‫العمانيون‬ ‫ُ‬ ‫والعلوم التجريبية‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫العمانيون‬ ‫ُ‬ ‫والعلوم التجريبية‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫صالح بن حممد بن سليمان السيابي‬ ُ   ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫الفهر�س‬ ‫الصفحة‬ ‫المحتويات‬ ‫تقديم د‪ .‬عمر لقمان سليمان‪٩..........................................‬‬ ‫تقديم د‪ .‬نبهان بن حارث الحراصي‪١١.................................‬‬ ‫مقدمة‪١٥..............................................................‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬اإلسالم والعلوم التجريبية‪٢١.............................‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬اإلسالم والعلم‪٢١.....................................‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬اإلسالم والعلوم التجريبية‪٢٧..........................‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬نظرة اإلسالم إلى العلوم التجريبية‪٢٩....................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أثر اإلسالم في العلوم التجريبية‪٣٩......................‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مساهمة المسلمين في الحضارة اإلنسانية الحديثة ‪٤٣...........‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬المنهج التجريبي‪٤٥.......................................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬العمل النوعي‪٤٧..........................................‬‬ ‫‪ -1‬الطب‪٤٨...........................................................‬‬ ‫‪ -٢‬الهندسة‪٥٠.........................................................‬‬ ‫‪ - ٣‬الفلك‪٥٠..........................................................‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪٥‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫‪ -٤‬المالحة البحرية‪٥٩................................................‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪ -٥‬الرياضيات‪٦٠......................................................‬‬ ‫‪ -٦‬الفيزياء‪٦٣..........................................................‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪ -٧‬الكيمياء‪٦٦.........................................................‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪ -٨‬األحياء‪٦٨..........................................................‬‬ ‫‪66‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬ال ُعمانيون والعلوم التجريبية‪٧٢..........................‬‬ ‫‪71‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬السمات العامة‪٧٨.....................................‬‬ ‫‪77‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التبادل العلمي‪٧٨.........................................‬‬ ‫‪77‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬األدب والرسومات‪٨٢....................................‬‬ ‫‪81‬‬ ‫‪83‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬علماء الشرع والعلوم التجريبية‪٨٤......................‬‬ ‫‪89‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬المرأة ال ُعمانية والعلوم التجريبية‪٩٠.....................‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬مدارس العلوم التجريبية‪٩٦...........................‬‬ ‫‪95‬‬ ‫والطب‪١٠٠.................................‬‬ ‫‪99....‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬ال ُعمانيون‬ ‫المطلب األول‪ :‬أول معجم لغوي طبي في التاريخ‪1٠٢..................‬‬ ‫‪١٠١‬‬ ‫تفوق أبي محمد العلمي‪1٠٥...........................................‬‬ ‫‪١٠٤‬‬ ‫ُّ‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أسرة آل هاشم الرستاقيين‪1٠٨............................‬‬ ‫‪١٠٧‬‬ ‫‪١٠٨‬‬ ‫الطبيبان األخوان راشد بن خلف وثاني بن خلف‪1٠٩........................‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫مبارك‪11٤............................................‬‬ ‫‪١١٣‬‬ ‫الطبيب علي بن‬ ‫‪١١٣‬‬ ‫ميرة‪11٤............................................‬‬ ‫الطبيب راشد بن ُع‬ ‫العقري‪1٣٢.................‬‬ ‫‪١٣١‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬الطبيبان بشير الفزاري وعلي‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬أطباء ومصنفات أخرى‪1٣٤.............................‬‬ ‫‪١٣٣‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬ال ُعمانيون والهندسة‪١٤٠.............................‬‬ ‫‪١٣٩‬‬ ‫األفالج‪1٤٢......................................‬‬ ‫‪١٤١‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬هندسة‬ ‫األفالج‪1٤٥......................................................‬‬ ‫‪١٤٤‬‬ ‫أنواع‬ ‫الفلج‪1٥٠................................................‬‬ ‫‪١٤٩‬‬ ‫مراحل إنشاء‬ ‫األفالج‪1٦٦......................................‬‬ ‫‪١٦٥‬‬ ‫مخطوط في هندسة‬ ‫‪١٦٧‬‬ ‫والحصون‪1٦٨............................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬هندسة القالع‬ ‫‪١٧٠‬‬ ‫قلعة نزوى‪1٧٢........................................................‬‬ ‫جبرين‪1٧٦......................................................‬‬ ‫‪١٧٥‬‬ ‫حصن‬ ‫الحزم‪1٨٠......................................................‬‬ ‫‪١٧٩‬‬ ‫حصن‬ ‫والفلك‪١٨٤................................‬‬ ‫‪١٨٣‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬ال ُعمانيون‬ ‫المطلب األول‪ :‬تنوع مجاالت استخدام الفلك‪1٨٤......................‬‬ ‫األفالج‪1٩٦.............‬‬ ‫‪167‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬استخدام الفلك في تقسيم مياه‬ ‫مانيين‪٢٠٢................‬‬ ‫‪219‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬بعض تصنيفات الفلكيين ال ُع‬ ‫‪٧‬‬ ‫‪‬‬ ‫ُ‬ ‫‪٢١٠‬‬ ‫‪209‬‬ ‫البحرية‬ ‫ ُ‬ ‫‪211‬‬ ‫‪٢١٢..............‬‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ّ‬ ‫‪٢١٤‬‬ ‫‪213‬‬ ‫ َ‬ ‫ ُ‬ ‫‪٢٢٠‬‬ ‫‪219‬‬ ‫‪٢٣٨‬‬ ‫‪237‬‬ ‫‪٢٤٢‬‬ ‫‪241‬‬ ‫‪٢٤٤.........‬‬ ‫‪243‬‬ ‫ ُ‬ ‫‪٢٥٠‬‬ ‫‪249‬‬ ‫‪٢٥٤‬‬ ‫‪255‬‬ ‫‪٨‬‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫‪٩‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ستُظهر الحقائق المغمورة‪ .‬وما قدمه الباحث مشكورا يعد عمال ناجحا‬ ‫الى أبعد حد‪ .‬وإعادة االعتبار للجانب العلمي ال ينقص من افتخار ُعمان‬ ‫بفقهها‪ ،‬بل هو ما يؤكد أن للعلماء الموسوعيين مصداقية‪ ،‬إذ تخصصوا في‬ ‫الطب والفقه على السواء‪.‬‬ ‫وأختم مالحظتي بأن ما قام به الباحث من جهد يعد مح ّفزا على مواصلة‬ ‫الجهد في هذا الجانب دون االستنقاص من الجهد الذي يعد فرضا وواجبا‬ ‫في الجانب الشرعي‪ .‬وهذا البحث في النهاية يعد إضافة لبنة في الصرح‬ ‫ال ُعماني وليس تكرارا واجترارا لما سبق‪ .‬وال َّله الموفق للصواب‪.‬‬ ‫‪1٠‬‬ ‫ ُ‬ ‫ ً‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫‪١١‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫إن الشواهد على تميز ال ُعمانيين علميا كثيرة‪ ،‬أغلبها ما زال حاضر ًا‬ ‫ومشاهدا‪ ،‬فاألفالج الكثيرة المنتشرة في كل بقاع ُعمان تثبت علميا اشتغال‬ ‫ال ُعمانيين بالهندسة على نطاق واسع‪ .‬فالقنوات المائية‪ ،‬وطريقة استخراج‬ ‫الماء من أعماق األرض دون وجود تقانات وأجهزة‪ ،‬أو طريقة توزيع الماء‬ ‫بعد ذلك عن طريق الشمس والنجوم‪ ،‬كلها ترتكز على قواعد علمية متقنة‪.‬‬ ‫واألمر ال يقتصر على هندسة األفالج‪ ،‬فالعمران مثال آخر‪ ،‬والشواهد‬ ‫كثيرة‪ ،‬فنظام الحارات ال ُعمانية القديمة‪ ،‬والقالع‪ ،‬والحصون‪ ،‬كلها تثبت‬ ‫بأن ال ُعماني أجاد التخطيط‪ ،‬والهندسة‪ ،‬والتناغم مع البيئة‪ ،‬واستخالص‬ ‫مواد طبيعية سخرها لخدمته‪ ،‬ولبناء المدن والتعمير‪.‬‬ ‫المراجع العلمية‪ ،‬على قلتها‪ ،‬تثبت أيضا بأن ال ُعمانيين المشتغلين‬ ‫بالعلوم التجريبية استخدموا المنهج العلمي الرصين للوصول إلى الحقائق‪.‬‬ ‫وكانوا يجيدونها‪ ،‬ويملكون التقنيات الالزمة لتطبيقها والخروج بنتائج‪.‬‬ ‫ومن األمثلة على هذه الممارسات ما ورد عن تشريح العين واتصالها‬ ‫بالدماغ للطبيب راشد بن عميرة‪ .‬وهذا مثال حي على أن ممارسة الطب ال‬ ‫تعتمد على الخبرة وتوارث المهنة فقط‪ ،‬بل قائمة على التحليل والتقصي‬ ‫وإجراء التجارب‪ .‬ومن األمثلة األخرى ما ورد من أرقام ورسومات في‬ ‫كتاب «ناصر بن علي الخضوري» بعنوان «معدن األسرار في علم البحار»‪.‬‬ ‫وهذا الكتاب يثبت العمل الميداني الكبير الذي تطلبه معرفة نسب الطول‬ ‫والعرض‪ ،‬وتحديد المسافات وأماكن البلدان‪.‬‬ ‫يسعى مؤلف هذا الكتاب األستاذ صالح بن محمد السيابي إلى تجميع‬ ‫أكبر قدر ممكن من المادة العلمية عن مساهمة ال ُعمانيين في العلوم‬ ‫‪1٢‬‬ ‫التجريبية‪ ،‬وأبرز أعالم ُعمان ممن اشتغلوا وساهموا في هذه العلوم‪.‬‬ ‫واالشتغال بالبحث والتحري في هذا الموضوع أمر شاق لسببين‪ :‬أولهما‬ ‫إن المتوفر من النتاج الفكري المتعلق بالعلوم التجريبية قليل جد ًا إذا ما‬ ‫قورن بالعلوم الدينية‪ ،‬واإلنسانية‪ ،‬واألدب‪ .‬ويكمن السبب اآلخر في أن‬ ‫اإلنسان ال ُعماني رغم اشتغاله الدائم بالعلوم التجريبية إال أن تعامله معها‬ ‫بقي في أغلبه معرفة ضمنية‪ .‬أي تناقل المعرفة من جيل إلى آخر‪ ،‬أو من‬ ‫األب لالبن‪ ،‬دون اللجوء للتدوين والكتابة‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن المؤ ِّلف تعامل مع‬ ‫المتوفر من المراجع في هذا المجال‪ ،‬كما أنه اجتهد خالل ثالث السنوات‬ ‫الماضية في االلتقاء ببعض المهتمين بالمجال‪ ،‬وحضور المناسبات‬ ‫العلمية كالندوات والمؤتمرات‪ ،‬ومراجعة بعض المواد الفلمية وتحليلها‪،‬‬ ‫التي أثرت جميعها البحث‪ ،‬وأسهمت في الخروج برؤية متكاملة حول‬ ‫الموضوع‪.‬‬ ‫كتاب «ال ُعمانيون والعلوم التجريبية» يعد اآلن أكبر جهد متكامل في‬ ‫هذا الموضوع‪ ،‬والمرجع األبرز في المجال‪ ،‬كما أنه يسهم بالتعريف بك ٍَّم‬ ‫كبير جد ًا من المراجع المتخصصة في المجال‪ ،‬ستكون الحقا زاد ًا لطلبة‬ ‫العلم‪ .‬يحتوي الكتاب أيضا على مجموعة من الرسومات التوضيحية‪،‬‬ ‫والصور التي تتناغم مع النص وتكسبه واقعية أكبر‪.‬‬ ‫ال يسعني في النهاية إال أن أتقدم لمؤلف الكتاب بالشكر والثناء على‬ ‫هذا الجهد الكبير‪ ،‬والمثابرة في إكمال هذا العمل الذي مر بمراحل متعددة‪،‬‬ ‫والبحث عن أكبر عدد ممكن من المراجع ذات العالقة‪ ،‬ليقدم لنا في النهاية‬ ‫عمال بحثيا أصيال ومتميزا‪ ،‬يقدم اإلضافة المأمولة للمكتبة العربية‪ ،‬ويفتح‬ ‫مدارك الباحثين لمزيد من البحث حول هذا الموضوع‪.‬‬ ‫‪1٣‬‬  ُ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُُ‬ ‫ُّ َ ْ ٍ َ ِ ٌ‬ ‫َ‬ ‫)‪(١‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ )‪(٢‬‬ ‫ْ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ ِ‬ ‫ ِ‬ ‫ ِ َ‬ ‫ ُ‬ ‫‪٧٥‬‬ ‫)‪(١‬‬ ‫‪٢٣٩‬‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫‪١٥‬‬ ‫‪‬‬ ‫ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ً‬ ‫ ً‬ ‫ ً‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ ِ‬ ‫‪١٦‬‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫‪١٧‬‬ ‫‪‬‬ ‫ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ َ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫‪١٨‬‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ َ ُ‬ ‫ َ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫‪١٩‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫قطرة من بحر الحضارة ال ُعمانية‪ ،‬وجانب من جوانبها المتعددة‪.‬‬ ‫وال َّله الموفق لما فيه الخير‪ ،‬وأسأله اإلخالص في القول والعمل‪،‬‬ ‫والخالص في الدنيا واآلخرة‪ ،‬وصل ال َّلهم على سيدنا محمد وعلى آله‬ ‫وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫صالح بن محمد بن سليمان السيابي‬ ‫نفعاء ‪ -‬والية بدبد‬ ‫‪ 1٠‬محرم ‪ 1٤٣٩‬هـ ‪ 1 /‬أكتوبر ‪ ٢٠1٧‬م‬ ‫للتواصل والتعقيب‪:‬‬ ‫‪٠٠٩٦٨ ٩٩٤1٦٥٦٠ /Salehoman@gmail.com‬‬ ‫‪٢٠‬‬ ‫الف�سل الأول‪ :‬الإ�سالم والعلوم التجريبية‪:‬‬ ‫العلم نور لإلنسان‪ ،‬به يهتدي في الظلمات‪ ،‬وسالح ال بد منه لعبور‬ ‫طريق الحياة؛ للحصول على النجاة‪ .‬وهو ‪-‬بجانب كمال العقل‪ -‬مما يتميز‬ ‫وه َب ُه ال َّل ُه القدرة على كسب العلوم‬ ‫به اإلنسان على غيره من المخلوقات‪َ ،‬‬ ‫وتعليمها‪ ،‬وتحليل المعلومات واستنباط النتائج‪ ،‬وصوال إلى االنتفاع‬ ‫والتطبيق والعمل بما توصل إليه‪ .‬والعلم وسيلة لحل المشكالت‪ ،‬وتخ ِّطي‬ ‫العقبات‪ ،‬وهو أساس من أسس تعمير األرض وقيام الحضارات‪ .‬وهو‬ ‫والغنى لألفراد والمجتمعات‪ ،‬وال‬ ‫سبب رئيس من أسباب القوة والمنعة ِ‬ ‫سبب من أسباب الفقر والضعف والتقهقر‪ .‬فما هي نظرة‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫الجهل‬ ‫شك أن‬ ‫اإلسالم إلى العلم بشكل عام؟ وما رأيه فيما يخص العلوم التجريبية؟ وما‬ ‫مدى مساهمة المسلمين في الحضارة الحديثة؟‬ ‫المبحث الأول‪ :‬الإ�سالم والعلم‪:‬‬ ‫حث اإلسال ُم على طلب العلم‪ ،‬والسعي إليه باختالف مجاالته‪ ،‬ما‬ ‫َّ‬ ‫دام شرعيا نافعا‪ ،‬ويظهر ذلك جليا من خالل تعاليم اإلسالم وتشريعاته؛‬ ‫مما يدل على أهمية العلم في اإلســالم‪ ،‬وكونه أساس ًا من األسس التي‬ ‫تقوم عليها الشريعة الربانية‪ ،‬وركيزة من الركائز التي تُبنى عليها الحضارة‬ ‫اإلنسانية؛ فال حضارة بدون علم‪ ،‬وال عمران لألرض ‪-‬كما أمر ال َّله‪ -‬إن‬ ‫لم ينتشر العلم ويوجد العلماء في مختلف الحقول العلمية النافعة‪ .‬لذلك‬ ‫‪٢1‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫جاءت الكثير من اآليات القرآنية‪ ،‬واألحاديث النبوية رافع ًة من شأن العلم‬ ‫والعلماء‪ ،‬وداعي ًة لطلب العلم النافع؛ لعمارة األرض كما أمر ال َّله تعالى‪،‬‬ ‫سخره ال َّله لإلنسان‪ ،‬ولخدمة اإلنسانية وتوفير الراحة واألمن‬ ‫والستغالل ما َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫لها‪ ،‬قال ال َّله تعالى على لسان رسوله صالح عليه السالم‪ :‬ه َو أنشأكم‬ ‫ِيها ‪.(1(‬‬ ‫ّم َِن ْالَ ْر ِض َو ْ‬ ‫اس َت ْع َم َر ُك ْم ف َ‬ ‫أمر بالقراءة‪ ،‬والتي هي‬ ‫إن أول آية نزلت من القرآن‪ ،‬بل أول كلمة ْهي ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َْ ْ َّ َ‬ ‫ك الِي َخل َق‪،(٢(‬‬ ‫تعالى‪ :‬اق ْ َرأ بِاس ِم رب ِ‬ ‫أساس العلم وأهم طرقه‪ ،‬قال ال َّله‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ َ ُّ َ‬ ‫ك الك َر ُم‪ ،(٣(‬وفي اآلية التالية‬ ‫ويتكرر األمر بعد آية واحدة‪ :‬اقرأ ورب‬ ‫يذكّرنا ال َّله تعالى بأنه هو من ع ّلم اإلنسان العلوم‪ ،‬وينبه إلى أداة العلم‬ ‫َّ ْ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫األساسية‪ :‬القلم‪ ،‬بقوله‪ :‬الِي َعل َم بِالقل ِم‪ ،(٤(‬وفي ذلك إشارة واضحة‬ ‫على أهمية القراءة والكتابة في دين ال َّله‪ .‬ويحدد ال َّله تعالى الطريق لمن أراد‬ ‫َّ َ ْ َ‬ ‫الخشية منه والتقرب إليه تعالى‪ ،‬وهو طريق العلم‪ ،‬قال ‪ :‬إِن َما يش‬ ‫اء ۗ ‪ ،(٥(‬فال خشية من ال َّله بدون العلم الموصل إلى‬ ‫الل م ِْن ع َِبادِه ِ الْ ُعلَ َم ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫معرفة ال َّله تعالى‪ ،‬ومعرفة صفاته الجليلة‪.‬‬ ‫ويكفي شرفا للعلم وأهله أن ال َّله تعالى رفع درجة الذين أوتوا العلم‬ ‫ُ ْ َ َّ َ ُ ُ ْ ْ‬ ‫الل َّال َ‬‫كما رفع درجة المؤمنين‪ ،‬يَ ْرفَعِ َّ ُ‬ ‫ِين أوتوا العِل َم‬ ‫آم ُنوا مِنكم وال‬ ‫ِين َ‬ ‫ات ۚ ‪ ،(٦(‬وهذا يعني أن الفرق شاسع بين أهل العلم وغيرهم‪ ،‬كما‬ ‫ََ َ‬ ‫درج ٍ‬ ‫َّ َ َ ْ َ ُ َ َ َّ َ َ‬ ‫ُْ َْ‬ ‫ِين ل‬ ‫يقرر ال َّله تعالى ذلك في قوله‪ :‬قل هل ي َ ْس َتوِي الِين يعلمون وال‬ ‫(‪ (1‬سورة هود‪٦1/‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة العلق‪1/‬‬ ‫(‪ (٣‬سورة العلق‪٣/‬‬ ‫(‪ (٤‬سورة العلق‪٤/‬‬ ‫(‪ (٥‬سورة فاطر‪٢٨/‬‬ ‫(‪ (٦‬سورة المجادلة‪11/‬‬ ‫‪٢٢‬‬ ‫َ َ‬ ‫َي ْعل ُمون ۗ‪ ،(1(‬وألهمية العلم يأمرنا ال َّله تعالى بأن ندعو بزيادة العلم‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َّ ّ ْ‬ ‫ب زِد ِن عِل ًما‪.(٢(‬‬ ‫‪‬وقل ر ِ‬ ‫بل العلم نعمة من نعم ال َّله تعالى التي م َّن بها على أنبيائه الذين اصطفاهم‬ ‫َ ََ‬ ‫لحمل رسالته للناس‪ ،‬ففي يوسف عليه السالم يقول تعالى‪َ  :‬ول َّما بَلغ‬ ‫َ (‪(٣‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َّ ُ َ ْ َ ُ ُ ْ ً َ ْ ً َ َ َ ٰ َ َ ْ‬ ‫أشده آتيناه حكما وعِلما ۚ وكذل ِك نزِي المح ِسنِني‪ ، ‬واألمر كذلك في‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ى آتي َناهُ ُحك ًما َوعِل ًما ۚ َوكذٰل ِك‬ ‫اس َت َو ٰ َ ْ‬ ‫موسى عليه السالم‪َ  ،‬ول َ َّما بَلَ َغ أَ ُش َّدهُ َو ْ‬ ‫سن َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ني‪ ،(٤(‬وأيضا بالنسبة لداود وسليمان عليهما السالم‪ ،‬بل‬ ‫ن ِزي ال ُمح ِ ِ‬ ‫ََ‬ ‫كان حمدهما ل َّله تعالى لتفضيلهما على كثير من المؤمنين بالعلم‪َ  ،‬ولق ْد‬ ‫َ َّ َ َ َ َ ٰ َ‬ ‫َ ْ َ َ ُ َ َ ُ َ ْ َ َ ْ ً َ َ َ ْ َ ْ ُ َّ َّ‬ ‫ري ّم ِْن ع َِبادِه ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ث‬ ‫ك‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ض‬ ‫ف‬ ‫ِي‬ ‫ال‬ ‫آتينا داوود وسليمان عِلما ۖ وقال المد ِللِ‬ ‫ِني‪.(٥(‬‬ ‫ال ْ ُم ْؤ ِمن َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ُ َّ‬ ‫اء ك َها‪ ،(٦(‬وفي‬ ‫ولقد ع ّلم ال َّله تعالى آدم األسماء‪ ،‬وعلم آدم السم‬ ‫قصة آدم والمالئكة وعالقتهم بالعلم يقول سماحة الشيخ الخليلي‪« :‬وفي‬ ‫هذه القصة تنويه بشأن العلم والعلماء‪ ،‬وبيان لقيمته في موازين اإلسالم‪،‬‬ ‫شرف اإلنسان؛ فبوأه منصب الخالفة في األرض بما آتاه من‬ ‫فإن ال َّله إنما َّ‬ ‫العلم‪ ،‬وقد رفع قدره به على أقدار مالئكته المعصومين من الزلل الدائبين‬ ‫على الطاعة»(‪.(٧‬‬ ‫(‪ (1‬سورة الزمر‪٩/‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة طه‪11٤/‬‬ ‫(‪ (٣‬سورة يوسف‪٢٢/‬‬ ‫(‪ (٤‬سورة القصص‪1٤/‬‬ ‫(‪ (٥‬سورة النمل‪1٥/‬‬ ‫(‪ (٦‬سورة البقرة‪٣1/‬‬ ‫(‪ (٧‬أحمد بن حمد الخليلي‪ ،‬جواهر التفسير أنوار من بيان التنزيل‪ ،‬مكتبة االستقامة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ج‪،٣‬‬ ‫ص‪٤٤‬‬ ‫‪٢٣‬‬ ‫‪‬‬ ‫ُ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫ ً‬ ‫ ُ ِ‬ ‫‪«:‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫»‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫»‬ ‫ ُ‬ ‫‪،٣‬‬ ‫‪١٧٥‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪١٤‬‬ ‫‪٢٠‬‬ ‫‪٢٠١٣‬‬ ‫‪١٤٣٤‬‬ ‫‪١٤‬‬ ‫‪٢١‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪١٥-١٤‬‬ ‫‪٢٢‬‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫‪٢٤‬‬ « (١( » .(٢(» (٣( ١٥ ٢٣ (١( ٢٠١٤ ١٤٣٥ ،١ (٢( ٤٥ (١ (٣( ٢٥ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫للبشرية‪ ،‬مع عدم مخالفتها للشرع‪ ،‬بل أتقنوها وبرعوا فيها؛ وتعلم منهم‬ ‫غيرهم‪.‬‬ ‫الصورة (‪ :)1‬تقسيم بعض العلوم في اإلسالم‬ ‫‪٢٦‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الإ�سالم والعلوم التجريبية‪:‬‬ ‫العلم التجريبي‪« :‬هو العلم المبني على التجارب الحسية في الطبيعة‬ ‫ومشاهدتها‪ ،‬وعلى النظر والتأمل في كل ما خلق ال َّله‪ ،‬وعلى استخالص‬ ‫قوانين التكوين والهدم والتسخير»(‪ ،(1‬كالطب والهندسة والفلك والكيمياء‬ ‫والفيزياء‪ .‬وال شك أن هذه العلوم من األهمية بمكان‪ ،‬وتحتل مرتبة عالية‬ ‫في ُس َّلم اهتمامات األمــم والشعوب‪ ،‬وعليها تقوم الحضارات مهما‬ ‫اختلفت في معتقداتها‪ ،‬خاصة في عصرنا الحاضر‪ ،‬الذي أصبح القوي فيه‬ ‫‪-‬في نظر البشر‪ -‬هو من يملك العلم التجريبي‪ ،‬ويملك التقنية التي تعتمد‬ ‫على علوم الهندسة والفيزياء والرياضيات‪ ،‬وغيرها من العلوم‪.‬‬ ‫لقد أصبح الطب ‪-‬الذي يتعامل أساسا مع األبــدان‪ -‬ال يستغني عن‬ ‫التقنية واألجهزة‪ ،‬سواء في التشخيص والفحص‪ ،‬أو في العالج والعمليات‬ ‫الجراحية‪ ،‬أو في صنع األدوية والعقاقير‪ .‬كذلك الهندسة‪ ،‬فهي تعتمد‬ ‫اعتمادا كبيرا على غيرها من العلوم‪ ،‬كالفيزياء والكيمياء والرياضيات‪ .‬و َمن‬ ‫الذي يستغني عن الهندسة في وقتنا الحالي؟! ويكفي أن نضرب مثاال على‬ ‫ذلك بهندسة شبكات الحواسيب وهندسة االتصاالت‪ ،‬فما من شخص‬ ‫وال شعب وال دولة وال ِعلم وال ثقافة مهما اختلفت أفكارها ومبادؤها‬ ‫وأساليبها‪ ،‬وال مكون من مكونات هذا العصر إال في حاجة ماسة لهذا النوع‬ ‫(‪ (1‬يوسف السويدي‪ ،‬اإلسالم والعلم التجريبي‪ ،‬مكتبة الفالح‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪ 1٤٠٠ ،1‬هـ‪1٩٨٠/‬‬ ‫م‪ ،‬ص‪1٤‬‬ ‫‪٢٧‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫من الهندسة إن أراد التفوق واالنتشار‪.‬‬ ‫أما علم الفلك‪ ،‬فإن كان السابقون قد احتاجوا إليه من أجل توقيت األيام‬ ‫والسنوات‪ ،‬وتحديد المواعيد والعبادات‪ ،‬وغير ذلك من االستخدامات‪،‬‬ ‫فإن الفلك اليوم ُيستفاد منه في النقل ودقة التنبؤات واألرصــاد‪ ،‬وعلوم‬ ‫الفضاء وزيــارة الكواكب واألقــمــار‪ ،‬فكيف نظر اإلســالم إلــى العلوم‬ ‫التجريبية؟ وما مدى تأثيره على تطورها واتساع استخدامها؟‬ ‫‪٢٨‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬نظرة الإ�سالم اإلى العلوم التجريبية‪:‬‬ ‫إن العلم الذي يحض عليه اإلسالم ‪-‬كما ورد في المبحث السابق‪ -‬ال‬ ‫يقتصر على العلم المتعلق بالعقيدة‪ ،‬أو التشريع‪ ،‬أو األخالق‪ ،‬أو ما يحتاجه‬ ‫الناس من أوجه المعامالت بينهم‪ ،‬بل األمر أوسع من ذلك بكثير‪ .‬فاإلسالم‬ ‫يدعو إلى كل ما فيه خير ومنفعة للبشرية‪ ،‬وما يستطيع الناس به عمارة‬ ‫األرض كما أمر ال َّله تعالى‪ .‬فهذا نبي ال َّله سليمان يذكر نعمة ال َّله عليه بأن‬ ‫اس‬ ‫ود ۖ َوقَ َال يَا َأ ُّي َها انلَّ ُ‬ ‫َ َ َ ُ ََْ ُ َ ُ َ‬ ‫ع ّلمه منطق الطير‪ ،‬قال تعالى‪ :‬وورِث سليمان داو‬ ‫ني‪،(1(‬‬ ‫ْ‬ ‫ض ُل ال ُمب ُ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ ٰ َ َ ُ َ َ ْ‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ذ‬‫ه‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ۖ‬ ‫ء‬ ‫ش‬ ‫ك َ ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ا‬ ‫الط ْري َوأُوت َ‬ ‫ِين‬ ‫ُع ّل ِْم َنا َمنط َق َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َّ ْ َ ُ َ ْ َ َ َُ‬ ‫وس‬ ‫ويم ّن ال َّله تعالى على نبيه داود بما علمه من الصنعة‪ :‬وعلمناه صنعة ل ٍ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ ْ ُ ْ َ ُ ّ َ ْ ُ َ ْ َ َ‬ ‫ِك ْم ۖ ف َهل أ ُنت ْم شاك ُِرون‪ ،(٢(‬وفي ذلك تنبيه إلى‬ ‫لكم لِ ح ِصنكم مِن بأس‬ ‫الح َرف الصناعية‪ .‬وفي آية أخرى إشارة إلى تعلي ِم الحيوانات‬ ‫أهمية تعلم ِ‬ ‫واالستفادة مما جعله ال َّله فيها من قدرة قد ال تتوفر في البشر‪ ،‬قال‬ ‫ِ‬ ‫الصيدَ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ات ۙ َو َما َعل ْم ُتم ّم َِن‬ ‫الط ّي َب ُ‬ ‫ِ‬ ‫ك ُم َّ‬ ‫تعالى‪ :‬ي َ ْسألونك َماذا أحِل ل ُه ْم ۖ قل أحِل ل‬ ‫كمْ‬ ‫ْ َ َ ِ ُ َ ّ َ ُ َ ّ ُ َ ُ َّ َّ َ َّ َ ُ ُ َّ ُ َ ُ ُ َّ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ ُ‬ ‫الوارِح مكِبِني تعل ِمونهن مِما علمكم الل ۖ فكوا مِما أمسكن علي‬ ‫اب‪.(٣(‬‬ ‫الل َ ُ ْ َ‬ ‫الل ۚ إ َّن َّ َ‬ ‫اللِ َعلَيْهِ ۖ َو َّات ُقوا َّ َ‬ ‫َ ْ ُ ُ ْ َ َّ‬ ‫سيع ال ِس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واذكروا اسم‬ ‫وكثيرة هي اآليات القرآنية التي تدعو إلى التدبر والتفكر في الكون‪،‬‬ ‫(‪ (1‬سورة النمل‪1٦/‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة األنبياء‪٨٠/‬‬ ‫(‪ (٣‬سورة المائدة‪٤/‬‬ ‫‪٢٩‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫نظره وإدرا ُكــه‪ ،‬يقول ال َّله‬ ‫بدء ًا من اإلنسان نفسه‪ ،‬حتى آخر ما يصل إليه ُ‬ ‫ُ ْ َ ُْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ ّْ‬ ‫َْ‬ ‫صون‪،(1(‬‬ ‫تعالى‪َ  :‬و ِف ال ْر ِض آيَات ل ِل ُموقِن ِني ؀ َو ِف أنفسِكم ۚ أفل تب ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بل هناك األمر الصريح بالنظر في جوانب الكون المختلفة‪ :‬ق ِل انظ ُروا‬ ‫َْ‬ ‫اوات َو ْالَ ْر ِض ۚ‪ ،(٢(‬وكقوله تعالى‪ :‬قُ ْل س ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ف ال ْر ِض‬ ‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ِري‬ ‫اذا ف َّ‬ ‫الس َم َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ك َ ْ‬ ‫َ ُ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َّ َّ ُ ُ ُ َّ ْ َ َ ْ َ َ َّ َّ َ َ َ ٰ ُ ّ‬ ‫ش ٍء‬ ‫فانظروا كيف بدأ اللق ۚ ثم الل ينشِ ئ النشأة الخِرة ۚ إِن الل ع ِ‬ ‫ِير‪ .(٣(‬ولقد أزاح القرآن الكريم عن كاهل العقل اإلنساني كل ما يعوقه‬ ‫قَد ٌ‬ ‫عن المالحظة والتفكر(‪ ،(٤‬ويذهب عميد كلية العلوم بالظهران إلى أبعد‬ ‫من ذلك‪ ،‬فيقول‪« :‬وال ريب أن ما ورد في القرآن الكريم من حث لإلنسان‬ ‫على النظر في ملكوت السماوات واألرض كان القوة الدافعة وراء هذه‬ ‫األبحاث العلمية»(‪.(٥‬‬ ‫ويرشد ال َّله تعالى في كثير من اآليات إلى االستفادة مما سخره لنا من‬ ‫الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم‪ ،‬فهي بجانب كونها آيات تدل‬ ‫عليه سبحانه وعلى صفاته العظيمة‪ ،‬فهي كذلك هدية ربانية لنستخدمها‬ ‫ج َ‬ ‫ك ُم انلُّ ُ‬ ‫َ ََ َ ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫وم‬ ‫فيما يجلب الخير للبشرية‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬وه َو الِي جعل ل‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ّ ْ ْ َ ْ َ َّ ْ َ ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ات ل ِق ْو ٍم َي ْعل ُمون‪،(٦(‬‬ ‫بِ َوالَح ِر ۗ قد فصلنا اليَ ِ‬ ‫َُْ‬ ‫لِ َهتدوا ب ِ َها ِف ظل َم ِ‬ ‫ات ال‬ ‫(‪ (1‬سورة الذاريات‪٢1-٢٠/‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة يونس‪1٠1/‬‬ ‫(‪ (٣‬سورة العنكبوت‪٢٠/‬‬ ‫(‪ (٤‬عدنان محمد زرزور‪ ،‬التوجيه اإلسالمي للعلوم والمعارف‪ ،‬مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر‬ ‫والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ 1٤1٢ ،‬هـ‪ 1٩٩٢/‬م‪ ،‬ص‪٢٧‬‬ ‫(‪ (٥‬علي عبدال َّله الدفاع‪ ،‬العلوم البحتة في الحضارة العربية اإلسالمية‪ ،‬مؤسسة الرسالة للطباعة‬ ‫والنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪1٩‬‬ ‫(‪ (٦‬سورة األنعام‪٩٧/‬‬ ‫‪٣٠‬‬ ُ َ ْ َِ َ َ َ ُ َ ََ ً ُ َ َ َْ َ ً َ َ ْ ََ َ َُ ِ ِ ِ ْ َ ِ ِ َ ْ ُ ِّ َُ َّ ْ َ َ ُ ََ َ َ َ َ ِ ْ َ َ ِ ِّ َ َ َ ٍ ِ ِ ِ ِٰ َْ َ َ َ ْ ََ َ َ َ َْ َْ َ َ َ (١( َ َُْ َ ِ َ َ َ ََُْ َ ْ ُ ّ ِّ ً ْ َ ُ َ ْ َ ِّ ًَ ُْ َ ََ َْ َ َ َ ْ ََ ِ ِ ِ ِ ِ ً َْ ُ َْ َ ْ َ َُ َ َ ْ َ َ .(٢( ِ ٍ ِ ِ ِّ ٥ (١( ١٢ (٢( ٤ (٣( ١٤٩-١٤٨ ٢٠٣٨ ٣١ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫َان ال َمحا َل َة‪َ ،‬فث ُل ٌث ل َط َع ِام ِه‪ ،‬و ُث ُل ٌث لِشرابِ ِه‪َ ،‬و ُث ُل ٌث لِنَ َف ِس ِه»(‪.(1‬‬ ‫ُص ْل ُب ُه‪ ،‬فإِ ْن ك َ‬ ‫ومما يوجد في كتاب ال َّله ما يدعو إلى تعلم الهندسة واالهتمام بها أيما‬ ‫اهتمام؛ فهي عنصر أساسي من عناصر إرهاب العدو والدفاع عن النفس‬ ‫والمال والوطن والعرض‪ ،‬وذلك عندما تُستخدم في صناعة األسلحة‬ ‫واآلالت الحربية األخرى‪ ،‬وما يلحق ذلك ويعينه من شبكات اتصاالت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ومراقبة وتخطيط‪ ،‬حينها يتم تطبيق األمر اإللهي القائل‪َ  :‬وأع ُِّدوا ل ُهم َّما‬ ‫ُ‬ ‫اس َت َط ْع ُتم ّمِن ق َّو ٍة ‪ .(٢(‬وإن كانت القوة سابقا هي السيوف والرماح والخيول؛‬ ‫ْ‬ ‫فهي اآلن الصواريخ والدبابات والطائرات والرشاشات والغواصات‪،‬‬ ‫وأجهزة الرصد والتتبع واالتصاالت‪ ،‬وأنظمة المراقبة وتحديد األهداف‪،‬‬ ‫وكل ذلك قائم على عدة أنواع من الهندسة‪ ،‬منها الميكانيكية واالتصاالت‬ ‫والشبكات‪ .‬وقد أمرنا ال َّله تعالى بإعداد القوة‪ ،‬وال يمكن أن يكون هذا‬ ‫اإلعداد باالعتماد على العدو فيما تحتاجه األمة إلرهابه؛ ألنه سيتحكم‬ ‫كما وكي ًفا‪ ،‬استمرارا وانقطاعا‪ ،‬جودة ورداءة؛ لذا ال بد‬ ‫فيما يصل إلينا‪ً ،‬‬ ‫لألمة من التفوق واالستقالل التام في مجال الهندسة والتصنيع‪.‬‬ ‫وفيما يخص التصنيع أيضا‪ ،‬توجد إشارات في القرآن إلى االهتمام به‬ ‫من خالل ذكر عنصر من أهم العناصر المستخدمة في الصناعات المختلفة‪،‬‬ ‫وهو الحديد لذي يحمل اسم سورة كاملة‪ ،‬وفيها أن ال َّله تعالى يم ُّن على‬ ‫عباده بإنزال هذا العنصر الشديد‪ ،‬والذي يمكن للناس أن ينتفعوا به انتفاعا‬ ‫(‪ (1‬محمد بن عيسى الترمذي‪ ،‬سنن الترمذي‪ ،‬ج‪ ،٤‬كتاب‪ :‬الزهد‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء في كراهية كثرة‬ ‫األكل‪ ،‬رقم‪ ،٢٣٨٠ :‬ص ‪٣1٧‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة األنفال‪٦٠/‬‬ ‫‪٣٢‬‬ ‫اس‪ ،(1(‬وال‬ ‫ِيد َو َم َناف ُِع ل َِّلن ِ‬ ‫ِيد فِيهِ بَأ ْ ٌس َشد ٌ‬ ‫نز ْنلَا ْ َ‬ ‫الد َ‬ ‫واسعا‪ ،‬قال ‪ :‬أَ َ‬ ‫ريب أن من أهم هذه المنافع استخدامه فيما يحقق للناس مصالحهم‬ ‫وأمنهم وراحتهم‪ ،‬وال يتأتى ذلك إال بالتصنيع‪ .‬ومن األنبياء الذين اهتموا‬ ‫باالنتفاع بالحديد داود عليه السالم‪ ،‬وقد أنعم ال َّله عليه بأن َأال َن له هذا‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ َ َ ُ َ َّ َ ْ ً َ‬ ‫ج َبال أ ّوِ ِب َم َع ُه‬ ‫العنصر القاسي‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ولقد آتينا داوود مِنا فضل ۖ يا ِ‬ ‫َ َّ ْ َ َ‬ ‫ِيد‪ .(٢(‬أما ذو القرنين‪ ،‬فقد ذكر القرآن أنه استخدم‬ ‫الد َ‬ ‫ري ۖ َوأ َنلَّا َ ُل ْ َ‬ ‫والط‬ ‫الحديد استخداما عظيما لخدمة شعب وإنقاذه من قوم مفسدين‪ ،‬بأن أقام‬ ‫بينهما سدا منيعا‪ ،‬مستخدا الحديد كعنصر أساسي في بنائه؛ مما كان له‬ ‫األثر البالغ في قوة السد ومتانته؛ فلم يستطع القوم المفسدون اختراقه إال‬ ‫الس َّدي ْ ِن َو َج َد‬ ‫ني َّ‬ ‫ت إ َذا بَلَ َغ َب ْ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫أن يشاء ال َّله ذلك‪ ،‬يقول المولى سبحانه‪ :‬ح ٰ ِ‬ ‫ون قَ ْو ًل ؀ قَالُوا يَا َذا الْ َق ْر َن ْني إ َّن يَأ ْ ُجوجَ‬ ‫ُ َ َ ْ ً َّ َ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫مِن دون ِ ِهما قوما ل يكادون يفقه‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ع أن تْ َعل بَيْ َنناَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك َخ ْر ًجا ٰ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫ََْ ُ َ ُْ ُ َ‬ ‫ومأجوج مفسِدون ِف الر ِض فهل نعل ل‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِينون ب ُق َّوة أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك ّن فِيهِ َر ّب َخ ْ ٌ‬ ‫َ َ َ َ َّ‬ ‫ج َعل بَيْ َنك ْم‬ ‫ري فأع ِ ِ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َو َبيْ َن ُه ْم َس ًّدا ؀ قال ما م‬ ‫َ َّ ٰ َ َ َ ٰ َ ْ َ َّ َ َ ْ َ َ ُ ُ‬ ‫ني قال انفخوا ۖ‬ ‫ُ َ َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََُْ ْ َ ْ ً‬ ‫ون زبر الدِي ِد ۖ حت إِذا ساوى بني الصدف ِ‬ ‫وبينهم ردما ؀ آت ِ‬ ‫اعوا أَن َي ْظ َه ُروهُ َوماَ‬ ‫اس َط ُ‬ ‫؀ف َما ْ‬ ‫َ َّ ٰ َ َ َ َ ُ َ ً َ َ ُ ُ ْ ْ َ َ ْ ْ ً َ‬ ‫ون أفرِغ عليهِ ق ِطرا‬ ‫حت إِذا جعله نارا قال آت ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اء َوع ُد َر ِب َج َعل ُه دك َء ۖ‬ ‫َ َ ْ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حة ّمِن َّر ِب ۖ فإِذا ج‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫اعوا َ ُل َن ْق ًبا ؀ قَ َال َهٰذا َر َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اس َت َط ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ ّ ًّ‬ ‫َوكن َوع ُد َر ِب َحقا‪.(٣(‬‬ ‫(‪ (1‬سورة الحديد‪٢٥/‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة سبأ‪1٠/‬‬ ‫(‪ (٣‬سورة الكهف‪٩٨-٩٣/‬‬ ‫‪٣٣‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫وإيماني ًا‪ ،‬فإن التعمق في هذه العلوم يورث قوة يقين بال َّله في نفس العالِم‬ ‫بها؛ تجعله يقترب أكثر من الخالق؛ لما يراه من الحقائق العلمية والنواميس‬ ‫الكونية والتي ال يراها غيره‪ ،‬يقول الشيخ أبو إسحاق أطفيش(‪« :(1‬وال شك‬ ‫كاف في اإليمان‪ ،‬لك َّن التحقق من هذه‬ ‫أنه وإن س َّلمنا أن النظر السطحي ٍ‬ ‫األشياء على الطرق العلمية مما يورث كمال اليقين‪ .‬إن اعتقاد الناظر في‬ ‫هذه العلوم والعالِم ببعض تفاصيلها هو االعتقاد الكامل الذي يعد النفس‬ ‫الطبيب دقائق خلق ال َّله‬ ‫ُ‬ ‫إلى االقتراب من موجد العوالم»(‪ .(٢‬فحينما يعاين‬ ‫في اإلنسان‪ ،‬ويرى تنوع األجهزة وتفاعلها مع بعضها ونشاطها المستمر‪،‬‬ ‫ويتحقق من فائدة كل عضو‪ ،‬بل كل خلية في اإلنسان؛ يتيقن من عظمة‬ ‫الفلكي حركات‬ ‫ُّ‬ ‫الخالق ورحمته باإلنسان وتفضيله له‪ .‬وعندما يرقب‬ ‫النجوم والكواكب وباقي األجرام‪ ،‬وينظر إلى أحجامها العظيمة وأبعادها‬ ‫الهائلة‪ ،‬ويشاهد دقة النظام الكوني وسيره سيرا منتظما بال خلل أو زلل؛‬ ‫يؤمن إيمانا عميقا بال َّله؛ فيخشى عقابه‪ ،‬ويرجو ثوابه‪.‬‬ ‫وال ريب أن االهتمام بهذه العلوم فيه دعوة لآلخرين لدين ال َّله؛ وذلك‬ ‫لما يوجد في النصوص الشرعية من دالالت علمية بحتة لم يكتشفها البشر‬ ‫قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كما يقول سماحة الشيخ الخليلي داعيا المختصين في‬ ‫(‪ (1‬إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن يوسف‪ ،‬ولد عام ‪ 1٣٠٥‬هـ‪ 1٨٨٦/‬م‪ ،‬عالم من بني‬ ‫يسجن بميزاب‪ ،‬أخذ مبتدئ العلم عن عمه قطب األئمة وآخرين‪ ،‬من آثاره‪ :‬الفرق بين‬ ‫اإلباضية والخوارج‪ ،‬وموجز تاريخ اإلباضية‪ ،‬والقطب اطفيش‪ ،‬توفي في القاهرة سنة ‪1٣٨٥‬‬ ‫هـ‪ 1٩٦٥/‬م‪ ،‬انظر‪ :‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬معجم أعالم اإلباضية‪ ،‬جمعية التراث‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫‪ 1٤٢٠‬هـ‪ 1٩٩٩/‬م‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪٤٨-٤٤‬‬ ‫(‪ (٢‬أبو إسحاق إبراهيم أطفيش‪ ،‬الدعاية إلى سبيل المؤمنين‪ ،‬مكتبة الضامري للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫مسقط‪ ،‬ط‪ 1٤٣٦ ،٣‬هـ‪ ٢٠1٥/‬م‪ ،‬ص‪٧٥‬‬ ‫‪٣٤‬‬ ‫العلوم الكونية لالعتناء بهذا الجانب في أحد دروسه‪« :‬وكل الذي أريد أن‬ ‫أصل إليه هو شحن هذه الهمم على ربط العلوم الكونية بالقرآن الكريم؛‬ ‫ليكون ما يصل إليه المسلم من اكتشاف في نواحي هذه العلوم وسيلة‬ ‫من وسائل إبالغ هذه الدعوة‪ ،‬وحجة من الحجج التي يدمغ بها شبهات‬ ‫المبطلين؛ فإن القرآن الكريم تسطع حجته على هذا العالم اإلنساني منذ‬ ‫مكونُه‪ .‬القرآن‬ ‫َ‬ ‫الكون ِّ‬ ‫إنزاله على قلب الرسول األمين صلى الله عليه وسلم وإلى أن يرث هذا‬ ‫الكريم أشار من خالل عبارته التي يقيم فيها الحجة على معانديه وجاحديه‬ ‫إلى كثير من الحقائق الكونية التي لم تكن العلوم البشرية قد وصلت إلى‬ ‫فهمها واقتنائها في ذلك الوقت‪ ،‬وبهذا يتجلى أن هذا القرآن الكريم كما‬ ‫أخبر ال َّله تعالى أنه هو ذكر للعالمين‪ ،‬فهو رسالة ال َّله التي تواجه هذه‬ ‫البشرية في أطوارها المتقلبة»(‪.(1‬‬ ‫كما أني أرى أن لهذه العلوم التجريبية فائدة دعوية أخرى‪ ،‬وهي سرعة‬ ‫االقتناع واالستجابة للداعية المتخصص في أحد هذه العلوم‪ ،‬أو لمن‬ ‫يستخدم هذه العلوم في الدعوة إلى ال َّله؛ فعندما يتحدث الداعية الطبيب‬ ‫مستخدما الحقائق الطبية‪ ،‬وعندما يتحدث الداعية الفلكي مستخدما ما‬ ‫تأكد للعالم من معلومات فلكية‪ ،‬حينها تكون الدعوة إلى ال َّله أكثر فاعلية‬ ‫وأعظم تأثيرا‪ ،‬وال َّله أعلم‪ .‬لذا‪ ،‬فإن على المسلمين استغالل علوم الطب‬ ‫والفلك واألحياء وغيرها من العلوم التجريبية إلثبات عقيدة التوحيد‪،‬‬ ‫وصدق القرآن والحديث‪ ،‬وذلك من خالل ما يسمى بــ(اإلعجاز العلمي)‪،‬‬ ‫(‪ (1‬أحمد بن حمد الخليلي‪ ،‬اإلعجاز العلمي في القرآن الكريم (محاضرة مقدمة في جامعة‬ ‫السلطان قابوس‪ ،‬مسقط‪ ،‬مادة سمعية)‬ ‫‪٣٥‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ني ل َ ُه ْم أنَّ ُه ْ َ‬ ‫ال ُّق ۗ ‪.(1(‬‬ ‫اق َو ِف أ ُنف ِس ِه ْم َح َّ ٰ‬ ‫ت يَتَ َب َّ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫قال تعالى‪َ  :‬س ُ ْ َ َ‬ ‫ني ِهم آيات ِنا ِف الف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويرى علماء المسلمين أن تع ّلم هذه العلوم من األمور الالزمة وهي من‬ ‫فروض الكفاية‪ ،‬التي ال بد من القيام بها في كل عصر ومصر‪ ،‬يقول الشيخ‬ ‫أبو إسحاق إبراهيم اطف ِّيش بعدما ب َّين شيئا من أهمية بعض العلوم‪« :‬يتبين‬ ‫للمطلع على ما كتبناه على الفنون‪ ،‬وما أتينا به باختصار‪ ،‬وألممنا به من تلك‬ ‫الفنون الحيوية‪ ،‬عدم منافاته للقرآن واإلسالم‪ ،‬ويتبين له كونها من الواجبات‬ ‫الحيوية‪ ،‬والعدة الالزمة من انكسار شوكة اإلسالم وانهدام أطمه‪ ،‬وانهزام‬ ‫أنصاره أمام أي قوة أجنبية عنه تحاول القضاء عليه وطمس معالمه‪ ،‬وتلك‬ ‫من وسائل إعالء كلمة ال َّله»(‪ .(٢‬ويؤكد على إلزامية تعلم هذه العلوم الشيخ‬ ‫المرموري بقوله‪« :‬فيلزم أن نتعلم العلوم األخرى كعلم الحساب‪ ،‬وعلم‬ ‫الفلك والجيولوجيا‪ ،‬وعلم النفس والكيمياء‪ ،‬وحتى علم الشريعة يحتاج‬ ‫إلى مثل هذه العلوم كعلم الطب وعلم الحساب وعلم الهندسة؛ فالعلوم‬ ‫يخدم بعضها بعضا‪ ،‬ولكن ال بدّ لنا أن نبتدئ بعلوم الدين»(‪ .(٣‬وجاء في‬ ‫(إحياء علوم الدين) للغزالي(‪( (٤‬ت ‪ ٥٠٥‬هـ)‪« :‬أما فرض الكفاية فهو كل‬ ‫علم ال ُيستغنى عنه في قوام أمور الدنيا ‪،‬كالطب إذ هو ضروري في حاجة‬ ‫(‪ (1‬سورة فصلت‪٥٣/‬‬ ‫(‪ (٢‬أبو إسحاق إبراهيم أطفيش‪ ،‬الدعاية إلى سبيل المؤمنين‪ ،‬ص‪٧٤‬‬ ‫(‪ (٣‬الناصر بن محمد المرموري‪ ،‬في رحاب السنة (شرح الجامع الصحيح لإلمام الربيع بن‬ ‫حبيب)‪ ،‬جمعية التراث‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪ 1٤٣٥ ،٢‬هـ‪ ٢٠1٤/‬م‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪٢٣‬‬ ‫(‪ (٤‬أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي (‪ ٤٥٠‬هـ ‪ ٥٠٥ -‬هـ ‪1٠٥٨ /‬م ‪1111 -‬م(‪،‬‬ ‫فيلسوق متصوف‪ ،‬له نحو مئتي مصنف مولده ووفاته بخراسان‪ ،‬من كتبه‪ :‬إحياء علوم الدين‪،‬‬ ‫وتهافت الفالسفة‪ ،‬والمستصفى من علم األصول‪ ،‬انظر‪ :‬خير الدين الزركلي‪ ،‬األعالم‪:‬‬ ‫قاموس تراجم ألشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين ‪ ،‬دار العلم‬ ‫للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،٥‬مايو ‪ 1٩٨٠‬م‪ ،‬ج‪ ،٧‬ص‪٢٢‬‬ ‫‪٣٦‬‬ ‫بقاء األبدان‪ ،‬وكالحساب فإنه ضروري في المعامالت وفي قسمة الوصايا‬ ‫والمواريث وغيرهما‪ ،‬وهذه هي العلوم التي لو خال البلد عمن يقوم بها‬ ‫حرج أهل البلد‪ ،‬وإذا قام بها واحد كفي‪ ،‬وسقط الفرض عن اآلخرين»(‪.(1‬‬ ‫يقول أحد الباحثين‪« :‬والعلوم التجريبية تشكل فرعا من فروع العلم التي‬ ‫أجازها اإلسالم‪ ،‬وحث عليها‪ ،‬ودعا إليها؛ ليطلع الناس على ما في الكون‬ ‫من آيات وآثار وروائع؛ ليتحقق تعميق اإليمان بال َّله الذي جعل هذا الكون‬ ‫آية على وجوده وقدرته‪ ،‬ولالستفادة من أسرار هذا الكون وما سخره‬ ‫ال َّله»(‪ .(٢‬وال يتأتّى كل ذلك إال بالنظر والتفكر والتدبر فيما خلق ال َّله‪ ،‬ثم‬ ‫االختبار والتجربة‪ ،‬وبعدها االقتباس واالستنتاج‪ ،‬وأخيرا التطبيق ونشر‬ ‫الخير والمنفعة للناس‪.‬‬ ‫إن االهتمام بالعلوم التجريبية والتمكن فيها؛ يوفر لألمة االستقالل عن‬ ‫اآلخرين‪ ،‬وهذا هو المنهج الذي سعى النبي صلى الله عليه وسلم لترسيخه عند المسلمين‬ ‫في مختلف شؤون الحياة‪ ،‬يقول الشيخ الخليلي‪« :‬هكذا كل مجال من‬ ‫المجاالت ينبغي للمسلمين أن يكونوا مستقلين فيه ال يحتاجون إلى‬ ‫عدوهم‪ ،‬ومن بين هذه المجاالت التي يفرض فيها االستقالل لهذه األمة‬ ‫الطب‪ ،‬فكم هي منفعة األمة عندما يكون فيها األطباء المهرة‪ ،‬وعندما‬ ‫يكونون غير محتاجين إلى مهارة غيرهم في الطب؟»(‪ ،(٣‬ويقول سماحته‬ ‫في موضع آخر حا ًّثا الشباب على االهتمام بهذه العلوم‪ « :‬فالشباب المسلم‬ ‫(‪ (1‬محمد بن محمد الغزالي (أبو حامد)‪ ،‬تهذيب إحياء علوم الدين‪ ،‬هذبه‪ ،‬عبدالسالم هارون‪،‬‬ ‫دار التوزيع والنشر اإلسالمية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ 1٤1٨ ،1‬هـ‪ 1٩٩٧/‬م‪ ،‬ص‪٢٢‬‬ ‫(‪ (٢‬يوسف السويدي‪ ،‬اإلسالم والعلم التجريبي‪ ،‬ص‪1٦‬‬ ‫(‪ (٣‬أحمد بن حمد الخليلي‪ ،‬الطبيب المسلم والتحديات المعاصرة‪ ،‬محاضرة ألقاها في جامعة‬ ‫السلطان قابوس‪ ،‬مادة مكتوبة على المكتبة الشاملة اإلباضية‪ ،‬اإلصدار الخامس‬ ‫‪٣٧‬‬  ُ .(١( ُ َ ِ َ ُ ِ ْ ُ ْ َ ْ ِ َ ّ ِ َ ُ ِّ ُ ْ َ َ ْ َُ ََ ِ ِ ِ ِ ٍ ِ (٢( ْ ۚ ُُ َ ْ َ ُ ُ َُ ََُْ َ ْ ِ ُ ِ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ ِ ِ (١( ٣١ ٢٠٠١ ٦٠ (٢( ٣٨ ‫المطلب الثاني‪ :‬اأثر الإ�سالم في العلوم التجريبية‪:‬‬ ‫لقد انطلق المسلمون من قاعدة دينية قوية‪ ،‬تحثهم على طلب كل ما هو‬ ‫نافع‪ ،‬يقول أستاذ الكيمياء بجامعة األزهر‪« :‬وقد نشأ العلم عند المسلمين‬ ‫في الحقيقة في أحضان الدين‪ ،‬وكان ال يمكن الفصل بينهما»(‪ ،(1‬ويؤكد‬ ‫ذلك بقوله‪« :‬ولم يكن علماء العرب والمسلمين يفصلون بين العلوم التي‬ ‫تتصل بالقرآن الكريم‪ ،‬وبين العلوم األخرى‪ ،‬فكان العالم منهم يكتب فيها‬ ‫جميعا»(‪ .(٢‬ويوضح هذه الفكرة أحد الباحثين فيقول‪« :‬واإلسالم ال يفرق‬ ‫بين العلم الديني وغير الديني‪ ،‬إن تمزيق التعليم وتقسيمه إلى ديني وغير‬ ‫ديني ليس عمال إسالميا‪ ،‬وإنما هو مكيدة من أعداء هذا الدين؛ فاإلسالم‬ ‫يثيب الطبيب كما يثيب الفقيه‪ ،‬ويجعل أجر المهندس كأجر المحدِّ ث‪،‬‬ ‫ويحتفي بالفيزيائيين والكيميائيين‪ ،‬كما يحتفي تماما بالمفسرين مادام‬ ‫الجميع يبتغون وجه ال َّله تعالى»(‪ .(٣‬يقول أحد الباحثين‪« :‬ويبلغ عدد اآليات‬ ‫العلمية والكونية في القرآن الكريم حوالي ‪ ٧٥٠‬آية تشمل مختلف العلوم‪،‬‬ ‫يفرق المسلمون‬ ‫ونجد أن في كل علم جاء القرآن بأكثر من آية»؛ لذلك لم ّ‬ ‫وطوروا‬ ‫غيرهم ّ‬ ‫بين هذه العلوم‪ ،‬انطالقا مما يحثهم عليه دينهم؛ فأخذوا من ِ‬ ‫غيرهم‪.‬‬ ‫وأخذ عنهم ُ‬ ‫(‪ (1‬أحمد مدحت إسالم‪ ،‬علماء العرب والمسلمين وإنجازاتهم العلمية في بناء الحضارة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ 1٤٢٠ ،‬هـ‪ 1٩٩٩/‬م‪ ،‬ص‪11‬‬ ‫(‪ (٢‬أحمد مدحت إسالم‪ ،‬علماء العرب والمسلمين وإنجازاتهم العلمية في بناء الحضارة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬ص‪1٨‬‬ ‫(‪ (٣‬عبدالكريم محمد نصر‪ ،‬علوم العرب والمسلمين وأثرها في حضارة الغرب‪ ،‬ص‪1٨‬‬ ‫‪٣٩‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫اندفع المسلمون بسعة أفــق‪ ،‬جعلتهم يهتمون بالعلوم المختلفة‪،‬‬ ‫والمجاالت المتعددة‪ ،‬ومنها العلوم التجريبية التي هي موضوع بحثنا‪ .‬وال‬ ‫ريب أن اتصاف المسلمين بسعة األفق وحب المعرفة واإلقدام سمحت‬ ‫لهم بأخذ العلوم من اآلخرين‪ ،‬بل دفعتهم إلى العمل على التأكد من‬ ‫صحتها وتصحيح الخطأ فيها(‪.(1‬‬ ‫جعل اإلسالم حال العرب يتغير‪ ،‬وهمومهم تتبدل‪ ،‬وأفقهم يتوسع‪،‬‬ ‫والبرهان على ذلك كما يقول أحد الباحثين‪ :‬أن النظر إلى حال العرب‬ ‫قبل البعثة النبوية يدلنا على أن اإلسالم هو الدافع لتفوق المسلمين في‬ ‫العلوم(‪ .(٢‬ويوضح ذلك أستاذ الفلسفة بالجامعة اللبنانية‪ ،‬فيقول‪« :‬فالروح‬ ‫العلمية الصحيحة لم تتولد إال مع اإلسالم‪ ،‬بحكم التطورات العميقة التي‬ ‫فجر بها الجزيرة العربية‪ .‬فكان ظهور اإلسالم في قلب هذه الجزيرة حدثا‬ ‫فذا طبع العالم المتحضر كله آنذاك بطابعه‪ ،‬فضال عن العالم المتخلف‬ ‫الذي وصل إليه مده الزاخر بالعلم والحضارة»(‪ ،(٣‬بل يذهب إلى أبعد من‬ ‫ذلك بقوله‪« :‬وهكذا فاعتناق العرب لإلسالم ال يدل على مجرد القضاء‬ ‫على طائفة من العادات واألعراف كانت شائعة بينهم‪ ،‬وإنما كان وقبل كل‬ ‫شيء انقالبا شامال في ُم ُثل الحياة وأهدافها‪ ،‬وتبدال عميقا في المفاهيم‬ ‫والغايات وقيم األشياء‪ ،‬وخروجا من ظلمات القرون‪ ،‬وانفتاحا على العالم‬ ‫(‪ (1‬علي عبدال َّله الدفاع‪ ،‬العلوم البحتة في الحضارة العربية اإلسالمية‪ ،‬ص‪1٨‬‬ ‫(‪ (٢‬محمد عبد رب النبي سيد‪ ،‬فضل العرب على الغرب في مجال البحث التجريبي‪ ،‬دار السالم‬ ‫للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة‪ ،‬ط‪ 1٤٣٠ ،1‬هـ‪٢٠٠٩/‬م‪ ،‬ص‪٢٤‬‬ ‫(‪ (٣‬محمد عبدالرحمن مرحبا‪ ،‬المرجع في تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬دار الفيحاء‪ 1٩٧٨ ،‬م‪،‬‬ ‫ص‪1٨1‬‬ ‫‪٤٠‬‬ ‫الكبير الذي يموج بالملل والنحل والعقائد والفلسفات والعلوم والفنون‬ ‫واآلداب والحضارات»(‪.(1‬‬ ‫ويبين لنا أحد الغربيين ‪-‬وهو فرانتس روزنتال سنة ‪ 1٩٦٥‬م‪ -‬تفسيره‬ ‫للحافز الذي دفع المسلمين ألخذ العلوم األجنبية‪ ،‬فيقول‪« :‬ربما لم تكن‬ ‫المنفعة العملية التي ر َّغبت المسلمين بتعلم الطب والكيمياء والعلوم‬ ‫الدقيقة‪ ،‬وال المنفعة النظرية التي دفعتهم إلى االشتغال بقضايا فلسفية‪،‬‬ ‫تكفيان لتأسيس عملية ترجمة واسعة النطاق‪ ،‬لوال أن الدين اإلسالمي‬ ‫أبرز دور العلم منذ البداية‪ ،‬محركا رئيسيا للحياة الدينية؛ وبالتالي للحياة‬ ‫اإلنسانية كلها‪ ،‬فلوال هذه المكانة المركزية التي أعطاها اإلسالم للعلم‪ ،‬بل‬ ‫بدون هذا التبجيل الديني نوعا ما؛ لجاءت أعمال الترجمة ‪-‬أغلب الظن‪-‬‬ ‫أقل علمية وأقل إحاطة‪ ،‬والقتصرت على ما هو ضروري للغرض العملي‪،‬‬ ‫على غير ما كانت عليه فعال»(‪.(٢‬‬ ‫وهذا ما جعل الوضع في بالد المسلمين مختلفا تماما عما كانت عليه‬ ‫البالد األخرى‪ ،‬ومنها أوروبا في العصور التي كانت توصف بالمظلمة‪،‬‬ ‫ور ِق َّيا‪ .‬ويرى‬ ‫فهي عند المسلمين عصور ذهبية مشرقة ّبراقة‪ ،‬علما وتطورا ُ‬ ‫د‪ .‬زرزور أن منهج التسخير األدق واألشمل في القرآن الكريم عامل أساس‬ ‫في اكتشاف المسلمين للنظام العشري والجبر وقياس محيط الكرة األرضية‬ ‫(‪ (1‬محمد عبدالرحمن مرحبا‪ ،‬المرجع في تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪1٨٢‬‬ ‫(‪.Franz Rosenthal, DasFortleben der Antike im Islam, Zurich und Stuttgart 1965, S. 18 (٢‬‬ ‫نقال عن فؤاد سزكين‪ ،‬العلوم والتقنية في العالم اإلسالمي‪ ،‬نقله من األلمانية إلى العربية‪ :‬مازن‬ ‫عماوي‪ ،‬معهد تاريخ العلوم العربية واإلسالمية‪ ،‬جامعة فرانكفورت‪ ،‬ألمانيا االتحادية‪،‬‬ ‫‪ 1٤٢٧‬هـ‪ ٢٠٠٧/‬م‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬ص‪٨‬‬ ‫‪٤1‬‬ ‫‪‬‬ ‫ُ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫(‪.(٢‬‬ ‫ ِ َ‬ ‫‪٢٩‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪٣٦‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪٤٢‬‬ ‫المبحث الثالث‪:‬‬ ‫م�ساهمة الم�سلمين في الح�سارة الإن�سانية الحديثة‪:‬‬ ‫لقد برع المسلمون وساهموا في العلوم التجريبية مساهمة فاعلة؛‬ ‫أخذوا ما وصلت إليه أيديهم من الحضارات السابقة؛ فترجموه ودرسوه‬ ‫حتى أتقنوه‪ ،‬ثم زادوا عليهم بما فتح ال َّله به عليهم من االختراعات‬ ‫واالكتشافات‪ ،‬وبما وهبهم من اإلبداع وحسن التطبيق واالستخدامات؛‬ ‫فكانوا همزة وصل ربطت الحضارات الالحقة بالسابقة‪ ،‬وحفظوا بذلك‬ ‫علوم السابقين‪ ،‬وكان لهم فضل كبير في تطور علوم الالحقين؛ فاعترفت‬ ‫لهم الحضارة الحديثة بالفضل والسبق والتمكين‪« ،‬وليس أدل على نبوغ‬ ‫المسلمين في العلوم أن مؤلفاتهم ما زالت توضع موضع الصدارة بين‬ ‫المراجع العلمية‪ ،‬وليس أكثر فخرا للمسلمين من أنه حتى اليوم نجد‬ ‫الكثير من الكتب العلمية التي وضعها المسلمون تحتل أرفع مكانة في‬ ‫المكتبات العلمية في كل بالد العالم‪ ،‬وتضم المكتبة الكبرى بالفاتيكان‬ ‫معظم مؤلفات المسلمين باللغة العربية»(‪ .(1‬فماذا قدَّ م المسلمون للعا َلم؟‬ ‫وما هي المجاالت التي تفوقوا فيها؟‬ ‫(‪ (1‬عبدالكريم محمد نصر‪ ،‬علوم العرب والمسلمين وأثرها في حضارة الغرب‪ ،‬ص‪٢٠‬‬ ‫‪٤٣‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫المطلب الأول‪ :‬المنهج التجريبي‪:‬‬ ‫تفوق المسلمون وبرعوا في العلوم التجريبية عامة‪ ،‬واستفاد العالم منهم‬ ‫َّ‬ ‫استفاد ًة كبيرة‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالمنهج التجريبي‪ ،‬يقول أحد الباحثين‪:‬‬ ‫«وأهم ما قدمه اإلسالم للعلم‪ ،‬هو التنبيه على المنهج التجريبي بما فيه‬ ‫من المالحظة والتجربة»(‪ ،(1‬ويقول في موضع آخر‪« :‬لكن البحث العلمي‬ ‫األمين قد أثبت فضل الفكر اإلسالمي وسبقه في مجال علم المناهج‬ ‫وبخاصة المنهج التجريبي على الرغم مما يشاع من نسبة هذا الفضل وذلك‬ ‫السبق لبعض فالسفة الغرب ومفكريهم»(‪ .(٢‬ويوضح أحد أساتذة الكيمياء‬ ‫باألزهر أن المسلمين ابتدعوا المنهج التجريبي منذ القرن التاسع الميالدي‬ ‫والذي سمي فيما بعد بالمنهج العلمي‪ ،‬وكان عامال مهما في تقدم العلوم‬ ‫في مختلف المجاالت‪ ،‬يوضح ذلك بقوله‪« :‬وقد أحدث دويا هائال في‬ ‫أوســاط المشتغلين بالعلم في أوروبــا في القرن الخامس عشر والقرن‬ ‫السادس عشر‪ ،‬ونبههم إلى خطورة التجربة وأهميتها»(‪.(٣‬‬ ‫ويؤكد على ذلك بعض المستشرقين‪ ،‬كالمستشرقة األلمانية زيغرد‬ ‫هونكه‪ ،‬إذ تقول‪« :‬لقد طور العرب بتجاربهم وأبحاثهم العلمية ما أخذوه‬ ‫(‪ (1‬محمد عبد رب النبي سيد‪ ،‬فضل العرب على الغرب في مجال البحث التجريبي‪ ،‬ص‪٢٢‬‬ ‫(‪ (٢‬محمد عبد رب النبي سيد‪ ،‬فضل العرب على الغرب في مجال البحث التجريبي‪ ،‬ص‪٨‬‬ ‫(‪ (٣‬أحمد مدحت إسالم‪ ،‬علماء العرب والمسلمين وإنجازاتهم العلمية في بناء الحضارة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬ص‪٢٤‬‬ ‫‪٤٥‬‬  ُ .(١( .(٢( ‫ َ‬ (١( ٤٠١ ١٩٨١ ١٤٠١ ،٦ ٢٣٤ (٢( ٤٦ ‫المطلب الثاني‪ :‬العمل النوعي‪:‬‬ ‫إن للمسلمين الفضل في حفظ تراث الحضارات السابقة لهم‪ ،‬كالهندية‬ ‫والفارسية واليونانية‪ ،‬بل إنهم أضافوا وبرعوا؛ فاستفادوا وأفادوا غيرهم في‬ ‫مختلف مجاالت العلم المتعددة‪ .‬يقول مؤلفو كتاب تاريخ العرب‪« :‬لقد‬ ‫عقب عصر الترجمة حوالي (‪ ٢٣٥-1٣٢‬هـ ‪ ٨٥٠-٧٥٠ /‬م) عصر إنتاج‬ ‫وابتكار أثبت العرب فيه أنهم لم يكتفوا باقتباس تراث فارس القديم وتراث‬ ‫اليونان وهضمه‪ ،‬بل حولوا التراثين لحاجاتهم الخاصة وطرق تفكيرهم‪،‬‬ ‫وأضافوا إليهما ما استطاعوا أن يستنبطوه‪ .‬وقد ظهرت مآثرهم في الطب‬ ‫والفلسفة‪ ،‬ولكنها تجلت بنوع خاص في الكيمياء والفلك والرياضيات‬ ‫والجغرافيا»(‪.(1‬‬ ‫ويصور مشهد التطور العلمي أحد األساتذة بقوله‪« :‬تكلم علماء العرب‬ ‫ّ‬ ‫عن الجاذبية قبل نيوتن‪ ،‬وعن انكسار الضوء قبل ديكارت‪ ،‬وعن الدورة‬ ‫الدموية قبل وليم هارفى»(‪ .(٢‬وال شك أن ترجمة الكثير من أعمال العرب‬ ‫والمسلمين للغات الغربية ساهم بشكل كبير في انتقال المعارف والعلوم‬ ‫إلى أوروبا‪ ،‬كما سيظهر ذلك خالل األمثلة التالية‪.‬‬ ‫(‪ (1‬فيليب حتي وإدورد جرجي وجبرائيل جبور‪ ،‬تاريخ العرب‪ ،‬دار الكشاف للنشر والطباعة‬ ‫والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،٢٠٠٧ ،1٢‬ص‪٤٣٢‬‬ ‫(‪ (٢‬أحمد مدحت إسالم‪ ،‬علماء العرب والمسلمين وإنجازاتهم العلمية في بناء الحضارة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬ص‪٢٣‬‬ ‫‪٤٧‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫هناك الكثير من األسماء الالمعة في تاريخ المسلمين العلمي‪ ،‬وفي‬ ‫مختلف المجاالت‪ ،‬وال ريب أن حصرها من الصعوبة بمكان‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫أساس بحثنا هو ال ُعمانيون؛ ولذا سنركز هنا ‪-‬مع ذكر أمثلة بسيطة‪ -‬على‬ ‫بعض العلوم‪ ،‬منها المجاالت األربعة المقصودة بهذا البحث‪ ،‬وهي‪ :‬الطب‬ ‫والهندسة والفلك والمالحة البحرية‪.‬‬ ‫‪--1١‬الطب‪:‬‬ ‫الطب‪:‬‬ ‫برع المسلمون في علم الطب‪ ،‬وطوروه كثيرا‪ ،‬تقول المستشرقة األلمانية‬ ‫هونكه‪« :‬اتبع العرب في تدريس الطب طريقة عملية تفرض على طالب‬ ‫الطب أن يدخلوا مع المرضى في احتكاك دائم مثمر‪ ،‬فيقابلوا ما قد تل َّقوه‬ ‫نظريا بما يشاهدونه بأم أعينهم‪ .‬وهكذا تخرجت طبقة من األطباء الذين‬ ‫لم يشهد العالم لهم آنذاك مثيال إال في عصرنا الحديث»(‪ ،(1‬وتظهر أسبقية‬ ‫المسلمين في إنشاء المؤسسات الصحية حيث أن «أول مستشفى أنشئ في‬ ‫ديار اإلسالم أنشأه الخليفة األموي الوليد بن عبدالملك بن مروان(‪ (٢‬في‬ ‫دمشق عام ‪ ٨٨‬هـ‪ ٧٠٦/‬م»(‪.(٣‬‬ ‫ومن ألمع األطباء المسلمين الذين ال تزال أسماؤهم بارزة أبو بكر‬ ‫الــرازي‪ :‬واسمه محمد بن يحيى بن زكريا الــرازي من بالد فارس (ت‬ ‫(‪ (1‬زيغرد هونكه‪ ،‬شمس العرب تسطع على الغرب‪ ،‬ص‪٢٣٥‬‬ ‫(‪ (٢‬الوليد بن عبدالملك بن مروان (‪ ٩٦ - ٤٨‬هـ‪ ٧1٥ - ٦٦٨/‬م)‪ ،‬من ملوك الدولة األموية‬ ‫بالشام‪ ،‬كان ولوعا بالبناء والعمران‪ ،‬اهتم بإصالح الطرق وحفر اآلبار‪ ،‬وهو أول من أحدث‬ ‫المستشفيات في اإلسالم‪ ،‬توفي بدمشق‪ ،‬انظر‪ :‬خير الدين الزركلي‪ ،‬األعالم‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪1٢1‬‬ ‫(‪ (٣‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬هبة النيل العربية للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫القاهرة‪ ،‬ط‪ ،٢٠٠٩ ،1‬ص‪1٣٧‬‬ ‫‪٤٨‬‬ ‫ ُ‬ ٩٣٢ ٣٢٠ (١( ‫ ُ‬ Nonus Almansoris (٢( ١٨٦٦ ١٤٩٨ De Variolis et Morbillis(٣( .(٤( (٥( ١١٣ (١( ٢٥٠ (٢( ٢٥٠ (٣( ١٣٤ (٤( ١٣٢ (٥( ٤٩ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫جناح في أجمل بناء فيها لمآثر الطبيب الفيلسوف أبي بكر الرازي‪ ،‬كما‬ ‫أنشأت دارا لتدريس العلوم العربية ونقل آثارها المخطوطة إلى اللغة‬ ‫اإلنكليزية»(‪ .(1‬وتصفه المستشرقة األلمانية زيغرد فتقول‪« :‬هو الطبيب‬ ‫العملي الذي يعطي للمالحظة السريرية أهميتها وحقها! وهو المراقب‬ ‫المفكر والبحاثة الكيماوي المستقل والمجرب الناجح! وهو أخيرا‬ ‫المنهجي في عمله الذي أضفى على الطب في عصره نظاما رائعا ووضوحا‬ ‫يثير اإلعجاب!!»(‪.(٢‬‬ ‫‪ --2٢‬الهند�سة‪:‬‬ ‫الهند�سة‪:‬‬ ‫طور المسلمون والعرب قليال من هندسة اليونان‪ ،‬وتوسعوا في بعض‬ ‫ّ‬ ‫نواحيها‪ ،‬واستخدموها على نطاق واسع‪ ،‬بل حفظوها‪ ،‬وعنهم نُقلت إلى‬ ‫العالم‪ ،‬يقول األستاذ محمد عبدالرحمن مرحبا‪« :‬ولعل أعظم خدمة أداها‬ ‫العرب ل َّلهندسة اليونانية أنهم حفظوها من الضياع‪ ،‬واهتموا بها حينما‬ ‫أهملها غيرهم‪ .‬فإنما أخذ األوروبيون الهندسة اليونانية عن العرب أوال‬ ‫ال عن اليونان‪ ،‬فنقلوها إلى الالتينية وظلوا يتدارسونها كما عرفوها من‬ ‫العرب حتى أواخر القرن السادس عشر»(‪« .(٣‬ومن مآثر العرب أنهم جمعوا‬ ‫بين الهندسة والجبر‪ ،‬فاستخدموا الجبر في بعض األعمال الهندسية‪ ،‬كما‬ ‫استخدموا الهندسة لحل بعض األعمال الجبرية‪ ،‬فهم بذلك وضعوا‬ ‫أساس الهندسة التحليلية‪ ،‬فمهدوا السبيل لـ(ديكارت)(‪ (٤‬الكتشاف قوانين‬ ‫الهندسة التحليلية»(‪.(٥‬‬ ‫(‪ (1‬محمد عبدالرحمن مرحبا‪ ،‬المرجع في تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪٢٤٩‬‬ ‫(‪ (٢‬زيغرد هونكه‪ ،‬شمس العرب تسطع على الغرب‪ ،‬ص‪٢٥٧‬‬ ‫(‪ (٣‬محمد عبدالرحمن مرحبا‪ ،‬المرجع في تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪٣٨٣‬‬ ‫(‪ (٤‬فيلسوف ورياضي وفيزيائي فرنسي‪ ،‬ت ‪ 1٦٥٠‬م‬ ‫(‪ (٥‬عبدالكريم محمد نصر‪ ،‬علوم العرب والمسلمين وأثرها في حضارة الغرب‪ ،‬ص‪٣٩‬‬ ‫‪٥٠‬‬ ‫ويورد كتاب (المرجع في تاريخ العلوم عند العرب) عدد ًا ممن اشتهروا‬ ‫بهندسة البناء‪ ،‬وأبرزهم(‪:(1‬‬ ‫‪ -‬سعد أبو عثمان‪ :‬بنى قنطرة على خليج مصر في عهد عبدالعزيز بن‬ ‫مروان (‪ ٢٩‬هـ‪ ٦٨٨/‬م)‬ ‫‪ -‬صالح بن كيسان‪ :‬أشرف على تعمير مسجد النبي عليه السالم في‬ ‫المدينة أيام حكم الوليد (‪ ٨٧‬هـ‪٧٠٦/‬م)‬ ‫‪ -‬يحيى بن حنظلة‪ :‬بنى مسجد عمرو بن العاص (‪ ٩٢‬هـ‪ ٧٠٩/‬م)‬ ‫‪ -‬إسحاق بن قبيصة‪ :‬بنى قصرا لهشام بن عبدالملك (‪ 1٢٥‬هـ‪ ٧٤٣ /‬م)‬ ‫‪ -‬فتح ال َّله‪ :‬بنى قبة مسجد الزيتونة بتونس (‪ 1٥٠‬هـ‪ ٨٦٤/‬م)‬ ‫‪ -‬أحمد بن كثر الفارغاني‪ :‬بنى المقياس بجزيرة الروضة (‪٢٤٧‬‬ ‫هـ‪ ٩٦1/‬م)‬ ‫‪ -‬عبدال َّله بن القفاص‪ :‬بنى مجنبات البهو وقبة مسجد الزيتونة بتونس‬ ‫(‪ ٣٨٥‬هـ‪ ٩٩٥/‬م)‬ ‫ويبرز إبــداع المسلمين في هندسة المساحة والبناء في المساجد‬ ‫والقصور وغيرها(‪ ،(٢‬بل امتد عملهم إلى أوروبا وكنائسها‪ ،‬فإن «كثيرا من‬ ‫كنائس فرنسا قد تأثرت بالهندسة العربية‪ ،‬وال سيما في المدن التي كانت‬ ‫لها عالقات كثيرة مع الشرق‪ .‬وال غرو في ذلك‪ ،‬فقد استخدمت فرنسا‬ ‫كثيرا من المهندسين األجانب‪ ،‬وكان منهم العرب‪ ،‬حتى إن كنيسة نوتردام‬ ‫دي باري المشهورة عمل فيها مهندسون من العرب»(‪ .(٣‬وللعرب مؤلفات‬ ‫عديدة في المساحات والحجوم وتحليل المسائل الهندسية‪ ،‬واستخراج‬ ‫المسائل الحسابية بجهتي التحليل الهندسي والتقدير العددي‪ ،‬ورسم‬ ‫(‪ (1‬محمد عبدالرحمن مرحبا‪ ،‬المرجع في تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪٣٨٦‬‬ ‫(‪ (٢‬محمد عبدالرحمن مرحبا‪ ،‬المرجع في تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪٣٨٣‬‬ ‫(‪ (٣‬محمد عبدالرحمن مرحبا‪ ،‬المرجع في تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪٣٨٥‬‬ ‫‪٥1‬‬  ُ (١( ‫ ّ‬ .(٢( - - .(٣( .(٤( - .(٥( - ٥٠-٤٩ (١( ٨٧٣ ٢٦٠ (٢( ١٩٥ ٨ ٩٤٠ ٣٨٨ ٣٢٨ (٣( ٩٩٨ - ٢١ ٧ ١٠٣٨-٩٦٥ ٤٣٠-٣٥٤ (٤( ٨٤-٨٣ ٦ ٩٥١ ٣٤٠ (٥( ١٥٧ ٣ ٥٢ ‫في أوروبــا واستراليا والواليات المتحدة في هذا العصر»(‪ .(1‬واعتنى‬ ‫المسلمون بتخطيط المدن لتكون على أفضل حال من حيث توفر الوسائل‬ ‫والخدمات العامة‪« ،‬فقد ذكر المؤرخون أن المخططات لهذه المدن كانت‬ ‫ترسم على الورق والجلود واألقمشة‪ ،‬وكان يعمل لمبانيها المجسمات‬ ‫كما يفعل المهندسون في هذه األيام»(‪.(٢‬‬ ‫وقــد راعــى المسلمون في تخطيط الــمــدن(‪ :(٣‬الموقع الجغرافي‬ ‫واالستراتيجي ‪ -‬توفر الماء ووسائل العيش وسبل المواصالت ‪ -‬الشارع‬ ‫العظيم والطرق المتفرعة ‪ -‬التوزيع القبلي ‪ -‬الجامع ‪ -‬دار اإلمارة ‪ -‬بيت‬ ‫المال ‪ -‬الدواوين ومرابط الخيول ‪ -‬الحمامات والطواحين والمنتزهات‬ ‫‪ -‬توزيع األســواق حسب الصنعة والحرفة ‪ -‬وسائل الترفيه كالحدائق‬ ‫والساحات العامة ‪ -‬األســوار والخنادق والحصون واألبــراج؛ حتى أن‬ ‫بعض المراجع تصف المدن اإلسالمية بالقول‪« :‬وقد ظهر بعض هذه‬ ‫المدن كالمتوكلية(‪ (٤‬بعد تخطيطها وإنشائها كأنما هي رقعة الشطرنج»(‪.(٥‬‬ ‫ومن أبرز وأهم العلوم التطبيقية الهندسية التي اهتم به المسلمون‪،‬‬ ‫الهندسة الميكانيكية (الحركية)‪ ،‬أو ما يسمى سابق ًا بـ(علم ِ‬ ‫الح َيل)‪« ،‬وهو‬ ‫علم قديم اهتمت به الشعوب السابقة‪ ،‬مثل قدماء المصريين والصينيون‬ ‫واإلغريق والرومان‪ ،‬لكن معظم هذه الشعوب كانت تستعمله لألغراض‬ ‫(‪ (1‬محمد عبدالرحمن مرحبا‪ ،‬المرجع في تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪٣٨٧‬‬ ‫(‪ (٢‬محمد عبدالرحمن مرحبا‪ ،‬المرجع في تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪٣٨٧‬‬ ‫(‪ (٣‬محمد عبدالرحمن مرحبا‪ ،‬المرجع في تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪٣٨٨-٣٨٧‬‬ ‫(‪ (٤‬مدينة عراقية مندثرة‪ ،‬تقع شمال سامراء‪ ،‬بناها الخليفة العباسي المتوكل‪ ،‬في النصف األول‬ ‫من القرن الثالث الهجري‬ ‫(‪ (٥‬محمد عبدالرحمن مرحبا‪ ،‬المرجع في تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪٣٨٨‬‬ ‫‪٥٣‬‬ ‫‪‬‬ ‫ُ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫»‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪١٢‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪،(٤‬‬ ‫(‪.(٥‬‬ ‫‪،١‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪٩١‬‬ ‫‪٢٠٠٧‬‬ ‫‪١٤٢٨‬‬ ‫‪٩١‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪(٢‬‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫‪٩٢‬‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫‪٩٣‬‬ ‫(‪(٥‬‬ ‫‪٥٤‬‬ ‫الصورة (‪ :)٢‬إحدى رسومات الجزري في كتابه (الجامع بين العلم والعمل‪ ،‬النافع في صناعة الحيل)‪ ،‬نقال‬ ‫عن محمد عبدالرحمن مرحبا‪ ،‬المرجع في تاريخ العلوم عند العرب‪.‬‬ ‫ومما تميز به العرب وبرعوا فيه صناعة الساعات الشمسية باختالف‬ ‫أنواعها‪ ،‬ومنها «الساعة الشمسية الثابتة التي تعلن حلول وقت الغداء‬ ‫بصوت رنَّان‪ ،‬والساعة التي تسير على الماء‪ ،‬فتقذف في كل ساعة كرة‬ ‫ٍ‬ ‫‪٥٥‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫نسقة‪ ،‬الواحدة تلو‬ ‫في قدح معدني‪ .‬وصنعوا أيضا ساعات لها فتحات ُم َّ‬ ‫األخرى على هيئة نصف دائرة‪ ،‬تبرق كلما جاوزت الساعة الثانية عشرة‬ ‫وضاء‪ ،‬كما اخترعوا الساعات التي تعمل بواسطة‬ ‫ليال‪ ،‬ويمر فوقها هالل َّ‬ ‫األثقال والضغوط المختلفة»(‪.(1‬‬ ‫وال شك أن كتابات المسلمين واختراعاتهم في هذه المجاالت كانت‬ ‫سبقا متميزا‪ ،‬كما أنها شكَّلت نقلة نوعية في سبيل تقدم العلم عموما‪،‬‬ ‫والهندسة الميكانيكية الحركية خصوصا؛ وها نحن اليوم نعيش في عصر‬ ‫يعتمد اعتمادا كبيرا على هذا النوع من الهندسة‪ ،‬كحفر اآلبار وضخ المياه‪،‬‬ ‫والتنقيب عن النفط والغاز‪ ،‬ونقل المواد بين مختلف البلدان‪ ،‬وصناعة‬ ‫السيارات وغيرها من وسائل النقل‪ ،‬ورفع األثقال للبناء والتعمير‪ ،‬وتصنيع‬ ‫المعدات العسكرية واألسلحة‪ ،‬وغير ذلك الكثير من المكونات الضرورية‬ ‫للحياة المعاصرة‪.‬‬ ‫‪ --3٣‬الفلك‪:‬‬ ‫الفلك‪:‬‬ ‫تفوق المسلمون في علم الفلك تفوقا ملحوظا‪ ،‬وال غرابة في ذلك؛‬ ‫فالعديد من اآليات القرآنية تتحدث عن هذا المجال؛ باإلضافة إلى كون‬ ‫علم الفلك مرتبطا بشعائر المسلمين وعباداتهم‪« .‬وبين عام (‪- ٢٦٤‬‬ ‫‪ ٣٠٦‬هـ ‪ ٩1٨ - ٨٧٧ /‬م) نبغ في هذا العلم محمد بن جابر البتاني(‪،(٢‬‬ ‫(‪ (1‬محمد عبدالرحمن مرحبا‪ ،‬المرجع في تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪٣٥٢‬‬ ‫(‪ (٢‬أبو عبدال َّله محمد بن جابر بن سنان البتاني‪ ،‬من أهل حران‪ ،‬وسكن الرقة‪ ،‬ت ‪ ٣1٧‬هـ‪٩٢٩/‬‬ ‫م‪ ،‬فلكي مهندس‪ ،‬اشتغل برصد الكواكب‪ ،‬أول من اكتشف السمت( ‪ (Azimuth‬والنظير‬ ‫(‪ ،)Nadir‬من كتبه‪ :‬معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك‪ ،‬ورسالة في شرح أربع مقاالت‬ ‫لبطليموس‪ ،‬انظر‪ :‬خير الدين الزركلي‪ ،‬األعالم‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪٦٨‬‬ ‫‪٥٦‬‬ ‫وصحح الجداول‬ ‫ّ‬ ‫وعدّ ه علماء الغرب أنه أقدر عالم فلكي في عصره‪،‬‬ ‫الفلكية لمن سبقه في هذا العلم‪ ،‬وقد رحل إلى عدة مراصد منها مرصد‬ ‫(الرقة) وذلك لتحقيق بعض النتائج الفلكية‪ .‬وصحح أعمال الفلكيين‬ ‫السابقة بخصوص دورة القمر واألفالك‪ ،‬وبرهن على إمكانية الكسوف‬ ‫(‪(1‬‬ ‫الحلقي‪ ،‬وصحح مقدار طول السنة الشمسية‪ ،‬كما صحح أعمال أرسطو‬ ‫وبطليموس(‪ (٢‬الفلكية‪ ،‬وأخيرا سجل جميع اكتشافاته في الفلك في كتابه‬ ‫(الزيج الصابئي) الذي عدّ من أهم الكتب في علم الفلك‪ ،‬وكان مرجعا‬ ‫لهذا العلم في الشرق والغرب»(‪.(٣‬‬ ‫يبين األستاذ فوزي خضر المستوى الذي وصل إليه المسلمون بقوله‪:‬‬ ‫«لم يكتفوا بالدراسة النظرية‪ ،‬وإنما أنشأوا المراصد وابتدعوا كثيرا من‬ ‫آالت الرصد‪ ،‬فرصدوا األجــرام السماوية بنجومها وكواكبها السيارة‪،‬‬ ‫ورسموا لها الخرائط‪ ،‬ووضعوا لها الجداول الفلكية (األزياج)‪ ،‬وأطلقوا‬ ‫األسماء على النجوم والكواكب‪ ،‬وأخذت أوروبا عنهم ذلك‪ ،‬لدرجة أن ما‬ ‫يقرب من نصف النجوم المعروفة اليوم تحمل أسماء عربية عند األوروبيين‬ ‫أنفسهم»(‪ .(٤‬ويقول أيضا‪« :‬فالمسلمون قد فاقوا األمم التي سبقتهم في‬ ‫األرصاد والقياسات‪ ،‬لقد قاسوا محيط األرض في عصر المأمون(‪ (٥‬فكان‬ ‫(‪ (1‬فيلسوف يوناني‪ ،‬تلميذ أفالطون ومعلم اإلسكندر األكبر‪ ،‬عاش بين ‪ ٣٨٤‬ق‪.‬م ‪ ٣٢٢ -‬ق‪.‬م‬ ‫(‪ (٢‬عالم رياضيات إغريقية‪ ،‬وجغرافية‪ ،‬وعالم فلك ومنجم‪ ،‬ت ‪ 1٦1‬م‬ ‫(‪ (٣‬فؤاد سالمة جميعان‪ ،‬مآثر العرب العلمية أساس حضارة الغرب‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات‬ ‫والنشر‪ ،‬ط‪ ٢٠٠1 ،1‬م‪ 1٤٢٢/‬هـ‪ ،‬ص‪٢٥1‬‬ ‫(‪ (٤‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ص‪٢٢٧‬‬ ‫(‪ (٥‬عبد ال َّله بن هارون الرشيد (‪ ٢1٨-1٧٠‬هـ‪ ٨٣٣-٧٨٦/‬م) سابع الخلفاء من بني العباس‬ ‫في العراق‪ ،‬اهتم بترجمة كتب الفالسفة‪ ،‬قرب العلماء والفقهاء والمحدثين والمتكلمين‬ ‫وأهل اللغة واألخبار والمعرفة بالشعر واألنساب‪ ،‬انظر‪ :‬خير الدين الزركلي‪ ،‬األعالم‪ ،‬ج‪،٤‬‬ ‫ص‪1٤٢‬‬ ‫‪٥٧‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫‪ ٤1٢٤٨‬كيلومترا‪ ،‬وهو رقم قريب من القياس الحقيقي وهو‪٤٠٠٧٠ :‬‬ ‫كيلومترا»(‪.(1‬‬ ‫ومن إبداعهم فصل العلوم عن بعضها‪« ،‬وقد أدت براعة المسلمين في‬ ‫علم الفلك إلى إبداعهم في مجاالت أخرى‪ ،‬فقد انطلقوا من علم الفلك‬ ‫ففصلوا عنه علم حساب المثلثات على يد نصير الدين الطوسي الذي أنشأ‬ ‫مرصد مراغة الذي يعد من أهم المراصد في تارخ الفلك العالمي‪ ،‬فقد تمت‬ ‫فيه أعظم األرصاد الفلكية»(‪ .(٢‬وتصف المستشرقة األلمانية هونكه تقدم‬ ‫المسلمين في علم الفلك‪ ،‬وما قدّ موه من خدمات ألوروبا‪ ،‬حيث تقول‪:‬‬ ‫«فمن بين خمسمائة وأربعة وثالثين عالما فلكيا حفظ التاريخ أسماءهم‬ ‫وهو ‪-‬لعمري‪ -‬عدد لم يوجد إال عند القليل من الشعوب المتمدنة‪ ،‬فإن‬ ‫هناك عددا كبيرا آخر لم يساهم في تطوير علوم بالده فقط‪ ،‬بل قدم خدمات‬ ‫ُج َّلى لتعليم أوروبة الجاهلة»(‪(٣‬؛ مما يدلنا على المستوى العلمي الراقي‬ ‫الذين كان عليه المسلمون‪ ،‬وعلى دورهم الفعال في الحضارة اإلنسانية‬ ‫الحديثة‪ ،‬وعلى مساهمتهم في نشر العلوم وإفادة العالم عموما والغرب‬ ‫خصوصا‪.‬‬ ‫(‪::(٤‬‬ ‫(‪)٤‬‬ ‫البحرية‬ ‫املالحاتالبحرية‬ ‫‪--4٤‬المالحة‬ ‫ركب المسلمون البحر‪ ،‬وسيطروا على طرق التجارة؛ فكان ال بد‬ ‫لهم من علم يخوضون به الموج‪ ،‬ويعبرون به المحيطات‪ ،‬ويتجنبون به‬ ‫المخاطر‪ ،‬ويحددون به مواقعهم وخطوط سيرهم‪ ،‬فكان لهم ذلك؛ فخبروا‬ ‫البحر وجربوه‪ ،‬وأ َّلفوا فيه المصنفات العديدة‪ ،‬بل إنهم طوروا من األدوات‬ ‫(‪ (1‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ص‪٢٢٨‬‬ ‫(‪ (٢‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ص‪٢٣1‬‬ ‫(‪ (٣‬زيغرد هونكه‪ ،‬شمس العرب تسطع على الغرب‪ ،‬ص‪1٢٦‬‬ ‫(‪ (٤‬وما يتعلق بها من جغرافيا وفلك وأرصاد وتاريخ‬ ‫‪٥٨‬‬ ‫المستخدمة في اإلبحار‪ ،‬يقول الباحث محمد عوض ال َّله‪« :‬يرجع الفضل‬ ‫للعرب في تحسين آلتين مهمتين من أدوات المالحة كان لهما الفضل األكبر‬ ‫في كشوفات فاسكودي جاما وكولمبس وماجالن فيما بعد‪ :‬إحداهما‪ :‬هي‬ ‫آلة رصد النجوم المعروفة باإلسطرالب‪ ،‬واألخرى‪ :‬هي البوصلة البحرية‬ ‫المعروفة عند العرب ببيت اإلبرة»(‪.(1‬‬ ‫وأشهر المالحين العرب وأمهرهم الذين أ َّلفوا في علوم البحار‪ ،‬وبرعوا‬ ‫فيها‪ ،‬واكتشفوا واخترعوا‪ ،‬هو أحمد بن ماجد بن محمد بن عمرو السعدي‬ ‫(ت ‪ ٩٠٦‬هـ‪ /‬تقريبا ‪ 1٥٠٠‬م)‪ ،‬وقد ترك مجموعة من الكتب والرسائل‬ ‫تتناول علوم البحر وفنونه‪« ،‬ومؤلفاته محفوظة في المكتبة األهلية بباريس‬ ‫تحت رقم (‪ ٢٢٩٢،٩٥‬هـ)(‪ ،(٢‬وهو البحار الذي أطلق عليه المالحون‬ ‫البرتغاليون الذين عاصروه لقب (الميرانتي)(‪ ،(٣‬وهي كلمة تعني أمير‬ ‫البحر‪ ،‬وذلك تكريما له واحتراما لخبرته الواسعة ومعرفته التامة بفنون‬ ‫المالحة وطرق البحر اآلمنة(‪ ،(٤‬وستكون لنا وقفة خاصة مع ابن ماجد في‬ ‫الفصل الثاني كونه ُعمانيا‪.‬‬ ‫‪--5٥‬الريا�سيات‪:‬‬ ‫الريا�ضيات‪:‬‬ ‫احتاج المسلمون إلى الرياضيات لتطبيقها في الفلك والهندسة وحساب‬ ‫المواريث والزكاة واألعمال التجارية؛ فبرعوا وتفوقوا وأسسوا علوما‬ ‫جديدة‪« ،‬ويمكن اعتبار القرنين الثالث والرابع الهجريين (التاسع والعاشر‬ ‫(‪ (1‬أضواء على قاع البحر ألنور عبدالعليم‪ ،‬نقال عن محمد عوض ال َّله‪ ،‬العلوم والفنون في‬ ‫الحضارة اإلسالمية‪ ،‬مكتبة المتنبي‪ ،‬ط‪ 1٤٢٦ ،1‬هـ‪ ٢٠٠٥/‬م‪ ،‬ص‪11٥‬‬ ‫(‪ (٢‬محمد عوض ال َّله‪ ،‬العلوم والفنون في الحضارة اإلسالمية‪ ،‬ص‪11٦‬‬ ‫(‪ (٣‬باللغة البرتغالية‪Almirante :‬‬ ‫(‪ (٤‬أحمد مدحت إسالم‪ ،‬علماء العرب والمسلمين وإنجازاتهم العلمية في بناء الحضارة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬ص‪1٨٩‬‬ ‫‪٥٩‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫الميالديين) القرنين الذهبيين للرياضيين المسلمين الذين يدين لهم العالم‬ ‫بالكثير‪ ،‬لحفظهم التراث القديم وتنميته‪ ،‬والبتكاراتهم الجليلة»(‪ (1‬في هذا‬ ‫العلم‪.‬‬ ‫ومن إنجازات المسلمين أنهم طوروا نظامين لكتابة األرقــام‪ :‬نظام‬ ‫وقسموا‬ ‫األرقام الغبارية‪ ،3 ،2 ،1 :‬ونظام األرقام الهندية‪ّ ، ٣ ،٢ ،1 :‬‬ ‫األعداد إلى زوجية تقبل القسمة على اثنين وفردية ال تقبل القسمة على‬ ‫وتوضح لنا المستشرقة األلمانية هونكه أهمية ما توصل إليه‬ ‫ِّ‬ ‫اثنين(‪.(٢‬‬ ‫العرب‪ ،‬فتقول‪« :‬فالرقم ‪ DGGGG L XXXX V III‬أصبح يكتب بثالثة‬ ‫أرقام بسيطة هكذا ‪ ،(٣(»998‬فاألرقام العربية مختصرة جدا بالمقارنة‬ ‫عمت األرقــام العربية بالد الغرب‪ ،‬وقامت‬ ‫باألرقام الرومانية‪« .‬لقد َّ‬ ‫بدورها في العلوم والرياضة واالقتصاد على مر األيام خير قيام»(‪ ،(٤‬وهذا‬ ‫اعتراف غربي بأهمية ما توصل إليه المسلمون ونفعوا به العالم‪« .‬أما علم‬ ‫المثلثات فهو علم عربي ألن علماء المسلمين هم أول من وضع هذا‬ ‫العلم بشكل علمي وفصلوا بينه وبين الفلك‪ ،‬فالعرب استعملوا الجيب‬ ‫بدال من وتر ضعف القوس الذي استعمله اليونان‪ ،‬والمسلمون هم أول‬ ‫من أدخل المماس (الظل) إلى حساب المثلثات»(‪ ،(٥‬ولعلم المثلثات أثر‬ ‫كبير في االكتشافات واالختراعات وتسهيل البحوث الطبيعية والهندسية‬ ‫(‪ (1‬علي عبدال َّله الدفاع‪ ،‬العلوم البحتة في الحضارة العربية اإلسالمية‪ ،‬ص‪1٠1‬‬ ‫(‪ (٢‬علي عبدال َّله الدفاع‪ ،‬العلوم البحتة في الحضارة العربية اإلسالمية‪ ،‬ص‪1٠٨‬‬ ‫(‪ (٣‬زيغرد هونكه‪ ،‬شمس العرب تسطع على الغرب‪ ،‬ص‪٩٥‬‬ ‫(‪ (٤‬زيغرد هونكه‪ ،‬شمس العرب تسطع على الغرب‪ ،‬ص‪1٠1‬‬ ‫(‪ (٥‬عوض عبدالكريم ذنيبات‪ ،‬المختار من تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬دار كنوز المعرفة العلمية‬ ‫للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ 1٤٢٨ ،1‬هـ‪ ٢٠٠٨/‬م‪ ،‬ص‪1٩٤‬‬ ‫‪٦٠‬‬ ‫والصناعية(‪.(1‬‬ ‫ومــن أشهر علماء المسلمين في الرياضيات‪ :‬محمد بن موسى‬ ‫الخوارزمي (ت ‪٢٣٢‬هـ‪ ٨٤٦/‬م)‪ :‬مخترع علم الجبر‪ ،‬وأول من أ َّلف فيه‪،‬‬ ‫وسماه باسمه الذي ال يزال يعرف به‪ ،‬وأ َّلف كتابا في الحساب «ظل مرجعا‬ ‫في علم الحساب في أوربا لعدة قرون حتى إن علم الحساب سمي في أوربا‬ ‫(الغورثمي)(‪ ،(٢(»(Algorithm‬نسبة إلى الخوارزمي وتكريما له ولجهوده‬ ‫التي خدم بها العالم‪ .‬وأ َّلف «الجبر والمقابلة» وهو في غاية اإلبداع‪« ،‬وال‬ ‫تزال بعض التعبيرات الجبرية والمعادالت التي وضعها الخوارزمي في‬ ‫كتابه مستعملة في كتب الجبر الحديثة حتى يومنا هذا»(‪ ،(٣‬وتأليف الكتاب‬ ‫كان بدافع تطوير علم الميراث أو الفرائض(‪ ،(٤‬وترجمه روبرت شاستر إلى‬ ‫الالتينية عام (‪ ٤٣٤‬هـ‪ 11٤٠/‬م)‪ .‬والجبر والمقابلة «صناعة يستخرج بها‬ ‫العدد المجهول من قبل المعلوم المفروض‪ ،‬إذا كان بينهما نسبة تقتضي‬ ‫ذلك»(‪.(٥‬‬ ‫«ومن مآثر العرب وعلى رأسهم ثابت بن قرة(‪ (٦‬أنهم مهدوا السبيل‬ ‫(‪ (1‬عبدالكريم محمد نصر‪ ،‬علوم العرب والمسلمين وأثرها في حضارة الغرب‪ ،‬ص‪٤٢‬‬ ‫(‪ (٢‬أحمد مدحت إسالم‪ ،‬علماء العرب والمسلمين وإنجازاتهم العلمية في بناء الحضارة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬ص‪٣٤‬‬ ‫(‪ (٣‬أحمد مدحت إسالم‪ ،‬علماء العرب والمسلمين وإنجازاتهم العلمية في بناء الحضارة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬ص‪٤٤‬‬ ‫(‪ (٤‬علي عبدال َّله الدفاع‪ ،‬العلوم البحتة في الحضارة العربية اإلسالمية‪ ،‬ص‪1٢1‬‬ ‫(‪ (٥‬عبدالكريم محمد نصر‪ ،‬علوم العرب والمسلمين وأثرها في حضارة الغرب‪ ،‬ص‪٣٦‬‬ ‫(‪ (٦‬ثابت بن قرة بن زهرون الحراني الصابئي (‪ ٢٨٨-٢٢1‬هـ‪ ٩٠1-٨٣٦/‬م)‪ ،‬طبيب حاسب‬ ‫فيلسوف‪ ،‬قصد بغداد فاشتغل بالفلسفة والطب فبرع‪ ،‬صنّف نحو ‪ 1٥٠‬كتابا‪ ،‬منها‪« :‬الذخيرة‬ ‫في علم الطب»‪ ،‬و«المباني الهندسية»‪ ،‬و«تصحيح مسائل الجبر»‪ ،‬انظر‪ :‬خير الدين الزركلي‪،‬‬ ‫األعالم‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪٩٨‬‬ ‫‪٦1‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫لحساب المشتق (التفاضل) والعملية المعاكسة للمشتق (التكامل)»(‪،(1‬‬ ‫وهما عمليتان غاية في األهمية يستفاد منهما في مختلف المجاالت‬ ‫التطبيقية‪ ،‬كحساب مساحة أو حجم شكل غير مستو أو غير منضبط‪،‬‬ ‫ومعرفة سرعة األجسام‪ ،‬وتحديد الطرق المثلى لتصميم المصانع ونقل‬ ‫المواد أو الخامات أو المنتجات‪ .‬ويظهر جليا أن للمسلمين والعرب دورا‬ ‫كبيرا في الحساب والجبر وتطوير الصفر والعمليات الحسابية واألعداد‬ ‫الصحيحة والكسور وحساب المثلثات وخواص األعداد وعجائبها‪.‬‬ ‫‪ --6٦‬الفيزياء‪:‬‬ ‫الفيزياء‪:‬‬ ‫برع المسلمون في علم الفيزياء‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالبصريات والضوء‪،‬‬ ‫وأكثر من سطع نجمه منهم الحسن البصري‪ .‬واسمه الحسن بن الحسن بن‬ ‫الهيثم(‪( (٢‬ولد ‪ ٣٥٤‬هـ ‪٩٦٥ /‬م)(‪( (٣‬ت ‪ ٤٣٠‬هـ ‪1٠٣٩ /‬م)(‪ .(٤‬أ َّلف كتاب‬ ‫المناظر‪ ،‬ويتحدث فيه عن كيفية اإلبصار‪ ،‬والمعاني التي يدركها البصر‪،‬‬ ‫وع َلل الخطأ فيه‪ ،‬وكيفية إدراك البصر‪ ،‬ومواضع الخياالت‪ ،‬وأغالط البصر‬ ‫ِ‬ ‫فيما يدركه باالنعكاس‪ ،‬وكيفية إدراك البصر باالنعطاف‪.‬‬ ‫«العين آلة اإلبصار‪ ،‬وقد وصف ابن الهيثم من أجزائها الهامة وطبقاتها‬ ‫ما يكفي ‪-‬من الناحية الطبيعية‪ -‬لتبيان عملها في نقل صور المرئيات إلى‬ ‫الدماغ»(‪ .(٥‬يقول الدكتور فروخ (ت ‪ 1٩٦٨‬م)‪« :‬كثرت نقول الغربيين‬ ‫(‪ (1‬عبدالكريم محمد نصر‪ ،‬علوم العرب والمسلمين وأثرها في حضارة الغرب‪ ،‬ص‪٣٩‬‬ ‫(‪ (٢‬سبق التعريف به‬ ‫(‪ (٣‬عمر فروخ‪ ،‬تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1٩٨٤ ،٤‬م‪ ،‬ص‪٣٦1‬‬ ‫(‪ (٤‬عوض عبدالكريم ذنيبات‪ ،‬المختار من تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪1٨٧‬‬ ‫(‪ (٥‬عمر فروخ‪ ،‬تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪٣٨٠‬‬ ‫‪٦٢‬‬ ‫لكتب ابن الهيثم في الفلك والفيزياء خاصة منذ القرن الثالث عشر‬ ‫للميالد(السابع ل َّلهجرة) إلى مطلع القرن الثامن عشر للميالد (الثاني‬ ‫عشر ل َّلهجرة) فكانت هي التي أثرت في اتجاه العلم في أوروبة وجهته‬ ‫الصحيحة»(‪ ،(1‬ويقول‪« :‬ولقد سادت آراء ابن الهيثم الفلكية والبصرية‬ ‫في العصور الوسطى بال منازع»(‪(٢‬؛ ولذلك ترجمت كتبه للغات العبرية‬ ‫واألسبانية واإليطالية والالتينية‪.‬‬ ‫من أهم إنجازات ابن الهيثم أنه صحح مفهوم الرؤية «فكان علماء‬ ‫اإلغريق يظنون أن الرؤية تتم بانطالق النور من العين إلى الجسم المرئي‪،‬‬ ‫وجاء الحسن بن الهيثم ليثبت عكس ذلك‪ ،‬فأورد في كتابه (المناظر) أن‬ ‫النور ينطلق من الجسم المرئي إلى العين لتتم الرؤيا‪ ،‬وأن العين جهاز‬ ‫استقبال للضوء ال جهاز إرسال»(‪ ،(٣‬و ُيستدل على صحة رأي ابن الهيثم‬ ‫أن األجسام الموجودة في الظالم ال تُرى‪ ،‬وهذا يعني أنها هي التي تصدر‬ ‫الضوء لكي تحدث الرؤية‪ ،‬وليس األمر متعلقا بإصدار العين للضوء‪.‬‬ ‫«واكتشف ابن الهيثم أن انعطاف الضوء (انكساره) في األوساط الشفافة‬ ‫ال يتم آنيا‪ ،‬وإنما يستغرق زمنا معينا‪ ،‬محدودا بسرعة معينة‪ ،‬وإن كان هذا‬ ‫الزمن خفيا على العين‪ ،‬وهذا ما توصل إليه العلم بعد ذلك‪ .‬و قد عارض‬ ‫ديكارت (ت‪ 1٠٦٢ :‬هـ‪ 1٦٥٠/‬م) هذه النظرية بعد خمسمائة عام من‬ ‫وفاة ابن الهيثم‪ ،‬وأخذ العلماء برأي ديكارت‪ ،‬حتى صحت نظرية ابن‬ ‫(‪ (1‬عمر فروخ‪ ،‬تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪٤٠٧‬‬ ‫(‪ (٢‬عمر فروخ‪ ،‬تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪٤٠٧‬‬ ‫(‪ (٣‬عوض عبدالكريم ذنيبات‪ ،‬المختار من تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪1٨٦‬‬ ‫‪٦٣‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫الهيثم في منتصف القرن ‪ 1٩‬الميالدي‪ ،‬حيث أثبتت التجارب أن للضوء‬ ‫سرعة مقدارها ‪ ٣٠٠٠٠٠‬كم‪/‬ثانية»(‪.(1‬‬ ‫‪ --7٧‬الكيمياء‪:‬‬ ‫الكيمياء‪:‬‬ ‫اشتغل المسلمون بالكيمياء منذ العصور اإلسالمية األولى‪ ،‬واشتهر‬ ‫منهم اإلمام جعفر الصادق‪ ،‬وجابر بن حيان‪ ،‬وأبو بكر الرازي‪ ،‬والكندي‪،‬‬ ‫والفارابي‪ ،‬وابن سينا والبيروني‪ ،‬وآخرون‪ .‬فقد برعوا فيه وأبدعوا؛ حتى‬ ‫صار علما عربيا حتى عند األوروبيين‪.‬‬ ‫«دخلت الكيمياء إلى أوروبا بأسماء عربية ال تزال موجودة في اللغات‬ ‫األوروبية المختلفة‪ ،‬ومن هذه األسماء‪ :‬األنبيق والكحول والقصدير‬ ‫واإلكسير والتنور والزرنيخ والغاز والدانق ‪ ...‬وغيرها»(‪« .(٢‬أدخل العرب‬ ‫طريقة فصل الذهب عن الفضة بالحل بواسطة الحامض‪ ،‬وأتقن العلماء‬ ‫عمليات التقطير والترشيح والتصعيد والتبلور والتذويب والتسامي‬ ‫والتكليس وغيرها»(‪ ،(٣‬واستخدموا الكيمياء في الطب والصيدلة وتصنيع‬ ‫العطور ودبغ الجلود واألصباغ‪.‬‬ ‫ومن أشهر علماء المسلمين في الكيمياء‪ ،‬وأبرزهم على اإلطالق جابر‬ ‫بن حيان بن عبدال َّله الكوفي الصوفي (ت ‪ ٢٠٠‬هـ‪٨1٥/‬م)(‪ :(٤‬ألف كتبا‬ ‫(‪ (1‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ص‪1٩٥‬‬ ‫(‪ (٢‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ص‪1٨٤‬‬ ‫(‪ (٣‬عوض عبدالكريم ذنيبات‪ ،‬المختار من تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪1٨٤‬‬ ‫(‪ (٤‬عوض عبدالكريم ذنيبات‪ ،‬المختار من تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬ص‪1٨٢‬‬ ‫‪٦٤‬‬ ‫عديدة وصلت ‪ ٨٨‬مؤلفا(‪ ،(1‬منها‪« :‬اإليضاح» و«البحث» و«التجريد»‬ ‫و«الــخــواض الكبير» و«الــمــيــزان» و«صــنــدوق الحكمة» و«الــراهــب»‬ ‫و«الخالص» و«المجموعة الكبرى»‪ ،‬و«الرحمة»‪ ،‬و«العنصر األساسي»‪.‬‬ ‫يقول أحمد مدحت أستاذ الكيمياء بجامعة األزهر‪ :‬أن هذه الكتب ترجمها‬ ‫المشتغلون بالكيمياء في أوروبــا وعرفوا من خاللها التجربة العلمية‬ ‫المخططة‪ ،‬وظلت مرجعا غنيا لمدة نحو ألف عام‪ ،‬وأنها «لم تفقد قيمتها‬ ‫العلمية حتى اليوم»(‪ .(٢‬ويصف لنا حال هذا العلم قبل جابر بن حيان‪:‬‬ ‫«صنعة الكيمياء لم تكن لها أصول مدروسة أو قواعد عامة يمكن أن يتعلمها‬ ‫الناس‪ ،‬وهي الصفة األساسية التي يتميز بها هذا العلم عن غيره من المعارف‬ ‫األخرى‪ ،‬ولكنها كانت حرفة أو صنعة تقوم على الممارسة الدائمة وطول‬ ‫المران والتدريب»(‪ ،(٣‬ويضيف أحد الباحثين‪« :‬ولم تكن الكيمياء علما في‬ ‫ذلك الوقت‪ ،‬وإنما كانت مجموعة من األقوال والطقوس والسحر وعلوم‬ ‫األسرار‪ ،‬ولكن الكيمياء صارت علما على يد جابر بن حيان»(‪.(٤‬‬ ‫اكتشف جابر بن حيان الكثير من األحماض والمركبات الكيميائية‪،‬‬ ‫منها(‪ :(٥‬أحماض الكبريتيك‪ ،‬والنيتريك (ماء الفضة)‪ ،‬والكلوريديك‬ ‫(‪ (1‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ص‪1٧٦‬‬ ‫(‪ (٢‬أحمد مدحت إسالم‪ ،‬علماء العرب والمسلمين وإنجازاتهم العلمية في بناء الحضارة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬ص‪٣٤‬‬ ‫(‪ (٣‬أحمد مدحت إسالم‪ ،‬علماء العرب والمسلمين وإنجازاتهم العلمية في بناء الحضارة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬ص‪٣٣‬‬ ‫(‪ (٤‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ص‪1٥٧‬‬ ‫(‪ (٥‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ص‪1٧٩-1٧٨‬‬ ‫‪٦٥‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫(روح الملح)‪ ،‬والنيتروهيدروكلوريك (الماء الملكي)‪ ،‬والصودا الكاوية‪،‬‬ ‫ونترات الفضة (حجر جهنم)‪ ،‬وثاني كلوريد الزئبق (السليماني)‪،‬‬ ‫وكربونات البوتاسيوم والصوديوم والرصاص القاعدي‪ ،‬والزرنيخ‪.‬‬ ‫ويصف بعض الغربيين ما قام به جابر بقوله‪« :‬وعلى العموم فأنه عدّ ل نظرية‬ ‫أرسطو في عناصر المعدن على أساس لم تطرأ عليه تغييرات كثيرة حتى‬ ‫أوائل عصر الكيمياء الحديثة في القرن الثامن عشر»(‪.(1‬‬ ‫أحياء‪:‬‬ ‫‪ --8٨‬االلأحياء‪:‬‬ ‫بحث المسلمون كثيرا في علم األحياء‪ ،‬وساهموا مساهمة فعالة في‬ ‫تطوير هذا العلم‪ ،‬باختالف مجاالته‪ ،‬ومن أهم هذه المجاالت اآلتي‪:‬‬ ‫النبات‪:‬‬ ‫النبات‪:‬‬ ‫علمعلم‬ ‫‪-1‬‬ ‫برز من المسلمين أبو حنيفة الدينوري‪ ،‬وابن جلجل‪ ،‬والغافقي‪ ،‬وعبد‬ ‫اللطيف البغدادي‪ ،‬وابن الرومية‪ ،‬ورشيد الدين الصوري‪ ،‬وابن البيطار‪،‬‬ ‫وأبا زكريا بن العوام اإلشبيلي ‪ ..‬وغيرهم‪« ،‬وكان منهم من سبق عصره‪،‬‬ ‫بصال»(‪.(٢‬‬‫فأجرى تجاربه على تهجين الثمار مثل ابن ّ‬ ‫ومن أهم إسهامات العرب في علم النبات(‪:(٣‬‬ ‫‪ -‬إصالح وسائل الري وتنظيمها‬ ‫‪ -‬زراعة كل نوع من النبات في التربة الصالحة له‬ ‫(‪ (1‬فيليب حتي وإدورد جرجي و جبرائيل جبور‪ ،‬تاريخ العرب‪ ،‬ص‪٤٥٢‬‬ ‫(‪ (٢‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ص‪1٥٤‬‬ ‫(‪ (٣‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ص‪1٥٨-1٥٧‬‬ ‫‪٦٦‬‬ ‫‪ -‬االعتناء بتسميد األرض بعد معرفة السماد الصالح لكل نوع من‬ ‫النباتات‬ ‫‪ -‬معرفة التلقيح في النبات‬ ‫‪ -‬البراعة في تنسيق الحدائق والعناية باألزهار‬ ‫‪ -‬أدخلوا إلى أوروبــا نباتات لم تكن معروفة لهم من قبل كاألرز‪،‬‬ ‫(‪(1‬‬ ‫وقصب السكر‪ ،‬والزيتون‪ ،‬والمشمش‬ ‫‪ -‬أدخلوا النباتات العطرية إلى أوروبا‬ ‫‪ -‬اكتشفوا كثيرا من قوى النباتات المناسبة لعالج األمراض‬ ‫ومن أشهر علماء النبات ضياء الدين بن البيطار (ت ‪ ٦٤٦‬هـ ‪ 1٢٤٨/‬م)(‪،(٢‬‬ ‫أ ّلف كتابا قيما بعنوان (الجامع لمفردات األدوية واألغذية)‪ ،‬درس فيه‬ ‫خواص النباتات واألعشاب‪ ،‬ووصف أكثر من ألف وأربعمائة عقار بين‬ ‫نباتي وحيواني ومعدني‪ ،‬منها ثالثمائة عقار جديد‪ ،‬ذاكرا فوائدها الطبية‬ ‫واستعماالتها الغذائية(‪« ،(٣‬وقد تُرجم الكتاب إلى الالتينية ونشرته جامعة‬ ‫(كريمونا) تحت عنوان (المبسط ‪ )Simplicia‬وذلك عام ‪ 1٧٥٨‬م»(‪.(٤‬‬ ‫الحيوان‪:‬‬ ‫احليوان‪:‬‬ ‫علم علم‬ ‫‪-2‬‬ ‫لقد أمر ال َّله ‪ ‬بالتأمل في الكون‪ ،‬و ُذكرت الحيوانات في آيات خاصة‪،‬‬ ‫ْ َْ ُ ُ َ‬ ‫َ ََْْ َ َ ََ َ َ ُ ْ َ ْ‬ ‫ِيها دِف ٌء َو َم َناف ُِع َومِن َها تأكلون‬ ‫كقوله تعالى‪ :‬والنعام خلقها ۗ لكم ف‬ ‫(‪ (1‬علي عبدال َّله الدفاع‪ ،‬إسهام العرب والمسلمين في علم النبات‪ ،‬ص‪٢٥‬‬ ‫(‪ (٢‬فؤاد سالمة جميعان‪ ،‬مآثر العرب العلمية أساس حضارة الغرب‪ ،‬ص‪٣٠٢‬‬ ‫(‪ (٣‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ص‪1٥٦‬‬ ‫(‪ (٤‬فؤاد سالمة جميعان‪ ،‬مآثر العرب العلمية أساس حضارة الغرب‪ ،‬ص‪٣٠٢‬‬ ‫‪٦٧‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫َْ ُ ََْ َ ُ‬ ‫َ ُ ُ َ َ َ َْ َ َ‬ ‫ََ ُ ْ َ ََ ٌ‬ ‫س ُحون ؀ َوت ِمل أثقالك ْم‬ ‫جال حِني ت ِريحون وحِني ت‬ ‫؀ ولكم فِيها‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ ٰ َ َ َّ َ ُ ُ‬ ‫ِيم ؀‬ ‫ك ْم ل َر ُءوف َّرح ٌ‬ ‫ل ل ْم تكونوا بَالِغِيهِ إِل بِشِ ّ ِق النف ِس ۚ إِن رب‬ ‫إِل ب ٍ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ َْ ْ َ َ ْ َ َ َ َْ َ َ ْ َ ُ َ َ َ ً َ َ ْ ُ ُ َ َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫واليل والِغال وال ِمري ل ِتكبوها وزِينة ۚ ويخلق ما ل تعلمون ؀ وع‬ ‫جع َ‬ ‫السبيل َومِنْ َها َجائ ٌر ۚ َول َ ْو َش َ َ َ ُ َ ْ َ‬ ‫اللِ قَ ْص ُد َّ‬‫َّ‬ ‫عز‬‫ني‪ ،(1(‬وقوله َّ‬ ‫اء ل َهداك ْم أ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َْ ُ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ََ َ ُ ُ ََْْ َ َْ َ‬ ‫َّ ُ َّ‬ ‫ِتك ُبوا مِن َها َومِن َها تأكلون ؀‬ ‫الل الِي جعل لكم النعام ل‬ ‫من قائل‪ :‬‬ ‫ُ ُ ُ ْ َ َ ََْ َ ََ ُْ ْ‬ ‫ََ ُ ْ َ ََ ُ َ َُُْ َ ََْ َ َ ً‬ ‫ك‬ ‫ولكم فِيها مناف ِع ولِ بلغوا عليها حاجة ِف صدورِكم وعليها وع الفل ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ ََ‬ ‫ُْ ُ َ‬ ‫اللِ تنك ُِرون‪« ،(٢(‬وقد تفكر العلماء‬ ‫ات‬ ‫ِ‬ ‫آي‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ت َملون ؀ َو ُي ِريكم آياتِهِ فأ‬ ‫المسلمون في خلق ال َّله تعالى وسجلوا في ذلك مالحظات‪ ،‬أذهلت علماء‬ ‫الغرب حين ترجموها»(‪« .(٣‬واهتموا بالحيوانات األليفة والداجنة‪ ،‬وقاموا‬ ‫بتشريح الحيوانات‪ ،‬وانطلقوا إلى مجاالت جديدة في علم الحيوان تعتمد‬ ‫على المنهج التجريبي‪ ،‬وقد اتضح ذلك في كتاب الحيوان للجاحظ‪ ،‬وحياة‬ ‫الحيوان الكبرى لكمال الدين الدميري‪ ،‬وقد أولى العرب عناية كبرى‬ ‫بالبيطرة»(‪.(٤‬‬ ‫يقول بعض المستشرقين‪« :‬ومــن أقــدم من صنف في علم الحيوان‬ ‫الجاحظ (ت ‪ ٢٥٥‬هـ ‪ ٨٦٨ /‬م)‪ ،‬وصنف كتاب الحيوان‪ ،‬والكتاب أقرب‬ ‫إلى العرض القصصي والكالمي منه إلى البحث البيولوجي‪ ،‬وكان له أثر‬ ‫كبير على علماء الحيوان بعده كالقزويني (ت ‪ ٦٨٢‬هـ ‪ 1٢٨٣ /‬م) الذي‬ ‫(‪ (1‬سورة النحل‪٩-٥/‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة غافر‪٩1-٧٨/‬‬ ‫(‪ (٣‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ص‪1٦٠‬‬ ‫(‪ (٤‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ص‪1٦٣‬‬ ‫‪٦٨‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫رف المسلمون علم البيزرة‬ ‫اختص بوصف الكائنات‪ ،‬والدميري»(‪ ،(1‬و َع َ‬ ‫وبرعوا فيه‪ ،‬وكانوا أول من صنَّف الكتب في هذا المجال(‪.(٣‬‬ ‫الوراثة‪:‬‬ ‫الوراثة‪:‬‬ ‫علمعلم‬ ‫‪-3‬‬ ‫يمكن القول بأن علماء العرب والمسلمين كان لهم دور مهم في تأسيس‬ ‫هذا العلم؛ وذلك لما وجد من إشارات في مؤلفات «القزويني والجاحظ‬ ‫وشريف الدين الدمياطي وابن الجزار وغيرهم»(‪.(٤‬‬ ‫لقد بدا واضحا أن نظرة اإلسالم إلى العلوم التجريبية نظرة إيجابية‬ ‫فعالة‪ ،‬فهي من العلوم التي ح َّثت عليها الشريعة‪ ،‬من خالل األمر بتعلم‬ ‫الصناعات‪ ،‬والدعوة إلى التفكر في الكون‪ ،‬وإرشاد العباد لالستفادة مما‬ ‫سخره ال َّله من مخلوقات‪ .‬وقد أ ّثرت هذه النظرة في العلوم التجريبية‬ ‫عند المسلمين؛ فانطلقوا ينهلون من مختلف العلوم والتخصصات؛ مما‬ ‫كان له الدور الكبير في رقي المجتمعات اإلسالمية من النواحي العلمية‬ ‫واالجتماعية‪ .‬وقد ظهرت لنا المساهمة الفعالة التي أ َّداها المسلمون في بناء‬ ‫الحضارة اإلنسانية الحديثة من خالل براعتهم في المنهج التجريبي‪ ،‬ومن‬ ‫خالل األمثلة التي تطرقنا إليها في الطب‪ ،‬والهندسة‪ ،‬والفلك‪ ،‬والمالحة‪،‬‬ ‫والفيزياء‪ ،‬والكيمياء‪ ،‬واألحياء‪ ،‬والرياضيات‪.‬‬ ‫(‪ (1‬فيليب حتي وإدورد جرجي و جبرائيل جبور‪ ،‬تاريخ العرب‪ ،‬ص‪٤٥٣‬‬ ‫(‪ (٢‬علم يتناول تربية الصقور وتدريبها‪ ،‬ومعرفة أنواعها‪ ،‬وأمراضها وعالجها‬ ‫(‪ (٣‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ص‪1٦٤‬‬ ‫(‪ (٤‬فوزي خضر‪ ،‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬ص‪٢٣٣‬‬ ‫‪٦٩‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫وحيث إن ال ُعمانيين جز ٌء من العالم اإلسالمي الذي بلغ ذروة التحضر‬ ‫العلمي في العصور السابقة‪ ،‬وألن الدراسات التي تتحدث عن مساهمة‬ ‫ال ُعمانيين في العلوم التجريبية شحيحة‪ ،‬والبحوث التي تبرز وتحلل الدور‬ ‫العلمي ال ُعماني تكاد تكون معدومة؛ جاء هذا الكتاب لتسليط الضوء على‬ ‫جانب من جوانب الحضارة ال ُعمانية‪ ،‬وللكشف عن مدى اهتمام ال ُعمانيين‬ ‫بالعلوم التجريبية‪ ،‬وهذا ما سنحاول القيام به ‪-‬إن شاء ال َّله‪ -‬في الفصل‬ ‫الثاني‪.‬‬ ‫‪٧٠‬‬ ‫الف�سل الثاني‪ :‬ال ُعمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫لقد اعتنى ال ُعمانيون بالعلوم الشرعية النقلية ‪-‬كالعقيدة والفقه‪-‬‬ ‫واهتموا بها اهتماما بالغا‪ ،‬وتركوا تراثا ضخما بكثرة مدوناتهم ومؤلفاتهم‬ ‫وعلمائهم‪ ،‬وتركّز اهتمامهم عليها دون العلوم الكونية التجريبية‪ ،‬ودون‬ ‫يدون ال ُعمانيون فيها كثيرا‬ ‫والس َير؛ ولذلك لم ّ‬ ‫غيرها من العلوم كالتاريخ ِّ‬ ‫بالمقارنة مع العلوم الشرعية البحتة‪ ،‬يقول اإلمام نور الدين السالمي(‪:(1‬‬ ‫«لم يكن التاريخ من شغل األصحاب‪ ،‬بل كان اشتغالهم بإقامة العدل وتأثير‬ ‫العلوم الدينية‪ ،‬وبيان ما ال بد من بيانه للناس‪ ،‬أخذا باألهم فاألهم؛ فلذلك‬ ‫ال تجد لهم سيرة مجتمعة‪ ،‬وال تاريخا شامال»(‪ ،(٢‬ويقول الشيخ سيف‬ ‫البطاشي (ت ‪ 1٤٢٠‬هـــ‪ 1٩٩٩/‬م)‪« :‬كان أكثر اهتمامهم بالتأليف في‬ ‫الفقه واألصول والوالية والبراءة؛ فأ ّلفوا في ذلك الجوامع الكبار‪ ،‬والكتب‬ ‫المطولة‪ ،‬أما التاريخ فالظاهر من أمرهم أنه لم يكن لهم به كبير اعتناء‪ ،‬ولم‬ ‫(‪ (1‬عبدال َّله بن حميد بن سلوم السالمي‪ ،‬ولد في الرستاق ما بين ‪ 1٢٨٤-1٢٨٣‬هـ‪ 1٨٦٧-1٨٦٦/‬م‪ ،‬فقيه‬ ‫مدقق‪ ،‬وإمام محقق‪ ،‬ومرجع عُمان في عصره‪ ،‬وناظم للشعر‪ ،‬ممن تتلمذ على يديه الشيخ صالح بن علي‬ ‫الحارثي‪ ،‬ومن تالمذته‪ :‬اإلمام سالم بن راشد الخروصي واإلمام محمد بن عبدال َّله الخليلي‪ ،‬من آثاره‪:‬‬ ‫غاية المراد في نظم االعتقاد‪ ،‬جوهر النظام في علمي األديان واألحكام‪ ،‬وشمس األصول‪ ،‬توفي سنة‬ ‫‪ 1٣٣٢‬هـ‪ 1٩1٤ /‬م‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء والمتكلمين اإلباضية (قسم المشرق)‪،‬‬ ‫مكتبة الجيل الواعد‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪ 1٤٢٨ ،1‬ه‪ ٢٠٠٧/‬م‪ ،‬ج‪٢٦٨-٢٤٦/٢‬‬ ‫(‪ (٢‬عبدال َّله بن حميد السالمي‪ ،‬تحفة األعيان بسيرة أهل عُمان‪ ،‬مكتبة اإلمام نور الدين السالمي‪،‬‬ ‫مسقط‪ ٢٠٠٠ ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪٤‬‬ ‫‪٧1‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫يؤلفوا فيه كتبا مستقلة»(‪ ،(1‬هذا في التاريخ مع أهميته المعلومة؛ ولذا فال‬ ‫َب في‬‫أن أهملوا أو قصروا في تدوين العلوم التجريبية‪ .‬وحتى َمن َكت َ‬ ‫عجب ْ‬ ‫التاريخ‪ ،‬فإنه ال يركّز على العلوم التجريبية‪ ،‬وعلى ما وصل إليه ال ُعمانيون‬ ‫في هذه المجاالت‪ ،‬يقول األستاذ عبدالمنعم عامر‪« :‬وكتب التاريخ ال ُعماني‬ ‫ال تتحدث عن النشاط البحري إال قليال‪ ،‬لكنها تشير أحيانا إلى حوادث‬ ‫يستدل منها بوضوح أن ال ُعمانيين كانت لهم خبرة واسعة بالبحر»(‪« .(٢‬إن‬ ‫االشتغال بالعلوم الطبية‪ ،‬والعلمية عموما‪ ،‬ليس باألمر الهين في بيئة علمية‬ ‫تهتم أكثر ما تهتم بعلوم الدين والفقه والعقيدة واللغة»(‪(٣‬؛ وذلك لوجود‬ ‫العلماء والكتب والمؤسسات الراعية‪ ،‬أما العلوم التجريبية فال يتوفر لها‬ ‫ذلك إال قليال‪.‬‬ ‫ويرى الباحث حمود الغيالني أن من ضمن أسباب عدم االهتمام الكبير‬ ‫بالعلوم التجريبية في مجال المالحة البحرية ‪-‬مثال‪ -‬أنها تخاطب فئة‬ ‫محدودة من ال ُعمانيين‪ ،‬أي فئة العاملين في ذلك المجال(‪ ،(٤‬وأوافقه على‬ ‫هذا الرأي جزئيا‪ ،‬إذا إن علوم العقيدة والفقه مهمة لجميع فئات المجتمع‬ ‫وال يستغني عنها أحد‪ ،‬بينما العلوم التجريبية تخص فئة معينة من المجتمع‬ ‫(‪ (1‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬مكتب‬ ‫المستشار الخاص لجاللة السلطان للشؤون الدينية والتاريخية‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪1٤1٩ ،٢‬‬ ‫هـ‪ 1٩٩٨/‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪1٦-1٥‬‬ ‫(‪ (٢‬عبدالمنعم عامر‪ ،‬عُمان في أمجادها البحرية‪ ،‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪1٤٢٦ ،٤‬‬ ‫هـ‪ ،٢٠٠٥/‬ص‪٢1‬‬ ‫(‪ (٣‬حسين العبري‪ ،‬قراءة في ثالث قصائد طبية مخطوطة للشيخ راشد بن عميرة‪ ،‬ضمن (ندوة من‬ ‫أعالم الطب في عُمان في القرنين التاسع والعاشر الهجريين)‪ ،‬المنتدى األدبي‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪ 1٤٢٩‬هـ‪ ٢٠٠٨/‬م‪ ،‬ص‪1٨‬‬ ‫(‪ (٤‬حمود بن حمد الغيالني‪ ،‬رسالة إليكترونية ردا على سؤال وجهته إليه بتاريخ ‪ ٢٠1٥/٩/1٢‬م‬ ‫‪٧٢‬‬ ‫عادة‪ ،‬ولكن في الوقت نفسه هناك من العلوم ما يالمس عامة الناس كالطب‬ ‫دون فيها كثيرا‪.‬‬ ‫والفلك‪ ،‬ومع ذلك فهذه العلوم أيضا لم ُي َّ‬ ‫وأرى أن من أسباب قلة التدوين في هذه المجاالت أنها علوم تطبيقية‬ ‫عملية أكثر من كونها نظرية‪ ،‬خاصة الهندسة والمالحة؛ فالمهندس والمالح‬ ‫يستطيعان ممارسة هذه األعمال بكثرة المشاهدة والممارسة والتجربة‬ ‫والمران مع شيء يسير من التنظير؛ لذلك كان التلقين من أهم وأبرز مصادر‬ ‫التع ُّلم عن ال ُعمانيين‪ .‬يقول مؤلفو (معادن األسرار في معرفة الصيادين‬ ‫والبحارة ال ُعمانيين بأحوال البحار)‪« :‬ولقد تباينت مصادر اكتساب المعرفة‬ ‫والخبرة لدى ال ُعمانيين‪ ،‬فأغلبهم اكتسبها بالتلقين والتطبيق العملي مع‬ ‫اآلباء واألجداد‪ ،‬أو مع ذوي الخبرة الطويلة والدراية ببيئته المحيطة به‪.‬‬ ‫(‪(1‬‬ ‫ونسبة قليلة منهم أخذ العلم من الكتب والمراجع»‬ ‫وإن كان للعلوم التجريبية هذه العوامل الخاصة من عدم االعتناء‬ ‫بها‪ ،‬وعدم توفر البيئة المشجعة‪ ،‬فإن قلة التدوين أو قلة ما بقي مما ُد ّون‬ ‫في مختلف العلوم بشكل عام له عوامل أخرى‪ ،‬كالتقلبات السياسية‪،‬‬ ‫والظروف المناخية‪ ،‬والعوامل الطبيعية‪ ،‬يقول الشيخ البطاشي ذاكرا أسباب‬ ‫فقدان الكثير من مؤلفات ال ُعمانيين‪« :‬إما بعوامل طبيعية‪ ،‬أو حروب قبلية‪،‬‬ ‫أو غزوات جاءت من خارج البالد‪ ،‬أو أيادي آثمة جنت على تلك الكنوز‬ ‫الثمينة‪ ،‬أو إهمال وعدم اعتناء ممن هي في يده»(‪ ،(٢‬ويؤكد الباحث موسى‬ ‫(‪ (1‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬معدن األسرار في معرفة الصيادين والبحارة ال ُعمانيين بأحوال البحار‪،‬‬ ‫وزارة الزراعة والثروة السمكية‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪ 1٤٣٦ ،1‬هـ‪ ٢٠1٥/‬م‪ ،‬ص‪٨‬‬ ‫(‪ (٢‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪1٦‬‬ ‫‪٧٣‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫البراشدي‪« :‬ولوال الظروف التي عصفت ببعض اإلنتاج الفكري‪ ،‬كحريق‬ ‫الرستاق الذي نشب أواخر أيام اليعاربة بسبب الحرب األهلية‪ ،‬والغزو‬ ‫الفارسي ل ُعمان؛ مما أدى إلى فقدان الكثير من المؤلفات العلمية »(‪،(1‬‬ ‫ألضافت تلك الكتب لبنة إلى التاريخ الفكري العلمي ل ُعمان‪ .‬وبالفعل فقد‬ ‫كانت مكتبة حصن الرستاق والتي تعتبر أهم وأكبر المكتبات العامة التي‬ ‫عرفتها ُعمان في عصر األئمة اليعاربة‪ ،‬كانت تضم كتب ًا في مجاالت العلوم‬ ‫التجريبية‪ ،‬كالرياضيات والطب والفلك والكيمياء‪ ،‬إلى جانب العلوم‬ ‫الشرعية واللغوية واألدبية والتاريخية والفلسفية(‪.(٢‬‬ ‫وال شك أن االستقرار السياسي في أي بلد عامل من العوامل التي‬ ‫التحضر والتقدم والتطور في مختلف المجاالت‪ ،‬وال ريب أنه‬ ‫ّ‬ ‫تؤدي إلى‬ ‫يساهم في انتشار العلوم‪ ،‬تع ّلما وتعليما‪ ،‬تنظيرا وتطبيقا‪ .‬وبالنظر إلى تاريخ‬ ‫ُعمان في عصورها اإلسالمية المختلفة‪ ،‬نجد أنها اتسمت بعدم االستقرار‬ ‫السياسي في أغلب األحوال بسبب الغزو الخارجي أحيانا‪ ،‬والحروب‬ ‫الداخلية في أحيان أخرى‪ ،‬وبعض االضطرابات السياسية واالجتماعية‬ ‫كذلك‪ .‬فحكم األئمة «لم يكن مستمرا ومتصال‪ ،‬فقد كانت القوى الداخلية‬ ‫األخرى (غير اإلمامة) أو الخارجية تسيطر على الحكم‪ ،‬وتقيم دوال حاكمة‬ ‫في ُعمان»(‪(٣‬؛ فموقع ُعمان الجغرافي المتميز‪ ،‬وامتناع أهلها عن الخضوع‬ ‫(‪ (1‬موسى بن سالم البراشدي‪ ،‬الحياة العلمية في عُمان في عهد اليعاربة‪ ،‬جامعة السلطان قابوس‪،‬‬ ‫رسالة ماجستير‪ ٢٠٠٦ ،‬م‪ ،‬ص‪1٣٣‬‬ ‫(‪ (٢‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬الثقافة اإلسالمية والتحديات المعاصرة‪ ،‬مركز السلطان قابوس العالي‬ ‫للثقافة والعلوم‪ ،‬ط‪ 1٤٣٤ ،1‬هـ‪ ٢٠1٣/‬م ‪ ،‬ص‪٣٤٧‬‬ ‫(‪ (٣‬رجب محمد عبد الحليم‪ ،‬ال ُعمانيون والمالحة والتجارة ونشر اإلسالم منذ ظهوره إلى قدوم‬ ‫البرتغاليين‪ ،‬مكتب المستشار الخاص لجاللة السلطان للشؤون الدينية والتاريخية‪ ،‬ط‪،٢‬‬ ‫‪ 1٤٣1‬هـ‪ ٢٠1٠/‬م‪ ،‬ص‪٨‬‬ ‫‪٧٤‬‬ ‫للسلطات الخارجية‪ ،‬وتميزها في نظام الحكم اإلمامي من العوامل التي‬ ‫جعلتها مطمعا وهدفا للغزاة الخارجيين‪ ،‬الذين لم تتوقف محاوالتهم‬ ‫للسيطرة على ُعمان في مختلف العصور‪.‬‬ ‫ورغم كل هذه العوامل غير المساعدة على التدوين في مجال العلوم‬ ‫التجريبية خصوصا‪ ،‬فقد ُوجد العلماء والمتخصصون في هذه العلوم‬ ‫كالطب والفلك والهندسة والمالحة البحرية‪ ،‬وغيرها من العلوم‪ ،‬والتي‬ ‫سنتعرض لها في المباحث القادمة بإذن ال َّله‪ ،‬وسنرى كيف كانت مساهمة‬ ‫ال ُعمانيين ف ّعالة في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬خاصة في مجالي الطب والمالحة‬ ‫البحرية‪.‬‬ ‫‪٧٥‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫ ُ‬ ‫ َ‬ ‫ ُ‬ ‫ َ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ّ‬ ‫ ّ‬ ‫ ّ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ َ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫ َ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪١٠‬‬ ‫‪٤‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪٧٧‬‬ ‫‪‬‬ ‫ُ‬ ‫(‪.(٢‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫‪١٩٦٨‬‬ ‫‪١٣٨٨‬‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫(‪(٥‬‬ ‫(‪.(٦‬‬ ‫ ُ‬ ‫‪١٠‬‬ ‫(‪(٧‬‬ ‫‪١٦‬‬ ‫‪١٠‬‬ ‫ ّ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ ْ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫‪٧‬‬ ‫‪١٠‬‬ ‫‪٢٠١٥‬‬ ‫‪٢٧ ١٤٣٦‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪-٢٤١‬‬ ‫‪٢٠١٤‬‬ ‫‪١٤٣٥ ،١‬‬ ‫ ُ‬ ‫‪١‬‬ ‫‪٢٤٢‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫(‪(٥‬‬ ‫‪١٩٦٨ ١٣٨٨‬‬ ‫(‪(٦‬‬ ‫‪٢٠١٥‬‬ ‫‪١٤٣٦ ،٢‬‬ ‫‪٧‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٧‬‬ ‫‪٧٨‬‬ ‫المغرب(‪ ،(1‬وأماكن أخرى كثيرة داخل ُعمان وخارجها‪ ،‬سنوردها في‬ ‫مبحث الطب عند الكالم عن المنظومة‪ .‬ولعل أكثر ما اشتهر من مؤلفات‬ ‫ال ُعمانيين وانتشر في بقاع المعمورة كتب أحمد بن ماجد في علوم البحار‪،‬‬ ‫وباألخص كتابه (الفوائد في أصول علم البحر والقواعد)‪ ،‬والذي توجد منه‬ ‫ُسخ في البحرين‪ ،‬والكويت‪ ،‬وسورية‪ ،‬والمملكة المتحدة(‪ ،(٢‬وفرنسا(‪،(٣‬‬ ‫ن ٌ‬ ‫وكذلك كتابه (حاوية االختصار في أصول علم البحار) توجد نسخة منه‬ ‫في المملكة المتحدة(‪ ،(٤‬وأخرى بباريس(‪ ،(٥‬واألرجوزة السفالية توجد‬ ‫منها نسخة في روسيا(‪ ،(٦‬وأراجيز (السبعية) و(تحديد القبلة) و(المعلقية)‬ ‫(‪(٨‬‬ ‫و(هادية المعالمة) توجد في باريس(‪ .(٧‬أما الطبيب ماكس مايرهوف‬ ‫(ت ‪1٣٦٤‬هـــ‪1٩٤٥ /‬م) فقد كان «من أهم مقتنياته في التراث الطبي‬ ‫(‪ (1‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬مفتاح الباحث إلى ذخائر التراث الفكري ال ُعماني‪ ،‬مركز ذاكرة‬ ‫عُمان‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪ 1٤٣٦ ،1‬هـ‪ ٢٠1٥/‬م‪ ،‬ص‪٧٣‬‬ ‫(‪ (٢‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬مفتاح الباحث‪ ،‬ص‪٧٤،٨٧‬‬ ‫(‪ (٣‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬مفتاح الباحث‪ ،‬ص‪ ٨٧‬وسعيد بن محمد الهاشمي‪،‬‬ ‫بعض المخطوطات ال ُعمانية في المكتبات األوروبية‪ ،‬المنتدى األدبي‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪1٤٢٧‬هـ‪ ٢٠٠٦/‬م‪ ،‬ص‪٨٦‬‬ ‫(‪ (٤‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬مفتاح الباحث‪ ،‬ص‪٨٤‬‬ ‫(‪ (٥‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬مفتاح الباحث‪ ،‬ص‪ ٨٥‬وسعيد بن محمد الهاشمي‪ ،‬بعض‬ ‫المخطوطات ال ُعمانية‪ ،‬ص‪٨٤‬‬ ‫(‪ (٦‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬مفتاح الباحث‪ ،‬ص‪ ٨٥‬وسعيد بن محمد الهاشمي‪ ،‬بعض‬ ‫المخطوطات ال ُعمانية‪ ،‬ص‪٨٣‬‬ ‫(‪ (٧‬سعيد بن محمد الهاشمي‪ ،‬بعض المخطوطات ال ُعمانية‪ ،‬ص‪٨٣‬‬ ‫واستقر بالقاهرة منذ‬ ‫ّ‬ ‫(‪ (٨‬طبيب ألماني‪ ،‬متخصص في طب العيون والصيدلة‪َ ،‬د َر َس اللغة العربية‪،‬‬ ‫سنة ‪1٣٢1‬هـ‪1٩٠٣ /‬م إلى أن توفي عام ‪ 1٣٦٤‬هـ‪ 1٩٤٥/‬م‪ ،‬درس التراث الطبي العربي‪،‬‬ ‫وأنجز فيه أكثر من ثالثمائة بحث (سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪،‬‬ ‫ص‪(1٢‬‬ ‫‪٧٩‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ثالث نسخ خطية لشرح قصيدة‪ :‬زاد الفقير وجبر الكسير؛ للطبيب‬ ‫ُ‬ ‫ال ُع َماني‪:‬‬ ‫القري الرستاقي (ق‪1٠‬هـ‪1٦ /‬م)‪ ،‬أهمها نسخة عتيقة كتبت‬ ‫راشد بن خلف ّ‬ ‫بعد وفاة مؤلفها بقليل‪ ،‬إضافة إلى أرجوزة تشريح العين وشرحها للطبيب‬ ‫ابن عميرة‪ .‬وقد َد َّون عليها بخطه بعض التعليقات والمالحظات‪ ،‬وتناولها‬ ‫بالحديث في عدة دراسات له عن طب العيون عند العرب»(‪ ،(1‬وفي علم‬ ‫المعادن والجواهر‪ ،‬نقل أبو الريحان البيروني(‪( (٢‬ت ‪ ٤٤٠‬هـ‪ 1٠٤٨/‬م)‬ ‫في الجماهر عن أبي العباس(‪ (٣‬ال ُعماني كالما عند حديثه عن األلماس‪:‬‬ ‫«قال أبو العباس ال ُعماني‪ :‬أن معدنه في تنكالن قامرون في جبل ترابي‪،‬‬ ‫يغسل عنه ترابه في الستة التي يكثر فيها البروق»(‪.(٤‬‬ ‫وهذا يدلنا على وصول علوم ال ُعمانيين لغيرهم‪ ،‬واستفادتهم منها‪ ،‬كما‬ ‫استفادوا هم كذلك من غيرهم‪ .‬وعند الحديث عن تفاصيل مساهمات‬ ‫ال ُعمانيين في العلوم التجريبية في المباحث القادمة ‪-‬خاصة الطب‪-‬‬ ‫سيتبين لنا أكثر مدى انفتاح ال ُعمانيين على اآلخر‪ ،‬وكيف أنهم أقبلوا على‬ ‫أخذ العلم حتى من غير المسلم‪.‬‬ ‫(‪ (1‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪ ،‬ص‪1٢‬‬ ‫(‪ (٢‬أبو الريحان محمد بن أحمد ال َب ْي ُروني‪ ٤٤٠-٣٦٢( ،‬هـ‪ 1٠٤٨-٩٧٣ /‬م)‪ ،‬فيلسوف‬ ‫رياضي مؤرخ‪ ،‬من أهل خوارزم‪ ،‬صنف كتبا كثيرة جدا متقنة‪ ،‬منها‪« :‬استخراج األوتار في‬ ‫الدائرة»‪ ،‬و«االستيعاب في صنعة األسطرالب»‪ ،‬و«تحديد نهايات األماكن لتصحيح مسافات‬ ‫المساكن»‪ ،‬انظر‪ :‬خير الدين الزركلي‪ ،‬األعالم‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪٣1٤‬‬ ‫(‪ (٣‬أبو العباس (ق ‪ ٣‬هـ‪ ٩ /‬م)‪ ،‬فقيه‪ ،‬نقل عن أبي بكر الموصلي‪ ،‬وحفظ عن محمد بن هاشم عن‬ ‫محمد بن محبوب‪ ،‬له مسائل في األثر‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء والمتكلمين‬ ‫اإلباضية‪ ،‬ج‪( ٢٣٠-٢٢٩/٢‬قلت‪ :‬وجدت هذه الترجمة وال َّله أعلم بحقيقته)‬ ‫(‪ (٤‬محمد بن أحمد البيروني (ت ‪ ٤٤٠‬هـ‪ 1٠٤٨/‬م)‪ ،‬الجماهر في معرفة الجواهر‪ ،‬عالم الكتاب‬ ‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ 1٤٣٢ ،1‬هـ‪ ٢٠11/‬م‪ ،‬ص‪1٠٩‬‬ ‫‪٨٠‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الأدب والر�سومات‪:‬‬ ‫ف عن ال ُعمانيين استخدامهم للنظم في العقيدة والفكر والفقه‬ ‫وكما ُع ِر َ‬ ‫واللغة‪ ،‬فقد نظموا كذلك في جانب العلوم التجريبية كالطب والفلك‬ ‫والبحار‪ ،‬ففي المجال الطبي نظم بعضهم مقطوعات تصف األدويــة‬ ‫ومنافعها‪ ،‬كالطبيب بشير بن عامر الفزاري(‪( (1‬ق ‪ 1٢-11‬هـ)‪ ،‬والشيخ‬ ‫خلف بن سنان الغافري(‪( (٢‬ت ‪ 11٢٥‬هـ) الذي كانت له أجوبة نظمية‬ ‫في الطب‪« ،‬ومما يلفت النظر أن الطبيب راشد بن خلف بن هاشم العيني‬ ‫قسم العلوم إلى ثالثة أصناف‪ :‬علوم األديان‪ ،‬وعلوم‬ ‫الرستاقي (ق ‪ 1٠‬هـ) ّ‬ ‫اللسان‪ ،‬وعلوم األبدان‪ .‬مشيرا إلى أهمية علم الطب المندرج تحت علوم‬ ‫األبدان‪ ،‬وأنه لم ي ّطلع على نظم فيه‪ ،‬مع وقوفه على منظومات كثيرة في‬ ‫علوم األديان واللسان‪ ،‬وهذا ما دفعه إلى إنشاء منظومة مختصرة في أهم‬ ‫سماها (زاد الفقير وجبر الكسير)»(‪.(٣‬‬ ‫القواعد الطبية‪ّ ،‬‬ ‫(‪ (1‬بشير بن عامر بن عبدال َّله الفزاري‪ ،‬كان حيا عام ‪ 111٠‬هـ‪ 1٦٩٨ /‬م‪ ،‬عالم فقيه‪ ،‬وطبيب ناظم‬ ‫للشعر‪ ،‬من والية إزكي‪ ،‬له مراسالت طبية مع الطبيب علي النزوي‪ ،‬وديوان شعري‪ ،‬ونظم‬ ‫لمسائل فقهية‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج‪-٧٣/1‬‬ ‫‪ ،٧٤‬سيأتي الحديث عنه في الفصل الثاني‪ ،‬مبحث «ال ُعمانيون والطب»‬ ‫(‪ (٢‬خلف بن سنان بن خلفان بن عثيم الغافري‪ ،‬قاض ووال‪ ،‬وعالم فقيه‪ ،‬وأديب شاعر‪ ،‬من بلدة‬ ‫المعمور‪ ،‬وصل درجة الفتوى‪ ،‬له مقامة أدبية بليغة‪ ،‬وأجوبة كثيرة في األثر‪ ،‬وديوان شعري‬ ‫مخطوط‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج‪1٨٢-1٨1/1‬‬ ‫(‪ (٣‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬مفتاح الباحث‪ ،‬ص‪1٦-1٥‬‬ ‫‪٨1‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫وللبحار أحمد بن ماجد بن محمد السعدي أراجيز كثيرة تتجاوز‬ ‫ّ‬ ‫العشرين‪« ،‬وكانت اإلرشادات المالحية تنتشر بين البحارة وتنتقل من جيل‬ ‫إلى جيل آخر منهم‪ ،‬عن طريق المنظومات واألراجيز‪ ،‬أكثر من انتشارها‬ ‫عن طريق الرحمانيات(‪ (1‬النثرية»(‪(٢‬؛ وذلك لما تتميز به المنظومات من‬ ‫سهولة الحفظ والرواية‪.‬‬ ‫ومن المشهور عن فقهاء ُعمان أنهم يرون حرمة رسم ذوات األرواح؛‬ ‫ولذلك يندر وجودها في المخطوطات ال ُعمانية‪ ،‬ولم يكن ذلك مانعا من‬ ‫رسم األشكال التوضيحية في المخطوطات العلمية التجريبية‪ ،‬حيث امتاز‬ ‫الطبيب راشد بن عميرة الرستاقي (ق‪11-1٠‬هـــ) برسم تشريح العين‪،‬‬ ‫ورسم أدوات الكي‪ ،‬كما ظهرت آالت اإلبحار و«أشكال السفن وخطوط‬ ‫المالحة في مصنفات البحار ابن ماجد السعدي»(‪ ،(٣‬وغيره من المالحين‬ ‫ال ُعمانيين الذين صنفوا في هذا المجال كناصر بن علي الخضوري(‪ (٤‬في‬ ‫كتابه (معدن األسرار في علم البحار)‪.‬‬ ‫(‪ (1‬الرحمانيات‪ :‬كلمة عربية تعني الدليل البحري لقباطنة السفن الشراعية (النواخذة أو الربابنة)‪،‬‬ ‫وتشمل أسماء المناطق والمراسي والعالمات التي يستدل بها لمعرفة المواقع كقمم الجبال‬ ‫أو الرؤوس البحرية‪ ،‬كما تشتمل على المسافات بين كل منطقة وأخرى‪ ،‬انظر‪ :‬حمود بن حمد‬ ‫الغيالني‪ ،‬أسياد البحار‪ ٢٠1٦ ،‬م‪ ،‬ص‪٥1‬‬ ‫(‪ (٢‬ناصر بن علي بن ناصر الخضوري‪ ،‬معدن األسرار في علم البحار‪ ،‬ص‪٦‬‬ ‫(‪ (٣‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬مفتاح الباحث إلى ذخائر التراث الفكري ال ُعماني‪ ،‬ص‪٦٢‬‬ ‫(‪ (٤‬نوخذة من والية صور‪ ،‬توفي سنة ‪ 1٣٨٨‬هـ‪ 1٩٦٨/‬م‬ ‫‪٨٢‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬علماء ال�سرع والعلوم التجريبية‪:‬‬ ‫لقد كان علماء المسلمين في السابق متعددي التخصصات‪ ،‬فكان‬ ‫الطبيب فقيها‪ ،‬والفلكي مهندسا‪ ،‬وكذلك الحال عند ال ُعمانيين؛ فبالرغم‬ ‫من اهتمامهم الكبير بعلوم الشريعة‪ ،‬إال أن بعض الفقهاء أنفسهم كانوا‬ ‫أطباء وفلكيين أدباء‪ ،‬وغير ذلك من التخصصات‪ ،‬فالشيخ سليمان بن أحمد‬ ‫الريامي(‪ ،(1‬وصفه الشيخ البطاشي بأنه «بلغ غاية في زمانه في علم الطب‬ ‫وعلم الفلك»(‪ ،(٢‬والشيخ خلف بن سنان الغافري (ت ‪ 11٢٥‬هـ) «عالم‬ ‫موسوعي جمع بين الفقه واألدب والطب والفلك‪ ،‬ففي مجال الطب كانت‬ ‫له أجوبة نظمية»(‪ ،(٣‬والشيخ عبدال َّله بن مداد(‪ ،(٤‬الذي يقول عنه البطاشي‬ ‫في إتحافه‪« :‬وكما أنه من أكابر الفقهاء في زمانه‪ ،‬فهو أيضا طبيب ماهر»(‪،(٥‬‬ ‫(‪ (1‬سليمان بن أحمد الريامي‪ ،‬من علماء القرن ‪11‬هـ‪1٧ /‬م‪ ،‬كان طبيبا وفلكيا وناظما للشعر‪،‬‬ ‫انظر‪ :‬سيف البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٢٧٧‬‬ ‫(‪ (٢‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج‪،٣‬‬ ‫ص‪٢٧٧‬‬ ‫(‪ (٣‬موسى بن سالم البراشدي‪ ،‬الحياة العلمية في عُمان في عهد اليعاربة‪ ،‬ص‪1٢٤‬‬ ‫(‪ (٤‬عبدال َّله بن مداد بن محمد بن مداد‪ ،‬من فقهاء القرن ‪٩‬هـ‪1٥/‬م‪ ،‬انظر‪ :‬البطاشي‪ ،‬إتحاف‬ ‫األعيان‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪٦٧‬‬ ‫(‪ (٥‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪٦٧‬‬ ‫‪٨٣‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫والعالمة عمر بن مسعود بن ساعد المنذري(‪( (1‬ت ‪ 11٦٠‬هـ‪ 1٧٤٧/‬م)‬ ‫«فقيه عالم نبغ في علوم الطب والفلك والرياضيات»(‪ ،(٢‬والفقيه سعيد بن‬ ‫راشد الفارسي(‪« (٣‬كان حاذقا في الطب واألدب»(‪ .(٤‬وهي سمة بارزة أيام‬ ‫الدولة اليعربية‪ ،‬فقد ُوجد «عدد من العلماء الذين يجمعون في كثير من‬ ‫األحيان بين علوم شتى كالفقه والطب وعلوم الفلك واألسرار وغيرها‪،‬‬ ‫وكون الطبيب يجمع بين الطب وهذه العلوم له أهمية في تسخير الفقه‬ ‫لخدمة الطب‪ ،‬ومن هنا وجد لدينا علماء فقهاء وأطباء كالشيخ الطبيب‬ ‫علي بن عامر بن عبدال َّله النزوي(‪ ،(٥‬والشيخ القاضي ناصر بن سليمان‬ ‫(‪ (1‬عمر بن مسعود بن ساعد بن مسعود المنذري‪ ،‬عالم في الطب والفلك ونبغ في الرياضيات‪،‬‬ ‫وفقيه ناظم للشعر‪ ،‬من بلدة السليف بعبري‪ ،‬له رسائل في الفقه واألدب والطب‪ ،‬وقصائد في‬ ‫المدح والغزل والنسب‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء والمتكلمين اإلباضية‪،‬‬ ‫ج‪ ،٧٤-٧٣/1‬سيأتي الحديث عنه في الفصل الثاني‪ ،‬مبحث «ال ُعمانيون والفلك»‬ ‫(‪ (٢‬سلطان بن مبارك الشيباني ومحمد بن عامر العيسري‪ ،‬نوادر المخطوطات ال ُعمانية المحفوظة‬ ‫في دار المخطوطات بوزارة التراث والثقافة‪ ،‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪1٤٣٦ ،1‬‬ ‫هـ‪ ٢٠1٥/‬م‪ ،‬ص‪1٨٩‬‬ ‫(‪ (٣‬سعيد بن راشد بن مسلم الفارسي‪ ،‬المشهور بـ «ولد الظبي»‪ ،‬فقيه طبيب‪ ،‬وأديب ناظم للشعر‪،‬‬ ‫ولد في خضراء بني دفاع‪ ،‬ثم سكن فنجا‪ ،‬فسمائل‪ ،‬توفي ‪ 1٣٦٧‬هـ‪ 1٩٤٨/‬م‬ ‫(‪ (٤‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج‪٨٩-٨٨/٢‬‬ ‫(‪ (٥‬علي بن عامر النزوي‪ ،‬كان حيا عام ‪ 1٠٥٩‬هـ‪ 1٦٤٩/‬م‪ ،‬طبيب فقيه‪ ،‬من بلدة العقر بنزوى‪،‬‬ ‫له مراسالت في الطب مع الطبيب بشير الفزاري‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء‬ ‫والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج‪ ،٣٥٨/٢‬سيأتي الحديث عنه في الفصل الثاني‪ ،‬مبحث «ال ُعمانيون‬ ‫والطب»‬ ‫‪٨٤‬‬ ‫بن محمد بن مداد(‪ ،(1‬وغيرهم كثير»(‪ .(٢‬فيظهر أن علماء الشرع ال ُعمانيين‬ ‫لم يمنعوا تعلم هذه العلوم‪ ،‬بل مارسوها بأنفسهم؛ ألهميتها في الحياة‬ ‫الشخصية واالجتماعية والتعبدية‪ ،‬باإلضافة إلى دورها الكبير في خدمة‬ ‫الدين‪ ،‬وكونها وسيلة لنيل األجر والثواب من رب العالمين‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الشيخ ُجم ِّيل بن‬ ‫وقد تحدث صاحب موسوعة (قاموس الشريعة)‬ ‫خميس السعدي (ق ‪ 1٣‬هـ ‪ 1٩ /‬م) عن بعض العلوم التجريبية عند‬ ‫تقسيمه للعلوم بشكل عام‪ ،‬فقال عن الطب‪« :‬أما العلم البدني‪ :‬فهو العلم‬ ‫الطبي الطبيعي‪ ،‬وهو علم شريف‪ ،‬عظيم النفع جدا‪ ،‬ال غناية عنه؛ ألن الدنيا‬ ‫طريق اآلخرة‪ ،‬والنفس إذا استأصلها الداء‪ ،‬ولم تقابل بالدواء؛ تعطلت‬ ‫منها الحواس‪ ،‬وأقبل عليها الهم والخوف والوجل؛ فال تجد الوسع لفهم‬ ‫شيء من العلوم جزما‪ ،‬إال ما يشاء ال َّله‪ ،‬ويتعطل منها مع ذلك القيام بالعلم‬ ‫والتعلم والعبادات»(‪ ،(٣‬فالشيخ هنا يذكر األهمية العظيمة لعلم الطب‪،‬‬ ‫لدرجة أنه يؤثر في مدى اكتساب العلوم األخرى‪ ،‬بل في القيام بالعبادة‬ ‫على الوجه األكمل؛ ولذلك فإنه يوجه طالب العلم بأن يأخذ قسطا منه‪،‬‬ ‫فيقول‪« :‬وإن كان ذلك كذلك كان ال بد للمريد الطالب من أن يأخذ من‬ ‫العلم الطبيعي الطبي قدرا صالحا لصالح المطية؛ لتقوى على السير وحمل‬ ‫(‪ (1‬ناصر بن سليمان بن محمد بن مداد الناعبي‪ ،‬ت ‪ 11٤1‬هـ‪ 1٧٢٩ /‬م‪ ،‬قاض فقيه‪ ،‬من بلدة‬ ‫العقر بنزوى‪ ،‬كان قاضيا لإلمام سلطان بن سيف اليعربي‪ ،‬ومرجع الفتوى في زمانه‪ ،‬أجاب‬ ‫على أسئلة كثيرة لإلمام سلطان‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء والمتكلمين‬ ‫اإلباضية‪ ،‬ج‪٢٦1-٢٦٠/٣‬‬ ‫(‪ (٢‬موسى بن سالم البراشدي‪ ،‬الحياة العلمية في عُمان في عهد اليعاربة‪ ،‬ص‪1٢٤‬‬ ‫(‪ (٣‬جميل بن خميس السعدي‪ ،‬قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة‪ ،‬مكتبة الجيل الواعد‪،‬‬ ‫مسقط‪ ،‬ط‪ 1٤٣٦ ،1‬هـ‪ ٢٠1٥/‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪٩٨‬‬ ‫‪٨٥‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫األثقال من األمانات‪ ،‬ولتقطع الطريق باجتهاد من غير تعب وال نصب‪ ،‬وال‬ ‫احتمال مشقات»(‪.(1‬‬ ‫وتحدث عن العلم الفلكي النجومي‪ ،‬فقال‪« :‬علم شريف؛ ألنه به ُيستدل‬ ‫على معرفة الساعات‪ ،‬والساعات يقع االستدالل بها على معرفة أوقات‬ ‫الصلوات‪ ،‬ويقع بها االهتداء إلى السبيل في ظلمات البر والبحر»(‪ ،(٢‬وفوائد‬ ‫علم الفلك عديدة‪ ،‬ومنفعته جليلة‪ ،‬وسنتحدث عنها بإذن ال َّله في مبحث‬ ‫«ال ُعمانيون والفلك»‪ .‬وتحدث الشيخ السعدي عن علم الرياضيات‪ ،‬وسماه‬ ‫العلم العدد التركيبي‪ ،‬فقال‪« :‬علم معرفة تركيب صف َّيات اآلحاد والعشرات‬ ‫والمائين واآلالف‪ ،‬وتركيب اآلحاد مع العشرات‪ ،‬والعشرات مع المائين‪،‬‬ ‫والمائين مع اآلالف‪ ،‬فهو علم شريف عظيم النفع جدا‪ ،‬والحاجة إليه‬ ‫ماسة‪ ،‬والضرورة إليه داعية؛ إذ ال بد للنفس من قوام حال الحياة»(‪ ،(٣‬وما‬ ‫َّ‬ ‫من شك أن للرياضيات دور ًا كبير ًا في الحياة؛ ففي التخصصات التجريبية‬ ‫تعتبر أساسا من أسس الفيزياء والكيمياء والهندسة والتصنيع‪ ،‬وغير ذلك‬ ‫من العلوم‪ ،‬وفي مجال العبادات‪ُ ،‬يحتاج إليها في قسمة المواريث وحساب‬ ‫الزكاة مثال؛ لذلك قال الشيخ السعدي‪« :‬ال بد إذا للحي المتع ّبد من أن‬ ‫يأخذ منه قدر ما يصلح به دينه ودنياه»(‪.(٤‬‬ ‫وقد يتوهم بعض الناس موقفا معارضا لبعض علماء الشريعة ال ُعمانيين‬ ‫للعلوم التجريبية‪ ،‬عندما يسمع ‪-‬على سبيل المثال‪ -‬قول أبي مسلم‬ ‫(‪ (1‬جميل بن خميس السعدي‪ ،‬قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪٩٨‬‬ ‫(‪ (٢‬جميل بن خميس السعدي‪ ،‬قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪1٠٠‬‬ ‫(‪ (٣‬جميل بن خميس السعدي‪ ،‬قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪1٠1‬‬ ‫(‪ (٤‬جميل بن خميس السعدي‪ ،‬قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪1٠٢‬‬ ‫‪٨٦‬‬ ‫البهالني(‪( (1‬ت ‪ 1٣٣٩‬هـ‪ 1٩٢٠ /‬م)‪:‬‬ ‫و�ساحب النجم يرعى النجم اإن طلعا‬ ‫دع المهند�س في الأ�سكال مختبطا‬ ‫ي��ري��ك م��ا ��س��اق عنه الجهل م َّت�سعا‬ ‫الل م�ستعال‬ ‫واق �� �س��د ف�ق�ي�ه��ا ب �ن��ور َّ‬ ‫ول �� �س� �وؤال ع ��ن ال �م ��ري ��خ ك ��م قطعا‬ ‫ف ��ال ي �ه �م��ك ي � ��وم ال �ح �� �س��ر ه�ن��د��س��ة‬ ‫لكن المقصود بالذم هنا هو االشتغال بهذه العلوم مع إهمال علوم‬ ‫الشرع‪ ،‬يقول الدكتور راشد الدغيشي في شرحه للقصيدة‪ :‬أي «اترك الذي‬ ‫يشتغل بالعلوم الدنيوية كالمهندس والفلكي‪ ،‬ويقصد بهما الذين ضيعوا‬ ‫العلم الشرعي؛ أي هما جاهالن في العلوم الشرعية ال يؤديان الفرائض‬ ‫كما فرضت‪ ،‬بل كل همهم تعلم العلوم الدنيوية‪ ،‬أما المهندس والفلكي‬ ‫الفقيهان اللذان درسا الفقه وأتقناه فال يقصدهما»(‪ ،(٢‬والدليل أنه قال في‬ ‫بيت سابق من القصيدة نفسها‪:‬‬ ‫وق ��ف اإذا ك ��ان ع�ن��ه ال���س��رع ق��د منعا‬ ‫ف��اط �ل��ب واأط� �ل ��ق ب ��ال ق �ي��د ول ح��رج‬ ‫فال مانع من تعلم أي علم ما لم يمنعه الشرع‪ ،‬وبطبيعة الحال فإن الشرع‬ ‫األرض كما أمر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اإلنسان‬ ‫ال يمنع من تع ّلم العلوم النافعة‪ ،‬والتي يعمر بها‬ ‫ال َّله تعالى‪ ،‬والتي تعينه في شؤون حياته‪ ،‬وترشده حتى في عبادته‪ .‬وبمثل‬ ‫ذلك حكم اإلمام السالمي في جوهره‪ ،‬حيث قال‪:‬‬ ‫َرك ال� �ع� �ي � ِ�ن ع �ن ��د ال � َّن �ظ � ِر‬ ‫ي� �ك ��ون د َ‬ ‫َرك ال �ق �ل ��بِ م �ث � ُل ال�ب���س� ِر‬ ‫ال �ع �ل � ُم د ُ‬ ‫ج� � � ��اء م� � ��ن ال � �ث � �ن� ��اء ف � �ي� ��ه ف ��اع� �لَ� �م ��ا‬ ‫وه � ��و ع �ل ��ى الإط� � � ��الق م �ح �م ��و ٌد ل�م��ا‬ ‫(‪ (1‬ناصر بن سالم بن عد ّيم البهالني‪ ،‬ولد ‪ 1٢٧٧‬هـ‪ 1٨٦1 /‬م في بلدة محرم بسمائل‪ ،‬قاض‬ ‫فقيه‪ ،‬ومتكلم أديب‪ ،‬وسياسي مصلح‪ ،‬وشاعر بليغ‪ ،‬من آثاره‪ ،‬نثار الجوهر في علم الشرع‬ ‫األزهر‪ ،‬والعقيدة الوهبية‪ ،‬والنشأة المحمدية‪ ،‬وله ديوان شعري‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪،‬‬ ‫معجم الفقهاء والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج‪٢٥٩-٢٥1/٣‬‬ ‫(‪ (٢‬راشد بن علي الدغيشي‪ ،‬شرح الموسوعة الشعرية ألبي مسلم البهالني‪ ،‬المجلد ‪ ،1‬مكتبة‬ ‫الضامري للنشر والتوزيع‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪ 1٤٣٦ ،1‬هـ‪ 1٠1٥/‬م‪ ،‬ص‪( ٦٣٩‬من شرح قصيدة‬ ‫العلم)‬ ‫‪٨٧‬‬  ُ (١(         (٢( ‫ ُ‬ (٣( ‫ ُ‬ (٤( » ‫ َ‬ ‫ ِ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ (١( ١ ١٣ ٣ ١٣٣١ ‫ ُ‬ (٢( ١٩١٧ ‫ ُ‬ ١٩٨٧ ١٤٠٧ ١٩٥٥ ١٢٧٥ ١٩٧٤ ،٦ ،١٦ ١٣٩٤ ٢٥ (٣( (٤( ١٤٨ ٢٠١٤ ١٤٣٥ ،١ ٨٨ ‫المطلب الرابع‪ :‬المراأة ال ُعمانية والعلوم التجريبية‪:‬‬ ‫والفهم والقدر َة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫العقل‬ ‫المرأة جزء ال يتجزأ من المجتمع‪ ،‬أعطاها ال َّل ُه‬ ‫على كسب العلوم كما أعطى الرجل‪ ،‬ومنحها اإلســالم الفرصة لتعلم‬ ‫العلوم النافعة‪ ،‬وخدمة األمة واإلنسانية‪ ،‬مع االلتزام بالضوابط التي وضعها‬ ‫الشرع؛ لصونها وللحفاظ على المجتمع سليم ًا عفيف ًا‪ .‬وكما كان عطاء‬ ‫المرأة في العلوم الشرعية قليال مقارنة بالرجل؛ فإن األمر كذلك أيضا ‪-‬بل‬ ‫هو أقل‪ -‬في مجال العلوم التجريبية؛ فال تذكر المصادر كتابا أو رسالة أو‬ ‫تصنيفا واحدا المرأة ُعمانية في هذه المجاالت‪ ،‬وإنما بعض المساهمات‬ ‫التطبيقية مع شيء من المعرفة في الطب والهندسة والفلك والحساب‪.‬‬ ‫وكأمثلة على دور المرأة ال ُعمانية في العلوم التجريبية أنقل النصوص التالية‪:‬‬ ‫* راية بنت سويلم البليشي (من والية بدية)(‪« :(1‬تعلمت طب الكي؛‬ ‫فكانت خبيرة في الكي عن الموضح ومرض الزهار الذين لم يكن لهما‬ ‫عالج في القديم إال به‪ ،‬وأكسبتها الحياة بمرور أيامها خبرة في توليد‬ ‫النساء»(‪.(٢‬‬ ‫* شونة (من محلة الدويرة بوالية الرستاق)(‪« :(٣‬لها معرفة بالطب‬ ‫(‪ (1‬راية بنت سويلم بن علي البليشي (ق ‪ 1٤‬هـ)‪ ،‬ناسكة عابدة من أهل بدية‪ ،‬انظر‪ :‬سلطان بن‬ ‫مبارك الشيباني‪ ،‬معجم النساء ال ُعمانيات‪ ،‬ص‪٥٦‬‬ ‫(‪ (٢‬بدرية بنت حمد الشقصية‪ ،‬السيرة الزكية للمرأة اإلباضية‪ ،‬ط‪ 1٤٢1 ،1‬هـ‪ ٢٠٠٠/‬م‪،‬ص‪1٩٣‬‬ ‫(‪ (٣‬شونة بنت ودير‪ ،‬موالة للسيد سيف بن حمد البوسعيدي‪ ،‬توفيت في الخمسينيات من ق ‪1٤‬‬ ‫هـ‪ ،‬انظر‪ :‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬معجم النساء ال ُعمانيات‪ ،‬ص‪٩٤‬‬ ‫‪٨٩‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫وبالكي أيضا»(‪.(1‬‬ ‫ّ‬ ‫الشعبي‪ ،‬والعالج باألعشاب والعقاقير‬ ‫* شيخة العلوية(‪« :(٢‬كانت امرأة متعلمة يقصدها الناس لالستفادة‪،‬‬ ‫وكان لديها اطالع ومعرفة في علم الحساب والفلك»(‪.(٣‬‬ ‫* ميثاء (من والية بهال)‪« :‬هندست لبناء فلج‪ ،‬وقامت بتنظيم مجراه‪،‬‬ ‫وسمي باسمها»(‪ ،(٤‬والفلج مستمر في العطاء حتى وقتنا الحالي(‪.(٥‬‬ ‫ُ‬ ‫الصورتان (‪ :)٤-٣‬فلج الميثاء وهو ما زال يواصل التدفق ول َّله الحمد‪ ،‬وبجنبه مدرسة الميثاء لتحفيظ‬ ‫القرآن‪ ،‬ومسجد الميثاء حيث يمر الفلج أسفل صرحه (تصوير الزميل سالم الهميمي‪ ٢1 ،‬ربيع األول ‪1٤٣٨‬‬ ‫هـ ‪ ٢1 /‬ديسمبر ‪ ٢٠1٦‬م)‬ ‫(‪ (1‬مهنا بن خلفان الخروصي‪ ،‬الرستاق على صفحات التاريخ‪ 1٤٢٨ ،‬هـ‪ ٢٠٠٧/‬م‪ ،‬ص‪٦٨‬‬ ‫(‪ (٢‬شيخة بنت عامر بن غصن العلوية (ق ‪ 1٥‬هـ)‪ ،‬من أهالي ينقل بالظاهرة‪ ،‬كان لفصيلتها‬ ‫الغصون زعامة إمارة ينقل‪ ،‬وكان آخرهم أخوها سيف أمير ينقل حتى حكم السلطان قابوس‪،‬‬ ‫انظر‪ :‬محمد بن عبدال َّله السيفي‪ ،‬النمير‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٩٩‬‬ ‫(‪ (٣‬محمد بن عبدال َّله السيفي‪ ،‬النمير‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٩٩‬‬ ‫(‪ (٤‬خليفة بن عثمان البلوشي‪ ،‬عُمانيات في التاريخ‪ ،‬ص‪ ،٨٤‬مسقط‪ ،‬وزارة التراث القومي‬ ‫والثقافة‪ ،‬ط‪ 1٤٠٣ ،٢‬هـ‪ 1٩٨٣/‬م‬ ‫(‪ (٥‬انظر الصورتين (‪(٣-٤‬‬ ‫‪٩٠‬‬ ‫* خويصرة بنت سليمان العوفية‪« :‬شقت فلجا في نزوى‪ ،‬وكان يسقي‬ ‫مزارع كثيرة في البلد‪ ،‬وما زالت الساقية موجودة إلى اآلن‪ ،‬وإن كان الفلج‬ ‫قد جف‪ ،‬ولكن الساقية شاهدة على أن امرأة هندست هذا الفلج»(‪.(1‬‬ ‫* مهندسة فلج دارس بنزوى‪« :‬عندما أراد اإلمام سلطان بن سيف شق‬ ‫فلج دارس َهندَّ س ُه بطريقة معينة‪ ،‬جاءته امرأة وقالت له‪ :‬ليس كذلك يا إمام‬ ‫المسلمين‪ ،‬أتريد الفلج ليدوم أو لفترة قصيرة؟ قال‪ :‬أريده لعشرات السنين‪،‬‬ ‫قالت‪ :‬إذن اسمع ما أقوله لك‪ ،‬وهندست الفلج‪ ،‬واآلن يعتبر فلج دارس من‬ ‫ضمن أغزر األفالج على مستوى العالم‪ ،‬وهو من هندسة امرأة»(‪.(٢‬‬ ‫ويعد فلج دارس من األفالج التي تم إدراجها في قائمة التراث العالمي‪،‬‬ ‫«حيث أدرجت منظمة األمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)‬ ‫في عام ‪٢٠٠٦‬م خمسة من األفالج ال ُعمانية في قائمة التراث العالمي‬ ‫وهي‪ :‬فلج دارس وفلج الخطمين في والية نزوى‪ ،‬فلج الملكي في والية‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫إزكي‪ ،‬وفلج الميسر في والية الرستاق‪ ،‬وفلج الجيلة(‪ (٣‬في والية صور»‪.‬‬ ‫(‪ (1‬منذر بن عبدال َّله السيفي‪ ،‬مادة مرئية‬ ‫(‪ (٢‬منذر بن عبدال َّله السيفي‪ ،‬مادة مرئية‬ ‫(‪ُ (٣‬ش َّق جزء من ساقية هذا الفلج على الجبل‪ ،‬وبطريقة هندسية بديعة؛ فكان منظرا جماليا فريدا‪،‬‬ ‫انظر الصورة (‪(٥‬‬ ‫(‪ (٤‬عبدال َّله بن سيف الغافري‪ ،‬هندسة األفالج واستصالح األراضي عند ال ُعمانيين‪ ،‬ورقة بحثية‬ ‫مقدمة لندوة «إسهامات ال ُعمانيين في العلوم التطبيقية» بجامعة السلطان قابوس‪ ،‬مسقط‪،‬‬ ‫اإلثنين ‪ ٧‬ديسمبر ‪ ٢٠1٥‬م‪ ،‬ص‪٢‬‬ ‫‪٩1‬‬  ُ ٥ ٩٢ ‫(‪(١‬‬ ‫ َ ُ‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪١٣١٤‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪١٨٩٦ /‬‬ ‫‪١٩٧٥‬‬ ‫‪١٣٩٥‬‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫‪٩-٣/١‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪١٣‬‬ ‫‪٤‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫‪٢٠١٥‬‬ ‫‪١٤٣٦ ،١‬‬ ‫ ُ‬ ‫‪٩٣‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫المطلب الخام�س‪ :‬مدار�س العلوم التجريبية‪:‬‬ ‫ال ريب أن وجود المدارس النظامية لتدريس أي علم من العلوم لهو‬ ‫دافع كبير على إقبال الناس عليها‪ ،‬وسبب من أسباب انتشار العلم والعلماء‬ ‫تدرس العلوم‬ ‫والمصنفات‪ .‬وعبر التاريخ ال ُعماني؛ فإن المدارس التي ِّ‬ ‫الشرعية واللغوية في مستوياتها العليا كانت قليلة‪ ،‬فاالعتماد غالب ًا يكون‬ ‫على الذات أو على شيخ أو مدرس خاص‪ ،‬أو في أحسن األحوال على‬ ‫حلقة تضم عددا بسيطا من التالميذ يتحلقون على شيخ واحد يعلمهم‬ ‫ٍ‬ ‫العلوم المختلفة‪ ،‬ولذا؛ فإن انتشار مدارس العلوم التجريبية سيكون أقل‬ ‫بالتأكيد؛ نظرا لما هو معلوم من قلة االهتمام بهذه العلوم ‪-‬عند ال ُعمانيين‪-‬‬ ‫مقارنة بالعلوم الشرعية‪.‬‬ ‫ولقد عاشت ُعمان خالل عصر اإلمامة الثانية (‪ ٢٨٠ - 1٧٧‬هـ‪/‬‬ ‫‪ ٨٩٣ - ٧٩٣‬م) ازدهارا حضاريا و رخاء اقتصاديا‪ ،‬كان من إفرازاته اهتمام‬ ‫الناس بالعلم والتعليم؛ فأقيمت المدارس التي كانت في المساجد ابتدا ًء‪،‬‬ ‫منفصل داخل ساحة المسجد‪ ،‬حتى أصبحت‬ ‫ٍ‬ ‫ثم أقيمت على شكل ٍ‬ ‫بناء‬ ‫مستقلة تماما عن المسجد مع بقائها قريبة منه؛ ليبقى االرتباط بالمسجد‬ ‫ُدرس‬ ‫وبالشعائر الدينية قويا منذ الصغر‪ .‬ومن ضمن العلوم التي كانت ت َّ‬ ‫في هذه المدارس باإلضافة لعلوم الشرع واللغة «مبادئ علم الحساب‪:‬‬ ‫‪٩٥‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫كالطرح‪ ،‬والجمع‪ ،‬والضرب‪ ،‬والقسمة»(‪ .(1‬ومن المدارس التي اهتمت‬ ‫بتدريس مبادئ الحساب إلى جانب علوم الدين والتاريخ مدرسة الجبة‬ ‫في الرستاق‪ ،‬والتي ُأنشئت على يد العالمة الشيخ هالل بن بشير الربخي‪،‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫وكانت ملحقة بمسجد الجبة األثري‪.‬‬ ‫وال شك أن لألئمة دور ًا في تهيئة البيئة العلمية؛ فقد «أقــام اإلمام‬ ‫بلعرب(‪ (٣‬في قصر جبرين مدرسة علمية‪ ،‬فيها علماء ومدرسون تُجرى لهم‬ ‫راوتب شهرية‪ ،‬وكان يمنح طالبها مكافآت لحثهم على الدراسة والتفوق‪،‬‬ ‫وهم يدرسون اآلداب والحقوق والفقه والتاريخ وعلم الفلك وعلم التنجيم‬ ‫والطب والكيمياء(‪ ،(٥(»(٤‬ومما يدل على اهتمام اإلمام بلعرب بالعلم وأهله‬ ‫أنه جعل الغرف العالية من حصن جبرين للمدرسة‪« ،‬وهي غرف فاخرة‬ ‫جميلة‪ ،‬ذات رونق بديع‪ ،‬لها اتصال بالفلج الذي في بطن الحصن‪ ،‬وال َيرى‬ ‫من فيها في حال دخوله وخروجه أحد ًا من عوائل القصر وخدمه‪ .‬ويقال‪:‬‬ ‫خرجت خمسين عالما‪ ،‬كلهم من أهل االجتهاد»(‪،(٦‬‬ ‫إن هذه المدرسة َّ‬ ‫خرجت العلماء والمتخصصين في العلوم التجريبية‬ ‫وال ُيستبعد أيضا أنها َّ‬ ‫(‪ (1‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬الثقافة اإلسالمية والتحديات المعاصرة ‪ ،‬ص‪٣٤٠‬‬ ‫(‪ (٢‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬الثقافة اإلسالمية والتحديات المعاصرة‪ ،‬ص‪٣٤٣‬‬ ‫(‪ (٣‬بلعرب بن سلطان بن سيف اليعربي‪ ،‬ت ‪ 11٠٤‬هـ‪ 1٦٩٣/‬م‪ ،‬إمام عادل‪ ،‬وفقيه عالم‪ ،‬وأديب‬ ‫ناظم للشعر‪ ،‬اإلمام الثالث من أئمة اليعاربة‪ ،‬أقام مدرسة بحصن جبرين‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي‬ ‫السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج‪٨٣/1‬‬ ‫(‪ (٤‬ال َّله أعلم ما المقصود بالكيمياء هنا‪ ،‬ولعلها غير الكيمياء التي نعرفها اليوم؛ ألنها تأتي أحيانا‬ ‫مقرونة بعلمي السر والتنجيم‬ ‫(‪ (٥‬إيروس بلديسيرا‪ ،‬قصر جبرين وكتاباته‪ ،‬وزارة التراث ال ُعمانية‪ ،‬ط‪ 1٤1٤ ،1‬هـ‪ 1٩٩٤/‬م‬ ‫ص‪٢٢‬‬ ‫(‪ (٦‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬الثقافة اإلسالمية والتحديات المعاصرة‪ ،‬ص‪٣٤٣‬‬ ‫‪٩٦‬‬ ‫ُدرس فيها‪ .‬وبسبب هذا االهتمام‬ ‫كالفلك والطب‪ ،‬حيث كانت هذه العلوم ت َّ‬ ‫بالعلم والتعليم؛ فقد ازدهرت الحياة العلمية عموما في عهد اليعاربة (ق‬ ‫‪ 1٢-11‬هـ‪ 1٨-1٧/‬م)‪ ،‬وكان من جملة عوامل ازدهارها‪ ،‬االهتمامات‬ ‫العلمية ألئمة اليعاربة‪ ،‬والرخاء االقتصادي‪ ،‬واألمن واالستقرار والتسامح‬ ‫الديني(‪(1‬؛ ولذلك فقد ظهر في عهدهم العلماء المتعددو التخصصات‪،‬‬ ‫ونُسخت الكثير من الكتب‪.‬‬ ‫تبين لنا بعض سمات العلوم التجريبية عند ال ُعمانيين‪ ،‬وأنهم لم يكونوا‬ ‫منفصلين عن العا َلم‪ ،‬بل أفادوا واستفادوا وانفتحوا ‪-‬بسعة أفق‪ -‬على‬ ‫المسلم وغير المسلم‪ ،‬والعربي واألعجمي‪ .‬وكما شاع عند علماء الشرع‬ ‫واللغة تحويل المعلومات إلى نظم شعري‪ ،‬كذلك فعل المختصون في‬ ‫العلوم التجريبية‪ ،‬ولعل األمر هنا أصعب خاصة في مجال الطب؛ فليس‬ ‫من السهل استخدام الشعر في شرح علوم تطبيقية تستعمل مفردات مختلفة‬ ‫عما هو شائع عند عموم الناس‪ .‬واستخدم ال ُعمانيون الرسومات لشرح ما‬ ‫يصعب توضيحه إال بها خاصة في مجالي الطب وعلوم البحار‪.‬‬ ‫لم يمنع ولم يمتنع علماء الشرع ال ُعمانيون من ممارسة العلوم التجريبية؛‬ ‫ألهميتها في الحياة الدينية والدنيوية‪ ،‬ولعدم مخالفتها شرع ال َّله‪ ،‬بل هي‬ ‫مما تدعو إليه الشريعة السمحاء وتحث عليه؛ لما تحمله من أسباب القوة‬ ‫والرقي لألمة‪ .‬وبالنسبة إلى المرأة ال ُعمانية فقد مارست العلوم التجريبية‬ ‫(‪ (1‬موسى بن سالم البراشدي‪ ،‬الحياة العلمية في عُمان في عهد اليعاربة‪ ،‬ص‪1٨‬‬ ‫‪٩٧‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫‪-‬تعلما وتعليما وتطبيقا‪ ،-‬وساهمت في بناء وطنها وخدمة أبناء مجتمعها‪،‬‬ ‫وإن كانت هذه المساهمة قليلة جدا مقارنة بالرجل؛ إال أن ذلك راجع‬ ‫بالطبع للظروف االجتماعية السائدة‪ ،‬واإلســالم ال يمنعها مما فيه خير‬ ‫ومنفعة لها ولألمة‪ ،‬طالما أنها مجتنبة للنواهي الشرعية‪ ،‬ساترة لنفسها‪،‬‬ ‫حافظة لعرضها‪.‬‬ ‫تدرس العلوم التجريبية قليلة بالمقارنة مع‬ ‫لقد كانت المدارس التي ِّ‬ ‫مدارس العلوم الشرعية‪ ،‬وذلك يتناسب مع حجم االهتمام بهذه العلوم‬ ‫عند ال ُعمانيين(‪ .(1‬ورغم قلتها ‪-‬أي مدارس العلوم التجريبية‪ -‬إال أن أغلب‬ ‫من مارس هذه العلوم قد تعلمها بدون مدرسة‪ ،‬سواء كان بطريقة عصامية أو‬ ‫من معلم خاص؛ وذلك بسبب كونها علوما تطبيقية عملية أكثر منها نظرية‪،‬‬ ‫فالشخص يمكنه أن يكون ‪-‬مثال‪ -‬مهندسا مع قليل من التنظير وكثير من‬ ‫التطبيق والممارسة‪.‬‬ ‫وفي المباحث القادمة سنحاول الكشف عن مستوى علوم وإسهام‬ ‫ال ُعمانيين في الطب والهندسة والفلك والمالحة‪ ،‬وال بد من التوضيح أن‬ ‫بعض العلوم التجريبية ترتبط ببعضها ‪-‬كما هو الحال في العلوم الشرعية‪-‬‬ ‫فعلوم البحار ترتبط ارتباطا وثيقا بالفلك‪ ،‬والطب وعلم النبات متالزمان‪،‬‬ ‫وسنجد كذلك أن هندسة القالع والتي برز فيها ال ُعمانيون لها عالقة‬ ‫باألفالج التي تعتبر سمة من سمات الحضارة ال ُعمانية‪.‬‬ ‫(‪ (1‬ذكرت بعض األسباب في مقدمة هذا المبحث‬ ‫‪٩٨‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬ال ُعمانيون والطب‪:‬‬ ‫من المعلوم أن مهنة الطب يحتاج إليها كل أحد؛ فهي غير مرتبطة بأمة‬ ‫دون أخرى‪ ،‬وال بزمان دون غيره؛ فال َّله الخالق جعل األمــراض‪ ،‬وأمر‬ ‫بالمداواة‪ .‬وال ُعمانيون جزء من هذا العالم الذي مارس مهنة الطب للحاجة‬ ‫إليها في قوام األبدان‪ ،‬بل كانت لهم أعمال عظيمة في هذا المجال‪ ،‬من‬ ‫حيث التأليف ‪-‬كما سيأتي الحقا‪ ،-‬ومن حيث التطبيق والتجربة والخبرة‪،‬‬ ‫ففي تجبير الكسور ‪-‬مثال‪ -‬يقول بعض الباحثين‪« :‬والحق يقال أن‬ ‫ال ُعمانيين أكثر براعة في تجبير الكسور‪ ،‬بالمقارنة باألساليب التي يتبعونها‬ ‫واألساليب التي يتبعها الطب الحديث‪ ،‬من التصوير باألشعة‪ ،‬واستعمال‬ ‫األجهزة واألدوات المتطورة‪ ،‬والمضادات الحيوية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬والتي يفتقر‬ ‫إليها الطبيب ال ُعماني الذي ال يعتمد إال على عقله وكيفية استعمال يديه‬ ‫ومزج بعض األعشاب ببعضها؛ لتكون جبيرة تمسك بالعضو المكسور»(‪،(1‬‬ ‫ويقول الشيخ سالم بن حمود السيابي(‪ (٢‬في كتابه (تنوير األذهان بخصال‬ ‫(‪ (1‬لجنة الطب الشعبي ال ُعماني‪ ،‬الطب الشعبي ال ُعماني‪ ،‬ص‪٤‬‬ ‫(‪ (٢‬سالم بن حمود بن شامس بن خميس السيابي‪ ،‬ولد في غال من أعمال بوشر عام ‪1٣٢٦‬‬ ‫هـ‪ 1٩٠٨/‬م‪ ،‬فقيه ومؤرخ‪ ،‬ووال وقاض‪ ،‬وأديب ناظم للشعر‪ ،‬تربو مؤلفاته على الثمانين‬ ‫مؤلفا‪ ،‬ممن درس على يديهم الشيخ خلفان بن جميل السيابي‪ ،‬من آثاره‪ :‬إسعاف األعيان‬ ‫في أنساب أهل عُمان‪ ،‬وأصدق المناهج في تمييز الإلباضية عن الخوارج‪ ،‬وإرشاد األنام في‬ ‫األديان واألحكام‪ ،‬توفي سنة ‪ 1٤1٤‬هـ‪ 1٩٩٣/‬م‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء‬ ‫والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج‪1٥-٤/٢‬‬ ‫‪٩٩‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫أهل ُعمان)‪« :‬وكان عمل التجبير عند أهل ُعمان سهال ميسورا‪ ،‬كما أنه‬ ‫عند الدكاترة(‪ (1‬صعبا عسيرا‪ ،‬ومع ذلك لم يكونوا أخذوه عن مدرسين‬ ‫كما هو العمل في تعلم الطب العصري‪ ،‬و ُيعرف بهذا الفن ب ُعمان كثيرون‪،‬‬ ‫كما أنه يجهله من علماء الطب العصري كثيرون‪ ،‬وإن تعاطوه لم ينجحوا‬ ‫فيه»(‪ ،(٢‬وكالم الشيخ السيابي ال يزال الكثير من ال ُعمانيين يتبنونه ويعملون‬ ‫بمقتضاه؛ لما يرونه من نجاح كبير مقارنة بالتجبير بالطرق الحديثة‪.‬‬ ‫(‪ (1‬أي‪ ،‬األطباء‬ ‫(‪ (٢‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪ ،‬ص‪ ،1٤-1٣‬نقال عن مخطوط بوزارة‬ ‫التراث ج‪ /٢‬ص‪ ٣٤‬فما بعدها‪.‬‬ ‫‪1٠٠‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬اأول معجم لغوي طبي في التاريخ‪:‬‬ ‫ُي َعدُّ كتاب الماء ألبي محمد عبدال َّله بن محمد األزدي الصحاري‬ ‫ال ُعماني (ت ‪ ٤٥٦‬هـ) من أكبر المعاجم الطبية‪ُ ،‬و ِجدَ ت مخطوطته في‬ ‫وأخرج الكتاب وحق َقه الدكتور هادي حسن حمودي‪ ،‬وصدرت‬ ‫َ‬ ‫الجزائر‪،‬‬ ‫الطبعة األولى منه ‪1٤1٦‬هـ‪ 1٩٩٦/‬م‪ ،‬والثانية ‪ 1٤٣٦‬هـ‪ ٢٠1٥/‬م‪ ،‬عدَّ ه‬ ‫المحقق أول معجم لغوي طبي في التاريخ‪ ،‬ويؤكد ذلك بقوله‪« :‬وال أعتقد‬ ‫أن أحدا يستطيع أن يذكر معجما جمع بين المعاني اللغوية والطبية قبل‬ ‫كتاب الماء في أية لغة من اللغات حتى القرن الخامس ل َّلهجرة‪ ،‬الحادي‬ ‫عشر للميالد»(‪ .(1‬لقد اهتمت بعض الوسائل اإلعالمية والمؤسسات‬ ‫الثقافية بهذا الكتاب بعد صدوره‪ ،‬وأقيمت حوله دراسات وبحوث‪ ،‬منها‬ ‫كتاب النباتات الطبية ألبي محمد األزدي لداود سليمان داود‪ ،‬الذي يقول‪:‬‬ ‫«أقام المجمع العلمي للبحوث والدراسات ندوتين منفصلتين عن الكتاب‬ ‫في لندن‪ ،‬وفي أعقابهما أنشئت جمعية طبية سميت بجمعية األزدي الطبية‪،‬‬ ‫التي أخذت على عاتقها دراسة كتاب الماء دراسة علمية معاصرة من جهة‪،‬‬ ‫والبحث عن باقي تراث أبي محمد األزدي الصحاري من جهة أخرى‪،‬‬ ‫وعن تراث األطباء ال ُعمانيين من جهة ثالثة»(‪.(٢‬‬ ‫(‪ (1‬عبدال َّله بن محمد األزدي‪ ،‬الماء أول معجم طبي لغوي في التاريخ‪ ،‬تحقيق‪ ،‬هادي حسن‬ ‫حمودي‪ ،‬ط‪ 1٤٣٦ ،٢‬هـ‪ ٢٠1٥/‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪1٦‬‬ ‫(‪ (٢‬داود سليمان داود‪ ،‬النباتات الطبية ألبي محمد األزدي‪ ،‬دار الحكمة‪ ،‬لندن‪ ،‬ص‪٧‬‬ ‫‪1٠1‬‬  ُ ١٠٧٠ ٤٦٢ (٢( (١( (٣( ‫ َ ِ ً‬ (٤( ‫ ُ‬ ١٠٦٤ (٥( ‫ ُ‬ (٦(  ١١٧٠ ٥٦٥ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ٣٨ ١ (١( ٤٦٢- ٤٢٠ (٢( ١٠٧٠-١٠٢٩ ١٨٦ ٣ ‫ ً‬ ‫ ُ‬ (٣( (Valencia( (٤( ١٠٧٠ ٤٦٢ (٥( ١٠٧-١٠٦ ١٩٩٨ ٢ (٦( ٤٢٨ ١٠٢ ‫في صناعته»(‪ ،(1‬وذكر عنه بعض النصائح‪ ،‬منها‪« :‬من استبد بمعالجته في‬ ‫عرض للخطأ بجهده‪ ،‬واالستشارة‬ ‫حال مرضه‪ ،‬وإن كان طبيبا حاذقا‪ ،‬فقد ُي ّ‬ ‫أداة كاملة»(‪ ،(٢‬وقد يكون ال ُعماني الطبيب هذا هو نفسه أبا محمد األزدي؛‬ ‫لتقارب الفترة بينهما؛ حيث عاش البيهقي بعد قرن من الزمن من األزدي‪،‬‬ ‫ولشهرة األزدي متفردا عن غيره من ال ُعمانيين‪ ،‬خاصة في مجال الطب‪.‬‬ ‫أما شيوخه فيظهر من الكتاب أن األزدي تتلمذ على يد الطبيب ابن‬ ‫سينا(‪( (٣‬ت ‪ ٤٢٧‬هـ‪ 1٠٣٧/‬م)‪ ،‬وشا َف َه أبا الريحان البيروني (ت ‪٤٤٠‬‬ ‫هـ‪ 1٠٤٨/‬م)‪ ،‬وأفاد من الخليل بن أحمد الفراهيدي(‪( (٤‬ت ‪ 1٧٠‬هـ)‬ ‫تعريب األسماء‪ ،‬فرجع لمعجم العين‪« ،‬ويحتل الخليل بن أحمد مكانة‬ ‫رفيعة في نفس المؤلف أبي محمد األزدي‪ ،‬إذ هو الرجل الوحيد من بين‬ ‫العلماء الذي يعقب المؤلف بعد ذكر اسمه دائما بألفاظ الترحم واإلجالل‬ ‫واإلكبار‪ .‬إضافة إلى شيخه وأستاذه ابن سينا»(‪ .(٥‬وكونه معجما؛ فقد ابتدأ‬ ‫بالهمزة‪ ،‬وختم بالياء‪ ،‬ذكر فيه األمــراض والعالج واألدويــة وتركيبها‪،‬‬ ‫(‪ (1‬ظهير الدين علي بن زيد بن محمد البيهقي (ت ‪ ٥٦٥‬هـ‪ 11٧٠/‬م)‪ ،‬تاريخ حكماء اإلسالم‪،‬‬ ‫تحقيق‪ ،‬ممدوح حسن محمد‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ 1٤1٧ ،1‬هـ‪ 1٩٩٦/‬م‪،‬‬ ‫ص‪٩1‬‬ ‫(‪ (٢‬ظهير الدين علي بن زيد بن محمد البيهقي‪ ،‬تاريخ حكماء اإلسالم‪ ،‬ص‪٩1‬‬ ‫(‪ (٣‬أبو علي الحسين بن عبد ال َّله بن سينا (‪ ٤٢٨ - ٣٧٠‬هـ‪1٠٣٧- ٩٨٠/‬م)‪ ،‬ولد في بخارى‪،‬‬ ‫صاحب التصانيف في الطب والمنطق والطبيعيات واإللهيات‪ ،‬صنَّف نحو مئة كتاب‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫«القانون» في الطب‪ ،‬و«الشفاء» في الحكمة‪ ،‬و«أسرار الصالة» ‪ ،‬انظر‪ :‬خير الدين الزركلي‪،‬‬ ‫األعالم‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪٢٤٢-٢٤1‬‬ ‫(‪ (٤‬الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي األزدي اليحمدي (‪ 1٧٠ - 1٠٠‬هـ‪-٧1٨/‬‬ ‫‪ ٧٨٦‬م)‪ ،‬من أئمة اللغة واألدب‪ ،‬وواضع علم العروض‪ ،‬أستاذ سيبويه النحوي‪ ،‬ولد ومات في‬ ‫البصرة‪ ،‬من آثاره‪« :‬معاني الحروف»‪ ،‬و«جملة آالت العرب»‪ ،‬و«تفسير حروف اللغة»‪ ،‬انظر‪:‬‬ ‫خير الدين الزركلي‪ ،‬األعالم‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪٣1٤‬‬ ‫(‪ (٥‬عبدال َّله بن محمد األزدي‪ ،‬الماء أول معجم طبي لغوي في التاريخ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪٥٥‬‬ ‫‪1٠٣‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ـف أعراض األمراض‬ ‫وو َصـ َ‬ ‫والنباتات واألعشاب الطبية وخصائصها‪َ ،‬‬ ‫النفسية‪.‬‬ ‫تف ُّوق اأبي محمد العلمي‪:‬‬ ‫(‪(1‬‬ ‫إن ألمع من سطع نجمه من المسلمين في علم الفيزياء هو ابن الهيثم‬ ‫الذي توفي سنة ‪ ٤٣٠‬هـ‪ ،‬واألزدي توفي سنة ‪ ٤٥٦‬هـ؛ وعلى هذا فهما‬ ‫متعاصران‪ ،‬واهتماماتهما متشابهة‪ ،‬وقد ذكرنا في الفصل األول أن من أهم‬ ‫إنجازات ابن الهيثم تصحيح مفهوم الرؤية عما كان سائدا عند اإلغريق‪،‬‬ ‫فأثبت أن العين جهاز استقبال للضوء ال جهاز إرسال؛ ولذا فقد اشتهر سبق‬ ‫ابن الهيثم في نظرية اإلبصار‪ ،‬ولكن لمحقق كتاب الماء رأي آخر استنتجه‬ ‫من الكتاب نفسه‪ ،‬إذ يقول‪« :‬ففي الوقت الذي ركّز ابن الهيثم اهتمامه (في‬ ‫نظرية اإلبصار) على أشعة الضوء وأثرها في تكوين الرؤية‪ ،‬وتحدث عن‬ ‫وسائل انتقال الضوء‪ ،‬وأمراض البصر‪ ،‬فإن أبا محمد األزدي‪ ،‬في كتاب‬ ‫الماء قد تجاوز ذلك كله إلى تفصيل الكالم على (الذاكرة البصرية) ال على‬ ‫تكون الصور وانعكاسات األشعة فحسب»(‪ ،(٢‬إذ يقول األزدي بعدما عرض‬ ‫ُّ‬ ‫آراء من سبقه‪« :‬وأما الحق في هذا‪ ،‬فهو أن الشبح يقع على داخل المقلة‬ ‫ثم تنقله كل واحدة من المقلتين إلى العصب النوري أمام القوة الباصرة‪.‬‬ ‫وهناك يتخذ الشبحان شبحا واحدا بانطباق أحدهما على اآلخر فتدركه‬ ‫القوة الباصرة‪ .‬وثم تنقله إلى داخل البطن المقدّ م من الدماغ فيبقى هناك‬ ‫محفوظا‪ ،‬فكل وقت تلحظ النفس ذلك الشبح تتخيل ذلك المرئي»(‪.(٣‬‬ ‫وصف دقيق للغاية‪ ،‬عرضه شخص عاش في القرن الخامس الهجري‪/‬‬ ‫(‪ (1‬تم التعريف به‬ ‫(‪ (٢‬عبدال َّله بن محمد األزدي‪ ،‬الماء أول معجم طبي لغوي في التاريخ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪٢٥‬‬ ‫(‪ (٣‬عبدال َّله بن محمد األزدي‪ ،‬الماء أول معجم طبي لغوي في التاريخ‪ ،‬ج‪ ،1‬مادة (بصر)‪،‬‬ ‫ص‪٢٢1-٢٢٠‬‬ ‫‪1٠٤‬‬ ‫ َ‬ ‫ َ َ َ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ ُ‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫»‬ ‫(‪(١‬‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫»‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫ ً‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٥‬‬ ‫»‬ ‫ ً‬ ‫‪١٢٨٨‬‬ ‫‪٦٨٧‬‬ ‫ َ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪٢٧١-٢٧٠‬‬ ‫‪،٤‬‬ ‫‪٣١‬‬ ‫‪١‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪٩٣٢‬‬ ‫‪٣٢٠‬‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫‪٩‬‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫‪١٥‬‬ ‫(‪(٥‬‬ ‫‪١٠٥‬‬ ‫‪‬‬ ‫ُ‬ ‫ ّ‬ ‫ ُ‬ ‫(‪.(١‬‬ ‫ َ ْ ُ‬ ‫ َ َ‬ ‫ َ َ ْ ُ‬ ‫ َ َ َ‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫(‪.(٣‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫‪١٧‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪٩٦‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫‪٧‬‬ ‫ ُ‬ ‫‪(٦‬‬ ‫‪٣‬‬ ‫‪٢٠١٥‬‬ ‫‪١٠٦‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬اأ�سرة اآل ها�سم الر�ستاقيين‬ ‫برزت هذه األسرة الرستاقية في مجال الطب في القرون التاسع والعاشر‬ ‫والحادي عشر للهجرة‪ ،‬بل جمع بعض أفرادها بين الطب والفقه‪ ،‬يقول‬ ‫الشيخ البطاشي‪« :‬وبيت ابن هاشم هذا تخرج منه علماء جمع بعضهم‬ ‫بين الفقه وعلم الطب؛ فكان لهم فيه مهارة فائقة وشهرة واسعة في معرفة‬ ‫األمراض وعالجها؛ فأ ّلفوا فيه الكتب المفيدة‪ ،‬السهلة التناول‪ ،‬الخالية من‬ ‫التكرار والتعقيد‪ ،‬بعبارات واضحة»(‪ ،(1‬ولقلة التأليف في العلوم التجريبية‬ ‫عند ال ُعمانيين مقارنة بالعلوم األخرى؛ يرى بعض الباحثين‪« :‬وليس من‬ ‫قبيل المبالغة إن قلنا إن التراث الطبي الذي تركته أسرة آل هاشم الرستاقيين‬ ‫قد سدّ ثغرة في التراث ال ُعماني في الطب خاصة وفي العلوم التطبيقية‬ ‫عامة»(‪(٢‬؛ وذلك نظرا لألعمال الجليلة التي خدموا بها الطب في ُعمان‬ ‫ُشرح جسد‬ ‫نظري ًا وعملي ًا‪ ،‬من خالل المؤلفات الشعرية والنثرية‪ ،‬التي ت ِّ‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وتصف وسائل الوقاية وطرق العالج وتذكر األدويــة وكيفية‬ ‫تحضيرها‪ ،‬وتب ِّين قوانين الطبيب والشروط التي ينبغي أن يحققها من أراد‬ ‫ممارسة مهنة الطب‪ ،‬ومن خالل ذكر التجارب والمشاهدات‪ ،‬ومداواة‬ ‫الناس‪ ،‬بل إجراء العمليات الجراحية‪ ،‬كما سنرى في الصفحات القادمة‬ ‫بإذن ال َّله حيث سنتطرق ألبرز علمائهم وأعمالهم‪.‬‬ ‫(‪ (1‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج‪،٢‬‬ ‫ص‪1٥٥‬‬ ‫(‪ (٢‬سلطان الشيباني ومحمد العيسري‪ ،‬نوادر المخطوطات ال ُعمانية‪ ،‬ص‪٢٠٢‬‬ ‫‪1٠٧‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫الطبيبان الأخوان را�سد بن خلف وثاني بن خلف (ق ‪ 10-9‬ه�)‬ ‫الطبيب راشد بن خلف بن محمد بن عبدال َّله بن هاشم القري ِ‬ ‫العيني‬ ‫ّ‬ ‫الرستاقي من أبرز أطباء هذه األسرة العلمية‪ ،‬تتلمذ(‪ (1‬على يد الشيخ محمد‬ ‫بن عبدال َّله بن مداد(‪ (٢‬والشيخ سعيد بن زياد بن أحمد البهلوي(‪ ،(٣‬ولعل‬ ‫المقصود أنه أخذ منهما علم الفقه ال علم الطب‪ ،‬ولعله أخذ الطب من ابن‬ ‫مداد بجانب الفقه‪ ،‬حيث ورد أن من بين آثار ابن مداد (وصفات طبية)‬ ‫بجانب آثاره الفقهية وال َّله أعلم‪.‬‬ ‫أ ّلف الطبيب راشد (زاد الفقير وجبر الكسير)(‪ ،(٤‬وهي منظومة المية‬ ‫مختصرة في أهم القواعد الطبية‪ ،‬مشتملة على وصفات طبية ووسائل وقائية‬ ‫من األمراض‪ ،‬مع شرح تفصيلي للقصيدة‪ ،‬جعلها نظم ًا لقلة منظومات علم‬ ‫الطب في ُعمان‪ ،‬مطلعها‪:‬‬ ‫لأه��ل ال ُّنهى في الطب علما مك ّمال‬ ‫اأق � � � ��ول م� �ق ��ال ُم �ح �ك �م ��ا و ُم �ف �� �س ��ال‬ ‫(‪ (1‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج‪٢٢٢/1‬‬ ‫(‪ (٢‬محمد بن عبدال َّله بن مداد الناعبي‪ ،‬فقيه من عقر نزوى‪ ،‬تتلمذ على يد والده‪ ،‬وأخذ منه محمد‬ ‫بن عبدالسالم‪ ،‬حضر تغريق أموال بني نبهان وبني رواحة‪ ،‬من آثاره‪ :‬كتاب في الصرف‪ ،‬وسيرة‬ ‫ابن مداد‪ ،‬ووصفات طبية‪ ،‬توفي سنة ‪ ٩1٧‬هـ‪ 1٥11/‬م‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم‬ ‫الفقهاء والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج‪1٣٨-1٣٦/٣‬‬ ‫(‪ (٣‬سعيد بن زياد بن أحمد بن راشد البهلوي (ق ‪ 1٠-٩‬هـ‪ 1٦-1٥/‬م)‪ ،‬فقيه من والية بهال‪،‬‬ ‫كان ممن ن ُِّصب للحكم في أموال بني نبهان سنة ‪ ٨٨٧‬هـ‪ 1٤٨٢/‬م‪ ،‬وكان من جملة الذين‬ ‫اجتمعوا للنظر في بيع الخيار سنة ‪ ٩٠٩‬هـ‪ 1٥٠٣/‬م‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم‬ ‫الفقهاء والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج‪٨٩/٢‬‬ ‫(‪ (٤‬انظر الصورة (‪(٧‬‬ ‫‪1٠٨‬‬ ‫الصورة (‪ :)٧‬جزء من قصيدة (زاد الفقير وجبر الكسير) مع الشرح‪ ،‬للطبيب راشد بن خلف‪ ،‬نقال عن‬ ‫سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪.‬‬ ‫‪1٠٩‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫وسماها بهذا االسم (زاد الفقير وجبر الكسير)؛ «ألنه أخذ ما َس ُهل‬ ‫ّ‬ ‫من الصفات على الفقراء‪ ،‬ومراده جبر كسر الضعفاء و َمن أراد الطب»(‪.(1‬‬ ‫الر ْح َمة‬ ‫ومن مصادر الطبيب راشد في النظم والشرح ‪ :‬كتاب (مختصر َّ‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫الص ُبن ِْر ّي(‪ ،(٣‬و(مختصر‬ ‫ِ ِ‬ ‫الطب والحكمة) ل َم ْهدي بن علي بن إبراهيم ُّ‬ ‫ّ‬ ‫في‬ ‫بقراط الحكيم) المنسوب للطبيب اليوناني بقراط (ق ‪ ٤‬قبل الميالد)‪،‬‬ ‫وكتابا (تقويم األبدان في تدبير اإلنسان) و(منهاج ال َب َيان فيما يستعمله‬ ‫اإلنسان) ليحيى بن عيسى المعروف بابن جزلة البغدادي(‪ ،(٤‬و(تذكرة‬ ‫َحال(‪ ،(٥‬و( ُل َقط المنافع) لعبدالرحمن بن‬ ‫َحالين) لعلي بن عيسى الك َّ‬ ‫الك َّ‬ ‫علي الجوزي(‪ ،(٦‬وكتابا (الحاوي) و( ُبـ ْـرء َساعة) ألبي بكر محمد بن‬ ‫زكريا الرازي(‪( (٧‬ت ‪ ٣٢٠‬هـ‪ ٩٣٢ /‬م)‪ ،‬وغيرهم‪ .‬ويبدو أن الطبيب راشد‬ ‫بن خلف له مراسالت ومكاتبات مع بعض أطباء عصره ببالد فارس في‬ ‫(‪ (1‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪ ،‬ص‪٩‬‬ ‫(‪ (٢‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪ ،‬ص‪1٠-٩‬‬ ‫(‪ (٣‬مهدي بن علي بن إبراهيم الصبنري اليمني المهجمي (ت ‪ ٨1٥‬هـ‪1٤1٢ /‬م)‪ ،‬طبيب‪ ،‬ومن‬ ‫العلماء بالقراءات‪ ،‬له نظم‪ ،‬توفي كهال ببلده (المهجم) باليمن‪ ،‬انظر‪ :‬خير الدين الزركلي‪،‬‬ ‫األعالم‪ ،‬ج‪ ،٧‬ص‪٣1٣‬‬ ‫ِ‬ ‫(‪ (٤‬أبو علي يحيى بن عيسى بن ِجزلة البغدادي (ت ‪٤٩٣‬هـ‪11٠٠ /‬م)‪ ،‬كان مسيحيا‪ ،‬وأسلم سنة‬ ‫‪ ٤٦٦‬هـ‪ ،‬صنّف عدة كتب‪ ،‬منها‪« :‬تقويم الصحة باألسباب الستة»‪ ،‬و«الرد على النصارى»‪،‬‬ ‫ورسالة في «فضائل الطب»‪ ،‬انظر‪ :‬خير الدين الزركلي‪ ،‬األعالم‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪1٦٢-1٦1‬‬ ‫(‪ (٥‬علي بن عيسى بن علي الكحال (ت‪٤٣٠‬هـ‪1٠٣٩ /‬م)‪ ،‬طبيب حاذق في أمراض العيون‬ ‫ومداواتها‪ ،‬اشتهر بكتابه «تذكرة الكحالين»‪ ،‬انظر‪ :‬خير الدين الزركلي‪ ،‬األعالم‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪٣1٨‬‬ ‫(‪ (٦‬عبدالرحمن بن علي بن محمد الجوزري (‪ ٥٩٧ -٥٠٨‬هـ‪1٢٠1 -111٤/‬م)‪ ،‬ولد وتوفي‬ ‫في بغداد‪ ،‬له نحو ثالثمائة مصنف‪ ،‬منها‪« :‬تقويم اللسان»‪ ،‬و«المدهش»‪ ،‬و«تلبيس إبليس»‪،‬‬ ‫انظر‪ :‬خير الدين الزركلي‪ ،‬األعالم‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٣1٧-٣1٦‬‬ ‫(‪ (٧‬سبق التعريف به‬ ‫‪11٠‬‬ ‫وصفات واستشارات طبية كما يؤخذ من شرحه لبعض أبيات الالمية(‪،(1‬‬ ‫الالري(‪ ،(٢‬وتواصل مشافهة‬‫ّ‬ ‫كالطبيب الفارسي كمال الدين بن طهر الدين‬ ‫حاجي الهرموزي(‪.(٣‬‬ ‫مع الطبيب نصر ال َّله بن ّ‬ ‫يظهر لنا من كل هذه المراجع واالتصاالت أن الطبيب راشد كان واسع‬ ‫اال ِّطالع‪ ،‬محبا للعلم‪ ،‬شغوفا لالستفادة ممن سبقوه وممن عاصروه‪ ،‬ولو‬ ‫كانوا على غير ملته وعلى غير لسانه؛ وهذا يؤكد لنا سعة أفق ال ُعمانيين‪،‬‬ ‫وتواصلهم مع العالم‪ ،‬فلم يكونوا منغلقين‪.‬‬ ‫لقد القت هذه المنظومة َقبوال واسعا لدى المهتمين بعلم الطب؛ بدليل‬ ‫انتشارها داخل ُعمان وخارجها‪ ،‬حيث توجد منها نسخ في «مكتبة وزارة‬ ‫التراث والثقافة‪ ،‬ومكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي بالسيب‪،‬‬ ‫ومكتبة الشيخ ناصر بن راشد الخروصي بالعوابي‪ ،‬ومكتبة الشيخ أحمد بن‬ ‫حمد الخليلي بمسقط‪ ،‬ومكتبة الشيخ سالم بن حمد الحارثي بالمضيرب‪،‬‬ ‫ودار الكتب المصرية بالقاهرة‪ ،‬ومكتبة جامعة اإلسكندرية‪ ،‬ومركز جهاد‬ ‫الليبيين للدراسات التاريخية في ليبيا‪ ،‬والخزانة الحسنية بالرباط في‬ ‫المغرب‪ ،‬ومكتبة الملك فهد بالمملكة العربية السعودية»(‪ ،(٤‬ورأينا اعتناء‬ ‫طبيب العيون األلماني ماكس مايرهوف بهذه القصيدة‪ ،‬حيث كان يقتني‬ ‫(‪ (1‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج‪،٢‬‬ ‫ص‪1٦٠،1٨٥‬‬ ‫(‪ (٢‬سبق التعريف به‬ ‫الس ْحتَن‪،‬‬ ‫طبيب عاش في وادي َّ‬ ‫ٌ‬ ‫حاجي بن محمد الهرموزي (ق‪1٠‬هـ‪1٦ /‬م)‪،‬‬ ‫(‪ (٣‬نصر ال َّله بن ّ‬ ‫وتوفي زمن اإلمام محمد بن إسماعيل (‪٩٤٢ -٩٠٦‬هـ‪1٥٣٥ -1٥٠1 /‬م)‪ ،‬انظر‪ :‬سلطان‬ ‫الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪ ،‬ص‪1٠‬‬ ‫(‪ (٤‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪ ،‬ص‪٩‬‬ ‫‪111‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ثالث نسخ خطية لشرح القصيدة‪ .‬كما شرح هذه المنظومة شرحا موجز ًا‬ ‫ُ‬ ‫علي بن محمد بن علي المنذري(‪( (1‬ت ‪1٣٤٣‬هـ‪1٩٢٥ /‬م)‪ ،‬ونالحظ أن‬ ‫هذا االعتناء من ِق َبل ماكس مايرهوف وعلي المنذري كان بعد فترة زمنية‬ ‫تقارب أربعة قرون من تأليف المنظومة؛ مما يدل على بقائها حية ف َّعالة‬ ‫علمي ًا‪.‬‬ ‫والطبيب اآلخر من أسرة آل هاشم الرستاقيين هو ثاني بن خلف أخو‬ ‫الطبيب راشد بن خلف‪« ،‬وكان طبيبا وفقيها»(‪ ،(٢‬وثاني هو أبو الطبيب‬ ‫عميرة بن ثاني بن خلف (ق ‪ 1٠‬هـ)‪« ،‬والشيخ عميرة هذا معدود من أطباء‬ ‫زمانه»(‪ ،(٣‬وجدُّ الطبيب راشد بن عميرة‪ ،‬الذي سيأتي الحديث عنه مفصال‬ ‫‪-‬بإذن ال َّله‪.‬‬ ‫(‪ (1‬علي بن محمد بن علي بن محمد بن علي المنذري‪ ،‬ولد في زنجبار بين ‪1٢٩٢-1٢٨٣‬‬ ‫هـ‪ 1٨٧٥-1٨٦٦/‬م ونشأ فيها‪ ،‬كان قاضيا‪ ،‬من آثاره‪ ،‬الرد على الرسالة النسطورية‪ ،‬ونور‬ ‫التوحيد‪ ،‬والصراط المستقيم‪ ،‬وأجوبة فقهية‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء‬ ‫والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج‪ ،٣٧1-٣٦٨/٢‬وهو ابن الشيخ محمد بن علي بن محمد المنذري‬ ‫الذي لديه شيء من العلم بالتشريح وصاحب كتاب (لوامع الدراري في علم المجاري) كما‬ ‫سيأتي الحقا بإذن ال َّله‪.‬‬ ‫(‪ (٢‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج‪،٢‬‬ ‫ص‪1٥٩‬‬ ‫(‪ (٣‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج‪،٢‬‬ ‫ص‪1٥٩‬‬ ‫‪11٢‬‬ ‫الطبيب علي بن مبارك‬ ‫ومن األطباء من بيت ابن هاشم العالم الطبيب الشيخ علي بن مبارك‬ ‫بن خلف‪ ،‬رثاه الشاعر سالم بن غسان بن راشد اللواح الخروصي(‪( (1‬ق‬ ‫‪ 1٠-٩‬هـ) المعروف بابن ال ّلواح‪ ،‬بقصيدة اخترت منها هذه األبيات(‪:(٢‬‬ ‫موت الطبيب الأري��ب الها�سمي علي‬ ‫ه� ��ذي ن �ه��اي��ة وق� ��ع ال� �ح ��ادث ال�ج�ل��ل‬ ‫� ��الطون بل اأر�سطا طالي�س كالخول‬ ‫ح�سبي لديك فجالينو�س �ساحبه اأف � �‬ ‫ف��ال�ي��وم تبكيك ح��زن��ا ج�م�ل��ة المقل‬ ‫ك ��م م �ق �ل��ة ع �م �ي��ت اأرج� �ع ��ت ن��اظ��ره��ا‬ ‫ف��ال �ي��وم لق �ي��ت م ��ا اأب � ��الك م ��ن علل‬ ‫وك� ��م ��س�ف�ي��ت ب �ن��ي دن� �ي ��اك م ��ن علل‬ ‫ونستنتج من األبيات أن الطبيب علي كان متخصصا في طب العيون‪ ،‬بل‬ ‫كان بارعا ماهرا فيه‪ ،‬ويظهر كذلك أنه كان واسع األفق‪ ،‬مطلعا على علوم‬ ‫مشاهير األطباء القدامى كجالينيوس وأرسطو وغيرهم‪.‬‬ ‫الطبيب را�سد بن ُعميرة (ق ‪ 11-10‬ه�)‬ ‫هو راشد بن عميرة بن ثاني بن خلف بن محمد الهاشمي الرستاقي‪ ،‬أكثر‬ ‫آل هاشم علما في الطب‪ ،‬وأبرزهم وأكثرهم تأليفا‪ ،‬يقول الشيخ البطاشي‬ ‫عنه‪« :‬أشهر أطباء بيت ابن هاشم وهو الطبيب الماهر الفيلسوف الشيخ‬ ‫راشد بن عميرة بن ثاني بن خلف الذي تشهد له على رسوخه ومعرفته‬ ‫(‪ (1‬أبو حمزة سالم بن غسان بن راشد بن عبدال َّله بن علي اللواح الخروصي‪ ،‬جده هو المعروف باللواح‪ ،‬ولد في‬ ‫قرية ثقب قريبا من وادي بني خروص عام ‪ ٨٦٢‬هـ‪ ،‬له ديوان شعر‪ ،‬انظر‪ :‬سالم بن غسان اللواح الخروصي‪،‬‬ ‫اللواح‪ ،‬تحقيق‪ ،‬محمد علي الصليبي‪ ،‬وزارة التراث‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪ 1٤٠٩ ،1‬هـ‪ 1٩٨٩/‬م‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪٦-٥‬‬ ‫ديوان َّ‬ ‫اللواح‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪٢٣٢-٢٣1‬‬ ‫(‪ (٢‬سالم بن غسان اللواح الخروصي‪ ،‬ديوان َّ‬ ‫‪11٣‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫في علم الطب وعالج األمراض مؤلفاتُه الجليلة النافعة»(‪ ،(1‬ويقول محقق‬ ‫كتاب (منهاج المتعلمين)‪« :‬وقد كان راشد بن ُعميرة الرستاقي طبيب أهل‬ ‫زمانه‪ ،‬وأوسعهم ا ّطالعا‪ ،‬وتشهد بذلك مؤلفاته‪ ،‬وأراجيزه الطبية‪ ،‬وقد‬ ‫استوفى أدواته العلمية من حيث اعتماده المصادر‪ ،‬والتجربة‪ ،‬والقياس‪،‬‬ ‫والمشاهدة‪ ،‬والسماع كآليات عمل يفيء إليهما في ممارسة الطب‪ ،‬أو‬ ‫التأليف فيه»(‪ ،(٢‬بل كان منزله يشير إلى «عبقرية في اختيار الموقع قرب عين‬ ‫يضم ُغ ْر َف ًة للعالج وأخرى لتنويم المرضى‪،‬‬ ‫الماء الحارة ‪ ،‬وعلى أنه كان ّ‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫ومكتب ًة لحفظ المصنفات الطبية‪ ،‬و ُم ْخ َت َب ًرا لطبخ األدوية‪ ،‬كما يشتمل على‬ ‫حوض دقيق الصنع فوق ساقية الفلج‪ ،‬وآنية لسحق األدوية»(‪.(٤‬‬ ‫وكما رأينا فإن ابن عميرة ينحدر من عائلة اشتغل كثير من أفرادها‬ ‫في علم الطب؛ فأبوه طبيب‪ ،‬وجده ألبيه طبيب‪ ،‬وكثير من رجال العائلة‬ ‫أطباء وعلماء‪ ،‬وتتلمذ على يده ابنه عميرة‪ ،‬والذي أ ّلف له كتاب (منهاج‬ ‫المتعلمين) ؛ وهذا بالتأكيد له دور كبير في تنشئة الطبيب راشد الذي تميز‬ ‫بالهمة والنشاط‪ ،‬وحب العلم والتجربة‪ ،‬والحنكة والذكاء وسرعة البديهة‪.‬‬ ‫مادة تنقصه‬‫ومما يروى عنه في الفطنة أنه استطاع بالتذوق فقط معرفة ٍ‬ ‫ُ‬ ‫(‪ (1‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج‪،٢‬‬ ‫ص‪1٦1-1٦٠‬‬ ‫(‪ (٢‬راشد بن عميرة الرستاقي‪ ،‬منهاج المتعلمين‪ ،‬تحقيق‪ ،‬عبدال َّله بن علي بن سعيد السعدي‪،‬‬ ‫وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪ 1٤٣٤ ،1‬هـ‪ ٢٠1٣/‬م‪ ،‬ص‪٩‬‬ ‫(‪ (٣‬عين الكسفة بالرستاق‬ ‫(‪ (٤‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬الطبيب راشد بن عميرة حياته وآثاره العلمية‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة‬ ‫إلى (ندوة االحتفال بالذكرى المئوية الرابعة للطبيب والصيدالني ال ُعماني راشد بن عميرة بن‬ ‫ثاني الهاشمي الرستاقي)‪ ،‬تنظيم اللجنة الوطنية ال ُعمانية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬ربيع اآلخر‬ ‫‪1٤٣٦‬هـ‪ /‬فبراير ‪٢٠1٥‬م‪ ،‬ص‪٩‬‬ ‫‪11٤‬‬ ‫لتركيب دواء معين‪ ،‬وفي القصة «أن الطبيب راشد ُأصيب في الخمسينات‬ ‫من عمره بالعمى؛ فعمل الدواء‪ ،‬إال أنه نسي أحد تراكيبه‪ ،‬فسمع بحكيم‬ ‫ماهر في الهند؛ فسار إليه ولم يخبره بخبره‪ ،‬فوضع الطبيب الهندي الدواء‬ ‫له‪ ،‬فاكتحل الطبيب راشد منه وتذوق بعضا منه بلسانه‪ ،‬وصاح‪ :‬قد عرفت‬ ‫ما نقص من دوائي‪ ،‬فتعجب الطبيب الهندي! وقال له‪ :‬من أنت؟ فكتم عنه‬ ‫االسم‪ ،‬وبعدها قال الطبيب الهندي‪ :‬أنه إذا كان شيء فأنت طبيب ُعماني‪،‬‬ ‫فأصدقه الخبر»(‪.(1‬‬ ‫وقد كان الطبيب راشد بن عميرة حيا بداية القرن الحادي عشر ل َّلهجرة؛‬ ‫بدليل قوله في إحدى قصائده‪:‬‬ ‫ل� � � � � � � � ��ه ال � � � � � �خ � � � � � �ي� � � � � ��ر م � � � �ط� � � ��ال� � � ��ب‬ ‫ت � � � � ��م ال� � � � �ك� � � � �ت � � � ��اب ل � � � �م� � � ��ا � � � �س � � � أال� � ��ت‬ ‫والأل� � � � � � � � � � � � � � � ��ف ه � � � � � �ج� � � � � ��رة ك � � ��ات � � ��ب‬ ‫ف � � � � � ��ي ع � � � � � � � ��ام ت � � � ��ا�� � � � �س � � � ��ع ع � � �� � � �س� � ��رة‬ ‫أي أنه قد أكمل الكتاب عام ألف وتسعة عشر ل َّلهجرة (‪ 1٠1٩‬هـ)‪،‬‬ ‫سنوات‪.‬‬ ‫سنوات‪.‬‬ ‫بخمس‬ ‫وهو العام الذي يسبق مبايعة اإلمام ناصر بن مرشد(‪ (٢‬بعدة‬ ‫اأعماله‪:‬‬ ‫لقد أكثر الطبيب راشد بن عميرة من التأليف والنظم والشرح مقارنة‬ ‫بغيره من أطباء ُعمان‪ ،‬وامتاز بعلم تشريح الجسد وخاصة العين ‪-‬كما‬ ‫(‪ (1‬سليمان بن علي العبري‪ ،‬حروف عُمانية مضيئة‪ ،‬مكتبة االستقامة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪1٤٢٢ ،1‬‬ ‫هـ‪ ٢٠٠٢/‬م‪ ،‬ص‪1٣٥‬‬ ‫(‪ (٢‬ناصر بن مرشد بن سلطان بن مالك اليعربي‪ ،‬ولد في الرستاق تقريبا عام ‪ 1٠1٤‬هـ‪1٦٠٥/‬‬ ‫م‪ ،‬نشأ تحت رعاية الشيخ خميس بن سعيد الشقصي وتتلمذ عليه‪ ،‬أول األئمة اليعاربة‪،‬‬ ‫وعالم فقيه‪ ،‬بويع باإلمامة عام ‪ 1٠٣٤‬هـ‪ 1٦٢٤/‬م جاهد البرتغاليين في سواحل عُمان حتى‬ ‫أجهدهم‪ ،‬توفي سنة ‪ 1٠٥٩‬هـ‪ 1٦٤٩/‬م بنزوى‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء‬ ‫والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج‪٢٦٦-٢٦٥/٣‬‬ ‫‪11٥‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫سنرى‪ ،-‬وتميزت مصنفاته بالرسومات والتوضيح‪ ،‬كما في (رسالة الكي‬ ‫بالنار)‪ ،‬حيث تحتوي رسوما ألنواع المياسم الحديدية التي تُستخدم في‬ ‫الكي حسب المرض(‪ ،(1‬وهذا التصنيف ُيعتبر سبقا البن عميرة‪ ،‬يوضح‬ ‫لنا الدكتور ناصر العزري ذلك قائال‪« :‬كــان الطبيب راشــد سباقا في‬ ‫التصنيف في هذا المجال لممارسة كانت موجودة آلالف السنين‪ ،‬حيث‬ ‫عمل على توضيح ضوابطها وفوائدها ومضارها‪ ،‬ومتى يجب أن تستخدم‬ ‫أو ال تستخدم‪ ،‬كل ذلك مقرونا بصور توضيحية لكل آلة كي‪ ،‬ومواضع‬ ‫استخدامها‪ ،‬وهو مما لم أطلع على مثله في المؤلفات الطبية القديمة»(‪.(٢‬‬ ‫َ‬ ‫الشروط‬ ‫ولم يفت الطبيب الحذق أن يب ِّين لمن أراد ممارسة هذه المهنة‬ ‫التي ينبغي أن يحققها؛ حتى ال يقع في الخطأ؛ حيث إن التعامل مع أرواح‬ ‫بشرية لها حرمتها الدينية واإلنسانية واألخالقية‪ ،‬وذلــك في أرجــوزة‬ ‫(محالت المتطببين ومنهج السالكين)‪ ،‬والتي تضمنت كذلك معرفة‬ ‫الطبائع والعروق(‪ ،(٣‬والحجامة وتحضير األدوية‪ ،‬تتكون من ‪ ٢٢٠‬بيتا‪،‬‬ ‫مطلع القصيدة‪:‬‬ ‫م� � � � �وؤب � � � ��دا ل � �ي � ��� ��س ب� � � � ��ذي ان � �ق � �ط� ��اع‬ ‫ال � �ح � �م � ��د لل م � �ج � �ي� ��ب ال � � ��داع � � ��ي‬ ‫وف� � � � ��ي ق � � �ل� � ��وب ال� � �ع� � �ل� � �م � ��اء �� �س ��اع ��ي‬ ‫م� � ��� � �س � ��رم � ��دا ي� � �ل � ��ذ ف� � � ��ي ال � �� � �س � �م� ��اع‬ ‫ف� ��ي اأب � �ح� ��ر ال� �ط ��ب وظ� �ه ��ر ال���س�ب��ب‬ ‫ي� ��ا ع ��ال� �م ��ا ي �ب �غ ��ي ن� �ج ��اح ال �م �ط �ل��ب‬ ‫ول ت � � �ك� � ��ن م� � �ج � ��ان� � �ب � ��ا ال� �ن� �ظ� �م ��ي‬ ‫ل ت � �ط � �ل� ��ب ال� � �ع� � �ل � ��م ب � �غ � �ي� ��ر ف �ه ��م‬ ‫وي � �ظ � �ه� ��ر ال � � �ق� � ��ول ب� � ��ه ال �ت �ح �ق �ي �ق ��ا‬ ‫ي � � ��ر�� � � �س � � ��دك الل ب� � � ��ه ال � �ط� ��ري � �ق� ��ا‬ ‫(‪ (1‬انظر الصورة (‪(٨‬‬ ‫(‪ (٢‬ناصر بن حماد العزري‪ ،‬إسهامات ال ُعمانيين في مجال الطب‪ ،‬ص‪٧‬‬ ‫(‪ (٣‬األوعية الدموية‬ ‫‪11٦‬‬ ‫الصورة (‪ :)٨‬جزء من (رسالة الكي بالنار) للطبيب راشد بن عميرة‪ ،‬حيث تحتوي رسوما ألنواع‬ ‫المياسم الحديدية‪ ،‬نقال عن سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪.‬‬ ‫‪11٧‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫ومما تميز به الطبيب ابن عميرة التجربة والمران‪ ،‬بل إنه ممارس العمليات‬ ‫الجراحية‪ ،‬ففي (مقاصد الدليل وبرهان السبيل في معالجات العليل)‪ ،‬ذكر‬ ‫تجارب طبية في عالج بعض األمراض‪ ،‬ومن تلك التجارب أنه قام بعالج‬ ‫امرأة حامل نطحها ثور؛ فشق بطنها شقا واسعا عظيما‪ ،‬وخرجت األمعاء‬ ‫فكمد الطبيب راشد ما خرج منها‪ ،‬وخاطها‪ ،‬ووضعها على‬ ‫إلى األرض ؛ ّ‬ ‫(‪(1‬‬ ‫هيئة معينة‪ ،‬وبعد سبعة أيام خرج حملها ميتا‪ ،‬وعاشت زمانا طويال(‪.(٢‬‬ ‫ومن أبرز مؤلفات ابن عميرة كتاب (فاكهة ابن السبيل)‪ ،‬يتكون من ‪٥٧‬‬ ‫بابا‪ ،‬ذكر فيها خلق آدم‪ ،‬وبيان أصل الطب‪ ،‬وتحدّ ث عن األمر بالتداوي‪،‬‬ ‫وحفظ الصحة‪ ،‬وقوانين الطبيب‪ ،‬وطبائع بني آدم‪ ،‬والفصد والعروق‬ ‫والحجامة‪ ،‬ووصف الكثير من األمــراض وأنواعها وطرق عالجها(‪،(٣‬‬ ‫يقول الدكتور عبدالعزيز الفارسي(‪« :(٤‬الطريقة التي أثبتها الشيخ راشد بن‬ ‫عميرة في جبر معظم الكسور‪ ،‬أساسها صحيح‪ ،‬وعلى المستوى التطبيقي‬ ‫فإنها تقارب ما يقوم به أطباء اليوم (قبل التدخل الجراحي)»(‪ ،(٥‬ويقول‬ ‫في عالج (المقعدة غير المثقوبة)‪« :‬الطريقة التي أوردها الشيخ صحيحة‬ ‫تماما‪ ،‬وتكاد تطابق ما يقوله الطب الصحيح لعالج هذه الحالة»(‪ ،(٦‬ويقول‬ ‫(‪ (1‬كان ذلك سنة ‪ ٩٩٥‬هـ‬ ‫(‪ (٢‬حسين العبري‪ ،‬قراءة في ثالث قصائد طبية مخطوطة للشيخ راشد بن عميرة‪ ،‬ص‪٢٣‬‬ ‫(‪ (٣‬راشد بن عميرة بن ثاني الرستاقي‪ ،‬فاكهة ابن السبيل‪ ،‬وزارة التراث ال ُعمانية‪ ،‬مسقط‪1٤٠٤ ،‬‬ ‫هـ‪ 1٩٨٤/‬م ‪،‬ج‪٢-1‬‬ ‫(‪ (٤‬طبيب بالمستشفى السلطاني بالعاصمة مسقط‬ ‫(‪ (٥‬عبدالعزيز الفارسي‪ ،‬قراءة في كتاب فاكهة ابن السبيل للطبيب راشد بن عميرة الرستاقي‪،‬‬ ‫ضمن (ندوة من أعالم الطب في عُمان في القرنين التاسع والعاشر الهجريين)‪ ،‬المنتدى‬ ‫األدبي‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪ 1٤٢٩ ،1‬هـ‪ ٢٠٠٨/‬م‪ ،‬ص‪1٣٥‬‬ ‫(‪ (٦‬عبدالعزيز الفارسي‪ ،‬قراءة في كتاب فاكهة ابن السبيل‪ ،‬ص‪1٣٥‬‬ ‫‪11٨‬‬ ‫عن الكتاب‪« :‬إننا نقر أن هذا الكتاب حاول قدر المعرفة المتاحة في ذلك‬ ‫الزمان اتباع منهج علمي واضح وجلي‪ ،‬وأن أية معلومات طبية غير دقيقة‬ ‫بالنسبة لمقاييسنا الحالية‪ ،‬إنما يجب أن تقاس وفق المعرفة الموجودة‬ ‫آنذاك؛ ولذا فإن الكتاب إنجاز كبير وتوثيق حضاري مهم»(‪ .(1‬وقد اختصر‬ ‫سماه (مختصر فاكهة ابن السبيل)‪،‬‬ ‫ابن عميرة (فاكهة السبيل) في كتاب آخر َّ‬ ‫«يحتوي على عشرة أبواب أولها في خلق ابن آدم وعجائب تركيبه‪ ،‬وآخرها‬ ‫في عالج األمراض وتركيب األدوية»(‪.(٢‬‬ ‫أما علم التشريح فكان له اهتمام خاص ونصيب وافر من مؤلفات ابن‬ ‫مكونة من‬ ‫عميرة‪ ،‬فله في ذلك (القصيدة الدالية)(‪ (٣‬مع شرحها(‪ ،(٤‬وهي ّ‬ ‫شرح فيها بدن اإلنسان من رأسه إلى قدميه(‪ ،(٥‬وذكر وظائف‬ ‫‪ 1٣1‬بيتا‪َّ ،‬‬ ‫وص َفة خلقها‪ ،‬ومن مصادره(‪ :(٦‬كتاب (لقط المنافع) ألبي الفرج‬ ‫األعضاء ِ‬ ‫عبدالرحمن بن علي الجوزي(‪ ،(٧‬وكتاب (مقاالت تذكرة الكحالين)‪،‬‬ ‫وغيرها‪ ،‬مطلع القصيدة‪:‬‬ ‫اإل � � � � �ه � � � � �ن� � � � ��ا ال � � � � � �ف� � � � � ��رد ال� � ��� � �س� � �م � ��د‬ ‫ي � � � � ��ا ط� � � ��ال � � � �ب� � � ��ا ت� � � ��� � � �س � � ��ري � � ��ح خ � �ل� ��ق‬ ‫(‪ (1‬عبدالعزيز الفارسي‪ ،‬قراءة في كتاب فاكهة ابن السبيل‪ ،‬ص‪1٣٦‬‬ ‫(‪ (٢‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬فهرس المخطوطات‪ ،‬المجلد الرابع‪:‬الطب والكيمياء‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪ 1٤٢٧‬هـ‪ ٢٠٠٦/‬م‪ ،‬ص‪٤٥‬‬ ‫(‪ (٣‬نظمها على قافية الدال‬ ‫(‪ (٤‬انظر الصورة (‪(٩‬‬ ‫(‪ (٥‬انظر الصورة (‪(1٠‬‬ ‫(‪ (٦‬حسين العبري‪ ،‬قراءة في ثالث قصائد طبية مخطوطة للشيخ راشد بن عميرة‪ ،‬ص‪٢1‬‬ ‫(‪ (٧‬سبق التعريف به‬ ‫‪11٩‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫الصورة (‪ :)٩‬بداية (القصيدة الدالية) مع شرحها‪ ،‬للطبيب راشد بن عميرة‪ ،‬نقال عن سلطان بن مبارك‬ ‫الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪.‬‬ ‫‪1٢٠‬‬ ‫الصورة (‪ :)1٠‬تشريح لبعض أعضاء جسد اإلنسان مع ختام القصيدة الدالية‪ ،‬للطبيب راشد بن عميرة‪،‬‬ ‫نقال عن سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪.‬‬ ‫‪1٢1‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫مفصل للقصيدة‬ ‫وله في التشريح(‪ (1‬أيضا (القصيدة الرائية)(‪ ،(٢‬مع شرح ّ‬ ‫التي تتكون من ‪ ٢٢‬بيتا‪ ،‬وهي في تشريح األعضاء الرئيسة في بدن اإلنسان‪،‬‬ ‫تضمنت بعض األعضاء كالقلب والكبد والدماغ‪ ،‬مطلعها‪:‬‬ ‫ب�م��ا ق��د ح ��وى درا ول�ف�ظ��ا م�سطرا‪.‬‬ ‫ن�ظ�م��ت م �ق��ال ي�ب�ه��ج ال�ع�ي��ن منظرا‬ ‫واعتنى عناية خاصة بالعين‪ ،‬فنظم (القصيدة الميمية)(‪ (٣‬من ‪ ٤٧‬بيتا‬ ‫وش َر َحها‪ ،‬وهي «في تشريح العين وطبقاتها ووظائفها‪ ،‬واألمراض التي‬ ‫َ‬ ‫تصيب كل طبقة‪ ،‬وطرق عالج هذه األمراض»(‪ ،(٤‬مع وجود رسمة للدماغ‬ ‫وارتباطه بالعين(‪ ،(٥‬ومن مصادره‪ :‬راشد بن خلف‪ ،‬ووالده عميرة بن ثاني‪،‬‬ ‫الكحالين) لعلي بن عيسى‬ ‫ّ‬ ‫وكتاب (حلية البرء) لجالينيوس‪ ،‬و(تذكرة‬ ‫الكحال(‪ ،(٦‬وغيرها‪ ،‬باإلضافة إلى وصفات األطباء المحليين‪ ،‬وما خبره‬ ‫هو وجربه‪ ،‬ومراسالته لبعض أطباء فارس(‪ .(٧‬يصف البطاشي في إتحافه‬ ‫علي‬‫بن علي‬ ‫محمد بن‬ ‫الشيخ محمد‬ ‫التشريح الشيخ‬ ‫علم التشريح‬ ‫على علم‬ ‫اطالعهم على‬ ‫عنهم اطالعهم‬‫ذكر عنهم‬‫الذي ُي ُيذكر‬ ‫العمانيين الذي‬ ‫العلماءال ُعمانيين‬ ‫منالعلماء‬‫(‪ (1‬من‬ ‫مانيون‬ ‫العمانيون‬ ‫ع‬ ‫ُ‬ ‫ال‬ ‫مبحث‬ ‫في‬ ‫به‬ ‫التعريف‬ ‫وسيأتي‬ ‫م)‪،‬‬ ‫هـ‪1٨٦٩/‬‬ ‫‪ 1286‬هـ‪1869/‬‬ ‫‪1٢٨٦‬‬ ‫(ت‬ ‫المنذري‬ ‫محمد‬ ‫بن‬ ‫المنذري ُو ِّجرده ًا‬ ‫للشيخالمنذري‬‫جوابللشيخ‬ ‫علىجواب‬ ‫اطلععلى‬ ‫أنهاطلع‬ ‫الخليليأنه‬ ‫أحمدالخليلي‬ ‫الشيخ أحمد‬ ‫والمالحة البحرية‪ ،‬حيث ذكر الشيخ‬ ‫كان‬‫مطلعاأنهعلى‬ ‫أيضاعلى‬ ‫«ويدلأنه كان‬ ‫جوابه هذا‬ ‫هذا على‬ ‫«ويدل جوابه‬ ‫الخليلي‪:‬‬ ‫الخليلي‪:‬‬ ‫وعلق الشيخ‬ ‫الشيخ‬ ‫عقدي‪،‬‬ ‫موضوع‬ ‫عقدي‪ ،‬وعلق‬ ‫موضوعه إليه في‬ ‫سؤال ُو ِّج‬ ‫علىفي‬ ‫إليه‬ ‫رسم‬‫فقدينطلق‬ ‫كيف‬ ‫ذلك هناك‬ ‫الوقت‪،‬‬ ‫في رسم‬ ‫إليهافقد‬ ‫الوقت‪،‬‬ ‫الوصول‬‫في ذلك‬ ‫التيإليها‬ ‫أمكن‬ ‫الوصول‬ ‫أمكنالتشريح‬ ‫دقائق‬ ‫التشريحمنالتي‬ ‫على كثير‬ ‫دقائق‬ ‫أيضامن‬ ‫مطلعا‬ ‫كثير‬ ‫على‬ ‫كان‬ ‫ً‬ ‫أنه‬ ‫على‬ ‫يدل‬ ‫مما‬ ‫المبصر‪ ،‬ومد خطا ووضع أضالعا؛ مما يدل‬ ‫ً‬ ‫؛‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫أضالع‬ ‫ووضع‬‫َ‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫خط‬ ‫ومد‬ ‫ر‪،‬‬ ‫المبص‬ ‫العين إلى الشيء‬ ‫َ‬ ‫الشيء‬ ‫إلى‬ ‫العين‬ ‫هناك كيف ينطلق الشعاع من‬ ‫من‬ ‫الشعاع‬ ‫الجوانب العلمية‬ ‫وأثرهم‬ ‫فيالعمانيون‬ ‫حمد وأثرهم‬ ‫الخليلي‪،‬‬ ‫أحمدال ُعبنمانيون‬ ‫الخليلي‪،‬‬ ‫(انظر‪:‬‬ ‫حمد‬ ‫أحمد بن‬ ‫العلوم»‬ ‫(انظر‪:‬هذه‬ ‫اطالع في‬‫العلوم»‬ ‫هذهعلى‬ ‫اطالعأنهفيكان‬ ‫على‬ ‫الشاملةعلىاإلباضية‪،‬‬ ‫المكتبة‬ ‫المكتبةمكتوبة‬ ‫محاضرة)‬‫(أصلهاعلى‬‫مادة مكتوبة‬ ‫محاضرة)‬ ‫(أصلهاأفريقيا‪،‬‬ ‫أفريقيا‪ ،‬مادة‬ ‫والمعرفية بشرق‬ ‫بشرق‬ ‫العلمية‬ ‫والمعرفية‬ ‫الجوانب‬ ‫في‬ ‫اإلباضية‪ ،‬اإلصدار الخامس‬ ‫اإلصدار الخامس‬ ‫الشاملة‬ ‫(‪ (٢‬نظمها على قافية الراء‬ ‫(‪ (٣‬نظمها على قافية الميم‬ ‫(‪ (٤‬حسين العبري‪ ،‬قراءة في ثالث قصائد طبية مخطوطة للشيخ راشد بن عميرة‪ ،‬ص‪1٠‬‬ ‫(‪ (٥‬انظر الصورتين (‪(1٢ -11‬‬ ‫(‪ (٦‬سبق التعريف به‬ ‫(‪ (٧‬حسين العبري‪ ،‬قراءة في ثالث قصائد طبية مخطوطة للشيخ راشد بن عميرة‪ ،‬ص‪1٨-1٧‬‬ ‫‪1٢٢‬‬ ‫القصيدة وشرحها قائال‪« :‬تدل على رسوخ قدمه في علم الطب؛ فقد تكلم‬ ‫عن ذلك بدقة ومهارة ومعرفة بالمرض ومعالجته»(‪ ،(1‬ويقول الدكتور علي‬ ‫الهنائي(‪« :(٢‬وكان الكثير مما كتبه في هذا الشأن متقاربا مع ما هو موجود‬ ‫في كتب التشريح الحالية»(‪.(٣‬‬ ‫مطلع القصيدة‪:‬‬ ‫وم�ن���س��ئ ال�خ�ل��ق م��ن م ��اء وم ��ن ع��دم‬ ‫ال� �ح� �م ��د َّلل رب ال � � �ل� � ��وح وال� �ق� �ل ��م‬ ‫لقد برع ال ُعمانيون في تحويل علومهم الفقهية والعقدية والفكرية‬ ‫واللغوية إلى شعر يسهل حفظه والرجوع إليه‪ ،‬وهو أمر ليس من السهولة‬ ‫بمكان؛ لما يتطلبه الشعر من ضوابط وموازين‪ .‬أما راشد بن عميرة فقد‬ ‫حول معلوماته الطبية إلى نظم سهل‬ ‫ذهب إلى ما هو أصعب من ذلك‪ ،‬فقد َّ‬ ‫بديع في بيئة كان التأليف الطبي فيها قليال‪ ،‬فضال عن وضعه في قوالب‬ ‫شعرية‪.‬‬ ‫(‪ (1‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج‪،٢‬‬ ‫ص‪1٧٧‬‬ ‫(‪ (٢‬دكتور بكلية الطب بجامعة السلطان قابوس‪ ،‬مسقط‬ ‫(‪ (٣‬علي بن طالب الهنائي‪ ،‬التطبيقات الطبية في مؤلفات راشد بن عميرة الرستاقي‪ ،‬ضمن (ندوة‬ ‫من أعالم الطب في عُمان في القرنين التاسع والعاشر الهجريين)‪ ،‬المنتدى األدبي‪ ،‬مسقط‪،‬‬ ‫ط‪ 1٤٢٩ ،1‬هـ‪ ٢٠٠٨/‬م‪ ،‬ص‪٤1‬‬ ‫‪1٢٣‬‬ ‫‪‬‬ ‫ُ‬ ‫‪١١‬‬ ‫‪٢٠١٧، ٨، ٣‬‬ ‫‪١٤٣٨‬‬ ‫‪١٠‬‬ ‫ ُ‬ ‫‪ ١٢‬رسم حديث لمسار الرؤية في المخ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪(١٣‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪١٢٤‬‬ ‫والدم‪ ،‬وتحدث عن الحميات والسموم‪ .‬ومن المصادر التي اعتمد عليها‬ ‫في كتابه هذا‪ :‬كتاب (الرحمة في الطب والحكمة) لمهدي بن علي بن‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫إبراهيم الصبنري(‪ ،(1‬وكتاب (المنصوري) لمحمد بن زكريا الرازي‬ ‫(ت ‪ ٣٢٠‬هـ) ‪ ،‬و(حل الموجز) لألقسرائي(‪ ،(٣‬و(منهاج البيان فيما‬ ‫يستعمله اإلنسان) للطبيب يحيى بن جزلة‪ ،‬و(الكناش) ألفالطون الطبيب‬ ‫الذي أخذ بالتجربة والقياس معا(‪ ،(٤‬وأفاد من جالينوس (ت ‪ ٢٠٠‬م) الذي‬ ‫أبطل آراء األطباء السفسطائيين وأ ّيد آراء أبقراط ومن تبعه(‪ ،(٥‬ويحيى بن‬ ‫ماسويه(‪ ،(٦‬وأبقراط(‪( (٧‬ت ‪ ٣٧٧‬ق‪.‬م) الذي رأى أن يذيع صناعة الطب‬ ‫في جميع األرض‪ ،‬وينقلها لمن يستحقها حتى ال تبيد(‪ ،(٨‬وراشد بن خلف‬ ‫بن محمد‪.‬‬ ‫(‪ (1‬سبق التعريف به‬ ‫(‪ (٢‬تم الحديث عنه في الفصل األول‪ ،‬مبحث «مساهمة المسلمين في الحضارة اإلنسانية الحديثة»‬ ‫‪ 1374‬م)‪،‬‬ ‫حفيد‬ ‫‪ 776‬هـ‪/‬‬ ‫‪ 1٣٧٤‬م)‪،‬‬ ‫(ت بعد‬ ‫‪ ٧٧٦‬هـ‪/‬‬ ‫األقسرائي‬ ‫(ت بعد‬ ‫الدين‬ ‫األقسرائي‬ ‫فخرفخر‬ ‫الدين‬ ‫بن بن‬ ‫محمد‬ ‫محمد‬‫محمدبنبن‬ ‫محمدبنبنمحمد‬ ‫الدينمحمد‬ ‫جمالالدين‬ ‫(‪ (٣‬جمال‬ ‫«شرحّف كتبا‪،‬‬ ‫القانون‬ ‫واألدب‪ ،‬صن‬ ‫باللغةكتبا‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫والطب‪ ،‬عارف‬ ‫واألدب‪ ،‬صنّف‬ ‫بالتفسير‬ ‫عارف باللغة‬ ‫عالم‬ ‫والطب‪،‬‬ ‫الدينعالم ّ‬ ‫الرازي‪،‬‬ ‫بالتفسير‬ ‫فخر ّ‬ ‫الرازي‪،‬‬ ‫اإلمام‬ ‫الدين‬ ‫حفيد فخر‬ ‫اإلمام‬ ‫خير‬ ‫انظر‪ :‬ج‪،٧‬‬ ‫اإليضاح»‪،‬‬ ‫األعالم‪،‬‬ ‫و«إيضاح الزركلي‪،‬‬ ‫الكشاف»‪،‬‬ ‫انظر‪ :‬خير الدين‬ ‫و«إيضاحعلى‬ ‫اإليضاح»‪،‬‬ ‫الكشاف»‪،‬و«حواش‬ ‫علىالنفيس»‪،‬‬ ‫البن‬ ‫النفيس»‪،‬القانون‬ ‫و«حواش‬ ‫منها‪« :‬شرح‬ ‫البن‬ ‫الزركلي‪ ،‬األعالم‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪41-40‬‬ ‫ص‪٤1-٤٠‬‬‫الدين‬ ‫(‪ (٤‬أحمد بن القاسم بن خليفة السعدي (ابن أبي أصيبعة) (ت ‪ ٦٤٦‬هـ)‪ ،‬عيون األنباء في طبقات‬ ‫األطباء‪ ،‬شرح وتحقيق‪ :‬نزار رضا‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪٤1‬‬ ‫(‪ (٥‬أحمد بن القاسم بن خليفة السعدي (ابن أبي أصيبعة)‪ ،‬عيون األنباء في طبقات األطباء‪،‬‬ ‫ص‪.1٠٩‬‬ ‫(‪ (٦‬أبو زكريا يحيى بن ماسويه الخوزي طبيب وعالم نصراني‪( ،‬ت ‪ ٢٤٣‬هـ‪ ٨٥٧/‬م)‪ ،‬من آثاره‪،‬‬ ‫النوادر الطبية‪ ،‬وكتاب األزمنة‪ ،‬وكتاب الحم َّيات‪ ،‬انظر‪www.ar.wikipedia.org :‬‬ ‫(‪ (٧‬ابن إقليدس بن أبقراط‪ ،‬ولد بجزيرة كوس حوالي سنة ‪ ٤٦٠‬قبل الميالد‪ ،‬وهو أشهر األطباء‬ ‫األقدمين‪ ،‬ويعد أول من دون الطب‪ ،‬من آثاره‪ ،‬كتاب األجنة‪ ،‬وكتاب طبيعة اإلنسان‪ ،‬وكتاب‬ ‫األهوية والمياه والبلدان‪ ،‬وكتاب الفصول‪ ،‬انظر‪www.ar.wikipedia.org :‬‬ ‫(‪ (٨‬أحمد بن القاسم بن خليفة السعدي (ابن أبي أصيبعة)‪ ،‬عيون األنباء في طبقات األطباء‪ ،‬ص‪٤٤‬‬ ‫‪1٢٥‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫الصورة (‪ :)1٣‬مقدمة كتاب (منهاج المتعلمين)‪ ،‬للطبيب راشد بن عميرة‪ ،‬نقال عن سلطان بن مبارك‬ ‫الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‬ ‫«قسم المؤلف‬ ‫يخبرنا محقق الكتاب عن منهجية ابن عميرة فيه؛ فيقول‪ّ :‬‬ ‫كتابه تقسيما منهجيا‪ ،‬إلى فصول تتضمن أمراضا ب ّين طرق عالجها بوسائل‬ ‫العالج المتاحة له آنذاك‪ ،‬فبعض األمراض تعا َلج باألدوية‪ ،‬وبعضها بالتدخل‬ ‫الجراحي‪ ،‬وقد رتّب فصول الكتاب ترتيبا يعتمد على ترتيب أعضاء بدن‬ ‫‪1٢٦‬‬ ‫اإلنسان‪ ،‬مبتدئا بما يصيب الرأس‪ ،‬وصوال إلى ما يصيب القدمين‪ .‬ومنهجه‬ ‫في تأليفه يعتمد على ذكر المرض‪ ،‬ثم أعراضه‪ ،‬ثم وسائل عالجه»(‪.(1‬‬ ‫أما الروح اإليمانية القوية فقد كانت بارزة جدا في كتابه‪ ،‬يقول المحقق‪:‬‬ ‫«وأعتقد أنه يستمد منها القوة‪ ،‬والعزم على مداواة الناس‪ ،‬والتعامل مع‬ ‫أبدانهم‪ ،‬ووصف األدوية لهم»(‪ ،(٢‬وذلك واضح؛ فهو ير ّدد بعد وصف‬ ‫العالج‪( :‬وال َّله الشافي)‪ ،‬و (نافع إن شاء ال َّله)‪ ،‬و (يبرأ بإذن ال َّله)‪ ،‬وغيرها‬ ‫من العبارات الدا ّلة على توكله على ال َّله‪ ،‬ويقينه أن الشفاء إنما هو من ال َّله؛‬ ‫َ َ ْ ُ ََُ َْ‬ ‫ني](‪.(٣‬‬ ‫امتثاال لقوله تعالى على لسان نبيه إبراهيم‪ِ[ :‬إَوذا م ِرضت فهو يش ِف ِ‬ ‫وفي قصة المرأة التي نطحها الثور يظهر لنا أيضا إيمان الطبيب راشد‪ ،‬إذ‬ ‫يقول‪« :‬فمن لطف ال َّله تعالى أن عالجتها بالعالج المذكور أول الباب»(‪،(٤‬‬ ‫وينسب الشفاء ل َّله قائال‪« :‬وعاشت زمانا طويال بلطف الخالق»(‪.(٥‬‬ ‫الح ِذق راشد بن عميرة مؤلفات أخرى نذكر منها‪( :‬زاد‬ ‫وللطبيب َ‬ ‫تضمن كيفية جبر كسر اللحي األسفل‪ ،‬وكسر الترقوة‪ ،‬و َذك ََر‬ ‫المسافر) الذي ّ‬ ‫فيه أبدال األدوية‪ ،‬و(أرجــوزة في الفصد والحجامة وشرحها)‪ ،‬تحتوي‬ ‫على فصول عدة‪ ،‬منها «فصل في عروق اليدين‪ ،‬وفصل في معرفة الفصد‪،‬‬ ‫(‪ (1‬راشد بن عميرة الرستاقي‪ ،‬منهاج المتعلمين‪ ،‬ص‪٣٤‬‬ ‫(‪ (٢‬راشد بن عميرة الرستاقي‪ ،‬منهاج المتعلمين‪ ،‬ص‪٣٥‬‬ ‫(‪ (٣‬سورة الشعراء‪٨٠/‬‬ ‫(‪ (٤‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج‪،٢‬‬ ‫ص‪1٦٦‬‬ ‫(‪ (٥‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج‪،٢‬‬ ‫ص‪1٦٧‬‬ ‫‪1٢٧‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫وفصل في فصد عروق الرجلين‪ ،‬وغيرها»(‪ ،(1‬و(أرجوزة في مراحل عمر‬ ‫اإلنسان) مع شرحها‪ ،‬يبين فيها انتقال اإلنسان من الطفولة إلى الشباب إلى‬ ‫الكهولة إلى الشيخوخة إلى الهرم(‪ ،(٢‬مطلع القصيدة‪:‬‬ ‫م � � � �ق� � � ��ال� � � ��ة ت � � � � � � � � ��روق ك� � � � � ��ل ع� � ��ال� � ��م‬ ‫ق � � ��ال ال� �ف� �ق� �ي ��ر را�� � �س � ��د ب � ��ن ه ��ا� �س ��م‬ ‫(‪ (1‬وزارة التراث‪ ،‬فهرس المخطوطات (الطب والكيمياء)‪ ،‬المجلد الرابع‪ ،‬ص‪.٣٧‬‬ ‫(‪ (٢‬انظر الصورة (‪.(1٤‬‬ ‫‪1٢٨‬‬ ‫الصورة (‪ :)1٤‬مقدمة أرجوزة (مراحل عمر اإلنسان) مع شرحها‪ ،‬للطبيب راشد بن عميرة‪ ،‬نقال عن‬ ‫سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪.‬‬ ‫‪1٢٩‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫المجرب الفطن‪،‬‬‫َ‬ ‫الماهر‬ ‫َ‬ ‫الطبيب‬ ‫َ‬ ‫لقد رأينا في راشــد بن عميرة‬ ‫والمؤلفات المتعددة‪ ،‬مع تنوع األساليب بين النظم والنثر وشرح المنظوم‪،‬‬ ‫والتوضيح بالرسوم‪ ،‬والعلم بالتشريح‪ ،‬واالهتمام بالعين وتشريحها‪ ،‬وهو‬ ‫صاحب العمليات الجراحية‪ ،‬والمنهجية العلمية‪ ،‬والروح اإليمانية؛ ولذا‬ ‫فهو يستحق أن يحتفى به‪ ،‬كما فعلت اللجنة الوطنية ال ُعمانية للتربية والثقافة‬ ‫والعلوم‪ ،‬حيث أقامت (ندوة االحتفال بالذكرى المئوية الرابعة للطبيب‬ ‫والصيدالني ال ُعماني راشد بن عميرة بن ثاني الهاشمي الرستاقي)‪ ،‬يوم‬ ‫األربعاء ‪ ٢٨‬ربيع اآلخر ‪1٤٣٦‬هـ‪ 1٨ /‬فبراير ‪ ٢٠1٥‬م بالعاصمة ال ُعمانية‬ ‫مسقط‪.‬‬ ‫‪1٣٠‬‬ ‫المطلب الثالث‪:‬‬ ‫الطبيبان ب�سير الفزاري وعلي العقري (ق ‪ 12 - 11‬ه�)‬ ‫عاش الطبيبان بشير بن عامر بن عبدال َّله الفزاري اإلزكوي‪ ،‬وعلي بن‬ ‫عامر بن عبدال َّله العقري النزوي في القرن الحادي عشر الهجري‪ ،‬وتالزما‬ ‫وتصاحبا؛ فكان كل واحد منهما يسأل اآلخر فيما أشكل عليه؛ فلألول‬ ‫منهما (جوابات بشير بن عامر في الطب)‪ ،‬وهي أجوبة أسئلة طبية موجهة‬ ‫له من صاحبه الطبيب الفقيه العقري‪ ،‬وله أيضا (منظومة بشير بن عامر‬ ‫الفزاري في الطب)‪ ،‬ذكر فيها األدوية ومنافعها‪ .‬يصفه البطاشي بأنه «فقيه‪،‬‬ ‫وطبيب‪ ،‬وناظم للشعر»(‪.(1‬‬ ‫ولآلخر منهما ‪-‬أي العقري‪( -‬مختصر الطب)‪ ،‬يجيب فيها على أسئلة‬ ‫صاحب المختصر بقوله‪:‬‬ ‫َ‬ ‫صاحبه الفزاري‪ .‬يصف البطاشي في إتحافه‬ ‫«من علماء القرن الحادي عشر‪ ،‬وكان طبيبا حاذقا»(‪ ،(٢‬بل ُعرف الطبيب‬ ‫العقري بتنقله بين البلدان؛ لغرض عالج الناس‪ ،‬وهي خدمة دينية وإنسانية‬ ‫جليلة؛ إذ للطبيب أهميته بين الناس‪ ،‬وقد تخلو بعض األماكن من األطباء‪،‬‬ ‫«ففي التراث ال ُعماني شواهد على إقامته في بلدان عديدة من ُعمان لعالج‬ ‫المرضى‪ ،‬يقيم في كل بلدة زمنا ثم ينتقل إلى األخــرى»(‪« .(٣‬وهو الذي‬ ‫(‪ (1‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٦٧‬‬ ‫(‪ (٢‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج‪،٣‬‬ ‫ص‪٣٩٨‬‬ ‫(‪ (٣‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪ ،‬ص‪1٣‬‬ ‫‪1٣1‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ال خشبية للفقيه األديب المشهور خلف بن سنان الغافري‬ ‫صنع بنجاح ِر ْج ً‬ ‫(ت ‪ 11٢٥‬هـ)‪ ،‬بعد ما ُقطعت رجله بسبب عاهة أصابتها»(‪(1‬؛ وال شك‬ ‫أن هذا إنجاز كبير للطب في ُعمان‪ ،‬وعمل مميز يدل على القدرة الفائقة‬ ‫التي وصل إليها الطبيب ال ُعماني‪ ،‬وذلك بالمقارنة بحال الطب في ُعمان‬ ‫في ذلك الوقت؛ حيث كان يفتقر إلى أبسط ما يتوفر في وقتنا الحالي من‬ ‫أدوات وتصوير وتخدير وغيره؛ ولذلك امتدحه الشيخ الغافري قائال‪:‬‬ ‫وق� ��ام� ��ت لإق� � �ب � ��ال ال � �� � �س� ��رور ج� ��دود‬ ‫ول � �م� ��ا اأراد الل ب� � � ��رءا ل �م��ر� �س �ت��ي‬ ‫غ � ��دا وه � ��و ب �ي ��ن ال �ع ��ال �م �ي ��ن وح �ي��د‬ ‫اأت� � � � ��اح ل� �ط� �ب ��ي م � ��ن ي � �ع� ��دم ن �ظ �ي ��ره‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫م���س��رد جي�س ال�سقم وه ��و فريد‬ ‫اأخ��ا المفاخر الأع ��ال علي ب��ن عامر‬ ‫هكذا تميز هذان الطبيبان بالجمع بين علم الشرع والطب‪ ،‬وكانت‬ ‫لهما مباحثات تدل على رغبتهما في التحصيل العلمي؛ ومن َث َّم خدمة‬ ‫المجتمع بتقديم العالج لمن يحتاجه‪ ،‬خاصة الطبيب العقري الذي كان‬ ‫ويشخص لنا الباحث‬ ‫ّ‬ ‫طبيبا متنقال‪ ،‬وحقق عمال فريدا بصنع رجل صناعية‪،‬‬ ‫سلطان الشيباني أعمال الطبيبين‪ ،‬فيقول‪« :‬والمتتبع لسؤاالت بشير بن‬ ‫عامر الفزاري يجد أنها تنم عن معرفة بالطب وأحوال المتطبب؛ وذلك أنه‬ ‫يصف الدواء زمانا ومكانا وحاال‪ ،‬ويفرق أحيانا بين األدواء‪ ،‬وينقل تارة‬ ‫تشخيص المرض وما يعرفه من عالجات‪ ،‬ثم يوجه سؤاله إلى المسؤول‬ ‫عقب ذلك‪ .‬وتأتي جوابات الطبيب علي بن عامر العقري النزوي مفصلة‬ ‫أحيانا وموجزة أحيانا أخرى؛ مما يوحي بأن كليهما على قدر من الدراية في‬ ‫الفن‪ ،‬وهي مباحثات أكثر منها سؤاالت من تلميذ إلى شيخه»(‪.(٣‬‬ ‫(‪ (1‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪ ،‬ص‪1٣‬‬ ‫(‪ (٢‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج‪،٣‬‬ ‫ص‪٣٨٩‬‬ ‫(‪ (٣‬سلطان الشيباني ومحمد العيسري‪ ،‬نوادر المخطوطات ال ُعمانية‪ ،‬ص‪٢٠٩‬‬ ‫‪1٣٢‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬اأطباء وم�سنفات اأخرى‬ ‫وهناك العديد من األعمال الطبية لل ُعمانيين نذكر منها‪( :‬مختصر بقراط‬ ‫الحكيم)‪ ،‬تأليف عمر بن مسعود بن ساعد المنذري(‪( (1‬ت ‪ 11٦٠‬هـ)‪،‬‬ ‫الذي «كان أحد البارزين في مجال الطب‪ ،‬حيث كان يقصده الناس من‬ ‫أماكن بعيدة لطلب الدواء أو لسؤاله عن الوصفات الطبية»(‪ ،(٢‬واستفاد في‬ ‫هذا الكتاب من بعض األعالم الذين سبقوه من ال ُعمانيين وغيرهم‪ ،‬من أمثال‬ ‫«الشيخ محمد بن راشد الريامي‪ ،‬والطبيب الهرموزي كمال بن طهر الدين‪،‬‬ ‫ورجع كذلك إلى بعض الكتب مثل كتاب (شمس العلوم)‪ ،‬وكتاب (لقط‬ ‫المنافع)‪ ،‬وكتاب (الرحمة)»(‪ ،(٣‬وللمنذري تصنيف في الفلك سنذكره في‬ ‫حينه؛ فهو كما قال عنه البطاشي‪« :‬فقيه وعالم بالفلك والنجوم والطب»(‪.(٤‬‬ ‫ف الشيخ محمد بن سعيد بن راشد العيسائي (ق ‪ 1٢‬هـ)‪« ،‬عدة قصائد‬ ‫وأ ّل َ‬ ‫في الطب‪ ،‬بعضها في عالج الرمد‪ ،‬وأخرى في دواء بياض العين‪ ،‬وكذلك‬ ‫في عالج بعض األمراض مثل القولنج(‪.(٦(»(٥‬‬ ‫(‪ (1‬تم التعريف به في المبحث األول من هذا الفصل‬ ‫(‪ (٢‬صالح بن أحمد الصوافي‪ ،‬معالم تاريخية في الحياة الفقهية والعلمية بوالية عبري الفتية‪،‬‬ ‫ص‪ ،1٦٥‬نقال عن موسى بن سالم البراشدي‪ ،‬الحياة العلمية في عُمان في عهد اليعاربة‪،‬‬ ‫ص‪1٢٧-1٢٦‬‬ ‫(‪ (٣‬موسى بن سالم البراشدي‪ ،‬الحياة العلمية في عُمان في عهد اليعاربة‪ ،‬ص‪1٢٧‬‬ ‫(‪ (٤‬سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج‪،٣‬‬ ‫ص‪٤11-٤1٠‬‬ ‫(‪ (٥‬من األمراض الباطنة الخاصة بالجهاز الهضمي‪ ،‬وهو مرض معوي مؤلم‪ ،‬يتعسر معه خروج‬ ‫ما يخرج بالطبع‪ ،‬السبب فيه في األمعاء الغالظ (القولون) فما يليها‬ ‫(‪ (٦‬موسى بن سالم البراشدي‪ ،‬الحياة العلمية في عُمان في عهد اليعاربة‪ ،‬ص‪1٢٨‬‬ ‫‪1٣٣‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫ومن كتب ال ُعمانيين في الطب‪( :‬جواهر المنافع في األسرار والعزائم‬ ‫وبعض األدعية المأثورة)‪ ،‬تأليف سليمان بن إبراهيم بن محمد العوفي‬ ‫العقري النزوي (ق ‪ 1٢‬هـ)‪ ،‬يصف فيه عالج كثير من األمراض الحسية‬ ‫والمعنوية‪ ،‬ويستشهد فيها بكثير من اآليــات القرآنية ومــن أحاديث‬ ‫المصطفى^(‪« ،(1‬ويقع في حوالي اثنين وأربعين بابا‪ ،‬كل منها مقسم إلى‬ ‫فصول»(‪ .(٢‬وللعوفي تصنيف آخر بعنوان (فوائد القرآن)‪ ،‬وهو «كتاب‬ ‫يتحدث عن عدة مواضيع من بينها الطب‪ ،‬ومقسم إلى خمسة وثالثين‬ ‫بابا»(‪ ،(٣‬وكتاب (رسالة الطب)‪ ،‬لسعيد بن مهنا بن سيف النبهاني العقري‬ ‫ب‬‫النزوي‪ ،‬رسالة تناول فيها مؤلفها أبوابا عدة‪ ،‬منها‪ :‬الورم‪ ،‬ولمن به َح ٌّ‬ ‫(أي‪ :‬بثور) في جسده‪ ،‬وفائدة المرارة‪ ،‬وغيرها‪ ،‬و(مختصر في علم‬ ‫الطب)‪ ،‬تأليف الشيخ الحكيم مهنا بن محمد بن أحمد اإلسماعيلي (ق‬ ‫‪ 1٣‬هـ)‪ ،‬وهو عبارة عن «نبذة مختصرة في علم الطب‪ ،‬تحتوي على أبواب‪:‬‬ ‫منها باب في عالج العلل‪ ،‬وباب في الطبع السوداوي»(‪« ،(٤‬جمع مادتها‬ ‫وض َّمنَها بعض مجرباته من‬ ‫من مصادر متعددة‪ ،‬تلبية لطلب سائل سأله‪َ ،‬‬ ‫المراهم واألدوية»(‪.(٥‬‬ ‫ومن أعمالهم أيضا‪( :‬رسالة العالمة الصائغي في الطب)‪ ،‬لسالم بن‬ ‫(‪ (1‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬فهرس بعض المخطوطات ال ُعمانية غير المطبوعة في المكتبات العامة‬ ‫والخاصة‪ ،‬مكتبة السيد محمد البوسعيدي‪ ،‬ص‪٢٤‬‬ ‫(‪ (٢‬موسى بن سالم البراشدي‪ ،‬الحياة العلمية في عُمان في عهد اليعاربة‪ ،‬ص‪1٢٥‬‬ ‫(‪ (٣‬موسى بن سالم البراشدي‪ ،‬الحياة العلمية في عُمان في عهد اليعاربة‪ ،‬ص‪1٢٦‬‬ ‫(‪ (٤‬وزارة التراث‪ ،‬فهرس المخطوطات (الطب والكيمياء)‪ ،‬المجلد الرابع‪ ،‬ص‪٨٢‬‬ ‫(‪ (٥‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬محاضرة‪« ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪ ،‬ص‪1٣‬‬ ‫‪1٣٤‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪١٣٤٣‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪١٩٢٥‬‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫»‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫»‬ ‫ ُ‬ ‫(‪.(٥‬‬ ‫‪١٨١٨‬‬ ‫‪١٢٣٣‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪٢٨-٢٢/٢‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫‪٣٨‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫‪٢٣‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٥‬‬ ‫‪٤‬‬ ‫‪١٣٥‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ومن األطباء المتأخرين الشيخ الفقيه القاضي سيف بن حماد بن أحمد‬ ‫بن سعيد بن جاعد بن خميس الخروصي‪ ،‬المولود في والية العوابي عام‬ ‫‪ 1٣1٢‬هـ‪ ،‬والمتوفى سنة ‪ 1٣٧٩‬هـ في والية المصنعة‪ .‬ومن األحداث‬ ‫المشهورة عنه أنه أجرى عملية جراحية ألحد سكان والية المصنعة‪ ،‬وقام‬ ‫بخياطة الجرح بخيط حرير وإبرة‪ ،‬وقال للمريض‪ :‬ستموت بعد ثالثة أيام‪،‬‬ ‫وظل ذلك الشخص يفكر طيلة الثالثة أيام؛ حتى امتنع عن األكل‪ ،‬وفي‬ ‫اليوم الثالث زاره الطبيب سيف بن حماد؛ فذكر المريض أنه أصبح في‬ ‫اليوم الثالث ولم يمت بعد؛ فقال له الطبيب‪ :‬األعمار بيد ال َّله تعالى‪ ،‬وتلك‬ ‫كانت حيلة مني لتمتنع عن األكل؛ ألنه سيؤثر على العملية الجراحية‪،‬‬ ‫وفعال فقد شفي المريض بعد ذلك(‪ .(1‬وال َّله أعلم بصحة القصة‪ ،‬ولكني‬ ‫أظن أن هناك طرقا أخرى إلقناع المريض بعدم األكل بدل هذه الطريقة‬ ‫بأال يعلم موعد‬ ‫التي تسبب الخوف والهلع‪ ،‬وتخلخل اإليمان‪ ،‬والمعتقد َّ‬ ‫َ‬ ‫َْ ٌ َ َ َ ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِب غ ًدا َو َما ت ْدرِي‬ ‫وفاة شخص إال ال َّله تعالى‪َ  ،‬و َما ت ْدرِي نفس ماذا تكس‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وت‪ ، (٢(‬وكذا الحال في كل أمر غيبي‪َ  ،‬وعِن َدهُ َمفات ُِح‬ ‫َن ْف ٌس بأَ ّي أَ ْرض َت ُم ُ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َْْ َ‬ ‫ب ل َي ْعل ُم َها إِل ُهو‪.(٣(‬‬ ‫الغي ِ‬ ‫(‪ (1‬ماهر بن مال ال َّله الزدجالي‪ ،‬والية المصنعة حكاية البحر والتاريخ‪ ،‬ص‪1٨‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة لقمان‪٣٤/‬‬ ‫(‪ (٣‬سورة األنعام‪٥٩/‬‬ ‫‪1٣٦‬‬ ‫لقد امتهن ال ُعمانيون الطب؛ فأ َّلفوا فيه المصنفات‪ ،‬ومارسوا العالج‬ ‫والعمليات‪ ،‬على حسب المتوفر لديهم من المعلومات والخبرات‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى القصائد الشعرية التي جعلت من المادة العلمية الصعبة نظما‬ ‫سهل الحفظ والتذكر‪ .‬ولم تكن مصنفات ال ُعمانيين الطبية مجرد نقل من‬ ‫اآلخرين‪ ،‬يقول الدكتور ناصر العزري‪« :‬ولم تقتصر هذه الكتابات على‬ ‫العالجات المجربة وحدها بل كانت تنفذ إلى مبادئ الطب وتغوص في‬ ‫فلسفته‪ ،‬وتبدأ رحلتها من علومه األساسية كالتشريح ومعرفة األعضاء‬ ‫ووظائفها في جسم اإلنسان‪ .‬وهذه المعرفة الثرية ال يمكن أن تكون نتاج‬ ‫النقل وحده حيث أن محتواها وطريقة عرضها وربطها بالتجربة العملية‬ ‫والنتائج الطبية للمؤلف يؤكد أنها قيمة مضافة وعمل مستقل في حد‬ ‫ذاتها»(‪.(1‬‬ ‫(‪ (1‬ناصر بن حماد العزري‪ ،‬إسهامات ال ُعمانيين في مجال الطب‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة لندوة‬ ‫«إسهامات ال ُعمانيين في العلوم التطبيقية» بجامعة السلطان قابوس‪ ،‬مسقط‪ ،‬اإلثنين ‪ ٧‬ديسمبر‬ ‫‪ ٢٠1٥‬م‪ ،‬ص‪٣‬‬ ‫‪1٣٧‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬ال ُعمانيون والهند�سة‬ ‫برع ال ُعمانيون في الهندسة‪ ،‬ويظهر ذلك من آثارهم التي ال تزال باقية إلى‬ ‫اليوم‪ ،‬إال أنهم لم يصنفوا فيها إال النادر الشحيح‪ .‬والذي يدلنا على براعة‬ ‫وتفوقهم في الهندسة تلك األفالج العجيبة اإلتقان‪ ،‬والحصون‬ ‫ال ُعمانيين ّ‬ ‫الفريدة العمران‪ ،‬والقالع الشديدة التحصين‪ ،‬وال ُقرى المتقنة التخطيط‪.‬‬ ‫وسيكون تركيزنا على هندسة األفالج‪ ،‬وهندسة القالع والحصون‪ ،‬مع‬ ‫الصعوبة المتوقعة؛ نظرا لشح المصادر‪ ،‬بل انعدامها أحيانا‪ ،‬سواء ما كتبه‬ ‫المهندسون األوائــل أنفسهم‪ ،‬أو تلك الكتابات الحديثة‪ ،‬والتي تتناول‬ ‫هندسية صرفة؛ ولذا سنحاول ‪-‬مع قلة المعلومات‪-‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ناحية‬ ‫الموضوع من‬ ‫التركيز على الجانب الهندسي العملي التطبيقي قدر اإلمكان‪.‬‬ ‫ومن أبرز المهندسين ال ُعمانيين المهندس محمد بن سليمان الخروصي‬ ‫السمائلي‪ ،‬فقد كان مهندسا بارعا في تخطيط شبكات المياه؛ إذ «عهد إليه‬ ‫سلطان زنجبار السيد برغش بن سعيد(‪ (1‬بمد أول شبكة مياه إلى الجزيرة‪،‬‬ ‫فاختار موقعا لمحطة المياه يبدو منخفضا ألول وهلة‪ ،‬فأنكر عليه عامة‬ ‫الناس‪ ،‬لكنه أصر على رأيه‪ ،‬وابتدأ بتنفيذ مشروعه الرائد الذي استمر ثالث‬ ‫(‪ (1‬برغش بن سعيد بن سلطان (‪ 1٢٥٢‬هـ‪1٨٣٧ /‬م ‪ 1٣٠٥ -‬هـ ‪ 1٨٨٨ /‬م)‪ ،‬السلطان الثاني‬ ‫لزنجبار بعد أخيه ماجد‪ ،‬ينسب الفضل له في بناء وتطوير البنى التحتية لزنجبار‪ ،‬وتطوير‬ ‫شبكات المياه‪ ،‬والحمامات العمومية‪ ،‬والشرطة والطرق‪ ،‬والحدائق العامة والمستشفيات‪،‬‬ ‫والمباني الحكومية الضخمة‪ ،‬انظر‪www.ar.wikipedia.org :‬‬ ‫‪1٣٩‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫سنوات»(‪ .(1‬ويظهر من قصة هذا المشروع التوافق بين اإلرادة السياسية‬ ‫والدعم المادي والخبرة الهندسية؛ فكان النجاح وكانت الفرحة من عامة‬ ‫الناس‪ ،‬وتحول أمر جلب المياه من المشقة إلى الراحة ‪-‬ول َّله الحمد ولمن‬ ‫عمل الشكر‪ ،‬فقد جاء في جهينة األخبار ما يلي‪« :‬كان الناس في الزمان‬ ‫السابق بزنجبار يستعملون الماء نزف ًا باأليدي‪ ،‬ولكن السيد المحسن حمود‬ ‫حرك همة السيد برغش في إجراء فلج من الريف إلى‬ ‫بن أحمد بن سيف َّ‬ ‫البالد‪ ،‬وكان في نية السيد حمود أن يقوم بنفسه بهذا العمل‪ .‬وعن الخبر‬ ‫اليقين أنه تبرع بأربعين ألف ريال إلنجاز هذا الموضوع‪ ،‬وهو ذو رغبة‬ ‫في التقدم ألفعال الخير‪ ،‬وقد نبه خبيرا؛ فإن السيد برغش حاال أمر بإجراء‬ ‫الفلج‪ ،‬ودعا بالمهندس الشهير الشيخ محمد بن سليمان الخروصي‬ ‫ال ُعماني؛ فقام بالعمل خير قيام‪ ،‬وأجراه في سوق من الصاروج من مسافة‬ ‫تبعد عن البلد بأربعة أميال من المكان المسمى المتوني في شمال زنجبار‪،‬‬ ‫ووزعه في أنابيب من حديد‪ ،‬ودخل الفلج البلد سنة ‪1٢٩٨‬هـ(تقريبا‬ ‫وكان‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫وعم نفعه جميع الناس»‬ ‫َّ‬ ‫‪ 1٨٨1‬م)‪ ،‬وفرح األهالي بوصوله‪،‬‬ ‫المهندس الخروصي متعدد جوانب الهندسة؛ فعندما رجع من زنجبار إلى‬ ‫سمائل «بنى له فيها بيتا ُيضرب به المثل في الهندسة المعمارية‪ ،‬حتى بلغ‬ ‫الحال بالسلطان فيصل بن تركي(‪ (٣‬أن يستدعيه ليبني له بيتا مماثال»(‪.(٤‬‬ ‫(‪ (1‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪ ،‬ص‪٧‬‬ ‫(‪ (٢‬سعيد بن علي المغيري‪ ،‬جهينة األخبار في تاريخ زنجبار‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد علي الصليبي‪ ،‬وزارة‬ ‫التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪ 1٤٢٢ ،٤‬هـ‪ ٢٠٠1/‬م‪ ،‬ص‪٣٣٧-٣٣٦‬‬ ‫(‪ (٣‬فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان البوسعيدي (ت ‪ 1٣٣1‬هـ‪ 1٩1٣/‬م)‪ ،‬سلطان مسقط‬ ‫وعُمان‪ ،‬ولي سنة ‪ 1٣٠٥‬هـ‪ ،‬ولد وسكن وتوفي بمسقط‪ ،‬كان شجاعا‪ ،‬انظر‪ :‬خير الدين‬ ‫الزركلي‪ ،‬األعالم‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪1٦٥-1٦٤‬‬ ‫(‪ (٤‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪ ،‬ص‪٧‬‬ ‫‪1٤٠‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬هند�سة الأفالج‪:‬‬ ‫الماء هو أساس الحياة؛ فال بد لكل من أراد العيش أن يوفر لنفسه مصدر‬ ‫الشرب‪ ،‬بل الحاجة للماء تتعدّ ى شرب اإلنسان‪ ،‬فهو لسقي الحيوانات‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ َ َّ َ ُ ُ ْ َ َ ْ َ‬ ‫اء إِل ال ْر ِض‬ ‫واألشجار والنباتات‪ ،‬قال تعالى‪  :‬أولم ي َروا أنا نسوق الم َ‬ ‫َ ْ ً َْ ُ ُ ُْ ََْ ُ ُ ْ ََُْ ُ ُ ْ َََ ُ ْ ُ َ‬ ‫ُْ َ ُ ْ ُ‬ ‫صون‪،(٥(‬‬ ‫ال ُرزِ فنخ ِرج بِهِ زرع تأكل مِنه أنعامهم وأنفسهم أفل يب ِ‬ ‫ََُُّ‬ ‫نل‬‫وهو لالستعمال المنزلي كالغسيل والتنظيف واالستحمام‪ ،‬وي ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ ُ ّ َ َّ َ َ ً ّ‬ ‫اء ِلُ َط ّ ِه َركم بِهِ‪ ،(٦(‬ويستخدم حتى في الصناعات‬ ‫عليكم مِن السماءِ م‬ ‫والعمران‪ ،‬وغير ذلك من األعمال البشرية التي تحتاج للماء‪ .‬وبسبب عدم‬ ‫وجود أنهار ب ُعمان تمدها بمصدر دائم للمياه‪ ،‬ونظر ًا لقلة األمطار التي قد‬ ‫تستمر لسنوات متتالية‪« ،‬حيث ال يتعدى المتوسط السنوي لسقوط األمطار‬ ‫في ُعمان ‪ ٢٠٠-1٠٠‬ملم»(‪(٧‬؛ فال يمكن االعتماد عليها كمصادر مباشرة‬ ‫للمياه بشكل مستمر؛ «كانت اآلبار المفتوحة ذات األعماق الضحلة إحدى‬ ‫الوسائل التي ابتكروها كمصدر للماء‪ .‬إال أن هذه الطريقة تك ّلف الجهد‬ ‫وري بعض‬ ‫الكبير في استخراج المياه‪ ،‬ولم يتعدّ استخدامهم لها الشرب ّ‬ ‫أشجار النخيل وسقي الماشية‪ ،‬ومن َث َّم لم تكن هذه الطريقة وسيلة فاعلة‬ ‫(‪ (٥‬سورة السجدة‪٢٧/‬‬ ‫(‪ (٦‬سورة األنفال‪11/‬‬ ‫(‪ (٧‬عبدال َّله بن سيف الغافري‪ ،‬هندسة األفالج واستصالح األراضي عند ال ُعمانيين‪ ،‬ص‪٢‬‬ ‫‪1٤1‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫لما يكتنفها من مصاعب جمة(‪ ،(1‬فكان ال بد من التفكير في طرائق أخرى‬ ‫تكون أكثر فاعلية؛ فبرزت فكرة الحفر األفقي المتواصل الذي يتيح للمياه‬ ‫االنسياب الطبيعي(‪ (٢‬من المصدر حتى وصوله آلخر نقطة تستفيد منه‪.‬‬ ‫والفلج عبارة عن «قناة محفورة في باطن األرض أو على سطحها‪،‬‬ ‫سواء كانت مغ ّطاة أو مكشوفة‪ ،‬لتجميع مياه العيون والينابيع الطبيعية‬ ‫أو المياه السطحية‪ ،‬أو اعتراض وتجميع مياه السيول؛ بحيث يتم انتقال‬ ‫المياه المتجمعة من مواردها في قناة الفلج طبيعيا بواسطة قوة الجاذبية‬ ‫سحب ودف ٍع‬‫ٍ‬ ‫على مدار الساعة»(‪ ،(٣‬بدون الحاجة إلى مضخات أو آالت‬ ‫للمياه‪ ،‬بل بدون أدنى َوقود أو تكلفة عدا تكلفة التشييد والصيانة‪ .‬وقد بلغ‬ ‫عدد األفالج في ُعمان ‪ ٤11٢‬فلجا‪ ،‬منها ‪ ٣٠1٧‬فلجا حيا ال زالت تتدفق‬ ‫منها المياه‪ ،‬والتي تقدر بحوالي ‪ ٦٨٠‬مليون متر مكعب سنويا‪ ،‬وتروي ما‬ ‫يقارب ‪ 1٧٦٠٠‬هكتارا‪ ،‬أي ما يساوي أكثر من ثلث المساحة المزروعة في‬ ‫السلطنة(‪ .(٤‬أما األفالج الميتة والمقدرة ب ‪ 1٠٩٥‬فلجا ميتا؛ فإنها اندثرت‬ ‫يصرون على‬ ‫(‪ (1‬وكذلك األفالج‪ ،‬فيها صعوبة وخطورة‪ ،‬إال أن عظم فائدتها ربما جعلهم ّ‬ ‫االستمرار فيها‬ ‫(‪ (٢‬خليفة بن بدوي الحجي‪ ،‬نظام األفالج في سلطنة عُمان بين معطيات الماضي وتحديات‬ ‫المستقبل‪ ،‬ضمن كتاب (نوافذ على الماء والحضارة في بالد العرب)‪ ،‬منظمة األمم المتحدة‬ ‫للتربية والعلوم والثقافة‪/‬المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪ ،٢٠٠٦ ،‬ص‪1٧٧‬‬ ‫(‪ (٣‬خليفة بن بدوي الحجي‪ ،‬نظام األفالج في سلطنة عُمان‪ ،‬ص‪1٧٨‬‬ ‫(‪ (٤‬وزارة البلديات اإلقليمية وموارد المياه‪ ،‬المشروع التجريبي لتوثيق الملكيات واألعراف‬ ‫والسنن والبيانات المتعلقة باألفالج‪ ،‬ط‪ ،1‬أكتوبر ‪ ٢٠٠٩‬م‪ ،‬ص‪1٢‬‬ ‫‪1٤٢‬‬ ‫نتيجة القحط أو الهجرة أو ُهدمت عمدا أثناء الحروب(‪ ،(1‬أو تأثرا‬ ‫بالعمارة الحديثة وزحفها نحو المنطقة الخضراء‪ .‬وهذا الرقم قابل للزيادة‬ ‫مع زيادة المسوحات‪ ،‬وتتبع اآلثار‪ ،‬والتمعن فيما َك َت َبه األوائل‪ ،‬ومنها الكتب‬ ‫الفقهية التي دائما ما تالمس واقع الناس وتعايش حياتهم االجتماعية‪.‬‬ ‫هذا النظام الهندسي الفريد في الحصول على الموارد المائية ال يوجد إال‬ ‫في مناطق قليلة حول العالم‪« ،‬حيث ثبت وجود األفالج في كل من أسبانيا‬ ‫في أوربا‪ ،‬وفي بالد فارس في الشرق األوسط‪ ،‬وفي الجزائر في المغرب‬ ‫العربي»(‪ ،(٢‬إال أن هناك ما يشبه األفــالج الــداووديــة(‪ ،(٣‬يقول الدكتور‬ ‫عبدال َّله الغافري‪« :‬وبالمقارنة نرى أن أنظمة ري شبيهة باألفالج الداوودية‬ ‫ال تزال موجودة في كثير من األماكن حول العالم بأسماء مختلفة‪ ،‬مثل‬ ‫اليابان والصين ودول آسيا الوسطى وإيران ودول الجزيرة العربية والشام‬ ‫والشمال األفريقي وأوروبا واألمريكتين»(‪ .(٤‬ومع ذلك‪ ،‬ف ُعمان تتميز بهذا‬ ‫النظام المائي ‪-‬كما يراه الشيخ بدر العبري‪« -‬ليس من ناحية كثرة أفالجها‬ ‫فحسب‪ ،‬بل من ناحية أعمالها الهندسية والفنية في تكوينها وشقها‪ ،‬وبناء‬ ‫(‪ُ (1‬يروى ذلك عن الفرس (انظر‪ :‬سرحان بن سعيد اإلزكوي‪ ،‬كشف الغمة الجامع ألخبار األمة‪،‬‬ ‫وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪ 1٤٣٤ ،٢‬هـ‪ ٢٠1٣/‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ ، )1٦1‬كا ُيروى عن‬ ‫القائد العباسي محمد بن نور والذي يسميه ال ُعمانيون «محمد بن بور»؛ لعظم الجرائم التي‬ ‫ارتكبها في حقهم (انظر‪ :‬عبدال َّله بن حميد السالمي‪ ،‬تحفة األعيان بسيرة أهل عُمان‪ ،‬ج‪،1‬‬ ‫ص‪(٢٦1‬‬ ‫(‪ (٢‬محفوظ بن عبدال َّله السليمي ونبيل حافظ عبدالفتاح‪ ،‬تنظيم وإدارة األفالج في سلطنة عُمان‬ ‫دراسة تحليلية‪ ،‬معهد اإلدارة العامة‪ ،‬مسقط‪ 1٤1٧ ،‬هـ‪ 1٩٩٧/‬م‪ ،‬ص‪11‬‬ ‫(‪ (٣‬سيأتي الحديث عنها الحقا بإذن ال َّله‬ ‫(‪ (٤‬عبدال َّله بن سيف الغافري‪ ،‬األفالج ال ُعمانية تاريخها وهندستها وإدارتها‪ ،‬ضمن (مجلة‬ ‫نزوى)‪ ،‬العدد ‪ ،٤٤‬رمضان ‪ 1٤٢٦‬هـ‪/‬أكتوبر‪ ٢٠٠٥‬م‪ ،‬ص‪1٢‬‬ ‫‪1٤٣‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫جداولها‪ ،‬وجدولة تقسيم مياهها(‪ ،(٢(»(1‬ويؤكد ذلك الباحث خليفة الحجي‬ ‫بقوله‪« :‬وقد تفنن ال ُعمانيون في هندسة هذه األفالج بأسلوب بارع ينبئ عن‬ ‫حذاقة الفكر ال ُعماني األصيل»(‪ ،(٣‬أما المستشرق ولكنسون فيقول عن‬ ‫استغالل ال ُعمانيين لألرض‪ :‬أنه «كان قائما على مستوى مرتفع من المهارة‬ ‫في كيفية استخدام المياه»(‪.(٤‬‬ ‫اأنواع الأفالج(‪:(٥‬‬ ‫لتنوع مصادرها‪ ،‬ويمكن إجمالها في ثالثة‬ ‫تتنوع األفالج في ُعمان نظرا ّ‬ ‫أنواع‪.‬‬ ‫األفالج الغيلية(‪ (٦‬مصدرها المياه السطحية الجارية أو شبه السطحية‪،‬‬ ‫وتُحجز كميات المياه هذه من غيل الوادي لتجري عبر قناة مكشوفة إلى‬ ‫المناطق السكنية والزراعية باتجاه جريان الوادي(‪ ،(٧‬أو تُجمع هذه المياه‬ ‫في خزان‪ ،‬وت َُو ّزع بعد ذلك على المستفيدين منها‪ .‬ومن األفالج الغيلية‪:‬‬ ‫فلج السمدي بوالية سمائل‪ ،‬وفلج الرحى بوالية بدبد ومصدره وادي‬ ‫سمائل‪.‬‬ ‫(‪ (1‬الحديث عن طريقة تقسيم مياه األفالج في مبحث «ال ُعمانيون والفلك»‬ ‫(‪ (٢‬بدر بن سالم بن هالل العبري‪ ،‬البيان في بعض أفالج عُمان‪ ،‬ص‪1٣‬‬ ‫(‪ (٣‬خليفة بن بدوي الحجي‪ ،‬نظام األفالج في سلطنة عُمان‪ ،‬ص‪1٧٧‬‬ ‫(‪ (٤‬جي رسى ولكنسون‪ ،‬األفالج ووسائل الري في عُمان‪ ،‬ترجمة‪ ،‬محمد أمين عبدال َّله‪ ،‬وزارة‬ ‫التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط‪ 1٤٢٤ ،٣‬هـ‪ ٢٠٠٣/‬م‪ ،‬ص‪٤٦‬‬ ‫(‪ (٥‬خليفة بن بدوي الحجي‪ ،‬نظام األفالج في سلطنة عُمان‪ ،‬ص‪ 1٨٥-1٧٩‬و هالل بن عامر‬ ‫القاسمي‪ ،‬األفالج ال ُعمانية البناء الهندسي عبر التاريخ‪ ،‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬مؤسسة‬ ‫االنتشار العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ٢٠1٥ ،1‬م‪ ،‬ص‪٢1‬‬ ‫ِ‬ ‫(‪ (٦‬ال َغ ْي ُل‪ :‬الما ُء الذي يجري على وجه َاألرض‪ ،‬وفي الحديث‪( :‬ما ُسق َي بالغيل ففيه ال ُع ْشر‪،‬‬ ‫وما سقي بالدلو ففيه نصف العشر)‪ ،‬انظر‪ :‬محسن محمد معالي‪ ،‬معجم معالي اللغة‪ ،‬مؤسسة‬ ‫حورس الدولية للنشر والتوزيع‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ٢٠1٣ ،1‬م‪ ،‬مادة (غ ي ل)‪ ،‬ص‪٥1٧‬‬ ‫(‪ (٧‬انظر الصورة (‪(1٥‬‬ ‫‪1٤٤‬‬ ‫‪١٥‬‬ ‫‪١٧‬‬ ‫‪٢٠٠٠‬‬ ‫‪١٤٢١‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫الأفلاج العينية‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫ ِ ِ َ َ ِ َ ِ ِ‬ ‫ ْ َ‬ ‫ َ ْ‬ ‫ ُ ُ‬ ‫(‪ (١‬ َ ْ ُ ‪ :‬ َ ْ ُ ُ‬ ‫‪٤٤٤-٤٤٣‬‬ ‫‪(١٦‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪١٤٥‬‬ ‫‪‬‬ ‫ُ‬ ‫‪١٦‬‬ ‫‪.١٧‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫ ِ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫ َ‬ ‫ ً‬ ‫‪٥٠‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪،)١٦١‬‬ ‫‪١‬‬ ‫ ُ‬ ‫‪١٤٣٨‬‬ ‫‪١١‬‬ ‫‪٢٠١٦. ١٢. ١١‬‬ ‫ ٌ ِ‬ ‫ ِ‬ ‫ َ ُ‬ ‫(‪ (٢‬ ِ‬ ‫ َ ْ‬ ‫ ُ‬ ‫‪٥‬‬ ‫ ُ‬ ‫‪(١٧‬‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫‪٤٦‬‬ ‫‪١٤٦‬‬ ‫‪٣١‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪١٨‬‬ ‫‪١٠٠٠‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫»‬ ‫‪١٠٠‬‬ ‫(‪.(٣‬‬ ‫ ُ‬ ‫‪٤٩‬‬ ‫‪٢٨‬‬ ‫‪٢٣‬‬ ‫‪١٧‬‬ ‫‪.١٧‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫‪١٩٩٨‬‬ ‫‪١٤١٩ ،١‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪٣٢‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫‪١٢‬‬ ‫‪(١٨‬‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫‪١٤٧‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫فالمنبع أعمق من منطقة التغذية بعشرات األمتار‪ ،‬والمسافة طويلة تتعدّ ى‬ ‫العشرة كيلومترات‪ ،‬وال بد للماء من طريقة هندسية فنية حتى يخرج من‬ ‫مبتدئه ويتدفق مستمرا ليصل إلى منتهاه‪ ،‬وال بد من االختيار الدقيق لمكان‬ ‫وجود الماء‪ ،‬والمسار الذي يتبعه الفلج‪« .‬ومما ال شك فيه أن هندسة‬ ‫األفالج تعتبر نموذجا فريدا في الجزيرة العربية من حيث مراحل اإلنشاء‪،‬‬ ‫واستمرارية تدفق المياه‪ ،‬والمحافظة على جريانها بمعدالت محسوبة بدقة‬ ‫فائقة»(‪(1‬؛ وهذا ما يدلنا على براعة اإلنسان ال ُعماني‪ ،‬وهندسته الفريدة‪،‬‬ ‫ومن العجيب أن يبقى هذا النظام البديع آالف السنين‪ ،‬وما زال الناس‬ ‫يستفيدون منه حتى اآلن‪ ،‬بل هو المصدر األساسي للماء‪ ،‬وربما الوحيد‬ ‫في بعض المناطق‪.‬‬ ‫الصورة (‪ :)1٨‬رسم تخيلي لعملية شق فلج داوودي‪ ،‬نقال عن وزارة موارد المياه‪ ،‬إحصائيات وقوائم‬ ‫األفالج في سلطنة عُمان‪ ،‬ص‪ .1٩‬ويظهر في الرسم الثقوب الممتدة من السطح إلى النفق‪ ،‬وطريقة نقل‬ ‫األتربة الناتجة عن الحفر إلى سطح األرض‪.‬‬ ‫(‪ (1‬محفوظ بن عبدال َّله السليمي ونبيل حافظ عبدالفتاح‪ ،‬تنظيم وإدارة األفالج في سلطنة عُمان‪،‬‬ ‫ص‪٢٣‬‬ ‫‪1٤٨‬‬ ‫إن وجــود الماء في باطن األرض نعمة من ال َّله سخرها لإلنسان؛‬ ‫فاستغلها أجدادنا استغالال متوازنا بين اإلفراط والتفريط؛ جعلهم قادرين‬ ‫على االعتماد عليها في الحصول على الماء اعتمادا كبيرا بعد االستعانة‬ ‫يبذروها أو يلوثوها كما هو الحال في أنظمة‬ ‫بال َّله‪ ،‬وفي الوقت نفسه لم ِّ‬ ‫الري الحديثة‪ .‬يقول الدكتور عبدال َّله الغافري‪« :‬هذه األفالج ال تضر بالبيئة‬ ‫كما تفعل األنظمة الزراعية الحديثة‪ ،‬فهي لم تؤ ِّد إلى تم ُّلح التربة أو تلوث‬ ‫المياه الجوفية‪ .‬واألفالج ال تستنزف مخزون المياه الجوفية كما تفعل‬ ‫ترشح المياه من مواردها الجوفية بشكل طبيعي‬ ‫المزارع الحديثة‪ ،‬فهي ِّ‬ ‫ومتوازن دون اإلضرار بالخزان الجوفي»(‪.(1‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫مراحل اإن�ساء الفلج‪:‬‬ ‫المرحلة الأولى‪:‬‬ ‫اختيار المنطقة التي تتوفر فيها الظروف المالئمة لشق الفلج‪ ،‬من وجود‬ ‫مرتفعات واسعة تتخلل تضاريسها أودية تستقطب مياه األمطار‪ ،‬منسابة إلى‬ ‫منخفضات تكون صالحة للزراعة‪ ،‬وقابلة إلنشاء الحقول فيها‪ .‬يقول بعض‬ ‫الباحثين الغرب‪« :‬إذا دعت الحاجة إلى توسيع بئر قديمة أو فلج قديم في‬ ‫داخل ُعمان أو تحسينها‪ ،‬أو إنشاء بئر جديدة أو فلج جديد؛ فإن أول ما‬ ‫يفعله الناس عادة هو أن يستعينوا بباصر‪ ،‬أي رجل بصير (خبير) بمعرفة‬ ‫مواقع الماء تحت األرض‪ .‬وكثير من العوامر ‪-‬وبعضهم أيضا يشتغلون‬ ‫(‪ (1‬عبدال َّله بن سيف الغافري‪ ،‬هندسة األفالج واستصالح األراضي عند ال ُعمانيين‪ ،‬ص‪٧‬‬ ‫(‪ (٢‬بدر بن سالم بن هالل العبري‪ ،‬البيان في بعض أفالج عُمان‪ ،‬ص‪( ٢1-1٥‬بتصرف) ومقابلة‬ ‫مع خبير األفالج هالل بن عامر القاسمي‪ ،‬ومصادر أخرى مذكورة أدناه‬ ‫‪1٤٩‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫بالحفر‪ -‬مشهورون بأنهم باصرون‪ ،‬والطلب على خدماتهم كثير»(‪.(1‬‬ ‫وكذلك ال بد من «توفر األرض المستوية الخصبة‪ ،‬وعلى أن تكون‬ ‫على بعد مناسب من مكان توفر المياه الجوفية‪ ،‬وفي نفس اتجاه جريان‬ ‫الوادي‪ ،‬وهذا شرط هندسي كان أهل الخبرة والدراية يعتمدون في تقديره‬ ‫على خبرتهم الذاتية‪ ،‬وعلى التجربة والخطأ‪ ،‬والقاعدة الهندسية التي‬ ‫يعتمدون عليها في ذلك هي أن موقع وجود الماء الجوفي تحت األرض‬ ‫يجب أن يكون في نفس مستوى المكان الذي سوف يستخرج منه الماء‬ ‫على األقل»(‪(٢‬؛ وذلك حتى يتمكن الماء من التدفق ليصل إلى األراضي‬ ‫المطلوب أن يخدمها‪.‬‬ ‫المرحلة الثانية‪:‬‬ ‫حفر بئر قياسية في أرض المرتفعات؛ ليكتشفوا عمق منسوب المياه‪.‬‬ ‫المرحلة الثالثة‪:‬‬ ‫مسح قياسي دقيق لجغرافية المساحة بين البئر القياسية وسطح األرض‬ ‫المنخفضة‪ ،‬ودرجة انحدار األرض بينهما‪.‬‬ ‫المرحلة الرابعة‪:‬‬ ‫شق قناة الفلج‪ ،‬بداية من المنطقة المنخفضة باتجاه البئر القياسية(‪ ،(٣‬على‬ ‫(‪ (1‬جي إس بيركس وسالى آي ليتس‪ ،‬العوامر قبيلة متخصصة بحفر اآلبار واألفالج في شمال‬ ‫عُمان‪ ،‬ص‪٧‬‬ ‫(‪ (٢‬محمد بن ناصر الحجري‪ ،‬نظام األفالج في عُمان ودوره في التنمية‪ ،‬ص‪٢٩-٢٨‬‬ ‫(‪ (٣‬وهناك طريقة أخرى يبدأ فيها الشق من المنطقة المرتفعة (أم الفلج) باتجاه سير الوادي (منطقة‬ ‫االحتياج والتغذية)‪ ،‬انظر‪ :‬هالل بن عامر القاسمي‪ ،‬األفالج ال ُعمانية البناء الهندسي عبر التاريخ‪،‬‬ ‫وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬مؤسسة االنتشار العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ٢٠1٥ ،1‬م‪ ،‬ص‪111‬‬ ‫‪1٥٠‬‬ ‫أن تكون أرضية القناة مستوية‪ ،‬وتحتاج إلى وزن هندسي مضبوط‪ ،‬بحيث‬ ‫تسير على ارتفاع متدرج دقيق؛ حتى ال يتوقف جريان الماء‪« ،‬ويعرفون‬ ‫ذلك باستخدام صب الماء في الساقية‪ ،‬فكلما جرى الماء بشكل انسيابي‬ ‫نحو بداية الساقية؛ فإنه دليل على أن العمل يسير بشكل ناجح»(((‪ .‬وتتعمق‬ ‫القناة تدريجيا حسب ارتفاع سطح األرض في المنطقة‪ ،‬وتكون القناة‬ ‫مفتوحة من األعلى لمسافة متفاوتة‪ ،‬ثم تدخل في باطن األرض مختفية‬ ‫مظلمة ال تصلها نسمات الهواء‪ ،‬إال من فتحات((( على مسافات متفاوتة‬ ‫لدخول الهواء والضوء للعاملين في الفلج‪ .‬وقد يعترض شق الفلج بعض‬ ‫الصخور؛ فيستخدمون تقنيات بدائية وأفكار إبداعية مثل «حرق الصخور‬ ‫ثم تبريدها بسرعة لكي تتفتت أو إضافة عصارة الثوم للصخور كي تتفاعل‬ ‫معها مما يؤدي إلى سهولة تفتيتها»(((‪ .‬ويستمر الشق حتى الوصول للبئر‬ ‫القياسية‪ ،‬فإن كانت ميزانية أرض القناة ناجحة في هندستها‪ ،‬جرى الماء‬ ‫فيها‪ ،‬وظهر على سطح المنطقة المطلوب تغذيتها‪.‬‬ ‫((( هالل بن عامر القاسمي‪ ،‬األفالج ال ُعمانية البناء الهندسي عبر التاريخ‪ ،‬ص‪97‬‬ ‫((( وتستعمل كذلك كمعبر سهل للعاملين للوصول ألي نقطة من الفلج من أقرب فتحة‪ ،‬وللنزول‬ ‫الحقا من أجل الصيانة والتنظيف‬ ‫((( عبدال َّله بن سيف الغافري‪ ،‬هندسة األفالج واستصالح األراضي عند ال ُعمانيين‪ ،‬ص‪7‬‬ ‫(‪(5‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫المرحلة الخام�سة‪:‬‬ ‫(((‬ ‫بناء جدران فتحات التهوية والقناة وتسقيفها‪ ،‬بالحجارة والصاروج‬ ‫ال ُعماني؛ لمنع تسرب المياه من القناة لخارجها‪ ،‬ولكي ال تنهار فتد ِّمر‬ ‫الفلج(((‪.‬‬ ‫المرحلة ال�ساد�سة‪:‬‬ ‫شق قنوات فرعية مساعدة للقناة األصلية‪« ،‬وشق هذه الروافد يتم بسبب‬ ‫اكتشاف العاملين أثناء العمل ينابيع جانبية قوية؛ فيقومون بتتبعها‪ ،‬ويؤدي‬ ‫هذا التتبع إلى إحداث أنفاق كبيرة‪ ،‬ربما يكون أطول من النفق الرئيسي»(((‪.‬‬ ‫ُيطلق على هذه القنوات الفرعية لفظ (السواعد)‪ ،‬وهي بالفعل عامل‬ ‫مساعد في تكثير مياه الفلج بشكل كبير جدا في بعض األفالج‪ .‬وحسب‬ ‫اإلحصائيات‪ ،‬فإن فلج الملكي بوالية إزكي يعتبر أكبر أفالج السلطنة من‬ ‫حيث عدد السواعد‪ ،‬والتي بلغت ‪ (7‬ساعدا(((‪ ،‬أما من حيث مجموع‬ ‫أطوال السواعد‪ ،‬فإن فلج الشارق بوالية بدية ُيعد األطول بسواعد مجموع‬ ‫طولها ‪ (7.(89‬كيلومترا‪ ،‬وأطول ساعد على مستوى السلطنة هو ساعد‬ ‫الجاحس التابع لفلج الجاحس بوالية بدية‪ ،‬حيث بلغ طوله (‪((.(6‬‬ ‫((( عبارة عن نوعية من الطين المحروق عند درجة حرارة معينة‪ ،‬من المواد الرئيسية التي تستخدم‬ ‫في عملية ترميم القالع و األفالج و الحصون و المساجد االثرية واألبراج التاريخية القديمة‪،‬‬ ‫انظر‪www.ar.wikipedia.org :‬‬ ‫((( هذا في األفالج ذات األرض الهشة‪ ،‬وليس بالضرورة في جميع األفالج (من تصحيحات‬ ‫هالل بن عامر القاسمي)‬ ‫((( هالل بن عامر القاسمي‪ ،‬األفالج ال ُعمانية البناء الهندسي عبر التاريخ‪ ،‬ص‪55‬‬ ‫((( ذكر اإلمام السالمي أنه كان لفلج الملكي مائة وعشرون ساعدا‪ ،‬تم تخريبها أيام محمد بن‬ ‫بور‪ ،‬انظر تحفة األعيان بسيرة أهل عُمان‪ ،‬ج(‪ ،‬ص(‪(6‬‬ ‫(‪(5‬‬ ‫كيلومتر ًا (((‪.‬‬ ‫بعض األحيان تصطدم عملية الشق بجبل صلد‪ ،‬فيحاولون تجنبه‬ ‫مبتعدين أو ملتفين حوله؛ «وهــذا ما يجعل األنفاق في األفــالج كثيرة‬ ‫االنحناءات»(((‪ ،‬فإن كان الجبل معترضا لهم أينما ذهبوا‪ ،‬قاموا بحفر بئر‬ ‫أمامية‪ ،‬فإن وصلوا إلى العمق المقدّ ر ولم يجدوا الجبل‪ ،‬علموا أن سمك‬ ‫الجبل أقل من المسافة التي بين موضع توقف الشق والبئر األمامية‪ ،‬حينها‬ ‫يقررون ثقب الجبل؛ ليصلوا للجانب اآلخر‪ .‬وكذا الحال عندما تصل قناة‬ ‫الفلج لسطح األرض فقد يضطر العاملون لشق جبل؛ كي تصل المياه‬ ‫‪-‬أساس الحياة‪ -‬ألكبر قدر ممكن من الناس ومزروعاتهم وحيواناتهم(((‪.‬‬ ‫كما أن عملية الحفر تعتريها الكثير من المصاعب والمشاق؛ فإن اإلنسان‬ ‫ال ُعماني وجد الحل بتوفيق ال َّله‪ ،‬فهم قد «استخدموا القنديل الزيتي لإلضاءة‬ ‫ولالستدالل على وجود األكسجين بمراقبة لون وحجم الشعلة‪ .‬كذلك‬ ‫استعملوا تقنية الطرق في الصخور بين الشخص الذي بداخل القناة والذي‬ ‫في أعالها؛ لتحديد مسار القناة الفعلي بداخل األرض»(((‪.‬‬ ‫((( وزارة موارد المياه‪ ،‬إحصائيات وقوائم األفالج في سلطنة عُمان‪ (((( ،‬هـ‪ (000/‬م‪،‬‬ ‫ص‪(7‬‬ ‫((( هالل بن عامر القاسمي‪ ،‬األفالج ال ُعمانية البناء الهندسي عبر التاريخ‪ ،‬ص‪97‬‬ ‫((( انظر الصورة (‪((9‬‬ ‫((( عبدال َّله بن سيف الغافري‪ ،‬هندسة األفالج واستصالح األراضي عند ال ُعمانيين‪ ،‬ص‪7‬‬ ‫(‪(5‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫الصورة (‪ :)(9‬جبل مشقوق إلمرار الفلج في مسفاة العبريين بوالية الحمراء‪.‬‬ ‫كذلك عملية نقل الماء من المصدر إلى منطقة الخدمة قد تواجهها‬ ‫بعض الصعوبات‪ ،‬كاعتراض أحد األودية أو الشعاب‪ ،‬والوادي ‪-‬بطبيعة‬ ‫الحال‪ -‬عندما يسيل فإنه يحمل معه الكثير من الحصى واألتربة؛ مما‬ ‫يؤثر على عملية نقل المياه‪ ،‬بل ينغلق المجرى نهائيا أو تنكسر ساقيته؛‬ ‫مما يكلف وقتا وجهدا وماال للتنظيف والصيانة‪ .‬والحل أن تٌنقل ساقية‬ ‫الفلج إلى جسور تعلو مجرى الوادي(((‪ ،‬وأحيانا يلجأون إلى األنفاق أو‬ ‫((( انظر الصور (‪((( -(0‬‬ ‫(‪(5‬‬ ‫ب(الغراق فالَّح)((( حيث تمر المياه في قصبة من القرميد أو‬ ‫َّ‬ ‫ما ُيسمى بــ‬ ‫الصاروج (االسمنت المحلي)؛ بحيث ينزل الماء عموديا‪ ،‬ثم يجري أفقيا‬ ‫أسفل الوادي‪ ،‬ثم يرتفع عموديا من الجهة األخرى‪ ،‬وال بد أن يكون مدخل‬ ‫(الفالح)؛ وبذلك تندفع‬ ‫َّ‬ ‫(الغراق) في مستوى أعلى من مخرجه‬ ‫ّ‬ ‫الماء‬ ‫المياه نتيجة االنحدار أسفل الوادي‪ ،‬ثم تصعد لألعلى قليال في الطرف‬ ‫اآلخر نتيجة ذلك االندفاع‪ .‬هندسة متقنة وعمل رائع‪ ،‬ودليل على الحيوية‬ ‫والنشاط واإليجابية‪ ،‬ونبذ العجز والكسل والسلبية‪.‬‬ ‫الصورة (‪ :)(0‬جسر إلمرار مياه فلج السيح بقرية نفعاء في والية بدبد (تصوير المؤلف‪ ( ،‬ربيع الثاني‬ ‫‪ (((8‬هـ‪ (( /‬ديسمبر ‪ (0(6‬م)‪.‬‬ ‫((( انظر الصور (((‪((5 -‬‬ ‫‪(55‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫الصورة ((()‪ :‬جسر إلمرار مياه فلج السيح بقرية نفعاء في والية بدبد (تصوير المؤلف‪ ( ،‬ربيع الثاني‬ ‫‪ (((8‬هـ‪ (( /‬ديسمبر ‪ (0(6‬م)‪.‬‬ ‫الصورة ((()‪ :‬منظر تخطيطي علوي للغراق فالح (نقال عن هالل بن عامر القاسمي‪ ،‬األفالج ال ُعمانية‬ ‫البناء الهندسي عبر التاريخ‪ ،‬ص(‪.7‬‬ ‫‪(56‬‬ ‫ ُ‬ ‫‪٢٣‬‬ ‫‪.٧٤‬‬ ‫‪٣١‬‬ ‫‪١٤٣٨‬‬ ‫(‬ ‫‪٢٤‬‬ ‫‪٢٠١٦‬‬ ‫‪١٥٧‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫الصورة (‪َّ :)(5‬‬ ‫فالح فلج الرامي بوالية العوابي‪ ،‬ويظهر الغَّراق في الجهة المقابلة داخل الغرفة الصغيرة‬ ‫(تصوير المؤلف‪ (0 ،‬ربيع األول ‪ (((8‬هـ‪ (0 /‬ديسمبر ‪ (0(6‬م)‪.‬‬ ‫‪(58‬‬ ‫ومما يدل على إبداع ال ُعماني وسعيه لالستفادة مما يتيسر له من الموارد‪،‬‬ ‫تم صنع مطاحن حبوب تعمل بطاقة مياه الفلج في بعض األفالج كفلج‬ ‫الميسر بالرستاق وستال بوالية العوابي‪ ،‬كذلك في صحار وجدت أربع‬ ‫طواحين مائية مبنية على طول قناة فلج المعترض(((‪ ،‬وكذا فلج الخطمين‬ ‫في بركة الموز بنزوى(((‪ .‬ومن استخدامات األفــالج في ُعمان كونها‬ ‫مكيفات لهواء البيوت والحصون؛ وذلك أن درجة حرارة مياه األفالج‬ ‫العدية والعينية ثابتة تقريبا طول العام؛ لكون مصدرها باطن األرض‪ .‬ففي‬ ‫الصيف تكون درجة حرارة الهواء مرتفعة؛ فتعمل مياه الفلج على خفض‬ ‫هذه الحرارة‪ ،‬وتنخفض درجة الحرارة في الشتاء؛ فتقوم مياه األفالج مقام‬ ‫السخان الذي يرفع درجة حرارة الهواء(((‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫يقول الباحث هالل القاسمي‪ ،‬وهو من الذين سبروا أغوار األفالج‬ ‫وغاصوا في أعماقها‪« :‬كلما أدخل في هذه القنوات‪ ،‬وأقف في ذلك الظالم‬ ‫الحالك بين صخور صماء وخرير العيون‪ ،‬أحس بأيام بداية نشأتها؛ فينتابني‬ ‫شعور اإلجالل ألولئك اللذين اجتهدوا وعملوا بعزيمة وصبر‪ ،‬أحس‬ ‫بضحكاتهم ومزحاتهم‪ ،‬وهم يتناسون خطورة العمل الرهيب والتعب‬ ‫لهدف ربما لن يتم»(((‪ .‬ويتحدث عن العاملين في شق أنفاق األفالج‪:‬‬ ‫«كيف تمكنوا من شق هذه الصخور؟! وكيف تم بناء الجدران الصخرية‬ ‫((( عبدال َّله بن سيف الغافري‪ ،‬هندسة األفالج واستصالح األراضي عند ال ُعمانيين‪ ،‬ص‪((/8‬‬ ‫((( وزارة البلديات اإلقليمية وموارد المياه‪ ،‬المشروع التجريبي لتوثيق الملكيات واألعراف‬ ‫والسنن والبيانات المتعلقة باألفالج‪ ،‬ص((‬ ‫((( عبدال َّله بن سيف الغافري‪ ،‬هندسة األفالج واستصالح األراضي عند ال ُعمانيين‪ ،‬ص‪9‬‬ ‫((( هالل بن عامر القاسمي‪ ،‬األفالج ال ُعمانية البناء الهندسي عبر التاريخ‪ ،‬ص‪58‬‬ ‫‪(59‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫التي يزيد وزن األحجار فيها عن عشرات الكيلوغرامات‪ ،‬وقد أحضرت من‬ ‫سطح األرض إلى داخل النفق‪ ،‬مصفوفة بطريقة فنية‪ ،‬وبراعة مدهشة‪ ،‬يصل‬ ‫(((‬ ‫عمر بناء بعضها إلى بداية نشأة الفلج؟!»‬ ‫هكذا رأينا خطوات شق األفــالج(((‪ ،‬وتب ّين لنا أنه عمل كبير وشاق‪،‬‬ ‫والهمة العالية‪ ،‬والسواعد‬ ‫ّ‬ ‫وخطير ومك ّلف‪ ،‬لكنها العزيمة القوية‪،‬‬ ‫الطموحة‪ .‬واألهم من ذلك‪ ،‬أنه عمل يحتاج إلى علم تجريبي بحت‪ ،‬برع‬ ‫فيه ال ُعمانيون؛ فاستفادوا وأفادوا أجياال بعدهم‪ ،‬وأ ّدوا عمال جليال ُيحسب‬ ‫لهم‪ ،‬وخدموا اإلنسانية بهذا العلم والعمل المتقن‪ ،‬يقول الشيخ العبري‪:‬‬ ‫«وقد اتجه المفكرون ال ُعمانيون القدامى في استخراج المياه الجوفية‬ ‫بالطريقة الهندسية الفريدة التي نجحت نجاحا باهرا‪ ،‬وهذه الهندسة دقيقة‬ ‫في تنفيذها‪ ،‬وعظيمة في مغزاها وجدواها‪ ،‬وقد نبعت عن موهبة فكرية‬ ‫لإلنسان ال ُعماني‪ ،‬وبوضع معيار عقلي وتصور فكري فني‪ ،‬حيث وزنت‬ ‫مقاييسها بميزان علم تطبيقي»(((‪ .‬وقد أ ّثر هذا النظام الفريد في مجرى‬ ‫وتكونت‬ ‫ّ‬ ‫التجمع والحضارة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحياة في ُعمان «من التبعثر والتشتت إلى‬ ‫مر العصور؛‬ ‫نتيجة لذلك قرى كبيرة‪ ،‬وقامت حضارات عريقة» ‪ ،‬على ّ‬ ‫(((‬ ‫وظل أهل هذا البلد‬ ‫لما للماء من أهمية؛ فعليه تنشأ التجمعات البشرية‪ّ ،‬‬ ‫((( هالل بن عامر القاسمي‪ ،‬األفالج ال ُعمانية البناء الهندسي عبر التاريخ‪59 ،‬‬ ‫((( لالطالع أكثر حول األفالج‪ :‬نشأتها وتطورها وهندستها وما يتعلق بها من أنظمة ومصطلحات‬ ‫وآثار‪ ،‬أرجو الرجوع إلى كتاب (األفالج ال ُعمانية البناء الهندسي عبر التاريخ) لألستاذ هالل‬ ‫بن عامر القاسمي‪ ،‬حيث يميز الكتاب أن الكثير من معلوماته مصدرها المؤلف نفسه‪ ،‬نتيجة‬ ‫خبرته وعمله في األفالج واهتمامه بها عبر سنوات طويلة‪.‬‬ ‫((( بدر بن سالم بن هالل العبري‪ ،‬البيان في بعض أفالج عُمان‪ ،‬ص‪(5‬‬ ‫((( خليفة بن بدوي الحجي‪ ،‬نظام األفالج في سلطنة عُمان‪ ،‬ص‪(77‬‬ ‫‪(60‬‬ ‫يستقون من هذا اإلنجاز العظيم‪ ،‬الذي ما زال شامخا أب ّيا بالرغم مما يحيط‬ ‫به من مخاطر الحضارة الحديثة‪.‬‬ ‫يعود تاريخ شق األفالج في ُعمان إلى آالف السنين‪« ،‬وقد تميزت أفالج‬ ‫الفترة اإلسالمية عما قبلها من الفترات التاريخية في نظام بناء المساجد(((‪،‬‬ ‫السل(((‪ ،‬وبطريقة منظمة أكثر مما ُعهدت عليه في بناء‬ ‫وبناء السقوف داخل َّ‬ ‫(((‬ ‫األفالج قبل اإلسالم»(((‪ .‬ولكن ‪-‬وبالرغم من قصر فترة حكم اليعاربة‬ ‫الذي يصل تقريبا إلى ‪ ((0‬سنة فقط‪ُ -‬يعتبر عهدهم هو العهد الزاخر‬ ‫«شقت أو ُجددت في عهدهم أفالج كثيرة»(‪ ،(5‬يقول اإلمام‬ ‫لألفالج‪ ،‬حيث ُ‬ ‫السالمي عند الحديث عن اإلمام بلعرب بن سلطان بن سيف اليعربي‪:‬‬ ‫«إن األموال قد كثرت في أيامه وأيام والده قبله‪ ،‬حتى كادت أن تفيض‬ ‫البيضاء والصفراء من أيدي الناس؛ وذلك لبركة العدل وفضل الجهاد؛‬ ‫ولذلك أقبلت األئمة إلى تشييد الحصون والمعاقل‪ ،‬وإجــراء األنهار‬ ‫وغرس األشجار وإحياء المواتات؛ ليعيش فيها الناس بأرغد عيش وأتم‬ ‫نعمة»(‪ ،(6‬وعند الحديث عن أخيه قيد األرض اإلمام سيف بن سلطان بن‬ ‫سيف اليعربي‪ ،‬يقول اإلمام السالمي‪« :‬وعاشت الرعية في ظل عدله في‬ ‫((( حتى داخل األنفاق‪ ،‬خاصة الواسعة منها‪ ،‬قد توجد مصليات‪ ،‬كما روى ذلك بعض الذين‬ ‫عملوا بالصيانة في فلج دارس‪ ،‬انظر‪ :‬هالل بن عامر القاسمي‪ ،‬األفالج ال ُعمانية البناء الهندسي‬ ‫عبر التاريخ‪ ،‬ص‪(79‬‬ ‫((( أي النفق‬ ‫((( هالل بن عامر القاسمي‪ ،‬األفالج ال ُعمانية البناء الهندسي عبر التاريخ‪ ،‬ص‪(70‬‬ ‫((( من ((‪(0‬هـ‪(6((/‬م إلى ‪((57‬هـ‪(7((/‬م‬ ‫(‪ (5‬عبدال َّله بن سيف الغافري‪ ،‬هندسة األفالج واستصالح األراضي عند ال ُعمانيين‪ ،‬ص(‬ ‫(‪ (6‬عبدال َّله بن حميد السالمي‪ ،‬تحفة األعيان بسيرة أهل عُمان‪ ،‬ج(‪ ،‬ص‪97‬‬ ‫(‪(6‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫وعمر ُعمان كثيرا‪ ،‬وأجرى فيها األنهار‪ ،‬وغرس فيها‬ ‫أرغد عيش وأنعم بال‪َّ ،‬‬ ‫النخل واألشجار‪ .‬وذكروا أن األفالج التي حفرها ب ُعمان سبعة عشر فلجا‪،‬‬ ‫أفالج المسفاة من الرستاق‪ ،‬وفلج الحزم‪ ،‬وفلج الصائغي‪ ،‬وفلج الهوب‪،‬‬ ‫وأفالج جعالن التي عند البدو‪ ،‬وغيرهن كثير‪ ،‬وغرس في ُعمان وفي‬ ‫ناحية بركا من الباطنة من المبسلي ثالثين ألف نخلة‪ ،‬ومن النارجيل ستة‬ ‫(((‬ ‫آالف»(((‪ .‬كذا الحال بالنسبة لإلمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي‬ ‫(ت (‪ (09‬هـ‪ (680 /‬م)‪ ،‬وهو ثاني أئمة اليعاربة الذي بنى قلعة نزوى‬ ‫الشهيرة‪ ،‬ففي عهده تم شق أفالج دارس والخطمين والفيقين والبرزمان‬ ‫والحمراء‪ ،‬وأفالج عديدة(((‪ .‬وليس أمر ازدهار األفالج في عهد اليعاربة‬ ‫مقصورا على كثرة عدد األفالج التي ُشقت أو جددت‪ ،‬بل تعدَّ ى األمر‬ ‫«و ِّظف الماء في البداية لكي يكون لغرض‬ ‫إلى دقة نظام استخدامها‪ ،‬فقد ُ‬ ‫الشرب‪ ،‬ثم يدخل الحصن‪ ،‬وبعده المسجد وحمامات الرجال‪ ،‬ثم تعقبها‬ ‫بمسافة حمامات النساء‪ ،‬وبعدها أغراض الغسل‪ ،‬وبعد ذلك يكون لسقي‬ ‫المزروعات»(((‪.‬‬ ‫ومن القصص التي تُروى في شق األفالج والمعاناة التي كابدها األجداد‬ ‫قصة بناء فلج الخطمين بنزوى‪ ،‬وذلك أنه عندما أراد اإلمام سلطان بن سيف‬ ‫اليعربي إنشاء بركة الموز‪ ،‬أمر بشق الفلج؛ وذلك الستغالل المياه الدائمة‬ ‫((( عبدال َّله بن حميد السالمي‪ ،‬تحفة األعيان بسيرة أهل عُمان‪ ،‬ج(‪ ،‬ص‪(08-(07‬‬ ‫((( هو سلطان بن سيف األول‪ ،‬عند التفريق بينه وبين حفيده سلطان بن سيف الثاني خامس األئمة‬ ‫اليعاربة‬ ‫((( هالل بن عامر القاسمي‪ ،‬األفالج ال ُعمانية البناء الهندسي عبر التاريخ‪ ،‬ص‪(86‬‬ ‫((( هالل بن عامر القاسمي‪ ،‬األفالج ال ُعمانية البناء الهندسي عبر التاريخ‪ ،‬ص‪(7(-(70‬‬ ‫(‪(6‬‬ ‫الجريان في وادي المعيدن؛ وذلك الحتوائه على معظم األودية القادمة‬ ‫من الجبل األخضر‪ ،‬حيث استعان اإلمام بأهالي الجبل األخضر؛ وذلك‬ ‫لخبرتهم في شق األفالج‪ .‬بدأ العمل بشق النفق‪ ،‬وقبل اكتمال بناء الفلج‬ ‫حدثت حادثة أودت بحياة سبعة أشخاص من العاملين في الفلج إثر انهيار‬ ‫في النفق‪ ،‬ودفنوا تحت الرمال‪ .‬بعد الحادثة َّفر باقي الرجال إلى الجبل‬ ‫األخضر؛ فلحق بهم اإلمام وطلب منهم العودة‪ ،‬وبعد إلحاح وافقوا على‬ ‫العودة شريطة أن يكون لهم نصيب من الفلج بدل األجرة؛ فوافق اإلمام‬ ‫على طلبهم‪ ،‬واتفقوا على أن يكون لهم ثلث الماء وللدولة الثلثان‪ .‬وبعد‬ ‫انتهاء العمل وجريان الفلج‪ ،‬تم تقسيم الماء على حسب االتفاق‪ ،‬وهو‬ ‫معمول به إلى يومنا هذا(((؛ ولذلك فإن من يزور فلج الخطمين سيشاهد‬ ‫أمرا بارزا ومزارا مقصودا من السياح‪ ،‬وهو تقسيم مياه الفلج إلى ثالثة أقسام‬ ‫والذ ْين يشكالن ثلثي الماء المخصص‬ ‫متساوية‪ ،‬ثم جمع قسمين منها معا َ‬ ‫للدولة(((‪ .‬يظهر في القصة عدل اإلمام وإيفائه بعهده‪ ،‬واهتمامه الكبير‬ ‫بإنشاء المدن وشق األفالج فيها‪ ،‬وتنمية الزراعة مورد الغذاء واالقتصاد‪.‬‬ ‫((( وزارة البلديات اإلقليمية وموارد المياه‪ ،‬المشروع التجريبي لتوثيق الملكيات واألعراف‬ ‫والسنن والبيانات المتعلقة باألفالج‪ ،‬ص((‬ ‫((( انظر الصورتين (‪((6-(7‬‬ ‫(‪(6‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫الصورتان (‪ :)(6-(7‬فلج الخطمين ببركة الموز‪ ،‬ويظهر تقسيم الماء إلى ثالثة أقسام‪ ،‬ثم جمع قسمين‬ ‫(( مم)‪.‬‬ ‫‪2017-09-23‬‬ ‫منها لتكوين الثلثين المخصصين للدولة (تصوير المؤلف‪ ،‬يوم السبت(( محرم ‪ (((9‬هـ ‪9 (0(7 /‬‬ ‫«ش َّقت في ستينيات القرن العشرين»(((‪ ،‬أي أن‬ ‫أما أحدث األفالج فقد ُ‬ ‫النهضة الحديثة قد أوقفت شق األفالج تلقائيا بالرغم من التوسع العمراني‬ ‫والصناعي الكبيرين؛ وذلك ‪-‬بالطبع‪ -‬لتوفر الوسائل الحديثة والطرق‬ ‫السريعة والسبل المريحة‪ ،‬من أدوات حفر اآلبــار‪ ،‬وآالت ضخ المياه‬ ‫وأنابيب نقلها‪ ،‬باإلضافة إلى تقنيات تحلية ماء البحر‪ ،‬بحيث أصبحت‬ ‫المياه تُنقل لمناطق تبعد مئات الكيلومترات عن الساحل؛ الستخدامها‬ ‫منزليا وزراعيا وصناعيا‪ .‬ولقد رأينا سابقا سلبيات استخدام الوسائل‬ ‫الحديثة بالمقارنة بنظام األفالج؛ فعسى ال َّله أن ييسر طريقة جديدة تجمع‬ ‫بين إيجابيات النظام السابق والنظام الحديث‪.‬‬ ‫((( عبدال َّله بن سيف الغافري‪ ،‬هندسة األفالج واستصالح األراضي عند ال ُعمانيين‪ ،‬ص(‬ ‫(‪(6‬‬ ‫مخطوط في هند�سة الأفالج‪:‬‬ ‫يوجد مقال مختصر في هندسة األفالج في مخطوط قديم يسمى (لقط‬ ‫اآلثــار ‪ -‬المؤلف في صحار)‪ ،‬محفوظ بمكتبة السيد محمد بن أحمد‬ ‫البوسعيدي برقم (‪ ،)79‬نورد هنا بعضا منه(((‪:‬‬ ‫«فصل في معرفة األرض إلجراء القنوات‪ ،‬اعمل صفيحة من نحاس‬ ‫أو نحوه متساوية الساقين‪ ،‬وفي موضع العمود منها خيط مثقل‪ ،‬واسلكها‬ ‫في منتصف خيط‪ ،‬وضع طرفيه على خشبتين مقومتين معتدلتين بالثقالتين‪،‬‬ ‫والجالجل بيد رجلين بينهما بقدر الخيط»‪.‬‬ ‫«فصل في معرفة ارتفاع المرتفعات‪ ،‬إن أمكن الوصول إلى مسقط‬ ‫حجرها‪ ،‬وكانت في أرض مستوية‪ ،‬فانصب شاخصا وقف بحيث يمر‬ ‫شعاع بصرك على رأســه إلى الــرأس المرتفع‪ ،‬ثم امسح من موقفك‪،‬‬ ‫واضرب المجتمع في فصل الشاخص على قامتك‪ ،‬واقسم الحاصل على‬ ‫ما بين موقفك وأصل الشاخص‪ ،‬وزد قامتك على الخارج‪ ،‬فهو المطلوب‬ ‫وال َّله أعلم»‪.‬‬ ‫على ما وضعه‬ ‫(((‬ ‫«فصل لمن أراد حفر فلج أو شيء من األطـــواء‬ ‫األساتيد(((‪ ،‬بأن تعمل أربعة ألواح طول كل لوح أربعة أذرع‪ ،‬وأوثق ذلك‬ ‫((( بدر بن سالم بن هالل العبري‪ ،‬البيان في بعض أفالج عُمان‪ ،‬ص(‪97-9‬‬ ‫((( األطواء‪ :‬جمع طوي‬ ‫((( جمع أستاد‪ ،‬أي‪ :‬المعلم في مجال البناء وغيره‬ ‫‪(65‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫بمسامير لئال يغدي ويجيء‪ ،‬واربط رؤوسه بالحبال زيادة لئال يتحرك‪،‬‬ ‫يسهل الحفر من غير تعب‪ ،‬كذا نقلته عمن سمعته يروي ذلك وال َّله أعلم»‪.‬‬ ‫«فصل إذا أردت أن تقيس األرض لتعرف أن ماء هذه العين أو هذا الفلج‬ ‫يظهر عليها أم ال‪ ،‬فاعمل خيطا جيدا كالسيار طوله خمسة عشر ذراعا أو‬ ‫أكثر‪ ،‬فينظر ما اجتمع عنده في دفتره من الحساب‪ ،‬ويجمعه ويحسبه‬ ‫كم يكون من باع‪ ،‬فإن وجده مماثال للطوي‪ ،‬فاعلم أن الماء يغشى تلك‬ ‫األرض‪ ،‬وإن وجد طول األرض أقل والطوي((( أكثر‪ ،‬فاعلم أن الماء ال‬ ‫يغشاها من تلك الطوي وال َّله أعلم»‪.‬‬ ‫إن نعمة تدفق مياه األفالج بكميات كبيرة‪ ،‬واستمرارها لمئات السنوات‪،‬‬ ‫ونقل‪ ،‬لهي هبة عظيمة من المولى ‪ ،‬وإنجاز‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫استخراج‬ ‫بدون تكلفة َوقود‬ ‫عظيم من إنجازات اإلنسان ال ُعماني الطموح؛ لذلك يجب المحافظة عليها‪،‬‬ ‫المنعم تعالى‪ ،‬وإعطاء األجداد حقهم من الثناء والتقدير والشكر‪،‬‬ ‫بشكر ُ‬ ‫وإيصال األجيال الالحقة بالسابقة بتذكيرهم بما منحوه لهم أجدادهم من‬ ‫علم وعمل وهمة ونشاط وطموح وأهــداف؛ حتى يحفظوا لهم حقهم‪،‬‬ ‫ولِ َيس َعوا كما َس َعوا‪ ،‬وليبدعوا كما أبدعوا‪ ،‬وليعملوا بمثل همتهم؛ فهم‬ ‫القدوة وهم المثل في إتقان العمل‪.‬‬ ‫الم ْط ِو َّية‪ ،‬انظر‪ :‬محسن محمد معالي‪ ،‬معجم معالي اللغة‪ ،‬مادة (ط و ي)‪،‬‬ ‫((( الطوي‪ :‬البئر َ‬ ‫ص(((‬ ‫‪(66‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬هند�سة القالع والح�سون‪:‬‬ ‫للقالع والحصون أهمية بالغة عبر تاريخ الحضارة اإلسالمية؛ فهي وسيلة‬ ‫للدفاع عن األوطان‪ ،‬ورد الغزاة والمعتدين‪ ،‬ورمز للسلطة الحاكمة‪ ،‬ومقر‬ ‫إقامة لإلمام أو السلطان وعائلته‪ ،‬ومجلس شورى تُعقد فيه االجتماعات‪،‬‬ ‫ُدرس فيه مختلف‬ ‫وتصدر منه القرارات‪ ،‬بل كانت أحيانا صرحا علميا ت َّ‬ ‫العلوم‪ ،‬وفي الوقت نفسه َح ْبس ًا وقيدا لمن خرج عن النظام العام‪ .‬وقد َم َه َر‬ ‫أهل ُعمان في هذا الفن المعماري؛ ففيها مئات القالع والحصون‪ ،‬تقف‬ ‫إلى اآلن شامخة دا ّلة على قدرة اإلنسان ال ُعماني العلمية والعملية‪.‬‬ ‫وإن كانت المعلومات الهندسية حول القالع والحصون شحيحة ‪-‬بل‬ ‫معدومة من المهندسين الذين بنوا‪ -‬بسبب عدم وجود المدونات التي‬ ‫تشرح خطوات البناء‪ ،‬وتذكر مصادر ما تعلموه وط ّبقوه‪ ،‬وتب ّين أسماء‬ ‫المهندسين والبنّائين‪ ،‬إال أن ما نعاينه من روعة في البناء‪ ،‬وإتقان في‬ ‫الصناعة‪ ،‬وقوة في التحصين‪ ،‬لهو خير شاهد على وجود علم وهندسة‪،‬‬ ‫ومعرفة متراكمة‪ ،‬وتخطيط وتدبير‪ ،‬وعزيمة وإصرار(((‪« ،‬فكانت قالعهم‬ ‫من أعظم اآلثار المعمارية القائمة فيها وما زالت شامخة تعكس عراقة هذا‬ ‫الشعب العظيم»(((‪ ،‬يقول الباحث فخري خليل النجار في أهمية القالع‬ ‫والحصون‪ :‬أنها «تعتبر نمطا معماريا يعبر عن هندسة معمارية لفترة زمنية‬ ‫معينة»(((‪ ،‬ويقول المستشرق اإليطالي إيروس بلديسيرا‪« :‬أما حصون‬ ‫((( انظر الصور (‪((0 - (8‬‬ ‫((( ناصر الجهوري‪ ،‬حصن الخندق في البريمي دراسة في المعمار ال ُعماني‪ ،‬ضمن (مجلة‬ ‫محرم (((( هـ‪/‬أبريل (‪ (00‬م‪ ،‬ص((‬ ‫نزوى)‪ ،‬العدد ‪َّ ،(0‬‬ ‫عمان‪ ،‬ط(‪(((( ،‬‬ ‫ّ‬ ‫والتوزيع‪،‬‬ ‫للنشر‬ ‫صفاء‬ ‫دار‬ ‫ُمان‪،‬‬ ‫ع‬ ‫حضارة‬ ‫تاريخ‬ ‫((( فخري خليل النجار‪،‬‬ ‫هـ‪ (0(0/‬م‪ ،‬ص(‪(0‬‬ ‫‪(67‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ُعمان فتستوقفك وحدة جهازها الهندسية»(((‪ .‬ونظرا ألهمية الماء؛ فلم‬ ‫التخطيط إليصال الماء لها‬‫َ‬ ‫يغفل ال ُعمانيون عند تصميم القالع والحصون‬ ‫ألغراض الشرب واالستحمام والغسيل‪ ،‬عن طريق إمرار األفالج إليها أو‬ ‫حفر اآلبار فيها‪.‬‬ ‫الصورة (‪ :)(8‬قلعة نخل المبنية على جبل‪ ،‬وتظهر روعة البناء (تصوير المؤلف‪ (0 ،‬ربيع األول‬ ‫‪ (((8‬هـ ‪ (0 /‬ديسمبر ‪ (0(6‬م)‪.‬‬ ‫الصورة (‪ :)(9‬قلعة نخل المبنية على جبل‪ ،‬الصورة من أرضية القلعة‪ ،‬ويظهر فيها الجبل (تصوير المؤلف‪،‬‬ ‫‪ (0‬ربيع األول ‪ (((8‬هـ ‪ (0 /‬ديسمبر ‪ (0(6‬م)‪.‬‬ ‫((( إيروس بلديسيرا‪ ،‬قصر جبرين وكتاباته‪ ،‬ص((‬ ‫‪(68‬‬ ‫الصورة (‪ :)(0‬قلعة نخل المبنية على جبل‪ ،‬الصورة من أعلى القلعة‪ ،‬ويظهر الجبل هنا أيضا (تصوير‬ ‫المؤلف‪ (0 ،‬ربيع األول ‪ (((8‬هـ ‪ (0 /‬ديسمبر ‪ (0(6‬م)‪.‬‬ ‫يفرق بين القلعة والحصن كالباحث عبدال َّله الحارثي؛‬ ‫ومن الباحثين من ّ‬ ‫فيعرف القلعة بأنها «إحــدى التحصينات الحربية‪ ،‬تقوم على منطقة‬ ‫ّ‬ ‫استراتيجية كجبل أو تل أو على ساحل البحر‪ ،‬وتكون وحدة قائمة بذاتها‪،‬‬ ‫وقد تكون منفصلة عن الحصن أو بداخله»(((‪ ،‬أما الحصن فهو «أكبر عمائر‬ ‫التحصينات الدفاعية وإن لم يكن أمنعها‪ ،‬مقاما على بقعة استراتيجية هامة‪،‬‬ ‫تتحكم في المنطقة التي يشرف عليها كوادي أو سهل زراعي أو ساحلي‪،‬‬ ‫ويكون مقرا للحكم أو الحاكم في ُعمان أو إحدى مناطقها أيا كان مستوى‬ ‫ذلك الحاكم»(((‪ .‬وال يبدو لي فرق كبير بين التعريفين‪ ،‬إال ما ُذكر من كون‬ ‫معترض عليه؛ فالقلعة قد تكون أيضا‬ ‫الحصن مقرا للسلطة الحاكمة‪ ،‬وهذا َ‬ ‫((( عبدال َّله بن ناصر الحارثي‪ ،‬دراسات في تاريخ عُمان وحضارتها في العصر اإلسالمي‪ ،‬مسقط‪،‬‬ ‫ص(‪(0‬‬ ‫((( عبدال َّله بن ناصر الحارثي‪ ،‬دراسات في تاريخ عُمان وحضارتها في العصر اإلسالمي‪،‬‬ ‫ص(‪(0‬‬ ‫‪(69‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫مركزا للسلطة‪ ،‬كقلعة نزوى التي كانت مقرا لحكم اإلمام محمد بن عبدال َّله‬ ‫الخليلي(((‪.‬‬ ‫وأبرز القالع والحصون ُبنيت في عهد اليعاربة‪« ،‬وكان عهد اليعاربة‬ ‫العصر الذهبي لبناء الحصون في ُعمان؛ ففي عهدهم ونتيجة للتأثير‬ ‫البرتغالي في تصميم الحصون تظهر التأثيرات في بناء أبراج المدفعية‬ ‫المزودة بقواعد صلبة للمدافع مثل نزوى‪ ،‬وفي تبني نظام البرجين الركنيين‬ ‫المتقابلين في الحصون المستطيلة الشكل للتمكن من إطالق النار بشكل‬ ‫ُمتَّسق‪ ،‬ويقدم حصنا جبرين والحزم أفضل مثال لذلك»(((‪.‬‬ ‫كأمثلة ل َّلهندسة ال ُعمانية في القالع والحصون‪ ،‬اخترت قلعة نزوى‬ ‫وحصني جبرين والحزم ؛ كونها برأيي من أفضل الشواهد على البراعة‬ ‫ال ُعمانية في التخطيط الهندسي معماريا ودفاعيا‪ ،‬جماال وتحصينا‪.‬‬ ‫قلعة نزوى(((‪:‬‬ ‫بناها اإلمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي (ت (‪ (09‬هـ‪(680/‬‬ ‫م)‪ ،‬وقد استغرق بناؤها اثني عشر عاما «((‪ (09(-(08‬هـ‪-(670/‬‬ ‫(‪ (68‬م) (((»‪ .‬تُعتبر قلعة نزوى‪« :‬أهم القالع ال ُعمانية وأقواها بناء‪ ،‬وأكبرها‬ ‫إمام‬ ‫إمامم‪،‬عادل‪،‬‬ ‫هـ‪1882/‬‬ ‫‪1299((99‬‬ ‫هـ‪ (88(/‬م‪،‬‬ ‫سمائل عام‬ ‫ولد في‬ ‫سمائل عام‬ ‫الخليلي‪،‬‬ ‫ولد في‬ ‫خلفان‬ ‫الخليلي‪،‬‬ ‫عبداله َّلهبنبنسعيد‬ ‫سعيدبنبنخلفان‬ ‫بنعبدال َّل‬ ‫محمدبن‬ ‫((( محمد‬ ‫أجوبة‬ ‫الجليل من‬ ‫اإلمام أبي‬ ‫«الفتح‬ ‫من أجوبة‬ ‫آثاره‪:‬‬ ‫الجليل‬ ‫هـ‪ 1920/‬م‪،‬‬ ‫آثاره‪ :‬من‬ ‫«الفتح‬ ‫باإلمامة ‪1338‬‬ ‫هـ‪ (9(0/‬م‪ ،‬من‬ ‫بويع ‪(((8‬‬ ‫محقق‪،‬‬ ‫باإلمامة‬ ‫وعالمة بويع‬ ‫عادل‪،‬‬ ‫وعالمة محقق‪،‬‬ ‫الفقهاء‬ ‫معجماإلباضية‪،‬‬ ‫السعدي‪،‬‬ ‫والمتكلمين‬ ‫معجمعلي‬ ‫الفقهاء‬ ‫فهد بن‬ ‫عليانظر‪:‬‬ ‫السعدي‪،‬‬ ‫هـ‪ 1954/‬م‪،‬‬ ‫‪1373‬انظر‪ :‬فهد بن‬ ‫(‪ ((7‬توفي‬ ‫هـ‪ (95(/‬م‪،‬‬ ‫توفيخليل»‪،‬‬ ‫خليل»‪،‬أبي‬ ‫اإلمام‬ ‫اإلباضية‪ ،‬ج‪133-132/3‬‬ ‫والمتكلمين‬ ‫ج(‪(((-(((/‬‬ ‫((( ناصر الجهوري‪ ،‬حصن الخندق في البريمي دراسة في المعمار ال ُعماني‪ ،‬ص((‬ ‫((( انظر الصورتين (((‪(((-‬‬ ‫((( عبدال َّله بن ناصر الحارثي‪ ،‬دراسات في تاريخ عُمان وحضارتها في العصر اإلسالمي‪،‬‬ ‫ص(((‬ ‫‪(70‬‬ ‫حجما؛ إذ يبلغ محيطها مائة وخمسين مترا‪ ،‬وارتفاعها خمسة وثالثين مترا‪.‬‬ ‫وتشتمل القلعة على ثكنات عسكرية ومخازن للمؤن والذخيرة‪ ،‬وفيها درج‬ ‫متعرج له سبعة أبواب‪ ،‬تتصل بها منعطفات‪ ،‬وأعلى كل باب منها كوة‬ ‫ليكشف المتحصنون من خاللها حركة الدخول والخروج‪ ،‬وبالقرب من‬ ‫كل باب بئر ماء‪ ،‬وتُقطع هذه اآلبار عند الخطر‪ ،‬حيث تُغلق األبواب‪ ،‬ويصب‬ ‫الكوات على األعداء المهاجمين‪ .‬وموقع القلعة يتوسط‬ ‫الزيت الساخن من ّ‬ ‫المدينة‪ ،‬وهي مرتفعة حتى يستطيع المتحصنون في القلعة كشف جميع‬ ‫الطرق المؤدية إليها‪ ،‬وفيها سبعة من المنعطفات باإلضافة إلى الساللم‪،‬‬ ‫وهي معدّ ة كذلك لعرقلة الهجوم المحتمل من األعداء‪ ،‬وهذه المنعطفات‬ ‫السبعة تحميها فتحات؛ وذلك إللقاء القذائف على األعداء‪ ،‬وتحت كل‬ ‫منعطف بئر‪ ،‬وأمامه باب ذو متاريس‪ ،‬فإذا أفلت العدو من القذائف التي‬ ‫تطلق من الفتحة فإنه يقع في البئر‪ ،‬وإذا نجا من االثنين فاألبواب تعوق‬ ‫دخوله‪ ،‬وإذا استطاع اإلفالت من منعطف فال يمكن اإلفالت من المنعطف‬ ‫اآلخــر»(((‪ ،‬ويتميز سور قلعة نزوى في أعاله بوجود ممر من الداخل‪،‬‬ ‫«يسمح للجنود أو الحراس بالمرور على مدار القلعة‪ ،‬ويبلغ عرض هذا‬ ‫الممر من ‪ 60-50‬سم‪ ،‬وعلى ارتفاع ‪ 6.65‬م عن سطح القلعة»(((‪« ،‬وفي‬ ‫قلعة نزوى وجدت اآلبار كمصدر للمياه بسبب ارتفاع القلعة عن سطح‬ ‫األرض بحوالي (( م‪ ،‬حيث توجد أربعة آبار على سطح القلعة‪ ،‬وواحدة‬ ‫((( فخري خليل النجار‪ ،‬تاريخ حضارة عُمان‪ ،‬ص‪(09-(08‬‬ ‫((( خلف فارس الطراونة وبدر بن هالل العلوي‪ ،‬قلعة نزوى نموذج للعمارة العسكرية‪ ،‬ضمن‬ ‫(الملتقى العلمي األول حول تراث سلطنة عُمان قديما وحديثا)‪ ،‬جامعة آل البيت‪(((( ،‬‬ ‫هـ‪ (00(/‬م‪ ،‬ص(((‬ ‫(‪(7‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫أسفل السور من الجهة الغربية»(((‪« .‬خططت أبواب قلعة نزوى تخطيطا‬ ‫حربيا دقيقا‪ ،‬ويمكن من خالل تلك األبواب التحكم الجيد في الدخول‬ ‫والخروج منها‪ ،‬والسيطرة على كل جزء فيها‪ ،‬وقد زودت تلك األبواب‬ ‫بسقاطات أو شقوق لرمي السوائل المحرقة والسهام على المهاجمين»(((‪.‬‬ ‫((( خلف فارس الطراونة وبدر بن هالل العلوي‪ ،‬قلعة نزوى نموذج للعمارة العسكرية‪ ،‬ص‪((6‬‬ ‫((( بدر بن هالل العلوي‪ ،‬قلعة نزوى دراسة عمارية مقارنة‪ ،‬رسالة ماجستير بجامعة اليرموك‪،‬‬ ‫الـأردن‪ (99(،‬م‪ ،‬ص‪57‬‬ ‫(‪(7‬‬ ‫فارح)تصميم‪ :‬أنطونيو فارح)‬ ‫(املصدر‪:‬تصميم‪ :‬أنطونيو‬ ‫‪،www.behance.net‬‬ ‫‪،www.behance.net‬‬ ‫((((‪ :‬لقلعة نزوى‬ ‫الصورةختطيطي‬ ‫الصورة (‪ :)31‬رسم عريض‬ ‫(‪(7‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫الصورة ((()‪ :‬مجسم لقلعة نزوى (أخذت الصورة من المتحف الوطني ال ُعماني‪ ،‬مسقط‪ ،‬الخميس ‪ (0‬ذو‬ ‫‪ 2017-08-03‬م)‪.‬‬ ‫القعدة ( ‪ (((8‬هـ ‪(0(7 8 ( /‬‬ ‫(‪(7‬‬ ‫ح�سن جبرين(((‪:‬‬ ‫يقع في قرية جبرين بوالية بهال‪ ،‬شيده اإلمام بلعرب بن سلطان بن‬ ‫سيف((( (ت (‪ ((0‬هـ‪ (69( /‬م)‪ ،‬ثالث أئمة اليعاربة‪ ،‬وكان البناء «سنة‬ ‫(‪ (086‬هـ‪ (675/‬م)»(((‪ ،‬و يرى أستاذ األدب العربي بجامعة البندقية‬ ‫إيروس بلديسيرا أن بناءه قد تم «عام (‪ (089‬هـ‪ (676/‬م)»(((‪ ،‬ويصفه‬ ‫بقوله‪« :‬فريد الطابع في البانوراما الهندسية في السلطنة»(‪ .(5‬ونورد هنا بعض‬ ‫التفاصيل عن هندسته الرائعة‪« :‬ويمتاز القصر بروعة بنائه وفن هندسته‪.‬‬ ‫والملفت للنظر وألول مرة يتم شق فلج (قناة مائية) خصيصا لهذا الحصن‪،‬‬ ‫يمر بداخله ثم يخرج ليروي بعد ذلك بساتين النخيل والحقول الزراعية‬ ‫حوله»(‪« .(6‬وداخل الحصن ساحتان تحيط بهما حجرات من طابقين أو‬ ‫ثالثة حسب ارتفاع البناء‪ ،‬وارتفاع الحجرات حوالي ثمانية أمتار»(‪،(7‬‬ ‫والتأثير الفارسي يبدو أقوى شيء في بناء الحجرات الثالث الموجودة‬ ‫((( انظر الصورتين (((‪(((-‬‬ ‫((( بلعرب بن سلطان بن سيف اليعربي‪ ،‬ت (‪ ((0‬ه‪ (69(/‬م‪ ،‬إمام عادل‪ ،‬وفقيه عالم‪ ،‬وأديب‬ ‫ناظم للشعر‪ ،‬اإلمام الثالث من أئمة اليعاربة‪ ،‬أقام مدرسة بحصن جبرين‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي‬ ‫السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج(‪8(/‬‬ ‫((( عبدال َّله بن ناصر الحارثي‪ ،‬دراسات في تاريخ عُمان وحضارتها في العصر اإلسالمي‪ ،‬ص(((‬ ‫((( إيروس بلديسيرا‪ ،‬قصر جبرين وكتاباته‪ ،‬ص‪(7‬‬ ‫(‪ (5‬إيروس بلديسيرا‪ ،‬قصر جبرين وكتاباته‪ ،‬ص((‬ ‫(‪ (6‬عبدال َّله بن ناصر الحارثي‪ ،‬دراسات في تاريخ عُمان وحضارتها في العصر اإلسالمي‪ ،‬ص‪((5‬‬ ‫(‪ (7‬فخري خليل النجار‪ ،‬تاريخ حضارة عُمان‪ ،‬ص‪(05‬‬ ‫‪(75‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫في الطابق األرضي‪ ،‬والهيئة المعمارية نفسها فارسية بال خالف(((‪« .‬جرى‬ ‫تأثيثها كشاهد حي على أيام الرخاء واالزدهار االقتصادي‪ ،‬والزمان الذي‬ ‫أتاح تدريس الفقه والتاريخ والطب وعلم الفلك في هذا الحصن‪ .‬وجبرين‬ ‫تحفة الفن المعماري ال ُعماني»(((‪« ،‬طوابقه ثالثة أو خمسة حسب ارتفاعه‬ ‫في الكتلتين المختلفتين‪ ،‬وعدد غرفه ‪ 55‬غرفة»(((‪ .‬يقول اإلمام السالمي‬ ‫(((‬ ‫في تحفته واصفا أمثلتنا الثالثة‪ ،‬ومركزا على حصن جبرين‪« :‬والثالثة‬ ‫من أعاجيب الزمان‪ ،‬حتى قيل أن حصن جبرين ال يستطيع أحد أن يصفه‬ ‫بجميع ما فيه‪ ،‬ولو فكر فيه شهرا كامال بإمعان النظر التام‪ ،‬وهو قصر ٍ‬ ‫عال‬ ‫نهر جار‪ ،‬وله حيطان شاهقة‪ .‬ومن أعاجيبه أنه لو دخله داخل‬ ‫يجري في بطنه ٌ‬ ‫من غير أهله لم يقدر أن يبلغ أعاله إال بدليل من أهله‪ .‬وكان الشيخ علي بن‬ ‫نظرت إلى ُس ُق ِف ِه َ‬ ‫قلت إنها‬ ‫َ‬ ‫ناصر الريامي رآه من ظاهره وباطنه‪ ،‬وقال‪ :‬إن‬ ‫قلت ها هنا الصنائع العجيبة»(‪،(5‬‬ ‫رأيت ُجدُ َر ُه َ‬ ‫َ‬ ‫خير من صنعة ُجدُ ِره‪ ،‬وإن‬ ‫ٌ‬ ‫وأضاف‪« :‬و ُيرى في بطن مشاكيه وفي بطن الجدر سفتج‪ ،‬أي نفق يدور في‬ ‫الجدار ما دار الحصن»(‪.(6‬‬ ‫((( يوجينيو كالديري‪ ،‬حصن جبرين تحفة رائعة من العمارة ال ُعمانية في القرن السابع عشر‪ ،‬وزارة‬ ‫التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((6 ،‬هـ‪ (005/‬م‪ ،‬ص‪(9‬‬ ‫((( إيروس بلديسيرا‪ ،‬قصر جبرين وكتاباته‪ ،‬ص((‬ ‫((( إيروس بلديسيرا‪ ،‬قصر جبرين وكتاباته‪ ،‬ص‪(9‬‬ ‫((( يقصد قلعة نزوى وحصني جبرين والحزم‬ ‫(‪ (5‬عبدال َّله بن حميد السالمي‪ ،‬تحفة األعيان بسيرة أهل عُمان‪ ،‬ج(‪ ،‬ص‪97‬‬ ‫(‪ (6‬عبدال َّله بن حميد السالمي‪ ،‬تحفة األعيان بسيرة أهل عُمان‪ ،‬ج(‪ ،‬ص‪98‬‬ ‫‪(76‬‬ ‫الصورتان (((‪ :)((-‬حصن جبرين من الداخل (المصدر‪ :‬شبكة المعلومات العالمية)‪.‬‬ ‫‪(77‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ح�سن الحزم(((‪:‬‬ ‫(((‬ ‫يقع في قرية الحزم بوالية الرستاق‪ ،‬بناه «اإلمام سلطان بن سيف الثاني‬ ‫عام (‪ (((6‬هـ‪ (7((/‬م)»(((‪ .‬وهنا بعض التفاصيل عن هندسة وتخطيط‬ ‫هذا الحصن‪ ،‬والذي يصفه البعض بالقلعة‪« :‬وتمتاز بهندستها الرائعة‪،‬‬ ‫وبعدم وجود أية أخشاب لسقوفها‪ ،‬وتتشكل القلعة من عقود مستديرة ثابتة‬ ‫على اسطوانات وأسوار ضخمة‪ ،‬وعرض الجدار الواحد يزيد على ثالثة‬ ‫أمتار‪ ،‬ولها عدة أبواب ضخمة‪ ،‬وال تلتقي بممر واحد‪ ،‬وهي مبنية بالجص‬ ‫والحجر‪ ،‬وفيها عدة ساللم‪ ،‬ومنها ساللم لصعود الخيل‪ ،‬وفيها ممرات‬ ‫سرية عرض الواحد منها متران‪ ،‬وارتفاعه متران‪ ،‬وتمر بجميع أرجاء‬ ‫الحصن‪ ،‬كما أن لكل طريق منفذا يوصل إلى خارج الحصن الستخدامه‬ ‫عند الحصار‪ ،‬والقلعة فيها أماكن ومساقط يصب منها الزيت على األعداء‬ ‫حين الحصار‪ ،‬ويخترق الحصن فلج تتدفق مياهه حتى اآلن لسقي َمن في‬ ‫الحصن وري النخيل والمزروعات‪ .‬وفي أعلى القلعة صهريج ماء إلطفاء‬ ‫((( انظر الصورة (‪((5‬‬ ‫((( سلطان بن سيف بن سلطان بن سيف بن مالك اليعربي‪ ، ،‬خامس األئمة اليعربيين‪ ،‬بويع له في‬ ‫م‪،‬‬ ‫‪1719‬م‪، ،‬‬ ‫‪ 1131‬هـ‪/‬‬ ‫هـ‪(7(9/‬‬ ‫و»هرمز» ‪،‬تت((((‬ ‫و»الك» «‬ ‫الرستاق سنة (((( هـ‪ ،‬استولى على «البحرين» «‬ ‫انظر‪ :‬خير الدين الزركلي‪ ،‬األعالم‪ ،‬ج(‪ ،‬ص‪((0‬‬ ‫((( عبدال َّله بن ناصر الحارثي‪ ،‬دراسات في تاريخ عُمان وحضارتها في العصر اإلسالمي‪،‬‬ ‫ص‪((5‬‬ ‫‪(79‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫النيران إذا ما تعرضت األبواب الخشبية للحريق عند هجوم األعداء»(((‪،‬‬ ‫«وقد شق لها فلج يجري بداخلها((( فهو المصدر الوحيد للمياه لقاطنيها‪،‬‬ ‫وبعد خروجه منها تُروى به بساتين النخيل والفواكه والحقول الزراعية‬ ‫بقرية الحزم المجاورة لها»(((‪.‬‬ ‫الصورة (‪ :)(5‬منظر علوي لحصن الحزم (المصدر‪ :‬شبكة المعلومات العالمية)‪.‬‬ ‫لقد برع ال ُعمانيون في الهندسة تطبيقا ال تصنيفا‪ ،‬فبالرغم من كثرة‬ ‫ممارستهم للهندسة سواء في بناء البيوت والقصور والحارات‪ ،‬أو في‬ ‫تشييد القالع والحصون‪ ،‬أو في شق األفالج ونقل المياه؛ إال أن توثيق‬ ‫هذه الخبرات والمعارف كتابيا كان ضعيفا للغاية‪ .‬فليت ال ُعمانيين األوائل‬ ‫ٍ‬ ‫وعمل‬ ‫ِ‬ ‫وخطوات‬ ‫ٍ‬ ‫تخطيط‬ ‫أخبرونا عن تفاصيل أعمالهم الهندسية‪ ،‬من‬ ‫((( فخري خليل النجار‪ ،‬تاريخ حضارة عُمان‪ ،‬ص‪(07-(06‬‬ ‫((( انظر الصورة (‪((6‬‬ ‫((( عبدال َّله بن ناصر الحارثي‪ ،‬دراسات في تاريخ عُمان وحضارتها في العصر اإلسالمي‪،‬‬ ‫ص‪((5‬‬ ‫‪(80‬‬ ‫والعمال‪ ،‬وعن‬ ‫َّ‬ ‫ومتابعة‪ ،‬وعن مواردهم البشرية كالمهندسين والمشرفين‬ ‫طرق اكتساب خبرتهم‪ ،‬وكيفية نقلها لآلخرين‪ ،‬وعن تجاربهم وما واجهوه‬ ‫من معوقات‪ ،‬وعن اختيارهم للتصاميم ومواد البناء؛ فلو كان ذلك ألعطى‬ ‫كله صورة واضحة عن تاريخهم العلمي‪ ،‬بدل اجتهادات الباحثين التي قد‬ ‫تصيب وقد تخطئ‪.‬‬ ‫الصورة (‪ :)(6‬صورة حديثة للفلج الذي يمر داخل حصن الحزم (تصوير المؤلف)‪.‬‬ ‫(‪(8‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬ال ُعمانيون والفلك‬ ‫سخر لإلنسان هذا الكون بكل ما فيه من‬ ‫شك أن ال َّله تعالى قد ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫اوات َو َما ف ال ْر ِض َج ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َ ُ‬ ‫ِيعا ّمِنْ ُه ۚ‪،(((‬‬ ‫ِ‬ ‫كم َّما ف َّ‬ ‫الس َم َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫مخلوقات‪ ،‬وسخر ل‬ ‫ج ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ومن هذه المخلوقات األجــرام السماوية‪ ،‬الش ْم َس َوالق َم َر ۖ َوانلُّ ُ‬ ‫وم‬ ‫البشر إلى استخدام النجوم خاصة‪،‬‬ ‫وأرشد‬ ‫‪،‬‬ ‫ات بأَ ْ‬ ‫ُم َس َّخ َر ٌ‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫(((‬ ‫‪‬‬ ‫ۗ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ر‬‫م‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّْ َ َْ ْ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ََ َ ُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ح ِر ۗ ق ْد‬ ‫ات البِ وال‬ ‫ُ َ َُْ‬ ‫‪َ ‬وه َو الِي جعل لك ُم انلُّجوم لِ َهتدوا ب ِ َها ِف ظل َم ِ‬ ‫ج ِم‬‫ل َمات ۚ َوبانلَّ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫أخرى‪:‬‬ ‫آية‬ ‫وفي‬ ‫‪،‬‬ ‫َ ْ ُ َ (((‬ ‫ون‬‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ات ل َِق ْ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫فَ َّصلْ َنا ْاليَ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُه ْم َي ْه َت ُدون‪(((‬؛ فاهتم ال ُعمانيون بالفلك‪ ،‬وانتفعوا بما سخره ال َّله تعالى‪،‬‬ ‫وتعددت استخداماتهم له‪ ،‬وأ َّلفوا فيه الكتب والقصائد‪ ،‬وإن كان التأليف‬ ‫ولعل األمر راجع إلى كون علم الفلك تجريبي تطبيقي‬ ‫أقل من التطبيق؛ َّ‬ ‫َّ‬ ‫أكثر منه نظري؛ ولذلك لم يقتصر التطبيق على العلماء والمصنفين‪ ،‬بل‬ ‫كان شائعا ومجربا عند الفقهاء‪ ،‬وراكبي البحر‪ ،‬والمزارعين‪ ،‬والمشرفين‬ ‫على تقسيم مياه األفالج‪ ،‬وعامة الناس المهتمين بدخول األشهر القمرية‬ ‫ومعرفة التاريخ الهجري؛ فالممارسة كفيلة بتعليم الفلك‪ ،‬والتجربة تزيد‬ ‫من معرفة وإدراك أسرار هذا العلم‪.‬‬ ‫((( سورة الجاثية‪/‬اآلية ((‬ ‫((( سورة األعراف‪/‬اآلية (‪5‬‬ ‫((( سورة األنعام‪97/‬‬ ‫((( سورة النحل‪ /‬اآلية ‪(6‬‬ ‫(‪(8‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫المطلب الأول‪ :‬تنوع مجالت ا�ستخدام الفلك‪:‬‬ ‫البر والبحر‪،‬‬‫تعددت وتنوعت استخدامات الفلك عند ال ُعمانيين‪ ،‬بين ِّ‬ ‫والمعاملة‪ ،‬بين السفر والحظر‪ ،‬ومن‬ ‫(((‬ ‫بين الليل والنهار‪ ،‬بين الشعيرة‬ ‫ذلك‪ :‬تعيين اتجاه القبلة‪ ،‬ومواقيت الصالة‪ ،‬ومواعيد بداية ونهاية األشهر‬ ‫القمرية‪ ،‬وتحديد التاريخ الهجري؛ لما له من عالقة كبيرة بالعبادات‬ ‫والمعامالت‪ .‬ومن الفقهاء الذين استخدموا علم الفلك العالمة أبو مسلم‬ ‫(ت‪(((9‬هـــ) في كتابه (نثار الجوهر) حيث «شرح أنواع‬ ‫(((‬ ‫البهالني‬ ‫الخسوف والكسوف شرحا مستفيضا‪ ،‬موضحا آليات وأوضاع حدوث كل‬ ‫نوع‪ ،‬والخصائص الظاهرة في كل حالة»(((‪ ،‬و ر َّد فيه على من حاول إبطال‬ ‫كسوف الشمس بدعوى أن حجم الشمس أضعاف حجم القمر‪ ،‬فكيف‬ ‫يمكن للصغير أن يحجب األكبر إذا قابله؟! فذكر أن السحابة أيضا تحجب‬ ‫ضوء الشمس عن األرض‪ ،‬فكذلك القمر «وإذا كانت الشمس أكبر منه فإنه‬ ‫يستر منها بقدر ما يكون بينها وبين سمت األرض من جرمه»(((‪ ،‬واستدل‬ ‫((( ذكرت لي والدتي ‪-‬حفظها ال َّله‪ -‬أن والدي ‪-‬رحمه ال َّله‪ -‬كان يترقب نجوما معينة لتحديد‬ ‫وقت السحور‬ ‫((( سبق التعريف به‬ ‫((( صالح بن سعيد الشيذاني‪ ،‬إسهامات ال ُعمانيين بعلم الفلك‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة لندوة‬ ‫«إسهامات ال ُعمانيين في العلوم التطبيقية» بجامعة السلطان قابوس‪ ،‬مسقط‪ ،‬اإلثنين ‪ 7‬ديسمبر‬ ‫‪ (0(5‬م‪ ،‬ص((‬ ‫((( ناصر بن سالم بن عديم البهالني‪ ،‬نثار الجوهر في علم الشرع األزهر‪ ،‬مكتبة مسقط‪ ،‬مسقط‪،‬‬ ‫ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (00(/‬م‪ ،‬ج(‪ ،‬ص‪(97‬‬ ‫(‪(8‬‬ ‫يعم األرض على حد سواء‪ ،‬وهذا واضح‬ ‫على ذلك بأن كسوف الشمس ال ُّ‬ ‫جلي في زماننا؛ للتطور الهائل والدقة الكبيرة في علم الفلك‪ ،‬والنتشار‬ ‫وسائل التواصل وسرعة نقل األخبار؛ ولذلك فإنه من الشائع في زماننا أن‬ ‫نسمع أن كسوف الشمس سيكون كامال في بلد ما‪ ،‬وجزئيا في بلد آخر‪ ،‬وال‬ ‫وجود له في بلد ثالث‪ .‬أما القمر فهو بخالف ذلك‪ ،‬كما يقول أبو مسلم‪« :‬إن‬ ‫القمر إذا انكسف كان مقدار كسوفه ومكثه عند جميع من يراه في نواحي‬ ‫(((‬ ‫األرض كلها على أمر واحد»‪.‬‬ ‫وفسر اإلمــام أبو مسلم كسوف الشمس قائال‪« :‬إن القمر إذا قارن‬ ‫َّ‬ ‫الذنَب‪ ،‬ولم يكن له عرض لبعده عن طريقة‬ ‫الشمس‪ ،‬وكان بقرب الرأس أو َّ‬ ‫الشمس كان ممره بين أبصارنا وبين الشمس؛ فيسترها عنا فنراها منكسفة»‪.‬‬ ‫ثم ب َّين متى يحدث الكسوف الكلي‪ ،‬ومتى يكون الكسوف جزئيا‪ ،‬وما هي‬ ‫أسبابه‪ ،‬وكذا خسوف القمر بأنواعه‪ ،‬وأسباب كل نوع(((‪ .‬كما تحدَّ ث عن‬ ‫كسوف الكواكب والذي يكون ببعضها البعض‪ ،‬فقال‪« :‬وأما إكساف بعض‬ ‫الكواكب‬ ‫َ‬ ‫القمر‬ ‫ُ‬ ‫الكواكب بعضا‪ ،‬فمعلوم من مراتب أفالكها‪ ،‬فقد يكسف‬ ‫التي بقرب فلك البروج؛ ألنه أقربها إلى األرض‪ ،‬وقد يكسف كل واحد من‬ ‫الكواكب السبعة ما كان أعال فلكا منه‪ ،‬وتكسف الكواكب السبعة جميع‬ ‫الكواكب الثابتة التي بقرب فلك البروج»(((‪.‬‬ ‫((( ناصر بن سالم بن عديم البهالني‪ ،‬نثار الجوهر في علم الشرع األزهر‪ ،‬ج(‪ ،‬ص‪(00‬‬ ‫((( ناصر بن سالم بن عديم البهالني‪ ،‬نثار الجوهر في علم الشرع األزهر‪ ،‬ج(‪ ،‬ص‪(99-(97‬‬ ‫((( ناصر بن سالم بن عديم البهالني‪ ،‬نثار الجوهر في علم الشرع األزهر‪ ،‬ج(‪ ،‬ص‪(00‬‬ ‫‪(85‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ومن المباحث الفلكية التي ناقشها اإلمام أبو مسلم في (نثار الجوهر)‬ ‫عالمات معرفة القبلة(((‪ ،‬ومن هذه العالمات الرياح‪ ،‬ولكن كان له رأيه‬ ‫الخاص‪ ،‬فبعدما ذكر أقــوال بعض العلماء فيما يتعلق بالرياح وكيفية‬ ‫االستدالل بها لمعرفة القبلة‪ ،‬قال‪« :‬وال يجهل أحد أن الريح قد تندفع في‬ ‫نواح شتَّى في بعض البالد‪ ،‬وتكون بعكس ذلك في بلد‬ ‫اليوم الواحد من ٍ‬ ‫آخر؛ وبهذا ال تنضبط انضباطا كليا حتى تكون عالمات للقبلة‪ ،‬ونحن ال‬ ‫ننكر كونها تكون دليال في بعض اآلونة وفي بعض األمكنة‪ ،‬لكنا نقول‪:‬‬ ‫هو دليل غير منضبط»(((‪ .‬ومن ضمن العالمات التي ذكرها الشمس‪،‬‬ ‫وذكر لذلك شروط ًا‪ ،‬كما ذكر بعض األجرام األخرى‪ :‬كالجدي‪ ،‬وسهيل‪،‬‬ ‫والقمر‪ ،‬والعقرب‪ ،‬وبنات النعش الصغرى والكبرى‪ (((.‬ومن استخدامات‬ ‫اإلمام أبي مسلم للفلك «معرفة دخول أوقات الصلوات وخروجها‪ .‬وعلى‬ ‫شاكلته‪( :‬رزنامة لمعرفة أوقات الصلوات على مدار أيام السنة)‪ ،‬وضعها‬ ‫الشيخ‪ :‬محمد بن سالم بن حمود الجهوري(((»(‪.(5‬‬ ‫ومن تطبيقات ال ُعمانيين أيضا لعلم الفلك معرفة المواسم المناسبة‬ ‫للزراعة وما يتع ّلق بها من أعمال كتنظيم مياه األفالج والحصاد وغيره‪،‬‬ ‫وللداللة على مواسم الصيد البحري(‪ ،(6‬وتحديد مسارات الطرق البرية‬ ‫((( انظر الصورة (‪((7‬‬ ‫((( ناصر بن سالم بن عديم البهالني‪ ،‬نثار الجوهر في علم الشرع األزهر‪ ،‬ج(‪ ،‬ص‪((8‬‬ ‫((( ناصر بن سالم بن عديم البهالني‪ ،‬نثار الجوهر في علم الشرع األزهر‪ ،‬ج(‪ ،‬ص(((‪(((-‬‬ ‫((( فقيه شافعي من مدحا بمسندم من شمال السلطنة‪ ،‬ت‪(((7‬هـ‪(9(8 /‬م‪ ،‬انظر‪ :‬سلطان‬ ‫الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪ ،‬ص‪(8‬‬ ‫(‪ (5‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪ ،‬ص‪(8‬‬ ‫(‪ (6‬ظهور أو غياب نجوم معينة يدل على موسم صيد أنواع محددة من السمك‪ ،‬انظر‪ :‬مجموعة من‬ ‫الباحثين‪ ،‬معدن األسرار في معرفة الصيادين والبحارة ال ُعمانيين بأحوال البحار‪ ،‬ص‪(0(-98‬‬ ‫‪(86‬‬ ‫والبحرية‪ ،‬وموقع السفينة في عرض البحر(((‪ ،‬ومعرفة الموسم المناسب‬ ‫للرحالت البحرية؛ بنا ًء على الرياح المالئمة‪ ،‬وتجنبا للمخاطر والشدائد‪،‬‬ ‫ومنها الضربات((( المشهورة في المجتمع ال ُعماني‪ ،‬و«البعض على دراية‬ ‫كاملة بها‪ ،‬ال سيما الصيادين والبحارة؛ كونهم األكثر تعرضا لها»(((‪ .‬وكل‬ ‫ذلك يتم عن طريق النظر في الشمس نهارا‪ ،‬وفي النجوم والقمر ليال‪.‬‬ ‫((( ومما يستعان به في هذا المجال‪ :‬موقع الشمس والذي يختلف من الشتاء إلى الصيف‪ ،‬ونجم‬ ‫القطب الشمالي (الجاه أو الجدي) الذي يكون في الشمال دائما‪ ،‬والقطب الجنوبي الذي يدل‬ ‫على الجنوب دائما‪ ،‬وموقع القمر مع مراعاة الزمن من حيث بداية ونهاية الشهر القمري‪ ،‬وغير‬ ‫ذلك من النجوم والكواكب‬ ‫((( الضربات‪ :‬رياح قوية‪ ،‬أو منخفض جوي‪ ،‬أو عواصف وأعاصير تسبب هيجان أمواج موج‬ ‫البحر‪ ،‬وقد تؤدي إلى خسائر في األرواح والممتلكات‪ ،‬انظر‪ :‬مجموعة من الباحثين‪ ،‬معدن‬ ‫األسرار في معرفة الصيادين والبحارة ال ُعمانيين بأحوال البحار‪ ،‬ص‪(6‬‬ ‫((( مجموعة من الباحثين‪ ،‬معدن األسرار في معرفة الصيادين والبحارة ال ُعمانيين بأحوال البحار‪ ،‬ص‪(6‬‬ ‫‪(87‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫الصورة (‪ :)(7‬رسم الكعبة الشريفة‪ ،‬وكيفية استقبالها‪ ،‬من كتاب «نثار الجوهر» ألبي مسلم البهالني‬ ‫(ت ‪ (((9‬هـ)‪ ،‬نقال عن سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬اإلنتاج العلمي ال ُعماني‪.‬‬ ‫وينبغي التنبيه على أن اعتماد البحارة على النجوم مطلعا وغروبا‬ ‫لتحديد أوقات الضربات ال يعني أنها تحدث دائما أو في المكان المحدد‪،‬‬ ‫وال يعني أنهم يعتقدون بتأثيرها ‪-‬أي النجوم‪ -‬على الكون وما يعتريه من‬ ‫اضطراب واستقرار‪ ،‬بل هو مجرد اقتران وتوافق ُي َس ِّي ُره ال َّله تعالى‪ ،‬ونظام‬ ‫اقتضته حكمة الخالق الخبير‪ ،‬ونتيج ًة للقاءات عديدة «كان واضحا وجليا‬ ‫في حديث الصيادين والبحارة ‪-‬لرسوخ إيمانهم وصحة معتقدهم‪ -‬بأن‬ ‫‪(88‬‬ ‫حدوث هذه الضربات بإرادة المولى ‪ ،‬وأن هذه النجوم المسماة إنما هي‬ ‫دالئل على بداية موسم يتوافق فيه ظهور النجوم مع حدوث هذه الضربات‬ ‫حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم التفريق بين المؤمن‬ ‫ٍ‬ ‫واألعاصير»(((‪ .‬وقد جاء في‬ ‫والكافر بناء على ما يعتقده اإلنسان في النجوم وتأثيراتها على الكون ومن‬ ‫ذلك األمطار‪ ،‬حيث ورد في الجامع الصحيح مسند اإلمام الربيع بن حبيب‬ ‫ول ال َّل ِه‬ ‫الحديث التالي‪َ :‬أ ُبو ُع َب ْيدَ ةَ‪َ ،‬ع ْن َجابِ ِر ْب ِن َز ْي ٍد‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ب َل َغنِي َع ْن رس ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫َان ِم َن ال َّل ْي ِل‪،‬‬ ‫اء ك َ‬ ‫« َأ َّنه ص َّلى بِ َأصحابِ ِه صال َة الصب ِح بِا ْلحدَ يبِي ِة فِي َأ َث ِر سم ٍ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ون َما َق َال َر ُّبك ُْم؟»‬ ‫«ه ْل تَدْ ُر َ‬ ‫ف ِم ْن َصالتِ ِه َأ ْق َب َل َع َلى الن ِ‬ ‫َّاس‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬‬ ‫َف َل َّما ان َْص َر َ‬ ‫ادي ُم ْؤ ِم ٌن َوكَافِ ٌر‪َ ،‬ف َأ َّما‬ ‫َقا ُلوا‪ :‬ال َّله ورسو ُله َأ ْع َلم‪َ ،‬ق َال‪َ « :‬ق َال‪َ :‬أصبح ِمن ِعب ِ‬ ‫ْ ََ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ََ ُ ُ‬ ‫ب‪َ ،‬و َأ َّما‬ ‫اك ِ‬‫من َق َال‪ :‬مطِرنَا بِ َف ْض ِل ال َّل ِه وبِرحمتِ ِه َف َذلِ َك م ْؤ ِمن بِي وكَافِر بِا ْلكَو ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ ٌ َ ٌ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ب»(((‪.‬‬ ‫اك ِ‬ ‫ِ‬ ‫من َق َال‪ :‬مطِرنَا بِنَوء ك ََذا وك ََذا َف َذلِ َك كَافِر بِي وم ْؤ ِمن بِا ْلكَو ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ومن طرق االستدالل على قرب حــدوث الضربات تأللؤ النجوم‬ ‫بشكل غير معتاد‪ ،‬وذلك بسبب حدوث «اضطراب في طبقات الجو؛‬ ‫مؤديا إلى انكسار الضوء القادم من النجم نتيجة مروره بين أوساط مختلفة‬ ‫الكثافة؛ فتتغير زاوية االنكسار لتغ ُير كثافة الوسط الذي ينقل الضوء بسبب‬ ‫االضطرابات‪ ،‬ويزداد التأللؤ طرديا مع االضطرابات؛ فيستدل به الصيادون‬ ‫على قدوم ريح عاتية»(((‪.‬‬ ‫((( مجموعة من الباحثين‪ ،‬معدن األسرار في معرفة الصيادين والبحارة ال ُعمانيين بأحوال البحار‪،‬‬ ‫ص((‪(5-‬‬ ‫((( الربيع بن حبيب الفراهيدي‪ ،‬الجامع الصحيح‪ ،‬رقم(‪ ،6‬ص((‬ ‫((( مجموعة من الباحثين‪ ،‬معدن األسرار في معرفة الصيادين والبحارة ال ُعمانيين بأحوال البحار‪،‬‬ ‫ص(‪5(-5‬‬ ‫‪(89‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ولكن كيف يؤرخ ال ُعمانيون لألحداث والظواهر وهم يقتصرون على‬ ‫التقويم الهجري والذي يتقدم على التقويم الشمسي بأحد عشر يوما في‬ ‫كل عام‪ ،‬وهذه الظواهر ‪-‬كمواسم الصيد والزراعة‪ -‬ال عالقة لها بالتاريخ‬ ‫القمري‪ ،‬وإنما تتكرر بنا ًء على التاريخ الشمسي كالفصول األربعة؟‬ ‫والجواب على ذلك أنهم «وجدوا بغيتهم في مطالع النجوم وغروبها‪،‬‬ ‫خاصة أنهم على معرفة بالعديد من النجوم والمنازل‪ ،‬وباألخص النجوم‬ ‫التي ُيستدل بها على الجهات عند السفر‪ ،‬وهكذا أصبح لديهم تقويم‬ ‫شمسي الفترة‪ ،‬ونجمي العالمات‪ ،‬يعتمد على مطالع النجوم وغروبها»(((‪،‬‬ ‫بالحسبة‪ ،‬نظام شمسي ال ميالدي وال جريجوري‪ ،‬متكون‬ ‫وهو ما يعرف ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُقسم األيام إلى ح َزم‪ ،‬كل حزمة عبارة عن عشرة‬ ‫من ‪ (60‬أو ‪ (65‬يوما‪ ،‬وت َّ‬ ‫أيام‪ ،‬والحزمة تُسمى ُدر ًا‪« ،‬ومنهم من يجمع كل مائة يوم على شكل فصل‪،‬‬ ‫(((‬ ‫كفصل الصيف والخريف والشتاء والربيع»‪.‬‬ ‫وممن اهتم بمعرفة أحوال الطقس والتحسب لهطول األمطار وجريان‬ ‫السيول‪ ،‬العاملون في شق األفالج‪ ،‬حيث إن األفالج قبل اكتمال بنائها‬ ‫تكون عرضة للتدمير وانغالق المجاري لما تحمله األودية من الحصى‬ ‫واألتربة‪ ،‬والتي تلج من خالل فتحات الفلج الموجودة أعلى الشق؛ ولذلك‬ ‫فهم خبراء في تقلبات الطقس والسحب والرياح وأنواعها وأوقاتها‪« ،‬وإذا‬ ‫سمعوا الرعد في رؤوس األودية الجبال‪ ،‬أو شاهدوا النزول المطري من‬ ‫بعيد‪ ،‬سارعوا إلى غلق فتحات الفلج»(((؛ حتى ال يضيع عملهم سدى‪.‬‬ ‫((( مجموعة من الباحثين‪ ،‬معدن األسرار في معرفة الصيادين والبحارة ال ُعمانيين بأحوال البحار‪ ،‬ص‪59‬‬ ‫((( مجموعة من الباحثين‪ ،‬معدن األسرار في معرفة الصيادين والبحارة ال ُعمانيين بأحوال البحار‪،‬‬ ‫ص‪78-77‬‬ ‫((( هالل بن عامر القاسمي‪ ،‬األفالج ال ُعمانية البناء الهندسي عبر التاريخ‪ ،‬ص(‪(0‬‬ ‫‪(90‬‬ ‫ولقد تطورت طرق الرصد وتنبؤات الطقس في وقتنا الحالي ‪-‬ول َّله‬ ‫الحمد‪-‬؛ فأصبحت التحذيرات تُطلق قبل أيام من حصول األنواء‪ ،‬وكل‬ ‫ذلك بمشيئة ال َّله وقدرته‪ ،‬وهو القادر على قلب األمور من حال إلى آخر‬ ‫متى ما أراد ذلك‪ ،‬وهو أمر مشاهد في عصرنا رغم تطور التقنيات‪.‬‬ ‫ومن استخدامات ال ُعمانيين للفلك‪ ،‬ضبط أعمالهم الزراعية والحيوانية‬ ‫على أيام السنة الشمسية وحسب ظهور نجوم معينة‪ ،‬وذلك بناء على الخبرة‬ ‫الطويلة والممارسة المستمرة؛ ففي أوقات محددة يقومون ببعض األعمال‬ ‫التي تتناسب مع أحوال الطقس‪ ،‬بحيث تنفع المحاصيل الزراعية والثروة‬ ‫(((‬ ‫الحيوانية والسمكية وال تضرها‪.‬‬ ‫الصورة (‪ :)(8‬المواسم الزراعية حسب البروج الفلكية (مهنا بن خلفان الخروصي‪ ،‬علم التنجيم‬ ‫وتأثير النجوم‪ ،‬ضمن كتاب (النجوم الزاهرة في األفالك الدائرة)‪ ،‬مكتب المستشار الخاص لجاللة السلطان‬ ‫للشؤون الدينية والتاريخية‪ ،‬ط(‪ (((5 ،‬هـ‪ (00(/‬م‪ ،‬ص(()‪.‬‬ ‫((( انظر الصور (‪((8-(0‬‬ ‫(‪(9‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫الصورة (‪ :)(9‬العمليات الزراعية والحيوانية حسب النجوم ال ُعمانية (محمد بن سالم الحارثي‪ ،‬موسوعة‬ ‫الموروث الفلكي ال ُعماني القديم وأثر الكواكب والنجوم على النشاط اإلنساني‪ ،‬مركز السلطان قابوس‬ ‫العالي للثقافة والعلوم‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (0(5 ،‬م‪ ،‬القسم األول‪ :‬الزراعي‪ ،‬ص‪(709‬‬ ‫** الفندال‪ :‬البطاطا الحلوة‬ ‫* الحالل‪ :‬اإلعداد والتهيئة‬ ‫الصورة (‪ :)(0‬نماذج من مواسم الصيد وأنواع األسماك المصطادة حسب األيام والنجوم (مجموعة‬ ‫من الباحثين‪ ،‬معدن األسرار في معرفة الصيادين والبحارة ال ُعمانيين بأحوال البحار‪ ،‬ص‪.)(06-(05‬‬ ‫(‪(9‬‬ ‫ومن القصص الطريفة‪ ،‬والتي تُظهر جانبا جميال وذكيا الستخدامات‬ ‫ال ُعمانيين للفلك(((‪ ،‬أن امرأة أرادت السفر ألمر ال تستطيع معه حمل‬ ‫رضيعها‪ ،‬فأودعته جارتها حتى عودتها من السفر‪ ،‬ولما عادت طلبت‬ ‫ابنها‪ ،‬ولكن الجارة رفضت تسليمه ألمه‪ ،‬مدعية أنه ابنها الذي أنجبته‪ ،‬ولم‬ ‫يودعها أحد أي أمانة! لم يكن أمام المرأة المنكوبة بابنها إال أن ترفع أمرها‬ ‫للقضاء بعدما باءت كل محاوالتها السترجاع ابنها بالفشل‪ .‬حاول القاضي‬ ‫التحقيق في القضية‪ ،‬ولكن لم يتبين له األم الحقيقية؛ فلجأ إلى حيلة ذكية‬ ‫تدل على الحنكة والذكاء‪ ،‬كما تدل على الممارسة لعلم الفلك‪ ،‬طلب من‬ ‫المرأتين أن ترقب كل واحدة منهما (نجم الجاه) أو ما يسمى بــ (القطب‬ ‫الشمالي)‪ ،‬وتتابعه حتى يغرب‪ ،‬وفي الصباح عليهما تحديد الجهة التي‬ ‫غرب فيها النجم بشكل دقيق(((‪ .‬بدأت المرأتان بالمراقبة من بداية الليل‪،‬‬ ‫المرأة الكاذبة رأت بعض النجوم تغرب جهة الغرب‪ ،‬فشعرت بالملل‬ ‫والسآمة؛ فقررت أنه ال داعي لالستمرار؛ ألن كل النجوم تغرب في الجهة‬ ‫نفسها؛ فخلدت للنوم‪ ،‬وفي ظنها أنها ستفوز باالبن‪ .‬أما األم الحقيقية‬ ‫فبقيت تسهر طول الليل في انتظار غروب النجم الذي لم يغرب‪ ،‬فهي تشعر‬ ‫بالخوف والقلق من أن يأخذ أحدٌ ابنَها الذي حملته كُره ًا ووضعته كُره ًا‪،‬‬ ‫وتنتظر بكل شوق أن يكبر ويخدمها‪ .‬في الصباح سأل القاضي كال المرأتين‬ ‫عن مكان غروب نجم الجاه؛ فأجابت الكاذبة أنه غرب حيث غربت باقي‬ ‫((( سمعت هذه القصة من بعض الباحثين المهتمين بالتراث الفلكي ال ُعماني‪ ،‬ولم أجد لها توثيقا‬ ‫كتابيا؛ فصغتها بالمعنى‪ ،‬وال َّله أعلم بصحتها‪.‬‬ ‫((( من المعلوم لدى الفلكيين أن (نجم الجاه) ال يغرب غالبا؛ لوجوده شمال الكرة األرضية؛‬ ‫فيظهر للرائي أنه ال يتحرك من مكانه أغلب أيام السنة؛ لذا فهو دليل على جهة الشمال‪.‬‬ ‫(‪(9‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫النجوم؛ فتبين للقاضي كذبها وعدم مباالتها بالولد المتنازع فيه‪ ،‬أما المرأة‬ ‫الحقيقية فأجابت أن النجم لم يتحرك من مكانه طول الليل؛ وهنا أدرك‬ ‫القاضي أنها أم الولد؛ بدليل اهتمامها الكبير وقلقها الشديد وسهرها الليل‬ ‫من أجل معرفة جهة غروب النجم‪ .‬هكذا تمكن القاضي الحكيم بحنكته‬ ‫ومعرفته بالفلك من حل معضلة عويصة وقضية شائكة في ذلك الزمان‬ ‫الذي ال تتوفر فيه ما يتوفر في عصرنا من أدوات للفحص وكشف مدى‬ ‫صحة نسبة الولد لمن يدعيه أو ينكره‪.‬‬ ‫(‪(9‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬ا�ستخدام الفلك في تق�سيم مياه الأفالج‪:‬‬ ‫(((‬ ‫ومن أبرز تطبيقات علم الفلك عند ال ُعمانيين‪ ،‬حساب دوران األفالج‬ ‫النهاري بظل الشمس والليلي بالنجوم؛ فمياه األفالج متدفقة باستمرار‪،‬‬ ‫وال يمكن توزيعها عن طريق الكيل أو الوزن أو الحجم‪ ،‬وال بد من قسمة‬ ‫عادلة لماء الفلج‪ ،‬ولم تكن الساعات متوفرة قديما؛ فلجأوا إلى الساعات‬ ‫الكونية التي سخرها ال َّله تعالى لإلنسان؛ فتعارفوا على تقسيم ماء الفلج‬ ‫باستخدام الفلك‪ ،‬عن طريق ضابطين‪ :‬ليلي ونهاري‪.‬‬ ‫الصورة ((()‪ :‬الصفحة األولى من نسخة فلج العزيزي بالجبل األخضر‪ ،‬سجل أليام الفلج وتقسيماتها‪،‬‬ ‫ونصيب كل ذي سهم من الفلج (أخذت الصورة من المتحف الوطني ال ُعماني‪ ،‬مسقط‪ ،‬الخميس ‪ (0‬ذو‬ ‫‪ 2017-08-03‬م)‪.‬‬ ‫القعدة ( ‪ (((8‬هـ ‪(0(7 8 ( /‬‬ ‫((( انظر الصورة ((((‬ ‫‪(95‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫فالضابط الليلي يتم عن طريق حصر النجوم المستخدمة والمتعارف‬ ‫عليها بينهم‪ ،‬وتقدير الوقت والمسافة بين كل نجمين‪ ،‬وقد توصلوا إلى‬ ‫تقدير المسافة بتقدير الوقت من طلوع نجم إلى طلوع آخر‪ ،‬فكان (األثر)‬ ‫عندهم وحد ًة للزمن‪ .‬هذا في النجوم الرئيسة‪ ،‬وهناك نجوم فرعية‪ ،‬بعضها‬ ‫تنصف مسافة الزمن بين نجمين‪ ،‬وبعضها تقوم بتثليث الوقت‪ ،‬وبعضها‬ ‫بالتربيع‪ ،‬وهكذا‪ .‬فعملية تقسيم الوقت مبنية على طلوع النجوم وغروبها‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫مستو‬ ‫والضابط النهاري يكون بمتابعة ظل عمود((( ُينصب في موضع‬ ‫ومكشوف ألشعة الشمس من جميع الجهات‪ ،‬بحيث ال يحجب شي ٌء‬ ‫وقسموا وقت النهار من‬ ‫ضو َء الشمس عنه خالل مسارها طول النهار‪ّ .‬‬ ‫طلوع الشمس إلى غروبها إلى أربعة وعشرين أثر ًا‪ ،‬اثني عشر أثرا من طلوع‬ ‫الشمس إلى استوائها في كبد السماء(((‪ ،‬ومثلها من وقت الزوال إلى غروب‬ ‫قسم األثر إلى نصف وربع‪ ،‬بل إلى أربعة وعشرين جزءا؛ وذلك‬ ‫الشمس‪ .‬و ُي َّ‬ ‫(((‬ ‫من باب الدقة والمساواة والعدالة‪.‬‬ ‫واألثــر يساوي نصف ساعة (‪ (0‬دقيقة) أيــام االعــتــدال الخريفي‬ ‫والربيعي(((؛ وذلك ألن في أيام االعتدال(‪ (5‬يتساوى الليل مع النهار(‪،(6‬‬ ‫((( هذه هي الساعة الشمسية أو المزولة الشمسية‪ ،‬وتسمى محليا بعدة أسماء‪ ،‬منها‪ :‬الخشبة‬ ‫واللمد والحضار والمحاضرة (ناصر بن سعيد الهاشمي‪ ،‬اإلنسان وعلم الفلك‪ ،‬محاضرة‬ ‫ألقاها بجامع نفعاء بوالية بدبد‪ ،‬الجمعة ‪ (8‬رمضان ‪ (((7‬هـ‪ ((/‬يونيو ‪ (0(6‬م)‬ ‫((( استواء الشمس في كبد السماء قبيل أذان الظهر هو انتصاف للنهار‪.‬‬ ‫((( بدر بن سالم بن هالل العبري‪ ،‬البيان في بعض أفالج عُمان‪ ،‬ص‪( (8-(7‬بتصرف)‬ ‫((( صالح بن سعيد الشيذاني‪ ،‬إسهامات ال ُعمانيين بعلم الفلك‪ ،‬ص‪(8‬‬ ‫(‪ (( (5‬مارس و (( سبتمبر‬ ‫(‪ (6‬على أساس أن النهار يبدأ من شروق الشمس وليس من الفجر‪ ،‬كما هو معمول به عندهم‬ ‫‪(96‬‬ ‫قسموا النهار إلى ((‬‫حينها يكون طول النهار (( ساعة بالضبط‪ ،‬وهم قد َّ‬ ‫أثرا؛ بذلك يكون األثر نصف ساعة بالضبط عند االعتدال‪ .‬أما أيام الصيف‬ ‫حيث يطول النهار على الليل‪ ،‬وأيام الشتاء حيث يطول الليل على النهار‪،‬‬ ‫فإن األثر حينها ال يساوي ‪ (0‬دقيقة بالضبط؛ فاألثر النهاري يزيد قليال في‬ ‫الصيف‪ ،‬وينقص قليال في الشتاء؛ ففي الصيف يكون أقصى طول للنهار‬ ‫ثالثة عشر ساعة ونصف وذلك في شهر يونيو‪ ،‬أي ‪ 8(0‬دقائق؛ حين‬ ‫نقسمها على (( أثرا‪ ،‬يكون الناتج (( دقيقة وثالثة أرباع الدقيقة (أي‬ ‫بزيادة ثالث دقائق وثالثة أرباع الدقيقة)‪ ،‬أما في الشتاء فيكون أدنى طول‬ ‫للنهار عشر ساعات ونصف وذلك في شهر يناير‪ ،‬أي ‪ 6(0‬دقيقة؛ بقسمتها‬ ‫على (( أثرا‪ ،‬يكون الناتج ‪ (6‬دقيقة وربع الدقيقة (أي بنقصان ثالث دقائق‬ ‫وثالثة أرباع الدقيقة)؛ وهذا ال يؤثر كثيرا على القسمة العادلة؛ فمن ينقصه‬ ‫يعوضه في الصيف‪.‬‬ ‫في الشتاء‪ِّ ،‬‬ ‫هكذا ربط األجداد بين طول الظل والفترة الزمنية الالزمة لزيادته أو‬ ‫نقصانه مقدارا معينا‪ ،‬وبالمقارنة بعصرنا فنحن نستخدم عقرب الساعة‬ ‫الذي ينتقل من نقطة إلى أخرى لمعرفة الوقت الذي انقضى‪ ،‬فانتقال‬ ‫عقرب الساعة الكبير ‪-‬مثال‪ -‬من رقم إلى آخر يليه يدل على مرور خمس‬ ‫دقائق من الزمن‪ ،‬كذا الحال فيما يخص الظل؛ فانتقال منتهى الظل من‬ ‫نقطة إلى أخرى أي زيادته أو نقصانه بسبب تحرك الشمس هو أيضا دليل‬ ‫على مرور مدة معينة من الزمن تعارفوا عليها بــ«األثر» أو نصفه أو ربعه‬ ‫أو غير ذلك‪ .‬فسبحان خالق الكون الذي جعل الظل دليال على قدرته‬ ‫تعالى‪ ،‬وجعله مسخرا لخدمة اإلنسان‪ ،‬ومس َّيرا لعمارة األرض‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬ ‫‪(97‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َ ّ َ َ ْ َ َ َّ ّ َّ َ َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫ل َعل ُه َساك ًِنا ث َّم َج َعل َنا الش ْم َس‬ ‫الظل ولو شاء‬ ‫‪‬ألم تر إِل ربِك كيف مد ِ‬ ‫ض َناهُ إ َلْ َنا َقبْ ًضا يَس ً‬ ‫ِريا‪.(((‬‬ ‫ُ َّ َ َ ْ‬ ‫َ َ ً‬ ‫َعليْهِ د ِلل ؀ ثم قب‬ ‫ِ‬ ‫ومن باب الدقة والعدالة في تقسيم مياه الفلج‪ ،‬وبسبب معرفتهم العلمية‬ ‫العالية بتحرك الشمس ومدى سرعتها من وقت آلخر؛ لم يغفل ال ُعمانيون‬ ‫عن أن ظل العمود يتحرك سريعا أحيانا وبطيئا أحيانا أخرى؛ «ففي الساعات‬ ‫األولى من الصباح يتحرك الظل سريعا؛ بالتالي تكون المسافة بين كل خط‬ ‫وآخر شاسعة‪ ،‬تتعدى ثالثة أمتار‪ ،‬بعكس ما إذا كان الظل في الساعة الحادية‬ ‫عشرة مثال؛ فهناك تجد أن المسافة بين الخط واآلخر شبر ًا أو أكثر قلي ً‬ ‫ال أو‬ ‫أقل قليالً»(((‪ ،‬كل ذلك تم رسمه بدقة متناهية؛ بحيث تبقى المدة الزمنية‬ ‫بين خط وآخر((( هي نفسها مهما تغيرت سرعة حركة الشمس بين وقت‬ ‫آلخر‪ ،‬فالعبرة ليست بالمسافة الفاصلة بين الخطين‪ ،‬وإنما بالفترة الزمنية‬ ‫التي يتحرك فيها طرف الظل من خط للذي يليه‪ ،‬فكما أن المدة الزمنية‬ ‫التي يقضيها عقرب الساعة العصرية ثابت من نقطة إلى أخرى؛ فكذلك‬ ‫الساعة الشمسية‪ ،‬فالمدة ثابتة طيلة النهار الواحد بغض النظر عن سرعة‬ ‫(((‬ ‫حركة الظل‪.‬‬ ‫((( سورة الفرقان‪(6-(5/‬‬ ‫((( محمد بن سالم بن عبدال َّله الحارثي‪ ،‬موسوعة الموروث الفلكي ال ُعماني القديم وأثر‬ ‫الكواكب والنجوم على النشاط اإلنساني‪ ،‬القسم األول‪ :‬الزراعي‪ ،‬ص((‪5‬‬ ‫((( نصف ساعة تقريبا‬ ‫((( انظر الصورة ((((‬ ‫‪(98‬‬ ‫متقاربة‬ ‫الخطوط؛ فهي‬ ‫اإلنسان وعلم‬ ‫سعيدبينالهاشمي‪،‬‬ ‫المسافات‬ ‫عن في‬ ‫ناصر بن‬ ‫التدرج‬ ‫ويظهر‬ ‫(نقال‬ ‫اللمد‪،‬اللمد‬ ‫المحاضرة أو‬ ‫المحاضرة أو‬ ‫نموذج من‬ ‫نموذج من‬ ‫((()‪:‬‬‫(‪:)42‬‬ ‫الصورة‬ ‫الصورة‬ ‫الفلك)‪.‬‬ ‫قرب العمود‪ ،‬ومتباعدة عند األطراف (نقال عن ناصر بن سعيد الهاشمي‪ ،‬اإلنسان وعلم الفلك)‪.‬‬ ‫‪(99‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬بع�ض ت�سنيفات الفلكيين ال ُعمانيين‪:‬‬ ‫دون ال ُعمانيون في علم الفلك‪ ،‬وإن لم يكونوا مكثرين فيه ككثرة‬ ‫َّ‬ ‫تطبيقاتهم ومتابعتهم له‪ ،‬ونذكر هنا نماذج لما صنَّفه ال ُعمانيون في الفلك‬ ‫والتي تنوعت بين النظم والنثر‪ ،‬حيث أ َّلف في أواخر القرن الحادي عشر‬ ‫الهجري فلكي ُعماني مجهول االسم (اإليضاح في ما أودع ال َّله من‬ ‫الحكمة في النجوم والرياح)(((‪ ،‬وهي رسالة صغيرة ذكر فيها صاحبها‬ ‫وتفرقه‪ ،‬والرياح‬ ‫وتكونه ّ‬ ‫ّ‬ ‫بعض ما يتعلق بالتقلبات الجوية‪ ،‬وأنواع السحاب‬ ‫وحدودها وطبائعها‪ ،‬ومصدر المطر‪ ،‬والبرق والرعد‪ ،‬والكواكب وتأثيراتها‪.‬‬ ‫ونجد فيها قوة اإليمان بال َّله‪ ،‬حيث يقول‪« :‬ولم تفعل هذه الكواكب شيئا‬ ‫مصرفة‪ ،‬بل لم يخلقها ال َّله عبثا وال باطال‪،‬‬ ‫إال بمشيئة ال َّله‪ ،‬إذ هي مخلوقة ّ‬ ‫ولكن جعلها أسبابا لمقاديره»(((‪.‬‬ ‫((( انظر الصورة ((((‬ ‫((( مجهول المؤلف‪ ،‬اإليضاح في ما أودع ال َّله من الحكمة في النجوم والرياح‪ ،‬ضبط نصه‪،‬‬ ‫سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬مركز ذاكرة عُمان‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((6 ،‬هـ‪ (0(5/‬م‪ ،‬ص((‬ ‫(‪(0‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫الصورة ((()‪ :‬الصفحة األولى من مخطوطة كتاب «اإليضاح في ما أودع ال َّله من الحكمة في النجوم‬ ‫والرياح» لمؤلف مجهول (ق (( هـ)‪ ،‬نقال عن سلطان بن مبارك الشيباني ومحمد بن عامر العيسري‪ ،‬نوادر‬ ‫المخطوطات ال ُعمانية‪ ،‬ص‪. (90‬‬ ‫(‪(0‬‬ ‫ومن أبرز كتب ال ُعمانيين في هذا المجال (كشف األسرار المخفية‬ ‫في علوم األجرام السماوية والرقوم الحرفية)‪ ،‬لعمر بن مسعود بن ساعد‬ ‫المنذري((( (ت ‪ ((60‬هـ)‪ .‬وفي الحقيقة‪ ،‬فإن هذا الكتاب متعدد الجوانب‬ ‫وال يقتصر على الفلك؛ فهو يتحدث عن النجوم والبروج والكواكب‪ ،‬وما‬ ‫يتعلق بها من طبائع وأسرار وانتقال واقتران وتسخير‪ ،‬وكذلك هو في علم‬ ‫الحكمة والنجوم وعلم الهيئة وأسرار الحروف‪ ،‬وتارة يتحدث عن البروج‬ ‫وتقسيماتها وعالقتها باألشهر الرومية وتقسيم المنازل واستخراج الظالل‪.‬‬ ‫ويتعرض بالشرح ألفكار فالسفة اإلغريق وبعض المتأخرين‪ ،‬ويتطرق إلى‬ ‫معرفة ساعات األيام والليالي‪ .‬كما أنه يحوي جانبا آخر متعلق ًا بالسعادة‬ ‫والنحوسة المرتبطة بالكواكب‪ ،‬ويعرض خصائص الحروف المرقومة وما‬ ‫يخصها من األسرار المكتومة‪ ،‬كما يتضمن علم التكسير وضرب األوفاق‬ ‫واستخراج األسماء واألقسام وإظهار األرواح النورانية‪ ،‬وكيفية تسخير‬ ‫األمالك والجان(((‪ .‬وللمنذري ‪-‬كما ذكرنا في المبحث السابق‪ -‬تصنيف‬ ‫آخر في الطب (مختصر بقراط الحكيم)؛ فهو كما قال عنه البطاشي‪« :‬فقيه‬ ‫وعالم بالفلك والنجوم والطب»(((‪.‬‬ ‫((( تم التعريف به في المبحث األول من هذا الفصل‬ ‫((( وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬فهرس المخطوطات‪ ،‬المجلد الثالث‪ ،‬علوم التاريخ والبحار‬ ‫والفلك والرياضيات‪ ،‬ط(‪ (((9 ،‬هـ‪ (999/‬م)‪ ،‬ص‪(((-((7‬‬ ‫((( سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ ،‬إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء عُمان‪ ،‬ج(‪،‬‬ ‫ص‪(((-((0‬‬ ‫(‪(0‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫وتسهيال لمن أراد التع ُّلم؛ فقد كتب خميس بن سالم بن خميس‬ ‫الهاشمي((( (رسالة في علم الفلك للمبتدئين)(((‪ ،‬وهي رسالة قصيرة ذكر‬ ‫فيها للسائل طريقة حساب السنة الشمسية‪ ،‬ومواقيت دخول فصول السنة‪،‬‬ ‫وطبائعها من حيث البرودة والحر‪ ،‬والرطوبة واليبس‪ ،‬وذكر األشهر الشمسية‬ ‫سماها الفلكيون العرب(((‪ ،‬مبينا عدد أيام كل شهر‪ ،‬وذكر‬ ‫(الرومية) كما ّ‬ ‫بعض النجوم والكواكب وعالقتها باألرض والقمر‪ .‬وشبيه بهذه الرسالة‪،‬‬ ‫أ َّلف عبدال َّله بن بدوي بن عبود بن عبيدان((( كتاب (شرح علم النجوم)(‪،(5‬‬ ‫ذكر فيه البروج والنجوم وأسماءها‪ ،‬وأوقات طلوعها وسقوطها وعالقتها‬ ‫بالطقس‪ ،‬وب َّين طريقة معرفة منزلة القمر‪ ،‬وفصول السنة األربعة وشهورها‬ ‫وحال الطقس فيها‪ ،‬وذكر األشهر الشمسية وأسماءها (اإلفرنجية والرومية‬ ‫والقبطية) ومنازلها وبروجها‪ ،‬وكيفية دخول األشهر القمرية بمعرفة حال‬ ‫الشمس والقمر وبعض النجوم‪.‬‬ ‫((( خميس بن سالم بن خميس بن درويش بن نمر بن راشد بن عميرة العيني الرستاقي‪ ،‬فهو من‬ ‫أحفاد الطبيب المشهور راشد بن عميرة‪ ،‬عاش في النصف األول من ق (( هـ‪ ،‬انظر‪ :‬خميس‬ ‫بن سالم بن خميس الهاشمي‪ ،‬رسالة في علم الفلك للمبتدئين‪ ،‬ضبط نصها‪ ،‬سلطان بن مبارك‬ ‫الشيباني‪ ،‬مركز ذاكرة عُمان‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((5 ،‬هـ‪ (0((/‬م‪ ،‬ص(‬ ‫((( انظر الصورة ((((‬ ‫((( تشرين األول‪ ،‬تشرين الثاني‪ ،‬كانون األول‪.....،‬الخ‬ ‫((( لم أجد له ترجمة‬ ‫(‪ (5‬حققه وع ّلق عليه‪ ،‬مهنا بن خلفان الخروصي‪ ،‬ضمن كتاب (النجوم الزاهرة في األفالك‬ ‫الدائرة)‬ ‫(‪(0‬‬ ‫الصورة ((()‪ :‬الصفحتان األخيرتان من «رسالة في علم الفلك» لخميس بن سالم الهاشمي (ق ((‬ ‫هـ)‪ ،‬نقال عن سلطان بن مبارك الشيباني ومحمد بن عامر العيسري‪ ،‬نوادر المخطوطات ال ُعمانية‪ ،‬ص‪.(90‬‬ ‫ومن العلماء الذين ُع ِرف عنهم اهتمامهم بعلم الفلك‪ ،‬الشيخ خميس‬ ‫(ق ‪ ((-(0‬هـــ)‪ ،‬ويظهر ذلــك في مخطوطة‬ ‫(((‬ ‫بن سعيد الشقصي‬ ‫(المجاميع) بمكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي (رقم ‪-((6‬م)‪،‬‬ ‫حيث اهتم علماء تلك الفترة((( باألحوال الجوية‪ ،‬وكانت هناك مباحثات‬ ‫((( خميس بن سعيد بن علي بن مسعود الشقصي‪ ،‬كان حيا عام ‪ (070‬هـ‪ (660/‬م‪ ،‬ت ‪(059‬‬ ‫هـ‪ (6(9/‬م‪ ،‬قائد عالمة‪ ،‬وقاض فقيه‪ ،‬وناظم للشعر‪ ،‬من والية الرستاق‪ ،‬عقد اإلمامة‬ ‫لإلمام ناصر بن مرشد اليعربي‪ ،‬من آثاره‪ ،‬منهج الطالبين وبالغ الراغبين‪ ،‬ومنهج المريدين‪،‬‬ ‫وقصائد شعرية في الوعظ والرثاء‪ ،‬وأجوبة كثيرة‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء‬ ‫والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج(‪(09-(0(/‬‬ ‫((( عهد اليعاربة‪ (0((( ،‬هـ‪ (6(( /‬م ‪ ((57 -‬هـ‪ (7(( /‬م)‬ ‫‪(05‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ونقاشات حول الظواهر الطبيعية‪ ،‬حيث وجه الشيخ الفقيه مسعود بن‬ ‫أحمد اإلزكوي((( سؤاال إلى الشيخ خميس بن سعيد الشقصي حول البرق‬ ‫والرعد والخسوف والكسوف‪ ،‬إلى غير ذلك‪ ،‬فأجابه الشيخ مستعينا بأقوال‬ ‫بعض الحكماء المتقدمين‪ ،‬ومركِّزا على منهج المالحظة والمشاهدة‪،‬‬ ‫وفسر الشيخ الشقصي ظاهرة الخسوف والكسوف‪ ،‬و ُيستنتج من تفسيره‬ ‫ّ‬ ‫أن حجم الشمس أكبر من حجم األرض‪ ،‬وكذلك أكبر من حجم القمر‪،‬‬ ‫وأن وقوع القمر بين األرض والشمس يؤدي إلى حدوث ظاهرة الكسوف‪،‬‬ ‫والقمر غير مضيء بذاته‪ ،‬وإنما يكتسب ضوءه من الشمس(((‪ ،‬و ُت َعدُّ هذه‬ ‫المعارف اآلن حقائق فلكية ال ُيختلف فيها؛ مما يدلنا على المستوى الذي‬ ‫وصل إليه ال ُعمانيون في ذلك الوقت‪.‬‬ ‫ومن العلماء أيضا الشيخ العالمة المحقق سعيد بن خلفان الخليلي(((‪،‬‬ ‫وقد قام بعمل مم َّيز‪ ،‬حيث «رصد طلوع الفجر لفترة طويلة قرابة عام كامل‪،‬‬ ‫فأدرك أن التغيير في وقت الفجر يعتمد على التقويم الشمسي‪ ،‬ووضع‬ ‫((( مسعود بن أحمد اإلزكوي‪ ،‬كان حيا عام ‪ (059‬هـ‪ (6(9/‬م‪ ،‬فقيه شاعر‪ ،‬من والية إزكي‪،‬‬ ‫عاش في القرن الحادي عشر الهجري‪ ،‬له قصيدة رثاء لإلمام ناصر بن مرشد‪ ،‬وسؤال نظمي‬ ‫للشيخ خلف بن سنان الغافري‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء والمتكلمين‬ ‫اإلباضية‪ ،‬ج(‪(86/‬‬ ‫((( موسى بن سالم البراشدي‪ ،‬الحياة العلمية في عُمان في عهد اليعاربة‪ ،‬ص‪(((-((9‬‬ ‫(بتصرف)‬ ‫((( سعيد بن خلفان بن أحمد بن صالح الخليلي‪ ،‬ولد في بوشر عام ‪ (((6‬هـ‪ (8((/‬م‪ ،‬واتخذ‬ ‫سمائل وطنا آخر‪ ،‬عالم محقق‪ ،‬وفقيه مدقق‪ ،‬وأحد أركان دولة اإلمام عزان بن قيس‪ ،‬تتلمذ‬ ‫على يد الشيخ ناصر بن أبي نبهان وآخرين‪ ،‬وممن تتلمذ على يديه الشيخ صالح بن علي‬ ‫الحارثي‪ ،‬من آثاره‪ :‬كتاب (إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في األمر بالمعروف والنهي عن‬ ‫المنكر)‪ ،‬وكتاب (كرسي األصول)‪ ،‬وكتاب (مقاليد التصريف)‪ ،‬توفي ‪ ((87‬هـ‪ (87(/‬م‪،‬‬ ‫انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج(‪86-76/‬‬ ‫‪(06‬‬ ‫«(‪.(١‬‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ ُ‬ ‫‪١٦‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪٢٠٧‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫المبحث الخام�ض‪ :‬ال ُعمانيون والمالحة البحرية‪:‬‬ ‫إن مما سخره ال َّله لإلنسان‪ ،‬هذا البحر العظيم الخلقة‪ ،‬الشاسع المساحة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫المتالطم األمواج؛ فجعله ال َّله تعالى ممهدا لألكل والزينة واالنتقال‪َ  ،‬وه َو‬ ‫َ‬ ‫ْ ً َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ ُ ُ ْ َ‬ ‫َّالِي َس َّخ َر ْالَ ْ‬ ‫ح َر لِ َأكلوا مِن ُه لْ ًما َط ِر ًّيا َوت ْس َتخ ِر ُجوا مِن ُه حِل َية تلبَ ُسون َها‬ ‫َ ْ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ك ْم تشك ُرون‪ ،(((‬وفي‬ ‫َوت َرى الفلك َم َواخ َِر فِيهِ َولِ َبْ َتغوا مِن فضلِهِ ولعل‬ ‫ك ُم ْالَ ْ‬‫َ َّ َ َ ُ‬ ‫َّ ُ َّ‬ ‫ح َر‬ ‫الل الِي سخر ل‬ ‫تسخير البحر لالنتقال خاصة يقول ‪ :‬‬ ‫ُ َ (((‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ َ َ ُ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َْ ُ‬ ‫َ ْ َ ُْ ْ ُ‬ ‫ك فِيهِ بِأم ِره ِ ولِ بتغوا مِن فضلِهِ ولعلكم تشكرون‪. ‬‬ ‫لِ ج ِري الفل‬ ‫المطل على بحر العرب وخليج ُعمان‬ ‫ِّ‬ ‫ونظرا للموقع الجغرافي ل ُعمان‪،‬‬ ‫والخليج العربي والمحيط الهندي‪ ،‬والرابط بين قارتي آسيا وأفريقيا‪ ،‬وطول‬ ‫القدَ م‪ ،‬وحاجتهم للسفر‬ ‫السواحل العمانية‪ ،‬وممارسة العمانيين للتجارة منذ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫واالنتقال؛ أ َّدى كل ذلك إلى اهتمام ال ُعمانيين بالبحر وارتباطهم به؛ فكانت‬ ‫والمدونات الجليلة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫لهم األعمال العظيمة‬ ‫لقد َخ َب َر ال ُعمانيون البحر‪ ،‬وصالوا وجالوا فيه؛ حتى صاروا ربابنته‪،‬‬ ‫الذين ُيعتمد عليهم في المهمات الصعبة؛ فكان لل ُعمانيين مشاركة ف َّعالة‬ ‫في الفتوحات اإلسالمية‪ ،‬ومن ذلك أن «عثمان بن أبي العاص((( استعان‬ ‫بالقوة البحرية ال ُعمانية في أوائل العصر اإلسالمي عندما انطلق من صحار‬ ‫((( سورة النحل‪/‬اآلية ((‬ ‫((( سورة الجاثية‪/‬اآلية ((‬ ‫((( أبو عبد ال َّله عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبد بن دهمان (ت (‪ 5‬هـ)‪ ،‬صحابي من أهل‬ ‫الطائف‪ ،‬استعمله النبي صلى الله عليه وسلم عليها‪.‬‬ ‫‪(09‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫ومسقط بحملة ناجحة على ساحل الهند الغربي عام ‪ (6‬هـ‪ 6(6/‬م»(((‪،‬‬ ‫كما اهتم األئمة بإنشاء األساطيل البحرية‪ ،‬وما تحرير جزيرة سقطرى أيام‬ ‫اإلمام الصلت بن مالك الخروصي((( إال مثال على ذلك‪ ،‬وبالطبع فال‬ ‫يمكن إنشاء األساطيل دون وجود رجال ذوي خبرة وحنكة بحرية؛ فال‬ ‫يعبر البحر ويقطع المسافات الطويلة ويقاتل وسط البحر إال من له دراية‬ ‫كبيرة بالبحر وشؤونه‪ .‬يقول رئيس قسم التاريخ بجامعة بغداد‪« :‬إن الصورة‬ ‫التي نستخلصها من المصادر عن دور ال ُعمانيين الحضاري‪ ،‬وخصوصا‬ ‫دورهم في المالحة والتجارة تؤكد الدور الكبير والواسع‪ ،‬وهي صورة‬ ‫مشرقة لما أظهرته من التقدم واالزدهار»(((‪ ،‬يقول أحد الباحثين الغربيين‪:‬‬ ‫تفو َق ال ُعمانيين الكابتن‬ ‫«ال ُعمانيون هم أفضل مالحي الخليج»(((‪ ،‬ويؤكد ُّ‬ ‫هنري‪« :‬ويعتبر مالحو ُعمان من أفضل المالحين الذين التقيت بهم»(‪،(5‬‬ ‫أما أستاذ التاريخ بجامعة بكين فيقول‪« :‬يعرف الجميع أن ال ُعمانيين كانوا‬ ‫أمهر وأرفع مستوى في فن صناعة السفن وفن ركوب البحار»(‪.(6‬‬ ‫((( مصطفى عبدالقادر النجار‪ ،‬صفحات مشرقة من تاريخ عُمان دراسة علمية تحليلية‪ ،‬مكتبة‬ ‫بيروت‪ ،‬مسقط‪ ،‬ص(‪.(0‬‬ ‫((( الصلت بن مالك بن عبدال َّله بن مالك الخروصي‪ ،‬ت ‪ (75‬هـ‪ 889/‬م‪ ،‬من بلدة ستال‬ ‫بالعوابي‪ ،‬إمام عادل‪ ،‬تولى اإلمامة عام ‪ ((7‬هـ‪ 85(/‬م‪ ،‬من آثاره‪ ،‬مسائل في األثر‪ ،‬وعهد إلى‬ ‫غسان بن خليد‪ ،‬وكتاب إلى الجمهور بن سنجور‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء‬ ‫والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج(‪(0(-(0(/‬‬ ‫((( عبدالرحمن عبدالكريم العاني‪ ،‬دور ال ُعمانيين في المالحة والتجارة اإلسالمية حتى القرن‬ ‫الرابع الهجري‪ ،‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ ((06 ،‬هـ‪ (986/‬م‪ ،‬ص((‬ ‫((( كارستان ينبهور‪ ،‬رحالت عبر الجزيرة العربية‪ ،‬نقال عن إسماعيل األمين‪ ،‬ال ُعمانيون رواد‬ ‫البحر‪ ،‬رياض الريس للكتب والنشر‪ ،‬لندن‪ ،‬ط(‪ (990 ،‬م‪ ،‬ص(‪9‬‬ ‫(‪ (5‬هنري كورنوول‪ ،‬انطباعات عن عدد من الرحالت من الهند وإلى انجلترا‪ ،‬نقال عن إسماعيل‬ ‫األمين‪ ،‬ال ُعمانيون رواد البحر‪ ،‬ص(‪9‬‬ ‫(‪ (6‬تشانغ زون يان‪ ،‬االتصاالت الودية المتبادلة بين الصين وعُمان عبر التاريخ‪ ،‬وزارة التراث‬ ‫والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ ،‬ص‪5‬‬ ‫‪((0‬‬ ‫البحارة العُمانيون في الم�سادر غير العُمانية‪:‬‬ ‫المطلب الأول‪ّ :‬‬ ‫وقد ذكرت المصادر أسماء عدد كبير من النواخذة والمالحين‪ ،‬لعل‬ ‫من أقدمهم في العصور اإلسالمية األولى أبو عبيدة عبدال َّله بن القاسم(((‪،‬‬ ‫الذي أبحر إلى بالد الصين ووصل إلى ميناء قوانتشو (كانتون) حوالي‬ ‫عام ((( هـ‪ 750/‬م‪« ،‬وتعتبر رحلته من أقدم رحالت العرب إلى بالد‬ ‫الصين‪ ،‬وتكاد تسبق رحلة سليمان السيرافي((( إلى هذه البالد بقرن كامل‬ ‫أو يزيد»(((‪ .‬ومما يدل على خبرة ال ُعمانيين ومهارتهم في البحر‪ ،‬ما رواه‬ ‫المسعودي((( في مروج الذهب من أسفارهم لمختلف البلدان باستخدام‬ ‫البحر‪ ،‬بل وتفوقهم العلمي فيه‪ ،‬حيث يقول‪« :‬ووجدت نواخذة(‪ (5‬بحر‬ ‫الصين والهند والسند والزنج واليمن والقلزم والحبشة من السيرافيين‬ ‫وال ُعمانيين يخبرون عن البحر الحبشي ‪-‬في أغلب األمور‪ -‬على خالف ما‬ ‫َذك ََرته الفالسفة وغيرهم ممن حكينا عنهم المقادير والمساحة»(‪ ،(6‬وجاء‬ ‫((( المل ّقب بأبي عبيدة الصغير‪ ،‬تلميذ أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي بالبصرة‪ ،‬عالم فقيه‪،‬‬ ‫من بلدة بسيا من أعمال بهال ب ُعمان‪ ،‬كان حيا إلى سنة (‪ (7‬هـ‪ 787/‬م‪ ،‬انظر‪ :‬فهد بن علي‬ ‫السعدي‪ ،‬معجم الفقهاء والمتكلمين اإلباضية‪ ،‬ج(‪(85-(8(/‬‬ ‫((( سليمان التاجر السيرافي (ق ( هـ ‪ 9 /‬م)‪ ،‬نسبة إلى سيراف‪ ،‬رحالة و تاجر فارسي‪ ،‬كتب سنة‬ ‫‪ ((7‬هـ ‪ 85(/‬م وصف رحلة له إلى الهند والصين‪ ،‬انظر‪www.ar.wikipedia.org :‬‬ ‫((( رجب محمد عبد الحليم‪ ،‬ال ُعمانيون والمالحة والتجارة ونشر اإلسالم‪ ،‬ص(‪5‬‬ ‫((( أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي (ت ‪ ((6‬هـ‪ 957/‬م)‪ ،‬مؤرخ رحالة بحاثة‪،‬‬ ‫من أهل بغداد‪ ،‬من تصانيفه‪« :‬أخبار الزمان ومن أباده الحدثان»‪ ،‬و«اإلبانة عن أصول الديانة»‪،‬‬ ‫و«التنبيه واإلشراف»‪ ،‬انظر‪ :‬خير الدين الزركلي‪ ،‬األعالم‪ ،‬ج(‪ ،‬ص‪(77‬‬ ‫(‪ (5‬النواخذة‪ :‬ربابنة السفن وقادتها‬ ‫(‪ (6‬علي بن الحسين بن علي المسعودي‪ ،‬مروج الذهب ومعادن الجوهر‪ ،‬ج(‪ ،‬الجامعة اللبنانية‪،‬‬ ‫بيروت‪ (965 ،‬م‪ ،‬ج(‪ ،‬ص(‪(5‬‬ ‫(((‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫أيضا‪« :‬وذكر جماعة من نواخذة هذا البحر من السيرافيين وال ُعمانيين ‪-‬وهم‬ ‫أرباب المراكب‪ -‬أنهم يشاهدون في هذا البحر ماء يخرق هذا البحر»(((‪،‬‬ ‫كما أشار إلى أن أهل المراكب من ال ُعمانيين يقطعون الخليج البربري إلى‬ ‫جزيرة َقن َبلو (مدغشقر)‪َ ،‬ف َو َر َد في المروج‪« :‬وأرباب المراكب من ال ُعمانيين‬ ‫يقطعون هذا البحر إلى جزيرة قنبلو من بحر الزنج‪ ،‬وال ُعمانيون الذين ذكرنا‬ ‫من أرباب المراكب يزعمون أن هذا الخليج المعروف بالبربري‪ ،‬وهم‬ ‫فصل أكثر في صفة‬ ‫يعرفونه ببحر بربرا»(((‪ ،‬ووصفوا له البحر وهيجانه‪ ،‬ثم َّ‬ ‫هؤالء البحارة الذين يصلون إلى هذا المدى في البحر‪ ،‬فقال‪« :‬وهؤالء‬ ‫القوم الذين يركبون هذا البحر من أهل ُعمان عرب من األزد»(((‪.‬‬ ‫ويستخلص أحد الباحثين من كتاب (عجائب الهند) لبزرك بن شهريار‬ ‫( ق ( هـ)‪« :‬فيه أربع وعشرون قصة بحرية‪ ،‬يرويها ُعمانيون‪ ،‬أو أن أبطالها‬ ‫ُعمانيون‪ ،‬أو أن ل ُعمان صلة بها»(((‪ ،‬ومن ذلك‪« :‬أنه كان ب ُعمان رجل يقال‬ ‫له مسلم بن بشر(‪ ،(5‬وكان رجال مستورا جميل الطريقة‪ ،‬وكان ممن ّ‬ ‫يجهز‬ ‫الغواصة في طلب اللؤلؤ ‪ ،(6(»...‬إلى آخر القصة‪ ،‬وكان هذا الرجل ‪-‬حسب‬ ‫يرض أن يأخذ لؤلؤة ثمينة استخرجت‬ ‫الرواية‪ -‬قوي اإليمان بال َّله؛ إذ لم َ‬ ‫على اسم إبليس رغم شدة حاجته‪ ،‬ورزقه ال َّله بعد ذلك رزقا كبيرا‪.‬‬ ‫((( المسعودي‪ ،‬مروج الذهب ومعادن الجوهر‪ ،‬ج(‪ ،‬ص(((‬ ‫((( المسعودي‪ ،‬مروج الذهب ومعادن الجوهر‪ ،‬ج(‪ ،‬ص(((‬ ‫((( المسعودي‪ ،‬مروج الذهب ومعادن الجوهر‪ ،‬ج(‪ ،‬ص‪((5‬‬ ‫((( عبادة كحيلة‪ ،‬عن العرب والبحر‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط(‪ (((0 ،‬هـ‪ (989/‬م‪ ،‬ص‪(5‬‬ ‫(‪ (5‬لم أجد له ترجمة‬ ‫(‪ (6‬برزك بن شهريار الناخذاه الرامهرمزي‪ ،‬عجائب الهند برها وبحرها وجزائرها‪ ،‬تحقيق‪،‬‬ ‫عبدال َّله محمد الحبشي‪ ،‬المجمع الثقافي‪ ،‬أبو ظبي‪ (((( ،‬هـ‪ (000/‬م‪ ،‬ص‪((0‬‬ ‫(((‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬تفوق ال ُعمانيين وخدمة العا َلم‪:‬‬ ‫تفوق ال ُعمانيون في علوم البحار علميا وعمليا‪ ،‬تنظيرا وتطبيقا‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وسبقوا بذلك الغرب وغيرهم‪ ،‬وخ ّلد التاريخ أسماء بعضهم‪ ،‬يقول أحد‬ ‫الباحثين‪« :‬وكان العرب من ال ُعمانيين وغيرهم قد طرقوا آفاقا بعيدة قبل‬ ‫األوروبيين»(((‪ ،‬ويقول‪« :‬نطالع صفحات التاريخ‪ ،‬فنشاهد العرب من‬ ‫أهل ُعمان يستعينون في البحار الشرقية بسفن مثلثة األشرعة‪ ،‬بخالف ما‬ ‫كانت عليه الحال في بحر الروم‪ ،‬حيث كانت السفن مربعة األشرعة»(((‪،‬‬ ‫وميزة السفن المثلثة الشراع مقارنة بغيرها أنها تكون أقدر على «المناورة‬ ‫في المجاري الضيقة واألنهار‪ ،‬كما أنها أقدر على االقتراب من الريح»(((‪،‬‬ ‫وهكذا تع َّلم منهم اآلخرون‪« ،‬وكان البحارة اليونانيون قد استفادوا من‬ ‫المالحين ال ُعمانيين طريقتهم في اإلبحار بالقرب من السواحل‪ ،‬مستعينين‬ ‫بالرياح الجنوبية الغربية»(((‪ ،‬واستفاد كذلك البرتغاليون‪« ،‬إن ولوج‬ ‫البرتغاليين إلى البحار الشرقية‪ ،‬وما أسفر عنه من كشوف جغرافية‪ ،‬حقيق‬ ‫أن ينسب إلى الغرب وإلى العرب في آن واحد‪ ،‬فلوال العرب ‪-‬وال ُعمانيون‬ ‫منهم‪ -‬ما تحقق للبرتغاليين أن يتموا هذه الكشوف»(‪ .(5‬يذكر أحد الباحثين‬ ‫((( عبادة كحيلة‪ ،‬عن العرب والبحر‪ ،‬ص‪68‬‬ ‫((( عبادة كحيلة‪ ،‬عن العرب والبحر‪ ،‬ص‪69‬‬ ‫((( عبادة كحيلة‪ ،‬عن العرب والبحر‪ ،‬ص‪69‬‬ ‫((( عبدالمنعم عامر‪ ،‬عُمان في أمجادها البحرية‪ ،‬ص(‪6‬‬ ‫(‪ (5‬عبادة كحيلة‪ ،‬عن العرب والبحر‪ ،‬ص‪(9‬‬ ‫(((‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫أن من األسباب التي جعلت من البحارة والمالحين ال ُعمانيين روادا للبحر‬ ‫والمالحة البحرية‪« ،‬معرفتهم بطبيعة البحار والمحيطات من مد وجزر‬ ‫ورياح وأعاصير‪ ،‬ومعرفتهم بمواسم السفر البحري ذهابا وإيابا‪ ،‬وحركات‬ ‫الرياح العكسية والتجارية والموسمية‪ ،‬ومعرفتهم بآالت اإلبحار من بوصلة‬ ‫وإسطرالب وغيرها»(((‪.‬‬ ‫أما مؤلفاتهم في علوم البحار‪ ،‬فهي حاضرة بقوة‪ ،‬وانتشرت في العالم‬ ‫بكثرة؛ فاستفاد منها الشرق والغرب‪ ،‬وأشهر مؤلفيهم على اإلطالق‬ ‫أحمد بن ماجد بن محمد السعدي النجدي ال ُعماني (ت ‪ 906‬هـ‪ /‬تقريبا‬ ‫‪ (500‬م)‪ ،‬الذي استفاد ممن سبقوه‪ ،‬وأضاف إضافات كبيرة بنا ًء على‬ ‫وطور كثيرا من األدوات البحرية‬ ‫ّ‬ ‫خبرته الشخصية وتجاربه الكثيرة(((‪،‬‬ ‫كالبوصلة(((‪ ،‬و«استطاع أن يجمع بين الخبرات المالحية العلمية والنظرية‪،‬‬ ‫ويصوغها في مؤلفاته العديدة؛ لتكون نبراسا يهتدي به غيره من المالحين‪،‬‬ ‫ممن تنقصهم الخبرة في معرفة الطرق المالحية»(((‪ .‬وبالرغم من أن أغلب‬ ‫الباحثين يرون أن الصينيين هم أول من عرف اإلبرة المغناطيسية‪ ،‬إال أن‬ ‫«ابن ماجد هو أول من استخدم البوصلة لالهتداء بها في الرحالت البحرية‪،‬‬ ‫مسماة باسمه في شواطئ الهند وأفريقيا»(‪.(5‬‬ ‫وله مواقع بحرية ما زالت ّ‬ ‫((( فخري خليل النجار‪ ،‬تاريخ حضارة عُمان‪ ،‬ص‪(0‬‬ ‫((( انظر الصورة (‪((5‬‬ ‫((( وتسمى أيضا‪ :‬بيت اإلبرة‬ ‫((( طارق الحمداني‪ ،‬المالحة العربية في عصور ازدهارها‪ ،‬المجمع الثقافي‪ ،‬أبو ظبي‪ (00( ،‬م‪،‬‬ ‫ص((‬ ‫(‪ (5‬هادي حسن حمودي‪ ،‬علماء عُمانيون عبر التاريخ‪ ،‬وزارة اإلعالم‪ ،‬مسقط‪ (((0 ،‬هـ‪(000/‬‬ ‫م‪ ،‬ص‪((5‬‬ ‫(((‬ ‫الصورة (‪ :)(5‬خريطة بحر الهند والبنادر التي دخلها أحمد بن ماجد‪ ،‬نقال عن محمد بن قاسم ناصر بو‬ ‫حجام‪ ،‬أسد البحار ال ُعماني أحمد بن ماجد‪ ،‬ج(‪ ،‬ص‪.((7‬‬ ‫ف ابن ماجد عمال ضخما‪ ،‬وكنزا عظيما‪ ،‬وفوائد جليلة‪ ،‬أغلبها‬ ‫وخ َّل َ‬ ‫َ‬ ‫شعرية‪ ،‬وبعضها نثرية‪ ،‬وتكون أحيانا مع الرسومات التوضيحية‪ ،‬يقول‬ ‫الباحث إبراهيم خوري‪« :‬كتب أحمد بن ماجد ‪ (6‬عمال‪ ،‬خمسة أعمال‬ ‫منها نثرية‪ ،‬و(( عمال منها نظمت شعرا‪ .‬ووصلنا من أعماله النثرية كتاب‬ ‫(الفوائد في أصول علم البحر والقواعد)‪ ،‬وورقتان ُسميتا الفصول‪.‬‬ ‫ووصلنا من أعماله الشعرية (( قصيدة وأرجوزة في (‪ (60‬أبيات»(((‪،‬‬ ‫((( إبراهيم خوري‪ ،‬أحمد بن ماجد من َّظر المالحة العربية في بحر الهند في ق ‪ 9‬هـ‪ (5/‬م‪ ،‬ضمن‬ ‫(الندوة العلمية إلحياء تراث ابن ماجد)‪ ،‬اتحاد كتاب وأدباء اإلمارات‪/‬دار الحوار للنشر‬ ‫والتوزيع‪ ،‬الالذقية‪/‬سورية‪ ،‬ط(‪ (99( ،‬م ج(‪ ،‬ص‪(0‬‬ ‫‪((5‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫إال أن بعض الباحثين من ذهب إلى أكثر من ذلك‪« ،‬حيث أحصى بعض‬ ‫الدارسين مؤلفاته المخطوطة المبثوثة في مكتبات العالم بأكثر من خمسين‬ ‫مخطوطة»(((‪ ،‬وفي هذه المؤلفات العلم الغزير‪ ،‬والخبرات المتراكمة‪ ،‬بل‬ ‫واألفكار الجديدة الن ِّيرة ‪-‬كما سنرى‪ ،-‬ومثال ذلك أن ابن ماجد «يتحدث‬ ‫عن االستدارة حول القارة األفريقية في معرض حديثه عن الساحل الواقع‬ ‫إلى الجنوب من سفالة»(((‪.‬‬ ‫يقول الباحث ناصر بو حجام تلخيصا للفوائد الجليلة التي حصل عليها‬ ‫العا َلم من أعمال ابن ماجد وإنجازاته العلمية‪« :‬وقد ساعدت هذه العلوم‬ ‫على اختصار الطرق المالحية وقياساتها‪ ،‬ومواعيد السفر منها وإليها‪،‬‬ ‫وباستخدام هذه المعلومات أبعدت السفن عن المواقع الخطرة؛ مما‬ ‫وسهل حركة التجارة بين القارات‪،‬‬ ‫ساعد على ازدهار التجارة بين البلدان‪َّ ،‬‬ ‫وعمق عالقات التواصل بين الشعوب»(((‪ ،‬وهذا بال شك جاء نتيجة الجد‬ ‫َّ‬ ‫واالجتهاد‪ ،‬وحب العلم والتجربة‪ ،‬ونشر المعرفة بين الناس‪ .‬لقد كان ابن‬ ‫ماجد ذا همة عالية وعزيمة متوقدة؛ جعلت منه إنسانا يخلده التاريخ لما‬ ‫قدَّ مه للبشرية من خير عظيم‪ ،‬وعلم نافع‪ ،‬عسى ال َّله أن يكتبه له صدقة جارية‬ ‫إلى يوم القيامة‪.‬‬ ‫يذكر بعض المؤرخين أن أحمد بن ماجد ساعد البرتغالي فاسكو‬ ‫دي جاما للوصول إلى الهند عام ‪ ((98‬م انطالقا من شرق أفريقيا‪ ،‬إال‬ ‫((( هادي حسن حمودي‪ ،‬علماء عُمانيون عبر التاريخ‪ ،‬ص‪((5‬‬ ‫((( عبادة كحيلة‪ ،‬عن العرب والبحر‪ ،‬ص‪68‬‬ ‫((( محمد بن قاسم ناصر بو حجام‪ ،‬أسد البحار ال ُعماني أحمد بن ماجد‪ ،‬هيئة الوثائق‬ ‫والمحفوظات الوطنية‪ ،‬سلطنة عُمان‪ ،‬ط(‪ (0(5 ،‬م‪ ،‬ج(‪ ،‬ص‪((7‬‬ ‫‪((6‬‬ ‫أن بعض الباحثين ينفون ذلك‪ ،‬كالباحث إبراهيم خوري الذي أ ّلف كتابا‬ ‫بعنوان (أحمد بن ماجد حياته‪ ،‬مؤلفاته‪ ،‬استحالة لقائه بفاسكو دي جاما)‪،‬‬ ‫وخصص فيه قسما من أقسام كتابه األربعة إلثبات عدم صحة ما يتداول من‬ ‫مساعدة ابن ماجد للبرتغاليين للوصول إلى الهند‪ ،‬وكذلك الدكتور سلطان‬ ‫بن محمد القاسمي في كتابه (بيان للمؤرخين األماجد في براءة ابن ماجد)‪،‬‬ ‫وجاء في الخالصة بعد أن أورد أدلته‪« :‬وبذلك يكون مرشد (فاسكو دي‬ ‫جاما) في رحلته من الساحل األفريقي إلى الهند‪ ،‬مسيحيا كجراتيا»(((‪،‬‬ ‫وليس ابن ماجد‪.‬‬ ‫(((‬ ‫هناك مالح آخر معاصر البن ماجد‪ ،‬هو سليمان بن أحمد المهري‪،‬‬ ‫«من أهل ساحل بالد المهرة‪ ،‬وهي المنطقة الممتدة من الشحر إلى مرتفعات‬ ‫ظفار الساحلية في ُعمان»(((‪ ،‬توفي المالح سليمان المهري بعد ابن ماجد‬ ‫بنحو نصف قرن؛ مما يجعل احتمال لقائهما ممكنا جدا‪ ،‬بل يعتبره البعض‬ ‫تلميذا البن ماجد‪ ،‬وقد مأل بعض النقص الوارد في مؤلفات ابن ماجد‪،‬‬ ‫يقول الدكتور حمودي‪« :‬وكأن سليمان المهري في كتابه (المنهاج الفاخر‬ ‫في علم البحر الزاخر) أراد أن يكمل مسيرة أستاذه وابن منطقته أحمد بن‬ ‫((( سلطان بن محمد القاسمي‪ ،‬بيان للمؤرخين األماجد في براءة ابن ماجد‪ ،‬سلطان القاسمي‪،‬‬ ‫الشارقة‪ ،‬ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (000/‬م‪ ،‬ص(‬ ‫((( سليمان بن أحمد بن سليمان المهري‪( ،‬ت (‪ 96‬هـ‪ (55(/‬م)‪ ،‬بحار فلكي‪ ،‬يلقب «معلم‬ ‫البحر»‪ ،‬كان من سكان بلدة سقطرى‪ ،‬له تآليف في علوم البحر وأنوائه وأحوال النجوم والرياح‬ ‫ووصف الطرق البحرية بين بالد العرب والهند وجاوة والصين‪ ،‬انظر‪ :‬خير الدين الزركلي‪،‬‬ ‫األعالم‪ ،‬ج(‪ ،‬ص(((‬ ‫((( عبدالمنعم عامر‪ ،‬عُمان في أمجادها البحرية‪ ،‬ص(‪8‬‬ ‫‪((7‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ماجد»(((‪ .‬ترك المهري خمسة مؤلفات ‪-‬سيأتي الحديث عنها‪ -‬باقية حتى‬ ‫اليوم؛ ولذا فقد «بقي تراث العرب في الكتابة عن فنون المالحة متصال‬ ‫على يد سليمان المهري»(((‪ ،‬ويوضح لنا الدكتور أنور عبدالعليم العالقة‬ ‫العلمية بين الرجلين‪« :‬ومؤلفات سليمان المهري في مجموعها تتبع نفس‬ ‫المنهج الذي سار عليه سلفه ابن ماجد‪ ،‬بل هي في كثير من األحوال شرح‬ ‫لتلك المؤلفات‪ .‬ويتفق الرجالن على أن علم البحر وفنونه من العلوم‬ ‫العقلية التجريبية»(((‪.‬‬ ‫((( هادي حسن حمودي‪ ،‬علماء عُمانيون عبر التاريخ‪ ،‬ص(((‬ ‫((( عبدالمنعم عامر‪ ،‬عُمان في أمجادها البحرية‪ ،‬ص(‪8‬‬ ‫((( أنور عبدالعليم‪ ،‬ابن ماجد المالح‪ ،‬ضمن (سلسلة أعالم العرب)‪ ،‬العدد (‪ ،6‬القاهرة‪ ،‬ص(‪8‬‬ ‫‪((8‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬بع�ض الم�سنفات البحرية‪:‬‬ ‫نذكر هنا بعض مؤلفات البحارة ال ُعمانيين وبعض أفكارهم واختراعاتهم‪،‬‬ ‫وقد تنوعت مصنفاتهم ‪-‬كغيرها من العلوم‪ -‬بين الشعر والنثر‪ .‬وال ريب‬ ‫أن البداية ستكون مع عمدة المالحين ال ُعمانيين أحمد بن ماجد بن محمد‬ ‫بن عمرو السعدي‪ ،‬فأبرز وأهم مؤلفاته القيمة كتاب (الفوائد في أصول‬ ‫علم البحر والقواعد)(((‪ ،‬يقول في مقدمته ذاكرا فضل هذا العلم‪« :‬إن هذا‬ ‫يدل على القبلة؛ فيحتاج إليه أهل الفرائض‪ .‬وقد قرأ علينا فيه كثير‬ ‫العلم ُّ‬ ‫من علمائهم وقضاتهم لمعرفة القبلة‪ ،‬واستحسنوه‪ ،‬وعملوا به دون غيره‬ ‫من العلوم التقريب ّيات»(‪ ،(5‬ويعتبره بعض الباحثين «أهم وثيقة وصلتنا في‬ ‫الجغرافيا المالحية من العصور الوسطى على اإلطالق»(‪ ،(6‬ذكر فيه «أن‬ ‫البحر األحمر هو امتداد للبحر األبيض المتوسط‪ ،‬وأنه أوطأ منه قليال‪،‬‬ ‫وأعمق منه‪ ،‬وأن الفاصل البري بينهما يمكن أن ُيفتح ليلتقي البحران؛‬ ‫تسهيال للمالحة بدال من الدوران حول رأس الرجاء الصالح‪ ،‬الذي كانوا‬ ‫يسمونه (جبال القمر)‪ ،‬ولكن هذه الرؤية لم يأخذ بها أحد من الشرقيين‪،‬‬ ‫ربما لعدم حاجتهم إليها؛ نظرا لطموحاتهم المحدودة‪ ،‬ولكن الغربيين‬ ‫تل ّقفوها‪ ،‬فكانت قناة السويس!»(‪ .(7‬و ُيعتبر أحمد بن ماجد هو مخترع آلة‬ ‫الكمال لتحديد القبلة ومواقع النجوم‪ ،‬بعد أن الحظ بدائية الطريقة السابقة‬ ‫((( انظر الصورة (‪((6‬‬ ‫(‪ (5‬أحمد بن ماجد السعدي‪ ،‬الفوائد في أصول علم البحر والقواعد والفصول‪ ،‬تحقيق وتحليل‪،‬‬ ‫إبراهيم خوري‪ ،‬مركز الدراسات والوثائق‪ ،‬رأس الخيمة‪ ،‬ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (00(/‬م‪ ،‬ص‪(8‬‬ ‫(‪ (6‬رجب محمد عبد الحليم‪ ،‬ال ُعمانيون والمالحة والتجارة ونشر اإلسالم‪ ،‬ص‪55‬‬ ‫(‪ (7‬هادي حسن حمودي‪ ،‬علماء عُمانيون عبر التاريخ‪ ،‬ص‪((6‬‬ ‫‪((9‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫(القياس باألصابع)‪ ،‬فأدخل عليها من التحسينات ما عرف بعد ذلك باسم‬ ‫(الخشبات واأللواح)(((‪.‬‬ ‫الصورة (‪ :)(6‬غالف كتاب «الفوائد في أصول علم البحر والقواعد» ألحمد بن ماجد السعدي‪ ،‬نقال‬ ‫عن نسخة مكتبة الشيخ عبدال َّله خلف الدحيان بوزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية بدولة الكويت‪.‬‬ ‫((( حمود بن حمد الغيالني‪ ،‬العلوم البحرية وصناعة السفن في سلطنة عُمان‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة‬ ‫لندوة «إسهامات ال ُعمانيين في العلوم التطبيقية» بجامعة السلطان قابوس‪ ،‬مسقط‪ ،‬اإلثنين ‪7‬‬ ‫ديسمبر ‪ (0(5‬م‬ ‫‪((0‬‬ ‫‪٤٣٨-٤٢٧‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪٢٢١‬‬ ‫‪‬‬ ‫ُ‬ ‫ ُ‬ ‫ َ‬ ‫ َ‬ ‫«‬ ‫(‪(٢( (١‬‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫«‬ ‫ ُ ٌ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪٧٨‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪١٨‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫‪٢٢٢‬‬ ‫والقياسات والدير وسكان األرض وملوكها ومواسمها وسفرها(((‪،‬‬ ‫واألرجوزة الثانية اسمها (المعلقية)‪ ،‬يصف فيها المجاري البحرية‪ ،‬وما في‬ ‫طريقها من الجزر‪ ،‬ووصف لتلك البلدان(((‪ ،‬أما األرجوزة الثالثة فسماها‬ ‫(التاييه)‪ ،‬ويتحدث فيها عن الطريق من جدة إلى عدن‪ ،‬وما يتصل بها من‬ ‫مجار وقياسات(((‪ .‬والبن ماجد مؤلفات أخرى كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫* (النونية الكبرى) أو (قصيدة الخيل)‪ ،‬وهي «منظومة شعرية في‬ ‫علم البحار‪ ،‬يصف فيها المؤلف أصول علم البحار والطرق التجريبية‪،‬‬ ‫وقياسات بعض النجوم وانتقالها في البروج»(((‪ ،‬مطلعها‪:‬‬ ‫ح � ��اف � ��ظ ال � �ب� ��اق� ��ي ع� � �ل � � ّ�ي ال� ��� �س ��ان ��ي‬ ‫اب � � � � � ��داأ ب� ��ا� � �س� ��م الأول ال� ��رح � �م� ��ن‬ ‫ارك �ب ��وا ف�ي�ه��ا ب��ا��س��م اهلل ي��ا اإخ��وان��ي‬ ‫ال� �م ��رت� �ج ��ى ال� �م� �ن� �ج ��ي ال� � � ��ذي ق ��ال‬ ‫� � �س � �ب � �ح� ��ان� ��ه م� � � ��ن واه � � � � � ��ب دي � ��ان � ��ي‬ ‫� � �س � �ب � �ح� ��ان� ��ه م� � � ��ن خ � � ��ال � � ��ق ل �ط �ي ��ف‬ ‫* (المعربة)‪ ،‬وهي قصيدة تصف الطرق البحرية في خليج عدن‪،‬‬ ‫مطلعها‪:‬‬ ‫ث � � ��م ق � �ي� ��ا�� ��ض الأن � � � �ج� � � ��م ال � � � � � ��دراري‬ ‫ي� ��ا � �س ��ائ �ل ��ي ع� ��ن � �س �ف ��ة ال� �م� �ج ��اري‬ ‫دي � � ��ر ال� �م� �ط ��ال ��ق اف � �ه� ��م ال �� �س �ف ��ات‬ ‫وع� � � ��ن � � �س � �ف� ��ات ال� � �ب � ��ر وال � � ��دي � � ��رات‬ ‫* (كنز المعالمة)‪« ،‬في قياسات بعض النجوم»(‪ ،(5‬مطلعها‪:‬‬ ‫((( أحمد بن ماجد السعدي‪ ،‬ثالث أزهار في معرفة البحار‪ ،‬تحقيق ونشر‪ ،‬تيودورشوموفسكي‪،‬‬ ‫ترجمة وتعليق‪ ،‬محمد منير مرسي‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ (969 ،‬م‪ ،‬ص‪(7‬‬ ‫((( أحمد بن ماجد السعدي‪ ،‬ثالث أزهار في معرفة البحار‪ ،‬ص(‪5‬‬ ‫((( أحمد بن ماجد السعدي‪ ،‬ثالث أزهار في معرفة البحار‪ ،‬ص‪66‬‬ ‫((( وزارة التراث والثقافة‪ ،‬فهرس المخطوطات‪ ،‬المجلد الثالث‪ ،‬علوم التاريخ والبحار والفلك‬ ‫والرياضيات‪ ،‬ص‪(66‬‬ ‫(‪ (5‬أحمد بن ماجد السعدي‪ ،‬النونية الكبرى مع ست قصائد أخرى‪ ،‬شرح وتحقيق‪ ،‬حسن صالح‬ ‫شهاب‪ ،‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (99(/‬م‪ ،‬ص‪5‬‬ ‫(((‬ ‫‪‬‬ ‫ُ‬ ‫(‪.(١‬‬ ‫ل َّلـه‬ ‫‪١٠٨٣‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫ ً‬ ‫‪٥‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪٩٠‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪٢٢٤‬‬ ‫العظيمة؛ فإنه يسعى لتعليم غيره ما بان له من الصواب من خالل ما كتبه‬ ‫من نثر ونظم‪ ،‬ومشجعا لطالب العلم على تعلم مختلف الفنون‪ ،‬فيقول في‬ ‫حاوية االختصار‪:‬‬ ‫اإل� � � �ي � � ��ك ن� �ظ� �م ��ا ي � � ��ا ل � � ��ه م � � ��ن ن �ظ ��م‬ ‫ي � � ��ا اأي� � � �ه � � ��ا ال� � �ط � ��ال � ��ب ع � �ل� ��م ال � �ي � � ِّم‬ ‫وم� � � � ��ا ه � � ��و ا� � �س � �ت � �ن � �ب� ��ط ل� �ل� ��� �س ��واب‬ ‫ف � ��ي ال� �ع� �ل ��م وال� �ه� �ي� �ئ ��ة وال� �ح� ��� �س ��اب‬ ‫كما يتبين من قصائده أهمية التجربة والمران‪ ،‬وال شك في ذلك؛ فإن‬ ‫علم المالحة البحرية واحد من العلوم التجريبية القائمة على الممارسة‬ ‫والتطبيق؛ فمهما تعلم اإلنسان النظريات وقرأ الكتب‪ ،‬فإن ذلك ال يغنيه‬ ‫عن التجربة‪ ،‬وال يسعفه ليكون مالحا ماهرا‪ ،‬يقول ابن ماجد في الحاوية‪:‬‬ ‫اع � � �م� � ��ل ب � � ��ه ف � � ��ي ك � � ��ل م � � ��ا ت� �ع� �ت ��ان ��ا‬ ‫وك � � � � � ��ل م� � � � ��ا ج� � � ��رب� � � ��ت ي� � � � ��ا رب � � ��ان � � ��ا‬ ‫اف � � � �ع� � � ��ل ب� � �ت� � �ج � ��ري� � �ب � ��ك ل ت� � �ب � ��ال‬ ‫ث� � � ��م � � � �س � � �ف� � ��ات ال� � � �ب � � ��ر وال � � �ج � � �ب� � ��ال‬ ‫اأو ق � � ��ول ال � ��وا�� � �س � ��ف ق � ��د ح �ق �ق �ت��ه‬ ‫ل ت � �ع � �ت � �ب� ��ر اإل ب � � �م� � ��ا ج� ��رب � �ت� ��ه‬ ‫أما سليمان بن أحمد المهري (ت (‪ 96‬هـ )‪ ،‬فاعتمد على النثر‪ ،‬ال‬ ‫على الشعر؛ فمن مؤلفاته‪( :‬العمدة المهرية في ضبط العلوم البحرية)‪ ،‬ذكر‬ ‫فيه «البث في أصول الفلك البحري‪ ،‬والتعريف باالصطالحات البحرية‪،‬‬ ‫والنجوم وعالقتها بالمالحة‪ ،‬ووصف الطرق البحرية والقياسات والرياح‬ ‫الموسمية السائدة في المحيط الهندي‪ ،‬ووصف البحر األحمر وكيفية‬ ‫اجتياز المخاطر التي تتعرض لها السفن الشراعية»(((‪ ،‬وله أيضا (تحفة‬ ‫الفحول في تمهيد األصول)‪ ،‬وهو كتاب يتكون من عدة أبواب‪« ،‬الباب‬ ‫األول منه في صفة األفــالك والنجوم‪ ،‬وفي المغناطيس وبيت اإلبرة‪،‬‬ ‫((( خالد سالم محمد‪ ،‬ربابنة الخليج العربي ومصنفاتهم المالحية‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط(‪((0( ،‬‬ ‫هـ‪ (98(/‬م‪ ،‬ص‪((6‬‬ ‫‪((5‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫والثاني في تقسيم الدائرة إلى اثنتين وثالثين خن ًا‪ ،‬والثالث في األزوام(((‪،‬‬ ‫والرابع في الطرق المالحية الساحلية‪ ،‬والتي في عرض البحر‪ ،‬والخامس‬ ‫في تحديد ارتفاع النجوم‪ ،‬والسادس في المسافات بين الموانئ‪ ،‬والسابع‬ ‫في األرياح والعواصف»(((‪ .‬ومن مصنفات المهري‪( :‬المنهاج الفاخر في‬ ‫علم البخر الزاخر)‪ ،‬يتكون من عدة أبواب‪« ،‬وفيه ذكر للجزر المعمورة‬ ‫والمسافات بين بالد العرب وساحل الهند‪ ،‬وموانئ خليج البنغال وساحل‬ ‫وبالي‪ ،‬وفيه ذكر للرياح‬ ‫(((‬ ‫أفريقيا الشرقي‪ ،‬وموانئ سومطرة وجــاوة‬ ‫والعواصف‪ ،‬والمخاطر التي تتعرض لها السفن‪ ،‬والعالمات التي تشير‬ ‫إلى اقتراب األرض على ساحل الهند وجزيرة العرب وسواحل أفريقيا‬ ‫الشرقية»(((‪ .‬وللمهري أيضا‪( :‬رسالة قالدة الشموس)‪ ،‬و(شرح تحفة‬ ‫الفحول)(‪.(5‬‬ ‫ويظهر من مصنفات المهري التنوع بين الفلك‪ ،‬والجغرافيا‪ ،‬واإلبحار‬ ‫وأدواتــه وآالتــه وطرقه ومخاطره‪ ،‬وكلها علوم يحتاجها ربابنة البحر‪،‬‬ ‫فالفلك ‪-‬كما ذكرنا سابقا‪ -‬مرتبط ارتباطا وثيقا بالبحر؛ للحاجة الضرورية‬ ‫إليه لمن يعبر البحار والمحيطات‪ ،‬كتحديد موقع السفينة وفق خطوط‬ ‫((( الزام‪ :‬أداة تستعمل في عُمان لقياس المسافة‪ .‬والزام يساوي ثمن يوم بحري‪ ،‬أي‪ :‬ما يعادل‬ ‫ثالث ساعات تقريبا‪ ،‬انظر‪ :‬معجم مصطلحات اإلباضية لمجموعة من الباحثين‪ ،‬وزارة‬ ‫األوقاف والشؤون الدينية‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (0((/‬م‪ ،‬ج(‪ ،‬ص(((‪ ،‬مادة «زمم»‬ ‫((( أنور عبدالعليم‪ ،‬ابن ماجد المالح‪ ،‬ص(‪8‬‬ ‫((( أندونيسيا‬ ‫((( خالد سالم محمد‪ ،‬ربابنة الخليج العربي ومصنفاتهم المالحية‪ ،‬ص‪((9‬‬ ‫(‪ (5‬حسن صالح شهاب‪ ،‬أحمد بن ماجد والمالحة في المحيط الهندي‪ ،‬مركز الدراسات والوثائق‬ ‫في الديوان األميري برأس الخيمة‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬ص‪8‬‬ ‫‪((6‬‬ ‫الطول ودوائر العرض‪ ،‬والمسافة المتبقية للوصول‪ ،‬ومواعيد الرياح التي‬ ‫يعتمدون عليها في التنقل‪ ،‬وأوقات األعاصير واألنواء المناخية‪ .‬أما علم‬ ‫الجغرافيا‪ ،‬فهو لمعرفة المسافات بين البلدان والسواحل‪ ،‬ووصف الجزر‪،‬‬ ‫وتضاريس البلدان‪.‬‬ ‫ومن كتب ال ُعمانيين المعاصرة‪( :‬معدن األسرار في علم البحار)(((‪،‬‬ ‫لناصر بن علي بن ناصر الخضوري(((‪ ،‬يتضمن عدة أجــزاء‪ :‬جزء في‬ ‫وثان في جداول المساج((( (المشاة)‪ ،‬وثالث‬ ‫ٍ‬ ‫جداول الميل األعظم(((‪،‬‬ ‫في جداول الطول والعرض للموانئ والمعالم البحرية (المناتخ)‪ ،‬والجزء‬ ‫الرابع في وصف الطرق البحرية (المجاري)‪ ،‬والخامس في وصف آلة‬ ‫الكمال(‪( (5‬السدس)‪ ،‬وطريقة استخراج عرض المركب‪ ،‬والسادس في‬ ‫وصف دائرة بيت اإلبرة (الديرة أو البوصلة) وفي قواعد الحساب البحري‪.‬‬ ‫كما يتضمن الكتاب جداول فلكية في معرفة الشروق‪ ،‬وأخرى في معرفة‬ ‫بر العرب وزنجبار‪ ،‬كما يتحدث عن انتقال القبلة من مكان آلخــر(‪،(6‬‬ ‫((( انظر الصور (‪(5( - (7‬‬ ‫((( نوخذة من والية صور‪ ،‬ت ‪ ((88‬هـ‪ (968/‬م‬ ‫((( الميل األعظم‪ ،‬ميل الشمس ‪-‬أي بعدها‪ -‬عن خط االستواء أثناء سيرها في فلك البروج‪،‬‬ ‫انظر‪ :‬ناصر الخضوري‪ ،‬معدن األسرار في علم البحار‪ ،‬ص‪5‬‬ ‫((( المساج‪ :‬مشي السفينة طوال وعرضا‪ ،‬ويقاس بأداة تعرف عند البحارة المتأخرين بــ(الباطلي)‪،‬‬ ‫انظر‪ :‬ناصر الخضوري‪ ،‬معدن األسرار في علم البحار‪ ،‬ص‪(8‬‬ ‫(‪ (5‬الكمال‪ :‬آلة تستعمل لتحديد موقع المركب عرضا (شماال أو جنوبا) بقياس بعد الشمس عن‬ ‫المركب‪ ،‬انظر‪ :‬حمود بن حمد الغيالني‪ ،‬التاريخ المالحي وصناعة السفن في مدينة صور‬ ‫ال ُعمانية‪ ،‬وزارة التراث‪ ،‬مسقط‪ (006 ،‬م ص‪ ،65‬و ناصر الخضوري‪ ،‬معدن األسرار في علم‬ ‫البحار‪ ،‬ص‪6‬‬ ‫(‪ (6‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬فهرس المخطوطات‪ ،‬المجلد الثالث‪ ،‬علوم التاريخ والبحار والفلك‬ ‫والرياضيات‪ ،‬ص(‪(65-(6‬‬ ‫‪((7‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ويحتوي رسوما لموضع المركب في عرض البحر بالنسبة لموقع الشمس‬ ‫وخط االستواء(((‪ .‬وللخضوري كتاب آخر‪ ،‬عنوانه (تنبيه الغافل في معرفة‬ ‫علم البحر وقواعده)(((‪.‬‬ ‫الصورة (‪ :)(7‬ميل الشمس في البروج العربية‪ ،‬من كتاب «معدن األسرار في علم البحار» لناصر بن‬ ‫علي الخضوري‪ ،‬ص‪.99‬‬ ‫((( ناصر بن علي بن ناصر الخضوري‪ ،‬معدن األسرار في علم البحار‪ ،‬ص‪58‬‬ ‫((( حمود بن حمد الغيالني‪ ،‬رسالة إليكترونية ردا على سؤال وجهته إليه بتاريخ ((‪ (0(5/9/‬م‬ ‫‪((8‬‬ ‫الصورة (‪ :)(8‬المساج ونسبة الطول والعرض فيه‪ ،‬من كتاب «معدن األسرار في علم البحار» لناصر بن‬ ‫علي الخضوري (ت ‪ ((88‬هـ)‪ ،‬ص‪.((6‬‬ ‫‪((9‬‬  ُ ٤٩ ‫ ُ‬ ١٣٨٨ ٢٣٠ ٥٠ .١٦٢ ١٣٨٨ ٢٣١ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫الصورة ((‪ :)5‬قياسات البر الغربي‪ ،‬من كتاب «معدن األســرار في علم البحار» لناصر بن علي‬ ‫الخضوري (ت ‪ ((88‬هـ)‪ ،‬ص(‪.(7‬‬ ‫(((‬ ‫الصورة ((‪ )5‬موقع الشمس من المركب‪ ،‬من كتاب «معدن األسرار في علم البحار» لناصر بن علي‬ ‫الخضوري‪ ،‬ص‪.((5‬‬ ‫(((‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫الصورة ((‪ :)5‬من مخطوطة «معدن األسرار في علم البحار» لناصر الخضوري (نقال عن حمود بن‬ ‫حمد الغيالني‪ ،‬التاريخ المالحي وصناعة السفن في مدينة صور ال ُعمانية‪ ،‬ص‪.)(88‬‬ ‫(((‬ ‫ ُ‬ ‫‪١٣٨١‬‬ ‫«‬ ‫(‪(٢( (١‬‬ ‫»‬ ‫«‬ ‫(‪(٤( (٣‬‬ ‫«(‪.(٥‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(١‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪( ٦٧‬‬ ‫(‪(٣‬‬ ‫‪١٢٨٦‬‬ ‫ ُ‬ ‫‪١٤٥-١٤٣/٣‬‬ ‫‪٥٦‬‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫‪(٨‬‬ ‫ ُ‬ ‫(‪(٥‬‬ ‫‪٢٣٥‬‬  ُ ‫ ُ‬ (١( « ٦ (١( ٢٣٦ ‫الخاتمة‬ ‫العلم مبدأ من المبادئ األساسية في دين ال َّله‪ ،‬ويحث اإلسالم على تع ُّلم‬ ‫كل ما هو نافع للبشرية‪ ،‬ومنها العلوم التجريبية حتى اعتُبرت من الفروض‬ ‫الكفائية التي ال بد لألمة عموما من القيام بها؛ ومن ّث َّم انطلق المسلمون‬ ‫بتشجيع من دينهم وبسعة أفقهم ينهلون من مختلف العلوم؛ فأخذوا من‬ ‫الحضارات األخرى كالفارسية واليونانية والهندية؛ فصححوا ما رأوه‬ ‫خطأ‪ ،‬وطوروا ما وجدوه ناقص ًا؛ فابتكروا واخترعوا‪ ،‬وتفننوا وأبدعوا؛ فبرز‬‫ً‬ ‫منهم األطباء البارعون‪ ،‬والمهندسون المبدعون‪ ،‬والفلكيون المتبحرون‪،‬‬ ‫والبحارة المتفوقون‪ ،‬والكثير من العلماء في شتى مجاالت العلم؛ فأفادوا‬ ‫العالم شرقا وغربا بمؤلفاتهم وتجاربهم وأفكارهم‪ ،‬وانتقلت حضارتهم‬ ‫للغرب خاصة؛ فواصلوا المسير؛ حتى وصلوا إلى ما هم عليه اآلن من‬ ‫الحضارة والعلم‪.‬‬ ‫ولم يكن ال ُعمانيون في منأى عن ذلك؛ فهم وإن كان اهتمامهم بعلوم‬ ‫العقيدة والفقه واللغة أكثر بكثير من العلوم التجريبية‪ ،‬إال أنه كانت لهم أيضا‬ ‫مساهمات ف ّعالة في ركب الحضارة اإلنسانية؛ فأ ّلفوا المصنفات العظيمة‬ ‫الفائدة‪ ،‬الغزيرة العلم‪ ،‬المدعومة بالتجربة‪ ،‬ككتاب (الماء) البن الذهبي‬ ‫الصحاري‪ ،‬وكتاب (الفوائد) ألحمد بن ماجد ‪ ،‬ومنظومة (زاد الفقير وجبر‬ ‫الكسير) وشرحها لراشد بن خلف‪ .‬ولكون هذه العلوم تجريبية تطبيقية أكثر‬ ‫منها نظرية بحتة؛ فقد كانت الممارسة فيها منتشرة عند ال ُعمانيين أكثر من‬ ‫التأليف والتدوين‪.‬‬ ‫‪((7‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ففي مجال الهندسة تكاد تنعدم المصنفات؛ إال أن دور ال ُعمانيين‬ ‫الحضاري فيه بارز جدا من الناحية العملية والتطبيقية‪ ،‬خاصة في األفالج‬ ‫والقالع والحصون‪ ،‬وأعمالهم في هذا المجال باقية إلى اآلن صامدة‬ ‫بالرغم من مرور مئات السنين عليها‪ .‬وكذا الحال في علم الفلك‪ ،‬فإن‬ ‫المصنفات موجودة رغم ق َّلتها‪ ،‬لكن التطبيق عام شامل لجميع فئات‬ ‫فالبحارة يعتمدون عليه في تحديد أوقات السفر المناسبة‪ ،‬وفي‬ ‫َّ‬ ‫المجتمع؛‬ ‫معرفة موقعهم في عرض البحر والمسافة المتبقية للوصول إلى غايتهم‪،‬‬ ‫البر يستخدمونه في تحديد‬ ‫وفي تجنُّب األعاصير واألنواء المناخية‪ .‬وأهل ِّ‬ ‫المواسم المناسبة للزراعة والحصاد‪ ،‬واعتمدوا عليه كل ّيا في تقسيم مياه‬ ‫ُخدم الفلك أيضا في تسهيل أداء‬ ‫األفالج بين أصحاب المزارع‪ .‬واست ِ‬ ‫الشعائر والعبادات‪ ،‬كتحديد اتجاه القبلة‪ ،‬ووضع تقويم لمعرفة أوقات‬ ‫الصلوات‪.‬‬ ‫أما العلوم البحرية‪ ،‬فقد اشتهر ال ُعمانيون بها شهرة واسعة‪ ،‬ويكاد ال‬ ‫ُيذكرون خارج ُعمان في مجال العلوم التجريبية إال عند الحديث عن البحر‬ ‫وربابنته‪ ،‬فكانت لهم صوالت وجوالت‪ ،‬وكانت لهم أشهر المؤلفات‪،‬‬ ‫دونه ابن ماجد من مصنفات بحرية فلكية استفاد منها العالم في‬ ‫خاصة ما َّ‬ ‫سفره وتجارته واكتشافاته‪ .‬ومارس ال ُعمانيون الطب‪ ،‬وبرعوا فيه‪ ،‬واشتهر‬ ‫عندهم تجبير الكسور إلى اآلن‪ ،‬وتركوا المصنفات الطبية الثرية‪ ،‬كالطبيب‬ ‫راشد بن عميرة الهاشمي‪ ،‬الذي أك َث َر من التأليف والممارسة والتجربة‪.‬‬ ‫وقد تميزت العلوم التجريبية عند ال ُعمانيين باستخدا ٍم واس ٍع لألدب؛‬ ‫فأ َّلفوا القصائد واألراجيز في الطب والفلك وعلوم البحار‪ ،‬حتى إن ما‬ ‫‪((8‬‬ ‫كتبه المالح أحمد بن ماجد شعرا يتجاوز عدد ما أ َّلفه نثرا بأضعاف كثيرة‪.‬‬ ‫ولم يكن ال ُعمانيون منعزلين وال منغلقين‪ ،‬بل يتضح لنا أنهم كانوا واسعي‬ ‫األفق‪ ،‬منفتحين على اآلخرين؛ فأخذوا من غيرهم العلوم والتجارب‪ ،‬ولم‬ ‫يمنعهم في ذلك اختالف الدين والقومية؛ فاستفادوا من العرب والعجم‪،‬‬ ‫بل حتى من غير المسلمين‪ .‬وكذلك علومهم‪ ،‬لم تقتصر عليهم؛ بل انتشرت‬ ‫في أصقاع المعمورة‪ ،‬واستفاد منها اآلخرون‪ ،‬خاصة في مجالي الطب‬ ‫وعلوم البحار‪ .‬وقد كان علماء الشرع حاضرين أيضا في مجال العلوم‬ ‫التجريبية‪ ،‬ولم يمنعهم اشتغالهم بالعلوم الشرعية النقلية من االهتمام‬ ‫بالعلوم الكونية العقلية‪ ،‬كالطب والفلك والكيمياء والرياضيات‪ .‬كما‬ ‫شاركت المرأة الرجل‪ ،‬وساهمت مساهمة بسيطة في هذه المجاالت‪ .‬أما‬ ‫ما يخص الدراسة النظامية‪ ،‬فقد كانت المدارس شحيحة للغاية‪ ،‬واقتصرت‬ ‫‪-‬غالبا‪ -‬على مبادئ العلوم‪.‬‬ ‫لقد اهتم ال ُعمانيون بالطب والهندسة والفلك وعلوم البحار أكثر من‬ ‫اهتمامهم بالعلوم األخرى‪ ،‬كالرياضيات والفيزياء والكيمياء؛ وذلك لكون‬ ‫هذه العلوم التي اهتموا بها تالمس واقعهم‪ ،‬وتؤثر في حياتهم أكثر من‬ ‫العلوم األخرى؛ فالطب ال غنى لكل أحد عنه؛ للحاجة الشديدة إليه في‬ ‫قوام األبدان‪ ،‬والهندسة َخدَ َمتهم في معيشتهم؛ فجلبوا من خاللها الماء‬ ‫والسكن والحماية‪ ،‬وارتبطوا بالفلك ارتباطا وثيقا؛ للخدمات الجليلة التي‬ ‫يقدمها لهم‪ ،‬وعاشوا في البحر؛ ألنه حقق لهم هدف االنتقال والتجارة‪.‬‬ ‫والحظت أن أغلب المصنفات المعروفة في مجال العلوم التجريبية‬ ‫ترجع للفترة الزمنية الواقعة بين القرنين التاسع والرابع عشر ل َّلهجرة؛ ولعل‬ ‫‪((9‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ذلك عائد إلى كون هذه الفترة قريبة ‪-‬نوعا ما‪ -‬من زماننا‪ ،‬ولم تصبها‬ ‫الحرائق والجوائح؛ فبقيت حتى وصلت لعهد التصوير الضوئي والحفاظ‬ ‫على المخطوطات‪ ،‬ولعل من أسباب ذلك أيضا اهتمام الدولة اليعربية‬ ‫بالعلم باختالف مجاالته‪.‬‬ ‫وفي الختام أدعو الباحثين إلى تعميق البحث في هذا الجانب؛ فالطريق‬ ‫ما زال في بدايته‪ ،‬وكل علم من العلوم التجريبية يحتاج لبحث مستقل‪،‬‬ ‫وينبغي كذلك تقسيم الفترات الزمنية والعصور المختلفة‪ ،‬ودراستها في‬ ‫بحوث منفصلة‪ ،‬وعسى أن أكون قد ساهمت بوضع لبنة في هذا المجال‪.‬‬ ‫ونسأل ال َّله التوفيق واإلخالص‪.‬‬ ‫ا ْل َح ْمدُ لِ َّل ِه َر ِّب ا ْل َعا َل ِمي َن‬ ‫‪((0‬‬ ‫التو�سيات‪:‬‬ ‫بعد هذا التجوال في مجال العلوم التجريبية‪ ،‬أوصي بما يلي‪:‬‬ ‫( ‪ -‬االهتمام بتدريس العلوم التجريبية على أعلى مستوى في التعليم‬ ‫المدرسي والجامعي على حد ســواء‪ ،‬وإعــداد الكفاءات فيها بدال من‬ ‫االعتماد على الغرب‪.‬‬ ‫( ‪ -‬ربط العلوم التجريبية بعلم الشرع‪ ،‬وجعلها أحد فروعه؛ حتى ال‬ ‫يشعر المسلم بانفصال بين الدين والدنيا‪ ،‬وبين العلم والشرع‪.‬‬ ‫( ‪ -‬إبراز الدور الذي قام به المسلمون ‪-‬وال ُعمانيون خاصة‪ -‬عند‬ ‫تدريس هذه العلوم في المدارس والمعاهد والكليات والجامعات‪.‬‬ ‫( ‪ -‬إنشاء معجم خاص للتعريف بالشخصيات ال ُعمانية العاملة في‬ ‫مجال العلوم التجريبية‪.‬‬ ‫‪ - 5‬التنقيب عن هذه العلوم في الكتب الفقهية‪ ،‬والكشف عن العالقة‬ ‫بين الفقه والعلوم التجريبية‪.‬‬ ‫‪ - 6‬مقارنة وضع هذه العلوم في ُعمان بغيرها من األقطار اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪ - 7‬الكشف عن مدى التواصل الحضاري بين ُعمان وغيرها من خالل‬ ‫هذه العلوم‪.‬‬ ‫‪ - 8‬إقامة الندوات والمحاضرات والمؤتمرات؛ إلبراز هذا الجانب‬ ‫المشرق من الحضارة اإلسالمية‪.‬‬ ‫(((‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫‪ - 9‬تحقيق المخطوطات العلمية وإخــراجــهــا ونشرها مــن قبل‬ ‫المتخصصين‪.‬‬ ‫‪ - (0‬إبراز ما حققه ال ُعمانيون في مجال العلوم التجريبية في المناسبات‬ ‫والفعاليات والمعارض المحلية والعالمية؛ باعتبارها التراث الحقيقي الذي‬ ‫ُيفخر به‪.‬‬ ‫(( ‪ -‬تسمية المؤسسات كالجامعات والكليات والمستشفيات بأسماء‬ ‫شخصيات كان لها دور بارز في مجال العلوم التجريبية‪.‬‬ ‫(( ‪ -‬تدريس العلوم التجريبية باللغة العربية‪ ،‬وهو من أسباب التمكن‬ ‫والتفوق بإذن ال َّله‪.‬‬ ‫(((‬ ‫الملحق‪:‬‬ ‫�سخ�سيات ُعمانية اأخرى �ساهمت في العلوم التجريبية‪:‬‬ ‫التصنيفات‬ ‫الفترة الزمنية‬ ‫اسم الشخصية‬ ‫م‬ ‫مــفــرج بــن أحــمــد بــن أبــي‬ ‫الفلك‬ ‫ق ‪ 9‬هـ‬ ‫(‬ ‫النضر‬ ‫محمد بن علي بن عبدالباقي‬ ‫الفلك‬ ‫ق ‪ (0‬هـ‬ ‫(‬ ‫النزوي‬ ‫قصائد في علم‬ ‫الفلك‬ ‫ق (( هـ‬ ‫عبدال َّله بن مبارك الربخي‬ ‫(‬ ‫الفلك‬ ‫قصائد في علم‬ ‫الفلك‬ ‫ق (( هـ‬ ‫عبدال َّله بن خنبش النزوي‬ ‫(‬ ‫الفلك‬ ‫قصائد في علم‬ ‫محمد بن عبدال َّله بن سالم‬ ‫الفلك‬ ‫ق (( هـ‬ ‫‪5‬‬ ‫الفلك‬ ‫المعولي المنحي‬ ‫الفلك‬ ‫ق (( هـ‬ ‫خميس بن راشد البوشري‬ ‫‪6‬‬ ‫الفلك‬ ‫ق (( هـ‬ ‫عبدال َّله بن س ّيار النزوي‬ ‫‪7‬‬ ‫عبدال َّله بن مبارك بن عمر‬ ‫الفلك‬ ‫ق (( هـ‬ ‫‪8‬‬ ‫الربخي‬ ‫محمد بن عبدال َّله بن مبارك‬ ‫الفلك‬ ‫ق (( هـ‬ ‫‪9‬‬ ‫المسروري الريامي‬ ‫عبدال َّله بن محمد بن غسان‬ ‫الفلك‬ ‫ق (( هـ‬ ‫‪(0‬‬ ‫النزوي‬ ‫(((‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬‫ُ‬ ‫محمد بن راشــد بن سالم‬ ‫الفلك‬ ‫ق (( هـ‬ ‫((‬ ‫الريامي اإلزكوي‬ ‫قصائد في علم‬ ‫الفلك‪ ،‬وكتاب‬ ‫الفلك‬ ‫فـــــي ص ــن ــاع ــة‬ ‫الكيمياء‬ ‫جاعد بن خميس الخروصي ت ‪ (((7‬هـ‬ ‫((‬ ‫الكيمياء‪ ،‬وكتاب‬ ‫الطب‬ ‫في الطب‬ ‫قصائد في علم‬ ‫علي بــن نــاصــر بــن محمد‬ ‫الفلك‬ ‫ت (‪ ((6‬هـ‬ ‫((‬ ‫الفلك‬ ‫الريامي النبهاني‬ ‫قصائد في علم‬ ‫سعيد بن خلفان بن أحمد‬ ‫الفلك‬ ‫ت ‪ ((87‬هـ‬ ‫((‬ ‫الفلك‬ ‫الخليلي‬ ‫حسن بن درويش الخروصي‬ ‫الفلك‬ ‫ق (( هـ‬ ‫‪(5‬‬ ‫السوني‬ ‫محمد بن زهران بن محمد‬ ‫الفلك‬ ‫ق (( هـ‬ ‫‪(6‬‬ ‫العبري‬ ‫مــحــمــد ب ــن عــبــدال ـ َّلــه بن‬ ‫الفلك‬ ‫ق (( هـ‬ ‫‪(7‬‬ ‫سليمان الحارثي‬ ‫مـــنـــظـــومـــة فــي‬ ‫أحمد بن مسعود بن عبدال َّله‬ ‫الفلك‬ ‫‪(8‬‬ ‫الكواكب‬ ‫النزوي‬ ‫الــزهــر الربيعي‬ ‫عـــــلـــــم‬ ‫صالح بن محمد المنتفقي‬ ‫فــي بــيــان العمر‬ ‫ق (( هـ‬ ‫‪(9‬‬ ‫األحياء‬ ‫الصيري‬ ‫الطبيعي‬ ‫الـــــجـــــواهـــــر‬ ‫عـــــلـــــم الــمــنــظــمــة في‬ ‫الخيل المسومة‬ ‫األحياء‬ ‫ت (((( هـ‬ ‫سالم بن حمود السيابي‬ ‫‪(0‬‬ ‫رسالة في الطب‬ ‫واألدويــة وأطباء‬ ‫الطب‬ ‫ُعمان (مفقود)‬ ‫(((‬ ‫السر العلي في‬ ‫عـــــلـــــم خــواص النبات‬ ‫السواحلي‬ ‫النبات‬ ‫ناصر بن جاعد بن خميس‬ ‫ت (‪ ((6‬هـ‬ ‫((‬ ‫روضـــة العلوم‬ ‫الخروصي‬ ‫في علم الحرف‬ ‫الفلك‬ ‫والنجوم‬ ‫عـــــلـــــم األسرار في فوائد‬ ‫نــاصــر بــن عــلــي بــن مطر‬ ‫((‬ ‫عروق األشجار‬ ‫النبات‬ ‫الهنائي‬ ‫عـــــلـــــم‬ ‫حميد بــن سيف بــن عدي‬ ‫((‬ ‫النبات‬ ‫اليعربي‬ ‫عـــــلـــــم‬ ‫عامر بن عبد ال َّله بن نادي‬ ‫((‬ ‫النبات‬ ‫الحارثي‬ ‫عـــــلـــــم‬ ‫أحمد بن مرشد الخروصي‬ ‫‪(5‬‬ ‫النبات‬ ‫عـــــلـــــم‬ ‫أحمد بن خلف بن مسلم‬ ‫‪(6‬‬ ‫النبات‬ ‫البوسعيدي‬ ‫عـــــلـــــم‬ ‫راشد بن سالم المعمري‬ ‫‪(7‬‬ ‫النبات‬ ‫عـــــلـــــم‬ ‫ســـلـــيـــمـــان بـــــن أح ــم ــد‬ ‫‪(8‬‬ ‫النبات‬ ‫البوسعيدي‬ ‫كنوز األسرار في‬ ‫عـــــلـــــم عــلــم األشــجــار‬ ‫محمد بن جمعة بن سعيد‬ ‫الــنــبــات واألحــجــار بلغة‬ ‫ق (( هـ‬ ‫‪(9‬‬ ‫بن عيسى المغيري‬ ‫أهــل السواحل‬ ‫والطب‬ ‫و ُعمان‬ ‫هــدايــة األخــيــار‬ ‫عـــــلـــــم‬ ‫عبدال َّله بن حمود بن حامد‬ ‫إلــــــى مــنــاهــج‬ ‫ق (( ه‬ ‫‪(0‬‬ ‫النبات‬ ‫العذالي‬ ‫األسرار‬ ‫عــــلــــوم‬ ‫خميس بن ماطر وسعيد بن‬ ‫مرشد مالحي‬ ‫((‬ ‫البحار‬ ‫خميس‬ ‫‪((5‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫عــــلــــوم‬ ‫أحمد بــن سعيد بــن ماطر‬ ‫مؤلف مالحي‬ ‫((‬ ‫البحار‬ ‫التمامي‬ ‫الجوهر اللطيف‬ ‫عــــلــــوم‬ ‫سعيد بن محمد ود عبود‬ ‫فــي علم البحر‬ ‫((‬ ‫البحار‬ ‫الغيالني الصوري‬ ‫المنيف‬ ‫عــــلــــوم‬ ‫علي بن محمد بن خميس‬ ‫مؤلف مالحي‬ ‫((‬ ‫البحار‬ ‫الغيالني‬ ‫عــــلــــوم الميل البحري‬ ‫جمعة بن مسلم بن جمعة‬ ‫‪(5‬‬ ‫لكل ربان بحري‬ ‫البحار‬ ‫القعدوي‬ ‫عــــلــــوم جــداول في علم‬ ‫خميس بن محمد بن مسلم‬ ‫‪(6‬‬ ‫البحار‬ ‫البحار‬ ‫أرجـــوزة خاصة‬ ‫عــــلــــوم‬ ‫بــــالــــمــــالحــــة‬ ‫ق (( هـ‬ ‫راشد بن مسلم الصوري‬ ‫‪(7‬‬ ‫البحار‬ ‫البحرية‬ ‫عــــلــــوم‬ ‫سعيد بــن سالم بــن سعيد‬ ‫نبهت الغافل‬ ‫‪(8‬‬ ‫البحار‬ ‫الجامعي‬ ‫عــــلــــوم دالئل المبحرات‬ ‫محمد بن ماجد الظاهري‬ ‫‪(9‬‬ ‫والمبحرين‬ ‫البحار‬ ‫رســم عـــددا من‬ ‫عــــلــــوم الخرائط البحرية‬ ‫ق ‪ (0‬هـ‬ ‫سعيد بن عمر المرزوقي‬ ‫‪(0‬‬ ‫لـــمـــوانـــئ بحر‬ ‫البحار‬ ‫العرب‬ ‫عــــلــــوم نبهت الغافل في‬ ‫سعيد بن عمران بن إبراهيم‬ ‫ق (( هـ‬ ‫((‬ ‫حسبت المنازل‬ ‫البحار‬ ‫المرزوقي‬ ‫‪((6‬‬ ‫عــــلــــوم الجامع اللطيف‬ ‫محمد بن ماجد بن سالم‬ ‫((‬ ‫في علم البحر‬ ‫البحار‬ ‫المرزوقي‬ ‫رزنــامــة المالح‬ ‫عــــلــــوم‬ ‫سعيد بن محمد بن راشد آل‬ ‫سعيد بن محمد‬ ‫((‬ ‫البحار‬ ‫فنه العريمي‬ ‫آل فنه العريمي‬ ‫رزنــامــة المالح‬ ‫عــــلــــوم‬ ‫علي بــن مسلم القعدوي‬ ‫علي بــن مسلم‬ ‫((‬ ‫البحار‬ ‫العلوي‬ ‫القعدوي العلوي‬ ‫رحمانية نفحة‬ ‫عــــلــــوم‬ ‫األزهار في علوم‬ ‫محمد بن ناصر‬ ‫‪(5‬‬ ‫البحار‬ ‫البحار‬ ‫‪((7‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬                                                             ٢٤٩ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫ي � � ��دا ب� �ي ��د ال � � �ع� � ��راق ت� ��� �س ��د اأخ � � ��رى‬ ‫وك � � ��م ب� ��� �س ��ط ال� �ت� �ن ��وخ� �ي ��ون م �ن �ه��م‬ ‫ف� �ن ��ال ��وا م � ��ن ت� � � ��راث أاب � �ي � ��كِ ف �خ ��را‬ ‫رق � ��ا� � � ِ�ض ول � ��د ِّت� � � ِه� � � ْم ل �ل � ُم � ْل ��ك ف �خ��را‬ ‫ُع� �م ��ان� � ّي ��ا م �� �س ��ى ي � � � ْن� � ��دا ُح ف � �ج� ��را !‬ ‫وك � � ��م ق � ��د خ� � � َّل� � � َد ال� � �ت � ��اري � ��خ م �ج ��دا‬ ‫ت �� �س � ُّ�ح ه �ب��ات �ه��م ف ��ي الأر�� � � ��ض ق � ْ�ط ��را‬ ‫واأه � � � � ��ل ُع � � �م� � ��ان م� � �ع � ��روف � ��ون ُط� � � � ًّرا‬ ‫وج � � �اأ�� � � ٌ�ض ط � ��ام � � ٌ�ن ُي� ��� �س� ��را وع� �� �ْ�س ��را‬ ‫خ ��الئ ��ق ت�ف���س��ح ال ��� ُّ�س �ح� َ�ب ال �غ ��وادي‬ ‫ذخ� � � ��را‬ ‫�ال ه� � ��وام� � ��ي ط � � � ْب� � � َ�ن ْ‬ ‫واأف � � � �ع� � � � ٌ‬ ‫�اب ن � ��وام � ��ي‬ ‫�اب واأن � � � �� � � � �س� � � � ٌ‬ ‫واأح � � � �� � � � �س� � � � ٌ‬ ‫ك� � ��ري� � ��م ك� � � � ��ان ل � �ل � �ع � �ل � �ي� ��اء � � � �س � � �دْرا‬ ‫ع � � � ��وائ � � � ��د م � � � ��ن اأبٍ َب � � � � � � � ٍّر وج� � � � � ٍّد‬ ‫وا ْأع� � � � � � � � ��راق زك� � � � ��تْ ف� � �خ � ��را ون � � ْ�ج � ��را‬ ‫م� � �اآث � ��ر ت� �ج� �ع ��ل ال� � �م� � �ع � ��روف ت � ْ�ج ��را‬ ‫وم� � ��ن ع� ��دن� ��ان ح� �ي ��ث ال� �م� �ج ��د ق � � ّرا‬ ‫م ��ن ال �� ّ��س �ي ��د ال �غ �ط ��ارف ��ة ال �ي �م��ان��ي‬ ‫ب� ��� �س ��ادق ن �� �س �ح �ه��م � �س �ب ��را ف �� �س �ب��را‬ ‫َل � � َك � � ْم ع � �م� ��روا ال � �ب� ��الد وك � ��م ب �ن��وه��ا‬ ‫ف �ط ��اب ث �ن ��اوؤه ��م ف ��ي ال �خ � ْل ��قِ ن��� ْ�س��را‬ ‫وك � ��م رف � �ع� ��وا ع� �م ��ود ال� ��دي� ��ن ن �� �س��را‬ ‫ت� � � ُ�خ� � ��دُّ م� � � �غ � � ��اورا وت � � �ق� � ��دُّ �� �س � ْ�خ ��را‬ ‫ُع � � �م� � ��ان وف � � �ي� � � ِ�ك ل � �ل� � ُ�ج � � ّل� ��ى ُع � � � � � ُزوم‬ ‫ع �ل �ي ��ه روؤى ال� �ن� �ب � ِّ�ي ف � �ب� ��ا َء ُخ �� �ْ�س ��را‬ ‫اإذا را َم ال �� �س �ف �ي ��ه ه� � �ج � ��اكِ ر ّدتْ‬ ‫ب � �اأخ� ��الق ال �� �س �م��اح��ة ل �ي ����ض ُت� � ْف� � َرى‬ ‫وم � � � ��ا ب� ��ال � �ج � �ب� ��ن ي � �ع� ��رف � �ن� ��ا ول� �ك ��ن‬ ‫ن� �ج� �ي ��ب دع � � � � ��اءه ح � � ّب� ��ا و ِب� � ��� � ْ��س� � ��را؟!‬ ‫األ � � � ��م ي � � � ُ�ك ع� � �م � ��رو ي� ��دع� ��ون� ��ا وك �ن ��ا‬ ‫ول� � �ك � ��نْ ب � ��ال � ��ذي ق � ��د ك � � ��ان ا ْأح � � � ��رى‬ ‫ب� � ��ال ح� � � ��رب ول ُوطِ � � � � � � � � �اأتْ ب� � ُ�خ� � ٍّ�ف‬ ‫ف � ��� ُ��س � � َّب� ��تْ ق� ��ال � � ًب� ��ا ي� �ن� �ف� �� �ُّ�ض ع �ط ��را‬ ‫ل �ع �م ��رك ف� �ط ��رة ب ��ال �ح �م ��د ��س�ي�غ��ت‬ ‫ي � �� � �س� � ُّ�م ب� ��� �س ��ا�� �س ��ة ون � � � ��دى وط � �ه� ��را‬ ‫ف� ��� �س� ��اح� ��ة م� �ن� �ط ��ق وج� � � � ��الل ق� ��در‬ ‫�رت ف ��ي ال� �ق ��ام ��ات اأخ � ��رى‬ ‫اإذا ف� ��اخ� � َ‬ ‫و� �س � ْم ��تٌ ف ��ي ال �م �ج��ال ����ض ق ��ل م�ل��وك‬ ‫م� � � �اآث � � ��رن � � ��ا ت � � �ج � � � ْد �� � �س � ��دق � ��ا وب � � � � � ّرا‬ ‫رم � � � ��تَ د ْر َك ال� �م� �ج ��د ق� � ِّل � ْ�ب‬ ‫واإ َّم� � � � ��ا ْ‬ ‫ول� � � ��و � � �س � � َّع � �ف � �ت � � ُه م� �ت� �ن ��ا وم � � ْ�ج � ��رى‬ ‫ح��دي��ث ال���س�ي��ن ف��ي ��س�ن��دي �سحيح‬ ‫و ِذك� � � � � � � � � ٌر خ � � ��ال� � � � ٌد دن � � �ي� � ��ا و أاخ� � � � � ��رى‬ ‫ل� � �ن � ��ا ع � � � � � ٌّز ل� � �ق � ��د ب� � �ل � ��غ ال � �م � �ع� ��ال� ��ي‬ ‫ع � �ب� ��اه� ��ل ت � ��دخ � ��ل ال � �ب� ��اغ � �ي� ��ن ق �ب ��را‬ ‫وف � � ��ي ال� �ه� �ي� �ج ��ا ل� �ن ��ا اأ� � � ُ��س� � � � ٌد ك� �م ��ا ٌة‬ ‫‪(50‬‬ ‫ب �� �س ��ط ال �ب �� �س ��رة ال �م �ق �ط ��وع غ� ��درا‬ ‫َل� � � َك� � � ْم ق� �ط ��ع ال � �ح� ��دي � � َد ب� �ن ��و اأب �ي �ن ��ا‬ ‫ب�سيف اأ ِخ الم�سا م�سرا فم�سرا ؟!‬ ‫وك � �ن� ��ا ف � ��ي ال� �ط� �ل� �ي� �ع ��ة ك � ��م ف �ت �ح �ن��ا‬ ‫اإل � � �ي � � �ن� � ��ا وال� � � �ع� � � �ت � � ��اة ت� � � �ج� � � � ُّر ج � � � � ّرا‬ ‫واأ� � � �س� � ��الب ال� �م� �ل ��وك ت� ��� �س ��اق � �س��وق��ا‬ ‫ي � �ف � � ِّل� ��ق ه � ��ام � ��ة ال � �ط � �غ � �ي� ��ان ق� �� �ْ�س ��را‬ ‫ا ّأم� � � ��ا ذي � �ق� ��وا ن� �ك ��ال ال �ب �ط �� ��ض ��س�ي�ف��ا‬ ‫ت� � �ط � ��اي � ��ر ه � ��ول� � �ه � ��ا ح� � ��رق� � ��ا وب� � �ت � ��را‬ ‫وف� � � �ي� � � �ن � � ��ا ل� � � �ل� � � �ق � � ��اء رج � � � � � � � ��وم ن � � ��ار‬ ‫اإذا ر ّدتْ ع� � �ج � ��وز ال � � �ق� � ��وم ع� � ��ذرا‬ ‫ول���س�ن��ا ف ��ي ال ��حِ �ج ��اج ب ��ذي م �خ��ازي‬ ‫و� � �س � �ع� ��ر ت � �ل � �ي� ��دٍ ال� �م� ��� �س� �ب ��وب ف� �ك ��را‬ ‫ب� � ��الغ� � ��ة اآل �� � � �س � � ��وح � � ��انٍ ق ��دي� �م ��ا‬ ‫ال �خ �ل �ي ��ل وذا ال� �م� �ب ��رد �� �س ��اغ ِت� � ْب ��را‬ ‫وم � � � � ��ن ع � �ل � �م� ��ائ � �ن� ��ا ع � � � � � � � � ّد ْد ف � �ه� ��ذا‬ ‫اإذا م ��ا ك �ن ��تَ ف ��ي ال �ت ��اري ��خ ت �ق ��را ؟!‬ ‫وذل� � ��ك ك� �ع � ٌ�ب ال �ق ��ا� �س ��ي اب� � � ُ�ن � �س ��و ٍر‬ ‫ال ��رك ��ائ ��ب ت �� �س ��رب ال� �ب� �ي ��داء ن � ْ�ح ��را‬ ‫وج � � � ��اب� � � � � ٌر ب� � � ��ن زي � � � � � ��دٍ م� � � ��ن اإل � �ي � ��ه‬ ‫ت � � � �ق � � � � ّر َط م� ��� �س� �م ��ع الآداب د ّرا‬ ‫وي � ��ا ب� ��ن دري � � ��د ُب � � � ْ�ح ب��ال �� �س �ع��ر ح�ت��ى‬ ‫ب � �ي � ��وت م � � � �ف � � � � ّر ٍج �� �س� �ي� �ق ��ا وع� ��� �س ��را‬ ‫وم� � � � �ن � � � ��ا اآل م� � � �ح� � � �ب � � ��وب وم � � �ن� � ��ا‬ ‫ل� �ن ��ا ف� � ��ي ال � �ط� ��ب والآلت ف �خ ��را‬ ‫وم� � �ن � ��ا اآل ه� ��ا� � �س� ��م ك� � ��م اأ�� � � �س � � ��ادوا‬ ‫ن � �ج� ��وم ف � ��ي �� �س� �م ��اء ال � ��دي � ��ن زهْ � � ��را‬ ‫وم � �ن� ��ا الأك� � � ��رم� � � ��ون ب� �ن ��و خ ��رو� ��ض‬ ‫واآل زي � � � � � � ��ا ٍد ال � � �� � � �س� � ��ام� � ��ون ق� � � ��درا‬ ‫وم � � � � �ن� � � � ��ا ك � � � � �ن� � � � ��دة وب � � � � �ن� � � � ��و م � � �ع � � � ِّد‬ ‫ل �ن �ح ��ن ال � �ن� ��ا� � �س� ��رون �� �س� �ن ��اه ف �ج ��را‬ ‫ل � �ن� ��ا ف � � ��ي ال � �ف � �ق� ��ه اأع � � � �م� � � ��دة واإن � � � ��ا‬ ‫ب� � �ه � ��ا ع � � �ل � � �م� � ��اوؤن� � ��ا ن � � �ث� � ��را و� � �س � �ع� ��را‬ ‫وك ��م ف ��ي ال�ن�ح��و وال�ت���س��ري��ف اأم�ل��ى‬ ‫ُع � �م� ��ان � �ي� ��ا روى �� �س� �ن� �ن ��ا ف � � � أاث� � ��رى‬ ‫األ � � � ��م ي � �ك� ��ن ال� ��رب � �ي� ��ع ف � �ت� ��ى ح �ب �ي��ب‬ ‫ت� �ب� � ّق ��ر ف � ��ي ال � �ع � �ل� ��وم ف � �ك� ��ان ب �ح ��را‬ ‫وه� � ��ل ي �ح �ك ��ي ك � � ��راع ال� �ن� �م ��ل ف � ْ�ح � ٌ�ل‬ ‫ط � � � � ْرق ال� �ب� �ح ��ر والأف� � � � � ��الك اأدْرى‬ ‫ح�سيف‬ ‫ٍ‬ ‫ف �دًى لك يا اب��ن ماجد من‬ ‫ق� � ��� � �س � ��ائ � ��ده ح� � � � ��وت ح� � �ل� � � ًي � ��ا ودرا‬ ‫وت� � �ح� � �ف� � �ت � ��ه ب � � �ه� � ��ا ُت� � � � � َ�ح� � � � � ٌ�ف واأم � � � � ��ا‬ ‫م � �ع � ��ارف � ��ه ف � �ح � �ق� ��ق م � � ��ا ا� � �س � �ت � �ق � � ّرا‬ ‫وم � � ��ن اأ ْق � �ب� ��ا� � �س� ��ه ال� � �م� � �ه � ��ريّ واف � ��ى‬ ‫الأ�� �س ��و� � ِ�ض ه� ��دى ي �ب ��دد م ��ا اك �ف �ه � ّرا‬ ‫ب �ح �ن �ك ��ة ف � �ك� ��ره ط� �ل� �ع ��تْ � �س �م ��و� � ُ�ض‬ ‫(‪(5‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫�� � �س� � �ه � ��اب � ��ا ث � ��اق� � �ب � ��ا ب � � � ��الأف � � � ��ق م � ��را‬ ‫ول � ��م ي � � ُ�ك ج ��اع ��د اب � ��ن خ �م �ي ����ض اإل‬ ‫ت �ن ��اه ��ى ال �م �ج ��د م� �ج ��دا م���س�م�خ��را‬ ‫ون� ��ا� � �س � � ٌر اب � � ��ن ج� ��اع� ��د َم� � � ��نْ اإل � �ي � � ِه‬ ‫ل� � �ك� � �ن � ��د َة ن� �� �ْ�س� �ت� �م ��ي �� � �س � ��را وج � �ه� ��را‬ ‫وا ْإن ن �ط �ق ��ت ع � �ل� ��وم ُع � �م� ��ان ق ��ال ��ت‬ ‫ب� �ه ��ا م� ��ن ف� � ِّن� �ه ��م وال� �ن� �ق� �� ��ض ق �� �س��را‬ ‫واأرب� � � � � � ��اب ال� ��� �س� �ن ��ائ ��ع ك � ��م اأع� � � � ��ادوا‬ ‫ت� ��� �س ��م ب � ��دائ� � �ع � ��ا وت � �� � �س� ��م �� �س� �ح ��را‬ ‫ت � � ��رى ال� �م� �ع� �م ��ار أا� � �س � �ك� ��ال ت �م ��اه ��ى‬ ‫ت � � �ط� � ��اول ت� � � � ��ردع ال � � � �ع� � � ��دوان ق� �ه ��را‬ ‫وف� � ��ي ق� �م ��م ال � �ج � �ب� ��ال ق� � ��الع ت ��زه ��و‬ ‫و أا� � � � � �س� � � � ��وا ٌر و أاح � � � ��وا� � � � ��ض وم � �ج� ��رى‬ ‫وك� � � ��م ب� �ب� �ط ��ون� �ه ��ا � � �س � �ي� ��دت م �ب ��ان ��ي‬ ‫ك� � � � � � �ا ّأن ه � � � � ��واه ل� �ل� �ع� ��� �س ��اق م� ��� �س ��رى‬ ‫اأرى الأف� � � ��الج ت� �ع ��زف ل �ح ��ن ع���س��ق‬ ‫ف�ت���س�ق��ي م ��ن ��س�م�ي��م ال� �ب� � ْذل ق � ْف��را‬ ‫ت �ف �ي ����ض ح �ي ��ات �ه ��ا م � � � ْ�لء ال �� �س ��واق ��ي‬ ‫ح� � �ك � ��اي � ��ا خ� � � � ّل � � ��دت زي� � � � � ��دا وع� � �م � ��را‬ ‫ُع � � �م� � ��ان وك � � ��ل �� �س� �ب ��ر ف � �ي� ��ك ي �ح �ك��ي‬ ‫وف � � ��ي ال� ��ر� � �س � �ت� ��اق اأع� � � � ��الم وذك � � ��رى‬ ‫ف� �ف ��ي ع � �ب� ��ري وف� � ��ي ن � � ��زوى و�� �س ��ور‬ ‫وف ��ي ال �ف �ي �ح��ا ِء م ��ا ال �ق �م��ري��ن اأ ْزرى‬ ‫وف� � ��ي ال� �ج� �ب ��ل ال �ك �ب �ي ��ر وم� � ��ا ح� ��واه‬ ‫ن� � �ج � ��ود ال� � ��� � �س � ��رق ج� � �ع � ��الن واإب� � � � ��را‬ ‫وت� � �ل � ��ك � � �س � �ح� ��ار أام � � � �ج� � � ��ا ٌد وه� � ��ذي‬ ‫ب� �ه ��ا � � �س � �اأن ت� �ع ��اظ ��م � � �س � ��ا ِح ق� � � �دْرا‬ ‫وت � �ل� ��ك ال � �ق� ��اب� ��ل ال� � � ّرا�� � �س � ��ي ق ��دي �م ��ا‬ ‫لأر� � � ��ض � �س ��الل � ٍة وال� �� ُّ��س ��وح خ���س��را‬ ‫وم� � ��ن ب �ي �� �س��ا م �� �س �ن ��دم ف� ��ي ع��اله��ا‬ ‫��س��واخ����ض ت�ق�ط��ع الأب �� �س��ار ح���ْ�س��رى‬ ‫أاق � � ِّل� � ُ�ب ف ��ي ال� �م ��دى ط ��رف ��ي ف �األ �ف��ي‬ ‫ت� �ن� � ّق ��ل اأيّ �� �س ��ر ف� �ي ��ك ا ْأغ� � � � � ��رى؟!‬ ‫أا� � �س� ��ائ � �ل � �ه� ��ا وع � �ق � �ل� ��ي ف� � ��ي ج� ��واه� ��ا‬ ‫ب �ط ��ول ��ة ق ��وم �ن ��ا ب � � ��دوا وح� ��� �س ��را؟!‬ ‫واأي � � � � � � ��ة �� � �س� � �ي � ��رة ل � �ل � �ف � �خ� ��ر ت �ح �ك ��ي‬ ‫وم ��ا�� �س� �ي ��ك ال �ت �ل �ي ��د وم� � ��ا ا� �س �ت �ق � ّرا‬ ‫ه � �ن� ��ا ق� � ��ال� � ��ت ت � � ��راث � � ��ك غ � �ي� ��ر � �س ��ك‬ ‫اأج � ��ل وه �ن ��ا ال �ح �� �س ��ارة � �َ�س � ْ�ل ُم �ق � ّرا‬ ‫ه� �ن ��ا � �س �م ��م ال � �ج� ��زي� ��رة وال �م �ع ��ال ��ي‬ ‫ه� �ن ��ا ال� � �ت � ��اري � ��خ والأم � � � �ج� � � ��اد ُت � � ْق� ��را‬ ‫ه� �ن ��ا الأ�� � �س� � �م � ��اء والأن � � � �ب� � � ��اء ت � ��روى‬ ‫ت� ��� �س � ُّ�ط ��ر ذك � ��رن � ��ا �� �س� �ط ��را ف �� �س �ط��را‬ ‫ق � � ��وائ � � ��م ه � � � ��ذه الأ�� � � �س� � � �م � � ��اء ت ��رب ��و‬ ‫ن� ��� �س� �ي� � ُر ُم� � � �وؤ ّي � � ��دي � � � َ�ن ن� � � � � �وؤ ُّم ن �� �س ��را‬ ‫ع� �ل ��ى ال� �ع� �ه ��د ال � � ��ذي �� � �س � ��اروا ع�ل�ي��ه‬ ‫(‪(5‬‬ (5(‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫(‪(5‬‬ ‫المراجع‪:‬‬ ‫(‪ .‬القرآن الكريم‬ ‫(‪ .‬إبراهيم أطفيش (أبو إسحاق)‪ ،‬الدعاية إلى سبيل المؤمنين‪ ،‬مكتبة‬ ‫الضامري للنشر والتوزيع‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((6 ،‬هـ‪ (0(5/‬م‬ ‫(‪ .‬إبراهيم خوري‪ :‬أحمد بن ماجد حياته مؤلفاته استحالة لقائه بفاسكو‬ ‫داغاما‪ ،‬مركز الدراسات والوثائق‪ ،‬رأس الخيمة‪ ،‬ط(‪ (0(0 ،‬م‬ ‫(‪ .‬إبراهيم خوري‪ :‬أحمد بن ماجد من َّظر المالحة العربية في بحر الهند في‬ ‫ق ‪ 9‬هـ‪ (5/‬م‪ ،‬ضمن (الندوة العلمية إلحياء تراث ابن ماجد)‪ ،‬ج(‪،‬‬ ‫اتحاد كتاب وأدباء اإلمارات‪/‬دار الحوار للنشر والتوزيع‪ ،‬الالذقية‪/‬‬ ‫سورية‪ ،‬ط(‪ (99( ،‬م‬ ‫‪ .5‬أحمد بن حمد الخليلي‪ :‬جواهر التفسير أنوار من بيان التنزيل‪ ،‬ج(‪،‬‬ ‫مكتبة االستقامة‪ ،‬مسقط‬ ‫‪ .6‬أحمد بن حمد الخليلي ‪ :‬اإلعجاز العلمي في القرآن الكريم (محاضرة‬ ‫مقدمة في جامعة السلطان قابوس‪ ،‬مسقط‪ ،‬مادة سمعية)‬ ‫‪ .7‬أحمد بن حمد الخليلي‪ ،‬الطبيب المسلم والتحديات المعاصرة‪،‬‬ ‫محاضرة ألقاها في جامعة السلطان قابوس‪ ،‬مادة مكتوبة على المكتبة‬ ‫الشاملة اإلباضية‪ ،‬اإلصدار الخامس‬ ‫‪ .8‬أحمد بن حمد الخليلي‪ ،‬ال ُعمانيون وأثرهم في الجوانب العلمية‬ ‫والمعرفية بشرق أفريقيا‪ ،‬مادة (أصلها محاضرة) مكتوبة على المكتبة‬ ‫‪(55‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫الشاملة اإلباضية‪ ،‬اإلصدار الخامس‬ ‫‪ .9‬أحمد بن حمد الخليلي‪ ،‬معالم الجيل الواعد‪ ،‬محاضرة مفرغة‪ ،‬مكتبة‬ ‫الجيل الواعد‪ ،‬مسقط‪ (00( ،‬م‬ ‫أحمد بن القاسم بن خليفة السعدي (ابن أبي أصيبعة) (ت ‪6(6‬‬ ‫‪.(0‬‬ ‫هـ)‪ :‬عيون األنباء في طبقات األطباء‪ ،‬شرح وتحقيق‪ :‬نزار رضا‪ ،‬دار‬ ‫مكتبة الحياة‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬بيروت‬ ‫أحمد بن ماجد السعدي (ت ‪ 906‬هـ‪ /‬تقريبا ‪ (500‬م)‪ :‬الفوائد‬ ‫((‪.‬‬ ‫في أصول علم البحر والقواعد والفصول‪ ،‬تحقيق وتحليل‪ :‬إبراهيم‬ ‫خــوري‪ ،‬مركز الــدراســات والوثائق‪ ،‬رأس الخيمة‪ ،‬ط(‪(((( ،‬‬ ‫هـ‪ (00(/‬م‬ ‫أحمد بن ماجد السعدي ‪ :‬النونية الكبرى مع ست قصائد أخرى‪،‬‬ ‫((‪.‬‬ ‫شرح وتحقيق‪ :‬حسن صالح شهاب‪ ،‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪،‬‬ ‫ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (99(/‬م‪ ،‬و ط(‪ (((7 ،‬هـ‪ (0(6/‬م‬ ‫أحمد بن ماجد السعدي ‪ :‬ثالث أزهار في معرفة البحار‪ ،‬تحقيق‬ ‫((‪.‬‬ ‫ونشر‪ :‬تيودورشوموفسكي‪ ،‬ترجمة وتعليق‪ :‬محمد منير مرسي‪ ،‬عالم‬ ‫الكتب‪ ،‬القاهرة‪ (969 ،‬م‬ ‫أحمد مدحت إســالم‪ :‬علماء العرب والمسلمين وإنجازاتهم‬ ‫((‪.‬‬ ‫العلمية في بناء الحضارة اإلنسانية‪ ،‬دار الفكر العربي‪(((0 ،‬‬ ‫هـ‪ (999/‬م‬ ‫إسماعيل األمين‪ :‬ال ُعمانيون رواد البحر‪ ،‬رياض الريس للكتب‬ ‫‪.(5‬‬ ‫والنشر‪ ،‬لندن‪ ،‬ط(‪ (990 ،‬م‬ ‫‪(56‬‬ ‫أنور عبدالعليم‪ :‬ابن ماجد المالح‪ ،‬ضمن (سلسلة أعالم العرب)‪،‬‬ ‫‪.(6‬‬ ‫العدد (‪ ،6‬القاهرة‬ ‫إيروس بلديسيرا‪ :‬قصر جبرين وكتاباته‪ ،‬وزارة التراث ال ُعمانية‪،‬‬ ‫‪.(7‬‬ ‫ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (99(/‬م‬ ‫بدر بن سالم بن هالل العبري‪ :‬البيان في بعض أفالج ُعمان‬ ‫‪.(8‬‬ ‫بدر بن هالل العلوي‪ :‬قلعة نزوى دراسة عمارية مقارنة‪ ،‬رسالة‬ ‫‪.(9‬‬ ‫ماجستير بجامعة اليرموك‪ ،‬األردن‪ (99(،‬م‬ ‫بدرية بنت حمد الشقصية‪ :‬السيرة الزكية للمرأة اإلباضية‪ ،‬ط(‪،‬‬ ‫‪.(0‬‬ ‫(((( هـ‪ (000/‬م‬ ‫برزك بن شهريار الناخذاه الرامهرمزي‪ :‬عجائب الهند برها وبحرها‬ ‫((‪.‬‬ ‫وجزائرها‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبدال َّله محمد الحبشي‪ ،‬المجمع الثقافي‪ ،‬أبو‬ ‫ظبي‪ (((( ،‬هـ‪ (000/‬م‬ ‫تشانغ زون يان‪ :‬االتصاالت الودية المتبادلة بين الصين و ُعمان‬ ‫((‪.‬‬ ‫عبر التاريخ‪ ،‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‬ ‫جميل بن خميس السعدي‪ ،‬قاموس الشريعة الحاوي طرقها‬ ‫((‪.‬‬ ‫الوسيعة‪ ،‬مكتبة الجيل الواعد‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((6 ،‬هـ‪ (0(5/‬م‬ ‫جي إس بيركس وسالى آي ليتس‪ :‬العوامر قبيلة متخصصة بحفر‬ ‫((‪.‬‬ ‫اآلبار واألفالج في شمال ُعمان الداخلية‪ ،‬وزارة التراث والثقافة‪،‬‬ ‫مسقط‪ (98( ،‬م‬ ‫‪.(5‬جي رسى ولكنسون‪ :‬األفالج ووسائل الري في ُعمان‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد‬ ‫أمين عبدال َّله‪ ،‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (00(/‬م‬ ‫‪(57‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫حسن صالح شهاب‪ :‬أحمد بن ماجد والمالحة في المحيط‬ ‫‪.(6‬‬ ‫الهندي‪ ،‬مركز الدراسات والوثائق في الديوان األميري برأس الخيمة‪،‬‬ ‫اإلمارات‬ ‫‪.(7‬حسين العبري‪ :‬قــراءة في ثالث قصائد طبية مخطوطة للشيخ راشد‬ ‫بن عميرة‪ ،‬ضمن (ندوة من أعالم الطب في ُعمان في القرنين التاسع‬ ‫والعاشر الهجريين)‪ ،‬المنتدى األدبي‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((9 ،‬هـ‪ (008/‬م‬ ‫حمود بن حمد الغيالني‪ :‬التاريخ المالحي وصناعة السفن في‬ ‫‪.(8‬‬ ‫مدينة صور ال ُعمانية‪ ،‬وزارة التراث‪ ،‬مسقط‪ (006 ،‬م‬ ‫حمود بن حمد الغيالني‪ :‬أسياد البحار‪ (0(6 ،‬م‬ ‫‪.(9‬‬ ‫حمود بن حمد الغيالني‪ :‬رسالة إليكترونية ردا على سؤال وجهته‬ ‫‪.(0‬‬ ‫إليه بتاريخ ((‪ (0(5/9/‬م‬ ‫خالد سالم محمد‪ :‬ربابنة الخليج العربي ومصنفاتهم المالحية‪،‬‬ ‫((‪.‬‬ ‫الكويت‪ ،‬ط(‪ ((0( ،‬هـ‪ (98(/‬م‬ ‫خلف فارس الطراونة وبدر بن هالل العلوي‪ :‬قلعة نزوى نموذج‬ ‫((‪.‬‬ ‫للعمارة العسكرية‪ ،‬ضمن (الملتقى العلمي األول حول تراث سلطنة‬ ‫ُعمان قديما وحديثا)‪ ،‬جامعة آل البيت‪ (((( ،‬هـ‪(00(/‬م‬ ‫خليفة بن بــدوي الحجي‪ :‬نظام األفــالج في سلطنة ُعمان بين‬ ‫((‪.‬‬ ‫معطيات الماضي وتحديات المستقبل‪ ،‬ضمن كتاب (نوافذ على الماء‬ ‫والحضارة في بالد العرب)‪ ،‬منظمة األمم المتحدة للتربية والعلوم‬ ‫والثقافة‪/‬المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬تونس‪(006 ،‬‬ ‫خليفة بن عثمان بن محمد البلوشي‪ُ ،‬عمانيات في التاريخ (أدب ‪-‬‬ ‫((‪.‬‬ ‫زهد ‪ -‬سياسة)‪ ،‬مكتبة العلوم‪ ،‬روي‪ ،‬سلطنة ُعمان‪ (996 ،‬م‬ ‫‪(58‬‬ ‫خميس بن سالم بن خميس الهاشمي‪ :‬رسالة في علم الفلك‬ ‫‪.(5‬‬ ‫للمبتدئين‪ ،‬ضبط نصها‪ :‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬مركز ذاكرة ُعمان‪،‬‬ ‫مسقط‪ ،‬ط(‪ (((5 ،‬هـ‪ (0((/‬م‬ ‫خير الدين الزركلي (ت ‪ ((96‬هــ‪ (976 /‬م)‪ :‬األعالم‪ :‬قاموس‬ ‫‪.(6‬‬ ‫تراجم ألشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين‪،‬‬ ‫دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،5‬مايو ‪ (980‬م‬ ‫داود سليمان داود‪ :‬النباتات الطبية ألبي محمد األزدي‪ ،‬دار‬ ‫‪.(7‬‬ ‫الحكمة‪ ،‬لندن‬ ‫راشد بن علي الدغيشي‪ :‬شرح الموسوعة الشعرية ألبي مسلم‬ ‫‪.(8‬‬ ‫البهالني‪ ،‬المجلد (‪ ،‬مكتبة الضامري للنشر والتوزيع‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪،‬‬ ‫‪ (((6‬هـ‪ (0(5/‬م‬ ‫راشد بن عميرة الرستاقي‪ :‬فاكهة ابن السبيل‪،‬ج(‪ ،(-‬وزارة التراث‬ ‫‪.(9‬‬ ‫ال ُعمانية‪ ،‬مسقط‪((0( ،‬هـ‪ (98( /‬م‬ ‫راشد بن عميرة الرستاقي ‪ :‬منهاج المتعلمين‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبدال َّله بن‬ ‫‪.(0‬‬ ‫علي بن سعيد السعدي‪ ،‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪(((( ،‬‬ ‫هـ‪ (0((/‬م‬ ‫الربيع بن حبيب الفراهيدي (ت ‪ (75‬هـ)‪ :‬الجامع الصحيح‪،‬‬ ‫((‪.‬‬ ‫مكتبة مسقط‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (0((/‬م‬ ‫رجب محمد عبد الحليم‪ :‬ال ُعمانيون والمالحة والتجارة ونشر‬ ‫((‪.‬‬ ‫اإلسالم منذ ظهوره إلى قدوم البرتغاليين‪ ،‬مكتب المستشار الخاص‬ ‫لجاللة السلطان للشؤون الدينية والتاريخية‪ ،‬ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (0(0/‬م‬ ‫‪(59‬‬ ‫‪‬‬ ‫ُ‬ ‫‪.٤٣‬‬ ‫‪١٤٠١ ،٦‬‬ ‫‪١٩٨١‬‬ ‫‪.٤٤‬‬ ‫‪٢٠١٤‬‬ ‫‪١٤٣٥ ،١‬‬ ‫‪.٤٥‬‬ ‫‪٢٠١٤‬‬ ‫‪١٤٣٥ ،١‬‬ ‫‪.٤٦‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫‪١٩٨٩‬‬ ‫‪١٤٠٩ ،١‬‬ ‫‪.٤٧‬‬ ‫‪١‬‬ ‫‪٢٠١٣‬‬ ‫‪١٤٣٤ ،٢‬‬ ‫‪.٤٨‬‬ ‫‪١٤٢٢ ،٤‬‬ ‫‪٢٠٠١‬‬ ‫ ُ‬ ‫‪.٤٩‬‬ ‫‪٢٠٠٦‬‬ ‫‪١٤٢٧ ،١‬‬ ‫ ُ‬ ‫‪٢٠١٥‬‬ ‫‪٢٧‬‬ ‫‪١٤٣٦‬‬ ‫‪٧‬‬ ‫‪٢٦٠‬‬ ‫الرابعة للطبيب والصيدالني ال ُعماني راشد بن عميرة بن ثاني الهاشمي‬ ‫الرستاقي)‪ ،‬تنظيم اللجنة الوطنية ال ُعمانية للتربية والثقافة والعلوم‪،‬‬ ‫األربعاء ‪ (8‬ربيع اآلخر ‪(((6‬هـ‪ (8 /‬فبراير ‪(0(5‬م‬ ‫سلطان بن مبارك الشيباني ‪ :‬أمالي التراث نظرات نقدية وقراءات‬ ‫(‪.5‬‬ ‫‪٥٠‬‬ ‫في جديد التراث ال ُعماني مخطوطه ومطبوعه‪ ،‬ج(‪ ،‬مركز ذاكرة ُعمان‪،‬‬ ‫مسقط‪ ،‬ط(‪ (((5 ،‬هـ‪ (0((/‬م‬ ‫سلطان بن مبارك الشيباني ‪ :‬مفتاح الباحث إلى ذخائر التراث‬ ‫(‪.5‬‬ ‫‪٥١‬‬ ‫الفكري ال ُعماني‪ ،‬مركز ذاكرة ُعمان‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((6 ،‬هـ‪ (0(5/‬م‬ ‫سلطان بن مبارك الشيباني ‪ :‬معجم النساء ال ُعمانيات (دليل‬ ‫(‪.5‬‬ ‫‪٥٢‬‬ ‫تاريخي إلى تراجم أشهر النساء في تاريخ ُعمان الماجدة)‪ ،‬القسم‬ ‫األول‪ ،‬مكتبة الجيل الواعد‪ ،‬سلطنة ُعمان‪ ،‬ط(‪ (((5 ،‬هـ‪ (00(/‬م‬ ‫سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬ومحمد بن عامر العيسري‪ :‬نوادر‬ ‫(‪.5‬‬ ‫‪٥٣‬‬ ‫المخطوطات ال ُعمانية المحفوظة في دار المخطوطات بوزارة التراث‬ ‫والثقافة‪ ،‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((6 ،‬هـ‪ (0(5/‬م‬ ‫سلطان بن محمد القاسمي‪ :‬بيان للمؤرخين األماجد في براءة ابن‬ ‫‪.55‬‬ ‫‪٥٤‬‬ ‫ماجد‪ ،‬سلطان القاسمي‪ ،‬الشارقة‪ ،‬ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (000/‬م‬ ‫سليمان بن علي بن سالم العبري‪ ،‬حروف ُعمانية مضيئة‪ ،‬مكتبة‬ ‫‪.56‬‬ ‫‪٥٥‬‬ ‫االستقامة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (00(/‬م‬ ‫سيف بن حمد بن سالم السيابي‪ ،‬مقابلة شخصية‪ ،‬نفعاء بوالية‬ ‫‪.57‬‬ ‫‪٥٦‬‬ ‫((‪ (0(6.((.‬م‬ ‫بدبد‪ ،‬األحد (( ربيع األول ‪ (((8‬هـ‪، ، /‬‬ ‫سيف بن حمود بن حامد البطاشي (ت ‪ (((0‬هـــ‪ (999/‬م)‪:‬‬ ‫‪.58‬‬ ‫‪٥٧‬‬ ‫(‪(6‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫إتحاف األعيان في تاريخ بعض علماء ُعمان‪ ،‬مكتب المستشار‬ ‫الخاص لجاللة السلطان للشؤون الدينية والتاريخية‪ ،‬مسقط‪ ،‬ج(‪،‬‬ ‫ط(‪ (((9 ،‬هـ‪ (998/‬م‬ ‫سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ :‬إتحاف األعيان في تاريخ‬ ‫‪58‬‬ ‫‪.59‬‬ ‫بعض علماء ُعمان‪ :‬ج(‪ ،‬ط(‪ (((5 ،‬هـ‪ (99(/‬م‬ ‫سيف بن حمود بن حامد البطاشي‪ :‬إتحاف األعيان في تاريخ‬ ‫‪59‬‬ ‫‪.60‬‬ ‫بعض علماء ُعمان‪ :‬ج(‪ ،‬ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (00(/‬م‬ ‫صاعد بن أحمد بن صاعد األندلسي (ت (‪ (6‬هـــ‪ (070/‬م)‪:‬‬ ‫‪60‬‬ ‫(‪.6‬‬ ‫طبقات األمم‪ ،‬تحقيق وتعليق‪ :‬حسين مؤنس‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪ (998‬م‬ ‫صبحي سليمان‪ :‬المخترعون العرب أصل الحضارة‪ ،‬دار العلوم‬ ‫‪61‬‬ ‫(‪.6‬‬ ‫للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪ ،‬ط(‪ (((8 ،‬هـ‪ (007/‬م‬ ‫طارق الحمداني‪ :‬المالحة العربية في عصور ازدهارها‪ ،‬المجمع‬ ‫‪62‬‬ ‫(‪.6‬‬ ‫الثقافي‪ ،‬أبو ظبي‪ (00( ،‬م‬ ‫(‪.6‬ظهير الدين علي بن زيد بن محمد البيهقي (ت ‪ 565‬هـ‪ ((70/‬م)‪:‬‬ ‫‪63‬‬ ‫تاريخ حكماء اإلسالم‪ ،‬تحقيق‪ :‬ممدوح حسن محمد‪ ،‬مكتبة الثقافة‬ ‫الدينية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط(‪ (((7 ،‬هـ‪ (996/‬م‬ ‫عبادة كحيلة‪ :‬عن العرب والبحر‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط(‪،‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪.65‬‬ ‫‪ (((0‬هـ‪ (989/‬م‬ ‫عبدالرحمن عبدالكريم العاني‪ :‬دور ال ُعمانيين في المالحة‬ ‫‪65‬‬ ‫‪.66‬‬ ‫والتجارة اإلسالمية حتى القرن الرابع الهجري‪ ،‬وزارة التراث والثقافة‪،‬‬ ‫مسقط‪ ،‬ط(‪ ((06 ،‬هـ‪ (986/‬م‬ ‫(‪(6‬‬ ‫عبدالعزيز الفارسي‪ :‬قراءة في كتاب فاكهة ابن السبيل للطبيب‬ ‫‪.67‬‬ ‫‪66‬‬ ‫راشد بن عميرة الرستاقي‪ ،‬ضمن (ندوة من أعالم الطب في ُعمان في‬ ‫القرنين التاسع والعاشر الهجريين)‪ ،‬المنتدى األدبي‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪،‬‬ ‫‪ (((9‬هـ‪ (008/‬م‬ ‫عبدالكريم محمد نصر‪ :‬علوم العرب والمسلمين وأثرها في‬ ‫‪67‬‬ ‫‪.68‬‬ ‫حضارة الغرب‪ ،‬دار لبنان للطباعة والنشر‪ ،‬ط(‪(((( ،‬هـ‪(0((/‬م‬ ‫عبدال َّله بن حميد السالمي (ت (((( هـــ‪ (9((/‬م)‪ :‬تحفة‬ ‫‪68‬‬ ‫‪.69‬‬ ‫األعيان بسيرة أهل ُعمان‪ ،‬ج(‪ ،‬مكتبة اإلمام نور الدين السالمي‪،‬‬ ‫مسقط‪ (000 ،‬م‬ ‫عبدال َّله بن حميد السالمي‪ :‬جوهر النظام في علمي األديــان‬ ‫‪.70‬‬ ‫‪69‬‬ ‫واألحكام‪ ،‬علق عليه‪ :‬أبو إسحاق اطفيش وإبراهيم بن سعيد العبري‪،‬‬ ‫مكتبة اإلمام السالمي‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط((‪ ،‬ج(‬ ‫عبدال َّله بن سيف الغافري‪ :‬األفالج ال ُعمانية تاريخها وهندستها‬ ‫(‪.7‬‬ ‫‪70‬‬ ‫وإدارتــهــا‪ ،‬ضمن (مجلة نــزوى)‪ ،‬العدد ((‪ ،‬رمضان ‪ (((6‬هـ‪/‬‬ ‫أكتوبر‪ (005‬م‬ ‫(‪.7‬عبدال َّله بن سيف الغافري‪ :‬هندسة األفالج واستصالح األراضي عند‬ ‫‪71‬‬ ‫ال ُعمانيين‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة لندوة «إسهامات ال ُعمانيين في العلوم‬ ‫التطبيقية» بجامعة السلطان قابوس‪ ،‬مسقط‪ ،‬اإلثنين ‪ 7‬ديسمبر ‪ (0(5‬م‪.‬‬ ‫عبدال َّله بن محمد األزدي (ت ‪ (56‬هـ)‪ :‬الماء أول معجم طبي‬ ‫(‪.7‬‬ ‫‪72‬‬ ‫لغوي في التاريخ‪ ،‬تحقيق‪ :‬هــادي حسن حمودي‪ ،‬ط(‪(((6 ،‬‬ ‫هـ‪ (0(5/‬م‬ ‫(‪(6‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫عبدال َّله بن ناصر الحارثي‪ :‬دراسات في تاريخ ُعمان وحضارتها‬ ‫‪.73‬‬ ‫(‪7‬‬ ‫في العصر اإلسالمي‪ ،‬مسقط‬ ‫عبدالمنعم عامر‪ُ :‬عمان في أمجادها البحرية‪ ،‬وزارة التراث‬ ‫‪.74‬‬ ‫‪75‬‬ ‫والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((6 ،‬هـ‪(005/‬‬ ‫عدنان محمد زرزور‪ :‬التوجيه اإلسالمي للعلوم والمعارف‪،‬‬ ‫‪.75‬‬ ‫‪76‬‬ ‫مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ (((( ،‬هـ‪(99(/‬‬ ‫م‬ ‫علي بن الحسين بن علي المسعودي (ت ‪ ((6‬هـ)‪ :‬مروج الذهب‬ ‫‪.76‬‬ ‫‪77‬‬ ‫ومعادن الجوهر‪ ،‬ج(‪ ،‬الجامعة اللبنانية‪ ،‬بيروت‪ (965 ،‬م‪.‬‬ ‫علي بن طالب الهنائي‪ :‬التطبيقات الطبية في مؤلفات راشد بن‬ ‫‪.77‬‬ ‫‪78‬‬ ‫عميرة الرستاقي‪ ،‬ضمن (ندوة من أعالم الطب في ُعمان في القرنين‬ ‫التاسع والعاشر الهجريين)‪ ،‬المنتدى األدبي‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪(((9 ،‬هـ‪/‬‬ ‫‪ (008‬م‬ ‫علي عبدال َّله الدفاع‪ :‬العلوم البحتة في الحضارة العربية اإلسالمية‪،‬‬ ‫‪.78‬‬ ‫‪79‬‬ ‫مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع‬ ‫عمر فروخ (ت ‪ (968‬م)‪ :‬تاريخ العلوم عند العرب‪ ،‬دار العلم‬ ‫‪.79‬‬ ‫‪80‬‬ ‫للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط(‪(98( ،‬‬ ‫عوض عبدالكريم ذنيبات‪ :‬المختار من تاريخ العلوم عند العرب‪،‬‬ ‫(‪.8‬‬ ‫‪80‬‬ ‫دار كنوز المعرفة العلمية للنشر والتوزيع‪ ،‬ط(‪ (((8 ،‬هـ‪ (008/‬م‬ ‫فخري خليل النجار‪ :‬تاريخ حضارة ُعمان‪ ،‬دار صفاء للنشر‬ ‫(‪.8‬‬ ‫‪81‬‬ ‫عمان‪ ،‬ط(‪(((( ،‬هـ‪ (0(0 /‬م‬ ‫والتوزيع‪ّ ،‬‬ ‫(‪(6‬‬ ‫فؤاد سزكين‪ ،‬العلوم والتقنية في العالم اإلسالمي‪ ،‬نقله من األلمانية‬ ‫‪82‬‬ ‫(‪.8‬‬ ‫إلى العربية‪ :‬مازن عماوي‪ ،‬معهد تاريخ العلوم العربية واإلسالمية‪،‬‬ ‫جامعة فرانكفورت‪ ،‬ألمانيا االتحادية‪ (((7 ،‬هـ‪ (007/‬م‪ ،‬المجلد‬ ‫األول (مدخل)‬ ‫فؤاد سالمة جميعان‪ :‬مآثر العرب العلمية أساس حضارة الغرب‪،‬‬ ‫(‪.8‬‬ ‫‪83‬‬ ‫المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬ط(‪ (00( ،‬م‪ ((((/‬هـ‬ ‫فهد بن علي السعدي‪ :‬معجم الفقهاء والمتكلمين اإلباضية (قسم‬ ‫‪84‬‬ ‫‪.85‬‬ ‫المشرق)‪ ،‬مكتبة الجيل الواعد‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((8 ،‬هـ‪ (007/‬م‬ ‫فوزي خضر‪ :‬إسهام العلماء العرب في الحضارة اإلنسانية‪ ،‬هبة‬ ‫‪85‬‬ ‫‪.86‬‬ ‫النيل العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط(‪(009 ،‬م‬ ‫فيليب حتي وإدورد جرجي وجبرائيل جبور‪ :‬تاريخ العرب‪ ،‬دار‬ ‫‪86‬‬ ‫‪.87‬‬ ‫الكشاف للنشر والطباعة والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط((‪(007 ،‬م‬ ‫لجنة الطب الشعبي ال ُعماني‪ :‬الطب الشعبي ال ُعماني‬ ‫‪.88‬‬ ‫‪87‬‬ ‫ماهر بن مال ال َّله الزدجالي‪ ،‬والية المصنعة حكاية البحر والتاريخ‬ ‫‪.89‬‬ ‫‪88‬‬ ‫مجموعة من الباحثين‪ ،‬اآلثار العلمية للشيخ إبراهيم بن سعيد‬ ‫‪.90‬‬ ‫‪89‬‬ ‫العبري‪ ،‬جامعة السلطان قابوس‪ ،‬مركز الدراسات ال ُعمانية‪ ،‬مسقط‪،‬‬ ‫ط(‪ (((6 ،‬هـ‪ (0(5/‬م‪ ،‬المجلد (‪ ،‬ج(‬ ‫(‪.9‬مجموعة من الباحثين‪ :‬الثقافة اإلسالمية والتحديات المعاصرة‪ ،‬مركز‬ ‫‪90‬‬ ‫السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم‪ ،‬ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (0((/‬م‬ ‫مجموعة من الباحثين ‪ :‬فهرس بعض المخطوطات ال ُعمانية غير‬ ‫(‪.9‬‬ ‫‪91‬‬ ‫المطبوعة في المكتبات العامة والخاصة‪ (((7 ،‬هـ‪ (006/‬م‬ ‫‪(65‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫مجموعة من الباحثين‪ ،‬معجم أعالم اإلباضية‪ ،‬جمعية التراث‪،‬‬ ‫(‪.9‬‬ ‫‪92‬‬ ‫الجزائر‪ (((0 ،‬هـ‪ (999/‬م‪ ،‬ج(‬ ‫مجموعة من الباحثين ‪ :‬معجم مصطلحات اإلباضية‪ ،‬وزارة‬ ‫(‪.9‬‬ ‫‪93‬‬ ‫األوقاف والشؤون الدينية‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (0((/‬م‬ ‫مجموعة من الباحثين‪ :‬المعجم الوجيز‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪،‬‬ ‫‪.95‬‬ ‫‪94‬‬ ‫القاهرة‬ ‫مجموعة من الباحثين ‪ :‬معدن األســرار في معرفة الصيادين‬ ‫‪.96‬‬ ‫‪95‬‬ ‫والبحارة ال ُعمانيين بأحوال البحار‪ ،‬وزارة الزراعة والثروة السمكية‪،‬‬ ‫مسقط‪ ،‬ط(‪ (((6 ،‬هـ‪ (0(5/‬م‬ ‫مجهول المؤلف‪ :‬اإليضاح في ما أودع ال َّله من الحكمة في النجوم‬ ‫‪.97‬‬ ‫‪96‬‬ ‫والرياح‪ ،‬ضبط نصه‪ :‬سلطان بن مبارك الشيباني‪ ،‬مركز ذاكرة ُعمان‪،‬‬ ‫مسقط‪ ،‬ط(‪ (((6 ،‬هـ‪ (0(5/‬م‬ ‫محسن محمد معالي‪ ،‬معجم معالي اللغة‪ :‬مؤسسة حورس الدولية‬ ‫‪.98‬‬ ‫‪97‬‬ ‫للنشر والتوزيع‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط(‪ (0(( ،‬م‬ ‫محفوظ بن عبدال َّله السليمي ونبيل حافظ عبدالفتاح‪ :‬تنظيم وإدارة‬ ‫‪98‬‬ ‫‪.99‬‬ ‫األفالج في سلطنة ُعمان دراسة تحليلية‪ ،‬معهد اإلدارة العامة‪ ،‬مسقط‪،‬‬ ‫‪ (((7‬هـ‪ (997/‬م‬ ‫‪ .(00‬محمد بن أحمد البيروني (ت ‪ ((0‬هـ‪ (0(8/‬م)‪ :‬الجماهر في‬ ‫‪99‬‬ ‫معرفة الجواهر‪ ،‬عالم الكتاب للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط(‪،‬‬ ‫(((( هـ‪ (0((/‬م‬ ‫(‪ .(0‬محمد بن سالم بن عبدال َّله الحارثي‪ ،‬موسوعة الموروث الفلكي‬ ‫‪100‬‬ ‫‪(66‬‬ ‫ال ُعماني القديم وأثر الكواكب والنجوم على النشاط اإلنساني‪ ،‬مركز‬ ‫السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (0(5 ،‬م‪،‬‬ ‫القسم األول‪ :‬الزراعي‬ ‫(‪ .(0‬محمد عبدالرحمن مرحبا‪ :‬المرجع في تاريخ العلوم عند العرب‪،‬‬ ‫‪101‬‬ ‫دار الفيحاء‪(978 ،‬م‬ ‫(‪ .(0‬محمد بن عبدال َّله بن سعيد السيفي‪ ،‬النمير (حكايات وروايات)‪،‬‬ ‫‪102‬‬ ‫ج(‬ ‫(‪ .(0‬محمد عبد رب النبي سيد‪ :‬فضل العرب على الغرب في مجال‬ ‫‪103‬‬ ‫البحث التجريبي‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة‪،‬‬ ‫ط(‪ (((0 ،‬هـ‪(009/‬م‬ ‫‪ .(05‬محمد عوض ال َّله‪ :‬العلوم والفنون في الحضارة اإلسالمية‪ ،‬مكتبة‬ ‫‪104‬‬ ‫المتنبي‪ ،‬ط(‪ (((6 ،‬هـ‪ (005/‬م‬ ‫‪ .(06‬محمد بن عيسى الترمذي (ت ‪ (97‬هـ)‪ :‬سنن الترمذي‪ ،‬تحقيق‪:‬‬ ‫‪105‬‬ ‫د‪ .‬مصطفى محمد حسين الذهبي‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط(‪(((9 ،‬‬ ‫هـ‪ (999/‬م‪ ،‬ج(‬ ‫‪ .(07‬محمد بن قاسم ناصر بو حجام‪ ،‬أسد البحار ال ُعماني أحمد بن‬ ‫‪106‬‬ ‫ماجد‪ ،‬هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية‪ ،‬سلطنة ُعمان‪ ،‬ط(‪،‬‬ ‫‪ (0(5‬م‪ ،‬ج(‬ ‫‪ .(08‬محمد بن محمد الغزالي (أبو حامد) (ت ‪ 505‬هـ)‪ :‬تهذيب إحياء‬ ‫‪107‬‬ ‫علوم الدين‪ ،‬هذبه‪ :‬عبدالسالم هارون‪ ،‬دار التوزيع والنشر اإلسالمية‪،‬‬ ‫مصر‪ ،‬ط(‪ (((8 ،‬هـ‪ (997/‬م‬ ‫‪(67‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫‪ .(09‬محمد بن ناصر الحجري‪ :‬نظام األفــالج في ُعمان ودوره في‬ ‫‪108‬‬ ‫التنمية‪ ،‬ط(‪ (((9 ،‬هـ‪ (998/‬م‬ ‫‪ .((0‬مصطفى عبدالقادر النجار‪ :‬صفحات مشرقة من تاريخ ُعمان‬ ‫‪109‬‬ ‫دراسة علمية تحليلية‪ ،‬مكتبة بيروت‪ ،‬مسقط‬ ‫(((‪ .‬مصطفى بن عبدال َّله القسطنطيني (حاجي خليفة)‪ :‬كشف الظنون‬ ‫‪110‬‬ ‫عن أسامي الكتب والفنون‪ ،‬ج(‪ ،(-‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‬ ‫(((‪ .‬منذر بن عبدال َّله بن سعيد السيفي‪ :‬مادة مرئية‬ ‫‪111‬‬ ‫(((‪ .‬مهنا بن خلفان الخروصي‪ :‬النجوم الزاهرة في األفالك الدائرة‪،‬‬ ‫‪112‬‬ ‫مكتب المستشار الخاص لجاللة السلطان للشؤون الدينية والتاريخية‪،‬‬ ‫ط(‪ (((5 ،‬هـ‪ (00(/‬م‬ ‫(((‪ .‬مهنا بن خلفان بن عثمان الخروصي‪ ،‬الرستاق على صفحات‬ ‫‪113‬‬ ‫التاريخ‪ (((8 ،‬هـ‪ (007/‬م‬ ‫‪ .((5‬موسى بن سالم البراشدي‪ :‬الحياة العلمية في ُعمان في عهد‬ ‫‪114‬‬ ‫اليعاربة‪ ،‬جامعة السلطان قابوس‪ ،‬رسالة ماجستير‪ (006 ،‬م‬ ‫‪ .((6‬ناصر الجهوري‪ :‬حصن الخندق في البريمي دراسة في المعمار‬ ‫‪115‬‬ ‫محرم (((( هـ‪/‬أبريل‬ ‫ال ُعماني‪ ،‬ضمن (مجلة نزوى)‪ ،‬العدد ‪َّ ،(0‬‬ ‫(‪ (00‬م‬ ‫‪ .((7‬ناصر بن سعيد بن سيف الهاشمي‪ ،‬اإلنسان وعلم الفلك‪ ،‬محاضرة‬ ‫‪116‬‬ ‫ألقاها بجامع نفعاء بوالية بدبد‪ ،‬الجمعة ‪ (8‬رمضان ‪ (((7‬هـ‪((/‬‬ ‫يونيو ‪ (0(6‬م‬ ‫‪(68‬‬ ‫‪ .((8‬ناصر بن حماد بن هالل العزري‪ ،‬إسهامات ال ُعمانيين في مجال‬ ‫‪117‬‬ ‫الطب‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة لندوة «إسهامات ال ُعمانيين في العلوم‬ ‫التطبيقية» بجامعة السلطان قابوس‪ ،‬مسقط‪ ،‬اإلثنين ‪ 7‬ديسمبر ‪ (0(5‬م‬ ‫‪ .((9‬ناصر بن سالم بن عديم البهالني‪ ،‬نثار الجوهر في علم الشرع‬ ‫‪118‬‬ ‫األزهر‪ ،‬مكتبة مسقط‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((( ،‬هـ‪ (00(/‬م‪ ،‬ج(‬ ‫ــ‪8(96/‬م)م»‪:‬‬ ‫هـ‪1968 /‬‬‫‪ 1388‬هـ‬ ‫(ت‪8((8‬‬ ‫‪ .((0‬ناصر بن علي بن ناصر الخضوري «ت‬ ‫‪119‬‬ ‫معدن األسرار في علم البحار‪ ،‬شرح وتحقيق‪ :‬حسن صالح شهاب‪،‬‬ ‫وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪ (((6 ،‬هـ‪ (0(5/‬م‬ ‫(((‪ .‬الناصر بن محمد المرموري‪ ،‬في رحاب السنة (شرح الجامع‬ ‫‪120‬‬ ‫الصحيح لإلمام الربيع بن حبيب)‪ ،‬جمعية التراث‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط(‪،‬‬ ‫‪ (((5‬هـ‪ (0((/‬م‬ ‫(((‪ .‬هالل بن عامر بن علي القاسمي‪ ،‬األفالج ال ُعمانية البناء الهندسي‬ ‫‪121‬‬ ‫عبر التاريخ‪ ،‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬مؤسسة االنتشار العربي‪،‬‬ ‫بيروت‪ ،‬ط(‪ (0(5 ،‬م‬ ‫(((‪ .‬هالل بن عامر بن علي القاسمي‪ ،‬مقابلة شخصية في لزغ بوالية‬ ‫‪122‬‬ ‫سمائل‪ ،‬الخميس (( رمضان ‪ (((8‬هـ‪ 8 ،‬يونيو ‪ (0(7‬م‬ ‫(((‪ .‬هادي حسن حمودي‪ :‬علماء ُعمانيون عبر التاريخ‪ ،‬وزارة اإلعالم‪،‬‬ ‫‪123‬‬ ‫مسقط‪ (((0 ،‬هـ‪ (000/‬م‬ ‫‪ .((5‬وزارة البلديات اإلقليمية ومــوارد المياه‪ ،‬المشروع التجريبي‬ ‫‪124‬‬ ‫لتوثيق الملكيات واألعراف والسنن والبيانات المتعلقة باألفالج‪،‬‬ ‫ط(‪ ،‬أكتوبر ‪ (009‬م‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫‪ .((6‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ :‬فهرس المخطوطات‪ ،‬المجلد‬ ‫‪125‬‬ ‫الثالث‪ :‬علوم التاريخ والبحار والفلك والرياضيات‪ ،‬ط(‪(((9 ،‬‬ ‫هـ‪ (999/‬م‬ ‫‪ .((7‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ :‬فهرس المخطوطات‪ ،‬المجلد‬ ‫‪126‬‬ ‫الرابع‪:‬الطب والكيمياء‪ ،‬ط(‪ (((7 ،‬ههـ‬ ‫‪ .((8‬وزارة موارد المياه‪ ،‬إحصائيات وقوائم األفالج في سلطنة ُعمان‪،‬‬ ‫‪127‬‬ ‫(((( هـ‪ (000/‬م‬ ‫‪ .((9‬يوجينيو كالديري‪ :‬حصن جبرين تحفة رائعة من العمارة ال ُعمانية‬ ‫‪128‬‬ ‫في القرن السابع عشر‪ ،‬وزارة التراث والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬ط(‪(((6 ،‬‬ ‫هـ‪ (005/‬م‬ ‫‪ .((0‬يوسف السويدي‪ :‬اإلســالم والعلم التجريبي‪ ،‬مكتبة الفالح‪،‬‬ ‫‪129‬‬ ‫الكويت‪ ،‬ط(‪ ((00 ،‬هـ‪ (980/‬م‬ ‫(((‪ .‬موقع ذاكرة ُعمان (‪(www.al-kawkab.com‬‬ ‫‪130‬‬ ‫(((‪ .‬موقع ويكيبديا العربي (‪(www.ar.wikipedia.org‬‬ ‫‪131‬‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫العمانيون والعلوم التجريبية‬ ‫ُ‬ ‫صالح بن حممد بن سليمان السيابي‬ ‫العمانيون‬ ‫ُ‬ ‫والعلوم التجريبية‬ ‫(الطب والهندسة والفلك واملالحة البحرية)‬ ‫تقديم‬ ‫د‪ .‬نبهان بن حارث الحرا�سي‬ ‫د‪ .‬عمر لقمان �سليمان‬ ‫اأ�ستاذ م�ساعد‬ ‫رئي�ض م�سروع المخطوطات العُمانية والمغاربية‬ ‫بجامعة ال�سلطان قابو�ض‬ ‫بجامعة نزوى‬