ ،‬عما به عن وجه الهداية‪ ،‬لفقده عن نفس الأدذلةة‬ ‫على المعالم المدلة بصحيح مدلأتها على قاعدة الحق‪ ،‬ومرتكم طريقة الصدق‪ ،‬على‬ ‫جهل منه في نفسه مبلغ طاقته في إصابة العدل طلب السلامة والنجاة من كل بطل‬ ‫موجب للندامة والحسرة يوم القيامة لا على توبة من أحد هذه الشرائط‪ ،‬كما بينت‬ ‫ذلك لك أيضا ۔ ومع وجودهاا فكأني لا أعلم أن يخرج في‬ ‫القطع بهلاكه مع‬ ‫الإجماع‪ .‬أو الاتفاق أبدأ جزماً فيما يبين لي في هذا عدله‪ ،‬ولو مات بعد أن عاش‬ ‫على ذلك زماناً‪ ،‬وعمل عليه كذلك أحيانا‪ ،‬لكنه أشبه أن يخرج في القول بهلاكه‬ ‫معنى الاختلاف لأنه يخرج ‏[‪ ]٦٠٩‬على بعض المذاهب أنه لا يسعه ذلك‪ ،‬إذ قال‪:‬‬ ‫عليه التوقف عن الإقدام عليه على الجهل وذلك الذي به أخير‪ .‬وأتت به العبارة‬ ‫له لازم‪ ،‬وعليه مع القدرة الخروج في‬ ‫كأنه ليس بشيء‪ .‬وعلى قياد هذا‪ ،‬فالسؤال‬ ‫طلبه للخروج مما حل فيه من البلية ونزل به من الزرية‪ ،‬وإن كان هذا الذي به‬ ‫أفتاه هذا العالم أخطأ مما تقوم الحجة على من بلغ إليه من حجة العقل‪ ،‬للم يسعه‬ ‫جهله بعد أن طرق السمع خبره‪ ،‬أو خطر بالبال ذكره‪ ،‬وضاق عليه الجهل‪ ،‬ولزمه‬ ‫‪٩٢‬‬ ‫العلمى فإن ضيع ذلك هلك في الحالة ولا يتحيز من الهلكة اعتقاد السؤال‪ ،‬في قول‬ ‫أهل العلم على كل حال‪ ،‬وإني لأعلم في ذلك من قول أهل العدل اختلافا‪ .‬فانظر في‬ ‫هذين المعنيين جميعا‪ ،‬ولا تقبل من قولي فيهما‪ ،‬إلا ما وافق العدل‪ .‬ولاصق‬ ‫الصحيح من آثار أهل الفضل‪ ،‬واعلم إني أتيتبالقول على كلا الأمرين‪ ،‬لإحاطة‬ ‫معنى السؤال بهما‪ ،‬ودخولهما تحت معانيه‪ ،‬والله أعلم(‪.‬‬ ‫مسألة‪ :‬ومنه وعن القارئ للكتب‪ ،‬والناسخ لها‪ ،‬إذا رأى فيها شيئأ من التصحيف‬ ‫والخلل والتغيير عن المعنى المراد من قبيل نقصان شيء من الحروف‪ ،‬أو الكلمات‪،‬‬ ‫أو زيادتها‪ .‬وربما حدث بها ذلك من قبل النسّاخ‪ ،‬ومن عدم التصحيح‪ .‬وقلما ينجوا‬ ‫من الكتب من هذا الحال‪ ،‬إلا ما شاء الله وخاصة في زماننا هذا‪ ،‬أيجوز له‪ ،‬أعني‬ ‫القلرئ۔ أو الناسخ لها‪ ،‬أن يصلح ما يراه مختلاث على ما تغلب على ظنه أنه كذلك‬ ‫من مل هذا‪ ،‬ومش تنقيص شي ء من الكلام أو الأحرف‬ ‫أو زيادة‪ ،‬أو تبديل على‬ ‫ما يراه‪ ،‬إذا رجى أن يكون أقرب فهما للقراءة‪ ،‬أو أوجز وأفضل؟ ويكون من غير‬ ‫تعليل الكتاب‪ ،‬ويكتبه على سبيل القطع‪ ،‬أو يطلب الاختصار في ذلك‪ ،‬ولو كان‬ ‫المعنى مفهوما باللفظ الأول‪ ،‬ولكن على سبيل الاستحسان بأن يحذف بعضه‪ .‬وربما‬ ‫يكون المعنى مفهوما بالذي يبقى من اللفظ الأول‪ ،‬لأن الألفاظ تتسع وتطول‪ ،‬وتنجزم‬ ‫وتتحصر‪ ،‬ويكون المعنى واحدا في ذلك‪ ،‬ومثل ذلك أن يجد مكتوبأ على من قال‪،‬‬ ‫فيكتبه هو قيلاً وقولاًش ومثل ألفاظ الشيخ أبي سعيد مثل قوله‪ :‬معي أنه يخرج في‬ ‫معاني قول أصحابنا‪ ،‬أو ما يشبه هذا‪ ،‬فيكتب ويوجد عن بعض أصحابنا‪ ،‬أو في‬ ‫قول أصحابنا‪ ،‬أو عن بعضهم إذا كان على نسق كلام متقدم مش هذا‪ ،‬فما يكون‬ ‫المعنى مفهومة لأنه لا يراد بالألفاظ إلا استفهام المعاني‪ ،‬فهل لا يكفي الاقتصار‬ ‫دون التطويل والاتساع‪ ،‬إذا فهمت المعاني ؤ إذا كان المراد ذلك‪ ،‬وذلك أخف عناء‬ ‫وأقل مؤنة وضجرأ ‪ ،‬وربما يكون أحفظ وأضبط للمعاني بالألفاظ الوجيزة‪ ،‬أمعن‬ ‫( المصدر نفسه‪ ،‬ص‬ ‫‏‪.٤٥٣-٤٥٢‬‬ ‫‏‪٩٣‬‬ ‫نظرك في هذا‪ ،‬وما أشبهه مما لا ينحصر("‪ .‬قال‪ :‬فالذي أقول به وأراه على حسب‬ ‫ما عندي في إصلاح ما يوجد في الكتب مصحفاش وعن أصله محرفاًش إنه لا بأس به‬ ‫على من قدر عليه من الناس‪ ،‬ألا وإن على صدقه في بيان حقه الثواب العظيم‪،‬‬ ‫إذا‬ ‫أراد به وجه الله الكريم‪ ،‬كيفما كان من زيادة أو نقصان‪ ،‬وإن لم يدل بشيء على أنه‬ ‫مما أصلح‪ ،‬إذا كان له دليل واضح‬ ‫‏[‪ ]٦١٠‬من نفس الكلام أنه كذلك بما لا شك فيه‬ ‫وإن يكن كذلك‪ ،‬وإنما خرج على ما يغلب على ظنه فلا يبين وجهه‪ .‬إلا أن يأتي‬ ‫فيه بما يدل على أنه من غير مؤلفه‪ ،‬فإما أن يضيف إليه من الزيادة عليه فلا‬ ‫أبصره‪ ،‬جائزأ في هذا الموضع وكذلك القول في الاختصار‪ ،‬وتبديل ألفاظه بغيرها‬ ‫مع بقاء النسبة في تأليفه إلى من له المعنى لا غيره‪ ،‬بأنه هو الذي ألفه كذلك‪ ،‬وإن‬ ‫كان هذا الذي اختصره هو المؤلف له من معاني كلام غيره‪ ،‬ورفع القول إلى‬ ‫صاحبه من غير زيادة في المعنى على ما قاله‪ ،‬ولا إضافة لفظه إليه فلا بأس‬ ‫عليه‪ ،‬لأن المعنى له‪ ،‬فهو من قوله‪ ،‬وإن لم يكن بلفظة‪ ،‬وكفى بالكتاب المهيمن‬ ‫العزيز على جواز مثل هذا دليلا لمن أبصره‪ ،‬وكذلك إن اقتصر فيما يؤلفه على‬ ‫بعض المعاني والألفاظ من غير أن يخل بشيء من معنى ما أراد ه عنه‪ ،‬إخلالاً‬ ‫يوجب فساد المعنى في نقله عن حكمه إلى غيره‪ ،‬إلأ من عذر‪ ،‬فلا بأس به‪ .‬وإن‬ ‫دل فيه على أنه من معنى قوله فحسن‪ ،‬وإن تركه‪ ،‬فلا لوم لصدقه في قوله‪ ،‬إنه قال‬ ‫ذلك المعنى‪ ،‬و إما أن يضيف إليه زيادة لشيء من المعاني لم يقله‪ ،‬فهو من دعوى‬ ‫الكذنب‪ ،‬فلا وجه له‪ ،‬وإن كانت هي في نفسها حقأ‪ ،‬فليس كل حق جاز أن ينسب إلى‬ ‫من لم يكن منه‪ ،‬وعلى ناسخ الكتب أن لا يزيد في كلام من ينسخ كلامه على معنى‬ ‫الإضافة إليه بغير معنى إصلاحه عن دليل واضح لا شك فيه‪ .‬وإن أعجبه أن‬ ‫ينسخ شيئأ دون شيء من غير إفساد لحقه‪ ،‬ولا دعوى عليه أن ما ألفه كذلك مع‬ ‫التقطيع لقوله بالحذف لشيء منه لم يضيق عليه‪ ،‬ولو ذكر فيه أنه من تأليفه فهو‬ ‫) ‪ (١‬المصدر‬ ‫نفسه ‪ 4‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٣٠٠‬‬ ‫‪٩٤‬‬ ‫غير الأول‪ ،‬والفرق بينهما ظاهر المعنى‪ ،‬لأن بعض الشيء غير كله‪ ،‬ولا شك في‬ ‫أن من تأليفك‪ .‬فهو بعضه وقد دل على ذلك فلا بأس عليك فإن كان ذلك الحذف‬ ‫مما يغير المعنى عن حاله الأول إلى غيره‪ ،‬لم يجر كما قد فعل في موضع من‬ ‫المصنف من قد غيّر كلام الشيخ أبي سعيد رحمه الله لحذفه بعض لفظه مع بقاء‬ ‫نسبته إليه فلن نفسي من ذلك في حرج‪ .‬إذ في حذف بعضه خروج عن الصواب‪،‬‬ ‫لتغيير المعنى عن أصله‪ ،‬حتى صار فيما أبقى ما يدل على إضافة ما لم يكن منه‬ ‫إليه من كون القطع بالحكم على شيء في موضع الحكاية منه عن الغيرة أو‬ ‫التخريج له من معنى قوله‪ ،‬على معنى النسبة‪ ،‬وأي شيء يحير مش هذه الدعوى‬ ‫في شيء لا كون له أنه لعجب‪ ،‬فينبغي أن يحذر‪ ،‬فإني أراه عن يقين ضربأ مما لا‬ ‫يجوز‪ ،‬ولسنى في شك من حجره‪ ،‬وعسى أن يكون مراده وجهأ من الجائز فأخطأه‬ ‫بغيره‪ ،‬فكيف لاش وقد أحال حكم الشيء من الرفيعة فيه عن غيره على سبيل الحكاية‬ ‫له‪ ،‬إلى أنه حكم فيه من ذاته بالقطع عليه بدعوى غير صادقة‪ ،‬أفيحل أن يسند مش‬ ‫هذا إلى أهل العلم فيما يسع من نحو هذا منهم‪ ،‬أو يوجد في الأثر عنهم؟ إني لا‬ ‫أبصره جائزأ في هذا الموضعك ولا أعلم أن أحدا دعا جوازه ولو قيل به‪ ،‬لم أقيلهت‬ ‫وما صح باطله‪ ،‬لم يجر أن يؤثره لنفسه ولا لغيره مؤثرأ‪ ،‬إلا أن يأتي عليه بما‬ ‫برهقه من الحق‪ ،‬والا فلاش قلت له‪ :‬وكذلك نجد الألفاظ مسألة كأنها [‪]٦١١‬عن‏ عالم‬ ‫معروف‪ ،‬ويود لو أنه وجدها عنه منصوصة‪ ،‬ويكون لفظها في قلبه شبه اليقين بأنها‬ ‫عن ذلك العالم‪ ،‬أتجب له أن يكتب أحسبها أو أظنها عن فلان‪ ،‬أو يريد أن يب‪٥‬ل‏‬ ‫شيئأ من الألفاظ مما شابهها وجانسها وماثلها‪ ،‬أو أنه في حال نسخه سبق قلمه بكتبه‬ ‫كلمة‪ ،‬هي غير ما في الكتاب الذي ينسخ منه مما يكون مخالفاً في الألفاظ متفقأً‬ ‫عليه في المعاني‪ ،‬فلا يجب أن يدمغه‪ ،‬وذلك مش صلاة الأولى أوالظهر والعشاء‬ ‫الآخرة‪ ،‬أو العتمة والصبح والفجر‪ ،‬أو تجد المسألة عن عالم قد نسب اسمه وكنيته‪،‬‬ ‫فيريد أن يكتفي بأحدهما طلبا للإيجاز والاختصار‪ ،‬وهل تجد فرقاً بين قال فلان‪ ،‬أو‬ ‫عن فلان؟ وهل رأيت ترخيصا في مث هذا؟ وهل يعجبك أو فعلته؟ أو ترى التوقف‬ ‫‪٩٥‬‬ ‫عن هذا الحال‪ ،‬أو عن شيء منه؟ وتركه على الحال المتقدم أنزهه وأولى وأبرأ‬ ‫للقلب‪ ،‬وأسلم عما لا سبيل إلى تبديل هذا أبدا؟ أم يجوز في شيء من هذا‪ ،‬ولا‬ ‫يجوز في باقيةش؟ أو شيء أرخص من شي»‘ في ذلك كراهية من غير تحريجظ‬ ‫وهل في ذلك فرق بين أن يكون الكتاب لنفس الفاعل كذلك والزائد له‪ ،‬أو لغيره أذن‬ ‫له في ذلك‬ ‫أو لم يؤذن؟ قال‪ :‬لا يبين لي فرق ما بين أحسب وأظن في هذا‬ ‫الموضع۔ ولا بأس بهما‪ ،‬إذا كان ذلك في ظنه كذلك‪ ،‬وأما أن يبدل ألفاظها بغيرها‬ ‫مما هو بمعناها مما جانسها‪ ،‬ويبقى اسمها من تصنيف من نقل المعنى من قوله‬ ‫على تغيير اسمها‪ ،‬فلا تبصر جوازه لبعده من الصدق‪ ،‬وإن كان على معنى الحكاية‬ ‫ورده فيما يؤلفه من قوله‪ ،‬والمعنى هو من غير زيادة عليه بشيء للم يقله‪ .‬ولا‬ ‫دعوى عليه أنه من لفظةة فلا بأس بصدقه‪ .‬لأنه قال ذلك المعنى‪ ،‬فهو من قوله له‬ ‫وإن لم يكن بحروفه‪ ،‬وكفى بما في الكتاب العزيز من الأخبار‪ ،‬وحكاية القول على‬ ‫الغير دليل على جوازه‪ ،‬ويعجبني لناسخ الكتب كما هي أن يتركها على حالها‪ ،‬ولا‬ ‫يبدلها لها ولا يغيّرها‪ ،‬فإن هو أصلح فاسد شيء من حروفها بزيادة أو نقص فكان‬ ‫له عليه دليل واضح من لفظها‪ ،‬أو المعنى بما لا شك فيه‪ ،‬فلا بأس‪ ،‬وإن لم يكن‪،‬‬ ‫فحتى يأتي فيه بما يدل على أنه من غير قائلها‪ ،‬وان هو أخطأ في شيء بغيره في‬ ‫نقله مما لا يغير المعنى عن أصله فإن رده۔ فهو الأولى‪ ،‬وإن تركه‪ ،‬فلا بأس‪ ،‬إلا‬ ‫أن يكون هنالك حال يوجب المنع له من تركه من جهة من يكتب له‪ ،‬ولا يبين للي‬ ‫ضيق على من اكتفى في نسبة المسألة على من قالها بأحد الأمرين في تأليفه‪ :‬اسمه‬ ‫أو كنيته بل لو تركها‪ ،‬لم أقل أنه أتى ما لا يحل له‪ .‬ما لم يكن عن قصد لمعنى‬ ‫باطل‪ ،‬إلا أنه من طريق الاستحسان له أن لا يترك نسبتها إلى من هي له لغير‬ ‫معنى‪ ،‬فإن خيف مع أحدهما أن يلتبس بغيره ما يعجبني من غير إلزام له أن يأتي‬ ‫بهما جميعاً‪ ،‬وإن كان في تأليف غيره‪ ،‬أو في حلال المسألة التي ينقلها كا هي‬ ‫بلفظها‪ ،‬فلا يغيّرها عما اشتبه فيها مؤلفها‪ ،‬والفرق بين قال فلان‪ ،‬أو عن فلان‪،‬‬ ‫ظاهر المعنى في موضع ما يكون مأخوذا من فعله‪ ،‬لا من قوله‪ ،‬وهما في القول‬ ‫‪٩٦‬‬ ‫سواع‪ ،‬إن أكد له لأحدهما مكان الآخر‬ ‫‏[‪ ]٦١٢‬ربما لا يزيده على تغييره إلا‬ ‫ضعفا عن أصله‪ ،‬وقد مضى القول بالمنع من نقل ما ليس بحق‪ ،‬إلا لمعنى الرد‬ ‫عليه‪ ،‬والنظر فيه في موضع لبس‪ ،‬عسى أن يدريه‪ ،‬فانظر في ذلك‪ ،‬والله أعلم('أ‪.‬‬ ‫مسألة‪:‬‬ ‫ومن كلامه‪ ،‬رحمه الله‪ ،‬عن الدليل في ترك صلاة الجمعة في غير مصر‬ ‫وبلا إمام‬ ‫عادل ومنبر‪ ،‬فقال‪ :‬الجواب‪ ،‬والله أسأله التوفيق‪ 0‬إلى ما فيه رضا لأقوم طريق‬ ‫فأقول‪ :‬نعم‪ ،‬إن من ادعى الحق والحجة فعليه إيضاح الحجة والحق يعرف‬ ‫بالأدلة أكثر من معرفة الشهور بالأهلة‪ .‬وحجتك علينا بالآية الكريمة‪ ،‬هي على‬ ‫معنى العموم‪ ،‬و العموم يقضي عليه الخصوص‬ ‫ومن ترك المخصوص المنصوص‬ ‫وقضى عليه بالعموم‪ ،‬كان كمن ألزم الإمام اتباع المأموم بل ذللك عندنا ملوم‬ ‫مذموم‪ ،‬والحجة في ذلك قول النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ :‬لا جمعة إلا في ثلاثة‪.‬‬ ‫مصر ممصر وإمام ومنبر‪ ،‬ودليل ثاني قيام النبي صلى الله عليه وسلم‪ .‬بها‬ ‫والمسلمون معه في مسجده بالمدينة المشرفة‪ ،‬ومع منبره المكرم‘ وكل من لم‬ ‫يحضر معه في مسجده وقت الصلاة من عذر أو من غير عذر فإنه صلى الله‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬لم يأمرهم أن يصلوها في بيوتهم‪ ،‬أو حيث كانوا‪ ،‬إلا صلاة أنفسهم‪.‬‬ ‫وكذلك من جاء إلى المسجد بعدما قضيت الصلاةة لم يصل الظهر في المسجد‪ ،‬إلا‬ ‫صلاة نفسه‪ ،‬وكذلك قالوا‪ :‬من صلى الجمعة مع الإمام‪ ،‬ففسدت عليه‪ ،‬فإن يبدلها في‬ ‫التى أقيمت أربعا صلاة نفسه‪ ،‬ودليل ثالث أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى‬ ‫في أسفاره صلاة نفسه‪ ،‬وإنه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬عذر النساء والعبيد والمسافرين‬ ‫عن صلاة الجمعة‪ ،‬وهو يعلم أنهم من جملة المؤمنين ودليل رابع‪ ،‬قول النبي‪،‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬حيث ما أدركتك الصلاة فصلي وأجمعت الأمة بأسرها أن‬ ‫صلاة‬ ‫الظهر‬ ‫(‪ ()١‬المصدر‬ ‫نفسة‬ ‫على‬ ‫صل‪‎‬‬ ‫المقيم أربع ركعات ‘ حبث كان “ و أين كان ؤ و أجمعو ا ألضا‬ ‫‪٠٠‬‬ ‫‪٠ ٢٣‬‬ ‫‪.٣‬‬ ‫‪٩٧‬‬ ‫أن‬ ‫صلاة الجمعة ركعتان‪ ،‬وأنها واجبة في المصر والممصتر‪ ،‬ومع إمام عادل ومنبر‪،‬‬ ‫ومهما اختلت واحدة من هذه الثلاث‪ ،‬فقد خرجت من‬ ‫الإجماع ودخلت في‬ ‫الاختلاف‪ ،‬وليس لنا أن نترك فرضا واجبا علينا بإجماع الأمة‪ ،‬والكتاب والسنة‬ ‫وهي الأربع ركعات‪ ،‬وتتحول عنه إلى شيء مختلف فيه‪ ،‬وهي الركعتان في غير‬ ‫المصر الممصتر‪ ،‬وكل من هرب من فرض واجب عليه بإجماع الأمة‪ ،‬إلى شيء‬ ‫مختلف فيه بلا عذر بيّن‪ ،‬فهو عندنا ضال‪ ،‬فاسق‪ .‬ظالم‪ ،‬منافق‪ ،‬كافر كفر نعمةة‬ ‫علينا أن ندين الله تعالى بالبراءة منه ما لم يثبت‪ ،‬لأن الإجماع حجة‪ ،‬والاختلاف‬ ‫ليس حجة‪ .‬‏[‪ ]٦١٣‬وأيضا فإن الأمة قد أجمعت أن الإجماع لا ينسخه ولا يغيره إلا‬ ‫إجماع مه وكل من طلب نسخ فرض مجتمع علي بشيء مختلف فيه‪ ،‬فقد طلب‬ ‫المحال‪ ،‬ومن طلب المحال‪ ،‬وقع في الضلال‬ ‫بذلك وردت الآثار عن ذوي الألباب‬ ‫والأبصار‪ .‬ودليل خامس‪ ،‬أن الله تعالى أمر المؤمنين بإقامة الحدود‪ ،‬كما أمرهم‬ ‫بصلاة الجمعة‪ ،‬وأجمعوا أن الحدود لا يقيمها غير الإمام العادل‪ ،‬كإجماعهم أن‬ ‫صلاة الجمعة‪ ،‬لا تجب بإجماع‪ .‬إلا خلف الإمام العادل‪ ،‬ولو خالفتا مع غير الإمام‬ ‫العادل مخالف‬ ‫فلا يجب علينا اتباعه وأجمعوا أن من يسرق له قنطار من ذهب‬ ‫وظفر بسارق متاعه‪ ،‬فلا يجوز للمسروق وحده قطع يد سارقه‪ ،‬وإن فعل ذلك برأيه‬ ‫من تلقاء نفسه‪ ،‬كان بذلك ظالما متعدياً آثمأ‪ ،‬كإجماعهم إن من صلى الجمعة وحده‬ ‫منفردا ركعتين وهو مقيم كان كمن لم يصلي‪ ،‬كذلك قال‪ ،‬عليه السلام‪ :‬أربع إلى‬ ‫الولاية‪ :‬ألفي عى والصدقات‪ ،‬والحدود‪ ،‬والجمعات‪ ،‬ودليل سادس‪ :‬إجماع الأمة أنه لا‬ ‫يجوز أن يجعل في المصر الواحد إمامان‪ ،‬والإمام عندنا من شرط صلاة الجمعةة‬ ‫وكذلك قلنا‪ :‬لا تقام صلاة الجمعة في قريتين من المصر الممصتر الواحد‪ ،‬ولو جاز‬ ‫قيامها في قريتين‪ ،‬لكانت خلف إمامين من المصر الواحد‪ ،‬ولجاز في الأربع وإن‬ ‫جاز في الأربع‪ ،‬جاز في الأربعين‪ ،‬ولو جاز ذلك‪ .‬لجاز في جميع القرى‬ ‫والرساتيق‪ ،‬والمواطن كلها‪ ،‬وعلى هذا فأي فرق بينهما وبين سائر الصلوات ولأي‬ ‫فائدة يسعى إليها من الفرسخين‪ .‬ولعل قائلا منهم يقول‪ :‬إذا اجتمع أربعون رجلا في‬ ‫‪٩٨‬‬ ‫المسجد‪ ،‬ومعهم إمام يصلي بهم الفريضة فقد لزمهم فرض الجمعة وبنقصان‬ ‫الواحد لا يلزمهم فريضة الجمعة‪ ،‬ولعل ذلك عندهم في أي موضع كان يقال لهم ما‬ ‫الفرق عندكم بين الأربعين والأربعة في الصلوات كلها‪ ،‬فقد اجتمعنا نحن وإياكم‪ ،‬أن‬ ‫كل صلاة لزمت الأربعين‪ ،‬وثبتت عليهم‪ ،‬وتجوز لهم‪ ،‬وتعتقد بهم لزمت الأربعة‪ ،‬لم‬ ‫نختلف نحن وإياكم فيما علمت في شيء من الصلوات ‪ .‬إلا في صلاة الجمعة‪ ،‬فنحن‬ ‫ثبتنا على الإجماع ولله الحمد‪ ،‬وأنتم خرجتم عنه ودخلتم في شيء ادعيتم جوازه‬ ‫ثم اختلفتم في أحكامه‪ ،‬فكل منكم يرى فيها رأيه ويحكم فيما يرى‪.،‬فنعوذ بالك من‬ ‫الحيرةة ونسأله الهداية والتوفيق‪ ،‬قال النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪( :‬يا معشر‬ ‫المسلمين‪ ،‬عليكم بكتاب الله وسنتي‪ ،‬وما أجمعتم عليه عضوأ على ذلك بالنواجدة‬ ‫وإياكم والمحدثات المبتدعات من الأمور‪ ،‬فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة‬ ‫في النار) أعاذنا الله وجمع المسلمين منها‪ ،‬ولعل قائل يقول‪ :‬إن صلاة الجمعة لا‬ ‫تقام إلا في بلد تجتمع فيها أربعون رجلا يقيمون بها الصلاة‪ ،‬‏[‪ ]٦١٤‬وإن نقص‬ ‫واحد من عدد الأربعين‪ ،‬فقد سقط فرض الجمعة عنهم‪ ،‬وليس لهم أن يصلوا۔ إلا‬ ‫صلاة أنفسهم أربع ركعات‪ ،‬فيقال له مظ ما قلنا له في المسألة التي قبلها‪ ،‬وذلك أن‬ ‫يطالبه يقيم علينا دليلا وحجة‪ .‬أو يبين لنا علة تعرف بين البلد التي فيها الأربجون‬ ‫رجلا أو أربعة أو أربعمائة‪ ،‬أو أربعة آلاف وأكثر‪ ،‬وأظن لا يجد إلى ذلك سبيلا‬ ‫والحمد لله بكرة وأصيلاً فإن أقام لنا دليلا من كتاب مبين‪ ،‬أو من صحيح سنة‬ ‫رسول الله الأمينة أو إجماع من علماء المسلمين‪ ،‬فحينئذ تجب علينا إتباعه‬ ‫وتصديقه‪ ،‬وإلا فليقرً ويعترف أن قوله مقطوع دابره‪ ،‬باطل أوله وآخره‪ ،‬فإن عكس‬ ‫علينا السؤال‪ ،‬وقال‪ :‬أقيموا أنتم دليلا يفرق بين المصر والممصتر وغيره من سائر‬ ‫القرى‪ ،‬قلنا له‪ :‬الدليل الحمد لله واضح والحق نوره بين لاثح وذلك أن الأمة‬ ‫اجتمعت بأسرها كافة على وجوبها في الأمصار الممصترة‪ ،‬وخلف الأئمة العدل‪،‬‬ ‫وكل من صادم الإجماع بالرد والتكذيب‪ .‬فهو أولى بالكذب من الإجماع‪ ،‬بل بتكذيبه‬ ‫يشهد كل ناطق بهم‪ ،‬وساع على قدم‪ ،‬ودليل أمر إجماع الأمة‪ :‬أنه لا يجوز نصب‬ ‫‪٩٩‬‬ ‫إمامين في مصر واحد‪ .‬وأجمعوا أن جواز نصب إمامين في مصرين وثلاثة أئمة‬ ‫في ثلاثة أمصار‪ ،‬وسبعة أئمة في السبعة الأمصار وقد قلنا‪ :‬إن الإمام هو من‬ ‫شرط الجمعة‪ ،‬والدليل على ذلك ما صح وثبت عندنا‪ ،‬أنها لم تقم إلا خلف رسول‬ ‫الك صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أو خلف من يقيمه ويستخلفه على الصلاة‪ ،‬وذلك مدة‬ ‫حياته‪ ،‬ثم كان خليفته من بعده‪ ،‬أبو بكر الصديق‪ ،‬رضي الله عنه‪ ،‬ولم نعلم أن أحدا‬ ‫يستحق اسم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬من جميع الناس غير أئمة العدل‪،‬‬ ‫فحينئذ بان الحق واتضح وانقمع الباطل وافتضح والحمد لله رب العالمين‪ ،‬فهذا ما‬ ‫يسره‬ ‫الله من الجواب فمن وقف عليه فليتدبره تدبير المشفق على نفسه الخائف‬ ‫من عذاب ربه‪ .‬فإن رآه حقا وصوابأ‪ ،‬فليشكر الله تعالى على ذلك لأن الله هو‬ ‫المان به علينا وعلى كافة المسلمين‪ ،‬وإن رآه خطأ‪ ،‬فليرده‪ ،‬فإنه مني ومن‬ ‫الشنيطان‪ ،‬وأنا أستغفر الله تعالى من كل قول وعمل ونية خالفت فيها الحمق‬ ‫والصواب © والله أعل('أ‪.‬‬ ‫مسألة‪:‬‬ ‫وفيمن كان في حياته عندي من منزلة الولاية‪ ،‬ثم مات‪ .‬أيعجبك أن ادعوا له‪ ،‬وأثبت‬ ‫له على الشريطةة إذا كنت ضعيفا عن معرفة الولاية والبراءة‪.‬‬ ‫قال‪ :‬إذا ألقيت صفاته على عالم فأقنعك إنها صفات ولي لزمك ولايته وجاز لك‬ ‫الدعاء له في المحيا والممات‪ ،‬قلت له‪ :‬ما حكم الخلق في الولاية قال‪ :‬الوقوف‬ ‫قلت‪ :‬أليس قد قيل حكمهم ‏[‪ ]٦١٥‬الأمانة قال‪ :‬إنما ذلك في دينهم‪ ،‬وأما في‬ ‫الأمانات فلاش قلت‪ :‬وما يلزم من وجه الاختلاف في الأحداث التي في عمان في‬ ‫زمان الصلت بن مالك‪ ،‬وراشد بن النظر‪ ،‬وموسى بن موسى؟ فقال قوم‪ :‬إنها‬ ‫دعاوى وقال قوم‪ :‬إنها بدعة وضاق عن معرفة المحق من المبطل‪ ،‬فلم يعتقد في‬ ‫أحد الطائفتين اعتقاد يخطئه ولا تصويب أيسعه هذا‪ ،‬ويكون سالما‪ ،‬أم لا؟ وهل‬ ‫() المصدر نفسه‪ ،‬ص‬ ‫‏‪.١٦١‬‬ ‫يكون هذا الافتراق كالافتراق الذي وقع بين هارون بن اليمان ومحبوب بن الرحيل‪،‬‬ ‫رحمه الله‪ ،‬أم بينهما فرق؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬إذا ضاق عن معرفة المحق من المبطل‪،‬‬ ‫وتولى المسلم على ولايتهم لمن تولوه‪ ،‬وبراعتهم ممن برأ منه أنه سالم‪ ،‬والقول في‬ ‫هذا يتسع وأما الافتراق‪ ،‬لا فرق بينه وبين الذي كان في أيام محبوب رحمه اله‬ ‫وهارون بن اليمان‪ ،‬قلت له‪ :‬إذا كانت نفسي تطمئن بقول من قال‪ :‬بالدعاوى وتميل‬ ‫إلى تحقيقه‪ ،‬هل يسعني الوقوف إذا لم يكن ذلك بحجة؛؟ا‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬إن قال قائل‪ :‬فالفرق بين حدث موسى بن موسى وراشد بن النظر‪ .‬وبين‬ ‫فعل أهل النهروان‪ ،‬وحدث عمرو بن العاص» ومعاوية‪ ،‬قال‪ :‬فعلى ما وجدنا في‬ ‫حدث معاوية وعمرو بن العاص باطل‪ ،‬لمخالفته حكم الحق وعناده لحجة الله‬ ‫تعالى‪ ،‬التى هي في الظاهر حجة‪ .‬وفعل أهل النهر‪ ،‬وإن حق لبقائه على الأصل‬ ‫الأول ومفارقته من فارقة على اتفاق من أهل الحق فيهما بهذا على ذلك دلت الآثار‬ ‫والمسلمين والأخيار‪ ،‬وكفى بشهرة الحق حجة في ذلك‪ ،‬وبمن قامت عليه۔ وأما‬ ‫حدث موسى وراشد‪ ،‬فاختلفت فيه أهل دعوة الحق من عمان في حقه وباطلهة‬ ‫وادعى كل فريق من المسلمين ممن شاهد فيه ما يحتمل صدقه وكذبه‪ ،‬بلا أن يجهر‬ ‫بالبراءة ممن خالفه‪ ،‬ولا تخطئه له في الدين على ما ظهر ومضى أولئك على هذا‪.‬‬ ‫وبقي الحدث لاحتماله العدل والجور على أشكاله مع موضع من صح معه كونه‪.‬‬ ‫ولم يطلع على أصل ما كان عليه في الأصل فصار لعدم الإجماع فيه على شيء‬ ‫جميع ما قيل معه على اختلافه معه دعاوى‪ ،‬لأنه من المحتملات للحق والباطل‬ ‫وأبى من هذا آخرون‪ ،‬وزعموا فيه أنه بدعة‪ ،‬واحتج كل من الفريقين على مذهبه‬ ‫احتجاجا كثيرأ بعرفة‪ ،‬فيستدل على العدل من كان بصير أش والقول في هذا يتسع‬ ‫اا المصدر نفسه ن ص‬ ‫‏‪.١٦١‬‬ ‫فيطول۔‪،‬‬ ‫فكيف بجميع ما احتوى عليه السؤال ۔ وفيما مضى‬ ‫إشار ة فانظر‬ ‫فيهاا‬ ‫وتدبر معانيها‪ ،‬ولا تقبل إلا بأن لك حقه‪ .‬والله أعله('أ‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ء‬ ‫ومنه‪ ،‬وفي قول الله تعالى‪ :‬طليا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء‬ ‫بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم»("أ‪ ،‬ما معنى هذه الكينونة منهم؟‬ ‫أيكون من كان مقرأ بالإسلام‪ ،‬وتولى يهودي وأحبه وصوبه على فعله‪ ،‬أيكون مثله‬ ‫يهوديا ‏[‪ ]٦١٦‬في التسمية والأحكام الدنياوية من النجاسة وقطع الصلاة‪ ،‬وغير ذلك‬ ‫من أحكام المشركين‪ ،‬وكذلك يكون في الأحكام الآخراوية ملحوقأ به‪ ،‬أم يكون في‬ ‫الأحكام الدنياوية مفارقأ له ولاحق به في الأحكام الآخراوية؟ أم ما عندك في‬ ‫ذلك؟("'‪.‬‬ ‫قال‪ :‬الله أعلم‪ ،‬والذي يتوجه لي في تأويله‪ ،‬إن صح أن يكون أنه يكون منهم‬ ‫بالو لاية لهم على ما هم به من الكفر في موضع ما ليس له‪ ،‬لعدم الموجب في حقه‬ ‫لوجود العذر‪ ،‬فهو من جملة أهل الضلالة عن طريق الهدى‪ ،‬وإن أقر بالجملة فلا‬ ‫مخرج له من أن يجوز عليه من قبيح الأسماء ما يجمع الكل‪ ،‬فيجوز لأن يطلق‬ ‫على الجميع منها‪ ،‬بعد أن صار بدخوله فيما يوحيها من أهلها فاستحق أن يعادى‬ ‫على مثها‪ ،‬فيحكم عليه بالبراءة الموجبة لإباحة اللعنة والعداوة والبغضاء‪ ،‬وخطر‬ ‫الولاية والمحبة والنصرة في الله تعالى‪ ،‬على من صح عليه أمره‪ ،‬فحرم عليه أن‬ ‫يتولاه وإن تولية بغير حق حق الأولياء بعد أن أنزل نفسه بمنزلة الكفار‪ ،‬مختارا‬ ‫لعمل أهل النار‪ ،‬فكيف يجوز على الإصرار أن لا يكون بعد موته على التحقيق لا‬ ‫من ذلك الفريق؟ كلا فهو في العذاب المهين لأنه لا من المؤمنين بخروجه عنهم‬ ‫(‪ )١‬المصدر‬ ‫نفسك‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.٥١١‬‬ ‫"( سورة المائدة‪ ،‬الآية ‏‪.٥١‬‬ ‫"ا الخروصي‪ .‬جاعد بن خميس‪ :‬مقاليد التنزيل وإدراك حقائق التأويل ص‬ ‫‏‪١٠٢‬‬ ‫‏‪.٣٨-٧٧‬‬ ‫بولايته‪ ،‬لا بحق من ليس منهم‪ ،‬بدليل أن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم‬ ‫جميعا۔ هي مثواهم وبئس المأوى مأواهم‪ ،‬أو تظن أنه يكون بولاية اليهودي يهوديا‬ ‫وبولاية النصراني نصرانيا وإن كان في غير إنكار للجملة‪ ،‬ولا شك فيها ولافي‬ ‫شيء منها‪ ،‬ولا يرد لشيء من التنزيل‪ ،‬بعد قيام الحجة به عليه‪ ،‬وليس كذلك لبعده‬ ‫عن الصواب على حال في الإجماع۔ إذ لا يبلغ به إلى الشرك‪ ،‬ولكن إلى كفر‬ ‫النعمة لا غيره في دين أهل العدل‪ ،‬فاحذروا من أمثال هذه الأحوال‪ ،‬ولا تقف على‬ ‫عمى ما ليس لك به علم‪ ،‬فتردى‪ ،‬لاسيما في مثل هذا‪ ،‬فإنه عظيم لأنه مما يدعوا‬ ‫لى تشريك أهل القبلة ولا شك فاعرفه‪ ،‬وقال في موضع آخر‪ :‬ففي هذا من النهي‬ ‫ما يدل على المنع من الولاية لهم‪ ،‬تحريما لها‪ ،‬وما يكون من لوازمها في حق‬ ‫الأولياء مثل المدح۔ والثناء‪ ،‬والنصرة على الأعداع‪ ،‬وأشبهها‪ ،‬ألا وإن في التأكيد ما‬ ‫يدل بالمعنى على التشديد في موضع ما لا عذر فيه‪ ،‬لأن من يكون من جملة‬ ‫الكفار‪ ،‬فلا بد له من النار‪ ،‬إن مات على الإصرار‪ ،‬أو يجوز‪ ،‬فيصبح بلا رجوع‬ ‫منه أن يخرج عنهم‪ ،‬بعد أن ولج معهم‪ ،‬فصار منهم فيما يجوز عليه أن يلحقه مما‬ ‫جاز في الحكم‪ ،‬لأن يجمع الكل في الاسم من لوازم الضلالة الموجبة لاشتراك‬ ‫الجميع فيها حالة الخروج من الحق إلى شيء من أنواع الفسق‪ ،‬دون ما يخص على‬ ‫افتراق كل فريق في الدنيا باتفاق من شرك أو نفاق‪ .‬ألا وإن المرجع في الآخرة‬ ‫لأهل الكفر أجمع إلى فريق واحد في النار‪ ،‬مقابل لمن في الجنة من الأبرار‪،‬‬ ‫فكيف ‏[‪ ]٦١٧‬يصح أن لا يكون من أولئك‪ ،‬من لم يكن من هؤلاء والكل فريقان‬ ‫عن الله في غير موضع القرآن؟ فأما أن يكون بالولاية في موضع تحريمها عليه‬ ‫لأهل اليهودية يهوديا ولأهل النصرانية نصرانيا في أشباههما‪ ،‬فلا أعرفه مما‬ ‫يجوز كذلك‪ ،‬وإن دفع أبو قحطان عمن حفظ عنه من أهل العلم والورع‪ ،‬أن قال‪:‬‬ ‫من تولى يهوديأ‪ ،‬فإنه يهودي‪ ،‬فإن في قول الشيخ أبي سعيد رحمه الله‪ ،‬ما يدل إلى‬ ‫خلافه‪ ،‬وإنه لهو القول في النظر لا غيره‪ ،‬والله أعلم('أ‪.‬‬ ‫مسألة‪:‬‬ ‫ومنه‪ ،‬وفي أطفال المشركين الوارد الاختلاف فيهم الذي لا يخفاك في أحكامهم‬ ‫الدنياويّة من قطع الصلاة‪ ،‬ونجاسة من منوه وهو رطب ونقض وضوء‪ ،‬وسباهم‬ ‫لمن ظفر بهم‪ ،‬في حال حرب أو غيره۔ أم بين الحكمين فرق‪ ،‬وما معنى الرواية‬ ‫(كل مولود يولد على الفطرة) وإنما يهودانه وينصرانه أبواه‪ ،‬أيكون هذا يهودي‬ ‫ونصراني‪ ،‬في حال الطفولة‪ ،‬أم بعد البلوغ‪ ،‬أم في كلا الحالين؟("ا‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لا أعلمه مما يصح في الأثر‪ ،‬ولا مما يحسن على حال‪ ،‬فيجوز في نظر إلا‬ ‫أن يكونوا في مثل هذا‪ ،‬وما أشبهه مما يتعلق في ثبوته بالدنيا إلحاقهم بآبائهم فيه‪ ،‬إذ‬ ‫لا يصح في المولود أن يهوده أو ينصره أو يمجّسه أبواه بعد أن يولد على الفطرةظ‬ ‫ويجوز أن يخرج على حكمها في حال الطفولية‪ ،‬ولا من بعد البلوغ‪ ،‬إن لم يخرج‬ ‫عن دينهما فيما يجوز فيه فيصح لأن يقر عليه لولا هذا لما جاز إلا أن يحكم له‬ ‫وعليه بحكم أهل الإقرار‪ ،‬ولم يجر من بعد بلوغه على سلامة في عقله‪ ،‬أن يقر‬ ‫على الإنكار‪ ،‬ولكن لا كذلك‪ ،‬لأنه يلزم من ثبوته في الأحكام‪ ،‬أن يكون له وعليه ما‬ ‫في دين الإسلام‪ ،‬فيبطل في أبويه أن يهوَداه أو ينصتراه فيما له وعليه‪ ،‬ويصير‬ ‫القول به لغوأ لا معنى له‪ ،‬فيكون حكم أطفال المشركين في الدنيا مثل أطفال‬ ‫المقوين سواء إن لو صح ولكنه لا يصح بما فيه من نفي الثابت في الصحيحح الذي‬ ‫لا يجوز عليه غيره فيه‪ ،‬أو نظن في هذا أنه مما يجوز‪ ،‬لأن يلحقه على رأي ولا‬ ‫شك في إيحائه أنه ما يقضي في إثباته خطر‪ ،‬مما قد في أبيح في الإجماع جليا‬ ‫لإباحته‪ ،‬فكيف يجوز فيه أن يصبح فيما له أو عليه‪ ،‬إني لا أعرفه في هذا مما‬ ‫(‪ (١‬المصدر‬ ‫‪ (٢‬المصدر‬ ‫نفسك‬ ‫نفسه ن‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪. ٣٨‬‬ ‫‪.٩‬‬ ‫يجوز في دين ولا رأي‪ ،‬لمن رامه في حين‪ .‬وقال في موضع آخر‪ :‬لا يحسن عندي‬ ‫إلا أن يكونوا حال الطفولية تبعاً في مثل هذا لآبائهم في الأحكام الدنياوية ومختلف‬ ‫في الآخراوية‪ ،‬وبعد البلوغ‪ ،‬فعلى ما هم به‪ ،‬وعليه يكونون وكفى بالرواية دليلا‬ ‫على ذلك والله أعله('أ‪.‬‬ ‫مسألة‪:‬‬ ‫ومنه عن ناشئ نشأ في طاعة الله تعالى وهو من أهل الخلاف‪ ،‬إلا أنه لم يرتكب‬ ‫حرمة من محارم الله قط‪ ،‬وكان طول عمره زاهدا ناسكأ‪ ،‬وفي ثواب الله راغبأ‪ ،‬ولم‬ ‫يدع شيئاً من أوامر الله تعالى إلا يأتمر به ‏[‪ ]٦١٨‬ولا محجورأً في دين الله‪ ،‬إلا‬ ‫انتهى عنه‪ .‬إلا أنه بدين بخلاف دين الإباضية قولا ونيّة واعتقادأ‪ ،‬ما حاله يكون إن‬ ‫مات على ذلك؟"ا‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لا يكون على طاعة رب العالمين من كان على خلاف الحق المبين‪ ،‬ضالاً عن‬ ‫سبيل المؤمنين المحسنين‪ .‬وأهل الخلاف لدين المسلمين المحقين على ضروب‬ ‫متفرقة وأحزاب غير متفقة‪[ ،‬كل فرقة] تعي على أنها الصواب‪ ،‬وتزعم أن في‬ ‫يدها فصل الخطاب وتشهد على الأخرى بأنها على مخالفة السنة والكتاب‪ ،‬وصار‬ ‫كل حزب بما لديهم فرحون‪ ،‬ويغدون على ذلك ويروحون‪ ،‬ويحسبون‬ ‫أنيم هم‬ ‫المؤمنون [حقا] والمحسنون صدقا‪ ،‬وليس الأمر كما يقولون‪ ،‬ولا على ما يظنون‪،‬‬ ‫بل [القول] الحق أن الحق في واحد لا في الجميع‪ ،‬إذ لا يجوز أن يكون الحق في‬ ‫الجميع‪ ،‬وكل واحدة دائنة بخلاف ما به الأخرى تدين من الدين‪ ،‬وتخطيء من دان‬ ‫بخلاف مادانت به لأحسن الخالقين ربكم رب آبائكم الأولين‪ ،‬ولم يكن للديان جملة‬ ‫أليان‪ ،‬بل كان الدين واحد‪ .‬لا ثاني له‪ ،‬ولا ثالث‪ ،‬ولا رابع‪ ،‬وهو دين الإسلام‪،‬‬ ‫الذي أرسل به الله النبي محمد‪ ،‬عليه السلام وفرضه على عباده المكلفين البالغين‬ ‫(‪ (١‬المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.٩‬‬ ‫)‪ (٢‬المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.٤٥٤‬‬ ‫العاقلين من الجنة والناس أجمعين‪ ،‬وذلك الذي عليه أهل الحق من الفريق المرضي‪،‬‬ ‫من الحزب المعروف في التسمية بالأباضي‪ ،‬فإنهم هم على الحقيقة وأهل الاستقامة‬ ‫على الطريقة‪ ،‬ودينهم الحق‪ ،‬ومذهبهم الصدق ولكنه ليس التسمي به‪ ،‬ولا انتحاله‬ ‫على سبيل الدعوى بنافع لمن لم يكن له قدم صدق فيه‪ ،‬وإنما الخلاص لأهل‬ ‫الإخلاص من ذويه‪ ،‬ومن المحال أن يكون ذلك يوم لا تحين مناصخ يوم الطامة‬ ‫والقصاص‪ ،‬لمن كان على الخلاف له أيضأً من أهل الخلاف ولا يكون ناشئأ في‬ ‫طاعة الله تعالى‪ ،‬مؤديا بما لزمه من اللوازم‪ ،‬مجتنباأ لما حرم عليه من المحارم‬ ‫مخالف لهف هذا من أشد المحال وأبين الضلاآل‪ ،‬بل لو كان كذلك لكان له موافقأ‪.‬‬ ‫وللباطل مفارقاً‪ ،‬لأنه إنما يكون من أهل الخلاف له من خالف الحق دينأێ وصه‪٥‬‏‬ ‫عنه ضلالة وشينا ‪ 4‬نعم‪ ،‬وإنه بذلك ممن ضيّع المأمور‪ ،‬وركب المحجور‪ ،‬وكفر بالله‬ ‫المشكورة وأي حقيقة طاعة وزهادة‪ ،‬ودين‪ ،‬وإخلاص إيمان ويقين‪ ،‬وصدق» وفز ع‬ ‫وورع ومجاهدة‪ ،‬واجتهاد ومراقبة شافعة نافعة‪ ،‬ولعذاب الله دافعة رافعة‪ .‬لمن‬ ‫خالف الحق في حرف واحد من دين الله تعالى بدين‪ ،‬أو رأي‪ ،‬بعلم أو جهل‪ ،‬فكيف‬ ‫بالأحرف والكلمات‪ ،‬وما لا يعد من البدع والضلالات التي دان بها أهل الخلاف‬ ‫لدين المسلمين‪ .‬وأتوه بالدينونة في سبيل المجرمين‪ ،‬على حسب ما وجدت في‬ ‫الآثار‪ ،‬وجاءت به عنهم الأخبار والجرائم والكبائر والعظائم‪ ،‬هذا ما لا ‏[‪]٦١٩‬‬ ‫يستقيم في العقول‪ ،‬ولا يجوز في صحيح المعقول‪ ،‬ولو صدق‪ ،‬وعبد واجتهد‪ ،‬وركع‬ ‫فرفع‪ ،‬وخضع فخشع‪ ،‬وشكى وبكى‪ ،‬وأطال القيام‪ ،‬وأدام الصيام‪ ،‬وأفشى السلام‪،‬‬ ‫وصلى بالليل والناس نيام‪ ،‬وجاهد الكفار والأشرار‪ ،‬ولازم الاستغفار بالأسحار‬ ‫وخاف ورجا‪،‬‬ ‫وتهجد بالليل إذ شجى وحج وعج ونخ‪ ،‬وتضرًع فألجَ‪ ،‬ودعا وطاف‬ ‫وسعى‪ ،‬وأتى بجميع المناسك‪ ،‬وكان [في] عمره الناسك‪ ،‬وسار فزار‪ ،‬وصبر فذكر‪،‬‬ ‫وتفقه بالعلم‪ ،‬وتحلى بالحلم‪ ،‬و لازم الزهادة‪ ،‬وأتى بعنوان العبادة‪ ،‬ولم يدع شيئا من‬ ‫أبواب البر من والوسائل واللوازمض إلا أتاه ولا شيئا من المحارم إلا انتهاه‪ ،‬إلا ذلك‬ ‫الحرف الواحد من دين الله والسنة والكتاب‪ ،‬وإجماع أهل الصواب من أهل‬ ‫‪١٠٦‬‬ ‫الاستقامة في الدين‪ ،‬المهتدين من الإباضيين‪ ،‬لما كان على الحقيقة من‬ ‫المصلين‬ ‫المطيعين‪ ،‬ولا الصائمين القائمين‪ ،‬ولا المصدقين والت صتقين‪ .‬ولا الراكعين‬ ‫الساجدين ولا الصابرين الذاكرين‪ ،‬ولا المؤمنين المحسنين‪ ،‬بلى‪ ،‬وإنه على الإقامة‬ ‫على ذلك‪ ،‬والتمسك به دينا‪ ،‬والانتهاك له خيانة بعد الحجة يكون من الضالين‬ ‫الخاسرين‪ ،‬والظالمين الهالكين‪ ،‬هذا ما لا نعلم فيه اختلافا بين المسلمين فلا‬ ‫فرية من الدين الأباضي‪ ،‬لأنه الحق العلي‪ ،‬وإنه لهو الدين القويم و ل‬ ‫المستقيم‪ ،‬لا نرضى به بدلا ولا نبغي عنه حولا‬ ‫لاط‬ ‫ولو وجدنا أهدى منه سبيلا‬ ‫وأقوم إلى الحق قيلا‪ ،‬لما رضيناه كثيرا ولا قليلا ولرجعنا إلى ذلك الدين المق‪،‬‬ ‫فاتبعناه فرحين بما علمناهف ولكن أبى الله أن يكون الحق في غير مذهب الاباضي‪،‬‬ ‫كلا بل هو الطاهر الزكي‪ ،‬ودلت على ذلك الدلائل الظاهرة‪ ،‬وشهدت له البراهين‬ ‫القاهرة فظهر على ذلك الدين كله‪ ،‬ولو كره المشركون‪ ،‬وجحده فأمكره الجاهلون‪.‬‬ ‫وهذا أمر بين لا لبس فيه‪ ،‬كالشمس في كبد السماء في يوم لا غيم فيه‬ ‫لا يكاد‬ ‫يخفى‪ ،‬إلا على من كان في الدنيا أعمى‪ ،‬ولم يرض أن يكون من المهتدين سبيلا‬ ‫بالمهتدين من أولي الحجى‪ ،‬ومن كان في هذه أعمى‪ ،‬فهو في الآخرة أعمى وأضل‬ ‫سبيلا ولقد صدف عن هذا السبيل كثير من الناس اعتقاداً وأقوالاً وجالوا قصده‬ ‫بالقصد أفعالاً‪ ،‬عمئ وجهالةً وسفاهة وضلالة‪ .‬ومنهم من كان له مخالفا وبصوابه‬ ‫جاهلا ومنهم المنتحل لساقه وأصله‪ ،‬المضيع عن سبيل الانتهاك لأصله وفصله‪.‬‬ ‫وأقسام أهل الضلالة لا تحصى‬ ‫ولا تعد فتستقصى» وكلهم بالعمى منقادون للشيطان‬ ‫والهموى‪ ،‬أولئك عبيد الدنيا‪ .‬عميت عليهم الأنبياء۔ فحادوا‪ ،‬وساروا مسار الطريق‬ ‫على التحقيق‪ ،‬فسلكوا اليسار‪ ،‬وألجأهم الفرار إلى جرف هار جازماً‪ ،‬فانهار به في‬ ‫نار جهنم‪ ،‬ومن يرد الله فتنته‪ ،‬فلن تملك له من الله شيئا أولئك هم وقود النار‪ ،‬وإن‬ ‫كنتم في ريب مما قلنا في هذا وبينا لرقة علم ‏[‪ ]٦٢٠‬منكم وقلة بصيرة وفهم‪ ،‬فإني‬ ‫لأقىىم باك قسم من بر في يمينه فلا حنث‪ ،‬إن من مات على‬ ‫الدين الأباضي‬ ‫الصحيح‪ .‬غير ناكث بما عاهد الله عليه من قبل‪ ،‬لا مغير حقيقته كلا ولا مبدل‬ ‫‪١٠٧‬‬ ‫طريقته‪ ،‬إنه من أهل السعداء‪ ،‬ومن أهل الجنة مع الأنبياء والأولياء‪ ،‬وإن من مات‬ ‫على خلافه‪ ،‬فليس له في الآخرة إلا النار وبئس المصير‬ ‫لأنه الحق‪ ،‬وماذا بعد‬ ‫الحق إلا الضلال‪ ،‬فإنى تعرفون على هذا إن شاء الله‪ ،‬أحيا وأموت‪ ،‬وعليه ألى‬ ‫الك رب العالمين والله أعل('أ‪.‬‬ ‫مسألة‪:‬‬ ‫ومنه‪ ،‬سئل عن رجلين يتولى بعضهما بعضا‪ ،‬اّعى أحدهما على الآخر حقاء أو‬ ‫دعوى تنقله من الولاية إلى البراءة‪ ،‬أنى لو حجة عليه ما حال هذا الولي مع من‬ ‫يتولاه‪ ،‬وهل يجوز لحاكم أو غيره أن يحكم لنفسه على منكر الدعوى؟ ويكون حكمه‬ ‫ثابتا وجائزأ مع أهل العدل؟ ويكون على ولايته مع من يتولاه؟ وهل تعلم أن شيئا‬ ‫من الدعوى مقبولة ومحكوم بها مع أهل العدل؟")‬ ‫قال‪ :‬قد قيل‪ :‬إن الدعاوى لا تجوز قبولها‪ ،‬وقائل الدعوى من غير الأنبياء‪ ،‬فيما‬ ‫يجب ويجوز تصديقهم فيه هالك‪ .‬علم بها أنها دعوى أو جهل أنها دعوى‪ ،‬إذا كانت‬ ‫في الأصل دعوى۔ كانت في شيء من أمور الدين أو الدنيا‪ ،‬إذا لم يكن يعلم صواب‬ ‫ما يقوله ويدعيه من دعاويه‪ ،‬إلا في مخصوص من الأمور التي هي موكولة إلى‬ ‫قول القائل في الحكم‪ .‬أو كانت مما يجوز على معنى الاطمئنان قبوله‪ ،‬إذا لم يكن‬ ‫نازلا في حينه ذلك منزلة الخصم في دعواه‪ ،‬والمدعي والمدعى عليه على‬ ‫منزلتهما‪ ،‬ولو كان المدعي من الأولياء‪ ،‬وكان المدعى عليه لو صحت‬ ‫دعوى‬ ‫المدعي عليه في البراءة‪ ،‬ويكون إن كان في الوقوف أوالولاية على حاله‪ ،‬من تعبد‬ ‫فيه بأحدهما حتى يصح عليه ما يوجب إخراجه على منزلته بحدثه إلى البراءة‪.‬‬ ‫وكذلك يكون المدعي في حالة لا تضره في الظاهر دعواه‪ ،‬ما لم يصح فيها باطله‪،‬‬ ‫وينزل في منزلة القاذنف بدعواه عند ولي المقذوفت إذا علم أنه يتولاه‪ ،‬أو أعلمه‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫)‪ (٢‬المصدر‬ ‫نفسك‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‏‪.٤٥٦ - ٤٥٥‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫‪.٣١‬‬ ‫المتولي له بولايته لهف واحتمل له ما أمكن في ذلك‪ ،‬أو كانت ولايته في حينه واجبة‬ ‫على أهل الدار‪ ،‬والقاذف يعلم أن المتولي من أهل تلك الدار‪ .‬أو قامت عليه الحجة‬ ‫في ذلك بوجه‪[.‬فإنه يصير] وهنالك محدثا‪ ،‬هالكأ‪ ،‬ولو كان في السريرة صادقا‪.‬‬ ‫والحاكم لنفسه على غيره على حسب بينته في سؤالك لي بحكم يختلف فيه‪ .‬أو‬ ‫يجتمع عليه مع الانقياد من خصمه‪ .‬إذا لم يحكم له عليه من حكام أهل العدل في‬ ‫موضع الإقرار‪ .‬أو فيى موضع الامتناع والإنكار حاكم بالجور‪ ،‬وداخل تحت ما لا‬ ‫يسعه من الأمور‪ ،‬لأن ذلك فما لم يؤذن له به‪ ،‬إلا على معاني الانتصار في‬ ‫موضعه على وجهه‪ ،‬ولاسيما فيما يكون من التأخير فيه‪ ،‬‏[‪ ]٦٢١‬إلى المطالبة منه‬ ‫له بالحكم‪ ،‬إلى من يحكم له عليه بالضرر‬ ‫أو الفوات لما له‪ ،‬أو العدم لإدراكه بعد‬ ‫ذهابه فله‪ ،‬ولا يكون في موضع الرأي وجوازه الاختلاف» إلا ما كان في يده بوجه‬ ‫حق بين له على قول‪ ،‬فإن له التمسك على ذلك لخصمه‪ ‘.‬إن لو كان بعد في يده‬ ‫أيضا على الرأي الآخر المخالف لهذا الذي متمسك به‪ ،‬إذا كان كل منهم فيما معه‪،‬‬ ‫أنه يعمل على صواب من الرأي‪ ،‬ولم يكن الرأي خارجا من الرأي عند أهل الأري‪،‬‬ ‫حتى يحكم بينهما حاكم يلزمهما حكمه‪ ،‬وهذا مني على سبيل الإيجاز‪ ،‬لما أرجو أنه‬ ‫لا يخفى عليك ذلك فانظر فيه ولا تأخذ منه إلا الحق‪ ،‬والله أعل('ا‪.‬‬ ‫مسألة‪:‬‬ ‫ومنه‪ ،‬ذكرت أيها الأخ الحميم ما جاء في حق الجار من أن يطعمه من قدره۔ أو‬ ‫يخفيها عنه‪ ،‬وقلت أرأيت إن كان جارك غنيا‪ ،‬وأنت فقير‪ ،‬أوكنت غنيأ‪ ،‬إلا أنه لا‬ ‫يكفي قدرك كقدر أربعين بيتا‪ .‬وأحببت صفوتي أن تعرف معنى ذلك‬ ‫فاعلم أن هذه‬ ‫المسألة عظيمة الشأن‪ ،‬عويصة البرهان‪ ،‬كثيرة البلوى‪ ،‬عظيمة الخطر‪ .‬لمن لم يكن‬ ‫من الناس في عزلة‪ ،‬وقد تساهل الأكثرون فيها من أولي الخلطة في هذا الزمان‪،‬‬ ‫على سبيل التهاون بأحكامها‪ ،‬حتى قل في الناس من ينتبه لها‪ ،‬ولمعانيها‪ .،‬ويحكم‬ ‫(`(‬ ‫المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‬ ‫‏‪.٣١٤٣٣‬‬ ‫أساسها ومبانيها‪ .‬فيغفرق بين خصوصيا أو عمومها‪ ،‬ويميز مواطن أنفالها من‬ ‫لزومها ۔ حتى يلو ح له برهان‬ ‫الصدق‬ ‫فيقف في ذلك على حقيقة الحق‬ ‫والمريد‬ ‫السالك لا يتضح له منار الحق فيها‪ ،‬إلا بذكر الشواهد التعليلية عليها من صريح‬ ‫الخبر وفصيح الأثر‪ ،‬وإيضاح معاني ذلك من لسان العقل‪ ،‬لتنكشف للناظر فيها‬ ‫حقيقة معنى النقل‪ ،‬وسنورد فيها من الخبر والأثر‪ ،‬ما فتح الله ويسّر‪ ،‬فنقول في‬ ‫ذلك‪:‬‬ ‫أما الخبر فما روي عن أبي ذر‪ ،‬رحمه الله‪ ،‬أنه قال‪ :‬أوصاني رسول الله‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فذكر من ذلك حقوقا‪ ،‬قال في آخر ذلك‪( :‬و أحسن مجاورة‬ ‫جارك وإذا طبخت مرقة فأكثر ماءها‪ ،‬واعط جيرانك منها)‪ .‬وقال‪ ،‬عليه السلام‪:‬‬ ‫(إذا اشتريت فاكهة‪ ،‬فاهد له منها‪ ،‬فإن لم تفعل‪ ،‬فأدخلها سرأً۔ ولا يخرج بها ولدك‪.‬‬ ‫ليغيظ بها ولده‪ ،‬ولا تؤذه بغبار قدرك‪ .‬إلا أن تغرف له منها)‪ ،‬ولما سئل‪ ،‬عليه‬ ‫السلام‪ ،‬عن حق الجار‪ ،‬ذكر للسائل حقوقاً۔ فقال آخر ذلك‪ :‬أن لا تؤذيه بغبار‬ ‫قدرك‪ ،‬إلا أن تهدي إليه منها‪ ،‬وفي الإسرائيليات‪ ،‬أن يعقوب‪ ،‬عليه السلام قال‪:‬‬ ‫إلهي أذهت‬ ‫ولدي‬ ‫وبصري‪،‬‬ ‫فما رحمتي؟‬ ‫فأوحى الله اليه ‪ :‬وعزتي إني راحمكت‬ ‫ورا بصرك وولدك عليك‪ ،‬ولكن بلونك بهذه البلية لأنك سويت حملا‪ ،‬فوجد جارك‬ ‫رائحته‬ ‫فلم تطعمه منه فكان يعقوب‬ ‫ينادي مناديه ‪ :‬ألا من كان مفطر ‪ “ 1‬فلرتغد مع‬ ‫يعقوب‪]٦٢٢[.‬‏ فإذا كان المساء ينادي مناديه‪ :‬ألا من كان صائما‪ ،‬فلينطر مع آل‬ ‫يعقوب ‪ .‬ف رد‬ ‫ألله عليه بصر ه وولده كما وعدك‪،‬‬ ‫وفي‬ ‫الحديث أن‬ ‫عائشة‬ ‫رصي ألله‬ ‫عنها‪ ،‬قالت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬لي جاران‪ ،‬إلى أيهما أهدي؟ وفي رواية أخرى‪ :‬إذا كان‬ ‫ما عندي لا يسعهما‪ ،‬فقال‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ :‬إلى أقربهما منك باب وأبا في‬ ‫الأثر فقد قيل‪ :‬إن أبا الحواري‪ ،‬سئل عن حق الجار وما يلزمه‪ ،‬فقال‪ :‬يلزمه إذا‬ ‫طبخ قدرا مش أرز أو غيره‪ ،‬وعلم جاره به فيعطيه‪ ،‬وإن لم يعلم فليس عليه وعن‬ ‫الوضاح بن عقبة أنه قال‪ :‬إذا اشتريت فاكهة‪ ،‬فاسترها عن جارك‪ ،‬وإلا فأنله منها۔‬ ‫فاقتضى‬ ‫دلرل الخطاب‬ ‫ولحنه‬ ‫ومفهومه‬ ‫وفحو ‪97‬‬ ‫كون‬ ‫‏‪ ١‬لأمر‬ ‫بالجدو ى‬ ‫لصرف‬ ‫‏‪ ١‬لأن ى‬ ‫من ذلك عن الجارة أو أسباب الأذى‪ ،‬ولما كان ذلك كذلك لا غير ذلك ولا لغير‬ ‫‪١١٠‬‬ ‫ذلك‪ ،‬لم ينكشف الحق في ذلك‪ .‬إلا بعد إحكام النظر في ثلاثة أمور‪ :‬المطعم‪،‬‬ ‫والمطعوم‪ ،‬والمطعم منه‪ ،‬لمراعاة الجار والغبار والطبيخ‪ ،‬لينكشف لطالب الحق‬ ‫بمراعاتها حق معنى الحق من تمييز ما يلزم من ذلك وما لا يلزم منه‪ .‬النظر‬ ‫الأول في الجار‪ ،‬هل يسع تنويله‪ ،‬أو لا يسع قبل النوال؟ فإذا كان لا يسع‪ ،‬فقد وقع‬ ‫الشد من ذلك‪ ،‬وانقطع النظر هنالكظ فم ي بجاوزه إلى ما وراءه‪ ،‬وإن كان بالعكس‪،‬‬ ‫وكان إيقاع الأمر بذلك لزوال الأذى‪ ،‬اقتضى دليل الخطاب بأنه مهما علم بوجود‬ ‫ذلك القدر والجنس من الفاكهة مع الجار‪ .‬لم يكن عليه لمريده بشيء من ذلك‪ ،‬كان‬ ‫الجار غنيا أو فقيراً‪ ،‬لانصراف الأذى عن الجارى بإيقاع الأسباب المؤدية للعلةة‬ ‫المقتضية لوجود الأذى الحاصل منتلك الفاكهة وذلك القدر‪ ،‬وإن لم يعلم ذلك‪ ،‬بقى‬ ‫النظر في الثاني‪ ،‬والثالث وقد قرب من اللزوم درجة على معنى ما قالوه من لزوم‬ ‫ذلك النظر الثاني في الغبار‪ ،‬وإذا كان إنما يحصل ذلك وجوبه بحصول الأذىض‬ ‫اقتضى لحن الخطاب من مفهوم ما قالوه‪ :‬إنه لا يناله الأذى من ذلك“ إذا ما خفي‬ ‫عنه‪ ،‬إلا نادرأ وانقطع النظر في مظنة الإخفاء مهما ووري‪ ،‬وإن لم يوارى الجار‬ ‫ذلك من جاره ولم يخفه‪ ،‬كان هاهنا محل الغبار في النظر‪ .‬وكذلك في الاطلاع‬ ‫على الفاكهة‪ ،‬قد اتصل الغبار من ذلك بالجار‪ .‬واطلع بالفاكهة‪ ،‬وإن لم يعرف حقيقة‬ ‫الحال في ذلك‪ ،‬احتمل علمه وجهله بذلك معه‪ ،‬وكان الحكم في ذلك جاريأً على‬ ‫الأصل» من أنه غير عالم بذلك‪ ،‬ولا مطلع عليه‪ ،‬ولا متصل غباره إليه‪ ،‬وليس‬ ‫بلازم عليه مع ذلك أن يبره منه حتى يعلم ناديه لعلمه بالفاكهة‪ ،‬وبلوغ الغبار إليكه‪،‬‬ ‫وهيجان الرائحة به‪ ،‬ولا يكون في إحكام التعبد بالغا‪ ،‬معه إليه حتى يصبح البلوغ‬ ‫‏[‪ ]٦٢٣‬كونه معه‪ ،‬فإن قلت‪ :‬لعله علم بذلك‪ ،‬وهاجت الأرايح به من ذلك‪ ،‬ووصل‬ ‫الغبار إليه منه‪ ،‬قلنا‪ :‬لعله لم يعلم بذلك‪ ،‬ولم يصل الغبار إليه فواحدة بواحدة‪ ،‬ولو‬ ‫أمكن ما قلت‪ ،‬كيف والأصل فيه الجهل بذلك‪ ،‬وهو على حكم الأصل‪ ،‬حتى يصح‬ ‫تنقله عنده من ذلك الحال إلى الحال الثاني؟ يكون دخول الأذى عليه لوصول الغبار‬ ‫إليه من ذلك القدير‪ ،‬واطلاعه على الفاكهة‪ ،‬لعدم الإخفاء لهما‪ ،‬وانتقاله من حاله‬ ‫‪١١١‬‬ ‫الأول إلى الثاني وبعسى ولعل ظن غير مفيد لتحقيق علم‪ ،‬إذا لا سند في مثل هذا‬ ‫المضطرب‬ ‫إذ العلم في الأصل هنا معدوم‪ ،‬والمعدوم في الحكم معدوم‪ ،‬حتى يصح‬ ‫له الوجود‪ ،‬والوجود لا يصح مع الظن المرسل أبدا وإن كنت تخشى من لعل‪،‬‬ ‫فعلها لم تكن‪ ،‬والأصل أنها غير كائنة حتى يصح كونهاءوليس عليه أن يسأل عن‬ ‫كونها في الدار‪ .‬لأنه ليس بلازم ذلك عليه‪ ،‬قبل علمه ببلوغ رائحة ذلك وغباره إلى‬ ‫الجار‪ ،‬إذ لو لزمه ذلك‪ ،‬للزمه في سائر المفترضات قبل وجوبها وبلوغ العلم بهاء‬ ‫والشرع مقتض للعلم من ذلك‪ ،‬بل قد صرح فيه‪ ،‬بأنه ليس له أن يلزم نفسه ما لا‬ ‫يلزمه بعلم‪ ،‬ولا بجهل دين ولا رأي‪ ،‬وإذا كان ذلك لا يلزمه‪ ،‬إلا بنزول الأذى من‬ ‫ذلك بالجار‪ ،‬لم يكن من ذلك من اللوازم عليه حتى يعلم‪ ،‬يكون التأذي بذلك من‬ ‫الجار‪ ،‬ومهما حصل الأذى‪ ،‬وعلم منه التأذي لبلوغ ذلك وهيجانه عليه‪ ،‬كان عليه‬ ‫أن يرفع الأذى عن جاره بما قدر ولاسيما إذا كان بواسطته حصل له الأذىض‬ ‫وحصوله بسبب هيجان الريح عليه والغبار‪ ،‬وإذا كان هو المروح عليه أسباب‬ ‫الأذى ووقوع العلة كان عليه رفع تلك العلة والأذى‪ ،‬بما يقمعهما من الأدوية‬ ‫وذلك الداء لا يزيله من الأدوية إلا دواء النوال من ذلك القدير‪ .‬أوئلك الفاكهة‬ ‫بالمعروف“ بلا حد في ذلك شريطة الاعتبار للثالث والنظر فيه وقد دنا من‬ ‫الوجوب على معنى ما قالوه من الوجوب درجتين‪ ،‬وبقيت واحدةة النظر الثالث في‬ ‫الطبيخ ومهما هاجت الأرائح من الفاكهة بالجار‪ .‬أو اتصل به الغبار من القديرة‬ ‫وصح معه أن ليس مش ذلك معه‪ .‬أو لم يصح وتعذر عليه العلم بحالة في ذلكة‪،‬‬ ‫فهو على الأصل من عدمه‪ .‬ذلك حتى يصح معه وجود ذلك معه‪ ،‬وإذا كان في‬ ‫الحكم الظاهر مع حكم الظهور بما حصل معه من الطبيخ‪ .‬أو الفاكهة‪ ،‬أنه لمعدم‬ ‫ذلك‪ ،‬كان هنا محل النظر في الطبيخ أو الفاكهة فإن كان فيهما فضل عن قدر‬ ‫كفايته‪ ،‬وكفاية من يلزمه كفايته من عيالاته النازلين في منزله‪ ،‬أو بجوار منزله‬ ‫فيجب عليه أن يبره منهما بالمعروف على معنى ما قالوه من الإلزام في حدود‬ ‫صلات الجوار إلى أربعين بيتا‪ .‬فإن كان ذلك لا يسعهم‪ ،‬كان كل من كان بالجوار‬ ‫‪١١٢‬‬ ‫أقوب‪ ،‬فهو الأحق أن يبدأ به‪ ،‬بالغا ما بلغ الأقرب فالأقرب‪ ،‬وعلى ذلك دلت السنة‬ ‫بطريق عائشة ‏[‪ ]٦٢٤‬أم المؤمنين رضي الله عنها‪ ،‬وأقول لا سيما إذا كان فقيرأ۔‬ ‫لأنه يتضرر بذلك ما لا يتضرر به الغني‪،‬‬ ‫لعجزه وعدم قدرته عن شراء ذلك‬ ‫وقدرة الغني على ذلك“ فإن قلت‪ :‬لعله لا يتأذى بذلك الجار‪ ،‬ولو علم له‪ ،‬وظهرت‬ ‫له الرائحة فشمها‪ ،‬واطلع على الفاكهة‪ ،‬فعرفها‪ .‬قلنا‪ :‬لعله يتأذى بذلك‪ ،‬فهذه بتلك‬ ‫إن لو ثبت‪ .‬قلت‪ :‬كيف والطاوي حكم الأذى وعدمه مع ذلك ظن بلا علم‪ ،‬ونفس‬ ‫الأذى شم الرائحة وتنشق الغبار‪ ،‬وكون الاطلاع على الفاكهة؟ ولو لا ذلك ما قال‬ ‫النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬للسائل عن حق الجار‪( :‬وأن لا تؤذيه بغبار قدرك إلا‬ ‫أن تغرف له منها)‪ .‬وذلك لأن العلم بالفاكهة‪ ،‬واتصال غبار القدير بالجار‪ ،‬يهيج‬ ‫عليه باعث الشهوة لتلك المشتهيات‪ ،‬حتى يقضي به ذلك إلى تناول ذلك‪ ،‬ولو كان‬ ‫على سبيل التكلف‪ ،‬وذلك الغالب على الطباع‪ ،‬إلا من ملك نفسه عن ذلك‪ ،‬وذلك ناد‬ ‫جدا بل لا ينفك الجار عن ذلك من أحد حالين‪ :‬فإما أن يكون من أولي الغفلة‪ ،‬وعقله‬ ‫تحت قبض شهوته‪ ،‬أو يكون بالعكس‪ ،‬فإن كان من أولي الغفلة‪ ،‬كان سببا لإثارة‬ ‫باعث الشهوة أو تقويته‪ ،‬وحمله على التكلف في ذلك‪ ،‬بل ربما استحكم الباعث عليه‪،‬‬ ‫حتى يلجئه إلى تناول ذلك“ ولو كان بالوجه المحرم والقدح في سبيل الاحتيال فذي‬ ‫تناوله بالخداع والمكر والكذب‪ ،‬وإن كان من ذوي الحجي‪ ،‬احتاج إلى مقاومة جند‬ ‫الشهوة‪ ،‬لئلا يتسلسل به إلى الإفراط والتفريط‪ ،‬لينجزع من الصبر عن ذلك ولا‬ ‫يزال بينهما متحاذيأ‪ ،‬حتى يسكن غليان الشهوة بعد العلاجض إلا من شاء الكهف وقد‬ ‫كان من هذا قبل هذا سالمأ‪ ،‬فكان إظهار القدير أو الفاكهة سببا لإثارة ذلك عليه‪.‬‬ ‫وذلك من نفس الأذى ومن ذلك يلزمه إعانته على دفع ذلك وحسمه بذلك‬ ‫إذا علم‬ ‫بحاله ذلاك وقدره‪ ،‬وليس كل إنسان يقدر على التوسيع على الجار من فاكهة له أو‬ ‫قدير أنضجه وذلك حال الأكثرين‪ ،‬بل هو الغالب على الناس» وإذا كان بحال‬ ‫العجز عن التوسعة وعدم القدرة عن الاغتراف للجار من قديره‪ ،‬أو إنالته من‬ ‫فاكهته‪ ،‬لثبوت ضرر عليه من ذلك من نفس أو مال‪ ،‬أو عيال‪ ،‬كان المسحتب له‬ ‫‪١١٣‬‬ ‫من طريق الاستحباب فيما قالوه‪ :‬أن يتربص وجود ذلك مع الجار‪ .‬ثم بوص إلى‬ ‫منزله من ذلك ما أراد‪ ،‬إن أراد‪ ،‬ومع [أن] ذلك إن أمكنه‪ ،‬وإلا فلا أرى أن يحمل‬ ‫في هذا إلى ذلك في استحباب ولا غيره‪ ،‬لأن أحوال الناس في هذا تختلف‪ ،‬فأناس‬ ‫غلب الحرص والبخل والشح عليهم‪ .‬فلا يكاد الواحد تسمح نفسه بنقد درهم في‬ ‫شراء ذلك‪ .‬إلا على طول المدة‪ ،‬وأناس حال عن ذلك منهم الفقر‪ ،‬فلا يجدون ما‬ ‫ينفقون في شراء ذلك‪ ،‬إلا نادرأ‪ ،‬ومنهم المسرف على نفسه في ذلك‪ ،‬ومنهم‬ ‫المقتصدين ذلك‪ .‬لا إلى هؤلاء‪ ،‬ولا إلى هؤلاء‪ ،‬وإذا كان جاره مسرفاً في ذلك‬ ‫مبذراً‪ ،‬أو مقتصداً لازماً للوسط فالأقوب ‏[‪ ]٦٢٥‬من ذلك تيسر المراد له في أغلب‬ ‫الأحوال في أشطاره‪ ،‬لوجود ذلك في يد جاره; وأما إذا كان فقيراً‪ ،‬لا يقدر البتة‬ ‫على ذلك‪ ،‬إلا ما شاء الله‪ ،‬أو كان حريصا على الدنيا‪ ،‬لا تسمح نفسه بذلك إلا‬ ‫نادرأ‪ ،‬فربما يقع على المريد لذلك الضرر في غالب الأوقات‪ ،‬ولا يجوز إدخال‬ ‫الضرر عليه في الأغلب‪ ،‬ولا على الخصوص النادرة في الاستحباب للجار انتظار‬ ‫الجار في‬ ‫الوجه في‬ ‫ذلك الذي‬ ‫فضلا أو‬ ‫مثل هذا لا معنى له‪ ،‬أن يكون مستحباً له على الإطلاق في كل حال‪ ،‬بل‬ ‫ذلك‪ ،‬إذا كان غيره قادر على التوسعة على الجار من ذلك لعدمه‪ ،‬وقلة‬ ‫في يده لفقره‪ ،‬أو كان غنياً۔ إلا أنه لم ير لما معه من الفاكهة‪ ،‬أو الطبيخ‪،‬‬ ‫أنه لم ير ذلك من جدواه أن يخفيه‪ ،‬كما أمر النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪،‬‬ ‫فإن ظهر بعد الإخفاء‪ ،‬لم يكن عليه غير ذلك‪ ،‬وقد فعل المأمور به فإن س قط‬ ‫الامتثال عنه لزوم نوال الجار من ذلك‬ ‫ولو كان غير ذلك‘ ما كان للإخفاء عند‬ ‫الظهور معنى‪ ،‬إذا ظهر بعد الإخفاء('أ‪.‬‬ ‫وأما إكثار الماء للمرقة من الطبيخ‪ .‬فلا يبين لي لزومه على غني ولا فقير‪ ،‬بل إنما‬ ‫ذلك الأمر به يخرج معي على معنى الاستحسان‪ ،‬من جملة الأدب المستحب ما لم‬ ‫تلج المضرة في ذلك من ذلك‪ ،‬فإن قلت لما قلت‪ :‬إن الجار إثنان‪ ،‬أحدهما‪ :‬تمنع‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٤٦٤-٤٦٠‬‬ ‫‏‪١١٤‬‬ ‫الإجارة لجاره من أن يمده بشيء من فاكهته وقدره‪ ،‬والثاني‪ :‬يسوغ له ذلك‪ ،‬بل‬ ‫تقول‪ :‬إن يلزمه إمداده في أحيان ذكرتها‪ ،‬ولأي معنى أراك تشترط في لزوم جدواه‬ ‫شروطا‪ ،‬نذهب بها إلى التخصيص لبعض ما جاء به الخبر والأثر من الإطلاقات‪،‬‬ ‫فصرت تشترط في لزوم ذلك بلوغ الغبار و ظهور الفاكهة وعلم ذي القدير‬ ‫والفاكهة بذلك‪ ،‬وكونهما فاضلين عن مقدار الكفاية لمن قلت‪ ،‬ولم نفرق بين الفقر‬ ‫وذي الغنى‪ ،‬فتسقط ذلك عمن كان فقير في كل حال‪ ،‬ولو كان معه من ذلك فصل‬ ‫لحال عسرته في أغلب الحال‪ ،‬ويلزم الغني أن يهيئ من ذلك قدرأ‪ ،‬يكون فيه فضله‬ ‫عن مقدار ما يحتاج إليه بكفايته‪ ،‬وكفاية من يجب عليه كفايته‪ ،‬تكفي لإنالة كل من‬ ‫كان له جارأ۔ بل لأي علة أجريت حكم المطلق من الأمر بالإكثار لماء المرقة على‬ ‫ذلك الذي أنبأت به من التأويل ها هنا بالتنخصيص مفسر أ‪ .‬فأقول‪ :‬إنما قلت‪ :‬إنه‬ ‫ليس على الغني أن يتكلف الشراء من ذلك‪ ،‬لما يتسع الفضل منه لجدوى أهل‬ ‫جواره‪ ،‬كما لم يكن ذلك على من لم يكن بشار من المال‪ ،‬وكان فقيرأ‪ ،‬لأنه لا يلزم‬ ‫الجار إمداد جاره من ذلك قبل ظهور الرائحة على الجار‪ ،‬وقبل إطلاعه على‬ ‫الفاكهةظ وإنما يلزم ذلك بإنشاء الغبار على الجار‪ ،‬وعلم ذي القدير بذلك‪ ،‬وكذلك‬ ‫الفاكهة‪ ،‬لأنه إنما يكون لزوم ذلك في السنة‪ ،‬بإدخال الضرار من ذلك على الجار‪،‬‬ ‫لا بغير ذلك‪ ،‬لوضوح الأمر بالإخفاء فيها‪ ،‬لمن لم يرد أن ينله منها‪ ،‬ولو كان ذلك‬ ‫لازما مع الإخفاء ما كان للأمر به فائدة ولا معنى فاقتضى دليل الخطاب بطلان‬ ‫اللزوم مع الإخفاء‪ ،‬‏[‪ ]٦٢٦‬وبقي الوجوب بحصول الأذى‪ ،‬ومن المحال أن يتأذى به‬ ‫قبل هياج العرف به من القدير‪ ،‬وعلمه بالفاكهة‪ ،‬واطلاعه عليها‪ ،‬كما سبق الكلام به‬ ‫في النظر الثاني من لزوم ذلك مع الظهور‪ .‬وإذا كان ذلك لا يلزمه إلا بذلك‪ ،‬فكيف‬ ‫يكون قبل كون ذلك معه وفي يده لازمأ؟ إن ذلك لا يكون‪ ،‬وإذا كان ذلك غير لازم‬ ‫عليه في حينه‪ ،‬فكيف يسوغ أن يكون عليه شيء غير لازم عليه؟ إن هذا لمن‬ ‫التتافي والتناقض في الكلام على الأصول والقول بغير الحق‪ ،‬والحق في ذلك أنه‬ ‫إنما يلزمه ذلك مع ترك الإخفاء بعد الظهور‪ .‬ولا يكون ذلك قبل وجوده معه‬ ‫‪١١٥‬‬ ‫ظاهرا‪ .‬ولو ظهر ذلك على الجار‪ .‬وتأذى به‪ ،‬لم يجب عليه رفع ذلك عنه على‬ ‫الطابخ وذي الفاكهة‪ ،‬إلا مع العلم منه بذلك والقدرة على ذلك ولا قدرة لمن‬ ‫لا‬ ‫فضل له‪ ،‬ولا وسع في نفس من لم يعلم ذلك أن يعلم‪ ،‬وليس عليه أن يعلم فيما لم‬ ‫يلزم قبل أن يلزم‪ ،‬وقد سبق القول بأن ذلك غير لازم إلا بما مضى من الشروط أو‬ ‫تقدم من العلم بذلك والوسع لذلك ولو أنه علم بذلك فأطاق ذلك‪ ،‬لم يكن له ذلك‪،‬‬ ‫حتى يكون مباحا له زوال ذلك الأذى ورفعه وغير شائع ولا واسع‪ ،‬صرف ذلك‬ ‫ورفعه عن أمر [الله] ورسوله والمؤمنون من أولي العلم بحربه وحضره وقطع‬ ‫المواد عنه في مصره وقصره‪ ،‬وإنما لم يفرق بين الغني والفقير في ذلك‪ ،‬لأنه إذا‬ ‫لزم ذلك لوجود هذه المشرطات على الغني والفقير‪ ،‬لم يكن بينهما في معنى اللزوم‬ ‫فرق في ذلك‪ ،‬بل يكون لازماً في حقهما جميعاًش إذ دين الله لا يختلف بقرينة النقر‬ ‫والغنى‪ ،‬إذا لزم في شي»‪ ،‬فيكون الواجب في حق الغني فرضا ب وفي حق الفقير‬ ‫ذلك اللآزم بعينه لازما نفلا مهما لزمهما ذلك‪ ،‬وإن لم يلزمهما‪ ،‬وكان نفلا‪ ،‬فيكون‬ ‫ذلك النفل في حق الفقير نفلا ‪ 4‬وفي حق الغني فرضا ‪ .‬هذا ما لا يصح في‬ ‫النفل‬ ‫ولو صح لم يقبله العقل‪ ،‬لأنه من المحال والضلال وإنما الحق أن يكون الفرض‬ ‫فرضأ لازما على من لزمه ذلك من غني أو فقير‪ ،‬لا فرق بينهما في ذلك‪ ،‬وليس‬ ‫عليهما أن يكثرا ماء القدير المطبوخ‪ ،‬حتى يتسع فيه الفضل للجدوى‪ ،‬وإنما ذلك‬ ‫لهما على معنى الوسيلة‪ ،‬ما لم يخرجه ذلك إلى حد الضياع أو الضرر بالعيال‪ ،‬لأننا‬ ‫لم نكن نرى حمل الأمر بالإكثار لماء المرقة من الطبيخ على وجه اللزومه عملا‬ ‫بمطلق الأمر الوارد في ذلك‪ ،‬بل حملناه على معنى الأدب والحث على الفضيلة‬ ‫ليتسع ذلك لتنويل الجار‪ .‬إذ لو كان أمر وجوب لما خلا عن رابطة التقدير لمقدار‬ ‫ذلك‪ ،‬إذ لو خلا عن ذلك‪ ،‬وخرج ذلك عن معنى اللزوم‪ ،‬لما كان لذلك غاية ولا‬ ‫نهاية لورود الأمر بذلك مطلقا بلا حضر ولا استدعى ذلك التفريط المقتضى‬ ‫للضرر‪ ،‬ومهما حصل الضرر بوجوبه‪ .‬أخل بما أجمع عليه أنه عن النبي‪ ،‬صلى‬ ‫الله عليه وسلم‪( :‬لا ضرر ولا إضرار في الإسلام)('ا[‪.]٦٢١٧‬‏ ولما كانت الأوامر‬ ‫تأتي وجوبا‪ ،‬وتخيرأ‪ ،‬وحث على النقل لنيل الفضل‪ ،‬ومنعت من جريانه على وجه‬ ‫اللزوم وجود تلك العلل المانعة من إجرائهد على ذلك‪ ،‬أجريناه فيما له فيه محالة‬ ‫وهو الأمر به لنيل الفضيلة على معنى الوسيلة لا على معنى اللزوم‪ ،‬إذ لا يلزم‬ ‫أخذ العدة للجدوى بإكثار الماء‪ ،‬لذلك القدير قبل ظهور الغبار بالجار‪ ،‬لأن الجدوى‬ ‫نفسها‪ ،‬لا يلزم من ذلك القدير‪ ،‬إلا بظهور الغبار‪ ،‬بل له ذلك‪ ،‬فهذا مقتض لذلك‪،‬‬ ‫ومن حيث الأمر وجدته يخرج على معنى الوسيلة‪ ،‬ولولا هذا ما أمر النبي صلى‬ ‫الله عليه وسلم‪ ،‬عائشة‪ ،‬رضي الله عنها‪ ،‬بأن تعطي ذلك الأقرب دون الآخر‪.‬‬ ‫ولأمرها أن كثر الماء حتى يسعهما جميعأ‪ ،‬وعلى كل حال‪ ،‬فالإنالة من الفاكهيةة‬ ‫والاغتراف من القدير لا يلزمان الفقير المسر ولا الغني المؤسر‪ ،‬إلا بعد‬ ‫المواساة من ذلك لأنفسهما أو عيالهما‪ ،‬فالإنالة بعد ذلك بما لا ضرر عليهماء إن‬ ‫كان في ذلك سعة لزمهما‪ ،‬مهما حصلت الشروط الملخصة لهما أن يغرفا من فضل‬ ‫قديرهما‪ ،‬وينيلا من فضل فاكهتهما كل من دخل تحت جوارهما‪ ،‬وكان ليما في‬ ‫حكم قيد الشرع جار‪ ،‬وإن لم يكن للكل من جيرانهما كافيأ‪ ،‬كان الأقرب يومئذ‪ ،‬هو‬ ‫الأقرب في ذلك والأحق وبذلك جاعت السنة من إيثار الأقرب بالفضل عن الأبعد‬ ‫إذا لم يكن فيه فضل عنه إلى الأبعد‪ ،‬ولو كان مع سعته للبعض موزعا بين الكل‪،‬‬ ‫وكان تنويل الكل بذلك‪ ،‬إذا لم يسع الكل لازما لأمر النبى صلى الله عليه وسلم‪،‬‬ ‫عائشة‪ ،‬تقسم ذلك بين جارتها ما أمكنت القسمة ولو قل‪ ،‬ولحن الخطاب مقتض‬ ‫لإمكان القسمة فيه لأن ما يسع الواحد فقسمة ممكن لا محالة لكن الأمر منه لها‬ ‫بتخصيص الأقرب‪ ،‬لما لم يكن فيه فضل عن سعته إليَ‪ ،‬إلا بعد دليل على سقوط‬ ‫الأبعد‪ ،‬إذ لم يسعهما ما عندها‪ ،‬ووسع أحدهما ذلك الفضل وإن لم يكن فيه فضل‬ ‫عنهما‪ ،‬لم يكن عليهما ذلك‪ ،‬إذ لو كان ذلك مع ذلك عليهما‪ ،‬ما كان النبي‪ ،‬عليه‬ ‫السلام‪ ،‬ولعائشة في جاريها أمرا لها‪ ،‬لما سألته أن يعطي الأقرب منهما‪ ،‬لما أنبأته‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٤٦٥ - ٤٦٤‬‬ ‫أن ما عندها لا يسعهما‪ ،‬وكان دليل الخطاب يقتضي الكون فيه بأنه يسع الواحد‬ ‫منهما‪ ،‬وفي ذلك دلالة عظيمة على أنه لو كان الذي معهما لا يسعهما‪ ،‬ولا فضل‬ ‫عن قدرها‪ ،‬لما أمرها بإنالة شيء من ذلك لأحدهما‪ ،‬إذ في ذلك إدخال الضرر‪ ،‬بل‬ ‫إسقاط الواحد منهما‪ ،‬لما يسعه الفضل“ إشارة إلى سقوط الجميع مهما لم يفضل عن‬ ‫قدرها‪ ،‬إذ لو لزمها ذلك في الواحد مع ذلك بحق الجوار‪ ،‬لزمها في الاثنين والثلاثة‬ ‫والأربعة إلى انتهاء الأربعين‪ ،‬وذلك ما ليس في وسع لنس جميعا‪ ،‬إلا نادرأ من‬ ‫الأوقات من خصوص الناس‪ .‬ولو كان ذلك‪ ،‬لضاق على الناس الخناق في شراء‬ ‫الفواكه والمطبوخات‪،‬‬ ‫‏[‪ ]٦٢٨‬ولكن بسقوط الواحد منهما مهما لم يكن فيه فضل له‬ ‫دليل على سقوط الكل مهما لم يكن فيه [فضل] لأحد لذلك‪ ،‬ولأنه إذا لم يكن فيه‬ ‫فضل عن قدره وقدر لهف وخرج بهم النوال من ذلك الواحد إلى حد الضرر‪ ،‬كان‬ ‫عليه رفع أقرب الضررينخ لأن الغبار يضر بالأقرب ما لا يضر بالأبعد‪ ،‬ولمعضنى‬ ‫هذا الاعتبار‪ ،‬أمر النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬عائشة‪ ،‬رضي الله عنها‪ :‬بإيثار‬ ‫الأقرب بذلك الفضل‪ ،‬وإذا كان ذلك في الجوار‪ ،‬كان رفع الضرر عن من في الدار‬ ‫واجب‪ ،‬والبدء بهم ألزم‪ ،‬لأنهم أقرب إليه من كل قريب منه بالجوار‪ ،‬وكان عليه أن‬ ‫لا يعدو بذلك عنهم إلى غيرهم‪ ،‬إلا ما كان فاضلا عن مقدار مالا يضر بهم‬ ‫إخراجه‪ ،‬لأنه إذا لم يبق لهم مقدار الكفايةش ربما تبقى قلوبهم متعلقة بذلك‪ ،‬فيدخل‬ ‫عليهم من أجل ذلك المضرة‪ ،‬وقد كان عليه زوالها بما قدر‪ .‬وهو على إزالتها بترك‬ ‫ذلك قادر‪ ،‬وله في ذلك العذر‪ ،‬وإن لم ينل أحد من جيرانه شيئأ من ذلك في هذا‬ ‫الموضع ولو ظهر الغبار‪ ،‬وفاحت الرائحة‪ ،‬لأن ذلك حجاب مانع له من ذلك‪.‬‬ ‫لا‬ ‫يجوز له هتكه‪ ،‬لأنهم أوجب‪ ،‬وحق عليه‪ ،‬وأقرب كل جار إليه‪ ،‬إذ الجار خار ج عن‬ ‫الدار‪ ،‬وهؤلاء في والج الدار‪ ،‬فهم أقرب الناس إليه وحقهم أحق من كل ذي حق‬ ‫عليه‪ ،‬حتى أنهم قالوا‪ :‬إن ليس للديان عليه‪ ،‬إل ما فضل عن عوله وعول من يلزمه‬ ‫عوله‪ ،‬ولما كان الدين من الحقوق اللازمة عليه‪ ،‬كما أن حق أولئك لازم عليه‪ ،‬إلا‬ ‫أنهم كانوا هم الأحق من الديان بما في يده من العروض» ولم يكن له إلا ما فضل‬ ‫‪١١٨‬‬ ‫عن حد الكفاية المحدودة بضوابط الشرع له ولهم‪ ،‬كذلك هم أحق من الجار بذلك‪،‬‬ ‫ليس للجار من ذلك في القياس إلا ما فضل عنهم‪ .‬إلا أنه في هذا الموضع عليه‬ ‫إخفاء ذلك‪ ،‬فإن لم يخفه‪ ،‬وتأذى الجار بذلك‪ ،‬لم يكن عليه أن ينيله من ذلك هاهنا‪.‬‬ ‫بل يكون بترك المأمور به عاصيا‪ ،‬تجب عليه التوبة من ذلك‪ ،‬فإن قلت‪ :‬إن هذه‬ ‫الشروط المشرط كونها في الجار للجار‪ ،‬وعلى الجار للجار الموقع لواقعة الوجوب‬ ‫في ذلك وجودها في الجار المرتفع‪ ،‬لفقدها اللزوم‪ ،‬أو فقدان شيء منها‪ ،‬ربما لا‬ ‫ضبط حصرها من خلال الكلام‪ ،‬إلا ذو الفهم‪ ،‬فينبغي أن يقرب ذلك لمن كان قليل‬ ‫العلم ضعيف الفهم عن التغافل على الاستبساط لحصر الشروط تقريبأ‪ ،‬فنقول‪ :‬إن‬ ‫الشروط التي يكون بكونها الوجوب في ذلك على الجار للجار‪ ،‬ويزول بزوالها أو‬ ‫زوال أحدها‪ ،‬شروط خمسة‪ .‬أحدها‪ :‬كون تلك الفاكهة‬ ‫أو ذلك القدير في الدار وما‬ ‫يشبه الدار المجاور‪[ .‬وفيها للجار] وترك الإخفاء لذلك‪ .‬والثاني‪ :‬اطلاع الجار على‬ ‫الفاكهة وعلمه بالقدير‪ ،‬لهيجان الغبار‪ ،‬وظهور الرائحة من الدار‪ ،‬وعلم ذي الفاكهة‬ ‫والقدير‪ ،‬بعلمه بذلك‪،‬‬ ‫‏[‪ ]٦٢٩‬واطلاعه وعليه‪ ،‬والثالث‪ :‬أن لا يعلم بكون مش ذلك‬ ‫في يد الجار البتة‪ .‬والرابع‪ :‬كونهما فاضلين عن قدره وقدر عياله‪ .‬والخامس‪ :‬أن لا‬ ‫يكون الشرع مانعا من تنويله‪ ،‬كانت هذه الشروط كان الوجوب في ذلك‪ ،‬وإن اختل‬ ‫أحدهما‪ ،‬لم يكن ذلك البتة لازماً‪ ،‬وإن أبره من ذلك عند ارتفاع العلة الموجبة للمنع‬ ‫بالشرع من تنويل الجار وجهة ارتفاع الضرر عن العيال‪ ،‬فيخرج ذلك على معنى‬ ‫الوسيلة‪ ،‬فإن أبر من ذلك على معنى طلب الثواب من الله‪ ،‬والتقرب إليه بعمل‬ ‫الوسيلة‪ ،‬كان له في ذلك على ذلك من الله الفضيلة‪ ،‬بمنة الله تعالى وجوده وكرمه‬ ‫فإن قلت‪ :‬فلم نشترط في الوجوب هذه الشروط كلها؟ قلنا‪ :‬أما الخامس‪ .‬والرابعة‬ ‫والثالث‪ ،‬والثاني‪ ،‬فقد سألت عنها قبل هذا وأجبناك‪ ،‬وأما شرط كون ذلك في الدار‪،‬‬ ‫وعلم ذي الجار بذلك من الدار‪ ،‬وهو الشرط الأول منها‪ ،‬فلنه لو كان ذلك عليه إذ‬ ‫هاج ذلك من غير الدار وفي غير الدار‪ ،‬لكان عليه أن يبره من ذلك‪ ،‬مهما كملت‬ ‫الشروط الأربعة‪ ،‬ولو أبعده صاحب القدير ثلاثة أميال اخفاء عنه‪ ،‬ولثبت ذلك لكل‬ ‫‪١١٩‬‬ ‫من علم به‪ ،‬وهاجت ريحه به‪ ،‬وظهر غباره له‪ ،‬ولو كان غير الجار‬ ‫إذا الجار‬ ‫وغير الجار في ذلك‪ .‬إذا وقع له العلم بالفاكهة‪ ،‬واتصل به الغبار من ذلك القدير في‬ ‫غير محل الجوار سواء في معنى العلم به‪ ،‬وبلوغ العرف منه في موضع ما‬ ‫يتساويان في ذلك فيه‪ ،‬ولو كان أصل وقوع الأمر من جهة العلم ونفس هيجان‬ ‫الرائحة لا غير ذلك من الجوار‪ ،‬لكان ذلك مع الشروط ألا وله لازما للجار وغير‬ ‫الجار‪ ،‬لمعاني التساوي في ذلك بينهما‪ ،‬لكون ذلك وكونهما في غير الدار‘ وغير‬ ‫محل المجاور بالجوار‪ ،‬ولكن ذلك لا يكون‪ ،‬وإنما كان الأمر بذلك بمعنى الجوار‬ ‫وصرف الأذى من ذلك عن الجار ولا يكون مع الانفراد بذلك جوار‪ ،‬وإذا لم يكن‬ ‫جوار‪ .‬لم يكن عليه ذلك هنالك‪ ،‬كما لو كان كون ذلك في مظان الجوار‪ ،‬أو الدار‬ ‫المجاور فيها للجار‪ ،‬وذلك مما لا يصح غيره وعلى الأبد‪ ،‬فلا يصح" إذ لو صح‪.‬‬ ‫لما جاز لأحد‪ ،‬إذا كان لا سعة له لجدوى الجار وغير الجار ممن ظهر على‬ ‫فاكهته‪ ،‬أوهاج عليه غبار قديره‪ ،‬أن يستر ذلك‪ ،‬إلا في الفلوات والخلوات‪ ،‬التي لا‬ ‫يطلع عليه فيها أحد من الناس وذلك عين الضرر‪ ،‬ومحض التكليف الذي لا يطاق‬ ‫بل لو ثبت ذلك‪ ،‬لتعطل معنى الأمر بذلك الجار وثبوته بالجوار و بطل‪ ،‬فصار ذكر‬ ‫الجار في ذلك لغوأً من الكلام‪ ،‬وعبثاً لا فائدة فيه‪ ،‬ولا معنى له‪ ،‬وذلك نفس المحال‬ ‫وعينه‪ ،‬إذ لزوم ذلك إذا لزم بالجوار‪ ،‬ولا بغير ذلك‪ ،‬وعلى ذلك دلت الأخبار‬ ‫والآثار‪ ،‬بلا خلاف في ذلك‪ .‬أن لزوم [ذلك] للجار‪ ،‬لا ولا يكون الحال إلا بالجوار‪،‬‬ ‫والجوار‪ ،‬ولا يكون مثل هذا إلا بالدار‪ ،‬وفي الدار ما يشبه الدار المجاور فيها‬ ‫للجار‪ ،‬ولو كان ذلك في الدار المجاور فيه‪ ،‬فيهاب ‏[‪ ]٦٣٠‬للجار‪ ،‬ما كان عليه ذلك‪،‬‬ ‫إلا بكون الأذى منه له بذلك‪ ،‬وإلا يكون معه كائنا منه له إلا بترك الاخفاء‪ ،‬وعلمه‬ ‫باطلاع جاره على فاكهته‪ ،‬وظهور غبار قدره عليه فلأجل هذا وكونه كان‬ ‫الاشتراط للشرط الأول في كون الوجوب والكلام في هذا يتسع‪ ،‬ولا فائدة فيه بعد‬ ‫وضوح منهج الحق لمن أراد سلوك سبيل الحق‪ ،‬والله الموفق لنلك‪ ،‬والمعين» والله أعلم('أ‪.‬‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٤٦٩-٤٦٦‬‬ ‫‏‪١٦٠‬‬ ‫ء‪.‬‬ ‫م‬ ‫مساله‪:‬‬ ‫منه‪ ،‬وفيمن يريد سفرا من بلد إلى بلد‪ ،‬وعند خروجه أوصاه موص أن يبلغ السلام‬ ‫عن أحد من تلك البلد‪ ،‬التي هو مسافر إليهاێ وهو عند ذلك ساكت لم يظهر بذلك‬ ‫تقبل ولا منه تعذرا‪ ،‬ألا يلزمه أن يبلغ سلامه من ذكره أن حتى يتقبله؟ وإن تقبله‬ ‫على استثناء‪ ،‬وهو قوله‪ ،‬إن شاء الله‪ ،‬أيكون مخيّرأ في ذلك لحال اسنثنائه إياه؟ وإن‬ ‫أجمل له القول في تبليغ السلام عنه‪ ،‬ولم يخص به أحدأ بعينه‪ ،‬فتقبله على أحماله‪،‬‬ ‫يجزيه تبليغ من بلغ عنه‪ ،‬ولو كان إنسانا واحدا؟ أم يلزمه تبليغ الجميع؟ فإذا تحمله‪.‬‬ ‫لزمه الوفاء به‪ ،‬وإلا فلا‪ ،‬وقوله إن شاء الله كلمة محتملة لهذا وذاك‪ ،‬فهي لما أراده‬ ‫بها‪ ،‬وإلا فلا أراه لازما والأمر بإبلاغه إلى غير أحد ليس بشيء“ وتبليغه عمن لم‬ ‫يأمره به لا وجه له‪ ،‬إلا أن يكون في مخصوص من الأمور لمعنى إخباره‪ .‬والله‬ ‫أعلد('أ‪.‬‬ ‫مسألة‪:‬‬ ‫ومنه نسأل عمن نشأ في جهل بعد بلوغه الحلم‪ ،‬فترك الصلاة والصوم والزكاة‪ ،‬بعد‬ ‫قيام الحجة عليه بها‪ ،‬مستحلا لذلك بجهله أو محرما وثبت على ذلك ما شاء ال‬ ‫ثم تاب إلى الله‪ ،‬وأراد الخلاص ما يلزمه فيما تركه من ذلك بالعمد؟")‬ ‫قال‪ :‬في أكثر ما قيل‪ ،‬إن عليه بدل ما أضاعه من الصلاة والصوم مع الكفارة‬ ‫وإخراج ما لم يؤده من الزكاة في موضع الانتهاك لما دان بتحريمه‪ ،‬وإن المستحل‬ ‫لا شيء عليه من بعد المتاب إلى ربه‪ ،‬وقيل في المحرم‪ :‬إن التوبة تجزيه عن‬ ‫القضاء لما كان من حق الله ولا شك أن هذه الفرائض من ذلك‪ .‬قلت له‪ :‬فإن أخذ‬ ‫بهذا القول‪ ،‬فعمل به‪ ،‬أيكون سالما عند الله أو هالكا؟ إذا أصلح الله عمله فيما استقبله‬ ‫من عمره حتى مات على ما به من الصلاح في دينه؟ قال‪ :‬لا أدري ما عند الله في‬ ‫() المصدر نفسك ص‬ ‫‏)‪ (٢‬المصدر‬ ‫نفسك‬ ‫ص‬ ‫‏‪.٤٦٠ - ٤٥٩‬‬ ‫‏‪.٣٩‬‬ ‫‏‪١٢١‬‬ ‫م هذا‪ ،‬فاقطع به‪ ،‬فأما ما هو في ظاهر أمره‪ ،‬فقد أجاز بما جاز له‪ ،‬لمن أبصر‬ ‫عدله أن يعمل به أو نزل إلى ماله من التحري في الحال لموضع سلامته معه في‬ ‫المال‪ ،‬فلم يجز أن يحكم عليه بغيرها من الهلال لتعلقه بما يرجى له عنده من‬ ‫النجاة إن صدق الله في ذلك‪ ،‬فأتاه من باب على ما جاز له‪ .‬ولن يصح على‬ ‫الا أن يبكون من جهته سالما في مالك‪ ،‬والله أعلم( )‪.‬‬ ‫صدقه‬ ‫مسألة ‪:‬‬ ‫ومنه‪ ،‬ويقول فيما قيل‪ :‬ورفع عن أنبياء الله و أصفيائه ورسله فيمن وقع بينهم زلة‬ ‫مل سيدنا آدم ؤ فيما قيل‪ :‬إنه بكى مائتي عام ز ائدأ ناقصا ‪ 4‬وكذلك‬ ‫قيل‪ :‬إنه لصق خده بالأرض‬ ‫وجدناه في كتاب ذرياق‬ ‫سيدنا داود‪ ،‬حتى‬ ‫‏[‪ ]٦٣١‬بعد برهة من الزمان في تضرعه وبكائه‪ ،‬فما‬ ‫الكتب‬ ‫الذنوب وغيره من‬ ‫هل هذا عندك صحيح في مذهبنا‬ ‫فيما رفعه قومنا في كتبهم‪ ،‬ونعتقده مذهباش [أم لا؟ أرأيت] إن مات هذا النبي أو‬ ‫الرسول‪ ،‬قبل‪ :‬انقضاء المدةظ ما حال الرسول أو النبي؟ أيصح أن نبي الله ورسوله‬ ‫تؤخر توبته‪ ،‬مذ تاب إلي كذا كذا ساعة أو كذا شهر أو سنةة أو حقبأ إلى ما أكثر؟‬ ‫وهل في التوبة النصوح تأخير؟ وإن لم يصح هذا في الرسل والأنبياء‪ ،‬أيصح في‬ ‫منهم‬ ‫‏‪ ١‬لأوليا ء۔ وفيما دونهم‬ ‫فيمن‬ ‫تاب منهم “۔ فيمن‬ ‫‏‪ ١‬لأوليا ع السابقة و لايتهم ّ أيصح فيما دونهم‪،‬‬ ‫و اذ ‏‪١‬‬ ‫صح في الموقوف‬ ‫عنك‪٧‬ك‏‬ ‫أيصح فيمن‬ ‫كان‬ ‫كان‬ ‫في‬ ‫قارف‬ ‫معصية؟‬ ‫و اذ ‏‪ ١‬صح في‬ ‫موقوفا عنه وتاب‬ ‫البر اة‬ ‫وتاب عند‬ ‫عن‬ ‫من‬ ‫معصيته؟‬ ‫صحت‬ ‫عنده توبته على ما يجب عليه من تلك التوبة؟ علمنا مما علمك الله‪ ،‬ودلنا لطلريق‬ ‫مرضاة الله [أتحض] ببحبوحة جنته وديمومة نعمته"أ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لا أعلم أن هذا في الخلق مما ننكر بغير برهان‪ ،‬فترد بحق لأنه مما يمكن‬ ‫فيجوز على ما أقول في مثل هذا المنقول لا على قدر الذنوب بدليل لإإنما يخشى الله‬ ‫(‪ (١‬المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫("ا المصدر نفسه ص‬ ‫‪.٣٩‬‬ ‫‏‪.٣٢٩‬‬ ‫‏‪١٢٢‬‬ ‫من عباده العلماء»("أ‪ ،‬وإن كان القطع بصحة ما لم يصح لعدم قيام الحجة لا سبيل‬ ‫إليه فلن رده على معنى الإنكار له على الغيب لا يجوز‪ ،‬وأما تأخير التوبة من الله‬ ‫على من تاب إليه من نبي أو غيره فلا أعلم أنه مما يصح‪ ،‬فيجوز على الله في‬ ‫شيء مما به يلزم‪ ،‬أو يجوز أن يرد توبته في حين نعمة عين‪ ،‬ولا أن يؤاخذه به من‬ ‫بعدها على حال‪ ،‬وإن مات في الحال‪ ،‬وكفى بما جرى لسحرة فرعون دليلا في هذا‬ ‫لمن أبصر فاهتدى بدليل لأوضح سبيل‪ .‬وأما نزول الوحي بها من الله على من‬ ‫خص به۔ فيكمن فيه للتأخير عن قبولها إلى الوقت الذي قدر‪ ،‬لأن يكون فيه لحكمه‬ ‫وإن قبلها ورضي عنه بها‪ ،‬فهي معنى آخر‪ .‬وأما نفس القبول والرضى من اللله‬ ‫على صدق الرجع منه‪ .‬فلا يمكن أن يؤخر عنها طرفة عين‪ ،‬فضلا عما زاد عليها‬ ‫من الدهر من ساعة أو يوم أو شهر‪ .‬لأن فيه إن مات قبل مجيء الوقت‪ ،‬كان‬ ‫هلاكه معها‪ ،‬وجوازه على اله‪ ،‬لا يصح في عموم‪ ،‬لما يكون من الذنوب الموبقة‬ ‫لأهلها‪ .‬ولا خصوص فيها لشيء منها‪ ،‬ولا أحد من المتعبدين بها‪ ،‬لكن الرضى‬ ‫مغيب لا يدرى عند نفسه مع صدقه لجواز احتمال الرد لبقاء السخط عليه‪ ،‬لإخلاله‬ ‫في شروطه بشيء من الواجبات عليه منها‪ ،‬فكيف به على ظهور عد له عند مثله‬ ‫وإلا فهي على كمالها‪ ،‬مقبولة لا محالة في حالها بغير جدال يصح في حال لأن‬ ‫هذا وإن كان المقطوع به في نفسه على حال‪ ،‬فالشك فيه من حيث بلوغه حد الكمال‬ ‫الذي به‪ ،‬يقبل فلا يرد‪ ،‬لا بد وأن يكون فيه لخفائه عليه‪ ،‬فهو إذا أمر مبهم على‬ ‫حال‪ ،‬فليس إلى إدراكه من سبيل إلا بوحي من الله على نبي أو رسول‪ ،‬يخبره عن‬ ‫ربه بالعفو والمغفرة لذنبه‪ ،‬وإلا فشكة [في] القبول منه لازم له‪ ،‬ولا ينفك عنه أبدأ‬ ‫لحكمه ‏[‪ ]٦٣٢‬من الباري أودعها لعباده على تفضتل‪ ،‬فلهذا لم يكن من العجب ولا‬ ‫من المحال أن يقتضي مخافة البعد دوام بكاء العبد على ما يكون من تفريطه في‬ ‫جنب مولاه على ما به من النعم أولاه‪ ،‬وحقيق بم آدم أن يبكي في دهر طول‬ ‫(‪ (١‬سور ة فاطر ح ا لآية‪‎‬‬ ‫‪.٢٨‬‬ ‫‪١٢٣‬‬ ‫عمره‪ ،‬على ما كان من ذنبه الموجب لهبوطه من جوار ربه وغيره في ذلك من‬ ‫العبيد ممن له قلب‪ .‬أو ألقى السمع وهو شهيد‪ ،‬كذلك لا سيما من البرية كل ذي‬ ‫مرتبة عليّة من أرباب العقول فإنه على قدر الصعود يكون النزول‪ ،‬ومن نظر بعد‬ ‫المعرفة لربه ولنفسه ودنياه وأخراه إلى قرب المسافة صار في رجاه على مخافة‬ ‫وطوبى لمن خاف مقام ربه‪ ،‬ونهى النفس عن الهوى‪ ،‬فإن الجنة هي المأوى‪ ،‬وإن‬ ‫يكن الأخرى خسر الدنيا والآخرة لأن من فاته عز العزيز لخروجه عن الملجأ‬ ‫الحريز‪ ،‬فيصير إلى ذل مصيره بقبح تقصيره أويظن أنه يجد له معين على دفعه‬ ‫في حين‪ ،‬وماله في الاخرة لقبح التقصير من ولي ولا نصير فذر الكبير‪ ،‬واحذر‬ ‫الصغير‪ ،‬وعجل في التوبة الخلصاء من كل حوبة‪ ،‬ولا تقم على الإصرار في شيء‬ ‫من الأوزار‪ ،‬وابك بعد المتاب‪ ،‬على ما كان منك من العصيان‪ ،‬عسى أن ينظر إليك‬ ‫مولى النعمة بعين الرحمة ولا تصغ إلى عذل من أراد بك غير العدل‪ ،‬ولا تلتفت‬ ‫إلى قول من ينكر من فعل الصالحين‪ ،‬مالا يبصره‪ ،‬فإن الوجل من الله على قدر‬ ‫الألباب لا الزلل‪ ،‬وإن طاب العمل لقصر الأمل فترة المولى عما لا يليق به وبالله‬ ‫التوفيقا )‪.‬‬ ‫ولا تقولن ما ليس له به علم في نفي شيء۔ ولا إثباته‪ .‬واعمل لله على الإخلاص‬ ‫لطلب الخلالص‪ ،‬ولا تعمل حتى تعلم‪ ،‬وإياك والأمن والقنوط‪ ،‬فإنهما من التفريط‬ ‫الداعي إلى الهلاك‪ ،‬والعياذ بانل من ذاك‪ ،‬وإن كان ما فيهما عن حكم الله فدعهما‬ ‫إلى ما بينهما‪ ،‬فإن في الدين للناس طريقا بين الأمن واليأس‪ ،‬هي طريق الرشاد‬ ‫لمزيد السداد‪ ،‬فلا تختر سواها‪ ،‬ولا تتعداها إلى ما عداها‘ وكن على حذر بالغ من‬ ‫غيرها لعدم خيرها‪ ،‬وعظم ضيرها‪ ،‬فإن من ورائها العذاب المهين من أمر رب‬ ‫العالمين‪ ،‬لمن لم يتب من العاصين“ ولهذا مع الرجاء عظم خوف العارفين‪ ،‬فصار‬ ‫ألم [نار] الندم محرق لفؤاد كل تقي لبيب من العباد المتحكمين إلى الله فلم يضر‬ ‫ا الغزوصي‪ ،‬جاعد بن خميس‪ :‬مقاليد التنزيل وإدراك حقائق التأويل‪ ،‬ص‬ ‫‏‪١٢٤‬‬ ‫‏‪.٣٣٠-٣٢٩‬‬ ‫مما كان منه خوفا من العباد‪ ،‬فكيف لا يورثه على هذا كون البكاء والنوح مثل أدم‬ ‫ونوح وغيرهم‪ ،‬من كل ولي في مولى ذي قلب زكي‪ ،‬وهم أعرف خلق الله بالله‬ ‫والنفس والشيطان والدنيا والآخرة جميعا‪ .‬وأعلمهم بالأمر والنهي وأدركهم لمرارة‬ ‫المعلصي‪ ،‬ولذاذة الطاعة‪ ،‬إني لا أبعد على هذا أن يكون منهم ما قد حكى عنهم‪،‬‬ ‫وإن كان ذلك من الأنبياء على شيء من الصغائر‪ ،‬لأنهم منزهون عن الكبائر‪ ،‬فإنهم‬ ‫لقربهم وعظم‬ ‫شأنهم عند ربهم‪ ،‬لكثرة الاجتهاد‬ ‫‏[‪ ]٦٣٣‬عن محض‬ ‫الوداد كان‬ ‫بالفؤاده وصحة بواطنهم لطهارة قلوبهم‪ ،‬وتمكنهم لصفاء أذهانهم من دونه سوم‬ ‫المخالفة لغير الحق‪ ،‬وإن كان فيما هو من الشعر أدق‪ ،‬ومن الماء أرق‪ ،‬ويرونها‬ ‫على حال كالرواسي من الجبال‪ ،‬فيشمئزون منها‪ ،‬وتقشعر جلودهم لذكرها‪ ،‬وقبح‬ ‫أمرها‪ ،‬وثقل أصرها‪ ،‬لا كمن يراها مثل ذباب وقع بأنفه‪ ،‬فأطاره‪ ،‬ثم نسيه في‬ ‫موضع ما يكون الله محصيه‪ ،‬على من أرتاه‪ ،‬فيجزيه به شرًا۔ فيجزيه في يوم‬ ‫القيامةظ [يوم] لا ظلم فيه‪ ،‬كلا بل قد جلى ألبابهم من العمى بأنوار الهدى‪ ،‬فهم يرون‬ ‫الانحطاط عما كانوا به في المنازل العلية أعظم بلية‪ ،‬وأشد رزية تقتضي كون‬ ‫العويل في زمن [العمر] الطويل ضرورةة لا يقدرون على دفعها‪ ،‬ولا الفرار منها۔‬ ‫ولا التحول عنها‪ ،‬وبعد كون المخالفة المكدرة لعين الصفاء في حق أهل الوفاء‪،‬‬ ‫كلما ذكروها تجدد لهم بها تذكار دينهم‪ ،‬فأوى بهم خوفا من ربهم‪ ،‬فأشت من ذلك‬ ‫الخشوع وزاد السجود والركوع وكثر الحنين‪ ،‬وطال الأنين‪ ،‬وعلا الزفير‪ ،‬لقوة‬ ‫لواعج ضرامها في الصدور ولا بأس فإن لهم فيه بدل الوزر أعظم الأجرة لأنهم‬ ‫على صراط مستقيم‪ ،‬فلا يريدون به إلا وجهه الكريم‪ ،‬مخلصين له الدين ولو كره‬ ‫الكافزون‪ ،4%‬فإن تشرب من فضل كأسهم يومأ‪ ،‬وإلا فدع عنك المدا على سبيل‬ ‫الإنكار‪ ،‬لما جاء في الأخبار‪ ،‬من أحوال الأنبياء وغيرهم من الأولياء‪ ،‬بغير علم في‬ ‫شيء من جميع ما روي عنهم‪ ،‬وأمكن مجاز أن يكون منهم‪ ،‬فإن من طلب العلا من‬ ‫العبيد‪ ،‬لم يقنع في حين‪ ،‬إلا بالمزيد‪ ،‬فكيف بقوله على النقص قرار‪ ،‬أو يهنأ بعيش‬ ‫أو تلذ له دار‪ ،‬ولو من دونه عند من كان من أولي الألباب على الصحيح‪ ،‬نزع‬ ‫‪١٢٥‬‬ ‫الروح حتى يرجع على ما كان عليه‪ ،‬فيكون البعد كالراجع من فضل الواسع ذنوبا‬ ‫مثل ذنوبهم‪ ،‬ولعل أن يخشع قلبي‪ ،‬فيخضع حتى يخشى بالمخافة‪ ،‬ويندم على ما‬ ‫تقدم‪ ،‬فيبكي على ما أسلفه من ذنبه مثل بكائهم على ذنوبهم‪ ،‬أويكون لي حظ أدنى‬ ‫حظ من ذلك أخصتني به‪ ،‬فإنه مما يدعوا به التوكل عليك‪ ،‬إلى التبتل إليك‪ ،‬مع كثرة‬ ‫السؤال والتضرع والابتهال‪ ،‬عن‬ ‫لذة في مناجاتك‪ ،‬يقوى بها على دوام ذكركة‬ ‫ولزوم شكرك‪ ،‬والأنس بك من غيرك دوما لخيرك على الرضى بأنواع القضاء‬ ‫حتى يلقاك على ما تحب وترضى‪ ،‬ففي الحديث عن النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪،‬‬ ‫أنه قال‪( :‬ارزقني عينين هطالتين يبكيان من خشيتك قبل أن تكون الدموع دما‪.‬‬ ‫والأضراس جمرا)‪ ،‬وإذا كان هذا من سؤاله مع علق مقامه لصفاء باله وصحة‬ ‫حاله فكيف بمن هو مثلي على ما أنا فيه من ضعف توكلي وقلة عدلي‪ ،‬وإنا ق د‬ ‫تلوثنا من الخبث بأنواع مغيرة للطباع‪ ،‬لا خلاص لنا منها إلا به‪ ،‬لكنا نرجو ‏[‪]٦٣٤‬‬ ‫أن يمدنا بما به نقدر في أمرنا على فك أسرنا‪ ،‬فإنه بالجود والامتنان ا لأعظم منان‪،‬‬ ‫فانظر في هذا كله‪ ،‬ثم لا تقبل منه‪ ،‬إلا ما كان عدلاأش والله أعلم(‪.‬‬ ‫مسألة‪:‬‬ ‫ومنه‪ ،‬وفيمن له أرحام أو جيران‪ ،‬ويظهر له ما نسبوه من الكلام وهم فستاق‪ ،‬أو في‬ ‫حال الوقوف‪ ،‬أيجوز له أن يهجرهم ولا يكلمهم أم لا؟")‬ ‫قال‪ :‬ما خرج بمعنى اللازم عليه لهم من قول أو عمل ونية‪ ،‬فلا أعلمه مما يجوز‬ ‫له تركه على لزومه۔ فلا بد له من أدائه إليهم في وقته‪،‬‬ ‫وإن كانوا من الفاسقين في‬ ‫ظاهر حكم دين المسلمين‪ ،‬أو ما لا يدري حاله‪ ،‬فلا فرق‪ .‬ولو ظهر له منهم ما‬ ‫نسبوه من الكلام‪ ،‬أو غيره‪ ،‬أو في غيره بغير حق فيؤديه‪ ،‬كان باطلهم غير مزيل‬ ‫لما وجب لهم من حق عليه‪ ،‬وما خرج من اللازم إلى غيره من التطوع بالنقل من‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫‏(‪ (٢‬المصدر‬ ‫نفسفك‪،‬‬ ‫ص‬ ‫‏‪٣٣١‬‬ ‫‪.٣٣٢‬‬ ‫‏‪.١٩١٣‬‬ ‫‪5‬‬ ‫برهم‪ ،‬فهجر هم بتركه لمعنى يرجو أنه صلاحا في الدنيا والدين بغير أذى محرم‪.‬‬ ‫ولا قصد لمكروه‪ ،‬ولا تضييع لفرض بعد لزومه‪ ،‬فأرجو أن لا بأس عليه على قول‬ ‫بعض المسلمين في جار السوع‪ ،‬وبعضهم لم يعجبه ذلك لمن سأله عن مثل هذاا‬ ‫واجب له أن لا يقطع جوار‪ .‬ولا كلامه عنه‪ ،‬وما خرج من هذا في الجار أشبه أن‬ ‫يلحق في الرحم‪ ،‬ومن أذى المسلمين‪ ،‬فليس منهم‪ ،‬قلت له‪ :‬وكذلك السلام عليهم‪،‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬ولكنه يعجبني في موضع جوازه أن لا يتركه بلا مانع لفضله‪ ،‬إلأ في‬ ‫حال ما يكونون فيه على منكر‪ ،‬فهو موضع تركه‪ ،‬لأنه لا كرامة لهم في قول‬ ‫المسلمين على ذلك‪ ،‬قلت له‪ :‬وإذا كان إذا سلم عليهم وردوا عليه السلام‪ ،‬أيجوز له‬ ‫أن لا يسلم عليهم إذا لم ينو قطيعتهم؟ قال‪ :‬لا يعجبني في موضع ما لا يكونون‬ ‫على شيء من الباطل‪ ،‬أن لا يدع السلام عليهم‪ ،‬لمعنى ما به من الفضل على إحياء‬ ‫السنة فيه‪ ،‬وإن لم يردوا عليه‪ ،‬وإن كان ليس بفرض وإنما هو تركه على مش هذا‬ ‫لا معنى فاسد فأرجو أن لا بأس عليه‪ ،‬لأنه لازم لهم في الأصل‪ ،‬وكفى لهم بتركهم‬ ‫الرد لغير عذر‪ ،‬يكون لهم عارأً في الدنيا وشنارأ‪ ،‬وفي الآخرة نارً۔ إلآ من تاب‬ ‫ورجع‪ ،‬قلت له‪ :‬وما حد الجوار؟ وهل [له] حد من الذراع أم لا؟ قال‪ :‬قد قيل‪ ،‬إنه‬ ‫إلى أربعين بيتأ‪ ،‬وقول ثاني في وحده أنه مقابسة النار‪ ،‬ولا أعلم أن أحدأ من‬ ‫المسلمين قال فيه بالذراع‪ ،‬لا يبين لي ذلك‪ ،‬إلا أن يدخل بمعنى تقديرها في‬ ‫الخراب‪ ،‬لمعرفة بعد المسافة على قول من يقول بها‪ ،‬فعسى أن يخرج ذلك()‪.‬‬ ‫قال الناسخ‪ :‬يوجد في الآثار قول‪ :‬إنه أربعين ذراعا رجع‪ ،‬قلت له‪ :‬وما هذه‬ ‫البيوت‪ ،‬هو ما دار بمنزله أو غير ذلك؟ قال‪ :‬هكذا عندي‬ ‫إنه ما دار به من غير‬ ‫أن أحفظه بالنص من قول المسلمين مصرحا به كذلك‪ ،‬فارفعه إليك ردا على ما‬ ‫قالوه في حده إلى أربعين بيتأ من بابه‪ ،‬الذي يكون منه أكثر خروجه‪ .‬لكني‪،‬‬ ‫وبالمعنى من قولهم فيه لوجه آخر استدل [‪]٦٣٥‬عليه‪،‬‏ وفي قول آخر‪ :‬وأظنه من‬ ‫)( المصدر نفسه ص‪‎‬‬ ‫‪.١٩٣ - ١٩٢‬‬ ‫‪١٢٧‬‬ ‫المخالفين كذلك بالتصريح فينبغي أن ينظر في قولي وقوله‪ ،‬فإن خرج على معنى‬ ‫الصواب في الحق‪ ،‬قيل لعدله‪ ،‬وإلا فالحق رده‪ ،‬وفي نفسي أنه غير خارج من‬ ‫الصواب في الرأي‪ ،‬قلت له‪ :‬وحق الجيران والأرحام سواء أم بينهما فرق؟ قال‪ :‬قد‬ ‫قيل‪ ،‬إن لكل حقأ‪ ،‬وعندي أنه كذلك‪ ،‬وعليه أن يؤدي إلى كل ذي حق حقه‪ ،‬بعد‬ ‫لزومه في وقته‪ ،‬كما قد لزمه‪ ،‬ولا يجوز له التضييع لشيء مما قد لزمه من حق‬ ‫لرحم ولا جار في عموم لشيع‪ ،‬ولا في خصوصه بعد نزول المحنة به‪ ،‬ألا وربما‬ ‫وقع التساوي بينهما في شيء۔ والافتراق في أخر‪ .‬وإلا فهما في الجملة فيى معنى‬ ‫الصلة على وجوبها لهما سواءً‪ ،‬والله أعلد('أ‪.‬‬ ‫مسألة‪:‬‬ ‫ومنه وعن الأرض لها في جميع بقاعها‪ ،‬ما حكم الطهارة في الأصل‪ ،‬إلأ ما‬ ‫عرض له شيء من النجاسة فصح‪ ،‬وإلا فهي كذلك‪ ،‬وعلى العكس من هذا‬ ‫العدل؟("أ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ففي قول النبي صلى الله عليه وسلم‪( :‬جعلت لي الأرض مسجدأ وترابها‬ ‫طهورأ )‪ .‬ما دل على طهارتها‪ ،‬إلا ما صح عليه أنه طرأ عليه شيء من النجاسةة‬ ‫فأخرجه عما به من الطهارة‪ ،‬إلى ماله من حكم‪ ،‬ما دام به قائم‪ .‬وإلا فهي في‬ ‫حكمه كذلك‪ .‬ولا نعلم أنه يختلف في ذلك(")‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وعلى هذا يكون القول في ترابها ورمادها‘ وما يكون من حصهها‬ ‫وأحجارها لا غيره أبدا‪.‬‬ ‫قال‪ :‬هكذا معي في كلها‪ ،‬لعدم جواز ماخالفه‪ ،‬وما يكون من حصاها وأحجارها لا‬ ‫غير‬ ‫أبد ‪. 1‬‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.١٩٣‬‬ ‫)"( المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٥١١‬‬ ‫"( المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٥١١‬‬ ‫‏‪١٢٨‬‬ ‫قال‪ :‬هكذا معي في كلها‪ ،‬لعدم جواز ما خالفه في شي ء من أجزائها‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وجميع ما بها من أنواع جنس المعدن والنبات‪ ،‬على هذا يكون في‬ ‫الإجماع‪ ،‬وما تولد منها‪ ،‬فلا حق في حكمه بها أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬إلا الخمرة‪ ،‬وما يكون من محرم إلا نبذه‪ ،‬فإنه لا بد وأن يتحول إلى‬ ‫النجاسة على حال ما داما على ما بهما من صفة‪ .‬فإن انتقلا إلى الحل جازم لأن‬ ‫تختلف في بقائهما على النجاسة والتحريم وعلى عودهما‪ ،‬إلى ما كانا عليه من‬ ‫الطهارة‬ ‫والحل ‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالمستحق من معادنها‪ ،‬مثل المتطرق في طهارته أو بينيما فرق في‬ ‫الأصل؟‬ ‫قال‪ :‬لا أدري جواز الفرق ما بينهما في الحق‪ ،‬لعدم ما يدل عليه‪ ،‬لأن للجميع فيه‬ ‫حكمهما لا غيره في العدل‪.‬‬ ‫قلت له‪[ :‬فالشك] الذي هو سم الفار‪ .‬ما القول فيه؟‬ ‫قال‪ :‬الله أعلم‪ ،‬وأنا لا أذلري في أصفره وأبيضه‪ .‬إلا ماله من قولي في قضية بأنه‬ ‫معدني‪ ،‬فهو كغيره من الأنواع المعدنية على حال‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فلا يجوز أن تعطى في الطهارة وحكم الزاج والكبريت والزرنيخ والمغرة‬ ‫والكحل؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلا‪ ،‬لأنهما في هذا على سواء في الأصل ولا نعلم في شيء من هذا إلا‬ ‫طهارته عند أهل العلم والفضل‪ ،‬إذ لا ينساغ ما خالفه في العقل‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما بها من أنواع الحيوان‪ ،‬ما القول فيه في الر أي والإجماع؟ قال‪ :‬في‬ ‫أنواعه ما لا قول فيه إلا طهارته‪ .‬وعلى العكس في هذا من أنواع أخرى لإجماع‪.‬‬ ‫ومنها ما بقي في نزاع‪ .‬لجواز الرأي عليه في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما تولد من أنواعه فعلى هذا يكون‬ ‫‏[‪ ]٦٣٦‬من حكمه ولا با ؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬إذ لا مخرج له‪ ،‬ولا لشيء من أن يكون على أحد هذه الوجوه أبداً‪ ،‬فإنها‬ ‫ثلاثة لا ربع لها على طول المدة‪.‬‬ ‫‪١٩‬‬ ‫قلت له‪ :‬وعليها في هذا يكون الحكم في كل أرض‪ ،‬أو ماع‪ ،‬أو حيوان‪ ،‬أو معدن‪،‬‬ ‫أو نبات أو إنسان‪ ،‬أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬هكذا في هذا كله‪ ،‬وما خرج من الدين‪ ،‬فجاز عليه الرأي‪ ،‬لم يجز أن يدان به‬ ‫كما لا يجوز أن يوضع الر أي في موضع الدين بعدم عدله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬أفلا يجوز في المكان الواقع به شيء من أعيان النجاسةة أن يطيّر‬ ‫بالشنمس‪ ،‬أو الريح‪ .‬أو الزمان؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلاك قد قيل بجوازه مع زوال العين‪ ،‬والأثر منها‪ ،‬إلا أنه على رأي لا في‬ ‫إجماع‪ ،‬ولا في البدن من نوع الإنسان‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالموضع من الأرض ينجس بمثل البول وما أشبهه‪ ،‬أيطهر بغير الماء؟‬ ‫قال‪ :‬قد قيل فيه‪ ،‬إنه [إذا] ضربته الشمس والريح‪ ،‬حتى ذهبت عين النجاسة طهر‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬حتى يضرباه جميعأً۔ وقيل‪ :‬لا يطهر إلا بالماء‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان لا تبلغ إليه شمس ولا ريح ما القول فيه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهو على حاله حتى يطهر بالماء‪ ،‬وفي قول آخر‪ :‬إنه بالكشح أو الوطي‪ ،‬أوما‬ ‫يكون من حركة تقع عليه تطهر‪ ،‬إذ زال من النجاسة عينها‪ ،‬وانمحا أثرها‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫إنه إذا يبس من الرماله من عين طهر‪ .‬ولو لم يجر عليه شيء من الحركة‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما ليس له عين قائمة مش الماء النجس وما أشبهه من شيء في هذا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهو من بعد خفافه أدنى إلى الطهار‪ :‬مما في الأولى‪ ،‬إلا أنه ما لم يقع عليه‬ ‫قدر ما يجر به لطهارته من الماعء‪ ،‬فلا بد وأن يكون على ما به من الر أي في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما كان له من أنواع النجاسة عين قائمة في ذاتها‪ ،‬مثل الدم أو ما أشبهه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فالموضع نجس على حال ما دامت العين قائمة‪ ،‬وبعد زوالها‪ ،‬فلا اختلاف في‬ ‫طهارته‪ ،‬إلا أن يكون الماء الطهور في الإجماع‪ ،‬أو على رأي في موضع جواز‬ ‫الرأي عليه‪ ،‬وإلا فهو كذلك بما فيه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وإن ضربته الشمس أو الريح‪ ،‬أو زال ما به من شيے۔ ولم يبق فيه عين‬ ‫ولا أثر؟‪.‬‬ ‫‪١٣٠‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬لما به من قول‪ :‬إنه لا يطهر إلا بالماء‪ ،‬وقول‪ :‬إنه يطهر بالشمس‬ ‫والريح‪ ،‬وقول‪ :‬بما يكون منهما‪ ،‬وقول‪ :‬بما أزالها من كسح‪ ،‬أو وطي»۔ أو ما‬ ‫يكون من حركة وإن لم تضربه شمس ولا ريح‪ ،‬وقول‪ :‬إن زوال العين موجب‬ ‫لرده إلى ما به من حكم الطهارة في الحين‪ .‬لقول النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫(الأزض تطهر بعضها بعضأ)‪ ،‬وقد مر من القول في هذا‪ ،‬فتكرر ولا بأس‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالحصى والصفا مش الأرض في هذا أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬في بعض القول‪ ،‬وقيل‪ :‬بالفرق بينهما وإنه لا يطهر هما إلا الماء‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬إن لما استوى بالأرض حكمهاء والله أعلم بالفرق‪ .‬فإني لا أراه‪ ،‬ولا أقول‬ ‫بخروجه من الحق‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما كان من نباتها فتتجس أو من معادتها لشيء أصابه‪ ،‬‏[‪ ]٦٣١٧‬جاز لأن‬ ‫يخرج في طهارته بغير الماء معنى ما في حكمها من قول‪ ،‬أم لا؟ ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬إلا أنه قد شدد في الثياب ما لم يشدد فيما عداها من أنواع نباتها‘ ولكنه‬ ‫غير خارج من الاختلاف على حال القول من إجازه‪ ،‬وقول من لم يجزه‪ ،‬حتى أنه‬ ‫لا يعلم في ذلك اختلافا‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما نجس من الأرض بشي ء من البول‪ ،‬أو الماء النجس‪ ،‬وما أشبهها من‬ ‫شيء۔ ما حد طهارته بغير الماء في رأي من قاله؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فحده في البول زوال أثره‪ ،‬وفي الماء خفافه على هذا القول‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وعلى هذا الرأي‪ ،‬فالشمس والريح أو كلامهما في كم تطهيره مما ليس له‬ ‫عين قائمة؟‪ .‬قال‪ :‬قد قيل‪ :‬في ثلاثة أيام وقيل‪ :‬في يوم واحد‪ ،‬وقيل‪ :‬لا ح له إلا‬ ‫ذهابه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن بقي له زوك أو رائحة؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ما دام الزوك باقيا‪ ،‬فهو على حاله من النجاسة‪ ،‬وعلى قول آخر‪ ،‬فيجوز فيه‬ ‫لأن يكون طيبه طاهرأ‪ ،‬وأما الرائحة‪ ،‬فعسى أن لا يكون لها حكم ذلك؟‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالماء النجس من بعد جفافه‪ ،‬لا بأس به وإن بقي أثره أم ماذا فيه؟‪.‬‬ ‫‪١٣١‬‬ ‫قال‪ :‬ففي القول عليه‪ :‬إنه كذلك لفرق بينه وبين البول في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فلن وطئ كلب على شيء من الطين‪ ،‬فنجّسه‪ ،‬متى يطهر ؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬إذا يبس الأثر‪ ،‬وقيل بنجاسته ما دام أثره بالموضع قائما‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن بنى جدار بطين نجس؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فإذا يبس طهر وقيل‪ :‬إن والجه لا يطهر ‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فلن عمل من هذا الطين تنورة ألا يطهر إن أوقد عليه النارى ويجوز من‬ ‫بعد أن يخبز فيه م لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم قد قيل هذا۔ إلا أنه لا بد وإن لم يلحقه معنى الاختلاف في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما له في هذا من النجاسة عين قائمة بالشيء‪ ،‬فلا يطهر إلا بزوالها؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬إلا أن يكون في موضع العجز عن زوالها‪ ،‬فعسى بالتيمم له أن يقوم فيه‬ ‫مقام الغسل ضرورة إليه‪ ،‬وإلا فهو كذلك‪ ،‬وربما كان على رأي في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالتنور يشوى فيه لحم نجس» فيبقى فيه شيء من الدسومة ما الرأي في‬ ‫تطهيره؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل‪ :‬إنه يغسل بالماء حتى يزول ما به من نجاسة‪ ،‬وقيل‪ :‬يحمّم بالنار حتى‬ ‫تزول عينها‪ ،‬وقيل‪ :‬يكسر ولا ينتفع به في هذا الرأي‪ ،‬في مثل ما قد جعل له‪ ،‬أو ما‬ ‫يكون من نحو ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬أفلا يطهر على حال إذا بولغ في غسله بزوال ما به من ظاهره‪ ،‬ويبلغ‬ ‫الماء إلى داخله‪ ،‬فيأتي على ما أصابه أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلاش إن في الاثار ما يدل بالمعنى في مثله على طهارته‪ ،‬فلا معنى من بعده‬ ‫لأن يؤمر بكسره أبدأ من أجله على هذا من أمره‪ ،‬والله أعلم‪ ،‬فينظر في عدله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما خالط الطين من شيء له ذات من النجاسةظ فأحرق حتى صار رمادا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل في طهارة رماده باختلاف‪ ،‬ويعجبني رأي من يقول بفساده‪ ،‬لأنه بع‬ ‫لأصله‪ ،‬فأحرى ما به أن يكون بعد على ما به من قبله‪ ،‬إن صح ما أراه في ذلك‪.‬‬ ‫‪١٣٢‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن مسح على عين النجاسة من الشيء الذي هي به أو حك‪،‬‬ ‫‏[‪ ]٦٣٨‬حتى‬ ‫يزول منه ذاتها؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فيبقى في حكم ما ليس له ذات‪ ،‬لمعنى ما أريد بها في الموضع من غسله منها‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما كان في الأرض» فحفر الموضع من تحتها وأزيل بترابه؟ ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فإذا أتى الحفر على ما ولج من رطوباتها‪ ،‬فالوضع طاهر‪ .‬ولا أعلم أنه‬ ‫تختلف في ذلك‪ .‬قلت له‪ :‬فالبول وما أشبهه في الموضع‪ ،‬إذا جرى عليه الماء فزال‪،‬‬ ‫يجزي فيه لطهارته أم لا؟‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬في بعض القول‪ ،‬وقيل‪ :‬لا يطهر إلا بالعرك‪،‬‬ ‫وعسى في هذا الرأي أن يصح لمن قاله‪ ،‬إذا لم يكن لجريه من الحركة مقدار ما فيه‬ ‫يجزي عن عركه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وعلى قول من أجازه‪ ،‬فإلى كم يحتاج فيه لطهارته أن يجري عليه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلا بد له على قول من أن يجزي عليه ثلاثا‪ ،‬إلا أن يكون ماء قد انفصل عن‬ ‫نجاسة‪ ،‬فإن المرة الواحدة منه تجزيه‪ ،‬وإلا فهو كذلك‪ ،‬وعلى قول آخر‪ .‬فيجوز لأن‬ ‫يطهر بمرتين‪ .‬ألا وإن القول فيه بمرة مع زوال الأثر‪ .‬كأنه لا يبعد من أن يجوز‬ ‫على رأي في النظر فاعرفه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان لجريه والحركة ما يقوم في غسله مقام العرك‪ ،‬أيجزيه مع زوال‬ ‫ما به فيظهر على حال أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قد قيل في هذا مظه‪ ،‬وأعلم أنه يختلف في عدله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬أوليس الصب على ما يكون من نحو هذا يجزي عن عركة؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬إن كان في مقدار ما جزي في غسله من العرك“ وإلا جاز مع البقاء لأن‬ ‫يكون على ما به من الاختلاف في طهارته‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالصفا وغيره من الحصى مش الأرض في الصّب على ما تنجس بشيء‬ ‫من هذا أم لا؟‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬على قول وقيل‪ :‬إنهما كالأرض‪ ،‬إلا أنهما ينشفان الماء‪،‬‬ ‫فلا يجزي فيهما العرك‪ ،‬وعلى قول أخر‪ :‬إن الصفا يعرك“ والحصى يقلب‬ ‫والأرض يصب على ترابها صبأ‪ ،‬ويعجبني في النجاسة أن يكون زوالها بالماء من‬ ‫‪١٣٣‬‬ ‫الثنيء الواقعة به موجبأ لرفعها‪ ،‬لأنه هو المراد من غسلها لطهارة موضعها‪ ،‬وقد‬ ‫حصل‪ .‬فكيف لا يكون مجزيأ عن العرك‪ ،‬ولا معنى في تطهيرها‪ ،‬إلا بما أريد به‬ ‫زوالها لا غيره‪ ،‬من غير ما شك فيما له عين أو لا؟‪.‬‬ ‫وفي هذا ما دل على الطهارة بالشيء أو لا؟ قلت له‪ :‬فالذي تراه فتختاره من القول‬ ‫في الحجر‪ .‬أن يكون م الأرض في طهارته بالماء ومع الترك لعركه‪ ،‬وإن قيل‬ ‫بغره في الأثر؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬لأنه لما فيه من صلابة تمنع من أن يلج فيه شيء من الرطوبة‪ ،‬كان مع‬ ‫زوال ما على ظاهره من النجاسة في غير عرك أو ما يشبهه أدنى إلى الطهارة‬ ‫منها لعدم تنشيفه‪ ،‬وإن لم يكن أقرب‪ .‬فليس هو ما بعد على ما أراه فيهما إن صحض‬ ‫قلت له‪ :‬وما نزل من السماء على النجاسة من الماع‪ ،‬فأزالها لطهارتها عن العرك‬ ‫في الأرض والصفا‪ ،‬أو ما يكون من نحوهما أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى أن يكون مثل الصب في حكمه‪ ،‬فإن كان لوقوعه من الحركة مقدار ما‬ ‫يجزي عن عركها أجزاء فيها‪ ،‬وإلا فهي على ما به من الاختلاف ‏[‪ ]٦٣٩‬في‬ ‫طهارتها بما دونه‪ ،‬إلا أنه يعجبني لزوالها أن يكون مجزياأش لأني أراه على هذا‬ ‫أولى‪ ،‬والعلم عند الله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما كان من الحجارة رخو ثقيل لرطوبة له فينشفها‪ ،‬ما القول فيه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلا بد في طهارته من أن يترك في الماء‪ ،‬حتى يلج فيه مولج النجاسة‪ ،‬فيأتي‬ ‫من داخله على ما به منها‪ ،‬وإلا فلا يجزي في غسله ما دونه أبدأ‪ .‬الا أن يكون في‬ ‫الحال‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما تنجس من كبس‪ .‬أو صاروج‪ ،‬أو جص أو رماد‪ ،‬بنحو بول أو ما‬ ‫أشبهه؟ ثم عمل لشيء بالماء ويبس‪ ،‬أيطهر أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قد قيل هذا‪ ،‬إلا أن يكون لما به من النجاسة عين قائمةش فإنه لا يطهر إلاً‬ ‫بزوالها‪.‬‬ ‫‪١٣٤‬‬ ‫قلت له‪ :‬فهذا لا يخرج في مش هذا أن يطهر قبل جفافه من الماء أو لا؟ قال‪ :‬بلا‪،‬‬ ‫على قوله فيما ليس له عين قائمة‪ ،‬مع غلبة الماء الطهور على ما به۔ إلا أن ما قبله‬ ‫أكثز ‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن لم يجعل عليه شيء من الماء إلا أنه ضربته الشمس والريحج‪ ،‬وطال‬ ‫به الزمان‪ ،‬حتى زال ما به من النجاسة‪ ،‬أيطهر إذا لم يبق لها فيه عين قائمة ولا‬ ‫أثر أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬على قول‪ .‬وقيل‪ :‬لا يطهر إلا بالماء‪ ،‬وقد تقدم من قبله ما دل في طهارة‬ ‫مه على ما في الشمسخ والريج‪ ،‬والزمان‪ ،‬وطال به الزمان من قوال في رأي‪،‬‬ ‫فاعمل بعد له‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما سجَ به من هذا ظاهر دهليز أو سطح‪ .‬ثم أصابه من بعد دم‪ ،‬أو بول‪،‬‬ ‫أو غائط‪ ،‬فلم يغسل من حينه‪ ،‬ما يحتاج من بعد غسله وزوال ما به‪ ،‬إلا أن ينقع فيه‬ ‫الماء لطهارته أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لا أعلم أنه يحتاج‪ ،‬فإن زوالها بما يكون من عرك‪ ،‬أو ما يقوم مقامه مع الماء‬ ‫يجزي فيه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالموضع يغسل من النجاسة حتى يزول‪ ،‬أيطهر في الحال أم لا؟ ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ففي أكثر القول إنه يطهر من بعد جفافه‪ ،‬وقيل‪ :‬من حينه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالقدر يكون في الجلبة فتسقى بالماء‪ ،‬أتتجَّس كلها أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬إن كان في قدر ما ينجس مها‪ ،‬فالنجاسة تأني على ما أصابه من بعضها أو‬ ‫كلها‪ ،‬وإن كان في مقدار ما لا ينجس بها لم يجاوز في موضعها‪ ،‬إلا إللى ثلاثة‬ ‫أذر ع ما دار بها لا على ما زاد على ذلك‪ .‬وفي قول أخر‪ :‬إن هذا من الاحتياط‬ ‫وإلا فالطهارة لما لم يصح عليه بلوغ النجاسة إليه هي الحكم فيه‪ ،‬وقيل في هذا‬ ‫الماء‪ :‬إنه إذا نقص حتى صار بحة ما تنجّسه مش تلك النجاسة تنجّس‪ ،‬إلا أن الأول‬ ‫أكثر ما في ذلك‪.‬‬ ‫‪١ ٣٥‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن هي لاختلاطها بالتراب على مر الزمان حتى لم يبق لها عين قائةة‬ ‫ولا أثز‪ ،‬ما يكون حكم الموضع؟ أيكون الموضع طاهرا أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى أن يطهر على قول‪ ،‬وقيل‪ :‬حتى تسرب من الماء ثلاثا } أو مرتين على‬ ‫رأي آخر‪ ،‬ومرة على قول ثالث في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالأرض تسقى بماء نجس‪ ،‬أيطهر إذا يبس‪ ،‬فضربته الشمس» أو الريح أم‬ ‫لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬على أكثر ما فيه وقد مضى من القول ما دل في الرأي على ما جاز‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالأجيل أو الجلبة تسمد يومئذ بسماد ‏[‪ ]٦٤٠‬نجس من بولس‬ ‫لطهارته ماء وأحد أم لا؟‪.‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫أيجزيه‬ ‫قال‪ :‬قد قيل إنه يجزيه‪ ،‬وقيل‪ :‬لاف حتى يسقى بمائتين‪ ،‬وقيل‪ :‬بثلاثة أمواه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالإجالة تشد بطين نجس فتضربها الشمس والريح من خارجها حتى‬ ‫تيبس‪ ،‬أتطهر من داخلها على قول من قول بهما في هذا‪ ،‬وإن لم يبلغ إليه شيء أم‬ ‫لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لا تطهر إلا على هذا القول‪ ،‬إلا ما ضرباه‪ ،‬وقيل‪ :‬في مه بطهارة الجميع‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما لم تيبس من ظاهر هذه الإجالة أو باطنها‪ ،‬فهو على حاله من النجاسة‬ ‫أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬هو كذلك‪ ،‬ولا أعلم أنه يختلف في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن لم تضربها الشمس أو الريح‪ ،‬فهي على نجاستها‪ ،‬وإن كان من بعد‬ ‫يباسها أم لا؟‪ .‬قال‪ :‬قد قيل هذا‪ ،‬إلا أنه قد يجوز فيها على قول آخر أن تكون من‬ ‫بعد أن تيبس فيزول ما بها من عين النجاسة‪ ،‬وأثرها طاهرة‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالغبار من الشيء النجس لذاته‪ ،‬إذا علق بشيء طاهر إلا أنه يابس‪ ،‬ما‬ ‫القول فيه؟‪.‬‬ ‫‪١٣٦‬‬ ‫قال‪ :‬فهو نجس» فإن قدر على إخراجه من الشيء أو زال منه بغير علاج‪ ،‬فلا‬ ‫شيء فيه‪ ،‬وإلا فلا بد من غسله في موضع لزومه لمن أمكنه‪ ،‬فقدر عليه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن لصق بأحد في موضع جسده فعرق حتى رطبه أو كان به في حال‬ ‫الرطوبة؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فالموضع من بدنه نجس على حال حتى يطهر ولا أعلم أنه يختلف في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان من شيء ظاهر من أصله‪ .‬إلا أنه قد عارضه من النجاسة ما‬ ‫أخرجه مما كان به من قبله؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬إن كان من بعد أن ضربته الشمس أو الريح‪ ،‬فزال ما بهما‪ ،‬أو بشيء منهما‬ ‫ما قد عرض له في حين‪ ،‬فالاختلاف في طهارته‪ ،‬وإلا فيو على ما به من نجاسةة‬ ‫مع بقاء ما لها من عين‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان متغيرأ في لونه‪ ،‬ما الوجه فيه؟ أو لا تخبرني به؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلاه فإن كان تغيره لغلبة النجاسة عليه‪ ،‬فله حكمها‪ ،‬وإلأ لجاز أن يكون على‬ ‫الأغلب من أمر به‪ ،‬لأنه معارض بها ولا شك‪ ،‬وإن تغير‪ ،‬فحتى يصح أن تغيره‬ ‫من أجلها‪ ،‬وإلا فهو على الأغلب كذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان ترابا من الكنيف‪ ،‬ما القول في غباره؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهو نجس في بعض القول‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه على أصله من الطهارة‪ ،‬حتى يصح أنه‬ ‫دخل عليه من النجاسة ما قد أفسده‪ ،‬وما أحسن معنى ما في الأول تنزه لمن أمكنه‬ ‫فقدر عليه‪ ،‬وإلا فالثانيى هو الحكم فيه‪ ،‬إن صح ما أراه في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن طهره من قد ما وقع به‪ ،‬ثم رأى من بعد في الموضع غيره‪ ،‬فلم يدر‬ ‫أنها من ترابه أو من النجاسة‪ ،‬ما القول فيها؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فالغبرة من النجاسة‪ ،‬ولا بد من غسلها مع القدرة‪ ،‬لأنها بقية منها‪ ،‬إلا أن يكون‬ ‫في معنى الزوال‪ ،‬فيلحقها ما فيه وإن كانت في أصلها مما قد عارضته‪ ،‬فتنجس‬ ‫من أجلها‪ ،‬فالقول بطهارتها بعد غسلها بقدر ما يجزي الغسل في مثلها أولى ما بها۔‬ ‫‪١ ٣٧‬‬ ‫إلا أن يكون فيها[‪]٦٤١‬‏ شيء من عين ما قد عارضه‪ .‬فخالطه من نجاسة وإلا فلا‬ ‫غيره مما يبقى على هذا من الغبرة‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان به شيء من الدم أو العذرة‪ ،‬كله سواع؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬الله أعلم‪ ،‬وأنا لا أدري في هذا فرقا من بعد أن يغسل الموضع بقدر ما به‬ ‫يكتفى في كل منهما‪ ،‬فيحكم له بالطهارة‪ ،‬إلا أن يصح عليه بقاء شيء من تلك‬ ‫النجاسة فيه‪ ،‬وإلا فهو كذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن لم يدر أنه أتى في غسله‪ ،‬أو جرى عليه من الحركة قدر ما يجزي به‬ ‫فيطهر أم لا؟‪ .‬قال‪ :‬فعسى في الموضع أن يكون على أصله من النجاسة في الحكم‬ ‫حتى تصح معه طهارته مما كان من غسله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالنورة تتنجس بشيء يعارضها‪ ،‬فيتنوّر بها أحد‪ ،‬ثم يغسلها‪ ،‬فيبقى من بعده‬ ‫شيء من البياض‪ ،‬ما القول في حكمه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهذه م الأولى‪ ،‬فالقول فيهما واحد لعدم فرق ما بينهما في المعنى‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالنورة من الشيء الطاهر لا قول فيها إلا طهارتها‪ ،‬ما لم يعارضها شيء‬ ‫من النجاسة؟‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬هي كذلك ولا أعلم أن أحدا يقول لغيره لعدم جوازه في‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كانت هي في أصلها نجسة في ذاتها‪ ،‬ما القول فيما يبقى من البياض‬ ‫بعد غسلها؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل فيه‪ ،‬إنه يغسل» فيبالغ في غسله حتى لا ينحل‪ ،‬فلا يقدر على إخراجه‬ ‫فيكون له ما في الزوال من حكمه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما طار عند قضاء الحاجة من البول والغائط على الأرض الطاهر من‬ ‫الغبار‪ ،‬ما حكمه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬الله أعلم‪ ،‬والذي عندي فيه أنه لا بأس به‪ ،‬لأن الرطوبة بعد أن تخالطه لا بد‬ ‫وأن تمنع من طيرانه في الاعتبار‪ ،‬وفي هذا ما دل بالمعنى على أنه ما طار من‬ ‫ترابها‪ ،‬لوقوعهما غير ما أصاباه برطوبتهما‪ ،‬فتتنجس على حالة إذ لا يصح كون‬ ‫‪١٣٨‬‬ ‫الغبار من رطوبة‪ ،‬وإنما يجوز أن يكون من يابسه لا غيره‪ ،‬ومالم ينله بشيء‬ ‫منهما‪ ،‬فهو على حاله بعد ما عرفه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما كان طاهرأ في أصله‪ ،‬فهو على ما له من حكم في هذا ومثله‪ ،‬حتى‬ ‫يصح عليه كون انتقاله إلى ما كان عرض له من نجاسةة فأخرجه إليه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قد قيل هذا هو كذلك‪ ،‬ولا أعلم أنه يختلف في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإذا ألقي عليهما أو على شيء منهما قبل جفافه بتراب طاهر‪ .‬ليوار بهما۔‬ ‫أو الغبار يمر عليه‪ ،‬فيعلق في بدنه أو ثوبه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فالقول في هذه والتي قبلها سواء‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالأزض تهاس بالسماد النجس‪ .‬فيظهر من ترابها غبار‪ .‬ما القول فيه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى في هذا أن يكون له حكم الطهارة‪ ،‬فإنها به أولى‪ ،‬ما لم تصح نجاسته‬ ‫لما به يكون من غير ما دخل [عليه]‪ ،‬فأفسده‪ ،‬فإن قيل فيه‪ ،‬بأنه نجس‪ ،‬فإن هذا‬ ‫أصح ما فيه‪ ،‬فإنه طاهر في أصله۔ ما لم يصح فساده‪ ،‬لما قد عرض له من نجاسة‬ ‫فهو على حاله‪ ،‬وقد مضى من القول ما دل على هذا في مثله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن صح أنه قد خالطه من غبار هذا السماد ما حكمه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهو نجس على حال‬ ‫إلا أن يكون هذا السماد قد ‏[‪ ]٦٤٢‬دخل عليه لما قد‬ ‫عارضه من نجاسة‪ ،‬ثم أتى عليه ما به يطهر من شيء في الإجماع أو على رأي‪.‬‬ ‫والا فهو كذلك‪ ،‬قلت له‪ :‬فالنجس لذاته لا يطهر إلا بزوال عينه أبدأ؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬هو كذلك‪ ،‬وإن طالت به المدة ولا أعلم أن أحدأ يقول فيه بغير ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالريح تسفي من الطرق أو المنازل ترابهما‪ ،‬أو يطير بالكسح لهما‪ ،‬فيعلق‬ ‫في بدن من [مرً] بهما‪ ،‬أو في ثوبه من غباره‪ ،‬ما القول فيه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فليس له إلا حكم الطهارة‪ ،‬ما لم تصح نجاسته في الحال‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وإن كان من المواضع القذرة؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم هو كذلك‪ ،‬وإن كان كل نجس قذر‪ ،‬فلا عكس في هذا‪ ،‬فليس كل قذر‬ ‫نجسا ولا لبس‪ ،‬وما لم تصح نجاسته لشيء أفسده‪ ،‬فليس له في العدل إلا ما للأرض‬ ‫‪١٩‬‬ ‫من حكم الطهارة في الأصل‪ .‬قلت له‪ :‬تكون الأبوال في مرابض الغنم‪ ،‬ودروس‬ ‫البقتز‪ .‬ومعاطن الإبل‪ ،‬أتطهر بزوال ما بها من النجاسة بغير الماء على حال‪ ،‬أم في‬ ‫طهارتها كذلك لأهل العلم أقول؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬إن هذا موضع رأي‪ ،‬فيجوز عليه لأن يجزي في طهارة كل من هذا بما فيه‬ ‫من قول‪ .‬لأنه يطهر لزوالها بالزمان وقول بالشمس‪ ،‬أو بالريح‪ ،‬وقول بهما إذا‬ ‫اجتمعا‪ ،‬وقول بالكسح أو الوطئ‪ ،‬أو ما يكون من حركة تزيلها‪ ،‬فتمحي أثرها‪.‬‬ ‫وقول لا تطهر إلا بالماء‪ .‬وكله من رأي البشر وقولهم‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما كان من مرابط الخيل والبغال والحمير ؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعلى هذا يكون في طهارة المواضع من أبوالها‪ ،‬لأنه هو الحكم فيه بعد زوالها‬ ‫لا غيره لعدم الاتفاق على ما دون الماء في هذا ونحوه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬المنحرة والمزبلة والمجزرة على هذا يكون في جواز الرأي على كل منها‬ ‫أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬هكذا معي في هذا كله‪ ،‬لعدم ما يدل في الحق على جواز الفرق في شيء من‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬ما كان من سطح أوجدار بني من الطين أو القرميد‪ ،‬أو النورة‪ ،‬فلا حق في‬ ‫مش هذا بالأرض أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬هو كذلك‪ ،‬ولا أعلم أن أحدأ يقول في شيء منه بغير ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وبالجملة فجميع ما يكون من نجاسة في موضع من الأرض على هذاا‬ ‫يكون في طهارته منها‪ ،‬أم على الخصوص دون غيره؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬الله أعلم‪ ،‬والذي عندي في هذا أنه على العموم‪ ،‬لما كان من جنس النجاسة من‬ ‫عين في أي موضع من الأرض كان‪ ،‬ثم زال في حين لا على الخصوص في‬ ‫البقاع‪ ،‬ولا في شيء من الأنواع دون غيره‪ ،‬ولا لرأي فيه‪ ،‬ولا في إجماع وإن‬ ‫كان لا بد من تفاوتها في المدة لزوالها هذا‪ ،‬فالحكم راجع في كل منهما إلى ذهابه‬ ‫قل أو كثر‪ ،‬طال زمانه أو قصر‪ ،‬أو أنه لأمر جامع إلى ماله من أنواع‪ ،‬وعنده يقع‬ ‫‪١ ٤ ٠‬‬ ‫التساوي‪ ،‬فيكون القول فيهما على سواء‪ ،‬لما فيه من رأي وفي نزاع‪ ،‬وقد جاء في‬ ‫طهارتها‬ ‫‏[‪ ]٦٤٣‬بالنار قولان في غير موضع من الاثار‪ ،‬وربما حفر الموضع من‬ ‫تحتها‪ ،‬فأزيل ما أصابه منها‪ ،‬فطهر بما لا شك فيه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فأي رأي من هذه الآراء أكثر وأصح؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى أن يكون القول بأنه يطهر بالشمس والريح أطهر ما في هذا‪ ،‬وأكثر‬ ‫وأصح ما فيه أحد أمرين‪ :‬إما أن يطهر بجميع ما أزالها۔ وإما أن لا تطهر إلا‬ ‫بالماء‪ ،‬ولعل ما قبله أرجح‪ ،‬فينظر في هذا كله‪ ،‬فإن صح أخذ به‪ ،‬وإلا فلا يعمل إلا‬ ‫بعدله‪ ،‬والله أعلد('أ‪.‬‬ ‫مسألة‪:‬‬ ‫ومنه‪ ،‬وما تنجس من الأنواع المعدنية المنطرقة ونحوها مثل الذهبي والفضةة‬ ‫والنحاس‪ ،‬والحديد‪ ،‬والتوتياء۔ والرصاص بشيء أصابه‪ ،‬فلم يغسل في الحال‪ ،‬ألا‬ ‫يحتاج في طهارته بعد زوال ما على ظاهره من النجاسة بالماء إلى ما زاد عليه من‬ ‫تركه فيه مقدارا من الزمان‪ ،‬أو هي مختلفة في هذا؟(")‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لاف عموما كلها لا على الخصوص في شيء من دون غيره منها۔ لأن‬ ‫الرطوبة لا تلج بها‪ ،‬فأنى تحتاج إليه في غسلها على هذا من أمرها‪ ،‬كلاش فزوال ما‬ ‫بها على ظاهرها بالماء مجزي في طهارتها‪ ،‬ولا نعلم أن أحدأ يقول بغيره في شيء‬ ‫منها أبدا‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما تولد من بينها مثل البيروية والشبّة والأسفيدورية ونحوها من أخلاط؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فليس في كل هذا من هذا‪ ،‬إلا ماله في أصله‪ .‬لأنه لا يستلب في باطنه من‬ ‫الرطوبة شيئأ‪ ،‬فالقول في طهارته كمثله‪ ،‬لعدم فرق بينهما في ذلك‪.‬‬ ‫نفسه‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.٥٠١٩-٥١١١‬‬ ‫(‪ (١‬المصدر‬ ‫‪ (٢‬المصدر نفسك‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.٩‬‬ ‫قلت له‪ :‬فلا يجوز في هذه وتلك أن يكون مثل الحصى فيطهر بالشمس أو بالريح‬ ‫أو بهما بعد زوال ما بهما من النجاسة؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلاش قد يجوز في بعض القول‪ ،‬وقيل‪ :‬إنها لا تطهر إلا بالماء‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما دفن في الأرض» حتى زال ما أصابه أو عرك بشيء من ترابها‬ ‫حتى لم يبق على ظاهره شيء من النجاسة؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى في هذه أن يكون مثل الأولى في جواز الرأي عليهما بما فيه من قول‬ ‫بالطهارة‪ ،‬وقول إنها بعد على حالها‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وبأي شيء مسح على ما بها من النجاسة فأزالها‪ .‬جاز في طهارتها أن‬ ‫يكون على هذا أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬لرأي من يكون في فساد المحل‪ ،‬إنما يكون لوجود ما لاقاه من عين ما به‬ ‫من النجاسة حل ما دام به باقيأ بأي شيء زال من نحو هذا أجزاه فيه‪ .‬فعاد‬ ‫الموضع إلى ما كان من قبله عليه‪ ،‬ورأي من يقول بالشمس أو الريح‪ ،‬ورأي من‬ ‫يقول بها جميعأ‪ ،‬ورأي من يقول بأن مجرد زوال ما به من الأجزاء النجسة بأي‬ ‫شيء اتفق غير مجزي له‪ ،‬حتى يكون بالطهور من الماء‪ ،‬وهذا ما لا يجوز أن‬ ‫يختلف في طهارته منه‪ ،‬وما عداه فالرأي داخل عليه بما فيه ولا بد‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وأي شيء تحبه۔ فتميل إليه وتختاره‪ ،‬فتدل عليه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬أحسن معنى ما في الخروج من الرأي‪ ،‬ما لا قول فيه‪ ،‬إلا جوازه لمن أمكثنه‬ ‫فقدر عليه‪ ،‬وإلا فهو في العمل على ما جاز له سعة من الضيق‪ ،‬والحمد لله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فلا يجزي في طهارة كل منهما أن يدخل النار‪ ،‬حتى يذهب ما به من‬ ‫نجاسة فيطهر؟‪ .‬قال‪ :‬بلا قد قيل ‏[‪ ]٦٤ ٤‬فيه‪ ،‬إنه مجزي لطهارتها۔ وعلى العكس‬ ‫من هذا في قول آخر لرأي من يقول‪ :‬إنها لا تطهر إلا بالماء‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬ما ألقي عليه منها حال ذوبه في النار شيء‪ .‬أيلج في باطنه أم لا؟‪.‬‬ ‫‪١ ٤٢‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى في هذا أن لا يبعد من أن يكون‪ ،‬فيصح في شي ء من أنواع النجاسةة لا‬ ‫في كلها‪ ،‬لما له فيى عوض في جسمه حال ذوبه مث ملح البول‪ ،‬أو ما تتجس من‬ ‫الأملاح الغواصة في هذه الأجساد تارة فيى صلاح‪ .‬وأخرى في فساد‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬على هذا ما القول فيها؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬أرجو أن يجوز أن يدخل الرأي عليها بما فيه من قول في طهارة باطنه بعد أن‬ ‫يزول منها‪ ،‬لأنه على هذا لا بد من أن يكون له ما لظاهرها لما بالملح حالة ذوبه‬ ‫بالنار من رطوبة مائية تغوص في أعماقها‪ ،‬إلا أنها غير ممزوجة‪ .‬فلا بد لها من‬ ‫فراقها‪ ،‬وبعد ذهابها به بالكلية فالقول في الملقى عليه من هذه الأجساد الحية‪ ،‬على‬ ‫هذا يكون إن صح ما أراه‪ ،‬إلا أن يكون بالماء‪ ،‬وإلا فهو كذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن ألقي عليه في ذوبه شيء من أنواع ما لا يذوب في النار من النجاسة‬ ‫ولا له رطوبة؟‪ .‬قال‪ :‬فهو على طهارته‪ .‬لأنه يابس‪ ،‬فكيف يصح فيه أن يأخذ من‬ ‫يابس ما يلقي عليه؟ وليس كذلك في مثله على حال‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان رطوبة ذهبية‪ ،‬إلا أنها لا تغوص في الملقى عليه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلا بد من أن تنجس ما لاقاه بها من طاهر‪ .‬وأن يكون بعد زوالها بالنار أو‬ ‫بغيرها‪ ،‬على ما به من الاختلاف في طهارته‪ ،‬لا محالة‪ .‬إلا أن يكون بالماء‬ ‫فأعرفه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن عارض فيه لما فيه من قوة ذهبية في نجاسة؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فيجوز في باطنه لأن يكون على ما جاز على ظاهره‪ ،‬ويعجبني لزوال ما به‬ ‫في النار‪ ،‬أن يطهر ما بطن من ذاته أو ظهر‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما تكلس من هذه الأجساد‪ ،‬فيتتنجّس بعد أن صار ترابأ؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى أن يجوز فيه‪ ،‬لأن يكون في طهارته بمنزلة النورة من الأحجار‪ .‬لما به‬ ‫من شبه في طهارتها بالماء‪ ،‬أو الشمس‬ ‫أو الريح‪ .‬أو النار‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن نقض تركيبه مع ما أصابه من النجاسة بشيء من المياه الحارة فصار‬ ‫كلساً‪ ،‬أو كان بالماء نجساً‪ ،‬لما قد دخل عليه؟‪.‬‬ ‫‪١٤٢٣‬‬ ‫قال‪ :‬فهذه هي الأولى‪ ،‬فالقول فيهما واحد وكفى‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالزرنيخ والكحل يصيبهما شيء من النجاسة‪ ،‬ما القول في تطهير هما؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬الله أعلم‪ ،‬وأنا لا أدري ما فيها من قول لأحد من الناس فأدري به‪ ،‬ولعلها أن‬ ‫لا تشرب الرطوبة من الإنجاس‪ ،‬فلا يحتاج تطهريها إلى أن يغسل من ظاهرها‪.‬‬ ‫حتى يزول ما بها لا ما زاد عليه من تنقيعها في الماء بعد غسلها‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان بعد الدق لها أو لشيء منها أكثرة السحق أتكون بمنزلة الأتربة‬ ‫في هذا أم لا؟‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬لقربها في هذا منها وما أشبه الشيع‪ ،‬فهو مثله بإجماع‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وإن لم يشبهها من كل وجه‪ .‬فهي كذلك في هذا‪ ،‬لما بينهما من مشابهة فيه‬ ‫‏[‪ ]٦٤٥‬أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬لأنها مشبهة لها في ذلك‪ ،‬فهما على سواء فيما فيه تشابهأ‪ ،‬لا فيما زاد‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما انحل من هذه الأجساد‪ ،‬أو من تلك الأجساد حتى صار ماء فخالطله‬ ‫شيء من النجاسةة أو كان ما حل به من شيء نجسأش ما الوجه في تطهيره‪ ،‬أم لا بد‬ ‫له من أن يغسل على حال؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لا أجدني أعلم فيه وجهاش فأدل فيه‪ ،‬إلا من بعد أن يخمد‪ ،‬فيصير ترابا أو‬ ‫حجرا‪ ،‬فعسى أن يمكن على هذا أن يزال عنه ما به من نجاسة يكون مثله من‬ ‫النزاع‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان بالماء‪ ،‬فتلك طهارته في الإجماع‪ ،‬وإن كان بغيره‪ ،‬جاز لأن يصل‬ ‫إلى داخله ما به يطهر من مزيل لما قد عرض له؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلا بد له على هذا من سحقه لتصغير أجزائه بعد دقه‪ ،‬حتى يبلغ إليه ما يطهر‬ ‫على رأي أو على حال‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬ومن الشرط في طهارته أن يبلغ المزيل على هذا من مبلغ المزال‪ ،‬فيأتي‬ ‫علده؟‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم‪ ،‬والا فلا طهارة‬ ‫لما لم يبلغ إليك‬ ‫وقد مضى‬ ‫‪١٤٤‬‬ ‫من‬ ‫القول ما دل‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما ألقي عليه في ذوبه شيء من الدهن النجس أو طبخ فيه فخالطه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهو على حاله من النجاسة‪ ،‬ما بقي فيه من هذا الدهن شيع۔ فإن قدر على‬ ‫إخراجه منه أو تطهيره بالماء بعد زواله‪ ،‬فلا أقول فيه إلا طهارته‪ ،‬وإن لم يقدر‬ ‫عليه إلا بغيره‪ ،‬فالر أي في طهارته لازم له بما فيه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن طبخ في إناء حتى احترق ما به فزال‪ ،‬فلم يبق له شيء من الأثار؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهذا موضع الاختلاف في طهارته تجر النار‪ ،‬وعسى أن يكون في معنى قر ع‬ ‫النمس لقربه من ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن طنح بالبول أو بماء نجس حتى صار ترابأ؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى أن يجوز من بعد يباسه أن يطهر على رأي في هذا الماء لا في البول‪،‬‬ ‫لأنه لا بد فيه لطهارته من أن يذهب“ فيزول حتى لا يبقى له أثر‪ ،‬فيجوز لأن يكون‬ ‫طاهرأ على هذا القول‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما صار بالنجس من البول ترابأ‪ ،‬أو من الدهن فحما ‪ 3‬أيحتاج على قول‬ ‫من يقول‪ :‬إنه لا يطهر إلا بالماء‪ ،‬إلا أن يدق فيسحق حتى ينعم فيبلغ إليه من‬ ‫داخله؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬هكذا عندي في فحمه‪ .‬إذا كان لا يطهر‪ ،‬إلا إذا كان الماء لا يدخل إلا به في‬ ‫جسمه‪ .‬إذ لا بد في طهوره من أن يأتي على ما في قعوره‪ ،‬وإلا فهو على حاله‬ ‫وما انتهى‪ ،‬فصار ترابا جاز فيه لأن يلحق به‪ ،‬فيكون في طهارته لا ما زاد عليه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما أصابه من هذه الأنواع أو غيرها شيء من أعيان النجاسة فيى حين‪،‬‬ ‫فلا بد لطهارته من أن يذهب فينمحي ما لها من أثر وعين؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قد قيل هذا‪ ،‬ولا نعلم أنه يختلف في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما اتخذه لكحله قبل الطهارة من كلسه أو ما يكون من بعد دقه أو جلة؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهو نجس على حال فإن اكتحل به‪ ،‬فلا بد فيه لأداء الصلاة‬ ‫غسله‪ ،‬إلا لعجز‪ .‬وإلا فهو عليه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن بقي من بعد الغسل في عينه لون الكحل‪ ،‬ما حكمه؟‪.‬‬ ‫‪١ ٤٥‬‬ ‫‏[‪ ]٦٤٦‬من‬ ‫قال‪ :‬إن هذا لمعارض النجاسة فإن ظهر الموضع قدر ما يجري ما في مثلها‪ ،‬ما‬ ‫جاز لأن يطهر ما لم يصح عليه بان لها فيه من ذاتها بقاء‪ ،‬فإن طهر‪ ،‬فلا بد من‬ ‫عركه بالماء لمن قدر حتى يزول من الموضع بما قل أو كثر‪ .‬إلا ما يخرج‪ ،‬فعسى‬ ‫أن يكون من الزوك‪ ،‬فيجوز عليه لأن يلحقه ما فيه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬ما خالطه من النجاسة من أنواع ما له ذات في أصله مش الدم أو الذرة‬ ‫إلا أنهما لما أحرقا بالنار صارا رمادأ؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فإن قدر على تعريقها وتطهير المعدي منها طهر على حال‪ .‬وإلا فالاختلالف‬ ‫في طهارتهما‪ .‬قلت له‪ :‬وعلى قول من يرى نجاسته‪ ،‬فإن غسل ما أصابه شيء من‬ ‫هذا في بدنه أو ثوبه‪ ،‬وبقي له لون؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلا بد فيه على قيادة من غسله من أن يغسل‪ ،‬فيبالغ في إخراجه مع‬ ‫القدرة‬ ‫عليه بفساده‪ ،‬ما دام ينحل من ذاته بالعرك‪ ،‬فيخرج به في الماء‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما خالطه في ذاته شيء من النجاسة فصار كمثله على هذا يكون فيما‬ ‫يظهر له لون بعد غسله؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم هو كذلك‪ ،‬إن صح ما أراه لما في النورة من قول لأبي سعيد‪ ،‬رحمه الله‪،‬‬ ‫أنه يدل على ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالمرتكا والاسفيداج من الرصاص‬ ‫على هذا يكونان مع ما يعرض لهما‬ ‫من النجاسة في حال أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهذه هي والأولى‪ ،‬فالقول فيهما على سواع‪ ،‬لعدم فرق ما بينهما مع ما له ذات‬ ‫من النجاسة أو لا‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما أصابه من هذين شيء من الدماء النجسة يوماً‪ ،‬فخالطه في ذاته‪.‬‬ ‫أيطهر ما وقع به‪ ،‬فنجسه‪ ،‬من بعد أن يغسل موضعه‪ .‬فلا يبقى فيه إلا ما لهما من‬ ‫لون‬ ‫ل‪`١‬‏ حمرة‬ ‫معه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى أن يجوز فيه لأن يطهر على هذا من زوال عين ما به من النجاسة‪ ،‬فلا‬ ‫يضره ما بقي من لون المعدن‪ ،‬فيطهر من بعد أن صار له حكم الطهارة‪ ،‬لأنه في‬ ‫نفسه لا من النجاسة في شيء على حال‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالزنجفر و ‏‪ ١‬لاسرنج بخالطهما شي ء من‬ ‫الدم ۔ ما القول‬ ‫في طهار ة ما تنجس‬ ‫منهما؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لا أجد في هذا من حفظي ما أرفعه‪ ،‬فأدل عليه قولأ‪ ،‬ويعجبني طهارة ما‬ ‫أصاباه أن يغسل حتى يذهب ما لهما من لون أو يبقى ما لا يقدر على إخراجه‪.‬‬ ‫فيكون في معنى الزوك‪ ،‬وإلا فهو على حاله‪ ،‬لما لهما أو له [من] حمرة بعده‪ ،‬حتى‬ ‫في بقاءها في زواله‪ ،‬إذ قد يمكن‪ ،‬فيجوز أن يكون من الخلط أو من أحدهما‪ ،‬فيبقى‬ ‫على ما به من النجاسة لوجود أشكاله‪.‬‬ ‫قلت‬ ‫له‪:‬‬ ‫ولم‬ ‫هذاك‬ ‫وقد‬ ‫غسله‬ ‫مقد ار‬ ‫ما‬ ‫‏‪ ١‬يبقى معه‬ ‫من‬ ‫هذا‬ ‫الدم شي ع‬ ‫ولو‬ ‫كان‬ ‫وحده؟ ‏‪٠‬‬ ‫قال‪ :‬لأنه على يقين من نجاسة الشيء به‪ ،‬وشك في طهارته مع بقاء لون الحمرة‬ ‫به فهو في شبهة لعدم ما له ‏[‪ ]٦٤١٧‬من دلالة معها على زواله فكان أولى به أن‬ ‫يكون على حاله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن عمل أحد من هذه الأجساد مجوفاً‪ ،‬فأصابه من داخله بول‪ ،‬أو ما أشبهه‬ ‫من رطوبة تقتضي في طهارته كون الفساد‪ ،‬وختم عليه من قبل أن يغسل ما القول‬ ‫فيه‪ ،‬إذا لم يبلغ الماء إليه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهو على نجاسته فإن أدخل النار قدر ما يذهب من داخله ما به فالاختلاف‬ ‫في طهارته‪ .‬قلت له‪ :‬فإن حشي في جوفه بشيء من النجاسة؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلا طهارة له من داخله ما دام الشيء به‪ ،‬ولا أعلم أنه يختلف في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فلن غسل من خارجه‪ .‬فأزيل عنه ما قد أصابه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلا بد لما ظهر على هذا من أن يطهر ولا لما بطن أن يبقى على حاله‪ ،‬لما‬ ‫به في الحين من نجاسة قائمة‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وعلى هذا من طهارة خارجه أيجوز أن يصلى به والنجاسة في داخله أم‬ ‫لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل في هذا بالمنع من جوازه‪ ،‬لأنه لا بد وأن يكون في صلاته حاملا لما به‬ ‫من نجاسة في بدنه‪ ،‬أو في ثيابه وقد قيل بالإجازة ما لم يمسه شيء من النجاسة‪.‬‬ ‫لأنه بمنزلة ما فيه قراح من البيض في طهرة بعد غسله‪ ،‬وزوال ما على ظاهره‬ ‫قلت له‪ :‬فإن تنجس من باطنه لشيء من الرطوبة المعارضة بالنجاسة‪ ،‬وكذلك من‬ ‫خارجه‪ .‬أليس قد قيل فيه‪ :‬إنه إذا غسل من ظاهره لأن يصلي به؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلى‪ ،‬قد قيل هذا‪ .‬قلت له‪ :‬فإن كان لا رطوبة في بطنه‪ ،‬ثم جعل به شيء يابس‬ ‫من النجاسة ما القول في طهارته من داخله؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهو على حاله من الطهارة في حكمه لأنه لا يؤخذ في هذا الموضع من يابسه‬ ‫شيئأ‪ ،‬فيرفعها عما لاقاها كذلك من جسمه‪ .‬إلا أنه حامل لها بمنزلة الإناء‪ ،‬فالصلاة‬ ‫به ولا بد وأن يكون على ما فيها من رأي الفقهاء‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن أخر ج عنه يومئذ ‪ ،‬فأزيل منه ما قد أودعه على هذا منها لا عن‬ ‫رطوبة حتى لم يبق فيه شيء من ذلك؟ قال‪ :‬فلا مزيد عليه لزوال ما به من علة‬ ‫موجبة لمنع ما لا يجوز معها‪ ،‬ولا أعلم أنه يختلف في مش هذا على حال‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان ما أصابه شيء من الدهن النجس في جوفه أو من خارجه‪ .‬أليس‬ ‫يكفي في طهارته أن يدخل النار حتى يحترق ما به‪ ،‬فلا يبقى من أثره شيء؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل‪ :‬إنه يكفي‪ ،‬فيطهر على رأي من أجازه من الفقهاء‪ ،‬لا على رأي من‬ ‫يقول‪ :‬إنه لا يجزي ما دون الماء‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن عولج بشيء غير النار حتى زال ما به؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد مضى من القول ما دل عليه‪ ،‬وكفى عن إعادته فيه‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وما صاغه أحد من أهل الشرك‪ ،‬فلم يمسه بشيء من الرطوبة‪ .‬أيلزم أن‬ ‫يغسله لمعنى الصلاة من أراد أن يلبسه أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لا أعلم أنه يلزمه في العدل‪ ،‬لأن نفس مباشرته له حين عمله أو قبله أو بعده‬ ‫في غير رطوبة‪ ،‬لا تقتضي على حال‪ ،‬كون نقله عما له من ‏[‪ ]٦٤+‬طهارة في‬ ‫الأصل ولن يجوز أن يختلف في هذا‪ ،‬فينظر في هذا كله‪ ،‬فإن صح بعد له أخذ به‪.‬‬ ‫وإلا فغير الحق لا يجوز والله أعلم("‪.‬‬ ‫مسألة‪:‬‬ ‫ومنه‪ ،‬وما تنجس من الأنواع النباتية لشيء أصابه من النجاسة‪ ،‬فأزال ما به من‬ ‫الطهارة بالكلية؟‪ .‬قال‪ :‬فإن في غسله بالماء ما يرده إلى أصله الذي عليه من قبله‪،‬‬ ‫لزوال ما به تتجس من أصله [قلت] له‪ ،‬فإن ضربه الغيث‪ ،‬أو جرى عليه الماء‬ ‫فأزال ما به من حركة ما به من نجاسة‪ ،‬أيجزي عن عركه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬لأن المراد بالعرك كون النقاء وقد حصل‬ ‫فكفى‪ ،‬ولا أعلم أن أحدا‬ ‫يخالفنا إلى غيره من الفقهاء في هذا الموضع على حال‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالجذوع من النخل‪ ،‬والجذور من الشجرة يصيبها نجاسة من بول أو غيره‬ ‫أتطهر بما يقع عليها من ماء المطر أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬إذا أزالها فانمحا ما بها من عين وأثر‪ .‬وعسى أن لا يصح فيها إلا هذا‬ ‫عن في نظر‪ .‬قلت له‪ :‬فإن كان الجذع من النخلة أو الجذر من الشجرة‪ ،‬في حد ما‬ ‫(‪ (١‬المصدر‬ ‫نفسه “ ص‪‎‬‬ ‫‪9٩‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪.٥٢٣‬‬ ‫‪١ ٩‬‬ ‫يقبل ما لاقاه من النجاسة فيشربه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلن طهر من حينه‪ ،‬أو من وقع عليه الماء قدر ما يجري في مظه طهر‪ ،‬وإلا‬ ‫فلا بد من أن يبالغ في غسله‪ ،‬حتى يدخل الطاهر من الماء مدخل النجاسة باطنه‪.‬‬ ‫فيزيلها من هناك لا لمانع من فعله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن طال مكثها في الشيء مقدار ما يترك في الماء؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى في الأنواع النباتية أن لا تكون في هذا على سواء‪ ،‬لفرق ما بينهما في‬ ‫الكثافة والصلابة والرخاوة واللطافة‪ ،‬وسرعة قبولها للرطوبة وشربها لما يرد‬ ‫عليها من الماء‪ ،‬وبطؤها‪ ،‬وهذا ما لا يشك فيه‪ ،‬لأن منها ما يبين في الحال‪،‬‬ ‫فيجيزيه من المدة ما قل‪ ،‬وربما يكون في صلابته قريبا مما قد صار قريبأ من‬ ‫الطين خزفأ۔ فيجوز في تطهيره‪ ،‬لأن يلحقه ما في الفخار من قول في رأي" ألا‬ ‫وإن ما بينهما أوساط بينهما في البين‪ ،‬هذا وبالجملة في كل من منهما فطهره أن‬ ‫يترك في الماء‪ ،‬بقدر زوال ما على ظهره وجفافه في هذا الموضع مقدار ما يبلغ‬ ‫الطاهر مبلغ النجاسة‪ ،‬ويزيلها في مرة‪ ،‬وكفى بها عما زاد عليها في تكراره‪ ،‬وقبل‬ ‫بإعادته إلى ثلاث مرات‪ .‬قلت له‪ :‬فالمسواك يتخذ من عروق الأراك تنجس يومأ لما‬ ‫ناله من دم حال السواك أو غيره من نجاسة في الفم؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فيجري فيه أن يغسل ما قد ظهر‪ ،‬حتى يزول ما به‪ ،‬ما لم يصح عليه بقاء‬ ‫شيء من النجاسة في داخله‪ ،‬أو في الخارج من جسمه‪ ،‬لأنه سريع القبول لما يلقاه‬ ‫من الرطوبة‪ ،‬فلا يحتاج إلى أن يوزق في الماء‪ ،‬إلا لمعنى يوجبه على الخصوص‬ ‫في شيء۔ وإلا فهو كذلك في حكمه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما أشبهه في لينه وسرعة دخول الماء فيه فهو مظه في هذا‪ ،‬يطهر من‬ ‫حينه أم لا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬هو كذلك‪ ،‬‏[‪ ]٦٤٩‬لعدم ما يدل على الفرق في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالتخين من جذوع النخل وخشب الأشجار‪ ،‬وما له صلابة لا بد في‬ ‫تطهيره مع قشره‪ ،‬لما أصابه من نجاسة‪ ،‬أن يترك في الماء بقدر ما يدخل ما ناله‬ ‫‪١٥ .‬‬ ‫في الظاهر مدخل ما ناله في الاعتبار وإن طال؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬هكذا في هذا لما أجد عن أولي الأبصار من دليل عليه بأنه كذلك في غير‬ ‫موضع من الآثار‪ ،‬إلا وأن في بعضه ما جاز لأن يعطى في حكم الفخار لقربه منه‬ ‫في الصلابة الموجبة‪ ،‬لمنع الرطوبة أن تلجه في سرعة‪ ،‬وهذا ما لا يدفع‪ ،‬لأنه‬ ‫شيء ظاهر لمن له أدنى فكرة في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن جرى عليه الماء فأزال ما على ظاهره‪ ،‬وبلغ من داخله مبلغ ما ناله‬ ‫من النجاسة‪ ،‬أيطهر في مرة فيجزيه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فحتى يجري عليه كذلك في أكثر ما قيل فيه ثلاثأ‪ ،‬وعلى قول آخر‪ :‬فيجوز في‬ ‫المرة‪ ،‬لأن يكون مجيزيه له‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالوررق من النخل‪ ،‬أو الشجرة تصيبه النجاسة‪ ،‬أيطهر إن يغسل من حينه‬ ‫رطبا كان أو يابسأ۔ أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬فهو كذلك‪ ،‬ولا أعلم أنه يختلف في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن لم يغسل في الحال وبقاء على ما به ساعة أو أكثر؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلا بد له أن يترك في الماء بعد غسله‪ ،‬مقدار ما يدخل الطاهر مدخل ما‬ ‫أصابه من النجاسة‪ ،‬إلا أن يكون به من الرطوبة ما يدفعها أن لج فيه‪ ،‬فعسى‬ ‫لزوال ما على ظاهره بالغسل أن يطهر في الحال‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما كان من ثمار النخل والأشجار‪ ،‬على هذا يكون أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬إن صح ما عندي فيه‪ ،‬لما أعرفه من دليل عليه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالبواري المعمولة من سعف النخل أو من لحاء الشجر تصيبها النجاسةة‬ ‫وكذلك البسط من الأسل؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ففي الأثر ما دل على هذا‪ ،‬على أن غسله من الظاهر‪ ،‬حتى يبلغ الماء إلى‬ ‫الجانب الآخر مع العرك له أو ما يقوم مقامه مجزي لطهارته‪ ،‬وقيل فيه‪ :‬إنه لا‬ ‫يجزيه بلوغ الماء إليه‪ ،‬إلا أن يكون في عركه له بماء جديد‪ ،‬وإلا فهو على حاله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فلا يجوز في مش هذا من أنواع الجنس النباتي‪ ،‬أن يكون له ما في الأرض‬ ‫من قول بطهارتها بالماء؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلى‪ ،‬قد قاله بعض من أجازه والقول به في أكثره‪ ،‬وعلى العكس من هذا في‬ ‫رأي آخر‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالزرع إن عفر بسماد نجس‪ ،‬فوقع على شي ء من أوراقه أو أعوادهه حتى‬ ‫يطهر على هذا الر أي من فساد؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬إذا ضربته الشمس والريحة أو أحدهما‪ ،‬وعلى قول آخر‪ ،‬بعد أن زال ما به‬ ‫من نجاسة طهر على قياده‪ ،‬ولو في يوم واحد‪ ،‬وقيل‪ :‬في ثلاثة أيام‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن وقع على شيء من حبّة‪ ،‬فتنجس» ما الوجه في تطهيره؟ عرفناء به‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلن طهر من حينه حتى زال ما به طهر؟ ولا بد له في موضع احتذائه لشيء‬ ‫أخر من ما ناله منها يومئذ من أن يغسل من ظاهره ثم ينقع في الماء بعد يباسه‪،‬‬ ‫حتى يبلغ من الطاهر مبلغ النجاسة‪ ،‬فيخرج من باطنه ما قد شربه من أجزائها‪.‬‬ ‫قلت ‏[‪ ]٦٥٠‬له‪ :‬أفلا يحتاج في تطهيره إلى عرك‪ ،‬أو ما يقوم مقامه من حركة في‬ ‫تقليبه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلى‪ ،‬قد قيل هذا‪ ،‬وإنه لا يجزي ما دونه في غسله وقيل فيه‪ :‬إن صب‬ ‫الماء‬ ‫مجزي له إذا كثر عليه‪ ،‬فأتى على كله‪ ،‬وبلغ مبلغ ما أصابه فأزاله‪ ،‬ولعلي أنا أقول‬ ‫به في طهارته وجواز أكله‪ .‬قلت له‪ :‬فلن طحن من قبل أن يطهر من نجاسة‪ ،‬ما‬ ‫القول فيه قد صار دقيقأ؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فإن كان لما به من النجاسة في ذاتها عين قائمة في ذاته مثل الدم‪ ،‬أو العذرةة‬ ‫أو ما يكون من نحو هذا‪ ،‬فلا سبيل إلى تطهيره{۔ اللهم إلا أن يقدر على إخراجها‬ ‫منه‪ ،‬وإلا فهو على فساده‪ ،‬ولا أعلم أن أحدأ يقول بغيره‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان ما أصابه مش بول أو ما أشبهه۔ ما الذي يخرج فيه فيجوز عليه‬ ‫‪١٥٢‬‬ ‫من قول؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى أن يجوز‪ ،‬فيصح لأن يكون في طهارته أن يجعل في الماء‪ ،‬فيحرك‬ ‫حينئذ حتى تأتي الحركة على آخره‪ ،‬ثم يترك ليستريح في قعر الإناء‪ ،‬فيخرج عنه‬ ‫ثم يعاد العمل عليه بماء جديد‪ ،‬يفعل كذلك ثلاثا‪ ،‬وتلك طهارته في رأي من أجازه‪،‬‬ ‫وقيل‪ :‬إن خبز في التنور فزال ما به لوهج النار‪ ،‬ولم يبق منه شيء من الاثارة‬ ‫طهر فجاز أكله‪ ،‬وقيل‪ :‬إن في عجنه بالماء طهره‪ ،‬وعلى قول آخر‪ .‬فيجوز فيه أن‬ ‫يكون لا طهارة له‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن خبز على جمر أو طابخ أو حصى‬ ‫فالقول فيه مث التنور أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬في بعض القول‪ ،‬وقيل بجوازه في التنور خاصة دون ما سواه‪ ،‬لأن لهب‬ ‫النار يقع عليه‪ ،‬فيزيل ما فيه ولا يصح عندي وجه الفرق بما يدل عليه زوال ما‬ ‫أصابه من الآثار وعلى هذا الر أي‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالإناء الذي يخبز فيه‪ ،‬ما حاله من بعد أن يوضع عليه؟‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن عمل من هذا العجين هريسة أو خبز قدر أو عصيدة‪ ،‬أو ما يكون من‬ ‫أمثال هذا من الأطعمة؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهذا ما لا أدري أن أحدأ يقول بطهارته‪ ،‬كلاش ولا أدري فيه‪ ،‬إلا أنه بعد على‬ ‫نجاسته‪ ،‬إلا أن يكون على قول من يقول‪ :‬إن في عجنه بالماء طهره‪ ،‬فعسى أن‬ ‫يلحقه بما فيه فيجوز عليه أن يصح وإلا فهو كذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن قلي على النار في مقلاة‪ ،‬حتى زال ما به هل يجوز أكله؟ وإن طحن‬ ‫فعمل سويقأ جاز شربه‪ .‬أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهذا موضع جاز فيه لأن تختلف في طهارته وحله‪ ،‬وجواز أكله وشربه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬والقول في طهارته بالشمس‪ .‬أو الريح‪ .‬أو بهما على هذا يكون؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬هو كذلك لعدم ما له من مخرج في الرأي عن ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالطاهر من الدقيق يعجن بماء نجس‪ ،‬ما حكمه‪ .‬أهو كذلك في القول عليه‬ ‫أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬فإن أخذ به لعدله‪ ،‬ألا وإن‬ ‫‏[‪ ]٦٥١‬في الأثر ما دل بالمعني أنه كمشه‪.‬‬ ‫وهو كذلك لعدم الفرق بين ما تتنجس من بعد طبخه أو من قبله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما طبخ من أنواعه حبا بالماء النجس‪ ،‬ما الوجه في تطهير ه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد مضى من القول ما دل على ما به من قول في رأي جاز عليه‪ ،‬فأجزاه عن‬ ‫تكريره‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فطهارته بالماء كيف هي في قول الفقهاء؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ففي بعض القول يغسل لم يجفف بالشمس أو الريحض أو النار‪ ،‬حتى يزول عنه‬ ‫ما به من رطوبة‪ ،‬فييبس‪ ،‬ثم يغسل مرة أخرى‪ ،‬وتلك طهارته‪ ،‬وقيل‪ :‬يجعل في ماء‬ ‫آخر‪ .‬أو يطبخ به حتى يدخل فيه مدخل النجاسة‪ ،‬وقد طهر‪ .‬فيخرج عنه وكفى‬ ‫وقيل‪ :‬لابد له من أن يغسل‬ ‫وبعد أن يزال منه ذلك الماء‪ ،‬لما يراد به له من‬ ‫الطهارة وإلا فلا نجري ما دونه‪ ،‬وقيل فيه‪ :‬إنه لا يطهر على حال‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما وقع به شيء من النجاسة من بعد أن يقع في الماء‪ ،‬أو طبخ به حتى‬ ‫صار في حد ما لا يجتنب من الرطوبة شيئأ في حاله؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهذا ما قد قيل فيه‪ :‬إنه يغسل‪ ،‬فيطهر من حينه‪ ،‬ثم يؤكل‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وبالجملةف فجميع ما يكون من أنواع الحب على هذا يكون القول فيه لا‬ ‫غيره؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬لأنها بمعنى هذا‪ ،‬فالقول فيها واحد‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما أخر ج من لباب‬ ‫فنجس لما أصابه من شيء في حينه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فليس له في هذا إلا ما لها من قول في الطحين‪ ،‬لأنهما في المعنى على سواء‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما يداس على البقر‪ .‬فتبول فيه حال دوسها له؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ففي الأثر إنه لا ينجس منه‪ .‬إلا ما صح فيه أنه أصابه شيء من أبوالها‪ ،‬لأن‬ ‫من شأن التبن أن يعلو عليه‪ ،‬وإن أمكن في البول أن يناله‪ ،‬فقد يمكن أن يمنعه من‬ ‫أن يبلغ إليه ومع هذا من جواز الاحتمال‪ ،‬فهو على ما له من الطهارة في الأصل‬ ‫حتى يصح كون زوالها في الإجماع‪ ،‬أو على رأي من العدل‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فهو لا يخرج في جميع ما أصابه في تبنه من الأبوال‪ ،‬إلا أن يكون معه‬ ‫في حكمه على هذا الحال؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلا‪ ،‬قد يجوز في الحق أن يكون كذلك‪ ،‬لعدم ما يدل على الفرق‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما صح أنه قد بلغ إليه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهو نجس حتى يغسل‪ ،‬أو يأتي عليه ما به يطهر على رأي‪ ،‬فيجوز على قياده‬ ‫أن يؤكل‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فهلا قيل بأنه لا بأس بما ناله شيء من بول البقر‪ ،‬حتى دوسها له‪ ،‬وإن‬ ‫نالت فيه من بعد الدوس أفسدته‪ ،‬أم هل لمن ادعى هذا الفرق من دليل يوجبه‪ ،‬فيدل‬ ‫عليه في الرأي‪ ،‬أو الإجماع؟‪ .‬قال‪ :‬بلاش قد قيل هذا وأنه عن ابن جعفر‪ ،‬وفي قول‬ ‫آخر لغيره كذلك‪ ،‬إذا غيره الدوس والتراب على ما جاء في الأثر‪ ،‬ولكني أحب في‬ ‫قولهما مراجعة النظر‪ .‬فإني لا أدري ما الحجة لهما‪ ،‬مع بقاء ما به للنجاسة من‬ ‫أثر ‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما زال بالتراب حتى انمحا بالكلية؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى أن يكون أدنى إجازة من قول ابن جعفر في عدل القضية‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فلن وجدته في كدسة‪ ،‬أو من بعد أن وضع في طرفه شيء من خبث‬ ‫السباع‪ ،‬رطبا كان أو يابسأ‪ ،‬ما القول فيه؟‪.‬‬ ‫‏[‪ ]٦٥٢‬قال‪ :‬فإذا احتمل في كون اليابس أن يكون به من بعد أن صار لجفافه ما لا‬ ‫يؤخذ من أجزائه فهو على حاله من الطهارة‪ ،‬حتى يصح أنه أصابه شيء من‬ ‫نجاسته‪ ،‬وإن لم يحتمل في كونه۔ إلا أنه من قبل أن يكون كذلك أفسد ما لاقاه من‬ ‫‪١٥٥‬‬ ‫رطوبة‪ .‬إلا ما زاد عليه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن وجد فيه شيء قد لصق به‪ ،‬ما حكمه؟‪ .‬قال‪ :‬فهو نجس على حال ما‬ ‫صح أنه قد ناله بما فيه من رطوبة فكذلك‪ ،‬ولا أعلم أنه يختلف في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما لم يصح أنه ناله شيء من رطوبة به‪ ،‬فهو على حاله من الطهار ة؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬هكذا معي في هذا لا غيره من قول يجوز عليه‪ ،‬فيصح فيه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن شك في شي ع منه أنه أصابه‪ ،‬فتنجس أو لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فالشك ليس من أمر الدين في شيع‪ ،‬وما لم يصحح فالطهارة به أولى‪ ،‬فإن‬ ‫صار منه على ريبة‪ ،‬فالخروج منها في مثل هذا إلى المبتلى‪ ،‬فإنه مما له لا مما‬ ‫عليه لأنه معنى في التنزه على حال‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما عجن به من الطحين بما قد خالطه من عذرة‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى أن لا يبلغ إلى تطهيره‪ ،‬لعدم ماء لمن رام تفريقهما من مقدرة‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬ومع هذا فيكون له ما لها من حكمه؟ قال‪ :‬هكذا عندي في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالملقح للنخل‪ ،‬أو المجدر لها‪ ،‬إن نال شيئا من ثمرتها دم‪ ،‬أو بال عليه‬ ‫حتى بياضه‪ .‬أو بعد اخضراره؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فإن أجري ما به على تقلبه من حاله إلى أخرى أن يطهر‪ ،‬لزوال ما أصابه‬ ‫من حين‪ ،‬وانمحا ما له فيه من أثر وعين‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما طبخ شيء من البسر أو البلح بماء نجس‪ ،‬حتى دخل فيها فنضج‪،‬‬ ‫فكيف الوجه في تطهيره يكون؟‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قال‪ :‬فهو أن يغسل فيجفف‪ ،‬حتى يزول ما قد عرض له من نكد الرطوبة فينشف‪،‬‬ ‫ثم يطبخ في ماء طاهر أو يتركه به‪ ،‬حتى يبلغ منه هذا الماء ما قد ولج به من‬ ‫النجاسة وكفى‪ ،‬فيخرج عنه‪ ،‬وقد طهر‪ ،‬وعلى قول آخر‪ :‬فيزاد على هذا غسلا لما‬ ‫يراد به من طهارته‪ ،‬وقيل‪ :‬لا طهارة له‪ .‬قلت له‪ :‬فالتمر إذا أصابه بول قبل أن‬ ‫يكنز‪ ،‬ماذا به في تطهيره بالماء؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل أن نصب الماء عليه حتى يبلغ الطاهر مبلغ البول منه‪ ،‬وتلك طهارته‬ ‫وقيل‪ :‬لابد له من عرك‪ ،‬أو ما يقوم مقامه من حركة وإلا فلا يجزيه ما دونهة‬ ‫وعلى قول آخر فيجوز لأن يكون بلوغ الماء إليه وزوال ما به مجز ناله على هذا‬ ‫من أمره لذهابه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬أفلا تخبرني بما تميل إليه من هذه الآراء‪ ،‬فيأمر به ويدل عليه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلاك عن العرك أو ما يقوم فيه بمقامه من الحركة أحوط‪ ،‬لأنه في زوال ما به‬ ‫أبلغ‪ ،‬فالعمل به أولى لمن أمكنه في موضع السعة مع أمن الضرر من أجله‪ ،‬وبعده‬ ‫فالصب على الشيء لقربه منه في فعله‪ ،‬وإلا ففي بلوغ الماء إليه وإزالته لما به‬ ‫يجزي فيه عما زاد عليه لظهور عدله‪ ،‬ومن توسع به على ما جاز له في الرأي‬ ‫وسعة‬ ‫لأن المراد بالعرك أو ما أشبهه في غسله‪ ،‬إخراج ما به من نجاسة حتى‬ ‫النقاء۔ وقد حصل بما دونها ‏[‪ ]٦٥٣‬من مباشرة الماء‪ ،‬فكيف يمنع من أن يرده إلى‬ ‫ما كان به من قبله‪ ،‬إلأ بما زاد عليه من عرك وحركة في رأي من قاله ‪،‬لا لشيء‬ ‫غير ما وقع به من زواله لا غيره في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فلن ظهر من حينه فكم له من العرك أو الصب من عدد يجزيه‪ ،‬فيطهر به‬ ‫لعدم عينه؟‪ .‬قال‪ :‬والله أعلم‪ ،‬وأنا لا أذلري غير ما أجده‪ ،‬فأعرفه من قول من حده‬ ‫ثلاثأ ونحو هذا وكفى‪ ،‬ما لم يصح أنه بعد فيه شيء من الأذى‪ ،‬أو ما دونهن من‬ ‫واحدة أو اثنتين‪ ،‬فعسى أن يختلف في طهارته مع ظهور كون إزالته لما قد أصابه‬ ‫أجمع‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان من نوع ما له ذات من النجاسة في ذاته؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهذا ما لا حة له إلا زواله‪ ،‬ولا بدش فإن زال بالثلاث صح له۔ فإن أزيل وبقاء‬ ‫به على هذا شي۔‪ ،‬فالمزيد حتى يزول عنه فيذهب ما قد أصابه لا غاية له‪ ،‬وإن‬ ‫كثر العدد إلا زواله وذهابه‪ .‬قلت له‪ :‬وما كنز في ظرفه بماء نجس‪ ،‬أو نضج عليه‬ ‫‪٧‬‬ ‫‪١‬‬ ‫من قبله ما الوجه في تطهيره على هذا‪ ،‬من بعد أن ولج به شيء من ذلك فيشربه؟‬ ‫أخبرني بما أعرفه في وضعه‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل في هذا الموضع أن ينكل‪ ،‬فيفتت قدر ما لا يمنع الماء من وصوله إليك‬ ‫ثم يغسل‪ ،‬حتى يبلغ منه الطاهر مبلغ النجاسة على ما مر به الرأي فيما به يفعل‪،‬‬ ‫فيجوز من بعد أن يوكل‪ .‬إلا على قول من رأي في مه بأنه لا طهارة‪ ،‬فإن فيه ما‬ ‫يدل على المنع من جواز أكله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كنز طاهر إقبال على ظرفه من بعد آدمي أو دابة نضح بماء نجس‪،‬‬ ‫فنال من ثمرة ما بلغ إليه‪ ،‬أو جهل أمره‪ ،‬فلم يدر ما هو‪ ،‬كيف الحكم فيه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهو على حاله من الطهارة‪ ،‬حتى يصح كون انتقاله إللى ما أصابه من‬ ‫النجاسة‪ ،‬ولا أعلم أنه يختلف في هذا‪ ،‬فإن طهر من خارجه‪ .‬أجزى فيه عما زاد‬ ‫عليه من بلوغه إلى ما في داخله‪ ،‬وإن صح أنه قد بلغ إليه غسل الموضع من‬ ‫ظرفه‪ ،‬ثم صب الماء عليه‪ ،‬حتى يبلغ خبث بلغ ما به تتجس من بول أو ماء نجس‪،‬‬ ‫وتلك طهارة ما قد ظهر في رأي من قاله‪ ،‬وما استتر‪ ،‬لأنه موضع ضرورةة وقيل‪:‬‬ ‫يغسل ظاهره حتى يطهر‪ .‬ثم يقطع من طرفيه الموضع ليطهر ما قد تنجس من‬ ‫ثمره‪ ،‬فيصب عليه الماء‘ حتى تغلب على ما به من نجاسة فيبلغ منه في النظر‬ ‫مبالغها‪ .‬وفي قول آخر أنه يغسل ما ظهر بعد انكشافه‪ ،‬وقد طهر وقيل‪ :‬إن بلوغ‬ ‫الماء إليه وإن كثر عليه‪ ،‬لا يجزى فيه‪ ،‬إلا مع العرك‪ ،‬أو ما يقوم مقامه من‬ ‫الصب أو الحركة‪ ،‬وقيل‪ :‬إن من بعد شربه لما قد أصابه من النجاسة لا يطهر‪،‬‬ ‫ولعل هذا هو الأكثر‪ .‬إلا أنه يعجبني من جملة ما فيه من قول رأي من أجازه من‬ ‫بعد أن يغسل بمقدار ما به فيما أصابه يجزي في النظر‪ .‬وأن لا يحمل في تطهيره‬ ‫على شيء من الضرورة ما أمكن فيه‪ ،‬لأن يطهر بما دونه في الر أي‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فهل من فرق في غسله بين أن يكون ما ناله من البول رطبا‪ ،‬أو من بعد‬ ‫صار يابساً أو لا‪ ،‬أخبرني بما فيه من قول في عدل؟‪.‬‬ ‫‏[‪ ]٦٥٤‬قال‪ :‬قد قيل في رطبه‪ ،‬أنه يجزى فيه ما يقع عليه من الماء في صبه على‬ ‫ظاهر ظرفه لطهارة ما به‪ ،‬حتى يبلغ الطاهر مبلغ ما ناله من داخله‪ ،‬وأما اليابس‪،‬‬ ‫فحتى ينكل‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه يجزى أن يغسل من خارجه‪ ،‬ثم يصب عليه الماء حتى يلج‬ ‫فيه مولج ما أصابه‪ ،‬فيبلغ فيه مبلغه‪ ،‬وليس على من يغسله في رأي من قاله أن‬ ‫ينكله‪ ،‬والفرق بينهما في القول الأول ظاهرة وفي هذا ما دل على أنهما سواء‬ ‫فأعرفه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما تتنجس من ظرفه ظاهر إلا ما زاد عليه‪ ،‬إلا أنه ولج فيه الماء الذي‬ ‫يغسل به فبلغ إليه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ففي هذا الموضع قد قيل بأن طهارة ما ظهر هي طهارة ما قد استتر‪ ،‬ولا أعلم‬ ‫أنه يختلف في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما عجن من التمر بماء نجس‪ ،‬ما الرأي في تطهيره؟ أفدني‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهذا قد قيل فيه أنه لا طهارة له‪ ،‬إذ لا يمكن أن يغسل‪ ،‬حتى يزول ما به‪ ،‬إلا‬ ‫وقد ضاع وما دونه لا يطهر‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه يفرق في الشمس من بعد فته قدر ما يبلغ‬ ‫إليه من داخله مع الريج‪ ،‬فيترك حتى يزول ما به من رطوبة النجاسةة وتلك‬ ‫طهارته‪ ،‬وعلى قول آخر فيجوز فيهما‪ ،‬لأن يطهر على هذا بكل منهما على حدة‬ ‫إلا أن ما قبله في رأي من أجازه لغير الماء أكثر‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالدبس من العسل أو السكر تموت فيه الفأرة‪ ،‬ما الذي يجوز عليه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فتلقى من الجامة هي وما حولها‪ ،‬وينتفع بما بقاء۔ ويفسد المائع فيراق‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن أصابه بول أو ماء نجس‪ ،‬فولج به؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فأخشى أن لا يمكن طهارته بالماء‪ ،‬لأنه ينحل به‪ ،‬فلا يقدر على إخراج ما فيه‬ ‫من هذين‪ ،‬لشدة المزاج الموجب في كونه‪ ،‬لعسر العلاج على من رام التفرقة‬ ‫بينهما‪ .‬وعلى هذا فلن موضع الطهارة له يكون‪ ،‬فإني لا أراه فأدل عليه‪ ،‬اللهم إلا‬ ‫أن يخرج فيه ما في الدقيق من قول في رأي أنه إذا عجن بالماء طهر‪ ،‬فعسى أن‬ ‫‪١٥٩‬‬ ‫يجوز‪ .‬لأن يلحقه ما به من معنى ما في ذلك‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬ومن الشروط في هذا الرأي أن يكون ما به يعجن من الماء الطهور‪ ،‬وهو‬ ‫الغالب على ما به من نجاسة في قول من رآه أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬الله أعلم‪ ،‬وأنا لا أدري في الحين من رأيه الذي أطهره في الطحين‬ ‫إلا ما‬ ‫أجده من قوله مطلقا في عجنه بالماء فإن صح فجاز ما قاله فيه من طهارته‬ ‫فعسى في غلبة الطهور عليه أن يكون من شرطه وفي هذا كذلك‪ .‬إذ لا بد لجوازه‬ ‫من ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن طبخ وحده أو بالماء‪ ،‬فعقد حتى تحجر‪ .‬فزال ما به من رطوبة‬ ‫النجاسةة فلم يبق فيه لون ولا طعم ولا ريح أبدأ؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى أن يجوز فيه على قول أن يطهر‪ .‬وعلى العكس من هذا في قول آخر‪.‬‬ ‫ألا وإن هذه كأنها أقرب من الأولى‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن خلط بشيء من الدقيق‪ ،‬حتى صار مش المدلوك من التمر في أوصافه‬ ‫وما زاد عليه في جفافه‪ ،‬ثم جعل بعد فته في الشمس‪ .‬فضربته مع الريح‪ ،‬حتى زال‬ ‫ما به؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬‏[‪ ]٦٥٥‬فأرجو أن يجوز فيه‪ ،‬لأن يلحق معنى الاختلاف في طهارته على هذا‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن وضع السكر بعد جموده في الشمس والريح‪ ،‬حتى زوال ما به‪ ،‬أيطهره‬ ‫أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهذه مثل الأولى‪ ،‬فالقول فيهما على سواء‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وما تنجس من الأطعمة لشيء من هذا‪ ،‬فلم تدرك طهارته في رأي من قاله أو‬ ‫على حال ما الذي يجوز أن يطعمه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل فيه أنه يلقى‪ ،‬أو يدفن‪ ،‬فلا ينتفع به‪ ،‬ولعله ما لم يضطر إليه وفي قول‬ ‫آخر يطعم للدواب‪ ،‬ولا بأس على من فعله من الناس‪ ،‬وقيل بجوازه في الأطفال‪،‬‬ ‫ومن لا إثم عليه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان ما ناله فمازجه من أنواع ما له ذات من النجاسة في ذاته؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهذا ما لا يطهر إلا بزواله‪ ،‬فإن قدر عليه‪ ،‬وإلا فهو على حاله‪ ،‬فأنى تحل أن‬ ‫يطعم منه من ذلك بالغ أو دابة أو طفل لغير ضرورة إليه‪ ,‬وفي كل جزو منه‬ ‫لاختلاطهما جزه من ذاتها ولا بد‪ .‬قلت له‪ :‬وما عارضه شيء من النجاسة حتى‬ ‫أخرجه عن اسمه الذي له من قبله لاستهلاكه له‪ ،‬ما القول في حكمه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهو على المنع من جواز طعمه‪ .‬إلا أن يكون في موضع الاضطرار إليه‪ ،‬وإلا‬ ‫فالتحريم أولى به‪ ،‬لأن له حكم ما خلطه فاستهلكه‪ ،‬حتى زال عن اسمه لا غير‪،‬‬ ‫فالقول فيهما واحد ولا شك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما سمد من النخل أو ما عظم ساقه من الشجر بشيء من النجاسة‪ .‬فأخذ‬ ‫بعروقه من رطوباتها‪ ،‬أو سقي بماء نجس‪ ،‬هل يفسد ما به من الثمر أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ففي الأثر ما دل على هذا كله على أنه لا يفسد‪ ،‬ولعله إذ لا يبلغ من النجاسة‬ ‫أثرها إلى حمله‪ ،‬فيمنع جواز أكله‪ ،‬ولا أعلم أنه يختلف في ذلك عدله‪ .‬لقول‬ ‫يعالرضه من أهل البصر ‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فجميع ما يكون من كباره مثل السدر والأنبا والزام والأنج والجوز‬ ‫والفرصاد والقرظ ونحوها وعلى هذا يحمل في طهارته ثماره أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪:‬نعم‪ ،‬لأنها هي‪ ،‬والأولى هي لا غيرها‪ ،‬فالقول فيها كذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما دونها في كبر من الكرم والخوخ والجوز والباننجان‪ ،‬وما كان نحو‬ ‫هذا‪ ،‬ما القول في ثمره؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهذه قد قيل‪ ،‬فالذي بها من الثمر حال شربها له مع ما يثمره من قبل أن يطهر‬ ‫غاية شربه من الماء الطهور بالفساد‪ ،‬وقيل بالطهارة‪ ،‬إلا ما ناله شيء من النجاسة‬ ‫رأيأ لمن قال بهذا‪ ،‬وذاك من أهل الرشاد‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬ما للومي والتين والرمان؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى أن يكون لها ما للنخل من حكم في هذا‪ ،‬فإني أقربها من مثلها‪ ،‬فإن صح‬ ‫‪١٦١‬‬ ‫فجاز في كلها‪ ،‬وإلا ففي التين من قول الشيخ أبي سعيد‪ .‬رحمه الله ما دل أنه‬ ‫قلت له‪ :‬فالزرع على شربه من الماء النجس» ما القول في ثمر اته؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نحو ما جاء في صغار ما يكون من أنواع الأشجار في قول من رأي‪ ،‬ولعل‬ ‫وعسى في تغيره أن يكون منها أدنى‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالقر ع والقثا والبطيخ ونحوها؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬‏[‪ ]٦٥٦‬فهي على ما جرى من الرأي في مظها من قول بالطهارة‪ ،‬وقول‬ ‫بالنجاسة في ثمرتها وأصلها‪ ،‬حتى يزول عنها يومئذ ما بها‪ ،‬فتطهر بأحد ما قيل‬ ‫فيها على حال‪ ،‬أو في رأي‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وعلى قول من قال في هذه الأنواع‪ ،‬فكم لها من ماء تشربه فتطهر به في‬ ‫الرأي والإجماع؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ثلاثة أمواه‪ ،‬وقيل‪ :‬باثنين‪ ،‬وقيل‪ :‬بواحدة فالآخر أرخصها‪ ،‬والأول غاية ما‬ ‫فيها من تشديد‪ ،‬ولكن لا أعلم أن أحدأ يقول بما ورائه من مزيد‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما شهد من هذا بنجاسة‪ ،‬ما القول فيه كذلك على رأي من يقول بأنه يفسد‬ ‫أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم من بعد زوال عينها وانمحاء أثرها‪ ،‬وإلا فلا طهارة له مع ما يشربه‪.‬‬ ‫لبقائها من ماء نجس على هذا الأري‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن سقى على هذا من أمره ثلاثة أمواه طاهرة فيما لا عين له‪ ،‬أو من بعد‬ ‫زوالها فقد طهر؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قد قيل هذا فتطهر‪ ،‬ولا نعلم أن أحدأ يقول فيه بأكثر‪ ،‬بل هو غاية في‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وعلى رأي من يقول في مثل هذا الزرع والشجر‪ .‬إنه لا ينجس في رأيه‬ ‫‪١٦٢‬‬ ‫لما يشربه من الماء النجس على حال هو على هذا في قوله‪ ،‬وإن لم يكن في شربه‬ ‫إلا ما هو كذلك على الأبد؟‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬لأن له حكم الطهارة في مطلق ما قاله من‬ ‫حكمه في الأصل والثمرة إلا ما مس هذا الماء منهما‪ ،‬فإنه لا بد وأن ينجس على‬ ‫حال وفي قول الشيخ أبي سعيد‪ ،‬رحمه الله ما دل على هذا إن صخ ما فيه من‬ ‫مقال‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما سقي من الفجل والجزر والبصل“ وما يكون من أنواع البقل بشيء من‬ ‫هذا الماء؟‪ .‬قال‪ :‬فهو على ما مر في الزرع من قول بالطهارة‪ ،‬ومن قول بالنجاسةة‬ ‫حتى تطهر بأحد ما جاء في مثله‪ ،‬وإلا فالمنع من جواز أكله‪ ،‬وقيل بجوازه من بعد‬ ‫غسله وقيل‪ :‬يجز فيؤكل ما ينظر من الأرض‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالشجرة من نحو ما يؤكل ورقاً أو أصلا تنبت في العذرة؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل بطهارة ما خرج منها عن النجاسة من فزايلها من أصل وفرع لها۔‪ ،‬إلا‬ ‫ما مسه شيء من الأذى‪ ،‬فإنه يغسل‪ ،‬فيجوز من بعده أن يؤكل‪ ،‬وقيل بنجاستها‪،‬‬ ‫حتى تزول عنها تلك النجاسة فتشرب من بعدها قدر ما به تطهر من الماء‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما كان لها من ثمرة تؤكل أو لا؟ فالقول في ثمرها كهي أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قد قيل إنها كذلك‪ ،‬وليس عندي ما يدل على فرق ما بينهما لمعنى توجيه‬ ‫في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما أصابه من أصلها‪ ،‬أو من ورقها‪ ،‬أو ما يكون من ثمرها شيء من‬ ‫النجاسة‪ ،‬ما القول فيه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهو نجس على حال‪ ،‬حتى يقع به‪ ،‬أو يجري عليه من الماء مقدار ما يطهر‬ ‫عند الفقهاء‘ وما دونه من شمس أو ريح فالاختلاف في جواز طهارته به لرأي من‬ ‫يقول بأنه يطهر معه لزواله‪ ،‬ورأي من يقول بأنه بعد على حاله‪.‬‬ ‫قلت [له]‪ :‬وما كان ‏[‪ ]٦٥٧‬نباته في العذرة من بطيخ‪ .‬أو بقل‪ ،‬أو قرع‪ ،‬أو ما يكون‬ ‫من زرع فهل من فرق بينهما فيما لها من أصل أو فرع في هذا أم لا؟‪.‬‬ ‫‪١٦٣‬‬ ‫قال‪ :‬قد مضى من القول ما دل على رأي جاز عليه فرق بينهما من قد رخص في‬ ‫ذات الثمار من القرع والقنا والبطيخ‪ ،‬ونحوها من الأشجار‪ ،‬وشدد في البقول‪ ،‬ومنع‬ ‫البعض من أكل ما عاش في العذرة دون ما سواه‪ ،‬فقد أبى آخرون في هذا كله‪ ،‬لما‬ ‫في رأيه من نجاسة حتى يطهر ما به بشربه من الماء وإلا فلا جواز لأكله‪.‬‬ ‫وأجازه آخرون من بعد غسله‪ ،‬وقيل بجوازه من غير غسل لما من الطهارة في‬ ‫رأي من قاله‪ ،‬إلا ما صح أنه مسه بشيء من النجاسة وإنه الأصح ما به‪ ،‬من قول‬ ‫بظهور ما به من عدل» ألا وإن في هذه الآراء ما يدل في الفرق‬ ‫على أنه في رأي‬ ‫لا في إجماع عليه من أهل الحق‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فهل قيل هذا فيه‪ ،‬فإن صح في هذا الموضع أن حمل القرعة يغسل فيجوز‬ ‫من بعده أن يؤكل؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلى قد قيل هذا فيه‪ ،‬فلن صحح فلا بد على قيادة في مثله من أن يحمله عليه‬ ‫وعسى أن يصح لمن قاله في موضع ما يكون به شيء من الأذى‪ ،‬وإلا فلا أبصر‬ ‫الوجه في لزوم غسله‪ ،‬لما أريد به من جواز أكله‪ ،‬لأنه على قول من لا يفسده بما‬ ‫تشربه بعروقها من رطوبة النجاسة‪ ،‬لا بد وأن يكون في تطهيره بالماء تحصيل لما‬ ‫هو في طهارته حاصل‪ ،‬ولا شك لأنه في رأيه طاهر‪ ،‬وعلى قول من قال بفساده‬ ‫فالغسل من خارجه لا يأتي على ما في داخله ما لم يبلغ إليه‪ ،‬وأنى له البلوغ ما دام‬ ‫رطبا في ذاته‪ ،‬لا يقبل ما يرد عليه من الماء في حاله‪ ،‬لما به من رطوبة‪ ،‬لمنعه‬ ‫من أن تلج به من وراءه‪ ،‬فيدفعه إلى أعراقه‪ ،‬إلا أن يكون من بعد جفافه مقدار ما‬ ‫به يدخل فيه‪ ،‬فعسى في بلوغه أن يمكن فيصح۔ وإلا فلا‪ .‬قلت له‪ :‬فإن طبخ بالماء‬ ‫الطاهر قدر ما يلج به‪ ،‬فيخرج عنه‪ ،‬أيجزيه في رأي من ينجسه أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى أن يكرر عليه ثلاثا أن يطهر‪ ،‬وما دونهن من مرة أو مرتين‪ ،‬فيجوز‬ ‫لأن يلحقه معنى الاختلاف في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن جاز في مرة‪ ،‬أليس من بعدها ليطهر‪ ،‬فيؤكل أم لا؟‪.‬‬ ‫‪١٦٤‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬على رأي إن كان لا يضره في غسله‪ ،‬وعلى قول آخر‪ .‬فيجوز من بعد‬ ‫أن يخر ج عنه‬ ‫الماء‬ ‫لأن يطهر ‪ 4‬فلا يمنع من‬ ‫جو از أكله ‪ .‬إن‬ ‫صح ما عبر لي فيه‬ ‫من قياس له بمظه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالطبخ له بالماء في حكمه‪ .‬يقوم في زوال ما به مقام السقي فيه أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬لأن الطبخ في زوال ما به‪ ،‬إن لم يكن أبلغ من شربه لما تمده بعروقها‪،‬‬ ‫وأقوى‪ ،‬فليس هو بأهون في بلوغه منه مبلغ النجاسة‪ ،‬ولا أوهى‪ ،‬لأن ما به يطبخ‬ ‫من‬ ‫قلت‬ ‫الما ء يصب‬ ‫له‪:‬‬ ‫وما كان‬ ‫في هذا‬ ‫من‬ ‫فيخر ج‬ ‫عنك‬ ‫وفي‬ ‫علاجه لطهارته ۔ فكله‬ ‫ذلك يبقى ‪.‬‬ ‫إنما يخر ج‬ ‫على قول‬ ‫من‬ ‫يفسد ‏‪ ٥‬بما‬ ‫يشربه من النجاسة ‏[‪ ]٦٥٨‬لما به يرد من إخراجه أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬هو كذلك لما به في رأيه من فساد لا على من خالفه‪ ،‬فإنه غير محتاج في‬ ‫قول من لا ينجسه إلى علاجض إذ هو في قوله طاهر‪ .‬فأنى يصح فيه كون ثبوته‬ ‫لمعنى على قياده إني لا أعرفه‪ ،‬فأدل على ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما لم يكن من نباته بها‪ ،‬ولكن في قربها‪ ،‬وما به تسقى من الماء يأتي‬ ‫عليها؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى أن يكون له في موضعه من حكم۔ إلا أن يكون نجسا في الإجماع ‪ 3‬أو‬ ‫على رأي من قاله في موضع الرأي‪ ،‬فإنه على قياده لا بد وأن يختلف في طهارته‬ ‫وفساده‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما تنجس من النيل أو ما أشبهه من شيء في التمثيل‪ ،‬فكيف الوجه يكون‬ ‫في غسله‪ ،‬يطهر لزوال ما به‪ ،‬فيرجع إلى أصله الذي كان عليه من قبل؟ أخبرني‬ ‫بما تعرفه‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى أن يكون له ما في الدقيق من قول في تطهيره‪ ،‬بما فيه من تحريكه [في‬ ‫الماء] وإخراجه عنه ثلاثا إلى غيره من رأي جاز عليه‪ ،‬إن صح ما في النظر‪ ،‬وإلا‬ ‫فالوجه الأول هو الذي في الأثر على قول من أجازه فأعرفه‪.‬‬ ‫‪١٦٥‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن صبغ به ثوبأ من قبل أن تزول عنه ما به فيطهر؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ففي الغسل له قدر ما يجري في مثله ما فيه من نجاسةة فيزيلها ما به يطهر‬ ‫في قول أهل العدل‪ .‬قلت له‪ :‬فهلا جاء فيه أن ينتفع به؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلى‪ ،‬قد قيل بهذا وله في حكم الطحين ما يدل عليه‪ ،‬إلا أن ما قبله في هذا‬ ‫وذاك أصح‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فجميع ما يعارضه من الأصباغ الطاهرة شيء من النجاسة‪ ،‬فخالطه على‬ ‫هذا بكون؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬هكذا عندي في هذا‪ ،‬لعدم ما يدل على فرق ما بينهما في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬إذا كان لما أصابه عين قائمة في ذلك؟ قال‪ :‬فلا طهارة له‪ .‬إلا بزوالهاأ‬ ‫فإنه قدر عليها ما يجليه‪ ،‬وإلا فهي على حالها‪ ،‬ولا أعلم أنه يختلف في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فن صبغ به أحد ثوبأ أو غيره مع ما فيه من ذاتها؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلن طهر بالماء في حين فزال مالها من أثر وعين‪ .‬جاز لأن يطهر وإلا فلا‬ ‫طهارة له مع بقاءها أبدأ‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما تنجس من القطن ما ذا يعمل به لزوال ما أصابه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فيطهر‪ ،‬حتى يزول عنه من نجاسته‪ ،‬وقد طهر‪ ،‬فكفى في رده إلى ما كان‬ ‫عليه من قبله‪ ،‬ولا أعلم أن أحدأ يخالف إلى غيره في علمه‪ ،‬ولا في جهله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن غزل بما فيه من نجاسة‪ ،‬فالقول فيه كذلك من بعد أن يغسل؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬هكذا‪ ،‬معي في هذا‪ ،‬يخرج على أصح ما فيه من قول‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن تتنجس من بعد أن صار غلزا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فالأولى ما بهذه أن يكون مثل الأولى‪ ،‬وإن قيل فيه بأنه لا يطهر فإني لا أراه‬ ‫قو ل ؤ فأدذل عليه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما صبغ من الغزل والثياب بشيء من الأصباغ النجسةة فالقول فيه كما‬ ‫‪٩٦٦‬‬ ‫في النيل‪ ،‬أم بينهما فرق في العدل؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬الله أعلم‪ ،‬وأنا لا أدري في هذا‪ ،‬إلا أنه كذلك لعدم فرق ما بين ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وتطهير ‏[‪ ]٦٥٩‬الثياب القذرة من النجاسة لازم‪ ،‬على من بلغ معقل في‬ ‫الحال من النساء‪ ،‬و الرجال‪ ،‬أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لا أعرفه لازمأ على أحد من الناس‪ ،‬إلا ما يوجبه‪ ،‬فيمنع من أن يقضى في‬ ‫مظه من اللباس‪ ،‬لمعنى ما به في حاله من الأنجاس‪ ،‬نحو الصلاة وما أشبهها في‬ ‫المعنى من شيء يشترط فيه لأدائه به أن يكون طاهرا في موضع العذرة عليه‪،‬‬ ‫لمن أمكنه في ليله أو في نهار يومه‪ ،‬وإلا فهو كذلك في لزومه‪ ،‬ولا أعلم أنه يختلف‬ ‫في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فهل من قول لأحد من الفقهاء في شيء منها‪ ،‬إنه يطهر لزوال ما به من‬ ‫النجاسة بغير الماء‪ ،‬وكذلك في الأبدان؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل أنهما بما دونه‪ ،‬لا يطهران إلا في موضع ما يجوز أن ييمما بالصعيد‬ ‫لما أجازه فيهما لمن اضطر إليه بعد‪ ،‬الإماطة لما قدر عليه‪ ،‬لزواله عنهما‪ ،‬وإلا فلا‬ ‫يجزي في شيء منهما‪ ،‬حتى قال الشيخ أبو سعيد رحمه الله‪ ،‬إنه لا يعلم من قول‬ ‫أهل العدل أنه يطهر بغير الغسل‪ ،‬وفي المصنف ما دل في الثوب على أن فيه قول‬ ‫بالإجازة‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن أصابه في موضع منه شيء من النجاسة‪ ،‬فعرفه بما قد بلي به؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلا يلزمه فيه إلا أن يطهر الموضع وحده حال لزومه‪ ،‬ولا نعلم أن أحدا يقول‬ ‫بما زاد عليه في هذا الموضع۔ إذ لا يجوز أن يصح أبدأ‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن خفي عليه‪ ،‬فلم يدر في أي موضع منه إذ قد جهله؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلا بد له فيه من أن يغسله على هذا كله‪ ،‬وإلا فلا طهارة له‪ ،‬وقيل‪ :‬أن يجزي‬ ‫موضع النجاسة وطهره جاز فيه لأن يجزيه‪ ،‬ولعله في الاطمئنان ما يصح معه‪ .‬أنه‬ ‫أخطأه لغيره من المواضع في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وعلى هذا من جفافه عليه‪ ،‬فإن مس منه شيئأ من قبل أن يغسله برطوبة‬ ‫ما حكم ما ناله به يكون‪ ،‬وما القول فيه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل‪ :‬إن له حكم الطهارةة ما لم يعلم أنه موضع النجاسة‪ ،‬وعلى العكس من‬ ‫هذا في قول آخر حتى يعلم أنه موضع الطهارة من ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان في موضع منه رطوبة‪ ،‬وهي في أصلها طاهرة [ما حكم] ما لبا‬ ‫نالها على هذا أو نالته؟ قال‪ :‬فليس في هذه إلا ما في الأولى من قول في رأي‪،‬‬ ‫لأنهما في المعنى على سواءع‪ ،‬فالقول فيهما واحد‪ ،‬وقد مر فكفى‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن ناله كله برطوبة وهو يابس حتى بله‪ ،‬أو بل جزءأ منه‪ ،‬من بعد أن ثار‬ ‫بأجمعه رطبا في غير طهارة‪ ،‬فأصابه شيء من رطوبته؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهذا ما لا يخرج له معه من أن يكون لما ناله حكم النجاسة على حال‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان في موضع من ثوبه رطوبة بول‪ ،‬وفي موضع أخر رطوبة ماء؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فالقول في هذا أن يغسل البول إن عرفه‪ ،‬وإلا طهره كله وعلى قول آخر‬ ‫فيجوز أن يتحرى موضع النجاسةة إلا أنه في قلة[‪.]٦٦٠‬‏‬ ‫قلت له‪ :‬وما تنجس من ثيابه‪ .‬هل له من بعد أن ييبس أن يتوضأ فيه لصلاته‬ ‫مجازا ‪ 3‬أو أن يلبسه مع ما به في بدنه من رطوبةة لا بد وأن تمسه فترطبه‪[ .‬ولا‬ ‫بأس عليه في وضوءه{‪ ،‬ولا في بدنه‪ ،‬فإنه ينجسه أم لا؟]‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ففي أكثرها قيل في هذا‪ :‬إنه لاطهارة لمن فعله‪ ،‬وقيل‪ ]:‬ولا بأس عليه‬ ‫لطهارته لما في رأي من قال‪ :‬إن اليابس هو الذي يأخذ من الرطب‪ ،‬ولا عكس‪.‬‬ ‫وعسى في هذا أن [لا] يصح لما ادعاه مع قصر ما لهما من مدة أن تجاورهما‪ ،‬إلا‬ ‫مع طول المدة في تلاصقهما مقدار ما يرطبه‪ ،‬فينحل من أجزاء ما به من نجاسةة‬ ‫فإن لا بد من أن يأخذ كل من الآخر ولا لبس‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان بدنه نجسا لكنه يابس وثوبه طاهر‪ ،‬غير أنه رطب‪ ،‬هل عليه‬ ‫بأس في ثوبه‪ ،‬إن لبسه على هذا أم لا؟‪.‬‬ ‫‪١٦٨‬‬ ‫قال‪ :‬فإن أولى ما به في هذه أن يكون له ما في الأولى من قول في رأي إلا أن‬ ‫فيه الرخصة شاذة‪ ،‬فالعمل بها متروك في هذا وذاك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وإن كان به في بدنه أو في ثوبه شيء من النجاسة الجنابة أو الدم‪ ،‬أو‬ ‫العذرة‪ ،‬أو ما أشبهها‪ ،‬جاز لأن يكون على هذا أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬لعدم الفرق‪ ،‬أو ليس هذا بالحق ولا شك‪ ،‬بلى‪ ،‬إن أحق ما به أن يجزي‬ ‫على عمومه لا مطلق في الجنس‪ ،‬فالأنواع كلها داخله تحت ما له في هذا من حكم‬ ‫بلا مريّه في شيء منها‪ ،‬لعدم اللبس في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن أصابته جنابة في ليل أو نهار‪ ،‬فلم نجد لها في ثوبه شيئأ من الآثار‬ ‫أبدأ؟ ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهو على ما له من حكم الطهارة‪ ،‬حتى يصح معه أنه أصابه بشيء منه ألا‬ ‫[وإنه] في قول الشيخ أبو سعيد‪ ،‬رحمه الله ما أفاد هذا فدل عليه في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن أصابته الجنابة في ثوبه‪ ،‬أتتنجس ما تحته أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫نعم ‪ .‬في بعض‬ ‫ما قيل ‘ وقول‬ ‫الشيخ‬ ‫أبي المؤثر ۔ رحمه‬ ‫الله‪:‬‬ ‫لن كان‬ ‫طاله‬ ‫وأصاب الثاني نجس والثالث طاهر‪ ،‬حتى تصح نجاسته‪ .‬وفي قول الشيخ الحسن‬ ‫عن أبي الحواري رحمه الله‪ ،‬أن الثاني طاهر‪ ،‬حتى يعلم أنه مسه شيء من‬ ‫النجاسة‪.‬‬ ‫وفي قول‬ ‫الشيخ محمد‬ ‫بن خالد ‪ ،‬أن‬ ‫أيهم طهر ‏‪.٥‬‬ ‫قلت له‪ :‬فهل من قول لغير الطهارة أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬الله أعلم‪ ،‬وأنا لا أدري أن أحدأ قال فيه ما لم يصح عليه‪ ،‬أنه ناله شيء من‬ ‫النجاسة‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن وكزه في بدنه شيء من وراء ثوبه [فأدماه]‪ ،‬ولم يجد به دمأ؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فيطهر الموضع من بدنه ولا شيء عليه في ثوبه‪ ،‬لأن له حكم الطهارةة ما لم‬ ‫يصح معه‬ ‫أنه أصابه شيء‬ ‫من‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫‪١٦٩‬‬ ‫قلت له‪ :‬فلن خرج من ذكره رطوبة‪ ،‬ولم يصح معه في ثوبه الذي عليه أنه ناله‬ ‫شي ء منها؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فإذا احتمل لما به حال خروجها من هيئة أن لا تمس ثوبه‪ ،‬جاز لأن يكون‬ ‫على طهارته‪ ،‬ما لم يصح فساده‪ ،‬وإن لم يحتمل إلا مستّها له طهر الموضع الذي لا‬ ‫بد له من أن تناله على حال‪ .‬قلت له‪ :‬فإن لن يمس بشيء يخرج من ذكره‪ ،‬وإنما‬ ‫وجده من طرقه لاصقا‪ ،‬ولما نظر فيهما‪ ،‬لم يجد شيئأ من الرطوبة ولا ‏[‪ ]٦٦١‬ما‬ ‫بدله على كون نجاسته أبدأ؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلن صح معه لزوقه‪ ،‬إنما كان برطوبة فاسدةظ طهر الموضعخ وإلا فهو [على]‬ ‫طهارته‪ ،‬حتى يصح ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان‪[ ،‬يجد] في حال قعوده مخرج منه في ثوبه رطوبة وذي أو بول أو‬ ‫مذي‪ ،‬أينجس ما تحته أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى أن يخرج فيه ما في الجنابة من قول في رأي‪ ،‬ما لم يصح معه كون‬ ‫لوغ إليه‪ ،‬ألا وربما يكون في مقدار مالا يبلغ لقلته‪ ،‬أو العكس فيالبول لكثرتهة‬ ‫ةالحائل لغلظه أو رقته‪ ،‬فيحكم بطهارته في موضع مالا يحتمل فيه كون‬ ‫نجاسته‪ ،‬وبفساده‪ ،‬في موضع مالا يحتمل فيه نقاؤه‪ ،‬على ما به من قبله‪ ،‬ويجوز‬ ‫لأن يجري ما به في الجنابة من رأي في موضع الاحتمال‪ ،‬ويكون الرجوع إلى‬ ‫ماله في أصله‪ ،‬صح ما فيه من قول جاز عليه في الحال ما لم يعلم" فيصح كون‬ ‫الانتقال‪ ،‬من غيرما شك في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن وقع ثوبه على جنابة أو دم‪ ،‬أو عذرة‪ ،‬أو بول‪ ،‬وما يكون من نجاسته‬ ‫في موضع وليس بها ولا بها [من] الرطوبة مقدار ما يأخذ فيهاء‪ ،‬فتعلق به‬ ‫لجفافها؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهو على طهارته‪ ،‬فإنها به أولى ما لم يصح أنه أصابه شيء من الأذى‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما أصابه في ثوبه من نجاسةء فأراد أن يغسلها‪ ،‬فكم يجزيه في غسله من‬ ‫‪١٧٠‬‬ ‫عركه فيما لا عين له قائمة؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل في أنواع ما لا عين له أن يعرك ثلاث‪ .‬مع كل عركة صبة من الماء۔‬ ‫وتلك طهارته‪ .‬إلا أن يصح له بقاء‪ ،‬وما دونهن من واحدة أو اثنتين‪ ،‬فالرأي فيه‬ ‫وما كان من أنواع ما له عين‪ ،‬فالثلاث في تطهيره مجزية له‪ ،‬إن زال بهن وإلا‬ ‫فلا بد من زواله بما زاد عليهن من عرك في صب أو ما يقوم مقامها في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن طهره في ماء حار أو ما أشبهه‪ ،‬فعركه كذلك؟ قال‪ :‬فإذا زال ما به‬ ‫طهر ولا أعلم أنه يختلف في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن حركة في هذا الماء ثلاثأً‪ ،‬حتى زال ما به‪ .‬فلم يعرك؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬إذا كان الماء أتاه من هذا به في كل حركة ما يقوم في كل مرة مقام عركه‬ ‫أجزاه‪ ،‬ولا أعلم أنه يختلف في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن لم يعركه فيه بل تركه حتى زال ما به من غير أن يحركه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬إن كان لما تركه من الحركة ما يقوم في زوالها مقام العرك‪ ،‬جاز لأن يصح‬ ‫له‪ ،‬وإلا فلا يجزيه لطهارته‪ ،‬وعلى قول آخر‪ ،‬فيجوز لأن يكون لزواله ما به من‬ ‫نجاسة على هذا بالماء مجزياً له‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالقص له والدلك والعصر والرض يقوم في غسله مع زوال ما به مقام‬ ‫العرك أم لا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قد قيل هذا‪ ،‬وهو كذلك‪ ،‬ولا أعلم أن أحدأ يقول بغير ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن أراد أن يغسله في إناء‪ ،‬ما الذي به يؤمر أن يفعله؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل أنه يجعله في الإناء‪ ،‬فيعركه بما فيه من الماء‪ ،‬ثم يصبه‬ ‫‏[‪ ]٦٦٢‬منه‬ ‫لنبدله بماء آخر مع ما له من عرك أيضا يفعل به كذلك ثلاثاً‪ ،‬وقد طهر‬ ‫إلا أن‬ ‫يبقى فيه من القذرة‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان به من النجاسة في ثوبه عين فحكها من الموضع أوكسها إلى أن‬ ‫زال ما بها من أثر وعين‪ ،‬أو لعلها وهي رطبةة حتى بلغ بها إلى هذا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فتبقى في منزلة مالا عين له في غسلها وعين ما فرق بين رطبهاء أو ما‬ ‫‪١٧١‬‬ ‫يكون من يابسها من بعد أن يبلغ بهما الأمر إلى ذلك الحد‪ ،‬أو تشكك في هذه أن‬ ‫تكون كتلك‪ ،‬ولا شك أنها كمظها‪ .‬قلت له‪ :‬فإن بقاء في ثوبه شيء من عينها بعد‬ ‫كون الغسل؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلا بد فيها لطهارته من زوال الكل‪ ،‬وإلا فهو على حاله من النجاسة في قول‬ ‫أهل العدل‪ :‬لا غاية لذلك ما دام فيه شيء من عين ما به منها‪ ،‬ولا أعلم أنه يختلف‬ ‫في ذلك إقلت له‪ :‬فإن زال مالها من عين‪ ،‬وبقاء ما لايقدر عليه من زوكها في‬ ‫حين‘ مالر أي فيه؟]‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ففي أكثر ما قيل أنه لا بأس به‪ ،‬وقيل فيه أنه نجس حتى يغير بشيء من‬ ‫الأصباغ الطاهرةة ولا يبين لي على هذا من قوله بفساده‪ ،‬إلا أنه من ستره عن‬ ‫الرؤيا الظاهرة‪ ،‬فكيف على قياده يغني عن زواله‪ ،‬ولا شك بعد في أن الحقيقة على‬ ‫حاله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬أليس من أثرها ما يبقى في الشيء من زاولها؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلى إلا أنه لما صار إلى حد ما لاينحل بالماء‪ ،‬فلا يقدر على إخراجه‪ ،‬جاز‬ ‫لأن يطهر من بعد أن يؤتى فيه لما به في نحوها من الغسل يؤمر‪ ،‬وفي قول آخر‪:‬‬ ‫إنه نجس حتى يغيره‪ ،‬ولا يخطئ في دينه من قال يأخذ هذين القولين أو عمل به‬ ‫لأنه في موضع الرأي وفي الحديث عن النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ :‬ما يدل على‬ ‫الأول‪ ،‬فيؤيده في ذلك‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬فإن صبغ بماء قد تنجس من الأصباغ ماذا يؤمر به في غسله حتى يطهر؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ففي بعض ما قيل‪ :‬إنه يغسل‪ ،‬حتى يخرج الماء صافيأ‪ ،‬وتلك طهارته وفي‬ ‫قول أخر‪ :‬يغسل قدر ما به تزول هي إن لو عارضته منفردة وقد طهر‪ ،‬وإن كان‬ ‫الماء يتغير‪ ،‬فلا يخرج صافيا‪ .‬لما به من الصبغ بتكدره‪ .‬وقيل‪ :‬يغسل حتى يخرج‬ ‫الماء صافيا فيلبس‪ ،‬ولا يصلى به أبدا‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬فإن كان الصبغ أحمرأ‪ ،‬وما أصابه فتنجس به بدم‪ ،‬فالقول فيه على هذا يكون‬ ‫‪١٧٢‬‬ ‫أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬هو كذلك‪ .‬لأنه مطلق في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فلن في ثوبه مع حمرته ظاهر ‏‪ “ ١‬فيعارضه شيء من الدم‪ ،‬ما الذي يدل على‬ ‫غسله لزواله؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬الله أعلم‪ ،‬بما فيه من قول يدل عليه‪ ،‬ولا أعلم ما به يستدل على معرفة زواله‬ ‫باليقين‪ ،‬لما فيهما من مشابهة في العين‪ ،‬فإن ظهر فبولغ في عركه مقدار مالا يبقى۔‬ ‫إذ لو كان منفردأ فيطهر من قد بلي به في حينه إلى ما أراده به من زوال عينه‬ ‫فعسى أن يجوز فيه لأن يطهر ‏[‪ ،]٦٦٣‬لأنه في معنى ما قد عارضه من صبغ نجس‬ ‫بشيء من ذلك‪ .‬ولعلي أن أقول بأنه كذلك‪ ،‬لعدم فرق ما بينهما‪ ،‬لن صح ما ظهر‬ ‫لي في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن أخبره أحد في ثوبه دما ‪ 3‬أو ما يكون من نجاسة‪ .‬أيلزمه في الواحد أن‬ ‫يقبل خبره في مثل هذا‪ ،‬فيصدقه ثقة كان أو لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬في رأي من يقول‪ :‬إن الثقة في مثل هذا حجة‪ ،‬وعلى العكس من هذا في‬ ‫قول آخر‪ ،‬وما دونه فليس من الحجة في شي ع‪ ،‬وعلى حال في الحكم إلا أن الذي‬ ‫أحبه في موضع لاطمئنانه بما قد عرفه من صدقه أن يقبله من غير أن يوجبه‪ ،‬ما‬ ‫لم تقم عليه به الحجة التي ليس له أن يتركها في الإجماع‪ ،‬أو على رأي في موضع‬ ‫جواز النزاع‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن أخبره شاهدان من أهل العدالة تقيان؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهما بالجزم حجة عليه في الحكم‪ ،‬ما لم يصح معه كذبهما‪ ،‬ولا أعلم أن أحدا‬ ‫من أهل العلم يقول بغير ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فهل له في ثوبه أن يستعين به في غسله بالغير من النجاسة في بعضه أو‬ ‫كله؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لا أحد ما يدل على المنع من جوازه في الغسل‪ ،‬إلا لمانع له من أن يستعينه‬ ‫‪١٧٣‬‬ ‫في الأصل‪ ،‬وإلا فالإباحة أحق ما به في العدل‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالحُرً والعبد و الذكر والأنثى في موضع الإجازة والمنع سواء؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬هو كذلك عندي في مجمل القول على ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان العبد لغيره؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلا يجوز له أن يستعمله‪ ،‬إلا الإباحة من ربه أو دلالة عليه بالرضى في‬ ‫استعماله مطلقا‪ ،‬أو على الخصوص في مثل ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن أمره أن يغسله من نجاسته‪ ،‬هل له أن يقبل قوله‪ ،‬أن يرجع إليه‬ ‫فأخبره من بعد أنه قد طهره؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قد أجيز بالواحد الثقة‪ ،‬لأنه في حجة الاطمئنانةق وعلى قول آخر في‬ ‫الحكم أو بالاثنين على حال ما لم يصح معه كذبهما‪ ،‬ولا نعلم أنه يختلف في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن لم يأمره بغسله‪ ،‬أو أنه مع الأمر له لم يعلم بنجاسته‪ ،‬أيقبل قوله‪ ،‬إن‬ ‫أخبره بما فيه مجزي لطهارته من فعله؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى في هذا أن يكون القول عليها مش الأولي أمره به فاعلمه أو لا‪ ،‬فإنه لما‬ ‫له من ثقة‪ ،‬لا بد وأن يلحقه معنى ما بها‪ ،‬لرأي من يجعله حجة في مش هذا‪ ،‬ورأي‬ ‫من يقول‪ :‬إنه ليس بحجة في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن كان لما به من النجاسة عين قائمة في ذاتها‪ ،‬فلم يعلمه بها؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فإذا أخبره على هذا أنه قد طهر‪ ،‬فعركه ثلاثأ‪ ،‬أو ما زاد عليهن‪ ،‬جاز لأن‬ ‫يكون على ما مضى من القول فيه‪ ،‬وإن قال له‪ :‬إنه قد غسله من النجاسة غسل‬ ‫الذأوات‪ ،‬أو ما يكون من نحوها هذا في قوله له‪ ،‬فكذلك في جواز القبول‪ ،‬إن أمنه‬ ‫على معرفة ما لها من غسل‪ ،‬كما أمنه على صدقه فيما به يخبره عن نفسه في هذا‬ ‫من فعل‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن لم يكن في حالة ثقة‪ ،‬إلا أنه له بالغىل معرفة ما القوال فيه؟ قال‪ :‬قد‬ ‫‪١٧٤‬‬ ‫قيل إنه إذا أمره أن يغسله‪ ،‬وعرفه بأنه نجس‪ ،‬فأسّنه على ما يقوله في تطهيره من‬ ‫النجاسة بأنه قد فعله جاز له ‏[‪ ]٦٦٤‬على هذا أن يقبله وقيل‪ :‬إنه إذا أعلمه‬ ‫بنجاسته‪ ،‬فأتى به عليه أثر الغسل‪ ،‬جاز لأن يجزيه‪ ،‬وإذا لم يقال له أنه قد غسله‬ ‫وقيل فيه بجوازه‪ ،‬ما لم يكن منهما فيما قد أمنه عليه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن لم يأمره ولا عرفه بنجاسته‪ ،‬إلأ أنه مأمون على ما يقول‪ ،‬إنه قد غسله‬ ‫من النجاسة مع ما له من المعرفة ما القول على هذا في طهارته؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فحتى يأمره به‪ ،‬وإلا فلا يقبل قوله أنه من النجاسة قد طهره‪ ،‬إلا أن يكون فيه‪.‬‬ ‫وقيل بجواز قبوله‪ ،‬إذا أمنه على معرفة تطهيره‪ ،‬ولم يتهمه في قوله‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه إذا‬ ‫رأى عليه من علامة فعله قدر ما يجزيه في غسله‪ ،‬جاز لأن يكون في طهارته‪.‬‬ ‫وإن لم يعلمه‪ ،‬ولا قال هذا هو أنه قد طهره من نجاسته‪ ،‬إذ اطمأن قلبه إلى ذلك‬ ‫لما قد رأه من علامته‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن لم يكن له معرفة بالغسل في حالة يعرفه به‪ ،‬وأمره بغسله من بعد أن‬ ‫أعلمه بنجاسته‪ ،‬ثم رجع إليه‪ ،‬فقال له‪ :‬إنه قد طهره؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فإذا صار إلى حد من يؤمن على معرفته‪ ،‬ولم يتهمه فيما أمره لمخالفته‪ ،‬جاز‬ ‫لأن يكون في القبول مع ما له من ثقة‪ ،‬أو ما دونها من أمانة على ما مر في مثله‬ ‫من القول‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما عدا الثقة فقبول قوله أو ما يكون من طهور فعله‪ ،‬إنما يخرج على ما‬ ‫جاز في الاطمئنانة لا الحكم؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬هكذا معي في هذا يخرج في محل الأمانة إلا الثقة فإنه لا بد وأن يختلف في‬ ‫ثبوته معه أنه من جهة الحكم والاطمئنان‪ ،‬وقد مضى من القول ما دل على ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن لم يؤمن على معرفة ما له من غسل أو على ما يقوله من فعل؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى في موضع التهمة لعدم ظهور الأمانة أن لا يقبل قوله حتى يصح بغيره‬ ‫في الحكم‪ ،‬أو ما دونه من جوازه في الاطمئنانة‪ ،‬وإلا فهي كذلك‪.‬‬ ‫‪١٧٥‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالصبي في هذا مش البالغ أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قد قيل فيه أنه كذلك‬ ‫إذا أمن على ما يفعله في ذلك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فهلا قيل فيه بالفرق بينهما؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلى قد قيل به أن ما قبله أصح ما فيه من قول جاز عليه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالبالغ الكتابي من المشركين يجوز به أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ففي الأثر ما دل لأن في جوازه اختلافاً‪ ،‬إلا أن القول بأنه لا يصح به أطهر ما‬ ‫فيه وأكثر‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن سلمه إلى عبد أو أمة‪ ،‬ولم يعلم أنه نجس‬ ‫فأخذه منه‪ ،‬ثم أتاه به عليه‬ ‫أثر الغسالة هل له أن يصلي به ولم يسأله عنه أم لا على هذه الحالة؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد أجازه الشيخ الفضل بن الحواري في البالغ وقد مضى في مش هذا من‬ ‫القول‪ ،‬ما دل على ما فيه ما عرفه‪.‬‬ ‫أيلزمه أن يصدقه م‬ ‫قلت له‪ :‬فإن أعار أحدا ثوبا ؤ ثم رده إليه فأخبره أنه نجس‬ ‫لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل فيه إن ليس عليه من تصديقه شيء» ما لم يصح معه‪ .‬إلا أن يكون ثقة‬ ‫فيجوز لأن يختلف في لزومه له فيما عندي إن صح‪ ،‬وعن بعض أن من حبه أن‬ ‫يصدقه‬ ‫و لن لم بكن‬ ‫موضع السعة‬ ‫فقدر‬ ‫كة‬ ‫وما أحسن‬ ‫معنى ما فره من‬ ‫‏‪ ١‬لاحتياط‬ ‫لمن‬ ‫أمكنه ] ‏‪ ٦٦٥‬ا في‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن قال له إنه قد تنجس‪ ،‬أو أنه نجس۔ أكله سواء أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فعسى في مث هذا من المقال أن لا يكون فيه ما يدل على أنه نجس في الحال‪،‬‬ ‫لأنه يقتضي في الأمرين كون الماضي من الأفعال ‪ 4‬فيمكن على قياده أن يكون قد‬ ‫طهر من بعد‪ ،‬حتى ز ال ما به يطهر ه‪ ،‬اذ ليس فيه ما يدل‬ ‫لتجرد ه من‬ ‫القر ائن‬ ‫الداله‬ ‫على أن‬ ‫الذ ي‬ ‫حصره‬ ‫من‬ ‫الزمان‬ ‫على أنه باق على فساده‬ ‫مع ما فره دعو ا‪،٫‬‏ لما قد‬ ‫فعله به من قول‪ :‬إنها لا تقبل ما لم تصح۔ إلا فيما يلزمه من قضائه لما به يكون‬ ‫من العرك‪ ،‬أو ما أشبهه حين يغسل فإنه فيما عندي لا بد من ضمانه‪ ،‬فإن صح في‬ ‫الحق ما قد أبديته من الفرق‪ ،‬وإلا فالرجوع إلى ما فيه من قول في الأثر أولى ما‬ ‫به لما بي من وهن في النظر ‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فهلا يجوز في قول الثقة‪ ،‬إنه قد تنجس في حينه‪ ،‬أو أنه نجسه في حاله‬ ‫الذي هو فيه‪ .‬أو ما أشبهه أن يقبل‪ ،‬فيكون لعدم جواز إمكان طهارته في الحال‬ ‫نجسا أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬بلى‪ ،‬إن هذا مما يجوز على قول من يجعله حجة في مثظه‪ ،‬إن صح ما فيه‬ ‫أى في موضع جواز صدقه ما لم يصح كذبه‪ ،‬لا على رأي من يقول‪ :‬إنه ليس‬ ‫بحجة في قوله‪ ،‬فإنه [يدل] على أنه لا يلزمه قبوله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فغير الثقة لا يقبل قوله فيه نجس لما به أصابه‪ ،‬فنجسه على حال أبدأ‪ ،‬فلا‬ ‫يكون حجة عليه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬إلا أن تزول الريبة من قلبه‪ ،‬فلا يشك في صدقه‪ ،‬ولا يتهمه أن يقول ما‬ ‫لا يعلمه في موضع جهله بمعرفة حقه‪ ،‬فعسى أن يقبل‪ ،‬فيجوز أن يكون حجة في‬ ‫مظه‪ ،‬وعلى العكس من هذا في قول آخر‪ .‬لأنه من دعوى فعله‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن استعار من أحد ثوبأ‪ ،‬فصلى به ثم أخبره من بعد أنه نجس" أيلزمه أن‬ ‫يقبل قوله ثقة أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قد قيل‪ ،‬إن عليه قبوله‪ ،‬ما لم يتهمه بالكذب في قوله‪ ،‬إلا أن يكون أخذه‬ ‫منه ليصلي به۔ فإنه لا يلزمه من بعد أن يقبله فيما مضى وإن كان ثقة‪ ،‬ولعلي أن‬ ‫أقول في لزوم قبوله من الثقة على رأي أن لا يبعد على حال‪ ،‬إذ لا يجوز عليه‬ ‫التهمة في قوله وإن سلمه إليه ليصلي به‪ ،‬فقد تحمل أن ينسى ما به في حاله ثم‬ ‫يذكره من بعد‪ ،‬وهذا ما لا شك فيه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن رأى بأحد من البالغين في ثوبه نجاسةة أو في بدنه‪ ،‬ثم توارى عنه قدر‬ ‫‪١٧٧‬‬ ‫ما فيه‪ ،‬يمكن أن يغسلهما‪ ،‬أعليه بأس إن أصابه من الموضع رطوبةة أو ناله هو‬ ‫بشيء من الرطوبة أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل فيه‪ :‬إنه على هذا لا بأس عليه علمها من هي به‪ ،‬وإلا فلا فرق ما لم‬ ‫يصح معه أنه بعد على نجاسته‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه على حاله‪ ،‬وإن علمها ما لم يصح معه‬ ‫كون طهارته‪ ،‬وقيل‪ :‬إن علمها جاز لأن لا تضره من الموضع ما ناله‪ ،‬وإن لم‬ ‫يعلمها‪ ،‬فالنجاسة به أولى‪ ،‬ما لم تصح به الطهارة بحكم‪ .‬أو ما جاز في الاطمئنان‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن سأله ثوبأ يصلي به‪ ،‬فأعطاه هذا الثوب‪ ،‬من بعد ‏[‪ ]٦٦٦‬أن رأى ما‬ ‫فيه فتوارى عنه قدر ما يمكن أن يطهره‪ ،‬هل له على هذا أن يؤدي به فرضه‪ .‬ولا‬ ‫شيء عليه؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل في هذا بالمنع له من جوازه‪ ،‬حتى يصح معه كون طهارته في الحكم‪،‬‬ ‫وما جاز في الاطمئنانة‪ ،‬إلا أن القول بإجازته‪ ،‬لا يتعدى في الرأي من أن يجوز‬ ‫عليه‪ ،‬ما لم يصح معه أنه يعد على نجاسته‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فإن لم تقدر في وقته على غيره أبدا‪ ،‬أو أنه وجد مالا يشك فيه أنه نجس‬ ‫على حال‪ ،‬ما الذي يؤمر به في صلاته‪ ،‬فنختاره له؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ففي قول الشيخ أبي سعيد رحمه الله ما دل على أنه له أن يصلي به في هذا‬ ‫الموضعء فإن أعجب إليه من أن يصلي عاريأ أو بثوب نجس على الحقيقة فأعرفه‬ ‫من قوله في معتبره ما أعلمه وأصح ما كان من أثره‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالصبي مش البالغ أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬قد قيل فيه‪ :‬إنه لا تعبد عليه فهو على ما به من حكم النجاسة حتى تصح‬ ‫طهارته‪ ،‬وعلى قول آخر‪ .‬فيجوز من بعد غيبته مقدار ما فيه يمكن أن يغسل‬ ‫فيطهر أو يكون ما للبالغ من جواز الطهارةة ما لم يصح أنه بعد على ما به من‬ ‫النجاسة في ثوبه أو في بدنه‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فالبالغ من أهل القبلة إذا كان لا يتقي النجاسة ولا يبالي بما يصيبه منها‪،‬‬ ‫‪١٧٨‬‬ ‫هل له أن يصلي بثوبه الذي يكون من لباسه أم لا؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فهذا في موضع الريبة‪ ،‬لما جاز عليه من التهمة فلا يصلي به‪ ،‬ما لم يصح‬ ‫معه طهارته بحكم‪ ،‬أو اطمئنانه‪ ،‬إلا أن يقدر على غيره مما لا شك فيه‪ ،‬فإن صلى‬ ‫به لا من ضرورة إليه‪ ،‬لم أقل بفسادها عليه‪ ،‬ما لم تصح معه أنه نجس على حال‪،‬‬ ‫لأن لأهل القبلة حكم الطهارة في الأصل حتى يصح زوالها‪ ،‬ولا نعلم أنه يختلف في‬ ‫هذا من قول أهل العدل‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وبالجملة في الطاهر والنجس لغيره أن كل واحد منهما على أصله من‬ ‫الطهارة أو النجاسة في الحكم‪ ،‬حتى تصخ فيه كون نقله لما لا يجوز أن يدفع؟‪.‬‬ ‫قال‪ :‬هكذا القول فيهما‪ ،‬وما عداه من رأي في إباحة أو منع في طهارة‪ ،‬أو نجاسة‬ ‫جاز عليهما‪ ،‬فخار ج على معنى الاطمئنانة من إجازة في قربهما من الشيء أو‬ ‫بعدهما‪ ،‬حتى تغلب عليه ما له حكم في الأصل‪ ،‬فينظر في جميع ما في هذا الفصل‪،‬‬ ‫ثم لا يؤخذ منه‪ ،‬إلا بالعدل‪ ،‬والسلام على من اتبع الهدى‪ ،‬والله أعلم('أ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬مصنف هذا الكتاب الراجي من الله جزيل الثواب‪ ،‬وإنما شعر الشيخ العالم‬ ‫العلمة القطب الخبير المجتهد الفهّامة أبي نبهان‪ ،‬قتس الله سرّه‪ ،‬ورفع فخره‪ ،‬فإنه‬ ‫غاية رايه‪ ،‬وهذه خطبته التي اخترعها بالبعض أشعاره‪ ،‬رحمه الله تعالى‪ ،‬وغفر له‪:‬‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم‬ ‫الحمد لله الذي شرح صدور العارفين بأسرار معرفته وصفى مرايا قلوبهم بمفتعلة‬ ‫أنوار صفته‪ ،‬وأسرى بأرواحهم إلى أسماء بهجة جمال عزته‪ ،‬وكشف عن أنفسهم‬ ‫قناع ‏[‪ ]٦٦٧‬الغفلة بإشراق شمس أحئينه واستغرق أقطار أفكارهم بجلال كمال‬ ‫عظمته وأفاض عليهم من خزائن جوده نفحات رحمته‪ ،‬ما أوحشهم به إليه من‬ ‫الأغيار‪ ،‬حتى استأنسوا بمجالسته‪ ،‬واستلانوا خشونة ما استوعره المتزفون من‬ ‫طاعته‪ ،‬والصلاة والسلام على من هو قطب‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٥٢٣‬‬ ‫‪١٧٩‬‬ ‫الملة وسراج منير لأمته محمد النبي‬ ‫وعلى أهل الوفا من صحابته‪.‬‬ ‫أما بعد فإن الله مولى الجميع‪ ،‬سخر لي بعدله لنظم هذه القصيدة حتى كملت بجوده‬ ‫وفضله‪ .‬وسميتها بعد تمامها‪ :‬حياة الرواح‪ ،‬وتقويم الأشباح‪ ،‬وراحة الارتياح في‬ ‫إيضاح مصباح زجاجة مشكاة الاستصباح‪ ،‬وتفحيص تمحيص تلخيص معالم‬ ‫الطريقة‪ ،‬وتقعيد قواعد علم الحقيقة والشريعة‪ ،‬وتعريف معارف حقيقة الحقيقةة‬ ‫وإظهار غوامض أسرار العبودية‪ ،‬والقيام بحق الربوبية قال غيره‪ :‬حدثني الشيخ‬ ‫سعيد بن حسن بن درويش الخروصي‬ ‫أن الشيخ محمد بن الشيخ الفصيح ذي العقل‬ ‫الرجيح سعيد بن محمد الغشري الخروصي حمل هذه القصيدة في سفره للحج فلقيه‬ ‫رجل من البلغاء‪ ،‬فقرأها‪ ،‬فقال للشيخ‪ :‬من قال هذه المنظومة؟ فقال رجل من أهل‬ ‫عمان‪ ،‬فقال له‪ :‬أحي هو أم ميت؟ فقال‪ :‬نعم هو حيَ‪ ،‬وهو يومئذ ليس به شيب‪،‬‬ ‫فقال له‪ :‬ولولا قلت هكذا۔ لقلت أنها من شعر الأوائل فمدحها‪ ،‬وشهد لقائلها‬ ‫بالبر اعة‪:‬‬ ‫الدين دين والمُدان حارس‬ ‫صعب‬ ‫والأمر جدة والجُسومُ هياكل‬ ‫والروخ غيب والخضاضً عساعس‬ ‫ولها صفات رأكبت في ذاتها‬ ‫ولسائر الأعضاء منها كراكس‬ ‫وصفاتها محمودة مهما إذا‬ ‫نور الآلهة للشكاسة طامس‬ ‫ظلامها‬ ‫منادس‬ ‫و النورُ ينسخ‬ ‫طر مسا ‪5‬‬ ‫المقادة والتدان خلابس‬ ‫و النفس‬ ‫فيها للعقول‬ ‫وإذا تجرد سعيها عن عقلها‬ ‫فهي القبيحة والصفات علاجس‪:‬‬ ‫والعقل نورا في الفؤاد مركب‬ ‫وبه الأمور اللوذعي ممارس‬ ‫ومصادر الأسرار من أنواره‬ ‫كلا بهن إلى الخضاض منامس‬ ‫و العلم مظڵ‬ ‫الصبح فره‬ ‫و اضح‬ ‫و الجهل فره في‬ ‫المثال‬ ‫حنادس‬ ‫وله من الرحمن فيه ملهم‬ ‫والحرب بينهما سجال كونت‬ ‫وقرينة تأتيك منه وساوسغ[‪]٦٦٨‬‏‬ ‫فله لذاك خواطر وهواجىرُ‬ ‫وإذا أعنت بك المطيع لربه‬ ‫صرت الولي وأنت أنت جلابس‬ ‫وإذا أعنت عليك حزب طريدة‬ ‫فبذاك أنت لفي العباد لهايس‬ ‫وهناك أنوار البصائر تنطفي‬ ‫لذ تلك عن قصد‬ ‫السبيل مناجس‬ ‫فاجهد بجهدك في علاج عمائها‬ ‫إن العماء إلى القلوب ملاقس‬ ‫والقلب فيه لآلىء مكنونة‬ ‫وكذاك فيه للعلوم مباجس‬ ‫والقلب فيه عجائب وغرائلب‬ ‫وله لفي الملكوت كوثر كانس‬ ‫كل القلوب لمستعة سرها‬ ‫لتجلييات الحق وهي فوارس‬ ‫فيها حجاب مننع مُتكاوس‬ ‫وطريقة التدبير في تنويرها‬ ‫تمحيق ما هو ناكس ومغامس‬ ‫تدقيقها‬ ‫من رق من هو للعلوم مدارس‬ ‫ومراكز الطاعات أربعة لها‬ ‫لدعاملات العالمين مراكيسرُ‬ ‫ودوائر التدوين في تكريسها‬ ‫تثنى بها شطرين يا متعامس‬ ‫شطر تظاهر في الظواهر كونه‬ ‫والشطر منها باطن متراكس‬ ‫وبكل صنف نيط في تفصيله‬ ‫درج لهن تطارذ وتعاكس‬ ‫وبها ضروب العلم فيها مها‬ ‫والعلم بالديان نوع خامس‬ ‫وجميع أنواع العلوم مدينة‬ ‫ببروج أعمال العباد مناكس‬ ‫ومراتب الترتيب في توحيده‬ ‫رتب ثلاث شرحها متكاوس‬ ‫ودقائق التدقيق في‬ ‫والواجبات الجائزات نفائس‬ ‫ومعارف الإيقلن يورث نورها‬ ‫روما لمالك في الحقيقة راكس‪:‬‬ ‫الشهود‬ ‫شهودة‬ ‫لمشاهد الإشهاد فيه مرامس‬ ‫ونموذج الإلطلاف من‬ ‫إحسانه‬ ‫للمؤمنين المحسنين معامس‬ ‫ولطائف الفاقأت لطف‬ ‫سنائها‬ ‫يحضى به الطب اللهيف البائس‬ ‫وموارد الأوراد كلا كلها‬ ‫للواردات مصادر ونبارس‬ ‫وحقائق التحقيق سر" غامض‬ ‫ولعالم الملكوت هن كواسر‪:‬‬ ‫ولها سماء القلب فيه مطالع‬ ‫ولها ميادين النفوس معاكس‬ ‫والحق فرد واللشهود كثيرة‬ ‫ولعالم الإشهاد جم راكس‬ ‫والكائنات فكلها في كونها‬ ‫عين الشهود وللمري_د مقابس‬ ‫وكثايف الأغيار عن تحقيقه‬ ‫حجب بها حجب الجهول الناكس‬ ‫من كان محجوبا به في كونه‬ ‫عن كشف سر السر فهو الخانس‬ ‫من لازم الأكوان لم يفتح له‬ ‫سر من الملكوت إذ هو حادس‬ ‫دع غيره فالغير عفس ضيق‬ ‫والجهل فيه لدى الجهالة حابس‪:‬‬ ‫والكنف سر السر في تفرِده‬ ‫وفرايد التفري_د سر شامس‬ ‫والوهم قيد النفس في تقييدها‬ ‫عن مطلق الإخلاص فهو الخالس‬ ‫وقلائلد التقلربدجهل فاسد‬ ‫و التشكيك لري ل د امس‬ ‫وشهود‬ ‫مشهود‬ ‫و النلن‬ ‫‪١٨٢‬‬ ‫وجميع أسرار الغيوب مصونه‬ ‫عن كل من هو عابر أو عابس‬ ‫والأصل تجريد الهوى عن نفسه‬ ‫وبنفسه تجريدها ياناعس‬ ‫هيهات يحصل بالمنى تحصيله‬ ‫والنفس فيها للعناء مغخارس‬ ‫واخرج من الوصف القبيح بوصفه‬ ‫ولذاك ورصف الحق حقأ طالسرُ‬ ‫غيب وجودك في شهود وجوده‬ ‫تلقاك من عز العزيز فرادس‬ ‫واشهد وجودك ليس منك وإنما‬ ‫في الكون كان مكونأ يتعاكس‬ ‫فبذاك سر السر يشرق سره‬ ‫ببشارق الإشراق يا منقاعس‬ ‫يبدي إليك من الغيوب عجائبا‬ ‫ولها من السر المصون ملامس‬ ‫تغنيك عنك وعن بقائلك في الفنا‬ ‫حتى تغيب و أذ‬ ‫ماحس‬ ‫وإذا حضرت بعز حضرة قنسه‬ ‫فإليك في الأنس النفيس مجالس‬ ‫دونه‬ ‫الفؤاد عضارس‬ ‫ينسيك‬ ‫أنسك كل‬ ‫شيء‬ ‫وتدير أدوار الفناء توكلا‬ ‫ورضاه ترضى هاربا من سخطه‬ ‫ت حي‬ ‫وبه القضاء على‬ ‫دورا‬ ‫اى‬ ‫علد‬ ‫‪4‬‬ ‫ر‬ ‫و ‪5‬‬ ‫ت‬ ‫ة‬ ‫` احس‬ ‫خوف الحجاب وللحضاض مغارسع[‪]٦٦٩‬‏‬ ‫ويسيح قلبك في فسيح عيانه‬ ‫ز هدا‬ ‫فتكون للمعبود عبدأ خالصا‬ ‫عن رق أثار لهن مدانس‬ ‫يعطيك ذاتك بعد ما أفنيتها‬ ‫ة لابس‬ ‫ذ‬ ‫عن‬ ‫<‬ ‫‏‪ ١‬لأدنى وجسمك و ارس‬ ‫‪4‬‬ ‫اذ‬ ‫آ أہ‬ ‫>`‬ ‫لوجود بعدك منك عنك كذاك ما‬ ‫يا رب فاشهد فيى وجودك إنني‬ ‫لوجود غيرك في وجودك قامس‬ ‫‪١٨٣‬‬ ‫‪.‬‬ ‫تقريب أهل القرب إنى واجس‬ ‫قرب بقربك يا قريب تقربي‬ ‫(‪(١‬‬ ‫وله أيضا‪ .‬رحمه الله‪:‬‬ ‫أرى العدل عن لوم العذول هو العدل‬ ‫وقصد الفتى وصل الحبيب هو الدخل‬ ‫وحق الهوى ما صادق في الهوى فتى‬ ‫تحلى به عن خله اللوم والعذل‬ ‫ويصغي إلى قول الوشاة فينشي‬ ‫صدودأ على هجر وفي صدره ثقل‬ ‫وينسى على حفظ حفاظلأ تقدمت‬ ‫قديمأ على عهد قديم لها جذل‬ ‫ويسلو على الهجران من بعد زلفة‬ ‫ويحلو له حال وقد غاله دغل‬ ‫ولا كل من قد رام في الحب شركة‬ ‫ويهنى بشرب‬ ‫أو يلذ له أكل‬ ‫ولو كان عن قلب بريء عن الأذى‬ ‫لأ ورى به وجدا وزاد به الجدل‬ ‫ولو أن نور الحب أورى بقلبه‬ ‫أوار الهوى أمسئ في جسمه‬ ‫وخمر الهوى لو خامر القلب بالجوى‬ ‫لما رده بذل واصدهعكل‬ ‫ولو أند صب شجي من الهوى‬ ‫لما رام غير ‏‪ ١‬لا ولا مسه كل‬ ‫وما راع عن نهج الحبيب بمنهج‬ ‫وإن لج أهل العذل وجَ به الذهل‬ ‫هو الحب سهل في اللسان اآعاؤه‬ ‫على أنه حزن وليس به سهل‬ ‫منيع الحمى لا بالهوينا ولا المنى‬ ‫بلوغ المنى أنى ومن حوله سبل‬ ‫ومنهاجه للطلشنل‘ فرد‬ ‫‏)‪ (١‬انظر القصيدة‬ ‫مكتبة‬ ‫السيد محمد‬ ‫كاملة في ديو ان‬ ‫بن‬ ‫الكمال على مختصر الخصال [ مخطوط‬ ‫أحمد آلبوسعيد ي ‪ 6‬رقم‬ ‫‪.‬‬ ‫ألنيخ المدى فيه فجانبه الطلمل‬ ‫و إنه‬ ‫مد ار ج‬ ‫نحل‬ ‫‏‪/ ٦٠٤‬‬ ‫ص‬ ‫‏‪_- ٦‬‬ ‫‪.٢٠.‬‬ ‫يوجد في‬ ‫وقد حف بالرصاد مرصاده إذا‬ ‫فعن قصده صمد وفي صمده فضل‬ ‫عرفته السالكون لأنه‬ ‫كؤود على من كان في نفسه خبل‬ ‫فلا واصل حبل الوصال سوى فتى‬ ‫تقي نقي باسل مابهنكل‬ ‫ولا كل من رام الهوى ذاق طعمه‬ ‫و لا كل من قد ذاق راق له العل‬ ‫أرى الصادقين الحب صماأ على عمى‬ ‫وباللوم عن روم الحبيب فلا يسلوا‬ ‫لهم في الخلى أنس بذكراه دائما‬ ‫على لذة من دونها العسل النحل‬ ‫يخرتون للأذقان يبكون سجدا‬ ‫يناجونه شوقا‬ ‫لآياتهيلوا‬ ‫يقولون ها هننا إليك فجد لنا‬ ‫بما أنت لا ما نحن حقا له أهل‬ ‫وثبت على الإيمان أقدامنا لنا‬ ‫وزدنا هدئ فالجهل صرماؤه غفل‬ ‫على مدرج الإحسان يعلو فلم يغل‬ ‫ولا تخدنا واشرح ببن صدورنا‬ ‫بأنوار أسرار لألباببنا يجلوا‬ ‫وعن محض جود منك بالصفح جد لنا‬ ‫وبالعفو والغفران إن زت‬ ‫الرجل‬ ‫لك الفضل قد جلت لذحل ذنوبنا‬ ‫فباللطف عاملنا فأعمالنلا قل‬ ‫وقد آدنا حمل الذنوب لأمرها‬ ‫وإصرارنا أصر لنا عنه والد خل‬ ‫وأوزارنا أزرت بنا عن مذاره‬ ‫له الآن قد أبنافتبناولاخبل‬ ‫ولما علي باب الحبيب تضرعوا‬ ‫أقاموا على صدق وأعينهم هُمل‬ ‫وقد‬ ‫ومكن على الإيمان أقدام من مشى‬ ‫بعلم و‬ ‫أعمال‬ ‫ألى‬ ‫وصبر على فرض وندب له نفل‬ ‫ومحبة‬ ‫‪١٨٥‬‬ ‫‪.‬‬ ‫مجئين في تخليص أعمالهم له‬ ‫وصقل لألباب على أثره صقل‬ ‫ينادونه جدا مجَين في الدعا‬ ‫مطيعين عن خوف رجاء فما ملوا‬ ‫مريدين لا حرجأً في عزة لهم‬ ‫ولو جاء كلا ولا همهم جعل‬ ‫تجلى اللهم وجه الحبيب وقد جلى‬ ‫تجليه مجلَى الكل فاندهش العقل‬ ‫تجلى ظهورأ بالصفات لمن يرى‬ ‫وأبدا من الأسماء ما أظهر النقل‬ ‫وأهدى لهم أهدى بيان من الهدى‬ ‫وأسنا جمال من جلال له يتلو‬ ‫وجلى لهم في الكون كل عجيبة‬ ‫بوادي إشارات مبادئ حقيقة‬ ‫لمجلى عبارات لها فانجلى الكل‬ ‫مجالي خفيات بها يسمع الصل‬ ‫ولما تجلى وانجلى كل مظهر‬ ‫على جمع فرق كان واجتبع الشمل‬ ‫وجاوزها علم اليقين إلى سما‬ ‫حقيقيات عين العين وانتسخ الظل[‪]٦٧٠‬‏‬ ‫رأوا كل حسن كان من حسن وجهه‬ ‫كذا كل نور كان من نوره يعلوا‬ ‫ولا شيء في شيء يضاهيه بتة‬ ‫بحال على حال فكيف له عدل‬ ‫فاسم ولا جسم قديم ولامتى‬ ‫وحتى متى لا أين أى ولاكفل‬ ‫ولا أين بعد العين جل جلاله‬ ‫جلالاً تعالى أن يكون له مثل‬ ‫ولم يبق في شيء مجلل لنظرة‬ ‫ولا خطرة فاستغرق الكل ياكل‬ ‫فغاروا ولا عار وضلوا ولا عمى‬ ‫وغابوا فلا فقد وحاروا ولا جهل‬ ‫وهاموا ولا هم لهم غير وجهه‬ ‫بدهر وأيام وليس له فصل‬ ‫على لوعة من علة فرع غلة‬ ‫وأمراض أعراض وليس بهم غل‬ ‫‪١٨٦‬‬ ‫‪.‬‬ ‫وشرب لكاسات تدار على خفى‬ ‫دهاقاً على حال هي الحل والبل‬ ‫فظلوا على صحو سكارى عن الورى‬ ‫على خمرة من حيرة ما لها بدل‬ ‫هُم الناس أحرار عن الكون كله‬ ‫عن القصد ما زاعوا السبيل ولا زلوا‬ ‫وما راعهم من غير سبي قلوبهم‬ ‫نعم لم تلج نعمى وليلى ولا جمل‬ ‫عن العدل صم بل عن الغير في عمى‬ ‫وما لا مهم وقره ولاذابيم سمل‬ ‫وأنى بعين بالظهور لمن خفى‬ ‫تجلر‬ ‫تعالى عن الأشباح في كل حالة‬ ‫ألا إنه فرد وليس لهشكل‬ ‫جوده‬ ‫وبالجود عم الكل كل له كفل‬ ‫العة‪٥‬‏ حصرها‬ ‫وليس بها قل ألاكلها جزل‬ ‫لقد جاد بالإيجاد عن محض‬ ‫وآلاؤه لا يدرك‬ ‫د الك‬ ‫ى فانطمس‬ ‫اللمل‬ ‫على بهجة إلا به فيه يا عقل‬ ‫ولاعقد محلول ولاحل عقدة‬ ‫على عهده إلا له العقد والحل‬ ‫ولا وصل مفصول ولا فصل مفصل‬ ‫على فضله إلا له الوصل و الفصل‬ ‫ولاعامل إلابه عامل له‬ ‫ومن منه فضلاً يكون له الفضل‬ ‫ولا ذرة من منتهى العرش نازلا‬ ‫ولاكئئن إلاوقد كان كونه‬ ‫إلى العرش إلا فعله الفعل والجل‬ ‫بتكوينه جزما وليس‬ ‫له وصل‬ ‫له الخلق في الأفعال والكسب للورى‬ ‫وليس لهم في الرأي سهم ولانصل‬ ‫برى‬ ‫فما بعده بعدو لا قبله قبل‬ ‫اله قديم ذ الم للور ى‬ ‫‪١٨٧‬‬ ‫ع‬ ‫رؤوف‬ ‫‪١‬‬ ‫‏‪7‬‬ ‫ي و‬ ‫رحيم‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫خالق ومصور‬ ‫ر ازق‬ ‫قوي‪.‬‬ ‫الخلق باسط‬ ‫قدير‪ .‬واحد‬ ‫لاله نجل‬ ‫عليم‪,‬۔ حكيم‪ ‘،‬صادق‬ ‫عدل‬ ‫علم‬ ‫جواد‪ ،‬كريم‪ ،‬فاتح كل مرتج‬ ‫قريب‪ ،‬مجيب‪ ،‬من دعاه ولا حض‬ ‫وأنى إلى حصر الصفات جميعها‬ ‫سبيل على الإطلاق كلا ولا كبل‬ ‫فيعطى لمن أعطى جزاء لما ولي‬ ‫وعن محض جود منه كان لنا البذل‬ ‫لذا كان هذا ظاهرا لا خفا به‬ ‫فلا غرو أن يهواه أهل النهى النبل‬ ‫له‬ ‫فلا لوم دع عنك الملالمة يا ندل‬ ‫جهلت الهوى لما عميت عن الهدى‬ ‫وفي هوة أهويت فانقطع الحبل‬ ‫ولو عاينت عيناك معيار ما رأوا‬ ‫أصبحت لا لوم لديك و لا تل‬ ‫وقد أكثر الدعوى أناس وإنما‬ ‫إمارات صدق القول من زورة الفعل‬ ‫سماعاً لما أبديه يا أيها الرجل‬ ‫ألا من علامات المحبين كونهم‬ ‫يرومون ما يرضي الحبيب ولا يألوا‬ ‫وتفريد تقديس وتجريد أنفس‬ ‫وغسل لأردان الذنوب ولا غسل‬ ‫وشكر على فكر وذكر على ضنى‬ ‫ولم يلهه مال بحل ولا أهل‬ ‫وأنس ولا أنس وسعي على رجى‬ ‫وخوف ولا أبن وصدق ولا زل‬ ‫وجهد على بث وجهل على جوى‬ ‫ومن شهد رد الشهيد في عينه كحل‬ ‫وفقد على وجد وفقر على غنى‬ ‫وذل على عز وليس به ذل‬ ‫لعادة‬ ‫وطهق على خرق ومحق ولا عتل‬ ‫ومن رام عذلا للمحبين قل‬ ‫ومن يعي طعم الغرام فقل له‬ ‫وسحق‬ ‫على رفق‬ ‫وخرق‬ ‫‪١٨٨‬‬ ‫وجمع لهسات تكون جميعها‬ ‫ومجموعها فيه جميعا ولا نكل‬ ‫وسكر ولا خمر وشوق ولا شقا‬ ‫وصحو ولا محو وشجو‪ ،‬ولا ثكل‬ ‫نفسه‬ ‫على فعل قدس ما على نحسها عصل‬ ‫بمهمل ولا رجى‬ ‫ونهج لمنهاج يييج ولا هجبل‬ ‫وطي لنشر الكون فاعجب لراحل‬ ‫يسيح على رحل فسيح ولا رحل[‪]٦٧١‬‏‬ ‫وتوقير أهل الحب فيه محبة‬ ‫وتوقير أعمال كما أخبر الرسلأ")‬ ‫ونخل لإخراج النخالة حاميا‬ ‫لعلم حقيقي به يحكم النخلّ")‬ ‫ومال وفي جنب المآل من قد انهلوا")‬ ‫ولو جاد بالدنيا ورضن بروحه‬ ‫فلا مريبة في حكمه أنهنحل‬ ‫وما قد قضى يرضى به كيف ما مضى‬ ‫رضي صفي في رياض الرضا دمل‬ ‫وخلع بوادي‬ ‫ودلج على‬ ‫مهل‬ ‫نعل‬ ‫قدسه‬ ‫وبذل لأرواح وحال وأنفس‬ ‫شجي سخي نايل متبتل‬ ‫ضفي‪ ،‬زكي صادق جائز خل‬ ‫قوي على البلوى يراها له جدا‬ ‫فيمضي وإن أفضى وفي نفسه جذل‬ ‫فنى عن جميع الكون فيه له به‬ ‫له شغل‬ ‫وتوقير أعمال كما أخبر الرسل‪.‬‬ ‫) وتوقير أهل الحب فيه محبة‬ ‫انظر ديو ان نفايس العقيان لأبي نبهان ‘ مخطوط‬ ‫السليمي الخاصةێ ص‬ ‫‏‪.٢٧‬‬ ‫ا"ا وبذل لأرواح وحال وأنفس‬ ‫انظر المصدر نفسه‪ ،‬ص‬ ‫بوجد في مكتبة الدكتور‬ ‫محمود‬ ‫‏‪.٢٧‬‬ ‫"ا ونخل لاخراج النخالة جانبا‬ ‫انظر المصدر نفسه ص‬ ‫ولم ببق في شيء‬ ‫سواه‬ ‫‏‪.٢٧‬‬ ‫بعلم حقيقي به يحكم النخل‪.‬‬ ‫ومال وفي جنب المآل فذاهل‬ ‫بن‬ ‫مبارك‬ ‫فأعجب به صبأً فى قبل موته‬ ‫وفي موته حي وإن عسّه غسل‬ ‫حكى الويل عن محل إلى الأرض كونه‬ ‫فمن شأنه دسشل ومن شأنه محل‬ ‫إذا كنت في هذا كذا كذت صادقا‬ ‫وإلا فدعواك الغرام به سبل‬ ‫ومن قال إن الحب هزل فقل له‬ ‫ألا إنه جة وليس به هزل‬ ‫إذا لم تنق صدق وإياك أن تكن‬ ‫من القائلين الحب ليس له جذل"'ا‬ ‫كفى الآي والأخبار فيه دلالة‬ ‫لمن كان ذا ققب وكان له مقل‬ ‫يحبونه فرع لأضل يحبهم‬ ‫وطاعاتهم أشار فرع له أصل‬ ‫ومن كرمة الإكرام عصر عصيره‬ ‫على عصر أصر الحفد قد لاقه حفلّ(")‬ ‫شراب إلهي طهور كأنه‬ ‫على فرضة لا قلت في أرضه وبل""ا‬ ‫طفى نوره حتى طفى الصبح بالضحى‬ ‫وليل الخفى أضحى نهارا ولا طفل‬ ‫وكل غدا في شربه حسب شربه‬ ‫وأنهى لذاذات النهى في الهوى الثشل‬ ‫حلى في لهى من قد لهى في الخلى به‬ ‫بألحانه في حانه مغرمأ يحلو‬ ‫من الظلم عدل الظلم عن مزجه به‬ ‫وفي ظلمه من ظلمه يرتمي الهيطلل‬ ‫إذا لم تذق صدق وإياك أن تكن‬ ‫انظر المصدر نفسه‪ ،‬ص‬ ‫‏‪.٢٨‬‬ ‫"ومن كرمة الإكرام عصر عصيره‬ ‫انظر المصدر نفسه ص ‏‪.٢٨‬‬ ‫"ا شراب الهي طهور كأنه‬ ‫انظر المصدر نفسه‪ ،‬ص ‏‪.٢٨‬‬ ‫من القائلين الحب ليس له جذل‬ ‫على عصر أصَ الحقل قد لاقه الحفل‬ ‫على فرصة للقلب في أرضه وبل‬ ‫هو النعمة العظمى لمن رام نيله‬ ‫بيبان إيمان وما ناله رذل‬ ‫فيا نعم من وفى فوافاه سالما‬ ‫ولم يرده تحت الردى في الردى جذل‬ ‫وطوبى لمن دارت عليه كؤوسه‬ ‫ويا طيب أسرار لأشاره تحلوا‬ ‫فكن واغلا فيه مديما لشربه‬ ‫فيا حبذا فيه لمن رامه الوغل‬ ‫وذر رأي من قد قال حجرا فإنه‬ ‫من الرأي خال ما له في الهدى خل‬ ‫هي الحل كونه‬ ‫فهذا صحيح والخلاف له بطل‬ ‫هو الحل في أ ض‬ ‫نعم مورد عذب لمن رام ورده‬ ‫وعن ورده ما حللم ر أو كهل‬ ‫ولكنه اكلليم مارام خوضه‬ ‫أخو العجز عن بطل ولا غاصه فضل‬ ‫هنيئا لمن في موجه ساح سائرا‬ ‫وفي ظل من يهواه ضل‬ ‫ولا ييل‬ ‫وطوبى لمن قد مات في قعر بحره‬ ‫فأعلى مقام المرء في بحره السفل‬ ‫ألا إن هذا الحب أول‪٠‬؛عنى‏‬ ‫وألسطه بلوى وآخرهقتل‬ ‫فمن لاعه حرا الغرام فقل له‬ ‫على قول أهل الحب هذا له نحل‬ ‫ومن مات في نار الجوى كان حكمه‬ ‫شهيدا ولكن في الهوى نفسه طل‬ ‫و ل‪`١‬‏ تحسبن‬ ‫قتلاه‬ ‫وله أيضا “۔ رحمه‬ ‫موتى‬ ‫فإنهم‬ ‫الله‪ ،‬هذه القصيدة‬ ‫الغر "ا ء‬ ‫على القتل أحياء وما نالهم قتل("‬ ‫وهي‬ ‫من‬ ‫أجود‬ ‫أشعار ‏‪ ٥‬و أبلغها و أتقنهيا‬ ‫وأسناها‪ ،‬رقيقة المعاني‪ ،‬جليلة المباني‪ ،‬وقد سماها حياة المهج‪ ،‬وشرحها شرحا كافيا‬ ‫على ما ينبغي‪:‬‬ ‫(‪ (١‬انظر القصيدة كاملة في المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.٢٩٢٢‬‬ ‫تبيّن أخي في ا له قولي فإنني‬ ‫على النصح في ذات الإله مع العتبى‬ ‫وأهديه صرفا في عموم أولي النهي‬ ‫كذا في خصوص من عموم أولي القربى‬ ‫وأنى قريب كان ذاتي حقيقتي‬ ‫فنفسي به أحرى بيا وإن تأبى‬ ‫أراها على قبح الصفات ذميمة‬ ‫ومن سؤها تسعى بمسعى الردى دأبا‬ ‫لكون العمى تقلي التقى عن جهالة‬ ‫بربع الهوى ترضى بما يسخط الربا‬ ‫أرى الجهل أمرا كالهوى يجذب الورى‬ ‫إلى ورطة عن فرطة منهم جنبا‬ ‫هو المهمه إلييماء والمجهل الذي‬ ‫به تاهت الدهماء في عمه نهبا‬ ‫كليل دجوجي على أهله سجى‬ ‫فضلوا على تيهاء قيعانه الجدبا()‬ ‫تبين فإن الجهل بالجهل معضل‬ ‫نعم ربما لا يقبلن ثأوه الرأبا‬ ‫‏[‪]٦٧7٢‬‬ ‫هو الخزي والداء القبيح لأهله‬ ‫هو الهوة الدهياء يابئلسها لهبا‬ ‫تنته فإن الأمر ليس بهين‬ ‫وكن في خلاص النفس منتدبأ ندبا‬ ‫تعلم وكن بالعلم له عاملا‬ ‫فذاك العمى يشفي بهذا على غلبا‬ ‫هو العزآفي الدارين فالنور فالأسى‬ ‫مزيل الأذى حقأ لمن رامه وبا‬ ‫فول الجهل فيما ترومه‬ ‫فتردى على خسر كمن أسمه سربا‬ ‫ولا تغضبن مهما هديت عن الردى‬ ‫طريق الهدى واستطرق المنهج اللجبا‬ ‫فأنى ينال المجد والحمد جاهلا‬ ‫ومن كان ذا كبر وبخل زذهى عجبا‬ ‫ولا‬ ‫ا كليل دجوجي على أهله سجى‬ ‫انظر المصدر‬ ‫نفسك‬ ‫ص‬ ‫فضلوا على تيهاء تعبابه الجدبا‬ ‫‏‪.٦‬‬ ‫‪١٩٢‬‬ ‫ومن كان عربيدأ ومن كان حاسدا‬ ‫ومن كان ذا قلب مريض شصى ضبا‬ ‫خذ الحق لا تأباه خذ ما أتى به‬ ‫قريب عدو أو بعيد غدا حبّا‬ ‫فقس هديت النفس من رين جهلها‬ ‫به عاجلا تبحق به الذاب والذنبا‬ ‫وبادر إللى تجريدها عن مزاجها‬ ‫وإخراجها من يم أمشاجها سحبا‬ ‫فإني أراها عن يقين غريقة‬ ‫على قبحها في قعر بحر البلى عطبا‬ ‫وقد كان من أوصافها في صفاتها‬ ‫على العكس كون العكس شرعاً دعى لبا‬ ‫كموت‬ ‫حياة ذلة"‬ ‫ح‬ ‫]‪-‬‬ ‫زة‬ ‫وفقر‬ ‫غناء‬ ‫غبد‬ ‫ة حضرة‬ ‫قا‬ ‫لذا كان عز المرء في ذل نفسه‬ ‫وفي موتها كون الحياة له جأبا‬ ‫وكان الغنى في الفقر منها لربها‬ ‫فبادر إليه تحمذ‪٥‬‏ الغب في العقبا‬ ‫ولا تغفلنڵ عن صقل مرأتها بها‬ ‫وتخليصها من أسر أوصافها هربا‬ ‫فمن لم يجردها بها عن هيولها‬ ‫يكن أمرها مرأتمرًبهشجبا‬ ‫وإن كورت شمس التقى من سمائها‬ ‫يكن كهرها كفرأ كذا شرقها غربا‬ ‫وتسي فتمشي عن عمى في ضلالة‬ ‫فتنهار في جب يلي قعره جبا‬ ‫وإن جليت من رينها قبل حينها‬ ‫تجلت بها أنوار شمس الهدى غا‬ ‫وإن ذر في أفاقها نور صورها‬ ‫يكن كهرها كفرأ وكون الكرى هبا‬ ‫هي الخطب في فحوى الخطاب ولحنه‬ ‫هي البحر بحر قد دهي ياله خطبا‬ ‫طغى بحرها الملح الأجاج وقد رسى‬ ‫به الر والمرجان في قعره رسبا‬ ‫اذا سل من أسماله بعد نسله‬ ‫صرى نوره ديجور بيهورها دحبا‬ ‫‪١٩٣‬‬ ‫يحل درًها جاجأ ومرجانها حصبا‬ ‫ومهما بقي في قشره تحت بحره‬ ‫فأعجب‬ ‫به‬ ‫درا بأضداف‬ ‫قرينيه في قعر بحر الهوى رطبا‬ ‫دجة‬ ‫ومن ذا على إخراجه كان قادرا‬ ‫لأمواجه جزما غدى من‬ ‫عداطبا‬ ‫تبصر أخي في الله فالنفس أمرها‬ ‫ردي وب ئ‬ ‫هي المركب الصعب الفري كأنها‬ ‫مطلي أصوص تستمي إّها خبا‬ ‫هي الجسرة المرطى الجموح وإنها‬ ‫حرون على من كان في نفسه وغبا‬ ‫فمن لم يحملها التكاليف كلها‬ ‫على رغمها أردته عن متنها كبا‬ ‫ومن لم يكن في وردها عن مرادها‬ ‫لها ذائدأ دبت به في البذى دا‬ ‫ومن لم ينهنها عن الغي وسعه‬ ‫هوت في مهاوي المهلكات به رأبا‬ ‫ومن لم يبصَرها بها في منارها‬ ‫يكن رأبها وربأ وإيجابها سلبا‬ ‫ومن زمَّها منعا لها عن مرامها‬ ‫يقدها وإن كانت شكيمتها صبا‬ ‫وإن أم نقع الشرع رومأ له بها‬ ‫رأى ربوة تنهل أنهارها سكبا‬ ‫فإن ذاقها لمظأ لها من نقاخها‬ ‫يجد ذوقها أحلى مذاقاً من الصيبا‬ ‫فلن علها من عنبها بعد نهلها‬ ‫يعد عودها رطبا وأقواعها خصبا‬ ‫وإن غاص في بحر الحقيقات بوحه‬ ‫يجد درة أضفى ومرجانه أربا‬ ‫ومهما صفا في وصفه من صناتها‬ ‫يحل شربها أريأ وآجنُا عذبا‬ ‫فإن غار يومأ فى سما غار قدسه‬ ‫فعن نفسه يفنى بما بعدها يُحبا‬ ‫‪١٩٤‬‬ ‫علقم كله خثشثبا‬ ‫فلن أدرجت في مدرج الكشف روضه‬ ‫رأى في مرايا الكشف نورأ به يسبا‬ ‫فإن فارق الأكوان رومأ له به‬ ‫يصل حضرة من ربه تقتضي القربا‬ ‫فإن شاهد المشهود لم ينظر الورى‬ ‫لما قد يرى ما يدهش النفس والقلبا‬ ‫وطي على نشر وخوف على رجا‬ ‫وقبض على بسط وري على لهبا‬ ‫ورتق على فتق وكشف على عمى‬ ‫ووصل على فصل الصدع طوى شعبا‬ ‫ويضنى على جهد لوجد جرى به‬ ‫إلى حبه فازداد في حته خحبا[‪]٦٧٣‬‏‬ ‫ويمضي فيجري في العرى دائم السرى‬ ‫لس سرى فانصبً في سره صبا‬ ‫سمير الجوى قد ابتل الحب لبه‬ ‫أذاب الهوى من جمرة القلب والتربا‬ ‫حدى عيسه رومأ له لالغيره‬ ‫على ظهر روض الحب مهما دعي لا‬ ‫يجوب الفلا منها بها في مروجها‬ ‫على أوجها عنها بمعراجها هُضببا‬ ‫له‬ ‫بمرصاده حتى ينيخ به الركبا‬ ‫فنى في هواه عن سواه له به‬ ‫وع عن الأغيار في غوره عصبا‬ ‫فسبحان من أسراه عن غيره له‬ ‫وأولاه من أنوار أسراره شربا‬ ‫تجلى ظهورأ بالصفات لذاته‬ ‫إلى طوره فاندنلك من نورها شيبا‬ ‫وجلى له في فرشه نور عرشه‬ ‫وعن نفسه في قدسه مزق الحجبا‬ ‫ولما يزل في‬ ‫طو ى‬ ‫وصفه‬ ‫صمده‬ ‫في‬ ‫طي‬ ‫قاصدا‬ ‫أنبساط‬ ‫وصغه‬ ‫وجلى بأنوار الكمالات سره‬ ‫ومن كل حوب كان حوباءه رابا‬ ‫وأسماه في أعلى سماء العلى قطبا‬ ‫وأورساه من كاسات جريال وده‬ ‫لواسا فأنساه به الشرب والتربأأ")‬ ‫وصفى مرايا باله إذ صفا له‬ ‫وقوى قوى إتقان إيقانه نصبا‬ ‫ونقى من الرين الكثيف جنانه‬ ‫وفي ذروة الإخلاص أفرى له نقبا‬ ‫وأجرى ينابيع العلوم بقلبه‬ ‫وأهدى إليه الكشف في سره وهبا‬ ‫ألا وارتضاه فانتضاه لما مضى‬ ‫عن‬ ‫الكائنات الكل منهيا له هببا‬ ‫فطوبأاه من حب رضي غداله‬ ‫منار المدى مَرئ وغيث التقى أبا‬ ‫وطوبى لمن في نفسه عن صناتها‬ ‫تخلى وجلى‬ ‫هجبا‬ ‫وأرخى إلى مولاه هوجاء نفسه‬ ‫مجدا على وجد لوجد جرى ضربا‬ ‫ولما يزل يرقى بمرقى التقى بها‬ ‫يروم الرضا خوف الشقا إن قضى نحبا")‬ ‫على‬ ‫قوة يلقى‬ ‫الدواهي لدهره‬ ‫قلبه فانجلى‬ ‫ومن صابه أو صابه إن أهي نصبا‬ ‫وكم غمرة يلقى وكم غصة يرى‬ ‫على رغم من كان الزمان له حربا‬ ‫وألى لمن رام العفاد لأمره‬ ‫غصبا‬ ‫() واوساه من كاسات جريال وده‬ ‫ص‬ ‫انظر المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫انظر المصدر‬ ‫نفسه ص‬ ‫سبيلا‬ ‫الى جزم‬ ‫الذ ى‬ ‫مده‬ ‫لواساً فأنساه به الشرب والشربا‬ ‫‏‪١ ٠‬‬ ‫"ا ولما يزل يرى بمراقي النقي بها‬ ‫‏‪.١٠‬‬ ‫يروم الرضى خوف الشقى إن قضى نحبا‬ ‫بلى‬ ‫لن‬ ‫كريد الدهر صب‬ ‫على‬ ‫وأمره‬ ‫مره‬ ‫مر‬ ‫أرين‬ ‫في‬ ‫أزبا ‏(‪)١‬‬ ‫ولكن على جزم رأى حكمه جرى‬ ‫على ملة التلوين أربا من الحربا‬ ‫ويفنى على قرب فأنى صروفه‬ ‫ستبقى بلا أننى ويبقى الذي يُحبا‬ ‫كأنه‬ ‫حبي أهي في مره فانضمى أربا‬ ‫مضى في هنيئات الزمان على الرضا‬ ‫وإن كان قد أولاه من أمره رتبا‬ ‫ية‬ ‫ولسشا رأه عن‬ ‫ين‬ ‫مدى عمره في شكره تحت‬ ‫لمذكوره شوقا لحب دعى رغبا‬ ‫ذكره‬ ‫ولم يلتفت يومأ إليه ولم يكن‬ ‫أراني أراه قد‬ ‫على مضة من عضة يعرف الكربا‬ ‫سرابأ وإني بالسراب إذا يجا‬ ‫رآه حقيقة‬ ‫ثوي في مقامات اليقين على الرضا‬ ‫مريدأ‬ ‫عميد لمولاه‬ ‫لله‬ ‫هنيئا له ياحبذا من سميدع‬ ‫فكن يا أخي في الله ذاك ولا تكن‬ ‫نسى فانتسى عن غيره والها رهبا")‬ ‫به‬ ‫يعب الذي أولاه في حبه نغبا‬ ‫فصئ‪ :‬حفيَ والعصي لهتتا‬ ‫قنوطاً على حال ولا آمنا سربا‬ ‫وذر كل شيء ليس يبقى بحالة‬ ‫فلا خير فيما ليس يبقى لله صحبا‬ ‫نعم كلما يبلي وإن ملك الفتى‬ ‫فلا مرية في حكمه أنه رقبا‬ ‫فدعها فإنها‬ ‫ومن ذلك الدنيا‬ ‫ومن يترك المر المضيق لربه‬ ‫() ولما رآه عن يقين كأنه‬ ‫انظر المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‬ ‫انظر المصدر‬ ‫‏‪.١١‬‬ ‫نشي فانتشى عن غيره والها رهبا‬ ‫‏‪١ ١‬‬ ‫"ا ومن ذلك الدنيا فدعها فإنها‬ ‫انظر المصدر نفسه “ ص‬ ‫يجد ما صفا أحلى بمنزلة رحبا‬ ‫على سرعة في مره يشبه السحبا‬ ‫"ا بلى في مقامات اليقين على على الرضى‬ ‫نفسه “۔ ص‬ ‫تضاهي على حال هلاكأ له جلبأ")‬ ‫‏‪١ ١‬‬ ‫تضاهي على حال هلاجاً كذي جلبا‬ ‫من اليعملات الهوج أعدادها عصبا‬ ‫وتتت بحمد ل خذها كأنها‬ ‫السيد الورع مهنا بن خلفان‪:‬‬ ‫قال المصنف‪ :‬وقد رثيته‪ ،‬رحمه الله‪ ،‬لما توفي بمرثيتين ميميتين‪ ،‬مطلع الأولى‪:‬‬ ‫خىف البدر في وجوه النجوم"ا‬ ‫كسفت للعيون شمس العلوم‬ ‫ومطلع الثانية‪:‬‬ ‫عين تقاسمها البدور همومه( "ا‬ ‫نثزت على شمس العلوم نجومها‬ ‫السيد الورع أبو زهير بن خلفان‪ ،‬الوكيل الفقير‪ ،‬فإنه كان أعمى العينين‪ ،‬بصير‬ ‫القلب‪ ،‬عفيف ناسكأ فقيها حاذق مواظبا للفوض» مقبلا على النوافل‪ ،‬وكان إذا‬ ‫صلى العشاء‪ ،‬رجع إلى بيته‪ ،‬فإن انتصف الليل رجع إلى المسجد‪ ،‬فيصلي ما شاء‬ ‫الله تعالى من النوافل‬ ‫فتدارسه‬ ‫بعد الفراغ تتلا منته بالقرآن الكريم‪ ،‬فإذا أن المؤذن‬ ‫بالفجر۔ وحضرت الصلاة۔ قام إلى المحراب فيصلي بمن حضر للصلاة‪ ،‬ويمكث‬ ‫مقابل المحراب في الدعاء ما شاء الله ‏[‪ ]٦٧٤‬ثم يقبل بوجهه للجماعةة فيق رون‬ ‫الكل ما شاء الله من الأدعية الصالحةة ثم يرجع إلى قراءة القرآن‪ ،‬فإذا بزغت‬ ‫الشنمس‪ ،‬قام إلى المحراب‪ ،‬فيصلي بمن حضر من الجماعة صلاة الضحى‪ .‬ثم‬ ‫يرجع إلى بيته‪ ،‬فيأكل ما شاء الله تعالى من أن يأكله ويمكث بقدر ساعة من ذلك‬ ‫النهار‪ ،‬ثم يرجع إلى المسجد فيعقد للفتوى‪ ،‬فإذا يسأل شفاها أجاب شفاها وإذا‬ ‫وافته مسألة مسطورة في قرطاس‪ ،‬أمر تلامذته أن يقراؤها عليه‪ ،‬فإذا أتم قراءته له‬ ‫القارئ‪ ،‬قال له‪ :‬اكتب الجواب فيملي عليه والتلميذ يكتب‪ ،‬حتى يتم السؤال‪ ،‬ومعه‬ ‫( انظر القصيدة كاملة في المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.١١-٦‬‬ ‫)" بعد البحث و التدقيق تبين أن المرثية المذكورة غير موجودة في أعمال ابن رزيق الأدبية و‬ ‫التاريخية المطبوعة منها و المخطوطةة مما يؤكد أن له أعمال أخرى مفقودة‪.‬‬ ‫"ا بعد البحث و التدقيق تبين أن المرثية المذكورة غير موجودة في أعمال ابن رزيق الأدبية و‬ ‫التاريخية المطبوعة منها و المخطوطة‪ .‬مما يؤكد أن له أعمال أخرى مفقودة‪.‬‬ ‫‪١٩٨‬‬ ‫رجل آخر من الفقهاء يقرأ عليه كتب الفقه على وتيرة واحدة لا يفتر‪ ،‬إلا إذا وافته‬ ‫مسألة سكت عن القراءة‪ ،‬وقرأ عليه السؤال‪ ،‬فإذا أملى عليه الجواب‪ ،‬رجعا إلى ما‬ ‫كانا عليه من القراءة والسماع لها‪ ،‬فإذا انتصف النهار‪ ،‬رجع إلى بيته فيقعد حتى‬ ‫يؤذن بالطهر‪ ،‬فحينئذ يرجع إلى المسجد‪ ،‬فيصلي بالجماعة‪ ،‬فإذا فرغ‪ ،‬قعد لمكان‬ ‫المسألة والجواب‪ ،‬حتى يصلي بالجماعة صلاة العصر‪ ،‬ثم يرجع إلى بيته وهكذا‬ ‫كان منهجه‪ ،‬وسمعت من بعض الناس‪ ،‬أن الشيخ العالم العلآمة القطب الفهّامة أبا‬ ‫نبهان‪‘،‬‬ ‫رحمه الله كان يقول‪ :‬إذا عدم العلم من عمان‪ ،‬التمسوه الآن من مهنا بن‬ ‫خلفان‪ ،‬والله أعلم‪ ،‬أنه قال ذلك أم لا‪ .‬وكان له ولد يسمى زهير‪ ،‬مات قبله فحزن‬ ‫على فقده حزنا شديدأ‪ ،‬وعاش بعده سنيناًى وهو محمود الخليقة حسن السيرة ‪٬‬تثني‏‬ ‫عليه الألسنة وصنف كتاب (لباب الآبار) وهو كتاب شريف كبير‪ .‬يدخل في‬ ‫مجلدين‪ ،‬وتوفي في بلدة مسقط‪ ،‬وقبر في سفح واديها الأوسط وقبره مزار مشهود‬ ‫وقد رثيته لما توفي بمرثيتين ميمية ورائية‪ ،‬مطلع القصيدة الميمية منهما شعرا‪:‬‬ ‫أفل المنير البدر غاض العيلم‬ ‫فالجو من جون الرزية مظلم‬ ‫والأرض تعثر في ذيول حدادها‬ ‫وتخمش الخد البهيم وتلطم‬ ‫لو شمتهم لما توقل نعشه‬ ‫بمناكب كادت أسى تتحطم‬ ‫لظننت والحي الذي انشاك من‬ ‫عمم على أن الذين قضواه)‬ ‫ومطلع القصيدة الرائية‪:‬‬ ‫هذه نجوم دموع الطرف قد أفل البدر‬ ‫وغاض بأحكام الردى العيلم البحرُ‬ ‫ألا فار جمي الصبر الجميل فإن قضى‬ ‫برجمك من عذر وإلا فلا عذر‪)"٬‬‏‬ ‫() بعد البحث والتدقيق تبين أن هذه القصيدة غير موجودة في أعمال ابن رزيق الأدبية والتاريخية‬ ‫المطبوعة منها والمخطوطة‪ ،‬حفظا لنا أبياتأ منها فيى مخطوطته هذه‪.‬‬ ‫(") بعد البحث والتدقيق تبين أن هذه القصيدة غبر موجودة في أعمال ابن رزيق الأدبية والتاريخية‬ ‫المطبوعة منها والمخطوطة‪ ،‬وحفظ لنا من مطلعها البين الأول والثاني في هذه المخطوطة‪.‬‬ ‫‪١٩٩‬‬ ‫أبو محمد ناصر بن جاعد بن خميس الخروصي‪:‬‬ ‫الشيخ العلامة الخير الفهّامة‪ ،‬أبو محمد ناصر بن الشيخ العالم العلامة العامل‬ ‫القطب‬ ‫الرباني أبي نبهان‪ ،‬رحمه الله وبقاءة النسب بينا في رحمة الله المذكور‪.‬‬ ‫كان أبو محمد ناصر هذا متفنن في العلوم جمة‪ ،‬مقبل على التصنيف‪ ،‬وكان يحب‬ ‫الكيمياء وصنعتها‪ ،‬وربما عرفها على أكثر القول‪ ،‬والله أعلم‪ .‬وكان أيضا بليغأ في‬ ‫علم الفقه والفلك والطلسمات وجملة من العلوم‪ ،‬قانعأ مع وجوده ما يكفيه ‏[‪ ]٦٧٥‬في‬ ‫زي الفقراء مع إجلال مع الناس وتفخيم له‪ ،‬لا يبخل بما في يده من مال على‬ ‫الناس‪ ،‬يسأل مع ذلك أو لم يُسأل‪ ،‬ومكث بعمان بعد موت أبيه زمانأ‪ ،‬وصئّف في‬ ‫ذلك المكث كتبا شهيرة‪ ،‬فمن تصانيفه كتاب (الأمين والحق المبين في الرد على‬ ‫المخالفين)‪ ،‬وكتاب (جواب مسألة النصارى)‪ ،‬وكتاب (الإخلاص هو العلم‬ ‫والخلاص من الظلم)‪ ،‬وكتاب (مبتدأ الأسفار في لغة أهل زنجبار)‪ ،‬وكتاب (محك‬ ‫الأشعار)‪ ،‬وكتاب (التهنذيب في النحو القريب)‪ ،‬وكتاب (مبتدأً الكشف في علم‬ ‫الصرف)‪ ،‬وكتاب (ديوان المصطفى في الحكمة)‪ ،‬وكتاب (نظم السلوك)‪ ،‬وكتاب‬ ‫(غاية المنى ونهاية المرتضى)“‪ ،‬وكتاب (المعار ج في علم الزبارج)‪ ،‬وكتاب (سراج‬ ‫الآفاق في وضع الأوفاق)‪ ،‬وكتاب (الرسالة المضمونة في الأشكال المكنونة)‪.‬‬ ‫وكتاب (الرسالة التوفيقية فايلأوضاع الوفقية)‪ ،‬وكتاب (منتهى الكراسات في‬ ‫أسرار الرياضيات)‪ ،‬كتاب (معارف القدسية في تفسير الأرواح الروحانية)‪ ،‬وكتاب‬ ‫(الرسالة المصونة في الأسرار المكنونة)‪ ،‬وكتاب (الستر العلي في خواص البنيان‬ ‫بالتدبير السواحلي)‪ ،‬وكتاب (السز الأعظم في تدبير الحجر المكرم)‪ ،‬وكتاب (التنبيه‬ ‫لديوان المصطفى)‪ ،‬و(رسالة الفوز)‪ ،‬و(رسالة عميرا الكللبي)‪ ،‬وكتاب (تمييز‬ ‫سلامة الحال خير من فنا المال)‪ .‬وهذه الكتب المذكورة‪ ،‬نظمت أسماء من على‬ ‫الأحاد شعرا‪.‬‬ ‫ثم صحب السيد المؤيد سعيد بن سلطان بن الإمام أحمد بن سعيد إلى زنجبار‪ ،‬فأقام‬ ‫فيها مدة‪ ،‬ثم رجع إلى مكة أشهرأ قليلة ثم رجع إلى زنجبار‪ .‬فأقام بها مدة ثم‬ ‫توفي فيها بيوم مطير‪ .‬وهو يوم الجمعة والخامس والعشرين من شهر جمادى‬ ‫الأولى سنة ألف سنة ومائتين سنة واثنين وستين سنة‪ .‬فمن جوباته وقد سأله بعض‬ ‫الناس‪:‬‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم‪ :‬وصلني كتابكما أيها الشيخان‪ ،‬وهذا على جوابكما في‬ ‫الجواب الذي وصل إليكما‪ ،‬لمن سألني عن من وجدت معه وصيته من هالك‬ ‫مكتوب فيها‪ :‬أقر فلان ببيته الفلاني لفلان أن العلماء لا يحكمون بثبوتها‪ ،‬لأنها لا‬ ‫لفظ إقرار تام‪ ،‬ولا لفظ وصية تام‪ ،‬لأن الأمر يقابله أن والوصية تقابلها الباء‬ ‫الزائدة فنعم‪ ،‬هذا هو جوابنا‪ ،‬وبه الذي نعمل‪ ،‬وبهذا كان يعمل والدنا‪ ،‬ويأمر ولده‬ ‫فيها‪ ،‬ويخبره بهذا‪ ،‬لأنه كان يكتب إقرارات الناس‪ 0‬ووصاياهم لمن شاء منه‪ ،‬وهكذا‬ ‫في تأليف والدنا‪ ،‬وقد جمع كتابا فيه أحكام الألفاظ فما جاء في الكتب الشرعيةة وقد‬ ‫رة في كثير مما وجده ثابتا فأبطله‪ ،‬وفي كثير غير ثابت فأثبتهه وفي كثير منها أتى‬ ‫به على وجه التأويل‪ ،‬أنه على غير ما يتوهم الناظر‪ ،‬فلو كان الشريعة كلها على‬ ‫ظاهرها عموما‪ ،‬لما قال هذا بقول رجاء الآخر مما ترد عليه‪ ،‬وإما يكمل نقصان‬ ‫بيان بإليضاحه‪ ،‬وإما ما جاء في كتب الشريعة من أحكام بعض الإقرارات بالشيء‬ ‫أنه إذا كان مثلا أقر إنسان بشيء لفلان‪ ،‬ولفلان‪ ،‬وفلان‪ ،‬وفلان‪ ،‬فيكون الجواب‪:‬‬ ‫يقسم هذا على ثلاثة أقسام‪ :‬للأول ثلثه وللثاني ظلثه‪ ،‬وللثالث والرابع والخامس كلهم‬ ‫ظثه‪ ،‬فهذا وأمثاله موجود في كتب الشريعة كثير‪ .‬والمذكور أقر بكذا بحرف الباء‪،‬‬ ‫فليس المراد هنا بيان أحكام الباء‪ ،‬وإنما المراد بيان أحكام اللام على من دخلت‬ ‫عليه ولمن جاء بعدها معطوفا بالواو‪ ،‬ويجوز له ترك أحكام الباء كما جاز له‬ ‫ترك أحكام النسب وإيضاحه‪ .‬لأنه كذلك أقر فلان بكذا‪ ،‬وكذا لفلان‪ ،‬لا يكفي بصحة‬ ‫الإقرار وبترك بيانه‪ ،‬لأن المراد بيان غيره‪ ،‬فأما بيان أحكام الباء فلها مواضع‬ ‫غيرها‪ ،‬وإن كان بعض العلماء أهمل أحكامها‪ ،‬أو جاء في الكتب كنلك أحكام‬ ‫الورصية‪ ،‬فقد جاء بعده‪ ،‬وأوضح ما عنده فيها‪ ،‬وأصل الشريعة ‏[‪ ]٦٧٦‬منقسمة إلى‬ ‫‪٢٠١‬‬ ‫قسمين‪ ،‬قسم من الدين‪ ،‬فلا يجوز فيه الاختلاف وقسم آخر من الرأي‪ ،‬يجوز فيه‬ ‫الاختلاف ولا تجوز فيه التينونة ولا التخطئة لمن قال بخلافه‪ .‬ولا يجوز للمرء‬ ‫العالم ولا للحاكم أن يعمل‪ ،‬إلا بما يراه في حينه أنه هو الأصح والأقرب إلى الحق‪،‬‬ ‫ولا يجوز لعالم أو لحاكم‪ ،‬أن يلزم الناس طاعة قوله ورأيه في فتواهما‪ ،‬وأما الحاكم‬ ‫العادل الذي يلزم الناس طاعة حكمه عليهم‪ ،‬فيجوز له أن يلزم الخصمين طاعة ما‬ ‫يحكم عليهما في الشيء بعينه‪ ،‬الذي يحكم به‪ ،‬إلا طاعة فتواه‪ ،‬ولا من لم يحكم عليه‬ ‫في شيء۔ لم يحكم به‪ ،‬وإن كان مظه‪ ،‬ولا شك أن هذه المسألة في الوصية من‬ ‫مسائل الرأي التي لا يجوز التينون بها‪ ،‬وإذا كان جوابي فيه‪ ،‬لم أعلم أن أحدأ من‬ ‫العلماء قال بخلاف هذا إذا كنت صادقا ‪ 3‬فمن يعلم يعني أني عالم بالاختلاف‪ ،‬ولو‬ ‫كان قد أجازها مائة ألف عام وأنا لم أعلم‪ ،‬وحكيت بما في نفسي من الصدق فمن‬ ‫أين يقع علي لوم؟ أو ليس موجود في جامع الشيخ أبي سعيد أنه سأله مؤلف الكتاب‬ ‫عن مسألةش فأجابه فيها‪ ،‬وقال‪ :‬فيما حكى عنه‪ ،‬ولا أعلم في ذلك اختلافا‪ ،‬ثم قال‬ ‫السائل‪ :‬وكنت قد سألته عن هذه المسألة قبل هذا‪ ،‬فأجابني فيها بثلاثة أقاويل‪ ،‬و أتى‬ ‫بالأقاويل التي أجابه فيها‪ ،‬وإلى الآن لم أعلم أن أحدأً أثبتها‪ ،‬أقر فلان بكذا بجرف‬ ‫الباء وإذا كان موجود في كتب الشريعة كذلك نظما ونثرا رسمه‪ ،‬ولم ير عليه‬ ‫أحد‪ ،‬فإنما وجود ذلك في بيان أحكام الباء‪ ،‬فما أنا عنه بعمي‪ ،‬ولا إني غير واجد‬ ‫له‪ ،‬ولا أفتى إلا بما صح معي أن أعمل به۔ أو لم يعمل به‪ ،‬فلأالوم الناس فيه‬ ‫لأنه من الرأي لا من الدين‪ .‬وقد نظرت مقالة المعارض‪ ،‬ولم يبن لي حينها لأن‬ ‫الاختلاف جاء بين المسلمين في دخول الباء في كلمة أن ذفي الإقر‬ ‫ار‪ ،‬إذا قال أقر‬ ‫فلان بأن‪ ،‬فجبن بعض العلماء في ثبوتها‪ ،‬وأبطله بعضهم وأثبته بعضهم‪ ،‬فكيف‬ ‫بكذا‪ ،‬ولم يأت بعده أنه‪ ،‬وأبطل بعض العلماء الإقرار بدخول باء إضافة المقر بقوله‬ ‫مثلا مالي وبيتي‪ ،‬ودخول الهاء ماله وبيته‪ ،‬ولا سيما إذا كان المقرور له وارثأً‪ ،‬فلا‬ ‫يثبتونه أكثرهم‪ ،‬وفي الكتب كثيرة موجود من الألفاظ على هذا‪ ،‬يتكلمون في أحكام‬ ‫الوصايا والإقرار‪ ،‬ولا يتكلمون ‏[‪ ]٦٧٧‬في تلك المواضع بأحكام الهاء والياء على‬ ‫‪٢.٢‬‬ ‫هذا لأن لكل موضع أحكام يتكلمون فيه‪ ،‬ولا يتركون الآخر قد تكلموا فيه في‬ ‫موضع آخر والسبب الداعي لهم في إيطال نلك‪ ،‬أن الأمور إذا أثبتت بالإجماع فلا‬ ‫يخرجها عن الإجماع إلا إجماع مه‪ .‬فذو اليد أولى بما في يده بالإجماعخ ولا‬ ‫يخرجه عنه ما دامت شبهة في إخراجه وإن كان في إخراجه عنه اختلاف لم يجز‬ ‫الحكم في إخراجه عند اختلاف لم يجز الحكم في إخراجه منه‪ ،‬إلا بحكم من حاكم‬ ‫عدل‪ ،‬يلزم الناس حكمه في المختلف فيه‪ ،‬لأن ذلك بالإجماع أن حكمه يخرجه عنه‬ ‫والميراث قد يكون بحكم الله في ورثته‪ ،‬وفيه إجماع‪ ،‬والوصية تخرجه بحكم أنه‪.‬‬ ‫ولكن بشروط الاختلاف فيها‪ ،‬فمن أين يجوز لهؤلاء أن يحكموا به‪ ،‬على غير تمام‬ ‫تلك الشروط التي لا اختلاف فيها‪ ،‬ويلزموا الناس أحكامهم‬ ‫التي قد حكم الله بهياأ‬ ‫بأحكام علق الباري تمامها بشروط لم تتم‪ ،‬ووقعت فيه مع العلماء فيها الشبهة‪ ،‬ومن‬ ‫يجوز له اليوم في زماننا أن يلزم الناس حكمه في مختلف فيه لهؤلاء‪ ،‬ثم المبيّن‬ ‫والضلال البعيد‪ ،‬بل الحق عندي أن المقر به في مثل هذه الورقة على هذه‬ ‫الصورة وهو راجع للوراث‪ ،‬ولا عمل عليها‘ حتى تكمل جميع شروطها‪ .‬وإن‬ ‫أجاز بعض العلماء ثبوتها‪ ،‬فإنما يجيزها في الذي يجوز له الحكم في المختلف فيك‬ ‫ويلزم الناس طاعة حكمه أن ينظر لنفسه‪ ،‬إذا رآه حقأ‪ ،‬وإنه هو الأصح معه‪ ،‬وأما‬ ‫لأهل زماننا‪ ،‬فهيهات أن يجوز لهم أن يلزموا الناس ثبوتها من قاض وعالم أو‬ ‫جاهل وإذا لم يلزمهم‪ ،‬ولو حكموا به‪ ،‬وامتنع الوارث من تسليم الحكم‪ ،‬فلا يجوز‬ ‫جبره‪ ،‬ولا المحكوم عليه يلزمه أن يخلصه للمكتوب له‪ ،‬ومن حكمه عليه بذلك‪،‬‬ ‫وألزمه حكمه بغير رضى‪ ،‬فحكم الله الذي لا اختلاف فيه‪ ،‬فهو ضال آثم‬ ‫ظالم‬ ‫للوارث هالك لأنه دان في موضع الرأي‪ ،‬فأين يا أخي ويا أخي الشريعة المطهرة‬ ‫ذاتها بفتح الهاء‪ ،‬والمطهرة لغيرها بكسر الهاء من هؤلاء القبح الرعاع‪ .‬الذين‬ ‫يلعبون بشريعة الديان لعب الصبيان الشبان بالصولجان‪ ،‬وفي الحقيقة هم لا يلعبون‬ ‫بشريعة الله الرحمن‪ ،‬وإنما بشريعة الشيطان‪ ،‬تعالى الله الرحمن‪ ،‬وشريعته علوأ‬ ‫كبيرأ‪ ،‬فلو كانوا أهل فضل وورع‪ ،‬لما نصبوا أنفسهم حكاماً ‏[‪ ، ]٦٧٨‬يلزمون‬ ‫‪٢.٣‬‬ ‫الاس من طاعة أحكامهم‪ ،‬فيما لا يلزم الناس طاعتهم فيه من أحكام الرأي بالحكم‬ ‫القطعي وإن كان يحكم المنع عن التعدي‪ .‬الذي هو حكم الله تعالى‪ ،‬إلى أن يوجد‬ ‫الحكم القطعي‪ .‬فهم لا شك على خلافه في هذه المسألة‪ ،‬لأنه من ترك حكم الله‬ ‫الصريح‪ .‬إلى أحكام لم يصح تصحيحها‪ ،‬حتى لا يكون فيها غير حكم من أحكام الله‬ ‫تعالى‪ ،‬ولسنا نحن من العلماء‪ ،‬أهل العلم والفضل والرزانة والثقل والحكم فلا‬ ‫يرضون لأنفسهم أن ينازلوا أهل الخفة والمباهات والمغالبات بالمجادلات بغير علم‬ ‫بل بالمكابرة للضلالة والظلم‪ ،‬وفي هذا ما يدل على أن هذا المعارض» قليل العلم‬ ‫بالشريعة‪ ،‬إذ لم يعرف أن يفرق ما بين ماله إن يحكم به‪ ،‬وما ليس له مما فيه‬ ‫الاختلاف‪ ،‬وإن ادعى الدينونة في ثبوت فتواه في ذلك‪ ،‬خرج من المذهب الأباضي‬ ‫أصلا وإن ألزم الناس حكم غيره في ذلك دينونة خرج من دين أهل الاستقامة في‬ ‫الدين‪ ،‬وإن كان لا تلزم طاعته في حكمه‪ .‬لم يكن ذلك منه حكمأ‪ ،‬ورجع البيت إلى‬ ‫وارثه‪ ،‬فلا يخرج له من الباطل» إلا أن يرجع الأمر إلى حكم كتاب الله فيحكم به‬ ‫حكما عن التعدي والمقرور له‪ ،‬متى وجد الحاكم الذي يلزم حكمه الناس‪ ،‬كانت له‬ ‫حجته‪ ،‬أو يموت قبل أن يجده فلا حق غير إلا هذا‪ ،‬أو ما سواه باطلل“ إن عرف‬ ‫الحق‪ ،‬والسلام عليكم ورحمة الله‪.‬‬ ‫ومن بلاغته في العربية‪ ،‬وبراعته في النظم والنثر قوله‪ :‬بسم الله الرحمن الرحيم‪،‬‬ ‫سألني سائل عن براعة مطلع هذه المنظومة‪ ،‬من قول الشيخ العارف الحكيم اللغوي‬ ‫البديعي المنطقي النحوي العروضي‪ ،‬المعجز كثيرأ من الشعراء‪ ،‬أهل الفصاحة‬ ‫ببلاغة شعره‪ ،‬والمفخم الجم الغفير من البلاغة فيها‪ ،‬حتى نثره المنطقي حميد‬ ‫محمد بن زريق‪ ،‬نظمها في رجل‪ ،‬ركب ولده اليمً في سفينة بأموال جزيلة‪ ،‬ونهب‬ ‫السفينة وما فيها أهل الظلم‪ ،‬وأخذوا معهم من الأصحاب‪ .‬ثم فسحوا لأصحابها‪.‬‬ ‫ورجعوا إلى أهلهم‪ ،‬سالمي الأحوال‪ ،‬منهوبي الأموال‪ ،‬ورجع الولد كذلك إلى أبيه‪.‬‬ ‫فأرسل إليه هذه المنظومة يسلى آخرة أن ماله من قبل ذهاب أمواله‪ ،‬ويهينه بأوبة‬ ‫الولد على سلامة حاله فقال مبتدئا ببراعة مطلعها‪ ،‬وأوردها على أربع نسخة‬ ‫‪٢٠٤‬‬ ‫الأولى‪ :‬سلامة الحال خير من فناء المال‪ ،‬والثانية‪ :‬من بقاء المال‪ ،‬والثالثة‪ :‬بغناء‬ ‫المال‪ ،‬يخفض الباء وإشباع خفضه ومال إليها‪ ،‬وهي التي أثبتها وتمام البيت ففرق‬ ‫الهم من كثر واقلال‪.‬‬ ‫فقال السائل‪ :‬أما قوله خير من بقاء المال‪ ،‬فقد فهمنا‪ ،‬وأما معنى‬ ‫‏[‪ ]٦٧٩‬قوله خير‬ ‫من فنى المال‪ ،‬فإنه لم يتضح لنا تأويله‪ ،‬إذ فناء المال ليس هو شيء حسن‪ ،‬حتى‬ ‫يكون سلامة النفس منه‪ ،‬وإنما يصح له أن لو صح النظم بقول‪ :‬سلامة الحال خير‬ ‫من سلامة المال‪ ،‬ولكن يختل عليه النظم‪ ،‬وقوله سلامة الحال خير من بقاء المال‪،‬‬ ‫يقرب من معنى ذلك‪ ،‬وكذلك معاني الوجوه الأخرى‪ ،‬وهي مفهومة‪ ،‬وهل هذا البيت‬ ‫فيه كثرة معاني‪ ،‬وهل هو دل على القضية‪ ،‬حتى يصلح لأن يكون بلاغة مطلع في‬ ‫ذلك؟‬ ‫فكان الجواب مني له‪ :‬أنه ليس كل حكمة من الكلام يفهم معناها على البديهة‪ .‬أو‬ ‫تحيط بجميع ما تضمنته من المعاني‪ ،‬عقول أكثر العوام‪ ،‬فإنما ينطبع فحول العلماء‬ ‫في ذلك‪ .‬ولا بت من معرفة قانون الحكمة في تركيب الكلام لنظم المعاني المقصودة‬ ‫به فيه كل شيء في موضعه‘ بعد فهم كل كلمة ما تدل عليه من المسميات بها‪،‬‬ ‫فكلمة خير معناها مفهوم متصور‪ ،‬وقد تكون فاصلة بين شيئين أحدهما الأخير‪،‬‬ ‫كقولك الطاعة لله خير من معصية المولى جل وعلى‪ ،‬وقد تكون تفضيلية‪ ،‬فستعمل‬ ‫في شيئين فاضلين‪ ،‬أحدهما الأفضل من الآخر كقولك تعلم الواجبات قبل وجوبها‬ ‫خير من الاشتغال عنها بكثيرة صلوات التطوع لغير الرويات‪ ،‬أي أفضل وأشرف‬ ‫للمرء وأعلى درجة وأجل كقوله صلى الله عليه وسلم‪ :‬خير موضوع‪ .‬أي أشرف‬ ‫الفضائل‪ ،‬ولكنه كلام محمد‪ ،‬يحتاج إلى التأويل والتخصيص فيما لا يعمه‪ ،‬وقد تكون‬ ‫وصفه‪ .‬فيتم لها الكلام‪ ،‬كقوله تعالى‪;:‬يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد‬ ‫أوتي خيرا وما تذكر إلا أولوا الألباب“»('أ‪ ،‬وقد تكون وصفه فيها دلالة على صفة‬ ‫() سورة البقرة‪ ،‬الآية ‏‪.٢٦٩‬‬ ‫المسمى بها لقوله جل ذكره لإن ترك خيرأ الوصية؛('أ‪ ،‬أي مال واسعأش وقوله‬ ‫تعالى‪ :‬ثإولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير»"ا‪ ،‬أي أموالا كثيرة إنما‬ ‫كنملي لهم‪ ،‬ليزدادوا إثمأ‪ ،‬ولهم عذاب مهين‪ ،‬وقال تعالى في حكايته عن النبي‬ ‫سليمان بن داود‪ ،‬عليهما السلام‪ ،‬حين فاتت صلاة العصر متشاغلا بحب الخيل‪ ،‬إني‬ ‫أحببت جد الخير عن ذكر ربي‪ ،‬حتى توارت أي الشمس بالحجاب ‪ ،‬أي سواد الليل‪،‬‬ ‫فلما قضاها‪ ،‬قال‪ :‬ردوها علي الخيل في أوضح التأويل‪ ،‬إذ قيل إنه أراد بذلك‬ ‫الشمس‪ ،‬أن ترد عليه‪ ،‬وهذا لا يصح فطبق‪ ،‬أي على الخيل سحابأ السوق‬ ‫والأعناق‪ ،‬يضربها بالسيف‪ ،‬فيقطعها من أعناقها وأيديها وأرجلها غضبا لقوة حبه‬ ‫لى ربه سبحانه جل شأنه‪ ،‬ولكملة خير معاني كثيرة في مواضع شتى‪ ،‬لقوله تعالى‪:‬‬ ‫االله خير حافظا“ «إوالله خير وأبقى‪"4‬أ۔[‪]٦٨٠‬‏ إلى غير ذلك ومرامنا الإيجاز‪،‬‬ ‫والاختصار والإنجاز‪ ،‬وإذا كانت كذلك‪ .‬فقول الناظم يصح أن يتوجه إلى جميع‬ ‫وجوهها‪ ،‬التي يصح لأن تكون داخلة فيه في محلها هذا‪ ،‬فإذا فهمت ذلك‪ ،‬فقوله خير‬ ‫من بقاء المال‪ ،‬فمعناه أن يقي سلامة المال‪ ،‬إن كان لا بد من إتلاف أحدهما‪ ،‬والحق‬ ‫أن في إتلاف المال سلامة النفس‪ ،‬ولا سلامتها إلا بذهاب المال‪ .‬وهذا كلام‬ ‫منصورة معرفة معناه في أكثر عقول العوام‪ ،‬فليس هو من المعاني الغريبة‪ ،‬التي‬ ‫يستحق لمختبرها المدح والثناء‪ ،‬إذا ليس في الحقيقة من اختراعاته معنى‪ ،‬وإن‬ ‫اخترعه لفظأه ووجه ثان أن السلامة والبقاء والفناء نطلق على معان شتى‪ ،‬وبعض‬ ‫منها ينقض بعضا منها‪ ،‬فالسلامة للنفس‪ ،‬وقد تكون دينيه‪ .‬وتكون دنياوية صالحةة‬ ‫وقد تكون دنياوية طالحة‪ ،‬فهي على ثلاثة أقسام‪ ،‬وكذلك البقاء للمال‪ ،‬ومع أهل‬ ‫الحقيقة أن لا سلامة للنفس إلا برضى الله تعالى عنها ولا سلامة للمال‪ .‬إلا‬ ‫بإخراجه على قانون الحكمة الشرعية‪ ،‬التي هي الحكمة العظيمة الإلهية في استبقاء‬ ‫(‪ (١‬سورة‬ ‫البقرة‬ ‫الآية‪‎‬‬ ‫‪.١.4‬‬ ‫)" سورة آل عمران‪ ،‬الآية‪.١٧٨ ‎‬‬ ‫)‪ (٣‬سورة يوسف‪،‬‬ ‫الآية‪‎‬‬ ‫‪ ٦٤‬سورة طه‪ .‬الآية‪‎‬‬ ‫‪٧٣‬‬ ‫‪٢.٦‬‬ ‫ما ير ام استبقائه‪ ،‬وإنفاذ ما يحب قد يستحب إنفاذه دينا أو ور اثيا اعتقادا وقو ل وفعلا‬ ‫وعملا وضع كل شيء في محله قال الله تعالى‪ :‬إما عندكم ينفد وما عند الله‬ ‫باق؛(أأ‪ ،‬وقال النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪( :‬يقول المرء مالي مالي‪ ،‬وإنما ماله ما‬ ‫أكل فأفنى‪ ،‬وما لبس فأبلى‪ ،‬وما تصدق به فأبقى)‪ ،‬فتسمي الباقي لهو‪ ،‬وما أنفذه في‬ ‫حب الله تعالى على محبة الله جل وعلى‪ ،‬فصار المنفوذ ما نفذ عليه بتقدير المولىض‬ ‫أو ذهب بتدبين‪ ،‬فصبر الله تعالى صبر المحسنين في طاعة رب العالمين‪ ،‬هو‬ ‫الباقي في الحقيقة‪ ،‬وفي الحكم الحقيقي‪ ،‬ويسمى الفاني في المعنى اللغوي‪ ،‬ويكون‬ ‫قوله سلامة الحال خير من بقاء المال‪ ،‬غير موافق للمعنى الصحيح إذ سلامة‬ ‫الحال‪ ،‬هو خير مع سلامة المال‪ ،‬إذ كان بمعنى أفضل في الأمر‪ .‬أو الخير عن‬ ‫فاعله أو الشكر له على فعله‪ ،‬أو على معنى التعزية فيما أوجب عليه الصبر في‬ ‫بقائه بفواته‪ ،‬أو يصير على هذا المعنى قوله خير‪ .‬أي أفضل من بقاء المال غير‬ ‫متشاكل ولا متوافق۔‪،‬‬ ‫إذا كان المراد به بسلامة الحال‪ ،‬أي سلامة النفس بالحياة‬ ‫الدنياه خير من بقاء المال في حياتها‪ ،‬فليس الأمر كذلك على كل حال‪ .‬لأن أحسن‬ ‫السلامة للنفنس‪ ،‬مع بقاء المال لها مع أهل الحقيقة‪ ،‬ولا سلامة للنفس‪ .‬إلا بالتقوى‪،‬‬ ‫أو بالتوبة إلى عالم اليسر والنجوى‪ ،‬وإلا فبقاء المال لغيره من الصتلج‪ ،‬أخير من‬ ‫بقاء نفس مقيمة على معصية الله ذي الآلاف‬ ‫‏[‪ ]٦٨١‬ولكن قوله سلامة النفس تدل‬ ‫على سلامتها الحقيقية‪ ،‬ولا يوافق معنى هذا اللفظ من خير المال‪ ،‬ولا من سلامة‬ ‫المال‪ ،‬إذا كان بمعنى الأفضلية على كل حال‪ ،‬وإن صح في شيء من الأحوال‪،‬‬ ‫وإن كان المراد في التقدير الإلهي بموت هذا وبقاء هذا‪ ،‬أو بسلامة هذا من الموت‬ ‫وفناء هذا وذهابه‪ ،‬فما قره الباري جل وعلى‪ ،‬فهو الأفضل‪ .‬فلا يصح القول‬ ‫بالعموم‪ ،‬وإن صح في حال فقد لا يصح في بعض الأحوال وإن كان بتدبير الله‬ ‫في ملكه‪ ،‬أن ترك الظالم يفنى شيئاأ‪ ،‬ويترك شيئأ سالماً‪ ،‬والله جل ذكره قادر أن‬ ‫() سورة النحل‪ ،‬الآية ‏‪.٩٦‬‬ ‫يمنعه ويكفه عن ظلمه فلم يكقه‪ ،‬ولم يمنعه‪ .‬وفي الحقيقة أنه لم يقدر ذلك الظالم‪ ،‬إلا‬ ‫بالاستطاعةة التي جعلها فيه جل وعلى۔ فتدبير الله هو الأفضل‪ ،‬والمفعول فيه راجع‬ ‫حكمه إلى حكم منزلته‪ ،‬إن كان على طاعة الله حقا‪ ،‬فذلك الأمر الواقع في نفسه أو‬ ‫ماله فهو خير له‪ ،‬فلا تصح سلامة النفس له على الموت‪ ،‬خير من بقاء ماله على‬ ‫كل حال‪ ،‬إلا إذا كان الواقع عليه كذلك‪ ،‬وإن أريد بالسلامة رضي الله عنهما‪ ،‬فهو‬ ‫وجه صحيحة‬ ‫وإن كان هذا بمعنى الأمر للمخاطب بالبذل للمال‪ ،‬وأراد به التعزية‬ ‫لما فات‪ ،‬والشكر له على فعله‪ ،‬فإن كان على خلاف الشر عض فلا خير في ذلك إلا‬ ‫أن ذكر السلامة للحال دال على أنه على قانون الشرع فهو وجه صحيح‪ ،‬ولكن‬ ‫قوله‪ :‬خير من بقاء المال يتوجه المعنى أن لا يبقى منه شيئأ‪ ،‬فيدل معنى اللفظ على‬ ‫سلامة الحال‪ ،‬هي خير للمرء أن لا يبقى لها في حياتها مال‪ ،‬بل ينفذ كله‪ ،‬وإن هذا‬ ‫هو الأفضل لها‪ ،‬إذ ليس في الكلام من دليل على التبعيض» ولا يصح هذا على كل‬ ‫حال‪ ،‬وإنما يصح إذا كان عليه فيه حقوق‪ ،‬ولم تسلم نفسه إذا بقاء المال ولم ينفذ ما‬ ‫عليه فيصح قوله‪ :‬سلامة الحال أيها المرء خير لك من بقاء المال‪ ،‬إذا كان في‬ ‫بقائه هلاكك نفسك أو كان قد ذهب عليه المال في معاصي الله تعالى وهو عليه‬ ‫دون نفسه حزين» فيقول له المخاطب‪ :‬قم إلى الله وتب إليه‪ ،‬فإن سلامة نفسك خير‬ ‫لك من بقاء مالك بعد ذهابه‪ ،‬فعليها دونه‪ ،‬وكان ينبغي إطالة حزنك‪.‬‬ ‫ووجه ثالث‪ :‬أنه ليس في هذا اللفظ معنى مصرح بأمر‪ ،‬ولا تعزية‪ ،‬ولا شكر‪ ،‬ولا‬ ‫على أن النفس سلمت دون المال‪ ،‬ولا على أن المال سلم دون الحال‪ ،‬ولا على‬ ‫سلامتهما معاً‪ ،‬ولا فنائهما معاش فلم يفد المقصود وما كان غير مفيد‪ ،‬فليس هو‬ ‫بحكمة عليه‪ ،‬إذ يمكن أن يكون النفس هلكت وبقاء المال‪ ،‬فيقال‪ :‬كانت سلامة النفس‬ ‫خير لك من بقاء المال‪ ،‬ويمكن أن يكون المال قد فناء وسلمت النفس‪ ،‬فيقال‪ :‬الحمد‬ ‫له الذي سلم النفس‪ ،‬فسلامة النفس خير من بقاء المال‪ .‬ويمكن أن يكون قد سلما‬ ‫جميعأ‪ ،‬فيقال‪ :‬الحمد لله الذي سلمهما‪ ،‬مع أن سلامة النفس منهما خير من بقاء‬ ‫المال‪ ،‬‏[‪ ]٦٨٢‬ويمكن أن يكونا قد هلكا جميعأ‪ ،‬فيقال‪ ،‬على سبيل التح سر‪ :‬ليتهيما‬ ‫‪٢.٨‬‬ ‫بقاءا وسلما جميعأ‪ ،‬وسلامة النفس منهما خير من سلامة المال‪ ،‬أو من بقاء المال‪،‬‬ ‫وفي التصريح‪ :‬إن كلمة بقاء المال ليس فيها ما يدل على الأمر والإنفاذ‪ ،‬لما كان‬ ‫هذا اللفظ ليس فيه دلالة على شيء من المقصود‪ .‬وإن أمكن استخراج إشارات إلى‬ ‫أشياء‪ ،‬ففيه إشارات إلى معاني صحيحة وغير صحيحةة انحطت مع الناظم رتبة‬ ‫قوته‪ ،‬ولما كان في علم المنطق جواز لفظ يدل على المقصود‪ .‬وإن دخلت فيه‬ ‫إشارات إلى أمور لا يصح إدخالها في أحكام الذي قصده۔ كقوله تعالى‪« :‬إولا تأكلوا‬ ‫مما لم يذكر اسم الله عليه“('أ‪ ،‬وكثير في الكتاب العزيز مش هذا‪ ،‬أجازه هذا الناظم‬ ‫وأثبته‪ ،‬ولما كان لجواز ذلك في مواضع وهي لا تقع الشبهة في لفظة هذا‪ ،‬وافقه‬ ‫فيما يصح وفيما لا يصح وتيسر له لفظ يعم المقصود‪ ،‬ولا يدخل معه۔ إلا ما هو‬ ‫صحيح من المعاني‪ ،‬مال إلى ذلك‪ ،‬وترك هذا۔ فأفهم بيان‪ .‬وأما معنى قوله سلامة‬ ‫الحال خير مع فناء المال‪ ،‬فالمعنى يتوجه أن أفضل سلامتها مع فناء المال ولا‬ ‫يصح ذلك على كل حال وإن قوبل في تأويله بجميع الوجوه التي أوردناها‪ .‬صح في‬ ‫بعض منها‪ ،‬ودخل في معناه ما لا صحة له‪ ،‬وصار معلوما بذلك‪.‬‬ ‫وأما قوله بفناء المال‪ ،‬فقد يكون الباء وبمعنى مع‪ ،‬و في ذلك على ماضي بيانه‪.‬‬ ‫وللكبار مواضع شتى‪ ،‬وقد يكون بمعنى من فيكون القول فيه بمعنى الذي أشتبه‬ ‫عليك معناه‪ ،‬ورمت تفسيره وإيضاحه‪ .‬والتوفيق بيد الله رب العالمين‪.‬‬ ‫بيان‪ ،‬وأما قوله‪ :‬من فناء المال‪ ،‬وهو الذي خفي عليك معناه واضح‪ .‬إيضاحه لك‪،‬‬ ‫أن تعلم معاني حروف من‪ ،‬فإن لها واحد وعشرين موضعا‪ ،‬وقد يكون فاصلا بين‬ ‫اثنين‪ ،‬كقولك‪ :‬هذا خير من هذا‪ ،‬قد يكون غير فاصل وله مواضع‪ .‬أحدهما أن‬ ‫يكون ظرفياً كقولك‪ :‬هذا التر من هذا البحر اليم ويكون ابتدائي لظرف مكان‪.‬‬ ‫كقولك‪ :‬صمت هذا الشهر من أوله‪ ،‬ويكون ابتدائي لظلرف مكان كقولك‪ :‬جئت من‬ ‫مصر وابتدائيأ للعمل كقولك‪ :‬أثبت الصلاة من أولها‪ ،‬ويكون بتبعيضها كقولك‪:‬‬ ‫(‪ (١‬سورة‬ ‫الأنعام‪،‬‬ ‫الآبة‪‎‬‬ ‫‪.١٢١‬‬ ‫شربت من النهر‪ ،‬وقد يجوز حذفه في شيع‪ ،‬ولا يصح في شي»‪ ،‬وأكثر مواضع‬ ‫من يأتي على حقيقة التبعيض‪ ،‬وإن لم يجز حذفه أو جاز‪ .‬فقولك‪ :‬أكلت من هذا‬ ‫الطعام‪ ،‬‏[‪ ]٦٨٣‬يصح أن تقول‪ :‬أكلت بعد هذا الطعام فصار حرف من قائمأ مقام‬ ‫كلمة بعض في بعض من المواضع ولا يصح حذفه من قولك‪ :‬جئت من العراق‪،‬‬ ‫وفي الحقيقة أنه تبعيض‪ ،‬لأنه يصح في كل هذا‪ ،‬وإن لم يخرج إلا من موضع من‬ ‫العراق‪ ،‬ولو كنت قد سرت إليها‪ ،‬ولم تدخل إلا خطوة واحدة من باب العراق‪،‬‬ ‫وصح قولك‪ :‬واسم العراق يخص الكل‪ ،‬ولا يصح التبعيض في كل موضع‪ ،‬مثل‬ ‫قول النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪( :‬العورة من السرة إلى الركبة)‪ ،‬فاسم السرة يعمها‬ ‫كلها‪ ،‬ولا يصح تبعيضها‪.‬فإن قلت‪ :‬ما الفرق؟ قلنا‪ :‬لأنك جئت من أول بقاعها من‬ ‫الجانب الآخر‪ .‬يصح قولك‪ :‬من العراق‪ .‬فيمكن أن يكون أراد النبي‪ ،‬صلى الله عليه‬ ‫وسلم‪ ،‬بقوله من السرة‪ ،‬أي من أولها ومن أعلاها‪ ،‬فجرى الحكم على ما صح‬ ‫إدخاله في كلامه‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فإذا علمت ذلك أن جميع المتوغلين فذي‬ ‫الأشياء الغامضة الدقيقة من علماء أهل الشريعة والحقيقة‪ ،‬وأهل العلوم الغامضة‬ ‫الدقيقة‪ ،‬والحكماء‪ ،‬وأهل البلاغة في الفصاحة والشعراء‪ ،‬وأهل الصنائع‪ ،‬لا‬ ‫يعجزون بعضهم بعضأ‪ .‬إلا بالاختراع ما كان غريبأ حسنا معجبأ من فنه‪ ،‬لم يسبق‬ ‫إليه أحد من قبله فيه وإن كان قد سبقه‪ ،‬ولم يكن معروفا مشهورأ‪ ،‬ولم يأخذه من‬ ‫غيره‪ ،‬وإن ما اخترعه من بصيرة نفسه‪ ،‬فلا بأس» فذلك من حكمه واختراعاته‬ ‫ومعجزاته‪ ،‬إذا كان مفيدأ محكماً‪ ،‬أمره بكمال قانون الحكمة في ذلك الفن وكان في‬ ‫حقه من خرق العادات‪ ،‬عند من عجز عن الإتيان بمظه‪ ،‬فيستحق بذلك المدح‬ ‫والثناء‪ .‬ووصفه به أنه عليم حكيم فيه‪ ،‬فالحكيم فوق مرتبة العليم‪ ،‬وقد يمكن أن‬ ‫يكون المرء عالماً بالشيء‪ ،‬ولا يحكم صناعته‪ ،‬فلا يقدر على إتقانه في الصناعة‪.‬‬ ‫كمن شهد ببصره خطاً حروفه في غاية الحسن والكمال‪ ،‬وأحكم تصوره في نفسه‪.‬‬ ‫ولم يقدر على أن يصوره عملا بيده فهو عليم بحسن صور الحروف‪ ،‬وغير حكيم‬ ‫فيها۔ وكذلك من علم جميع آلات نظم الشعرة ولم يستطع النظم أو استطاعه‪ ،‬ولكن‬ ‫‪٢٩١ .‬‬ ‫لا يستطيع أن يحكمه على قدر قوة علمه‪ ،‬والثناء والمدح يستحقه العليم‪ ،‬ولكن‬ ‫الحكيم أحق به‪ ،‬وأعظم أمره في النفوس‪ ،‬فيرى كل حكيم في العلم والكلام تارة‬ ‫يأتي بكلام مفهوم ظاهره متصور معناه‪ ،‬ولكن في باطنه معاني جليلة تدق على‬ ‫الإفهام‪ ،‬إلا على العلماء والأعلام بقوة الفكر وسهر الليالي والأيام‪ ،‬وتارة يأتي بكلام‬ ‫لفظه غير بعيد في الظاهر‪ .‬ولكن معانيه ملتوية ومتداخلة في بعضها بعض كلما‬ ‫أطال الفكر فيها تلاشى عليه فكره قبل فهمها‪ ،‬وذلك لغموض المعنى الذي ضمنه‬ ‫فيه ‏[‪ ]٦٨٤‬لا عن تعمد في إخفائه‪ ،‬وتارة يأتي من كلم ظاهر متناقض المعنى‪ ،‬أو‬ ‫على غير الوجه الصحيح‪ .‬وفي باطنه الحكمة المفيدة العلية وغالب آيات القرآن‬ ‫العظيم على هذا الصراط الكريم‪ ،‬قوله تعالى‪ :‬ويسألونك عن الروح قل الروح من‬ ‫أمر ربيه ('أ‪ ،‬أي أمر رباني‪ ،‬ولم يخصص الروح بهذا الرصف إلا لأمر غامض‪،‬‬ ‫متى فكر فيه العلماء المكاشفون‪ ،‬كاشفهم الله ببعض معاني ذلك‪ ،‬وقوله تعالى‪}« :‬إنما‬ ‫أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون»("'‪ ،‬كما أمر فتصبح أن له معنى غير ما‬ ‫تفهمه العوام‪ ،‬وقال سبحانه وتعالى‪ :‬بالله نور السموات والأرض م‬ ‫نوره كمشكاة‬ ‫فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة‬ ‫مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية‪ ،‬يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على‬ ‫نور أأ ولو قال‪ :‬مثل نوره كمثل الشمس في الآفاق‪ ،‬لكان أيضا مثلا‪ ،‬وكان أعظم‬ ‫إشراقا ونورأ‪ ،‬ولكن الباري‪ ،‬جل وعلى‪ ،‬لم يضرب المثل هنا لقوة الإشراف‪ ،‬وإنما‬ ‫كان مثله للتمثيل لا للمثال‪ ،‬فإنه لا مثل لنوره في قلب عبده المؤمن أو قلب نبيه‬ ‫محمد‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ .‬فالمراد به التمثيل والتوهيم‪ ،‬فنوره أعظم من الشمس‬ ‫إشراقاً‪ ،‬فلا يصح المثل بها‪ ،‬وهو ضرب بالشمس بضربه للتوهم‪ ،‬أن المراد به‬ ‫أعظم إشراقه‪ ،‬ولما دل أنه أعظم‪ ،‬وبتركه ضرب المثل بالشمس‪ .‬وضربه بما هو‬ ‫(‪ (١‬سورة‬ ‫الاسراء‪،‬‬ ‫الآية‪‎‬‬ ‫‪.٨٥‬‬ ‫"( سورة ياسين‪ ،‬الآية‪.٨٢ ‎‬‬ ‫)‪ (٣‬سورة‬ ‫النور‪6‬‬ ‫الآية‪‎‬‬ ‫‪.٣٥‬‬ ‫‪٢١١‬‬ ‫دونها‪ ،‬دل على أنه لم يرد به عظم الإشراق‪ ،‬وعلى أنه أفضل نورأً من الذي تركظ‬ ‫والم به أن ضرب المش بالشمس داخل‪ ،‬لقوله تعالى‪ :‬لاك نور السموات‬ ‫والألرض‪ ، “4‬لما سمى معرفة دلالة معرفته في السموات والأرض نورأ‪ ،‬وقال الله‬ ‫تعالى‪ :‬للنور السموات والأرض“‪ ،4‬والمفهوم أن نور السموات هي‪ :‬الشمس‪،‬‬ ‫والقمر‪ ،‬والكواكب‪٠‬‏ والبروج‪ ،‬والنجوم‪ ،‬ونور الأرض النار‪ ،‬وأشار بضرب المثل‬ ‫بنوره بجميع ذلك‪ ،‬أن نور الله‪ ،‬الذي هو معرفته‪ ،‬ليس كالأنوار ولا يشبهه شي»۔‬ ‫فلا يصح أن يكون ممثلا بشي ء‪ ،‬ولكن تمثيله في الأشياء أو بالأشياء لبيان معرفته‪،‬‬ ‫جل وعلى‪ .‬منها وفيها وبها يصح‪.‬‬ ‫والوجه الثاني‪ :‬إن ضرب المش بالشمس مع أهل البلاغة في علم المعاني والبيان‬ ‫والمنطق والبديع‪ ،‬ليس هو من غريب الأمثال‪ ،‬لشهرته وشهرة معرفته مع الناس‬ ‫غالبا صغيرا وكبيراً۔ فأتى الباري بأمثال لم تسبق إليها أفهامهم من قبل‪ ،‬فكانت‬ ‫معجزته‪ ،‬سبحانه وتعالى‪ ،‬وقال النبيێ صلى الله عليه وسلم‪( :‬أوتيت مجامع الكلم‬ ‫كرامة خص بها دون الأنبياء ودون الناس أجمعين)‪ ،‬فدل على أنه يضمن في‬ ‫كلامه المعاني ما يسبق على معرفتها الفهم‪ ،‬وما لا يصح معرفتها‪ .‬إلا بأفكار‬ ‫العلماء الراسخين في العلم من معجزات‬ ‫‏[‪ ]٦٨٥‬القرآن العظيم وأهل البلاغة في‬ ‫الفصاحة‪ ،‬تنظم المعاني الكثيرة بكلام موجز منجز في بعض المواضع محذوفأ‪ ،‬فيه‬ ‫بتقدير كلام يدل عليه وعلى معناه الكلام المنظوم لذلك قوله تعالى جل ذكره‪:‬‬ ‫اإألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون‪ ،‬ثم كلا سوف تعلمون»‪%‬أ)۔‬ ‫فكلا هنا بمعنى التأكيد‪ ،‬ثم قال‪« :‬إكلا لو تعلمون علم اليقين“("أ‪ ،‬وكلا هاهنا بمعنى‬ ‫التكذيب لهم‪ ،‬أي كذبتم في مقالتكم‪ ،‬وليس في الآية حكاية قولهم‪ ،‬وإنما كان الجواب‬ ‫لهم دالاً عليه‪ ،‬وذلك أنه لما خاطبهم بما ذكره في أول السورة إلى قوله لإكلاً سوف‬ ‫() سورة التكاثر‪ ،‬الآيه‬ ‫‏‪.٤١‬‬ ‫"( سورة التكاثر‪ ،‬الآية ‏‪.٥‬‬ ‫‪٢١٢‬‬ ‫تعلمون ‪ ،‬كان جوابهم‪ :‬إنا نعلم أن ورائنا حسابا وعقابا وثوابا وجنة ونارا‪ ،‬وإن‬ ‫الجنة لمن أطاعك والنار لمن عصاك‬ ‫فكان جوابه لهم‪ :‬كلا‪ ،‬أي كذبتم في ذلك‬ ‫للو تعلمون عاللميقين»أ'أ‪ ،‬لصورتم الجحيم بعقولكم‪ ،‬ولئن جرتم عن معاصيكم‪.‬‬ ‫وإنما يحكى لهم‪ ،‬إذ يمكن أن يكون قولهم ذلك بلسان الحال من قبح أعمالهم‪ ،‬فأفهم‬ ‫ذلك بيان‪ ،‬وإذا فهمت هذا كله فاعلم أن قول هذا الناظم‪ :‬سلامة الحال خير من فناء‬ ‫المال‪ ،‬هو على معاني كثيرة‪ ،‬وفيه تقدير محذوف ويصح تأويله على وجوه شتىظ‬ ‫وإذا صح له معاني متوافقة متشاكلة مفيدة بفوائد عليه‪ ،‬كانت من معجزات النظم‪،‬‬ ‫وكانت حكمة باهرة‪ ،‬إذ ظاهره لم تفهمه عقول العوام‪ ،‬ولم يعسر عليه فهمه‪ ،‬إلا أن‬ ‫معانيه من غوامض المعاني الحقيقية‪ ،‬التي لا يقدر على اختراعها‪ ،‬إلا من أهل‬ ‫لذلك‪ ،‬ويدخل في معانيه المعاني المقصودة‪ ،‬وهي الأمور الواقعة المشار إليها‪6‬‬ ‫وهكذا شأن العلماء الحكماء فايلكلام‪ ،‬يدخلون في كل مبهم كثيرأ من المعاني‪ ،‬ما‬ ‫هو قاصدها‪ ،‬وما هي خارجة عن المقصد‪ ،‬فيفيد بفوائد أخرى جليلة‪ ،‬الوجه الأول‪:‬‬ ‫الذي هو غير مقصود بإشارة النظم إليه‪ ،‬فيتوجه معنى اللفظ أن يكون مع المرء‬ ‫مال لأعد ائله‪ ،‬ويزيد فناه عليهم بإتلافه‪ ،‬فينبضون نفوسا من أصحابه‪ ،‬إن أتلف المال‬ ‫أتلفوهم‪ ،‬وإن سلم سلموهم‪ ،‬فيقول هذا المخاطب‪ :‬دع عنك فائدة فناء هذا المال‪،‬‬ ‫ويدخل في الحكمة الشرعية فيمن يتلف أمواله لطلب العز والجاه من الناس‪ ،‬وفيه‬ ‫ذل النفس» يدل الإعدام والفقر‪ ،‬أو العقاب في الآخرة بما يفعله في أمواله فيقول‬ ‫المخاطب له‪ :‬سلامة نفسك من ذل الفقر‪ ،‬وهلاك الآخرة خير لك من فناء المال في‬ ‫طلب عز لا تناله إلا بالغفنى‪ ،‬أن فيه الفقر وذل الإعدام‪،‬‬ ‫‏[‪ ]٦٨٦‬وفيه هلاك نفسك‬ ‫في الآخرة‪ ،‬وهو معنى صحيح متشاكل لفظ ومعنا‪.‬‬ ‫والوجه الثاني‪ :‬أن يكون موضع خير هنا خيره تام من فناء المال مبتلياه لمعنى‬ ‫آخر معطوف على الأول‪ ،‬والمعنى في ذلك‪ ،‬أن سلامة الحال هو خير كثيرة‬ ‫() سورة التكاثر‪ .‬الآية ‏‪.٥‬‬ ‫‪٢١٣‬‬ ‫وشرف عظيم للمرء‪ ،‬وقد يكون سبب نيله لها۔ ووصولها إليها من فناء المال‪ ،‬أما‬ ‫كله قد وجب عليه إنفاذه كله من أجل سلامته أو بعضه‪ .‬إن كان الواجب والمستب‬ ‫بعضه‬ ‫على قانون‬ ‫الحكمة الشر عية ‪ .‬بدلرل قوله ‪ :‬سلامة‬ ‫اللف‬ ‫خير‪،‬‬ ‫اذ لا خير ‪ ،‬ولا‬ ‫سلامة‪ ،‬إلا إذا جرت أمورها على حكمة الشريعة والحقيقة فهو كلام محكم اللفظ‬ ‫و المعنى ‘ في ذلك تقديره محذوف‬ ‫وهو ما ذكرناه ‘ إن أر اد ها لأسر‬ ‫و التعزية‬ ‫والشكر لما فعله‪ ،‬وبين قوله‪ :‬خير‪ ،‬وبمعنى الخبرية التام۔ وإن كان من معها وبين‬ ‫معناها أفضل من إنفاذ‪ ،‬لا يمكن في الخبرية‪ ،‬أنه خير لها۔ إلا أن يكون على‬ ‫الطريق المستقيم‪ ،‬وإما أفضل‬ ‫فيمكن أن أراد به أفضل من الآخر معه‪ ،‬وكلاهما‬ ‫مع أهل الحقيقة غير فاضلين‪ ،‬إذ أحدهما فاضل‪ ،‬والآخر لاا لقوله تعالى‪:‬‬ ‫لإويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم لكاذبون»('أ‪ ،‬فإن قلت كذا يمكن أن يرى‬ ‫شيئا من الأمور خيرا‪ ،‬وهي من الشر‪ .‬والضر۔ قلنا‪ :‬نعم‪ ،‬ولكن في الحقيقة إن‬ ‫الخير خير‪ ،‬وإن الشر شر وإن حسبه الجاهل غير ذلك‪ ،‬فلا يستحيل تحقيقه‪ ،‬و أما‬ ‫التفضيل ‪ ،‬فهي من أحكام المفضل وقد يمكن فيه الغلط ويمكن حينه العدل‪.‬‬ ‫والوجه الثالث‪ :‬أن يكون من بمعنى البعض‬ ‫ذكر ها في التبعيض “ فيكون‬ ‫المعنى ‪ :‬لن سلامة‬ ‫ويكون معناه على الوجه الذي قدمنا‬ ‫الحال خير‪،‬‬ ‫اما بمعنى ‪ :‬هي‬ ‫فضل‬ ‫كثير للمرعء‪ ،‬أو بمعنى‪ :‬أفضل فهما وجهان للوجه الثالث‪ ،‬وتقدير الكلام لبيان‬ ‫المعنى‪ ،‬إذا كان ينلها۔ وسبب وصولها من بعض فناء المال‪ ،‬وبفناء المال المال‬ ‫بأداء الواجب والتوسل والمستحب على محبة الله تعالى‪ ،‬ويكون ذلك إشارة إلى‬ ‫معنى قوله تعالى‪ :‬طللن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون أيما تحبون»(") بدليل‬ ‫قوله‪ :‬لولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما‬ ‫محسورا؟"'‪ ،‬وإلى معنى قوله‪ :‬لإالنين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا‬ ‫() سورة المجادلة الآية ‏‪.١٨‬‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫سورة‬ ‫أل عمران‬ ‫الآبة‬ ‫‏‪.٩٢‬‬ ‫)‪ (٣‬سورة الإسراء‪ ،‬الآية ‏‪.٢٩‬‬ ‫‪٢١٤‬‬ ‫وعلانية»('أ‪ ،‬فإن قلت‪ :‬‏[‪ ]٦٨٧‬أوليس يدخل فيه معاني الاتفاق على غير حب الله‬ ‫كلما قلت أولا فأقول‪ :‬إنه صح فيه المعنيان في وجه واحد الخيري‪ ،‬والتفضيلي‪،‬‬ ‫خرج عن جميع المعاني التي لا تستحب‪ ،‬فهو كلام محكم لفظأ ومعنى بغير حال‪٠‬‏‬ ‫مع أنه يصح أن يكون المراد به بفناء المال كله‪ ،‬أو بفناء بعضه على ما وجب في‬ ‫الحكمة الشرعية‪ ،‬ولأنه أشار إلى معاني الآية الكريمة وتصح فيه أن يكون بمعنى‬ ‫الأمر والشكر له على ما فعله أو التعزية على ما فاته بتقدير الله أو بالظلم‪ ،‬وهو‬ ‫في الحقيقة من تدبير الك‪ ،‬فيصير ذلك بصبر لله فيه فناه في حقه لله‪ ،‬إذ قيل‪ :‬إنما‬ ‫يوجب على المؤمن بظلم‪ ،‬وهو أفضل له من صدقة التطوع في بعض الأحوال‪،‬‬ ‫فيكون قول الناظم بهذا المعنى إشارة إلى قوله تعالى‪ :‬ولنبلونكم بشيء من الخوف‬ ‫والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات‪ ،‬وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم‬ ‫مصيبةة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة‬ ‫وأولئك هم المهتدون“»("أ‪ ،‬فلن ينالوا هذه الدرجة‪ ،‬إلا من فناء بعض أموالهم‬ ‫ونقصها‪ ،‬وذهاب ما ذهب منها‪ ،‬فإن قلت‪ :‬إن فناء المال لا يطلق عليه بالفناء‪ .‬إلا‬ ‫إذا فناء كله‪ ،‬فأقول‪ :‬إن وضع حرف من هنا‪ ،‬تصح أن يكون ظرفية‪ ،‬بمعنى‪ :‬في‬ ‫فناء المال‪ ،‬ويصح أن يكون تبعيضية‪ ،‬أي من بعض فناء المال‪ ،‬فقد‬ ‫بعض الفناء‬ ‫بحرف من‪ ،‬كما يقال حبيت من البصرةة أو من فناء البصرة‪ ،‬ومراده من بعض‬ ‫بقاعها أو بقاع فناها‪ ،‬والمراد هنا بالفناء‪ :‬الفضاء الذي يكون حول الشيع‪ ،‬ففناء‬ ‫البصرة‪ :‬فضاها الذي هو حول البلدظ وإن كان الاسم يعم البصرة‪ ،‬أو يعم الفغفاء‪،‬‬ ‫والتبعيض جائز‪ .‬وإدخال الكل جائز‪ .‬لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪( :‬العورة من‬ ‫السرة إلى الركبة)‪ ،‬وقد يكون في بعض المواضع حديةة لا يدخل فيها المحدودة‬ ‫ولكن بتقدير الكلام محذوف كقولك‪ :‬مالي من حد جدار هذا البيت‪ ،‬ومعلوم أن‬ ‫الجدارين والبيتين ليسا هما لك‬ ‫() سورة البقرة‪ ،‬الآية ‏‪.٢٧٤‬‬ ‫"( سورة البقرة‪ ،‬الآية ‏‪١٥٥‬‬ ‫وتقدير الكلام‪ :‬من بعد هذا الجدار‪ ،‬فإن قلت كذلك‬ ‫‪.١٥٧‬‬ ‫‪٢٩١ ٥‬‬ ‫قوله‪ :‬خير من بقاء بعض هذا المال‪ ،‬تصح أن يكون بعضية‪ .‬فأقول قوله‪ :‬سلامة‬ ‫الحال خير من بقاء المال‪ ،‬تدل على أن الأفضل ولا يبقى ما بقاء من ذلك المال‪،‬‬ ‫فلا يدخل فيه المعنى المقصود بين تبعيض الفناء وتبعيض البقاء‪ ،‬في هذا الموضع‬ ‫بون بعيد بيّن‪ ،‬ويدخل في قوله‪ :‬خير من فناء المال‪ ،‬جميع الوجوه الصحيحة التي‬ ‫ذكرناها أولأ‪ ،‬وتنظر ذلك إن فهمت التقدير معنى ذلك‪ :‬إن سلامة المال خيرأ‬ ‫كثيرأ‪ ،‬أو أفضل إذا كان نيلها ووصولها ‏[‪ ]٦٨٨‬من فناء المال‪ ،‬أو من بعض فناء‬ ‫المال‪٬‬و‏ ما لم يذكر الأموال‪ ،‬وإنما ذكر المال‪ ،‬دل عليه أنه لم يرد جميع أمواله‬ ‫ولما صح دخول كلمة بعض من المعنى‪ ،‬صح فيها التقديم والتأخير إلى إدخالها‬ ‫على كلمة فناء‪ ،‬وأعلم أنه لا يخاطب بالأموال‪ ،‬إلا أهل الأموال‪ ،‬ولا سلامة لهيما۔‬ ‫إلا بنفاذ أموالهم كلها‪ ،‬أو بعضها على موجب الشرع الشريف عليهم‪ ،‬فهم لا ينالون‬ ‫السلامة‪ ،‬إلا من فناء أموالهم‪ ،‬ويدخل في معنى لفظه الاستدعاء على الظالمين‬ ‫بالأوبة إلى رب العالمين‪ ،‬والتعزية بالصبر للمظلومين لله رب العالمين‪ ،‬والحث‬ ‫للفريقين بالدخول مع الصابرين‪ .‬والترغيب للقاصدين ببذل الواجب‪ .‬والمستحب من‬ ‫أموالهم في حب الله رب الخلائق أجميعن والتهنئة والشكر للواصلين‪ ،‬ويدخل في‬ ‫معناه سلامة الحال من المذمة الدنياوية والدينية المطلوب بحبها‪ ،‬إنما يحصل من‬ ‫بذل المال‪ ،‬ولعمري إن جميع الدرجات العلية لا تنال إلا بفناء المال‘ من تعليم‬ ‫العلم‪ ،‬وقيام المملكة‪ ،‬وعمارة الدنيا والدين‪ ،‬وهذا بحر عظيم ليس لنا قدره على‬ ‫إحصاء تعداد ما لا تنال فيه سلامة الحال‪ ،‬التي هي الخير الأعظم إلا بالمال‪،‬‬ ‫والعالم تكفيه الإشارة‪ ،‬فهو كلام موجز منجز معجز‪ ،‬فالله دره من حكيم ما أبصره‪،‬‬ ‫وسبحان من أجراه على جنانه‪ ،‬وأخرجها هذا الناظم بلسانه‪ .‬حكيم عليه في الوجود‬ ‫بوجود واجب الوجود‪ ،‬فلن تأتي على تأويله من أي وجه من وجوهه‪ .‬إلا وتجده‬ ‫محكما لفظأً ومعنى وإذا كان كذلك‪ ،‬أفلا يكون صالحا لبراعة مطلع‪ ،‬وهو من‬ ‫معجزات أهل البلاغة في قوة الفصاحةة فإن قلت‪ :‬إن أكثر معانيه خارجة عن معنى‬ ‫الواقع‪ ،‬فأقول هكذا أشاد شأن أهل القوة في الفصاحة يضمنون في كلامهم المقصود‬ ‫‪٢٦‬‬ ‫حكمة مفيدةش كما قال الله تعالى‪ :‬فإن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها“('أ۔‬ ‫وذلك لما استفتح النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬مكة‪ ،‬وغلب أهلها‪ ،‬وأسلموا ل جل‬ ‫وعلى‪ ،‬وغلب علي بن أبي طالب على الشيبي""أ الذي معه مفاتيح الكعبة وأخذها‬ ‫من يده‪ ،‬وأراد الله أن ترد إليه‪ ،‬لشرف الإسلام‪ ،‬لئلا يكون شرفه وهو في حال كفره‬ ‫أعلى في النظر مع الناس في حال إسلامه‪ ،‬وفي حال طاعته وشكره له جل جلاله‪.‬‬ ‫أنزل المولى هذه الآية في ذلك بلفظ العموم في أداء الأمانات‪ ،‬فإن قلت‪ :‬إن قول‬ ‫الناظم في صورة الخير لا في صورة الأمر‪ ،‬فلم دخل فيه الأمر‪ ،‬فأقول‪ :‬يصح ذلك‬ ‫من قوله سبحانه وتعالى جل شأنهالحمد له رب ‏[‪ ]٦٨٩‬العالمين“("أى فيي في‬ ‫صورة الحكاية عن أفعاله إنها كلمة حمدة وفيه إشارة لعباد الله لزوم حمده وشكره‬ ‫على ما وجب عليهم‪ ،‬كل عبد على ما لزمه‪ ،‬ولو لا خوف الإطالة لشنلرحت معنى‬ ‫هذا البيت مجلدأ تامأ‪ ،‬فلا شك أنه من المعجزات في براعة المطلع‪ ،‬لكماله فيى كل‬ ‫شرط من شروطها‪ ،‬أن يكون قائما بذاته‪ ،‬تام المعاني‪ ،‬وإنه كذلك‪ ،‬وإن يكون معاني‬ ‫المصراع الثاني مساوية لمعاني المصراع الأول مشاكلا له وتتمته لمعانيه‪ ،‬وقائما‬ ‫بذاته إن أمكن‪ ،‬فهو الأقوى‪ ،‬وإلا فهو وجيز تصح ويكون أدنى قوة وأن يكون‬ ‫مشيرا إلى ما سنذكره في النظم‪ ،‬سلس النظم والقوافي‪ ،‬غير مرخص فيه بالرخص‬ ‫لرهنه مع أهل الفصاحة وإنه المتقن في جميع ذلك فإن قلت‪ :‬قد فهمنا جميع ما‬ ‫ذكرته لنا‪ ،‬واتضح لنا صوابه‪ ،‬إلا قولك‪ :‬إنه من شروط براعة المطلع أن يكون‬ ‫الجزء الآخر منها متساو في كافة المعاني للجزء الأول منه‪ ،‬فلم يصح لنا أن هذا‬ ‫البيت هو هكذا إذا كانت جميع هذه المعاني يحتويها الجزء الأول‪ ،‬فما ترى كذلك‬ ‫() سورة النساء‪ ،‬الآية ‏‪.٥٨‬‬ ‫ا" الشيبي‪ :‬شيبة بن عثمان بن أبايلطلقحةرشي‪ ،‬من بني عبد الدار‪ ،‬صحابي من أهل مكةة أسلم يوم لفتحض‬ ‫وكان حاجب للكعبة في الجاطية‪ ،‬ورث حجابتها عن آبائه‪ ،‬وأقره النبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم على ذلك‪ ،‬ولا‬ ‫يزال بنوه حجَابها إلى اليوم‪ .‬انظر الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام‪ ،‬ج ‏‪ ،٣‬ص‬ ‫"ا سورة الفاتحة الآية ‏‪.٢‬‬ ‫‪٢١٧‬‬ ‫‏‪.١٨١‬‬ ‫الجزء منه بيان‪ ،‬فأقول‪ :‬إن التأويل قوله‪ :‬فغرف الهم من كثر وإقلال من المعاني ما‬ ‫لا قدرة لذي بال‪ ،‬أن يأتيها قاصيها على كل حال“ لأن تغرف الهم وتلاشيه وذهابه‬ ‫من كثر وإقلال عن النفس حاجب عن رضي الله تعالى‪ ،‬إذا تشاغل عن ذكر الله‬ ‫المولى جل وعلى‪ ،‬إلى ما هو الأحرى والأولى‪ ،‬وصرف المحبة والرواية والإرادة‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬مما يأتي على جميع الإسلام والإيمان والإحسان من التوبة من جميع‬ ‫المظالم‪ ،‬وإخلاص العمل على ما لزم‪ ،‬أو استحب قولا وفعلا واعتقاداه مع ترك‬ ‫المحرمات والمنهى عنه دنيا في موضع الدينونة‪ ،‬ورأينا في موضع الرأي‪ ،‬وفرضا‬ ‫محله ونقلا في موضعه والسلوك جد ذلك في طرق الحقيقة من طرق التجريد من‬ ‫كل شيء قل‪ ،‬أو كثر على الإطلاق مما هو حاجب التوحيد‪ ،‬ثم الترقي إلى‬ ‫حضرات الله المجيد من حضرات الفرق‪ .‬وفرق الفرق إلى حضرات الجميع وجمع‬ ‫الجمع‪ ،‬بسفر النفس إلى حضرات ا له من جهة عالم الغيب‪ ،‬بطرق الفناء وطرق‬ ‫البقاء بعد الفناء‪ ،‬وطرق المحبة لله وبالله ومن الله إلى الله في كل شي۔‪ ،‬لأن قوله‬ ‫من كثر وإقلال‪ ،‬يؤدي معناه إلى جميع ذلك‪ ،‬وهذا بحر عظيم واسع لا تحتمله كتب‬ ‫الشريعة والحقيقة فإن تعجب من لفظة هذا‪ ،‬وما تضمنه من المعاني“ فلا عجب‬ ‫منك‪ ،‬فإنه العجب‪ ،‬وأعجب إن تعجب‪ ،‬فإنه في الحقيقة لا قدرة لمخلوق على شيع‪.‬‬ ‫وإنما هو قنطرة‪ ،‬‏[‪ ]٦٩٠‬والله هو الفاعل على الحقيقة‪ ،‬وإنما جعل الخلق وسائطأ‪.‬‬ ‫لإبداع ما أراد إبداعه بأعمالهم وأفعالهم‘ وهو على كل شيء قدير‪ ،‬والله خلقكم وما‬ ‫تعملون لذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم(" يؤتي الحكمةة‬ ‫ومن يؤتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرألوما ينكر إلا أولوا الألباب؟"")‪ ،‬والتوفيق بيد اف‬ ‫ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‪ ،‬فصلي اللهم على محمد وأله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫وقال ابن رزيق يعرض بهذه السيرة ببعض إخوانه الموجئين بصهاد أضغانهم قلبه‪.‬‬ ‫وهي على سبيل العتب‪ ،‬لما رأى منهم من النصب وهم الذين قد عابوا مستهل‬ ‫(‪ (١‬سورة‬ ‫الحديد‪،‬‬ ‫الآية‪‎‬‬ ‫‪.٢١‬‬ ‫"( سورة البقرة الآية‪.٢٦٩ ‎‬‬ ‫قصيدته المذكورة فأفهم صورة السورة أيها الإخوان الكرام‪ ،‬وحتى متى الشينئان‪،‬‬ ‫وتسعون إلى انحصاص ريشى۔ ولا أنساب إليكم بكشنيشى وأزونكم برياضية‬ ‫وتعرضون عن جواهري وإعراضيي وتفرجون بأتراحي‪ ،‬وتترحون بأفراحيظ‬ ‫وأرق ما تقتفون‪ ،‬وأرق ولا ترقون‪ ،‬والعلقم والعسل‪ ،‬وتقونني الأسل‪ ،‬ومتى عليكم‬ ‫قد أنيت‪ ،‬بهجركم انثنيت‪ ،‬أبيت أناجي البال عن السبب والعلة‪ ،‬فلم أحصل من غلكم‬ ‫على غلةة فإن يك ضغنكم لما تفوقه قرائحي‪ ،‬وما لبس من ورود‪ ،‬فاسألوا اللابسين‪،‬‬ ‫لتنسوا غير عابسين‪ ،‬هل عندهم قدر در الرجز‪ .‬إلا كالخرز‪ ،‬وهل يحصل من‬ ‫إنجاز مجازاتهم‪ ،‬إلا لكل من عوز إيه أحقد جامد وسوق كاسد‪ ،‬وأضغان بائنةة‬ ‫وتجارة بائرة‪ ،‬فما لمن كلما أبرمت نقضتم‪ ،‬وإذا أقبلت أدبرتم ونكصتم‪ ،‬تحبون‬ ‫الهدم لبنائي‪ ،‬وتغنون إذا حصل لكم عنائي‪ ،‬فهل هذه سجية أهل الصفاء‘ وسجج‬ ‫أهل المروعة والوفاء‪ ،‬كلا‪ ،‬ولكنها عجرفة سنكفة‪ ،‬وآراء عن الرشد منحرفة‪ ،‬ترسل‬ ‫لئلاف حصاة قذاف وتعاف بعد الاعتراف اقتراف الانصفاف‪ ،‬ولقد صدق القائلل‬ ‫المفضال‪ .‬لأن الحمق لهو الداء العضال فيا للعجب لسجناء بلا سبب‪ ،‬ولعمري إن‬ ‫لي قلبأ منطبعاً بقالب المحبة لأهل الانقلاب‪ ،‬مقرج من تجرد مقته مركب الشكر‬ ‫وبسيط الارتياب‪ ،‬يغضب إن سمع بسمعة بما يغضبهم‪ ،‬ويفتك زنده بجشاشة من‬ ‫يظبهم‪ ،‬فإلى هذه النوازل ولا نوازل‪ ،‬وختام هذه الزلازل ولا زلازل‪ ،‬ولقد أتت من‬ ‫قبل هذا الشأن‪،‬‬ ‫‏[‪ ]٦٩١‬عجرفة منهم ترفعها بتسلسل الأخبار أهل المقة عنهم أبيات‬ ‫قريضية مسحنكلة محضية‪ ،‬قولهم وليته لا كان‪ ،‬نسيء الجميل‪ ،‬وضيع الإحسان‪ ،‬فلم‬ ‫يك جوابي الذي هو من المثظبة بون‪ ،‬ألا أيها الخل ترفق‪ ،‬والأحاديث شجون‪ ،‬مقتي‬ ‫فيك فنون‪ ،‬وأهاجيك فنون‪ ،‬فانظر أيها اللبق البصير‪ ،‬والنلق النحرير‪ ،‬أين هذا من‬ ‫ذلك‪ ،‬وهل ترى مقال ذلك‪ ،‬إلا حالك‪ ،‬لكنني أقول‪ :‬متمثلا بمقال من لهم عقل‬ ‫ومعقول‪ ،‬وسالك صراط منهجهم الحقيقي‪ ،‬حين قال قائلهم‪ ،‬وبالله توفيقي‪ ،‬شعر أ‪:‬‬ ‫وكنت إذا الصديق أراد غيظلي‬ ‫على حنق وأشرقني بريقتي‬ ‫غفرت ذنوبه وصفحت عنه‬ ‫مخافة أن أعيش بلا صديق‬ ‫‪٢٩‬‬ ‫ألا فاعلموا أيها الإخوان الخاصين‬ ‫يكون مني كما هو منكم كان مكان‬ ‫إنني لن أشايع فيكم المناوئين الناكصين‬ ‫كلا‪ .‬والذي رفع السماء‪ ،‬ووضع‬ ‫ولا‬ ‫الميزان‪،‬‬ ‫واعلموا أنها عفة من خشية بمواراة‪ ،‬ومديد يد مروة من غير مداراة‪ ،‬بهذا يشهد ذو‬ ‫الكرم والجود‪ .‬الباري المصور الواجب الوجود المسلم السلام‪ ،‬والسلام‪.‬‬ ‫ومن كلام الشيخ العالم ناصر بن الشيخ العالم العلامة أبي نبهان جوابا للشيخ ناصر‬ ‫بن سليمان بن عبيدان‪ ،‬لمًَا سأله عن كيفية صناعة الحكمة المسماة الكيمياء في‬ ‫الصغرى فالبيضاء الله تجلها الثقلان‪ ،‬فقال في أول كتابه له مع تجوابه‪ :‬بسم الله‬ ‫الرحمن الرحيم الحمد لله العظيم وصلى الله على سيدنا محمد النبي الكريم‪ ،‬وعلى‬ ‫آله وصحبه وسلم‪ ،‬أفضل صلاة وتسليم‪ ،‬أما بعد‪ .‬وصلني كتابك أيها الشيخ الكريم‬ ‫والمحب الحميم‪ ،‬ناصر بن سليمان العبيداني‪ ،‬فهمك لله العلم النافع بالكشف الرحمن‬ ‫وهذا عن جوابك‪ ،‬ذكرت أنك أرسلت لي جملة خطوط لأرسل لك ما ذكرته من‬ ‫كتب الصناعة الكاشفة لخفائق المحدثات الكونيةف وعرفتك أن معنا كثرة سول‪،‬‬ ‫وأرسل لنا هبانا‪ ،‬وبعد انقطاع سفر الأمبا‪ ،‬لا يمكننا أن نرسل شيئا‪ ،‬لأن الحماميل‬ ‫ينقطعون‪ ،‬ولا يصلنا منهم أحد يقصد نحوكم‪ ،‬فلم يصل الهبّان‪ ،‬وإنما وصل عند‬ ‫رسم هذا الرقم في يوم ‏‪ ٢٤‬من شهر جمادى الأولى سنة ‪١٢٠٤‬س‏ وليصلك بصحبة‬ ‫الشيخ ابراهيم بن حسن الشيعي‪ .‬أو بصحبة الولد الشيخ حمود بن عبد الله بن محمد‬ ‫المشرفي (كتاب نهاية الطلب في شرح كتاب المكتسب في زراعة الذهب)‪ ،‬ونحن‬ ‫عندنا نسخة غير التي تصلك في ثلاثة كتب‪ ،‬كل كتاب وحده منفرد بجلده‪ ،‬ولكن‬ ‫السفران ألا ولأن خطهما ‏[‪ ]٦٩٢‬ضعيف جدا‪ .‬فأحبينا أن نرسل لك الذي خطه‬ ‫أفصح وكله جملة واحدة‪ ،‬وأنت لا تقدر أن تنسخ كل كتاب وكلمة من كتب‬ ‫الصناعة‪ ،‬حتى هذا فإن السفر الثالث لا تجد فيه فائدة البتة‪ ،‬فانظر قبل أن تسخهة‬ ‫تجده كذلك‪ ،‬ونحن عندنا كتب كثيرة عن الجلد كي‪ ،‬ولكن والدنا أوقفها لنسله‬ ‫النكور‪ ،‬إلى أن ينقرضوا‪ ،‬أو لا يخرج بها من الوادي‪ ،‬حتى إلى العوابي‪ ،‬وقد‬ ‫رجعت لأجلك‪ ،‬وما أعطيت أحدا كتابأء إلا وذهب عند موته‪ ،‬ولكن لم أعط أحدا إلا‬ ‫‪٢٢ .‬‬ ‫من كتبي‪ ،‬وأنت إذا أكملت نسخ هذا‪ ،‬عسى أن تترخص بغيره‪ ،‬لأن العلم أفضل‬ ‫بذلة للنسخ ‪3‬ليكون سببا لبقائه‪ ،‬وأنت تعلم بمحلك منا‪ ،‬أنك بالمحل الأعلى من القلب‪.‬‬ ‫ولكنك يوم كنا في دار سيت‪ ،‬كتمت عني أنك تعالج في هذه الصناعة وإنما‬ ‫أخبرني عنك العارف بك‪ ،‬الصفى من إخوانك‪ ،‬المطلع على أسرارك سعيد بن‬ ‫ماجد العامري")۔ الذي يقال الآن الوهيبي‪ ،‬وأمرني أن أكتم أنك أخبرتني‪ ،‬لأنك تريد‬ ‫كتمانلك عن الناس عموما ‪ ،‬وعني خصوصا من جملة العموم‪ ،‬فلم أدر لأي شيء في‬ ‫ظنك من قبلي أني أحسدك‪ .‬أو لا أنشرح إذا سألتتى عن شيء منها كد‪ ،‬ولا أعطيك‬ ‫ما تسألني من الكتب لا سفرك أيأ من‪ ،‬ولعمري لقد ظننت بما هو خلاف لما أنا فيه‪.‬‬ ‫وسلكت منهجأً خلاف المنهج الداعي إلى ما ترومه من الإخوان‪ ،‬لأن الانشراح في‬ ‫مل هذا۔‪ ،‬وبذل الكتب ممن يفي عن نفسه الرغبة في الاستطلاع على ما فيها من‬ ‫العلوم‪ ،‬لا يتأتى من أحد في غالب الزمان‪ ،‬ممن هو طالب وراغب فيه‪ ،‬لأنه ق د‬ ‫صار طلب هذا العلم مع غالب الناس أهل الجهل لبعده من الفهم‪ ،‬كأنه نوع من‬ ‫الجنون‪ ،‬فيستهزئون‪ ،‬ويسخرون منه‪ ،‬وتخاف أن نكون معك مثهم‪ ،‬ولما علمت بكظ‬ ‫وأنك في كتماني زائدا عن غيري‪ ،‬مسكت عنك وعن الانشراح لك فيه‪ ،‬وعن بذل‬ ‫الكتب‪ ،‬وكتمتك الحجر الذي أدبره‪ ،‬وقلت لك‪ :‬إني أقطرالإبرين الغرين‪ ،‬والزئبق‬ ‫الأبق‪ ،‬وأني جمعتهما ودبرتهما‪ ،‬فتلونا واحمرا‪ ،‬ولم يعملا شيئا‪ ،‬وأتيت لك بيتأ من‬ ‫نظم‪ ،‬حيث قلت في شعري‪:‬‬ ‫جنيت بفصل الصيف منه أرادني‬ ‫أريد بفصل الصيف‪ :‬السرطان‬ ‫طريا وذا حسن مقرض كالذرة‬ ‫وهو للقمر‪ ،‬وله الفضة ثم الأسد‪ :‬له الشمس‬ ‫لها‬ ‫الذهب‪ .‬تمر القضيمة‪ :‬ولها عطارد‪ ،‬وله الزئبق‪ ،‬فنعمر كذلك أردت‪ ،‬ولكن هما‬ ‫الأرض الفضة غير الملح والنشادر من الحجر‬ ‫التي أنت ظهر لك سرها في لوح‬ ‫المشتري بالنار‪ ،‬وبالذهب ركن الصيغ منه‪ ،‬وهو ذهب الحكمة‪ .‬الذي يفرش في‬ ‫الألض» ويكون هو والدهن‪ ،‬لأنهما يكونان معا بالزئبق ماؤه الفاهر‪ ،‬وذلك جائز‬ ‫‪٢٢١‬‬ ‫مع علماء هذا العلم‪ ،‬وإشارتي بفصل الصيف إلى أني قد فصلته أركانأ[‪]٦٩٣‬‏‬ ‫طاهرة‪ ،‬وهو الذهب المحقور‪ ،‬وهو محقور‪ ،‬ما لم يفصله الحكيم‪ ،‬لأن الذهب فيه‬ ‫وهو ركن الصبغ‪ .‬ولا شك أنه محقور ما دام في معدنه‪ ،‬ولا شك أن الأكسير‬ ‫معدني‪ ،‬لأنه يصير بالتبير صخرة‪،‬‬ ‫لا يصير حيوانا يسمع‪ ،‬ويعقل‪ ،‬ويبصر‬ ‫ويتحرك‪ ،‬ولا نباتأ‪ ،‬فكل شيء لا يصير نباتا ولا حيوانا‪ .‬فهو معدني‪ ،‬وإن كان‬ ‫أصله حيواني‬ ‫أو نباتي ‪ .‬والوجه‬ ‫الآخر‪،‬‬ ‫الفزذعي معدني ‪ 4‬لأن معدن‬ ‫أن الأكسير‬ ‫أركانه هو الذي يستخرج منه كما أن الأرض التي فيها الذهب والفضة معدن‬ ‫الذهب ومعدن الفضة فافهم وأنا نقصت الطغرائي(")‪ ،‬حيث أشار إلى أن الحجر‬ ‫المدبر قوي على النار‪ ،‬لا يقدر على إنهاكه‪ ،‬وإنما يقدر عليه المأخل‪ ،‬قالوا‪ :‬ناره‬ ‫مائه فكأنه أشار إلى الذهب‪ ،‬فرد عليه الجلدكي")‪ :‬إن كان معتقده كذلك‪ ،‬فهو عالم‪،‬‬ ‫‏)‪ (١‬الطغرائي‪ :‬الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد (‪١١٢٠-١٠٦٣‬م)‏ أبو إسماعيل‪ ،‬مؤيد‬ ‫الدين الأصبهاني الطغرائي‪ ،‬شاعر‪ ،‬من الوزراء الكتاب‪ ،‬كان ينعت بالاستاذ‪ ،‬ولد بأصبهان‪،‬‬ ‫و اتصل‬ ‫السلطان‬ ‫بالسلطان‬ ‫مسعود‬ ‫مسعود‬ ‫و أخ له‬ ‫بن محمد‬ ‫اسمه‬ ‫السلجوقي (صاحب‬ ‫السلطان محمود‬ ‫الموصل ( ۔ فولاه‬ ‫فظفر محمود‬ ‫وقبض‬ ‫وزارته‪.‬‬ ‫ثم اقتتل‬ ‫على رجال مسعود‬ ‫وفي‬ ‫جملتهم الطغرائي‪ ،‬فأراد قتله‪ ،‬ثم خاف عاقبة النقمة عليه لما كان الطغرائي مشهورا به من العلم‬ ‫والفضل‪ .‬فأوعز إلى من أشاع اتهامه بالإلحاد والرندقة‪ ،‬فتناقل الناس ذلكس فاتخذه السلطان‬ ‫محمود حجة فقتله‪ ،‬ونسبه الطغرائي إلى كتابة الطغراء‪ ،‬له "ديوان شعر" مطبوعة وله كتب منها‪:‬‬ ‫"الارشاد للأولاد" و "مختصر في الإكسير" وللمؤرخين ثناء عليه كثير‪ .‬انظر الزركلي‪ ،‬خير‬ ‫الدين‪ :‬الأعلام‪ ،‬ج ‏‪ ،٢‬ص‬ ‫‏‪.٢٤٦‬‬ ‫)" الجلدكي‪ :‬علي بن محمد بن أيدمر الجلدكي‪ ،‬عز الدين‪ :‬كيميائي حكيم‪ ،‬اختلفت المصادر في‬ ‫اسمه واسم أبيه نسبته إلى "جلدك" من قرى خرسان‪ ،‬صنف أحد كتبه في دمشق سنة ‏‪ ٧٤٠‬هت‬ ‫وآخز في القاهرة أواخر سنة‬ ‫‏‪ ٧٤٢‬ه‪ .‬له مؤلفات كثيرة منها‪" :‬البدر المنير في معرفة أسرار‬ ‫‏‪ ١‬إكسير" و "المصباح في علم المفتاح" في الكيمياء‪ .‬توفي بعد عام‬ ‫‏‪ .٧٧٤٢‬له مؤلفات كثيرة منها‪:‬‬ ‫"البدر المنير في معرفة أسرار الإكسير " و "المصباح في علم المفتاح" في الكيمياء‪ .‬توفي بعد عام‬ ‫‏‪ ٧٤٢‬ه‪/‬‬ ‫‏‪ ٣٤١‬‏‪.‬م‪ ١‬انظر الزركلي‪،‬‬ ‫خير‬ ‫الدين‪:‬‬ ‫الاعلام‪،‬‬ ‫‪٢٢٢‬‬ ‫ج‬ ‫‏‪ ٥‬ص‬ ‫‏‪.٥‬‬ ‫وأعلم فلاسفة الإسلام بعد جابرا" ولكنه غير واصل إلى العلم بالعمل‪ ،‬لأنه حجر‬ ‫جسد اني لا صبغ فيه البتةش وإنما يصير ذهبا مانعة إذا ألقي عليه الأكسير أو‬ ‫الزئبق المعقود بالأكسير‪ ،‬فيصير ذهبا واسع الصبغ وقدير مزون به أنه هو دهنهم‬ ‫المدبر‪ ،‬وإن الطغرائي ضل بهذه الأقاويل من كلام الحكماء‪ ،‬ووجدنا كذلك كلامه‬ ‫في كتاب تراكيب الأنوار كله‪ ،‬ذكره بالأحجار ولم يذكر الحيواني فيه‪ ،‬ولكن وجدنا‬ ‫عنه كتابأ كله في الحجر الحيواني وشرحه بشرح واضح“ مما يذكر الجلدكي ‪.‬‬ ‫وذكر الجلدكي من الكشف في بعض الأمور‪ ،‬بأوضح مما ذكره الطغرائي‪ ،‬فلما‬ ‫جمعنا‬ ‫معنا بنظر‬ ‫الوصفين ‪ .4‬صح‬ ‫العين ۔ فعلمنا‬ ‫وصوله ّ وذكرت‬ ‫أورد‬ ‫بما‬ ‫في‬ ‫الحيو اني في ديو اني ‪ ،‬لئلا يطلع عليه الناظر في ديو اني ‘ ويطلع على كتبه التي يرفع‬ ‫عنه الجلدكي فيها “۔ وهي‬ ‫على غير ظا هر ها‪،‬۔ فتحيطنا كما هو خطابه‪ ،‬حيث‬ ‫لم يطلع‬ ‫عليه الجلدكي‪ ،‬والثاني‪ :‬إن الذهب والمعدن والزئبقية يصح منها‪ ،‬وجميع أكاسير‬ ‫رأسه‪ ،‬أتاها الجلدكي والحكماء‪ ،‬فإن كان الجلدكي لم يطلع على كتابه الذي في‬ ‫الحجر الحيواني كيف ينفي وصوله أصلا؟ فربما وصل من الذهب والزئبق‬ ‫والكبريت الظاهر النقي والزرنيخ النقي‪ ،‬ولا شك أن في هذه الأكاسير براينه‪،‬‬ ‫وتعود جوانبه‪ ،‬فلم أرض فيه بالتوهين‪ ،‬حيث إني بلغت إلى صحة هذا العلم من‬ ‫حجر ه‬ ‫الحيو اني ‪4‬‬ ‫من‬ ‫كتابه‬ ‫ومن‬ ‫غير ه‬ ‫ومن‬ ‫و الد ي‪.‬‬ ‫لكنني‬ ‫وجدته‬ ‫مو افقأ‬ ‫للمنهج‬ ‫الذي دلني عليه والدي‪ ،‬أوضح معي وأنا أقل علمأً منه‪ ،‬فكيف هو متعصب له‪ .‬أنه‬ ‫وصل إلى السرً‪ ،‬وأنه ربما واصل أيضا من الذهب والنفيس والروح‪ ،‬لأني وجدت‬ ‫) جابر‪ :‬جابر بن حيان بن عبدالله الكوفي‪ ،‬أبو موسى‪ :‬فيلسوف كيميائي‪ ،‬كان يعرف‬ ‫بالصوفي‪ ،‬من أهل الكوفة‪ ،‬أصله من خراسان‪ .‬أتصل بالبرامكة‪ ،‬وانقطع إلى جعفر بن يحي‬ ‫البرمكي‪ ،‬وتوفي في طوس سنة‬ ‫‏‪٢٠٠‬‬ ‫‏‪.‬م‪/٥١٨‬ه له تصانيف كثيرة‪ ،‬قيل‪ :‬عددها‬ ‫‏‪ ٢٣٢‬كتابأ۔‬ ‫وقيل‪ :‬بلغت خمسمائة‪ ،‬ضاع أكثرها۔ وترجم مابقي منها إلى اللاتينية ومما بقي من كتبه‪" :‬أسرار‬ ‫الكيمياء" و "أصول الكيمياء‪ ،‬و "المكتسب" و السموم" وتصحيحات كتب افلاطون‪ .‬انظر الزركلي‪،‬‬ ‫خير الدين‪ :‬الأعلام‘ ج‪،٢‬‏ ص‬ ‫‏‪.١٠٤ - ١٠٣‬‬ ‫‪٢٢٣‬‬ ‫له كتابا في صناعة الأكسير من الباب الصغير وإنائه‪ ،‬من الذهب ‏[‪ ]٦٩٤‬والزئبق‬ ‫والكبريت النقي‪ ،‬ولم أجربه‪ ،‬لأنه بعيد الفناء‪ ،‬ولعله رمز الباب الأكبر بالباب‬ ‫الأصغر‪ ،‬وهكذا غالب الحكماء حتى الجلدكي ليس الطغرائي تفرد بهذا‪ ،‬وفي نفسي‬ ‫أن الجلدكي في غيره منه‪ .‬لأنه لم يبلغ إلى هذا العلم‪ ،‬إلا بمعلم‪ ،‬والطغرائي ذكر‬ ‫نفسه أنه بلغه بغير معلم‪ ،‬فافهم منه‪ ،‬وقلت لك إن والدي الشيخ أبا نبهان رأيته في‬ ‫المنامه وأنا أقطر الذهب‪ .‬فقال والله إن هذاه هي الحكمةة وأنا لم أدر‪ ،‬لأني لا أعلم‬ ‫أن هذا القطر كل ذلك إبعاد لك‪ ،‬ولأن والدي لم يدبر هذا الحجرة وإنما دبر الدم‪،‬‬ ‫حتى بلغه أكسيرا‪ ،‬وهو الذي دلني على الشعر‪ ،‬قال هي أعظم الأحجار صبغا‪.‬‬ ‫وإني دبرت الدم‪ ،‬لأعرف به سر الشعر‪ .‬لأنه هو هو‪ ،‬لأنه منه لا غير وقال لي‪:‬‬ ‫لا تلتفت إلى نفي الحكماء له‪ ،‬لأن الشذوري يقول‪ :‬إثباتها نفي‪ ،‬وكذلك صاحب‬ ‫المكتسب‬ ‫وشرح الجلدكي لما أراد‪ ،‬وأن يكشفوا التدبير‪ ،‬نفوا الحيوانية والنباتية‬ ‫وصوره في المعدنية كل ذلك يشير لهذا العلم‪ ،‬لأنه لا يجوز لهم كشفه صريحا‪.‬‬ ‫ولقد صدق والدية رحمه الله‪ ،‬لأن الجلدكي كذلك ذكر في شرح قصيدة الحكيم‪،‬‬ ‫محمد بن أميل ‪ ‘،‬رسالة الشمس إلى الهلال لما بدا في دقة الخلال‪ .‬أن الحكماء‬ ‫أرادوا أن يكشفوا التدبير‪ ،‬فساقوه في حجر لا صبغ فيه البتة‪ ،‬وإن أرادوا أن يكشفوا‬ ‫الحجر‪ .‬أتوا بتدبيره غير تام‪ ،‬أو على غير الترتيب‪ ،‬وأما أنهم يكشفوا الحجر‬ ‫والتدبير وهيهات هيهات هكذا ذكر الجلدكي في شرحه وأنا لم أرد بالذهب إلا ركن‬ ‫الصبغ فالدهن الغذاء وبالفضة غير النشادر‪ ،‬وهو الذي يسرب الغذاء والأزض‬ ‫الجديدة وهو الملح الثابت‪ ،‬وقد يجوز أن تسميى الملح الثابت بالذهب لثبوتها كما‬ ‫هو يثبت الأجساد‪ ،‬هذا يثبت الأركان‪ ،‬وأما الزئبق‪ :‬فهو الماء‪ ،‬وهو يدبر في‬ ‫الأركان‪ ،‬وتدبر الأركان به‪ ،‬فيذهب ولا يبقى له ركن‪ .‬وأما هو في الحقيقة لا‬ ‫يذهب“ بل يكون كالطين من التراب والماء إذا جفت فلو لم ينعقد من الماء في‬ ‫الطين متكوزأً‪ ،‬بل يصير ترابأ كما كان‪ ،‬ويصح إخراج الملح الثابت من الحجر‬ ‫المقطر‪ .‬ولكنه صعب ويكون أعظم فعلا وله طريق قريب‪ ،‬يخرج من فرع جديد‬ ‫‪٢٢٤‬‬ ‫ولكنه يضعف صبغه بها‪ ،‬وهي الطريقة الوسطى‪ .‬وعليها أكثر العلماءف وهي‬ ‫الأرض الجديدة‪ .‬وهي الذهبي لثبوتها في تدبير هذا الحجر الحيواني الليلي‪ ،‬وإذ‬ ‫فصلت الأركان‪ ،‬لم يخرج صانعه‪ .‬فالتدبير لها لتكون صابغةة‪ ،‬فإذا جمع الصبغ‬ ‫بالملح والنشادر‪ ،‬وجمع الماء بالدهن فهما الذكر والانثى‪ .‬فيدبرا بالماء‪ ،‬وإذ دبر كل‬ ‫ركن وحده‪ ،‬حتى يصير صابغا‪ ،‬ودبرت بعد ذلك‪ ،‬كان أبلغ‪ ،‬وأنا لما ‏[‪ ]٦٩٥‬دلني‬ ‫والدي‪ ،‬وفصله إلى ماء ودهن ونشادر وملح‪ ،‬دبرت أولأ الذهب منها۔ حتى صار‬ ‫ثابتا‪ ،‬لا يدخن في الصفحة المحماة‪ ،‬وكلست له الفضة بتكليس مخصوص" ليس كل‬ ‫تكليس يصح وحللت الذهب في مائه‪ ،‬وأرسلت للتكليس وطبخته حتى شرآبته‪.‬‬ ‫وعفتها وسكبتها۔ فصار ذهباً كونيا‪ ،‬لا ذهبا صبغياً لونياً‪ ،‬فلذلك صحت تسميته‬ ‫بالذهب‪ ،‬لأن ذلك الذهب هو فيه صار ذهبأ‪ ،‬ودبرت الدهن حتى صار يصبغ‬ ‫النحاس أبيضأ ثابتا‪ .‬ولكنه بالحمى يسوُش وبالجلاء يبيض‪ ،‬فعلمت الصحة فيه أنه‬ ‫هو الحجر الصابغ‪ ،‬وليس هكذا تدبيره بالطريقة الوسطى‪ .‬بل هذه من طريقه‬ ‫القريبة‪ ،‬التي على قياس الطريقة العظمى‪ ،‬ولكنني دبرت الأركان تامة كتدبير‬ ‫الطريقة الوسطى في تدبير الأركان‪ ،‬بعد تمامها‪ ،‬وهذه الطريقة أقرب منها‪ ،‬وهي‬ ‫من طرق خالد بن يزيد كل ذلك لا قطر إلى الحجر الصابغ الصبغ الحق“ وإني لما‬ ‫أخبرك بهذا‪ ،‬فقد كفيتك مونة تستحق‪ .‬لأن يرحل إليها الطالب إلى البلدان البعيدة في‬ ‫طلب معرفته‪ ،‬لأن الحكماء كما قال والدي‪ ،‬رحمه الله ذكروا التدبير فيى غالب‬ ‫الفقاقين‪ ،‬وكلما أدرت كلام الحكماء في حجر وصورته‬ ‫هو‪ .‬وجدت جمع كلامهم‬ ‫يدور فيه وقد جرب والدي كثيرأ في زمانه‪ ،‬فلم ير الصحةة إلا من الدمى وكذلك‬ ‫من الملح المر المصرية صح معه فعله‪ ،‬وأمرني بهذا الصخرة وقال لي‪ :‬و‬ ‫من الحجر الحيواني الطائر‪ ،‬ولكني لم أجربه‪ ،‬وكان والدي‪ ،‬رحمه الله‪ ،‬لا يعرف‬ ‫هذاێ ولكن لما ذهب‬ ‫إلى الحج‪ ،‬وجد‬ ‫رجلا غريبا ‪ .4‬وقال له‪ :‬أجبني إلى بيتي أيها‬ ‫الشيخ الأشعث الأغبر‪ ،‬أنا أخبرك بالسر الأكبر‪ ،‬فتبعه والدي إلى بيته‪ ،‬وكتب له‬ ‫التدبير لهذا الحجر من أوله إلى آخره‪ ،‬فنظر الوالد‪ ،‬فإذا جميع كلام الحكماء في هذا‬ ‫‪٢٢٥‬‬ ‫على كلامه‪ ،‬وفهم كلام أهل الحكمة من تدبيره‪ ،‬قال‪ :‬أعطاني ذاك والدي‪ ،‬وهو‬ ‫الخط الغريبش وحفظته تلاوة ولما تم رسمه له‪ ،‬قال له‪ :‬أخبرني عن طريقة في‬ ‫الكبريت‪ .‬تزيل منه إحراقه واحتراقه‪ ،‬فقال له والدي‪ :‬أنت معك هذا‪ ،‬وتريد في‬ ‫الكبريت‪ ،‬فقال له‪ :‬إني لا أخفيك أني تلمنت حكيما سنينأ كثيرة وكان ناصحا إلي‪،‬‬ ‫وألقى الأكسير بنفسه ولما تألم بما لا يؤمل معه موت‪ ،‬لأنه خفيف‪ ،‬فقال‪ :‬أتني‬ ‫قرطاسةا أخاف أن أموت ولا تعلم هذا‪ ،‬فإن مت فقد كتبت لك الحقة وإن تعافيت‬ ‫بلغتك إياه علمأ وعملاًش فرسم لي هذا وحفظته تلاوة‪ ،‬وأنا ليس لي علم وحذق لمش‬ ‫هذا‪ ،‬وإنما أريد طريقة صغيرة أشريها منك بهذا‪ ،‬فما كان زمانا‪ ،‬إلا وأتى رسل‬ ‫وصاة الشيخ والدية إني عملت بما وصفت إلي‪ ،‬وبلغت المطلوب“ فهل عملت أنت‬ ‫بما رسمناه لك‪ ،‬وبلغت م لا مزيد الجواب‬ ‫‏[‪ ،]٦٩٦‬فلم يجبه والدية إذ لم يجد الذي‬ ‫أرسل معه وصاته‪ ،‬وقد ألف وصنف فيه والدي‪ ،‬وشرحه وشرح تدابيره‪ ،‬ولكنه في‬ ‫قرطاس ضعيف لم يعرف أحد غيري يقرأه‪ ،‬لأنه بمنزلة التذكرة لنفسه‪ ،‬لم ينقله في‬ ‫قرطاس طيبي وكذلك أنا لم أنستخه غيري‪ ،‬لئلا يطلع عليه أحد غيري‪ ،‬وأتى بكلام‬ ‫واحتجاج أنه هو الحجر الصابغ الصبغ الأعظم‪ ،‬وقد بالغت في كتمانه والغيرة‬ ‫عليه‪ ،‬وأقوله للولدين ناصر بن سالم الشيباني ‪ ،‬وحمود بن عبد الله المشرفي ة كما‬ ‫قلت لسرور بن جمعة الحصني ‪ ،‬أن تنظروا ماء أحمرأ مع هذا ذهب محلول‪ ،‬أو‬ ‫مقطر‪ ،‬وزئبق محلول‪ ،‬وأنت عاقل‪ ،‬وتعرف أن الذهب من جميع الأجساد لا تقطر‬ ‫وإن بلغ الحل بها غاية لأنها لا تبلغ انحلالا‪ ،‬أكثر ملح ماء البحر منه خلق الله‬ ‫البحر ملحه فيه فما أبلغه انحلالاً وإذا قطر بالنار‪ ،‬قطر الماء حلواً لا ملوحة فيه‪،‬‬ ‫وبقي الملح لا يقطر تمامه في الحاشية المقابلة التحتانيق وكذلك قلت له كما ذكرته‬ ‫لك فيه‪ ،‬لعلمي أنه لا أحد يذهب يعالج الذهب بشيء‪ ،‬لا يعرف علاجه‪ .‬إلا بطنه‬ ‫وخوفي أن يعرفوه ويخبر الولد أباه بالذي أنا أدبره‪ ،‬لأنهم هم يغسلوه‪ ،‬وأقول لهم‬ ‫أطين به القدور‪ ،‬وأخلط في الطين‪ ،‬ولكن ما دام فيه وسخ‪ ،‬لا يصح أن يطين به‬ ‫تفكه تكنه الدهانة من القدر‪ .‬ولذلك الولد أخبر أباه أنه يدر الذهب والفضة والزئبق‪،‬‬ ‫‪٢٢٦‬‬ ‫ولو لم احتل به عليهم لعرفه‪ ،‬ولكن يصدقوني كما قد حيرتك أنت‪ ،‬وأتيت لك بأمور‬ ‫تصدقني فيهاێ وأنه الذهب والزئبق‪ ،‬لا يداخلك شك بما أورده عليك أنه هما‪ ،‬وليس‬ ‫الأمر كذلك‪ .‬و إذ لم أدبرهما أصلا وذلك جائز في هذا العلم‪5 ،‬‬ ‫سمعت والدي‬ ‫يقول‪ :‬إن بعضا من كلام الشذوري ة إلى سبع طبقات‪ ،‬إلى أن ينتهي المقصود‬ ‫بعينه‪ ،‬ومثال ذلك قوله في اليائة‪ :‬فدونكم المطروح في الطرق‪ ،‬والذي قديما على‬ ‫موسى به نزل الوحي‪ ،‬فالطبقة الأولى‪ :‬الذي به نزل الوحي على موسى‪ ،‬عليه‬ ‫السلام وهو عموم ‪ .‬والطبقة الثانية‪ :‬أر اد من العموم خصوصا ‪ .‬والطبقة الثالثة‪ :‬أراد‬ ‫بالنار الكبريت‪ .‬والطبقة الرابعة‪ :‬أراد بالكبريت“ الكبريت الملح‪ ،‬الذي لا يحرق ولا‬ ‫يحترق به‪ ،‬يريد به الأجساد تضاره كما تزداد شجره موسى بتلك النار حضرةة‬ ‫ولأن نار موسى لا دخان فيها فهي لا تحترق‪ .‬والطبقة الخامسة‪ :‬أراد بها الذهب‪،‬‬ ‫لأنها أكمل نارأ وجدت في الدنيا وإنه ذهب صبغي لا جسداني‪ ،‬لأن نار موسى‪،‬‬ ‫عليه السلام‪ ،‬كلها نور‪ .‬والطبقة السادسة‪ ،‬إنه هو الذهب‪ ،‬وهو الكبريت ‏[‪]٦٩٧‬‬ ‫الصابغ‪ ،‬فهو الركن الصبغي من الحجر الحيواني النباتي المعدني‪ .‬والطبقة السابعة‪:‬‬ ‫إنه يستخرج من شجرة الحكمة فهو فيها‪ ،‬كما أن نار موسى في شجرته‪ .‬والطبقة‬ ‫الثامنة‪ :‬إنها لا توجد في كل شيء مثها‪ ،‬ولا توجد إلا مع حكيمها‪ ،‬كما أن نار‬ ‫موسى لم توجد إلا في شجرته‪ ،‬ومع موساها‪ ،‬عليه السلام‪ .‬ومثال ذلك المطروح‬ ‫في الطرق‬ ‫فالطبقة الأولى‪ :‬العموم‪ ،‬لأن المطروح في الطرق كثير‪ .‬والطبقة‬ ‫الثانية‪ :‬يشير به إلى الماء‪ ،‬والطبقة الثالثة‪ :‬يريد بالماء على الخصوص النازل من‬ ‫السحاب‪ .‬فهو المطروح إلى المنزول‪ ،‬لقوله تعالى‪{« :‬وأنزلنا من السماء ماء»(")‪.‬‬ ‫والطبقة الرابعة‪ :‬أراد بالماء الزئبق المعروف‬ ‫والطبقة الخامسة‪ :‬أراد بالزئبق‬ ‫المعروف“ بزئبق الحجر الأعظم‪ .‬والطبقة السادسة‪ :‬أراد بزئبق الحجرة مائها‬ ‫المقطر منها‪ ،‬لأنه أشار بماء السحاب دون بقية المياه‪ .‬والطبقة السابعة‪ :‬أراد‬ ‫) سورة المؤمنون‪ ،‬الآية‬ ‫‏‪ + ١٨‬سورة الفرقان‪ ،‬الآية ‏‪ + ٤٨‬سورة لقمان‪ ،‬الآية ‏‪١٠‬‬ ‫‪٢٢٧‬‬ ‫بالسحاب شجرة الحكمة الجامعة للنار والماء بقوله‪ :‬ولا تريان الشعر مفتاح علمنا‪،‬‬ ‫وإن ضم فيه الماء والنار خالفه‪ ،‬فأثبت أن فيه الماء والنار‪ ،‬وقال‪ :‬هما الماء والنار‬ ‫اللذان إذا اقتفاني بهما أثر الطبيعة يهتده‪ ،‬وقال أيضا‪ :‬حبيب إلى كل القلوب‪ ،‬فكلنا‬ ‫وإن عفت من حرص عليه شواظ أشار إلى الذهب‪ ،‬ولم يرد به غير ذهب الحكماء‪،‬‬ ‫وفيه إشارة بعيدة أن الفرع الأسود محبوب في النساء‪ ،‬وفي زينة الرجل عظيما ويا‬ ‫أخي‪ ،‬إن أكثر الحكماء نفوه‪ ،‬كذلك أنت‪ ،‬وانظر إلى قول الجلدكي في النهاية في‬ ‫سفره الثاني‪ ،‬عد من آخره عكسأا إلى اليمين‪ ،‬خمس عشرة قرطاسةة يذكر فيه‪ ،‬أن‬ ‫لا يكاد ينحل ماء انحلالاً تاماً‪ ،‬وليس هكذا مراد الحكماء بها‪ ،‬ولا فائدة فيه معهم‪،‬‬ ‫وإنما حلها تلينها۔ حتى تدخل عليها الروح والنفس الظاهرة‪ ،‬ومراده في الأعمال‬ ‫المعدنية‪ ،‬وإذا كانت لا تنحل تمامأ‪ ،‬فكيف تقطر فافهم أفهم‪ ،‬وكذلك قلت‪ :‬إنا لك‬ ‫كما ذكرته‪ ،‬وراجع إلى الصفحة المقابلةش تمام الحاشية المقابلة لا يقدر إلا بنار قوية‬ ‫بعد أن تذيبه النار ماء‪ ،‬وتدفعه بخار والأجساد وإن ذابت فلا تصعد بخارأ‪ ،‬وإنما‬ ‫تصعد دخانا يابسا ؤ فلذلك لا يقطر‪ ،‬وإن حلت‬ ‫وهذا أكبر دليل أن الحجر عندهم‬ ‫حيواني‪ ،‬وأن حجرهم حيواني‪ ،‬لأنهم يكررون تقطيره‪ ،‬ما دامت الأرض تدخن في‬ ‫الصفحة المحماة‪ ،‬فانظر ذلك من كتاب (المكتسب) ومن شرحه (نهاية الطلب)‪ ،‬فلا‬ ‫تدخن عليه الحيوانية والزرنيخ والكبريت والسم وما أشبهها‪ ،‬فلذلك صرفت الناس‬ ‫عن ما أدبره‪ 6‬وقلت‪ :‬إني أدنبر الذهب وأقطره والزئبق‪ ،‬وأنا لو اكتشفت لك التدبير‬ ‫هنا كله‪ ،‬لما ذكرت هكذا‪ ،‬وقد كنت أنفيه معك‪ ،‬وأذكر غيره‪ ،‬ولما سرت إلى‬ ‫صحار‬ ‫ووجدت الذي يعمل الزجاجێ وصف‬ ‫أنك وصيت من يطرح لك أوانيظ‬ ‫‏[‪ ]٦٩٨‬وعرآفني باسمك‪ ،‬وعرفت أنك راغب في العمل‪ ،‬ولو كتمتني‪ ،‬أحببت أن‬ ‫أعرفك بالحق الذي أنا أدبره‪ ،‬لئلا تضل وتغرم بسببي‪ ،‬ولأني كشفت جميع هذا مع‬ ‫الشيخ الحاج عبد الله الذهبة والشيخ الحاج ابراهيم بن حسين حين أظهر إلى‬ ‫الصفواة كلها‪ ،‬وأريت الشيخ الحاج عبد الله الذهبة العمل وتلونه‪ ،‬وأخبرته بالتدبير‪،‬‬ ‫إلا بعض الأركان‪ ،‬وهما استخراج النشادر والملح‪ ،‬وقلت له‪ :‬لم أعرفهما‪ ،‬وإنما‬ ‫‪٢٢٨‬‬ ‫تعرضت بهما من المعدن ومن البيض‪ ،‬وليس ذلك بصحيح‪ .‬لأن التخليط‪ ،‬وإن‬ ‫ذكروا جوازه‪ ،‬فإنما يجوز مع الحكماء‪ ،‬إذا صارت الأركان كلها أكاسيرأ جاز‬ ‫خلطها‪ ،‬فن كان بعض الأكاسير أنضج‪ ،‬وبعضها أقل نضجاً‪ ،‬وأما قبل ذلك‪ ،‬فخلط‬ ‫الأنضج مع الأفج لا يصح‪ .‬وإن ذكروا إجازته مطلقا‪ ،‬فإنما هو رمز وتدهيش‬ ‫وإفساد‪ ،‬والمراد به كما ذكرناه لا غير‪ ،‬ويصح تدبيره من غير دخيل‪ ،‬وهو تدبير‬ ‫أطول وأعظم فعلا ويصح بمفتاح‪ ،‬كما قال الناظم‪ :‬خذ جزء من ملح وجزء وجير‪،‬‬ ‫والقلى مثل الكلى بالتقدير‪ ،‬وقطرهم وكرر التقطير‪ ،‬مثل الصلاة خمسة تحريرأ۔ فإن‬ ‫ترى الشعر به منحلا علمت أن السعد فيه حلاة انتهى وإن جعل عوض الملح‬ ‫الزاج االأصفر‪ ،‬كان أقوى‪ ،‬واحذر أن تمسه بيدك‪ ،‬ونحن جربناه بالمفتاح ووصلنا‬ ‫دار سيت بالأركان‪ ،‬منجزة مدبرة في نزوى‪ ،‬وإنما احتجنا لتقطيره في دارسيت لا‬ ‫قطر منه الماء لا غير لأدبر به الأركان‪ ،‬وما معي من ذهبه غير أربع مثاقيل وهو‬ ‫الصبغ‪ ،‬ومن بقية الأركان مقدار ثلاثين مثقالا وقطرت الحجر في دارسيت‪،‬‬ ‫وحللت مائها الدهن والصبغ‪ ،‬ودبرت‬ ‫النشادر والملح‪ ،‬ولم أزل أسقيهما بذلك‬ ‫فأظهر ألوانأ كثيرة وأنا أريها عبد الله الذهبة‪ ،‬ثم احمر مش الدم‪ .‬وفي الكتب‪ ،‬أنك‬ ‫إذا شئت تعرف أن قوة حمرته ببسط صفرة ذهبية في الفضة‪ ،‬حل في مائه قليلا‬ ‫منه‪ .‬يخرج مائه أحمراً أصفر كالذهب ففعلت ذلك‪ ،‬فصار مائه كذلك‪ ،‬فقلت قد‬ ‫وصلت“ ومن جهلي بهذا العلم الداعي للحرمان‪ ،‬أني لما أردت عقده‪ ،‬لم أذخر منه‬ ‫شيئأ غير معقود‪ ،‬حتى أجرآبه في الفضة المكلسةة بل ألقيته في الإناء كله لأعقده‪،‬‬ ‫وجعلته على النار‪ ،‬فمن قوته أنه قة الإناء وصبغه‪ ،‬حيث قده كالياقوت الأحمر‪،‬‬ ‫وانكسر الإناء‪ ،‬وأنا لم أعلم‪ ،‬فلما كان بعد حين‪ ،‬ذهبت لأنظره لم أجد في الإناء‬ ‫شيئأ‪ ،‬وذهب في الرماد‪ ،‬ولم يوفقني الله تعالى لأنظر فيه‪ ،‬حتى تم أنه صار باجتماع‬ ‫الأركان‪ ،‬يصبغ كما كانت الأركان من قبل تصبغ‪ .‬أو صار لا يصبغ فلذلك لن‬ ‫يرغبني أمره لإعادة العمل في ذلك الحين‪ ،‬واشتد بنا الفقر وضيق الصدر‪ ،‬وقلت‬ ‫في نفسي‪ :‬إن تدبير هذه الأركان لم أنظر صحة فعلها‪ ،‬ولكني لعلي ‏[‪ ]٦٩٩‬أكتفي‬ ‫‪٢٢٩‬‬ ‫بتدبير الركن الصبغي‪ .‬الذي صح معي فعله‪ ،‬وأعقد به الزئبق المعقود الثابت‪ ،‬فلم‬ ‫أجد أحدأ دبره ثابتا‪ ،‬ونكتفي عن كثرة التجارب التي تفني العمر‪ ،‬وربما لا يظفر‬ ‫لشيء منها‪ ،‬فوقفنا عُجَزا‪ ،‬ولأن شمرنا في تدبير عقد الزئبق ثابتاً‪ ،‬فلن صح عملنا‬ ‫الركن الصبغي وحده ودبرنا لهف فيكون طريقا صغيرة كفاية‪ ،‬وبلاغأ لذي الفقر‪،‬‬ ‫وهي التي أشار إليها الشذوري في تفسير الجلدكي بقوله‪ :‬وأودع صبغ الأرض‬ ‫كاعطارد‪ ،‬لقوم أقاموا للبيوت لواء‪ ،‬وإن نستعين بها بعد ذلك على تدبير الأركان‬ ‫كلها‪ ،‬لأن التدبير معنا صعب لقلة الأواني‪ ،‬وأما معكم فسهل‪ ،‬لكثرة وجودها‪ ،‬ولولا‬ ‫ما في النفس خوف‪ ،‬لما توقفت عن المقام في دارسيت لأجل الأواني بيان ونقول‪:‬‬ ‫ن الحجر الذي دبرنا‪ ،‬لا ندعي أنه هو حجر الحكماء‪ ،‬الذي قصدوه‪ ،‬ولا التدبير‬ ‫الذي نهجناه‪ ،‬أنه هو الذي نهجه الحكماء‪ ،‬بل نقول‪ :‬إن هذه حجر صح فعلها‪ ،‬وهذا‬ ‫تدبير صح فعله به‪ ،‬ويمكن أن الحكماء أرادوا غير هذا كله‪ ،‬ولكن يصح جميع كلام‬ ‫الحكماء أن يفسر فيه‪ ،‬وفي تدبيره الذي نهجنا به‪ ،‬وليس هذا الحجر وهذا التدبير‪8‬‬ ‫يصح تأويل كلام الحكماء فيه دون غيره‪ ،‬لأن كثير من الأعمال تصح أن يفسر فيه‬ ‫كلام الحكماء‪ ،‬ولو كانت هي في غير الحكمة إذ لولا كذلك‪ ،‬لم يصح لهم أن‬ ‫يرمزوها بالأعمال التي في غيرها‪ ،‬ومثال ذلك طبيخ البقم‪ ،‬وما أشبهه من الذي فيه‬ ‫لصبغ بالماء‪ ،‬فإن الماء يصح بأن يسمى بالهلال‪ ،‬حتى يصير بدرا والماء يصير‬ ‫صبغا‪ ،‬والبقم هو الذي يقذف عينه في الماء‪ ،‬فيتربى الصبغ في بطن الماء‪ ،‬كما‬ ‫يتربى الولد في بطن أمه ثم يصير الماء ولدا لأنه أحمر‪ ،‬وهو ذكر والثوب أنثى‪،‬‬ ‫فالماء هو يقذف عينه‪ ،‬وهو الصبغ في الثوب‪ ،‬وهو الأنثى التي تحمله‪ ،‬وهو‬ ‫الأرض الجيدة النوعية لأنه كله نبات‪ ،‬وهو الشمس أعني الثوب التي تأخذ نور‬ ‫البدر‪ ،‬بعد ما أعطته إياه وعلى هذا فقس‪ ،‬فإذا نحن رمزنا صخرنا وتنبيرنا مظهم‬ ‫وبرمزهم‪ ،‬فلا لوم‪ ،‬وإن فسرنا كلامهم على صخرنا‪ ،‬وبلغنا به المطلوب فلا لوم‪،‬‬ ‫ولو كانوا أرادوا به غيره فقد صح أن هذا العلم بحره لا ساحل به ولا قعر‪ ،‬ويمكن‬ ‫أنه هو المراد‪ ،‬والمراد هو غيره كذلك‪ ،‬وإن الجميع إذا در مش تدبيرهم صح‘ وإن‬ ‫‪٢٢٣‬‬ ‫أحجارهم كثيرة‪ ،‬وإن هذا منها‪ ،‬فكله ممكن بيان ‏[‪ ،]٢٠٠‬وأقول‪ :‬إن هذا بالغ في‬ ‫الكتمان‪ ،‬أعني به تدبير هذا العمل‪ ،‬وفي الظاهر أنه من أصفى الإخوان‪ .‬فأجبته‬ ‫بهذه الرسالة البعيدة الرمز‪ ،‬والتحقيق هو ما ذكرناه في ديواننا المصطفي۔ وأما هذه‬ ‫فهي حال الفهم عن الاستطلاع على ما أدبره‪ ،‬ولا تأخذ بظاهر مما قلته‪ ،‬ولا بظاهر‬ ‫ما سأقوله ورسمت هذا منها بعد موته‪ ،‬فاعرف ذلك‪ ،‬وانظر إلى ما تقوله‪ ،‬فإنه‬ ‫بخلاف ما أتيناه في ديواننا المصطفي ترى الحق أن الحق غير هذا كله‪ ،‬ولا شك‬ ‫أن المشاكلة في الأشياء هي القصد مع الحكماء من المحيل والمحال‪ ،‬وتركيب‬ ‫أركان المحيل‪ ،‬وهذا بخلاف ذلك كله‪ ،‬وأنا ما ذكرته من وصول والدي من الدم‬ ‫والملح‪ ،‬فحق على ظاهره‪ ،‬وكذلك ما ذكرته في هذه الرسالة عن حبيب بن سالم هو‬ ‫على ظاهره۔ وأما ما ألفه والدي وما أدبره أنال وما قرنه من كلام الشذوري» فليس‬ ‫الأمر كذلك‪ ،‬بل الحق فيه قصدهم المشاكل ومن لنا في هذه‪ ،‬فخلافه كما ترى بيان‪،‬‬ ‫وقد نفي الجلدكي في البرهان‪ ،‬أنه لا يمكن أن يكون من الحيوان ولا النبات أكسيرأ۔‬ ‫إلا أن يجمع بزئبق وكبريت‪ ،‬كما ذكره في البيضة واحتج بطبخ النار للحديد‬ ‫مادامت فيه‪ ،‬وأظهر بيانا أن الأكسير يصح بغير مغلاه‪ ،‬وعن سقراط مع باب‬ ‫الشعر من البرهان‪ ،‬أن الأكسير من الحيوان أو النبات لا يغوص» إلا أن يدخن‬ ‫بكبريت وزئبق‪ ،‬فكله رمز وتدهيش وإبعاد للطالب‪ ،‬لبعد إصلاح الكبريت‪ ،‬ولكن‬ ‫قال في باب الشعر‪ :‬انظر إن كنت نسخت جميع الباب من كتابنا أن أصحاب‬ ‫الحيوان‪ ،‬قالوا‪ :‬وما حاجتنا إلى المعدن والصبغ والغوص موجود؟ وإن الغوص‬ ‫ويصح بغير ثقل سير الأشجار‪ ،‬وبغير زئبق وكبريت‪ ،‬إن والدي دبر الملح المر‬ ‫المصري بالماء في إناء نحاس‪ ،‬فلما بلغ درجة السواد قا قاع الإناء كله‪ ،‬فصار‬ ‫فضة خالصة وغاب الملح في الرماد وما فيه زئبق ولا كبريت ولا جسد ودبر الدم‪،‬‬ ‫وبلغه أكسيرأ‪ ،‬وعمل به ذهبأً‪ ،‬بعناه له الحرف بثلاثة قروش فضةة فزاد الشيخ عبد‬ ‫اا بن عمر الرمحي الصابغ النصف من الفضةة فخرج أحمر أصفر مظ النار لينا‬ ‫كالعلك‪ ،‬فبهر من حسنه ولينه وما فيه كبريت ولا زئبق ولا جسد‪ ،‬وحكى لي‬ ‫‪٢٢٣١‬‬ ‫والدي‪ .‬أن الشيخ العالم حبيب بن سالم أمبو سعيدي دبر الشعر مجملا من غير‬ ‫أثفاله حتى بلغ فألقاه على الأسراب‪ ،‬فصار ذهبا في السبكك والذوب واللون‪ ،‬إلا أنه‬ ‫لين جدا‪ ،‬فقال لعله حيث لم يجعل فيه الأرضيةش فدبروه وخلطوه مع الأرضية‬ ‫وهي غير خالصة‪ ،‬فلم يصنع ودبرته‪ ،‬وصبغ الركن الصبغي وما فيه كبريت ولا‬ ‫زرنيخ ولا زئبق ولا جسد‪ ،‬فصح أنه رمزه ولا لوم عليه‪ ،‬إذ رمز وخلط وخبطف‬ ‫لأنه كشف الأمر‬ ‫‏[‪ ]٠١‬ما لم يكشفه غيره‪ ،‬فلا يجوز له‪ ،‬إلا أن يرمزه بالتخليط‬ ‫ولقد نادى على نفسه في كتابه‪ ،‬شرح فحسن بن أميل انقى‪ ،‬إذ أتينا التدبير تماما‬ ‫سقناه على حجر فارغ من الصبغ‪ ،‬وإن كشفنا الحجر‪ .‬أتينا بالتدبير غير تام في‬ ‫صورة أيتام‪ ،‬أو مجملا يحتاج إلى تفسير كبعد تناوله فأفهم بيان‪ ،‬وقد ذكر الحكيم‬ ‫أزلسطو طاليس في رسالته لذي القرنين‪ ،‬أن الحكماء نظروا الأصباغ في الكبريت‬ ‫والزرنيخ والزئبق والأجساد‪ ،‬ودبروها أكاسيرأ۔ ثامنظروا إذا أجزاء الحيوانية أقوى‬ ‫صبغا وأكثر روحانيةش فدبروها أكاسير‪ ،‬فكانت أجل وأعظم ثم خلطوا الأكاسير بعد‬ ‫تمامها لينظر الأفعال‪ ،‬فقويت الأكاسير المعدنية بالأكاسير الحيوانية وكذلك النباتية‬ ‫وكذلك في تصنيف والدي‪ .‬أن الحجر الحيواني أسرعها احتراقأ‪ ،‬وأسهلها تقصيلاذ‬ ‫وأعظمها صبغا‪ ،‬وأقواها روحانية‪ ،‬وألطفها أجسادأ‪ ،‬وإن ابنه دبر أركانها من‬ ‫التراب إلى النبات‪ ،‬فلطفت وزادت تدبيرأ وإيضاحاة بما دبرها من في الحيوان‪،‬‬ ‫فزادت لطفاً واضحا ونضجاش ثم دبرها الحكيم‪ ،‬فزادت لطفا ونضجأ‪ ،‬هذا على‬ ‫معنى قوله مما تدل عليه إشارته‪ ،‬مع إنه صح بالتجربة معه في غيره‪ ،‬الذي هو‬ ‫مكون هذا منه‪ .‬وصح معه فعل هذا‪ ،‬بتدبير الشيخ حبيب بن سالم‪ ،‬ونحن كذلكظ‬ ‫فمالنا والذي لا نعرف ولا نعرف صحته‪ .‬فنشغل طول زماننا بظننا‪ ،‬أن الحكماء‬ ‫يريدون كذا وكذا‪ ،‬فيمكن أن يكونوا صائبين‪ ،‬ونخطئ في العمل‪ ،‬فنقول قد أخطأنا‬ ‫في الحجر والتدبير فنحول إلى غيره الذي هو الخطأ ويمكن أن نخطئ في شيء‬ ‫من ذلك‪ ،‬فلا نصيب بالخطأً۔ وانظر إلى صنائع الدنيا التي تعملها الرجال والنساء‪،‬‬ ‫فلا نعرف بحكمها في أول الأمر‪ ،‬ويحتاج إلى تكرار في العمل‪ ،‬فما بال الحكمة قد‬ ‫‪٢٣٢‬‬ ‫أغلقت بالرموز‪ ،‬فلا تزيد الكتب القارئ إلا حيرة وضجرأ أو مللش ولاسيما إن‬ ‫جرب ما يصوره عقله‪ ،‬ولم يصب‬ ‫فاعلم أن كل حجر لم تفصل أركانه فهو معدن‬ ‫العامة‪ ،‬وإذ فصل أركانا على ما ذكره القوم صار ذلك الحجر المفصل معدن‬ ‫الحكماء‪ ،‬لأنهم استخرجوا منه أركانهم‪ ،‬فهو معدني‪ .‬ولو أنه حيواني وتفصيله‪ ،‬أو لا‬ ‫ليخرج الأركان‪ .‬أما انقسم ركنين ذكر أو أنثى للطريقة الوسطى‪ .‬وعلى قياسها‬ ‫نخرج طرق شتى‪ ،‬وإما إلى ثلاثة أركان‪ ،‬وإما إلى أربعة‪ ،‬وإما إلى خمسة ماء‬ ‫ودهن‪ ،‬وصبغ وملح‪ ،‬ونشادر‪ ،‬وفي بعض الطرق الصبغ والدهن معأش وفي بعض‬ ‫الطرق النشادر يثبت في الأرض فلا يخرج إلا مع الملح‪ ،‬وهي الطريقة العظمى‪،‬‬ ‫ويخرج منها طرق كثيرة‪ ،‬وإذا خرجت الأركان‪ ،‬ولو كانت ظاهرة وركبت‪ ،‬فلا‬ ‫تصبغ‪ ،‬حتى تدبر‪ ،‬وأطلقوا اسم الذهب ‏[‪ ]٢٠٢‬والنحاس والفضة على الأرض‪،‬‬ ‫وأطلقوا اسم الذهب إلى الدهن والصبغ معأ‪ ،‬وعلى الصبغ إذ كان مفردأ‪ ،‬واسم‬ ‫الزئبق على الماء وحده‪ ،‬وعلى الماء والدهن‪ ،‬وعلى الماء والصبغ وهو الزئبق‬ ‫الشرقية والماء الزئبق الغربي‪ ،‬ولا يجمل الزئبق الغربي وحده وإنما يجمل مع‬ ‫الأركان‪،‬‬ ‫أو يكون‬ ‫معه شيء‬ ‫من‬ ‫الدهن۔‪،‬‬ ‫العمل‬ ‫المكتوم في‬ ‫هذا يصير‬ ‫الدهن‬ ‫والصبغ كلاهما أو معا صبغأ ثابت‪ .‬لا يدخن‪ ،‬ولا يحرق ولا يحترق‪ ،‬يصبغ الدهن‬ ‫صبغا أبيض ثابتأ‪ ،‬والصبغ يصبغ ذهبا ثابته وإن كانا معاً صبغا ذهباً‪ ،‬فذا هو‬ ‫العمل المكتوم فيهما‪ ،‬والتدبير كله لأجل ذلك‪ ،‬والدهن هو زرنيخهم‪ ،‬وقصتهم‪،‬‬ ‫والصبغ يغلب على الصبغ‪ ،‬وفي آخر الأمر الحمرة تغلب‪ ،‬هذا في الطريقة‬ ‫الوسطى ونحن لم ندبره على الطريقة الوسطى‬ ‫لأنها أصعب وسرها أعظم‪ ،‬وإنما‬ ‫دبرنا على طريقة أتاها خالد في نظمه‪ ،‬وذكرها جابر‪ ،‬وشرحها الجلدكي وذكرها۔‬ ‫والتي هي طريقة أقرب وأضعف قوةة‪ ،‬وهي التي دبر الدم بها‪ .‬وهي مستخرجة من‬ ‫الباب الأعظم‪ ،‬والوسطى‪ ،‬قول جابر فيها شعرا‪:‬‬ ‫‪٢٣٣‬‬ ‫خذ الحجر الأعلى طريأ منصفا‬ ‫وقطره ماء أبيضاً ثم أصفرأ‬ ‫وحافظ على المائين بالختم والندى‬ ‫بقابلة التقطير حفظأآ موفرأ‬ ‫وقطر‬ ‫ه د هنأ‬ ‫بعد ذاك‬ ‫سيقطر‬ ‫فانه‬ ‫وخذ أرضه من بعد تقطير قابهيا‬ ‫وشكا‬ ‫مشرق‬ ‫اللون‬ ‫أحمر ا‬ ‫ودهنتها سوداء كالليل أعكرا‬ ‫وهي طويلة وعلى ترتيبها تدبير الطغرائي‪ .‬الذي في كتابه الحيواني وعلى ترتيبها‬ ‫صفة الغريب‪ ،‬الذي كتبته لوالدي‪ ،‬وهو قريب من قوله‪ :‬الكتب تبغي الفوز بالأمن‪،‬‬ ‫ولكن بالطريقة الوسطى أعظم وأما هذه التي نحن دبرناها‪ ،‬وهي التي ذكرتها لكظ‬ ‫فقد ذكرت القول في اللامية قولي‪ :‬ومن كان ذا علم صح ورجع‪ ،‬ثم قال‪ :‬لم أجرب‬ ‫غير الطملي‪ ،‬لا الذي من الطائر‪ ،‬ولذلك قلت‪ :‬ينال بذا ما قال فيه الأوائل‪ ،‬لأنه لا‬ ‫يمكن أن أقطع أنه لينال به المجرب ما قاله الأوائل في كتبهم‪ ،‬بغير الذي صح‬ ‫معي‪ ،‬لأنه بمنزلة الاستشهاد لصحة هذا العلم‪ ،‬لم أرد بذلك الذهب العافي۔ ولا‬ ‫الزئبق العامي‪ ،‬وقد أطلت إليك هذا الرقم‪ ،‬لأنك ظننت بي ما أنا ليس لك لتعلم أني‬ ‫أصفى منك لي» أما كيفية التدبير فلا يمكن رسم إيضاحه هنا‪ ،‬لأنه يمكن أن يراه‬ ‫غيرك‪ ،‬ولكن الكتاب واصلك إن فهمته منه‪ ،‬وإلا فمن غيره‪ ،‬والسلام عليكم ورحمة‬ ‫الله وبركاته‪ ،‬وسلم لنا على الشيخ حميد بن محمد‪ .‬والشيخ سعيد بن ماجد الوهيبي‬ ‫[‪]٢٠٣‬۔‏ والشيخ عبد الله بن محمد المشرفي‪ ،‬والمراد أن ترسل لي المنظومة التي‬ ‫أبدعها الشيخ حميد بن محمد بن رزيق على حرف الياء والمثناة التحتة‪ ،‬وذكر فيها‬ ‫وفق المايتي‪ ،‬وهو شكل القاف وذكرنا فيها الحاج ابراهيم بن حسن‪ .‬ليدخلها فذي‬ ‫ديوانه الذي قاله فينا‪ .‬وواصلك نظم ضعيف من هنياننا‪ ،‬لا تطلع عليه الشيخ حميد‬ ‫بن محمد‬ ‫بن زريق‬ ‫من‬ ‫غير‬ ‫حجر منا عليك في ذلك‬ ‫‪٢٣٤‬‬ ‫ولكن‬ ‫خجلا مع فصاحتك‬ ‫وهذا له خصوص» وإن ذكرناه هو فيه أولأش فإنما ذلك لواجب حقه فيما فعله فينا۔‬ ‫والسلام عليكم جميعا‪ ،‬وهي كما ترى شعرا‪:‬‬ ‫تعالى حميد في‬ ‫الأنام سميدع‬ ‫بفضل حكيم‪ ،‬للو ذعي ومصقع‬ ‫محمد محمود‬ ‫أبوه وجده‬ ‫رزيق‪ ،‬حميد‪ ،‬الأصل للخير منبع‬ ‫تسلسل من أصل زكي وذي عُلا‬ ‫وعز وفخر ليس للطعن موضع‬ ‫قال رزان أهل تقوى وعفة‬ ‫جبال علوم قد رست‬ ‫لا تزعزع‬ ‫هداه بهم يهدي المنور باله‬ ‫شموس علوم لا بسحب تبرقع‬ ‫تجاوز في الهيجا الشجاعة حدها‬ ‫أسود قلوب لا تهاب وتفزع‬ ‫فلم أر إنسان بكامل فضله‬ ‫يؤاتيه إلآ له الفخر أجمع‬ ‫وديوانه ينبيك وهو سبائك‬ ‫اللجين بعلو شان من هو مبدع‬ ‫به علمه صرف والبديع ومنطق‬ ‫وعلم‬ ‫المعاني بحره المتوسع‬ ‫وعلم المعاني والعروض به معا‬ ‫وعلم القوافي بعد ذلك تتبع‬ ‫تف في علم الفصاحة نابعا‬ ‫هو الشمس فيها وهو منها السميدع‬ ‫تقاصر ضوء الشمس عن ضوء باله‬ ‫وأزرى بجود المزن فالمزن يقلع‬ ‫ويخجل جود البحر جود يمينه‬ ‫ويفضح بر البر فالبر يمنع‬ ‫لقاوه‬ ‫كأن فناء الخلق منه توزع‬ ‫تذل له جمع الأسود لبأسه‬ ‫إذا ما سطا يومأ عليها فأشجع‬ ‫الا أنه ليث‬ ‫ويعجز فعل‬ ‫النار‬ ‫شديد‬ ‫في‬ ‫الخصم‬ ‫فعله‬ ‫له‬ ‫‪٢٣٥‬‬ ‫الحمد‬ ‫في‬ ‫الهيجاء‬ ‫والجود‬ ‫يرجع‬ ‫إذا لعب الهندي يوما بكفه‬ ‫يصادر نفخ الصور مما يوقع‬ ‫يشق عباب الجيش يمنا ويسرة‬ ‫ويجعل يمنى الجيش يسره مصرع‬ ‫إذا ما سطا يوماً على مس ذي سطا‬ ‫فليس لنفس بالبقا فيه مطمع‬ ‫كأن له شهب السموات سخرت‬ ‫فيهذي بها من شاء والسيف يقمع‬ ‫من الأنس إلا أنه في فعاله‬ ‫كان من الأملاك ما‬ ‫هو يصنع‬ ‫وفي كفه نار لأعداء ربه‬ ‫وجنة للصافين في الحين تولع‬ ‫ونجل سليمان بن صالح ناصر‬ ‫تمسك باللتقوى‪ ،‬فلا يتضعضع‬ ‫تفنن في كل العلوم مبالغا‬ ‫بأسما سماها قد سما فيه موضع‬ ‫وليس له شغل سوى اللله ذكره‬ ‫وليس له إلا إلى الله مفزع‬ ‫وإن هاجت الهيجاء فأشجع شاجع‬ ‫برؤيته الأعداء تكبوا وتمنع‬ ‫ولله در ذي العلاء ابن ماجد‬ ‫سعيد سعى نحو الفضائل يجمع[‪٤‬‬ ‫وليس له سعي سوى التقوى طالبا‬ ‫تفي فتى احمس متورع‬ ‫عليهم سلام من صفى ووامق‬ ‫يروم بلا حد بصد فيقطع‬ ‫‏‪]٧٠‬‬ ‫تمت‪ .‬وإن شئت أن تسفرها الشيخ حميد‪ ،‬فلا يحرج عليك‪ ،‬وإنما قلنا ما قلناه خجلاذ‬ ‫لو هانت نظمنا مع تناهي بلاغته‪ ،‬فأعرف ذلك بيان ثم بدا لنا أن نزيدك إيضاحا۔‬ ‫إن شئت تنظر سرأً الذي دبرناه‪ ،‬انظر في قصيدة عبد العزيز إلى تمام ذات دل لها‬ ‫ألحاظ وسنان وجيد ريم‪ ،‬كجيد الأغيد الجان في الشرحض‬ ‫ن ملكأ صر بموضع ما‬ ‫أعجبه ذلك المكان ليعمره‪ ،‬فقال‪ :‬لم ألف من الذهب يحتاج إلى تعمير هذا المكان؟‬ ‫فقالوا له ما قالوه‪ ،‬فأراد الحكيم أن يشارك في الأجر‪ .‬فقال‪ :‬أيها الملك يحتاج إلى‬ ‫فلسين‪ ،‬فدعا بالمزتين‪ ،‬وأمره بحلق رأس أحد من الشبان‪ ،‬أو أكثر من واحد‪ ،‬ودفع‬ ‫له أجرة ذلك‪ ،‬وقال له هذه الأجرة هي الغرامة التي تحتاج لعمارة هذه فعمل عمله‬ ‫وعملت الأرض مدينة عظيمة من المدن بتلك الأجرة والغرامة التي دفعها المزين‬ ‫ففي هذه القصة أعظم الدلالات‪ ،‬وفي النظر أنها تحتاج إلى أكثر من تلك الغرامةة‬ ‫لأنها تحتاج إلى أواني‪ ،‬وقيام المدبر بكل ما يحتاج إليه فأعرف ذلك‪ ،‬وإن شئت‬ ‫تنظر إلى كتاب مجد بن زكريا‪ ،‬حيث ذكر‪ :‬إنه اتصل بالهمذاني("أ‪ ،‬وألقي أكسيره‬ ‫على مائه‪ ،‬وأعجب بنفسه‪ ،‬وكان الحكيم محمد معه‪ ،‬فأخرج أكسيره وكان لا يخلو‬ ‫نفسه من مقدار البلاطة‪ ،‬فحك في درهم قليلاش وأدخله الحما‪ ،‬فانقلب نحاسأً أحمرأ‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬اذهب الفضة التي لك‪ ،‬فإذا بها‪ ،‬وألقى عليها ذلك الدرهم‪ ،‬فصار الجميع ذهبا‬ ‫أحمرأً‪ ،‬فقهر الهمداني منه‪ ،‬ونظر إلى الجلدكي‪ ،‬فقال‪ :‬هل يذكر الشعر في التدابير‬ ‫الحيوانية؟ كلا لا تجده يذكرها‪ ،‬لأنه كشف أكثر منهم التدابير‪ .‬وأظهر الحكمة كلها‬ ‫في الأحجار‪ .‬وإن كان كذلك فلم ينكر على الطغرائي‪ ،‬إذا ذكر تدابير الحيوانية‬ ‫بالأحجار‪ .‬وكلا الحكمين في طريق واحدة والسلام‪.‬‬ ‫واعلم أن الزئبق المعدني لا بد منهما بعد تمام الأكسير‪ ،‬لأن الذهب يلف به الأكسير‬ ‫عند الطرح والزئبق هو الأكسير‪ ،‬ولكنه يحتاج إلى دهنه ينسبك فيها وبها۔ وليس‬ ‫هي غير دهنة الأكسير‪ ،‬وهي الأكسير بعينه‪ .‬وانظر إلى تدبيره للملح المرً‪ ،‬من‬ ‫كتاب البرهان أنه يسبك مع الذهب‪ .‬ثم يعد بمثالها ألف مثقال من الزئبق يصير‬ ‫ذهبا أكسيرأً أحمرأ‪ ،‬وفي الأصل عكس الآخر‪ ،‬لأن الصح أن يلقي الأكسير على‬ ‫الزئبق قبل ذلك‪ ،‬ثم إن شاء‪ ،‬يلقيه على الذهب‪ ،‬فيصير الذهب أكسيراً‪ ،‬لأشه من‬ ‫‏(‪ )١‬الهمذاني‪ :‬الحسن بن أحمد بن يعقوب )‬ ‫محمد‬ ‫مؤر خ ُ عالم با لأنساب ۔ عارف‬ ‫‏‪ ٣٢٣٤-٢٨٧٠‬ه_‪ ٥- ٣/‬‏‪،‬م)‪ ٤٩‬من بني همدان‪ ،‬أبو‬ ‫بالفلك و الفلسفة وا لآدب من‬ ‫أهل‬ ‫اليمن‪ ،‬ولد ونشأ‬ ‫في‬ ‫صنعاء‪ ،‬وطاف البلاد‪ ،‬واستقر بمكة زمنأ‪ ،‬وعاد إلى اليمن فأقام في مدينة صعدة‪ ،‬من تصانيفه‪:‬‬ ‫'سرائر الحكمة" و "الزيج" و "الجوهرتين" في الكيمياء والطبيعة‪ .‬انظر الزركلي‪ ،‬خير الدين‪:‬‬ ‫الأعلام ج ‏‪ ،٢‬ص‬ ‫‏‪.١٧٩‬‬ ‫‪٢٣٧‬‬ ‫الرمز المقلوب‪ ،‬هكذا ذكر الجلدكي‪ ،‬أن من الرمز أن يقلب الشيء عن ترتيبه‪.‬‬ ‫اتكالً على فهم الطالب‪ ،‬ونحن لو وفقنا الله إلى تمام الأكسير الأركان مع كلها‪ ،‬لعقد‬ ‫الزئبق بنفسه ثابته ولكن لم ‏[‪ ]٢٠٥‬يوفق ا له الانتفاع‪ ،‬بعد أن أكملنا بضياع الإناء‬ ‫وذهابه في الرماد‪ ،‬وأما ركن الصبغێ فليس فيه قوة‪ ،‬إلى أن ينعقد الزئبق ثابتأ‪ ،‬لأنه‬ ‫لا نشادر فيه إلا قليلا ولا أرضية‪ ،‬إلا ما شاء الله‪ ،‬فلذلك توقفناه وغالب كتبي في‬ ‫نزوى‪ ،‬ولم يتوفق لي إتيانها إلى اليوم‪ ،‬والحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله على‬ ‫سيدنا محمد وأله وصحبه وسلم‪ ،‬ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‪ .‬انتهى نثر‬ ‫الشيخ ونظمه في هذا الباب نقلته حرفا حرفا كما رقمه بقلمه‪.‬‬ ‫وللشيخ العالم أبي محمد بن الشيخ العالم العلامة أبي نبهان مناقب حسان‪ ،‬ونوادر‬ ‫برهان‪ ،‬ولا أقدر على حصرها وإحصائها شرحا بفم ولا بقلم‪ ،‬ولا أشك أنه قد لبس‬ ‫خرقة الصوفية‪ ،‬لزهده في هذه الدنيا الدينة وقناعته مع تواضعه‪ .‬واستكانته لله جل‬ ‫جلاله‪ ،‬فإنه يظهر أونة أفعالاً كأنها من خرق العادلات‪ ،‬منها‪ :‬أنه كان في غالب‬ ‫وقته يحمل على رأسه التراب الأزب والشعر المطروحح الذي يلقونه الحجارون‬ ‫والحلاقون على جوانب السكك‪ .‬من حلقهم لشعور الناس‪ ،‬فيوضع كل ما ذكرته في‬ ‫قفر مكشوفة‪ ،‬فيحملها على رأسه إلى بيته على عيون الأجلاء والأعيان من الناس‪،‬‬ ‫ومن هم دونهم في الرتبة‪ ،‬وأكثر الناس من يزد ربه مع ذلك‪ ،‬ويطرح صيته بهذا‬ ‫التزيَ‪ ،‬وهو لا يبالي بذلك‪ ،‬ثم إنه أكثر أوقاته لا يضع عمامته ولا قلنبوة على‬ ‫رأسه‪ ،‬ويعجب من اللباس البرود الخلقة والشارق والمنشا وذا العتيقة المتحرقة‬ ‫والمتشققةش ويحب مجالسة الفقراء والمساكين والصعاليك‪ ،‬فينشرح معهم انشراحا‬ ‫كليأ‪ .‬ويقنعه ما حضر من الطعام‪ ،‬فيأكل منه نزرأ لذيذ كان أو غير لذيذه وتارة‬ ‫يتكلم‪ .‬فيظنه من يجهله أنه جاهلا بالعلم وهو مع ذلك‪ ،‬إذا سأله عالم في أي علم‬ ‫سأله فيه‪ ،‬انساب إليه انسياب النهر القوي الانسياب‪ .‬والبحر ذي العباب‪ ،‬بالجواب‬ ‫الصواب ‪ ،‬فلا يكل لسانه ولا جنانه في جواب مسألة فقه وتوحيد‪ ،‬وتفسير كتاب الله‬ ‫القدير‪ ،‬وسنة نبيه البشير‪ ،‬وفي علم طريقة حقيقة‪ ،‬وفي نحو وصرف وعربية‪.‬‬ ‫‪٢٢,٫‬‬ ‫وذلك وفي جملة من سائر العلوم‪ ،‬فهو يبهر من كان يسمع من ذلك» قبل أن يسمع‬ ‫منه ذلك‪ ،‬كما أنه يبهر من سمع منه‪ ،‬إذا سمع منه‪ ،‬ثم أنه في أغلب أوقاته وأركانه‪،‬‬ ‫لا يحمل سلاحاً۔ حيثما يمضي إلى البلدان النائية والدانية‪ ،‬وما أجدره وكلام‬ ‫الحريري في مقاماته لأهل البصرة‪ :‬وإن سلاح الناس الحديد‪ ،‬وأسلحتكم الأدعية‬ ‫والتوحيد‪ ،‬فلا يطمع فيه عدو بفتك‪ ،‬ولا بمجاهرة جلاد‪ ،‬ومن لمشهور أنه أقام ببلدة‬ ‫نزوى عمان ‏[‪ ]٢٠٦‬جما من الزمان‪ ،‬فكمنوا له في بعض الليالي‪ ،‬ثلاثة رجال من‬ ‫أعد ائه‪ ،‬الذين لا يحبون حياته على قارعة الطريق‪ .‬التي هي أكثز مروره عليها إلى‬ ‫بيته وقد خرج من بيته زائرأ بعض المشائخ‪ ،‬من أهل نزوى الساكنين العقر‪ ،‬وهو‬ ‫في ذلك الزمان‪ ،‬يسكن أعلى نزوى‪ ،‬من محلة الكندة‪ ،‬فلما مر عليهم‪ ،‬وهو لم يشعر‬ ‫بهم‪ ،‬ولم يكن بيده سيف“ ولا رمح ولا مديةظ ولا شيء من سائر الحديد‪ ،‬نهضوا‬ ‫إليه جهدهم أن يصرعوه على الأرض فيقتلوه‪ ،‬فلما صارعوه صرعهم‪ ،‬وألقاهم‬ ‫على الأرض كل واحد فوق صاحبه‪ ،‬فلما أصارهم في وهن وذل مفرط‪ ،‬تركهم‬ ‫ففروا عنه فرار الغنم من الذئب‪ .‬ومما أنا شهدت من شأنه القوي في الشجاعة‬ ‫والسطو‪ ،‬أنه لما سكن بلدة مسقط‪ ،‬اشترى بيتا مبنيا بالحجر والطين محلة ميابينض‬ ‫فمضيت إليه ذات ليلة مظلمة‪ ،‬قد أخفت السحب بدرها وكواكبها‪ ،‬فلما انتهيت إلى‬ ‫باب بيته شهدت رجلا قد ألقى على رأسه قباء وهو الذي تسميه العامة المنسول‪،‬‬ ‫وفي يده سكين طويل فعرفت ذلك الرجل أنه سلام البحري ‪ ،‬وقد كان عدوأ للشيخ‪،‬‬ ‫ويريد أن يفتك به على ما تروي الناس عنه‪ ،‬لمقدمات حروب‬ ‫جرت بين المشائخ‬ ‫بني خروص»‪ ،‬وبني بحري فلما دخلت على الشيخ‪ ،‬وأخبرته الخبر‪ ،‬لم يتمالك أن‬ ‫خرج إليه بغير سلاحف فخرجت أركض إثره‪ ،‬فإذا سلام يركض منه هاربا‪ ،‬والشيخ‬ ‫يمشي إثره رويدا رويدأ‪ ،‬فأخذت بيد الشيخ ورجعت به إلى بيته فسامرته بعد‬ ‫ذلك‪ ،‬حتى انقضى هزيع من الليل‪ ،‬ثم رجعت بعد ما ودعته إلى منزلي‪ ،‬وأما سلام‪،‬‬ ‫فلم يمكث بعد ذلك في مسقط‪ ،‬إلا أيامأ قلائل‪ ،‬إلى أن رجع إلى العليا‪ ،‬وما لبث فيها‬ ‫إلا قليلا‪ ،‬إلى أن قتل‪.‬‬ ‫‪٢٣٩‬‬ ‫ومن قوة الشيخ أبي محمد‪ .‬إلى محمد ناصر بن الشيخ العالم العلامة أبي نبهان‬ ‫وسطوته القاهرة وأسراره الباهرة‪ ،‬لقد صحبته في سنة ثمان وخمسين ومائتين‬ ‫وألف من أفى بلدة المعاول إلى بركة‪ ،‬ومعنا بعض الرجال‪ ،‬ولم يكن له ولا لهم‬ ‫سلاح إلا أنا‪ ،‬وفي ذلك الوقت قد أفسدت الأعراب الطرق وأخافوها خوفا شديدا‪.‬‬ ‫باصطلام الأموال غصبا ‪ 4‬وبضرب من يدفعهم عن سلب ماله بالعصي والحديد‪،‬‬ ‫فلما انتهينا إلى الوادي المسمى الحشيع المفترقة الطرق نحوه إلى بركة‪ ،‬شهدنا‬ ‫جملة أعراب شاكين في السلاح على الطريق التي نحن قصدناها‪ ،‬والشيخ يحدثنا‬ ‫عن بعض الحروب الكائنة في القديم بين العرب‪ ،‬فلما سمعت الأعراب حديثه‪.‬‬ ‫وعرفوه‪ ،‬ركب كل واحد منهم ناقته‪ ،‬وانصرفوا عنا‪ ،‬وما جرى شر علينا منهما‬ ‫ومن أسراره السارية للأذهان بضياء البرهان‪ ،‬أخبرني الشيخ عبد الله الذهبة‪ ،‬أنه‬ ‫أتاه الشيخ أبو محمد ذات ليلة وفي يده كتاب أحسبه كتاب الزيج۔[‪]٠٧‬‏ فذكر له‬ ‫أنه قد استعاره في تلك الليلة من الشيخ مرشد محمد العدساني‪ .‬قال‪ :‬فقال لي‪ :‬يا عبد‬ ‫الله إن قلبي تائق إلى هذا الكتاب‪ ،‬ولكنني ما قرأته‪ ،‬إذ ما تمكنت معه لما أخذته منه‬ ‫إلى أن أتيتك‪ ،‬قال الشيخ الحاج عبد الله الذهبة‪ :‬مضيت إلى موقد النارى ومن بيتي‬ ‫وبيدي شمعة أريد أن أذكيها له‪ ،‬ليقرأ الكتاب المذكور‪ ،‬على ضوء ذبالة تلك‬ ‫الشمعة‪ ،‬فلم أر في بيتي مصباحا ولا بموقد جمرأء‪ ،‬ثم التفت إلى المكان الذي قعد‬ ‫عليه الشيخض فرأيته قد استوعب ضياء فأسرعت إليه‪ ،‬فإذا بين عينيه كأنهما شمعتان‬ ‫تتقدان‪ ،‬والشيخ يقرأ الكتاب على ضوء نبالتهما‪ ،‬فناديته من بعيد‪ ،‬كأني لم أر معه‬ ‫الذي رأيته معه‪ :‬أيها الشيخ ما وجدت مصباحا ولا نارأ لأذكي بها ذبالة الشمعة‬ ‫فقال هلم إلي يا عبد الله لا حاجة لي في مصباح‪ ،‬وسأقرأ الكتاب غدأ إن شاء الله‬ ‫تعالى‪ ،‬قال‪ :‬فلما وصلت إليه‪ ،‬لم أر معه الذي رأيته معه قبل أن أناديه من الضياء‬ ‫ثم رجعت إلى موقد نار بيتي‪ ،‬فرأيت فيه جمرأ۔‪ ،‬فأذكيت ذبالة الشمعة فلما صرت‬ ‫معه‪ ،‬جعلت أنظر يمينا وشمالا فلم أر معه شمعة ولا مصباح‪ ،‬فجعل يقرأ الكتاب‬ ‫على ضوع ذبالة الشمعة التي أذكيتها‪ ،‬وقعدنا للتجمر‪ ،‬حتى مضت أروقة من الليل‪،‬‬ ‫‪٢٤0‬‬ ‫ثم مضى إلى بيته‪ ،‬فشيعته إلى داخله وأغلق بابه‪ ،‬فبت أصوغ الفكر فيه وأكثر‪ ،‬وما‬ ‫شككت أن الذي رأيته منه الموسرة من أسراره التي يخفيها على الناس‪.‬‬ ‫ومن أسراره السارية للذهان بلوامع البرهان‪ ،‬أني كنت ذات يوم جالسأ فيى مسجد‬ ‫الشيخ عبد الله بن محمد الأغبري» الذي هو مطابق لدكان الصياغة ومقت رب من‬ ‫الباب الكبيں‪ ،‬من بلدة مسقط متوقفا لصلاة العصر‪ ،‬إذ أقبل خميس بن جديد‬ ‫البهلوي المعروف بالشاطر‪ ،‬فجلس إلى جانبي‪ ،‬وجعل يشكو إلي من الشيخ أبي‬ ‫محمد بن الشيخ العالم العلامة أبي نبهان‪ ،‬ويذكر أن له حقا على الشيخ أبي محمد‪،‬‬ ‫وهو يماطله في التسليم‪ ،‬ثم قال لي مع جملة كلامه أنه‪ :‬إن لم يعطني حقي في هذا‬ ‫اليوم‪ ،‬لأشكو مع الحكام‪ ،‬وكان خميس الشاطر المذكور رجلا مهدارأ في الاحياء‬ ‫له فما كان إلا يسيراً۔ إذ سمعنا الشيخ أبي محمد يتكلم جهرأً لرجل‪ ،‬لم أثبت‬ ‫صورته‪ ،‬فركض خميس إليه وركضت إثره‪ ،‬فوالله ما رأى كلانا الشيخ ولا علمنا‬ ‫أين سلك‪ ،‬هو والرجل الذي يخاطبه‪ ،‬فجعله خميس يركض يمينا وشمالاًش وأنا كذلك‪،‬‬ ‫فما رأينا الشنيخ‪ ،‬ولا صاحبه الذي يخاطبه‪ ،‬وكل من عنه سألناه قالوا لنا‪ :‬ما رأيناں‬ ‫فعجبت‪ ،‬وعجب خميس مثلي من ذلك فلما كان باليوم الثاني‪ ،‬مضى الشيخ إلى‬ ‫خميس وأعطاه حقه تمامأ‪ ،‬ومن أسراره السارية للذهان بلوامع البرهان‪ ،‬لقد انهل‬ ‫ذات ليلة ‏[‪ ]٧٠٨‬من سحاب متراكم مطره شديد كانصباب الماء من أفق القرب ببلدة‬ ‫مسقط فلم تر إلا بروق لوامعأ‪ ،‬ولا تسمع‪ ،‬إلا بادزام رعود تدهش القلوب‬ ‫والجوانح‪ ،‬وكنت أنا في تلك الليلة ببيتي الذي هو داخل الحلة المسوّرة‪ ،‬المقترب من‬ ‫باب الكبير من بلدة مسقط‪ ،‬فخشيت على أهلي الذين على شفير الوادي من الحلة‬ ‫الخارجة من السور أن يحملهم الوادي إلى البحر‪ ،‬لما سمعت من الحنين الباهر‪،‬‬ ‫فمضيت إليهم‪ ،‬وأكثر جدر البيوت التي مررت عليها تتساقط من شدة المطر ولم‬ ‫أهتد للسعي‪ .‬إلا بوميض البرق‪ ،‬فلما انتهيت إلى الباب الصغير من الحلة الداخلية‬ ‫رأيت ماء الوادي قد استغرق دكانتي الباب‪ ،‬ثم مضيت‪ ،‬ومضى معي الشيخ ناصر‬ ‫بن محمد الجابري الذبياني‪ ،‬فلما أشرفنا على الوادي‪ .‬رأيناه لا خاض‬ ‫‪٢٤١‬‬ ‫فارتقينا‬ ‫الجبل‪ ،‬فلما أشرفنا على البيت‪ ،‬رأيت أهلي في وجل عظيم‪ ،‬وقد أحاط بهم ماء‬ ‫الو ادي ؤ و الما ح المنحدر‬ ‫مضيت‬ ‫ث‬ ‫إلى باب‬ ‫من‬ ‫بيتي‬ ‫الجبل ‘ الذي‬ ‫هو أعلى البرت ‘‬ ‫المفضي الى الو أد ي < فر أت‬ ‫ولا قوة الا بالك ث‬ ‫فوقفت حيرانا ‘ أقول ‪ :‬لا حول‬ ‫بدت‬ ‫فسكن‬ ‫الو أد ي‬ ‫فز عهم لما ل أني ‘‬ ‫يلطمه لطما‬ ‫لي نظرة‬ ‫مفرطا‬ ‫‘‬ ‫إلى مو ج الو ادي‪،‬‬ ‫فإذا أنا بالشيخ أبي محمد ناصر بن الشيخ العالم العلامة أبي نبهان يعوم في موج‬ ‫الوادي مقبلا إلىَ‪ ،‬فلما انتهى إلي قلت‪ :‬أيها الشيخ بأبي أنت‪ ،‬لم فعلت هذا‬ ‫بمخاطرتك لنفسك الشريفة؟ قال‪ :‬لا تخف علية لقد أتيتكم لأنظر ما أنتم فيه وعليه‬ ‫من قبل المطر والوادي المجحف‪،‬‬ ‫له‪:‬‬ ‫ل‪`١‬‏ بأبي أنت ‘ فقال‬ ‫ثم مضصى عني يعوم‬ ‫الحمد‬ ‫لله رب‬ ‫في الو أد ي‬ ‫فهل حدث عليكم سوء من المطر والوادي؟ قلت‬ ‫العالمين ‘‪ ،‬فقلت ‪ :‬نعم ۔ الحمد‬ ‫المتلاطم ؤ و أنا ألحظه ّ الى أن‬ ‫لله رب‬ ‫غاب‬ ‫عن‬ ‫العالمين‪.‬‬ ‫بصري‬ ‫فلما أصبحت مضيت إليه فوجدته جالسا في بيته المقترب من المسجد‪ ،‬الذي هو‬ ‫سهيلي الحصن الجلالي‪ ،‬ومعه عدة من الناس‪،‬‬ ‫فما أحببت أن أذكر ما كان منه من‬ ‫الوصل إلئَ‪ ،‬وعومه في فوج موج الوادي‪ ،‬فهذا لا شك أنه من خرق العادات‪ ،‬وأن‬ ‫للشيخ أسرار خفيات‪.‬‬ ‫ومن أسراره الغواضةة نقله للصخرة العظيمة التي بالموضع المسمى عين باز‪ ،‬لمَا‬ ‫مر عليها‪ ،‬فقال له صاحبه‪ :‬لو وجدنا أحدأ نقل عنا وعن المسلمين هذه الصخرةة‬ ‫فدخلا عليها‪ ،‬فلما رجعا‪ ،‬لم يريا تلك الصخرةة‪ ،‬وانقسمت الطريق‪ ،‬ولم تر عيني تلك‬ ‫الصخرة إلى هذه الغاية سنة ‪١٢٣٨‬ه‪.‬‏ وقد مدحته أيام حياته في الجزء السادس‬ ‫من الكتاب الذي سميته سبائك للجين بعدة قصائد منها القصيدة الهمزية التي‬ ‫مطلعها ‪:‬‬ ‫هنت بالأنوار والأنواء‬ ‫يا منزل اليمنية العرباء‬ ‫‏‪ ٤٣‬بيتا‪.‬‬ ‫‪٢٤٢٢‬‬ ‫ومنها البائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫في حادث الدهر إن فكرته العجب‬ ‫وفيه أن تعتبوا لا ينفع العتب‬ ‫‏‪ ٤٧‬بيت‪.‬‬ ‫ومنها الهائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫نفي الملالمة للغرام ثبوته‬ ‫صب هواه لمن نما جبروته[‪]٧٠٩‬‏‬ ‫‏‪ ٥‬بيتا‪.‬‬ ‫ومنها التائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫لشمس مرأى عاتك مراآت‬ ‫فلها بصفوة‬ ‫بهجرزه‬ ‫صفات‬ ‫‏‪ ٣‬بيتا‪.‬‬ ‫ومنها الثائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫فإنك قد غلقت باب البواعمث‬ ‫صلي التنف الهمام يا أخت حارث‬ ‫‏‪ ٧‬بيتا‪.‬‬ ‫ومنها أيضا الثائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫تصدق‬ ‫للخزرصي ناصر مكرمات‬ ‫المعتفي بنص‬ ‫الحديث‬ ‫‏‪ ١‬بيتا‪.‬‬ ‫والثائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫لسنا نحاذرحادشثأآ إن عاشا‬ ‫بك يابن غيث لا يزال غياثا‬ ‫‏‪ ٣٣‬بيتا‪.‬‬ ‫‪٢٤٣‬‬ ‫والثائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫إلى ابن أبي نبهان وجهت حاجتي‬ ‫ومن مثله للمستغيث‬ ‫غياث‬ ‫‏‪ ٤‬أبيات‪.‬‬ ‫والجيمية التي مطلعها‪:‬‬ ‫نفس لها في هواها جد الهاج‬ ‫فهل لمنهاجها العذري من هاج‬ ‫‏‪ ٤‬بيتا‪.‬‬ ‫والجيمية التي مطلعها‪:‬‬ ‫خفض الراح بعد جاس مزاجه‬ ‫فقذنا منه كأسه ومزاجه‬ ‫‏‪ ٤٢‬بيتا‪.‬‬ ‫والجيمية التي مطلعها‪:‬‬ ‫بالخرورصي كل فضل‬ ‫يروج‬ ‫فأميلوا له الركاب وعوجُوا‬ ‫‏‪ ٩‬بيتا‪.‬‬ ‫والحائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫سنا الحق لا يخفى من البرق ألم‬ ‫و أنو ‏‪ ١‬ع‬ ‫مر ‪5‬‬ ‫من‬ ‫اللوّأً‬ ‫ملح‬ ‫‏‪ ٤١‬بيت‪.‬‬ ‫والحائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫ايرجو اللاحي أن أسلو الملاحا‬ ‫‏‪ ٤٠‬بيتا‪.‬‬ ‫وغئً في الحسان أرى الصلاحا‬ ‫والحائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫زار واللي‬ ‫ل كلي‬ ‫من دجى المسرى طليح‬ ‫ل‬ ‫‏‪ ٣١‬بيتا‪.‬‬ ‫والحائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫وصد ذلكم الإقلال والراح‬ ‫لليسر ريحانة يجلى بها الراح‬ ‫‏‪ ٤١‬بيت‪.‬‬ ‫والخائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫به أنت هام الخصم لا شك شارخه‬ ‫وسالك علم دارسات شوامخه‬ ‫‏‪ ٧‬بيتا‪.‬‬ ‫والحائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫فاخلع النعل فالوجوب انفساخه‬ ‫مبرك الضيف ذا وهذا مناخه‬ ‫‏‪ ٩‬بيتا‪.‬‬ ‫والخائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫تعالى ضوء بشرك إذ تراخا‬ ‫أختار الهجير له مناخا‬ ‫‏‪ ٤‬بيتا‬ ‫اولدالية التي مطلعها‪:‬‬ ‫والوابل الهتان إن ذكر‬ ‫يا عالم العلماء غير مدافع‬ ‫‏‪ ٣٢‬بيتاً‪.‬‬ ‫‪٢٤٥‬‬ ‫الندى‬ ‫اولدالية التي مطلعها‪:‬‬ ‫قضت‬ ‫العلى بقواضب‬ ‫الأمجاد‬ ‫حتف‬ ‫العد ى‬ ‫وكأبة الحسناد‬ ‫‏‪ ٣‬بيتا‪.‬‬ ‫والدالية التئ مطلعها‪:‬‬ ‫دمع تزايد قطره ورذاذه‬ ‫لهوى كثير يستحيل نفاذه‬ ‫‏‪ ٣٢‬بيتا‪.‬‬ ‫والرائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫نعم وعاذل فيى الحب عاذره‬ ‫صب جمالك باهي الحسن باهره‬ ‫‏‪ ٤١‬بيتا‪.‬‬ ‫والرائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫اذ أرى دارسيت غير دارسة غدت‬ ‫تروق باثمار وتزهو بازهار‬ ‫‏‪ ٧‬بيتا‪.‬‬ ‫والرائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫ويا دجى فرعها قد راقني السهر‬ ‫يا ثغرها البرق دمعي في الثزى مطر‬ ‫‏‪ ٠‬بيتا‪.‬‬ ‫والرائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫أقل فتشبيبي بها قد تكثرا‬ ‫فهيهات أسلو فاعذلاني أو اعذرا‬ ‫‏‪ ٤١‬بيت‪.‬‬ ‫‪٢٤٦‬‬ ‫والزائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫أيها أما أنت هذا الوعد منجزه‬ ‫أمطنت أنت أم ذا المطل موجزه‬ ‫‏‪ ٤٣‬بيتا‪.‬‬ ‫والسينية التي مطلعها‪:‬‬ ‫لدار سيت مغان غير أدراس‬ ‫‏‪ ٨‬بيتا ‪.‬‬ ‫والشينية التي مطلعها‪:‬‬ ‫وضم فتى لم ينتعش بالضنا النعش‬ ‫عشا كل طرف لا لنار الهوى يعش‬ ‫‏‪ ٨‬بيتا ‏[‪.]٧١٠‬‬ ‫والصادية التي مطلعها‪:‬‬ ‫لحمى قدسها نُحَثُ القلوص‬ ‫وبدى الفاضل‬ ‫النبيه يبيص‬ ‫‪ ٤‬بيت‪. ‎‬‬ ‫وصادية مطلعها‪‎:‬‬ ‫خيالها زرت صبا أنت غير عصي‬ ‫متيما شق وشكا للشقاق عصي‬ ‫‏‪ ٣١‬بيتا ‪.‬‬ ‫وضادية مطلعها‪:‬‬ ‫أيانلاصر نجل بحر العلوم‬ ‫‪ ٩‬بيت‪. ‎‬‬ ‫‪٢٤٢٧‬‬ ‫وصادية مطلعها‪:‬‬ ‫فتى جاعد ناصر‬ ‫أنت‬ ‫حبر‬ ‫لعظم السقم الكبير المهيص‬ ‫‏‪ ٠‬بيتا‪.‬‬ ‫وبطائية مطلعها‪:‬‬ ‫أرى هام هذا الجود ذا البرق واخطه‬ ‫‏‪ ٠‬بيت‪.‬‬ ‫وبظائية مطلعها‪:‬‬ ‫علم الحلم غيلم العلم والحمد‬ ‫صحيح في صييعة الألفاظ‬ ‫‏‪ ٣٢‬بيتا‪.‬‬ ‫وبظائية مطلعها‪:‬‬ ‫حسب راجيك ما الحضيض حظوظه‬ ‫لا و لا الحاسد‬ ‫الكتنلود‬ ‫بغيظله‬ ‫‏‪ ٠‬أبيات‪.‬‬ ‫وبعينية مطلعها‪:‬‬ ‫ألحكى الربع عن زمن الربيع‬ ‫وعن‬ ‫تفوبف‬ ‫مطرفه البديع‬ ‫‏‪ ٤١‬بيتا‪.‬‬ ‫وبغينية مطلعها‪:‬‬ ‫قل لذات الغدار والأضداغ‬ ‫نهنهيه من بريقك المنساغ‬ ‫‏‪ ١‬بيتا‪.‬‬ ‫وبفائية مطلعها‪:‬‬ ‫لك يا يقين من الجمال طريفة‬ ‫‏‪ ٤٢‬بيتا‪.‬‬ ‫ومن‬ ‫الكمال‬ ‫فرربد ‏‪ ٥‬وشفوفه‬ ‫وبقافية مطلعها‪:‬‬ ‫ز اة‬ ‫وكلى با‬ ‫‏‪ 4٨‬م‬ ‫مشدد خ‬ ‫لأرق‬ ‫‏‪ ١‬لأنو ار ر أس‬ ‫الفلق‬ ‫‏‪ ٤٢‬بيتا‪.‬‬ ‫وبقافية مطلعها‪:‬‬ ‫لقمت شوقا تحييه على ساق‬ ‫كأس المدامة لو تدري من الساق‬ ‫‏‪ ٤٤‬بيتا‪.‬‬ ‫وبكافية مطلعها‪:‬‬ ‫أتلر ى‬ ‫البرق‬ ‫اذ ‏‪ ١‬ر أك‬ ‫صورت‬ ‫ا لأر اكا‬ ‫سورة‬ ‫الحمى مقَلتاكا‬ ‫‏‪ ٤١‬بيتا‪.‬‬ ‫وبلامية مطلعها ‪:‬‬ ‫وطالب العقل صب منك ما عقلا‬ ‫أجريت يا طللي ظلما دسي طللا‬ ‫‏‪ ٢‬بيتا‪.‬‬ ‫وبلامية مطلعها‪:‬‬ ‫‏‪ ٤٧‬بيتا‪.‬‬ ‫وبلامية مطلعها ‪:‬‬ ‫جلال‬ ‫جمال‬ ‫في حدوج‬ ‫يلو ح‬ ‫جمال‬ ‫كضوء‬ ‫البارق‬ ‫الىتلال‬ ‫‏‪ ٤٢‬بيتا‪.‬‬ ‫وبميمية مطلعها‪:‬‬ ‫ومنهم شاب من فرط الجوى هام‬ ‫بمحض حبك أصحاب الهوى هاموا‬ ‫‏‪ ٤١‬بيتا‪.‬‬ ‫‪٢٤٩‬‬ ‫وبنونية مطلعها‪:‬‬ ‫وباليضايم تقلوا المسكن السكن‬ ‫‏‪ ٩‬بيتا‪.‬‬ ‫وبنونية مطلعها‪:‬‬ ‫أبا فتى جاع د للوفد راحته‬ ‫يسحها‬ ‫أبد ‏‪ ١‬س‬ ‫وتهتان‬ ‫‏‪ ٨‬بيتا‪.‬‬ ‫وبواوية مطلعها‪:‬‬ ‫أواجبة الجمال أما‪٥‬نُ‏‬ ‫لصب منه قد سلب السل‬ ‫‏‪ ٤١‬بيتا‪.‬‬ ‫وبهائية مطلعها‪:‬‬ ‫بروق الفضل أنسانا سناها‬ ‫كما أحيا منازلنا حياها‬ ‫‏‪ ٢٢‬بيتا‪.‬‬ ‫وبهائية مطلعها‪:‬‬ ‫سرى البارق السونى فأهلا بمسراه‬ ‫ونادى‬ ‫خطيب‬ ‫الر عد وهنا فلّّاه‬ ‫‏‪ ٤٤‬بيت‪.‬‬ ‫وبهائية مطلعها‪:‬‬ ‫لناصر نصرة ترضي أحبته‬ ‫بها وبالوكف تزري السحب كفاه‬ ‫‏‪ ٥‬بيتا‪.‬‬ ‫وبهائية مطلعها‪:‬‬ ‫الأ قل لأسما قس‬ ‫‏‪ ٤٨‬بيتا‪.‬‬ ‫الله أسماها‬ ‫أْحَبَا الحيا أطلالها حين حباها‬ ‫وبيائية مطلعها‪:‬‬ ‫‏‪ ٤١‬‏]‪.[١١٧‬أتيب‬ ‫وقد رثيته لما توفي بست مرثيات‪:‬‬ ‫بكت الصحائف فالمصاب‬ ‫ا لأولى دالبة مطلعها‪:‬‬ ‫شديد‬ ‫يكفيك ررزعءً ما عليه مزيد‬ ‫‏‪ ٩‬بيتا‪.‬‬ ‫وبقصيدة رائية عددها‪٤٠‬‏ بيتأ مطلعها‪:‬‬ ‫ألا جف بحر العلم يا مدمع القطر‬ ‫وبقصيدة سينية عدها‬ ‫أصبر على صاب وقد عدم الصبر‬ ‫‏‪ ٤٢‬بيتا مطلعها‪:‬‬ ‫خلا مجلس الفقه الأنيس من الأنس‬ ‫فمن ذا إلى التدريس في دوره الترس‬ ‫وبقصيدة قافية عدها‪ ٤‬‏‪ ١٢‬بيتا مطلعها‪:‬‬ ‫لأفول شمس ذا الظلام المطبق‬ ‫لا مغزب منه وشرق مشرق‬ ‫وبقصيدة لامية مطلعها‪:‬‬ ‫رزء تفاقم فالبرية تعول‬ ‫والأرض من جلل الجوى تزلزل‬ ‫‏‪ ٤٤‬بيتا‪.‬‬ ‫وبقصيدة ميمية ‏‪ ٤٠‬بيتا مطلعها‪:‬‬ ‫ذهب الضياء فيومنا أحلام‬ ‫ما هكنذايايومناالأيام‬ ‫الباب السابع‬ ‫شعر ائهم الجا هلية ق ‏‪ ١‬إسلامية‬ ‫في ‏‪ ٢‬كر اسماء‬ ‫على ما اتصل إلينا علمنا عنهم‪ .‬وبالله التوفيق‬ ‫[امرؤ القيس]‪:‬‬ ‫امرؤ القيس بن حجر بن عوف بن عمرو بن الحارث‪ .‬الملك عمرو المقصور بن‬ ‫حجر أكل المرار بن عمرو بن الحارث بن أدد بن معاوية بن ثور‪ ،‬وهو من كنده‬ ‫ابن مرتع بن عفر بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زبد بن غريب بن زيد‬ ‫ابن كهلان بن سباني يشجب من يعرب بن قحطان بن هود" النبي صلى الله عليه‬ ‫وسلم‪ ،‬على مقال بعض أهل العلم بالنسب والله أعلم‪.‬‬ ‫[فهد بن عبد الله العجلان]‪:‬‬ ‫فهد بن عبد الله بن العجلان‪ .‬وهو من بطون عمرو بن الحاف الشاعر المشهورة‬ ‫كان أحد شعراء العرب‪.‬‬ ‫[ثرملة بن شعبان]‪:‬‬ ‫ثرملة بن شعبان بن عبد كثري من بني الصامت بن سعيد بن مقدان ج‪٦‬‏ قحطبة‬ ‫الشاعر‬ ‫المشهور‪.‬‬ ‫و المفضل الشا عر ‘‪ ،‬و هو‬ ‫أول‬ ‫قال الشعر بعد طي ‪ .‬وقيس بن‬ ‫من‬ ‫حجر‬ ‫جد‬ ‫الطظطرما ح‬ ‫وكان شاعرا بليغا‪ .‬والأخيل أبو المقدام بن عبيد الأغشم۔ ووبرة بن سلامة بن‬ ‫الشا عر‬ ‫و افي ۔‬ ‫الفصيح المشهور ‘‬ ‫وقسامة بن‬ ‫رو احة‪،‬‬ ‫المشهور ‪ .‬وجابر بن‬ ‫الشا عر‬ ‫العدل‪ .‬وعريج بن الضريس‪ ،‬الشاعر المشهور‪ .‬والأعرج الشاعر‪ ،‬شاعر ثعفل‪،‬‬ ‫وكان‬ ‫ابن‬ ‫ذا‬ ‫حكم‬ ‫رواحة‬ ‫في‬ ‫الجاهليةظ‬ ‫وحكمة قد و افق‬ ‫الشاعر ‏‪ ٠‬وخالد بن‬ ‫محضة‬ ‫النىنة‪.‬‬ ‫الشاعر‬ ‫ووبرة‬ ‫بن‬ ‫و افي الشاعر ‪.‬‬ ‫الجاهلي ‪ .‬وعبد‬ ‫ألله بن‬ ‫خليفة‬ ‫وقسامة‬ ‫وكان‬ ‫سيدا وشاعرا‪ ،‬على قوم علي بن أبي طالب‪ ،‬يوم صفين‪ .‬ومعن بن مفتن بن صقر‪،‬‬ ‫ومن شعره‪:‬‬ ‫أدهم ودأ إذا خامر الحشا‬ ‫أضاء إلى الأضلاع والليل دامس‬ ‫بني رجل لو كان حتا أعانني‬ ‫على ضر أعداء الذين أسارس‬ ‫ومن بني خزم‪ :‬ثعلبة بن عمرو بن النوث بن طي“ وكان من فرسان خزم‪ ،‬ومن‬ ‫جمرات العرب وشاعرأ مع باسه‪ .‬وجابر بن الثعلب‪ ،‬الشاعر المشهور‪ .‬وأبو حناء‪،‬‬ ‫الذي ذكره امرؤ القيس بن حجرة وقال في مدحه‪:‬‬ ‫عرجا على الطلل المحيل لأننا‬ ‫نبكي الديار كما بكى ابن خذام‬ ‫وفروة بن مسك بن عطيف بن سلم بن الحارث بن الذويب‪ ،‬كان شاعرا فارسأ‪ ،‬وفد‬ ‫للنبي‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬مفارق لملوك كنده[‪.]٧١٢‬‏ وعاصم بن الأصقع‪.‬‬ ‫والطرماحغ الشاعر المشهور‪ .‬ومعتب بن أكوع الشاعر‪ .‬والجون بن عبد الغفري‪،‬‬ ‫وأبو الكنود‪ ،‬الشاعر المشهور‪ .‬وعبد الخزاعي‪ .‬والسيد الحميري‪ .‬وكثير عزة‪ .‬وأبو‬ ‫بكر بن دريد الازدي الشاعر المشهور‪.‬‬ ‫[حبيب بن أوس]‪:‬‬ ‫حبيب بن أوس بن الحارث بن الأشح بن يحيى بن مروان بن مر بن سعد بن كاهل‬ ‫ابن عمرو بن عدي بن عمرو بن الغوث بن طي‪ ،‬واسمه جلهمة بن أدد بن زيد بن‬ ‫يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود‪ .‬عليه‬ ‫السلام‪ ،‬الشاعر المشهور‪ .‬وكان واحد زمانه وعصره في ديباجة لفظه‪ ،‬ونصاعة‬ ‫شعره وحسن أسلوبه‪ .‬وله كتاب الحماسة‪ ،‬التي دلت على غزارة فضله۔ وإتقان‬ ‫معرفته‪ ،‬بحسن اختياره‪ ،‬وله مجموع آخر سماه "فحول الشعراء"‪ ،‬جمع فيه طائفة‬ ‫كثيرة من شعراء الجاهلية والمخضرمين والإسلاميين‪ ،‬وكان له من المحفوظ ما لا‬ ‫يلحقه فيه غيره‪ ،‬قيل‪ :‬إنه كان يحفظ أربع عشرة ألف أرجوزة للعرب‪ .‬غير القصائد‬ ‫و المقاطيع۔‬ ‫ومدح‬ ‫الخلفا ء‪،‬ؤ و أخذ‬ ‫جو ائلز هم‪6‬‬ ‫وجاب‬ ‫البلاد ۔ وقصد‬ ‫وبها عبد‬ ‫البصرة‬ ‫الصمد بن المعذل الشاعر فلما سمع بوصوله‪ ،‬وكان في جماعة من غلمانه وأتباعه‪.‬‬ ‫فخاف من قدومه أن يميل الناس إليه ويعرضوا عنه‪ ،‬فكتب إليه قبل دخول البلاد‬ ‫شعرا ‪:‬‬ ‫لست تنفك راجيألوصال‬ ‫أي‬ ‫من حبيب أو طالبا لنوال‬ ‫بين ذل الهوى وذل السؤال‬ ‫ماء يبقى لوجهك هذا‬ ‫فلما وقف على الأبياات‪ ،‬أضرب عن مقصده‪ ،‬ورجع وقال‪ :‬قد شغل هذا ما يليه‬ ‫فلاحاجة لنا فيه‪ .‬ولما أنشد أبو دلف العجلي(" قصيدته البائية التي أولها شعرأ‪)":‬‬ ‫أذيلت مصونات الدموع السواكب""ا‬ ‫على مثلها من أربع وملاعب‬ ‫استحسنها‪ ،‬وأعطاه خمسين ألف درهم فقال له‪ :‬والله إنها للون شعرك‪ ،‬ثم قال‪:‬‬ ‫والله ما م هذا القول في الحسن‪ ،‬إلا ما رثيت به حميد الطوسي"“أ۔‪ ،‬فقال أبو تمام‪:‬‬ ‫وأي ذلك أراد الأمير؟ فقال‪ :‬قصيدتك الرائية‪ ،‬التي أولها‪:‬‬ ‫فليس لعين لم يفض ماؤها عذر "ا‬ ‫كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر‬ ‫() أبو دلف العجلي‪ :‬هو القاسم بن عيسى بن إدريس بن معقل‪ ،‬من بني عجل بن لجيم" أمير‬ ‫الكرخ‪ ،‬وسيد قومه‪ ،‬وأحد الشعراء الأمراء الأجواد الشجعان الشعراء‪ .‬قلده الرشيد العباسي أعمال‬ ‫(الجبل)‪ ،‬ثم كان من قادة المأمون‪ .‬أخبار أدبه وشجاعته كثيرة‪ .‬وللشعراء فيه أماديح۔ وله‬ ‫مؤلفات منها "سياسة الملوك" و"البزاة والصيد"‪ .‬وهو من العلماء بصناعة الغناء‪ ،‬يقول الشاعر‬ ‫ويلحنه‪ .‬توفي ببغداد سنة ‪٢٢٦‬ه‪٨١٤٠/‬م‪.‬‏ انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام‪ ،‬ج‪،٥‬‏ ص ‏‪.١٧٩‬‬ ‫‏(‪ (٢‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪٢‬۔‏ ص‬ ‫‏‪.١٤-١٣‬‬ ‫"( أبي الفرج الأصفهاني‪ ،‬علي بن الحسين‪ :‬كتاب الأغاني‪ ،‬ج‪،١٦-١٥‬‏ ص ‏‪.٥٣٠‬‬ ‫) حميد الطوسي‪ :‬من كبار قواد المأمون العباسي‪ .‬كان جبارأ‪ ،‬فيه قوة وبطش‪ ،‬وكان المأمون‬ ‫يندبه للمهات۔ انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام ج‪،٥‬‏ ص‬ ‫"ا كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر‬ ‫‏‪.١٧٩‬‬ ‫وليس لعين لم يفض ماؤها عذر‬ ‫انظر‪ :‬أبي الفرج الأصفهاني علي بن الحسين‪ :‬كتاب الأغاني‪ ،‬ج‪،١٦-١٥‬‏ ص‪ ٣٥‬‏‪.٥‬‬ ‫‪٢٥٤‬‬ ‫ووددت والله أنها لك فئَ‪ ،‬فقال‪ :‬أفدي الأمير بنفسي ومالي وأهلي‪ .‬وأكون المقدم‬ ‫قبله‪ ،‬فقال‪ :‬إنه لم يمت من ربي بهذا الشعر‪ .‬وأخباره كثيرة‪ ،‬ولم يزل شعره شعر‬ ‫غير قريب‪ ،‬حتى جمعه الأولى‪ ،‬ورتبه على الحروف‪ ،‬ثم جمعه علي بن حمزو(')‬ ‫على الحروف على الأنواع قال الشيخ أحمد بن خلكان في كتاب وفيات الأعيان‪:‬‬ ‫ورأيت الناس مطبقين على أنه مدح الخليفة بقصيدته السينيةش ظما انتهى فيها إلى قوله‪:‬‬ ‫إقدام عمرو في سماحة حاتم‬ ‫في حلم أحنف في نكاء إياس"‬ ‫فقال له الوزير‪ :‬أتشبه أمير المؤمنين بأجلاف العرب؟ فأطرق ساع‬ ‫ل‪`١‬‏ تنكرو ‏‪١‬‬ ‫ضصربي‬ ‫فالله قد ضرب‬ ‫دونه‬ ‫له من‬ ‫الأقل لنوره‬ ‫مثلا _سرود ‪ 1‬في‬ ‫ش رفع ر لك و أنشد‪:‬‬ ‫الند ى‬ ‫و اساس‬ ‫مثلا من المشكاة والنبراس"‬ ‫فقال الوزير للخليفة‪ :‬أي شيء طلبه فأعطه‪ ،‬فإنه لا يعيش أكثر من أربعين يومأ‪.‬‬ ‫لأنه قد ظهر في عينيه الدم من شدة الفكرة وصاحب هذا‪ ،‬لا يعيش إلا هذا القدرة‬ ‫فقال‬ ‫المدة‬ ‫الخليفة‪ : :‬مأ تشتهي؟‬ ‫ومات‬ ‫‏‪ [٧ ١ ٣‬ؤ و هذه‬ ‫قال‪:‬‬ ‫أريد الموصل ۔ فأعطاه‬ ‫اللصة‬ ‫ل‪١‬‏ صحه ة لها‬ ‫أصلا‪.‬‬ ‫إيا ها‪،‬۔ وتوجه‬ ‫إليها ش وبقي هذه‬ ‫وقد ذكر أبو ببكر الصولي‪ )٤‬‏‪(٤‬‬ ‫)( علي بن حمزة‪ :‬علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي بالولاء‪ ،‬الكوفي‪ ،‬أبو الحسن الكسائي‪ ،‬إمام‬ ‫اللغة والنحو والقراءة‪ .‬من أهل الكوفة‪ .‬ولد في إحدى قراها وتعلم بها‪ .‬وقرأ النحو بعد الكبر‪،‬‬ ‫وتنقل في البادية وسكن بغداد‪ .‬وتوفي في الري عن سبعين عاما وهو مؤدب الرشيد وابنه الأمين‪.‬‬ ‫أصله من الفرس‪ .‬وأخباره مع علماء الأدب في عصره كثيرة‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪:‬‬ ‫الأعلام‪ ،‬جف ص ‏‪.٢٨٣‬‬ ‫)‪ (٢‬ديوان لي تمام بشرح الخطيب التبريزي‪ ،‬تحقيق محمد عبده عزام‪ ،‬دار المعارف القاهرة‪‎‬‬ ‫ح‪.٢٤٩ ٢ ،٢‬‬ ‫"ا المصدر نفسه ص‪.٢٥٠ ‎‬‬ ‫‏‪ ٣‬أبو بكر الصولي‪ :‬محمد بن يحيى بن عبد الله‪ ،‬أبو بكر الصولي‪ ،‬وقد يعرف بالشطرنجي‪ ،‬نديم‬ ‫من أكابر علماء الأدب‪ .‬نادم ثلاثة خلفاء من بني العباس‪ ،‬وله تصانيف منها (الأوراق) في أخبار‬ ‫آل العباس وأشعارهم‪ ،‬طبع منه أشعار أولاء الخلفاء‪ :‬و"أخبار الشعراء المحدثين" و"أخبار‬ ‫القرامطة" توفي فايلبصرة مستتر ا سنة ‪٣٣٥‬ه‪٩٤٦/‬م‪.‬‏ انظر‪ :‬الزركلي خير الدين‪ :‬الأعلام‪،‬‬ ‫‪،‬ا‪٧‬ج‪ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‪.١٣٦‬‬ ‫لفيلسوف‪ ،‬وكان حاضرا‪ :‬الأمير فوق ما وصفت" فأطرق قليل ثم زاد البيتين‬ ‫الآخرين‪ ،‬فتعجبوا من سرعته وفطنته‪ .‬ثم قال بعد ذلك‪ ،‬وقد روي هذا على خلاف‬ ‫ما ذكر‪ ،‬وليس بشي»۔ والصحيح هو هذا‪ .‬وقد تثبتها‪ ،‬وحققت صورة ولايته‬ ‫للموصل فلم أجد سوى أن الحسن بن وهب الوزير ولآه بريد الموصل‪ ،‬فأقام بها‬ ‫مدة سنين‪ ،‬ثم مات بها‪ ،‬والذي يدل على أن القصة ليست صحيحة‪ .‬أن هذه القصيدة‬ ‫ما هي في أحد من الخلفاء‪ ،‬بل مدح بها أحمد بن المعتصم ‪ 4‬وقيل أحمد بن المأمون‪،‬‬ ‫ولم يل واحد منهما الخلافة‪ ،‬والحيص بيص ذكر في رقاعة السبع اللاتي كتبها إلى‬ ‫المأمون المسترشد‪ ،‬يطلب منه بايعقوبا‪ ،‬لأن الموصل كانت إجازة لشاعر طائي‪،‬‬ ‫فإما أنه بنى الأمر على ما قاله الناس من غير تحقيق‪ ،‬أو قصد أن يجعل هذا ذريعة‬ ‫لحصول بايعقوبا له‪ ،‬واله أعلم(‪.‬‬ ‫وكانت ولادة أبي تمام سنة تسعين ومائةظ‪ ،‬وقيل سنة ثمان وثمانين ومائة‪ ،‬وقيل سنة‬ ‫اثنين وسبعين ومائة بجاسم!"أ‪ ،‬وهي قرية من بلد الجولان"أ‪ ،‬من أعمال دمشق‪ ،‬بين‬ ‫دمشق وطبريةأ“أ‪ ،‬ونشأ بمصر‪ ،‬قيل‪ :‬إنه كان يسقي الناس ماء بالجرة في جامع‬ ‫مصر وقيل كان يخدم حائكأ‪ ،‬ويعمل عنده‪ ،‬ثم اشتغل‪ ،‬وتنقل‪ ،‬إلى أن صار منه ما‬ ‫)‪ (١‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪٢٦، ‎،‬ج ‪٥١-٦١.‬ص‪‎‬‬ ‫"ا جاسم‪ :‬اسم قرية بينها وبين دمشق ثمانية فراسخ على يمين الطريق الأعظم إلى طبرية‪ ،‬انتقل‬ ‫إليها جاسم بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام أيام تبلبلت الألسن ببابل فسميت به‪.‬‬ ‫الحموي‪ ،‬ياقوت بن عبد الله‪ :‬معجم الأدباء‪ .‬ج‪،٦٢‬‏ ص‬ ‫انظر‪:‬‬ ‫‏‪.٩ ٤‬‬ ‫"ا الجولان قرية وجبل من نواحي دمشق ثم من عمل حوران‪ ،‬قال ابن دريد‪ :‬يقال للجبل حارث‬ ‫الجولان‪ ،‬وقيل‪ :‬حارث قلة فيه‪ ،‬قال النابغة‪:‬‬ ‫بكى حارث الجولان من فقد ربه‬ ‫وحوران منه موحش متضائل‬ ‫انظر‪ :‬الحموي ياقوت بن عبد الله‪ :‬معجم الأدباء‘ ج‪،٢‬‏ ص‬ ‫‏‪.١٨٩-١٨٨‬‬ ‫) طبرية‪ :‬بلدة مطلة على بحيرة طبرية‪ ،‬وهي في طرف الجبل‪ ،‬وجبل الطور مطل عليها‪ ،‬وهي‬ ‫من أعمال الأردن في طرف الغورم بينها وبين دمشق ثلاثة أيام وكذلك بينها وبين بيت المقدس‪.‬‬ ‫انظر‪ :‬الحموي‪ ،‬ياقوت بن عبد الله‪ :‬معجم الأدباء ج‪،٥‬‏ ص ‏‪.١٨-١٧‬‬ ‫‪٢٥٦‬‬ ‫صار‪ .‬وتوفي بالموصل( 'أ‪ ،‬على ما تقدم في سنه إحدى وثلاثين ومائتين‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه‬ ‫توفي في ذي القعدة‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه في جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين ومائتين‬ ‫وقيل‪ :‬سنة اثنتين وثلاثين ومائتين‪ ،‬ورثاه الحسن بن وهب بقوله")‪:‬‬ ‫فبع القريض بخاتم الشعراء‬ ‫وغدير روضتها حبيب الطائي‬ ‫ماتا معا فتجاورا في حفرة‬ ‫وكذاك كانا قبل في الأحياء‬ ‫ورثاه‬ ‫محمد بن‬ ‫عبد الملك الزيات ‘ وزير‬ ‫المعتصم < بقولك‬ ‫و هو‬ ‫يومئذ‬ ‫وزير ‪:‬‬ ‫نبأ أتى من أعظم الأنباء‬ ‫لما ألم مقلقل الأحشاء‬ ‫قالوا حبيب قد ثوى فأجبتهم‬ ‫ناش دتكم لا تجعل وه الطلائي‬ ‫دعبل بن علي الخزاعي]‪:‬‬ ‫ومن شعرائهم‪ :‬أبو علي دعبل بن علي بن رزين بن سليمان الخزاعي الشاعر‬ ‫المشهور كان شاعرا مجيدأ۔ الا أنه كان بذيء اللسان‪ ،‬مولعا بالهجاء و الحط من‬ ‫أقدار الناس‪ ،‬وهجا الخلفاء ومن دونهم‪ ،‬وطال عمره‪ ،‬فكان يقول‪ :‬لي خمسون سنة‬ ‫أحمل خشبتي على كتفي أدور على من يصلبني عليها‪ ،‬فما أجد من يفعل ذلك‪.‬‬ ‫ولما عمل في إبراهيم بن المهدي(")‪:‬‬ ‫‏(‪ (١‬الموصل‪ :‬المدي‬ ‫نة المشهورة وهي باب العراق ومفتاح خراسان‪ ،‬سميت الموصل لأنها وصلت‬ ‫بين الجزيرة والعراق‪ ،‬وقيل إنها وصلت بين دجلة والفرات‪ ،‬وقيل إن الملك الذي أحدثها كان‬ ‫يسمى الموصل‪ .‬فيها قبر النبي جرجس‪.‬‬ ‫ص‬ ‫انظر‪ :‬الحموي‪ .‬ياقوت بن عبد الله‪ :‬معجم البلدان‪ ‘،‬ج‪،٥‬‏‬ ‫‏‪.٢٢٣‬‬ ‫)‪ (٢‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر ‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪٢‬۔ ص‪‎‬‬ ‫‪.١٧‬‬ ‫ا" ابراهيم المهدي‪:‬هو ابراهيم بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور العباسي الهاشمي‪ ،‬أبو‬ ‫اسحاق‪ .‬ويقال له ابن شكله‪ ،‬الأمير‪ ،‬أخو هارون الرشيد‪ .‬ولد ببغداد سنة‬ ‫‏‪ ١٦٢‬ه‬ ‫وسمي بابن‬ ‫شلة لأن أمه جارية سوداء اسمها شكلة نسبه إليها خصومه مات في سامراء سنة ‏‪ ٤‬‏ه‪ ٢٢٦‬وصلى‬ ‫عليه المعتصم‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام ج‪،١‬‏ ص‬ ‫‪٢٥٧‬‬ ‫‏‪.٦٠‬‬ ‫فيفا إليه كل أطلس مائق‬ ‫نعربن شكلة بالعراق وأهله‬ ‫دخل إبراهيم على المأمون‪ ،‬فشكى إليه حاله‪ ،‬وقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬إن الله‬ ‫سبحانه وتعالى فضلك عليمً‪ ،‬وألهمك الرأفة والعفو عني‪ ،‬والنسب واحد‪ ،‬وقد هجاني‬ ‫دعبل‪ ،‬فانتقم لي منه فقال‪ :‬وما قال؟ لعل لقوله‪ :‬نعربن شكلة بالعراق‪ .‬وأنشد‬ ‫الأبيات‪ ،‬فقال‪ :‬هذا من بعض هجائه‪ ،‬وقد هجاني بما هو أقبح من هذاا فقال‬ ‫المأمون‪ :‬لك أسوة بي‪ ،‬فقد هجاني واحتملته‪ ،‬وقال لي(')‪:‬‬ ‫إني من‬ ‫القوم الذين سيوفهم‬ ‫شادوا بذكرك بعد طول خموله‬ ‫قتلت أخاك وشرفتك بمقعد‬ ‫واستنقذوك من الحضيض الأوهد")[‪ ٤‬‏‪]٧١‬‬ ‫فقال إبراهيم‪ :‬زادك الله حلما يا أمير المؤمنين وعلمأ‪ ،‬فما ينطق أحدنا‪ ،‬إلا عن فضل‬ ‫علمك‪ ،‬ولا يحلم‪ ،‬إلا اتباعأ لحكمك‪ .‬وأشار دعبل في هذين البيتين إلى قضية طاهر‬ ‫ابن الحسين الخزاعي‪ ،‬وحصاره بغداد‪ ،‬وقتله الأمين‪ ،‬وبذلك ولي المأمون الخلافة‬ ‫والقصة مشهورة ودعبل خزاعي فهو منهم‪ ،‬وكان إذا أنشد هذين البيتين‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫قبح الله دعبلا فما أوقحه‪ ،‬كيف يقول عني هذا‪ ،‬وقد ولدت في حجر الخلافة‪.‬‬ ‫ورضعت ثدييها‪ ،‬وربيت في مهدها"أ‪.‬‬ ‫وكان بين دعبل‪ ،‬ومسلم بن وليد الأنصاري"'ا اتحاد كثير‪ ،‬وعليه تخرج دعبل في‬ ‫)‪ (١‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪٦٢‬۔ ص‪‎‬‬ ‫)"( رفعوا محلك بعد طول خموله‬ ‫‪.٢٦٦‬‬ ‫واستنقذوك من الخضيض الأوهد‬ ‫انظر‪ :‬عيضة كامل محمد محمد‪ :‬دعبل بن علي الخزاعي الصورة الفنية في شعره دار الكتب‬ ‫العلمية‪ ،‬بيروت لبنان‪ ،‬الطبعة الأولى ‪١٩٩٣‬م‪،‬‏ ص‬ ‫(‪ (٣‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫‏‪.٤٥‬‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٢٦٧‬‬ ‫اا مسلم بن الوليد الأنصاري ‪ ،‬بالولاء أبو الوليد‪ ،‬المعروف بصريح الغداني‪ ،‬شاعر غزل وهو‬ ‫أول من أكثر من (البديع) وتبعه الشعراء فيه وهو من أهل الكوفة‪ .‬نزل ببغداد فأنشد الرشيد العباسي قوله‪:‬‬ ‫وتغدو صريع الكأس والأعين البخل‬ ‫وما العيش إلا أن تروح مع الصبي‬ ‫فلقبه بصريع الغداني معرف به۔ اتصل بالفضل بن سهل فولاه بريد جرجان فاستمر إلى أن مات‬ ‫فيها سنة ‪٢٠٨‬ه‪٨٢٣/‬م‪.‬‏ انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام‪ ،‬ج‪،٧‬‏ ص‬ ‫‪٢٥٨‬‬ ‫‏‪.٢٢٣‬‬ ‫الشعر ‪ .‬فاتفق أن ولي مسلم جهته في بعص‬ ‫لما يعلمه من‬ ‫بلاد خر اسان أو فارس ‪ .4‬فقصذه‬ ‫د عبل ‘‬ ‫الصحبة التي بينهما‪ ،‬فلم يلتفت مسلم اليه ‘ ففارقه و عمل فيه‪:‬‬ ‫بنا وابتذلت الوصل حتى تقطعا‬ ‫عسست الهوى حتى تداعت أصوله‬ ‫وأنزلت من بين الجوانح والحشا‬ ‫فلا تعثلني ليس لي فيك مطمع‬ ‫قد‬ ‫ذخير ة و‪٦‬‏ طالما‬ ‫تمنعا‬ ‫تحرقت حتى لم أجد لك مرتعا‬ ‫فهبك يميني استأكلت فقطعها‬ ‫قلبي‬ ‫و شججعت‬ ‫بعدها‬ ‫ففتتشجعا('ا‬ ‫ومن شعره في الغزل‪:‬‬ ‫ضحك‬ ‫لاتعجبى يا سلم من رجل‬ ‫المشيب برأسه فبكى‬ ‫يا صاحبي إذا نسي سُنككا‬ ‫لا تأخذوا بظلامتي أحدا‬ ‫قلبي وطرفي‬ ‫في‬ ‫دمي‬ ‫اشتركا‬ ‫‏‪(٢‬‬ ‫ومن شعره في مدح المطلب بن عبد الله بن مالك الخزاعي(" أمير مصر شعرا‪:‬‬ ‫زمني بمطلب سقيت زمانا‬ ‫ما كنت إلا روضة وجنانا‬ ‫كل الندى إلا ندك تكلف‬ ‫لم ألزض غيرك كائنأ من كانا‬ ‫وتركتني‬ ‫أستسخط‬ ‫الإحسانا(")‬ ‫)( ديوان دعبل بن علي الخزاعي‪ ،‬جمع وتقديم وتحقيق عبد الصاحب عمران الدجيلي‪ ،‬دار‬ ‫الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الثانية ‪١٩٧١٢‬م‪،‬‏ ص‬ ‫)" الحموي‪ ،‬ياقوت بن عبد الله‪ :‬معجم الأدباء‘ ج‪،٣‬‏ ص‬ ‫‏‪.٢٢٨‬‬ ‫‏‪.٣٢٠‬‬ ‫‏)‪ (٣‬المطلب بن عبد الله بن مالك الخزاعي‪ :‬وال‪ .‬كان في مكة‪ ،‬وولي إمرة مصر للمأمون (سنة‬ ‫‏‪ ٨‬ه فقدم إليها‪ ،‬والثورات قائمة‪ ،‬وأهلها فريقان‪ :‬فريق من حزب الأمين وفريق من حزب‬ ‫المأمون فقاس الشدائد‪ ،‬وعزل بعد نيف وسبعة أشهر من ولايته‪ ،‬وأمر المأمون بالقبض عليه‬ ‫فحبس مدة‪ .‬وثار أهل مصر في أيام خلفه (العباس بن موسى) فأطلقوا المطلب وأعادوه إلى‬ ‫الإمارة في أوائل سنة ‪١٩٩‬ه‏ فأحسن السياسة‪ .‬وأقره المأمون سنة ‪٢٠٠‬ه‏‬ ‫وعزله فأوقد‬ ‫الفتنةش فلم يفلح‪ ،‬فخرج هاربا إلى مكة‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي خير الدين‪ :‬الأعلام‪ ،‬ج‪،٧‬‏ ص‬ ‫‪ ٤‬الحموي‪ ،‬ياقوت بن عبد الله‪ :‬معجم الأدباء‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪‎‬‬ ‫‪٢٥٩‬‬ ‫‪.٣١٦‬‬ ‫‏‪.٢٥٢‬‬ ‫ومن كلامه‪ :‬من فضل الشعر‪ ،‬أنه لم يكذب أحد قط إلا احتواه الناس‪ ،‬إلا الشاعر‪،‬‬ ‫فإنه كلما زاد كذبه‪ ،‬زاد المدح له‪ ،‬ثم لا يقنع له بذلك‪ ،‬حتى يقال له‪ :‬أحسنت والله‬ ‫فلا يشهد له بشهادة زور‪ .‬إلا ومعها يمين بالله تعالى‪ .‬ودعبل بن عم جعفر محمد بن‬ ‫عبد الله بن رزين» الملقب أبو الشيّص الخزاعي""'أ الشاعر المشهور‪ ،‬وكان أبو‬ ‫النيص من مداح الرشيد‪ ،‬ولما مات‪ ،‬رثاه‪ ،‬ومدح ولده الأمين‪ .‬وكانت ولادة دعبل‬ ‫في سنة ثمان وأربعين ومائة‪ ،‬وتوفي سنة ست وأربعين ومائتين بالأهواز‪ ،‬وجده‬ ‫رزين مولى عبد الله بن خلف الخزاعي"أ والد طلحت الطلحات‪ ،‬وكان عبد الله‬ ‫المذكور كاتب عمر بن الخطاب‪ .‬رضي الله على ديوان الكوفة‪ ،‬وولي طلحة‬ ‫سجستان‪ ،‬فمات بها‪ .‬ولما مات دعبل‪ ،‬وكان صديق البحتري‪ ،‬وكان أبو تمام الطائي‬ ‫قد مات قبله كما تقدم‪ ،‬رثاهما البحتري بأبيات منها‪:‬‬ ‫قد زاد في كلفي وأوقد لوعتي‬ ‫مثوى حبيب يوم مات ودعبل‬ ‫أخوي لا تزل السماء مخيلة‬ ‫تغشاكما بسماء مزن مُسبل‬ ‫حدث‬ ‫مسرى‬ ‫على الأهواز يبعد دونه‬ ‫ود عبل ّ بكسر الذ ال‬ ‫المهملة ‘ وسكون‬ ‫اللعئ ورمَة بالموصل ‏)‪(٣‬‬ ‫العين المهملة وكسر البا ح الموحدة‬ ‫بعد ها لام ‪:‬‬ ‫أ أبو الشيص‪ :‬واسعة محمد بن رزين بن سليمان بن تميم بن نهشل‪ ،‬وقيل‪ :‬ابن بهيش‪ ،‬بن‬ ‫خراض بن خالد بن عيد بن دعبل بن أنس جزيمة بن سلامان بن أسلم بن أفضى بن حارثة بن‬ ‫عمرو مزيقياء بن عامر بن ثعلبة‪ .‬كان من شعراء عصره‪ ،‬متوسط المحل فيهم‪ ،‬غير نبيه الذكر‬ ‫لوقوعه بين مسلم بن الوليد وأشجع وأبي النواس‪ ،‬فمدحه بأكثر شعره‪ ،‬عقبة بن جعفر بن الأشعث‬ ‫الخنزاعي‪ ،‬وكان أمير على الرقة‪ ،‬فمدحه بأكثر شعره‪ ،‬مقلما يروى له غيره‪ .‬عمي أبو الشيص‬ ‫في آخر عمره ومات مقتولا‪ .‬انظر‪ :‬أبي الفرج الأصفهاني‪ ،‬علي بن الحسين‪ :‬كتاب الأغاني‪،‬‬ ‫ج‪،١٦-١٥‬‏‬ ‫ص‪.٥٣٩-٥٣٠‬‏‬ ‫"ا عبد الله بن خلف الخزاعي‪ :‬عبد الله بن خلف بن أسعد بن عامر الخزاعي‪ ،‬من كتاب صدر‬ ‫الإسلام‪ ،‬وهو والد "طلحة الطلحات“۔ وكان كاتباً على ديوان البصرة لعمر‪ ،‬ثم لعثمان‪ ،‬وشهد يوم‬ ‫الجمل مع عائشة وقتل فيه‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ .‬خير الدين‪ :‬الأعلام ج‪،٤‬‏ ص‬ ‫‪٢٦٠0‬‬ ‫‏‪.٨٤‬‬ ‫إسم الناقة الشارف وكان يقول‪ :‬مررت برجل قد أصابه الصرع‪ ،‬فدنوت منه‬ ‫‏[‪ ]٧١٥‬بأعلى صوتي‪ :‬دعبل‪ .‬فقام يمشي كأنه لم يصبه شيء‬ ‫وصحت في أذنه‬ ‫)‪.‬‬ ‫[كثير عزَة]‪:‬‬ ‫أبو صخر‪ ،‬كثير بن عبد الرحمن بن أبي جمعة بن أبي الأسود بن عامر بن عويمر‬ ‫الخنزاعي‪ ،‬أحد عشاق العرب المشهورين‪ ،‬وهو صاحب عزة بنت جميل بن حفص‬ ‫ابن إياس بن عبد العزى بن حاجب بن غفار بن مليل بن ضمرة‪ .‬وله معها حكايات‬ ‫ونوادر مشهورة‪ ،‬وأكثر شعره فيها‪ .‬وكان يدخل على عبد الملك بن مروان‪ ،‬فقال‬ ‫عبد الملك‪ :‬بحق علي بن أبي طالب‪ ،‬رضي الله عنه هل رأيت أعشق منك؟ فقال‪:‬‬ ‫يا أمير المؤمنين‪ ،‬لو أنشدتني بحقك لأخبرتك‪ ،‬فقال‪ :‬أنشدتك بحقي إلا أخبرتتي‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬نعم‪ ،‬بينما أنا أسير في بعض الفلوات‪ ،‬إذ أنا برجل قد نصب حباله‪ ،‬فقلت له‪:‬‬ ‫ما أجلسك هاهنا؟ فقال‪ :‬أهلكني وأهلي الجوع‪ ،‬فنصبت حبالتي هذه‪ ،‬لأصيد لهم‬ ‫شيئأ‪ ،‬ولنفسي ما يكفينا‪ ،‬ويعصمنا يومنا هذا‪ ،‬فقلت‪ :‬أرأيت إن أقمت معك‪ ،‬فأصبت‬ ‫صيدا‪ ،‬تجعل لي منه جزءا‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال فبينما نحن كذلكة إذ وقعت ظبية في‬ ‫الحبال‪ ،‬فخرجنا نبتدر‪ ،‬فبدرني إليها‪ ،‬وخلصها‪ ،‬وأطلقها‪ ،‬فقلت له‪ :‬ما حملك على ما‬ ‫فعلت‪ ،‬قال دخلتني لها رقة لشبهها بليلى‪ ،‬وأنشد يقول")‪:‬‬ ‫أيا شبه ليلى لاتراعي فإنني‬ ‫لك اليوم من بين الوشاة صديق‬ ‫أقول وقد أطلقتها من وثاقها‬ ‫فأنت لليلى ما حييت طليق""ا‬ ‫ولما عزم عبد الملك على الخروج إلى محاربة مصعب بن الزبير‪،'“١‬‏ ناشدته زوجته‬ ‫(‪ )١‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪٦٢‬۔ ص‪‎‬‬ ‫"ا المصدر نفسه ج‪،٤‬‏ ص‬ ‫‏‪.١٠٨-١٠٧‬‬ ‫‪.٢٧٠‬‬ ‫"ا بعد البحث والتدقيق تبن أن الأبيات غير موجودة في ديوان البحتري‪.‬‬ ‫) مصعب بن الزبير‪ :‬مصعب بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي القرشي أبو عبد الله أحد‬ ‫الولاة الأبطال في صدر الإسلام‪ ،‬كان العضد الأقوى لأخيه عبد الله بن الزبير في تثبيت ملكه‬ ‫بالحجاز والعراق‪ ،‬وولاه البصرة سنة‬ ‫‪٦١٧‬ه‏ فقصدها وضبط أمورها وقتل المختار الثقفي وحكم‬ ‫العراق كله اسم أخيه إلى أن قتل في معركة (دير الجاثليق) حيث قطعت رأسه وحملت إلى عبد‬ ‫الملك‪ ،‬وبمقتله نقلت بيعة أهل العراق إلى ملوك الشام سنة ‪٧١١‬اه‪.‬‏‬ ‫الأعلام ج‪ ،‬ص‬ ‫‏‪.١٤٨-٢٤٧‬‬ ‫‪٢٦١‬‬ ‫الزركلي‪ .‬خير الدين‪:‬‬ ‫عاتكة بنت يزيد بن معاوية أن لا يخرج بنفسه‪ ،‬وأن يستنيت غيره في حربه‪ ،‬ولم‬ ‫تزل تلح عليه في المسألة‪ ،‬وهو ممتنع في الإجابة‪ ،‬فلما يئست منه‪ ،‬أخذت في‬ ‫البكاء حتى بكى من حولها من جواريها‪ ،‬فقال عبد الملك‪ :‬قاتل الله بن أبي جمعة‬ ‫يعني كثير كان رأى موقفنا هذا‪ ،‬حيث قال‪:‬‬ ‫حصان عليها نظع در يزينها‬ ‫إذا ما أراد الغزو لم تثن عزمه‬ ‫نهته‪ ،‬فلما لم تر النهي عاقه‬ ‫ثم عزم عليها أن تقصر‬ ‫بكت فبكى مما شجاها قطينه ()‬ ‫فأقصرت‪ .‬وخرج لقصده‪ .‬ويقال‪ :‬إن عزة دخلت على أم‬ ‫البنين ابنة عبد العزيز‪ ،‬وهي أخت عمر بن عبد العزيز‪ ،‬وزوجة الوليد بن عبد‬ ‫الملك الأموي‪ ،‬فقلنَ لها‪ :‬أرأريت قول كثير (")‪:‬‬ ‫وعزة ممطول معنى غريمهآ‪)"1‬‬ ‫قضى كل ذي دين فوفى غريمه‬ ‫ما كان ذلك الدين؟ قالت‪ :‬قبله وعدته إياها‪ .‬فتحرجت منها‪ ،‬فقالت أم البنين‪ :‬أنجزيها‬ ‫‪7‬‬ ‫إثمها‪ .‬وكان لكثير غلام بالمدينة فأعطى عزة وهو لا يعرفها‪ ،‬شيئا من‬ ‫العطرة فماطلته أيامأى وحضرت إلى حانوته في نسوة‪ ،‬فطالبها‪ ،‬فقالت‪ :‬حبا‬ ‫وكرامة‪ ،‬ما أقرب الوفاء وأسرعه‪ ،‬وأنشد متمثلا‪:‬‬ ‫وعزة ممطول معى غريمها)‬ ‫قضى كل ذي دين فوفئً غريمه‬ ‫فقالت النسوة‪ :‬أتدري من غريمتك؟ فقال‪ :‬لا ولله‪ ،‬فقلن‪ :‬هي والله عزة‪ ،‬فقال اشهد‬ ‫الله تعالى‪ ،‬إنها في حل مما لي قبلها‪ ،‬ثم مضى إلى سيده‪ ،‬فأخبره بذلك‪ ،‬فقال كثير‪:‬‬ ‫وأنا أشهد الله أنك حرً لوجه الله تعالى‪ ،‬ووهبه جميع ما له في الحانوت من العطر‪،‬‬ ‫(‪ )١‬انظر الأبيات في شرح ديوان كثير عزة‪ ،‬شرح وتحقيق رحاب عكاوي‪ ،‬ص‪‎‬‬ ‫)‪ (٢‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫‪.٢٣٨‬‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪٤‬؛‪ ،‬ص‪‎‬‬ ‫ا" قضى كل ذي دين دينه أراد قضاءه‬ ‫‪.١٠٨‬‬ ‫وعزة ممطول معنى غريمها‪‎‬‬ ‫انظر‪ :‬شرح ديوان كثير عزة شرح وتحقيق رحاب عكاوي‪ ،‬ص‪.٢١١ ‎‬‬ ‫ا ابن خلكان‪ ،‬شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪،٤‬‏ ص‬ ‫‪٢٦٢‬‬ ‫‏‪.١٠٨‬‬ ‫ذلك‬ ‫وكان ذلك من عجائب الاتفاق‪ ،‬ولكثير في مطالها بالوعد شي ء كثير‪ .‬من‬ ‫قولها ')‪.‬‬ ‫أقول لها عزيز مطلت ديني‬ ‫فقالت ‪ .‬ويح‬ ‫كيف‬ ‫غيرك‬ ‫وشر الغانيات ذوو المطال‬ ‫غريما ما قضيت‬ ‫أتضي‬ ‫له‬ ‫‏(‪(٢‬‬ ‫بمال‬ ‫ولما قتل يزيد بن المهلب‪ ،‬وجماعة من أهل بيته‪ ،‬بعقر بابل(" وكانوا يكثرون‬ ‫الإحسان إلى كثير‪ .‬فلما بلغه ذلك‪ ،‬قال‪ :‬ما أجل الخطب! ضحى بنو أبي سفيان‬ ‫بالدين يوم الطف‪ ،‬وضحى بنو مروان بالكرم يوم العقر‪ ،‬و أسبلت عيناه بالدمو ع‪.‬‬ ‫وحدث‬ ‫أبو‬ ‫الغز ج‬ ‫| لأصبهاني ‘‬ ‫الملك “ و عليه مطرف‬ ‫صاحب‬ ‫كتاب‬ ‫خز" ۔ فأ عترضته‬ ‫عجوز‬ ‫‏‪ ١‬لأغاني ‏‪ ٠‬أن‬ ‫في‬ ‫الطريق ‘‬ ‫كثير آ خر ج‬ ‫اقتبست‬ ‫من‬ ‫نار ا في‬ ‫عند‬ ‫عبد‬ ‫روثة‬ ‫<‬ ‫فتأفف كثير في وجهها‪ ،‬فقالت‪ :‬من أنت؟ فقال‪ :‬كثير‪ ،‬فقالت‪ :‬ألست القائل شعرأ(‪)١‬‏‬ ‫[‪:]٧١٦‬‬ ‫فما روضة زهراء طيبة الثرى‬ ‫يمج الندى جثجاثها وعرارها‪‎‬‬ ‫بأطيبَ من أردان عزة موهنأا‬ ‫لذ أوقدت بالمندل الرطب ناهراا‪‎‬‬ ‫فقال لها كثير ‪ :‬نعم‬ ‫فقالت‪:‬‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫الرطب‬ ‫لو وضع المندل‬ ‫على هذه الروثة ‘ لطاب‬ ‫ريحها ‘‬ ‫‏‪.١٠٩-١٠٨‬‬ ‫)" فقالت ويب غيرك كيف أقضي‬ ‫عزيمأ ذهبت له بمال‬ ‫انظر‪ :‬شرح ديوان كثير عزة‪ ،‬شرح وتحقيق رحاب عكاوي‪ ،‬ص ‪١٩١‬۔‏‬ ‫"ا عقر بابل‪ :‬عقر قرب كربلاء من الكوفة‪ ،‬كان قتل عنده يزيد بن المهلب بن أبي صفرة سنة‬ ‫‏‪ ٠٢‬ه‬ ‫بعدما خلع طاعة يزيد بن عبد الملك ‪.‬‬ ‫الأدباء‘ ج‪،٣‬‏ ص‬ ‫انظر‪ :‬الحموي‪ .‬ياقوت بن‬ ‫عبد‬ ‫الله‪ :‬معجم‬ ‫‏‪.٣١٦‬‬ ‫‏)‪ (٤‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪‘،٤‬‏ ص‬ ‫أ فما روضة بالحزن طيبة الثزى‬ ‫بأطيب من أردان عزة موحنا‬ ‫رجح الندى جثجاثها وعدارها‬ ‫وقد أوقت بالمندل الرطب نارها‬ ‫انظر‪ :‬شرح ديوان كثير عزة‪ ،‬شرح وتحقيق رحاب عكاوي‪ ،‬ص‬ ‫‪٢٦٣‬‬ ‫‏‪.١٠٢-١٠١‬‬ ‫‏‪.١١٠‬‬ ‫هلا قلت‬ ‫كما‬ ‫قال‬ ‫امرؤ‬ ‫القيس‪:‬‬ ‫وجدت بها طيبا وإن لم تطيبأ(")‬ ‫ألم تزرياني كلما جئت طارقا‬ ‫فناولها المطرف‪ ،‬وقال‪ :‬أستري عليم هذا‪ ،‬وكان كثير ينسب إلى الحمق‪ ،‬ويروى‬ ‫عنه أنه دخل يومأ على يزيد بن عبد الملك‪ ،‬فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين ما يعني الشماخ‬ ‫بقولها ‏‪.)٢‬‬ ‫خدود جوازئ بالرمل عين""‬ ‫إذا الأزلطظى توس د أبرديه‬ ‫فقال يزيد‪ :‬وما يضرني أني لا أعرف ما عنى هذا الأعرابي الجلف؟ واستحمقه‬ ‫وأمر بإخراجه‪ .‬ودخل كثير على عبد العزيز بن مروان‪ .‬والد عمر بن عبد العزيز‪،‬‬ ‫بعوده‬ ‫في مرضه‘‬ ‫و أهله يتمنون‬ ‫عليه ‘ قال ‪ :‬لو لا أن سرورك‬ ‫أن بضحك ‘ وكان‬ ‫يومئذ‬ ‫أمير مصر ‘ فلما‬ ‫ل‪١‬‏ يتم بأن تسلم و أسقم ‪ ،‬لد عوت‬ ‫وقف‬ ‫ربي أن بصرف‬ ‫مابك‬ ‫إلي ولكن أسأل الله تعالى لك العافية ولي في كنفك النعمة‪ ،‬فضحك عبد العزيزة‬ ‫و أنشد كثير ‏(‪:)٠‬‬ ‫ونعود سيدنا وسيد‬ ‫لو‬ ‫كان‬ ‫‪=7‬‬ ‫غيرنا‬ ‫من‬ ‫بأ مصطذ‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1 1‬‬ ‫( فد‬ ‫ليت‬ ‫التشكي كان باللعواد‬ ‫طارفي وت‬ ‫‏‪ ١١‬ي()‬ ‫ومما يستجاد من شعر كثير‪ ،‬قصيدته التائية‪ ،‬التي يقول من جملتها‪:‬‬ ‫تسليت عن وجد بها وتسلت ‏‪(١‬‬ ‫وإني وتهيامي بعزة بعدما‬ ‫)( انظر‪ :‬ديوان امرئ القيس‪ ،‬ص ‏‪.٦٤‬‬ ‫)"( ابن خلكان‪ ،‬شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان ‪ 4‬ج‬ ‫ص‬ ‫‏‪.١١٠‬‬ ‫"ا ديوان الشماخ بن ضرار الزبياني‪ ،‬شرح وتقديم قدري مايو‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬الطبعة‬ ‫الأولى ‪١٩٩٤‬م‪،‬‏ ص‬ ‫‏‪.١١٥‬‬ ‫ا ابن خلكان‪ ،‬شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان ج‪،٤‬‏ ص‬ ‫‏(‪ (٥‬انظر ‪ :‬شرح‬ ‫ديوان كثير‬ ‫عزة‬ ‫شرح‬ ‫وتحقيق رحاب‬ ‫)"( "تخليت مما بيننا وتخلت" المصدر نفسه‪ ،‬ص‬ ‫‏‪.٦ ٤‬‬ ‫‪٢٦٦٤‬‬ ‫عكاوي‬ ‫ص‬ ‫‏‪.٨٣‬‬ ‫‏‪.١١١-١١٠‬‬ ‫تبوأ منها للمقيل اضمحلت( ‏‪(١‬‬ ‫كالمرتجي ظل الغمامة كلما‬ ‫وكان كثير بمصر وعزة بالمدينة‪ ،‬فاشتاق إليها‪ ،‬فلقيها بالطظطريق‪ ،‬وهي متوجهة إلى‬ ‫مصر‬ ‫وجرى بينهما كلام يطول شرحه‪ .‬ثم إنها انفصلت عنه‪ ،‬وقدمت مصر‪.‬‬ ‫وعاد كثير إلى مصر‬ ‫فوافاها والناس منصرفون من جنازتها‪ .‬وأخبارهما كثيرة‪.‬‬ ‫وتوفي كثير سنة خمس ومائة وروى محمد بن سعد كاتب الواقدي!"أ‪ ،‬عن خالد بن‬ ‫القاسم البياضي‬ ‫قال‪ :‬مات عكرمة مولى ابن عباس‪ ،‬وكثير عزة في يوم واحد‪ ،‬في‬ ‫سنة خمس ومائة فرأيتهما جميعا صلي عليهما في موضع واحد‪ ،‬بعد الظهر‪ ،‬فقال‬ ‫الناس‪ :‬مات أفقه الناس‪ ،‬وأشعر الناس‪ .‬وكثير تصغير كثير‪ ،‬وإنما تصغير كثيرة‬ ‫لأنه كان حقيراً شديد القصر وكان إذا دخل على عبد العزيز‪ ،‬يقول له‪ :‬طأطكم‬ ‫رأسك لئلا يؤذيك السقف‪ ،‬يمازحه بذلك‪ ،‬والله سبحانه أعله("ا‪.‬‬ ‫[البحتري]‪:‬‬ ‫البحتري‪ .‬أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى بن عبيد بن شملال بن جابر بن سلمة‬ ‫ابن مسهر بن الحارث بن خيثم بن أبي حارثة بن جدي بن تذول بن بحتر بن عنود‬ ‫ابن عنين بن سلامان بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن جلهمة‪ ،‬وهو طي بن أدد بن‬ ‫زيد بن كهلان بن يشجب بن يعرب بن قحطان الطائي البحتري الشاعر المشهور ۔‬ ‫وفي تفخيمه يقول الحريري ""أ فقال للذي يليه ما الديوان الذي تنظر فيه قال‪ :‬ديوان‬ ‫('ا انظر البيتين في المصدر نفسه‪ ،‬ص‬ ‫‏‪.٤٦‬‬ ‫‏(‪ (٢‬محمد بن سعد الواقدي‪ :‬محمد بن منيع الأزهري‪ ،‬مو لاهم‪ ،‬أبو عبد الله مؤرخ ثقة‪ .‬من حفاظ‬ ‫الحديث‪ ،‬ولد في البصرة‪ ،‬وسكن بغداد‪ ،‬فتوفي بها‪ ،‬وصحب الواقدي المؤرخ زمانأ‪ ،‬فكتب له‬ ‫وروى عنه‪ ،‬وعرف بكاتب الواقدي‪ .‬وله مؤلفات أشرها كتاب الطبقات ويعرف باسم طبقات ابن‬ ‫سعد‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام‘ ج ‏‪ ،٦‬ص‬ ‫)‪ (٣‬ابن خلكان۔‪ ،‬شمس‬ ‫‏‪.١٣٧-١٣٦‬‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.١١١٣-١١٢١‬‬ ‫)‪ (٤‬الحريري‪ :‬القاسم بن علي بن محمد بن عثمان أبو محمد الحريري البصري } الأديب الكبيرة‪‎‬‬ ‫صاحب "المقامات الحريرية"‪ .‬كان دميم الصورة غزير العلم‪ .‬مولده بالمشان (بليدة فوق البصرة)‪‎‬‬ ‫سنة‪ ٤٤٦ ‎‬ه‬ ‫ووفاته بالبصرة سنة‪ ٥١٦ ‎‬ه‪.‬‬ ‫انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام‪ ،‬ج‪ ‘٥ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‪.١١٧٨-١٧٧٧‬‬ ‫‪٢٦٥‬‬ ‫أبي عبادةظ المشهود له الإجارة قال‪ :‬هل عثرت على ما لمحته من بديع استملحته‪،‬‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قوله‪ :‬كأنما مبسم عن لؤلؤ منظم أو برد أو ولد أبو عبادة الوليد البحتري‬ ‫بمنبج‪ ،‬وقيل‪ :‬بزرد دفنه‪ ،‬وهي قريته من قرأها‪ ،‬ونشأ وتخرج بها‪ ،‬ثم خرج إلى‬ ‫العراق‪ ،‬ومدح جماعة من العلماء والخلفاء‪ ،‬أولهم المتوكل على الله وخلقأ كثيرا‬ ‫من الأكابر‪ ،‬والرؤساء‪ ،‬وأقام ببغداد زمانأ طويلا ثم عاد إلى الشام‪.‬‬ ‫وله أشعار كثيرة يذكر فيها حلب وضواحيها‪ ،‬ويتغزل فيها‪ .‬قال صالح بن الأصبغ‬ ‫التتوخي المنبجي‪ :‬رأيت البحتري هاهنا‪ ،‬قبل أن يخرج إلى العراق‪ ،‬‏[‪ ]٢١٧‬يجتاز‬ ‫بنا في الجامع من هذا الباب‪ ،‬وأوما إلى جانبي المسجد‪ ،‬يمدح أهل أصحاب البصل‬ ‫والباذنجان وينشد الشعر في ذهابه ومجيئه‪ ،‬ثم كان منه ما كان‪.‬‬ ‫وحكى أبو بكر الصولي في كتابه الذي وضعه في "أخبار أبي تمام الطائي"‪ ،‬أن‬ ‫البحتري كان يقول‪ :‬أول أمري في الشعر‪ .‬ونباهتي فيه‪ ،‬أني صرت إلى أبي تمام‪،‬‬ ‫وهو بحمص فعرضت عليه شعري‪ .‬وكان يجلس‪ .‬فلا يبقى شاعر‪ .‬إلا قصده‬ ‫وعرض عليه شعره‪ ،‬فلما سمع شعري‪ ،‬أقبل عليك وترك سائر الناس‪ ،‬فلما تفرقوا‪.‬‬ ‫قال‪ :‬أنت أشعر من أنشدني‪ ،‬فكيف حالك؟ فشكوت حالتي‪ ،‬فكتب إلى أهل معرة‬ ‫النعمان(" وشهد لي بالحذق‪ ،‬وشفع لي إليهم‪ ،‬وقال‪ :‬امتدحهم‪ ،‬فصرت إليهم‬ ‫فأكرموني بكتابة ووضعوا لي أربعة آلاف درهم‪ ،‬فكانت أول مال أصبته‪ ،‬وقال‬ ‫أيضا‪ :‬أول ما رأيت أبا تمام‪ ،‬وما كنت رأيتنه قبلها‪ ،‬أني دخلت إلى أبي سعيد محمد‬ ‫ابن يوسف الطائي ‪ ،‬فامتدحته بقصيدة‪ ،‬أولها(")‪:‬‬ ‫() معرة النعمان‪ :‬ذكر اشتقاق المعرة في الذي قبله‪ ،‬والنعمان هو النعمان بن بشير صحابي‬ ‫اجتاز ها فمات له بها ولد فدفنه وأقام عليه فسميت به‪ ،‬وهي مدينة كبيرة قديمة مشهورة من أعمال‬ ‫حمص بين حلب وحماة‪ ،‬ومنها كان أبو العلاء أحمد بن عبد الل بن سليمان المعري‪ .‬انظر‪:‬‬ ‫الحموي ياقوت ابن عبد الله‪ :‬معجم الأدباء‘ ج‪،٥‬‏ ص‬ ‫)‪ (٢‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫‏‪.١٥٦١‬‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪،‬‬ ‫‪٢٦٦‬‬ ‫ج‪ .٦ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٢٢-٢١‬‬ ‫أأفاق صب‬ ‫من‬ ‫هوى‬ ‫م خان عهدا م أطلا ع شفيقأا ‏‪(١‬‬ ‫فأفيقا‬ ‫فأنشدته إياها‪ ،‬فلما أتممتها‪ ،‬سر بها‪ ،‬فقال‪ :‬أحسنت والله وكان في المجلس رجل‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬هذا أعزك الك شعري تلقنه‪ ،‬فتغير أبو سعيد‪،‬‬ ‫وقال لي‪ :‬يا فتى‪ ،‬قد كان في‬ ‫نسبك ما يغني عن هذا أن تمنن به علينا ولا تحمل نفسك على هذا‪ ،‬فقال أبو‬ ‫عبادة‪ :‬شعري أعزك الله‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬سبحان الله يا فتى‪ ،‬إنه لشعري‪ ،‬وأنشد من‬ ‫القصيدة أبيات‪ ،‬فقال أبو سعيد‪ :‬لنعطيك ما تريد‪ ،‬ولا تحمل نفسك على هذا‪ ،‬فخجلت‪،‬‬ ‫ومضيت ونويت أن أسأل عن الرجل من هو‪ ،‬فما أبعدت حتى ردني أبو سعيد‬ ‫بعدما أخبرنا أبو تمام الذي امتدحه به‪ ،‬وأنشدته إياه هو لي‪ ،‬فلما صرت في‬ ‫مجلسه‪ .‬قال‪ :‬أتدري من هذا؟ وأشار إلى أبي تمام‪ ،‬قلت‪ :‬لا‪ ،‬قال‪ :‬هذا ابن عمك أبو‬ ‫تمام‪ ،‬فقم إليه فعانقه‪ ،‬ففعلت‪ ،‬ثم أقبل يقرضني‪ ،‬ويصف شعري‪ ،‬وقال‪ :‬إنما مزحت‬ ‫معك‪ .‬ولزمته بعد ذلك‪ ،‬وكثر تعجبي من سرعة حفظه‪ .‬وقيل للبحتري‪ :‬أيما أنت‬ ‫أشعر أم أبو تمام؟ فقال‪ :‬جيده خير من جيدي‪ ،‬ورديئي خير من رديئه‪ ،‬وكان يقال‬ ‫لشعر البحتري‪ ،‬بسلاسل الذهب‪ .‬وهو من الطبقة العليا‪ ،‬ويقال‪ :‬إنه قيل لأبي العلاء‬ ‫المعري‪ :‬أي الثلاثة أشعر‪ ،‬أبو تمام‪ ،‬أم البحتري‪ ،‬أم المتنبي؟ فقال‪ :‬أبو تمام‬ ‫والمتنبي حكيمان‪ ،‬والشاعر البحتري‪ .‬وقال الشريف الرضي"‪ :‬أبو تمام خطيب‬ ‫منبر‪ ،‬والبحتري مادح جود‪ .‬والمتنبي قائد عسكر‪ .‬وقال ابن خلكان في كتابه وفيات‬ ‫الأعيان‪ :‬ولعمري ما أنصفه ابن الرومي في قوله("‪:‬‬ ‫(‪ (١‬انظر‪ :‬ديوان البحتري‪ .‬دار صادر‪ .‬بيروت لبنان‪، ‎‬م‪٢٦، ٠٠٠٢‬ج‪٨٥٣. ‎‬ص‪‎‬‬ ‫"ا الشريف الرضي‪:‬محمد بن الحسين بن موسى‪ ،‬أبو الحسن‬ ‫الموسوي‪ ،‬أشعر الطالبين‪ .‬على كثرة المجيدين فيهم‪ ،‬ولد ببغداد سنة‬ ‫الرضي العلوي الحسيني‬ ‫‏‪ ٣٥٩‬ه‬ ‫وتوفي فيها سنة‬ ‫‪٦‬ه‏‬ ‫انتهت إليه نقابة الأشراف في حياة والده وخلع عليه السواد‪ ،‬وجدوله التقليد سنة‬ ‫‏‪ ٢٣‬ه‬ ‫الأعلام‪ ،‬ج‬ ‫‏‪ ٦‬ص‬ ‫له ديوان شعر في مجلدين ومؤلفات أخرى‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪:‬‬ ‫‏‪.٩٩‬‬ ‫"( ابن خلكان‪ ،‬شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪،٦‬‏ ص‬ ‫‪٢٦١٧‬‬ ‫‏‪.٢٣٢٢‬‬ ‫والفتى البحتري يسرق ما قا‬ ‫كذ(‬ ‫(‬ ‫ردت‬ ‫__‬ ‫نبجو‬ ‫له‬ ‫د‬ ‫ل ابن أوس في المدح و التشبيب‬ ‫فه‬ ‫‪ -‬معنا ‏‪٥‬‬ ‫ه‬ ‫جذ‬ ‫لار‬ ‫حبد‬ ‫أوس‬ ‫ن‬ ‫‪) - ,‬‬ ‫‏‪( ١‬‬ ‫قال البحتري‪ :‬أنشدت أبا تمام شيئا من شعري فأنشدت بيت أوس بن حجر (") شعرا ‪:‬‬ ‫تخمط فينا مات آخر مقره"‬ ‫إذا مقرم منا درى حُ‪٥‬‏ نابه‬ ‫فقال‪ :‬نعيت إلى نفسي‪ ،‬فقلت‪ :‬أعيذك بالله من هذا‪ ،‬فقال‪ :‬إن عمري ليس يطول‪ ،‬ما‬ ‫نشأ فينا خطيب إلا مات من قبله‪ ،‬فمات أبو تمام بعد سنة من هذا‪ ،‬دري حد نابه أي‬ ‫سقط‪ ،‬وذردت الشيء أي طيرته وأذهبته‪ ،‬وذرت الريح التراب غيره تذرف ذرفأ‪.‬‬ ‫‏[‪ ]١٨‬تخمط بالخاء المعجمة والطاء المهملة يقال للفحل إذا هدروا في الأسنان‪،‬‬ ‫وإذا غضب وتجبر‪ .‬وفي البحر إذا النظم والمقرم بضم الميم وسكون القاف وفتح‬ ‫الراء‪ ،‬كذلك القوم بفتح القاف ومنه قيل‪ :‬سيد قوم قرم‪ ،‬وقال البحتري‪ :‬أنشدت أبا‬ ‫تمام‬ ‫شعر ‏‪ ١‬في‬ ‫بعص‬ ‫بني حميد‬ ‫وصلت‬ ‫به إلى مال‬ ‫البلانري"ا‬ ‫هارون( ( ‪ :‬ر أيت أبا جعفر أحمد بن يحيى‬ ‫له خطر ‘‬ ‫وقال‬ ‫المؤر خ‬ ‫ميمون‬ ‫فسألته عن‬ ‫بن‬ ‫حاله‬ ‫('أ الشعر لابن الرومي علي بن عباس غير موجود في ديوانه‪.‬‬ ‫"ا أوس بن حجر‪ :‬أوس بن حجر بن مالك التميمي‪ ،‬أبو شريح شاعر تميم في الجاهلية و من‬ ‫كبار شعرائها ولد نحو سنة ‪٥٣٠‬م‪،‬‏ وتوفي سنة ‪٦٥٠‬م‪،‬‏ قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم‬ ‫بعامين‪ .‬في نسبه اختلاف بعد أبيه حجر‪ .‬وهو زوج أم زهير بن أبي سلمى‪ .‬كان كثير الأشعار‪،‬‬ ‫وأكثر إقامته عند عمرو بن هند في الحيرة‪ .‬عسَر طويلا‪ ،‬ولم يدرك الإسلام‪ .‬في شعره حكمة‬ ‫ورقة‪،‬‬ ‫وكانت تميم تقدمه على سائر‬ ‫الشعراء‬ ‫الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام‘ ج ‏‪ ‘،٦٢‬ص‬ ‫)‪ (٣‬ابن خلكان‪ :‬شمس‬ ‫العرب‬ ‫وكان‬ ‫غزالا‬ ‫مغرما‬ ‫بالنساء‪.‬‬ ‫انظظلر ‪:‬‬ ‫‏‪.٣١‬‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان ‪ 4‬ج‪‎‬‬ ‫‪ ،٦‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٣٥٨‬‬ ‫) ميمون بن هارون‪ :‬ميمون بن هارون بن مخلد بن أبان‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬كاتب صاحب أخبار‬ ‫وآداب وأشعار‪ .‬من أهل بغداد‪ ،‬أخذ عن الجاحظ ومعاصريه‪ ،‬وأخذ عنه جعفر بن قدامة وآخرون‪.‬‬ ‫توفي سنة ‪٢٩٧‬ه‪.٩١٠/‬‏ انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام‪ ‘،‬ج ‏‪ ،٧‬ص ‏‪.٣٤٢‬‬ ‫"ا أحمد بن يحيى البلاذري‪ :‬أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري‪ ،‬مؤرخ جغرافي‪ ،‬نستابة‬ ‫له شعر‪ :‬من أهل بغداد‪ ،‬جالس المتوكل العباسي‪ ،‬ومات في أيام المعتمد وله في المأمون مدائح‪،‬‬ ‫وكان يجيد الفارسية‪ ،‬أصيب في آخر عمره بذهول شبيه بالجنون‪ ،‬فشد بالبيمارستان إلى أن توفي‬ ‫سنة ‪٢٧٩‬ه‪.‬‏ نسبته إلى حب البلاذر‪ ،‬قيل‪ :‬إنه أكل منه فكان سبب علته‪ .‬من كتبه 'نتوح البلدان"‬ ‫‪٢٦‬‬ ‫فقال‪ :‬كنت من جلساء المستعين‪ ،‬فقصده الشعراء‪ ،‬فقال‪ :‬لست أقبل إلا ممن قال مش‬ ‫قول البحتري في المتوكل شعر((')‪:‬‬ ‫في وسعه لمشى إليك المنبر")‬ ‫فلو أن مشتاقأتكلف غير ما‬ ‫قال‪ :‬فرجعت إلى بيتي‪ ،‬وأتيته‪ ،‬وقلت‪ :‬قد قلت فيك أحسن مما قاله البحتري‪ ،‬فقال‬ ‫هاته فأنشدته‪:‬‬ ‫ولو‬ ‫برد‬ ‫أن‬ ‫وقال‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫اللصطفى‬ ‫وقد‬ ‫اذ لبسته‬ ‫يظلن‬ ‫[ عطبته ولبسته‬ ‫نعم‬ ‫لن‬ ‫هذه‬ ‫ارجع الى منزلك “۔ وافعل ما أمرك بها فرجعت‬ ‫وقال ‪ :‬ادخر من‬ ‫حيا ۔ قال‬ ‫هذه‬ ‫للحو ادث‬ ‫من‬ ‫بعدي ‘‬ ‫من تسبب‬ ‫أعطافذه‬ ‫فبعث‬ ‫ومناكب ه‬ ‫إلي سبعة الاف دينار‬ ‫ولك الحرية و الجر ارة و الكفاية ما‬ ‫المؤر ح ‪ :‬ولا يخفي في بيته المذكور‬ ‫فوكل‬ ‫اللرد‬ ‫ألك صاحبه‬ ‫من‬ ‫الخرو ج الى حين‬ ‫هذه بالنني ّ صلى الله عليه وسلم ‘ في معنى قول‬ ‫دمت‬ ‫الكفر بنعمة‬ ‫البحتري‬ ‫الله‬ ‫في‬ ‫المنبر ‏)‪: (٣‬‬ ‫فلو أن مشتاق تكلف غير ما‬ ‫وإن بيت‬ ‫أبي جعفر أحمد بن يحيى‬ ‫في وسعه لمشى إليك المنبر )‬ ‫البلاذر ي‬ ‫المؤر خ‬ ‫غير ملائم و لا مطابق‬ ‫له‬ ‫وأحسب أن البحتري أخذ هذا البيت من معنى بيت لأبي تماما‪:‬‬ ‫و"القرابة وتاريخ الأشراف" ويسمى "أنساب الأشراف"‪ .‬انظر‪ :‬الحموي‪ ،‬ياقوت بن عبد الله‪ :‬معجم‬ ‫الأدباء‪،‬‬ ‫‏‪.٥٠-٤٩-٤٨‬‬ ‫ج‪.٢‬‏ ص‬ ‫(‪ (١‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫‪-‬‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان “‘ ج‪ ،٦‬ص‪‎‬‬ ‫"ا انظر‪ :‬ديوان البحتري‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٢٤‬‬ ‫"ا ابن خلكان‪ ،‬شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‬ ‫(‪ )٤‬انظر ‪ :‬ديوان البحتري‪،‬‬ ‫)‪ (٥‬ابن خلكان۔‬ ‫شمس‬ ‫ج‪ 6١ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٢٤‬‬ ‫ج‪ ،٦‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٢٤‬‬ ‫‪.٢٤‬‬ ‫الدين أحمد بن محمد‬ ‫بن أبي بكر ‪ :‬وفيات‬ ‫‪٢٦٩‬‬ ‫ا لأعيان ؤ ج‪ ٦ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٢٤‬‬ ‫ثم أبى أخال‪ ،‬لقد أخذ المتنبي معنى بيت البحتري" فقال شعر أ‪:‬‬ ‫لو تعقل الشجر التي قابلتها‬ ‫مدت محييّة إليك الأغخمصنا‬ ‫قال المصنف‪ :‬ولا يخفي على كل جهبذة لبيب‪ ،‬وفصيح مصقع نابه أديب‪ ،‬بيت أبي‬ ‫تمام أعظم شأنأ‪ ،‬وأجل معنى وبيانا ‪ 4‬من بيت أبي عباده سعى المكان الجديب إلى‬ ‫الممدوح ومكانة الخطيب“ فإنه قد جعله للوسمي ما بنسيب“ ومع انتقال المجدب إلى‬ ‫الممدوحض بالناطق والصامت والمتحرك والثابت ما قدر المعنى الذي تمد به الشجر‬ ‫إلى الممدوح الأغصان‪ ،‬وتسعى له المنابر لعظم الشأن فلتتنظر ما أقول أهل‬ ‫المعاني والبيان‪ ،‬ثم إني أقول‪ :‬إن معنى بيت البحتري من بيت المنسي في هذا‬ ‫المنبر‪ ،‬أعلم وأخطر وأغلى‪ ،‬حيث إن ذكر انتقال المنبر إلى الممدوح‪ ،‬وذكر المتنبي‬ ‫مد الأغصان إلى الممدوح بسلب الجنوح‪ .‬اللهم إن بيت أبي تمام في هذا المعضنى‪،‬‬ ‫لقد حوى جميع التمام‪ ،‬وبيت أبي عبادة لجدير بالتفخيم من الأنام‪ ،‬وبيت أبي الطيب‬ ‫دون البيتين المذكورين في السمو‪ ،‬وإن كان هو في العلو ملاصقا للغمام‪ ،‬انتهى‪.‬‬ ‫والبيت المذكور الذي لأبي تمام‪ ،‬من القصيدة التي مدح فيها محمد بن عبد الملكة‬ ‫أجاد فيها غاية الإجادة‪ ،‬وأفاد بها غاية الإفادة ومطلع هذه القصيدة شعر أ[‪:]٧١٩‬‏‬ ‫دية سمحة القياد سكوب‬ ‫مستغفيث بها الثرى المكروب‬ ‫لو سعت بقعة لإعظام أخرى‬ ‫لسعى نحوها المكان الجديب‬ ‫لو شربوها وطالت فلو تسطع‬ ‫قامت فعانقتها الجنوب‬ ‫فهي ماء يجري وماء يليه‬ ‫وعزال تمشي وأخرى تذوب‬ ‫كثنف الروض رأسه واستسر‬ ‫المحل فيها كما استسر المريب‬ ‫والبيت الذي للبحتري‪ ،‬من قصيدة يمدح بها المتوكل‪ ،‬ويذكر خروجه لصلاة عيد‬ ‫الفطر والبيت الذي للمتنبي‪ ،‬من قصيدة يمدح فيها بدر بن عمار‪ ،‬ومطلعها شعر أ‪:‬‬ ‫والبر شكوى عاشق ما أعلنا‬ ‫الحب ما منع الكلام الألسنا‬ ‫‪٢٧ .‬‬ ‫من غير جزم واصلي صلة الضنا‬ ‫ليت الحبيب الهاجري هجر الكرى‬ ‫وقد راق لي أن أذكر قصيدة البحتري» التي مدح به المتوكل وذكرتها المصلى‬ ‫والمنبر‪ ،‬إذ هي كلها بيت قصيد فالله دره من شاعر ماهر باهر ناظم سلك جواهر‬ ‫خواطر‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪. .‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫أخفي هوى لك في الضلوع وأظهر‬ ‫و | لام‬ ‫وأراك خنت على الهوى من لم يخن‬ ‫عهد الهوى وهجرت من لا يهجر‬ ‫وطلبت منك مودة‬ ‫لم‬ ‫هل دين علوة يستطاع‬ ‫من‬ ‫فيقتضى‬ ‫ويريك عينيها الغزال الأحور‬ ‫وتمبس في‬ ‫وتميل‬ ‫من‬ ‫الصبى‬ ‫فيقيمها‬ ‫إني وإن جانبت بعض مطالبي‬ ‫ليشنوقني سحر العيون المجتلي‬ ‫ويروقني‬ ‫ألله مك‬ ‫نعمى‬ ‫ن‬ ‫من‬ ‫‏‪ ١‬لله‬ ‫ة <‬ ‫الصطفا ‏‪ ٥‬بفصلها‬ ‫ظلل‬ ‫‏‪ ٥‬لو ذ‬ ‫وتو‬ ‫للخلره‬ ‫`‬ ‫أى‬ ‫أعطيها‬ ‫بيضاء يعطيك القضيب قوامها‬ ‫لين‬ ‫كم‬ ‫علد‬ ‫و أ عذر‬ ‫مل‬ ‫الشباب‬ ‫ث‬ ‫‏‪9٥‬‬ ‫هم الو الشون‬ ‫ورد‬ ‫‏‪ ١‬رح‬ ‫وتخطلر‬ ‫ار ‏‪ ٥‬ول‬ ‫ألي‬ ‫مقصر‬ ‫الخدود‬ ‫سنه‬ ‫أ خلدة‬ ‫ذكرُ‬ ‫‏‪ ١‬للأحمر‬ ‫‪7‬‬ ‫جعة‬ ‫)‬ ‫والله يرزق من يشاء ويقدر‬ ‫فاسلم أمير المؤمنين ولم تزل‬ ‫تعطي الزيادة في البقاء وتشكر‬ ‫عسّت فواضك البرية فالتقى‬ ‫فيها المقل على الغنى والمكثر‬ ‫بالبر صمت وأنت أفضل صئئم‬ ‫وبمنة الله الرضية تفطر‬ ‫فانعم بيوم الفطر عينا إنه‬ ‫يوم أغر من الزمان ومشهر‬ ‫أظهرت عز الملك فيه بجحفل‬ ‫لجب‬ ‫يحاط‬ ‫خلنا الجبال تسير فيه وقد غدت‬ ‫عدد‬ ‫‏‪ ١‬يسير‬ ‫‪٢٧١‬‬ ‫الدين‬ ‫فره‬ ‫بها العدربد‬ ‫وينصر‬ ‫‏‪ ١‬لأكثر‬ ‫فالخيل تصهل والفوارس تدعي‬ ‫والبيض تلمع والأسنة تزهر‬ ‫والأرض خاشعة تميد بثقلها‬ ‫والجو معتك ر الجواذ‬ ‫والشمس مائعة توقد بالضحى‬ ‫طور‬ ‫حتى طلعت بضوء وجهك فانجلت‬ ‫فاقَرةَ فيك‬ ‫أ‬ ‫ويطفيها‬ ‫أ‬ ‫_ى‬ ‫العجا ح‬ ‫و انجاب‬ ‫‪ .‬جى‬ ‫ء‬ ‫أخا‬ ‫ببت‬ ‫‪:‬‬ ‫ر‬ ‫‏‪ ١‬لأكدر‬ ‫] ‏‪[٧ ٢ ٩‬‬ ‫ذاك‬ ‫العيثر‬ ‫الناظرون فلصبع;(')‬ ‫يومي إليك بها وعين تنظر‬ ‫يجدون رؤيتك التي فازوا بها‬ ‫من أنعم الله التلي لاتكفر‬ ‫ذكروا بطلعتك النبي فهللوا‬ ‫من‬ ‫لما طلعت‬ ‫حتى انتهيت إلى المصلى لابسا‬ ‫نور‬ ‫ومشيت مشية خاشع متواضع‬ ‫لله لا يزه ى‬ ‫فلو أن مشتاقاً تكلف غير ما‬ ‫في وسعه‬ ‫أبديت من فصل‬ ‫ووقفت في‬ ‫الخطاب‬ ‫برد‬ ‫ث‬ ‫ا للك‬ ‫|‬ ‫صلوا وراعك آخذين بعصمة‬ ‫ومواعظ شفت‬ ‫الصدور من‬ ‫وكبّرو ‏‪١‬‬ ‫الصفوف‬ ‫عليك ويظهر‬ ‫بيدو‬ ‫ولايتكب ر‬ ‫البك المنبر‬ ‫لمشى‬ ‫تنبي عن الحق المبين وتخبر‬ ‫بحكمة‬ ‫النني مذكر‬ ‫الهدى‬ ‫‏‪١‬‬ ‫من‬ ‫الذي‬ ‫ل‬ ‫‪٠‬‬ ‫‏‪.٠‬‬ ‫) ل‬ ‫م‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫ار ‏‪ ٥‬وددبسر‬ ‫ربهم وبنذمةلاتخفر‬ ‫يعتاده ا وشفا ؤها متعذر‬ ‫حتى لقد علم الجهول وأخللصت‬ ‫نفس المُروًى واهتدى المتحيّر‪ُ٬‬‏‬ ‫فاسلم بمغغفرة الإله فلم يزل‬ ‫الل أعطلك المحبة في الورى‬ ‫يهب الذنوب لمن يشاء ويغفر‬ ‫و ل‪`١‬‏ أنت‬ ‫أل‬ ‫للعيون‬ ‫وحبكك‬ ‫بالفضل‬ ‫الذي‬ ‫لا ينكر‬ ‫وأجل قدرأ في الصدور وأكبر ")‬ ‫لديهم‬ ‫(‪" )١‬وردنا إليك الناظرون فلصبع" انظر ‪ :‬ديوان البحتري‪ ،‬ج‪ 6١ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫"ا انظر‪ :‬النص الكامل للقصيدة في ديوان البحتري‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪‎‬‬ ‫‪٢٧٢‬‬ ‫‪.٢٤‬‬ ‫‪.٢٥-٢٤-٢٣‬‬ ‫قال الشيخ أحمد بن خلكان في وفيات الأعيان‪ ،‬عند ذكره لهذه القصيدة‪ :‬وهذا من‬ ‫الشنعر‪ ،‬هو السحر الحلئل على الحقيقة‪ ،‬والسهل الممتنع‪ ،‬فلله دره‪ ،‬ما أسلس قياده‪0‬‬ ‫وأعذب ألفاظه‪ ،‬وأحسن سبكه‪ ،‬وألطف مقاصده‪ ،‬وليس فيه من الحشو شيء‪ .‬بل كله‬ ‫نخب‪ .‬قال‪ :‬وقد كان بحلب شخص‬ ‫يقال له طاهر بن محمد الهاشمي‪ .‬مات أبوه‬ ‫وخلف له مقدار مائة ألف دينار‪ ،‬فأنفقها على الشعراء والزوار‪ ،‬وفي سبيل الله‬ ‫فقصده البحتري من العراق‪ ،‬فلما وصل إلى حلب‪ ،‬قيل له‪ :‬إنه قد قعد في بيته لديون‬ ‫ركبته فاغتم البحتري غماً شديدأ‪ ،‬وبعث المدحة مع بعض مواليه فلما وصلته‪.‬‬ ‫ووقف عليها‪ ،‬بكى‪ ،‬ودعا بغلام لهف وقال له‪ :‬بع داري‪ ،‬فقال له‪ :‬أتبيع دارك وتبقى‬ ‫على رؤوس الناس؟ قال له‪ :‬لا بد من بيعها‪ ،‬فباعها بثلاثمائة دينار‪ .‬وأنفذها إلى‬ ‫البحتري‪ ،‬وكتب معها هذه الأبيات شعرأ()‪:‬‬ ‫لو يكون الحباء حسب الذي أنت‬ ‫لينا بهمحل‬ ‫لحبيت اللجين والدرر واليا‬ ‫قوت حشوأفكان ذاك يقتل‬ ‫والأديب الأريب يسمح بالعذر‬ ‫المقل‬ ‫إذا قمتر‬ ‫الصدق‬ ‫وأهل‬ ‫فلما وصلت الرقعة للبحتري‪ ،‬رد الدنانير‪ ،‬وكتب إليه‪:‬‬ ‫بأبي أنت أنت للبر أهل‬ ‫والمساعي بعة وسعيك قبل‬ ‫والنوال القليل يكثر إن شاء‬ ‫مرجيّك والكثير يقل ‏[‪]٧٢١‬‬ ‫وإذا ما جزيت شعرا بشعر‬ ‫قضي الحق والدنانير فضل"‬ ‫غير أني رددت برك إذ كا‬ ‫ن ربأً منك والربا لايصل‬ ‫فلما عادت الدنانير إليه حل الصرًةظ‪ ،‬وضم إليها خمسين دينارا أخرى‪ ،‬وحلف أنه‬ ‫لا يردها عليه وسيرها‪ ،‬فلما وصلت إلى البحتري‪ ،‬أنشأ يقول‪:‬‬ ‫(‪ (١‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان ‪ 4‬ج‪ ،٦‬ص‪‎‬‬ ‫"ا انظر‪ :‬ديوان البحتري‪ ،‬ج‪،١‬‏ ص‬ ‫‏‪٣٩٣‬‬ ‫‪٢٧٢٣‬‬ ‫‪.٢٧-٢٦‬‬ ‫إن الشكر للعبد نعمة‬ ‫ومن يشكر المعروف فالله زائده‬ ‫شكرتك‬ ‫لكل زمان واحد يقتدى به‬ ‫واحده‬ ‫وهذا زمان أنت لا شك‬ ‫قال الشيخ المصنف الدافع المؤرخ‪ :‬وحكى أن هذين البيتين كتبهما الشيخ الإمام‬ ‫محي الدين النووي("'أ‪ ،‬وبعثها إلى الشيخ الإمام تقي الدين بن دقيق العيد‪ ،‬لما بلخه‬ ‫أنه قال لابن دقيق العيد‪ :‬لم لا يصنف في الفقه؟ فقال‪ :‬قد صنف الشيخ محي الدين‬ ‫النووي ما فيه كتابة كما قال‪ .‬قلت‪ :‬ومش هذا ما حكى محمد‪ .‬أن الإمام حجة‬ ‫الإسلام أبا حامد الغزالي‪ ،‬قيل له‪ :‬لم لا تصنف في التفسير؟ فقال‪ :‬يكفي ما صنف‬ ‫فيه شيخنا الإمام أبو الحسن الواحدي‪ ،‬رحمة الله عليهما‪ .‬وكان البحتري قد اجتاز‬ ‫الموصل‪ ،‬وقيل‪ :‬برأس عين‪ ،‬فمرض بها مرضا شديدأ‪ ،‬وكان الطبيب يختلف إليه‬ ‫ويداويه‪ ،‬فوصف له يوما مزورة‪ ،‬ولم يكن معه من يخدمه سوى غلامه‪ .‬فقال‬ ‫للغلام‪ :‬اصنع هذه المزورة‪ ،‬وكان بعض رؤساء البلد حاضرأ عنده‪ ،‬وقد جاء‬ ‫يعوده‪ ،‬فقال ذلك الرئيس‪ :‬هذا الغلام ما يحسن طبخها‪ ،‬وعندي طباخ من نعته‬ ‫وصفته‪ ،‬وبالغ في حسن صنعته‪ ،‬فترك الغلام عملها اعتماد على قوله‪ ،‬وقعد‬ ‫البحتري ينتظرها‪ ،‬واشتغل الرئيس عنها‪ ،‬ونسي أمرها‪ ،‬فلما أبطأت عنه‪ .‬وفات‬ ‫وقت وصولها إليه‪ ،‬كتب إلي الرئيس")‪:‬‬ ‫وجدت‬ ‫و عدك‬ ‫زور ‏‪ ١‬في‬ ‫مزور‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫حلفت مجتهد إحكام‬ ‫طا هرها‬ ‫محي الدين النووي‪ :‬يحيى بن شرف بن مري بن حسن الحزامي الحوراني‪ ،‬النووي‪ ،‬الشافعي‪،‬‬ ‫أبو زكريا‪ ،‬محي الدين علامة بالفقه والحديث‪ ،‬مولده في نوى (من قرى حوران) سنة ‪٦٣١‬ه‏‬ ‫ووفاته فيها سنة ‪٦٧٦‬ه‏ وإليها نسبته‪ ،‬تعلم في دمشق وأقام بها زمنأ طويلا‪ ،‬من كتبه (تهذيب‬ ‫الأسماء واللغات) و(منهاج الطالبين)‪ ،‬ومؤلفات أخرى كثيرة‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪:‬‬ ‫الأعلامض ج ‏‪ ،٨‬ص‬ ‫‏‪.١٤٩‬‬ ‫ا" ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪،٦‬‏ ص‬ ‫‪٢٧٤‬‬ ‫‏‪.٢٨-٢٧‬‬ ‫فلا شفى الله من يرجوا الشفاء بها‬ ‫فقد حبست رسولي عن تقاضيها')‬ ‫قوله وأخباره ومحاسنه كثيرة‪ ،‬فلا حاجة إلى الإطالة‪ ،‬وأخباره ومحاسنه كثيرة‪ ،‬ولم‬ ‫يزل شعره غير مرتب‪ ،‬حتى جمعه أبو بكر الصولي‪ ،‬ورتبه على الحروف‪ ،‬وجمعه‬ ‫أيضا علي بن حمزة الأصبهاني‪ ،‬ولم يرتبه على الحروف“‪ ،‬بل على الأنواع‪ ،‬كما‬ ‫صنع بشعر أبي تمام‪ ،‬وللبحتري أيضا كتاب "حماسة" على مثال "حماسة أبي تمام'‬ ‫وله كتاب "معاني الشعر"‪ ،‬وكانت ولادته سنة ست‪ ،‬وقيل‪ :‬خمس ومائتين‪ .‬وقال ابن‬ ‫الجوزي‪ :‬وتوفي وهو ابن ثمانين سنة‪ ،‬وقال الذهبي‪ :‬بضع وسبعين سنة وقيل‪:‬‬ ‫توفي في السنة التي قبل هذه‪ ،‬وقيل‪ :‬في التي بعدها‪ ،‬وقيل‪ :‬في سنة ست وثمانين‪،‬‬ ‫وقال الخطيب‪ :‬كان يكنى أبا الحسن وأبا عبادة‪ ،‬فأشير عليه في أيام المتوكل أن‬ ‫يقتصر على أبي عبادة ‪ ،‬فإنها أحمد‪ ،‬ففعل‪ ،‬قال ابن خلكان في تاريخه‪ :‬وأهل الأدب‬ ‫كثيرا ما يسألون عن قول أبي العلاء المعري‪:‬‬ ‫وقال الوليد النبع ليس بمثمر‬ ‫فأخطأً سرب الوحش من ثمر النبع")‬ ‫فيقولون‪ :‬من هو الوليد المذكور؟ وأين؟ قال‪ :‬النبع ليس بثمر؟ قال‪ :‬وقد سألني‬ ‫[‪]٧٢٢‬عنه‏ جماعة كثيرة‪ ،‬والمراد بالوليد هو البحتري المذكور‪ .‬وله قصيدة طويلة‬ ‫منها("‬ ‫‪:‬‬ ‫قال‪ :‬وهذا البيت هو المشار إليه في بيت أبي العلاء المعري‪.‬‬ ‫( فلا شفى الله من يرجو الشفاء بها‬ ‫فاحبس رسولك عني أن يجيء‬ ‫انظر ‪ :‬ديوان‬ ‫البحتر‬ ‫‏(‪ (٢‬انظر ‪ :‬سقط‬ ‫‏‪ ٩٩٠‬‏‪6‬م‪ ١‬ص‬ ‫لها‬ ‫ي‪ ،‬دار صادر‬ ‫الزند ‪ :‬شرح‬ ‫ولا علت كن ملق كفه فيها‬ ‫فقد حبست رسولي‬ ‫بيروت‬ ‫أحمد شمس‬ ‫عن‬ ‫لبنان ۔ ج ‏‪ 6١‬ص‬ ‫تقاضيها‬ ‫‏‪.٧‬‬ ‫الدين “ د ار الكتب العلمية‬ ‫بيروت ‪ ،‬لبنان ذ الطبعة ‏‪ ١‬لأولى‬ ‫‏‪.٢٦٣‬‬ ‫)‪ (٣‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان ‪ 4‬ج‪ ،٦‬ص‪‎‬‬ ‫‪٢٧٥‬‬ ‫‪.٢٩‬‬ ‫أبو العلاء المعري‪:‬‬ ‫ومن شعرائهم المفلقين‪ ،‬أبو العلاء المعري‪ ،‬أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد‬ ‫ابن سليمان بن أحمد بن سليمان بن داود بن المطهر بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة‬ ‫ابن أنور بن سحم بن أرقم بن النعمان بن عدي بن غطفان بن عمرو بن بريح بن‬ ‫جذيمة بن تيم الله بن أسد بن وبره بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن‬ ‫قضاعة بن مازن بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير التنوخي المعري‪،‬‬ ‫اللغوي‪ ،‬الشاعر المشهورة كان متضلعاً في فنون الأدب‪ ،‬وله التصانيف الكثيرة‬ ‫المشهورة‪ ،‬والرسائل المأثورةة وله من النظم الزوم مالا يلزم"‪ ،‬وهو كبير‪ ،‬يقع في‬ ‫خمسة أجزاء‪ ،‬أوما يقاربها‪ ،‬وله اسقط الزند" أيضأ‪ ،‬وشرحه بنفسه‪ ،‬وسماه ضوء‬ ‫السقط"‪ ،‬وقيل‪ :‬إن له كتابأ سماه "اليك والفصون“"‪ ،‬وهو المعروف "بالهمزة‬ ‫والردف"۔ يقارب المائة جزء في الأدب أيضأً۔ قال الشيخ أحمد بن خلكان في وفيات‬ ‫الأعيان‪ :‬وحكى لي من وقف على المجلد الأول بعد المائة من كتاب "الهمزة‬ ‫والردف"۔ وقال‪:‬لا أعلم ما كان يعوزه بعد هذا المجلد‪ ،‬وكان علامة عصره‪ .‬وأخذ‬ ‫عنه أبو القاسم علي بن المَُسئّن التنوخي""أ‪.‬والخطيب أبو زكريا التبريزي")‪.‬‬ ‫() أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي‪ :‬قاض من علماء المعتزلة‪ ،‬تقلد القضاء في عدة نواحض‬ ‫منها المدائن وأذربيجان وقرميسين‪ ،‬وكان ظريف نبيلا جيد النادرة‪ ،‬وهو حفيد القاضي التنوخي‬ ‫الكبير‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام ج ‏‪ ،٤‬ص‬ ‫‏‪.٣٢٣‬‬ ‫"أ الخطيب بن زكريا التبريزي‪ :‬يحيى بن علي بن محمد الشيباني‪ .‬أبو زكريا‪ ،‬من أئمة اللغو‬ ‫والأدب أصله من تبريز نشأ في بغداد‪ ،‬ورحل إلى الشام‪ ،‬فقرأ "تهذيب اللغة" للأزهري‪ ،‬على‬ ‫أبي العلاء المعري قيل‪ :‬أتاه يحمل نسخة "التهذيب" في مخلاة على ظهره وقد بللها عرقه حتى‬ ‫يظن أنها غريقة ودخل مصر»“‪ ،‬ثم عاد إلى بغداد‪ ،‬فقام على خزانة الكتب في المدرسة النظامية‬ ‫إلى أن توفي‪ .‬من كتبه "شرح ديوان الحماسة لأبي تمام" ومؤلفات كثيرة أخرى‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪،‬‬ ‫خير‬ ‫الدين‪:‬‬ ‫الأعلام‪،‬‬ ‫ج‬ ‫‏‪ ٨‬ص‬ ‫‏‪٧‬‬ ‫‪.١٥٨١٥‬‬ ‫و غير هما ) ‏‪. ( ١‬‬ ‫وكانت ولادته يوم الجمعة عند مغيب الشمس لثلاث بقين من شهر ربيع الأول‪،‬‬ ‫سنة ثلاث وستين وثلاثمائة بالمعراة‪ ،‬وعمي بالجدري أول سنة سبع وستين‪ ،‬غشي‬ ‫يمنى عينيه بياض‪ ،‬وذهبت اليسرى جملة‪ .‬قال الحافظ السلغي‪ :‬أخبرني أبو محمد‬ ‫عبد الله بن الوليد الإيادي‪ ،‬أنه دخل مع عمه على أبي العلاء يزوره فرآه قاعدا‬ ‫على سجادة لبد‪ ،‬وهو شيخض قال‪ :‬فدعى لي‪ ،‬ومسح على رأسي‪ ،‬وكنت صبيا‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫وكأني أنظر إليه الساعة‪ ،‬وإلى عينيه‪ ،‬إحداهما نادرةظ والأخرى غائرة جدأ وهو‬ ‫مجدر الوجه‪ ،‬نحيف الجسم‪ .‬ولما فرغ من تصنيف كتاب "اللامع العزيزي" في‬ ‫شرح ديوان المتنبي‪ ،‬وقرئ عليه‪ ،‬أخذ الجماعة في وصفه‪ .‬فقال أبو العلاء‪ :‬كأنما‬ ‫نظر المتنبي إلي بلحظ الغيب‪ ،‬حيث يقول(")‪:‬‬ ‫أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي‬ ‫وأسمعت كلماتي من به صمم‬ ‫ودخل بغداد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائةش ودخلها سنة تسع وتسعين وأقام بها سنة‬ ‫وسبعة أشهر ثم رجع إلى المعرة‪ ،‬ولزم منزله وسمى نفسه "رهين المحبسين"‪.‬‬ ‫للزومه منزله‪ ،‬ولذهاب عينيه‪ .‬وشرع في التصنيف وأخذ عنه الناس‪ ،‬وسار إليه‬ ‫الطلبة من الآفاق وكاتبه الحكماء والوزراء وأهل الأقطار‪ ،‬ومكث مدة خمسة‬ ‫وأربعين سنة لا يأكل اللحم تدينا‪ ،‬لأنه كان يرى رأي الحكماء المتقدمين‪ ،‬وهم لا‬ ‫يأكلونه‪ ،‬كي لا يذبحوا الحيوان‪ ،‬ففيه تعذيب له‪ ،‬وهم لا يرون الإيلام مطلقاً في‬ ‫جميع الحيوانات وعمل الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة‪ ،‬من شعره في "اللزوم"‬ ‫قوله(")‪:‬‬ ‫ل‪`١‬‏ تطأ‬ ‫ب “ با‬ ‫أ‬ ‫(‪ )١‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫"( المصدر نفسه ص‪‎‬‬ ‫)‪ (٣‬المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ك‬ ‫رتب‬ ‫‪1‬‬ ‫قلم البليغ‬ ‫بغير ج‪٦٥‬‏‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.١١٤-١١٣‬‬ ‫‪5959‬‬ ‫‪٢٧٧‬‬ ‫منزل‬ ‫‪.١١٣‬‬ ‫هذا له رمح وهذا أعزل[‪]٧٢٣‬ا‏‬ ‫سكن السما كان السماء كلاهما‬ ‫وتوفي يوم الجمعة ثالث شهر ربيع الأول‪ ،‬وقيل‪ :‬ثالث عشرة سنة تسع وأربعين‬ ‫و أربعمائة‬ ‫ه‬ ‫ولد وتوفي‬ ‫بالمعرةظ‬ ‫أر‬ ‫ح‬ ‫ذ ‏‪ ١‬جذ‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫و ألصى‬ ‫‪7‬‬ ‫يبكب‬ ‫أن‬ ‫وم‬ ‫على قبر ه هذا‬ ‫\ جند‬ ‫ت‬ ‫البيت( ‏‪: (٢‬‬ ‫ى‬ ‫أ‬ ‫`‬ ‫‏‪٩‬‬ ‫وهو أيضأً متعلق باعتقاد الحكماء فإنهم يقولون‪ :‬إيجاد الولد وإخراجه إلى هذا العالم‬ ‫جناية عليه‪ ،‬لأنه يتعرض للحوادث والآفات‪ .‬وكان مرضه ثلاثة أيام‪ .‬ومات في‬ ‫اليوم الرابع‪ ،‬ولم يكن عنده غير بني عمه فقال لهم في اليوم الثالث‪ :‬اكتبوا عنية‬ ‫فتناولوا الدواة‪ ،‬فأملى عليهم غير الصواب» فقال القاضي أبو محمد عبد الله‬ ‫التتوخي"ا‪ :‬أحسن الله عزاعكم في الشيخ ة فإنه ميت‪ ،‬ومات ثاني يوم‪ ،‬ولما توفي‪،‬‬ ‫رثاه تلميذه أبو الحسن علي بن همام بقوله(ُ)‪:‬‬ ‫إن كنت لم ترق الدماء زهادة‬ ‫فلقد أرقت اليوم من جفني دما‬ ‫سيرت ذكرك بالبلاد كأنه‬ ‫مسك فسامعه يضم أوما‬ ‫و أر ى الحجيج‬ ‫اذا أرادوا ليلة‬ ‫نكراك أخر ج فدية من‬ ‫أحرم_}ا‬ ‫الشعر لأبي العلاء المعري بعد البحث و التدقيق تبين أنه غير موجود في اللزوميات‪.‬‬ ‫‏)‪ (٢‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان ‪ 4‬ج‪ ،‬ص‬ ‫‏‪.١١٤‬‬ ‫"( القاضي أبو عبد الله التنوخي‪ :‬هو المحسن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود التنوخي‬ ‫البصري‪ ،‬أبو علي‪ ،‬قاض من العلماء الأدباء الشعراء‪ ،‬ولد في البصرة سنة‬ ‫‏‪ ٣٢٧‬ه‬ ‫ونشأ فيها‪.‬‬ ‫وولي القضاء في جزيرة ابن عمر وعسكر مكرم‪ ،‬وتقلد أعمالا وسكن بغداد‪ ،‬وتوفي فيها سنة‬ ‫‏‪ ٣٤‬ه وإليه كتب أبو العلاء المعري قصيدته التي أولها "هات الحديث عن الزوراء أو هيت"‪.‬‬ ‫من كتبه "الفرج بعد الشدة" وجامع التواريخ" المسمى انشوار المحاضرة" و"المستجاد من فعلات‬ ‫الأجواد" و"ديوان شعر"۔ انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام ج ‏‪ ‘،٥‬ص ‏‪.٢٨٨‬‬ ‫)‪ (٤‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫اا المصدر نفسه ص‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان ‪ .4‬ج‬ ‫‏‪.١١٥‬‬ ‫‪٢٧٢٨‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.١١٥‬‬ ‫وقد أشار في البيت الأول‪ ،‬إلى ما كان يعتقده‪ ،‬ويتدين به‪ ،‬من عدم الذبح‪ ،‬كما تقدم‬ ‫ذكره‪ ،‬وقبره بساحة من دور أهله‪ ،‬لا يحتفلون به‪ ،‬والتنوخي بفتح التاء المشاة من‬ ‫فوقهاێ وضم النون المخففة‪ ،‬وبعد الواو خاء معجمة وهذه النسبة إلى تنوخ‪ ،‬وهي‬ ‫اسم لعدة قبائل‪ ،‬اجتمعوا قديما بالبحرين‪ ،‬وتحالفوا على التناصر‪ ،‬وأقاموا هناك‪،‬‬ ‫فسموا تنوخا‪ ،‬والتنوخ‪ :‬الإقامةظ وهذه القبائل‪ ،‬هي إحدى القبائل الثلاث التي هي‬ ‫نصارى العرب وهم‪ :‬بهراء‪ ،‬وتنوخ‪ ،‬وتغلب‪ .‬والمعري بفتح الميم‪ ،‬والعين‬ ‫المهملة‪ ،‬وتشديد الراء‪ ،‬وهذه النسبة إلى معرة النعمان‪ ،‬وهي بلدة صغيرة بالشام‪،‬‬ ‫بالقب من حماة وشيزر‪ ،‬وهي منسوبة إلى النعمان بن بشير الأنصاري‪ ،‬رضي الله‬ ‫عنه فإنه تدَيَرها‪ ،‬فنسبت إليه(')‪.‬‬ ‫أبو الطيب المتنبي‪:‬‬ ‫المتنبي‪ ،‬أبو الطيب“ أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي‬ ‫الكوفي‪ ،‬المعروف بالمتنبي‪ ،‬الشاعر المشهور‪ .‬كان من المكثرين من نقل اللغةة‬ ‫والمطلعين على غريبها وحوشيها‪ ،‬ولا يسأل عن شي»‪ ،‬إلا واستشهد فيه بكلام‬ ‫العرب من النظم والنثر‪ ،‬حتى قيل‪ :‬إن الشيخ أبا علي الفارسي(" صاحب "التكملة'‬ ‫و"الإيضاح" قال له يوما‪ :‬كم لنا من المجموع على وزن فعلى؟ فقال المتنبي في‬ ‫الحال‪ :‬حجلى وظربى۔ قال الشيخ أبو علي‪ :‬فطالعت كتب اللغة ثلاث ليال‪ ،‬على أن‬ ‫أجد لهذين الجمعين ثالثا‪ ،‬فلم أجد‪ .‬وحسبك من يقول في حقه أبو علي هذه المقالة‪.‬‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.١١٦‬‬ ‫("ا أبو علي الفارسي‪ :‬الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي الأصل‪ ،‬أبو علي‪ ،‬أحد الأئمة في‬ ‫علم العربية‪ ،‬ولد في فساد من أعمال فارس سنة ‪٢٨٨‬ه‏‬ ‫ودخل بغداد سنة‬ ‫‏‪ ٣٠١٧‬ه‬ ‫وتجول في‬ ‫كثير من البلدان‪ ،‬وفد حلب في سنة ‪٣٤١‬ه‏ فأقام مدة عند سيف الدولة الحمداني‪ ،‬ثم عاد إلى‬ ‫فارس فصحب عضد الدولة بن بويه‪ ،‬وتقدم عنده‪ ،‬فعلمه النحو‪ ،‬وصنف له كتاب "الإيضاح" في‬ ‫قواعد العربية‪ .‬ثم رحل إلى بغداد فأقام إلى أن توفي سنة ‪٣٧٧‬ه‏ وله مؤلفات كثيرة‪.‬‬ ‫الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام‪ ،‬ج ‘ ص‬ ‫‏‪.١٨٠-١٧٩‬‬ ‫‪٢٧٩‬‬ ‫انظر‪:‬‬ ‫وحجلى‪ :‬جمع حجل‪ ،‬وهو الطائر الذي يسمى القَبَجَ‪ .‬والظربى‪ :‬جمع ظربان على‬ ‫مثال قطران‪ ،‬وهي دويبة سيئة الرائحة‪ .‬وأما شعره فهو في النهاية‪ ،‬ولا حاجة إلى‬ ‫ذكر شيء منه‪ ،‬لشهرته‪ ،‬لكن الشيخ تاج الدين الكندي ‪ ،‬كان يروي له بيتين لا‬ ‫يوجدان في ديوانه‪ ،‬وكانت روايته لهما بالإسناد والصحيح جمعهم به وهما')‪:‬‬ ‫أبين مفتقر إليك نظرتتي‬ ‫فأهنتني وقذفتني من حلق‬ ‫لست الملوم أنا الملوم لأنني‬ ‫أنزلت آمالي بغير الخالق‬ ‫ولما كان بمصر مرض» وكان له صديق يغشاه في علته‪ ،‬فلما اعتل‪ ،‬انقطع عنه‬ ‫فكتب إليه‪ :‬وصلتني وصلك ا له متعلم وقطعتني مُبلاش فإن رأيت أن لا تحبب العلة‬ ‫إلى‪ ،‬ولا تكتر الصحة علي فعلت‪ .‬والناس في شعره على طبقات‪ :‬فمنهم ‏[‪ ٤‬‏نم]‪٢٧‬‬ ‫يرجحه على أبي تمام ومن بعده‪ ،‬ومنهم من يرجح أبا تمام عليه واعتنى العلماء‬ ‫بديوانه‪ ،‬فشرحوه وأكثر الروايات عنه‪ ،‬حتى بلغ أكثر من أربعين شرحا‪ ،‬ولم يَفعل‬ ‫هذا بديوان غيره‪ ،‬ولا شك أنه كان رجلا مسعودأ۔ ورزق في شعره السعادة التامة‪.‬‬ ‫وإنما قيل له المتنبي‪ ،‬لأنه ادعى النبوة في بادية السماوة‪ ،‬وتبعه كثير من بني كلب‬ ‫وغيرهم‪ ،‬فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص‬ ‫نائب الإخشيدية فأسره‪ ،‬وتفرق أصحابه‬ ‫وحبسه طويلاش ثم استتابه‪ ،‬وأطلقه‪ ،‬وقيل غير ذلك‪ ،‬وهذا الأصح فالتحق بالأمير‬ ‫سيف الدولة بن حمدان"أ‪ ،‬ثم فارقه‪ ،‬ودخل مصر سنة ست وأربعين وثلاثمائةة‬ ‫(‪ )١‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‬ ‫(‪ (٢‬سيف الدولة بن حمدان (‪)٣٥٦-٣٠٣‬ه‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.١٢١-١٢٠‬‬ ‫وهو علي بن عبد الله بن حمدان التغلبي الربعي‪‎،‬‬ ‫أبو الحسن‪ ،‬سيف الدولة‪ ،‬الأمير‪ ،‬صاحب المتنبي وممدوحه‪ ،‬ويقال‪ :‬لم يجتمع بباب أحد من ملوك‪‎‬‬ ‫بعد الخلفاء ما اجتمع بباب سيف الدولة من شيوخ العلم ونجوم الدهر‪ ،‬ولد في ميافارقين (بديار‪‎‬‬ ‫بكر ) ونشأ شجاعا مهذبا عالي الهمة وملك واسطأً وما جاورها‪ ،‬ومال إلى دمشق فامتلكها‪ ،‬وعاد‪‎‬‬ ‫إلى حلب فملكها سنة‪ ٣٣٣ ‎‬ه‬ ‫وتوفي فيها‪ ،‬ودفن في مافارقين‪ .‬وكان كثير العطايا مقربا أفل‪‎‬‬ ‫الأدب‪ ،‬يقول الشعر الجيد والرقيق‪ ،‬وهو أول من ملك حلب من بني حمدان‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير‪‎‬‬ ‫الدين‪ :‬الأعلام‪ ،‬ج‪‎‬‬ ‫‪ ٥‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٢١٦‬‬ ‫‪٢٨٠‬‬ ‫ومدح كافورا الإخشيدي'أ وأنوجور الإخشيدي‪ ،‬وكان يقف بين يدي كافور‪ ،‬وفي‬ ‫رجليه خفان‪ ،‬وفي وسطه سيف ومنطقه‪ ،‬ويركب بحاجبين من مماليكه وهما‬ ‫بالسيوف والمناطق‪ ،‬فلما لم يرضه‪ ،‬هجاه‪ ،‬وفارقه‪ .‬وقصد بلاد فارس‪ ،‬ومدح عضد‬ ‫الدولة بن بويه الديلمي‪ ،‬فأجزل جائزته‪ ،‬ولما رجع من عنده عرض له فاتك بن أبي‬ ‫الجهل الأسدي في عدة من أصحابه‪ ،‬وكان مع المتنبي أيضا جماعة من أصحابه‪.‬‬ ‫فقاتلوهم‪ ،‬فقتل المتنبي وابنه مُصَنَ وغلامه مفلج‪ ،‬بالقرب من النعمانيةأ"أى في‬ ‫موضع يقال له الصافية‪ ،‬وقيل‪ :‬حيال الصافية من الجانب الغربي من سواد بغداد‪،‬‬ ‫وذلك يوم الأربعاء لست بقين‪ ،‬وقيل‪ :‬لثلاث بقين‪ ،‬وقيل‪ :‬لليلتين بقيتا من شهر‬ ‫رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة("ا‪.‬‬ ‫ومولده في سنة ثلاث وثلاثمائة بالكوفة في محلة تسمى كنده‪ ،‬فنسب إليها۔ وليس‬ ‫هو من كندة التي هي القبيلة المشهورة‪ ،‬بل هو جعفي القبيلة من سعد العشيرة بن‬ ‫مذجح‪ ،‬ويقال‪ :‬إن أباه كان سقاء بالكوفة‪ .‬ثم انتقل إلى الشام بولده‪ ،‬ونشأ ولده‬ ‫بالشام وإلى هذا أشار بعض الشعراء في هجو المتنبي‪ ،‬حيث قال‘)‪:‬‬ ‫أي فضل لشاعر‪ ,‬بكل الفضل‬ ‫من الناس بكرة وعشيً‬ ‫عاش حينا يبيع في الكوفة الماء‬ ‫وحينا يبيع ماء المح "ا‬ ‫) كافور الإخشيدي‪ :‬كافور بن عبد الله الإخشيدي‪ ،‬أبو المسك‪ ،‬الأمير المشهور صاحب المتنبي‪،‬‬ ‫كان عبدا جبشيأ اشتراه الإخشيدي ملك مصر فنسب إليه‪ ،‬وأعتقه فترقى عنده وما زالت حمته‬ ‫تصعد حتى ملك مصر وبقي يحكمها حتى وفاته سنة ‏‪ ٣٥٧‬ه وقيل‪ :‬حمل تابوته إللى القدس‬ ‫فدفن فيها۔ انظر‪ :‬الزركلي خير الدين‪ :‬الأعلام ج ‏‪ ،٥‬ص ‏‪.٢١٦‬‬ ‫‏)‪ (٢‬النعمانية‪ :‬بليدة بين واسط وبغداد في نصف‬ ‫الطريق على ضفة دجلة معدودة من أعمال الزاب‬ ‫الأعلى وهي قصبته‪ .‬انظر‪ :‬الحموي‪ ،‬ياقوت بن عبد الله‪ :‬معجم البلدان‪ ،‬ج‪،٥‬‏ ص ‏‪.٢٩٤‬‬ ‫"( ابن خلكان‪ ،‬شمس الدين أحمد بن محمد بن أبيكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪،١‬‏ ص ‏‪.١٢٣-١٢٢-١٢١‬‬ ‫)( المصدر نفسه ص ‏‪.١٢٤-١٢٣‬‬ ‫اا المصدر نفسه ص ‏‪.١٢٤‬‬ ‫ولما قتل‪ ،‬رثاه أبو القاسم المظفر بن علي الطبسي("أ‪ ،‬بقوله‪:‬‬ ‫ما رأى الناس ثاني المتنبي‬ ‫كان في نفسه الكبير ة في‬ ‫هو‬ ‫في شعره‬ ‫ند‬ ‫إذ دهانا في مثل ذاك اللسان‬ ‫حبيش‬ ‫ي‬ ‫وفي‬ ‫ظهرت‬ ‫وأ كن‬ ‫كبرياء‬ ‫ذ ي سلطان‬ ‫معجز اته في‬ ‫المعاني‬ ‫ويحكى أن المعتمد بن عباد اللخمي(" صاحب قرطبة وإشبيلية‪ ،‬أنشد يوما في‬ ‫مجلسه بيت المتنبي‪ ،‬وهو من جملة قصيدته المشهور ة(")‪:‬‬ ‫أثاب بها مُئيي المطلي ورازمه‬ ‫لذا ظفرت منك العيون بنظرة‬ ‫وجعل يردد ه استحسانا لك وفي مجلسه أبو محمد عبد الجليل بن وهبون الأندلسة‬ ‫فأنشد ارتجالاً ‪:‬‬ ‫لئن جاد شعر‬ ‫"‬ ‫د‬ ‫ابن الحسين فإنما‬ ‫تجيد العطايا واللهى تفتح اللها‬ ‫تنبأ عجبا بالقريض ولو درى‬ ‫بألك تروي شعره لتألهيا‬ ‫‏(‪ )١‬المظفر بن علي الطبسي‪ :‬المظفر بن علي ‪ ،‬أمير عصامي‪ .‬كان عاقلا فطنأ‪ ،‬نشأً في أيام عمر‬ ‫ابن شاهين مؤسس إمارة البطيحة (بين واسط والبصرة) وجعله عمران حاجبأ له‪ ،‬ثم تولى ولاية‬ ‫البطيحة سنة ‏‪ ٣٧٣‬ه‬ ‫وأحسن السيرة في أهلها‪ ،‬توفي سنة ‪٣٧٦‬ه‪٩٨٦/‬م‪.‬‏ وكان عقيم لا ولد‬ ‫له‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام ج‬ ‫‏(‪ (٢‬المعتمد بن عباد اللخمي (‪٤٣١‬ه‪٤٨٨/‬م)‪:‬‏‬ ‫‏‪ ،٧‬ص‬ ‫‏‪.٢٥٦‬‬ ‫هو محمد بن عباد بن محمد بن اسماعيل اللخمي‪،‬‬ ‫أبو القاسم‪ ،‬المعتمد على الله صاحب إشبيلية وقرطبة وما حولهما۔‪ ،‬وأحد أفراد الدهر شجاعة‬ ‫وحزما وضبطا للأمور‪ ،‬ولي إشبيلية بعد وفاة أبيه سنة ‏‪ ٤٦١‬ه وامتلك قرطبة وكثيرا من‬ ‫المملكة الأندلسية وأصبح محط الرحال قصده العلماء والشعراء والأمراء۔ وما اجتمع في باب‬ ‫أحد ملوك عصره ما كان يجتمع ببابه من أعيان الأدب‪ ،‬وكان فصيحا شاعرأ وكاتبا مرسلا ؤ بديع‬ ‫التوقيع‪ ،‬له ديوان شعر في عهده وقعت معركة الزلاقة (سنة‬ ‫‏‪ ٤٧٩‬ه)‪ .‬وفي سنة ‪٤٨٣‬ه‏‬ ‫ثارت فتنة في قرطبة قتل فيها ابنه‪ ،‬وفي العام التالي أسره يوسف بن تاشفين ووضعه في سجن‬ ‫أغات حتى وفاته سنة ‏‪ ٤٨٨‬ه‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام‘ ج‬ ‫)‪ (٣‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫‏‪ ،٦‬ص‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان ‘ ج‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪٢٨٢‬‬ ‫‏‪.١٨١‬‬ ‫‪.١٢٤‬‬ ‫وأخباره ومجرياته كثيرة‪ ،‬منها ما جرى بينه وبين أبو علي محمد بن الحسن بن‬ ‫المظفر الكاتب اللغوي البغدادي")‪ ،‬المعروف بالحاتمي")‪.‬‬ ‫الحاتمي‪:‬‬ ‫أبو علي‪ ،‬محمد بن الحسن بن المظفر الكاتب اللغوي البغدادي‪ ،‬المعروف بالحاتمي۔‪،‬‬ ‫أحد الأعلام المشاهير المطلعين المكثرين» الذي له الرسالة الحاتمية‪ ،‬التي شرح فيها‬ ‫ما جرى بينه وبين المتنبي أبي الطيب‪ ،‬من إظهار سرقاته‪ ،‬وإبانة عيوب شعره‬ ‫ولقد دلت على غزارة مادته وتوفر اطلاعه‪ .‬وحكى في أول الرسالة ‏[‪ ]٢٥‬السبب‬ ‫الحامل له على ذلك فقال‪ :‬لما ورد أحمد بن الحسين المتنبي مدينة السلام‬ ‫منصرفأ عن مصر ومتعرضأً للوزير أبي محمد المهلبي"أ بالتخييم عليه‪ ،‬والمقام‬ ‫لديه‪ ،‬التحف رداء الكبر‪ .‬وأذال ذيول التيك‬ ‫وثنى عطفيه جبرية وازورارأ ‪ ،‬فكان لا‬ ‫يلاقي أحدأ‪ ،‬إلا أعرض عنه تيه وزخرف القول عليه تمويهأ‪ ،‬يخيل عجباً إليه‪ ،‬أن‬ ‫الأدب مقصور عليه‪ ،‬وأن الشعر بحر لم يرد غير مائه غيره وروض لم ير نواره‬ ‫سواه‪ ،‬فهو يجني جناه‪ ،‬ويقطلف قطوفه‪ .‬دون من تعاطاه‪ ،‬فكل مُجر في‬ ‫الخلاء‬ ‫يسير‪ ،‬ولكل نبأ مستقر‪ ،‬فعبر جاريا على هذه الوتيرة مدة مديدةة أجررته رسن‬ ‫البغي فيها‪ ،‬فظل يمرح في تيهه‪ ،‬حتى إذا تخيل أنه السابق‪ .‬الذي لا يجارى في‬ ‫مضمار ولا يساوى عذاره بعذار‪ ،‬وأنه رب الكلام ومفتض عذارى الألفاظ‪،‬‬ ‫ومالك زق الفصاحة نظما ونثرا‪ ،‬وقريع دهره۔ الذي لا يقارع فضلا وعلما‪ ،‬وثقلت‬ ‫وطأته على كثير مسّن وسم نفسه بميسم الأدب وأنبط من مائه أعذب مشرب‪ .‬فطأطأً‬ ‫بعض رأسه‪ ،‬وخفض بعض جناحه وطا من على التسليم له طرفه‪ ،‬وساء معز‬ ‫() محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي‪ :‬محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي‪ ،‬أبو علي‪ ،‬أديب‬ ‫ناقد من أهل بغداد‪ ،‬نسبته إلى جد له اسمه "حاتم" له "الرسالة الحاتمية" في نقد شعر المتنبي‪ ،‬أو‬ ‫كما يقول الذهبي‪" :‬فيما جرى بينه وبين المتنبي من إظهار سرقاته وعيوب شعره وجمعه وتيه ‪"1‬‬ ‫ومؤلفات أخرى‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي ‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام‪ ،‬ج‬ ‫(‪ (٢‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫‏‪ ،٦‬ص‬ ‫‏‪.٨٢‬‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‬ ‫‏)‪ (٣‬الوزير المهلبي (‪٣٥٢-٢٩١‬ه)‪:‬‏‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.١٢٤‬‬ ‫الحسن بن محمد بن عبد الله بن هارو‪ .‬من ولد المهلب بن‬ ‫أبي صفرة الأزدي‪ ،‬أبو محمد من كبار الوزراء الأدباء الشعراء‪ ،‬اتصل بمعز الدولة بن بويهة‬ ‫فكان كاتبا في ديوانه‪ ،‬ثم استزوده‪ ،‬ولقب بذي الوزارتين‪ .‬وكان من رجال العلم حزمأ ودهاءَ‬ ‫وكرمأ وشهامة‪ .‬وله شعر رقيق‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام ج‬ ‫‪٢٨٣‬‬ ‫‏‪ ،٢‬ص‬ ‫‏‪.٢١٣‬‬ ‫الدولة أحمد بن‬ ‫ومستقر‬ ‫بويها ‏‪ ‘ (١‬وقد صورت‬ ‫العز ‘ وبيضة الملك‬ ‫حالك‬ ‫رجل صدر‬ ‫عدو ‪ 1‬مباينا لعز الدولة ‪ .‬فلا يلقي‬ ‫أن يرد‬ ‫عن‬ ‫حضرته “ و هي د ار‬ ‫حضرة‬ ‫سيرف‬ ‫الخلافة‬ ‫الدولة بن حمد الن ذ وكان‬ ‫أحد ‪ 1‬بمملكته يساويه في صناعته “ وهو‬ ‫النفس‬ ‫ذو‬ ‫الأبية والعزيمة الكسروية‪ ،‬والهمَة التي لو همت بالدهر‪ ،‬لما تصرفت بالأحر ار‬ ‫بالغيب‬ ‫أن‬ ‫أحد ‪1‬‬ ‫صروفه “ؤ و لا د ارت‬ ‫ل‪١‬‏ يستطيع مساجلته “ و ل‪١‬‏ ير ى نفسه كفؤ ‏‪ ١‬له ؤ و ل‪`١‬‏ يضطلع بأ عبائه ‘ فضلا‬ ‫عن‬ ‫التعلق‬ ‫بشيء‬ ‫من‬ ‫معانيك‬ ‫عليهم دو أائلز ‏‪ 6٥‬وتخيل‬ ‫وللرؤَسا ء مد ذاهب‬ ‫الوزير المهلبي‪ .4 ،‬رجما‬ ‫يعظموه‪،‬‬ ‫في تعظيم من‬ ‫بفخمو‪6‬‬ ‫وتفخيم من‬ ‫وربما حالت بهم الحال‪ ،‬وأوشكوا عن هذه الخليقة الانتقال‪ ،‬وتلك صورة الوزير‬ ‫المهلبي في عودة عن ر أيه هذا فيه‪ ،‬ولم يكن هنالك مزية يتميز بها أبو الطيب عن‬ ‫الهجين الجذع من أبناء الأدب فضلا عن العتيق القارح‪ ،‬إلا الشنعر‪ ،‬ولعمري إن‬ ‫أفنانه كانت‬ ‫ومذيعا‬ ‫فره رطبة ‘ ومجانيه عذبة ‘ فنهدت‬ ‫أسر ار ه ‪ .‬وناشر ‪ 1‬مطاويه ‪ .‬ومنتقلاً من‬ ‫له متتبعاً عو ار ه ‘ ومقلما‬ ‫نظمه تسمُحَ فره ‪ .‬ومتحينا‬ ‫أظفاره‪،‬‬ ‫أن تجمعنا‬ ‫دار يشار إلى ربها‪ ،‬فأجري أنا وهو في مضمار‪ .‬يعرف به السابق من المسبوق‪،‬‬ ‫و اللاحق من‬ ‫الملحوق‬ ‫المقصر عن‬ ‫اللحوق “۔ وكنت‬ ‫اذ ذاك ذا سحاب‬ ‫مدر ار ں وزند‬ ‫في كل فضيلة وار‪ ،‬وطبع يناسب صقق العقار‪ .‬إذا وشيت بالحباب‪ ،‬ووشت بها‬ ‫سرائر الأكواب هذا وغدير الصبا صاف ورداؤه ضاف“ وديباجة العيش غخضةة‬ ‫وأرواحه معتلةش وغمائمه منهلة‪ ،‬وللشبيبة شرة‪ ،‬وللإقبال من الدهر غرة‪ ،‬والخيل‬ ‫تجري يوم الرهان بإقبال أربابها‪ ،‬لا بعروقها ونصابها‪ ،‬ولكل امرئ من حظ من‬ ‫مواتاة زمانك‬ ‫يفضي في ظله ألب “۔ ويدرك ‪7‬‬ ‫ويوسع مراد ومذهب ۔ حتى‬ ‫إذا‬ ‫عدت من اجتماعنا عواد من ا لأيام ‪ ،‬قصدت مستقرة‪ ،‬وتحتي بغلة سفواء‪ ،‬تنظر من‬ ‫عيني‬ ‫باز ‪ 0‬وتتشوف‬ ‫تحته غمامة‬ ‫بمشڵ‬ ‫قادمتي نسر ‪ 4‬وهي‬ ‫مركب‬ ‫ر ائع ‘ كأنني كوكب۔‬ ‫وقاد من‬ ‫يقتادها زمام الجنوب‪ ،‬وبين يدي عدة من الغلمان الرأوقة‪ ،‬يتهافتون‬ ‫‏(‪ (١‬معز الدولة أحمد بن بويه (‪)٣٥٦-٣٠٢٣‬ه‪:‬‏‬ ‫أحمد بويه بن فناخسروا بن تمام۔ من‬ ‫سلالة‬ ‫سابور ذي الأكتاف الساساني‪ .‬أبو الحسن‪ ،‬معز الدولة ملك من ملوك بني بويه في العراق‪،‬‬ ‫فارسي الأصل مستعرب‪ ،‬كان في أول أمره يحمل الحطب هلى رأسه‪ ،‬ثم ملك هو وأخوه اعماد‬ ‫الدولة" و'ركن الدولة" البلاد‪ ،‬توفي ببغداد سنة ‏‪ ٣٥٦‬ه ودفن في مقابر قريش‪ .‬كان حديدا سريع‬ ‫الغضب بذيء اللسان يكثر سب وزارته والمحتشمين من حشمه ويفتري عليهم‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪،‬‬ ‫خير الدين‪ :‬الأعلام‪ ،‬ج‬ ‫‏‪ .١‬ص‬ ‫‏‪.١٠٥‬‬ ‫‪٢٨٤‬‬ ‫تهافت الدر عن أسلاله‪ .‬ولم أورد هذا متبجحأ ولا متكبرأ بذكره[‪،]٧٢٦‬‏ بل ذكرته‪.‬‬ ‫لأن أبا الطيب شاهد جميعه في الحال‪ ،‬ولم ترعه روعته‪ ،‬ولا استعطفه زبرجه‪ ،‬ولا‬ ‫زادته تلك الجملة الجميلة‪ ،‬التي مات طرفه وقلبه‪ ،‬إلا عجبا بنفسه‪ ،‬وإعراضأً عني‬ ‫بوجهه وكان قد أقام هناك سوقا عند إغيلمه‪ ،‬لم ترضهم العلماء‪ ،‬ولا عركتهم رحى‬ ‫النظراء‪ ،‬ولا أنضوا أفكارأ في مدارسة الأدب“ ولا فرقوا بين حلو الكلام ومره‬ ‫وسهله ووعره‪ ،‬وإنما غاية أحدهم مطالعة شعر أبي تمام وتعاطى الكلام على نبذ‬ ‫من معانيك وعلى‪ ,‬ما نقلت الرواة مما يجوز فيه فألفيت هناك فيه تأخذ عنه شيئا‬ ‫من شعره فحين أذن بحضوري» واستؤذن عليه لدخولي‪ ،‬نهض عن مجلسه‬ ‫مسرعا‪ .‬ووارى عني شخصه مستخفيأ‪ ،‬وأعجلته ناز لا عن البغلةك وهو يراني‬ ‫لانتهائي بها إلى حيث أخذها طرفة ودخلت فأعظمت الجماعة قدري‪،‬‬ ‫و أجبلستني‬ ‫في مجلسه‪ .‬فإذا تحته أخلاق عباة‪ ،‬قد ألحت عليه الحوادث‪ ،‬فهي رسوم داثرةة‬ ‫وأسلاك متناثرةة فلم يكن الأمر إلآ ريثما جلست فأتانا‪ ،‬فنيضت‪ ،‬فوفيته حق السلام‬ ‫غير مشاح له في القيام‪ ،‬لأنه إنما اعتمد بنهوضه عن الموضع‪ ،‬ألا ينهيضوا إلي‪.‬‬ ‫والغذض في لقائه غير ذلك‪ ،‬وحين لقيته‪ ،‬تمثلت بقول الشاعر ()‪:‬‬ ‫ولكن الهوى منع القرار‪)"٫‬‏‬ ‫وفي المشي إليك علي عار‬ ‫فتمثل بقول الشاعر‪:‬‬ ‫تشقى الرجال ويشقى آخرون بهم‬ ‫ويسعد الله أقواما بأقوام‬ ‫كالصيد يحرمه الرامي المجيد وقد‬ ‫يرمي فيحرزه من ليس بالرامي(")‬ ‫وإذا به لابس سبعة أقبية لكل قباء منها لون‪ ،‬وكنا في غرة القيظ وجمرة الصيف‬ ‫في يوم‬ ‫تكاد‬ ‫دو امغ‬ ‫الهامات ‏‪ ٢‬ل‬ ‫فره ‘ فجلست مستوفز ‪3‬‬ ‫وجلس محتفز ‏‪ ١‬ص و أعرض‬ ‫عني لاهيأ‪ ،‬وأعرضت ساهيا ‪ ،‬أَؤنب نفسي في قصده واستخف رأيها في ملاقاته‬ ‫)‪ (١‬ابن خلكان‪ ،‬شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان ‪ 4‬ج‪ ،٤‬ص‪‎‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.٣٦٤‬‬ ‫)‪ (٣‬المصدر نفسك‪ ،‬صل‪‎‬‬ ‫‪.٢٦٥‬‬ ‫)‪ (٢‬المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫‪٢٨٥‬‬ ‫‪.٣٦٤‬‬ ‫بغير هيئة‪ ،‬ثابتا عطفه‪ .‬لا يعيرني طرفه‪ ،‬وأقبل على الزعنفة التي بين يديه وكل‬ ‫يومي إليه ويوحي بلحظه‪ ،‬ويشير إلى مكاني بيده‪ ،‬يوقظه من تيهه وجهله‪ ،‬ويأبى‬ ‫إلا إزوارا وعتوا واستكبارا۔ ثم رأى أن يثني جانبه إلي ويقبل بعض الإقبال علئ‪.‬‬ ‫فأقسمت بالوفاء والكرم‪،‬‬ ‫فإنهما من محاسن القسم أنه لم يزد علئ أن قال‪ :‬ايش‬ ‫خبرك‪ ،‬فقلت‪ :‬بخير أنا ‪ 4‬لو لا ما جنيته على نفسي من قصدك‬ ‫من ميسم‬ ‫ر أيي من‬ ‫الذل بزيارتك ۔ وجشمت‬ ‫ووسمت به قدري‬ ‫السعي إلى ملك ۔ ممن لم تهذبه تجربة ‘‬ ‫ولا أدبته بصيرة‪ .‬ثم تحدرت عليه تحدر السيل إلى قرارة الوادي‪ ،‬وقلت له‪ :‬أبن لي‬ ‫مما تيهك وخيلاعءك وكبرياؤك وعجبك؟ وما الذي يوجب ما أنت عليه من هذا‬ ‫الذ هاب‬ ‫بنفسك “ و الرمي بهمتك ‘‬ ‫حبث‬ ‫الى‬ ‫يقصر‬ ‫عنه با‬ ‫عمك ؤ و ل‪`١‬‏ تطول‬ ‫اليه‬ ‫ذراعك؟ هل هاهنا نسب انتسبت إلى المجد به؟ أو شرف علقت بأذياله؟ أو سلطان‬ ‫سلطت‬ ‫بع ‏‪١‬ر ‪ ٣٥‬أو‬ ‫علم تقع‬ ‫‏‪ ١‬لإشارة‬ ‫إليك‬ ‫به؟‬ ‫إنك‬ ‫لو قدرت‬ ‫على‬ ‫نفسك‬ ‫بقدر هاا‬ ‫أو‬ ‫وزنتها بميزانها‪ ،‬لم يذهب بك التيه مذهبا‪ ،‬لما غدوت أن تكون شاعرا مكتسبأ‬ ‫فامتقع بلونه ۔‬ ‫و غص‬ ‫بريقه ّ وجعل‬ ‫يكثر في‬ ‫الاعتذ ار ۔ ويرغب‬ ‫في الصفح‬ ‫والاغتفار‪ ،‬ويكرر الأيمان أنه ليمنثني‪ ،‬ولا اعتمد التقصير بي‪ ،‬فقلت‪ :‬يا هذا‪ ،‬إن‬ ‫قصدك شريف في نسبه تجاهلت نسبه‬ ‫أو عظم في أدبه‪ ،‬أو متقدم عند سلطانك‬ ‫خفضت منزلته فهل المجد لك تراث دون غيرك؟ كلا والله‪ ،‬ولكنك مددت الكبر‬ ‫سترأ على نقصك“ وضربته رواقأ حائلا دون مباحثتك“ فعاود الاعتذار‪ ،‬فقلت‪ :‬لا‬ ‫عذر لك مع الإصرار‪ .‬وأخذت الجماعة في الرغبة إلى مياسرته‪ ،‬وقبول عذره‬ ‫واستعمال الأناة التي تستعملها الحزمة عند الحفيظة‪ ،‬‏[‪ ]٢٢٧‬وأنا على شاكلة واحدة‬ ‫في تقريعه وذم خليقته‪ ،‬وهو يؤكد القسم‪ ،‬أنه ليس يعرفني معرفة ينتهز معها‬ ‫الفزصة في قضاء حقي۔ فأقول‪ :‬ألم أستأذن عليك باسمي ونسبي؟ أما كان في هذه‬ ‫الجماعة من كان يعرفني‪ ،‬لو كنت جهلتني؟ وهب أن ذلك كذلك لك‪ ،‬ألم ترَ شارتي؟‬ ‫أسا شممت عطر نشرى؟ ألم أتميز في نفسك عن غيري؟ وهو في أثناء ما أخاطبه‬ ‫وقد مات سمعه تأنيبأ وتفنيداًێ يقول‪ :‬خفض عليك» أكفف عن غربكس اردد من‬ ‫‪٢٨٦‬‬ ‫سورتك‪ ،‬استأن‪ ،‬فإن الأناة من شيم مثلك‪ ،‬فأصحب حينئذ جانبي له‪ ،‬ولانت عريكتي‬ ‫في يده‪ ،‬واستحييت من تجاوز الغاية التي انتهيت إليها في معاتبته‪ ،‬وذلك بعد أن‬ ‫رأضنتة رياضة الصعب من الإبل‪ ،‬وأقبل عل ممعظما‪ ،‬وتوسع في تقريظي مفخما۔‬ ‫وأقسم أنه ينازع منذ ورد العراق ملاقاتي‪ ،‬ويعد نفسه بالاجتماع معي‪ ،‬ويسوفها‬ ‫التعلق بأسباب مودتي‪ .‬فحين استوفى القول في هذا المعنى‪ ،‬استأذن عليه فتى من‬ ‫فتيان الطالبيين الكوفيين‪ ،‬فأذن لهف فإذا حدث مرهف الأعطاف تميل به نشوة‬ ‫الصبى‪ ،‬فتكلم‪ ،‬فأعرب عن نفسهء فإذا لفظ رخيم ولسان حلو وأخلاق فكهة وجواب‬ ‫حاضر‬ ‫وثغر باسم‪ ،‬فيه أناة الكهول‪ ،‬ووقار المشايخ‪ .‬فأعجبني ما شاهدته من‬ ‫شمائله‪ ،‬وملكني ما تبينته من فضله فجاراه أبيات‪ .‬ومن هاهنا كان افتتاح الكلام في‬ ‫إظهار سرقاته‪ ،‬ومعايب شعره‪ ،‬وقد طال الكلام لكنه لزم بعضه بعضأ‪ ،‬فما أمكن‬ ‫قطعه‪.‬‬ ‫وهذه الرسالة تشتمل على فوائد جمة‪ ،‬فإن كان كما ذكر أنه أبان له جميعها في‬ ‫ذلك المجلس‪ ،‬فما هذا إلا اطلاع عظيم‪ ،‬وقد سماها "الموضحة"‪ ،‬وهي كبيرة‪ ،‬تدخل‬ ‫في اثنتي عشرة كراسة‪ ،‬شهدت لصاحبها بالفضل الباهر‪ ،‬مع سرعة الاستخضار‪،‬‬ ‫وإقامة الشاهد‪ .‬وله كتاب "حلية المحاضرة"‪ ،‬يدخل في مجلدين‪ ،‬وفيه أدب كثيرة‬ ‫أيضا ‪ .‬وتوفي الحاتمي المذكور يوم الأربعاء‪ ،‬لثلاث بقين من شهر ربيع الآخر سنة‬ ‫ثمان وثمانين وثلاثمائة وذكر عن الحاتمي المذكور أنه اعتل‪ ،0‬فتأخر عن مجلس‬ ‫شيخه أبي عمر الزاهد" المذكور في أول هذه الترجمة‪ ،‬فسأل عنه‪ .‬فقيل إنه‬ ‫مريض فجاء يعوده فوجده قد خرج الحمام‪ ،‬فكتب على بابه باسفيداج(")‪:‬‬ ‫( أبو عمر الزاهد (غلام ثعلب) (‪)٣٤٥-٢٦١‬ه‏ ‪ :‬هو محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم‪ ،‬أبو عمر الزاهد المطرز‬ ‫البارودي‪ ،‬المعروف بغلام ثعلب‪ ،‬أحد أئمة اللغة‪ ،‬المكثرين في التصنيف‪ .‬كانت صناعته تطريز الثياب‪ ،‬نسبته إلى‬ ‫باورد (و هي أبيورد بخراسان) صحب ثعلبا النحوي زمانا حتى لقب "غلام ثعلب" توفي في بغداد سنة‬ ‫‏‪ ٣٤٥‬ه‬ ‫له‬ ‫مؤلفات كثيرة منها‪" :‬الياقوتة" و "تفسير أسماء الشعراء" و"المدخل" في اللغة‪ ،‬و"يوم وليلة" و"أخبار العرب"‪ .‬انظر‪ :‬ابن‬ ‫خلكان‪ ،‬شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪،٤‬‏ ص‬ ‫)‪ (٢‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫‏‪.٣٣٣-٣٢٩‬‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪ ‘“٤‬ص‪‎‬‬ ‫‪٢٨٧‬‬ ‫‪.٣٦٧-٣٦٦-٣٦٥‬‬ ‫عليل يزار فلايوجذ‬ ‫وأعجب شيء سمعنا به‬ ‫والحاتمي‪ ،‬بفتح الحاء المهملة‪ ،‬وبعد الألف تاء مثناة من فوقها مكسورة‪ ،‬وبعدها‬ ‫ميم‪ ،‬وهذه النسبة إلى بعض أجداده‪ ،‬والله سبحانه وتعالى أعله('أ‪.‬‬ ‫وقد تكررت هذه الترجمةة لوقوع الشهود والنسيان‪ ،‬لما أنا فيه من الشأن الباهظ‬ ‫للجنان‪ ،‬والله المستعان ولله در القائل‪ :‬ولو شغلنا لما حفظنا مسألة‪.‬‬ ‫ابن هانئ الأندلسي‪:‬‬ ‫ويكنى أبا الحسن ۔ محمد‬ ‫هانئ‬ ‫بن‬ ‫المغربي ‏‪ ١‬لأندلسي ‏‪ ١‬لاز د ي “۔ الشا عر المشهور ‘‬ ‫وكان أشعر أهل المغرب في زمانه فمن شعره في وصف الخيل‪ .‬وهو معنى‬ ‫غريب‬ ‫ما أخال سبقه عليه أحد ‏(‪: )٢‬‬ ‫وصواهل لا الهيضب يوم مغار ها‬ ‫جنب‬ ‫وما‬ ‫الحمام‬ ‫لهن‬ ‫هضب ولا البيد الحعزون حزون[‪]٧٢٨‬‏‬ ‫و حا‬ ‫قو ادم‬ ‫الرب‬ ‫ود‬ ‫وماأللهر‬ ‫وكون‬ ‫ولهن من ورق الجبين حسن‬ ‫ولهن من مقل الظباء شفون‬ ‫فكأنما تحت الغبار كواكب‬ ‫وكأنما تحت الحديد دجون‬ ‫عرفت بساعة سبقها لا أنها‬ ‫علقت بهايوم الرهان عيون‬ ‫و أجل‬ ‫علم‬ ‫فره ا‬ ‫البرق‬ ‫مرت‬ ‫أليا‬ ‫بجانحتِبهو هي‬ ‫ظنون‬ ‫‏(‪(٣‬‬ ‫وأما قصيدته الرائية التي مطلعها‪:‬‬ ‫فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر‬ ‫أ المصدر نفسه‪ ،‬ص‬ ‫وأمدكم فلق الصباح المسفر ()‬ ‫‏‪.٣٦٧‬‬ ‫"ا المصدر نفسه ص ‪٤٢١‬۔‏‬ ‫)‪ (٣‬انظر ‪ :‬الحموي‪،‬‬ ‫ياقوت‬ ‫)( المصدر نفسه‪‎‬‬ ‫‪.٤٦٩‬‬ ‫بن‬ ‫عبد‬ ‫الله‪:‬‬ ‫معجم الأدباء‪،‬‬ ‫ج‪٥‬‬ ‫“‘ ص‪‎‬‬ ‫‪٢٨٨‬‬ ‫‪٩٤٤٧٤‬‬ ‫فإنه سار بها المش في البلاد‪ ،‬مسير قصيدة امرؤ القيس بن حجر قفا نبكي‪‘،‬‬ ‫وما‬ ‫أخال أحدا يقدر أن يساجله‪ ،‬فيها وفي هذا النموذج دلالة على علو درجته وحسن‬ ‫طريقته‪ .‬وديوانه كبير‪ .‬ولولا ما فيه من العلو في المدح‪ ،‬والإفراط المفضي إلى‬ ‫الكفر‪ ،‬لكان من أحسن الدواوين‪ ،‬وليس في المغاربة من هو في طبقته‪ .‬لامن‬ ‫متقدميهم ولا متأخريهم‪ ،‬بل هو أشعرهم على الإطلاق‪ ،‬وهو عندهم كالمتنبي عند‬ ‫المشارقة وكانا متعاصرين‪ ،‬وإن كان في المتنبي مع أبي تمام من الاختلاف ما‬ ‫فيه(')‪.‬‬ ‫قال ابن خلكان في وفيات الأعيان‪ :‬وما زلت أطلب تاريخ وفاة ابن هانئ المذكور‬ ‫في التواريخ التي يطلب منها‪ ،‬فلم أجد‪ ،‬وسألت عنه خلق كثيرأ من مشايخ هذا‬ ‫الشأن فلم أجده‪ ،‬حتى ظفرت به في كتاب لطيف“ لأبي علي الحسن بن رشيق‬ ‫القيرواني("أ‪ ،‬سماه "قراضة الذهب"۔ فألفيته كما هو مذكور هنا‪ ،‬ونقلت من غيره من‬ ‫موضع آخر‪ .‬رأيت بعض الأفاضل قد اعتنى بأحواله‪ ،‬فجمعها‪ ،‬وكتبها في أول‬ ‫ديوانه وذكر مدة عمره‪ ،‬ولم يذكر تاريخ الوفاة لأنه ما عثر عليه‪ .‬ويقال أن أبا‬ ‫العلاء المعري إذا سمع شعر ابن هانئ‪ ،‬قال‪ :‬ما أشبهه‪ ،‬إلا بالرحى تطحن قرونا‪.‬‬ ‫لأجل القعقعة التي في ألفاظه‪ ،‬ويزعم أنه لا طائل تحت تلك الألفاظ ولعمري ما‬ ‫أنصفه في هذا المقال‪ ،‬وما حمله على هذا‪ ،‬إلأ فرطه وتعصبه للمتنبي‪ .‬وبالجملة‪.‬‬ ‫فما كان إلا من المجيدين في النظم‪ ،‬والله أعلم؟ قلت‪ :‬وأكثر أهل العلم بالسير‪ ،‬أنه‬ ‫(‪ (١‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪٤‬۔ ص‪‎‬‬ ‫‪.٤٢٤‬‬ ‫"ا الحسن بن رشيق القيرواني (‪)٤٦٣-٣٩٠‬ه‏ ‪ :‬الحسن بن رشيق القيرواني‪ ،‬أبو علي‪ ،‬أديبة‬ ‫نقاد‪ ،‬باحث‪ ،‬كان أبوه من موالي الأزد‪ ،‬ولد في المسيلة في المغرب‪ ،‬وتعلم الصياغة‪،‬۔‪ ،‬ثم مال إلى‬ ‫الأدب‪ ،‬وقال الشعر‪ ،‬فرحل إلى القيروان سنة ‪٤٠٦‬ه‏ ومدح ملها‪ ،‬وحدثت فتنة فانتقل إلى‬ ‫جزيرة صقلية‪ ،‬وأقام بمازر إلى أن توفي سنة ‏‪ ٤٦٣‬ه‪ .‬له مؤلفات كثيرة منها‪" :‬العمدة في‬ ‫صناعة الشعر" و'قراضة الذهب" في النقد‪ ،‬و"الشذوذ في اللغة" و'نموذج الزمان في شعراء‬ ‫القيروان" و"ديوان شعره"‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام ج‬ ‫‪٢٨٩‬‬ ‫‏‪ ،٢‬ص‬ ‫‏‪.١٩١‬‬ ‫توفي في سنة خمسين وثلاثمائة وقيل غير ذلك‪ ،‬والله أعلم‪ .‬ومن غرار قصائده‬ ‫قصيدته الطائية‪ ،‬التي مدح بها المعز بقوله')‪:‬‬ ‫ألؤلؤة دمع هذا الغيث أم نقط‬ ‫ما كان أحسنه لو كان بلتقط‬ ‫بين السحاب وبين الريح ملحمة‬ ‫قعاقع وظبى في الجو‬ ‫تخترط‬ ‫كأنه ساخط يرضى على عجل‬ ‫فما يدوم رضى منه ولا سخط"ا‬ ‫ولما أراد التخلص" قال‪:‬‬ ‫والريح تبعث أنفاسأً معطرة‬ ‫مثل العبير بماء الورد يخ تلط‬ ‫كأنما هي أنفاس المعز سرت‬ ‫لا شبهة للندى فيها ولا غلط‬ ‫تالله لو كانت‬ ‫ا لأنو اح تشبهه‬ ‫ما مر بؤس‬ ‫على الدنيا ولا قنط"ا‬ ‫ومن نفائس قصائده أيضا‪ ،‬القصيدة التي مدح بها ابراهيم بن جعفر بن علي‪ ،‬قوله‬ ‫في مطلعها‪:‬‬ ‫ألن أفقها ذاك السنا وتألقته‬ ‫يؤرقنا لو ان وجدايؤرقه‬ ‫وما انفك مجتازً من البرق لا مع‬ ‫يشوقنا تلقاء من لا يشواقه‘)‬ ‫ولما أراد التخلص قال‪:‬‬ ‫أقول لسباق إلى أمد العلى‬ ‫لسعيك أبطا عن لحاق ابن جعفر‬ ‫(‪ (١‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫بحيث تناهى والمَشق مرهقه‬ ‫وسعي‬ ‫جهول‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان ‪ 4‬ج‪ ،٤‬ص‪‎‬‬ ‫"ا ديوان ابن هانئ الأندلسي‪ ،‬دار صادر بيروت‪ ،‬لبنان‪١٩٦٤ ،‬م‪،‬‏ ص‬ ‫"( المصدر نفسه ص‬ ‫)( المصدر نفسه ص‬ ‫ظلنر‬ ‫ألك لحقه‬ ‫‏‪.١٨٥‬‬ ‫‏‪.٢٢٢‬‬ ‫‏‪.١٨٤‬‬ ‫‪.٤٢٤‬‬ ‫لعلك مود أن تقاذنف شأوه‬ ‫وقال‬ ‫إلى أمد أعيا عليك تعلقه"'ا‬ ‫في الغزل ‪:‬‬ ‫ليها لك النعسى علي فأنعمي‬ ‫لله موقف‬ ‫ومعشق‬ ‫عاشق‬ ‫وبرئت من حرج السلام فسلمي ‏[‪]٧٢٩‬‬ ‫من‬ ‫ظالم‬ ‫‪7‬‬ ‫ومن‬ ‫متظلم‬ ‫باارلت موطئ نعله حتى إذا‬ ‫عفرت خدي فيالثرى المتنستم‬ ‫اعل من وجناته فأجال في‬ ‫صحن العقيق جداولأا من عندم‬ ‫أجرى على ذهبيّهيا عصبيها‬ ‫ودنا لسفك دمي بورد من دم( (‬ ‫جميل بثينة‪:‬‬ ‫أبو عمر‪ ،‬جميل بن عبد الله بن معمر بن صباح (بضم الصتاد) بن ظبيان بن حن‬ ‫(بضم الحاء المهملة وتشديد النون) بن ربيعة بن حرام بن ضبة بن عبد بن كثير بن‬ ‫عذره بن سعد بن هذيم بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة بن‬ ‫مالك بن حميد‪ .‬الشاعر المشهور‪ ،‬صاحب بثينةظ أحد عشاق العرب‪ .‬عشقها وهو‬ ‫غلام‪ ،‬فلما كبر‪.‬خطبها فرد عنها‪ ،‬فقال الشعر فيها‪ ،‬وكان يأتيها سرأ للحديث‬ ‫والمفاكه والزيارة‪ ،‬لا لشيء سوى ذلك‪ ،‬وذلك في وادي القرى وديوان شعره‬ ‫مشهور ذكره الحافظ بن عساكر في تاريخ دمشق وقال‪ :‬قيل له‪ :‬لو قرأت القر آن۔‬ ‫كان أعود عليك من الشعرة‬ ‫فقال‪ :‬هذا أنس بن مباركة أخبرني أن رسول‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬قال‪" :‬إن من الشعر لحكمة""ا‪.‬‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٢٢٣‬‬ ‫ص‬ ‫‏‪.٣٧‬‬ ‫‏(‪ (٢‬المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫‏)‪ (٣‬ابن خلكان۔‪ ،‬شمس‬ ‫الدين‬ ‫أحمد بن محمد بن أبي بكر ‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج ‏‪ 6١‬صل‬ ‫‪٢٩١‬‬ ‫‏‪.٣٦٦‬‬ ‫الل‬ ‫قدم جميل مصر‬ ‫فأحسن‬ ‫على عبد العزير بن مرو الن ممتدحا لك‬ ‫جائزتكظ‬ ‫حبه‬ ‫وسأله عن‬ ‫بثينة‬ ‫فأذن له ‪ 4‬وسمع‬ ‫في‬ ‫فذكر وجدا ‘ فوجده‬ ‫أمر هاا‬ ‫مدائلحه‬ ‫وأمر له‬ ‫بالمقام‪ ،‬وأمر له بمنزل وما يصلحه فما أقام إلا يسيرأ‪ ،‬حتى مات هناك‪ ،‬فيى سنة‬ ‫اثنين‬ ‫وثمانين ‘ ولما حضرته‬ ‫الوفاة‬ ‫فأنشد شعرا ‪:‬‬ ‫بكر النعي وماكنى بجميل‬ ‫وثوى بمصر ثوى بغير قنول‬ ‫ولقد أجر البرد في وادي القرى‬ ‫نشوان بين مزارع ونخيل‬ ‫قومي بثينة واندبي بعويل‬ ‫وابكي خليلك دون كل خليل‬ ‫الوزير المهلبي‪:‬‬ ‫قالوا‪ :‬إن المهلبي‪ .‬أبو محمد‪ .‬الحسن بن محمد بن هارون بن إيراهيم بن عبد الله بن‬ ‫يزيد بن حاتم بن قبيصة المهلبية الوزير الشاعر‪ .‬من ولد قبيصة بن المهلب بن‬ ‫أبي صفرة الأزدي‪ ،‬كان وزير معز الدولة أبي الحسين أحمد بن بويه الديلمي‪ ،‬تولى‬ ‫وزارته يوم الاثنين لثلاث بقين من جمادي الأولى‪ ،‬سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة‪.‬‬ ‫وكان من ارتفاع القدر واتساع الصدر‪ ،‬وعلو الهمة‪ ،‬وفيض الكفة على ما هو‬ ‫مشهور به‪ ،‬وكان غاية في الأدب والمحبة لأهله‪ .‬وكان قبل اتصاله بمعزً الدولة في‬ ‫شدة عظيمة من الضرورة والضائقة‪ ،‬وكان قد سافر مدة‪ ،‬ولقى في سفره مشقة‬ ‫صعبة‪ ،‬فاشتهى اللحم‪ ،‬فلم يقدر عليه‪ ،‬فقال("‪:‬‬ ‫ألاموت يباع فأشتريه‬ ‫أ لا موت‬ ‫لذرذ‬ ‫اذ ا أبصرت‬ ‫‪1‬‬ ‫الطعم يأتي‬ ‫قبر أ من‬ ‫رزحم المهيمن‬ ‫(‪ (١‬المصدر‬ ‫نفسه‪،‬ج‬ ‫فهذا العيش مالا خير فيه‬ ‫‪19‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫يخلصني من‬ ‫بعرد‬ ‫نفس‬ ‫وذ دت‬ ‫أ‬ ‫تصذة‪٦‬ق‏‬ ‫خر‬ ‫‪.١٢٤‬‬ ‫‪٢٩٢‬‬ ‫و‬ ‫أنة‬ ‫بالو ذ‬ ‫العيش الكرره‬ ‫ي‬ ‫‏‪ ٥ ١‬ح‬ ‫مه‬ ‫ى‬ ‫ا بلد‬ ‫‪4‬‬ ‫أخر‬ ‫‪4‬‬ ‫وكان معه رفيق‪ ،‬فلما سمع هذه الأبيات‪ ،‬اشترى لحما وطبخه۔ فأطعمه‪ ،‬وتفارقا‪.‬‬ ‫وتنقلت بالمهلبي الأحوال‪ ،‬وتولى الوزارة ببغداد المعز الدولة المذكور‪ ،‬وضاق‬ ‫الحال برفيقه في السفر‪ ،‬الذي اشترى له اللحمة‪ ،‬وبلغه وزارة المهلبي‪ ،‬فقصده‬ ‫وكتب إليه شعر أ(')‪:‬‬ ‫مقالة مذكر ماقدنسيه‬ ‫ألاقل للوزير فدته نفسي‬ ‫فلما وقف عليها‪ ،‬تذكره‪ ،‬وهزته أريحيًة الكرم‪ ،‬فأمر له في الحال بسبعمائة درهم‬ ‫ووقع في رقعته ثمثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع‬ ‫سنابل في كل سنبلة مائة حبة ‏[‪ ]٢٣٠‬والله يضاعف لمن يشاء“»("أ‪ ،‬ثم دعاه‪ ،‬فخلع‬ ‫عليه‪ ،‬وقلده عملا يتفق به‪ ،‬ولما ولي المهلب الوزارة‪ ،‬بعد تلك الإضافة عمل هذه‬ ‫الأبيات( ‪.‬‬ ‫رق الزم‬ ‫فأل‬ ‫ان لذ‬ ‫فاألصفحن‬ ‫‪7‬‬ ‫اقتي‬ ‫الي مارأرتجي‬ ‫ا‬ ‫‏‪7.٦٢‬‬ ‫جنات‬ ‫‪4‬‬ ‫اا المصدر نفسه ج‪،٦٢‬‏ ص‬ ‫)"( المصدر نفسه ص‬ ‫ورثی لطول تحرق ي‬ ‫‪7‬‬ ‫ه‬ ‫‪7‬‬ ‫‏‪٥ ١‬‬ ‫‏‪٨١‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪١‬‬ ‫صد‬ ‫‏‪.١٢١٥-١٢٣٤‬‬ ‫‏‪.١٢٥‬‬ ‫"( سورة البقرة الآية ‏‪.٢٦١‬‬ ‫)( المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.١٢٥‬‬ ‫)( المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.١٢٥‬‬ ‫‪٢٩٢٣‬‬ ‫اد عم‬ ‫‪( ٠١‬‬ ‫‏‪ ٩‬خ‬ ‫أأ‬ ‫اأہ[‬ ‫ا أ‬ ‫‏‪ ٦‬نوب‬ ‫‏‪ ٣‬؛ے‬ ‫أ‬ ‫‏‪ ٣‬ة‬ ‫بمفغرفي‬ ‫(‬ ‫و له أإضا ‪:‬‬ ‫_‬ ‫قال لي من أحب والبين قد ‪+‬‬ ‫‏‪ ٥‬وفي مهجتي لهيب الحريق‬ ‫ما الذي في الطريق تصنع بعدي‬ ‫قلت أبكي عليه طول الطريق")‬ ‫ومن‬ ‫المننيبوب‬ ‫اليه من‬ ‫وقت ‏‪ ١‬لإضافة ذ ماكتبه الى بعض‬ ‫الشعر في‬ ‫وقيل ‪:‬‬ ‫الرؤّسا ح‪.‬‬ ‫إنها لأبي النواس‪ ،‬والله أعلم‪:‬‬ ‫ولو أني أستزدتك فوق ما بي‬ ‫من البلوى لأعوزك المزيد‬ ‫ولو عرضت على المولى حياة‬ ‫بعيش مش عيشي لم يريدو")‬ ‫قال ابن اسحاق‪ :‬كنت يومأ عند الوزير المهلبي فأخذ ورقة‪ ،‬وكتب فيها شعرا‪:‬‬ ‫له يد‬ ‫برعت‬ ‫جود‬ ‫ومنطق درة‬ ‫‏‪ ١‬بنائلها‬ ‫في‬ ‫وفي أناملها‬ ‫فحاتم كامن في بطن راحته‬ ‫الظلرس‬ ‫ينتثرُ‬ ‫سحبان مستتر"‬ ‫وكان لمعز الدولة مملوك تركي في غاية الجمال‪ ،‬وكان شديد المحبة له‪‘،‬‬ ‫فبعث‬ ‫سرية لمحاربة بني حمدان‪ ،‬وجعل المملوك بالوزير المذكور يتقدم الجيوش‪ .‬وكان‬ ‫الوزير المهلبي يستحسنه‪ ،‬ويرى أنه من أهل الهوى‪ ،‬لا من مدد الوغى‪ ،‬فعمل فيه‬ ‫‪,‬‬ ‫)‪٤‬‬ ‫سعر | ) ( ‪:‬‬ ‫طفل‬ ‫يرق‬ ‫ويكاد من‬ ‫الم‬ ‫شبه‬ ‫(‪ (١‬المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.١٥‬‬ ‫(‪ (٢‬المصدر‬ ‫نفساف‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.١٥‬‬ ‫ا ح‬ ‫ذ‬ ‫ي‬ ‫العذا‬ ‫جنباته‬ ‫ويرق‬ ‫رى فيه‬ ‫أن تبدو نه وده‬ ‫"ا ابن خلكان‪ ،‬شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪ ،٦٢‬ص‪‎‬‬ ‫)( المصدر نفسه ص‪‎‬‬ ‫‪.١٢٦‬‬ ‫‪٢٩٤‬‬ ‫عود‬ ‫‪.١٢١٦‬‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫اطوا‬ ‫"‬ ‫ر‬ ‫‪٩‬‬ ‫د ح‬ ‫ه‬ ‫؟‬ ‫جعا‪‎‬‬ ‫‪.1‬‬ ‫م‬ ‫بمقع‬ ‫‪٥‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫صر‬ ‫ه‪٥‬‏‬ ‫ندد‬ ‫سكر‬ ‫وكذ ‏‪ ١‬كان ‘ فانه ما أنجح في‬ ‫يفا‬ ‫ضاع‬ ‫ظلك الحركة “۔ وكانت‬ ‫‪4‬‬ ‫ومنطة‬ ‫وده‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫الرعيل ومن‬ ‫المر ة عليهم ۔ ومن‬ ‫يقوده ‏‪(١‬‬ ‫النادر في‬ ‫شعره‬ ‫الرقة قوله‪:‬‬ ‫تصارمت‬ ‫فما نلتقي الا على عبرة تجر ي ‏(‪)٢‬‬ ‫ا لأجفان لما صرمتني‬ ‫ومحاسن الوزير المهلبي كثيرة‪ .‬وكانت ولادته ليلة الثلاثاء‪ ،‬لأربع بقين من المحرم‬ ‫سنة‬ ‫احد ى‬ ‫وتسعين ومائتين‬ ‫وثلاثمائة في طريق و اسط‬ ‫بالبصر ة‬ ‫وحمل‬ ‫وكانت‬ ‫وفاته في‬ ‫سنة‬ ‫اتين‬ ‫إلى بغد أد مستهل شهر رمضان‬ ‫وخمسين‬ ‫من‬ ‫السنة‬ ‫المذكورة‪ ،‬ودفن في مقابر قريش‪ .‬والمهلبي (بضم الميم‪ ،‬وفتح الهاء‪ ،‬وتشديد اللام‬ ‫المفتوحة‪ ،‬وبعدها باء موحدة) هذه النسبة إلى المهلب المذكور أولا بها")‪.‬‬ ‫بهاء الدين زهير‪:‬‬ ‫أبو الفضل‪ ،‬زهير بن محمد بن علي بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن منصور بن‬ ‫عاصم المهلبي العتكي‪ ،‬الملقب بهاء الدين الكاتب‪ ،‬من فضلاء عصره‪ ،‬وأحسنهم‬ ‫نظما ونثرأ وخطا‪ ،‬ومن أكثرهم مروءة‪ ،‬وكان قد اتصل بخدمة السلطان الملك‬ ‫الصالح أبي الفتح أيوب""أ بن السلطان الملك الكامل بالديار المصرية‪ ،‬وتوجه في‬ ‫‏(‪ )١‬المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‬ ‫‏‪.١٦‬‬ ‫)"( المصدر نفسه ص ‏‪.١٢٦‬‬ ‫"ا ابن خلكان‪ ،‬شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج‪،٦٢‬‏ ص‬ ‫‏‪.١٢٦‬‬ ‫"ا الملك الصالح (‪)٦٤٧-٦٠٣‬ه‏ ‪ :‬أيوب (الملك الصالح) بن محمد (الملك الكامل) بن أبي بكر‬ ‫(العادل)‬ ‫بن‬ ‫أيوب‪،‬‬ ‫أبو الفتوح‬ ‫بعد خلع أخيه (العادل)‬ ‫سنة‬ ‫نجم الدين “ من‬ ‫كبار ملوك‬ ‫‏‪ ٣٧‬‏ےه‪ ٦‬وضبط‬ ‫وفي أو اخر أيامه أغار الإفرنج على دمياط سنة‬ ‫وكان الصالح‬ ‫الدولة‬ ‫الأيوبيين ش ولد ونشأ في القاهرة‪.‬‬ ‫بحرم‪6‬‬ ‫وكان‬ ‫شجاعا‬ ‫مهيبا۔‬ ‫‏‪ ٤٧‬‏۔ه‪ ٦‬واحتلوهاا وأصاب‬ ‫غائبا في دمشق‪ ،‬فقدم ونزل أمام الفرنج وهو مريض بالسل‬ ‫عفيفاً صموتا‪.‬‬ ‫البلاد ضيق‬ ‫الأعلام‪،‬‬ ‫ج‬ ‫‏‪ ٢‬ص‬ ‫‏‪.٣٨‬‬ ‫شديد‬ ‫فمات بناحية‬ ‫المنصورة‪ ،‬ونقل إلى القاهرة‪ ،‬من أثاره قلعة الروضة بالقاهرة‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي خير‬ ‫‪٢٩٥‬‬ ‫وولي‬ ‫الدين‪:‬‬ ‫خدمته إلى البلاد الشرقية‪ ،‬وأقام بها‪ ،‬إلى أن ملك الملك الصالح مدينة دمشق‬ ‫فانتقل‬ ‫إليها في خدمته‪ ،‬وأقام كذلك‪ .‬إلى أن جرت الكائنة المشهورة على الملك الصالح‪.‬‬ ‫وخرجت‬ ‫وخانه عسكر‬ ‫عنه دمشق‬ ‫و هو على‬ ‫] ‏‪ [٧٣ ١‬وتفرق‬ ‫نابلس )‬ ‫عناف‬ ‫وقبض عليه الملك الناصر صاحب الكرك واعتقله بقلعة الكرك""اأ‪ ،‬فأقام بها الدين‬ ‫المذكور بنابلس محافظة لصاحبه‬ ‫على ذلك ۔ حتى‬ ‫ولم يتصل بخدمة غيره ولم يزل‬ ‫خرج الملك الصالح‪ .‬وملك الديار المصريةة وقدم إليها في خدمته‪ ،‬وذلك في أواخر‬ ‫ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وستمائة وكنت يوم ذاك مقيما بالقاهرة‪ ،‬وأود لو‬ ‫اجتمعت به‪ ،‬ورأيته فوق ما سمعت‬ ‫اجتمعت به لما كنت أسمعه منه فلما وصل‬ ‫عنه من مكارم الأخلاق‪ ،‬وكثرة الرياضةة ودماثة السجاياى وكان متمكنأً من‬ ‫كبير‬ ‫صاحبه‬ ‫لا يتوسط‬ ‫لا يطلع على سره‬ ‫القدر عنده۔‬ ‫عنده الا بالخير‪،‬‬ ‫الخفي غيره‬ ‫ونفع خلقا كثيرا بحسن‬ ‫ومع‬ ‫واسطته‘‬ ‫هذا كله‪ ،‬فإنه كان‬ ‫وجميل‬ ‫سفارتك‬ ‫وأنشدني كثيرأ من شعره‪ ،‬فمما أنشدينه قوله شعر أ")‪:‬‬ ‫يا‬ ‫‪.‬‬ ‫ف‬ ‫روضة الحسن‬ ‫ء‬ ‫) ( ر أد‬ ‫‪7‬‬ ‫ت‬ ‫صلي‬ ‫‪.‬‬ ‫ر ‏‪٩‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ضه‬ ‫فم‬ ‫ح‬ ‫]‬ ‫عل ‪:‬‬ ‫يس‬ ‫له‬ ‫أى ض‬ ‫\‬ ‫‪7‬‬ ‫ر هر‬ ‫يرُ‬ ‫ء( ‏‪٤‬‬ ‫ر“)‬ ‫(‬ ‫() نابلس‪ :‬مدينة مشهورة بأرض فلسطين‪ ،‬ولها كورة واسعة وعمل جليل كله في الجبل الذي فيه‬ ‫القدس‪ .‬انظر‪ :‬الحموي‪ ،‬ياقوت بن عبد الله‪ :‬معجم الأدباء‘ ج‪،٥‬‏ ص‬ ‫‏‪.٢٤٨‬‬ ‫"ا قلعة الكرك‪ :‬الكرك اسم قلعة حصينة جدا فيى طرف الشام بنواحي البلقاء في جبالها بين أيلة‬ ‫وبحر القلزم وبيت المقدس‪ ،‬وهي على سن جبل عال تحيط بها أودية إلا من جهة الربض‪ .‬انظر‪:‬‬ ‫الحموي۔ ياقوت بن عبد الله‪ :‬معجم الأدباء‘ ج‪،٤‬‏ ص‬ ‫)‪ (٣‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫)( المصدر نفسه ص‪‎‬‬ ‫الدين‬ ‫‏‪.٤٥٣‬‬ ‫أحمد بن محمد بن أبي بكر ‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج ‪٢‬۔ ص‪‎‬‬ ‫‪.٣٣٢‬‬ ‫‪٢٩٦‬‬ ‫‪.٢٣٣٣-٣٣٣٢‬‬ ‫قال ابن خلكان‪ :‬و أنشدني‪:‬‬ ‫الا‬ ‫أنلانذا زهيرك ليس‬ ‫أهوى جميل الذكر عنك‬ ‫فسلي‬ ‫ضميرك‬ ‫عن‬ ‫ود أد ي‬ ‫جود كفك لي‬ ‫مزينة‬ ‫كاننا هولي‬ ‫بثينة‬ ‫أذ‬ ‫‪ 4‬فر‬ ‫‪4‬‬ ‫ط ‏‪( ١‬‬ ‫جهبذ‬ ‫وشعره كله لطيف‪ ،‬وسهل ممتنع۔ قال‪ :‬وأجازني رواية ديوان‪ ،‬وهو كثير الوجود‬ ‫بأيدي الناس‪ ،‬فلا حاجة إلى الكتاب إلى الإكثار من ذكر مقاطعه‪ .‬قال‪ :‬وأخبرني‬ ‫جمال الدين أبو الحسين يحيى بن مطروح "أ‪ ،‬قال‪ :‬كتبت إليه وكنت خصيصا به("‪:‬‬ ‫أقول‬ ‫و أهلا مابرحت‬ ‫وقد تتابع منك بر‬ ‫ألا لاتذكروا هرما بجود‬ ‫قال‬ ‫ابن‬ ‫خلكان‪ : :‬و أخبرني بها ع‬ ‫من جهة مخدومه‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫الدين‬ ‫لكل‬ ‫خير‬ ‫فما هرم بأكرم من زهير ")‬ ‫ز هير المذكور ‘ أنه توجه‬ ‫الملك الصالح ‪ ،‬لما كان ببلاد الشرق‬ ‫الى الموصل رسو لأ‬ ‫و أنه كان بالموصل‬ ‫يومئذ‬ ‫‏‪.٣٣٢‬‬ ‫ا"ا ابن مطروح (‪)٦٤٩-٥٩٢‬ه‏ ‪ :‬يحيى بن عيسى بن ابراهيم‪ .‬جمال الدين‪ ،‬ابن مطروح‪ ،‬شاعر‬ ‫أنليب مصري‪ .‬ولد بأسيوط وتوفي في القاهرة‪ ،‬خدم الملك الصالح أيوب ‪ 4‬وتنقل معه في البلاد‪،‬‬ ‫دمشق‪ .‬واستمر في الأعمال‬ ‫فأقامه الصالح ناظرا على الخزانة بمصر سنة ‪٦٣٩‬ه‏ ثم نقله إلى‬ ‫السلطانية إلى أن مات الملك الصالح فعاد إلى مصر وأعرض عنه خلفاء الصالح فأقام مخمو لا‬ ‫إلى أن ملت سنة ‪٦٤٩‬ه‏ وله ديوان شعر‪ .‬نظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام‪ ،‬ج ‏‪ ،٢‬ص ‏‪.٣٣٦‬‬ ‫‏)‪ (٣‬ابن خلكان شمس‬ ‫)( المصدر نفسه ص‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي يكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج ‪!٢‬۔‏ ص‬ ‫‏‪.٣٣٣‬‬ ‫‪٢٩٧‬‬ ‫‏‪.٣٣٣‬‬ ‫صاحبنا الأديب شرف الدين أبو العباس(" أحمد بن محمد بن أبي الوفي بن خطاب‪،‬‬ ‫المعروف بابن الحلاوي الموصلي الأصل‪ ،‬الدمشقي المولد والدار۔ فحضر إليه‬ ‫ومدحه بقصيدة طويلة‪ ،‬أحسن فيها كل الإحسان‪ ،‬وكان من جملتها قوله فيها‬ ‫فقل لنا أزهير أنت أم مرا‬ ‫تجيزها وتجيز المادحين بها‬ ‫_‬ ‫وأنه لسا رجع من الموصل‪ ،‬اجتمع بجمال الدين بن مطروح المذكور‪ .‬وأوقفه على‬ ‫القصيدة فأعجبه منها هذا البيت فكتب إليه البيتين المذكورين أول)‪.‬‬ ‫قال‪ :‬وأخبرني بهاء الدين أيضا‪ ،‬أن مولده في خامس ذي الحجةة سنة إحدى‬ ‫وثمانين خمسمائة بمكة حرسها الله وهو الذي أملى علئ بنسبة هذه الصورةة‬ ‫وسطرت هذا الفضل‪ ،‬وهو في قيد الحياة منقطع في بيته بالقاهرة‪ ،‬طيّب الله قلبه‪.‬‬ ‫وأجراه على أجمل عاداته‪ .‬قال‪ :‬وأخبرني أن نسبته إلى المهلب بن أبي صفرة‪ .‬ثم‬ ‫حصل بالقاهرة ومصر مرض عظيم‪ ،‬لم يكد يسلم منه أحدث وكان حدوثه يوم‬ ‫الخميس‪ .‬الرابع والعشرين من شوال‪ ،‬سنة ست وخمسين وستمائة‪ ،‬وكان بهاء الدين‬ ‫) شرف الدين أبو العباس (‪)٦٥٦-٦٠٣‬ه‏ ‪ :‬هو أحمد بن محمد أبي الوفاء بن الخطاب الربعي‬ ‫الموصلي‪ ،‬أبو الطيب شرف الدين ابن الحلاوي‪ ،‬شاعر‪ ،‬من أهل الموصل فيه ظرف ولطف‪،‬‬ ‫وفي شعره رقة وجزالة‪ ،‬رحل في البلاد ومدح الخلفاء والملوك‪ ،‬ودخل في خدمة الملك الرحيم‬ ‫بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل ولبس زي الجند‪ ،‬وتوجه معه إللى بلاد العجم للاجتماع‬ ‫بهولاكو‪ ،‬فمرض ومات في الطريق سنة ‪٦٥٦‬ه_‪١٢٥٨/‬م‪.‬‏ انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام‪،‬‬ ‫ج‬ ‫‏‪ 6١‬ص‬ ‫‏‪.٧١٩‬‬ ‫)‪ (٢‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫"( المصدر نفسه ص‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج ‪!٢‬۔ ص‪‎‬‬ ‫‪.٣٣٧‬‬ ‫‏‪.٣٣٧‬‬ ‫‏)‪ (٤‬سقط البيتان من المخطوطة وهما‪:‬‬ ‫ولما مدحت الهبزري ابن أحمد‬ ‫أجاز وكافاني على المدح بالمدح‬ ‫فعوضني شعرا بشعر وزاد في‬ ‫عطاء فهذا رأس مالي وذا ربحي‬ ‫ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‬ ‫‪٢٩٨‬‬ ‫ج‬ ‫‪!٢‬۔‏ ص‬ ‫‪٣٣٧‬۔‏‬ ‫المذكور ممّن مسته فيه ألم‪ ،‬وأقام به أيامك ثم توفي قبل المغرب يوم الأحد‪ ،‬رابع ذي‬ ‫القعدة من السنة المذكورة ودفن من الغد بعد صلاة‬ ‫الظهر بتربته بالقرافة‬ ‫الصغيرة بالقرب من تربة الإمام الشافعي قال‪ :‬ولم يتفق لي الصلاة عليه‪،‬‬ ‫لاشتغالي بالمرض الشديد(')‪.‬‬ ‫سري الرفاء‪:‬‬ ‫أبو الحسن‪ ،‬الستزي بن أحمد بن السرى الكندي الرفاء الموصلي[‪،]٧٣٢‬‏ الشاعر‬ ‫المشهور‪ .‬كان في صباه يرفو ويطرز في دكان بالموصل وهو مع ذلك يتوللع‬ ‫بالألنب‪ ،‬وينظم الشعر‪ ،‬ولم يزل‪ ،‬حتى جاد شعره وبهر فيه وقصد سيف الدولة‬ ‫ابن حمدان بحلب» ومدحه‪ .‬وأقام عنده مدة‪ ،‬ثم انتقل بعد وفاته إلى بغخداد‪ ،‬ومدح‬ ‫الوزير المهلبي وجماعة من رؤسائها‪ ،‬ونفق شعره وراج‪ .‬وكان بينه وبين أبي بكر‬ ‫محمد"أ‪ ،‬وأبي عثمان سعيد ابني هاشم الخالديين‪"/‬ا الموصليين الشاعرين‬ ‫المشهورين معاداه‪ ،‬فادعى عليهما بسرقة شعره وشعر غيره‪ .‬وكان الىزى مغرى‬ ‫بنسخ ديوان أبي الفتح كشاجم الشاعر المشهورة وهو إذ ذاك ريحان الأدب بتلك‬ ‫البلآد‪ ،‬والسرى في طريقه يذهب‘ وعلى قالبه يضرب‬ ‫() المصدر نفسه ص‬ ‫وكان يدس فيما يكتبه من‬ ‫‏‪.٣٢٣٨-٣٣٢٧‬‬ ‫"ا أبي بكر محمد الخالدي‪ :‬هو محمد بن هاشم بن وعلة‪ ،‬أبو بكر الخالدي‪ ،‬شاعر أديب من أهل‬ ‫البصرةة اشتهر هو وأخوه "سعيد" بالخالديين وكانا من خواص سيف الدولة بن حمدان‪ .‬وولاهما‬ ‫خزانة كتبه‪ ،‬لهما تآليف في الأدب‪ ،‬وكانا يشتركان في نظم الأبيات‪ ،‬أو القصيدة فتتسب إلييما‬ ‫معأ۔ ذكر ابن النديم (في الفهيرست) أن أبا بكر‪ ،‬هذا قال له‪ ،‬وقد تعجب ابن النديم من كثرة‬ ‫حفظه‪ :‬إني أحفظ ألف سفر‪ .‬كل سفر في نحو مئة ورقة‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام‪ ،‬ج‬ ‫‏‪ .٧‬ص‬ ‫‏‪.١٢٩‬‬ ‫‏)‪ (٣‬سعيد بن هاشم الخالدي‪ :‬سعيد بن هاشم بن وعلة‪ ،‬من بني عبد القيس أبو عثمان الخالدي‬ ‫شاعر‪ .‬أديب‪ ،‬اشتهر هو وأخوه "محمد" بالخالديين‪ ،‬وكانا آية في الحفظ والبديهة‪ ،‬يتهمهما شعراء‬ ‫عصرهما بسرقة شعرهم‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬الأعلام‘ ج‬ ‫‪٢٩٩‬‬ ‫‏‪ ،٣‬ص‬ ‫‏‪.١٠٣‬‬ ‫شعره‬ ‫أحسن‬ ‫شعر الخالديين ّ ليزيد في حجم ما بنسخه‬ ‫وبنفق سوقه ذ ويغلى سعر ه‪،‬‬ ‫ويشنع بذلك عليهما‪ ،‬ويغضً منهما‪ ،‬ويظهر مصداق قوله في سرقتهما‪ .‬قال ابن‬ ‫خلكان‪ :‬فمن هذه الجهة‪ ،‬وقعت في بعض‬ ‫النسخ من ديوان كشاجم زيادات‪ ،‬ليست‬ ‫ومن شعر السرى‬ ‫فمنها قولها ( ‪:‬‬ ‫المشهورةة‪،‬‬ ‫في ‏‪ ١‬لأصول‬ ‫أبيات يذكر فيها صناعتك‬ ‫عاد‬ ‫صفيقا‬ ‫يلقى الند ى برقي ق وجه مسفر‬ ‫فاذ ‏‪ ١‬التقى الجمعان‬ ‫رحب المنازل ما أقام فلن سرى‬ ‫في جحفل ترك الفضاء مضيقا(")‬ ‫ومن غرر شعره في النسيب قوله‪:‬‬ ‫بنفسي من‬ ‫له‬ ‫أجود‬ ‫وببخل‬ ‫بنفسي‬ ‫وحتفي كامن في مقلتيه‬ ‫ولسر ي‬ ‫ديو ألن‬ ‫المذكور‬ ‫شعر‬ ‫بالتحية‬ ‫و السلام‬ ‫كمون الموت في ح ‏‪ ٦٥‬الحسام")‬ ‫كله جبدك‬ ‫كتاب‬ ‫وله‬ ‫"المحب و المحبوب‬ ‫و المشموم‬ ‫والمشروب" وكتاب "الديرة"‪ .‬وكانت وفاته في سنة نيف وستين وثلاثمائة ببغداد(أا‪.‬‬ ‫أبو المعالي الحظيري‪:‬‬ ‫أبو المعالي‪ ،‬سعد بن علي بن القاسم بن علي بن القاسم الأنصاري الخزرجي‬ ‫الوراق‬ ‫كان لديه معارف‬ ‫الحظيري ۔ المعروف بدلال الكتب‬ ‫وله نظم جيدش و ألف‬ ‫مجاميع‪ ،‬ما قصر فيها‪ ،‬منها كتاب "زينة الدهر وعصرة أهل العصر وذكر ألطاف‬ ‫شعر اء العصر "‬ ‫الذي‬ ‫جماعة كثيرة من‬ ‫أهل عصره‬ ‫(‪ (١‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫ذيله على 'دمية القصر ‪ .‬لأبي الحسن الباخرزي‬ ‫ومن‬ ‫وأورد لكل واحد طرفا‬ ‫تقدمهم‪،‬‬ ‫الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان ‘ ج‪‎‬‬ ‫من‬ ‫‪ ٢‬ص‪‎‬‬ ‫جمع‬ ‫أحوالك‬ ‫‪.٣٥٩‬‬ ‫)"( انظر‪ :‬الحموي‪ ،‬ياقوت بن عبد الله‪ :‬معجم الأدباء‘ ج‪ ،٣‬ص‪.٣٦ ٠ ‎‬‬ ‫)‪ (٣‬المصدر‬ ‫نفسك‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫)‪ (٤‬ابن خلكان‪ ،‬شمس‬ ‫‪.٦٠‬‬ ‫الدين‬ ‫أحمد بن محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان ‪ 4‬ج ‪٢‬۔ ص‪‎‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٣‬‬ ‫‪.٣٦٢‬‬ ‫فره‬ ‫وشيئا من شعره‪ .‬وقد ذكره العماد الكاتب في كتاب "الخريدة"‪ ،‬وأنشد له عدة مقاطع‪،‬‬ ‫وروى‬ ‫عنه لغيره‬ ‫شيئا كثيرا ‘ وكان‬ ‫مطلعا على أشعار‬ ‫العرب‬ ‫و أحو الهم ذ وله كتاب‬ ‫سماه "لمح الملح" يدل على كثرة اطلاعه‪ .‬ومن شعر أبي المعالي المذكور ()‪:‬‬ ‫ومع‬ ‫‪٥‬‬ ‫‏‪ ٦‬ر‬ ‫|‬ ‫>‬ ‫لان‬ ‫‏‪١‬‬ ‫آ‬ ‫المهر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫۔"“‬ ‫ذ‬ ‫ى‬ ‫ح‬ ‫لجم‬ ‫ذه‬ ‫تغش‪‎‬‬ ‫ً‪7‬‬ ‫<‬ ‫ورد‬ ‫‪١‬‬ ‫وذ‬ ‫‏‪7٦‬‬ ‫ي‬ ‫د ح‬ ‫فه‬ ‫أ‬ ‫‪4‬‬ ‫‏‪ ١‬اح‬ ‫م‬ ‫‪7‬‬ ‫ج‬ ‫لام‬ ‫راكبه ويعطفه اللجام"‬ ‫ت‪‎‬‬ ‫وله أيضا‪:‬‬ ‫دقت‬ ‫أح‬ ‫ظلمة‬ ‫العذار بخديه‬ ‫فزادت‬ ‫قلت ماء الحياة في فمه العذ‬ ‫فى‬ ‫حبه‬ ‫حسر‬ ‫اتي‬ ‫ب دعوني أخوض في الظلمات"‬ ‫وله أيضا‪:‬‬ ‫مة على ماء الشباب الذي‬ ‫في خده‬ ‫صار طريقا لي إلى سلوتي‬ ‫جسر‬ ‫من‬ ‫وكنت فيه موثق‬ ‫الشعر‬ ‫الأسر( (‬ ‫ومن شعره‪:‬‬ ‫شكوت هوى من شف قلبي بعده‬ ‫توقد نار‬ ‫فقال بعادي عنك أكثر راحة‬ ‫ولولا بعاد الشمس أحرق نوره‬ ‫ليس أطفي سعير ها‬ ‫")‬ ‫وله كل معنى مليح مع جودة السبك‪ .‬وتوفي في يوم الاثنين الخامس والعشرين من‬ ‫صفر سنة ثمان وستين وخمسمائة ببغداد‪ ،‬ودفن بمقبرة باب حرب‪ .‬والحظيري‪:‬‬ ‫(‪ (١‬المصدر‬ ‫)‪ (٢‬الحموي‪،‬‬ ‫نفسه‬ ‫ياقوت‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫بن‬ ‫‪.٣٣٦‬‬ ‫عبد‬ ‫ألله‪:‬‬ ‫)( المصدر نفسه ص‬ ‫‏‪.٣٦٧‬‬ ‫‏)‪ (٤‬المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‬ ‫‏‪.٦٧‬‬ ‫)‪ (٥‬المصدر‬ ‫نفسه‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.٣٦٧‬‬ ‫معجم الأدباء‪،‬‬ ‫ج‪.٣‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.٣٦٧‬‬ ‫بفتح الحاء المهملة وكسر الظاء المعجمة وسكون الياء المشاة من تحتها وبعدها‬ ‫راء‪ ،‬وهذه النسبة إلى موضع [‪]٧٣٣‬فوق‏ بغداد يقال له الحظيرة‪ ،‬ينسب إليه كثير‬ ‫من العلماء‪ ،‬والثياب الحظيرية منسوبة إليه أيضأ(')‪.‬‬ ‫أبو زبد الخصاري ‪:‬‬ ‫سعيد بن أوس ثابت بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن‬ ‫الخزرج وقال محمد بن سعد في الطبقات‪ :‬هو أبو زيد سعيد بن أوس بن ثابت بن‬ ‫بشير بن أبي زيد بن ثابت بن زيد بن قيس‪ .‬والأول ذكره الخطيب في تاريخه‪.‬‬ ‫الأنصاري اللغوي البصرى وكان من أئمة الأدب‪ ،‬غلب عليه اللغات والنوادر‬ ‫والغزيب‪ ،‬وكان يرى رأي القدرية وكان ثقة في روايته‬ ‫حدث أبو عثمان المازني‪ ،‬قال‪ :‬رأيت الأصمعي وقد جاء إلى حلقة أبي زيد‬ ‫المذكور‪ ،‬فقبل رأسه‪ ،‬وجلس بين يديه‪ ،‬وقال له‪ :‬أنت رئيسنا وسيدنا منذ خمسين‬ ‫سنة‪ ،‬وكان التوزي‪ ،‬يقول‪ :‬قال لي ابن مناذر‪ :‬أصف لك أصحابك؟ أما الأصمعي۔‬ ‫فاحفظ الناس‪ ،‬وأما أبو عبيدة فاجمعهم‪ ،‬وأما أبو زيد الأنصاري فأوثقهم‪ ،‬وكان‬ ‫النضر بن شميل‪ ،‬يقول‪ :‬كنا ثلاثة في كتاب واحد‪ :‬أنا وأبو زيد الأنصاري وأبو‬ ‫محمد اليزيدي‪ ،‬وقال أبو زيد‪ :‬حدثني خلف الأحمر قال‪ :‬أتيت الكوفة لأكتب عنهم‬ ‫الشعر‪ ،‬فبخلوا علي به‪ ،‬فكنت أعطيهم المنحول‪ ،‬وآخذ الصحيح ثم مرضت فقلت‬ ‫لهم‪ :‬ويلكم! أنا تائب إلى الله تعالى‪ ،‬هذا الشعر لي‪ ،‬لم يقله العرب فلم يقبلوا مني‬ ‫فبقي منسوباً إلى العرب لهذا السبب‪.‬‬ ‫وأبو زيد المذكور‪ .‬له في الآداب مصنفات مفيدة‪ :‬منها كتاب "القوس والترس"‪.‬‬ ‫وكتاب "الإبل"‪ ،‬وكتاب "خلق الإنسان"‪ ،‬وكتاب "المطر"۔‪ ،‬وكتاب "المياه"‪ ،‬وكتاب‬ ‫'اللغات"‪ ،‬وكتاب "النوادر"‪ ،‬وكتاب "الجمع والتنبيه"‪ ،‬وكتاب "اللبن"‪ ،‬وكتاب "بيوتات‬ ‫العرب" وكتاب "تحقيق الهمزة"‪ ،‬وكتاب "القضيب"۔ وكتاب "الوحوش" وكتاب‬ ‫() ابن خلكان‪ ،‬شمس الدين أحمد بن محمد بن ابي بكر‪ :‬وفيات الأعيان‪ ،‬ج ‏‪ ،٢‬ص‬ ‫‪٣٠٢‬‬ ‫‏‪.٣٣٦‬‬ ‫"الفرق" ‪ ،‬وكتاب "فعلت وأفعلت"‪ ،‬وكتاب "غريب الأسماء"‪ ،‬وكتاب "الهمزة"‪ ،‬وكتاب‬ ‫'المصادر"‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬وله في النبات كتاب حسن جمع فيه أشياء غريبة وحكى‬ ‫بعضهم‪ ،‬أنه كان في خلقه شعبة بن الحجاج‪ ،‬فضجر من إملاء‪ ،‬فرمى بطرفه‪.‬‬ ‫فرأى أبا زيد في أخريات الناس‪ ،‬فقال يا أبا زيد شعرا‪:‬‬ ‫والدار لو كلمتنا ذات إخبار‬ ‫استعجمت دارتيَ ماتكلمنا‬ ‫الي يا أبا زيد‪ ،‬فجاءه فجعلا يتحدثان ويتناشدان الأشعار‪ ،‬فقال له بعض أصحاب‬ ‫الحديث‪ :‬يا أبا بسطام‪ ،‬نقطع إليك ظهور الإبل‪ ،‬لنستمع منك حديث رسول الله‪،‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم فتدعنا‪ ،‬وتقبل على الأشعار؟ قال‪ :‬فغضب شعبة غضبا شديدا‪.‬‬ ‫ثم قال‪ :‬يا هؤلاء‪ ،‬أنا أعلم بالأصلح لي‪ ،‬أنا والله الذي لا إله إلا هو‪ ،‬إني في هذا‬ ‫أسلم مني في ذاك‪ .‬وكانت وفاته بالبصرة سنة خمسة عشرة‪ ،‬وقيل‪ :‬أربع عشرة‬ ‫ومائتين وعسر عمرا طويلا‪ ،‬حتى قارب المائة‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه عاش ثلاثأً وتسعين‬ ‫سنة‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬ ‫ابن الفرضي‪:‬‬ ‫أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن نصر الأزدي الأندلسي القرطبي‬ ‫الحافظ‪ ،‬المعروف بابن الفرضية كان فقيها عالما في فنون من العلم‪ :‬الحديثة‬ ‫وعلم الرجال‪ .‬والأدب وغير ذلك‪ .‬وله من التصانيف "تاريخ علماء الأننلس"‪ ،‬وهو‬ ‫الذي نيل عليه ابن بشكوال بكتابه الذي سماه "الصلة'‪ ،‬وله كتاب حسن في‬ ‫'المؤتلف والمختلف" وفي "مشتبه النسبة"‪ ،‬وكتاب في أخبار شعراء الأندلس‪ ،‬وغير‬ ‫ذلك‪ .‬ورحل من الأندلس إلى المشرق في سنة اثنين وثمانين وثلاثمائة فحج‪ ،‬وأخذ‬ ‫عن العلماء۔ وسمع منهم‪ ،‬وكتب من أماليهم‪ ،‬ومن شعره‪:‬‬ ‫أسير الخطايا عند بابك واقف‬ ‫على وجل مما به أنت عارف‬ ‫يخاف ننوبا لم يخب عنك غيبها‬ ‫ويرجوك فيها فهو راج وخائف‬ ‫‪٣.٣‬‬ ‫ومن ذا الذي يرجو سواك ويتقي‬ ‫ومالك في فضل القضاء مخالف[‪]٧٣٤‬‏‬ ‫فيا سيدي لا نُخزني في صحيفتي‬ ‫إذا شرت يوم الحساب الصحائف‬ ‫وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما‬ ‫يصد ذوو القربي ويجفوا المواللف‬ ‫لئن ضاق عني عفوك الواسع الذي‬ ‫أرجُّي لإسرافي فأني لت الف‬ ‫ومن شعره أيضا‪:‬‬ ‫إن الذي أصبحت طوع يمينه ين لم يكن قمرأ فليس بدونه‬ ‫دلي‬ ‫له ففي الحب‬ ‫من‬ ‫سلطانه‬ ‫وسقام‬ ‫جسمي‬ ‫من‬ ‫سقام‬ ‫جفونه‬ ‫وله شعر كثير‪ .‬ومولده في ذي القعدة‪ ،‬سنة إحدى وخمسين وثلاثمائلة‪ ،‬وتولى‬ ‫القضاء بمدينة بلنسية وقتله البربر يوم فتح قرطبة‪ ،‬وهو يوم الاثنين‪ ،‬لست خلون‬ ‫من شوال‪ ،‬سنة ثلاث وأربعمائة‪ ،‬وبقي في داره ثلاثة أيام‪ ،‬ودفن متغيرأ من غير‬ ‫غسل ولا كفن‪ ،‬ولا صلاة وروي عنه أنه قال‪ :‬تعلقت بأسار الكعبة وسألت الله‬ ‫تعالى الشهادة‪ ،‬ثم انحرفت‪ ،‬وفكرت في هول القتل‪ ،‬فندمت‪ ،‬وهممت أن أرجعظ‬ ‫فأستقبل الله سبحانه ذلكفاستحييت‪ ،‬وأخبر مزاره بين القتلى‪ ،‬ودنا منه‪ ،‬فسمعه‬ ‫يقول بصوت ضعيف‪ :‬لا يكلم أحد في سبيل الله‪ ،‬والله أعلم بما يكلم في سبيله‪ .‬إلا‬ ‫جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما‪ ،‬اللون لون الدم‪ ،‬والريح ريح المسك‪ ،‬كأنه يعيد‬ ‫نفسه الحديث الوارد في ذلك قال‪ :‬ثم قضى على إثر ذلك‪ ،‬وهذا الحديث أخرجه‬ ‫مسلم في حديثه‪.‬‬ ‫عبيد الله بن عبد الله بن طاهر‪:‬‬ ‫أبو أحمد‪ ،‬عبيد الله بن عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق بن‬ ‫هامان الخزاعي‪ ،‬كان شاعرا لطيف‪ .‬حسن المقاصد‪ ،‬جيد السبك‪ ،‬رقيق الحاشية‪.‬‬ ‫ومن شعره‪:‬‬ ‫أتهجرون فتى أغري‬ ‫بكم تيبها‬ ‫لحق دعوة صأ‬ ‫أن تجيبوها‬ ‫أهدى إليكم على نأي تحيته‬ ‫حيوا بأحسن منها أو فردوها‬ ‫زمُوا المطايا غداة البين واحتملوا‬ ‫وخلفوني على الأطلكطل أبكيهيا‬ ‫شيَعتهم فاسترابوني فقظلت لهم‬ ‫إني بعثت مع‬ ‫الأجمال أحدوها‬ ‫قالوا فما نفس يعلوا كذا صعدا‬ ‫وما لعينك لا ترقى مأقيهيا‬ ‫إدمان سيركم‬ ‫ودمع عيني جار من قدى فيها‬ ‫حتى إذا انجذبوا والليل معتكر‬ ‫رفعت في جنحة صوتي أناديها‬ ‫يا من به أنا هيمان ومختبل‬ ‫هل لي إلى الوصل من عقبى أرَجّيها‬ ‫قلت التنفس من‬ ‫ومن شعره‪:‬‬ ‫واحَزنا من فراق قوم‬ ‫هم‬ ‫والأسد والمزن والرواسي‬ ‫و ‏‪ ١‬لأبن‬ ‫أ‬ ‫<‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫‏‪,٩‬‬ ‫م‬ ‫لآ‬ ‫أأ‬ ‫‪-‬‬ ‫الي‬ ‫اللصابيح‬ ‫و الخف‬ ‫و الحصون‬ ‫ض‬ ‫و السكون‬ ‫ومن شعره‪:‬‬ ‫ن الأمير هوالذي‬ ‫يضحى أميرا يوم عزله‬ ‫إن زال سلطان الولاية‬ ‫لمت زل سلطان فضله‬ ‫اقض الحوائج ما استطعت‬ ‫وكن لهم بأخك فارج‬ ‫فلخر‬ ‫وله‬ ‫ر‬ ‫ديو الن شعر ‪.‬‬ ‫أم‬ ‫ر‬ ‫وكانت‬ ‫الفقى‬ ‫وفاته سنة‬ ‫يوم‬ ‫قضى‬ ‫فيه‬ ‫الح و ائج‬ ‫ثلاثمائة ‪.‬‬ ‫القاضي الفاضل‪:‬‬ ‫أبو علي‪ ،‬عبد الرحيم بن القاضي الأشرف بهاء الدين أبي المجد علي بن القاضي‬ ‫المولد ّ المصر ي‬ ‫الذ ار ‪ .‬المعروف‬ ‫بالقللضي الفاضل ‪ .‬الملفثب‬ ‫مجير الدين ۔ وزير‬ ‫السلطان الملك الناصر صلاح الدين‪ ،‬وتمكن منه غاية التمكن‪ ،‬وبرز في صناعة‬ ‫الإنشاء‪ ،‬وفاق المتقدمين‪ ،‬وله في الغرائب مع الإكثار‪ .‬أخبرني بعض المطلعين‬ ‫على حقيقة أمر ‏‪ 6٥‬أن مسود ات‬ ‫رسائله في المجلدات‬ ‫و التعلرتات‬ ‫في‬ ‫‏‪ ١‬لأور اق ّ اذ ‏‪١‬‬ ‫جمعت لن تقصر عن مائة مجلد‪ ،‬وهو مجيد في أكثرها‪ .‬وله رسالة لطيفة‪ ،‬كتبها‬ ‫على يد خطيب‬ ‫‏[‪ ]٧٣٥‬عيذاب‬ ‫إلى صلا ح الدين يتشفع له في توليته خطابة‬ ‫الكركة‬ ‫وهي‪" :‬أدام الله سلطان الملك الناصر وثبته وتقبل عمله بقبول صالح وانبته‪ ،‬و أخذ‬ ‫عدوه قائلا أو بيّته‪ ،‬وأرغم أنفه بسيفه وكبته‪ ،‬خدمة المملوك هذه وأورده على يد‬ ‫خطيب عيذاب‪ .‬ولما نبا بها المنزل عنها‪ ،‬وقل عليه المرفق فيها‪ ،‬وسمع بهذه‬ ‫الفتوحات التي طبق الأرض نذكرها ووجب على أهلها شكرها‪ ،‬هاجر من هجير‬ ‫عيذاب وملحها‪ ،‬ساريأ في ليلة أمل كلها أنهار‪ ،‬فلا يسأل عن صبحها‪ .‬وقد رغب‬ ‫>‪٣ .‬‬ ‫و هو‬ ‫في خطابة الكرك‬ ‫في هذا‬ ‫خطيب ‘ وتوسل بالملوك‬ ‫الملتمس “ وهو‬ ‫ونزع من مصر إلى الشامێ ومن عيذاب إلى الكرك‪ ،‬وهذا عجيب‬ ‫ولطف‬ ‫ضعيف‬ ‫الله تعالى بالخلق بوجود مولانا لطيف‪،‬‬ ‫قررب ّ‬ ‫والمذكور عائل‬ ‫و السلام ( ‪ ‘.‬وله في النظم‬ ‫أشياء حسنة منها ما أنشده عند نزوله بالفرات في خدمة السلطان صلاح الدين‪،‬‬ ‫ويتشوق نيل مصر شعرا‪:‬‬ ‫بالله قل للنيل عني إنني‬ ‫لم أشف من ماء الفرات غليلا‬ ‫شاهد‬ ‫بالدموع بخيلا‬ ‫الفؤاد فإنه لي‬ ‫وسل‬ ‫إن كان جفني‬ ‫وأعيل صبرك أن يكون جميلا‬ ‫يا ققب كم حلفت ثم بثينة‬ ‫ومن شعره أيضا ‪:‬‬ ‫بتتا على حلل يسر الهوى‬ ‫بو ًأبذ‬ ‫وشعره‬ ‫إن‬ ‫وقلنا أه‬ ‫خد‬ ‫ت‬ ‫حذ‬ ‫أإضا كثير ذ وكانت و لادته في خامس عشر جماد ى‬ ‫و عشرين‬ ‫نسبوا‬ ‫\‬ ‫اللد‬ ‫ل‬ ‫وربما لايمكن الشرخ‬ ‫وخمسمائة ‘‬ ‫بمدينة عسقلان ‘‬ ‫وتولى‬ ‫بن‬ ‫اليها ش وفي ترجمة الموفق يوسف‬ ‫أبو ‏‪ ٥‬القضا ع‬ ‫الحلال‬ ‫قال‬ ‫أ دخ‬ ‫ل‬ ‫صد ح‬ ‫أ‬ ‫ا لأخر ] سنة‬ ‫بمدينة بيسان‬ ‫تسع‬ ‫‪ 6‬ولهذ ‏‪١‬‬ ‫ابن خلكان ‪ :‬في حرف‬ ‫اليا ء‬ ‫صورة مبدا أمره‪ ،‬وقدومه الديار المصرية‪ ،‬واشتغاله عليه بصناعة الإنشاء‪ ،‬ثم إنه‬ ‫تغلق بالخدم في ثغر الاسكندرية‪ ،‬وأقام بها مدة ‪ ،‬قال الفقيه عمارة اليمني في كتاب‬ ‫'النكت العصرية في أخبار الوزراء المصرية" في ترجمة العادل بن الصالح بن‬ ‫رأزيك‪ :‬ومن محاسن أيامه‪ ،‬ما يؤرخ عنها‪ ،‬بل هي الحسنة التي لا توازى‪ ،‬بل هي‬ ‫اليد البيضاء‬ ‫التي لا تجاز ى‪ ،‬خروج‬ ‫أمر ه إلى و الي‬ ‫الفاضل على الباب ۔ واستخدامه بحضرته‬ ‫وبين بيديك‬ ‫الاسكندرية‪ ،‬بتسيير‬ ‫في ديوان‬ ‫القاضي‬ ‫الجيش ّ فانه غرس‬ ‫منه للدولة‪ ،‬بل للملة شجرة مباركة متزايدة النماء‪ ،‬أصلها ثابت وفرعها في‬ ‫السماء‪ ،‬تؤتي أكلها كل حين بأذن ربها‪.‬‬ ‫ولما توفي العزيز‪ .‬وأقام المنصور بالملك‪ .‬بتدبير عمه الملك الأفضل نور الدين‪،‬‬ ‫كان أيضأً على حاله‪ ،‬ولم يزل كذلك‪ ،‬إلى أن وصل الملك العادل‪ ،‬وأخذ الديار‬ ‫المصرية‪ ،‬وعند دخوله القاهرة‪ ،‬توفي القاضي الفاضل وذلك في ليلة الأربعاء‪،‬‬ ‫سابع عشر ربيع الآخر‪ ،‬سنة ست وتسعين وخمسمائة بالقاهرة‪ ،‬فجأة ودفن في‬ ‫تربته من الغد بسفح المقطم في القرافة الصغرى‪ ،‬قال ابن خلكان‪ :‬وزرت قبره‬ ‫مرارأ‪ ،‬وقرأت تاريخ وفاته على العمود المنصوب عند رأس القبة كما ها هنا‪.‬‬ ‫وكان من محاسن الدهر‪ .‬وهيهات أن يخلف الزمان مثه‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬ ‫ديك الجن‪:‬‬ ‫أبو محمد‪ ،‬عبد السلام بن رغبان بن عبد السلام بن حبيب بن عبد الله بن رغبان‬ ‫ابن زيد بن تميم الكلبي‪ ،‬الملقب ديك الجن‪ ،‬الشاعر المشهور‪ .‬وهو من أهل سلميةظ‬ ‫وسكن بمدينة حمص وتميم أول من أسلم من أجداه‪ ،‬وهو من شعراء الدولة‬ ‫العباسية ولم يفارق الشام‪ ،‬ولا رحل إلى العراق‪ ،‬ولا إلى غيره منتجعأً بشعره‪ ،‬ولا‬ ‫متصديأً إلى أحد‪ ،‬وكان يتشيع تشيع حسنا ب وله مراث في الحسين بن علي بن أبي‬ ‫طالب‪ ،‬وكان ماجنا خليعأ‪ ،‬عاكفا على القصف واللهو‪ ،‬متلافأ لما ورثه وشعره في‬ ‫نهاية الجودة‪ .‬حنث عبد الله بن عبد الملك الزبيدي‪ ،‬قال‪ :‬كنت جالسأً عند ديك‬ ‫الجن‪ ،‬فدخل عليه حدث‪ ،‬وأنشده شعرأ عمله‪ ،‬فأخرج ديك الجن من تحت مصلاة‬ ‫درجاً كبيراً فيه كثير من شعره‪ ،‬فسلمه إليه‪ ،‬وقال‪ :‬يا فتى‪ ،‬تكسب بهذا‪ ،‬واستعن به‬ ‫على قولك‪ .‬فلما خرج‪ ،‬سألته عنه‪ ،‬فقال‪ :‬هذا فتى من أهل جاسم‪ .‬يذكر أنه من‬ ‫طيء‪ ،‬يكنى أبا تمام[‪،]٧٣٦‬‏ واسمه حبيب بن أوس» وفيه أدب ونكاء‪ ،‬وله قريحة‬ ‫وطبع‪ ،‬قال‪ :‬وعسر الملقب ديك الجن إلى أن مات أبو تمام‪ ،‬ورثاه‪ ،‬ومولد ديك الجن‬ ‫‪٣.,٫‬‬ ‫سنة إحدى وستين ومائة وعاش بضعا وسبعين سنة‪ ،‬وتوفي في أيام المتوكل‪ ،‬سنة‬ ‫خمسة أو ست وثلاثين ومائتين‪ ،‬ولما اجتاز أبو نواس بحمص قاصدأ مصر‬ ‫لامتداح الخطيب بن عبد الحميد‪ ،‬سمع ديك الجن بوصوله‪ ،‬فاستخفى منه‪ ،‬خوفا أن‬ ‫يظهر لأبي النواس أنه قاصر بالنسبة إليه فقصده أبو نواس إلى داره وهو بها‪.‬‬ ‫فطرق الباب‪ ،‬واستأذنن عليه‪ ،‬فقالت الجارية‪ :‬ليس هو هنا‪ ،‬فعرف مقصده۔ فقال لها‪:‬‬ ‫قولي له‪ :‬اخر ج‪ ،‬فقد فتتنت أهل العراق بقولك‪:‬‬ ‫مورًده من كف‬ ‫ظبي كأنسا‬ ‫خده فأدارها‬ ‫تناولها من‬ ‫فلما سمع ديك الجن ذلك‪ ،‬خرج إليه‪ ،‬واجتمع به‪ ،‬وأضافه‪ .‬وهذا البيت من جملة‬ ‫أبيات وهي شعر أ‪:‬‬ ‫بها غير معذول فداو خمارها‬ ‫وصل بحبالات الغبوق ابتكار ها‬ ‫ونل من عظيم الوزر كل عظيمة‬ ‫إذا ذكرت خاف الحفيظان نارها‬ ‫وقم أنت فاحثث كأسها غير صاغر‬ ‫ولاتسق إلا خمرها وعقارها‬ ‫فقام‬ ‫يكاد‬ ‫الكأس‬ ‫يحرق‬ ‫كغه‬ ‫ظللنا بأيدينا نتعتع روحها‬ ‫موررده من‬ ‫كف‬ ‫ظبي‬ ‫كأنسا‬ ‫من‬ ‫النمس أو‬ ‫من‬ ‫وجنتيه‬ ‫استعار ها‬ ‫فتأخذ من أقدامنا الراح ثارها‬ ‫تناولها من‬ ‫خده فأدارها‬ ‫وكانت له جارية يهواها‪ ،‬فاتهمها بغلامه‪ ،‬فقتلها‪ ،‬ثم ندم على ذلك فأكثر من التغزل‬ ‫فيها۔‬ ‫فمن‬ ‫ذلك قوله‪:‬‬ ‫يا طلعة طلع الحرام عليها‬ ‫وجنى لها شر‬ ‫الردى بيديها‬ ‫رويت من دمها الثرى ولطالما‬ ‫روىالهيوى شفتي من شنتيها‬ ‫مكنت سيفي من مجال خناقها‬ ‫ومدامعي تجري على خديها‬ ‫ما كان قتليها لأى لم أكن‬ ‫لكن بخلت على سواي بحبها‬ ‫بطار‬ ‫غ سق‬ ‫ايلإذا‬ ‫أبك‬ ‫عليها‬ ‫وأنفت من نظر الغلام إليها‬ ‫وله فيها‪:‬‬ ‫جاءت تزور فراشي بعد ما قبرت‬ ‫فظلت ألثم نحراً زانه الجيذ‬ ‫القبر مسدود‬ ‫وقلت قرة عيني قد بعثت لنا‬ ‫ريق‬ ‫ط ذا‬ ‫ويف‬ ‫فك‬ ‫قالت هناك عظامي فيه مودعة‬ ‫يعيث فيها نبات الأرض والدوذ‬ ‫وهذه الروح قد جاعتّك زائرة‬ ‫هذي زيارة من في القبر ملحود‬ ‫الحافظ المقدسي‪:‬‬ ‫أبو الحسن‪ ،‬علي بن الأنجب أبي المكارم المفضل بن أبي الحسن علي بن أبي‬ ‫الغيث مفرج بن حاتم بن الحسن بن جعفر بن ابراهيم بن الحسن اللخمي‪ ،‬المقدسي‬ ‫الأصل الاسكندري المولود والدار‪ ،‬المالكي المذهب ة كان فقيهأ فاضلا في مذهب‬ ‫الإمام مالك‪ ،‬ومن كبار الحفاظ المشاهير في الحديث وعلومه‪ ،‬صحب الحافظ أبا‬ ‫الطاهر السلفي‪ ،‬وانتفع بصحبته‪ ،‬وصحبه العلامة الحافظ زكي الدين أبو محمد عبد‬ ‫العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري‪ ،‬ولازم صحبته‪ ،‬وبه انتفع‪ .‬وعليه‬ ‫تخرج‪ ،‬وذكر عنه فضلا عزيزأً‪ ،‬وصلاحاً كثيرأ‪ ،‬وأنشدني مقاطعاً مما أنشد الحافظ‬ ‫أبو الحسن المذكور نفسه‪:‬‬ ‫تجاوزت ستين من مولدي‬ ‫فأس عد أيامي المشترك‬ ‫يسئلني زائري حالتي‬ ‫وما حال من حل في المعترك‬ ‫وأنشدني أيضا قال‪ ،‬أنشدني لنفسه‪:‬‬ ‫ثلاث باءات بلينا بها‬ ‫البق والبرغوث والبرغش‬ ‫ثلاثة ألحشن مافي الورى‬ ‫ولست أدري أيها أوحش‬ ‫وأنشدني أيضا قال‪ ،‬أنشدني لنفسه‪:‬‬ ‫ولميا تحيي من تحيي بريقها‬ ‫كان مزاج الراح بالمسك من فيها‬ ‫وما ذقت فاها غير أني رويته‬ ‫عن الثقة المسواك وهو موافيها[‪]٧٣٧‬‏‬ ‫وهذا معنى مستعمل‪ ،‬قد سار في كثير من أشعار المتقدمين والمتأخرين فمن ذلك‬ ‫قول بشار بن برد من أبيات‪:‬‬ ‫إلا شهادة أطراف المساويك‬ ‫يا أطيب الناس ريقأ غير مختبر‬ ‫وقول الأبيودري‪:‬‬ ‫على ما حكى غو الأراك لذي ذ("ا)‬ ‫وأخبرني أترابها أن ريقها‬ ‫وللحافظ أيضا ‪:‬‬ ‫أيا نفس بالمأثور عن خير مرسل‬ ‫وأصحابه والتابعين تبسكي‬ ‫وخافي غدا يوم الحساب جهنماأ‬ ‫إذا لفحت نيرانها أن تبسنكي‬ ‫‪٣١١‬‬ ‫وكان الحافظ المذكور ينوب‬ ‫المعروفة به هناك‬ ‫بها إلى حين‬ ‫في الحكم بثغر ا لاسكندرية ۔ ودرس‬ ‫ثم انتقل الى مدينة القاهرةظ‬ ‫الىىبت‪،‬‬ ‫وفاته ‪ .‬وكانت ولادته يوم‬ ‫ودرس‬ ‫بالمدرسة‬ ‫بها‬ ‫بالمدرسة الصاجية ؤ و استمر‬ ‫الر ابع و العشرين‬ ‫من‬ ‫ذي‬ ‫القعدة‪ ،‬سنة‬ ‫أربع وأربعين وخمسمائة بالثغر المحروس‪ .‬وتوفي يوم الجمعة‪ ،‬مستهل شعبان‪ ،‬سنة‬ ‫عشر ‏‪ ٥‬وستمائة بالقا هر ة ‪.‬‬ ‫المهملة ‘ وفي أخر ها سين‬ ‫و المقدسي بفتح الميم ‘ وسكون‬ ‫مهملة‬ ‫اللافت‬ ‫وكسر‬ ‫الجال‬ ‫هذه النسبة الى بيت المقدس ‪ 4‬و اللخمي قد تقدم‬ ‫عليه الكلام والله الموفق بمنه وكرمه‪.‬‬ ‫شرف الدين ابن المستوفي‪:‬‬ ‫شرف الدين أبو البركات المبارك بن أبي الفتح أبو أحمد بن المبارك بن موهوب‬ ‫بن غنيمة بن غالب اللخمي‪ .‬الملقب شرف الدين‪ ،‬المعروف بابن المستوفي الإربلي‪،‬‬ ‫كان رئيسا‪ ،‬جليل القدر‪ ،‬كثير التواضع‪ ،‬واسع الكرم‪ ،‬لم يصل إلى إربيل أحد من‬ ‫الفضلاء۔ إلا وبادر إلى زيارته وحمل إليه ما يليق بحاله وتقرب إلى قلبه بكل‬ ‫طريق‪ ،‬وخصوصا أرباب الأدب فقد كانت سوقهم لديه نافقة وكان جم الفضائل‬ ‫عارفا بعده فنون‪ ،‬منها‪ :‬الحديث وعلومه وأسماء رجاله‪ .‬وجميع ما يتعلق به‪.‬‬ ‫وكان‬ ‫اماما‬ ‫فره ‪.‬‬ ‫وكان‬ ‫ماهرا‬ ‫في‬ ‫‏‪ ١‬لأذلب “ و النحو “ و اللغة‬ ‫و العروض‬ ‫ؤ و القو افي ‘‬ ‫وعلم البيان وأشعار العرب‪ ،‬وأخبارها‪ ،‬وأيامها۔ ووقائعها‪ ،‬وأمثالها‪ .‬وكان بارعا‬ ‫في علم الديوان وحسابه‪ ،‬وضبط قوانينه على الأوضاع المعتبرة عندهم‪ .‬وجمع‬ ‫لإربيل تاريخا في أربع مجلدات‪ ،‬وله كتاب "النظام في شرح شعر المتنبي وأبي‬ ‫تمام‪ ،‬وكتاب "إثبات المحصل في نسبة أبيات "المفضل" في مجلدين‪ ،‬تكلم فيه عن‬ ‫الأبيات التي استشهد بها الزمخشري في المفضل" وله كتاب "سر الصنعة"‪ ،‬وله‬ ‫كتاب‬ ‫سماه‬ ‫"أبا قماش‬ ‫“ جمع‬ ‫فيه أدبا‬ ‫كثيرا‬ ‫ونو ادر‬ ‫وغير ها‪.‬‬ ‫وله ديو الن شعر ‘‬ ‫أجاد‬ ‫فيه فمن شعره‪:‬‬ ‫ل'`‬ ‫تخ د‬ ‫عنك سمر‬ ‫‏‪ ٥‬غر‬ ‫ما‬ ‫ار ‏‪٥‬‬ ‫‪٣١٢‬‬ ‫الحسن‬ ‫الا للبياض‬ ‫وجنسه‬ ‫فالرمح يقتل بعضه من غيره‬ ‫و الليف يقتل كله‬ ‫من‬ ‫نفسه‬ ‫ومن أشعاره التي يتغنى بها‪:‬‬ ‫يا ليلة حتى الصباح سهرتها‬ ‫قابلت فيها بدرها بأخيه‬ ‫سمح الزمان بها فكانت ليلة‬ ‫عَذبَ العتاب بها لمجتنذبيه‬ ‫أحييتها وأنتها عن حاسد‬ ‫ما‬ ‫يشيه‬ ‫ومعانقي حلو الشمائل أهي_ف‬ ‫جمعت ملاحة كل شيء فيه‬ ‫يختال معتدلا فإن عبث الصبا‬ ‫بقواسمهةه متعرض‬ ‫ا بشره‬ ‫نشوان تهجم بي عليه صبابتي‬ ‫ويري ورعي فأستحييه‬ ‫هسه‬ ‫الا الحديث‬ ‫علقت يدي بعذاره وبخده‬ ‫ه‬ ‫لو لم تخالط زفرتي أنفاسه‬ ‫كانت تنم بنا إلى واشيه‬ ‫حسد الصباح الليل لما ضمنا‬ ‫بيننا داعيه‬ ‫ذا أقبا‬ ‫غبظلا ففرق‬ ‫ه وذا أجن ‪.‬ه‬ ‫وله أيضا‪:‬‬ ‫رعى الله ليلات تقضتت بقربكم‬ ‫قصارأً وحياها الحيا وسقاها[‪]٧٣٨‬‏‬ ‫من الناس إلا قال قلبي أها‬ ‫وكان قد خرج من مسجد بجواره ليلا ليجيئ إلي داره‪ ،‬فوثب عليه شخص‪ ،‬فضربه‬ ‫بسكين‬ ‫الحال‬ ‫قاصد ‏‪ ١‬فو اده‪ 6‬فالتقى الضربة بعضده‪،‬‬ ‫المزين ‪ .‬وقطبها ‘ وصر فها “] كتب‬ ‫فجرحته جر احة متسعة‬ ‫الى الملك المعظم صاحب‬ ‫‪٣١٣‬‬ ‫فأحضر في‬ ‫إلربل ‘ يطالعه بما‬ ‫تم عليه من هذه الأبيات‪ ،‬وأغلب الظن أن ذلك كان في سنة ثماني عشرة وستمائة‬ ‫هكذا قال ابن خلكان في تاريخه‪ ،‬والأبيالت هي‪:‬‬ ‫يا أيها الملك الذي سطواته‬ ‫أيات‬ ‫جودك‬ ‫من فعلها يتعجب المريخ‬ ‫لا ناسخ‬ ‫محكم تنزيلها‬ ‫فره ا و ل‪`١‬‏ منسو خ‬ ‫أشكو إليك وما بليت بمظها‬ ‫شنعاء ذكر حديثها تاريخ‬ ‫وشا هد ي‬ ‫و التتريخ‬ ‫هي لرلة‬ ‫فيها ولدت‬ ‫فيما أد عرت‬ ‫التم ط‬ ‫وهذا معنى بديع جدا‪ ،‬وكان يقول‪ :‬عملت في نومي بيتين‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫وبتتا جميعا وبات الغيور‬ ‫نود‬ ‫غر اسا(‬ ‫و‬ ‫ذ‬ ‫ا ند‬ ‫يعضأ يديه علينا حنق‬ ‫سو‬ ‫اع‬ ‫أد الدجى بسو أد الحدق‬ ‫وكان قد وصل إلى إربل بعض الشعراع‪ ،‬فأرسل إليه مثلومأ على يد شخص‪ ،‬كان‬ ‫في خدمته‪ ،‬يقال له الكمال‪ ،‬والملثوم‪ :‬عبارة عن دينار‪ ،‬يقطع منه قطعة صغيرةة‬ ‫وقد جرت عاداتهم بالعراق‪ ،‬وتلك البلدان‪ ،‬أن يفعلوا مش هذا‪ ،‬لأنهم يتعاملون‬ ‫بالقطع الصغار‪ ،‬ويسمونها القراضة‪ ،‬ويتعاملون أيضاً بالملثوم‪ ،‬وهو كثير الوجود‬ ‫بأيديهم في معاملاتهم‪ ،‬فجاء الكمال إلى هذا الشاعر‪ ،‬وقال له‪ :‬الصاحب يقول لك‪:‬‬ ‫أنفق الساعة هذا‪ ،‬حتى تجهز لك شيئأ يصلح لك‪ ،‬فتوهم ذلك الشاعر أن يكون‬ ‫الكمال قد قرض تلك القطعة من الدينار‪ ،‬وإن شرف الدين ما أرسله إلا كاملا‬ ‫وقصد استعلام الحال من شرف الدين‪ ،‬فكتب إليه‪:‬‬ ‫في الجود حقا تضرب الأمثال‬ ‫يا أيها المولى الوزير ومن به‬ ‫حىنأ فوافى العبد وهو هلال‬ ‫ألسلت بدر التم عند كماله‬ ‫‪٣١٤‬‬ ‫ما غاله النقصان إلا أنه‬ ‫بلغ الكمال كنك الآجال‬ ‫قال ابن خلكان‪ :‬فأعجب شرف الدين بهذا المعنى وحسن الاتفاق‪ ،‬وأجاز الشاعر‪،‬‬ ‫وأحسن إليه‪ .‬وكنت خرجت من إربل سنة تسع وعشرين وستمائة وشرف الدين‬ ‫مستوفي الديوان والاستيفاء في تلك البلاد منزله عليّة‪ ،‬وهو تلو الوزارة ‪ ،‬ثم بعد‬ ‫ذلك تولى الوزارة‪ ،‬وشكرت سيرته فيها‪ ،‬ولم يزل عليها إلى أن مات مظفر الدين‬ ‫في التاريخ المذكور في ترجمته في حرف الكاف“ وأخذ الإمام المستنصر إربل في‬ ‫منتصف شوال من السنة المذكورة فبطل شرف‬ ‫الدين‪ .‬والناس يلازمون خدمته‬ ‫ومكث كذلك‪ .‬إلى أن أخذ التتر مدينة إربل‪ ،‬في سابع عشرين شوال سنة أربع‬ ‫وثلاثين وستمائة‪ ،‬وجرى عليها وعلى أهلها ما قد اشتهر‪ ،‬فكان شرف الدين في‬ ‫جملة من اعتصم بالقلعة‪ ،‬وسلم منهم‪ ،‬فلما انتزح التتر عن القلعة‪ .‬انتقل إلى‬ ‫الموصل‪ ،‬وأقام بها في حرمة وافرة‪ ،‬وله راتب يصل إليه‪ ،‬وكان عنده من الكتب‬ ‫النفيسة شيء كثير‪ ،‬ولم يزل على ذلك‪ ،‬إلى أن توفي بالموصل‪ ،‬يوم الأحد‪ ،‬لخمس‬ ‫خلون من المحرم‪ ،‬سنة سبع وثلاثين وستمائة‪ ،‬ودفن بالمقبرة السابلة خارج‬ ‫الحصاصة‪ .‬ومولده‬ ‫باب‬ ‫في النصف من شوال‪ ،‬سنة أربع وستين وخمسمائة‪ ،‬بإربل‪،‬‬ ‫وهو من بيت كبير‪ ،‬كان فيه جماعة ‏[‪ ]٢٣٩‬من الرؤساء الأدباء‪ ،‬وتولى الاستيفاء‬ ‫بإربل والده وعمه صفي الدين أبو الحسن علي بن المبارك‪.‬‬ ‫وكان عمه فاضلاش وهو الذي نقل "نصيحة الملوك"‪ ،‬تصنيف حجة الإسلام من‬ ‫اللغة الفارسية‪ .‬إلى العربية‪ ،‬فإن الغزالي لم يصنفها إلا بالفارسية‪ ،‬وقد ذكر ذلك‬ ‫شرف‬ ‫الدين في تاريخه‪ ،‬ولما مات شرف‬ ‫الدين‪ ،‬رثاه الشمس يوسف بن‬ ‫النفيس‬ ‫الإربلي المعروف لسكان الشام‪ ،‬بقوله‪:‬‬ ‫لم تصبكا‬ ‫أبا البركات لو درت المنايا‬ ‫بأنك فرد عصرك‬ ‫كفى الإسلام رزأ فق ‏‪ ٠٥‬شخص‬ ‫عليه بأعين الثقلين يبكي‬ ‫صفي الدين الحلي‪:‬‬ ‫الشيخ الأديب الفصيح البليغ صفي الدين عبد العزيز بن سرايا الحلي‪ ،‬صاحب‬ ‫البديعية الشريفة‪ ،‬والديوان الطريفي المتفنن في علم اللغة العربية‪ .‬والمعاني‪،‬‬ ‫والبيان‪ ،‬والبديع‪ ،‬وعلم العروض والقوافي‪ ،‬وغير ذلك من النوادر الأدبية‪ ،‬كان‬ ‫واحد زمانه وعصره وأوانه‪ ،‬اخترع لعلم الأدب اختراعات‪ ،‬لن يُسبق عليها منها‬ ‫"قلائد النحور في مدح الملك المنصور" و'تميم المصراع الآخر"‪ .‬غير أن العروض‬ ‫بأنه من الكتاب العزيز‪ ،‬وديوانه كبير وشهير‪ ،‬يدخل في مجلدين‪ ،‬جاب البلاد‪،‬‬ ‫ومدح حكام عصره والأكابر‪ ،‬وحظي بجوائزهم الخطيرة‪ ،‬وارتفع قدره معهم عند‬ ‫من هم في المراتب“ قال الشيخ ابن حجة في الملفق‪ ،‬مع ذكره لبيت الشيخ صفي‬ ‫الدين في بديعيته‪:‬‬ ‫لقد ضمنت‬ ‫وجود‬ ‫اللمع مع‬ ‫عدم‬ ‫لهم ولم استطع مع ذاك‬ ‫منع دمي‬ ‫ولم يمكن الشيخ صفي الدين أن يحصر مع الملفق غيره من أنواع الجناس في بيت‬ ‫واحد‪ ،‬كما تقدم‪ ،‬لصعوبة مسلكه‪ ،‬وهو عزيز الوقوع‪ ،‬ولكن له رونق‪ ،‬وموقع في‬ ‫اللوق بحلاوة تركيبه‪ ،‬وبيت صفي الدين في غاية الرقة والانسجام ‪ ،‬غير أن‬ ‫التحريف حكم عليه‪ .‬فصار مشوشاأً لمشوّش كل جناس‪ ،‬تجاذبه طرفان من الصنعةة‬ ‫ولا يمكن إطلاق حدها عليه‪ ،‬وبيت صفي الدين يجاذبه المحرّف والملفق‪ ،‬انتهى‪.‬‬ ‫وفي الأبيات ما أحسن مطلع قصيدته شعر أ‪:‬‬ ‫ك‬ ‫ش قبل‬ ‫ودعينا‬ ‫قفي و‬ ‫التفرق‬ ‫فما أنياحمنيا إلي حين نلتقي‬ ‫وما أحلى نظمه في بديعيته النبوية شكل الانسجام‪:‬‬ ‫فذكره قد أتى في هل أتى وسَبَا‬ ‫وفضله ظاهر في النون والقلم‬ ‫وما أعذب نظمه في المبالغة في قصيدته البديعية النبوية هذه‪ ،‬قوله‪:‬‬ ‫والشهب أحلك ألوانا من ال‪٥‬هم‏‬ ‫كم قد جلت جنح ليل النقع طلعته‬ ‫قال الشيخ بن حجة‪ :‬المبالغة للشيخ صفي الدين في الشطر الأول‪ ،‬بقوله‪ :‬كم قد‬ ‫جلت جنح ليل النقع طلعته‪ ،‬ولكن زاد بما هو أبلغ منها‪ ،‬حيث قال‪ :‬والشهب أحلك‬ ‫ألوانا من الهم‪.‬‬ ‫وما ألذ قوله لغازي بن‬ ‫إني تركت‬ ‫ويعجبني في‬ ‫ارتق في قلائده‪.‬‬ ‫النلأس حين‬ ‫الحماسة من‬ ‫ترك‬ ‫وجدته‬ ‫قوله في القصيدة‬ ‫التيمم مع وجود‬ ‫الماء‬ ‫ففي الفضل ما عليها فريد ش وكل بيت‬ ‫منها بيت قصد قوله‪:‬‬ ‫لن الشوازب كالنعام الجكل‬ ‫كسيت حلالاً من غبار القسطل‬ ‫يبرزن من حلل العجاج عوابسا‬ ‫يحملن كل‬ ‫مدرع ومسربل‬ ‫شبه العرائس تجلى فكأنها‬ ‫في الخدر من ذيل العجاج المسبل‬ ‫فعلت قوائمهن عند طرادها‬ ‫فعل الصوالج في كرات الجندل[‪]٧٤٠‬‏‬ ‫فتظل ترقم في الصخور أهلة‬ ‫بشبا حوافرها وإن لم تعل‬ ‫يحملن من آل العريض فوارساً‬ ‫كالأس د في أجم الرماح الدبل‬ ‫تتشال حول مشرع بجنابه‬ ‫ففكأنهمن بأسهفي معقل‬ ‫ما زال صدر‬ ‫علياء صدر‬ ‫التست صدر الرتبة ال‬ ‫لو أنصفته بنو محاسن إذ مشوا‬ ‫بيننا تراه‬ ‫الجيش صدر‬ ‫المحفل‬ ‫كانت رؤوسهم مكان الأرجل‬ ‫رحب ترا ه زعيمهم‬ ‫خطيبهم في محفل‬ ‫‪٣١٧‬‬ ‫في جحفل‬ ‫شاطرته حرب‬ ‫العداة لعلمه‬ ‫أني كنانته التي لم‬ ‫لبا دعتني للنزال أقاربي‬ ‫لاهم عني لسان المنصل‬ ‫وأبيت حتى أن أعيش بقربهم‬ ‫وأكون عنهم في الحروب بمعزل‬ ‫وافيت في يوم أغر محجَل‬ ‫أغشى الهياج على أغر مُحَجَل‬ ‫ثار العجاج فكنت أول صائل‬ ‫وعلا الضرام فكنت أول مصطل‬ ‫فغدا يقول صغيرهم وكبيرهم‬ ‫لا خير فيمن قال إن لم يفعل‬ ‫سل ساكني الزوراء والأمم التي‬ ‫حضرت وجللها غبار القسطل‬ ‫من كان تسّم نقصها بحسامه‬ ‫لأ كل شاك في السلاح كأعزل‬ ‫أو من تدرع بالعجاجة عندما‬ ‫نادى منادي القوم يا خيل احملي‬ ‫تخبرك فرسان العريكة أنني‬ ‫كنت‬ ‫لكن تقاسمنا عوامل نحوها‬ ‫فالاسم كان له وكان‬ ‫وبديعة نذرت إلي بها العدى‬ ‫نظر الفقير إلى الغفني المقبل‬ ‫واستقبلت لطفي بها وكأنها‬ ‫لقيت بثالث سورة المزمل‬ ‫حتى انثنت لم تدر ماذا تلتقي‬ ‫عند الوقائع صارمي أم مقولي‬ ‫حملوا علي الحقد حتى أصبحت‬ ‫تفي صدورهم كغلي المرجل‬ ‫إن يطلبوا قتلي فلست ألومهم‬ ‫دم شيخهم في صارمي لم ينصل‬ ‫المصلي بعد سيق‬ ‫الأول‬ ‫الفعل لي‬ ‫مالي أسترها وتلك فضيلة‬ ‫ما الفخر في فصد العدو بمنجل‬ ‫قبل ذاك ترفعي‬ ‫عن حربهم وتماسكي وتجملي‬ ‫لما أثاروا الحرب قالت همتي‬ ‫جهل الزمان عليك إن لم تجهل‬ ‫فالآن حين فليت ناصية الفلا‬ ‫ت النجوم تنقي‬ ‫قد شاهدوا من‬ ‫‏` ‪٦‬‬ ‫ى‬ ‫‏‪ ١ 2 ٦‬ه‬ ‫أضحى يحازيني العدو وهمتي‬ ‫تعلو على هام السماك الأعزل‬ ‫ويروم إدرأكي ولك عجيبة‬ ‫هل يدرك العصفور صيد الأجدل‬ ‫قل لليالي ويك ما شئت اصنعي‬ ‫بعدي وللأليام ما شئت‬ ‫افعلي‬ ‫سأظل كل صبيحة في مهمه‬ ‫وأبيت كل عشية في منزل‬ ‫حسب‬ ‫العدو بأنني‬ ‫أذلركته‬ ‫لما وليت وفه لما ولي[‪]٧٣١‬‏‬ ‫الفلاة وإنني‬ ‫من حشد جيش عزايمي في جحفل‬ ‫أجفوا الديار فإن ركبت وضمني‬ ‫سرج المطهّم قلت هذا منزلي‬ ‫لاتسمعن بأن أسرت مسلما‬ ‫وإذا سمعت بأن قتلت فعول‬ ‫مال الاعتذار وصارمي في عاتقي‬ ‫إن لم يكن من دون أسرى مقتلي‬ ‫ما كان عذري لو صبرت على الأذى‬ ‫ورضيت‬ ‫تذللي بتذللي‬ ‫فإذا رميت بحادث في بلدة‬ ‫جرد حسامك صالا أو فارحل‬ ‫فذاك لا أخشى ورود منيتي‬ ‫وأرى ورود الحتف أعذب منهل‬ ‫وأسير فردا‬ ‫في‬ ‫بعد‬ ‫وإذا دنا أجلي فدرعي مقتلي‬ ‫ما تهت بالدنيا إذا هي‬ ‫أقبلت‬ ‫نحو ي و لا‬ ‫أسى اذ ‏‪ ١‬لم تقبل‬ ‫وكذاك ما وصلت فقلت لها اقطلصي‬ ‫يومأ ولا قطعت فقلت لها صلي‬ ‫صبرأ على كيد العداة لعلنا‬ ‫نسقى أخيرهم بكأس الأول‬ ‫ماذا لقيتم من وثوب الأشبل‬ ‫بخل الحيا وأكفهم لم تبخل‬ ‫يفنى الزمان وفيه رونق ذكرهم‬ ‫وقد مدحت السيد الحميد تويني بن سعيد‬ ‫يبلى القميص وفره‬ ‫عرف‬ ‫المندل‬ ‫آألبو سعيدي أعزه الله‪:‬‬ ‫من كان يبذل نفسه للمنصل‬ ‫فهو الكريم بماله للم يبخل‬ ‫واجب‬ ‫فالضرب لواجبهن هام الجحفل‬ ‫راسل نفوس عداك بالأسل الذي‬ ‫يصلى القلوب بحر جمر مشعل‬ ‫خده‬ ‫والشمس تكحل عينها بالقسطل‬ ‫والهام بالطيران غير مقصر‬ ‫عن أجدل مستنفر من أجدل‬ ‫قتل الجبان يرى الحياة بذله‬ ‫أوما يموت النكس إن لم يقتل‬ ‫أجل الأنام موقت فإذا انقضى‬ ‫وثب الحمام عليه وثب معجل‬ ‫ليس الردى بمؤجل لمعجل‬ ‫كل‬ ‫ولا بمعجبل لمؤجل‬ ‫يقضي الفتى بسروره في معقل‬ ‫ويموت‬ ‫إن السيوف لهن حق‬ ‫في موقف بدم يخضب‬ ‫‪٣٢ .‬‬ ‫وهو‬ ‫مجَل‬ ‫في جندل‬ ‫من‬ ‫ثغر‬ ‫‏‪ ٥‬أر ي‬ ‫لعاب‬ ‫الحنظظلل‬ ‫تغلي حشاشته كلي المرجل‬ ‫ما عذر من حمل السلاح إذا رأى‬ ‫فالضرب بحد السيف كل مضارب‬ ‫بالسيف وهو مطاعن بالعسل‬ ‫عن أكل‬ ‫يصل الوصال بقطع وصل الأكحل‬ ‫واسرج على الأعداء كل محجل‬ ‫عزى إلى شهب أغر محجَل[‪]٧٤٢‬‏‬ ‫حتى يرى لك ضرب هبر مجمل‬ ‫تفضيل في كل مجرى يفضل‬ ‫ااسكتهلال وجه مشرق‬ ‫وبير‬ ‫ش كل‬ ‫روملل‬ ‫في معرك يعلو الغمام قتامه‬ ‫وجماجم الأعداء تحت الأرجل‬ ‫وبدور أفق المجد ترسل شهبها‬ ‫من عضبها تحت‬ ‫القتام الأليل‬ ‫قياب بخطة‬ ‫رح ف‬ ‫ليفض‬ ‫اسيف‬ ‫وال‬ ‫وهي المنابر لللضيا للم تجهل‬ ‫من كان يظلم سيفه بضرابه‬ ‫فهو الذي في حكمه لم يعدل‬ ‫والقرم ذو الإنصاف من ندر العدى‬ ‫معضل‬ ‫عاكزل‬ ‫مهو‬ ‫بعل‬ ‫واج‬ ‫بضنين من حرز بضرب‬ ‫فمه السيوف‬ ‫إن الشجاع يرى إذا ماقبلت‬ ‫وعن‬ ‫الحسان‬ ‫بقتريهّن‬ ‫مت‬ ‫مق تلا لمقتل‬ ‫يصليه إن سل اللعاب بمقتل‬ ‫حسامه‬ ‫‪٣٢١‬‬ ‫ويرى‬ ‫ِ‬ ‫اليوم‬ ‫ّ‬ ‫الذ‬ ‫ا‬ ‫‏‪:٣‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫لو‬ ‫عى‬ ‫‏|‬ ‫لفتى والشَلو قوت المز‬ ‫‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ا‬ ‫‪١ ٠‬‬ ‫هي‪‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫)‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪٩‬‬ ‫ل‬ ‫‪١‬‬ ‫ا‪‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫صل‬ ‫ه‬ ‫وخض‬ ‫ر‬ ‫عين‬ ‫النصر عذبا خذ‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫ه‬ ‫‪٠‬‬ ‫ظهر ‏‪ ٥‬حمل‬ ‫بدمائها‬ ‫من‬ ‫لولا‬ ‫ل‪`١‬‏‬ ‫‪.‬‬ ‫ا لحسام أ‬ ‫سباياق حما‬ ‫وكفاكك أن اله أد‬ ‫‪.‬‬ ‫فمحا‬ ‫به‬ ‫لمختا‬ ‫‪ .‬م‬ ‫حر‬ ‫جد‬ ‫ا‬ ‫>‬ ‫ل‬ ‫بساق‬ ‫عمرو‬ ‫ر كل‬ ‫د‬ ‫وبه دتهلل وجه كل‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ّ‬ ‫موحد‬ ‫به‬ ‫نفع الحد‬ ‫‪٣٢٢‬‬ ‫جذ‬ ‫|‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫عي مذنزل‬ ‫أعظمها على‬ ‫‪.‬‬ ‫و‪ .‬أارى به الاض‬ ‫جبت‬ ‫مسربل‬ ‫عدائه بالأنمل‬ ‫س‬ ‫مسره‬ ‫محض‬ ‫مه‬ ‫ضلظلة‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫|‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫‏‪ ١‬رد‬ ‫ف‬ ‫الم‬ ‫لئةمقل‬ ‫اللأأععززل ك‬ ‫ير‬ ‫‪4‬‬ ‫‪, 3‬‬ ‫‪.‬‬ ‫منز لا لعدادله‬ ‫أ بى‬ ‫‏‪١‬‬ ‫وتراه‬ ‫بابالحسا بالحسام جماججما ‪1‬‬ ‫‪.‬‬ ‫يزلز ‪.‬ل‬ ‫دبد‬ ‫الح ‪:‬‬ ‫ذ‬ ‫‪١‬‬ ‫كالجدول‬ ‫ويخباًبة طورا أ ذفيي ا السماك‬ ‫ماجما ‪1‬‬ ‫ما‬ ‫طلو لا بنعله المكر حج‬ ‫من لا‬ ‫‪.‬‬ ‫|‬ ‫مرسل‬ ‫ربعه‬ ‫الكفا ح نسا‬ ‫‪ .‬لالة‬ ‫‪.٠‬‬ ‫تظللله بعر حل‬ ‫مںل‬ ‫‪:‬‬ ‫بيفق‬ ‫‪:‬‬ ‫لشحا‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫عل‬ ‫باع بنورها اللممتتخخَيل‬ ‫ال‬ ‫طرف‬ ‫ويرى كعاب ا‬ ‫يريد‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٠-‬‬ ‫س‬ ‫|‬ ‫ء‬ ‫اشا ر‬ ‫‏‪١‬لىجنلى |‬ ‫عں‬ ‫‏[‪ ١‬هل‬ ‫‏‪١‬لهيكل‬ ‫ومفصل‬ ‫|‬ ‫ما عذرمن رقت عزايمه ب‬ ‫بله‬ ‫ير ى‬ ‫در فتى يروى عصبه‬ ‫‪/‬‬ ‫وديقول أن خرجت بنود عد‪,‬ال‪.‬ه‬ ‫‪5‬‬ ‫ن‬ ‫ح‬ ‫‪5‬‬ ‫ب |ين‬ ‫ع شي‬ ‫‪7‬‬ ‫وإلى الوغى‬ ‫|‬ ‫في‬ ‫‪-‬‬ ‫محصل‬ ‫الخصم‬ ‫أكبد‬ ‫‪:‬‬ ‫صحه‬ ‫فل[‪]٧٤٣‬‏‬ ‫اللساور‬ ‫‪5‬رم‬ ‫‪ 9‬الق‬ ‫ذو‬ ‫بهش‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫و ‏‪١‬‬ ‫عرص‬ ‫‪,‬‬ ‫للشجعان‬ ‫‪-‬‬ ‫له‬ ‫لم يهز‬ ‫‪-‬‬ ‫عرف‬ ‫س‬ ‫اسلسلا‬ ‫الجبان م‬ ‫‪,‬‬ ‫الشجاع »‬ ‫ومن البهايم »‬ ‫خلق الإله إلى الحروب‬ ‫و‪,‬الناس أطوار ‪ | 7‬فاعل‬ ‫كرما وطور‬ ‫فتطظاولوا وتقاصروا ب ‪5‬‬ ‫والطول بالفعل الحمي‬ ‫فكر الشجاع السهم فى فعل ا‬ ‫فكر الجبان النكس في‬ ‫ومع‬ ‫ل‬ ‫لجحف ‏‪١‬‬ ‫ت في البيد الشجاع بمعقل‬ ‫الحسام بكفه‬ ‫ترب‬ ‫ادخلي‬ ‫_‬ ‫في الغدن الجبان بفدفد‬ ‫‪5‬‬ ‫‪:‬‬ ‫يحظى‬ ‫الماك( ا‬ ‫‪ 9‬الأفاض‬ ‫لبنى‬ ‫الجبان هو الهزال لعر‬ ‫و‬ ‫الصعاب‬ ‫لك (‬ ‫|‬ ‫ذكر البسالة في المحافل لم ‪5‬‬ ‫بي ‪:‬ن الأعزة والأذلڵلة ما‬ ‫لبعلغيره‬ ‫لم‬ ‫سهل‬ ‫ت |‬ ‫_‬ ‫قدر ‏‪٥‬‬ ‫رعطله‬ ‫‪٣٢٣‬‬ ‫سائله‬ ‫‪9‬‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫و لن لم‬ ‫‪5‬‬ ‫ء‬ ‫بسنا (‬ ‫ليت الذي أضحى جبانا صخرة‬ ‫ومن البهايم ليت كل منخل‬ ‫ألالا أرى إلاثويني فاعلا‬ ‫مما أقول ولست بالمتقول‬ ‫إن الشحيح بنفسه مثل الذي‬ ‫بخلت يداه بماله للم يبخل‬ ‫خذها كريم الطبع فهي حماسة‬ ‫صقلت مضاربها بأس صيقل‬ ‫وإذا نظرت فرندها وقصيدة ال‬ ‫حلي قل ما شئت بالألصاف لي‬ ‫فأنا الأخير وكم أخير لم يكن‬ ‫في‬ ‫صالح‬ ‫تذر‬ ‫الحديد بضوئها كالمشعل‬ ‫اله أكد‬ ‫‏‪,١‬‬ ‫رم‬ ‫أم‬ ‫غ‬ ‫‏‪١%‬‬ ‫ا وَّماض ة‬ ‫الأفعال دون الأول‬ ‫ومما قاله الصفي الحلي في أبحر الشعر ومقاطعها باستشهاد من كتاب الله العزيز ‪:‬‬ ‫البحر الطويل‪:‬‬ ‫أذاب فؤادي والتصبر أففناه‬ ‫طويل بدا هجران من كنت أهواه‬ ‫فعول مفاعيل فول مفاعل‬ ‫المديد‪:‬‬ ‫متشمن بالنفذاد خاف البوسا‬ ‫مفاء‬ ‫فاعلات‬ ‫لذ‬ ‫هجر‬ ‫اعادلت‬ ‫‏‪ ٥ ١‬و الباد‬ ‫و التعو۔_سا‬ ‫إن قارون كان من قوم موسى‬ ‫البسبط‪:‬‬ ‫بسطت في‬ ‫تفعل‬ ‫خوفأ من القتل لسا لن أعاينهم‬ ‫أملي أني أدا هنهم‬ ‫فاعل‬ ‫تفعل‬ ‫فع_إ‬ ‫فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم‬ ‫‪٣٢٤‬‬ ‫الوافر ‪:‬‬ ‫شعر ي‬ ‫وو افر حظ‬ ‫في‬ ‫على ل غم‬ ‫مدلد‬ ‫مفاعيل مفاعيل فعول‬ ‫و الحسود‬ ‫‏‪ ١‬لأحاد ي‬ ‫ألا بعد ‏‪ ١‬لعاد قوم‬ ‫هود‬ ‫الكامل‪:‬‬ ‫السرور لنا وصار‬ ‫يحمل‬ ‫علن‬ ‫‪7‬‬ ‫علن‬ ‫م‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫بالمصطفى خير‬ ‫مقيما‬ ‫علن‬ ‫الورى تكريما‬ ‫صلو ‏‪ ١‬علبه وسلمو ‏‪ ١‬تسليما‬ ‫الهز ح ‪:‬‬ ‫عن‬ ‫مفاع‪:‬‬ ‫>‬ ‫الأوطان والخس‬ ‫أن ]‬ ‫ح‬ ‫م‪‎‬‬ ‫‪١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ن‬ ‫‪2‬‬ ‫ل‬ ‫\ لأمس‬ ‫الرجز ‪:‬‬ ‫اللجنز الموزون إذ يحرر‬ ‫تقع‬ ‫تقع‬ ‫تقطيعه بين‬ ‫تفعأ‬ ‫يا أيها الذين آمنوا اصبروا‬ ‫ما رمل الرمل به من رمل‬ ‫فاعلات‬ ‫السريع‪:‬‬ ‫لدد‬ ‫‪,‬‬ ‫يع بح‬ ‫تفحأ‬ ‫فاعلات‬ ‫ر‬ ‫‏‪١‬‬ ‫‪٣7‬‬ ‫الورى يكرر‬ ‫آ‬ ‫ذة للم جتذ‬ ‫ى‬ ‫‪ 9‬المجل ي‬ ‫والذي أطمع أن يغفر لي‬ ‫فاعل‬ ‫داه الحكيم‬ ‫تفعل فاعل‬ ‫المنسرح‪:‬‬ ‫‪٣٢٥‬‬ ‫أبا تراهم عن‬ ‫تفحأ‬ ‫ذ‬ ‫تفعل‬ ‫الهدى نكلوا‬ ‫‏‪١‬‬ ‫الخففف‪:‬‬ ‫ه‬ ‫خف لما أردت اشدوا الخفيغفا‬ ‫إن كيد‬ ‫ضعيفا‬ ‫الشيطان كان‬ ‫المضار ع‪:‬‬ ‫ضرعنابياجي‬ ‫مفاح‬ ‫ارا‬ ‫ل ذ‬ ‫ولد ‪:‬‬ ‫أ س‬ ‫\ به‬ ‫اعلات‬ ‫‬‫هلأ‪‎‬‬ ‫> ار ى‬ ‫‪١‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫المقتضب‪:‬‬ ‫اقت‬ ‫ين سبا‬ ‫ضب `‬ ‫و ر ل‬ ‫س ي‬ ‫‪ ٨‬وم‪‎‬‬ ‫مجد‬ ‫‪7‬‬ ‫رث‬ ‫حنه‬ ‫زند فعل‬ ‫ى‬ ‫ذ‬ ‫أه‬ ‫ذ‬ ‫ى‬ ‫و | لله‬ ‫اعادت‬ ‫ي‬ ‫خد‬ ‫الذَأ‬ ‫) >‬ ‫س‬ ‫‪.‬‬ ‫مذ‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫و أ ‪9‬‬ ‫المتقار ب‪:‬‬ ‫تقارب‬ ‫تثقارب‬ ‫له‬ ‫جهارا به أن يكن رعى جمل‬ ‫اذ يصلي‬ ‫‪٣٢٦‬‬ ‫فع‬ ‫‪ 9‬ل‬ ‫ذ!‬ ‫‪ 9‬ل‬ ‫فع‬ ‫‪ 9‬ل‬ ‫‪7‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ 9‬ل‬ ‫‪:‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ست‬ ‫ارا‬ ‫ذ‬ ‫أ٭أ‬ ‫ي‬ ‫الخبب ‪:‬‬ ‫الشعر‬ ‫خبب‬ ‫اذ يسار‬ ‫اليه‬ ‫ممن‬ ‫فظن فعلن فعلن فعلن‬ ‫شداهو‬ ‫۔ _‬ ‫ظ‬ ‫‪4‬‬ ‫علد‬ ‫جاءه قومه يهرعون إليه‬ ‫المتد الرك ‪:‬‬ ‫تدارك إليه مدى المادحين‬ ‫الصالحين‬ ‫وأرجو يكون من‬ ‫مخلع البسرط ‪:‬‬ ‫ا‬ ‫‏‪ 4٨‬ه‬ ‫ذا أأ‬ ‫سما ة‬ ‫وجوده‬ ‫ديم أ‬ ‫لم يزل‬ ‫عمبما‬ ‫سبحان من لم يزل عليمأ('ا‬ ‫مسقعل فاعل فعول‬ ‫ولصفي الحلي نوادر شهيرة‪ ،‬وحكايات كثيرة‪ ،‬وكان من الرجال المحبين للحرب‬ ‫والقتال‪ ،‬شيعي المذهب مسكنه الحلة من بغداد‪ ،‬وهي دار قراره‪ ،‬إلا أنه كان جواب‬ ‫أسفار‪ ،‬وتباع أشعار في سوق الأخيار‪ ،‬وشعره شائع‪ ،‬فلا حاجة إلى ذكر فوق ما‬ ‫ذكرنا له هنا‪ ،‬ولله عاقبة الأمور‪.‬‬ ‫علي بن هتيمل الحميري الازدي‪:‬‬ ‫الشاعر المشهور ‪،‬۔ مدح‬ ‫وعلا شعره‪،‬‬ ‫بني الغلالب‬ ‫وغيرهم من‬ ‫و ارتفع حظه وقده‪ ،‬و أكثز شعره سهل‬ ‫المغلوب ‪:‬‬ ‫‪٣٢٧‬‬ ‫الأمراء‬ ‫والأكابر “۔ ونفق‬ ‫ممتنع “۔ فمن‬ ‫مدحه‬ ‫شعرها‬ ‫لبني‬ ‫لأي دم حكم جرى بالعين مهراق‬ ‫ألم يكن بيننا عهد وميثاق‬ ‫الصبابات والأشواق تهتكني‬ ‫يكنيك في صبابات وأشواق‬ ‫خان عاشقه‬ ‫قبلي وقبلك أحباب وعشاق‬ ‫حمل قواك فضالاتي فإن ضعفت‬ ‫تحملنله حشاشات وإرماق‬ ‫لي كلما هزلوا بالبين من كبدي‬ ‫ومن دموعي إحراق وإغراق[‪]٧٤٤‬‏‬ ‫صوم يقطع اشباق القلوب غدا‬ ‫منه وهل للقلوب الهيم أشباق‬ ‫يهفو إلي عذبات الرمل من كلف‬ ‫قلب إلى عنذبات الرمل مشتاق‬ ‫ألوي بقلبي برق خافق سحرا‬ ‫على اللوى ونسيم منه خفاق‬ ‫ومختف في جلابيب الظلام سرى‬ ‫تحت الدجى وثياب الليل أخلاق‬ ‫أفرشته عوج أضلاعي فبات لنا‬ ‫من السواعد أطواق وأطواق‬ ‫جال النطاق على ما تحت ميزره‬ ‫من ضمة لف منها الساق والساق‬ ‫حتى إذا أزف الترحال واعتنقت‬ ‫عند التفرق أعناق وأعناق‬ ‫قبلت عقرب صدغيه ففي كبدي‬ ‫منها ومن ريقه لسع وترياق‬ ‫لا تحسب الود للمشرين مقتصرا‬ ‫ن البودات والبغضاء أرزاق‬ ‫فما الغنى إن فركنَ الغانيات غنى‬ ‫وإن عشقن فما الإبلاق إبلاق‬ ‫لا تنفق العمر فيما لاخلاق له‬ ‫فكل طرفة عين منك إنفاق‬ ‫ما أغفل الناس عما يحمدون به‬ ‫دون المحامد أعواق وأعو اقَ‬ ‫بعض‬ ‫فلست أول حب‬ ‫فلايرأ عنك إرعاد وإيراق‬ ‫قوم إذا اشتجرت سمر الرحى لهم‬ ‫تحت الرماح من الإشفاق إشفاق‬ ‫منها ولا شربوا منها ولا ذاقوا‬ ‫لو يخلط البخل بالدنيا لبا طعموا‬ ‫إلا إذا افتخروا ضاقت بفخرهم‬ ‫الآفاق لوزيد بالاق آفاق‬ ‫محمد وعلي والخليل واسما‬ ‫عيل منهم ويعقوب وإبحاق‬ ‫يكفيك أن ثغور المشركين لها‬ ‫بلأوليتهم فتح‬ ‫ما مر يوم ولم ينفذ بأمرهم‬ ‫أبر فأسر وإطلاق فإطلاق‬ ‫من كل منسجم الكفين مبتسم‬ ‫ماء المروة في خديه رقراق‬ ‫تغشى البوارق من لألاء غرته‬ ‫وجه على الزرد الموضون براق‬ ‫وإغلاق‬ ‫كأنما السيف في كفيه مخراق‬ ‫من النبي ومن‬ ‫سبطيه‬ ‫أعراق‬ ‫ما الشمس والبدر من شيء و أوجهكم‬ ‫للضوء ضوء وللإشراق إشراق‬ ‫ومحمدة‬ ‫والغيث في جوده والغيث غيداق‬ ‫ما انفك ينفك من أيديكم ذهب‬ ‫وفدا وينهلً بالأرزاق أرزاق‬ ‫لا أسلل الله إلاطلول جتتكم‬ ‫فإن أخلاقكم للدين أخلاق‬ ‫‏‪ ١‬للللث‬ ‫‪:‬ف ض ‪-‬حتم‬ ‫ومن‬ ‫إقداما‬ ‫أشعار ه الرائعة هذه القصيدة يمدح بها إمام الخطاب‬ ‫أخبرينا أفي نقابك خة‬ ‫أ‬ ‫و على وجنت‬ ‫أنت‬ ‫‪1‬‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫‪-.‬‬ ‫‏‪٦٦‬ذ‬ ‫ذ هبي‬ ‫أى‬ ‫ة‬ ‫وة‬ ‫ا ح‬ ‫‪4‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪.‬‬ ‫آ ‏‪١‬‬ ‫وورد‬ ‫اأأ‬ ‫‪4‬‬ ‫‪٣٢٩‬‬ ‫۔‏‪٨٦‬‬ ‫أحمد الحمير ي ظ قوله‪:‬‬ ‫ام جلذ‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬ر‬ ‫\ في‬ ‫ار وورذ‬ ‫‏‪ ١‬ك‬ ‫‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫و‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫خلفه ل‪`١‬‏ ير‪٥‬‏‬ ‫‪.‬‬ ‫رزت طيفأ فكان للبعد قربا‬ ‫وتفننت في الملام فلا الصر‬ ‫قتلتني هند وليس من الواجب‬ ‫روقة للقضيب والحقف والر‬ ‫لذة للضجيع في البرد حر‬ ‫ألا مالي قلبي ضعيف اعلى الليث‬ ‫صرت عبدا روصار مولى وقد‬ ‫منك اذ ک‬ ‫بصرم‬ ‫م‬ ‫ان منك‬ ‫ولا‬ ‫هم‬ ‫ن‬ ‫مان‬ ‫منها عط‬ ‫يتصلى به‬ ‫ي‬ ‫قو‬ ‫_‬ ‫كنت بزذعمي مولى‬ ‫إن جدي هزل إذا ما تصابيت‬ ‫قة‬ ‫رجل‬ ‫أنياببا بيض‬ ‫عواديه من‬ ‫إن عدت‬ ‫وفتى للأمير قلب وللسلطان‬ ‫_ | فر غبت‬ ‫لأخي‬ ‫نعيم‬ ‫س‬ ‫فأن__حت‬ ‫له‬ ‫ونه‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫م _‬ ‫ستيك‬ ‫وهو‬ ‫عبه‬ ‫ز ه‬ ‫‪:‬‬ ‫أى‬ ‫ي ‪+‬ج__ ذ‬ ‫ي‬ ‫فذا‬ ‫أ غن‬ ‫`‬ ‫الحر برذ‬ ‫‪ 7‬فر‬ ‫صربوة‬ ‫‪2‬‬ ‫ذ ‏[‪]٧٤٦‬‬ ‫وردف‬ ‫و عاجز‬ ‫وإلافذاإن هزا‬ ‫أياديه‬ ‫صذ‬ ‫ف‬ ‫وفي‬ ‫لا يغرنك التفاني إللى غير حقو‬ ‫كف عن الخطوب خطاب فالبة‬ ‫صر‬ ‫ألن ت_ستحل قتلي هن‬ ‫ة‬ ‫فإذا لم يكن من الحب بة‬ ‫فالقرب‬ ‫أ‬ ‫بعه‪٥‬‏‬ ‫‏‪ 4٨‬د‬ ‫مذ‬ ‫و النحس‬ ‫أنبابيب ا‬ ‫ق‬ ‫‏‪١‬‬ ‫سعه‬ ‫و هي‬ ‫رد‬ ‫آبالهلم يبق ملل بعذ‬ ‫عين وللخلافةزن‬ ‫‪-‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ذ‬ ‫‪.‬‬ ‫سلس في القياد سهل فإن خا‬ ‫ماء وجه يجري‬ ‫حياء من‬ ‫حميري جداه تبغ والأسعد‬ ‫بر‬ ‫اه بحبوح ة‬ ‫الشرف‬ ‫النا‬ ‫أحسن شيء في المشر في الفرنذ‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٩١١١‬‬ ‫ا‬ ‫م<‬ ‫و م<‬ ‫‏‪١‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ل‬ ‫‏‪١‬‬ ‫و م<‬ ‫‏‪١‬‬ ‫أين فيض البحار منه ومداه‬ ‫ذم عبد الحميد منه ولو قار‬ ‫خت بالسيف يا أبا أحمد الصل‬ ‫أنت بدر سرح الحصان إليه‬ ‫وأمير على الجيوش وإن باريته‬ ‫لك عندي رفدان رفد من‬ ‫الما‬ ‫وأمطرتني أنامل لك ثارت‬ ‫وهبات لدي من عرض الدنيا‬ ‫وقال أيضأً يمدح عبد الله الفاطمي الهاشمي‪ ،‬شعرا‪:‬‬ ‫لا تعالج بالخمر داء الخمار‬ ‫فمحال‬ ‫أر رذ‬ ‫إطفاع ذ‬ ‫ار‬ ‫خل ما في الدنان واستنطق العيدا‬ ‫نغمات القيان أو نغمة الطير‬ ‫شفاء‬ ‫أو نغعةالأوتار‬ ‫أي روح في رنة الحجل والعو‬ ‫ل‬ ‫فاصرفها عن فيك واشرب باسما‬ ‫عك أحلا من خمرة الخمار‬ ‫أم‬ ‫دت‬ ‫‪4‬‬ ‫بر ذ‬ ‫النصر منه في‬ ‫المزمار‬ ‫دقة الزنار‬ ‫الأهلة يقيها‬ ‫شموس الغروب في الأقمار‬ ‫حعحصفرت كفه مناولة الكأ‬ ‫س ودبت سراته في‬ ‫السوار‬ ‫ونديم نبهته وهو مخمور‬ ‫بكأس الكرى وكأس العقار‬ ‫فقد ودع الصيام وقد‬ ‫‏‪ ١‬لإفظلار‬ ‫رشاء أعلي‬ ‫قم‬ ‫بشر‬ ‫‪٣٣٦١‬‬ ‫بالعود‬ ‫قادم‬ ‫و أدر ها‬ ‫مشمولة‬ ‫ذات‬ ‫لونين‬ ‫‏‪ ١‬لاحمر‬ ‫من‬ ‫ار‬ ‫و ‏‪ ١‬اصفر‬ ‫ار‬ ‫صبغت زرقة الزجاج وعنقها‬ ‫بلون‬ ‫سل منها الروراق في الأقدح الأز‬ ‫هر‬ ‫كلما ولول النسيم سرى منها‬ ‫بأذكى من فارةالعطار‬ ‫مبكرة الراح‬ ‫بأيدي الكواعب الأبكار‬ ‫غير بدر لله قضت أهلا بأفل‬ ‫منم‬ ‫دارا بدار‬ ‫ملما هاجر النبي وأهلوه‬ ‫باعوا قريش بالألصار‬ ‫واستخف الصغار قيسأً فما شم‬ ‫أنف‬ ‫ب‬ ‫إلا أنو ا بالصغار‬ ‫أنا في الناس بالخيار وفي الأر‬ ‫ض وليسوا في صحبتي بالخيار‬ ‫وإذا ما اغتربت روحة في الد‬ ‫حلة بين السروح والأكوار‬ ‫إنما العيش في‬ ‫جارك‬ ‫الله حيث‬ ‫كنت‬ ‫وعند‬ ‫مصقولة كذوب‬ ‫أو بخت‬ ‫الضار‬ ‫جاري والله أكبر جار‬ ‫الله‬ ‫الدهر عني‬ ‫فل عني ناب الخطوب ور‪٥‬‏‬ ‫ملك‬ ‫البهار والجلنار[‪]٧٤٧‬‏‬ ‫سوادته بال_سؤدد الا‬ ‫ذخ سادات‬ ‫مقلم‬ ‫يعرب‬ ‫الأظلنفار‬ ‫ونزار‬ ‫أم شيب الكهيول طفلا وما سا‬ ‫ل على عارضيه مسك العذار‬ ‫هو ملغ القلوب حبأ وخوفا‬ ‫وهو ملء الأسماع والأبصار‬ ‫أبيض العرض أسود القد والجفنة‬ ‫يضمن‬ ‫الحرب‬ ‫عنه‬ ‫محم‬ ‫والسلم يتم‬ ‫ر ش‬ ‫فرة الزار‬ ‫الطفل ومن سيفه يتم الحواري‬ ‫‪٣٣٢‬‬ ‫نبوي الأخلاق والخلق والسؤدد‬ ‫دي طرد‬ ‫واله‬ ‫فاطمي عف الضمائر عف الطرف‬ ‫ف‬ ‫سُغخرق في محمد وعلي‬ ‫ومتى‬ ‫مأ‬ ‫يا أبا القاسم بن قاسم يا منصور‬ ‫الله‬ ‫ولعمري مانلت‬ ‫ك‬ ‫ف‬ ‫الازار‬ ‫الطر‬ ‫ار‬ ‫‏‪ ٨‬أأ‬ ‫َ‬ ‫ذماا‬ ‫ذ‬ ‫‪ 4‬ذو‬ ‫الذ‬ ‫بد بم‬ ‫ز‬ ‫ار‬ ‫ألله خا‪٦‬‏‬ ‫يابن‬ ‫الأئكسة الأبرار‬ ‫الثرى‬ ‫عليها ماتم‬ ‫در ار‬ ‫ه‬ ‫اللنار‬ ‫وطيب‬ ‫عند السرار‬ ‫علو الأخطار في الأخطار‬ ‫ت الأخطار إلالما قيل‬ ‫مانلت‬ ‫ح‬ ‫‪:‬‬ ‫ت‬ ‫بطيب‬ ‫لو أعرت البدور ضوعك ماتم‬ ‫مارك‬ ‫ي‬ ‫‪-‬‬ ‫ر‬ ‫‪ 4‬مذا‬ ‫ي ذ‬ ‫عب_د‪١‬‏‬ ‫أنت غصن غصن من دوحة خصها‬ ‫وجعه‬ ‫أأ‬ ‫ي‬ ‫يشهد الحرب والكريهة منه‬ ‫استغثت‬ ‫سان‬ ‫‪ 3‬عقيل‬ ‫جبل تنبت الأرامل والأيتام‬ ‫راحة‬ ‫اأأ‬ ‫ى‬ ‫أأذن<‬ ‫‏‪١‬‬ ‫‪9‬‬ ‫إلا‬ ‫بعد حرب‬ ‫النجار‬ ‫أذرت بحرب‬ ‫وكلا ما الفلس كالذينار‬ ‫ل‬ ‫وإذا ما جعلت كالناس أعيا‬ ‫ليس همي في‬ ‫نحلة‬ ‫الفراق مابين‬ ‫منكم لو‬ ‫السرج والملجم‬ ‫ولو ألي أعطربتضعف‬ ‫القتاطير‬ ‫بعد‬ ‫وقدار‬ ‫صالح‬ ‫أنه نو الخمار‬ ‫القنطار‬ ‫في‬ ‫القنطار‬ ‫والانتقام والاغتة‬ ‫أنا منكم في الأمر والنهي والشدة‬ ‫عندي المقربات من نسل الأعو‬ ‫ج‬ ‫‪٣٣٢٣‬‬ ‫يمرحن‬ ‫ب‬ ‫أنا‬ ‫ذ‬ ‫ار‬ ‫ي‬ ‫| لاو‬ ‫ار‬ ‫ومتى ما‬ ‫اختبرت‬ ‫حالي‬ ‫صامت‬ ‫فكم من‬ ‫ناطق و عقار‬ ‫لي من‬ ‫ما لغيري إذ بعتك الوشي بالوشي‬ ‫بيع الأشعار بالأشعار[‪]٧٤٨‬‏‬ ‫النقص و المرو عة في الدين‬ ‫ال_شغار‬ ‫ومن‬ ‫لأهل‬ ‫و لأحمد بن هتبمل شعر كثير ‪ 4‬وديو انة موجود‬ ‫الى هذه‬ ‫النك‬ ‫الغاية ۔ سنة ثمان‬ ‫ومائتين وألف‪ ،‬وهو ديوان كبير‪ ،‬ولم أقف على تاريخ وفاته‪.‬‬ ‫‪٣٣٤‬‬ ‫اح‬ ‫نك‬ ‫اح‬ ‫وستين‬ ‫الموضوع_‬ ‫فهرس‬ ا‪ لجزء‫‏‪ الرابع‬ ‫سعيد بن أحمد بن مبارك الكندي ‪‬‬ ‫سعيد بن أحمد بن سعيد الكندي ‪‬‬ الشيخ الرئيس جاعد بن خميس الخروصي (أبو نبهان) [تفسير فاتحة الكتاب] ‫السيد الورع مهنا بن خلفان ‪‬‬ ‫ابو محمد ناصر بن جاعد بن خميس الخروصي ‪‬‬ ‫‏‪‬‬‫‏‪‬‬‫الباب السابع‬ ‫في ذكر أسماء شعرائهم الجاهلية والإسلامية‬ ‫على ما اتصل إلينا علمنا عنهم‪ ‬وبالله التوفيق‬ ‫[امرؤ القيس] ‪ ‬‬ ‫‏‪‬‬‫[فهد بن عبد الله العجلان]‬ ‫‏‪‬‬‫[ثرملة بن شعبان]‬ ‫‏‪‬‬‫[حبيب بن أوس] ‪‬‬ ‫‏‪‬‬‫[دعبل بن علي الخزاعي]‪ :‬‏‪‬‬ ‫ ‏‪‬‬‫[كثير عزَة]‪:‬‬ ‫[البحتري] ‪‬‬‫‏‪‬‬ ‫أبو الطيب المتنبي‬ ‫‏‪‬‬‫‏‪‬‬‫الحاتمى ‪‬‬ ‬‫ابن هانئ الأندلسي‬ ‫‏‪‬‬‫‏‪‬‬‫جميل بثينة‬‫! ‏‪‬‬ ‫الوزير المهلبي‬ ‫بهاء الدين زهير‬ ‫‬‫‏‪‬‬‫سرى الرفاء‬ ‫أبو المعالي الحظيري‬ ‫‏‪‬‬‫أبو زيد الأنصاري ‪‬‬‫‏‪‬‬‫‪‬‬‫ ‫ابن الفزضي ‪‬‬ ‫عبيد الله بن عبد الله بن طاهر‪‬‬ ‫القاضي الفاضل ‪‬‬ ‫ديك الجن ‬ ‫الحافظ‬ ‫المقدسي‬ ‫شرف الدين ابن المستوفي ‪‬‬ ‫صفي الدين الحلي ‫علي بن هتيمل الحميري الأزدي‬‫‪‬‬